وَكَانَ فَارِسَ قُرَيْشٍ فِي زَمَانِهِ، وَلَهُ مَوَاقِفُ مَشهُودَةٌ. قِيْلَ: إِنَّهُ شَهِدَ اليَرْمُوْكَ وَهُوَ مُرَاهِقٌ، وَفَتْحَ المَغْرِبِ، وَغَزْوَ القُسْطَنْطِيْنِيَّةِ، وَيَوْمَ الجَمَلِ مَعَ خَالَتِهِ.
وَبُوْيِعَ بِالخِلاَفَةِ عِنْدَ مَوْتِ يَزِيْدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ، وَحَكَمَ عَلَى الحِجَازِ وَاليَمَنِ وَمِصْرَ وَالعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ، وَبَعضِ الشَّامِ، وَلَمْ يَسْتَوسِقْ لَهُ الأَمْرُ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَعُدَّهُ بَعْضُ العُلَمَاءِ فِي أُمَرَاءِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَدَّ دَوْلَتَهُ زَمَنَ فُرْقَةٍ، فَإِنَّ مَرْوَانَ غَلَبَ عَلَى الشَّامِ ثُمَّ مِصْرَ، وَقَامَ عِنْدَ مَصرعِهِ ابْنُهُ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ، وَحَارَبَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَقُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ -رَحِمَهُ اللهُ، فاستقلَّ بِالخِلاَفَةِ عَبْدُ المَلِكِ وَآلُهُ، وَاسْتَوسَقَ لَهُمُ الأَمْرُ إِلَى أَنْ قَهَرَهُم بَنُو العَبَّاسِ بَعْدَ مُلْكِ سِتِّيْنَ عَاماً.
قِيْلَ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَدْركَ مِنْ حَيَاةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَمَانِيَةَ أَعْوَامٍ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ, وَكَانَ مُلاَزِماً لِلوُلُوجِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ؛ لِكَوْنِهِ مِنْ آلِهِ، فَكَانَ يتردَّد إِلَى بَيْتِ خَالَتِهِ عَائِشَةَ.
شُعَيْبُ بنُ إِسْحَاقَ, عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، وَزَوْجَتِهِ فَاطِمَةَ قَالاَ: خَرَجَتْ أَسْمَاءُ حِيْنَ هَاجَرَتْ حُبْلَى، فنَفِسَت بِعَبْدِ اللهِ بِقُبَاءَ, قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَجَاءَ عَبْدُ اللهِ بَعْدَ سَبْعِ سِنِيْنَ؛ لِيُبَايِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- بِذَلِكَ أَبُوْهُ الزُّبَيْرُ، فتبسَّم النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِيْنَ رَآهُ مُقْبِلاً، ثُمَّ بَايَعَهُ.
حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ1.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: عَنْ مُصْعَبِ بنِ ثَابِتٍ، عَنْ يَتِيْمِ عُرْوَةَ أَبِي الأَسْوَدِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ المُهَاجِرُوْنَ أَقَامُوا لاَ يُولَدُ لَهُم، فَقَالُوا: سَحَرَتْنَا يَهُوْدُ, حَتَّى كَثُرتِ القَالَةُ فِي ذَلِكَ، فَكَانَ أَوَّلَ مَولُودٍ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فكبَّر المُسْلِمُوْنَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً حَتَّى ارْتَجَّتِ المَدِيْنَةُ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا بَكْرٍ فأذَّن فِي أُذُنَيْهِ بِالصَّلاَةِ2.
وَقَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ؛ عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: كَانَ عَارِضَا ابْنِ الزُّبَيْرِ خَفِيفَيْنِ، فَمَا اتَّصَلَتْ لِحْيَتُهُ حَتَّى بَلَغَ السِّتِّيْنَ.
وَفِي البُخَارِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ أنَّ الزُّبَيْرَ أَركَبَ وَلَدَهُ عَبْدَ اللهِ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ فَرَساً وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِيْنَ، ووكَّل به رجلًا3.
التَّبُوْذَكِيُّ: حَدَّثَنَا هُنَيْدُ بنُ القَاسِمِ, سَمِعْتُ عَامِرَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ: سَمِعْتُ أَبِي
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "2146" "25".
2 ضعيف جدًّا: في إسناده الواقدي، وهو متروك -كما ذكرنا ذلك مرارًا, وهو مرسل.
3 صحيح: أخرجه البخاري "3975".(4/398)
يقول: أُتِيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَحْتَجِمُ، فلمَّا فَرَغَ قَالَ: "يَا عَبْدَ اللهِ! اذْهَبْ بِهَذَا الدَّمِ، فَأَهْرِقْهُ حَيْثُ لاَ يَرَاكَ أَحَدٌ"، فَلَمَّا بَرَزَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, عَمدَ إِلَى الدَّمِ فَشَرِبَهُ، فلمَّا رَجَعَ قَالَ: "مَا صَنَعْتَ بِالدَّمِ"؟ قَالَ: عَمدْتُ إِلَى أَخْفَى مَوْضِعٍ عَلِمْتُ، فَجَعَلْتُهُ فِيْهِ, قَالَ: "لَعَلَّكَ شَرِبْتَهُ"؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "ولِمَ شَرَبْتَ الدَّمَ?"، وَيْلٌ لِلنَّاسِ مِنْكَ، وَوَيْلٌ لَكَ مِنَ النَّاسِ"1.
قَالَ مُوْسَى التَّبُوْذَكِيُّ: فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبَا عَاصِمٍ، فَقَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ القُوَّةَ الَّتِي بِهِ مِنْ ذَلِكَ الدَّمِ.
رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فِي "مُسْنَدِهِ"، وَمَا عَلِمْتُ فِي هُنَيْدٍ جَرْحَةً.
خَالِدٌ الحَذَّاءُ, عَنْ يُوْسُفَ أَبِي يَعْقُوْبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حَاطِبٍ، وَالحَارِثِ قَالاَ: طَالَمَا حَرَصَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الإِمَارَةِ, قُلْتُ: وَمَا ذَلِكَ? قَالاَ: أُتِيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِلِصٍّ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ. فَقِيْلَ: إِنَّهُ سَرَقَ، فَقَالَ: اقْطَعُوْهُ، ثُمَّ جِيْءَ بِهِ فِي إِمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَقَدْ سَرَقَ، وَقَدْ قُطِعَتْ قَوَائِمُهُ, فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا أَجِدُ لَكَ شَيْئاً إلَّا مَا قَضَى فِيكَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أَمَرَ بِقَتْلِكَ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ أُغَيْلِمَةً مِنْ أَبْنَاءِ المُهَاجِرِينَ؛ أَنَا فِيْهم، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: أمِّروني عَلَيْكُم، فأمَّرناه، فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى البَقِيْعِ فَقَتَلْنَاهُ.
هَذَا خبر منكر، فالله أعلم.
قَالَ الحَارِثُ بنُ عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ, أنَّ نَوْفاً البِكَالِيَّ2 قَالَ: إِنِّيْ لأَجِدُ فِي كِتَابِ اللهِ المنَزَّل أنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَارِسُ الخُلَفَاءِ.
مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي يَعْقُوْبَ, أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ يَلْقَى ابْنَ الزُّبَيْرِ فَيَقُوْلُ: مَرْحَباً بِابْنِ عَمِّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَابْنِ حَوَارِيِّ رسول الله، ويأمر له بمائة ألف.
__________
1 ضعيف: أخرجه الحاكم "3/ 554"، وأبو نعيم في "الحلية" "1/ 330" من طريق موسى بن إسماعيل التبوذكي، حدثنا الهنيد بن القاسم، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته الهنيد بن القاسم بن عبد الرحمن بن ماعز، فقد ذكره البخاري في "التاريخ الكبير "4/ ق2/ 249"، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" "4/ ق2/ 121" ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، لذا فالرجل مجهول، ولم يروِ عنه غير موسى بن إسماعيل.
2 هو نوف بن فضالة البكالي -بكسر الموحدة وتخفيف الكاف، ابن امرأة كعب، أحد العلماء، وهو شامي مستور، له ذكر في الصحيحين في حديث سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, عَنِ أُبَيّ كعب, حديث موسى والخضر.(4/399)
ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: ذُِكَر ابْنُ الزُّبَيْرِ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: قَارِئٌ لِكِتَابِ اللهِ, عَفِيْفٌ فِي الإِسْلاَمِ, أَبُوْهُ الزُّبَيْرُ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ، وَجَدُّهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعَمَّتُهُ خَدِيْجَةُ، وَخَالَتُهُ عَائِشَةُ، وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ، وَاللهِ إِنِّيْ لأُحَاسِبُ لَهُ نَفْسِي مُحَاسَبَةً لَمْ أُحَاسِبْ بِهَا لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ1.
مُسْلِمٌ الزَّنْجِيُّ: سَمِعْتُ عَمْرَو بنَ دِيْنَارٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيتُ مُصَلِّياً قَطُّ أَحسَنَ صَلاَةً مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ.
عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَبْدِ الوَارِثِ: حَدَّثَتْنَا مَاطِرَةُ المَهْرِيَّةُ, حَدَّثَتْنِي خَالَتِي أُمُّ جَعْفَرٍ بِنْتُ النُّعْمَانِ, أَنَّهَا سَلَّمَتْ عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَعِنْدَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَتْ: قوَّام اللَّيْلَ صَوَّامٌ النَّهَارَ، وَكَانَ يُسَمَّى حَمَامَةَ المَسْجَدِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: قَالَ لِي عُمَرُ بنُ عَبْدِ العزيز: إن في قلبك من ابن الزُّبَيْرِ, قُلْتُ: لَوْ رَأَيْتَهُ مَا رَأَيتَ مُنَاجِياً وَلاَ مُصَلِّياً مِثْلَهُ.
وَرَوَى حَبِيْبُ بنُ الشَّهِيْدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَة قال: كان ابن الزُّبَيْرِ يُوَاصِلُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَيُصْبِحُ فِي اليَوْمِ السَّابِعِ وَهُوَ أَلْيَثُنَا.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ مَا بَلَغَهُ النَّهْيُ عَنِ الوِصَالِ, وَنَبِيُّكَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- بالمؤمنين رءوف رَحِيْمٌ، وَكُلُّ مَنْ وَاصَلَ وَبَالَغَ فِي تَجْوِيعِ نَفْسِهِ انْحَرَفَ مِزَاجُهُ، وَضَاقَ خُلُقُهُ، فَاتِّبَاعُ السُّنَّةِ أَوْلى، وَلَقَدْ كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مَعَ مُلْكِهِ صِنْفاً فِي العِبَادَةِ.
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ, أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَخْبَرْنَا الحَدَّادُ, أَخْبَرْنَا أَبُو نُعَيْمٍ, أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ بنُ جَبَلَةَ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عُمَرَ بنِ قَيْسٍ قَالَ: كَانَ لابْنِ الزُّبَيْرِ مائَةُ غُلاَمٍ, يُكَلِّمُ كُلَّ غُلاَمٍ مِنْهُم بِلُغَةٍ أُخْرَى، فَكُنْتَ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ آخِرَتِهِ قُلْتَ: هَذَا رَجُلٌ لَمْ يُرِدِ الدُّنْيَا طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَإِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُ قُلْتَ: هَذَا رَجُلٌ لَمْ يُرِدِ اللهَ طَرْفَةَ عَيْنٍ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ كَأَنَّهُ عود، وحُدِّثَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كَانَ كَذَلِكَ.
قَالَ ثَابِتٌ البُنَانِيُّ: كُنْتُ أمُرُّ بِابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ خَلْفَ المَقَامِ يُصَلِّي كَأَنَّهُ خَشَبَةٌ منصوبة لا تتحرك.
__________
1 صحيح: رواه البخاري "4664" و"4665" من طريق ابن جريج، به.(4/400)
رَوَى يُوْسُفُ بنُ المَاجِشُوْنِ، عَنِ الثِّقَةِ يُسْنِدُهُ قَالَ: قَسمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الدَّهْرَ عَلَى ثَلاَثِ لَيَالٍ، فَلَيْلَةٌ هُوَ قَائِمٌ حَتَّى الصَّبَاحِ، وَلَيْلَةٌ هُوَ رَاكِعٌ حَتَّى الصَّباحِ، وَلَيْلَةٌ هُوَ سَاجِدٌ حَتَّى الصَّباحِ.
يَزِيْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التُّسْتَرِيُّ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ مُسْلِمِ بنِ ينَّاق قَالَ: رَكَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْماً رَكْعَةً، فَقَرَأْنَا بِالبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءِ وَالمَائِدَةِ، وَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ.
قُلْتُ: وَهَذَا مَا بَلَغَ ابْنَ الزُّبَيْرِ فِيْهِ حَدِيثُ النَّهْيِ.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُصَلِّي فِي الحِجْرِ، وَالمِنْجَنِيْقُ يَصُبُّ تُوْبَهُ، فَمَا يَلتَفِتُ -يَعْنِي لَمَّا حَاصَرُوْهُ.
وَرَوَى هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ قَالَ: لَوْ رَأَيتَ ابْنَ الزُّبَيْرِ يُصَلِّي كَأَنَّهُ غُصْنٌ تصفقه الريح، وحجر المنجنيق يقع ههنا.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قال: ما رأيت أحدًا أعظم سَجْدَةً بَيْنَ عَيْنَيْهِ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عُمَرَ بنِ قَيْسٍ، عَنْ أُمِّهِ, أَنَّهَا دَخَلتْ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ بَيْتَهُ، فَإِذَا هُوَ يُصَلِّي، فَسَقطَتْ حَيَّةٌ عَلَى ابْنِهِ هَاشِمٍ، فَصَاحُوا: الحَيَّةَ الحَيَّةَ، ثُمَّ رَمَوْهَا، فَمَا قَطَعَ صَلاَتَهُ.
قَالَ مَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ: رَأَيتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يُوَاصِلُ مِنَ الجُمُعَةِ إِلَى الجُمُعَةِ، فَإِذَا أَفطَرَ اسْتَعَانَ بِالسَّمْنِ حَتَّى يَلِيْنَ.
لَيْثٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ: مَا كَانَ بَابٌ مِنَ العِبَادَةِ يَعْجِزُ عَنْهُ النَّاسُ إلَّا تكفَّله ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَلَقَدْ جَاءَ سَيْلٌ طَبَّقَ البَيْتَ، فَطَافَ سِبَاحَةً.
وَعَنْ عُثْمَانَ بنِ طَلْحَةَ قَالَ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لاَ يُنَازَعُ فِي ثَلاَثَةٍ: شَجَاعَةٍ، وَلاَ عِبَادَةٍ، وَلاَ بَلاغَةٍ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ, عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ, أَنَّ عُثْمَانَ أَمَرَ زَيْداً وَابْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيْدَ بنَ العَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ، فَنَسَخُوا المَصَاحِفَ، وَقَالَ: إِذَا اخْتَلَفْتُم أَنْتُم وَزَيْدٌ فِي شَيْءٍ، فَاكْتُبُوْهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهم1.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "4984" من طريق شعيب، عن الزهري، عن أنس، به. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" "18-19" من طريق إبراهيم بن سعد، به.(4/401)
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَيْمَنَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ رِدَاءً عَدَنِيّاً يُصَلِّي فِيْهِ، وَكَانَ صَيِّتاً إِذَا خَطَبَ تَجَاوَبَ الجَبَلاَنِ، وَكَانَتْ لَهُ جُمَّةٌ إِلَى العُنُقِ، ولحية صفراء.
مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا أَبِي وَالزُّبَيْرُ بنُ خُبَيْبٍ قَالاَ: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: هَجَمَ عَلَيْنَا جُرْجِيْرُ فِي عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ أَلْفٍ، فَأَحَاطُوا بِنَا وَنَحْنُ فِي عِشْرِيْنَ أَلْفاً -يَعْنِي: نَوْبَةَ إِفْرِيْقِيَةَ.
قَالَ: وَاختَلَفَ النَّاسُ عَلَى ابْنِ أَبِي سَرْحٍ، فَدَخَلَ فُسْطَاطَهُ، فَرَأَيتُ غِرَّةً مِنْ جُرْجِيْرَ, بَصُرْتُ بِهِ خَلْفَ عَسَاكِرِهِ عَلَى بِرْذَوْنٍ أَشْهَبَ, مَعَهُ جَارِيَتَانِ تُظَلِّلاَنِ عَلَيْهِ بِرِيشِ الطَّوَاوِيْسِ, بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَيْشِهِ أَرْضٌ بَيْضَاءُ، فَأَتَيتُ أَمِيْرَنَا ابْنَ أَبِي سَرْحٍ، فَنَدَبَ لِيَ النَّاسَ، فَاختَرتُ ثَلاَثِيْنَ فَارِساً، وَقُلْتُ لِسَائِرِهِم: الْبَثُوا عَلَى مَصَافِّكُم، وَحَمَلتُ، وَقُلْتُ لَهُم: احْمُوا ظَهْرِي، فَخَرَقْتُ الصفَّ إِلَى جُرْجِيْرَ، وَخَرجْتُ صَامِداً وَمَا يَحْسِبُ هُوَ وَلاَ أَصْحَابُهُ إلَّا أَنِّي رَسُولٌ إِلَيْهِ, حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُ، فَعَرَفَ الشَّرَّ، فَثَابَرَ بِرْذَوْنُهُ مُوَلِّياً، فَأَدْركْتُهُ فَطَعَنْتُهُ، فَسَقَطَ، ثُمَّ احْتَزَزْتُ رَأْسَهُ، فَنَصَبْتُهُ عَلَى رُمْحِي وكبَّرت، وَحَمَلَ المُسْلِمُوْنَ، فَارْفَضَّ العَدُوُّ، وَمَنَحَ اللهُ أَكْتَافَهُم.
مَعْمَرٌ, عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ قَالَ: أُخِذَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ وَسْطِ القَتْلَى يَوْمَ الجَمَلِ، وَبهِ بِضْعٌ وَأَرْبَعُوْنَ ضَرْبَةً وَطَعْنَةً.
وَقِيْلَ: إِنَّ عَائِشَةَ أَعْطَتْ يَوْمَئِذٍ لِمَنْ بشَّرها بِسَلاَمَتِهِ عَشْرَةَ آلاَفٍ.
وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أحبَّ إِلَى عَائِشَةَ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَبَعْدَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا رَبِيْعَةُ بنُ عُثْمَانَ، وَابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، وَغَيْرُهُمَا قَالُوا: جَاءَ نَعْيُ يَزِيْدَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ، فَقَامَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ، فَدَعَا ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ الحَنَفِيَّةِ إِلَى بَيْعَتِهِ، فَامْتَنَعَا، وَقَالاَ: حَتَّى يَجْتَمِعَ لَكَ النَّاسُ، فَدَارَاهُمَا سَنَتَيْنِ، ثُمَّ إِنَّهُ أَغلَظَ لَهُمَا، وَدَعَاهُمَا فَأَبَيَا.
قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَغَيْرُهُ: كَانَ يُقَالُ لابْنِ الزُّبَيْرِ: عَائِذُ بَيْتِ اللهِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عمَّته أُمِّ بَكْرٍ قَالَ: وَحَدَّثَنِي شُرَحْبِيْلُ بنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِيْهِ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَغَيْرُهُم قَالُوا: لَمَّا نَزَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِالمَدِيْنَةِ فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ ... , إِلَى أَنْ قَالُوا: فَخَرَجَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى مَكَّةَ، وَلَزِمَ الحِجْرَ، وَلَبِسَ المَعَافِرِيَّ، وَجَعَلَ يحرِّض عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ، وَمَشَى إِلَى يَحْيَى بنِ حَكِيْمٍ الجُمَحِيِّ(4/402)
وَالِي مَكَّةَ، فَبَايَعَهُ لِيَزِيْدَ، فَلَمْ يَرْضَ يَزِيْدُ حَتَّى يُؤْتَى بِهِ فِي جَامِعَةٍ وَوَثَاقٍ، فَقَالَ لَهُ وَلدُهُ مُعَاوِيَةُ بنُ يَزِيْدَ: ادفَعْ عَنْكَ الشَّرَّ مَا انْدَفَعَ، فَإِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَجُوْجٌ لاَ يُطِيعُ لِهَذَا أَبَداً، فكفِّر عَنْ يَمِيْنِكَ، فَغَضِبَ وَقَالَ: إِنَّ فِي أَمرِكَ لَعَجَباً! قَالَ: فَادْعُ عَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ فَاسْأَلْهُ عمَّا أَقُوْلُ، فَدَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: أَصَابَ ابْنُكَ أَبُو لَيْلَى، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ، وَامْتَنَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنْ يذِلّ نَفْسَهُ، وَقَالَ: اللهمَّ إِنِّيْ عَائِذُ بَيْتِكَ. فَقِيْلَ لَهُ: عَائِذُ البَيْتِ، وَبَقِيَ لاَ يَعْرِضُ لَهُ أَحَدٌ، فَكَتَبَ يَزِيْدُ إِلَى عَمْرٍو الأَشْدَقِ وَالِي المَدِيْنَةِ, أَنْ يُجَهِّزَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ جُنْداً، فَنَدَبَ لِقِتَالِهِ أَخَاهُ عَمْرَو بنَ الزُّبَيْرِ فِي أَلْفٍ، فَظَفِرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِأَخِيْهِ بعد قتال، فعاقبه وأخر عن الصَّلاَةِ بِمَكَّةَ الحَارِثَ بنَ يَزِيْدَ، وَقَرَّرَ مُصْعَبَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَكَانَ لاَ يَقْطَعُ أَمْراً دُوْنَ المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ، وَمُصْعَبِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَجُبَيْرِ بنِ شَيْبَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ صَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ، فَكَانَ يُشَاوِرُهُم فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ، وَيُرِيهِم أَنَّ الأَمْرَ شُوْرَى بَيْنَهم, لاَ يَسْتَبدُّ بِشَيْءٍ مِنْهُ دُوْنَهُم، وَيُصَلِّي بِهِمُ الجُمُعَةَ، وَيَحُجُّ بِهِم بِلاَ إِمْرَةٍ، وَكَانَتِ الخَوَارِجُ وَأَهْلُ الفِتَنِ قَدْ أَتَوْهُ، وَقَالُوا: عَائِذُ بَيْتِ اللهِ، ثُمَّ دَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَبَايَعُوْهُ، وَفَارَقَتْهُ الخَوَارِجُ، فولَّى عَلَى المَدِيْنَةِ أَخَاهُ مُصْعَباً، وَعَلَى البَصْرَةِ الحَارِثَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ، وَعَلَى الكُوْفَةِ عَبْدَ اللهِ بنَ مُطِيْعٍ، وَعَلَى مِصْرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ جَحْدَمٍ الفِهْرِيَّ، وَعَلَى اليَمَنِ وَعَلَى خُرَاسَانَ، وأمَّر عَلَى الشَّامِ الضَّحَّاكَ بنَ قَيْسٍ، فَبَايَعَ لَهُ عامَّة أَهْلِ الشَّامِ، وَأَبَتْ طَائِفَةٌ، والتفَّت عَلَى مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ، وَجَرَتْ أُمُوْر طَويلَةٌ، وَحُرُوْبٌ مُزْعِجَةٌ، وَجَرَتْ وَقْعَةُ مَرْجِ رَاهِطٍ، وقُتِلَ أُلُوفٌ مِنَ العَرَبِ، وقُتِلَ الضَّحَّاكُ، وَاسْتَفحَلَ أَمْرُ مَرْوَانَ, إِلَى أَنْ غَلَبَ عَلَى الشَّامِ، وَسَارَ فِي جَيْشٍ عَرَمْرَمٍ، فَأَخَذَ مِصْرَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا وَلَدَهُ عَبْدَ العَزِيْزِ، ثُمَّ دَهَمَهُ المَوْتُ، فَقَامَ بَعْدَهُ وَلدُهُ الخَلِيْفَةُ عَبْدُ المَلِكِ، فَلَمْ يَزَلْ يُحَارِبُ ابْنَ الزُّبَيْرِ حَتَّى ظَفِرَ بِهِ, بَعْدَ أَنْ سَارَ إِلَى العِرَاقِ، وَقَتَلَ مُصْعَبَ بنَ الزُّبَيْرِ.
قَالَ شُعَيْبُ بنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ, أَنَّ يَزِيْدَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ: إِنِّيْ قَدْ بَعَثتُ إِلَيْكَ بِسِلْسِلَةٍ فِضَّةً، وَقَيْداً مِنْ ذَهَبٍ، وَجَامِعَةٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَحَلَفْتُ لَتَأْتِيَنِّي فِي ذَلِكَ، فَأَلْقَى الكِتَابَ وَأَنْشَدَ:
وَلاَ أَلِيْنُ لِغَيْرِ الحَقِّ أَسْأَلُهُ ... حَتَّى يَلِيْنَ لِضِرْسِ الماضغ الحجر
قُلْتُ: ثُمَّ جهَّز يَزِيْدُ جَيْشاً سِتَّةَ آلاَفٍ؛ إِذْ بَلَغَهُ أنَّ أَهْلَ المَدِيْنَةِ خَلَعُوْهُ، فَجَرَتْ وَقْعَةُ الحَرَّةِ، وقُتِلَ نَحْوُ أَلْفٍ مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ، ثُمَّ سَارَ الجَيْشُ عَلَيْهِم حُصَيْنُ بنُ نُمَيْرٍ، فَحَاصَرُوا الكَعْبَةَ وَبِهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَجَرَتْ أُمُوْرٌ عَظِيمَةٌ، فَقَلَعَ اللهُ يَزِيْدَ، وَبَايَعَ حُصَيْنٌ وَعَسْكَرُهُ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِالخِلاَفَةِ، وَرَجَعُوا إِلَى الشَّامِ.(4/403)
قَالَ شَبَابٌ: حَضَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ المَوْسِمَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ، فَحَجَّ بِالنَّاسِ، وَحَجَّ بِأَهْلِ الشَّامِ الحَجَّاجُ، وَلَمْ يَطَّوَّفُوا بِالبَيْتِ.
قَالَ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: أَوَّلُ مَنْ كَسَا الكَعْبَةَ الدِّيبَاجَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ يُطَيِّبُهَا, حَتَّى يُوجَدَ رِيْحُهَا مِنْ طَرَفِ الحَرَمِ، وَكَانَتْ كِسْوَتُهَا قَبله الأَنْطَاعَ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ شُعَيْبٍ الحَجَبِيُّ: إِنَّ المَهْدِيَّ لَمَّا جرَّد الكَعْبَةَ, كَانَ فِيمَا نَزَعَ عَنْهَا كسوة الزُّبَيْرِ مِنْ دِيبَاجٍ مَكْتُوبٍ عَلَيْهَا: "لِعَبْدِ اللهِ أَبِي بَكْرٍ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ".
وَقَالَ الأَعْمَشُ: عَنْ أَبِي الضُّحَى: رَأَيتُ عَلَى رَأْسِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِسْكاً يُسَاوِي مَالاً.
قُلْتُ: عِيْبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بِشُحٍّ، فَرَوَى الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي بَشِيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُسَاوِرٍ, سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يُعَاتِبُ ابن الزُّبَيْرِ فِي البُخْلِ، وَيَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ المُؤْمِنُ الَّذِي يَبِيْتُ شَبْعَانَ وَجَارُهُ جَائِعٌ" 1.
وَرَوَى عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنْ لَيْثٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُكْثِرُ أَنْ يعنِّف ابْنَ الزُّبَيْرِ بِالبُخْلِ، فَقَالَ: كَمْ تُعَيِّرُنِي.
يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ أَبِي المُغِيْرَةِ، عَنِ ابْنِ أَبْزَى، عَنْ عُثْمَانَ, أنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ لَهُ حَيْثُ حُصِرَ: إِنَّ عِنْدِي نَجَائِبَ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَتَحَوَّلَ إِلَى مَكَّةَ، فَيَأْتِيَكَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَكَ? قَالَ: لاَ, إِنِّيْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "يُلْحِدُ بِمَكَّةَ كَبْشٌ مِنْ قُرَيْشٍ, اسْمُهُ عَبْدُ اللهِ, عَلَيْهِ مثل نصف أوزار الناس".
__________
1 صحيح بشواهده: أخرجه ابن أبي شيبة في الايمان "100"، والبخاري في الأدب المفرد "112"، والخطيب في "تاريخ بغداد" "10/ 392" من طريق عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي بَشِيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الله بن المساور قال: سمعت ابن عباس يخبر ابن الزبير يَقُوْلُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: فذكره.
قلت: رجاله ثقات خلا ابن المساور فإنه مجهول -كما قال الذهبي في "الميزان"، فإنه لم يروِ عنه غير عبد الملك هذا، وكما قال ابن المديني. أمَّا ابن حبان فقد ذكره في كتابه "الثقات" على عادته في توثيق المجاهيل. ومع ذلك فقد صحَّحه الحاكم "4/ 167", ووافقه الذهبي في "التخليص", وذهل أنه ذكر ابن المساور في "ميزانه", وكلام العلماء عليه، فوافق الحاكم على تصحيحه، ولكن للحديث شواهد عن أنس، وابن عباس، وعائشة -رضي الله عنهم.
فعن أنس: عند الطبراني في "الكبير" "1/ 66/ 1"، والبزار "119"، وفي إسناده محمد بن سعيد الأثرم، وهو ضعيف، وعند البزار علي زيد بن جدعان، وهو ضعيف، لكن كل منهما يقوى الآخر, ويرتقي إلى درجة الحسن.
وعن ابن عباس: عند ابن عدي "89/ 2"، وفي إسناده حكيم بن جبير، وهو ضعيف. والحديث صحيح بهذه الشواهد, والله تعالى أعلى وأعلم.(4/404)
رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"1، وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ.
عَبَّاسٌ التَّرْقُفِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو, سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "يُلْحِدُ بِمَكَّةَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ, عَلَيْهِ نِصْفُ عَذَابِ العَالَمِ"، فَوَاللهِ لاَ أَكُوْنُهُ، فتحوَّل مِنْهَا، وَسَكَنَ الطَّائِفَ.
قُلْتُ: مُحَمَّدٌ هُوَ المَصِّيْصِيُّ لَيِّنٌ، واحتجَّ بِهِ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.
أَبُو النَّضْرِ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ سَعِيْدٍ, أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو قَالَ: أَتَى عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو عَبْدَ اللهِ بنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: إِيَّاكَ وَالإِلْحَادَ فِي حَرَمِ اللهِ، فَأَشْهَدُ؛ لَسَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "يُحِلُّهَا -وَتَحِلُّ بِهِ- رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ, لَوْ وُزِنَتْ ذُنُوْبُهُ بِذُنُوْبِ الثَّقَلَيْنِ لَوَزَنَتْهَا".
قَالَ: فَانظُرْ يَا ابْنَ عَمْرٍو لاَ تَكُوْنُهُ، وَذَكَرَ الحَدِيثَ.
شُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحُجُرَاتُ: 9] ، قَالَ: قُلْتُ لأَبِي: مَنْ هُمْ? قَالَ: ابْنُ الزُّبَيْرِ بغَى عَلَى أَهْلِ الشَّامِ.
وَرَوَاهُ يُوْنُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَفِيهِ: بَغَى عَلَى هَؤُلاَءِ، وَنَكَثَ عَهْدَهُم.
الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بنُ وضَّاح, حَدَّثَنِي أَبُو الخَصِيْبِ نَافِعٌ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ قَالَ: رَأَيْتُ الحَجَرَ مِنَ المِنْجَنِيْقِ يَهْوِي حَتَّى أَقُوْلَ: لَقَدْ كَادَ أَنْ يَأْخُذَ لِحْيَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ, وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: وَاللهِ إِنْ أُبَالِي إِذَا وَجَدْتُ ثَلاَثَ مائَةٍ يَصبِرُوْنَ صبري لو أجلب عليَّ أهل الأرض.
قلت: قد كان يضرب بشجاعته المثل.
__________
1 منكر: أخرجه أحمد "1/ 64"، والبزار "375" من طريق إسماعيل بن أبان الوراق، حدثنا يعقوب، عَنْ جَعْفَرِ بنِ أَبِي المُغِيْرَةِ، عَنِ ابْنِ أبزى، عن عثمان، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته إسماعيل بن أبان الوراق، قال الدارقطني: ليس بالقوي, ونقله الدارقطني عن أحمد بن حنبل قال: ليس بالقوي عندي.
وأورد الحديث الحافظ ابن كثير في "البداية" "8/ 339" بإسناد المسند ومتنه سواء, وقال في إثره: "وهذا الحديث منكر جدا، وفي إسناده ضعف، ويعقوب القمي فيه تشيع، ومثل هذا لا يقبل تفرده به، وبتقدير صحته, فليس هو بعبد الله بن الزبير، فإن كان على صفات حميدة، وقيامه بالامارة, إنما كان لله -عز وجل, ثم هو كان الامام بعد موت معاوية بن يزيد لا محالة، وهو أرشد من مروان بن الحكم؛ حيث نازعه بعد أن اجتمعت الكلمة عليه، وقامت له البيعة في الآفاق، وانتظم له الأمر".(4/405)
وَعَنِ المُنْذِرِ بنِ جَهْمٍ قَالَ: رَأَيتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَوْمَ قُتِلَ، وَقَدْ خَذَلَهُ مَنْ كَانَ مَعَهُ خِذْلاَناً شَدِيداً، وَجَعَلُوا يَتَسَلَّلُوْنَ إِلَى الحَجَّاجِ، وَجَعَلَ الحجَّاج يَصِيحُ: أَيُّهَا النَّاسُ, عَلاَمَ تَقْتُلُوْنَ أَنْفُسَكُم? مَنْ خَرَجَ إِلَيْنَا فَهُوَ آمِنٌ, لَكُم عَهْدُ اللهِ وَمِيْثَاقُهُ، وَرَبِّ هَذِهِ البَنِيَّةِ لاَ أغدر بكم، ولا حَاجَةٌ فِي دِمَائِكُم.
قَالَ: فَتَسَلَّلَ إِلَيْهِ نَحْوٌ مِنْ عَشْرَةِ آلاَفٍ، فَلَقَدْ رَأَيتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ.
وَعَنْ إِسْحَاقَ بنِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَضَرْتُ قَتْل ابْنِ الزُّبَيْرِ, جَعَلَتِ الجُيُوْشُ تَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ أَبْوَابِ المَسْجَدِ، فَكُلَّمَا دَخَلَ قَوْمٌ مِنْ بَابٍ حَمَلَ عَلَيْهِم وَحْدَهُ حَتَّى يُخْرِجَهُم، فَبَيْنَا هُوَ عَلَى تِلْكَ الحَالِ؛ إِذْ وَقَعَتْ شُرْفَةٌ مِنْ شُرُفَاتِ المَسْجَدِ عَلَى رَأْسِهِ فَصَرَعَتْهُ، وَهُوَ يتمثَّل:
أَسْمَاءُ يَا أَسْمَاءُ لاَ تَبْكِينِي ... لَمْ يَبْقَ إلَّا حَسَبِي وَدِيْنِي
وَصَارِمٌ لاَثَتْ بِهِ يَمِينِي
قُلْتُ: مَا إِخَالُ أولئك العسكر إلَّا لو شاءوا لأَتْلَفُوهُ بِسِهَامِهِم، وَلَكِنْ حَرَصُوا عَلَى أَنْ يُمْسِكُوهُ عَنْوَةً، فَمَا تَهَيَّأَ لَهُم، فَلَيْتَهُ كفَّ عَنِ القِتَالِ لَمَّا رَأَى الغَلَبَةَ, بَلْ لَيْتَهُ لاَ الْتَجَأَ إِلَى البَيْتِ، وَلاَ أَحْوَجَ أُوْلَئِكَ الظَّلَمَةَ والحجَّاج -لا بَارَكَ اللهُ فِيْهِ- إِلَى انتِهَاكِ حُرْمَةِ بَيْتِ اللهِ وَأَمْنِهِ، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الفِتْنَةِ الصَّمَّاءِ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بنُ زُبَيْدٍ، عَنْ عَبَّاسِ بنِ سَهْلٍ, سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُوْلُ: مَا أُرَانِي اليَوْمَ إلَّا مَقْتُوْلاً, لَقَدْ رَأَيْتُ فِي لَيْلَتِي كأنَّ السَّمَاءَ فُرِجَتْ لِي فَدَخَلْتُهَا، فَقَدْ وَاللهِ مَلِلْتُ الحَيَاةَ وَمَا فِيْهَا، وَلَقَدْ قَرَأَ يومئذ في الصبح {ن وَالْقَلَمِ} [القلم: 1] حَرْفاً حَرْفاً، وَإِنَّ سَيْفَهُ لَمَسْلُولٌ إِلَى جَنْبِهِ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ التَّكْبِيرَ، فِيمَا بَيْنَ المَسْجَدِ إِلَى الحَجُوْنِ حِيْنَ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: لَمَنْ كَبَّرَ حِيْنَ وُلِدَ أَكْثَرُ وَخَيْرٌ مِمَّنْ كَبَّر لِقَتْلِهِ.
مَعْمَرٌ, عَنْ أَيُّوْبَ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ قَالَ: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: مَا شَيْءٌ كَانَ يُحَدِّثُنَا كَعْبٌ إلَّا قَدْ أَتَى عَلَى مَا قَالَ, إلَّا قَوْلُهُ: فَتَى ثَقِيْفٍ يَقْتُلُنِي, وَهَذَا رَأْسُهُ بَيْنَ يَدَيَّ -يَعْنِي: المُخْتَارَ الكَذَّابَ.
زِيَادٌ الجَصَّاصُ, عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ, أنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ لِغُلاَمِهِ: لاَ تَمُرَّ بِي عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ -يَعْنِي: وَهُوَ مَصْلُوْبٌ, قَالَ: فَغَفِلَ الغُلاَمُ، فمَرّ بِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَرَآهُ، فَقَالَ:(4/406)
رَحِمَكَ اللهُ أَبَا خُبَيْبٍ, مَا عَلِمْتُكَ إلَّا صوَّامًا قَوَّاماً، وَصُوْلاً لِرَحِمِكَ, أَمَا وَاللهِ إِنِّيْ لأرجو مع مساوئ ما قد علمت أَنْ لاَ يُعَذِّبَكَ اللهُ، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ, أنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ يَعْمَلْ سُوْءاً يجز به في الدنيا"1.
قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ "الخُلَفَاءِ": صَلَبُوا ابْنَ الزُّبَيْرِ منكَّسًا، وَكَانَ آدَمَ نَحِيْفاً, لَيْسَ بِالطَّوِيْلِ, بَيْنَ عَيْنَيْهِ أَثَرُ السُّجُودِ, بَعَثَ عُمَّالَهُ إِلَى المَشْرِقِ كُلِّهِ، وَالحِجَازِ.
قَالَ جُوَيْرِيَةُ ابن أَسْمَاءَ, عَنْ جَدَّتِهِ: إنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ غسَّلت ابْنَ الزُّبَيْرِ بَعْد مَا تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ، وَجَاءَ الإِذْنُ مِنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ عِنْدَمَا أَبَى الحجَّاج أَنْ يَأْذَنَ لَهَا، فحنَّطته وكفَّنته، وصلَّت عَلَيْهِ، وَجَعَلَتْ فِيْهِ شَيْئاً حِيْنَ رَأَتْهُ يتفسَّخ إِذَا مَسَّتْهُ.
وَقَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ فَدَفَنَتْهُ بِالمَدِيْنَةِ فِي دَارِ صَفِيَّةَ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ، ثُمَّ زِيْدَتْ دَارُ صَفِيَّةَ فِي المَسْجَدِ، فَهُوَ مَدْفُوْنٌ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, يَعْنِي: بِقُرْبِهِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَعِدَّةٌ: قُتِلَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَوَهِمَ ضَمْرَةُ وَأَبُو نُعَيْمٍ، فَقَالاَ: قُتِل سَنَةَ اثْنَتَيْنِ.
عَاشَ نَيِّفاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَمَاتَتْ أُمُّهُ بَعْدَهُ بِشَهْرَيْنِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَلَهَا قَرِيبٌ مِنْ مائَةِ عَامٍ.
هِيَ آخِرُ مَنْ مَاتَتْ مِنَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَل -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَيُقَالُ لَهَا: ذَاتُ النِّطَاقَيْنِ, كَانَتْ أَسَنَّ مِنَ عَائِشَةَ بسنوات.
روت عدة أحاديث.
__________
1 ضعيف: في إسناده زيد بن أبي زياد الجصاص، وشيخه علي بن زيد بن جدعان, وهما ضعيفان, والحديث المرفوع الذي رواه أبو بكر الصديق حديث صحيح بطرقه وشواهده.
أخرجه أحمد "1/ 6"، البزار "21"، وأبو يعلى "18"، والطبري "5/ 294" من طريق عن عبد الوهاب ابن عطاء، عن زياد الجصاص، به. وفيه زياد وشيخه عليّ بن زيد بن جدعان, وهما ضعيفان -كما ذكرنا, وأخرجه بنحوه عبد بن حميد "7"، والترمذي "3039"، والبزار "20"، وأبو يعلى "21" من طريق موسى بن عبيدة، عن مولى ابن سباع، عن ابن عمر، عن أبي بكر.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب، وفي إسناده مقال.
قلت: في إسناده موسى بن عبيدة, ضعيف، وكذا مولى ابن سباع مجهول.
ورود عند مسلم "2545" عن ابن عمر، به.(4/407)
حدَّث عَنْهَا: أَوْلاَدُهَا؛ عَبْدُ اللهِ وَعُرْوَةُ، وَابْنُ العباس، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ المُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَوَهْبُ بنُ كَيْسَانَ، وَابْنُ المُنْكَدِرِ، وَالمُطَّلِبُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَخَلْقٌ.
وَهِيَ وَابْنُهَا عَبْدُ اللهِ، وَأَبُوْهَا أَبُو بَكْرٍ، وَجَدُّهَا أَبُو قُحَافَةَ صَحَابِيُّونَ, أضرَّت بِأَخَرَةٍ.
قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: كَانَتْ أَكْبَرَ مِنْ عَائِشَةَ بِعَشْرِ سِنِيْنَ.
قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا يَكُوْنُ عُمُرُهَا إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وأمَّا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، فَقَالَ: عَاشَتْ مائَةَ سَنَةٍ، وَلَمْ يَسْقُطْ لَهَا سِنٌّ، وَقَدْ طَلَّقَهَا الزُّبَيْرُ قَبْلَ مَوْتِهِ زَمَنَ عُثْمَانَ.
وَقَالَ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ: كَانَتْ أَسْمَاءُ لاَ تدَّخر شَيْئاً لِغَدٍ.
وَقِيْلَ: أَعْتَقَتْ عِدَّةَ مَمَالِيْكَ، وَقَدِ اسْتَوْفَيْتُ تَرْجَمَتهَا فِي "تَارِيْخِ الإِسْلاَمِ" رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
وَمِنْ أَوْلاَدِهَا: عروة بن الزبير الفقيه.(4/408)
ومنهم:
276- المنذر بن الزبير 1:
الأَمِيْرُ, أَبُو عُثْمَانَ, أَحَدُ الأَبْطَالِ, وُلِدَ زَمَنَ عُمَرَ، وَكَانَ مِمَّن غَزَا القُسْطَنْطِيْنِيَّة مَعَ يَزِيْدَ، وَوَفَدَ بَعْدُ عَلَيْهِ.
قَالَ الزُّبَيْرُ: فَحَدَّثَنِي مُصْعَبُ بنُ عُثْمَانَ, أنَّ المُنْذِرَ غَاضَبَ أَخَاهُ عَبْدَ اللهِ، فَسَارَ إِلَى الكُوْفَةِ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ, فَأَكْرَمَهُ وَأَجَازَهُ بِأَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ, لَكِنْ مَاتَ مُعَاوِيَةُ قَبْلَ أَنْ يَقْبَضَ المُنْذِرُ الجَائِزَةَ، ووصَّى مُعَاوِيَةُ أَنْ يَنْزِلَ المُنْذِرُ فِي قَبْرِهِ، وَكَانَ بِالكُوْفَةِ لَمَّا بَلَغَهُ خِلاَفُ أَخِيْهِ عَلَى يَزِيْدَ، فَأَسْرَعَ إِلَى أَخِيْهِ بِمَكَّةَ فِي ثَمَانِ ليالٍ، فلمَّا حَاصَرَ الشَّامِيُّونَ ابْنَ الزُّبَيْرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ قُتِلَ تِلْكَ الأَيَّامَ المُنْذِرُ -رَحِمَهُ اللهُ.
وَبِنْتُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ المُنْذِرِ لَهَا رِوَايَةٌ عَالِيَةٌ، وَهِيَ زَوْجَةُ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ.
عَاشَ المنذر أربعين سنة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 182"، تاريخ الإسلام "3/ 86"، البداية والنهاية "8/ 246".(4/408)
277- عَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ 1:
الهَاشِمِيُّ, ابْنُ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَأُمُّهُ عَاتِكَةُ بِنْتُ أَبِي وَهْبٍ المخزومية, من مسلمة الفتح.
لاَ نَعْلَمُ لَهُ رِوَايَةً, كَانَ مَوْصُوَفاً بِالشَّجَاعَةِ وَالفُرُوْسِيَّةِ.
وَلَمَّا تُوفِّي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ لِهَذَا نَحْوٌ مِنْ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ, حَدَّثَنِي هِشَامُ بنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي الحُوَيْرِثِ قَالَ: أوَّل مَنْ قُتِلَ يَوْمَ أَجْنَادِيْنَ بطريقٌ, بَرَزَ يَدْعُو إِلَى البِرَازِ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَاختَلَفَا ضَرَبَاتٍ، ثُمَّ قَتَلَهُ عَبْدُ اللهِ، ثُمَّ بَرَزَ آخَرُ، فَضَرَبَهُ عَبْدُ اللهِ عَلَى عَاتِقِهِ، وَقَالَ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَأَثْبَتَهُ وَقَطَعَ سَيْفُهُ الدِّرْعَ، وَأَشْرَعَ فِي مَنْكِبِهِ، ثُمَّ ولَّى الرُّوْمِيُّ مُنْهَزِماً.
وَعَزمَ عَلَيْهِ عَمْرُو بنُ العَاصِ أَنْ لاَ يُبَارِزَ، فَقَالَ: لاَ أَصبِرُ، فلمَّا اخْتَلَطَتِ السُّيُوفُ وُجِدَ فِي رِبْضَةٍ مِنَ الرُّوْمِ عَشْرَةٍ مَقْتُولاً وَهُمْ حَوْلَهُ، وَقَائِمُ السَّيْفِ فِي يَدِهِ قَدْ غرِيَ، وَإِنَّ فِي وَجْهِهِ لَثَلاَثِيْنَ ضَرْبَةً.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الزُّبَيْرَ بنَ سَعِيْدٍ النَّوْفَلِيَّ، فَقَالَ: سَمِعْتُ شُيُوْخَنَا يَقُوْلُوْنَ: لَمَّا انْهَزَمَتِ الرُّوْمُ يَوْمَئِذٍ انْطَلَقَ الفَضْلُ بنُ عَبَّاسٍ فِي مائَةٍ نَحْواً مِنْ مِيْلٍ، فَيَجِدُ عَبْدَ اللهِ مَقْتُولاً فِي عَشْرَةٍ مِنَ الرُّوْمِ قَدْ قَتَلَهُم، فَقَبَرُوْهُ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: وَأَجْنَادِيْنُ2 كَانَتِ يوم الاثنين, لاثنتي عشرة بقيت من جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ.
وَإِنَّمَا ضَمَمْتُ هَذَا البَطَلَ إِلَى البَطَلِ الَّذِي قَبْلَهُ لاشْتِرَاكِهِمَا في الاسم والشجاعة.
فأمَّا:
__________
1 ترجمته في أسد الغابة "3/ 241"، والإصابة "2/ 308"، البداية والنهاية "8/ 238-239".
2 أجنادين: في الشام بين الرملة وبيت جبرين.(4/409)
278- عَبْدُ اللهِ بنُ الزبير 1:
بِفَتْحِ الزَّايِ، فَهُوَ الأَسَدِيُّ، أَسَدُ خُزَيْمَةَ، كُوْفِيٌّ شَاعِرٌ مَشْهُوْرٌ، لَهُ نَظْمٌ بَدِيعٌ.
وَهُوَ الَّذِي امتَدَحَ مُعَاوِيَةَ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئاً، فَقَالَ: لَعَنَ اللهُ نَاقَةً حَمَلَتْنِي إِلَيْكَ، فَقَالَ: إنَّ وَرَاكِبَهَا.
وَقَدِمَ العِرَاقَ على مصعب، وله أخبار.
ذكرته للتمييز.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "5/ 263"، البداية والنهاية "9/ 80".(4/410)
279- واثلة بن الأسقع 1: "ع"
ابن كعب بن عامر، وَقِيْلَ: وَاثِلَةُ بنُ الأَسْقَعِ بنِ عَبْدِ العُزَّى بن عبد يَالَيْلَ بنِ نَاشِبٍ اللَّيْثِيُّ, مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّة.
أَسلَمَ سَنَةَ تِسْعٍ، وَشَهِدَ غَزْوَةَ تَبُوْكٍ، وَكَانَ مِنْ فُقَرَاءِ المُسْلِمِيْنَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ, طَالَ عُمُرُه.
وَفِي كُنْيَتِهِ أَقْوَالٌ: أَبُو الخَطَّابِ، وَأَبُو الأَسْقَعِ، وَقِيْلَ: أَبُو قرْصَافَةَ، وَقِيْلَ: أَبُو شَدَّادٍ.
لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ، وَشَدَّادٌ أَبُو عمَّار، وَبُسْرُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ النَّصْرِيُّ، وَمَكْحُوْلٌ، وَيُوْنُسُ بنُ مَيْسَرَةَ بنِ حَلْبَسٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي عَبْلَةَ، وَرَبِيْعَةُ بنُ يَزِيْدَ القَصِيْرُ، وَيَحْيَى بنُ الحَارِثِ الذِّمَارِيُّ، وَخَلْقٌ, آخِرُهُم: مَوْلاَهُ؛ مَعْرُوفٌ الخَيَّاطُ, البَاقِي إِلَى سَنَةِ ثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
وَلَهُ رِوَايَةٌ أَيْضاً، عَنْ أَبِي مَرْثَدٍ الغَنَوِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ.
وَلَهُ مَسجدٌ مَشْهُوْرٌ بِدِمَشْقَ، وَسَكَنَ قَرْيَةَ البَلاَطِ مُدَّةً, وَلَهُ دَارٌ عِنْدَ دَارِ ابْنِ البَقَّالِ بِدَرْبِ ...
صَدَقَةُ بنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ وَاقِدٍ، عَنْ بُسْرِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ وَاثِلَةَ قال: كنا
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 407", التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2646"، والجرح والتعديل "9/ ترجمة 202"، حلية الأولياء "2/ 21"، أسد الغابة "5/ 428"، الكاشف "3/ 6131"، وتجريد أسماء الصحابة "2/ ترجمة 1425"، والإصابة "3/ ترجمة 9087"، تهذيب التهذيب "11/ ترجمة 174".(4/410)
أَصْحَابَ الصُّفَّةِ مَا منَّا رَجُلٌ لَهُ ثَوْبٌ تَامٌّ، وَلَقَدِ اتَّخَذَ العَرَقُ فِي جُلُودِنَا طُرُقاً مِنَ الغُبَارِ؛ إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "ليبشر الفقراء المُهَاجِرِينَ".
الأَوْزَاعِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ -رَجُلٌ منَّا, حَدَّثَنِي وَاثِلَةُ بنُ الأَسْقَعِ, أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخَذَ حَسَناً وَحُسَيْناً وَفَاطِمَةَ، ولفَّ عَلَيْهِم ثَوْبَهُ، وَقَالَ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأَحْزَابُ: 33] ، "اللَّهُمَّ هَؤُلاَءِ أَهْلِي".
قَالَ وَاثِلَةُ: فَقُلْتُ يَا رَسُوْلَ اللهِ، وَأَنَا مِنْ أَهْلِكَ? قَالَ: "وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِي" قَالَ: فَإِنَّهَا لَمِنْ أَرْجَى مَا أَرْجُو.
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ.
قَالَ مَكْحُوْلٌ: عَنْ وَاثِلَةَ قَالَ: إِذَا حَدَّثْتُكُم بِالحَدِيْثِ على معناه، فحسبكم.
هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا مَعْرُوفٌ الخَيَّاطُ قَالَ: رَأَيْتُ وَاثِلَةَ بنَ الأَسْقَعِ يُمْلِي عَلَيْهِمُ الأَحَادِيْثَ.
رَوَى إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ خَالِدٍ: تُوُفِّيَ وَاثِلَةُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ، وَهُوَ ابْنُ مائَةٍ وَخَمْسِ سِنِيْنَ.
اعتَمَدَهُ البُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ وَعِدَّةٌ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ، وَلَهُ ثَمَانٍ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
قَالَ قَتَادَةُ: آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنَ الصَّحَابَةِ بِدِمَشْقَ وَاثِلَةُ بنُ الأَسْقَعِ.
الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَغَيْرُهُ, أنَّ وَاثِلَةَ [قَالَ] : وَقَفتُ فِي ظُلْمَةِ قَنْطَرَةِ قَيْنِيَةَ لِيَخْفَى عَلَى الخَارِجِيْنَ مِنْ بَابِ الجَابِيَةِ مَوْقِفِي.
وَعَنْ بُسْرِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ وَاثِلَةَ قَالَ: فَأَسْمَعُ صَرِيرَ بَابِ الجَابِيَةِ، فَمَكَثْتُ، فَإِذَا بِخَيْلٍ عَظِيمَةٍ فَأَمْهَلْتُهَا، ثُمَّ حَمَلْتُ عَلَيْهِم وكَبَّرت، فَظَنُّوا أَنَّهُم أُحِيْطَ بِهِم، فَانْهَزَمُوا إِلَى البَلَدِ، وَأَسْلَمُوا عظيمهم، فدعسته بِالرُّمْحِ أَلْقَيْتُهُ عَنْ بِرْذَوْنِهِ، وَضَربْتُ يَدِي عَلَى عِنَانِ البِرْذَوْنِ، وَرَكَضْتُ، وَالتَفَتُوا، فلمَّا رَأَوْنِي وَحْدِي تَبِعُوْنِي، فَدَعَسْتُ فَارِساً بِالرُّمْحِ فَقَتَلْتُهُ، ثُمَّ دَنَا آخَرُ فَقَتَلْتُهُ، ثُمَّ جِئْتُ خَالِدَ بنَ الوَلِيْدِ فَأَخْبَرْتُهُ، وَإِذَا عِنْدَهُ عَظِيمٌ مِنَ الرُّوْمِ يَلْتَمِسُ الأَمَانَ لأَهْلِ دِمَشْقَ.(4/411)
280- عبد الله بن الحارث بن جزء 1: "د، ت، ق"
الصَّحَابِيُّ العَالِمُ المُعَمَّرُ, شَيْخُ المِصْرِيِّيْنَ, أَبُو الحَارِثِ الزُّبَيْدِيُّ المِصْرِيُّ.
شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ وَسَكَنَهَا، فَكَانَ آخِرَ الصَّحَابَةِ بِهَا مَوْتاً.
لَهُ جَمَاعَةُ أَحَادِيْثَ, رَوَى عَنْهُ أَئِمَّةٌ.
حدَّث عَنْهُ: يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، وَعُقْبَةُ بنُ مُسْلِمٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ المُغِيْرَةِ، وَسُلَيْمَانُ بنُ زِيَادٍ الحَضْرَمِيُّ، وَعَمْرُو بنُ جَابِرٍ الحَضْرَمِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَزَعَمَ مَنْ لاَ مَعْرِفَةَ لَهُ أنَّ الإِمَامَ أَبَا حَنِيْفَةَ لَقِيَهُ وَسَمِعَ مِنْهُ, وَهَذَا جَاءَ مِنْ رِوَايَةِ رَجُلٍ متَّهم بِالكَذِبِ، ولعلَّ أَبَا حَنِيْفَةَ أَخَذَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ الزُّبَيْدِيِّ الكُوْفِيِّ, أَحَدِ التَّابِعِيْنَ، فَهَذَا مُحْتَمَلٌ، وأمَّا الصَّحَابِيُّ، فَلَمْ يَرَهُ أَبَداً، وَيَزْعُمُ الوَاضِعُ أنَّ الإِمَامَ ارْتَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ، وَدَارَ عَلَى سَبْعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ المُتَأَخِّرِينَ، وَشَافَهَهُم، وَإِنَّمَا المَحْفُوظُ أَنَّهُ رَأَى أَنَسَ بنَ مَالِكٍ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِمُ الكُوْفَةَ.
نَعَمْ، وَصَاحِبُ التَّرْجَمَةِ؛ هُوَ ابْنُ أَخِي الصَّحَابِيِّ مَحْمِيَةَ بنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ.
وَقَدْ طَالَ عُمُرُهُ وعمَّر، وَمَاتَ بِقَرِيَةِ سَفْطِ القُدُوْرِ مِنْ أَسْفَلِ مِصْرَ، فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ، وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ، وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ.
لَهُ رِوَايَةٌ فِي "سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ"، وَ"جَامِعِ أَبِي عِيْسَى"، وَ"سُنُنِ القَزْوِيْنِيِّ"، والله أعلم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 497"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 39"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 135"، أسد الغابة "3/ 203"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 3204"، الكاشف "2/ ترجمة 2700"، الإصابة "2/ ترجمة 4598"، تهذيب التهذيب "5/ ترجمة 307"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3437".(4/412)
281- عبد الله بن السائب 1: "بَخ، م، 4"
ابْنِ أَبِي السَّائِبِ صَيْفِيِّ بنِ عَابِدِ بنِ عُمَرَ بنِ مَخْزُوْمِ بنِ يَقَظَةَ بنِ مُرَّةَ, أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو السَّائِبِ, القُرَشِيُّ المَخْزُوْمِيُّ المَكِّيُّ.
مُقْرِئُ مَكَّةَ, وَلَهُ صُحْبَةٌ، ورواية. عداده في صغار الصحابة.
وَكَانَ أَبُوْهُ شَرِيْكَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ المَبْعَثِ.
قَرَأَ عَبْدُ اللهِ القُرْآنَ عَلَى أُبَيّ بنِ كَعْبٍ، وحدَّث عَنْهُ أَيْضاً، وَعَنْ عُمَرَ.
عَرَضَ عَلَيْهِ القُرْآنَ مُجَاهِدٌ، وَيُقَالُ: إنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ كَثِيْرٍ تَلاَ عَلَيْهِ، فَاللهُ أَعْلَمُ.
وحدَّث عَنْهُ: ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ بِنْتِهِ؛ مُحَمَّدُ بنُ عَبَّادِ بنِ جَعْفَرٍ، وَوَلَدُهُ؛ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَخْزُوْمِيُّ، وَغَيْرُهُم.
وَصَلَّى خَلْفَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَكَّةَ، فَقَرَأَ بِسُوْرَةِ المُؤْمِنِيْنَ2.
قَالَ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ: لَهُ صُحْبَةٌ.
وَرَوَى أَنَسُ بنُ عِيَاضٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ السَّائِبِ قَالَ: اكْتَنَيْتُ بِكُنْيَةِ جَدِّي أَبِي السَّائِبِ، وَكَانَ خَلِيْطاً لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نِعْمَ الخَلِيْطُ كَانَ لاَ يُشَارِي وَلاَ يُمَارِي"3.
ابْنُ عُيَيْنَةَ, عَنْ دَاوُدَ بنِ شَابُوْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كنَّا نَفْخَرُ عَلَى النَّاسِ بِقَارِئِنَا عَبْدِ اللهِ بنِ السَّائِبِ، وَبِفَقِيهِنَا عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ، وَبِمُؤَذِّنِنَا أَبِي مَحْذُوْرَةَ، وَبِقَاضِيْنَا عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ.
قِيْلَ: مَاتَ ابْنُ السَّائِبِ فِي إِمَارَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَامَ عَلَى قَبْرِ عَبْدِ اللهِ بنِ السَّائِبِ، فدعا له.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 445"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 15"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 301"، والاستيعاب "3/ 915"، أسد الغابة "3/ 254"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 3303"، الكاشف "2/ ترجمة 2767"، الإصابة "2/ ترجمة 4698"، تهذيب التهذيب "5/ ترجمة 394"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3515".
2 صحيح: أخرجه مسلم "445".
3 ضعيف: فيه الرجل المبهم.(4/413)
282- المسور بن مخرمة 1: "ع"
ابن نوفل بنُ أُهَيْبِ بن عَبْدِ مَنَافٍ بنِ زُهْرَةَ بنِ قُصَيِّ بنِ كلاب, الإمام الجَلِيْلُ, أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو عُثْمَانَ, القُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ.
وَأُمُّهُ عَاتِكَةُ؛ أُخْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ, زُهْرِيَّةٌ أَيْضاً.
لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. وَعِدَادُهُ فِي صِغَارِ الصَّحَابَةِ، كَالنُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ.
وحدَّث أَيْضاً عَنْ خَالِهِ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ، وَعُرْوَةُ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَوَلَدَاهُ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأُمُّ بَكْرٍ، وَطَائِفَةٌ.
قدِمَ دِمَشْقَ بَرِيْداً مِنْ عُثْمَانَ يَسْتَصْرِخُ بِمُعَاوِيَةَ.
وَكَانَ مِمَّنْ يَلْزَمُ عُمَرَ، وَيَحْفَظُ عَنْهُ.
وَقَدِ انْحَازَ إِلَى مَكَّةَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَخطَ إِمْرَةَ يَزِيْدَ، وَقَدْ أَصَابَهُ حَجَرُ مِنْجَنِيْقٍ فِي الحِصَارِ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: كانت تَغْشَاهُ، وَيَنْتَحِلُوْنَهُ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: مِسْوَرٌ ثِقَةٌ.
عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ, أنَّ المِسْوَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: يَا مِسْوَرُ! مَا فَعَلَ طَعْنُكَ عَلَى الأَئِمَّةِ? قَالَ: دَعْنَا مِنْ هَذَا وَأَحْسِنْ فِيمَا جِئْنَا لَهُ. قَالَ: لتكلمنِّي بِذَاتِ نَفْسِكَ بِمَا تَعِيبُ عَلَيَّ? قَالَ: فَلَمْ أَترُكْ شَيْئاً إلَّا بَيَّنْتُهُ، فَقَالَ: لاَ أَبْرَأُ مِنَ الذَّنْبِ، فَهَلْ تَعُدُّ لَنَا مِمَّا نَلِي مِنَ الإِصْلاَحِ فِي أَمْرِ العامَّة, أَمْ تَعُدُّ الذُّنُوبَ وَتَتْرُكُ الإِحْسَانَ? قلت: نعم. قَالَ: فَإِنَّا نَعتَرِفُ للهِ بِكُلِّ ذَنْبٍ، فَهَلْ لَكَ ذُنُوبٌ فِي خاصَّتك تَخْشَاهَا? قَالَ: نَعَمْ, قال: فما يجعلك الله برجاء المغفرة أحق مِنِّي، فَوَاللهِ مَا أَلِي مِنَ الإِصْلاَحِ أَكْثَرَ مِمَّا تَلِي، وَلاَ أُخَيِّر بَيْنَ اللهِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ إلَّا اخْتَرْتُ اللهَ عَلَى سِوَاهُ، وَإِنِّي لَعَلَى دِيْنٍ يُقْبَلُ فِيْهِ العَمَلُ، وَيُجْزَى فِيْهِ بِالحَسَنَاتِ, قَالَ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُ قَدْ خَصَمَنِي, قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمْ أَسْمَعِ المِسْوَرَ ذَكَرَ مُعَاوِيَةَ إلَّا صَلَّى عَلَيْهِ.
عَنْ أُمِّ بَكْرٍ, أنَّ أَبَاهَا كَانَ يَصُومُ الدَّهْرَ، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ طَافَ لكلِّ يَوْمٍ غَابَ عَنْهَا سَبْعاً، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمَّتِهِ أُمِّ بَكْرٍ بِنْتِ المِسْوَرِ، عَنْ أَبِيْهَا أَنَّهُ، وَجَدَ يَوْمَ القَادِسِيَّةِ إِبْرِيقَ ذَهَبٍ بِاليَاقُوْتِ، وَالزَّبَرْجَدِ فَنَفَلَهُ سَعْدٌ إِيَّاهُ، فَبَاعَهُ بِمائَةِ أَلْفٍ.
وَفِي "مُسْنَدِ أَحْمَدَ"، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْهُ؛ حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الوَلِيْدِ بنِ كَثِيْرٍ, حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ حَلْحَلَةَ, أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ, أَنَّ عَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ حَدَّثَهُ, أنَّهم قَدِمُوا المَدِيْنَةَ مِنْ عِنْدِ يَزِيْدَ مَقْتَلَ الحُسَيْنِ، فَلَقِيَهُ المِسْوَر بنُ مَخْرَمَةَ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ إليَّ مِنْ حَاجَةٍ تَأْمُرُنِي بِهَا? قُلْتُ: لاَ. قَالَ: هَلْ أَنْتَ مُعْطِيَّ سَيْفَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ? فإني
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1798"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1366", أسد الغابة "5/ 175"، الكاشف "3/ ترجمة 5546"، تجريد أسماء الصحابة "2/ ترجمة 861"، الإصابة "3/ ترجمة 8993"، تهذيب التهذيب "10/ ترجمة 288"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة رقم 7013".(4/414)
أَخَافُ أَنْ يَغْلِبَكَ القَوْمُ عَلَيْهِ، وَايْمُ اللهِ, لَئِنْ أَعَطَيْتَنِيْهِ لاَ يُخْلَصُ إِلَيْهِ أَبَداً حَتَّى تَبْلُغَ نَفْسِي, إنَّ عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ خَطَبَ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ، فَسَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ فِي ذَلِكَ عَلَى مِنْبَرِهِ هَذَا، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مُحْتَلِمٌ، فَقَالَ: "إِنَّ فَاطِمَةَ بِضْعَةٌ مِنِّي، وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِي دِيْنِهَا"، ثُمَّ ذَكَرَ صِهْراً لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ، فَأَحْسَنَ, قَالَ: "حَدَّثَنِي فصدَّقني، وَوَعَدَنِي فوفَّى لِي، وَإِنِّي لَسْتُ أحرِّم حَلاَلاً، وَلاَ أُحِلُّ حَرَاماً، وَلَكِنْ وَاللهِ لاَ تَجْتَمِعُ ابْنَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَابْنَةُ عَدُوِّ اللهِ مَكَاناً وَاحِداً أَبَداً" 1.
فَفِيْهِ أنَّ المِسْوَرَ كَانَ كَبِيْراً مُحْتَلِماً إِذْ ذَاكَ.
وَعَنْ عَطَاءِ بنِ يَزِيْدَ قَالَ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لاَ يَقْطَعُ أَمْراً دُوْنَ المِسْوَرِ بِمَكَّةَ.
وَعَنْ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: لَمَّا دَنَا الحُصَيْنُ بنُ نُمَيْرٍ لِحِصَارِ مَكَّةَ, أَخْرَجَ المِسْوَرُ سِلاَحاً قَدْ حَمَلَهُ مِنَ المَدِيْنَةِ، وَدُرُوْعاً، فَفَرَّقهَا فِي موالٍ لَهُ فُرس جُلْد، فلمَّا كَانَ القِتَالُ أَحْدَقُوا بِهِ، ثُمَّ انكشفوا عنه، والمسور يضري بِسَيْفِهِ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ فِي الرَّعِيْلِ الأَوَّلِ. وَقَتَلَ مَوَالِي مِسْوَرٍ مِنَ الشَّامِيِّينَ نَفَراً، وَقِيْلَ: أَصَابَهُ حَجَرُ المِنْجَنِيْقِ، فَانْفَلَقَتْ مِنْهُ قِطْعَةٌ أَصَابتْ خَدَّ المِسْوَرِ وَهُوَ يُصَلِّي، فَمَرِضَ وَمَاتَ فِي اليَوْمِ الَّذِي جَاءَ فِيْهِ نَعْيُ يَزِيْدَ.
فَعَنْ أُمِّ بَكْرٍ قَالَتْ: كُنْتُ أَرَى العِظَامَ تُنْزَعُ مِنْ خَدِّهِ, بَقِيَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَمَاتَ.
وَقِيْلَ: أَصَابَهُ الحَجَرُ، فَحُمِلَ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ، وَبَقِيَ يَوْماً لاَ يتكلم، ثم أَفَاقَ, وَجَعَلَ عُبَيْدُ بنُ عُمَيْرٍ يَقُوْلُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ, كَيْفَ تَرَى فِي قِتَالِ هَؤُلاَءِ؟ فَقَالَ: عَلَى ذَلِكَ قُتِلْنَا.
قَالَ: وَوَلِي ابْنُ الزُّبَيْرِ غَسْلَهُ، وَحَمَلَهُ إِلَى الحَجُوْنِ، وَإِنَّا لَنَطَأُ بِهِ القَتْلَى، وَنَمْشِي بَيْنَ أَهْلِ الشَّامِ، فَصَلَّوْا مَعَنَا عَلَيْهِ.
قُلْتُ: كَانُوا قَدْ عَلِمُوا بِمَوْتِ يَزِيْدَ، وَبَايَعُوا ابْنَ الزُّبَيْرِ.
وَعَنْ أُمِّ بَكْرٍ قَالَتْ: وُلِدَ المِسْوَرُ بِمَكَّةَ بَعْدَ الهِجْرَةِ بِعَامَيْنِ، وَبِهَا توفِّي لِهِلاَلِ رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ، وَكَذَا أرَّخه فِيْهَا جَمَاعَةٌ.
وَغَلِطَ المَدَائِنِيُّ فَقَالَ: مَاتَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ من حجر المنجنيق.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 326"، ومسلم "2449" "95".(4/415)
283- سليمان بن صُرد 1: "ع"
الأَمِيْرُ، أَبُو مُطَرِّفٍ, الخُزَاعِيُّ الكُوْفِيُّ، الصَّحَابِيُّ.
لَهُ رِوَايَةٌ يَسِيْرَةٌ. وَعَنْ أُبَيّ، وَجُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ.
وَعَنْهُ: يَحْيَى بنُ يَعْمَرَ، وَعَدِيُّ بنُ ثابت، وأبو إسحاق، وآخرون.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: كَانَ مِمَّنْ كَاتَبَ الحُسَيْنَ لِيُبَايِعَهُ، فَلَمَّا عَجِزَ عَنْ نَصْرِهِ نَدِمَ وَحَارَبَ.
قُلْتُ: كَانَ ديِّنًا عَابِداً, خَرَجَ فِي جَيشٍ تَابُوا إِلَى اللهِ مِنْ خِذْلاَنِهِمُ الحُسَيْنَ الشَّهِيْدَ، وَسَارُوا لِلطَّلبِ بِدَمِهِ، وَسُمُّوا جَيْشَ التوَّابين.
وَكَانَ هُوَ الَّذِي بَارَزَ يَوْمَ صِفِّيْنَ حَوْشَباً ذَا ظُلَيم، فَقَتَلَهُ.
حضَّ سُلَيْمَانُ عَلَى الجِهَادِ؛ وَسَارَ فِي ألوفٍ لِحَرْبِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ، وَقَالَ: إِنْ قُتِلْتُ فَأَمِيْرُكُمُ المُسَيَّبُ بنُ نَجَبَةَ. وَالْتَقَى الجَمْعَانِ، وَكَانَ عُبَيْدُ اللهِ فِي جَيشٍ عَظِيمٍ، فَالْتَحَمَ القِتَالُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وقُتِلَ خَلْقٌ مِنَ الفَرِيْقَيْنِ, وَاسْتَحَرَّ القَتْلُ بالتوَّابين شِيْعَةِ الحُسَيْنِ، وقُتِلَ أُمَرَاؤُهُم الأَرْبَعَةُ؛ سُلَيْمَانُ، وَالمُسَيَّبُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ وَالِي، وَذَلِكَ بِعَيْنِ الوَرْدَةِ الَّتِي تُدْعَى رَأْسَ العَيْنِ, سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ، وتحيِّز بِمَنْ بَقِيَ مِنْهُم رفاعة بن شداد إلى الكوفة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 292" و"6/ 25"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1752"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 539"، تاريخ بغداد "1/ 200"، الاستيعاب "2/ 649"، أسد الغابة "2/ 449"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2488"، الكاشف "1/ ترجمة 2122"، الوافي بالوفيات "15/ 392"، الإصابة "2/ ترجمة 3457"، تهذيب التهذيب "4/ ترجمة 340", خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2707".(4/416)
284- أنس بن مالك 1: "ع"
ابن النَّضر بن ضمضم بنِ زَيْدِ بنِ حَرَامِ بنِ جُنْدَبِ بنِ عَامِرِ بنِ غَنْمِ بنِ عَدِيِّ بنِ النَّجَّارِ.
الإِمَامُ المُفْتِي المُقْرِئُ المُحَدِّثُ, رَاوِيَةُ الإِسْلاَمِ, أَبُو حمزة الأنصاري الخزرجي البخاري المدني, خادم رسول الله -صلى الله علي وَسَلَّمَ- وَقَرَابَتُهُ مِنَ النِّسَاءِ، وَتِلْمِيذُهُ، وَتَبَعُهُ، وَآخِرُ أَصْحَابِهِ مَوْتاً.
رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِلْماً جَمّاً، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ, وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَمُعَاذٍ، وَأُسَيْدِ بنِ الحُضَيْرِ، وَأَبِي طَلْحَةَ، وأمَّه أُمِّ سُلَيْمٍ بِنْتِ مِلْحَانَ، وَخَالَتِهِ أُمِّ حَرَامٍ، وَزَوْجِهَا عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَمَالِكِ بنِ صَعْصَعَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَفَاطِمَةَ النَّبَوِيَّةِ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: خَلْقٌ عَظِيمٌ؛ مِنْهُمُ: الحَسَنُ، وَابْنُ سِيْرِيْنَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو قِلاَبَةَ، وَمَكْحُوْلٌ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ، وَبَكْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُزَنِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَابْنُ المُنْكَدِرِ، وَإِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ صُهَيْبٍ، وَشُعَيْبُ بنُ الحَبْحَابِ، وَعَمْرُو بنُ عَامِرٍ الكُوْفِيُّ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَكَثِيْرُ بنُ سُلَيْمٍ، وَعِيْسَى بنُ طَهْمَانَ، وَعُمَرُ بنُ شَاكِرٍ.
وَبَقِيَ أَصْحَابُهُ الثِّقَاتُ إِلَى بَعْدِ الخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ، وَبَقِيَ ضُعَفَاءُ أَصْحَابِهِ إِلَى بَعْدِ التِّسْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَبَقِيَ بَعْدَهُم نَاسٌ لاَ يُوثَقُ بِهِم, بَلِ اطُّرِحَ حَدِيْثُهُم جُمْلَةً كَإِبْرَاهِيْمَ بنِ هُدْبَةَ، وَدِيْنَارٍ أَبِي مِكْيَسٍ، وَخِرَاشِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَمُوْسَى الطَّوِيْلِ, عَاشُوا مُدَيْدَةً بَعْدَ المائتَيْنِ، فَلاَ اعْتِبَارَ بهم.
وَإِنَّمَا كَانَ بَعْدَ المائتَيْنِ بَقَايَا مَنْ سَمِعَ مِنْ ثِقَاتِ أَصْحَابِهِ كَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ بَكْرٍ السَّهْمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْلِ، وَأَبِي نُعَيْمٍ.
وَقَدْ سَرَدَ صَاحِبُ "التَّهْذِيبِ" نَحْوَ مائَتَيْ نَفْسٍ مِنَ الرُّوَاةِ عَنْ أَنَسٍ.
وَكَانَ أَنَسٌ يَقُوْلُ: قَدِمَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المَدِيْنَةَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرٍ، وَمَاتَ وَأَنَا ابْنُ عِشْرِيْنَ, وَكُنَّ أُمَّهَاتِي يَحْثُثْنَنِي عَلَى خِدْمَةَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2.
فَصَحِبَ أَنَسٌ نَبِيَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتمَّ الصُّحْبَةِ، وَلاَزَمَهُ أَكْمَلَ المُلاَزَمَةِ مُنْذُ هَاجَرَ، وَإِلَى أَنْ مَاتَ، وَغَزَا مَعَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَبَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ.
وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ فِي "طَبَقَاتِهِ": حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ مَوْلَىً لأَنَسٍ, أنَّه قَالَ لأَنَسٍ: أَشَهِدْتَ بَدْراً? فَقَالَ: لاَ أُمَّ لَكَ، وَأَيْنَ أَغِيبُ عَنْ بَدْرٍ. ثُمَّ قَالَ الأَنْصَارِيُّ: خَرَجَ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى بَدْرٍ وَهُوَ غُلاَمٌ يَخْدُمُهُ.
وَقَدْ رَوَاهُ عُمَرُ بنُ شَبَّةَ، عَنِ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ ثُمَامَةَ قَالَ: قيل لأنس: ... فذكر نحوه.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 17"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1579"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1036"، أسد الغابة "1/ 151"، الإصابة "1/ ترجمة 277"، تهذيب التهذيب "1/ ترجمة 690"، تقريب التهذييب "1/ 644"، النجوم الزاهرة "1/ 244".
2 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 110"، ومسلم "2029" "125" من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أنس، به.(4/417)
قُلْتُ: لَمْ يَعُدَّهُ أَصْحَابُ المَغَازِي فِي البَدْرِيِّيْنَ؛ لكونه حضرها صبيًّا مَا قَاتَلَ, بَلْ بَقِيَ فِي رِحَالِ الجَيْشِ، فَهَذَا وَجْهُ الجَمْعِ.
وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كنَّاني النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَا حَمْزَةَ بِبَقْلَةٍ اجتنيتُها1.
وَرَوَى عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ -وَفِيْهِ لِينٌ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَدِمَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المَدِيْنَةَ وَأَنَا ابْنُ ثَمَانِ سِنِيْنَ، فَأَخَذَتْ أُمِّي بِيَدِي، فَانْطَلَقَتْ بِي إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! لَمْ يَبْقَ رَجُلٌ وَلاَ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ إلَّا وَقَدْ أَتْحَفَكَ بِتُحْفَةٍ، وَإِنِّي لاَ أَقْدِرُ عَلَى مَا أُتْحِفُكَ بِهِ إلَّا ابْنِي هَذَا، فَخُذْهُ فَلْيَخْدُمْكَ مَا بَدَا لَكَ. قَالَ: فَخَدَمْتُهُ عَشْرَ سِنِيْنَ، فَمَا ضَرَبَنِي وَلاَ سبَّني وَلاَ عَبَسَ فِي وَجْهِي.
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ, حَدَّثَنَا أَنَسٌ قَالَ: جَاءتْ بِي أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَدْ أَزَّرَتْنِي بِنِصْفِ خِمَارِهَا، وَرَدَّتْنِي بِبَعْضِهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! هَذَا أُنَيْسٌ ابْنِي, أَتَيْتُكَ بِهِ يَخْدُمُكَ، فَادْعُ اللهَ لَهُ. فَقَالَ: "اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ" , فَوَاللهِ إنَّ مَالِي لَكَثِيْرٌ، وَإِنَّ وَلَدِي وَوَلَدَ وَلَدِي يتعادُّون عَلَى نَحْوٍ مِنْ مائَةٍ اليَوْمَ2.
رَوَى نَحْوَهُ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ.
وَرَوَى شُعْبَةُ, عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ, أنَّ أُمَّ سليم قالت: يا رسول اللهِ! خَادِمُكَ أَنَسٌ, ادْعُ اللهَ لَهُ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ أَكثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ"، فَأَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِي أَنَّهُ دُفِنَ مِنْ صُلْبِي أَكْثَرُ مِنْ مائَةٍ3.
حُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ, عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: دَعَا لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: "اللهم أكثر
__________
1 ضعيف: أخرجه الترمذي "3830"، والطبراني في "الكبير" 656" من طريق جابر، عن أبي نصر، عن أنس، به.
وقال الترمذي في إثره: "هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث جابر الجعفي عن أبي نصر".
قلت: إسناده ضعيف، فيه علتان؛ الأولى: جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي، أبو عبد الله الكوفي، ضعيف. والعلة الثانية: خيثمة بن أبي خيثمة، أبو نصر البصري، ضعيف، قال ابن معين: ليس بشيء, وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات" على عادته في توثيق المجاهيل والمجروحين.
2 صحيح: أخرجه مسلم "2481" من طريق عكرمة، به.
3 صحيح: أخرجه البخاري "6344"، ومسلم "2480" من طريق شعبة، به.(4/418)
مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَأَطِلْ حَيَاتَهُ"، فَاللهُ أَكْثَرَ مَالِي حَتَّى إِنَّ كَرْماً لِي لَتَحْمِلُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنَ، وَوُلِدَ لِصُلْبِي مائَةٌ وَسِتَّةٌ1.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المعدَّل فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ, أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ وَمُحَمَّدٌ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ, أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ القُرَظِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَكِيْمٍ, أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ, حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ, حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ, أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَى أُمِّ سُلَيم، فَأَتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ، فَقَالَ: "أَعِيْدُوا تَمْرَكُم فِي وِعَائِكُم، وَسَمْنَكُم فِي سِقَائِكُم، فَإِنِّي صَائِمٌ"، ثُمَّ قَامَ فِي نَاحِيَةِ البَيْتِ فصلَّى بِنَا صَلاَةً غَيْرَ مَكْتُوبَةٍ، فَدَعَا لأُمِّ سُلَيْمٍ وَأَهْلِ بَيْتِهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! إِنَّ لِي خُوَيْصَّةً, قَالَ: "وَمَا هِيَ"؟ قَالَتْ: خَادِمُكَ أَنَسٌ. فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخِرَةٍ وَلاَ دُنْيَا إلَّا دَعَا لِي بِهِ، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ ارزُقْهُ مَالاً وَوَلَداً وَبَارِكْ لَهُ فِيْهِ" قَالَ: فَإِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ الأَنْصَارِ مَالاً, وَحَدَّثَتْنِي أُمَيْنَةُ ابْنَتِي: أَنَّهُ دُفِنَ مِنْ صُلْبِي إِلَى مَقْدَمِ الحَجَّاجِ البصرة تسعة وعشرون ومائة2.
الطَّيَالِسِيُّ, عَنْ أَبِي خَلْدَةَ, قُلْتُ لأَبِي العَالِيَةِ: سَمِعَ أَنَسٌ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ? قَالَ: خَدَمَهُ عَشْرَ سِنِيْنَ, وَدَعَا لَهُ، وَكَانَ لَهُ بُسْتَانٌ يَحْمِلُ فِي السَّنَةِ الفَاكِهَةَ مَرَّتَيْنِ، وَكَانَ فِيْهَا رَيْحَانٌ يَجِيْءُ مِنْهُ رِيحُ المِسْكِ.
أَبُو خَلْدَةَ: ثِقَةٌ.
عَنْ مُوْسَى بنِ أَنَسٍ, أنَّ أَنَساً غَزَا ثَمَانِ غَزَوَاتٍ.
وَقَالَ ثَابِتٌ البُنَانِيُّ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَشبَهَ بِصَلاَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنِ ابْنِ أُمِّ سُلَيْمٍ -يَعْنِي: أَنساً.
وَقَالَ أَنَسُ بنُ سِيْرِيْنَ: كَانَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ أَحسَنَ النَّاسِ صَلاَةً فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ.
وَرَوَى الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ ثُمَامَةَ قَالَ: كَانَ أَنَسٌ يُصَلِّي حَتَّى تَفَطَّرَ قَدَمَاهُ دَماً مِمَّا يُطِيلُ القِيَامَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
ثَابِتٌ البُنَانِيُّ قَالَ: جَاءَ قَيِّمُ أَرْضِ أَنَسٍ، فَقَالَ: عَطِشَتْ أَرَضُوكَ، فتردَّى أَنَسٌ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى البَرِّيَّةِ، ثُمَّ صَلَّى وَدَعَا، فَثَارَتْ سَحَابَةٌ، وغشيت أرضه، ومطرت حتى ملأت
__________
1 حسن: أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" "653"، وابن سعد "7/ 19" من طريق سنان بن ربيعة، عن أنس، به.
2 صحيح: أخرجه البخاري "198 2".(4/419)
صِهْرِيْجَهُ، وَذَلِكَ فِي الصَّيْفِ، فَأَرْسَلَ بَعْضَ أَهْلهِ فَقَالَ: انْظُرْ أَيْنَ بَلَغَتْ? فَإِذَا هِيَ لَمْ تعد أرضه إلَّا يسيرًا.
رَوَى نَحْوَهُ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ ثُمَامَةَ.
قُلْتُ: هَذِهِ كَرَامَةٌ بيِّنَة ثَبَتَتْ بِإِسْنَادَيْنِ.
قَالَ هَمَّامُ بنُ يَحْيَى: حَدَّثَنِي مَن صَحِبَ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا أَحرَمَ أَنَسٌ لَمْ أَقْدِرْ أَنْ أُكَلِّمَهُ حَتَّى حلَّ مِنْ شِدَّةِ إبقاءه عَلَى إِحْرَامِهِ.
ابْنُ عَوْنٍ, عَنْ مُوْسَى بنِ أَنَسٍ: أنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيْقَ بَعَثَ إِلَى أَنَسٍ ليوجِّهه عَلَى البَحْرَيْنِ سَاعِياً، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ، فَقَالَ: إِنِّيْ أَرَدْتُ أَنْ أَبْعَثَ هَذَا عَلَى البَحْرَيْنِ، وَهُوَ فَتَىً شَابٌّ. قَالَ: ابعَثْهُ, فَإِنَّهُ لَبِيبٌ كَاتِبٌ، فَبَعَثَه، فلمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ قَدِمَ أَنَسٌ عَلَى عُمَرَ، فَقَالَ: هَاتِ مَا جِئْتَ بِهِ, قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, البَيْعَةَ أَوَّلاً، فَبَسَطَ يَدَهُ.
حمَّاد بنُ سَلَمَةَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: استَعْمَلَنِي أَبُو بَكْرٍ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقَدِمْتُ وَقَدْ مَاتَ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَنَسُ! أَجِئْتَنَا بِظَهْرٍ? قُلْتُ: نَعَمْ, قَالَ: جِئْنَا بِهِ, وَالمَالُ لَكَ, قُلْتُ: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ, قَالَ: وَإِنْ كَانَ، فَهُوَ لَكَ، وَكَانَ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ.
رَوَى ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: صَحِبْتُ جَرِيرَ بنَ عَبْدِ اللهِ، فَكَانَ يَخْدُمُنِي، وَقَالَ: إِنِّيْ رَأَيْتُ الأَنْصَارَ يَصْنَعُوْنَ بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئاً لاَ أَرَى أَحَداً منهم إلَّا خدمته.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ لأَنَسٍ: "يَا ذَا الأُذُنَيْنِ" 1.
وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخُصُّهُ بِبَعْضِ العِلْمِ, فَنَقَلَ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ طَافَ عَلَى تِسْعِ نسوة في ضحوةٍ بغسل واحد2.
__________
1 جيد: أخرجه أبو داود "5002"، والترمذي "3828"، والطبراني "663" من طريق شريك، عن عاصم، عن أنس، به.
قلت: إسناده ضعيف شريك، هو ابن عبد الله النخعي القاضي، سيئ الحفظ، وأخرجه الطبراني "662" من طريق عبد الوارث بن عبد الصمد، عن حرب بن ميمون، عن النضرين أنس، عن أنس، به.
قلت: إسناده حسن، حرب بن ميمون، وعبد الوارث بن عبد الصمد، كلاهما صدوق -كما قال الحافظ في "التقريب".
والخلاصة: فإن الحديث يرتقي لمرتبة الجيد بمجموع الطريقين, والله أعلم.
2 صحح: أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ "268"، وَمُسْلِمٌ "309"، وَأَبُو دَاوُدَ "218"، وَالتِّرْمِذِيُّ "140"، وَالنَّسَائِيُّ "1/ 144"، وابن ماجه "588".(4/420)
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: كَتَبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بَعْد مَوْتِ يَزِيْدَ إِلَى أَنَسِ بنِ مَالِكٍ؛ فصلَّى بِالنَّاسِ بِالبَصْرَةِ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً، وَقَدْ شَهِدَ أَنَسٌ فَتْحَ تُسْتَرَ، فقدِمَ عَلَى عُمَرَ بِصَاحِبِهَا الهُرْمُزَانَ، فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ -رَحِمَهُ اللهُ.
قَالَ الأَعْمَشُ: كَتَبَ أَنَسٌ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ -يَعْنِي: لَمَّا آذَاهُ الحَجَّاجُ: إِنِّيْ خَدَمْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِسْعَ سِنِيْنَ، وَاللهِ لَوْ أنَّ النَّصَارَى أَدْرَكُوا رَجُلاً خَدَمَ نَبِيَّهُم لأَكْرَمُوْهُ.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ قَالَ: كُنْتُ بِالقَصْرِ وَالحَجَّاجُ يَعْرِضُ النَّاسَ لَيَالِيَ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَجَاءَ أَنَسٌ، فَقَالَ الحَجَّاجُ: يَا خَبِيثُ, جوَّال فِي الفِتَنِ؛ مَرَّةً مَعَ عَلِيٍّ، وَمَرَّةً مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَمَرَّةً مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ, أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأستأصلنَّك كَمَا تُسْتَأْصَلُ الصَّمْغَةُ، ولأجردنَّك كَمَا يُجَرَّدُ الضَّبُّ, قَالَ: يَقُوْلُ أَنَسٌ: مَنْ يَعْنِي الأَمِيْرُ? قَالَ: إِيَّاكَ أَعْنِي, أصمَّ اللهُ سَمْعَكَ, قَالَ: فَاسْتَرْجَعَ أَنَسٌ، وَشُغِلَ الحَجَّاجُ، فَخَرَجَ أَنَسٌ، فَتَبِعْنَاهُ إِلَى الرَّحْبَةِ، فَقَالَ: لَوْلاَ أَنِّي ذكرت ولدي, وخشيت عَلَيْهِم بَعْدِي؛ لَكَلَّمْتُهُ بِكَلاَمٍ لاَ يَسْتَحْيِينِي بَعْدَهُ أَبَداً1.
قَالَ سَلَمَةُ بنُ وَرْدَانَ: رَأَيتُ عَلَى أَنَسٍ عِمَامَةً سَوْدَاءَ قَدْ أَرْخَاهَا مِنْ خَلْفِهِ.
وَقَالَ أَبُو طَالُوْتَ عَبْدُ السَّلاَمِ: رَأَيتُ عَلَى أَنَسٍ عِمَامَةً.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ, نَهَى عُمَرُ أَنْ نَكْتُبَ فِي الخَوَاتِيمِ عَرَبِيّاً, وَكَانَ فِي خَاتَمِ أَنَسٍ ذِئْبٌ أَوْ ثَعْلَبٌ.
وَقَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ أَنَسٍ أَسَدٌ رَابِضٌ.
قَالَ ثُمَامَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ: كَانَ كَرْمٌ أنسٍ يَحْمِلُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ.
قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: سَمِعْتُ أَنساً يَقُوْلُ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ صَلَّى القِبْلَتَينِ غَيْرِي2.
قَالَ المُثَنَّى بنُ سَعِيْدٍ: سَمِعْتُ أَنَساً يَقُوْلُ: مَا مِنْ لَيْلَةٍ إلَّا وَأَنَا أَرَى فِيْهَا حَبِيبِي، ثُمَّ يَبْكِي.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ, عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، وقيل لَهُ: ألَا تُحَدِّثُنَا? قَالَ: يَا بُنَيَّ, إِنَّهُ من يُكْثِر يهجر.
هَمَّامٌ, عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّهُ نَقَشَ فِي خَاتَمِهِ: "مُحَمَّدٌ رَسُوْلُ الله"، فكان إذا دخل الخلاء نزعه.
__________
1 ضعيف: أخرجه الطبراني "704"، وفيه علي بن زيد، وهو ابن جدعان، وهو ضعيف.
2 صحيح: أخرجه البخاري "4489".(4/421)
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: رَأَيْتُ عَلَى أَنَسٍ مِطْرَفَ خَزٍّ، وَعِمَامَةَ خَزٍّ، وَجُبَّةَ خَزٍّ.
رَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ سَالِمٍ الأَشْعَرِيُّ، عَنْ أَزْهَرَ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنْتُ فِي الخَيْلِ الَّذِيْنَ بَيَّتُوا أَنَسَ بنَ مَالِكٍ، وَكَانَ فِيْمَنْ يُؤَلِّبُ عَلَى الحجَّاج، وَكَانَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَأَتَوْا بِهِ الحَجَّاجَ، فَوَسَمَ فِي يَدِهِ: عَتِيْقُ الحَجَّاجِ.
قَالَ الأَعْمَشُ: كَتَبَ أَنَسٌ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ: قَدْ خَدَمْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِسْعَ سِنِيْنَ، وَإِنَّ الحَجَّاج يعرِّض بِي حَوَكة البَصْرَةِ، فَقَالَ: يَا غُلاَمُ! اكْتُبْ إِلَى الحَجَّاج: وَيْلَكَ, قَدْ خَشِيتُ أَنْ لاَ يَصْلُحَ عَلَى يَدَيَّ أَحَدٌ، فَإِذَا جَاءكَ كِتَابِي فَقُمْ إِلَى أَنَسٍ حَتَّى تَعْتَذِرَ إِلَيْهِ، فلمَّا أَتَاهُ الكِتَابُ قَالَ لِلرَّسُوْلِ: أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ كَتَبَ بِمَا هُنَا? قَالَ: إِي وَاللهِ، وَمَا كَانَ فِي وَجْهِهِ أَشَدُّ مِنْ هَذَا, قَالَ: سَمْعاً وَطَاعَةً، وَأَرَادَ أَنْ يَنْهَضَ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَعْلَمْتُهُ، فَأَتَيْتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ فَقُلْتُ: ألَا تَرَى قَدْ خَافَكَ، وَأَرَادَ أَنْ يَجِيْءَ إِلَيْكَ، فَقُمْ إِلَيْهِ، فَأَقْبَلَ أَنَسٌ يَمْشِي حَتَّى دَنَا مِنْهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ غَضِبْتَ? قَالَ: نَعَمْ, تُعَرِّضُنِي بِحَوَكَةِ البَصْرَةِ? قَالَ: إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُكَ كَقْولِ الَّذِي قَالَ: "إِيَّاكِ أَعْنِي وَاسْمِعِي يَا جَارَةُ" أَرَدْتُ أَنْ لاَ يَكُوْنَ لأَحَدٍ عليّ منطق.
وَرَوَى عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: كَانَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ أَبْرَصَ، وَبِهِ وَضَحٌ شَدِيدٌ، وَرَأَيْتُهُ يَأْكُلُ فَيَلْقَمُ لُقَماً كِبَاراً.
قَالَ حُمَيْدٌ: عَنْ أَنَسٍ يَقُوْلُوْنَ: لاَ يَجْتَمِعُ حُبُّ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ فِي قَلْبٍ، وَقَدْ جَمَعَ اللهُ حُبَّهُمَا فِي قُلُوْبِنَا.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ عَنْ أُمِّهِ: أنَّها رَأَتْ أَنَساً مُتَخَلِّقاً بِخَلُوْقٍ، وَكَانَ بِهِ بَرَصٌ، فَسَمِعَنِي وَأَنَا أَقُوْلُ لأَهْلِهِ: لَهَذَا أَجْلَدُ مِنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، وَهُوَ أَسَنُّ مِنْ سَهْلٍ. فَقَالَ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعَا لِي.
قَالَ أَبُو اليَقْظَانِ: مَاتَ لأَنسٍ فِي طَاعُوْنِ الجَارِفِ1 ثَمَانُوْنَ ابْناً. وَقِيْلَ: سَبْعُوْنَ.
وَرَوَى مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ، عَنْ أَيُّوْبَ، قَالَ: ضَعفَ أَنَسٌ عَنِ الصَّوْمِ، فَصَنَعَ جَفْنَةً مِنْ ثَرِيْدٍ، وَدَعَا ثَلاَثِيْنَ مِسْكِيْناً فَأَطْعَمَهُم.
قُلْتُ: ثَبَتَ مَوْلِدُ أَنَسٍ قَبْلَ عَامِ الهِجْرَةِ بِعَشْرِ سنين.
__________
1 كان طاعون الجارف بالبصرة سنة 69هـ. قال المدائني: حدَّثني من أدرك ذلك قال: كان ثلاثة أيام، فمات فيها نحو مائتي ألف نفس. وقال غيره: مات في طاعون الجارف لأنس من أولاده وأولادهم سبعون نفسا.(4/422)
وَأَمَّا مَوْتُهُ: فَاخْتَلَفُوا فِيْهِ، فَرَوَى مَعْمَرٌ، عَنْ حُمَيْدٍ: أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ. وَكَذَا أَرَّخَهُ قَتَادَةُ، وَالهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَسَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ.
وَرَوَى مَعْنُ بنُ عِيْسَى، عَنِ ابنٍ لأَنَسِ بنِ مَالِكٍ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ. وَتَابَعَهُ الوَاقِدِيُّ. وَقَالَ عِدَّةٌ -وَهُوَ الأَصَحُّ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ. قَالَهُ ابْنُ عُلَيَّةَ، وَسَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ، وَالمَدَائِنِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَخَلِيْفَةُ، وَالفَلاَّسُ، وَقَعْنَبٌ.
فَيَكُوْنُ عُمُرُهُ عَلَى هَذَا: مائَةً وَثَلاَثَ سِنِيْنَ.
قَالَ الأَنْصَارِيُّ: اخْتُلِفَ عَلَيْنَا فِي سِنِّ أَنَسٍ، فَقَالَ بَعْضُهُم: بَلَغَ مائَةً وَثَلاَثَ سِنِيْنَ. وَقَالَ بَعَضُهُم: بَلغَ مائَةً وَسَبْعَ سِنِيْنَ.
"مُسْنَدُهُ" أَلْفَانِ وَمائَتَانِ وَسِتَّةٌ وَثَمَانُوْنَ. اتَّفَقَ لَهُ: البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى مائَةٍ وَثَمَانِيْنَ حَدِيْثاً, وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِثَمَانِيْنَ حَدِيْثاً، وَمُسْلِمٌ بِتِسْعِيْنَ.(4/423)
285- عمر بن أبي سلمة 1: "ع"
ابن عبد الأسد بن هِلاَلِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ مَخْزُوْمٍ، أَبُو حَفْصٍ القُرَشِيُّ، المَخْزُوْمِيُّ، المَدَنِيُّ، الحَبَشِيُّ المولد.
وُلِدَ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِسَنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَر، فَإِنَّ أَبَاهُ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ مِنَ الهِجْرَةِ، وخلَّف أَرْبَعَةَ أَوْلاَدٍ، هَذَا أَكْبَرُهُم، وَهُم: عُمَرُ، وَسَلَمَةُ، وَزَيْنَبُ، وَدُرَّةُ, ثُمَّ كَانَ عُمَرُ هُوَ الَّذِي زوَّج أُمَّهُ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ صَبِيٌّ.
ثمّ إِنَّهُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزَوَّجَ, وَقَدِ احْتَلَمَ وَكَبِرَ، فَسَأَلَ عَنِ القُبْلَةِ لِلصَّائِمِ2، فَبَطَلَ مَا نَقَلَهُ أَبُو عُمَرَ فِي "الاسْتِيعَابِ" مِنْ أَنَّ مَوْلِدَهُ بِأَرْضِ الحَبَشَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ, ثُمَّ إنه كان في سنة
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1480"، و"6/ ترجمة 1953"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 632"، تاريخ بغداد "1/ 164"، والاستيعاب "3/ 1159"، والكامل في التاريخ "3/ 204" و"4/ 525"، أسد الغابة "4/ 183"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 4297" الكاشف "2/ ترجمة 4128"، الإصابة "2/ ترجمة 5740"، تهذيب التهذيب "7/ ترجمة رقم 758"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5172".
2 صحيح: أخرجه مسلم "1108" من طريق عبد ربه بن سعيد، عن عبد الله بن كعب الحميري، عن عمر بن أبي سلمة, أنه سَأَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أيُقَبِّلُ الصائم؟ فقال لَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سل هذه" لأم سلمة, فأخبرته أنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصنع ذلك. فقال: يا رسول الله, قَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تقدَّم مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تأخَّر, فقال لَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أما والله إني لأتقاكم لله وأخشاكم له".(4/423)
اثْنَتَيْنِ أَبَوَاهُ -بَلْ وَسَنَةَ إِحْدَى- بِالمَدِيْنَةِ، وَشَهِدَ أَبُوْهُ بَدْراً، فأنَّى يَكُوْنُ مَوْلِدُهُ فِي الحَبَشَةِ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ؟ بَلْ وُلِدَ قَبْلَ ذَلِكَ بِكَثِيْرٍ.
وَقَدْ علَّمه النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إِذْ صَارَ رَبِيْبَهُ أَدَبَ الأَكْلِ، وَقَالَ: "يَا بُنَيَّ! ادْنُ، وَسَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِيْنِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيْكَ" 1. وَحَفِظَ ذَلِكَ وَغَيْرَهُ عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم.
وحدَّث أَيْضاً عَنْ أُمِّهِ.
رَوَى عَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ، وَوَهْبُ بنُ كَيْسَانَ، وَقُدَامَةُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ، وَأَبُو وَجْزَةَ يَزِيْدُ بنُ عُبَيْدٍ السَّعْدِيُّ، وَابْنُهُ؛ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، وَغَيْرُهُم.
وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَمَّهُ مِنَ الرَّضَاعِ.
وَرُوِيَ عَنِ: ابْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: عُمَرُ أَكْبَرُ مِنِّي بِسَنَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: طَلَبَ عَلِيٌّ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنْ تَسِيرَ مَعَهُ نَوْبَةَ الجَمَلِ، فَبَعَثَتْ مَعَهُ ابْنَهَا عُمَرَ, وَطَالَ عُمُرُهُ، وَصَارَ شَيْخَ بَنِي مَخْزُوْمٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ فِي خِلاَفَةِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ.
وَنَقَلَ ابْنُ الأَثِيْرِ أنَّ مَوْتَهُ كان في سنة ثلاث وثمانين.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "5376"، ومسلم "2022"، وأبو داود "3787"، والترمذي "1858"، وأحمد "4/ 26-27" من حديث عمر بن أبي سلمة قال: كنت غلامًا فِي حَجْرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فَقَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك" فما زالت تلك طعمتي بعد.(4/424)
286- سلمة بن أبي سلمة 1:
طَالَ عُمُرُهُ، وَمَا رَوَى كَلِمَةً, وَهُوَ الَّذِي زوَّج رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأُمِّهِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَجَزَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ عُمْرَةِ القَضِيَّةِ بِأَنْ زوَّجه ببنت عمه أمامة بِنْتِ حَمْزَةَ, الَّتِي اخْتَصَمَ فِي كَفَالَتِهَا عَلِيٌّ وَجَعْفَرٌ وَزَيْدُ بنُ حَارِثَةَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: لاَ نَعْلَمُهُ حَفِظَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئاً. وَتُوُفِّيَ بِالمَدِيْنَةِ فِي خِلاَفَةِ عَبْدِ المَلِكِ، وَكَانَ أَكْبَرَ مِنْ أَخِيْهِ عمر, هكذا يروي ابن سعد.
__________
1 ترجمته في أسد الغابة "2/ 429"، تاريخ الإسلام "3/ 156"، الإصابة "2/ ترجمة رقم 3382".(4/425)
287- بسر بن أرطاة 1: "د، ت، س"
الأَمِيْرُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ، العَامِرِيُّ، الصَّحَابِيُّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ.
لَهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيْثُ: "لاَ تقطع الأيدي في الغزو" 2. وحديث: "اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا" 3.
رَوَى عَنْهُ: جُنَادَةُ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ، وَأَيُّوْبُ بنُ مَيْسَرَةَ، وَأَبُو رَاشِدٍ الحُبْرَانِيُّ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلِهَذَا ثَمَانِ سِنِيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: صَحَابِيٌّ، شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ، وَلَهُ بِهَا دَارٌ وَحَمَّامٌ، وَلِيَ الحِجَازَ وَاليَمَنَ لِمُعَاوِيَةَ، فَفَعَلَ قَبَائِحَ، وَوُسْوِسَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ.
قُلْتُ: كَانَ فَارِساً شُجَاعاً فَاتِكاً, مِنْ أَفرَادِ الأَبْطَالِ، وَفِي صُحْبَتِهِ تَرَدُّدٌ.
قَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِيْنٍ: لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَقَدْ سَبَى مُسْلِمَاتٍ بِاليَمَنِ، فَأُقِمْنَ لِلْبَيْعِ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قَتَلَ قُثَمَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ ابْنَيْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ العَبَّاسِ صَغِيْرَيْنِ بِاليَمَنِ، فَتَوَلَّهَتْ أُمُّهُمَا عَلَيْهِمَا. وَقِيْلَ: قَتَلَ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ، وَهَدَمَ بُيُوْتَهُم بِالمَدِيْنَةِ. وَخَطَبَ فَصَاحَ: يَا دينار! يا رزيق! شيخ سمح عهدته ههنا بِالأَمْسِ مَا فَعَلَ؟ يَعْنِي عُثْمَانَ- لَوْلاَ عَهْدُ مُعَاوِيَةَ، مَا تَرَكْتُ بِهَا مُحْتَلِماً إِلاَّ قَتَلْتُهُ.
وَلَكِنْ كَانَ لَهُ نِكَايَةٌ فِي الرُّوْمِ، دَخَلَ وَحْدَهُ إِلَى كَنِيْسَتِهِم، فَقَتَلَ جَمَاعَةً, وجُرِحَ جِرَاحَاتٍ، ثُمَّ تَلاَحَقَ أَجْنَادُهُ فَأَدْرَكُوهُ وَهُوَ يَذُبّ عَنْ نَفْسِهِ بِسَيْفِهِ، فَقَتَلُوا مَنْ بَقِيَ، وَاحْتَمَلُوْهُ. وَفِي الآخرة جعل له في القراب سيف من خَشَبٍ لئلَّا يَبْطِشَ بِأَحَدٍ, وَبَقِيَ إِلَى حُدُوْدِ سنة سبعين -رحمه الله.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 409"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1912"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1678"، الاستيعاب "1/ 157-166"، أسد الغابة "1/ 179-180"، تهذيب التهذيب "1/ 435".
2 صحيح: أخرجه أبو داود "4408"، والترمذي "1450"، والنسائي "8/ 91"، والطبراني "1195"، وأحمد "4/ 181" من طريق عياش بن عباس القنباني، عن شييم بن بيتان، ويزيد بن صبح الاصبحي، عن جنادة بن أبي أمية، عن بسر بن أرطاة مرفوعًا بلفظ: "لا تقطع الأيدي في السفر". واللفظ لأبي داود.
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، ويزيد بن صبح الأصبحي عند أبي داود حسب.
3 حسن: أخرجه أحمد "4/ 181"، والطبراني في "الكبير" "1196"، وفي "الدعاء" له من طريق محمد ابن أيوب بن ميسرة بن حلبس قال: سمعت أبي يحدِّث عن بسر بن أرطاة القرشي يَقُوْلُ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- يدعو: "اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها, وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة".
قلت: إسناده حسن، محمد بن أيوب بن ميسرة وأبوه كلاهما صالح الحديث.(4/425)
288- النعمان بن بشير 1: "ع"
ابن سعد بن ثعلبة, الأَمِيْرُ العَالِمُ، صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَابْنُ صَاحِبِهِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ- الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، ابْنُ أُخْتِ عَبْدِ اللهِ بنِ رَوَاحَةَ.
"مُسْنَدُهُ" مائَةٌ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً, اتَّفَقَا لَهُ عَلَى خَمْسَةٍ، وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِحَدِيْثٍ، وَمُسْلِمٌ بِأَرْبَعَةٍ.
شَهِدَ أَبُوْهُ بَدْراً.
وَوُلِدَ النُّعْمَانُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ؛ وَسَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وعُدَّ مِنَ الصَّحَابَةِ الصِّبْيَانِ بِاتِّفَاقٍ.
حدَّث عَنْهُ: ابْنُه مُحَمَّدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَحُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، وَأَبُو سَلاَّمٍ مَمْطُوْرٌ، وَسِمَاكُ بنُ حَرْبٍ، وَسَالِمُ بنُ أَبِي الجعد، وأبو قلابة، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَمَوْلاَهُ؛ حَبِيْبُ بنُ سَالِمٍ، وعِدَّة.
وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ مُعَاوِيَةَ؛ فولَّاه الكُوْفَةَ مُدَّةً، ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ دِمَشْقَ بَعْدَ فَضَالَةَ، ثُمَّ وَلِيَ إِمْرَةَ حِمْصَ.
قَالَ البُخَارِيُّ: وُلِدَ عَامَ الهِجْرَةِ.
قِيْلَ: وَفَدَ أَعْشَى هَمْدَانَ عَلَى النُّعْمَانِ وَهُوَ أَمِيْرُ حِمْصَ، فَصَعِدَ المِنْبَر، فَقَالَ: يَا أَهْلَ حِمْصَ -وَهُم فِي الدِّيْوَانِ: عِشْرُوْنَ أَلْفاً! هَذَا ابْنُ عَمِّكُم مِنْ أَهْلِ العِرَاقِ وَالشَّرَفِ, جَاءَ يَسْتَرفِدُكُم، فَمَا تَرَوْنَ؟ قَالُوا: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ، احْتَكِمْ لَهُ, فَأَبَى عَلَيْهِم. قَالُوا: فَإِنَّا قَدْ حَكَمْنَا لَهُ عَلَى أَنْفُسِنَا بِدِيْنَارَيْنِ دِيْنَارَيْنِ. قَالَ: فعجَّلها مِنْ بَيْتِ المَالِ أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ.
قَالَ سِمَاكُ بنُ حَرْبٍ: كَانَ النُّعْمَانُ بنُ بَشِيْرٍ -وَاللهِ- مِنْ أَخْطَبِ مَنْ سَمِعْتُ.
قِيْلَ: إنَّ النُّعْمَانَ لَمَّا دَعَا أَهْلَ حِمْصَ إِلَى بَيْعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، ذَبَحُوهُ.
وَقِيْلَ: قُتِلَ بِقَرْيَةِ بِيْرِيْنَ، قَتَلَهُ خَالِدُ بنُ خَلِيٍّ بَعْدَ وَقْعَةِ مَرْجِ رَاهِطٍ، فِي آخِرِ سَنَةِ أربع وستن -رضي الله عنه.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 53"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2223"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 2033"، الاستيعاب "4/ 1496"، أسد الغابة "5/ 326"، الكاشف "3/ ترجمة 5947"، تجريد أسماء الصحابة "2/ ترجمة 1216"، تهذيب التهذيب "10/ ترجمة 816"، الإصابة "3/ ترجمة 8728"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 8725".(4/426)
289- الوليد بن عقبة 1:
ابن أبي معيط بن أبي عمرو بنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَبْدِ مناف، الأَمِيْرُ؛ أَبُو وَهْبٍ الأُمَوِيُّ.
لَهُ صُحْبَةٌ قَلِيْلَةٌ، وَرِوَايَةٌ يَسِيْرَةٌ.
وَهُوَ أَخُو أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عُثْمَانَ لأُمِّهِ، مِنْ مُسْلِمَةِ الفَتْحِ؛ بَعَثَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي المصطلق، وأمر بذبح والده صبرًا يوم بَدْرٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُوْسَى الهَمْدَانِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ.
وَوَلِيَ الكُوْفَةَ لِعُثْمَانَ، وَجَاهَدَ بِالشَّامِ، ثُمَّ اعْتَزَلَ بِالجَزِيْرَةِ بَعْدَ قَتْلِ أَخِيْهِ عُثْمَانَ، وَلَمْ يُحَارِبْ مَعَ أَحَدٍ مِنَ الفَرِيْقَيْنِ, وَكَانَ سَخِيّاً، مُمَدَّحاً، شَاعِراً، وَكَانَ يَشْرَبُ الخَمْرَ، وَقَدْ بَعَثَهُ عُمَرُ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي تَغْلِبَ. وَقَبْرُهُ بِقُرْبِ الرَّقَّةِ.
قَالَ عَلْقَمَةُ: كُنَّا بِالرُّوْمِ وَعَلَيْنَا الوَلِيْدُ، فَشَرِبَ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَحُدَّهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ بنُ اليَمَانِ: أَتَحُدُّونَ أَمِيْرَكُم، وَقَدْ دَنَوْتُم مِنْ عَدُوِّكُم، فَيَطْمَعُوْنَ فِيْكُم؟ وَقَالَ هُوَ:
لأشربنَّ وَإِنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً ... وأشربنَّ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ مَنْ رَغِمَا
وَقَالَ حُضَيْنُ بنُ المُنْذِرِ: صَلَّى الوَلِيْدُ بِالنَّاسِ الفَجْرَ أَرْبَعاً وَهُوَ سَكْرَانُ، ثُمَّ التَفَتَ وَقَالَ: أَزِيْدُكُم؟ فبلغ عثمان، فطلبه وحدَّه2.
وَهَذَا مِمَّا نَقَمُوا عَلَى عُثْمَانَ أَنْ عَزَلَ سَعْدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ الكُوْفَةِ، وَوَلَّى هَذَا.
وَكَانَ مَعَ فِسْقِهِ -وَاللهُ يُسَامِحُهُ- شُجَاعاً قائمًا بأمر الجهاد.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 24" و"7/ 476"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2483", الجرح والتعديل "9/ ترجمة 31"، الاستيعاب "4/ 1552"، أسد الغابة "5/ 451"، الكاشف "3/ ترجمة 6188"، تجريد أسماء الصحابة "2/ ترجمة 1478"، الإصابة "3/ ترجمة رقم 9147"، تهذيب التهذيب "11/ ترجمة 240"، شذرات الذهب "1/ 35-36".
2 صحيح: أخرجه مسلم "1707" "38".(4/427)
رَوَى ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قال: قَالَ الوَلِيْدُ بنُ عُقْبَةَ لِعَلِيٍّ: أَنَا أحَدّ مِنْكَ سِنَاناً، وَأَبْسَطُ لِسَاناً، وَأَمْلأُ لِلْكَتِيبَةِ. فَقَالَ عَلِيٌّ: اسْكُتْ، فَإِنَّمَا أَنْتَ فَاسِقٌ. فَنَزَلَتْ: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا} [السَّجْدَةُ: 18] .
قُلْتُ: إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ، لَكِنَّ سِيَاقَ الآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا فِي أَهْلِ النَّارِ.
وَقِيْلَ: بَلْ كَانَ السِّبَابُ بَيْنَ عَلِيٍّ وَبَيْنَ عُقْبَةَ نَفْسِهِ. قَالَهُ: ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَلَهُ أَخْبَارٌ طَوِيْلَة فِي "تَارِيْخِ دِمَشْقَ"، وَلَمْ يَذْكُرْ وَفَاتَهُ.
وَرَوَى جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَاصِمٍ, أنَّ الوَلِيْدَ أرسل إلى ابْنِ مَسْعُوْدٍ: أَنِ اسْكُتْ عَنْ هَؤُلاَءِ الكَلِمَاتِ: أَحْسَنُ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وشَرّ الأُمُوْرِ مُحْدَثَاتُهَا.(4/428)
290- عتبة بن عبد 1: "د، ق"
السلمي، أبو الوليد, صَاحِبُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, نَزَلَ الشَّامَ بِحِمْصَ.
وَلَهُ جَمَاعَةُ أَحَادِيْثَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ يَحْيَى, وَخَالِدُ بنُ مَعْدَانَ، وَرَاشِدُ بنُ سَعْدٍ، وَلُقْمَانُ بنُ عَامِرٍ، وَعَامِرُ بنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نَاسِحٍ الحَضْرَمِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ ضَمْضَمِ بنِ زُرْعَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: قَالَ عُتْبَةُ بنُ عَبْدِ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا رَأَى الاسْمَ لاَ يُحِبُّهُ حَوَّلَهُ، لَقَدْ أَتَيْنَاهُ وَإِنَّا لَتِسْعَةٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، أَكْبَرُنَا العِرْبَاضُ بنُ سَارِيَةَ، فَبَايَعْنَاهُ جَمِيْعاً.
وَعَنْ عُتْبَةَ بنِ عَبْدٍ، قَالَ: كَانَ اسْمِي عَتَلَةَ، فسمَّاني النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عُتْبَةَ، وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: عَاشَ عُتْبَةُ بنُ عَبْدٍ أَرْبَعاً وتسعين سنة.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وثمانين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 413"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3186", الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2050"، الاستيعاب "3/ 1031"، أسد الغابة "3/ 563"، الكاشف "2/ ترجمة 3721"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 3964"، الإصابة "2/ ترجمة رقم 5407"، تهذيب التهذيب "7/ 98"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4701".(4/428)
فأما:
291- عتبة بن الندر السلمي 1: "ق"
الصَّحَابِيُّ، الشَّامِيُّ، فَآخَرُ.
لَهُ حَدِيْثَانِ.
يَرْوِي عَنْهُ: خَالِدُ بنُ مَعْدَانَ، وَعُلَيُّ بنُ رَبَاحٍ. ذَكَرَهُ فِي الصَّحَابَةِ البَغَوِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
لَمْ يَجِئْ حَدِيْثُهُ إِلاَّ مِنْ طَرِيقِ سُوَيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ يَنْزِلُ دِمَشْقَ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 413"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3187"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2067"، الاستيعاب "3/ 1031"، أسد الغابة "3/ 570"، الكاشف "2/ ترجمة رقم 2726"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 3972"، الإصابة "2/ ترجمة 5415"، تهذيب التهذيب "7/ ترجمة 220"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4708".(4/429)
292- عمرو بن حريث 1: "ع"
ابن عمرو بن عثمان بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ مَخْزُوْمٍ المخزومي، أخو سَعِيْدِ بنِ حُرَيْثٍ.
كَانَ عَمْرٌو مِنْ بَقَايَا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الَّذِيْنَ كَانُوا نَزَلُوا الكُوْفَةَ.
مَوْلِدُهُ قُبَيْلَ الهِجْرَةِ.
لَهُ صُحْبَةٌ، وَرِوَايَةٌ. وَرَوَى أَيْضاً عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ جَعْفَرٌ، وَالحَسَنُ العُرني، وَالمُغِيْرَةُ بنُ سُبَيْعٍ، وَالوَلِيْدُ بنُ سَرِيْعٍ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَآخَرُوْنَ. وَآخِرُ مَنْ رَآهُ رُؤْيَةً: خَلَفُ بنُ خَلِيْفَةَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وثمانين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 23"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2479"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 254"، الاستيعاب "3/ 1172"، أسد الغابة "4/ 213"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 4366"، الكاشف "2/ ترجمة 4206"، تاريخ الإسلام "3/ 289"، الإصابة "2/ ترجمة 5808"، تهذيب التهذيب "8/ ترجمة رقم 26"، خلاصة تهذيب الكمال للخزرجي "2/ ترجمة 5274"، شذرات الذهب "1/ 95".(4/429)
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ الهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الطُّرَيْثِيْثِيُّ، أَخْبَرَنَا المُسَيَّبُ بنُ مَنْصُوْرٍ الدِّيْنَوَرِيُّ بِآمُلَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ خَالِدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ؛ حدَّثنا شَرِيْكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بنَ حُرَيْثٍ يَقُوْلُ: كُنْتُ فِي بَطْنِ المَرْأَةِ يَوْمَ بَدْرٍ.
وَرَوَى فِطْرُ بنُ خَلِيْفَةَ، عَنْ أَبِيْهِ؛ سمع مولاه عمرو بن حريث يقول: انْطُلِقَ بِي إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا غُلاَمٌ؛ فَدَعَا لِي بِالبَرَكَةِ، وَمَسَحَ رَأْسِي، وَخَطَّ لِي دَاراً بِالمَدِيْنَةِ بِقَوْسٍ، ثُمَّ قَالَ: "أَلاَ أَزِيْدُكَ؟ "1.
وَرَوَى مَعْبَدُ بنُ خَالِدٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ، قَالَ: أَمَرَنِي عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنْ أؤمَّ النِّسَاءَ فِي رَمَضَانَ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: ثُمَّ وَلِيَ الكُوْفَةَ لِزِيَادِ ابْنِ أَبِيْهِ، وَلابْنِهِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ: عَمْرُو بنُ حُرَيْثٍ، وَحَصَّلَ مَالاً عَظِيماً وَأَوْلاَداً، مِنْهُم: عَبْدُ اللهِ، وَجَعْفَرٌ، وَيَحْيَى، وَخَالِدٌ، وَأُمُّ الوَلِيْدِ، وَأُمُّ عَبْدِ اللهِ، وَأُمُّ سَلَمَةَ، وَسَعِيْدٌ، وَمُغِيْرَةُ، وَعُثْمَانُ، وَحُرَيْثٌ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: قُبِضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلِعَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً.
وَشَهِدَ أَخُوْهُ سَعِيْدُ بن حريث فتح مكة وهو حدث.
__________
1 منكر: أخرجه أبو داود "2060"، وفيه خليفة المخزومي، والد فطر، ليِّن الحديث. والخبر منكر -كما قال الذهبي في "الميزان".(4/430)
293- العِرْبَاضُ بنُ سَارِيَةَ السُّلَمِيُّ 1: "4"
مِنْ أَعْيَانِ أَهْلِ الصُّفة، سكن حمص، وروى أحاديث.
رَوَى عَنْهُ: جُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ، وَأَبُو رُهْمٍ السَّمَعِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَمْرٍو السُّلَمِيُّ، وَحَبِيْبُ بنُ عُبَيْدٍ، وحُجْر بنُ حُجْر، وَيَحْيَى بنُ أَبِي المُطَاعِ، وَعَمْرُو بنُ الأَسْوَدِ، وَالمُهَاصِرُ بنُ حَبِيْبٍ، وَعِدَّةٌ.
أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ": حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ثَوْرٌ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ معدان، حدثني
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 276" و"7/ 412"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة رقم 381"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 208"، الاستيعاب "3/ 1238"، أسد الغابة "4/ 19"، الكاشف "2/ ترجمة 3821"، تاريخ الإسلام "3/ 192"، تهذيب التهذيب "7/ ترجمة 340"، الإصابة "2/ ترجمة 5501"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5642" شذرات الذهب "1/ 82".(4/430)
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَمْرٍو السُّلَمِيُّ، وحُجْر بنُ حُجْر، قَالاَ: أَتَينَا العِرْبَاضَ بنَ سَارِيَةَ، وَهُوَ مِمَّنْ نَزَلَ فِيْهِ: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} [التَّوْبَةُ: 92] ، فسلَّمنا وَقُلْنَا: أَتَيْنَا زَائِرِيْنَ وَعَائِدِيْنَ وَمُقْتَبِسِيْنَ. فَقَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الصُّبْحَ ذَاتَ يَوْمٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُوْنُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوْبُ. فَقِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، كأنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مودَّع، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ قَالَ: "أُوْصِيْكُم بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْداً حَبَشِيّاً، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُم بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاَفاً كَثِيْراً، فَعَلَيْكُم بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِيْنَ المَهْدِيِّيْنَ تمسَّكوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُوْرِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ" 1.
رَوَاهُ ابْنُ المَدِيْنِيِّ، عَنِ الوَلِيْدِ، وَزَادَ: قَالَ الوَلِيْدُ: فَذَكَرْتُهُ لعبد الله بن زَبْرٍ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي بِهِ يَحْيَى بنُ أَبِي المُطَاعِ، أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنَ العِرْبَاضِ. وَرَوَاهُ بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيْرِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَحْدَهُ.
ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ أَبِي أَيُّوْبَ، عَنْ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عُرْوَةَ بنِ رُوَيْمٍ، عَنِ العِرْبَاضِ بنِ سَارِيَةَ -وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُقْبَضَ, فَكَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ كَبِرَتْ سِنِّي، وَوَهَنَ عَظْمِي، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ. قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا يَوْماً فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ أُصَلِّي وَأَدْعُو أَنْ أُقْبَضَ؛ إِذْ أَنَا بِفَتَىً مِنْ أَجْمَلِ الرِّجَالِ، وَعَلَيْهِ دُوَّاجٌ أَخْضَرُ، فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي تَدْعُو بِهِ؟ قُلْتُ: كَيْفَ أَدْعُو يَا ابْنَ أَخِي؟ قَالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ حسِّن العَمَلَ وَبَلِّغِ الأَجَلَ. فَقُلْتُ: وَمَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللهُ؟ قَالَ: أَنَا رُتْبَابِيْلُ الَّذِي يَسُلُّ الحُزْنَ مِنْ صُدُورِ المُؤْمِنِيْنَ. ثُمَّ الْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ أَحَداً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: كُنْيَةُ العِرْبَاضِ: أَبُو نَجِيْحٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ: مَنْزِلُهُ بِحِمْصَ عِنْد قَنَاةِ الحَبَشَةِ، وَهُوَ وَعَمْرُو بنُ عَبَسَةَ, كُلٌّ مِنْهُمَا يَقُوْلُ: أَنَا رُبُعُ الإِسْلاَمِ، لاَ يُدْرَى أَيُّهُمَا أَسْلَمَ قَبْلَ صَاحِبِهِ.
قُلْتُ: لَمْ يَصِحَّ أَنَّ العِرْبَاضَ قَالَ ذَلِكَ.
فَرَوَى إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ ضَمْضَمِ بنِ زُرْعَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: قَالَ عتبة ابن عَبْدٍ: أَتَيْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سبعة من بني سلمي، أَكْبَرُنَا العِرْبَاضُ بنُ سَارِيَةَ، فَبَايَعْنَاهُ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ اللهِ، عن حبيب بن عبيد، عَنِ العِرْبَاضِ، قَالَ: لَوْلاَ أَنْ يُقَالُ: فَعَلَ أَبُو نَجِيْحٍ؛ لأَلْحَقْتُ مَالِي سُبْلةً، ثُمَّ لَحِقْتُ وَادِياً مِنْ أَوْدِيَةِ لُبْنَانَ، عَبَدْتُ اللهَ حَتَّى أَمُوْتَ.
شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الفَيْضِ؛ سَمِعَ أَبَا حَفْصٍ الحِمْصِيَّ يَقُوْلُ: أَعْطَى مُعَاوِيَةُ المِقْدَادَ حِمَاراً مِنَ المَغْنَمِ، فَقَالَ لَهُ العِرْبَاضُ بنُ سَارِيَةَ: مَا كَانَ لَكَ أَنْ تَأْخُذَهُ، وَلاَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَكَ، كَأَنِّي بِكَ فِي النَّارِ تَحْمِلُهُ, فرَدَّه.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ، وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ العِرْبَاضُ سنة خمس وسبعين.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 126-127"، وأبو داود "4607"، والآجري في "الشريعة" "ص46"، وابن أبي عاصم "32" و"57" من طريق الوليد بن مسلم، حدثنا ثور بن يزيد، به.
وأخرجه الترمذي "2676"، والطحاوي في "مشكل الآثار" "2/ 69"، وابن أبي عاصم "54", والدارمي "1/ 44"، والآجري "47" من طرق عن ثور بن يزيد، به ولم يذكروا حُجْر بن حُجْر.(4/431)
294- سهل بن سعد 1: "ع"
ابن سعد بن مالك بن خَالِدِ بنِ ثَعْلَبَةَ، الإِمَامُ، الفَاضِلُ، المعمَّر، بَقِيَّةُ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم, أَبُو العَبَّاسِ الخَزْرَجِيُّ، الأَنْصَارِيُّ، السَّاعِدِيُّ.
وَكَانَ أَبُوْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ الَّذِيْنَ تُوُفُّوا فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
كَانَ سَهْلٌ يَقُوْلُ: شَهِدْتُ المُتَلاَعِنَيْنِ عِنْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً2. رَوَى سَهْلٌ عِدَّةَ أَحَادِيْثَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبَّاسٌ، وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بنِ أَبِي ذُبَابٍ، وَابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ مَيْمُوْنٍ الحَضْرَمِيُّ، وَغَيْرُهُم.
وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ بِالمَدِيْنَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ المائَةِ.
عَبْدُ المُهَيْمِنِ بنُ عَبَّاسِ بنِ سَهْلٍ, عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: كَانَ اسْمُ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ حَزْناً، فغيِّره النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3.
وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ: تَزَوَّجَ سَهْلُ بنُ سَعْدٍ خَمْسَ عَشْرَةَ امْرَأَةً. وَيُرْوَى أَنَّه حَضَرَ مَرَّةً وَلِيْمَةً، فَكَانَ فِيْهَا تِسْعٌ مِنْ مُطَلَّقَاتِهِ، فلمَّا خَرَجَ وَقَفْنَ لَهُ وَقُلْنَ: كَيْفَ أنت يا أبا العباس؟
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2092"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 853", الاستيعاب "2/ 664"، أسد الغابة "2/ 472"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2558"، الكاشف "1/ ترجمة 2192"، تاريخ الإسلام "4/ 11"، الإصابة "2/ ترجمة 3533"، تهذيب التهذيب "4/ ترجمة 430"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2795"، شذرات الذهب "1/ 63 و99".
2 صحيح: أخرجه البخاري "6854"، ومسلم "1492".
3 ضعيف: أخرجه الطبراني في "الكبير" "5705"، وفيه عبد المهيمن بن عباس بن سهل، وهو ضعيف.(4/432)
قُلْتُ: بَعْضُ النَّاسِ أَسْقَطَ مِنْ نَسَبِهِ "سَعْداً" الثَّانِي, وَبَعْضُهُم كنَّاه أَبَا يَحْيَى.
ذَكَرَ عَدَدٌ كَبِيْرٌ وَفَاتَهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَتِلْمِيذُهُ البُخَارِيُّ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ.
قَرَأْتُ عَلَى يَحْيَى بنِ أَحْمَدَ بِالثَّغْرِ، وَمُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ القُرَشِيِّ بِمِصْرَ، أَخْبَرَكُمَا مُحَمَّدُ بنُ عِمَادٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ القَاضِي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ المَالِكِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَدِيْنِيُّ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ سَمِعَهُ يَقُوْلُ: اطَّلع رَجُلٌ مِنْ جُحْر فِي حُجْرَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَمَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِدْرَى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ، فَقَالَ: "لَوْ أَعْلَمُ أنك تنظرني لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ، إِنَّمَا جُعِلَ الاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ النظر". متَّفق عليه1.
__________
1 صحيح أخرجه البخاري "6241"، ومسلم "2156".(4/433)
295- مسلمة بن مخلد 1: "د"
ابن الصامت الأنصاري الخَزْرَجِيُّ، الأَمِيْرُ، نَائِبُ مِصْرَ لِمُعَاوِيَةَ, يكنَّى: أَبَا مَعْنٍ, وَقِيْلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو سَعِيْدٍ. وَقِيْلَ: أَبُو مُعَاوِيَةَ.
لَهُ صُحْبَةٌ، وَلاَ صُحْبَةَ لأَبِيْهِ.
قَالَ عُلَيُّ بنُ رَبَاحٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ مَقْدَمَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المَدِيْنَةَ، وَقُبِضَ وَلِي عَشْرُ سِنِيْنَ.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيُّ -وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ, وَأَبُو قَبِيْلٍ، وَابْنُ سِيْرِيْنَ، وَهِشَامُ بنُ أَبِي رُقَيَّةَ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ مُعَاوِيَةَ نَوْبَةَ صِفِّيْنَ، ثُمَّ وَلِيَ له وليزيد إمرة مصر.
ورى ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ رَجُلٍ ضَرِيرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قال: خرج أبو أيوب إلى عقبة بن عَامِرٍ بِمِصْرَ، لِيَسْأَلَهُ عَنْ حَدِيْثٍ، فَالْتَقَاهُ مَسْلَمَةُ وعانقه.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 504"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1682"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1212"، الاستيعاب "3/ 1397"، الكاشف "3/ ترجمة 5543"، تجريد أسماء الصحابة "2/ ترجمة 856"، الإصابة "3/ ترجمة 7989"، تهذيب التهذيب "10/ ترجمة 282"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7009"، شذرات الذهب "1/ 170".(4/433)
قَالَ الوَاقِدِيُّ وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلِمَسْلَمَةَ بنِ مُخَلَّدٍ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَقَالَ البُخَارِيُّ, وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَابْنُ يُوْنُسَ: لَهُ صُحْبَةٌ.
وشذَّ أَبُو حَاتِمٍ، فَقَالَ: لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ.
وَوَرَدَ أنَّ عُمَرَ بَعَثَ مَسْلَمَةَ عَامِلاً عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي فِزَارَةَ.
قَالَ اللَّيْثُ: عُزِلَ عُقْبَةُ بنُ عَامِرٍ عَنْ مِصْرَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ، فَوَلِيَهَا مَسْلَمَةُ حَتَّى مَاتَ زَمَنَ يَزِيْدَ.
وقال مجاهد: صليت خلف مسملة بن مخلد، فقرأسورة البقرة، فما ترك واوًا ولا ألفًا.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ، فِي ذِي القَعْدَةِ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ.(4/434)
296- عبد الله بن سرجس 1: "م، 4"
المزنيّ الصَّحَابِيُّ، المعمَّر، نَزِيْلُ البَصْرَةِ، مِنْ حُلفَاءِ بَنِي مَخْزُوْمٍ. صحَّ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَغْفَرَ لَهُ2.
وَقَدْ رَوَى أَيْضاً عَنْ عُمَرَ.
حدَّث عَنْهُ: عُثْمَانُ بنُ حَكِيْمٍ، وَقَتَادَةُ بنُ دِعَامَةَ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ. أظنَّ أَنَّ أَيُّوْبَ السَّخْتِيَانِيَّ أَدْرَكَهُ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ: لاَ يَخْتَلِفُوْنَ فِي ذِكْرِهِ فِي الصَّحَابَةِ عَلَى قَاعِدَتِهِم فِي السَّمَاعِ وَاللِّقَاءِ, فَأَمَّا قَوْلُ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ: إِنِّ عَبْدَ اللهِ بنَ سَرْجِسَ رَأَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يَكُنْ لَهُ صُحْبَةٌ؛ فَإِنَّهُ أَرَادَ الصُّحْبَةَ الَّتِي يَذْهَبُ إِلَيْهَا سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ وغيره من طول المصاحبة، والله أعلم.
مَاتَ ابْنُ سَرْجِسَ فِي دَوْلَةِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ، سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ، بِالبَصْرَةِ.
رِوَايتُهُ في الكتب سوى "صحيح البخاري".
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "8/ 58"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 27 و282"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 289"، الاستيعاب "3/ 916"، أسد الغابة "3/ 256"، تحريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 3311"، الكاشف "2/ ترجمة 2773"، الإصابة "2/ ترجمة 4705"، تهذيب التهذيب "5/ ترجمة 400"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3523".
2 صحيح: أخرجه مسلم "2346" من طريق عاصم، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ سَرْجِسَ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَأَكَلتُ مَعَهُ خُبْزاً ولحما -أو قال: ثريدا- قال: فقلت له: أستغفر لك النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نِعْمَ. ولك, ثم تلا هذه الآية {اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19] .(4/434)
297- المقدام بن معد يكرب 1: "خ، 4"
ابن عمرو بن يزيد, أَبُو كَرِيْمَةَ. وَقِيْلَ: أَبُو يَزِيْدَ. وَقِيْلَ: أَبُو صَالِحٍ. وَيُقَالُ: أَبُو بِشْرٍ. وَيُقَالُ: أَبُو يَحْيَى، نَزِيْلُ حِمْصَ، صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رَوَى عِدَّةَ أَحَادِيْثَ.
حدَّث عَنْهُ: جبير بن نفير، الشعبي، وَخَالِدُ بنُ مَعْدَانَ، وَشُرَيْحُ بنُ عُبَيْدٍ، وَأَبُو عَامِرٍ الهَوْزَنِيُّ، وَالحَسَنُ وَيَحْيَى ابْنَا جَابِرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي عَوْفٍ، وَسُلَيْمُ بنُ عَامِرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، وَابْنُهُ؛ يَحْيَى بنُ المِقْدَامِ، وَحَفِيدُهُ؛ صَالِحُ بنُ يَحْيَى، وَآخَرُوْنَ.
أَبُو مسهر وغيره, عن زيد بنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الكَلاَعِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ المِقْدَامَ فِي المَسْجَدِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا يَزِيْدَ! إنَّ النَّاسَ يَزْعُمُوْنَ أَنَّكَ لَمْ تَرَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! وَاللهِ لَقَدْ رَأَيتُهُ وَأَنَا أَمْشِي مَعَ عمِّي, فَأَخَذَ بِأُذُنِي هَذِهِ، وَقَالَ لِعَمِّي: "أترى هذا"؟. يذكره أباه وأمه.
مُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ الأَبْرَشُ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ سُلَيْمٍ، عَنْ صَالِحِ بنِ يَحْيَى، عَنْ جَدِّهِ [المِقْدَامِ] ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفْلَحْتَ يَا قُدَيْمُ، إِنْ مُتَّ وَلَمْ تَكُنْ أَمِيْراً وَلاَ جَابِياً وَلاَ عَرِيْفاً"2.
قَالَ جَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ. زَادَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ: وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ سَنَةً. وَقِيْلَ: قَبْرُهُ بِحِمْصَ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ التَّمِيْمِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ -رضي الله عنه.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 415"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1882"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1393"، الاستيعاب "4/ 1482"، الكاشف "3/ ترجمة 5716" تجريد أسماء الصحابة "2/ ترجمة 1035"، تاريخ الإسلام "3/ 306"، الإصابة "3/ ترجمة رقم 8184"، تهذيب التهذيب "10/ترجمة 505"، خلاصة تهذيب الكمال "3/ ترجمة 7186".
2 ضعيف: أخرجه أحمد "4/ 133"، وفي إسناده صالح بن يحيى بن المقدام، قال البخاري: فيه نظر. وقال موسى بن هارون: لا يعرف.(4/435)
298- عبد الله بن أبي أوفى 1: "ع"
علقمة بن خالد بن الحارث الفَقِيْهُ، المُعَمَّرُ، صَاحِبُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, أَبُو مُعَاوِيَةَ, وَقِيْلَ: أَبُو مُحَمَّدٍ. وَقِيْلَ: أَبُو إِبْرَاهِيْمَ, الأَسْلَمِيُّ، الكُوْفِيُّ.
مِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ، وَخَاتِمَةُ مَنْ مَاتَ بِالكُوْفَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ, وكان أبوه صحابيًّا أيضًا.
وَلَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ.
رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُسْلِمٍ الهَجَرِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّكْسَكِيُّ، وإسماعيل ابن أَبِي خَالِدٍ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَطَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ، وَعَمْرُو بنُ مُرَّةَ، وَأَبُو يَعْفُوْرٍ وَقْدَانُ، وَمَجْزَأَةُ بنُ زَاهِرٍ، وَغَيْرُهُم.
وَقِيْلَ: لَمْ يُشَافِهْهُ الأَعْمَشُ مَعَ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فِي البَلَدِ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى، كَانَ الأَعْمَشُ رَجُلاً لَهُ بِضْعٌ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً.
وَقَدْ فَازَ عَبْدُ اللهِ بِالدَّعْوَةِ النَّبَوِيَّةِ؛ حَيْثُ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِزَكَاةِ وَالِدِهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ صلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى" 2.
وَقَدْ كُفَّ بَصَرُهُ مِنَ الكِبَرِ.
شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ- قَالَ: نَهَانَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ النَّبِيْذِ فِي الجَرِّ الأَخْضَرِ2.
شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- إذا أتى
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 301" و"6/ 21"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 40"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 552"، الاستيعاب "3/ 870"، أسد الغابة "3/ 182"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2159"، الكاشف "2/ ترجمة 2661"، الإصابة "2/ ترجمة 4555"، تهذيب التهذيب "5/ ترجمة 260"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3394".
2 صحيح: أخرجه عبد الرزاق "6957"، والطيالسي "819"، وأحمد "4/ 353 و355 و381 و388"، والبخاري "1497"، و"4166" و"6322" و"6359"، ومسلم "1078"، وأبو داود "1590"، والنسائي "5/ 31"، وأبو نعيم "5/ 96"، والبيهقي "2/ 152" و"157" من طريق عن شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوفى قَالَ: كان النبي إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صل على آل فلان. فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آل أبي أوفى".
3 صحيح: أخرجه البخاري "5596"، والنسائي "8/ 304"، وأحمد "4/ 353 و356 و380".(4/436)
بِصَدَقَةٍ، قَالَ: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِم" , فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَةِ قَوْمِهِ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى" 1.
وَفِي رِوَايَةٍ: فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِنَا.
شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي يَعْفُوْرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعَ غَزَوَاتٍ نَأْكُلُ الجَرَادَ2.
المُحَارِبِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ بِذِرَاعِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى ضَرْبَةً، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الضَّرْبَةُ؟ قَالَ: ضُرِبْتُهَا يَوْمَ حُنَيْنٍ.
تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ, وَقِيْلَ: بَلْ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ، وَقَدْ قارب مائة سنة -رضي الله عنه.
__________
1 صحيح: راجع تخريجنا قبل السابق رقم "767".
2 صحيح: أخرجه البخاري "5495"، ومسلم "1952"، وأبو داود "3812"، والترمذي "1822" و"1823"، والنسائي "7/ 210".(4/437)
299- عبد الله بن بسر 1: "ع"
ابن أبي بسر، الصَّحَابِيُّ، المُعَمَّرُ، بَرَكَةُ الشَّامِ، أَبُو صَفْوَانَ المَازِنِيُّ، نزيل حمص.
لَهُ أَحَادِيْثُ قَلِيلَةٌ، وَصُحْبَةٌ يَسِيْرَةٌ، وَلأَخَوَيْهِ عَطِيَّةَ وَالصَّمَّاءِ وَلأَبِيهِم صُحْبَةٌ.
حدَّث عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اليَحْصُبِيُّ، وَرَاشِدُ بنُ سَعْدٍ، وَخَالِدُ بنُ مَعْدَانَ، وَأَبُو الزَّاهِرِيَّةِ، وَسُلَيْمُ بنُ عَامِرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، وحسَّان بنُ نُوْحٍ، وَصَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو، وَحَرِيْزُ بنُ عُثْمَانَ الحِمْصِيُّوْنَ.
وَقَدْ غَزَا جَزِيْرَةَ قُبْرُسَ مَعَ مُعَاوِيَةَ فِي دَوْلَةِ عُثْمَانَ.
قَالَ البَغَوِيُّ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ، حَدَّثَنَا مَيْسَرَةُ، حَدَّثَنَا حَرِيْزُ بنُ عُثْمَانَ، قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ بُسْرٍ وَثِيَابُهُ مشمرة، وداؤه فَوْقَ القَمِيْصِ، وَشَعْرُهُ مَفْرُوْقٌ يُغَطِّي أُذُنَيْهِ، وَشَارِبُهُ مَقْصُوْصٌ مَعَ الشَّفَةِ، كُنَّا نَقِفُ عَلَيْهِ وَنَتَعَجَّبُ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 413"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 25"، والجرح والتعديل "5/ ترجمة 54"، الاستيعاب "3/ 874"، أسد الغابة "3/ 125"، الكاشف "2/ ترجمة 2669"، الإصابة "2/ ترجمة 4564"، تهذيب التهذيب "5/ ترجمة 271", خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3403".(4/437)
قَالَ صَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو: رَأَيْتُ فِي جَبْهَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ بُسْرٍ أَثَرَ السُّجُودِ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ, عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ بُسْرٍ: أنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ: "يَعِيْشُ هَذَا الغُلاَمُ قَرْناً". قَالَ: فَعَاشَ مائَةَ سَنَةٍ, سَمِعَهُ: شُرَيْحُ بنُ يَزِيْدَ الحَضْرَمِيُّ مِنْهُ.
عِصَامُ بنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ أَيُّوْبَ الحَضْرَمِيُّ، قَالَ: أَرَانِي عَبْدُ اللهِ بنُ بُسْرٍ شَامَةً فِي قَرْنِهِ، فَوَضَعتُ أُصْبُعِي عَلَيْهَا، فَقَالَ: وَضَعَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُصْبُعَهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: "لتبلغنَّ قَرْناً".
رَوَاهُ أحمد في "المسند".
جُنَادَةُ بنُ مَرْوَانَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ الحِمْصِيُّ، سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بنَ بُسْرٍ، قَالَ: أَكَلَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَنَا حَيْساً، وَدَعَا لَنَا، ثُمَّ الْتَفَتَ إليَّ وَأَنَا غُلاَمٌ، فَمَسَحَ عَلَى رَأْسِي، ثُمَّ قَالَ: "يَعِيْشُ هَذَا الغُلاَمُ قَرْناً" فَعَاشَ مائَةً.
رَوَى نَحْوَهُ: سَلَمَةُ بنُ حَوَّاسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ: أَنَّهُ كَانَ مَعَ ابْنِ بُسْرٍ فِي قَرْيتِهِ، وَزَادَ فِيْهِ: فَقَلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! كَمِ القَرْنُ؟ قَالَ: "مائَةُ سَنَةٍ".
وَفِي "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ": لِحَرِيْزِ بنِ عُثْمَانَ، أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللهِ بنَ بُسْرٍ: أَكَانَ النَّبِيُّ شَيْخاً؟ قَالَ: كَانَ فِي عَنْفَقَتِهِ شَعَرَاتٌ بِيْضٌ1.
قَالَ يَحْيَى بنُ صَالِحٍ الوُحَاظِيُّ: حَدَّثَتْنَا أُمُّ هَاشِمٍ الطَّائِيَةُ، قَالَتْ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ بُسْرٍ يَتَوَضَّأُ، فَخَرَجَتْ نَفْسُهُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنَ الصَّحَابَةِ بِالشَّامِ. قَالَ: وَلَهُ أَرْبَعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً, وَكَذَا أرَّخه فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ جَمَاعَةٌ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: مَاتَ قبل سنة مائة.
وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ سَعِيْدٍ الحَافِظُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ.
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ رَبِّهِ الجُرْجِسِيُّ: تُوُفِّيَ فِي إِمْرَةِ سُلَيْمَانَ بنِ عبد الملك.
حديثه في الكتب الستة.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3546".(4/438)
300- أَبُو عِنَبَة الخَوْلاني 1: "ق"
الصَّحَابِيُّ، المُعَمَّرُ. شَهِدَ اليَرْمُوْكَ، وَصَاحَبَ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ، وَسَكَنَ حِمْصَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الزَّاهِرِيَّةِ حُدَيْرُ بنُ كُرَيْبٍ، وبكر بن زرعة، وطلب بنُ سُمَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
رَوَيْنَا فِي "سُنَنِ ابْنِ مَاجَه": حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عمَّار، حَدَّثَنَا الجَرَّاحُ بنُ مَلِيْحٍ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بنُ زُرْعَةَ, سَمِعْتُ أَبَا عِنَبَةَ الخَوْلاَنِيَّ -وَكَانَ مِمَّنْ صلَّى القِبْلَتَيْنِ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَكَلَ الدَّمَ فِي الجَاهِلِيَّةِ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "لاَ يَزَالُ اللهُ يَغْرِسُ في هذا الدين غرسًا يستعملهم بطاعته".
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: قَالَ أَهْلُ حِمْصَ: هُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِيْنَ، وَأَنْكَرُوا أَنْ تَكُوْنَ لَهُ صُحْبَةٌ.
قُلْتُ: هَذَا يُحْمَلُ عَلَى إِنْكَارِهِمُ الصُّحْبَةَ التامَّة لاَ الصُّحْبَةَ العامَّة.
أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ": حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عِنَبَةَ -قَالَ سُرَيْجٌ: وَلَهُ صُحْبَةٌ, إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْراً عَسَلَهُ". قِيْلَ: وَمَا عَسَلَهُ؟ قَالَ: "يَفْتَحُ لَهُ عَمَلاً صَالِحاً، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ" 2.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: لَهُ صُحْبَةٌ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: أَسْلَمَ وَرَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَيٌّ، وَصَحِبَ مُعَاذاً، أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ حَيْوَةُ، عَنْ بَقِيَّةَ، عَنِ ابْنِ زياد.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ.
وَرَوَى إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيْلَ بنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: قَدْ رَأَيْتُ أَبَا عِنَبَةَ وَكَانَ هُوَ وَأَبُو فَالِجٍ الأَنْمَارِيُّ قَدْ أَكَلاَ الدَّمَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَلَمْ يَصْحَبَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 436"، التاريخ الكبير في الكنَى ترجمة "537"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 2046"، أسد الغابة "6/ 233"، الإصابة "4/ ترجمة 820", وتهذيب التهذيب "12/ ترجمة 876".
2 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 224"، والبزار "2155"، والحاكم "1/ 340" من طريق زيد بن الحباب قال: حدثنا معاوية بن صالح، قال: أخبرني عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أبيه، عن عمرو بن الحمق الخزاعي، به مرفوعًا.(4/439)
301- محمد بن حاطب 1: "ت، س، ق"
ابن الحارث بن مَعْمَرِ بنِ حَبِيْبٍ الجُمَحِيُّ.
مَوْلِدُهُ بِالحَبَشَةِ، هُوَ وَأَخُوْهُ الحَارِثُ، فَتُوُفِّيَ أَبُوْهُمَا هُنَاكَ, وَجَدُّهُم حَبِيْبٌ مِنْ كِبَارِ قُرَيْشٍ، وَهُوَ ابْنِ وَهْبِ بنِ حُذَافَةَ بنِ جُمَح بنِ عَمْرِو بنِ هُصَيْصِ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيِّ بنِ غَالِبٍ.
وَأُمُّهُ مِنَ المُهَاجِرَاتِ، وَهِيَ أُمُّ جَمِيْلٍ بِنْتُ المُجَلّلِ.
وَلَهُ صُحْبَةٌ، وَحَدِيثٌ فِي الدفِّ فِي العُرْسِ. ويروي عن عليٍّ أيضًا.
رَوَى عَنْهُ: بَنُوْهُ؛ الحَارِثُ، وَعُمَرُ، وَإِبْرَاهِيْمُ، وَلُقْمَانُ، وَحَفِيدُهُ؛ عُثْمَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الجُمَحِيُّ، وَسِمَاكُ بنُ حَرْبٍ، وَسَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، الزُّهْرِيُّ، وَأَبُو بَلْجٍ يَحْيَى بنُ سُلَيْمٍ.
وَهُوَ أَخُو عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ.
وَقِيْلَ: هُوَ أَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ مُحَمَّداً فِي الإِسْلاَمِ.
فأمَّا مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ الأَنْصَارِيُّ فسمِّي مُحَمَّداً قَبْلِ المَبْعَثِ.
ويكنَّى مُحَمَّدُ بنُ حَاطِبٍ أَبَا إِبرَاهِيْمَ.
زَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ, عَنْ سِمَاكِ بنِ حَرْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حَاطِبٍ، قَالَ: تَنَاوَلْتُ قِدْراً فَاحْتَرَقَتْ يَدِي، فَانْطَلَقَتْ بِي أُمِّي إِلَى رَجُلٍ جَالِسٍ، فَقَالَتْ لَهُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! وَأَدْنَتْنِي مِنْهُ، فَجَعَلَ يَنْفُثُ وَيَتَكَلَّمُ بِكَلاَمٍ لاَ أَدْرِي مَا هُوَ، فَسَأَلْتُ أُمِّي بَعْدَ ذَلِكَ: مَا كَانَ يَقُوْلُ؟ قَالَتْ: كَانَ يَقُوْلُ: "أَذْهِبِ البَاسَ -رَبَّ النَّاسِ- وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شَافِيَ إِلاَّ أَنْتَ" 2.
سَمِعَهُ مِنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ العَبْدِيُّ, وَتَابَعَهُ: شَرِيْكٌ، وَشُعْبَةُ، ومسعر. رواه النسائي.
مات محمد بن خاطب سنة أربع وسبعين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 17"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1243"، أسد الغابة "5/ 85"، الاستيعاب، "3/ 1368"، الكاشف "3/ ترجمة 4855"، تجريد أسماء الصحابة "2/ 614"، تهذيب التهذيب "9/ ترجمة 143"، الإصابة "3/ ترجمة 7765", خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6130".
2 حسن: أخرجه أحمد "3/ 418" و"4/ 259"، والطبراني "19/ 536 و537 و539 و540" و"24/ 903" من طريق سماك بن حرب، به.(4/440)
302- السائب بن يزيد 1: "ع"
ابن سعيد بن ثمامة، أَبُو عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو يَزِيْدَ الكِنْدِيُّ، المَدَنِيُّ، ابْنُ أُخْتِ نَمِرٍ، وَذَلِكَ شَيْءٌ عُرِفُوا بِهِ.
وَكَانَ جَدُّهُ سَعِيْدُ بنُ ثُمَامَةَ حَلِيفَ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ.
قَالَ السَّائِبُ: حجَّ بِي أَبِي مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِيْنَ2.
قُلْتُ: لَهُ نَصِيْبٌ مِنْ صُحْبَةٍ وَرِوَايَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ قَارِظٍ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَالجُعَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنُهُ؛ عَبْدُ اللهِ بنُ السَّائِبِ، وَعُمَرُ بنُ عَطَاءِ بنِ أَبِي الخُوَارِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ السِّنْدِيُّ: عَنْ يُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ، عَنِ السَّائِبِ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَتَلَ عَبْدَ اللهِ بنَ خَطَلٍ يَوْمَ الفتح، أخرجه من تحت الأستار، فَضَرَبَ عُنُقَهُ بَيْنَ زَمْزَمَ وَالمَقَامِ، ثُمَّ قَالَ: "لاَ يُقْتَلُ قُرَشِيٌّ بَعْدَ هَذَا صَبْراً".
عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا عَطَاءٌ مَوْلَى السَّائِبِ، قَالَ: كَانَ السَّائِبُ رَأْسُهُ أَسْوَدُ مِنْ هَامَتِهِ إِلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ، وَسَائِرُ رَأْسِهِ -مُؤَخَّرُهُ, وَعَارِضَاهُ وَلِحْيَتُهُ أَبْيَضُ. فَقُلْتُ لَهُ: مَا رَأَيتُ أَعْجَبَ شَعْراً منك! فقال لي: أَوَتدري مِمَّا ذَاكَ يَا بُنِيَّ؟ إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ بِي وَأَنَا أَلْعَبُ، فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي، وَقَالَ: "بَارَكَ اللهُ فِيْكَ"، فَهُوَ لاَ يَشِيْبُ أَبَداً. يَعْنِي: مَوْضِعَ كَفِّهِ.
يُوْنُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: مَا اتَّخَذَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَاضِياً، وَلاَ أَبُو بَكْرٍ، وَلاَ عُمَرُ، حَتَّى قَالَ عُمَرُ لِلسَّائِبِ ابْنِ أُخْتِ نَمِرٍ: لَوْ روَّحت عنِّي بَعْضَ الأَمْرِ, حتَّى كَانَ عُثْمَانُ.
قَالَ عَبْدُ الأَعْلَى الفَرْوِيُّ: رَأَيْتُ عَلَى السَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ مِطْرَفَ خَزٍّ، وَجُبَّةَ خَزٍّ، وَعِمَامَةَ خَزٍّ.
يُرْوى عَنِ الجُعَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَفَاةُ السَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سنة إحدى وتسعين. وَشَذَّ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ ثمانين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2286"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1031"، الاستيعاب "2/ 576"، أسد الغابة "2/ 257"، الكاشف "1/ ترجمة 1813"، تهذيب التهذيب "3/ ترجمة 839"، الإصابة "2/ ترجمة 3077"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2353".
2 صحيح: أخرجه البخاري "1858"، والترمذي "925"، وأحمد "3/ 449".(4/441)
303- جبير بن الحويرث 1:
ابن نَقِيْدِ بنِ بُجَير بنِ عَبْدِ بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَبٍ القُرَشِيُّ. وَقِيْلَ فِي نَسَبِهِ هَكَذَا، لَكِنْ بِحَذْفِ بُجَيْرٍ.
صَحَابِيٌّ صَغِيْرٌ، لَهُ رُؤْيَةٌ بلا رواية, وحدَّث عن أبي بكر، عمر.
حدَّث عَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَعِيْدِ بنِ يَرْبُوْعٍ.
رَوَى لَهُ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، فوَهِمَ، وَقَالَ: عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَرْبُوْعٍ، عَنْ جُبَيْرِ بنِ الحُوَيْرِثِ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَاقِفاً عَلَى قَزحٍ ... ، فَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: كَانَ الحُوَيْرِثُ أَبُوْهُ مِمَّنْ أَهْدَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَمَهُ يَوْمَ الفَتْحِ.
وَعَنْ جُبَيْرٍ: أَنَّهُ شَهِدَ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ، فَسَمِعَ أبا سفيان يحرِّضهم على الجهاد.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 2115"، أسد الغاية "1/ 321"، الإصابة "1/ ترجمة 1089".(4/442)
304- قُثَم بن العباس 1: "ص"
ابن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي. ابْنُ عَمِّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَأَخُو الفَضْلِ وَعَبْدِ اللهِ وَعُبَيْدِ اللهِ وَكَثِيْرٍ.
وَأُمُّهُ هِيَ أُمُّ الفَضْلِ, لُبَابَةُ بِنْتُ الحَارِثِ الهِلاَلِيَّةُ، وَكَانَتْ ثَانِيَةَ امْرَأَةٍ أَسْلَمَتْ، أَسْلَمَتْ بَعْدَ خَدِيْجَةَ. قَالَهُ الكَلْبِيُّ.
لِقُثَمَ صُحْبَةٌ، وَقَدْ أَرْدَفَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَلْفَهُ.
وَكَانَ أخا الحسين بن علي من الرضاعة.
وَكَانَ يُشَبَّهُ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَهُوَ قَلِيْلُ الرِّوَايَةِ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ آخِرَ مَنْ خَرَجَ مِنْ لَحْدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُثَمُ.
وَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ، اسْتَعْمَلَ قُثَمَ عَلَى مَكَّةَ، فَمَا زَالَ عَلَيْهَا حَتَّى قُتِلَ عَلِيٌّ. قَالَهُ: خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ.
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: اسْتَعْمَلَهُ عَلِيٌّ عَلَى المَدِيْنَةِ, وَقِيْلَ: إِنَّهُ لَمْ يُعْقِبْ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: غَزَا قُثَمُ خُرَاسَانَ وَعَلَيْهَا سَعِيْدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ، فَقَالَ لَهُ: أَضْرِبُ لَكَ بِأَلْفِ سَهْمٍ؟ فَقَالَ: لاَ، بَلْ خَمِّسْ، ثُمَّ أَعْطِ النَّاسَ حُقُوقَهُم؛ ثُمَّ أَعْطِنِي بَعْدُ مَا شِئْتَ. وَكَانَ قُثَمُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- سَيِّداً وَرِعاً فَاضِلاً.
قَالَ الزُّبَيْرُ: سَارَ قُثَمُ أَيَّامَ مُعَاوِيَةَ مَعَ سَعِيْدِ بنِ عُثْمَانَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ، فاستُشْهِدَ بِهَا.
قُلْتُ: لاَ شَيْءَ لَهُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ فِي "تَارِيْخِ نَيْسَابُوْرَ"، فَقَالَ: كَانَ شَبِيْهَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَآخِرَ النَّاسِ بِهِ عَهْداً, وَحَدِيثُ أُمِّ الفَضْلِ نَاطِقٌ بِذَلِكَ بِأَسَانِيْدَ كَثِيْرَةٍ.
قَالَ: فأمَّا وَفَاةُ قُثَمَ وَمَوْضِعُ قَبْرِهِ فمختَلَف فِيْهِ, فَقِيْلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ بِسَمَرْقَنْدَ، وَبِهَا قَبْرُهُ, وَقِيْلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ بِمَرْوَ. قَالَ الحَاكِمُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ قَبْرَهُ بِسَمَرْقَنْدَ.
قَالَ: وَسَعِيْدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ, أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأُمَوِيُّ غَزَا خُرَاسَانَ، فَوَرَدَ نَيْسَابُوْرَ فِي عَسْكَرٍ؛ مِنْهُم جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا إِلَى مَرْوَ، وَمِنْهَا إِلَى جَيْحُوْنَ، وَفَتَحَ بُخَارَى وَسَمَرْقَنْدَ.
سَمِعَ أَبَاهُ وَطَلْحَةَ.
رَوَى عَنْهُ: هَانِئُ بنُ هَانِئٍ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ حَزْمٍ.
أَخُوْهُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ سيأتي فيما بعد، إن شاء الله.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 863"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 805"، أسد الغابة "4/ 392"، تجريد أسماء الصحابة "2/ 129"، تهذيب التهذيب "8/ 641"، الإصابة "3/ ترجمة 7081"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5909".(4/443)
أخوهما:
305- معبد بن عباس 1:
مِنْ صِغَارِ وَلَد العَبَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أُمِّ الفَضْلِ.
لَهُ أَوْلاَدٌ؛ عَبْدُ اللهِ، وَعَبَّاسٌ، وَمَيْمُوْنَةُ.
وَأُمُّهُم: أُمُّ جَمِيْلٍ عَامِرِيَّةٌ, وَلَهُ بَقِيَّةٌ وَذُرِّيَّةٌ كثيرة.
__________
1 ترجمته في أسد الغابة "5/ 220"، الإصابة "3/ ترجمة 8328".(4/443)
كثير بن العباس، وتمام ابن العباس، والفضل بن العباس
أخوهم:
306- كثير بن العباس 1:
أُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ. تَابِعِيٌّ، يَرْوِي عَنْ أَبِيْهِ، وَغَيْرِهِ.
وَكَانَ فَقِيْهاً جَلِيْلاً صَالِحاً ثِقَةً. لَهُ عَقِبٌ. قَالَهُ: ابْنُ سَعْدٍ.
أَخُوْهُم:
307- تَمَّام بنُ العباس 2:
مِنْ أُمِّ وَلَدٍ، وَهُوَ شَقِيْقُ كَثِيْرٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ تَمَّام مِنْ أَشَدِّ أَهْلِ زَمَانِهِ بَطْشاً.
وَلَهُ أَوْلاَدٌ، وَأَوْلاَدُ أَوْلاَدٍ، فَانْقَرَضُوا، وَآخِرُهُم: يَحْيَى بنُ جَعْفَرِ بنِ تَمَّام، مَاتَ زَمَن المَنْصُوْرِ، وَوَرِثَهُ أَعْمَامُ المَنْصُوْرِ، فَأَطْلَقُوا المِيْرَاثَ كله لعبد الصمد بن عليّ.
أخوهم:
308- الفضل بن العباس 3:
وأخوهم عبد الله مَرَّ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 905"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 856"، أسد الغابة "4/ 460"، الكاشف "3/ ترجمة 4707"، تجريد أسماء الصحابة "2/ 300"، الإصابة "3/ ترجمة 7480"، تهذيب التهذيب "8/ ترجمة 750"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5934".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2044"، أسد الغابة "1/ 253"، الإصابة "1/ ترجمة 857".
3 هو الفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي، أبو عبد الله, ويقال: أبو محمد، ويقال: أبو العباس المدني، ابْنِ عَمِّ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمه: أم الفضل لبابة الكبرى بنت الحارث بن الحزن الهلالية، وكان شقيق عبد الله بن عباس. أردفه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وراءه في حجة الوداع، وحضر غسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم. قال عباس الدوردي عن يحيى بن معين: قتل يوم اليرموك في عهد أبي بكر -رضي الله عنهما.
وقال أبو داود: قتل بدمشق. كان عليه درع النبي -صلى الله عليه وسلم.
وقال الواقدي: مات بالشام في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة.
ترجمته في طبقات ابن سعد "4/ 54" و"7/ 399"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 502"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 363"، أسد الغابة "4/ 366"، الكاشف "2/ ترجمة 4537"، تهذيب التهذيب "8/ ترجمة 512", الإصابة "3/ ترجمة 7003"، خلاصة الخزرجي "2 ترجمة 5716".(4/444)
309- سعيد بن العاص 1: "م، س"
ابْنِ أَبِي أُحَيْحَةَ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ بنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيٍّ، وَالِدُ عَمْرِو بنِ سَعِيْدٍ الأَشْدَقِ، وَوَالِدُ يَحْيَى, القُرَشِيُّ الأُمَوِيُّ المَدَنِيُّ الأَمِيْرُ، قُتِلَ أَبُوْهُ يَوْم بَدْرٍ مُشْرِكاً، وَخلَّفَ سَعِيْداً طِفْلاً.
قال أبو حاتم: له صحبة.
قال: لَمْ يَرْوِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَرَوَى عَنْ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَهُوَ مُقِلّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنَاهُ، وَعُرْوَةُ، وَسَالِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ.
وَكَانَ أَمِيْراً شَرِيْفاً جَوَاداً مُمَدَّحاً، حَلِيماً، وَقُوراً، ذَا حَزْمٍ وَعَقْلٍ، يَصْلُحُ لِلْخِلاَفَةِ.
وَلِيَ إِمْرَةَ المَدِيْنَةِ غَيْرَ مَرَّةٍ لِمُعَاوِيَةَ, وَقَدْ وَلِي إمرة الكُوْفَةِ لِعُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ, وَقَدِ اعْتَزَلَ الفِتْنَةَ فَأَحْسَنَ، وَلَمْ يُقَاتِلْ مَعَ مُعَاوِيَةَ. وَلَمَّا صَفَا الأَمْرُ لِمُعَاوِيَةَ وَفَدَ سَعِيْدٌ إِلَيْهِ فَاحْتَرَمَهُ، وَأَجَازَهُ بِمَالٍ جَزِيْلٍ.
وَلَمَّا كَانَ عَلَى الكُوْفَةِ غَزَا طَبَرِسْتَانَ فَافْتَتَحَهَا. وَفِيْهِ يَقُوْلُ الفَرَزْدَقُ:
تَرَى الغُرَّ الجَحَاجِحَ2 مِنْ قُرَيْشٍ ... إِذَا مَا الأَمْرُ ذُو الحَدَثَانِ عَالاَ3
قِيَاماً يَنْظُرُوْنَ إِلَى سَعِيْدٍ ... كَأَنَّهُمُ يرون به هلالًا
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلِسَعِيْدٍ تِسْعُ سِنِيْنَ أَوْ نَحْوُهَا, وَلَمْ يَزَلْ فِي صَحَابَةِ عُثْمَانَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ، فولَّاه الكُوْفَةَ لَمَّا عَزَلَ عَنْهَا الوَلِيْدَ بنَ عُقْبَةَ، فقَدِمَها وَهُوَ شَابٌّ مُتْرَفٌ، فأضرَّ بِأَهْلِهَا، فَوَلِيَهَا خَمْسَ سِنِيْنَ إِلاَّ أَشْهُراً, ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ أَهْلُهَا وَطَرَدُوْهُ، وأمَّروا عَلَيْهِم أَبَا مُوْسَى، فَأَبَى، وجدَّد البَيْعَةَ فِي أَعْنَاقِهِم لِعُثْمَانَ، فولَّاه عثمان عليهم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 30"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1672"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 204"، الاستيعاب "2/ 621"، أسد الغابة "2/ 309"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2324"، تهذيب التهذيب "4/ ترجمة 78"، الإصابة "2/ ترجمة 3268"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2482".
2 الجحاجح: جمع جحجاح وهو السيد الكريم السمح.
3 الحدثان: ما يحدث من مصائب الدهر, وعالا: أي أثقل وأفدح.(4/445)
وَكَانَ سَعِيْدُ بنُ العَاصِ يَوْمَ الدَّارِ مَعَ المُقَاتِلَةِ عَنْ عُثْمَانَ. وَلَمَّا سَارَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، فَنَزَلُوا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ قَامَ سَعِيْدٌ خَطِيباً، وَقَالَ: أمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ عُثْمَانَ عَاشَ حَمِيداً، وَذَهَبَ فَقِيداً شَهِيداً، وَقَدْ زَعَمْتُم أَنَّكُم خَرَجْتُم تَطْلُبُوْنَ بِدَمِهِ، فَإِنْ كُنْتُم تُرِيْدُوْنَ ذَا، فَإِنَّ قَتَلَتَهُ عَلَى هَذِهِ المَطِيِّ، فَمِيْلُوا عَلَيْهِم. فَقَالَ مَرْوَانُ: لاَ، بَلْ نَضْرِبُ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ. فَقَالَ المُغِيْرَةُ: الرَّأْيُ مَا رَأَى سَعِيْدٌ. وَمَضَى إِلَى الطَّائِفِ، وانعزل سعيد بن بِمَنِ اتَّبَعَهُ بِمَكَّةَ، حَتَّى مَضَتِ الجَمَلُ وَصِفِّيْنُ.
قَالَ قَبِيْصَةُ بنُ جَابِرٍ: سَأَلُوا مُعَاوِيَةَ: مَنْ تَرَى لِلأَمْرِ بَعْدَكَ؟ قَالَ: أمَّا كَرِيْمَةُ قُرَيْشٍ فَسَعِيْدُ بنُ العَاصِ ... , وَذَكَرَ جَمَاعَةً.
ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ عِيَاضٍ، عَنْ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ، قَالَ: خَطَبَ سَعِيْدُ بنُ العَاصِ أمَّ كُلْثُوْمٍ بِنْتَ عَلِيٍّ بَعْدَ عُمَرَ، وَبَعَثَ إِلَيْهَا بِمائَةِ أَلْفٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَخُوْهَا الحُسَيْنُ، وَقَالَ: لاَ تَزَوَّجِيْهِ. فَقَالَ الحَسَنُ: أَنَا أُزَوِّجُهُ, واتَّعدوا لِذَلِكَ، فَحَضَرُوا. فَقَالَ سَعِيْدٌ: وَأَيْنَ أَبُو عَبْدِ اللهِ؟ فَقَالَ الحَسَنُ: سَأَكْفِيكَ. قَالَ: فلعلَّ أبا عبد الله كَرِهَ هَذَا, قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: لاَ أَدْخُلُ فِي شَيْءٍ يَكْرَهُهُ. وَرَجَعَ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنَ المَالِ شَيْئاً.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الدِّمَشْقِيُّ: إنَّ عَرَبِيَّةَ القُرْآنِ أُقِيمَتْ عَلَى لِسَانِ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ؛ لأَنَّهُ كَانَ أَشْبَهَهُم لَهْجَةً بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَعَنِ الوَاقِدِيِّ: أَنَّ سَعِيْداً أُصِيْبَ بِمَأْمُوْمَةٍ1 يَوْمَ الدَّارِ، فَكَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ غُشِيَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ هُشَيْمٌ: قَدِمَ الزُّبَيْرُ الكُوْفَةَ وَعَلَيْهَا سَعِيْدُ بنُ العَاصِ، فَبَعَثَ إِلَى الزُّبَيْرِ بِسَبْعِ مائَةِ أَلْفٍ، فَقَبِلَهَا.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ العَاصِ يَخِفُّ بَعْضَ الخِفَّةِ مِنَ المَأْمُوْمَةِ الَّتِي أَصَابَتْهُ، وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَوْفَرِ الرِّجَالِ وَأَحْلَمِهِ.
ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: كَانَ مَرْوَانُ يَسُبُّ عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فِي الجُمَعِ، فَعُزِلَ بِسَعِيْدِ بنِ العَاصِ، فَكَانَ لاَ يَسُبُّهُ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ العَاصِ إِذَا قَصَدَهُ سَائِلٌ وَلَيْسَ عِنْدَهُ شَيْءٌ، قَالَ: اكْتُبْ عَلَيَّ سِجِلاًّ بمسألتك الميسرة.
__________
1 مأمومة: أي شجّة بلغت أم الرأس.(4/446)
وَذَكَرَ عَبْدُ الأَعْلَى بنُ حمَّاد: أنَّ سَعِيْدَ بنَ العَاصِ اسْتَسْقَى مِنْ بَيْتٍ فَسَقَوْهُ، وَاتَّفَقَ أَنَّ صَاحِبَ المَنْزِلِ أَرَادَ بَيْعَهُ لدَيْن عَلَيْهِ، فَأَدَّى عَنْهُ أَرْبعَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ. وَقِيْلَ: إِنَّهُ أَطْعَمَ النَّاسَ فِي قَحْطٍ حَتَّى نَفِدَ مَا في بيت المال، وادَّان, فعزله معاوية.
وَقِيْلَ: مَاتَ وَعَلَيْهِ ثَمَانُوْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ.
وَعَنْ سَعِيْدٍ، قَالَ: القُلُوْبُ تَتَغَيَّرُ، فَلاَ يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ يَكُوْنَ مَادِحاً اليَوْمَ ذَامّاً غَداً.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: تُوُفِّيَ سَعِيْدُ بنُ العَاصِ بِقَصْرِهِ بِالعَرصَةِ، عَلَى ثَلاَثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ المَدِيْنَةِ، وحُمِلَ إِلَى البَقِيْعِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ. كَذَا أرَّخه خَلِيْفَةُ، وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ مُسَدَّدٌ: مَاتَ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ سَنَةَ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ. وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ: سَنَةَ ثَمَانٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّ عَمْرَو بنَ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ الأَشْدَقَ سَارَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيْهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَبَاعَهُ مَنْزِلَهُ وَبُسْتَانَهُ الَّذِي بِالعَرصَةِ بِثَلاَثِ مائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ. وَيُقَالُ: بِأَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ. قَالَهُ الزُّبَيْرُ. وَفِي ذَلِكَ المَكَانِ يَقُوْلُ عَمْرُو بنُ الوَلِيْدِ بنِ عُقْبَةَ:
القَصْرُ ذُو النَّخْلِ وَالجُمَّارُ1 فَوْقَهُمَا ... أَشْهَى إِلَى النَّفْسِ مِنْ أَبْوَابِ جَيْرُوْنَ
وَقَدْ كَانَ سَعِيْدُ بنُ العَاصِ أَحَدَ مَنْ نَدَبَه عثمان لكتابة المصحف؛ لِفَصَاحَتِهِ، وَشَبَهِ لَهْجَتِهِ بِلَهْجَةِ الرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
فأمَّا ابنه:
__________
1 الجمار: شحم النخل. مفرده. جمارة.(4/447)
310- عمرو الأشدق 1:
فَمِنْ سَادَةِ بَنِي أُمَيَّةَ, اسْتَخْلَفَهُ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ عَلَى دِمَشْقَ لَمَّا سَارَ لِيَمْلِكَ العِرَاقَ، فتوثَّب عَمْرٌو عَلَى دِمَشْقَ، وَبَايَعُوْهُ. فلمَّا تَوَطَّدَتِ العِرَاقُ لِعَبْدِ المَلِكِ، وقُتِلَ مُصْعَبٌ, رَجَعَ وَحَاصَرَ عَمْراً بِدِمَشْقَ، وَأَعْطَاهُ أَمَاناً مُؤَكَّداً، فاغترَّ بِهِ عَمْرٌو, ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ غَدَرَ بِهِ وَقَتَلَهُ، وَخَرَجَتْ أُخْتُهُ تَنْدُبُهُ، وَهِيَ زَوْجَةُ الوَلِيْدِ، فَقَالَتْ:
أيَا عَيْنُ جُودِي بِالدُّمُوعِ عَلَى عَمْرِو ... عشية تبتزُّ الخلافة بالغدر
غَدَرْتُم بِعَمْرٍو يَا بَنِي خَيْطِ بَاطِلٍ ... وَكُلُّكُم يَبْنِي البُيُوْتَ عَلَى غَدْرِ
وَمَا كَانَ عَمْرٌو غَافِلاً غَيْرَ أَنَّهُ ... أَتَتْهُ المَنَايَا غَفْلَةً وَهُوَ لاَ يَدْرِي
كأنَّ بَنِي مَرْوَانَ إِذْ يَقْتُلُوْنَهُ ... خِشَاشٌ1 مِنَ الطَّيْرِ اجْتَمَعْنَ عَلَى صَقْرِ
لَحَى اللهُ دُنْيَا تُعقِبُ النَّارَ أَهْلَهَا ... وَتَهْتِكُ مَا بَيْنَ القَرَابَةِ مِنْ سِتْرِ
أَلاَ يَا لَقَوْمِي لِلْوَفَاءِ وَلِلْغَدْرِ ... وَلِلْمُغْلِقِيْنَ البَابَ قَسْراً عَلَى عَمْرِو
فَرُحْنَا وَرَاحَ الشَّامِتُونَ عَشِيَّةً ... كَأَنَّ عَلَى أَعْنَاقِهِم فِلَقَ الصَّخْرِ
وَقَدْ كَانَ عَمْرٌو كَتَبَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ بِهَذِهِ الأَبْيَاتِ:
يُرِيْدُ ابْنُ مَرْوَانٍ أُمُوْراً أَظُنُّهَا ... سَتَحْمِلُهُ منَّي عَلَى مَرْكَبٍ صَعْبِ
أَتَنْقُضُ عَهْداً كَانَ مَرْوَانُ شَدَّهُ ... وَأَكَّدَ فِيْهِ بِالقَطِيعَةِ وَالكِذْبِ
فَقَدَّمَهُ قَبْلِي وَقَدْ كُنْتُ قَبْلَهُ ... وَلَوْلاَ انْقِيَادِي كَانَ كَرْباً مِنَ الكَرْبِ
وَكَانَ الَّذِي أَعْطَيْتُ مَرْوَانَ هَفْوَةً ... عُنِيتُ بِهَا رَأْياً وَخَطْباً مِنَ الخَطْبِ
فَإِنْ تُنْفِذُوا الأَمْرَ الَّذِي كَانَ بَيْنَنَا ... فَنَحْنُ جَمِيْعاً فِي السُّهُولِ وَفِي الرَّحْبِ
وَإِنْ تُعْطِهَا عَبْدَ العَزِيْزِ ظُلاَمَةً ... فَأَوْلَى بها منَّا ومنه بنو حرب
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2570"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1308"، الكاشف "2/ ترجمة 4226"، الإصابة "3/ ترجمة 6848"، تهذيب التهذيب "8/ ترجمة 60"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5299".
2 الخشاش: قال الأصمعي: هي شرار الطير.(4/448)
311- الهرماس بن زياد بن مالك 1: "د، ق"
أبو حدير الباهلي.
عِدَادُهُ فِي صِغَارِ الصَّحَابَةِ. رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ بِمِنَىً عَلَى بَعِيْرٍ.
عمَّر دَهْراً.
حدَّث عَنْهُ: حَنْبَلُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَعِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ. وَقَعَ لِي حَدِيثُهُ عَالِياً.
قَالَ أَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، عَنِ الهِرْمَاسِ بنِ زِيَادٍ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْم النَّحْرِ يَخْطُبُ عَلَى نَاقَتِهِ العَضْبَاءِ.
قُلْتُ: أَظُنُّ الهِرْمَاسَ بَقِيَ حَيّاً إِلَى حُدُوْدِ سَنَةِ تِسْعِيْنَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 553"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2883"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 496"، أسد الغابة "5/ 393"، الكاشف "3/ ترجمة 6052"، وتجريد أسماء الصحابة "2/ ترجمة 1350"، تهذيب التهذيب "11/ ترجمة 62"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7661".(4/448)
312- قدامة بن عبد الله 1: "د، س، ق"
ابن عمار الكلابي العامري, عِدَادُهُ فِي صِغَارِ الصَّحَابَةِ الَّذِيْنَ لَهُم رُؤْيَةٌ، رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْمِي الجِمَارَ. كنَّاه أَبُو العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيُّ: أَبَا عِمْرَانَ.
رَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَبُو عَاصِمٍ، وَجَمَاعَةٌ، عَنْ أَيْمَنَ بنِ نَابِلٍ, عَنْ قُدَامَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْمِي الجَمْرَةَ عَلَى نَاقَةٍ صَهْبَاءَ، لاَ ضَرْبَ وَلاَ طَرْدَ، ولا جلد، ولا إليك إليك2.
كَانَ قُدَامَةُ يَكُوْنُ بِنَجْدٍ, عَاشَ إِلَى بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ.
وَمَا عَلِمْتُ مَنْ يَرْوِي عَنْهُ سِوَى أَيْمَنَ الحَبَشِيِّ المَكِّيِّ، وَالحَدِيْثُ: فَفِي "سُنَنِ النَّسَائِيِّ"، وَ"التِّرْمِذِيِّ"، وَ"القَزْوِيْنِيِّ"، وَفِي "مُسْنَدِ الإِمَامِ"، ويقع لنا بالإجازة العالية.
__________
1 ترجمته في التارخ الكبير "7/ ترجمة 795"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 724"، الاستيعاب "3/ 1379"، أسد الغابة "4/ 393"، الكاشف "2/ ترجمة 4629"، تجريد أسماء الصحابة "2/ 131"، تهذيب التهذيب "8/ ترجمة 647"، الإصابة "3/ ترجمة 7084", خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5840".
2 حسن: أخرجه الترمذي "903"، والنسائي "5/ 270"، وابن ماجه "3035"، والدارمي "2/ 62"، وأحمد "3/ 412-413" من طرق عن أيمن بن نابل، به.
قلت: إسناده حسن، فيه أيمن بن نابل، صدوق -كما قال الحافظ في "التقريب".(4/449)
313- سفيان بن وهب 1:
الصَّحَابِيُّ، المُعَمَّرُ، أَبُو أَيْمَن الخَوْلاَنِيُّ، المِصْرِيُّ.
حدَّث عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحَدِيْثٍ "مسند أحمد بن حنبل" و"بقي". وحدَّث عَنْ: عُمَرَ، وَالزُّبَيْرِ. وَغَزَا المَغْرِبَ زَمَنَ عُثْمَانَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُشَّانة المَعَافِرِيُّ، وَبَكْرُ بنُ سَوَادَةَ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، وَالمُغِيْرَةُ بنُ زِيَادٍ، وَآخَرُوْنَ.
لَهُ أَحَادِيْثُ يَسِيْرَةٌ. وَقَدْ طَلَبَهُ صَاحِبُ مِصْرَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مَرْوَانَ ليحدِّثه، فأتُي بِهِ مَحْمُوْلاً مِنَ الكِبَرِ.
عدَّه فِي الصَّحَابَةِ أَحْمَدُ بنُ البَرْقِيِّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ يُوْنُسَ، وَغَيْرُهُم.
وأمَّا ابْنُ سَعْدٍ وَالبُخَارِيُّ فَذَكَرَاهُ فِي التَّابِعِيْنَ، فَاللهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ شَهِدَ حَجَّةَ الوَدَاعِ فِيْمَا قِيْلَ.
أرَّخ المسبحي وفاته: سنة إحدى وتسعين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 440"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2062"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 948"، أسد الغابة "2/ 410"، الإصابة "2/ ترجمة 3322".(4/450)
314- غضيف بن الحارث 1: "د، س، ق"
ابن زنيم، أَبُو أَسْمَاءَ السَّكُوْنِيُّ، الكِنْدِيُّ، الشَّامِيُّ.
عِدَادُهُ فِي صِغَارِ الصَّحَابَةِ، وَلَهُ رِوَايَةٌ.
وَرَوَى أَيْضاً عَنْ: عُمَرَ, وَأَبِي عُبَيْدَةَ، وَبِلاَلٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي الدرداء، وطائفة.
حدَّث عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَحَبِيْبُ بنُ عُبَيْدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَائِذٍ، وَمَكْحُوْلٌ، وَعُبَادَةُ بنُ نُسَيّ، وَسُلَيْمُ بنُ عَامِرٍ، وَشُرَحْبِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو رَاشِدٍ الحُبْرَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
سَكَنَ حِمْصَ.
خَيْثَمَةُ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، حَدَّثَنَا العَلاَءُ بنُ يَزِيْدَ الثُّمَالِيُّ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ أَبِي رَزِيْنٍ الثُّمَالِيُّ، سَمِعْتُ غُضَيْفَ بنَ الحَارِثِ، قَالَ: كُنْتُ صَبِيّاً أَرْمِي نَخْلَ الأَنْصَارِ، فَأَتَوْا بِيَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَسَحَ بِرَأْسِي، وَقَالَ: "كُلْ مَا سَقَطَ، وَلاَ تَرْمِ نخلهم"2.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 429 و443"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 499"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 311"، الاستيعاب "3/ 1254"، أسد الغابة "4/ 340"، تجريد أسماء الصحابة "2/ 15"، تهذيب التهذيب "8/ ترجمة 459"، الإصابة "2/ ترجمة 6912", خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5677".
2 ضعيف: فيه علتان؛ الأولى: العلاء بن يزيد الثمالي، مجهول، لذا فقد ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" "3/ 1/ 362".
والثانية: عيسى بن أبي رزين الثمالى، قال أبو زرعة: مجهول.(4/450)
مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ سَيْفٍ، عَنْ غُضَيف بنِ الحَارِثِ الكِنْدِيِّ: أنَّه رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاضِعاً يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى فِي الصَّلاَةِ1.
حمَّاد بنُ سَلَمَةَ، عَنْ بُرْدٍ أَبِي العَلاَءِ، عَنْ عُبَادَةَ بنِ نُسَيّ، عَنْ غُضَيْفِ بنِ الحَارِثِ: أَنَّهُ مَرَّ بِعُمَرَ، فَقَالَ: نِعْمَ الفَتَى غُضَيْفٌ، فَلِقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا أَخِي! اسْتَغْفِرْ لِي. قُلْتُ: أَنْتَ صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَأَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لِي. قَالَ: إِنِّيْ سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُوْلُ: نِعْمَ الفَتَى غُضَيْفٌ، وَقَدْ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللهَ ضَرَبَ الحق على لسان عمر وقلبه" 2. رَوَى مَكْحُوْلٌ؛ عَنْ غُضَيْفٍ، نَحْوَهُ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: لَهُ صُحْبَةٌ, قَالَ أَبِي، وَأَبُو زُرْعَةَ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ غُضَيْفُ بنُ الحَارِثِ، وَلَهُ صُحْبَةٌ. وَقِيْلَ فِيْهِ: الحَارِثُ بنُ غُضَيْفٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: غُضَيْفُ بنُ الحَارِثِ ثِقَةٌ، فِي الطَّبَقَةِ الأُوْلَى مِنْ تَابِعِي أَهْلِ الشَّامِ.
أَبُو اليَمَانِ، عَنْ صَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو: أَنَّ غُضَيْفَ بنَ الحَارِثِ كَانَ يَتَوَلَّى لَهُم صَلاَةَ الجُمُعَةِ إِذَا غَابَ خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ.
بَقِيَّةُ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ عُبَيْدٍ، عَنْ غُضَيْفٍ، قَالَ: بَعَثَ إِلَيَّ عَبْدُ المَلِكِ، [فَقَالَ:] يَا أَبَا أَسْمَاءَ! قَدْ جَمَعْنَا النَّاسَ عَلَى أَمْرَيْنِ: رَفْعِ الأَيْدِي عَلَى المَنَابِرِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَالقَصَصِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالعَصْرِ. قَالَ غُضَيْفٌ: أَمَا إِنَّهُمَا أَمْثَلُ بِدْعَتِكُم عِنْدِي، وَلَسْتُ مُجِيْبَكَ إِلَيْهِمَا. قَالَ: لِمَ؟ قَالَ: لأنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا أَحْدَثَ قَوْمٌ بِدْعَةً إِلاَّ رُفِعَ مِثْلُهَا مِنَ السُّنَّةِ".
رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "المُسْنَدِ"3.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ سُمَيْعٍ: غُضَيْفُ بنُ الحَارِثِ الثُّمَالِيُّ مِنَ الأَزْدِ، حِمْصِيٌّ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ في حدود سنة ثمانين.
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "4/ 105" و"5/ 290"، وفيه معاوية بن صالح، صدوق -كما قال الحافظ في "التقريب".
2 صحيح: ورد من حديث أبي ذر، وأبي هريرة، وابن عمر -رضي الله عنهم, أمَّا حديث أبي ذر -رضي الله عنه: فأخرجه أحمد "5/ 145" و"165 و177"، وأبو داود "2962"، وابن ماجة "108" من طريق غضيف، عن أبي ذر، به. وأمَّا حديث أبي هريرة -رضي الله عنه: فأخرجه أحمد "2/ 401"، وابن أبي شيبة "12/ 25"، وابن أبي عاصم في "السنة" "1250"، والبزار "2501" من طريق الجهم بن أبي الجهم، عن المسْوَر بن مخرمة، عن أبي هريرة به مرفوعًا.
وأما حديث ابن عمر -رضي الله عنهما: فأخرجه أحمد "2/ 53 و95"، وفي "فضائل الصحابة" "313"، وابن سعد في "الطبقات" "2/ 335"، والترمذي "3682"، والطبراني في "الأوسط" "291" من طريق نافع، عن ابن عمر مرفوعًا. وقد خرجت الحديث بنحو هذا في كتاب [منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية] الجزء السادس بتعليقنا رقم "46" فراجعه ثَمَّ إن شئت.
3 ضعيف: أخرجه أحمد "4/ 105"، وفي إسناده علتان؛ الأولى: بقية, وهو ابن الوليد, مدلس، يدلس تدليس التسوية، وقد عنعنه. والثانية: أبو بكر بن عبد الله، وهو ابن أبي مريم, ضعيف.(4/451)
315- عبد الله بن جعفر 1: "ع"
ابن أَبِي طَالِبٍ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمٍ. السَّيِّدُ، العَالِمُ، أَبُو جَعْفَرٍ القُرَشِيُّ، الهَاشِمِيُّ، الحَبَشِيُّ المَوْلِدِ، المَدَنِيُّ الدَّارِ، الجَوَادُ ابْنُ الجَوَادِ ذِي الجَنَاحَيْنِ.
لَهُ صُحْبَةٌ، وَرِوَايَةٌ، عِدَادُهُ فِي صِغَارِ الصَّحَابَةِ.
اسْتُشْهِدَ أَبُوْهُ يَوْمَ مُؤْتَةَ، فَكَفِلَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَنَشَأَ فِي حَجْرِهِ.
وَرَوَى أَيْضاً عَنْ عَمِّهِ عَلِيٍّ، وَعَنْ أُمِّهِ؛ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ.
حدَّث عَنْهُ: أَوْلاَدُهُ؛ إِسْمَاعِيْلُ، وَإِسْحَاقُ، وَمُعَاوِيَةُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ البَاقِرُ، وَسَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَالقَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعُرْوَةُ، وَعَبَّاسُ بنُ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ آخِرُ مَنْ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَحِبَهُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ.
وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَعَلَى عَبْدِ المَلِكِ, وَكَانَ كَبِيْرَ الشَّأْنِ، كَرِيْماً جَوَاداً، يَصْلُحُ للإمامة.
مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي يَعْقُوْبَ، عَنِ الحَسَنِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَرْدَفَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ، فأسَرَّ إليَّ حَدِيثاً لاَ أحدِّث بِهِ أَحَداً، فَدَخَلَ حَائِطاً، فَإِذَا جَمَلٌ، فلمَّا رَأَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حنَّ وذرفت عيناه2
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 11"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 96"، أسد الغابة "3/ 198"، تجريد أسماء الصحابة "1/ 3196"، الكاشف "2/ ترجمة 2692"، تهذيب التهذيب "5/ ترجمة 294"، الإصابة "2/ ترجمة 4591"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 2425".
2صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "11/ 493"، وأحمد "1/ 204"، ومسلم "342" و"2429"، وأبو داود "2549"، وابن ماجه "340"، والدارمي "663" و"755"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" "437"، وأبو يعلى "6787" و"6788"، وأبو عوانة "1/ 197"، والحاكم "2/ 99-100"، =(4/452)
ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي حَمَلَةَ، قَالَ: وَفَدَ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ عَلَى يَزِيْدَ، فَأَمَرَ لَهُ بِأَلْفَي أَلْفٍ.
قُلْتُ: مَا ذَاكَ بِكِثِيْرٍ، جَائِزَةُ مَلِكِ الدُّنْيَا لِمَنْ هُوَ أَوْلَى بِالخِلاَفَةِ مِنْهُ.
قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: هَاجَرَ جَعْفَرٌ إِلَى الحَبَشَةِ؛ فَوَلَدَتْ لَهُ أَسْمَاءُ: عَبْدَ اللهِ، وَعَوْناً، وَمُحَمَّداً.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ: أنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ وَابْنَ الزُّبَيْرِ بَايَعَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُمَا ابْنَا سَبْعِ سِنِيْنَ, فلمَّا رَآهُمَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تبسَّم وَبَسَطَ يَدَهُ وَبَايَعَهُمَا.
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي يَعْقُوْبَ، عَنِ الحَسَنِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ: أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَاهُم بَعْدَ مَا أَخْبَرَهُم بِقَتْلِ جَعْفَرٍ بَعْدَ ثَالِثَةٍ، فَقَالَ: "لاَ تَبْكُوا أَخِي بَعْدَ اليَوْمِ". ثم قال: "ائتوني بيني أَخِي". فَجِيْءَ بِنَا كَأَنَّنَا أَفْرُخٌ، فَقَالَ: "ادْعُوا لي الحلاق". فأمره فحلق رءوسنا، ثُمَّ قَالَ: "أَمَا مُحَمَّدٌ؛ فَشِبْهُ عَمِّنَا أَبِي طَالِبٍ، وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ؛ فَشِبْهُ خَلْقِي وخُلُقي" , ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَأَشَالَهَا، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ اخْلُفْ جَعْفَراً فِي أَهْلِهِ، وَبَارِكْ لِعَبْدِ اللهِ فِي صَفْقَتِهِ". قَالَ: فَجَاءتْ أُمُّنَا، فَذَكَرَتْ يُتْمَنَا، فَقَالَ: "العَيْلَةَ تَخَافِيْنَ عَلَيْهِم وَأَنَا وَلِيُّهُم فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ"؟ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنِدِهِ"1.
وَرَوَى أَيْضاً لِعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ مُوَرِّقٍ العِجْلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ تلقَّى بِالصِّبْيَانِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَإِنَّهُ قَدِمَ مَرَّةً مِنْ سَفَرٍ، فَسُبِقَ بِي إِلَيْهِ، فَحَمَلَنِي بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ جِيْءَ بِأَحَدِ ابْنَيْ فَاطِمَةَ، فَأَرْدَفَهُ خَلْفَهُ، فَدَخَلْنَا المَدِيْنَةَ ثَلاَثَةً على دابة2.
__________
=والبيهقي في "السنن" "1/ 94"، وفي "الدلائل" "6/ 26-27" من طرق عن مهدي بن ميمون، عن محمد بن أبي يعقوب، به. وتمام الحديث: " ... فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حنَّ وذرفت عيناه, فمسح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سراته وذفراه، فسكن، فقال: "من صاحب الجمل"؟ فجاء فتًى من الأنصار، فقال: هو لي يا رسول الله. فقال: "أما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملَّكَكَها الله، إنه شكا إليَّ أنك تجيعه وتدئبه".
وقوله: "سراته": أي ظهره وأعلاه, و"ذفراه": أي مؤخر رأسه.
وقوله: تدئبه: أي تكده وتتعبه.
1 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 204"، وابن سعد "4/ 36-37"، والنسائي في "الكبرى" "8604" من طريق محمد بن أبي يعقوب، به.
2 صحيح: أخرجه مسلم "2428"، وأحمد "1/ 203".(4/453)
فِطْرُ بنُ خَلِيْفَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ وَهُوَ يَلْعَبُ بِالتُّرَابِ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُ فِي تِجَارَتِهِ"1.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سلَّم عَلَى عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَر، قَالَ: السَّلاَم عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِي الجَنَاحَيْنِ2.
عَنْ أَبَانَ بنِ تَغْلِبَ، قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ قَدِم عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَكَانَتْ لَهُ مِنْهُ وِفَادَةٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ، يُعْطِيهِ أَلْفَ أَلفِ دِرْهَمٍ، وَيَقْضِي لَهُ مائَةَ حَاجَةٍ.
قِيْلَ: إِنَّ أَعْرَابِيّاً قَصَدَ مَرْوَانَ، فَقَالَ: مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ، فَعَلَيْكَ بِعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ, فَأَتَى الأَعْرَابِيُّ عَبْدَ اللهِ، فَأَنْشَأَ يَقُوْلُ:
أَبُو جَعْفَرٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نُبُوَّةٍ ... صَلاَتُهُمُ لِلْمُسْلِمِيْنَ طُهُوْرُ
أَبَا جَعْفَرٍ! ضَنَّ الأَمِيْرُ بِمَالِهِ ... وأنت على ما في يدك أَمِيْرُ
أَبَا جَعْفَرٍ! يَا ابْنَ الشَّهِيْدِ الَّذِي لَهُ ... جَنَاحَانِ فِي أَعْلَى الجِنَانِ يَطِيرُ
أَبَا جَعْفَرٍ! مَا مِثْلُكَ اليَوْمَ أَرْتَجِي ... فَلاَ تَتْرُكَنِّي بالفلاوة أَدُوْرُ
فَقَالَ: يَا أَعْرَابِيُّ! سَارَ الثَّقَلُ، فَعَلَيْك يالراحلة بِمَا عَلَيْهَا، وَإِيَّاكَ أَنْ تُخْدَعَ عَنِ السَّيْفِ، فَإِنِّي أَخَذْتُهُ بِأَلْفِ دِيْنَارٍ.
وَيُرْوَى أَنَّ شَاعِراً جَاءَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، فَأَنْشَدَهُ:
رَأَيْتُ أَبَا جَعْفَرٍ فِي المَنَامِ ... كَسَانِي مِنُ الخَزِّ دُرَّاعَهْ
شَكَوْتُ إِلَى صَاحِبِي أَمْرَهَا ... فَقَالَ: سَتُوْتَى بِهَا السَّاعَهْ
سَيَكْسُوْكَهَا المَاجِدُ الجَعْفَرِيُّ ... وَمَنْ كَفُّهُ الدَّهْرَ نَفَّاعَهْ
وَمَنْ قَالَ لِلْجُودِ: لاَ تَعْدُنِي ... فَقَالَ لَهُ: السَّمْعُ وَالطَّاعَهْ
فَقَالَ عَبْدُ اللهِ لِغُلاَمِهِ: أَعْطِهِ جُبَّتِي الخَزَّ, ثُمَّ قَالَ لَهُ: وَيْحَكَ! كَيْفَ لَمْ تَرَ جُبَّتِي الوَشْيَ؟ اشْتَرَيْتُهَا بِثَلاَثِ مائَةِ دِيْنَارٍ مَنْسُوجَةً بِالذَّهَبِ. فَقَالَ: أنام، فَلَعَلَّي أَرَاهَا. فَضَحِكَ عَبْدُ اللهِ، وَقَالَ: ادْفَعُوْهَا إِلَيْهِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كَانَ عَلَى قُرَيْشٍ وَأَسَدٍ وَكِنَانَةَ يَوْمَ صِفِّيْنَ عَبْدُ اللهِ بنُ جعفر.
__________
1 ضعيف: فيه خليفة المخزومي الكوفي، مولى عمرو بن حريث، والد فطر، لين الحديث.
2 صحيح: أخرجه البخاري "3709".(4/454)
حَمَّادُ بنُ يَزِيْدَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: مَرَّ عُثْمَانُ بِسَبْخَةٍ، فَقَالَ: لِمَنْ هَذِهِ؟ فَقِيْلَ: اشْتَرَاهَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ بِسِتِّيْنَ أَلْفاً، فَقَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّهَا لِي بِنَعْلٍ. فجزَّأها عَبْدُ اللهِ ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ؛ وَأَلْقَى فِيْهَا العُمَّالَ، ثُمَّ قَالَ عُثْمَانُ لِعَلِيٍّ: أَلاَ تَأْخُذُ عَلَى يَدَيِ ابْنِ أَخِيْكَ، وَتَحْجُرُ عَلَيْهِ؟ اشْتَرَى سَبْخَةً بِسِتِّيْنَ أَلْفاً. قَالَ: فَأَقبَلْتُ. فَرَكِبَ عُثْمَانُ يَوْماً فَرَآهَا، فَبَعَثَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: وَلِّنى جُزْأَيْنِ مِنْهَا. قَالَ: أَمَا وَاللهِ دُوْنَ أَنْ تُرْسِلَ إِلَيَّ مَنْ سفَّهتني عِنْدَهُم، فَيَطْلُبُوْنَ إِلَيَّ ذَلِكَ، فَلاَ أَفْعَلُ. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ: أَنِّي قَدْ فَعَلْتُ. قَالَ: وَاللهِ لاَ أَنْقُصُكَ جُزْأَيْنِ مِنْ مائَةِ أَلْفٍ وَعِشْرِيْنَ أَلْفاً. قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهَا.
وَعَنِ العُمَريّ: أنَّ ابْنَ جَعْفَرٍ أَسْلَفَ الزُّبَيْرَ أَلْفَ أَلْفٍ, فلمَّا تُوُفِّيَ الزُّبَيْرُ, قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لابْنِ جَعْفَرٍ: إِنِّيْ وَجَدْتُ فِي كُتُبِ الزُّبَيْرِ أنَّ لَهُ عَلَيْكَ أَلْفَ أَلْفٍ. قَالَ: هُوَ صَادِقٌ, ثُمَّ لَقِيَهُ بَعْدُ، فَقَالَ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ! وَهِمت؛ المَالُ لَكَ عَلَيْهِ. قَالَ: فهو له. قال: لا أريد ذلك.
عَنِ الأَصْمَعِيِّ: أنَّ امْرَأَةً أَتَتْ بِدَجَاجَةٍ مَسْمُوطَةٍ، فَقَالَتْ لابْنِ جَعْفَرٍ: بِأَبِي أَنْتَ! هَذِهِ الدَّجَاجَةُ كَانَتْ مِثْل بِنْتِي، فَآلَيْتُ أَنْ لاَ أَدْفِنَهَا إِلاَّ فِي أَكْرَمِ مَوْضِعٍ أَقْدِرُ عَلَيْهِ؛ وَلاَ وَاللهِ مَا فِي الأَرْضِ أَكْرَمُ مِنْ بَطْنِكَ. قَالَ: خُذُوهَا مِنْهَا، وَاحْمِلُوا إِلَيْهَا. فَذَكَرَ أَنْوَاعاً مِنَ العَطَاءِ، حَتَّى قَالَتْ: بِأَبِي أَنْتَ! إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِيْنَ.
هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ: أَنَّ رَجُلاً جَلَبَ سُكَّراً إِلَى المَدِيْنَةِ فَكَسَدَ، فَبَلَغَ عَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ، فَأَمَرَ قَهْرَمَانَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ وَأَنْ يُنْهِبَهُ النَّاسَ.
ذَكَرَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ، أنَّ عُبَيْدَ اللهِ بنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: دخل ابن أبي عمار وهوم يَوْمَئِذٍ فَقِيهُ أَهْلِ الحِجَازِ عَلَى نخَّاس، فَعَرَضَ عَلَيْهِ جَارِيَةً، فَعَلِقَ بِهَا، وَأَخَذَهُ أَمْرٌ عَظِيمٌ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِقْدَارُ ثَمَنِهَا، فَمَشَى إِلَيْهِ عطاء، وطاوس، وَمُجَاهِدٌ، يَعْذُلُوْنَهُ, وَبَلَغَ خَبَرُهُ عَبْدَ اللهِ، فَاشْتَرَاهَا بِأَرْبَعِيْنَ أَلفاً، وزيِّنَها، وحلَّاها، ثُمَّ طَلَبَ ابْنَ أَبِي عمَّار، فَقَالَ: مَا فَعَلَ حُبُّكَ فُلاَنَةً؟ قَالَ: هِيَ الَّتِي هَامَ قَلْبِي بِذِكْرِهَا، وَالنَّفْسُ مَشْغُولَةٌ بِهَا. فَقَالَ: يَا جَارِيَةُ، أَخْرِجِيهَا. فَأَخْرَجَتْهَا تَرْفُلُ فِي الحُلِيِّ وَالحُلَلِ، فَقَالَ: شَأْنُكَ بِهَا، بَارَكَ اللهُ لَكَ فِيْهَا. فَقَالَ: لَقَدْ تَفَضَّلتَ بِشَيْءٍ مَا يَتَفَضَّلُ بِهِ إِلاَّ اللهُ. فلمَّا ولَّى بِهَا قَالَ: يَا غُلاَمُ! احْمِلْ مَعَهُ مائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ. فَقَالَ: لَئِنْ -وَاللهِ- وُعِدْنَا نَعِيْمَ الآخِرَةِ فَقَدْ عجَّلت نَعِيْمَ الدُّنْيَا.
وَلِعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ أَخْبَارٌ فِي الجُوْدِ وَالبَذْلِ.
وَكَانَ وَافِرَ الحِشْمَةِ، كَثِيْرَ التَّنَعُّمِ، وَمِمَّنْ يَسْتَمِعُ الغِنَاءَ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ وَمُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: مَاتَ فِي سَنَةِ ثَمَانِيْنَ.
وَقَالَ المَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ, وَيُقَالُ: سَنَةَ تِسْعِيْنَ.(4/455)
316- قَيْسُ بنُ عَائِذ 1: "س، ق":
أبو كاهل الأحمسي.
عِدَادُهُ فِي صِغَارِ الصَّحَابَةِ, نَزَلَ الكُوْفَةَ، وَهُوَ بِكُنْيَتِهِ أَشْهَرُ.
رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ عَلَى نَاقَتِهِ2.
حدَّث عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَأَبُو مُعَاذٍ رَجُلٌ تَابِعِيٌّ.
رَوَى لَهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَه.
بَقِيَ إلى حدود سنة ثمانين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 62"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 640"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 578"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة 970"، الإصابة "4/ ترجمة 956".
2 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 78 و177 و178 و306"، وابن ماجه "1284" و"1285" من طرق عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْس بن عائذ، به.(4/456)
317- حُجْرُ بنُ عَدِيّ 1:
ابن جَبَلَةَ بنِ عَدِيِّ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ مُعَاوِيَةَ الأَكْرَمِيْنَ بن الحارث بن معاوية الكندي، وهو جُحْر الخَيْرِ، وَأَبُوْهُ عَدِيُّ الأَدْبَرُ. وَكَانَ قَدْ طُعِنَ مُوَلِّياً، فسُمِّيَ الأَدْبَرَ، الكُوْفِيُّ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّهِيْدُ. لَهُ صُحْبَةٌ وَوِفَادَةٌ.
قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: وَفَدَ مَعَ أَخِيْهِ هَانِئِ بنِ الأَدْبَرِ، وَلاَ رِوَايَةَ لَهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَسَمِعَ مِنَ: عَلِيٍّ، وعمَّار.
رَوَى عَنْهُ: مَوْلاَهُ؛ أَبُو لَيْلَى، وَأَبُو البَخْتَرِيِّ الطَّائِيُّ، وَغَيْرُهُمَا.
وَكَانَ شَرِيفاً، أَمِيْراً مُطَاعاً، أمَّارًا بِالمَعْرُوفِ، مُقْدِماً عَلَى الإِنْكَارِ، مِنْ شِيْعَةِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا, شَهِدَ صِفِّيْنَ أَمِيْراً، وَكَانَ ذَا صَلاَحٍ وَتَعَبُّدٍ.
قِيْلَ: كذَّب زِيَادَ بنَ أَبِيْهِ مُتَوَلِّي العِرَاقِ وَهُوَ يَخْطُبُ، وَحَصَبَهُ مَرَّةً أُخْرَى، فَكَتَبَ فيه إلى
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 217"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 258"، الجرح والتعديل "1189"، أسد الغابة "461"، الإصابة "1/ ترجمة 1629".(4/456)
مُعَاوِيَةَ. فَعَسْكَرَ حُجْر فِي ثَلاَثَةِ آلاَفٍ بِالسِّلاَحِ، وَخَرَجَ عَنِ الكُوْفَةِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ وَقَعَدَ، فَخَافَ زِيَادٌ مِنْ ثَوْرَتِهِ ثَانِياً، فَبَعَثَ بِهِ فِي جَمَاعَةٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ حُجْر جَاهِلِيّاً إِسْلاَمِيّاً، شَهِدَ القَادِسِيَّةَ, وَهُوَ الَّذِي افْتَتَحَ مَرْجَ عَذْرَاءَ، وَكَانَ عَطَاؤُهُ فِي أَلْفَيْنِ وَخَمْسِ مائَةٍ. وَلَمَّا قَدِمَ زِيَادٌ وَالِياً دَعَا بِهِ، فَقَالَ: تَعْلَمُ أَنِّيْ أَعْرِفُكَ، وَقَدْ كُنْتُ أَنَا وَأَنْتَ عَلَى مَا عَلِمْتَ مِنْ حُبِّ عَلِيٍّ، وَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ غَيْرُ ذَلِكَ، فَأَنْشُدُكَ اللهَ أَنْ يُقْطَرَ لِي مِنْ دَمِكَ قَطْرَةٌ، فَأَسْتَفْرِغَهُ كُلَّهُ، أَمْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ مَنْزِلُكَ، وَهَذَا سَرِيرِي فَهُوَ مَجْلِسُكَ، وَحَوَائِجُكَ مَقْضِيَّةٌ لَدَيَّ، فَاكْفِنِي نَفْسَكَ، فَإِنِّي أَعْرِفُ عَجَلَتَكَ، فَأَنْشُدُكَ اللهَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي نَفْسِكَ، وإياك وهذه السفلة أن يَسْتَزِلُّوكَ عَنْ رَأْيِكَ، فَإِنَّكَ لَوْ هُنْتَ عليَّ، أَوِ اسْتَخْفَفْتُ بِحَقِّكَ، لَمْ أَخُصَّكَ بِهَذَا. فَقَالَ: قَدْ فَهِمْتُ، وَانْصَرَفَ.
فَأَتَتْهُ الشِّيْعَةُ، فَقَالُوا: مَا قَالَ لَكَ؟ فَأَخْبَرَهُم. قَالُوا: مَا نَصَحَ, فَأَقَامَ وَفِيْهِ بَعْضُ الاعْتِرَاضِ، وَالشِّيْعَةُ تَخْتَلِفُ إِلَيْهِ، وَيَقُوْلُوْنَ: إِنَّكَ شَيْخُنَا وَأَحَقُّ مَنْ أَنْكَرَ، وَإِذَا أَتَى المَسْجِدَ مَشَوْا مَعَهُ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ خَلِيْفَةُ زِيَادٍ عَلَى الكُوْفَةِ عَمْرُو بنُ حُرَيْثٍ -وَزِيَادٌ بِالبَصْرَةِ: مَا هَذِهِ الجَمَاعَةُ؟ فَقَالَ لِلرَّسُوْلِ: تُنكِرُوْنَ مَا أَنْتُم فِيْهِ؟ إِلَيْكَ وَرَاءكَ أَوْسَعُ لَكَ, فَكَتَبَ عَمْرٌو إِلَى زِيَادٍ: إِنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِالكُوْفَةِ فعجِّل. فَبَادَرَ، وَنَفَّذَ إِلَى حُجْر عَدِيَّ بنَ حَاتِمٍ، وَجَرِيرَ بنَ عَبْدِ اللهِ، وَخَالِدَ بنَ عُرْفُطَةَ، لِيُعْذِرُوا إِلَيهِ، وَأَنْ يكفَّ لِسَانَهُ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ، وَجَعَلَ يَقُوْلُ: يَا غُلاَمُ! اعْلِفِ البَكْرَ. فَقَالَ عَدِيٌّ: أَمَجْنُوْنٌ أَنْتَ؟ أُكَلِّمُكَ بِمَا أُكلِّمُكَ، وَأَنْتَ تَقُوْلُ هَذَا؟! وَقَالَ لأَصْحَابِهِ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ بَلَغَ بِهِ الضَّعْفُ إِلَى كُلِّ مَا أَرَى. وَنَهَضُوا فَأَخْبَرُوا زِيَاداً، [فَأَخْبَرُوْهُ بِبَعْضٍ، وخزَّنوا بَعْضاً] ، وحسَّنوا أَمْرَهُ، وَسَأَلُوا زِيَاداً الرِّفْقَ بِهِ، فَقَالَ: لَسْتُ إِذاً لأَبِي سُفْيَانَ, فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الشُّرَطَ وَالبُخَارِيَّةَ، فَقَاتَلَهُم بِمَنْ مَعَهُ، ثُمَّ انْفَضُّوا عَنْهُ، وأُتِيَ بِهِ إِلَى زِيَادٍ وَبِأَصْحَابِهِ، فَقَالَ: وَيْلَكَ! مَا لَكَ؟ قَالَ: إِنِّيْ عَلَى بَيْعَتِي لِمُعَاوِيَةَ, فَجَمَعَ زِيَادٌ سَبْعِيْنَ، فَقَالَ: اكْتُبُوا شَهَادَتَكُم عَلَى حُجْر وَأَصْحَابِهِ, ثُمَّ أَوْفَدَهُم عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَبَعَثَ بِحُجْر وَأَصْحَابِهِ إِلَيْهِ، فَبَلَغَ عَائِشَةَ الخَبَرُ، فَبَعَثَتْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ تَسْأَلُهُ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيْلَهُم. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لاَ أُحِبُّ أَنْ أَرَاهُم، هَاتُوا كِتَابَ زِيَادٍ, فَقُرِئَ عَلَيْهِ، وَجَاءَ الشُّهُودُ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: اقْتُلُوْهُم عِنْدَ عَذْرَاءَ. فَقَالَ حُجْر: مَا هَذِهِ القَرْيَةُ؟ قَالُوا: عَذْرَاءُ1. قَالَ: أَمَا -وَاللهِ- إني لأوّل مسلم نَبَّحَ كلابها فِي سَبِيْلِ اللهِ, ثُمَّ أُحْضِرُوا مَصْفُودِيْنَ2، وَدَفَعَ
__________
1 عذراء: قرية من قرى غوطة دمشق، تقع في الشمال الشرقي منها.
2 مصفودان: أي مكبلان ومقيدان.(4/457)
كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُم إِلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ. فَقَالَ حُجْر: يَا قَوْمُ، دَعُوْنِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. فَتَرَكُوهُ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فطوَّل. فَقِيْلَ لَهُ: طَوَّلْتَ، أَجَزِعْتَ؟ فَقَالَ: مَا صَلَّيْتُ صَلاَةً أخفَّ مِنْهَا، وَلَئِنْ جَزِعْتُ لَقَدْ رَأَيْتُ سَيْفاً مَشْهُوْراً، وَكَفَناً منشورًا، وقبرًا محفورًا, وكانت عشائرهم قد جاءوهم بِالأَكْفَانِ، وَحَفَرُوا لَهُمُ القُبُوْرَ. وَيُقَالُ: بَلْ مُعَاوِيَةُ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ, وَقَالَ حُجْر: اللهمَّ إِنَّا نَسْتَعْدِيكَ عَلَى أُمَّتِنَا، فإنَّ أَهْلَ العِرَاقِ شَهِدُوا علينا، وإن أهل الشام قلتونا. فَقِيْلَ لَهُ: مُدّ عُنُقَكَ. فَقَالَ: إنَّ ذَلِكَ لَدَمٌ مَا كُنْتُ لأُعِيْنَ عَلَيْهِ.
وَقِيْلَ: بَعَثَ مُعَاوِيَةُ هُدْبَةَ بنَ فَيَّاض فَقَتَلَهُم، وَكَانَ أَعْوَرَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْهُم مِنْ خَثْعَمَ، فَقَالَ: إِنْ صَدَقَتِ الطَّيرُ قُتِلَ نِصْفُنَا، وَنَجَا نِصْفُنَا. فلمَّا قَتَلَ سَبْعَةً، بَعَثَ مُعَاوِيَةُ بِرَسُولٍ بِإِطْلاَقِهِم، فَإِذَا قَدْ قُتِلَ سَبْعَةٌ، وَنَجَا سِتَّةٌ، وَكَانُوا ثَلاَثَةَ عَشَرَ.
وَقَدِمَ ابْنُ هِشَامٍ بِرِسَالَةِ عَائِشَةَ، وَقَدْ قُتِلُوا، فَقَالَ: يَا أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ! أَيْنَ عَزَبَ عَنْكَ حِلْمُ أَبِي سُفْيَانَ؟ قَالَ: غَيْبَةُ مِثْلِكَ عَنِّي -يَعْنِي: أَنَّهُ نَدِمَ.
وَقَالَتْ هِنْدُ الأَنْصَارِيَّةُ -وَكَانَتْ شِيْعِيَّةً؛ إِذْ بُعِثَ بِحُجْرٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ:
ترفَّع أَيُّهَا القَمَرُ المُنِيْرُ ... ترفَّع هَلْ تَرَى حُجْراً يَسِيْرُ؟
يَسِيْرُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بنِ حَرْبٍ ... لِيَقْتُلَهُ كَمَا زَعَمَ الخَبِيْرُ
تجبَّرت الجَبَابِرُ بعد حجر ... فطاب لها الخَوَرْنق والسدير1
وَأَصْبَحَتِ البِلاَدُ لَهُ مُحُولاً ... كَأَنْ لَمْ يُحْيِهَا يَوْماً مَطِيرُ
أَلاَ يَا حُجْرُ -حُجْرَ بَنِي عَدِيٍّ- ... تَلَقَّتْكَ السَّلاَمَةُ وَالسُّرُوْرُ
أَخَافُ عَلَيْكَ مَا أَرْدَى عَدِيّاً ... وَشَيْخاً فِي دِمَشْقَ لَهُ زَئِيْرُ
فَإِنْ تَهْلِكْ فُكُلُّ عَمِيدِ قَوْمٍ ... إِلَى هُلْكٍ مِنَ الدُّنْيَا يَصِيرُ
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: لَمَّا أُتِيَ بحُجْر، قَالَ: ادْفِنُوْنِي فِي ثِيَابِي، فَإِنِّيْ أُبْعَثُ مُخَاصِماً.
وَرَوَى ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ فِي السُّوقِ، فَنُعِيَ إِلَيْهِ حُجْر، فَأَطْلَقَ حَبْوَتَهُ, وَقَامَ وَقَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ النَّحِيْبُ.
هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: لَمَّا أُتِيَ مُعَاوِيَةُ بحجر، قال: السلام عليك يا أمير
__________
1 الخورنق: قصر كان بظهر الحيرة. والسدير: قريب منه.(4/458)
المؤمنين! قال: أَوَأمير المُؤْمِنِيْنَ أَنَا؟ اضْرِبُوا عُنُقَهُ, فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ لأَهْلِهِ: لاَ تُطْلِقُوا عَنِّي حَدِيداً، وَلاَ تَغْسِلُوا عَنِّي دَماً، فَإِنِّي ملاقٍ مُعَاوِيَةَ عَلَى الجادَّة.
وَقِيْلَ: إِنَّ رَسُوْلَ مُعَاوِيَةَ عَرَضَ عَلَيْهِم البَرَاءةَ مِنْ رَجُلٍ وَالتَّوبَةَ، فَأَبَى ذَلِكَ عَشْرَةٌ، وتبرَّأ عَشْرَةٌ، فَلَمَّا انْتَهَى القَتْلُ إِلَى حُجْر جَعَلَ يُرْعد.
وَقِيْلَ: لَمَّا حَجَّ مُعَاوِيَةُ اسْتَأْذَنَ عَلَى عائشة، فقالت: أقتلت حُجْرًا؟ قَالَ: وَجَدْتُ فِي قَتْلِهِ صَلاَحَ النَّاسِ، وَخِفْتُ مِنْ فَسَادِهِم.
وَكَانَ قَتْلُهُم فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ، وَمَشْهَدُهُم ظَاهِرٌ بِعَذْرَاءَ يُزَارُ.
وخلَّف حُجْر وَلَدَيْن: عُبَيْدَ اللهِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ، قَتَلَهُمَا مُصْعَبُ بنُ الزُّبَيْرِ الأَمِيْرُ، وَكَانَا يَتَشَيَّعَانِ.(4/459)
أما:
318- حُجْرُ الشَّرِّ 1:
فَهُوَ ابْنُ عَمٍّ لِحُجْرِ الخَيْرِ، وَهُوَ حُجْر بنُ يَزِيْدَ بنِ سَلَمَةَ بنِ مُرَّةَ بنِ حُجْرِ بنِ عَدِيِّ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ مُعَاوِيَةَ الأَكْرَمِيْنَ الكِنْدِيُّ.
وَفَدَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, ثُمَّ كَانَ مِنْ شِيْعَةِ عَلِيٍّ، وَشَهِدَ يَوْمَ الحَكَمَينِ، ثُمَّ صَارَ مِنْ أُمَرَاءِ مُعَاوِيَةَ، فولَّاه أَرْمِيْنِيَةَ. قَالَهُ: ابْنُ سَعْدٍ. وَلاَ رواية لهذا أيضًا.
__________
1 ترجمته في أسد الغابة "1/ 463"، والإصابة "1/ ترجمة 1631".(4/459)
319- أبو الطفيل 1: "ع"
خَاتَمُ مَنْ رَأَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الدُّنْيَا، واستمرَّ الحَالُ على ذلك في عَصْرِ التَّابِعِيْنَ وَتَابِعِيْهِم وهلمَّ جَرَّا، لاَ يَقُوْلُ آدمي: أَنِّي رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى نَبَغَ بِالهِنْدِ بَعْدَ خَمْسِ مائَةِ عَامٍ باب رَتَنَ، فادَّعى الصُّحْبَةَ، وَآذَى نَفْسَهُ، وكذَّبه العُلَمَاءُ, فَمَنْ صدَّقه فِي دَعْوَاهُ، فَبَارَكَ اللهُ فِي عَقْلِهِ، وَنَحْنُ نَحْمَدُ اللهَ عَلَى العَافِيَةِ.
وَاسْمُ أَبِي الطُّفَيْلِ: عَامِرُ بنُ وَاثِلَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو اللَّيْثِيُّ، الكِنَانِيُّ، الحِجَازِيُّ، الشِّيْعِيُّ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 457" و"6/ 64"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة رقم 2947"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1829" تاريخ بغداد "1/ 198"، أسد الغابة "3/ 145" و"6/ 179"، تهذيب التهذيب "5/ ترجمة 135"، الإصابة "4/ ترجمة 676".(4/459)
كَانَ مِنْ شِيْعَةِ الإِمَامِ عَلِيٍّ. مَوْلِدُهُ: بَعْدَ الهِجْرَةِ.
رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ, وَهُوَ يَسْتَلمُ الرُّكْنَ بمحجنه، ثم يقبل المحجن1.
وَرَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَعَلِيٍّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: حَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ المَكِّيُّ، وَعَلِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ خُثَيْمٍ، وَمَعْرُوفُ بنُ خَرَّبُوْذَ، وَسَعِيْدٌ الجُرَيْرِيُّ، وَفِطْرُ بنُ خَلِيْفَةَ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ مَعْرُوفٌ: سَمِعْتُ أَبَا الطُّفَيْلِ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا غُلاَمٌ شَابٌّ, يَطُوْفُ بِالبَيْتِ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَسْتَلمُ الحَجَرَ بِمِحْجَنِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهَمْدَانِيِّ، قَالَ: دَخَلَ أَبُو الطُّفَيْلِ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: مَا أَبْقَى لَكَ الدَّهْرُ مِنْ ثُكْلِكَ عَلِيّاً؟ قَالَ: ثُكْلَ العَجُوْزِ المِقْلاَتِ2 وَالشَّيْخِ الرَّقُوبِ. قَالَ: فَكَيْفَ حُبُّكَ لَهُ؟ قَالَ: حُبُّ أُمِّ مُوْسَى لِمُوْسَى، وَإِلَى اللهِ أَشْكُو التَّقْصِيرَ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: أَدْرَكْتُ مِنْ حَيَاةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَمَانِ سِنِيْنَ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ يُنْشِدُ:
وخلَّفت سَهْماً فِي الكِنَانَةِ وَاحِداً ... سيُرْمَى بِهِ أَوْ يَكْسِرُ السَّهْمَ كَاسِرُهْ
وَقِيْلَ: إِنَّ الطُّفَيْلِ كَانَ حَامِلَ رَايَةِ المُخْتَارِ لَمَّا ظَهَرَ بالعراق، وَحَارَبَ قَتَلَةَ الحُسَيْنِ.
وَكَانَ أَبُو الطُّفَيْلِ ثِقَةً فِيمَا يَنْقُلُهُ، صَادِقاً عَالِماً، شَاعِراً فَارِساً، عمَّر دَهْراً طَوِيْلاً، وَشَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ حُرُوْبَهُ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: وَأَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى مَاتَ سَنَةَ مائَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا -كَذَا قَالَ. ثُمَّ قَالَ: وَيُقَالُ: سَنَةَ سَبْعٍ وَمائَةٍ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا مُبَارَكٌ، عَنْ كَثِيْرِ بنِ أَعْيَنَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الطُّفَيْلِ بِمَكَّةَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمائَةٍ.
وَقَالَ وَهْبُ بنُ جَرِيرٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كُنْتُ بِمَكَّةَ سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَةٍ، فَرَأَيْتُ جِنَازَةً، فَسَأَلْتُ عَنْهَا، فَقَالُوا: هَذَا أَبُو الطُّفَيْلِ.
قُلْتُ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ وَفَاتِهِ لِثُبُوتِهِ، وَيَعْضُدُهُ مَا قَبْلَهُ, وَلَوْ عمَّر أَحَدٌ بَعْدَهُ كَمَا عمَّر هُوَ بَعْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَعَاشَ إِلَى سَنَةِ بِضْعٍ ومائتين.
__________
1 صحيح: أخرجه مسلم "1275".
2 المقلات: التي لم يبق لها ولد. والرقوب كذلك.(4/460)
320- أمُّ خَالِدٍ بنتُ خَالِد 1: "خَ، د، س"
ابْنِ أَبِي أُحَيْحَةَ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ بنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ, القُرَشِيَّةُ، الأُمَوِيَّةُ، المَكِّيَّةُ، الحَبَشِيَّةُ المولد. اسمها: أمَة.
لَهَا صُحْبَةٌ، وَرَوَتْ حَدِيْثَيْنِ.
وَتَزَوَّجَهَا الزُّبَيْرُ بنُ العَوَّامِ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَمْراً وَخَالِداً.
حدَّث عَنْهَا: سَعِيْدُ بنُ عَمْرِو بنِ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ، وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ، وَغَيْرُهُمَا.
وأظنَّها آخِرَ الصَّحَابِيَّاتِ وَفَاةً, بَقِيَتْ إِلَى أَيَّامِ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ.
الوَاقِدِيُّ: حدَّثَني جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ، قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّجَاشِيَّ يَقُوْلُ يَوْمَ خَرَجْنَا لأَصْحَابِ السَّفِيْنَتَيْنِ: أَقْرِئُوا جَمِيْعاً رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنِّي السَّلاَمَ. قَالَتْ: فَكُنْتُ فِيْمَنْ أَقْرَأَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ النَّجَاشِيِّ السَّلاَمَ2.
الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ خَالِدٍ بِنْتُ خَالِدٍ، قَالَتْ: أُتِيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِثِيَابٍ فِيْهَا خَمِيْصَةٌ سَوْدَاءُ صَغِيْرَةٌ، فَقَالَ: "مَن تَرَوْنَ أَكْسُو هَذِهِ"؟. فَسَكَتُوا، فَقَالَ: "ائْتُوْنِي بِأُمِّ خَالِدٍ". فَأُتِي بِي أُحْمَلُ، فَأَلْبَسَنِيْهَا بِيَدِهِ، وَقَالَ: "أَبْلِي وَأَخْلِقِي". يَقُوْلُهَا مَرَّتَيْنِ، وَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَلَمِ الخَمِيْصَةِ أَصْفَرَ وَأَحْمَرَ، فَقَالَ: "هَذَا سَنَا يَا أُمَّ خَالِدٍ، هَذَا سَنَا". وَيُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ إِلَى العَلَمِ. وَسَنَا بالحبشية: حسن.
قال إسحاق: فحدثني امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِي: أَنَّهَا رَأَتِ الخَمِيْصَةَ عِنْدَ أم خالد.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 234"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 2369", أسد الغابة "7/ 325"، الإصابة "4/ ترجمة 82".
2 ضعيف جدًّا: آفته الواقدي، وهو متروك، كما ذكرنا مرارًا.(4/461)
321- عَمْرُو بنُ الزُّبَيْرِ 1:
يَرْوِي عَنْ أَبِيْهِ.
وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيْهِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ شَرٌّ وَتَقَاطُعٌ.
وَكَانَ بَدِيعَ الجَمَالِ، شَدِيدَ العَارِضَةِ، جَرِيئاً، مَنِيعاً.
كَانَ يَجْلِسُ، فَيُلْقِي عَصَاهُ بِالبلاَطِ، فَلاَ يتخطَّاها أَحَدٌ إِلاَّ بإذنه، وله مِنَ الرَّقِيْقِ نَحْوُ المائَتَيْنِ.
قِيْلَ: كَتَبَ يَزِيْدُ إِلَى نَائِبِهِ عَمْرِو بنِ سَعِيْدٍ: وجِّه جُنْداً لابْنِ الزُّبَيْرِ, فَسَأَلَ: مَنْ أَعْدَى النَّاسِ لَهُ؟ فقيل: أخوه. فتوجَّه عَمْرٌو فِي ألفٍ مِنَ الشَّامِيِّيْنَ لِقِتَالِ أخيه, فقال له جبير ابن شَيْبَةَ: كَانَ غَيْرُكَ أَوْلَى بِهَذَا؛ تسيِّر إِلَى حَرَمِ اللهِ وَأَمْنِهِ، وَإِلَى أَخِيْكَ فِي سنِّه وَفَضْلِهِ تَجْعَلُهُ فِي جَامِعَةٍ، مَا أَرَى النَّاسَ يَدَعُوْنَكَ وَمَا تُرِيْدُ. قَالَ: أُقَاتِلُ مَنْ حَالَ دُوْنَ ذَلِكَ, ثُمَّ نَزَلَ دَارَهُ عِنْد الصَّفَا، وَرَاسَلَ أَخَاهُ، فلَانَ ابنُ الزُّبَيْرِ، وَقَالَ: إِنِّيْ لَسَامِعٌ مُطِيعٌ، أَنْتَ عَامِلُ يَزِيْدَ، وَأَنَا أُصَلِّي خَلْفَكَ, مَا عِنْدِي خِلاَفٌ، فأمَّا أَنْ يُجْعَلَ فِي عُنُقِي جَامِعَةٌ وَأُقَادَ، فكلَّا، فَرَاجِعْ صَاحِبَكَ, فبرز عبد الله بن صفوان عن عَسْكَرٍ، فَالْتَقَوْا، فَخُذِلَ الشَّامِيُّونَ، وَجِيْءَ بِعَمْرٍو أَسِيْراً وَقَدْ جُرِح. فَقَالَ أَخُوْهُ عُبَيْدَةُ بنُ الزُّبَيْرِ: قَدْ أَجَرْتُهُ, قَالَ عَبْدُ اللهِ: أمَّا حَقِّي فَنَعَمْ، وأمَّا حَقُّ النَّاسِ فَقِصَاصٌ. وَنَصَبَهُ لِلنَّاسِ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَأْتِي فَيَقُوْلُ: نَتَفَ لِحْيَتِي, فَيَقُوْلُ: انتِفْ لِحْيَتَهُ. وَقَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ: جَلَدَنِي مائَةَ جَلْدَةٍ, فجُلِدَ مائَةً فَمَاتَ، فَصَلَبَهُ أَخُوْهُ.
وَقِيْلَ: بَلْ مَاتَ مِنْ سَحْبِهِم إِيَّاهُ إِلَى السِّجْنِ وَصُلِبَ، فَصَلَبَ الحَجَّاجُ ابن الزبير في ذلك المكان.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 185".(4/462)
322- عَمْرو بنُ أَخْطَب 1: "م، 4"
أبو زيد الأنصاري الخزرجي، المدني، الأعرج.
مِنْ مَشَاهِيْرِ الصَّحَابَةِ الَّذِيْنَ نَزَلُوا البَصْرَةَ.
رُوِيَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَسَحَ رَأْسَهُ، وَقَالَ: "اللَّهُمَّ جَمِّله" , فَبَلَغَ مائَةَ سَنَةٍ وَمَا ابيضَّ مِنْ شَعْرِهِ إِلاَّ اليَسِيْرُ2.
وَلَهُ بِالْبَصْرَةِ مَسْجِدٌ يُعْرَفُ بِهِ.
رَوَى عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحَادِيْثَ، وَغَزَا مَعَهُ ثَلاَثَ عَشْرَةَ غَزْوَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ بَشِيْرٌ، وَيَزِيْدُ الرِّشْكُ، وَعِلْبَاءُ بنُ أَحْمَرَ، وَأَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ، وَأَنَسُ بنُ سِيْرِيْنَ، وَجَمَاعَةٌ.
حَدِيْثُهُ فِي الكُتُبِ سِوَى "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ".
تُوُفِّيَ فِي خلافة عبد الملك بن مروان.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 28"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2488"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1215"، الاستيعاب "3/ 1162"، أسد الغابة "4/ 190"، الإصابة "2/ ترجمة 5759"، تهذيب التهذيب "8/ ترجمة 4"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة رقم 5252".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 61"، التاريخ الكبير "9/ ترجمة 541"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 2043"، أسد الغابة "1/ 67" و"6/ 214"، الإصابة "4/ ترجمة 763".(4/463)
323- أَبُو عَسِيب:
مَوْلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, مِمَّن نَزَلَ البَصْرَةَ وَطَالَ عُمُرُهُ.
خرَّج لَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ".
يُقَالُ: اسْمُهُ أَحْمَرُ, وَكَانَ مِنَ الصُّلَحَاءِ العبَّاد.
حدَّث عَنْهُ: خَازِمُ بنُ القَاسِمِ، وَأَبُو نُصَيْرَةَ مُسْلِمُ بنُ عبيد، وميمونة بنت أبي عسيب، وقالت: كان أبي يُوَاصِلُ بَيْنَ ثَلاَثٍ فِي الصِّيَامِ، وَيُصَلِّي الضُّحَى قَائِماً، فَعَجِزَ، فَكَانَ يُصَلِّي قَاعِداً، وَيَصُوْمُ البِيْضَ. قَالَتْ: وَكَانَ فِي سَرِيْرِهِ جُلْجُل، فَيَعْجِزُ صَوْتُهُ، حَتَّى يُنَادِيَهَا بِهِ، فَإِذَا حَرَّكَهُ جَاءتْ.
رَوَى ذَلِكَ التَّبُوْذَكِيُّ، عَنْ مَسْلَمَةَ بِنْتِ زَبَّانَ، سَمِعْتُ مَيْمُوْنَةَ بِذَلِكَ.
وَقَالَ خَازِمُ بنُ القَاسِمِ -فِيمَا سَمِعَهُ مِنْهُ التَّبُوْذَكِيُّ: رَأَيْتُ أَبَا عَسِيْبٍ يصفِّر رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ.
وَقَالَ يَزِيْدُ: أَخْبَرَنَا أَبُو نُصَيْرَةَ: سمعت أبا عسب يَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَانِي جِبْرِيْلُ بالحمَّى وَالطَّاعُوْنِ، فَأَمْسَكْتُ الحمَّى بالمدينة، وأرسلت الطاعون إلى الشام" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 81"، وابن سعد "7/ 61".(4/463)
كبار التابعين:
324- مروان بن الحكم 1: "خ"
ابن أَبِي العَاصِ بنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ، المَلِكُ، أَبُو عَبْدِ المَلِكِ القُرَشِيُّ، الأُمَوِيُّ.
وَقِيْلَ: يكنَّى أَبَا القَاسِمِ، وَأَبَا الحَكَمِ.
مَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ، وَهُوَ أَصْغَرُ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ, وَقِيْلَ: لَهُ رُؤْيَةٌ، وَذَلِكَ مُحْتَمَلٌ.
رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَزَيْدٍ.
وَعَنْهُ: سَهْلُ بنُ سَعْدٍ -وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ, وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ، وَعُرْوَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنِ عَبْدِ الله، وَمُجَاهِدُ بنُ جَبْرٍ، وَابْنُهُ؛ عَبْدُ المَلِكِ.
وَكَانَ كَاتِبَ ابْنِ عَمِّهِ عُثْمَانَ، وَإِلَيه الخَاتِمُ، فَخَانَهُ، وَأَجْلَبُوا بِسَبِبِهِ عَلَى عُثْمَانَ، ثُمَّ نَجَا هُوَ، وَسَارَ مَعَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ لِلطَّلَبِ بِدَمِ عُثْمَانَ، فَقَتَلَ طَلْحَةَ يَوْمَ الجَمَلِ، وَنَجَا -لاَ نُجِّيَ, ثُمَّ وَلِي المَدِيْنَةَ غَيْرَ مَرَّةٍ لِمُعَاوِيَةَ.
وَكَانَ أَبُوْهُ قَدْ طَرَدَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الطَّائِفِ، ثُمَّ أَقْدَمَهُ عُثْمَانُ إِلَى المَدِيْنَةِ؛ لأَنَّهُ عَمُّهُ. وَلَمَّا هَلَكَ وَلَدُ يَزِيْدَ؛ أَقْبَلَ مَرْوَانُ وانضمَّ إِلَيْهِ بَنُو أُمَيَّةَ وَغَيْرُهُم، وَحَارَبَ الضَّحَّاكَ الفِهْرِيَّ فَقَتَلَهُ، وَأَخَذَ دِمَشْقَ، ثُمَّ مِصْرَ، وَدَعَا بِالخِلاَفَةِ.
وَكَانَ ذَا شَهَامَةٍ, وَشَجَاعَةٍ، وَمَكْرٍ، وَدَهَاءٍ، أَحْمَرَ الوَجْهِ، قَصِيراً؛ أَوْقَصَ2، دَقِيْقَ العُنُقِ، كَبِيْرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، يلقَّب: خَيْطَ بَاطِلٍ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَمَّا انْهَزَمُوا يَوْمَ الجَمَلِ، سَأَلَ عَلِيٌّ عَنْ مَرْوَانَ، وَقَالَ: يَعْطِفُنِي عَلَيْهِ رَحِمٌ مَاسَّةٌ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ سَيِّدٌ مِنْ شَبَابِ قريش.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 35"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1579"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1238"، الاستيعاب "3/ 1387"، أسد الغابة "5/ 144"، تجريد أسماء الصحابة "2/ ترجمة 764"، الإصابة "3/ ترجمة 7914"، تهذيب التهذيب "10/ ترجمة 166"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6923".
2 الأوقص: قصير العنق خلقة.(4/464)
وَقَالَ قَبِيْصَةُ بنُ جَابِرٍ: قُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ: مَنْ تَرَى لِلأَمْرِ بَعْدَكَ؟ فسمَّى رِجَالاً، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا القَارِئُ الفَقِيْهُ الشَّدِيدُ فِي حُدُوْدِ اللهِ، مَرْوَانُ.
قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ مَرْوَانُ يتتبَّع قَضَاءَ عُمَرَ.
وَرَوَى ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: كَانَ مَرْوَانُ أَمِيْراً عَلَيْنَا، فَكَانَ يَسُبُّ رَجُلاً كُلَّ جُمُعَةٍ، ثُمَّ عُزِلَ بِسَعِيْدِ بنِ العَاصِ، وَكَانَ سَعِيْدٌ لاَ يَسُبُّهُ، ثُمَّ أُعِيْدَ مَرْوَانُ، فَكَانَ يَسُبُّ, فَقِيْلَ لِلْحَسَنِ: أَلاَ تسمع ما يقول؟ فَجَعَلَ لاَ يَرُدُّ شَيْئاً ... ، وَسَاقَ حِكَايَةً.
قَالَ عطاء بن السائب، عن أبي يحبى، قَالَ: كُنْتُ بَيْنَ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ وَمَرْوَانَ, وَالحُسَيْنُ يُسَابُّ مروان، فهناه الحَسَنُ. فَقَالَ مَرْوَانُ: أَنْتُم أَهْلُ بَيتٍ مَلْعُوْنُوْنَ, فَقَالَ الحَسَنُ: وَيْلَكَ, قُلْتَ هَذَا! وَاللهِ لَقَدْ لَعَنَ اللهُ أَبَاكَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ, وَأَنْتَ فِي صُلْبِهِ -يَعْنِي: قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ.
وَأَبُو يَحْيَى هَذَا: نَخَعِيٌّ، لاَ أَعْرِفُهُ.
جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ: كَانَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ يُصَلِّيَانِ خَلْفَ مَرْوَانَ، وَلاَ يُعِيدَانِ.
العَلاَءُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: إِذَا بَلَغَ بَنُو العَاصِ ثَلاَثِيْنَ رَجُلاً، اتَّخَذُوا مَالَ اللهِ دُوَلاً، وَدِيْنَ اللهِ دَغَلاً، وَعِبَادَ اللهِ خَوَلاً.
جَاءَ هَذَا مَرْفُوعاً، لَكِنْ فِيْهِ عَطِيَّةُ العَوْفِيُّ.
قُلْتُ: اسْتَولَى مَرْوَانُ عَلَى الشَّامِ ومصر تسعة أشهر، ومات خنقًا مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ.
قَالَ مَالِكٌ: تذكَّر مَرْوَانُ، فَقَالَ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللهِ مِنْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، ثُمَّ أَصْبَحْتُ فِيمَا أَنَا فِيْهِ مِنْ هرقِ الدِّمَاءِ وَهَذَا الشَّأْنِ؟!
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانُوا يَنْقِمُوْنَ عَلَى عُثْمَانَ تَقْرِيبَ مَرْوَانَ وَتَصَرُّفَهُ. وَقَاتَلَ يَوْمَ الجَمَلِ أشدَّ قِتَالٍ، فَلَمَّا رَأَى الهَزِيْمَةَ رَمَى طَلْحَةَ بسهمٍ فَقَتَلَهُ، وجُرِحَ يَوْمَئِذٍ، فحُمِلَ إِلَى بَيْتِ امْرَأَةٍ، فَدَاوَوْهُ، وَاخْتَفَى، فأمَّنه عَلِيٌّ، فَبَايَعَهُ، وَرُدَّ إِلَى المَدِيْنَةِ. وَكَانَ يَوْمَ الحَرَّةِ مَعَ مُسْرِفِ بنِ عُقْبَةَ يحرِّضه عَلَى قِتَالِ أَهْلِ المَدِيْنَةِ.
قَالَ: وَعَقَدَ لِوَلَدَيْهِ؛ عَبْدِ المَلِكِ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بَعْدَهُ، وزهَّد النَّاسَ فِي خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَوَضَعَ مِنْهُ، وسبَّه يَوْماً، وَكَانَ مُتَزَوِّجاً بِأُمِّهِ، فَأَضْمَرَتْ لَهُ الشَّرَّ، فَنَامَ فَوَثَبَتْ فِي جَوَارِيهَا، وغمَّته بِوِسَادَةٍ, قَعَدْنَ عَلَى جَوَانِبِهَا، فَتَلِفَ وَصَرَخْنَ، وظنَّ أَنَّهُ مَاتَ فُجَاءةً.
وَقِيْلَ: مَاتَ بِالطَّاعُوْنِ.(4/465)
325- مُحَمَّدٌ بنُ أبي حُذَيْفَة 1:
هُوَ الأَمِيْرُ، أَبُو القَاسِمِ العَبْشَمِيُّ، أَحَدُ الأَشْرَافِ، وُلِدَ لأبيه لما هاجر الهِجْرَةَ الأُوْلَى إِلَى الحَبَشَةِ, وَلَهُ رُؤْيَةٌ. وَلَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ هَذَا ابْنَ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً، أَوْ أَكْثَرَ.
وَكَانَ أَبُوْهُ مِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ البَدْرِيِّيْنَ, وَكَانَ جَدُّهُ عُتْبَةُ بنُ رَبِيْعَةَ سَيِّدَ المُشْرِكِيْنَ وَكَبِيْرَهُم، فقُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، واستُشْهِدَ أَبُو حُذَيْفَةَ يَوْمَ اليَمَامَةِ، فَنشَأَ مُحَمَّدٌ فِي حِجْر عُثْمَانَ.
وَأُمُّهُ: هِيَ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ العَامِرِيَّةُ, وتربَّى فِي حِشْمَةٍ وبأوٍ، ثُمَّ كَانَ مِمَّنْ قَامَ عَلَى عُثْمَانَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى إِمْرَةِ مِصْرَ.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُلَيْلٍ البَلَوِيُّ.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: وَانْبَرَى بِمِصْرَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حُذَيْفَةَ عَلَى مُتَوَلِّيهَا عُقْبَةَ بنِ مَالِكٍ، اسْتَعْمَلَهُ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي سَرْحٍ لَمَّا وَفَدَ إِلَى عُثْمَانَ، فَأَخْرَجَ عُقْبَةَ عَنِ الفُسْطَاطِ، وَخَلَعَ عُثْمَانَ.
وكان يسمَّى: مشئوم قُرَيْشٍ.
وَذَكَرَهُ شَبَابٌ فِي تَسْمِيَةِ عمَّال عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَلَى مِصْرَ، فَقَالَ: ولَّى مُحَمَّداً، ثُمَّ عَزَلَهُ بِقَيْسِ بنِ سَعْدٍ.
ابْنُ المُبَارَكِ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بنُ عِمْرَانَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مُلَيْلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ جَالِساً بِقُرْبِ المِنْبَرِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَخَرَجَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حُذَيْفَةَ، فَاسْتَوَى عَلَى المِنْبَرِ، فَخَطَبَ، وَقَرَأَ سُوْرَةً -وَكَانَ مِنْ أَقْرَأِ النَّاسِ, فَقَالَ عُقْبَةَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "ليقرأنَّ القُرْآنَ رِجَالٌ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُم، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّين كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ", فَسَمِعَهَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حُذَيْفَةَ، فَقَالَ: وَاللهِ لَئِنْ كُنْتَ صَادِقاً -وَإِنَّكَ مَا عَلِمْتُ لَكَذُوبٌ- إِنَّكَ لَمِنْهُم2.
قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: حَمْلُ هَذَا الحَدِيْثِ أَنَّهُم يُجَمَّعون مَعَهُم، وَيَقُوْلُوْنَ لهم هذه المقالة.
__________
1 ترجمته في أسد الغابة "5/ 87"، الإصابة "3/ ترجمة 7767".
2 ضعيف: في إسناده عبد الملك بن مليل، مجهول، لذا فقد ذكره البخاري في "تاريخه" 3/ 1/ 432"، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. والخبر رواه أحمد في "المسند" "4/ 145" من طريق علي بن إسحاق، حدثنا عبد الله بن المبارك، به.(4/466)
ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ: أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ أَبِي حُذَيْفَةَ بنِ عُتْبَةَ وَكَعْباً رَكِبَا سَفِيْنَةً، فَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَا كَعْبُ! أَمَا تَجِدُ سَفِيْنَتَنَا هَذِهِ فِي التَّوْرَاةِ كَيْفَ تَجْرِي؟ قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ أَجِدُ فِيْهَا رَجُلاً أَشْقَى الفِتْيَةِ مِنْ قُرَيْشٍ، يَنْزُو فِي الفِتْنَةِ نَزْوَ الحِمَارِ، لاَ تَكُوْنُ أَنْتَ هُوَ.
ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، قَالَ: انْطَلَقَ ابْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، حَتَّى دَخَلَ بِهِمُ الشَّامَ، فَفَرَّقَهُم نِصْفَيْنِ، فَسَجَنَ ابْنَ أَبِي حُذَيْفَةَ وجماعة دمشق، وَسَجَنَ ابْنَ عُدَيْسٍ وَجَمَاعَةً بِبَعْلَبَكَّ.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: قُتِلَ ابْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ بِفِلَسْطِيْنَ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ, وَكَانَ مِمَّنْ أَخْرَجَهُ مُعَاوِيَةُ مِنْ مِصْرَ.
قُلْتُ: عامَّة مَنْ سَعَى فِي دَمِ عُثْمَانَ قُتِلُوا، وَعَسَى القَتْلُ خَيْراً لَهُم وَتَمْحِيْصاً.(4/467)
326- محمد بن أبي بكر الصديق 1:
وَلَدَتْهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فِي حَجَّة الوَدَاعِ، وَقْتَ الإِحْرَامِ.
وَكَانَ قَدْ ولَّاه عُثْمَانُ إِمْرَةَ مِصْرَ، كَمَا هُوَ مبيَّن فِي سِيْرَةِ عُثْمَانَ، ثُمَّ سَارَ لِحِصَارِ عُثْمَانَ، وَفَعَلَ أَمْراً كَبِيْراً، فَكَانَ أَحَدَ مَنْ توثَّب عَلَى عُثْمَانَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ انضمَّ إِلَى عَلِيٍّ، فَكَانَ مِنْ أُمَرَائِهِ، فَسَيَّرَهُ عَلَى إِمْرَةِ مِصْرَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ فِي رَمَضَانِهَا، فَالْتَقَى هُوَ وَعَسْكَرُ مُعَاوِيَةَ، فَانْهَزَمَ جَمْعُ مُحَمَّدٍ، وَاخْتَفَى هُوَ فِي بَيْتِ مِصْرِيَّةٍ، فَدَلَّتْ عَلَيْهِ. فَقَالَ: احْفَظُونِي فِي أَبِي بَكْرٍ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ بنُ حُدَيْجٍ: قَتَلْتَ ثَمَانِيْنَ مِنْ قَوْمِي فِي دَمِ الشَّهِيْدِ عُثْمَانَ، وَأَتْرُكُكَ وَأَنْتَ صَاحِبُهُ! فَقَتَلَهُ ودسَّه فِي بَطْنِ حِمَارٍ مَيِّتٍ، وَأَحْرَقَهُ.
وَقَالَ عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ: أُتِيَ بمحمد أسيرًا إلى عمرو بن العاص، فقلته -يَعْنِي: بِعُثْمَانَ.
قُلْتُ: أَرْسَلَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ القَاسِمُ بن محمد الفقيه.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ ترجمة 369"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1632"، الاستيعاب "3/ 1366"، أسد الغابة "4/ 3210"، الكاشف "3/ ترجمة 4819"، الإصابة "3/ ترجمة 8294"، تهذيب التهذيب "9/ ترجمة 101"، خلاصة الخزرجي "2/ 6089".(4/467)
327- عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي طَلْحَةَ 1:
زَيْدُ بنُ سَهْلِ بنِ الأَسْوَدِ بنِ حَرَامِ الأَنْصَارِيُّ، أَخُو أَنَسِ بنِ مالك لأمه.
وُلِدَ فِي حَيَاةِ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فحنَّكه2.
وَهُوَ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ أُمُّ سُلَيْمٍ لَيْلَةَ مَاتَ وَلَدُهَا، فَكَتَمَتْ أَبَا طَلْحَةَ مَوْتَهُ حَتَّى تعشَّى، وتصنَّعت لَهُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- حَتَّى أَتَاهَا، وَحَمَلَتْ بِهَذَا, فَأَصْبَحَ أَبُو طَلْحَةَ غَادِياً عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ لَهُ: "أَعَرَّسْتُمُ اللَّيْلَةَ؟ بَارَكَ اللهُ لَكُم فِي لَيْلَتِكُم" 3.
وَيُقَالُ: ذَاكَ الصَّبِيُّ المَيِّتُ هُوَ أَبُو عُمَيْرٍ صَاحِبُ النُّغَيْرِ4.
فَنَشَأَ عَبْدُ اللهِ، وَقَرَأَ العِلْمَ، وَجَاءهُ عَشْرَةُ أولاد قرءوا القُرْآنَ، وَرَوَى أَكْثَرُهُم العِلْمَ، مِنْهُم: إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ -شَيْخُ مَالِكٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ.
حدَّث عَنْهُ: ابْنَاهُ هَذَانِ، وَأَبُو طُوَالَةَ، وَسُلَيْمَانُ مَوْلَى الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، وَغَيْرُهُم.
وَهُوَ قَلِيْلُ الحَدِيْثِ، يَرْوِي عَنْ أَبِيْهِ، وَعَنْ أَخِيْهِ؛ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ.
وَمَاتَ قَبْلَ أَنَسٍ بمدَّة لَيْسَتْ بِكَثِيْرَةٍ.
رَوَى له مسلم، والنسائي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 74"، التاريخ الكبير "5/ 262"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 267"، الاستيعاب "3/ 929"، أسد الغابة "3/ 284"، الكاشف "2/ ترجمة رقم 2819"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 337"، الإصابة "2/ ترجمة 6178"، تهذيب التهذيب "5/ ترجمة 461"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3579".
2 صحيح: أخرجه البخاري "5470"، ومسلم "2144" من حديث أنس بن مالك قال: ذهبت بعبد الله بن أبي طلحة الأنصاري إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين وُلِدَ, وَرَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي عباءة يهنأ بعيرا له -أي: يطله بالقطران- فقال: هل معك تمر؟ فقلت: نعم. فناولته تمرات فألقاهنَّ في فيه فلاكهنَّ, ثم فغر فاه الصبي فمَجَّه في فيه، فجعل الصبي يتلمَّظه, فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "حب الأنصار التمر"، وسماه عبد الله.
3 صحيح: أخرجه ابن سعد "8/ 433"، وأحمد "3/ 106"، والبخاري "5470"، ومسلم "2144" "23" من طريق محمد بن سيرين، وأنس بن سيرين، كلاهما عن أنس به.
4 فقد ورد عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أحسن الناس خلقا, وكان لي أخ يقال له أبو عمير -قال: أحسبه فطيما- وكان إذا جاء قال: يا أبا عمير، ما فعل النغير؟ نغر كان يلعب به، فربما حضر الصلاة وهو في بيتنا، فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس وينضح، ثم يقوم ونقوم خلفه فيصلي بنا".
أخرجه أحمد "3/ 212"، والبخاري "6203"، ومسلم "659" و"2150"، والبيهقي "5/ 203" من طريق أبي التياح، عن أنس بن مالك، به.(4/468)
328- عبد الرحمن بن الحارث بن هشام 1: "خَ، 4"
ابْنِ المُغِيْرَةِ بنِ عَبْدِ اللهِ، أَبُو مُحَمَّدٍ, مِنْ أَشْرَافِ بَنِي مَخْزُوْمٍ.
كَانَ أَبُوْهُ مِنَ الطُّلَقَاءِ، وَمِمَّنْ حَسُنَ إِسْلاَمُهُ, وَلاَ صُحْبَةَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ، بَلْ لَهُ رُؤْيَةٌ، وَتِلْكَ صُحْبَةٌ مُقَيَّدَةٌ.
وَرَوَى عَنْ أَبِيْهِ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأُمِّ المُؤْمِنِيْنَ حَفْصَةَ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ؛ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ -أَحَدُ الفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ, وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو قِلاَبَةَ، وَهِشَامُ بنُ عَمْرٍو الفَزَارِيُّ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَاطِبٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ أَرْسَلَتْهُ عَائِشَةُ إِلَى مُعَاوِيَةَ يُكَلِّمُهُ فِي حُجْر بنِ الأَدْبَرِ، فَوَجَدَهُ قَدْ قَتَلَهُ، وَفَرَطَ الأَمْرُ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَتْ عَائِشَةُ تقول: لأن أكون قعدت عن مسيري إِلَى البَصْرَةِ أَحَبُّ إليَّ مِنْ أَنْ يَكُوْنَ لِي عَشْرَةُ أَوْلاَدٍ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ.
قُلْتُ: هُوَ ابْنُ أُخْتِ أَبِي جَهْلٍ, وَكَانَ مِنْ نُبَلاَءِ الرِّجَالِ.
تُوُفِّيَ قَبْلَ مُعَاوِيَةَ، ومات أبوه زمن عمر.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 5"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 880"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1054"، الاستيعاب "2/ 827"، أسد الغابة "3/ 431"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 3651"، الكاشف "2/ ترجمة 3207"، الإصابة "2/ ترجمة 5100" و"3/ ترجمة 6199"، تهذيب التهذيب "6/ ترجمة 318"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4059".(4/469)
329- محمود بن لبيد 1: "م، 4"
ابن عقبة بن رافع، أَبُو نُعَيْمٍ الأَنْصَارِيُّ، الأَوْسِيُّ، الأَشْهَلِيُّ، المَدَنِيُّ.
وُلِدَ بِالمَدِيْنَةِ فِي حَيَاةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَرَوَى عَنْهُ أَحَادِيْثَ يُرْسِلُهَا.
وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَقَتَادَةَ بنِ النُّعْمَانِ، وَرَافِعِ بنِ خَدِيْجٍ.
حدَّث عَنْهُ: بُكَيْرُ بنُ الأَشَجِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَاصِمُ بنُ عُمَرَ بنِ قَتَادَةَ، وَآخَرُوْنَ.
وَفِي أَبِيْهِ نَزَلَتْ آيَةُ الرُّخْصَةِ، فيمَن لاَ يَسْتَطِيْعُ الصَّوْمَ.
قَالَ البخاري: له صحبة.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: هُوَ أَسَنُّ مِنْ مَحْمُوْدِ بنِ الرَّبِيْعِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ ابْنُ لَبِيْدٍ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ. وَيُقَالُ: فِي سَنَةِ ست.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 77"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1762"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1329"، الاستيعاب "3/ 1378"، أسد الغابة "5/ 117"، تجريد أسماء الصحابة "2/ ترجمة 687"، الإصابة "3/ ترجمة 7821"، تهذيب التهذيب "10/ ترجمة 110"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6887".(4/469)
330- هاشم بن عُتبة 1:
ابن أَبِي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيُّ. وَيُعْرَفُ: بِالمِرْقَالِ.
مِنْ أُمَرَاءِ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّيْنَ. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَشَهِدَ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ؛ فَذَهَبَتْ عَيْنُهُ يَوْمَئِذٍ، وَشَهِدَ فُتُوحَ دِمَشْقَ. وَكَانَ مَعَهُ رَايَةُ الإِمَامِ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّيْنَ، فقُتِلَ يَوْمَئِذٍ. وَكَانَ مَوْصُوَفاً بِالشَّجَاعَةِ وَالإِقدَامِ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
وَبَعْضُهُم عدَّه فِي الصَّحَابَةِ بِاعْتِبَارِ إِدْرَاكِ زمن النبوة.
__________
1 ترجمته في أسد الغابة "5/ 377"، الإصابة "3/ ترجمة 8912".(4/230)
331- طارق بن شهاب 1: "ع"
ابن عبد شمس بن سلمة الأحمسي البجلي، الكوفي.
رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَغَزَا فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَأَرْسَلَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَبِلاَلٍ، وَخَالِدِ بنِ الوَلِيْدِ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَعَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعِدَّةٍ.
حدَّث عَنْهُ: قَيْسُ بنُ مُسْلِمٍ، وَسِمَاكُ بنُ حَرْبٍ، وَعَلْقَمَةُ بنُ مَرْثَدٍ، وَسُلَيمَانُ بنُ مَيْسَرَةَ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَمُخَارِقُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَطَائِفَةٌ.
قَالَ قَيْسُ بنُ مُسْلِمٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَغَزَوتُ فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بِضْعاً وَثَلاَثِيْنَ -أَوْ قَالَ: بِضْعاً وَأَرْبَعِيْنَ, مِنْ بَيْنِ غَزْوَةٍ وَسَرِيَّةٍ2.
قُلْتُ: وَمَعَ كَثْرَةِ جِهَادِهِ كَانَ مَعْدُوْداً مِنَ العُلَمَاءِ.
مَاتَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ, وَقِيْلَ: بَلْ تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ.
فأمَّا مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ؛ مِنْ أَنَّهُ مَاتَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ ومائة، فخطأ بَيِّن، أو سبقُ قَلَمٍ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 3114"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 2128"، أسد الغابة "3/ 70"، الإصابة "2/ ترجمة 4226".
2 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 314-315"، والطبراني "8205" من طريق شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسِ بنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقٍ بنِ شِهَابٍ، به.(4/470)
332- عبد الله بن شداد 1: "ع"
ابن الهاد الليثي، الفَقِيْهُ، أَبُو الوَلِيْدِ المَدَنِيُّ، ثُمَّ الكُوْفِيُّ.
وَأُمُّهُ هِيَ سُلْمَى أُخْتُ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ, وَكَانَتْ سُلْمَى تَحْتَ حَمْزَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ, فلمَّا استُشْهِدَ تزوَّجها شَدَّادٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ, فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ اللهِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
حدَّث عَنْ أَبِيْهِ، وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَطَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَجَمَاعَةٍ.
حدَّث عَنْهُ: الحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ، وَمَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شُبْرُمَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَسَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَذَرٌّ الهَمْدَانِيُّ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ عمَّار الدُّهْنِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
عدَّه خَلِيْفَةُ فِي تَابِعِي أَهْلِ الكُوْفَةِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: فِي الطَّبَقَةِ الأُوْلَى مِنْ تَابِعِي أَهْلِ المَدِيْنَةِ, رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَكَانَ ثِقَةً، قَلِيْلَ الحَدِيْثِ، شِيْعِيّاً.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ: كَانَ يَأْتِي الكُوْفَةَ كثيرًا، فنزله وخرج مع ابن الأَشْعَثِ، فَقُتِلَ لَيْلَةَ دُجَيْلَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ.
قَالَ عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ شَدَّادٍ يَقُوْلُ: وَدِدْتُ أَنِّي قُمْتُ عَلَى المِنْبَرِ مِنْ غُدْوَةٍ إِلَى الظُّهْرِ، فَأَذْكُرُ فَضَائِلَ علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ثُمَّ أَنْزِلُ، فيُضرَب عُنُقِي.
قُلْتُ: هَذَا غُلُوٌّ وَإِسْرَافٌ. سَمِعَهَا خَالِدٌ الطَّحَّانُ مِنْ عَطَاءٍ.
حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ مخرَّج فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ، وَلاَ نزاع في ثقته.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 61" و"6/ 126"، التاريخ الكبير "5/ ترجمته 342"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 373"، تاريخ بغداد "9/ 473"، الاستيعاب "3/ 926", أسد الغابة "3/ 275" الكاشف "2/ ترجمة 2804", الإصابة "3/ ترجمة 6176"، تهذيب التهذيب "5/ ترجمة 441"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3560".(4/471)
333- كَعْب الأَحْبَار 1: "د، ت، س"
هُوَ كَعْبُ بنُ مَاتِعٍ الحِمْيَرِيُّ، اليَمَانِيُّ، العلَّامة، الحَبْر، الَّذِي كَانَ يَهُودِيّاً فَأَسْلَمَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَقَدِمَ المَدِيْنَةَ مِنَ اليَمَنِ فِي أَيَّامِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ, فَجَالَسَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَكَانَ يُحَدِّثُهُم عَنِ الكُتُبِ الإِسْرَائِيْليَّةِ، وَيَحْفَظُ عَجَائِبَ، وَيَأْخُذُ السُّنَنَ عَنِ الصحابة, وكان حسن الإسلام، مَتِيْنَ الدّيَانَةِ، مِنْ نُبَلاَءِ العُلَمَاءِ.
حدَّث عَنْ عُمَرَ، وَصُهَيْبٍ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَمُعَاوِيَةُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ رِوَايَةِ الصَّحَابِيِّ عَنِ التَّابِعِيِّ، وَهُوَ نَادِرٌ عَزِيزٌ.
وحدَّث عَنْهُ أَيْضاً: أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ، وَتُبَيْعٌ الحِمْيَرِيُّ ابْنُ امْرَأَةِ كَعْبٍ، وَأَبُو سَلاَّمٍ الأَسْوَدُ, وَرَوَى عَنْهُ: عِدَّةٌ مِنَ التَّابِعِيْنَ؛ كَعَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، وَغَيْرِهِ، مُرْسَلاً.
وَكَانَ خَبِيْراً بِكُتُبِ اليَهُوْدِ، لَهُ ذَوْقٌ فِي مَعْرِفَةِ صَحِيحِهَا مِنْ بَاطِلِهَا فِي الجُمْلَةِ.
وَقَعَ لَهُ رِوَايَةٌ فِي "سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ"، وَ"التِّرْمِذِيِّ"، وَ"النَّسَائِيِّ".
سَكَنَ بِالشَّامِ بِأَخَرَةٍ، وَكَانَ يَغْزُو مَعَ الصَّحَابَةِ.
رَوَى خَالِدُ بنُ مَعْدَانَ، عَنْ كَعْبِ الأَحْبَارِ، قَالَ: لأن أبكي من خشية أَحَبُّ إليَّ مِنْ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِوَزْنِي ذَهَباً.
تُوُفِّيَ كَعْبٌ بِحِمْصَ ذَاهِباً لِلْغَزْوِ فِي أَوَاخِرِ خِلاَفَةِ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ, فَلَقَدْ كَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: أَبُو الرَّبَابِ مُطَرِّفُ بنُ مَالِكٍ القُشَيْرِيُّ -أَحَدُ مَنْ شَهِدَ فَتْحَ تُسْتَرَ.
فَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ، عَنْ أَبِي الرَّبَابِ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- نَعُوْدُهُ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيْرٌ، وَكُنْتُ أَحَدَ خَمْسَةٍ وَلُوا قَبْضَ السُّوْسِ, فأتاني رجل بكتاب،
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 445"، والتاريخ الكبير "7/ ترجمة 962"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 906"، حلية الأولياء "5/ 364-391" و"6/ 3- 47"، أسد الغابة "4/ 487"، الكاشف "3/ ترجمة 4733"، تجريد أسماء الصحابة "2/ 355"، تهذيب التهذيب "8/ ترجمة 793"، الإصابة "3/ ترجمة 7496"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5964".(4/472)
فَقَالَ: بِيْعُوْنِيْهِ، فَإِنَّهُ كِتَابُ اللهِ، أُحْسِنُ أَقْرَؤُهُ وَلاَ تُحْسِنُوْنَ, فَنَزَعْنَا دفَّتيه، فَأَخَذَهُ بِدِرْهَمَيْنِ. فلمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ خَرَجْنَا إِلَى الشَّامِ، وَصَحِبَنَا شَيْخٌ عَلَى حِمَارٍ، بَيْنَ يَدَيْهِ مُصْحَفٌ يَقْرَؤُهُ، وَيَبْكِي، فَقُلْتُ: مَا أَشْبَهَ هَذَا المُصْحَفَ بِمُصْحَفٍ شَأْنُهُ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: إِنَّهُ هُوَ. قُلْتُ: فَأَيْنَ تُرِيْدُ؟ قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ كَعْبُ الأَحْبَارِ عَامَ أَوَّلَ، فَأَتَيْتُهُ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيَّ، فَهَذَا وجهي إليه. قلت: فأنا معك. فانطقلنا حَتَّى قَدِمْنَا الشَّامَ، فَقَعَدْنَا عِنْدَ كَعْبٍ، فَجَاءَ عِشْرُوْنَ مِنَ اليَهُوْدِ، فِيْهِم شَيْخٌ كَبِيْرٌ يَرْفَعُ حَاجِبَيْهِ بِحَرِيْرَةٍ، فَقَالُوا: أَوْسِعُوا أَوْسِعُوا. فَأَوْسَعُوا، وَرَكِبْنَا أَعْنَاقَهُم، فتكلَّموا. فَقَالَ كَعْبٌ: يَا نُعَيْمُ! أَتُجِيْبُ هَؤُلاَءِ، أَوْ أُجِيْبُهُم؟ قَالَ: دَعُوْنِي حَتَّى أفقِّه هَؤُلاَءِ مَا قَالُوا، إِنَّ هَؤُلاَءِ أَثْنَوْا عَلَى أَهْلِ مِلَّتِنَا خَيراً، ثُمَّ قَلَبُوا أَلْسِنَتَهُم، فَزَعَمُوا أنَّا بِعْنَا الآخِرَةَ بِالدُّنْيَا، هلمَّ فَلنُوَاثِقْكُم، فَإِنْ جِئْتُم بِأَهْدَى مِمَّا نَحْنُ عَلَيْهِ اتَّبَعنَاكُم، وَإِلاَّ قاتبعونا إِنْ جِئْنَا بِأَهْدَى مِنْهُ. قَالَ: فَتَوَاثَقُوا. فَقَالَ كَعْبٌ: أَرْسِلْ إِلَيَّ ذَلِكَ المُصْحَفَ, فَجِيْءَ بِهِ، فَقَالَ: أَتَرْضَوْنَ أَنْ يَكُوْنَ هَذَا بَيْنَنَا؟ قَالُوا: نَعَمْ، لاَ يُحْسِنُ أَحَدٌ أَنْ يَكْتُبَ مِثْلَهُ اليَوْمَ. فَدَفَعَ إِلَى شَابٍّ مِنْهُم، فَقَرَأَ كَأَسْرَعِ قَارِئٍ، فلمَّا بَلَغَ إِلَى مَكَانٍ مِنْهُ، نَظَرَ إِلَى أَصْحَابِهِ كَالرَّجُلِ يُؤذِنُ صَاحِبَهُ بِالشَّيْءِ، ثُمَّ جَمَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: يه. فَنَبَذَهُ. فَقَالَ كَعْبٌ: آهُ. وَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ فِي حَجْرِهِ، فَقَرَأَ، فَأَتَى عَلَى آيَةٍ مِنْهُ فَخَرُّوا سُجَّداً، وَبَقِيَ الشَّيْخُ يبكي. قيل: ما يُبْكِيْكَ؟ قَالَ: وَمَا لِي لاَ أَبْكِي، رَجُلٌ عَمِلَ فِي الضَّلاَلَةِ كَذَا وَكَذَا سَنَةً، وَلَمْ أَعْرِفِ الإِسْلاَمَ حَتَّى كَانَ اليَوْمَ.
وَقَالَ هَمَّامٌ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَصَبْنَا دَانِيَالَ بِالسُّوسِ فِي لَحْدٍ مِنْ صُفْرٍ، وَكَانَ أَهْلُ السُّوسِ إِذَا أَسْنَتُوا اسْتَخْرَجُوهُ فَاسْتَسْقَوْا بِهِ؛ وَأَصَبْنَا مَعَهُ رَبْطَتَيْنِ مِنْ كَتَّانٍ, وَسِتِّيْنَ جَرَّةً مَخْتُوْمَةً، فَفَتَحْنَا وَاحِدَةً فَإِذَا فِيْهَا عَشْرَةُ آلاَفٍ، وَأَصَبْنَا مَعَهُ رَبْعَةً فِيْهَا كِتَابٌ، وَكَانَ مَعَنَا أَجِيْرٌ نَصْرَانِيٌّ يُقَالُ لَهُ: نُعَيْمٌ، فَاشْتَرَاهَا بِدِرْهَمَيْنِ.
ثُمَّ قَالَ قَتَادَةُ: وحدَّثني أَبُو حَسَّانٍ: إنَّ أَوَّلَ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ حُرْقُوْصٌ، فَأَعْطَاهُ أَبُو مُوْسَى الرَّبْطَتَيْنِ، وَمائَتَيْ دِرْهَمٍ, ثم إنه طلب أن يرد علي الرَّبْطَتَيْنِ، فَأَبَى, فَشَققَهَا عَمَائِمَ، وَكَتَبَ أَبُو مُوْسَى فِي ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ؛ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَعَا أَنْ لاَ يَرِثَهُ إِلاَّ المُسْلِمُوْنَ، فَصَلِّ عَلَيْهِ وَادْفِنْهُ.
قَالَ هَمَّامُ بنُ يَحْيَى: وَحَدَّثَنَا فَرْقَدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو تَمِيْمَةَ: أَنَّ كِتَابَ عُمَرَ جَاءَ أَنِ اغْسِلْهُ بِالسِّدْرِ وَمَاءِ الرَّيْحَانِ.
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيْثِ مُطَرِّفِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ: فَبَدَا لِي أَنْ آتِيَ بَيْتَ المَقْدِسِ، فَبَيْنَا أَنَا فِي الطَّرِيْقِ، إِذَا أَنَا براكب شبهته بذلك الأجير النصراني، فقلت: نعم؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: مَا(4/473)
فَعَلْتَ بِنَصْرَانِيَّتِكَ؟ قَالَ: تحنَّفت بَعْدَكَ, ثُمَّ أَتَيْنَا دِمَشْقَ، فَلَقِيْتُ كَعْباً، فَقَالَ: إِذَا أَتَيْتُم بَيْتَ المَقْدِسِ فَاجْعَلُوا الصَّخْرَةَ بَيْنَكُم وَبَيْنَ القِبْلَةِ, ثُمَّ انْطَلَقْنَا ثَلاَثَتُنَا حَتَّى أَتَيْنَا أَبَا الدَّرْدَاءِ, فَقَالَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ لِكَعْبٍ: ألَا تُعْدِنِي عَلَى أَخِيْكَ؟ يَقُوْمُ اللَّيْلَ وَيَصُوْمُ النَّهَارَ. قَالَ: فَجَعَلَ لَهَا مِنْ كُلِّ ثَلاَثِ ليالٍٍ لَيْلَةً. ثُمَّ أَتَيْنَا بَيْتَ المَقْدِسِ، فَسَمِعَتْ يَهُوْدُ بِنُعَيْمٍ وَكَعْبٍ، فَاجْتَمَعُوا, فَقَالَ كَعْبٌ: هَذَا كِتَابٌ قَدِيْمٌ وَإِنَّهُ بلُغَتِكم فاقرءوه. فَقَرَأَهُ قَارِئُهُم حَتَّى أَتَى عَلَى ذَلِكَ المَكَانِ: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آلُ عِمْرَانَ: 85] . فَأَسْلَمَ مِنْهُم اثْنَانِ وَأَرْبَعُوْنَ حَبْراً، فَفَرَضَ لَهُم مُعَاوِيَةُ وَأَعْطَاهُم.
ثُمَّ قَالَ هَمَّامٌ: وحدَّثني بِسْطَامُ بنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ قُرَّةَ, أَنَّهُم تَذَاكَرُوا ذَلِكَ الكِتَابَ، فمَرَّ بِهِم شَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ، فَقَالَ: عَلَى الخَبِيْرِ سَقَطْتُم؛ إِنَّ كَعْباً لَمَّا احتُضِرَ قَالَ: ألَا رَجُلٌ أَأْتَمِنُهُ عَلَى أَمَانَةٍ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا. فَدَفَعَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الكِتَابَ، وَقَالَ: ارْكَبِ البُحَيْرَةَ، فَإِذَا بَلَغْتَ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا، فَاقْذِفْهُ. فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِ كَعْبٍ، فَقَالَ: كِتَابٌ فِيْهِ عِلْمٌ، وَيَمُوْتُ كَعْبٌ لاَ أفرِّط بِهِ. فَأَتَى كَعْباً، وَقَالَ: فَعَلْتُ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ. قَالَ: فَمَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: لَمْ أَرَ شَيْئاً, فَعَلِمَ كَذِبَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُنَاشِدُهُ وَيَطْلُبُ إِلَيْهِ حَتَّى ردَّه عَلَيْهِ، فَقَالَ: ألَا مَنْ يُؤَدِّي أَمَانَةً؟ قَالَ رَجُلٌ: أَنَا. فَرَكِبَ سَفِيْنَةً، فلمَّا أَتَى ذَلِكَ المَكَانَ ذَهَبَ لِيَقْذِفَهُ، فَانْفَرَجَ لَهُ البَحْرُ، حَتَّى رَأَى الأَرْضَ، فَقَذَفَهُ وَأَتَاهُ، فَأَخْبَرَهُ, فَقَالَ كَعْبٌ: إِنَّهَا التَّوْرَاةُ كما أنزلها الله على موسى، مَا غُيِّرَتْ وَلاَ بدَّلت، وَلَكِنْ خَشِيْتُ أَنْ يتَّكل عَلَى مَا فِيْهَا، وَلَكِن قُوْلُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، ولقِّنوها مَوْتَاكُم.
هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي "تَارِيْخِهِ"، عَنْ هُدْبَةَ، عَنْ همَّام. وَشَهْرٌ لَمْ يَلْحَقْ كَعْباً.
وَهَذَا القَوْلُ مِنْ كَعْبٍ دالٌّ عَلَى أَنَّ تِيْكَ النُّسْخَةَ مَا غُيِّرَتْ وَلاَ بُدِّلَتْ، وأنَّ مَا عَدَاهَا بِخِلاَفِ ذَلِكَ. فَمَنِ الَّذِي يَسْتَحِلُّ أَنْ يُورِدَ اليَوْمَ مِنَ التَّوْرَاةِ شَيْئاً عَلَى وَجْهِ الاحْتِجَاجِ مُعْتَقِداً أَنَّهَا التَّوْرَاةُ المنزَّلة؟ كلَّا وَاللهِ.(4/474)
334- زياد بن أبيه 1:
وهو زيد بنُ عُبَيْدٍ الثَّقَفِيُّ، وَهُوَ زِيَاد ابْنُ سُمَيَّةَ، وَهِيَ أُمُّهُ، وَهُوَ زِيَادُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ الَّذِي اسْتَلْحَقَهُ مُعَاوِيَةُ بِأَنَّهُ أَخُوْهُ.
كَانَتْ سُمَيَّةُ مَوْلاَةً لِلْحَارِثِ بنِ كَلَدة الثَّقَفِيِّ طَبِيبِ العَرَبِ.
يكنَّى أَبَا المُغِيْرَةِ.
لَهُ إِدْرَاكٌ، وُلِدَ عَامَ الهِجْرَةِ، وَأَسْلَمَ زَمَنَ الصِّدِّيْقِ وَهُوَ مُرَاهِقٌ. وَهُوَ أَخُو أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ الصَّحَابِيِّ لأُمِّهِ. ثُمَّ كَانَ كَاتِباً لأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ زَمَنَ إِمْرَتِهِ على البصرة.
سَمِعَ مِنَ عُمَرَ، وَغَيْرِهِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ سيرين، وعبد الله بنُ عُمَيْرٍ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ مِنْ نُبَلاَءِ الرِّجَالِ رَأْياً وَعَقْلاً، وَحَزْماً وَدَهَاءً وَفِطْنَةً, كَانَ يُضْرَب بِهِ المَثَلُ فِي النُّبْلِ وَالسُّؤْدُدِ.
وَكَانَ كَاتِباً بَلِيْغاً. كَتَبَ أَيْضاً لِلْمُغِيْرَةِ، وَلابْنِ عَبَّاسٍ، وَنَابَ عَنْهُ بِالبَصْرَةِ.
يُقَالُ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَتَى الطَّائِفَ, فَسَكِرَ فَطَلَبَ بَغِيّاً، فَوَاقَعَ سُمَيَّةَ، وَكَانَتْ مزوَّجة بِعُبَيْدٍ، فَوَلَدَتْ مِنْ جِمَاعِهِ زِيَاداً. فلمَّا رَآهُ مُعَاوِيَةُ مِنْ أَفْرَادِ الدَّهْرِ، اسْتَعْطَفَهُ وَادَّعَاهُ، وَقَالَ: نَزَلَ مِنْ ظَهْرِ أَبِي.
وَلَمَّا مَاتَ عَلِيٌّ كَانَ زِيَادٌ نَائِباً لَهُ عَلَى إِقْلِيْمِ فَارِسٍ.
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: قَالَ زِيَادٌ لأَبِي بَكْرَةَ: أَلَمْ تَرَ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يُرِيْدُنِي عَلَى كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ وُلِدْتُ عَلَى فِرَاشِ عُبَيْدٍ، وَأَشْبَهْتُهُ؟ وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنِ ادَّعى إِلَى غير أبيه فليتبوأ مقعده من النار" 2, ثُمَّ أَتَى فِي العَامِ المُقْبِلِ، وَقَدِ ادَّعاه.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 99"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1201"، أسد الغابة "2/ 271"، الإصابة "1/ ترجمة 2987".
2 صحيح بغير هذا اللفظ: أخرجه البخاري "6766" و"6767"، والبيهقي "7/ 403" من طريق مسدد، حدثنا خالد -وهو ابن عبد الله, حدثنا خالد، عن أبي عثمان، عن سعد -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "مَنْ ادَّعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه, فالجنة عليه حرام" فذكرته لأبي بكرة فقال: وأنا سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وأخرجه أحمد "5/ 46"، ومسلم "63" "114"، والبيهقي "7/ 403" من طرق عن هشيم بن بشير أخبرنا خالد، عن أبي عثمان قال: لما ادَّعى زياد، لقيت أبا بكرة فقلت له: ما هذا الذي صنعتم؟ إني سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: سمع أذناي مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يقول: "من ادعى أبا في الإسلام غير أبيه، يعلم أنه غير أبيه، فالجنة عليه حرام" فقال أبو بكرة: وأنا سمعته مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأخرجه الطيالسي "199"، وأحمد "1/ 174 و179" و"5/ 38"، والبخاري "4326" و"4327" ومسلم "63" "115"، وأبو داود "5113"، وابن ماجه "2610"، والدارمي "2/ 244 و343", وأبو عوانة "1/ 28 و29"، والبغوي "2376" من طرق عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سعد وأبي بكرة, كلاهما يقول: سمعته أذناي، ووعاه قلبي محمد -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من ادعى إلى غير أبيه، وهو يعلم أنه غير أبيه، فالجنة عليه حرام".(4/475)
قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَخْطَبَ مِنْ زِيَادٍ.
وَقَالَ قَبِيْصَةُ بنُ جَابِرٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَخْصَبَ نَادِياً، وَلاَ أَكْرَمَ جَلِيْساً، وَلاَ أَشْبَهَ سَرِيرَةً بِعَلاَنِيَةٍ مِنْ زِيَادٍ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ خَيْراً مِنْ زِيَادٍ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِ "الفِصَلِ": لَقَدِ امْتَنَعَ زِيَادٌ وَهُوَ فِقَعَةُ1 القَاعِ، لاَ نَسَبَ لَهُ وَلاَ سَابِقَةً، فَمَا أَطَاقَهُ مُعَاوِيَةُ إِلاَّ بِالمُدَارَاةِ، ثُمَّ اسْتَرْضَاهُ، وولَّاه.
قَالَ أَبُو الشَّعْثَاءِ: كَانَ زِيَادٌ أَفْتَكَ مِنَ الحجَّاج لِمَنْ يُخَالِفُ هَوَاهُ.
وَقَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: بَلَغَ ابْنَ عُمَرَ أنَّ زِيَاداً كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ: إني قد ضبط العِرَاقَ بِيَمِيْنِي، وَشِمَالِي فَارِغَةٌ، وَسَأَلَهُ أَنْ يُوَلِّيَهُ الحِجَازَ, فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: اللهمَّ إِنَّكَ إِنْ تَجْعَلْ فِي القَتْلِ كفَّارة، فَمَوْتاً لابْنِ سُمَيَّةَ لاَ قَتْلاً. فَخَرَجَ فِي أُصْبُعِهِ طَاعُوْنٌ، فَمَاتَ.
قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: بَلَغَ الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ أَنَّ زِيَاداً يتتبَّع شِيْعَةَ عَلِيٍّ بِالبَصْرَةِ فَيَقْتُلُهُم، فَدَعَا عَلَيْهِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ جَمَعَ أَهْلَ الكُوْفَةِ لِيَعْرِضَهُم عَلَى البَرَاءةِ مِنْ أَبِي الحَسَنِ، فَأَصَابَهُ حِيْنَئِذٍ طَاعُوْنٌ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَلَهُ أَخْبَارٌ طَوِيْلَةٌ. وَليَ المِصْرَيْنِ؛ فَكَانَ يَشْتُو بِالبَصْرَةِ، ويصيّف بالكوفة.
دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: أُتِيَ زِيَادٌ فِي مَيِّتٍ تَرَكَ عَمَّةً وَخَالَةً، فَقَالَ: قَضَى فِيْهَا عُمَرُ أَنْ جَعَلَ الخَالَةَ بِمَنْزِلَةِ الأُخْتِ، والعمَّة بِمَنْزِلَةِ الأخ، فأعطاهما المال.
__________
1 الفِقَعَة: جمع فِقْع: وهو ضرب من أردأ الكمأة, قاله ابن الأثير. وقال أبو حنيفة: الفقع: يطلع من الأرض فيظهر أبيض وهو رديء، الجيد ما حفر عنه واستخرج. والجمع أفقع وفقوع وفقعة. ويشبه به الرجل الذليل فيقال: هو فَقْعٌ قَرْقَر. ويقال أيضًا: أذلّ من فقع بقرقر؛ لأن الدوابَّ تنجله بأرجلها.(4/476)
335- صلة بن أشيم 1:
الزَّاهِدُ، العَابِدُ، القُدْوَةُ، أَبُو الصَّهْبَاءِ العَدَوِيُّ، البَصْرِيُّ، زَوْجُ العَالِمَةِ مُعَاذَةَ العَدَوِيَّةِ.
مَا عَلِمْتُهُ رَوَى سِوَى حَدِيْثٍ وَاحِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
حدَّث عَنْهُ: أَهْلُهُ؛ مُعَاذَةُ، وَالحَسَنُ، وَحُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ، وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ، وَغَيْرُهُم.
ابْنُ المُبَارَكِ فِي "الزُّهْدِ": عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَكُوْنُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: صِلَةُ، يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِشَفَاعَتِهِ كَذَا وَكَذَا"2.
هَذَا حَدِيْثٌ مُعْضَلٌ.
جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَزِيْدِ الرِّشْكِ، عَنْ معاذ، قَالَتْ: كَانَ أَبُو الصَّهْبَاءِ يُصَلِّي حَتَّى مَا يستطيع أن يأتي فراشه إلّا زحفًا3.
وَقَالَتْ مُعَاذَةُ: كَانَ أَصْحَابُهُ -تَعْنِي: صِلَةَ- إِذَا الْتَقَوْا عَانَقَ بَعْضُهُم بَعْضاً.
وَقَالَ ثَابِتٌ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى صِلَةَ بِنَعْيِ أَخِيْهِ، فَقَالَ لَهُ: ادْنُ، فَكُلْ، فَقَدْ نُعِيَ إِلَيَّ أَخِي مُنْذُ حِيْنٍ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزُّمَرُ: 30] .
وَقَالَ حمَّاد بنُ سَلَمَةَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ: أنَّ صِلَةَ كَانَ فِي الغَزْوِ وَمَعَهُ ابْنُهُ، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ! تقدَّم، فَقَاتِلْ حَتَّى أَحْتَسِبَكَ, فَحَمَلَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ تقدَّم صِلَةُ فَقُتِلَ، فَاجْتَمَعَ النِّسَاءُ عِنْدَ امْرَأَتِهِ مُعَاذَةَ، فَقَالَتْ: مَرْحَباً إِنْ كنتنَّ جئتنَّ لتهنِّئنَّنِي، وَإِنْ كنتنَّ جئتنَّ لِغَيْرِ ذَلِكَ فارجعنَ.
جَرِيرُ بنُ حَازِمٍ, عَنْ حُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ، عَنْ صِلَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا فِي قَرْيَةٍ وَأَنَا عَلَى دَابَّتِي فِي زَمَانِ فُيُوضِ المَاءِ، فَأَنَا أَسِيْرُ عَلَى مُسَنَّاةٍ5، فَسِرْتُ يَوْماً لاَ أَجِدُ مَا آكُلُ، فَلَقِيَنِي عِلْجٌ4 يَحْمِلُ عَلَى عَاتِقِهِ شَيْئاً، فَقُلْتُ: ضَعْهُ, فَإِذَا هُوَ خُبْزٌ، قُلْتُ: أَطْعِمْنِي. فَقَالَ: إِنْ شئت, ولكن
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 134"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2987"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1965"، الحلية "2/ 237"، أسد الغابة "4/ 34"، الإصابة "2/ ترجمة 4132".
2 ضعيف: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "2/ 241" من طريق ابن المبارك، به. وهو معضل. والمعضل: هو ما سقط من إسناده راويان فأكثر على التوالي.
3 حسن: أخرجه ابن سعد "7/ 136" قال: أخبرنا عفّان وغيره، عن جعفر بن سليمان، عن يزيد الرشك، به.
قلت: إسناده حسن، جعفر بن سليمان هو الضبعي، أبو سليمان البصري، صدوق -كما قال الحافظ في "التقريب", ويزيد الرشك هو يزيد بن أبي يزيد الضبعي, أبو الأزهري البصري, يعرف بالرشك -بكسر الراء وسكون المعجمة، ثقة عابد, وهم من لينه، من الطبقة السادسة، مات سنة ثلاثين، وهو ابن مائة سنة, روى له الجماعة.
4 المسناة: ضفيرة تُبْنَى للسيل لتردَّ الماء، سميت مسناة لأنَّ فيها مفاتح للماء بقدر ما تحتاج إليه مما لا يغلب، مأخوذ من قولك: سنيت الشيء والأمر إذا فتحت وجهه.
5 علج: الرجل الشديد الغليظ، والجمع أعلاج وعلوج.(4/477)
فِيْهِ شَحْمُ خِنْزِيْرٍ، فَتَرَكْتُهُ، ثُمَّ لَقِيْتُ آخَرَ فقلت: أطمعني. قَالَ: هُوَ زَادِي لأَيَّامٍ، فَإِنْ نَقصتَهُ أَجَعْتَنِي. فَتَرَكْتُهُ، فَوَاللهِ إِنِّيْ لأَسِيْرُ؛ إِذْ سَمِعْتُ خَلْفِي وجبة كوجبة الطير، فالتفت، فإن هُوَ شَيْءٌ مَلْفُوفٌ فِي سِبٍّ1 أَبْيَضَ، فَنَزَلْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا دَوْخَلَةٌ2 مِنْ رُطَبٍ فِي زَمَانٍ لَيْسَ فِي الأَرْضِ رُطبَةٌ، فَأَكَلْتُ مِنْهُ، ثُمَّ لَفَفْتُ مَا بَقِيَ، وَرَكِبْتُ الفَرَسَ، وَحَمَلْتُ مَعِي نواهُنَّ.
قَالَ جَرِيرُ بنُ حَازِمٍ: فَحَدَّثَنِي أَوْفَى بنُ دِلْهَمٍ، قَالَ: رَأَيْتُ ذَلِكَ السِّبَّ مَعَ امْرَأَتِهِ، فِيْهِ مُصْحَفٌ، ثُمَّ فُقِدَ بَعْدُ3.
وَرَوَى نَحْوَهُ عَوْفٌ، عَنْ أَبِي السَّلِيْلِ، عَنْ صِلَةَ.
فَهَذِهِ كَرَامَةٌ ثَابِتَةٌ.
ابْنُ المُبَارَكِ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بنُ سَعِيْدٍ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بنُ جَعْفَرِ بنِ زَيْدٍ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، قَالَ: خَرَجْنَا فِي غَزَاةٍ إِلَى كَابُلَ، وَفِي الجَيْشِ صِلَةُ، فَنَزَلُوا، فَقُلْتُ: لأرمقنَّ عَمَلَهُ. فَصَلَّى، ثُمَّ اضطَجَعَ، فَالْتَمَسَ غَفْلَةَ النَّاسِ، ثُمَّ وَثَبَ، فَدَخَلَ غَيْضَةً فَدَخَلْتُ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ أَسَدٌ حَتَّى دَنَا مِنْهُ، فَصَعدْتُ شَجَرَةً، أَفَتَرَاهُ الْتَفَتَ إِلَيْهِ حَتَّى سَجَدَ؟ فَقُلْتُ: الآنَ يَفْتَرِسُهُ فَلاَ شَيْءَ, فَجَلَسَ، ثُمَّ سلَّم، فَقَالَ: يَا سَبْعُ! اطْلُبِ الرِّزْقَ بِمَكَانٍ آخَرَ, فولَّى وَإِنَّ لَهُ زَئِيْراً أَقُوْلُ؛ تَصَدَّعَ مِنْهُ الجَبَلُ، فلمَّا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ, جَلَسَ فَحَمِدَ اللهَ بِمَحَامِدَ لَمْ أَسْمَعْ بِمِثْلِهَا، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّيْ أَسْأَلُكَ أَنْ تُجِيْرَنِي مِنَ النار، أَوَمثلي يَجْتَرِئُ أَنْ يَسْأَلَكَ الجَنَّةَ؟! 4.
ابْنُ المُبَارَكِ, عَنِ السَّرِيِّ بنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا العَلاَءُ بنُ هِلاَلٍ: أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِصِلَةَ: يَا أَبَا الصَّهْبَاءِ! رأيت أني أعطيت شهدةً، وأعطيتَ شهدتين. ففال: تَسْتَشْهِدُ وَأَنَا وَابْنِي. فلمَّا كَانَ يَوْمُ يَزِيْدَ بنِ زِيَادٍ لَقِيَتْهُمُ التُّرْكُ بِسِجِسْتَانَ، فَانْهَزَمُوا. وَقَالَ صِلَةُ: يَا بُنَيَّ! ارْجِعْ إِلَى أُمِّكَ. قَالَ: يَا أَبَه؛ تُرِيْدُ الخَيْرَ لِنَفْسِكَ وَتَأْمُرُنِي بِالرُّجُوْعِ! قال: فتقدَّمْ. فتقدَّمَ فقاتل حتى أُصِيْبَ، فَرَمَى صِلَةُ عَنْ جَسَدِهِ، وَكَانَ رَامِياً، حتى تفقوا عَنْهُ، وَأَقْبَلَ حَتَّى قَامَ عَلَيْهِ فَدَعَا لَهُ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.
قُلْتُ: وَكَانَتْ هَذِهِ المَلْحَمَةُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ -رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى.
__________
1 السِّّبُّ: الحبل، والخمار.
2 دوخلّة -بتشديد اللام: سفيفة من خوص كالزبيل، والقوصرة يترك فيها التمر وغيره.
3 صحيح: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "2/ 239" من طريق عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا جرير بن حازم، به.
4 صحيح: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "2/ 240" من طريق عبد الله بن المبارك قال: حدثنا المسلم بن سعيد الواسطي قال: أخبرنا حماد بن جعفر بن زيد، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه حماد بن جعفر بن زيد، ليِّن الحديث -كما قال الحافظ في التقريب.(4/478)
336- أُمُّ كُلْثُوْمٍ 1:
بِنْتُ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ بن عبد الملطب بنِ هَاشِمٍ, الهَاشِمِيَّةُ، شَقِيْقَةُ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ, وُلِدَتْ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ سِتٍّ مِنَ الهِجْرَةِ، وَرَأَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَلَمْ تروِ عَنْهُ شَيْئاً.
خَطَبَهَا عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ وَهِيَ صَغِيْرَةٌ، فَقِيْلَ لَهُ: مَا تُرِيْدُ إِلَيْهَا؟ قَالَ: إِنِّيْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ القِيَامَةِ إلّا سببي ونسبي" 2.
وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بنُ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ عُمَرَ تَزَوَّجَهَا، فَأَصْدَقَهَا أَرْبَعِيْنَ أَلْفاً.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ: قَالَ عُمَرُ لِعَلِيٍّ: زَوِّجْنِيْهَا أَبَا حَسَنٍ، فَإِنِّي أَرْصُدُ مِنْ كَرَامَتِهَا مَا لاَ يَرْصُدُ أَحَدٌ. قَالَ: فَأَنَا أَبْعَثُهَا إِلَيْكَ، فَإِنْ رَضِيْتَهَا فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا -يَعْتَلُّ بِصِغَرِهَا, قَالَ: فَبَعَثَهَا إِلَيْهِ بِبُرْدٍ, وَقَالَ لَهَا: قُوْلِي لَهُ: هَذَا البُرْدُ الَّذِي قُلْتُ لَكَ. فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ، فقال: قولي
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 463"، أسد الغابة "7/ 378"، الإصابة "4/ ترجمة 1481".
2 صحيح بشواهده: أخرجه ابن سعد "8/ 463" من طريق أنس بن عياض الليثي، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، أنَّ عمر بن الخطاب خطب إلى علي بن أبي طالب ابنته أم كلثوم.....".
قلت: إسناده ضعيف؛ لانقطاعه, بل إعضاله بين محمد بنِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ أبي طالب، وعمر بن الخطاب. وأخرجه الحاكم "3/ 142" من طريق السري بن خزيمة، عن معلَّى بن راشد، حدثنا وهيب بن خالد, عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ علي بن الحسين, أن عمر بن الخطاب..........." فذكره.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد, وتعقَّبه الذهبي بقوله: منقطع.
قلت: هو منقطع بين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وعمر. وله شاهد.
أخرجه أحمد "4/ 323" حدَّثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدَّثنا عبد الله بن جعفر, حدثنا أم بكر بنت المسور بن مخرمة، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن المسور بن مخرمة به مرفوعًا بلفظ: "إن الأنساب يوم القيامة تتقطَّع غير نسبي وسبى وصهري".
قلت: إسناده ضعيف؛ لجهالة أم بكر بنت المسور بن مخرمة، مجهولة، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبولة, أي: إذا توبعت.
وأورده الهيثمي في "المجمع" "9/ 173" وقال: رواه الطبراني في الأوسط والكبير، ورجالهما رجال الصحيح, غير الحسن بن سهل، وهو ثقة".(4/479)
لَهُ: قَدْ رَضِيْتُ -رَضِيَ اللهُ عَنْكَ, وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى سَاقِهَا، فَكَشَفَهَا، فَقَالَتْ: أَتَفْعَلُ هَذَا؟ لَوْلاَ أَنَّكَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ لَكَسَرْتُ أَنْفَكَ. ثُمَّ مضت إلى أبيها فأخبرته، وقال: بَعَثْتَنِي إِلَى شَيخِ سُوءٍ! قَالَ: يَا بُنِيَّةُ! إِنَّهُ زَوْجُكِ1.
وَرَوَى نَحْوَهَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، مُرْسَلاً.
وَنَقَلَ الزُّهْرِيُّ، وَغَيْرُه: أَنَّهَا وَلَدَتْ لِعُمَرَ زَيْداً, وَقِيْلَ: وَلَدَتْ لَهُ رُقَيَّةَ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: تُوُفِّيَ عَنْهَا عُمَرُ، فَتَزَوَّجَهَا عَوْن بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ, فحدَّثني أَبِي قَالَ: دَخَلَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ عَلَيْهَا لَمَّا مَاتَ عُمَرُ، فَقَالاَ: إِنْ مَكَّنْتِ أَبَاكِ مِنْ رُمَّتِكِ، أَنْكَحَكِ بَعْضَ أَيْتَامِهِ، وَإِنْ أَرَدْتِ أَنْ تُصِيْبِي بِنَفْسِكِ مالًا عظيمًا لتصيبنه.
فَلَمْ يَزَلْ بِهَا عَلِيٌّ حَتَّى زوَّجها بِعَوْنٍ فأحبَّته، ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فزوَّجها أَبُوْهَا بِمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ، فَمَاتَ، ثُمَّ زَوَّجَهَا أَبُوْهَا بِعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، فَمَاتَتْ عِنْدَهُ.
قُلْتُ: فَلَمْ يُولِدْهَا أَحَدٌ مِنَ الإِخْوَةِ الثَّلاَثَةِ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: وَلَدَتْ جَارِيَةً لِمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ اسْمُهَا بَثْنَةُ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: جِئْتُ وَقَدْ صلَّى ابْنُ عُمَرَ عَلَى أَخِيْهِ زَيْدِ بنِ عُمَرَ، وَأُمُّهُ أُمُّ كُلْثُوْم بِنْتُ عَلِيٍّ.
وَرَوَى حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بنِ أَبِي عَمَّارٍ: أنَّ أُمَّ كُلْثُوْمَ وَزَيْدَ بنَ عُمَرَ مَاتَا، فكفِّنا، وَصَلَّى عَلَيْهِمَا سَعِيْدُ بنُ العَاصِ -يَعْنِي: أَمِيْرَ المَدِيْنَةِ.
وَكَانَ ابْنُهَا زَيْدٌ مِنْ سَادَةِ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ، تُوُفِّيَ شَابّاً، وَلَمْ يُعْقِبْ.
وَعَنْ رَجُلٍ، قَالَ: وَفَدْنَا مَعَ زَيْدٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ، وَكَانَ زَيْدٌ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ، فَأسْمَعَهُ بُسْرٌ كَلِمَةً؛ فَنَزَلَ إِلَيْهِ زَيْدٌ فَصَرَعَهُ وَخَنَقَهُ، وَبَرَكَ عَلَى صَدْرِهِ، وَقَالَ لِمُعَاوِيَةَ: إِنِّيْ لأَعْلَمُ أنَّ هَذَا عَنْ رَأْيِكَ، وَأَنَا ابْنُ الخَلِيفَتَيْنِ, ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا قَدْ تَشَعَّثَ رَأْسُهُ وَعِمَامَتُهُ، وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ، وَأَمَرَ لَهُ بِمائَةِ أَلْفٍ، وَلِعَشْرٍ مِنْ أَتْبَاعِهِ بِمَبْلَغٍ.
يُقَالُ: وَقَعَتْ هَوسَةٌ بِاللَّيْلِ، فَرَكِبَ زَيْدٌ فِيْهَا، فَأَصَابَهُ حَجَرٌ فَمَاتَ مِنْهُ، وَذَلِكَ فِي أَوَائِلِ دَوْلَةِ مُعَاوِيَةَ -رَحِمَهُ الله.
__________
1 صحيح بشواهده: راجع تخريجنا السابق.(4/480)
337- عبد الله بن ثعلبة 1: "خ، د، س"
ابن صُعَير الشَّيْخُ، أَبُو مُحَمَّدٍ العُذْرِيُّ، المَدَنِيُّ، حَلِيْفُ بَنِي زُهْرَةَ, مَسَحَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأْسَهُ، فَوَعَى ذَلِكَ.
وَقِيْلَ: بَلْ وُلِدَ عَامَ الفَتْحِ، وَقَدْ شَهِدَ الجَابِيَةَ. فَلَوْ كَانَ مَوْلِدُهُ عَامَ الفَتْحِ لصَبَا عَنْ شُهُودِ الجَابِيَةِ.
حدَّث عَنْ أَبِيْهِ، وَعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، وَجَابِرٍ, وَلَيْسَ هُوَ بالمكْثِر.
حدَّث عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَأَخُوْهُ؛ عَبْدُ اللهِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الحَارِثِ بنِ زُهْرَةَ.
وَكَانَ شَاعِراً، فَصِيْحاً، نسَّابة.
رَوَى مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أنَّه كَانَ يُجَالِسُ عَبْدَ اللهِ بنَ ثَعْلَبَةَ، وَكَانَ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ النَّسَبَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الفِقْهِ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ تُرِيْدُ هَذَا، فَعَلَيْكَ بِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ.
قُلْتُ: وَقَدْ رَوَى أَيْضاً عَنْ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ.
وحدَّث عَنْهُ: سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ قَاضِي المَدِيْنَةِ، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ جَعْفَرٍ، وَكَانَ آخِرَ مَنْ رَوَى عَنْهُ.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ، وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تسع وثمانين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 64"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 88"، والاستيعاب "3/ 876" أسد الغابة "3/ 190"، تجريد أسماء الصحابة "! / 3182"، الكاشف "2/ ترجمة 2681"، الإصابة "2/ ترجمة 4576"، تهذيب التهذيب "5/ ترجمة 284", خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 3416".(4/481)
وَمِمَّنْ أَدْرَكَ زَمَانَ النُّبُوَّةِ:
338- عَبْدُ اللهِ بنُ ربيعة 1: "د، س"
ابن فرقد السلمي.
قِيْلَ: لَهُ صُحْبَةٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ، فَحَدِيْثُهُ مِنْ قَبِيْلِ المُرْسَلِ.
وحدَّث أَيْضاً عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعُبَيْدِ بنِ خَالِدٍ السُّلَمِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى، وَعَمْرُو بنُ مَيْمُوْنٍ الأَوْدِيُّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ -وَهُوَ عَمُّ وَالِدِ مَنْصُوْرٍ, وَعَلِيُّ بنُ الأَقْمَرِ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَطَائِفَةٌ.
نَزَلَ الكُوْفَةَ.
شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ رُبَيِّعَةَ؛ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ. هَكَذَا قَالَ.
تُوُفِّيَ بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ, ورُبَيِّعة بالتثقيل: من الأسماء المفردة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 196"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 236"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 252"، أسد الغابة "2/ 230"، الاستيعاب "3/ 897"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2274"، الإصابة "2/ ترجمة 4672"، تهذيب التهذيب "5/ ترجمة 362", خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3489".(4/482)
339- الصُّنابِحي 1: "ع"
الفَقِيْهُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُسَيْلَةَ المُرَادِيُّ، ثُمَّ الصُّنَابِحِيُّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ.
قَدِمَ المَدِيْنَةَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بليالٍ، وَصَلَّى خَلْفَ الصِّدِّيْقِ.
وحدَّث عَنْهُ، وَعَنْ: مُعَاذٍ، وَبِلاَلٍ، وَعُبَادَةَ، وَشَدَّادِ بنِ أَوْسٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: مَرْثَدٌ اليَزَنِيُّ، وَعَدِيُّ بنُ عَدِيٍّ، وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ، وَمَكْحُوْلٌ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبُلِيُّ، وَعِدَّةٌ.
وَرَوَى عَنْهُ: رَبِيْعَةُ بنُ يَزِيْدَ، فسمَّاه عَبْدَ اللهِ.
قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: بَقِيَ إِلَى زَمَنِ عَبْدِ المَلِكِ، وَكَانَ يَجْلِسُ معه على السَّرِيْرِ، رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: وَعَبْدُ اللهِ الصُّنَابِحِيُّ يُشبِهُ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ صُحْبَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: الَّذِي رَوَى عَنْهُ قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ فِي الحَوْضِ2، هُوَ الصُّنَابِحُ بن الأعسر الأحمسي، له صحبة.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الصُّنَابِحِيُّ ثِقَةً، قَلِيلَ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: لَهُ أَحَادِيْثُ يُرْسِلُهَا, وَبَعْضُهُم يَهِمُ فِيْهِ، فَيَقُوْلُ: عَبْدُ اللهِ الصُّنَابِحِيُّ. وَبَعْضُهُم يَقُوْلُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصُّنَابِحِيُّ.
وَعَنْ مَرْثَدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُسَيْلَةَ، قَالَ: مَا فَاتَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلاَّ بِخَمْسِ لَيَالٍ، قُبِضَ وأنا بالحجفة.
قَالَ رَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ، عَنْ مَحْمُوْدِ بنِ الرَّبِيْعِ: كنَّا عِنْدَ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ فَأَقْبَلَ الصُّنَابِحِيُّ، فَقَالَ عُبَادَةُ: مَنْ سرَّه أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ كَأَنَّمَا رُقِيَ بهِ فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ فَعَمِلَ عَلَى مَا رَأَى، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا.
رَوَاهَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ رَجَاءٍ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ رَبِّ: قَالَ لَنَا الصُّنَابِحِيُّ بِدِمَشْقَ وقد احتضر.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 443 و509"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1021"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1241"، الاستيعاب "2/ 841"، أسد الغابة "3/ 475"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 3731"، الكاشف "2/ ترجمة 3306"، الإصابة "3/ ترجمة 6373"، تهذيب التهذيب "6/ ترجمة 465"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4191".
2 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 351"، وابن ماجه "3944" من طرق عن إسماعيل قال: حدثني قيس، عن الصنابح الأحمس قَالَ: رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ألَا إني فرطكم على الحوض, وإني مكاثر بكم الأمم, فلا تقتلنَّ بعدي".
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، قيس هو ابن أبي حازم، وإسماعيل هو ابن أبي خالد.(4/483)
340- صفية بنت شَيبة 1: "ع"
ابْنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي طَلْحَةَ بنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ عَبْدِ الدَّارِ بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَبٍ، الفَقِيْهَةُ، العَالِمَةُ، أُمُّ مَنْصُوْرٍ القُرَشِيَّةُ، العَبْدِرِيَّةُ، المكية، الحجية.
يُقَالُ: لَهَا رُؤْيَةٌ. ووهَّى هَذَا الدَّارَقُطْنِيُّ. وَكَانَ أَبُوْهَا مِنْ مُسْلِمَةِ الفَتْحِ.
رَوَتْ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي "سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ" وَ"النَّسَائِيِّ"، وَهَذَا مِنْ أَقْوَى المَرَاسِيلِ. وَرَوَتْ عَنْ: عَائِشَةَ، وَأُمِّ حَبِيْبَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ؛ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ.
حدَّث عَنْهَا: ابْنُهَا؛ مَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَجَبِيُّ، وَسِبْطُهَا؛ مُحَمَّدُ بنُ عِمْرَانَ الحجبي، والحسن بن مسلم من يَنَّاقَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُهَاجِرٍ، وَقَتَادَةُ، وَيَعْقُوْبُ بنُ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَيْصِنٍ السَّهْمِيُّ المُقْرِئُ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهَا ابْنُ جريج، بل أدركها.
وَفِي "سُنَنِ ابْنِ مَاجَه" مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ: أنَّها رَأَتْ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْم الفَتْحِ دَخَلَ الكَعْبَةَ، وَلَهَا عِيْدَانٌ فَكَسَرَهَا2.
أَحْسِبُ أَنَّهَا عَاشَتْ إِلَى دولة الوليد بن عبد الملك.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 496"، أسد الغابة "7/ 172"، الإصابة "4/ ترجمة رقم 653".
2 ضعيف: أخرجه ابن ماجه "2947" من طريق يونس بن بكير، حدثنا محمد بن إِسْحَاقَ, عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي ثور، عن صفية بنت شيبة قالت: لما اطمأنَّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الفتح طاف على بعيره يستلم الركن بمحجن بيده, ثم دخل الكعبة فوجد فيها حمامة عَيْدان فكسرها, ثم قام على باب الكعبة فرمى بها وأنا أنظره".
قلت: إسناده ضعيف، فيه محمد بن إسحاق، مدلّس مشهور بالتدليس، وقد عنعنه.(4/484)
341- يوسف بن عبد الله بن سلام 1: "4"
ابن الحارث أَبُو يَعْقُوْبَ الإِبْرَاهِيْمِيُّ، الإِسْرَائِيْلِيُّ، المَدَنِيُّ، حَلِيفُ الأَنْصَارِ.
وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَمَّاهُ: يُوْسُفَ، وَأَجْلَسَهُ فِي حَجْرِهِ، وَلَهُ رُؤْيَةٌ مَا.
وَلَهُ رِوَايَةُ حَدِيْثَيْنِ حُكْمهما الإِرسَالُ.
وَحَدَّث عَنْ: أَبِيْهِ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ.
رَوَى عَنْهُ: عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَعِيْسَى بنُ مَعْقِلٍ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي الهَيْثَمِ العَطَّارُ. وَشَهِدَ مَوْتَ أَبِي الدَّرْدَاءِ بِدِمَشْقَ. وقدر رَوَى حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أبي يحيى، عن يزيد بن أَبِي أُمَيَّةَ الأَعْوَرِ، عَنْ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخَذَ كِسْرَةً فَوَضَعَ عَلَيْهَا تَمْرَةً، وَقَالَ: "هَذِهِ إِدَامُ هَذِهِ". فَأَكَلَهَا2.
فَإِنْ صحَّ هَذَا فَهُوَ صَحَابِيٌّ.
وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَةِ الخَامِسَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ: يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ؛ هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيْلَ، مِنْ وَلَدِ يُوْسُفَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَكَانَ ثِقَةً, لَهُ أَحَادِيْثُ صَالِحَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: لَهُ رُؤْيَةٌ
وَقَالَ البُخَارِيُّ: لَهُ صُحْبَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ.
وَقَالَ شَبَابٌ: مَاتَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
خَلَفُ بنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ: غَدَوْتُ مَعَ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ كَانَتِ الصَّلاَةُ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ؟ قَالَ: كَانَ يَبْدَأُ بِالخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلاَةِ. غَرِيْبٌ جِدّاً.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3367"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 924"، الاستيعاب "4/ 1588"، أسد الغابة "3/ 264" و"5/ 592"، الكاشف "3/ ترجمة 6556" تهذيب التهذيب "11/ 416"، تقريب التهذيب "2/ ترجمة 439".
2 ضعيف: أخرجه أبو داود "3830", حدثنا هارون بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ حَفْصِ, حدثنا أبي، عن محمد بن أبي يحيى، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه يزيد بن أبي أمية الأعور، مجهول -كما قال الحافظ في "التقريب".(4/485)
342- عَبْدُ اللهِ بنُ عُكيم الجُهَنِيّ 1: "م، 4"
قِيْلَ: لَهُ صُحْبَةٌ. وَقَدْ أَسْلَمَ بِلاَ رَيْبٍ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَصَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ.
وَهُوَ القَائِلُ: أَتَانَا كِتَابُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْل مَوْتِهِ بِشَهْرَيْنِ: "أَنْ لاَ تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ بإهاب ولا عصب" 2.
وَذَكَرَ هِلاَلُ بنُ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عُكَيْمٍ، قَالَ: لاَ أُعِيْنُ عَلَى دَمِ خَلِيْفَةٍ أَبَداً بَعْدَ عُثْمَانَ. فَقِيْلَ لَهُ: يَا أَبَا معبد! أَوَأَعنت عَلَيْهِ؟ قَالَ: كُنْتُ أَعُدُّ ذِكْرَ مَسَاوِيْهِ عَوْناً عَلَى دَمِهِ.
تُوُفِّيَ ابْنُ عُكَيْمٍ فِي وِلاَيَةِ الحَجَّاج.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 113"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 67"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 556"، تاريخ بغداد "10/ 3"، الاستيعاب "3/ 949"، أسد الغابة "3/ 339"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 3424"، الكاشف "2/ ترجمة 2896"، الإصابة "2/ ترجمة 4831"، تهذيب التهذيب "5/ 223-224"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3668".
3 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 311", والطيالسي "1293", وأبو داود "4127"، والنسائي "7/ 175" وابن ماجة "3613"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/ 271"، وابن سعد في "الطبقات" "6/ 113"، والبيهقي "1/ 14" من طرق عن شعبة، به.
وأخرجه أحمد "4/ 310"، وأبو داود "4128"، والنسائي "7/ 175"، والطحاوي، والبيهقي "1/ 18" من طرق عن الحكم، به بلفظ: "كتب إلينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم, وزاد أحمد وأبو داود: "قبل وفاته بشهر أو شهرين".
وأعلَّه الحافظ ابن حجر العسقلاني في "تلخيص الحبير" "1/ 47-48" بالانقطاع بين ابن أبي ليلى وعبد الله بن عكيم، وبالاضطراب. وكذا ضعَّف الحديث الزيلعي في "نصب الراية" "1/ 120-122" وقد أخرجه الطحاوي والبيهقي "1/ 25" عن صدفة بن خالد, عن يزيد بن أبي مريم، عن القاسم بن مخيمرة، عن عبد الله بن عكيم، قال: ثني أشياخ جهينة قالوا: أتانا كتاب من رسول الله -صلى الله عليه وسلم, أو قرئ علينا كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قرئ على الأشياخ من جهينة, فقد قال الحافظ في "التقريب": "وقد سمع كتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى جهينة"، لذا فالروايتان صحيحتان والله -تعالى- أعلى وأعلم.(4/486)
343- عبيد الله بن العباس 1:
ابن عَبْدِ المُطَّلِبِ الهَاشِمِيُّ, ابْنُ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَأَخُو: عَبْدِ اللهِ، وَكَثِيْرٍ، وَالفَضْلِ، وَقُثَمَ، وَمَعْبَدٍ، وَتَمَّامٍ.
وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَقِيْلَ: لَهُ رُؤْيَةٌ2.
وَلَهُ حَدِيْثٌ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ3، حُكْمُهُ أَنَّهُ مُرْسَلٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ اللهِ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ سِيْرِيْنَ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ، وَغَيْرُهُم.
وكان أميرًا شريفًا جوادًا ممدوحًا.
ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَةِ الخَامِسَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَقَالَ: كَانَ أَصْغَرَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ. ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَكَانَ رَجُلاً تَاجِراً، مَاتَ بِالمَدِيْنَةِ.
فَذَكَرَ الوَاقِدِيُّ: أنَّه بَقِيَ إلى دولة يزيد بن معاوية.
__________
1 ترجمته في الاستيعاب "3/ 1009"، أسد الغابة "3/ 524"، الإصابة "2/ ترجمة 5303"، تهذيب التهذيب "7/ ترجمة 41"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4558".
2 قال الحافظ في "التقريب" "1/ ترجمة 1460" عُبَيْدُ اللهِ بنُ العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ الهاشمي، ابْنُ عَمِّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أبو محمد، شقيق عبد الله بن عباس، من صغار الصحابة, مات بالمدينة سنة سبع وثمانين.
3 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 214"، والنسائي في المجتبي "6/ 48"، وفي "الكبرى" "6506"، وابن أبي عاصم في "الآحاد المثاني" "402"، وأبو يعلى "6718" من طريق هشيم, أنبأنا يحيى بن أبي إسحاق، عن سليمان بن يسار، عن عبيد الله بن العباس قال: جاءت الغميصاء أو الرميصاء إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تشكو زوجها, وتزعم أنه لا يصل إليها, فما كان إلّا يسيرًا حتى جاء زوجها، فزعم أنها كاذبة، ولكنَّها تريد أن ترجع إلى زوجها الأوّل، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "ليس لكِ ذَلِكَ، حتى يذوق عُسَيْلَتَك رجلٌ غيره".
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات, رجال الشيخين خلا عبيد الله بن العباس، فقد روى له النسائي، وهو من صغار الصحابة، فهو لم يسمع الحديث من الرسول -صلى الله عليه وسلم، ولكن ذلك لا يضر إسناد الحديث، فإن ذلك من مراسيل الصحابة، والإسناد صحيح.(4/487)
قُلْتُ: هُوَ شَقِيْقُ عَبْدِ اللهِ، وَلِيَ إِمْرَةَ اليَمَنِ لابْنِ عمِّه عَلِيٍّ، وحجَّ بِالنَّاسِ، وَقَدْ ذَبَحَ بُسْرُ بنُ أَرْطَاةَ وَلَدَيْهِ عُدْوَاناً وَظُلْماً، وتولَّهت أُمُّهُمَا عَلَيْهِمَا، وَهَرَبَ عُبَيْدُ الله.
قِيْلَ: إِنَّ عُبَيْدَ اللهِ وَصَلَ مَرَّةً رَجُلاً بِمائَةِ ألف.
قَالَ الفَسَوِيُّ: مَاتَ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ خَلِيْفَةُ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَأَمَّا أَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ، فَقَالاَ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ عُبَيْدُ اللهِ أَصْغَرَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بِسَنَةٍ، سَمِعَ من النبي -صلى الله عليه سلم.(4/488)
قثم بن العباس الهاشمي، وعبيد الله بن عدي
344- قُثَم بنُ العَبَّاسِ الهَاشِمِيُّ 1:
وَأُمُّهُ أُمُّ الفَضْلِ، الَّتِي يَقُوْلُ فِيْهَا الكَلْبِيُّ: إِنَّهَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ خَدِيْجَةَ، قَدْ ذُكِر.
345- عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَدِيِّ 2: "خ، م"
ابن الخيار بن عَدِيِّ بنِ نَوْفَلِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَبٍ القُرَشِيُّ، النَّوْفَلِيُّ.
وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3, وَكَانَ أبوه من الطلقاء. ما ذكره في الصَّحَابَةِ أَحَدٌ سِوَى ابْنِ سَعْدٍ.
حدَّث عُبَيْدُ اللهِ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَكَعْبٍ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عُرْوَةُ، وَحُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءُ بنُ يَزِيْدَ اللَّيْثِيُّ، وَمَعْمَرُ بنُ أَبِي حَبِيْبَةَ.
رَوَى عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَدِيٍّ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ وَهُوَ مَحْصُوْرٌ، وَعَلِيٌّ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! إِنِّيْ أتحرَّج أَنْ أُصَلِّيَ مَعَ هَؤُلاَءِ وَأَنْتَ الإِمَامُ, فَقَالَ: إِنَّ الصَّلاَةَ أَحْسَنُ مَا عَمِلَ النَّاسُ، فَإِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ مُحْسِنِيْنَ فأحسن معهم.
__________
1 سبق ترجمتنا له في الجزء الثاني, ترجمة رقم "304", وبتعليقنا رقم "738".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 49"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1258"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1554"، الاستيعاب "3/ 1010"، أسد الغابة "3/ 256"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2620"، الكاشف "2/ 3623"، تهذيب التهذيب "7/ ترجمة 67"، الإصابة "1/ 5308"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4577".
3 قال أبو نصر بن ماكولا في "الإكمال" "2/ 43": "وُلِدَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وقُتِلَ أبوه يوم بدر كافرًا" وقال الحافظ في "الفتح" "7/ 46": لم يثبت أن أباه قُتِلَ كافرًا, وإن ذكر ذلك ابن ماكولا وغيره، فإن ابن سعد ذكره في طبقة الفتحيين.(4/488)
قَالَ عَطَاءُ بنُ يَزِيْدَ: كَانَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ مِنْ فُقَهَاءِ قُرَيْشٍ وَعُلَمَائِهِم.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَةِ الأُوْلَى مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ: عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ الأَكْبَرِ بنِ الخِيَارِ، وَأُمُّهُ: أُمُّ قِتَالٍ بِنْتِ أُسَيْدِ بنِ أَبِي العَيْصِ الأُمَوِيَّةُ.
حدَّث عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ. وَلَهُ دَارٌ بِالمَدِيْنَةِ.
مَاتَ فِي خِلاَفَةِ الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، ثِقَةٌ، قَلِيْلُ الحَدِيْثِ.
وَأَمَّا أَبُو نُعَيْمٍ فَقَالَ: قُتِلَ عَدِيُّ بنُ الخِيَارِ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِراً.
قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا يَكُوْنُ عُبَيْدُ اللهِ قَدْ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.(4/489)
346- ربيعة بن عبد الله 1: "خ، د"
ابن الهدير القرشي التَّمِيْمِيُّ، المَدَنِيُّ. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَلَعَلَّهُ رَآهُ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، وَطَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، هو مُقِلّ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنَا أَخِيْهِ؛ مُحَمَّدٌ وَأَبُو بَكْرٍ ابْنَا المُنْكَدِرِ، وَعُثْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيُّ، وَرَبِيْعَةُ الرَّأْيُ، وَغَيْرُهُم, وَذَكَرَهُ ابْنُ حبَّان فِي "الثِّقَاتِ".
مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، وَلَهُ سَبْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً. فلعلَّه وُلِدَ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ، سَنَةَ سِتٍّ.
وَجَدُّهُ الهُدَيْرُ: هُوَ ابْنُ عَبْدِ العزَّى بنِ عَامِرِ بنِ الحَارِثِ بنِ حَارِثَةَ بنِ سَعْدِ بنِ تَيْمِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ.
وَلَمْ أَرَ أَحَداً عدَّ عَبْدَ اللهِ بنَ الهُدَيْرِ فِي مُسْلِمَةِ الفَتْحِ، فَلَعَلَّهُ مَاتَ قَبْلَ الفَتْحِ، لاَ بَلْ تَأَخَّرَ حَتَّى وُلِدَ لَهُ المُنْكَدِرُ فِيمَا بَعْدُ. وَاللهُ أعلم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 27"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 2118"، الاستيعاب "2/ 492"، أسد الغابة "2/ 214"، الكاشف "1/ ترجمة رقم 10561"، تهذيب التهذيب "3/ ترجمة 489"، الإصابة "1/ ترجمة 2711"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2042".(4/489)
347- ربيعة بن عباد 1:
الديلى الحجازي.
رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسُوْقِ ذِي المَجَازِ2 قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، ثُمَّ أَسْلَمَ، وَشَهِدَ اليَرْمُوْكَ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَهُ صُحْبَةٌ.
وَعِبَادٌ -بِالكَسْرِ وَالتَّخْفِيْفِ- عِنْدَ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ المِصْرِيِّ، وَقَيَّدَهُ بِالتَّخْفِيْفِ, وَالفَتْحِ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ، وَهَذَا فِيْهِ نَظَرٌ.
وَلاَ رَيْبَ فِي سَمَاعِ رَبِيْعَةَ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَلَكِنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ.
حدَّث عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ، وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَزَيْدُ بنُ أَسْلَمَ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: شَهِدَ اليَرْمُوْكَ، وَتُوُفِّيَ فِي خِلاَفَةِ الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ.
قُلْتُ: بَقِيَ إِلَى حُدُوْدِ سنة تسعين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 960"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2113"، أسد الغابة "2/ 213"، الإصابة "1/ ترجمة 2610".
2 حسن: أخرجه أحمد "3/ 492"، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" "964", والطبراني في "الكبير" "4582"، والحاكم "1/ 15" من طريق عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، عن ربيعة بن عباد الديلي وكان جاهليا أسلم، فقال: رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بصَرَ عيني بسوق ذي المجاز يقول: "يا أيها الناس قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا" , ويدخل في فجاجها، والناس متقصفون عليه، فما رأيت أحدًا يقول شيئًا، وهو لا يسكت يقول: "أيها الناس! قولوا لا إله إلا الله تفلحوا" , إلَّا أنَّ وراءه رجل أحول وضيء الوجه ذا غديرتين يقول: إنه صابئ كاذب. فقلت: من هذا؟ قالوا: محمد بن عبد الله وهو يذكر النبوة، قلت: من هذا الذي يكذّبه؟ قالوا: عمّه أبو لهب. قلت: إنك كنت يومئذ صغيرًا! قال: لا والله إني يومئذ لأعقل".
وقوله: متقصفون عليه: مجتمعون عليه تعجبًا مما يقول.(4/489)
348- أبو أمامة بن سهل 1: "ع"
ابن حنيف الأنصاري الأَوْسِيُّ، المَدَنِيُّ، الفَقِيْهُ، المُعَمَّرُ، الحُجَّةُ. اسْمُهُ: أَسْعَدُ بِاسْمِ جَدِّهِ لأُمِّهِ، النَّقِيبُ، السَّيِّدُ، أَسَعْدُ بنُ زرارة.
وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَآهُ -فِيمَا قِيْلَ.
وحدَّث عَنْ: أَبِيْهِ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَسَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَيَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الأَشَجِّ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَابْنَاهُ: مُحَمَّدٌ وَسَهْلٌ ابْنَا أَبِي أُمَامَةَ، وَآخَرُوْنَ. وَكَانَ أَحَدَ العُلَمَاءِ.
قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ السِّنْدِيُّ: رَأَيْتُ أَبَا أُمَامَةَ وَقَدْ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ، وَكَانَ مِنْ عِلِّيَّةِ الأَنْصَارِ وَعُلَمَائِهِم، وَمِنْ أَبْنَاءِ البَدْرِيِّيْنَ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَارِثِ، عَنْ حَكِيْمِ بنِ حَكِيْمِ بنِ عَبَّادِ بنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ، قَالَ: كَتَبَ مَعِي عُمَرُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اللهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَى مَنْ لاَ مَوْلَى لَهُ، وَالخَالُ وَارِثُ مَنْ لاَ وَارِثَ لَهُ" 2.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ.
يُوْسُفُ بنُ المَاجِشُوْنِ، عَنْ عُتْبَةَ بنِ مسلم، قال: استوى عثمان على المِنْبَرِ، فَحَصَبُوْهُ حَتَّى حِيْلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلاَةِ، فصلَّى بِالنَّاسِ يَوْمَئِذٍ أَبُو أُمَامَةَ بنُ سَهْلٍ.
اتفقوا على وفاته في سنة مائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 82"، أسد الغابة "3/ 470" و"6/ 18"، تهذيب التهذيب "1/ ترجمة 497"، الإصابة "4/ ترجمة 52".
2 حسن: أخرجه ابن أبي شيبة "11/ 263"، وأحمد "1/ 28 و46"، والترمذي "2103"، وابن ماجه "2737"، والنسائي في "الكبرى" "6351"، والبزار "253"، وابن الجارود "964"، والطحاوي "4/ 397"، والدارقطني "4/ 84-85"، والبيهقي "6/ 214" من طرق عن سفيان الثوري، عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة، عَنْ حَكِيْمِ بنِ حَكِيْمِ بنِ عَبَّادِ بنِ حنيف، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف, أن رجلًا رمى رجلًا بسهم فقتله، وليس له وارث إلّا خال، فكتب في ذلك أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر، فكتب: إنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "الله وروسله مَوْلَى مَنْ لاَ مَوْلَى لَهُ، وَالخَالُ وَارِثُ من لا وارث له".(4/491)
349- محمود بن الربيع 1: "ع"
ابن سراقة بن عمرو الإِمَامُ، أَبُو مُحَمَّدٍ -وَيُقَالُ: أَبُو نُعَيْمٍ- الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، المَدَنِيُّ, وَأُمُّهُ هِيَ جَمِيْلَةُ بِنْتُ أَبِي صَعْصَعَةَ الأَنْصَارِيَّةُ.
أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعَقِل مِنْهُ مَجَّة مَجَّها فِي وَجْهِهِ من بئر في دراهم، وهو يومئذ ابن أربع سنين2.
وحدَّث عَنْ أَبِي أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيِّ، وَعِتْبَانَ بنِ مَالِكٍ، وَعُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ، وَغَيْرِهِم.
حدَّث عَنْهُ: رَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ، وَمَكْحُوْلٌ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ، وَالزُّهْرِيُّ.
وَرَوَى عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ.
وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ سُمَيْعٍ: هُوَ خَتَنُ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: لَهُ صُحْبَةٌ.
وَأَمَّا أَحْمَدُ العِجْلِيُّ، فَقَالَ: هُوَ ثِقَةٌ، مِنْ كِبَارِ التَّابِعِيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: اجْتَازَ بِدِمَشْقَ غَازِياً إِلَى القُسْطَنْطِيْنِيَّةِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وتسعين، وله ثلاثة وَتِسْعُوْنَ سَنَةً. وَكَذَا أرَّخه عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ التَّمِيْمِيُّ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: مَاتَ سنة ست وتسعين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1761"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1328"، الاستيعاب "3/ 1378"، أسد الغابة "5/ 116"، الكاشف "3/ ترجمة 5417"، تجريد أسماء الصحابة "2/ ترجمة 683"، تهذيب التهذيب "10/ ترجمة 103"، الإصابة "3/ ترجمة رقم 7818"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6881".
2 صحيح: أخرجه البخاري "77" من طريق محمد بن حرب، حدثني الزبيدي، عن الزهري، عن محمود بن الربيع قال: عقلت من النبي -صلى الله عليه وسلم- مَجَّة مَجَّها في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دَلْو".
وأخرجه مسلم في "المساجد" "265" من طريق الوليد بن مسلم عن الاوزاعي، قال: حدثني الزهري عن محمود بن الربيع قال: إني لاعقل مَجَّةً مَجَّهَا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من دَلْو في دارنا.(4/492)
قيس بن مكشوح، وعبد الله بن عامر بن ربيعة
350- قيس بن مكشوح 1:
الأَمِيْرُ، أَبُو حسَّان المُرَادِيُّ، مِنْ وُجُوْهِ العَرَبِ المَوْصُوْفِيْنَ بِالشَّجَاعَةِ.
وَكَانَ مِمَّنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ الأَسْوَدِ العَنْسِيِّ، وَقُلِعَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ.
وَكَانَ ذَا رَأْيٍ فِي الحَرْبِ وَنَجْدَةٍ.
وَكَانَ مِنْ أمراء علي يوم صفين، فقُتِلَ يومئذ.
351- عَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ 2:
أَبُو مُحَمَّدٍ العَنْزى -بِالسُّكُوْنِ- المَدَنِيُّ، حَلِيْفُ بَنِي عَدِيِّ بنِ كَعْبٍ. وعَنْز: أَخُو بَكْرِ بنِ وَائِلٍ. استُشْهِدَ أَخُوْهُ سَميُّه عَبْدُ اللهِ فِي حِصَارِ الطائف.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 525"، أسد الغابة "4/ 447"، الإصابة "3/ ترجمة 7239".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 9"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 18"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 559"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 3375"، الكاشف "2/ ترجمة 2830"، تهذيب التهذيب "5/ ترجمة 465"، الإصابة "2/ ترجمة 4777"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4583".(4/492)
وَكَانَ أَبُوْهُمَا عَامِرُ بنُ رَبِيْعَةَ بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ مِنْ كِبَارِ المُهَاجِرِيْنَ البَدْرِيِّيْنَ.
حدَّث عَبْدُ اللهِ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ.
وَلَهُ حَدِيْثٌ مُرْسَلٌ فِي "سُنَنِ أَبِي دَاوْدَ"1.
حدَّث عَنْهُ: عَاصِمُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ حَفْصٍ الوَقَّاصِيُّ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ سنة خمس وثمانين.
__________
1 حسن لغيره: أخرجه أبن أبي شيبة "8/ 593"، وأحمد "3/ 447"، وأبو داود "4491" والبخاري في "التاريخ الكبير" "3/ ق1/ 11"، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" "ص33"، والبيهقي في "السنن" "10/ 198", وفي "شعب الإيمان" "4822" من طرق عن ليث بن سعد، عن محمد بن عجلان عن مولى لعبد الله بن عامر بن ربيعة العدوي، عن عبد الله بن عامر أنه قال: أتانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيتنا وأنا صبي، قال: فذهبت أخرج لألعب، فقالت أمي: يا عبد الله, تعال أعطك, فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "وما أردت أن تعطيه"؟ قالت: أعطيه تمرًا. قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أما إنك لو لم تفعلي كتبت عليك كذبة".
قلت: إسناده ضعيف، آفته مولى عبد الله بن عامر بن ربيعة، فإنه مبهم.
وللحديث شاهد عن أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من قال لصبي: تعال هاك، ثم لم يعطه، فهي كذبة" أخرجه ابن المبارك في "الزهد" "375"، وأحمد "2/ 452"، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" "150"، وفي "الصمت" له "523"، وابن حزم في "المحلَّى" "8/ 29" من طرق عن الليث بن سعد، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، عن أبي هريرة، به.
قلت: إسناده ضعيف؛ لانقطاع بين الزهري وأبي هريرة -رضي الله عنه, لكن الحديث يرتقي لمنزلة الحسن بمجموع طريقيه عبد الله بن عامر، وأبي هريرة -رضي الله عنهما.(4/493)
352- يزيد بن مفرغ الحِمْيَرِيُّ 1:
مِنْ فُحُوْلِ الشُّعَرَاءِ، وَكَانَ أَبُوْهُ زِيَادُ بنُ رَبِيْعَةَ حَدَّاداً. وَقِيْلَ: شَعَّاباً بِتَبَالَةَ. وَتَبَالَةُ بِالفَتْحِ: قَرْيَةٌ بِالحِجَازِ، مِمَّا يَلِي اليَمَنَ. وَلُقِّبَ مُفَرِّغاً؛ لأَنَّهُ رَاهَنَ عَلَى سقَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، فشريه حَتَّى فَرَّغَهُ.
وَلابْنِ مُفَرِّغٍ هَجْوٌ مُقْذِعٌ، وَمَدِيْحٌ، وَنَظْمُهُ سَائِرٌ.
وَهَجَا عُبَيْدَ اللهِ بنَ زِيَادٍ؛ فَأَتَى وَطَلَبَ مِنْ مُعَاوِيَةَ قَتْلَهُ، فَلَمْ يَأذَنْ، وَقَالَ: أدِّبه. وَاسْتَجَارَ يَزِيْدُ بِالمُنْذِرِ بنِ الجَارُوْدِ، فَأَتَى عُبَيْدُ اللهِ البَصْرَةَ، فَسَقَاهُ مُسْهِلاً، وَأَرْكَبَهُ حِمَاراً رَبَطَهُ فَوْقَهُ، وطوَّف بِهِ وَهُوَ يَسْلَحُ فِي الأَسْوَاقِ، فَقَالَ:
يَغْسِلُ المَاءُ مَا صَنَعْتَ وشعري ... راسخ منك في العظام البوالي
وهو القاتل هَذَا البَيْتَ:
العَبْدُ يُقْرَعُ بِالعَصَا ... وَالحُرُّ تَكْفِيْهِ المَلاَمَهْ1
وَنَقَلَ صَاحِبُ "المِرْآةِ": أنَّ ابْنَ مُفَرِّغٍ مات سنة تسع وستين.
__________
1 ترجمته في طبقات الشعراء "686" و"693"، وفيّات الأعيان "6/ 342 و362"، خزانة الأدب "2/ 515".(4/494)
353- عمرو بن سلمة 1: "خ، د، س"
أبو بريد الجرمي. وَقِيْلَ: أَبُو يَزِيْدَ، وَهَذَا الَّذِي كَانَ يَؤُمُّ قَوْمَهُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ صَبِيٌّ2, وَلأَبِيْهِ صُحْبَةٌ وَوِفَادَةٌ. وَقَدْ قِيْلَ: إِنَّهُ وَفَدَ مَعَ أَبِيْهِ، وَلَهُ رُؤْيَةٌ. فالله أعلم.
حدَّث عَنْهُ: أَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ المَكِّيُّ، وَعَاصِمٌ الأحْول، وَأَيُّوْبُ السَّخْتِيَانِيُّ، وَغَيْرُهُم.
لَهُ رِوَايَةٌ فِي "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ"، وَفِي "سُنَنِ النَّسَائِيِّ". وَكَانَ قَدْ نَزَلَ البَصْرَةَ.
أرَّخ الإِمَامُ أَحْمَدُ موته: في سنة خمس وثمانين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 89"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2497"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1301"، الاستيعاب "3/ 1179"، أسد الغابة "4/ 234"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 4422"، الكاشف "2/ ترجمة 4228"، تهذيب التهذيب "8/ ترجمة رقم 69"، الإصابة "2/ ترجمة 5857"، خلاصة الخزرجي "28 ترجمة 5308".
2 صحيح: أخرجه البخاري "4302" من طريق أيوب، عن أبي قلابة، عن عمرو بن سلمة قال: قال لي أبو قلابة: ألَا تلقاه فتسأله؟ قال: فلقيته فسألته, فقال: كنَّا بما ممر الناس، وكان يمر بنا الركبان فنسألهم: ما للناس، ما للناس؟ وما هذا الرجل؟ فيقولون: يزعم أن الله أرسله، أوحى إليه، أو أوحى الله بكذا، فكنت أحفظ ذلك الكلام, فكأنما يقر في صدري، وكانت العرب تلوّم بإسلامهم الفتح فيقولون: اتركوه وقومه، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق, فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم، فلمَّا قدم قال: جئتكم والله من عند النبي -صلى الله عليه وسلم- حقًّا، فقال: صلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلوا صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذّن أحدكم، وليؤمّكم أكثركم قرآنًا، فينظروا، فلم يكن أحد أكثر قرآنًا منِّي، لما كنت أتلقَّى من الركبان، فقدَّموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت عليَّ بردة, كنت إذا سجدت تقلَّصت عنِّي, فقالت امرأة من الحي: ألا تنطون عنَّا است قارئكم، فاشتروا، فقطعوا لي قميصًا، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص".(4/494)
عمرو بن سلمة، وكعب بن سور الأزدي، وزيد بن صوحان
354- عمرو بن سلمة 1: "بخ"
الهمداني الكوفي، فَتَابِعِيٌّ كَبِيْرٌ، مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ.
سَمِعَ عَلِيّاً وَابْنَ مَسْعُوْدٍ.
حدَّث عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ.
مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ أَيْضاً، وَدُفِنَ هُوَ وَعَمْرُو بنُ حُرَيْثٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ.
355- كَعْبُ بنُ سُوْرٍ الأَزْدِيُّ 2:
قَاضِي البَصْرَةِ، وليُّها لِعُمَرَ وَعُثْمَانَ, وَكَانَ مِنْ نُبَلاَءِ الرِّجَالِ وَعُلَمَائِهِم, قُتِلَ يَوْمَ الجَمَلِ، قَامَ يَعِظُ النَّاسَ ويذكِّرهم، فَجَاءهُ سَهْمُ غَرْبٍ، فَقَتَلَهُ -رَحِمَهُ اللهُ تعالى.
356- زيد بن صوحان 3:
ابن حجر بن الحارث بن هِجْرِسِ بنِ صَبِرَةَ بنِ حدِرْجَان بنِ عِساس العَبْدِيُّ، الكُوْفِيُّ. أَخُو صَعْصَعَةَ بنِ صُوْحَانَ، وَلَهُمَا أَخٌ اسْمُهُ سَيْحَانُ، لاَ يَكَادُ يُعْرَفُ.
كُنْيَةُ زَيْدٍ: أَبُو سُلَيْمَانَ.
وَقِيْلَ: أَبُو عَائِشَةَ.
كَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العبَّاد، ذَكَرُوْهُ فِي كُتُبِ مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ، وَلاَ صُحْبَةَ لَهُ. لَكِنَّهُ أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَمِعَ من: عمر، وعلي، وسلمان.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 171"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2569"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1302"، تهذيب التهذيب "8/ ترجمة 68"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5305".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 91"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 961"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 912"، أسد الغابة "4/ 479"، الإصابة "3/ ترجمة 7493".
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 123"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1325"، تاريخ بغداد "8/ 439"، أسد الغابة "2/ 291"، الإصابة "1/ ترجمة 2910".(4/495)
حدَّث عَنْهُ: أَبُو وَائِلٍ، وَالعَيْزَارُ بنُ حُرَيْثٍ، وَلاَ رِوَايَةَ لَهُ فِي الأُمَّهَاتِ؛ لأَنَّهُ قَدِيْمُ الوَفَاةِ.
وَذَكَرَ بَعْضُهُم أنَّه وَفَدَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
يَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا الأَجْلَحُ، عَنْ عُبَيْدِ بنِ لاَحِقٍ، قَالَ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ، فَنَزَلَ رَجُلٌ، فَسَاقَ بِالقَوْمِ ورجز، ثم نزل آخر، ثُمَّ بَدَا لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ يُوَاسِيَ أَصْحَابَهُ، فَنَزَلَ. فَجَعَلَ يَقُوْلُ:
جندب وما جندب ... والأقطع الخير زائد
قِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! سَمِعْنَاكَ اللَّيْلَةَ تَقُوْلُ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: "رَجُلاَنِ فِي الأُمَّةِ, يَضْرِبُ أَحَدُهُمَا ضَرْبَةً تُفَرِّقُ بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ، وَالآخَرُ تُقْطَعُ يَدُهُ فِي سَبِيْلِ اللهِ، ثُمَّ يَتْبَعُ آخِرُ جَسَدِهِ أَوَّلَهُ".
قَالَ الأَجْلَحُ: أَمَّا جُنْدُبٌ فَقَتَلَ السَّاحِرَ، وَأَمَّا زَيْدٌ فَقُطِعَتْ يَدُهُ يَوْمَ جَلُوْلاَءَ، وقُتِل يَوْمَ الجَمَلِ1.
قَالَ الأَعْمَشُ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: كَانَ زَيْدُ بنُ صُوْحَانَ يحدِّث، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: إِنَّ حَدِيْثَكَ يُعْجِبُنِي، وَإِنَّ يَدَكَ لتربيني. قال: أَوَمَا تَرَاهَا الشِّمَالَ؟ قَالَ: وَاللهِ مَا أَدْرِي اليَمِيْنَ يَقْطَعُوْنَ أَمِ الشِّمَالَ؟ فَقَالَ زَيْدٌ: صَدَقَ اللهُ: {الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [التَّوْبَةُ: 97] .
فَذَكَرَ الأَعْمَشُ: أَنَّ يَدَهُ قُطِعَتْ يَوْمَ نَهَاوْنَدَ.
حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي الهُذَيْلِ: إنَّ وَفْدَ الكُوْفَةِ قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ، فِيهِم زَيْدُ بنُ صُوْحَانَ، فَجَاءهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يَسْتَمِدُّ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الكُوْفَة! إِنَّكُم كَنْزُ أَهْلِ الإِسْلاَمِ، إِنِ اسْتَمَدَّكُم أَهْلُ البَصْرَةِ أَمْدَدْتُمُوْهُم، وَإِنِ اسْتَمَدَّكُم أَهْلُ الشَّامِ أَمْدَدْتُمُوْهُم, وَجَعَلَ عُمَرُ يُرَحِّلُ لِزِيْدٍ، وَقَالَ: يَا أَهْلَ الكُوْفَةِ! هَكَذَا فَاصْنَعُوا بِزَيْدٍ، وإلا عذبتكم.
وَرَوَى الأَجْلَحُ، عَنِ ابْنِ أَبِي الهُذَيْلِ، قَالَ: دَعَا عُمَرُ زَيْدَ بنُ صُوْحَانَ، فضفَّنه عَلَى الرَّحْلِ كَمَا تُضفِّنون أُمَرَاءكُم، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى النَّاسِ، فَقَالَ: اصْنَعُوا هَذَا بِزَيدٍ وَأَصْحَابِ زَيْدٍ.
__________
1 ضعيف: أخرجه ابن سعد "6/ 123"، وفيه الأجلح بن عبد الله أبو حجية الكندي الكوفي. قال أبو حاتم: ليس بالقوي. وقال النسائي: ضعيف له رأى سوء وعبيد بن لاحق، لم أجد من ترجم له.(4/496)
سِمَاكٌ، عَنِ النُّعْمَانِ أَبِي قُدَامَةَ: أَنَّهُ كَانَ فِي جَيْشٍ، عَلَيْهِم سَلْمَانُ الفَارِسِيُّ، فَكَانَ يَؤُمُّهُم زَيْدُ بنُ صُوْحَانَ، يَأْمُرُهُ بِذَلِكَ سَلْمَانُ.
سِمَاكٌ، عَنْ رَجُلٍ: أنَّ سَلْمَانَ كَانَ يَقُوْلُ لِزَيْدِ بنِ صُوْحَانَ يَوْمَ الجُمُعَةِ: قُمْ، فَذَكِّرْ قَوْمَكَ.
ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ نُصَيْرٍ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ الرِّفَاعِيُّ، حدَّثنا حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ، قَالَ: قَامَ زَيْدُ بنُ صُوْحَانَ إِلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! ملتَ فَمَالَتْ أُمَّتُكَ، اعْتَدِلْ يَعْتَدِلُوا. قَالَ: أَسَامِعٌ مُطِيْعٌ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ, قَالَ: الْحَقْ بِالشَّامِ. فطلقَّ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ لَحِقَ بِحَيْثُ أَمَرَهُ.
أَيُّوْبُ السَّخْتِيَانِيُّ، عَنْ غَيْلاَنَ بنِ جَرِيرٍ، قَالَ: ارتثَّ1 زَيْدُ بنُ صُوْحَانَ يَوْمَ الجَمَلِ، فَدَخلُوا عَلَيْهِ، فَقَالُوا: أَبْشِرْ بِالجَنَّةِ. قَالَ: تَقُوْلُوْنَ قَادِرِيْنَ، أَوِ النَّارَ فَلاَ تَدْرُوْنَ، إِنَّا غَزَوْنَا القَوْمَ فِي بِلاَدِهِم، وَقَتَلْنَا أَمِيْرَهُم، فَلَيْتَنَا إذ ظُلِمْنَا صبرنا.
رَوَى نَحْوَهُ: العَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنِ الحيِّ الَّذِيْنَ كَانَ فِيهِم زَيْدٌ....، فَذَكَرَهُ.
وَقَالَ: شُدُّوا عليَّ إِزَارِي، فَإِنِّي مُخَاصِمٌ، وَأَفْضُوا بِخَدِّي إِلَى الأَرْضِ، وَأَسْرِعُوا الانْكِفَاتَ عَنِّي.
الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُخَوَّلٍ، عَنِ العَيْزَارِ بنِ حُرَيْثٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ صُوْحَانَ، قَالَ: لاَ تَغْسِلُوا عَنِّي دَماً، وَلاَ تَنْزِعُوا عَنِّي ثَوْباً، إِلاَّ الخفَّين، وَأَرْمِسُونِي فِي الأَرْضِ رَمْساً، فَإِنِّي مُخَاصِمٌ، أُحَاجُّ يَوْمَ القِيَامَةِ.
قَالَ عمَّار الدُّهْنِيُّ: قَالَ زَيْدٌ: ادْفُنُوْنِي وَابْنَ أُمِّي فِي قَبْرٍ، وَلاَ تَغْسِلُوا عَنَّا دَماً، فَإِنَّا قَوْمٌ مُخَاصِمُوْنَ.
قِيْلَ: كَانَ قُتِلَ مَعَهُ أَخُوْهُ سَيْحَانُ، فدُفِنَا فِي قَبْرٍ.
وَرُوِي أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يُدْفَنَ مَعَهُ مُصْحَفُهُ. نَقَلَهُ: ابْنُ سَعْدٍ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ، ثُمَّ قال: وكان ثقة، قليل الحديث.
__________
1 المرتث: الصريع الذي يُثْخَنُ في الحرب ويحمل حيًّا ثم يموت؛ وقال ثعلب: هو الذي يحمل من المعركة وبه رمق، فإن كان قتيلًا فليس بمرتث.(4/497)
357- صعصعة بن صوحان 1: "س"
أبو طلحة: أَحَدُ خُطَبَاءِ العَرَبِ, كَانَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ علي. قُتِلَ أَخَوَاهُ يَوْمَ الجَمَلِ، فَأَخَذَ صَعْصَعَةُ الرَّايَةَ.
يَرْوِي عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ, وَبَقِيَ إِلَى خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ.
وثَّقه: ابْنُ سَعْدٍ. وَكَانَ شَرِيْفاً مُطَاعاً أَمِيْراً، فَصِيْحاً مفوَّهًا.
حدَّث عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَابْنُ بُرَيْدَةَ، وَالمِنْهَالُ بنُ عَمْرٍو، وَأَبُو إِسْحَاقَ.
يُقَالُ: وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَخَطَبَ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتُ لأُبْغِضُ أَنْ أَرَاكَ خَطِيْباً. قَالَ: وَأَنَا إِنْ كُنْتُ لأُبْغِضُ أَنْ أَرَاكَ خَلِيْفَةً.
وَقِيْلَ: كُنْيَتُهُ أبو عمر.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 221"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2979"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1960"، الاستيعاب "2/ 717"، أسد الغابة "3/ 21"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2794"، الكاشف "2/ ترجمة 2415"، تهذيب التهذيب "4/ ترجمة 728"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 3092".(4/498)
358- عبد الله بن الحارث 1: "ع"
ابن نوفل ابْنِ عَمِّ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الحَارِثِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ، السَّيِّدُ، الأَمِيْرُ، أَبُو مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ، الهَاشِمِيُّ، المَدَنِيُّ، وَلَقَبُهُ: "بَبَّة".
لأَبِيْهِ وَلِجَدِّهِ صُحْبَةٌ, وَكَانَ نَوْفَلٌ مِنْ أَسَنِّ الصَّحَابَةِ، مِنْ أَسْنَانِ حَمْزَةَ، وَالعَبَّاسِ عَمَّيْهِ.
عِدَادُهُ فِي مُسْلِمَةِ الفتح، ولم يروِ شيئًا.
وأمَّا الحَارِثُ، فَلَهُ حَدِيْثٌ فِي "مُسْنِدِ بَقِيِّ بنِ مَخْلَدٍ", وَقَدْ وَلِي إِمْرَةَ مَكَّةَ لِعُمَرَ، تُوُفِّيَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ، وَكَانَ قَدْ أَتَى بِوَلَدِهِ بَبَّةَ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فحنَّكَه.
حدَّث بَبَّةُ عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيٍّ، وَالعَبَّاسِ، وَصَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ، وَحَكِيْمِ بنِ حِزَامٍ، وَأُمِّ هَانِئ بِنْتِ أَبِي طالب، وكعب الحبر، وطائفة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 24" و"7/ 100"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 155"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 136"، الاستيعاب "3/ 885"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة رقم 3213"، والكاشف "2/ ترجمة 2702"، تهذيب التهذيب "5/ ترجمة 310"، الإصابة "2/ ترجمة 6169"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3440".(4/498)
وَعَنْهُ: وَلدُهُ؛ إِسْحَاقُ، وَعَبْدُ اللهِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو التَّيَّاحِ يَزِيْدُ بنُ حُمَيْدٍ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَآخَرُوْنَ. رَوَى عِدَّةَ أَحَادِيْثَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ، تَابِعِيٌّ، أَتَتْ بِهِ أَمُّهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَتَفَلَ فِي فِيْهِ، وَدَعَا لَهُ.
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: أُمُّهُ هِيَ هِندٌ؛ أُخْتُ مُعَاوِيَةَ.
قُلْتُ: وَهِيَ أُخْتُ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ أُمِّ حَبِيْبَةَ.
قَالَ: وَكَانَتْ تُنقِّزه وَتَقُوْلُ:
يَا بَبَّةُ يَا بَبَّهْ ... لأنكحنَّ بَبَّهْ
جَارِيَةً خِدَبَّه1 ... تَسُوْدُ أَهْلَ الكَعْبَهْ
اصْطَلَحَ كُبَرَاءُ أَهْلِ البَصْرَةِ عَلَى تَأْمِيْرِهِ عَلَيْهِم عِنْدَ هُرُوْبِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ إِلَى الشَّامِ لَمَّا هَلَكَ يَزِيْدُ, ثُمَّ كَتَبُوا بِالبَيْعَةِ إلى ابن الزبير، فولّاه عَلَيْهِم, ثُمَّ عَزَلَهُ. وَلَمَّا كَانَتْ فِتْنَةُ ابْنِ الأَشْعَثِ2، هَرَبَ عَبْدُ اللهِ إِلَى الشَّامِ خَوْفاً مِنَ الحَجَّاج.
وَقِيْلَ: مَاتَ بِعُمَانَ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ.
قُلْتُ: عَاشَ بِضْعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَقَارَبَ الثَّمَانِيْنَ.
وَكَانَ مِنْ سَادَةِ بَنِي هَاشِمٍ، يَصْلُحُ للخلافة لعلمه وسؤدده.
__________
1 الخدبة: الضخمة الغليظة.
2 ابن الأشعث: هو عبد الرحمن بن قيس بن محمد بن الاشعث بن قيس الكندي الكوفي, قيل: إن الحَجَّاج قتله بعد سنة "90"، قال الحافظ في "التقريب": مجهول الحال، قُتِلَ بعد التسعين.(4/499)
359- حُكَيْمُ بنُ جَبَلَة العَبْدِيُّ 1:
الأَمِيْرُ، أَحَدُ الأَشْرَافِ الأَبْطَالِ، كَانَ ذَا دِيْنٍ وَتَأَلُّهٍ.
أمَّره عُثْمَانُ عَلَى السِّنْدِ مُدَّةً، ثُمَّ نَزَلَ البَصْرَةَ.
وَكَانَ أَحَدَ مَنْ ثَارَ فِي فِتْنَةِ عُثْمَانَ. فَقِيْلَ: لَمْ يَزَلْ يُقَاتِلُ يَوْمَ الجَمَلِ حَتَّى قُطِعَت رِجْلُهُ، فَأَخَذَهَا وَضَرَبَ بِهَا الَّذِي قَطَعَهَا، فَقَتَلَهُ بِهَا، وَبَقِي يُقَاتِلُ عَلَى رجلٍ وَاحِدَةٍ، وَيَرْتَجِزُ ويقول:
يَا سَاقِ لَنْ تُرَاعِي ... إِنَّ مَعِي ذِرَاعِي
أَحْمِي بِهَا كُرَاعِي
فَنَزَفَ مِنْهُ دَمٌ كَثِيْرٌ، فَجَلَسَ مُتَّكِئاً عَلَى المَقْتُوْلِ الَّذِي قَطَعَ سَاقَهُ، فمَرَّ بِهِ فَارِسٌ، فَقَالَ: مَنْ قَطَعَ رِجْلَكَ؟ قَالَ: وِسَادَتِي. فَمَا سُمِعَ بِأَشْجَعَ مِنْهُ، ثُمَّ شدَّ عليه سحيم الحداني، فقتله.
__________
1 ترجمته في أسد الغابة "2/ 44"، الإصابة "1/ ترجمة 1994".(4/500)
360- جَبَلَة بنُ الأَيْهَم الغَسَّاني 1:
أَبُو المُنْذِرِ. مَلِكُ آلِ جَفْنَةَ بِالشَّامِ، أَسْلَمَ وَأَهْدَى لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَدِيَّةً، فلمَّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ ارتدَّ وَلَحِقَ بِالرُّوْمِ.
وَكَانَ دَاسَ رَجُلاً، فَلَكَمَهُ الرَّجُلُ فهَمَّ بِقَتْلِهِ، فَقَالَ عُمَرُ: الْطِمْهُ بَدَلَهَا, فَغَضِبَ وَارْتَحَلَ، ثُمَّ نَدِمَ عَلَى رِدَّتِهِ -نعوذ بالله من العتوِّ والكبر.
__________
1 ترجمته في الأغاني "15/ 157 و173"، خزانة الأدب "2/ 241".(4/500)
361- عُقْبَةُ بنُ نَافِعٍ القُرَشِيُّ 1:
الفِهْرِيُّ الأَمِيْرُ, نَائِبُ إفريقية لمعاوية وليزيد، وهو الذي أنشأ القَيْرَوَانَ، وَأَسْكَنَهَا النَّاسَ.
وَكَانَ ذَا شَجَاعَةٍ وَحَزْمٍ وَديَانَةٍ، لَمْ يَصِحَّ لَهُ صُحْبَةٌ، شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ واختطَّ بِهَا.
حَكَى عَنْهُ ابْنُهُ؛ الأَمِيْرُ أَبُو عُبَيْدَةَ مَرَّةً، وَعَبْدُ اللهِ بنُ هُبَيْرَةَ، وَعُلَيُّ بنُ رَبَاحٍ، وَعَمَّارُ بنُ سَعْدٍ.
وَهُوَ ابْنُ أَخِي العَاصِ بنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ لأُمِّهِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: جَهَّزَهُ مُعَاوِيَةُ عَلَى عَشْرَةِ آلاَفٍ، فَافْتَتَحَ إِفْرِيْقِيَةَ، واختطَّ قَيْرَوَانَهَا, وَكَانَ المَوْضِعُ غَيْضَةً لا يرام منالسباع وَالأَفَاعِي، فَدَعَا عَلَيْهَا، فَلَمْ يَبْقَ فِيْهَا شَيْءٌ وَهَرَبُوا، حَتَّى إِنَّ الوُحُوشَ لَتَحْمِلُ أَوْلاَدَهَا.
فحدَّثني مُوْسَى بنُ عُلَيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: نَادَى: إِنَّا نَازلُوْنَ فَاظعَنُوا. فَخَرَجْنَ مِنْ جِحَرتِهِنَّ هَوَارِبَ.
وَرَوَى نَحْوَهُ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَاطِبٍ، قَالَ: لَمَّا فاتتح عُقْبَةُ إِفْرِيْقِيَةَ، قَالَ: يَا أَهْلَ الوَادِي! إِنَّا حَالُّوْنَ -إِنْ شَاءَ اللهُ- فَاظْعَنُوا، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. فَمَا رَأَيْنَا حَجَراً وَلاَ شَجَراً إِلاَّ يَخْرُجُ مِنْ تَحْتِهِ دَابَّةٌ, حَتَّى هَبَطْنَ بَطْنَ الوَادِي. ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: انْزِلُوا بِسْمِ اللهِ.
وَعَنْ مُفَضَّلِ بنِ فَضَالَةَ، قَالَ: كَانَ عُقْبَةُ بنُ نَافِعٍ مُجَابَ الدَّعْوَةِ.
وَعَنْ عُلَيِّ بنِ رَبَاحٍ، قَالَ: قَدِمَ عُقْبَةُ عَلَى يَزِيْدَ، فَرَدَّهُ وَالِياً عَلَى المَغْرِبِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ، فَغَزَا السُّوْسَ الأَدْنَى، ثُمَّ رَجَعَ، وَقَدْ سَبَقَهُ جُلُّ الجَيْشِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ جَمْعٌ مِنَ العَدُوِّ، فَقُتِلَ عُقْبَةُ وأصحابه.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: قُتِلَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ، رحمه الله تعالى.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2901"، أسد الغابة "4/ 59"، الإصابة "2/ ترجمة 5613".(4/500)
362- الوليد بن عتبة 1:
ابن أَبِي سُفْيَانَ بنِ حَرْبٍ. وَلِيَ لِعَمِّهِ مُعَاوِيَةَ المَدِيْنَةَ، وَكَانَ ذَا جُوْدٍ وَحِلْمٍ، وَسُؤْدُدٍ، وَدِيَانَةٍ، وَوَلِي المَوْسِمَ مَرَّاتٍ.
وَلَمَّا جَاءهُ نَعْيُ مُعَاوِيَةَ وَبَيْعَةُ يَزِيْدَ، لَمْ يُشَدِّدْ عَلَى الحُسَيْنِ وَابْنِ الزُّبَيْرِ، فَانْمَلَسَا مِنْهُ. فَلاَمَهُ مَرْوَانُ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ لأَقْتُلَهُمَا، وَلاَ أَقْطَعَ رَحِمَهُمَا.
وَقِيْلَ: إِنَّهُم أَرَادُوْهُ عَلَى الخِلاَفَةِ بَعْدَ مُعَاوِيَةَ بنِ يَزِيْدَ، فَأَبَى.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ: أَرَادَ أَهْلُ الشَّامِ الوَلِيْدَ بنَ عُتْبَةَ عَلَى الخِلاَفَةِ، فطُعِنَ فَمَاتَ بَعْدَ مَوْتِ مُعَاوِيَةَ بنِ يَزِيْدَ.
وَيُقَالُ: قُدِّمَ لِلصَّلاَةِ عَلَى مُعَاوِيَةَ بنِ يَزِيْدَ، فَأَخَذَهُ الطَّاعُوْنُ فِي الصَّلاَةِ فَلَمْ يُرْفَعْ إِلاَّ وَهُوَ مَيتٌ.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "9/ ترجمة 54"، شذرات الذهب "1/ 72".(4/501)
363- قَيْسُ بنُ ذَرِيْحٍ اللَّيْثِيُّ 1:
مِنْ أَعْرَابِ الحِجَازِ، شَاعِرٌ مُحْسِنٌ، كَانَ يُشَبِّبُ بأمِّ مَعْمَر لُبْنَي بنت الحُبَابِ الكَعْبِيَّةِ، ثُمَّ إِنَّهُ تَزَوَّجَ بِهَا. وَقِيْلَ: كَانَ أَخاً لِلْحُسَيْنِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مِنَ الرَّضَاعَةِ.
وَكَانَ يَكُوْنُ بِقُدَيْدٍ وَقَعَ بَيْنَ أُمِّهِ وَبَيْنَ لُبْنَى فَأَبْغَضَتْهَا، فَمَا زَالَتْ تَتَحَيَّلُ حَتَّى طَلَّقَ لُبْنَى، وَقَالَ لأُمِّهِ: أَمَا إِنَّهُ آخِرُ عَهْدِكِ بِي، وَعَظُمَ بِهِ فِرَاقُ أَهْلِهِ، وجَهَدَه.
وَهُوَ القَائِلُ:
وَكُلُّ مُلِمَّات الزَّمَانِ وَجَدْتُهَا ... سِوَى فُرْقَةِ الأَحْبَابِ هيِّنَة الخَطْبِ
وَنَظْمُهُ فِي الذُّرْوَةِ العُلْيَا رِقَّةً، وَحَلاَوَةً، وَجَزَالَةً، وَكَانَ فِي دَوْلَةِ يزيد.
__________
1 الوافي بالوفيات "3/ 204"، النجوم الزاهرة "1/ 182".(4/502)
364- أسماء بن خارجة 1:
ابن حصن بن حذيفة بن بدر الأمير، أبو حسّان -وقيل: أبو هند- الفَزَارِيُّ، الكُوْفِيُّ، مِنْ كِبَارِ الأَشْرَافِ.
وَهُوَ ابْنُ أَخِي عُيَيْنَةَ بنِ حِصْنٍ؛ أَحَدِ المؤلَّفة قُلُوْبُهُم.
رَوَى أَسْمَاءُ عَنْ: عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ.
وَعَنْهُ: وَلَدُهُ مَالِكٌ، وَعَلِيُّ بنُ رَبِيْعَةَ.
وَفِيه يَقُوْلُ القَطَامِيُّ:
إِذَا مَاتَ ابْنُ خَارِجَةَ بنِ حِصْنٍ ... فَلاَ مَطَرَتْ عَلَى الأَرْضِ السَّمَاءُ
وَلاَ رَجَعَ البَرِيْدُ بغُنم جَيْشٍ ... وَلاَ حَمَلَتْ عَلَى الطُّهْرِ النِّسَاءُ
قَالَ المحدِّث مَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ الحَارِثِ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَسْمَاءَ بنِ خَارِجَةَ الفَزَارِيُّ: أَتَيْتُ الأَعْمَشَ، فَانْتَسَبْتُ لَهُ، فَقَالَ: لَقَدْ قَسَمَ جَدُّكَ أَسْمَاءُ قَسْماً، فَنَسِيَ جَاراً لَهُ، فَاسْتَحْيَى أَنْ يُعْطِيَهُ، وَقَدْ بَدَّى غَيْرَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، وصبَّ عَلَيْهِ المَالَ صَبّاً، أَفَتَفْعَلُ ذَا أَنْتَ؟
وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، قال: فاخر أسماء بن خارجة رَجُلاً، فَقَالَ: أَنَا ابْنُ الأَشْيَاخِ الكِرَامِ. فَقَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: ذَاكَ يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ إسحاق الذبيح ابن إِبْرَاهِيْمَ الخَلِيْلِ.
إِسْنَادُهُ صَحِيْحٌ.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: مَاتَ أَسْمَاءُ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ.
قُلْتُ: وَمِنْ أَوْلاَدِهِ: شَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِ بنِ أَسْمَاءَ بنِ خَارِجَةَ. وَبَنُو فَزَارَةَ مِنْ مُضَرَ.
وَلِخَارِجَةَ أَيْضاً صُحْبَةٌ يَسِيْرَةٌ، وَلاَ رِوَايَةَ لَهُ وَلاَ لِعُيَيْنَةَ.
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "2/ 385"، فوات الوفيات "1/ 168-169"، النجوم الزاهرة "1/ 179".(4/502)
365- حسان بن مالك:
ابن بَحْدَل بن أُنَيف, أمير العرب، أبو سليمان الكلبي. ومن أُمَرَاءِ مُعَاوِيَةَ يَوْمَ صِفِّيْنَ. وَهُوَ الَّذِي شَدَّ مِنْ مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ وَبَايَعَهُ.
قَالَ الكَلْبِيُّ: سَلَّمُوا بِالخِلاَفَةِ عَلَى حَسَّانٍ أَرْبَعِيْنَ لَيْلَةً، ثُمَّ سَلَّمَ الأَمْرَ إِلَى مَرْوَانَ.
وَلَهُ قَصْرٌ بِدِمَشْقَ، وَهُوَ قَصْرُ البَحَادِلة، ثُمَّ صَارَ يُعْرَف بِقَصْرِ ابْنِ أَبِي الحديدِ.
وَهُوَ الَّذِي يَفْتَخِرُ وَيَقُوْلُ:
فَإِنْ لاَ يَكُنْ منَّا الخَلِيْفَةُ نَفْسُهُ ... فَمَا نالها إلا ونحن شهود(4/503)
366- شقيق بن ثور 1:
الأَمِيْرُ, أَبُو الفَضْلِ السَّدُوْسِيُّ، سَيِّدُ بَكْرِ بنِ وَائِلٍ فِي الإِسْلاَمِ، وَكَانَ رَأْسَهُم يَوْمَ صِفِّيْنَ مَعَ عَلِيٍّ، وَيَوْمَ الجَمَلِ.
يَرْوِي عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ.
وَعَنْهُ: أَبُو وَائِلٍ، وَخَلاَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ, وقُتِلَ أَبُوْهُ فِي فَتْحِ تُسْتَرَ.
قِيْلَ: إِنَّ شَقِيْقاً هَذَا لَمَّا احتُضِرَ، قَالَ: لَيْتَهُ لَمْ يَسُدْ قَوْمَهُ، فَكَمْ مِنْ بَاطِلٍ قَدْ حَقَّقْنَاهُ، وحقٍّ أَبْطَلْنَاهُ. توفي سنة خمس وستين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2683"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1617"، الكاشف "2/ ترجمة 2321"، تهذيب التهذيب "4/ ترجمة 608"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2973".(4/503)
367- المُخْتَارُ بنُ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيُّ 1:
الكَذَّابُ، كَانَ وَالِدُهُ الأَمِيْرُ أَبُو عُبَيْدٍ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ عَمْرِو بنِ عُمَيْرِ بنِ عَوْفِ بنِ عُقْدَةَ بنِ عَنَزَةَ بنِ عَوْفِ بنِ ثَقِيفٍ، قَدْ أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَلَمْ نَعْلَمْ لَهُ صُحْبَةً.
اسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ عَلَى جَيْشٍ، فَغَزَا العِرَاقَ، وَإِلَيْهِ تنسب وَقْعَةُ جِسْرِ أَبِي عُبَيْدٍ.
وَنَشَأَ المُخْتَارُ فَكَانَ مِنْ كُبَرَاءِ ثَقِيْفٍ، وَذَوِي الرَّأْيِ, وَالفَصَاحَةِ، وَالشَّجَاعَةِ، وَالدَّهَاءِ، وَقِلَّةِ الدِّين. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَكُوْنُ فِي ثَقِيْفٍ كذَّاب وَمُبِيْرٌ" 2. فَكَانَ الكَذَّابُ هَذَا، ادَّعى أَنَّ الوَحْيَ يَأْتِيهِ، وَأَنَّهُ يَعْلَمُ الغَيْبَ، وَكَانَ المُبِيْرُ الحَجَّاج -قَبَّحَهُمَا اللهُ.
قَالَ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ": حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا السُّدِّيُّ، عَنْ رِفَاعَةَ الفِتْيَانِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى المُخْتَارِ, فَأَلْقَى لِي وِسَادَةً، وَقَالَ: لَوْلاَ أنَّ جِبْرِيْلَ قَامَ عَنْ هَذِهِ لأَلْقَيْتُهَا لَكَ. فَأَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَذَكَرْتُ حَدِيْثاً حَدَّثَنِيْهِ عَمْرُو بنُ الحمقِ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَمَّنَ مُؤْمِناً عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ، فَأَنَا مِنَ القَاتِلِ بَرِيْءٌ" 3.
وَرَوَى مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أَقْرَأَنِي الأَحْنَفُ كِتَابَ المُخْتَارِ إِلَيْهِ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَكَانَ المُخْتَارُ قَدْ سَارَ مِنَ الطَّائِفِ بَعْدَ مَصْرِعِ الحُسَيْنِ إِلَى مَكَّةَ، فَأَتَى ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ قَدْ طُرِدَ لِشرِّهِ إِلَى الطَّائِفِ، فَأَظْهَرَ المُنَاصَحَةَ، وتردَّد إِلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، فَكَانُوا يَسْمَعُوْنَ مَا يُنْكَرُ. فلمَّا مَاتَ يَزِيْدُ، اسْتَأْذَنَ ابْنَ الزُّبَيْرِ فِي الرَّوَاحِ إِلَى العِرَاقِ، فَرَكَنَ إِلَيْهِ وَأَذِنَ لَهُ، وَكَتَبَ إِلَى نَائِبِهِ بِالعِرَاقِ؛ عَبْدِ اللهِ بنِ مُطِيْعٍ, يُوصِيْهِ بِهِ، فَكَانَ يَخْتلِفُ إِلَى ابْنِ مُطِيْعٍ, ثُمَّ أَخَذَ يَعِيْبُ فِي البَاطِنِ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَيُثْنِي عَلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، وَيَدْعُو إِلَيْهِ، وَأَخَذَ يَشْغَبُ عَلَى ابْنِ مُطِيْعٍ، وَيَمْكُرُ، وَيَكْذِبُ، فَاسْتَغْوَى جَمَاعَةً، وَالْتَفَّتْ عَلَيْهِ الشِّيْعَةُ، فَخَافَهُ ابْنُ مُطِيْعٍ، وفَرَّ مِنَ الكُوْفَةِ، وتمكَّن هُوَ، ودعا
__________
1 ترجمته في مروج الذهب "3/ 272"، أسد الغابة "5/ 122"، الإصابة "3/ ترجمة رقم 8545".
2 حسن: أخرجه مسلم "2545" من طريق يعقوب بن إسحاق الحضري، أخبرنا الأسود بن شيبان، عن أبي نوفل، عن ابن عمر في حديث طويل مرفوعًا.
قلت: إسناده حسن، يعقوب بن إسحاق الحضرمي، صدوق -كما قال الحافظ في "التقريب", وأبو نوفل هو ابن أبي عقرب الكناني، ثقة من رجال البخاري ومسلم.
قوله: "ومبير": المبير هو المهلك، والمعنيّ به هو الحجاج بن يوسف الثقفي, كما قالت له أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنها.
3 حسن: أخرجه أحمد "5/ 223 و224"، والبخاري في "التاريخ" "2/ ق1/ 322", والطيالسي "1285"، وأبو نعيم في "الحلية" "9/ 24" من طريق السدي، به.
قلت: إسناده حسن، السدي، هو إسماعيل بن عبد الرحمن، صدوق -كما قال الحافظ في التقريب.(4/504)
ابْنَ الزُّبَيْرِ إِلَى مُبَايعَةِ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، فأبى, فحصره وضيق عليه وتوعَّده، قتألَّمت الشِّيْعَةُ لَهُ، وردَّ المُخْتَارَ إِلَى مَكَّةَ, ثُمَّ بَعَثَ مَعَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ طَلْحَةَ عَلَى خَرَاجِ الكُوْفَةِ، فقَدِم المُخْتَارُ وَقَدْ هَاجَتِ الشِّيْعَةُ لِلطَّلَبِ بِالثَّأْرِ، وَعَلَيْهِم سُلَيْمَانُ بنُ صُرَدٍ, فَأَخَذَ المُخْتَارُ يُفْسِدُهُم، وَيَقُوْلُ: إِنِّيْ جِئْتُ مِنْ قِبَلِ المَهْدِيِّ ابْنِ الوَصِيِّ -يُرِيْدُ: ابْنَ الحَنَفِيَّةِ, فَتَبِعَهُ خَلْقٌ، وَقَالَ: إِنَّ سُلَيْمَانَ لاَ يَصْنَعُ شَيْئاً، إِنَّمَا يُلْقِي بِالنَّاسِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، وَلاَ خِبْرَةَ لَهُ بِالحَرْبِ.
وَخَافَ عُمَرُ بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَذَهَبَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الخَطْمِيُّ نَائِبُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ إِلَى ابْنِ صُرَدٍ، فَقَالاَ: إِنَّكُم أَحَبُّ أَهْلِ بَلَدِنَا إِلَيْنَا، فَلاَ تَفْجَعُوْنَا بِأَنْفُسِكُم، وَلاَ تَنْقُصُوا عَدَدَنَا بِخُرُوجِكُم، قِفُوا حَتَّى نَتَهَيَّأَ. قَالَ ابْنُ صُرَدٍ: قَدْ خَرَجْنَا لأَمْرٍ، وَلاَ نُرَانَا إِلاَّ شَاخِصِيْنَ. فَسَارَ وَمَعَهُ كُلُّ مُسْتَمِيْتٍ، وَمَرُّوا بِقَبْرِ الحُسَيْنِ فَبَكَوْا، وَأَقَامُوا يَوْماً عِنْدَهُ، وَقَالُوا: يَا رَبِّ، قَدْ خَذَلْنَاهُ فَاغْفِرْ لَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا. ثُمَّ نَزَلُوا قَرْقِيْسِيَا، فَتَمَّ المَصَافُّ بِعَيْنِ الوَرْدَةِ, وقُتِلَ ابْنُ صُرَدٍ وعامَّة التَّوَّابِيْنَ، وَمَرِضَ عُبَيْدُ اللهِ بِالجَزِيْرَةِ، فَاشْتَغَلَ بِذَلِكَ وبقتال أهله عَنِ العِرَاقِ سَنَةً، وَحَاصَرَ المَوْصِلَ.
وأمَّا المُخْتَارُ، فسُجِنَ مُدَّةً ثُمَّ خَرَجَ، فَحَارَبَهُ أَهْلُ الكُوْفَةِ، فَقَتلَ رِفَاعَةَ بنَ شَدَّادٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ سَعْدٍ، وَعِدَّةً, وَغَلَبَ عَلَى الكُوْفَةِ، وَهَرَبَ مِنْهُ نَائِبُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَتَلَ جَمَاعَةً مِمَّنْ قَاتَلَ الحُسَيْنَ، وَقَتَلَ الشِّمْرَ بنَ ذِي الجَوْشن، وَعُمَرَ بنَ سَعْدٍ، وَقَالَ: إِنَّ جِبْرِيْلَ يَنْزِلُ عليَّ بِالوَحْيِ. وَاخْتَلَقَ كِتَاباً عَنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ بِنَصْرِ الشِّيْعَةِ، وَثَارَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الأَشْتَرِ فِي عَشِيْرَتِهِ، فَقَتلَ صَاحِبَ الشُّرَطَةِ، وسُر بِهِ المُخْتَارُ، وَقَوِيَ، وَعَسْكَرُوا بِدَيْرِ هِنْدٍ، فَحَارَبَهُم نَائِبُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ ضَعُفَ وَاخْتَفَى، وَأَخَذَ المُخْتَارُ فِي العَدْلِ، وَحُسْنِ السِّيْرَةِ.
وَبَعَثَ إِلَى النَّائِبِ بِمَالٍ، وَقَالَ: اهْرُبْ. وَوَجَدَ المُخْتَارُ فِي بَيْتِ المَالِ سَبْعَةَ آلاَفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَنْفَقَ فِي جَيْشِهِ، وَكَتَبَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ: إِنِّيْ رَأَيْتُ عَامِلَكَ مُدَاهِناً لِبَنِي أُمَيَّةَ، فَلَمْ يَسَعْنِي أَنْ أُقِرَّهُ, فَانْخَدَعَ لَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ بِوِلاَيَةِ الكُوْفَةِ، فجهَّز ابْنَ الأَشْتَرِ لِحَرْبِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ، فِي آخِرِ سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ، وَمَعَهُ كُرْسِيٌّ عَلَى بَغْلٍ أَشْهَبَ.
وَقَالَ المُخْتَارُ: هَذَا فِيْهِ سِرٌّ، وَهُوَ آيَةٌ لَكُم، كَمَا كَانَ التَّابُوتُ لِبَنِي إِسْرَائِيْلَ. فَحَفُّوا بِهِ يَدْعُوْنَ، فَتَأَلَّمَ ابْنُ الأَشْتَرِ، وَقَالَ: اللهمَّ لاَ تُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ منَّا، سُنَّةَ بَنِي إِسْرَائِيْلَ؛ إِذْ عَكَفُوا عَلَى العِجْلِ.
فَعَنْ طُفَيْلِ بنِ جَعْدَةَ بنِ هُبَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ لِي جَارٌ زَيَّاتٌ، لَهُ كُرْسِيٌّ، فَاحْتَجْتُ، فَقُلْتُ(4/505)
لِلْمُخْتَارِ: إِنِّيْ كُنْتُ أَكْتُمُكَ شَيْئاً، وَالآنَ أَذْكُرُهُ. قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قُلْتُ: كُرْسِيٌّ كَانَ أَبِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ، كَانَ يَرَى أنَّ فِيْهِ أَثَارَةً مِنْ عِلْمٍ. قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! لِمَ أخَّرته؟ فَجِيْءَ بِهِ وَعَلَيْهِ سِتْرٌ، فَأَمَرَ لِي بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً، وَدَعَا بِالصَّلاَةِ جَامِعَةً، فَاجْتَمَعُوا، فَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الأُمَمِ الخَالِيَةِ أَمْرٌ إِلاَّ وَهُوَ كَائِنٌ فِيْكُم، وَقَدْ كَانَ فِي بني إسرائيل التابوت، وإن فينا مِثْلَهُ، اكْشِفُوا هَذَا. فَكَشَفُوا الأَثْوَابَ، وَقَامَتِ السَّبَائِيَّةُ، فَرَفَعُوا أَيْدِيَهُم، فَأَنْكَرَ شَبَثُ بنُ رِبْعِيٍّ فَضُرِبَ, فلمَّا انْتَصَرُوا عَلَى عُبَيْدِ اللهِ افْتُتِنُوا بِالكُرْسِيِّ وَتغَالَوْا فِيْهِ، فَقُلْتُ: إِنَّا للهِ، وَنَدِمْتُ. فلمَّا زَادَ كَلاَمُ النَّاسِ غُيِّبَ, وَكَانَ المُخْتَارُ يَرْبِطُهُم بِالمُحَالِ وَالكَذِبِ، ويتألَّفهم بِقَتْلِ النَّوَاصِبِ.
عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي مَعَ المُخْتَارِ، فَقَالَ لَنَا: أَبْشِرُوا، فَإِنَّ شُرطَةَ اللهِ قَدْ حَسُّوهُم بِالسُّيُوْفِ بِقُرْبِ نَصِيْبِيْنَ. فَدَخَلْنَا المَدَائِنَ، فَوَاللهِ إِنَّهُ لَيَخْطُبُنَا؛ إِذْ جَاءتْهُ البُشْرَى بِالنَّصْرِ، فَقَالَ: أَلَمْ أُبَشِّرْكُم بِهَذَا؟ قَالُوا: بَلَى. فَقَالَ لِي هَمْدَانِيٌّ: أَتُؤْمِنُ الآنَ؟ قُلْتُ: بِمَاذَا؟ قَالَ: بأنَّ المُخْتَارَ يَعْلَمُ الغَيْبَ، أَلَمْ يَقُلْ لَنَا: إِنَّهُم هُزِمُوا؟ قُلْتُ: إِنَّمَا زَعَمَ أنَّ ذَلِكَ بِنَصِيْبِيْنَ، وَإِنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ بِالخَازِرِ مِنَ المَوْصِلِ. قَالَ: وَاللهِ لاَ تُؤْمِنُ يَا شَعْبِيُّ حَتَّى تَرَى العَذَابَ الأَلِيْمَ.
وَقِيْلَ: كَانَ رَجُلٌ يَقُوْلُ: قَدْ وُضِعَ لَنَا اليَوْمَ وَحْيٌ، مَا سَمِعَ النَّاسُ بِمِثْلِهِ؛ فِيْهِ نَبَأُ مَا يَكُوْنُ.
وَعَنْ مُوْسَى بنِ عَامِرٍ، قَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَضَعُ لَهُم عَبْدُ اللهِ بنُ نَوْفٍ، وَيَقُوْلُ: إِنَّ المُخْتَارَ أَمَرَنِي بِهِ، وَيَتَبَرَّأُ مِنْ ذَلِكَ المُخْتَارُ. فَقَالَ سُرَاقَةُ البارقي:
كَفَرْتُ بِوَحْيِكُم وَجَعَلْتُ نَذْراً ... عليَّ هِجَاءكُم حَتَّى المَمَاتِ
أُرِي عَيْنَيَّ مَا لَمْ تَرْأَيَاهُ ... كِلاَنَا عالم بالترهات
ووقع المصافّ، فقتل بن زِيَادٍ، قدَّه ابْنُ الأَشْتَرِ نِصْفَيْنِ, وَكَانَ بَطَلَ النَّخَعِ وَفَارِسَ اليَمَانِيَّةِ، فَدَخَلَ المَوْصِلَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الجَزِيْرَةِ, ثُمَّ وَجَّهَ المُخْتَارُ أَرْبعَةَ آلاَفِ فَارِسٍ فِي نَصْرِ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، فَكَلَّمُوا ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَأَخْرَجُوهُ مِنَ الشِّعْبِ، وَأَقَامُوا فِي خِدْمَتِه أَشْهُراً، حَتَّى بَلَغَهُم قَتْلُ المُخْتَارِ، فَإِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلِمَ مَكْرَهُ، فَنَدَبَ لِحَرْبِهِ أَخَاهُ مُصْعَباً. فَقَدِمَ مُحَمَّدُ بنُ الأَشْعَثِ، وَشَبَثُ بنُ رِبْعِيٍّ إِلَى البَصْرَةِ يَسْتَصْرِخَانِ النَّاسَ عَلَى الكَذَّابِ، ثُمَّ الْتَقَى مُصْعَبٌ وَجَيْشُ المُخْتَارِ، فَقُتِلَ ابْنُ الأَشْعَثِ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَانْفَلَّ الكُوْفِيُّوْنَ، فَحَصَرَهُم مُصْعَبٌ فِي دَارِ الإِمَارَةِ, فَكَانَ المُخْتَارُ يَبْرُزُ فِي فُرْسَانِهِ وَيُقَاتِلُ حَتَّى قَتَلَهُ طَرِيْفٌ الحَنَفِيُّ وَأَخُوْهُ طَرَّافٌ، فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ، وَأَتَيَا بِرَأْسِهِ مُصْعَباً، فَوَهَبَهُمَا ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، وَقُتِلَ مِنَ الفَرِيْقَيْنِ سَبْعُ مائَةٍ.(4/506)
وَقِيْلَ: كَانَ المُخْتَارُ فِي عِشْرِيْنَ أَلْفاً. ثُمَّ إنَّ مُصْعَباً أَسَاءَ، فأمَّن بِقَصْرِ الإِمَارَةِ خَلْقاً، ثُمَّ قَتَلَهُم غَدْراً، وَذُبِحَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ صَبْراً؛ لأَنَّهَا شَهِدَتْ أَنَّ زَوْجَهَا المُخْتَارَ عَبْدٌ صَالِحٌ. وَأَقْبَلَ فِي نَجْدَةِ مُصْعَبٍ المُهَلَّبُ بنُ أَبِي صُفْرَةَ فِي الرِّجَالِ وَالأَمْوَالِ, وَلَمَّا خُذِلَ المُخْتَارُ قَالَ لِصَاحِبِهِ: مَا مِنَ المَوْتِ بُدٌّ، وحبَّذا مَصَارِعُ الكِرَامِ. وَقَلَّ عَلَيْهِ القُوْتُ فِي الحِصَارِ وَالمَاءُ، وَجَاعُوا فِي القَصْرِ، فَبَرَزَ المُخْتَارُ لِلْمَوْتِ فِي تِسْعَةَ عَشَرَ مُقَاتِلاً. فَقَالَ المُخْتَارُ: أتؤمِّنُوني؟ قَالُوا: لاَ. إِلاَّ عَلَى الحكم. قال: لا أحكم في نَفْسِي. وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِل، وَأَمْكَنَ أَهْلُ القَصْرِ من أنفسهم، فبعث إليهم عباد بن حصن، فَكَانَ يُخْرِجُهُم مُكَتَّفِيْنَ وَيَقْتُلُهُم. فَقَالَ رَجُلٌ لِمُصْعَبِ بنِ الزُّبَيْرِ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي ابْتَلاَنَا بِالأَسْرِ، وَابْتَلاَكَ أَنْ تَعْفُوَ، وَهُمَا مَنْزِلَتَانِ؛ إِحْدَاهُمَا رِضَى اللهِ، وَالأُخْرَى سَخَطُهُ، مَنْ عَفَا عَفَا اللهُ عَنْهُ، وَمَنْ قَتَلَ لَمْ يَأْمَنِ القِصَاصَ، نَحْنُ أَهْلُ قِبْلَتِكُم وَعَلَى مِلَّتِكُم، لَسْنَا تُرْكاً وَلاَ دَيْلَماً، قَاتَلْنَا إِخْوَانَنَا كَمَا اقْتَتَلَ أَهْلُ الشَّامِ بَيْنَهُم، ثُمَّ اصْطَلَحُوا وَقَدْ مَلَكْتُم، فَأَسْجِحُوا. فرقَّ مُصْعَبٌ وَهَمَّ أَنْ يَدَعَهُم، فَوَثَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَشْعَثِ، وَقَالَ: اخْتَرْنَا أَوِ اخْتَرْهُم. وَقَالَ آخَرُ: قُتِلَ أَبِي فِي خَمْسِ مائَةٍ مِنْ هَمْدَانَ وَتُخَلِّيْهِم؟! وَسُمِرَتْ كَفُّ المُخْتَارِ إِلَى جَانِبِ المَسْجَدِ.
وَرَوَى إِسْحَاقُ بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: جَاءَ مُصْعَبٌ يَزُوْرُ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: أَيْ عَمِّ! أَسْأَلُكَ عَنْ قَوْمٍ خَلَعُوا الطَّاعَةَ، وَقَاتَلُوا حَتَّى إِذَا غُلِبُوا تَحَصَّنُوا وَطَلَبُوا الأَمَانَ فَأُعْطُوا، ثُمَّ قُتِلُوا. قَالَ: كَمِ العَدَدُ؟ قَالَ: خَمْسَةُ آلاَفٍ. فَسَبَّحَ ابْنُ عُمَرَ، ثم قال: يا مصعب! لو أنَّ امرأ أَتَى مَاشِيَةَ الزُّبَيْرِ، فَذَبَحَ مِنْهَا خَمْسَةَ آلاَفِ شَاةٍ فِي غَدَاةٍ، أَكُنْتَ تَعُدُّهُ مُسْرِفاً؟ قَالَ: نَعَمَ. قَالَ: فَتَرَاهُ إِسْرَافاً فِي البَهَائِمِ، وَقَتَلْتَ مَنْ وحَّد اللهَ، أَمَا كَانَ فِيهِم مُكْرَهٌ أَوْ جَاهِلٌ تُرْجَى تَوْبَتُهُ؟! اصْبُبْ يَا ابْنَ أَخِي مِنَ المَاءِ البَارِدِ مَا اسْتَطَعْتَ فِي دُنْيَاكَ.
وَقَدْ كَانَ المُخْتَارُ مُعْظِماً لابْنِ عُمَرَ، يُنْفِذُ إِلَيْهِ بِالأَمْوَالِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ تَحْتَهُ صَفِيَّةُ أُخْتُ المُخْتَارِ.
وَنَشَأَ المُخْتَارُ بِالمَدِيْنَةِ، يُعْرَف بِالمَيْلِ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثُمَّ سَارَ إِلَى البَصْرَةِ يُظْهِرُ بِهَا ذِكْرَ الحُسَيْنِ فِي أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ، فَأُخْبِرَ بِهِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ زِيَادٍ، فَأُمْسِكَ، وَضَرَبَهُ مائَةً, وَدرَّعَهُ عَبَاءةً، وَنَفَاهُ إِلَى الطَّائِفِ, فَلَمَّا عَاذَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِالبَيْتِ خَرَجَ إليه.(4/507)
368- عبيد الله بن زياد بن أبيه 1:
أَمِيْرُ العِرَاقِ، أَبُو حَفْصٍ. وَلِيَ البَصْرَةَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ، وَلَهُ ثِنْتَانِ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً، وَوَلِيَ خُرَاسَانَ، فَكَانَ أَوَّلَ عَرَبِيٍّ قَطَعَ جَيْحُوْنَ، وَافتَتَحَ بيكند، وغيرها.
وكان جميل الصورة، قبيح السرير.
وَقِيْلَ: كَانَتْ أُمُّهُ مَرْجَانَةُ مِنْ بَنَاتِ مُلُوْكِ الفُرْسِ.
قَالَ أَبُو وَائِلٍ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ بِالبَصْرَةِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ ثَلاَثَةُ آلاَفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ جَاءتْهُ من خرج أَصْبَهَانَ، وَهِيَ كالتَّل.
رَوَى السَّرِيُّ بنُ يَحْيَى، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عُبَيْدُ اللهِ، أمَّره مُعَاوِيَةُ, غُلاَماً سَفِيْهاً، سَفَكَ الدِّمَاءَ سَفْكاً شَدِيْداً، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُغَفَّلٍ، فَقَالَ: انْتَهِ عمَّا أَرَاكَ تَصْنَعُ، فَإِنَّ شرَّ الرِّعَاءِ الحُطَمَةُ. قَالَ: مَا أَنْتَ وَذَاكَ؟ إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ حُثَالَةِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ: وَهَلْ كَانَ فِيْهِم حُثَالَةٌ, لاَ أمَّ لَكَ!
قَالَ: فَمَرِضَ ابْنُ مُغَفَّلٍ، فَجَاءهُ الأَمِيْرُ عُبَيْدُ اللهِ عَائِداً، فَقَالَ: أَتَعْهَدُ إِلَيْنَا شَيْئاً؟ قَالَ: لاَ تُصَلِّ عَلَيَّ, وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِي.
قَالَ الحَسَنُ: وَكَانَ عُبَيْدُ الله جبانًا، ركب، فرأى الناس في السِّكَكِ، فَقَالَ: مَا لِهَؤُلاَءِ؟ قَالُوا: مَاتَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُغَفَّلٍ.
وَقِيْلَ: الَّذِي خَاطَبَهُ هُوَ عَائِذُ بنُ عَمْرٍو المُزَنِيُّ، كَمَا فِي "صَحِيْحِ مسلم"2، فلعلها واقعتان.
__________
1 ترجمته في "التاريخ الكبير" "3/ ق1/ 381"، مروج الذهب "3/ 282"، تاريخ الإسلام "3/ 43"، شذرات الذهب "1/ 74".
2 أخرجه مسلم "1830" من طريق جرير بن حازم، حدثنا الحسن؛ أن عائذ بن عمرو، وكان مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم, دخل على عبيد الله بن زياد فقال: أي بني, إني سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: "إن شَرَّ الرعاء الحطمة، فإياك أن تكون منهم". فقال له: اجلس، فإنما أنت من نخالة أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم. فقال: وهل كانت لهم نخالة؟ إنما كانت النخالة بعدهم، وفي غيرهم.
قوله: الحطمة: هو العنيف برعاية الإبل في السوق والإيراد والإصدار, يلقي بعضها على بعض ويعسفها. ضربه مثلًا لوالي السوء.
وقوله: "نخالة": أي ليست من فضلائهم وعلمائهم وأهل المراتب منهم, بل من سقطهم.(4/508)
وَقَدْ جَرَتْ لِعُبَيْدِ اللهِ خُطُوبٌ، وَأَبْغَضَهُ المُسْلِمُوْنَ لِمَا فَعَلَ بِالحُسَيْنِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ, فلمَّا جَاءَ نَعْيُ يَزِيْدَ هَرَبَ بَعْدَ أَنْ كَادَ يؤسَر، وَاخْتَرَقَ البَرِّيَّةَ إِلَى الشَّامِ، وانضمَّ إِلَى مَرْوَانَ, ثُمَّ سَارَ فِي جَيْشٍ كَثِيْفٍ، وَعَمِلَ المصافّ برأس عين.
واستخلف عاوية بن زيد شَابّاً مَلِيْحاً وَسِيْماً، صَالِحاً، فتمرَّض وَمَاتَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ. قِيْلَ لَهُ: اسْتَخْلِفْ. فَقَالَ: مَا أَصَبْتُ مِنْ حَلاَوَتِهَا، فَلِمَ أَتَحَمَّلُ مَرَارَتَهَا؟ وَعَاشَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُ عَمِّهِ عُثْمَانُ بنُ عَنْبَسَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَأَرَادُوْهُ عَلَى الخِلاَفَةِ فَأَبَى، وَلَحِقَ بِخَالِهِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَبَايَعَهُ. وهَمَّ مَرْوَانُ بِمُبَايَعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَتَاهُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ زِيَادٍ هَارِباً مِنَ العِرَاقِ، وَكَانَ قَدْ خَطَبَ وَنَعَى إِلَى النَّاسِ يَزِيْدَ، وَبَذَلَ العَطَاءَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ سَلَمَةُ الرِّيَاحِيُّ يَدْعُو إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَمَالَ إِلَيْهِ النَّاسُ, فَقَالَ النَّاسُ لِعُبَيْدِ اللهِ: أَخْرِجْ لَنَا إِخْوَانَنَا مِنَ السُّجُونِ -وكانت مملوءة من الخوارج, قال: لا تَفْعَلُوا. فَأَبَوْا، فَأَخْرَجَهُم، فَجَعَلُوا يُبَايِعُوْنَهُ، فَمَا تَكَامَلَ آخِرُهُم حَتَّى أَغْلَظُوا لَهُ، ثُمَّ عَسْكَرُوا.
وَقِيْلَ: خَرَجُوا يَمْسَحُوْنَ الجُدُرَ بِأَيْدِيهِم، وَيَقُوْلُوْنَ: هَذِهِ بَيْعَةُ ابْنِ مَرْجَانَةَ. وَنَهَبُوا خَيْلَهُ، فَخَرَجَ لَيْلاً، وَاسْتجَارَ بِمَسْعُوْدِ بنِ عَمْرٍو رَئِيْسِ الأَزْدِ, فَأَجَارَهُ.
وأمَّر أَهْلُ البَصْرَةِ عَلَيْهِم عَبْدُ اللهِ بنُ الحَارِثِ بنِ نَوْفَلٍ الهَاشِمِيُّ، فَشَدَّتِ الخَوَارِجُ عَلَى مَسْعُوْدٍ فقتلوه، وتفاقم الشر، وصاروا حزبين، فافتتلوا أَيَّاماً، فَكَانَ عَلَى الخَوَارِجِ نَافِعُ بنُ الأَزْرَقِ، وفَرَّ عُبَيْدُ اللهِ قَبْلَ مَقْتَلِ مَسْعُوْدٍ فِي مائَةٍ مِنَ الأَزْدِ إِلَى الشَّامِ، فَوَصَلَ إِلَى الجَابِيَةِ, وَهُنَاكَ بَنُو أُمَيَّةَ، فَبَايَعَ هُوَ وَمَرْوَانُ خَالِدَ بنَ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ فِي نِصْفِ ذِي القَعْدَةِ، ثُمَّ الْتَقَوْا هُمْ والضَّحَّاك بِمَرْجِ دِمَشْقَ، فَاقْتَتَلُوا أَيَّاماً فِي ذِي الحِجَّةِ.
وَكَانَ الضَّحَّاكُ بنُ قَيْسٍ فِي سِتِّيْنَ أَلْفاً، وَالأُمَوِيَّةُ فِي ثَلاَثَةَ عَشَرَ أَلْفاً، وَأَشَارَ عُبَيْدُ اللهِ بِمَكِيدَةٍ، فَسَأَلُوا الضَّحَّاكَ المُوَادَعَةَ فَأَجَابَ، فَكَبَسَهُم مَرْوَانُ، وَقُتِلَ الضَّحَّاكُ فِي عِدَّةٍ مِنْ فُرْسَانِ قَيْسٍ، وثار الخَوَارِجُ بِمِصْرَ، وَدَعَوْا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ يَظُنُّونَهُ مِنْهُم، فَبَعَثَ عَلَى مِصْرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ جَحْدَمٍ الفِهْرِيَّ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الكُوْفَةِ عَامِرَ بنَ مَسْعُوْدٍ الجُمَحِيَّ، وَهَدَمَ الكَعْبَةَ وَبَنَاهَا، وَأَلْصَقَ بَابَيْهَا بِالأَرْضِ، وَأَدْخَلَ فِيْهَا سِتَّةَ أَذْرُعٍ مِنَ الحِجْرِ.
وأمَّا أَكْثَرُ الشَّامِيِّيْنَ فَبَايَعُوا مَرْوَانَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ خَمْسٍ، وَبَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى خُرَاسَانَ المُهَلَّبَ بنَ أَبِي صُفْرَةَ، فَحَارَبَ الخَوَارِجَ وَمَزَّقَهُم, وسار مَرْوَانُ، فَأَخَذَ مِصْرَ بَعْد حصارٍ وَقِتَالٍ شَدِيْدٍ، وَتَزَوَّجَ بِوَالِدَةِ خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ، وجعله ولي عهده، فما تَمَّ ذلك، وقتله الزَّوْجَةُ، لِكَوْنِهِ قَالَ لِخَالِدٍ مَرَّةً: يَا ابْنَ رطبة الاست.(4/509)
وجهَّز إِلَى العِرَاقِ عُبَيْدَ اللهِ بنَ زِيَادٍ، فَالْتَقَاهُ شِيْعَةُ الحُسَيْنِ فغُلِبوا، وَكَانَ مَعَ عُبَيْدِ اللهِ حُصَيْنُ بنُ نُمَيْرٍ السَّكُوْنِيُّ، وَشُرَحْبِيْلُ بنُ ذِي الكَلاَعِ، وَأَدْهَمُ البَاهِلِيُّ، وَرَبِيْعَةُ بنُ مُخَارِقٍ، وَحَمِيْلَةُ الخَثْعَمِيُّ، وَقَوْمُهُم.
وَكَانَتْ مَلْحَمَةً مَشْهُودَةً، فتوثَّب المُخْتَارُ الكَذَّابُ بِالكُوْفَةِ، وَجَهَّزَ إِبْرَاهِيْمَ بنَ الأَشْتَرِ لِحَرْبِ عُبَيْدِ اللهِ فِي ثَمَانِيَةِ آلاَفٍ، فَالْتَقَوْا فِي أَوَّلِ سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ بِالخَازِرِ، كَبَسَهُمُ ابْنُ الأَشْتَرِ سَحَراً، وَالْتَحَمَ الحَرْبُ، وَقُتِلَ خَلْقٌ، فَانْهَزَمَ الشَّامِيُّوْنَ، وَقُتِلَ عُبَيْدُ اللهِ، وَحُصَيْنُ بنُ نمير، وشرحبيل بن ذي الكلاع، وبعث برءوسهم إِلَى مَكَّةَ.
ثُمَّ تمكَّن ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَغَضِبَ عَلَى المُخْتَارِ، وَلاَحَ لَهُ ضَلاَلُهُ، فجهَّز لِحَرْبِهِ مُصْعَبَ بنَ الزُّبَيْرِ، فظَفِرَ بِهِ، وَقَتَلَ مِنْ أَعْوَانِهِ خَلاَئِقَ، وَكَتَبَ إِلَى الجَزِيْرَةِ, إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ الأَشْتَرِ: إِنْ أَطَعْتَنِي وَبَايَعْتَ فَلَكَ الشَّامُ.
وكتب إليه عبد الله: إِنْ بَايَعْتَنِي فَلَكَ العِرَاقُ, فَاسْتَشَارَ قُوَّادَهُ فتردَّدوا، فَقَالَ: لاَ أُوثِرُ عَلَى مِصْرِي وَقَوْمِي أَحَداً. وَسَارَ إِلَى خِدْمَةِ مُصْعَبٍ، فَكَانَ مَعَهُ إِلَى أَنْ قُتِلَا.
وَقَدْ كَانَتْ مَرْجَانَةُ تَقُوْلُ لابْنِهَا عُبَيْدِ اللهِ: قَتَلْتَ ابْنُ بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, لاَ تَرَى الجَنَّةَ -أَوْ نَحْوَ هَذَا.
قَالَ أَبُو اليَقْظَانِ: قُتِلَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ زِيَادٍ يَوْمَ عَاشُورَاء سَنَةَ سبع وستين.
قال يزد بن أبي زاد: عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: عَزَلْنَا سَبْعَةَ أَرْؤُسٍ، وغطَّينا مِنْهَا رَأْسَ حُصَيْنِ بنِ نُمَيْرٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ، فَجِئْتُ فَكَشَفْتُهَا، فَإِذَا حَيَّةٌ فِي رَأْسِ عُبَيْدِ اللهِ تَأْكُلُ.
وصحَّ مِنْ حَدِيْثِ عُمَارَةَ بنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: جِيْءَ بِرَأْسِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ وَأَصْحَابِهِ، فَأَتَيْنَاهُم وَهُم يَقُوْلُوْنَ: قَدْ جَاءتْ، قَدْ جَاءتْ. فَإِذَا حَيَّةٌ تخلل الرءوس، حَتَّى دَخَلَتْ فِي مَنْخِرِ عُبَيْدِ اللهِ، فَمَكَثَتْ هُنَيَّةً ثُمَّ خَرَجَتْ وَغَابَتْ, ثُمَّ قَالُوا: قَدْ جَاءتْ، قَدْ جَاءتْ, فَفَعَلَتْ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلاَثاً.
قُلْتُ: الشِّيْعِيُّ لاَ يَطِيْبُ عَيْشُهُ حَتَّى يَلْعَنَ هَذَا وَدُوْنَهُ، وَنَحْنُ نُبْغِضُهُم فِي اللهِ، وَنَبْرَأُ مِنْهُم وَلاَ نَلْعَنُهُم، وَأَمْرُهُم إِلَى اللهِ.(4/510)
369- المجنون 1:
قيس بن الملوَّح, وَقِيْلَ: ابْنُ مُعَاذٍ، وَقِيْلَ: اسْمُهُ بَخْتَرِيُّ بنُ الجَعْدِ، وَقِيْلَ غَيْرُ ذَلِكَ, مِنْ بَنِي عَامِرِ بنِ صَعْصَعَةَ، وَقِيْلَ: مِنْ بَنِي كَعْبِ بنِ سَعْدٍ؛ الَّذِي قَتَلَهُ الحُبُّ فِي لَيْلَى بِنْتِ مَهْدِيٍّ العَامِرِيَّةِ.
سَمِعْنَا أَخْبَارَهُ تَأْلِيْفَ ابْنِ المرزُبَان.
وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ لَيْلَى وَالمَجْنُوْنَ، وَهَذَا دَفْعٌ بالصَّدر، فَمَا مَنْ لَمْ يَعْلَمْ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ، وَلاَ المُثْبِتُ كَالنَّافِي, لَكِنْ إِذَا كَانَ المُثْبِتُ لِشَيْءٍ شِبْهَ خُرَافَةٍ، وَالنَّافِي لَيْسَ غَرَضُهُ دَفْعُ الحَقِّ، فَهُنَا النَّافِي مُقَدَّمٌ، وَهُنَا تَقَعُ المُكَابَرَةُ، وتُسْكَب العَبْرَةُ.
فَقِيْلَ: إِنَّ المَجْنُوْنَ عَلِقَ لَيْلَى عَلاَقَةَ الصِّبَا، وَكَانَا يَرْعَيَانِ البَهْمَ2. ألَا تَسْمَعُ قَوْلَهُ؟ وَمَا أَفْحَلَ شِعْرَهُ:
تَعَلَّقْتُ لَيْلَى وَهْيَ ذَاتُ ذُؤَابَةٍ ... وَلَمْ يَبْدُ لِلأَتْرَابِ مِنْ ثَدْيِهَا حَجْمُ
صَغِيْرَيْنِ نَرْعَى البَهْمَ يَا لَيْتَ أَنَّنَا ... إِلَى اليَوْمِ لَمْ نَكْبَرْ وَلَمْ تَكْبَرِ البَهْمُ
وَعَلِقَتْهُ هِيَ أَيْضاً، وَوَقَعَ بِقَلْبِهَا.
وَهُوَ القَائِلُ:
أَظُنُّ هَوَاهَا تَارِكِي بِمَضَلَّةٍ ... مِنَ الأَرْضِ لاَ مَالٌ لَدَيَّ وَلاَ أَهْلُ
وَلاَ أَحَدٌ أَقْضِي إِلَيْهِ وَصِيَّتِي ... وَلاَ وَارِثٌ إلَّا المَطِيَّةُ وَالرَّحْلُ
مَحَا حُبُّها حُبَّ الأُلَى كُنَّ قَبْلَهَا ... وحلَّت مَكَاناً لَمْ يَكُنْ حُلَّ مِنْ قَبْلُ
فَاشْتَدَّ شَغَفُهُ بِهَا حَتَّى وُسْوِسَ وَتُخُبِّلَ فِي عَقْلِهِ، فَقَالَ:
إِنِّي لأَجْلِسُ فِي النَّادِي أُحَدِّثُهُمْ ... فَأَسْتَفِيْقُ وَقَدْ غَالَتْنِيَ الغُوْلُ
يُهْوِي بِقَلْبِي حَدِيْثُ النَّفْسِ نَحْوَكُمُ ... حَتَّى يَقُوْلَ جَلِيْسِي: أَنْتَ مَخْبُوْلُ
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: تَزَايَدَ بِهِ الأَمْرُ حَتَّى فَقَدَ عَقْلَهُ، فَكَانَ لاَ يُؤْوِيْهِ رحل، ولا يعلوه ثوب إلَّا
__________
1 ترجمته في النجوم الزاهرة "1/ 170"، شذرات الذهب "1/ 277"، خزانة الأدب للبغدادي "2/ 170".
2 البهم: جمع بَهْمَة وهي ولد الضأن؛ الذكر والأنثى, وجمع البهم بِهَام، وأولاد المعز سِخال، فإذا اجتمعا أطلق عليهما البَهْم والبِهَام.(4/511)
مَزَّقَهُ، وَيُقَالُ: إِنَّ قَوْمَ لَيْلَى شَكَوُا المَجْنُوْنَ إِلَى السُّلْطَانِ، فَأَهْدَرَ دَمَهُ، وترحَّل قَوْمُهَا بِهَا، فَجَاءَ وَبَقِيَ يتمرَّغ فِي المَحَلَّةِ، وَيَقُوْلُ:
أَيَا حَرَجَاتِ الحَيِّ حَيْثُ تحمَّلوا ... بِذِي سَلَم لاَ جادُّكنَّ ربيع
وخيَّماتك اللاَّتِي بمنعرَجِ اللِّوَى ... بَلِيْنَ بِلَىً لَمْ تَبْلَهُنَّ رُبُوْعُ
وَقِيْلَ: إِنَّ قَوْمَهُ حَجُّوا بِهِ لِيَزُوْرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَدْعُو, حَتَّى إِذَا كَانَ بمنَى سَمِعَ نِدَاءً يَا لَيْلَى، فَغُشِيَ عَلَيْهِ، وَبَكَى أَبُوْهُ، فَأَفَاقَ يَقُوْلُ:
وداعٍ دَعَا إِذْ نَحْنُ بِالخَيْفِ مِنْ مِنَىً ... فهيِّج أَطْرَابَ الفُؤَادِ وَلَمْ يَدْرِ
دَعَا بِاسْمِ لَيْلَى غَيْرَهَا فَكَأَنَّمَا ... أَطَارَ بِلَيْلَى طَائِراً كَانَ فِي صَدْرِي
وَجَزِعَتْ هِيَ لِفِرَاقِهِ وَضَنِيَتْ، وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَاهُ قَيَّدَهُ، فَبَقِيَ يَأْكُلُ لَحْمَ ذِرَاعَيْهِ، وَيَضْرِبُ بِنَفْسِهِ، فَأَطْلَقَهُ، فَهَامَ فِي الفَلاَةِ، فوجِدَ مَيْتاً فَاحْتَمَلُوْهُ إِلَى الحَيِّ وغسَّلوه وَدَفَنُوْهُ، وَكَثُرَ بُكَاءُ النِّسَاءِ وَالشَّبَابِ عَلَيْهِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ بُقُوْلِ الأَرْضِ، وَأَلِفَتْهُ الوَحْشُ، وَكَانَ يَكُوْنُ بِنَجْدٍ، فَسَاحَ حَتَّى حُدُوْدِ الشَّامِ.
وَشِعْرُهُ كَثِيْرٌ مِنْ أَرَقِّ شَيْءٍ وَأَعْذَبِهِ، وَكَانَ فِي دَوْلَةِ يَزِيْدَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ.(4/512)
370- أبو مسلم الخَوْلاني 1: "م، 4"
الداراني, سيد التابعين، وزاهد العصر.
اسْمُهُ عَلَى الأَصَحِّ: عَبْدُ اللهِ بنُ ثُوَبٍ، وَقِيْلَ: اسْمُهُ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَقِيْلَ: عَبْدُ اللهِ بنُ ثَوَابٍ، وَقِيْلَ: ابْنُ عُبَيْدٍ، وَيُقَالُ: اسْمُهُ يَعْقُوْبُ بنُ عَوْفٍ.
قَدِمَ مِنَ اليَمَنِ، وَقَدْ أَسْلَمَ فِي أَيَّامِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ المَدِيْنَةَ فِي خِلاَفَةِ الصِّدِّيْقِ.
وحدَّث عَنْ عُمَرَ، وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، وَأَبِي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ، وَعُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ، وَأَبُو العَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ، وَجُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ، وَعَطَاءُ بن أبي
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 448"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 133"، الحلية "2/ 22"، أسد الغابة "3/ 129"، الإصابة "3/ ترجمة 6302" و"4/ ترجمة 1117"، تهذيب التهذيب "12/ 235".(4/512)
رَبَاحٍ، وَشُرَحْبِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ -وَمَا أَدْرَكَاهُ, وَعَطِيَّةُ بنُ قَيْسٍ، وَأَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، وَعُمَيْرُ بنُ هَانِئ، وَيُوْنُسُ بنُ مَيْسَرَةَ -وَلَمْ يَلْحَقُوْهُ, لَكِنْ أَرْسَلُوا عَنْهُ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ: حَدَّثَنَا شُرَحْبِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَتَى أَبُو مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيُّ المَدِيْنَةَ وَقَدْ قُبِضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واستُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ.
فحدَّثنا شُرَحْبِيْلُ أنَّ الأَسْوَدَ تنبَّأ بِاليَمَنِ، فَبَعَثَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ، فَأَتَاهُ بِنَارٍ عَظِيْمَةٍ، ثُمَّ إِنَّهُ أَلْقَى أَبَا مُسْلِمٍ، فِيْهَا فَلَمْ تَضَرَّهُ، فَقِيْلَ لِلأَسْوَدِ: إِنْ لَمْ تَنْفِ هَذَا عَنْكَ أَفْسَدَ عَلَيْكَ مَنِ اتَّبَعَكَ، فَأَمَرَهُ بِالرَّحِيْلِ، فَقَدِمَ المَدِيْنَةَ، فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، وَدَخَلَ المَسْجِدَ يُصَلِّي، فَبَصُرَ بِهِ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فقام إِلَيْهِ فَقَالَ: مِمَّن الرَّجُلُ؟ قَالَ: مِنَ اليَمَنِ, قَالَ: مَا فَعَلَ الَّذِي حَرَّقَهُ الكَذَّابُ بِالنَّارِ؟ قَالَ: ذَاكَ عَبْدُ اللهِ بنُ ثُوَبٍ, قَالَ: نَشَدْتُكَ بِاللهِ, أَنْتَ هُوَ؟ قَالَ: اللهمَّ نَعَمْ، فَاعْتَنَقَهُ عُمَرُ وَبَكَى، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ فِيْمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصِّدِّيْقِ، فَقَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى أَرَانِي فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ مَنْ صُنِعَ بِهِ كَمَا صُنِعَ بإبراهيم الخليل. رواه عبد الوهاب بن نجد، وَهُوَ ثِقَةٌ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ, لَكِنَّ شُرَحْبِيْلَ أَرْسَلَ الحِكَايَةَ.
وَيُرْوَى عَنْ مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ أنَّ كَعْباً رَأَى أَبَا مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيَّ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: أَبُو مُسْلِمٍ، فَقَالَ: هَذَا حَكِيْمُ هَذِهِ الأُمَّةِ.
وَرَوَى مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، فَكَانَ يَتَنَاوَلُ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, ألَا أُحَدِّثُكَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ كَانَ قَدْ أُوْتِيَ حِكْمَةً؟ قَالَ: مَنْ هُوَ؟ قُلْتُ: أَبُو مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيُّ, سَمِعَ أَهْلَ الشَّامِ يَنَالُوْنَ مِنْ عَائِشَةَ، فَقَالَ: ألَا أُخْبِرُكُم بِمَثَلِي ومَثَل أُمِّكُمْ هَذِهِ؟ كَمَثَلِ عَيْنَيْنِ فِي رأسٍ تُؤْذِيَانِ صَاحِبَهُمَا، وَلاَ يَسْتَطِيْعُ أَنْ يُعَاقِبَهُمَا إلَّا بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ لَهُمَا، فَسَكَتَ، فَقَالَ الزُهْرِيُّ: أَخْبَرَنِيْهِ أَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ أَبِي العَاتِكَةِ: علَّقَ أَبُو مُسْلِمٍ سَوْطاً فِي المَسْجِدِ، فَكَانَ يَقُوْلُ: أَنَا أَوْلَى بِالسَّوْطِ مِنَ البَهَائِمِ، فَإِذَا فَتَرَ مشَقَ سَاقَيْهِ سَوْطاً أَوْ سَوْطَيْنِ, قَالَ: وَكَانَ يَقُوْلُ: لَوْ رَأَيْتُ الجَنَّةَ عِيَاناً أَوِ النار عيانًا ما كان عندي مستزاد.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيْلَ أنَّ رَجُلَيْنِ أَتَيَا أَبَا مُسْلِمٍ، فَلَمْ يَجِدَاهُ فِي مَنْزِلِهِ، فَأَتَيَا المَسْجِدَ فَوَجَدَاهُ يَرْكَعُ، فَانْتَظَرَاهُ، فَأَحْصَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ رَكَعَ ثَلاَثَ مائَةِ رَكْعَةٍ.
الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ بنُ أَبِي العَاتِكَةِ, أنَّ أَبَا مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيَّ سَمِعَ رَجُلاً يَقُوْل:(4/513)
سَبَقَ اليَوْمَ فُلاَنٌ، فَقَالَ: أَنَا السَّابِقُ, قَالُوا: وَكَيْفَ يَا أَبَا مُسْلِمٍ؟ قَالَ: أَدْلَجْتُ مِنْ داريَّا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ مَسْجِدَكُمْ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَطِيَّةَ بنِ قَيْسٍ قَالَ: دَخَلَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَهُوَ غازٍ فِي أَرْضِ الرُّوْمِ، وَقَدِ احْتَفَرَ جُوْرَةً فِي فُسْطَاطِهِ، وَجَعَلَ فِيْهَا نِطْعاً، وَأَفْرَغَ فِيْهِ المَاءَ، وَهُوَ يَتَصَلَّقُ فِيْهِ، فَقَالُوا: مَا حَمَلَكَ عَلَى الصِّيَامِ وَأَنْتَ مُسَافِرٌ؟ قَالَ: لَوْ حَضَرَ قِتَالٌ لأَفْطَرْتُ ولتهيَّأت لَهُ، وتقوَّيت, إِنَّ الخَيْلَ لاَ تَجْرِي الغايات، وهن بدن إنما تجري وهنَّ بُدَّنٌ, إِنَّمَا تَجْرِي وَهُنَّ ضمَّر, ألَا وَإِنَّ أَيَّامَنَا بَاقِيَةٌ جَائِيَةٌ, لَهَا نَعْمَلُ.
وَقِيْلَ: كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيْرِ حَتَّى مَعَ الصِّبْيَانِ، وَيَقُوْلُ: اذْكُرِ اللهَ, حَتَّى يَرَى الجَاهِلُ أَنَّهُ مجنون.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيِّ, أَنَّهُ كَانَ إِذَا غَزَا أَرْضَ الرُّوْمِ، فَمَرُّوا بِنَهَرٍ، فَقَالَ: أَجِيْزُوا بِسْمِ اللهِ، وَيَمُرُّ بَيْنَ أَيْدِيْهِم، فَيَمُرُّوْنَ بِالنَّهْرِ الغَمْرِ، فَرُبَّمَا لَمْ يَبْلُغْ مِنَ الدَّوَابِّ إلَّا الرُّكَب، فإذا جازوا قال: هَلْ ذَهَبَ لَكُم شَيْءٌ، فَمَنْ ذَهَبَ لَهُ شَيْءٌ فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ، فَأَلْقَى بَعْضُهُم مِخْلاَتِهِ عمدًا، فلمَّا جاوزا قَالَ الرَّجُلُ: مِخْلاَتِي وَقَعَتْ, قَالَ: اتَّبِعْنِي، فَاتَّبَعَهُ، فَإِذَا بِهَا مُعَلَّقَةٌ بِعُوْدٍ فِي النَّهْرِ, قَالَ: خُذْهَا.
سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ, أنَّ أَبَا مُسْلِمٍ أَتَى عَلَى دِجْلَةَ وَهِيَ تَرْمِي بِالخَشَبِ مِنْ مَدِّهَا، فَذَهَبَ عَلَيْهَا، ثُمَّ حَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَرَ مَسِيْرَ بَنِي إِسْرَائِيْلَ فِي البَحْرِ، ثُمَّ لَهَزَ دَابَّتَهُ، فَخَاضَتِ المَاءَ، وَتَبِعَهُ النَّاسُ حَتَّى قَطَعُوْهَا، ثُمَّ قَالَ: هَلْ فَقَدْتُمْ شَيْئاً مِنْ مَتَاعِكُمْ, فَأَدْعُوَ اللهَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيَّ؟
عَنْبَسَةُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ قَالَ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيُّ إِذَا اسْتَسْقَى سُقِيَ.
وَرَوَى بَقِيَّةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ, أنَّ امْرَأَةً خببَّت عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، فَدَعَا عَلَيْهَا فَعَمِيَتْ، فَأَتَتْهُ فَاعْتَرَفَتْ وَتَابَتْ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إن كانت صادقة فاردد بصرها، فأبصرت.
ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، عَنْ بِلاَلِ بنِ كَعْبٍ, أنَّ الصِّبْيَانَ قَالُوا لأَبِي مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيِّ: ادْعُ اللهَ أَنْ يَحْبِسَ عَلَيْنَا هَذَا الظَّبْيَ فَنَأْخُذَهُ، فَدَعَا اللهَ، فَحَبَسَهُ فَأَخَذُوْهُ.
وَعَنْ عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ, أنَّ امْرَأَةَ أَبِي مُسْلِمٍ قَالَتْ: لَيْسَ لَنَا دَقِيْقٌ، فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: دِرْهَمٌ بِعْنَا بِهِ غَزْلاً, قَالَ: ابْغِيْنِيْهِ، وَهَاتِي الجِرَابَ، فَدَخَلَ السُّوْقَ، فَأَتَاهُ سَائِلٌ،(4/514)
وألحَّ، فَأَعْطَاهُ الدِّرْهَمَ، وَمَلأَ الجِرَابَ نُشَارَةً مِنْ تُرَابٍ، وَأَتَى وقَلْبُه مَرْعُوْبٌ مِنْهَا، وَذَهَبَ فَفَتَحَهُ، فلمَّا جَاءَ لَيْلاً وَضَعَتْهُ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ قَالَتْ: مِنَ الدَّقِيْقِ، فَأَكَلَ وَبَكَى.
أَبُو مُسْهِرٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ, أنَّ أَبَا مُسْلِمٍ اسْتَبْطَأَ خَبَرَ جَيْشٍ كَانَ بِأَرْضِ الرُّوْمِ، فَدَخَلَ طَائِرٌ فَوَقَعَ، فَقَالَ: أَنَا رُتْبَابِيْلُ مُسْلِي الحُزْنِ مِنْ صُدُوْرِ المُؤْمِنِيْنَ، فَأَخْبَرَهُ خَبَرَ الجَيْشِ، فَقَالَ: مَا جِئْتَ حَتَّى اسْتَبْطَأْتُكَ?
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ يَرْتَجِزُ يَوْمَ صِفِّيْنَ، وَيَقُوْلُ:
مَا علَّتي مَا علَّتي ... وَقَدْ لَبِسْتُ دِرعَتي
أَمُوْتُ عِنْدَ طَاعَتِي
وَقِيْلَ: إنَّ أَبَا مُسْلِمٍ قَامَ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَوَعَظَهُ، وَقَالَ: إِيَّاكَ أَنْ تَمِيْلَ عَلَى قَبِيْلَةٍ، فَيَذْهَبَ حَيْفُكَ بِعَدْلِكَ.
وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَطِيَّةَ بنِ قَيْسٍ قَالَ: دَخَلَ أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَامَ بَيْنَ السِّمَاطَيْنِ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الأَجِيْرُ، فَقَالَوا: مَهْ, قَالَ: دَعُوْهُ، فَهُوَ أَعْرَفُ بِمَا يَقُوْلُ، وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ، ثمَّ وَعَظَهُ وحثَّه عَلَى العَدْلِ.
وَقَالَ شُرَحْبِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ: كَانَ الوُلاَةُ يَتَيَمَّنون بِأَبِي مُسْلِمٍ، ويؤمِّرونه عَلَى المُقَدِّمَاتِ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: مَاتَ أَبُو مُسْلِمٍ بِأَرْضِ الرُّوْمِ، وَكَانَ شَتَا مَعَ بُسْرِ بنِ أَبِي أَرْطَاةَ، فَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ، فَعَادَهُ بُسْرٌ، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُسْلِمٍ: يَا بُسْرُ, اعْقِدْ لِي عَلَى مَنْ مَاتَ فِي هَذِهِ الغَزَاةِ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ آتِيَ بِهِم يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى لِوَائِهِم.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حُدِّثْنَا عَنْ مُحَمَّدِ بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ بَعْضِ المَشْيَخَةِ قَالَ: أَقْبَلْنَا مِنْ أَرْضِ الرُّوْمِ، فَمَرَرْنَا بِالعُمَيْرِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ مِنْ حِمْصَ، فِي آخِرِ اللَّيْلِ، فاطَّلع رَاهِبٌ مِنْ صَوْمَعَةٍ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُوْنَ أَبَا مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيَّ؟ قُلْنَا: نَعَمْ, قال: إذا أتيتموه فأقرءوه السَّلاَمَ، فَإِنَّا نَجِدُهُ فِي الكُتُبِ رَفِيْقَ عِيْسَى ابْنِ مَرْيَمَ, أَمَا إِنَّكُم لاَ تَجِدُوْنَهُ حَيّاً. قَالَ: فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى الغُوْطَةِ بَلَغَنَا مَوْتُهُ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ -يَعْنِي: سَمِعُوا ذَلِكَ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِأَرْضِ الرُّوْمِ.
وَرَوَى إِسْمَاعِيْلُ بنُ عيَّاش، عَنْ شُرَحْبِيْلَ بنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ هَانِئ قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ: إنما المصيبة كل مصيبة بِمَوْتِ أَبِي مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيِّ، وكُرَيْب بنِ سَيْفٍ الأَنْصَارِيِّ.
إِسْنَادُهُ صَالِحٌ، فَعَلَى هَذَا يَكُوْنُ أَبُو مُسْلِمٍ مَاتَ قَبْلَ مُعَاوِيَةَ, إلَّا أَنْ يَكُوْنَ هَذَا هُوَ مُعَاوِيَةُ بنُ يَزِيْدَ.
وَقَدْ قَالَ المفضَّل بنُ غسَّان الغَلاَبِيُّ: إنَّ عَلْقَمَةَ وَأَبَا مُسْلِمٍ مَاتَا فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ، فَاللهُ أَعْلَمُ، وبداريَّا قَبْرٌ يُزَارُ يُقَالُ: إِنَّهُ قَبْرُ أبي مسلم الخولاني، وذلك محتمل.(4/515)
371- القارِّيّ 1: "ع"
عبد الرحمن بن عبد القارِّيّ المدني, يُقَالُ: لَهُ صُحْبَةٌ، وَإِنَّمَا وُلِدَ فِي أَيَّامِ النُّبُوَّةِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ صَغِيْرٌ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: عَضَلٌ والقارَّة ابْنَا يَثْيَعِ بن الهون بن خزيمة بن مدركة.
قُلْتُ: رَوَى عَنْ عُمَرَ، وَأَبِي طَلْحَةَ، وَأَبِي أَيُّوْبَ، وَغَيْرِهِم.
وَعَنْهُ السَّائِبُ بنُ يَزِيْدَ -مَعَ تَقَدُّمِهِ- وَعُرْوَةُ، وَالأَعْرَجُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَطَائِفَةٌ، وَابْنُهُ مُحَمَّدٌ، وثَّقه ابْنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ بِالمَدِيْنَةِ، وَلَهُ ثَمَانٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 57"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1008"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1008"، أسد الغابة "3/ 307"، الإصابة "3/ ترجمة 6223"، تهذيب التهذيب "6/ ترجمة 449".(4/516)
372- عامر بن عبد قيس 1:
القُدْوَةُ الوَلِيُّ الزَّاهِدُ, أَبُو عَبْدِ اللهِ، وَيُقَالُ: أَبُو عَمْرٍو التَّمِيْمِيُّ العَنْبَرِيُّ البَصْرِيُّ.
رَوَى عَنْ عُمَرَ وَسَلْمَانَ. وَعَنْهُ: الحَسَنُ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحُبُليّ، وَغَيْرُهُم، وقلَّما رَوَى.
قَالَ العِجْلِيُّ: كَانَ ثِقَةً، مِنْ عُبَّاد التَّابِعِيْنَ, رَآهُ كَعْبُ الأَحْبَارِ، فَقَالَ: هَذَا رَاهِبُ هَذِهِ الأُمَّةِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي "القِرَاءاتِ": كَانَ عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الَّذِي يُعْرَفُ بِابْنِ عَبْدِ قَيْسٍ يُقْرِئُ النَّاسَ.
حدَّثنا عَبَّادٌ، عَنْ يُوْنُسَ، عَنِ الحَسَنِ, أنَّ عَامِراً كَانَ يَقُوْلُ: مَنْ أُقْرِئُ؟ فَيَأْتِيْهِ نَاسٌ فَيُقْرِئُهُمُ القُرْآنَ، ثُمَّ يقوم فيصلي إلى الظهر، ثم يصلي إِلَى العَصْرِ، ثُمَّ يُقْرِئُ النَّاسَ إِلَى المَغْرِبِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا بَيْنَ العِشَاءيْنِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَيَأْكُلُ رَغِيْفاً، وَيَنَامُ نَوْمَةً خَفِيْفَةً، ثُمَّ يَقُوْمُ لِصَلاَتِهِ، ثُمَّ يتسحَّر رَغِيْفاً، وَيَخْرُجُ.
قَالَ بِلاَلُ بنُ سَعْدٍ، وُشِيَ بِعَامِرِ بنِ عبد قيس إلى زياد، فقالوا: ههنا رَجُلٌ قِيْلَ لَهُ: مَا إِبْرَاهِيْمُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- خَيْراً مِنْكَ، فَسَكَتَ، وَقَدْ تَرَكَ النِّسَاءَ، فَكَتَبَ فِيْهِ إِلَى عُثْمَانَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: انْفِهِ إِلَى الشَّامِ عَلَى قَتَبٍ2، فلمَّا جَاءهُ الكِتَابُ أَرْسَلَ إِلَى عَامِرٍ، فَقَالَ: أَنْتَ قِيْلَ لَكَ: مَا إِبْرَاهِيْمُ خَيْراً مِنْكَ، فَسَكَتَّ, قَالَ: أَمَا وَاللهِ مَا سُكُوْتِي إلَّا تَعَجُّبٌ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي غُبَارُ قَدَمَيْهِ, قَالَ: وَتَرَكْتَ النِّسَاءَ, قَالَ: وَاللهِ مَا تركتهنَّ إلَّا أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ يَجِيْءُ الوَلَدُ، وَتَشَعَّبُ فِيَّ الدُّنْيَا، فَأَحْبَبْتُ التَّخَلِّي، فَأَجْلاَهُ عَلَى قَتَبٍ إِلَى الشَّامِ، فَأَنْزَلَهُ مُعَاوِيَةُ مَعَهُ فِي الخَضْرَاءِ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِجَارِيَةٍ، وَأَمَرَهَا أَنْ تُعْلِمَه مَا حَالُهُ، فَكَانَ يَخْرُجُ مِنَ السَّحَر، فَلاَ تَرَاهُ إلَّا بَعْدَ العَتَمَةِ، فَيَبْعَثُ مُعَاوِيَةُ إِلَيْهِ بِطَعَامٍ، فَلاَ يَعْرِضُ لَهُ، وَيَجِيْءُ مَعَهُ بِكِسَرٍ فَيَبُلُّهَا وَيَأْكُلُ، ثُمَّ يَقُوْمُ إِلَى أَنْ يَسْمَعَ النِّدَاءَ، فَيَخْرُجُ، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عُثْمَانَ يَذْكُرُ حَالَهُ، فَكَتَبَ: اجْعَلْهُ أَوَّلَ دَاخِلٍ وَآخِرَ خَارِجٍ، ومُرْ لَهُ بِعَشْرَةٍ مِنَ الرَّقِيْقِ، وَعَشْرَةٍ مِنَ الظَّهْرِ، فَأَحْضَرَهُ وَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: إنَّ عَلَيَّ شَيْطَاناً قَدْ غَلَبَنِي، فَكَيْفَ أَجْمَعُ عَلَيَّ عَشْرَةً، وكانت له بغلة.
فَرَوَى بِلاَلُ بنُ سَعْدٍ عمَّن رَآهُ بِأَرْضِ الرُّوْمِ عَلَيْهَا, يَرْكَبُهَا عُقْبَةً، وَيَحْمِلُ المُهَاجِرِيْنَ عُقْبَةً, قَالَ بِلاَلٌ: كَانَ إِذَا فَصَلَ غَازِياً يتوسَّم مَنْ يُرَافِقُهُ، فَإِذَا رَأَى رُفْقَةً تُعْجِبُهُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِم أَنْ يَخْدِمَهُم، وَأَنْ يُؤَذِّنَ، وَأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِم طَاقَتَهُ. رَوَاهُ ابْنُ المُبَارَكِ بِطُوْلِهِ فِي الزُّهْدِ لَهُ.
هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ عَامِرُ بنُ عَبْدِ قَيْسٍ يَسْأَلُ رَبَّهُ أَنْ يَنْزِعَ شَهْوَةَ النِّسَاءِ مِنْ قَلْبِهِ، فَكَانَ لاَ يُبَالِي أَذَكَراً لَقِيَ أَمْ أُنْثَى، وَسَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يَمْنَعَ قَلْبَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، وَقِيْلَ: إِنَّ ذَلِكَ ذَهَبَ عَنْهُ.
وَعَنْ أَبِي الحُسَيْنِ المُجَاشِعِيِّ قَالَ: قِيْلَ لِعَامِرِ بنِ عَبْدِ قَيْسٍ: أَتُحَدِّثُ نَفْسَكَ فِي الصَّلاَةِ؟ قَالَ: أُحَدِّثُهَا بِالوُقُوْفِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ، وَمُنْصَرَفِي.
وَعَنْ كَعْبٍ أَنَّهُ رَأَى بِالشَّامِ عَامِرَ بنَ عَبْدِ قَيْسٍ، فَقَالَ: هَذَا رَاهِبُ هَذِهِ الأُمَّةِ.
قَالَ أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ: قِيْلَ لِعَامِرِ بنِ عَبْدِ قَيْسٍ: إِنَّكَ تَبِيْتُ خَارِجاً, أَمَا تَخَافُ الأَسَدَ؟ قَالَ: إِنِّي لأَسْتَحْيِي مِنْ رَبِّي أَنْ أَخَافَ شَيْئاً دُوْنَهُ. وَرَوَى هَمَّامٌ، عن قتادة مثله.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 103"، التاريخ الكبير "3/ ق2/ 447"، والحلية "2/ 87"، أسد الغابة "3/ 88"، الإصابة "3/ ترجمة 6284".
2 القتب: الرحل أو الإكاف الصغير الذي على قدر سنام البعير.(4/517)
حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ, لَقِيَ رَجُلٌ عَامِرَ بنَ عَبْدِ قَيْسٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ أَلَمْ يَقُلِ اللهُ: {وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرَّعْدُ: 38] ، قَالَ: أَفَلَمْ يَقُلِ اللهُ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذَّارِيَاتُ: 56] .
وَقِيْلَ: كَانَ عَامِرٌ لاَ يَزَالُ يُصَلِّي مِنْ طُلُوْعِ الشَّمْسِ إِلَى العَصْرِ، فَيَنْصَرِفُ وَقَدِ انْفَتَحَتْ سَاقَاهُ، فَيَقُوْلُ: يَا أمَّارة بِالسُّوْءِ إِنَّمَا خُلِقْتِ لِلْعِبَادَةِ.
وَهَبَطَ وَادِياً بِهِ عَابِدٌ حَبَشِيٌّ، فَانْفَرَدَ يُصَلِّي فِي نَاحِيَةٍ، وَالحَبَشِيُّ فِي نَاحِيَةٍ, أَرْبَعِيْنَ يَوْماً لاَ يَجْتَمِعَانِ إلَّا فِي فَرِيْضَةٍ.
مُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ الشِّخِّيْرِ, أنَّ عَامِراً كَانَ يَأْخُذُ عَطَاءهُ، فَيَجْعَلُهُ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ، فَلاَ يَلْقَى مِسْكِيْناً إلَّا أَعْطَاهُ، فَإِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ رَمَى بِهِ إِلَيْهِم، فَيَعُدُّوْنَهَا، فَيَجِدُوْنَهَا كَمَا أُعْطِيْهَا.
جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ: حَدَّثَنَا مَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ, أنَّ عَامِرَ بنَ عَبْدِ قَيْسٍ بَعَثَ إِلَيْهِ أَمِيْرُ البَصْرَةِ: مَا لَكَ لاَ تَزَوَّجَ النِّسَاءَ؟ قَالَ: مَا تركتهنَّ، وَإِنِّي لَدَائِبٌ فِي الخِطْبَةِ, قَالَ: مَا لَكَ لاَ تَأْكُلُ الجُبْنَ؟ قَالَ: إِنَّا بِأَرْضٍ فِيْهَا مَجُوْسٌ، فَمَا شَهِدَ مُسْلِمَانِ أَنْ لَيْسَ فِيْهِ مَيْتَةٌ أَكَلْتُهُ, قَالَ: وَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَأْتِيَ الأُمَرَاءَ؟ قَالَ: إِنَّ لَدَى أَبْوَابِكُم طُلاَّبَ الحَاجَاتِ، فَادْعُوْهُم وَاقْضُوا حَاجَاتِهِم، وَدَعُوا مَنْ لاَ حَاجَةَ لَهُ إِلَيْكُم.
قَالَ مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ: حَدَّثَنِي فُلاَنٌ أنَّ عَامِراً مَرَّ فِي الرَّحْبَةِ، وَإِذَا رَجُلٌ يُظْلَم، فَأَلْقَى رِدَاءهُ، وَقَالَ: لاَ أَرَى ذمَّة اللهِ تُخْفَرُ وَأَنَا حَيٌّ، فَاسْتَنْقَذَهُ.
وَيُرْوَى أَنَّ سَبَبَ إِبْعَادِهِ إِلَى الشَّامِ كَوْنُهُ أَنْكَرَ وخَلَّص هَذَا الذميّ.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا الجُرَيْرِيُّ قَالَ: لَمَّا سُيِّرَ عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: ابْنُ عَبْدِ قَيْسٍ, شَيَّعَهُ إِخْوَانُهُ، وَكَانَ بِظَهْرِ المِرْبَدِ، فَقَالَ: إِنِّي داعٍ فأمِّنوا: اللَّهُمَّ مَنْ وَشَى بِي وَكَذَبَ عَلَيَّ وَأَخْرَجَنِي مِنْ مِصْرِي، وفرَّق بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَانِي، فَأَكْثِرْ مَالَهُ، وَأَصِحَّ جِسْمَهُ، وَأَطِلْ عُمُرَهُ.
قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: بُعِثَ بِعَامِرِ بنِ عَبْدِ قَيْسٍ إِلَى الشام، فقال: الحمد الله الَّذِي حَشَرَنِي رَاكِباً.
قَالَ قَتَادَةُ: لَمَّا احْتُضِرَ عَامِرٌ بَكَى، فَقِيْلَ: مَا يُبْكِيْكَ؟ قَالَ: مَا أَبْكِي جَزَعاً مِنَ المَوْتِ، وَلاَ حِرْصاً عَلَى الدُّنْيَا، وَلَكِنْ أَبْكِي عَلَى ظَمَأِ الهَوَاجِرِ، وَقِيَامِ اللَّيْلِ.
وَرَوَى عُثْمَانُ بنُ عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ, أنَّ قَبْرَ عَامِرَ بنَ عَبْدِ قَيْسٍ بِبَيْتِ المَقْدِسِ.
وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ.(4/518)
373- أويس القرني 1:
هُوَ القُدْوَةُ الزَّاهِدُ، سَيِّدُ التَّابِعِيْنَ فِي زَمَانِهِ, أَبُو عَمْرٍو أُوَيْسُ بنُ عَامِرِ بنِ جَزْءِ بن مالك القرني المرادي اليماني.
وَقَرَنُ: بَطْنٌ مِنْ مُرَادٍ، وَفَد عَلَى عُمَرَ، وَرَوَى قَلِيْلاً عَنْهُ، وَعَنْ عَلِيٍّ.
رَوَى عَنْهُ يُسَيْرُ بنُ عَمْرِوٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَبُو عَبْدِ رَبٍّ الدِّمَشْقِيُّ، وَغَيْرُهُم, حِكَايَاتٍ يَسِيْرَةً مَا رَوَى شَيْئاً مُسْنَداً، وَلاَ تَهَيَّأَ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِلِيْنٍ، وَقَدْ كَانَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللهِ المُتَّقِيْنَ، وَمِنْ عِبَادِهِ المُخْلَصِيْنَ.
عَفَّانُ: حَدَّثَنَا حمَّاد بنُ سَلَمَةَ، عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أُسَيْرِ بنِ جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ أَهْلُ اليَمَنِ, جَعَلَ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَسْتَقْرِئُ الرِّفَاقَ، فَيَقُوْلُ: هَلْ فِيْكُم أَحَدٌ مِنْ قَرن، فَوَقَعَ زِمَامُ عُمَرَ أَوْ زِمَامُ أُوَيْسٍ، فَنَاوَلَهُ أَوْ نَاوَلَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، فَعَرَفَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: أَنَا أُوَيْسٌ, قَالَ: هَلْ لَكَ وَالِدَةٌ, قَالَ: نَعَمْ, قَالَ: فَهَلْ كَانَ بِكَ مِنَ البَيَاضِ شَيْءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَدَعَوْتُ اللهَ فَأَذْهَبَهُ عَنِّي إلَّا مَوْضِعَ الدِّرْهَمِ مِنْ سُرَّتي؛ لأَذْكُرَ بِهِ رَبِّي, قَالَ لَهُ عُمَرُ: اسْتَغْفِرْ لِي, قَالَ: أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لِي, أَنْتَ صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عُمَرُ: إني سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "إِنَّ خَيْرَ التَّابِعِيْنَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ، وَلَهُ وَالِدَةٌ، وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ، فَدَعَا اللهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ إلَّا مَوْضِعَ الدِّرْهَمِ فِي سُرَّتِهِ"، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ، ثُمَّ دَخَلَ فِي غِمَارِ النَّاسِ، فَلَمْ نَدْرِ أَيْنَ وَقَعَ, قَالَ: فَقَدِمَ الكُوْفَةَ, قَالَ: فكنَّا نَجْتَمِعُ فِي حَلْقَةٍ، فَنَذْكُرُ اللهَ، فَيَجْلِسُ مَعَنَا، فَكَانَ إِذَا ذَكَرَ هُوَ وَقَعَ فِي قُلُوْبِنَا لاَ يَقَعُ حَدِيْثٌ غَيْرُهُ....، فَذَكَرَ الحَدِيْثَ, هَكَذَا اخْتَصَرَهُ2.
"م": حدَّثنا ابْنُ مُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بنِ أَوْفَى، عَنْ أُسَيْرِ بنِ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَمْدَادُ أَهْلِ اليَمَنِ سَأَلَهُم: أَفِيْكُم أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ, حَتَّى أتى على أُوَيْسٍ، فَقَالَ: أَنْتَ أويس بنُ عَامِرٍ؟ قَالَ: نعم. قال:
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 161"، التاريخ الكبير "1/ ق2/ 55"، الجرح والتعديل "1/ ق1/ 326"، أسد الغابة "1/ 151"، تهذيب التهذيب "1/ 386".
2 أخرجه مسلم "2542" "224" من طريق عفان بن مسلم، حدثنا بن سلمة، به.(4/519)
مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ, قَالَ: نَعَمْ, قَالَ: فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرِأْتَ مِنْهُ إلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ, قَالَ: نَعَمْ, قَالَ: أَلَكَ وَالِدَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ, قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "يَأْتِي عَلَيْكُم أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ اليَمَنِ مِنْ مُرَادٍ، ثم من قرن, كان به برص فبرأ مِنْهُ, إلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ, لَهُ وَالِدَةٌ, هُوَ بِهَا بَرٌّ, لَوْ أقسَم عَلَى اللهِ لأبرَّه، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ"، فَاسْتَغْفِرْ لِي, قَالَ: فَاسْتَغْفَرَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَيْنَ تُرِيْدُ؟ قَالَ: الكُوْفَةَ, قَالَ: ألَا أَكْتُبُ لَكَ إِلَى عَامِلِهَا؟ قَالَ: أَكُوْنُ فِي غُبَّرَاتِ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ, قَالَ: فَلَمَّا كَانَ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ حَجَّ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِم، فَوَافَقَ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ عَنْ أُوَيْسٍ، فَقَالَ: تَرَكْتُهُ رثَّ الهَيْئَةِ, قَلِيْلَ المَتَاعِ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "يَأْتِي عَلَيْكُم أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ اليَمَنِ مِنْ مُرَادٍ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ, كَانَ بِهِ برص، فبرأ منه إلَّا موضع درهم, له وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرّ, لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأبرَّه، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ". فَأَتَى أُوَيْساً، فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي, قَالَ: أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْداً بِسَفَرٍ صَالِحٍ، فَاسْتَغْفِرْ لِي, قَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي, قَالَ: لَقِيْتَ عُمَرَ, قَالَ: نَعَمْ, قَالَ: فَاسْتَغْفَرْ لَهُ, قَالَ: فَفَطِنَ لَهُ النَّاسُ، فَانْطَلَقَ عَلَى وَجْهِهِ, قَالَ أُسَيْرٌ: وَكَسَوْتُهُ بُرْدَةً، وَكَانَ كُلُّ مَنْ رَآهُ قَالَ: مِنْ أَيْنَ لأُوَيْسٍ هَذِهِ البُرْدَةُ؟ 1
م: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُثَنَّى, حَدَّثَنَا عَفَّانُ, حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أُسَيْرٍ، عَنْ عُمَرَ, سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "إِنَّ خَيْرَ التَّابِعِيْنَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ، وَلَهُ وَالِدَةٌ، وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ، فَمُرُوْهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُم" 2. قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ هَذَا حَدِيْثٌ بَصْرِيٌّ.
قُلْتُ: تفرَّد بِهِ أُسَيْرُ بنُ جَابِرٍ، وَيُقَالُ: يُسَيْرُ بنُ عَمْرٍو أَبُو الخَبَّازِ, بَصْرِيٌّ, رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ قَيْسٌ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَابْنُ سِيْرِيْنَ، وَأَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: أُسَيْرُ بنُ جَابِرٍ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ, سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: قَدِمَ أُسَيْرٌ البَصْرَةَ، فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُم، فَقَالُوا: هَذَا هَكَذَا، فَكَيْفَ النَّهْرُ الَّذِي شَرِبَ مِنْهُ, يَعْنُوْنَ: ابْنَ مَسْعُوْدٍ, قَالَ عَلِيٌّ: وَأَهْلُ البَصْرَةِ يَقُوْلُوْنَ: أُسَيْرُ بنُ جَابِرٍ، وَأَهْلُ الكُوْفَةِ يَقُوْلُوْنَ: ابْنُ عَمْرٍو، وَيُقَالُ: يُسَيْرٌ.
وَقَالَ العَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ: وُلِدَ فِي مُهَاجَرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ.
أَبُو النَّضْرِ "م": حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أسير بن جابر، عن عمر:
__________
1 أخرجه مسلم "2542".
2 أخرجه مسلم "2542" "223".(4/520)
سَمِعَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "خَيْرُ التَّابِعِيْنَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ، وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ، فَدَعَا اللهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ, إلَّا مَوْضِعَ الدِّرْهَمِ فِي سُرَّتِهِ, لاَ يَدَعُ بِاليَمَنِ غَيْرَ أُمٍّ لَهُ، فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُم فَمُرُوْهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُم". قَالَ عُمَرُ، فَقَدِمَ عَلَيْنَا رَجُلٌ، فَقُلْتُ لَهُ: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنَ اليَمَنِ, قُلْتُ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: أُوَيْسٌ, قُلْتُ: فَمَنْ تَرَكْتَ بِاليَمَنِ؟ قَالَ: أُمّاً لِي, قُلْتُ: أَكَانَ بِكَ بَيَاضٌ فَدَعَوْتَ اللهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ, قُلْتُ: فَاسْتَغْفِرْ لِي, قَالَ: أويستغفر مثلي لمثلك يا أمير المؤمنين؟ قال: فَاسْتَغْفَرَ لِي، وَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ أَخِي لاَ تُفَارِقُنِي, قَالَ: فَانْمَلَسَ مِنِّي1، فَأُنْبِئْتُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَيْكُمُ الكُوْفَةَ, قَالَ: فَجَعَلَ رَجُلٌ كَانَ يَسْخَرُ بِأُوَيْسٍ بِالكُوْفَةِ، وَيَحْقِرُهُ, يَقُوْلُ: مَا هَذَا منَّا وَلاَ نَعْرِفُهُ, قَالَ عُمَرُ: بَلَى إِنَّهُ رَجُلٌ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: كَأَنَّهُ يَضَعُ شَأْنَهُ, فِيْنَا رَجُلٌ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ، فَقَالَ عُمَرُ: أَدْرِكْ فَلاَ أُرَاكَ تُدْرِكُهُ, قَالَ: فَأَقْبَلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى أُوَيْسٍ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ، فَقَالَ لَهُ أُوَيْسٌ: مَا هَذِهِ عَادَتُكَ, فَمَا بَدَا لَكَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُوْلُ فِيْكَ: كَذَا وَكَذَا، فَاسْتَغْفِرْ لِي, قَالَ: لاَ أَفْعَلُ حَتَّى تَجْعَلَ لِي عَلَيْكَ أَنْ لاَ تَسْخَرَ بِي فِيْمَا بَعْدُ، وَأَنْ لاَ تَذْكُرَ مَا سَمِعْتَهُ مِنْ عُمَرَ لأحدٍ, قَالَ: نَعَمْ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ, قَالَ أُسَيْرٌ، فَمَا لَبِثْنَا أَنْ فَشَا أَمْرُهُ فِي الكُوْفَةِ, قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا أَخِي, ألَا أَرَاكَ العُجْبَ وَنَحْنُ لاَ نَشْعُرُ؟ فَقَالَ: مَا كَانَ فِي هَذَا مَا أَتَبَلَّغُ بِهِ فِي النَّاسِ، وَمَا يُجْزَى كُلُّ عَبْدٍ إلَّا بِعَمَلِهِ, قَالَ: وَانْمَلَسَ مِنِّي فَذَهَبَ.
وَبِالإِسْنَادِ إِلَى أُسَيْرِ بنِ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ بِالكُوْفَةِ رَجُلٌ يَتَكَلَّمُ بكلام لا أسمع أحد يَتَكَلَّمُ بِهِ، فَفَقَدْتُهُ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَقَالُوا: ذَاكَ أُوَيْسٌ، فَاسْتَدْلَلْتُ عَلَيْهِ وَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: مَا حَبَسَكَ عَنَّا؟ قَالَ: العُرْيُ, قَالَ: وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَسْخَرُوْنَ بِهِ وَيُؤْذُوْنَهُ, قُلْتُ: هَذَا بُرْدٌ فَخُذْهُ, قَالَ: لاَ تَفْعَلْ، فَإِنَّهُم إِذاً يُؤْذُوْنَنِي، فَلَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى لَبِسَهُ، فَخَرَجَ عَلَيْهِم، فَقَالُوا: مَنْ تَرَوْنَ خَدَعَ عَنْ هَذَا البُرْدِ؟ قَالَ: فَجَاءَ فَوَضَعَهُ، فَأَتَيْتُ فَقُلْتُ: مَا تُرِيْدُوْنَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ؟ فَقَدْ آذَيْتُمُوْهُ, الرَّجُلُ يَعْرَى مَرَّةً، وَيَكْتَسِي أخرى، وآخذتهم بلساني، فقُضِيَ أنَّ أَهْلَ الكُوْفَةِ وَفَدُوا عَلَى عُمَرَ، فَوَفَدَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ يَسْخَرُ بِهِ، فَقَالَ عمر: ما ههنا رجل من القرنين، فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ رجل يَأْتِيْكُم مِنَ اليَمَنِ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ, لاَ يَدَعُ بِاليَمَنِ غَيْرَ أُمٍّ لَهُ, قَدْ كَانَ بِهِ بَيَاضٌ, فَدَعَا اللهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ, إلَّا موضع لدرهم، فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُم، فَمُرُوْهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُم" قَالَ عمر: فقدم علينا ههنا، فَقُلْتُ: مَا أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا أُوَيْسٌ, قُلْتُ: مَنْ تَرَكْتَ بِاليَمَنِ؟ قَالَ: أُمّاً لِي, قُلْتُ: هَلْ كَانَ بِكَ بَيَاضٌ، فَدَعَوْتَ اللهَ، فَأَذْهَبَهُ عَنْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ, قُلْتُ: اسْتَغْفِرْ لِي, قَالَ: يا أمير المؤمنين! يستغفر مثلي لمثلك؟!
__________
1 انملس: أفلت.(4/521)
قُلْتُ: أَنْتَ أَخِي لاَ تَفَارِقُنِي، فَانْمَلَسَ منِّي، فَأُنْبِئْتُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَيْكُمُ الكُوْفَةَ, قَالَ: وَجَعَلَ الرَّجُل يُحَقِّرُهُ عمَّا يَقُوْلُ فِيْهِ عُمَرُ، فَجَعَلَ يَقُوْلُ: مَاذَا فِيْنَا وَلاَ نَعْرِفُ هَذَا, قَالَ عُمَرُ: بَلَى, إِنَّهُ رَجُلٌ كَذَا، فَجَعَلَ يَضَعُ مِنْ أَمْرِهِ، فَقَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ عِنْدَنَا نَسْخَرُ بِهِ، فَقَالَ لَهُ: أُوَيْسٌ؟ قَالَ: هُوَ هُوَ, أَدْرِكْ وَلاَ أُرَاكَ تُدْرِكُ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ، فَقَالَ أُوَيْسٌ: مَا كَانَتْ هَذِهِ عَادَتُكَ، فَمَا بَدَا لَكَ أَنْشُدُكَ اللهَ؟ قَالَ: لَقِيْتُ عُمَرَ فَقَالَ كَذَا وَقَالَ كَذَا، فَاسْتَغْفِرْ لِي, قَالَ: لاَ أَسْتَغْفِرُ لَكَ حَتَّى تَجْعَلَ لِي عَلَيْكَ أَنْ لاَ تَسْخَرَ بِي، وَلاَ تَذْكُرَ مَا سَمِعْتَ مِنْ عُمَرَ إِلَى أَحَدٍ, قَالَ: لَكَ ذَاكَ, قَالَ: فَاسْتَغْفَرَ لَهُ, قَالَ أُسَيْرٌ: فَمَا لَبِثَ أَنْ فَشَا حَدِيْثُهُ بِالكُوْفَةِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: يَا أَخِي ألَا أَرَاكَ أَنْتَ العُجْبُ، وكنَّا لاَ نَشْعُرُ, قَالَ: مَا كَانَ فِي هَذَا مَا أَتَبَلَّغُ بِهِ إِلَى النَّاسِ، وَمَا يُجْزَى كُلُّ عَبْدٍ إلَّا بِعَمَلِهِ، فلمَّا فَشَا الحَدِيْثُ هرب، فذهب.
وَرَوَاهُ أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ المُغِيْرَةِ، وفي لفظ: أويستغفر لِمِثْلِكَ؟ وَرَوَى نَحْواً مِنْ ذَلِكَ عُثْمَانُ بنُ عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، وَزَادَ فِيْهَا: ثُمَّ إِنَّهُ غَزَا أَذْرَبِيْجَانَ، فَمَاتَ، فَتنَافَسَ أَصْحَابُهُ فِي حَفْرِ قَبْرِهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هبَةِ اللهِ, أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ, أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ, أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ, أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ, حدَّثنا هُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ, حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ, حَدَّثَنِي أَبُو الأَصْفَرِ، عَنْ صَعْصَعَةَ بنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: كَانَ أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ رَجُلاً مِنْ قَرَنٍ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ، وَكَانَ مِنَ التَّابِعِيْنَ، فَخَرَجَ بِهِ وَضَحٌ، فَدَعَا اللهَ أَنْ يُذْهِبَهُ عَنْهُ، فَأَذْهَبَهُ اللهُ, قَالَ: دَعْ فِي جَسَدِي مِنْهُ مَا أَذْكُرُ بِهِ نِعَمَكَ عَلَيَّ، فَتَرَكَ لَهُ مَا يَذْكُرُ بِهِ نِعَمَهُ عَلَيْهِ، وَكَانَ رَجُلٌ يَلْزَمُ المَسْجِدَ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَكَانَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ يَلْزَمُ السُّلْطَانَ يُوْلَعُ بِهِ، فَإِنْ رَآهُ مَعَ قَوْمٍ أَغْنِيَاءَ قَالَ: مَا هُوَ إلَّا يَسْتَأْكِلُهُم، وَإِنْ رَآهُ مَعَ قَوْمٍ فُقَرَاءَ قَالَ: مَا هُوَ إلَّا يَخْدَعُهُم، وَأُوَيْسٌ لاَ يَقُوْلُ فِي ابْنِ عَمِّهِ إلَّا خَيْراً, غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا مَرَّ بِهِ اسْتَتَرَ مِنْهُ مَخَافَةَ أَنْ يَأْثَمَ فِي سَبَبِهِ، وَكَانَ عُمَرُ يَسْأَلُ الوُفُوْدَ إِذَا هُم قَدِمُوا عَلَيْهِ مِنَ الكُوْفَةِ: هَلْ تَعْرِفُوْنَ أُوَيْسَ بنَ عَامِرٍ القَرَنِيَّ؟ فَيَقُوْلُوْنَ: لاَ، فقَدِمَ وَفْدٌ مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ، فِيْهِمُ ابْنُ عَمِّهِ ذَاكَ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُوْنَ أُوَيْساً؟ قَالَ ابْنُ عَمِّهِ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, هُوَ ابْنُ عَمِّي، وَهُوَ رَجُلٌ نَذْلٌ فَاسِدٌ, لَمْ يَبْلُغْ مَا أَنْ تَعْرِفَهُ أَنْتَ, قَالَ: وَيْلَكَ هلكت، ويلك هلكت, إذا قدمت فأقرأه منِّي السَّلاَمَ، وَمُرْهُ فَلْيَفِدْ إِلَيَّ، فَقَدِمَ الكُوْفَةَ، فَلَمْ يَضَعْ ثِيَابَ سَفَرِهِ عَنْهُ حَتَّى أَتَى المَسْجِدَ، فَرَأَى أُوَيْساً، فلَمَّ بِهِ، فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا ابْنَ عَمِّي, قَالَ: غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا ابْنَ عَمِّ, قَالَ: وَأَنْتَ، فَغَفَرَ اللهُ لَكَ يَا أُوَيْسُ, أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ يُقْرِئُكَ السلام, قال:(4/522)
وَمَنْ ذَكَرَنِي لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ؟ قَالَ: هُوَ ذَكَرَكَ، وَأَمَرَنِي أَنْ أُبَلِّغَكَ أَنْ تَفِدَ إِلَيْهِ, قَالَ: سَمْعاً وَطَاعَةً لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، فَوَفَدَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم, قال: أَنْتَ الَّذِي خَرَجَ بِكَ وَضَحٌ، فَدَعَوْتَ اللهَ أَنْ يُذْهِبَهُ عَنْكَ فَأَذْهَبَهُ، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ دَعْ لِي فِي جَسَدِي مِنْهُ مَا أَذْكُرُ بِهِ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ، فَتَرَكَ لَكَ فِي جَسَدِكَ مَا تَذْكُرُ بِهِ نِعَمَهُ عَلَيْكَ, قَالَ: وَمَا أَدْرَاكَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، فَوَاللهِ مَا اطَّلع عَلَى هَذَا بَشَرٌ, قَالَ: أَخْبَرَنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ سَيَكُوْنُ فِي التَّابِعِيْنَ رَجُلٌ مِنْ قرنٍ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ, يَخْرُجُ بِهِ وَضَحٌ، فَيَدْعُو اللهَ أَنْ يُذْهِبَهُ عَنْهُ فَيُذْهِبَهُ، فَيَقُوْلُ: اللَّهُمَّ دَعْ لِي فِي جَسَدِي مَا أَذْكُرُ بِهِ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ، فَيَدَعُ لَهُ مَا يَذْكُرُ بِهِ نِعَمَهُ عَلَيْهِ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُم، فَاسْتَطَاعَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ، فَلْيَسْتَغْفِرْ لَهُ"، فَاسْتَغْفِرْ لِي يَا أُوَيْسُ, قَالَ: غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, قَالَ: وَأَنْتَ غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا أُوَيْسَ بنَ عَامِرٍ, قَالَ: فَلَمَّا سَمِعُوا عُمَرَ قَالَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ رَجُلٌ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا أُوَيْسُ، وَقَالَ آخَرُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا أُوَيْسُ، فلمَّا كَثُرُوا عَلَيْهِ انْسَابَ فَذَهَبَ، فَمَا رُؤِيَ حَتَّى السَّاعَةِ.
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ تفرَّد بِهِ مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، عَنْ أَبِي الأَصْفَرِ، وَأَبُو الأَصْفَرِ لَيْسَ بِمَعْرُوْفٍ.
مُعَلَّلُ بنُ نُفَيْلٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مِحْصَنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي عَبْلَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ, قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عُمَرُ إِذَا رَأَيْتَ أُوَيْساً القَرَنِيَّ، فَقُلْ لَهُ: فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكَ، فَإِنَّهُ يُشَفَّعُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فِي مِثْلِ رَبِيْعَةَ، وَمُضَرٍ, بين كتفيه علامة وضح مثل الدرهم".
أَخْرَجَهُ الإِسْمَاعِيْلِيُّ فِي مُسْنَدِ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بنُ مِحْصَنٍ هُوَ العُكَاشِيُّ, تَالِفٌ.
أُنْبِئْتُ عَنْ أَبِي المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ, أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ, أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ قَالَ: فَمِنَ الطَّبَقَةِ الأُوْلَى مِنَ التَّابِعِيْنَ سَيِّدُ العُبَّادِ، وَعَلَمُ الأَصْفِيَاءِ مِنَ الزُّهَّادِ؛ أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ القَرَنِيُّ, بشَّر النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهِ، وَأَوْصَى بِهِ, إِلَى أَنْ قَالَ فِي التَّرْجَمَةِ: وَرَوَاهُ الضَّحَّاكُ بنُ مُزَاحِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِزِيَادَةِ أَلْفَاظٍ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهَا، وَمَا رَوَاهُ أَحَدٌ سِوَى مَخْلَدِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ نَوْفَلِ بنِ عَبْدِ اللهِ عَنْهُ، وَمِنْ أَلْفَاظِهِ: فَقَالُوا يَا رَسُوْلَ اللهِ، وَمَا أُوَيْسٌ؟ قَالَ: "أَشْهَلُ ذُوْ صُهُوْبَةٍ, بَعِيْدُ مَا بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ, مُعْتَدِلُ القَامَةِ, آدَمُ شَدِيْدُ الأُدْمَةِ, ضَارِبٌ بِذَقْنِهِ عَلَى صَدْرِهِ, رَامٍ بِبَصَرِهِ إِلَى مَوْضِعِ سُجُوْدِهِ، وَاضِعٌ يَمِيْنَهُ عَلَى شِمَالِهِ, يَتْلُوْ القُرْآنَ, يَبْكِي عَلَى نَفْسِهِ, ذُوْ طِمْرَيْنِ لاَ يُؤْبَهُ لَهُ, يَتَّزِرُ بِإِزَارٍ صُوْفٍ، وَرِدَاءٍ صُوْفٍ, مَجْهُوْلٌ فِي أَهْلِ الأَرْضِ, مَعْرُوْفٌ فِي السَّمَاءِ, لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ, ألَا وإنَّ تَحْتَ مَنْكِبِهِ الأَيْسَرِ لَمْعَةً بَيْضَاءَ, ألَا وَإِنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ قِيْلَ لِلْعُبَّادِ: ادْخُلُوا الجَنَّةَ، وَيُقَالُ لأُوَيْسٍ: قِفْ فَاشْفَعْ. فيشفعه(4/523)
اللهُ فِي مِثْلِ عَدَدِ رَبِيْعَةَ وَمُضَرٍ, يَا عُمَرُ وَيَا عَلِيٌّ إِذَا رَأَيْتُمَاهُ فَاطْلُبَا إِلَيْهِ يَسْتَغْفِرْ لَكُمَا يَغْفِرِ اللهُ لَكُمَا". فَمَكَثَا يَطْلُبَانِهِ عَشْرَ سِنِيْنَ لاَ يَقْدِرَانِ عَلَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ السَّنَةِ الَّتِي هَلَكَ فِيْهَا عُمَرُ, قَامَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا أَهْلَ الحَجِيْجِ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ, أَفِيْكُم أويس بن مُرَادٍ، فَقَامَ شَيْخٌ كَبِيْرٌ، فَقَالَ: إِنَّا لاَ نَدْرِي مَنْ أُوَيْسٌ، وَلَكِنَّ ابْنَ أخٍ لِي يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ، وَهُوَ أَخْمَلُ ذِكْراً، وَأَقَلُّ مَالاً، وأهَوْن أَمْراً مِنْ أَنْ نَرْفَعَهُ إِلَيْكَ، وإنه ليرعى إبلنا بأراك عرفات.
فَذَكَرَ اجْتِمَاعَ عُمَرَ بِهِ وَهُوَ يَرْعَى، فَسَأَلَهُ الاسْتِغْفَارَ، وَعَرَضَ عَلَيْهِ مَالاً، فَأَبَى.
وَهَذَا سِيَاقٌ مُنْكَرٌ لَعَلَّهُ مَوْضُوْعٌ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ, أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ, أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ المُعَدَّلُ, أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ, أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ, حَدَّثَنَا حَبِيْبُ بنُ الحَسَنِ, حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ الحَرَّانِيُّ, حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ العُمَرِيُّ, حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بنِ مَرْثَدٍ قَالَ: انْتَهَى الزُّهْدُ إِلَى ثَمَانِيَةٍ: عَامِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ قَيْسٍ، وَأُوَيْسٍ القَرَنِيِّ، وَهَرِمِ بنِ حيان، والربيع بن خيثم، وَمَسْرُوْقِ بنِ الأَجْدَعِ، وَالأَسْوَدِ بنِ يَزِيْدَ، وَأَبِي مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ أَبِي الحَسَنِ.
وَرُوِيَ عَنْ هَرِمِ بنِ حَيَّانَ قَالَ: قَدِمْتُ الكُوْفَةَ فَلَمْ يَكُنْ لِي هَمٌّ إلَّا أُوَيْسٌ أَسْأَلُ عَنْهُ، فَدُفِعْتُ إِلَيْهِ بِشَاطِئ الفُرَاتِ, يَتَوَضَّأُ وَيَغْسِلُ ثَوْبَهُ، فَعَرَفْتُهُ بِالنَّعْتِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ مَحْلُوْقُ الرَّأْسِ, كَثّ اللِّحْيَةِ, مَهِيْبُ المَنْظَرِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَمَدَدْتُ إِلَيْهِ يَدِي لأُصَافِحَهُ، فَأَبَى أَنْ يُصَافِحَنِي، فَخَنَقَتْنِي العَبْرَةُ لَمَّا رَأَيْتُ مِنْ حَالِهِ، فَقُلْتُ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أُوَيْسُ, كَيْفَ أَنْتَ يَا أَخِي؟ قَالَ: وَأَنْتَ، فَحَيَّاكَ الله يَا هَرِمُ, مَن دَلَّكَ عَلَيَّ؟ قُلْتُ: اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ: {سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا} الإِسْرَاءُ: 108] . قُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ, مِنْ أَيْنَ عَرَفْتَ اسْمِي وَاسْمَ أَبِي؟ فَوَاللهِ مَا رَأَيْتُكَ قَطُّ، وَلاَ رَأَيْتَنِي, قَالَ: عَرَفَتْ رُوْحِي رُوْحَكَ؛ حَيْثُ كَلَّمَتْ نَفْسِي نَفْسَكَ؛ لأَنَّ الأَرْوَاحَ لَهَا أُنْسٌ كَأُنْسِ الأَجْسَادِ، وَإِنَّ المُؤْمِنِيْنَ يَتَعَارَفُوْنَ بِرُوْحِ الله، وإن نأت بِهِمُ الدَّارُ، وَتَفَرَّقَتْ بِهِمُ المَنَازِلُ, قُلْتُ: حَدِّثْنِي عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحَدِيْثٍ أَحْفَظُهُ عَنْكَ، فَبَكَى وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لَمْ أُدْرِكْ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَعَلَّهُ قَدْ رَأَيْتُ مَنْ رَآهُ؛ عُمَرَ وَغَيْرَهُ، وَلَسْتُ أُحِبُّ أَنَّ أَفْتَحَ هَذَا البَابَ عَلَى نَفْسِي, لاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُوْنَ قَاصّاً أَوْ مُفْتِياً، ثُمَّ سَأَلَهُ هَرِمٌ أَنْ يَتْلُوَ عَلَيْهِ شَيْئاً مِنَ القُرْآنِ، فَتَلاَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ تَعَالَى: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ، يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ، إِلَّا مَنْ رَحِمَ(4/524)
اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الدُّخَانُ: 40-42] . ثُمَّ قَالَ: يَا هَرِمَ بنَ حَيَّانَ مَاتَ أَبُوْكَ، وَيُوْشِكُ أَنْ تَمُوْتَ، فإمَّا إِلَى جَنَّةٍ، وإمَّا إِلَى نَارٍ، وَمَاتَ آدَمُ، وَمَاتَتْ حَوَّاءُ، وَمَاتَ إِبْرَاهِيْمُ، وَمُوْسَى، وَمُحَمَّدٌ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ، وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ خَلِيْفَةُ المُسْلِمِيْنَ، وَمَاتَ أَخِي، وَصَدِيْقِي، وَصَفِيِّي عُمَرُ، وَاعُمَرَاهُ،، وَاعُمَرَاهُ قَالَ: وَذَلِكَ فِي آخِرِ خِلاَفَةِ عُمَرَ, قُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ, إنَّ عُمَرَ لَمْ يَمُتْ, قَالَ: بَلَى, إِنَّ رَبِّي قَدْ نَعَاهُ لِي، وَقَدْ عَلِمْتُ مَا قُلْتُ، وَأَنَا وَأَنْتَ غَداً فِي المَوْتَى، ثُمَّ دَعَا بِدَعَوَاتٍ خفيفة، وَذَكَرَ القِصَّةَ, أَوْرَدَهَا أَبُو نُعَيْمٍ\ فِي الحِلْيَةِ، وَلَمْ تَصِحَّ، وَفِيْهَا مَا يُنْكَرُ.
عَنْ أَصْبَغَ بنِ زَيْدٍ قَالَ: إِنَّمَا مَنَعَ أُوَيْساً أَنْ يقدِم عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِرُّهُ بِأُمِّهِ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ الأَشْعَثِ بنِ سَوَّارٍ، عَنْ مُحَارِبِ بنِ دِثَارٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لا يستطيع أن يأتي مَسْجِدَهُ أَوْ مُصَلاَّهُ مِنَ العُرْي, يَحْجُزُهُ إِيْمَانُهُ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ, مِنْهُم أُوَيْسٌ القَرَنِيُّ، وَفُرَاتُ بنُ حَيَّانَ".
عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ, حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُغِيْرَةَ قَالَ: إِنْ كَانَ أُوَيْسٌ القَرَنِيُّ ليتصدَّق بِثِيَابِهِ حَتَّى يَجْلِسَ عُرْيَاناً, لاَ يَجِدُ مَا يَرُوْحُ فِيْهِ إِلَى الجُمُعَةِ.
أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيِّ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ أَسَدٍ, حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنْ أَصْبَغَ بنِ زَيْدٍ قَالَ: كَانَ أُوَيْسٌ إِذَا أَمْسَى يَقُوْلُ: هَذِهِ لَيْلَةُ الرُّكُوْعِ، فَيَرْكَعُ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ إِذَا أَمْسَى يَقُوْلُ: هَذِهِ لَيْلَةُ السُّجُوْدِ، فَيَسْجُدُ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ إِذَا أَمْسَى تصدَّق بِمَا فِي بَيْتِهِ مِنَ الفَضْلِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، ثُمَّ قَالَ: اللهمَّ مَنْ مَاتَ جُوْعاً فَلاَ تُؤَاخِذْنِي بِهِ، وَمَنْ مَاتَ عُرْياً فَلاَ تُؤَاخِذْنِي بِهِ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بنُ جَعْفَرٍ, حَدَّثَنَا ابْنُ جَرِيْرٍ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ, حَدَّثَنَا زَافِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ شَرِيْكٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ مِنْ مُرَادٍ عَلَى أُوَيْسٍ القَرَنِيِّ، فَقَالَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: أَصْبَحْتُ أَحْمَدُ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ, قَالَ: كَيْفَ الزَّمَانُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: كَيْفَ الزَّمَانُ عَلَى رجلٍِ إِنْ أَصْبَحَ ظنَّ أَنَّهُ لاَ يُمْسِي، وَإِنْ أَمْسَى ظنَّ أَنَّهُ لاَ يُصْبِحُ، فمبشَّر بِالجَنَّةِ أَوْ مبشَّر بِالنَّارِ, يَا أَخَا مُرَادٍ, إِنَّ المَوْتَ وذِكْرَه لَمْ يَتْرُكْ لِمُؤْمِنٍ فَرَحاً، وَإِنَّ عِلْمَهُ بِحُقُوْقِ اللهِ لَمْ يَتْرُكْ لَهُ فِي مَالِهِ فِضَّةً وَلاَ ذَهَباً، وَإِنَّ قِيَامَهُ للهِ بِالحَقِّ لم يترك له صديقًا.(4/525)
شَرِيْكٌ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: نَادَى رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يَوْمَ صِفِّيْنَ: أَفِيْكُم أُوَيْسٌ القَرَنِيُّ, قُلْنَا: نَعَمْ، وَمَا تُرِيْدُ مِنْهُ؟ قَالَ: إِنِّيْ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "أُوَيْسٌ القَرَنِيُّ خَيْرُ التَّابِعِيْنَ بِإِحْسَانٍ"1، وَعَطَفَ دَابَّتَهُ، فَدَخَلَ مَعَ أَصْحَابِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
رَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ عَلِيِّ بنِ حَكِيْمٍ الأَوْدِيِّ, أَنْبَأَنَا شَرِيْكٌ، وَزَادَ بَعْضُ الثِّقَاتِ فِيْهِ: عَنْ يَزِيْدَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: فوُجِدَ فِي قَتْلَى صِفِّيْنَ.
أَنْبَأَنَا وَخُبِّرْنَا عَنْ أَبِي المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ, أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ, أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى, حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ الهُذَيل, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبَانٍ العَنْبَرِيُّ, حَدَّثَنَا عَمْرٌو شَيْخٌ كُوْفِيٌّ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ, سَمِعْتُ حُمَيْدَ بنَ صَالِحٍ, سَمِعْتُ أُوَيْساً القَرَنِيَّ يَقُوْلُ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "احْفَظُوْنِي فِي أَصْحَابِي، فَإِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَلْعَنَ آخِرُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَوَّلَهَا، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَقَعُ المَقْتُ عَلَى الأَرْضِ وَأَهْلِهَا، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ فَلْيَضَعْ سَيْفَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، ثُمَّ لِيَلْقَ رَبَّهُ تَعَالَى شَهِيْداً، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلاَ يلومنَّ إلَّا نَفْسَهُ".
هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ جِدّاً وَإِسْنَادُهُ مُظْلِمٌ، وَأَحْمَدُ بنُ مُعَاوِيَةَ تَالِفٌ.
وَيُرْوَى عَنْ عَلْقَمَةَ بنِ مَرْثَدٍ، عَنْ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ أُوَيْسٍ مثل ربيعة ومضر".
فُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ: حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ السَّدُوْسِيُّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ قَالَ: نَادَى عُمَرُ بِمِنَىً عَلَى المِنْبَرِ: يَا أَهْلَ قَرَنٍ، فَقَامَ مَشَايِخٌ، فَقَالَ: أَفِيْكُم مَنِ اسْمُهُ أُوَيْسٌ، فَقَالَ شَيْخٌ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, ذَاكَ مَجْنُوْنٌ يَسْكُنُ القِفَارَ, لاَ يَأْلَفُ وَلاَ يُؤْلَفُ, قَالَ: ذَاكَ الَّذِي أَعْنِيْهِ، فَإِذَا عُدْتُمْ فَاطْلُبُوْهُ، وَبَلِّغُوْهُ سَلاَمِي، وَسَلاَمَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ: فَقَالَ: عرَّفني أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، وشهَّر بِاسْمِي, اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ السَّلاَمُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ، ثُمَّ هَامَ عَلَى وَجْهِهِ، فَلَمْ يُوْقَفْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَثَرٍ دَهْراً، ثُمَّ عَادَ فِي أَيَّامِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فاستُشهد مَعَهُ بِصِفِّيْنَ، فَنَظَرُوا فَإِذَا عَلَيْهِ نَيِّفٌ وَأَرْبَعُوْنَ جِرَاحَةً.
وَرَوَى هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ، عَنِ الحَسَنِ قَالَ: يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ بشفاعة أويس أكثر من ربيعة، ومضر.
__________
1 ضعيف: في إسناده شريك، وهو ابن عبد الله النخعي القاضي، ويزيد بن أبي زياد وهما ضعيفان.(4/526)
وَرَوَى خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الجَدْعَاءِ, سَمِعَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَكْثَرُ مِنْ بَنِي تَمِيْمٍ" 1.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ فِي الكَامِلِ: أويس ثقة صدوق، ومالك يُنْكِرُ أُوَيْساً، ثُمَّ قَالَ: وَلاَ يَجُوْزُ أَنَّ يُشَكَّ فِيْهِ.
أَخْبَارُ أُوَيْسٍ مُسْتَوْعَبَةٌ فِي تَارِيْخِ الحافظ أبي القاسم بن عَسَاكِرَ.
الحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ, مَنْ طَرِيْقِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَمْرٍو البَجَلِيِّ، عَنْ حِبَّانَ بنِ عَلِيٍّ، عَنْ سَعْدِ بنِ طَرِيْفٍ، عَنْ أَصْبَغَ بنِ نُبَاتَةَ, شَهِدْتُ عَلِيّاً يَوْم صِفِّيْنَ يَقُوْلُ: مَنْ يُبَايِعُنِي عَلَى المَوْتِ، فَبَايَعَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُوْنَ، فَقَالَ: أَيْنَ التَّمَامُ، فَجَاءَ رَجُلٌ عَلَى أَطْمَارِ صُوْفٍ مَحْلُوْقُ الرَّأْسِ، فَبَايَعَ، فَقِيْلَ: هَذَا أُوَيْسٌ القَرَنِيُّ، فَمَا زَالَ يُحَارِبُ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى قُتِل. سَنَدُهُ ضَعِيْفٌ.
أَبُو الأَحْوَصِ سَلاَّمُ بنُ سُلَيْمٍ: حَدَّثَنِي فُلاَنٌ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ مُرَادٍ، فَقَالَ لَهُ أُوَيْسٌ: يَا أَخَا مُرَادٍ, إِنَّ المَوْتَ لَمْ يُبْقِ لِمُؤْمِنٍ فَرَحاً، وَإِنَّ عِرْفَانَ المُؤْمِنِ بِحَقِّ اللهِ لَمْ يُبْقِ لَهُ فِضَّةً وَلاَ ذَهَباً، وَلَمْ يُبْقِ لَهُ صَدِيْقاً. وَعَنْ عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ قَالَ: قِيْلَ لأُوَيْسٍ: أَمَا حَجَجْتَ، فَسَكَتَ، فَأَعْطَوْهُ نَفَقَةً وَرَاحِلَةً، فحَجَّ.
أَبُو بَكْرٍ الأَعْيَنُ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ, حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعاً: "يَدْخُلُ الجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَكْثَرُ مِنْ مُضَرٍ وَتَمِيْمٍ". قِيْلَ: مَنْ هُوَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟ قال: "أويس القرني".
هذا حدث منكر. تفرَّد به الأعين، وهو ثقة.
__________
1 صحيح: أخرجه الترمذي "2440"، وابن ماجه "4316"، والدارمي "2/ 328"، وأحمد "3/ 469-470".(4/527)
374- الأشتر 1:
مَلِكُ العَرَبِ, مَالِكُ بنُ الحَارِثِ النَّخَعِيُّ, أَحَدُ الأَشْرَافِ وَالأَبْطَالِ المَذْكُوْرِيْنَ.
حدَّث عَنْ عُمَرَ، وَخَالِدِ بنِ الوَلِيْدِ، وفُقِئَت عَيْنُهُ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ، وَكَانَ شَهْماً مُطَاعاً، زَعِراً2، أَلَبَّ عَلَى عُثْمَانَ وَقَاتَلَهُ، وَكَانَ ذَا فَصَاحَةٍ وَبَلاَغَةٍ, شَهِدَ صِفِّيْنَ مَعَ عَلِيٍّ، وَتَمَّيْزَ يَوْمَئِذٍ، وَكَادَ أَنْ يَهْزِمَ مُعَاوِيَةَ، فحمل عليه أصحاب عليّ لما رأوا مصاحف جُنْدِ الشَّامِ عَلَى الأسنَّة يَدْعُوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ، وَمَا أَمْكَنَهُ مُخَالَفَةُ عَلِيٍّ، فكفَّ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ سَلِمَةَ المُرَادِيُّ: نَظَرَ عُمَرُ إِلَى الأَشْتَرِ، فصعَّد فِيْهِ النَّظَرَ وصوَّبه، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ لِلْمُسْلِمِيْنَ مِنْ هَذَا يَوْماً عَصِيْباً.
وَلَمَّا رَجَعَ عَلِيٌّ مِنْ مَوْقِعَةِ صِفِّيْنَ جهَّز الأَشْتَرَ وَالِياً عَلَى دِيَارِ مِصْرَ، فَمَاتَ فِي الطَّرِيْقِ مَسْمُوْماً، فَقِيْلَ: إِنَّ عَبْداً لِعُثْمَانَ عَارَضَهُ، فسمَّ لَهُ عَسَلاً، وَقَدْ كَانَ عَلِيٌّ يتبرَّم بِهِ؛ لأَنَّهُ صَعْبُ المِرَاسِ، فلمَّا بَلَغَهُ نَعْيُهُ قَالَ: إِنَّا للهِ, مَالِكٌ وَمَا مَالِكٌ، وَهَلْ مَوْجُوْدٌ مِثْلُ ذَلِكَ, لَوْ كَانَ حَدِيْداً لَكَانَ قَيْداً، وَلَوْ كَانَ حَجَراً لَكَانَ صَلْداً عَلَى مثله، فلتبك البواكي.
وَقَالَ بَعْضُهُم: قَالَ عَلِيٌّ "لِلْمَنْخَرَيْنِ، وَالفَمِ".
وَسُرَّ بِهَلاَكِهِ عَمْرُو بنُ العَاصِ، وَقَالَ: إِنَّ للهِ جُنُوْداً مِنْ عَسَلٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ بَارَزَ الأَشْتَرَ، وَطَالَتِ المُحَاوَلَةُ بَيْنَهُمَا, حَتَّى إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ:
اقْتُلُوْنِي وَمَالِكاً ... وَاقْتُلُوا مَالِكاً معي
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 213"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1325"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 91"، الكاشف "3/ ترجمة 5333"، تهذيب الهذيب "10/ 11-12"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6800".
2 زعر: شرس سيئ الخلق.(4/528)
375- ابنه 1:
إبراهيم بن الأشتر النَّخَعِيُّ, أَحَدُ الأَبْطَالِ وَالأَشْرَافِ كَأَبِيْهِ، وَكَانَ شِيْعِيّاً فَاضِلاً. وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ عُبَيْدَ اللهِ بنَ زِيَادِ بنِ أَبِيْهِ يَوْمَ وَقْعَةِ الخَازِرِ2، ثُمَّ إِنَّهُ كَانَ مِنْ أُمَرَاءِ مُصْعَبِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَمَا عَلِمْتُ لَهُ رِوَايَةً, قُتِلَ مَعَ مُصْعَبٍ في سنة اثنتين وسبعين3.
تَمَّ الجزء الرابع ويليه:
الجزء الخامس، وأوله: يزيد بن معاوية.
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 129"، البداية والنهاية "8/ 323".
2 الخازر: نهر بين إربل والمواصل، ثم بين الزاب الأعلى والموصل.
3 قُتِلَ إبراهيم من الأشتر مع مصعب بن الزبير سنة إحدى وسبعين, في قتالهما لعبد الملك بن مروان -كما روى الطبري في "تاريخه" 6/ 158".(4/528)
فهرس الموضوعات:
الصفحة الموضوع
5 157- عثمان بن حنيف
6 158- خباب بن الأرت
8 159- سهل بن حنيف
10 160- خوات بن جبير
11 161- عبد الله بن جبير
11 162- قتادة بن النعمان
13 163- عامر بن ربيعة
13 164- أبو الدرداء
23 165- عياض بن غنم
24 166- سلمة بن سلامة
24 167- النعمان بن مقرن
25 168- معاذ بن الحارث
26 169-معوذ بن الحارث
26 170- عوف بن الحارث
27 171- رفاعة
27 172- حذيفة بن اليمان
32 173- محمد بن مسلمة
35 174- عثمان بن أبي العاص
37 175- عبد الله بن زيد
38 176- عبد لله بن المازني النجاري
38 177- حارثة بن النعمان
40 178- أبو موسى الأشعري
52 179- أبو أيوب الأنصاري
59 180- عبد الله بن سلام
66 181- زيد بن ثابت
74 182- تميم الداري
78 183- أبو قتادة الأنصاري
83 184- عمرو بن عبسة
85 185- شداد بن أوس
89 186- عبة بن عامر الجهني
90 187- بريدة بن الحصيب
92 188- عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق
93 189- الحكم بن عمرو الغفاري
95 190- رافع بن عمرو الغفاري
96 191- رافع بن عمرو المزني البصري(4/531)
الصفحة الموضوع
96 192- الأرقم بن أبي الأرقم
97 193- أبو حميد الساعدي
98 194- عبد الله بن الأرقم
99 195- عبد الله بن مغفل
100 196-خزيمة بن ثابت
101 197- عوف بن مالك الأشجعي الغطفاني
103 198- معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي
105 199- أبو مسعود البدري
106 200- أسامة بن زيد
114 201- عمران بن حصين
116 202- حسان بن ثابت
123 203- كعب بن مالك
127 204- جرير بن عبد الله
131 205- أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري
132 206- أبو أيد الساعدي
133 207- حويطب بن عبد العزي القرشي
134 208- سعيد بن يربوع القرشي
135 209- مخرمة بن نوفل
136 211- صفوان بن المعطل
140 212- دحية الكلبي
144 213- أبو جهم بن حذيفة القرشي
144 214- عمير بن سعد
148 215- صفوان بن أمية
152 216- أبو ثعلبة الخشني
154 217- عبد الرحمن بن سمرة
155 218- وائل بن حجر بن سعد
156 219- أبو واقد الليثي
157 220- معقل بن يسار
157 221- معقل بن سنان الأشجعي
158 222- أبو هريرة
187 223- أبو بكرة الثقفي
190 224- عثمان بن طلحة
191 225- شيبة بن عثمان
192 226- أبو رفاعة العدوي
193 227- ثوبان النبوي
195 228- عبد الله بن عامر
197 229- المغيرة بن شعبة
204 230- عبد الله بن سعد
205 231- رويفع بن ثابت
206 232- معاوية بن حديج
208 233- أبو برزة الأسلمي
210 234- حكيم بن حزام
214 235- هشام بن حكيم بن حزام
215 236- كعب بن عجرة
216 237- عمرو بن العاص
231 238- هشام بن العاص
232 239- عبد الله بن عمرو بن العاص
242 240- جبير بن مطعم(4/532)
الصفحة الموضوع
244 241- عقيل بن أبي طالب
245 242- يعلى بن أمية
246 243- قيس بن سعد
252 244- عبد المطلب بن ربيعة
253 245- فضالة بن عبيد
255 246- أبو محذورة الجمحي
257 247- معاوية بن أبي سفيان
281 248- عدي بن حاتم
282 249- زيد بن أرقم
284 250- أبو سعيد الخدري
286 251- سفينة مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم
286 252- جندب بن عبد الله بن سفيان
287 253- جندب بن الأزدي
289 254- النابغة الجعدي
289 255- عمرو بن أمية
291 256- رافع بن خديج
292 257- سمرة بن جندب
293 258- جابر بن سمرة
293 259- حبيب بن مسلمة
294 260- جابر بن سمرة
295 261- جابر بن عبد الله
وَمِنْ بَقَايَا صِغَارِ الصَّحَابَةِ:
299 262- عَبْدُ اللهِ بنُ يزيد
300 263- الربيع بنت معوذ
301 264- زينب بنت أبي سلمة
301 265- عبد الرحمن بن أبزي الخزاعي
302 266- أبو جحيفة السوائي الكوفي
303 267- عبد الله بن عمر
ومن صغار الصحابة:
323 268- الضحاك بن قيس
326 269- الحسن بن علي بن أبي طالب
347 270- الحُسَيْنِ الشَّهِيْدِ بن عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ
373 271- عَبْدُ اللهِ بنُ حنظلة
376 272- سلمة بن الأكوع
379 273- عبد الله بن عباس البحر
394 274- أبو أمامة الباهلي
397 275- عبد الله بن الزبير
408 276- المنذر بن الزبير
409 277- عَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ
410 278- عبد الله بن الزبير
410 279- واثلة بن الأسقع
412 280- عبد اله بن الحارث بن جزء
412 281- عبد الله بن السائب
413 282- المسور بن مخرمة
416 283- سليمان بن صرد
416 284- أنس بن مالك
423 285- عمرو بن أبي سلمة
424 286- سلمة بن أبي سلمة(4/533)
الصفحة الموضوع
425 287- بسر بن أرطأة
426 288- النعمان بن بشير
427 289- الوليد بن عقبة
428 290- عتبة بن عبد السلمي
429 291- عتبة بن الندر السلمي
429 292- عمرو بن حريث
43 293- العرباض بن سارية السلمي
432 294- سهل بن سعد
433 295- مسلمة بن مخلد
434 296- عبد الله بن سرجس
435 297- المقدام بن معد يكرب
436 298- عبد الله بن أبي أوفى
437 299- عَبْدُ اللهِ بنُ بُسْرِ بنِ أَبِي بُسْرٍ
439 300- أبو عنبة الخولاني
440 301- محمد بن حاطب
441 302- السائب بن يزيد
442 303- جبير بن الحويرث
442 304- قثم بن العباس بن عبد المطلب
443 305- معبد بن عباس
444 306- كثير بن عباس
444 307- تمام بن العباس
44 308- الفضل بن العباس
445 309- سعيد بن العاص
447 310- عمرو الأشدق
448 311- الهرماس بن زياد بن مالك
449 312- قُدَامَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ الكِلاَبِيُّ
449 313- سفيان بن وهب
450 314- غضيف بن الحارث بن زنيم
452 315- عبد الله بن جعفر
456 316- قيس بن عائذ
456 317- حجر بن عدي
459 318- حجر الشر
459 319- أبو الطفيل
461 320- أم خالد بنت خالد
461 321- عمرو بن الزبير
462 322- عمرو بن أخطب
463 323- أَبُو عَسِيْبٍ مَوْلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم
كبار التابعين:
464 324-مروان بن الحكم
466 325- محمد بن أبي حذيفة
467 326- محمد بن أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ
468 327- عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طلحة
469 328- عبد الرحمن بن الحارث بن هشام
469 329- محمود بن لبيد
470 330- هاشم بن عتبة
470 331- طارق بن شهاب
471 332- عَبْدُ اللهِ بنُ شَدَّادِ بنِ الهَادِ اللَّيْثِيُّ
472 333- كعب الأحبار(4/534)
الصفحة الموضوع
474 334- زياد بن أبيه
476 335- صلة بن أشيم
479 336- أم كلثوم بنت علي وابنها زيد ابن عمر
481 337- عبد الله بن ثعلبة بن صُعَير
وممن أدرك زمن النبوة:
482 338- عبد الله بن ربيعة
482 339- الصنابحي
483 340- صفية بنت شيبة
484 341- يوسف بن عبد الله بن سلام ابن الحارث
485 342- عبيد الله بن عكيم الجهني
487 343- عبيد الله بن العباس
488 344- قُثم بن العباس الهاشمي
488 345- عبيد الله بن عدي
489 346- ربيعة بن عبد الله
489 347- ربيعة بن عباد
490 348- أبو أمامة بن سهل
491 349- محمود بن الربيع
492 350- قيس بن مكشوح
492 351- عبد اله بن عامر بن ربيعة
493 352- يزيد بن مفرغ الحميري
494 353- عمرو بن سلمة
495 354- عمرو بن سلمة الهمداني
495 355- كعب بن سور الأزي
495 356- زيد بن صوحان
498 357- صعصعة بن صوحان
498 358- عبد الله بن الحارث
499 359- حكيم بن جبلة العبدي
500 360- جبلة بن الأيهم الغساني
500 361- عقبة بن نافع القرشي
501 362- الوَلِيْدُ بنُ عُتْبَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ بنِ حَرْبٍ
502 363- قيس بن ذري الليثي
502 364- أسماء بن خارجة
503 365- حَسَّانُ بنُ مَالِكِ بنِ بَحْدَلِ بنِ أُنَيْفٍ
503 366- شقيق بن ثور
504 367- المختار بن أبي عبيد الثقفي
508 368- عبيد الله بن زياد بن أبيه
511 369- المجنون
512 370- أبو مسلم الخولاني
516 371- القارئ
516 372- عامر بن عبد قيس
519 373- أويس القرني
527 374- الأشتر
528 375- ابنه
529 فهرس الموضوعات
537 فهرس التراجم(4/535)
الصفحة التراجم
الحارث بن عوف = أبو واقد الليثي
38 177- حارثة بن النعمان
294 259- حبيب بن مسلمة
459 318- حجر الشر
456 317- حجر بن عدي
27 172- حذيفة بن اليمان
116 202- حسان بن ثابت
503 365- حَسَّانُ بنُ مَالِكِ بنِ بَحْدَلِ بنِ أُنَيْفٍ
326 269- الحسن بن علي بن أبي طالب
347 270- الحسن بن علي بن أبي طالب
93 189- الحكم بن عمرو الغفاري
499 359- حكيم بن جبلة العبدي
210 234- حكيم بن حزام
97 193- أبو حميد الساعدي -عبد الرحمن بن سعد
133 207- حويطب بن عبد العزى القرشي
461 320- أم خالد بنت خالد
خالد بن زيد بن كليب = أبو أيوب الأنصاري
6 158- خباب بن الأرت
100 196- خزيمة بن ثابت
10 160- خوات بن جبير
140 212- دحية الكلبي
13 164- أبو الدرداء
291 256- رافع بن خديج
95 190- رافع بن عمرو الغفاري
96 191- رافع بن عمرو المزني البصري
489 347- ربيعة بن عباد
489 346- ربيعة بن عبد الله
300 263- الربيع بنت معوذ
19 226- أبو رفاعة العدوي -تميم بن أسيد
27 171- رفاعة بن عفراء
205 231- رويفع بن ثابت
474 334- زياد بن أبيه
282 249- زيد بن أرقم
66 181- زيد بن ثابت
495 356- زيد بن صوحان
301 264- زينب بنت أبي سلمة
441 302- السائب بن يزيد
445 309- سعيد بن العاص
284 250- سعيد بن مالك = أبو سعيد الخدري
134 208- سعيد بن يربوع القرشي
449 313- سفيان بن وهب
286 251- سفينة مولى رسول الله
424 286- سلمة بن أبي سلمة(4/540)
الصفحة التراجم
376 272- سلمة بن الأكوع
24 166- سلمة بن سلامة بن وقش
416 283- سليمان بن صرد
292 257- سمرة بن جندب
8 159- سهل بن حنيف
532 294- سهل بن سعد
85 185- شداد بن أوس
503 366- شقيق بن ثور
191 225- شيبة بن عثمان
صدي بن عجلان = أبو أمامة الباهلي
498 357- صعصعة بن صوحان
148 215- صفوان بن أمية
136 211- صفوان بن المعطل
483 340- صفية بنت شيبة
476 335- صلة بن الأشيم
482 339- الصنابحي
323 268- الضحاك بن قيس
470 331- طارق بن شهاب
459 319- أبو الطفيل
13 163- عامر بن ربيعة
516 372- عامر بن قيس
301 265- عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي
92 188- عبد الرحمن بن أبي بكر
469 328- عبد الرحمن بن الحارث بن هشام
97 193- عبد الرحمن بن سعد = أبو حميد الساعدي
154 217- عبد الرحمن بن سمرة
158 222- عبد الرحمن بن صخر = أبو هريرة
436 298- عبد الله بن أبي أوفى
468 327- عبد الله بن أبي طلحة
98 194- عبد الله بن الأرقم
437 299- عَبْدُ اللهِ بنُ بُسْرِ بنِ أَبِي بُسْرٍ
481 337- عبد الله ثعلبة بن صعير
11 161- عبد الله بن جبير
452 315- عبد الله بن جعفر
498 358- عبد الله بن الحارث بن نوفل
412 280- عبد الله بن الحارث بن جزء
373 271- عبد الله بن حنظلة
482 338- عبد الله ربيعة
397 275- عبد الله بن الزبير بن العوام ابن خويلد
410 278- عبد الله بن الزبير الأسدي الكوفي
409 277- عَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ
38 176- عبد الله بن زيد المازني النجاري(4/541)
الصفحة التراجم
37 175- عبد الله بن زيد بن عبد ربه
412 281- عبد الله بن السائب
434 296- عبد الله بن سرجس
204 230- عبد الله بن سعد
59 180- عبد الله بن سلام
471 332- عبد الله بن شداد ابن الهاد الليثي
195 228- عبد الله بن عامر بن كريز
492 351- عبد الله بن عامر بن ربيعة
379 273- عبد الله بن عباس البحر
485 342- عبد الله بن عكيم الجهني
303 267- عبد الله بن عمر
232 239- عبد الله بن عمرو بن العاص
40 178- عبد الله بن قيس بن سليم = أبو موسى الأشعري
99 195- عبد الله بن مغفل
299 262- عبد الله بن يزيد
508 368- عبيد الله بن زياد بن أبية
487 343- عبيد الله بن العباس
488 345- عبيد الله بن عدي
252 244- عبد المطلب بن ربيعة
428 290- عتبة بن عبد السلمي
429 291- عتبة بن الندر السلمي
35 174- عثمان بن أبي العاص
5 157- عثمان بن حنيف
190 224- عثمان بن طلحة
281 248- عدي بن حاتم
430 293- العرباض بن سارية
463 323- أبو عسيب مولى النبي
89 186- عقبة بن عامر الجهني
105 199- عقبة بن عمرو بن ثعلبة = أبو مسعود البدري
500 361- عقبة بن نافع القرشي
244 241- عقيل بن أبي طالب الهاشي
423 285- عمرو بن أبي سلمة
114 201- عمران بن حصين
462 322- عمرو بن أخطب
447 310- عمرو الأشدق
289 255- عمرو بن أمية
429 292- عمرو بن حريث
461 321- عمرو بن الزبير
494 353- عمرو بن سلمة
495 354- عمرو بن سلمة الهمداني
216 237- عمرو بن العاص
83 184- عمرو بن عبسة
144 214- عمير بن سعد الأنصاري
439 300- أبو عنبة الخولاني
26 170- عوف بن الحارث ابن عفراء
101 197- عوف بن مالك الأشجعي الغطفاني.(4/542)
الصفحة التراجم
عويمر بن زيد = أبو الدرداء
23 165- عياض بن غنم
135 210- أبو الغاية الصحابي
450 314- غضيف بن الحارث بن زنيم
253 245- فضالة بن عبيد
444 308- الفضل بن العباس
516 371- القارى = عبد الرحمن بن عبد القاري المدني
78 183- أبو قتادة الأنصاري = الحارث ابن بعي
11 162- قتادة بن النعمان
442 304- قثم بن العباس بن عبد المطلب
488 344- قثم بن العباس الهاشمي
449 312- قُدَامَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ الكِلاَبِيُّ
502 362- قيس بن ذريح الليثي
246 243- قيس بن سعد
456 316- قيس بن عائد
492 350- قيس بن مكشوح
495 355- كعب بن سور الأزدي
444 306- كثير بن العباس
472 233-كعب الأحبار
215 236- كعب بن عجرة
131 205- أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري
123 203- كعب بن مالك
479 336- أم كلثوم بنت علي وابنها زيد ابن عمر.
مالك بن ربيعة بن البدن = أبو أسيد الساعدي
511 369- المجنون = قيس بن الملوح
255 246- أبو محذورة الجمحي = أوس ابن مغير
467 326- محمد بن أبي بكر الصديق
466 325- محمد بن أبي حذيفة
440 301- محمد بن حاطب
32 173- محمد بن مسلمة
491 349- محمود بن الربيع
469 329- محمود بن لبيد
504 367- المختار بن أبي عبيد الثقفي
135 209- مخرمة بن نوفل
464 324- مروان بن الحكم
105 199- أَبُو مَسْعُوْدٍ البَدْرِيُّ = عُقْبَةُ بنُ عَمْرِو بنِ ثعلبة
512 370- أبو مسلم الخولاني
433 295- مسلمة بن مخلد
413 282- المسور بن مخرمة
25 168- معاذ بن الحارث
257 247- معاوية بن الحارث
206 232- معاوية بن حديج(4/543)
الصفحة التراجم
443 305- معبد بن عباس
157 221- معقل بن سنان الأشجعي
157 220- معقل بن يسار
26 169- معوذ بن الحارث
103 198- معيقب بن أبي فاطمة الدوسي
197 229- المغيرة بن شعبة
435 297- المقدام بن معد يكرب
407 276- المنذر بن الزبير
نضلة بين عبيد = أبو رزة الأسلمي
40 178- أَبُو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ = عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْسِ بن سليم
289 254- النابغة الجعدي
426 288- النعمان بن بشير
24 167- النعمان بن مقرن المزني
نفيع بن الحارث = أبو بكرة الثقفي
470 330- هاشم بن عتبة
448 311- الهرماس بن زياد بن مالك
158 222- أبو هريرة = عبد الرحمن بن صخر
214 235- هشام بن حكيم بن حزام
231 238- هشام بن العاص
155 218- وائل بن حجر بن سعد
410 279- واثلة بن الأسقع
156 215- أبو واقد الليثي = الحارث بن عوف
501 362- الوَلِيْدُ بنُ عُتْبَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ بنِ حَرْبٍ
427 289- الوليد بن عقبة
وهب بن عبد الله = أبو جحيفة السوائي
493 352- يزيد بن مفرغ الحميري
245 242- يَعْلَى بنُ أُمَيَّةَ بنِ أَبِي عُبَيْدَةَ التَّمِيْمِيُّ المكي
484 341- يوسف بن عبد لله بن سلام بن الحارث(4/544)
فهرس التراجم على حروف المعجم:
الجزء الرابع:
الصفحة التراجم
528 375- إبراهيم بن الأشتر
96 192- الأرقم بن ابي الأرقم
106 200- أسامة بن زيد
أسعد بن سهل = أبو أمامة
502 364- أسماء بن خارجة
132 206- أبو أسيد الساعدي
127 374- الأشتر
394 274- أبو أمامة الباهلي
490 348-أبو أمامة بن سهل
416 284- أنس بن مالك
أوس بن مِعْيَر = أبو محذورة الجمحي
519 373- أويس القرني
52 179- أبو أيوب الأنصاري
298 261- البراء بن عازب
208 233- أبو برزة الأسلمي
90 187- بريدة بن الحصيب
425 287- بسر بن أرطأة
487 223- أبو بكر الثقفي
444 307- تمام بن العباس
74 182- تميم الداري.
تميم بن أسد = أبو رفاعة العدوي
152 216- أبو ثعلبة الخشني
193 227- ثوبان النبوي
292 258- جابر بن سمرة
295 260- جابر بن عبد الله
500 360- جبلة بن الأيهم الغساني
442 303- جبير بن الحويرث
424 240- جبير بن مطعم
302 266- أبو جحيفة السوائي
127 204- جرير بن عبد الله
287 253- جندب الأزدي
جندب بن جنادة = أبو ذر الغفاري
286 252- جندب بن عبد الله بن سفيان
144 213- أبو جهم بن حذيفة القرشي
الحارث بن ربعي = أبو قتادة الأنصاري(4/439)
المجلد الخامس
تابع شهداء أجندين واليرموك
بسم الله الرحمن الرحيم
376 - يزيد بن معاوية 1:
ابن أبي سفيان بن حرب بن أمية، الخليفة، أبو خالد القرشي، الأُمَوِيُّ الدِّمَشْقِيُّ. قَدْ تَرْجَمَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَهُوَ فِي "تَارِيْخِي الكَبِيْرِ"2
لَهُ عَلَى هَنَاتِهِ حَسَنَةٌ وَهِيَ غَزْوُ القُسْطَنْطِيْنِيَّةِ، وَكَانَ أَمِيْرَ ذَلِكَ الجَيْشِ، وَفِيْهِم مِثْلُ أَبِي أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيِّ.
عَقَدَ لَهُ أَبُوْهُ بِوِلاَيَةِ العَهْدِ مِنْ بَعْدِهِ، فَتَسَلَّمَ المُلْكَ عِنْدَ مَوْتِ أَبِيْهِ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ سِتِّيْنَ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَثَلاَثُوْنَ سَنَةً فَكَانَتْ دَوْلَتُهُ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِيْنَ وَلَمْ يُمْهِلْهُ اللهُ عَلَى فِعْلِهِ بِأَهْلِ المَدِيْنَةِ لَمَّا خَلَعُوْهُ فَقَامَ بَعْدَهُ وَلَدُهُ نَحْواً مِنْ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً, وَمَاتَ وَهُوَ أَبُو لَيْلَى مُعَاوِيَةُ عَاشَ: عِشْرِيْنَ سَنَةً وَكَانَ خَيْراً مِنْ أَبِيْهِ, وَبُوْيِعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِالحِجَازِ, وَالعِرَاقِ وَالمَشْرِقِ.
وَيَزِيْدُ مِمَّنْ لاَ نَسُبُّهُ وَلاَ نُحِبُّهُ, وَلَهُ نُظَرَاءُ مِنْ خُلَفَاءِ الدَّوْلَتَيْنِ, وَكَذَلِكَ فِي مُلُوْكِ النَّوَاحِي, بَلْ فِيْهِم مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ وَإِنَّمَا عَظُمَ الخَطْبُ لِكَوْنِهِ وَلِيَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِتِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً وَالعَهْدُ قَرِيْبٌ وَالصَّحَابَةُ مَوْجُوْدُوْنَ كَابْنِ عُمَرَ الَّذِي كَانَ أَوْلَى بِالأَمْرِ مِنْهُ وَمِنْ أَبِيْهِ وَجَدِّهِ.
قِيْلَ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ تَزَوَّجَ مَيْسُوْنَ بِنْتَ بَحْدَلٍ الكَلْبِيَّةَ, فَطَلَّقَهَا وَهِيَ حَامِلٌ بِيَزِيْدَ فَرَأَتْ كَأَنَّ قَمَراً خَرَجَ مِنْهَا فَقِيْلَ تَلِدِيْنَ خَلِيْفَةً.
وَكَانَ يَزِيْدُ لَمَّا هَلَكَ أَبُوْهُ بِنَاحِيَةِ حِمْصَ فَتَلَقَّوْهُ إِلَى الثَّنِيَّةِ3، وَهُوَ بَيْنَ أَخْوَالِهِ عَلَى بُخْتِيٍّ4 لَيْسَ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ وَلاَ سيف وكان ضخمًا كثير الشَّعْرِ شَدِيْدَ الأُدْمَةِ بِوَجْهِهِ أَثَرُ جُدَرِيٍّ فَقَالَ النَّاسُ هَذَا الأَعْرَابِيُّ الَّذِي وَلِيَ أَمْرَ الأُمَّةِ فَدَخَلَ عَلَى بَابِ تُوْمَا وَسَارَ إِلَى بَابِ الصَّغِيْرِ فَنَزَلَ إِلَى قَبْرِ مُعَاوِيَةَ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ، وَصَفَّنَا خَلْفَهُ، وَكَبَّرَ أَرْبَعاً، ثُمَّ أُتِيَ بِبَغْلَةٍ،
__________
1 ترجمته في البداية والنهاية "8/ 226"، تهذيب التهذيب "11/ 360"، ميزان الاعتدال "4/ ترجمة 9754"، لسان الميزان "6/ ترجمة 1050"، شذرات الذهب "1/ 71".
2 في تاريخ الإسلام: "3/ 91".
3 هي ثنية العقاب بالضم: مشرفة على غوطة دمشق، يطؤها القاصد من دمشق إلى حمص كما في معجم البلدان لياقوت. "وتعرف اليوم بطلوع الثنايا".
4 البختي: جمل طويل العنق.(5/5)
فَأَتَى الخَضْرَاءَ، وَأَتَى النَّاسُ لِصَلاَةِ الظُّهْرِ, فَخَرَجَ, وَقَدْ تَغَسَّلَ, وَلَبِسَ ثِيَاباً نَقِيَّةً, فَصَلَّى, وَجَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ, وَخَطَبَ, وَقَالَ: إِنَّ أَبِي كَانَ يُغْزِيْكُمُ البَحْرَ، وَلَسْتُ حَامِلَكُم فِي البَحْرِ, وَإِنَّهُ كَانَ يُشْتِيْكُم بِأَرْضِ الرُّوْمِ, فَلَسْتُ أُشْتِي المُسْلِمِيْنَ فِي أَرْضِ العَدُوِّ, وَكَانَ يُخْرِجُ العَطَاءَ أَثْلاَثاً, وَإِنِّي أَجْمَعُهُ لَكُم. فَافْتَرَقُوا, يُثْنُوْنَ عَلَيْهِ.
وَعَنْ عَمْرِو بنِ قَيْسٍ: سَمِعَ يَزِيْدَ يَقُوْلُ عَلَى المِنْبَرِ: إِنَّ اللهَ لاَ يُؤَاخِذُ عَامَّةً بِخَاصَّةٍ, إلَّا أَنْ يَظْهَرَ مُنْكَرٌ فَلاَ يُغَيَّرُ, فَيُؤَاخِذُ الكُلَّ. وَقِيْلَ قَامَ إِلَيْهِ ابْنُ هَمَّامٍ, فَقَالَ: أَجَرَكَ اللهُ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ عَلَى الرَّزِيَّةِ, وَبَارَكَ لَكَ فِي العَطِيَّةِ, وَأَعَانَكَ عَلَى الرَّعِيَّةِ, فَقَدْ رُزِئْتَ عَظِيْماً وَأَعْطَيْتَ جَزِيْلاً فَاصْبِرْ, وَاشْكُرْ فَقَدْ أَصْبَحْتَ تَرْعَى الأُمَّةَ، وَاللهُ يَرْعَاكَ.
وَعَنْ زِيَادٍ الحَارِثِيِّ, قَالَ: سَقَانِي يَزِيْدُ شَرَاباً مَا ذُقْتُ مِثْلَهُ, فَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, لَمْ أُسَلْسِلْ مِثْلَ هَذَا قَالَ هَذَا رُمَّانُ حُلْوَانَ بِعَسَلِ أَصْبَهَانَ, بِسُكَّرِ الأَهْوَازِ, بِزَبِيْبِ الطَّائِفِ, بِمَاءِ بَرَدَى.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مِسْمَعٍ, قَالَ: سَكِرَ يَزِيْدُ, فَقَامَ يَرْقُصُ, فَسَقَطَ عَلَى رَأْسِهِ, فَانْشَقَّ وَبَدَا دِمَاغُهُ.
قُلْتُ كَانَ قَوِيّاً, شُجَاعاً، ذَا رَأْيٍ, وَحَزْمٍ, وَفِطْنَةٍ, وَفَصَاحَةٍ، وَلَهُ شِعْرٌ جَيِّدٌ, وَكَانَ نَاصِبِيّاً1 فَظّاً غَلِيْظاً,
جَلْفاً, يتناول المسكر, ويفعل المنكر. افْتَتَحَ دَوْلَتَهُ بِمَقْتَلِ الشَّهِيْدِ الحُسَيْنِ, وَاخْتَتَمَهَا بِوَاقِعَةِ الحَرَّةِ فَمَقَتَهُ النَّاسُ وَلَمْ يُبَارَكْ فِي عُمُرِه. وَخَرَجَ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ بَعْدَ الحُسَيْنِ: كَأَهْلِ المَدِيْنَةِ قَامُوا للهِ وَكَمِرْدَاسِ بنِ
أُدَيَّةَ الحَنْظَلِيِّ البَصْرِيِّ, وَنَافِعِ بنِ الأَزْرَقِ, وَطَوَّافِ بنِ مُعَلَّى السَّدُوْسِيِّ, وَابْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ.
ابْنُ عَوْنٍ, عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ عُقْبَةَ بنِ أَوْسٍ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو: أَنَّهُ ذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ [الصِّدِّيْقَ] فَقَالَ: أَصَبْتُمُ اسْمَهُ. ثُمَّ قَالَ: عُمَرُ الفَارُوْقُ قَرْنٌ مِنْ حَدِيْدٍ, أَصَبْتُمُ اسْمَهُ, ابْنُ عَفَّانَ ذُوْ النُّوْرَيْنِ قُتِلَ مَظْلُوْماً, مُعَاوِيَةُ وَابْنُهُ مَلَكَا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ, وَالسَّفَّاحُ, وَسَلاَمٌ, وَمَنْصُوْرٌ وَجَابِرٌ وَالمَهْدِيُّ, وَالأَمِيْنُ وَأَمِيْرُ العُصَبِ: كُلُّهُم مِنْ بَنِي كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ, كُلُّهُم صَالِحٌ, لاَ يُوْجَدُ مِثْلَهُ. تَابَعَهُ: هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ.
وَرَوَى يَعْلَى بنُ عَطَاءٍ, عَنْ عَمِّهِ, قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو حِيْنَ بَعَثَهُ يَزِيْدُ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ لَهُ: إني أجد في الكتب: إنك سَتُعَنَّى وَنُعَنَّى, وَتَدَّعِي الخِلاَفَةَ وَلَسْتَ بِخَلِيْفَةٍ, وَإِنِّي أجد الخليفة يزيد.
__________
1 الناصبية: هم الذين يعادون عليًّا -رضي الله عنه- وقد سموا بذلك لأنهم نصبوا له وعادوه.(5/6)
وَعَنِ الحَسَنِ: أَنَّ المُغِيْرَةَ بنَ شُعْبَةَ أَشَارَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بِبَيْعَةِ ابْنِهِ، فَفَعَلَ فَقِيْلَ لَهُ: مَا وَرَاءكَ؟ قَالَ: وَضَعْتُ رِجْلَ مُعَاوِيَةَ فِي غَرْزِ غَيٍّ لاَ يَزَالُ فِيْهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ قَالَ الحَسَنُ: فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَايَعَ هَؤُلاَءِ أَوْلاَدَهُم، وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَكَانَتْ شُوْرَى.
وَرُوِيَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ يُعْطِي عَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ فِي العَامِ أَلْفَ أَلْفٍ. فَلَمَّا وَفَدَ عَلَى يَزِيْدَ أَعْطَاهُ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَقَالَ: وَاللهِ لاَ أَجْمَعُهُمَا لِغَيْرِكَ.
رَوَى الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ مَكْحُوْلٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، مَرْفُوْعاً "لاَ يَزَالُ أَمْرُ أُمَّتِي قَائِماً حَتَّى يَثْلِمَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ, يُقَالُ لَهُ: يَزِيْدُ"1.
أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى فِي "مُسْنَدِهِ" وَيَرْوِيْهِ: صَدَقَةُ السَّمِيْنُ -وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ- عَنْ هِشَامٍ, عَنْ مَكْحُوْلٍ, عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ, عَنْ أَبِي عبيدة, مرفوعًا2.
وَعَنْ صَخْرِ بنِ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: مَشَى عَبْدُ اللهِ بنُ مُطِيْعٍ وَأَصْحَابُهُ إِلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، فَأَرَادُوْهُ عَلَى خَلْعِ يَزِيْدَ, فَأَبَى. فَقَالَ ابْنُ مُطِيْعٍ: إِنَّهُ يَشْرَبُ الخَمْرَ, وَيَتْرُكُ الصَّلاَةَ, وَيَتَعَدَّى حُكْمَ الكِتَابِ. قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِنْهُ مَا تَذْكُرُ، وَقَدْ أَقَمْتُ عِنْدَهُ فَرَأَيْتُهُ مُوَاظِباً لِلصَّلاَةِ مُتَحَرِّياً لِلْخَيْرِ, يَسْأَلُ عَنِ الفِقْهِ قَالَ: ذَاكَ تَصَنُّعٌ وَرِيَاءٌ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ أَبِي السَّرِيِّ العَسْقَلاَنِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ الملك ابن أَبِي غَنِيَّةَ, عَنْ نَوْفَلِ بنِ أَبِي الفُرَاتِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ, فَقَالَ رَجُلٌ: قَالَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ يَزِيْدُ. فَأَمَرَ بِهِ, فَضُرِبَ عِشْرِيْنَ سَوْطاً.
تُوُفِّيَ يَزِيْدُ فِي نصف ربيع الأول, سنة أربع وستين.
__________
"1، 2" ضعيف: في إسناده الوليد بن مسلم، مدلس مشهور بتدليس التسوية، وقد عنعنه. أما إسناد أبي يعلى فقيه صدقة بن عبد الله السمين، وهو ضعيف. والانقطاع بين أبي ثعلبة الخشني وأبي عبيدة علة أخرى.(5/7)
377- عبيدة بن عمرو 1:
السلماني الفَقِيْهُ المُرَادِيُّ الكُوْفِيُّ أَحَدُ الأَعْلاَمِ وَسَلْمَانُ جَدُّهُم, هُوَ ابْنُ نَاجِيَةَ بنِ مُرَادٍ.
أَسْلَمَ عَبِيْدَةُ فِي عَامِ فَتْحِ مَكَّةَ، بِأَرْضِ اليَمَنِ، وَلاَ صُحْبَةَ لَهُ. وَأَخَذَ عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ وَغَيْرِهِمَا وَبَرَعَ فِي الفِقْهِ, وَكَانَ ثَبْتاً فِي الحَدِيْثِ.
رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ, وَالشَّعْبِيُّ, وَمُحَمَّدُ بن سيرين، وعبد الله بن سَلِمَةَ المُرَادِيُّ, وَأَبُو إِسْحَاقَ وَمُسْلِمٌ أَبُو حَسَّانٍ الأَعْرَجُ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: وَكَانَ عَبِيْدَةُ يُوَازِي شُرَيْحاً فِي القَضَاءِ.
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلاً كَانَ أَشَدَّ تَوَقِّياً مِنْ عَبِيْدَةَ. وَكَانَ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ مُكْثِراً عَنْهُ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: كَانَ عَبِيْدَةُ أَحَدَ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ الَّذِيْنَ يُقْرِئُوْنَ وَيُفْتُوْنَ, وَكَانَ أَعْوَرَ.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الخَطِيْبِ عَامَ سَبْعِ مائَةٍ: أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ السَّخَاوِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ أَنْبَأَنَا المُبَارَكُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ, أَنْبَأَنَا محمد ابن مُحَمَّدٍ السَّوَّاقُ, أَنْبَأَنَا عِيْسَى بنُ حَامِدٍ الرُّخَّجِيُّ, حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ بنُ خَلَفٍ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, حدثنا معاذ بن مُعَاذٌ، عَنْ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ عَنْ عَبِيْدَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله عليه وسلم- بسنتين, ولم أراه.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ الصَّلاَحِ: رَوَيْنَا عَنْ عمر بنِ عَلِيٍّ الفَلاَّسِ, أَنَّهُ قَالَ: أَصَحُّ الأَسَانِيْدِ: ابْنُ سِيْرِيْنَ، عَنْ عَبِيْدَةَ, عَنْ عَلِيٍّ.
قُلْتُ: لاَ تَفَوُّقَ لِهَذَا الإِسْنَادِ مَعَ قُوَّتِهِ عَلَى: إِبْرَاهِيْمَ, عَنْ عَلْقَمَةَ, عَنْ عَبْدِ اللهِ, وَلاَ عَلَى: الزُهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ, عَنْ أَبِيْهِ. ثُمَّ إِنَّ هَذَيْنِ الإِسْنَادَيْنِ رُوِيَ بِهِمَا أَحَادِيْثُ جَمَّةٌ فِي الصِّحَاحِ, وَلَيْسَ كَذَلِكَ الأَوَّلُ فَمَا فِي "الصَّحِيْحَيْنِ" لِعَبِيْدَةَ عَنْ عَلِيٍّ سِوَى حَدِيْثٍ وَاحِدٍ.
وَعِنْدَ البُخَارِيِّ حَدِيْثٌ آخَرُ، مَوْقُوْفٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ, وَانْفَرَدَ مُسْلِمٌ بِحَدِيْثٍ آخَرَ, سَأَرْوِيْهِ بَعْدُ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: كُنْيَةُ عَبِيْدَةَ: أَبُو مُسْلِمٍ, وَأَبُو عَمْرٍو.
وَرَوَى هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ, عَنْ عَبِيْدَةَ، قَالَ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الأَشْرِبَةِ, فَمَا لِي شَرَابٌ مُنْذُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً إلَّا العَسَلُ وَاللَّبَنُ وَالمَاءُ. قَالَ مُحَمَّدٌ: وَقُلْتُ لِعَبِيْدَةَ: إِنَّ عِنْدَنَا مِنْ شَعْرِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئاً مِنْ قِبَلِ أَنسِ بنِ مَالِكٍ. فَقَالَ: لأَنْ يَكُوْنَ عِنْدِي مِنْهُ شَعْرَةٌ, أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ صَفْرَاءَ وبيضاء على ظهر الأرض.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 93"، التاريخ الكبير "3/ ق2/ 82"، الجرح والتعديل "3/ ق1/ 91"، تاريخ بغداد "11/ 117" أسد الغابة "3/ 356"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 50"، الإصابة "3 ترجمة 6405"، تهذيب التهذيب "7/ 84".(5/8)
قُلْتُ: هَذَا القَوْلُ مِنْ عَبِيْدَةَ هُوَ مِعْيَارُ كَمَالِ الحُبِّ، وَهُوَ أَنْ يُؤْثِرَ شَعْرَةً نَبَوِيَّةً عَلَى كُلِّ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ بِأَيْدِي النَّاسِ. وَمِثْلُ هَذَا يَقُوْلُهُ هَذَا الإِمَامُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِيْنَ سَنَةً، فَمَا الَّذِي نَقُوْلُهُ نَحْنُ فِي وَقْتِنَا لَوْ وَجَدْنَا بَعْضَ شَعْرِهِ بِإِسْنَادٍ ثَابِتٍ أَوْ شِسْعَ نَعْلٍ كَانَ لَهُ أَوْ قُلاَمَةَ ظُفْرٍ أَوْ شَقَفَةً مِنْ إِنَاءٍ شَرِبَ فِيْهِ فَلَوْ بَذَلَ الغَنِيُّ مُعْظَمَ أَمْوَالِهِ فِي تَحْصِيْلِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَهُ أَكُنْتَ تَعُدُّهُ مُبَذِّراً أَوْ سَفِيْهاً كَلاَّ فَابْذُلْ مَا لَكَ فِي زَوْرَةِ مَسْجِدِهِ الَّذِي بَنَى فِيْهِ بِيَدِهِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ عِنْدَ حُجْرَتِهِ فِي بَلَدِهِ وَالْتَذَّ بِالنَّظَرِ إِلَى أُحُدِهِ وَأَحِبَّهُ فَقَدْ كَانَ نَبِيُّكَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحِبُّه وَتَمَلَّأْ بِالحُلُوْلِ فِي رَوْضَتِهِ وَمَقْعَدِهِ, فَلَنْ تَكُوْنَ مُؤْمِناً حَتَّى يَكُوْنَ هَذَا السَّيِّدُ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ وَوَلَدِكَ وَأَمْوَالِكَ وَالنَّاسِ كُلِّهِم. وَقَبِّلْ حَجَراً مُكَرَّماً نَزَلَ مِنَ الجَنَّةِ, وَضَعْ فَمَكَ لاَثِماً مَكَاناً قَبَّلَهُ سَيِّدُ البَشَرِ بِيَقِيْنٍ فَهَنَّأَكَ اللهُ بِمَا أَعْطَاكَ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ مَفْخَرٌ وَلَوْ ظَفِرْنَا بِالمِحْجَنِ الَّذِي أَشَارَ بِهِ الرَّسُوْلُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الحَجَرِ ثُمَّ قَبَّلَ مِحْجَنَهُ لَحُقَّ لَنَا أَنْ نَزْدَحِمَ عَلَى ذَلِكَ المِحْجَنِ بِالتَّقْبِيْلِ وَالتَّبْجِيْلِ وَنَحْنُ نَدْرِي بِالضَّرُوْرَةِ أَنَّ تَقْبِيْلَ الحَجَرِ أَرْفَعُ وَأَفَضْلُ مِنْ تَقْبِيْلِ مِحْجَنِهِ وَنَعْلِهِ.
وَقَدْ كَانَ ثَابِتٌ البُنَانِيُّ إِذَا رَأَى أَنَسَ بنَ مَالِكٍ أَخَذَ يَدَهُ، فَقَبَّلَهَا، وَيَقُوْلُ: يَدٌ مَسَّتْ يَدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَقُوْلُ نَحْنُ إِذْ فَاتَنَا ذَلِكَ: حَجَرٌ مُعْظَّمٌ بِمَنْزِلَةِ يَمِيْنِ اللهِ فِي الأَرْضِ مَسَّتْهُ شَفَتَا نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَثِماً لَهُ. فَإِذَا فَاتَكَ الحَجُّ, وَتَلَقَّيْتَ, الوَفْدَ فَالْتَزِمِ الحَاجَّ, وَقَبِّلْ فَمَهُ, وَقُلْ: فَمٌ مَسَّ بِالتَّقْبِيْلِ حَجَراً قَبَّلَهُ خَلِيْلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: قَالَ عَلِيٌّ: يَا أَهْلَ الكُوْفَةِ، أَتَعْجَزُوْنَ أَنْ تَكُوْنُوا مِثْلَ السَّلْمَانِيِّ وَالهَمْدَانِيِّ؟ - يَعْنِي الحَارِثَ بنَ الأَزْمَعِ وَلَيْسَ بِالأَعْوَرِ- إِنَّمَا هُمَا شَطْرَا رَجُلٍ.
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: وَكَانَ عَبِيْدَةُ أَعْوَرَ.
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ مِنْهُم مَنْ يُقَدِّمُ عَبِيْدَةَ, وَمِنْهُم مَنْ يُقَدِّمُ عَلْقَمَةَ, وَلاَ يَخْتَلِفُوْنَ أَنَّ شُرَيْحاً آخِرَهُم.
قَالَ الثَّوْرِيُّ عَنِ النُّعْمَانِ بنِ قَيْسٍ, قَالَ: دَعَا عَبِيْدَةُ بِكُتُبِهِ عِنْد مَوْتِهِ, فَمَحَاهَا, وَقَالَ: أَخْشَى أَنْ تَضَعُوْهَا عَلَى غَيْرِ مَوْضِعِهَا.
قَالَ عَاصِمٌ: عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ: جَاءَ قَوْمٌ إِلَى عَبِيْدَةَ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُم, فَقَالَ: لاَ أَقُوْلُ حَتَّى تُؤَمِّرُوْنِي.
عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ: حَدَّثَنَا النُّعْمَانُ بنُ قَيْسٍ، حَدَّثَنِي أَبِي: قُلْتُ لِعَبِيْدَةَ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَمُوْتُ, ثُمَّ تَرْجِعُ قَبْلَ يَوْمِ القِيَامَةِ, تَحْمِلُ رَايَةً, فَيُفْتَحُ لَكَ فَتْحٌ. قَالَ: لَئِنْ أَحْيَانِي اللهُ اثْنَتَيْنِ, وَأَمَاتَنِي اثْنَتَيْنِ قَبْلَ يَوْمِ القِيَامَةِ, مَا أَرَادَ بي خيرًا.
قَالَ أَبُو حُصَيْنٍ: أَوْصَى عَبِيْدَةُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ الأَسْوَدُ بنُ يَزِيْدَ. فَقَالَ الأَسْوَدُ: عَجِّلُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ يَجِيْءَ الكَذَّابُ يَعْنِي المُخْتَارَ1.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّمِيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمٌ بن أَبِي سَعِيْدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ, أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى, حَدَّثَنَا القَوَارِيْرِيُّ, حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوْبَ, عَنْ مُحَمَّدٍ, عَنْ عَبِيْدَةَ قَالَ ذَكَرَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَهْلَ النَّهْرَوَانِ, فَقَالَ: فِيْهِم رَجُلٌ مُوْدَنُ اليَدِ, أَوْ مُثْدَنُ اليَدِ, أَوْ مُخْدَجُ اليَدِ, لَوْلاَ أَنْ تَبْطَرُوا, لأَنْبَأْتُكُم مَا وَعَدَ اللهُ الَّذِيْنَ يَقْتُلُوْنَهُ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْهُ؟ قَالَ: إِيْ وَرَبِّ الكَعْبَةِ.
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ. رَوَاهُ: ابْنُ عُلَيَّةَ أَيْضاً, عَنْ أَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ. وَرَوَاهُ: ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ, عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ,
عَنْ ابْنِ سِيْرِيْنَ. أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ, وأبو داود2.
وفي وفاة عبيدة أقول, أَصَحُّهَا فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ.
__________
1 هو: المختار بن أبي عبيد الثقفي.
2 أخرجه مسلم "1066" "155"، وأبو داود "4763"، وابن ماجة "167"، وأحمد "1/ 83 و 95 و 113 و 121 و 122 و 144 و 155".(5/9)
378- عبد الرحمن بن غنم 1: "م، 4"
الأشعري, الفَقِيْهُ، الإِمَامُ شَيْخُ أَهْلِ فِلَسْطِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ -وَتَفَقَّهَ بِهِ- وَعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ, وَأَبِي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ, وَأَبِي مَالِكٍ الأَشْعرِيِّ, وَأَبِي
الدَّرْدَاءِ, وَغَيْرِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ مُحَمَّدٌ, وَأَبُو سَلاَّمٍ مَمْطُوْرٌ، وَرَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ، وَأَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ مَعَ تَقَدُّمِهِ وَشَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ, وَمَكْحُوْلٌ, وَعُبَادَةُ بنُ نُسَيٍّ, وَصَفْوَانُ بنُ سُلَيْمٍ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ -إِنْ شَاءَ اللهُ-. بَعَثَهُ عُمَرُ إِلَى الشَّامِ يُفَقِّهُ النَّاسَ, وَكَانَ أَبُوْهُ صَحَابِيّاً هَاجَرَ مَعَ أَبِي مُوْسَى.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ: وُلِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ.
قُلْتُ: رَوَى لَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ فِي "مُسْنَدِهِ" أَحَادِيْثَ، لَكِنَّهَا مُرْسَلَةٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ صُحْبَةٌ فَقَدْ ذَكَرَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ, عَنِ اللَّيْثِ وَابْنِ لَهِيْعَةَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ صحابي وقال الترمذي: له رؤية.
وَأَمَّا أَبُو مُسْهِرٍ فَقَالَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ غَنْمٍ هُوَ رَأْسُ التَّابِعِيْنَ كَانَ بِفِلَسْطِيْنَ وَقِيْلَ: تَفَقَّهَ بِهِ عَامَّةُ التَّابِعِيْنَ بِالشَّامِ, وَكَانَ صَادِقاً فَاضِلاً كَبِيْرَ القَدْرِ مَاتَ هُوَ وَجَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ فِي وَقْتٍ.
قَالَ الهَيْثَمُ بنُ عدي وشباب توفي سنة ثمان وسبعين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 441"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 808"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1300"، الاستيعاب "2/ 850"، أسد الغابة "3/ 318"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 50"، الكاشف "2/ ترجمة 3332"، تجريد أسماء الصحابة "1/ 3750"، تهذيب التهذيب "6/ 250- 251"، الإصابة "2/ ترجمة 5181"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4216".(5/10)
379- كثير بن مرة 1: "م، 4"
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو شَجَرَةَ الحَضْرَمِيُّ، الرُّهَاوِيُّ، الشَّامِيُّ، الحِمْصِيُّ، الأَعْرَجُ. وَيُكْنَى: أَبَا القَاسِمِ.
أَرْسَلَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَدَّثَ عَنِ: مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ, وَعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ, وَتَمِيْمٍ الدَّارِيِّ, وَعُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ, وَعَوْفِ بنِ مَالِكٍ, وَأَبِي الدَّرْدَاءِ, وَنُعَيْمِ بنِ هَمَّارٍ, وَأَبِي هُرَيْرَةَ, وَعُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ, وَأَبِي فَاطِمَةَ الأَزْدِيِّ, وَشُرَحْبِيْلَ بنِ السِّمْطِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو, وَابْنِ عُمَرَ, وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو الزَّاهِرِيَّةِ حُدَيْرُ بنُ كُرَيْبٍ، وَخَالِدُ بنُ مَعْدَانَ, وَصَالِحُ بنُ أَبِي عُرَيْبٍ، وَمَكْحُوْلٌ، وَشُرَيْحُ بنُ عُبَيْدٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ, وَلُقْمَانُ بنُ عَامِرٍ, وَنَصْرُ بنُ عَلْقَمَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَائِذٍ وَآخَرُوْنَ.
وَرَوَى عَنْهُ: زَيْدُ بنُ وَاقِدٍ, مُرْسَلاً. وَثَّقَهُ: ابْنُ سَعْدٍ, وَأَحْمَدُ العِجْلِيُّ, وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: صَدُوْقٌ وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
أَبُو صَالِحٍ, عَنِ اللَّيْثِ, حَدَّثَنِي يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ: أَنَّ عَبْدَ العَزِيْزِ بنَ مَرْوَانَ كَتَبَ إِلَى كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ بِحِمْصَ سَبْعِيْنَ بَدْرِيّاً. قَالَ الليث: وكان يسمى الجند المقدم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 448"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 907"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 872"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 31"، والكاشف "3/ ترجمة 4715"، تهذيب التهذيب "8/ 428- 429"، وخلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5949".(5/11)
قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ إِلَيْهِ بِمَا سَمِعَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَحَادِيْثِهِم إلَّا حَدِيْثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنَّهُ عِنْدَنَا.
مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ, عَنْ كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ, قَالَ: دَخَلْتُ المَسْجِدَ يَوْمَ الجُمُعَةِ, فَمَرَرْتُ بِعَوْفِ بنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ وَهُوَ بَاسِطٌ رِجْلَيْهِ, فَضَمَّهُمَا, ثُمَّ قَالَ: يَا كَثِيْرُ, أَتَدْرِي لِمَ بَسَطْتُ رِجْلِي؟ بَسَطْتُهُمَا رَجَاءَ أَنْ يَجِيْءَ رَجُلٌ صَالِحٌ فَأُجْلِسَهُ وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُوْنَ رَجُلاً صَالِحاً.
هَذِهِ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ عَنْ صَحَابِيٍّ جَلِيْلٍ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: قُلْتُ لِدُحَيْمٍ: فَمَنْ يَكُوْنُ مَعَ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ, وَأَبِي إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ فِي طَبَقَتِهِمَا؟ قَالَ: كَثِيْرُ بنُ مُرَّةَ. فَذَاكَرْتُهُ سِنَّهُ, وَمُنَاظَرَةَ أَبِي الدَّرْدَاءِ إِيَّاهُ فِي القِرَاءةِ خَلْفَ الإِمَامِ وَقَوْلَ عَوْفٍ فِيْهِ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُوْنَ صَالِحاً, فَرَآهُ مَعَهُمَا فِي طَبَقَةٍ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: بَقِيَ كَثِيْرٌ إِلَى خِلاَفَةِ عَبْدِ المَلِكِ.
قُلْتُ: عِدَادُهُ فِي المُخَضْرَمِيْنَ، وَمَاتَ مَعَ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ أَوْ قَبْلَهُ, رَحِمَهُ اللهُ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا أَكْمَلُ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ البَنَّاءِ أَنْبَأَنَا أَبُو نَصْرٍ الزَّيْنَبِيُّ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الوَرَّاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي دَاوُدَ حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ عَنْ بَحِيْرِ بنِ سَعْدٍ الكَلاَعِيِّ عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ عَنْ كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ عَنْ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لا تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فِي الدُّنْيَا إلَّا قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الحُوْرِ العِيْنِ لاَ تُؤْذِيْهِ قَاتَلَكِ اللهُ فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكَ دَخِيْلٌ يُوْشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا" 1 أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الحَسَنِ فَوَافَقْنَاهُ بعلو وإسناده: صحيح متصل.
__________
1 صحيح: أخرجه الترمذي "1177"، وابن ماجه "2014"، وأحمد "5/ 242".(5/12)
380- هرم بن حيان 1:
العبدي وَيُقَالُ: الأَزْدِيُّ, البَصْرِيُّ, أَحَدُ العَابِدِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: الحَسَنُ البَصْرِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَلِيَ بَعْضَ الحُرُوْبِ فِي أَيَّامِ عُمَرَ, وَعُثْمَانَ بِبِلاَدِ فَارِسٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ عَامِلاً لِعُمَرَ، وَكَانَ ثِقَةً، لَهُ فَضْلٌ وَعِبَادَةٌ. وَقِيْلَ سُمِّيَ هَرِماً؛ لأَنَّهُ بَقِيَ حَمْلاً سَنَتَيْنِ حَتَّى طَلَعَتْ أَسْنَانُهُ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ: قَدِمَ هَرِمٌ دِمَشْقَ فِي طَلَبِ أُوَيْسٍ القَرَنِيِّ.
سَعْدَوَيْه، عَنْ يُوْسُفَ بنِ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنَا المُعَلَّى بنُ زِيَادٍ، قَالَ: كَانَ هَرِمٌ يَخْرُجُ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ وَيُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ: عَجِبْتُ مِنَ الجَنَّةِ كَيْفَ نَامَ طَالِبُهَا؟! وَعَجِبْتُ مِنَ النَّارِ كَيْفَ نَامَ هَارِبُهَا؟! ثُمَّ يَقُوْلُ: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا} [الأَعْرَافُ: 97] .
سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ: قِيْلَ لِهَرِمِ بنِ حَيَّانَ العَبْدِيِّ: أَوْصِ. قَالَ: قَدْ صَدَقَتْنِي نَفْسِي، وَمَا لِي مَا أُوْصِي [بِهِ] ، وَلَكِنْ أُوْصِيْكُم بِخَوَاتِيْمِ سُوْرَةِ النَّحْلِ.
هِشَامٌ, عَنِ الحَسَنِ، عن هرم: أنه قيل له: أوصينا. فَقَالَ: أُوْصِيْكُم بِخَوَاتِيْمِ سُوْرَةِ البَقَرَةِ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ: أَنَّ هَرِمَ بنَ حَيَّانَ أَشْرَفَ فِي لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ, وَإِذَا صاحب حرسه يلعب وكان عاملًا لعمر.
جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ, قَالَ: أَوْقَدَ هَرِمٌ نَاراً, فَجَاءَ قَوْمُهُ, فَسَلَّمُوا مِنْ بَعِيْدٍ. قَالَ: ادْنُوا. قَالُوا: مَا نَقْدِرُ مِنَ النَّارِ. قَالَ: فَتُرِيْدُوْنَ أَنْ تُلْقُوْنِي فِي نَارٍ أَعْظَمَ مِنْهَا.
أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ، عَنْ هَرِمِ بنِ حَيَّانَ, قَالَ: إِيَّاكُم وَالعَالِمَ الفَاسِقَ. فَبَلَغَ عُمَرَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ وَأَشْفَقَ مِنْهَا: مَا العَالِمُ الفَاسِقُ فَكَتَبَ: مَا أَرَدْتُ إلَّا الخَيْرَ, ويكون إِمَامٌ يَتَكَلَّمُ بِالعِلْمِ, وَيَعْمَلُ بِالفِسْقِ, وَيُشَبِّهُ عَلَى النَّاسِ, فَيَضِلُّوا.
الوَلِيْدُ بنُ هِشَامٍ القَحْذَمِيُّ, عَنْ أَبِيْهِ, عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ عُثْمَانَ بنَ أَبِي العَاصِ وَجَّهَ هَرِمَ بنَ حَيَّانَ إِلَى قَلْعَةٍ فَافْتَتَحَهَا عَنْوَةً.
وَقَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: خَرَجَ هَرِمٌ وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرِ بنِ كُرَيْزٍ, فَبَيْنَمَا رَوَاحِلُهُمَا تَرْعَى, إِذْ قَالَ هَرِمٌ: أَيَسُرُّكَ أَنَّكَ كُنْتَ هَذِهِ الشَّجَرَةَ.؟ قَالَ: لاَ وَاللهِ, لَقَدْ رَزَقَنِي اللهُ الإِسْلاَمَ, وَإِنِّي لأَرْجُو. قَالَ: وَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ هَذِهِ الشَّجَرَةَ, فَأَكَلَتْنِي هَذِهِ النَّاقَةُ, ثُمَّ بَعَرَتْنِي, فَاتُّخِذْتُ جُلَّةً2 وَلَمْ أُكَابِدِ الحِسَابَ, يَا ابْنَ أَبِي عَامِرٍ, وَيْحَكَ! إِنِّي أَخَافُ الدَّاهِيَةَ الكُبْرَى.
قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ هَرِمُ بنُ حَيَّانَ يَقُوْلُ: مَا أَقْبَلَ عَبْدٌ بِقَلْبِهِ إِلَى اللهِ, إلَّا أَقْبَلَ اللهُ بِقُلُوْبِ المُؤْمِنِيْنَ إِلَيْهِ, حَتَّى يَرْزُقَهُ وُدَّهُم.
وَعَنْ هِشَامٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ: مَاتَ هَرِمُ بنُ حَيَّانَ فِي يَوْمٍ حَارٍّ، فَلَمَّا نَفَضُوا أَيْدِيَهُم عَنْ قَبْرِهِ, جَاءتْ سَحَابَةٌ حَتَّى قَامَتْ عَلَى القَبْرِ, فَلَمْ تَكُنْ أَطْوَلَ مِنْهُ, وَلاَ أَقْصَرَ مِنْهُ, وَرَشَّتْهُ حَتَّى رَوَّتْهُ, ثُمَّ انْصَرَفَتْ. رَوَاهَا: اثْنَانِ, عَنْ هشام.
ضَمْرَةُ، عَنِ السَّرِيِّ بنِ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: أُمْطِرَ قَبْرُ هَرِمٍ مِنْ يَوْمِهِ, وَأَنْبَتَ العشب.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 131"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2869"، الجرح والتعديل 9/ ترجمة 463".
2 الجلة: البعر الذي لم ينكسر ويتخذ وقودًا.(5/13)
381- الأسود بن يزيد 1: "ع"
ابن قيس، الإِمَامُ القُدْوَةُ، أَبُو عَمْرٍو النَّخَعِيُّ، الكُوْفِيُّ وَقِيْلَ: يُكْنَى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ أَخُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ, وَوَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ, وَابْنُ أَخِي عَلْقَمَةَ بنِ قَيْسٍ, وَخَالُ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ. فَهَؤُلاَءِ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ رُؤُوْسِ العِلْمِ وَالعَمَلِ.
وَكَانَ الأَسْوَدُ مُخَضْرَماً, أَدْرَكَ الجَاهِلِيَّةَ وَالإِسْلاَمَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَبِلاَلٍ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَعَائِشَةَ، وَحُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ، وَطَائِفَةٍ سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَخُوْهُ، وإبراهيم النخعي، وعمارة بن عمير وأبو إسحق السَّبِيْعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ نَظِيْرُ مَسْرُوْقٍ فِي الجَلاَلَةِ وَالعِلْمِ وَالثِّقَةِ وَالسِّنِّ, يُضْرَبُ بِعِبَادَتِهِمَا المَثَلُ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ يُذْكَرُ أَنَّهُ ذَهَبَ بمهر أم علقمة إليها من قيس جَدِّهِ وَرَوَى عَنِ: الصِّدِّيْقِ أَنَّهُ جَرَّدَ مَعَهُ الحَجَّ. وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ, وَعَلِيٍّ, وَسَمِعَ بِاليَمَنِ مِنْ مُعَاذٍ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الأَسْوَدِ: كَانَ أَبِي يَسْجُدُ فِي بُرْنُسِ طَيَالِسَةٍ وَيَدَاهُ فِيْهِ، أَوْ فِي ثِيَابِهِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ: رَأَيْتُ الأَسْوَدَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، وَقَدْ أَرْسَلَهَا مِنْ خَلْفِهِ، وَرَأَيْتُهُ أَصْفَرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ طَارِقٍ: أَخْبَرَكُم ابْنُ خَلِيْلٍ, أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ, أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ مَالِكٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ, حَدَّثَنِي أَبِي, حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ, حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَجَّ الأَسْوَدُ ثَمَانِيْنَ, مِنْ بَيْنِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 70"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1437"، الجرح والتعديل "1/ ترجمة 1061"، الحلية "2/ 102"، أسد الغابة "1/ 88"، تاريخ الإسلام "3/ 137" تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 29"، الإصابة "1/ ترجمة 460".(5/14)
وَبِهِ إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ صَنْدَلٍ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَيْمُوْنٍ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: كَانَ الأَسْوَدُ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي رَمَضَانَ فِي كُلِّ لَيْلَتَيْنِ وَكَانَ يَنَامُ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ وَكَانَ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ فِي كُلِّ سِتِّ لَيَالٍ.
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: سُئِلَ الشَّعْبِيُّ، عَنِ الأَسْوَدِ بنِ يَزِيْدَ، فَقَالَ: كَانَ صَوَّاماً قَوَّاماً حَجَّاجاً قَالَ إِبْرَاهِيْمُ: رُبَّمَا أحرم الأسود من جنابة عَرْزَمٍ1.
وَقَالَ جَابِرٌ الجُعْفِيُّ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ, قَالَ: مَا سَمِعْتُ الأَسْوَدَ إِذَا أَهَلَّ يُسَمِّي حَجّاً وَلاَ عُمْرَةً قَطُّ, يَقُوْلُ: إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ نِيَّتِي. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: كَانَ الأَسْوَدُ يَقُوْلُ فِي تَلْبِيَتِهِ: لَبَّيْكَ غَفَّارَ الذُّنُوْبِ.
وَمِنْ مَنَاكِيْرِ مُوْسَى بنِ عُمَيْرٍ، تَفَرَّدَ به عن: الحكم عن إبراهيم النخعي عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:"حَصِّنُوا أَمْوَالَكُم بِالزَّكَاةِ وَدَاوُوا مَرْضَاكُم بِالصَّدَقَةِ وَأَعِدُّوا لِلْبَلاَءِ الدُّعَاءَ"2.
قَرَأَ الأَسْوَدُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ. تَلاَ عَلَيْهِ يَحْيَى بنُ وَثَّابٍ وَإِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ.
وَرَوَى يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ العَطَّارُ فِي زُهْدِ الثَّمَانِيَةِ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بنِ مَرْثَدٍ، قَالَ: كَانَ الأَسْوَدُ يَجْتَهِدُ فِي العِبَادَةِ وَيَصُوْمُ حَتَّى يَخْضَرَّ وَيَصْفَرَّ فَلَمَّا احْتُضِرَ بَكَى فَقِيْلَ لَهُ: ما هذا الجزع؟ فقال: مالي لا أجزع والله لو رأيت بِالمَغْفِرَةِ مِنَ اللهِ لأَهَمَّنِي الحَيَاءُ مِنْهُ مِمَّا قَدْ صَنَعْتُ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكُوْنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ الذَّنْبُ الصَّغِيْرُ فَيَعْفُو عَنْهُ فَلاَ يَزَالُ مُسْتَحِياً مِنْهُ.
وَرَوَى شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ: أَنَّ الأَسْوَدَ كَانَ يَصُوْمُ الدَّهْرَ -هَذَا صَحِيْحٌ عَنْهُ- وَكَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ3 , أَوْ تأول.
وَرَوَى حَمَّادٌ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ: كَانَ الأَسْوَدُ يَصُوْمُ حَتَّى يَسْوَدَّ لِسَانُهُ مِنَ الحَرِّ.
وَرَوَى مَنْصُوْرٌ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ: أَنَّ الأَسْوَدَ كَانَ يُحْرِمُ مِنْ بَيْتِهِ. وَقَالَ أَشْعَثُ بنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ: رَأَيْتُ الأسود عمرو بنَ مَيْمُوْنٍ أَهَلاَّ مِنَ الكُوْفَةِ. قَالَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ: رَأَيْتُ الأَسْوَدَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ وَقَالَ الحَسَنُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ: رَأَيْتُ الأَسْوَدَ يَسْجُدُ فِي بُرْنُسِ طَيَالِسَةٍ.
قَدْ نَقَلَ العُلَمَاءُ فِي وَفَاةِ الأَسْوَدِ أَقْوَالاً أَرْجَحُهَا: سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَاللهُ يَرْحَمُهُ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ: كَانَ الأَسْوَدُ إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ أَنَاخَ بَعِيْرَهُ وَلَوْ على حجر.
__________
1 عزرم: محلة بالكوفة. ويستحب لكل مسلم. الإحرام من المواقيت.
2 ضعيف جدًا: في إسناده موسى بن عمير القرشي، أبوها رون الجعدي الكوفي قال أبو حاتم: ذاهب الحديث كذاب. وقال ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيْهِ لاَ يُتَابِعُهُ عليه الثقات. وذكر الذهبي في "الميزان" الحديث في ترجمته وعده من بلاياه.
2 صحيح: أخرجه البخاري "1979"، ومسلم "1159" "187" من طريق شعبة عن حبيب سمع أبا العباس سمع عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عبد الله بن عمرو إنك لتصوم الدهر وتقوم الليل وإنك إذا فعلت ذلك هجمت له العين ونهكت -أي ضعفت- لا صام من صام الابد صوم ثلاثة أيام من الشهر صوم الشهر كله" قلت: فإني أطيق أكثر من ذلك. قال: "فصم صوم داود، كان يصوم يومًا ويفطر ولا يفر إذا لاقى".(5/15)
382- علقمة 1: "ع"
فَقِيْهُ الكُوْفَةِ، وَعَالِمُهَا، وَمُقْرِئُهَا، الإِمَامُ الحَافِظُ المُجَوِّدُ المُجْتَهِدُ الكَبِيْرُ أَبُو شِبْلٍ عَلْقَمَةُ بنُ قَيْسِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَالِكِ بنِ علقمة بن سلامان ابن كَهْلٍ وَقِيْلَ: ابْنُ كُهَيْلِ بنِ بَكْرِ بنِ عَوْفٍ وَيُقَالُ: ابْنُ المُنْتَشِرِ بن النَّخَعِ النَّخَعِيُّ الكُوْفِيُّ الفَقِيْهُ عَمُّ الأَسْوَدِ بنِ يَزِيْدَ وَأَخِيْهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَخَالُ فَقِيْهِ العِرَاقِ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ.
وُلِدَ فِي أَيَّامِ الرِّسَالَة المُحَمَّدِيَّةِ، وَعِدَادُهُ فِي المخضرمين, وهاجر في طَلَبِ العِلْمِ وَالجِهَادِ, وَنَزَلَ الكُوْفَةَ وَلاَزَمَ ابْنَ مَسْعُوْدٍ حَتَّى رَأَسَ فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ وَتَفَقَّهَ بِهِ العُلَمَاءُ وَبَعُدَ صِيتُهُ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ, وَعُثْمَانَ, وَعَلِيٍّ, وَسُلَيْمَانَ, وَأَبِي الدَّرْدَاءِ, وَخَالِدِ بنِ الوَلِيْدِ, وَحُذَيْفَةَ, وَخَبَّابٍ وَعَائِشَةَ, وَسَعْدٍ, وَعَمَّارٍ, وَأَبِي مَسْعُوْدٍ البَدْرِيِّ, وَأَبِي مُوْسَى, وَمَعْقِلِ بنِ سِنَانٍ, وَسَلَمَةَ بنِ يَزِيْدَ الجُعْفِيِّ, وَشُرَيْحِ بنِ أَرْطَاةَ, وَقَيْسِ بنِ مَرْوَانَ, وَطَائِفَةٍ سِوَاهُم.
وَجَوَّدَ القُرْآنَ عَلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ. تَلاَ عَلَيْهِ يَحْيَى بنُ وَثَّابٍ وَعُبَيْدُ بنُ نُضَيْلَةَ, وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ.
وَتَفَقَّهَ بِهِ أَئِمَّةٌ كَإِبْرَاهِيْمَ, وَالشَّعْبِيِّ وَتَصَدَّى لِلإِمَامَةِ وَالفُتْيَا بَعْد عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ وَكَانَ يُشَبَّهُ بِابْنِ مَسْعُوْدٍ فِي هَدْيِهِ وَدَلِّهِ وَسَمْتِهِ وَكَانَ طَلَبَتُهُ يَسْأَلُوْنَهُ وَيَتَفَقَّهُوْنَ بِهِ وَالصَّحَابَةُ مُتَوَافِرُوْنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو وَائِلٍ وَالشَّعْبِيُّ وَعُبَيْدُ بنُ نُضَيْلَةَ وإبراهيم النخعي ومحمد بن
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 86"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 177"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2258"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 4224"، الكاشف "2/ ترجمة رقم 3930"، تهذيب التهذيب "7/ 276- 278"، الإصابة "2/ ترجمة 6454"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4936".(5/16)
سِيْرِيْنَ، وَأَبُو الضُّحَى مُسْلِمُ بنُ صُبَيْحٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ سُوَيْدٍ النَّخَعِيُّ، وَأَبُو ظَبْيَانَ حُصَيْنُ بنُ جُنْدُبٍ الجَنْبِيُّ، وَأَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ سَخْبَرَةَ، وَسَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَعُمَارَةُ بنُ عُمَيْرٍ, وَأَبُو قَيْسٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ ثَرْوَانَ الأَوْدِيُّ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْسَجَةَ, وَالقَاسِمُ بنُ مُخَيْمَرَةَ, وَقَيْسُ بنُ رُوْمِيٍّ, وَمُرَّةُ الطَّيِّبُ, وَهُنَيُّ بنُ نُوَيْرَةَ, وَيَحْيَى بنُ وَثَّابٍ, وَيَزِيْدُ بنُ أُوَيْسٍ, وَيَزِيْدُ بنُ مُعَاوِيَةَ النَّخَعِيُّ لاَ الأُمَوِيُّ, وَأَبُو الرُّقَادِ النَّخَعِيُّ, وَالمُسَيَّبُ بنُ رَافِعٍ.
وأرسل عنه أبو الزناد, وغيره.
وَرَوَى مُغِيْرَةُ, عَنْ إِبْرَاهِيْمَ, قَالَ: كَنَّى عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ عَلْقَمَةَ أَبَا شِبْلٍ, وَكَانَ عَلْقَمَةُ عَقِيْماً, لاَ يُوْلَدُ لَهُ.
الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ, قَالَ عَلْقَمَةُ: مَا حَفِظْتُ وَأَنَا شَابٌّ, فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ فِي قِرْطَاسٍ أَوْ رُقْعَةٍ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبلٍ: عَلْقَمَةُ ثِقَةٌ, مِنْ أَهْلِ الخَيْرِ, وَكَذَا وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَسُئِلَ عَنْهُ وَعَنْ عَبِيْدَةَ فِي عَبْدِ اللهِ فَلَمْ يُخِيِّرْ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ: عَلْقَمَةُ أَعْلَمُ بِعَبْدِ اللهِ. قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ لَهُ أَصْحَابٌ حَفِظُوا عَنْهُ, وَقَامُوا بِقَوْلِهِ فِي الفِقْهِ إلَّا ثَلاَثَةٌ: زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ, وَابْنُ مَسْعُوْدٍ, وَابْنُ عَبَّاسٍ, وَأَعْلُمُ النَّاسِ بِابْنِ مَسْعُوْدٍ: عَلْقَمَةُ, وَالأَسْوَدُ, وَعَبِيْدَةُ, وَالحَارِثُ.
وَرَوَى زَائِدَةُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِرَبَاحٍ أَبِي المُثَنَّى: أَلَيْسَ قَدْ رَأَيْتَ عَبْدَ اللهِ؟ قَالَ: بَلَى, وَحَجَجْتُ مَعَ عُمَرَ ثَلاَثَ حَجَّاتٍ وَأَنَا رَجُلٌ. قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللهِ وَعَلْقَمَةُ يَصُفَّانِ النَّاسَ صَفَّيْنِ عِنْدَ أَبْوَابِ كِنْدَةَ فَيُقْرِئُ عَبْدُ اللهِ رَجُلاً وَيُقْرِئُ عَلْقَمَةُ رَجُلاً فَإِذَا فَرَغَا تَذَاكَرَا أَبْوَابَ المَنَاسِكِ وَأَبْوَابَ الحَلاَلِ وَالحَرَامِ فَإِذَا رَأَيْتَ عَلْقَمَةَ فَلاَ يَضُرُّكَ أَنْ لاَ تَرَى عَبْدَ اللهِ أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ سَمْتاً وَهَدْياً وَإِذَا رَأَيْتَ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيَّ فَلاَ يَضُرُّكَ أَنْ لاَ تَرَى عَلْقَمَةَ أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ سَمْتاً وَهَدْياً.
الأَعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ بنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: قَالَ لَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: قُوْمُوا بِنَا إِلَى أَشْبَهِ النَّاسِ بِعَبْدِ اللهِ هَدْياً وَدَلاًّ وَسَمْتاً. فَقُمْنَا مَعَهُ حَتَّى جَلَسْنَا إِلَى عَلْقَمَةَ.
وَرَوَى سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ, قَالَ: قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ حَتَّى كَأَنِّي أنظر إليهم. قال: كان علقمة أبطن القَوْمِ بِهِ, وَكَانَ مَسْرُوْقٌ قَدْ خَلَطَ منه(5/17)
وَمِنْ غَيْرِهِ, وَكَانَ الرَّبِيْعُ بنُ خُثَيْمٍ أَشَدَّ القَوْمِ اجْتِهَاداً, وَكَانَ عَبِيْدَةُ يُوَازِي شُرَيْحاً فِي العِلْمِ وَالقَضَاءِ.
رَوَى إِبْرَاهِيْمُ، عَنْ عَلْقَمَةَ: أَنَّهُ قَدِمَ الشَّامَ فَدَخَلَ مَسْجِدَ دِمَشْقَ فَقَالَ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي جَلِيْساً صَالِحاً. فَجَاءَ فَجَلَسَ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ, فَقَالَ لَهُ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ. قَالَ: كَيْفَ سَمِعْتَ ابْنَ أُمِّ عبد يقرأ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: 1] ، الحَدِيْثَ1.
وَقَالَ الأَسْوَدُ: إِنِّي لأَذْكُرُ لَيْلَةَ عُرْسِ أُمِّ عَلْقَمَةَ.
وَقَالَ شَبَابٌ شَهِدَ عَلْقَمَةُ صِفِّيْنَ مَعَ عَلِيٍّ.
وَرَوَى الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ الفُقَهَاءُ بَعْدَ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بِالكُوْفَةِ فِي أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ: عَلْقَمَةُ, وَعَبِيْدَةُ, وَشُرَيْحٌ, وَمَسْرُوْقٌ.
وَرَوَى حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ, عَنْ أَشْعَثَ, عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ, قَالَ: أَدْرَكْتُ القَوْمَ وَهُمْ يُقَدِّمُوْنَ خَمْسَةً: مَنْ بَدَأَ بِالحَارِثِ الأَعْوَرِ, ثنى بعبيدة, ومن بدأ بعبيدة, ثنى بالحارث, ثُمَّ عَلْقَمَةُ الثَّالِثُ, لاَ شَكَّ فِيْهِ ثُمَّ مَسْرُوْقٌ, ثُمَّ شُرَيْحٌ, وَإِنَّ قَوْماً أَخَسُّهُم شُرَيْحٌ, لَقَوْمٌ لَهُم شَأْنٌ.
وَرَوَى ابْنُ عَوْنٍ, عَنْ مُحَمَّدٍ, قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ خَمْسَةً, كلهم فيه عيب: وعبيدة أَعْوَرُ وَمَسْرُوْقٌ أَحْدَبُ, وَعَلْقَمَةُ أَعْرَجُ, وَشُرَيْحٌ كَوْسَجٌ2, والحارث أعور.
وَرَوَى مَنْصُوْرٌ, عَنْ إِبْرَاهِيْمَ, قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ الَّذِيْنَ يُقْرِئُوْنَ النَّاسَ القُرْآنَ, وَيُعَلِّمُوْنَهُمُ السُّنَّةَ, وَيَصْدُرُ النَّاسُ عَنْ رَأْيِهِم, سِتَّةً: عَلْقَمَةُ, وَالأَسْوَدُ, وَمَسْرُوْقٌ, وَعَبِيْدَةُ, وَأَبُو مَيْسَرَةَ, وَعَمْرُو بنُ شُرَحْبِيْلَ, وَالحَارِثُ بنُ قَيْسٍ.
وَرَوَى إِسْرَائِيْلُ, عَنْ غَالِبٍ أَبِي الهُذَيْلِ: قُلْتُ لإِبْرَاهِيْمَ: أَعَلْقَمَةُ كَانَ أَفَضْلَ أَوِ الأَسْوَدُ؟ قَالَ: عَلْقَمَةُ, وَقَدْ شَهِدَ صِفِّيْنَ. وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: سَأَلْتُ الشَّعْبِيَّ عَنْ عَلْقَمَةَ, وَالأَسْوَدِ, فَقَالَ: كَانَ الأَسْوَدُ صَوَّاماً قَوَّاماً كَثِيْرَ الحَجِّ, وَكَانَ عَلْقَمَةُ مَعَ البَطِيْءِ, وَيُدْرِكُ السَّرِيْعَ. وَقَالَ مُرَّةُ الهَمْدَانِيُّ: كَانَ عَلْقَمَةُ مِنَ الرَّبَّانِيِّيْنَ, وَكَانَ عَلْقَمَةُ عَقِيْماً؛ لاَ يُوْلَدُ لَهُ.
وَرَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ, قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ عُمَرَ سَنَتَيْنِ. وَرَوَى: مُغِيْرَةُ, عَنْ إِبْرَاهِيْمَ: أَنَّ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدَ كَانَا يُسَافِرَانِ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. قَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَ عَلْقَمَةُ أَبْطَنَ القَوْمِ بِابْنِ مسعود.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "4944"، ومسلم "828".
2 الكوسج: الذي لا شعر على عارضيه(5/18)
الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ, عَنْ عَلْقَمَةَ, قَالَ: أُتِيَ عَبْدُ اللهِ بِشَرَابٍ, فَقَالَ أَعْطِ عَلْقَمَةَ, أَعْطِ مَسْرُوْقاً فَكُلُّهُم قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ فَقَالَ: {يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النُّوْرُ: 37] . وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ: كَانَ عَلْقَمَةُ يَقْرَأُ القُرْآنَ فِي خَمْسٍ. وَقَالَ عَلْقَمَةُ: أَطِيْلُوا كَرَّ الحَدِيْثِ لاَ يَدْرَسُ.
الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيْقٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ زِيَادٍ يَرَانِي مَعَ مَسْرُوْقٍ, فَقَالَ: إِذَا قَدِمْتَ, فَالْقَنِي. فَأَتَيْتُ عَلْقَمَةَ فَقَالَ: إِنَّكَ لَمْ تُصِبْ مِنْ دنياهم شيئًاإلَّا أصابوا مِنْ دِيْنِكَ مَا هُوَ أَفَضْلُ مِنْهُ, مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مَعَ أَلْفَيَّ أَلْفَيْنِ وَأَنِّي أَكْرَمُ الجُنْدِ عَلَيْهِ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ: كَتَبَ أَبُو بُرْدَةَ عَلْقَمَةَ فِي الوَفْدِ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهُ عَلْقَمَةُ: امْحُنِي امْحُنِي.
وَقَالَ عَلْقَمَةُ: مَا حَفِظْتُ وَأَنَا شَابٌّ, فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ فِي قِرْطَاسٍ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ, عَنْ عَلْقَمَةَ: أَنَّهُ كَانَ لَهُ بِرْذَوْنٌ يُرَاهِنُ عَلَيْهِ.
الأَعْمَشُ, عَنْ مَالِكِ بنِ الحَارِثِ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ, قُلْنَا لِعَلْقَمَةَ: لَوْ صَلَّيْتَ فِي المَسْجِدِ وَجَلَسْنَا مَعَكَ فَتُسْأَلَ قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا عَلْقَمَةُ. قَالُوا: لَوْ دَخَلْتَ عَلَى الأُمَرَاءِ. قَالَ: أَخَافُ أَنْ يَنْتَقِصُوا مِنِّي أَكْثَرَ مِمَّا أَنْتَقِصُ مِنْهُم.
وَرَوَى إِبْرَاهِيْمُ, عَنْ عَلْقَمَةَ, قَالَ: كُنْتُ رَجُلاً قَدْ أَعْطَانِي اللهُ حُسْنَ الصَّوْتِ بِالقُرْآنِ وَكَانَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ يُرْسِلُ إِلَيَّ فَأَقْرَأُ عَلَيْهِ, فَإِذَا فَرَغْتُ مِنْ قِرَاءتِي, قَالَ: زِدْنَا -فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي- فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ "إِنَّ حُسْنَ الصَّوْتِ زِيْنَةُ القُرْآنِ"1.
أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ قَالَ عَبْدُ اللهِ: مَا أَقْرَأُ شيئًا ولا أعلمه إلَّا علقمة
__________
1 منكر: أخرجه ابن سعد "6/ 90" أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا سعيد بن زربي، قال: حدثنا حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه سعيد بن زربي، أجمعوا على ضعفه، وذكر الذهبي الحديث في ترجمته في "الميزان" وعده من مناكيره ولكن ورد مرفوعًا "زينوا القرآن بأصواتكم" أخرجه عبد الرزاق "4175" و "4176"، والطيالسي "738"، وابن أبي شيبة "2/ 521" و "10/ 462" وأحمد "4/ 283 و 285 و 304"، وأبو داود "1468"، والنسائي "2/ 179- 180" وابن ماجه "1342"، والحاكم "1/ 572- 575"، وأبو نعيم في "الحلية" "5/ 27"، والبيهقي في "السنن" "2/ 53" من طرق عن طلحة بن مصرف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب، به مرفوعًا. وإسناده صحيح.(5/19)
يَقْرَؤُهُ أَوْ يَعْلَمُهُ. قَالَ زِيَادُ بنُ حُدَيْرٍ: يا أبا عبد الرحمن, وَاللهِ مَا عَلْقَمَةُ بِأَقْرَئِنَا قَالَ: بَلَى وَالله وَإِنْ شِئْتَ لأُخْبِرَنَّكَ بِمَا قِيْلَ فِي قَوْمِكَ وَقَوْمِهِ.
وَرَوَى الأَعْمَشُ, عَنْ إِبْرَاهِيْمَ, قَالَ: كَانَ عَلْقَمَةُ يَقْرَأُ القُرْآنَ فِي خَمْسٍ وَالأَسْوَدُ فِي سِتٍّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ فِي سَبْعٍ.
جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، عَنْ قَابُوْسِ بنِ أَبِي ظَبْيَانَ, قَالَ: قُلْتُ لأَبِي: لأَيِّ شَيْءٍ كُنْتَ تَأْتِي عَلْقَمَةَ وَتَدَعُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! - قَالَ: أَدْرَكْتُ نَاساً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْأَلُوْنَ عَلْقَمَةَ وَيَسْتَفْتُوْنَهُ.
شَرِيْكٌ, عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ, قَالَ: قِيْلَ لابْنِ مَسْعُوْدٍ: مَا عَلْقَمَةُ بِأَقْرَئِنَا. قَالَ: بَلَى -وَالله- إِنَّهُ لأَقْرَؤُكُم.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ, أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ, أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ, أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ, حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ, حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنِ المُسَيَّبِ بنِ رَافِعٍ قَالَ: قِيْلَ لِعَلْقَمَةَ: لَوْ جَلَسْتَ فَأَقْرَأْتَ النَّاسَ وَحَدَّثْتَهُم. قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يُوْطَأَ عَقِبِي1, وَأَنْ يُقَالَ: هَذَا عَلْقَمَةُ فَكَانَ يَكُوْنُ فِي بَيْتِهِ يَعلِفُ غَنَمَهُ وَيَقُتُّ2 لَهُم وَكَانَ مَعَهُ شَيْءٌ يُفْرِعُ بَيْنَهُنَّ إِذَا تَنَاطَحْنَ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُمَرَ بنِ سَعْدٍ، قَالَ: كَانَ الرَّبِيْعُ بنُ خُثَيْمٍ يَأْتِي عَلْقَمَةَ, فَيَقُوْلُ: مَا أَزُوْرُ أَحَداً غَيْرَكَ أَوْ مَا أَزُوْرُ أحدًا ما أزورك.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: إِنْ كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ خُلِقُوا لِلْجَنَّةِ, فَهُم أَهْلُ هَذَا البَيْتِ؛ عَلْقَمَةُ وَالأَسْوَدُ. وَقَالَ أَبُو قَيْسٍ الأَوْدِيُّ: رَأَيْتُ إِبْرَاهِيْمَ آخِذاً بِالرِّكَابِ لِعَلْقَمَةَ.
الأَعْمَشُ, عَنْ مَالِكِ بنِ الحَارِثِ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَزِيْدَ, قَالَ: قِيْلَ لِعَلْقَمَةَ إلَّا تَغْشَى الأُمَرَاءَ, فَيَعْرِفُوْنَ مِنْ نَسَبِكَ؟ قَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي مَعَ أَلْفَيَّ أَلْفَيْنِ, وَأَنِّي أَكْرَمُ الجُنْدِ عَلَيْهِ. فَقِيْلَ لَهُ: إلَّا تَغْشَى المَسْجِدَ فَتَجْلِسَ وَتُفْتِيَ النَّاسَ؟ قَالَ: تُرِيْدُوْنَ أَنْ يطأ الناس عقبي, ويقولون: هذا علقمة!.
__________
1 موطأ العقب: أي كثير الأتباع. وفي حديث عمار: أن رجلًا وشى إلى عمر فقال: "اللهم إن كان هذا فاجعله موطأ العقب"، أي: كثير الاتباع. دعا عليه بأن يكون سلطانًا أو مقدمًا أو ذا مال فيتبعه الناس ويمشون وراءه.
2 القتُّ: الفصفصة وهي الرطبة، من علف الدواب.(5/20)
حُصَيْنٌ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ عَنْ عَلْقَمَةَ: أَنَّهُ أَوْصَى، قَالَ: إِذَا أَنَا حُضِرْتُ, فَأَجْلِسُوا عِنْدِي مَنْ يُلَقِّنُنِي لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ, وَأَسْرِعُوا بِي إِلَى حُفْرَتِي, وَلاَ تَنْعَوْنِي إِلَى النَّاسِ, فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُوْنَ ذَلِكَ نَعْياً كَنَعْيِ الجَاهِلِيَّةِ1.
قَالَ بَعْضُ الحُفَّاظِ، وَأَحْسَنَ: أَصَحُّ الأَسَانِيْدِ: مَنْصُوْرٌ, عَنْ إِبْرَاهِيْمَ, عَنْ عَلْقَمَةَ, عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ فعلى هذا, أصح ذلك: شعبة, وسفيان, عن مَنْصُوْرٍ, وَعَنْهُمَا يَحْيَى القَطَّانُ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ وَعَنْهُمَا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ, وَعَنْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ البُخَارِيُّ -رَحِمَهُمُ اللهُ.
قَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: مَاتَ عَلْقَمَةُ فِي خِلاَفَةِ يَزِيْدَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ, وَقَعْنَبُ بنُ مُحَرِّرٍ: سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ. وَقَالَ المَدَائِنِيُّ, وَيَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ, وَأَبُو عُبَيْدٍ, وَابْنُ مَعِيْنٍ, وَابْنُ سَعْدٍ, وَعِدَّةٌ مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ. وَيُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ. وَيُقَالُ: سَنَةَ ثَلاَثٍ, وَلَمْ يَصِحَّ. وَشَذَّ: أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ هَانِئ النخعي, فقال: مات سنة اثنتين وسبعين سنة وَكَذَا نُقِلَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ. وَقِيْلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ النَّخَعِيُّ: عاش تسعين سنة.
ومن طبقته:
__________
1 النعي لغة: وهو الإخبار بموت الميت، والإعلان موت الميت على رؤوس المنائر ونحوها من النعي الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ثبت عن حذيفة أنه "كان إذا مات له الميت قال: لا تؤذنوا به أحدا، إني أخاف أن يكون نعيا، إني سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهى عن النعي" أخرجه أحمد "5/ 406"، والترمذي "986"، وابن ماجه "1476"، والبيهقي "4/ 74" من حديث حذيفة بن اليمان وإسناده حسن.
لكن قد جاءت أحاديث صحيحة تدل على جواز نوع من الإخبار، وقيد بها مطلق النهي، وقالوا إن المراد بالنعي الإعلان الذي يشبه ما كان عليه أهل الجاهلية من صياح على أبواب البيت والأسواق فيجوز إعلان الوفاة إذا لم يقترن به، ما يشبه نعي الجاهلية، وقد يجب ذلك إذا لم يكن عنده من يقوم بحقه من الغسل والتكفين والصلاة عليه ونحو ذلك؛ فعن أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، خرج إلى المصلى فصف بهم، وكبر أربعًا".
أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما. وعن أنس قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب، وإن عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم لتذرفان، ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح له" أخرجه البخاري وترجم له البخاري وللحديث الذي قبله بقوله: "باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه" وقال الحافظ في "الفتح": وفائدة هذه الترجمة الإشارة إلى أن النعي ليس ممنوعًا كله، وإنما نهى عما كان أهل الجاهلية يصنعونه، فكانوا يرسلون من يعلن بخبر موت الميت على أبواب الدور والأسواق ... ".(5/21)
383- علقمة بن وقاص 1: "ع"
ابن محصن بن كلدة الليثي، العُتْوَارِيُّ، المَدَنِيُّ, أَحَدُ العُلَمَاءِ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ, وَعَائِشَةَ, وَبِلاَلِ بنِ الحَارِثِ المُزَنِيِّ, وَعَمْرِو بنِ العَاصِ, وَابْنِ عُمَرَ, وَطَائِفَةٍ لَهُ. أَحَادِيْثُ لَيْسَتْ بِالكَثِيْرَةِ. وَثَّقَهُ: ابْنُ سَعْدٍ, وَالنَّسَائِيُّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدَاهُ عَمْرٌو وَعَبْدُ اللهِ, وَالزُّهْرِيُّ, وَابْنُ أَبِي ملكية, وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيُّ, وَعَمْرُو بنُ يَحْيَى المَازِنِيُّ. وَلَهُ دَارٌ بِالمَدِيْنَةِ, وَعَقِبٌ.
مَاتَ فِي دَوْلَةِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ. حَدِيْثُهُ فِي الكتب الستة.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ طَارِقٍ: أَخْبَرَكُم ابْنُ خَلِيْلٍ, أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ, أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ, أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ, حَدَّثَنَا فَارُوْقٌ الخَطَّابِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الكَشِّيُّ, حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُقْبَلَ رُخَصُهُ, كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ" 2 قَالَ أَبُو نعيم: تفرد برفعه معمر هذا.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 60"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 176"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2259"، الاستيعاب "3/ 1088"، أسد الغابة "4/ 15"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 35"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 4228"، الكاشف "2/ ترجمة 3934"، تهذيب التهذيب "7/ 280- 281"، الإصابة "2/ ترجمة 5680" و "3/ترجمة 6258" خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4940"
2 صحيح: أخرجه أبو نعيم "2/ 101" والطبراني بهذا اللفظ حدثنا فاروق الخطابي، به.
قلت: وقد وهم الحافظ الذهبي -رحمه الله- حيث ظن أن علقمة هو علقمة بن وقاص، وليس كذلك إنما هو علقمة بن قيس النخعي كما أورد الحافظ أبو نعيم الحديث في ترجمته وكلاهما ثقة ثبت.
وقد صح الحديث عن ابن عباس، وعن ابن عمر، وعن عائشة، وعن ابن مسعود كما تقدم، وأنس: فعن ابن عباس -رضي الله عنهما: أخرجه الطبراني في "الكبير" "11880"، وأبو نعيم في "الحلية" "8/ 276" من طريق الحسين بن محمد الذارع، قال: حدثنا أبو محصن حصين بن نمير قال: حدثنا هشام بن حسان، عن عكرمة، عن ابن عباس، به مرفوعًا. وإسناده صحيح.
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما: أخرجه أحمد "2/ 108"، والبزوار "988" و "989"، والقضاعي في "مسند الشهاب" "1078" من طرق عن عبد العزيز الدراوردي، عن عمارة بن غزية، عن حرب بن قيس عن نافع، عن ابن عمر، به. وإسناده حسن، وعن عائشة -رضي الله عنها: عند ابن حبان في "الثقات" "2/ 200"، وعن ابن مسعود -رضي الله عنه: عند الطبراني، وأبي نعيم: عند الطبراني، وأبي نعيم "2/ 101" وقد تقدم في صدر الكلام، وعن أنس -رضي الله عنه: عند الدولابي في "الكنى" "2/ 42".(5/22)
384- جنادة 1: "غ"
ابن أبي أمية الأزدي, الدوسي, مِنْ كُبَرَاءِ التَّابِعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ, وَعُمَرَ, وَأَبِي الدَّرْدَاءِ, وَعُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ, وَبُسْرِ بنِ أَبِي أَرْطَاةَ.
رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ سُلَيْمَانُ، وَبُسْرُ بنُ سَعِيْدٍ، وَمُجَاهِدُ بنُ جَبْرٍ، وَرَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الصُّنَابِحِيُّ مَعَ تَقَدُّمِهِ, وَأَبُو الخَيْرِ مَرْثَدٌ اليَزَنِيُّ, وَعُلَيُّ بنُ رَبَاحٍ, وَعُمَيْرُ بنُ هَانِئ, وَعُبَادَةُ بنُ نُسَيٍّ, وآخرون.
وَلأَبِيْهِ أَبِي أُمَيَّةَ صُحْبَةٌ مَا, وَاسُمُهُ: كَبِيْرٌ بِمُوَحَّدَةٍ.
وَلِيَ جُنَادَةُ غَزْوَ البَحْرِ لِمُعَاوِيَةَ، وَشَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ, وَقَدْ أَدْرَكَ الجَاهِلِيَّةَ وَالإِسْلاَمَ. وَقَدْ قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الجُنَيْدِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ, وَسُئِلَ: أَجُنَادَةُ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ الَّذِي روى عنه مجاهد له صحب؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: أَهُوَ الَّذِي يَرْوِي عَنْ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ؟ قَالَ: هُوَ هُوَ.
وَأَمَّا ابْنُ سَعْدٍ وَالعِجْلِيُّ وَطَائِفَةٌ فَقَالُوا: تَابِعِيٌّ، شَامِيٌّ. وَهُوَ الصَّوَابُ. وَصَحَّ لَهُ حَدِيْثٌ فَيَكُوْنُ مُرْسَلاً.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَقَالَ المَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَكَذَا قَالَ ابن معين وقال الهيثم بن عدي وتوفي سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَقِيْلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَاللهُ أعلم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 439"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2297"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 2129" أسد الغابة "1/ 297- 298" تهذيب التهذيب "2/ 115- 116"، الإصابة "1/ ترجمة 1201"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1071".(5/23)
385- مسروق 1: "ع"
ابن الأجدع، الإِمَامُ، القُدْوَةُ، العَلَمُ، أَبُو عَائِشَةَ الوَادِعِيُّ الهَمْدَانِيُّ، الكُوْفِيُّ. وَهُوَ: مَسْرُوْقُ بنُ الأَجْدَعِ بنِ مَالِكِ بنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُرِّ بنِ سَلْمَانَ بنِ مَعْمَرٍ, وَيُقَالُ: سَلاَمَانُ بنُ مَعْمَرِ بنِ الحَارِثِ بنِ سَعْدِ بنِ عَبْدِ الله ابن وَادِعَةَ بنِ عُمَرَ بنِ عَامِرِ بنِ نَاشِحِ بنِ دَافِعِ بنِ مَالِكِ بنِ جُشَمَ بنِ حَاشِدِ بنِ جُشَمَ بنِ خَيْوَانَ بنِ نَوْفِ بنِ هَمْدَانَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: يُقَالُ إِنَّهُ سُرِقَ وَهُوَ صَغِيْرٌ ثُمَّ وُجِدَ, فَسُمِّيَ مَسْرُوْقاً. وَأَسْلَمَ أَبُوْهُ الأَجْدَعُ.
حَدَّثَ هُوَ عَنْ: أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وَعُمَرَ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ -إِنْ صَحَّ- وَعَنْ أُمِّ رُوْمَانَ, وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ, وَخَبَّابٍ, وَعَائِشَةَ, وَابْنِ مَسْعُوْدٍ, وَعُثْمَانَ, وَعَلِيٍّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو, وَابْنِ عُمَرَ وَسُبَيْعَةَ, وَمَعْقِلِ بنِ سِنَانٍ, وَالمُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ, وَزَيْدٍ حَتَّى إِنَّهُ رَوَى عَنْ عُبَيْدِ بنِ عمير بنِ عُمَيْرٍ قَاصِّ مَكَّةَ.
وَعَنْهُ: الشَّعْبِيُّ, وَإِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ, وَيَحْيَى بنُ وَثَّابٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُرَّةَ, وَأَبُو وَائِلٍ وَيَحْيَى بنُ الجَزَّارِ وَأَبُو الضُّحَى, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ, وَعُبَيْدُ بنُ نُضَيْلَةَ, وَمَكْحُوْلٌ الشَّامِيُّ, وَمَا أُرَاهُ لَقِيَهُ, وَأَبُو إِسْحَاقَ, وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْتَشِرِ, وَمُحَمَّدُ بنُ نَشْرٍ الهَمْدَانِيُّ, وَأَبُو الأَحْوَصِ الجُشَمِيُّ, وَأَيُّوْبُ بنُ هَانِئ, وَعُمَارَةُ بنُ عُمَيْرٍ, وَحِبَالُ بنُ رُفَيْدَةَ, وَأَنَسُ بنُ سِيْرِيْنَ, وَأَبُو الشَّعْثَاءِ المُحَارِبِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
وَعِدَادُهُ فِي كِبَارِ التَّابِعِيْنَ، وَفِي المُخَضْرَمِيْنَ الَّذِيْنَ أَسْلَمُوا فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ الأَجْدَعُ أَفْرَسَ فَارِسٍ بِاليَمَنِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ أَيْضاً وَمَسْرُوْقٌ هُوَ ابْنُ أُخْتِ عَمْرِو بنِ معد يكرب.
مُجَالِدٌ, عَنِ الشَّعْبِيِّ, عَنْ مَسْرُوْقٍ قَالَ: لَقِيْتُ عُمَرَ فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟ فَقُلْتُ: مَسْرُوْقُ بنُ الأَجْدَعِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "الأَجْدَعُ شَيْطَانٌ"2، أَنْتَ مَسْرُوْقُ بنُ عبد الرحمن. فَرَأَيْتُهُ فِي الدِّيْوَانِ3، مَسْرُوْقُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَقَالَ مَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ: سَمِعْتُ أَبَا السَّفَرِ, عَنْ مُرَّةَ, قَالَ: مَا وَلَدَتْ هَمْدَانِيَّةٌ مِثْلَ مَسْرُوْقٍ. وَقَالَ أَيُّوْبُ الطَّائِيُّ: عَنِ الشَّعْبِيِّ, قَالَ: مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَداً كَانَ أَطْلَبَ لِلْعِلْمِ فِي أُفُقٍ مِنَ الآفَاقِ مِنْ مَسْرُوْقٍ. وَقَالَ مَنْصُوْرٌ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ, قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ الله الذين
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 76"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2065"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1820"، حلية الأولياء "2/ 95"، تاريخ الخطيب "13/ 232"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 26" الكاشف "3/ ترجمة 5484"، تهذيب التهذيب "10/ 109- 111"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6942".
2 ضعيف: أخرجه ابن أبي شيبة "8/ 665". وأحمد "1/ 31"، وأبو داود "4957"، والبزار "319" من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم، حدثنا أبو عقيل, حدثنا مجالد بن سعيد، به.
قلت: إسناده ضعيف، لضعف مجالد بن سعيد، وأبو عقيل: هو عبد الله بن عقيل الثقفي، والشعبي، هو عامر بن شراحيل الشعبي.
3 الديوان: مجتمع الصحف؛ قال أبو عبيدة: هو فارسي معرب(5/24)
يُقْرِئُوْنَ النَّاسَ، وَيُعَلِّمُوْنَهُم السُّنَّةَ: عَلْقَمَةَ, وَالأَسْوَدَ, وَعَبِيَدَةَ, وَمَسْرُوْقاً, وَالحَارِثَ بنَ قَيْسٍ, وَعَمْرَو بنَ شُرَحْبِيْلَ.
وَرَوَى عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبْجَرَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: كَانَ مَسْرُوْقٌ أَعْلَمَ بِالفَتْوَى مِنْ شُرَيْحٍ, وَكَانَ شُرَيْحٌ أَعْلَمَ بِالقَضَاءِ مِنْ مَسْرُوْقٍ, وَكَانَ شُرَيْحٌ يَسْتَشِيْرُ مَسْرُوْقاً, وَكَانَ مَسْرُوْقٌ لاَ يَسْتَشِيْرُ شُرَيْحاً.
وَرَوَى شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: حَجَّ مَسْرُوْقٌ, فَلَمْ يَنَمْ إلَّا سَاجِداً عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى رَجَعَ. وَرَوَى أَنَسُ بنُ سِيْرِيْنَ, عَنِ امْرَأَةِ مَسْرُوْقٍ, قَالَتْ: كَانَ مَسْرُوْقٌ يُصَلِّي حَتَّى تَوَرَّمَ قَدَمَاهُ, فُرُبَّمَا جَلَسْتُ أَبْكِي مِمَّا أَرَاهُ يَصْنَعُ بِنَفْسِهِ.
المُثَنَّى القَصِيْرُ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْتَشِرِ, عَنْ مَسْرُوْقٍ, قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي مُوْسَى أَيَّامَ الحَكَمَيْنِ, فُسْطَاطِي إِلَى جَانِبِهِ, فَأَصْبَحَ النَّاسُ ذات يوم قد لَحِقُوا بِمُعَاوِيَةَ, فَرَفَعَ أَبُو مُوْسَى رَفْرَفَ فُسْطَاطِهِ وَقَالَ: يَا مَسْرُوْقُ! قُلْتُ: لَبَّيْكَ. قَالَ: إِنَّ الإِمَارَةَ مَا ائْتُمِرَ فِيْهَا, وَإِنَّ المُلْكَ مَا غُلِبَ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ.
مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوْقٍ: قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا مَسْرُوْقُ, إِنَّكَ مِنْ وَلَدِي, وَإِنَّكَ لَمِنْ أَحَبِّهِم إِلَيَّ فَهَلْ لَكَ عِلْمٌ بِالمُخْدَجِ1.
قَالَ أَبُو السَّفَرِ: مَا وَلدَتْ هَمْدَانِيَّةٌ مِثْلَ مَسْرُوْقٍ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: لَمَّا قَدِمَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ زِيَادٍ الكُوْفَةَ، قَالَ: مَنْ أَفْضَلُ النَّاسِ؟ قَالُوا لَهُ: مَسْرُوْقٌ. وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ أَنَا مَا أُقَدِّمُ عَلَى مَسْرُوْقٍ أَحَداً صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ.
مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ مَسْرُوْقٌ: لأَنْ أُفْتِيَ يَوْماً بِعَدْلٍ وَحَقٍّ, أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَغْزُوَ سَنَةً.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُنْتَشِرِ: أَهْدَى خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أُسَيْدٍ عَامِلُ البَصْرَةِ إِلَى عَمِّي مَسْرُوْقٍ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً, وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُحْتَاجٌ, فَلَمْ يَقْبَلْهَا. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ: زَوَّجَ مَسْرُوْقٌ بِنْتَهُ بِالسَّائِبِ بنِ الأَقْرَعِ عَلَى عَشْرَةِ آلاَفٍ لِنَفْسِهِ, يَجْعَلُهَا فِي المُجَاهِدِيْنَ وَالمَسَاكِيْنِ.
الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، قَالَ: غَابَ مَسْرُوْقٌ عَامِلاً عَلَى السِّلْسِلَةِ سَنَتَيْنِ ثُمَّ قَدِمَ فَنَظَرَ أَهْلَهُ فِي خُرْجِهِ, فَأَصَابُوا فَأْساً, فَقَالُوا: غِبْتَ ثُمَّ جِئْتَنَا بِفَأْسٍ, بِلاَ عُوْدٍ. قَالَ: إِنَّا لله, استعرناها, نسينا نردها.
__________
1 ضعيف: فيه مجالد، وهو ابن سعيد، وهو ضعيف.(5/25)
قَالَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ: قَالَ لِي مَسْرُوْقٌ: مَا بَقِيَ شَيْءٌ يُرْغَبُ فِيْهِ، إلَّا أَنْ نُعَفِّرَ وُجُوْهَنَا فِي التُّرَابِ, وَمَا آسَى عَلَى شيء إلَّا السجود لله -تعالى.
وَقَالَ الكَلْبِيُّ: شُلَّتْ يَدُ مَسْرُوْقٍ يَوْمَ القَادِسِيَّةِ, وَأَصَابَتْهُ آمَّةٌ1.
قَالَ وَكِيْعٌ: تَخَّلفَ عَنْ عَلِيٍّ: مسروق, والأسود, والربيع بن خيثم, وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ وَيُقَالُ: شَهِدَ صِفِّيْنَ, فَوَعَظَ, وَخَوَّفَ وَلَمْ يُقَاتِلْ وَقِيْلَ: شَهِدَ قِتَالَ الحَرُوْرِيَّةِ مَعَ عَلِيٍّ, وَاسْتَغْفَرَ اللهَ مِنْ تَأَخُّرِهِ عَنْ عَلِيٍّ وَقِيْلَ: إِنَّ قَبْرَهُ بِالسِّلْسِلَةِ بِوَاسِطَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: بَقِيَ مَسْرُوْقٌ بَعْدَ عَلْقَمَةَ لاَ يُفَضَّلُ عَلَيْهِ أَحَدٌ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: مَسْرُوْقٌ ثِقَةٌ, لاَ يُسْأَلُ عَنْ مِثْلِهِ, وَسَأَلَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ يَحْيَى عَنْ مَسْرُوْقٍ وَعُرْوَةَ فِي عَائِشَةَ فَلَمْ يُخِيِّرْ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: مَا أُقَدِّمُ عَلَى مَسْرُوْقٍ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ, صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ, وَلَقِيَ عُمَراً وَعَلِيّاً, وَلَمْ يَرْوِ عَنْ عُثْمَانَ شَيْئاً.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ, ثِقَةٌ, كَانَ أَحَدَ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ الَّذِيْنَ يُقْرِئُوْنَ وَيُفْتُوْنَ. وَكَانَ يُصَلِّي حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً, لَهُ أَحَادِيْثُ صَالِحَةٌ.
رَوَى سَعِيْدُ بنُ عُثْمَانَ التَّنُوْخِيُّ الحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ, عَنْ فِطْرِ بنِ خَلِيْفَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: غُشِيَ عَلَى مَسْرُوْقٍ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ, وَكَانَتْ عَائِشَةُ قَدْ تَبَنَّتْهُ, فَسَمَّى بِنْتَهُ عائشة, وكان لاَ يَعْصِي ابْنَتَهُ شَيْئاً. قَالَ: فَنَزَلتْ إِلَيْهِ, فَقَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ, أَفْطِرْ وَاشْرَبْ. قَالَ: مَا أَرَدْتِ بِي يَا بُنَيَّةُ؟ قَالَتِ: الرِّفْقَ. قَالَ: يَا بُنَيَّةُ, إِنَّمَا طَلَبْتُ الرِّفْقَ لِنَفْسِي فِي يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.
قال أَبُو نُعَيْمٍ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ. وَقَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ, وَابْنُ سَعْدٍ, وَابْنُ نُمَيْرٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المُنْتَشِرِ, عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ مَسْرُوْقاً كَانَ لاَ يَأْخُذُ عَلَى القَضَاءِ أَجْراً, وَيَتَأَوَّلُ هَذِهِ الآيَةَ: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم} الآية [التوبة: 111] .
__________
1 الآمة: الشجة التي بلغت أم الرأس، وهي الجلدة التي تجمع الدماغ. يقال رجل أميم ومأموم.(5/26)
الأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ: كَفَى بِالمَرْءِ عِلْماً أَنْ يَخْشَى اللهَ تَعَالَى وَكَفَى بِالمَرْءِ جَهْلاً أَنْ يُعْجَبَ بِعَمَلِهِ.
مَنْصُوْرٌ، عَنْ هِلاَلِ بن يِسَافٍ، قَالَ: قَالَ مَسْرُوْقٌ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَعْلَمَ عِلْمَ الأَوَّلِيْنَ وَالآخِرِيْنَ، وَعِلْمَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَقْرَأْ سُوْرَةَ الوَاقِعَةِ.
قُلْتُ: هَذَا قَالَهُ مَسْرُوْقٌ عَلَى المُبَالَغَةِ, لِعِظَمِ مَا فِي السُّوْرَةِ مِنْ جُمَلِ أُمُوْرِ الدَّارَيْنِ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: فليقرأ سورة الواقعة أي: يقرأها بتدبير وتفكير وَحُضُوْرٍ, وَلاَ يَكُنْ كَمَثَلِ الحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً.
عَمْرُو بنُ مُرَّةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَانَ مَسْرُوْقٌ إِذَا قِيْلَ لَهُ أَبْطَأْتَ عَنْ عَلِيٍّ وَعَنْ مَشَاهِدِهِ, فَيَقُوْلُ: أَرَأَيْتُم لَوْ أَنَّهُ حِيْنَ صُفَّ بَعْضُكُم لِبَعْضٍ, فَنَزَلَ بَيْنَكُم مَلَكٌ فَقَالَ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النِّسَاءُ: 29] ، أَكَانَ ذَلِكَ حَاجِزاً لَكُم؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَوَاللهِ لَقَدْ نَزَلَ بِهَا مَلَكٌ كَرِيْمٌ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُم وَإِنَّهَا لَمُحْكَمَةٌ مَا نَسَخَهَا شَيْءٌ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ بمصر: أخبركم الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكَاتِبُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي، وَأَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيُّ, قَالُوا: أَنْبَأَنَا محمد بن أحمد بن مسلمة, أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ, حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بن نمير حدثنا الأعمش قَالَ الفِرْيَابِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ, حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُرَّةَ, عَنْ مَسْرُوْقٍ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيْهِ كَانَ مُنَافِقاً" زَادَ عُثْمَانُ خَالِصاً ثُمَّ اتَّفَقَا "وَمَنْ كَانَتْ فِيْهِ خَلَّةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيْهِ خَلَّةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ, وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ" أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ1, عَنْ أَبِي بَكْرٍ بِهِ.
قَالَ مُجَالِدٌ, عَنِ الشَّعْبِيِّ: إِنَّ مَسْرُوْقاً قَالَ: لأَنْ أَقْضِيَ بِقَضِيَّةٍ وِفْقَ الحَقِّ, أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ رِبَاطِ سَنَةٍ فِي سَبِيْلِ الله أَوْ قَالَ مَنْ غَزْوِ سَنَةٍ.
قَالَ أَبُو الضُّحَى: سُئِلَ مَسْرُوْقٌ عَنْ بَيْتِ شِعْرٍ، فَقَالَ: أَكْرَهُ أَنْ أَجِدَ فِي صَحِيْفَتِي شِعْراً. حَمَّادُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ, عَنْ أَبِي الضُّحَى, عَنْ مَسْرُوْقٍ, قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي بكر.
__________
1 صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة "8/ 593- 594"، وأحمد "2/ 189 و 198"، والبخاري "34" و "2459"، ومسلم "58"، وأبو داود "4688"، والترمذي "2632"، والنسائي "8/ 116" ووكيع في "الزهد" "473"، وأبو عوانة في "مسنده" "1/ 20"، وابن منده "522" و "523" "524" و "526"، والبيهقي في "السنن" "9/ 230" و "10/ 74"، والبغوي "37" من طرق عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، به.(5/27)
386- سويد بن غفلة 1: "ع"
ابن عوسجة بن عامر, الإمام, القدوة، أبو أمية الجعفي الكوفي.
قِيْلَ: لَهُ صُحْبَةٌ، وَلَمْ يَصِحَّ، بَلْ أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَمِعَ كِتَابَهُ إِلَيْهِم وَشَهِدَ اليَرْمُوْكَ.
وَحدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وَبِلاَلٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ, وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو لَيْلَى الكِنْدِيُّ, وَالشَّعْبِيُّ, وَإِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ, وَسَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ, وَعَبْدَةُ بنُ أَبِي لُبَابَةَ وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ رُفَيْعٍ, وَمَيْسَرَةُ أَبُو صَالِحٍ, وَجَمَاعَةٌ سِوَاهُم.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ مِنْ أَقْرَانِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي السِّنِّ. فَقَالَ نُعَيْمُ بنُ مَيْسَرَةَ: حَدَّثَنِي بَعْضُهُم عَنْ سُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ: أَنَا لِدَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وُلِدْتُ عَامَ الفِيْلِ.
زِيَادُ بنُ خَيْثَمَةَ, عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ, قَالَ: قَالَ سُوَيْدُ بنُ غَفَلَةَ: أَنَا أَصْغَرُ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِسَنَتَيْنِ.
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَنْبَأَنَا هِلاَلُ بنُ خَبَّابٍ، حَدَّثَنَا مَيْسَرَةُ أَبُو صَالِحٍ، عَنْ سُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ قَالَ: أتَانَا مُصَدِّقُ2 النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ, وَسَمِعْتُ عَهْدَهُ.
سُفْيَانُ بنُ وَكِيْعٍ, عَنْ يُوْنُسَ بنِ بُكَيْرٍ, عَنْ عَمْرِو بنِ شَمِرٍ, عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى عَنْ سُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَهْدَبَ الشَّعْرِ مَقْرُوْنَ الحَاجِبَيْنِ, وَاضِحَ الثَّنَايَا أَحْسَنَ شَعْرٍ وضعه الله على رأس إنسان. أخرجه: ابن منده في "معرفة الصحابة"3.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 68"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2255"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1001"، حلية الأولياء "4/ 174"، والاستيعاب "2/ 679" أسد الغابة "2/ 379"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 36"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2624"، الكاشف "1/ ترجمة 2218"، تهذيب التهذيب "4/ 278"، الإصابة "2/ ترجمة 3606"، 3720"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2832".
2 المصدق: هو عامل الزكاة الذي يجتبيها من أصحابها.
3 ضعيف جدًا: فيه سفيان بن وكيع، ضعيف. وفيه عمرو بن شمر، قال يحيى: ليس بشيء. وقال الجوزجاني: زائغ كذاب. وقال ابن حبان: رافضي يشتم الصحابة، ويروي الموضوعات عن الثقات، وَقَالَ البُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الحَدِيْثِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وغيرهما: متروك الحديث.(5/28)
مُبَشِّرُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزِّبْرِقَانِ، عَنْ أُسَامَةَ بنِ أَبِي عَطَاءٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ, فَدَخَلَ عَلَيْهِ سُوَيْدُ بنُ غَفَلَةَ, فَقَالَ لَهُ النُّعْمَانُ بنُ بَشِيْرٍ أَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّكَ صَلَّيْتَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّةً قَالَ: لاَ بَلْ مِرَاراً كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا نُوْدِيَ بِالأَذَانِ كَأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُ أَحَداً مِنَ النَّاسِ.
هَذَا حَدِيْثٌ ضَعِيْفُ الإِسْنَادِ1 كَالَّذِي قَبْلَهُ.
وَقَدْ قَالَ زُهَيْرُ بنُ مُعَاِويَةَ: حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ مُسْلِمِ بنِ الرُّحَيْلِ الجُعْفِيُّ, قَالَ: قَدِمَ الرُّحَيْلُ وَسُوَيْدُ بنُ غَفَلَةَ حِيْنَ فَرَغُوا مِنْ دَفْنِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ بنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ مِنْ صَحَابَةِ الحَجَّاجِ عَلَى مُؤَذِّنِ قَبِيْلَةِ جُعْفَى وَهُوَ يُؤَذِّنُ, فَأَتَى الحَجَّاجُ فَقَالَ: إلَّا تَعْجَبُ مِنْ أَنِّي سَمِعْتُ مُؤَذِّنَ الجُعْفِيِّيْنَ يُؤَذِّنُ بِالهَجِيْرِ؟ قَالَ: فَأَرسَلَ فَجِيْءَ بِهِ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: لَيْسَ لِي أَمْرٌ إِنَّمَا سُوَيْدُ بنُ غَفَلَةَ الَّذِي أَمَرَنِي بِهَذَا قَالَ فَأَرْسَلَ إِلَى سُوَيْدٍ فَجِيْءَ بِهِ فَقَالَ: مَا هَذِهِ الصَّلاَةُ؟ قَالَ: صَلَّيْتُهَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَلَمَّا ذَكَرَ عُثْمَانَ جَلَسَ وكان مضجعًا فَقَالَ أَصَلَّيْتَهَا مَعَ عُثْمَانَ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ لاَ تَؤُمَّنَّ قَوْمَكَ وَإِذَا رَجَعْتَ إِلَيْهِم فَسُبَّ فُلاَناً قَالَ: نَعَمْ سَمْعٌ وَطَاعَةٌ فَلَمَّا أَدْبَرَ قال الحجاج: لَقَدْ عَهِدَ الشَّيْخُ النَّاسَ وَهُمْ يُصَلُّوْنَ الصَّلاَةَ هَكَذَا.
الخُرَيْبِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ صَالِحٍ, قَالَ: بَلَغَ سُوَيْدُ بنُ غَفَلَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةَ سَنَةٍ, لَمْ يُرَ مُحْتَبِياً قَطُّ, وَلاَ مُتَسَانِداً, وَأَصَابَ بِكْراً, يَعْنِي: فِي العَامِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيْهِ.
وَقَالَ عَاصِمُ بنُ كُلَيْبٍ: تَزَوَّجَ سُوَيْدُ بنُ غفلة بكرًا وهو ابن مائة وست وعشرة سَنَةً.
وَعَنْ عِمْرَانَ بنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: كَانَ سُوَيْدُ بنُ غَفَلَةَ إِذَا قِيْلَ لَهُ: أُعْطِيَ فُلاَنٌ وَوُلِّيَ فُلاَنٌ, قَالَ: حَسْبِي كِسْرَتِي وَمِلْحِي.
عَنْ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ مَنْزِلَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: فَمَا شَبَّهْتُهُ إلَّا بِمَا وُصِفَ مِنْ بَيْتِ سُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ مِنْ زُهْدِهِ وَتَوَاضُعِهِ, رَحِمَهُ اللهُ.
عَنْ مَيْسَرَةَ، عَنْ سُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ مُصَدِّقِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا أَتَانَا. وروى:
__________
1 ضعيف: قال الحافظ الذهبي في "الميزان" أسامة بن عطاء، عن سويد بن غفلة لا يصح ولكن الراوي عنه، واهٍ"، وفيه سليمان بن عبد الله بن الزبرقان ويقال ابن عبد الرحمن بن فيروز، لين الحديث كما قال الحافظ في "التقريب".(5/29)
الوَلِيْدُ بنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: كَانَ سُوَيْدُ بنُ غَفَلَةَ يَؤُمُّنَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي القِيَامِ، وَقَدْ أَتَى عَلَيْهِ عِشْرُوْنَ وَمائَةُ سَنَةٍ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَهَارُوْنُ بنُ حَاتِمٍ: مَاتَ سُوَيْدُ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَقَدْ ذَكَرَهُ صَاحِبُ "الحِلْيَةِ" مُخْتَصَراً.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ بِنَابُلُسَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا أبو شجاع محمد بن الحسين المادرائي بِقِرَاءتِي، أَنْبَأَنَا طِرَادُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ النَّرْسِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ, حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ رُفَيْعٍ, عَنْ سُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ, عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً دَخَلَ الجَنَّةَ" قُلْتُ يَا رَسُوْلَ اللهِ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ: "وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ" , ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
هَذَا حَدِيْثٌ عَالٍ, مُتَّصِلُ الإِسْنَادِ. وَهُوَ فِي "الصَّحِيْحَيْنِ"1 مِنْ طَرِيْقِ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ وَأَبِي الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَإِنَّمَا المَحْفُوْظُ رِوَايَةُ شُعْبَةَ وَجَرِيْرٍ الضَّبِّيِّ, عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ رُفَيْعٍ, عَنْ زَيْدِ بن وهب والله أعلم.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "6443"، ومسلم "94" "153" و "154"، والترمذي "2646".(5/30)
387- أبو تميم الجيشاني 1: "م، ت، س، ق"
مِنْ أَئِمَّةِ التَّابِعِيْنَ بِمِصْرَ. وَاسْمُهُ عَبْدُ اللهِ بنُ مَالِكِ بنِ أَبِي الأَسْحَمِ, وَهُوَ أَخُو سَيْفٍ وُلِدَا فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدِمَا المَدِيْنَةَ زَمَنَ عُمَرَ.
حَدَّثَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي ذَرٍّ وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ وَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى مُعَاذٍ.
رَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللهِ بنُ هُبَيْرَةَ وَكَعْبُ بنُ عَلْقَمَةَ وَمَرْثَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ اليَزَنِيُّ وَبَكْرُ بنُ سَوَادَةَ وَغَيْرُهُم.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ: كَانَ مِنْ أَعْبَدِ أهل مصر.
المُقْرِئُ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ، حَدَّثَنِي ابْنُ هُبَيْرَةَ، سَمِعْتُ أَبَا تَمِيْمٍ الجَيْشَانِيَّ يَقُوْلُ: أَقْرَأَنِي مُعَاذٌ القُرْآنَ حِيْنَ بَعَثَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى اليَمَنِ.
وَرَوَى الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ قَالَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ، جَاءَ مُعَاذٌ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "أَقْرِئْهُ" فَأَقْرَأْتُهُ مَا كَانَ مَعِي, ثُمَّ كُنْتُ أَنَا وَهُوَ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ يُقْرِئُنَا.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ: تُوُفِّيَ أَبُو تَمِيْمٍ سَنَةَ سَبْعٍ وسبعين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 510"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 642"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 791"، الكاشف "2/ ترجمة 2974"، تهذيب التهذيب "5/ 379- 380"، أسد الغابة "5/ 152" الإصابة "4/ ترجمة 161"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3761".(5/30)
388- أبو سالم الجيشاني 1: "م، د، س"
سفيان بن هانئ المصري.
[رَوَى] عَنْ: أَبِي ذَرٍّ، وَعَلِيٍّ، وَزَيْدِ بنِ خَالِدٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ سَالِمٌ, وَبَكْرُ بنُ سَوَادَةَ, وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ, وَحَفِيْدُهُ سَعِيْدُ بنُ سَالِمٍ شَهِدَ فتح مصر.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2061"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 954"، أسد الغابة "2/ 322"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2376"، الكاشف "1/ ترجمة 2024"، الإصابة "2/ ترجمة 3689"، تهذيب التهذيب "4/ 123"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2594".(5/31)
389- مرة الطيب 1: "ع"
وَيُقَالُ لَهُ أَيْضاً: مُرَّةُ الخَيْرُ؛ لِعِبَادَتِهِ, وَخَيْرِهِ, وَعِلْمِهِ. وَهُوَ: مُرَّةُ بنُ شَرَاحِيْلَ الهَمْدَانِيُّ, الكوفي, مخضرم. كبير الشأن.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ, وَعُمَرَ, وَأَبِي ذَرٍّ, وَابْنِ مَسْعُوْدٍ, وَأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ, وَجَمَاعَةٍ. حَدَّثَ عَنْهُ: أَسْلَمُ الكُوْفِيُّ, وَزُبَيْدٌ اليَامِيُّ, وَحُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ. وَبَلَغَنَا عَنْهُ: أَنَّهُ سَجَدَ للهِ حَتَّى أَكَلَ التُّرَابُ جَبْهَتَهُ.
سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ عَطَاءَ بنَ السَّائِبِ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ مُصَلَّى مُرَّةَ الهَمْدَانِيِّ مِثْل مَبْرَكِ البَعِيْرِ. وَنَقَلَ عَطَاءٌ -أَوْ غَيْرُهُ- أَنَّ مُرَّةَ كَانَ يُصَلِّي فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ سِتَّ مائَةٍ.
قُلْتُ مَا كَانَ هَذَا الوَلَيُّ يَكَادُ يَتَفَرَّغُ لِنَشْرِ العِلْمِ, وَلِهَذَا لَمْ تَكْثُرْ رِوَايَتُهُ, وَهَلْ يُرَادُ مِنَ العِلْمِ إلَّا ثَمَرَتُهُ مَاتَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ -رَحِمَهُ اللهُ- بالكوفة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 116"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 1934"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1668"، حلية الأولياء "4/ 161"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 60"، الكاشف "3/ ترجمة 5457"، تاريخ الإسلام "3/ 203"، تهذيب التهذيب "10/ 88- 89" خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6917".(5/31)
390- الحارث بن قيس 1: "س"
الجعفي الكوفي العَابِدُ، الفَقِيْهُ, قَدِيْمُ الوَفَاةِ. صَحِبَ عَلِيّاً، وَابْنَ مَسْعُوْدٍ, وَقَلَّمَا رَوَى.
رَوَى عَنْهُ: خَيْثَمَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَوْلَهُ: إِذَا كُنْتَ فِي الصَّلاَةِ, فَقَالَ لَكَ الشَّيْطَانُ: إِنَّكَ تُرَائِي فَزِدْهَا طُوْلاً.
وَحَكَى عَنْهُ: يَحْيَى بنُ هَانِئ، وَأَبُو دَاوُدَ الأَعْمَى، وَكَانَ كَبِيْرَ القَدْرِ, ذَا عِبَادَةٍ وَتَأَلُّهٍ. يُذْكَرُ مَعَ عَلْقَمَةَ, وَالأَسْوَدِ.
تُوُفِّيَ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ أَبُو مُوْسَى الأَشْعرِيُّ، رَضِيَ اللهُ عنه.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 167"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2461"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 396"، حلية الأولياء "4/ 132"، تاريخ بغداد "8/ 206- 207"، تاريخ الإسلام "2/ 215"، الكاشف "1/ ترجمة 879"، الوافي بالوفيات "11/ 241"، تهذيب التهذيب "2/ 154- 155"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1156".(5/32)
391- جبير بن نفير 1: "م، 4":
ابن مالك بن عامر الإمام الكبير, أبو عبد الرحمن الخضرمي, الحِمْصِيُّ.
أَدْرَكَ حَيَاةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَدَّثَ عَنِ: أَبِي بَكْرٍ -فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَقِيَهُ- وَعَنْ عُمَرَ, وَالمِقْدَادِ, وَأَبِي ذَرٍّ, وَأَبِي الدَّرْدَاءِ, وَعُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ, وَعَائِشَةَ, وَأَبِي هُرَيْرَةَ, وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ, وَمَكْحُوْلٌ, وَخَالِدُ بنُ مَعْدَانَ, وَأَبُو الزَّاهِرِيَّةِ حُدَيْرُ بنُ كُرَيْبٍ وَرَبِيْعَةُ بنُ يَزِيْدَ, وَشُرَحْبِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ, وَسُلَيْمُ بنُ عَامِرٍ, وَآخَرُوْنَ.
رَوَى سُلَيْمُ بنُ عَامِرٍ، عَنْهُ، قَالَ: اسْتَقْبَلْتُ الإِسْلاَمَ مِنْ أَوَّلِهِ فَلَمْ أَزَلْ أَرَى فِي النَّاسِ صَالِحاً وَطَالِحاً وكان جبير من علماء أهل الشام.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 440"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2275"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 2116"، الحلية "5/ 133"، أسد الغابة "1/ 273"، تاريخ الإسلام "3/ 145" تهذيب التهذيب "2/ 64- 65"، الإصابة "1/ ترجمة 1274".(5/32)
سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، حدثني بشير بن كريب الأُمْلُوْكِيُّ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ, عَنْ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ, قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ, وَبَيْنَ يَدَيْهِ جَفْنَةٌ مِنْ لَحْمٍ, فَقَالَ: اجْلِسْ فَكُلْ, فَإِنَّ كَنِيْسَةً فِي نَاحِيَتِنَا أَهْدَى لَنَا أَهْلُهَا مِمَّا ذَبَحُوا لَهَا فَأَكَلْتُ مَعَهُ.
فِيْهِ: أَنَّ مَا ذُبِحَ لِمَعْبَدٍ مُبَاحٌ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ عَلَيْنَا مَا ذُبِحَ عَلَى نُصُبٍ.
بَقِيَّةُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ زُبَيْدٍ الخَوْلاَنِيُّ عَنْ مَرْثَدِ بنِ سُمَيٍّ، عَنْ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ: أَنَّ يَزِيْدَ بنَ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى أَبِيْهِ: أَنَّ جُبَيْرَ بنَ نُفَيْرٍ قَدْ نَشَرَ فِي مِصْرِي حَدِيْثاً, فَقَدْ تَرَكُوا القُرْآنَ قَالَ: فَبَعَثَ إِلَى جُبَيْرٍ فَجَاءَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ كِتَابَ يَزِيْدَ فَعَرَفَ بَعْضَهُ وَأَنْكَرَ بَعْضَهُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لأَضْرِبَنَّكَ ضَرْباً أَدَعُكَ لِمَنْ بَعْدَكَ نَكَالاً. قَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ, لاَ تَطْغَ فِيَّ, إِنَّ الدُّنْيَا قَدِ انْكَسَرَتْ عِمَادُهَا, وَانْخَسَفَتْ أوتادها, وأحبها أصاحبها. قَالَ: فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَأَخَذَ بِيَدِ جُبَيْرٍ, وَقَالَ: لَئِنْ كَانَ تَكَلَّمَ بِهِ جُبَيْرٌ, لَقَدْ تَكَلَّمَ بِهِ أَبُو الدَّرْدَاءِ, وَلَوْ شَاءَ جُبَيْرٌ أَنْ يُخْبِرَ أَنَّمَا سَمِعَهُ مِنِّي, لَفَعَلَ, وَلَوْ ضَرَبْتُمُوْهُ, لَضَرَبَكُمُ اللهُ بِقَارِعَةٍ تَتْرُكُ دِيَارَكُم بَلاَقِعَ.
هَذَا خَبَرٌ مُنْكَرٌ, لَمْ يَكُنْ لِجُبَيْرٍ ذِكْرٌ بَعْدُ فِي زمَنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ, بَلْ كَانَ شَابّاً يَتَطَلَّبُ العِلْمَ, وَأَيْضاً فَكَانَ يَزِيْدُ فِي آخِرِ مُدَّةِ أَبِي الدَّرْدَاءِ طِفْلاً عُمُرُهُ خَمْسُ سِنِيْنَ وَلَعَلَّ قَدْ جَرَى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.
وَمِمَّنْ رَوَى جُبَيْرٌ عَنْهُم: مَالِكُ بنُ يَخَامِرَ السَّكْسَكِيُّ, وَأَبُو مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيُّ, وَأُمُّ الدَّرْدَاءِ, وَكَانَ هو كثير بنُ مُرَّةَ مِنْ أَئِمَّةِ التَّابِعِيْنَ بِحِمْصَ وَبِدِمَشْقَ قَالَ بِتَوْثِيْقِهِمَا غَيْرُ وَاحِدٍ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ: مَاتَ جُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ في سنة خمس وَسَبْعِيْنَ. وَأَمَّا ابْنُ سَعْدٍ, وَشَبَابٌ وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ التَّمِيْمِيُّ, فَقَالُوا: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ.(5/33)
392- عبد الرحمن بن يزيد 1: "ع"
ابن قيس، الإِمَامُ الفَقِيْهُ، أَبُو بَكْرٍ النَّخَعِيُّ, أَخُو الأَسْوَدِ بنِ يَزِيْدَ. حَدَّثَ عَنْ: عُثْمَانَ, وَابْنِ مَسْعُوْدٍ, وَسَلْمَانَ الفَارِسِيِّ, وَحُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ, وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ وَعُمَارَةُ بنُ عُمَيْرٍ وَجَامِعُ بنُ شَدَّادٍ وَمَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ:يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ, وَغَيْرُهُ. مَاتَ: بَعْدَ ثَمَانِيْنَ, وَقَدْ شَاخَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: رَوَى عَنْ: عُمَرَ, وَعَبْدِ اللهِ. قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ, عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ أَبِيْهِ رَأَيْتُ عُمَرَ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَقَالَ أَبُو صَخْرَةَ: رَأَيْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن يزيد عمامة سوداء.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 121"، التاريخ الكبيرة "5/ ترجمة 1152"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1416"، الكاشف "2/ ترجمة 3390"، تهذيب التهذيب "6/ 299" خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4286".(5/33)
393- ابنه محمد بن عبد الرحمن 1: "4"
النَّخَعِيُّ، يَرْوِي عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَنْ عَمِّهِ، الأَسْوَدِ وَعَنْ عَمِّ أَبِيْهِ عَلْقَمَةَ وَعَنْهُ زُبَيْدٌ اليَامِيُّ، وَالحَكَمُ وَمَنْصُوْرٌ, وَالأَعْمَشُ, وَالحَسَنُ بنُ عَمْرٍو الفُقَيْمِيُّ.
وَثَّقَهُ: ابْنُ مَعِيْنٍ, وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: رَفِيْعُ القَدْرِ مِنَ الجِلَّةِ وَقَالَ حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ: كان يقول له الكيس لتلطفه في العبادة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 298"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 456"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1737"، الكاشف "3/ ترجمة 5083"، تاريخ الإسلام "4/ 51"، تهذيب التهذيب "9/ 508"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6445".(5/34)
394- عمرو بن الأسود 1: "خ، م"
العنسي، وَيُقَالُ لَهُ: عُمَيْرُ بنُ الأَسْوَدِ، أَبُو عِيَاضٍ -وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ -الحِمْصِيُّ, نَزِيْلُ دَارِيَّا أَدْرَكَ الجَاهِلِيَّةَ وَالإِسْلاَمَ, وَكَانَ مِنْ سَادَةِ التَّابِعِيْنَ دِيْناً وَوَرَعاً.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ, وَابْنِ مَسْعُوْدٍ, وَأَبِي الدَّرْدَاءِ, وَعُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ, وَأُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ الشَّهِيْدَةِ, وَالعِرْبَاضِ بنِ سَارِيَةَ, وَغَيْرِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُجَاهِدٌ وَخَالِدُ بنُ مَعْدَانَ وَأَبُو راشد الحبراني ويونس ابن سَيْفٍ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ وَأَبُو الحَسَنِ بنُ سُمَيْعٍ: عَمْرُو بنُ الأَسْوَدِ هُوَ عُمَيْرٌ, يُكْنَى: أَبَا عِيَاضٍ.
قُلْتُ: حَدِيْثُهُ فِي الجِهَادِ مِنْ "صَحِيْحِ البُخَارِيِّ" عُمَيْرُ بنُ الأَسْوَدِ, وَجَعَلَهُمَا ابن سعد اثنين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد: "7/ 442"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2504"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1222"، الكاشف "2/ ترجمة 4189"، تهذيب التهذيب "8/ 4- 6"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5253".(5/34)
بَقِيَّةُ، عَنْ صَفْوَانَ بنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الحمن بنِ جُبَيْرٍ, قَالَ: حَجَّ عَمْرُو بنُ الأَسْوَدِ, فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى المَدِيْنَةِ, نَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ يُصَلِّي, فَسَأَلَ عَنْهُ. فَقِيْلَ: شَامِيٌّ, يُقَالُ لَهُ: عَمْرُو بنُ الأَسْوَدِ. فَقَالَ مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَشْبَهَ صَلاَةً وَلاَ هَدْياً وَلاَ خُشُوْعاً وَلاَ لِبْسَةً بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ هذا الرجل.
عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ نَجْدَةَ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ أَرْطَاةَ، بنِ المُنْذِرِ، حَدَّثَنِي رُزَيْقٌ أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَلْهَانِيُّ: أَنَّ عَمْرَو بنَ الأَسْوَدِ قَدِمَ المَدِيْنَةَ, فَرَآهُ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي, فَقَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَشْبَهِ النَّاسِ صَلاَةً بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلْيَنظُرْ إِلَى هَذَا ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ بِقِرَىً وَعَلَفٍ وَنَفَقَةٍ فَقَبِلَ ذَلِكَ وَرَدَّ النَّفَقَةَ.
أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ": حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ, حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ, عَنْ ضَمْرَةَ بنِ حَبِيْبٍ, وَحَكِيْمِ بنِ عُمَيْرٍ, قَالاَ: قَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى هَدْيِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَدْيِ عَمْرِو بنِ الأَسْوَدِ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ: عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي مَرْيَمَ, عَنْ ضَمْرَةَ وَحْدَهُ, عَنْ عَمْرِو بنِ الأَسْوَدِ: أَنَّهُ مَرَّ عَلَى عُمَرَ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ: حَدَّثَنِي شُرَحْبِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ, عَنْ عَمْرِو بنِ الأَسْوَدِ العَنْسِيِّ: أَنَّهُ كَانَ يَدَعُ كَثِيْراً مِنَ الشِّبَعِ مَخَافَةَ الأَشَرِ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ: أَنْبَأَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ, أَنْبَأَنَا أَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ وَأَبُو الفَضْلِ الأُرْمَوِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيُّ, قَالُوا: أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ المُسْلِمَةِ, أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُهْرِيُّ, حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيُّ, حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ العَلاَءِ الحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ عَنْ بَحِيْرِ بنِ سَعْدٍ, عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ, عَنْ عَمْرِو بنِ الأَسْوَدِ العَنْسِيِّ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنَ المَسْجِدِ, قَبَضَ بِيَمِيْنِهِ عَلَى شِمَالِهِ, فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ, فَقَالَ: مَخَافَةَ أَنْ تُنَافِقَ يدي.
قُلْتُ يُمْسِكُهَا خَوْفاً مِنْ أَنْ يَخْطُرَ بِيَدِهِ فِي مِشْيَتِهِ, فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الخُيَلاَءِ.
تُوُفِّيَ: فِي خِلاَفَةِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ.(5/35)
395- أما: عمير بن هانئ العَنْسِيُّ 1:
الدَّارَانِيُّ، فَتَابِعِيٌّ صَغِيْرٌ جَلِيْلٌ. وَلِيَ الخَرَاجَ بِدِمَشْقَ لِعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَقَدْ سَارَ رَسُوْلاً إِلَى الحَجَّاجِ وَهُوَ يُحَاصِرُ ابْنَ الزُّبَيْرِ. وَرَوَى عَنِ: ابْنِ عُمَرَ. وَلَهُ تَرْجَمَةٌ مُطَوَّلَةٌ فِي "تَارِيْخِ دِمَشْقَ" قُتِلَ, وَأُتِيَ بِرَأْسِهِ إِلَى مَرْوَانَ الحِمَارِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ -رحمه الله.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3236"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2097" الكاشف "2/ ترجمة 4358"، تاريخ الإسلام "5/ 119"، تهذيب التهذيب "8/ 149- 150"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5462".(5/36)
396- أبو الأسود 1: "ع"
الدؤلي، وَيُقَالُ: الدِّيْلِيُّ: العَلاَّمَةُ, الفَاضِلُ, قَاضِي البَصْرَةِ. وَاسْمُهُ: ظَالِمُ بنُ عَمْرٍو عَلَى الأَشْهَرِ. وُلِدَ: فِي أيام النبوة.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ, وَعَلِيٍّ, وَأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ, وَأَبِي ذَرٍّ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ, وَالزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ وَطَائِفَةٍ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ قَرَأَ عَلَيْهِ: وَلَدُهُ أَبُو حَرْبٍ وَنَصْرُ بنُ عَاصِمٍ اللَّيْثِيُّ, وَحُمْرَانُ بنُ أَعْيَنَ, وَيَحْيَى بنُ يَعْمَرَ.
قُلْتُ: الصَّحِيْحُ أَنَّ حُمْرَانَ هَذَا إِنَّمَا قَرَأَ عَلَى أَبِي حَرْبٍ بنِ أَبِي الأَسْوَدِ, نَعَمْ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ، وَيَحْيَى بنُ يَعْمَرَ, وَابْنُ بُرَيْدَةَ, وَعُمَرُ مَوْلَى غُفْرَةَ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ, كَانَ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ فِي النَّحْوِ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ غَيْرُهُ: قَاتَلَ أَبُو الأَسْوَدِ يَوْمَ الجَمَلِ مَعَ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ, وَكَانَ مِنْ وُجُوْهِ الشِّيْعَةِ وَمِنْ أَكْمَلِهِم عَقْلاً وَرَأْياً وَقَدْ أَمَرَهُ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بِوَضْعِ شَيْءٍ فِي النَّحْوِ لَمَّا سَمِعَ اللحن. قال: فأراه أبو الأسود وما وَضَعَ. فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا أَحْسَنَ هَذَا النَّحْوَ الَّذِي نَحَوْتَ! فَمِنْ ثَمَّ سُمِّيَ النَّحْوُ نَحْواً.
وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا الأَسْوَدِ أَدَّبَ عُبَيْدَ اللهِ ابن الأمير زياد ابن أبيه.
__________
1 ترجمة في طبقات ابن سعد "7/ 99"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2563"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 2214"، أسد الغابة "3/ 69"، تاريخ الإسلام "3/ 94"، الإصابة "2/ ترجمة 4329 و 4333" و "4/ ترجمة 89و 99"، تهذيب التهذيب "12/ 10".(5/36)
وَنَقَلَ ابْنُ دَابٍ: أَنَّ أَبَا الأَسْوَدِ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بَعْدَ مَقْتَلِ عَلِيٍّ, فَأَدْنَى مَجْلِسَهُ, وَأَعْظَمَ جَائِزَتَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ: أَبُو الأَسْوَدِ هُوَ أَوَّلُ مَنْ وَضَعَ بَابَ الفَاعِلِ, وَالمَفْعُوْلِ, وَالمُضَافِ وَحَرْفِ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالجَرِّ وَالجَزْمِ, فَأَخَذَ ذَلِكَ عَنْهُ يَحْيَى بنُ يَعْمَرَ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَخَذَ أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ عَلِيٍّ العَرَبِيَّةَ, فَسَمِعَ قَارِئاً يَقْرَأُ: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُه} بِكَسْرِ اللاَّمِ بَدَلاً عَنْ ضَمِّهَا-[التَّوْبَةُ: 3] ، فَقَالَ: مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَمْرَ النَّاسِ قَدْ صَارَ إِلَى هَذَا. فَقَالَ لِزِيَادٍ الأَمِيْرِ: ابْغِنِي كَاتِباً لَقِناً1 فَأَتَى بِهِ, فَقَالَ لَهُ أَبُو الأَسْوَدِ: إِذَا رَأَيْتَنِي قَدْ فَتَحْتُ فَمِي بِالحَرْفِ, فَانْقُطْ نُقْطَةً أَعْلاَهُ, وَإِذَا رَأَيْتَنِي قَدْ ضَمَمْتُ فَمِي, فَانْقُطْ نُقْطَةً بَيْنَ يَدَيِ الحَرْفِ وَإِنْ كَسَرْتُ, فَانْقُطْ نُقْطَةً تَحْتَ الحَرْفِ فَإِذَا أَتْبَعْتُ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ غُنَّةً فَاجْعَلْ مَكَانَ النُّقْطَةِ نُقْطَتَيْنِ, فَهَذَا نَقْطُ أَبِي الأَسْوَدِ.
وَقَالَ المُبَرِّدُ: حَدَّثَنَا المَازِنِيُّ, قَالَ: السَّبَبُ الَّذِي وُضِعَتْ لَهُ أَبْوَابُ النَّحْوِ: أَنَّ بِنْتَ أَبِي الأَسْوَدِ قَالَتْ لَهُ مَا أَشَدُّ الحَرِّ! فَقَالَ: الحَصْبَاءُ بِالرَّمْضَاءِ. قَالَتْ: إِنَّمَا تَعَجَّبْتُ مِنْ شِدَّتِهِ. فَقَالَ أَوَقَدْ لَحَنَ النَّاسُ فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَأَعْطَاهُ أُصُوْلاً بَنَى مِنْهَا, وَعَمِلَ بَعْدَهُ عَلَيْهَا. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ نَقَطَ المَصَاحِفَ, وَأَخَذَ عَنْهُ النَّحْوَ: عَنْبَسَةُ الفِيْلُ, وَأَخَذَ عَنْ عَنْبَسَةَ: مَيْمُوْنٌ الأَقْرَنُ, ثُمَّ أَخَذَهُ عَنْ مَيْمُوْنٍ: عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ الحَضْرَمِيُّ, وَأَخَذَهُ عَنْهُ: عِيْسَى بنُ عُمَرَ وَأَخَذَهُ عَنْهُ الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ وَأَخَذَهُ عَنْهُ سِيْبَوَيْه وَأَخَذَهُ عَنْهُ سَعِيْدٌ الأَخْفَشُ2.
وَيَعْقُوْبُ الحَضْرَمِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ سَلْمٍ البَاهِلِيُّ, حَدَّثَنَا أَبِي, عَنْ جَدِّي, عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ, قَالَ دَخَلْتُ عَلَى علي, فرأيته مطوقًا, فَقُلْتُ: فِيْمَ تَتَفَكَّرُ يَا أَمِيَرَ المُؤْمِنِيْنَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ بِبَلَدِكُم لَحْناً فَأَرَدْتُ أَنْ أَضَعَ كِتَاباً فِي أُصُوْلِ العَرَبِيَّةِ. فَقُلْتُ: إِنْ فَعَلْتَ هَذَا, أَحْيَيْتَنَا. فَأَتَيْتُهُ بَعْدَ أَيَّامٍ فَأَلْقَى إِلَيَّ صَحِيْفَةً فِيْهَا:
الكَلاَمُ كُلُّهُ اسْمٌ، وَفِعْلٌ، وَحَرْفٌ، فَالاسْمُ: مَا أَنْبَأَ عَنِ المُسَمَّى، وَالفِعْلُ: مَا أَنْبَأَ عن حركة المسمى، والحرف: وما أَنْبَأَ عَنْ مَعْنَىً لَيْسَ بِاسْمٍ وَلاَ فِعْلٍ. ثُمَّ قَالَ لِي: زِدْهُ وَتَتَبَّعْهُ فَجَمَعْتُ أَشْيَاءَ ثم عرضتها عليه.
__________
1 اللقن: سريع الفهم.
2 هو: الاخفش الأوسط سعيد بن مسعدة المجاشعي المتوفى 215هـ.(5/37)
عُمَرُ بنُ شَبَّةَ: حَدَّثَنَا حَيَّانُ بنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ آدَمَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ جَاءَ أَبُو الأَسْوَدِ إِلَى زِيَادٍ فَقَالَ: أَرَى العَرَبَ قَدْ خَالَطَتِ العَجَمَ, فَتَغَيَّرَتْ أَلْسِنَتُهُم أَفَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَضَعَ لِلْعَرَبِ كَلاَماً يُقِيْمُوْنَ بِهِ كَلاَمَهُم قَالَ: لاَ قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى زِيَادٍ فَقَالَ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ تُوُفِّيَ أَبَانَا وَتَرَكَ بَنُوْنَ فَقَالَ: ادْعُ لِي أَبَا الأَسْوَدِ فَدُعِيَ فَقَالَ: ضَعْ لِلنَّاسِ الَّذِي نَهَيْتُكَ عَنْهُ.
قَالَ الجَاحِظُ أَبُو الأَسْوَدِ مُقَدَّمٌ فِي طَبَقَاتِ النَّاسِ, كَانَ مَعْدُوْداً فِي الفُقَهَاءِ وَالشُّعَرَاءِ وَالمُحَدِّثِيْنَ وَالأَشْرَافِ, وَالفُرْسَانِ وَالأُمَرَاءِ, وَالدُّهَاةِ وَالنُّحَاةِ وَالحَاضِرِي الجَوَابِ وَالشِّيْعَةِ وَالبُخَلاَءِ وَالصُّلْعِ الأَشْرَافِ.
وَمِنْ "تَارِيْخِ دِمَشْقَ" أَبُو الأَسْوَدِ ظَالِمُ بنُ عَمْرِو بنِ ظَالِمٍ. وَقِيْلَ: جَدُّهُ سُفْيَانُ. وَيُقَالُ: هُوَ عُثْمَانُ بنُ عَمْرٍو وَيُقَالُ: عَمْرُو بنُ ظَالِمٍ, وَأَنَّهُ وَلِيَ قَضَاءَ البَصْرَةِ زَمَنَ عَلِيٍّ.
قَالَ الحَازِمِيُّ: أَبُو الأَسْوَدِ الدُّوْلِيُّ مَنْسُوْبٌ إِلَى دُوْلِ بنِ حَنِيْفَةَ بنِ لُجَيْمٍ. وَقَالَ أَبُو اليَقْظَانِ: الدُّوْلُ بِضَمِّ الدَّالِ وَسُكُوْنِ الوَاوِ- مِنْ بَكْرِ بنِ وَائِلٍ. عَدَدُهُم كَثِيْرٌ, مِنْهُم فَرْوَةُ بنُ نُفَاثَةَ؛ صَاحِبُ بَعْضِ الشَّامِ فِي الجَاهِلِيَّةِ. وَزَعَمَ يُوْنُسُ أَنَّ الدُّوْلَ امْرَأَةٌ مِنْ كِنَانَةَ, وَهُمْ رَهْطُ أَبِي الأَسْوَدِ وَأَمَّا بَنُوْ عَدِيِّ بنِ الدُّوْلِ فَلَهُم عَدَدٌ كَثِيْرٌ بِالحِجَازِ مِنْهُم عَمْرُو بنُ جَنْدَلٍ وَالِدُ أَبِي الأَسْوَدِ ظَالِمٍ وَأَمُّهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بنِ قُصَيٍّ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيْبٍ: فِي عَنْزَةَ: الدُّوْلُ بنُ سَعْدِ مَنَاةَ. وَفِي ضَبَّةَ: الدُّوْلُ بنُ جَلٍّ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُتَيْبَةَ: الدُّوْلُ فِي بَنِي حَنِيْفَةَ, وَالدِّيْلُ فِي بَنِي عَبْدِ القَيْسِ وَالدُّئْلُ بِالهَمْزِ فِي كِنَانَةَ, مِنْهُم: أَبُو الأَسْوَدِ الدُّئْلِيُّ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيُّ: أَبُو الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ عَلَى زِنَةِ العُمَرِيِّ هَكَذَا يَقُوْلُ البَصْرِيُّوْنَ منسوب إلى دؤل حي بن كِنَانَةَ.
وَقَالَ عِيْسَى بنُ عُمَرَ: بِالكَسْرِ عَلَى الأَصْلِ، وَكَانَ جَمَاعَةٌ يَقُوْلُوْنَ: الدِّيْلِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ: الدُّؤَلِيُّ بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِ الهَمْزَةِ: قَبِيْلَةٌ مِنْ كِنَانَةَ. قَالَ: وَالدُّئِلُ -يَعْنِي بِكَسْرِ الهَمْزَةِ: فِي عَبْدِ القَيْسِ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ البُخَارِيُّ: الدِّيْلُ مِنْ بَنِي حَنِيْفَةَ, وَالدُّوْلُ مِنْ كِنَانَةَ, وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ: أَبُو الأَسْوَدِ الدُّئِلِيُّ بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِ الهَمْزَةِ. وَقَالَ المُبَرِّدُ: بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِ الهَمْزَةِ, مِنَ الدُّئِلِ بِالكَسْرِ, هِيَ دَابَّةٌ, امْتَنَعُوا مِنَ الكَسْرِ لِئَلاَّ يُوَالُوا بَيْنَ الكَسْرَاتِ كَمَا قَالُوا فِي النَّمِرِ: النمري.
قَالَ ابْنُ حَبِيْبٍ: فِي تَغْلِبَ الدِّيْلُ، وَفِي عَبْدِ القَيْسِ، وَفِي إِيَادٍ، وَفِي الأَزْدِ. انْتَهَى مَا نَقَلَهُ الحَازِمِيُّ.
فَيَجِيْءُ فِي أَبِي الأَسْوَدِ: الدُّوْلِيُّ, وَالدِّيْلِيُّ, وَالدُّؤَلِيُّ, وَالدُّئِلِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ السِّيْدِ: الدُّئِل بِكَسْرِ الهَمْزَةِ, لاَ أَعْلَمُ فِيْهِ خِلاَفاً.
وَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إِنَّ ابْنَ مَاكُوْلاَ وَالحَازِمِيَّ وَهِمَا فِي أَنَّ فَرْوَةَ بنَ نُفَاثَةَ مِنَ الدُّوْلِ, بَلْ هُوَ جُذَامِيٌّ. وَجُذَامٌ وَالدُّوْلُ لا يجتمعانإلَّا فِي سَبَأِ بنِ يَشْجُبَ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: مَاتَ أَبُو الأَسْوَدِ فِي طَاعُوْنِ الجَارِفِ, سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيْحُ وَقِيْلَ: مَاتَ قُبَيْلَ ذَلِكَ وَعَاشَ خَمْساً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً وَأَخْطَأَ مَنْ قَالَ: تُوُفِّيَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ بن عبد العزيز.(5/38)
397- الأحنف بن قيس 1: "ع"
ابن معاوية بن حصين, الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ, العَالِمُ النَّبِيْلُ, أَبُو بَحْرٍ التَّمِيْمِيُّ, أحد من يضرب بحلمه وسؤدده المثل. اسْمُهُ ضَحَّاكٌ وَقِيْلَ: صَخْرٌ وَشُهِرَ بِالأَحْنَفِ لِحَنَفِ رِجْلَيْهِ وَهُوَ العَوَجُ وَالمَيْلُ. كَانَ سَيِّدَ تَمِيْمٍ أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ, وَعَلِيٍّ وَأَبِي ذَرٍّ وَالعَبَّاسِ, وَابْنِ مَسْعُوْدٍ, وَعُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ, وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: عَمْرُو بنُ جَاوَانَ، وَالحَسَنُ البَصْرِيُّ، وَعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ، وَطَلْقُ بنُ حَبِيْبٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَمِيْرَةَ وَيَزِيْدُ بنُ الشِّخِّيْرِ, وَخُلَيْدٌ العَصَرِيُّ, وَآخَرُوْنَ. وَهُوَ قَلِيْلُ الرِّوَايَةِ.
كَانَ مِنْ قُوَّادِ جَيْشِ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّيْنَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، مَأْمُوْناً، قَلِيْلَ الحَدِيْثِ، وَكَانَ صَدِيْقاً لِمُصْعَبِ بنِ الزُّبَيْرِ, فَوَفَدَ عَلَيْهِ إِلَى الكُوْفَةِ, فَمَاتَ عِنْدَهُ بِالكُوْفَةِ.
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي شَيْخٍ: كَانَ أَحْنَفَ الرِّجْلَيْنِ جَمِيْعاً, وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا بَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ, وَاسْمُهُ: صَخْرُ بنُ قَيْسٍ, أَحَدُ بَنِي سَعْدٍ. وأمه باهلية, فكانت ترقصه, وتقول:
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 93"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1649"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1226"، أسد الغابة "1/ 55"، تاريخ الإسلام "3/ 129"، تهذيب التهذيب "1/ 191" الإصابة "1/ ترجمة 429".(5/39)
وَاللهِ لَوْلاَ حَنَفٌ بِرِجْلِهِ ... وَقِلَّةٌ أَخَافُهَا مِنْ نَسْلِهِ
مَا كَانَ فِي فِتْيَانِكُم مِنْ مِثْلِهِ
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: هُوَ افْتَتَحَ مَرْوَ الرُّوْذَ. وَكَانَ الحَسَنُ وَابْنُ سِيْرِيْنَ فِي جَيْشِهِ ذَاكَ. قُلْتُ: هَذَا فِيْهِ نَظَرٌ, هُمَا يَصْغُرَانِ عن ذلك.
حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عَنِ الحَسَنِ، عَنِ الأَحْنَفِ بنِ قَيْسٍ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَطُوْفُ بِالبَيْتِ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ, إِذْ لَقِيَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ فَأَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ: إلَّا أُبَشِّرُكَ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: أَمَا تَذْكُرُ إِذْ بَعَثَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى قَوْمِكَ بَنِي سَعْدٍ أَدْعُوْهُم إِلَى الإِسْلاَمِ, فَجَعَلْتُ أُخْبِرُهُم, وَأَعْرِضُ عَلَيْهِم, فَقُلْتَ: إِنَّهُ يَدْعُو إِلَى خَيْرٍ, وَمَا أَسْمَعُ إلَّا حَسَناً؟ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلأَحْنَفِ" فَكَانَ الأَحْنَفُ يَقُوْلُ: فَمَا شَيْءٌ أَرْجَى عِنْدِي مِنْ ذَلِكَ رَوَاهُ: أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"1.
العَلاَءُ بنُ الفَضْلِ المِنْقَرِيُّ: حَدَّثَنَا العَلاَءُ بنُ جَرِيْرٍ حَدَّثَنِي عُمَرُ بنُ مُصْعَبِ بنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمِّهِ عُرْوَةَ حَدَّثَنِي الأَحْنَفُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بِفَتْحِ تُسْتَرَ فَقَالَ: قَدْ فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُم تُسْتَرَ, وَهِيَ مِنْ أَرْضِ البَصْرَةِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِيْنَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, إِنَّ هَذَا -يَعْنِي الأَحْنَفَ- الَّذِي كَفَّ عَنَّا بَنِي مُرَّةَ حِيْنَ بَعَثَنَا رَسُوْلُ اللهِ فِي صَدَقَاتِهِم, وَقَدْ كَانُوا هَمُّوا بِنَا. قَالَ الأَحْنَفُ: فَحَبَسَنِي عُمَرُ عِنْدَهُ سَنَةً, يَأْتِيْنِي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ, فَلاَ يَأْتِيْهِ عَنِّي إلَّا مَا يُحِبُّ. ثُمَّ دَعَانِي فَقَالَ: يَا أَحْنَفُ هَلْ تَدْرِي لِمَ حَبَسْتُكَ عِنْدِي قُلْتُ: لاَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ قَالَ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَذَّرَنَا كُلَّ مُنَافِقٍ عَلِيْمٍ2 فَخَشِيْتُ أَنْ تكون منهم فاحمد الله يا أحنف.
__________
1 ضعيف: أخرجه أحمد "5/ 372"، والحاكم "3/ 614"، طريق حماد بن سلمة، به.
قلت: إسناده ضعيف، فيه علي بن زيد، وهو ابن جدعان، ضعيف. وفيه عنعنه الحسن، وهو البصري، فقد كان مدلسًا.
2 صحيح بشاهده: أخرجه عبد بن حمد "11"، وأحمد "1/ 22 و 44" والبزار "168" والبيهقي في "شعب الإيمان" "1777" من طرق عن ديلم بن غزوان عبدي، حدثنا ميمون الكردي، حدثنا أبو عثمان النهدي عن عمر بن الخطاب أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إن أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي كُلُّ مُنَافِقٍ عليم اللسان".
قلت: إسناده حسن، ميمون الكردي، وثقة أبو داود. وقال ابن معين: لا بأس به وقال الأزدي: ضعيف، وله شاهد عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَخَوْفُ مَا أَخَافُ عليكم جدال المنافق عليم اللسان"، أخرجه ابن حبان "80"، والطبراني في "الكبير" "18/ 593" من طريق حسين المعلم، عن عبد الله بن بريدة، عن عمران بن حصين، به.
وأخرجه البزار "170" كشف الأستار من طريق خالد بن الحارث، حدثنا حسين المعلم، به. بلفظ: حذرنا رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلَّ منافق عليم اللسان.
وقال البزار في إثره: لا نحفظه إلا عن عمر وإسناد عمر صالح فأخرجناه عنه وأعدناه عن عمران الحسن إسناد عمران.(5/40)
حَمَّادٌ، عَنِ ابْن جُدْعَانَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنِ الأحنف، قال: احتبسني عُمَرُ عِنْدَهُ حَوْلاً، وَقَالَ: قَدْ بَلَوْتُكَ وَخَبَرْتُكَ، فرأيت علانتيك حَسَنَةً, وَأَنَا أَرْجُو أَنْ تَكُوْنَ سَرِيْرَتُكَ مِثْلَ عَلاَنِيَتِكَ, وَإِنَّا كُنَّا نَتَحَدَّثُ إِنَّمَا يُهْلِكُ هَذِهِ الأُمَّةَ كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيْمٍ.
قَالَ العِجْلِيُّ: الأَحْنَفُ بَصْرِيٌّ، ثِقَةٌ، كَانَ سَيِّدَ قَوْمِهِ، وَكَانَ أَعْوَرَ، أَحْنَفَ دَمِيْماً, قَصِيْراً كَوْسَجاً1 لَهُ بَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ, حَبَسَهُ عُمَرُ سَنَةً يَخْتَبِرُهُ فَقَالَ هَذَا وَاللهِ السَّيِّدُ.
مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قَدِمَ الأَحْنَفُ فَخَطَبَ, فَأَعْجَبَ عُمَرَ مَنْطِقُهُ. قَالَ: كُنْتُ أَخْشَى أَنْ تَكُوْنَ مُنَافِقاً عَالِماً, فَانْحَدِرْ إِلَى مِصْرِكَ, فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُوْنَ مُؤْمِناً.
وَعَنِ الأَحْنَفِ، قَالَ: كَذَبْتُ مَرَّةً وَاحِدَةً؛ سَأَلَنِي عُمَرُ عَنْ ثَوْبٍ: بِكَمْ أَخَذْتَهُ؟ فَأَسْقَطْتُ ثُلُثَيِ الثَّمَنِ.
يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: وَفَّدَ أَبُو مُوْسَى وَفْداً مِنَ البَصْرَةِ إِلَى عُمَرَ مِنْهُمُ الأَحْنَفُ بنُ قَيْسٍ, فَتَكَلَّمَ كُلُّ رَجُلٍ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ, وَكَانَ الأَحْنَفُ فِي آخِرِ القَوْمِ, فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فَإِنَّ أَهْلَ مِصْرَ نَزَلُوا مَنَازِلَ فِرْعَوْنَ وَأَصْحَابِهِ وَإِنَّ أَهْلَ الشَّامِ نَزَلُوا مَنَازِلَ قَيْصَرَ وَأَصْحَابِهِ, وَإِنَّ أَهْلَ الكُوْفَةِ نَزَلُوا مَنَازِلَ كِسْرَى وَمَصَانِعَهُ فِي الأَنْهَارِ وَالجِنَانِ, وَفِي مِثْلِ عَيْنِ البَعِيْرِ وَكَالحُوَارِ فِي السَّلَى2، تَأْتِيْهِم ثِمَارُهُم قَبْلَ أَنْ تَبلُغَ, وَإِنَّ أَهْلَ البَصْرَة نَزَلُوا فِي أرض سبخة زعقة3، نَشَّاشَةٍ4، لاَ يَجِفُّ تُرَابُهَا، وَلاَ يَنْبُتُ مَرْعَاهَا، طَرَفُهَا فِي بَحْرٍ أُجَاجٍ, وَطَرَفٌ فِي فَلاَةٍ, لاَ يَأْتِيْنَا شَيْءٌ إلَّا فِي مِثْلِ مَرِيْءِ النَّعَامَةِ5 فَارْفَعْ خَسِيْسَتَنَا وَانْعَشْ وَكِيْسَتَنَا, وَزِدْ فِي عِيَالِنَا عِيَالاً, وَفِي رِجَالِنَا رِجَالاً, وَصَغِّرْ دِرْهَمَنَا, وَكَبِّرْ قَفِيْزَنَا, وَمُرْ لَنَا بِنَهْرٍ نَسْتَعْذِبْ مِنْهُ. فقال عمر: عجزتم أن
__________
1 الكوسج: الذي لا شعر على عارضيه.
2 الحوار: ولد الناقة ساعة وضعه. والسلى: الجلد الرقيق الذي يخرج منه الولد من بطن أمه ملفوفًا فيه.
3 سبخة: ذات نز وملح. زعقة: ماؤها مرًا غليظًا.
4 نشاشة: الأرض السبخة النشاشة: هو ما يظهر من ماء السباخ فينش فيها حتى يعود ملحًا. وقيل النشاشة التي لا يجف تربها ولا ينبت مرعاها.
5 خص مرئ النعام لضيق عنقه. والمرئ هو مجرى الطعام.(5/41)
تَكُوْنُوا مِثْلَ هَذَا, هَذَا -وَاللهِ- السَّيِّدُ قَالَ: فَمَا زِلْتُ أَسْمَعُهَا بَعْدُ. وَفِي رِوَايَةٍ: فِي مِثْلِ حُلْقُوْمِ النَّعَامَةِ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: تَوَجَّهَ ابْنُ عَامِرٍ1 إِلَى خُرَاسَانَ وَعَلَى مُقَدَّمَتِهِ الأَحْنَفُ فَلَقِيَ أَهْلَ هَرَاةَ, فَهَزَمَهُم, فَافْتَتَحَ ابْنُ عَامِرٍ أَبْرَشَهْرَ صُلْحاً وَيُقَالُ: عَنْوَةً -وَبَعَثَ الأَحْنَفَ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفٍ, فَتَجَمَّعُوا لَهُ مَعَ طُوقَانَ شَاهُ فَاقْتَتَلُوا قِتَالاً شَدِيْداً فَهَزَمَ اللهُ المُشْرِكِيْنَ.
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: كَانَ الأَحْنَفُ يَحْمِلُ وَيَقُوْلُ:
إِنَّ عَلَى كُلِّ رَئِيْسٍ حَقَّا ... أَنْ يَخْضِبَ القَنَاةَ أَوْ تندقا
وَقِيْلَ: سَارَ الأَحْنَفُ إِلَى بَلْخَ فَصَالَحُوْهُ عَلَى أَرْبَعِ مائَةِ أَلْفٍ, ثُمَّ أَتَى خُوَارِزْمَ, فَلَمْ يُطِقْهَا, فَرَجَعَ. وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: أَنَّ ابْنَ عامر خرج من خرسان مُعْتَمِراً, قَدْ أَحْرَمَ مِنْهَا, وَخَلَّفَ عَلَى خُرَاسَانَ الأَحْنَفَ وَجَمَعَ أَهْلُ خُرَاسَانَ جَمْعاً كَبِيْراً, وَتَجَمَّعُوا بِمَرْوَ, فَالْتَقَاهُمُ الأَحْنَفُ, فَهَزَمَهُم, وَكَانَ ذَلِكَ الجَمْعُ لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ.
ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوْبَ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ عُمَرَ ذَكَرَ بَنِي تَمِيْمٍ فَذمَّهُم فَقَامَ الأَحْنَفُ فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ ائْذَنْ لِي قَالَ: تَكَلَّمْ قَالَ: إِنَّكَ ذَكَرْتَ بَنِي تَمِيْمٍ فَعَمَمْتَهُم بِالذَّمِّ وَإِنَّمَا هُمْ مِنَ النَّاسِ فِيْهِمُ الصَّالِحُ وَالطَّالِحُ فَقَالَ: صَدَقْتَ فَقَامَ الحُتَاتُ وَكَانَ يُنَاوِئُهُ فَقَالَ: يَا أمير المؤمنين ائذن لي فأتكلم قَالَ: اجْلِسْ, فَقَدْ كَفَاكُمْ سَيِّدُكُمُ الأَحْنَفُ.
رَوَى ابْنُ جُدْعَانَ, عَنِ الحَسَنِ: أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوْسَى: ائْذَنْ لِلأَحْنَفِ بنِ قَيْسٍ وَشَاوِرْهُ, وَاسْمَعْ مِنْهُ.
قَتَادَةُ: عَنِ الحَسَنِ, قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَرِيْفَ قَوْمٍ كَانَ أَفَضْلَ مِنَ الأحنف.
__________
1 هو: عَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرِ بنِ كُرَيْزِ بنِ ربيعة بن حبيب بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قصي، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ العَبْشَمِيُّ الَّذِي افْتَتَحَ إقليم خراسان، وهو ابن خال عثمان بن عفان، وَأَبُوْهُ عَامِرٌ هُوَ ابْنُ عَمَّةِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البَيْضَاءِ بِنْتِ عَبْدِ المُطَّلِبِ. وَلِيَ البَصْرَةَ لِعُثْمَانَ ثُمَّ وَفَدَ عَلَى معاوية، فزوجه بابنته هند، استعمله عثمان على البصرة، وعزل أبا مُوْسَى فَقَالَ أَبُو مُوْسَى: قَدْ أَتَاكُم فَتَىً مِنْ قُرَيْشٍ، كَرِيْمُ الأُمَّهَاتِ وَالعَمَّاتِ وَالخَالاَتِ، يَقُوْلُ بالمال فيكم هكذا وهكذا. هو الَّذِي افْتَتَحَ خُرَاسَانَ، وَقُتِلَ كِسْرَى فِي وِلاَيَتِهِ، وَأَحْرَمَ مِنْ نَيْسَابُوْرَ شُكْراً للهِ. وَعَمِلَ السِّقَايَاتِ بعرفة وكان سخيًا كريمًا. تقدم ترجمة المؤلف له في الجزء السابق برقم ترجمة "228".(5/42)
قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: قِيْلَ لِلأَحْنَفِ: بِمَ سَوَّدُوْكَ؟ قَالَ: لَوْ عَابَ النَّاسُ المَاءَ لَمْ أَشْرَبْهُ.
وَقِيْلَ: عَاشَتْ بَنُوْ تَمِيْمٍ بِحِلْمِ الأَحْنَفِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً وَفِيْهِ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا الأَبْصَارُ أَبْصَرَتِ ابْنَ قَيْسٍ ... ظَلَلْنَ مَهَابَةً مِنْهُ خُشُوْعَا
وَقَالَ خَالِدُ بنُ صَفْوَانَ: كَانَ الأَحْنَفُ يَفِرُّ مِنَ الشَّرَفِ, وَالشَّرَفُ يَتْبَعُهُ.
وَقِيْلَ لِلأَحْنَفِ: إِنَّكَ كَبِيْرٌ، وَالصَّوْمُ يُضْعِفُكَ. قَالَ: إِنِّي أُعِدُّهُ لِسَفَرٍ طَوِيْلٍ. وَقِيْلَ: كَانَتْ عَامَّةُ صَلاَةِ الأَحْنَفِ بِاللَّيْلِ، وَكَانَ يضع أصبعه على المصباح، ثم يقول: حس1. وَيَقُوْلُ: مَا حَمَلَكَ يَا أَحْنَفُ عَلَى أَنْ صَنَعْتَ كَذَا يَوْمَ كَذَا.
مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: حَدَّثَنَا أَبُو كَعْبٍ صَاحِبُ الحَرِيْرِ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَصْفَرِ: أَنَّ الأَحْنَفَ اسْتُعْمِلَ عَلَى خُرَاسَانَ، فَأَجْنَبَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، فَلَمْ يُوْقِظْ غِلْمَانَهُ، وَكَسَرَ ثَلْجاً وَاغْتَسَلَ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ بَكْرٍ المُزَنِيُّ, عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَرِ, سَمِعَ الأَحْنَفَ يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ إِنْ تَغفِرْ لِي فَأَنْتَ أَهْلُ ذَاكَ, وَإِنْ تُعَذِّبْنِي فَأَنَا أَهْلُ ذَاكَ.
قَالَ مُغِيْرَةُ: ذَهَبَتْ عَيْنُ الأَحْنَفِ، فَقَالَ: ذَهَبَتْ مِنْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، مَا شَكَوْتُهَا إِلَى أَحَدٍ.
ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ: ذَكَرُوا عَنْ مُعَاوِيَةَ شَيْئاً، فَتَكَلَّمُوا وَالأَحْنَفُ سَاكِتٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَحْرٍ, مالك لاَ تَتَكَلَّمُ؟ قَالَ: أَخْشَى اللهَ إِنْ كَذَبْتُ وَأَخْشَاكُم إِنْ صَدَقْتُ.
وَعَنِ الأَحْنَفِ: عَجِبْتُ لِمَنْ يَجْرِي فِي مَجْرَى البَوْلِ مَرَّتَيْنِ كَيْفَ يَتَكَبَّرُ قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: قَالَ الأَحْنَفُ: ثَلاَثٌ فِيَّ مَا أَذْكُرُهُنَّ إلَّا لِمُعْتَبِرٍ: مَا أَتَيْتُ بَابَ سلطانإلَّا أَنْ أُدْعَى, وَلاَ دَخَلْتُ بَيْنَ اثْنَيْنِ حَتَّى يُدْخِلاَنِي بَيْنَهُمَا, وَمَا أَذْكُرُ أَحَداً بَعْدَ أَنْ يَقُوْمَ مِنْ عِنْدِي إلَّا بِخَيْرٍ.
وَعَنْهُ: مَا نَازَعَنِي أَحَدٌ إلَّا أَخَذْتُ أَمْرِي بِأُمُوْرٍ, إِنْ كَانَ فَوْقِي عَرَفْتُ لَهُ, وَإِنْ كَانَ دُوْنِي رَفَعْتُ قَدْرِي عَنْهُ, وَإِنْ كَانَ مِثْلِي تَفَضَّلْتُ عَلَيْهِ.
وَعَنْهُ، قَالَ: لَسْتُ بِحَلِيْمٍ، وَلَكِنِّي أَتَحَالَمُ.
وَقِيْلَ: إِنَّ رَجُلاً خَاصَمَ الأَحْنَفَ، وَقَالَ: لَئِنْ قُلْتَ وَاحِدَةً، لَتَسْمَعَنَّ عَشْراً. فَقَالَ: لَكِنَّكَ إِنْ قُلْتَ عَشْراً لَمْ تَسْمَعْ وَاحِدَةً.
وَقِيْلَ: إِنَّ رَجُلاً قَالَ لِلأَحْنَفِ: بِمَ سُدْتَ؟ -وَأَرَادَ أَنْ يَعِيْبَهُ- قَالَ الأَحْنَفُ: بِتَرْكِي مَا لاَ يَعْنِيْنِي كَمَا عَنَاكَ مِنْ أَمْرِي مَا لاَ يَعْنِيْكَ.
__________
1 كلمة تقال عند الألم.(5/43)
الأَصْمَعِيُّ، عَنْ مُعْتَمِرِ بنِ حَيَّانَ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُقْبَةَ أَخِي ذِي الرُّمَّةِ، قَالَ: شَهِدْتُ الأَحْنَفَ بنَ قَيْسٍ وَقَدْ جَاءَ إِلَى قَوْمٍ فِي دَمٍ، فَتَكلَّمَ فِيْهِ، وَقَالَ: احْتَكِمُوا قَالُوا: نَحْتَكِمُ دِيَتَيْنِ. قَالَ: ذَاكَ لَكُم. فَلَمَّا سَكَتُوا, قَالَ: أَنَا أُعْطِيْكُم مَا سَأَلْتُم, فَاسْمَعُوا: إِنَّ اللهَ قَضَى بِدِيَةٍ وَاحِدَةٍ, وَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَضَى بِدِيَةٍ وَاحِدَةٍ, وَإِنَّ العَرَبَ تَعَاطَى بَيْنَهَا دِيَةً وَاحِدَةً, وَأَنْتُمُ اليَوْمَ تُطَالِبُوْنَ وَأَخْشَى أَنْ تَكُوْنُوا غَداً مَطْلُوْبِيْنَ فَلاَ تَرْضَى النَّاسُ مِنْكُمْ إلَّا بِمِثْلِ مَا سَنَنْتُم. قَالُوا: رُدَّهَا إِلَى دِيَةٍ.
عَنِ الأَحْنَفِ: ثَلاَثَةٌ لاَ يَنْتَصِفُوْنَ مِنْ ثَلاَثَةٍ: شَرِيْفٌ مِنْ دَنِيْءٍ, وَبَرٌّ مِنْ فَاجِرٍ, وَحَلِيْمٌ مِنْ أَحْمَقَ.
وَقَالَ: مَنْ أَسْرَعَ إِلَى النَّاسِ بِمَا يَكْرَهُوْنَ، قَالُوا فِيْهِ مَا لاَ يَعْلَمُوْنَ. وَعَنْهُ، سُئِلَ: مَا المُرُوْءةُ؟ قَالَ كِتْمَانُ السِّرِّ وَالبُعْدُ مِنَ الشَّرِّ.
وَعَنْهُ: الكَامِلُ مَنْ عُدَّتْ سَقَطَاتُهُ.
وَعَنْهُ: قَالَ رَأْسُ الأَدَبِ آلَةُ المَنْطِقِ، لاَ خَيْرَ فِي قَوْلٍ بِلاَ فِعْلٍ، وَلاَ فِي مَنْظَرٍ بِلاَ مَخْبَرٍ, وَلاَ فِي مَالٍ بِلاَ جُوْدٍ, وَلاَ فِي صَدِيْقٍ بِلاَ وَفَاءٍ, وَلاَ فِي فِقْهٍ بِلاَ وَرَعٍ, وَلاَ فِي صَدَقَةٍ إلَّا بِنِيَّةٍ, ولا في حياة إلَّا بصحة وأمن.
وَعَنْهُ: العِتَابُ مِفْتَاحُ الثُّقَالَى، وَالعِتَابُ خَيْرٌ مِنَ الحِقْدِ.
هِشَامٌ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ: رَأَى الأَحْنَفُ فِي يَدِ رَجُلٍ دِرْهَماً, فَقَالَ: لِمَنْ هَذَا؟ قَالَ: لِي قَالَ: لَيْسَ هُوَ لَكَ حَتَّى تُخْرِجَهُ فِي أَجْرٍ أَوِ اكْتِسَابِ شُكْرٍ وَتَمَثَّلَ:
أَنْتَ لِلْمَالِ إِذَا أَمْسَكْتَهُ ... وَإِذَا أَنْفَقْتَهُ فَالمَالُ لَكْ
وَقِيْلَ: كَانَ الأَحْنَفُ إِذَا أَتَاهُ رَجُلٌ واسع لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَعَةٌ أَرَاهُ كَأَنَّهُ يُوْسِعُ لَهُ.
وَعَنْهُ قَالَ: جَنِّبُوا مَجَالِسَنَا ذِكْرَ النِّسَاءِ وَالطَّعَامِ, إِنِّي أُبْغِضُ الرَّجُلَ يَكُوْنُ وَصَّافاً لِفَرْجِهِ وَبَطْنِهِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَلَّم مُصْعَباً فِي مَحْبُوْسَيْنِ, وَقَالَ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ, إِنْ كَانُوا حُبِسُوا فِي بَاطِلٍ, فَالعَدْلُ يَسَعُهُم وَإِنْ كانوا حبسوا في الحق, فَالعَفْوُ يَسَعُهُم.
وَعَنْهُ, قَالَ: لاَ يَنْبَغِي لِلأَمِيْرِ الغَضَبُ, لأَنَّ الغَضَبَ فِي القُدْرَةِ لِقَاحُ السَّيْفِ وَالنَّدَامَةِ.
الأَصْمَعِيُّ, قَالَ: عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ, قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا الأَحْنَفُ الكُوْفَةَ مَعَ مُصْعَبٍ, فَمَا رَأَيْتُ صِفَةً تُذَمُّ إلَّا رَأَيْتُهَا فِيْهِ, كَانَ ضَئِيْلاً, صَعْلَ الرَّأْسِ, مُتَرَاكِبَ الأَسْنَانِ, مَائِلَ الذقن،(5/44)
نَاتِئَ الوَجْنَةِ بَاخِقَ العَيْنِ، خَفِيْفَ العَارِضَيْنِ، أَحْنَفَ الرِّجْلَيْنِ، فَكَانَ إِذَا تَكَلَّمَ، جَلاَ عَنْ نَفْسِهِ.
الصعل: صغر الرأس، والبخق: وانخساف العَيْنِ، وَالحَنَفُ: أَنْ تُفْتَلَ كُلُّ رِجْلٍ عَلَى صاحبتها.
وَقِيْلَ كَانَ مُلْتَصِقَ الأَلْيَةِ فَشُقَّ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: الأَحْنَفُ: الَّذِي يَمْشِي عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ.
عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، عَنْ خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ عَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: سَمِعْتُ خُطْبَةَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَالخُلَفَاءِ، فَمَا سَمِعْتُ الكَلاَمَ مِنْ مَخْلُوْقٍ أَفْخَمَ وَلاَ أَحْسَنَ مِنْ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ.
وَعَنْهُ: لاَ يَتِمُّ أَمْرُ السُّلْطَانِ إلَّا بِالوُزَرَاءِ وَالأَعْوَانِ, وَلاَ يَنْفَعُ الوُزَرَاءُ والأعوانإلَّا بِالمَوَدَّةِ وَالنَّصِيْحَةِ, وَلاَ تَنْفَعُ المَوَدَّةُ وَالنَّصِيْحَةُ إلَّا بِالرَّأْيِ وَالعِفَّةِ.
قِيْلَ: كَانَ زِيَادٌ مُعَظِّماً لِلأَحْنَفِ، فَلَمَّا وُلِّيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ عُبَيْدُ اللهِ، تَغَيَّرَ أَمْرُ الأَحْنَفِ، وَقَدَّمَ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ دُوْنَهُ, ثُمَّ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فِي الأَشْرَافِ, فَقَالَ لِعُبَيْدِ اللهِ: أَدْخِلْهُم عَلَيَّ عَلَى قَدْرِ مَرَاتِبِهِم. فَأَخَّرَ الأَحْنَفُ, فَلَمَّا رَآهُ مُعَاوِيَةُ, أَكْرَمَهُ لِمَكَانِ سِيَادَتِهِ, وَقَالَ: إِلَيَّ يَا أَبَا بَحْرٍ. وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ, وَأَعْرَضَ عَنْهُم, فَأَخَذُوا فِي شُكْرِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ, وَسَكَتَ الأَحْنَفُ. فَقَالَ لَهُ: لِمَ لاَ تَتَكَلَّمُ؟ قَالَ: إِنْ تَكَلَّمْتُ خَالَفْتُهُم. قَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ عَزَلْتُ عُبَيْدَ اللهِ. فَلَمَّا خَرَجُوا, كَانَ فِيْهِم مَنْ يَرُوْمُ الإِمَارَةَ ثُمَّ أَتَوْا مُعَاوِيَةَ بَعْد ثَلاَثٍ وَذَكَرَ كُلُّ وَاحِدٍ شَخْصاً وَتَنَازَعُوا فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا تَقُوْلُ يَا أَبَا بَحْرٍ؟ قَالَ: إِنْ وَلَّيْتَ أَحَداً مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ لَمْ تَجِدْ مِثْلَ عُبَيْدِ اللهِ فَقَالَ: قَدْ أَعَدُّتُهُ قَالَ: فَخَلاَ مُعَاوِيَةُ بِعُبَيْدِ اللهِ, وَقَالَ: كَيْفَ ضَيَّعْتَ مِثْلَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي عَزَلَكَ وَأَعَادَكَ وَهُوَ سَاكِتٌ؟ فَلَمَّا رَجَعَ عُبَيْدُ اللهِ جَعَلَ الأَحْنَفَ صَاحِبَ سِرِّهِ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ المِصْرِيُّ الفَقِيْهُ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ المَعَافِرِيِّ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُمَارَةَ بنِ عُقْبَةَ قَالَ: حَضَرْتُ جَنَازَةَ الأَحْنَفِ بالكوفة فَكُنْتُ فِيْمَنْ نَزَلَ قَبْرَهُ فَلَمَّا سَوَّيْتُهُ رَأَيْتُهُ قَدْ فُسِحَ لَهُ مَدَّ بَصَرِي فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ أَصْحَابِي فَلَمْ يَرَوْا مَا رَأَيْتُ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ: تُوُفِّيَ الأَحْنَفُ فِي دَارِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي غَضَنْفَرٍ, فَلَمَّا دُلِّيَ في حفرته أقبلت بنت لأوس والسعدي وَهِيَ عَلَى رَاحِلَتِهَا عَجُوْزٌ, فَوَقَفَتْ عَلَيْهِ, وَقَالَتْ: مَنِ المُوَافَى بِهِ حُفْرَتَهُ لِوَقْتِ حِمَامِهِ؟ قِيْلَ لَهَا: الأَحْنَفُ بنُ قَيْسٍ. قَالَتْ: وَاللهِ لَئِنْ كُنْتُم سَبَقْتُمُوْنَا إِلَى الاسْتِمْتَاعِ بِهِ فِي حَيَاتِهِ, لاَ تَسْبِقُوْنَا إِلَى الثَّنَاءِ عَلَيْهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ. ثُمَّ قَالَتْ: للهِ دَرُّكَ مِنْ مِجَنٍّ(5/45)
فِي جَنَنٍ، وَمُدْرَجٍ فِي كَفَنٍ، وَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجعُوْنَ, نَسْأَلُ مَنِ ابْتَلاَنَا بِمَوْتِكَ, وَفَجَعَنَا بِفَقْدِكَ: أَنْ يُوْسِعَ لَكَ فِي قَبْرِكَ, وَأَنْ يَغْفِرَ لَكَ يَوْمَ حَشْرِكَ. أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ فِي بِلاَدِهِ هُمْ شُهُوْدُهُ عَلَى عِبَادِهِ وَإِنَّا لَقَائِلُوْنَ حَقّاً وَمُثْنُوْنَ صِدْقاً وَهُوَ أَهْلٌ لِحُسْنِ الثَّنَاءِ أَمَا وَالَّذِي كُنْتُ مِنْ أَجَلِهِ فِي عِدَّةٍ وَمِنَ الحَيَاةِ فِي مُدَّةٍ وَمِنَ المِضْمَارِ إِلَى غَايَةٍ وَمِنَ الآثَارِ إِلَى نِهَايَةٍ الَّذِي رُفِعَ عَمَلُكَ عِنْد انْقَضَاءِ أَجَلِكَ لَقَدْ عِشْتَ مَوْدُوْداً حَمِيْداً, وَمُتَّ سَعِيْداً فَقِيْداً, وَلَقَدْ كُنْتَ عَظِيْمَ الحِلْمِ, فَاضِلَ السَّلْمِ, رفيع العماد, واري الزناد, منير الحَرِيْمِ, سَلِيْمَ الأَدِيْمِ, عَظِيْمَ الرَّمَادِ, قَرِيْبَ البَيْتِ مِنَ النَّادِ.
قَالَ قُرَّةُ بنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو الضَّحَّاكِ: أَنَّهُ أَبْصَرَ مُصْعَباً يَمْشِي فِي جَنَازَةِ الأَحْنَفِ بِغَيْرِ رِدَاءٍ.
قَالَ الفَسَوِيُّ: مَاتَ الأَحْنَفُ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مَاتَ فِي إِمْرَةِ مُصْعَبِ بنِ الزُّبَيْرِ عَلَى العِرَاقِ, رَحِمَهُ الله.
قلت: قد استقصى الحافظ بن عَسَاكِرَ تَرْجَمَةَ الأَحْنَفِ فِي كَرَارِيْسَ, وَطَوَّلْتُهَا -أَنَا- فِي "تَارِيْخِ الإِسْلاَمِ" رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.(5/46)
398- عاصم بن عمر بن الخطاب 1: "خَ، م، د، ت، س"
الفَقِيْهُ، الشَّرِيْفُ، أَبُو عَمْرٍو القُرَشِيُّ، العَدَوِيُّ. وُلِدَ: فِي أَيَّامِ النُّبُوَّةِ. وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ
وَأُمُّهُ هِيَ جَمِيْلَةُ بِنْتُ ثَابِتِ بنِ أَبِي الأَقْلحِ الأَنْصَارِيَّةُ.
وَكَانَ طَوِيْلاً, جَسِيْماً, حَتَّى قِيْلَ: كَانَ ذِرَاعُهُ ذِرَاعاً وَنَحْواً مِنْ شِبْرٍ. وَكَانَ مِنْ نُبَلاَءِ الرِّجَالِ, دينًا وخيرًا صَالِحاً, وَكَانَ بَلِيْغاً فَصِيْحاً شَاعِراً وَهُوَ جَدُّ الخَلِيْفَةِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ لأُمِّهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدَاهُ, حَفْصٌ وَعُبَيْدُ اللهِ, وَعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ يُرْوَى عَنْهُ سِوَى حَدِيْثٍ وَاحِدٍ.
مَاتَ سَنَةَ سَبْعِيْنَ، فَرثَاهُ ابْنُ عُمَرَ أَخُوْهُ، حَيْثُ يَقُوْلُ:
فَلَيْتَ المَنَايَا كُنَّ خَلَّفْنَ عَاصِماً ... فَعِشْنَا جَمِيْعاً أَوْ ذَهَبْنَ بنا معا
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 15"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3038"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1912"، الاستيعاب "2/ 782"، أسد الغابة "3/ 76"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2978"، الكاشف "2/ ترجمة 2534"، تهذيب التهذيب "5/ 52"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3238".(5/46)
399- أسلم 1: "ع"
الفَقِيْهُ، الإِمَامُ، أَبُو زَيْدٍ، -وَيُقَالُ: أَبُو خَالِدٍ- القُرَشِيُّ، العَدَوِيُّ، العُمَرِيُّ، مَوْلَى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ
قِيْلَ: هُوَ مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ. وَقِيْلَ: هُوَ يَمَانِيٌّ. وَقِيْلَ حَبَشِيٌّ اشْتَرَاهُ عُمَرُ بِمَكَّةَ إِذْ حَجَّ بِالنَّاسِ فِي العَامِ الَّذِي يَلِي حَجَّةَ الوَدَاعِ زَمَنَ الصِّدِّيْقِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بنَ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ يَقُوْلُ نَحْنُ قَوْمٌ مِنَ الأَشْعَرِيِّيْنَ وَلَكِنَّا لاَ نُنْكِرُ مِنَّةَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ, وَعُثْمَانَ, وَمُعَاذٍ, وَأَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاحِ, وَكَعْبِ الأَحْبَارِ, وَابْنِ عُمَرَ وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ زَيْدٌ، وَالقَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَنَافِعٌ
مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَمُسْلِمُ بنُ جُنْدُبٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَسْلَمَ، قَالَ: قَدِمْنَا الجَابِيَةَ مَعَ عُمَرَ، فَأُتِيْنَا بِالطِّلاَءِ، وَهُوَ مِثْلُ عَقِيْدِ الرُّبِّ.
قُلْتُ: هُوَ الدِّبْسُ المُرَمَّلُ.
حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ: عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: اشْتَرَانِي عُمَرُ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي قُدِمَ فِيْهَا بِالأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ أَسِيْراً وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ فِي الحَدِيْدِ يُكَلِّمُ أَبَا بَكْرٍ وَهُوَ يَقُوْلُ لَهُ: فَعَلْتَ وَفَعَلْتَ. حَتَّى كَانَ آخِرَ ذَلِكَ أَسْمَعُ الأَشْعَثَ يَقُوْلُ: يَا خَلِيْفَةَ رَسُوْلِ اللهِ اسْتَبْقِنِي لِحَرْبِكَ وَزَوِّجْنِي أُخْتَكَ فَمَنَّ عَلَيْهِ الصِّدِّيْقُ وَزوَّجَهُ أُخْتَهُ أُمَّ فَرْوَةَ فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّدَ بنَ الأَشْعَثِ.
قَالَ جُوَيْرِيَةُ بنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ الحَبَشِيُّ الأَسْوَدُ -وَاللهِ مَا أُرِيْدُ عَيْبَهُ: بَلَغَنِي أن بنيه يقولون: إنهم عرب.
__________
1 ترجمة في طبقات ابن سعد "5/ 10"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1565"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1142"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 34"، تهذيب التهذيب "1/ ترجمة 501".(5/47)
وَعَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَا أَبَا خَالِدٍ، إِنِّي أَرَى أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يَلْزَمُكَ لُزُوْماً لاَ يَلْزَمُهُ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِكَ، لاَ يَخْرُجُ سَفَراً إلَّا وَأَنْتَ مَعَهُ، فَأَخْبِرْنِي عَنْهُ. قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَوْلَى القَوْمِ بِالظِّلِّ، وَكَانَ يُرَحِّلُ رَوَاحِلَنَا, وَيُرَحِّلُ رَحْلَهُ وَحْدَهُ وَلَقَدْ فَرَغْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ وَقَدْ رَحَّلَ رِحَالَنَا وَهُوَ يُرَحِّلُ رَحْلَهُ وَيَرْتَجِزُ:
لاَ يَأْخُذِ اللَّيْلُ عَلَيْكَ بِالهَمْ ... وَإِلْبَسَنْ لهُ القَمِيْصَ وَاعْتَمْ
وَكُنْ شَرِيْكَ نَافِعٍ وَأَسْلَمْ ... وَإِخْدُمِ الأَقْوَامَ حَتَّى تُخْدَمْ
رَوَاهُ القَعْنَبِيُّ، عَنْ يَعْقُوْبَ بنِ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيْهِ.
زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيْهِ: كَانَ عُمَرُ إِذَا بَعَثَنِي إِلَى بَعْضِ وَلَدِهِ, قَالَ: لاَ تُعْلِمْهُ لِمَا أَبْعَثُ إِلَيْهِ مَخَافَةَ أَنْ يُلَقِّنَهُ الشَّيْطَانُ كَذْبَةً فَجَاءتِ امْرَأَةٌ لِعُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَتْ: إِنَّ أَبَا عِيْسَى لاَ يُنْفِقُ عَلَيَّ وَلاَ يَكْسُوْنِي. فَقَالَ: وَيْحَكِ, وَمَنْ أَبُو عِيْسَى؟ قَالَتْ: ابْنُكَ. قَالَ: وَهَلْ لِعِيْسَى مِنْ أَبٍ؟ فَبَعَثَنِي إِلَيْهِ وَقَالَ: لاَ تُخْبِرْهُ فَأَتَيْتُهُ وَعِنْدَهُ دِيْكٌ ودجاجة هنديان, قلت أجب أباك. قَالَ: وَمَا يُرِيْدُ؟ قُلْتُ: نَهَانِي أَنْ أُخْبِرَكَ. قَالَ: فَإِنِّي أُعْطِيْكَ الدِّيْكَ وَالدَّجَاجَةَ. قَالَ: فَاشْتَرَطْتُ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يُخْبِرَ عُمَرَ وَأَخْبَرْتُهُ فَأَعْطَانِيْهُمَا فَلَمَّا جِئْتُ إِلَى عُمَرَ قَالَ أَخْبَرْتَهُ؟ فَوَاللهِ مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَقُوْلَ لاَ فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: أَرَشَاكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ وَأَخْبَرْتُهُ فَقَبَضَ عَلَى يَدِي بِيَسَارِهِ وَجَعَلَ يَمْصَعُنِي بِالدِّرَّةِ وَأَنَا أَنْزُو فَقَالَ إِنَّكَ لَجَلِيْدٌ ثُمَّ قَالَ أَتَكْتَنِي بِأَبِي عِيْسَى, وَهَلْ لِعِيْسَى مِنْ أَبٍ؟.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: تُوُفِّيَ أَسْلَمُ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ فِي خِلاَفَةِ عَبْدِ المَلِكِ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مَدَنِيٌّ, ثِقَةٌ. وَيُقَالُ: عَاشَ مائَةً وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً, وَلَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ.(5/48)
400- شريح القاضي 1: "س"
هُوَ الفَقِيْهُ، أَبُو أُمَيَّةَ، شُرَيْحُ بنُ الحَارِثِ بنِ قَيْسِ بنِ الجَهْمِ الكِنْدِيُّ قَاضِي الكُوْفَةِ. وَيُقَالُ: شُرَيْحُ بنُ شَرَاحِيْلَ أَوِ ابْنُ شرحبيل. ويقال: وهو من أولاده الفُرْسُ الَّذِيْنَ كَانُوا
بِاليَمَنِ يُقَالُ: لَهُ صُحْبَةٌ وَلَمْ يَصِحَّ, بَلْ هُوَ مِمَّنْ أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَانْتَقَلَ من اليمن زمن الصديق.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ نَزْرُ الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ وَمُرَّةُ الطَّيِّبُ وَتَمِيْمُ بنُ سَلَمَةَ وَالشَّعْبِيُّ وَإِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ وَابْنُ سِيْرِيْنَ وَغَيْرُهُم وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى شُرَيْحٍ: إِذَا أَتَاكَ أَمْرٌ فِي كِتَابِ اللهِ فَاقْضِ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللهِ وَكَانَ فِي سُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاقْضِ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيْهِمَا فَاقْضِ بِمَا قَضَى بِهِ أَئِمَّةُ الهُدَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَأَنْتَ بِالخِيَارِ إِنْ شِئْتَ تَجْتَهِدُ رَأْيَكَ وَإِنْ شِئْتَ تُؤَامِرُنِي, وَلاَ أَرَى مُؤَامَرَتَكَ إِيَّايَ إلَّا أَسْلَمَ لَكَ.
صَحَّ أَنَّ عُمَرَ وَلاَّهُ قَضَاءَ الكُوْفَةِ, فَقِيْلَ: أَقَامَ عَلَى قَضَائِهَا سِتِّيْنَ سَنَةً. وَقَدْ قَضَى بِالبَصْرَةِ سَنَةً. وَفَدَ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ إِلَى دِمَشْقَ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: قَاضِي المِصْرَيْنِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُعَاوِيَةَ بنِ مَيْسَرَةَ بنِ شُرَيْحٍ القَاضِي, حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَبِيْهِ مُعَاوِيَةَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَسْلَمَ وَقَالَ يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنَّ لِي أَهْلَ بَيْتٍ ذَوِي عَدَدٍ بِاليَمَنِ قَالَ: "جِئْ بِهِم" فَجَاءَ بِهِم وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ قُبِضَ.
رَوَى عَبَّاسٌ عَنْ يَحْيَى قَالَ: شُرَيْحٌ القَاضِي هُوَ ابْنُ شُرَحْبِيْلَ, ثِقَةٌ.
أَبُو مَعْشَرٍ البَرَّاءُ, عَنْ هِشَامٍ, عَنْ مُحَمَّدٍ: قُلْتُ لِشُرِيْحٍ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِمَّنْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ بِالإِسْلاَمِ وَعِدَادِي فِي كِنْدَةَ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ إِنَّمَا خَرَجَ مِنَ اليَمَنِ, لأَنَّ أُمَّهُ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ أَبِيْهِ, فَاسْتَحْيَا مِنْ ذلك, فخرج وكان شاعرًا, قائفًا.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَتْنَا أُمُّ دَاوُدَ الوَابِشِيَّةُ, قَالَتْ: خَاصَمْتُ إِلَى شُرَيْحٍ وَكَانَ لَيْسَ لَهُ لِحْيَةٌ.
رَوَى أَشْعَثُ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ: أَدْرَكْتُ الكُوْفَةَ، وَبِهَا أَرْبَعَةٌ مِمَّنْ يُعَدُّ بِالفِقْهِ, فَمَنْ بَدَأَ بِالحَارِثِ ثَنَّى بِعَبِيْدَةَ وَمَنْ بَدَأَ بِعَبِيْدَةَ ثَنَّى بِالحَارِثِ ثُمَّ عَلْقَمَةَ ثُمَّ شُرَيْحٍ. وَإِنَّ أَرْبَعَةً أَخَسُّهُم شُرَيْحٌ لَخِيَارٌ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَ شُرَيْحٌ أَعْلَمَهُم بِالقَضَاءِ, وَكَانَ عَبِيْدَةُ يُوَازِيْهِ في علم القضاء.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 131"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2611"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1458"، حلية الأولياء "4/ 132"، الإستيعاب "2/ 701"، أسد الغابة "2/ 394" تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 44"، الكاشف "2/ ترجمة 2287"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2696"، تهذيب التهذيب "4/ ترجمة 564"، الإصابة "2/ 3880"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2937 و 2945".(5/49)
قَالَ أَبُو وَائِلٍ: كَانَ شُرَيْحٌ يُقِلُّ غِشْيَانَ ابْنِ مَسْعُوْدٍ لِلاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: بَعَثَ عُمَرُ ابنَ سُوْرٍ عَلَى قَضَاءِ البَصْرَةِ, وَبَعَثَ شُرَيْحاً عَلَى قَضَاءِ الكُوْفَةِ.
مُجَالِدٌ, عَنِ الشَّعْبِيِّ, أَنَّ عُمَر رَزَقَ شُرَيْحاً مائَةَ دِرْهَمٍ عَلَى القَضَاءِ.
الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هُبَيْرَةَ بنِ يَرِيْمَ: أَنَّ عَلِيّاً جَمَعَ النَّاسَ فِي الرَّحْبَةِ, وَقَالَ: إِنِّي مُفَارِقُكم فَاجْتَمَعُوا فِي الرَّحْبَةِ فَجَعَلُوا يَسْأَلُوْنَهُ حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُم وَلَمْ يبقإلَّا شُرَيْحٌ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَجَعَلَ يَسْأَلُهُ فَقَالَ له علي: اذهب فأنت أقضى العرب.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ: كَانَ شُرَيْحٌ يَقْضِي بِقَضَاءِ عَبْدِ اللهِ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَجَمَاعَةٌ سَمِعُوا ابْنَ اللَّتِّيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَنْبَأَنَا الداودي، أَنْبَأَنَا ابْنُ حَمُّوْيَةَ أَنْبَأَنَا عِيْسَى بنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ, حَدَّثَنَا يَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ, حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: جَاءتِ امْرَأَةٌ إِلَى عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- تُخَاصِمُ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا, فَقَالَتْ: قَدْ حِضْتُ فِي شَهْرَيْنِ ثَلاَثَ حِيَضٍ فَقَالَ عَلِيٌّ لِشُرَيْحٍ: اقْضِ بَيْنَهُمَا. قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, وَأَنْتَ هَا هُنَا؟! قَالَ: اقْضِ بَيْنَهُمَا. قَالَ: إِنْ جَاءتْ مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا مَنْ يُرْضَى دِيْنُهُ وَأَمَانتُهُ يَزْعُمُ أَنَّهَا حَاضَتْ ثَلاَثَ حِيَضٍ تَطْهُرُ عِنْدَ كُلِّ قُرْءٍ وَتُصلِّي جَازَ لَهَا وَإِلاَّ فَلاَ قَالَ عَلِيٌّ: قَالُوْنُ. وَقَالُوْنُ: بِلِسَانِ الرُّوْمِ: أَحْسَنْتَ.
جَرِيْرٌ، عَنْ مُغِيْرَةَ، قَالَ: عَزَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ شُرَيْحاً عَنِ القَضَاءِ, فَلَمَّا وَلِيَ الحَجَّاجُ رَدَّهُ.
الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ: أَنَّ فَقِيْهاً جَاءَ إِلَى شُرَيْحٍ, فَقَالَ: مَا الَّذِي أَحْدَثْتَ فِي القَضَاءِ؟ قَالَ: إِنَّ النَّاسَ أَحْدَثُوا فَأَحْدَثْتُ.
قَالَ سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَصِيْنٍ قَالَ: قَالَ خَصْمٌ لِشُرَيْحٍ: قَدْ عَلِمْتُ مِنْ أَيْنَ أُتِيْتَ. فَقَالَ شُرَيْحٌ: لَعَنَ اللهُ الرَّاشِيَ وَالمُرْتَشِيَ وَالكَاذِبَ.
وَقَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: كَانَ شُرَيْحٌ يَقُوْلُ لِلشَّاهِدَيْنِ إِنَّمَا يَقْضِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ أَنْتُمَا, وَإِنِّي لَمُتَّقٍ بِكُمَا فاتقيا.
وَاخْتَصَمَ إِلَيْهِ غَزَّالُوْنَ, فَقَالَ بَعْضُهُم: إِنَّهُ سُنَّةُ بيننا. قال: بلى سُنَّتُكُم بَيْنَكُم
زُهَيْرُ بنُ مُعَاِويَةَ: حَدَّثَنَا عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ قَالَ: مَرَّ عَلَيْنَا شُرَيْحٌ فَقُلْتُ: رَجُلٌ جَعَلَ دَارَهُ حُبْساً عَلَى قَرَابَتِهِ قَالَ: فَأَمَرَ حَبِيْباً, فَقَالَ: أَسْمِعِ الرَّجُلَ: لاَ حُبْسَ عَنْ فَرَائِضِ اللهِ.
قَالَ الحَسَنُ بنُ حَيٍّ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى: بَلَغنَا أَنَّ عَلِيّاً رَزَقَ شُرَيْحاً خَمْسَ مائَةٍ. قَالَ وَاصِلٌ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ شُرَيْحٍ: الخَاتَمُ خَيْرٌ مِنَ الظَّنِّ.(5/50)
قَالَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ: رَأَيْتُ شُرَيْحاً يَقْضِي وَعَلَيْهِ مِطْرَفُ خَزٍّ وَبُرْنُسٌ وَرَأَيْتُهُ مُعْتَمّاً قَدْ أَرْسَلَهَا مِنْ خَلْفِهِ.
وَرَوَى الأَعْمَشُ، عَنْ شُرَيْحٍ، قَالَ: زَعَمُوا، كُنْيَةُ الكَذِبِ1
وَقَالَ مَنْصُوْرٌ: كَانَ شُرَيْحٌ إِذَا أَحْرَمَ كَأَنَّهُ حَيَّةٌ صَمَّاءُ.
تَمِيْمُ بنُ عَطِيَّةَ: سَمِعْتُ مَكْحُوْلاً يَقُوْلُ: اخْتَلَفْتُ إِلَى شُرَيْحٍ أَشْهُراً لَمْ أَسْأَلْهُ عَنْ شَيْءٍ أَكْتَفِي بما أسمعه يقضي به.
حَجَّاجُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ: كَانَ إِذَا قِيْلَ لِشُرَيْحٍ كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ أصبحت وشطر الناس علي غضاب.
__________
1 ورد عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "بئس مطية الرجل زعموا" أخرجه ابن المبارك في "الزهد" 377"، والبخاري في "الأدب المفرد" "762"، وأبو داود "4972"، والطحاوي في "مشكل الآثار" "1/ 68" من طرق عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِي قلابة، عن أبي مسعود، به.
وبعضهم قال: "عن أبي قلابة قال: قال أبو مسعود لأبي عبد الله، أو قال أبو عبد الله لأبي مسعود: ما سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في "زعموا"؟ قال: فذكره.
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، وأبو قلابة قد صرح بالتحديث في رواية الوليد بن مسلم قال نا الأوزاعي، نا يحيى بن أبي كثير، نا أبو قلابة، نا أبو عبد الله مرفوعًا به.
وفي الحديث ذم استعمال هذه الكلمة "زعموا" وإن كانت في اللغة قد تأتي بمعنى قال, كما هو معلوم، ولذلك لم تأت في القرآن إلا في الإخبار عن المذموميين بأشياء مذمومة كانت منهم مثل قوله -تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} ثم أتبع ذلك بقوله: {بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ} [التغابن: 7] ، ونحو ذلك من الآيات. قال الطحاوي -رحمه الله- بعد أن ساق بعضها: "وكل هذه الأشياء فإخبار من الله بها عن قوم مذمومين في أحوال لهم مذمومة. وبأقوال كانت منهم، كانوا فيها كاذبين، فكان مكروهًا لأحد من الناس لزوم أخلاق المذمومين في أخلاقهم، الكافرين في أديانهم، الكاذبين في أقوالهم، وكان الأولى بأهل الإيمان لزوم أخلاق المؤمنين الذين سبقوهم بالإيمان، وما كانوا عليه من المذاهب المحمودة والأقوال الصادقة التي حمدهم الله -تعالى- عليها رضوان الله عليهم ورحمته" وقال البغوي في "شرح السنة" "3/ 413"ط. المكتب الإسلامي: "إنما ذم هذه اللفظة، لأنها تستعمل غالبًا في حديث لا سند له، ولا ثبت فيه، إنما هو شيء يحكي على الألسن، فشبه النبي صلى الله عليه وسلم ما يقدمه الرجل أمام كلامه ليتوصل به إلى حاجته من قولهم: زعموا، بالمطية التي يتوصل بها الرجل إلى مقصده الذي يؤمه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتثبت فيما يحكيه والاحتياط فيما يرويه، فلا يروي حديثًا حتى يكون مرويًا عن ثقة، فقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع" وقال، عليه السلام: "من حدث بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين".(5/51)
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بنُ الحَبْحَابِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ: قَالَ شُرَيْحٌ: مَا شَدَدْتُ لَهَوَاتِي عَلَى خَصْمٍ وَلاَ لَقَّنْتُ خَصْماً حُجَّةً قَطُّ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: اخْتُصِمَ إِلَى شُرَيْحٍ فِي وَلَدِ هِرَّةٍ, فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: هُوَ وَلَدُ هِرَّتِي. وَقَالَتِ الأُخْرَى: بَلْ هُوَ وَلَدُ هِرَّتِي. فَقَالَ شُرَيْحٌ: أَلْقِهَا مَعَ هَذِهِ, فَإِنْ هِيَ قَرَّتْ وَدَرَّتْ وَاسْبَطَرَّتْ فَهِي لَهَا, وَإِنْ هِيَ هَرَّتْ وَفَرَّتْ وَاقْشَعَرَّتْ, فَلَيْسَ لَهَا.
وَفِي رِوَايَةٍ: وَازْبَأَرَّتْ، أَيِ: انْتَفَشَتْ. وَقَوْلُهُ: اسْبَطَرَّتْ, أَيِ: امْتَدَّتْ لِلرَّضَاعِ.
ابْنُ عون، عن إبراهيم، قال: أقر رجل عن شُرَيْحٍ, ثُمَّ ذَهَبَ يُنْكِرُ, فَقَالَ: قَدْ شَهِدَ عَلَيْكَ ابْنُ أُخْتِ خَالَتِكَ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ: خَرَجَتْ قَرْحَةٌ بِإِبْهَامِ شُرَيْحٍ فَقِيْلَ: إلَّا أَرَيْتَهَا طَبِيْباً؟ قَالَ: هُوَ الَّذِي أَخْرَجَهَا.
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ شُرَيْحٌ: إِنِّي لأُصَابُ بِالمُصِيْبَةِ فَأَحْمَدُ اللهَ عَلَيْهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ, أَحْمَدُ إِذْ لَمْ يَكُنْ أَعْظَمَ مِنْهَا, وَأَحْمَدُ إِذْ رَزَقَنِي الصَّبْرَ عَلَيْهَا, وَأَحْمُدُ إِذْ وَفَّقَنِي لِلاسْتِرْجَاعِ لِمَا أَرْجُو مِنَ الثَّوَابِ وَأَحْمَدُ إِذْ لَمْ يَجْعَلْهَا فِي دِيْنِي.
قَالَ مُغِيْرَةُ: كَانَ لِشُرَيْحٍ بَيْتٌ يَخْلُو فِيْهِ يَوْمَ الجُمُعَةِ, لاَ يَدْرِي النَّاسُ مَا يصنع فيه.
وَقَالَ مَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ: لَبِثَ شُرَيْحٌ فِي الفِتْنَةِ يَعْنِي: فِتْنَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ تِسْعَ سِنِيْنَ لاَ يَخْبَرُ فَقِيْلَ لَهُ: قَدْ سَلِمْتَ قَالَ: كيف بالهوى؟.
وقيل: كان شريح قائفا، عَائِفاً أَيْ: يَزْجُرُ الطَّيْرَ وَيُصِيْبُ الحَدْسَ. وَرُوِيَ لِشُرَيْحٍ:
رَأَيْتُ رِجَالاً يَضْرِبُوْنَ نِسَاءهُم ... فَشَلَّتْ يَمِيْنِي حِيَنَ أَضْرِبُ زَيْنَبَا
وَزَيْنَبُ شَمْسٌ وَالنِّسَاءُ كَوَاكِبٌ ... إِذَا طَلَعتْ لَمْ تُبْقِ مِنْهُنَّ كَوْكَبَا
وَعَنْ أَشْعَثَ: أَنَّ شُرَيْحاً عَاشَ مائَةً وَعَشْرَ سِنِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: عَاشَ مائَةً وَثَمَانِيَ سِنِيْنَ. وَقَالَ هُوَ, وَالمَدَائِنِيُّ, وَالهَيْثَمُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ, وَابْنُ نُمَيْرٍ: مَاتَ سَنَةَ ثمانين.
وقيل: إنه استغنى مِنَ القَضَاءِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ, رَحِمَهُ اللهُ تعالى.(5/52)
401- شريح بن هانئ 1: "م، 4"
أبو المقدام الحارثي، المَذْحِجِيُّ، الكُوْفِيُّ، الفَقِيْهُ، الرَّجُلُ الصَّالِحُ، صَاحِبُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ, وَعَلِيٍّ, وَعُمَرَ, وَعَائِشَةَ, وَسَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ, وَأَبِي هُرَيْرَةَ.
وَعَنْهُ: ابْنَاهُ؛ مُحَمَّدٌ وَالمِقْدَامُ, وَالشَّعْبِيُّ, وَالقَاسِمُ بنُ مُخَيْمَرَةَ, وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ, وَيُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ.
قَالَ أَبُو المِقْدَامِ "م": سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ فَقَالَتْ ائْتِ عَلِيّاً فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ ... , وَذَكَرَ الحَدِيْثَ2.
وَقَدْ شَهِدَ تَحْكِيْمَ الحَكَمَيْنِ, وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ شَافِعاً فِي كَثِيْرِ بنِ شِهَابٍ فَأَطْلَقَهُ لَهُ.
فَعَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ زِيَادِ بنِ النَّضْرِ: أَنَّ عَلِيّاً بَعَثَ أَبَا مُوْسَى فِي أَرْبَعِ مائَةٍ, عَلَيْهِم شُرَيْحُ بنُ هَانِئ, وَمَعَهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ يُصَلِّي بِهِم إِلَى دُوْمَةِ الجَنْدَلِ3.
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي شَيْخٍ: كَانَ شُرَيْحُ بنُ هَانِئ جَاهِلِيّاً إِسْلاَمِيّاً, وَهُوَ القَائِلُ فِي إِمْرَةِ الحَجَّاجِ:
أَصْبَحْتُ ذَا بَثٍّ أُقَاسِي الكِبَرَا ... قدْ عِشْتُ بَيْنَ المُشْرِكِيَنَ أَعْصُرَا
ثَمَّتَ أَدْرَكْتُ النَّبِيَّ المُنْذِرَا ... وَبَعْدَهُ صِدِّيْقَهُ وَعُمَرَا
وَالجَمْعَ فِي صِفِّيْنِهِم وَالنَّهَرَا ... وَيَوْمَ مِهْرَانَ وَيَوْمَ تُسْتَرَا
وَيَا جُمَيْرَاوَاتِ وَالمُشَقَّرَا ... هَيْهَاتَ مَا أَطْوَلَ هَذَا عُمُرَا
قَالَ القَاسِمُ بنُ مُخَيْمَرَةَ: مَا رَأَيْتُ حَارِثِيّاً أَفَضْلَ مِنْ شُرَيْحِ بنِ هَانِئ. وَقَالَ يَحْيَى بن معين, وغيره: ثقة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 128"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2610"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1459"، أسد الغابة "2/ 395"، الاستيعاب "2/ 702"، الكاشف "2/ ترجمة 2291"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2705"، الإصابة "2/ ترجمة 3972"، تهذيب التهذيب "4/ ترجمة 568"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2941".
2 صحيح: أخرجه مسلم "276". وتمام الحديث: فأتيته فقال: جعل رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاَثَةٌ أيام ولياليهن للمسافر. ويوما وليلة للمقيم.
3- دومة الجندل: حصن على سبع مراحل من دمشق قرب جبلي طيء.(5/53)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ: عَاشَ شُرَيْحُ بنُ هانئ مئة وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ، عَنِ المِقْدَامِ بنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ هَانِئ: أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَمِعَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُكْنَى أَبَا الحَكَمِ فَقَالَ: "لِمَ يُكَنِّيْكَ هَؤُلاَءِ أَبَا الحَكَمِ" قَالَ يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنِّي أَحْكُمُ بَيْنَ قَوْمِي فِي الشَّيْءِ فَيَرْضَى هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ قَالَ: "هَلْ لَكَ مِنْ وَلَدٍ" قَالَ نَعَمْ قَالَ: "فَمَا اسْمُ أَكْبَرِهِم"؟ قَالَ: شُرَيْحٌ. قَالَ: "فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ" 1 تَابَعَهُ بَشَّارُ بنُ مُوْسَى الخَفَّافُ عَنْ يَزِيْدَ بنِ المِقْدَامِ عن أبيه عن جده نحوه.
قَالَ الأَثْرَمُ: قِيْلَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ حَنْبَلٍ: شُرَيْحُ بنُ هَانِئ، صَحِيْحُ الحَدِيْثِ قَالَ نَعَمْ هَذَا مُتَقَدِّمٌ جِدّاً. قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَلَّى الحَجَّاجُ عُبَيْدَ اللهِ بنَ أَبِي بَكْرَةَ سِجِسْتَانَ فَوَجَّهَ عُبَيْدُ اللهِ ابْنَهُ أَبَا بَرْذَعَةَ فَأُخِذَ عَلَيْهِ بِالمَضِيْقِ وَقُتِلَ شُرَيْحُ بنُ هَانِئ وَأَصَابَ المُسْلِمِيْنَ ضِيْقٌ وَجُوْعٌ شَدِيْدٌ فَهَلَكَ عَامَّةُ ذَلِكَ الجَيْشِ.
__________
1 حسن: أخرجه أبو داود "4955" حدثنا الربيع بن نافع، عن يزيد -يعني ابن المِقْدَامِ بنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ شريح، عن أيه هانئ، به.
قلت: إسناده حسن، يزيد بن المقدام بن شريح، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".(5/54)
402- خَرَشَةُ بنُ الحُرِّ 1: "ع"
نَزَلَ الكُوْفَةَ، وَلأَخِيْهِ سَلاَمَةَ صُحْبَةٌ، وَكَانَ يَتِيْماً فِي حِجْرِ عُمَرَ.
حَدَّثَ عَنْ، عُمَرَ، وَأَبِي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ وَعَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ.
رَوَى عَنْهُ: رِبْعِيُّ بنُ حِرَاشٍ وَأَبُو زُرْعَةَ البَجَلِيُّ وَالمُسَيَّبُ بنُ رَافِعٍ وَسُلَيْمَانُ بنُ مُسْهِرٍ وَآخَرُوْنَ.
ثِقَةٌ بِاتِّفَاقٍ تُوُفِّيَ سنة أربع وسبعين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 147"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 726"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1785"، الإستيعاب "2/ 445"، أسد الغابة "2/ 109"، الكاشف "1/ ترجمة 1392"، تهذيب التهذيب "3/ ترجمة 264"، الإصابة "1/ ترجمة 2239".(5/54)
403- مالك السرايا 1:
الأَمِيْرُ: أَبُو حَكِيْمٍ مَالِكُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخَثْعَمِيُّ، الفِلَسْطِيْنِيُّ. يُقَالُ: لَهُ صُحْبَةٌ, وَلَمْ يَصِحَّ. كَانَ مِنْ أَبْطَالِ الإِسْلاَمِ، قَادَ جُيُوْشَ الصَّوَائِفِ أربعين سَنَةً. وَلَمَّا تُوُفِّيَ, كُسِرَ عَلَى قَبْرِهِ -فِيْمَا قِيْلَ- أَرْبَعُوْنَ لِوَاءً. وَكَانَ ذَا حَظٍّ مِنْ صِيَامٍ, وَقِيَامٍ, وَجِهَادٍ تُوُفِّيَ: فِي حُدُوْدِ سَنَةِ ستين أو بعدها.
__________
1 ترجمته في أسد الغابة: 4/ 283"، الإصابة "3/ ترجمة 7645".(5/55)
بَقِيَّةُ الطَّبَقَةِ الأُوْلَى مِنْ كُبَرَاءِ التَّابِعِيْنَ:
404- ابْنُ الحنفية وَابْنَاهُ 1: "ع"
السَّيِّدُ، الإِمَامُ أَبُو القَاسِمِ، وَأَبُو عبد الله محمد بن الإِمَامِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ شَيْبَةَ بنِ هَاشِمٍ عَمْرُو بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَبٍ القُرَشِيُّ, الهَاشِمِيُّ, المَدَنِيُّ, أَخُو الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ.
وَأُمُّهُ: مِنْ سَبْيِ اليَمَامَةِ زَمَنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ, وَهِيَ خَوْلَةُ بِنْتُ جَعْفَرٍ الحَنَفِيَّةُ.
فَرَوَى الوَاقِدِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ, عَنْ أَسْمَاءَ, قَالَتْ: رَأَيْتُ الحَنَفِيَّةَ وَهِيَ سَوْدَاءُ مُشْرَطَةٌ حَسَنَةُ الشَّعْرِ اشْتَرَاهَا عَلِيٌّ بِذِي المَجَازِ مَقْدَمَهُ مِنَ اليَمَنِ فَوَهَبَهَا لِفَاطِمَةَ فَبَاعَتْهَا فَاشْتَرَاهَا مُكَمَّلٌ الغِفَارِيُّ فولدت له عونة.
وَقِيْلَ: بَلْ تَزَوَّجَ بِهَا مُكَمَّلٌ, فَوَلَدَتْ لَهُ عَوْنَةَ وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَهَبَهَا عَلِيّاً.
وُلِدَ فِي العَامِ الَّذِي مَاتَ فِيْهِ أَبُو بَكْرٍ.
وَرَأَى عُمَرَ، وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ: أَبِيْهِ, وَأَبِي هُرَيْرَةَ, وَعُثْمَانَ, وَعَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ, وَمُعَاوِيَةَ, وَغَيْرِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: بَنُوْهُ عَبْدُ اللهِ, وَالحَسَنُ, وَإِبْرَاهِيْمُ, وَعَوْنٌ, وَسَالِمُ بنُ أَبِي الجَعْدِ, وَمُنْذِرٌ الثَّوْرِيُّ, وَأَبُو جَعْفَرٍ البَاقِرُ وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ, وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ قَيْسِ بنِ مَخْرمَةَ, وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ عامر الثعلبي, وآخرون.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 91"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 561"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 116"، حلية الأولياء "3/ 174"، الكاشف "3/ ترجمة 5145"، تهذيب التهذيب "9/ 354- 355". خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6521".(5/55)
وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ. وَكَانَتِ الشِّيْعَةُ فِي زَمَانِهِ تَتَغَالَى فِيْهِ, وَتَدَّعِي إِمَامَتَهُ, وَلَقَّبُوْهُ: بِالمَهْدِيِّ, وَيَزْعُمُوْنَ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ.
قَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ: صَرَعَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ مَرْوَانَ يَوْمَ الجَمَلِ، وَجَلَسَ عَلَى صَدْرِهِ. قَالَ فَلَمَّا وَفَدَ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ قَالَ لَهُ أَتَذْكُرُ يَوْمَ جَلَسْتَ عَلَى صَدْرِ مَرْوَانَ قَالَ عَفْواً يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ قَالَ: أَمْ1 وَاللهِ مَا ذَكَرْتُهُ لَكَ وَأَنَا أُرِيْدُ أَنْ أُكَافِئَكَ لَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَافِعٍ, عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: لَمَّا صَارَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ إِلَى المَدِيْنَةِ, وَبَنَى دَارَهُ بِالبَقِيْعِ, كَتَبَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ يَسْتَأْذِنُهُ فِي الوُفُوْدِ عَلَيْهِ, فَأَذِنَ لَهُ, فَوَفَدَ عَلَيْهِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ إِلَى دِمَشْقَ, فَأَنْزَلَهُ بِقُرْبِهِ. وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَى عبد الملك في إذن العامة, فَيُسَلِّمُ مَرَّةً وَيَجْلُسُ, وَمَرَّةً يَنْصَرِفُ. فَلَمَّا مَضَى شَهْرٌ, كَلَّمَ عَبْدَ المَلِكِ خَالِياً, فَذَكَرَ قَرَابَتَهُ وَرَحِمَهُ وَذَكَرَ دَيْناً فَوَعَدَهُ بِقَضَائِهِ ثُمَّ قَضَاهُ وَقَضَى جَمِيْعَ حَوَائِجِهِ.
قُلْتُ: كَانَ مَائِلاً لِعَبْدِ المَلِكِ, لإِحْسَانِهِ إِلَيْهِ، وَلإِسَاءةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ إِلَيْهِ.
قال الزبير بن كبار: سَمَّتْهُ الشِّيْعَةُ المَهْدِيَّ. فَأَخْبَرَنِي عَمِّي مُصْعَبٌ, قَالَ: قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
هُوَ المَهْدِيُّ أَخْبَرَنَاهُ كَعْبٌ ... أَخُو الأَحْبَارِ فِي الحِقَبِ الخَوَالِي
فَقِيْلَ لَهُ: أَلَقِيْتَ كَعْباً? قَالَ قُلْتُهُ بِالتَّوَهُّمِ. وَقَالَ أَيْضاً:
ألا إن الأئمة من قريش ... ولاة الحق أربعة سواء
علي والثلاثة من بنيه ... هما الأسباط ليس بهم خفاء
فسبط سبط إيمان وَبِرٍّ ... وَسِبْطٌ غَيَّبَتْهُ كَرْبُلاَءُ
وَسِبْطٌ لاَ تَرَاهُ العَيْنُ حَتَّى ... يَقُوْدَ الخَيْلَ يَقْدُمُهَا لِوَاءُ
تَغَيَّبَ لاَ يُرَى عَنْهُم زَمَاناً ... بِرَضْوَى عِنْدَهُ عَسَلٌ وَمَاءُ
وَقَدْ رَوَاهَا: عُمَرُ بنُ عُبَيْدَةَ لِكَثِيْرِ بن كثير السهمي.
قَالَ الزُّبَيْرُ: كَانَتْ شِيْعَةُ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ يَزْعُمُوْنَ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ.
وَفِيْهِ يَقُوْلُ السَّيِّدُ الحِمْيَرِيُّ:
أَلاَ قُلْ لِلوَصِيِّ: فَدَتْكَ نَفْسِي ... أَطَلْتَ بِذَلِكَ الجبل المقاما
__________
1 أم: تقال للتقبيح.(5/56)
أَضَرَّ بِمَعْشَرٍ وَالَوْكَ مِنَّا ... وَسَمَّوْكَ الخَلِيْفَةَ وَالإِمَامَا
وَعَادَوْا فِيْكَ أَهْلَ الأَرْضِ طُرّاً ... مُقَامُكَ عَنْهُم ستين عاما
وعادوا فيك أهل الأرض طرا ... وَلاَ وَارَتْ لَهُ أَرْضٌ عِظَامَا
لَقَدْ أَمْسَى بِمُوْرِقِ شِعْبِ رَضْوَى ... تُرَاجِعُهُ المَلاَئِكَةُ الكَلاَمَا
وَإِنَّ لَهُ بِهِ لَمَقِيْلَ صِدْقٍ ... وَأَنْدِيَةً تُحَدِّثُهُ كِرَامَا
هَدَانَا اللهُ إِذْ خُزْتُمْ لأَمْرٍ ... بِهِ وَعَلَيْهِ نلتمس التماما
تمام المَهْدِيِّ حَتَّى ... تَرَوْا رَايَاتِنَا تَتْرَى نِظَامَا
وَلِلسَّيِّدِ الحِمْيَرِيِّ:
يَا شِعْبَ رَضْوَى مَا لِمَنْ بِكَ لاَ يُرَى ... وَبِنَا إِلَيْهِ مِنَ الصَّبَابَةِ أَوْلَقُ
حَتَّى مَتَى؟ وَإِلَى مَتَى؟ وَكَمِ المَدَى؟ ... يَا بن الوصي وأنت حي ترزق
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: مَوْلِدُهُ فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ رأيت محمد بن الحَنَفِيَّةِ سِنْدِيَّةً سَوْدَاءَ كَانَتْ أَمَةً لِبَنِي حَنِيْفَةَ لَمْ تَكُنْ مِنْهُم وَإِنَّمَا صَالَحَهُم خَالِدٌ عَلَى الرقيق ولم يصالحهم على أنفسهم.
وكناه عُمَرَ الضَّرِيْرُ, وَالبُخَارِيُّ: أَبَا القَاسِمِ.
قَالَ فِطْرُ بنُ خَلِيْفَةَ، عَنْ مُنْذِرٍ، سَمِعَ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ يَقُوْلُ: كَانَتْ رُخْصَةً لِعَلِيٍّ، قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ إِنْ وُلِدَ لِي بَعْدَكَ وَلَدٌ أُسَمَّيْهِ بِاسْمِكَ, وَأُكَنِّيْهِ بِكُنْيَتِكَ؟ قَالَ: "نَعَمْ".
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ أَنْبَأَنَا أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ, حَدَّثَنَا سَالِمُ بنُ أَبِي الجَعْدِ: أَنَّهُ كَانَ مَعَ محمد بن الحَنَفِيَّةِ فِي الشِّعْبِ فَقُلْتُ لَهُ "ذَاتَ يَوْمٍ": يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ وَكَنَّاهُ بِهَا.
النَّسَائِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ، وَرَوَى ابْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ الأَبْرَشُ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ: قُلْتُ لابْنِ المُسَيِّبِ: ابْنُ كَمْ كُنْتَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ؟ قَالَ: وُلِدْتُ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا منْ خلافته فذكرت ذلك لمحمد بن الحنفية فقال: ذاك مولدي.
رَوَى الرَّبِيْعُ بنُ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: وَقَعَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَطَلْحَةَ كَلاَمٌ, فَقَالَ طَلْحَةُ: لِجُرْأَتِكَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَمَّيْتَ بِاسْمِهِ وَكَنَّيْتَ بِكُنْيَتِهِ, وَقَدْ نَهَى أَنْ يَجْمَعَهُمَا أَحَدٌ.(5/57)
قَالَ: إِنَّ الجَرِيْءَ مَنِ اجْتَرَأَ عَلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ، اذْهَبْ يَا فُلاَنُ، فَادْعُ لِي فُلاَناً وَفُلاَناً -لِنَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ- فَجَاؤُوا فَقَالَ: بِمَ تَشْهَدُوْنَ؟ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "سَيُوْلَدُ لَكَ بَعْدِي غُلاَمٌ فَقَدْ نَحَلْتُهُ اسْمِي وَكُنْيَتِي, وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ مِنْ أُمَّتِي بَعْدَهُ" رَوَاهُ: ثِقَتَانِ عَنِ الرَّبِيْعِ وَهُوَ مُرْسَلٌ.
زَيْدُ بنُ الحُبَابِ: حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ بنُ مُنْذِرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ يَقُوْلُ: دَخَلَ عُمَرُ, وَأَنَا عِنْدَ أُخْتِي أُمِّ كُلْثُوْمٍ فَضَمَّنِي, وَقَالَ: أَلْطِفِيْهِ بِالحَلْوَاءِ.
سَالِمُ بن أبي حفصة، عن منذر عن أبي الحَنَفِيَّةِ قَالَ: حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ خَيْرٌ مِنِّي وَلَقَدْ عَلِمَا أَنَّهُ كَانَ يَسْتَخْلِيْنِي دُوْنَهُمَا وَإِنِّي صَاحِبُ البَغْلَةِ الشَّهْبَاءِ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الجُنَيْدِ: لاَ نعلم أحد أَسْنَدَ عَنْ عَلِيٍّ أَكْثَرَ وَلاَ أَصَحَّ مِمَّا أَسْنَدَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ.
إِسْرَائِيْلُ, عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى: أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ كَانَ يُكْنَى: أَبَا القاسم, وكان ورعًا, كثير العلم.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: قَالَ أَبُو اليَقْظَانِ: كَانَتْ رَايَةُ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لَمَّا سَارَ مِنْ ذِي قَارٍ, مَعَ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ.
ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا فِطْرٌ, عَنْ مُنْذِرٍ الثوري, قال: كنت عند محمد بن الحَنَفِيَّةِ, فَقَالَ: مَا أَشْهَدُ عَلَى أَحَدٍ بِالنَّجَاةِ وَلاَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلاَ عَلَى أَبِي فَنَظَرَ إِلَيْهِ القَوْمُ فَقَالَ مَنْ كَانَ فِي النَّاسِ مِثْلَ عَلِيٍّ سَبَقَ لَهُ كَذَا.
سَبَقَ لَهُ كَذَا.
أَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ، عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيِّ عَنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ قَالَ أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنَ العَرَبِ يَتَّخِذُهُمَا النَّاسُ أَنْدَاداً مِنْ دُوْنِ اللهِ نَحْنُ وَبَنُوْ عَمِّنَا هَؤُلاَءِ يُرِيْدُ بَنِي أُمَيَّةَ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْثَرٌ أَبُو زُبَيْدٍ عَنْ سَالِمِ بنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ مُنْذِرٍ أَبِي يَعْلَى عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ نَحْنُ أَهْلُ بَيْتَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ نَتَّخِذُ مِنْ دُوْنِ اللهِ أَنْدَاداً نَحْنُ وَبَنُوْ أُمَيَّةَ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ الطَّائِيُّ عَنْ أَبِيْهِ قَالَ كَتَبَ عَبْدُ المَلِكِ مِنْ عَبْدِ المَلِكِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ فَلَمَّا نَظَرَ مُحَمَّدٌ إِلَى عُنْوَانِ الكِتَابِ قَالَ إِنَّا للهِ الطُّلَقَاءُ وَلُعَنَاءَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى المَنَابِرِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لأُمُوْرٌ لَمْ يَقِرَّ قَرَارُهَا.
قُلْتُ: كَتَبَ إِلَيْهِ يَسْتَمِيْلُهُ فَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَاتَّسَقَ الأَمْرُ لِعَبْدِ المَلِكِ بَايَعَ مُحَمَّدٌ.
الوَاقِدِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ وَفَدْتُ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ فَقَضَى حَوَائِجِي وَوَدَّعْتُهُ فَلَمَّا كِدْتُ أَنْ أَتَوَارَى نَادَانِي: يَا أبا(5/58)
القَاسِمِ، يَا أَبَا القَاسِمِ. فَرَجَعْتُ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ أَنَّكَ يَوْمَ تَصْنَعُ بِالشَّيْخِ مَا تَصْنَعُ ظَالِمٌ لَهُ- يَعْنِي: لَمَّا أَخَذَ يَوْمَ الدَّارِ مَرْوَانَ، فَدَغَتَهُ1 بِرِدَائِهِ- قَالَ عَبْدُ المَلِكِ: وَأَنَا أَنْظُرُ يَوْمئِذٍ وَلِي ذُؤَابَةٌ.
إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، سَمِعَ الزُهْرِيَّ يَقُوْلُ: قَالَ رَجُلٌ لابْنِ الحَنَفِيَّةِ: مَا بَالُ أَبِيْكَ كَانَ يَرْمِي بِكَ فِي مَرَامٍ لاَ يَرْمِي فِيْهَا الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ؟ قَالَ؟ لأَنَّهُمَا كَانَا خَدَّيْهُ, وَكُنْتُ يَدَهُ, فَكَانَ يَتَوَقَّى بِيَدَيْهِ عَنْ خَدَّيْهِ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنِ ابْنِ كُلَيْبٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ بَيَانٍ, أَنْبَأَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ, أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ, حَدَّثَنَا ابْنُ عَرَفَةَ, حَدَّثَنَا ابن مبارك, عَنِ الحَسَنِ بنِ عَمْرٍو, عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ, عَنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ, قَالَ: لَيْسَ بِحَكِيْمٍ مَنْ لَمْ يُعَاشِرْ بِالمَعْرُوْفِ مَنْ لاَ يَجِدُ مِنْ مُعَاشَرَتِهِ بُدّاً حَتَّى يَجْعَلَ اللهُ مِنْ أَمْرِهِ فَرَجاً أَوْ قَالَ: مَخْرَجاً.
وَعَنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ: مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ لَمْ يَكُنْ لِلدُّنْيَا عِنْدَهٌ قَدْرٌ وَعَنْهُ: أَنَّ اللهَ جَعَلَ الجَنَّةَ ثَمَناً لأَنْفُسِكُم فَلاَ تَبِيْعُوْهَا بِغَيْرِهَا.
وَرَوَى الوَاقِدِيُّ بِإِسْنَادِهِ، قَالَ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ مُعَاوِيَةَ إِلَى المَدِيْنَةِ، كَانَ بِهَا الحُسَيْنُ، وَابْنُ الحَنَفِيَّةِ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِمَكَّةَ، فَخَرَجَ الحسين وَابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى مَكَّةَ, وَأَقَامَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ, فَلَمَّا سَمِعَ بِدُنُوِّ جَيْشِ مُسْرفٍ زَمَنَ الحَرَّةِ, رَحَلَ إِلَى مَكَّةَ, وَأَقَامَ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ. فَلَمَّا مَاتَ يَزِيْدُ, بُوْيِعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ, فَدَعَاهُمَا إِلَى بَيْعَتِهِ, فَقَالاَ: لاَ, حَتَّى تَجْتَمِعَ لَكَ البِلاَدُ فَكَانَ مَرَّةً يُكَاشِرُهُمَا وَمَرَّةً يَلِيْنُ لَهُمَا, ثُمَّ غَلُظَ عَلَيْهِمَا, وَوَقَعَ بَيْنَهُم حَتَّى خَافَاهُ, وَمَعَهُمَا النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ فَأَسَاءَ جِوَارَهُم, وَحَصَرَهُم وَقَصَدَ مُحَمَّداً, فَأَظْهَرَ شَتْمَهُ وَعَيْبَهُ, وَأَمَرَهُم وَبَنِي هَاشِمٍ أَنْ يَلْزَمُوا شِعْبَهُم, وَجَعَلَ عَلَيْهِمُ الرُّقَبَاءَ, وَقَالَ فِيْمَا يَقُوْلُ: وَاللهِ لَتُبَايِعُنَّ, أَوْ لأُحَرِّقَنَّكُم, فَخَافُوا.
قَالَ سُلَيْمٌ أَبُو عَامِرٍ: فَرَأَيْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ مَحْبُوْساً فِي زَمْزَمَ، وَالنَّاسُ يُمْنَعُوْنَ مِنَ الدُّخُوْلِ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: وَاللهِ لأَدْخُلَنَّ عَلَيْهِ. فَقُلْتُ: مَا بَالُكَ وَهَذَا الرَّجُلُ؟ قَالَ: دَعَانِي إِلَى البَيْعَةِ, فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَنَا مِنَ المُسْلِمِيْنَ فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَيْكَ, فَأَنَا كَأَحَدِهِم, فَلَمْ يَرْضَ بِهَذَا مِنِّي, فَاذْهَبْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَقُلْ: مَا تَرَى؟ قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ, وَهُوَ ذَاهِبُ البَصَرِ, فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَنْصَارِيٌّ قَالَ: رُبَّ أَنْصَارِيٍّ هُوَ أَشَدُّ عَلَيْنَا مِنْ عَدُوِّنَا. قُلْتُ: لاَ تَخَفْ أَنَا مِمَّنْ لَكَ كُلُّهُ. قَالَ: هَاتِ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: قُلْ له لا تطعه ولا نعمة عين
__________
1 دغته: أي خنقه.(5/59)
إلَّا مَا قُلْتَ، وَلاَ تَزِدْهُ عَلَيْهِ. فَأَبْلَغْتُهُ, فَهَمَّ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ أَنْ يَسِيْرَ إِلَى الكُوْفَةِ، وَبَلَغَ ذَلِكَ المُخْتَارَ، فَثَقُلَ عَلَيْهِ قُدُوْمُهُ، فَقَالَ: إِنَّ فِي المَهْدِيِّ عَلاَمَةً يَقْدَمُ بَلَدَكُم هَذَا، فَيَضْرِبُهُ رَجُلٌ فِي السُّوْقِ بِالسَّيْفِ لاَ يَضُرُّهُ وَلاَ يَحِيْكُ فِيْهِ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الحَنَفِيَّة، فَأَقَامَ، فَقِيْلَ لَهُ: لَوْ بَعَثْتَ إِلَى شِيْعَتِكَ بِالكُوْفَةِ, فَأَعْلَمْتَهُم مَا أَنْتَ فِيْهِ. فَبَعَثَ أَبَا الطُّفَيْلِ إِلَى شِيْعَتِهِمْ, فَقَالَ لَهُم: إِنَّا لاَ نَأْمَنُ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى هَؤُلاَءِ. وَأَخْبَرَهُم بِمَا هُمْ فِيْهِ مِنَ الخَوْفِ، فَقَطَعَ المُخْتَارُ بَعْثاً إِلَى مَكَّةَ، فَانْتَدَبَ مَعَهُ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ، فَعَقَدَ لأبي عبد الله الجدلي عليهم، وَقَالَ لَهُ: سِرْ، فَإِنْ وَجَدْتَ بَنِي هَاشِمٍ في حياة، فكن لهم عضدًا، و "انفذ" لِمَا أَمَرُوْكَ بِهِ وَإِنْ وَجَدْتَ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ قَتَلَهُم, فَاعْتَرِضْ أَهْلَ مَكَّةَ حَتَّى تَصِلَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ, ثُمَّ لاَ تَدَعْ لآلِ الزُّبَيْرِ شَعْراً وَلاَ ظُفُراً, وَقَالَ: يَا شُرْطَةَ اللهِ لَقَدْ أَكْرَمَكُمُ اللهُ بِهَذَا المَسِيْرِ, وَلَكُم بِهَذَا الوَجْهِ عَشْرُ حِجَجٍ وَعَشْرُ عُمَرٍ وَسَارُوا حَتَّى أَشْرَفُوا عَلَى مَكَّةَ فَجَاءَ المُسْتَغِيْثُ: عَجِّلُوا فَمَا أُرَاكُم تُدْرِكُوْنَهُم. فَانْتَدَبَ مِنْهُم ثَمَانِ مائَةٍ رَأْسُهُم عَطِيَّةُ بنُ سَعْدٍ العَوْفِيُّ حَتَّى دَخَلُوا مَكَّةَ فَكَبَّرُوا تَكَبِيْرَةً سَمِعَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَهَرَبَ إِلَى دَارِ النَّدْوَةِ وَيُقَالُ: تَعَلَّقَ بَأْسْتَارِ الكَعْبَةِ- وَقَالَ أَنَا عَائِذُ اللهِ. قَالَ عَطِيَّةُ: ثُمَّ مِلْنَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الحَنَفِيَّةِ وَأَصْحَابِهِمَا فِي دُوْرٍ قَدْ جُمِعَ لَهُمُ الحَطَبُ, فَأُحِيْطَ بِهِمْ حَتَّى سَاوَى الجُدُرَ, لَوْ أَنَّ نَاراً تَقَعُ فِيْهِ مَا رُئِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَأَخَّرْنَاهُ عَنِ الأَبْوَابِ, وَعَجِلَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ, وَهُوَ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ, فَأَسْرَعَ فِي الحَطَبِ لِيَخْرُجَ, فَأَدْمَاهُ. وَأَقْبَلَ أَصْحَابُ ابْنُ الزُّبَيْرِ, فَكُنَّا صَفَّيْنِ, نَحْنُ وَهُمْ فِي المَسْجِدِ نَهَارَنَا لاَ نَنْصَرِفُ إِلَى صَلاَةٍ حَتَّى أَصْبَحْنَا وَقَدِمَ الجَدَلِيُّ فِي الجَيْشِ فَقُلْنَا لابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الحَنَفِيَّةِ: ذَرُوْنَا نُرِحِ النَّاسَ مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالاَ: هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَهُ اللهُ, مَا أَحَلَّهُ لأَحَدٍ إلَّا لِنَبِيِّهِ سَاعَةً فَامْنَعُوْنَا وَأَجِيْرُوْنَا قَالَ: فَتَحَمَّلُوا وَإِنَّ مُنَادِياً لَيُنَادِي فِي الجَبَلِ: مَا غَنِمَتْ سَرِيَّةٌ بَعْدَ نَبِيِّهَا مَا غَنِمَتْ هَذِهِ السَّرِيَّةُ إِنَّ السَّرِيَّةَ تَغْنَمُ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ, وَإِنَّمَا غَنِمْتُمْ دِمَاءنَا. فَخَرَجُوا بِهِم فَأَنْزَلُوْهُمْ مِنَىً فَأَقَامُوا مُدَّةً ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى الطَّائِفِ وَبِهَا تُوُفِّيَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَصَلَّى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فَبَقِيْنَا معَهُ فَلَمَّا كَانَ الحَجُّ وَافَى مُحَمَّدٌ بِأَصْحَابِهِ فَوَقَفَ وَوقَفَ نَجْدَةُ بنُ عَامِرٍ الحَنَفِيُّ فِي الخوَارِجِ نَاحِيَةً وَحَجَّتْ بَنُوْ أُمَيَّةَ عَلَى لِوَاءٍ فَوَقَفُوا بعرفة.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ جُبَيْرٍ: أَنَّ الَّذِي أَقَامَ الحَجَّ ابْنُ الزُّبَيْرِ. وَحَجَّ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ فِي الخَشَبِيَّةِ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ, نَزَلُوا فِي الشِّعْبِ الأَيْسَرِ مِنْ مِنَىً, فَخِفْتُ الفِتْنَةَ, فَجِئْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ, فَقُلْتُ: يَا أَبَا القَاسِمِ اتَّقِ اللهَ فَإِنَّا فِي مَشْعَرٍ حَرَامٍ فِي بَلَدٍ حَرَامٍ وَالنَّاسُ وَفْدُ اللهِ فَلاَ تُفْسِدْ عَلَيْهِم حَجَّهُمْ فَقَالَ: وَاللهِ مَا أُرِيْدُ ذَلِكَ وَلَكِنِّي أَدْفَعُ عَنْ نفسي, وما أطلب هذا الأمرإلَّا أَنْ لاَ يَخْتَلِفَ عَلَيَّ فِيْهِ اثْنَانِ, فَائْتِ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَكَلِّمْهُ عَلَيْكَ, بِنَجْدَةَ, فَكَلِّمْهُ. فَجِئْتُ ابن الزبير,(5/60)
فَقَالَ: أَنَا أَرْجِعُ! قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيَّ وَبَايَعَنِي النَّاسُ، وَهَؤُلاَءِ أَهْلُ خِلاَفٍ. قُلْتُ: إِنَّ خَيْراً لَكَ الكَفُّ. قَالَ أَفْعَلُ. ثُمَّ جِئْتُ نَجْدَةَ الحَرُوْرِيَّ, فَأَجِدُهُ فِي أَصْحَابِهِ, وَعِكْرِمَةُ عِنْدَهُ, فَقُلْتُ: اسْتَأذِنْ لِي عَلَيْهِ قَالَ فَدَخَلَ فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ أَذِنَ لِي فَدَخَلْتُ، فَعَظَّمْتُ عَلَيْهِ، وَكَلَّمْتُهُ فَقَالَ: أَمَّا أَنْ أَبْتَدِئَ أَحَداً بِقِتَالٍ, فَلاَ قُلْتُ: إِنِّي رَأَيْتُ الرَّجُلِيْنِ لاَ يُرِيْدَانِ قِتَالَكَ ثُمَّ جِئْتُ شِيْعَةَ بَنِي أُمَيَّةَ فَكَلَّمْتُهُم فَقَالُوا: لاَ نُقَاتِلُ فَلَمْ أَرَ فِي تِلْكَ الأَلْوِيَةِ أَسْكَنَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ. وَوَقَفْتُ تِلْكَ العَشِيَّةَ إِلَى جَنْبِهِ فَلَمَّا غَابَتِ الشَّمْسُ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ يَا أَبَا سَعِيْدٍ ادْفَعْ فَدَفَعْتُ مَعَهُ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَفَعَ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ دَعَا ابْنُ الزُّبَيْرِ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ إِلَى بِيْعَتِهِ، فَأَبَى، فَحَصَرَهُ فِي شِعْبِ بَنِي هَاشِمٍ، وَتَوَعَّدَهُمْ حَتَّى بَعَثَ المُخْتَارُ أَبَا عَبْدِ اللهِ الجَدَلِيَّ إِلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفٍ سَنَةَ سِتٍّ فَأَقَامُوا مَعَهُ حَتَّى قُتِلَ المُخْتَارُ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وستين.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الزُّبَيْرِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ. وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ يَحْيَى بنِ طَلْحَةَ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا: كَانَ المُخْتَارُ أَشدَّ شَيْءٍ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَجَعَلَ يُلْقِي إِلَى النَّاسِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَطْلُبُ هَذَا الأَمْرَ لابْنِ الحَنَفِيَّةِ ثُمَّ ظَلَمَهُ وجعل يعظم ابن الحنفية ويدعوا إِلَيْهِ فَيُبَايِعُوْنَهُ سِرّاً فَشَكَّ قَوْمٌ وَقَالُوا أَعْطَيْنَا هَذَا عُهُوْدَنَا أَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَسُوْلُ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ وَهُوَ بِمَكَّةَ لَيْسَ مِنَّا بِبَعِيْدٍ فَشَخَصَ إِلَيْهِ قَوْمٌ فَأَعْلَمُوْهُ أَمْرَ المُخْتَارِ فَقَالَ نَحْنُ قَوْمٌ حَيْثُ تَرَوْنَ مَحْبُوْسُوْنَ وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي سُلْطَانَ الدُّنْيَا بِقَتْلِ مُؤْمِنٍ وَلَوَدِدْتُ أَنَّ اللهَ انْتَصَرَ لَنَا بِمَنْ يَشَاءُ فَاحْذَرُوا الكَذَّابِيْنَ قَالَ وَكَتَبَ المُخْتَارُ كِتَاباً عَلَى لِسَانِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ الأَشْتَرِ وَجَاءهُ يَسْتَأْذِنُ وَقِيْلَ المُخْتَارُ أَمِيْنُ آلِ مُحَمَّدٍ وَرَسُوْلُهُمْ فَأَذِنَ لَهُ وَرحَّبَ بِهِ فَتَكَلَّمَ المُخْتَارُ وَكَانَ مُفَوَّهاً ثُمَّ قَالَ إِنَّكُمْ أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ أَكْرَمَكُمُ اللهُ بِنُصْرَةِ آلِ مُحَمَّدٍ وَقَدْ رُكِبَ مِنْهُم مَا قَدْ عَلِمْتَ وَقَدْ كَتَبَ إِلَيْكَ المَهْدِيُّ كِتَاباً وَهَؤُلاَءِ الشُّهُودُ عَلَيْهِ فَقَالُوا نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا كِتَابُهُ وَرَأَيْنَاهُ حِيْنَ دَفَعَهُ إِلَيْهِ فَقَرَأَهُ إِبْرَاهِيْمُ ثُمَّ قَالَ أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُجِيْبُ قَدْ أُمِرْنَا بِطَاعَتِكَ وَمُؤَازَرَتِكَ فَقُلْ مَا بَدَا لَكَ ثُمَّ كَانَ يَرْكَبُ إِلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَزَرَعَ ذَلِكَ فِي الصُّدُوْرِ وَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَتَنَكَّرَ لابْنِ الحَنَفِيَّةِ وَجَعَلَ أَمْرُ المُخْتَارِ يَغْلُظُ وَتَتَبَّعَ قَتَلَةَ الحُسَيْنِ فَقَتَلَهُمْ وَجْهَّزَ ابْنَ الأَشْتَرِ فِي عِشْرِيْنَ أَلْفاً إِلَى عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ، فَظَفِرَ بِهِ ابْنُ الأَشْتَرِ، وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَى المُخْتَارِ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، فَدَعَتْ بَنُوْ هَاشِمٍ لِلْمُخْتَارِ وَكَانَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ لاَ يُحِبُّ كثيرًا مما يأتي به وكتب المختار، إِلَيْهِ لِمُحَمَّدٍ المَهْدِيِّ مِنَ المُخْتَارِ الطَّالِبِ بِثَأْرِ آلِ مُحَمَّدٍ.
أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ زِيَادٍ عَنِ الأَسْوَدِ بنِ قَيْسٍ قَالَ لَقِيْتُ رَجُلاً مِنْ(5/61)
عَنَزَةَ فَقَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، فَقُلْتُ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا مَهْدِيُّ. قَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ. قُلْتُ: إِنَّ لِي حَاجَةً. فَلَمَّا قَامَ, دَخَلْتُ مَعَهُ, فَقُلْتُ: مَا زَالَ بِنَا الشَّيْنُ فِي حُبِّكُمْ حَتَّى ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الأَعْنَاقُ, وَشُرِّدْنَا فِي البلاد, وأوذينا ولقد كانت تبلغنا عند أَحَادِيْثُ مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ, فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُشَافِهَكَ. فَقَالَ: إِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الأَحَادِيْثَ, وَعَلَيْكُم بِكِتَابِ اللهِ, فَإِنَّهُ بِهِ هُدِيَ أَوَّلُكُم وَبِهِ يُهْدَى آخِرُكُمْ وَلَئِنْ أُوْذِيْتُمْ, لَقَدْ أُوْذِيَ مَنْ كَانَ خَيْراً مِنْكُمْ وَلأَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ أَبْيَنُ مِنْ طُلُوْعِ الشَّمْسِ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الجَحَّافِ -شِيْعِيٌّ- عَنْ رَجُلٍ مِنْ "أَهْلِ البَصْرَةِ" قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ حِيْنَ خَرَجَ المُخْتَارُ, فَقُلْتُ إِنَّ هَذَا خَرَجَ عِنْدَنَا يَدْعُو إِلَيْكُمْ, فَإِنْ كَانَ أَمْرِكُمُ, اتَّبَعْنَاهُ. قَالَ سَآمُرُكَ بِمَا أَمَرْتُ بِهِ ابْنِي هَذَا, إِنَّا -أَهْلَ بَيْتٍ- لاَ نَبْتَزُّ هَذِهِ الأُمَّةَ أَمْرَهَا, وَلاَ نَأْتِيْهَا مِنْ غَيْرِ وَجْهِهَا وَإِنَّ عَلِيّاً كَانَ يَرَى أَنَّهُ لَهُ وَلَكِنْ لَمْ يُقَاتِلْ حَتَّى جَرَتْ لَهُ بَيْعَةٌ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ: لاَ حَرَجَ إلَّا فِي دَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ فَقُلْتُ: يَطْعَنُ عَلَى أَبِيْكَ قَالَ: لاَ بَايَعَهُ أُوْلُوْ الأَمْرِ, فَنَكَثَ نَاكِثٌ فَقَاتَلَهُ وَإِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَحْسُدُنِي عَلَى مَكَانِي, وَدَّ أَنِّي ألحد في الحرم كما ألحد.
الثَّوْرِيُّ، عَنِ الحَارِثِ الأَزْدِيِّ، قَالَ: قَالَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ: رَحِمَ اللهُ امْرَأً أَغْنَى نَفْسَهُ, وَكَفَّ يَدَهُ وَأَمْسَكَ لِسَانَهُ وَجَلَسَ فِي بَيْتِهِ, لَهُ مَا احْتَسَبَ, وَهُوَ مَعَ مَنْ أَحَبَّ إلَّا إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي أُمَيَّةَ أَسْرَعُ فِيْهِم مِنْ سُيُوْفِ المُسْلِمِيْنَ إلَّا إِنَّ لأَهْلِ الحَقِّ دَوْلَةً يَأْتِي بِهَا اللهُ إِذَا شَاءَ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَنَا فِي السَّهْمِ الأَعْلَى, وَمَنْ يَمُتْ فَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى.
أَبُو عوانة: حدثنا أبو حمزة قَالَ: كَانُوا يَقُوْلُوْنَ لابْنِ الحَنَفِيَّةِ: سَلاَمٌ عَلَيْكَ يَا مَهْدِيُّ. فَقَالَ: أَجَلْ أَنَا مَهْدِيٌّ, أَهْدِي إلى الرشد والخير, اسمي محمد. فقولوا: سَلاَمٌ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ, أَوْ يَا أَبَا القَاسِمِ.
رَوَى الرَّبِيْعُ بنُ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الحَنَفِيَّةِ: لَوَدِدْتُ أَنِّي فَدَيْتُ شِيْعَتَنَا هَؤُلاَءِ بِبَعْضِ دَمِي ثُمَّ قَالَ: بِحَدِيْثِهِمُ الكَذِبَ, وَإِذَاعَتِهْمُ السِّرَّ, حَتَّى لَوْ كَانَتْ أُمُّ أَحَدِهِمْ لأَغْرَى بِهَا حَتَّى تُقْتَلَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قُتِلَ المُخْتَارُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَفِي سَنَةِ تِسْعٍ بَعَثَ ابْنُ الزبير أخاه عروة إلى محمد بن الحَنَفِيَّةِ يَقُوْلُ: إِنِّي غَيْرُ تَارِكِكَ أَبَداً حَتَّى تُبَايِعَنِي, أَوْ أُعِيْدَكَ فِي الحَبْسِ, وَقَدْ قَتَلَ اللهُ الكَذَّابَ الَّذِي كُنْتَ تَدَّعِي نُصْرَتَهُ, وَأَجْمَعَ أَهْلُ العِرَاقِ عَلَيَّ, فَبَايِعْ. فَقَالَ: يَا عُرْوَةُ مَا أَسْرَعَ أَخَاكَ إِلَى قَطْعِ الرَّحِمِ, وَالاسْتِخْفَافِ بِالحَقِّ وَمَا أَغْفَلَهُ عَنْ تَعْجِيْلِ عُقُوْبَةِ اللهِ! ما(5/62)
يَشُكُّ أَخُوْكَ فِي الخُلُوْدِ، وَوَاللهِ مَا بُعِثَ المختار داعيًا ولا ناصرًا، ولهو -كَانَ- أَشَدُّ إِلَيْهِ انْقِطَاعاً مِنْهُ إِلَيْنَا، فَإِنْ كَانَ كَذَّاباً، فَطَالَمَا قَرَّبَهُ عَلَى كَذِبِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ، وَمَا عِنْدِي خِلاَفٌ مَا أَقَمْتُ، فِي جِوَارِهِ وَلَوْ كَانَ, لَخَرَجْتُ إِلَى مَنْ يَدْعُوْنِي, وَلَكِنْ هَا هُنَا لأَخِيْكَ قِرْنٌ وَكِلاَهُمَا يُقَاتِلاَنِ عَلَى الدُّنْيَا عَبْدُ المَلِكِ فَلَكَأَنَّكَ بِجُيُوْشِهِ قَدْ أَحَاطَتْ بِرَقَبَةِ أَخِيْكَ وَإِنِّي لأَحْسَبُ "أَنَّ" جِوَارَهُ خَيْرٌ مِنْ جِوَارِكُمْ, وَلَقَدْ كَتَبَ إِلَيَّ يَعْرِضُ عَلَيَّ مَا قِبَلَهُ وَيَدْعُوْنِي إِلَيْهِ قَالَ عُرْوَةُ: فَمَا يَمْنَعُكَ؟ قَالَ: أَسْتخِيْرُ اللهَ وَذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ صَاحِبِكَ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ: وَاللهِ لَوْ أَطَعْتَنَا لَضَرَبْنَا عُنُقَهُ. فَقَالَ: وَعَلَى مَاذَا؟ رَجُلٌ جَاءَ بِرِسَالَةٍ مِنْ أَخِيْهِ, وَأَنْتُم تَعْلَمُوْنَ أَنَّ رَأْيِيَ لَوِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيَّ سِوَى إِنْسَانٍ لَمَا قَاتَلْتُهُ. فَانْصَرَفَ عُرْوَةُ, وَأَخْبَرَ أَخَاهُ, وَقَالَ: مَا أَرَى لَكَ أَنْ تَعْرِضَ لَهُ, دَعْهُ فَلْيَخْرُجْ عَنْكَ, فَعَبْدُ المَلِكِ أَمَامَهُ, لاَ يَتْرُكُهُ يَحُلُّ بِالشَّامِ حَتَّى يُبَايِعَهُ, وَهُوَ فَلاَ يُبَايِعُهُ أَبَداً حَتَّى يُجْمِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ.
أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: سِرْنَا مَعَ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ مِنَ الطَّائِفِ إِلَى أَيْلَةَ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِ عَبَّاسٍ, وَكَانَ عَبْدُ المَلِكِ قَدْ كَتَبَ لَهُ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي أَرْضِهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ, حَتَّى يَتَّفِقَ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ, فَإِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى رَجُلٍ بِعَهْدِ اللهِ وَمِيْثَاقِهِ ... -فِي كَلاَمٍ طَوِيْلٍ- فَلَمَّا قَدِمَ مُحَمَّدٌ الشَّامَ كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ إِمَّا أَنْ تُبَايِعَنِي وَإِمَّا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَرْضِي وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ سَبْعَةُ آلاَفٍ فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَلَى أَنْ تُؤَمِّنَ أَصْحَابِي فَفَعَلَ فَقَامَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللهُ وَلِيُّ الأُمُوْرِ كُلِّهَا وَحَاكِمُهَا, مَا شَاءَ اللهُ كَانَ, وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ, ليعودن فيه الأمر كما بدأ, الحمد الله الَّذِي حَقَنَ دِمَاءكُم وَأَحْرَزَ دِيْنَكُم مَنْ أَحَبَّ منكم أن يأتي مأمنه إلى بلده آمِناً مَحْفُوْظاً, فَلْيَفْعَلْ, كُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيْبٌ عَجِلْتُم بِالأَمْرِ قَبْلَ نُزُوْلِهِ, وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ, إِنَّ فِي أَصْلاَبِكُم لَمَنْ يُقَاتِلُ مَعَ آلِ مُحَمَّدٍ, مَا يَخْفَى عَلَى أَهْلِ الشِّرْكِ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ مُسْتَأْخِرٌ. قَالَ: فَبَقِيَ فِي تِسْعِ مائَةٍ, فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَقَلَّدَ هَدْياً فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنَّ نَدْخُلَ الحَرَمَ تَلَقَّتْنَا خَيْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ, فَمَنَعَتْنَا أَنْ نَدْخُلَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ لَقَدْ خَرَجْتُ وَمَا أُرِيْدُ قِتَالاً وَرَجَعْتُ كَذَلِكَ دَعْنَا نَدْخُلْ فَلْنَقْضِ نُسُكَنَا, ثُمَّ لْنَخْرُجْ عَنْكَ, فَأَبَى قَالَ: وَمَعَنَا البُدْنَ مُقَلَّدَةً, فَرَجَعْنَا إِلَى المَدِيْنَةِ, فَكُنَّا بِهَا حَتَّى قَدِمَ الحَجَّاجُ, وَقَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ, ثُمَّ سَارَ إِلَى العِرَاقِ, فَلَمَّا سَارَ, مَضَيْنَا, فَقَضَيْنَا نُسُكَنَا, وَقَدْ رَأَيْتُ القَمْلَ يَتَنَاثَرُ مِنِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ. قَالَ: ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى المَدِيْنَةِ, فَمَكَثَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ إِسْنَادُهَا ثَابِتٌ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ عُبَيْدَةَ, عَنْ زَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ, قَالَ: وَفَدْتُ مَعَ أَبَانٍ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ وَعِنْدَهُ ابْنُ الحنيفة فَدَعَا عَبْدُ المَلِكِ بِسَيْفِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(5/63)
وَدَعَا بِصَيْقَلٍ1، فَنَظَر، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ حَدِيْدَةً قَطُّ أَجْوَدَ مِنْهَا. قَالَ عَبْدُ المَلِكِ: وَلاَ وَاللهِ مَا رَأَى النَّاسُ مِثْلَ صَاحِبِهَا! يَا مُحَمَّدُ هَبْ لِي هَذَا السَّيْفَ قَالَ [مُحَمَّدٌ] : أَيُّنَا أَحَقُّ بِهِ، فَلْيَأْخُذْهُ قَالَ "عَبْدُ المَلِكِ": إِنْ كَانَ لَكَ قَرَابَةٌ, فَلِكُلٍّ قَرَابَةٌ فَأَعْطَاهُ مُحَمَّدٌ إِيَّاهُ ثُمَّ قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ [إِنَّ] هَذَا -وَأَشَارَ إِلَى الحَجَّاجِ- قَدِ اسْتَخَفَّ بِي, وَآذَانِي, وَلَوْ كَانَتْ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ أَرْسَلَ إِلَيَّ فِيْهَا. قَالَ لاَ إِمْرَةَ لَهُ عَلَيْكَ. فَلَمَّا وَلَّى مُحَمَّدٌ, قَالَ عَبْدُ المَلِكِ لِلْحَجَّاجِ: أَدْرِكْهُ فَسُلَّ سَخِيْمَتَهُ فَأَدْرَكَهُ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ لأَسُلَّ سَخِيْمَتَكَ, وَلاَ مَرْحَباً بِشَيْءٍ سَاءكَ. قَالَ وَيْحَكَ يَا حَجَّاجُ! اتَّقِ اللهَ، وَاحْذَرْهُ، مَا مِنْ صَبَاحٍ إلَّا ولله في كل عبد من عِبَادِه ثَلاَثُ مائَةٍ وَسِتُّوْنَ لَحْظَةً، إِنْ أَخَذَ أَخَذَ بِمَقْدِرَةٍ وَإِنْ عَفَا عَفَا بِحِلْمٍ, فَاحْذَرِ اللهَ. فَقَالَ: لاَ تَسْأَلُنِي شَيْئاً إلَّا أَعْطَيْتُكَهُ قَالَ: وَتَفْعَلُ قَالَ: نَعَمْ قَالَ صُرْمُ الدَّهْرِ.
الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ الحَجَّاجَ أراد يَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى المَقَامِ فَزَجَرَهُ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ وَنَهَاهُ.
إِسْرَائِيْلُ: حَدَّثَنَا ثُوَيْرٌ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ يَخْضِبُ بِالحِنَّاءِ وَالكَتَمِ2.
وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ: أَنَّهُ رَأَى ابْنَ الحَنَفِيَّةِ يَرْمِي الجِمَارَ عَلَى بِرْذَوْنٍ أَشْهَبَ.
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ الحَنَفِيَّةِ مِطْرَفَ خَزٍّ أَصْفَرَ بِعَرَفَةَ.
وَعَنْ رِشْدِيْنَ بنِ كُرَيْبٍ: رَأَيْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ يعتم بعمامة سوداء، ويريخها شِبْراً أَوْ دُوْنَهُ.
وَقَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أيمن: رأيت على ابن الحنيفة عِمَامَةً سَوْدَاءَ.
وَقِيْلَ لابْنِ الحَنَفِيَّةِ: لِمَ تَخْضِبُ؟ قَالَ: أَتَشَبَّبُ بِهِ لِلنِّسَاءِ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَيْمَنَ قَالَ: أَرْسَلَنِي أَبِي إلى محمد بن الحَنَفِيَّةِ فَإِذَا هُوَ مُكَحَّلٌ مَصْبُوْغُ اللِّحْيَةِ بِحُمْرَةٍ فرجعت فقلت لأبي بعثتني إِلَى شَيْخٍ؟! مُخَنَّثٍ؟! قَالَ: يَا ابْنَ اللَّخْنَاءِ ذاك محمد بن علي.
__________
1 الصيقل: شحاذ السيوف وجلاؤها، والجمع صياقل وصياقلة، دخلت فيه الهاء لغير علة من العلل الأربع التي توجب دخولها الهاء في هذا الضرب من الجمع، ولكن على حد دخولها في الملائكة والقشاعمة.
2- الكتم: نبت يخلط بالحناء ويخضب به الشعر فيبقى لونه وأصله. وإذا طبخ بالماء كان منه مداد الكتابة.(5/64)
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ الصَّلْتِ، حَدَّثَنَا رَبِيْعُ بنُ مُنْذِرٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ فَأَرَادَ أَنَّ يَتَوَضَّأَ فَنَزَعَ خُفَّيْهِ وَمَسَحَ عَلَى قَدَمَيْهِ.
قُلْتُ: هَذَا قَدْ يَتَعَلَّقُ بِهِ الإِمَامِيَّةُ، وَبِظَاهِرِ الآيَةِ، لَكِنْ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ شَرْعٌ لاَزِمٌ، بَيَّنَهُ لَنَا الرَّسُوْلُ -اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ- وَقَالَ: "وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ" 1، وَعَلَيْهِ عَمَلُ الأُمَّةِ، وَلاَ اعْتِبَارَ بِمَنْ شَذَّ قَالَ رَافِضِيٌّ: فَأَنْتُم تَرَوْنَ مَسْحَ مَوْضِعَ ثَلاَثِ شَعَرَاتٍ، بَلْ شَعْرَةٌ مِنَ الرَّأْسِ يُجْزِئُ, وَالنَّصُّ فَلاَ يَحْتَمِلُ هَذَا وَلاَ يُسَمَّى مَنِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ مَاسِحاً لِرَأْسِهِ عُرْفاً وَلاَ رَأَيْنَا النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أحد مِنْ أَصْحَابِهِ اجْتَزَأَ بِذَلِكَ, وَلاَ جَوَّزَهُ. فَالجَوَابُ: أَنَّ البَاءَ لِلتَّبْعِيْضِ فِي قَوْلِهِ "بِرُؤُوْسِكُمْ" وَلَيْسَ الموضع يحتمل تقريره هَذِهِ المَسْأَلَةِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ، عَنِ الحسن بن محمد بن الحَنَفِيَّةِ، قَالَ: لَمْ يُبَايِعْ أَبِي الحَجَّاجَ, لَمَّا قُتِل ابْنُ الزُّبَيْرِ بَعَثَ الحَجَّاجُ إِلَيْهِ: أَنْ قَدْ قُتِلَ عَدُوُّ اللهِ فَقَالَ: إِذَا بَايَعَ النَّاسُ بَايَعْتُ قَالَ: وَاللهِ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ: إِنَّ للهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلاَثَ مائَةٍ وَسِتِّيْنَ نَظْرَةً, فِي كُلِّ لَحْظَةٍ ثَلاَثُ مائَةٍ وَسِتُّوْنَ قَضِيَّةً, فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكْفِيْنَاكَ فِي قَضِيَّةٍ مِنْ قَضَايَاهُ وَكَتَبَ الحَجَّاجُ فِيْهِ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ بذلك, فأعجب عبد الملك قَوْلُهُ, وَكَتَبَ بِمِثْلِهَا إِلَى طَاغِيَةِ الرُّوْمِ, وَذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ الرُّوْمِ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ يَتَهَدَّدُهُ بِأَنَّهُ قَدْ جَمَعَ لَهُ جُمُوْعاً كَثِيْرَةً. وَكَتَبَ إِلَى الحَجَّاجِ: قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ مُحَمَّداً لَيْسَ عِنْدَهُ خِلاَفٌ, فَارْفُقْ بِهِ, فَسَيُبَايِعُكَ. فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ وَبَايَعَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ لِمُحَمَّدٍ: مَا بَقِيَ شَيْءٌ, فَبَايِعْ. فَكَتَبَ بِالبَيْعَةِ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ, وَهِيَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي لَمَّا رَأَيْتُ الأُمَّةَ قَدِ اخْتَلَفَتْ اعْتَزَلْتُهُم فَلَمَّا أَفْضَى الأَمْرُ إِلَيْكَ وَبَايَعَكَ النَّاسُ كُنْتُ كَرَجُلٍ مِنْهُم فَقَدْ بَايَعْتُكَ وَبَايَعْتُ الحَجَّاجَ لَكَ, وَنَحْنُ نُحِبُّ أَنْ تُؤَمِّنَنَا وَتُعْطِيَنَا مِيْثَاقاً عَلَى الوَفَاءِ فَإِنَّ الغَدْرَ لاَ خَيْرَ فِيْهِ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ: إِنَّكَ عِنْدَنَا مَحْمُوْدٌ, أَنْتَ أَحَبُّ إِلَيْنَا, وَأَقْرَبُ بِنَا رَحِماً مِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ, فَلَكَ ذِمَّةُ اللهِ وَرَسُوْلِهِ أَنْ لاَ تُهَاجَ وَلاَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ بِشَيْءٍ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ: مَاتَ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: أَنْبَأَنَا زَيْدُ بنُ السَّائِبِ, قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ الله بن الحَنَفِيَّةِ: أَيْنَ دُفِنَ أَبُوْكَ؟ قَالَ بِالبَقِيْعِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ, فِي المُحَرَّمِ, وَلَهُ خَمْسٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً, فَجَاءَ أَبَانُ بنُ عُثْمَانَ وَالِي المَدِيْنَةِ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَقَالَ أَخِي: مَا تَرَى؟ فَقَالَ أَبَانٌ: أَنْتُمْ أَوْلَى بِجَنَازَتِكُمْ. فَقُلْنَا: تَقَدَّمْ، فَصَلِّ، فَتَقَدَّمَ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ، سَمِعْتُ ابْنَ الحَنَفِيَّةِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ يَقُوْلُ: لِي خَمْسٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً جاوزت سن أبي فمات تلك السنة.
وَفِيْهَا أَرَّخَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ. وَانْفَرَدَ المَدَائِنِيُّ, فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 211 و 226"، والبخاري"60" و "96" و "163"، ومسلم "241" "27"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "1/ 39"، والبيهقي "1/ 68"، والبغوي "220" من طريق أبي عوانة، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عمرو، به.(5/65)
405- ابناه 1: "ع"
عبد الله بن محمد بن الحنفية، الإِمَامُ، أَبُو هَاشِمٍ الهَاشِمِيُّ، العَلَوِيُّ، المَدَنِيُّ.
رَوَى عن أبيه حديث تحريم المتعة.
روى عن الزُهْرِيِّ، وَعَمرِو بنِ دِيْنَارٍ وَسَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ.
قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: كَانَ أَبُو هَاشِمٍ صَاحِبَ الشِّيْعَةِ فَأَوْصَى إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ, وَدَفَعَ إِلَيْهِ كُتُبَهُ, وَمَاتَ عِنْدَهُ, وَانْقَرَضَ عَقِبُهُ, وَأَمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، قَلِيْلَ الحَدِيْثِ، وَكَانَتِ الشِّيْعَةُ تَنْتَحِلُهُ. وَلَمَّا احْتُضِرَ, أَوْصَى إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ, وَقَالَ: أَنْتَ صَاحِبُ هَذَا الأَمْرِ, وَهُوَ فِي وَلَدِكَ. وَصَرَفَ الشِّيْعَةَ إِلَيْهِ, وَأَعْطَاهُ كُتُبَهُ. مَاتَ: فِي خِلاَفَةِ سُلَيْمَانَ.
قَالَ البُخَارِيُّ، قَالَ عَلِيٌّ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا الزُهْرِيُّ، قَالَ: كَانَ الحَسَنُ أوثقهما، وكان عبد الله يتبع السبائية2.
رَوَاهُ الحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، وَلَفْظُهُ: كَانَ يَجْمَعُ أَحَادِيْثَ السَّبَائِيَّةِ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: هُمَا ثِقَتَانِ. وَحَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ: أَنَّ أَحَدَهُمَا شِيْعِيٌّ وَالآخَرَ مُرْجِئٌ. وَعَنْ جُوَيْرِيَةَ بنِ أَسْمَاءَ: أَنَّ سُلَيْمَانَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ دَسَّ مَنْ سَقَى أَبَا هَاشِمٍ سُمّاً، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ.
قُلْتُ: مَاتَ كَهْلاً. وَقِيْلَ إِنَّ عَبْدَ اللهِ أَوَّلُ من ألف شيئًا في الإرجاء.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 327" التاريخ الكبير "5/ ترجمة 582"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 711"، الكاشف "2/ ترجمة 3000"، تاريخ الإسلام "4/ 20"، تهذيب التهذيب "6/ 16"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3792".
2 السبأية: أصحاب عبد الله بن سبأ يزعمون أن عليًا لم يمت وأنه يرجع إلى الدنيا قبل يوم القيامة فيملأ الأرض عدلًا كما ملئت جورًا.(5/66)
406- الحسن 1: "ع"
ابن محمد بن الحنفية، الإِمَامُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ. كَانَ أَجَلَّ الأَخَوَيْنِ، وَأَفَضْلَهُمَا.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ، وَسَلَمَةَ بنِ الأَكْوَعِ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ، وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الزُهْرِيُّ، وَعُمَرُ بنُ دِيْنَارٍ، وَمُوْسَى بنُ عُبَيْدَةَ، وَعِدَّةٌ.
وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ البَيْتِ, وَنَاهِيْكَ أَنَّ عَمرَو بنَ دِيْنَارٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ بِمَا اخْتَلَفَ فِيْهِ النَّاسُ مِنَ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ مَا كَانَ زُهْرِيُّكُمْ إلَّا غُلاَماً مِنْ غِلْمَانِهِ.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: مَاتَ سَنَةَ مائَةٍ، أَوْ فِي الَّتِي قَبْلَهَا.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنَ المِرْدَاوِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّوْسِيُّ، وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ الخَطِيْبُ، بِحَرَّانَ وَجَمَاعَةٌ, وَأَنْبَأَنَا سُنْقُرُ بنُ عَبْدِ الله بِحَلَبَ, أَنْبَأَنَا المُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ, وَأَنْجَبُ بنُ أَبِي السَّعَادَاتِ وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي, وَأَنْبَأَنَا عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ وَبِيْبَرْسُ العَدِيْمِيُّ وَمُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ القَاضِي, وَآخَرُوْنَ قَالُوا: أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُثْمَانَ, أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي وَعَلِيُّ بنُ عبد الرحمن بن تَاجِ القُرَّاءِ قَالاَ: أَنْبَأَنَا مَالِكُ بنُ أَحْمَدَ الفَرَّاءُ, أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ أَمْلاَنَا أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ وَالحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ, وَعَنْ أَكْلِ لُحُوْمِ الحُمُرِ الإنسية2.
أخرجه البخاري ومسلم من الحديث مَالِكٍ وَمِنْ طَرِيْقِ يُوْنُسَ وَمَعْمَرٍ وَعُبَيْدِ اللهِ بن عمر جميعًا عن الزهري.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 328"، "2/ ترجمة 2560"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة رقم 144"، تاريخ الإسلام "3/ 357"، الكاشف "1/ ترجمة 1072"، تهذيب التهذيب "2/ 320"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1384".
2 صحيح: أخرجه البخاري "5115"، مسلم "1407".(5/67)
407- سليم بن عتر 1:
الإِمَامُ, الفَقِيْهُ، قَاضِي مِصْرَ، وَوَاعِظُهَا، وَقَاصُّهَا، وَعَابِدُهَا، أبو سلمة التجيبي، المِصْرِيُّ وَكَانَ يُدْعَى: النَّاسِكَ لِشِدَّةِ تَأَلُّهِهِ. حَضَرَ خُطْبَةَ عُمَرَ بِالجَابِيَةِ, وَحَدَّثَ عَنْهُ, وَعَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَحَفْصَةَ.
وَعَنْهُ: عُلَيُّ بنُ رَبَاحٍ وَمِشْرَحُ بنُ هَاعَانَ, وَأَبُو قَبِيْلٍ وَعُقْبَةُ بنُ مُسْلِمٍ وَالحَسَنُ بنُ ثَوْبَانَ وَابْنُ عَمِّهِ الهَيْثَمُ بن خالد.
قال الدارقطني: كَانَ سُلَيْمُ بنُ عِتْرٍ يَقُصُّ وَهُوَ قَائِمٌ. قَالَ: وَرُوِيَ عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ كُلَّ لَيْلَةٍ ثَلاَثَ خَتَمَاتٍ وَيَأْتِي امْرَأَتَهُ وَيَغْتَسِلُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَأَنَّهَا قَالَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ رَحِمَكَ اللهُ لَقَدْ كُنْتَ تُرْضِي رَبَّكَ, وَتُرْضِي أَهْلَكَ.
وَعَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ، قَالَ: اخْتُصِمَ إِلَى سُلَيْمِ بنِ عِتْرٍ فِي مِيْرَاثٍ, فَقَضَى بَيْنَ الوَرَثَةِ, ثُمَّ تَنَاكَرُوا فَعَادُوا إِلَيْهِ فَقَضَى بَيْنَهُمْ, وَكَتَبَ كِتَاباً بقضائه, وأشهد فيه شيخ الجُنْدِ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَجَّلَ بِقَضَائِهِ.
ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنِ الحَارِثِ بنِ يَزِيْدَ: أَنَّ سُلَيْمَ بنَ عِتْرٍ كَانَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ2.
ضَمَامُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، عَنِ الحَسَنِ بنِ ثَوْبَانَ عَنْ سُلَيْمِ بنِ عِتْرٍ قَالَ: لَمَّا قَفَلْتُ مِنَ البَحْرِ تَعبَّدْتُ فِي غَارٍ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ لاَ أَكَلْتُ وَلاَ شَرِبْتُ.
تُوُفِّيَ سُلَيْمٌ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ العجلي: ثقة.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "4/ ترجمة 911"، تاريخ الإسلام "3/ 156"، العبر "1/ 86"، حسن المحاضرة "1/ 255 و 295"، شذرات الذهب "1/ 83".
2 كذب ومين: فإن ابن لهيعة وإن كان ضعيفًا لكن يخالف هدى النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ورد عند البخاري"1978" بإسناده عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "صم من الشهر ثلاثة أيام" قال: أطيق أكثر من ذلك، فما زال حتى قال: "صم يومًا وأفطر يومًا"، فقال: "اقرأ القرآن في كل شهر". قال: إني أطيق أكثر، فما زال حتى قال: "في ثلاث".(5/68)
408- أبو معمر 1: "ع"
عبد الله بن سخبرة الأزدي الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَأَبِي مَسْعُوْدٍ، وَخَبَّابٍ، وَالمِقْدَادِ بنِ الأَسْوَدِ، وَعَلْقَمَةَ، وَطَائِفَةٍ.
وَرُوِيَ عَنْ: أَبِي مَعْمَرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ يَقُوْلُ: كُفْرٌ بِاللهِ ادِّعَاءُ نَسَبٍ لاَ يُعْرَفُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ، وَمُجَاهِدٌ، وعمارة بن عمير التيمي، وَآخَرُوْنَ وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَرَوَى الأَعْمَشُ عَنْ عُمَارَةَ بنِ عُمَيْرٍ, عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ بِالحَدِيْثِ فَيَلْحَنُ فِيْهِ اقْتدَاءً بِالَّذِي سَمِعَ.
قِيْلَ: وُلِدَ أَبُو مَعْمَرٍ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، لَهُ أَحَادِيْثُ.
قَالَ أَصْحَابُنَا: تُوُفِّيَ بِالكُوْفَةِ, فِي وِلاَيَةِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيَادٍ.
قُلْتُ: وَذَلِكَ فِي دَوْلَةِ يَزِيْدَ, سنة نيف وستين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 103"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 280" و "9/ ترجمة رقم 847"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 321"، الكاشف "2/ ترجمة 2770"، تهذيب التهذيب "5/ ترجمة 230"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3519".(5/69)
409- عمر بن علي 1:
ابن أَبِي طَالِبٍ الهَاشِمِيُّ. يَرْوِي عَنْ: أَبِيْهِ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ؛ مُحَمَّدٌ.
بَقِيَ حَتَّى وَفَدَ عَلَى الوَلِيْدِ صَدَقَةَ أَبِيْهِ. وَمَوْلِدُهُ: فِي أَيَّامِ عُمَرَ. فَعُمَرُ سَمَّاهُ بِاسْمِهِ, وَنَحَلَهُ غُلاَماً اسْمُهُ مُوَرِّقٌ قَالَ العِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ.
قَالَ مُصْعَبُ الزُّبَيْرِيُّ: فَلَمْ يُعْطِهِ الوَلِيْدُ صَدَقَةَ عَلِيٍّ, وَقَالَ: لاَ أُدْخِلُ عَلَى بَنِي فَاطِمَةَ غَيْرَهُمْ وَكَانَتِ الصَّدَقَةُ بِيَدِ الحَسَنِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ قَالَ: فَذَهَبَ غَضْبَانَ, وَلَمْ يَقبَلْ مِنَ الوَلِيْدِ صِلَةً وَيُقَالُ: قُتِلَ عُمَرُ مَعَ مُصْعَبِ بنِ الزُّبَيْرِ. وَلاَ يصح، بل ذاك أخوه عبيد الله ابن علي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 117"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2096"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 676"، الكاشف "2/ ترجمة 4163"، تهذيب التهذيب "7/ 485"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5214".(5/69)
410- أبو ميسرة 1: "خ، م، د، س"
عمر بن شرحبيل أبو ميسرة الهمداني الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَكَانَ إِمَامَ مَسْجِدِ بَنِي وَادْعَةَ، مِنَ العُبَّادِ الأَوْلِيَاءِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو وَائِلٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالقَاسِمُ، بنُ مُخَيْمَرَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْتَشِرِ.
قَالَ إِسْرَائِيْلُ بنُ يُوْنُسَ: كَانَ أَبو مَيْسَرَةَ إِذَا أَخَذَ عَطَاءهُ، تَصَدَّقَ مِنْهُ، فَإِذَا جَاءَ أَهْلَهُ فَعَدُّوْهُ، وَجَدُوْهُ سَوَاءً، فَقَالَ لِبَنِي أَخِيْهِ:" ألَّا تَفْعَلُوْنَ مِثْلَ هَذَا؟ فَقَالُوا: لَوْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ, لَفَعَلْنَا. قَالَ: إِنِّي لَسْتُ أَشْتَرِطُ عَلَى رَبِّي.
أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيْقٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ هَمْدَانِيّاً قَطُّ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَكُوْنَ فِي مِسْلاَخِهِ مِنْ عَمْرِو بنِ شُرَحْبِيْلَ، رَحِمَهُ اللهُ.
وَرَوَى عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: مَا اشْتَمَلَتْ هَمْدَانِيَّةٌ عَلَى مِثْلِ أَبِي مَيْسَرَةَ. قِيْلَ: وَلاَ مَسْرُوْقٌ؟! قَالَ: وَلاَ مَسْرُوْقٌ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: رَأَيْتُ لأَبِي مَيْسَرَةَ وَأَصْحَابِهِ طَيَالِسَةً، لَهَا أَزْرَارُ طوَالٌ مِنْ دِيْبَاجٍ. قَالَ: وَأَوْصَى أَبُو مَيْسَرَةَ أَنْ يُجْعَلَ عَلَى لَحْدِهِ طُنُّ قَصَبٍ أَوْ حَرَادِيٍّ2. وَقَالَ: يُطَيِّبُ نَفْسِيَ أَنِّي لاَ أَتْرُكُ علي دينار ولا أترك ولدًا.
وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ: قَالَ عَمْرُو بنُ شُرَحْبِيْلَ: وَلاَ تُطِيْلُوا جَدَثِي3 فَإِنَّ المُهَاجِرِيْنَ كَانُوا يَكْرَهُوْنَ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: رَأَيْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ فِي جِنَازَةِ أَبِي مَيْسَرَةَ آخِذاً بِقَائِمَةِ السَّرِيْرِ، وَهُوَ يَقُوْلُ: غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا أَبَا مَيْسَرَةَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَالُوا: مَاتَ فِي ولاية عبيد الله بن زياد.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 106"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2576"، الجرح والتعديل "6/ ترجمته 1320"، الكاشف "2/ ترجمة 4237"، تهذيب التهذيب "8/ 47"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5313"، ووقع في المطبوع [عمر] ، والصواب: ما أثبتناه.
2 الحردي والحردية: حياصة الحظيرة اللتي تشد على حائط القصب عرضًا.
3 جدثى: أي قبري.(5/70)
411- الجرشي 1:
يزيد بن الأسود الجرشي مِنْ سَادَةِ التَّابِعِيْنَ بِالشَّامِ، يَسْكُنُ بِالغُوطَةِ، بِقَرْيَةِ زِبْدِيْنَ. أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَهُ دَارٌ بِدَاخِلِ بَابِ شَرْقِيٍّ.
قَالَ يُوْنُسُ بنُ مَيْسَرَةَ، قُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا الأَسْوَدِ! كَمْ أَتَى عَلَيْكَ؟ قَالَ: أَدْرَكْتُ العُزَّى تُعْبَدُ فِي قَرْيَةِ قَوْمِي.
قِيْلَ إِنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِقَوْمِي: اكْتُبُوْنِي فِي الغَزْوِ. قَالُوا: قَدْ كَبِرْتَ. قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! اكْتُبُوْنِي، فَأَيْنَ سوادي في المسلمين؟ قالوا: أما إذا فَعَلْتَ, فَأَفْطِرْ, وَتَقَوَّ عَلَى العَدُوِّ قَالَ: مَا كُنْتُ أُرَانِي أَبْقَى حَتَّى أُعَاتَبَ فِي نَفْسِي وَاللهِ لاَ أُشْبِعُهَا مِنَ الطَّعَامِ وَلاَ أُوطِئُهَا من منام حتى تلحق الله.
وَرَوَى صَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو، عَنْ سُلَيْمِ بنِ عَامِرٍ، قَالَ: خَرَجَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَسْقِي, فَلَمَّا قَعَدَ عَلَى المِنْبَرِ, قَالَ: أَيْنَ يَزِيْدُ بنُ الأَسْوَدِ؟ فَنَادَاهُ النَّاسُ, فَأَقْبَلَ يَتَخَطَّاهُمْ, فَأَمَرَهُ مُعَاوِيَةُ, فَصَعِدَ المِنْبَرَ. قَالَ مُعَاوِيَةُ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَشْفِعُ إِلَيْكَ بِخَيْرِنَا وَأَفَضْلِنَا يَزِيْدَ بنِ الأَسْوَدِ, يَا يَزِيْدُ, ارْفَعْ يَدَيْكَ إِلَى اللهِ فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَرَفَعَ النَّاسُ, فَمَا كَانَ بِأَوْشَكَ مِنْ أَنْ ثَارَتْ سَحَابَةٌ كَالتُّرْسِ وَهَبَّتْ رِيْحٌ فَسُقِيْنَا حَتَّى كَادَ النَّاسُ أَنْ لاَ يَبْلُغُوا مَنَازِلَهُمْ سَمِعَهَا: أَبُو اليَمَانِ مِنْ صَفْوَانَ.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَغَيْرُهُ: اسْتَسْقَى الضَّحَّاكُ بنُ قَيْسٍ بِيزِيْدَ بنِ الأَسْوَدِ, فَمَا بَرِحُوا حَتَّى سُقُوا.
وَرَوَى الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَكَّارٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ المَشْيَخَةِ: أَنَّ يَزِيْدَ بنَ الأَسْوَدِ الجُرَشِيَّ كَانَ يَسِيْرُ فِي أَرْضِ الرُّوْمِ هُوَ وَرَجُلٌ, فَسَمِعَ هَاتِفاً يَقُوْلُ: يَا يَزِيْدُ إِنَّكَ لَمِنَ المُقَرَّبِيْنَ وَإِنَّ صَاحِبَكَ لَمِنَ العَابِدِيْنَ وَمَا نَحْنُ بِكَاذِبِيْنَ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: إِنَّ عَبْدَ المَلِكِ لَمَّا سَارَ إِلَى مُصْعَبٍ، رَحَلَ مَعَهُ يَزِيْدُ بنُ الأَسْوَدِ، فَلَمَّا الْتَقَوْا، قَالَ: اللَّهُمَّ احْجُزْ بَيْنَ هَذَيْنِ الجَبَلِيْنِ وَوَلِّ أَحَبَّهُمَا إِلَيْكَ فَظَفِرَ عَبْدُ المَلِكِ.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي العِشَاءَ الآخِرَةَ بِمَسْجِدِ دِمَشْقَ, وَيَخْرُجُ إِلَى زِبْدِيْنَ، فَتُضِيْءُ إِبْهَامُهُ اليُمْنَى، فَلاَ يَزَالُ يَمْشِي فِي ضَوْئِهَا إِلَى القَرْيَةِ. وشهده وقت الموت واثلة بن الأسقع.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 444"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3158"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1047"، أسد الغابة "5/ 103"، الإصابة "3/ ترجمة 9393".(5/71)
412- عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرَةَ 1:
الثَّقَفِيُّ الأَمِيْرُ، مِنْ أَبْنَاءِ الصَّحَابَةِ، وَلِيَ سِجِسْتَانَ. مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ. وَكَانَ جَوَاداً، مُمَدَّحاً، شُجَاعاً، كَبِيْرَ القَدْرِ.
وَرَوَى عَنْ: أَبِيْهِ, وَعَلِيٍّ، وَعَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ جُمْهَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ، وَغَيْرُهُمَا. وَقَدْ وَلِيَ قَضَاءَ البَصْرَةِ، وَوَلِيَ إِمْرَةَ "سِجِسْتَانَ" سَنَةَ خَمْسِيْنَ, ثُمَّ عُزِلَ بَعْدَ ثَلاَثِ سِنِيْنَ, ثُمَّ وَلِيَهَا الحَجَّاجُ.
وَقِيْلَ: كَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِ مائَةٍ وَسِتِّيْنَ دَاراً مِنْ جِيْرَانِ دَارِهِ, وَيَعْتِقُ فِي كُلِّ عِيْدٍ مائَةَ مَمْلُوْكٍ. وَقِيْلَ إِنَّ المُهَلَّبَ طَلَبَ مِنْهُ لَبَنَ بَقَرٍ, فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِسَبْعِ مائَةِ بَقَرَةٍ وَرُعَاتِهَا, وَوَصَلَ ابْنَ مُفَرِّغٍ الشَّاعِرَ بِخَمْسِيْنَ أَلْفاً وَلَهُ أَخْبَارٌ فِي الكَرَمِ وَكَانَ أَسْوَدَ اللَّوْنِ.
قَالَ أَبُو جَمْرَةَ الضبعي: مات بسجستان، سنة تسع وسبعين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 190"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1192"، تاريخ الإسلام "3/ 189".(5/72)
413- عياض بن عمرو 2: "م، ق"
الأشعري: حَدَّثَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَخَالِدِ بنِ الوَلِيْدِ، وعياض بن غنم الأشعري، وطائفة.
وعنه: الشعبي، وسماك ابن حَرْبٍ، وَحُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. سَكَنَ الكُوْفَةَ.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَرَّ عِيَاضُ بنُ عَمْرٍو فِي يوم عيد, فقال مالي لاَ أَرَاهُمْ يُقَلِّسُوْنَ فَإِنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ2.
قَالَ هُشَيْمٌ: التَّقْلِيْسُ, الضَّرْبُ بِالدُّفِّ.
وَقَالَ سِمَاكٌ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: شَهِدْتُ اليَرْمُوْكَ، فَقَتَلْنَاهُمْ أَرْبَعَ فَرَاسِخَ، وَرَأَيْتُ أبا عبيدة سابق بفرس عربي.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 87"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 2276"، أسد الغابة "4/ 164"، الإصابة "3/ ترجمة 6139"، تهذيب التهذيب "8/ 202".
2 ضعيف: أخرجه ابن ماجه "1302" حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، عَنْ مغيرة، عن عامر؛ قال: شهد عياض الأشعري عيدًا بالأنبار، فقال ما لي لا أراكم تقلسون كما كان يقلس عِنْد رَسُوْل اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
قُلْتُ: إسناده ضعيف، آفته شريك، وهو ابن عبد الله النخعي القاضي، سيء الحفظ.(5/72)
معاوية بن يزيد، حسان بن النعمان، مصعب بن الزبير
414- معاوية بن يزيد 1:
ابن مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ، أَبُو لَيْلَى الخَلِيْفَةُ. بُوْيِعَ بِعَهْدٍ مِنْ أَبِيْهِ، وَكَانَ شَابّاً، دَيِّناً، خَيْراً مِنْ أَبِيْهِ. وَأُمُّهُ: هِيَ بِنْتُ أَبِي هَاشِمٍ بنِ عُتْبَةَ بنِ رَبِيْعَةَ.
فَوَلِيَ أَرْبَعِيْنَ يومًا. وقيل: ثلاث أَشْهُرٍ. وَقِيْلَ بَلْ وَلِيَ عِشْرِيْنَ يَوْماً. وَمَاتَ وَلَهُ ثَلاَثٌ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً. وَقِيْلَ: إِحْدَى وَعِشْرُوْنَ سَنَةً. وَقِيْلَ: بَلْ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَصَلَّى عَلَيْهِ مَرْوَانُ، وَدُفِنَ إِلَى جَنْبِ قَبْرِ أَبِيْهِ، وَلَمْ يُعْقِبْ. وَامْتَنَعَ أَنْ يَعْهَدَ بِالخِلاَفَةِ إِلَى أحد، رحمة الله.
415- حسان بن النعمان 2:
ابن المُنْذِرِ الغَسَّانِيُّ، مِنْ مُلُوْكِ العَرَبِ. وَلِيَ المَغْرِبَ، فَهَذَّبَهُ، وَعَمَرَهُ.
وَكَانَ بَطَلاً، شُجَاعاً، مُجَاهِداً، لَبِيْباً، مَيْمُوْنَ النَّقِيْبَةِ, كَبِيْرَ القَدْرِ, وَجَّهَهُ مُعَاوِيَةُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ, فَصَالَحَ البَرْبَرَ, وَرتَّبَ عَلَيْهِمُ الخَرَاجَ, وَانْعَمَرَتِ البِلاَدُ.
وَلَهُ غَزْوَاتٌ مَشْهُوْدَةٌ بَعْدَ قَتْلِ الكَاهِنَةِ. فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ الوَلِيْدُ, عَزَلَهُ, وَبَعَثَ نُوَّاباً عِوَضَهُ, وَحَرَّضَهُمْ عَلَى الغَزْوِ. فَقَدِمَ حَسَّانُ عَلَى الوَلِيْدِ بِأَمْوَالٍ عَظِيْمَةٍ وَتُحَفٍ, وَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ إِنّمَا ذَهَبْتُ مُجَاهِداً وَمَا مِثْلِي مَنْ يَخُوْنُ. قَالَ: إِنِّي رَادُّكَ إِلَى عَمَلِكَ. فَحَلَفَ أَنَّهُ لاَ يَلِي شَيْئاً أَبَداً وَكَانَ يُدْعَى الشَّيْخَ الأَمِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ, فَلَعَلَّ الَّذِي عَزَلَهُ عبد الملك.
416- مصعب بن الزبير 3:
ابن العَوَّامِ القُرَشِيُّ الأَسَدِيُّ أَمِيْرُ العِرَاقَيْنِ, أَبُو عِيْسَى وأبو عبد الله. لا رواية له
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 83"، العبر "1/ 69"، النجوم الزاهرة "1/ 163".
2 ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 244"، العبر "1/ 92"، النجوم الزاهرة "1/ 200"، شذرات الذهب "1/ 88".
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 182"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1510"، تاريخ بغداد "13/ 105"، تاريخ الإسلام "3/ 208"، العبر "1/ 80- 81"، النجوم الزاهرة "1/ 187".(5/73)
كَانَ فَارِساً، شُجَاعاً، جَمِيْلاً، وَسِيْماً، حَارَبَ المُخْتَارَ وَقَتَلَهُ وَكَانَ سَفَّاكاً لِلدِّمَاءِ. سَارَ لِحَرْبِهِ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ. وَأُمُّهُ: هِيَ الرَّبَابُ بِنْتُ أُنَيْفٍ الكَلْبِيَّةُ. وَكَانَ يُسَمَّى مِنْ سَخَائِهِ: آنِيَةَ النَّحْلِ. وَفِيْهِ يَقُوْلُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ قَيْسِ الرقيات:
إنما مصعب شهاب من الله ... تَجَلَّتْ عَنْ وَجْهِهِ الظَّلْمَاءُ
مُلْكُهُ مُلْكُ عِزَّةٍ لِيْسَ فِيْهَا ... جَبَرُوْتٌ مِنْهُ وَلاَ كِبْرِيَاءُ
يتَّقِي اللهَ فِي الأُمُوْرِ وَقَدْ أَفْ ... لَحَ مَنْ كَانَ هَمَّهُ الاتِّقَاءُ
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: مَا رَأَيْتُ أَمِيْراً قَطُّ أَحْسَنَ مِنْ مُصْعَبٍ.
وَرَوَى عُمَرُ بنُ أَبِي زَائِدَةَ: أَنَّ الشَّعْبِيَّ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَمِيْراً قَطُّ عَلَى مِنْبَرٍ أَحْسَنَ مِنْ مُصْعَبٍ.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: كَانَ يُحْسَدُ عَلَى الجَمَالِ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: اجْتَمَعَ فِي الحِجْرِ: عَبْدُ اللهِ، وَمُصْعَبٌ, وَعُرْوَةُ -بَنُوْ الزُّبَيْرِ -وَابْنُ عُمَرَ, فَقَالَ: تَمَنَّوْا. فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: أَتَمَنَّى الخِلاَفَةَ. وقال عروة: أتمنى أن يؤخذ عني العلم. وَقَالَ مُصْعَبٌ: أَتَمَنَّى إِمْرَةَ العِرَاقِ, وَالجَمْعَ بَيْنَ عائشة بنت طلحة, وسكنية بِنْتِ الحُسَيْنِ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَمَّا أَنَا فَأَتَمَنَّى المَغْفِرَةَ. فَنَالُوا مَا تَمَنَّوْا وَلَعَلَّ ابْنَ عمر قد غفر له.
وَكَانَ عَبْدُ المَلِكِ وَدُوْداً لِمُصْعَبٍ، وَصَدِيْقاً.
قَالَ عَلِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ: بَلَغَ مُصْعباً شَيْءٌ عَنْ عَرِيْفِ الأَنْصَارِ، فَهَمَّ بِهِ، فَأَتَاهُ أَنَسٌ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: "اسْتَوْصُوا بِالأَنْصَارِ خَيْراً اقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيْئِهِم" فَأَلْقَى مُصْعَبٌ نَفْسَهُ عَنِ السَّرِيْرَ, وَأَلْزَقَ خَدَّهُ بِالبِسَاطِ, وَقَالَ: أَمْرُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى العين والرأس؛ وتركه. أخرجه: أحمد1.
__________
1 ضعيف: أخرجه أحمد "3/ 240- 241"، وابن سعد "2/ 253" من طرق عن حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته على بن زيد بن جدعان، ضعيف.
لكن صح عن أنس بن مالك مرفوعا بلفظ: "إن الأنصار عيبتى التي أويت إليها، فأقبلوا محسنهم، واعفوا عن مسيئهم، فإنهم قد أدوا الذي عليهم، وبقي الذي لهم". أخرجه البخاري "3799"، والنسائي في "الكبرى" "8346"، والبيهقي "6/ 371" من طريق شعبة عن هشام بن زيد، عن أنس، به.
وأخرجه أحمد "3/ 176 و 272"، والبخاري "3801"، ومسلم "2510"، والترمذي "3907"، والنسائي في "فضائل الصحابة" "230"، وأبو يعلى "2994"، والبغوي "3972" من طريق محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، قال: سمعت قتادة يحدث عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فذكره.(5/74)
قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: أُهْدِيَتْ لِمُصْعَبٍ نَخْلَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، عَثَاكِلُهَا مِنْ صُنُوْفِ الجَوْهَرِ، قُوِّمَتْ بِأَلْفَيْ ألف دينار وكانت لِلْفُرْسِ, فَدَفَعَهَا إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي فَرْوَةَ.
قَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِذَا كَتَبَ لأَحَدٍ بِجَائِزَةٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ, جَعَلَهَا مُصْعَبٌ مائَةَ أَلْفٍ.
وَقَدْ سُئِلَ سَالِمٌ: أَيُّ ابْنَيِ الزُّبَيْرِ أَشْجَعُ؟ قَالَ: كِلاَهُمَا، جَاءَ المَوْتُ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ.
وَقِيْلَ: تَذَاكَرُوا الشُّجْعَانَ، فَقَالَ عَبْدُ المَلِكِ: أَشَجَعُ العَرَبِ مَنْ وَلِيَ العِرَاقَيْنِ خَمْسَ سِنِيْنَ، فَأَصَابَ ثَلاَثَةَ آلاَفِ أَلْفٍ، وَتَزَوَّجَ بِنْتَ الحُسَيْنِ، وَبِنْتَ طَلْحَةَ، وَبِنْتَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَامِرٍ وَأُمُّهُ رَبَابُ بِنْتُ أُنَيْفٍ الكلبي, سيد ضَاحِيَةِ العَرَبِ, وَأُعْطِيَ الأَمَانَ, فَأَبَى, وَمَشَى بِسَيْفِهِ حَتَّى قُتِلَ.
قَالَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ: رَأَيْتُ بِقَصْرِ الكُوْفَةِ رَأْسَ الحُسَيْنِ الشَّهِيْدِ, ثُمَّ رَأْسَ ابْنِ زِيَادٍ, ثُمَّ رَأْسَ المُخْتَارِ ثُمَّ رَأْسَ مُصْعَبٍ بَيْنَ يَدَي عَبْدِ المَلِكِ.
قُتِلَ مُصْعَبٌ يَوْمَ نِصْفِ جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ، وَلَهُ أَرْبَعُوْنَ سَنَةً. وَكَانَ مُصْعَبٌ قَدْ سَارَ لِيَأْخُذَ الشَّامَ. فَقَصَدَهُ عَبْدُ المَلِكِ، فَوَقَعَ بَيْنَهُمَا مَلْحَمَةٌ كُبْرَى بِدَيْرِ الجَاثَلِيْقِ، بِقُرْبِ أَوَانَا1، وَكَانَ قَدْ كَاتَبَ عَبْدُ المَلِكِ جَمَاعَةً مِنَ الوجوه, يمينهم وَيَعِدُهُمْ إِمْرَةَ العِرَاقِ وَإِمْرَةَ العَجَمِ, فَأَجَابُوْهُ, إلَّا إِبْرَاهِيْمَ بنَ الأَشْتَرِ, فَأَتَى مُصْعَباً بِكِتَابِهِ, وَفِيْهِ: إِنْ بَايَعْتَنِي, وَلَّيْتُكَ العِرَاقَ. وَقَالَ: قَدْ كَتَبَ إِلَى أَصْحَابِكَ فَأَطِعْنِي, وَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ. قَالَ: إِذاً تَغْضَبُ عَشَائِرُهُمْ. قَالَ: فَاسْجُنْهُم. قَالَ: فَإِنِّي لَفِي شُغُلٍ عَنْ ذَلِكَ يَرْحَمُ اللهُ الأَحْنَفَ إِنْ كَانَ لَيُحَذِّرُ غَدْرَ العِرَاقِيِّيْنَ. وَقِيْلَ: قَالَ لَهُم قَيْسُ بنُ الهَيْثَمِ: وَيْحَكُمْ! لاَ تُدْخِلُوا أَهْلَ الشَّامِ عَلَيْكُم مَنَازِلَكُم. وَأَشَارَ ابْنُ الأَشْتَرِ بِقَتْلِ زِيَادِ بنِ عَمْرٍو, وَمَالكِ بنِ مِسْمَعٍ. فَلَمَّا الْتَقَى الجَمْعَانِ, لَحِقُوا بِعَبْدِ المَلِكِ, وَهَرَبَ عَتَّابُ بنُ وَرْقَاءَ, وَخَذَلُوا مُصْعَباً. فَقَالَ ابْنُ قَيْسِ الرقيات:
إن الرزية يوم مسك ... ن والمصيبة والفجيعة
__________
1 دير الجاثليق، دير قديم رحب الفناء من ناحية مسكن قرب بغداد في غربي دجلة، وهو رأس الحدبين السواد وأرض تكريت، وأوانا: بليدة كثيرة البساتين والشجر، نزهة من نواحي دجيل، بينها وبين بغداد عشرة فراسخ من جهة تكريت، وكثيرا ما يذكرها الخلعاء في أشعارهم. قاله ياقوت في معجم البلدان.(5/75)
بِابْنِ الحَوَارِيِّ الَّذِي ... لَمْ يَعْدُهُ يَوْمُ الوَقِيْعَهْ
غدرت به مضر العراق ... وَأَمْكَنَتْ مِنْهُ رَبِيْعَهْ
فَأَصَبْتِ وِتْرَكِ يَا رَبِيْ ... ع وكنت سامعة مطيعة
يالهف لَو كَانَتْ لهُ ... بِالدَّيْرِ يَوْمَ الدَّيْرِ شِيْعَهْ
أَوْ لَمْ يَخُونُوا عَهْدَهُ ... أَهْلُ العِرَاقِ بَنُوْ اللكيعه
لوجدتموه حين يج ... در لا يعرس بالمضيعه
وجعل مصعب كما قَالَ لِمُقَدَّمٍ مِنْ جَيْشِهِ: تَقَدَّمْ لاَ يُطِيْعُهُ.
فَقِيْلَ: أُخْبِرَ عَبْدُ اللهِ بنُ خَازِمٍ السُّلَمِيُّ أَمِيْرُ خُرَاسَانَ بِمَسِيْرِ مُصْعَبٍ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ، فَقَالَ: أَمَعَهُ عُمَرُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ التَّيْمِيُّ؟ قِيْلَ: لاَ، ذَاكَ اسْتَعَمَلَهُ عَلَى فَارِسٍ. قَالَ: أَفَمَعَهُ المُهَلَّبُ بنُ أَبِي صُفْرَةَ؟ قِيْلَ: لاَ، وَلاَّهُ المَوْصِلَ قَالَ: أَمَعَهُ عَبَّادُ بنُ حُصَيْنٍ؟ قِيْلَ: اسْتعَمَلَهُ عَلَى البَصْرَةِ فَقَالَ: وَأَنَا هُنَا ثم تمثل:
خذيني وجربني ضباع وأبشري ... بلحم امرئ لم يشهد يوم نَاصِرُهْ
قَالَ الطَّبَرِيُّ: فَقَالَ مُصْعَبٌ لابْنِهِ عِيْسَى: اركب بمن معك إلى عمك أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، فَأَخْبِرْهُ بِمَا صَنَعَ أَهْلُ العِرَاقِ وَدَعْنِي فَإِنِّي مَقتُوْلٌ قَالَ: لاَ أُخْبِرُ قُرَيْشاً عَنْكَ أَبَداً, وَلَكِنْ سِرْ إِلَى البَصْرَةِ فَهُمْ عَلَى الطَّاعَةِ أَوِ الْحَقْ بِأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ قَالَ: لاَ تَتَحَدَّثُ قُرَيْشٌ أَنَّنِي فَرَرَتُ لِخُذْلاَنِ رَبِيْعَةَ وَمَا السَّيْفُ بِعَارٍ وَمَا الفِرَارُ لِي بِعَادَةٍ, وَلاَ خُلُقٍ وَلَكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَرْجِعَ فَارْجِعْ فَقَاتِلْ فَرَجَعَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ وَبَعَث إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ مَعَ أَخِيْهِ مُحَمَّدٍ إِنِّي يَا ابْنَ العَمِّ أَمَّنْتُكَ قَالَ: مِثْلِي لاَ يَنْصَرِفُ عَنْ هَذَا المَقَامِ إلَّا غَالِباً أَوْ مَغْلُوْباً فَقِيْلَ: أَثْخَنُوْهُ بِالسِّهَامِ, ثُمَّ طَعَنَهُ زَائِدَةُ الثَّقَفِيُّ -وَكَانَ مِنْ جُنْدِهِ- وَقَالَ: يَا لَثَارَاتِ المُخْتَارِ. وَقَاتَلَ قَتَلَةَ ابْنِ الأَشْتَرِ حَتَّى قُتِلَ وَاسْتَوْلَى عَبْدُ المَلِكِ عَلَى المَشْرِقِ.(5/76)
417- بشر بن مروان 1:
ابن الحَكَمِ الأُمَوِيُّ أَحَدُ الأَجْوَادِ. وَلِيَ العِرَاقَيْنِ لأَخِيْهِ عِنْدَ مَقْتَلِ مُصْعَبٍ. وَدَارُهُ بِدِمَشْقَ عِنْدَ عَقَبَةِ الكَتَّانِ.
رَوَى ابْنُ جُدْعَانَ، عَنِ الحَسَنِ قَالَ: قدم علينا بشر البصرة، وهو أبيض، أَخُو خَلِيْفَةٍ وَابْنُ خَلِيْفَةٍ. فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ الحَاجِبُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: حَسَنٌ البَصْرِيُّ، قَالَ: ادْخُلْ، وإياك أن تطل وَلاَ تُمِلَّهُ فَأَدْخُلُ فَإِذَا هُوَ عَلَى سَرِيْرٍ، عَلَيْهِ فُرُشٌ قَدْ كَادَ أَنْ يَغُوْصَ فِيْهَا، وَرَجُلٌ بِالسَّيْفِ وَاقِفٌ عَلَى رَأْسِهِ فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ قُلْتُ: الحَسَنُ "البَصْرِيُّ الفَقِيْهُ" فَأَجْلَسَنِي ثُمَّ قَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي زَكَاةِ أَمْوَالِنَا؟ نَدْفَعُهَا إِلَى السُّلْطَانِ أَمْ إِلَى الفُقَرَاءِ؟ قُلْتُ: أَيَّهُمَا فَعَلْتَ أَجْزَأَ عَنْكَ.
فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: لِشَيْءٍ مَا يَسُوْدُ مَنْ يَسُوْدُ. ثُمَّ عُدْتُ إِلَيْهِ مِنَ العَشِيِّ وَإِذَا هُوَ انْحَدَرَ مِنْ سَرِيْرِهِ يَتمَلْمَلُ وَحَوْلَهُ الأَطِبَّاءُ. ثُمَّ عُدْتُ مِنَ الغَدِ وَالنَّاعِيَةُ تَنْعَاهُ وَدَوَابُّهُ قَدْ جُزَّتْ نَوَاصِيْهَا وَوَقَفَ الفَرَزْدَقُ عَلَى قَبْرِهِ وَرَثَاهُ بِأَبْيَاتٍ فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ إلَّا بَكَى.
قَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ بِالبَصْرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَلَهُ نَيِّفٌ وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَخِيْهِ: إِنَّكَ شَغَلْتَ إِحْدَى بِالعِرَاقِ، وَبَقِيَتِ الأُخْرَى فَارِغَةً. فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِوِلاَيَةِ الحرمين اليمن. فَمَا جَاءهُ الكِتَابُ إلَّا وَقَدْ وَقَعَتِ القَرْحَةُ فِي يَمِيْنِهِ. فَقِيْلَ: اقْطَعْهَا مِنَ المَفْصِلِ فَجَزِعَ فَبَلَغَتِ المِرْفَقَ ثُمَّ أَصْبَحَ وَقَدْ بَلَغتِ الكَتِفَ وَمَاتَ فَجَزِعَ عَلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ وَأَمَرَ الشُّعَرَاءَ فرثوه.
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 141"، العبر "1/ 86" النجوم الزاهرة "1/ 191"، شذرات الذهب "1/ 83".(5/76)
418- شبيب بن يزيد 1:
ابن أَبِي نُعَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ، رَأْسُ الخَوَارِجِ بِالجَزِيْرَةِ, وَفَارِسُ زَمَانِهِ. بَعَثَ لِحَرْبِهِ الحَجَّاجُ خَمْسَةَ قُوَّادٍ، فَقَتَلَهُمْ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ، ثُمَّ سَارَ إِلَى الكُوْفَةِ، وَحَاصَرَ الحَجَّاجَ، وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ غَزَالَةُ عَدِيْمَةَ النَّظِيْرِ فِي الشَّجَاعَةِ فَعَيَّرَ الحَجَّاجَ شَاعِرٌ فَقَالَ:
أَسَدٌ عَلَيَّ وَفِي الحُرُوْبِ نَعَامَةٌ ... فَتَخَاءُ تَنْفِرُ مِنْ صَفِيْرِ الصَّافِرِ
هَلاَّ بَرَزْتَ إِلَى غَزَالَةَ فِي الوَغَى ... بَلْ كَانَ قَلْبُكَ فِي جَنَاحَيْ طَائِرِ
وَكَانَتْ أُمُّ شَبِيْبٍ جَهِيْزَةُ تَشْهَدُ الحَرْبَ.
قَالَ رَجُلٌ: رَأَيْتُ شَبِيْباً دَخَلَ المَسْجِدَ فَبَقِي المَسْجِدُ يَرْتَجُّ لَهُ, وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ طَيَالِسَةٌ. وَهُوَ طَوِيْلٌ, أَشْمَطُ, جَعْدٌ آدَمُ.
غَرِقَ شَبِيْبٌ, فِي القِتَالِ بِدُجَيْلٍ. سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ، وَلَهُ إِحْدَى وَخَمْسُوْنَ سَنَةً. قِيْلَ: حَضَرَ عِتْبَانُ الحَرُوْرِيُّ عِنْدَ عَبْدِ الملك بن مروان، فقال: أنت القائل:
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 160" النجوم الزاهرة "1/ 196".(5/77)
فَإِنْ يَكُ مِنْكُم كَانَ مَرْوَانُ وَابْنُهُ ... وَعَمْرٌو وَمِنْكُمْ هَاشِمٌ وَحَبِيْبُ
فَمِنَّا حُصَيْنٌ وَالبَطِيْنُ وَقَعْنَبٌ ... وَمِنَّا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ شَبِيْبُ؟
فَقَالَ: إِنَّمَا قُلْتُ: "وَمِنَّا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ شَبِيْبُ" عَلَى النِّدَاءِ، فَأَعْجَبَهُ، وأطلقه.
وَلَمَّا غَرِقَ، قِيْلَ لأُمِّهِ، فَقَالَتْ: لَمَّا وَلَدْتُهُ، رَأَيْتُ كَأَنَّهُ خَرَجَ مِنِّي شِهَابُ نَارٍ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لاَ يُطْفِئُهُ إلَّا المَاءُ.
وَكَانَ قَدْ خَرَجَ صَالِحُ بنُ مُسَرِّحٌ العَابِدُ التَّمِيْمِيُّ بِدَارَا، وَلَهُ أَصْحَابٌ يُفَقِّهُهُم، وَيَقُصُّ عَلَيْهِم، وَيَذُمُّ عُثْمَانَ وعليًا، وكأدب الخَوَارِجِ، وَيَقُوْلُ: تَأَهَّبُوا لِجِهَادِ الظَّلَمَةِ، وَلاَ تَجْزَعُوا مِنَ القَتْلِ فِي اللهِ، فَالقَتْلُ أَسَهْلُ مِنَ المَوْتِ, وَالمَوْتُ لاَ بُدَّ مِنْهُ. فَأَتَاهُ كِتَابُ شَبِيْبٍ يَقُوْلُ: إِنَّكَ شَيْخُ المُسْلِمِيْنَ، وَلَنْ نَعْدِلَ بِكَ أَحَداً، وَقَدِ اسْتَجَبْتُ لَكَ, وَالآجَالُ غَادِيَةٌ وَرَائِحَةٌ، وَلاَ آمَنُ أَنْ تَخْتَرِمَنِي المَنِيَّةُ، وَلَمْ أُجَاهِدِ الظَّالِمِيْنَ، فَيَا لَهُ غَبْناً، وَيَا لَهُ فَضْلاً مَتْرُوْكاً، جَعَلَنَا اللهُ مِمَّنْ يُرِيْدُ اللهَ بِعَمَلِهِ. ثُمَّ أَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوْهُ مُصَادٌ، وَالمُحَلِّلُ بنُ وَائِلٍ, وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ حَجَرٍ, وَالفَضْلُ بنُ عَامِرٍ الذُّهْلِيُّ, إِلَى صَالِحٍ فَصَارُوْا مائَةً وَعَشْرَةَ أَنْفُسٍ, ثُمَّ شَدُّوا عَلَى خَيْلٍ لِمُحَمَّدِ بنِ مَرْوَانَ, فَأَخَذُوْهَا وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُم. فَسَارَ لِحَرْبِهِمْ عَدِيُّ بنُ عَدِيِّ بنِ عُمَيْرَةَ الكِنْدِيُّ, فَالْتَقَوْا فَانْهَزَمَ عدي وبعده مُدِيْدَةٍ تُوُفِّيَ صَالِحٌ مِنْ جِرَاحَاتٍ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَعُهِدَ إِلَى شَبِيْبٍ فَهَزَمَ العَسَاكِرَ وَعَظُمَ الخَطْبُ وَهَجَمَ عَلَى الكُوْفَةِ وَقَتَلَ جَمَاعَةَ أَعْيَانٍ فَنَدَبَ الحَجَّاجُ لِحَرْبِهِ زَائِدَةَ بنَ قُدَامَةَ الثَّقَفِيَّ فَالْتَقَوْا فَقُتِلَ زَائِدَةُ وَدَخَلَتْ غَزَالَةُ جَامِعَ الكُوْفَةِ وَصَلَّتْ وِرْدَهَا وَصَعِدَتِ المِنْبَرَ وَوَفَتْ نَذْرَهَا وَهَزَمَ شَبِيْبٌ جُيُوْشَ الحَجَّاجِ مَرَّاتٍ, وَقَتَلَ عِدَّةً مِنَ الأشراف وتزلزل له عبد المَلِكِ, وَتَحَيَّرَ الحَجَّاجُ فِي أَمْرِهِ وَقَالَ: أَعْيَانِي هَذَا وَجَمَعَ لَهُ جَيْشاً كَثِيْفاً نَحْوَ خَمْسِيْنَ أَلْفاً.
وَعَرَضَ شَبِيْبٌ جُنْدَهُ, فَكَانُوا أَلْفاً, وَقَالَ: يَا قَوْمُ, إِنَّ اللهَ نَصَرَكُم وَأَنْتُم مائَةٌ فَأَنْتُمُ اليَوْمَ مِئُوْنَ ثُمَّ ثَبَتَ مَعَهُ سِتُّ مئة فحمل في مئتين عَلَى المَيْسَرَةِ هَزَمَهَا ثُمَّ قَتَلَ مُقَدَّمَ العَسَاكِرِ عَتَّابَ بنَ وَرْقَاءَ التَّمِيْمِيَّ. فَلَمَّا رَآهُ شَبِيْبٌ صَرِيْعاً, تَوَجَّعَ لَهُ فَقَالَ خَارِجِيٌّ لَهُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, تَتَوَجَّعُ لِكَافِرٍ؟! ثُمَّ نَادَى شَبِيْبٌ بِرَفْعِ السَّيْفِ وَدَعَا إِلَى طَاعَتِهِ فَبَايَعُوْهُ ثُمَّ هَرَبُوا فِي اللَّيْلِ.
ثُمَّ جَاءَ المَدَدُ مِنَ الشَّامِ فَالْتَقَاهُ الحَجَّاجُ بِنَفْسِهِ فَجَرَى مَصَافٌّ لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهُ, وَثَبَتَ الفَرِيْقَانِ وَقُتِلَ مُصَادٌ أَخُو شَبِيْبٍ وَزَوْجَتُهُ غَزَالَةُ وَدَخَلَ اللَّيْلُ وَتَقَهْقَرَ شَبِيْبٌ وَهُوَ يَخْفُقُ رَأْسُهُ, وَالطَّلَبُ فِي أَثَرِهِ ثُمَّ فَتَرَ الطَّلَبُ عَنْهُم وَسَارُوا إِلَى الأَهْوَازِ, فَبَرَزَ مُتَوَلِّيْهَا مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بنِ طَلْحَةَ، فَبَارَزَ شَبِيْباً، فَقَتَلَهُ شَبِيْبٌ، وَمَضَى إِلَى كَرْمَانَ، فَأَقَامَ شَهْرَيْنِ، وَرَجَعَ، فَالْتَقَاهُ سُفْيَانُ بنُ أَبْرَدَ الكَلْبِيُّ وَحَبِيْبٌ الحَكَمِيُّ عَلَى جِسْرِ دُجَيْلٍ فَاقْتَتَلُوا حَتَّى دَخَلَ اللَّيْلُ فَعَبَرَ شَبِيْبٌ عَلَى الجِسْرِ فَقُطِع بِهِ فَغَرِقَ وَقِيْلَ: بَلْ نَفَرَ بِهِ فَرَسُهُ فَأَلْقَاهُ فِي المَاءِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَعَلَيْهِ الحَدِيْدُ فَقَالَ: {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيم} [يس: 38] ، وَأَلْقَاهُ دُجَيْلٌ إِلَى السَّاحِلِ مَيْتاً، وَحُمِلَ إِلَى الحَجَّاجِ، فَشَقَّ جَوْفَهُ، وَأَخْرَجَ قَلْبَهُ فَإِذَا دَاخِلُهُ قلب آخر.(5/78)
419- شَبَثُ بنُ رِبْعِيٍّ 1:
التَّمِيْمِيُّ اليَرْبُوْعِيُّ، أَحَدُ الأَشْرَافِ والفرسان، وكان مِمَّنْ خَرَجَ عَلَى عَلِيٍّ، وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ التَّحْكِيْمَ، ثُمَّ تَابَ وَأَنَابَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَلِيٍّ، وَحُذَيْفَةَ. وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ, وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ لَهُ حَدِيْثٌ وَاحِدٌ فِي "سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ".
قَالَ الأَعْمَشُ: شَهِدْتُ جَنَازَةَ شَبَثٍ، فَأَقَامُوا العَبِيْدَ عَلَى حِدَةٍ وَالجَوَارِيَ عَلَى حِدَةٍ، وَالجِمَالَ عَلَى حِدَةٍ ... ، وَذَكَرَ الأَصْنَافَ. قَالَ: وَرَأَيْتُهُم يَنُوْحُوْنَ, عَلَيْهِ وَيَلْتَدِمُوْنَ2.
قُلْتُ: كَانَ سَيِّدَ تَمِيْمٍ هُوَ وَالأَحْنَفُ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 216"، التاريخ "4/ ترجمة 2755"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1695"، الكاشف "2/ ترجمة 2252"، والعبر "1/ 44"، تهذيب التهذيب "4/ 303"، الإصابة "2/ ترجمة 3955"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2994".
2 يلتدمون: يضربن صدورهن ووجوهن.(5/79)
420- عبد الله بن صفوان 1: "م، س، ق"
ابن أمية بن خلف، أَبُو صَفْوَانَ الجُمَحِيُّ، المَكِّيُّ. مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ، لاَ صُحْبَةَ لَهُ. يُقَالُ: وُلِدَ أَيَّامَ النُّبُوَّةِ.
وروى عن: أبيه، وعمر، وأبي الرداء، وحفصة.
وَعَنْهُ: حَفِيْدُهُ؛ أُمَيَّةُ بنُ صَفْوَانَ، وَابْنُ أَبِي ملكية, وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ, وَالزُّهْرِيُّ وَسَالِمُ بنُ أَبِي الجَعْدِ وَلَهُ دَارٌ بِدِمَشْقَ.
قِيْلَ: حَجَّ مُعَاوِيَةُ، فَتَلَقَّاهُ ابْنُ صَفْوَانَ عَلَى بَعِيْرٍ، فَسَايَرَ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ الشَّامِيُّوْنَ: مَنْ هَذَا الأَعْرَابِيُّ؟ فَقَدَّمَ لِمُعَاوِيَةَ أَلْفَيْ شَاةٍ.
وَكَانَ سَيِّدَ أَهْلِ مَكَّةَ فِي زَمَانِهِ لِحِلْمِهِ وَسَخَائِهِ وَعَقْلِهِ.
قُتِل مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالأَسْتَارِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ: جَاؤُوا إِلَى المَدِيْنَةِ بِرَأْسِ ابْنِ صَفْوَانَ، وَرَأْسِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَرَأْسِ عَبْدِ اللهِ بن مطيع.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 465"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 353"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 389"، الاستيعاب "3/ 927"، أسد الغابة "3/ 185"، الكاشف "2/ ترجمة 2817" تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 3360"، تاريخ الإسلام "3/ 176"، الإصابة "2/ ترجمة 6177"، تهذيب التهذيب "5/ 265"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3574".(5/79)
421- قطري بن الفجاءة 1:
الأَمِيْرُ، أَبُو نَعَامَةَ التَّمِيْمِيُّ، المَازِنِيُّ، البَطَلُ المَشْهُوْرُ، رَأْسُ الخَوَارِجِ. خَرَجَ زَمَنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَهَزَمَ الجُيُوْشَ وَاسْتَفْحَلَ بَلاَؤُهُ.
جَهَّزَ إِلَيْهِ الحَجَّاجُ جَيْشاً بَعْدَ جَيْشٍ، فَيَكْسِرُهُم، وَغلَبَ عَلَى بِلاَدِ فَارِسٍ، وله وقائع مشهودة، وشجاعة ولم يُسْمَعْ بِمِثْلِهَا، وَشِعْرٌ فَصِيْحٌ سَائِرٌ. فَلَهُ:
أَقُوْلُ لَهَا وَقَدْ طَارَتْ شَعَاعاً ... مِنَ الأَبْطَالِ: وَيْحَكِ لَنْ تُرَاعِي
فَإِنَّكِ لَوْ سَأَلْتِ بَقَاءَ يَوْمٍ ... عَلَى الأَجَلِ الَّذِي لَكِ لَمْ تُطَاعِي
فَصَبْراً فِي مَجَالِ المَوْتِ صَبْراً ... فَمَا نَيْلُ الخُلُوْدِ بمستطاع
وَلاَ ثَوْبُ الحَيَاةِ بِثَوْبِ عِزٍّ ... فَيُطْوَى عَنْ أَخِي الخَنَعِ اليَرَاعِ
سَبِيْلُ المَوْتِ غَايَةُ كُلِّ حَيٍّ ... وَدَاعِيْهِ لأَهْلِ الأَرْضِ دَاعِي
وَمَنْ لَمْ يُعْتَبَطْ يَهْرَمْ وَيَسْأَمْ ... وَتُسْلِمْهُ المَنُوْنُ إِلَى انْقِطَاعِ
وَمَا لِلْمَرْءِ خَيْرٌ فِي حَيَاةٍ ... إِذَا مَا عُدَّ مِنْ سَقَطِ المَتَاعِ
وَاسْمُ الفُجَاءةِ: جَعْوَنَةُ بنُ مَازِنٍ. بَقِيَ قَطَرِيٌّ يُحَارِبُ نَيِّفَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَيُسَلَّمُ عَلَيْهِ بِالخِلاَفَةِ. اسْتَوْفَى المُبَرِّدُ فِي "كَامِلِهِ" أَخْبَارَهُ إِلَى أَنْ سَارَ لِحَرْبِهِ سُفْيَانُ بنُ الأَبْرَدِ الكَلْبِيُّ، فَانْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَقَتَلَهُ. وَقِيْلَ: عَثَرَ بِهِ الفَرَسُ، فَانْكَسَرَتْ فَخِذُهُ بِطَبَرِسْتَانَ، فَظَفِرُوا بِهِ، وَحُمِلَ رَأْسُهُ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ إِلَى الحَجَّاجِ. وَكَانَ خَطِيْباً بَلِيْغاً كَبِيْرَ المَحَلِّ مِنْ أفراد زمانه.
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 203"، النجوم الزاهرة "1/ 197"، شذرات الذهب "1/ 86".(5/80)
422- الحارث الأعور 1: "4"
هُوَ العَلاَّمَةُ، الإِمَامُ، أَبُو زُهَيْرٍ الحَارِثُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ كَعْبِ بنِ أَسَدٍ الهَمْدَانِيُّ، الكُوْفِيُّ، صَاحِبُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ. كَانَ فَقِيْهاً، كَثِيْرَ العِلْمِ، عَلَى لِيْنٍ فِي حَدِيْثِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَمْرُو بن مرة، وأبو إسحاق السبيعي، وغيرهم.
وَقَدْ جَاءَ أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ سَمِعَ مِنَ الحارث أَحَادِيْثَ، وَبَاقِي ذَلِكَ مُرْسَلٌ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ: كَانَ الحَارِثُ أَفْقَهَ النَّاسِ، وَأَحْسَبَ النَّاسِ، تَعَلَّمَ الفَرَائِضَ مِنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ: أَدْرَكْتُ أَهْلَ الكُوْفَةِ وَهُمْ يُقَدِّمُوْنَ خَمْسَةً: مَنْ بَدَأَ بِالحَارِثِ الأَعْوَرِ، ثَنَّى بِعَبِيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ وَمَنْ بَدَأَ بِعَبِيْدَةَ, ثَنَّى بِالحَارِثِ, ثُمَّ عَلْقَمَةَ, ثُمَّ مَسْرُوْقٍ, ثُمَّ شُرَيْحٍ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ الحَارِثُ مِنْ أوعية العلم, ومن الشيعة الأول. وكان يَقُوْلُ: تَعَلَّمْتُ القُرْآنَ فِي سَنَتَيْنِ وَالوَحْيَ فِي ثَلاَثِ سِنِيْنَ.
فَأَمَّا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ الحَارِثُ كَذَّابٌ, فَمَحْمُوْلٌ عَلَى أَنَّهُ عَنَى بِالكَذِبِ الخَطَأَ لاَ التَّعَمُّدَ وَإِلاَّ فَلِمَاذَا يَرْوِي عَنْهُ وَيَعْتَقِدُهُ بِتَعَمُّدِ الكَذِبِ فِي الدِّيْنِ؟! وَكَذَا قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ: هُوَ كَذَّابٌ وَأَمَّا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، فَقَالَ: هُوَ ثِقَةٌ وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَكَذَا قَالَ الإِمَامُ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ, وَقَالَ أَيْضاً: لَيْسَ بِالقَوِيِّ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ. ثُمَّ إِنَّ النَّسَائِيَّ وَأَرْبَابَ السُّنَنِ احْتَجُّوا بِالحَارِثِ وَهُوَ مِمَّنْ عِنْدِي وِقْفَةٌ فِي الاحْتِجَاجِ بِهِ.
قَالَ عِلْبَاءُ بنُ أَحْمَرَ: خَطَبَ عَلِيٌّ النَّاسَ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ الكُوْفَةِ, غَلَبَكُم نِصْفُ رَجُلٍ.
قَالَ شُعْبَةُ: لَمْ يَسْمَعْ أَبُو إِسْحَاقَ مِنَ الحَارِثِ إلَّا أَرْبَعَةَ أَحَادِيْثَ.
وَرَوَى مَنْصُوْرٌ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قال: الحارث اتهم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 168"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2437"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 363"، المجروحين لابن حبان "1/ 222"، ميزان الاعتدال "1/ 435"، تهذيب التهذيب "2/ 145"، خلاصة الخزرجي ترجمة "1142".(5/81)
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: مَا سَمِعَ مِنَ الحَارِثِ -يَعْنِي: أَبَا إِسْحَاقَ- إلَّا أربعة أحاديث، وسائر ذلك الكتاب أَخَذَهُ.
وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُغِيْرَةَ، قَالَ: لَمْ يَكنِ الحَارِثُ يُصَدَّقُ عَنْ عَلِيٍّ فِي الحَدِيْثِ. وَقَالَ جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ: كَانَ زَيْفاً. وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ أَيْضاً فِي رِوَايَةٍ ثَالِثَةٍ عَنْهُ: ضَعِيْفٌ. وَكَذَا قَالَ: الدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيْهِ غَيْرُ مَحْفُوْظٍ.
وَرَوَى يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ, عَنْ سُفْيَانَ، تَرْجِيْحَ حَدِيْثِ عَاصِمِ بنِ ضَمْرَةَ عَلَى حَدِيْث الحَارِثِ فَقَالَ: كُنَّا نَعْرِفُ فَضْلَ حَدِيْثِ عَاصِمٍ عَلَى حَدِيْثِ الحَارِثِ.
قَالَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ: لاَ يُتَابَعُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ عَلَى قَوْلِهِ فِي الحَارِثِ: أَنَّهُ ثِقَةٌ.
قَالَ حُصَيْنٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: مَا كُذِبَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ مَا كُذِبَ عَلَى عَلِيٍّ.
وَرَوَى مُفَضَّلُ بنُ مُهَلْهِلٍ، عَنْ مُغِيْرَةَ، سَمِعَ الشَّعْبِيَّ يَقُوْلُ: حَدَّثَنِي الحَارِثُ الأَعْوَرُ وَأَشْهَدُ أَنَّهُ أَحَدُ الكَذَّابِيْنَ.
قَالَ بُنْدَارُ: أَخَذَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ وَابْنُ مَهْدِيٍّ القَلَمَ مِنْ يَدِي فَضَرَبَا عَلَى نَحْوٍ مِنْ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً: مِنْ حَدِيْثِ الحَارِثِ, عَنْ عَلِيٍّ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ: كَانَ الحَارِثُ غَالِياً فِي التَّشَيُّعِ، وَاهِياً فِي الحَدِيْثِ, هُوَ الرَّاوِي عَنْ عَلِيٍّ: قَالَ لِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ تَفْتَحَنَّ عَلَى الإِمَامِ فِي الصَّلاَةِ" رَوَاهُ: الفِرْيَابِيُّ, عَنْ يُوْنُسَ بنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أبيه عنه1 وإنما ذا قول علي.
وَخَرَّجَ البُخَارِيُّ فِي كِتَابِ "الضُّعَفَاءِ" لِمُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ عَبَّادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ عَنْ إِسْرَائِيْلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم:
__________
1 ضعيف: أخرجه أبو داود "908" حدثنا عبد الوهاب بن نجدة، حدثنا محمد بن يوسف الفِرْيَابِيُّ عَنْ يُوْنُسَ بنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "يا علي، لا تفتح على الإمام في الصلاة".
وقال أبو داود: أبو إسحاق لم يسمع من الحارث إلا أربعة أحاديث ليس هذا منها".
قلت: والعلة الثانية: هي ضعف الحارث بن عبد الله الأعور، وقد رماه الشعبي وابن المديني بالكذب. قال أيوب: كان ابن سيرين يرى أن عامة ما يروي عن علي باطل.
وقال ابن حبان: كان الحارث غالبًا في التشيع، واهيًا في الحديث، وهو الذي روى عَنْ عَلِيٍّ قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحديث فذكره، وإنما هو قول علي.(5/82)
"أَنِيْنُ المَرِيْضِ تَسْبِيْحُهُ، وَصِيَاحُهُ تَهْلِيْلُهُ: وَنَوْمُهُ عِبَادَةٌ، وَنَفَسُهُ صَدَقَةٌ، وَتَقَلُّبُهُ قِتَالٌ لِعَدُوِّهِ" الحَدِيْثَ.
فَهَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ جِدّاً، مَا أَظُنُّ أَنَّ إِسْرَائِيْلَ حَدَّثَ بِذَا. وَقَدِ اسْتَوْفَيْتُ تَرْجَمَةَ الحَارِثِ فِي "مِيْزَانِ الاعْتِدَالِ"، وَأَنَا مُتَحَيِّرٌ فِيْهِ. وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ، بِالكُوْفَةِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الشَّافِعِيُّ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: "لَعَنَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا, وَمُوْكِلَهُ, وَشَاهِدَيْهِ, وَكَاتِبَهُ, وَالوَاشِمَةَ, وَالمُسْتَوْشِمَةَ, وَالحَالَّ, وَالمُحَلَّلَ لَهُ, وَمَانِعَ الصَّدَقَةِ وَنَهَى عن النوح"1 مجالد أيضًا لين.
__________
1 ضعيف بهذا التمام: لكن جاءت معظم فقرات الحديث بألفاظ صحيحة؛ فقد ورد عند مسلم "1598" عن جابر قال: لَعَنَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكل الربا، وموكله، وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء".
وورد عن عبد الله بن مسعود قال: لعن الله الواشمات والمتوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله" أخرجه أحمد "1/ 433- 434 و 443"، والحميدي "97"، والبخاري "4886" و "4887" و "5943" و "5948"، ومسلم "2125"، والنسائي "8/ 146"، وابن ماجه "1989" والدارمي "2/ 279"، والبغوي "3191" من طرق عَنْ سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، به.
وورد عن أبي مالك الأَشْعَرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية، لا يتركونهن الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة" وقال: "النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب". أخرجه مسلم "934"، والحاكم "1/ 383"، والطبراني في "الكبير" "3425" و "3426"، والبيهقي "4/ 63"، وأحمد "5/ 342 و 343 و 344"، والبغوي "1533" من طرق عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، عَنْ زَيْدِ بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي مالك الأشعري، به، وأخرجه عبد الرزاق "3/ 6686"، ومن طريقه ابن ماجه مختصرًا "1581" عن يحيى بن أبي كثير، عن ابن معانق أو أبي معانق، عن أبي مالك الأعشري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.(5/83)
423- الحارث بن سويد 1: "ع"
التيمي الكوفي، إِمَامٌ، ثِقَةٌ، رَفِيْعُ المَحَلِّ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ, وابن مسعود، وعلي ويكنى: أَبَا عَائِشَةَ.
رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ التَّيْمِيُّ، وَأَشْعَثُ بنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَعُمَارَةُ بنُ عُمَيْرٍ، وَجَمَاعَةٌ. وَهُوَ قَلِيْلُ الحَدِيْثِ، قَدِيْمُ المَوْتِ، قَدْ ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، فَعَظَّمَ شَأْنَهُ، وَرَفَعَ مِنْ قَدْرِهِ وَقَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ فِي آخِرِ خِلاَفَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 167"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2446"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 350"، الحلية لأبي نعيم "4/ 126"، الكاشف "1/ ترجمة 865" تجريد أسماء الصحابة "ترجمة 951"، تهذيب التهذيب "2/ 143"، الإصابة "1/ ترجمة 1921"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1137".(5/83)
424- عبيد بن عمير 1: "ع"
ابن قتادة الليثي الجندعي المكي، الوَاعِظُ، المُفَسِّرُ. وُلِدَ: فِي حَيَاةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعَائِشَةَ وَأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدٍ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ رُفَيْعٍ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِيْنَ وَأَئِمَّتِهِم بِمَكَّةَ. وَكَانَ يُذَكِّرُ النَّاسَ، فَيَحْضُرُ ابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مَجْلِسَهُ.
رَوَى حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَصَّ عُبَيْدُ بنُ عُمَيْرٍ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وعبيد ابن عُمَيْرٍ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ لَهُ: خَفِّفْ، فَإِنَّ الذِّكْرَ ثَقِيْلٌ, تَعْنِي: إِذَا وَعَظْتَ.
وَقَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَيْمَنَ: رَأَيْتُ عُبَيْدَ بنَ عُمَيْرٍ, وَلَهُ جُمَّةٌ إِلَى قَفَاهُ, وَلِحْيَتُهُ صَفْرَاءُ. قُلْتُ: هُوَ مِنْ خِضَابِ السُّنَّةِ.
تُوُفِّيَ قَبْلَ ابْنِ عُمَرَ بِأَيَّامٍ يَسِيْرَةٍ. وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَكَانَ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ مِنْ عُلَمَاءِ المَكِّيِّيْنَ. وَكَانَ حَفِيْدُهُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ المَعْرُوْفُ بِالمُحْرِمِ ضَعِيْفاً حَدَّثَ عَنْ عَطَاءٍ وجماعة لحقه داود بن عمرو الضبي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 463"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1479"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1896"، حلية الأولياء "3/ 266- 279"، الإسيتعاب "3/ 1018"، أسد الغابة "3/ 353" تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 50"، تهذيب التهذيب "7/ 71"، الإصابة "3/ ترجمة 6242"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4647".(5/84)
425- فابنه 1: "م، 4"
عبد الله بن عبيد، يُكْنَى أَبَا هَاشِمٍ. مَا رَوَى لَهُ البُخَارِيُّ شيئًا.
يَرْوِي عَنْ: عَائِشَةَ أَيْضاً، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ.
وَعَنْهُ: ابْنُ جُرَيْجٍ، وَجَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَثَّقَهُ: أَبُو حَاتِمٍ. تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَلاَثَ عشرة ومائة, بمكة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 474"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 430"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة رقم 467"، حلية الأولياء "3/ 354"، تهذيب التهذيب "5/ 308"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3640".(5/85)
426- عمرو بن ميمون 1: "ع"
الأودي المذحجي الكوفي، الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ. أَدْرَكَ الجَاهِلِيَّةَ، وَأَسْلَمَ فِي الأَيَّامِ النَّبَوِيَّةِ، وَقَدِمَ الشَّامَ مَعَ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، ثُمَّ سَكَنَ الكُوْفَةَ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَحُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعَبْدَةُ بنُ أَبِي لُبَابَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ سُوْقَةَ وَسَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ, وَآخَرُوْنَ.
أَبُو إِسْحَاقَ: عَنْ عمرِو بنِ مَيْمُوْنٍ، عَنِ مُعَاذٍ، قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ: عُفَيْرٌ.
أَحْمَدُ فِي "المُسْنَدِ": حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانِ بن عَطِيَّةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَابِطٍ، عَنْ عمرو بن ميمون بن الأَوْدِيِّ, قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاذٌ اليَمَنَ, رَسُوْلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشِّحْرِ, رَافِعاً صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيْرِ, أَجَشَّ الصَّوْتِ, فَأُلْقِيَتْ مَحَبَّتِي عَلَيْهِ, فَمَا فَارَقْتُهُ حَتَّى حَثَوْتُ عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ. ثُمَّ نَظَرْتُ فِي أَفْقَهِ النَّاسِ بَعْدَهُ, فَأَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُوْدٍ. رَوَاهُ: أَبُو خَيْثَمَةَ عن الوليد ابن مسلم, وقال: فألقيت علي محبته2.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 117"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2659"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1422"، حلية الأولياء "4/ 148"، الاستيعاب "3/ 1205"، أسد الغابة "4/ 134"، الكاشف "2/ ترجمة 4304"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 4521"، تهذيب التهذيب "8/ 109"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة رقم 5394".
2 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 231"، وأبو داود "432" وتمام الحديث: " ... فألقيت عليه محبتي
فما فارقته حتى دفنته بالشام ميتًا، ثم نظرت إلى أفقه الناس بعده فأتيت ابن مسعود فلزمته حتى مات فقال: قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: كيف بكم إذا أنت عليكم أمراء يصلون الصلاة لغير مياقتها؟ قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك يا رسول الله؟ قال: صل الصلاة لميقاتها، واجعل صلاتك معهم سبحة".(5/85)
"خَ" نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، وَحُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ قَالَ: رَأَيْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ, فَرَجَمُوْهَا فَرَجَمْتُهَا مَعَهُم1.
شَبَابَةُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ حِطَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ مَيْمُوْنٍ قَالَ: كُنْتُ فِي حَرْثٍ, فَرَأَيْتُ قُرُوْداً كَثِيْرَةً قَدِ اجْتَمَعْنَ, فرأيت قردًا وقردة قد اضَّطَجَعَا، ثُمَّ أَدْخَلَتِ القِرْدَةُ، يَدَهَا تَحْتَ عُنُقِ القِرْدِ, وَاعْتَنَقَهَا وَنَامَا. فَجَاءَ قِرْدٌ, فَغَمَزَهَا, فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ, وَانْسلَّتْ يَدُهَا مِنْ تَحْتِ رَأْسِ القِرْدِ ثُمَّ انْطَلَقَتْ مَعَهُ غَيْرَ بَعِيْدٍ فَنَكَحَهَا وَأَنَا أَنْظُرُ ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى مَضْجَعِهَا فَذَهَبَتْ تُدْخِلُ يَدَهَا تَحْتَ عُنُقِ القِرْدِ فَانْتَبَهَ فَقَامَ إِلَيْهَا فَشَمَّ دُبُرَهَا. قَالَ: فَاجْتَمَعَتِ القِرَدَةُ, فَجَعَلَ يُشِيْرُ إِلَيْهَا فَتَفَرَّقَتِ القِرَدَةُ, فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ جِيْءَ بِذَلِكَ القِرْدِ بِعَيْنِهِ -أَعْرِفُهُ- فَانْطَلَقُوا بِهَا وَبِهِ إِلَى مَوْضِعٍ كَثِيْرِ الرَّمْلِ فَحَفَرُوا لَهُمَا حُفَيْرَةً, فَجَعَلُوْهُمَا فِيْهَا, ثُمَّ رَجَمُوْهُمُا حَتَّى قَتَلُوْهُمَا2.
رَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ, عَنْ عَبْدِ المَلِكِ, نَحْوَهُ.
عَمْرٌو، وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَأَحْمَدُ العِجْلِيُّ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: حَجَّ عَمْرُو بنُ مَيْمُوْنٍ سِتِّيْنَ مَرَّةً، مِنْ بَيْنِ حِجَّةٍ وَعُمْرَةٍ. وَفِي رِوَايَةٍ: مائَةَ مَرَّةٍ.
مَنْصُوْرٌ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: لَمَّا كَبرَ عَمْرُو بنُ مَيْمُوْنٍ، أُوْتِدَ لَهُ فِي الحَائِطِ، فَكَانَ إِذَا سَئِمَ مِنَ القِيَامِ، أَمْسَكَ بِهِ، أَوْ يَتَعَلَّقُ بحبل.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "3849" حدثنا نعيم بن حماد، به.
2 أورد ابن حجر الحديث في "الفتح" "7/ 160" ثم قال في إثره: قال ابن التين: لعل هؤلاء كانوا من نسل الذين مسخوا فبقي فيهم ذلك الحكم. ثم قال إن الممسوخ لا ينسل. قلت: وهذا هو المعتمد لما ثبت في صحيح مسلم: أن الممسوخ لا نسل له" وعنده من حديث ابن مسعود مرفوعا: "إن الله لم يهلك قومًا فيجعل لهم نسلًا" ثم قال الحافظ في "الفتح" "7/ 160": "وقد استنكر ابن عبد البر قصة عمرو بن ميمون هذه وقال: فيها إضافة الزنى إلى غير مكلف وإقامة الحد على البهائم وهذا منكر عند أهل العلم.
يقول محمد أيمن الشبراوي: هذا الحديث منكر، فالقصة بطولها مدارها على عبد الملك بن مسلم الرقاشي، عن عيسى بن حطان، وكلاهما لا يحتج بهما كما قال الذهبي عنهما في ترجمتيهما في "الميزان".(5/86)
يُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيْهِ: كَانَ عَمْرُو بنُ مَيْمُوْنٍ إِذَا رُئِيَ, ذُكِرَ اللهُ.
عَبَّادُ بنُ العَوَّامِ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بنُ كُلَيْبٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَمْرَو بنَ مَيْمُوْنٍ، وَسُوَيْدَ بنَ غَفَلَةَ الْتَقَيَا، فَاعْتَنَقَا.
أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ، قَالَ: شَهِدْتُ عُمَرَ غَدَاةَ طُعِنَ، فَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي.
هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بَلْجٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ: أَنَّهُ كَانَ لا يتمنى الموت، يَقُوْلُ: إِنِّي أُصَلِّي فِي اليَوْمِ كَذَا، وَكَذَا، حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيْهِ يَزِيْدُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ، فَتَعَنَّتَهُ وَلَقِيَ مِنْهُ شِدَّةً فَكَانَ يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ أَلْحِقْنِي بِالأَخْيَارِ, وَلاَ تُخَلِّفْنِي مَعَ الأَشْرَارِ, وَاسْقِنِي مِنْ عَذْبِ الأَنْهَارِ.
قَالَ الفَلاَّسُ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ. وَقِيْلَ سَنَةَ سِتٍّ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ.(5/87)
427- شقيق بن سلمة 1: "ع"
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، شَيْخُ الكُوْفَةِ، أَبُو وَائِلٍ الأَسَدِيُّ؛ أَسَدُ خُزَيْمَةَ، الكُوْفِيُّ. مُخَضْرَمٌ، أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا رَآهُ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَمُعَاذٍ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي مُوْسَى، وَحُذَيْفَةَ، وَعَائِشَةَ، وَخَبَّابٍ، وَأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، وَالأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ، وَسَلْمَانَ بنِ رَبِيْعَةَ، وَسَهْلِ بنِ حَنِيْفٍ، وَشَيْبَةَ بنِ عُثْمَانَ، وَعَمْرِو بنِ الحَارِثِ المُصْطَلِقِيِّ، وَقَيْسِ بنِ أَبِي غَرَزَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي الهَيَّاجِ الأسدي، وخلق سواهم.
ويروى عن أقرانه: كمسورق، وَعَلْقَمَةَ وَحُمْرَانَ بنِ أَبَانٍ. وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّيْنِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصديق.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَمْرُو بنُ مُرَّةَ، وَحَبِيْبُ بنُ أبي ثابت، والحكم بن عتبة، وَوَاصِلٌ الأَحْدَبُ، وَحَمَّادٌ الفَقِيْهُ، وَعَبْدَةُ بنُ أَبِي لُبَابَةَ, وَعَاصِمُ بنُ بَهْدَلَةَ, وَأَبُو حَصِيْنٍ, وَأَبُو إسحاق, ونعيم بن
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 96 و 180"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2681"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1613"، حلية الأولياء "4/ 101"، تاريخ بغداد "9/ 268"، الاستيعاب "2/ 710" و "4/ 177"، أسد الغابة "3/ 3"، تذكرة الحفاظ "1/ 60"، الكاشف "2/ ترجمة 2322" تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2731"، تهذيب التهذيب "4/ 361"، الإصابة "2/ ترجمة 3982"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2974".(5/87)
أَبِي هِنْدٍ، وَمَنْصُوْرٌ, وَالأَعْمَشُ، وَمُغِيْرَةُ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَزُبَيْدٌ اليَامِيُّ، وَسَيَّارٌ أَبُو الحَكَمِ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُوْقَةَ، وَالعَلاَءُ بنُ خَالِدٍ، وَأَبُو هَاشِمٍ الرُّمَّانِيُّ، وَأَبُو بِشْرٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
رَوَى الزِّبْرِقَانُ السَّرَّاجُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: إِنِّي أَذْكُرُ وَأَنَا ابْنُ عَشْرٍ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَرْعَى غَنَماً أَوْ قَالَ إِبِلاً لأَهْلِي حِيْنَ بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
عَاصِمُ بنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: أَدْرَكْتُ سَبْعَ سِنِيْنَ مِنْ سِنِيِّ الجَاهِلِيَّةِ.
وَكِيْعٌ، عَنْ أَبِي العَنْبَسِ: قُلْتُ لأَبِي وَائِلٍ: هَلْ أَدْرَكْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَأَنَا غُلاَمٌ أَمْرَدُ، وَلَمْ أَرَهُ.
وَرَوَى مُغِيْرَةُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: أَتَانَا مُصَدِّقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُهُ بِكَبْشٍ, فَقُلْتُ: خُذْ صَدَقَةَ هَذَا. قَالَ: لَيْسَ فِي هَذَا صَدَقَةٌ.
وَقَالَ الأَعْمَشُ: قَالَ لِي شَقِيْقُ بنُ سَلَمَةَ: يَا سُلَيْمَانُ، لَوْ رَأَيْتَنَا وَنَحْنُ هُرَّابٌ مِنْ خَالِدِ بنِ الوَلِيْدِ يَوْمَ بُزَاخة، فَوَقَعْتُ عَنِ البَعِيْرِ، فكادت تندق عُنُقِي, فَلَوْ مُتُّ يَوْمئِذٍ, كَانَتِ النَّارُ. قَالَ: وَكُنْتُ يَوْمئِذٍ ابْنَ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً. وَفِي نُسْخَةٍ: ابْنَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ سَنَةً وَهُوَ أَشْبَهُ.
قُلْتُ: كَوْنُهُ جَاءَ بِالكَبْشِ ثُمَّ هَرَبَ مِنْ خَالِدٍ، يُؤْذِنُ بِارْتِدَادِهِ، ثُمَّ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِ بِالإِسْلاَمِ؛ ألَّا تَرَاهُ يَقُوْلُ: لَوْ مُتُّ يَوْمئِذٍ كانت النار؟ فكانت الله بِهِ عِنَايَةٌ.
وَرَوَى يَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ, عَنْ أَبِي وَائِلٍ: أَنَا أَكْبَرُ مِنْ مَسْرُوْقٍ.
مُحَمَّدُ بنُ فُضَيْلٍ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ: أَنَّهُ تَعَلَّمَ القُرْآنَ فِي شَهْرَيْنِ.
وَقَالَ عَمْرُو بنُ مُرَّةَ: مَنْ أَعْلَمُ أَهْلِ الكُوْفَةِ بِحَدِيْثِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ؟ قَالَ: أَبُو وَائِلٍ.
قَالَ الأَعْمَشُ: قَالَ لِي إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ: عَلَيْكَ بِشَقِيْقٍ، فَإِنِّي أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَهُمْ مُتَوَافِرُوْنَ وَإِنَّهُم لَيَعُدُّوْنَهُ مِنْ خِيَارِهِم.
وَرَوَى مُغِيْرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ -وَذُكِرَ عِنْدَهُ أَبُو وَائِلٍ- فَقَالَ: إِنِّي لأَحْسِبُهُ مِمَّنْ يُدْفَعُ عَنَّا بِهِ. وَعَنْهُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ خَيْرٌ مِنِّي.
قَالَ عَاصِمُ بنُ أَبِي النَّجُوْدِ: ما سمعت أبا وائل سب إنسان قَطُّ، وَلاَ بَهِيْمَةً.
قَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، سَمِعَ أَبَا وَائِلٍ سُئِلَ: أَنْتَ أَكْبَرُ أَوِ الرَّبِيْعُ بنُ خُثَيْمٍ؟ قَالَ: أَنَا أَكْبَرُ مِنْهُ سنًا وهو أكبر مني عقلًا.(5/88)
وَقَالَ عَاصِمٌ: كَانَ عَبْدُ اللهِ إِذَا رَأَى أَبَا وَائِلٍ، قَالَ: التَّائِبُ. قَالَ: كَانَ أَبُو وَائِلٍ يُحِبُّ عُثْمَانَ.
رَوَى حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ, قَالَ: قِيْلَ لأَبِي وَائِلٍ: أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ عَلِيٌّ أَوْ عُثْمَانُ؟، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ أَحَبَّ إِلَيَّ ثُمَّ صَارَ عُثْمَانُ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ عَلِيٍّ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بنُ مَنْصُوْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: أَبُو وَائِلٍ ثِقَةٌ، لاَ يُسْأَلُ عَنْ مِثْلِهِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ.
أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ لِي أَبُو وَائِلٍ: يَا سليمان، ما في أمرئنا هَؤُلاَءِ وَاحِدَةٌ مِنِ اثْنَتَيْنِ: مَا فِيْهِم تَقْوَى أَهْلِ الإِسْلاَمِ، وَلاَ عُقُوْلُ أَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ.
عَمْرُو بنُ عَبْدِ الغَفَّارِ، عَنِ الأَعْمَشِ: قَالَ لِي شَقِيْقٌ: نِعْمَ الرَّبُّ رَبُّنَا، لَوْ أَطَعْنَاهُ مَا عَصَانَا.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا اللَّبَّانُ، أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُعَرِّفُ بنُ وَاصِلٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي وَائِلٍ فَذَكَرُوا قُرْبَ اللهِ مِنْ خَلْقِهِ فَقَالَ نَعَمْ يَقُوْلُ اللهُ تَعَالَى: "ابْنَ آدَمَ ادْنُ مِنِّي شِبْراً أَدْنُ مِنْكَ ذِرَاعاً ادن من ذِرَاعاً أَدْنُ مِنْكَ بَاعاً امْشِ إِلَيَّ أُهَرْوِلْ إليك" 1.
وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا هَنَّادٌ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنِ الزِّبْرِقَانِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي وَائِلٍ فَجَعَلْتُ أَسُبُّ الحَجَّاجَ، وَأَذْكُرُ مَسَاوِئَهُ، فَقَالَ: لاَ تَسُبَّهُ وَمَا يُدْرِيْكَ لَعَلَّهُ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، فَغَفَرَ لَهُ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو وَائِلٍ إِذَا صلى في بيته ينشج نشيجًا ولو رجعت لَهُ الدُّنْيَا عَلَى أَنْ يَفْعَلَهُ وَأَحَدٌ يَرَاهُ ما فعله.
__________
1 هو في معنى الحديث الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: يقول الله -عز وجل: "أنا عند ظن عبدي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملا، ذكرته في ملا خير منه، وإن اقترب إلي شبرًا، تقريب إليه ذراعًا، وإن اقترب إلي ذراعًا، اقتربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة". أخرجه أحمد "2/ 251 و413"، والبخاري "7405"، ومسلم "2675" "21" واللفظ له، والترمذي "3603"، وابن ماجه "3822"، ابن خزيمة في "التوحيد" "ص7"، والبغوي "1251" من طرق عن الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به.(5/89)
قَالَ مُغِيْرَةُ: كَانَ إِبْرَاهِيْمُ التَّيْمِيُّ يُذَكِّرُ فِي مَنْزِلِ أَبِي وَائِلٍ، وَكَانَ أَبُو وَائِلٍ يَنْتَفِضُ انْتِفَاضَ الطَّيْرِ.
قَالَ عَاصِمُ بنُ بَهْدَلَةَ: كَانَ أبو وائل يقول لجارته: إِذَا جَاءَ يَحْيَى -يَعْنِي ابْنَهُ- بِشَيْءٍ, فَلاَ تَقْبَلِيْهِ، وَإِذَا جَاءَ أَصْحَابِي بِشَيْءٍ فَخُذِيْهِ. وَكَانَ ابْنُهُ قَاضِياً عَلَى الكُنَاسَةِ1 قَالَ: وَكَانَ لأَبِي وَائِلٍ -رَحِمَهُ اللهُ - خُصٌّ مِنْ قَصَبٍ, يَكُوْنُ فِيْهِ هُوَ وَفَرَسُهُ, فَإِذَا غَزَا نَقَضَهُ, وَتَصَدَّقَ بِهِ, فَإِذَا رَجَعَ أَنْشَأَ بِنَاءهُ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ هَذَا السَّيِّدُ رَأْساً فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ: مَاتَ فِي زَمَنِ الحَجَّاجِ، بَعْدَ الجَمَاجِمِ. وَقَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ بَعْدَ الجَمَاجِمِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ. وأما قول الوَاقِدِيِّ: مَاتَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَوَهْمٌ. مَاتَ: فِي عَشْرِ المائَةِ.
قَالَ عَاصِمُ بنُ أَبِي النَّجُوْدِ: قُلْتُ لأَبِي وَائِلٍ: شَهِدْتَ صِفِّيْنَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَبِئْسَتِ الصُّفُّوْنُ كَانَتْ. فَقِيْلَ لَهُ: أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ عَلِيٌّ أَوْ عُثْمَانُ؟ قَالَ: عَلِيٌّ ثُمَّ صَارَ عُثْمَانُ أَحَبَّ إِلَيَّ.
عَامِرُ بنُ شَقِيْقٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ: اسْتَعْمَلَنِي ابْنُ زِيَادٍ عَلَى بَيْتِ المَالِ، فَأَتَانِي رَجُلٌ بِصَكٍّ: أَنْ أَعْطِ صَاحِبَ المَطْبَخِ ثَمَانِ مائَةِ دِرْهَمٍ. فَأَتَيْتُ ابْنَ زِيَادٍ، فَكَلَّمْتُهُ فِي الإِسْرَافِ، فَقَالَ: ضَعِ المَفَاتِيْحَ وَاذْهَبْ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالاَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ قُدَامَةَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ النَّقُّوْرِ, أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ العَلاَّفُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ الحَمَّامِيُّ، حَدَّثَنَا عثمان بن أحمد، حدثنا بن عبيد الله ابن أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ مِهْرَانَ عَنْ شَقِيْقِ بنِ سَلَمَةَ قَالَ قَالَ عَبْدِ اللهِ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُم من شراك نعله والنار مثل ذلك" 2.
__________
1 الكناسة: محلة بالكوفة.
2 صحيح على شرط الشيخين: أخرجه أحمد "1/ 387 و 442"، والبخاري "6488" والبغوي "4174" من طريق الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ مرفوعًا.(5/90)
428- زر بن حبيش 1: "ع"
ابن حباشة بن أوس، الإِمَامُ، القُدْوَةُ، مُقْرِئُ الكُوْفَةِ مَعَ السُّلَمِيِّ، أَبُو مَرْيَمَ الأَسَدِيُّ، الكُوْفِيُّ، وَيُكْنَى أَيْضاً: أَبَا مُطَرِّفٍ أدرك أيام الجاهلية.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، وَأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللهِ، وَعَمَّارٍ، وَالعَبَّاسِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَحُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ، وَصَفْوَانَ بنِ عَسَّالٍ، وَقَرَأَ عَلَى: ابْنِ مَسْعُوْدٍ وَعَلِيٍّ.
وَتَصَدَّرَ لِلإِقْرَاءِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ: يَحْيَى بنُ وَثَّابٍ وَعَاصِمُ بنُ بَهْدَلَةَ, وَأَبُو إِسْحَاقَ, وَالأَعْمَشُ, وغيرهم.
وحدثوا عنه: همن وَالمِنْهَالُ، بنُ عَمْرٍو، وَعَبْدَةُ بنُ أَبِي لُبَابَةَ، وَعَدِيُّ بنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَأَبُو بُرْدَةَ بنُ أَبِي مُوْسَى، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ عَاصِمٌ: كَانَ زِرٌّ مِنْ أَعْرَبِ النَّاسِ، كَانَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ يَسْأَلُهُ عَنِ العَرَبِيَّةِ.
وَقَالَ هَمَّامٌ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ قَالَ: وَفَدْتُ إِلَى المَدِيْنَةِ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ, وَإِنَّمَا حَمَلَنِي عَلَى ذَلِكَ الحِرْصُ عَلَى لُقِيِّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيت صفوان ابن عَسَّالٍ, فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ رَأَيْتَ رَسُوْلَ اللهِ؟ قَالَ: نَعَمْ, وَغزَوَتُ مَعَهُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً.
شَيْبَانُ النَّحْوِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ: خَرَجْتُ فِي وَفْدٍ مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ, وَايْمُ اللهِ إِنْ حَرَّضَنِي عَلَى الوِفَادَةِ إلَّا لُقِيُّ أصحاب رَسُوْل اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَدِمْتُ المَدِيْنَةَ أَتَيْتُ أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ فَكَانَا جَلِيْسَيَّ وَصَاحِبَيَّ فَقَالَ: أُبَيٌّ يَا زِرُّ, مَا تُرِيْدُ أَنْ تَدَعَ مِنَ القُرْآنِ آيَةً إلَّا سَأَلْتَنِي عَنْهَا؟
شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ: كُنْتُ بِالمَدِيْنَةِ فِي يَوْمِ عِيْدٍ, فَإِذَا عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ضَخْمٌ أَصْلَعُ, كَأَنَّهُ عَلَى دَابَّةٍ مَشْرَفٍ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ, قَالَ: لَزِمْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ, وأبيًا. ثم قال
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 104"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1495"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2817"، حلية الأولياء ""4/ 181"، الاستيعاب "2/ 563"، أسد الغابة "2/ 300"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 40"، العير "1/ 95"، الكاشف "1/ ترجمة 1643"، تجريد اسماء الصحابة "1/ 189"، تهذيب التهذيب "3/ 321"، الإصابة "1/ ترجمة 2971"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2304".(5/91)
عَاصِمٌ: أَدْرَكْتُ أَقْوَاماً كَانُوا يَتَّخِذُوْنَ هَذَا اللَّيْلَ جَمَلاً، يَلْبَسُوْنَ المُعَصْفَرَ، وَيَشْرَبُوْنَ نَبِيْذَ الجَرِّ، لاَ يَرَوْنَ بِهِ بَأْساً، مِنْهُم زِرٌّ وَأَبُو وَائِلٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ: كَانَ أَبُو وَائِلٍ عُثْمَانِيّاً، وَكَانَ زِرُّ بنُ حُبَيْشٍ عَلَوِيّاً، وَمَا رَأَيْتُ وَاحِداً مِنْهُمَا قَطُّ. تكلم في صحابه حَتَّى مَاتَا وَكَانَ زِرٌّ أَكْبَرَ مِنْ أَبِي وَائِلٍ فَكَانَا إِذَا جَلَسَا جَمِيْعاً لَمْ يُحَدِّثْ أَبُو وَائِلٍ مَعَ زِرٍّ يَعْنِي يَتَأَدَّبُ مَعَهُ لِسِنِّهِ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: رَأَيْتُ زِرَّ بنَ حُبَيْشٍ وَإِنَّ لَحْيَيْهِ لَيَضْطَرِبَانِ مِنَ الكبر، وقد أتى عليه عشرون ومئة سَنَةٍ.
وَعَنْ عَاصِمٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَقْرَأَ مِنْ زِرٍّ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ زِرٌّ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ. قَالَ خَلِيْفَةُ، وَالفَلاَّسُ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ.
قَالَ إِسْحَاقُ الكَوْسَجُ، عن يحيى بن معين: زر ثقة.
وَقَالَ لَنَا الحَافِظُ أَبُو الحَجَّاجِ فِي "تَهْذِيْبِهِ": زر بن حبيش بن حباشة ابن أَوْسِ بنِ بِلاَلٍ -وَقِيْلَ: هِلاَلٌ بَدَلَ بِلاَلٍ- ابْنِ سَعْدِ بنِ حَبَّالِ بنِ نَصْرِ بنِ غَاضِرَةَ بنِ مَالِكِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ غَنْمِ بنِ دُوْدَانَ بنِ أَسَدِ بنِ خُزَيْمَةَ الأَسَدِيُّ، مُخَضْرَمٌ، أَدْرَكَ الجَاهِلِيَّةَ.
وَرَوَى عَنْ: فَسَمَّى المَذْكُوْرِيْنَ، وَسَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعَائِشَةَ، وَعَنْ: أَبِي وَائِلٍ وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ.
رَوَى عَنْهُ: بِسَرْدِ المَذْكُوْرِيْنَ، وَإِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ، وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَزُبَيْدٌ اليَامِيُّ وَطَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ، وَشِمْرُ بنُ عطية، والشعبي، وعبد الرحمن، ابن مَرْزُوْقٍ الدِّمَشْقِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ الجَهْمِ وَعَلْقَمَةُ بنُ مَرْثَدٍ وَعِيْسَى بنُ عَاصِمٍ الأَسَدِيُّ وَعِيْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى وَأَبُو رَزِيْنٍ مَسْعُوْدُ بنُ مَالِكٍ.
شَيْبَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ: قُلْتُ لأُبَيٍّ: يَا أَبَا المُنْذِرِ، اخْفِضْ لِي جَنَاحَكَ، فَإِنَّمَا أَتَمَتَّعُ مِنْكَ تَمَتُّعاً.
مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: أَدْرَكْتُ أَشْيَاخَنَا؛ زِرّاً، وَأَبَا وَائِلٍ، فَمِنْهُم: مَنْ عُثْمَانُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ عَلِيٍّ، وَمِنْهُم: مَنْ عَلِيٌّ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ عُثْمَانَ، وَكَانُوا أَشَدَّ شَيْءٍ تَحَابّاً وَتَوَادّاً.
قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ، عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى زِرٍّ وَهُوَ يُؤَذِّنُ، فَقَالَ: يَا أَبَا مَرْيَمَ، قَدْ كُنْتُ أُكْرِمُكَ عَنْ ذا. قال: إذا لا أكلمك حتى تلحق بالله.
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ: قُلْتُ لِزِرٍّ: كَمْ أَتَى عَلَيْكَ؟ قَالَ: أَنَا ابْنُ مائَةٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً. وَقَالَ هُشَيْمٌ: بَلَغ زِرٌّ مائَةً وَاثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً. وَقَالَ الهَيْثَمُ: مَاتَ قَبْلَ الجَمَاجِمِ. وقال أبو نعيم: مات سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَرَوَى زَكَرِيَّا بنُ حَكِيْمٍ الحَبَطِيُّ, عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ زِرّاً كَتَبَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ كِتَاباً يَعِظُهُ.(5/92)
429- عبد الله بن أبي الهذيل 1: "م، ت، س"
القُدْوَةُ، العَابِدُ، الإِمَامُ، أَبُو المُغِيْرَةِ العَنَزِيُّ، الكُوْفِيُّ.
رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ مُرْسَلاً. وَعَنْ: عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَأُبَيٍّ، وَابْنِ مسعود، وخباب، وأبي وهريرة، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ:وَاصِلٌ الأَحْدَبُ، وَأَبُو التَّيَّاحِ الضُّبَعِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ رَجَاءٍ، وَأَجْلَحُ الكِنْدِيُّ، وَسَلْمُ بنُ عَطِيَّةَ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَالعَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو التَّيَّاحِ: مَا رَأَيْتُهُ إلَّا وَكَأَنَّهُ مَذْعُوْرٌ. وَقَالَ العَوَّامُ: قَالَ ابْنُ أَبِي الهُذَيْلِ: إِنِّي لأَتَكَلَّمُ حَتَّى أَخْشَى اللهَ وَأَسْكُتُ حَتَّى أَخْشَى اللهَ.
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الهُذَيْلِ، قَالَ: أَدْرَكْنَا أَقْوَاماً وَإِنَّ أَحَدَهُم يَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ قَالَ الثَّوْرِيُّ: يَعْنِي التكشف.
أَنْبَأَنَا ابْنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَبِي المَكَارِمِ التَّيْمِيِّ، أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ خَلاَّدٍ، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَائِشَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي الهُذَيْلِ عَنْ عَمَّارٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "تَقْتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ" 2 تَابَعَهُ عَبْدُ الوَارِثِ, عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ.
يَعْلَى بنُ عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا الأَجْلَحُ، عَنِ ابْنِ أَبِي الهُذَيْلِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ، فَجِيْءَ، بِشَيْخٍ نَشْوَانَ فِي رَمَضَانَ، قَالَ: وَيْلَكَ وَصِبْيَانُنَا صِيَامٌ فضربه ثمانين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 115"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 727"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 908"، حلية الأولياء "4/ 358"، الكاشف "2/ ترجمة 3072"، تاريخ الإسلام "3/ 270"، تهذيب التهذيب "6/ 62"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3880".
2 حديث صحيح: سبق تخريجنا له مرارًا.(5/93)
430- مالك بن أوس 1: "ع"
ابن الحدثان بن الحارث بن عوف، الفَقِيْهُ، الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو سَعْدٍ -وَيُقَالُ: أَبُو سَعِيْدٍ- النَّصْرِيُّ، الحِجَازِيُّ، المَدَنِيُّ، أَدْرَكَ حَيَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَحَدَّثَ عَنِ: عمر، وعلي، وعثمانن وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن ابن عَوْفٍ، وَالعَبَّاسِ، وَسَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَطَائِفَةٍ،
حَدَّثَ عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ, وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ, وَعِكْرِمَةُ بنُ خَالِدٍ, وَأَبُو الزُّبَيْرِ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ حَلْحَلَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ عَطَاءٍ, وَسَلَمَةُ بنُ وَرْدَانَ, وَآخَرُوْنَ.
وَشَهِدَ الجَابِيَةَ، وَفَتْحَ بَيْتِ المَقْدِسِ مَعَ عُمَرَ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بنُ أَوْسٍ: أَنَّ عُمَرَ دَعَاهُ. قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى رِمَالِ سَرِيْرٍ لَهُ, لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرِّمَالِ فِرَاشٌ, فَقَالَ: يَا مَالِكُ إِنَّهُ قَدْ قَدِمَ مِنْ قَوْمِكَ أَهْلُ أَبْيَاتٍ حَضَرُوا المَدِيْنَةَ, وَقَدْ أَمَرْتُ لَهُم بِرَضْخٍ, فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُم. قُلْتُ: لَوْ أَمَرْتَ بِذَلِكَ غَيْرِي قَالَ: اقْسِمْهُ أَيُّهَا المَرْءُ.
قَالَ البُخَارِيُّ: مَالِكُ بنُ أَوْسٍ، قَالَ بَعْضُهُم: لَهُ صُحْبَةٌ، وَلاَ يَصِحُّ قَالَ: وَقَدْ رَكِبَ الخَيْلَ فِي الجَاهِلِيَّةِ قَالَهُ: الوَاقِدِيُّ.
وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ عَطَاءٍ، عَنْ مَالِكِ بنِ أَوْسٍ، قَالَ: كُنْتُ عَرِيْفاً فِي زَمَنِ عُمَرَ.
وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ, وَغَيْرُهُ: ثِقَةٌ.
قُلْتُ: كَانَ مَذْكُوْراً بِالبَلاَغَةِ وَالفَصَاحَةِ, وَهُوَ قَلِيْلُ الحَدِيْثِ.
قَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ عَاشَ مائة سنة. ذكره أبو القاسم بن عساكر في "تاريخه".
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 56"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1296"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 896"، الاستيعاب "3/ 1346"، أسد الغابة "4/ 372"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 61"، الكاشف "3/ ترجمة 5334"، العبر "1/ 106"، تاريخ الإسلام "4/ 69"، تهذيب التهذيب "10/ 10"، الإصابة "3/ ترجة 7595"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6797".(5/94)
431- عمر بن عبيد الله 1:
ابن معمر، الأَمِيْرُ، أَبُو حَفْصٍ التَّيْمِيُّ، مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ. كان جوادًا، مُمَدَّحاً، شُجَاعاً، كَبِيْرَ الشَّأْنِ، لَهُ فُتُوْحَاتٌ مَشْهُوْدَةٌ، وَلِيَ البَصْرَةَ لابْنِ الزُّبَيْرِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: ابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَعَنْهُ: عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ, وَابْنُ عَوْنٍ.
وَوَلِيَ إِمْرَةَ فَارِسٍ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ، وَتُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ. وَكَانَ مُرَاهِقاً عِنْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ. وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: أَحْمَرُ قُرَيْشٍ يُضْرَبُ بِشَجَاعَتِهِ المَثَلُ. وَقَدْ بَعَثَ مَرَّةً بِأَلْفِ دِيْنَارٍ إِلَى ابْنِ عُمَرَ, فَقَبِلَهَا, وَقَالَ: وَصَلَتْهُ رَحِمٌ. وَقِيْلَ: إِنَّهُ اشْتَرَى مَرَّةً جَارِيَةً بِمائَةِ أَلْفٍ فَتَوَجَّعَتْ لِفِرَاقِ سَيِّدِهَا, فَقَالَ لَهُ: خُذْهَا وَثَمَنَهَا.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وثمانين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2081"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 646"، تاريخ الإسلام "3/ 287".(5/95)
432- أبو عمرو الشيباني 1: "ع"
اسْمُهُ سَعْدُ بنُ إِيَاسٍ الكُوْفِيُّ، مِنْ بَنِي شَيْبَانَ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ عُكَابَةَ. أَدْرَكَ الجَاهِلِيَّةَ، وَكَادَ أَنْ يَكُوْنَ صَحَابِيّاً.
حَدَّثَ عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: مَنْصُوْرٌ، وَالأَعْمَشُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَالوَلِيْدُ بنُ العَيْزَارِ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَمْرُو بن عبد الله النخعي، وآخرون.
وَعَاشَ مائَةَ عَامٍ وَعِشْرِيْنَ عَاماً. فَعَنْهُ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَرْعَى إِبِلاً بِكَاظِمَةَ. قَالَ: وَكُنْتُ يَوْمَ القَادِسِيَّةِ ابْنَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ عَاصِمُ بنُ أَبِي النَّجُوْدِ: كَانَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ يُقْرِئُ القُرْآنَ فِي المَسْجِدِ الأَعْظَمِ, فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ, ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ, فَاتَّهَمَنِي بِهَوَىً.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: كُوْفِيٌّ، ثِقَةٌ.
قُلْتُ: هُوَ مِنْ رِجَالِ الكُتُبِ السِّتَّةِ. وَمَاتَ: فِي خِلاَفَةِ الوَلِيْدِ بنِ عبد الملك -فيما أحسب.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 104"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 1920"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 340"، الاستيعاب "2/ 583"، أسد الغابة "2/ 270"، تاريخ الإسلام "4/ 83"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 62"، الكاشف "1/ ترجمة 1842"، تهذيب التهذيب "3/ 468" الإصابة "2/ ترجمة 3669"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2378".(5/95)
المعرور بن سويد، طلحة بن عبد الله، أبو عثمان النهدي
433- المعرور بن سويد 1: "ع"
الإِمَامُ, المُعَمَّرُ، أَبُو أُمَيَّةَ الأَسَدِيُّ، الكُوْفِيُّ.
حدث عن: ابن مسعود, وأبي ذر، جماعة. وَعَنْهُ: وَاصِلٌ الأَحْدَبُ، وَسَالِمُ بنُ أَبِي الجَعْدِ, وَعَاصِمُ بنُ بَهْدَلَةَ, وَمُغِيْرَةُ اليَشْكُرِيُّ, وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَالَ الأَعْمَشُ: رَأَيْتُهُ وَهُوَ ابْنُ مائَةٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، أَسْوَدَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ بضع وثمانين.
434- طلحة بن عبد الله 2: "خ، 4"
ابن عوف الزهري، قاضي المدينة زمن يزيد.
حَدَّثَ عَنْ: عَمِّهِ؛ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَعُثْمَانَ، وَسَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْهُ: سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَالزُّهْرِيُّ, وَأَبُو الزِّنَادِ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ شَرِيْفاً، جَوَاداً، حُجَّةً، إِمَاماً. يُقَالُ لَهُ: طَلْحَةُ النَّدَى.
مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ.
435- أَبُو عثمان النهدي 3: "ع"
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، شَيْخُ الوَقْتِ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُلٍّ -وَقِيْلَ: ابْنُ مَلِيٍّ- ابنِ عَمْرِو بن عدي البصري. مخضرم، معمرن أَدْرَكَ الجَاهِلِيَّةَ وَالإِسْلاَمَ وَغَزَا فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ وبعدها غزوات.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 118"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2073"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1895"، الكاشف "3/ ترجمة 5649"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 59"، تاريخ الإسلام "1/ 306/ 3ٍ" تهذيب التهذيب "10/ 230"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7423".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 160"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 3074"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 2078"، الكاشف "2/ ترجمة 2497"، تاريخ الإسلام "4/ 16"، تهذيب التهذيب "5/ 19"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3192".
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 97"، التاريخ الكبير "9/ ترجمة 816"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1350"، تاريخ بغداد "10/ 202- 205"، الاستيعاب "2/ 853"، و "4/ 1712"، أسد الغابة "3/ 324"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 56"، العبر "1/ 119"، الكاشف "2/ ترجمة 3367"، تاريخ الإسلام "4/ 82"، تهذيب التهذيب "6/ ترجمة 546"/ الإصابة "3/ ترجمة 6379"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4258".(5/96)
وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَأُبَيِّ بن كعب، وبلال، وسعد ابن أَبِي وَقَّاصٍ، وَسَلْمَانَ الفَارِسِيِّ، وَحُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ، وَأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، وَأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، وَسَعِيْدِ بنِ زَيْدِ، بنِ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَطَائِفَةٍ سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: قَتَادَةُ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، وَخَالِدٌ الحذاء، وعمران بن حدير، وَعَلِيُّ بنُ جُدْعَانَ، وَحَجَّاجُ بنُ أَبِي زَيْنَبَ، وَخَلْقٌ.
وَشَهِدَ وَقْعَةَ اليَرْمُوْكِ. وَثَّقَهُ: عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَجَمَاعَةٌ، وَقِيْلَ: أَصْلُهُ كُوْفِيٌّ، وَتَحَوَّلَ إِلَى البَصْرَةِ. وَكَانَتْ هِجْرَتُهُ مِنْ أَرْضِ قَوْمِهِ وَقْتَ اسْتِخْلاَفِ عُمَرَ وَكَانَ مِنْ سَادَةِ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ.
رَوَى حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ, عَنْهُ قَالَ: بَلَغْتُ مائَةً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا، هُوَ أَكْبَرُ مِنْ أَنسِ بنِ مَالِكٍ، وَمِنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، نَعَمْ، وَمِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو نَصْرٍ الكَلاَبَاذِيُّ: أَسْلَمَ أَبُو عُثْمَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرَهُ، وَلَكِنَّهُ أَدَّى إِلَى عُمَّالِهِ الزَّكَاةَ.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ أَبِي زَيْنَبَ، سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ يَقُوْلُ: كُنَّا فِي الجَاهِلِيَّةِ نَعْبُدُ حَجَراً، فسمعنا منادي يُنَادِي: يَا أَهْلَ الرِّحَالِ، إِنَّ رَبَّكُم قَدْ هَلَكَ، فَالْتَمِسُوا رَبّاً. فَخَرَجْنَا عَلَى كُلِّ صَعْبٍ وذلول، فبينا نحن كذلك إذ سمعنا منادي يُنَادِي: إِنَّا قَدْ وَجَدْنَا رَبَّكُم أَوْ شِبْهَهُ فَجِئْنَا فَإِذَا حَجَرٌ فَنَحَرْنَا عَلَيْهِ الجُزُرَ.
وَرَوَى عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: رَأَيْت يَغُوْثَ صَنَماً مِنْ رَصَاصٍ، يُحْمَلُ عَلَى جَمَلٍ أَجْرَدَ، فَإِذَا بَلَغَ وَادِياً، بَرَك فِيْهِ، وَقَالُوا: قَدْ رَضِي لَكُم رَبُّكُم هَذَا الوَادِي.
أَبُو قُتَيْبَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَبِيْبٍ المَرْوَزِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ يَقُوْلُ: حَجَجْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ حِجَّتَيْنِ.(5/97)
عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، قال: سئل أبو عثمان النَّهْدِيُّ -وَأَنَا أَسْمَعُ: هَلْ أَدْرَكْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَأَدَّيْتُ إِلَيْهِ ثَلاَثَ صَدَقَاتٍ، وَلَمْ أَلْقَهُ وَغَزَوْتُ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ, وَشَهِدْتُ: اليَرْمُوْكَ, وَالقَادِسِيَّةَ وَجَلُوْلاَءَ وَتُسْتَرَ وَنَهَاوَنْدَ وَأَذْرَبِيْجَانَ، وَمِهْرَانَ، وَرُسْتُمَ.
عَبْدُ القَاهِرِ بنُ السَّرِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: كَانَ أَبُو عُثْمَانَ مِنْ قُضَاعَةَ، وَسَكَنَ الكُوْفَةَ، فَلَمَّا قُتِلَ الحُسَيْنُ، تَحَوَّلَ إِلَى البَصْرَةِ، وَقَالَ: لاَ أَسْكُنُ بَلَداً قُتِلَ فِيْهِ ابْنُ بِنْتِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَحَجَّ سِتِّيْنَ مَرَّةً، مَا بَيْنَ حِجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَقَالَ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلاَثُوْنَ وَمائَةُ سَنَةٍ وَمَا شَيْءٌ إلَّا وَقَدْ أَنْكَرْتُهُ خَلاَ أَمَلِي فَإِنَّهُ كَمَا هُوَ.
زُهَيْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عثمان، قال: صحبت سلمان الفارسي ثنتي عشر سَنَةً.
حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ عُمَرَ -رَضِيَ الله عنه- بالبشارة يوم نهاوند.
معتمرن, عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: كَانَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ يُصَلِّي حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ.
وَقَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ عِبَادَةَ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، مِنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ أَخَذَهَا.
أَبُو عُمَرَ الضَّرِيْرُ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: إِنِّي لأحسب أَبَا عُثْمَانَ كَانَ لاَ يُصِيْبُ دُنْيَا كَانَ لَيْلَهُ قَائِماً وَنَهَارَهُ صَائِماً وَإِنْ كَانَ لَيُصَلِّي حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ.
عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ كَانَ يُصَلِّي ما بين المغرب والعشاء مئة ركعة.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ ثِقَةً. وَكَانَ عَرِيْفَ قَوْمِهِ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو طَالُوْتَ عَبْدُ السَّلاَمِ: رَأَيْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ شُرْطِيّاً. قَالَ المدائني، وخليفة بن خياط، وابن معين: ومات سَنَةَ مائَةٍ. وَشَذَّ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ فَقَالَ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَقِيْلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
يَقَعُ حَدِيْثُهُ عَالِياً فِي: "جُزْءِ الأَنْصَارِيِّ" وَفِي "الغَيْلاَنِيَّاتِ" وَغَيْرِ ذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفَقِيْهِ، وَجَمَاعَةٌ إِذْناً قالوا: أنبأنا عمر ابن مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ غَيْلاَنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ حُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ قَالَ خَرَجَ فِتْيَةٌ يَتَحَدَّثُوْنَ، فَإِذَا هُمْ بِإِبِلٍ مُعَطَّلَةٍ، فَقَالَ بَعْضُهُم: كَأَنَّ أَرْبَابَ هَذِهِ لَيْسُوا مَعَهَا فَأَجَابَه بَعِيْرٌ مِنْهَا، فَقَالَ: إِنَّ أَرْبَابَهَا حُشِرُوا ضُحَىً.
وَبِهِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ، أَنْبَأَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "وَقَفْتُ عَلَى بَابِ الجَنَّةِ فَإِذَا أَكْثَرُ مَنْ يَدْخُلُهَا الفقراء وإن أهل الجد محبوسون" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "6547"، ومسلم "2736"، ومسلم "2736" من طرق عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أسامة بن زيد، به مرفوعًا.(5/98)
436- أبو الشعثاء 1: "ع"
هُوَ سُلَيْمُ بنُ أَسْوَدَ المُحَارِبِيُّ، الفَقِيْهُ، الكُوْفِيُّ، صَاحِبُ عَلِيٍّ.
رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَشَهِدَ مَعَهُ مشَاهِدَهُ. وَعَنْ: حُذَيْفَةَ وَأَبِي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ، وَأَبِي أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ أَشْعَثُ بنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَأَبُو صَخْرَةَ، جامع بن شداد، وإبراهيم بن مجاهر، وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَغَيْرُهُم.
مُتَّفَقٌ عَلَى تَوْثِيْقِهِ. وَسُئِلَ عَنْهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، فَقَالَ: لاَ يُسْأَلُ عَنْ مِثْلِهِ.
قِيْلَ: إِنَّ أَبَا الشَّعْثَاءِ المُحَارِبِيَّ قُتِلَ يَوْمَ الزَّاوِيَةِ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ.
أَمَّا أَبُو الشَّعْثَاءِ "ع" عَالِمُ البَصْرَةِ: فَأَصْغَرُ مِنْ هَذَا، وَسَيَأْتِي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 195"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2176"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 910"، تاريخ الإسلام "3/ 252 و 318"، الكاشف "1/ ترجمة 2082"، العبر "1/ 95" تهذيب التهذيب "4/ 165"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2661".(5/99)
437- عابس بن ربيعة 1: "ع"
النخعي. كوفي مخضرم، حجة.
حَدَّثَ عَنْ: عَلِيٍّ، وَعُمَرَ، وَعَائِشَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنَاهُ؛ إِبْرَاهِيْمُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَإِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ، وَأَبُو إسحاق السبيعي، وآخرون. له أحاديث يسيره.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 122"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 367"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة رقم 191"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2961"، تهذيب التهذيب "5/ 37"، الإصابة "2/ ترجمة 4336".(5/99)
438- سعيد بن وهب 1: "م، ن"
الهمداني الخيواني الكوفي. مِنْ كُبَرَاءِ شِيْعَةِ عَلِيٍّ.
حَدَّثَ عَنْ: عَلِيٍّ, وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَخَبَّابٍ.
أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَزِمَ عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- حَتَّى كَانَ يُقَالُ لَهُ: القُرَادُ؛ لِلُزُوْمِهِ إِيَّاهُ.
وَرَوَى عَنْ: سَلْمَانَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَالقَاضِي شُرَيْحٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ، وَوَلدُهُ؛ يُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَطَائِفَةٌ.
وَكَانَ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ، وَكَانَ عَرِيْفَ قَوْمِهِ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً: ابْنُهُ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ. لَهُ أَحَادِيْثُ. وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
مَاتَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ. كَذَا قُلْتُ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلاَمِ". وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ بِالكُوْفَةِ، فِي خلافة عبد الملك، سنة ست وثمانين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 170"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1731"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 294"، أسد الغابة "2/ 316"، تاريخ الإسلام "3/ 156" و "4/ 7"، الكاشف "1/ ترجمة 1990"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 2346"، تهذيب التهذيب "4/ 95"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2530".(5/100)
439- جميل بن عبد الله 1:
ابن مَعْمَرٍ، أَبُو عَمْرٍو العُذْرِيُّ الشَّاعِرُ البَلِيْغُ، صَاحِبُ بُثَيْنَةَ، وَمَا أَحْلَى اسْتِهْلاَلَهُ حَيْثُ يَقُوْلُ:
أَلاَ أيها النوام ويحكم هبوا
أسألكم هَلْ يَقْتُلُ الرَّجُلَ الحُبُّ
وَيُحْكَى عَنْهُ: تَصَوُّنٌ، وَدِيْنٌ، وَعِفَّةٌ.
يُقَالُ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ. وَقِيْلَ: بَلْ عَاشَ حَتَّى وَفَدَ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ. وَنَظْمُهُ فِي الذُّرْوَةِ، يُذْكَرُ مع كثير: عزة، والفرزدق.
__________
1 طبقات فحول الشعراء "ص 543"، الأغاني "7/ 77"، وفيات الأعيان "1/ 366"، تاريخ الإسلام "3/ 347"، حسن المحاضرة "1/ 558"، خزانة الأدب "1/ 397".(5/100)
440- القباع 1:
لأمير، مُتَوَلِّي البَصْرَةِ لابْنِ الزُّبَيْرِ، الحَارِثَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ المَخْزُوْمِيُّ، المَكِّيُّ. لُقِّبَ بِالقُبَاعِ بِاسْمِ مِكْيَالٍ وَضَعَهُ لَهُم.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَنْ: عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَمُعَاوِيَةَ.
وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُمَيْرٍ، وَالوَلِيْدُ بنُ عطاء، وابن سابط.
روى حاتم بن أبي صغير، عَنْ أَبِي قَزَعَةَ: أَنَّ عَبْدَ المَلِكِ قَالَ فِي الطَّوَافِ: قَاتَلَ اللهُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَكْذِبُ عَلَى عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: "لَوْلاَ حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالكُفْرِ لَنَقَضْتُ البَيْتَ حَتَّى أَزِيْدَ فِيْهِ الحِجْرَ". فَقَالَ لَهُ الحَارِثَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ: لاَ تَقُلْ هَذَا يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، فَأَنَا سَمِعْتُهَا تَقُوْلُهُ. فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ سَمِعْتُهُ قُبَيْلَ أَنْ أَهْدِمَهُ، لَتَرَكْتُهُ عَلَى بِنَاءِ ابْنِ الزُّبَيْرِ2.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَتْ أُمُّهُ نَصْرَانِيَّةً، فَشَيَّعَهَا أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ. وَقِيْلَ: إِنَّهُ خَرَجَ عَلَيْهِم، فَقَالَ: إِنَّ لَنَا أَهْلَ دِيْنٍ غَيْرَكُم. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَقَدْ سَادَ هَذَا. وَقِيْلَ: كَانَتْ حَبَشِيَّةً, فَكَانَ هُوَ أَسْوَدَ. وَكَانَ خَطِيْباً بَلِيْغاً دَيِّناً.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 28 و 464"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2436"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة362"، الأغاني لأبي الفرج "1/ 66 "، أسد الغابة "1/ 328 و 337" تاريخ الإسلام "3/ 244" الوافي بالوفيات "11/ 254- 255"، تهذيب التهذيب "2/ 144" الإصابة "1/ 2043"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1141".
2 صحيح: أخرجه مسلم "1333" "404".(5/101)
441- حمران بن أبان 1: "ع"
الفارسي الفَقِيْهُ، مَوْلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عُثْمَانَ. كَانَ مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ ابْتَاعَهُ عُثْمَانُ مِنَ المُسَيِّبِ بنِ نَجَبَةَ.
حَدَّثَ عَنْ: عُثْمَانَ، وَمُعَاوِيَةَ، وَهُوَ قليل الحديث. روى عنه: عطاء بن يزيد الليثي، وعروة، زيد بنُ أَسْلَمَ، وَبَيَانُ بنُ بِشْرٍ، وَبُكَيْرُ بنُ الأَشَجِّ، وَمُعَاذُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ: كَانَ مِمَّنْ سَبَاهُ خَالِدٌ مِنْ عَيْنِ التَّمْرِ.
وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: إِنَّمَا هُوَ حُمْرَانُ بنُ أَبَّا. فَقَالَ بَنُوْهُ: ابْنُ أَبَانٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: نَزَلَ البَصْرَةَ، وَادَّعَى وَلَدُهُ أَنَّهُ مِنَ النَّمِرِ بنِ قَاسِطٍ.
قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ حُمْرَانُ يُصَلِّي خَلْفَ عُثْمَانَ، فَإِذَا أَخْطَأَ، فَتَحَ عَلَيْهِ وَعَنِ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ حُمْرَانَ كَانَ يَأْذَنُ عَلَى عُثْمَانَ وَقِيْلَ كَانَ كَاتِبَ عُثْمَانَ وَكَانَ وَافِرَ الحُرْمَةِ عِنْدَ عَبْدِ المَلِكِ.
طَالَ عُمُرُهُ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَسَيَأْتِي أَبَانٌ وَلَدُ عُثْمَانَ، وَأَخُوْهُ عُمَرُ بنُ عُثْمَانَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 283" و "7/ 148"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 287" الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1182"، تاريخ الإسلام "3/ 152 و 245"، العبر "1/ 206"، تهذيب التهذيب "3/ 24"، الإصابة "1/ ترجمة 1998"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1615".(5/101)
442- ابن الأشعث1
الأَمِيْرُ، مُتَوَلِّي سِجِسْتَانَ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ الكِنْدِيُّ.
بَعَثَهُ الحَجَّاجُ عَلَى سِجِسْتَانَ، فَثَارَ هُنَاكَ، وَأَقْبَلَ فِي جَمْعٍ كَبِيْرٍ، وَقَامَ مَعَهُ عُلَمَاءُ وَصُلَحَاءُ للهِ تَعَالَى لِمَا انْتَهَكَ الحَجَّاجُ مِنْ إِمَاتَةِ وَقْتِ الصَّلاَةِ، وَلِجَوْرِهِ وَجَبَرُوْتِهِ. فَقَاتَلَهُ الحَجَّاجُ، وَجَرَى بَيْنَهُمَا عِدَّةُ مصافات، وينتصر ابن الأَشْعَثِ. وَدَامَ الحَرْبُ أَشْهُراً، وَقُتِلَ خَلْقٌ مِنَ الفَرِيْقَيْنِ وَفِي آخِرِ الأَمْرِ انْهَزَمَ جَمْعُ ابْنِ الأَشْعَثِ وَفَرَّ هُوَ إِلَى المَلِكِ رُتْبِيْلَ مُلْتَجِئاً إِلَيْهِ. فَقَالَ لَهُ عَلْقمَةُ بنُ عَمْرٍو: أَخَافُ عَلَيْكَ، وَكَأَنِّي بِكِتَابِ الحَجَّاجِ قَدْ جَاءَ إِلَى رُتْبِيْلَ يُرْغِبُهُ وَيُرْهِبُهُ, فَإِذَا هُوَ قَدْ بَعَثَ بِكَ أَوْ قَتَلَكَ وَلَكِن هَا هُنَا خَمْسُ مائَةِ مُقَاتِلٍ قَدْ تَبَايَعْنَا عَلَى أَنْ نَدْخُلَ مَدِيْنَةً نَتَحَصَّنُ بِهَا، وَنُقَاِتُلُ حَتَّى نُعْطَى أَمَاناً، أَوْ نَمُوْتَ كِرَاماً فَأَبَى عَلَيْهِ، وَأَقَامَ الخَمْسَ مائَةٍ حَتَّى قَدِمَ عُمَارَةُ بنُ تَمِيْمٍ، فَقَاتَلُوْهُ، حَتَّى أَمَّنَهُم، وَوَفَى لَهُم ثُمَّ تَتَابَعَتْ كُتُبُ الحَجَّاجِ إِلَى رُتْبِيْلَ بِطَلَبِ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ عَلَى أَنْ تَرَكَ لَهُ الحِمْلَ سَبْعَةَ أَعْوَامٍ وَقِيْلَ: إِنَّ ابْنَ الأَشْعَثِ أَصَابَهُ السِّلُّ، فَمَاتَ فَقُطِعَ رَأْسُهُ، وَنُفِذَ إِلَى الحَجَّاجِ وَقِيْلَ: إِنَّ الحَجَّاجَ كَتَبَ إِلَى رُتْبِيْلَ: إِنِّي قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ عُمَارَةَ فِي ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً يَطْلُبُوْنَ ابْنَ الأَشْعَثِ. فَأَبَى أَنْ يُسْلِمَهُ، وَكَانَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ عُبَيْدُ بنُ أَبِي سُبَيْعٍ, فَأَرْسَلَهُ إِلَى رُتْبِيْلَ, فَخَفَّ عَنْ رُتْبِيْلَ, وَاخْتَصَّ بِهِ. قَالَ لابْنِ الأَشْعَثِ أَخُوْهُ القَاسِمُ: لاَ آمَنُ غَدْرَ رُتْبِيْلَ، فَاقْتُلْهُ يَعْنِي: عُبَيْداً -فَهَمَّ بِهِ. فَفَهِمَ ذَلِكَ، وَخَافَ، فَوُشِيَ بِهِ إِلَى رُتْبِيْلَ، وَخَوَّفَهُ مِنْ غَائِلَةِ الحَجَّاجِ، وَهَرَبَ سِرّاً إِلَى عُمَارَةَ، فَاسْتَعْجَلَ فِي ابْنِ الأَشْعَثِ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ. فَكَتَبَ بِذَلِكَ عُمَارَةُ إِلَى الحَجَّاجِ، فَكَتَبَ: أَنْ أَعْطِ عُبَيْدَةَ وَرُتْبِيْلَ مَا طَلَبَا فَاشْتَرَطَ أُمُوْراً، فَأُعْطِيَهَا، وَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ الأَشْعَثِ وَإِلَى ثَلاَثِيْنَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَقَدْ هَيَّأَ لَهُم القُيُوْدَ وَالأَغْلاَلَ، فَقَيَّدَهُم، وَبَعَثَ بِهِم إِلَى عُمَارَةَ، وَسَارَ بِهِم فَلَمَّا قَرُبَ ابْنُ الأَشْعَثِ مِنَ العِرَاقِ، أَلْقَى نَفْسَهُ مِنْ قَصْرٍ خَرَابٍ أَنْزَلُوْهُ فَوْقَهُ فَهَلَكَ فَقِيْلَ أَلْقَى نَفْسَهُ وَالحُرَّ مَعَهُ الَّذِي هُوَ مُقَيَّدٌ مَعَهُ, وَالقَيْدُ فِي رِجْلَيِ الاثْنَيْنِ, فَهَلَكَا وَذَلِكَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وثمانين.
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 273"، العبر "1/ 90 و 97"، النجوم الزاهرة "1/ 202"، شذرات الذهب "1/ 94".(5/102)
443- أعشى همدان 1:
اعر، مُفَوَّهٌ، شَهِيْرٌ، كُوْفِيٌّ، وَهُوَ: أَبُو المُصَبَّحِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ الهَمْدَانِيُّ كَانَ مُتَعَبِّداً فَاضِلاً، ثُمَّ عَبَثَ بِالشِّعْرِ، وَامْتَدَحَ النُّعْمَانَ بنَ بَشِيْرٍ، فَاعْتَنَى بِهِ، وَجَمَعَ لَهُ مِنْ جَيْشِ حِمْصَ أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ. ثُمَّ إِنَّ الأَعْشَى خَرَجَ مَعَ القُرَّاءِ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، وَكَانَ زَوْجَ أُخْتِ الشَّعْبِيِّ، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ زَوْجَ أُخْتِهِ.
قَتَلَهُ الحَجَّاجُ سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ.
__________
1 ترجمته في الأغاني لأبي الفرج "5/ 146"، تاريخ الإسلام "3/ 242".(5/103)
444- معبد بن عبد الله 1: "ق"
ابن عويمر -وقيل: ابن عبد الله ابن عُكَيْمٍ الجُهَنِيُّ، نَزِيْلُ البَصْرَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالقَدَرِ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَحُمْرَانَ بنِ أَبَانٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الوَقْتِ عَلَى بِدْعَتِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُعَاوِيَةُ بنُ قُرَّةَ، وَزَيْدُ بنُ رُفَيْعٍ، وَقَتَادَةُ، وَمَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ، وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، وَسَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَآخَرُوْنَ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1745"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1282"، تاريخ الإسلام "3/ 304"، العبر "1/ 92"، تهذيب التهذيب "10/ 225".(5/103)
وَقَدْ وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ فِي الحَدِيْثِ. وَقِيْلَ: هُوَ وَلَدُ صَاحِبِ حَدِيْثِ: "لاَ تَنْتَفِعُوا مِنَ المَيْتَةِ بِإِهَابٍ ولا عصب" 1. وقيل: وهو مَعْبَدُ بنُ خَالِدٍ.
وَعَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ: أَنَّ القُرَّاءَ اجْتَمَعُوا عَلَى مَعْبَدٍ الجُهَنِيِّ، وَكَانَ أَحَدَ مَنْ شَهِدَ الحَكَمَيْنِ، وَقَالُوا لَهُ: قَدْ طَالَ أَمْرُ هَذَيْنِ: عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ، فَلَوْ كَلَّمْتَهُمَا. قَالَ: لاَ تُعَرِّضُوْنِي لأَمْرٍ أَنَا لَهُ كَارِهٌ، وَاللهِ مَا رَأَيْتُ كَقُرَيْشٍ، كَأَنَّ قُلُوْبَهُم أُقْفِلَتْ بِأَقْفَالِ الحَدِيْدِ، وَأَنَا صَائِرٌ إِلَى مَا سَأَلْتُم. قَالَ مَعْبَدٌ: فَلَقِيْتُ أَبَا مُوْسَى، فَقُلْتُ: انْظُرْ مَا أَنْتَ صَانِعٌ قَالَ: يَا مَعْبَدُ، غَداً نَدْعُو النَّاسَ إِلَى رَجُلٍ لاَ يَخْتَلِفُ فِيْهِ اثْنَانِ فَقُلْتُ لِنَفْسِي: أَمَّا هَذَا، فَقَدْ عَزَلَ صَاحِبَهُ. ثُمَّ لَقِيْتُ عَمْراً، وَقُلْتُ: قَدْ وَلِيْتَ أَمْرَ الأُمَّةِ، فَانْظُرْ مَا أَنْتَ صَانِعٌ. فَنَزَعَ عِنَانَهُ مِنْ يَدِي ثُمَّ قَالَ: إِيْهاً تَيْسَ جُهَيْنَةَ مَا أَنْتَ وَهَذَا لَسْتَ مِنْ أَهْلِ السِّرِّ وَلاَ العَلاَنِيَةِ وَاللهِ مَا يَنْفَعُكَ الحَقُّ وَلاَ يَضُرُّكَ البَاطِلُ.
قَالَ الجَوْزَجَانِيُّ: كَانَ قَوْمٌ يَتَكَلَّمُوْنَ فِي القَدَرِ، احْتَمَلَ النَّاسُ حَدِيْثَهُم لِمَا عَرَفُوا مِنِ اجْتِهَادِهِم فِي الدِّيْنِ وَالصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ، وَلَمْ يُتَوَهَّمْ عَلَيْهِمُ الكَذِبَ، وَإِنْ بُلُوا بِسُوْءِ رَأْيِهِم, مِنْهُمْ مَعْبَدٌ الجُهَنِيُّ وَقَتَادَةُ وَمَعْبَدٌ رَأْسُهُم.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ شُعَيْبٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُوْلُ: أول من نطق في القدر سَوْسَنٌ بِالعِرَاقِ كَانَ نَصْرَانِيّاً فَأَسْلَمَ ثُمَّ تَنَصَّرَ فَأَخَذَ عَنْهُ مَعْبَدٌ وَأَخَذَ غَيْلاَنُ القَدَرِيُّ عَنْ مَعْبَدٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ حِمْيَرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، قَالَ: كُنَّا فِي المَسْجِدِ، إِذْ مُرَّ بِمَعْبَدٍ الجُهَنِيِّ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ، فَقَالَ النَّاسُ هَذَا هُوَ البَلاَءُ فَقَالَ خَالِدُ بنُ مَعْدَانَ: إِنَّ البَلاَءَ كُلَّ البَلاَءِ إِذَا كانت الأئمة منهم.
قال مرحرم العَطَّارُ: حَدَّثَنَا أَبِي، وَعَمِّي، سَمِعَا الحَسَنَ يَقُوْلُ: إِيَّاكُم وَمَعْبَداً الجُهَنِيَّ، فَإِنَّهُ ضَالٌّ مُضِلٌّ. قَالَ يُوْنُسُ: أَدْرَكْتُ الحَسَنَ يَعِيْبُ قَوْلَ مَعْبَدٍ، ثُمَّ تلطف له معبد، فألقى من نَفْسِهِ مَا
أَلْقَى قَالَ طَاوُوْسٌ: احْذَرُوا قَوْلَ مَعْبَدٍ، فَإِنَّهُ كَانَ قَدَرِيّاً.
وَقَالَ مَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ: لَقِيْتُ مَعْبَداً بِمَكَّةَ بَعْد فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ وَهُوَ جَرِيْحٌ, قَدْ قَاتَلَ الحَجَّاجَ فِي المَوَاطِنِ كُلِّهَا.
وَرَوَى ضَمْرَةُ، عَنْ صَدَقَةَ بنِ يَزِيْدَ، قَالَ: كَانَ الحَجَّاجُ يُعَذِّبُ مَعْبَداً الجُهَنِيَّ بِأَصْنَافِ العَذَابِ وَلاَ يَجْزَعُ، ثُمَّ قَتَلَهُ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: مَاتَ قَبْلَ التِّسْعِيْنَ. وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ: فِي سَنَةِ ثَمَانِيْنَ صَلَبَ عَبْدُ المَلِكِ مَعْبَداً الجُهَنِيَّ بِدِمَشْقَ.
قُلْتُ يَكُوْنُ صَلَبَهُ ثُمَّ أطلقه.
__________
1 صحيح: تقدم تخريجنا له في الجزء السابق برقم "863 و 864".(5/104)
445- مطرف بن عبد الله 1: "ع"
ابن الشخير، الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الحُجَّةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَرَشِيُّ، العَامِرِيُّ، البَصْرِيُّ، أَخُو يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَعَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعُثْمَانَ، وَعَائِشَةَ، وَعُثْمَانَ، بنِ أَبِي العَاصِ، وَمُعَاوِيَةَ، وَعِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ، المُزَنِيِّ وَغَيْرِهِم وَعَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الجَذْمِيِّ وَحَكِيْمِ بنِ قَيْسِ بنِ عَاصِمٍ المِنْقَرِيِّ وَأَرْسَلَ عَنْ: أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَسَنُ البَصْرِيُّ، وَأَخُوْهُ؛ يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ الله، وأبو التياح يزيد ابن حُمَيْدٍ، وَثَابِتٌ
البُنَانِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْلاَنُ بنُ جَرِيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ، وَأَبُو نَضْرَةَ العَبْدِيُّ، وَيَزِيْدُ الرِّشْكُ, وَحُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ، وَسَعِيْدٌ الجُرَيْرِيُّ، وَابْنُ أَخِيْهِ, عَبْدُ اللهِ بنُ هَانِئ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيْرِ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ رُشَيْدٍ وَأَبُو نَعَامَةَ السَّعْدِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
أَنْبَأَنَا ابْنُ أَبِي الخَيْرِ، عَنِ اللبان، أنبأنا الحداد، أنبأنا أبو نعيمن حَدَّثَنَا يُوْسُفُ النَّجِيْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَفَّانُ, حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ مُطَرِّفِ، بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيْرِ عَنْ أَبِيْهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي وَلِصَدْرِهِ أَزِيْزٌ كأزيز المرجل من البكاء.
ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ، فَقَالَ: رَوَى عَنْ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ. وَكَانَ ثِقَةً، لَهُ فَضْلٌ، وَوَرَعٌ، وَعَقْلٌ، وَأَدَبٌ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ: كَانَ ثِقَةً، لَمْ يَنْجُ بِالبَصْرَةِ مِنْ فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ إلَّا هُوَ وَابْنُ سِيْرِيْنَ وَلَمْ يَنْجُ مِنْهَا بِالكُوْفَةِ إلَّا خَيْثَمَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَإِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 141"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1730"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1446"، حلية الأولياء "2/ 198"، تذكر الحفاظ "1/ ترجمة 54"، الكاشف "3/ ترجمة رقم 5576"، العبر "1/ 113"، تهذيب التهذيب "10/ 173"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7035".
2 صحيح: أخرجه أحمد "4/ 25 و 26"، بو داود "904"، والترمذي في "الشمائل" "315" والنسائي "3/ 13"، وابن خزيمة "900"، والحاكم "1/ 264"، والبيهقي "2/ 251"، والبغوي "729" من طرق عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، به.(5/105)
قَالَ مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ: حَدَّثَنَا غَيْلاَنُ بنُ جَرِيْرٍ: أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ كَلاَمٌ، فكذب عليه، فقال: اللهم إن كان كذابًا فَأَمِتْهُ. فَخَرَّ مَيْتاً مَكَانَهُ. قَالَ: فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى زِيَادٍ، فَقَالَ: قَتَلْتَ الرَّجُلَ. قَالَ: لاَ، وَلَكِنَّهَا دَعْوَةٌ وَافَقَتْ أَجَلاً.
وَعَنْ غَيْلاَنَ: أَنَّ مُطَرِّفاً كَانَ يَلْبَسُ المَطَارِفَ وَالبَرَانِسَ، وَيَرْكَبُ الخَيْلَ، وَيَغْشَى السُّلْطَانَ، وَلَكِنَّهُ إِذَا أَفْضَيْتَ إِلَيْهِ، أَفْضَيْتَ إِلَى قُرَّةِ عَيْنٍ.
وَكَانَ يَقُوْلُ عُقُوْلُ النَّاسِ عَلَى قَدْرِ زَمَانِهِم.
وَرَوَى قَتَادَةُ، عَنْ مُطَرِّفِ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: فَضْلُ العِلْمِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ فَضْلِ العِبَادَةِ وَخَيْرُ دِيْنِكُمُ الوَرَعُ.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيْرِ: مُطَرِّفٌ أَكْبَرُ مِنِّي بِعَشْرِ سِنِيْنَ، وَأَنَا أَكْبَرُ مِنَ الحَسَنِ البَصْرِيِّ بِعَشْرِ سِنِيْنَ.
قُلْتُ: عَلَى هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَوْلِدَ مُطَرِّفٍ كَانَ عَامَ بَدْرٍ، أَوْ عَامَ أُحُدٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُوْنَ سمع من عمر، وأبي.
قال ابن سعد: توفي المطرف فِي أَوَّلِ وِلايَةِ الحَجَّاجِ.
قُلْتُ: بَلْ بَقِيَ إِلَى أَنْ خَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَشْعَثِ بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ. وَأَمَّا عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ، وَالتِّرْمِذِيُّ: فَأَرَّخَا مَوْتَهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ، وَهَذَا أَشْبَهُ.
وَفِي "الحِلْيَةِ": رَوَى أَبُو الأَشْهَبِ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ: لأَنْ أَبِيْتَ نَائِماً وَأُصْبِحَ نَادِماً، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَبِيْتَ قَائِماً وَأُصْبِحَ مُعْجَباً.
قُلْتُ: لاَ أَفْلَحَ وَاللهِ مَنْ زَكَّى نَفْسَهُ، أَوْ أَعْجَبَتْهُ.
وَعَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قَالَ: لأَنْ يَسْأَلَنِي اللهُ -تَعَالَى- يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَقُوْلُ؛ يَا مُطَرِّفُ، إلَّا فَعَلْتَ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَقُوْلَ: لِمَ فَعَلْتَ؟.
جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ، قَالَ: قَالَ مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ: إِنَّمَا وَجَدْتُ العَبْدَ مُلْقَىً بَيْنَ رَبِّهِ وَبَيْنَ الشَّيْطَانِ، فَإِنْ اسْتَشْلاَهُ ربه واستنفذه، نَجَا، وَإِنْ تَرَكَهُ وَالشَّيْطَانَ ذَهَبَ بِهِ.
جَعْفَرُ بن سليمان: حدثنا ثابت، قَالَ: مُطَرِّفٌ: لَوْ أُخْرِجَ قَلْبِي فَجُعِلَ فِي يَسَارِي وَجِيْءَ بِالخَيْرِ فَجُعِلَ فِي يَمِيْنِي مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أُوْلِجَ قَلْبِي مِنْهُ شَيْئاً حَتَّى يَكُوْنَ اللهُ يَضَعُهُ.(5/106)
أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قال: إن هذا الموت قد أفسد عَلَى أَهْلِ النَّعِيْمِ نَعِيْمَهُم فَاطْلُبُوا نَعِيْماً لاَ مَوْتَ فِيْهِ.
حَمَّادُ بنُ يَزِيْدَ، عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ مُطَرِّفِ بنِ عَبْدِ الله، قال: ليس لأحد أن يصعد فليقي نَفْسَهُ مِنْ شَاهِقٍ، وَيَقُوْلُ: قَدَّرَ لِي رَبِّي، وَلَكِنْ يَحْذَرُ، وَيَجْتَهِدُ، وَيَتَّقِي، فَإِنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ، علم أنه لن يصيبهإلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَهُ.
غَيْلاَنُ بنُ جَرِيْرٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قَالَ: لاَ تَقُلْ: فَإِنَّ اللهَ يَقُوْلُ، وَلَكِنْ قُلْ: قَالَ اللهُ تَعَالَى, وَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ مَرَّتَيْنِ يُقَالُ لَهُ: مَا هذا؟ فيقول: لا شيء إلَّا بشيء لَيْسَ بِشَيْءٍ.
أَبُو عَقِيْلٍ بَشِيْرُ بنُ عُقْبَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِيَزِيْدَ بنِ الشِّخِّيْرِ: مَا كَانَ مُطَرِّفٌ يَصْنَعُ إِذَا هَاجَ النَّاسُ؟ قَالَ: يَلْزَمُ قَعْرَ بَيْتِهِ، وَلاَ يَقْرَبُ لَهُم جُمُعَةً وَلاَ جَمَاعَةً حَتَّى تَنْجَلِيَ.
وَقَالَ أَيُّوْبُ: قَالَ مُطَرِّفٌ: لأَنْ آخُذَ بِالثِّقَةِ فِي القُعُوْدِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلْتَمِسَ فَضْلَ الجِهَادِ بِالتَّغْرِيْرِ.
قَالَ غَيْلاَنُ بنُ جَرِيْرٍ: كَانَ مُطَرِّفٌ يَلْبَسُ البَرَانِسَ وَالمَطَارِفَ، وَيَرْكَبُ الخَيْلَ، وَيَغْشَى السُّلْطَانَ، لَكِنْ إِذَا أَفْضَيْتَ إِلَيْهِ، أَفْضَيْتَ إِلَى قُرَّةِ عَيْنٍ.
قَالَ مَسْلَمَةُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: حَدَّثَنَا أَبُو طَلْحَةَ بِشْرُ بن كثير، قال: حدثتني امرأة مطرف أنه تزوجها عن ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً وَبَغْلَةٍ وَقَطِيْفَةٍ وَمَاشِطَةٍ. وَرَوَى: مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ, أَنَّ غَيْلاَنَ قَالَ: تَزَوَّجَ مُطَرِّفٌ امْرَأَةً عَلَى عِشْرِيْنَ أَلْفاً.
قُلْتُ: كَانَ مُطَرِّفٌ لَهُ مَالٌ، وَثَرْوَةٌ، وَبِزٌّةٌ جَمِيْلَةٌ، وَوَقْعٌ فِي النُّفُوْسِ وَرَوَى أَبُو خَلْدَةَ: أَنَّ مُطَرِّفاً كَانَ يَخْضِبُ بِالصُّفْرَةِ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ اللَّبَّانُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ النَّجِيْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، سَمِعْتُ قَتَادَةَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، قَالَ: كُنَّا نَأْتِي زَيْدَ بنَ صُوْحَانَ، فَكَانَ يَقُوْلُ: يَا عِبَادَ اللهِ أَكْرِمُوا وَأَجْمِلُوا، فَإِنَّمَا وَسِيْلَةُ العِبَادِ إِلَى اللهِ بِخَصْلَتَيْنِ: الخَوْفِ وَالطَّمَعِ فَأَتَيْتُهُ ذَاتَ يَوْمٍ، وَقَدْ كَتَبُوا كِتَاباً، فَنَسَقُوا كَلاَماً مِنْ هَذَا النَّحْوِ: إِنَّ اللهَ رَبُّنَا، وَمُحَمَّدٌ نَبِيُّنَا، وَالقُرْآنُ إِمَامُنَا، وَمَنْ كَانَ مَعَنَا كُنَّا وَكُنَّا، وَمَنْ خَالَفَنَا كَانَتْ يَدُنَا عَلَيْهِ، وَكُنَّا وَكُنَّا. قَالَ: فَجَعَلَ يَعْرِضُ الكِتَابِ عَلَيْهِم رَجُلاً، رَجُلاً فَيَقُوْلُوْنَ: أَقْرَرْتَ يَا فُلاَنُ؟ حَتَّى انْتَهَوْا(5/107)
إِلَيَّ، فَقَالُوا: أَقْرَرْتَ يَا غُلاَمُ؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ -يَعْنِي زَيْداً: لاَ تَعْجَلُوا عَلَى الغُلاَمِ، مَا تَقُوْلُ يَا غُلاَمُ؟ قُلْتُ: إِنَّ اللهَ قَدْ أَخَذَ عَلَيَّ عَهْداً فِي كِتَابِهِ، فَلَنْ أُحْدِثَ عَهْداً سِوَى العَهْدِ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَيَّ. فَرَجَعَ القَوْمُ مِنْ عِنْدِ آخِرِهِم مَا أَقَرَّ مِنْهُم أَحَدٌ وَكَانُوا زُهَاءَ ثَلاَثِيْنَ نَفْساً.
قَالَ قَتَادَةُ: فَكَانَ مُطَرِّفٌ إِذَا كَانَتِ الفِتْنَةُ، نَهَى عَنْهَا، وَهَرَبَ. وَكَانَ الحَسَنُ يَنْهَى عَنْهَا، وَلاَ يَبْرَحُ قَالَ مُطَرِّفٌ: مَا أُشَبِّهُ الحَسَنَ إلَّا برجل يحذر الناس السيل، ويقوم بسننه.
وَبِهِ، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: كَانَ مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ وَصَاحِبٌ لَهُ سَرَيَا فِي لَيْلَةٍ مظلمة: فإذا طرف سوط أحدهما عند ضَوْءٌ فَقَالَ أَمَا إِنَّهُ لَوْ حَدَّثْنَا النَّاسَ بهذا كذبونا فقال مطرف المكذب أكذب الناس.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ بنُ جَبَلَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا
حَجَّاجٌ، عَنْ مَهْدِيِّ بنِ مَيْمُوْنٍ، عَنْ غَيْلاَنَ بنِ جَرِيْرٍ، قَالَ: أَقْبَلَ مُطَرِّفٌ مَعَ ابْنِ أَخٍ لَهُ مِنَ البَادِيَةِ -وَكَانَ يَبْدُو- فَبَيْنَا هُوَ يَسِيْرُ، سَمِعَ فِي طَرَفِ سَوْطِهِ كَالتَّسْبِيْحِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَخِيْهِ: لَوْ حَدَّثْنَا النَّاسَ بِهَذَا، كَذَّبُوْنَا. فَقَالَ: المُكَذِّبُ أَكْذَبُ النَّاسِ.
وَبِهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ حِسَابٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ، قَالَ: كَانَ مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ يَبْدُو، فَإِذَا كَانَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ، أَدْلَجَ عَلَى فَرَسِهِ، فَرُبَّمَا نَوَّرَ لَهُ سَوْطُهُ، فَأَدْلَجَ لَيْلَةً، حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ القُبُوْرِ، هَوَّمَ1 عَلَى فَرَسِهِ. قَالَ: فَرَأَيْتُ أَهْلَ القُبُوْرِ صَاحِبَ كُلِّ قَبْرٍ جَالِساً عَلَى قَبْرِهِ، فَلَمَّا رَأَوْنِي، قَالُوا:
هَذَا مُطَرِّفٌ يَأْتِي الجُمُعَةَ. قُلْتُ: أَتُعَلِّمُوْنَ عِنْدَكُم يَوْمَ الجُمُعَةِ؟ قَالُوا: نَعَمْ نَعْلم مَا تَقُوْلُ الطَّيْرُ فِيْهِ. قُلْتُ: وَمَا تَقُوْلُ الطَّيْرُ؟ قَالُوا: تَقُوْلُ: سَلاَمٌ سَلاَمٌ مِنْ يَوْمٍ صَالِحٍ إِسْنَادُهَا صَحِيْحٌ.
عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَمْرٍو الفَزَارِيُّ، عَنْ ثابت البُنَانِيِّ، وَرَجُلٍ آخَرَ: أَنَّهُمَا دَخَلاَ عَلَى مُطَرِّفٍ وَهُوَ مُغْمَىً عَلَيْهِ، قَالَ: فَسَطَعَتْ مَعَهُ ثَلاَثَةُ أَنْوَارٍ نُوْرٌ مِنْ رَأْسِهِ، وَنُوْرٌ مِنْ وَسَطِهِ، وَنُوْرٌ مِنْ رِجْلَيْهِ، فَهَالَنَا ذَلِكَ، فَأَفَاقَ، فَقُلْنَا: كَيْفَ أَنْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ؟ قَالَ: صَالِحٌ. فَقِيْلَ: لَقَدْ رَأَيْنَا شَيْئاً هَالَنَا. قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قُلْنَا: أَنْوَارٌ سَطَعَتْ مِنْكَ. قَالَ: وَقَدْ رَأَيْتُم ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: تِلْكَ تَنْزِيْلُ السَّجْدَةِ، وَهِيَ تِسْعٌ وَعِشْرُوْنَ آيَةً، سَطَعَ
__________
1 هوم: هز رأسه من النعاس.(5/108)
أولها ومن رَأْسِي، وَوَسَطُهَا مِنْ وَسَطِي، وَآخِرُهَا مِنْ قَدَمَيَّ، وَقَدْ صُوِّرَتْ تَشْفَعُ لِي، فَهَذِهِ ثَوَابِيَّةٌ تَحْرُسُنِي.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ وَاسِعٍ، قَالَ: كَانَ مُطَرِّفٌ يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ ارْضَ عَنَّا، فَإِنْ لَمْ تَرْضَ عنا، فاعف عنا، فإنا المَوْلَى قَدْ يَعْفُو عَنْ عَبْدِهِ، وَهُوَ عَنْهُ غَيْرُ رَاضٍ.
وَعَنْ مُطَرِّفٍ: أَنَّهُ قَالَ لِبَعْضِ إِخْوَانِهِ: يَا أَبَا فُلاَنٍ، إِذَا كَانَتْ لَكَ حَاجَةٌ، فَلاَ تُكَلِّمْنِي، وَاكْتُبْهَا فِي رُقْعَةٍ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَرَى فِي وَجْهِكَ ذُلَّ السُّؤَالِ.
رَوَى أَبُو التَّيَّاحِ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ: أَنَّ أَخَاهُ أَوْصَى أَنْ لاَ يُؤْذِنَ بِجَنَازَتِهِ أَحَداً. وَكَانَ يَزِيْدُ أَخُو مُطَرِّفٍ مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِيْنَ، عَاشَ بَعْد أَخِيْهِ أَعْوَاماً.
ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قَالَ: لَقِيْتُ عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَقَالَ لِي: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، مَا بَطَّأَ بِكَ؟ أَحُبُّ عُثْمَانَ؟ ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ, لَقَدْ كَانَ أَوْصَلَنَا لِلرَّحِمِ وَأَتْقَانَا لِلرَّبِّ.
وَقَالَ مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ: قَالَ مُطَرِّفٌ: لَقَدْ كَادَ خَوْفُ النَّارِ يَحُوْلُ بَيْنِي وَبَيْنَ أَنْ أَسْأَلَ الله الجنة.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ: مَا يَسُرُّنِي أَنِّي كَذَبْتُ كِذْبَةً وَأَنَّ لِيَ الدُّنْيَا وَمَا فِيْهَا.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بنُ زَاذَانَ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى مُطَرِّفِ بنِ الشِّخِّيْرِ مِطْرَفَ خَزٍّ أَخَذَهُ بِأَرْبَعَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ.
وَقَالَ حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ: أَتَتِ الحَرُوْرِيَّةُ مُطَرِّفَ بنَ عَبْدِ اللهِ يَدْعُوْنَهُ إِلَى رَأْيِهِم، فَقَالَ: يَا هَؤُلاَءِ، لَوْ كَانَ لِي نَفْسَانِ، بَايَعْتُكُم بِإِحْدَاهُمَا، وَأَمْسَكْتُ الأُخْرَى، فَإِنْ كَانَ الَّذِي تَقُوْلُوْنَ هُدَىً، أَتْبَعْتُهَا الأُخْرَى، وَإِنْ كَانَ ضَلاَلَةً, هَلَكَتْ نَفْسٌ وَبَقِيَتْ لِي نَفْسٌ, وَلَكِنْ هِيَ نَفْسٌ وَاحِدَةٌ لاَ أُغِرِّرُ بِهَا.
قَالَ قَتَادَةُ: قَالَ مُطَرِّفٌ: لأَنْ أُعَافَى فَأَشْكُرَ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُبْتَلَى فَأَصْبِرَ.
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ: كَانَ مُطَرِّفٌ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ، سَبَّحَتْ مَعَهُ آنِيَةُ بَيْتِهِ.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ: كَانَ مُطَرِّفٌ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، قَالَ لِرَجُلٍ: إِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ فَأَرِنَا بِهِ فَمَاتَ مَكَانَهُ.
وَقَالَ مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ، عَنْ غَيْلاَنَ بنِ جَرِيْرٍ، قَالَ: حَبَسَ السُّلْطَانُ ابْنَ أَخِي مُطَرِّفٍ، فَلَبِسَ مُطَرِّفٌ خُلْقَانَ ثِيَابِهِ، وَأَخَذَ عُكَّازاً، وَقَالَ: أَسْتكِيْنُ لِرَبِّي، لَعَلَّهُ أَنْ يُشَفِّعَنِي فِي ابْنِ أَخِي.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: مَاتَ مُطَرِّفٌ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ. وَقِيْلَ فِي وَفَاتِهِ غَيْرُ ذلك كما مضى.(5/109)
446- زيد بن وهب 1: "ع"
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو سُلَيْمَانَ الجُهَنِيُّ، الكُوْفِيُّ، مُخَضرَمٌ قَدِيْمٌ. ارْتَحَلَ إِلَى لِقَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصُحْبَتِهِ، فَقُبِضَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَيْدٌ فِي الطَّرِيْقِ عَلَى مَا بَلَغَنَا.
سَمِع عُمَرَ، وَعَلِيّاً، وَابْنَ مَسْعُوْدٍ، وَأَبَا ذَرٍّ الغِفَارِيَّ، وَحُذَيْفَةَ بنَ اليَمَانِ، وَطَائِفَةً. وَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: حَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ رُفَيْعٍ، وَحُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ بَعْد وَقْعَةِ الجَمَاجِمِ2، فِي حُدُوْدِ سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: شَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ مَشَاهِدَهُ. وَغَزَا فِي أَيَّامِ عُمَرَ أَذْرَبِيْجَانَ. وَقَالَ الأَعْمَشُ: رَأَيْتُهُ يُصَفِّرُ لحيته. وثقه: ابن سعد.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 102"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1352" الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2600"، حلية الأولياء "4/ 171"، الاستيعاب "2/ 559"، أسد الغابة "2/ 243"، الكاشف "1/ ترجمة 1775"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 58"، تهذيب التهذيب "3/ 427"، الإصابة "1/ ترجمة رقم 3001"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2282".
2 دير الجماجم: بظاهر الكوفة على سبعة فراسخ منها على طرف البر للسالك إلى البصرة. وكانت الوقعة عند هذا الموضع بين الحجاج وابن الاشعث التي كسر فيها ابن الأشعث وقتل القراء.(5/110)
447- حفص بن عاصم 1: "ع"
ابن عمر بن الخطاب، القرشي العمري، المدني، الفقيه.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَمِّهِ؛ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ بُحَيْنَةَ، وَأَبِي سَعِيْدٍ بنِ المُعَلَّى، وَغَيْرِهِم.
رَوَى عَنْهُ: بَنُوْهُ؛ عُمَرُ، وَعِيْسَى، وَرَبَاحٌ، وَابْنُ عَمِّهِ؛ سَالِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَقَرَابَتُهُ؛ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَيْدٍ، وَسَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ وَابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيَّانِ، وَخُبَيْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَجَمَاعَةٌ. وَكَانَ مِنْ سَرَوَاتِ. الرِّجَالِ. مُتَّفَقٌ عَلَى الاحْتِجَاجِ. بِهِ توفي في حدود سنة تسعين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 2747"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 796"، تاريخ الإسلام "3/ 359"، تهذيب التهذيب "2/ 402"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1506".(5/110)
448- أيوب القرية 1:
هُوَ أَيُّوْبُ بنُ يَزِيْدَ بنِ قَيْسِ بنِ زُرَارَةَ النَّمَرِيُّ، الهِلاَلِيُّ, الأَعْرَابِيُّ.
صَحِبَ الحَجَّاجَ، وَوَفَدَ عَلَى الخَلِيْفَةِ عَبْدِ المَلِكِ. وَكَانَ رَأْساً فِي البَلاَغَةِ، وَالبَيَانِ، وَاللُّغَةِ. ثُمَّ إِنَّهُ خَرَجَ عَلَى الحَجَّاجِ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ؛ لأَنَّ الحَجَّاجَ نَفَّذَهُ إِلَى ابْنِ الأَشْعَثِ إِلَى سِجِسْتَانَ رَسُوْلاً. فَأَمَرَهُ ابْنُ الأَشْعَثِ أَنْ يَقُوْمَ وَيَسُبَّ الحَجَّاجَ، وَيَخْلَعَهُ، أَوْ لَيَقْتُلَنَّهُ، فَفَعَلَ مُكْرَهاً. ثُمَّ أُسِرَ أَيُّوْبُ، وَلَمَّا ضَرَبَ الحَجَّاجُ عُنُقَهُ، نَدِمَ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ. وَلَهُ كَلاَمٌ بَلِيْغٌ مُتَدَاوَلٌ.
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 242"، العبر "1/ 97"، النجوم الزاهرة "1/ 207". شذرات الذهب "1/ 93".(5/111)
449- قيس بن أبي حازم 1: "ع"
العَالِمُ، الثِّقَةُ، الحَافِظُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ البَجَلِيُّ، الأَحْمَسِيُّ، الكُوْفِيُّ، وَاسْمُ أَبِيْهِ: حُصَيْنُ بنُ عَوْفٍ. وَقِيْلَ: عَوْفُ بنُ عَبْدِ الحَارِثِ بنِ عَوْفِ بنِ حُشَيْشِ بنِ هِلاَلٍ. وَفِي نَسَبِهِ اخْتِلاَفٌ. وَبَجِيْلَةُ: هُمْ بَنُوْ أَنْمَارٍ.
أَسْلَمَ وَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُبَايِعَهُ، فَقُبِضَ نَبِيُّ اللهِ وَقَيْسٌ فِي الطَّرِيْقِ، وَلأَبِيْهِ أَبِي حَازِمٍ صُحْبَةٌ. وَقِيْلَ: إِنَّ لِقَيْسٍ صُحْبَةً. وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ. وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ زَمَانِهِ.
رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَخَالِدٍ، وَالزُّبَيْرِ، وَخَبَّابٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَمُعَاذٍ، وَطَلْحَةَ، وَسَعْدٍ، وَسَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي مُوْسَى، وَعَمْرٍو، وَمُعَاوِيَةَ، وَالمُغِيْرَةِ, وَبِلاَلٍ, وَجَرِيْرٍ, وَعَدِيِّ بنِ عُمَيْرَةَ، وَعُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ، وَأَبِي مَسْعُوْدٍ، عقبة بن عمرو، وخلق.
وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَالمُغِيْرَةُ بنُ شُبَيْلٍ، وَبَيَانُ بنُ بِشْرٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، وَمُجَالِدُ بنُ سَعِيْدٍ، وَعُمَرُ بنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَالحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ، وَأَبُو حَرِيْزٍ عَبْدُ اللهِ بنُ حُسَيْنٍ قَاضِي سِجِسْتَانَ -إِنْ صَحَّ- وَعِيْسَى بنُ المُسَيِّبِ البَجَلِيُّ، وَالمُسَيَّبُ بنُ رَافِعٍ وَآخَرُوْنَ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: رَوَى عَنْ بِلاَلٍ، وَلَمْ يَلْقَهُ. وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَلاَ سَلْمَانَ.
وَقَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: مَا كَانَ بِالكُوْفَةِ أَحَدٌ أَرْوَى عَنْ أَصْحَابِ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- مِنْ قَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَجْوَدُ التَّابِعِيْنَ إِسْنَاداً قَيْسٌ. وَقَدْ رَوَى عَنْ تِسْعَةٍ مِنَ العَشْرَةِ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: أَدْرَكَ قَيْسٌ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيْقَ، وَهُوَ رَجُلٌ كَامِلٌ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَهُوَ مُتْقِنُ الرِّوَايَةِ؛ وَقَدْ تَكَلَّمَ أَصْحَابُنَا فِيْهِ، فَمِنْهُم: مَنْ رَفَعَ قَدْرَهُ، وَعَظَّمَهُ، وَجَعَلَ الأَحَادِيْثَ عَنْهُ مِنْ أَصَحِّ الأَسَانِيْدِ.
وَمِنْهُم مَنْ حَمَلَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: لَهُ أَحَادِيْثُ مَنَاكِيْرُ. وَالَّذِيْنَ أَطْرَوْهُ حَمَلُوا عَنْهُ هَذِهِ الأَحَادِيْثَ عَلَى أَنَّهَا عِنْدَهُم غَيْرُ مَنَاكِيْرَ، وَقَالُوا: هِيَ غَرَائِبُ.
وَمِنْهُم مَنْ لَمْ يَحْمِلْ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الحَدِيْثِ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ فِي مَذْهَبِهِ، وَقَالُوا: كَانَ يَحْمِلُ عَلَى عَلِيٍّ. وَالمَشْهُوْرُ: أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ عُثْمَانَ، وَلِذَلِكَ تَجَنَّبَ كثير من قدماء الكوفيين الرواية عنه.
وَمِنْهُم مَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَعَ شُهْرَتِهِ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ كَبِيْرُ أَحَدٍ، وَلَيْسَ الأَمْرُ عِنْدَنَا كَمَا قَالَ هَؤُلاَءِ، وَأَرْوَاهُم عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ أبي خالد، وكان ثقة، وثبتًا. وَبَيَانُ بنُ بِشْرٍ، وَكَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً، وَذَكَرَ جَمَاعَةً.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خِرَاشٍ: هُوَ كُوْفِيٌّ جَلِيْلٌ، لَيْسَ فِي التَّابِعِيْنَ أَحَدٌ رَوَى عن العشرةإلَّا قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ.
وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ أَوْثَقُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، وَمِنَ السَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ، وَكَذَا وَثَّقَهُ وغير واحد.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 67"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 648"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 579"، تاريخ بغداد "12/ 452"، الاستيعاب "3/ 1285"، أسد الغابة "4/ 211"، تاريخ الإسلام "4/ 64"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 49"، الكاشف "2/ ترجمة 4666"، تهذيب التهذيب "8/ 386"، الإصابة "3/ ترجمة 7274"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5869".(5/112)
وَرَوَى عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، أَنَّ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ قَالَ لَهُ: قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ مُنْكَرُ الحَدِيْثِ. قَالَ: ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ يَحْيَى أَحَادِيْثَ مَنَاكِيْرَ، مِنْهَا: حَدِيْثُ "كِلاَبِ الحَوْأَبِ"1.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ: سَمِعْتُ أَبَا خَالِدٍ الأَحْمَرَ يَقُوْلُ لابْنِ نُمَيْرٍ: يَا أَبَا هِشَامٍ، أَمَا تَذْكُرُ إِسْمَاعِيْلَ بنَ أَبِي خَالِدٍ وَهُوَ يَقُوْلُ: حدثنا قيس بن أبي حازم، هَذِهِ الأُسْطُوَانَةَ يَعْنِي: أَنَّهُ فِي الثِّقَةِ مِثْلُ هَذِهِ الأُسْطُوَانَةِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ أَبِي غَنِيَّةَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: كَبِرَ قَيْسٌ حَتَّى جَازَ المائَةَ بِسِنِيْنَ كَثِيْرَةٍ، حَتَّى خَرِفَ، وَذَهَبَ عَقْلُهُ. قَالَ: فَاشْتَرَوْا لَهُ جَارِيَةً سَوْدَاءَ أَعْجَمِيَّةً. قَالَ: وَجُعِلَ فِي عُنُقِهَا قَلاَئِدُ مِنْ عِهْنٍ وَوَدَعٍ وَأَجْرَاسٍ مِنْ نُحَاسٍ، فَجُعِلَتْ مَعَهُ فِي مَنْزِلِهِ، وَأُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابٌ. قَالَ: وَكُنَّا نَطَّلِعُ إِلَيْهِ مِنْ وَرَاءِ البَابِ وَهُوَ مَعَهَا. قَالَ: فَيَأْخُذُ تِلْكَ القَلاَئِدَ بِيَدِهِ، فَيُحَرِّكُهَا، وَيَعْجَبُ مِنْهَا، وَيَضْحَكُ فِي وَجْهِهَا. رَوَاهَا: يَحْيَى بنُ سُلَيْمَانَ الجُعْفِيُّ، عَنْ يَحْيَى.
رَوَى أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ، أَوْ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ. وَقَالَ خَلِيْفَةُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ. وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: مَاتَ فِي آخِرِ خِلاَفَةِ سليمان بن عبد الملك. وشذ والفلاس، فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَلاَ عِبْرَةَ بِمَا رَوَاهُ: حَفْصُ بنُ سَلْمٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ -فَقَدِ أتهم- عن إسماعيل ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: دَخَلْتُ المَسْجِدَ مَعَ أَبِي، فَإِذَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ وَأَنَا ابْنُ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانِ سِنِيْنَ. فَهَذَا لَوْ صَحَّ، لَكَانَ قَيْسٌ هَذَا هُوَ قَيْسُ بنُ عَائِذٍ صَحَابِيٌّ صَغِيْرٌ، فَإِنَّ قَيْسَ بنَ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأُبَايِعَهُ، فَجِئْتُ وَقَدْ قُبِضَ. رَوَاهُ: السَّرِيُّ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْهُ.
وَقِيْلَ: كَانَ قَيْسٌ فِي جَيْشِ خَالِدِ بنِ الوَلِيْدِ، إِذْ قَدِمَ الشام على برية السماوة.
وَرَوَى الحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: أَمَّنَا خَالِدٌ بِاليَرْمُوْكِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ.
وَرَوَى مُجَالِدٌ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي مَرَضِهِ، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ تُرَوِّحُهُ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَشْمٍ فِي ذِرَاعِهَا، فَقَالَ لأَبِي: يَا أَبَا حَازِمٍ، قَدْ أَجَزْتُ لَكَ فرسك.
__________
1 الحوأب: موضع بئر بين مكة والبصرة، نبحت كلابه على عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- عند مقبلها إلى البصرة في وقعة الجمل. وحديث كلاب الجوأب أخرجه أحمد "6/ 52 و 97" من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال: لما أقبلت عائشة بَلَغَتْ مِيَاهَ بَنِي عَامِرٍ لَيْلاً نَبَحَتِ الكِلاَبُ، قالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الجوأب؛ قالت: ما أظنني إلا أنني راجعة، وقال بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهَا: بَلْ تَقْدَمِيْنَ فَيَرَاكِ المسلمون فيصلح الله -عز وجل- ذَاتَ بَيْنِهِمْ، قَالَتْ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لها ذَاتَ يَوْمٍ: "كَيْفَ بِإِحْدَاكُنَّ" تَنْبُحُ عَلَيْهَا كِلاَبُ الحوأب" وإسناده صحيح. وقد خرجته في كتاب [منهاج السنة] لابن تيمية بأوسع من هذا فراجعه ثم إن شئت.(5/113)
450- العلاء بن زياد 1: "ق"
ابن مطر بن شريح، القُدْوَةُ، العَابِدُ، أَبُو نَصْرٍ العَدَوِيُّ، البَصْرِيُّ. أَرْسَلَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَحَدَّثَ عَنِ: عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، وَعِيَاضِ بنِ حِمَارٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَمُطَرِّفِ بنِ الشِّخِّيْرِ، وَغَيْرِهِم.
رَوَى عَنْهُ: الحَسَنُ، وَأَسِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الخَثْعَمِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَمَطَرٌ الوَرَّاقُ، وَأَوْفَى بنُ دِلْهَمٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ سُوَيْدٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ رَبَّانِيّاً، تَقِيّاً، قَانِتاً للهِ، بَكَّاءً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ.
قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ العَلاَءُ بنُ زِيَادٍ قَدْ بَكَى حَتَّى غشي بصره، وكان إذا أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ أَوْ يَتَكَلَّمَ جَهَشَهُ البُكَاءُ، وَكَانَ أَبُوْهُ قَدْ بَكَى حَتَّى عَمِيَ.
وَقَالَ هشام ابن حَسَّانٍ: كَانَ قُوْتُ العَلاَءِ بنِ زِيَادٍ رَغِيْفاً كُلَّ يَوْمٍ. وَقَالَ أَوْفَى بنُ دِلْهَمٍ: وَكَانَ لِلْعَلاَءِ بنِ زِيَادٍ مَالٌ وَرَقِيْقٌ، فَأَعْتَقَ بَعْضَهُم، وَبَاعَ بَعْضَهُم، وَتَعَبَّدَ، وَبَالَغَ، فَكُلِّمَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَتَذَلَّلُ للهِ، لَعَلَّهُ يَرْحَمُنِي.
وَعَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ زَيْدٍ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ العَلاَءَ بنَ زِيَادٍ فَقَالَ: أَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي فَقَالَ: ائْتِ العَلاَءَ بنَ زِيَادٍ، فَقُلْ لَهُ: لِمَ تَبْكِي؟ قَدْ غُفِرَ لَكَ. قَالَ فَبَكَى، وَقَالَ: الآنَ حِيْنَ لاَ أَهْدَأُ.
وَقَالَ سَلَمَةُ بنُ سَعِيْدٍ: رُؤِيَ العَلاَءُ بنُ زِيَادٍ أنه من أهل الجنة، فمكث ثلاث لاَ تَرْقَأُ لَهُ دَمْعَةٌ وَلاَ يَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، وَلاَ يَذُوْقُ طَعَاماً. فَأَتَاهُ الحَسَنُ، فَقَالَ: أَيْ أَخِي، أَتَقْتُلُ نَفْسَكَ أَنْ بُشِّرْتَ بِالجَنَّةِ! فَازْدَادَ بُكَاءً فَلَمْ يُفَارِقْهُ حَتَّى أَمْسَى، وَكَانَ صَائِماً، فَطَعِمَ شَيْئاً. رَوَاهَا: عُبَيْدُ اللهِ العَنْسِيُّ، عَنْ سلمة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 217"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 3133"، الجرح والتعديل، "ترجمة 1961"، حلية الولياء "2/ 243"، تاريخ الإسلام "4/ 41"، الكاشف "2/ ترجمة 4399" تهذيب التهذيب "8/ 181"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5511".(5/114)
جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بنَ دِيْنَارٍ، وَسَأَلَ هِشَامَ بنَ زِيَادٍ العَدَوِيَّ، فَقَالَ: تَجَهَّزَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ لِلْحَجِّ، فَأَتَاهُ آتٍ فِي مَنَامِهِ: ائْتِ البَصْرَةَ، فَائْتِ العَلاَءَ بنَ زِيَادٍ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ رَبْعَةٌ، أَقْصَمُ الثَّنِيَّةِ، بَسَّامٌ، فَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ. فَقَالَ: رُؤْيَا لَيْسَتْ بِشَيْءٍ. فَأَتَاهُ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ فِي الثَّالِثَةِ، وَجَاءهُ بِوَعِيْدٍ، فَأَصْبَحَ، وَتَجَهَّزَ إِلَى العِرَاقِ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ البُيُوْتِ، إِذَا الَّذِي أَتَاهُ فِي مَنَامَهِ يَسِيْرُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِذَا نَزَلَ فَقَدَهُ. قَالَ: فَجَاءَ، فَوَقَفَ عَلَى بَابِ العَلاَءِ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَنْتَ العَلاَءُ؟ قُلْتُ: لاَ، انْزِلْ -رَحِمَكَ اللهُ- فَضَعْ رَحْلَكَ. قَالَ: لاَ، أَيْنَ العَلاَءُ؟ قُلْتُ: فِي المَسْجِدِ. فَجَاءَ العَلاَءُ، فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلَ تَبَسَّمَ فَبَدَتْ ثَنِيَّتُهُ، فَقَالَ: هَذَا وَالله هو فقال العلاء: هلا حططت رحل الرَّجُلِ إلَّا أَنْزَلْتَهُ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: فَأَبَى قَالَ العَلاَءُ: انْزِلْ رَحِمَكَ اللهُ قَالَ: أَخْلِنِي فَدَخَلَ العَلاَءُ مَنْزِلَهُ وَقَالَ: يَا أَسْمَاءُ تَحَوَّلِي فَدَخَلَ الرَّجُلُ فَبَشَّرَهُ بِرُؤْيَاهُ ثُمَّ خَرَجَ فَرَكِبَ وَأَغْلَقَ العَلاَءُ بَابَهُ وَبَكَى ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ أَوْ قَالَ: سَبْعَةً لاَ يَذُوْقُ فِيْهَا طَعَاماً وَلاَ شَرَاباً فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي خِلاَلِ بُكَائِهِ: أَنَا أَنَا وَكُنَّا نَهَابُهُ أَنْ نَفْتَحَ بَابَهُ وَخَشِيْتُ أَنْ يَمُوْتَ فَأَتَيْتُ الحَسَنَ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَجَاءَ فَدَقَّ عَلَيْهِ فَفَتَحَ وَبِهِ مِنَ الضُّرِّ شيء الله به علم ثُمَّ كَلَّمَ الحَسَنَ فَقَالَ وَمِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ إِنْ شَاءَ اللهُ أَفَقَاتِلٌ نَفْسَكَ أَنْتَ قَالَ هِشَامٌ فَحَدَّثَنَا العَلاَءُ لِي وَللْحَسَنِ بِالرُّؤْيَا وَقَالَ: لاَ تُحَدِّثُوا بِهَا مَا كُنْتُ حَيّاً.
قَتَادَةُ، عَنِ العَلاَءِ بنِ زِيَادٍ، قَالَ: مَا يَضُرُّكَ شَهِدْتَ عَلَى مُسْلِمٍ بِكُفْرٍ، أَوْ قَتَلْتَهُ.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ: كَانَ العَلاَءُ يَصُوْمُ حَتَّى يَخْضَرَّ، وَيُصَلِّي حَتَّى يَسْقُطَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَنَسٌ وَالحَسَنُ، فَقَالاَ: إِنَّ اللهَ لَمْ يَأْمُرْكَ بِهَذَا كُلِّهِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أُخْبِرْتُ عَنْ مُبَارَكِ بنِ فَضَالَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ الحَسَنِ عَلَى العَلاَءِ بنِ زِيَادٍ، وَقَدْ أَسَلَّهُ الحُزْنُ، وَكَانَتْ لَهُ أُخْتٌ تَنْدِفُ عَلَيْهِ القُطْنَ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً، فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا عَلاَءُ؟ قَالَ: وَاحُزْنَاهُ عَلَى الحُزْنِ.
حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ، عَنِ العَلاَءِ بنِ زِيَادٍ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّاسَ فِي النَّوْمِ، يَتْبَعُوْنَ شَيْئاً، فَتَبِعْتُهُ، فَإِذَا عَجُوْزٌ كَبِيْرَةٌ هَتْمَاءُ عَوْرَاءُ، عَلَيْهَا من كل حلية وَزِيْنَةٍ، فَقُلْتُ: مَا أَنْتِ؟ قَالَتْ: أَنَا الدُّنْيَا. قُلْتُ: أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُبَغِّضَكِ إِلَيَّ. قَالَتْ: نَعَمْ، إِنْ أَبْغَضْتَ الدَّرَاهِمَ.
رَوَى الحَارِثُ بنُ نَبْهَانَ، عَنْ هَارُوْنَ بنِ رِئَابٍ، عَنِ العَلاَءِ، بِنَحْوِهِ.
جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ زِيَادٍ أَخُو العَلاَءِ: أَنَّ العَلاَءَ كَانَ يحيى ليلة(5/115)
الجُمُعَةِ، فَنَامَ لَيْلَةَ جُمُعَةٍ، فَأَتَاهُ مَنْ أَخَذَ بِنَاصِيَتِهِ، فَقَالَ: قُمْ يَا ابْنَ زِيَادٍ، فَاذْكُرِ اللهَ يَذْكُرْكَ. فَقَامَ، فَمَا زَالَتْ تِلْكَ الشَّعْرَاتُ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْهُ قَائِمَةً حَتَّى مَاتَ.
قَالَ البُخَارِيُّ فِي تَفْسِيْر "حم، المُؤْمِنُ" فِي: {لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّه} [الزُّمَرُ: 53] ، رَوَى حُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ، عَنِ العَلاَءِ بنِ زِيَادٍ، قَالَ: رأيت في النوم دنيا عَجُوْزاً شَوْهَاءَ هَتْمَاءَ، عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ زِيْنَةٍ وَحِلْيَةٍ، وَالنَّاسُ يَتْبَعُوْنَهَا، قُلْتُ مَا أَنْتِ؟ قَالَتْ: الدُّنْيَا وَذَكَرَ الحِكَايَةَ1.
ذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ: أَنَّ العَلاَءَ بنَ زِيَادٍ تُوُفِّيَ فِي أَخَرَةِ وِلاَيَةِ الحَجَّاجِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ الأَسَدِيِّ: أَخْبَرَكُم يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا فَارُوْقٌ وَحَبِيْبُ بنُ الحَسَنِ فِي جَمَاعَةٍ، قَالُوا: أَنْبَأَنَا أبو مسلم الكشي، حدثنا عمرو بنُ مَرْزُوْقٍ، أَنْبَأَنَا عِمْرَانُ القَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ العَلاَءِ بنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الجَنَّةُ لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَلَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ" رَوَاهُ مَطَرٌ الوَرَّاقُ، عَنِ العَلاَءِ، مِثْلَهُ إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ2.
فَأَمَّا "العَلاَءُ بنُ زِيَادٍ": فَشَيْخٌ آخَرُ، بَصْرِيٌّ، يَرْوِي عَنِ: الحُسَيْنِ، رَوَى عَنْهُ: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، رَوَى لَهُ: النَّسَائِيُّ. وَقَدْ جَعَلَ شَيْخُنَا أَبُو الحَجَّاجِ الحَافِظُ التَّرْجَمَتَيْنِ وَاحِدَةً، وَلاَ يستقيم ذلك.
__________
1 ليس في صحيح البخاري، إنما أورد البخاري "8/ 553" في ترجمة الباب "40 سورة المؤمن" عن العلاء بن زياد قال: كان العلاء بن زياد يذكر النار، فقال رجل: لم تقنط الناس؟ قال: وأنا أقدر أن أقنط الناس؟ والله -عز وجل- يقول: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53] ،، ويقول: {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} [غافر: 43] ، ولكنكم تحبون أن تبشروا بالجنة على مساوئ أعمالكم، وإنما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بمشرا بالجنة لمن أطاعه، ومنذرا بالنار لمن عصاه".
2 صحيح: أخرجه أحمد "2/ 362"، والبزار "3509"، والطبراني في "الأوسط" "2553"، وأبو نعيم في "الحلية" "2/ 248"، وفي "صفة الجنة" له "137" من طريق عِمْرَانُ القَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ العَلاَءِ بنِ زياد العدوي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بناء الجَنَّةُ لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَلَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ".(5/116)
عبد الله بن معقل، عبد الله بن معبد، أبو العالية
451- عبد الله بن معقل 1: "خ، م، د، س"
ابن مقرن، الإِمَامُ، أَبُو الوَلِيْدِ المُزَنِيُّ، الكُوْفِيُّ. لأَبِيْهِ صُحْبَةٌ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ. وَعَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَكَعْبِ بنِ عُجْرَةَ، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ سُلَيْمَانُ بنُ فَيْرُوْزٍ الشَّيْبَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، مِنْ خِيَارِ التَّابِعِيْنَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ.
452- عَبْدُ اللهِ بنُ مَعْبَدٍ 2: "م، 4"
الزماني، بصري، ثقة، جليل.
رَوَى عَنِ: ابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي قَتَادَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ثَابِتٌ البُنَانِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْلاَنُ بنُ جَرِيْرٍ، وَآخَرُوْنَ. مَاتَ: قَبْلَ المائَةِ.
453- أَبُو العالية 3: "ع"
رفيع بن مهران، الإِمَامُ، المُقْرِئُ، الحَافِظُ، المُفَسِّرُ، أَبُو العَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ، البصري، أحد الأعلام. كان مولى لامرأة بَنِي رِيَاحِ بنِ يَرْبُوْعٍ، ثُمَّ مِنْ بَنِي تَمِيْمٍ.
أَدْرَك زَمَانَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ شَابٌّ، وَأَسْلَمَ فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ.
وَسَمِعَ مِنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي مُوْسَى، وَأَبِي أَيُّوْبَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، وَعِدَّةٍ.
وَحَفِظَ القُرْآنَ، وَقَرَأَهُ عَلَى: أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وَتَصَدَّرَ لإِفَادَةِ العِلْمِ، وَبعُدَ صِيْتُهُ. قَرَأَ عَلَيْهِ: أَبُو عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ -فِيْمَا قِيْلَ- وَمَا ذَاكَ بِبَعِيْدٍ فَإِنَّهُ تَمِيْمِيٌّ، وَكَانَ مَعَهُ بِبَلَدِهِ، وَأَدْرَكَ مِنْ حَيَاةِ أَبِي العالية نيفًا وعشرين سنة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 175"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 615"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 780"، الكاشف "2/ ترجمة 3037"، تاريخ الإسلام "3/ 270"، تهذيب التهذيب "6/ 40"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3837".
2 ترجمته في التاريخ الكبير "5/ ترجمة 622"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 805"، الكاشف "2/ ترجمة 3036"، تاريخ الإسلام "3/ 270"، تهذيب التهذيب "6/ 40"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة رقم "3836".
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 112"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1103"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2312"، الحلية لأبي نعيم "2/ 217"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 50"، تاريخ الإسلام "3/ 319" و "4/ 79"، العبر "1/ 109"، الإصابة "1/ ترجمة 2740"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2100".(5/117)
قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ أَبُو العَالِيَةِ القِرَاءةَ عَرْضاً عَنْ: أُبَيٍّ، وَزَيْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَيُقَالُ: قَرَأَ عَلَى عُمَرَ.
رَوَى عَنْهُ القِرَاءةَ عَرْضاً شُعَيْبُ بنُ الحَبْحَابِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ قَتَادَةُ: قَالَ أَبُو العَالِيَةِ: قَرَأْتُ القُرْآنَ بَعْد وَفَاةِ نَبِيِّكُم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشْرِ سِنِيْنَ.
وَرَوَى مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَغَيْرُهُ، عَنْ هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيْرِيْنَ، قَالَتْ: قَالَ لِي أَبُو العَالِيَةِ: قَرَأْتُ القُرْآنَ عَلَى عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ثَلاَثَ مِرَارٍ.
وَعَنْ أَبِي خَلْدَةَ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرْفَعُنِي عَلَى السَّرِيْرِ، وَقُرَيْشٌ أَسْفَلَ مِنَ السَّرِيْرِ، فَتَغَامَزَتْ بِي قُرَيْشٌ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَكَذَا العِلْمُ يَزِيْدُ الشَّرِيْفَ شَرَفاً، وَيُجْلِسُ المَمْلُوْكَ عَلَى الأَسِرَّةِ.
قُلْتُ: هَذَا كَانَ سَرِيْرَ دَارِ الإِمْرَةِ، لَمَّا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ مُتَوَلِّيَهَا لِعَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ: وَلَيْسَ أَحَدٌ بَعْدَ الصَّحَابَةِ أَعْلَمَ بِالقُرْآنِ مِنْ أَبِي العَالِيَةِ، وَبَعْدَهُ: سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ. وَقَدْ وَثَّقَ أَبَا العَالِيَةِ: الحَافِظَانِ؛ أبو زرعة، وأبو حاتم.
قَالَ خَالِدٌ أَبُو المُهَاجِرِ: عَنْ أَبِي العَالِيَةِ: كُنْتُ بِالشَّامِ مَعَ أَبِي ذَرٍّ.
وَقَالَ أَبُو خلدة خالد بن دينار: سمعت أبو العَالِيَةِ يَقُوْلُ: كُنَّا عَبِيْداً مَمْلُوْكِيْنَ، مِنَّا مَنْ يُؤَدِّي الضَّرَائِبَ، وَمِنَّا مَنْ يَخْدُمُ أَهْلَهُ، فَكُنَّا نَخْتِمُ كُلَّ لَيْلَةٍ، فَشَقَّ عَلَيْنَا، حَتَّى شَكَا بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ، فَلَقِيْنَا أَصْحَابَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَلَّمُوْنَا أَنْ نَخْتِمَ كُلَّ جُمُعَةٍ، فَصَلَّيْنَا، وَنِمْنَا، وَلَمْ يَشُقَّ عَلَيْنَا.
قَالَ أَبُو خَلْدَةَ ذُكِرَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ لأَبِي العَالِيَةِ، فَقَالَ: رَجُلٌ مُسْلِمٌ، يَأْمُرُ بِالمَعْرُوْفِ، وَيَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ، وَأَدْرَكْنَا الخَيْرَ، وَتَعَلَّمْنَا قَبْلَ أَنْ يُوْلَدَ. وَكُنْتُ آتِي ابْنَ عَبَّاسٍ، وَهُوَ أَمِيْرُ البَصْرَةِ، فَيُجْلِسُنِي عَلَى السَّرِيْرِ، وَقُرَيْشٌ أَسْفَلُ.
وَرَوَى جَرِيْرٌ، عَنْ مُغِيْرَةَ، قَالَ: كَانَ أَشْبَهُ أَهْلِ البَصْرَةِ عِلْماً بِإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ أَبُو العَالِيَةِ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ: عَنِ الرَّبِيْعِ بنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: كُنْتُ أَرْحَلُ إِلَى الرَّجُلِ مَسِيْرَةَ أَيَّامٍ لأَسْمَعَ مِنْهُ، فَأَتَفَقَّدُ صَلاَتَهُ، فَإِنْ وَجَدْتُهُ يُحْسِنُهَا، أَقَمْتُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَجِدْهُ يُضِيِّعُهَا، رَحَلْتُ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ، وَقُلْتُ: هُوَ لما سواها أضيع.
قال شعيب بن الحباب: حَابَيْتُ أَبَا العَالِيَةِ فِي ثَوْبٍ، فَأَبَى أَنْ يَشْتَرِيَ مِنِّي الثَّوْبَ.
قَالَ أَبُو خَلْدَةَ: قَالَ أَبُو العَالِيَةِ: لَمَّا كَانَ زَمَانُ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ، وَإِنِّي لَشَابٌّ، القِتَالُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الطَّعَامِ الطَّيِّبِ، فَتَجَهَّزْتُ بِجَهَازٍ حَسَنٍ حَتَّى أَتَيْتُهُم، فَإِذَا صفان ما يرى طرفهما، إذا(5/118)
كبر هؤلاء، كبر هؤلاء, وإذا هلل هَؤُلاَءِ، هَلَّلَ هَؤُلاَءِ, فَرَاجَعْتُ نَفْسِي، فَقُلْتُ: أَيُّ الفَرِيْقَيْنِ أُنَزِّلُهُ كَافِراً؟ وَمَنْ أَكْرَهَنِي عَلَى هَذَا؟ قَالَ: فَمَا أَمْسَيْتُ حَتَّى رَجَعْتُ، وَتَرَكْتُهُم.
قَالَ عَاصِمٌ الأَحْوَلُ: كَانَ أَبُو العَالِيَةِ إِذَا جَلَسَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةٍ قَامَ، فَتَرَكَهُم.
مَعْمَرٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: أَنْتُم أَكْثَرُ صَلاَةً وَصِيَاماً مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُم، وَلَكِنَّ الكَذِبَ قَدْ جَرَى عَلَى أَلْسِنَتِكُم.
زَيْدُ بنُ الحُبَابِ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ دِيْنَارٍ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: تَعَلَّمْتُ الكِتَابَةَ وَالقُرْآنَ، فَمَا شَعَرَ بِي أَهْلِي، وَلاَ رُئِيَ فِي ثَوْبِي مِدَادٌ قَطُّ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ عَاصِماً الأَحْوَلَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: تَعَلَّمُوا القُرْآنَ، فَإِذَا تَعْلَّمْتُمُوْهُ، فَلاَ تَرْغَبُوا عَنْهُ، وَإِيَّاكُم وَهَذِهِ الأَهْوَاءَ، فَإِنَّهَا تُوْقِعُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ بَيْنَكُم، فَإِنَّا قَدْ قَرَأْنَا القُرْآنَ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ يَعْنِي: عُثْمَانَ بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهِ الحَسَنَ، فَقَالَ: قَدْ نَصَحَكَ وَاللهِ وَصَدَقَكَ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو خَلْدَةَ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: مَا مَسَسْتُ ذَكَرِي بِيَمِيْنِي منذُ سِتِّيْنَ، أَوْ سَبْعِيْنَ سَنَةً.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، أَنَّ أَبَا العَالِيَةِ قَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ لاَ يَهْلِكَ عَبْدٌ بَيْنَ نِعْمَتَيْنِ: نِعْمَةٍ يَحْمَدُ الله عليها، وذنب يستغفر الله منه.
وَقَالَ أَبُو خَلْدَةَ: سَمِعْتُ أَبَا العَالِيَةِ يَقُوْلُ: تَعَلَّمُوا القُرْآنَ خَمْسَ آيَاتٍ، خَمْسَ آيَاتٍ، فَإِنَّهُ أَحْفَظُ عَلَيْكُم، وَجِبْرِيْلُ كَانَ يَنْزِلُ بِهِ خَمْسَ آيَاتٍ، خَمْسَ آيَاتٍ.
قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ، عَنْ مُغِيْرَةَ، قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَذَّنَ بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ: أَبُو العَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ.
أَبُو خَلْدَةَ، قَالَ: كَانَ أَبُو العَالِيَةِ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ أَصْحَابٌ، يُرَحِّبُ بِهِم، وَيَقْرَأُ: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُم} [الأَنْعَامُ:54] .
مُحَمَّدُ بنُ مُصْعَبٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنِ الرَّبِيْعِ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: إِنَّ اللهَ قَضَى عَلَى نَفْسِهِ أَنَّ: مَنْ آمَنَ بِهِ هَدَاهُ، وَتَصْدِيْقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التَّغَابُنُ:11] . وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفَاهُ، وَتَصْدِيْقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطَّلاَقُ: 3] . وَمَنْ أَقْرَضَهُ جَازَاهُ، وَتَصْدِيْقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البَقَرَةُ: 245] . وَمَنِ اسْتَجَارَ مِنْ عَذَابِهِ أَجَارَهُ، وَتَصْدِيْقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} [آلُ عِمْرَانَ: 103] ،(5/119)
وَالاعْتِصَامُ: الثِّقَةُ بِاللهِ. وَمَنْ دَعَاهُ أَجَابَهُ، وَتَصْدِيْقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَان} [البقرة: 186] .
وَمِنْ مَرَاسِيْلِ أَبِي العَالِيَةِ الَّذِي صَحَّ إِسْنَادُهُ إِلَيْهِ: الأَمْرُ بِإِعَادَةِ الوُضُوْءِ، وَالصَّلاَةِ عَلَى مَنْ ضَحِكَ فِي الصَّلاَةِ. وَبِهِ يَقُوْلُ أَبُو حَنِيْفَةَ، وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ العِلْمِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: حَدِيْث أَبِي العَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ يَعْنِي: مَا يُرْوَى فِي الضَّحِكِ فِي الصَّلاَةِ.
وَرَوَى حَمَّادُ بن زيد، عن شعيب بن الحجباب، قَالَ: قَالَ أَبُو العَالِيَةِ: اشْتَرَتْنِي امْرَأَةٌ، فَأَرَادَتْ أَنْ تُعْتِقَنِي، فَقَالَ بَنُوْ عَمِّهَا: تُعْتِقِيْنَهُ، فَيَذْهَبَ إِلَى الكُوْفَةِ، فَيَنْقَطِعَ؟! فَأَتَتْ لِي مَكَاناً فِي المَسْجِدِ، فَقَالَتْ: أَنْتَ سَائِبَةٌ -تُرِيْدُ: لاَ وَلاَء لأَحَدٍ عَلَيْكَ- قَالَ: فَأَوْصَى أَبُو العَالِيَةِ بِمَالِهِ كُلِّهِ.
وَقَالَ أَبُو خَلْدَةَ: عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ مَالٍ، فَثُلُثُهُ فِي سَبِيْلِ اللهِ، وَثُلثُهُ فِي أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَثُلُثُهُ فِي الفُقَرَاءِ. قُلْتُ لَهُ: فَأَيْنَ مَوَالِيْكَ؟ قَالَ السَّائِبَةُ يَضَعُ نَفْسَهُ حَيْثُ شَاءَ.
هَمَّامُ بنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: قَرَأْتُ المُحْكَمَ بَعْد وَفَاةِ نَبِيِّكُم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشْرِ سِنِيْنَ فَقَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ بِنِعْمَتَيْنِ لاَ أَدْرِي أَيُّهُمَا أَفَضْلُ أَنْ هَدَانِي لِلإِسْلاَمِ ولم يجعلني حروريًا1.
قَالَ أَبُو خَلْدَةَ: سَمِعْتُ أَبَا العَالِيَةِ يَقُوْلُ: زَارَنِي عَبْدُ الكَرِيْمِ أَبُو أُمَيَّةَ، وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ صُوْفٌ فَقُلْتُ لَهُ: هَذَا زِيُّ الرُّهْبَانِ، إِنَّ المُسْلِمِيْنَ إِذَا تَزَاوَرُوا، تَجَمَّلُوا.
وَرَوَى حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ: أَنَّ أَبَا العَالِيَةِ أَوْصَى مُوَرِّقاً العِجْلِيَّ أَنْ يَجْعَلَ فِي قَبْرِهِ جَرِيْدَتَيْنِ.
وَقَالَ مُوَرِّقٌ: وَأَوْصَى بُرَيْدَةُ الأَسْلَمِيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنْ يُوْضَعَ فِي قَبْرِهِ جَرِيْدَتَانِ2.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ الأَسَدِيِّ: أَخْبَرَكُمُ ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: مَا تَرَكَ عِيْسَى ابْنُ مَرْيَمَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- حِيْنَ رُفِعَ إلى مِدْرَعَةَ صُوْفٍ، وَخُفَّيْ رَاعٍ، وَقَذَّافَةً يَقْذِفُ بِهَا الطَّيْرَ.
قَالَ أَبُو خَلْدَةَ: مَاتَ أَبُو العَالِيَةِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ تِسْعِيْنَ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ: مات سنة ثلاث وتسعين.
وشد المَدَائِنِيُّ، فَوَهِمَ، وَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَمائَةٍ.
__________
1 الحرورية نسبة إلى حروراء: قرية من قرى الكوفة، تجمع فيها المحكمة الأولى الذين خرجوا على علي بن أبي طالب بعد تحكيم المحكمين، فاجتمعوا فيها، وكان رأسهم عبد الله بن الكواء، وحر قوص بن زهير البجلي المعروف بذي الثدية، وعدة فكفروا عليا وتبرؤوا منه فحاربهم بالنهروان فقتلهم وقتل ذا الثدية راجع الملل والنحل للشهرستاني "1/ 115".
2 أخرجه البخاري معلقًا "3/ 222" باب الجريدة على القبر، ووصله ابن سعد في "الطبقات" "7/ 8" من طريق عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، عن عاصم الأحول قال: قال مورق: أوصى بريدة الأسلمي أن توضع في قبره جريدتان. فكمان مات بأدتى خراسان فلم توجد إلا في جوالق حمار".(5/120)
454- عمران بن حطان 1: "خ، د، ت".
ابن ظبيان، السدوسي البَصْرِيُّ. مِنْ أَعْيَانِ العُلَمَاءِ، لَكِنَّهُ مِنْ رُؤُوْسِ الخَوَارِجِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَائِشَةَ، وَأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ سِيْرِيْنَ، وَقَتَادَةُ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: لَيْسَ فِي أَهْلِ الأَهْوَاءِ أَصَحُّ حَدِيْثاً مِنَ الخَوَارِجِ. ثُمَّ ذَكَرَ عِمْرَانَ بنَ حِطَّانَ، وَأَبَا إحسان الأَعْرَجَ.
قَالَ الفَرَزْدَقُ: عِمْرَانُ بنُ حِطَّانَ مِنْ أَشْعَرِ النَّاسِ؛ لأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُوْلَ مِثْلَنَا، لَقَالَ، وَلَسْنَا نَقْدِرُ أَنْ نَقُوْلَ مِثْلَ قَوْلِهِ.
حَدَّثَ سَلَمَةُ بنُ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ: تَزَوَّجَ عِمْرَانُ خَارِجِيَّةً، وَقَالَ: سَأَرُدُّهَا. قَالَ: فَصَرَفَتْهُ إِلَى مَذْهَبِهَا. فَذَكَرَ المَدَائِنِيُّ: أَنَّهَا كَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ، وَكَانَ دَمِيْماً، فَأَعْجَبَتْهُ يَوْماً، فَقَالَتْ: أَنَا وَأَنْتَ فِي الجَنَّةِ، لأَنَّكَ أُعْطِيْتَ، فَشَكَرْتَ، وَابْتُلِيْتُ، فَصَبَرْتُ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: بَلَغَنَا أَنَّ عِمْرَانَ بنَ حِطَّانَ كَانَ ضَيْفاً لِرَوْحِ بنِ زِنْبَاعٍ، فَذَكَرَهُ لِعَبْدِ المَلِكِ، فَقَالَ: اعْرِضْ عَلَيْهِ أن يأتينا. فهرب، وكتب:
__________
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات.
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 155"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2822"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1643"، الكاشف "2/ ترجمة 4330"، تاريخ الإسلام "3/ 284"، "العبر "1/ 98"، تهذيب التهذيب "8/ 127"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5425"، شذرات الذهب "1/ 95"، خزانة الأدب "350".(5/121)
يَا رَوْحُ كَمْ مِنْ كَرِيْمٍ قَدْ نَزَلْتُ به ... قد ظن مِنْ لَخْمٍ وَغَسَّانِ؟
حَتَّى إِذَا خِفْتُهُ زَايَلْتُ مَنْزِلَهُ ... مِنْ بَعْدِ مَا قِيْلَ عِمْرَانُ بنُ حِطَّانِ
قَدْ كنْتُ ضَيْفَكَ حَوْلاً مَا تُرَوِّعُنِي ... فِيْهِ طَوَارِقُ مِنْ إِنْسٍ وَلاَ جَانِ
حَتَّى أَرَدْتَ بِيَ العُظْمَى فَأَوْحَشَنِي ... مَا يُوْحِشُ النَّاسَ مِنْ خَوْفِ ابْنِ مَرْوَانِ
لَوْ كُنْتُ مُسْتَغْفِراً يَوْماً لِطَاغِيَةٍ ... كُنْتَ المُقَدَّمَ فِي سِرٍّ وَإِعْلاَنِ
لَكِنْ أَبَتْ لِي آيَاتٌ مُفَصَّلَةٌ ... عَقْدَ الوِلاَيَةِ فِي "طه" وَ"عِمْرَانِ"
وَمِنْ شِعْرِهِ فِي مَصْرَعِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
يَا ضَرْبَةً مِنْ تَقِيٍّ مَا أَرَادَ بِهَا ... إِلاَّ لِيَبْلُغَ مِنْ ذِي العَرْشِ رِضْوَانَا
إِنِّي لأَذْكُرُهُ حِيْناً فأحسبه ... أو فى البَرِيَّةِ عِنْدَ اللهِ مِيْزَانَا
أَكْرِمْ بِقَوْمٍ بُطُوْنُ الطِّيْرِ قَبْرُهُمُ ... لَمْ يَخْلِطُوا دِيْنَهُم بَغْياً وَعُدْوَانَا
فَبَلَغَ شِعْرُهُ عَبْدَ المَلِكِ بنَ مَرْوَانَ, فَأَدْرَكَتْهُ حمية لقرابته من علي -رضي اللهُ عَنْهُ- فَنَذَرَ دَمَهُ وَوَضَعَ عَلَيْهِ العُيُوْنَ. فَلَمْ تَحْمِلْهُ أَرْضٌ فَاسْتَجَارَ بِرَوْحِ بنِ زِنْبَاعٍ, فَأَقَامَ فِي ضِيَافَتِهِ, فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنَ الأَزْدِ. فَبَقِي عِنْدَهُ سَنَةً فَأَعْجَبَهُ, إِعْجَاباً شَدِيْداً فَسَمَرَ رَوْحٌ لَيْلَةً عِنْدَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ فَتَذَاكَرَا شِعْرَ عِمْرَانَ هَذَا. فَلَمَّا انْصَرَفَ رَوْحٌ, تَحَدَّثَ مَعَ عِمْرَانَ بِمَا جَرَى, فَأَنْشَدَهُ بَقِيَّةَ القَصِيْدِ فَلَمَّا عَادَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ قَالَ: إِنَّ فِي ضِيَافَتِي رَجُلاً مَا سَمِعْتُ مِنْهُ حَدِيْثاً قَطُّ إلَّا وَحَدَّثَنِي بِهِ وَبِأَحْسَنَ مِنْهُ, وَلَقَدْ أَنْشَدَنِي تِلْكَ القَصِيْدَةَ كُلَّهَا. قَالَ: صِفْهُ لِي فَوَصَفَهُ لَهُ قَالَ: إِنَّكَ لَتَصِفُ عِمْرَانَ بنَ حِطَّانَ, اعْرِضْ عَلَيْهِ أَنْ يَلْقَانِي قَالَ: فَهَرَبَ إِلَى الجَزِيْرَةِ ثُمَّ لَحِقَ بِعُمَانَ فَأَكْرَمُوْهُ.
وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: لَقِيَنِي عِمْرَانُ بنُ حِطَّانَ, فَقَالَ: يَا أَعْمَى احْفَظْ عَنِيِّ هَذِهِ الأَبْيَاتَ:
حَتَّى مَتَى تُسْقَى النُّفُوْسُ بِكَأْسِهَا ... رَيْبَ المَنُوْنِ وَأَنْتَ لاَهٍ تَرْتَعُ؟
أَفَقَدْ رَضِيْتَ بِأَنْ تُعَلَّلَ بِالمُنَى ... وَإِلَى المَنِيَّةِ كُلَّ يَوْمٍ تُدْفَعُ؟
أَحْلاَمُ نَوْمٍ أَوْ كَظِلٍّ زَائِلٍ ... إِنَّ اللَّبِيْبَ بِمِثْلِهَا لاَ يُخْدَعُ
فَتَزَوَّدَنَّ لِيَوْمِ فَقْرِكَ دَائِباً ... وَاجْمَعْ لِنَفْسِكَ لاَ لِغَيْرِكَ تَجْمَعُ
وَبَلَغَنَا أَنَّ الثَّوْرِيَّ كَانَ كَثِيْراً مَا يَتَمَثَّلُ بِأَبْيَاتِ عِمْرَانَ هَذِهِ
أَرَى أَشْقِيَاءَ النَّاسِ لاَ يَسْأَمُوْنَهَا ... عَلَى أَنَّهُمْ فِيْهَا عُرَاةٌ وَجُوَّعُ
أَرَاهَا وَإِنْ كَانَتْ تُحِبُّ فَإِنَّهَا ... سَحَابَةُ صَيْفٍ عَنْ قَلِيْلٍ تَقَشَّعُ
كَرَكْبٍ قَضَوْا حَاجَاتِهِم وَتَرَحَّلُوا ... طَرِيْقُهُمُ بَادِي العَلاَمَةِ مَهْيَعُ
قَالَ عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ الحَافِظُ: تُوُفِّيَ عمران بن حطان سنة أربع وثمانين.(5/122)
455- عباد بنُ عَبْدِ اللهِ 1: "ع"
ابْنِ الزُّبَيْرِ بنِ العوام، الإِمَامُ الكَبِيْرُ، القَاضِي، أَبُو يَحْيَى القُرَشِيُّ، الأَسَدِيُّ، كَانَ عَظِيْمَ المَنْزِلَةِ عِنْدَ وَالِدِهِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، فَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى القَضَاءِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَكَانُوا يَظنُّوْنَ أَنَّ أَبَاهُ تَعَهَّدَ إِلَيْهِ بِالخِلاَفَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَجَدَّتِهِ؛ أَسْمَاءَ، وَخَالَةِ أَبِيْهِ؛ عَائِشَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ يَحْيَى، وَابْنُ عَمِّهِ؛ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَابْنُ أَخِيْهِ؛ عَبْدُ الواحد بن حمزة، وابن عمه؛ بن مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَآخَرُوْنَ.
وَلَهُ تَرْجَمَةٌ حَسَنَةٌ فِي "النَّسَبِ"2، وَلَمْ أَظْفَرْ لَهُ بوفاة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1592"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 419"، تهذيب التهذيب "5/ 98"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3312".
2 أي ترجمته في "نسب قريش" للزبير بن بكار "1/ 70" تحقيق الأستاذ محمود شاكر.(5/123)
456- سعيد بن المسيب 1: "ع"
ابن حزن بن أَبِي وَهْبٍ بنِ عَمْرِو بنِ عَائِذِ بنِ عمران ابن مَخْزُوْمِ بنِ يَقَظَةَ، الإِمَامُ، العَلَمُ، أَبُو مُحَمَّدٍ القرشي المخزومي، عالم أهل المدينة, وَسَيِّدُ التَّابِعِيْنَ فِي زَمَانِهِ، وُلِدَ: لِسَنَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-. وَقِيْلَ: لأَرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنْهَا, بِالمَدِيْنَةِ.
رَأَى عُمَرَ، وَسَمِعَ عُثْمَانَ، وَعَلِيّاً، وَزَيْدَ بنَ ثَابِتٍ، وَأَبَا مُوْسَى، وَسَعْداً، وَعَائِشَةَ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَمُحَمَّدَ بن سلمة، وَأُمَّ سَلَمَةَ، وَخَلْقاً سِوَاهُم، وَقِيْلَ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنْ عُمَرَ.
وَرَوَى عَنْ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ مُرْسَلاً وَبِلاَلٍ كَذَلِكَ وَسَعْدِ بنِ عُبَادَةَ كَذَلِكَ, وأبي ذرة, وَأَبِي
الدَّرْدَاءِ كَذَلِكَ وَرِوَايَتُهُ عَنْ: عَلِيٍّ، وَسَعْدٍ، وَعُثْمَانَ، وَأَبِي مُوْسَى، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ شَرِيْكٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَحَكِيْمِ بنِ حِزَامٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَأَبِيْهِ المُسَيِّبِ، وَأَبِي سَعِيْدٍ، فِي" الصَّحِيْحَيْنِ" وَعَنْ حَسَّانِ بنِ ثَابِتٍ، وَصَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ، وَمَعْمَرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَمُعَاوِيَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، فِي "صَحِيْحِ مُسْلِمٍ" وَرِوَايَتُهُ عَنْ: جُبَيْرِ، بنِ مُطْعِمٍ، وَجَابِرٍ، وَغَيْرِهِمَا. فِي "البُخَارِيِّ" وَرِوَايَتُهُ عَنْ عُمَرَ، فِي "السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ" وَرَوَى أَيْضاً: عَنْ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، وَسُرَاقَةَ بنِ مَالِكٍ، وَصُهَيْبٍ، وَالضَّحَّاكِ بنِ سُفْيَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ: عَتَّابِ، بنِ أَسِيْدٍ، فِي "السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ"، وَهُوَ مُرْسَلٌ. وَأَرْسَلَ عَنِ: النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ: أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ. وَكَانَ زَوْجَ بِنْتِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَعْلَمَ النَّاسِ بِحَدِيْثِهِ.
رَوَى عن خَلْقٌ، مِنْهُم: إِدْرِيْسُ بنُ صَبِيْحٍ، وَأُسَامَةُ بنُ زَيْدِ اللَّيْثِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أُمَيَّةَ، وَبَشِيْرٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَرْمَلَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ الجَزَرِيُّ، وَعَبْدُ المَجِيْدِ بنُ سُهَيْلٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ سُلَيْمَانَ العَبْدِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ حَكِيْمٍ، وَعَطَاءٌ الخُرَاسَانِيُّ، وَعُقْبَةُ بنُ حُرَيْثٍ، وَعَلِيُّ بنُ جُدْعَانَ، وَعَلِيُّ بنُ نُفَيْلٍ الحَرَّانِيُّ، وَعُمَارَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ طُعْمَةَ، وَعَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَعَمْرُو بنُ مُرَّةَ، وَعَمْرُو بنُ مُسْلِمٍ اللَّيْثِيُّ، وَغَيْلاَنُ بنُ جَرِيْرٍ، وَالقَاسِمُ بنُ عَاصِمٍ، وَابْنُهُ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ، وَقَتَادَةُ، وَمُحَمَّدُ بنُ صَفْوَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَبِيْبَةَ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَطَاءٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَابْنُ المُنْكَدِرِ، وَمَعْبَدُ بنُ هُرْمُزَ، وَمَعْمَرُ بنُ أَبِي حَبِيْبَةَ، وَمُوْسَى بنُ وَرْدَانَ، وَمَيْسَرَةُ الأَشْجَعِيُّ، وَمَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ، وَأَبُو سُهَيْلٍ نَافِعُ بنُ مَالِكٍ، وَأَبُو مَعْشَرٍ نَجِيْحٌ السِّنْدِيُّ، -وَهُوَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ- وَهَاشِمُ بنُ هَاشِمٍ الوَقَّاصِيُّ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَيَزِيْدُ بنُ قُسَيْطٍ، وَيَزِيْدُ بنُ نُعَيْمِ بنِ هَزَّالٍ، وَيَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الأَشَجِّ، وَيُوْنُسُ بنُ سَيْفٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الخَطْمِيُّ، وَأَبُو قُرَّةَ الأَسَدِيُّ، مِنْ "التَّهْذِيْبِ".
وَعَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ, وَبُكَيْرُ بنُ الأَشَجِّ, وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ, وَسَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ, وَعَلِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ, وَشَرِيْكُ بنُ أَبِي نَمِرٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَرْمَلَةَ, وَبَشَرٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ مِمَّنْ بَرَّزَ فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ وَقَعَ لَنَا جُمْلَةٌ مِنْ عَالِي حَدِيْثِهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ القَرَافِيُّ، أَنْبَأَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكَاتِبُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الشَّافِعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أحمد الطرائفي، ومحمد ابن عَلِيِّ بنِ الدَّايَةِ، قَالُوا: أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، بنِ المُسْلِمَةِ، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، سَنَةَ ثَمَانِيْنَ
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "2/ 379" و "5/ 119"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1698"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 262"، الكنى للدولابي "2/ 96"، حلية الأولياء "2/ 161"، تاريخ الإسلام "4/ 4 و 118" الكاشف "1/ ترجمة 1979"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 38"، العبر "1/ 110"، تهذيب التهذيب "4/ 84"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2542"، النجوم الزاهرة "1/ 228"، شذرات الذهب "1/ 102".(5/124)
وثلاث مائة، أنبأنا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَجَّاجِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ: رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيْهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ مَنْ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ".
هَذَا صَحِيْحٌ، عَالٍ، فِيْهِ دَلِيْلٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الخِصَالَ مِنْ كِبَارِ الذُّنُوْبِ أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلاً عَالِياً مَعَ عُلُوِّهِ فِي نَفْسِهِ لِمُسْلِمٍ وَلَنَا فَإِنَّ أَعْلَى أَنْوَاعِ الإِبْدَالِ أَنْ يَكُوْنَ الحَدِيْثُ مِنْ أَعْلَى حَدِيْثِ صَاحِبِ ذَلِكَ الكِتَابِ وَيَقَعُ لَكَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ أَعْلَى بِدَرَجَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَاللهُ أَعْلَمُ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ الآدَمِيُّ "ح"، وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، قَالاَ: أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ الأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ يُوْسُفُ سَمَاعاً، وَقَالَ الآخَرُ إِجَازَةً: أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا، أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ المَكِّيُّ، حَدَّثَنَا حَبِيْبٌ كَاتِبُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ: رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَالَ لِي جِبْرِيْلُ لِيَبْكِ الإِسْلاَمُ عَلَى مَوْتِ عُمَرَ"1.
هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ. وَحَبِيْبٌ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، مَعَ أَنَّ سَعِيْداً عَنْ أُبَيٍّ: مُنْقَطِعٌ.
عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المُخْتَارِ، عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، حَدَّثَنِي سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ بنِ حَزْنٍ: أَنَّ جَدَّهُ حَزْناً أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "مَا اسْمُكَ؟ " قَالَ: حزن. قَالَ: "بَلْ أَنْتَ سَهْلٌ". قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ اسْمٌ سَمَّانِي بِهِ أَبَوَايَ, وَعُرِفْتُ بِهِ فِي النَّاسِ. فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَعِيْدٌ: فَمَا زِلْنَا تُعْرَفُ الحُزُوْنَةُ فِيْنَا أَهْلَ البَيْتِ.
هَذَا حَدِيْثٌ مُرْسَلٌ، وَمَرَاسِيْلُ سَعِيْدٍ مُحْتَجٌّ بِهَا. لَكِنَّ عَلِيَّ بنَ زَيْدٍ: لَيْسَ بِالحُجَّةِ. وَأَمَّا الحَدِيْثُ فَمَرْوِيٌّ بِإِسْنَادٍ صَحِيْحٍ مُتَّصِلٍ، وَلَفْظُهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: "مَا اسْمُكَ؟ ". قَالَ: حَزْنٌ. قَالَ: "أَنْتَ سَهْلٌ" فَقَالَ: لاَ أُغَيِّرُ اسْماً سَمَّانِيْهِ أَبِي قَالَ سَعِيْدٌ: فَمَا زَالَتْ تلك الحزونة فينا بعد2.
__________
1 ضعيف جدًا: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "2/ 175"، وفي إسناده حبيب بن أبي حبيب المصري كاتب مالك، متروك، كذبه أبو داود وجماعة، وفيه الانقطاع بين سعيد وأبي.
2 صحيح: أخرجه البخاري "6190" من طريق عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ابن المسيب، عن أبيه، به.(5/125)
العَطَّافُ بنُ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي حَرْمَلَةَ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: مَا فَاتَتْنِي الصَّلاَةُ فِي جَمَاعَةٍ مُنْذُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ حَكِيْمٍ، سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يَقُوْلُ: مَا أَذَّنَ المُؤَذِّنُ مُنْذُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، إلَّا وَأَنَا فِي المَسْجِدِ. إِسْنَادُهُ ثَابِتٌ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ حَازِمٍ: أَنَّ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ كَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ.
مِسْعَرٌ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، سَمِعَ ابْنَ المُسَيِّبِ يَقُوْلُ: مَا أَحَدٌ أَعْلَمُ بِقَضَاءٍ قَضَاهُ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ أَبُو بَكْرٍ ولا عمر مني.
أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ذَكَرَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، فَقَالَ: هُوَ -وَاللهِ- أَحَدُ المُفْتِيْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: مُرْسَلاَتُ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ صِحَاحٌ.
وَقَالَ قَتَادَةُ، وَمَكْحُوْلٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ -وَاللَّفْظُ لِقَتَادَةَ: مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ مِنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لاَ أَعْلَمُ فِي التَّابِعِيْنَ أَحَداً أَوْسَعَ عِلْماً مِنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، هُوَ عِنْدِي أَجَلُّ التَّابِعِيْنَ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَرْمَلَةَ: سَمِعْتُ ابْنَ المُسَيِّبِ يَقُوْلُ: حَجَجْتُ أَرْبَعِيْنَ حِجَّةً.
قَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ: كَانَ سَعِيْدٌ يُكْثِرُ أَنْ يَقُوْلَ فِي مَجْلِسِهِ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ.
مَعْنٌ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: قَالَ ابْنُ المُسَيِّبِ: إِنْ كُنْتُ لأَسِيْرُ الأَيَّامَ وَاللَّيَالِيَ فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ الوَاحِدِ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ طَرِيْفٍ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ يَعْقُوْبَ، سَمِعَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، يَقُوْلُ: سَمِعْتُ مِنْ عُمَرَ كَلِمَةً مَا بَقِيَ أَحَدٌ سَمِعَهَا غَيْرِي.
أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ بُكَيْرِ بنِ الأَخْنَسِ، عن سعيد بن المُسَيِّبِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ عَلَى المِنْبَرِ، وَهُوَ يَقُوْلُ: لاَ أَجِدُ أَحَداً جَامَعَ فَلَمْ يَغْتَسِلْ, أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ إلَّا عَاقَبْتُهُ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: وُلِدْتُ لِسَنَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ. وَكَانَتْ خِلاَفَتُهُ عَشْرَ سِنِيْنَ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بنُ سَعْدٍ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ وَسُئِلَ عَمَّنْ أَخَذَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ(5/126)
عِلْمَهُ؟ فَقَالَ: عَنْ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ. وَجَالَسَ: سعْداً، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وَدَخَلَ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَائِشَةَ، وأم سلمة. وسمع مِنْ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَصُهَيْبٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ، وَجُلُّ رِوَايَتِهِ المُسْنَدَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، كَانَ زَوْجَ ابْنَتِهِ وَسَمِعَ مِنْ: أَصْحَابِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ. وَكَانَ يُقَالُ: لَيْسَ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِكُلِّ مَا قَضَى بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ مِنْهُ.
وَعَنْ قُدَامَةَ بنِ مُوْسَى، قَالَ: كَانَ ابْنُ المُسَيِّبِ يُفْتِي وَالصَّحَابَةُ أَحْيَاءٌ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَبَّانَ، قَالَ: كَانَ المُقَدَّمَ فِي الفَتْوَى فِي دَهْرِهِ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَيُقَالَ لَهُ: فَقِيْهُ الفُقَهَاءِ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ثَوْرُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ مَكْحُوْلٍ، قَالَ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ عَالِمُ العُلَمَاءِ.
وَعَنْ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، قَالَ: ابْنُ المُسَيِّبِ أَعْلَمُ النَّاسِ بِمَا تَقَدَّمَهُ مِنَ الآثَارِ، وَأَفْقَهُهُم فِي رَأْيِهِ.
جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ: أَخْبَرَنِي مَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ، قَالَ: أَتَيْتُ المَدِيْنَةَ، فَسَأَلْتُ عَنْ أَفْقَهِ أَهْلِهَا، فَدُفِعْتُ إِلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ.
قُلْتُ: هَذَا يَقُوْلُهُ مَيْمُوْنٌ مَعَ لُقِيِّهِ لأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ.
عُمَرُ بنُ الوَلِيْدِ الشَّنِّيُّ، عَنْ شِهَابِ بنِ عَبَّادٍ العَصَرِيِّ: حَجَجْتُ، فَأَتَيْنَا المَدِيْنَةَ، فَسَأَلْنَا عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِهَا، فَقَالُوا: سَعِيْدٌ.
قُلْتُ: عُمَرُ لَيْسَ بِالقَوِيِّ. قَالَهُ: النَّسَائِيُّ.
مَعْنُ بنُ عِيْسَى، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بن عبد العزيز لا يقضي بِقَضِيَّةٍ يَعْنِي: وَهُوَ أَمِيْرُ المَدِيْنَةِ حَتَّى يَسْأَلَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، فَأَرْسَل إِلَيْهِ إِنْسَاناً يَسْأَلُهُ، فَدَعَاهُ، فَجَاءَ. فَقَالَ عُمَرُ لَهُ: أَخْطَأَ الرَّسُوْلُ، إِنَّمَا أَرْسَلْنَاهُ يَسْأَلُكَ فِي مَجْلِسِكَ. وَكَانَ عُمَرُ يَقُوْلُ: مَا كَانَ بِالمَدِيْنَةِ عَالِمٌ إلَّا يَأْتِيْنِي بِعِلْمِهِ، وَكُنْتُ أُوْتَى بِمَا عِنْدَ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ.
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخُزَاعِيُّ، قَالَ: سَأَلَنِي سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، فَانْتَسَبْتُ لَهُ، فَقَالَ: لَقَدْ جَلَسَ أَبُوْكَ إِلَيَّ فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ، وَسَأَلَنِي. قَالَ سَلاَّمٌ: يَقُوْلُ عِمْرَانُ: وَاللهِ مَا أَرَاهُ مَرَّ عَلَى أذنه قَطُّ إلَّا وَعَاهُ قَلْبُهُ يَعْنِي: ابْنَ المُسَيِّبِ وَإِنِّي أَرَى أَنَّ نَفْسَ سَعِيْدٍ كَانَتْ أَهْوَنَ عَلَيْهِ فِي ذَاتِ اللهِ مِنْ نَفْسِ ذُبَابٍ.
جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ: حَدَّثَنَا مَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ بَلَغَنِي أَنَّ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ بَقِيَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً لَمْ يَأْتِ المَسْجِدَ فَيَجِدُ أَهْلَهُ قَدِ اسْتَقْبَلُوْهُ خَارِجِيْنَ مِنَ الصَّلاَةِ.(5/127)
عَفَّانُ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ: قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: يَزْعُمُ قومك أن ما منعك من الحجإلَّا أنك جعلت الله عَلَيْكَ إِذَا رَأَيْتَ الكَعْبَةَ أَنْ تَدْعُوَ عَلَى ابْنِ مَرْوَانَ قَالَ: مَا فَعَلْتُ وَمَا أُصَلِّي صَلاَةً إلَّا دَعَوْتُ اللهَ عَلَيْهِم وَإِنِّي قَدْ حَجَجْتُ وَاعْتَمَرْتُ بِضْعاً وَعِشْرِيْنَ مَرَّةً، وَإِنَّمَا كُتِبَتْ علِيَّ حِجَّةٌ وَاحِدَةٌ وَعُمْرَةٌ، وَإِنِّي أَرَى نَاساً مِنْ قَوْمِكَ يَسْتَدِيْنُوْنَ وَيَحِجُّوْنَ وَيَعْتَمِرُوْنَ ثُمَّ يَمُوْتُوْنَ وَلاَ يُقْضَى عَنْهُم، وَلَجُمُعَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حِجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ تَطَوُّعاً فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ الحَسَنَ، فَقَالَ: مَا قَالَ شَيْئاً، لَوْ كَانَ كَمَا قَالَ، مَا حَجَّ أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم ولا اعتمروا.
فَصْلٌ: فِي عِزَّةِ نَفْسِهِ وَصَدْعِهِ بِالحَقِّ
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كَانَ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ فِي بَيْتِ المَالِ بِضْعَةٌ وَثَلاَثُوْنَ أَلْفاً، عَطَاؤُهُ. وَكَانَ يُدْعَى إِلَيْهَا، فَيَأْبَى، وَيَقُوْلُ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيْهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنِي وَبَيْنَ بَنِي مَرْوَانَ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ: أَنَّهُ قِيْلَ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: مَا شَأْنُ الحَجَّاجَ لاَ يَبْعَثُ إِلَيْكَ، وَلاَ يُحَرِّكُكَ، وَلاَ يُؤْذِيْكَ؟ قَالَ وَاللهِ مَا أَدْرِي إلَّا أَنَّهُ دَخَلَ ذَاتَ يَوْمٍ مَعَ أَبِيْهِ المَسْجِدَ فَصَلَّى صَلاَةً لاَ يُتِمُّ رُكُوْعَهَا وَلاَ سُجُوْدَهَا فَأَخَذْتُ كَفّاً مِنْ حَصَىً فَحَصَبْتُهُ بِهَا زَعَمَ أَنَّ الحَجَّاجَ قَالَ: مَا زِلْتُ بَعْدُ أُحْسِنُ الصَّلاَةَ.
فِي "الطَّبَقَاتِ" لابْنِ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا كَثِيْرُ بنُ هِشَامٍ, حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ، حَدَّثَنَا مَيْمُوْنٌ، وَأَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو المليح عن ميمون ابن مِهْرَانَ، قَالَ: قَدِمَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ المَدِيْنَةَ فَامْتَنَعَتْ مِنْهُ القَائِلَةُ, وَاسْتَيْقَظَ, فَقَالَ لِحَاجِبِهِ: انْظُرْ, هَلْ فِي المَسْجِدِ أَحَدٌ مِنْ حُدَّاثِنَا؟ فَخَرَجَ، فَإِذَا سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ فِي حَلْقَتِهِ, فَقَامَ حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ, ثُمَّ غَمَزَهُ, وَأَشَارَ إِلَيْهِ بِأُصْبُعِهِ، ثُمَّ وَلَّى فَلَمْ يَتَحَرَّكْ سَعِيْدٌ فَقَالَ لاَ أُرَاهُ فَطِنَ فَجَاءَ وَدَنَا مِنْهُ ثُمَّ غَمَزَهُ وَقَالَ: أَلَمْ تَرَنِي أُشِيْرُ إِلَيْكَ؟ قَالَ وَمَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ أَجِبْ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ. فَقَالَ: إِلَيَّ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: لاَ, وَلَكِنْ قَالَ: انْظُرْ بَعْضَ حُدَّاثِنَا فَلَمْ أَرَى أَحَداً أَهْيَأَ مِنْكَ قَالَ: اذْهَبْ فَأَعْلِمْهُ أَنِّي لَسْتُ مِنْ حُدَّاثِهِ. فَخَرَجَ الحَاجِبُ وَهُوَ يَقُوْلُ: مَا أَرَى هَذَا الشَّيْخَ إلَّا مَجْنُوْناً وَذَهَبَ، فَأَخْبَرَ عَبْدَ المَلِكِ، فَقَالَ: ذَاكَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ فَدَعْهُ.
سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، وَعَمْرُو بنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ، عَنْ عِمْرَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ طَلْحَةَ الخُزَاعِيِّ, قَالَ: حَجَّ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ فَلَمَّا قَدِمَ المَدِيْنَة، وَوَقَفَ على باب(5/128)
المَسْجِدِ، أَرْسَلَ إِلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ رَجُلاً يَدْعُوْهُ وَلاَ يُحَرِّكُهُ. فَأَتَاهُ الرَّسُوْلُ, وَقَالَ: أَجِبْ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, وَاقِفٌ بِالبَابِ يُرِيْدُ أَنْ يُكَلِّمَكَ فقال: ما لأمير المؤمنين إلي حاجة، ومالي إليه حاجة وإن حاجته لي غير مَقْضِيَّةٍ فَرَجَعَ الرَّسُوْلُ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: ارْجِعْ، فَقُلْ لَهُ: إِنَّمَا أُرِيْدُ أَنْ أُكَلِّمَكَ، وَلاَ تُحَرِّكْهُ فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: أَجِبْ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا قَالَ أَوَّلاً. فَقَالَ: لولا أن تَقَدَّمَ إِلَيَّ فِيْكَ، مَا ذَهَبْتُ إِلَيْهِ إلَّا بِرَأْسِكَ يُرْسِلُ إِلَيْكَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ يُكَلِّمُكَ تَقُوْلُ: مِثْلَ هَذَا فَقَالَ: إِنْ كَانَ يُرِيْدُ أَنْ يَصْنَعَ بِي خَيْراً فَهُوَ لَكَ، وَإِنْ كَانَ يريد غير ذلك فلا أرحل حَبْوَتِي حَتَّى يَقْضِيَ مَا هُوَ قَاضٍ فَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: رَحِمَ اللهُ أَبَا مُحَمَّدٍ أَبَى إلَّا صَلاَبَةً.
زَادَ عَمْرُو بنُ عَاصِمٍ فِي حَدِيْثِهِ بِهَذَا الإِسْنَادِ: فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ الوَلِيْدُ، قَدِمَ المَدِيْنَةَ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ، فَرَأَى شَيْخاً قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ فَلَمَّا جَلَسَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ, فَأَتَاهُ الرَّسُوْلُ فَقَالَ: أَجِبْ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ. فَقَالَ: لَعَلَّكَ أَخْطَأْتَ بِاسْمِي، أَوْ لَعَلَّهُ أَرْسَلَكَ إِلَى غَيْرِي. فَرَدَّ الرَّسُوْلَ، فَأَخْبَرَهُ، فَغَضِبَ، وَهَمَّ بِهِ. قَالَ: وَفِي النَّاسِ يَوْمئِذٍ تَقِيَّةٌ فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فَقِيْهُ المَدِيْنَةِ, وَشَيْخُ قُرَيْشٍ, وَصَدِيْقُ أَبِيْكَ, لَمْ يَطْمَعْ مَلِكٌ قَبْلَكَ أَنْ يَأْتِيَهُ. فَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّى أَضْرَبَ عَنْهُ.
عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ -مِنْ أَصْحَابِ سَعِيْدِ بن المسيب: ما علمت فيه لِيْناً. قُلْتُ: كَانَ عِنْدَ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ أَمْرٌ عَظِيْمٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَسُوْءِ سِيْرَتِهِم, وَكَانَ لاَ يَقْبَلَ عَطَاءهُم.
قَالَ مَعْنُ بنُ عِيْسَى: حَدَّثَنَا مَالِكٌ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: لَوْ تَبَدَّيْتَ وَذَكَرْتُ لَهُ البَادِيَةَ وَعَيْشَهَا وَالغَنَمَ. فَقَالَ كَيْفَ بِشُهُوْدِ العَتْمَةِ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا الوَلِيْدُ بنُ عَطَاءِ بنِ الأَغَرِّ المَكِّيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يَقُوْلُ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي لَيَالِيَ الحَرَّةِ, وَمَا فِي المَسْجِدِ أَحَدٌ غَيْرِي. وَإِنَّ أَهْلَ الشَّامِ لَيَدْخُلُوْنَ زُمَراً يَقُوْلُوْنَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا المَجْنُوْنِ. وَمَا يأتي وقت صلاة إلَّا وسمعت أَذَاناً فِي القَبْرِ، ثُمَّ تَقَدَّمْتُ فَأَقَمْتُ، وَصَلَّيْتُ، وَمَا فِي المَسْجِدِ أَحَدٌ غَيْرِي.
عَبْدُ الحَمِيْدِ هَذَا: ضَعِيْفٌ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: كَانَ سَعِيْدٌ أَيَّامَ الحَرَّةِ فِي المَسْجِدِ لَمْ يخرج، وكان يصلي معهم الجُمُعَةَ، وَيَخْرُجُ فِي اللَّيْلِ. قَالَ: فَكُنْتُ إِذَا حَانَتِ الصَّلاَةُ أَسْمَعُ أَذَاناً يَخْرُجُ مِنْ قِبَلِ القَبْرِ حَتَّى أَمِنَ النَّاسُ.(5/129)
ذِكْرُ مِحْنَتِهِ:
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا, قَالُوا: اسْتَعْمَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ جَابِرَ بنَ الأَسْوَدِ بنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيَّ عَلَى المَدِيْنَةِ, فَدَعَا النَّاسَ إِلَى البَيْعَةِ لابْنِ الزُّبَيْرِ. فَقَالَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: لاَ، حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ فَضَرَبَهُ سِتِّيْنَ سَوْطاً، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَكَتَبَ إِلَى جَابِرٍ يَلُوْمُهُ، وَيَقُوْلُ: مالنا وَلِسَعِيْدٍ دَعْهُ.
وَعَنْ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: كَانَ جَابِرُ بنُ الأَسْوَدِ -عَامِلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى المَدِيْنَةِ- قَدْ تَزَوَّجَ الخَامِسَةَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّابِعَةِ، فَلَمَّا ضَرَبَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ صَاحَ بِهِ سَعِيْدٌ وَالسِّيَاطُ تَأْخُذُهُ: وَاللهِ مَا رَبَّعْتَ عَلَى كِتَابِ اللهِ، وَإِنَّك تَزَوَّجْتَ الخَامِسَةَ قَبْل انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّابِعَةِ وَمَا هِيَ إلَّا لَيَالٍ, فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ, فَسَوْفَ يَأْتِيْكَ مَا تَكْرَهُ. فَمَا مَكَثَ إلَّا يَسِيْراً حَتَّى قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، وَغَيْرُهُ: أَنَّ عَبْدَ العزيز بن مروان توفي بِمِصْرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ، فَعَقَدَ عَبْدُ المَلِكِ لابْنَيْهِ: الوَلِيْدِ وَسُلَيْمَانَ بِالعَهْدِ, وَكَتَبَ بِالبَيْعَةِ لَهُمَا إِلَى البُلْدَانِ وَعَامِلُهُ يَوْمَئِذٍ عَلَى المَدِيْنَةِ هِشَامُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المَخْزُوْمِيُّ. فَدَعَا النَّاسَ إِلَى البَيْعَةِ, فَبَايَعُوا وَأَبَى سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ أَنْ يُبَايِعَ لَهُمَا، وَقَالَ: حَتَّى أَنْظُرَ فَضَرَبَهُ هِشَامٌ سِتِّيْنَ سَوْطاً, وَطَافَ بِهِ فِي تُبَّانٍ مِنْ شَعْرٍ, حَتَّى بَلَغَ بِهِ رَأْسَ الثَّنِيَّةِ، فَلَمَّا كَرُّوا بِهِ, قَالَ: أَيْنَ تَكُرُّوْنَ بِي؟ قَالُوا: إِلَى السِّجْنِ. فَقَالَ: وَالله لَوْلاَ أَنِّي ظَنَنْتُهُ الصَّلْبُ مَا لَبِسْتُ هَذَا التُّبَّانَ أَبَداً. فَرَدُّوْهُ إِلَى السِّجْنِ، فَحَبَسَهُ، وَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ يُخْبِرُهُ بِخِلاَفِهِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ يَلُوْمُهُ فِيْمَا صَنَعَ بِهِ وَيَقُوْلُ: سَعِيْدٌ كَانَ وَاللهِ أَحْوَجَ إِلَى أَنْ تَصِلَ رَحِمَهُ مِنْ أَنْ تَضْرِبَهُ، وَإِنَّا لَنَعْلَمُ مَا عِنْدَهُ خِلاَفٌ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنِ المِسْوَرِ بنِ رِفَاعَةَ، قَالَ: دَخَلَ قَبِيْصَةُ بنُ ذُؤَيْبٍ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ بِكِتَابِ هِشَامِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ يَذْكُرُ أَنَّهُ ضَرَبَ سَعِيْداً وَطَافَ بِهِ قَالَ قَبِيْصَةُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, يَفْتَاتُ عَلَيْكَ هِشَامٌ بِمِثْلِ هذا، والله لا يكون سعيدًا أَبَداً أَمْحَلَ وَلاَ أَلَجَّ مِنْهُ حِيْنَ يُضْرَبُ لَوْ لَمْ يُبَايِعْ سَعِيْدٌ مَا كَانَ يَكُوْنُ مِنْهُ، وَمَا هُوَ مِمَّنْ يُخَافُ فَتْقُهُ، يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ اكْتُبْ إِلَيْهِ فَقَالَ عَبْدُ المَلِكِ: اكْتُبْ أَنْتَ إِلَيْهِ عَنِّي تُخْبِرْهُ بِرَأْيِي فِيْهِ وَمَا خَالَفَنِي مِنْ ضَرْبِ هِشَامٍ إِيَّاهُ فَكَتَبَ قَبِيْصَةُ بِذَلِكَ إِلَى سَعِيْدٍ، فَقَالَ سَعِيْدٌ حِيْنَ قَرَأَ الكِتَابَ: اللهُ بَيْنِي وَبَيْنَ مَنْ ظَلَمنِي.
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الهُذَلِيُّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ السِّجْنَ, فَإِذَا هُوَ قَدْ ذُبِحَتْ لَهُ شَاةٌ فَجُعِلَ الإِهَابُ عَلَى ظَهْرِهِ, ثُمَّ جَعَلُوا لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَضْباً رَطْباً. وَكَانَ كُلَّمَا نَظَرَ إِلَى عَضُدَيْهِ قال اللهم انصرني من هشام.(5/130)
شَيْبَانُ بنُ فَرُّوْخٍ: حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخُزَاعِيُّ، قَالَ: دُعِيَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ لِلْوَلِيْدِ وَسُلَيْمَانَ بَعْدَ أَبِيْهِمَا, فَقَالَ لاَ أُبَايِعُ اثْنَيْنِ مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ. فَقِيْلَ: ادْخُلْ وَاخْرُجْ مِنَ البَابِ الآخَرِ. قَالَ: وَاللهِ لاَ يَقْتَدِي بِي أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ. قَالَ: فَجَلَدَهُ مائَةً, وَأَلْبَسَهُ المُسُوْحَ.
ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ: حَدَّثَنَا رَجَاءُ بنُ جَمِيْلٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدٍ القَارِّيُّ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ حِيْنَ قَامَتِ البَيْعَةُ لِلْوَلِيْدِ وَسُلَيْمَانَ بِالمَدِيْنَةِ: إِنِّي مُشِيْرٌ عَلَيْكَ بِخِصَالٍ. قَالَ: مَا هُنَّ؟ قَالَ: تَعْتَزِلُ مَقَامَكَ فَإِنَّكَ تَقُوْمُ حَيْثُ يَرَاكَ هِشَامُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ قَالَ: مَا كُنْتُ لأُغَيِّرَ مَقَاماً قُمْتُهُ مُنْذُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً قَالَ تَخْرُجُ مُعْتَمِراً. قَالَ مَا كُنْتُ لأُنْفِقَ مَالِي وَأُجْهِدَ بَدَنِي فِي شَيْءٍ لَيْسَ لِي فِيْهِ نِيَّةٌ. قَالَ فَمَا الثَّالِثَةُ؟ قَالَ: تُبَايِعُ قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ اللهُ أَعْمَى قَلْبَكَ كَمَا أَعْمَى بَصَرَكَ فَمَا عَلَيَّ؟ قَالَ -وَكَانَ أَعْمَى- قَالَ رَجَاءٌ: فَدَعَاهُ هِشَامُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ إِلَى البَيْعَةِ فَأَبَى فَكَتَبَ فِيْهِ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ مَالَكَ وَلِسَعِيْدٍ وَمَا كَانَ عَلَيْنَا مِنْهُ شَيْءٌ نَكْرَهُهُ, فَأَمَّا إِذْ فَعَلْتَ فَاضْرِبْهُ ثَلاَثِيْنَ سَوْطاً، وَأَلْبِسْهُ تُبَّانَ شَعْرٍ، وَأَوْقِفْهُ لِلنَّاسِ، لِئَلاَّ يَقْتَدِيَ بِهِ النَّاسُ، فَدَعَاهُ هِشَامٌ, فَأَبَى وَقَالَ: لاَ أُبَايِعُ لاثْنَيْنِ. فَأَلْبَسَهُ تُبَّانَ شَعْرٍ وَضَرَبَه ثَلاَثِيْنَ سَوْطاً, وَأَوْقَفَهُ لِلنَّاسِ. فَحَدَّثَنِي الأَيْلِيُّوْنَ الَّذِيْنَ كَانُوا فِي الشُّرَطِ بِالمَدِيْنَةِ, قَالُوا: عَلِمْنَا أَنَّهُ لاَ يَلْبَسُ التُّبَّانَ طَائِعاً, قُلْنَا لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ, إِنَّهُ القَتْلُ, فَاسْتُرْ عَوْرَتَكَ. قَالَ: فَلَبِسَهُ فَلَمَّا ضُرِبَ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّا خَدَعْنَاهُ. قَالَ يَا مُعَجِّلَةَ أَهْلِ أَيْلَةَ لَوْلاَ أَنِّي ظَنَنْتُ أَنَّهُ القَتْلُ مَا لَبِسْتُهُ.
وَقَالَ هِشَامُ بنُ زَيْدٍ: رَأَيْتُ ابْنَ المُسَيِّبِ حِيْنَ ضُرِبَ فِي تُبَّانٍ شَعْرٍ.
يَحْيَى بنُ غَيْلاَنَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ, وَقَدْ أُلْبِسَ تُبَّانَ شَعْرٍ, وَأُقِيْمَ فِي الشَّمْسِ, فَقُلْتُ لقائدي: أدنني منه فأدناني منه فَجَعَلْتُ أَسْأَلُهُ خَوْفاً مِنْ أَنْ يَفُوْتَنِي، وَهُوَ يُجِيْبُنِي حِسْبَةً وَالنَّاسُ يَتَعَجَّبُوْنَ.
قَالَ أَبُو المَلِيْحِ: الرَّقِّيُّ حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ: أَنَّ عَبْدَ المَلِكِ ضَرَبَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ خَمْسِيْنَ سَوْطاً، وَأَقَامَهُ بِالحَرَّةِ وَأَلْبَسَهُ تُبَّانَ شَعْرٍ فَقَالَ سَعِيْدٌ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّهُم لاَ يَزِيْدُوْنِي عَلَى الضَّرْبِ مَا لَبِسْتُهُ، إِنَّمَا تَخَوَّفْتُ مِنْ أَنْ يَقْتُلُوْنِي، فَقُلْتُ: تُبَّانٌ أَسْتَرُ مِنْ غَيْرِهِ.
قَبِيْصَةُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ عُمَرَ قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: ادْعُ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ. قَالَ اللَّهُمَّ: أَعِزَّ دِيْنَكَ، وَأَظْهِرْ أَوْلِيَاءكَ، وَاخْزِ أَعْدَاءكَ، فِي عَافِيَةٍ لأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ، عَنْ أَبِي يُوْنُسَ القَوِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ مَسْجِدَ المَدِيْنَةِ, فَإِذَا سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ جَالِسٌ وَحْدَهُ، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُهُ؟ قِيْلَ: نُهِيَ أَنْ يُجَالِسَهُ أَحَدٌ.(5/131)
هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ ابْنَ المُسَيِّبِ كَانَ إذا أراد أحدا أَنْ يُجَالِسَهُ، قَالَ: إِنَّهُم قَدْ جَلَدُوْنِي، وَمَنَعُوا النَّاسَ أَنْ يُجَالِسُوْنِي.
عَنْ أَبِي عِيْسَى الخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: لَا تَمْلَؤُوا أَعْيُنَكُم مِنْ أَعْوَانِ الظَّلَمَةِ إلَّا بِإِنْكَارٍ مِنْ قُلُوْبِكُم لكيلا تحبط أعمالكم.
تَزْوِيْجُهُ ابْنَتَهُ:
أُنْبِئْتُ عَنْ أَبِي المَكَارِمِ الشُّرُوْطِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، قَالَ: كُتِبَ إِلَى ضَمْرَةَ بنِ رَبِيْعَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ الكِنَانِيِّ: أَنَّ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ زَوَّجَ ابْنَتَهُ بِدِرْهَمَيْنِ.
سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ الزَّنْجِيُّ عَنْ يَسَارِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: أَنَّهُ زَوَّجَ ابْنَةً لَهُ عَلَى دِرْهَمَيْنِ مِنِ ابْنِ أَخِيْهِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ: كَانَتْ بِنْتُ سَعِيْدٍ قَدْ خَطَبَهَا عَبْدُ المَلِكِ لابْنِهِ الوَلِيْدِ، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ يَحْتَالُ عَبْدُ المَلِكِ عَلَيْهِ حَتَّى ضَرَبَهُ مائَةَ سَوْطٍ فِي يَوْمٍ بَارِدٍ، وَصَبَّ عَلَيْهِ جَرَّةَ مَاءٍ وَأَلْبَسَهُ جُبَّةَ صُوْفٍ ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ ابْنُ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبٍ, حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ وَهْبٍ، عَنْ عَطَّافِ بنِ خَالِدٍ, عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ, عَنِ ابْنِ أَبِي وَدَاعَةَ -يَعْنِي: كَثِيْراً- قَالَ: كُنْتُ أُجَالِسُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، فَفَقَدَنِي أَيَّاماً فَلَمَّا جِئْتُهُ، قَالَ: أَيْنَ كُنْتَ؟ قُلْتُ: تُوُفِّيَتْ أَهْلِي، فَاشْتَغَلْتُ بِهَا. فَقَالَ: ألَّا أَخْبَرْتَنَا فَشَهِدْنَاهَا. ثُمَّ قَالَ: هَلِ اسْتَحْدَثْتَ امْرَأَةً؟ فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ وَمَنْ يُزَوِّجُنِي وَمَا أَمْلِكُ إلَّا دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً؟ قَالَ: أَنَا. فَقُلْتُ: وَتَفْعَلُ؟ قَالَ: نَعَمْ ثُمَّ تَحَمَّدَ, وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَزَوَّجَنِي عَلَى دِرْهَمَيْنِ أَوْ قَالَ: ثَلاَثَةٍ فَقُمْتُ, وَمَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ مِنَ الفَرَحِ، فَصِرْتُ إِلَى مَنْزِلِي وَجَعَلْتُ أَتَفَكَّرُ فِيْمَنْ أَسْتدِيْنُ. فَصَلَّيْتُ المَغْرِبَ, وَرَجَعْتُ إِلَى مَنْزِلِي, وَكُنْتُ وَحْدِي صَائِماً فَقَدَّمْتُ عَشَائِي أُفْطِرُ, وَكَانَ خُبْزاً وَزَيْتاً فَإِذَا بَابِي يُقْرَعُ. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: سَعِيْدٌ فَأَفْكَرْتُ فِي كُلِّ مَنِ اسْمُهُ سَعِيْدٌ إلَّا ابْنَ المُسَيِّبِ فَإِنَّهُ لَمْ يُرَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً إلَّا بَيْنَ بَيْتِهِ وَالمَسْجِدِ، فَخَرَجْتُ، فَإِذَا سَعِيْدٌ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ بَدَا لَهُ. فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إلَّا أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيَكَ؟ قَالَ: لاَ أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تُؤْتَى, إِنَّكَ كُنْتَ رَجُلاً عَزَباً فَتَزَوَّجْتَ فَكَرِهْتُ أَنْ تَبِيْتَ اللَّيْلَةَ وَحْدَكَ وَهَذِهِ امْرَأَتُكَ فَإِذَا هِيَ قَائِمَةٌ مِنْ خَلْفِهِ فِي طُوْلِهِ, ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهَا, فَدَفَعَهَا فِي البَابِ وَرَدَّ البَابَ. فَسَقَطَتِ المَرْأَةُ مِنَ الحِيَاءِ فَاسْتَوْثَقْتُ مِنَ البَابِ ثُمَّ وَضَعْتُ القَصْعَةَ فِي ظِلِّ السِّرَاجِ لَكِي لاَ تَرَاهُ ثُمَّ صَعِدْتُ السَّطْحَ فَرَمَيْتُ الجِيْرَانَ فَجَاؤُوْنِي فَقَالُوا مَا شَأْنُكَ فَأَخْبَرْتُهُم وَنَزَلُوا إِلَيْهَا وبلغ أمي(5/132)
فَجَاءتْ، وَقَالَتْ: وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ إِنْ مَسَسْتَهَا قَبْلَ أَنْ أُصْلِحَهَا إِلَى ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ. فَأَقَمْتُ ثَلاَثاً، ثُمَّ دَخَلْتُ بِهَا، فَإِذَا هِيَ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ، وَأَحْفَظِ النَّاسِ لِكِتَابِ اللهِ، وَأَعْلَمِهِم بِسُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَعْرَفِهِم بِحَقِّ زَوْجٍ. فَمَكَثْتُ شَهْراً لاَ آتِي سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَهُوَ فِي حَلْقَتِهِ، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلاَمَ, وَلَمْ يكلمني حتى تقوض المجلس. فلما لم يبقى غَيْرِي، قَالَ: مَا حَالُ ذَلِكَ الإِنْسَانِ؟ قُلْتُ: خَيْرٌ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ عَلَى مَا يُحِبُّ الصَّدِيْقُ, وَيَكْرَهُ العَدُوُّ. قَالَ: إِنْ رَابَكَ شَيْءٌ فَالعَصَا فَانْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي فَوَجَّهَ إِلَيَّ بِعِشْرِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ: ابْنُ أَبِي وَدَاعَةَ هُوَ كَثِيْرُ بنُ المُطَّلِبِ بنِ أَبِي وَدَاعَةَ.
قُلْتُ: هُوَ سَهْمِيٌّ، مَكِيٌّ، رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ المُطَّلِبِ, أَحَدِ مُسْلِمَةِ الفَتْحِ. وَعَنْهُ: وَلَدُهُ، جَعْفَرُ بنُ كَثِيْرٍ وَابْنُ حَرْمَلَةَ.
تَفَرَّدَ بِالحِكَايَةِ: أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبٍ. وَعَلَى ضَعْفِهِ قَدِ احْتَجَّ بِهِ مسلم.
قَالَ عَمْرُو بنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: زَوَّجَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ بِنْتاً لَهُ مِنْ شَابٍّ مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمَّا أَمْسَتْ، قَالَ لَهَا: شُدِّي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ، وَاتْبَعِيْنِي فَفَعَلَتْ، ثُمَّ قَالَ: صَلِّي رَكْعَتَيْنِ. فَصَلَّتْ: ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى زَوْجِهَا, فَوَضَعَ يَدَهَا فِي يَدهِ وَقَالَ انْطَلِقْ بِهَا فَذَهَبَ بِهَا فَلَمَّا رَأَتْهَا أَمُّهُ, قَالَتْ: مَنْ هَذِهِ قَالَ: امْرَأَتِي. قَالَتْ: وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ إِنْ أَفْضَيْتَ إِلَيْهَا حَتَّى أَصْنَعَ بِهَا صَالِحَ مَا يُصْنَعُ بِنِسَاءِ قُرَيْشٍ فَأَصْلَحَتْهَا ثُمَّ بَنَى بِهَا.
وَمِنْ مَعْرِفَتِهِ بِالتَّعْبِيْرِ:
قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ مِنْ أَعْبَرِ النَّاسِ لِلْرُّؤْيَا أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ وَأَخَذَتْهُ أَسْمَاءُ عَنْ أَبِيْهَا ثُمَّ سَاقَ الوَاقِدِيُّ عِدَّةَ مَنَامَاتٍ مِنْهَا:
حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ يَعْقُوْبَ، عَنِ الوَلِيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ مُسَافِعٍ، عَنْ عُمَرَ بنِ حَبِيْبِ بنِ قُلَيْعٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْد سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ يَوْماً، وَقَدْ ضَاقَتْ بِيَ الأَشْيَاءُ، وَرَهِقَنِي دَيْنٌ فَجَاءهُ رَجُلٌ فَقَالَ رَأَيْتُ كَأَنِّي أَخَذْتُ عَبْدَ الملك ابن مَرْوَانَ, فَأَضْجَعْتُهُ إِلَى الأَرْضِ وَبَطَحْتُهُ فَأَوْتَدْتُ فِي ظَهْرِهِ أَرْبَعَةَ أَوْتَادٍ قَالَ: مَا أَنْتَ رَأَيْتَهَا. قَالَ: بَلَى قَالَ لاَ أُخْبِرُكَ أَوْ تُخْبِرَنِي. قَالَ: ابْنُ الزُّبَيْرِ رَآهَا، وَهُوَ بَعَثَنِي إِلَيْكَ. قَالَ: لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاهُ قَتَلَهُ عَبْدُ المَلِكِ, وَخَرَجَ مِنْ صُلْبِ عَبْدِ المَلِكِ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُم يَكُوْنُ خَلِيْفَةً. قَالَ: فَرَحلْتُ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ بِالشَّامِ فَأَخْبَرْتُهُ فَسُرَّ، وَسَأَلَنِي عَنْ سَعِيْدٍ وَعَنْ حَالِهِ، فَأَخْبَرْتُهُ, وَأَمَرَ بِقَضَاءِ دَيْنِي وَأَصَبْتُ مِنْهُ خيرًا.(5/133)
قَالَ: وَحَدَّثَنِي الحَكَمُ بنُ القَاسِمِ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي حَكِيْمٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: رَأَيْتُ كأن عبد الملك بن مروان يبول قِبْلَةِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ مِرَارٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، فَقَالَ: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ قَامَ فِيْهِ مِنْ صُلْبِهِ أَرْبَعَةُ خُلَفَاءَ.
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ حَفْصٍ، عَنْ شَرِيْكِ بنِ أَبِي نَمِرٍ: قُلْتُ لسعيد ابن المُسَيِّبِ: رَأَيْتُ كَأَنَّ أَسْنَانِي سَقَطَتْ فِي يَدِي ثُمَّ دَفَنْتُهَا. فَقَالَ إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ دَفَنْتَ أَسْنَانَكَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ.
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الحَنَّاطِ: قَالَ رَجُلٌ لابْنِ مسيب رَأَيْتُ أَنِّي أَبُوْلُ فِي يَدِي فَقَالَ: اتَّقِ اللهَ، فَإِنَّ تَحْتَكَ ذَاتُ مَحْرَمٍ فَنَظَرَ فَإِذَا امْرَأَةٌ بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ.
وَبِهِ، وَجَاءهُ آخَرُ، فَقَالَ: أَرَانِي كَأَنِّي أَبُوْلُ فِي أَصْلِ زَيْتُوْنَةٍ. فَقَالَ إِنَّ تَحْتَكَ ذَاتُ رَحِمٍ فَنَظَرَ فَوَجَدَ كَذَلِكَ.
وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنَّ حَمَامَةً وَقَعَتْ عَلَى المَنَارَةِ. فَقَالَ يَتَزَوَّجُ الحَجَّاجُ ابْنَةَ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ.
وَبِهِ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: الكَبْلُ فِي النَّوْمِ ثَبَاتٌ فِي الدين. وقيل لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ رَأَيْتُ كَأَنِّي فِي الظِّلِ, فَقُمْتُ إِلَى الشَّمْسِ. فَقَالَ: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ, لَتَخْرُجَنَّ مِنَ الإِسْلاَمِ. قَالَ يَا أَبَا محمد إني أراني أُخْرِجْتُ حَتَّى أُدْخِلْتُ فِي الشَّمْسِ فَجَلَسْتُ. قَالَ: تُكْرَهُ عَلَى الكُفْرِ. قَالَ: فَأُسِرَ، وَأُكْرِهَ عَلَى الكُفْرِ، ثُمَّ رَجَعَ فَكَانَ يُخْبِرُ بِهَذَا بِالمَدِيْنَةِ.
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ السَّائِبِ: قَالَ رَجُلٌ لابْنِ المُسَيِّبِ: إِنَّهُ رَأَى كَأَنَّهُ يَخُوْضُ النَّارَ. قَالَ: لاَ تَمُوْتُ حَتَّى تَرْكَبَ البَحْرَ, وَتَمُوْتَ قَتِيْلاً فَرَكِبَ البَحْرَ وَأَشْفَى عَلَى الهَلَكَةِ، وقتل يوم قديد.
وحدثنا الصالح بنُ خَوَّاتٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ آخِرُ الرُّؤْيَا أَرْبَعُوْنَ سَنَةً يَعْنِي تَأْوِيْلَهَا.
رَوَى هَذَا الفصل: ابن سحد فِي "الطَّبَقَاتِ"، عَنِ الوَاقِدِيِّ.
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ، عَنْ عِمْرَانَ، بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: رَأَى الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ كَأَنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوْبٌ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} ، فَاسْتَبْشَرَ بِهِ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ. فَقَصُّوْهَا عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ فَقَالَ: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاهُ فَقَلَّمَا بَقِيَ مِنْ أَجَلِهِ فَمَاتَ بَعْدَ أَيَّامٍ.(5/134)
وَمِنْ كَلاَمِهِ:
سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: مَا أَيِسَ الشَّيْطَانُ مِنْ شَيْءٍ إلَّا أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ ثُمَّ قَالَ لَنَا سَعِيْدٌ -وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَقَدْ ذَهَبَتْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ وَهُوَ يَعْشُو بِالأُخْرَى-: مَا شَيْءٌ أخوف عندي من النساء.
وَقَالَ: مَا أُصَلِّي صَلاَةً، إلَّا دَعَوْتُ اللهَ عَلَى بَنِي مَرْوَانَ.
قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا عَطَّافُ بنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ قَالَ: مَا سَمِعْتُ سعيد بن المسيب سب أحد مِنَ الأَئِمَّةِ، إلَّا أَنِّي سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: قَاتَلَ الله فُلاَناً، كَانَ أَوَّلَ مَنْ غَيَّرَ قَضَاءَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنَّهُ قَالَ: "الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ" 1.
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ، عَنْ عِمْرَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ المُسَيِّبِ لاَ يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئاً.
العَطَّافُ، عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ، قَالَ قَالَ سَعِيْدٌ: لاَ تَقُوْلُوا مُصَيْحِفٌ وَلاَ مُسَيْجِدٌ مَا كَانَ للهِ فَهُوَ عَظِيْمٌ حَسَنٌ جَمِيْلٌ.
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ زِيَادِ بنِ أَنْعُمَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، سَمِعَ ابْنَ المُسَيِّبِ يَقُوْل: لاَ خَيْرَ فِيْمَنْ لاَ يُرِيْدُ جَمْعَ المَالِ مِنْ حِلِّهِ، يُعْطِي مِنْهُ حَقَّهُ، وَيَكُفُّ بِهِ وَجْهَهُ عَنِ النَّاسِ.
الثَّوْرِيُّ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ: أَنَّ ابْنَ المسيب خلف مئة دِيْنَارٍ. وَعَنْ عَبَّادِ بنِ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ: أَنَّ ابْنَ المُسَيِّبِ خَلَّفَ أَلْفَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ. وَعَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: مَا تَرَكْتُهَا إلَّا لأَصُوْنَ بِهَا دِيْنِي وَعَنْهُ قَالَ مَنِ اسْتَغْنَى بِاللهِ, افْتَقَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ.
دَاوُدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَطَّارُ، عَنْ بِشْرِ بنِ عَاصِمٍ، قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: يَا عَمِّ ألَّا تَخْرُجُ، فَتَأْكُلَ اليَوْمَ مَعَ قَوْمِكَ؟ قَالَ: مَعَاذِ اللهِ يَا ابْنَ أَخِي أَدَعُ خَمْساً وعشرين صلاة خمس صلوات قد سمعت كعبًا2 يقول وَدِدْتُ أَنَّ هَذَا اللَّبَنَ عَادَ قَطِرَاناً تَتْبَعُ قُرَيْشٌ أَذْنَابَ الإِبِلِ فِي هَذِهِ الشِّعَابِ إِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الشَّاذِّ وَهُوَ مِنَ الاثْنَيْنِ أَبْعَدُ.
__________
1 صحيح: أخرجه النسائي "6/ 181"، والخطيب في "تاريخ بغداد" "11/ 116" من حديث عبد الله بن مسعود، وأخرجه أحمد "2/ 239 و 280 و 386 و 409 و 492"، والبخاري "6750" و "6818"، ومسلم "1458"، والترمذي "1157"، والنسائي "6/ 180"، وابن ماجه "2006" من حديث أبي هريرة، به وأخرجه أحمد "1/ 65" من حديث عثمان بن عفان.
وأخرجه أحمد "1/ 59 و 65 و 104"، وأبو داود "2275" من حديث علي، به.
ورد عن عبد الله بن عمرو: عند أبي داود "2274".
2 هو: كعب بن مانع الحميري، يقال له: كعب الأحبار.(5/135)
العَطَّافُ بنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: أَنَّهُ اشْتَكَى عَيْنَهُ، فَقَالُوا: لَوْ خَرَجْتَ إِلَى العَقِيْقِ، فَنَظَرْتَ إِلَى الخُضْرَةِ لَوَجَدْتَ لِذَلِكَ خِفَّةً قَالَ فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِشُهُوْدِ العَتْمَةِ وَالصُّبْحِ.
العَطَّافُ، عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ: قُلْتُ لِبُرْدٍ مَوْلَى ابْنِ المُسَيِّبِ: مَا صَلاَةُ ابْنِ المُسَيِّبِ فِي بَيْتِهِ؟
قَالَ: مَا أَدْرِي، إِنَّهُ لَيُصَلِّي صَلاَةً كَثِيْرَةً, إلَّا أَنَّهُ يَقْرَأُ بـ {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْر} [ص: 1] .
وَقَالَ عَمْرُو بنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بنُ العَبَّاسِ الأَسَدِيُّ، قَالَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ يُذَكِّرُ, وَيُخَوِّفُ, وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي اللَّيْلِ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَيُكْثِرُ، وَسَمِعْتُهُ يَجْهَرُ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ, وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَسْمَعَ الشِّعْرَ، وَكَانَ لاَ يُنْشِدُهُ، وَرَأَيْتُهُ يَمْشِي حَافِياً وَعَلَيْهِ بَتٌّ، وَرَأَيْتُهُ يُخْفِي شَارِبَهُ شَبِيْهاً بِالحَلْقِ، وَرَأَيْتُهُ يُصَافِحُ كُلَّ مَنْ لَقِيَهُ، وَكَانَ يَكْرَهُ كَثْرَةَ الضَّحِكِ.
سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ سَعِيْدٍ: أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُسَمِّيَ وَلَدَهُ بَأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ فِي رَحْلِهِ، وَكَانَ يَلْبَسُ مُلاَءً شَرْقِيَّةً.
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قال: ما أحصي ما رأيت عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ مِنْ عِدَّةِ قُمُصِ الهَرَوِيِّ، وَكَانَ يَلْبَسُ هَذِهِ البُرُوْدَ الغَالِيَةَ البِيْضَ.
أَبَانُ بنُ يَزِيْدَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: سَأَلْتُ سَعِيْداً عَنِ الصَّلاَةِ عَلَى الطَّنْفِسَةِ، فَقَالَ: مُحْدَثٌ.
مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سعيد بن المسيب، حدثني غُنَيْمَةُ جَارِيَةُ سَعِيْدٍ: أَنَّهُ كَانَ لاَ يَأْذَنُ لِبِنْتِهِ فِي لُعَبِ العَاجِ، وَيُرَخِّصُ لَهَا فِي الكَبَرِ تَعْنِي: الطَّبْلَ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِلاَلٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ: مَا تِجَارَةٌ أَعْجَبَ إِلَيَّ مِنَ البَّزِّ مَا لَمْ يَقَعْ فِيْهِ أَيْمَانٌ!.
مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، قَالَ: قَالَ بُرْدٌ مَوْلَى ابْنِ المُسَيِّبِ لِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ: مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مَا يَصْنَعُ هَؤُلاَءِ! قَالَ سَعِيْدٌ: وَمَا يَصْنَعُوْنَ؟ قَالَ: يُصَلِّي أَحَدُهُم الظُّهْرَ، ثُمَّ لاَ يَزَالُ صَافّاً رِجْلَيْهِ حَتَّى يُصَلِّيَ العَصْرَ فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا بُرْدُ! أَمَا -وَاللهِ- مَا هِيَ بِالعِبَادَةِ, إِنَّمَا العِبَادَةُ التَّفَكُّرُ فِي أَمْرِ اللهِ وَالكَفُّ عَنْ مَحَارِم اللهِ.(5/136)
سَلاَّمُ بنُ مِسْكِيْنٍ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخُزَاعِيُّ، قَالَ: قَالَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ مَا خِفْتُ عَلَى نَفْسِي شَيْئاً مَخَافَةَ النِّسَاءِ. قَالُوا يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّ مِثْلَكَ لاَ يُرِيْدُ النِّسَاءَ، وَلاَ تُرِيْدُهُ النِّسَاءُ. فَقَالَ: هُوَ مَا أَقُوْلُ لَكُم, وَكَانَ شَيْخاً كَبِيْراً أَعْمَشَ.
الوَاقِدِيُّ: أَنْبَأَنَا طَلْحَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيْهِ: قَالَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: قِلَّةُ العِيَالِ أَحَدُ اليُسْرَيْنِ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ لِي سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: قُلْ لِقَائِدِكَ يَقُوْمُ، فَيَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ هَذَا الرَّجُلِ وَإِلَى جَسَدِهِ. فقام, وجاء فقال: رأيت وجه زنجي، وجسد أَبْيَضُ. فَقَالَ سَعِيْدٌ: إِنَّ هَذَا سَبَّ هَؤُلاَءِ: طلحة والزبير وعليًا رضي الله عنهم فنيهته، فَأَبَى فَدَعَوْتُ اللهَ عَلَيْهِ قُلْتُ: إِنْ كُنْتَ كَاذِباً، فَسَوَّدَ اللهُ وَجْهَكَ. فَخَرَجَتْ بِوَجْهِهِ قَرْحَةٌ، فَاسْوَدَّ وَجْهُهُ.
مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ: سُئِلَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ عَنْ آيَةٍ: فَقَالَ سَعِيْدٌ: لاَ أَقُوْلُ فِي القُرْآنِ شَيْئاً.
قُلْتُ: وَلِهَذَا قَلَّ مَا نُقِل عَنْهُ فِي التَّفْسِيْرِ.
ذِكْرُ لِبَاسِهِ:
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي "الطَّبَقَاتِ": أَخْبَرَنَا قَبِيْصَةُ، عَنْ عُبَيْدِ بنِ نِسْطَاسَ، قَالَ: رَأَيْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ, ثُمَّ يُرْسِلُهَا خَلْفَهُ، وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ إِزَاراً وَطَيْلَسَاناً وَخُفَّيْنِ.
أَخْبَرَنَا مَعْنٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِلاَلٍ: أَنَّهُ رَأَى سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يَعْتَمُّ وَعَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ لَطِيْفَةٌ بِعِمَامَةٍ بَيْضَاءَ لَهَا عَلَمٌ أَحْمَرُ يُرْخِيْهَا وَرَاءهُ شِبْراً.
أَخْبَرَنَا القَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عُثَيْمٌ: رَأَيْتُ ابْنَ المُسَيِّبِ يَلْبَسُ فِي الفِطْرِ وَالأَضْحَى عِمَامَةً سَوْدَاءَ، وَيَلْبَسُ عَلَيْهَا بُرْنُساً أَحْمَرَ أرجوانيًا.
أَخْبَرَنَا عَارِمٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ شُعَيْبِ بنِ الحَبْحَابِ: رَأَيْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ بُرْنُسَ أُرْجُوَانٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ إِلْيَاسَ: رَأَيْتُ عَلَى سَعِيْدٍ قَمِيْصاً إِلَى نِصْفِ سَاقِهِ، وَكُمَّاهُ إِلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ وَرِدَاءً فَوْقَ القَمِيْصِ, خَمْسَةُ أَذْرُعٍ وَشِبْرٌ.
أَخْبَرَنَا رَوْحٌ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدٌ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عِمْرَانَ قَالَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ يَلْبَسُ طَيْلَسَاناً أزراره ديباج.(5/137)
أَخْبَرَنَا مَعْنٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِلاَلٍ، قَالَ: لم أرى سَعِيْداً لَبِسَ غَيْرَ البَيَاضِ.
وَعَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ: أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ سَرَاوِيْلَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ الخَزَّ.
أَخْبَرَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِوٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ المُسَيِّبِ لاَ يَخْضِبُ.
أَخْبَرَنَا خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِلاَلٍ: رَأَيْتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أُوَيْسٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الغُصْنِ: أنه رَأَى سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ أَبَيْضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ: أَنَّ ابْنَ المُسَيِّبِ كَانَ إِذَا مَرَّ بِالمَكْتَبِ، قَالَ لِلصِّبْيَانِ: هَؤُلاَءِ النَّاسُ بَعْدَنَا.
ذِكْرُ مَرَضِهِ وَوَفَاتِهِ:
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَرْمَلَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ وَهُوَ شَدِيْدُ المَرَضِ، وَهُوَ يُصَلِّي الظُّهْرَ، وَهُوَ مُسْتَلْقٍ يُوْمِئُ إِيْمَاءً، فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ: بِـ "الشَّمْسِ وَضُحَاهَا".
الثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ حَرْمَلَةَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ المُسَيِّبِ فِي جَنَازَةٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: اسْتَغْفِرُوا لَهَا. فَقَالَ: مَا يَقُوْلُ رَاجِزُهُم! قَدْ حَرَّجْتُ عَلَى أَهْلِي أَنْ يَرْجُزَ مَعِي رَاجِزٌ، وَأَنْ يَقُوْلُوا: مَاتَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، حَسْبِي مَنْ يَقْلِبُنِي إِلَى رَبِّي، وَأَنْ يَمْشُوا مَعِي بِمِجْمَرٍ، فَإِنْ أَكُنْ طَيِّباً، فَمَا عِنْدَ اللهِ أَطْيَبُ مِنْ طِيْبِهِم.
مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: أَوْصَيْتُ أَهْلِي بِثَلاَثٍ: أَنْ لاَ يَتْبَعَنِي رَاجِزٌ وَلاَ نَارٌ، وَأَنْ يَعْجَلُوا بِي، فَإِنْ يَكُنْ لِي عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ، فَهُوَ خَيْرٌ مِمَّا عِنْدَكُم.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ المَخْزُوْمِيِّ، قَالَ: اشْتدَّ وَجَعُ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ نَافِعُ بنُ جُبَيْرٍ يَعُوْدُهُ، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ،
فَقَالَ نَافِعٌ: وَجِّهُوْهُ. فَفَعَلُوا، فأفاق، فقال: من أمركم أن تحلوا فِرَاشِي إِلَى القِبْلَةِ، أَنَافِعٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ لَهُ سَعِيْدٌ: لَئِنْ لَمْ أَكُنْ عَلَى القِبْلَةِ وَالمِلَّةِ وَاللهِ لاَ يَنْفَعُنِي تَوْجِيْهُكُم فِرَاشِي.(5/138)
ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ أَخِيْهِ المُغِيْرَةِ: أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ أَبِيْهِ عَلَى سَعِيْدٍ، وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَوُجِّهِ إِلَى القِبْلَةِ، فَلَمَّا أَفَاقَ, قَالَ: مَنْ صَنَعَ بِي هَذَا، أَلَسْتُ امْرَءاً مُسْلِماً؟ وَجْهِي إِلَى اللهِ حَيْثُ مَا كُنْتُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ القَيْسِ الزَّيَّاتُ، عَنْ زُرْعَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: قَالَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: يَا زُرْعَةُ, إِنِّي أُشْهِدُكَ عَلَى ابْنِي مُحَمَّدٍ لاَ يُؤْذِنَنَّ بِي أَحَداً، حَسْبِي أَرْبَعَةٌ يَحْمِلُوْنِي إِلَى رَبِّي.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ, تَرَكَ دَنَانِيْرَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أني لم أتركهاإلَّا لأَصُوْنَ بِهَا حَسَبِي وَدِيْنِي.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الحَكِيْمِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي فَرْوَةَ: شَهِدتُ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ يَوْمَ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ، فَرَأَيْتُ قَبْرَهُ قَدْ رُشَّ عَلَيْهِ المَاءُ، وَكَانَ يُقَالُ لِهَذِهِ السَّنَةِ سَنَةَ الفُقَهَاءِ لَكَثْرَةِ مَنْ مَاتَ مِنْهُم فِيْهَا.
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: مَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ عِدَّةُ فُقَهَاءٍ، مِنْهُم سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ. وَفِيْهَا أَرَّخَ وَفَاةَ ابْنِ المُسَيِّبِ: سَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَالوَاقِدِيُّ. وَمَا ذكر ابن سعد سواه.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ خَالِدٍ الخَيَّاطُ: أَنَّ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ.
وَأَمَّا مَا قَالَ المَدَائِنِيُّ، وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَةٍ، فَغَلَطٌ. وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ بَعْضُهُم، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ. وَمَالَ إِلَيْهِ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ, وَاللهُ أعلم.
آخر الترجمة، والحمد الله.(5/139)
457- عبد الملك بن مروان 1:
ابْنِ الحَكَمِ بنِ أَبِي العَاصِ بنِ أُمَيَّةَ، الخَلِيْفَةُ، الفَقِيْهُ، أَبُو الوَلِيْدِ الأُمَوِيُّ. وُلِدَ: سَنَةَ سِتٍّ
وَعِشْرِيْنَ.
سَمِعَ عُثْمَانَ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَبَا سَعِيْدٍ، وَأُمَّ سَلَمَةَ، وَمُعَاوِيَةَ، وَابْنَ عُمَرَ، وَبَرِيْرَةَ، وَغَيْرَهُم.
ذَكَرْتُهُ لِغَزَارَةِ عِلْمِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عُرْوَةُ، وَخَالِدُ بنُ مَعْدَانَ، وَرَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَرَبِيْعَةُ بنُ يَزِيْدَ، ويونس بن ميسرة, وآخرون.
تَمَلَّكَ بَعْدَ أَبِيْهِ الشَّامَ وَمِصْرَ، ثُمَّ حَارَبَ ابْنَ الزُّبَيْرِ الخَلِيْفَةَ، وَقَتَلَ أَخَاهُ مُصْعَباً فِي وَقْعَةِ مَسْكِنَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى العِرَاقِ وَجْهَّزَ الحَجَّاجَ لحرب بن الزُّبَيْرِ، فَقَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ، وَاسْتَوْسَقَتِ المَمَالِكُ لِعَبْدِ المَلِكِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ قَبْلَ الخِلاَفَةِ عَابِداً نَاسِكاً بِالمَدِيْنَةِ. شَهِدَ مَقْتَلَ عُثْمَانَ وَهُوَ ابْنُ عَشْرٍ، وَاسْتَعْمَلَهُ مُعَاوِيَةُ عَلَى المَدِيْنَةِ -كَذَا قَالَ- وَإِنَّمَا اسْتَعْمَلَ أَبَاهُ.
وَكَانَ أَبْيَضَ، طَوِيْلاً، مَقْرُوْنَ الحَاجِبَيْنِ، أَعْيَنَ, مُشْرِفَ الأَنْفِ، رَقِيْقَ الوَجْهِ، لَيْسَ بِالبَادِنِ, أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.
عَبْدُ اللهِ بنُ العَلاَءِ بنِ زَبْرٍ: عَنْ يُوْنُسَ بنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، أَنَّهُ قَالَ عَلَى المِنْبَرِ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ: قَالَ رَسُوْل اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ لاَ يَغْزُو، أَوْ يُجَهِّزُ غَازِياً أَوْ يَخْلُفُهُ بِخَيْرٍ إلَّا أَصَابَهُ اللهُ بِقَارِعَةٍ قَبْلَ المَوْتِ" 2.
قَالَ عُبَادَةُ بنُ نُسَيٍّ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّ لِمَرْوَانَ ابْناً فَقِيْهاً، فَسَلُوْهُ.
وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا هُرِيْرَةَ نَظَرَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ وَهُوَ غُلاَمٌ فَقَالَ هَذَا يملك العرب.
جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ المَدِيْنَةَ وَمَا بِهَا شَابٌّ أَشَدُّ تَشْمِيْراً وَلاَ أَفْقَهُ وَلاَ أَنْسَكُ وَلاَ أَقْرَأُ لِكِتَابِ اللهِ مِنْ عَبْدِ المَلِكِ.
وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: فُقَهَاءُ المَدِيْنَةِ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَعَبْدُ المَلِكِ، وَعُرْوَةُ، وَقَبِيْصَةُ بنُ ذُؤَيْبٍ.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: وُلِدَ النَّاسُ أَبْنَاءً وَوُلِدَ مَرْوَانُ أَباً.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ: أَوَّلُ مَنْ صَلَّى بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ، وفتيان معه كانوا يصلون إلى العصر.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 223"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1397"، تاريخ الخطيب "10/ 388- 391"، تهذيب التهذيب "6/ 422- 423"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4460"، شذرات الذهب "1/ 82 و 97"، تاريخ الإسلام "3/ 276".
2 حسن: أخرجه أبو داود "2503"، وابن ماجه "2762"، والدارمي "2/ 209" من طريق الوليد بن مسلم، حدثنا يحيى بن الحارث، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أمامة، به.(5/140)
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ, عَنِ الشَّعْبِيِّ, قَالَ: مَا جَالَسْتُ أَحَداً إلَّا وَجَدْتُ لِي عَلَيْهِ الفَضْلَ إلَّا عَبْدُ المَلِكِ وَقِيْلَ: إِنَّهُ تَأَوَّهَ مِنْ تَنْفِيْذِ يَزِيْدَ جَيْشَهُ إِلَى حَرْبِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَلَمَّا وَلِيَ الأَمْرَ جَهَّزَ إِلَيْهِ الحَجَّاجَ الفَاسِقَ.
قَالَ ابْنُ عَائِشَةَ أَفْضَى الأَمْرُ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ وَالمُصْحَفُ بَيْنَ يَدَيْهِ, فَأَطْبَقَهُ, وَقَالَ: هَذَا آخِرُ العَهْدِ بِكَ.
قُلْتُ: اللَّهُمَّ لاَ تَمْكُرْ بِنَا.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: قِيْلَ لِعَبْدِ المَلِكِ: عَجِلَ بِكَ الشَّيْبُ. قَالَ: وَكَيْفَ لاَ وَأَنَا أَعْرِضُ عَقْلِي عَلَى النَّاسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ.
قَالَ مَالِكٌ: أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَ الدَّنَانِيْرَ عَبْدُ الملك, وكتب عليها القرآن.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ المَاجِشُوْنِ: كَانَ عَبْدُ المَلِكِ إِذَا جَلَسَ لِلْحُكْمِ, قِيْمَ عَلَى رَأْسِهِ بِالسُّيُوْفِ.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى الغَسَّانِيِّ, قَالَ: كَانَ عَبْدُ المَلِكِ كَثِيْراً مَا يَجْلِسُ إِلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ فِي مُؤَخَّرِ مَسْجِدِ دِمَشْقَ. فَقَالَتْ: بَلَغَنِي أَنَّك شَرِبْتَ الطِّلاَءَ1 بَعْدَ النُّسْكِ وَالعِبَادَةِ! فَقَالَ: إِي وَاللهِ وَالدِّمَاءَ.
وَقِيْلَ: كَانَ أَبْخَرَ.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: خَطَبَ عَبْدُ المَلِكِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ ذُنُوْبِي عِظَامٌ, وَهِيَ صِغَارٌ فِي جَنْبِ عَفْوِكَ يَا كَرِيْمُ فَاغْفِرْهَا لِي.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ رِجَالِ الدَّهْرِ وَدُهَاةِ الرِّجَالِ وَكَانَ الحَجَّاجُ مِنْ ذُنُوْبِهِ.
تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ستٍّ وَثَمَانِيْنَ, عن نيف وستين سنة.
__________
1 الطلاء: ما طبخ من عصير العنب حتى ذهب ثلثاه.(5/141)
458- عبد العزيز بن مروان 1: "د"
ابن الحكم, أَمِيْرُ مِصْرَ، أَبُو الأَصْبَغِ المَدَنِيُّ وَلِيَ العَهْدَ بَعْدَ عَبْدِ المَلِكِ, عَقَدَ لَهُ بِذَلِكَ أَبُوْهُ, واستقل بملك مصر عشرين سنة وزيادة.
يَرْوِي عَنْ أَبِيْهِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ. وَلَهُ بِدِمَشْقَ دَارٌ إِلَى جَانِبِ الجَامِعِ، هِيَ السُّمَيْسَاطِيَّةُ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَالزُّهْرِيُّ، وَكَثِيْرُ بنُ مرة، وعلي بن رباح، وابن أبي ملكية، وَبَحِيْرُ بنُ ذَاخِرٍ.
وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وَالنَّسَائِيُّ. وَلَهُ فِي "سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ" حَدِيْثٌ.
قَالَ سُوَيْدُ بنُ قَيْسٍ: بَعَثَنِي عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مَرْوَانَ بِأَلْفِ دِيْنَارٍ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، فَجِئْتُهُ بِهَا فَفَرَّقَهَا.
قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: شَهِدْتُ عَبْدَ العَزِيْزِ عِنْدَ المَوْتِ يَقُوْل: يَا لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ شَيْئاً، يَا لَيْتَنِي كَهَذَا المَاءِ الجَارِي. وَقِيْلَ: قَالَ: هَاتُوا كَفَنِي، أُفٍّ لَكِ، مَا أَقْصَرَ طَوِيْلَكِ وَأَقَلَّ كَثِيْرَكِ.
وَعَنْ حَمَّادِ بنِ مُوْسَى، قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ عَبْدُ العَزِيْزِ، أَتَاهُ البَشِيْرُ يُبَشِّرُهُ بِمَالِهِ الوَاصِلِ فِي العَامِ، فقال: مالك؟ قَالَ: هَذِهِ ثَلاَثُ مائَةِ مُدْيٍ مِنْ ذَهَبٍ. قال: مالي وَلَهُ لَوَدِدْتُ، أَنَّهُ كَانَ بَعْراً حَائِلاً بِنَجْدٍ.
قُلْتُ: هَذَا قَوْلُ كُلِّ مَلِكٍ كَثِيْرِ الأَمْوَالِ، فهلا يبادر ببذله.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَسَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ، وَالزِّيَادِيُّ، وغيرهم: مات سنة خمس ثمانين. وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: قَالَ اللَّيْثُ: مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ ستٍّ وَثَمَانِيْنَ.
قُلْتُ: الأَوَّلُ أَصَحُّ، وَقَدْ كَانَ مَاتَ قَبْلَهُ ابْنُهُ أَصْبَغُ بِسِتَّةَ عَشَرَ يَوْماً، فَحَزِنَ عَلَيْهِ وَمَرِضَ وَمَاتَ بِحُلْوَانَ؛ مَدِيْنَةٍ صَغِيْرَةٍ أَنْشَأَهَا عَلَى بَرِيْدٍ فَوْقَ مِصْرَ وَعَاشَ أَخُوْهُ عَبْدُ المَلِكِ بَعْدَهُ فَلَمَّا جَاءهُ نَعْيُهُ عَقَدَ بِوِلاَيَةِ العَهْدِ لابْنَيْهِ: الوَلِيْدِ ثم سليمان.
__________
1ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 236"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 1514"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1827"، الكاشف "2/ ترجمة 3456"، تاريخ الإسلام "3/ 274"، تهذيب التهذيب "6/ 356"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4373".(5/142)
459- روح بن زنباع 1:
ابن روح بن سلامة، الأَمِيْرُ الشَّرِيْفُ, أَبُو زُرْعَةَ الجُذَامِيُّ، الفِلَسْطِيْنِيُّ، سَيِّدُ قَوْمِهِ. وَكَانَ شِبْهَ الوَزِيْرِ لِلْخَلِيْفَةِ عَبْدِ المَلِكِ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ -وَلَهُ صُحْبَةٌ- وَعَنْ تَمِيْمٍ الدَّارِيِّ، وَعُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ؛ رَوْحُ بنُ رَوْحٍ، وَشُرَحْبِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ، وَعُبَادَةُ بنُ نُسَيٍّ، وَآخَرُوْنَ.
وَلَهُ دَارٌ بِدِمَشْقَ فِي البُزُوْرِيِّيْنَ2 وَلِيَ جُنْدَ فِلَسْطِيْنَ لِيَزِيْدَ. وَكَانَ يَوْمَ مَرْجِ رَاهِطٍ3 مَعَ مَرْوَانَ. وَقَدْ وَهِمَ مُسْلِمٌ, وَقَالَ: له صحبة، وإنما الصحبة لأبيه.
رَوَى ضَمْرَةُ، عَنْ شَيْخٍ لَهُ، قَالَ: كَانَ رَوْحُ بنُ زِنْبَاعٍ إِذَا خَرَجَ مِنَ الحَمَّامِ، أَعْتَقَ رَقَبَةً. قَالَ ابْنُ زَبْرٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ.
قُلْتُ: هُوَ صَدُوْقٌ، وَمَا وَقَعَ لَهُ شَيْءٌ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ وَحَدِيْثُهُ قَلِيْلٌ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1042"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2242"، أسد الغابة "2/ 189"، تاريخ الإسلام "3/ 248"، العبر "1/ 98"، الإصابة "1/ ترجمة رقم 2713"، النجوم الزاهرة "1/ 205"، شذرات الذهب "1/ 95".
2 البزوريين: من أسواق دمشق القديمة. ويعرف اليوم بسوق البزورية.
3 مرج راهط: الموضع الذي وقعت فيه الموقعة المشهورة بين مروان بن الحكم وأنصار عبد الله بن الزبير.(5/142)
460- ابن أم بُرثن 1: "م، د"
الأَمِيْرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ آدَمَ البَصْرِيُّ، صَاحِبُ السِّقَايَةِ، هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ أُمِّ بُرْثُنٍ. لَعَلَّهُ ابْنُ مُلاَعِنَةٍ. وَآدَمُ هُنَا، هُوَ أَبُوْنَا -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- وَقِيْلَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بُرْثُمٍ، وَابْنُ بُرْثُنٍ وَقِيْلَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَوْلَى أُمِّ بُرْثُنٍ مِنْ جِلَّةِ التَّابِعِيْنَ.
رَوَى عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَابِرٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو.
وَعَنْهُ: أَبُو العَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ -وَهُوَ مِنْ طَبَقَتِهِ- وَقَتَادَةُ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ.
قَالَ المَدَائِنِيُّ: اسْتَعْمَلَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ زِيَادٍ ابْنَ أُمِّ بُرْثُنٍ، ثُمَّ غَضِبَ عَلَيْهِ، وَغَرَّمَهُ مائَةَ أَلْفٍ، فَخَرَجَ إِلَى يَزِيْدَ. قَالَ: فَنَزَلْتُ عَلَى مرحلة من دمشق، وَضُرِبَ لِي خِبَاءٌ وَحُجْرَةٌ، فَإِذَا كَلْبٌ دَخَلَ فِي عُنُقِهِ طَوْقٌ مِنْ ذَهَبٍ فَأَخَذْتُهُ وَطَلَعَ فَارِسٌ فَهِبْتُهُ، وَأَنْزَلْتُهُ فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ تَوَافَتِ الخَيْلُ، فَإِذَا هُوَ يَزِيْدُ بنُ مُعَاوِيَةَ. فَقَالَ لي بعدما صَلَّى: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ كَتَبْتُ لَكَ هُنَا، وَإِنْ شِئْتَ دَخَلْتَ. قُلْتُ: بَلْ تَكْتُبُ لِي مِنْ مَكَانِي. قَالَ: وَأَمَرَ بِأَنْ تُرَدَّ عَلَيَّ المائَةُ أَلْفٍ, فَرَجَعْتُ. قَالَ: وَأَعْتَقَ هُنَاكَ ثَلاَثِيْنَ مَمْلُوْكاً وَكَانَ يَتَأَلَّهُ.
وَقَالَ المدائني: رمى عبدًا له بفسود, فَأَخْطَأَهُ، وَأَصَابَ وَلَدَهُ فَنَتَرَ دِمَاغَهُ. فَخَافَ الغُلاَمُ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرُّ، فَلَوْ قَتَلْتُكَ لَكُنْتُ هَلَكْتُ، لأَنِّي كُنْتُ مُتَعَمِّداً وَأَصَبْتُ
ابْنِي خَطَأً. ثُمَّ عَمِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَعْدُ، وَمَرِضَ وَقِيْلَ: كَانَتْ أُمُّهُ تَعْمَلُ الطِّيْبَ، وَتُخَالِطُ نِسَاءَ ابْنِ زِيَادٍ، فَالْتَقَطَتْ هَذَا وَرَبَّتْهُ.
مَاتَ فِي خِلاَفَةِ عبد الملك بن مروان. وهو ثقة.
__________
1 تراجمته في التاريخ الكبير "5/ 818"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 989"، الكاشف "2/ ترجمة 3175"، تاريخ الإسلام "3/ 270"، تهذيب التهذيب "6/ 134"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4019".(5/143)
461- أبو رجاء العُطاردي 1: "ع"
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، عِمْرَانُ بنُ مِلْحَانَ التَّمِيْمِيُّ، البَصْرِيُّ. مِنْ كِبَارِ المُخَضْرَمِيْنَ، أَدْرَكَ الجَاهِلِيَّةَ وَأَسْلَمَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ وَلَمْ يَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْرَدَهُ: أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ فِي كِتَابِ "الاسْتِيْعَابِ" وقيل: إنه رأى أبا بكر الصديق.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ، وَسَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ، وَأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، وَتَلقَّنَ عَلَيْهِ القُرْآنَ، ثُمَّ عَرَضَهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ أَسَنُّ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَكَانَ خَيِّراً، تَلاَّءً لِكِتَابِ اللهِ.
قَرَأَ عَلَيْهِ: أَبُو الأَشْهَبِ العُطَارِدِيُّ, وَغَيْرُهُ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَيُّوْبُ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَعَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَسَلْمُ بنُ زَرِيْرٍ، وَصَخْرُ بنُ جُوَيْرِيَةَ، وَمَهْدِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: هَرَبْنَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لَهُ: مَا طَعْمُ الدَّمِ؟ قَالَ: حُلْوٌ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ: قُلْتُ لأَبِي رَجَاءٍ: مَا تَذْكُرُ؟ قَالَ: أَذْكُرُ قَتْلَ بِسْطَامَ، ثُمَّ أَنْشَدَ:
وَخَرَّ عَلَى الأَلاَءةِ لَمْ يوسد
وكأن جَبِيْنَهُ سَيْفٌ صَقِيْلُ
ثُمَّ قَالَ الأَصْمَعِيُّ: قُتِلَ بِسْطَامُ قَبْلَ الإِسْلاَمِ بِقَلِيْلٍ.
أَبُو سَلَمَةَ المِنْقَرِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو الحَارِثِ الكَرْمَانِيُّ [وَكَانَ] ثِقَةً قَالَ: سمعت أبا رجاء.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 138"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2811"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1687"، حلية الأولياء "2/ 304"، الاستيعاب "3/ ترجخمة 1971"، أسد الغابة "4/ 136"، الكاشف "2/ ترجمة 4343"، تاريخ الإسلام "4/ 178"، تهذيب التهذيب "8/ 140"، الإصابة "3/ ترجمة 6523"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5443"، شذرات الذهب "1/ 130".(5/144)
يَقُوْلُ: أَدْرَكْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا شَابٌّ أَمْرَدُ، وَلَمْ أَرَ نَاساً كَانُوا أَضَلَّ مِنَ العَرَبِ، كَانُوا يَجِيْئُوْنَ بِالشَّاةِ البَيْضَاءِ، فَيَعْبُدُوْنَهَا فَيَخْتَلِسُهَا الذِّئْبُ, فَيَأْخُذُوْنَ أُخْرَى مَكَانَهَا يَعْبُدُوْنَهَا، وإذا رأوا صخرة حسنة، جاؤوا بِهَا وَصَلُّوا إِلَيْهَا فَإِذَا رَأَوْا أَحْسَنَ مِنْهَا رَمَوْهَا. فَبُعِثَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَرْعَى الإِبِلَ عَلَى أَهْلِي. فَلَمَّا سَمِعْنَا بِخُرُوْجِهِ لَحِقْنَا بِمُسَيْلِمَةَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ اسْمَ أَبِي رَجَاءٍ العُطَارِدِيِّ عِمْرَانُ بنُ تَيْمٍ، وَبَنُوْ عُطَارِدٍ: بَطْنٌ مِنْ تَمِيْمٍ، وَكَانَ أَبُو رَجَاءٍ -فِيْمَا قِيْلَ- يَخْضِبُ رَأْسَهُ دُوْنَ لِحْيَتِهِ.
قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: كَانَ أَبُو رَجَاءٍ عَابِداً، كَثِيْرَ الصَّلاَةِ وَتِلاَوَةِ القُرْآنِ، كَانَ يَقُوْلُ: مَا آسَى على شيء من الدنياإلَّا أَنْ أُعَفِّرَ فِي التُّرَابِ وَجْهِي كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: كَانَ رَجُلاً فِيْهِ غَفْلَةٌ، وَلَهُ عِبَادَةٌ عُمِّرَ عُمُراً طَوِيْلاً أَزْيَدَ مِنْ مائَةٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
ذَكَرَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَيَّاشٍ، قَالَ: اجْتَمَعَ فِي جَنَازَةِ أَبِي رَجَاءٍ الحَسَنُ البَصْرِيُّ، وَالفَرَزْدَقُ فَقَالَ: الفَرَزْدَقُ: يَا أَبَا سَعِيْدٍ، يَقُوْلُ النَّاسُ: اجْتَمَعَ فِي هَذِهِ الجَنَازَةِ خَيْرُ النَّاسِ وَشَرُّهُم فَقَالَ الحَسَنُ: لَسْتُ بِخِيْرِ النَّاسِ، وَلَسْتَ بِشَرِّهِم، لَكِنْ مَا أَعْدَدْتَ لِهَذَا اليَوْمِ يَا أَبَا فَرَاسٍ؟ قَالَ: شَهَادَةَ أَنْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللهَ وَأَنَّ محمد رَسُوْلُ اللهِ وَعَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ. ثُمَّ انْصَرَفَ، وَقَالَ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ النَّاسَ مَاتَ كَبِيْرُهُم ... وَقَدْ كَانَ قَبْلَ البَعْثِ بَعْثِ مُحَمَّدِ
وَلَمْ يُغْنِ عَنْهُ عَيْشُ سَبْعِيْنَ حِجَّةً ... وَسِتِّيْنَ لَمَّا بَاتَ غَيْرُ مُوَسَّدِ
إِلَى حُفْرَةٍ غَبْرَاءَ يُكْرَهُ وَرْدُهَا ... سوى أنها مثوى وضيع وسيد
وَلَوْ كَانَ طُوْلُ العُمْرِ يُخْلِدُ وَاحِداً ... وَيَدْفَعُ عَنْهُ عَيْبَ عُمْرٍ عَمَرَّدِ
لَكَانَ الَّذِي رَاحُوا بِهِ يَحْمِلُوْنَهُ ... مُقِيْماً وَلَكِنْ لَيْسَ حَيٌّ بِمُخْلَدِ
نَرُوْحُ وَنَغْدُو وَالحُتُوْفُ أَمَامَنَا ... يَضَعْنَ بِنَا حَتْفَ الرَّدَى كُلَّ مَرْصَدِ
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ, حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا المُفَضَّلُ بنُ غَسَّانَ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بنُ جَرِيْرٍ عَنْ أَبِيْهِ سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ يَقُوْلُ: بَلَغنَا أَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ عَلَى مَاءٍ لَنَا، يُقَالَ لَهُ: سَنَدٌ فَانْطَلَقْنَا نَحْوَ الشَّجَرَةِ هَارِبِيْنَ بِعِيَالِنَا فَبَيْنَا أَنَا أَسُوْقُ القَوْمَ، إِذْ وَجَدْتُ كُرَاعَ ظَبْيٍ فَأَخَذْتُهُ فَأَتَيْتُ المَرْأَةَ فَقُلْتُ: هَلْ عِنْدَكِ شَعِيْرٌ؟ فَقَالَتْ قَدْ كَانَ فِي(5/145)
وِعَاءٍ لَنَا عَامَ أَوَّلٍ شَيْءٌ مِنَ الشَّعِيْرِ، فَمَا أَدْرِي بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لاَ. فَأَخَذْتُهُ، فَنَفَضْتُهُ، فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهُ مِلْءَ كَفٍّ مِنْ شَعِيْرٍ، وَرَضَخْتُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، وَأَلْقَيْتُهُ وَالكُرَاعَ فِي بُرْمَةٍ لَنَا، ثُمَّ قُمْتُ إِلَى بَعِيْرٍ فَفَصَدْتُهُ إناء من دم، وأوقدت تحته ثم أخذ عوادًا، فَلَبَكْتُهُ بِهِ لَبْكاً شَدِيْداً حَتَّى أَنْضَجْتُهُ، ثُمَّ أَكَلْنَا. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَكَيْفَ طَعْمُ الدَّمِ؟ قَالَ: حُلْوٌ.
مُحْرِزُ بنُ عَوْنٍ: حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِيْهِ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي رَجَاءٍ، فَقَالَ: بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ لَنَا صَنَمٌ مُدَوَّرٌ، فَحَمَلْنَاهُ عَلَى قَتَبٍ، وَتَحَوَّلْنَا، فَفَقَدْنَا الحَجَرَ، انْسَلَّ فَوْقَعَ فِي رَمْلٍ فَرَجَعْنَا فِي طَلَبِهِ فَإِذَا هُوَ فِي رمل قد غب فِيْهِ فَاسْتَخْرَجْتُهُ، فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّل إِسْلاَمِي. فَقُلْتُ: إِنَّ إِلَهاً لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ تُرَابٍ يَغِيْبُ فِيْهِ لإِلَهُ سَوْءٍ، وَإِنَّ العَنْزَ لَتَمْنَعُ حَيَاهَا بذنبها. فكان ذَلِكَ أَوَّلَ إِسْلاَمِي. فَرَجَعْتُ إِلَى المَدِيْنَةِ، وَقَدْ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ عُمَارَةُ المِعْوَلِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ يَقُوْلُ: كُنَّا نَعْمَدُ إِلَى الرَّمْلِ، فَنَجْمَعُهُ، وَنَحْلِبُ عَلَيْهِ, فَنَعْبُدُهُ وَكُنَّا نَعْمَدُ إِلَى الحَجَرِ الأَبْيَضِ، فَنَعْبُدُهُ.
قَالَ أَبُو الأَشْهَبِ: كَانَ أَبُو رَجَاءٍ العُطَارِدِيُّ يَخْتِمُ بِنَا فِي قِيَامٍ لِكُلِّ عَشْرَةِ أَيَّامٍ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ أَبُو رَجَاءٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَةٍ، وَلَهُ أَزْيَدُ مِنْ مائَةٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ المُؤَرِّخِيْنَ: مات سنة سبع ومائة. وقيل: سنة وثمان.(5/146)
462- الأسود بن هلال 1: "خ، م، د، س"
أبو سلام المحاربي الكُوْفِيُّ، مِنْ كُبَرَاءِ التَّابِعِيْنَ، أَدْرَكَ أَيَّامَ الجَاهِلِيَّةِ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَمُعَاذٍ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَا هُوَ بِالمُكْثِرِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَشْعَثُ بنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَأَبُو حَصِيْنٍ عُثْمَانُ بنُ عَاصِمٍ، وَجَمَاعَةٌ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 119"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1436"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1068"، تاريخ الإسلام "3/ 242"، الإصابة "1/ ترجمة 459"، تهذيب التهذيب "1/ 342".(5/146)
463- الربيع بن خُثَيْم 1: "خ، م"
ابن عائذ، الإِمَامُ، القُدْوَةُ، العَابِدُ، أَبُو يَزِيْدَ الثَّوْرِيُّ، الكُوْفِيُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ. أَدْرَكَ زَمَانَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرْسَلَ عَنْهُ.
وَرَوَى عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ، وَأَبِي أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيِّ، وَعَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ. وَهُوَ قَلِيْلُ الرِّوَايَةِ إلَّا أَنَّهُ كَبِيْرُ الشَّأْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ، وَهِلاَلُ بنُ يِسَافٍ، وَمُنْذِرٌ الثَّوْرِيُّ، وَهُبَيْرَةُ بنُ خُزَيْمَةَ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ يُعَدُّ مِنْ عُقَلاَءِ الرِّجَالِ.
رُوِيَ عَنْ: أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ: كَانَ الرَّبِيْعُ بنُ خُثَيْمٍ إِذَا دَخَلَ عَلَى ابْنِ مَسْعُوْدٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِذْنٌ لأَحَدٍ حَتَّى يَفْرُغَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبِهِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ مَسْعُوْدٍ: يَا أَبَا يَزِيْدَ لَوْ رَآكَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَحَبَّكَ، وَمَا رَأَيْتُكَ إلَّا ذَكَرْتُ المُخْبِتِيْنَ.
فَهَذِهِ مَنْقَبَةٌ عَظِيْمَةٌ لِلرَّبِيْعِ، أَخْبَرَنِي بِهَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ التَّيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بن أحمد، أَزْهَرُ بنُ مَرْوَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ الرَّبِيْعِ بنُ خُثَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ.
أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: كان الرَّبِيْعُ إِذَا أَتَاهُ الرَّجُلُ يَسْأَلُهُ، قَالَ: اتَّقِ اللهَ فِيْمَا عَلِمْتَ وَمَا اسْتُؤْثِرَ بِهِ عَلَيْكَ فَكِلْهُ إِلَى عَالِمِهِ، لأَنَّا عَلَيْكُمْ فِي العَمْدِ أَخْوَفُ مِنِّي عَلَيْكُم فِي الخَطَأِ، وَمَا خَيِّرُكُمْ اليَوْمَ بِخَيِّرٍ, وَلَكِنَّهُ خَيْرٌ مِنْ آخِرِ شَرٍّ مِنْهُ، وَمَا تَتَّبِعُوْنَ الخَيْرَ حَقَّ اتِّبَاعِهِ وَمَا تَفِرُّوْنَ مِنَ الشَّرِّ حَقَّ فِرَارِهِ، وَلاَ كُلُّ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْرَكْتُمْ, وَلاَ كُلُّ مَا تَقْرَؤُوْنَ تَدْرُوْنَ مَا هُوَ ثُمَّ يَقُوْلُ: السَّرَائِرَ السَّرَائِرَ اللاَّتِي يَخْفَيْنَ مِنَ النَّاسِ وَهُنَّ -وَاللهِ- بَوَادٍ الْتَمِسُوا دَوَاءهُنَّ، وَمَا دَوَاؤُهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَتُوْبَ، ثُمَّ لاَ يَعُوْدَ.
رَوَى مَنْصُوْرٌ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: قَالَ فُلاَنٌ: مَا أَرَى الرَّبِيْعَ بنَ خُثَيْمٍ تَكَلَّمَ بِكَلاَمٍ مُنْذُ عِشْرِيْنَ سَنَةً، إلَّا بِكَلِمَةٍ تَصْعَدُ. وَعَنْ بَعْضِهِمْ، قَالَ: صَحِبْتُ الرَّبِيْعَ عِشْرِيْنَ عَاماً مَا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً تُعَابُ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 182"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 917"، الجرح والتعديل "3/ 2068"، الحلية لأبي نعيم "2/ 105"، تاريخ الإسلام "3/ 15 و 247 و 365"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 41"، تهذيب التهذيب "3/ ترجمة 467"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2021".(5/147)
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: جَالَسْتُ الرَّبِيْعَ بنَ خُثَيْمٍ سِنِيْنَ، فَمَا سَأَلَنِي عَنْ شَيْءٍ مِمَّا فِيْهِ النَّاسُ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ لِي مَرَّةً: أُمُّكَ حَيَّةٌ؟.
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: كَانَ الرَّبِيْعُ بنُ خُثَيْمٍ إِذَا قِيْلَ لَهُ: كَيْفَ أَصْبَحْتُم؟ قَالَ: ضُعَفَاءَ مُذْنِبِيْنَ، نَأْكُلُ أَرْزَاقَنَا، وَنَنْتَظِرُ آجَالَنَا.
وَعَنْهُ، قَالَ: كُلُّ مَا لاَ يُرَادُ بِهِ وَجْهُ اللهِ يَضْمَحِلُّ.
وَرَوَى الأَعْمَشُ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ: أَنَّ الربيع أخذ يطعم مصابًا خَبِيْصاً، فَقِيْلَ لَهُ: مَا يُدْرِيْهِ مَا أَكَلَ؟ قَالَ: لَكِنَّ اللهَ يَدْرِي.
الثَّوْرِيُّ، عَنْ سُرِّيَّةٍ لِلرَّبِيْعِ: أَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهِ الدَّاخِلُ، وَفِي حَجْرِهِ المُصْحَفُ، فَيُغَطِّيْهِ.
وَعَنِ ابْنَةٍ لِلرَّبِيْعِ قَالَتْ: كُنْتُ أَقُوْلُ: يَا أَبَتَاهُ، ألَّا تَنَامُ؟! فَيَقُوْلُ: كَيْفَ يَنَامُ مَنْ يَخَافُ البَيَاتَ.
الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: كَانَ الرَّبِيْعُ بنُ خُثَيْمٍ يُقَادُ إِلَى الصَّلاَةِ وَبِهِ الفَالِجُ. فَقِيْلَ لَهُ: قَدْ رُخِّصَ لَكَ. قَالَ: إِنِّي أَسْمَعُ "حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ"، فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَأْتُوْهَا وَلَوْ حَبْواً وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّ هَذَا الَّذِي بِي بِأَعْتَى الدَّيْلَمِ على الله.
قال سفيان الثوري: وقيل له لو تداويت. قال: ذكرت عادًا وثمودًا وَأَصْحَابَ الرَّسِّ، وَقُرُوْناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيْراً، كَانَتْ فِيْهِم أَوْجَاعٌ، وَكَانَتْ لَهُم أَطِبَّاءٌ، فَمَا بَقِيَ المُدَاوِي وَلاَ المُدَاوَى إلَّا وَقَدْ فَنِيَ.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا جَلَسَ رَبِيْعٌ فِي مَجْلِسٍ مُنْذُ اترز بِإِزَارٍ، يَقُوْلُ: أَخَافُ أَنْ أَرَى أَمْراً أَخَافُ أَنْ لاَ أَرُدَّ السَّلاَمَ أَخَافُ أَنْ لاَ أغمض بصري.
قَالَ نُسَيْرُ بنُ ذُعْلُوْقٍ: مَا تَطَوَّعَ الرَّبِيْعُ بنُ خُثَيْمٍ فِي مَسْجِدِ الحَيِّ إلَّا مَرَّةً.
قَالَ الشَّعْبِيُّ: حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ وَكَانَ مِنْ مَعَادِنِ الصِّدْقِ.
وَعَنْ مُنْذِرٍ: أَنَّ الرَّبِيْعَ كَانَ إِذَا أَخَذَ عَطَاءهُ، فَرَّقَهُ، وَتَرَكَ قَدْرَ مَا يَكْفِيْهِ.
وَعَنْ يَاسِيْنَ الزَّيَّاتِ، قَالَ: جَاءَ ابْنُ الكَوَّاءِ إِلَى الرَّبِيْعِ بنِ خُثَيْمٍ، فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَى مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ قَالَ: نَعَمْ، مَنْ كَانَ مَنْطِقُهُ ذِكْراً، وَصَمْتُهُ تَفَكُّراً، وَمَسِيْرُهُ تَدَبُّراً، فَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي.
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَانَ الرَّبِيْعُ أَوْرَعَ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ.(5/148)
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الخَيْرِ فِي كِتَابِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ, حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ غَالِبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ هِلاَلِ بنِ يِسَافٍ، عَنْ الربيع بن خثيم، عن عمرو بن ميمون، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ امرأة مِنَ الأَنْصَارِ، عَنْ أَبِي أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم "أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ لَيْلَةً بِثُلُثِ القُرْآنِ "؟ فَأَشْفَقْنَا أَنْ يَأْمُرَنَا بِأَمْرٍ نَعْجَزُ عَنْهُ قَالَ فَسَكَتْنَا قَالَهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ: "أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ بِثُلُثِ القُرْآنِ؟ فَإِنَّهُ مَنْ قَرَأَ: اللهُ الوَاحِدُ الصَّمَدُ فَقَدْ قَرَأَ لَيْلَتَئِذٍ ثُلُثَ القُرْآنِ" 1.
وَرَوَاهُ الشَّعْبِيُّ، عَنِ الرَّبِيْعِ بنِ خُثَيْمٍ. قَدْ تَجَمَّعَ فِي إِسْنَادِهِ خَمْسَةٌ تَابِعِيُّوْنَ. أَخْرَجَهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ طَرِيْقِ زَائِدَةَ، وَحَسَّنَهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَقَدْ رَوَاهُ: غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ هِلاَلٍ، عَنْ ربِيْعٍ، فَقَالَ: عَنْ عَمْرٍو، عَنِ امْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَحَذَفَ مِنْهُ: ابْنَ أَبِي لَيْلَى وَرَوَاهُ جَرِيْرٌ عَنْ مَنْصُوْرٍ فَحَذَفَ مِنْهُ: ابْنَ أَبِي لَيْلَى وَالمَرْأَةَ.
قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ العَلاَءِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي يَعْلَى الثَّوْرِيِّ، قَالَ: كَانَ فِي بَنِي ثَوْرٍ ثَلاَثُوْنَ رَجُلاً، مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ دُوْنَ الرَّبِيْعِ بنِ خثيم.
قال ابن عيينة: سمعت مالكًا يَقُوْلُ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا رَأَيْتُ قَوْماً قَطُّ أَكْثَرَ عِلْماً، وَلاَ أَعْظَمَ حِلْماً، وَلاَ أَكَفَّ عَنِ الدُّنْيَا مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ، وَلَوْلاَ مَا سَبَقَهُمْ بِهِ الصَّحَابَةُ، مَا قَدَّمْنَا عَلَيْهِمْ أَحَداً.
حَمَّادُ بنُ يَزِيْدَ: عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ قَوْماً سُوْدَ الرُّؤُوْسِ أَفْقَهَ مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ مِنْ قَوْمٍ فِيْهِمْ جُرَةٌ2.
قِيْلَ: تُوُفِّيَ الرَّبِيْعُ بنُ خُثَيْمٍ سنة خمس وستين.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "5/ 418- 419"، وأبو نعيم في "الحلية" "2/ 117" من طريق منصور، عن هلال بن يساف، به. وورد عن ابن مسعود أخرجه النسائي في "علم اليوم والليلة" "675"، والبزار "2298"، والطبراني في "الكبير" "10484" و "10485" من طريق الربيع بن خثيم، عن ابن مسعود، به وفي الباب عن أبي سعيد الخدري: أخرجه البخاري "5015"، وأحمد "3/ 8".
وعن أبي الدرداء: عند مسلم "811"، والدارمي "2/ 460"، وأحمد "6/ 442 و 447".
2 الجرة: لغة في "الجراء" وهي الشجاعة.(5/149)
464- عبد الرحمن بن أبي ليلى 1: "ع"
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، أَبُو عِيْسَى الأَنْصَارِيُّ، الكوفي، الفقيه. ويقال: أَبُو مُحَمَّدٍ، مِنْ أَبْنَاءِ الأَنْصَارِ. وُلِدَ فِي خِلاَفَةِ الصِّدِّيْقِ، أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَبِلاَلٍ، وَأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وَصُهَيْبٍ، وَقَيْسِ بنِ سَعْدٍ، وَالمِقْدَادِ، وَأَبِي أَيُّوْبَ، وَوَالِدِهِ، وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَمَا إِخَالُهُ لَقِيْهُ، مَعَ كَوْنِ ذَلِكَ فِي "السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ" وَقِيْلَ: بَلْ وُلِدَ فِي وَسَطِ خِلاَفَةِ عُمَرَ، وَرَآهُ يَتَوَضَّأُ، وَيَمْسَحُ عَلَى الخُفِّيْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَمْرُو بنُ مُرَّةَ، وَالحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ، وَحُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنِ عمير، والأعمش، وطائف سِوَاهُمْ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى عَلِيٍّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ، جَلَسْتُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَصْحَابُهُ يُعَظِّمُوْنَهُ، كَأَنَّهُ أَمِيْرٌ.
وَقَالَ ثَابِتٌ البُنَانِيُّ: كُنَّا إِذَا قَعَدْنَا إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ لِرَجُلٍ: اقْرَأِ القُرْآنَ فَإِنَّهُ يَدُلُّنِي عَلَى مَا تُرِيْدُوْنَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي كَذَا وَهَذِهِ الآيَةُ فِي كَذَا.
وَرَوَى عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: أَدْرَكْتُ عِشْرِيْنَ ومئة مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الأَنْصَارِ، إِذَا سُئِلَ أَحَدُهُمْ عَنْ شيء، ود أن أخاه كفاه.
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ: أَنَّهُ اجْتَمَعَ بِابْنِ أَبِي لَيْلَى، فَقَالَ: مَا شَعَرْتُ أَنَّ النِّسَاءَ وَلَدْنَ مِثْلَ هَذَا.
شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: صَحِبْتُ عَلِيّاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَأَكْثَرُ مَا يَتَحَدَّثُوْنَ عَنْهُ بَاطِلٌ.
قَالَ الأَعْمَشُ: رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، وَقَدْ ضَرَبَهُ الحَجَّاجُ، وَكَأَنَّ ظَهْرَهُ مِسْحٌ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى ابْنِهِ، وَهُمْ يَقُوْلُوْنَ: الْعَنِ الكَذَّابِيْنَ، فَيَقُوْلُ: لَعَنَ الله الكذابين يقول: الله الله علي
__________
1 ترجمة في طبقات ابن سعد "6/ 109"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 1164"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 1424"، تاريخ "10/ 199"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 42"، العبر "1/ 96 و 195"، الكاشف "2/ ترجمة 3344"، تاريخ الإسلام "3/ 272"، تهذيب التهذيب "6/ 220- 262"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4231"، شذرات الذهب "1/ 92".(5/150)
بنُ أَبِي طَالِبٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ، المُخْتَارُ بنُ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: وَأَهْلُ الشَّامِ كَأَنَّهُمْ حَمِيْرٌ لاَ يَدْرُوْنَ مَا يَقْصِدُ، وَهُوَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ اللَّعْنِ.
قُلْتُ: ثُمَّ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ كِبَارِ مَنْ خَرَجَ مَعَ عَبْدِ الرحمن الله بنِ الأَشْعَثِ مِنَ العُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ، وَكَانَ لَهُ وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ. ذَكَرَهَا: وَلَدُهُ القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، حَدَّثَنَا اللَّبَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى يُصَلِّي فَإِذَا دَخَلَ الدَّاخِلُ نَامَ عَلَى فِرَاشِهِ.
وَبِهِ، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ مِهْرَانَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ مَحْلُوْقاً عَلَى المصطبة، وهم يقولون له: العن الكاذبين. وَكَانَ رَجُلاً ضَخْماً، بِهِ رَبْوٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ العن الكاذبين، آهٍ- ثُمَّ يَسْكُتُ- عَلِيٌّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ، وَالمُخْتَارُ.
اسْمُ وَالِدِهِ أَبِي لَيْلَى: يَسَارٌ. وَقِيْلَ: بِلاَلٌ. وَقِيْلَ: دَاوُدُ بنُ أَبِي أُحَيْحَةَ ابن الجُلاَحِ بنِ الحَرِيْشِ بنِ جَحْجَبَى بنِ كُلْفَةَ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ، عَنْ مُجَاهِد، قال: كان لعبد الرحمن ابن أَبِي لَيْلَى بَيْتٌ فِيْهِ مَصَاحِفُ، يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ فيه القراء، فلما تَفَرَّقُوا إلَّا عَنْ طَعَامٍ. فَأَتَيْتُهُ وَمَعِي تِبْرٌ، فَقَالَ: أَتُحَلِّي بِهِ سَيْفاً؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ: فَتُحَلِّي بِهِ مُصْحَفاً؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ: فَلَعَلَّكَ تَجْعَلُهَا أَخْرَاصاً, فَإِنَّهَا تُكْرَهُ.
قَالَ ثَابِتٌ: كَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ، نَشَرَ المُصْحَفَ وَقَرَأَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ.
شَرِيْكٌ، عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيْلَ يَعْمَلُ بِمِسْحَاةٍ لَهُ، فَأَصَابَ أَبَاهُ فَشَجَّهُ فَقَالَ: لاَ يَصْحَبُنِي مَنْ فَعَلَ بِأَبِي مَا فَعَلَ فَقَطَعَ يَدَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ بَنِي إِسْرَائِيْلَ ثُمَّ إِنَّ ابْنَةَ المَلِكِ أَرَادَتْ أَنْ تُصَلِّيَ فِي بَيْتِ المَقْدِسِ، فَقَالَ مَنْ نَبْعَثُ بِهَا؟ قَالُوا: فُلاَنٌ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَعْفِنِي. قَالَ: لاَ. قَالَ: فَأَجِّلْنِي إِذاً أَيَّاماً. قَالَ: فَذَهَبَ فَقَطَعَ
مَذَاكِيْرَهُ فِي حُقٍّ، ثُمَّ جَاءَ بِهِ خاتمه عَلَيْهِ، فَقَالَ: هَذِهِ وَدِيْعَتِي عِنْدَكَ، فَاحْفَظْهَا. قَالَ: وَنَزَّلَهَا المَلِكُ مَنْزِلاً مَنْزِلاً انْزِلْ يَوْمَ كَذَا وكذا وكذا وَكَذَا وَيَوْمَ كَذَا وَكَذَا(5/151)
كَذَا وَكَذَا، فَوَقَّتَ لَهُ وَقْتاً. فَلَمَّا سَارَ، جعلت ابنة الملك لا ترتقع بِهِ1، فَتَنْزِلُ حَيْثُ شَاءتْ، وَتَرْتَحِلُ مَتَى شَاءتْ، وَجَعَلَ إِنَّمَا هُوَ يَحْرُسُهَا، وَيَنَامُ عِنْدَهَا. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ، قَالُوا لَهُ: إِنَّمَا كَانَ يَنَامُ عِنْدَهَا فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: خَالَفْتَ، وَأَرَادَ قَتْلَهُ فَقَالَ: ارْدُدْ عَلَيَّ وَدِيْعَتِي. فَلَمَّا رَدَّهَا، فَتَحَ الحُقَّ, وَتَكَشَّفَ عَنْ مِثْلِ الرَّاحَةِ فَفَشَا ذَلِكَ فِي بَنِي إِسْرَائِيْلَ. قَالَ: فَمَاتَ قَاضٍ لَهُمْ، فَقَالُوا: مَنْ نَجْعَلُ مَكَانَهُ؟ قَالُوا: فُلاَنٌ. فَأَبَى، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى قَالَ: دَعُوْنِي حَتَّى أَنْظَرَ فِي أَمْرِي فَكَحَّلَ عَيْنَيْهِ بِشَيْءٍ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهُ. قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ عَلَى القَضَاءِ فَقَامَ لَيْلَةً فَدَعَا اللهَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي صَنَعْتُ لَكَ رِضَىً، فَارْدُدْ عَلَيَّ خَلْقِي أَصَحَّ مَا كَانَ فَأَصْبَحَ، وَقَدْ رَدَّ اللهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ وَمُقْلَتَيْهِ أَحْسَنَ مَا كَانَتَا، وَيَدَهُ وَمَذَاكِيْرَهُ.
أَنْبَأَنَا بِهَا: أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَبِي المَكَارِمِ التَّيْمِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، يَعْنِي: العَسَّالَ فِي كِتَابِهِ -حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ فَذَكَرَهَا.
وَبِهِ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، بنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ عُمَرَ، فَأَتَاهُ رَاكِبٌ فَزَعَمَ أَنَّهُ رَأَى الهِلاَلَ هِلاَلَ شَوَّالٍ, فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ أَفْطِرُوا ثُمَّ قَامَ إِلَى عس2 من ماء فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى مُوْقَيْنِ لَهُ ثُمَّ صَلَّى المَغْرِبَ فَقَالَ لَهُ الرَّاكِبُ: مَا جِئْتُكَ إلَّا لأَسْأَلَكَ عَنْ هَذَا أَشَيْئاً رَأَيْتَ غَيْرَكَ يَفْعَلُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ رَأَيْتُ خَيْراً مِنِّي وَخَيْرَ الأُمَّةِ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ ذَلِكَ.
تَفَرَّدَ بِهِ إِسْرَائِيْلُ.
رُوِيَ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ: أَنَّ الحَجَّاجَ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي لَيْلَى عَلَى القَضَاءِ، ثُمَّ عَزَلَهُ،
ثُمَّ ضَرَبَهُ لِيَسُبَّ أَبَا تُرَابٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَكَانَ قَدْ شَهِدَ النَّهْرَوَانَ مَعَ عَلِيٍّ.
وَقَالَ شُعْبَةُ بنُ الحَجَّاجِ: قَدِمَ عَبْدُ اللهِ بنُ شَدَّادِ بنِ الهَادِ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، فَاقْتَحَمَ بِهِمَا فَرَسُهُمَا، الفُرَاتَ فَذَهَبَا- يَعْنِي: غَرَقاً.
وَأَمَّا نُعَيْمٍ المُلاَئِيُّ، فَقَالَ: قُتِلَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى بِوَقْعَةِ الجَمَاجِمِ، يَعْنِي: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ. وَقِيْلَ: سنة ثلاث.
__________
1 لا ترتقع به: أي لا تأبه ولا تبالي به.
2 العس: القدح الضخم.(5/152)
465- أبو عبد الرحمن السُّلمي 1: "ع"
مُقْرِئُ الكُوْفَةِ، الإِمَامُ، العَلَمُ، عَبْدُ اللهِ بنُ حَبِيْبِ بنِ رُبَيِّعَةَ الكُوْفِيُّ. مِنْ أَوْلاَدِ الصَّحَابَةِ، مَوْلِدُهُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَرَأَ القُرْآنَ، وَجَوَّدَهُ, وَمَهَرَ فِيْهِ، وَعَرَضَ عَلَى عُثْمَانَ -فِيْمَا بَلَغنَا- وَعَلَى عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَطَائِفَةٍ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ القِرَاءةَ عَرْضاً عَنْ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَزِيْدٍ، وَأُبَيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ.
أَخَذَ عَنْهُ القُرْآنَ: عَاصِمُ بنُ أَبِي النَّجُوْدِ، وَيَحْيَى بنُ وَثَّابٍ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عِيْسَى بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، بنِ أبي ليلى، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي أَيُّوْبَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ، بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَعَرَضَ عَلَيْهِ الحَسَنُ، وَالحُسَيْنُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: عَاصِمٌ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَعَلْقَمَةُ بنُ مَرْثَدٍ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
رَوَى حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَبَانٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بنِ مَرْثَدٍ: أَنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ تَعَلَّمَ القُرْآنَ مِنْ عُثْمَانَ وَعَرَضَ عَلَى عَلِيٍّ.
مُحَمَّدٌ لَيْسَ بِحُجَّةٍ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: كَانَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ يُقْرِئُ النَّاسَ فِي المَسْجِدِ الأَعْظَمِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ سَعْدُ بنُ عُبَيْدَةَ: أَقرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ، وَإِلَى أَنْ تُوُفِّيَ في زمن الحجاج.
قَالَ شُعْبَةُ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُثْمَانَ كَذَا قَالَ شُعْبَةُ، وَلَمْ يُتَابَعْ.
وَرَوَى أَبَانٌ العَطَّارُ، عَنْ عَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرحمن، قال: أخذت القراءة عن علي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 172"، التاريخ الكبير "5/ ترجمة 188"، و "9/ ترجمة 835"، الجرح والتعديل "5/ ترجمة 164"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 43"، الكاشف "2/ ترجمة 2708"، تاريخ الإسلام "3/ 222"، تهذيب التهذيب "5/ 183" خلاخصة الخزرجي "2/ ترجمة 3446".(5/153)
وَرَوَى مَنْصُوْرٌ، عَنْ تَمِيْمِ بنِ سَلَمَةَ: أَنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَ إِمَامَ المَسْجِدِ، وَكَانَ يُحْمَلُ فِي اليَوْمِ المَطِيْرِ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ أَنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: أَخَذْنَا القُرْآنَ عَنْ قَوْمٍ أَخْبَرُوْنَا أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا تَعَلَّمُوا عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يُجَاوِزُوْهُنَّ إِلَى العَشْرِ الآخَرِ حَتَّى يَعْلَمُوا مَا فِيْهنَّ، فَكُنَّا نَتَعَلَّمُ القُرْآنَ وَالعَمَلَ بِهِ، وَسَيَرِثُ القُرْآنَ بَعْدَنَا قَوْمٌ يَشْرَبُوْنَهُ شُرْبَ المَاءِ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ.
عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ الفَرَّاءُ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ: أَنَّهُ جَاءَ وَفِي الدَّارِ جِلاَلٌ وَجُزُرٌ فَقَالُوا: بَعَثَ بِهَا عُمَرُ بنُ حُرَيْثٍ؛ لأَنَّكَ عَلَّمْتَ ابْنَهُ القُرْآنَ. فَقَالَ: رُدَّ إِنَّا لاَ نَأْخُذُ عَلَى كِتَابِ اللهِ أَجْراً.
وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: وَالِدِي عَلَّمَنِي القُرْآنَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غَزَا معه.
وَرَوَى سَعْدُ بنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "خيركم من تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ" 1.
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: فَذَلِكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي هَذَا المَقْعَدَ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: كَانَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ يُعَلِّمُنَا القُرْآنَ خَمْسَ آيَاتٍ خَمْسَ آيَاتٍ.
قَالَ أَبُو حَصِيْنٍ عُثْمَانُ بنُ عَاصِمٍ: كُنَّا نَذْهَبُ بِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ مَجْلِسِهِ، وَكَانَ أَعْمَى.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى عَلِيٍّ.
وَعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَنَا أُقْرِئُ.
وَرَوَى أَبُو جَنَابٍ الكَلْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوْنٍ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ -رَضِيَ الله عنهما يقرأ عليه.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 58"، والبخاري "5027"، وأبو داود "1452"، والترمذي "2907"، والدارمي "2/ 437" من طرق عن شعبة، عن علقمة بن مرثد، عن سعيد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان، به.
وأخرجه عبد الرزاق "5995"، وأحمد "1/ 57"، والبخاري "5028"، والترمذي "2908"، وابن ماجه "212" من طرق عن سفيان الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن السلمي، به.(5/154)
قَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَبِي هَاشِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ المُقْرِئُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا أَبِي, حَدَّثَنَا حَفْصٌ أَبُو عُمَرَ، عَنْ عَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، وَعَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي أَيُّوْبَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عِيْسَى: أَنَّهُم قَرَؤُوْا عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَذَكَرُوا أَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى عُثْمَانَ عَامَّةَ القُرْآنِ، وَكَانَ يَسْأَلُهُ عَنِ القُرْآنِ، فَيَقُوْلُ: إِنَّكَ تَشْغَلُنِي عَنْ أَمْرِ النَّاسِ، فَعَلَيْكَ بِزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، فَإِنَّهُ يجلس للناس، ويتفرغ لهم، ولست أخالفه في شيء من القرآن. وَكُنْتُ أَلْقَى عَلِيّاً فَأَسْأَلُهُ فَيُخْبِرُنِي وَيَقُوْلُ: عَلَيْكَ بِزَيْدٍ. فَأَقْبَلْتُ عَلَى زَيْدٍ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ القُرْآنَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ مَرَّةً.
قُلْتُ: لَيْسَ إِسْنَادُهَا بِالقَائِمِ.
وَرَوَى عَنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرحمن، قال: حدثني الذين كانوا يقرئوننا: عُثْمَانُ، وَابْنُ مَسْعُوْدٍ، وَأُبَيٌّ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقْرِئُهُمُ العَشْرُ ... ، فَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ عَنْ عَطَاءِ ابن السَّائِبِ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ عَلَى أَبِي عبد الرحمن، فأهدى له قوسًا، فردها، وقالإلَّا كَانَ هَذَا قَبْلَ القِرَاءةِ.
كَذَا عِنْدِي: وَكِيْعٌ عَنْ عَطَاءٍ وَلَمْ يَلْحَقْهُ.
وَعَنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ نَعُوْدُهُ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ يُرَجِّيْهِ، فَقَالَ: أَنَا أَرْجُو رَبِّي، وَقَدْ صُمْتُ لَهُ ثَمَانِيْنَ رَمَضَاناً.
قُلْتُ: مَا أَعْتَقِدُ صَامَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَقَدْ كَانَ ثَبْتاً فِي القِرَاءةِ، وَفِي الحَدِيْثِ. حَدِيْثُهُ مُخَرَّجٌ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ. وَقِيْلَ: مَاتَ فِي إِمْرَةِ بِشْرِ بنِ مروان عَلَى العِرَاقِ. وَقِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ. وَقِيْلَ: مَاتَ قَبْلَ سَنَةِ ثَمَانِيْنَ. وَقِيْلَ: مَاتَ فِي أَوَائِلِ وِلاَيَةِ الحَجَّاجِ عَلَى العِرَاقِ وَغَلِطَ ابْنُ قَانِعٍ حَيْثُ قَالَ فِي وَفَاتِهِ إِنَّهَا سَنَةُ خَمْسٍ وَمائَةٍ.(5/155)
466- أمية بن عبد الله 1: "س، ق"
ابن خَالِدِ بنِ أُسَيْدِ بنِ أَبِي العِيْصِ بنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ القُرَشِيُّ، الأُمَوِيُّ، أَحَدُ الأَشْرَافِ، وَلِيَ إِمْرَةَ خُرَاسَانَ لِعَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ.
وَحَدَّثَ عَنِ: ابْنِ عُمَرَ. رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَخْزُوْمِيُّ، وَالمُهَلَّبُ الأَمِيْرُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 478"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1515"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1112"، تاريخ الإسلام "3/ 242 "، الإصابة "1/ ترجمة550 "، تهذيب التهذيب "1/ 371".(5/155)
467-أبو إدريس الخَولاني 1: "ع"
عائذ الله بن عبد الله، وَيُقَالُ فِيْهِ: عَيِّذُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ بنِ عَائِذِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، قَاضِي دمشق، وعالمها، وواعظها، ولد: عام الفتح.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي ذَرٍّ, وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَحُذَيْفَةَ، وَأَبِي مُوْسَى، وَشَدَّادِ بنِ أَوْسٍ، وَعُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَوْفِ بنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَعُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ الجُهَنِيِّ، وَالمُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ حَوَالَةَ، وَأَبِي مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيِّ، وَعِدَّةٍ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ: سَمَاعُهُ مِنْ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ صَحِيْحٌ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعَ أَبُو إِدْرِيْسَ مِنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعُبَادَةَ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَلاَّمٍ الأَسْوَدُ، وَمَكْحُوْلٌ، وَابْنُ شِهَابٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرٍ اليَحْصُبِيُّ، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى الغَسَّانِيُّ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ، وَأَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ الرَّحَبِيُّ، وَيُوْنُسُ بنُ مَيْسَرَةَ بنِ حَلْبَسٍ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَرَبِيْعَةُ القَصِيْرُ، وَآخَرُوْنَ.
وَلَيْسَ هُوَ بِالمُكْثِرِ، لَكِنْ لَهُ جَلاَلَةٌ عَجِيْبَةٌ، سُئِلَ دُحَيْمٌ عَنْهُ وَعَنْ جُبَيْرٍ: أَيُّهُمَا أَعْلَمُ؟ قَالَ: أَبُو إِدْرِيْسَ هُوَ المُقَدَّمُ، وَرَفَعَ أَيْضاً مِنْ شَأْنِ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ لإِسْنَادِهِ وَأَحَادِيْثِهِ.
قُلْتُ: هُمَا كَانَا مَعَ كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ، وَقَبِيْصَةَ بنِ ذُؤَيْبٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَيْرِيْزٍ الجُمَحِيِّ، وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ عُلَمَاءَ الشَّامِ فِي عَصْرِهِمْ في دولة عبد الملك ابن مَرْوَانَ، وَقَبْلَ ذَلِكَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: أَبُو إِدْرِيْسَ قَدْ سَمِعَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ.
يُوْنُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ، وَكَانَ من فقهاء أهل الشام.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 448"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 375"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 200"، الاستيعاب "4/ 1594"، أسد الغابة "5/ 134"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 39"، تاريخ الإسلام "3/ 215"، العبر "1/ 91"، الكاشف "2/ ترجمة رقم 2578"، تجريد أسماء الصحابة "1/ ترجمة 3070"، تهذيب التهذيب "5/ 85"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3290"، شذرات الذهب "1/ 88"، النجوم الزاهرة "1/ 201".(5/156)
وَرَوَى عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ الوَلِيْدِ بنِ أَبِي السَّائِبِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ مَكْحُوْلٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ أَبِي إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ.
وَكَذَلِكَ رَوَى: أَبُو مُسْهِرٍ، عَنْ سَعِيْدٍ، عَنْ مَكْحُوْلٍ.
وَعَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَبُو إِدْرِيْسَ عَالِمَ الشَّامِ بَعْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ.
ابْنُ جَوْصَاءَ الحَافِظُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حِمْيَرٍ، حَدَّثَنِي سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، سَمِعْتُ مَكْحُوْلاً، يَقُوْلُ: كانت خلقة مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْرُسُوْنَ جَمِيْعاً فَإِذَا بَلَغُوا سَجْدَةً، بَعَثُوْا إِلَى أَبِي إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ فَيَقْرَؤُهَا ثُمَّ يَسْجُدُ فَيَسْجُدُ أَهْلُ المَدَارِسِ.
مُحَمَّدُ بنُ شُعَيْبِ بنِ شَابُوْرٍ: أَخْبَرَنِي يَزِيْدُ بنُ عُبَيْدَةَ: أَنَّهُ رَأَى أَبَا إِدْرِيْسَ فِي زَمَنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ، وَأَنَّ حِلَقَ المَسْجِدِ بِدِمَشْقَ يَقْرَؤُوْنَ القُرْآنَ، يَدْرُسُوْنَ جَمِيْعاً وَأَبُو إِدْرِيْسَ جَالِسٌ إِلَى بَعْضِ العُمُدِ، فَكُلَّمَا مَرَّتْ حَلْقَةٌ بِآيَةِ سَجْدَةٍ، بَعَثُوْا إِلَيْهِ يَقْرَأُ بِهَا وَأَنْصَتُوا لَهُ سَجَدَ بِهِم جَمِيْعاً وَرُبَّمَا سَجَدَ بِهِم ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَجْدَةٍ، حَتَّى إِذَا فَرَغُوا مِنْ قِرَاءتِهِمْ، قَالَ أَبُو إِدْرِيْسَ يَقُصُّ: ثُمَّ قَالَ يَزِيْدُ بنُ عَبِيْدَةَ: ثُمَّ إِنَّهُ قَدَّمَ القَصَصَ بَعْدَ ذَلِكَ.
الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: كُنَّا نَجْلِسُ إِلَى أَبِي إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ, فَيُحَدِّثُنَا, فَحَدَّثَ يَوْماً عَنْ بَعْضِ مَغَازِي رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى اسْتَوْعَبَ الغَزَاةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ من ناحية المجلس: أَحَضَرْتَ هَذِهِ الغَزْوَةَ؟ فَقَالَ: لاَ. فَقَالَ الرَّجُلُ: قَدْ حَضَرْتُهَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلأَنْتَ أَحْفَظُ لَهَا مِنِّي.
أَبُو مُسْهِرٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ: أَنَّ عَبْدَ المَلِكِ بنَ مَرْوَانَ عَزَلَ بِلاَلاً عَنِ القَضَاءِ -يَعْنِي: وَوَلَّى أَبَا إِدْرِيْسَ.
وَرَوَى الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ: أَنَّ عَبْدَ المَلِكِ عَزَلَ أَبَا إِدْرِيْسَ عَنِ القَصَصِ، وَأَقَرَّهُ عَلَى القَضَاءِ فَقَالَ أَبُو إِدْرِيْسَ: عَزَلْتُمُوْنِي عَنْ رَغْبَتِي، وَتَرَكْتُمُوْنِي فِي رَهْبَتِي.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ القَاصُّ فِي الزَّمَنِ الأَوَّلِ يَكُوْنُ لَهُ صُوْرَةٌ عَظِيْمَةٌ فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُوْلُ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيْسَ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَادَةَ بنَ الصَّامِتِ:(5/157)
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بَايِعُوْنِي" 1.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَفِظْنَا مِنَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ، أَخْبَرَهُ، قَالَ: أَدْرَكْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ -وَوَعَيْتُ عَنْهُ- وَعُبَادَةَ بنَ الصَّامِتِ، وَشَدَّادَ بنَ أَوْسٍ -وَوَعَيْتُ عَنْهُمَا- وَفَاتَنِي مُعَاذُ بن جبل.
قَالَ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: أَبُو إِدْرِيْسَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ، وَابْنُ مَعِيْنٍ: مَاتَ أَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ.
قُلْتُ: فَعَلَى مَوْلِدِهِ عَامَ حُنَيْنٍ يَكُوْنُ عُمُرُهُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللهُ.
وَلأَبِيْهِ صُحْبَةٌ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ: أَنْبَأَنَا أَبُو المَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ الدِّيْنَوَرِيُّ، أَنْبَأَنَا عَمِّي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَأَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ الفَرَّاءٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ هِلاَلٍ، قَالاَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ "ح" وَأَنبانَا أَبُو المَعَالِي، أَنْبَأَنَا القَاضِي أَبُو صَالِحٍ نَصْرُ بنُ عبد الرزق "ح" وأنبأنا أحمد بن الحَمِيْدِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ بَطِّيْخٍ، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ أَحْمَدَ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالُوا: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَجْمٍ الوَاعِظُ، وَأَنْبَأَنَا عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، وَسِتُّ الأَهْلِ بِنْتُ النَّاصِحِ، وَخَدِيْجَةُ بِنْتُ الرِّضَى، قَالُوا: أَنْبَأَنَا البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، قَالُوا: أَخْبَرَتْنَا فَخْرُ النِّسَاءِ، شُهْدَةُ بِنْتُ أَبِي نَصْرٍ"ح"، وَأَنْبَأَنَا أَبُو المَعَالِي الزَّاهِدُ, أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ، وَاثِلَةُ بنُ كَرَّازٍ بِبَغْدَادَ, أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّحَبِيُّ، قَالَ هُوَ وَشُهْدَةُ: أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ، النِّعَالِيُّ قَالاَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المَحَامِلِيُّ إِمْلاَءً, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ, حَدَّثَنَا مَالِكٌ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ أَبِي إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ "مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوْتِرْ".
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ, عَالٍ أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيْحَيْنِ" من طرق عن الزهري.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "18"، ومسلم "1709" من طريق الزهري، عن أبي إدريس عن عباد بن الصامت قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم في مجلس فقال: "تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تزنوا، ولا تسرقوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق فمن وفي منكم فأجره على الله، ومن أصاب شيئا من ذلك فعوقب به، فهو كفارة له، ومن أصاب شيئا من ذلك فستره الله عليه، فأمره إلى الله، إن شاء الله عفا عنه وإن شاء عذبه" واللفظ المسلم.(5/158)
468- أم الدرداء 1: "ع"
السَّيِّدَةُ، العَالِمَةُ، الفَقِيْهَةُ، هُجَيْمَةُ. وَقِيْلَ: جُهَيْمَةُ، الأَوْصَابِيَّةُ، الحِمْيَرِيَّةُ، الدِّمَشْقِيَّةُ، وَهِيَ أُمُّ الدَّرْدَاءِ الصُّغْرَى.
رَوَتْ عِلْماً جَمّاً عَنْ زَوْجِهَا؛ أَبِي الدَّرْدَاءِ. وَعَنْ: سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ، وَكَعْبِ بنِ عَاصِمٍ الأَشْعَرِيِّ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَرَضَتِ القُرْآنَ وَهِيَ صَغِيْرَةٌ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَطَالَ عُمُرُهَا، وَاشَتَهَرَتْ بِالعِلْمِ وَالعَمَلِ وَالزُّهْدِ.
حَدَّثَ عَنْهَا: جُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ، وَأَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ، وَسَالِمُ بنُ أَبِي الجَعْدِ، وَرَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ، وَيُوْنُسُ بنُ مَيْسَرَةَ، ومَكْحُوْلٌ، وعطاء الكيخاراني، وإسماعيل، بين عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي المُهَاجِرِ، وَزَيْدُ بنُ سَالِمٍ، وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي عَبْلَةَ، وَعُثْمَانُ بنُ حَيَّانَ المُرِّيُّ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ الغَسَّانِيُّ: أُمُّ الدَّرْدَاءِ هِيَ هُجَيْمَةُ بِنْتُ حُيَيٍّ الوَصَّابِيَّةُ2، وَأُمُّ الدَّرْدَاءِ الكُبْرَى هِيَ خَيْرَةُ بنت أبي حدرد لها صحبة.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، اسْمُ أُمِّ الدَّرْدَاءِ الفَقِيْهَةُ الَّتِي مَاتَ عَنْهَا أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ: هُجَيْمَةُ بِنْتُ حَيٍّ الأَوْصَابِيَّةُ.
وَقَالَ ابْنُ جَابِرٍ، وَعُثْمَانُ بنُ أَبِي العَاتِكَةِ: كَانَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ يَتِيْمَةً فِي حِجْرِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، تَخْتَلِفُ مَعَهُ فِي بُرْنُسٍ، تُصَلِّي فِي صُفُوْفِ الرِّجَالِ، وَتَجْلِسُ فِي حِلَقِ القُرَّاءِ، تَعَلَّمُ القُرْآنَ، حَتَّى قَالَ لَهَا أَبُو الدَّرْدَاءِ يَوْماً: الْحَقِي بِصُفُوْفِ النِّسَاءِ.
عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، أَنَّهَا قَالَتْ لأَبِي الدَّرْدَاءِ عِنْدَ المَوْتِ: إِنَّكَ خَطَبْتَنِي إِلَى أَبَوَيَّ فِي الدُّنْيَا، فَأَنْكَحُوْكَ، وَأَنَا أَخْطِبُكَ إِلَى نَفْسِكَ فِي الآخِرَةِ قَالَ: فَلاَ تَنْكِحِيْنَ بَعْدِي فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ فَأَخْبَرَتْهُ بِالَّذِي كَانَ فَقَالَ: عَلَيْكِ بِالصِّيَامِ.
وَرُوِيَتْ مِنْ وَجْهٍ عَنْ لُقْمَانَ بنِ عَامِرٍ، وَزَادَ: وَكَانَ لَهَا جمال وحسن.
__________
1 ترجمتهما في "المعرفة والتاريخ" "2/ 327"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة رقم 2372"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 37"، تاريخ الإسلام "3/ 316"، تهذيب التهذيب "12/ ترجمة 2943".
2 الوصابية: بطن من حمير.(5/159)
وَرَوَى مَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ لِي أَبُو الدَّرْدَاءِ: لاَ تَسْأَلِي أَحَداً شَيْئاً. فَقُلْتُ: إِنِ احْتَجْتُ؟ قَالَ: تَتَبَّعِي الحَصَّادِيْنَ، فَانْظُرِي مَا يَسْقُطُ مِنْهُم، فَخُذِيْهِ، فَاخْبُطِيْهِ، ثُمَّ اطْحَنِيْهِ، وَكُلِيْهِ.
قَالَ مَكْحُوْلٌ: كَانَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ فَقِيْهَةً.
وَعَنْ عَوْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنَّا نَأْتِي أُمَّ الدَّرْدَاءِ، فَنَذْكُرَ اللهَ عِنْدَهَا.
وَقَالَ يُوْنُسُ بنُ مَيْسَرَةَ: كُنَّ النِّسَاءُ يَتَعَبَّدْنَ مَعَ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، فَإِذَا ضَعُفْنَ عَنِ القِيَامِ تَعَلَّقْنَ بِالحِبَالِ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ حَيَّانَ: سَمِعْتُ أُمَّ الدرداء تقول: إن أحدهم يقول: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ اللهَ لاَ يُمْطِرُ عَلَيْهِ ذَهَباً وَلاَ دَرَاهِمَ، وَإِنَّمَا يَرْزُقُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ أُعْطِيَ شَيْئاً، فَلْيَقْبَلْ، فَإِنْ كَانَ غَنِيّاً، فَلْيَضَعْهُ فِي ذِي الحَاجَةِ وَإِنْ كَانَ فَقِيْراً فَلْيَسْتَعِنْ بِهِ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ: كَانَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ جَالِساً فِي صَخْرَةِ بَيْتِ المَقْدِسِ، وَأُمُّ الدَّرْدَاءِ مَعَهُ جَالِسَةٌ، حَتَّى إِذَا نُوْدِيَ لِلْمَغْرِبِ، قَامَ، وَقَامَتْ تَتَوَكَّأُ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا المَسْجِدَ، فَتَجْلِسُ مَعَ النِّسَاءِ، وَيَمْضِي عَبْدُ المَلِكِ إِلَى المَقَامِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ.
وَعَنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى الغَسَّانِيِّ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ كَثِيْراً مَا يَجْلِسُ إِلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ فِي مُؤَخَّرِ المَسْجِدِ بِدِمَشْقَ.
وَعَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَجَّتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ.(5/160)
469- أبو البَخْتري 2: "ع"
الطائي، مولاهم، الكُوْفِيُّ، الفَقِيْهُ، أَحَدُ العُبَّادِ. اسْمُهُ: سَعِيْدُ بنُ فَيْرُوْزٍ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ، وَطَائِفَةٍ. وَأَرْسَلَ عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ.
وَرَوَى عَنْهُ: عَمْرُو بنُ مُرَّةَ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَيُوْنُسُ بنُ خَبَّابٍ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ، وَحَبِيْبُ بن أبي ثابت.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَكَانَ مُقَدَّمَ الصَّالِحِيْنَ القُرَّاءِ الَّذِيْنَ قَامُوا عَلَى الحَجَّاجِ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَقُتِلَ أَبُو البَخْتَرِيِّ فِي وَقْعَةِ الجَمَاجِمِ، سَنَةَ اثْنَيْنِ وَثَمَانِيْنَ.
قَالَ حَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ: اجْتَمَعْتُ أَنَا، وَسَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو البَخْتَرِيِّ، فَكَانَ أَبُو البَخْتَرِيِّ أَعْلَمَنَا وَأَفْقَهَنَا.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 292"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1684"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 241"، حليلة الأولياء "4/ 379"، تاريخ الإسلام "3/ 316"، الكاشف "1/ ترجمة 1965"، العبر "1/ 96"، تهذيب التهذيب "4/ 72"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2525".(5/160)
470- زاذان 1: "م، 4"
أبو عمر الكندي، مولاهم، الكُوْفِيُّ، البَزَّازُ، الضَّرِيْرُ، أَحَدُ العُلَمَاءِ الكِبَارِ. وُلِدَ: فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وَشَهِدَ خُطْبَةَ عُمَرَ بِالجَابِيَةِ.
رَوَى عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَسَلْمَانَ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَعَائِشَةَ، وَحُذَيْفَةَ، وَجَرِيْرٍ البَجَلِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَالبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ، وَغَيْرِهِمْ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَعَمْرُو بنُ مُرَّةَ، وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَالمِنْهَالُ بنُ عَمْرٍو، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَمُحَمَّدُ بنُ جُحَادَةَ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ ثِقَةً، صَادِقاً، رَوَى جَمَاعَةَ أَحَادِيْثَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَرَوَى إِبْرَاهِيْمُ بنُ الجُنَيْدِ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ شُعْبَةُ: سَأَلْتُ سَهْلَ بنَ كُهَيْلٍ عَنْهُ، فَقَالَ: أَبُو البَخْتَرِيِّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَحَادِيْثُهُ لاَ بَأْسَ بِهَا.
وَقَالَ شُعْبَةُ: قُلْتُ لِلْحَكَمِ: لِمَ لَمْ تَحْمِلْ عَنْهُ -يَعْنِي: زَاذَانَ-؟ قَالَ: كَانَ كَثِيْرَ الكَلاَمِ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: لَيْسَ بِالمَتِيْنِ عِنْدَهُمْ. كَذَا قَالَ: أَبُو أَحْمَدَ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: تَابَ عَلَى يَدِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ. وَعَنْ أَبِي هَاشِمٍ الرُّمَّانِيِّ. قَالَ: قَالَ زَاذَانُ: كُنْتُ غُلاَماً حَسَنَ الصَّوْتِ، جَيِّدَ الضَّرْبِ بِالطُّنْبُوْرِ، فَكُنْتُ مَعَ صَاحِبٍ لِي، وَعِنْدَنَا نَبِيْذٌ وَأَنَا أُغَنِّيْهِمْ, فَمَرَّ ابْنُ مَسْعُوْدٍ, فَدَخَلَ, فَضَرَبَ البَاطِيَةَ, بَدَّدَهَا وَكَسَرَ الطُّنْبُوْرَ ثُمَّ قَالَ: لَوْ كَانَ مَا يُسْمَعُ مِنْ حُسْنِ صَوْتِكَ يَا غُلاَمُ بِالقُرْآنِ، كُنْتَ أَنْتَ أَنْتَ. ثُمَّ مَضَى, فَقُلْتُ لأَصْحَابِي: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا ابْنُ مَسْعُوْدٍ. فَأَلْقَى فِي نَفْسِي التَّوْبَةَ، فَسَعَيْتُ أَبْكِي، وَأَخَذْتُ بِثَوْبِهِ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ، فَاعْتَنَقَنِي، وَبَكَى، وَقَالَ: مَرْحَباً بِمَنْ أَحَبَّهُ اللهُ، اجْلِسْ. ثُمَّ دَخَلَ وَأَخْرَجَ لِي تَمْراً.
قَالَ زُبَيْدٌ: رَأَيْتُ زَاذَانَ يُصَلِّي كَأَنَّهُ جِذْعٌ.
رُوِيَ أَنَّ زَاذَانَ قَالَ يَوْماً: إِنِّي جَائِعٌ. فَسَقَطَ عَلَيْهِ رَغِيْفٌ مِثْلُ الرَّحَا.
وَقِيْلَ: كَانَ إِذَا بَاعَ ثَوْباً لَمْ يَسُمْ فِيْهِ.
مَاتَ سَنَةَ اثنتين وثمانين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 178"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1455"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2781"، حليلة الأولياء "4/ 199"، تاريخ بغداد "8/ 487"، تاريخ الإسلام "3/ 248"، العبر "1/ 94"، تهذيب التهذيب "3/ 302"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2298"، شذرات الذهب "1/ 90".(5/161)
471- قبيصة بن ذؤيب 1: "ع"
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، الفَقِيْهُ، أَبُو سَعِيْدٍ الخُزَاعِيُّ، المَدَنِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الوَزِيْرُ. مَوْلِدُهُ: عَامَ الفَتْحِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَمَاتَ أَبُوْهُ ذُؤَيْبُ بنُ حَلْحَلَةَ صَاحِبُ بُدْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ أَيَّامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُتِيَ بِقَبِيْصَةَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيْهِ -فِيْمَا قِيْلَ- فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَعِ هُوَ ذَلِكَ.
وَرَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ -إِنْ صَحَّ- وَعَنْ: عُمَرَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَبِلاَلٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَتَمِيْمٍ الدَّارِيِّ، وَعُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ، إِسْحَاقُ، وَمَكْحُوْلٌ، وَرَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ، وَأَبُو الشَّعْثَاءِ جَابِرُ بنُ زَيْدٍ، وَأَبُو
قِلاَبَةَ, وَالزُّهْرِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَهَارُوْنُ بنُ رِئَابٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ عَلَى الخَتْمِ وَالبَرِيْدِ لِلْخَلِيْفَةِ عَبْدِ المَلِكِ، وَقَدْ أُصِيْبَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ الحَرَّةِ، وَلَهُ دَارٌ مُعْتَبَرَةٌ بِبَابِ البَرِيْدِ.
وَقَدْ كَنَّاهُ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ أَبَا إِسْحَاقَ، وَقَالَ: شَهِدَ أَبُوْهُ الفتح، وكان يَنْزِلُ بِقُدَيْدٍ, وَكَانَ يَقْرَأُ الكُتُبَ إِذَا وَرَدَتْ عَلَى الخَلِيْفَةِ. قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً, مَأْمُوْناً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ. تُوُفِّيَ: سَنَةَ سِتٍّ، أَوْ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ.
قَالَ البُخَارِيُّ: سَمِعَ قَبِيْصَةُ: أَبَا الدَّرْدَاءِ، وَزَيْدَ بنَ ثَابِتٍ.
قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: كَانَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ رَابِعَ أَرْبَعَةٍ فِي الفِقْهِ وَالنُّسُكِ: هُوَ, وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَقَبِيْصَةُ بنُ ذؤيب، وعروة بن الزبير.
قال محمد مجالد بنُ رَاشِدٍ المَكْحُوْلِيُّ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ عُمَرَ بنِ نُبَيْهٍ الخُزَاعِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ قَبِيْصَةَ بنَ ذُؤَيْبٍ كَانَ مُعَلِّمَ كُتَّابٍ. قُلْتُ: يَعْنِي فِي مَبْدَأِ أَمْرِهِ.
وَعَنْ مُجَالِدِ بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ: كَانَ قَبِيْصَةُ كَاتِبَ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ.
وَعَنْ مَكْحُوْلٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ مِنْ قَبِيْصَةَ.
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَانَ قَبِيْصَةُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِقَضَاءِ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ.
ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: كَانَ قَبِيْصَةُ بنُ ذُؤَيْبٍ مِنْ عُلَمَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ. وَقِيْلَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَقِيْلَ سَنَةَ ثمان وثمانين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 176" و "7/ 447"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 784"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 713"، الاستيعاب "3/ 1272"، أسد الغابة "4/ 191"/ الكاشف "2/ ترجمة 4615"، تاريخ الإسلام "3/ 290"، تهذيب التهذيب "8/ 346"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5827"، شذرات الذهب "1/ 97"، النجوم الزاهرة "1/ 214".(5/162)
472- همام بن الحارث 1: "ع"
النخعي الكوفي الفقيه.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ، وَالمِقْدَادِ بنِ الأَسْوَدِ، وَحُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ وَسُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ، وَوَبَرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَثَّقَه يَحْيَى بنُ مَعِيْنَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ زَمَنَ الحَجَّاجِ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: كَانَ النَّاسُ يَتَعَلَّمُوْنَ مِنْ هَدْيِهِ وَسَمْتِهِ، وَكَانَ طَوِيْلَ السَّهَرِ، رَحِمَهُ اللهُ.
حُصَيْنٌ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ: أَنَّ هَمَّامَ بنَ الحَارِثِ كَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ اشْفِنِي مِنَ النَّوْمِ بِاليَسِيْرِ، وَارْزُقْنِي سَهَراً فِي طَاعَتِكَ. قَالَ: فَكَانَ لاَ يَنَامُ إلَّا هنيهة, وهو قاعد.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 118"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2848"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 452"، حلية الأولياء "4/ 178"، الكاشف "3/ ترجمة 6089"، تاريخ الإسلام "3/ 212"، تهذيب التهذيب "11/ 66"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7697"، حلية الأولياء "4/ 178".(5/163)
473- مرثد بن عبد الله 1: "ع"
الإِمَامُ، أَبُو الخَيْرِ اليَزَنِيُّ، المِصْرِيُّ، عَالِمُ الدِّيَارِ المِصْرِيَةِ، وَمُفْتِيْهَا. وَيَزَنُ: بَطْنٌ مِنْ حِمْيَرٍ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيِّ، وَزَيْدِ بنِ ثابت، وأبي بصرة الغفاري، وَعُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ، وَعَمْرِو بنِ العَاصِ، وَابْنِهِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَجَمَاعَةٍ. وَلَزِمَ عُقْبَةَ مُدَّةً, وَتَفَقَّهَ بِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: جَعْفَرُ بنُ رَبِيْعَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ شُمَاسَةَ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَعَيَّاشُ بنُ عَبَّاسٍ القِتْبَانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: كَانَ مُفْتِي أَهْلِ مِصْرَ فِي أَيَّامِهِ، وَكَانَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مَرْوَانَ يَعْنِي: مُتَوَلِّي مِصْرَ -يُحْضِرُهُ مَجْلِسَهُ لِلْفُتْيَا. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: تُوُفِّيَ أَبُو الخَيْرِ سَنَةَ تسعين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 511"، التاريخ الكبير "7/ ترجة 1826"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 380"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 68"، الكاشف "3/ ترجمة 5446"، العبر "1/ 105"، تاريخ الإسلام "3/ 303"، تهذيب التهذيب "10/ 82"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 6909".(5/164)
474- بلال بن أبي الدرداء 1: "د"
الأنصاري، حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ, وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ.
رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، وَحُمَيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي عَبْلَةَ، وَحَرِيْزُ بنُ عُثْمَانَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي مَرْيَمَ.
قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ أَسَنَّ مِنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ الصُّغْرَى.
قَالَ البُخَارِيُّ: بِلاَلٌ أَمِيْرُ الشَّامِ.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: وَلِيَ القَضَاءَ بَعْد النُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عَبْدُ المَلِكِ عَزَلَهُ بِأَبِي إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ سنة ثلاث وتسعين.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1853"، المعرفة والتاريخ "2/ 328"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1551"، تهذيب التهذيب "1/ 502".(5/164)
475- صفوان بن محرز 1: "خ، م"
المازني البصري، العَابِدُ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، وَعِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، وَحَكِيْمِ بنِ حِزَامٍ، وَابْنِ عُمَرَ.
رَوَى عَنْهُ: جَامِعُ بنُ شَدَّادٍ، وَبَكْرٌ المُزَنِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَثَابِتٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَعَلِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ، لَهُ فَضْلٌ وَوَرَعٌ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ وَاعِظاً، قَانِتاً للهِ، قَدِ اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ سَرَباً2 يَبْكِي فِيْهِ.
عُثْمَانُ بنُ مَطَرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ: لَقِيْتُ أَقْوَاماً كَانُوا فِيْمَا أَحَلَّ اللهُ لَهُم أَزْهَدَ مِنْكُم فِيْمَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْكُم، وَصَحِبْتُ أَقْوَاماً كَانَ أَحَدُهُم يَأْكُلُ عَلَى الأَرْضِ، وَيَنَامُ عَلَى الأَرْضِ مِنْهُم: صَفْوَانُ بنُ مُحْرِزٍ كَانَ يَقُوْلُ: إِذَا أَوَيْتُ إِلَى أَهْلِي وَأَصَبْتُ رَغِيْفاً فَجَزَى اللهُ الدُّنْيَا عَنْ أَهْلِهَا شَرّاً وَاللهِ مَا زَادَ عَلَى رَغِيْفٍ حَتَّى مَاتَ، كَانَ يَظَلُّ صَائِماً وَيُفْطِرُ عَلَى رَغِيْفٍ، وَيُصَلِّي حَتَّى يُصْبِحَ ثُمَّ يَأْخُذُ المُصْحَفَ فَيَتْلُو حَتَّى يَرْتَفِعَ النَّهَارُ ثُمَّ يُصَلِّي ثُمَّ يَنَامُ إِلَى الظُّهْرِ، فَكَانَتْ تِلْكَ نَوْمَتَهُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا، وَيُصَلِّي من الظهر إلى العصر ويتلوا فِي المُصْحَفِ إِلَى أَنْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ.
تَفَرَّدَ بها: عثمان هذا وليس بقوي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 147"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2926"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1853"، حلية الأولياء "2/ 213"، الكاشف "2/ ترجمة 2428"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 48"، تاريخ الإسلام "4/ 14"، تهذيب التهذيب "4/ 430"، الإصابة "2/ ترجمة 4150"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 3106".
2 السرب: حفير أو بيت تحت الأرض.(5/165)
الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ مِنَ التَّابِعِيْنَ:
476- أَبُو سَلَمَةَ بنُ عبد الرحمن 1: "ع"
ابن عوف بن عَبْدِ عَوْفِ بنِ عَبْدِ بنِ الحَارِثِ بنِ زُهْرَةَ بنِ كِلاَبِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبٍ القُرَشِيُّ، الزُّهْرِيُّ الحَافِظُ, أَحَدُ الأَعْلاَمِ بِالمَدِيْنَةِ. قِيْلَ: اسمه عبد الله. وقيل: إِسْمَاعِيْل. وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَعِشْرِيْنَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ بِشَيْءٍ قَلِيْلٍ؛ لِكَوْنِهِ تُوُفِّيَ وَهَذَا صَبِيٌّ. وَعَنْ: أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ، وَأَبِي أَيُّوْبَ، وَعَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَبِنْتِهَا زَيْنَبَ، وَأُمِّ سُلَيْمٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، وَمُعَيْقِيْبٍ الدَّوْسِيِّ، وَالمُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَلَمْ يُدْرِكْهُ -وَعُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ، وَحَسَّانِ بنِ ثَابِتٍ، وَثَوْبَانَ، وَحَمْزَةَ بنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ، وَعُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ- مُرْسَلٌ وَطَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، كَذَلِكَ وَرَبِيْعَةَ بنِ كَعْبٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرٍ، وَزَيْدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ، وَنَافِعِ بنِ عَبْدِ الحَارِثِ، وَعِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثُمَّ عَنْ بُسْرِ بنِ سَعِيْدٍ، وَجَعْفَرِ بنِ عَمْرِو بنِ أُمَيَّةَ، وَعُرْوَةَ، وَعَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، وَغَيْرِهِم وَنَزَلَ إِلَى أَنْ رَوَى عَنْ: عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ. كَانَ طَلاَّبَةً لِلْعِلْمِ فَقِيْهاً مُجْتَهِداً كَبِيْرَ القَدْرِ حُجَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عُمَرُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ، وابن أخيه؛ سعد بن إبراهيم، وابن أَخِيْهِ؛ عَبْدُ المَجِيْدِ بنُ سُهَيْلٍ وَابْنُ أَخِيْهِ زُرَارَةُ بنُ مُصْعَبٍ، وَعُرْوَةُ، وَعِرَاكُ بنُ مَالِكٍ، والشعبي، وسعيد المقبري، وعمرو بن دينارن وعمرو بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَنَافِعٌ العُمَرِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ، وَسَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ، وَبُكَيْرُ بنُ الأَشَجِّ، وَسَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَأَبُو طُوَالَةَ وَصَفْوَانُ، بنُ سُلَيْمٍ, وَعَبْدُ اللهِ بنُ الفَضْلِ الهَاشِمِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي لَبِيْدٍ وَشَرِيْكُ بنُ أَبِي نَمِرٍ وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَجُ وَصَالِحُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَائِدَةَ وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ, وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ, وَأَخُوْهُ عَبْدُ رَبِّهِ بنُ سَعِيْدٍ وَعُثْمَانُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ بنِ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَرْمَلَةَ, وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ وَنُوْحُ بنُ أبي بلال, وخلق كثير.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 155"، تاريخ الإسلام "4/ 76"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 52"، العبر "1/ 112"، تهذيب التهذيب "12/ 115".(5/166)
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَةِ الثَّانِيَة مِنَ المَدَنِيِّيْنَ: كَانَ ثِقَةً فَقِيْهاً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، وَأُمُّهُ تُمَاضِرُ بِنْتُ الأَصْبَغِ بنِ عَمْرٍو، مِنْ أَهْلِ دُوْمَةَ الجَنْدَلِ, أَدْرَكَتْ حَيَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ أَوَّلُ كَلْبِيَّةٍ نَكَحَهَا قُرَشِيٌّ.
وَأَرْضَعَتْهُ؛ أُمُّ كُلْثُوْمٍ، فَعَائِشَةُ خَالَتُهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ.
وَرَوَى الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: لَوْ رَفَقْتَ بِابْنِ عَبَّاسٍ لاَسْتَخْرَجْتَ مِنْهُ عِلْماً كَثِيْراً.
قَالَ سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: كَانَ أَبُو سَلَمَةَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: أَبُو سَلَمَةَ فِي زَمَانِهِ خَيْرٌ مِنِ ابْنِ عمر في زمانه.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: ثِقَةٌ إِمَامٌ.
وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ عِنْدَنَا مِنْ رِجَالِ أَهْلِ العِلْمِ، اسْمُ أَحَدِهِم كُنْيَتُهُ؛ مِنْهُم: أَبُو سَلَمَةَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي يَعْقُوْبَ الضَّبِّيُّ: قَدِمَ عَلَيْنَا البَصْرَةَ أَبُو سَلَمَةَ فِي إِمَارَةِ بِشْرِ بنِ مَرْوَانَ، وَكَانَ رَجُلاً صَبِيْحاً، كَأَنَّ وَجْهَهُ دِيْنَارٌ هِرَقْلِيٌّ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَرْبَعَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَجَدْتُهُم بُحُوْراً: عُرْوَةُ، وَابْنُ المُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: وَكَانَ أَبُو سَلَمَةَ كَثِيْراً مَا يُخَالِفُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَحُرِمَ لِذَلِكَ مِنْهُ عِلْماً كَثِيْراً. قَالَهُ: الزُّهْرِيُّ.
عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: قَدِمْتُ مِصْرَ عَلَى عَبْدِ العَزِيْزِ يَعْنِي: مُتَوَلِّيْهَا وَأَنَا أُحَدِّثُ عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، فَقَالَ لِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ قَارِظٍ: مَا أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ إلَّا عَنْ سَعِيْدٍ فَقُلْتُ: أَجَلْ فَقَالَ: لَقَدْ تَرَكْتَ رَجُلَيْنِ مِنْ قَوْمِكَ لاَ أَعْلَمُ أَكْثَرَ حَدِيْثاً مِنْهُمَا: عُرْوَةُ وَأَبُو سَلَمَةَ قَالَ: فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى المَدِيْنَةِ وَجَدْتُ عُرْوَةَ بَحْراً لاَ تُكَدِّرُهُ الدِّلاَءُ.
قُلْتُ: لَمْ يُكْثِرْ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَهُوَ مِنْ عَشِيْرَتِهِ؛ رُبَّمَا كَانَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ، وَإِلاَّ فَمَا أَبُو سَلَمَةَ بِدُوْنِ عُرْوَةَ فِي سَعَةِ العِلْمِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ بِالمَدِيْنَةِ, سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ, فِي خِلاَفَةِ الوَلِيْدِ وهو ابن اثنتين وسبعين سنة.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: فِي وَفَاتِهِ وَسِنِّهِ مَا لاَ يُتَابَعُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائَةٍ, وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.(5/167)
وَقَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ فِي وَفَاتِهِ كَالأَوَّلِ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو سَلَمَةَ زَمَن بِشْرِ بنِ مَرْوَانَ، وَكَانَ زَوَّجَ بِنْتَهُ بِمُدِّ تَمْرٍ.
وَقَالَ عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: أَنَا أَفْقَهُ مَنْ بَالَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي المَبَارِكِ. رَوَاهَا: ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْهُ.
ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، قَالَ: كَانَ أَبُو سَلَمَةَ مَعَ قَوْمٍ، فَرَأَوْا قَطِيْعاً مِنْ غَنَمٍ، فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ فِي سَابِقِ عِلْمِكَ أَنْ أَكُوْنَ خَلِيْفَةً فَاسْقِنَا مِنْ لَبَنِهَا فَانْتَهَى إِلَيْهَا، فَإِذَا هِيَ تُيُوْسٌ كُلُّهَا.
قَالَ عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا قَالَتْ لأَبِي سَلَمَةَ وَهُوَ حَدَثٌ: إِنَّمَا مَثَلُكَ مَثَلُ الفَرُّوْجِ، يَسْمَعُ الدِّيَكَةَ تَصِيْحُ، فَيَصِيْحُ.
وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: قَدِمَ أَبُو سَلَمَةَ الكُوْفَةَ، فَكَانَ يَمْشِي بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ, فَسُئِلَ عَنْ أَعْلَمِ مَنْ بَقِيَ فَتَمَنَّعَ سَاعَةً, ثُمَّ قَالَ: رَجُلٌ بَيْنَكُمَا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَجَمَاعَةٌ كِتَابَةً، أَنَّ عُمَرَ بنَ طَبَرْزَذَ أَخْبَرَهُم، قَالَ: أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُصَيْنِ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَيْلاَنَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا يزيد ابن هَارُوْنَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِوٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لاَ تَشُدُّوا الرِّحَالَ إلَّا إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِي, وَالمَسْجِدِ الحَرَامِ, وَالمَسْجِدِ الأَقْصَى" 1.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الشَّافِعِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ، أَنْبَأَنَا نَصْرُ بنُ البَطِرِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا أَبُو عبد الله المحاملي، حَدَّثَنَا حَفْصٌ الرَّبَالِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى القَطَّانُ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بنَ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم يقول: "الرُّؤْيَا مِنَ اللهِ، وَالحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُم شَيْئاً يَكْرَهُهُ، فَلْيَبْزُقْ عَنْ شِمَالِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ, وَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّهَا, فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ" 2.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: عُزِلَ مَرْوَانُ عَنِ المَدِيْنَة فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ, وَوَلِيَهَا سَعِيْدُ بنُ العَاصِ، فَاسْتَقْضَى أَبَا سَلَمَةَ بن عبد الرحمن، فَلَمْ يَزَلْ قَاضِياً حَتَّى عُزِلَ سَعِيْدٌ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ.
سَلَمَةُ الأَبْرَشُ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا سَلَمَةَ يَأْتِي المَكْتَبَ، فَيَنْطَلِقُ بالغلام إلى بيته فيملي عليه الحديث.
__________
1 صحيح: أخرجه البخاري "1189"، ومسلم "1397"، وأبو داود "2033"، والنسائي "2/ 37"، وأحمد "2/ 234 و 238"، وابن الجارود في "المنتقى" "512"، والبيهقي "5/ 244" و "10/ 82" من طريق الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فذكره.
وأخرجه البخاري "1197" و "1995"، ومسلم "827"، والترمذي "326"، وأحمد "3/ 7 و43"، والبيهقي "10/ 82" من طرق عن عَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ، عَنْ قَزَعَة، عَنْ أبي سعيد الخدري، به مرفوعًا، وقد خرجت الحديث في كتاب "الجواب الباهر في زوار المقابر" بتخريجنا وتعليقنا ط. دار الجيل بيروت "ص33" بنحو هذا فراجعه ثم إن شئت.
2 صحيح: أخرجه مالك "2/ 957"، وأحمد "5/ 310"، وابن أبي شيبة "11/ 70"، والبخاري "3392" و "5747" و "6984"، ومسلم "2261" "1" و "2"، وأبو داود "5021"، والترمذي "2277"، والنسائي في "اليوم والليلة" "897" و "900" و "901"، وابن ماجة "3909" من طرق عن يحيى بن سعيد، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: سمعت أبا قتادة يقول: فذكره.(5/168)
447- إبراهيم بن عبد الرحمن 1: "خ، م"
ابن عوف، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، أَبُو إِسْحَاقَ الزُّهْرِيُّ، العَوْفِيُّ، المَدَنِيُّ، وَقِيْلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخُو أَبِي سَلَمَةَ الفَقِيْهِ، وَحُمَيْدٍ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ. وَعَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَسَعْدٍ، وَعَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ، وَجُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ ابْنَاهُ: سَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ قَاضِي المَدِيْنَةِ، وَصَالِحُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ، وَغَيْرُهُم.
وَأُمُّهُ هِيَ المُهَاجِرَةُ أُمُّ كُلْثُوْمٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بنِ أَبِي مُعَيْطٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ شَهِدَ حِصَارَ الدَّارِ مَعَ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ، عَنْ سِنٍّ عَالِيَةٍ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 55"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 947"، المعرفة والتاريخ "1/ 367"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 328"، أسد الغابة "1/ 42"، تاريخ الإسلام "3/ 335"، العبر "1/ 112"، تهذيب التهذيب "1/ 139"، الإصابة "1/ ترجمة رقم 404".(5/169)
478- وحميد بن عبد الرحمن 1: "ع"
الزهري أَخُوْهُ وَشَقِيْقُهُ، وَخَالُهُمَا عُثْمَانُ؛ لأَنَّهُ أَخُو أُمِّ كُلْثُوْمٍ مِنَ الأُمِّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبَوَيْهِ. وَعَنْ: خَالِهِ؛ عُثْمَانَ، وَسَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ، وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ سعد بن إبراهيم القاضي، وابن أبي ملكية، وَالزُّهْرِيُّ، وَصَفْوَانُ بنُ سُلَيْمٍ، وَقَتَادَةُ، وَآخَرُوْنَ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ لَحِقَ عُمَرَ، وَلَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ بَلْ وُلِدَ فِي أَيَّامِهِ.
وَكَانَ فَقِيْهاً، نَبِيْلاً، شَرِيْفاً. وَثَّقَهُ: أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ.
مَاتَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ. وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَاتَ فِي سنة خمس ومائة، فقد وهم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 153"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2696"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 989"، تاريخ الإسلام "3/ 360"، تهذيب التهذيب "3/ 45"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1652"، شذرات الذهب "1/ 111".(5/170)
479- حميد بن عبد الرحمن 1: "ع"
الحميري، شَيْخٌ، بَصْرِيٌّ، ثِقَةٌ، عَالِمٌ.
يَرْوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ. مَوْتُهُ قَرِيْبٌ مِنْ مَوْتِ سَمِيِّهِ: حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيِّ. وَيَرْوِي أَيْضاً عَنْ: سَعْدِ بنِ هشام وأولاد سعد بن أبي وقاص.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ بُرَيْدَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِيْرِيْنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْتَشِرِ، وَقَتَادَةُ بنُ دِعَامَةَ، وَأَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بنُ إِيَاسٍ، وَدَاوُدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَوْدِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ العِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ، ثِقَةٌ. ثُمَّ قَالَ: كَانَ ابْنُ سِيْرِيْنَ يَقُوْل: هُوَ أَفْقَهُ أَهْلِ البَصْرَةِ رَوَاهُ مَنْصُوْرُ بنُ زَاذَانَ، عَنْ مُحَمَّدٍ.
وَرَوَى هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ: كَانَ حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَعْلَمَ أَهْلِ المِصْرَيْنِ يَعْنِي: الكُوْفَةَ وَالبَصْرَةَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد: "7/ 147"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2697"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 990"، تاريخ الإسلام "3/ 246 و 360"، تهذيب التهذيب "3/ 46"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1654".(5/170)
480- حسان أَمِيْرُ المَغْرِبِ 1:
وَأَمِيْرُ العَرَبِ فَقِيْلَ: إِنَّهُ حَسَّانُ بنُ النُّعْمَانِ بنِ المُنْذِرِ الغَسَّانِيُّ. حَكَى عَنْهُ: أَبُو قَبِيْلٍ المَعَافِرِيُّ، وَكَانَ بَطَلاً، شُجَاعاً، غَزَّاءً، افْتَتَحَ فِي المَغْرِب بِلاَداً، وَكَانَتْ لَهُ فِي دمشق دار كبيرة، وقد جهز مُعَاوِيَةُ، فَصَالَحَ البَرْبَرَ، وَقَرَّرَ عَلَيْهِم الخَرَاجَ، وَحَكَمَ عَلَى المَغْرِبِ نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَهَذَّبَ الإِقْلِيْمَ، إِلَى أَنْ عَزَلَهُ الوَلِيْدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، فَقَدِمَ بِأَمْوَالٍ وَتُحَفٍ وَجَوَاهِرَ عَظِيْمَةٍ, ثُمَّ قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ, إِنَّمَا خَرَجْتُ مُجَاهِداً للهِ, وَلَيْسَ مِثْلِي مِنْ يَخُوْنُ. وَأَحْضَرَ خَزَائِنَ المَالِ، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى وِلاَيَتِكَ. فَأَبَى، وَحَلَفَ: أَنَّهُ لاَ يَلِي لِبَنِي أُمَيَّةَ أَبَداً.
وَكَانَ يُدْعَى الشَّيْخَ الأَمِيْنَ؛ لِثِقَتِهِ، وَجَلاَلَتِهِ.
وَأَمَّا أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ، فَأَرَّخَ مَوْتَ حَسَّانٍ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ، رحمه الله.
__________
1 تقدم ترجمتنا له برقم تعليق "94" من هذا الجزء فراجعه ثمت إن شئت.(5/171)
481- الشعبي 1: "ع"
عامر بن شراحبيل بن عَبْدِ بنِ ذِي كِبَارٍ وَذُوْ كِبَارٍ: قيل من أقيال اليَمِنِ، الإِمَامُ، عَلاَّمَةُ العَصْرِ، أَبُو عَمْرٍو الهَمْدَانِيُّ، ثُمَّ الشَّعْبِيُّ. وَيُقَالُ: هُوَ عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَكَانَتْ أُمُّهُ مِنْ سَبْيِ جَلُوْلاَءَ.
مَوْلِدُهُ فِي إِمْرَةِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، لِسِتِّ سِنِيْنَ خَلَتْ مِنْهَا، فَهَذِهِ رِوَايَةٌ. وَقِيْلَ: وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ، قَالَهُ شَبَابٌ.
وَكَانَتْ جَلُوْلاَءُ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ.
وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ السَّرِيِّ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: وُلِدْتُ عَامَ جَلُوْلاَءَ.
فَهَذِهِ رِوَايَةٌ مُنْكَرَةٌ، وَلَيْسَ السَّرِيُّ بِمُعْتَمَدٍ، قَدِ اتُّهِمَ.
وَعَنْ أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ: ولد الشعبي سنة ثمان وعشرين.
وَيُقَارِبُهَا: رِوَايَةُ حَجَّاجٍ الأَعْوَرِ عَنْ شُعْبَةَ: قَالَ لِي أَبُو إِسْحَاقَ: الشَّعْبِيُّ أَكْبَرُ مِنِّي بِسَنَةٍ أو سنتين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 246- 265"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2503" و "6/ ترجمة 2961"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1802"، الكاشف "2/ ترجمة 2556" تذكرة الحفاظ "1/ 76"، تهذيب التهذيب "5/ 65"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة رقم 3263"، شذرات الذهب "1/ 126"، النجوم الزاهرة "1/ 253"، تاريخ بغداد "12/ 227" الحلية "4/ 310".(5/171)
قُلْتُ: وَإِنَّمَا وُلِدَ أَبُو إِسْحَاقَ بَعْد سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: هُوَ مِنْ حِمْيَرٍ وَعِدَادُهُ فِي هَمْدَانَ.
قُلْتُ: رَأَى عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَصَلَّى خَلْفَهُ وَسَمِعَ مِنْ: عِدَّةٍ مِنْ كُبَرَاءِ الصَّحَابَةِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَسَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ، وَأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، وَعَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ، وَأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، وَأَبِي مَسْعُوْدٍ البَدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وأبي سعيد، وَعَائِشَةَ، وَجَابِرِ بنِ سَمُرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، وَالمُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَعْبِ بنِ عُجْرَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَمُرَةَ، وَسَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ، وَالنُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ، وَالبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ، وَزَيْدِ بن أَرْقَمَ، وَبُرَيْدَةَ بنِ الحُصَيْبِ، وَالحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، وَحُبْشِيِّ بنِ جُنَادَةَ، وَالأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ الكِنْدِيِّ، وَوَهْبِ بنِ خَنْبَشٍ الطَّائِيِّ، وَعُرْوَةَ بنِ مُضَرِّسٍ، وَجَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ، وَأَبِي سَرِيْحَةَ الغِفَارِيِّ، وَمَيْمُوْنَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، وَفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، وَأُمِّ هَانِئ، وَأَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى، وَعَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ الأَنْصَارِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبْزَى، وَعَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَالمِقْدَامِ بن مَعْدِ يْكَرِبَ، وَعَامِرِ بنِ شَهْرٍ، وَعُرْوَةَ بنِ الجَعْدِ البَارِقِيِّ، وَعَوْفِ بنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُطِيْعِ بنِ الأَسْوَدِ العَدَوِيِّ، وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ صَيْفِيٍّ، وَغَيْرِ هَؤُلاَءِ الخمسين، من الصحابة.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَلْقَمَةَ، وَالأَسْوَدِ، وَالحَارِثِ الأَعْوَرِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، وَالقَاضِي شُرَيْحٍ، وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ الحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَمَكْحُوْلٌ الشَّامِيُّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الغُدَانِيُّ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَمُغِيْرَةُ بنُ مِقْسَمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُوْقَةَ، وَمُجَالِدٌ، وَيُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَبُو حَنِيْفَةَ، وَعِيْسَى بنُ أَبِي عِيْسَى الحَنَّاطُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ المَنْتُوْفُ، وَأَبُو بَكْرٍ الهُذَلِيُّ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم.
وَقَبِيْلَتُهُ مَنْ كَانَ مِنْهُم بِالكُوْفَةِ، قِيْلَ: شَعْبِيٌّ وَمَنْ كَانَ بِمِصْرَ، قِيْلَ الأُشْعُوْبِيُّ وَمَنْ كَانَ بِاليَمَنِ، قِيْلَ: لَهُم آلُ ذِي شَعْبَيْنِ، وَمَنْ كَانَ بِالشَّامِ قِيْلَ الشَّعْبَانِيُّ وَأُرَى قَبِيْلَةَ شَعْبَانَ نَزَلَتْ بِمَرْجِ كَفْرَ بَطْنَا فَعُرِفَ بِهِم وَهُمْ جَمِيْعاً وَلَدُ حَسَّانِ بنِ عَمْرِو بنِ شَعْبَيْنِ.
قَالَ الحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ فَبَنُو عَلِيِّ بنِ حَسَّانِ بنِ عَمْرٍو رَهْطُ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ دَخَلُوا فِي(5/172)
جُمْهُوْرِ هَمْدَانَ، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ تَوْءماً ضَئِيْلاً، فَكَانَ يَقُوْلُ: إِنِّي زُوْحِمْتُ فِي الرَّحِمِ. قَالَ: وَأَقَامَ فِي المَدِيْنَة ثَمَانِيَة أَشْهُرٍ هَارِباً مِنَ المُخْتَارِ، فَسَمِع مِنِ ابْنِ عُمَرَ، وَتَعَلَّمَ الحِسَابَ مِنَ الحَارِثِ الأَعْوَرِ، وَكَانَ حَافِظاً، وَمَا كَتَبَ شَيْئاً قَطُّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بن محمد بن مرة الشعباني، حدثني أَشْيَاخٌ مِنْ شَعْبَانَ؛ مِنْهُم: مُحَمَّدُ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ -وَكَانَ عَالِماً: أَنَّ مَطَراً أَصَابَ اليَمَنَ, فَجَحَفَ السَّيْلُ مَوْضِعاً، فَأَبْدَى عَنْ أَزَجٍ عَلَيْهِ بَابٌ مِنْ حِجَارَةٍ، فَكُسِرَ الغَلَقُ، وَدُخِلَ، فَإِذَا بَهُوٌ عَظِيْمٌ، فِيْهِ سَرِيْرٌ مِنْ ذَهَبٍ, فَإِذَا عَلَيْهِ رَجُلٌ, شَبَرْنَاهُ فَإِذَا طُوْلُهُ اثْنَا عَشَرَ شِبْراً، وَإِذَا عَلَيْهِ جِبَابٌ مِنْ وَشْيٍ مَنْسُوْجَةٌ بِالذَّهَبِ، وَإِلَى جَنْبِهِ مِحْجَنٌ مِنْ ذَهَبٍ، عَلَى رَأْسِهِ يَاقُوْتَةٌ حَمْرَاءُ، وَإِذَا رَجُلٌ أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، لَهُ ضَفْرَانِ، وَإِلَى جَنْبِهِ لَوْحٌ مَكْتُوْبٌ فِيْهِ بِالحِمْيَرِيَّةِ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ رَبَّ حِمْيَرٍ، أَنَا حَسَّانُ بنُ عَمْرٍو القَيْلُ، إِذْ لاَ قَيْلَ إلَّا اللهُ، عِشْتُ بِأَمَلٍ، وَمُتُّ بِأَجِلٍ؛ أَيَّامَ وَخْزِهَيْدَ، وَمَا وَخْزُهَيْدُ؟ هَلَكَ فِيْهِ اثْنَا عَشَرَ ألف قيل، كنت آخِرَهُم قَيْلاً فَأَتَيْتُ جَبَلَ ذِي شَعْبَيْنِ لِيُجِيْرَنِي مِنَ المَوْتِ, فَأَخْفَرَنِي. وَإِلَى جَنْبِهِ سَيْفٌ مَكْتُوْبٌ فِيْهِ: أَنَا قَيْلٌ بِي يُدْرَكُ الثَّأْرُ.
شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُوْرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أَدْرَكْتُ خَمْسَ مائَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، عَنْ مَكْحُوْلٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ مِنَ الشَّعْبِيِّ.
هُشَيْمٌ: أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ سَالِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: مَا مَاتَ ذُوْ قرابة لِي وَعَلَيْهِ دَيْنٌ إلَّا وَقَضَيْتُ عَنْهُ، وَلاَ ضَرَبْتُ مَمْلُوْكاً لِي قَطُّ، وَلاَ حَلَلْتُ حَبْوَتِي إِلَى شَيْءٍ مِمَّا يَنْظُرُ النَّاسُ.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ كَانَ أَفْقَهَ مِنَ الشَّعْبِيِّ. قُلْتُ: وَلاَ شُرَيْحٌ؟ فَغَضِبَ, وَقَالَ: إِنَّ شُرَيْحاً لَمْ أَنْظُرْ أَمْرَهُ.
زَائِدَةُ، عَنْ مُجَالِدٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ إِبْرَاهِيْمَ فِي أَصْحَابِ المُلاَّ، فَأَقْبَلَ الشَّعْبِيُّ، فَقَامَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيْمُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَعْوَرُ، لَوْ أَنَّ أَصْحَابِي أَبْصَرُوْكَ ثُمَّ جَاءَ فَجَلَسَ فِي مَوْضِعِ إِبْرَاهِيْمَ.
سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفْقَهَ من الشعبي، لا سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، وَلاَ طَاوُوْسَ، وَلاَ عَطَاءً، وَلاَ الحَسَنَ، وَلاَ ابْنَ سِيْرِيْنَ، فَقَدْ رَأَيْتُ كُلَّهُم.
عَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءٍ: حَدَّثَنَا جَرِيْرُ بنُ أَيُّوْبَ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ الشَّعْبِيَّ عَنْ وَلَدِ الزِّنَى شَرُّ الثَّلاَثَةِ هُوَ؟ فَقَالَ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَرُجِمَتْ أُمُّهُ وَهُوَ فِي بَطْنِهَا، ولم تؤخر حتى تلد.(5/173)
ابْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا حُرٌّ، عَنْ مُغِيْرَةَ: قَالَ رَجُلٌ مِنَ الكَيْسَانِيَّةِ1 عِنْدَ الشَّعْبِيِّ: كَانَتْ عَائِشَةُ مِنْ أَبْغَضِ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ. قَالَ: خَالَفْتَ سُنَّةَ نَبِيِّكَ.
عَلِيُّ بنُ القَاسِمِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الهُذَلِيِّ: قَالَ لِي ابْنُ سِيْرِيْنَ: الْزَمِ الشَّعْبِيَّ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يُسْتَفْتَى وَأَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَافِرُوْنَ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ المَدَائِنِيُّ فِي كِتَابِ "الحِكْمَةِ": قِيْلَ لِلشَّعْبِيِّ: مِنْ أَيْنَ لَكَ كُلُّ هَذَا العِلْمِ؟ قَالَ: بِنَفْيِ الاغْتِمَامِ، وَالسَّيْرِ فِي البِلاَدِ، وَصَبْرٍ كَصَبْرِ الحَمَامِ، وَبُكُوْرٍ كَبُكُوْرِ الغُرَابِ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عُلَمَاءُ النَّاسِ ثَلاَثَةٌ: ابْنُ عَبَّاسٍ فِي زَمَانِهِ، وَالشَّعْبِيُّ فِي زَمَانِهِ، وَالثَّوْرِيُّ فِي زَمَانِهِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ الشَّعْبِيُّ ضَئِيْلاً، نَحِيْفاً، وُلِدَ هُوَ وَأَخٌ لَهُ توءمًا.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: سَمِعَ الشَّعْبِيُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِيْنَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَلاَ يَكَادُ يُرْسِلُ إلَّا صَحِيْحاً.
رَوَى عَقِيْلُ بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ الغُدَانِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أَدْرَكْتُ خَمْسَ مائَةِ صَحَابِيٍّ، أَوْ أَكْثَرَ، يَقُوْلُوْنَ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ.
وَأَمَّا عَمْرُو بنُ مَرْزُوْقٍ، فرواه عن شعبة، وفيه يقولون: علي، وطلحةن وَالزُّبَيْرُ، فِي الجَنَّةِ.
ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُوْلُ: مَا كَتَبْتُ سَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَلاَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ بِحَدِيْثٍ قَطُّ إلَّا حَفِظْتُهُ، وَلاَ أَحْبَبْتُ أَنَّ يُعِيْدَهُ عَلَيَّ.
هَذَا سَمَاعُنَا فِي "مُسْنَدِ الدَّارِمِيِّ".
أَنْبَأَنَا مَالِكُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ: فَكَأَنَّ الشَّعْبِيَّ يُخَاطِبُكَ بِهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أُمِّيٌّ، لاَ كَتَبَ وَلاَ قَرَأَ.
__________
1 الكيسانية: هم أتباع المختار بن أبي عبيد الثقفي الذي قام بثأر الحسين بن علي بن أبي طالب، وقتل أكثر الذين قتلوا حسينًا بكربلاء، وكان المختار يقال له: كيسان؛ وقيل: إنه أخذ مقالته على مولى لعلي -رضي الله عنه- كان اسمه: كيسان.
واقترفت الكيسانية فرقًا يجمعها شيئان: -أحدهما: قولهم بإمامة محمد ابن الحنفية وإليه كان يدعو المختار بن أبي عبيد. والثاني: قولهم بجواز البداء على الله -عز وجل- ولهذه البدعة قال بتكفيرهم كل من لا يجيز البداء على الله سبحانه.(5/174)
الفَسَوِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ": حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ شُبْرُمَةَ، سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُوْلُ: مَا سَمِعْتُ مُنْذُ عِشْرِيْنَ سَنَةً رَجُلاً يُحَدِّثُ بِحَدِيْثٍ إلَّا أَنَا أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُ، وَلَقَدْ نَسِيْتُ مِنَ العِلْمِ مَا لَوْ حَفِظَهُ رَجُلٌ لَكَانَ بِهِ عَالِماً.
نُوْحُ بنُ قَيْسٍ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ مُسْلِمٍ، عَنْ وَادِعٍ الرَّاسِبِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: مَا أَرْوِي شَيْئاً أَقَلَّ مِنَ الشِّعْرِ، وَلَوْ شِئْتُ، لأَنْشَدْتُكُم شَهْراً لاَ أُعِيْدُ.
وَرُوِيَتْ عَنْ نُوْحٍ مَرَّةً، فَقَالَ: عَنْ يُوْنُسَ وَوَادِعٍ.
مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ: سَمِعْتُ أَبَا أُسَامَةَ يَقُوْلُ: كَانَ عُمَرُ فِي زَمَانِهِ رَأْسَ النَّاسِ وَهُوَ جَامِعٌ، وَكَانَ بَعْدَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي زَمَانِهِ، وَكَانَ بَعْدَهُ الشَّعْبِيُّ فِي زَمَانِهِ، وَكَانَ بَعْدَهُ الثوري في زمانه، ثم كان بعده يحي بنُ آدَمَ.
شَرِيْكٌ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: مَرَّ ابْنُ عُمَرَ بِالشَّعْبِيِّ وَهُوَ يَقْرَأُ المَغَازِي، فَقَالَ: كَأَنَّ هَذَا كَانَ شَاهِداً مَعَنَا، وَلَهُوَ أَحْفَظُ لَهَا مِنِّي وَأَعْلَمُ.
أَشْعَبُ بنُ سَوَّارٍ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ: قَدِمْتُ الكُوْفَةَ، وَلِلشَّعْبِيِّ حَلْقَةٌ عَظِيْمَةٌ، وَالصَّحَابَةُ يَوْمَئِذٍ كَثِيْرٌ.
ابْن عُيَيْنَةَ، عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ: مَا جَالَسْتُ أَحَداً أَعْلَمَ مِنَ الشَّعْبِيِّ.
وَقَالَ عَاصِمُ بنُ سُلَيْمَانَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ بِحَدِيْثِ أَهْلِ الكُوْفَةِ وَالبَصْرَةِ وَالحِجَازِ وَالآفَاقِ مِنَ الشَّعْبِيِّ.
أَبُو مُعَاوِيَةَ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: ألَّا تَعْجَبُوْنَ مِنْ هَذَا الأَعْوَرِ؟! يَأْتِيْنِي بِاللَّيْلِ، فَيَسْأَلُنِي، وَيُفْتِي بِالنَّهَارِ يَعْنِي: إِبْرَاهِيْمَ.
أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الصَّلْتِ بنِ بَهْرَامَ، قَالَ: مَا بَلَغَ أَحَدٌ مَبْلَغَ الشَّعْبِيِّ أَكْثَرَ مِنْهُ يقول: لا أدري.
أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: كَانَ الشَّعْبِيُّ إِذَا جَاءهُ شَيْءٌ اتَّقَاهُ، وَكَانَ إِبْرَاهِيْمُ يَقُوْلُ وَيَقُوْلُ.
جَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي ليلى، قال: كَانَ إِبْرَاهِيْمُ صَاحِبَ قِيَاسٍ، وَالشَّعْبِيُّ صَاحِبَ آثَارٍ.
ابْنُ المُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ: كَانَ الشَّعْبِيُّ مُنْبَسِطاً، وَكَانَ إِبْرَاهِيْمُ مُنْقَبِضاً، فَإِذَا وَقَعَتِ الفَتْوَى، انْقَبَضَ الشَّعْبِيُّ، وَانْبَسَطَ إِبْرَاهِيْمُ.(5/175)
وَقَالَ سَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ: مَا اجْتَمَعَ الشَّعْبِيُّ وَإِبْرَاهِيْمُ، إلَّا سَكَتَ إِبْرَاهِيْمُ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو الجَابِيَةِ الفَرَّاءُ، قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: إِنَّا لَسْنَا بِالفُقَهَاءِ، وَلَكِنَّا سَمِعنَا الحَدِيْثَ فَرَوَيْنَاهُ، وَلَكِنَّ الفُقَهَاءَ مَنْ إِذَا عَلِمَ، عَمِلَ.
مَالِكُ بنُ مِغْولٍ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُوْل: لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ عَلِمْتُ مِنْ ذَا العِلْمِ شَيْئاً.
قُلْتُ: لأَنَّهُ حُجَّةٌ عَلَى العَالِمِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْمَلَ بِهِ، وينبه الجَاهِلَ، فَيَأْمُرَهُ وَيَنْهَاهُ، وَلأَنَّهُ مَظِنَّةٌ أَنْ لاَ يخلص فيه، وأن يفتخر به، ويماري بِهِ، لِيَنَالَ رِئَاسَةً، ودُنْيَا فَانِيَةً.
الحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ: سُئِلَ الشَّعْبِيُّ عَنْ شَيْءٍ، فَلَمْ يُجِبْ فِيْهِ، فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَهُ: أبو عمرو ويقول فيه كذا وكذا. فقال الشعبي: هَذَا فِي المَحْيَا, فَأَنْتَ فِي المَمَاتِ عَلَيَّ أَكْذَبُ.
قَالَ ابْنُ عَائِشَةَ: وَجَّهَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ الشَّعْبِيَّ إِلَى مَلِكِ الرُّوْمِ -يَعْنِي: رَسُوْلاً- فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ: يَا شَعْبِيُّ، أَتَدْرِي مَا كَتَبَ بِهِ إِلَيَّ مَلِكُ الرُّوْمِ؟ قَالَ: وَمَا كَتَبَ بِهِ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ؟ قَالَ: كُنْتُ أَتَعَجَّبُ لأَهْلِ دِيَانَتِكَ، كَيْفَ لَمْ يَسْتَخْلِفُوا عَلَيْهِم رَسُوْلَكَ؟! قُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، لأَنَّهُ رَآنِي وَلَمْ يَرَكْ. أَوْرَدَهَا: الأَصْمَعِيُّ؛ وَفِيْهَا قَالَ: يَا شَعْبِيُّ، إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُغْرِيَنِي بِقَتْلِكَ. فَبَلَغَ ذَلِكَ مَلِكَ الرُّوْمِ، فَقَالَ: للهِ أَبُوْهُ! وَاللهِ مَا أَرَدْتُ إلَّا ذَاكَ.
يُوْسُفُ بنُ بَهْلُوْلٍ الحَافِظُ: حَدَّثَنَا جَابِرُ بنُ نُوْحٍ، حَدَّثَنِي مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الحَجَّاجُ سَأَلنِي عَنْ أَشْيَاءَ مِنَ العِلْمِ، فَوَجَدَنِي بِهَا عَارِفاً، فَجَعَلَنِي عَرِيْفاً عَلَى قَوْمِي الشَّعْبِيِّيْنَ، وَمَنْكِباً عَلَى جَمِيْعِ هَمْدَانَ، وَفَرَضَ لِي، فَلَمْ أَزَلْ عِنْدَهُ بِأَحْسَنِ مَنْزِلَةٍ حَتَّى كَانَ شَأْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَشْعَثِ، فَأَتَانِي قُرَّاءُ أَهْلِ الكُوْفَةِ، فَقَالُوا: يَا أَبَا عَمْرٍو إِنَّكَ زَعِيْمُ القُرَّاءِ. فَلَمْ يَزَالُوا حَتَّى خَرَجْتُ مَعَهُم, فَقُمْتُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ أَذْكُرُ الحَجَّاجَ، وَأَعِيْبُهُ بِأَشْيَاءَ، فَبَلَغَنِي أَنَّهُ قَالَ: ألَّا تَعْجَبُوْنَ مِنْ هَذَا الخَبِيْثِ؟! أَمَا لَئِنْ أَمْكَنَنِي اللهُ مِنْهُ، لأَجْعَلَنَّ الدُّنْيَا عَلَيْهِ أَضْيَقَ مِنْ مَسْكِ جَمَلٍ قَالَ: فَمَا لَبِثْنَا أَنْ هُزِمْنَا فَجِئْتُ إِلَى بَيْتِي، وَأَغْلَقْتُ عَلَيَّ, فَمَكَثْتُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَنَدَبَ النَّاسَ لِخُرَاسَانَ، فَقَامَ قُتَيْبَةُ بنُ مُسْلِمٍ، فَقَالَ: أَنَا لَهَا. فَعَقَدَ لَهُ عَلَى خُرَاسَانَ فَنَادَى مُنَادِيْهِ: مَنْ لَحِقَ بِعَسْكَرِ قُتَيْبَةَ، فَهُوَ آمِنٌ. فَاشْتَرَى مَوْلَىً لِي حِمَاراً، وَزَوَّدَنِي، ثُمَّ خَرَجْتُ، فَكُنْتُ فِي العَسْكَرِ، فَلَمْ أَزَلْ مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا فرغانة. فَجَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدْ بَرِقَ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: أَيُّهَا الأَمِيْرُ، عِنْدِي عِلْمُ مَا تُرِيْدُ. فَقَالَ: وَمَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أُعِيْذُكَ ألَّا تَسْأَلَ عَنْ ذَاكَ فَعَرَفَ أَنِّي مِمَّنْ يُخْفِي نَفْسَهُ فَدَعَا بِكِتَابٍ فَقَالَ: اكْتُبْ نُسْخَةً قُلْتُ: لاَ تَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ فَجَعَلْتُ أُمِلُّ عَلَيْهِ وَهُوَ يَنْظُرُ حَتَّى فَرَغَ مِنْ كِتَابِ الفَتْحِ قَالَ: فَحَمَلَنِي عَلَى بَغْلَةٍ وَأَرْسَلَ(5/176)
إِلَيَّ بِسَرَقٍ مِنْ حَرِيْرٍ، وَكُنْتُ عِنْدَهُ فِي أَحْسَنِ مَنْزِلَةٍ، فَإِنِّي لَيْلَةً أَتَعَشَّى مَعَهُ، إِذَا أَنَا بِرَسُوْلِ الحَجَّاجِ بِكِتَابٍ فِيْهِ: إِذَا نَظَرْتَ فِي كِتَابِي هَذَا، فَإِنَّ صَاحِبَ كِتَابِكَ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ، فَإِنْ فَاتَكَ، قَطَعْتُ يَدَكَ عَلَى رِجْلِكَ، وَعَزَلْتُكَ. قَالَ: فَالْتَفَتَ إِلَيَّ، وَقَالَ: مَا عَرَفْتُكَ قَبْلَ السَّاعَةِ، فَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ مِنَ الأَرْضِ, فَوَاللهِ لأَحْلِفَنَّ لَهُ بِكُلِّ يَمِيْنٍ فَقُلْتُ: أَيُّهَا الأَمِيْر، إِنَّ مِثْلِي لاَ يَخْفَى. فَقَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ. قَالَ: فَبَعَثَنِي إِلَيْهِ، وَقَالَ: إِذَا وَصَلْتُمْ إِلَى خَضْرَاءِ وَاسِطَ فَقَيِّدُوْهُ, ثُمَّ أَدْخِلُوْهُ عَلَى الحَجَّاجِ.
فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْ وَاسِطٍ، اسْتَقْبَلَنِي ابْنُ أَبِي مُسْلِمٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْرٍو، إِنِّي لأَضِنُّ بِكَ عَنِ القَتْلِ، إِذَا دَخَلْتَ عَلَى الأَمِيْرِ، فَقُلْ كَذَا، وَقُلْ كَذَا. فَلَمَّا أُدْخِلْتُ عَلَيْهِ، وَرَآنِي، قَالَ: لاَ مَرْحَباً وَلاَ أَهْلاً جِئْتَنِي وَلَسْتَ فِي الشَّرَفِ مِنْ قَوْمِكَ وَلاَ عرِيْفاً، فَفَعَلْتَ وَفَعَلْتَ، ثُمَّ خَرَجْتَ عَلَيَّ وَأَنَا سَاكِتٌ، فَقَالَ: تَكَلَّمْ. فَقُلْتُ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ، كُلُّ مَا قُلْتَهُ حَقٌّ وَلَكِنَّا قَدِ اكْتَحَلْنَا بَعْدَكَ السَّهَرَ, وَتَحَلَّسْنَا الخَوْفَ وَلَمْ نَكُنْ مَعَ ذَلِكَ بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ وَلاَ فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ, فَهَذَا أَوَانُ حَقَنْتَ لِي دَمِي, وَاسْتَقْبَلْتَ بِيَ التَّوْبَةَ. قال: قد فعلت ذلك.
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: لَمَّا أُدْخِلَ الشَّعْبِيُّ عَلَى الحَجَّاجِ، قَالَ: هِيْه يَا شَعْبِيُّ! فَقَالَ: أَحْزَنَ بِنَا المَنْزِلُ، وَاسْتَحْلَسْنَا الخَوْفَ, فَلَمْ نَكُنْ فِيْمَا فَعَلْنَا بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ، وَلاَ فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ فَقَالَ: للهِ دَرُّكَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَالَ أَصْحَابُنَا: كَانَ الشَّعْبِيُّ فِيْمَنْ خَرَجَ مَعَ القُرَّاءِ عَلَى الحَجَّاجِ، ثُمَّ اخْتَفَى زَمَاناً وَكَانَ يَكْتُبُ إِلَى يَزِيْدَ بنِ أَبِي مُسْلِمٍ أَنْ يُكَلِّمَ فِيْهِ الحَجَّاجَ.
قُلْتُ: خَرَجَ القُرَّاءُ وَهُمْ أَهْلُ القُرْآنِ وَالصَّلاَحِ بالعراق على الحجاج؛ لظلمه وتأخيره والصلاة وَالجَمْعِ فِي الحَضَرِ، وَكَانَ ذَلِكَ مَذْهَباً وَاهِياً لِبَنِي أُمَيَّةَ، كَمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَكُوْنُ عَلَيْكُم أُمَرَاءُ يُمِيْتُوْنَ الصَّلاَةَ". فَخَرَجَ عَلَى الحَجَّاجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ الكِنْدِيُّ، وَكَانَ شَرِيْفاً مُطَاعاً وَجَدَّتُهُ أخت الصديقن فَالْتَفَّ عَلَى مائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيْدُوْنَ, وَضَاقَتْ عَلَى الحَجَّاجِ الدُّنْيَا، وَكَادَ أَنْ يَزُوْلَ مُلْكُهُ, وَهَزَمُوْهُ مَرَّاتٍ، وَعَايَنَ التَّلَفَ، وَهُوَ ثَابِتٌ مِقْدَامٌ، إِلَى أَنِ انْتَصَرَ وَتَمَزَّقَ جَمْعُ ابْنِ الأَشْعَثِ، وقتل خلق كَثِيْرٌ مِنَ الفَرِيْقَيْنِ، فَكَانَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ الحَجَّاجُ مِنْهُم قَتَلَهُ, إلَّا مَنْ بَاءَ مِنْهُم بِالكُفْرِ عَلَى نَفْسِهِ، فَيَدَعُهُ.
سَعْدُ بنُ عَامِرٍ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ الأَسْوَدِ, عَنْ عِيْسَى الحَنَّاطِ, قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: إِنَّمَا كَانَ يَطْلُبُ هَذَا العِلْمَ مَنِ اجْتَمَعَتْ فِيْهِ خَصْلَتَانِ: العَقْلُ وَالنُّسْكُ، فَإِنْ كَانَ عَاقِلاً، وَلَمْ يَكُنْ نَاسِكاً، قَالَ هذا أمر لا ينالهإلَّا النُّسَّاكُ، فَلَنْ أَطْلُبَهُ. وَإِنْ كَانَ نَاسِكاً، وَلَمْ يَكُنْ عَاقِلاً، قَالَ:(5/177)
هَذَا أَمْرٌ لاَ يَنَالُهُ إلَّا العُقَلاَءُ، فَلَنْ أَطْلُبَهُ. يَقُوْلُ الشَّعْبِيُّ: فَلَقَدْ رَهِبْتُ أَنْ يَكُوْنَ يَطْلُبُهُ اليَوْمَ مِنْ لَيْسَ فِيْهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، لاَ عَقْلَ وَلاَ نُسْكَ.
قُلْتُ: أَظُنُّهُ أَرَادَ بِالعَقْلِ الفَهْمَ وَالذَّكَاءَ.
قَالَ مُجَالِدٌ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ يَزْدَرِدُ العِلْمَ ازْدِرَاداً.
وَقَلَّمَا رَوَى الأَعْمَشُ عَنِ الشَّعْبِيِّ، فَرَوَى: حَفْصٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لاَ بَأْسَ بِذَبِيْحَةِ اللِّيْطَةِ. فَقُلْتُ لِلأَعْمَشِ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ, مَا مَنَعَكَ مِنْ إِتْيَانِ الشَّعْبِيِّ؟ قَالَ: وَيْحَكَ! كَيْفَ كُنْتُ آتِيْهِ وَهُوَ إِذَا رَآنِي سَخَرَ بِي، وَيَقُوْلُ: هَذِهِ هَيْئَةُ عَالِمٍ! مَا هَيْئَتُكَ إلَّا هَيْئَةُ حَائِكٍ. وَكُنْتُ إِذَا أَتَيْتُ إِبْرَاهِيْمَ أَكْرَمَنِي وَأَدْنَانِي.
قَالَ عَاصِمٌ الأَحْوَلُ: حَدَّثَنِي الشَّعْبِيُّ بِحَدِيْثٍ، فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا يُرْفَعُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ دُوْنَهُ أَحَبُّ إِلَيْنَا، إِنْ كَانَ فِيْهِ زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانُ.
خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: مَا كُذِبَ عَلَى أَحَدٍ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ مَا كُذِبَ عَلَى عَلِيٍّ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: مَا جلست مع قوم مذ كذا وكذا، فخاضوا حَدِيْثٍ إلَّا كُنْتُ أَعْلَمَهُم بِهِ.
عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ يَزِيْدَ, سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُوْلُ: وَاللهِ لَوْ أَصَبْتُ تِسْعاً وَتِسْعِيْنَ مَرَّةً وَأَخْطَأْتُ مَرَّةً، لأَعَدُّوا عَلَيَّ تِلْكَ الوَاحِدَةَ.
وَعَنْ زَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَأَنِّي بِهَذَا العِلْمِ تَحَوَّلَ إِلَى خُرَاسَانَ.
عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ، عَنْ عَمْرِو بنِ خَلِيْفَةَ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أَصْبَحَتِ الأُمَّةُ عَلَى أَرْبَعِ فِرَقٍ: مُحِبٌّ لِعَلِيٍّ مُبْغِضٌ لِعُثْمَانَ، وَمُحِبٌّ لِعُثْمَانَ مُبْغِضٌ لِعَلِيٍّ، وَمُحِبٌّ لَهُمَا وَمُبْغِضٌ لَهُمَا، قُلْتُ: مِنْ أَيِّهِمَا أَنْتَ قَالَ مُبْغِضٌ لِبَاغِضِهِمَا.
عَبْدُ اللهِ بنُ إِدْرِيْسَ: حَدَّثَنَا عَمِّي، قَالَ لِي الشَّعْبِيُّ: أُحَدِّثُكَ عَنِ القَوْمِ كَأَنَّكَ شَهِدْتَهُم كَانَ شُرَيْحٌ أَعْلَمَهُم بِالقَضَاءِ، وَكَانَ عَبِيْدَةُ يُوَازِي شُرَيْحاً فِي عِلْمِ القَضَاءِ، وَأَمَّا عَلْقَمَةُ فَانْتَهَى إِلَى عِلْمِ عَبْدِ اللهِ، لَمْ يُجَاوِزْهُ، وَأَمَّا مَسْرُوْقٌ فَأَخَذَ عَنْ كُلٍّ، وَكَانَ الرَّبِيْعُ بنُ خُثَيْمٍ أَعْلَمَهُم عِلْماً وَأَوْرَعَهُم وَرَعاً.
قَالَ زَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ: كَانَ الشَّعْبِيُّ يَمُرُّ بِأَبِي صَالِحٍ، فَيَأْخُذُ بِأُذُنِهِ، وَيَقُوْل: تُفَسِّرُ القُرْآنَ وَأَنْتَ لاَ تَقْرَأُ القُرْآنَ!.(5/178)
عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ نَجْدَةَ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنِي رَبِيْعَةُ بنُ يَزِيْدَ، قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى الشَّعْبِيِّ بِدِمَشْقَ فِي خلافة المَلِكِ، فَحَدَّثَ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ: عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "اعبدوا رَبَّكُم، وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَأَقِيْمُوا الصَّلاَةَ، وَآتُوا الزَّكَاةَ, وَأَطِيْعُوا الأُمَرَاءَ، فَإِنْ كَانَ خَيْراً لكم، وَإِنْ كَانَ شَرّاً فَعَلَيْهِم، وَأَنْتُم مِنْهُ بُرَآءُ" فَقَالَ لَهُ الشَّعْبِيُّ: كَذَبْتَ.
هَكَذَا رَوَاهُ الحَاكِمُ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُضَارِبٍ العُمَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مِهْرَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِهَا: أَخْطَأْتَ.
قُرَادٌ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ طَارِقِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عَلَى بَابِ الشَّعْبِيِّ، إِذْ جَاءَ جَرِيْرُ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَرِيْرٍ البَجَلِيُّ، فَدَعَا الشَّعْبِيُّ لَهُ بِوِسَادَةٍ. فَقُلْنَا لَهُ: حَوْلَكَ أَشْيَاخٌ، وَجَاءَ هَذَا الغُلاَمُ فَدَعَوْتَ لَهُ بِوِسَادَةٍ؟! قَالَ: نَعَمْ، إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَلْقَى لِجَدِّهِ وِسَادَةً وَقَالَ: "إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيْمُ قَوْمٍ فأكرموه" 1.
__________
1 صحيح: ورد من حديث عبد الله بن عمر، وجرير بن عبد الله البجلي، وَجَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عباس، ومعاذ بن جبل، وعدي بن حاتم، وأبي راشد عبد الرحمن بن عبد، وأنس بن مالك -رضي الله عنهم أجمعين.
أما حديث ابن عمر: فأخرجه ابن ماجه "3712"، والقضاعي في "الشهاب" "761".
وأما حديث جرير بن عبد الله: فأخرجه الطبراني في "2266" وابن عدي، والبيهقي "8/ 168" والخطيب في "التاريخ" "1/ 188"، والقضاعي "762" من طريق حصين بن عمر الأحمسي، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ بن أبي حازم، عنه قال: "لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أتيته، فقال يا جرير لأي شيء جئت؟ قال: جئت لأسلم على يديك يا رسول الله، قال: فألقى إلى كساءه، ثم أقبل على أصحابه وقال: "إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه".
قلت: إسناده واه، آفته حصين بن عمر، متروك كما قال الحافظ في "التقريب"، ولكنه لم ينفرد به فأخرجه الخطيب في "تاريخه" "7/ 94" من طريق أبي أمية بن فرقد قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان حدثنا إسماعيل، به. وقال الدارقطني: "لم يروه عن يحيى القطان غير أبي أمية هذا، ولم يكن بالقوى، وهذا إنما يعرف من رواية حصين بن عمر الأحمسي، عن إسماعيل، ورواه كادح عن إسماعيل".
قلت: كادح كذاب. وله طريق آخر عن جرير بن عبد الله: أخرجه أبو نعيم في "الحلية" "5/ 205- 206". وأما حديث جابر عبد الله: فأخرجه الحاكم "4/ 291- 292". وأما حديث أبي هريرة: فأخرجه ابن عدي، وفيه ابن لهيعة سيء الحفظ، ومن فوقه ثقات وله طريق آخر عند البزار في "كشف الأستار". وأما حديث ابن عباس: فأخرجه الطبراني في "الكبير"، والعقيلي في "الضعفاء الكبير".
وأما حديث عدي بن حاتم: فأخرجه القضاعي "760"، والعقيلي في "الضعفاء".(5/179)
شَبَابَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ عِيَاضٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ قَيْسٍ الأَرْقَبِ، فَمَرَرْنَا بِالشَّعْبِيِّ، فَقَالَ لِي الشَّعْبِيُّ: اتَّقِ اللهَ لاَ يُشْعِلْكَ بِنَارِهِ. فَقَالَ قَيْسٌ: أَمَا -وَاللهِ- قَدْ كُنْتُ فِي هَذِهِ الدَّارِ كَذَا قَالَ، وَلَعَلَّهُ فِي هَذَا الرَّأْيِ ثُمَّ قَالَ لَهُ: وَمَا تَرَكْتُهُ إلَّا لِحُبِّ الدُّنْيَا. قَالَ: فَقُلْتُ: إِنْ كُنْتَ كَاذِباً، فَلَعَنَكَ اللهُ، قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفُ أَصْحَابَ عَلِيٍّ؟ قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا كُنْتُ أَعْرِفُ فُقَهَاءَ الكُوْفَةِ إلَّا أَصْحَابَ عَبْدِ اللهِ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْنَا عَلِيٌّ, وَلَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ يُسَمَّوْنَ قَنَادِيْلَ المَسْجِدِ أَوْ سُرُجَ المِصْرِ. قَالَ قَيْسٌ: أَفَلاَ تَعْرِفُ أَصْحَابَ عَلِيٍّ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفُ الحَارِثَ الأَعْوَرَ؟ قال: نعم لَقَدْ تَعْلَّمْتُ مِنْهُ حِسَابَ الفَرَائِضِ، فَخَشِيْتُ عَلَى نَفْسِي مِنْهُ
الوَسْوَاسَ، فَلاَ أَدْرِي مِمَّنْ تَعَلَّمَهُ. قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفُ ابْنَ صَبُوْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَمْ يَكُنْ بِفَقِيْهٍ، وَلَمْ يَكُنْ فِيْهِ خَيْرٌ. قَالَ: فَهَلْ تَعْرِف صَعْصَعَةَ بنَ صُوْحَانَ؟ قَالَ: كَانَ رَجُلاً خَطِيْباً وَلَمْ يَكُنْ بِفَقِيْهٍ قَالَ فهل تعرف رشيد الهَجَرِيَّ؟ قَالَ الشَّعْبِيُّ: نَعَمْ، بَيْنمَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الهَجَرِيِّيْنَ إِذْ قَالَ لِي رَجُلٌ: هَلْ لَكَ فِي رَجُلٍ عَلَيْنَا، يُحِبُّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ فَأَدْخَلَنِي عَلَى رُشَيْدٍ، فَقَالَ: خَرَجْتُ حَاجّاً فَلَمَّا قَضَيْتُ نُسُكِي، قُلْتُ: لَوْ أَحْدَثْتُ عهدًا بأمير المؤمنين فممرت بِالمَدِيْنَةِ، فَأَتَيْتُ بَابَ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَقُلْتُ لإِنْسَانٍ: اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى سَيِّدِ المُسْلِمِيْنَ فَقَالَ: هُوَ نَائِمٌ، وَهُوَ يَحْسِبُ أَنِّي أَعْنِي الحَسَنَ، قُلْتُ: لَسْتُ أَعْنِي الحَسَنَ، إِنَّمَا أَعْنِي أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، وَإِمَامَ المُتَّقِيْنَ وَقَائِدَ الغُرِّ المُحَجَّلِيْنَ، قَالَ: أَوَ لَيْسَ قَدْ مَاتَ فَبَكَى؟ فَقُلْتُ: أَمَا -وَاللهِ- إِنَّهُ لَيَتَنَفَّسُ الآنَ بِنَفَسِ حَيٍّ, وَيَعْتَرِقُ مِنَ الدِّثَارِ الثَّقِيْلِ، فَقَالَ: أَمَا إِذْ عَرَفْتَ سِرَّ آلِ مُحَمَّدٍ فَادْخُلْ عَلَيْهِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَدَخَلْتُ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَأَنْبَأَنِي بِأَشْيَاءَ تَكُوْنُ، قَالَ الشَّعْبِيُّ فَقُلْتُ: لِرُشَيْدٍ إِنْ كُنْتَ كَاذِباً، فَلَعَنَكَ اللهُ ثُمَّ خَرَجْتُ، وَبَلَغَ الحَدِيْثُ زِيَاداً، فَقَطَعَ لِسَانَهُ وَصَلَبَهُ.
قَالَ شَبَابَةُ: وَحَدَّثَنِيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: أَفْرَطَ نَاسٌ فِي حُبِّ عَلِيٍّ، كَمَا أَفْرَطَتِ النَّصَارَى فِي حُبِّ المَسِيْحِ.
وَرَوَى خَالِدُ بنُ سَلَمَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: حُبُّ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَمَعْرِفَةُ فَضْلِهِمَا مِنَ السنة.
مَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: مَا بَكَيْتُ مِنْ زَمَانٍ، إلَّا بَكَيْتُ عَلَيْهِ.
رَوَى مُجَالِدٌ، وَغَيْرُهُ: أَنَّ رَجُلاً مُغَفَّلاً لَقِيَ الشَّعْبِيَّ، وَمَعَهُ امْرَأَةٌ تَمْشِي، فَقَالَ: أَيُّكُمَا الشَّعْبِيُّ؟ قَالَ: هَذِهِ.(5/180)
وَعَنْ عَامِرِ بنِ يِسَافٍ، قَالَ: قَالَ لِي الشَّعْبِيُّ: امْضِ بِنَا، نَفِرَّ مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ. فَخَرَجْنَا، قَالَ: فَمَرَّ بِنَا شَيْخٌ، فَقَالَ لَهُ الشَّعْبِيُّ: مَا صَنْعَتُكَ؟ قَالَ: رَفَّاءٌ قَالَ: عِنْدَنَا دَنٌّ مَكْسُوْرٌ, تَرْفُوْهُ لَنَا؟ قَالَ إِنْ هَيَّأْتَ لِي سُلُوْكاً مِنْ رَمْلٍ، رَفَوْتُهُ. فَضَحِكَ الشَّعْبِيُّ حَتَّى اسْتَلْقَى.
رَوَى عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: مَا اخْتَلَفَتْ أُمَّةٌ بَعْد نَبِيِّهَا، إلَّا ظَهَرُ أَهْلُ بَاطِلِهَا عَلَى أَهْلِ حَقِّهَا.
عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ، عَنِ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: رَأَيْتُ الشَّعْبِيَّ سَلَّمَ عَلَى نَصْرَانِيٍّ، فَقَالَ السَّلاَمُ: عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ. فَقِيْلَ له في ذلك، فقال: أوليس فِي رَحْمَةِ اللهِ، لَوْلاَ ذَلِكَ، لَهَلَكَ.
رَوَى مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَعَنَ اللهُ أَرَأَيْتَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الهُذَلِيُّ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: أَرَأَيْتُم لَوْ قُتِلَ الأَحْنَفُ، وَقُتِلَ مَعَهُ صَغِيْرٌ، أَكَانَتْ دِيَتُهُمَا سَوَاءً، أَمْ يُفَضَّلُ الأَحْنَفُ لِعَقْلِهِ وَحِلْمِهِ؟ قُلْتُ بَلْ سَوَاءٌ، قَالَ: فَلَيْسَ القِيَاسُ بِشَيْءٍ.
مُجَالِدٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ: نِعْمَ الشَّيْءُ الغَوْغَاءُ، يَسُدُّوْنَ السَّيْلَ، وَيُطْفِئُوْنَ الحَرِيْقَ، وَيَشْغَبُوْنَ عَلَى وُلاَةِ السَّوْءِ.
وَبَلَغَنَا عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: يَا لَيْتَنِي أَنْفَلِتُ مِنْ عِلْمِي كَفَافاً لاَ عَلَيَّ وَلاَ لِيَ.
إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ الشَّعْبِيَّ، فَقَالَ: مَا اسْمُ امْرَأَةِ إِبْلِيْسَ؟ قَالَ: ذَاكَ عُرْسٌ مَا شَهِدْتُهُ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، قَالَ: سُئِلَ الشَّعْبِيُّ عَمَّنْ نَذَرَ أَنْ يُطِلِّقَ امْرَأَتَهُ، قَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. قَالَ: فَنَهَيْتُ الشَّعْبِيَّ أَنَا، فَقَالَ: رُدُّوا عَلَيَّ الرَّجُلَ، نَذْرُكَ فِي عُنُقِكَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ.
عِيْسَى بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: رَأَيْتُ الشَّعْبِيَّ يُنْشِدُ الشِّعْرَ فِي المَسْجِدِ، وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ مِلْحَفَةً حَمْرَاءَ وَإِزَاراً أَصْفَرَ.
قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: اسْتَعْمَلَ ابْنُ هُبَيْرَةَ الشَّعْبِيَّ عَلَى القضاء، وَكَلَّفَهُ أَنْ يُسَامِرَهُ، فَقَالَ: لاَ أَسْتطِيْعُ، فَأَفْرِدْنِي بِأَحَدِهِمَا.
قَالَ عَاصِمٌ الأَحْوَلُ: كَانَ الشَّعْبِيُّ أَكْثَرَ حَدِيْثاً مِنَ الحَسَنِ، وَأَسَنَّ مِنْهُ بِسَنَتَيْنِ.
الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كره الصالحون الأَوَّلُوْنَ الإِكثَارَ مِنَ الحَدِيْثِ، وَلَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، مَا حَدَّثْتُ إلَّا بِمَا أجمع عليه أهل الحديث.(5/181)
قال: الهَيْثَمُ وَاهٍ.
وَرُوِيَ عَنِ: الشَّعْبِيِّ، قَالَ: رُزِقَ صِبِيَانُ هَذَا الزَّمَانِ مِنَ العَقْلِ مَا نَقَصَ مِنْ أَعْمَارِهِمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ.
قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: مَرَّ الشَّعْبِيُّ وَأَنَا مَعَهُ بِإِنْسَانٍ وَهُوَ يَقُوْلُ:
فُتِنَ الشَّعْبِيُّ لَمَّا ... رَفَعَ الطَّرْفَ إِلَيْهَا
فَلَمَّا رَأَى الشَّعْبِيَّ كَأَنَّهُ وَلَمْ يُتِمَّ البَيْتَ، فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: نَظَرَ الطَّرْفَ إِلَيْهَا.
قُلْتُ:هَذِهِ أَبْيَاتٌ مَشْهُوْرَةٌ، عَمِلَهَا رَجُلٌ تَحَاكَمَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ إِلَى الشَّعْبِيِّ أَيَّامَ قَضَائِهِ يَقُوْلُ فِيْهَا:
فَتَنَتْهُ ببنان ... وبخطي مقلتيها
قال للجلواز: قدمها ... وأحضر شاهديها
فقضى جوار على الخصم ... وَلَمْ يَقْضِ عَلَيْهَا
قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: [عَنِ الشَّعْبِيِّ] : إِذَا عَظُمَتِ الحَلْقَةُ، فَإِنَّمَا هُوَ نَجَاءٌ أَوْ نِدَاءٌ.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ طَارِقٍ: أَخْبَرَكُم ابْنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ اللَّبَّانُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَارِبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ كَعْبٍ "ح" قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حُبَيْشٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ زَنْجَوَيْه، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ الرَّقِّيُّ "ح"، وَحَدَّثَنَا الطَّبَرَانِيُّ, حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ المُعَلَّى, حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالُوا: حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، عَنْ عَبَّادِ بنِ مُوْسَى، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: أُتِيَ بِيَ الحَجَّاجُ مُوْثَقاً, فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى بَابِ القَصْرِ، لَقِيَنِي يَزِيْدُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ, فَقَالَ: إِنَّا للهِ يَا شَعْبِيُّ لِمَا بَيْنَ دَفَّتَيْكَ مِنَ العِلْمِ، وَلَيْسَ بِيَوْمِ شَفَاعَةٍ, بُؤْ لِلأَمِيْرِ بِالشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ عَلَى نَفْسِكَ فَبِالحَرِيِّ، أَنْ تَنْجُوَ ثُمَّ لَقِيَنِي مُحَمَّدُ بنُ الحَجَّاجِ، فَقَالَ لِي مِثْلَ مَقَالَةِ يَزِيْدَ فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ قَالَ وَأَنْتَ يَا شَعْبِيُّ فِيْمَنْ خَرَجَ عَلَيْنَا وَكَثَّرَ؟
قُلْتُ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ، أَحْزَنَ بِنَا المَنْزِلُ وَأَجْدَبَ الجَنَابُ, وَضَاقَ المَسْلَكُ، وَاكْتَحَلْنَا السَّهَرَ وَاسْتَحْلَسْنَا الخَوْفَ, وَوَقَعْنَا فِي خِزْيَةٍ لَمْ نَكُنْ فِيْهَا بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ، وَلاَ فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ قَالَ: صَدَقَ وَاللهِ مَا بَرُّوْا فِي خُرُوْجِهِمْ عَلَيْنَا، وَلاَ قَوُوْا عَلَيْنَا حَيْثُ فَجَرُوا، فَأَطْلَقُوا عَنِّي. قَالَ: فَاحْتَاجَ إِلَى فَرِيْضَةٍ فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي أُخْتٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ؟ قُلْتُ: اخْتَلَفَ فِيْهَا خَمْسَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: عثمان، وزيد، وابن مَسْعُوْدٍ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: فَمَا قَالَ(5/182)
فِيْهَا ابْنُ عَبَّاسٍ؟ إِنْ كَانَ لَمُنَقِّباً. قُلْتُ: جَعَلَ الجَدَّ أَباً, وَأَعْطَى الأُمَّ الثُّلُثَ، وَلَمْ يُعْطِي الأُخْتَ شَيْئاً. قَالَ: فَمَا قَالَ فِيْهَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ؟ يَعْنِي: عُثْمَانَ. قُلْتُ: جَعَلَهَا أَثْلاَثاً. قَالَ: فَمَا قَالَ فِيْهَا زَيْدٌ؟ قُلْتُ: جَعَلَهَا مِنْ تِسْعَةٍ، فَأَعْطَى الأُمَّ ثَلاَثاً، وَأَعْطَى الجَدَّ أَرْبَعاً وَأَعْطَى الأُخْتَ سَهْمَيْنِ. قَالَ: فَمَا قَالَ فِيْهَا ابْنُ مَسْعُوْدٍ؟ قُلْتُ: جَعَلَهَا مِنْ سِتَّةٍ أَعْطَى الأُخْتَ ثَلاَثاً, وَأَعْطَى الأُمَّ سَهْماً وَأَعْطَى الجَدَّ سَهْمَيْنِ قَالَ: فَمَا قَالَ فِيْهَا أَبُو تُرَابٍ؟ قُلْتُ: جَعَلَهَا مِنْ سِتَّةٍ، فَأَعْطَى الأُخْتَ ثَلاَثاً وَالأُمَّ سَهْمَيْنِ، وَالجَدَّ سَهْماً قَالَ: مُرِ القاضي, فليمضها على ما أمضاها عليه أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ عُثْمَانُ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ الحَاجِبُ فَقَالَ: إِنَّ بِالبَابِ رُسُلاً. قَالَ: ائْذَنْ لَهُمْ. فَدَخَلُوا عَمَائِمُهُمْ عَلَى أَوْسَاطِهِمْ، وَسُيُوْفُهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ وَكُتُبُهُمْ فِي أَيْمَانِهِمْ، فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سليم يقال له: سيابة بن عاصم، قال:مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنَ الشَّامِ قَالَ: كَيْفَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ؟ كَيْفَ حَشَمُهُ؟ قَالَ: هَلْ كَانَ وَرَاءكَ مِنْ غَيْثٍ؟ قَالَ: نَعَمْ, أَصَابَنِي فِيْمَا بَيْنِي وَبَيْنَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ ثَلاَثُ سَحَائِبَ. قَالَ: فَانْعَتْ لِي. قَالَ: أَصَابَتْنِي سَحَابَةٌ بِحَوْرَانَ فَوَقَعَ قَطْرٌ صِغَارٌ وَقَطْرٌ كِبَارٌ فَكَانَ الكِبَارُ لُحْمَةً لِلْصِّغَارِ، فَوَقَعَ سَبْطٌ مُتَدَارَكٌ, وَهُوَ السَّحُّ الذي سمعت به فؤاد سَائِلٍ، وَوَادٍ نَازِحٍ وَأَرْضٌ مُقْبِلَةٌ, وَأَرْضٌ مُدْبِرَةٌ, فَأَصَابَتْنِي سَحَابَةٌ بِسَوَاءَ -أَوْ قَالَ: بِالقَرْيَتَيْنِ- شَكَّ عيسى, فلبدت الدماث, وَأَسَالَتِ العَزَازَ, وَأَدْحَضَتِ التِّلاَعَ, فَصَدَعَتْ عَنِ الكَمْأَةِ أَمَاكِنَهَا وَأَصَابَتْنِي أَيْضاً سَحَابَةٌ فَقَاءتِ العُيُوْنُ بَعْدَ الرِّيِّ، وَامْتَلأَتِ الإِخَاذُ وَأُفْعِمَتِ الأَوْدِيَةُ، وَجِئْتُكَ فِي مِثْلِ وِجَارِ الضَّبُعِ.
ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، فَقَالَ: هَلْ كَانَ وَرَاءكَ مِنْ غَيْثٍ؟ قَالَ: لاَ،كَثُرَ الإِعْصَارُ، وَاغْبَرَّ البِلاَدُ, وَأُكِلَ مَا أَشْرَفَ مِنَ الجَنْبَةِ، فاستقينا أَنَّهُ عَامُ سَنَةٍ فَقَالَ: بِئْسَ المُخْبِرُ أَنْتَ.
ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ. فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَامَةِ, فَقَالَ: هَلْ كَانَ وَرَاءكَ مِنْ غَيْثٍ؟ قَالَ: تَقَنَّعَتِ الرُّوَّادُ تَدْعُو إِلَى زِيَادَتِهَا وَسَمِعْتُ قَائِلاً يَقُوْلُ: هَلُمَّ أُظْعِنُكُمْ إِلَى مَحَلَّةٍ تُطْفَأُ فِيْهَا النِّيْرَانُ، وَتَشَكَّى فِيْهَا النِّسَاءُ، وَتَنَافَسُ فِيْهَا المِعْزَى. قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَلَمْ يَدْرِ الحَجَّاجُ مَا قَالَ. فَقَالَ: وَيْحَكَ! إِنَّمَا تُحَدِّثُ أَهْلَ الشَّامِ فَأَفْهِمْهُمْ فَقَالَ: نَعَمْ, أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ، أَخْصَبَ النَّاسُ، فَكَانَ التَّمْرُ، وَالسَّمْنُ، وَالزُّبْدُ، وَاللَّبَنُ، فَلاَ تُوْقَدُ نَارٌ لِيُخْتَبَزَ بِهَا، وَأَمَّا تَشَكِّي النِّسَاءِ, فَإِنَّ المَرْأَةَ تَظَلُّ بِرِبْقِ1 بَهْمِهَا تَمْخَضُ لَبَنَهَا, فَتَبِيْتُ وَلَهَا أَنِيْنٌ مِنْ عَضُدَيْهَا، كَأَنَّهَا لَيْسَتَا مَعَهَا, وَأَمَّا تَنَافُسُ المِعْزَى، فَإِنَّهَا تَرْعَى مِنْ أَنْوَاعِ الشَّجَرِ، وَأَلْوَانِ الثَّمَرِ، وَنَوْرِ النَّبَاتِ مَا تشبع
__________
1 الربق والربقة: الحبل والحلقة تشد بها الغنم الصغار لئلا ترضع.(5/183)
بُطُوْنَهَا، وَلاَ تُشْبِعُ عُيُوْنَهَا، فَتَبِيْتُ وَقَدِ امْتَلأَتْ أَكْرَاشُهَا، لَهَا مِنَ الكَظَّةِ جِرَّةٌ1 فَتَبْقَى، الجِرَّةُ حَتَّى تَسْتَنْزِلَ بِهَا الدَّرَّةَ.
ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ فَدَخَلَ رَجُلٌ مِنَ المَوَالِي، كَانَ يُقَالُ أَنَّهُ من أنشد النَّاسِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، فَقَالَ: هَلْ كَانَ وَرَاءكَ مِنْ غَيْثٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنِّي لاَ أُحْسِنُ أَقُوْلُ كَمَا قَالَ هَؤُلاَءِ. قَالَ: قُلْ كَمَا تُحْسِنُ. قَالَ: أَصَابَتْنِي سَحَابَةٌ بِحُلْوَانَ2 فَلَمْ أَزَلْ أَطَأُ فِي إِثْرِهَا حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى الأَمِيْرِ. فَقَالَ الحَجَّاجُ: لَئِنْ كُنْتَ أَقْصَرَهُمْ فِي المَطَرِ خُطْبَةً، إِنَّكَ أَطْوَلُهُمْ بِالسَّيْفِ خَطْوَةً.
وَبِهِ، إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ بنُ جبلة حدثنا أبو العباس السراجن حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبَّادِ بنِ مُوْسَى العُكْلِيُّ، حدثنا أبي أخبرني أبو بكر الهُذَلِيُّ، قَالَ: قَالَ لِي الشَّعْبِيُّ: إلَّا أُحَدِّثُكَ حَدِيْثاً تَحْفَظُهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ إِنْ كُنْتُ حَافِظاً كَمَا حَفِظتُ: إِنَّهُ لَمَّا أُتِيَ بِيَ الحَجَّاجُ وَأَنَا مُقَيَّدٌ، فَخَرَجَ إِلَيَّ يَزِيْدُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ، فَقَالَ: إِنَّا للهِ ... , فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ: أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ, عَنْ سَلَمَةَ بنِ كُهَيْلٍ, وَمُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيّاً جَلَدَ شُرَاحَةَ يَوْمَ الخَمِيْسِ وَرَجَمَهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَكَأَنَّهُم أَنْكَرُوا أَوْ رَأَى أَنَّهُم أَنْكَرُوا، فَقَالَ: جَلَدْتُهَا بِكِتَابِ اللهِ، وَرَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رَوَاهُ جَمَاعَةٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَزَادَ بَعْضُهُم إِنَّهَا اعْتَرَفَتْ بِالزِّنَى.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُجَالِدٍ، وَخَلِيْفَةُ، وَطَائِفَةٌ: مَاتَ الشَّعْبِيُّ سَنَة أَرْبَعٍ وَمائَةٍ. زَادَ ابْنُ مُجَالِدٍ: وَقَدْ بَلَغَ ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَةٍ، عَنْ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَفِيْهِمَا أَرَّخَهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ. وَقَالَ الفَلاَّسُ: فِي أَوَّلِ سَنَةِ سِتٍّ وَمائَةٍ. وَقَالَ يَحْيَى: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَمائَةٍ. وَالأَوَّلُ أَشْهَرُ.
وَمِنْ كَلاَمِهِ: ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ هَوَىً لأَنَّهُ يَهْوِي بِأَصْحَابِهِ.
أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لاَ أَدْرِي، نِصْفُ العلم.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ، وَجَمَاعَةٌ قَالُوا: أَنْبَأَنَا ابْنُ اللَّتِّيِّ, أَنْبَأَنَا أَبُو الوَقْتِ,
أَنْبَأَنَا الداودي، أَنْبَأَنَا ابْنُ حَمُّوْيَةَ أَنْبَأَنَا عِيْسَى بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ -هُوَ ابْنُ مِغْوَلٍ- قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: مَا حَدَّثُوْكَ هَؤُلاَءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخُذْهُ, وَمَا قَالُوْهُ بِرَأْيِهِم, فَأَلْقِهِ فِي الحُشِّ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ إِجَازَةً، أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَالِبٍ بنُ غَيْلاَنَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الجَهْمِ السِّمَّرِيُّ حَدَّثَنَا يَعْلَى وَيَزِيْدُ, عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ نَذَرَ، أَنْ يَمْشِيَ إِلَى الكَعْبَةِ, فَمَشَى نِصْفَ الطَّرِيْقِ, ثُمَّ رَكِبَ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا كَانَ عَاماً قَابِلاً، فَلْيَرْكَبْ مَا مَشَى، وَلْيَمْشِي مَا رَكِبَ، وينحر بدنه.
__________
1 الكظة: البطنة، والجرة: ما يخرجه البعير من بطنه ليمضغه ثم يبلعه.
2 حلوان: مدينة عامرة في آخر حدود خراسان مما يلي أصبهان كما قال ياقوت في معجم البلدان.(5/184)
482- عبد الرحمن 1: "ع"
ابن أبي بكرة الثقفي، أَخُو عُبَيْدِ اللهِ المَذْكُوْرِ. يُكْنَى: أَبَا بَحْرٍ. وقيل: أبا حاتم.
سمع أباه، وعليًا.
وعن: ابْنُ سِيْرِيْنَ، وَأَبُو بِشْرٍ2، وَخَالِدٌ الحَذَّاءُ، وَآخَرُوْنَ.
وُلِدَ زَمَنَ عُمَرَ، وَكَانَ ثِقَةً، كَبِيْرَ القَدْرِ، مُقْرِئاً, عَالِماً.
قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ أَقْرَأَ أَهْلِ البَصْرَةِ. وَقِيْلَ: كَانَ يَقُوْلُ: أَنَا أَنْعَمُ النَّاسِ، أَنَا أَبُو أَرْبَعِيْنَ، وَعَمُّ أَرْبَعِيْنَ، وَخَالُ أَرْبَعِيْنَ، وَعَمِّي زِيَادٌ الأَمِيْرُ، وَكُنْتُ أَوَّلَ مَوْلُوْدٍ بِالبَصْرَةِ.
كَانَ جَوَاداً، مُمَدَّحاً، أَعْطَى إِنْسَاناً تِسْعَ مائَةِ جَامُوْسَةٍ. وَقِيْلَ ذَاكَ أَخُوْهُ.
قَالَ المَدَائِنِيُّ تُوُفِّيَ سنة ست وتسعين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 190"، التاريخ الكبير"5/ ترجمة 738"، الكاشف "2/ ترجمة 3195"، العبر "1/ 123"، تاريخ الإسلام "4/ 23"، تهذيب التهذيب "6/ 148- 149" الإصابة "3/ ترجمة 6678"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4042"، شذرات الذهب "1/ 122".
2 هو جعفر بن إياس، أبو بشر بن أبي وحشية، ثقة، من أثبت الناس في سعيد بن جبير، روى له الجماعة.(5/185)
483- خيثمة بن عبد الرحمن 1: "ع"
ابن أبي سبرة يَزِيْدَ بنِ مَالِكِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ ذُؤَيْبِ بنِ سَلَمَةَ بنِ عَمْرِو بنِ ذُهْلِ بنِ مُرَّانَ بنِ جُعْفِيٍّ المَذْحِجِيُّ، ثُمَّ الجُعْفِيُّ الكُوْفِيُّ، الفَقِيْهُ، وَلأَبِيْهِ وَلِجَدِّهِ صُحْبَةٌ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ. وَعَنْ: عَائِشَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَعَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عَمْرٍو، وَعَنْ سُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ، وَطَائِفَةٍ وَلَمْ يَلْقَ ابن مسعود.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَمْرُو بنُ مُرَّةَ, وَطَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ, وَمَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ, وَالأَعْمَشُ.
وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العُبَّادِ، مَا نَجَا مِنْ فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ إلَّا هُوَ وَإِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ -فِيْمَا قِيْلَ- وَحَدِيْثُهُ فِي دَوَاوِيْنِ الإسلام. وكان سخيًا، جواد، يَرْكَبُ الخَيْلَ, وَيَغْزُو.
قَالَ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ خَيْثَمَةَ، قَالَ: لَمَّا وُلِدَ أَبِي سَمَّاهُ جَدِّي عَزِيْزاً، ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "سَمِّهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ".
وَقِيْلَ: وُلِدَ لِلْمُسَيّبِ بِالكُوْفَةِ ابْنٌ, فَاشْتَرَى خَيْثَمَةُ لَهُ ظِئْراً، فَبَعَثَ بِهَا إِلَيْهِ.
وَقَالَ طَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ: كَانَ خَيْثَمَةُ وَإِبْرَاهِيْمُ أَعْجَبَ أَهْلِ الكُوْفَةِ إِلَيَّ.
قَالَ شُعْبَةُ، عَنْ نُعَيْمِ بنِ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا وَائِلٍ فِي جَنَازَةِ خَيْثَمَةَ، وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ, وَهُوَ يَقُوْلُ: وَاحُزْنَاهُ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا.
وَرُوِيَ عَنْ خَيْثَمَةَ: أَنَّهُ أَدْرَكَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ صَحَابِيّاً، مَا منهم من غير شيبه.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 286"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 732"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1808"، الحلية "4/ 113"، تاريخ الإسلام "3/ 247"، تهذيب التهذيب "3/ 178"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1889"، والمعرفة والتاريخ "3/ 141".(5/186)
484- سعيد بن جبير 1: "ع"
ابن هشام، الإِمَامُ، الحَافِظُ, المُقْرِئُ، المُفَسِّرُ، الشَّهِيْدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ -وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ، الوَالِبِيُّ مَوْلاَهُم الكوفي، أحد الأعلام.
رَوَى عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ -فَأَكْثَرَ وَجَوَّدَ- وَعَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ، وَعَائِشَةَ، وَعَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ، وَأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ فِي "سُنَنِ النَّسَائِيِّ"، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي مَسْعُوْدٍ البَدْرِيِّ -وَهُوَ مُرْسَلٌ- وَعَنِ: ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَالضَّحَّاكِ بنِ قَيْسٍ، وَأَنَسٍ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ.
وَرَوَى عَنِ التَّابِعِيْنَ؛ مِثْلِ: أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ.
قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. قَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ، وَطَائِفَةٌ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ, وَآدَمُ بنُ سُلَيْمَانَ وَالِدُ يَحْيَى، وَأَشْعَثُ بنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ, وَبُكَيْرُ بنُ شِهَابٍ، وَثَابِتُ بنُ عَجْلاَنَ، وَأَبُو المِقْدَامِ ثَابِتُ بنُ هُرْمُزَ، وَجَعْفَرُ بنُ أَبِي المُغِيْرَةِ، وَأَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ، وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ, وَحَبِيْبُ بنُ أَبِي عَمْرَةَ، وَحَسَّانُ بنُ أَبِي الأَشْرَسِ, وَحُصَيْنٌ, وَالحَكَمُ، وَحَمَّادٌ, وَخُصَيْفٌ الجَزَرِيُّ، وَذَرٌّ الهَمْدَانِيُّ, وَزَيْدٌ العَمِّيُّ, وَسَالِمٌ الأَفْطَسُ، وَسَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ, وَسُلَيْمَانُ بنُ أَبِي المُغِيْرَةِ، وَسُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ، وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ, وَسِمَاكُ بنُ حَرْبٍ، وَأَبُو سِنَانٍ ضِرَارُ بنُ مُرَّةَ، وَطَارِقُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَطَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ, وَأَبُو سِنَانٍ طَلْحَةُ بنُ نَافِعٍ, وَأَبُو حَرِيْزٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ حُسَيْنٍ, وَابْنُهُ؛ عَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عِيْسَى بنِ أَبِي لَيْلَى, وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ عَامِرٍ الثَّعْلَبِيُّ, وَعَبْدُ الكَرِيْمِ الجَزَرِيُّ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ أَبُو أُمَيَّةَ البصري, وابنه عبد الملك بن سعيدن, وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ مَيْسَرَةَ, وعُثْمَانُ بنُ حَكِيْمٍ, وَعُثْمَانُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ, وَعُثْمَانُ بنُ قَيْسٍ, وَعَدِيُّ بنُ ثَابِتٍ، وَعَزْرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَعِكْرِمَةُ بنُ خَالِدٍ, وَعَلِيُّ بنُ بَذِيْمَةَ، وَعَمَّارٌ الدُّهْنِيُّ وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ, وَعَمْرُو بنُ سَعِيْدٍ البَصْرِيُّ، وَعَمْرُو بنُ عَمْرٍو المَدَنِيُّ، وَعَمْرُو بنُ مُرَّةَ, وَعَمْرُو بنُ هَرِمٍ, وَفَرْقَدٌ السَّبَخِيُّ، وَفُضَيْلُ بنُ عَمْرٍو الفُقَيْمِيُّ، وَالقَاسِمُ بنُ أَبِي أَيُّوْبَ, وَالقَاسِمُ بنُ أَبِي بَزَّةَ، وَكَثِيْرُ بنُ كَثِيْرِ بنِ المُطَّلِبِ, وَكُلْثُوْمُ بنُ جَبْرٍ، وَمَالِكُ بنُ دِيْنَارٍ, وَمُجَاهِدٌ -رَفِيْقُهُ- وَمُحَمَّدُ بنُ سُوْقَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَاسِعٍ, وَمَسْعُوْدُ بنُ مَالِكٍ، وَمُسْلِمٌ البَطِيْنُ, وَالمُغِيْرَةُ بنُ النُّعْمَانِ, وَمَنْصُوْرُ بنُ حَيَّانَ, وَمَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ, وَالمِنْهَالُ بنُ عَمْرٍو, وَمُوْسَى بنُ أَبِي عَائِشَةَ, وَأَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ، الأَكْبَرُ مُوْسَى بنُ نَافِعٍ, وَمَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ, وَهِشَامُ بنُ حَسَّانٍ، وَهِلاَلُ بنُ خَبَّابٍ, وَوَبَرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَوَهْبُ بنُ مَأْنُوْسٍ, وَأَبُو هُبَيْرَةَ يَحْيَى بنُ عَبَّادٍ، وَيَحْيَى بنُ مَيْمُوْنٍ أَبُو المُعَلَّى العَطَّارُ، ويعلي بن الحكيم, وَيَعْلَى بنُ مُسْلِمٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَأَبُو حَصِيْنٍ الأَسَدِيُّ, وَأَبُو الزُّبَيْرِ المَكِّيُّ, وَأَبُو الصَّهْبَاءِ الكُوْفِيُّ, وَأَبُو عَوْنٍ الثَّقَفِيُّ, وَأَبُو هَاشِمٍ الرُّمَّانِيُّ, وخلق كثير.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 256"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1533"، الكنى للدولابي "2/ 56"، المعرفة والتاريخ "1/ 712"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 29" حلية الأولياء "4/ 272"، وفي أخبار أصبهان "1/ 324"، وفيات الأعيان "2/ 261"، تاريخ الإسلام "4/ 2"، الكاشف "1/ ترجمة 1879" تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 73"، والعبر "1/ 112"، تهذيب التهذيب "4/ 11"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2425"، شذرات الذهب "1/ 108"، النجوم الزاهرة "1/ 228".(5/187)
رَوَى ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، عَنْ أَصْبَغَ بنِ زَيْدٍ قَالَ: كَانَ لِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ دِيْكٌ، كَانَ يَقُوْم مِنَ اللَّيْلِ بِصِيَاحِهِ, فَلَمْ يَصِحْ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي حَتَّى أَصْبَحَ, فَلَمْ يُصَلِّ سَعِيْدٌ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَشَقَّ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا لَهُ قَطَعَ اللهُ صَوْتَهُ؟! فَمَا سُمِعَ لَهُ صَوْتٌ بَعْدُ. فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: يَا بُنَيَّ لا تدع على شيء بعدها.
قال أبو الشيخ: قدم سعيد أصهبان زَمَنَ الحَجَّاجِ، وَأَخَذُوا عَنْهُ.
وَعَنْ عُمَرَ بنِ حَبِيْبٍ، قَالَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ بِأَصْبَهَانَ لاَ يُحَدِّثُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الكُوْفَةِ فَجَعَلَ يُحَدِّثُ. فَقُلْنَا لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: انْشُرْ بَزَّكَ حَيْثُ تُعْرَفُ.
قَالَ عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ بفَارِسٍ, وَكَانَ يَتَحَزَّنُ، يَقُوْلُ: لَيْسَ أَحَدٌ يَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ. وَكَانَ يُبْكِيْنَا، ثُمَّ عَسَى أَنْ لاَ يَقُوْمَ حَتَّى نَضْحَكَ.
شُعْبَةُ، عَنِ القَاسِمِ بنِ أَبِي أَيُّوْبَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ بِأَصْبَهَانَ، وَكَانَ غُلاَمٌ مَجُوْسِيٌّ يَخْدِمُهُ, وَكَانَ يَأْتِيْهِ بِالمُصْحَفِ فِي غِلاَفِهِ.
قَالَ القَاسِمُ بنُ أَبِي أَيُّوْبَ: سَمِعْتُ سَعِيْداً يُرَدِّدُ هَذِهِ الآيَةَ فِي الصَّلاَةِ بِضْعاً وَعِشْرِيْنَ مَرَّةً: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّه} [البَقَرَةُ: 281] .
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الخَيْرِ، عَنِ اللبان أنبأنا الحداد، وأنبأنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ أَبِي الرَّبِيْعِ السَّمَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ, عَنْ إِسْحَاقَ، مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ, عَنْ هِلاَلِ بنِ يِسَافٍ، قَالَ: دَخَلَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ الكَعْبَةَ, فَقَرَأَ القُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ.
الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ وِقَاءِ بنِ إِيَاسٍ، قَالَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِيْمَا بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعَشَاءِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَكَانُوا يؤخرون العشاء1.
قُلْتُ: هَذَا خِلاَفُ السُّنَّةِ، وَقَدْ صَحَّ النَّهْيُ عَنْ قِرَاءةِ القُرْآنِ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثٍ.
يَزِيْدُ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ: أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي كُلِّ لَيْلَتَيْنِ.
يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ أَبِي المُغِيْرَةِ: كان ابن عباس إِذَا أَتَاهُ أَهْلُ الكُوْفَةِ يَسْتَفْتُوْنَهُ يَقُوْلُ: أَلَيْسَ فِيْكُمُ ابْنُ أُمِّ الدَّهْمَاءِ؟ -يَعْنِي: سَعِيْدَ بنَ جبير.
__________
1 ضعيف: في إسناده وقاء بن إياس الأسدي، أبو يزيد الكوفي، لين الحديث كما قال الحافظ في "التقريب".(5/188)
قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ، عَنْ أَبِيْهِ, قَالَ: لَقَدْ مَاتَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، وَمَا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ إلَّا وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى عِلْمِهِ.
وَقَالَ ضِرَارُ بنُ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: التَّوَكُّل عَلَى اللهِ جِمَاعُ الإِيْمَانِ وَكَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ صِدْقَ التَّوَكُّلِ عَلَيْكَ، وَحُسْنَ الظَنِّ بِكَ.
أَبُو عَوَانَةَ عَنْ هِلاَلِ بنِ خَبَّابٍ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ فِي رَجَبٍ، فَأَحْرَمَ مِنَ الكُوْفَةِ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ مِنْ عُمْرَتِهِ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالحَجِّ فِي النِّصْفِ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، وَكَانَ يُحْرِمُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ؛ مَرَّةً لِلْحَجِّ وَمَرَّةً للعمرة.
ابْنُ لَهِيْعَةَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنْ سعيد بن جبير، قال: إنه الخَشْيَةَ أَنْ تَخْشَى اللهَ حَتَّى تَحُوْلَ خَشْيَتُكَ بينك وبين معصيتك, فلتلك الخَشْيَةُ، وَالذِّكْرُ طَاعَةُ اللهِ، فَمَنْ أَطَاعَ اللهَ, فَقَدْ ذَكَرَهُ, وَمَنْ لَمْ يُطِعْهُ، فَلَيْسَ بِذَاكِرٍ، وَإِنْ أَكْثَرَ التَّسْبِيْحَ وَتِلاَوَةَ القُرْآنِ.
وَرُوِيَ عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ: قَالَ لِي سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ: لأَنْ أَنْشُرَ عِلْمِي، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَذْهَبَ بِهِ إِلَى قَبْرِي.
قَالَ هِلاَلُ بنُ خَبَّابٍ: قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ: مَا عَلاَمَةُ هَلاَكِ النَّاسِ؟ قَالَ: إِذَا ذَهَبَ علماؤهم.
وقال عمرو بنُ ذَرٍّ: كَتَبَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ إِلَى أَبِي كِتَاباً أَوْصَاهُ بِتَقْوَى اللهِ، وَقَالَ: إِنَّ بَقَاءَ المُسْلِمِ كُلَّ يَوْمٍ غَنِيْمَةٌ ... , فَذَكَرَ الفَرَائِضَ وَالصَّلَوَاتِ وَمَا يَرْزُقُهُ اللهُ مِنْ ذِكْرِهِ.
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنِ الفُضَيْلِ بنِ مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِي حَرِيْزٍ: أَنَّ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ قَالَ: لاَ تُطْفِئُوا سُرُجَكُم لَيَالِيَ العَشْرِ -تُعْجِبُهُ العِبَادَةُ- وَيَقُوْل: أَيْقِظُوا خَدَمَكُم يَتَسَحَّرُوْنَ لِصَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ.
عَبَّادُ بنُ العَوَّامِ: أَنْبَأَنَا هِلاَلُ بنُ خَبَّابٍ: خرجنا مع سعيد بن جبير في جَنَازَةٍ، فَكَانَ يُحَدِّثُنَا
فِي الطَّرِيْقِ، وَيُذَكِّرُنَا حَتَّى بَلَغَ, فَلَمَّا جَلَسَ، لَمْ يَزَلْ يُحَدِّثُنَا حَتَّى قُمْنَا فَرَجَعْنَا وَكَانَ كَثِيْرَ الذِّكْرِ للهِ.
وَعَنْ سَعِيْدٍ، قَالَ: وَدِدْتُ النَّاسَ أَخَذُوا مَا عِنْدِي، فَإِنَّهُ مِمَّا يَهُمُّنِي.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ قَالَ: أَتَيْتُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ بِمَكَّةَ، فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ -قَادِمٌ- يَعْنِي: خَالِدَ بنَ عَبْدِ اللهِ- وَلاَ آمَنُهُ عَلَيْكَ، فَأَطِعْنِي، وَاخْرُجْ. فَقَالَ: وَاللهِ لَقَدْ(5/189)
فررت حتى استحيت مِنَ اللهِ. قُلْتُ: إِنِّي لأَرَاكَ كَمَا سَمَّتْكَ أُمُّكَ سَعِيْداً. فَقَدِمَ خَالِدٌ مَكَّةَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَأَخَذَهُ.
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بنُ شِبْلٍ عَنْ عُثْمَانَ بنِ بُوْذَوَيْه، قَالَ: كُنْتُ مَعَ وَهْبٍ وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ يوم عرفة بنخيل بن عَامِرٍ, فَقَالَ لَهُ وَهْبٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ, كَمْ لَكَ مُنْذُ خِفْتَ مِنَ الحَجَّاجِ؟ قَالَ: خَرَجْتُ عَنِ امْرَأَتِي وَهِيَ حَامِلٌ, فَجَاءنِي الذي في بطنها، وخرج وَجْهُهُ. فَقَالَ وَهْبٌ: إِنَّ مَنْ قَبْلَكُم كَانَ إِذَا أَصَابَ أَحَدَهُم بَلاَءٌ عَدَّهُ رُخَاءً، وَإِذَا أصابه رخاء عده بلاء.
قَالَ سَالِمُ بنُ أَبِي حَفْصَةَ: لَمَّا أُتِيَ الحَجَّاجُ بِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: أَنَا سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ. قَالَ: أَنْتَ شَقِيُّ بنُ كُسَيْرٍ، لأَقْتُلَنَّكَ. قَالَ: فَإِذاً أَنَا كَمَا سَمَّتْنِي أُمِّي. ثُمَّ قَالَ: دَعُوْنِي أُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: وَجِّهُوْهُ إلى قبلة النصارى. قال {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] وَقَالَ: إِنِّي أَسْتعِيْذُ مِنْكَ بِمَا عَاذَتْ بِهِ مَرْيَمُ. قَالَ: وَمَا عَاذَتْ بِهِ؟ قَالَ: قَالَتْ: {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} [مريم: 18] .
رَوَاهَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سَالِمٍ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ يَقْتُلْ بَعْدَ سَعِيْدٍ إلَّا رَجُلاً وَاحِداً.
وَعَنْ عُتْبَةَ مَوْلَى الحَجَّاجِ، قَالَ: حَضَرْتُ سَعِيْداً حِيْنَ أَتَى بِهِ الحَجَّاجُ بِوَاسِطَ، فَجَعَلَ الحَجَّاجُ يَقُوْلُ: أَلَمْ أَفْعَلْ بِكَ؟! أَلَمْ أَفْعَلْ بِكَ؟! فَيَقُوْلُ: بَلَى. قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ مِنْ خُرُوْجِكَ عَلَيْنَا؟ قَالَ: بَيْعَةٌ كَانَتْ عَلَيَّ يَعْنِي: لابْنِ الأَشْعَثِ- فَغَضِبَ الحَجَّاجُ، وَصَفَّقَ بِيَدَيْهِ، وَقَالَ: فَبَيْعَةُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ كَانَتْ أَسْبَقُ وَأَوْلَى. وَأَمَرَ بِهِ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ.
وَقِيْلَ: لَوْ لَمْ يُوْاجِهْهُ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ بِهَذَا، لاَسْتَحْيَاهُ كَمَا عَفَا عَنِ الشَّعْبِيِّ لَمَّا لاَطَفَهُ فِي الاعْتِذَارِ.
حَامِدُ بنُ يَحْيَى البَلْخِيُّ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ أَبُو مُقَاتِلٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَوْنُ بنُ أَبِي شَدَّادٍ: بَلَغَنِي أَنَّ الحَجَّاجَ لَمَّا ذُكِرَ لَهُ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، أَرْسَلَ إِلَيْهِ قَائِداً يُسَمَّى المُتَلَمِّسَ بنَ أَحْوَصَ فِي عِشْرِيْنَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَطْلُبُوْنَهُ, إِذَا هُمْ برَاهِبٍ فِي صَوْمَعَتِهِ, فَسَأَلُوْهُ عَنْهُ؟ فَقَالَ: صِفُوْهُ لِي. فَوَصَفُوْهُ فَدَلَّهُمْ عَلَيْهِ, فَانْطَلقُوا فَوَجَدُوْهُ ساجدًا يناجي بأعلى صوته, فدنوا وسلموا فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَأَتَمَّ بَقِيَّةَ صَلاَتِهِ, ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ, فَقَالُوا: إِنَّا رُسُلُ الحَجَّاجِ إِلَيْكَ, فَأَجِبْهُ. قَالَ: وَلاَ بُدَّ مِنَ الإِجَابَةِ؟ قَالُوا: لابد. فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَامَ مَعَهُم، حَتَّى انْتَهَى إِلَى دَيْرِ الرَّاهِبِ، فَقَالَ الرَّاهِبُ: يَا مَعْشَرَ الفُرْسَانِ أَصَبْتُمْ صَاحِبَكُم قَالُوا: نَعَمْ(5/190)
فَقَالَ: اصْعَدُوا, فَإِنَّ اللَّبْوَةَ وَالأَسَدَ يَأْوِيَانِ حَوْلَ الدَّيْرِ. فَفَعَلُوا وَأَبَى سَعِيْدٌ أَنْ يَدْخُلَ، فَقَالُوا: مَا نَرَاكَ إلَّا وَأَنْتَ تُرِيْدُ الهَرَبَ مِنَّا. قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ لاَ أَدْخُلُ مَنْزِلَ مُشْرِكٍ أَبَداً. قَالُوا: فَإِنَّا لاَ نَدَعُكَ، فَإِنَّ السِّبَاعَ تَقْتُلُكَ. قَالَ لاَ ضَيْرَ, إِنَّ مَعِيَ رَبِّي يَصْرِفُهَا عَنِّي، وَيَجْعَلُهَا حَرَساً تَحْرُسُنِي. قَالُوا: فَأَنْتَ من لأنبياء؟ قَالَ: مَا أَنَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ، وَلَكِنْ عَبْدٌ مِنْ عَبِيْدِ اللهِ مُذْنِبٌ. قَالَ الرَّاهِبُ: فَلْيُعْطِنِي مَا أَثِقُ بِهِ عَلَى طُمَأْنِيْنَةٍ. فَعَرَضُوا عَلَى سَعِيْدٍ أَنْ يُعْطِيَ الرَّاهِبَ مَا يُرِيْدُ قَالَ: إِنِّي أُعْطِي العَظِيْمَ الَّذِي لاَ شَرِيْكَ لَهُ، لاَ أَبْرَحُ مَكَانِي حَتَّى أُصْبِحَ -إِنْ شَاءَ اللهُ- فَرَضِيَ الرَّاهِبُ بِذَلِكَ, فَقَالَ لَهُم: اصْعَدُوا, وَأَوْتِرُوا القِسِّيَّ, لِتُنَفِّرُوا السِّبَاعَ عَنْ هَذَا العَبْدِ الصَّالِحِ، فَإِنَّهُ كَرِهَ الدُّخُوْلَ فِي الصَّوْمَعَةِ لِمَكَانِكُمْ. فَلَمَّا صَعِدُوا, وَأَوْتَرُوا القِسِّيَّ، إِذَا هُمْ بِلَبْوَةٍ قَدْ أَقْبَلَتْ, فَلَمَّا دَنَتْ مِنْ سَعِيْدٍ, تَحَكَّكَتْ بِهِ, وَتَمَسَّحَتْ بِهِ ثُمَّ رَبَضَتْ قَرِيْباً مِنْهُ وَأَقْبَلَ الأَسَدُ يَصْنَعُ كَذَلِكَ. فَلَمَّا رَأَى الرَّاهِبُ ذَلِكَ, وَأَصْبَحُوا, نَزَلَ إِلَيْهِ، فَسَأَلَهُ عَنْ شَرَائِعِ دِيْنِهِ، وَسُنَنِ رَسُوْلِهِ، فَفَسَّرَ لَهُ سَعِيْدٌ ذَلِكَ كُلَّهُ, فَأَسْلَمَ, وَأَقْبَلَ القَوْمُ عَلَى سَعِيْدٍ يَعْتَذِرُوْنَ إِلَيْهِ، وَيُقَبِّلُوْنَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ, وَيَأْخُذُوْنَ التُّرَابَ الَّذِي وَطِئَهُ، فَيَقُوْلُوْنَ: يَا سَعِيْدُ حَلَّفَنَا الحَجَّاجُ بِالطَّلاَقِ، وَالعَتَاقِ، إِنْ نَحْنُ رَأَيْنَاكَ لاَ نَدَعُكَ حَتَّى نُشْخِصَكَ إِلَيْهِ، فَمُرْنَا بِمَا شِئْتَ. قَالَ: امْضُوا لأَمْرِكُم, فَإِنِّي لاَئِذٌ بِخَالِقِي, وَلاَ رَادَّ لِقَضَائِهِ. فسارو حَتَّى بَلَغُوا وَاسِطَ, فَقَالَ سَعِيْدٌ: قَدْ تَحَرَّمْتُ بِكُم وَصَحِبْتُكُم, وَلَسْتُ أَشُكُّ أَنَّ أَجَلِي قَدْ حَضَرَ, فَدَعُوْنِي اللَّيْلَةَ آخُذْ أُهْبَةَ المَوْتِ, وَأَسْتَعِدَّ لِمُنْكَرٍ وَنَكِيْرٍ, وَأَذْكُرْ عَذَابَ القَبْرِ, فَإِذَا أَصْبَحْتُم, فَالمِيْعَادُ بَيْنَنَا المَكَانُ الَّذِي تُرِيْدُوْنَ. فَقَالَ بَعْضُهُم: لاَ تُرِيْدُوْنَ أَثَراً بَعْد عَيْنٍ. وَقَالَ بَعْضُهُم: قَدْ بَلَغْتُم أَمْنَكُم, وَاسْتَوْجَبْتُم جَوَائِزَ الأَمِيْرِ, فَلاَ تَعْجَزُوا عَنْهُ. وَقَالَ بَعْضُهُم: يُعْطِيْكُم، مَا أَعْطَى الرَّاهِبَ, وَيْلَكُم!
أَمَا لَكُم عِبْرَةٌ بِالأَسَدِ، وَنَظَرُوا إِلَى سَعِيْدٍ قَدْ دَمَعَتْ عَيْنَاهُ, وَشَعِثَ رَأْسُهُ، وَاغْبَرَّ لَوْنُهُ، وَلَمْ يَأْكُلْ، وَلَمْ يَشْرَبْ، وَلَمْ يَضْحَكْ، مُنْذُ يَوْمِ لَقُوْهُ وَصَحِبُوْهُ فَقَالُوا: يَا خَيْرَ أَهْلِ الأَرْضِ لَيْتَنَا لَمْ نَعْرِفْكَ, وَلَمْ نُسَرَّحْ إِلَيْكَ, الوَيْلُ لَنَا وَيْلاً طَوِيْلاً, كَيْفَ ابْتُلِيْنَا بِكَ اعْذُرْنَا عِنْدَ خَالِقِنَا يَوْمَ الحَشْرِ الأَكْبَرِ, فَإِنَّهُ القَاضِي الأَكْبَرُ, وَالعَدْلُ الَّذِي لاَ يَجُوْرُ. قَالَ: مَا أَعْذَرَنِي لَكُم وَأَرْضَانِي لِمَا سَبَقَ مِنْ عِلْمِ اللهِ فِيَّ. فَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ البُكَاءِ وَالمُجَاوَبَةِ قَالَ كَفِيْلُهُ: أَسْأَلُكَ بِاللهِ لَمَا زَوَّدْتَنَا مِنْ دُعَائِكَ وَكَلاَمِكَ فَإِنَّا لَنْ نَلْقَى مِثْلَكَ أَبَداً فَفَعَلَ ذَلِكَ فَخَلَّوْا سَبِيْلَهُ فَغَسَلَ رَأْسَهُ وَمِدْرَعَتَهُ وَكِسَاءهُ, وَهُم مُحْتَفُوْنَ اللَّيْلَ كُلَّهُ, يُنَادُوْنَ بِالوَيْلِ وَاللَّهْفِ. فَلَمَّا انْشَقَّ عَمُوْدُ الصُّبْحِ, جَاءهُم سَعِيْدٌ فَقَرَعَ البَابَ, فَنَزَلُوا وَبَكَوْا مَعَهُ وَذَهَبُوا بِهِ إِلَى الحَجَّاجِ, وَآخَرَ مَعَهُ, فَدَخَلاَ, فَقَالَ الحَجَّاجُ: أَتَيْتُمُوْنِي بِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ, وَعَايَنَّا مِنَّا العَجَبَ. فَصَرَفَ بِوَجْهِهِ عَنْهُم, فَقَالَ: أَدْخِلُوْهُ عَلَيَّ. فَخَرَجَ المُتَلَمِّسُ, فَقَالَ لِسَعِيْدٍ: أَسْتَوْدِعُكَ اللهَ وَأَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ. قَالَ: أَنْتَ شَقِيُّ بنُ كُسَيْرٍ. قَالَ: بل(5/191)
أُمِّي كَانَتْ أَعْلَمَ بِاسْمِي مِنْكَ. قَالَ: شَقِيْتَ أَنْتَ، وَشَقِيَتْ أُمُّكَ. قَالَ: الغَيْبُ يَعْلَمُهُ غَيْرُكَ. قَالَ: لأُبْدِلَنَّكَ بِالدُّنْيَا نَاراً تَلَظَّى قَالَ: لَوْ علمت أن ذلك بِيَدِكَ لاتَّخَذْتُكَ إِلَهاً. قَالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَبِيُّ الرَّحْمَةِ، إِمَامُ الهُدَى قَالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِي عَلِيٍّ فِي الجَنَّةِ هُوَ أَمْ فِي النَّارِ قَالَ: لَوْ دَخَلْتُهَا فَرَأَيْتُ أَهْلَهَا, عَرَفْتُ. قَالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِي الخُلَفَاءِ؟ قَالَ: لَسْتُ عَلَيْهِم بِوَكِيْلٍ قَالَ: فَأَيُّهُم أَعْجَبُ إِلَيْكَ قَالَ: أَرْضَاهُم لِخَالِقِي. قَالَ: فَأَيُّهُم أَرْضَى لِلْخَالِقِ؟ قَالَ: عِلْمُ ذَلِكَ عِنْدَهُ. قَالَ: أَبَيْتَ أَنْ تَصْدُقَنِي. قَالَ: إِنِّي لَمْ أُحِبَّ أَنْ أَكْذِبَكَ. قَالَ: فَمَا بَالُكَ لَمْ تَضْحَكْ؟ قَالَ: لَمْ تَسْتَوِ القُلُوْبُ.
قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ الحَجَّاجُ بِاللُّؤْلُؤِ وَاليَاقُوْتِ وَالزَّبَرْجَدِ، فجمعه بين يَدَيْ سَعِيْدٍ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ جَمَعْتَهُ لِتَفْتَدِيَ بِهِ مِنْ فَزَعِ يَوْمِ القِيَامَةِ فَصَالِحٌ، وَإِلاَّ فَفَزْعَةٌ وَاحِدَةٌ تُذْهِلُ كُلَّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ، وَلاَ خَيْرَ فِي شَيْءٍ جُمِعَ لِلدُّنْيَا إلَّا مَا طَابَ وَزَكَا. ثُمَّ دَعَا الحَجَّاجُ بِالعُوْدِ وَالنَّايِ, فَلَمَّا ضُرِبَ بِالعُوْدِ وَنُفِخَ فِي النَّايِ، بَكَى، فَقَالَ الحَجَّاجُ: مَا يُبْكِيْكَ؟ هُوَ اللَّهْوُ. قَالَ: بَلْ هُوَ الحُزْنُ، أَمَّا النَّفْخُ فَذَكَّرَنِي يَوْمَ نَفْخِ الصُّوْرِ، وَأَمَّا العُوْدُ فَشَجَرَةٌ قُطِعَتْ مِنْ غَيْرِ حَقٍّ، وَأَمَّا الأَوْتَارُ فَأَمْعَاءُ شَاةٍ يُبْعَثُ بِهَا مَعَكَ يَوْمَ القِيَامَةِ فَقَالَ الحَجَّاجُ: وَيْلَكَ يَا سَعِيْدُ! قَالَ: الوَيْلُ لِمَنْ زُحْزِحَ عَنِ الجَنَّةِ، وَأُدْخِلَ النَّارُ. قَالَ: اخْتَرْ أَيَّ قِتْلَةٍ تُرِيْدُ أَنْ أَقْتُلَكَ؟ قَالَ: اخْتَرْ لِنَفْسِكَ يَا حَجَّاجُ، فَوَاللهِ مَا تَقْتُلُنِي قِتْلَةً، إلَّا قَتَلْتُكَ قَتْلَةً فِي الآخِرَةِ. قَالَ: فَتُرِيْدُ أَنْ أعفوا عَنْكَ؟ قَالَ: إِنْ كَانَ العَفْوُ، فَمِنَ اللهِ، وَأَمَّا أَنْتَ فَلاَ بَرَاءةَ لَكَ وَلاَ عُذْرَ. قَالَ: اذْهبُوا بِهِ، فَاقْتُلُوْهُ. فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ البَابِ، ضَحِكَ، فَأُخْبِرَ الحَجَّاجُ بِذَلِكَ، فَأَمَرَ بِرَدِّهِ، فَقَالَ: مَا أَضْحَكَكَ؟ قَالَ: عَجِبْتُ مِنْ جُرْأَتِكَ عَلَى اللهِ، وَحِلْمِهِ عَنْكَ! فَأَمَرَ بِالنِّطْعِ، فَبُسِطَ، فقال: اقتلوه. فقال: {إِنّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض} [الأنعام: 79] . قَالَ: شُدُّوا بِهِ لِغَيْرِ القِبْلَةِ. قَالَ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] . قَالَ: كُبُّوْهُ لِوَجْهِهِ قَالَ: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} [طه: 55] . قَالَ: اذْبَحُوْهُ قَالَ: إِنِّي أَشْهَدُ وَأُحَاجُّ أَنْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ, خُذْهَا مِنِّي حَتَّى تَلْقَانِي يَوْمَ القِيَامَةِ. ثُمَّ دَعَا اللهَ سَعِيْدٌ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ لاَ تُسَلِّطْهُ عَلَى أَحَدٍ يَقْتُلُهُ بَعْدِي. فَذُبِحَ عَلَى النِّطْعِ.
وَبَلَغَنَا: أَنَّ الحجاج عاش بعده خمس عشر لَيْلَةً، وَقَعَتْ فِي بَطْنِهِ الأَكِلَةُ1، فَدَعَا بِالطَّبِيْبِ لِيَنْظُرَ إِلَيْهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ دَعَا بِلَحْمٍ مُنْتِنٍ، فَعَلَّقَهُ فِي خَيْطٍ, ثُمَّ أَرْسَلَهُ فِي حَلْقِهِ, فَتَرَكَهُ سَاعَةً ثُمَّ اسْتَخْرَجَهُ وَقَدْ لَزِقَ بِهِ مِنَ الدَّمِ فَعَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَاجٍ.
__________
1 الأكلة: داء يقع في البطن.(5/192)
هَذِهِ حِكَايَةٌ مُنْكَرَةٌ، غَيْرُ صَحِيْحَةٍ. رَوَاهَا أَبُو نُعَيْمٍ فِي "الحِلْيَةِ" فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا خَالِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ, أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ كِتَابَةً، حَدَّثَنَا حَامِدُ بنُ يَحْيَى.
هَارُوْنُ الحَمَّالُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ المَخْزُوْمِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، عَنْ كَاتِبِ الحَجَّاجِ قَالَ مَالِكٌ -هُوَ أَخٌ لأَبِي سَلَمَةَ الَّذِي كَانَ عَلَى بَيْتِ المَالِ- قَالَ: كُنْتُ أَكْتُبُ لِلْحَجَّاجِ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلاَمٌ يَسْتَخِفُّنِي وَيَسْتَحْسِنُ كِتَابَتِي، وَأَدْخُلُ عَلَيْهِ بغير إذن، فدخلت عليه يومًا بعدما قَتَلَ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ له، لها أربع أَبْوَابٍ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ مِمَّا يَلِي ظَهْرَهُ، فَسَمِعْتُهُ يقول: مالي وَلِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ فَخَرَجْتُ رُوَيْداً وَعَلِمْتُ أَنَّهُ إِنْ عَلِمَ بِي قَتَلَنِي فَلَمْ يَنْشَبْ قَلِيْلاً حَتَّى مَاتَ.
أَبُو حُذَيْفَةَ النَّهْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُمَرَ، بنِ سَعِيْدِ بنِ أَبِي حُسَيْنٍ، قَالَ: دَعَا سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ حِيْنَ دُعِيَ للقتل, فجعل ابنه يبكي، فقال: ما يُبْكِيْكَ؟! مَا بَقَاءُ أَبِيْكَ بَعْدَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
ابْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ أَبِي المُغِيْرَةِ، عَنْ سَعِيْدٍ، قَالَ: قُحِطَ النَّاسُ فِي زَمَانِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوْكِ بَنِي إِسْرَائِيْلَ ثَلاَثَ سِنِيْنَ, فَقَالَ المَلِكُ: لَيُرْسِلَنَّ عَلَيْنَا السَّمَاءَ أَوْ لَنُؤْذِيَنَّهُ. قَالُوا: كَيْفَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تُؤْذِيَهُ وَهُوَ فِي السَّمَاءِ وَأَنْتَ في الأرض؟! قال: أقتل أوليائه مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، فَيَكُوْنُ ذَلِكَ أَذَىً لَهُ. قَالَ فَأَرْسَلَ اللهُ عَلَيْهِمُ السَّمَاءَ.
وَرَوَى أَصْبَغُ بنُ زَيْدٍ، عَنِ القَاسِمِ الأَعْرَجِ، قَالَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ يَبْكِي بِاللَّيْلِ حَتَّى عَمِشَ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: كَانَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ يَؤُمُّنَا، يُرَجِّعُ صَوْتَهُ بِالقُرْآنِ.
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ، عَنْ حَمَّادٍ، قَالَ: قَالَ سَعِيْدٌ: قَرَأْتُ القُرْآنَ فِي رَكْعَتَيْنِ فِي الكَعْبَةِ.
جَرِيْرٌ الضَّبِّيُّ، عَنْ أَشْعَثَ بنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ جِهْبِذُ العُلَمَاءِ1.
ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ قَالَ: لَدَغَتْنِي عَقْرَبٌ, فَأَقْسَمَتْ عَلَيَّ أُمِّي أَنْ أَسْتَرْقِيَ, فَأَعْطَيْتُ الرَّاقِي يَدِي الَّتِي لَمْ تُلْدَغْ، وكرهت أن أحنثها.
__________
1 الجهبذ: الناقد البصير.(5/193)
جَرِيرُ بنُ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى بنِ حَكِيْمٍ، قَالَ: قَالَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ: مَا رَأَيْتُ أَرْعَى لِحُرْمَةِ هَذَا البَيْتِ وَلاَ أَحْرَصَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ لَقَدْ رَأَيْتُ جَارِيَةً ذَاتَ لَيْلَةٍ تَعَلَّقَتْ بَأَسْتَارِ الكَعْبَةِ تَدْعُو وَتَضَرَّعُ وَتَبْكِي حَتَّى مَاتَتْ.
إِسْنَادُهَا صَحِيْحٌ.
مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ أَبِي المُغِيْرَةِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, قَالَ: لَمَّا أَهْبَطَ اللهُ آدَمَ إِلَى الأَرْضِ، كَانَ فِيْهَا نَسْرٌ وَحُوْتٌ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُمَا فَلَمَّا رَأَى النَّسْرُ آدَمَ وَكَانَ يَأْوِي إِلَى الحُوْتِ يَبِيْتُ عِنْدَهُ فَقَالَ: يَا حُوْتُ لَقَدْ أُهْبِطَ اليَوْمَ إِلَى الأَرْضِ شَيْءٌ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْهِ ويبطش بيديه قال لئن كنت صادقًا مالي فِي البَحْرِ مِنْهُ مَنْجَىً وَلاَ لَكَ فِي البَرِّ.
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: لَوْ فَارَقَ ذِكْرُ المَوْتِ قَلْبِي لَخِشِيْتُ أَنْ يُفْسِدَ عَلَيَّ قَلْبِي.
وَعَنْهُ، قَالَ: إِنَّمَا الدُّنْيَا جَمْعٌ مِنْ جُمَعِ الآخِرَةِ.
رَوَاهُ ضَمْرَةُ بنُ رَبِيْعَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ بُكَيْرِ بنِ عَتِيْقٍ، قَالَ: سَقَيْتُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ شَرْبَةً مِنْ عَسَلٍ فِي قَدَحٍ, فَشَرِبَهَا, ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لأُسْأَلَنَّ عَنْهُ. قُلْتُ: لِمَ؟ قَالَ: شَرِبْتُهُ, وَأَنَا أَسْتَلِذُّهُ.
وَعَنْ خَلَفِ بنِ خَلِيْفَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: شَهِدْتُ مَقْتَلَ سعيد، فلما بان رَأْسُهُ، قَالَ لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ لاَ إِلَهَ إلَّا الله ولم يتم الثلاثة.
هَمَّامُ بنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جُحَادَةَ, عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ, عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: رَآنِي أَبُو مَسْعُوْدٍ البَدْرِيُّ فِي يَوْمِ عيد لي ذُؤَابَةٌ، فَقَالَ: يَا غُلاَمُ! إِنَّهُ لاَ صَلاَةَ فِي مِثْلِ هَذَا اليَوْمِ قَبْلَ صَلاَةِ الإِمَامِ، فَإِذَا صَلَّى الإِمَامُ، فَصَلِّ بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَأَطِلِ القِرَاءةَ.
شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ لِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ: حَدِّثْ قَالَ: أُحَدِّثُ وَأَنْتَ هَا هُنَا؟! قَالَ: أَوَلَيْسَ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيْكَ أَنْ تُحِدِّثَ وَأَنَا شَاهِدٌ، فَإِنْ أَصَبْتَ فَذَاكَ وَإِنْ أَخْطَأْتَ عَلَّمْتُكَ.
يَعْقُوْبُ القمي، عن جعفر بن المُغِيْرَةِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: رُبَّمَا أَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَكَتَبْتُ فِي صَحِيْفَتِي حَتَّى أَمْلأَهَا، وَكَتَبْتُ فِي نَعْلِي حَتَّى أَمْلأَهَا، وَكَتَبْتُ فِي كَفِّي.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ أَبِي المُغِيْرَةِ: كان ابن عباس بعدما عَمِيَ إِذَا أَتَاهُ أَهْلُ الكُوْفَةِ يَسْأَلُوْنَهُ يَقُوْلُ: تَسْأَلُوْنِي وَفِيْكُم ابْنُ أُمِّ دَهْمَاءَ! يَعْنِي: سَعِيْدَ بن جبير.(5/194)
وَقَالَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ فِي صَحِيْفَةٍ, وَلَوْ عَلِمَ بِهَا, كَانَتِ الفَيْصَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ.
الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَسْلَمَ المِنْقَرِيِّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ عَنْ فَرِيْضَةٍ فَقَالَ: ائْتِ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ، فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِالحِسَابِ مِنِّي، وَهُوَ يَفْرِضُ فِيْهَا مَا أَفْرِضُ.
عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، قَالَ: كَانَ يَقُصُّ لَنَا سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، بَعْدَ الفَجْرِ وَبَعْدَ العَصْرِ.
قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ، عَنِ الصَّعْبِ بنِ عُثْمَانَ، قَالَ: قَالَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ: مَا مَضَتْ عَلَيَّ لَيْلَتَانِ مُنْذُ قُتِلَ الحُسَيْنُ إلَّا أقرأ فيها القُرْآنَ، إلَّا مَرِيْضاً أَوْ مُسَافِراً.
إِسْرَائِيْلُ، عَنْ أَبِي الجَحَّافِ، عَنْ مُسْلِمٍ البَطِيْنِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ: أَنَّهُ كَانَ لاَ يَدَعُ أَحَداً يَغْتَابُ عِنْدَهُ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، قَالَ رَأَيْتُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ يُصَلِّي فِي الطَّاقِ، وَلاَ يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ وَيَعْتَمُّ، وَيُرْخِي لَهَا طَرَفاً مِنْ وَرَائِهِ شِبْراً.
قُلْتُ: الطَّاقُ، هُوَ المِحْرَابُ.
قَالَ هِلاَلُ بنُ خَبَّابٍ: رَأَيْتُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ أَهَلَّ مِنَ الكُوْفَةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ الَّذِي قَبَضَ عَلَى سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ:وَالِي مَكَّةَ خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ القَسْرِيُّ فَبَعَثَ بِهِ إلى الحجاج, فأخبرنا يزيد، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ, قَالَ: سَمِعَ خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ صَوْتَ القُيُوْدِ, فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قِيْلَ: سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، وَطَلْقُ بنُ حَبِيْبٍ، وَأَصْحَابُهُمَا يَطُوْفُوْنَ بِالبَيْتِ. فَقَالَ اقْطَعُوا عَلَيْهِمُ الطَّوَافَ.
وَأَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُوْسَى، أَنْبَأَنَا الرَّبِيْعُ بنُ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ حِيْنَ جِيْءَ بِهِ إِلَى الحَجَّاجِ فَبَكَى رَجُلٌ فَقَالَ سَعِيْدٌ: مَا يُبْكِيْكَ قَالَ: لِمَا أَصَابَكَ. قَالَ: فَلاَ تَبْكِ كَانَ فِي عِلْمِ اللهِ أَنْ يَكُوْنَ هَذَا، ثُمَّ تلا: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحَدِيْدُ: 22] .
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ: سُئِلَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ عَنِ الخِضَابِ بِالوَسِمَةِ، فَكَرِهَهُ، وَقَالَ: يَكْسُو اللهُ العَبْدَ النُّوْرَ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ يُطْفِئُهُ بِالسَّوَادِ.
الحُسَيْنُ بنُ حُمَيْدِ بنِ الرَّبِيْعِ: حَدَّثَنَا وَاصِلُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ(5/195)
أَبِي حَصِيْنٍ، قَالَ: رَأَيْتُ سَعِيْداً بِمَكَّةَ, فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا قَادِمٌ -يَعْنِي: خَالِدَ بنَ عَبْدِ اللهِ- وَلَسْتُ آمَنُهُ عَلَيْكَ. قَالَ: وَاللهِ لَقَدْ فَرَرْتُ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنَ اللهِ.
قُلْتُ: طَالَ اخْتِفَاؤُهُ, فَإِنَّ قِيَامَ القُرَّاءِ عَلَى الحَجَّاجِ كَانَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ، وَمَا ظَفِرُوا بِسَعِيْدٍ إِلَى سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ؛ السَّنَةِ الَّتِي قلع الله فيها الحجاج.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: فَأَخْبَرَنِي يَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ، قَالَ: أَتَيْنَا سَعِيْداً، فَإِذَا هُوَ طَيِّبُ النَّفْسِ، وَبِنْتُهُ فِي حَجْرِهِ، فَبَكَتْ وشيعناه إلى الجِسْرِ، فَقَالَ الحَرَسُ لَهُ: أَعْطِنَا كَفِيْلاً، فَإِنَّا نَخَافُ أَنْ تُغْرِقَ نَفْسَكَ قَالَ: فَكُنْتُ فِيْمَنْ كَفَلَ بِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَبَلَغَنِي أَنَّ الحَجَّاجَ قَالَ: ائْتُوْنِي بِسَيْفٍ عَرِيْضٍ.
قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: كَانَ الشَّعْبِيُّ يَرَى التَّقِيَّةَ، وَكَانَ ابْنُ جُبَيْرٍ لاَ يَرَى التَّقِيَّةَ، وَكَانَ الحَجَّاجُ إِذَا أَتَى بِالرَّجُلِ -يَعْنِي مِمَّنْ قَامَ عَلَيْهِ- قَالَ لَهُ: أَكَفَرْتَ بِخُرُوْجِكَ عَلَيَّ، فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ خَلَّى سَبِيْلَهُ فَقَالَ لِسَعِيْدٍ أَكَفَرْتَ؟ قَالَ: لاَ. قَالَ: اخْتَرْ أَيَّ قِتْلَةٍ أَقْتُلُكَ؟ قَالَ: اخْتَرْ أَنْتَ، فَإِنَّ القِصَاصَ أَمَامَكَ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَيْمَنَ، قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ: مَا تَقُوْلُ لِلْحَجَّاجِ؟ قَالَ: لاَ أَشْهَدُ عَلَى نَفْسِي بِالكُفْرِ.
ابْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ, عَنْ جَعْفَرٍ: عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: "إِنَّ فِي النَّارِ لَرَجُلاً يُنَادِي قَدْرَ أَلْفِ عَامٍ: يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ فَيَقُوْلُ: يَا جِبْرِيْلُ أَخْرِجْ عَبْدِي مِنَ النَّارِ قَالَ فَيَأْتِيْهَا فَيَجِدُهَا مُطَبَقَةً فَيَرْجِعُ فَيَقُوْلُ يَا رَبِّ: {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} [الهُمَزَةُ: 8] ، فَيَقُوْلُ: يَا جِبْرِيْلُ ارْجِعْ فَفُكَّهَا, فَأَخْرِجْ عَبْدِي مِنَ النَّارِ فَيَفُكُّهَا، فَيَخْرُجُ مِثْلَ الخِيَالِ فَيَطْرَحُهُ عَلَى سَاحِلِ الجَنَّةِ حَتَّى يُنْبِتَ اللهُ لَهُ شَعْراً وَلَحْماً".
إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عَنْ عَطَاءِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كَانَ نَبِيُّ اللهِ سُلَيْمَانُ إِذَا قَامَ فِي مُصَلاَّهُ رَأَى شَجَرَةً نَابِتَةً بَيْنَ يَدَيْهِ, فَقَالَ لَهَا: مَا اسْمُكِ قَالَتِ: الخُرْنُوْبُ. قَالَ: لأَيِّ شَيْءٍ أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: لِخَرَابِ هَذَا البَيْتِ. فَقَالَ: اللَّهُمَّ عَمِّ عَلَيْهِم مَوْتِي حَتَّى يَعْلَمَ الإِنْسُ أَنَّ الجِنَّ لاَ تَعْلَمُ الغَيْبَ. قَالَ: فَنَحَتَهَا عَصاً يَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا, فَأَكَلَتْهَا الأَرَضَةُ، فَسَقَطَتْ، فَخَرَّ، فحزروا أكلها الأرضة، فوجدوا حَوْلاً, فَتَبَيَّنَتِ الإِنْسُ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُوْنَ الغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي العَذَابِ المَهِيْنِ -وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَؤُهَا هَكَذَا- فَشَكَرَتِ الجِنُّ الأَرَضَةَ، فَكَانَتْ تَأْتِيْهَا بِالمَاءِ حَيْثُ كَانَتْ.
قَرَأْتُهُ عَلَى إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ،(5/196)
أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ مُوْسَى بنُ مَسْعُوْدٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ.
إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَحْمَدَ الجُذَامِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حُسَيْنٍ الفُوِّيُّ، قَالاَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِمَادٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رِفَاعَةَ, أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ الخِلَعِيُّ, أَنْبَأَنَا شُعَيْبُ بنُ عَبْدِ المِنْهَالِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ إِسْحَاقَ الرَّازِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنْبَاعِ رَوْحُ بنُ الفَرَجِ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ خَالِدٍ, حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ مَالِكٍ الجَزَرِيِّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَكُوْنُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَخْضِبُوْنَ بِهَذَا السَّوَادِ كَحَوَاصِلِ الحَمَامِ لاَ يَرِيْحُوْنَ رَائِحَةَ الجَنَّةِ".
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ، أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ والنسائي, من طريق عبد الله الرقي.
قَالَ خَلَفُ بنُ خَلِيْفَةَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ: إِنَّ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ لَمَّا نَدَرَ رَأْسُهُ، هَلَّلَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ يُفْصِحُ بِهَا.
يَحْيَى بنُ حَسَّانٍ التِّنِّيْسِيُّ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ عُمَرَ، عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ: لَمَّا أَخَذَ الحَجَّاجُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ قَالَ: مَا أُرَانِي إلَّا مَقْتُوْلاً وَسَأُخْبِرُكُمْ: إِنِّي كُنْتُ أَنَا وَصَاحِبَانِ لِي دَعَوْنَا حِيْنَ وَجَدْنَا حَلاَوَةَ الدُّعَاءِ، ثُمَّ سَأَلْنَا اللهَ الشَّهَادَةَ، فَكِلاَ صَاحِبَيَّ رُزِقَهَا، وَأَنَا أَنْتَظِرُهَا. قَالَ: فَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الإِجَابَةَ عِنْدَ حَلاَوَةِ الدُّعَاءِ.
قُلْتُ: وَلَمَّا عَلِمَ مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ، ثَبَتَ لِلْقَتْلِ، وَلَمْ يَكْتَرِثْ، وَلاَ عَامَلَ عَدُوَّهُ بِالتَّقِيَّةِ المُبَاحَةِ لَهُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
أَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ الحَرَّانِيُّ: حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ, سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: لَمَّا جِيْءَ بِسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، وَطَلْقِ بنِ حَبِيْبٍ, وَأَصْحَابِهِمَا دَخَلْتُ عَلَيْهِمُ السِّجْنَ، فَقُلْتُ: جَاءَ بِكُمْ شُرْطِيٌّ أَوْ جُلَيْوِيْزٌ مِنْ مَكَّةَ إِلَى القَتْلِ، أَفَلاَ كَتَّفْتُمُوْهُ وَأَلْقَيْتُمُوْهُ فِي البَرِّيَّةِ؟! فَقَالَ سَعِيْدٌ: فَمَنْ كَانَ يَسْقِيْهِ المَاءَ إِذَا عَطِشَ.
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ: حَدَّثَنَا أَبِي سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: حَدَّثَنِي رَبِيْعَةُ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ: وَكَانَ سَعِيْدٌ مِنَ العُبَّادِ العُلَمَاءِ, قَتَلَهُ الحَجَّاجُ, وَجَدَهُ فِي الكَعْبَةِ وَنَاساً فِيْهِم طَلْقُ بنُ حَبِيْبٍ، فَسَارِ بِهِم إِلَى العِرَاقِ فَقَتَلَهُمْ عَنْ غير شيء تعلق عليهم بهإلَّا العِبَادَةَ, فَلَمَّا قُتِلَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ, خَرَجَ مِنْهُ دَمٌ كَثِيْرٌ حَتَّى رَاعَ الحَجَّاجَ, فَدَعَا طَبِيْباً, قَالَ لَهُ: مَا بَالُ دَمِ هَذَا كَثِيْرٌ؟ قَالَ: إِنْ أَمَّنْتَنِي أَخْبَرْتُكَ فَأَمَّنَهُ، قَالَ: قَتَلْتَهُ وَنَفْسُهُ مَعَهُ.(5/197)
عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ حَرْبٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، قَالَ: كَانَ أَعْلَمَهُمْ بِالقُرْآنِ: مُجَاهِدٌ وَأَعْلَمَهُمْ بِالحَجِّ: عَطَاءٌ وأعلمهم بالحلال والحرام: طاوس وَأَعْلَمَهُمْ بِالطَّلاَقِ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ وَأَجْمَعَهُمْ لِهَذِهِ العُلُوْمِ: سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ.
أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، حَدَّثَنِي مَسْعُوْدُ بنُ الحَكَمِ, قَالَ: قَالَ: لِي عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ: أَتُجَالِسُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ لأُحِبُّ مُجَالَسَتَهُ وَحَدِيْثَهُ ثُمَّ أَشَارَ نَحْوَ الكُوْفَةِ, وَقَالَ: إِنَّ هَؤُلاَءِ يُشِيْرُوْنَ إِلَيْنَا بِمَا لَيْسَ عِنْدَنَا.
جَرِيْرٌ، عَنْ أَشْعَثَ بنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ: سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ جِهْبِذُ العُلَمَاءِ.
الأَصْبَغُ بنُ زَيْدٍ، قَالَ: كُنْتُ إِذَا سَأَلْتُ سَعِيْدَ بنَ جُبَيْرٍ عَنْ حَدِيْثٍ فَلَمْ يُرِدْ أَنْ يُحَدِّثَنِي قَالَ: كَيْفَ تُبَاعُ الحِنْطَةُ?
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ البَرَاءِ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ, قَالَ: لَيْسَ فِي أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ. قِيْلَ: وَلاَ طَاوُوْسٌ؟ قَالَ: وَلاَ طَاوُوْسٌ، وَلاَ أَحَدٌ.
وَكَانَ قَتْلُهُ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ عَاشَ تِسْعاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً لَمْ يَصْنَعْ شَيْئاً, وَقَدْ مَرَّ قَوْلُهُ لابْنِهِ: مَا بَقَاءُ أَبِيْكَ بَعْدَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ فَعَلَى هَذَا يَكُوْنُ مَوْلِدُهُ فِي خِلاَفَةِ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ، وَعَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ, قَالاَ: أَنْبَأَنَا مُوْسَى بنُ عَبْدِ القَادِرِ, أَنْبَأَنَا سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ, أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ البُسْرِيِّ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ, حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُسْلِمٍ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَرَّمَ: "اسْتَغْنُوا عَنِ النَّاسِ وَلَوْ بِشَوْصِ السِّوَاكِ".
وَبِهِ إِلَى المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيُّ, حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ القُمِّيُّ, حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بن أبي المغيرة, عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَلُوْنَا, فَإِنَّكُمْ لَنْ تَسْأَلُوْنَا عَنْ شَيْءٍ إلَّا وَقَدْ سَأَلْنَا عَنْهُ. فَقَالَ رَجُلٌ: أَفِي الجَنَّةِ غِنَاءٌ؟ قَالَ: فِيْهَا أَكْمَاتٌ مِنْ مِسْكٍ عَلَيْهِنَّ جَوَارٍ يَحْمَدْنَ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- بِأَصْوَاتٍ لَمْ تَسْمَعِ الآذَانُ بِمِثْلِهَا قَطُّ.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ كِتَابَةً، أَنَّ عُمَرَ بنَ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَهُم, أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ, أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ شَدَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ حَبِيْبِ عَنْ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَوْحَى اللهُ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي قَدْ قَتَلْتُ بِيَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا سَبْعِيْنَ أَلْفاً، وإِنِّي قَاتِلٌ بِابْنِ ابْنَتِكَ سبعين ألفًا وسبعين ألفًا".
هَذَا حَدِيْثٌ نَظِيْفُ الإِسْنَادِ، مُنْكَرُ اللَّفْظِ. وَعَبْدُ اللهِ: وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ، وَخَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ.(5/198)
485- الحجاج 1:
أَهْلَكَهُ اللهُ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ, كهلًا. وكان ظلوما، جبارا، ناصبيا، خبيثا, سفاكاللدماء, وَكَانَ ذَا شَجَاعَةٍ, وَإِقْدَامٍ, وَمَكْرٍ, وَدَهَاءٍ, وَفَصَاحَةٍ, وَبَلاَغَةٍ، وَتعَظِيْمٍ لِلْقُرَآنِ قَدْ سُقْتُ مِنْ سُوْءِ سِيْرَتِهِ فِي "تَارِيْخِي الكَبِيْرِ" وَحِصَارِهِ لابْنِ الزُّبَيْرِ بِالكَعْبَةِ, وَرَمْيِهِ إِيَّاهَا بِالمَنْجَنِيْقِ, وَإِذْلاَلِهِ لأَهْلِ الحَرَمَيْنِ, ثُمَّ وِلاَيَتِهِ عَلَى العِرَاقِ وَالمَشْرِقِ كُلِّهِ عِشْرِيْنَ سَنَةً, وَحُرُوْبِ ابْنِ الأَشْعَثِ لَهُ، وَتَأْخِيْرِهِ لِلصَّلَوَاتِ إِلَى أَنِ اسْتَأْصَلَهُ اللهُ، فَنَسُبُّهُ وَلاَ نُحِبُّهُ, بَلْ نُبْغِضُهُ فِي اللهِ, فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَوْثَقِ عُرَى الإِيْمَانِ.
وَلَهُ حَسَنَاتٌ مَغْمُوْرَةٌ فِي بَحْرِ ذُنُوْبِهِ, وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ, وَلَهُ تَوْحِيْدٌ فِي الجُمْلَةِ, وَنُظَرَاءُ مِنْ ظَلَمَةِ الجَبَابِرَةِ وَالأُمَرَاءِ.
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 349"، والعبر "1/ 112"، البداية والنهاية "9/ 117"، النجوم الزاهرة "1/ 230"، شذرات الذهب "1/ 106".(5/199)
486- أبو بردة 1: "ع"
ابن أبي موسى الأشعري، الإمام، الفقيه، الثبت, حارث- ويقال: عَامِرٌ، وَيُقَالُ: اسْمُهُ كُنْيَتُهُ -ابْنُ صَاحِبِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عبد الله بنُ قَيْسِ بنِ حَضَّارٍ الكُوْفِيُّ، الفَقِيْهُ، وَكَانَ قَاضِيَ الكُوْفَةِ لِلْحَجَّاجِ، ثُمَّ عَزَلَهُ بِأَخِيْهِ أَبِي بَكْرٍ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَلِيٍّ، وَعَائِشَةَ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ, وَأَبِي هُرَيْرَةَ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو, وَابْنِ عُمَرَ, وَالبَرَاءِ, وَمُعَاوِيَةَ, وَالأَغَرِّ المُزَنِيِّ وَعِدَّةٍ.
وَيَنْزِلُ إِلَى عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، وَالرَبِيْعِ بنِ خُثَيْمٍ، وَزِرِّ بنِ حُبَيْشٍ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: بَنُوْهُ؛ سَعِيْدٌ، وَيُوْسُفُ، وَالأَمِيْرُ، بِلاَلٌ، وَحَفِيْدُهُ، بُرَيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 268" التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2949"، وفيات الأعيان "3"، ترجمة 316"، تاريخ الإسلام "4/ 216"، تذكرة الحفاظ "1/ 86"، العبر "1/ 128" النجوم الزاهرة "1/ 252"، شذرات الذهب "1/ 126".(5/199)
بُرْدَةَ, وَالشَّعْبِيُّ, وَالقَاسِمُ بنُ مُخَيْمَرَةَ, وَأَبُو مِجْلَزٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَمَكْحُوْلٌ الشَّامِيُّ, وَقَتَادَةُ, وَعَمْرُو بنُ مُرَّةَ وَطَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ، وَعَدِيُّ بنُ ثَابِتٍ, وَعَوْنُ بنُ عبد الله، والنضير بنُ أَنَسٍ, وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَأَبُو صَخْرَةَ جامع بن شداد, وثابت البناني، وأشعث ابن أَبِي الشَّعْثَاءِ, وَحَكِيْمُ بنُ الدَّيْلَمِ، وَحُمَيْدُ بنُ هِلاَلٍ, وَطَلْحَةُ بنُ يَحْيَى بنِ طَلْحَةَ، وَأَبُو حُصَيْنٍ، وَفُرَاتُ بنُ السَّائِبِ، وَلَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَبُكَيْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الأَشَجِّ, وَيُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ. وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الاجْتِهَادِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً, كَثِيْرَ الحَدِيْثِ. وَقَالَ العِجْلِيُّ: كُوْفِيٌّ, تَابِعِيٌّ, ثقة.
أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبٍ: حَدَّثَنَا عَمِّي، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ يَزِيْدَ بنَ المُهَلَّبِ لَمَّا وَلِيَ خُرَاسَانَ، قَالَ: دُلُّوْنِي عَلَى رَجُلٍ كَامِلٍ لِخِصَالِ الخَيْرِ فَدُلَّ عَلَى أَبِي بُرْدَةَ الأَشْعَرِيِّ فَلَمَّا جَاءَ رَآهُ رَجُلاً فَائِقاً, فَلَمَّا كَلَّمَهُ, رَأَى مِنْ مَخْبَرَتِهِ أَفَضْلَ مِنْ مَرْآتِهِ، فَقَالَ: إِنِّي وَلَّيْتُكَ كَذَا وَكَذَا مِنْ عَمَلِي. فَاسْتَعْفَاهُ, فَأَبَى أَنَّ يُعْفِيَهُ, فَقَالَ: أَيُّهَا الأَمِيْرُ, ألَّا أُخْبِرُكَ بِشَيْءٍ حَدَّثَنِيْهُ أَبِي إِنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: هَاتِهِ قَالَ: إِنَّهُ سَمِعَ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم يقول: "من تولى عملا وهو يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ لِذَلِكَ العَمَلِ بِأَهْلٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" وَأَنَا أَشْهَدُ أَيُّهَا الأَمِيْرُ أَنِّي لَسْتُ بِأَهْلٍ لِمَا دَعَوْتَنِي إِلَيْهِ. فَقَالَ: مَا زِدْتَ عَلَى أَنْ حَرَّضْتَنَا عَلَى نَفْسِكَ, وَرَغَّبْتَنَا فِيْكَ, فَاخْرُجْ إِلَى عَهْدِكَ, فَإِنِّي غَيْرُ مُعْفِيْكَ. فَخَرَجَ, ثُمَّ أَقَامَ فِيْهِم مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يُقِيْمَ, فَاسْتَأْذَنَ فِي القُدُوْم عَلَيْهِ, فَأَذِنَ لَهُ فَقَالَ: أَيُّهَا الأَمِيْرُ ألَّا أُحَدِّثُكَ بِشَيْءٍ حَدَّثَنِيْهُ أَبِي سَمِعَهُ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: قَالَ: "مَلْعُوْنٌ مَنْ سَأَلَ بِوَجْهِ اللهِ وَمَلْعُوْنٌ مَنْ سُئِلَ بِوَجْهِ اللهِ ثُمَّ مَنَعَ سَائِلَهُ مَا لَمْ يَسْأَلْ هُجْراً"1 وَأَنَا سَائِلُكَ بِوَجْهِ اللهِ إلَّا مَا أَعْفَيْتَنِي أَيُّهَا الأَمِيْرُ مِنْ عَمَلِكَ فَأَعْفَاهُ.
__________
1 منكر: في إسناده عَبْدُ اللهِ بنُ عَيَّاشِ بنِ عَبَّاسٍ القِتْبَانِيُّ المصري. قال أبو حاتم: صدوق، ليس بالمتين. وقال أبو داود، والنسائي ضعيف. وأخرج له مسلم في الشواهد وفي إسناده أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال ابن حبان: إنه أتى بمناكير في آخر عمره، فروى عَنْ عَمِّهِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مرفوعًا. وذكر له حديثًا موضوعًا عليه.
ومتن الحديث يمجه كل من ملك عليه حب السنة الصحيحة شغاف قلبه: إذا كيف يكون من سأل بوجه الله ملعونًا وقد قال الله -تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [النساء: 1] ، فئقد أجازه وأباحه المولى سبحانه، وقد كان الصحابة -رضوان الله عليهم- ينشدون بعضهم بعضًا بالله ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمعهم ويقرهم، ولعل في حصار عثمان بن عفان ومناشدته الصحابة بالله وتقريره لهم على ما فعل من مآثر خيل دليل على نكارة بل وبطلان متن الحديث وبالله -تعالى-وحده التوفيق.(5/200)
رَوَاهُ الرُّوْيَانِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ", عَنْ أَحْمَدَ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَأَلَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ أبا بردة بن أبي موسى: كم أَتَى عَلَيْكَ؟ قَالَ: أَشُدَّانِ يَعْنِي: أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِيْنَ.
ذِكْرُ الاخْتِلاَفِ فِي وَفَاةِ أَبِي بُرْدَةَ:
رَوَى الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَيَّاشٍ المَنْتُوْفِ: أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَمائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَخَلِيْفَةُ وَطَائِفَةٌ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائَةٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ مَاتَ وَلَهُ بِضْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَوَهِمَ مَنْ قَالَ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمائَةٍ.(5/201)
487- أيوب ابن القرية 1:
وَهِيَ أُمُّهُ. وَاسْمُ أَبِيْهِ يَزِيْدُ بنُ قَيْسِ بنِ زُرَارَةَ النَّمَرِيُّ، الهِلاَلِيُّ، أَعْرَابِيٌّ، أُمِّيٌّ، فَصِيْحٌ، مُفَوَّهٌ، يُضْرَبُ بِبَلاَغَتِهِ المَثَلُ. وَفَدَ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ وَعَلَى الحَجَّاجِ، فَأُعْجِبَ بِفَصَاحَتِهِ، ثُمَّ بَعَثَهُ رَسُوْلاً إِلَى ابْنِ الأَشْعَثِ إِلَى سِجِسْتَانَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَخْلَعَ الحَجَّاجَ, وَيَقُوْمَ بِذَلِكَ وَيَشْتِمَهُ. فَقَالَ: إِنَّمَا أَنَا رَسُوْلٌ فَقَالَ: لَتَفْعَلَنَّ, أَوْ لأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ. فَفَعَلَ, فَلَمَّا انْتَصَرَ الحَجَّاجُ, جِيءَ بِابْنِ القِرِّيَّةِ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَهْلِ العِرَاقِ؟ قَالَ: أَعْلَمُ النَّاسِ بِحَقٍّ وَبِبَاطِلٍ. قَالَ: فَأَهْلُ الحِجَازِ؟ قَالَ: أَسْرَعُ النَّاسِ إِلَى فِتْنَةٍ وَأَعْجَزُهُمْ عَنْهَا قَالَ: فَأَهْلُ الشَّامِ؟ قَالَ: أَطْوَعُ شَيْءٍ لأُمَرَائِهِمْ. قال: فأهل مصر؟ قَالَ: عَبِيْدُ مَنْ عَلِمْتَ. قَالَ: فَأَهْلُ الجَزِيْرَةِ؟ قَالَ: أَشْجَعُ فُرْسَانٍ, وَأَقْتَلُ لِلأَقْرَانِ. قَالَ: فَأَهْلُ اليَمَنِ؟ قَالَ: أَهْلُ سَمْعٍ وَطَاعَةٍ. ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ قبَائِلِ العَرَبِ وَعَنِ البُلْدَانِ، وَهُوَ يُجِيْبُ، ثُمَّ ضَرَبَ عُنُقَهُ، وَنَدِمَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ.
طَوَّلَ أَخْبَارَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ.
__________
1 سبق ترجمتنا له في هذا الجزء بتعليقنا رقم "145" فراجعه ثمت إن شئت.(5/201)
488- الوليد 1:
الخَلِيْفَةُ، أَبُو العَبَّاسِ الوَلِيْدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ الأُمَوِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ, الَّذِي أَنْشَأَ جَامِعَ بَنِي أُمَيَّةَ.
بُوْيِعَ بِعَهْدٍ مِنْ أَبِيْهِ، وَكَانَ مُتْرَفاً, دَمِيْماً, سَائِلَ الأَنْفِ, طَوِيْلاً, أَسْمَرَ, بِوَجْهِهِ أَثَرُ جُدَرِيٍّ فِي عَنْفَقَتِهِ2 شَيْبٌ يَتَبَخْتَرُ فِي مَشْيِهِ, وَكَانَ قَلِيْلَ العِلْمِ، نُهْمَتُهُ فِي البِنَاءِ أَنْشَأَ أَيْضاً مَسجدِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَخْرَفَهُ، وَرُزِقَ فِي دَوْلَتِهِ سَعَادَةً.
فَفَتَحَ بَوَّابَةَ الأَنْدَلُسِ، وَبِلاَدَ التُّرْكِ، وَكَانَ لُحَنَةً, وَحَرَصَ عَلَى النَّحْوِ أَشْهُراً، فَمَا نَفَعَ، وَغَزَا الرُّوْمَ مَرَّاتٍ فِي دَوْلَةِ أَبِيْهِ، وَحَجَّ.
وَقِيْلَ: كَانَ يَخْتِمُ فِي كُلِّ ثَلاَثٍ، وَخَتَمَ فِي رَمَضَانَ سَبْعَ عَشْرَةَ خَتْمَةً. وَكَانَ يَقُوْلُ: لَوْلاَ أَنَّ اللهَ ذَكَرَ قَوْمَ لُوْطٍ ما شعرت أن أحدًا يفعل ذلك.
قَالَ ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ: رَحِمَ اللهُ الوَلِيْدَ، وَأَيْنَ مِثْلُ الوَلِيْدِ افْتَتَحَ الهِنْدَ وَالأَنْدَلُسَ، وَكَانَ يُعْطِي قِصَاعَ الفِضَّةِ أَقْسِمُهَا عَلَى القُرَّاءِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَرَأَ عَلَى المِنْبَرِ "يَا لَيْتُهَا" بِالضَّمِّ، وَكَانَ فِيْهِ عَسَفٌ، وَجَبَرُوْتٌ, وَقِيَامٌ بِأَمْرِ الخِلاَفَةِ, وَقَدْ فَرَضَ لِلْفُقَهَاءِ, وَالأَيْتَامِ، وَالزَّمْنَى, وَالضُّعَفَاءِ, وَضَبَطَ الأُمُوْرَ -فَاللهُ يُسَامِحُهُ- وَقَدْ سَاقَ ابْنُ عَسَاكِرَ أَخْبَارَهُ.
مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ, وَلَهُ إِحْدَى وَخَمْسُوْنَ سَنَةً. وَكَانَ فِي الخِلاَفَةِ عَشْرَ سِنِيْنَ سِوَى أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَقَبْرُهُ بباب الصغير.
وقام بعد: أَخُوْهُ سُلَيْمَانُ بِعَهْدٍ لَهُ مِنْ أَبِيْهِمَا عَبْدِ المَلِكِ.
وَقَدْ كَانَ عَزَمَ عَلَى خَلْعِ سُلَيْمَانَ مِنْ وِلاَيَةِ العَهْدِ لِوَلَدِهِ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ وَقَالَ: لِسُلَيْمَانَ بَيْعَةٌ فِي أَعْنَاقِنَا. فَأَخَذَهُ الوَلِيْدُ، وَطَيَّنَ عَلَيْهِ، ثُمَّ فَتَحَ عَلَيْهِ بَعْدَ ثَلاَثٍ وَقَدْ مَالَتْ عُنُقُهُ. وَقِيْلَ خَنَقَهُ بِالمِنْدِيْلِ حَتَّى صَاحَتْ أُخْتُهُ أُمُّ البَنِيْنَ, فَشَكَرَ سُلَيْمَانُ لِعُمَرَ ذَلِكَ, وَعَهِدَ إِلَيْهِ بِالخِلاَفَةِ. وَلَهُ تَرْجَمَةٌ طَوِيْلَةٌ فِي "تَارِيْخِ دمشق" وغير ذلك.
__________
1 ترجمته في تاريخ الإسلام "4/ 65"، العبر "1/ 114"، النجوم الزاهرة "1/ 220 و 234"، شذرات الذهب "1/ 111".
2 العنفقة: هي الشعيرات التي بين الشقة السفلى والذقن.(5/202)
489- محمد بن سعد 1: "خ، م، ت، س، ق"
ابن أبي وقاص مالك الإِمَامُ، الثِّقَةُ أَبُو القَاسِمِ القُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ، المَدَنِيُّ أَخُو: عُمَرَ بنِ سَعِيْدٍ الأَمِيْرِ وَعَامِرِ بن سعد، وعائشة بنت سعد.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ وَعَنْ: عُثْمَانَ بنِ عَفَّان، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنَاهُ؛ إِبْرَاهِيْمُ وَإِسْمَاعِيْلُ, وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وَيُوْنُسُ بنُ جُبَيْرٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَجَمَاعَةٌ.
رَوَى جُمْلَةً صَالِحَةً مِنَ العِلْمِ، ثُمَّ كَانَ مِمَّنْ قَامَ عَلَى الحَجَّاجِ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَأُسِرَ يَوْمَ دَيْرِ الجَمَاجِمِ، فَقَتَلَهُ الحَجَّاجُ.
رَوَى لَهُ الشَّيْخَانِ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالقَزْوِيْنِيُّ.
قِيْلَ: إِنَّهُ انْهَزَمَ إِلَى المَدَائِنِ، فَتَجَمَّعَ إِلَيْهِ نَاسٌ كَثِيْرٌ، ثُمَّ لَحِقَ بِالبَصْرَةِ. وَكَانَ مَصْرعُهُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 167" و "6/ 221"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة رقم 246"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1427"، الكاشف "3/ ترجمة 4944"، العبر "1/ 95"، تاريخ الإسلام "3/ 294"، تهذيب التهذيب "9/ 183"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6247" شذرات الذهب "1/ 91".(5/203)
490- أخوه: عامر 1: "ع"
ابن سعد بن أبي وقاص، إِمَامٌ، ثِقَةٌ، مَدَنِيٌّ.
سَمِعَ أَبَاهُ، وَأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ، وَعَائِشَةَ وَأَبَا هُرَيْرَةَ, وَجَابِرَ بنَ سَمُرَةَ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ؛ دَاوُدُ بنُ عَامِرٍ وَابْنَا إِخْوَتِهِ, وَعَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ, وآخرون.
مات سنة أربع ومائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 167"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2956" الجرح والتعديل" "6/ ترجمة 1794"، الكاشف "2/ ترجمة 2553"، تهذيب التهذيب "5/ 63"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3259"، شذرات الذهب "1/ 126".(5/203)
وأخوهما عمر، وأخوهم عمرو، وأخوهم مصعب، وأخوهم إبراهيم، وأخوهم عمير
491- وأخوهما عمر 1: "س"
ابن سعد، أَمِيْرُ السَّرِيَةِ الَّذِيْنَ قَاتَلُوا الحُسَيْنَ -رَضِيَ اللهُ عنه- ثم قتله المُخْتَارُ، وَكَانَ ذَا شَجَاعَةٍ وَإِقْدَامٍ.
رَوَى لَهُ النَّسَائِيُّ. قُتِلَ هُوَ وَوَلَدَاهُ صَبْراً.
492- وَأَخُوْهُم عَمْرُو2
ابن سعد. قتل يوم الحرة
493- وأخوهم مصعب 3: "ع"
ابن سعد بَقِيَ بِالكُوْفَةِ إِلَى سَنَةِ ثَلاَثٍ وَمائَةٍ.
خَرَّجُوا له في الكتب الستة.
494- وأخوهم إبراهيم 4: "خ، م"
ابن سعد، وَالِدُ قَاضِي المَدِيْنَةِ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ.
حَدِيْثُهُ في "الصحيحين".
495- وأخوهم عمير 5:
قتل أيضًا يوم الحرة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 168"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2016"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 592"، تاريخ الإسلام "3/ 52"، الكاشف "2/ ترجمة 4121"، تهذيب التهذيب "7/ 450" خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5165"، الإصابة "3/ ترجمة 6827".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 168"، شذرات الذهب "1/ 74".
3 ترجمته في طبقات ابن سعد: "5/ 169" و "6/ 222"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1514" الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1403"، العبر "1/ 125"، الكاشف "3/ ترجمة 5559"، تهذيب التهذيب "10/ 160"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7020"، شذرات الذهب "1/ 125".
4 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 169"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 927"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 282"، تهذيب التهذيب "1/ ترجمة 217".
5 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 169".(5/204)
وإخوتهم إسماعيل، ويحيى، وعبد الرحمن، بشير بن كعب، أما بشير بن كعب، أبان بن عثمان
496- وإخوتهم إسماعيل 1:
497- ويحيى 2:
498- وعبد الرحمن 3:
لهم ذكر.
499- بشير بن كعب 4: "خ، 4"
ابن أبي، الفَقِيْهُ، أَبُو أَيُّوْبَ الحِمْيَرِيُّ، العَدَوِيُّ, البَصْرِيُّ, العَابِدُ, أَحَدُ المُخَضْرَمِيْنَ. قِيْلَ: إِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بنَ الجَرَّاحِ اسْتعَمَلَهُ عَلَى بَعْضِ الأُمُوْرِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ بُرَيْدَةَ، وَقَتَادَةُ، وَطَلْقُ بنُ حَبِيْبٍ، وَالعَلاَءُ بنُ زِيَادٍ وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَكَانَ أَحَدَ القُرَّاءِ وَالزُّهَّادِ، رَحِمَهُ اللهُ.
500- أَمَّا بَشِيْرُ بنُ كَعْبٍ 5:
العَلَوِيُّ بِفَتْحِ المُوَحَّدَةِ، فَهُوَ شَاعِرٌ، لَهُ ذِكْرٌ. كَانَ فِي دَوْلَةِ مُعَاوِيَةَ.
501- أَبَانُ بنُ عُثْمَانَ 6: "م، 4"
ابن عفان، الإمام، الفقيه، الأمير, أبو سعد بن أمير المؤمنين أبي عمرو الأموي، المدني.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 170".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 170"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2978"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 631".
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 170".
4 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 223"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1944"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1541"، أسد الغابة "1/ 200"، تاريخ الإسلام "3/ 243"، تهذيب التهذيب "1/ 447"، الإصابة "1/ ترجمة 822".
5 ترجمته في تاريخ الإسلام "3/ 243".
6 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 151"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1440"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1084"، تاريخ الإسلام "3/ 241"، العبر "1/ 129"، تهذيب التهذيب "1/ 97"، النجوم الزاهرة "1/ 253"، شذرات الذهب "1/ 131".(5/205)
سَمِعَ أَبَاهُ، وَزَيْدَ بنَ ثَابِتٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ, وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَجَمَاعَةٌ.
لَهُ أَحَادِيْثُ قَلِيْلَةٌ، وَوِفَادَةٌ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ أَبَانٍ سَمِعْتُ عُثْمَانَ يَقُوْلُ: مَنْ قَالَ فِي أَوَّلِ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ: بِسْمِ اللهِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ في السماء وهو السميع العليم، ولم يَضُرَّهُ ذَلِكَ اليَوْمَ شَيْءٌ، أَوْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ. فَلَمَّا أَصَابَ أَبَانَ الفَالِجُ، قَالَ: إِنِّي -وَاللهِ- نَسِيْتُ هَذَا الدُّعَاءَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ لِيَمْضِيَ فِيَّ أَمْرُ اللهِ.
حَدِيْث صَحِيْح. وَرَوَاهُ عَنْ أَبَانَ: مُنْذِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحِزَامِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ. أَخْرَجَهُ: التِّرْمِذِيُّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثِقَةٌ لَهُ أَحَادِيْثُ عَنْ أَبِيْهِ. وَكَانَ بِهِ صَمَمٌ، وَوَضَحٌ كَثِيْرٌ، أَصَابَهُ الفَالِجُ فِي أَوَاخِر عُمُرِهِ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: هُوَ أَخُو عَمْرٍو، وَأُمُّهُمَا: أُمُّ عَمْرٍو بِنْتُ جُنْدُبٍ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ ولاية أبان على المدينة سبع سنين.
وَعَنْ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: مَاتَ أَبَانٌ قَبْلَ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ.
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: فُقَهَاءُ المَدِيْنَةِ عَشْرَةٌ: أَبَانُ بنُ عُثْمَانَ, وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ ... , وَذَكَرَ سَائِرَهُم.
قَالَ مَالِكٌ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّ وَالِدَهُ أَبَا بَكْرٍ بنَ حَزْمٍ كَانَ يَتَعَلَّمُ مِنْ أَبَانٍ القَضَاءَ.
وَعَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ بِحَدِيْثٍ وَلاَ فَقْهٍ مِنْ أَبَانِ بنِ عُثْمَانَ.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ: إِنَّ أبانًا توفي سنة خمس ومائة.(5/206)
502- أخوه عمرو 1: "ع"
ابن عثمان، قَدِيْمُ المَوْتِ.
يَرْوِي عَنْ: أَبِيْهِ، وَأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ.
وَعَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ, وَأَبُو الزِّنَادِ, وَآخَرُوْنَ. ثِقَةٌ, لَيْسَ بِالمُكْثِرِ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 150"، تاريخ الإسلام "3/ 197 و 290"، تهذيب التهذيب "8/ 78".(5/206)
503-مورق 1:
العجلي، الإمام، أبو المعتمر البصري.
يَرْوِي عَنْ: عُمَرَ وَأَبِي ذَرٍّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَطَائِفَةٍ مِمَّنْ لَمْ يَلْحَقِ السَّمَاعَ مِنْهُم، فَذَلِكَ مُرْسَلٌ. وَرَوَى عَنِ: ابْنِ عُمَرَ، وَجُنْدُبِ بنِ عَبْدِ اللهِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: تَوْبَةُ العَنْبَرِيُّ, وَقَتَادَةُ بنُ دِعَامَةَ, وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، عَابِداً، تُوُفِّيَ فِي وِلاَيَةِ عُمَرَ بنِ هُبَيْرَةَ عَلَى العِرَاقِ.
يُوْسُفُ بنُ عَطِيَّةَ: حَدَّثَنَا مُعَلَّى بنُ زِيَادٍ, قَالَ: قَالَ مُوَرِّقٌ العِجْلِيُّ: مَا مِنْ أَمْرٍ يَبْلُغُنِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَوْتِ أَحَبِّ أَهْلِي إِلَيَّ. وَقَالَ: تَعَلَّمْتُ الصَّمْتَ فِي عَشْرِ سِنِيْنَ، وَمَا قُلْتُ شَيْئاً قَطُّ إِذَا غَضِبْتُ أَنْدَمُ عَلَيْهِ إِذَا زَالَ غَضَبِي.
رَوَى حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ جَمِيْلِ بنِ مُرَّةَ، قَالَ: كَانَ مُوَرِّقٌ -رَحِمَهُ اللهُ- يَجِيْئُنَا، فَيَقُوْلُ: أَمْسِكُوا لَنَا هَذِهِ الصُّرَةَ، فَإِنِ احْتَجْتُم فَأَنْفِقُوْهَا. فَيَكُوْنُ آخِرَ عَهْدِهِ بِهَا.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ: كَانَ مُوَرِّقٌ يَتَّجِرُ, فَيُصِيْبُ المَالَ، فَلاَ يَأْتِي عَلَيْهِ جُمُعَةٌ وَعِنْدَهُ مِنْهُ شَيْءٌ, وَكَانَ يَأْتِي الأَخَ, فَيُعْطِيْهِ الأَرْبَعَ مائَةٍ وَالخَمْسَ مائَةٍ، وَيَقُوْل: ضَعْهَا لَنَا عِنْدَكَ ثُمَّ يَلْقَاهُ بَعْدُ فَيَقُوْلُ: شَأْنُكَ بِهَا لا حاجة لي فيها.
مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ خُلَيْفٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُوَرِّقٍ: قَالَ: مَا امْتَلأْتُ غَضَباً قَطُّ, وَلَقَدْ سَأَلْتُ اللهَ حَاجَةً مُنْذُ عِشْرِيْنَ سَنَةً، فَمَا شَفَّعَنِي فِيْهَا وَمَا سَئِمْتُ مِنَ الدُّعَاءِ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ, أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا فَارُوْقٌ, حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الكَشِّيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ شَبِيْبٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ, عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُوَرِّقٍ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فَضْلُ صَلاَةِ الجَمَاعَةِ عَلَى صَلاَةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ: خَمْسَةٌ وَعِشْرُوْنَ درجة" 2.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 213"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2117"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1851"، حلية الأولياء "2/ 234"، تاريخ الإسلام "4/ 206"، العبر "1/ 122"، تهذيب التهذيب "10/ 321".
2 حديث صحيح: أخرجه أحمد "1/ 437"، وأبو نعيم في "الحلية" "2/ 237". وأخرجه البخاري "648" و "4717"، ومسلم "649" "246" من طريق الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا: "تفضل صلاة في الجميع على صلاة الرجل وحده خمسًا وعشرين درجة" واللفظ لمسلم.(5/207)
504- أبو سلام 1: "م، 4"
ممطور الحبشي، ثم الدمشقي الأَسْوَدُ الأَعْرَجُ. وَقِيْلَ: إِنَّمَا قِيْلَ لَهُ الحَبَشِيُّ نِسْبَةً إِلَى حَيٍّ مِنْ حِمْيَرٍ -فَاللهُ أَعْلَمُ- مِنْ جِلَّةِ العُلَمَاءِ بِالشَّامِ.
حَدَّثَ عَنْ: حُذَيْفَةَ، وَثَوْبَانَ وَعَلِيٍّ, وَأَبِي ذَرٍّ, وَعَمْرِو بنِ عَبَسَةَ، وَكَثِيْرٌ مِنْ ذَلِكَ مَرَاسِيْلُ، كَعَادَةِ الشَّامِيِّيْنَ يُرْسِلُوْنَ عن الكبار. وروى أيضًا عن: أبي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ غَنْمٍ، وَأَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ, وَأَبِي مَالِكٍ الأَشْعرِيِّ، وَالنُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ، وَطَائِفَة.
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو مُسْهِرٍ: أَنَّ أَبَا سَلاَّمٍ سَمِعَ مِنْ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ بِبَيْتِ المَقْدِسِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: حَفِيْدَاهُ؛ يَزِيْدُ وَمُعَاوِيَةُ ابنا سلام, ومكحول, وعبد الرحمن ابن يَزِيْدَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ العَلاَءِ بنِ زَبْرٍ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَطَائِفَةٌ. وَعُمِّرَ دَهْراً.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَقَدْ كَانَ كَتَبَ إِلَى يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ بِأَحَادِيْثَ مِنْ مَرْوِيَّاتِهِ وَاسْتَقْدَمَهُ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ فِي -خِلاَفَتِهِ- إِلَيْهِ عَلَى البَرِيْدِ, لِيُشَافِهَهُ بِمَا سَمِعَ مِنْ ثَوْبَانَ فِي حَوْضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: شَقَقْتَ عَلِيَّ. فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ, وَأَكْرَمَهُ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَمائَةٍ. فَإِنْ كَانَ الأَوْزَاعِيُّ شَافَهَهُ، فهو أكبر شيخ له.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 554"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2133"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1972"، العبر "1/ 123 و 262"، الكاشف "3/ ترجمة 5723"، تاريخ الإسلام "4/ 205"، تهذيب التهذيب "10/ 296"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7433" شذرات الذهب "1/ 123- 124".(5/208)
505- مالك بن أسماء 1:
ابن خَارِجَةَ الفَزَارِيُّ، مِنْ فُحُوْلِ الشُّعَرَاءِ, لَهُ وِفَادَةٌ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ، وَكَانَ عَامِلاً عَلَى الحِيْرَةِ لِلْحَجَّاجِ. وَكَانَ جَمِيْلاً، وَسِيْماً. وَمِنْ شِعْرِهِ:
رُبَّمَا قَدْ لُقِيْتُ أَمْسِ كَئِيْباً ... أَقْطَعُ اللَّيْلَ عَبْرَةً وَنَحِيْبَا
أَيُّهَا المُشْفِقُ المُلِحُّ حِذَاراً ... إن الموت طالبا رقيبا
__________
1 ترجمته في الأغاني "16/ 41"، تاريخ الإسلام "4/ 188".(5/209)
506- أبو الأشعث 1: "م، 4"
الصنعاني، مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ دِمَشْقَ وَفِي اسْمِهِ أَقْوَالٌ، أقواها: شراحيل ابن آدَةَ.
حَدَّثَ عَنْ: عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ، وَثَوْبَانَ, وَشَدَّادِ بنِ أَوْسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ, وَأَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ، وَأَوْسِ بنِ أَوْسٍ, وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ، وَحَسَّانُ بنُ عَطِيَّةَ وَيَحْيَى الذِّمَارِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ، وجماعة.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَغَيْرُهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: هُوَ يَمَانِيٌّ، نَزَلَ دِمَشْقَ.
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: لَعَلَّهُ مِنْ صَنْعَاءِ اليَمَنِ، فَنَزَلَ صَنْعَاءَ دِمَشْقَ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ بَعْدَ المائَةِ, وَلَمْ يُخَرِّجْ لَهُ البُخَارِيُّ، وَلاَ لأَبِي سَلاَّمٍ؛ لأَنَّهُمَا لاَ يَكَادَانِ يُصَرِّحَانِ بِاللِّقَاءِ، وَهُوَ لاَ يَقْنَعُ بِالمُعَاصَرَةِ.
وَفِي "صَحِيْحِ مُسْلِمٍ" عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، قَالَ: كُنْتُ بِالشَّامِ فِي حَلْقَةٍ فِيْهَا مُسْلِمُ بنُ يَسَارٍ فَجَاءَ أَبُو الأَشْعَثِ فَقَالُوا: أَبُو الأَشْعَثِ, أَبُو الأَشْعَثِ. فَجَلَسَ فَقَالُوا لَهُ: حَدِّثْ أَخَانَا حَدِيْثَ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ قَالَ: نَعَمْ، غَزَوْنَا غَزَاةً, وَعَلَى النَّاسِ مُعَاوِيَةُ، فَغَنِمْنَا, فَكَانَ فِيْمَا غَنِمْنَا آنِيَةٌ مِنْ فِضَّةٍ فَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ رَجُلاً أَنْ يَبِيْعَهَا فِي أُعْطِيَاتِ النَّاسِ، فَتَسَارَعَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ. فَقَامَ عُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ فَقَالَ: "إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهى عن بيع الذهب بالذهب"2 الحديث.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 536"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2717"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1627"، الكاشف "2/ ترجمة 2275"، تاريخ الإسلام "3/ 254" و "4/ 71"، تهذيب التهذيب "4/ 319"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2923"، شذرات الذهب "1/ 123".
2 صحيح: أخرجه مسلم "1857".(5/209)
507- ربعي بن حراش 1: "ع"
ابن جحش بن عمرو، الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الوَلِيُّ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، أَبُو مَرْيَمَ الغَطَفَانِيُّ، ثُمَّ العَبْسِيُّ الكُوْفِيُّ، المُعَمَّرُ أَخُو العَبْدِ الصَّالِحِ مَسْعُوْدٍ؛ الَّذِي تَكَلَّمَ بَعْدَ المَوْتِ.
سَمِع مِنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ يَوْمَ الجَابِيَةِ، وَعَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، وَأَبِي مَسْعُوْدٍ البَدْرِيِّ, وَحُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ، وَأَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ, ومنصور بن المعتمر, وعبد الملك بن عُمَيْرٍ، وَحُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَآخَرُوْنَ.
عِمْرَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بنِ حِرَاشٍ، قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بِالجَابِيَةِ.
وَعَنِ الكَلْبِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى حِرَاشِ بنِ جَحْشٍ، فَخَرَّقَ كِتَابَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ: رَأَيْتُ رِبْعِيَّ بنَ حِرَاشٍ مَرَّ بِعَشَّارٍ, وَمَعَهُ مَالٌ، فَوَضَعَهُ عَلَى قَرَبُوْسِ سَرْجِهِ، ثُمَّ غَطَّاهُ وَمَرَّ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: أَتَى رَجُلٌ الحَجَّاجَ، فَقَالَ: إِنَّ رِبْعِيَّ بنَ حِرَاشٍ زَعَمُوا لاَ يَكْذِبُ، وَقَدْ قَدِمَ وَلدَاهُ عَاصِيَيْنِ. قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيْهِ الحَجَّاجُ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ ابْنَاكَ؟ قَالَ: هُمَا فِي البَيْتِ -وَاللهُ المُسْتَعَانُ- فَقَالَ لَهُ الحَجَّاجُ بنُ يُوْسُفَ: هُمَا لَكَ وَأَعْجَبَهُ صِدْقُهُ.
وَرَوَاهَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ مَنْصُوْرٍ, وَزَادَ: قَالُوا: مَنْ ذَكَرْتَ يا أبا سفيان؟ قال: ذكرت ربيعًا وَتَدْرُوْنَ مَنْ رِبْعِيٌّ؟ كَانَ رِبْعِيٌّ مِنْ أَشْجَعَ، زَعَمَ قَوْمُهُ أَنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ قَطُّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: رِبْعِيٌّ ثِقَةٌ. وقال ابن خراش: صدوق.
البُرْجُلاَنِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ عَوْنٍ أَنْبَأَنَا بَكْرُ بنُ مُحَمَّدٍ العَابِدُ، عَنِ الحَارِثِ الغَنَوِيِّ، قَالَ: آلَى رِبْعِيُّ بنُ حِرَاشٍ أَنْ لاَ تَفْتَرَّ أَسْنَانُهُ ضَاحِكاً حَتَّى يَعْلَمَ أَيْنَ مَصِيْرُهُ؟ قَالَ الحَارِثُ: فَأَخْبَرَ الَّذِي غَسَّلَهُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَبَسِّماً عَلَى سَرِيْرِهِ, وَنَحْنُ نُغَسِّلِهُ, حتى فرغنا منه، رحمة الله عليه.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 127"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1106"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 2307"، الحلية لأبي نعيم "4/ 367"، تاريخ بغداد "8/ 433"، أسد الغابة "2/ 162"، تاريخ الإسلام "4/ 111"، تذكرة الحفاظ "1/ 65"، العبر "1/ 121"، تهذيب التهذيب "3/ 336"، الإصابة "1/ ترجمة 2721"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة رقم 2013"، شذرات الذهب "1/ 121".(5/210)
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: بَنُوْ حِرَاشٍ ثَلاَثَةٌ: رِبْعِيٌّ، وَرَبِيْعٌ, وَمَسْعُوْدٌ.
قَالَ مَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ: سُعِيَ إِلَى الحَجَّاجِ بِأَنَّكَ ضَرَبْتَ البَعْثَ عَلَى ابْنَيْ رِبْعِيٍّ، فَعَصَيَا. فَبَعَثَ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ شَيْخٌ مُنْحَنٍ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ ابْنَاكَ؟ قَالَ: هُمَا فِي البَيْتِ. قَالَ: فَحَمَلَهُ وَكَسَاهُ، وَأَوْصَى بِهِ خَيْراً.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الصَّفَّارُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ, أَنْبَأَنَا أَبُو المَكَارِمِ اللَّبَّانُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الغَسَّانِيُّ, حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ العَبَّاسِ البَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رِيَاحٍ الأَشْجَعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي, عَنْ عَبِيْدَةَ, عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ, عَنْ رِبْعِيٍّ، قَالَ: كُنَّا أَرْبَعَةَ إِخْوَةٍ, فَكَانَ الرَّبِيْعُ أَكْثَرَنَا صَلاَةً وَصِيَاماً فِي الهَوَاجِرِ, وَإِنَّهُ تُوُفِّيَ، فَبَيْنَا نَحْنُ حَوْلَهُ قَدْ بَعَثْنَا من يبتاع له كفنًا, إذا كَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُم. فَقَالَ القَوْمُ: عَلَيْكُمُ السَّلاَمُ يَا أَخَا عِيْسَى أَبَعْدَ المَوْتِ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنِّي لَقِيْتُ رَبِّي بَعْدَكُم فَلقِيْتُ رَبّاً غَيْرَ غَضْبَانَ وَاسْتَقْبَلَنِي بِرُوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَإِسْتَبْرَقٍ ألَّا وَإِنَّ أَبَا القَاسِمِ يَنْتَظِرُ الصلاة علي، فجعلوني ثُمَّ كَانَ بِمَنْزِلَةِ حَصَاةٍ رُمِيَ بِهَا فِي طَسْتٍ. فَنُمِيَ الحَدِيْثُ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فَقَالَتْ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُوْلُ: "يَتَكَلَّمُ رَجُلٌ من أمتي بعد الموت".
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: وَرَوَاهُ عَنْ عَبْدِ المَلِكِ: زيد بن أبي أنيسة، وإسماعيل ابن أَبِي خَالِدٍ, وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ. وَمَا رَفَعَهُ سِوَى عَبِيْدَةُ.
وَبِهِ، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى, حَدَّثَنَا عَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ, حَدَّثَنَا المَسْعُوْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِيٍّ قَالَ: مَاتَ أَخٌ لَنَا فَسَجَّيْنَاهُ فَذَهَبْتُ فِي الْتِمَاسِ كَفَنِهِ, فَرَجَعْتُ وَقَدْ كَشَفَ الثَّوْبَ، وَهُوَ يَقُوْلُ..، فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَفِيْهِ: وَعَدْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لاَ يَذْهَبَ حَتَّى أُدْرِكَهُ. قَالَ: فَمَا شَبَّهْتُ خُرُوْجَ نَفْسِهِ إلَّا كَحَصَاةٍ أُلْقِيَتْ فِي مَاءٍ، فَرَسَبَتْ. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَقَالَتْ: قَدْ كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ رَجُلاً مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَتَكَلَّمُ بَعْدَ المَوْتِ.
قَالَ هَارُوْنُ بنُ حَاتِمٍ: حَدَّثُوْنَا أَنَّ رِبْعِيّاً تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ. وَقَالَ خَلِيْفَةُ: بَعْد الجَمَاجِمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، وَغَيْرُهُمَا: مَاتَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ. وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَمائَةٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: سَنَة مائَةٍ. وَقَالَ المَدَائِنِيُّ، وَابْنُ مَعِيْنٍ: سَنَةَ أَرْبَعٍ ومائة.(5/211)
508- أبو ظبيان 1: "ع"
الجنبي الكوفي، وَاسْمُهُ: حُصَيْنُ بنُ جُنْدُبِ بنِ عَمْرٍو، مِنْ علماء الكوفة.
يَرْوِيْ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَحُذَيْفَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ وَرَوَى عَنْ: جَرِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ قَابُوْسٌ, وَحُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، وَجَمَاعَةٌ.
وَثَّقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى صِدْقِهِ، وَحَدِيْثُهُ فِي الكُتُبِ كُلِّهَا.
وَكَانَ مِمَّنْ غَزَا القُسْطَنْطِيْنِيَّةَ مَعَ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ. وَقِيْلَ: سَنَةَ تسعين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 224"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 6"، و "9/ ترجمة 850"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 824"، تهذيب التهذيب "2/ 379"، الإصابة "1/ ترجمة 1730"، شذرات الذهب "1/ 99".(5/212)
509- أبو عبيدة 1: "ع"
ابن عبد الله بن مسعود الهذلي الكُوْفِيُّ، أَخُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. يُقَالُ اسْمُهُ: عَامِرٌ، وَلَكِنْ لاَ يَرِدُ إلَّا بِالكُنْيَةِ.
رَوَى عَنْ أَبِيْهِ شَيْئاً، وَأَرْسَلَ عَنْهُ أَشْيَاءَ. وَرَوَى عَنْ: أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، وَعَائِشَةَ, وَكَعْبِ بنِ عُجْرَةَ, وَجَمَاعَةٍ, وَعَنْ: مَسْرُوْقٍ، وَعَلْقَمَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ النَّخَعِيُّ، وَسَالِمٌ الأَفْطَسُ، وَسَعْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَخُصَيْفٌ الجَزَرِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الجَزَرِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ، وآخرون, وثقوه.
توفي سنة إحدى وثمانين.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 210"، التاريخ الكبير "9/ ترجمة 447"، حلية الأولياء "4/ 204" تاريخ الإسلام "3/ 230"، تهذيب التهذيب "5/ 75"، شذرات الذهب "1/ 90".(5/212)
510- طويس 1:
المدني، أَحَدُ مَنْ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي صِنَاعَةِ الغِنَاءِ. اسْمُهُ أَبُو عَبْدِ المُنْعِمِ، عِيْسَى بنُ عَبْدِ اللهِ. وَكَانَ أَحْوَلَ, طُوَالاً. وَكَانَ يُقَالُ: أَشْأَمُ مِنْ طُوَيْسٍ؛ قِيْلَ: لأَنَّهُ وُلِدَ يَوْمَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفُطِمَ يَوْمَ مَوْتِ أَبِي بَكْرٍ, وَبَلَغَ يَوْمَ مَقْتَلِ عُمَرَ، وَتَزَوَّجَ يَوْمَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ, وَوُلِدَ لَهُ يَوْمَ مَقْتَلِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُم.
مَاتَ سنة اثنتين وتسعين.
__________
1 ترجمته في الأغاني "2/ 170"، وفيات الأعيان "3/ ترجمة 519"، تاريخ الإسلام "4/ 16"، النجوم الزاهرة "1/ 225"، شذرات الذهب "1/ 100".(5/213)
511- موسى بن طلحة 1: "ع"
ابن عبيد الله، الإِمَامُ، القُدْوَةُ، أَبُو عِيْسَى القُرَشِيُّ, التَّيْمِيُّ, المَدَنِيُّ، نَزِيْلُ الكُوْفَةِ.
رَوَى عَنْ أَبِيْهِ. وَعَنْ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي أَيُّوْبَ، وَعَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ, وَغَيْرِهِمْ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ عِمْرَانُ، وَحَفِيْدُهُ؛ سُلَيْمَانُ بنُ عِيْسَى, وَأَوْلاَدُ إِخْوَتِهِ؛ مُعَاوِيَةُ وَمُوْسَى ابْنَا إِسْحَاقَ بنِ طَلْحَةَ، وَطَلْحَةُ, وَإِسْحَاقُ ابْنَا يَحْيَى بنِ طَلْحَةَ، وَسِمَاكُ بنُ حَرْبٍ، وَبَيَانُ بنُ بِشْرٍ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ عُمَيْرٍ, وَعُثْمَانُ بن عبد الله ابن مَوْهَبٍ, وَابْنَاهُ؛ مُحَمَّدٌ وَعَمْرُو ابْنَا عُثْمَانَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: هُوَ أَفَضْلُ وَلَدِ طَلْحَةَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ
قُلْتُ: كَانَ مُحَمَّدٌ هَذَا أَكْبَرَ أَوْلاَدِ أَبِيْهِ، قُتِلَ مَعَهُ يَوْمَ الجَمَلِ، وَكَانَ عَابِداً، نَبِيْلاً، ثُمَّ أَفَضْلُهُمْ مُوْسَى صَاحِبُ التَّرْجَمَةِ، ثُمَّ عِيْسَى بنُ طَلْحَةَ، ثُمَّ يَحْيَى بنُ طَلْحَةَ، ثُمَّ يَعْقُوْبُ بنُ طَلْحَةَ أَحَدُ الأَجْوَادِ قُتِلَ يَوْمَ الحَرَّةِ، ثُمَّ زَكَرِيَّا بنُ طَلْحَةَ سِبْطِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، ثُمَّ إِسْحَاقُ بنُ طَلْحَةَ، ثُمَّ عِمْرَانُ بنُ طَلْحَةَ، وَلَهُمْ أَوْلاَدٌ وَعَقِبٌ.
قِيْلَ: كَانَ مُوْسَى يُسَمَّى المَهْدِيُّ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 161" و "6/ 211"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1221" الجرح والتعديل "8/ ترجمة 667"، حليلة الأولياء "4/ 371" العبر "1/ 126"، تاريخ الإسلام "4/ 206"، الكاشف "3/ ترجمة 5805"، تهذيب التهذيب "10/ 350"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة رقم 7280"، شذرات الذهب "1/ 125".(5/213)
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَرَوَى الأَسْوَدُ بنُ شَيْبَانَ، عَنْ خَالِدِ بنِ سُمَيْرٍ، قَالَ: لَمَّا ظَهَرَ المُخْتَارُ الكَذَّابُ بِالكُوْفَةِ، هَرَبَ مِنْهُ نَاسٌ, فقدموا علينا البصرة، فكان منهم مُوْسَى بنُ طَلْحَةَ، وَكَانَ فِي زَمَانِهِ يَرَوْنَ أَنَّهُ المَهْدِيُّ، فَغَشِيْنَاهُ, فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ طَوِيْلُ السُّكُوْتِ, شَدِيْدُ الكَآبَةِ وَالحُزْنِ، إِلَى أَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ يَوْماً, فَقَالَ: وَاللهِ لأَنْ أَعْلَمَ أَنَّهَا فِتْنَةٌ لَهَا انْقِضَاءٌ, أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا، وَأَعْظَمَ الخَطَرَ. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، وَمَا الَّذِي تَرْهَبُ أَنْ يَكُوْنَ أَعْظَمَ مِنَ الفِتْنَةِ؟ قَالَ: الهَرْجُ قَالُوا: وَمَا الهَرْجُ. قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُوْنَا القَتْلَ القَتْلَ حَتَّى تَقُوْمَ السَّاعَةُ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ.
وَعَنْ مُوْسَى بنِ طَلْحَةَ، قَالَ: صَحِبْتُ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً.
قَالَ ابْنُ مَوْهَبٍ: رَأَيْتُ مُوْسَى بنَ طَلْحَةَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
وَقَالَ عِيْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: رَأَيْتُ عَلَى مُوْسَى بنِ طَلْحَةَ بُرْنُسَ خَزٍّ.
رَوَى صَالِحُ بنُ مُوْسَى الطَّلْحِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بنِ أَبِي النَّجُوْدِ، قَالَ: فُصَحَاءُ النَّاسِ ثَلاَثَةٌ: مُوْسَى بنُ طَلْحَةَ التَّيْمِيُّ، وَقَبِيْصَةُ بنُ جَابِرٍ الأَسَدِيُّ، وَيَحْيَى بنُ يَعْمَرَ.
وَوَرَدَ مِثْلُ هَذَا القَوْلِ عَنْ: عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ.
مَاتَ مُوْسَى فِي آخِرِ سَنَةِ ثَلاَثٍ وَمائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيِّ إِجَازَةً، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ, حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدٍ، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ, أَنْبَأَنَا أَبُو مَالِكٍ الأشجعي، عن موسى بن طَلْحَةَ, عَنْ أَبِي أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيِّ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَسْلَمُ, وَغِفَارُ, وَجُهَيْنَةُ, وَأَشْجَعُ, وَمَنْ كَانَ مِنْ بَنِي كَعْبٍ موالي دون الناس والله رسوله مولاهم" 1.
__________
1 صحيح: أخرجه أبو نعيم "في الحلية" "4/ 374"، والحاكم "4/ 82"، من طريق يزيد بن هارون، به. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي في "التلخيص".
قلت: إسناده صحيح، رجاله ثقات، وأبو مالك الأشجعي، هو سعد بن طارق، ثقة.(5/214)
عيسى بن طلحة، محمد بن طلحة، إسحاق بن طلحة
512- عيسى بن طلحة 1: "ع"
ابن عبيد الله، أبو محمد القرشي التَّيْمِيُّ، المَدَنِيُّ، أَحَدُ الإِخْوَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، [و] معاوية، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَطَلْحَةُ بنُ يَحْيَى بنِ طَلْحَةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنَ الحُلَمَاءِ الأَشْرَافِ، وَالعُلَمَاءِ الثِّقَاتِ، وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَعَاشَ إِلَى حُدُوْدِ سَنَةِ مائَةٍ.
وَرَوَى أَيُّوْبُ بنُ عَبَايَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ مِرْبَاعٍ، قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ إِلَى عِيْسَى بنِ طَلْحَةَ، فَأَنْشَدَ عِيْسَى:
يَقُوْلُوْنَ لَوْ عَذَّبْتَ قَلْبَكَ لاَرْعَوَى؟
فَقُلْتُ وَهَلْ لِلْعَاشِقِيْنَ قُلُوْبُ؟
عَدِمْتُ فُؤَادِي كَيْفَ عَذَّبَهُ الهَوَى؟!
وَمَا لِفُؤَادِي مِنْ هَوَاهُ طَبِيْبُ
فَقَامَ الرَّجُلُ، فَأَسْبَلَ إِزَارَهُ، وَمضَى إِلَى بَابِ الحُجْرَةِ يتبختر، ثم يرجع حتى عَادَ إِلَى مَجْلِسِهِ طَرِباً، وَقَالَ: أَحْسَنْتَ. فَضَحِكَ عِيْسَى وَجَلَسَاؤُهُ لِطَرَبِ الرَّجُلِ.
513- مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ 2:
المُلَقَّبُ بِالسَّجَّادِ لِعِبَادَتِهِ وَتَأَلُّهِهِ. وُلِدَ: فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُتِلَ شَابّاً يَوْمَ الجَمَلِ, لَمْ يَزَلْ بِهِ أَبُوْهُ حَتَّى سَارَ مَعَهُ. وَأُمُّهُ: هِيَ حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ، وَسَيَأْتِي ابْنُهُ إِبْرَاهِيْمُ.
514- إِسْحَاقُ بنُ طَلْحَةَ 3:
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ وَعَائِشَةَ. وَعَنْهُ: ابْنُهُ، مُعَاوِيَةُ، وَابْنُ أخيه؛ إسحاق بن يحيى وَهُوَ ابْنُ خَالَةِ مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَجَدُّهُ: هُوَ عُتْبَةُ بنُ رَبِيْعَةَ. وَلاَّهُ مُعَاوِيَةُ خَرَاجَ خُرَاسَانَ، فَمَاتَ هُنَاكَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وخمسين أرخه: المدائني.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 164"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2719"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1550"، الكاشف "2/ ترجمة 4446"، تاريخ الإسلام "4/ 43"، تهذيب التهذيب "8/ 215"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5572"، شذرات الذهب "1/ 119".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 52"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 1577"، أسد الغابة "4/ 322"، الإصابة "3/ ترجمة 7781 "، شذرات الذهب "1/ 43".
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 166"، التاريخ الكبير "1/ ترجمة 1293"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 784"، تاريخ الإسلام "2/ 273"، تهذيب التهذيب "1/ 238".(5/215)
515- عائشة بنت طلحة 1: "ع"
ابن عبيد الله التيمية، بِنْتُ أُخْتِ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ؛ أُمِّ كُلْثُوْمٍ؛ بِنْتَيِ الصِّدِّيْقِ. تَزَوَّجَهَا ابْنُ خَالِهَا؛ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، ثُمَّ بَعْدَهُ: أَمِيْرُ العِرَاقِ مُصْعَبٌ، فَأَصْدَقَهَا مُصْعَبٌ مائَةَ أَلْفِ دِيْنَارٍ قِيْلَ: وَكَانَتْ أَجْمَلَ نِسَاءِ زَمَانِهَا وَأَرْأَسَهُنَّ وَحَدِيْثُهَا مُخَرَّجٌ فِي الصِّحَاحِ. وَلَمَّا قُتِلَ مُصْعَبُ بنُ الزُّبَيْرِ تَزَوَّجَهَا عُمَرُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ التَّيْمِيُّ، فَأَصْدَقَهَا أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ, وَفِي ذَلِكَ يَقُوْلُ الشَّاعِرُ:
بُضْعُ الفَتَاةِ2 بِأَلْفِ أَلْفٍ كَامِلٍ
وَتَبِيْتُ سَادَاتُ الجُيُوْشِ جِيَاعَا
رَوَتْ عَنْ خَالَتِهَا عَائِشَةَ. وَعَنْهَا: حَبِيْبُ بنُ أَبِي عَمْرَةَ, وَابْنُ أَخِيْهَا؛ طَلْحَةُ بنُ يَحْيَى وَابْنُ أَخِيْهَا الآخَرُ مُعَاوِيَةُ بنُ إِسْحَاقَ, وَابْنُ ابْنِ أَخِيْهَا مُوْسَى؛ عُبَيْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ, وَفُضَيْلٌ الفُقَيْمِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَفَدَتْ عَلَى هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، فَاحْتَرَمَهَا وَوَصَلَهَا بِجُمْلَةٍ كَبِيْرَةٍ.
وَثَّقَهَا يَحْيَى بن معين.
هُشَيْمٌ: أَنْبَأَنَا مُغِيْرَةُ, عَنْ إِبْرَاهِيْمَ: أَنَّ عَائِشَةَ بِنْتَ طَلْحَةَ قَالَتْ: إِنْ تَزَوَّجَتْ مُصْعَباً فَهُوَ عَلَيْهَا كَظَهْرِ أُمِّهَا فَتَزَوَّجَتْهُ فَسَأَلَتْ عَنْ ذَلِكَ, فَأُمِرَتْ أَنْ تُكَفِّرَ فَأَعْتَقَتْ غُلاَماً لَهَا ثَمَنَ أَلْفَيْنِ. رَوَاهُ: سَعِيْدٌ فِي "سُنَنِهِ".
بَقِيَتْ إِلَى قريب من سنة عشر ومائة بالمدينة.
__________
1 ترجمتها في طبقات ابن سعد "8/ 467"/ الأغاني "11/ 176"، تاريخ الإسلام "4/ 135"، العبر "1/ 123"، تهذيب التهذيب "12/ 436"، النجوم الزاهرة "1/ 290"، شذرات الذهب "1/ 122".
2 بضع القناة: مهرة الفتاة.(5/216)
516- عمران بن طلحة 1: "د، ت، ق"
ابن عبيد الله، قَدِيْمُ الوَفَاةِ.
حَدَّثَ عَنْ أَبِيْهِ: وَأُمِّهِ؛ حَمْنَةَ، وَعَلِيٍّ.
وَعَنْهُ: ابْنَا أَخِيْهِ؛ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ إِسْحَاقَ، وَسَعْدُ بنُ طَرِيْفٍ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ تَابِعِيٌّ, ثِقَةٌ. وَقِيْلَ: انْقَرَضَ عَقِبُهُ. وَيُقَالُ: وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 166"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2833"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1661"، الكاشف "2/ ترجمة 4335"، تاريخ الإسلام "3/ 286"، تهذيب التهذيب "8/ 133"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5431"، الإصابة "3/ ترجمة 6271".(5/217)
517- عكرمة 1: "خ، م"
ابن عبد الرحمن بن الحَارِثِ بنِ هِشَامِ بنِ المُغِيْرَةِ، سَيِّدُ بَنِي مخزوم في زَمَانِهِ. أَبُو عَبْدِ اللهِ, وَأَخُو الفَقِيْهِ أَبِي بَكْرٍ.
سَمِع أَبَاهُ، وَابْنَ عَمْرٍو السَّهْمِيَّ، وَأُمَّ سَلَمَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنَاهُ؛ عَبْدُ اللهِ وَمُحَمَّدٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَيْفِيٍّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هُوَ قَلِيْلُ الحَدِيْثِ, ثِقَةٌ.
قُلْتُ: توفي بعد المائة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 209"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 225"، المعرفة والتاريخ "1/ 372"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 37"، تاريخ الإسلام "4/ 156"، الكاشف "2/ ترجمة 3922"، تهذيب التهذيب "7/ 260"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4926".(5/217)
518- أبو الجوزاء 1: "ع"
أوس بن عبد الله الربعي البصري، مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الأَشْهَبِ العُطَارِدِيُّ، وَعَمْرُو بنُ مَالِكٍ النُّكْرِيُّ, وَبُدَيْلُ بنُ مَيْسَرَةَ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ أَحَدَ العُبَّادِ الَّذِيْنَ قَامُوا عَلَى الحَجَّاجِ. فَقِيْلَ: إِنَّهُ قُتِلَ يَوْمَ الجَمَاجِمِ.
رَوَى حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَالِكٍ، سَمِعَ أَبَا الجَوْزَاءِ يَقُوْلُ: مَا لَعَنْتُ شَيْئاً قَطُّ، وَلاَ أَكَلْتُ شَيْئاً مَلْعُوْناً قَطُّ، وَلاَ آذَيْتُ أَحَداً قَطُّ.
قُلْتُ: انْظُر إِلَى هَذَا السَّيِّدِ، وَاقْتَدِ به.
وَعَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: مَا مَارَيْتُ أَحَداً قَطُّ.
وَرَوَى عَنْهُ: عَمْرُو بنُ مَالِكٍ, قَالَ: لأَنْ أُجَالِسَ الخَنَازِيْرَ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُجَالِسَ أَحَداً مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ.
وَكَانَ أَبُو الجَوْزَاءِ قَوِيّاً بِالمَرَّةِ. رَوَى نُوْحُ بنُ قَيْسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الرَّبَعِيِّ، قَالَ: كَانَ أَبُو الجَوْزَاءِ يُوْاصِلُ أُسْبُوْعاً, وَيَقْبِضُ عَلَى ذِرَاعِ الشَّابِّ، فَيَكَادُ يَحْطِمُهَا.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 223"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 1540"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1133"، حلية الأولياء، "3/ 78"، العبر "1/ 96"، تاريخ الإسلام "3/ 316"، تهذيب التهذيب "1/ 383"، شذرات الذهب "1/ 93".(5/217)
519- شهر بن حوشب 1: "4، م مقرونًا"
أبو سعيد الأشعري الشَّامِيُّ، مَوْلَى الصَّحَابِيَّةِ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيْدَ الأَنْصَارِيَّةِ، كَانَ مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ التَّابِعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: مَوْلاَتِهِ؛ أَسْمَاءَ, وَعَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ, وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَأُمِّ سَلَمَةَ وَأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ, وَعِدَّةٍ.
وَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. وَيُرْسِلُ عَنْ: بِلاَلٍ، وَأَبِي ذَرٍّ وَسَلْمَانَ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: قَتَادَةُ, وَمُعَاوِيَةُ بنُ قُرَّةَ, وَالحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ, وَأَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ ابن أَبِي وَحْشِيَّةَ، وَمُقَاتِلُ بنُ حَيَّانَ, وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، وَأَشْعَثُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحُدَّانِيُّ, وَأَبُو بَكْرٍ الهُذَلِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ, وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ زِيَادٍ المَكِّيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ ثَابِتِ بنِ ثَوْبَانَ، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
أَبَانُ بنُ صَمْعَةَ قَالَ: قُلْتُ لِشَهْرٍ: يَا أَبَا سَعِيْدٍ ... ، وَبِهَا كَنَّاهُ: مُسْلِمٌ, وَالنَّسَائِيُّ.
وَعَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ شَهْرٍ، قَالَ: عَرَضْتُ القُرْآنَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ.
وَعَنِ ابْنِ أَبِي نَهِيْكٍ، قَالَ: قَرَأْتُ القُرْآنَ عَلَى: ابْنِ عَبَّاسٍ, وَابْنِ عُمَرَ, وَجَمَاعَةٍ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَقْرَأَ مِنْ شَهْرِ بن حوشب.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 449"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2730"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1668" حلية الأولياء "6/ 59" أخبار أصبهان "1/ 343"، الكاشف "2/ ترجمة 2336"، تاريخ الإسلام "4/ 12"، العبر "1/ 119"، تهذيب التهذيب "4/ 369" شذرات الذهب "1/ 119"، النجوم الزاهرة "1/ 271".(5/218)
رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي تَرْجَمَةِ شَهْرٍ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ مِنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيْدٍ, وَأُمِّ سَلَمَةَ وَجُنْدُبِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو.
عَلِيُّ بنُ عَيَّاشٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ, قَالَ: أَتَى عَلَى شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ ثَمَانُوْنَ سَنَةً, وَرَأَيْتُهُ يَعْتَمُّ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ, طَرَفُهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ, وَعِمَامَةٍ أُخْرَى قَدْ أَوْثَقَ بِهَا وَسَطَهُ سَوْدَاءَ، وَرَأَيْتُهُ مَخْضُوْباً خِضَابَةً سَوْدَاءَ فِي حُمْرَةٍ، وَوَفَدَ عَلَى بِلاَلِ بنِ مِرْدَاسٍ الفَزَارِيِّ بِحَوْلاَيَا، فَأَجَازَهُ بِأَرْبَعَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ, فَأَخَذَهَا.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ نويرة: دعي شهر بن حَوْشَبٍ إِلَى وَلِيْمَةٍ، وَأَنَا مَعَهُ فَدَخَلْنَا، فَأَصَبْنَا مِنْ طَعَامِهِمْ، فَلَمَّا سَمِعَ شَهْرُ المِزْمَارَ، وَضَعَ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَخَرَجَ.
رَوَى حَرْبٌ الكَرْمَانِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: شَهْرٌ ثِقَةٌ، مَا أَحْسَنَ حَدِيْثَهُ!
وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: شَهْرٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: قَالَ مُحَمَّدٌ يَعْنِي: البُخَارِيَّ: شَهْرٌ حَسَنُ الحَدِيْثِ. وَقَوَّى أَمْرَهُ، وَقَالَ: إِنَّمَا تَكَلَّمَ فِيْهِ ابْنُ عَوْنٍ, ثُمَّ إِنَّهُ رَوَى عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ. وَرَوَى عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: شَهْرٌ ثَبْتٌ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ، وَغَيْرُهُ: لاَ بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ وَلاَ يُتَدَيَّنُ بِحَدِيْثِهِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: لَيْسَ هُوَ بِدُوْنِ أَبِي الزُّبَيْرِ المَكِّيِّ، وَلاَ يُحْتَجُّ بِهِ.
وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، وَأَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَرَوَى النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَوْنٍ، قَالَ: إِنَّ شَهْراً تركوه.
وَقَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ: قَدِمَ شَهْرٌ عَلَى الحَجَّاجِ، فَحَدَّثَ بِالعِرَاقِ، وَلَمْ يُوْقَفْ مِنْهُ عَلَى كَذِبٍ وَكَانَ رَجُلاً يَتَنَسَّكُ. وَقَالَ: قَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ لاَ يُحَدِّثُ عَنْ شَهْرٍ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ عَنْهُ.
قُلْتُ: يَعْنِي الاحْتِجَاجَ وَعَدَمَهُ.
وَرَوَى يَحْيَى بنُ أَبِي بُكَيْرٍ الكَرْمَانِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: كَانَ شَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ عَلَى بَيْتِ المَالِ فَأَخَذَ خَرِيْطَةً فِيْهَا دَرَاهِمُ، فَقِيْلَ فِيْهِ:
لَقَدْ بَاعَ شَهْرٌ دِيْنَهُ بِخَرِيْطَةٍ ... فَمَنْ يَأْمَنُ القُرَّاءَ بَعْدَكَ يَا شَهْرُ?
أَخَذْتَ بِهَا شَيْئاً طَفِيْفاً وَبِعْتَهُ ... مِنِ ابْنِ جَرِيْرٍ إِنَّ هَذَا هُوَ الغَدْرُ(5/219)
قُلْتُ: إِسْنَادُهَا مُنْقَطِعٌ وَلَعَلَّهَا وَقَعَتْ وَتَابَ مِنْهَا، أَوْ أَخَذَهَا مُتَأَوِّلاً أَنَّ لَهُ فِي بَيْتِ مَالِ المُسْلِمِيْنَ حَقّاً؛ نَسْأَلُ اللهَ الصَّفْحَ.
فَأَمَّا رِوَايَةُ يَحْيَى القَطَّانِ, عَنْ عَبَّادِ بنِ مَنْصُوْرٍ، قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ, فَسَرَقَ عَيْبَتِي فَمَا أَدْرِي مَا أَقُوْلُ!
وَمِنْ مَلِيْحِ قَوْلِ شَهْرٍ: مَنْ رَكِبَ مَشْهُوْراً مِنَ الدَّوَابِّ وَلَبِسَ مَشْهُوْراً مِنَ الثِّيَابِ، أَعْرَضَ اللهُ عَنْهُ، وإن كان كريمًا.
قُلْتُ: مَنْ فَعَلَهُ لِيُعِزَّ الدِّيْنَ, وَيُرْغِمَ المُنَافِقِيْنَ, وَيَتَوَاضَعَ مَعَ ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِيْنَ، وَيَحْمَدَ رَبَّ العَالِمِيْنَ، فَحَسَنٌ وَمَنْ فَعَلَهُ بَذْخاً وَتِيْهاً وَفَخْراً، أَذَلَّهُ اللهُ وَأَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنْ عُوْتِبَ وَوُعِظِ، فَكَابَرَ وَادَّعَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمُخْتَالٍ وَلاَ تَيَّاهٍ، فَأَعْرِضْ عَنْهُ, فَإِنَّهُ أَحْمَقٌ مَغْرُوْرٌ بِنَفْسِهِ.
قَالَ أَبُو بِشْرٍ الدُّوْلاَبِيُّ: شَهْرٌ لاَ يُشْبِهُ حَدِيْثُهُ حَدِيْثَ النَّاسِ، كَأَنَّهُ مُوْلَعٌ بِزِمَامِ نَاقَةِ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّعْدِيُّ.
الطَّيَالِسِّيُّ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَطَاءٍ عَنْ عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ: قَالَ شُعْبَةُ: فَلَقِيْتُ عَبْدَ اللهِ بن عطاء, فسألته, فقال: حدثني زياد ابن مِخْرَاقٍ, فَقَدِمْتُ عَلَى زِيَادٍ, فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ, عَنْ شَهْرٍ،عَنْ حَدِيْثِ عُقْبَةَ, عَنْ عُمَرَ فِي الوُضُوْءِ.
وَقَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: سَأَلْتُ ابْنَ عَوْنٍ عَنْ حَدِيْثِ هِلاَلِ بنِ أَبِي زَيْنَبَ، عَنْ شَهْرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لاَ تَجِفُّ الأَرْضُ مِنْ دَمِ الشَّهِيْدِ حَتَّى تَبْتَدِرَهُ زَوْجَتَاهُ" فَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: مَا يُصْنَعُ بِشَهْرٍ إِنَّ شُعْبَةَ قَدْ تَرَكَ شَهْراً.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ حَفْصٍ المَدَائِنِيُّ: سَأَلْتُ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ بَهْرَامَ، فَقَالَ: صَدُوْقٌ إلَّا أَنَّهُ يُحَدِّثُ عَنْ شَهْرٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ حَدِيْثُهُ مُقَارِبٌ مِنْ حَدِيْثِ شَهْرٍ، وَكَانَ يَحْفَظُهَا كَأَنَّهُ يَقْرَأُ سُوْرَةً، وَهِيَ سَبْعُوْنَ حَدِيْثاً.
قَالَ سَيَّارُ بنُ حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الهُذَلِيِّ، عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ, قَالَ: لَمَّا قَتَلَ ابْنُ آدَمَ أَخَاهُ، مَكَثَ آدَمُ مائَةَ سَنَةٍ لاَ يَضْحَكُ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُوْلُ:
تَغَيَّرَتِ البِلاَدُ وَمَنْ عَلَيْهَا ... فَوَجْهُ الأَرْضِ مُغْبَرٌّ قَبِيْحُ
تَغَيَّرَ كُلُّ ذِي لَوْنٍ وَطَعْمٍ ... وَقَلَّ بَشَاشَةً الوَجْهُ المليح(5/220)
إِسْحَاقُ بنُ المُنْذِرِ: شَيْخٌ صَدُوْقٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لِكُلِّ نَبِيٍّ حَرَمٌ وَحَرَمِيَ المَدِيْنَةُ".
ثَابِتٌ البُنَانِيُّ عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِح} [هُوْدٌ: 46] .
الحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ عَنْ شَهْرٌ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عن كل مسكر ومفتر.
ثَابِتٌ البُنَانِيُّ عَنْ شَهْرٌ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} ولا يبالي [الزُّمَرُ: 53] .
فَهَذَا مَا اسْتُنْكِرَ مِنْ حَدِيْثِ شَهْرٍ فِي سَعَةِ رِوَايَتِهِ، وَمَا ذَاكَ بِالمُنْكَرِ جِدّاً.
يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: شَهْرٌ ثِقَةٌ, طَعَنَ فِيْهِ بَعْضُهُمْ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ سُفْيَانَ: شَهْرٌ وَإِنْ تَكَلَّمَ فِيْهِ ابْنُ عَوْنٍ، فَهُوَ ثِقَةٌ
قُلْتُ: الرَّجُلُ غَيْرُ مَدْفُوْعٍ عَنْ صِدْقٍ وَعِلْمٍ، وَالاحْتِجَاجُ بِهِ مُتَرَجِّحٌ.
ذِكْرُ الاخْتِلاَفِ فِي تَارِيْخِ مَوْتِهِ:
قَالَ صَاحِبُهُ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَهْرَامَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ مائَةٍ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ: المَدَائِنِيُّ، وَالهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ وَخَلِيْفَةُ, وَآخَرُوْنَ.
وَيُرْوَى أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ، وَلَمْ يَصِحَّ.
وَأَمَّا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، فَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمائَةٍ. فَاللهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ، وَكَاتِبُهُ: سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَيَعْضُدُهُ: أَنَّ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: أَدْرَكْتُ شَهْرَ بنَ حَوْشَبٍ، وَتَرَكْتُهُ عَمْداً لَمْ آخُذْ عَنْهُ.
قُلْتُ: وَمَوْلِدُهُ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَطَلَبَ العِلْمَ بَعْدَ الخَمْسِيْنَ، فِي أيام معاوية.(5/221)
عمر بن عبد الله(5/)
يحيى بن وثاب(5/470)
الطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ مِنَ التَّابِعِيْنَ:
670- مُعَاوِيَةُ بنُ قُرَّةَ 1: "ع"
ابن إياس بن هلال بن رِئَابٍ الإِمَامُ، العَالِمُ, الثَّبْتُ، أَبُو إِيَاسٍ المُزَنِيُّ، البَصْرِيُّ, وَالِدُ القَاضِي إِيَاسٍ.
حَدَّثَ عَنْ: وَالِدِهِ. وَعَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ، وَعَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ -إِنْ صَحَّ إِسْنَادُهُ- وَابْنِ عُمَرَ، وَمَعْقِلِ بنِ يَسَارٍ, وَأَبِي أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِدِ بنِ عَمْرٍو المُزَنِيِّ, وَالحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَغَيْرِهِم. وَعَنْ: عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ, وَكَهْمَسٍ صَاحِبِ عُمَرَ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ إِيَاسٌ, وَمَنْصُوْرُ بنُ زَاذَانَ، وَقَتَادَةُ، وَمَطَرٌ الوَرَّاقُ, وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ, وَزَيْدٌ العَمِّيُّ، وَعُرْوَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ قُشَيْرٍ، وَمُعَلَّى بنُ زِيَادٍ, وَخَالِدُ بنُ مَيْسَرَةَ، وَخَالِدُ بنُ أَبِي كَرِيْمَةَ, وَبِسْطَامُ بنُ مُسْلِمٍ، وَخَالِدٌ الحَذَّاءُ، وَقُرَّةُ بنُ خَالِدٍ, وَشُعْبَةُ, وَالقَاسِمُ الحُدَّانِيُّ, وَمَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ، وَحَمَّادُ بنُ يَحْيَى الأبح، وَأَبُو عَوَانَةَ, وَحَفِيْدُهُ؛ المُسْتَنِيْرُ بنُ أَخْضَرَ بنِ مُعَاوِيَةَ, وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ، حَتَّى إِنَّ شَهْرَ بنَ حَوْشَبٍ رَوَى عَنْهُ.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ، وَالعِجْلِيُّ, وأبو حاتم، وابن سعد, والنسائي.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 221"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1413"، الكنى للدولابي "1/ 115"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1734"، العبر "1/ 234"، الكاشف "3/ ترجمة 5632"، تاريخ الإسلام "4/ 304"، تهذيب التهذيب "10/ 216"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7089"، شذرات الذهب "1/ 147".(5/470)
رَوَى مَطَرٌ الأَعْنَقُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ، قَالَ: لَقِيْتُ كَثِيْراً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُم مِنْ مُزَيْنَةَ: خَمْسَةٌ وَعِشْرُوْنَ رَجُلاً.
وَرَوَى أَبُو طَلْحَةَ شَدَّادُ بنُ سَعِيْدٍ الرَّاسِبِيُّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ: أَدْرَكْتُ ثَلاَثِيْنَ مِنَ الصَّحَابَةِ، لَيْسَ فِيْهِم إلَّا مَنْ طَعَنَ أَوْ طُعِنَ، أَوْ ضَرب أَوْ ضُرب مَعَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ تَمَّامُ بنُ نَجِيْحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ، قَالَ: أَدْرَكْتُ سَبْعِيْنَ مِنَ الصَّحَابَةِ لَوْ خَرَجُوا فِيْكُمُ اليَوْمَ، مَا عَرَفُوا شَيْئاً مِمَّا أَنْتُم فِيْهِ إلَّا الأَذَانَ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ الأَسْوَدُ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ بنَ قُرَّةَ قَالَ: مَنْ يَدُلُّنِي عَلَى رَجُلٍ بَكَّاءٍ بِاللَّيْلِ، بَسَّامٍ بِالنَّهَارِ.
وَرَوَى عَوْنُ بنُ مُوْسَى، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ، قَالَ: بُكَاءُ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ بُكَاءِ العَيْنِ.
وَرَوَى عَلِيُّ بنُ المُبَارَكِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ قُرَّةَ، قَالَ: لاَ تُجَالِسْ بِعِلْمِكَ السُّفَهَاءَ، وَلاَ تُجَالِسْ بِسَفَهِكَ العُلَمَاءَ.
أَسَدُ بنُ مُوْسَى، عَنْ عَوْنِ بنِ مُوْسَى: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بنَ قُرَّةَ يَقُوْلُ: لأَنْ لاَ يَكُوْنَ فِيَّ نِفَاقٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيْهَا، كَانَ عُمَرُ يَخْشَاهُ وَآمَنُهُ أَنَا?!.
قِيْلَ: مَوْلِدُ معاوية يوم الجمل.
وَقَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ. وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: مَاتَ هُوَ ابْنُ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
ابْنُهُ:(5/471)
671- إياس بن معاوية 1:
قَاضِي البَصْرَةِ، العَلاَّمَةُ، أَبُو وَاثِلَةَ.
يَرْوِي عَنْ: أَبِيْهِ وَأَنَسٍ، وَابْنِ المُسَيِّبِ، وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ.
وَعَنْهُ: خَالِدٌ الحَذَّاءُ وَشُعْبَةُ، وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ وَمُعَاوِيَةُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ الضَّائِعُ، وَغَيْرُهُم, وَكَانَ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي الذَّكَاءِ، وَالدَّهَاءِ وَالسُّؤْدُدِ، وَالعَقْلِ قَلَّمَا رُوي عَنْهُ
وَقَدْ وَثَّقَهُ: ابْنُ مَعِيْنٍ. لَهُ شَيْءٌ فِي مُقَدِّمَةِ "صَحِيْحِ مُسْلِمٍ". وَاسْتَوْعَبَ شَيْخُنَا المِزِّيُّ أَخْبَارَهُ فِي "تَهْذِيْبِهِ" وَابْنُ عَسَاكِرَ قَبْلَهُ. تُوُفِيَّ: سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ, كهلا.
__________
1 ترجمته في حلية الأولياء "3/ 123"، وفيات الأعيان "1/ ترجمة 105"، ميزان الاعتدال "1/ 283"، شذرات الذهب "1/ 160".(5/471)
672- مكحول 1: "م، 4"
عَالِمُ أَهْلِ الشَّامِ: يُكْنَى: أَبَا عَبْدِ اللهِ. وَقِيْلَ: أَبُو أَيُّوْبَ. وَقِيْلَ: أَبُو مُسْلِمٍ الدمشقي, الفقيه، وداره بطرف سوق الأحد.
أَرْسَلَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيْثَ. وَأَرْسَلَ عَنْ عِدَّةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ؛ لَمْ يُدْرِكْهُم؛ كَأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ, وَثَوْبَانَ, وَعُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ, وَأَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ، وَأَبِي جَنْدَلٍ بنِ سُهَيْلٍ، وَأَبِي هِنْدٍ الدَّارِيِّ وَأُمِّ أَيْمَنَ وَعَائِشَةَ وَجَمَاعَةٍ.
وَرَوَى أَيْضاً عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ قُدَمَاءِ التَّابِعِيْنَ، مَا أَحْسِبُهُ لَقِيَهُم؛ كَأَبِي مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيِّ وَمَسْرُوْقٍ، وَمَالِكِ بنِ يَخَامِرَ, وَحَدَّثَ عَنْ وَاثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ، وَأَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ, وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَمَحْمُوْدِ بنِ الرَّبِيْعِ، وَشُرَحْبِيْلَ بنِ السِّمْطِ، وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَيْرِيْزٍ وَجُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ، وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ وطاوس، وَأَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ، وَأَبِي إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيِّ وَأَبِي أَسْمَاءَ، الرَّحَبِيِّ وَوَقَّاصِ بنِ رَبِيْعَةَ وَكُرَيْبٍ وَغُضَيْفِ بنِ الحَارِثِ وَعَنْبَسَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَيَبْعُدُ أَنَّهُ لَقِيَهُ وَأَبِي سَلاَّمٍ الأَسْوَدِ، وَأَبِي الشِّمَالِ بنِ ضَبَابٍ, وَأَبِي مُرَّةَ الطَّائِفِيِّ, وَقَبِيْصَةَ بنِ ذُؤَيْبٍ, وَقَزَعَةَ بنِ يَحْيَى، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ غَنْمٍ وَيَنْزِلُ إِلَى أَنْ يَرْوِيَ عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ وَنَحْوِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ، وَرَبِيْعَةُ، الرَّأْيُ وَزَيْدُ بنُ وَاقِدٍ وَسُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى وَأَيُّوْبُ بنُ مُوْسَى, وَعَامِرٌ الأَحْوَلُ, وَقَيْسُ بنُ سَعْدٍ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَابْنُ عَجْلاَنَ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أُمَيَّةَ، وَبَحِيْرُ بنُ سَعِيْدٍ, وَثَابِتُ بنُ ثَوْبَانَ، وَبُرْدُ بنُ سِنَانٍ، وَتَمِيْمُ بنُ عَطِيَّةَ، وَثَوْرُ بنُ يَزِيْدَ, وَصَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو، وَمُحَمَّدُ بنُ الوَلِيْدِ الزُّبَيْدِيُّ, وَيَزِيْدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ, وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ, وَحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ العَلاَءِ بنِ زَبْرٍ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَأَبُو مُعَيْدٍ حَفْصُ بنُ غَيْلاَنَ، وَأَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ، بنِ جَابِرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ تَمِيْمٍ, وَعَبْدُ القُدُّوْسِ، بنُ حَبِيْبٍ, وَعِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، وَعَلِيُّ بن أبي حملة ومحمد بن راشد
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 453"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2008"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1867"، تذكرة الحفاظ "1/ 107"، تاريخ الإسلام "5/ 3"، تهذيب التهذيب "10/ 289"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7187"، شذرات الذهب "1/ 146"، النجوم الزاهرة "1/ 272"، حسن المحاضرة "1/ 119".(5/472)
المَكْحُوْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشُّعَيْثِيُّ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ يَحْيَى الصَّدَفِيُّ، وَهِشَامُ بنُ الغَازِ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم، ذَكَرَهُمْ صَاحِبُ "التَّهْذِيْبِ" شَيْخُنَا, وَذَكَرَ فِيْهِم: الهَيْثَمَ بنَ حُمَيْدٍ، فَوَهِمَ وَإِنَّمَا رَوَى عَنْ أَصْحَابِ مَكْحُوْلٍ، وَكَانَ يُفْتِي بِقَوْلِهِ وَيَدْرِيْهِ.
وَاخْتُلِفَ فِي وَلاَءِ "مَكْحُوْلٍ: فَقِيْلَ: مَوْلَى امْرَأَةٍ هُذَلِيَّةٍ، وَهُوَ أَصَحُّ وَقِيْلَ: مَوْلَى امْرَأَةٍ أُمَوِيَّةٍ. وَقِيْلَ: كَانَ لِسَعِيْدِ بنِ العَاصِ، فَوَهَبَهُ لِلْهُذَلِيَّةِ فَأَعْتَقَتْهُ وَكَانَ نُوْبِيّاً. وَقِيْلَ: مَنْ سَبْيِ كَابُلَ. وَقِيْلَ: مِنَ الأَبْنَاءِ1 وَلَمْ يُمَلَّكْ وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ وَقِيْلَ: أَصْلُهُ مِنْ هَرَاةَ، وَهُوَ: مَكْحُوْلُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ شَهْرَابَ بنِ شَاذِلَ بنِ سَنَدَ بنِ شُرْوَانَ بنِ يَزْدَكَ بنِ يَغُوْثَ بنِ كِسْرَى، وَأَنَّ مَكْحُوْلاً سُبِيَ مِنْ كَابُلَ.
عِدَادُهُ فِي أَوْسَاطِ التَّابِعِيْنَ، مِنْ أَقْرَانِ الزُّهْرِيِّ. قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَنْبَسَةَ. وَسُئِلَ أَبُو مُسْهِرٍ: هَلْ سَمِعَ مِنَ الصَّحَابَةِ? قَالَ: سَمِعَ مِنْ أَنَسٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: فَقُلْتُ لأَبِي مُسْهِرٍ: هَلْ سَمِعَ مِنْ أَبِي هِنْدٍ الدَّارِيِّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَلْتَفِت إِلَى ذَلِكَ، فَقُلْتُ لَهُ: فَوَاثِلَةُ بنُ الأَسْقَعِ؟ قَالَ: مَنْ? فَقُلْتُ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ, حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ, عَنْ العَلاَءِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ مَكْحُوْلٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو الأَزْهَرِ عَلَى وَاثِلَةَ فَكَأَنَّهُ أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ عَنِ العَلاَءِ، عَنْ مَكْحُوْلٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى وَاثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ. وَقَالَ أَبُو عِيْسَى التِّرْمِذِيُّ: سَمِعَ مِنْ: وَاثِلَةَ وَأَنَسٍ وَأَبِي هِنْدٍ. يُقَالُ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ سِوَى هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ.
يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ سَمِعْتُ مَكْحُوْلاً يَقُوْلُ: طُفْتُ الأَرْضَ كُلَّهَا فِي طَلَبِ العِلْمِ.
قُلْتُ: هَذَا القَوْلُ مِنْهُ عَلَى سَبِيْلِ المُبَالَغَةِ، لاَ عَلَى حَقِيْقَتِهِ.
أَبُو وَهْبٍ الكَلاَعِيُّ: اسْمُهُ عَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدٍ فِيْمَا رَوَاهُ: يَحْيَى بنُ حَمْزَةَ القَاضِي، عَنْهُ, عَنْ مَكْحُوْلٍ، قَالَ: عُتِقْتُ بِمِصْرَ فَلَمْ أَدَعْ بها علماإلَّا احْتَوَيْتُ عَلَيْهِ فِيْمَا أَرَى، ثُمَّ أَتَيْتُ العِرَاقَ، فلم أدع بها علماإلَّا احْتَوَيْتُ عَلَيْهِ فِيْمَا أَرَى، ثُمَّ أَتَيْتُ المَدِيْنَةَ, فَلَمْ أَدَعْ بِهَا عِلْماً إلَّا احْتَوَيْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَتَيْتُ الشَّامَ فَغَرْبَلْتُهَا، كُلُّ ذَلِكَ أَسْأَلُ عَنِ النَّفَلِ، فَلَمْ أَجِدْ أَحَداً يُخْبِرُنِي عَنْهُ, حَتَّى مَرَرْتُ بِشَيْخٍ مِنْ بَنِي تَمِيْمٍ يُقَالُ لَهُ: زِيَادُ بنُ جَارِيَةَ جَالِساً عَلَى كُرْسِيٍّ، فسألته
__________
1 الأبناء: تطلق على كل من ولد باليمن من أبناء الفرس الذين وجههم كسرى مع سيف ذي يزن.(5/473)
فَقَالَ: حَدَّثَنِي حَبِيْبُ بنُ مَسْلَمَةَ، قَالَ: شَهِدْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَلَ فِي البُدَاءةِ الرُّبُعَ وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ1.
إِبْرَاهِيْمُ بن عبد الله بنُ العَلاَءِ، عَنْ أَبِيْهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: العُلَمَاءُ أَرْبَعَةٌ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ بِالمَدِيْنَةِ وَالشَّعْبِيُّ بالكوفة, والحسن بالبصرة, ومكحول بالشام.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: كَانَ سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى يَقُوْلُ: إِذَا جَاءنَا العِلْمُ مِنَ الحِجَازِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَبِلْنَاهُ وَإِذَا جَاءنَا مِنَ الشَّامِ عَنْ مَكْحُوْلٍ، قَبِلْنَاهُ، وَإِذَا جَاءنَا مِنَ الجَزِيْرَةِ عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ قَبِلْنَاهُ وَإِذَا جَاءنَا مِنَ العِرَاقِ عَنِ الحَسَنِ، قَبِلْنَاهُ، هَؤُلاَءِ الأَرْبَعَةُ عُلَمَاءُ النَّاسِ فِي خِلاَفَةِ هِشَامٍ.
وَرَوَى مَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، قَالَ: كَانَ مَكْحُوْلٌ أَفْقَهَ مِنَ الزُّهْرِيِّ مَكْحُوْلٌ أَفْقَهُ أَهْلِ الشَّامِ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ عَطَاءٍ: كَانَ مَكْحُوْلٌ رَجُلاً أَعْجَمِياً لاَ يَسْتَطِيْعُ أَنْ يَقُوْلَ: قُلْ, يَقُوْلُ: كُل، فَكُلُّ مَا قَالَ بِالشَّامِ قُبِلَ مِنْهُ.
وَرَوَى أَبُو مُسْهِرٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ مَكْحُوْلٍ أَبْصَرَ بِالفُتْيَا مِنْهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ: مَكْحُوْلٌ إِمَامُ أَهْلِ الشَّامِ. وَقَالَ العِجلي: تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: صَدُوْقٌ يَرَى القَدَرَ.
وَرَوَى مَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ أَحَداً مِنَ التَّابِعِيْنَ تَكَلَّمَ فِي القَدَرِ إِلاَّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ: الحَسَنُ, وَمَكْحُوْلٌ, فَكَشَفْنَا عَنْ ذَلِكَ، فَإِذَا هُوَ بَاطِلٌ. قُلْتُ: يَعْنِي: رَجَعَا عَنْ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا بِالشَّامِ أَحَدٌ أَفْقَهُ مِنْ مَكْحُوْلٍ. قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: ذُكِرَ أَنَّ مَكْحُوْلاً مِنْ أَهْلِ مِصْرَ وَيُقَالُ: كَانَ لِرَجُلٍ مِنْ هُذَيْلٍ مِصْرِيٌّ، فَأَعْتَقَهُ فَسَكَنَ الشَّامَ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ مِنَ الفُرْسِ مِنَ السَّبْيِ الَّذِيْنَ سُبُوا مِنْ فَارِسٍ، وَيُكْنَى: أَبَا مُسْلِمٍ وَكَانَ فَقِيْهاً عَالِماً وَرَأَى: أَبَا أُمَامَةَ, وَأَنَساً، وَسَمِعَ: وَاثِلَةَ بنَ الأَسْقَعِ.
وَفَاتُهُ مُخْتَلَفٌ فِيْهَا: فَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَدُحَيْمٌ, وَجَمَاعَةٌ: سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمائَةٍ. وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ. وَقَالَ: مَرَّةً بَعْدَ سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ. وَقَالَ مَرَّةً: أَوْ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ ابْنُ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، وَأَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: مَاتَ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمائَةٍ وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ، وَآخَرُ سَنَةَ ثَمَانِيَ عشرة ومائة وهذا بعيد.
أما:
__________
1 صحيح: أخرجه عبد الرزاق "9331" و "9333"، وأحمد "4/ 159 و 159- 160 و 160"، وأبو اود "2748" و "2749" و "2750"، وابن ماجه "2851" وابن الجارود "1078" و "1079"، والطحاوي "3/ 240"، والطبراني "3518- 3527 و 3531"، والحاكم "2/ 133"، والبيهقي "6/ 313 و 314"، من طرق عن مكحول، عن زياد بن جارية اللخمي، عن حبيببن مسلمة الفهري مرفوعًا.(5/474)
673- مَكْحُوْلٌ الأَزْدِيُّ البَصْرِيُّ 1:
أَبُو عَبْدِ اللهِ، فَرَوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ. وَعَنْهُ: عُمارة بنُ زَاذَانَ وَالرَّبِيْعُ بنُ صَبِيْحٍ وَهَارُوْنُ بنُ مُوْسَى النَّحْوِيُّ، وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ لاَ بَأْسَ بِهِ. قُلْتُ: لَهُ فِي "الأَدَبِ" لِلْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ، فَعَطَسَ رَجُلٌ مِنْ نَاحِيَةِ المَسْجِدِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَرْحَمُكَ اللهُ إِنْ كُنْتَ حَمِدْتَ اللهَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هبَةِ اللهِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمٌ الجُرْجَانِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكنْجُروذي، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ مَكْحُوْلٍ، عَنْ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقْبَلُ تَوْبَةَ العَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ" 2. هَذَا حَدِيْثٌ عَالٍ، صَالِحُ الإِسْنَادِ. أَخْرَجَهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَالقَزْوِيْنِيُّ مِنْ حديث عبد الرَّحْمَنِ بنِ ثَابِتِ بنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيْهِ. وَحَسَّنَهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَعِنْدَ القَزْوِيْنِيِّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، فَلَمْ يَصْنَع شَيْئاً، صَوَابُهُ ابْنُ عُمَرَ.
قَالَ عَبَّاسٌ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: مَكْحُوْلٌ رَأَى أَبَا هِنْدٍ الدَّارِيَّ, وَوَاثِلَةَ، وَسَمِعَ أيضا من: واثلة وفضالة بن عبيد وأنسا وَخَطَّأَ مَنْ رَوَى: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي أمامة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 2099"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1866"، تاريخ الإسلام "5/ 6"، تهذيب التهذيب "10/ 293"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7188".
2 حسن: أخرجه أحمد "2/ 132 و 153"، والترمذي "3537"، وابن ماجه "4253"، والحاكم "4/ 257"، وأبو نعيم في "الحلية" "5/ 190"، والبغوي "1306"، من طريق عبد الرَّحْمَنِ بنِ ثَابِتِ بنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيْهِ، به.
قلت: إسناده حسن، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ ثَابِتِ بنِ ثَوْبَانَ العَنْسِيُّ الدمشقي، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".(5/475)
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: رَوَى مَكْحُوْلٌ عَنْ: سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ لَمْ يَسْمَعْ عَنْهُم.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أُمَيَّةَ: قَالَ لِي مَكْحُوْلٌ: عَامَّةُ مَا أُحَدِّثُكَ فَعَنْ: سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَالشَّعْبِيِّ. وَقَالَ تَمِيْمُ بنُ عَطِيَّةَ: سَمِعْتُ مَكْحُوْلاً يَقُوْلُ: اختلفتُ إِلَى شُريح سِتَّة أَشْهُرٍ أَسْمَعُ مَا يَقْضِي بِهِ. قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: قَالَ مَكْحُوْلٌ: مَا اسْتَوْدَعْتُ صَدْرِي شَيْئاً سَمِعْتُهُ إلَّا وَجَدْتُهُ حِيْنَ أُرِيْدُ. ثُمَّ قَالَ شُعْبَةُ: كَانَ مَكْحُوْلٌ أَفْقَهَ أَهْلِ الشَّامِ.
قَالَ سَعِيْدٌ: كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ، لاَ يُجِيْبُ حَتَّى يَقُوْلَ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ, هَذَا رَأْيٌ والرأي يخطىء وَيُصِيْبُ. قَالَ تَمِيْمُ بنُ عَطِيَّةَ العَبْسِيُّ: كَثِيْراً مَا كَانَ مَكْحُوْلٌ يُسْأَلُ, فَيَقُوْلُ: نَدَانَمْ يَعْنِي: لاَ أَدْرِي.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا أَحَدٌ أَحْسَنَ سَمْتاً فِي العِبَادَةِ مِنْ مَكْحُوْلٍ، وَرَبِيْعَةَ بنِ يَزِيْدَ.
قُلْتُ: هَذَا هُوَ رَبِيْعَةُ بنُ يَزِيْدَ الدِّمَشْقِيُّ، القَصِيْرُ, أَحَدُ الأَئِمَّةِ الثِّقَاتِ، تَابِعِيٌّ صَغِيْرٌ. يَرْوِي عَنْ: أَنَسٍ, وَعِدَّةٍ.
قَالَ الأَوْزَاعِيُّ, وَغَيْرُهُ: عَنْ مَكْحُوْلٍ: لأَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي, أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلِيَ القَضَاءَ، وَلأَنْ أَلِيَ القَضَاءَ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَلِيَ بَيْتَ المَالِ.
وَرَوَى الأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيْدٌ, عَنْهُ، قَالَ: إِنْ يَكُنْ فِي مُخَالَطَةِ النَّاسِ خَيْرٌ فَالعُزْلَةُ أَسْلَمُ.
أَبُو المَلِيْحِ الرَّقِّيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الشَّامِيِّ، قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى مَكْحُوْلٍ, فَقَالَ: بِأَيِّ وَجْهٍ تَلْقَوْنَ رَبَّكُم وَقَدْ زَهَّدَكُم فِي أَمْرٍ، فَرَغِبْتُم فِيْهِ, وَرَغَّبَكُم فِي أَمْرٍ، فَزَهِدْتُم فِيْهِ?
الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيْدٍ: أَنَّ مَكْحُوْلاً أُعْطِيَ مَرَّةً عَشْرَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ، فَكَانَ يُعْطِي الرَّجُلَ مِنْ أَصْحَابِهِ خَمْسِيْنَ دِيْنَاراً ثَمَنَ الفَرَسِ.
الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ جَابِرٍ، قَالَ: أَقْبَلَ يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ إِلَى مَكْحُوْلٍ فِي أَصْحَابِهِ, فَلَمَّا رَأْيْنَاهُ هَمَمْنَا بِالتَّوْسِعَةِ لَهُ, فَقَالَ مَكْحُوْلٌ: دَعُوْهُ يَجْلِسْ حَيْثُ أَدْرَكَ، يَتَعَلَّمِ التَّوَاضُعَ.
وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: كَانُوا يُؤَخِّرُوْنَ الصَّلاَةَ زَمَنَ الوَلِيْدِ، وَيَسْتَحْلِفُوْنَ النَّاسَ: أَنَّهُم مَا صَلَّوْا فَأَتَى عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زَكَرِيَّا, فَاسْتُحْلِفَ: مَا صَلَّى، فَحَلَفَ. وَأَتَى مَكْحُوْلٌ، فَقَالَ: فَلِمَ جِئْنَا إِذاً؟ قَالَ: فَتُرِكَ.(5/476)
قَالَ أَبُو حَازِمٍ المَدِيْنِيُّ: كَتَبَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ إِلَى الشَّامِ: أَنِ انْظُرُوا الأَحَادِيْثَ الَّتِي رَوَاهَا مَكْحُوْلٌ فِي الدِّيَاتِ، فَأَحْرِقُوْهَا. فَأُحْرِقَتْ.
قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: كَانَ الزُّهْرِيُّ، وَمَكْحُوْلٌ, يَقُوْلاَنِ: أَمِرُّوا هَذِهِ الأَحَادِيْثَ كَمَا جَاءتْ.
وَقَالَ ضَمْرَةُ، عَنْ رَجَاءِ بنِ أَبِي سَلَمَةَ, عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى سُلَيْمَانَ، قَالَ: مَا سَمِعْتُ رَجَاءَ بنَ حَيْوَةَ يَلْعَنُ أَحَداً إِلاَّ رَجُلَيْنِ: يَزِيْدَ بنَ المُهَلَّبِ، وَمَكْحُوْلاً. قُلْتُ: أَظُنُّهُ لأَجْلِ القَدَرِ.
ضَمْرَةُ، عَنْ عَلِيِّ بنِ حَمَلَةَ، قَالَ: كُنَّا عَلَى سَاقِيَةٍ بِأَرْضِ الرُّوْمِ، وَالنَّاس يَمُرُّوْنَ وَذَلِكَ فِي الغَلَسِ, وَرَجُلٌ يَقُصُّ، فَدَعَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا رِزْقاً طَيِّباً، وَاسْتَعْمِلْنَا صَالِحاً. فَقَالَ مَكْحُوْلٌ، وَهُوَ فِي القَوْمِ: إِنَّ اللهَ لاَ يَرْزُقُ إلَّا طَيِّباً. وَرَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ، وَعَدِيُّ بنُ عَدِيٍّ نَاحِيَةً، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَسَمِعْتَ? قَالَ: نَعَمْ فَقِيْلَ لِمَكْحُوْلٍ إِنَّ رَجَاءً وَعَدِيّاً سَمِعَاكَ. فَشَقَّ عَلَيْهِ, فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بنُ زَيْدٍ: أَنَا أَكْفِيْكَ رَجَاءً فَلَمَّا نَزَلُوا، جَاءَ ابْنُ زَيْدٍ، فَأَجْرَى ذِكْرَ مَكْحُوْلٍ. فَقَالَ رَجَاءٌ: دَعْهُ عَنْكَ, أَلَيْسَ هُوَ صَاحِبُ الكَلِمَةِ؟ فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ -رَحِمَكَ اللهُ- فِي رَجُلٍ قَتَلَ يَهُوْدِياً، فَأَخَذَ مِنْهُ أَلْفَ دِيْنَارٍ، فَكَانَ يَأْكُلُ مِنْهَا حَتَّى مَاتَ: أَرِزْقٌ رَزَقَهُ اللهُ إِيَّاهُ؟ فَقَالَ رَجَاءٌ: كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَمَلَةَ لِمَكْحُوْلٍ: يُجَالِسُكَ غَيْلاَنُ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا لَنَا مَجْلِسٌ, فَلاَ أَسْتطِيْعُ أَنْ أَقُوْلَ لِهَذَا: قُمْ, وَلِهَذَا: اجْلِسْ.
وَقَالَ رَجَاءُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ بنِ رَجَاءٍ، قَالَ: جَاءَ مَكْحُوْلٌ إِلَى أَبِي، فَقَالَ: يَا أَبَا المِقْدَامِ, إِنَّهُم يُرِيْدُوْنَ دَمِي. قَالَ: قَدْ حَذَّرْتُكَ القُرَشِيِّيْنَ, وَمُجَالَسَتَهُم، وَلَكِنَّهُم أَدْنَوْكَ, وَقَرَّبُوْكَ, فَحَدَّثْتَهُم بِأَحَادِيْثَ، فَلَمَّا أَفْشَوْهَا عَنْكَ, كَرِهْتَهَا. فَرَاحَ، فَجَاءَ الَّذِيْنَ يَعِيْبُوْنَهُ, فَذَكَرُوْهُ. فَقَالَ أَبِي: دَعُوْهُ فَقَدْ كُنْتُم حَدِيْثاً وَأَنْتُم تُحْسِنُوْنَ ذِكْرَهُ.
قَالَ رَجَاءٌ: قَالَ مَكْحُوْلٌ: مَا زِلْتُ مُسْتَقِلاًّ بِمَنْ بَغَانِي حَتَّى أَعَانَهُم عَلَيَّ رَجَاءٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ رَجُلُ أَهْلِ الشَّامِ فِي أَنْفُسِهِم.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: كَانَ مَكْحُوْلٌ يقوله -يعني: القدر وبلغنا أن مكحولا تَنَصَّلَ مِنَ القَدَرِ, فَرَضِيَ عَنْهُ الدَّوْلَةُ، وَكَانَ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ يُبَرِّئُهُ مِنَ القَدَرِ.(5/477)
674- قيس بن مسلم 1: "ع"
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو عَمْرٍو الجَدَلِيُّ، الكُوْفِيُّ.
رَوَى عَنْ: طَارِقِ بنِ شِهَابٍ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي لَيْلَى، وَمُجَاهِدُ بنُ جَبْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَيُّوْبُ بنُ عَائِذٍ, وَأَبُو حَنِيْفَةَ، وَمِسْعَرٌ، وَشُعْبَةُ, وَأَبُو العُمَيْسِ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ. قَالَ: أَبُو دَاوُدَ: كَانَ مُرْجِئاً.
أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ, قَالَ: كَانُوا يَقُوْلُوْنَ: مَا رَفَعَ قَيْسُ بنُ مُسْلِمٍ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا؛ تَعْظِيْماً للهِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَرَفَعُ الرَّأْسِ إِلَى السَّمَاءِ يَلْزَمُ المُسْلِمَ لِيَعْرِفَ مَوَاقِيْتَ الصَّلاَةِ، وَالنُّجُوْمَ الَّتِي يُهْتَدَى بِهَا وَاللهُ أَعْلَمُ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 317"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 691"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 588"، الكاشف "2/ ترجمة 4687"، تاريخ الإسلام "4/ 297"، تهذيب التهذيب 8/ 403"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5895"، شذرات الذهب "1/ 157".(5/478)
675- سعيد بن الحارث 1: "ع"
ابن أبي سعيد بن المعلى الأنصاري الفقيه، قاضي المدينة. حدث عن أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ، وَجَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ وَغَيْرِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: زَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ, وَعُمَارَةُ بنُ غَزِيَّةَ، وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ، وَفُلَيْحُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَآخَرُوْنَ.
مُجْمَعٌ عَلَى الاحْتِجَاجِ بِهِ. مَاتَ: فِي حُدُوْدِ سَنَةِ عِشْرِيْنَ ومائة، وقد شاخ.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1542"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 40"، تاريخ الإسلام "5/ 78"، الكاشف "1/ ترجمة 1881"، تهذيب التهذيب "4/ 15"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2427".(5/478)
676- عمرو بن شعيب 1: "4"
ابن محمد بنِ صَاحِبِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ العَاصِ بنِ وَائِلٍ. الإِمَامُ، المُحَدِّثُ أَبُو إِبْرَاهِيْمَ وَأَبُو عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ، السَّهْمِيُّ، الحِجَازِيُّ، فَقِيْهُ أَهْلِ الطَّائِفِ, وَمُحَدِّثُهُم وَكَانَ يَتَرَدَّدُ كَثِيْراً إِلَى مَكَّةَ، وَيَنْشُرُ العِلْمَ، وَلَهُ مَالٌ بِالطَّائِفِ. وَأُمُّهُ حَبِيْبَةُ بِنْتُ مُرَّةَ الجُمَحِيَّةُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ -فَأَكْثَرَ- وَعَنْ: سعيد بن المسيب، وطاووس وسليمان ابن يَسَارٍ، وَعَمْرِو بنِ الشَّرِيْدِ بنِ سُوَيْدٍ وَعُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَسَعِيْدٍ المَقْبُرِيِّ، وَعَاصِمِ بنِ سُفْيَانَ وَالزُّهْرِيِّ.
وَيَنْزِلُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي نَجِيْحٍ، وَطَائِفَة. وَقَدْ حَدَّثَ عَنْ: الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ، وَزَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ -وَلَهُمَا صُحْبَةٌ- وَعَنْ: عَمَّتِهِ؛ زَيْنَبَ السَّهْمِيَّةِ وَأَرْسَلَ عَنْ: أُمِّ كُرْزٍ الخُزَاعِيَّةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ -شَيْخُهُ- وَعَمْرُو بن دِيْنَارٍ، وَمَكْحُوْلٌ وَمَطَرٌ الوَرَّاقُ وَوَهْبُ بنُ مُنَبِّهٍ، وَحَسَّانُ بنُ عَطِيَّةَ، وَأَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَابْنُ طَاوُوْسٍ وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَعَطَاءٌ الخُرَاسَانِيُّ وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَيَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْرٍ وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ وَيَزِيْدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الهَادِ، وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ رُفَيْعٍ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ الجَزَرِيُّ، وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ وَبُكَيْرُ بنُ الأَشَجِّ وَمُوْسَى بنُ أَبِي عَائِشَةَ وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ وَحُسَيْنٌ المُعَلِّمُ وَحَبِيْبٌ المُعَلِّمُ وَأُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى وَعَامِرٌ الأَحْوَلُ وَابْنُ عَوْنٍ وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَالعَلاَءُ بنُ الحَارِثِ وَالضَّحَّاكُ بنُ حَمْزَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَعْلَى الطَّائِفِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَرْمَلَةَ وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرٍ الأَسْلَمِيُّ وَثَوْرُ بنُ يَزِيْدَ, وَدَاوُدُ بنُ شَابُوْرٍ, وَدَاوُدُ بنُ قَيْسٍ الفَرَّاءُ، وَرَجَاءُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ وَابْنُ إِسْحَاقَ, وَالأَوْزَاعِيُّ, وَحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ, وَعَمْرُو بنُ الحَارِثِ، وَابْنُ عَجْلاَنَ، وَالمُثَنَّى بنُ الصَّبَّاحِ وَابْنُ لَهِيْعَةَ، وَهِشَامُ بنُ سَعْدٍ وَهِشَامُ بنُ الغَازِ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
رَوَى صَدَقَةُ بنُ الفَضْلِ، عَنْ يَحْيَى القَطَّانِ، قَالَ: إِذَا رَوَى عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ الثِّقَاتُ, فَهُوَ ثِقَةٌ، مُحْتَجٌّ بِهِ. هَكَذَا نَقَلَ صَدَقَةُ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قال: حديثه عندنا واه.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ 2578"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1323"، العبر "1/ 210"، الكاشف "2/ ترجمة 4231"، تاريخ الإسلام "4/ 285"، تهذيب التهذيب "8/ 48"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5315"، شذرات الذهب "1/ 155".(5/479)
وَرَوَى عَلِيٌّ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: كَانَ إِنَّمَا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ وَكَانَ حَدِيْثُهُ عِنْدَ النَّاسِ فِيْهِ شَيْءٌ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُعْتَمِرِ بنِ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو بنَ العَلاَءِ يَقُوْلُ: كَانَ لاَ يُعَابُ عَلَى قَتَادَةَ وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، إلَّا أَنَّهُمَا كَانَا لاَ يَسْمَعَانِ شَيْئاً إلَّا حَدَّثَا بِهِ.
وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ المَيْمُوْنِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: لَهُ أَشْيَاءُ مَنَاكِيْرُ، وَإِنَّمَا نَكْتُبُ حَدِيْثَهُ نَعْتَبِرُ بِهِ فَأَمَّا أَنْ يَكُوْنَ حُجَّةً, فَلاَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الجُوْزَجَانِيُّ الوَرَّاقُ: قُلْتُ لأَحْمَدَ: عَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ سَمِعَ مِنْ أَبِيْهِ شَيْئاً? قَالَ: يَقُوْلُ: حَدَّثَنِي أَبِي. قُلْتُ: فَأَبُوْهُ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو؟ قَالَ نَعَمْ أُرَاهُ قَدْ سَمِعَ مِنْهُ.
وَقَالَ الأَثْرَمُ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، فَقَالَ: رُبَّمَا احْتَجَجْنَا بِهِ وَرُبَّمَا وَجَسَ فِي القَلْبِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَمَالِكٌ يَرْوِي عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ، عَنِ البُخَارِيِّ: رَأَيْتُ أَحْمَدَ وَعَلِيّاً، وَإِسْحَاقَ وَأَبَا عُبَيْدٍ وَعَامَّةَ أَصْحَابِنَا يَحْتَجُّوْنَ بِحَدِيْثِ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ مَا تَرَكَهُ أَحَدٌ مِنَ المُسْلِمِيْنَ، فَمَنِ النَّاسُ بَعْدَهُم?.
قُلْتُ: أَسْتَبْعِدُ صُدُوْرَ هَذِهِ الأَلْفَاظِ مِنَ البُخَارِيِّ، أَخَافُ أَنْ يَكُوْنَ أَبُو عِيْسَى وَهِمَ. وَإِلاَّ فَالبُخَارِيُّ لاَ يُعَرِّجُ عَلَى عَمْرٍو، أَفَتَرَاهُ يَقُوْلُ فَمَنِ النَّاسُ بَعْدَهُم، ثُمَّ لاَ يَحْتَجُّ بِهِ أَصْلاً وَلاَ مُتَابَعَةً؟.
بَلَى، احْتَجَّ بِهِ، أَرْبَابُ السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْن حِبَّانَ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، وَالحَاكِمُ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَحْمَدَ قَالَ: أصحاب الحديث إذا شَاؤُوا، احْتَجُّوا بِحَدِيْثِ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ وَإِذَا شَاؤُوا تَرَكُوْهُ.
قُلْتُ: هذا مكحول عَلَى أَنَّهُم يَتَرَدَّدُوْنَ فِي الاحْتِجَاجِ بِهِ، لاَ أَنَّهُم يَفْعَلُوْنَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيْلِ التَّشَهِّي.
وَرَوَى الكَوْسَجُ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ: يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ. وَرَوَى عَبَّاسٌ عَنْهُ قَالَ إِذَا حَدَّثَ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ فَهُوَ كِتَابٌ وَيَقُوْلُ أَبِي عَنْ جَدِّي، فَمِنْ هُنَا جَاءَ ضَعْفُهُ، أَوْ نَحْوُ هَذَا القَوْلِ فَإِذَا حَدَّثَ عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، أَوْ سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ، أَوْ عُرْوَةَ، فَهُوَ ثِقَةٌ عَنْهُم أَوْ قَرِيْبٌ مِنْ هَذَا.(5/480)
وَرَوَى عَبَّاسٌ أَيْضاً، وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ عَنْ يَحْيَى: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَأَلْتُ يَحْيَى عَنْهُ فَغَضِبَ، وَقَالَ: مَا أَقُوْلُ؟ رَوَى عَنْهُ الأئمة. وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى لَيْسَ بِذَاكَ فَهَذَا إِمَامُ الصَّنْعَةِ أَبُو زَكَرِيَّا قَدْ تَلَجْلَجَ قَوْلُهُ فِي عَمْرٍو، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ حُجَّةً عِنْدَهُ مُطْلَقاً، وَأَنَّ غَيْرَهُ أَقْوَى مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: إِنَّمَا أَنْكَرُوا عَلَيْهِ لِكَثْرَةِ رِوَايَتِهِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ. وَقَالُوا: إِنَّمَا سَمِعَ أَحَادِيْثَ يَسِيْرَةً وَأَخَذَ صَحِيْفَةً كَانَتْ عِنْدَهُ فَرَوَاهَا, وَمَا أَقَلَّ مَا تُصِيْبُ عَنْهُ مِمَّا رَوَى عَنْ غَيْرِ أَبِيْهِ مِنَ المُنْكَرِ, وَعَامَّةُ هَذِهِ المَنَاكِيْرِ الَّتِي تُرْوَى عَنْهُ، إِنَّمَا هِيَ عَنِ المُثَنَّى بنِ الصَّبَّاحِ وَابْنِ لَهِيْعَةَ, وَالضُّعُفَاءِ، وَهُوَ ثِقَةٌ فِي نَفْسِهِ.
قُلْتُ: وَيَأْتِي الثِّقَاتُ عَنْهُ أَيْضاً بِمَا يُنْكَرُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سُئِلَ أَبِي أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْك هُوَ، أَوْ بَهْزُ بنُ حَكِيْمٍ، عَنْ أَبِيْهِ, عَنْ جَدِّهِ؟ فَقَالَ: عَمْرٌو أَحَبُّ إِلَيَّ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: قِيْلَ لأَبِي دَاوُدَ: عَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ عِنْدَكَ حُجَّةٌ؟ قَالَ: لاَ، وَلاَ نِصْفُ حُجَّةٍ وَرَجَّحَ بَهْزَ بنَ حَكِيْمٍ عَلَيْهِ.
وَرَوَى جَرِيْرٌ، عَنْ مُغِيْرَةَ: أَنَّهُ كَانَ لاَ يَعْبَأُ بِصَحِيْفَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو.
قَالَ مَعْمَرٌ: كَانَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ إِذَا قَعَدَ إِلَى عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، غَطَّى رَأْسَهُ -يَعْنِي: حَيَاءً مِنَ النَّاسِ- وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: سَأَلْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، فَقَالَ: مَا رَوَى عَنْهُ
أَيُّوْبُ وَابْنُ جُرَيْجٍ، فَذَاكَ كُلُّهُ صَحِيْحٌ، وَمَا رَوَى عَمْرٌو، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، فَإِنَّمَا هُوَ كِتَابٌ وَجَدَهُ، فَهُوَ ضَعِيْفٌ.
قُلْتُ: هَذَا الكَلاَمُ قَاعِدٌ قَائِمٌ.
قَالَ جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ، عَنْ مُغِيْرَةَ: كَانَ لاَ يَعْبَأُ بِحَدِيْثِ سَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ، وَخِلاَسِ بنِ عَمْرٍو، وَأَبِي الطُّفَيْلِ, وَبِصَحِيْفَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، ثُمَّ قَالَ مُغِيْرَةُ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّ صَحِيْفَةَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو عِنْدِي بِتَمْرَتَيْنِ، أَوْ بِفِلْسَيْنِ. قَالَ الحَافِظُ أَيْضاً: اعْتَبَرْتُ حَدِيْثَهُ، فَوَجَدْتُ أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ يُسَمِّي عَبْدَ اللهِ وَبَعْضَهُم يَرْوِي ذَلِكَ الحَدِيْثَ بِعَيْنِهِ فَلاَ يُسَمِّيْهِ وَرَأَيْتُ فِي بَعْضِهَا قَدْ رَوَى عَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ وَفِي بَعْضِهَا عَمْرٌو، عَنْ جَدِّهِ مُحَمَّدٍ قُلْتُ: جَاءَ هَذَا فِي حَدِيْثٍ وَاحِدٍ مُخْتَلِفٍ، وَعَمْرٌو لَمْ يَلْحَقْ جَدَّهُ مُحَمَّداً أَبَداً.(5/481)
وَمِنَ الأَحَادِيْثِ الَّتِي جَاءَ فِيْهَا عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللهِ: حَرْمَلَةُ: أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بنُ الحَارِثِ، أَنَّ عَمْرَو بنَ شُعَيْبٍ حدثه، عن أبيه، عن عبد الله ابن عَمْرٍو: أَنَّ مُزَنِيّاً قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، كَيْفَ تَرَى فِي حَرِيْسَةِ الجَبَلِ؟ قَالَ: "هِيَ وَمِثْلُهَا وَالنَّكَالُ" قَالَ: فَإِذَا جَمَعَهَا المَرَاحُ? قَالَ: "قَطْعُ اليَدِ إِذَا بَلَغَ ثَمَنَ المِجَنِّ" 1.
ابْنُ عَجْلاَنَ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللهِ بِحَدِيْثٍ فِي اللُّقَطَةِ2.
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ -هُوَ ابْنُ رَاشِدٍ- عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى، عَنْ عَمْرٍو, عَنْ أَبِيْهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "في كل أصبع عشر من الإبل" 3.
حُسَيْنٌ المُعَلِّمُ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللهِ، مَرْفُوْعاً "فِي الموَاضِحِ خَمْسٌ" 4.
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ أَنْبَأَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جده عبد
__________
1 حسن: أخرجه النسائي "8/ 85- 86" من طريق ابن وهب، به.
قلت: إسناده حسن، عمرو بن شعيب بن مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ، صدوق، وكذا أبوه شعيب بن مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ، صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".
وقوله: "حريسة الجبل": تقال للشاة التي يدركها الليل قبل أن تصل إلى مراحها حريسة.
و"النكال": العقوبة. و "المراح" بضم الميم: الموضع الذي تورح إليه الماشية أو تأوى إليه ليلا.
2 حسن: أخرجه أبو داود "1710" حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، به في حديث طويل وفي آخره: وسئل عن اللقطة فقال: "ما كان منها في طريق الميتاء -أي الطريق المسلوكة بكسر الميم- أو القرية الجامعة فعرفعها سنة، فإن جاء طالبها فادفعها إليه، وإن لم يأت فهي لك، وما كان في الخراب يعني ففيها وفي الركاز الخمس".
قلت: إسناده حسن، محمد بن عجلان، وعمرو بن شعيب، وأبوه شعيب بن محمد كل منهم صدوق كما قال الحافظ في "التقريب".
3 حسن لغيره: وهذا إسناد ضعيف، آفته سليمان بن داود وهو سليمان بن أرقم المتفق على ضعفه. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" "17702"، لكن له شاهد عن أبي موسى عند أبي داود "4557". والنسائي "8/ 56"، وابن ماجه "2654".
4 حسن: أخرجه أبو داود "4566" من طريق خالد بن الحارث أخبرنا حسين المعلم، به.
قلت: إسناده حسن، عمرو بن شعيب، وأبوه صدوقان كما قال الحافظ في "التقريب". وقوله "المواضح": جمع الموضحة: وهي التي تبدى وضح العظم أي بياضه. وقد فرض فيها خمس من الإبل وتكون في الرأس والوجه فأما الموضحة في غيرهما ففيها الحكومة.(5/482)
اللهِ، قَالَ: "لَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ عَامَ الفَتْحِ، قَامَ فِي النَّاسِ خَطِيْباً, وَقَالَ: "لاَ حِلْفَ فِي الإِسْلاَمِ" 1. الحَدِيْثَ.
جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ الحَمَيْدِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِكَلِمَاتٍ مِنَ الفَزَعِ: "أَعُوْذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَاتِ مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ وَمِنْ شَرِّ عِبَادِهِ وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِيْن وَأَنْ يَحْضُرُوْنَ".
كَذَا هَذَا، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَوَاهُ الحَاكِمُ فِي "الدَّعَوَاتِ": حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ بَالَوَيْه، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ, فَذَكَرَهُ1 ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: صَحِيْحُ الإِسْنَادِ، مُتَّصِلٌ فِي مَوْضِعِ الخِلاَفِ. قال الحافظ
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "2/ 180"، وابن جرير "9297" و "9298"، وابن الجارود "1052"، وابن خزيمة "2280"، والبيهقي "6/ 335- 336" و "8/ 29"، والبغوي "2542" من طرق عن محمد بن إسحاق، به.
قلت: إسناده حسن، محمد بن إسحاق، قد صرَّح بالتحديث في رواية البيهقي، وهو صدوق وكذا عمرو بن شعيب، صدوق، وأبوه شعيب بن محمد صدوق أيضا، وتمام الحديث عند البيهقي: والمسلمون يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم يرد عليهم أقصاهم ترد سراياهم على قعدتهم"، والحديث رواه أيضا الترمذي "1585"، وابن جرير "9294" من طريق حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، به.
2 حسن: أخرجه الحاكم "1/ 548"، من طرق جرير بن عبد الحميد، به.
وقال الحاكم في إثره: حديث صحيح الإسناد متصل في موضع الخلاف -يعني الاختلاف في سماع شعيب، عن جده، وسقطت هذه الرواية من تلخيص الذهبي، وأخرجه ابن أبي شيبة "8/ 39 و 63"، وأحمد "2/ 181"، وأبو داود "3893"، والترمذي "3528"، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "766"، والبخاري في "خلق أفعال العباد" "ص89"، والطبراني في "الدعاء" "1086"، وابن السني "753"، والدارمي في "الرد على الجهمية" "ص150"، والبيهقي في "الآداب" "993" من طرق عن محمد بن إسحاق به.
ووقع عند النسائي أن خالد بن الوليد كان يفزع في منامه، فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم هذه الكلمات، وعند البخاري أنه الوليد بن الوليد، ووقع عند ابن السني أن رجلا شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وله شاهد من حديث الوليد بن الوليد أخي خالد بن الوليد: عند ابن أبي شيبة "8/ 60"، والبيهقي في "الأسماء والصفات" "ص 185" من طريق يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان أن الوليد بن الوليد ... " الحديث.
قلت: رجال إسناده ثقات، غير أ، فيه انقطاعًا بين محمد بن يحيى بن حبان، وبين الوليد بن الوليد وأخرجه ابن السني "755" من حديث خالد بن الوليد، رواه من طريق مسدد، عن سفيان بن عيينة، عن أيوب بن موسى، عن محمد بن يحيى بن حبان، أن خالد بن الوليد" الحديث. =(5/483)
الضِّيَاءُ: أَظُنُّ "عَنْ" فِيْهِ زَائِدَةً، وَإِلاَّ فَيَكُوْنُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ: قُلْتُ: رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ"1، عَنْ يَزِيْدَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى قَوْلِهِ: عَنْ جَدِّهِ.
الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ": حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي عَمِّي, حَدَّثَنَا مَخْرَمَةُ بنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ: سَمِعْتُ عَمْرَو بنَ شُعَيْبٍ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ شُعَيْباً يَقُوْلُ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو يَقُوْلُ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم "في البَيِّعَيْنِ بِالخِيَارِ" 2.
أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ عَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ، عن أبيه عن
__________
= قلت: إسناده منقطع أيضًا بين محمد بن يحيى بن حبان، وبين خالد بن الوليد، وأخرجه مالك "2/ 950" عن يحيى بن سعيد أنه قال: بلغني أن خالد بن الوليد قَالَ لِرَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: إني أروع في منامي ... ".
قلت: إسناده ضعيف، لإعضاله، وأخرجه ابن السني "747" عن محمد بن عبد الله بن غيلان، عن أبي هشام الرفاعي، عن وكيع بن الجراح، عن سفيان عن محمد بن المنكدر قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فشكا إليه أهاويل يراها في المنام فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره.
قلت: إسناده ضعيف، أبو هشام الرفاعي، هو مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ كَثِيْرِ بن رفاعة، مختلف فيه. قال ابن معين وغيره: لا بأس به. وقال البرقاني: ثقة. وضعفه البخاري وأبو حاتم والحاكم أبو أحمد والنسائي. قوله: همزات الشياطين: وساوسها. وقوله: "أن يحضرون": أن يصيبوني بسوء.
1 حسن: راجع تخريجنا السابق.
2 حسن: أخرجه الدارقطني "3/ 50". وأخرجه أبو داود "3456"، والنسائي "7/ 251- 252"، والترمذي "1247" من طريق ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، به. ولفظه "المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا إلا أن تكون صفقة خيار، ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله"، وورد الحديث بإسناد صحيح عن حكيم بن حزام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا، بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محق بركة بيعهما" أخرجه الشافعي "2/ 154- 155"، وابن أبي شيبة "7/ 124"، وأحمد "3/ 402 و 403 و 434"، والطيالسي "1316"، والبخاري "2079" و "2082" و "2108" و "2110" و "2114"، ومسلم "1532"، وأبو داود "3459"، والنسائي "7/ 244- 245"، والطبراني "3115- 3119"، والبيهقي "5/ 269" والبغوي "2051" من طريق قتادة، عن أبي الخليل -صالح بن أبي مريم الضبعي، عن عبد الله بن الحارث الهاشمي، عن حكيم بن حزام، به.
ورواه مختصرا ابن عمر مرفوعا: عند الحميدي "654"، وعبد الرزاق "14262" و "14263"، وابن أبي شيبة "7/ 126"، والشافعي "2/ 154"، وأحمد "2/ 4 و 73"، والبخاري "2107"، و "2109"، ومسلم "1531"، وأبو داود "3455"، والنسائي "7/ 248 و 249"، والطحاوي "4/ 12"، والبغوي "2048" من طريق عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البيعان بالخيار ما لم تفرقا".(5/484)
عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ عَلَى صَدَاقٍ أَوْ عِدَةٍ أَوْ حِبَاءٍ قَبْلَ عصمة النكاح، فهو لها" 1.
حَرْمَلَةُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ, عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلُ الَّذِي يَسْتَرِدُّ مَا وَهَبَ كَمَثَلِ الكَلْبِ يَقِيْءُ" 2.
وَعِنْدِي عِدَّةُ أَحَادِيْثَ سِوَى مَا مَرَّ يَقُوْلُ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، فَالمُطْلَقُ مَحْمُوْلٌ عَلَى المُقَيَّدِ المُفَسَّرِ بِعَبْدِ اللهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ فِي نَفْسِهِ ثِقَةٌ، إلَّا إِذَا رَوَى عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، يَكُوْنَ مُرْسَلاً، لأَنَّ جَدَّهُ عِنْدَهُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَلاَ صُحْبَةَ لَهُ قُلْتُ: الرَّجُلُ لاَ يَعْنِي بِجَدِّهِ إلَّا جَدَّهُ الأَعْلَى عَبْدَ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَقَدْ جَاءَ كَذَلِكَ مُصَرَّحاً بِهِ فِي غَيْرِ حَدِيْثٍ، يَقُوْلُ: عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللهِ, فَهَذَا لَيْسَ بِمُرْسَلٍ. وَقَدْ ثَبَتَ سَمَاعُ شُعَيْبٍ وَالِدِهِ مِنْ: جَدِّهِ؛ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو, وَمِنْ مُعَاوِيَةَ, وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِم وَمَا عَلِمْنَا بِشُعَيْبٍ بَأْساً، رُبِّيَ يَتِيْماً فِي حَجْرِ جَدِّهِ عَبْدِ اللهِ، وَسَمِعَ مِنْهُ وَسَافَرَ مَعَهُ وَلَعَلَّهُ وُلِدَ فِي خِلاَفَةِ عَلِيٍّ، أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ لَمْ نَجِدْ صَرِيْحاً لِعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ وَرَدَ نَحْوٌ مِنْ عَشْرَةِ أَحَادِيْثَ هَيْئَتُهَا: عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عبد اللهِ بنِ عَمْرٍو وَبَعْضُهَا: عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللهِ، وَمَا أَدْرِي؛ هَلْ حَفِظَ شُعَيْبٌ شَيْئاً مِنْ أَبِيْهِ أَمْ لاَ؟ وَأَنَا عَارِفٌ بِأَنَّهُ لاَزَمَ جَدَّهُ وَسَمِعَ منه.
__________
1 حسن: أخرجه عبد الرزاق "10740"، وأحمد "2/ 182"، وأبو داود "2129"، والنسائي "6/ 120"، وابن ماجه "1955"، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" "4471"، والبيهقي "7/ 248" من طرق عن ابن جريج، به.
قلت: إسناده حسن، ابن جريج، هو عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ جُرَيْجٍ، وقد صرح بالتحديث عند النسائي، والطحاوي، وله شاهد من حديث عائشة: عند عبد الرزاق "10740"، والبيهقي "7/ 248" قوله: "الحباء": أي العطية، وهي ما يعطيه الزوج سوى الصداق بطريق الهبة.
2 حسن: أخرجه أحمد "2/ 175"، وأبو داود "3540"، والبيهقي "6/ 181"، من طريق أسامة بن زيد به.
قلت: إسناده حسن، أسامة بن زيد، هو الليثي، صدوق، وعمرو بن شعيب، وأبوه كلاهما صدوق. وأخرجه البيهقي "6/ 179"، من طريق مطر الوراق، وعامر الأحول، عن عمرو بن شعيب، به.
وأخرجه أحمد "2/ 208"، من طريق الحجاج عن عمرو بن شعيب، به ولفظه: "الراجع في هبته كالكلب يرجع في قيئه".(5/485)
وَأَمَّا تَعْلِيْلُ بَعْضِهِم بِأَنُّهَا صَحِيْفَةٌ، وَرِوَايَتُهَا وِجَادَةً بِلاَ سَمَاعٍ، فَمِنْ جِهَةٍ أَنَّ الصُّحُفَ يَدْخُلُ فِي رِوَايَتِهَا التَّصْحِيْفُ لاَ سِيَّمَا فِي ذَلِكَ العَصْرِ، إِذْ لاَ شَكْلَ بَعْدُ فِي الصُّحُفِ وَلاَ نَقْطَ, بِخِلاَفِ الأَخْذِ مِنْ أَفْوَاهِ الرِّجَالِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: هُوَ ثِقَةٌ, بُلي بِكِتَابِ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ.
وَمِمَّنْ تَرَدَّدَ وَتَحَيَّرَ فِي عَمْرٍو أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ، فَقَالَ في كتاب "الضعفاء" إذا روى عن طاوس، وَابْنِ المُسَيِّبِ، وَغَيْرِهِمَا مِنَ الثِّقَاتِ غَيْرَ أَبِيْهِ, فَهُوَ ثِقَةٌ يَجُوْزُ الاحْتِجَاجُ بِهِ, وَإِذَا رَوَى عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ فَفِيْهِ مَنَاكِيْرُ كَثِيْرَةٌ، فلا يجوز عندي الاحتجج بِذَلِكَ.
قَالَ: وَإِذَا رَوَى عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ، فَإِنَّ شُعَيْباً لَمْ يَلْقَ عَبْدَ اللهِ، فَيَكُوْنُ الخَبَرُ مُنْقَطِعاً، وَإِذَا أَرَادَ بِهِ جَدَّهُ الأَدْنَى فَهُوَ مُحَمَّدٌ وَلاَ صُحْبَةَ لَهُ فَيَكُوْنُ مُرْسَلاً.
قُلْتُ: قَدْ أَجَبْنَا عَنْ هَذَا, وَأَعْلَمْنَا بِأَنَّ شُعَيْباً صَحِبَ جَدَّهُ، وَحَمَلَ عَنْهُ.
وَأَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ فِي كِتَابِهِ عَنِ الصَّيْدَلاَنِيِّ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ الجُوْزْدَانِيَّةُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ ريْذَةَ أَنْبَأَنَا الطَّبَرَانِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَالكَجِّيُّ، قَالاَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ الطَّبَرَانِيُّ, وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بن محمد بن حَرْبٍ, حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، قَالاَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ البناني، عن شُعَيْبِ بنِ عَبْدِ اللهِ، بنِ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو يَقُوْلُ: مَا رُئِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ مُتَّكِئاً وَلاَ يَطَأُ عَقِبَهُ رَجُلاَنِ. فَهَذَا شُعَيْبٌ يُخْبِرُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ اللهِ.
ثُمَّ إِنَّ أَبَا حَاتِمٍ بنَ حِبَّانَ تَحَرَّجَ مِنْ تَلْيِيْنِ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، وَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إِلَى تَوْثِيْقِهِ، فَقَالَ: وَالصَّوَابُ فِي عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ أَنْ يُحَوَّلَ مِنْ هُنَا إِلَى تَارِيْخِ الثِّقَاتِ؛ لأَنَّ عَدَالَتَهُ قَدْ تَقَدَّمَتْ.
فَأَمَّا المَنَاكِيْرُ فِي حَدِيْثِهِ إِذَا كَانَتْ فِي رِوَايَتِهِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الثِّقَاتِ إِذَا رَوَوُا المَقَاطِيْعَ وَالمَرَاسِيْلَ بِأَنْ يُتْرَكَ مِنْ حَدِيْثِهِمُ المُرْسَلُ وَالمَقْطُوْعُ، وَيُحْتَجَّ بِالخَبَرِ الصَّحِيْحِ.
فَهَذَا يُوْضِحُ لَكَ أَنَّ الآخَرَ مِنَ الأَمْرَيْنِ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ: أَنَّ عَمْراً ثِقَةٌ فِي نَفْسِهِ، وَأَنَّ رِوَايَتَهُ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ إِمَّا مُنْقَطِعَةٌ أَوْ مُرْسَلَةٌ، وَلاَ رَيْبَ أَنَّ بَعْضَهَا، مِنْ قَبِيْلِ المُسْنَدِ المُتَّصِلِ، وَبَعْضُهَا يَجُوْزُ أَنْ تَكُوْنَ رِوَايَتُهُ وِجَادَةً أَوْ سَمَاعاً، فَهَذَا مَحَلُّ نَظَرٍ وَاحْتِمَالٍ. وَلَسْنَا مِمَّنْ نَعُدُّ نُسْخَةَ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ مِنْ أَقْسَامِ الصَّحِيْحِ الَّذِي لاَ نِزَاعَ فِيْهِ مِنْ أَجْلِ الوِجَادَةِ، وَمِنْ أَجْلِ أَنَّ فِيْهَا مَنَاكِيْرَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُتَأَمَّلَ حَدِيْثُهُ، وَيَتَحَايَدَ مَا جَاءَ مِنْهُ مُنْكَراً وَيُرْوَى مَا عَدَا ذَلِكَ فِي السُّنَنِ وَالأَحْكَامِ مُحَسِّنِيْنَ لإِسْنَادِهِ، فَقَدِ احْتَجَّ بِهِ أَئِمَّةٌ كِبَارٌ، وَوَثَّقُوْهُ فِي الجُمْلَةِ، وَتَوَقَّفَ فِيْهِ آخَرُوْنَ قَلِيْلاً وَمَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَداً تَرَكَهُ.(5/486)
شَرِيْكٌ عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو قال: ما يُرغبني فِي الحَيَاةِ إِلاَّ خَصْلَتَانِ: الصَّادِقَةُ وَالوَهْطَةُ, فَأَمَّا الصَّادِقَةُ: فَصَحِيْفَةٌ كَتَبْتُهَا عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا الوَهْطَةُ: فَأَرْضٌ تَصَدَّقَ بِهَا عَمْرُو بنُ العَاصِ، كَانَ يَقُوْمُ عَلَيْهَا.
أَيُّوْبُ بنُ سُوَيْدٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ قُرَشِيّاً أَفْضَلَ -وَفِي لَفْظٍ: مَا أَدْرَكْتُ قُرَشِيّاً أَكْمَلَ- مِنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: سَمِعَ شُعَيْبٌ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَسَمِعَ مِنْهُ: ابْنُهُ عَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ.
وَرَوَى الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ رَاهُوَيْه، قَالَ: إِذَا كَانَ الرَّاوِي عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ, عَنْ جده ثِقَةً، فَهُوَ كَأَيُّوْبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
وَقَالَ العِجْلِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ مَرَّةً: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ: عَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ: ثِقَةٌ. رَوَى عَنْهُ الَّذِيْنَ نَظَرُوا فِي الرِّجَالِ مِثْلَ أَيُّوْبَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَالحَكَمِ, وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيْثِهِ، وَسَمِعَ أَبُوْهُ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو, وَابْنِ عُمَرَ, وَابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ [النَّيْسَابُوْرِيُّ] : صَحَّ سَمَاعُ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، وَصَحَّ سَمَاعُ شُعَيْبٍ مِنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللهِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لِعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ ثَلاَثَةُ أَجْدَادٍ: الأَدْنَى مِنْهُم: مُحَمَّدٌ, وَالأَوْسَطُ: عَبْدُ اللهِ, وَالأَعْلَى: عَمْرٌو, وَقَدْ سَمِعَ شُعَيْبٌ مِنَ الأَدْنَى مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدٌ تَابِعِيٌّ، وَسَمِعَ جَدَّهَ عَبْدَ اللهِ, فَإِذَا بَيَّنَهُ وَكَشَفَ, فَهُوَ صَحِيْحٌ حِيْنَئِذٍ. قَالَ: وَلَمْ يَتْرُكْ حَدِيْثَهُ أَحَدٌ مِنَ الأَئِمَّةِ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ جده عمرو بن العاص.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضاً: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ النَّقَّاشَ يَقُوْلُ: عَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ: لَيْسَ مِنَ التَّابِعِيْنَ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: عِشْرُوْنَ مِنَ التَّابِعِيْنَ.
قُلْتُ: فَسَكَتَ الدَّارَقُطْنِيُّ، بَلْ عَمْرٌو تَابِعِيٌّ, قَدْ سَمِعَ مِنْ رَبِيْبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ, وَمِنَ الرُّبَيِّعِ، وَلَهُمَا صُحْبَةٌ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَدِيٍّ: رَوَى عَنْهُ أَئِمَّةُ النَّاسِ وَثِقَاتُهُم، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الضُّعَفَاءِ، إِلاَّ أَنَّ أَحَادِيْثَهُ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ مَعَ احْتِمَالِهِم إِيَّاهُ، لَمْ يُدْخِلُوْهَا فِي صِحَاحِ مَا خَرَّجُوا، وَقَالُوا: هِيَ صحيفة.(5/487)
قَالَ يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، وَشَبَابٌ: مَاتَ عَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ. زَادَ ابْنُ بُكَيْرٍ: بِالطَّائِفِ.
قُلْتُ: الضُّعَفَاءُ الرَّاوُوْنَ عَنْهُ مِثْلُ: المُثَنَّى بنِ الصَّبَّاحِ, وَمُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ العَرْزَمِيِّ, وَحَجَّاجِ بنِ أَرْطَاةَ، وَابْنِ لَهِيْعَةَ, وَإِسْحَاقَ بنِ أَبِي فَرْوَةَ، وَالضَّحَّاكِ بنِ حَمْزَةَ، وَنَحْوِهِم فَإِذَا انْفَرَدَ هَذَا الضَّرْبُ عَنْهُ بِشَيْءٍ، ضَعُفَ نُخَاعُهُ, وَلَمْ يُحْتَجَّ بِهِ، بَلْ وَإِذَا رَوَى عَنْهُ رَجُلٌ مُخْتَلَفٌ فِيْهِ كَأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، وَهِشَامِ بنِ سَعْدٍ, وَابْنِ إِسْحَاقَ فَفِي النَّفْسِ مِنْهُ، وَالأَوْلَى أَنْ لاَ يُحْتَجُّ بِهِ بِخِلاَفِ رِوَايَةِ حُسَيْنٍ المُعَلِّمِ، وَسُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى الفَقِيْه وَأَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ، فَالأَوْلَى أَنْ يُحْتَجَّ بِذَلِكَ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللَّفْظُ شَاذّاً وَلاَ مُنْكَراً فَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ إِمَامُ الجَمَاعَةِ: لَهُ أَشْيَاءُ مَنَاكِيْرُ.
قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى زينب بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ فَحَدَّثَتْهُ: أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
حَبِيْبٌ المُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ؛ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَحْضُرُ الجُمُعَةَ ثَلاَثَةٌ وَاعٍ دَاعٍ أَوْ لاَغٍ أَوْ مُنْصِتٌ" 1.
قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ، وَمَكْحُوْلٌ جَالِسٌ.
قَالَ نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ, سَمِعَ أَيُّوْبَ يَقُوْلُ لِلَّيْثِ بنِ أَبِي سليم: شد يدك بما سمعت من طاوس وَمُجَاهِدٍ، وَإِيَّاكَ وَجَوَالِيْقَ وَهْبِ بنِ مُنَبِّهٍ, وَعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، فَإِنَّهُمَا صَاحِبَا كُتُبٍ يَعْنِي: يَرْوِيَانِ عَنِ الصُّحُفِ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا كَامِلُ بنُ طَلْحَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيْعَةَ, حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ بِنُسْخَةٍ طَوِيْلَةٍ, وَابْنُ لَهِيْعَةَ نَبْرَأُ مِنْ عُهْدَتِهِ. قَالَ:
فَمِنْهَا: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إن الله زادكم صلاة, فحافظوا عليها، وهي الوتر" 2.
__________
1 حسن: أخرجه أبو داود "1113" من طريق يزيد، عن حبيب المعلم، به. بلفظ: "يحضر الجمعة ثلاثة نفر: رجل حضرها بلغو وهو حظه منها، ورجل حضرها يدعو، فهو رجل دعا الله -عز وجل: إن شاء أعطاه، وإن شاء منعه، ورجل حضرها بإنصات وسكوت ولم يتخط رقبة مسلم ولم يؤذ أحدا، فهي كفارة إلى الجمعة التي تليها" وزيادة ثلاثة أيام، وذلك بأن الله -عز وجل- يقول: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] .
2 حسن لغيره: أخرجه أحمد "2/ 180" من طريق حجاج، عن عمرو بن شعيب، به. قلت إسناده ضعيف، آفته حجاج، وهو ابن أرطأة، ضعيف لسوء حفظه، وأخرجه الدارقطني "2/ 31" من طريق محمد بن عبيد الله العزرمي، عن عمرو بن شعيب، به.
قلت: إسناده واه، العرزمي هذا متروك، وأخرجه ابن حبان في "المجروحين" "2/ 73" من طريق ابن لهيعة حدثنا عمرو بن شعيب، به.
وفي الباب عن معاد بن جبل: عند أحمد "5/ 242"، وفي إسناده عبيد الله بن زحر، وهو ضعيف وعن بريدة بن الحصيب: عند أحمد "5/ 357" بلفظ: "الوتر حق، فمن لم يوتر فليس منا" وفي إسناده أبو المنيب عبيد الله العتكي، ضعيف، أجمعوا على ضعفه، وعن أبي بصرة الغفاري: عند أحمد "6/ 7" وإسناده صحيح.(5/488)
وَمِنْهَا: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنِ اسْتُوْدِعَ وَدِيْعَةً, فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ" 1.
وَمِنْهَا: أَنَّ امْرَأَتَيْنِ أَتَتَا رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي أَيْدِيْهِمَا سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: "أَتُحِبَّانِ أَنْ يُسَوِّرَكُمَا اللهُ بِسِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ "؟ قَالَتَا: لاَ. قَالَ: "فَأَدِّيَا زَكَاتَهُ" 2.
وَمِنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ صَلَّى مَكْتُوْبَةً فَلْيَقْرَأْ بِأُمِّ القُرْآنِ وقرآن معها"3.
__________
1 حسن لغيره: أخرجه ابن ماجه "2401"، من طريق أيوب بن سويد، عَنِ المُثَنَّى بنِ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جده، به مرفوعا ولفظه: "من أودع وديعة، فلا ضمان عليه".
قلت: إسناده ضعيف، آفته المثنى بن الصباح، والراوي عنه ضعيفان، وأخرجه الدارقطني "3/ 41"، والبيهقي "6/ 289" من طريق يزيد بن عبد الملك، عن محمد بن عبد الرحمن الجمحي، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جده، به مرفوعا بلفظه: "لا ضمان على مؤتمن".
قلت: إسناده ضعيف، يزيد بن عبد الملك، ضعيف، ومحمد بن عبد الرحمن الجمحي، مجهول، لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول -أي عند المتابعة وأخرجه الدارقطني "3/ 41" من طريق عمرو بن عبد الجبار، عن عبيد بن حسان، عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده مرفوعا بلفظ: "ليس على مؤتمن ضمان".
قلت: إسناده ضعيف، عمرو بن عبد الجبار، وعبيدة ضعيفان.
2 حسن: أخرجه عبد الرزاق "7065"، من طريق المثنى بن الصباح، وأبو داود "1563"، والنسائي "5/ 38" من طريق حسين المعلم، والترمذي "637"، من طريق ابن لهيعة ثلاثتهم عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، به.
3 ضعيف: أخرجه عبد الرزاق "2/ 2787" عن المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، به.
قلت: إسناده ضعيف، آفته المثنى بن الصباح فإنه ضعيف. لكن قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا صلاة لمن لا يقرأ بفاتحة الكتاب". =(5/489)
ومنها: أنه -عليه السلام- قَالَ: "مَنْ أَعْهَرَ بِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةِ قَوْمٍ، فولدت، فالولد ولد زنى لا يرث ولايورث" 1.
وَمِنْهَا: "لاَ تَمْشُوا فِي المَسَاجِدِ وَعَلَيْكُم بِالقَمِيْصِ وَتَحْتَهُ الإِزَارُ"2.
وَمِنْهَا: "العِرَافَةُ: أَوَّلُهَا مَلاَمَةٌ, وَأَوْسَطُهَا نَدَامَةٌ، وَآخِرُهَا عَذَابٌ يَوْمَ القِيَامَةِ"3.
وَمِنْ أَفْرَادِ عَمْرٍو: حَدِيْثُ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، عَنْ حَبِيْبٍ وَدَاوُدَ، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيْهِ: عَنْ جَدِّهِ، مَرْفُوْعاً: "لاَ يَجُوْزُ لامْرَأَةٍ أَمْرٌ في مالها إذا ملك زوجها عصمتها" 4.
__________
= أخرجه الشافعي في "مسنده" "1/ 75"، والحميدي "386"، وأحمد "5/ 314"، والبخاري "756" ومسلم "394"، وأبو داود "822"، والنسائي، "2/ 137"، وابن ماجه "837"، والدارقطني "1/ 321"، وابن الجارود "185"، وأبو عوانة "2/ 124"، والبيهقي في "السنن" "2/ 38 و 164" والبغوي في "شرح السنة" "576" من طرق عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، به مرفوعا.
1 حسن لغيره: أخرجه الترمذي "2113" من طريق ابن لهيعة، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جده، به.
قلت: إسناده ضعيف، ابن لهيعة، ضعيف لسوء حفظه، وأخرجه أبو داود "2265"، والبيهقي "6/ 260"، من طريق سليمان بن موسى، عن عمرو بن شعيب، به. نحوه. وإسناده ضعيف، سليمان بن موسى، لين كما قال الحافظ في "التقريب".
2 ضعيف: أخرجه الطبراني في "الأوسط" "7380"، وفيه مجاهيل.
3 ضعيف: أخرجه الطيالسي "2526" ومن طريقه البيهقي "10/ 97" حدثنا هشام، حدثنا عباد بن أبي علي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: العرافة أولها ملامة.." فذكره موقوفًا عليه.
قلت: إسناده ضعيف، آفته عباد بن أبي على البصري، مجهول.
لذا قال الحافظ في "التقريب": مقبول.
والعرافة: هي الإمارة.
لكن قد صح عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي. ثم قال: "يا أبا ذر إنك ضعيف. وإنها أمانة. وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها" أخرجه مسلم "1825"، وأحمد "5/ 173" من حديث أبي ذر به.
4 حسن: أخرجه أبو داود "3546" حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن داود بن أبي هند وحبيب المعلم، عن عمرو بن شعيب، به.(5/490)
وَحَدِيْثُ: "مَنْ زَوَّجَ فَتَاتَهُ، فَلاَ يُنظرن إِلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ". رَوَاهُ: سَوَّارٌ أَبُو حَمْزَةَ, عَنْهُ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوْعاً1.
فأما:
__________
1 حسن: أخرجه أحمد "2/ 187"، والدارقطني "1/ 230- 231"، والبيهقي "2/ 229"، والخطيب في "تاريخ بغداد" "2/ 278" من طريق عبد الله بن بكر السهمي، حدثنا سوار أبو حمزة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع، وإذا أنكح أحدكم عبده أو أجيره، فلا ينظرن إلى شيء من عورته، فإن ما أسفل من سرته إلى ركبتيه من عورته".
قلت: إسناده حسن، سوار أبو حمزة، هو سوار بن داود الصيرفي، وثقه ابن معين، وقال أحمد في "الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1176": لا بأس به.
وقال ابن أبي حاتم: وهم وكيع في اسمه فقال: داود بن سوار، وأخرجه أبو داود "496"، وأبو نعيم في "الحلية" "10/ 26"، والبغوي "500" من طريق وكيع والدارقطني "1/ 230"، ومن طريقه البيهقي في "السنن" "2/ 229" من طريق النضر بن شميل، كلاهما عن سوار أبي حمزة، به.(5/491)
677- شُعَيْبٌ 1: "4"
فَمَا عَلِمْتُ بِهِ بَأْساً. وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي "الثِّقَاتِ"، وَقَالَ: رَوَى عَنْ: جَدِّهِ، وَأَبِيْهِ مُحَمَّدٍ، وَمُعَاوِيَةَ.
قُلْتُ: مَعَ أَنَّ رِوَايَتَهُ عَنْ أَبِيْهِ مُحَمَّدٍ فِي "سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ" وَ "النَّسَائَيِّ" وَ "التِّرْمِذِيِّ" وَالمَتْنُ هُوَ "لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ" 2.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنَاهُ؛ عَمْرٌو وَعُمَرُ، وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ، فَنَسَبَهَ إِلَى جَدِّهِ، فَقَالَ: شُعَيْبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو. وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ أَيْضاً: عُثْمَانُ بنُ حَكِيْمٍ, وَعَطَاءٌ الخُرَاسَانِيُّ. وَقَدْ ذَكَرَ البُخَارِيُّ, وَأَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ جَدِّهِ، وَمِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ. وَلَمْ نَعْلَمْ مَتَى تُوُفِّيَ، فَلَعَلَّهُ مَاتَ بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ، فِي دَوْلَةِ عبد الملك.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 243"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2562"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 1539"، الكاشف "2/ ترجمة 2316"، تاريخ الإسلام "39/ 255"، تهذيب التهذيب "4/ 356"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2967".
2 حسن: أخرجه الطيالسي "2257"، والنسائي "7/ 295"، والحاكم "2/ 16- 17" والدارقطني "3/ 74- 75"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" "4/ 46" من طرق عن أيوب عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع".
قلت: إسناده حسن، عن عمرو بن شعيب مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العاص، وأبوه شعيب كلاهما صدوق، وأيوب، هو ابن أبي تميمة السختياني، ثقة ثبت، من كبار الفقهاء العباد، من الطبقة الخامسة، روى له الجماعة، وأخرجه أحمد "2/ 178- 179"، وأبو داود "3504"، والترمذي "1234"، والنسائي "7/ 288 و 295"، وابن الجارود "601" من طرق عن إسماعيل بن علية، حدثنا أيوب، حدثنا عمرو بن شعيب، قال: حدثني أبي، عن أبيه حتى ذكر عبد الله بن عمر، فذكره.
قلت: ادخلوا محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، بين شعيب بن محمد، وعبد الله بن عمرو بن العاص.(5/491)
وَأَمَّا أَبُو شُعَيْبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن عمرو:
678- وَأَمَّا أَبُو شُعَيْبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن عمرو 1: "د، ت، س"
السهمي، فَذَكَرَهُ ابْنُ يُوْنُسَ فِي "تَارِيْخِهِ", وَقَالَ: رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ, رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ شُعَيْبٌ, وَحَكَمُ بنُ الحَارِثِ. وَقَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: أُمُّهُ هِيَ بِنْتُ مَحْمِيَةَ بنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الوَلِيْدِ الأَزْرَقِيُّ: حَدَّثَنَا عبد المجيد بن أبي رَوَّادٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ, وَالمُثَنَّى بنِ الصَّبَّاحِ، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، قال: طَاف مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو مَعَ أَبِيْهِ فَلَمَّا كَانَ فِي السَّابِعِ، أَخَذَ بِيَدِهِ إِلَى دُبُرِ الكَعْبَةِ ... , الحَدِيْثَ.
وَمُحَمَّدٌ نَزْرُ الرِّوَايَةِ، قَدْ ذَكَرْنَا لَهُ حَدِيْثَ: "لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ"2.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خُرَّزَاذَ، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بنُ بَكَّارٍ، عَنْ وُهَيْبٍ عَنِ ابْنِ طَاوُوْسٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِيْهِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ -قَالَ مَرَّةً: عَنْ أَبِيْهِ، وَقَالَ مَرَّةً: عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُوْمِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، وَعَنِ الجَلاَّلَةِ"3.
هَكَذَا يَرْوِيْهِ أَبُو عَلِيٍّ الأَسْيُوْطِيُّ، عَنِ النَّسَائِيِّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ حَيُّوْيَه، عَنِ النَّسَائِيِّ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيْهِ؛ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَهُوَ وَهْمٌ. وَأَمَّا أَبُو دَاوُدَ فَرَوَاهُ عَنْ: سَهْلِ بنِ بَكَّارٍ بِإِسْنَادِهِ، فَقَالَ: عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جده كباقي أحاديثه.
__________
1 ترجمته في الكاشف "3/ ترجمة 5037"، ميزان الاعتدال "3/ 593"، تهذيب التهذيب "9/ 226"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6384".
2 حسن: راجع تخريجنا قبل السابق بتعليق رقم "513".
3 حسن: أخرجه النسائي "7/ 239- 240"، وأبو داود "3811".(5/492)
فَهَذَا كُلُّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ مِنْ أَنَّ لِمُحَمَّدٍ رِوَايَةً. وَالظَّاهِرُ مَوْتُهُ فِي حَيَاةِ أَبِيْهِ -وَاللهُ أَعْلَمُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ المُؤَيَّدِ، أَنْبَأَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَبِي شَرِيْكٍ, أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النَّقُّوْرِ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ الجَرَّاحِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائة، قرىء عَلَى أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ -وَأَنَا أَسْمَعُ- قِيْلَ لَهُ: حَدَّثَكُم عَمْرُو بنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ, حَدَّثَنَا سفيان، حدثنا عمرو ابن دِيْنَارٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَلاَةُ القَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلاَةِ القَائِمِ" 1.
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ، مَحْفُوْظُ المَتْنِ. وَقَدْ جَمَعَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ فِي كِتَابِ "المُخْتَارَةِ" لَهُ نُسْخَةً لِعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ.
وَآلُ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ -إِلَى اليَوْمِ- لَهُم بَقِيَّةٌ بِالطَّائِفِ، يَتَوَارَثُوْنَ الوَهْطَ؛ وَهُوَ بُسْتَانٌ كَبِيْرٌ إِلَى الغَايَةِ لِجَمَاعَةٍ كَبِيْرَةٍ هُوَ مَعَاشُهُم.
وَالطَّائِفُ: وَادٍ طَيِّبٌ كَثِيْرُ الفَوَاكِهِ، وَالأَعْنَابِ، وَالمِيَاهِ البَارِدَةِ، وَيَتَجَلَّدُ فِيْهِ المَاءُ فِي البَرْدِ أَخْبَرَنِي صَدُوْقٌ عَايَنَ الجَلِيْدَ بِهَا، وَلَهُم جَامِعٌ كَبِيْرٌ، وَهُوَ مَسِيْرَةُ أَرْجَحَ مِنْ يَوْمٍ عَنْ مَكَّةَ، وَخَيْرَاتُ الطَّائِفِ تُجْلَبُ إِلَى مكة وغيرها.
__________
1 صحيح: هذا إسناد حسن، وأخرجه مسلم "735"، وأبو داود "950"، والنسائي "3/ 223"، من طريق منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي يحيى، عن عبد الله بن عمرو قال حدثت أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "صلاة الرجل قاعدا نصف الصلاة" قال فأتيته فوجدته يصلي جالسا، فوضعت يدي على رأسه. فقال: مالك يا عبد الله بن عمرو؟ قلت: حدثت يا رسول الله أنك قلت: "صلاة الرجل قاعدا على نصف الصلاة" وأنت تصلي قاعدا. قال: "أجل ولكني لست كأحد منكم".(5/493)
679- المنهال 1: "خ، 4"
ابن عمرو، أبو عمرو الأسدي مولاهم الكُوْفِيُّ. يَرْوِي عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ, وَزِرِّ بنِ حُبَيْشٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَبِي عُمَرَ زَاذَانَ وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ.
رَوَى عَنْهُ: حَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ، وَزَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَمَنْصُوْرٌ, وَشُعْبَةُ, وَالمَسْعُوْدِيُّ،
وَسَوَّارُ بنُ مُصْعَبٍ، وَطَائِفَةٌ كَبِيْرَةٌ. وَقِيْلَ: إِنَّ سَوَّاراً إِنَّمَا رَوَى عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْهُ, ثُمَّ إِنَّ شُعْبَةَ تَرَكَ الرِّوَايَةَ عَنْهُ لِكَوْنِهِ سَمِعَ آلَةَ الطَّرَبِ مِنْ بَيْتِهِ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: صَدُوْقٌ. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
قُلْتُ: حَدِيْثُهُ فِي شَأْنِ القَبْرِ بِطُوْلِهِ فِيْهِ نَكَارَةٌ وَغَرَابَةٌ، يَرْوِيْهِ عَنْ زَاذَانَ, عَنِ البَرَاءِ.
وَقَدْ تَلاَ عَلَى: سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ. قَرَأَ عَلَيْهِ: ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَغَيْرُهُ. تُوُفِّيَ: سَنَةَ بضع عشرة ومائة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "8/ ترجمة 1963"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوى "1/ 527 و 535" و "2/ 657 و 680"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1634"، الكاشف ""3/ ترجمة رقم 5752"، تاريخ الإسلام "5/ 7"، ميزان الاعتدال "4/ 192"، تهذيب التهذيب "10/ 319"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة 7223".(5/493)
680- سليم بن عامر 1: "م، 4"
الكلاعي الخبائري الحِمْصِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَتَمِيْمٍ الدَّارِيِّ، وَالمِقْدَادِ بنِ الأَسْوَدِ، وَعَوْفِ بنِ مَالِكٍ, وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَمْرِو بنِ عَبَسَةَ، وَطَائِفَةٍ. وَيَجُوْزُ أَنَّ رِوَايَتَهُ عَنِ المِقْدَادِ وَنَحْوِهِ مُرْسَلَةٌ، وَأَنَّهُ مَا شَافَهَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ الوَلِيْدِ الزُّبَيْدِيُّ، وَحَرِيْزُ بنُ عُثْمَانَ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ، وَعُفَيْرُ بنُ مَعْدَانَ وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، وَآخَرُوْنَ وَعُمِّرَ دَهْراً. وَكَانَ يَقُوْلُ: اسْتَقْبَلْتُ الإِسْلاَمَ مِنْ أَوَّلِهِ؛ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
رَوَى شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ خُمَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَ بنَ عَامِرٍ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: سُلَيْمُ بنُ عَامِرٍ الكَلاَعِيُّ زَعَمَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِم كِتَابَ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وقال أبو القاسم بن عساكر: شهد فتح القادسية.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى الحِمْصِيُّ: عَاشَ سُلَيْمٌ بَعْدَ سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمائَةٍ، قُلْتُ: جَاوَزَ المائَةَ بِسَنَتَيْنِ، فَأَمَّا قَوْلُ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ، وَخَلِيْفَةَ بنِ خَيَّاطٍ: أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ فَهُوَ بَعِيْدٌ، مَا أَعْتَقِدُ أَنَّهُ بَقِيَ إِلَى هَذَا الوَقْتِ, وَلَوْ عَاشَ إِلَى هَذَا الوَقْتِ، لَسَمِعَ مِنْهُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عياش وأقرانه.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 464"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 2190"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 909"، أسد الغابة "2/ 348"، تاريخ الإسلام "4/ 255"، الكاشف "1/ ترجمة 2094"، تهذيب التهذيب "4/ 166"، الإصابة "2/ ترجمة 3795"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2665"، شذرات الذهب "1/ 140".(5/494)
681- محمد بن يحيى 1: "ع"
ابن حبان بن مُنْقِذِ بنِ عَمْرٍو، الإِمَامُ الفَقِيْهُ الحُجَّةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، النَّجَّارِيُّ, المَازِنِيُّ, المَدَنِيُّ حَفِيْدُ الصَّحَابِيِّ الَّذِي كَانَ يُخدع فِي البُيُوْعِ، وَيَقُوْلُ: "لاَ خِلاَبَةَ"2. مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَحَدَّثَ عَنِ: ابْنِ عُمَرَ, وَرَافِعِ بنِ خَدِيْجٍ، وأنس بن مالك, وعبد الله بن مُحَيْرِيْزٍ، وَعَمْرِو بنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، وَعَمِّهِ وَاسِعِ بنِ حَبَّانَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: رَبِيْعَةُ الرَّأْيُ وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَجْلاَنَ، وَعَمْرُو بنُ يَحْيَى المَازِنِيُّ، وَمَالِكٌ وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَاللَّيْثُ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَهُوَ إِمَامٌ مُجْمَعٌ عَلَى ثِقَتِهِ. قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَتْ لَهُ حَلْقَةٌ لِلْفَتْوَى، وَكَانَ ثِقَةً, كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، عَاشَ أَرْبَعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: أَرَّخَ جَمَاعَةٌ مَوْتَهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ، وَهُوَ مِنْ أعيان مشيخة مالك رحمه الله.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "1/ 848"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 263 و 389" و "2/ 362" و "3/ 6"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 549"، الكاشف "3/ ترجمة 5293"، تاريخ الإسلام "5/ 162"، تهذيب التهذيب "9/ 507"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 6735".
2 الخلابة: الخداع. وقد ورد عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رجلًا ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أنه يُخدع في البيوع، فقال: "إذا بايعت فقل لا خلابة" أخرجه مالك "2/ 685". والبخاري "2117" و "4964"، وأبو داود "3500"، والنسائي "7/ 252"، والبغوي "2052" كلهم من طريق مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ عبد الله بن عمر، به.(5/495)
682- ابن موهب 1: "خَ، م، ت، س، ق"
الإِمَامُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ عُثْمَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَوْهَبٍ التَّيْمِيُّ، المَدَنِيُّ, الأَعْرَجُ.
سَكَنَ العِرَاقَ. وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ, وَجَابِرِ بنِ سَمُرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَتَادَةَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو حَنِيْفَةَ، وَشُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ, وَإِسْرَائِيْلُ، وَشَيْبَانُ, وَأَبُو عَوَانَةَ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ: ابْنُ مَعِيْنٍ، وَغَيْرُهُ.
تُوُفِّيَ: بَعْدَ سَنَةِ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ. وَقَدْ وَهِمَ ابْنُ سَعْدٍ، فَقَالَ: مَا لاَ يَسُوْغُ وَهُوَ: مَاتَ فِي خِلاَفَةِ المَهْدِيِّ، سَنَةَ ستين ومائة.
__________
1 ترجمته في التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2256"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 89". و 160"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 854"، الكاشف "2/ ترجمة 3769"، / تاريخ الإسلام "6/ 248"، تهذيب التهذيب "7/ 132"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4758".(5/496)
683- عدي بن ثابت 1: "ع"
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الوَاعِظُ الأَنْصَارِيُّ, الكُوْفِيُّ، سِبْطُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ الخَطْمِيِّ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَنِ: البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ, وَسُلَيْمَانَ بنِ صُرَدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى, وَعَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ الخَطْمِيِّ، وَزِرِّ بنِ حُبَيْشٍ وَزَيْدِ بنِ وَهْبٍ, وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، وَأَبِي حَازِمٍ الأَشْجَعِيِّ, وَيَزِيْدَ بنِ البَرَاءِ، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: عَلِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ، وَيَحْيَى بنُ سعيد الأنصاري, وأبان ابن تَغْلِبَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ, وَسُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ, وَأَشْعَثُ بنُ سَوَّارٍ، وَحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ, وَأَبُو اليَقْظَانِ عُثْمَانُ بنُ عُمَيْرٍ، وَفُضَيْلُ ابن مَرْزُوْقٍ، وَمِسْعَرٌ وَزَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ وَشُعْبَةُ وَالعَلاَءُ بنُ صَالِحٍ وَخَلْقٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَالعِجْلِيُّ، ثِقَةٌ، وَتَبِعَهُمَا النَّسَائِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ, كَانَ إِمَامَ مَسْجِدِ الشِّيْعَةِ, وَقَاصَّهُم. قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ: عُبَيْدُ بنُ عَازِبٍ أَخُو البَرَاءِ هُوَ جَدُّ عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ، رَوَى فِي الوُضُوْءِ وَالحَيْضِ، شَهِدَ عُبَيْدٌ وَالبَرَاءُ مَعَ عَلِيٍّ مَشَاهِدَهُ كُلَّهَا.
وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ عَدِيُّ بنُ أَبَانَ بنِ ثَابِتِ بنِ قَيْسِ بنِ الخَطِيْمِ الأَنْصَارِيُّ، الظَّفَرِيُّ, وَثَابِتٌ صحابي كبير.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَاتَ عَدِيٌّ فِي وِلاَيَةِ خَالِدٍ القَسْرِيِّ عَلَى العِرَاقِ. وَقَالَ ابْنُ قَانِعٍ: سنة 116هـ، وَأَمَّا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، فَقَالَ: هُوَ عَدِيُّ بنُ ثَابِتِ بنِ دِيْنَارٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُحْسِنِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ, أَنْبَأَنَا مَسْعُوْدُ بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ "ح" وَأُنْبِئْتُ عَنْهُمَا, قَالاَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ, أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْنُسَ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ دَاوُدَ الخُرَيْبِيُّ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ، عَنْ زِرٍّ سَمِعْتُ عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَقُوْلُ: "وَالَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسْمَةَ، وَتَرَدَّى بِالعَظَمَةِ، إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ: "إِنَّهُ لاَ يُحِبُّكَ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يُبْغِضُكَ إِلاَّ مُنَافِقٌ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ2 مِنْ طَرِيْقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، ووكيع عن الأعمش.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 308"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 196"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 5"، الكاشف "2/ ترجمة 3813"، ميزان الاعتدال "3/ 61"، تاريخ الإسلام "4/ 277"، تهذيب التهذيب "7/ 165"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4809".
2 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 84 و 95 و 128"، وفي "فضائل الصحابة" "948" و "961" والحميدي "58"، مسلم "78"، والترمذي "3736"، والنسائي "8/ 115- 116"، وفي "فضائل الصحابة" "50"، وفي "خصائص علي" "100" و "101" و "102"، وابن ماجه "114"، وأبو يعلى "391"، وابن منده في "الإيمان" "261"، والبغوي "3908" و "3909" من طرق عَنِ الأَعْمَشُ، عَنْ عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ، عَنْ زِرٍّ بن حُبيش، عن علي بن أبي طالب، به.(5/496)
684- الجراح 1:
مُقَدَّمُ الجُيُوْشِ، فَارِسُ الكَتَائِبِ، أَبُو عُقْبَةَ الجَرَّاحُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَكَمِيُّ. وَلِيَ البَصْرَةَ مِنْ جِهَةِ الحَجَّاجِ، ثُمَّ وَلِيَ خُرَاسَانَ وَسِجِسْتَانَ لِعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ. وَكَانَ بَطَلاً، شُجَاعاً, مَهِيْباً طُوَالاً, عَابِداً، قَارِئاً, كَبِيْرَ القَدْرِ.
رَوَى عَنِ: ابْنِ سِيْرِيْنَ. وَعَنْهُ: صَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو, وَيَحْيَى بن عطية، وربيعة بن فضالة.
رَوَى أَبُو مُسْهِرٍ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ حَكَمٍ، قَالَ: قَالَ الجَرَّاحُ الحَكَمِيُّ: تَرَكْتُ الذُّنُوْبَ حَيَاءً أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، ثُمَّ أَدْرَكَنِي الوَرَعُ.
قَالَ شَبَابٌ: هُوَ دِمَشْقِيٌّ, نَزَلَ البَصْرَةَ وَالكُوْفَةَ، وَكَانَ مِنَ القُرَّاءِ. قَالَ: الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: كَانَ إِذَا مَرَّ فِي جَامِعِ دِمَشْقَ، يُمِيْلُ رَأْسَهُ عَنِ القَنَادِيْلِ مِنْ طُوْلِهِ.
وَقَالَ مُجَالِدٌ: وَلِيَ يَزِيْدُ بنُ المُهَلَّبِ العِرَاقَ، فَلَمَّا سَارَ إِلَى خُرَاسَانَ، اسْتَخْلَفَ الجَرَّاحَ عَلَى العِرَاقِ. وَعَنِ الحَسَنِ الزُّرقي، قَالَ: كَانَ الجَرَّاحُ بنُ عَبْدِ اللهِ عَلَى خُرَاسَانَ كُلِّهَا؛ حَرْبِهَا وَصِلاَتِهَا، وَمَالِهَا.
قَالَ ابْنُ جَابِرٍ: وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمائَةٍ غَزَا الجَرَّاحُ بِلاَدَ التُّرْكِ، وَرَجَعَ فَأَدْرَكَتْهُ التُّرْكُ، فَقُتِلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ.
وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ الحِمْيَرِيُّ: كَانَ الجَرَّاحُ عَلَى أَرْمِيْنِيَةَ، وَكَانَ رَجُلاً صَالِحاً، فَقَتَلَتْهُ الخَزَرُ، فَفَزِعَ النَّاسُ لِقَتْلِهِ فِي البُلْدَانِ.
قَالَ سُلَيْمُ بنُ عَامِرٍ: دَخَلْتُ عَلَى الجَرَّاحِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَرَفَعَ الأُمَرَاءُ أَيْدِيَهُم، فَمَكَثَ طَوِيْلاً، ثُمَّ قَالَ لِي: يَا أَبَا يَحْيَى، هَلْ تَدْرِي مَا كُنَّا فِيْهِ؟ قُلْتُ: لاَ، وَجَدْتُكُم فِي رَغْبَةٍ، فَرَفَعْتُ يَدِي مَعَكُم. قَالَ: سَأَلْنَا اللهَ الشهادة، فوالله بَقِيَ مِنْهُم أَحَدٌ فِي تِلْكَ الغَزَاةِ حَتَّى اسْتُشْهِدَ.
قَالَ خَلِيْفَةُ: زَحَفَ الجَرَّاحُ مِنْ بَرْذَعَةَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ إِلَى ابْنِ خَاقَانَ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالاً شَدِيْداً، فَقُتِلَ الجَرَّاحُ فِي رَمَضَانَ، وَغَلَبَتِ الخَزَرُ عَلَى أَذْرَبِيْجَانَ، وَبَلَغُوا إِلَى قَرِيْبٍ مِنَ المَوْصِلِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: كَانَ البَلاَءُ بِمَقْتَلِ الجَرَّاحِ عَلَى المُسْلِمِيْنَ عَظِيْماً، بَكَوْا عَلَيْهِ فِي كُلِّ جند.
__________
1 ترجمته في الجرح والتعديل "2/ ترجمة 2173"، تاريخ الإسلام "4/ 237- 238"، العبر "1/ 137"، شذرات الذهب "1/ 144".(5/497)
685- طلحة بن مصرف 1: "ع"
ابن عمر بن كَعْبٍ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُقْرِئُ، المُجَوِّدُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو مُحَمَّدٍ اليَامِيُّ، الهَمْدَانِيُّ، الكُوْفِيُّ.
تَلاَ عَلَى يَحْيَى بنِ وَثَّابٍ، وَغَيْرِهِ. وَحَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى، وَمُرَّةَ الطَّيِّبِ، وَزَيْدِ بنِ وَهْبٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَخَيْثَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَذَرٍّ الهَمْدَانِيِّ، وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ، وَمَنْصُوْرٌ، وَالأَعْمَشُ، وَمَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ، وَشُعْبَةُ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ: أُخْبِرْتُ أَنَّ طَلْحَةَ بنَ مُصَرِّفٍ شُهِرَ بِالقِرَاءةِ، فَقَرَأَ عَلَى الأَعْمَشِ لِيَنْسَلِخَ ذَلِكَ الاسْمُ عَنْهُ، فَسَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ: كَانَ يَأْتِي، فَيَجْلِسُ عَلَى البَابِ حَتَّى أَخْرُجَ، فَيَقْرَأُ، فَمَا ظَنُّكُم بِرَجُلٍ لاَ يُخْطِئُ وَلاَ يَلْحَنُ.
وَقَالَ مُوْسَى الجُهَنِيُّ: سَمِعْتُ طَلْحَةَ بنَ مُصَرِّفٍ يَقُوْلُ: قَدْ أَكْثَرْتُمْ عَلَيَّ فِي عُثْمَانَ، وَيَأْبَى قَلْبِي إِلاَّ أَنْ يُحِبَّهُ.
وَعَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبْجَرَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ طَلْحَةَ بنَ مُصَرِّفٍ فِي مَلأٍ إِلاَّ رأيت له الفضل عليهم.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 308"، التاريخ الكبير "4/ ترجمة 3080"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 2080 و 2082"، حلية الأولياء "5/ 14"، "الكاشف "2/ ترجمة 2500"، تاريخ الإسلام "4/ 260"، تهذيب التهذيب "5/ 25"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 3202"، شذرات الذهب "1/ 145".(5/498)
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ عَمْرٍو: قَالَ لِي طَلْحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ: لَوْلاَ أَنِّي عَلَى وُضُوْءٍ، لأَخْبَرْتُكَ بِمَا تَقُوْلُ الرَّافِضَّةُ.
قَالَ فُضَيْلُ بنُ غَزْوَانَ: قيل لطلحة بن مصرف: لو ابتلت طَعَاماً، رَبِحْتَ فِيْهِ.
قَالَ: إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَعْلَمَ اللهُ مِنْ قَلْبِي غِلاًّ عَلَى المُسْلِمِيْنَ.
وَقَالَ فُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ: بَلَغَنِي عَنْ طَلْحَةَ أَنَّهُ ضَحِكَ يَوْماً، فَوَثَبَ عَلَى نَفْسِهِ، وَقَالَ: وَلِمَ تَضْحَكُ؟ إِنَّمَا يَضْحَكُ مَنْ قَطَعَ الأَهْوَالَ، وَجَازَ الصِّرَاطَ. ثُمَّ قَالَ: آلَيْتُ أَنْ لاَ أَفْتَرَّ ضَاحِكاً حَتَّى أَعْلَمَ بِمَ تَقَعُ الوَاقِعَةُ. فَمَا رُئِيَ ضَاحِكاً حَتَّى صَارَ إِلَى اللهِ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي جَنَابٍ: سَمِعْتُ طَلْحَةَ بنَ مُصَرِّفٍ يَقُوْلُ: شَهِدْتُ الجَمَاجِمَ1، فَمَا رُمِيْتُ، وَلاَ طُعِنْتُ، وَلاَ ضُرِبْتُ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ هَذِهِ سَقَطَتْ هَا هُنَا وَلَمْ أَكُنْ شَهِدْتُهَا.
قَالَ لَيْثُ بنُ أَبِي سُلَيْمٍ: حَدَّثْتُ طَلْحَةَ بنَ مصرف في مرضه: أن طاوسا كَرِهَ الأَنِيْنَ، فَمَا سُمِعَ طَلْحَةُ يَئِنُّ حَتَّى مَاتَ.
وَقَالَ شُعْبَةُ: كُنَّا فِي جَنَازَةِ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ أَبُو مَعْشَرٍ، وَقَالَ: ما خلَّف مثله.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: كَانَ طَلْحَةُ يُحَرِّمُ النَّبِيْذَ. قُلْتُ: وَكَانَ يُحِبُّ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَهَاتَانِ خَصْلَتَانِ عَزِيْزَتَانِ فِي الرَّجُلِ الكُوْفِيِّ.
تُوُفِّيَ طَلْحَةُ فِي آخِرِ سَنَةِ اثنتي عشرة ومائة.
__________
1 أي موضع الواقعة التي كانت بين عبد الرحمن بن الأشعث والحجاج، وكانت الغلبة فيها للحجاج وكانت هذه الواقعة سنة 82 أو 83هـ قرب الكوفة.(5/499)
686- أبو الزاهرية 1: "م، د، س، ق"
حدير بن كريب الحمصي إِمَامٌ مَشْهُوْرٌ، مِنْ عُلَمَاءِ الشَّامِ. سَمِعَ: أَبَا أُمَامَةَ البَاهِلِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ بُسْرٍ، وَجُبَيْرَ بنَ نُفير، وَطَائِفَةً. وَأَرْسَلَ عَنْ: أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَحُذَيْفَةَ بنِ اليَمَانِ، وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي عَبْلَةَ، وَسَعِيْدُ بنُ سِنَانٍ، وَأَحْوَصُ بنُ حَكِيْمٍ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى فِي "تَارِيْخِهِ": زَعَمُوا أَنَّهُ أَدْرَكَ أَبَا الدَّرْدَاءِ، وَكَانَ أُمِّيّاً لاَ يَكْتُبُ. وَثَّقَهُ: يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَغَيْرُهُ.
قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا شِهَابُ بنُ خِرَاشٍ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: أَغْفَيْتُ فِي صَخْرَةِ بَيْتِ المَقْدِسِ، فَجَاءتِ السَّدَنَةُ، فَأَغْلَقُوا عَلَيَّ البَابَ، فَمَا انْتَبَهْتُ إِلاَّ بِتَسْبِيْحِ المَلاَئِكَةِ، فَوَثَبْتُ مَذْعُوْراً، فَإِذَا المَكَانُ صُفُوْفٌ، فَدَخَلْتُ مَعَهُم فِي الصَّفِّ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ أَبُو الزَّاهِرِيَّةِ سَنَةَ مائَةٍ, وَقَالَ المَدَائِنِيُّ: فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَشَبَابٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 450"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 340"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "2/ 448" و "3/ 203"، الكنى للدولابي "1/ 183"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 1313"، الحلية لأبي نعيم "6/ 100"، تاريخ الإسلام "5/ 193"، تهذيب التهذيب "2/ 218"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1709".(5/499)
678- القاسم 1: "4"
ابن عبد الرحمن الإِمَامُ، مُحَدِّثُ دِمَشْقَ. أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ الأُمَوِيِّ، وَهُوَ القَاسِمُ بنُ أَبِي القَاسِمِ. يُرْسِلُ كَثِيْراً عَنْ: قُدَمَاءِ الصَّحَابَةِ؛ كَعَلِيٍّ، وَتَمِيْمٍ الدَّارِيِّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ. وَيَرْوِي عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفَضَالَةَ بنِ عُبَيْدٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بنُ الحَارِثِ الذِّمَارِيُّ، وَثَوْرُ بنُ يَزِيْدَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ العَلاَءِ بنِ زَبْرٍ، وَمُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ، وَخَلْقٌ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: هُوَ مَوْلَى أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ أُمِّ حَبِيْبَةَ. وَقِيْلَ: مَوْلَى مُعَاوِيَةَ. لَهُ حَدِيْثٌ كَثِيْرٌ، وَفِي بَعْضِ حَدِيْثِ الشَّامِيِّيْنَ: أَنَّ القَاسِمَ أَدْرَكَ أَرْبَعِيْنَ بَدْرِيّاً.
ذَكَرَ البُخَارِيُّ فِي "تَارِيْخِهِ": أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيّاً، وَابْنَ مَسْعُوْدٍ، وَهَذَا مِنْ وَهْمِ البُخَارِيِّ. وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ.
وَرَوَى ابْنُ شَابُوْرٍ، عَنْ يَحْيَى الذِّمَارِيِّ: سَمِعْتُ القَاسِمَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُوْلُ: لَقِيْتُ مائَةً مِنَ الصَّحَابَةِ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 449- 250"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 712"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 375"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 649"، المجروحين لابن حبان "2/ 211"، الكاشف "2/ ترجمة 4587"، ميزان الاعتدال "3/ 373"، تهذيب التهذيب "8/ 322"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5785"ن شذرات الذهب "1/ 145".(5/500)
وَرَوَى يَحْيَى بنُ حَمْزَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بنِ رويُم، عَنِ القَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا سَلْمَانُ الفَارِسِيُّ دِمَشْقَ. قُلْتُ: أَنْكَرَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ هَذَا، وَقَالَ: كَيْفَ يَكُوْنَ لَهُ هَذَا اللِّقَاءُ، وَهُوَ مَوْلَىً لِخَالِدِ بنِ يزيد.
عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ أَبِي الرَّبِيْعِ، عَنِ القَاسِمِ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّاسَ مُجْتَمِعِيْنَ عَلَى شَيْخٍ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: سَهْلُ ابْنُ الحَنْظَلِيَّةِ.
قَالَ دُحَيْمٌ: كَانَ القَاسِمُ مَوْلَى جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ، فَوُرِثَتْ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفْضَلَ مِنَ القَاسِمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ كُنَّا بِالقُسْطَنْطِيْنِيَّةِ، وَكَانَ النَّاسُ يُرْزَقُوْنَ رَغِيْفَيْنِ رَغِيْفَيْنِ، فَكَانَ يَتَصَدَّقُ بِرَغِيْفٍ، وَيَصُوْمُ وَيُفْطِرُ عَلَى رَغِيْفٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: فِي حَدِيْثِ القَاسِمِ مَنَاكِيْرُ مِمَّا تَرْوِيْهِ الثِّقَاتُ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مِنْهُم مَنْ يُضَعِّفُهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدِيْثُ القَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: "الدِّبَاغُ طَهُوْرٌ" هَذَا مُنْكَرٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضاً: رَوَى عَنْهُ عَلِيُّ بنُ يَزِيْدَ أَعَاجِيْبَ، وَمَا أُرَاهَا إِلاَّ مِنْ قِبَلِ القَاسِمِ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي عَنِ الصَّحَابَةِ المُعْضِلاَتِ، وَكَانَ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَقِيَ أَرْبَعِيْنَ بَدْرِيّاً.
وَقَالَ جَمَاعَةٌ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الجُوْزَجَانِيُّ: كَانَ خِيَاراً، فَاضِلاً، أَدْرَكَ أَرْبَعِيْنَ مِنَ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: ثِقَةٌ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.(5/501)
688- القاسم 1: "ح، 4"
ابن عبد الرحمن بنِ صَاحِبِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبد الله بن مسعود الهذلي الإِمَامُ، المُجْتَهِدُ قَاضِي الكُوْفَةِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الكُوْفِيُّ، عَمُّ القَاسِمِ بنِ مَعْنٍ الفَقِيْهِ.
وُلِدَ فِي صَدْرِ خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ. وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَجَابِرِ بنِ سَمُرَةَ، وَمَسْرُوْقٍ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الأَعْمَشُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، وَالمَسْعُوْدِيُّ، وَمِسْعَرُ بنُ كِدَامٍ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَغَيْرُهُ وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: لَمْ يَلْقَ ابْنَ عُمَرَ قَالَ الأَعْمَشُ: كُنْتُ أَجْلِسُ إِلَيْهِ وَهُوَ قَاضٍ. وَقَالَ مُحَارِبُ بنُ دِثَارٍ: صَحِبْنَاهُ إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ، فَفَضَلَنَا بِكَثْرَةِ الصَّلاَةِ وَطُوْلِ الصَّمْتِ وَالسَّخَاءِ. قُلْتُ: وَمَا كَانَ يَأْخُذُ عَلَى القَضَاءِ رِزْقاً، كَانَ فِي كِفَايَةٍ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قُلْتُ لِمِسْعَرٍ: مَنْ أَشَدُّ مَنْ رَأَيْتَ تَوَقِّياً لِلْحَدِيْثِ? قَالَ القَاسِمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ ابْنُ قَانِعٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 303"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 710"، الجرح والتعديل "7/ ترجمته 647"، الكاشف "2/ ترجمة 4586"، تاريخ الإسلام "6/ 269"، ميزان الاعتدال "3/ 374"، تهذيب التهذيب "8/ 321"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5784".(5/501)
689- عمرو بن مُرة 1: "ع"
ابن عبد الله بن طَارِقٍ بنِ الحَارِثِ بنِ سَلَمَةَ بنِ كَعْبِ بن وائل بن جمل ابن كِنَانَةَ بنِ نَاجِيَةَ بنِ مُرَادٍ، الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الحافظ, أبو عبد الله المرادي ثم الجَمَلِيُّ، الكُوْفِيُّ، أَحَدُ الأَئِمَّةِ الأَعْلاَمِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى وَأَرْسَلَ عَنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ. وَرَوَى عَنْ أَبِي وَائِلٍ, وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى, وَعَمْرُو بنُ مَيْمُوْنٍ الأَوْدِيُّ، وَمُرَّةَ الطَّيِّبِ، وَخَيْثَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، وَهِلاَلِ بنِ يِسَافٍ, وَأَبِي عُبَيْدَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ, وَيُوْسُفَ بنِ مَاهَكَ، وَأَبِي البَخْتَرِيِّ الطَّائِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ، وَأَبِي عُمَرَ زَاذَانَ وَسَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ سَلِمَةَ, وَأَبِي الضُّحَى، وَمُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ, وَأَبِي بُرْدَةَ, وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ -وَهُوَ مِنْ طَبَقَتِهِ- وَالأَعْمَشُ، وَإِدْرِيْسُ بنُ يَزِيْدَ، وَالعَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ، وَمَنْصُوْرُ بنُ المُعْتَمِرِ, وَأَبُو خَالِدٍ الدَّالاَنِيُّ، وَحُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَزَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ وَشُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَقَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ, وَمِسْعَرٌ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لَهُ نَحْوُ مائَتَيْ حَدِيْثٍ. وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ الرَّازِيُّ: سُئِلَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ عَنْهُ، فَزَكَّاهُ وَرَوَى الكَوْسَجُ، عَنِ ابْنِ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ ثِقَةٌ يَرَى الإِرْجَاءَ. قَالَ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ، عَنْ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، مَا سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يُثْنِي عَلَى أَحَدٍ إلَّا عَلَى عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ: كَانَ مَأْمُوْناً على ما عنده قال بقية:
__________
1 ترجمته ي طبقات ابن سعد "6/ 315"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2662"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1421"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 105"، الكاشف "2/ ترجمة 4297"، العبر "1/ 234" تاريخ الإسلام "4/ 286"، ميزان الاعتدال "3/ 228"، تهذيب التهذيب "8/ 102"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5382"، شذرات الذهب "1/ 152".(5/502)
قُلْتُ لِشُعْبَةَ: عَمْرُو بنُ مُرَّةَ؟ قَالَ: كَانَ أَكْثَرَهُم عِلْماً. وَرَوَى: مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ إلَّا يُدَلِّسُ، إِلاَّ عَمْرَو بنَ مُرَّةَ، وابن عون.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالاَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ, أَنْبَأَنَا أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَفِيْفٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ ومائة، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ العَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ غَزْوَانَ، أَبُو نُوْحٍ قَالَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ عَمْرَو بنَ مُرَّةَ فِي صَلاَةٍ قَطُّ، إلَّا ظَنَنْتُ أَنَّهُ لاَ يَنْفَتِلُ حَتَّى يُسْتَجَابَ لَهُ.
وَبِهِ إِلَى البَغَوِيِّ: حَدَّثَنَا الأَشَجُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ القُرَشِيُّ، عَنْ مِسْعَرٍ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ بِالكُوْفَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ وَلاَ أَفْضَلُ مِنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ.
وَبِهِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنِي نَصْرُ بنُ المُغِيْرَةِ، قَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: قُلْتُ لِمِسْعَرٍ: مَنْ أَفْضَلُ مَنْ أَدْرَكْتَ؟ قَالَ: مَا كَانَ أَفْضَلَ مِنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ.
وَبِهِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ إِلَى المَسْجِدِ، وَكَانَ ضَرِيْراً.
وَبِهِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَصْبَهَانِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلاَمِ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الدَّالاَنِيِّ, قَالَ: قُلْتُ لِعَمْرِو بنِ مُرَّةَ: تُحَدِّثُ فُلاَناً وَهُوَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: إِنَّمَا اسْتُوْدِعْنَا شَيْئاً فَنَحْنُ نُؤَدِّيْهِ.
وَبِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ, حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ عَنْ مُغِيْرَةَ قَالَ: لَمْ يَزَلْ فِي النَّاسِ بَقِيَّةٌ حَتَّى دَخَلَ عَمْرُو بنُ مُرَّةَ فِي الإِرْجَاءِ فَتَهَافَتَ النَّاسُ فِيْهِ.
وَبِهِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ الأَشَجُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ بَشِيْرٍ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ: سَمِعْتُ عَبْدَ المَلِكِ بنَ مَيْسَرَةَ وَنَحْنُ فِي جَنَازَةِ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، وَهُوَ يَقُوْلُ: إِنِّي لأَحْسِبُهُ خَيْرَ أَهْلِ الأَرْضِ.
وَرَوَى مِسْعَرٌ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: عَلَيْكُم بِمَا يَجْمَعُ اللهُ عَلَيْهِ المُتَفَرِّقِيْنَ، يُرِيْدُ -وَاللهُ أَعْلَمُ: الإِجْمَاعَ وَالمَشْهُوْرَ.
رَوَى عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ العَلاَءِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ، قَالَ: كَانَ عَمْرُو بنُ مُرَّةَ مِنْ مَعَادِنِ الصِّدْقِ.
أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بنِ زَاذَانَ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ: حُفَّاظُ الكُوْفَةِ أَرْبَعَةٌ: عَمْرُو بنُ مُرَّةَ، وَمَنْصُوْرٌ, وَسَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ، وَأَبُو حُصَيْنٍ.(5/503)
أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: أَرْبَعَةٌ بِالكُوْفَةِ لاَ يُخْتَلَفُ فِي حَدِيْثِهِم فَمَنِ اختلف عليهم, فهو مخطىء مِنْهُم عَمْرُو بنُ مُرَّةَ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مَاتَ عَمْرٌو سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمائَةٍ. وَقِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ.
وَمِنْ حَدِيْثِهِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ البُخَارِيِّ, وَجَمَاعَةٌ كِتَابَةً، قَالُوا: أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ, أَنْبَأَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ الحَافِظُ, أَنْبَأَنَا ابْنُ هَزَارْمَرْدَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ حَبَابَةَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ, أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَبِي أَوْفَى, وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَةٍ، قَالَ: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِم". فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أبي أوفى" 1.
وَبِهِ عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، فَقَرَأَ {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ} ثُمَّ قَرَأَ {وَلا الضَّالِّين} ثُمَّ قَرَأَ {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ} وَكَانَ لاَ يُتِمُّ التَّكْبِيْرَ وَيُسَلِّمُ تَسْلِيْمَةً وَاحِدَةً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ, أَنْبَأَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ, أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ, أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ الجَزَّارِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جِئْتُ أَنَا وَغُلاَمٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ عَلَى حِمَارٍ، فَمَرَرْنَا بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلي فَنَزَلْنَا عَنْهُ وَتَرَكْنَاهُ يَأْكُلُ مِنْ بَقْلِ الأَرْضِ -أَوْ مِنْ نَبَاتِ الأَرْضِ- فَدَخَلْنَا مَعَهُ فِي الصَّلاَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ؟ قال: لا2.
__________
1 صحيح: أخرجه عبد الرزاق "6957"، وأحمد "4/ 353 و 355 و 381 و 388"، والطيالسي "819"، والبخاري "1497" و "4166" و "6332" و "6359"، ومسلم "1078"، وأبو داود "1590" والنسائي "5/ 31"، وأبو نعيم في "الحلية" "5/ 96"، والبيهقي "2/ 152"، و "4/ 157"، من طرق عن شعبة بن عمرو بن مرة قال: سمعت ابن أبي أوفى يقول: فذكره.
2 صحيح: وقد تقدم تخريجنا له. وهو عند مالك "1/ 155- 156"، والبخاري، ومسلم "504" عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابن عباس قال: أقبلت راكبا على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بالناس يمنى، فمررت بين يدي الصف، فنزلت، فأرسلت الاتان ترتع، ودخلت في الصف فلم ينكر ذلك عليَّ أحدٌ".(5/504)
سعيد بن عمرو، يعلى بن عطاء، القاسم بن مخيمرة:
690- سعيد بن عمرو 1: "خ، م"
ابن سعيد بن العَاصِ بنِ أَبِي أُحَيْحَةَ القُرَشِيُّ، الأُمَوِيُّ, المَدَنِيُّ، نَزِيْلُ الكُوْفَةِ. كَانَ مَعَ أَبِيْهِ عَمْرٍو الأَشْدَقِ، إِذْ تَمَلَّكَ دِمَشْقَ ثُمَّ أَمَّنَهُ عَبْدُ المَلِكِ، وَغَدَرَ بِهِ فَذَبَحَهُ فَسَارَ سَعِيْدٌ بِآلِهِ إِلَى المدينة.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي هُرَيْرَةَ, وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَابْنِ عُمَرَ, وَأُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ, وَوَالِدِهِ.
رَوَى عَنْهُ: بَنُوْهُ؛ عَمْرٌو, وَإِسْحَاقُ, وَخَالِدٌ، وَحَفِيْدُهُ؛ عَمْرُو بنُ يَحْيَى، وَشُعْبَةُ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَكَانَ مِنْ سَرَوَاتِ قومه، وعلمائهم. وفد على الوليد ابن يَزِيْدَ فِي خِلاَفَتِهِ، سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ, وقد أسن.
691- يعلى بن عطاء 2: "م، 4".
العامري شَيْخٌ، ثِقَةٌ طَائِفِيٌّ، سَكَنَ وَاسِطَ. يَرْوِي عَنْ: أَبِيْهِ وَوَكِيْعِ بنِ عُدُسٍ، وَعُمَارَةَ بنِ حَدِيْدٍ، وَعَمْرِو بنِ الشَّرِيْدِ، وَجَمَاعَةٍ كَثِيْرَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ، وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَشَرِيْكٌ, وَهُشَيْمٌ.
وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ. تُوُفِّيَ سَنَةَ عشرين ومائة.
692- القاسم بن مُخيمرة 1: "خت، م، 4"
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الحَافِظُ، أَبُو عُرْوَةَ الهمداني، الكوفي, نزيل دمشق.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 327"، التاريخ الكبير "3/ ترجمة 1662"، الجرح والتعديل "4/ ترجمة 209"، تاريخ الإسلام "4/ 252" و "5/ 79"، الكاشف "1/ ترجمة 1957"، تهذيب التهذيب "4/ 68"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 2515".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "5/ 520" و "7/ 310"، التاريخ الكبير "8/ ترجمة 3538"، الجرح والتعديل "9/ ترجمة 1302"، الكاشف "3/ ترجمة 6533"، تاريخ الإسلام "5/ 20"، تهذيب التهذيب "11/ 403".
3 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 303"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 743"، الجرح والتعديل "7/ ترجمة 684"، حلية الأولياء "6/ 79- 80"، الكاشف "2/ ترجمة 4602"، تاريخ الإسلام "4/ 294"، تهذيب التهذيب "8/ 337"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 5809"، شذرات الذهب "1/ 144".(5/505)
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ, وَأَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ. وَعَنْ: عَلْقَمَةَ بنِ قَيْسٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ عكيم، وشريح بن هانىء, وَوَرَّادٍ كَاتِبِ المُغِيْرَةِ, وَأَبِي عَمَّارٍ الهَمْدَانِيِّ, وَسُلَيْمَانَ بنِ بُرَيْدَةَ, وَأَبِي بُرْدَةَ بنِ أَبِي مُوْسَى, وَأَبِي مَرْيَمَ الأَزْدِيِّ، وَطَائِفَةٍ. وَلَيْسَ هُوَ بِالمُكْثِرِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُوْهُ؛ إِسْحَاقُ السَّبِيْعِيُّ, وَسَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ، وَالحَكَمُ, وَسِمَاكُ بنُ حَرْبٍ, وَعَلْقَمَةُ بنُ مَرْثَدٍ, وَهِلاَلُ بنُ يِسَافٍ مَعَ تَقَدُّمِهِ وَأَبُو حُصَيْنٍ، وَابْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَحَسَّانُ بنُ عَطِيَّةَ وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي زِيَادٍ وَالحَسَنُ بنُ الحُرِّ وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ الشَّامِيُّ، وَالأَوْزَاعِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشُّعَيْثِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ, وَزَيْدُ بنُ وَاقِدٍ, وَالضَّحَّاكُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَوْشَبٍ النَّصْرِيُّ، وَيَزِيْدُ بنُ يَزِيْدَ، بنِ جَابِرٍ, وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَةِ الثَّانِيَة مِنْ أَهْلِ الكُوْفَةِ، قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً, وَلَهُ أَحَادِيْثُ. وَرَوَى: عَبَّاسٌ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ, قَالَ: هُوَ كُوْفِيٌّ, وَذَهَبَ إِلَى الشَّامِ، وَلَمْ نَسْمَعْ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَقَالَ يَحْيَى وَأَبُو حَاتِمٍ وَالعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَالَ: أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ, صَدُوْقٌ, كُوْفِيٌّ, كَانَ مُعَلِّماً بِالكُوْفَةِ, ثُمَّ سَكَنَ الشَّامَ.
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: كُنَّا فِي كُتَّابِ القَاسِمِ بنِ مُخَيْمِرَةَ، فَكَانَ يُعَلِّمُنَا وَلاَ يَأْخُذُ مِنَّا.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: كَانَ القَاسِمُ بنُ مُخَيْمِرَةَ يَقْدَمُ عَلَيْنَا هَا هُنَا مُتَطَوِّعاً فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ اسْتَأْذَنَ الوَالِي، فَقِيْلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَكَ؟ قَالَ: إِذاً أُقِيْمُ ثُمَّ قَرَأَ {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوه} . [النُّوْرُ:62] .
وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ الفَزَارِيُّ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، نَحْوَ ذَلِكَ. وَزَادَ فِيْهَا: وَيَقُوْلُ: مَنْ عَصَى مَنْ بَعَثَهُ, لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ حَتَّى يَرْجِعَ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ أَبِي حَمَلَةَ: ذَكَرَ الوَلِيْدُ بنُ هِشَامٍ القَاسِمَ بنَ مُخَيْمِرَةَ لِعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: سَلْ حَاجَتَكَ. قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ قَدْ عَلِمْتَ مَا يُقَالُ فِي المَسْأَلَةِ قَالَ: لَيْسَ أَنَا ذَاكَ، إِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ سَلْ حَاجَتَكَ. قَالَ: تُلْحِقُنِي فِي العَطَاءِ قَالَ: قَدْ أَلْحَقْنَاكَ فِي خَمْسِيْنَ فَسَلْ حَاجَتَكَ. قَالَ: تَقْضِي عَنِّي دَيْنِي. قَالَ: قَدْ قَضَيْنَاهُ فَسَلْ حَاجَتَكَ قَالَ: تَحْمِلُنِي عَلَى دَابَّةٍ. قَالَ: قَدْ حَمَلْنَاكَ فَسَلْ. قَالَ: تُلْحِقُ بَنَاتِي فِي العِيَالِ قَالَ: قَدْ فَعَلْنَا فَسَلْ حَاجَتَكَ قَالَ: أَيُّ شَيْءٍ بَقِيَ فَقَالَ: قَدْ أَمَرْنَا لَكَ بِخَادِمٍ فَخُذْهَا مِنْ عِنْدَ أَخِيْكَ الوَلِيْدِ بن هشام.(5/506)
وَرَوَى سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، عَنِ القَاسِمِ بنِ مُخَيْمِرَةَ، قَالَ: لَمْ يَجْتَمِعْ عَلَى مَائِدَتِي لَوْنَانِ مِنْ طَعَامٍ قَطُّ, وَمَا أَغْلَقْتُ بَابِي قَطُّ وَلِي خَلْفَهُ هَمٌّ.
قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: أَتَى القَاسِمُ بنُ مُخَيْمِرَةَ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَفَرَضَ لَهُ وَأَمَرَ لَهُ بِغُلاَمٍ, فَقَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَغْنَانِي عَنِ التِّجَارَةِ. وَكَانَ لَهُ شَرِيْكٌ، كَانَ إِذَا رَبِحَ قَاسَمَ شَرِيْكَهُ ثُمَّ يَقْعُدُ فِي بَيْتِهِ لاَ يَخْرُجُ حَتَّى يَأْكُلَهُ.
وَقَالَ عُمَرُ بنُ أَبِي زَائِدَةَ: كَانَ القَاسِمُ بنُ مُخَيْمِرَةَ إِذَا وَقَعَتْ عِنْدَهُ الزُّيُوْفُ، كَسَرَهَا, وَلَمْ يَبِعْهَا.
وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: عَنْ مُوْسَى بنِ سُلَيْمَانَ بنِ مُوْسَى, عَنِ القَاسِمِ بنِ مُخَيْمِرَةَ، قَالَ: مَنْ أَصَابَ مَالاً مِنْ مَأْثَمٍ, فَوَصَلَ بِهِ, أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ، أَوْ أَنْفَقَهُ فِي سَبِيْلِ اللهِ, جُمِعَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشُّعَيْثِيُّ: كَانَ القَاسِمُ بنُ مُخَيْمِرَةَ يَدْعُو بِالمَوْتِ، فَلَمَّا حَضَرَهُ المَوْتُ, قَالَ لأُمِّ وَلَدِهِ: كُنْتُ أَدْعُو بِالمَوْتِ, فَلَمَّا نَزَلَ بِي, كَرِهْتُهُ قُلْتُ: هَكَذَا يَتِمُّ لِغَالِبِ مَنْ يَتَمَنَّى المَوْتَ وَالنَبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى أَنْ يَتَمَنَّى أَحَدُنَا المَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، وَقَالَ: "لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي إِذَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْراً لِي, وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الوَفَاةَ خَيْراً لِي" 1.
قَالَ المَدَائِنِيُّ، وَالهَيْثَمُ, وَشَبَابٌ، وَطَائِفَةٌ: مَاتَ القَاسِمُ بنُ مُخَيْمِرَةَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بِدِمَشْقَ. وَقَالَ الفَلاَّسُ، وَالمُفَضَّلُ الغَلاَبِيُّ: سَنَةَ مائَةٍ وَقَالَ: ابْنُ مَعِيْنٍ: سَنَةَ مائَةٍ, أَوْ إِحْدَى وَمائَةٍ.
أَبُو مُسْهِرٍ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، قَالَ: قَالَ القَاسِمُ بنُ مُخَيْمِرَةَ: مَا اجْتَمَعَ عَلَى مَائِدَتِي لَوْنَانِ.
وَقَالَ ابْنُ جَابِرٍ: رَأَيْتُ القَاسِمَ بنَ مُخَيْمِرَةَ يُجِيْبُ إِذَا دُعي، ولايأكل إلَّا مِنْ لَوْنٍ وَاحِدٍ.
قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: كَانَ القَاسِمُ يَقْدَمُ عَلَيْنَا مُرَابِطاً، مُتَطَوِّعاً, وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لأَنْ أَطَأَ عَلَى سِنَانٍ مَحْمِيٍّ يَنْفُذُ مِنْ قَدَمِي، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَطَأَ عَلَى قبر مؤمن متعمدا2.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "3/ 101 و 281"، والبخاري "6351"، ومسلم "2680" "10"، وأبو داود "3108"، والترمذي "2971"، والنسائي "4/ 3"، وفي "عمل اليوم والليلة" "1057" من طريق عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لابد متمنيا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي".
وأخرجه أحمد "3/ 163 و 195 و 208 و 247"، والبخاري "5671"، ومسلم "2680"، والنسائي "4/4 "، والبيهقي "3/ 377"، والبغوي "1444"، من طرق عن ثابت، عن أنس، به.
2 نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الجلوس على القبر؛ ففي الحديث الصحيح الذي رواه أبو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه، فتخلص إلى جلده، خير له من أن يجلس على قبر" أخرجه أحمد "2/ 311 و 389 و 444 و 528"، ومسلم "971"، وأبو داود "3228"، والنسائي "4/ 95"، وابن ماجه "1566"، والبيهقي "4/ 79"، والبغوي "1519" من طرق عَنْ سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عن أبي هريرة، به.(5/507)
693- ثُمَامة 1: "ع"
ابن عَبْدِ اللهِ بنِ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ.
رَوَى عَنْ: جَدِّهِ، وَالبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ.
وَعَنْهُ: ابن عون, ومعمر، وَعَزْرَةُ بنُ ثَابِتٍ, وَمُعَاوِيَةُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ الضَّالُّ، وَأَبُو عَوَانَةَ, وَعِدَّةٌ.
وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ الصَّادِقِيْنَ، وَلِيَ قَضَاءَ البَصْرَةِ، وَكَانَ يَقُوْلُ: صَحِبْتُ جدي ثلاثين سنة.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 239"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2119"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "1/ 504" و 2/ 244"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 1893"، تاريخ الإسلام "4/ 237" تهذيب التهذيب "2/ 28".(5/508)
694-معبد 1: "ع"
ابن خالد الجدلي الكوفي العَابِدُ، قَاصُّ الكُوْفَةِ، وَأَحَدُ الأَثْبَاتِ، أَبُو القَاسِمِ.
حَدَّثَ عَنْ: جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ، وَالمُسْتَوْرِدِ بنِ شَدَّادٍ, وَحَارِثَةَ بنِ وَهْبٍ، وَمَسْرُوْقٍ, وَعَبْدِ اللهِ بنِ شَدَّادٍ, وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: مِسْعَرٌ، وَحَجَّاجُ بنُ أَرْطَاةَ، وَشُعْبَةُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَغَيْرُهُم. وَثَّقَهُ: غَيْرُ وَاحِدٍ.
مَاتَ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَمائَةٍ رَحِمَهُ الله.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 318"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 1744"، المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي "3/ 89 و 226"، الجرح والتعديل "8/ ترجمة 1284"، الكاشف "3/ ترجمة 5637"، تاريخ الإسلام "4/ 305"، تهذيب التهذيب "10/ 221"، خلاصة الخزرجي "3/ ترجمة رقم 7095"، شذرات الذهب "1/ 156".(5/508)
جامع بن شداد، علقمة بن مرثد، علي بن زيد:
695- جامع بن شداد 1: "ع"
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو صَخْرَةَ المُحَارِبِيُّ، أَحَدُ علماء الكوفة.
حَدَّثَ عَنْ: صَفْوَانَ بنِ مُحْرِزٍ, وَحُمْرَانَ بنِ أَبَانٍ، وَأَبِي بُرْدَةَ بنِ أَبِي مُوْسَى, وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الأَعْمَشُ, وَمِسْعَرٌ, وَشُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ، وَشَرِيْكٌ, وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ. وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِ الأَعْمَشِ، وَإِنَّمَا قَدَّمْتُهُ؛ لأَنَّهُ قَدِيْمُ المَوْتِ. تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَمائَةٍ.
696- عَلْقَمَةُ بنُ مَرْثَد 2: "ع"
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ الحُجَّةُ، أَبُو الحَارِثِ الحَضْرَمِيُّ, الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَطَارِقِ بنِ شِهَابٍ, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى, وَسَعْدِ بنِ عُبَيْدَةَ, وَأَمْثَالِهِم. عِدَادُهُ فِي صِغَارِ التَّابِعِيْنَ، وَلَكِنَّهُ قَدِيْمُ المَوْتِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: غَيْلاَنُ بنُ جَامِعٍ, وَأَبُو حَنِيْفَةَ، وَالأَوْزَاعِيُّ, وَشُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَمِسْعَرُ بنُ كِدَامٍ، وَالمَسْعُوْدِيُّ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: هُوَ ثَبْتٌ فِي الحَدِيْثِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
697- عَلِيُّ بنُ زيد 3: "4، م مقرونًا"
ابن جدعان، الإِمَامُ العَالِمُ الكَبِيْرُ، أَبُو الحَسَنِ القُرَشِيُّ, التَّيْمِيُّ, البصري، الأعمى.
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 318"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2322"، الجرح والتعديل "2/ ترجمة 2201"، تاريخ الإسلام "4/ 237"، تهذيب التهذيب "2/ 56".
2 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 331"، التاريخ الكبير "7/ ترجمة 180"، الجرح والتعدليل "6/ ترجمة 2269"، تاريخ الإسلام "4/ 281"، العبر "1/ 271"، الكاشف "2/ ترجمة رقم 3931"، تهذيب التهذيب "7/ 278"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4937"، شذرات الذهب "1/ 157".
3 أخرج له مسلم مقرونا بغيره. ترجمته في طبقات ابن سعد "7/ 252"، التاريخ الكبير "6/ ترجمة 2389"، الجرح والتعديل "6/ ترجمة 1021"، تاريخ الإسلام "5/ 111 و 283"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 133"، الكاشف "2/ ترجمة 3975"، ميزان الاعتدال "3/ 127"، تهذيب التهذيب "7/ 322"، خلاصة الخزرجي "2/ ترجمة 4985"، شذرات الذهب "1/ 176".(5/509)
وُلِدَ -أَظُنُّ فِي دَوْلَةِ يَزِيْدَ. وَحَدَّثَ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ, وَأَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ, وَعُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، وَأَبِي قِلاَبَةَ، وَالحَسَنِ، وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ, وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُعْبَةُ, وَسُفْيَانُ، وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، وَعَبْدُ الوَارِثِ وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ, وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ, وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عُلَيَّةَ، وَشَرِيْكٌ, وَعِدَّةٌ.
وُلِدَ أَعْمَى كَقَتَادَةَ، وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، عَلَى تَشَيُّعٍ قَلِيْلٍ فِيْهِ, وَسُوْءِ حَفِظٍ يَغُضُّهُ مِنْ دَرَجَةِ الإِتْقَانِ.
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ البُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: لاَ أَحْتَجُّ بِهِ لِسُوْءِ حِفْظِهِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: صَدُوْقٌ، وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يُلَيِّنُهُ. وَقَالَ شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ، وَكَانَ رَفَّاعاً. وَقَالَ مَرَّةً: حَدَّثَنَا قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِطَ.
وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ وَكَانَ يَقْلِبُ الأَحَادِيْثَ. وَقَالَ الفَلاَّسُ: كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ يَتَّقِيْهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ضَعِيْفٌ. وَرَوَى: عَبَّاسٌ, عَنْ يَحْيَى: لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَمَرَّةً قَالَ: هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنِ ابْنِ عَقِيْلٍ، وَعَاصِمِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ.
وَرَوَى عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ، عَنْ يَحْيَى: لَيْسَ بِذَاكَ القَوِيِّ. وَقَالَ العِجْلِيُّ: كَانَ يَتَشَيَّعُ, لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ الفَسَوِيُّ: اخْتُلِطَ فِي كِبَرِهِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لاَ يَزَالُ عِنْدِي فِيْهِ لِيْنٌ.
قُلْتُ: قَدِ اسْتَوْفَيْتُ أَخْبَارَهُ فِي "المِيْزَانِ" وَغَيْرِهِ، وَلَهُ عَجَائِبُ وَمَنَاكِيْرُ، لَكِنَّهُ وَاسِعُ العِلْمِ. قَالَ مَنْصُوْرُ بنُ زَاذَانَ: لَمَّا مَاتَ الحَسَنُ قُلْنَا لِعَلِيِّ بنِ زَيْدٍ: اجْلِسْ مَكَانَهُ وَقَالَ الجُرَيْرِيُّ: أَصْبَحَ فُقَهَاءُ البَصْرَةِ عُمْيَاناً: قَتَادَةُ، وَابْنُ جُدْعَانَ وَأَشْعَثُ الحُدَّانِيُّ.
مَاتَ عَلِيٌّ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ.(5/510)
698- الحكم بن عُتَيْبَة 1: "ع"
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، عَالِمُ أَهْلِ الكُوْفَةِ، أَبُو مُحَمَّدٍ الكِنْدِيُّ مَوْلاَهُم، الكُوْفِيُّ وَيُقَالُ أَبُو عَمْرٍو. وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ، وشُريح القَاضِي, وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى, وَأَبِي وَائِلٍ شَقِيْقِ بنِ سَلَمَةَ, وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ, وَمُصْعَبِ بنِ سعد, وطاوس, وَعِكْرِمَةَ, وَمُجَاهِدٍ, وَأَبِي الضُّحَى, وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، وَأَبِي الشَّعْثَاءِ المُحَارِبِيِّ، وَعَامِرٍ الشَّعْبِيِّ, وَعَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَالحَسَنِ بنِ مُسْلِمٍ، وَعَمْرِو بنِ مَيْمُوْنٍ الأَوْدِيِّ، وَمِقْسَمٍ وَأَبِي عُمَرَ الصِّيْنِيِّ, وَعِرَاكِ بنِ مَالِكٍ, وَيَحْيَى بنِ الجَزَّارِ، وَخَيْثَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, وَسَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ، وَقَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ، وَعَمْرِو بنِ نَافِعٍ, وَأَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، وَإِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَعَنْهُ: مَنْصُوْرٌ، وَالأَعْمَشُ, وَزَيْدُ بنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، وَأَبَانُ بن تغلب، ومسعر ابن كِدَامٍ، وَمَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ، وَالأَوْزَاعِيُّ, وَحَمْزَةُ بنُ حَبِيْبٍ الزَّيَّاتُ، وَشُعْبَةُ، وَقَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ، وَأَبُو عَوَانَةَ, وَمَعْقِلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ, وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: هُوَ مِنْ أَقْرَانِ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ، وُلِدَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ. قُلْتُ: مَا عيَّن السَّنَةَ، وَهِيَ نَحْوُ سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ.
كَتَبَ إِلَيَّ مَنْ سَمِعَ أَبَا حَفْصٍ المُعَلِّمَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الخَطِيْبُ, أَنْبَأَنَا ابْنُ حَبَابَةَ, حَدَّثَنَا البَغَوِيُّ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ غَيْلاَنَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ شِهَابٍ فِي أَصْحَابِهِ بِمَنْزِلَةِ الحَكَمِ فِي أَصْحَابِهِ.
قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: حَجَجْتُ، فَلقِيْتُ عبدة ابن أَبِي لُبَابَةَ، فَقَالَ لِي: هَلْ لَقِيْتَ الحَكَمَ؟ قُلْتُ: لاَ قَالَ: فَالْقَهُ، فَمَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَفْقَهُ مِنْهُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: هُوَ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي إِبْرَاهِيْمَ.
قَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: مَا كَانَ بِالكُوْفَةِ مِثْلُ الحَكَمِ، وَحَمَّادِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ.
قَالَ عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: كَانَ الحَكَمُ صَاحِبَ عِبَادَةٍ وَفَضْلٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: كَانَ الحَكَمُ ثِقَةً، ثَبْتاً فَقِيْهاً، مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ إِبْرَاهِيْمَ, وَكَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ وَاتِّبَاعٍ.
قَالَ سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُوْنِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: كَانَ الحَكَمُ يُفَضِّلُ عَلِيّاً عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، قُلْتُ: الشاذكوني ليس بمتعمد، وَمَا أَظُنُّ أَنَّ الحَكَمَ يَقعُ مِنْهُ هَذَا.
وَرَوَى أَبُو إِسْرَائِيْلَ المُلاَئِيُّ، عَنْ مُجَاهِدِ بنِ رُوْمِيٍّ، قَالَ: مَا كُنْتُ أَعْرِفُ فَضْلَ الحَكَمِ إلَّا إِذَا اجْتَمَعَ عُلَمَاءُ النَّاسِ فِي مَسْجِدِ مِنَىً، نَظَرْتُ إِلَيْهِم, فَإِذَا هُم عِيَالٌ عَلَيْهِ.
وَبِإِسْنَادِي إِلَى البَغَوِيِّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، حدثنا ابن نمير، حدثنا ابن إدريس,
__________
1 ترجمته في طبقات ابن سعد "6/ 331"، التاريخ الكبير "2/ ترجمة 2654"، الجرح والتعديل "3/ ترجمة 567"، تاريخ الإسلام "4/ 242"، تذكرة الحفاظ "1/ ترجمة 102"، العبر "1/ 143"، تهذيب التهذيب "2/ 432"، خلاصة الخزرجي "1/ ترجمة 1555"، شذرات الذهب "1/ 151".(5/511)
عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: رَأَيْتُ الحَكَمَ وَحَمَّاداً فِي مجلس محارب، وهو على القَضَاءِ, أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِيْنِهِ, وَالآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ, فَيَنْظُرُ إِلَى هَذَا مَرَّةً, وَإِلَى هَذَا مَرَّةً. قَالَ شُعْبَةُ: أَحَادِيْثُ الحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ كِتَابٌ سِوَى خَمْسَةِ أَحَادِيْثَ. ثُمَّ قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: هِيَ حَدِيْثُ الوَتْرِ، وَحَدِيْثُ القُنُوْتِ وَحَدِيْثُ عَزِيْمَةِ الطَّلاَقِ، وَجَزَاءِ الصَّيْدِ، وَإِتْيَانِ الحَائِضِ.
ثُمَّ قَالَ يَحْيَى: وَالحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ لَيْسَ بِصَحِيْحٍ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ, وَأَبُو دَاوُدَ, قَالاَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ بِالقَاحَةِ. لَمْ يَقُلْ بهز بالقاحة1.
حدثناأحمد بنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: قَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ: قال شعبة: لم يسمع الحَكَمُ مِنْ مِقْسَمٍ- يَعْنِي: حَدِيْثَ الحِجَامَةِ.
حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَازِمٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيْقٍ, عَنْ عَبْدِ اللهِ, قَالَ: وَاللهِ إِنَّ الَّذِي يُفْتِي النَّاسَ فِي كُلِّ مَا يَسْأَلُوْنَهُ لَمَجْنُوْنٌ. قَالَ الأَعْمَشُ: قَالَ لِي الحَكَمُ لَوْ سَمِعْتُ هَذَا مِنْكَ قَبْلَ اليَوْمِ، مَا كُنْتُ أُفْتِي فِي كَثِيْرٍ مِمَّا كُنْتُ أُفْتِي.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ القَاضِي، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ, حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، قَالَ: خَرَجْتُ عَلَى جِنَازَةٍ وَأَنَا غُلاَمٌ, فَصَلَّى عَلَيْهَا زَيْدُ بنُ أَرْقَمَ، فَسَمِعْتُ النَّاسَ يَقُوْلُوْنَ: كَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعاً.
وَقَالَ مَعْقِلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ: قُلْتُ لِلْحَكَمِ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: قُلْتُ لِيَحْيَى: أَيُّ أَصْحَابِ إِبْرَاهِيْمَ أَحَبُّ إِلَيْكَ? قَالَ: الحَكَمُ وَمَنْصُوْرٌ مَا أَقْرَبَهُمَا! قَالَ المَدَائِنِيُّ: الحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ كِنْدِيٌّ. وَيُقَالُ: أَسَدِيٌّ مَوْلَىً.
قَالَ حَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْرَائِيْلَ يَقُوْلُ: إِنَّ أَوَّلَ يَوْمٍ عَرَفْتُ فِيْهِ الحَكَمَ يَوْمَ مَاتَ الشَّعْبِيُّ، جَاءَ إِنْسَانٌ يَسْأَلُ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالُوا عَلَيْكَ بِالحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ.
أَحْمَدُ بنُ زُهَيْرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَعِيْنٍ حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ، عَنْ مُغِيْرَةَ قَالَ: كَانَ الحَكَمُ إِذَا قَدِمَ المَدِيْنَةَ فُرغت لَهُ سَارِيَةُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم يصلي إليها.
__________
1 صحيح: أخرجه أحمد "1/ 244"، والطبراني في "الكبير" "12053"، من طريق شعبة عن الحكم، به.
قوله: "القاحة" موضع يبعد عن المدينة حوالي خمسة وتسعين كيلوا متر تقريبًا في الجنوب الغربي منها.(5/512)