أشهرها مسجده المعروف باسمه فى ميدان «الظاهر» بالقاهرة.
وكانت لبيبرس هيبة كبيرة فى قلوب أمراء البلاد، فخشوا بأسه
لدرجة أن أحدهم لم يجرؤ على الدخول عليه فى مجلسه إلا بطلب
وإذن منه. وقام «بيبرس» بدوره على خير وجه فى محاربة
المغول والصليبيين تقليدًا للقائد البطل «صلاح الدين»، وأصدر
عدة قوانين لتطبيق الشريعة الإسلامية، وإصلاح الأوضاع
الاجتماعية فى «مصر»، وأمر فى سنة (664هـ) بمنع بيع
الخمور، وإغلاق الحانات، ونفى المفسدين. وكان «بيبرس» قائدًا
شجاعًا، ضُربَت ببطولته وشهامته الأمثال، فقد خاض معارك
ومواقع عديدة، سجل فيها بطولات رائعة، وأبلى بلاءً حسنًا
فى مطاردة الصليبيين وتشتيتهم وإجلائهم عن الشرق الأدنى،
واستعاد فى سنة (666هـ) «قيسارية»، و «أرسوف»، و «صفد»،
و «شقيف»، و «يافا»، و «طرابلس»، و «أنطاكية»، فأضعف ذلك
الصليبيين، وأنهكهم، وزاد من قوة المسلمين، وحرص على أن
يؤكد صورة الحاكم العادل الذى يجلس بنفسه للمظالم، ويعطف
على الفقراء. وفى (27 من المحرم سنة 676هـ = 1277م) تُوفِّى
«الظاهر بيبرس» إثر عودته من واقعة «قيسارية» بالقرب من
«دمشق»، وقد دُفن بها بعد حياة حافلة بالبطولة والشجاعة،
سطر خلالها صفحات مجيدة مازال التاريخ يحفظها له وسيظل.(10/259)
*قلاوون
هو «المنصور سيف الدين قلاوون» أحد سلاطين دولة المماليك
فى مصر والشام، انتقل إليه عرش السلطنة سنة 679هـ = 1280م
بعد «سلامش» (ابن «الظاهر بيبرس») واستمرت السلطنة فى بيته
وأسرته حتى انتهاء دولة المماليك البحرية فى سنة (784هـ)،
ولعل التجارب السياسية التى مر بها وتعرض لها فى خدمة
«بيبرس» ومن قبله «قطز»، هى التى مهدت له السبيل لكى
يكون أحد سلاطين المماليك الأقوياء والبارزين، وسار على نهج
«بيبرس» السياسى فى إدارة شئون البلاد والتقرب من الشعب،
واستقدم كثيرًا من المماليك وأطلق عليهم اسم «البرجية» نسبة
إلى أبراج القلعة التى أقاموا فيها وجعلهم عونًا له، وأعدهم
ليكونوا عونًا لأبنائه من بعده فى تثبيت عروشهم. ومضى على
نهج «بيبرس» فى إخراج الصليبيين من بلاد الشام، واستعاد
«اللاذقية» و «طرابلس» من أيديهم فى سنة (688هـ)، وتابع
التتار وطارد فلولهم وهزمهم وأبعد أذاهم نهائيا عن «مصر»
و «الشام». ويُعدُّ «قلاوون» من أبرز سلاطين الدولة المملوكية
العظماء، كما يُعد أحد مؤسسى هذه الدولة، إذ أنفق أموالا
طائلة على الإصلاحات والإنشاءات، وأشرف على سير العمل
فيها بنفسه فى حزم وعزم شديدين، ولعل أبرز الإنشاءات التى
ترجع إلى عصره تلك القبة التى بناها، ودُفن تحتها، كما بنى
«مدرسة» و «مارستانًا» -حملا اسمه - عام (688هـ)، ومازال هذا
المارستان قائمًا حتى الآن ويُعرف باسم: مستشفى قلاوون»،
وظل «قلاوون» يقوم بدوره الحربى والسياسى والاجتماعى
والحضارى فى البلاد على أكمل وجه حتى وفاته سنة (689هـ).(10/260)
*خليل بن قلاوون
هو «الأشرف خليل بن المنصور سيف الدين قلاوون» أحد سلاطين
دولة المماليك فى مصر والشام، انتقل إليه عرش السلطنة سنة
689هـ =1290م بعد وفاة أبيه، فعاد فى عهده نفوذ الأمراء،
وتجددت الصراعات الداخلية، إلا أنه استطاع التغلب على هذه
المصاعب كلها على الرغم من قصر مدة حكمه للبلاد، وبرهن
على أنه حاكم كفء مهيب، شديد البأس، عارف بأحوال المملكة،
لدرجة أن «ابن إياس» قال عنه فى تأريخه: «كان الأشرف بطلا لا
يكل عن الحروب ليلا ونهارًا، ولا يُعرف من أبناء الملوك مَنْ كان
يناظره فى العزم والشجاعة والإقدام». ويكفى «الأشرف خليل»
مجدًا يخلد اسمه بين أعظم قادة التاريخ الإسلامى أنه استطاع
استعادة «عكَّا» من أيدى الصليبيين سنة (692هـ)، بعد أن
استعصت على مَنْ كان قبله من السلاطين لحصانتها، كما تابع
جهاده فى تتبع جيوش الصليبيين بالشام، واستعاد «صور»
و «حيفا» و «بيروت»، وظل يضيف انتصارات عظيمة إلى سجل
هذه الدولة كان من شأنها أن يظل العالم الإسلامى قويا
مترابطًا، ويقوم بدوره فى البناء الحضارى.(10/261)
*الأشرف خليل
هو «الأشرف خليل بن المنصور سيف الدين قلاوون» أحد سلاطين
دولة المماليك فى مصر والشام، انتقل إليه عرش السلطنة سنة
689هـ =1290م بعد وفاة أبيه، فعاد فى عهده نفوذ الأمراء،
وتجددت الصراعات الداخلية، إلا أنه استطاع التغلب على هذه
المصاعب كلها على الرغم من قصر مدة حكمه للبلاد، وبرهن
على أنه حاكم كفء مهيب، شديد البأس، عارف بأحوال المملكة،
لدرجة أن «ابن إياس» قال عنه فى تأريخه: «كان الأشرف بطلا لا
يكل عن الحروب ليلا ونهارًا، ولا يُعرف من أبناء الملوك مَنْ كان
يناظره فى العزم والشجاعة والإقدام». ويكفى «الأشرف خليل»
مجدًا يخلد اسمه بين أعظم قادة التاريخ الإسلامى أنه استطاع
استعادة «عكَّا» من أيدى الصليبيين سنة (692هـ)، بعد أن
استعصت على مَنْ كان قبله من السلاطين لحصانتها، كما تابع
جهاده فى تتبع جيوش الصليبيين بالشام، واستعاد «صور»
و «حيفا» و «بيروت»، وظل يضيف انتصارات عظيمة إلى سجل
هذه الدولة كان من شأنها أن يظل العالم الإسلامى قويا
مترابطًا، ويقوم بدوره فى البناء الحضارى(10/262)
*الناصر محمد بن قلاوون
هو «الناصر محمد بن المنصور سيف الدين قلاوون» أحد سلاطين
دولة المماليك فى مصر والشام والابن الثانى للسلطان
«قلاوون»، انتقل إليه عرش السلطنة سنة 693هـ =1294م بعد
وفاة أخيه «الأشرف خليل» نشأ الناصر محمد فى بيت الملك
محاطًا بالأمراء والنواب والحراس، غير أنه لم يتمتع طويلا بعطف
ورعاية أبيه «قلاوون»، الذى مات ولما يبلغ «الناصر محمد»
الخامسة من عمره، غير أنه لحسن حظه لم يحرم من عطف أخيه
«الأشرف خليل» ورعايته، فاهتم بتربيته وأحسن معاملته، فنشأ
«محمد» ولديه من صفات أبيه وأخيه الكثير، فأصبح كأسلافه
مهتما بالمشروعات الحيوية، ومحبا للغزو والجهاد. اعتلى
«الناصر محمد» عرش «مصر» ثلاث مرات، استمرت الأولى عامًا
واحدًا فى الفترة: (من سنة 693 إلى سنة 694هـ)، ثم اغتصبها
منه «زين الدين كتبغا» الذى لقب نفسه بالعادل، و «حسام الدين
لاُين» الذى تلقب بالمنصور، واستمرت فترة الاغتصاب هذه أربع
سنوات عاشت البلاد خلالها عهدًا من الفتن والاضطرابات،
وانتابتها مظاهر الضعف والانحلال، مما هيأ السبيل إلى عودة
«الناصر محمد» إلى السلطنة ثانية ليتدارك تفاقم هذه الأوضاع.
ولعل أبرز ما يميز الفترة الثانية لتولى «الناصر محمد» عرش
السلطنة (692هـ - 708 هـ) الفتن والاضطرابات التى أحدثها
وأشعلها أمراء المماليك سعيًا وراء الوصول إلى العرش، الأمر
الذى اضطر «الناصر محمد» إلى الرحيل فى عام (708هـ) إلى
«قلعة الكرك» للاحتماء بها بعيدًا عن مؤامرات الأمراء
ودسائسهم، فمكن ذلك «بيبرس الجاشنكير» -أحد القادة
العسكريين- من السيطرة على مقاليد الأمور، على الرغم من
رسائل أمراء المماليك التى بعثوا بها إلى «الناصر محمد»
يرجونه فيها العودة إلى «مصر»، إلا أنه تمهل حتى يقف على
حقيقة الأمور، فلما رأى حاجة البلاد إليه قرر العودة إلى «مصر»
ثانية، وتمكن من طرد «الجاشنكير»، وبدأ مرحلة ثالثة على(10/263)
عرش البلاد، كانت من أهم فترات تاريخ «مصر» والشام. استمرت
فترة حكم «الناصر محمد» الثالثة على «مصر» و «الشام» وما
يتبعهما اثنين وثلاثين عامًا متصلة، انفرد فيها بحكم البلاد،
وتمكن من القضاء على الفتن والدسائس، ونعمت البلاد فى عهده
بأطول فترة استقرار شهدتها فى العهد المملوكى، وتعلق
الشعب به وأحبه لما قدمه من أعمال جليلة وعظيمة رفعت من
شأنه. تُعد فترة حكم «الناصر محمد» الثالثة (709 - 741 هـ) من
أزهى عهود دولة المماليك البحرية على الإطلاق، ففيها توطدت
دعائم البلاد، واستقرت أساليب الحكم والإدارة فيها، وازدهرت
الفنون والعلوم، وباتت «القاهرة» حاضرة لإمبراطورية شاسعة
تشمل «مصر» والشام والجزيرة العربية، وكذلك بلاد «اليمن»
التى بسط «الناصر محمد» نفوذه عليها، فخطب وده ملوك
«أوربا» و «آسيا»، وأبرموا معه المعاهدات وصاهروه، وأرسلوا
إليه بالهدايا الثمينة والتحف النادرة؛ أملا فى رضاه. لم يقتصر
نشاط «الناصر محمد» على الحروب والغزوات على الرغم من أنه
نجح فى طرد فلول الصليبيين، وصد ثلاث غزوات مغولية، بل
اتجه إلى الأخذ بكل مقومات الحضارة فى عصره، وصبغها -
لتدينه الشديد- بصبغة دينية ظهرت واضحة على العمائر التى
شيدها، والتى مازال بعضها قائمًا - حتى الآن - شاهد صدق
على بره وتقواه، وذوقه الراقى فى الفنون والعمارة، ولعل
أشهرها: «المدرسة الناصرية» التى شيدها بشارع «المعز لدين
الله الفاطمى»، وكذا المسجد الذى بناه بالقلعة سنة (718هـ)، ثم
هدمه وأعاد بناءه سنة (735هـ) لتوسعته وزخرفة جوانبه، كما
شرع فى سنة (703هـ) أثناء سلطنته الثانية فى تجديد
«المارستان» الكبير الذى أسسه والده السلطان «قلاوون» سنة
(688هـ)، وكذلك بنى سبيلا، وقبة، ومكتبة عظيمة، وأنشأ
«خانقاه» فى «سرياقوس» لإقامة فقراء الصوفية خاصة
القادمين منهم من البلاد الشرقية. وقد أرخ «ابن إياس» لحكم(10/264)
«الناصر محمد»، وعبر عنه بقوله: «ولا يُعلَم لأحد من الملوك آثار
مثله ولا مثل مماليكه، حتى قيل لقد تزايدت فى أيامه الديار
المصرية والبلاد الشامية من العمائر مقدار النصف من جوامع
وخوانق وقناطر، وغير ذلك من العمائر». ولاشك أن هذه
المنشآت كانت تعتمد على اقتصاد قوى، ورؤية حضارية من
«الناصر محمد»، الذى وضع أسس السياسة العامة لدولة
المماليك، وعُدَّ المنفذ الأكبر لها، فكان شديد البأس، سديد
الرأى، يتولى أمور دولته بنفسه، مطَّلعًا على أحوال مملكته،
محبوبًا من رعيته، مهيبًا فى أمراء دولته، فكان المثل الأعلى
لرجل السياسة فى دولة المماليك، كما كان «بيبرس» المثل
الأعلى للقائد الحربى، وانطلقت بوفاته فى سنة (741هـ)، ألسنة
الشعراء والأدباء لتأبينه والثناء عليه، والإشادة بذكره، وقد
أطراه المؤرخ «أبو المحاسن بن تغرى بردى» بقوله: «إنه أطول
الملوك فى الحكم زمانًا، وأعظمهم مهابة، وأحسنهم سياسة،
وأكثرهم دهاء، وأجودهم تدبيرًا، وأقواهم بطشًا وشجاعة،
مرت به التجارب، وقاسى الخطوب، وباشر الحروب، وتقلب مع
الدهر ألوانًا، ونشأ فى الملك والرياسة، وله فى ذلك الفخر
والسعادة، خليقًا بالملك والسلطنة؛ فهو سلطان ابن سلطان،
ووالد ثمانية سلاطين؛ فهو أجل ملوك المماليك وأعظمهم بلا
مدافع». وكانت وفاة «الناصر محمد» فى (20 من ذى الحجة سنة
741هـ).(10/265)
*محمد بن قلاوون
هو «الناصر محمد بن المنصور سيف الدين قلاوون» أحد سلاطين
دولة المماليك فى مصر والشام والابن الثانى للسلطان
«قلاوون»، انتقل إليه عرش السلطنة سنة 693هـ =1294م بعد
وفاة أخيه «الأشرف خليل» نشأ الناصر محمد فى بيت الملك
محاطًا بالأمراء والنواب والحراس، غير أنه لم يتمتع طويلا بعطف
ورعاية أبيه «قلاوون»، الذى مات ولما يبلغ «الناصر محمد»
الخامسة من عمره، غير أنه لحسن حظه لم يحرم من عطف أخيه
«الأشرف خليل» ورعايته، فاهتم بتربيته وأحسن معاملته، فنشأ
«محمد» ولديه من صفات أبيه وأخيه الكثير، فأصبح كأسلافه
مهتما بالمشروعات الحيوية، ومحبا للغزو والجهاد. اعتلى
«الناصر محمد» عرش «مصر» ثلاث مرات، استمرت الأولى عامًا
واحدًا فى الفترة: (من سنة 693 إلى سنة 694هـ)، ثم اغتصبها
منه «زين الدين كتبغا» الذى لقب نفسه بالعادل، و «حسام الدين
لاُين» الذى تلقب بالمنصور، واستمرت فترة الاغتصاب هذه أربع
سنوات عاشت البلاد خلالها عهدًا من الفتن والاضطرابات،
وانتابتها مظاهر الضعف والانحلال، مما هيأ السبيل إلى عودة
«الناصر محمد» إلى السلطنة ثانية ليتدارك تفاقم هذه الأوضاع.
ولعل أبرز ما يميز الفترة الثانية لتولى «الناصر محمد» عرش
السلطنة (692هـ - 708 هـ) الفتن والاضطرابات التى أحدثها
وأشعلها أمراء المماليك سعيًا وراء الوصول إلى العرش، الأمر
الذى اضطر «الناصر محمد» إلى الرحيل فى عام (708هـ) إلى
«قلعة الكرك» للاحتماء بها بعيدًا عن مؤامرات الأمراء
ودسائسهم، فمكن ذلك «بيبرس الجاشنكير» -أحد القادة
العسكريين- من السيطرة على مقاليد الأمور، على الرغم من
رسائل أمراء المماليك التى بعثوا بها إلى «الناصر محمد»
يرجونه فيها العودة إلى «مصر»، إلا أنه تمهل حتى يقف على
حقيقة الأمور، فلما رأى حاجة البلاد إليه قرر العودة إلى «مصر»
ثانية، وتمكن من طرد «الجاشنكير»، وبدأ مرحلة ثالثة على(10/266)
عرش البلاد، كانت من أهم فترات تاريخ «مصر» والشام. استمرت
فترة حكم «الناصر محمد» الثالثة على «مصر» و «الشام» وما
يتبعهما اثنين وثلاثين عامًا متصلة، انفرد فيها بحكم البلاد،
وتمكن من القضاء على الفتن والدسائس، ونعمت البلاد فى عهده
بأطول فترة استقرار شهدتها فى العهد المملوكى، وتعلق
الشعب به وأحبه لما قدمه من أعمال جليلة وعظيمة رفعت من
شأنه. تُعد فترة حكم «الناصر محمد» الثالثة (709 - 741 هـ) من
أزهى عهود دولة المماليك البحرية على الإطلاق، ففيها توطدت
دعائم البلاد، واستقرت أساليب الحكم والإدارة فيها، وازدهرت
الفنون والعلوم، وباتت «القاهرة» حاضرة لإمبراطورية شاسعة
تشمل «مصر» والشام والجزيرة العربية، وكذلك بلاد «اليمن»
التى بسط «الناصر محمد» نفوذه عليها، فخطب وده ملوك
«أوربا» و «آسيا»، وأبرموا معه المعاهدات وصاهروه، وأرسلوا
إليه بالهدايا الثمينة والتحف النادرة؛ أملا فى رضاه. لم يقتصر
نشاط «الناصر محمد» على الحروب والغزوات على الرغم من أنه
نجح فى طرد فلول الصليبيين، وصد ثلاث غزوات مغولية، بل
اتجه إلى الأخذ بكل مقومات الحضارة فى عصره، وصبغها -
لتدينه الشديد- بصبغة دينية ظهرت واضحة على العمائر التى
شيدها، والتى مازال بعضها قائمًا - حتى الآن - شاهد صدق
على بره وتقواه، وذوقه الراقى فى الفنون والعمارة، ولعل
أشهرها: «المدرسة الناصرية» التى شيدها بشارع «المعز لدين
الله الفاطمى»، وكذا المسجد الذى بناه بالقلعة سنة (718هـ)، ثم
هدمه وأعاد بناءه سنة (735هـ) لتوسعته وزخرفة جوانبه، كما
شرع فى سنة (703هـ) أثناء سلطنته الثانية فى تجديد
«المارستان» الكبير الذى أسسه والده السلطان «قلاوون» سنة
(688هـ)، وكذلك بنى سبيلا، وقبة، ومكتبة عظيمة، وأنشأ
«خانقاه» فى «سرياقوس» لإقامة فقراء الصوفية خاصة
القادمين منهم من البلاد الشرقية. وقد أرخ «ابن إياس» لحكم(10/267)
«الناصر محمد»، وعبر عنه بقوله: «ولا يُعلَم لأحد من الملوك آثار
مثله ولا مثل مماليكه، حتى قيل لقد تزايدت فى أيامه الديار
المصرية والبلاد الشامية من العمائر مقدار النصف من جوامع
وخوانق وقناطر، وغير ذلك من العمائر». ولاشك أن هذه
المنشآت كانت تعتمد على اقتصاد قوى، ورؤية حضارية من
«الناصر محمد»، الذى وضع أسس السياسة العامة لدولة
المماليك، وعُدَّ المنفذ الأكبر لها، فكان شديد البأس، سديد
الرأى، يتولى أمور دولته بنفسه، مطَّلعًا على أحوال مملكته،
محبوبًا من رعيته، مهيبًا فى أمراء دولته، فكان المثل الأعلى
لرجل السياسة فى دولة المماليك، كما كان «بيبرس» المثل
الأعلى للقائد الحربى، وانطلقت بوفاته فى سنة (741هـ)، ألسنة
الشعراء والأدباء لتأبينه والثناء عليه، والإشادة بذكره، وقد
أطراه المؤرخ «أبو المحاسن بن تغرى بردى» بقوله: «إنه أطول
الملوك فى الحكم زمانًا، وأعظمهم مهابة، وأحسنهم سياسة،
وأكثرهم دهاء، وأجودهم تدبيرًا، وأقواهم بطشًا وشجاعة،
مرت به التجارب، وقاسى الخطوب، وباشر الحروب، وتقلب مع
الدهر ألوانًا، ونشأ فى الملك والرياسة، وله فى ذلك الفخر
والسعادة، خليقًا بالملك والسلطنة؛ فهو سلطان ابن سلطان،
ووالد ثمانية سلاطين؛ فهو أجل ملوك المماليك وأعظمهم بلا
مدافع». وكانت وفاة «الناصر محمد» فى (20 من ذى الحجة سنة
741هـ).(10/268)
*برقوق
يُعدُّ «برقوق» المؤسس الأول لدولة «المماليك البرجية»، فعلى
يديه تم عزل آخر سلاطين دولة المماليك البحرية السلطان
«الصالح حاجى» سنة 784هـ=1382م، فسقطت دولة البحرية،
وقامت دولة البرجية، فكثرت الصراعات الداخلية طمعًا فى
السلطنة، وسادت الفوضى، وعَمَّت الفتن، وتميز عهد «برقوق»
بالمعارضة الشديدة له، فاهتم بالقضاء على هذه الفتن، وإعادة
الهدوء والاستقرار إلى أرجاء ملكه، ثم عمل على إصلاح أحوال
البلاد الداخلية، وظل على ذلك حتى استقرت له الأمور فى أواخر
عهده، ومات فى سنة (801هـ = 1399م)، بعد أن عهد إلى ابنه
«فرج» بالسلطنة من بعده.(10/269)
*فرج بن برقوق
أحد سلاطين دولة المماليك البرجية فى مصر والشام تولى
العرش بعد أبيه سنة 801هـ= 1399م وله من العمر ثلاث عشرة
سنة، فكثرت فى عهده الاضطرابات والفتن، وخرج عليه الأمراء،
خاصة أمراء «سوريا» الذين عارضوا حكمه، فحاول «فرج» أن
يسيطر على الموقف وظل يكافح كفاحًا مضنيًا طويلا من أجل
تحقيق ذلك، وتمكن من القضاء على فتنة الأمراء فى «سوريا»،
ومع ذلك تهدد عرشه بالسقوط أكثر من مرة، إلا أنه ظل يقاوم
حتى قُتل فى سنة (815هـ=1412م).(10/270)
*شيخ المؤيد
أحد سلاطين دولة المماليك البرجية فى مصر والشام، تولى حكم
البلاد سنة 815هـ = 1412م، واستطاع أن يقضى على الثورات،
وأعاد إلى البلاد وحدتها واستقرارها، فأتاح له ذلك أن يحكم
البلاد حكمًا هادئًا فى جو مستقر، وقام ببعض الإصلاحات
الداخلية، وبنى جامعه المعروف باسمه بجوار باب زويلة مكان
سجن قديم. وقد مات «شيخ المؤيد» سنة 824هـ 1424م بعد
مرض لم يمهله طويلا، فترك العرش لابنه أحمد(10/271)
*ططر
أحد سلاطين دولة المماليك البرجية فى مصر والشام، تولى حكم
البلاد سنة 824 هـ = 1421م بعد أن دخل فى صراع مع الأمير
طونبغا الذى كان وصياً على السلطان الرضيع أحمد بن شيخ
المؤيد حتى تمكن من عزله وعزل «أحمد»، وتولى هو عرش
السلطنة، ولكنه لم يمكث طويلا، فقد توفى بعد شهرين من
سلطنته، فتولى من بعده ابنه «محمد بن ططر» الذى كان
صغيرًا، ولم يستمر فى الحكم أكثر من سنة واحدة، ثم تولى
السلطان «برسباى» السلطنة.(10/272)
*برسباى
أحد سلاطين دولة المماليك البرجية فى مصر والشام، تولى حكم
البلاد سنة 825 هـ = 1422م. امتاز عهد «برسباى» بالهدوء
والاستقرار، فقد نجح فى القضاء على قراصنة البحار الذين
هددوا التجارة، واستولى من القراصنة على غنائم كثيرة، لدرجة
أن ملك «قبرص» قبَّل الأرض بين يديه عرفانًا له بما صنع، وكذلك
هدأت الأوضاع فى «سوريا»، وبسط «برسباى» سلطته على
«مكة» و «جدة» واحتكر لبلاده طرق التجارة، وعزز اقتصادها،
فانتعشت «مصر» اقتصاديا وحضاريا. تُوفِّى «برسباى» سنة
(841هـ) وترك العرش لابنه «يوسف» وكان لايزال طفلا صغيرًا،
فلم يحكم سوى ثلاثة أشهر، وخلفه «جمقمق» على عرش
السلطنة.(10/273)
*جمقمق
أحد سلاطين دولة المماليك البرجية فى مصر والشام، تولى حكم
البلاد سنة 841 هـ. واجه «جمقمق» صعابًا عديدة فى بداية عهده؛
إذ واجهته الثورات، واشتعلت فى بلاده الفتن، وزادت القلاقل،
وكان رجلا يمتاز بالقوة والمثابرة، فتمكن من السيطرة على
الموقف وقضى على الصعوبات التى واجهته، واتجه إلى
الإصلاح الداخلى وإعادة الهدوء إلى البلاد، ثم عمل على توطيد
علاقاته مع الإيرانيين وأمراء «آسيا الصغرى»، وتزوج من ابنة
«دلجادير» حاكم مدينة «أبلستين»، فمضى فى حكمه بعد ذلك
فى هدوء، ثم مات سنة (857 هـ)، وتولى من بعده ابنه السلطان
«عثمان بن جمقمق» الذى أساء إلى الرعية، فتم عزله، وتولى
عرش «مصر» من بعده السلطان «إينال».(10/274)
*إينال
هو «سيف الدين إينال»،أحد سلاطين دولة المماليك البرجية فى
مصر والشام، تولى حكم البلاد سنة 857 هـ = 1435م. وكان
يشغل منصب قائد الأسطول الإسلامى قبل توليه السلطنة، ولما
تولى العرش سار فى الناس سيرة حسنة أرضت عنه المماليك
الذين أغدق عليهم بالهبات والأموال والعطايا، وتمكن من القضاء
على الفتن التى واجهته، ولم تتعرض البلاد فى عهده لأى غزو
خارجى، نظرًا إلى العلاقات الحسنة التى أقامها مع زعماء
الدول الخارجية، واستطاع أن يستولى على «كرمان»، فتميز
عهده بالهدوء، وظل على ذلك حتى وفاته سنة (865هـ)، فخلفه
ابنه «أحمد بن إينال» على العرش، إلا أنه سرعان ما تنازل عنه،
وابتعد عن الدسائس والمؤامرات والفتن التى كان يدبرها أمراء
المماليك، فأخذ السلطان «خشقدم» مكانه وتولى عرش السلطنة.(10/275)
*خشقدم
أحد سلاطين دولة المماليك البرجية فى مصر والشام، تولى حكم
البلاد سنة 865 هـ وكان عهده أكثر العهود اضطرابًا، فوجد
نفسه أمام عدة قوى مناهضة كان عليه أن يواجهها، فعمل
على تفتيتها والقضاء عليها بالسلم أو بالحرب أو بالحيلة، حتى
استطاع القضاء على معظمها، ومات سنة 872هـ ولايزال بعضها
منقسمًا على نفسه نتيجة محاولات التشتيت التى قام بها حيالهم.(10/276)
*قايتباى
أحد أهم سلاطين دولة المماليك البرجية فى مصر والشام، تولى
حكم البلاد سنة 872 هـ = 1467 م، وكان رجلا شجاعًا جريئًا ذا
مروءة عالية، تجلت حين علم باضطهاد المسلمين فى «إسبانيا»،
فأرسل إلى ملكها يتهدده ويتوعده إذا لم يقلع عن الإساءة إلى
المسلمين فى بلاده. واجه «قايتباى» عدة صعاب استطاع التغلب
على أكثرها، وتفرغ للإصلاحات الداخلية، والمنشآت الحضارية
التى خلدت اسمه، ولعل أبرزها قلعته الحصينة الشهيرة
بالإسكندرية. وتوفى قايتباى سنة 901هـ=1496م(10/277)
*قانصوه الغورى
هو أبو النصر قانصوه بن عبد الملك الظاهرى، الملقَّب بالأشرف،
أحد ملوك الجراكسة المماليك بمصر وُلِد سنة (850 هـ = 1446 م).
كان مملوكاً للسلطان الأشرف قايتباى، ثم أعتقه، وخدم الغورى
عددًا من سلاطين المماليك، وتولَّى الحجابة فى حلب، ثم بويع
بالسلطنة فى القاهرة سنة (906 هـ = 1501 م) وكان عمره قد
جاوز الستين. بدأ عهده بتشتيت شمل مثيرى الفتن والقلاقل،
وقاوم بصلابة وحزم الثورات التى قامت، وأعد أسطولا لحماية
التجارة من غارات البرتغاليين، فقد دأب البرتغاليون بقيادة
«فاسكودى جاما» على إثارة القلاقل فى الدول الإسلامية
المتاخمة لطريقهم إلى المشرق محاولين بذلك السيطرة على طرق
التجارة بين الشرق والغرب، إلا أن سلاطين المماليك وقفوا لهم
بالمرصاد، واستطاعوا ردهم على أعقابهم أكثر من مرة، على
الرغم مما كان يعانيه هؤلاء السلاطين من الفتن والاضطرابات
داخل البلاد. حاول «الغورى» إعادة السيطرة البحرية إلى بلاده
ودعم موقفه، وبعث إلى البابا يهدده إذا لم يكف البرتغاليون عن
غاراتهم، إلا أن الضعف العام الذى حل بالدولة نتيجة الاضطرابات
وزيادة نفقات المماليك أدى إلى سيطرة البرتغاليين على طرق
التجارة، وعمل «الغورى» على رد غارات البرتغاليين، وأخذ
يستعد لذلك، إلا أن الدولة العثمانية أرسلت قوة حربية للسيطرة
على بلاد الشام، ثم أمدت هذه القوة بالجنود والمعدات وحولتها
إلى جيش كبير حارب المماليك فى منطقة «مرج دابق» بالشام،
فتمكن العثمانيون من هزيمة المماليك، وقتلوا السلطان
«الغورى» الذى كان يقود الجيش بنفسه فى سنة (922هـ =
1516م).(10/278)
*الغورى
هو أبو النصر قانصوه بن عبد الملك الظاهرى، الملقَّب بالأشرف،
أحد ملوك الجراكسة المماليك بمصر وُلِد سنة (850 هـ = 1446 م).
كان مملوكاً للسلطان الأشرف قايتباى، ثم أعتقه، وخدم الغورى
عددًا من سلاطين المماليك، وتولَّى الحجابة فى حلب، ثم بويع
بالسلطنة فى القاهرة سنة (906 هـ = 1501 م) وكان عمره قد
جاوز الستين. بدأ عهده بتشتيت شمل مثيرى الفتن والقلاقل،
وقاوم بصلابة وحزم الثورات التى قامت، وأعد أسطولا لحماية
التجارة من غارات البرتغاليين، فقد دأب البرتغاليون بقيادة
«فاسكودى جاما» على إثارة القلاقل فى الدول الإسلامية
المتاخمة لطريقهم إلى المشرق محاولين بذلك السيطرة على طرق
التجارة بين الشرق والغرب، إلا أن سلاطين المماليك وقفوا لهم
بالمرصاد، واستطاعوا ردهم على أعقابهم أكثر من مرة، على
الرغم مما كان يعانيه هؤلاء السلاطين من الفتن والاضطرابات
داخل البلاد. حاول «الغورى» إعادة السيطرة البحرية إلى بلاده
ودعم موقفه، وبعث إلى البابا يهدده إذا لم يكف البرتغاليون عن
غاراتهم، إلا أن الضعف العام الذى حل بالدولة نتيجة الاضطرابات
وزيادة نفقات المماليك أدى إلى سيطرة البرتغاليين على طرق
التجارة، وعمل «الغورى» على رد غارات البرتغاليين، وأخذ
يستعد لذلك، إلا أن الدولة العثمانية أرسلت قوة حربية للسيطرة
على بلاد الشام، ثم أمدت هذه القوة بالجنود والمعدات وحولتها
إلى جيش كبير حارب المماليك فى منطقة «مرج دابق» بالشام،
فتمكن العثمانيون من هزيمة المماليك، وقتلوا السلطان
«الغورى» الذى كان يقود الجيش بنفسه فى سنة (922هـ =
1516م).(10/279)
*طومان باى الثانى
آخر سلاطين دولة المماليك فى مصر والشام، تولى حكم البلاد
سنة 922هـ=1516م بعد مقتل «الغورى» بالشام فى موقعة مرج
دابق، حيث استقر الرأى على تعيين «طومان باى» ابن أخيه
سلطانًا على «مصر»، فى فترة كانت شديدة الحرج فى تاريخ
«مصر»؛ إذ سيطر العثمانيون على الشام، وساءت الأحوال بمصر
بعد هزيمة «مرج دابق»، ولم يكتفِ العثمانيون بما حققوا، بل
يمموا شطر «مصر» فى محاولة منهم للسيطرة عليها. حاول
«طومان باى» السيطرة على الموقف، وقام بعدة أعمال فى
سبيل تحقيق ذلك، وفض الخصومة التى كانت قائمة بين المماليك
وصالح بينهم، وساعده فى ذلك حب الشعب له لإخلاصه ووفائه
وتفانيه فى خدمة المسلمين. باءت كل محاولات «طومان باى»
بالفشل فى إعادة المماليك إلى قوتهم الأولى التى كانوا عليها
فى عصور النهضة، فقد أنهكتهم الاضطرابات، وقضت على
وحدتهم الفتن، فانتهى الأمر بهزيمتهم على أيدى العثمانيين
فى موقعة «الريدانية» الشهيرة فى ظاهر «القاهرة»، ودخل
العثمانيون «مصر»، وحاول المصريون مساندة «طومان باى»
فى هذه الظروف لحبهم الشديد له، إلا أنهم لم يستطيعوا إيقاف
زحف العثمانيين على «مصر»، فخرج «طومان باى» إلى
«مديرية البحيرة» فى محاولة منه لاستجماع قوته وجنوده،
ولكن العثمانيين تمكنوا منه وقبضوا عليه، ثم شنقوه على «باب
زويلة» سنة (923هـ=1517م)، بعدما بذل كل جهوده وأدى واجبه
فى سبيل الدفاع عن دولته، إلا أن ظروف عصره لم تمكنه من
تحقيق ما أراد، فسقطت بذلك دولة المماليك ونظامهم، ودخلت
«مصر» مرحلة جديدة باتت فيها تحت حكم العثمانيين.(10/280)
*سُبُكْتكين
هو المؤسس الفعلى للدولة الغزنوية. كان غلاماً تركياً من غلمان
«ألبتكين» والى خراسان، الذى قد قربه إليه وزوجه ابنته،
وعينه قائدًا لحرسه، فلما تولى «غزنة» فى (شعبان سنة 366هـ
= مارس 977م) وسع حدودها فى اتجاه بلاد «الهند»، وحقق
انتصارات كبيرة فى تلك البلاد. وقد استعان الأمير «نوح بن
منصور السامانى» (366 - 387هـ = 977 - 997م) بسبكتكين سنة
(384هـ = 994م) للقضاء على حركة تمرد وعصيان ضده فى
«بخارى»، وخلع عليه لقب «ناصر الدولة»، وعين ابنه «محمودًا»
قائدًا لجيش «خراسان» ومنحه لقب «سيف الدولة». واختار
«سبكتكين» مدينة «بلخ» مقرا له فى أواخر أيامه، وقد تُوفِّى
فى (شعبان سنة 387هـ = أغسطس سنة 997م)(10/281)
*محمود بن سبكتكين
أحد سلاطين الدولة الغزنوية، تولى الحكم سنة (387هـ= 997م)
خلفا لأبيه بعد نزاع مع أخيه «إسماعيل» حول أحقيتهما فى
وراثة الحكم، وانتهى هذا النزاع بانتصار «محمود» الذى أصبح
رئيسًا للدولة الغزنوية، وأحسن معاملة أخيه «إسماعيل» وأعلى
منزلته. وقد حققت إمارة «محمود بن سبكتكين» قفزة هائلة فى
مسار «الدولة الغزنوية»، فترامت أطرافها، واتسع نفوذها،
وذاع صيتها، وأصبحت بلا منافس من حيث هيبتها العسكرية
ومكانتها الحضارية، وقد اشتهر «محمود بن سبكتكين» بلقب
«السلطان»، كما خلع عليه الخليفة «القادر بالله» لقب «يمين
الدولة وأمين الملة» سنة (389هـ = 999م). نجح «محمود بن
سبكتكين» فى السنوات الأولى من إمارته فى تعزيز وضعه
الداخلى والقضاء على معارضيه، ثم صرف اهتمامه إلى الفتوح
فى بلاد «الهند»، وحقق انتصارات هائلة جعلته واحدًا من أعظم
الفاتحين فى التاريخ الإسلامى؛ ففى سنة (389هـ = 999م)
استولى على «خراسان» وقضى على سلطة السامانيين بها،
وفى سنة (393هـ = 1003م) استولى على «سجستان» التى
كان حاكمها «خلف بن أحمد» وهو من أكبر أعدائه. وتعد
فتوحات السلطان «محمود بن سبكتكين» فى بلاد «الهند»،أعظم
إنجاز له فى هذا المجال، ففى سنة (395 هـ = 1005م) استطاع
فتح مدينة «بهائية» الهندية بجوار إقليم «الملتان»، وأقام بها
حتى أصلح أمرها واستخلف بها مَنْ يُعلِّم مَنْ أسلم مِن أهلها
قواعد الإسلام وفرائضه، وفى سنة (396هـ = 1006م) استولى
على «الملتان» التى كانت تخضع لحكومة إسماعيلية شيعية
تعادى السلطان «محمود الغزنوى» وتتحالف ضده مع أعدائه
الهنود غير المسلمين. واستمرت غزوات السلطان «محمود»
المظفرة فى بلاد «الهند» بصورة شبه منتظمة حتى سنة (416هـ
= 1025م) فنجح فى الاستيلاء على قلعة «ناردين» الهندية
المنيعة، بعد قتال عنيف سنة (404هـ = 1013م) ودان له كثير من
حكام المناطق المجاورة، وأقبل الهنود فى تلك المناطق على(10/282)
اعتناق الإسلام، وأرسل إليهم السلطان من يفقههم فى الدين،
وفتح سنة (409هـ = 1018م) مدينة «قنوج» الحصينة على نهر
«الجانج»، الذى يقدسه الهنود، واعتنق أهلها الإسلام. وفى
سنة (416هـ = 1025م)، قام السلطان «محمود» بآخر غزواته فى
بلاد «الهند»، وهى غزوة «سُومْنَات»، وأثناء قيامه بغزواته
فى شبه القارة الهندية استطاع السلطان «محمود» أن يضم إلى
نفوذه إقليم «خوارزم» ويقضى على الأسرة المأمونية المعادية
له بها سنة (407هـ = 1016م)، كما ضم إليه أيضًا «الرى»
و «قزوين» و «أصفهان» سنة (420هـ = 1029م) بمعاونة ابنه
«مسعود»، فاتسعت مملكته فى «خراسان» و «ما وراء النهر»
و «شبه القارة الهندية». وبعد غزوة «سومنات» لم يتمكن
السلطان «محمود» من مواصلة حملاته الموفقة فى «شبه القارة
الهندية»، بسبب اهتمامه بمواجهة ثورات «العراق» و «خراسان»
وخطر الأتراك السلاجقة. وقد كان السلطان «محمود بن
سبكتكين» يتحلى بمواهب إدارية متميزة، فقد استطاع بعد
فتوحاته فى «الهند» أن يتألَّف الهندوس، وأن يجعلهم جزءًا من
نسيج دولته، وأن يستخدمهم فى جهازه الإدارى وأن يجندهم
فى جيشه، كما كان السلطان «محمود» يتحلى بأخلاق رفيعة،
ويكثر الإحسان إلى الرعية والرفق بهم، ويحب العلماء ويكرمهم
ويعظمهم وكان على مذهب «أبى حنيفة» فى الفقه، وهو
المذهب الذى مازال واسع الانتشار فى «شبه القارة الهندية»
و «أفغانستان» و «أواسط آسيا»، وكان السلطان «محمود»
شغوفًا بعلم الحديث النبوى، فكان الشيوخ يقرءونه بين يديه
وهو يسمع وقد قصده العلماء والشعراء من كل مكان. وقد
تُوفِّى السلطان «محمود» بغزنة فى شهر (ربيع الآخر سنة
421هـ = أبريل سنة 1030م) وعمره واحد وستون عامًا(10/283)
*القادر بالله (خليفة عباسى)
هو «أبو العباس أحمد بن إسحاق بن المقتدر»، اختاره «بهاء
الدولة» بعد خلع «الطائع لله» لتولِّى الخلافة، وكان غائبًا عن
«بغداد»، فلما وصله الخبر حضر إليها وبايعه «بهاء الدولة»
والناس فى (رمضان سنة 381هـ= نوفمبر سنة 991م)، وعمره
خمسة وأربعون عامًا. كان الخليفة «القادر بالله» يتحلى بصفات
جعلته إحدى الشخصيات المتميزة فى تاريخ «الخلافة
العباسية»، فقد كان راجح العقل وافر الحلم، مؤثرًا للخير، ظاهر
الكرم، جميل الأخلاق، آمرًا بالمعروف وناهيًا عن المنكر، كما
كان شغوفًا بالعلم محبا لأهله، مستقيم الطريقة فى الدين بعيدًا
عن البدعة، متواضعًا، عزوفًا عن مظاهر الأبهة والتكلف، فكان
يخرج من داره فى زىِّ العامة، ويزور قبور الصالحين، وكان
عادلاً وصولاً ظاهر البر باليتامى والمساكين، قوى الشخصية،
يحظى بالاحترام والتبجيل؛ فلم يتعرض لما تعرض له غيره من
السابقين له من مهانة خلال فترة اضمحلال الخلافة، ورغم ما
تعرضت له الخلافة من ظروف وأحداث وتغلغل نفوذ الترك والفرس
فإن «القادر بالله» استغل كل ما أتيح له من إمكانات، وقدَّم
أفضل نموذج يمكن أن نتوقعه لخليفة عباسى فى ضوء تلك
الظروف. تُوفِّى «القادر بالله» فى شهر (ذى الحجة سنة 422هـ =
نوفمبر سنة 1031م) وعمره سبع وثمانون سنة، ودامت خلافته
واحدًا وأربعين عامًا، فكانت أطول مدة يقضيها خليفة عباسى
فى هذا المنصب حتى عصره.(10/284)
*البساسيرى
هو «أبو الحارث أرسلان المظفَّر بن عبدالله» المعروف
بالبساسيرى، من أكابر العسكريين الأتراك فى «بغداد» فى
أواخر العهد البويهى، وكان يقوم بدور الحاكم العسكرى لمدينة
«بغداد»، ويعد صاحب النفوذ الأكبر فى دار الخلافة، وقد كانت
هناك خصومة شديدة بينه وبين «أبى القاسم بن المسلمة» (على
بن الحسن بن أحمد) وزير الخليفة «القائم بأمر الله»، فاتهمه
الوزير بالخيانة، واتصاله بالفاطميين فى «مصر» لميوله
الشيعية، ولما تبين ذلك للخليفة «القائم بأمر الله» خشى أثر
موقف «البساسيرى» على مستقبل «الخلافة العباسية»، فاتصل
بالسلطان السلجوقى «طغرل بك»، وطلب منه القدوم إلى
«بغداد» للاستيلاء على السلطة فيها ووضع حد لمحاولات
«البساسيرى» الخطيرة ولعجز البويهيين عن إدارة شئون الدولة
فاستجاب السلطان السلجوقى وتقدم بجنوده نحو «بغداد»،
وأمر الخليفة بأن يُخطَب له على منابرها، قبل دخولها فى (25
من رمضان سنة 447هـ = نوفمبر سنة 1055م) بثلاثة أيام، وتم
القبض على «الملك الرحيم» آخر ملوك البويهيين. عندما دخل
«طغرل بك» «بغداد» اضطر «البساسيرى» إلى تركها، وبدأ
يجمع حوله عددًا من الأنصار الساخطين على الأوضاع فى دار
الخلافة، واستطاع الاستيلاء على «الموصل» سنة (448هـ =
1056م)، وخطب فيها للخليفة «المستنصر الفاطمى»، ثم مد
نفوذه إلى «الكوفة» و «واسط»، وأغرى «إبراهيم ينَّال» - وهو
أخو «طغرل» لأمه - بالانشقاق على أخيه ليضمن انشغاله عنه
بفتنة أخيه. وقد أمد «المستنصر الفاطمى» «البساسيرى» بما
يدعم موقفه ويمكنه من مد نفوذه، فاستطاع فى (الثامن من ذى
القعدة سنة 450هـ= السابع والعشرين من ديسمبر 1058م) أن
يدخل «بغداد» بجيوشه، ويخطب فيها للخليفة الفاطمى، وخضعت
«بغداد» للخلافة الفاطمية بمصر، واضطر الخليفة العباسى
«القائم بأمر الله» ووزيره «ابن المسلمة» أن يضعا نفسيهما تحت
حماية أحد أعوان «البساسيرى»، واسمه «قريش بن بدران»،(10/285)
فطلب «البساسيرى» من «قريش» تسليمه «ابن المسلمة»، فقتله
شر قتلة فى (أواخر ذى الحجة سنة 450هـ = يناير 1059م)، وقام
«قريش» بتسليم الخليفة العباسى إلى ابن عم له بنواحى
«الأنبار» (21)، فآواه وقام بجميع ما يحتاج إليه مدة سنة كاملة.
وحاول «البساسيرى» مد سلطانه على مدن «العراق» ما أمكنه
ذلك، فاستولى على «البصرة»، وأوشك الأمر أن يستتب
للفاطميين بالعراق لولا أن «المستنصر» شك فى نيات
«البساسيرى» وحقيقة مخططاته، فمنع عنه عونه وتأييده؛ مما
كان له أثره السيئ على موقفه فى مواجهة «طغرل بك»، الذى
نجح فى القضاء على ثورة أخيه «إبراهيم ينَّال»، وقبض عليه
وقتله فى (التاسع من جمادى الآخرة سنة 451هـ = يوليو سنة
1059م). وعندما اقتربت جيوش السلطان السلجوقى «طغرل بك»
من «بغداد» هرب «البساسيرى» فى اتجاه «الكوفة» فى (6 من
ذى القعدة سنة (451هـ = 14 من ديسمبر 1059م)، وسيطر
«طغرل بك» على «بغداد» بسهولة، بعد عام كامل من سيطرة
«البساسيرى» عليها، وأعاد الخليفة «القائم بأمر الله» مكرَّمًا
إلى دار الخلافة فى (25 من (ذى القعدة سنة 451هـ = 14من
ديسمبر سنة 1059م) ونجح فرسان «طغرل بك» فى قتل
«البساسيرى» فى (8 من ذى الحجة سنة 451هـ = 15من
ينايرسنة 1060م)(10/286)
*أرسلان المظفَّر بن عبدالله
هو «أبو الحارث أرسلان المظفَّر بن عبدالله» المعروف
بالبساسيرى، من أكابر العسكريين الأتراك فى «بغداد» فى
أواخر العهد البويهى، وكان يقوم بدور الحاكم العسكرى لمدينة
«بغداد»، ويعد صاحب النفوذ الأكبر فى دار الخلافة، وقد كانت
هناك خصومة شديدة بينه وبين «أبى القاسم بن المسلمة» (على
بن الحسن بن أحمد) وزير الخليفة «القائم بأمر الله»، فاتهمه
الوزير بالخيانة، واتصاله بالفاطميين فى «مصر» لميوله
الشيعية، ولما تبين ذلك للخليفة «القائم بأمر الله» خشى أثر
موقف «البساسيرى» على مستقبل «الخلافة العباسية»، فاتصل
بالسلطان السلجوقى «طغرل بك»، وطلب منه القدوم إلى
«بغداد» للاستيلاء على السلطة فيها ووضع حد لمحاولات
«البساسيرى» الخطيرة ولعجز البويهيين عن إدارة شئون الدولة
فاستجاب السلطان السلجوقى وتقدم بجنوده نحو «بغداد»،
وأمر الخليفة بأن يُخطَب له على منابرها، قبل دخولها فى (25
من رمضان سنة 447هـ = نوفمبر سنة 1055م) بثلاثة أيام، وتم
القبض على «الملك الرحيم» آخر ملوك البويهيين. عندما دخل
«طغرل بك» «بغداد» اضطر «البساسيرى» إلى تركها، وبدأ
يجمع حوله عددًا من الأنصار الساخطين على الأوضاع فى دار
الخلافة، واستطاع الاستيلاء على «الموصل» سنة (448هـ =
1056م)، وخطب فيها للخليفة «المستنصر الفاطمى»، ثم مد
نفوذه إلى «الكوفة» و «واسط»، وأغرى «إبراهيم ينَّال» - وهو
أخو «طغرل» لأمه - بالانشقاق على أخيه ليضمن انشغاله عنه
بفتنة أخيه. وقد أمد «المستنصر الفاطمى» «البساسيرى» بما
يدعم موقفه ويمكنه من مد نفوذه، فاستطاع فى (الثامن من ذى
القعدة سنة 450هـ= السابع والعشرين من ديسمبر 1058م) أن
يدخل «بغداد» بجيوشه، ويخطب فيها للخليفة الفاطمى، وخضعت
«بغداد» للخلافة الفاطمية بمصر، واضطر الخليفة العباسى
«القائم بأمر الله» ووزيره «ابن المسلمة» أن يضعا نفسيهما تحت(10/287)
حماية أحد أعوان «البساسيرى»، واسمه «قريش بن بدران»،
فطلب «البساسيرى» من «قريش» تسليمه «ابن المسلمة»، فقتله
شر قتلة فى (أواخر ذى الحجة سنة 450هـ = يناير 1059م)، وقام
«قريش» بتسليم الخليفة العباسى إلى ابن عم له بنواحى
«الأنبار» (21)، فآواه وقام بجميع ما يحتاج إليه مدة سنة كاملة.
وحاول «البساسيرى» مد سلطانه على مدن «العراق» ما أمكنه
ذلك، فاستولى على «البصرة»، وأوشك الأمر أن يستتب
للفاطميين بالعراق لولا أن «المستنصر» شك فى نيات
«البساسيرى» وحقيقة مخططاته، فمنع عنه عونه وتأييده؛ مما
كان له أثره السيئ على موقفه فى مواجهة «طغرل بك»، الذى
نجح فى القضاء على ثورة أخيه «إبراهيم ينَّال»، وقبض عليه
وقتله فى (التاسع من جمادى الآخرة سنة 451هـ = يوليو سنة
1059م). وعندما اقتربت جيوش السلطان السلجوقى «طغرل بك»
من «بغداد» هرب «البساسيرى» فى اتجاه «الكوفة» فى (6 من
ذى القعدة سنة (451هـ = 14 من ديسمبر 1059م)، وسيطر
«طغرل بك» على «بغداد» بسهولة، بعد عام كامل من سيطرة
«البساسيرى» عليها، وأعاد الخليفة «القائم بأمر الله» مكرَّمًا
إلى دار الخلافة فى (25 من (ذى القعدة سنة 451هـ = 14من
ديسمبر سنة 1059م) ونجح فرسان «طغرل بك» فى قتل
«البساسيرى» فى (8 من ذى الحجة سنة 451هـ = 15من
ينايرسنة 1060م)(10/288)
*عميد الملك الكندرى
هو (أبى نصر محمد بن منصور بن محمد) أحد وزراء الدولة
السلجوقية. تولى الوزارة فى عهد طغرل بك بعد دخوله بغداد
سنة (447هـ = 1055م)، فكان ساعده الأيمن حتى وفاة «طغرل»
سنة (455هـ = 1063م). ويعتبر «عميد الملك» أحد العوامل المهمة
فى ازدهار دولة «طغرل بك» بفضل ما كان يتمتع به من حنكة
وكفاءة، كما كان سببًا مكَّن «طغرل بك» من السيطرة على
«العراق» ودار الخلافة، وإدخال الخليفة «القائم» ووزرائه
وحاشيته فى طاعة «السلاجقة» دون إراقة دماء، لما تمتع به
«عميد الملك» من نفاذ بصيرته فى الأمور، وبُعد نظره، وحسن
سياسته، إلى جانب رسوخ قدمه فى العلم والأدب. واقترن اسم
الوزير عميد الملك باسم «طغرل بك» وأصبح لا يذكر أحدهما
دون أن يذكر الآخر. عقب تولِّى «ألب أرسلان» سلطنة
«السلاجقة»، أقر «عميد الملك الكندرى» وزير عمه «طغرل» فى
منصبه، ولكنه سرعان ما تغير عليه فعزله فى شهر (المحرم سنة
456هـ = ديسمبر سنة 1063م)، وسجنه، ثم دبر قتله فى
شهر (ذى الحجة سنة 456هـ = نوفمبر سنة 1064م)، ويبدو أن
«نظام الملك» لعب دورًا فى ذلك.(10/289)
*نظام الملك
أحد وزراء الدولة السلجوقية فى العصر العباسى الثانى، عينه
«ألب أرسلان» وزيرًا له، وكان وزيره أثناء إمارته على
«خراسان» قبل توليه السلطنة، ويُعدُّ «نظام الملك» أشهر
وزراء «السلاجقة» كما يعد من أشهر الوزراء فى التاريخ
الإسلامى. وكانت بداية معرفة «نظام الملك» بالسلاجقة حينما
اتصل بداود بن ميكائيل بن سلجوق، والد السلطان «ألب
أرسلان»، وأعجب بكفاءته وإخلاصه فسلمه إلى ابنه «ألب
أرسلان» وقال له: «اتخذه والدًا ولا تخالفه فيما يشير به». وقد
ظل «نظام الملك» وزيرًا للسلطان «ألب أرسلان» ثم لخليفته
«ملكشاه» ما يقرب من ثلاثين عامًا. حيث إنه عقب وفاة «ألب
أرسلان» تولى السلطنة ابنه «ملكشاه» بعهد من أبيه، وتولى
«نظام الملك» أخذ البيعة له، وأقره الخليفة «القائم بأمر الله»
على السلطنة. لم يكتفِ «ملكشاه» بإقرار «نظام الملك» فى
الوزارة كما كان فى عهد أبيه، بل زاد على ذلك بأن فوض إليه
تدبير المملكة، وقال له: «قد رددت الأمور كلها كبيرها وصغيرها
إليك، فأنت الوالد»، ولقبه ألقابًا كثيرة، أشهرها لقب «أتابك»،
ومعناه الأمير الوالد، وكان «نظام الملك» أول مَن أُطلق عليه هذا
اللقب. وسبب هذه المكانة الرفيعة التى حظى بها «نظام الملك»
عند السلطان «ملكشاه»، أنه هو الذى مهد له الأمور، وقمع
المعارضين، فرآه السلطان أهلاً لهذه المكانة. ولم يكن «نظام
الملك» مجرد وزير لامع، بل كان راعيًا للعلم والأدب محبا لهما،
وقد سمع الحديث وقرأه، وكان مجلسه عامرًا بالعلماء والفقهاء
والصوفية، مثل إمام الحرمين «أبى المعالى الجوينى» و «أبى
القاسم القشيرى»، كما اهتم «نظام الملك» ببناء المدارس ووضع
أسس قيام نهضة تعليمية رائعة. وكان لنظام الملك أثر متميز
وجهد خلاق فى ذلك، على المستوى الإدارى والعسكرى،
والثقافى. فاهتم بإنشاء العديد من المدارس التى نسبت إليه فى
أنحاء الدولة، فسميت بالمدارس النظامية، وكان أشهرها:(10/290)
«نظامية بغداد» التى تخيَّر «نظام الملك» مشاهير الفكر والثقافة
فى العالم الإسلامى للتدريس فيها مثل: «حجة الإسلام أبى حامد
الغزالى» صاحب كتاب «إحياء علوم الدين»، الذى فوض إليه
«نظام الملك» مهمة التدريس فى «المدرسة النظامية» ببغداد، ثم
فى «المدرسة النظامية» بنيسابور، التى كان إمام الحرمين أبو
المعالى الجوينى يقوم بالتدريس فيها. وقد أسهمت هذه المدارس
النظامية فى تثبيت قواعد المذهب السنى والدفاع عنه ضد
مختلف البدع والأهواء والمذاهب المنحرفة التى انتشرت فى ذلك
الوقت. وقد كان «نظام الملك» مؤلفًا مرموقًا أيضًا، فهو مؤلف
كتاب «سياسة نامه» الذى تحدث فيه عن كيفية تدبير شئون
الملك، وفضح معتقدات الحشاشين وغيرهم من الخارجين عن
الدين. قتل «نظام الملك» فى (10 من رمضان سنة 485هـ = 14من
أكتوبر سنة 1092م)، حين تقدم إليه أحد غلمان الباطنية (أو
الحشاشين) وهو فى ركب السلطان فى صورة سائل أو
مستغيث، فلما اقترب منه أخرج سكينًا كان يخفيها فى طيات
ملابسه فطعنه بها طعنات قاتلة. وقد اختلف المؤرخون فى بيان
السبب الذى أدى إلى مقتل «نظام الملك»، فقيل إن نفوذ «نظام
الملك» وأولاده وشيعته تفاقم بصورة مثلت خطرًا على السلطان
«ملكشاه» فدبر قتله، وقيل إن السبب فى ذلك حربه الدائمة ضد
المذاهب الهدامة وعلى رأسها مذهب الباطنية أو الحشاشين.(10/291)
*سيف الدولة الحمدانى
هو: أبو الحسن على بن عبد الله بن حمدان، الملقَّب بسيف الدولة
الحمدانى، أحد الأمراء الشجعان. ولد سنة (303 هـ = 916 م)،
وأسس إمارة الحمدانيين بحلب عندما استولى عليها سنة (333
هـ = 934 م)، ودامت تلك الإمارة نحوًا من ستين سنة، منها (23)
سنة تحت حكم سيف الدولة. وسجَّل التاريخ له ولدولته جهادهما
العظيم فى صد غارات الروم المتوالية على مشارف الدولة
الإسلامية، وكانت الحرب بينهما سجالا، وتحقق أعظم انتصار له
على الروم سنة (343 هـ = 954 م) فى معركة الحدث. اشتهر
سيف بالكرم والجود، فقصده الشعراء والكتاب والعلماء، حتى
قيل إنه لم يجتمع بباب أحد من الملوك بعد الخلفاء ما اجتمع بباب
سيف الدولة من الشعراء، ويأتى فى مقدمتهم المتنبى، الذى
مدحه بقصائد كثيرة عرفت فى تاريخ الأدب باسم السيفيَّات.
وتوفى سيف الدولة بحلب سنة (356 هـ) عن (53) عامًا، وحُمل
جثمانه إلى ميافارقين فدفن بها.(10/292)
*صفى الدين الأردبيلى
هو أحد شيوخ الصوفيةو ينتسب إليه الصفويون. عاش فى الفترة
من (650هـ = 1252م) إلى (735هـ = 1334م)، وقد درس فى مطلع
حياته العلوم الدينية والعقلية فى موطنه، ثم ارتحل إلى
«شيراز»، واتصل بالشاعر المعروف «سعدى الشيرازى»، ثم
رحل إلى «أردبيل» ومنها إلى «كيلان»، ودخل فى زمرة الشيخ
«زاهد الكيلانى» وتزوج ابنته، وخلفه فى الطريقة، وعهد إلى
أبنائه وأتباعه بالعمل على جذب الأتباع والدراويش، والاجتهاد
فى نشر طريقتهم والدعاية لها، وكان هؤلاء ينتسبون إلى
المذهب الشيعى.(10/293)
*صلاح الدين الأيوبى
هو يوسف بن نجم الدين أيوب بن شادى، مؤسس الدولة
الأيوبية. ولد سنة 526هـ ونشأ فى بلاط «نور الدين زنكى»
بالموصل وعُرف باسم «صلاح الدين»، وقضى طفولته فى ظل
والده «أيوب» ببعلبك، وأخذ عنه براعته فى السياسة،
وشجاعته فى الحروب، فشب خبيرًا بالسياسة وفنون الحرب،
وتعلم علوم عصره وتثقف بثقافة أهل زمانه، وحفظ القرآن،
ودرس الفقه والحديث. رحل «صلاح الدين يوسف» مع والده إلى
«دمشق» بعد وفاة «عماد الدين زنكى»، ثم دخل فى خدمة «نور
الدين بن عماد الدين زنكى» سلطان «حلب»، فاستعان «نور
الدين» بشيركوه وابن أخيه «صلاح الدين» فى ضم «مصر» إليه.
فى أواخر العصر الفاطمى قام صراع محموم بين «شاور»
و «ضرغام» على منصب الوزارة، فاستنجد «شاور» بنور الدين
محمود، فلبى نداءه وأرسل حملة كبيرة تحت قيادة «شيركوه»
ومعه ابن أخيه «صلاح الدين»، فكان النصر حليف الحملة على
«ضرغام» والصليبيين الذين استنجد بهم، وقُتل «شاور» فى
المعركة، فاعتلى «أسد الدين شيركوه» كرسى الوزارة، ولكنه
تُوفِّى بعد قليل، فخلفه فى المنصب ابن أخيه «صلاح الدين»
سنة (565هـ) وهو فى الثانية والثلاثين من عمره. عمل «صلاح
الدين» على توطيد مركزه فى «مصر»؛ لتأسيس دولة قوية تحل
محل الدولة الفاطمية التى ضعفت، وتحقق له ذلك بعد وفاة
«العاضد» آخر خلفاء الدولة الفاطمية سنة (567هـ). لم تكن
الأوضاع مهيأة أمام «صلاح الدين» لإقامة دولة إسلامية يكون
هو مؤسسها وسلطانها، خاصة أن العالم الإسلامى كان مفككًا
وضعيفًا ويحيط به الأعداء من كل جانب، بالإضافة إلى كونه
نائبًا عن «نور الدين محمود» فى «مصر» التى يطمع الصليبيون
وبقايا الفاطميين فى امتلاكها والسيطرة عليها، فعمل على
مواجهة هذه العقبات والقضاء عليها واحدة بعد الأخرى. ظل
«صلاح الدين» يعمل على توحيد العالم الإسلامى مدة عشر
سنوات فى الفترة من سنة (572هـ) إلى سنة (582هـ)، حتى(10/294)
تحقق له ما أراد، واستعد لمواجهة الصليبيين المتربصين بالعالم
الإسلامى، ثم تصدَّى لهم، فسجل التاريخ أبرز صور البطولة،
وأسمى درجات الفداء والجهاد ضد هؤلاء المغتصبين، وكان من
أبرز هذه المعارك واقعة حِطِّين [583هـ = يولية 1187م] التى تعد
«حِطِّين» من أشهر الحروب التى خاضها «صلاح الدين» ضد
الصليبيين وانتصر عليهم فيها انتصاراً عظيماً، وكان هذا الانتصار
فاتحة خير على المسلمين، وبداية لسلسلة من الانتصارات على
الصليبيين، واستسلمت «قلعة طبرية» وسلمت لصلاح الدين عقب
هذا الانتصار، واتجه «صلاح الدين» صوب الساحل وحاصر «عكا»
حتى استسلمت بعهد وأمان، ثم تتابع -بعد ذلك - استسلام باقى
المدن الساحلية التى تقع جنوب «عكا» وهى: «نابلس»
و «الرملة» و «قيسارية» و «أرسوف» و «يافا» و «بيروت»، وكذا
المدن الواقعة شمال «عكا» مثل: «الإسكندرونة»، وكلها حصلت
على العهد بالأمان من «صلاح الدين» الذى لم يبق أمامه سوى
أن يمضى فى طريقه إلى «فلسطين»، فاستسلمت «عسقلان» له
أثناء مروره بها، وحانت المواجهة الحاسمة لتحرير «بيت
المقدس» التى نجح فى فتحها بعد حصار شديد حتى اضطرمَنْ
بداخلها إلى الاستسلام وطلب الصلح. وتوفى صلاح الدين فى
سنة (589هـ = 1193م)، وله من العمر خمسة وخمسون عامًا، بعد
أن أسر الناس بجليل أعماله، وقهر الصليبيين بشجاعته، وخلَّص
العالم الإسلامى بقوة إيمانه من كوارث داخلية وخارجية كادت
تودى به وتوقعه فى أيدى الأعداء.(10/295)
*العزيز عماد الدين
هو أصغر أبناء صلاح الدين الأيوبى، خلفه على عرش
«مصر» سنة 589هـ=1193م، وكان شابا فى الحادية والعشرين
من عمره، يتصف بالشجاعة والرحمة والعفة والأخلاق الحميدة،
وحكم «مصر» فى حياة أبيه «صلاح الدين» نيابة عنه، ومكَّنه
ذلك من اعتلاء عرشها عقب وفاته، إلا أنه كان يفتقد إلى الدراية
السياسية فى تسيير أمور البلاد واستقرار أحوالها، فاستعان
بعمه «العادل» واستوزره ليقوم بهذه المهمة، ومات «العزيز»
فى سنة (595هـ=1199م).(10/296)
*المنصور ناصر الدين
هو المنصور ناصر الدين بن العزيز عماد الدين بن صلاح الدين
الأيوبى، خلف أباه على عرش مصر (سنة 595هـ=1199م) وهو
طفل فى التاسعة من عمره، فحكم «مصر» مدة سنة وتسعة
أشهر، فرأى «الملك العادل» أن الدولة أوشكت على الانهيار
تحت حكم الملك الطفل، فجمع العلماء والفقهاء فى مجلس
للتشاور فيما يجب فعله، فقرر الجميع وجوب خضوع الصغير
للكبير، وتولى «العادل» عرش «مصر»، فأصبحت تحت يده أهم
أجزاء دولة «صلاح الدين»، واعترفت الولايات بسيادته،
وساهمت فى حروبه، وضربت «السكة» باسمه، وخُطب له فوق
كل المنابر الإسلامية(10/297)
*العادل سيف الدين
هو العادل سيف الدين بن نجم الدين أيوب، أخو صلاح الدين
الأيوبى. يعد أعظم سلاطين الأيوبيين بعد «صلاح الدين»، فقد
اكتسب خبرة واسعة من اشتراكه مع أخيه «صلاح الدين» فى
غزواته ومفاوضاته وإدارة الأقاليم، إذ وكل إليه «صلاح الدين»
معاونة «العزيز» فى حكم «مصر»، كما عهد إليه بحكم «حلب»،
ثم «العراق»، وذاع صيت «العادل» بين ملوك «أوربا»، واشتهر
بالكفاءة والدهاء والدراية بشئون الحكم، ولم يتأخر فى حمل
المسئولية حين رأى تدهور الأوضاع بمصر وحاجتها إليه، فكان
الرجل المناسب لتلك المرحلة. تأثر «العادل» تأثرًا بالغًا بشخصية
أخيه «صلاح الدين»، فسار على نهجه فى إدارة البلاد، رغم
الصعوبات التى واجهته، فقد ثارت ضده طائفة الشيعة
الإسماعيلية مثلما ثارت من قبل فى وجه أخيه «صلاح الدين»،
وحاولت هذه الطائفة زعزعة ملك «العادل» وتفريق البلاد
وتشتيت الصفوف، فعمل «العادل» على الحيلولة دون حدوث
ذلك، وتمكن من القبض على عناصرها وسجنهم سنة (605هـ)،
فخرجت جماعة أخرى تنادى بتولية أحد أبناء «صلاح الدين»
أمور الدولة، وكان هذا الابن لايزال طفلا صغيرًا، فاستطاع
«العادل» التغلب عليهم وإعادة الاستقرار إلى بلاده، إلا أن
انخفاض مياه النيل كان إحدى العقبات الطبيعية التى واجهته،
فقد حدثت بسببه مجاعة وقحط شديدان؛ نتيجة قلة الزراعة، كما
أن الحملات الصليبية لم تهدأ فى عهده؛ إذ لم ترضَ «أوربا» عن
استقرار أحوال البلاد الإسلامية، فعملت على زعزعتها، وأرسلت
حملة صليبية هاجمت «مصر» ووصلت إلى «دمياط» وحاصرت
حصونها، ثم تمكنت منها، واستولت على برجها الحصين «برج
السلسلة»، يضاف إلى ذلك كله العقبات الداخلية التى واجهت
«العادل» أثناء حكمه لمصر. وعلى الرغم مما واجهه «العادل»
من صعاب داخلية وخارجية فى الحكم، فقد اتسع ملكه إلى حد
كبير، وقلَّده الخليفة العباسى بمرسوم رسمى حكم «مصر»(10/298)
والشام وأرض الجزيرة، وخلع عليه الخلع الثمينة، فوزع
«العادل» حكم مملكته الواسعة بين أبنائه التسعة عشر نيابة
عنه؛ ليضمن وحدتها وتماسكها، فأناب ابنه «الكامل» عنه فى
«مصر»، وجعل «المعظَّم عيسى» على الشام، و «نجم الدين
أيوب» على «ميافارقين» ونواحيها، وأناب ابنه «الأشرف
مظفر» على «الولايات الشرقية». وقد ضمن «العادل» وحدة
دولته فى حياته، إلا أنه تركها إرثًا موزعًا بين أبنائه بعد
وفاته، فكان لذلك أثره الخطير فى قوة الدولة وتماسكها.
وحين سمع «العادل» بسقوط «برج السلسلة» بدمياط حزن حزنًا
شديدًا، فمرض ومات سنة (615هـ)، وكتم أصحابه خبر موته
ونقلوه إلى «دمشق»، حيث تولى ابنه «الكامل» حكم «مصر».
كان «العادل» حاكمًا عادلا، ذكيا، حليمًا، حسن التدبير، محبًا
للعلماء والأدباء ومشجعًا لهم، كما كان سياسيا محنكًا، قام
برحلات عديدة جاب بها أطراف مملكته الشاسعة، كى يضمن
استتباب الأمن والنظام، كما كان متفقدًا لأحوال أبنائه فى
الأقاليم التى أنابهم عنه فى حكمها.(10/299)
*الكامل بن العادل
هو الكامل ناصر الدين بن العادل أحد سلاطين الدولة الأيوبية فى
مصر، حكم «الكامل» «مصر» نيابة عن أبيه «العادل» فى
حياته، فلما مات سنة 615هـ=1218م استقل الكامل بحكم «مصر»
فى ظروف حرجة، إذ كان الصليبيون منتصرين فى «دمياط»،
وكان عليه دحر هذا الانتصار الذى أدى إلى موت أبيه كمدًا،
وخرج عليه عدد من الأمراء لعزله فى الوقت الذى يتصدى فيه
للصليبيين بدمياط، فتمكن من التغلب عليهم، ولكن الصليبيين
استغلوا حالة التمرد والتفكك الداخلى واستولوا على «دمياط»،
إلا أن «الكامل» استطاع توحيد بلاد المسلمين، وتمكن من دخول
«نابلس»، وتحرير «بيت المقدس»، واتسع ملكه لدرجة جعلت أئمة
المساجد يدعون له من فوق المنابر بقولهم: «سلطان مكة
وعبيرها، واليمن وزبيرها، ومصر وصعيدها، والشام
وصناديدها، والجزيرة ووليدها، سلطان القبلتين، ورب
العلامتين، وخادم الحرمين الشريفين». ورث عن أبيه صفاته
الطيبة، فكان قائدًا قديرًا، وسياسيا بارعًا، وإداريا نشيطًا،
حازمًا يدير أمور دولته بنفسه، لدرجة أنه لم يعين وزيرًا بعد
وفاة وزير أبيه، وقام بالأمر بمفرده، وكان محبا للحديث،
مشجعًا للعلماء والأدباء، فقد كان عالمًا، ينظم الشعر ويجيده.
ظل فى حكم البلاد التى تحت يديه حتى وفاته سنة
(635هـ=1237م)، فأخذت الدولة فى الضعف والانحلال من بعده.(10/300)
* العادل الثانى بن الكامل
أحد سلاطين الدولة الأيوبية فى مصر، وأطلَق اسم «العادل
الصغير» أو «العادل الثانى» عليه، تمييزًا له عن الملك «العادل»
أخى «صلاح الدين»، وقد كان «العادل الثانى» نائبًا عن أبيه
«الكامل» فى حكم «مصر»، فلما مات أبوه أصبح سلطانًا على
«مصر» سنة635هـ=1237م، ولكن اضطراب الأوضاع، وضعف
الدولة جعلاه لا يستمر طويلا فى حكم البلاد، فتولى أخوه
«الصالح نجم الدين أيوب» الحكم من بعده سنة 637هـ=1240م.(10/301)
* الصالح نجم الدين أيوب
أحد سلاطين الدولة الأيوبية فى مصر، تولى العرش خلفالأخيه
العادل الثانى بن الكامل. ورث «الصالح نجم الدين أيوب» عرشًا
مضطربًا، مزعزع الأركان جلب عليه الكثير من المشاكل
والمتاعب، فدبر أموره، وأعد عدته وتمكن من القضاء على
أكثر هذه المصاعب التى واجهته رغم شدتها، فلما تم له ما أراد
تحول بقوته إلى مواجهة الصليبيين، ولم يألُ جهدًا فى جهاده
ضدهم، واستطاع استعادة «بيت المقدس» ثانية من قبضتهم،
فاستقرت له الأحوال، وحل السلام بينه وبين أمراء مملكته،
وتفرغ لمواصلة جهاده ضد الصليبيين؛ أملا منه فى تحرير البلاد
كافة من أطماعهم. أكثر «الصالح نجم الدين أيوب» من استجلاب
المماليك لمساعدته فى حروبه ضد الصليبيين، فنبغ منهم عدة
أشخاص كان لهم أكبر الأثر فى تغيير مجرى السياسة المصرية،
ومنهم «شجرة الدر» الأرمينية الأصل، والتى كانت أم ولد للصالح
نجم الدين أيوب، ولازمته فى حياة أبيه «الكامل»، وظلت معه
بذكائها حتى أنجبت من «الصالح أيوب» ابنه «خليل» فتوطدت
مكانتها، فلما أصبح سلطانًا على «مصر» اتخذها إلى جواره
ملكة غير متوَّجة، فقد كانت تعمل على راحته، ووجد فيها ما
يحبه. مات «الصالح أيوب» فى ليلة النصف من شعبان سنة
(647هـ)، وكانت الحرب لاتزال دائرة بين المسلمين والصليبيين
أمام «المنصورة»، فأعملت «شجرة الدر» عقلها وتجلى
ذكاؤها، وأخفت خبر وفاته عن الناس فى تلك الفترة العصيبة
من تاريخ «مصر» و «الشام»، وأمرت أحد أطبائه بغسل جثمانه
ووضعه فى تابوت، ثم حمله فى الظلام إلى «قلعة الروضة»، ثم
إلى «قبو» بجوار المدرسة الصالحية ودفنه هناك، وأخبرت
الأمراء أن «السلطان مريض لا يصل إليه أحد»، ولم تعلن خبر
وفاته إلا بعد انتصار المسلمين على الصليبيين، ورد حملتهم،
فاستمر العزاء ثلاثة أيام بلياليها بمدرسته، وبعثت «شجرة الدر»
بالسناجقة السلطانية، وأمرت بأن تُعلَّق داخل القاعة على ضريح(10/302)
«الملك الصالح»، ليرى الزائر آلات الجهاد التى كان يحملها آخر
سلاطين «بنى أيوب» فى جهاده ضد الصليبيين فى معركة
«المنصورة»، فقد كان «الصالح أيوب» من أعظم سلاطين
«مصر» وأشجعهم.(10/303)
*توران شاه
هو تورانشاه بن نجم الدين أيوب بن الكامل، آخر سلاطين الدولة
الأيوبية، إستدعته شجرة الدر قبل أن تعلن عن وفاة أبيه نجم
الدين أيوب حيث كان غائبًا عن «مصر» فى «حصن كيفا». وقبل
وصوله أصدرت أوامرها للأمراء وأكابر رجال الدولة بأن يحلفوا
يمين السلطنة لتوران شاه، وأمرت خطباء المساجد بالدعاء له،
وأدارت «معركة المنصورة» حتى وصل «توران شاه»، فتسلم
قيادة الحرب وزمام الملك، ولم يمكث على عرش السلطنة أكثر من
شهرين، ثم خرج لملاقاة الصليبيين الذين دخلوا «المنصورة»،
وأخذوا يتقدَّمون نحو «القاهرة»، فتصدَّى لهم، وقاد المعركة
بمهارة فائقة حتى تم النصر للمسلمين، فأحبه الناس وقدروه، إلا
أن سيرته لم تكن حسنة، فقتل سنة (648هـ).(10/304)
*أروى بنت أحمد الصليحية
هى أروى بنت أحمد بن محمد بن القاسم الصليحى آخر ملوك
الدولة الصليحية باليمن، والمعروفة بالسيدة الحرة والملكة
الكاملة. ولدت سنة (440 هـ = 1048 م) وكان أبوها من رجال
الملك على الصليحى الذى أرسله إلى الخليفة الفاطمى المستنصر
بالله يستأذنه فى إظهار الدعوة العبيدية الشيعية. ولقبت ب
بلقيس الصغرى لرجاحة عقلها وحسن تدبيرها. وتزوجت أروى
من أحمد المكرم ابن الملك على الصليحى، وولدت له عليًّا
ومحمداً وفاطمة وأم همدان، وبعد وفاة زوجها قامت بشئون
الدولة بتفويض من الخليفة الفاطمى المستنصر بالله حتى سعت
لديه بتولية ابنها على حكم اليمن فاستجاب لها. وقد كانت
علاقتها بالفاطميين فى مصر وطيدة، حتى إنهم أسندوا إليها
تنظيم أمور الدعوة الإسماعيلية الشيعية، وبعد وفاة الخليفة
الفاطمى الآمر بالله (524 هـ = 1129 م) انفصلت الدولة الصليحية
عن الدولة الفاطمية. وقد تُوفِّيَت أروى سنة (532 هـ = 1139 م)
بعد أن حكمت (55) عاماً، وبوفاتها زالت الدولة الصليحية.(10/305)
*أرطغرل
هو أرطغرل بن سليمان بن فياألب جد خلفاء آل عثمان ووالد
عثمان خان مؤسس الدولة العثمانية، ولا يعرف عن حياته الأولى
سوى أن أباه سليمان كان يتزعم قبيلة (قاتى) التركية، وكان
موطنها بالقرب من (مرو) قاعدة بلاد (التركمان). هاجرت قبيلته
فيمن هاجر من القبائل، حين اكتسح المغول أراضى الدولة
الخوارزمية، فانتهى بأرطغرل المطاف بعد موت أبيه إلى
الأناضول، وهناك لمع نجمه فى مساعدة الأمير علاء الدين
كيعباد حاكم إمارة قرمان وهى إحدى إمارات دولة سلاجقة
الروم، فكان الأمير يقطعه عقب كل انتصار بعض ما يقع تحت
يديه من الأراضى والأموال. وظفر أرطغرل بلقب أوج بكى أى
محافظ الحدود من الدولة السلجوقية، ولم يكتف بذلك، بل ظل
يتوسع باسم السلطان علاء الدين حتى هاجم الدولة الرومانية
الشرقية (البيزنطية) ونجح فى توسيع منطقته فضم إليها مدينة
إسكى شهر واتخذها مقرًّا، وظل على هذا الوضع حتى توفى
سنة (678 هـ = 1228 م) وخلفه ابنه عثمان الذى سميت باسمه
الدولة العثمانية.(10/306)
*أسامة بن زيد
هو أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحبيل الكلبى صحابى جليل
وابن صحابى لقبه الرسول بـ الحب بن الحب. ولد فىالعام الرابع
من البعثة النبوية بمكة المكرمة شهد مع الرسول غزوة الأحزاب
وحنين ومؤتة، واستعمله الرسول أميراً على بعث إلى البلقاء من
أرض فلسطين، فنفذ البعث بعد وفاته (ورجع منتصراً بعد خمسين
يوماً. ومن أشهر مواقفه أنه اعتزل الفتنة الكبرى ورفض أن
يقاتل مع أحد الطرفين. وقد تُوفِّى أسامة بن زيد، رضى الله
عنه، فى أرض الجرف قرب المدينة سنة (54 هـ = 674 م) فحُمل
إلى المدينة ودُفن بها(10/307)
*أسد بن عبد الله القسرى
هو أسد بن عبد الله بن زيد بن أسد بن كرز القسرى أحد ولاة
بنى أمية على خراسان. ولد فى دمشق وبها أيضاً كانت
نشأته. وكان أخوه خالد بن عبد الله القسرى والياً على العراق
وخراسان فى عهد الخليفة الأموى هشام بن عبد الملك، فاختار
خالد أخاه أسداً نائباً عنه على خراسان سنة (106 هـ = 724 م)
وظل بها حتى عزل عن نيابته سنة (109 هـ = 727 م) ثم أعيد
إليها مرة ثانية سنة (117 هـ = 735 م)، وقام أسد خلال فترتى
ولايته بحملات عسكرية لتأمين حدود الدول الإسلامية، وصد
المعتدين على أطرافها، فحارب نمرون ملك الغرشتان، كما غزا
بلاد الغور وضم أسد إلى ولايته سمرقند وبلخ، وغزا مدينة خُتل
حيث دارت بينه وبين الترك معركة شديدة، واستطاع أسد أن
يهزم ملك الترك، وأن يسترد البلاد التى وقعت فى حوزته. وكان
أسد - إلى جانب شجاعته وحسن بلائه فى الحروب - كريماً
جواداً، يفرح بما يخرج من بين يديه من المال. وإلى أسد تنتسب
مدينة أسد آباد بالقرب من نيسابور، وعلى يديه أسلم سامان جدّ
الأمراء السامانيين. وتُوفِّى أسد بن عبد الله القسرى بمدينة بلخ
فى (صفر 120 هـ = يناير 738 م).(10/308)
*أسماء بنت أبى بكر
هى أسماء بنت أبى بكر الصديق عبد الله بن أبى قحافة الملقبة
ب ذات النطاقين صحابية جليلة، أخت السيدة عائشة، رضى الله
عنها، لأبيها، وزوج الصحابى الجليل الزبير بن العوام أحد
العشرة المبشرين بالجنة، وأم عبد الله بن الزبير الذى قتله
الحجاج بن يوسف. وُلدت أسماء بمكة قبل الهجرة بسبع
وعشرين سنة، وأسلمت بعد سبعة عشر مسلماً، وقد شاركت،
رضى الله عنها، فى أحداث الهجرة، فكانت تحمل الزاد والماء
والأخبار إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وأبيها الصديق، رضى الله عنه، أثناء
وجودهما فى غار ثور ولقبت خلالها بذات النطاقين؛ لأنها
اضطرت إلى شق نطاقها نصفين لتضع فى أحدهما الطعام
وتستر بالآخر رأسها. وكانت، رضى الله عنها، مثالاً فى الجود
والكرم، كثيرة البذل والعطاء، وكانت تقول لبناتها: أنفقن
وتصدقن، ولا تنتظرن الفضل، فإنكن إن انتظرتن الفضل، لم
تفضلن شيئاً. وروت أسماء الحديث عن النبى - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث روى عنها
علماء الحديث ثمانية وخمسين حديثاً. وتوفيت، رضى الله عنها،
بمكة فى (جمادى الأولى 73 هـ = سبتمبر 692 م) بعد مقتل ابنها
عبد الله بن الزبير بثلاثة أشهر.(10/309)
*أسماء بنت خماروية
هى أسماء بنت خمارويه بن أحمد بن طولون المعروفة ب قطر
الندى. من شهيرات النساء عقلاً وأدباً وجمالاً. أراد أبوها
خمارويه أن يزوجها من المكتفى بالله ابن الخليفة العباسى
المعتضد بالله، ولكن المعتضد بالله قال: أتزوجها أنا، فتزوجها
فى سنة (282 هـ = 895 م)، وكان زواجها مضرب الأمثال فى
البذخ والإنفاق؛ فقد دفع لها المعتضد بالله مهراً يبلغ ألف ألف
درهم، وجهزها أبوها بجهاز عظيم يتجاوز الوصف، ولم يُرَ مثله.
وقيل إن المعتضد بالله أراد من نكاحها أن يُفقر أباها فى
جهازها. ولما دخل بها أحبها حبًّا شديداً لجمالها وكثرة أدبها.
وتوفيت أسماء بنت خمارويه سنة (287 هـ = 900 م).(10/310)
*قطر الندى
هى أسماء بنت خمارويه بن أحمد بن طولون المعروفة ب قطر
الندى. من شهيرات النساء عقلاً وأدباً وجمالاً. أراد أبوها
خمارويه أن يزوجها من المكتفى بالله ابن الخليفة العباسى
المعتضد بالله، ولكن المعتضد بالله قال: أتزوجها أنا، فتزوجها
فى سنة (282 هـ = 895 م)، وكان زواجها مضرب الأمثال فى
البذخ والإنفاق؛ فقد دفع لها المعتضد بالله مهراً يبلغ ألف ألف
درهم، وجهزها أبوها بجهاز عظيم يتجاوز الوصف، ولم يُرَ مثله.
وقيل إن المعتضد بالله أراد من نكاحها أن يُفقر أباها فى
جهازها. ولما دخل بها أحبها حبًّا شديداً لجمالها وكثرة أدبها.
وتوفيت أسماء بنت خمارويه سنة (287 هـ = 900 م).(10/311)
*إسماعيل بن إبراهيم (نبى)
هو نبى الله إسماعيل بن إبراهيم الخليل، عليهما السلام، من
زوجته المصرية هاجر، وهو من نسل سام بن نوح ومن ذريته
محمد (. وُلد إسماعيل بأرض الشام وكان قد تقدم بأبيه العمر
دون أن يرزق بولد من زوجته سارة فوُلد له إسماعيل من هاجر
ثم انتقل إبراهيم - عليه السلام - بهما بأمر من الله إلى وادٍ غير
ذى زرع عند موضع البيت الحرام. وقد ورد ذكر إسماعيل - عليه
السلام - فى القرآن الكريم فى قصة رفع قواعد البيت الحرام مع
أبيه الخليل إبراهيم، قال الله تعالى: (وإذ يرفع إبراهيم القواعدَ
من البيت وإسماعيلُ ربنا تقبّل منا إنك أنت السميع العليم) [
البقرة: 127]. وقد أشار القرآن إلى موقف إسماعيل فى قصة
الفداء: قال الله تعالى: (فلما بلغ معه السعى قال يابنى إنى
أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى قال ياأبت افعل
ماتؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين. فلما أسلما وتله
للجبين، وناديناه أن يا إبراهيم. قد صدقت الرؤيا إنا كذلك
نجزى المحسنين. إن هذا لهو البلاء المبين. وفديناه بذبح عظيم) [
الصافات 102 - 107]. ولما بلغ إسماعيل أربعين سنة اصطفاه
الله نبيًّا وأرسله إلى قبائل العرب من جرهم والعماليق وقبائل
اليمن، فآمن به من شاء الله له أن يؤمن وكفر به من كفر.
وتوفى إسماعيل - عليه السلام - بمكة، ودفن فى الحِجر عند قبر
أمه هاجر.(10/312)
*إسماعيل بن إبراهيم (خديو)
هو إسماعيل بن إبراهيم بن محمد على باشا والى مصر
وحاكمها خلال الفترة [1863 - 1879 م]. وُلد بالقاهرة وتلقى
تعليمه بمدرسة خاصة أنشأها جده محمد على بالقصر العالى
بالقاهرة. وعندما أتم إسماعيل السادسة عشرة أوفده جده فى
بعثة علمية إلى باريس، أتقن خلالها اللغة الفرنسية. وعندما
تولى سعيد باشا حكم مصر استقدم إسماعيل رئيساً لمجلس
أحكام مصر وعندما توفى سعيد باشا تولى إسماعيل ولاية مصر
سنة [1279هـ = 1863 م]، وكان طامحاً إلى توسيع سلطانه،
فبذل جهده لقصر ولاية الحكم فى مصر على أبنائه بعد أن كانت
لأرشد أبناء أسرة محمد على، فحصل على فرمان من السلطان
يعطيه هذا الحق. ومن أشهر أحداث عصره: إتمام حفر قناة
السويس؛ حيث احتفل بافتتاحها سنة [1286هـ = 1869 م]، كما
أنشأ السكك الحديدية التى بلغ طولها فى عهده [1085ميلاً]،
وأنشىء فى عهده أيضاً نحو [4817مدرسة]، وتم إحياء
صحيفة الوقائع المصرية وفى عهده أيضاً اتسعت مساحة
الأراضى الزراعية. وتم عزل الخديو إسماعيل فى سنة (1297هـ
= 1879 م) وخلفه ابنه الأمير محمد توفيق ونفى إسماعيل إلى
نابولى ثم إلى الأستانة فأقام بها حتى توفى فى (رمضان
1312هـ = مارس 1895 م) ونقل جثمانه إلى القاهرة.(10/313)
*اسماعيل الصفوى
هو إسماعيل بن حيدر بن جُنيد بن إبراهيم بن صدر الدين موسى
بن صفى الدين الأردبيلى الصفوى مؤسس الدولة الصفوية
الشيعية فى إيران. وُلد إسماعيل فى [25 من رجب 892 هـ = 18
من يونية 1487 م] ونشأ محبًّا للشعر وكان يقرضه باللغات
العربية والتركية والفارسية. أسس «الدولة الصفوية» فى عام
(907هـ = 1502م)، ثم دخل «تبريز» وأعلن نفسه فيها ملكًا على
«إيران»، وتلقب بأبى المظفر شاه إسماعيل الهادى الوالى،
وأصدر السكة باسمه، وفرض المذهب الشيعى، وجعله المذهب
الرسمى لإيران بعد أن كانت تتبع المذهب السنى، وقال حين
أعلن ذلك: «لا يهمنى هذا الأمر، فالله، وحضرات الأئمة
المعصومين معى، وأنا لا أخشى أحدًا، وبإذن الله - تعالى - لو
قال واحد من الرعية حرفًا، فسأسحب سيفى، ولن أترك أحدًا
يعيش».وأمر المؤذنين أن يزيدوا فى الأذان عبارتَى: «أشهد أن
عليا ولى الله»، و «حى على خير العمل». مضى الشاه
«إسماعيل» فى إرساء قواعد دولته، وترسيخ دعائم مذهبه،
وتنظيم إدارة بلاده، فاتخذ من «حسين بك لله» نائبًا له، وجعل
«الشيخ شمس الدين اللاهيجى» حاملا للأختام، واستوزر «محمد
زكريا»، ثم قضى على قبيلة «آق قيونلو»، ودخل «شيراز»،
وأقر فيها مذهبه الشيعى، فأصبحت «إيران» دولة شيعية بين
قوتين سنيتين هما: «الهند» والأتراك من جهة الشرق،
والعثمانيون والشام فى الغرب. تميز الشاه «إسماعيل» بالصبر
والذكاء وقوة الإرادة، والشجاعة والإقدام وحسن الإدارة، فالتف
الناس حوله بالترغيب تارة وبالترهيب تارة أخرى، وأقام دولته
على أساس مذهبى ذى أصول سياسية واقتصادية وإدارية،
ووضع الأساس الذى استمرت عليه هذه الدولة نحو قرنين من
الزمان، وباتت ذات دور مؤثر وحيوى فى المنطقة، وقد أُعجب
معاصرو الشاه «إسماعيل» به وبسياسته، وقد وصفه
«ميرخواند» فى كتابه «روضة الصفا» بقوله: «كان ذلك الملك
نادرة الزمان، وأعجوبة الليل والنهار». ولعل من أبرز إنجازات(10/314)
«إسماعيل الصفوى» هى إقراره لوحدة «إيران» الوطنية
والسياسية، وتحديد معالم شخصية دولته فى الداخل والخارج،
غير أنه صعَّد -فى الوقت نفسه- حدة الصراع بين الصفويين
والعثمانيين، وعمَّق الخلاف المذهبى بين السنيين والشيعة.(10/315)
*اسماعيل الأول
هو إسماعيل بن حيدر بن جُنيد بن إبراهيم بن صدر الدين موسى
بن صفى الدين الأردبيلى الصفوى مؤسس الدولة الصفوية
الشيعية فى إيران. وُلد إسماعيل فى [25 من رجب 892 هـ = 18
من يونية 1487 م] ونشأ محبًّا للشعر وكان يقرضه باللغات
العربية والتركية والفارسية. أسس «الدولة الصفوية» فى عام
(907هـ = 1502م)، ثم دخل «تبريز» وأعلن نفسه فيها ملكًا على
«إيران»، وتلقب بأبى المظفر شاه إسماعيل الهادى الوالى،
وأصدر السكة باسمه، وفرض المذهب الشيعى، وجعله المذهب
الرسمى لإيران بعد أن كانت تتبع المذهب السنى، وقال حين
أعلن ذلك: «لا يهمنى هذا الأمر، فالله، وحضرات الأئمة
المعصومين معى، وأنا لا أخشى أحدًا، وبإذن الله - تعالى - لو
قال واحد من الرعية حرفًا، فسأسحب سيفى، ولن أترك أحدًا
يعيش».وأمر المؤذنين أن يزيدوا فى الأذان عبارتَى: «أشهد أن
عليا ولى الله»، و «حى على خير العمل». مضى الشاه
«إسماعيل» فى إرساء قواعد دولته، وترسيخ دعائم مذهبه،
وتنظيم إدارة بلاده، فاتخذ من «حسين بك لله» نائبًا له، وجعل
«الشيخ شمس الدين اللاهيجى» حاملا للأختام، واستوزر «محمد
زكريا»، ثم قضى على قبيلة «آق قيونلو»، ودخل «شيراز»،
وأقر فيها مذهبه الشيعى، فأصبحت «إيران» دولة شيعية بين
قوتين سنيتين هما: «الهند» والأتراك من جهة الشرق،
والعثمانيون والشام فى الغرب. تميز الشاه «إسماعيل» بالصبر
والذكاء وقوة الإرادة، والشجاعة والإقدام وحسن الإدارة، فالتف
الناس حوله بالترغيب تارة وبالترهيب تارة أخرى، وأقام دولته
على أساس مذهبى ذى أصول سياسية واقتصادية وإدارية،
ووضع الأساس الذى استمرت عليه هذه الدولة نحو قرنين من
الزمان، وباتت ذات دور مؤثر وحيوى فى المنطقة، وقد أُعجب
معاصرو الشاه «إسماعيل» به وبسياسته، وقد وصفه
«ميرخواند» فى كتابه «روضة الصفا» بقوله: «كان ذلك الملك
نادرة الزمان، وأعجوبة الليل والنهار». ولعل من أبرز إنجازات(10/316)
«إسماعيل الصفوى» هى إقراره لوحدة «إيران» الوطنية
والسياسية، وتحديد معالم شخصية دولته فى الداخل والخارج،
غير أنه صعَّد -فى الوقت نفسه- حدة الصراع بين الصفويين
والعثمانيين، وعمَّق الخلاف المذهبى بين السنيين والشيعة.(10/317)
*الأسود العنسى
هو عيهلة - وقيل عبهلة - بن كعب بن عوف العنسى نسبة إلى
بنى عنس أحد بطون قبيلة مذحج باليمن، والأسود العنسى أحد
مثيرى الفتنة فى اليمن بادعائه النبوة، وقومه حديثو عهد
بالإسلام، وقيل إنه سمى نفسه رحمان اليمن. وبدأت فتنة الأسود
سنة (10هـ = 631 م) وانضم إليه من قبيلته من خُدعوا به، فسار
إلى نجران وأجلى عنها القائمين بشئونها من قِبل رسول الله
(وهما: عمرو بن حزم وخالد بن سعيد. وقد أرسل النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى
المسلمين باليمن يأمرهم بمقاومة الأسود والاستعانة بكل ذى
دين فى ذلك الأمر، فقام معاذ بن جبل، رضى الله عنه، على
تنفيذ ما أمر به النبى وتعاون معه المسلمون من أهل اليمن،
وكتبوا إلى فيروز وزير الأسود وعرضوا عليه التعاون معهم فى
قتل الأسود، فرد عليهم ألاَّ يحركوا شيئاً حتى يدبر الأمر لقربه
منه، فدخل فيروز على الأسود وهو نائم فى فراشه فقتله وقطع
رأسه، وكان ذلك فى سنة (10هـ = 631 م) وبمقتله انتهت الفتنة.(10/318)
*الأشتر النخعى
هو مالك بن الحارث بن عبد يغوث النخعى، أحد التابعين، ومن
كبار أنصار الإمام على بن أبى طالب، وهو من قبيلة النخع
إحدى القبائل العربية التى كانت تعيش فى اليمن، ولُقِّب بالأشتر
لانقلاب جفنه إثر جرح أصابه فى إحدى عينيه فى معركة
اليرموك سنة (15 هـ = 636 م). وعندما تولى على بن أبى طالب
الخلافة كان الأشتر من أنصاره ومؤيديه، فاشترك فى معركة
صفين سنة (37 هـ = 657 م) التى كانت بين على ومعاوية،
رضى الله عنهما، وأظهر بسالة وشجاعة فى القتال. ولاه علىّ
إمارة مصر خلفاً لمحمد بن أبى بكر. وتوفى الأشتر النخعى سنة
(37 هـ = 657 م).(10/319)
*أشعب بن جبير
هو أشعب بن جبير الملقب بالطامع، وكان مولى لعثمان بن عفان
، رضى الله عنه، وقيل إنه ولد فى خلافته. وأشهر ما يعرف عن
أشعب أنه كان ظريفاً من ظرفاء المدينة، وكان يضرب به المثل
فى الطمع، وله فى هذا نوادر مأثورة وأخبار طريفة، كما كان
يجيد الغناء. ومن نوادره أنه كان يُحدّث الناس، فقال: سمعت
عكرمة يقول: سمعت ابن عباس يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
خصلتان لا تجتمعان فى مؤمن. ثم سكت طويلاً، فقالوا: ماهما؟
فقال: نسى عكرمة واحدة، ونسيت أنا الأخرى! وقد عُمّر أشعب
دهراً طويلاً، فقد قيل: إنه قدم بغداد زمن الخليفة العباسى أبى
جعفر المنصور. وتُوفى أشعب سنة (154 هـ = 771 م) عن نحو
(120 سنة).(10/320)
*الأشعث بن قيس
هو الأشعث بن قيس بن معدى كرب الكندى صحابى جليل، وأحد
أمراء قبيلة كِندة فى الجاهلية، ولقب بالأشعث لأنه كان كثيراً
مايُرى أشعث الرأس، وأسلم فى السنة العاشرة من الهجرة.
وفى خلافة أبى بكر الصديق، رضى الله عنه، امتنع الأشعث
وقومه عن أداء الزكاة، فسيّر أبو بكر جيشاً هزمهم وأُسِر
الأشعث، ولما حضر إلى أبى بكر تاب وحسنت توبته فأطلق
سراحه وزوّجه أخته، وفى خلافة عمر بن الخطاب، رضى الله
عنه، اتسعت الفتوحات الإسلامية، فشارك الأشعث فى معارك:
اليرموك (13 هـ = 634 م)، والقادسية (14 هـ = 635 م)، والمدائن
(16 هـ = 637 م)، وجلولاء (16 هـ = 637م)، ونهاوند (21 هـ =
641 م). وفى خلافة عثمان بن عفان، رضى الله عنه، عيّنه والياً
على أرمينية فظل عليها حتى خلافة على بن أبى طالب، وفى
خلافة على بن أبى طالب، رضى الله عنه، كان الأشعث من
أنصاره وشهد معه موقعة صفين. وتُوفى الأشعث بالكوفة سنة
(40 هـ = 661 م).(10/321)
*أشناس
قائد تركى مسلم اشتهر فى خلافة العباسيين المأمون
والمعتصم والواثق، وكان يكنى بأبى جعفر. عرف أشناس
بشجاعته وفروسيته حتى إن الخليفة المأمون عندما خرج سنة (
215 هـ = 830 م) قاصداً غزو الروم كان معه جماعة من القواد،
منهم أشناس الذى وجّهه إلى حصن سندس فى الشام فجاء
برئيسه إلى الخليفة. وفى ولاية المعتصم جعل ولاية مصر ل
أشناس فكان اسم أشناس يذكر فى خطبة الجمعة مع اسم
الخليفة، كما ضرب اسمه على السكة [العملة]. وكان لأشناس
فضل كبير فى فتح عمورية فقد وضع الخطط الحربية المناسبة
لمواجهة الروم، مما كان له أثر بالغ فى انتصار المسلمين. وفى
ولاية الواثق أقرّ أشناس على ولاية مصر، وضم إليه إدارة شئون
البلاد من بغداد حتى آخر حدود الدولة بالمغرب، ثم لقبه بلقب
سلطان، وكان أول من لُقب بذلك. وتُوفى أشناس سنة (230 هـ
= 843 م).(10/322)
*الإصطخرى
هو أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الكرخى الإصطخرى رحّالة من
علماء الجغرافية المشهورين. وُلد ونشأ بمدينة إصْطَخْر بإيران،
فنسب إليها، وسعى فى طلب العلم وهو صغير، ونشأت لديه
رغبة قوية فى السياحة والتطواف، فقد طاف معظم بلاد
المسلمين. وكان الإصطخرى يصف كل بلدٍ زاره وصفاً دقيقاً،
مبيناً مدنه وأنهاره وطرق مواصلاته، والمسافات التى تفصل بين
المدن. وألَّف الإصطخرى عدة كتب، منها: صور الأقاليم ومسالك
الممالك. وكُتُب الإصطخرى تجمع بين المتعة والفائدة، وكانت
أساساً لمن صنَّف بعده من جغرافيِّى العرب، مثل ابن حوقل الذى
اعتمد على كتاب الإصطخرى فى كتابه الذى ألفه بعد ذلك
وسماه المسالك والممالك. وتُوفى الإصطخرى سنة (346 هـ =
957 م).(10/323)
*ابن أبى أُصَيْبِعة
هو موفق الدين أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجى
وكان ملقباً باسم جده ابن أبى أصيبعة. وُلد ابن أبى أصيبعة
بدمشق فى بيت علم وأدب، فقد كان والده من أشهر الكحّالين (
أطباء العيون) بدمشق، فتعلم الطب على يد أبيه وتخصص فى
علومه، وبرع فى طب العيون، فسافر إلى مصر سنة (634 هـ =
1226 م) والتحق بالبيمارستان الناصرى بالقاهرة. واشتهر ابن
أبى أصيبعة بحسن مداواته لمرضى العيون، فعيَّنه عز الدين
أيبك أمير صرخد - إحدى مدن جبل حوران بسوريا - طبيباً خاصًّا
له. ومن أهم مؤلفات ابن أبى أصيبعة كتاب باسم عيون الأنباء
فى طبقات الأطباء وترجم فيه لكبار الأطباء منذ عُرف الطب لدى
الإغريق والرومان والهنود والعرب. ومن كتبه أيضاً: حكايات
الأطباء فى علاجات الأدواء، إصابات المنجمين، التجارب
والفوائد. وتُوفى ابن أبى أصيبعة فى (جمادى الأولى 668 هـ =
يناير 1270م).(10/324)
*امرؤ القيس
هو حُنْدُج بن حُجْر بن الحارث بن عمرو بن حُجْر بن عمرو بن
معاوية الكِندى. شاعر عربى من قبيلة كندة. وُلد بأرض نجد فى
ديار بنى أسد نحو سنة (130 ق. هـ = 497 م). نشأ امرؤ القيس
مترفاً لا يألف خشونة العيش، وكان من العشاق الذين يميلون إلى
العبث، ويقال: إن أباه طرده إلى قرية دمّون بحضرموت لتشبيبه
بفاطمة بنت العُبيد. وقد لقب امرؤ القيس بالملك الضليل، وبذى
القروح. وقد قيل: إن امرأ القيس هو أول من وضع قواعد للشعر
العربى، ومن ثم لُقب بأمير شعراء الجاهلية. وقد تنوعت أغراض
شعره، وجاء الغزل والنسيب فى مقدمة هذه الأغراض، ومن ذلك
قوله فى معلقته الشهيرة: قفا نبكِ من ذكرى حبيب ومنِزلٍ بسقط
اللوى بين الدخول فحومل وقوله: يظل العذارى يرتمين بلحمها
وشحم كهُدَّاب الدمقس المفتل وقوله: وليلٍ كموج البحر أرخى
سدوله على بأنواع الهموم ليبتلى وقد توفى امرؤ القيس سنة
(80 ق. هـ = 545 م) بعد أن لبس حُلّة مسمومة، فظهرت على
جسمه القروح، ومن ثم عُرف بذى القروح.(10/325)
*اُمَيَّة بن خلف
هو اُمَيَّة بن خلف بن وهب بن حُذافة بن جُمح، أحد سادات قريش
وعظمائها، أدرك الإسلام ولم يسلم، وكان من أشد أهل قريش
عناداً وحرباً للنبى - صلى الله عليه وسلم -. كان اُمَيَّة بن خلف سيَّداً لبلال بن رباح وكان
يبتدع فى وسائل تعذيبه فكان يُخرج بلالاً إذا حميت ظهيرة مكة
ويلقيه على رمالها ثم يضع أثقل الصخور على ظهره، كما كان
اُمَيَّة شديد الإيذاء للنبى - صلى الله عليه وسلم - مشتركاً فى ذلك مع بعض سادات
قريش. وقد نزل فى اُمَيَّة بن خلف قرآنٌ يهدده ويوضّح موقفه من
الدعوة، من ذلك قوله تعالى: (ويل لكل همزة لمزة الذى جمع
مالاً وعدده يحسب أن ماله أخلده كلا لينبذن فى الحطمة
وماأدراك ما الحطمة نار الله الموقدة التى تطلع على الأفئدة
إنها عليهم مؤصدة فى عمد ممددة) [الهمزة]. وكان اُمَيَّة بن
خلف من المشاركين فى الندوة التى عقدتها قريش قبل الهجرة
ليتخلصوا من النبى ولكن الله نجى رسولَه ورد كيدهم. وقد
تُوفى اُمَيَّة بن خلف فى غزوة بدر سنة (2هـ = 623 م).(10/326)
*أنس بن مالك
هو أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد الخزرجى
الأنصارى، صحابى جليل كنيته أبوحمزة ويقال أبو ثمامة
الأنصارى. وُلد أنس، رضى الله عنه، قبل الهجرة بعشر سنوات،
ونشأ فى كنف الرسول منذ صباه يكلؤه برعايته، ويظله بمظلته،
ويخصه بجانب من العلم، وقد أحسن أنس التلقى عن النبى
(والحفظ منه، ولذا روى عن الرسول أحاديث كثيرة حتى لُقْب
راوية الإسلام، وبلغ مارواه عن النبى - صلى الله عليه وسلم - من أحاديث، ألفين ومئتين
وستة وثمانين حديثاً. وقد شهد أنس، رضى الله عنه، مع الرسول
(الحديبية والفتح وحنيناً والطائف وخيبر، ولم يحارب يوم بدر؛
لأنه كان صغير السن آنذاك. وقد استعمله أبو بكر ثم عمر، رضى
الله عنهما، على عمالة البحرين، وشكرا له حسن قيامه بعمله،
وحرصه على أدائه ورعايته حق الله والمسلمين. وعُمِّر أنس،
رضى الله عنه، طويلاً، حتى قيل: إنه كان آخر الصَّحابة موتاً،
وكان يرى فى كل ليلة حبيبه (ويبكى بكاءً شديداً. وقد تُوفى
أنس بن مالك سنة (93 هـ = 711 م).(10/327)
*الأوزاعى
هو أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد الأوزاعى من كبار
تابعى التابعين. ولقب بالأوزاعى نسبة إلى الأوزاع وهى بطن
من ذى الكلاع باليمن. ولد سنة (88 هـ = 706 م) بقرية بعلبك فى
لبنان وربته أمه يتيماً، ثم استقر بدمشق. وقد برع الأوزاعى فى
تفسير القراَن الكريم، وحفظ الحديث، والأخبار، والمغازى، وكان
صاحب مذهب ساد فى الشام زمناً، ثم ما لبث أن ضعف انتشاره،
بسبب انتشار المذهبين المالكى والشافعى اللذين حلاَّ محلَّه. وقد
التزم الأوزاعى فى فتاويه بالتوقف عند النصوص الصحيحة من
الكتاب والسنة. وللأوزاعى كتابان فى الفقه، هما السنن
والمسائل، وقد ضمَّن كتاب المسائل الفتاوى التى أفتى بها.
وتُوفى الأوزاعى سنة (157هـ = 773 م) فى بيروت.(10/328)
*عبد الرحمن الأوزاعي
هو أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد الأوزاعى من كبار
تابعى التابعين. ولقب بالأوزاعى نسبة إلى الأوزاع وهى بطن
من ذى الكلاع باليمن. ولد سنة (88 هـ = 706 م) بقرية بعلبك فى
لبنان وربته أمه يتيماً، ثم استقر بدمشق. وقد برع الأوزاعى فى
تفسير القراَن الكريم، وحفظ الحديث، والأخبار، والمغازى، وكان
صاحب مذهب ساد فى الشام زمناً، ثم ما لبث أن ضعف انتشاره،
بسبب انتشار المذهبين المالكى والشافعى اللذين حلاَّ محلَّه. وقد
التزم الأوزاعى فى فتاويه بالتوقف عند النصوص الصحيحة من
الكتاب والسنة. وللأوزاعى كتابان فى الفقه، هما السنن
والمسائل، وقد ضمَّن كتاب المسائل الفتاوى التى أفتى بها.
وتُوفى الأوزاعى سنة (157هـ = 773 م) فى بيروت.(10/329)
*ابن إياس
هو أبوالبركات محمد بن أحمد بن إياس زين الدين المصرى
الحنفى. أحد المؤرخين المصريين البارزين فى كتابة التاريخ
فى القرن (9هـ = 15م). وُلد فى القاهرة سنة (852 هـ = 1448 م)
لأسرة مملوكية رفيعة القدر؛ حيث كان أبوه وجده من الأمراء.
وقد كان لابن إياس منهج فى كتابة التاريخ، فقد كان يتحرى
الدقة فيما يكتب، وفيما يصدر من أحكام على معاصريه من
السلاطين والأمراء. وكان يقف عند كل حادثة بالشرح والتعقيب
مع شىء من القوة فى الحكم والجرأة فى التقدير. وقد اعتنى
ابن إياس فى كتابته للتاريخ بتسجيل تاريخ مصر والإفاضة فيه.
وقد ترك ابن إياس مؤلفات عديدة نافعة، منها: بدائع الزهور فى
وقائع الدهور.- عقود الجمان فى وقائع الزمان.- نزهة الأمم فى
العجائب والحكم.- نشق الأزهار فى عجائب الأقطار. وقد تُوفى
ابن إياس سنة (930 هـ = 1523 م).(10/330)
*أبو أيوب الأنصارى
هو خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن النجار بن الخزرج المعروف
بأبى أيوب الأنصارى، صحابى جليل، ومن السابقين الذين
بايعوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى بيعة العقبة الثانية. وكان لأبى أيوب
الأنصارى شرف ضيافة النبى - صلى الله عليه وسلم - عندما هاجر من مكة إلى المدينة.
وعندما آخى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار آخى بين أبى
أيوب ومصعب بن عمير، رضى الله عنهما. وشهد أبو أيوب
غزوة بدر وأحد والخندق، وسائر المشاهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،
وحرس فى غزوة خيبر خيمة رسول الله وسهر على حمايته. وقد
روى أبو أيوب الأنصارى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (150) حديثاً، واتفق
البخارى ومسلم على سبعة منها وانفرد البخارى برواية حديث
واحد، ومسلم بخمسة أحاديث، فى حين تفرق الباقى فى كتب
الحديث الأخرى. وتُوفى أبو أيوب الأنصارى سنة (52 هـ = 672
م)(10/331)
*أبو بردة بن أبى موسى
هو أبو بُردة عامر بن أبى موسى عبد الله بن قيس الأشعرى
الإمام الفقيه الثبت، كان أبوه صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. كان أبو بُردة
ثقة كثير الحديث له مكارم ومآثر مشهورة. تولى أبو بُردة
القضاء على الكوفة بعد القاضى شريح فى أيام الحجاج ثم
عزله الحجاج وولى على الكوفة أخا أبى بردة وهو أبو بكر بن
أبى موسى الأشعرى. تُوفى أبو بردة بالكوفة سنة (103 هـ =
721 م).(10/332)
*بطرس قيصر روسيا
هو بطرس الثالث قيصر روسيا ابن الامبراطورة أنا ابنة بطرس
الأكبر مؤسس روسيا. تولى بطرس الثالث الحكم بعد عمته
الإمبراطورة اليصابات سنة (1176 هـ = 1762 م)، وقد أخرج
روسيا من حرب السنين السبع. تزوج بطرس الثالث من الأميرة
صوفيا أميرة أنهالت التى تعرف ب كاترين الثانية وكان بطرس
عربيداً (سيئ الخلق) فلم يكن يصلح لتولى الحكم فقامت مؤامرة
تزعَّمها الإخوة أودلوف لإرغام بطرس على النزول عن العرش،
وإعلان كاترين العاهل الوحيد على روسيا، وبعد أيام وُجد
بطرس ميتاً فى ظروف غامضة، ويعتقد أنه اغتيل.(10/333)
*جمال الدين الأفغانى
هو محمد بن صفتر الحسينى جمال الدين فيلسوف الإسلام فى
عصره. وُلد فى بيت شرف وعلم بقرية أسعد آباد من قرى كنر
بالأفغانستان سنة (1254 هـ = 1838 م) ثم انتقل إلى كابل وهو
فى الثامنة من عمره، فتلقى العلوم العربية والشرعية
والرياضية، وبرع فى العلوم الرياضية. كان جمال الدين الأفغانى
من العقول الواسعة؛ فقد أتقن الإنجليزية والروسية، وكان واسع
الاطلاع على العلوم القديمة والحديثة، خصوصاً الفلسفة القديمة
وفلسفة تاريخ الإسلام. سافر الأفغانى إلى الهند ومصر ثم إلى
الأستانة وعُيِّن فيها عضواً فى مجلس المعارف، ثم غادرها إلى
مصر فمكث فيها ثمانى سنوات فطارت شهرته فى البلاد وأقبل
عليه الطلاب يتلمسون منه علماً ونوراً. وشهد الأفغانى الثورة
العرابية، وبعد إخفاقها سافر إلى باريس، ولحقه تلميذه محمد
عبده وأنشأ معه جريدة العروة الوثقى. وليس للأفغانى غير
مؤلفين هما: -تاريخ الأفغان. -رسالة الرد على الدهريين. وفى
آخر أيامه داهمه مرض السرطان فى فكه وامتد إلى عنقه
فتُوفِّى بالأستانة ودُفن فى أفغانستان، وكان ذلك سنة (1315
هـ = 1897 م).(10/334)
*جيش بن خمارويه (أبو العساكر)
هو أبو العساكر جيش بن خمارويه بن أحمد بن طولون أمير مصر
والشام. وُلد ونشأ بمصر. وَلِى مصر والشام بعد مقتل أبيه
خمارويه بدمشق، وقد تقاعس عن مبابعته جماعة من كبار
القواد، ولكن بايعه آخرون فتمت له البيعة وهو صبى. وكانت
ولايته فى (ذى القعدة 282 هـ = يناير 896 م). وغلب عليه اللهو
والمجون فنقمت عليه الخاصة وخلعوه عن الولاية فى (جمادى
الآخرة 283 هـ = يونيو 896 م) وسجن وقتل فى السجن بعد
خلعه بأيام يسيرة، وكانت مدة ولايته ستة أشهر.(10/335)
*ابن حبيب
هو عبد الملك بن حبيب بن سليمان بن هارون بن جاهمة السلمى
الإلبيرى القرطبى عالم الأندلس وفقيهها فى عصره. وُلد فى
إلبيرة سنة (174 هـ = 790 م) وسكن قرطبة. كان عالماً بالتاريخ
والأدب والنحو والعروض، حافظاً للأخبار والأنساب والأشعار،
كان يقول الشعر أيضاً، وكان رئيساً فى فقه المالكية. وقال
عنه محمد بن عمر بن لُبابة: عبد الملك بن حبيب عالم الأندلس،
ويحيى بن يحيى عاقلها، وعيسى بن دينار فقيهها. ولابن حبيب
مؤلفات كثيرة فى الفقه والتاريخ والأدب منها: -فضل الصحابة. -
غريب الحديث. -تفسير الموطأ. - الواضحة. -حروب الإسلام. -
طبقات الفقهاء والتابعين. تُوفى ابن حبيب بقرطبة سنة (238 هـ
= 853 م).(10/336)
*زرياب
هو أبو الحسن على بن نافع الملقب بزرياب، نابغة الموسيقى
فى عصره، ولُقب بزرياب؛ لأنه كان أسود اللون مع فصاحة
لسانه تشبيهاً له بطائر مغرد أسود اللون. كان زرياب شاعراً
مطبوعاً وتتلمذ على يد إسحاق الموصلى المغنى العباسى
ببغداد، وفاقه فى الغناء، وغنى بين يدى هارون الرشيدى.
وهو أول من جعل فى العود خمسة أوتار. سافر زرياب إلى
الأندلس وقد سبقته شهرته، وأقام بقرطبة، وبها اخترع مضراب
العود من قوادم النسر، بعد أن كان يُصنع من الخشب. وتُوفى
زرياب بالأندلس سنة (230 هـ = 845 م).(10/337)
*عمرو بن العاص:
هو فاتح «مصر»، وأول والٍ عليها من قِبل الخليفة «عمر بن
الخطاب»، وكان واليًا عادلا، عمل على نشر الأمن والأمان فى
ربوع «مصر»، ومنح الأقباط الحرية الدينية التى افتقدوها قبل
الفتح الإسلامى، وأعاد البطريق «بنيامين» من منفاه فى «وادى
النطرون» إلى «كنيسة الإسكندرية»، لذلك أحبه المصريون. قام
«عمرو بن العاص» بالإصلاحات المالية والإدارية فى «مصر»،
واعتمد فيها على الأقباط من أهلها، فنعم المصريون -جميعًا-
فى ولايته بالحرية الدينية والحياة الكريمة. تأسيس الفسطاط: لم
يقتصر دور «عمرو بن العاص» على الإصلاحات المالية والإدارية،
بل أسس مدينة «الفسطاط» (مصر القديمة حاليا)؛ لتكون عاصمة
لمصر الإسلامية بأمر من الخليفة «عمر بن الخطاب»، ثم أسس
مسجده - الذى لايزال يحمل اسمه حتى الآن - فى وسط تلك
المدينة. وهو أول مسجد فى قارة إفريقيا. ومن أهم أعمال
«عمرو بن العاص» حفر قناة تصل «النيل» بالبحر الأحمر، بأمر
من الخليفة «عمر بن الخطاب»، لتسهيل السفر والتجارة بين
«مصر» والجزيرة العربية، وكان اسم هذه القناة: «خليج أمير
المؤمنين». وقد تولى «عمرو بن العاص» ولاية «مصر» مرتين،
كانت الثانية من سنة (38هـ = 658م) حتى سنة (43هـ = 663م).(10/338)
*علي بن نافع
هو أبو الحسن على بن نافع الملقب بزرياب، نابغة الموسيقى
فى عصره، ولُقب بزرياب؛ لأنه كان أسود اللون مع فصاحة
لسانه تشبيهاً له بطائر مغرد أسود اللون. كان زرياب شاعراً
مطبوعاً وتتلمذ على يد إسحاق الموصلى المغنى العباسى
ببغداد، وفاقه فى الغناء، وغنى بين يدى هارون الرشيدى.
وهو أول من جعل فى العود خمسة أوتار. سافر زرياب إلى
الأندلس وقد سبقته شهرته، وأقام بقرطبة، وبها اخترع مضراب
العود من قوادم النسر، بعد أن كان يُصنع من الخشب. وتُوفى
زرياب بالأندلس سنة (230 هـ = 845 م).(10/339)
*مَعْمَر بن راشد
هو أبو عروة معمر بن راشد بن أبى عمروالأزدى أحد الأعلام
الثقات فى اليمن، فقيه حافظ للحديث. وُلد بالبصرة سنة (95 هـ =
713 م) واشتهر فيها، ثم سكن اليمن، وهو أول من صنف باليمن.
كان معمر من أوعية العلم مع الصدق والتحرى والورع وحسن
التصنيف، وكان من الثقات الذين يؤخذ منهم، فقد قال عنه ابن
جرير: عليكم بمعمر فإنه لم يبق فى زمانه أعلم منه. ومن أهم
كتب معمر بن راشد كتاب الجامع. وتُوفى معمر بصنعاء فى
(رمضان 153 هـ = سبتمبر 770 م).(10/340)
*مغيث الرومى
هو مغيث بن الحارث بن الحويرث بن جبلة بن الأيهم الغسانى
المعروف ب مغيث الرومى فاتح قرطبة. أُسر مغيث من قِبل الروم
وهو صغير، ونشأ بدمشق وتأدب مع أولاد عبد الملك بن مروان
فتلقى الفصحى وصار يقول الشعر والنثر، ومن شعره قوله:
أعنتكمُ ولكن ما وفيتم فسوف أعيث فى غرب وشرق ودخل
مغيث الأندلس غازياً مع طارق بن زياد، ثم أرسله لفتح قرطبة
ومعه سبعمائة فارس ففتحها فى (شوال سنة 92 هـ = أغسطس
711 م)، ثم فتح الكنيسة التى تحصن بها ملك قرطبة بعد حصار
دام ثلاثة أشهر. وبعد فتح قرطبة حدث بين مغيث وطارق بن زياد
خلاف فرحل مغيث إلى دمشق سنة (96 هـ = 715 م) وخدم
سليمان بن عبد الملك ثم عاد إلى الأندلس. وتُوفى مغيث الرومى
بالأندلس سنة (100 هـ = 718 م).(10/341)
*المغيرة بن شعبة
هو أبو عبد الله المغيرة بن شعبة بن أبى عامر بن مسعود
الثقفى صحابى جليل، أحد دهاة العرب وقاداتهم. وُلد المغيرة
فى الطائف بالحجاز سنة (20 ق. هـ = 603 م). أسلم المغيرة بن
شعبة سنة (5 هـ) وشهد الحديبية واليمامة وفتوح الشام، وذهبت
عينه باليرموك، وشهد أيضاً القادسية ونهاوند وهمدان. ولاَّه
عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، البصرة، ثم عزله وولاه الكوفة.
والمغيرة بن شعبة من رواة الحديث، فقد روى عن النبى - صلى الله عليه وسلم - (136)
حديثاً. وقد وُصف المغيرة بالدهاء، قال الشعبى: دهاة العرب
أربعة: معاوية بن أبى سفيان، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن
شعبة، وزياد. وتُوفى المغيرة بالكوفة سنة (50 هـ = 570 م)،
ولما تُوفى وقف مصقلة بن هبيرة الشيبانى على قبره، فقال:
إن تحت الأحجار حزماً وجوداً وخصيماً ألد ذا معلاق حيّة فى
الوجار أربد، لاين فع منه السليم نفث الراقى ثم قال: أما والله
لقد كنت شديد العداوة لمن عاديت شديد الأخوة لمن آخيت.(10/342)
*المقريزى
هو أبو العباس أحمد بن على بن عبد القادر بن محمد بن إبراهيم
تقى الدين المقريزى مؤرخ الديار المصرية. وُلِد المقريزى سنة (
766 هـ = 1365 م) بحارة برجوان بقسم الجمالية بمحافظة
القاهرة بمصر، ونشأ فى أسرة معروفة بالاشتغال بالعلم،
فعكف على دراسة علوم الدين وحفظ القرآن ومعرفة النحو
والتاريخ والأدب والحساب. عمل المقريزى كاتباً فى ديوان
الإنشاء بالقلعة ثم عُيِّن نائباً من نواب الحكم، ثم عُيِّن مدرساً
للحديث بالمدرسة المؤيدية، ثم عيَّنه السلطان برقوق سنة (801
هـ = 1398م) محتسباً للقاهرة والوجه البحرى. وبعد ذلك انقطع
المقريزى للعلم واشتغل بالتاريخ، وأثرىالمكتبة العربية بكتب
كثير منها: - اتعاظ الحنفا بأخبار الفاطميين الخلفا. - إمتاع
الأسماع. - إغاثة الأمة بكشف الغمة. - العقود فى تاريخ العهود. -
نبذة العقود فى أمور النقود. - السلوك لمعرفة دول الملوك.
وتُوفى المقريزى سنة (845 هـ = 1441 م).(10/343)
*ابن المقفع
هو عبد الله بن المقفع من أئمة الكتَّاب، وأول من عُنى فى
الإسلام بترجمة كتب المنطق، وهو فارسى الأصل. وُلد ابن المقفع
سنة (106 هـ = 724 م)، فى قرية جُور بفارس ونشأ بها، وعمل
على تحصيل الثقافة الفارسية، ثم رحل إلى البصرة، وتعلم اللغة
العربية سريعاً لاختلاطه بمواليه آل الأهتم وهم مشهورون
بالفصاحة. وكان ابن المقفع مجوسيَّاً فأسلم، وكان كريم
الأخلاق، وعقله شديد الاتساع. وترجم ابن المقفع عن الفارسية
كتاب كليلة ودمنة، وهو من أشهر كتبه. وترجم أيضاً كُتب
أرسطو طاليس الثلاثة فى المنطق، وله رسائل غاية فى الإبداع،
منها: الأدب الصغير والأدب الكبير والصحابة. وقد اتُهم ابن
المقفع بالزندقة، فقتله أمير البصرة سفيان بن معاوية المهلبى
وكان ذلك سنة (142هـ = 759 م).(10/344)
*أبو الأسود الدؤلى
هو ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل الدؤلى الكنائى. وُلد بمكة
، ولا تُعرف سنة ولادته على وجه التحديد، أسلم فى عهد النبى
(ولم يره. صحب على بن أبى طالب، رضى الله عنه، فبرز شأنه
فى خلافته، وقاتل معه يوم الجمل وشهد معه صِفِّين وولاّه قضاء
البصرة ثم جعله والياً عليها. ويذهب معظم العلماء إلى أن أبا
الأسود الدؤلى هو أول من وضع قواعد النحو العربى بأمر من
على بن أبى طالب. وأبو الأسود الدؤلى هو أول من نقط
المصحف نقط إعراب. وقد بقى من أثر أبى الأسود ديوان شعر،
كان قد جمعه اللغوى المعروف أبو الفتح بن جنى. ومن شعره:
ياأيها الرجل المعلم غيره هلاَّ لنفسك كان ذا التعليم تصف الدواء
لذى السقام وذى الضنا كيما يصح به وأنت سقيم ونراك تصلح
بالرشاد عقولنا أبداً وأنت من الرشاد عديم ابدأ بنفسك فانهها
عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ لاتنه عن خُلق وتأتى مثله
عارٌ عليك إذا فعلت عظيم وتوفى أبو الأسود الدؤلى بالبصرة
سنة (69 هـ = 688 م).(10/345)
*الأصمعى
هو أبو سعيد عبد الملك بن قريب بن عبدالملك بن أصمع
الباهلى. أحد أعلام اللغة والأدب. وُلد الأصمعى بالبصرة نحو سنة
(122هـ = 740 م) فى حى بنى أصمع وحفظ القرآن وأتقن
تجويده وقد رغب الأصمعى فى أخذ اللغة والنحو والشعر من
مصادرها الأولى فارتحل إلى البوادى يخالط أهلها؛ ويدون ما
يسمعه منهم؛ مما أكسبه معرفة واسعة بحياة الجاهليين
وأشعارهم وأراجيزهم. واتسم الأصمعى بالدقة فى الرواية
والخبرة فى الشعر حتى إن الأخفش كان يقول عنه مارأيت أحداً
أعلم بالشعر من الأصمعى، وعلى الرغم من كثرة محفوظاته
ومروياته الشعرية فإنه لم يكن شاعراً، ولما سُئل عن ذلك قال:
منعنى عن نظم الشعر نظرى إلى جيِّده. وكانت للأصمعى خبرة
جغرافية بالجزيرة العربية ودروبها ومسالكها، وقد استشهد به
ياقوت الحموى فى كتابه معجم البلدان فى (341) موضعاً. وترك
الأصمعى ثروة علمية طائلة، فمن كتبه: - النبات والشجر - خلق
الإنسان - فحولة الشعراء - الأصمعيات وتُوفى الأصمعى بالبصرة
سنة (216 هـ = 831 م).(10/346)
*ابن السَّلاَّر
هو أبو الحسن على بن السلار، ولقبه العادل سيف الدين ناصر
الحق، وقيل: أبو منصور على بن إسحاق، وعرف بابن السلار.
وزير الظافر بالله العبيدى الفاطمى (5 من جمادى الآخرة 544 هـ
= 13 من سبتمبر 1149 م) (آخر المحرم 549 هـ = 16 من أبريل
1154 م). تولى ابن السلار الوزارة بعد تغلبه على نجم الدين أبى
الفتح سليم بن محمد بن مصال وزير الظافر بالله، وكان ابن
السلار والياً على البحيرة والإسكندرية، وكان غير راضٍ عن
تولّى ابن مصال الوزارة، فجاء إلى القاهرة ليأخذ الوزارة
بالقهر، والتقى بابن مصال عند دِلاص قرب البهنسا (التابعة
لمحافظة المنيا)، فقَتل ابن مصال وتقلد ابن السلار الوزارة فى
سنة (544 هـ = 1144 م). كان ابن السلار سنيًّا شافعيًّا شجاعاً
مقداماً مائلاً إلى أرباب الفضل والصلاح، عمَّر بالقاهرة الكثير من
المساجد، كما كان له دور فى مواجهة الفرنج الصليبيين، فكان
أول من حاول عقد اتفاق مع نور الدين أمير حلب لعمل جبهة
موحدة لمواجهتهم، كما عمل ابن السلار على تقوية الجيش واهتم
بتحصين عَسقلان. ومع هذا فقد كان شديداً فى معاملته للناس،
وكان زوج أم عباس بن باديس الصَّنهاجى فقتله نصر بن عباس
هذا على فراشه بالقاهرة، وتولى عباس بعده الوزارة يوم
الخميس سادس المحرم سنة (548 هـ = 1153 م)، وقيل: السبت
الحادى عشر من المحرم من السنة نفسها، وبعدها دخل الفرنج
مدينة عسقلان واستولوا عليها فى (27 من جمادى سنة 548 هـ =
20 من أغسطس 1153 م). وتُوفى ابن السلار سنة (548 هـ =
1153 م).(10/347)
*ابن سعد
هو محمد بن سعد بن منيع الزهرى أبو عبد الله. مؤرخ، ثقة،
صاحب الطبقات. وُلد سنة (168 هـ = 784 م) فى البصرة وسكن
بغداد، وصحب الواقدى المؤرخ، فكتب عنه، وروى عنه، ويُعد
من أهل العدالة، يتحرى فى كثير من رواياته. روى عنه سفيان
بن عيينة وهشيم وغيرهما، وروى عنه أبو بكر ابن أبى الدنيا،
أشهر كتبه: طبقات الصحابة اثنا عشر جزءًا، ويعرف بطبقات ابن
سعد. قال أبو حاتم: صدوق. وتُوفى ببغداد سنة (230 هـ = 845
م).(10/348)
*محمد بن سعد
هو محمد بن سعد بن منيع الزهرى أبو عبد الله. مؤرخ، ثقة،
صاحب الطبقات. وُلد سنة (168 هـ = 784 م) فى البصرة وسكن
بغداد، وصحب الواقدى المؤرخ، فكتب عنه، وروى عنه، ويُعد
من أهل العدالة، يتحرى فى كثير من رواياته. روى عنه سفيان
بن عيينة وهشيم وغيرهما، وروى عنه أبو بكر ابن أبى الدنيا،
أشهر كتبه: طبقات الصحابة اثنا عشر جزءًا، ويعرف بطبقات ابن
سعد. قال أبو حاتم: صدوق. وتُوفى ببغداد سنة (230 هـ = 845
م).(10/349)
*بنيامين البطريق
ينتمى إلى أسرة قبطية موسرة من قرية فرشوط فى البحيرة،
ثم رحل إلى دير قبريوس بالإسكندرية، وترهب على يد رئيسه
تيوناس وقد جد فى تحصيل العلم، وكان ذكى الفؤاد، شديداً
فى الدين. وقد أحبه المسيحيون، واتبعوه، واختير بطريقاً
للكنيسة فى منتصف عمره، وظل فيها إلى أن تُوفى سنة (42
هـ = 662 م) بعد ولاية تسع وثلاثين سنة. ومما يذكر أنه واجه
الفرس، وحض الناس على الثبات والصبر، ودبر أمور الكنيسة،
وهرب قبل مجئ قيرس إلى الإسكندرية، ولاقى المسيحيون
العذاب والتنكيل على يد هرقل لإجبارهم على اعتناق مذهب
خلقدونية.(10/350)
*هاجر
هى أم إسماعيل بن إبراهيم، عليهما السلام. كانت جارية مصرية
جميلة. وهبها فرعون مصر لسارة زوجة إبراهيم عليه السلام،
حينما كانا فى زيارة لمصر، ثم وهبتها سارة لزوجها، فرزقه
الله منها إسماعيل، ثم أوحى الله - تعالى - إلى إبراهيم - عليه
السلام - أن يسكنهما مكة ففعل وأنزلهما موضع الحجر، ثم
تركهما ورجع إلى الشام. ونفد الماء من هاجر، فعطشت هى
وولدها، فأخذت تسعى بلهفة بين الصفا والمروة، وتدعو الله أن
ينجيها وابنها، فإذا هى بجبريل - عليه السلام - يضرب موضع
زمزم بجناحه فتفجر الماء من هذا الموضع، فجعلت تزمه بحيث لا
يخرج الماء خارجه؛ خوفاً من نفاده. ومرت جماعة جرهم تريد
الشام، فرأوا الطير يحلق فوق الجبل فعلموا أن هذا المكان به
ماء فنزلوا به واستأذنوا السيدة هاجر فى السكن به، فأذنت
لهم؛ فصاروا سكان مكة، وشب إسماعيل بينهم، وماتت هاجر
قبل سارة، ودفنها إسماعيل بالحجر.(10/351)
*مسيلمة الكذاب
هو أبو ثمامة مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفى
الوائلى. ولد ونشأ باليمامة، وهو أحد مدعى النبوة؛ إذ قدم مع
وفد بنى حنيفة على النبى - صلى الله عليه وسلم -، إلا أنه تخلف عنهم، وأسلم الوفد،
وأخبروا النبى بموضع مسيلمة، فأمر له النبى بمثل ماأمر لهم،
فلما رجعوا ادعى مسيلمة النبوة، وطالب الرسول باقتسام الأرض
معه مناصفة، ثم أخذ يكثر من وضع أسجاع يضاهى بها القرآن،
وتوفى النبى - صلى الله عليه وسلم - ومازال مسيلمة على حالته تلك. وفى خلافة أبى
بكر - رضى الله عنه - التحم الجيش الإسلامى بقيادة خالد بن
الوليد مع جيش مسيلمة فى معركة شديدة، أسفرت عن هزيمة
مسيلمة ومقتله سنة (12هـ=633م).(10/352)
*نوح عليه السلام
هو نوح بن لامك بن متوشلخ بن إدريس، عليه السلام. رسول من
أولى العزم، وأطلق عليه الأب الثانى للبشر. كان بينه وبين آدم
عشرة قرون كلها على الإسلام، كما فى البخارى، وبعد تلك
القرون آل الحال بأهل ذلك الزمان إلى عبادة الأصنام؛ فأرسل
الله نوحاً ليعود الناس إلى عبادة الله فاستجابت له فئة قليلة،
وتصدى له الباقون بالإيذاء. فثابر على أداء واجب الدعوة إلى
الله على مدار ألف سنة إلا خمسين عاماً وما آمن معه إلا قليل
([هود: 40]، وأوحى الله إليه (إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد
آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون. واصنع الفلك بأعيننا ووحينا
ولا تخاطبنى فى الذين ظلموا إنهم مغرقون ([المؤمنون: 27]،
فلما اشتد إيذاء قومه له ولمن آمن معه دعا ربه (أنى مغلوب
فانتصر ([القمر: 10]؛ فحل بالأرض طوفان دمر قومه ولم ينج
منهم إلا المسلمون بالسفينة. وقد ذكر الله تعالى نوحاً عليه
السلام فى أكثر من أربعين موضعاً فى القرآن الكريم، وذكر
قصته وما كان من قومه، وأن زوجته وأحد أبنائه كانا من
المكذبين له الكافرين بدعوته.(10/353)
*مصطفى كامل
هو مصطفى كامل بن على محمد، السياسى الخطيب الكاتب
الذى وُلِد بالقاهرة فى (14من أغسطس 1874م). كان أبوه
ضابطاً مهندساً، عُنِى بتعليمه؛ فصار فصيحاً، ساحر البيان.
التحق بكلية الحقوق؛ لكى يعد نفسه لأداء مهمته الوطنية،
وحصل على شهادة الحقوق، من جامعة تولوز، بفرنسا قبل
بلوغه سن العشرين. وقد اتجه إلى مقاومة الاحتلال الإنجليزى
بإلقاء الخطب وكتابة المقالات والكتب، ونشر دعوته السياسية
فى صحف فرنسا وأسس بمصر جريدة اللواء اليومية كما أصدر
جريدتين أخريين بالاسم نفسه؛ إحداهما بالفرنسية والأخرى
بالإنجليزية وتنقل بين البلاد الأوربية، مطالباً باستقلال مصر،
وكان يرى أن قضية الاستقلال قضية دولية؛ فالاستقلال من حق
جميع الشعوب، وأسس الحزب الوطنى، وانتخب رئيساً له سنة
(1907 م) طوال حياته. ومن آثاره: أعجب ما كان فى الرق عند
الرومان ودفاع مصرى عن بلاده والشمس المشرقة فى حرب
اليابان وروسيا والمسألة الشرقية ومصر والاحتلال الإنجليزى
ورسائل مصرية فرنسية وقد جمع شقيقه على فهمى كامل سيرته
بعنوان مصطفى كامل باشا؛ سيرته وأعماله، وألفت حوله عدة
كتب مستقلة، مثل مصطفى كامل لمحمد ثابت البندارى
ومصطفى كامل باعث الحركة الوطنية لعبد الرحمن الرافعى
ومصطفى كامل؛ حياته وكفاحه لأحمد رشاد. ومات مصطفى كامل
وهو فى ريعان شبابه متأثراً بالمرض، فى (10 من فبراير 1908
م).(10/354)
*ابن مصال
هو نجم الدين أبو الفتح سليمان بن محمد بن مصال اللُّكى
المفضل وُلِد فى لُكَّ بالقرب من برقة وعمل بالبيزرة والبيطرة،
كما كان عالماً بأصول الدين. وعرف بالتواضع ولين الجانب وقد
عينه الحافظ ناظراً للمصالح، ثم عينه الظافر وزيراً؛ تنفيذاً لوصية
أبيه الحافظ فى (5 من جمادى الآخرة 544 هـ = 13 من سبتمبر
1149م) ولقبه بالأفضل وأمير الجيوش وسعد الملك وليث الدولة.
وقد غضب العادل بن السلار لتولى ابن مصال الوزارة، ونجح
فى طرده من الوزارة، فخرج ابن مصال من القاهرة إلى الجيزة،
فتبعته جيوش العادل، وقتل قرب دلاص فى المنيا بمصر، فى
(19 من شوال 544 هـ = 19 من فبراير 1150 م).(10/355)
*مدحت باشا
هو مدحت باشا أو أحمد مدحت بن حاجى حافظ أشرف أفندى،
أبو الأحرار العثمانى. وُلِد سنة (1238 هـ = 1822 م) في
إستامبول وكان أبوه قاضياً، وسماه محمد شفيق وغلب عليه
اسم أحمد مدحت ثم مدحت. تعلم العربية والفارسية، وتقلب فى
الوظائف، حتى كان والياً على الدانوب (الطونة). وقضى على
ثورات البلغار، وأصدر الدستور العثمانى فى أواخر سنة
(1293هـ = 1876 م)، ثم عزله السلطان عبد الحميد، فسافر إلى
لندن، ثم عاد والياً علي الشام فأزمير، ثم حوكم لاتهامه فى
الاشتراك فى تدبير قتل السلطان عبد العزيز سنة (1293 هـ =
1876 م). وكان يستهدف إصلاح الحكم والإدارة، حيث حاول أن
ينتفع من الحضارة الأوربية الحديثة بما يتوافق مع الإسلام فى
تنظيم الحكم والإدارة والاقتصاد. وقد صدر الحكم بإعدامه، ولكن
السلطان اكتفى بنفيه إلى قلعة الطائف بالحجاز ثم تُوفِّى سنة
(1301 هـ = 1883 م)، وقد اختلف فى سبب وفاته؛ فقيل: وُجِد
مخنوقاً في سجنه، وقيل: مات بالسرطان.(10/356)
*المدائنى
هو على بن محمد بن عبد الله بن أبى سيف، أبو الحسن
المدائنى. وُلِد سنة (135هـ) وكان مولى شمس بن عبد مناف،
وقيل: مولى عبد الرحمن بن سمرة القرشى وكان راوية ومؤرخًاً.
وكان من أهل البصرة؛ إذ سكن المدائن، ثم انتقل إلى بغداد.
وكان صدوقاً فى روايته؛ لذا قال عنه يحيى بن معين: ثقة ثقة
ثقة، وروى عنه الزبير بن بكار والحسن بن على بن المتوكل
وقد كان كثير التأليف؛ حيث وصلت كتبه إلى مايزيد على
المائتين، لكن لم يصل إلينا من كتبه سوى كتابين، وهما:
المردفات من قريش، والتعازى. وتُوفِّى فى ذى القعدة سنة
(225هـ).(10/357)
*هند بنت عتبة
هى الصحابيه الجليله هند بنت عتبه بن ربيعه بن عبد شمس بن
عبد مناف اشتهرت بالجمال وسداد الرأى والعقل والحزم والعزة
والفصاحة والبلاغة وإنشاء الأدب شعراً ونثراً. وهى زوجة أبى
سفيان؛ إذ تزوجته بعد مفارقتها لزوجها الأول الفاكهه بن
المغيرة المخزومى. وكانت قبل إسلامها من أشد أعداء الإسلام
والمسلمين، حتى إنها كانت تحرض على قتال المسلمين فى بدر
وأحد، وقد دفعت أفعالها الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى إعلانه إهدار دمها يوم
فتح مكة، إلا أنها جاءت مع بعض النساء لإعلان إسلامهن،
فرحب بها النبى - صلى الله عليه وسلم -. وروت عن النبى وروى عنها ابنها معاوية بن
أبى سفيان، وشهدت اليرموك، وحرضت على قتال الروم. ومن
مأثور أقوالها: المرأة غل لابد للعنق منه، فانظر من تضعه فى
عنقك. وتُوفِّيت فى خلافة عمر، رضى الله عنه، سنة (14هـ).
وقيل: فى خلافة عثمان رضى الله عنه.(10/358)
*محمود سامى البارودى
هو محمود سامى بن حسن حسنى بن عبد الله البارودى المصرى
رائد النهضة فى الشعر العربى الحديث. وُلِد فى (27 من رجب
1255هـ = 6من أكتوبر1839 م)، وهومن أسرة جركسية الأصل،
ولُقِّب بالبارودى، نسبة إلى إتاى البارود إحدى بلاد محافظة
البحيره. وقد توفى أبوه وهو فى سن السابعة، فقامت أمه
بتربيته إذ أحضرت له المعلمين، لكى يعلموه ويلقنوه القرآن
وشيئاً من الفقه الإسلامى والشعر، فتفجر ينبوع الشعر على
لسانه، ثم التحق بالمدرسة الحربية، وبعد تخرجه فيها مضى
يغذى موهبته بالشعر القديم، إذ كانت المطابع تُعنَى بنشر بعض
الدواوين فأتيحت له فرصة الاطلاع والقراءة. ورحل البارودى
إلى الآستانة فأتقن اللغتين الفارسية والتركية، واستوعب
آدابهما ثم عاد إلى مصر، والتحق بحاشية الخديو إسماعيل،
ورُقِّى إلى رتبة قائمقام ثم أميرلاى، ثم عُيِّن مديراً للشرقية،
فمحافظاً للعاصمة. وقد اشترك البارودى فى الثورة العرابية،
فلما أخفقت نفى مع زملائه إلى جزيره سيلان، فأقام بها سبعة
عشر عاماً، ثم عُفِى عنه، وعاد إلى مصر حاملاً معه ديوان
شعره. ومن شعره قوله: سلْ مصر عنى إن جهلتَ مكانتى
تخبرْك عن شرفٍ وعزٍ أقدم بلد نشأتُ مع النباتِ
بأرضها ولثمتُ ثغرَ غديرِها المتبسمِ فنسيمُها روحى ومعدنُ
تربها جسمى وكوثرُ نيلِها محيا دمى وتُوفِّى البارودى فى
(شوال 1322 هـ = ديسمبر 1904 م).(10/359)
*أبو مسلم الخراسانى
هو عبد الرحمن بن مسلم. مؤسس الدولة العباسية، وأحد كبار
القادة. كان شجاعاً، ذا رأى سديد، وحزم شديد، وُلِد بأصبهان
سنة (100هـ = 718 م)، ونشأ بالكوفة واتصل بإبراهيم ابن الإمام
محمد، فأرسله إلى خراسان داعيةً، فأقام فيها واستمال أهلها
، ثم استولى على نيسابور وخُطب على منابرها باسم السفاح
العباسى ثم نجح فى هزيمة مروان بن محمد آخر خلفاء بنى أمية
الذى فر إلى مصر وقتل أبو مسلم سنة (137هـ = 755 م) فى
خلافة أبى جعفر المنصور.(10/360)
*مسروق
هو مسروق بن الأجدع بن مالك الهمدانى. فقيه تابعى ثقة، ومن
المخضرمين الذين أسلموا فى حياة النبى - صلى الله عليه وسلم -. وكان أبوه أمهر
فرسان اليمن، وخاله عمرو بن معد يكرب، كما كان أعلم
بالفتوى من شريح. وقد قدم من اليمن بعد وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم -، وصلى
خلف أبى بكر. وحدث عن عمر وعلى، رضى الله عنهما، وشهد
قتال الحرورية مع على، كما شهد صفين فوعظ فيها ولم يقاتل،
وشلت يده يوم القادسية. ومن أقواله المأثورة: لأن أقضى
بقضية وفق الحق أحب إلىَّ من رباط سنة فى سبيل الله. وقد
تُوفِّى فى واسط ودفن بها سنة (63 هـ = 683 م).(10/361)
*يحيى بن الحكم الغزال
هو يحيى بن الحكم البكرى الجيانى، المعروف بالغزال. شاعر
وفيلسوف وسياسى، أصله من جيان، ولقب بالغزال؛ لجماله
وظرفه وأناقته. وُلِد سنة (156هـ = 773م)، وعاصر خمسة من
أمراء بنى أمية بالأندلس، ونظم الشعر وهو صغير السن وبلغ
ذروة شهرته فى عهد الحكم. وكان متمكناً من علوم عصره.
وكان الغزال ذا شخصية قوية تتمتع بالكياسة واللباقة التى
رشحته ليكون سفير عبدالرحمن بن الحكم إلى الامبراطور
تيوفيلوس قيصر القسطنطينية، وكان عمره آنئذٍ يقارب السبعين،
كما بعثه عبدالرحمن بن الحكم إلى ملك النورمان، ليرد على
رسالته ويعلنه بقبول الصلح معه، ثم عاد الغزال إلى الأندلس بعد
رحلة دامت عشرين شهراً. وتُوفِّى الغزال فى سنة (250هـ = 864
م).(10/362)
*الغزال
هو يحيى بن الحكم البكرى الجيانى، المعروف بالغزال. شاعر
وفيلسوف وسياسى، أصله من جيان، ولقب بالغزال؛ لجماله
وظرفه وأناقته. وُلِد سنة (156هـ = 773م)، وعاصر خمسة من
أمراء بنى أمية بالأندلس، ونظم الشعر وهو صغير السن وبلغ
ذروة شهرته فى عهد الحكم. وكان متمكناً من علوم عصره.
وكان الغزال ذا شخصية قوية تتمتع بالكياسة واللباقة التى
رشحته ليكون سفير عبدالرحمن بن الحكم إلى الامبراطور
تيوفيلوس قيصر القسطنطينية، وكان عمره آنئذٍ يقارب السبعين،
كما بعثه عبدالرحمن بن الحكم إلى ملك النورمان، ليرد على
رسالته ويعلنه بقبول الصلح معه، ثم عاد الغزال إلى الأندلس بعد
رحلة دامت عشرين شهراً. وتُوفِّى الغزال فى سنة (250هـ = 864
م).(10/363)
*هشام بن هبيرة
هو هشام بن هبيرة بن فضالة الليثى قاضى البصرة. عينه فى
القضاء عبدالله بن الزبير سنة (64هـ) وهو شاب، فكتب إلى
شريح يستشيره فيما يعرض له من مسائل. وقد استقال من
القضاء بعد مقتل مصعب بن الزبير سنة (71هـ)، وأعيد بعد تولية
الحجاج بن يوسف على العراق، وتُوفِّى سنة (75 هـ = 694 م).(10/364)
*أبو هريرة
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسى. كنى بأبى هُرَيرة؛ لأنه كان
يحمل قطة صغيرة معه. وُلِد سنة (21 ق. هـ = 602 م) وهو أكثر
الصحابة حفظاً للحديث ورواية له؛ إذ روى (5374) حديثاً، نقلها
عنه أكثر من (800) رجل ما بين صحابى وتابعى. نشأ أبوهريرة
يتيماً ضعيفاً فى الجاهلية، وقدم إلى المدينة ورسول الله
(بخيبر، فأسلم سنة (7 هـ) ولازمه، وكان يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن
أشياء لايسأله عنها غيره. ودعا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يحببه الله
إلى المؤمنين. وكان أكثر مقامه بالمدينة. وتولى إمرتها أكثر
من مرة، كما استعمله عمر بن الخطاب على البحرين، ثم عزله لمَّا
رآه لين الجانب مشغولاً بالعبادة. وتُوفِّى أبوهريرة بالمدينة سنة
(59 هـ = 679 م).(10/365)
*هارون (نبي)
هو نبى الله، وأخو موسى نبى الله أيضا، عليهما السلام، ورد
ذكره فى القرآن عشرين مرة. وقد شد الله به أزر موسى؛ لأنه
كان أفصح منه لساناً وأكبر منه سنَّاً، وجعله موسى خليفة له
فى قومه وقت غيابه عنهم، وأثناء ذلك حلت الفتنة ببنى
إسرائيل؛ إذ كان فى صفوفهم منافق يقال له: السامرى قال
للقوم: إن موسى لن يرجع، وصنع لهم من حليهم عجلاً، وقال
لهم: هذا ربكم، فعكف على عبادته أغلب بنى إسرائيل، ونهاهم
هارون عن ذلك، لكنهم استمروا فى عنادهم، فلما رجع موسى
إليهم اشتد غضبه، وسقطت ألواح التوراة من يده، وأخذ برأس
هارون ولحيته يؤنبه ويؤاخذه، إلا أن هارون بيَّن له أنه نهاهم
فلم يستجيبوا له واستضعفوه وكادوا يقتلونه، فأخذت موسى
الشفقة بأخيه، وطلب من الله الرحمة له ولأخيه.(10/366)
*مصعب بن الزبير
هو أبو عبدالله مصعب بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدى
القرشى، أمير العراقين. ولد سنة (26هـ = 647 م) 0 وكان فارساً
شجاعاً وسيماً سخياً حتى أطلق عليه: آنية النحل لسعة كرمه.
وقام بدور كبير فى تثبيت ملك أخيه بالحجاز والعراق؛ إذ قتل
المختار الثقفى؛ فوجه إليه عبدالملك بن مروان الجيوش، لكنه
فشل فى القضاء عليه، فلم يجد عبدالملك بُدّاً من التوجه إليه
بنفسه، وعندما وصل بجيشه إلى العراق فرَّ قواد جيش مصعب
عنه، لكنه ظل ثابتاً وواصل القتال هو ومن بقى معه من جنوده،
فأرسل إليه عبد الملك أخاه محمد بن مروان يعرض عليه الأمان
وولاية العراقين ومليونى درهم، على أن يرجع عن القتال، إلا
أن مصعباً رفض، فشد عليه جيش عبد الملك فى وقعة عند دير
الجاثليق فقتله، وبمقتله نُقلت بيعة أهل العراق إلى ملوك الشام.(10/367)
*مسلم
هو أبوالحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد القشيرى
النيسابورى أحد الأئمة الحفاظ وأعلام المحدثين، ولد بنيسابور
سنة (204هـ = 820م) ورحل إلى الحجاز والعراق ومصر
والشام. وسمع من أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه والقعنبى
وطبقته، ولازم الإمام البخارى ودافع عنه وشهد له بالفضل
والتفرد. وروى عنه أهل بغداد والترمذى وابن خزيمة
وأبوعوانة وابن حاتم ومن أشهر مؤلفاته: صحيح مسلم أحد
الصحيحين اللذين هما أصح كتب السنة على الإطلاق، وقد شرحه
واختصره كثيرون، ومن مؤلفاته أيضاً: المسند الكبير والكنى
والأسماء وكتاب أولاد الصحابة وأوهام المحدثين والتمييز
والعلل، وتُوفِّى سنة (261هـ= 875 م) فى نيسابور.(10/368)
*ابن مرزوق الخطيب
هو شمس الدين محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن
مرزوق أبو عبد الله الخطيب. فقيه من أعيان تلمسان، ومن أئمة
المحدثين. ولد سنة (710هـ = 1311م)، ورحل إلى عدة بلدان
إسلامية، مثل مكة والقاهرة والأندلس، وكان له منزلة عالية عند
ملوك المغرب، وسجنه بعضهم وتقلب به الحال فعاد إلى مصر
فأكرمه الأشرف، ودرس بالشيخونية والنجمية وغيرهما. ومن
أشهر مؤلفاته شرح عمدة الأحكام وإزالة الحاجب لفروع بن
الحاجب. وقد تُوفِّى سنة (781هـ = 1380م) بالقاهرة ودُفِن فيها.(10/369)
*مراجل أم المأمون
هى مراجل بنت أستاذ سيس فارسية الأصل. تزوجها هارون
الرشيد ولم ينجب منها غير المأمون. وكان أبوها قائد حركة
خروج على العباسيين، وقيل: إنه ادَّعى النبوة.(10/370)
*المستورد بن عُلَّفة التيمى
هو المستورد بن عُلَّفة التيمى. أحد الخوراج الإباضية، وكان ممن
حاربهم على بن أبى طالب، رضى الله عنه، فى النخيلة بعد
موقعة النهروان، إلا أن المستورد نجا من القتل، واختبأ بالكوفة
، ولم يظهر إلا مع تولى المغيرة بن شعبة الكوفة سنة (42 هـ =
662 م)؛ إذ كان المغيرة مشهوراً بالتسامح، والتف حول
المستورد طائفة من الخوارج، ولقبوه بأمير المؤمنين؛ فسيَّر إليه
المغيرة جيشاً من ثلاثة ألاف مقاتل بقيادة معقل بن قيس
الرياحى، فدارت بينه وبين المستورد وجيشه البالغ ثلاثمائة
مقاتل، عدة معارك؛ انتهت بقتل المستورد سنة (43هـ = 663 م).(10/371)
*نور الدين محمود
هو محمود بن زنكى بن آق سنقر نور الدين، الملقب بالعادل،
ملك مصر والشام والجزيرة العربية، كان من أعدل ملوك زمانه
وشديد الكراهية لإراقة دماء المسلمين. وُلِد فى (شوال 511 هـ =
فبراير 1118 م)، واشترك مع والده فى عدة حروب وسار على
نهجه فى الجهاد. تولى حلب سنة (540 هـ = 1146م)، واتخذها
مقرّاً له، واستعاد مملكة الرها من الصليبيين، ووحد بلاد الشام
وصارت ضمن مناطق حكمه سنة (1154 م)، ثم ضم الجزيرة العربية
ومصر سنة (1167 م). وكانت خطته الحربية تقوم على توجيه كل
قواه من أجل تحقيق غاية واحدة دون أن يفتح جبهتين من
القتال فى وقت واحد. وكان يعتقد باسترداد بيت المقدس لذلك
صنع منبراً لتُخطَب عليه خطبة الجمعة فى المسجد الأقصى بعد
تحريره، وتحقق هذا بالفعل؛ إذ استطاع صلاح الدين الأيوبى
بعد ذلك تحرير القدس. وكان نور الدين محبَّاً للعلم؛ فبنى عدة
مدارس منها: العادلية ودار الحديث. وكان يُعرَف باسم نور الدين
الشهيد، رغم أنه مات مريضاً سنة (569 هـ= 1174 م).(10/372)
*مسلمة بن عبد الملك
هو مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم قائد وأمير من أمراء
الدولة الأموية. شارك فى حروب ومواقع كثيرة، أهمها حربه
للقضاء على ثورة يزيد بن المهلب فى البصرة سنة (102هـ =
720م)، وقد استطاع القضاء عليها؛ فتولى إمارة كل من
الكوفة والبصرة وخراسان، وغزا بلاد الترك والسند سنة
(109هـ = 727 م). وتُوفِّى بالشام سنة (120هـ = 738م)، وقيل:
سنة (121هـ = 739م).(10/373)
*مسلم بن الوليد
هو مسلم بن الوليد شاعر الغزل المعروف بصريع الغوانى. ولد
نحو سنة (140هـ=757م) فى الكوفة، ونشأ بها، ثم انتقل إلى
البصرة واتصل بالخلفاء والقواد والأعيان فى عصره فمدحه،
وشغل بعض المناصب عن طريق شعره. وقد غلب على شعره
البديع والتصنيع (كثرة المحسنات البديعية من جناس
وطباق .... إلخ) ومزج الفكر بالشعر، والرصانة والجزالة فى
صياغة الشعر. ومن شعره: هل العَيشُ إلا أن أروحَ مع الصِّبا
وأغدو صَريع الرَّاح والأعيُنِ النُّجْلِ وتُوفِّى مسلم بن الوليد سنة
(208 هـ = 823 م).(10/374)
*الهرمزان ملك الأهواز
هو أحد قادة الفرس، وملك الأهواز، هُزم وأسر أمام جيش
المسلمين بقيادة النعمان بن مقرن بمدينة تستر، وقد طلب من
المسلمين أن يذهبوا به إلى عمر بن الخطاب، رضى الله عنه،
ليحكم فيه بما يشاء، فلبوا طلبه. وجاء الهرمزان إلى عمر مع
وفد أنس بن مالك فلما دخلوا المدينة قصدوا المسجد فوجدوا عمر
نائماً فى المسجد وليس فى المسجد غيره، فقال الهرمزان: أين
عمر؟ فقالوا: هو ذا، فقال: أين حجابه؟ وأين حراسه؟ فقالوا:
ليس له حجاب ولا حراس ولا كاتب. فلما دخل على عمر سأله عن
نقض العهد، فطلب الهرمزان الماء، وقال: إنى أخاف أن أقتل
وأنا أشرب، فقال عمر: لا بأس عليك حتى تشرب. وبعد حوار مع
عمر أسلم الهرمزان، وحسن إسلامه، وكان لا يفارق عمر، حتى
قتل عمر.(10/375)
*هرقل
هو هرقل ملك الروم. تولى الحكم بعد الملك فوقا. وإثر توليه
مقاليد الحكم بدأ فى الاستعداد لقتال الفرس، بعد أن خربوا
بلاده، واستطاع أن ينزل بهم الهزيمة، حتى وصل إلى المدائن.
وكان هرقل متابعاً لما يحدث فى الجزيرة العربية؛ إذ علم ببعثة
النبى - صلى الله عليه وسلم -. ولما وصل إليه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع دحية بن خليفة
الكلبى الذى دعاه فيه إلى الإسلام أخذه ثم كتب إلى رجل
برومية كان يعرف اللغة العربية؛ يذكر له هذا الأمر، ويصف له
النبى - صلى الله عليه وسلم -، فكتب إليه هذا الرجل إنه للنبى الذى كنا ننتظره،
فاتبعه وصدقه. فجمع هرقل بطارقة الروم، وأخبرهم بكتاب
النبى فثاروا، فخاف منهم؛ فأخبرهم أنه أراد أن يختبرهم.
وتُوفِّى هرقل سنة (20هـ=641م).(10/376)
*ابن البطريق
هو يوحنا بن البطريق المترجم مولى المأمون بن هارون الرشيد
عُرف بجودة الترجمة والأمانة فيها، ومع ذلك فقد كان ضعيف
اللسان فى العربية. وغلبت عليه دراسة الفلسفة، ومن أشهر
ترجماته ترجمته لكتب أرسطو طاليس. وقد ألف عدة كتب، وصل
إلينا منها كتاب السياسة فى تدبير الرياسة. وتُوفِّى ابن البطريق
سنة (200هـ = 815 م).(10/377)
*مصعب بن عمير
هو مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف القرشى. صحابى
جليل، ومن السابقين إلى الإسلام. كان مصعب فتى مكة شباباً
وجمالاً، وكان أبواه يحبانه، وكانت أمه تلبسه أحسن الثياب،
وقد أسلم والرسول فى دار بنى الأرقم لكنه كتم إسلامه؛ خوفاً
من إيذاء قومه له، فقد كان يذهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرّاً حتىعلم
ذلك قومه؛ فحبسوه وعذبوه، فلم يزل محبوساً إلى أن هرب
وهاجر إلى الحبشة، وعاد إلى مكة ثم هاجر إلى المدينة.
ويُسَمَّى مصعب بن عمير المقرئ؛ لأنه يقرئ الناس القرآن الكريم
، ويقال: إنه أول من جمع الجمعة بالمدينة. وأسلم على يديه
أسيد بن حضير وسعد بن معاذ. وشهد مصعب غزوة بدر، وحمل
لواء الرسول - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد؛ إذ استُشهِد سنة (3 هـ = 625 م).(10/378)
*معاذ بن جبل
هو معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ الأنصارى الخزرجى.
صحابى جليل، أسلم وعمره ثمانى عشرة سنة، وهو أحد الستة
الذين جمعوا القرآن الكريم فى عهد النبى - صلى الله عليه وسلم - وأحد السبعين الذين
شهدوا بيعة العقبة من الأنصار. وقد شهد معاذ بن جبل معظم
الغزوات وفى مقدمتها غزوة بدر، وبعثه الرسول - صلى الله عليه وسلم - قاضياً إلى
الجند باليمن، يعلِّم الناس شريعة الإسلام، وأرسل معه كتاباً إليهم
يقول فيه إنما بعثتُ لكم خير أهلى. كما أنه من رواة الأحاديث؛
فقد روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (157) حديثاً. وقد ولاه عمر بن الخطاب
، رضى الله عنه، على الشام فمات هناك فى طاعون عمواس
سنة (18هـ = 639م) وهو ابن ثمانٍ وثلاثين سنة.(10/379)
*يعرب بن قحطان
هو يعرب بن قحطان بن يمن بن قيدر، وقيل: يعرب بن قحطان بن
غابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام، أحد أعظم ملوك العرب فى
الجاهلية. قال عنه ابن هشام. إن يعرب بن قحطان كان يُسمَّى
يمناً، وبه سُمِّيت اليمن؛ ولذا يقولون: إنه أبو قبائل اليمن كلها،
وبنوه هم العرب العاربة. غزا يعرب الآشوريين فى العراق
وبابل، وانتصر عليهم وفاز بغنائم كثيرة، وحارب العمالقة فى
الحجاز فغلبهم، وولى إخوته على جميع أعمالهم؛ فولَّى أخاه
جُرهماً الحجاز، وأخاه عاداً الشحر، وأخاه حضرموت جبال
الشحر، وأخاه عمان بلاد عمان. كما يقال: إن يعرب هو أول من
حياه قومه بتحية الملوك، وأنه دعا العرب إلى الحفاظ على
لغتهم ومقاومة غزو اللغات الأخرى.(10/380)
*وهب بن منبه
هو أبو عبد الله وهب بن منبه الذمارى. مؤرخ كثير الأخبار عن
الكتب القديمة. وُلِد عام (34هـ) فى ذمار قرب صنعاء لأبٍ فارسى
من بلاد خراسان، وقد أسلم أبوه فى زمن النبى - صلى الله عليه وسلم -. نشأ وهب
فى اليمن وثقف نفسه ثقافة واسعة؛ فقرأ كتب الأديان والفلسفة
الإغريقية والمسيحية واليهودية، وحفظ كثيراً من قصص الأنبياء.
وقيل: إنه أتقن اللغات العبرية والسريانية واليونانية والحميرية.
ولاَّه أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز قضاء صنعاء. وقد ألف
وهب عدة مؤلفات، من أشهرها: ذكر الملوك المتوجة من حمير
وقصص الأخبار. وتُوفِّى فى مدينة صنعاء ما بين عامى (110،
124هـ).(10/381)
*وحشى بن حرب
هو أبو دسمة وحشى بن حرب الحبشى مولى بنى نوفل.
صحابى من مكة وكان من أبطال الموالى فى الجاهلية، وهو
الذى قتل حمزة بن عبد المطلب عم النبى - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد فأعتقه سيده
مكافأة له، فأقام بمكة حتى فتحها النبى - صلى الله عليه وسلم - ففر إلى الطائف ثم
وفد على النبى مع وفد الطائف وأعلن إسلامه. شارك وحشى
فى حروب الردة وذكر أنه قتل مسيلمة الكذاب بحربته التى قتل
بها حمزة، وكان يقول: قتلتُ بحربتى هذه خير الناس وشر الناس.
كما شهد معركة اليرموك، وفتح بلاد الشام ثم سكن فى مدينة
حمص، حتى تُوفِّى نحو سنة (25 هـ).(10/382)
*ابن سِيده
هو أبو الحسن على بن إسماعيل بن سيده الأندلسى أحد أئمة
اللغة العربية وآدابها. وُلِد بمدينة مرسية شرق الأندلس عام (398
هـ)، ونشأ ضريراً كأبيه، وتلقى علوم اللغة عنه. وقد عوضه الله
عن فقدان البصر بنعمة الذكاء وقوة الحافظة، وتوقد الذهن فبلغ
من العلم مرتبة رفيعة، حتى قال عنه المترجمون له: لم يكن فى
زمانه أعلم منه فى النحو واللغة والأشعار وأيام العرب وما
يتعلق بها. وترك ابن سيده عدة مؤلفات، من أشهرها: المخصص
وهو من أثمن كنوز اللغة العربية، ولا يزال إلى يومنا هذا محط
اهتمام الباحثين، ويقع فى (17) جزءاً، والمحكم. وتُوفِّى ابن
سيده عام (458 هـ).(10/383)
*ابن سينا
هو أبو على الحسين بن عبدالله بن سينا الفيلسوف واالطبيب
المعروف، والملقب بالشيخ الرئيس. وُلِد بإحدى قرى بخارى عام
(370هـ = 980م)، ثم انتقل إلى بخارى فنشأ وتعلم بها. وقد
عُرف - منذ صغره - بذكائه الشديد، حتى إنه حفظ القرآن الكريم
قبل سن العاشرة. وأكب على دراسة علوم اللغة والمنطق
والفلسفة والفقه والطب، وذاعت شهرته كطبيب قبل سن السابعة
عشرة، ثم أخذ يطوف البلاد ويصنف الكتب، ثم عاد فى أواخر
أيامه إلى همذان. وقد خلَّف ابن سينا ذخيرة ضخمة من المؤلفات،
أهمها: كتاب القانون فى الطب، وقد ترجم وطبع فى أوربا
أكثر من (15) مرة، وكان العمدة فى دراسة الطب فى الجامعات
الأوربية حتى منتصف القرن السابع عشر الميلادى. وتُوفِّى ابن
سينا فى مدينة همذان عام (428هـ = 1037م).(10/384)
*المسترشد بالله
هو أبومنصور الفضل بن أحمد بن المقتدى أحد خلفاء الدولة
العباسية. وُلِد فى سنة (485 هـ = 1092م)، وبويع بالخلافة بعد
وفاة أبيه سنة (512 هـ). حدث خلاف بينه وبين السلطان
السلجوقى مسعود بن محمد بن ملكشاه أدى إلى نشوب معركة
بينهما، فرَّ فيها جند الخليفة من حوله، ولكنه ثبت وأُسِر، وتسلل
إليه ثلاثة من الباطنية فقتلوه فى المعسكر سنة (529هـ) ودُفِن
بمراغة.(10/385)
*خالد بن سعيد بن العاص
هو أبو سعيد خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس.
أحد الصحابة السابقين إلى الإسلام. هاجر إلى الحبشة بعد أن
اشتد إيذاء أبيه له، ومعه زوجه أميمة بنت خالد الخزاعية، وأقام
هناك حتى قدم إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - بخيبر عام (7 هـ). وشهد مع النبى - صلى الله عليه وسلم -
عمرة القضاء وفتح مكة والطائف وحنين وتبوك ثم استعمله
النبى - صلى الله عليه وسلم - على صدقات مَذحج، ثم بعثه عاملاً على اليمن فأقام بها
حتى توفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وفى خلافة أبى بكر الصديق - رضى
الله عنه - خرج خالد مجاهداً مع جيوش المسلمين المتجهة إلى
الشام، فاستُشهِد فى معركة أجنادين، وقيل فى معركة مرج
الصُّفَّر بالقرب من مدينة دمشق.(10/386)
*المستضئ بأمر الله
هو أبو محمد الحسن بن يوسف المستنجد بالله. أحد خلفاء الدولة
العباسية. وُلِد سنة (536 هـ = 1142 م)، وأمه من أصل رومى،
تُسمَّى غَضَّة. بويع بالخلافة بعد موت أبيه سنة (566 هـ)، وفى
عهده انتهت الدولة العبيدية الفاطمية الشيعية بمصر سنة (567
هـ) ولم يعد للمسلمين إلا خليفة واحد هو المستضئ بأمر الله.
وتُوفِّى سنة (575 هـ).(10/387)
*المستظهر بالله
هو أبو العباس أحمد بن عبد الله المقتدى بن محمد بن القائم. أحد
خلفاء الدولة العباسية، ولد سنة (470هـ = 1077م) وبويع
بالخلافة بعد وفاة أبيه عبد الله المقتدى سنة (487هـ). وفى
عهده بدأت الحروب الصليبية على المشرق الإسلامى؛ فاستولى
الصليبيون على بيت المقدس سنة (492 هـ) وارتكبوا به مذبحة
هائلة. وتُوفِّى سنة (512 هـ = 1118 م).(10/388)
*مسعود (سلطان سلجوقى)
هو أبو الفتح غياث الدين مسعود بن محمد بن ملكشاه بن ألب
أرسلان السلجوقى. أحد سلاطين الدولة السلجوقية التركية. ولد
سنة (502هـ)، وعهد أبوه بتربيته إلى حاكم الموصل الأتابك
مورود سنة (505هـ)، فظل بالموصل حتى موت أبيه وتولية أخيه
محمود مقاليد الحكم، وزين له أحد حكام الموصل الخروج على
أخيه فجرت بينهما مناوشات هزم فيها مسعود. ثم تولى حكم
السلطنة سنة (528هـ) وقد اتسعت رقعة الدولة الإسلامية فى
عهده وهو الذى ولى الخليفة العباسى المكتفى بالله الخلافة
فى بغداد، ثم رحل إلى بلاده. ومات بهمذان سنة (547هـ)، ودفن
فى أصفهان.(10/389)
*مصطفىالرابع
هو مصطفى بن عبد الحميد الأول أحد سلاطين الدولة العثمانية،
وهو السلطان التاسع والعشرون، ولد سنة (1193هـ = 1779 م)،
وبويع بالخلافة سنة (1223هـ)، بعد عزل السلطان السابق سليم
الثالث. وجه مصطفى الرابع اهتمامه نحو تنظيم الجند وتأديب
الانكشارية، ومع ذلك فقد تحكم فيه بعض رجال الدولة. وقد
قامت ثورة ضده خُلِع على إثرها سنة (1224هـ = 1808م)،
وسُجن، ثم مات فى سجنه، ولم تجاوز فترة حكمه (13) شهراً.(10/390)
*المختار الثقفى
هو المختار بن أبى عبيد بن مسعود الثقفى. أسهم إسهاماً كبيراً
فى الأحداث السياسية والدينية والاجتماعية فى الدولة الإسلامية
فى عهد بنى أمية. وُلِد سنة (1هـ = 622م) بالطائف، ثم انتقل
منها إلى المدينة مع والده، وظل بها حتى خرج مع على بن أبى
طالب، رضى الله عنه، إلى العراق، وسكن فى البصرة، ولما
قتل الحسين، رضى الله عنه، سنة (61هـ = 680 م) قبض عليه
عبيد الله بن زياد لتشيعه، وجلده، ونفاه إلى الطائف. وفى سنة
(64هـ = 683م) خرج عبد الله بن الزبير مطالباً بالخلافة بعد موت
يزيد بن معاوية، فبايعه المختار الثقفى، واستأذنه فى أن يدعو
له فى الكوفة، ولكنه ما إن وصل إليها حتى دعا لابن الحنفية،
وجعل همه إبادة قتلة الحسين. والتف حوله كثيرون استطاع بهم
أن يستولى على الكوفة والموصل، وتتبع قتلة الحسين حتى
أفناهم، وأرسل جيشاً إلى مكة لإنقاذ محمد بن الحنفية وعبد
الله بن عباس عندما حاصرهما عبد الله بن الزبير فى شِعْب مكة.
وتجهز مصعب بن الزبير أمير البصرة لحرب المختار، ونشبت
بينهما عدة معارك انتهت بحصار المختار فى قصر الكوفة، وقُتِل
هو ومن معه فى (14من رمضان 67هـ = 3من أبريل 687م).(10/391)
*مرثد بن أبى مرثد الغنوى
هو صحابى جليل، آخى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين أوس بن الصامت.
وشهد مرثد بدراً على فرس، يقال له: السبَل، ثم شهد أحداً. كان
مشهوراً بالقوة، حتى إنه كان يحمل الأسارى من مكة إلى
المدينة. وأراد - بعد إسلامه - أن يتزوج من بغى يقال لها عناق
، فنهاه الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، بعد نزول قوله تعالى: (الزانى لا ينكح
إلا زانية أو مشركة ([النور: من3]. واستشهد يوم الربيع سنة (4
هـ).(10/392)
*مُطعِم بن عدى
هو مطعم بن عدى بن نوفل بن عبد مناف. من حلفاء قريش
وساداتهم، ورئيس بنى نوفل فى الجاهلية، وقائدهم فى حرب
الفِجَار. أجار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما انصرف عن الطائف، وكذلك أجار
سعد بن عبادة حين قدم إلى مكة معتمراً فاعترضته قريش، كما
شارك فى تمزيق الصحيفة الجائرة التى كتبتها قريش ضد بنى
هاشم، وعلقتها فى جوف الكعبة. وهو أبو الصحابى الجليل
جبير بن مطعم، رضى الله عنه، ولحسان بن ثابت - رضى الله عنه
- مدح فى المطعم بن عدى، وقال فيه النبى - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: لو كان
المطعم بن عدى حيًّا، ثم كلمنى فى هؤلاء النتنى (يعنى
أسارى بدر) لتركتهم له. وقد عمى مطعم بن عدى فى أخريات
حياته. وتوفى قبل بدر سنة (2هـ = 623 م).(10/393)
*أم هانئ بنت أبى طالب
هى الصحابية الجليلة فاختة أو عاتكة أو فاطمة بنت أبى طالب
بن عبد المطلب الهاشمية القرشية المشهورة بأم هانئ، أخت
على بن أبى طالب، رضى الله عنه وعنها، وبنت عم النبى - صلى الله عليه وسلم -.
وقد أسلمت عام الفتح بمكة، وهرب زوجها هبيرة بن عائذ بن
عمران بن مخزوم إلى نجران، ففرق الإسلام بينهما، فعاشت
أيماً. وقد أنجبت من هبيرة عمراً وجعدة وهانئاً ويوسف.
وروت عن النبى - صلى الله عليه وسلم - (46) حديثاً، وحدَّث عنها أبو صالح باذام
وكريب مولى ابن عباس وعبد الرحمن بن أبى ليلى وعطاء بن
أبى رباح وعروة بن الزبير، وآخرون. وقيل: ما أخبر أحد أنه
رأى النبى - صلى الله عليه وسلم - يصلى الضحى إلا أم هانئ؛ فإنها حدثت أن رسول
الله (دخل بيتها يوم فتح مكة فاغتسل، فسبح ثمانى ركعات
مارأيته صلى صلاة قط أخف منها، غير أنه كان يتم الركوع
والسجود [سنن الترمذى].(10/394)
*نوبار باشا
وُلِد نوبار باشا بأزمير سنة (1241 هـ = 1825 م)، وهو أرمنى
مسيحى، وأرسل إلى سوريز ليتعلم فى مدرستها. درس
الفرنسية وتعمق فيها وفى آدابها والأدب القديم، كما أتقن
التركية. وحاول الالتحاق بالجندية الفرنسية فلم يقبل، واستدعاه
خاله بوغوص بك وزير محمد على إلى مصر. شغل عدة مناصب
منذ عهد محمد على باشا حتى عهد عباس باشا الثانى، حين
تولى رئاسة الوزراء بعد رفض شريف باشا التخلى عن السودان
ووافق هو على ترك السودان، وبقى فى الوزارة سنة وبضعة
أشهر، ثم استقال؛ بسبب تدهور حالته الصحية التى جعلته
يتنحى عن السياسة تماماً. وقد أقامت له بلدية الإسكندرية تمثالاً
فى إحدى حدائقها. وتُوفِّى سنة (1317هـ = 1899م).(10/395)
*المهدى السودانى
هو محمد أحمد بن عبد الله المهدى السودانى. زعيم سياسى
ودينى سودانى، ظهر فى أواخر القرن التاسع عشر الميلادى.
ولد فى أغسطس (1844م) فى جزيرة (لبب) إحدى جزر دنقلة.
حفظ القرآن وهو صغير، ثم تلقى علوم الفقه والتفسير والتصوف
واللغة، وانقطع (15) سنة فى جزيرة آبا فى النيل الأبيض
للعبادة، وتلقى العلم وقام بالتدريس، وكان مشهوراً بالصلاح؛
فكثر أتباعه؛ فانتقل إلى كردفان، ونشر دعوته بين قبيلة
البقارة. وفى سنة (1881م) أعلن المهدى دعوته، ودعا الفقهاء
والأعيان ومشايخ الصوفية إلى مبايعته، وعندما علم رءوف
باشا حاكم السودان بذلك وجه حملة للقضاء عليه، لكنه لم يفلح
فى ذلك، وتكررت الحملات المصرية والإنجليزية، إلا أن المهدى
كان ينتصر عليها. وكان عمر المهدى عند إعلان دعوته (38)
سنة. وحاول الإنجليزى غوردون الذى عين حاكما عامَّاً
للسودان، القضاء على المهدى، إلا أن قوات المهدى استطاعت
سنة (1885م) دخول الخرطوم وقتل غوردون الذى أطلقت عليه
الصحف الإنجليزية: شهيد المسيحية. وحاول المهدى إقامة دولة
إسلامية فى السودان، وقام بمراسلة ملك مصر وملكة بريطانيا
والسلطان العثمانى، وقام بسك النقود، إلا أن الأجل لم يسعفه
فمات سنة (1885م). وقد أثرت هذه الثورة التى قادها المهدى
فى حركات الجهاد الإسلامى ضد الاستعمار الأوربى المسيحى
فى إفريقيا.(10/396)
*أبوسلمة الخلال
هو أبو سلمة حفص بن سليمان الهمذانى الخلال. أول من لُقِّبَ
بالوزير فى الإسلام. وُلِد فى الكوفة وعاش بها، فى حى يُسمَّى
درب الخلاَّلين فنسب إليه. وكان أبو سلمة من أثرياء الكوفة،
بذل من ماله وجهده الكثير فى سبيل الدعوة العباسية فى بداية
عهدها، فلما استتبَّ الأمر للعباسيين، اتخذه الخليفة أبو العباس
السفَّاح وزيرًا له، ولكنه سُرعان ما قُتِلَ بعد نحو أربعة أشهر من
توليته الوزارة، سنة (132.هـ) وقيل: إن الذى حرَّض على قتله هو
أبو مسلم الخراسانى لخلاف بينه وبين أبى سلمة، وقيل: إنه أبو
العباس لتوهمه ميل أبى سلمة لآل على. وكان أبو سلمة، سمحًا
كريمًا، حاضر الحجة، عالمًا بالأخبار والأشعار والسير والتفسير.(10/397)
*شُرَحْبِيلُ بن حَسَنة
هو شرحبيل بن عبد الله بن المطاع بن عمرو، ويُعرف باسم
شرحبيل بن حسنة، وحسنة هى أمه. وهو صحابى جليل له بعض
الروايات عن النبى - صلى الله عليه وسلم -، وكان أحد القادة المشهورين. أسلم بمكة.
ثم هاجر إلى الحبشة، وغزا مع النبى - صلى الله عليه وسلم -، وأوفده النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى
مصر، فظلَّ بها حتى تُوفى النبى - صلى الله عليه وسلم -، فولاَّه أبو بكر قيادة أحد
جيوش المسلمين فى حروب الردَّة، ففتح بلاد الأردُنّ، وظلَّ بها
حتى عزله عمر بن الخطاب. تُوفَّى شرحبيل - رضى الله عنه - فى
طاعون عمواس سنة (18هـ)، وقد بلغ من العمر (67) سنة.(10/398)
*الشاطبى
هو إبراهيم بن موسى بن محمد بن اللخمى الغرناطى. أحد أئمة
المالكية، أصولى حافظ من أهل غرناطة، وكان مفسرًا وفقيهًا
ولغويًّا، وعرف بالزهد والورع. تلقى علومه على يد كبار علماء
عصره، مثل: ابن الفخار البيرى، وأبى القاسم البستى، وأبى
عبد الله التلمسانى، وأبى عبد الله المقرى، وأبى جعفر
الشقورى وغيرهم. وأخذ عنه جماعة كبيرة منهم: أبو يحيى بن
عاصم، وأبو بكر بن عاصم، وأبو عبد الله البيانى، وغيرهم.
وتُوفِّى سنة (790 هـ). من أهم مؤلفاته: الموافقات فى أصول
الشريعة، والمجالس، وشرح كتاب البيوع فى صحيح البخارى،
والاتفاق فى علم الاشتقاق، والاعتصام.(10/399)
*ضاهر العمر
هو ظاهر بن عمر بن أبى زيدان. وُلِد فى صفد سنة (1106هـ)،
وكان والده وجده وأعمامه حكامًا فى صفد وعكا. تولى إدارة
عكا وصفد، وكان له دور مهم فى تاريخ فلسطين خلال القرن
الثانى عشر الهجرى، فأقام إمارة قوية فى شمالى فلسطين
ضمَّت صفد وطبرية والجليل الأعلى والناصرة ونابلس وعكا،
وأصبحت إمارته مصدر قلق وتهديد دائمين للولاة العثمانيين فى
دمشق على مدى ربع قرن، فقاتله سليمان باشا - والى دمشق -
سنة (1150هـ)، فتحصن فى طبرية، إلاَّ أن موت سليمان باشا
أدَّى إلى ازدياد نفوذ ظاهر العمر، فقام بتحصين عكا وبناء
سورها، وضمها إلى إمارته، واتخذها عاصمة لها، وانتعشت
التجارة فى عهده، واستقَّر الأمن، ولكن طموح ظاهر العمر دفعه
إلى التوقف عن دفع الضرائب للعثمانيين، وتحالف مع على بك
الكبير - حاكم مصر - واتفقا على عصيان العثمانيين، فحاربا
الوالى العثمانى فى الشام - عثمان باشا الصادق - واضطرت
الآستانة إلى الاعتراف بولاية ظاهر العمر، ولكن سرعان ماضعف
أمره بعد مقتل على بك الكبير، فأصدرت الدولة العثمانية
أوامرها إلى حسن باشا الجزائرى - أمير البحر العثمانى -
بالقضاء على ظاهر العمر واحتلال عكا فاغتاله رجل مغربى
وهو يستعد لمقاومة العثمانيين، فانهارت دولته بمقتله.(10/400)
*صُهَيْبُ الرَّوِمىّ
هو صهيب بن سنان بن مالك، صحابى جليل. كان من أهل
الموصل. أَسَره الروم وهو صغير، ونشأ فيهم فكان لسانه فيه
عُجْمة، واشتراه رجل من قبيلة كلب فباعه فى مكة فاشتراه عبد
الله بن جُدْعان ثم أعتقه. أسلم صهيب هو وعمَّار بن ياسر فى
يوم واحدٍ، وكان صهيب من السبعة الأوائل فى الإسلام، وعُذِّبَ
كثيرًا بسبب إسلامه، وأراد صهيب أن يلحق بالنبى - صلى الله عليه وسلم - فى المدينة،
فأراد أهل مكة منعه من الهجرة، فترك لهم ماله على أن يخلُّوا
سبيله، فبلغ ذلك النبى - صلى الله عليه وسلم - فبشره قائلاً: ربح البيع أبا يحيى .. ربح
البيع أبا يحيى. وشهد صهيب مع النبى - صلى الله عليه وسلم - المشاهد كلها، فقال
عنه (: صُهَيبُ سابق الروم إلى الجنَّة. وحينما تُوفى عمر بن
الخطاب أوصى بأن يصلِّى عليه صهيب، وأن يصلى بالناس إلى
أن يجتمع المسلمون على إمام. وتُوفى صهيب فى المدينة سنة
(38 هـ) عن عمر بلغ نحو (70) سنة.(10/401)
*شجرة الدرّ
هى شجرة الدر الصَّالحية، أم خليل، الملقبة بعصمة الدين ملكة
مصر، كانت جارية اشتراها الملك الصالح نجم الدين أيوب،
وحظيت عنده بمكانة كبيرة، فولدت له ابنه خليلاً الذى مات طفلاً،
فأعتقها الملك الصالح وتزوجها. وكانت ذات عقل راجح، تقوم
بتدبير شئون الدولة فى أثناء مرض زوجها، وكان خطها يشبه
خط زوجها الملك الصالح، فلما تُوفى الملك الصالح بدمياط فى
أثناء حربه مع الإفرنج سنة (647 هـ)، كتمت خبر موته، وأرسلت
إلى ابنه توران شاه ليتولى أمور الملك من بعده، إلاَّ أن توران
شاه هدَّدها، وطالبها بأموال الملك الصالح، فدبَّرت لقتله، وبعد
مقتله اجتمعت الآراء على توليتها السلطنة فى صفر سنة (648
هـ)، فكانت المراسيم تصدر عليها توقيع شجرة الدر بخطها باسم
والدة خليل، وخُطِب لها أيام الجمع فى مصر والشام. وكان
عمرها عند توليها السلطنة يقارب الأربعين، وتزوجت من الأمير
عز الدين أيبك فى ربيع الآخر سنة (648 هـ)، فتنازلت له عن
السلطنة، ولم تدم مدَّة حكمها أكثر من (80) يومًا. وتقلصت
سلطتها بازدياد نفوذ أيبك، وبلغها أنه يريد الزواج من بنت الملك
بدرالدين لؤلؤ صاحب الموصل؛ فدبَّرت لقتله سنة (655 هـ)، إلاَّ
أن أمراء المماليك حاصروا قصرها واعتقلوها حتَّى قُتُلت سنة
(655 هـ) عن نحو (42) سنة، ونصبوا المنصور على بن أيبك
سلطانًا خلفًا لأبيه.(10/402)
*عاتكة بنت يزيد
هى عاتكة بنت يزيد بن معاوية. من فضليات نساء بنى أمية.
زوجها عبد الملك بن مروان، وابنها يزيد بن عبد الملك، وحرمت
على (12) خليفة من خلفاء بنى أمية. وكانت من محدِّثَات الشام،
وعاشت حتَّى شهدت مقتل حفيدها الوليد بن يزيد سنة (126 هـ).(10/403)
*عائشة بنت طلحة
هى عائشة بنت طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمية، أمها أم
كلثوم بنت أبى بكر. وكانت عائشة من أجمل نساء عصرها،
وكانت تشبه خالتها عائشة بنت أبى بكر. تزوَّجت من ابن خالها
عبد الله بن عبد الرحمن، فلما مات تزوجت من مصعب بن الزبير،
وكان صداقها مائة ألف دينار، فلمَّا قُتِل مصعب تزوجت من عمر
بن عبيد الله التميمى، وكان صداقها منه مليون درهم. لم تنجب
عائشة إلا من عبد الله بن عبد الرحمن فولدت له عمران، ولما
تُوفى عمر بن عبيد الله سنة (82 هـ) لم تتزوج بعده. واشتهرت
بالأدب، وكانت تقيم فى مكة سنة وفى المدينة سنة. وتوفيت
سنة (101 هـ).(10/404)
*ابن عبد الحكم
هو أبو القاسم عبد الرحمن بن عبدالله بن عبد الحكم. مؤِّرخ
مصرى. وُلِدَ فى مدينة الفسطاط بمصر نحو سنة (187 هـ)، فى
أسرة مصرية عريقة فى العلم والجاه، واشتهرت بالفقه والأدب.
كان أبوه شيخ المالكية فى مصر فنشأ ابن عبد الحكم نشأة
دينية علمية، وحفظ القرآن الكريم فى صغره، وتعلَّم على أبيه -
وغيره من علماء عصره - علوم الحديث والفقه، حتى نبغ فيها،
وذاع صيته بين الناس. وغلب على ابن عبد الحكم الاهتمام بكتابة
السير والتاريخ، واشُتِهر بذلك الفن، وكثرت فيه مصنفاته، ويعدُّ
أقدم من كتب كتابًا فى تاريخ مصر، وهو كتاب فتوح مصر
وأخبارها، واستند فى تدوينه له إلى طريقة الرواية. فكان ابن
عبد الحكم أوَّل من انفرد بكتابة التاريخ المحلى لبلدٍ من البلدان،
وكان كتابه مصدرًا مهمًّا لمن باءبعده من المؤرخين الذين كتبوا
عن تاريخ مصر، مثل: السيوطى والمقريزى. وتُوفى ابن عبد
الحكم بمصر فى المحرم سنة (257 هـ).(10/405)
*ابن عبد البر
هو أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر القرطبى.
من كبار حفاظ الحديث، ومؤرخ أديب، وُلِد فى قرطبة بالأندلس
سنة (368هـ)، ونشأ بها، وأخذ العلم عن علمائها أمثال: أبى
القاسم خلف بن القاسم، وعبد الوارث بن سفيان، وأبى محمد
بن عبد المؤمن، وأبى الوليد بن الفرضى، وأبى عمر أحمد بن
عبد الملك وغيرهم. وكان ابن عبد البر دءويًا فى طلب العلم،
فرحل رحلات كثيرة فى شرقى الأندلس وغربيها، ودرس الفقه
والحديث والقراءات وغيرها، فبرع فى هذه العلوم، وبلغ منزلة
عالية، حتى قال عنه أبو الوليد الباجى - أحد كبار علماء
الأندلس -: لم يكن مثل أبى عمر بن عبد البر فى الحديث. واهتم
ابن عبد البر اهتمامًا كبيرًا بالسير والتاريخ والأنساب وله فيها
عدة مؤلفات. ووُلِّى قضاء لشبونة وقضاء شنترين، وألَّف فى
الفقه والحديث والطبقات والمغازى، وتميزت كتاباته بالنظرة
النقدية الفاحصة، والترتيب، والخلوّ من الاستطراد. ومن أهم
مؤلفاته: الاستيعاب فى معرفة الأصحاب وبهجة المجالس والدُّرر
فى اختصار المغازى والسير وجامع بيان العلم وفضله والإنباه
على قبائل الرواة. وتُوفى ابن عبد البر بشاطبة سنة (463 هـ).(10/406)
*العباس بن عبد المطلب
هو العباس بن عبد المطلب بن هاشم عمُّ النبى - صلى الله عليه وسلم -. وُلِدَ فى مكة قبل
عام الفيل بثلاث سنوات، نحو عام (51 ق. هـ)، وكانت أمه نتيلة
بنت جناب بن كليب قد فقدته - وهو صغير - فنذرت إن وجدته أن
تكسو الكعبة، فلما عثرت عليه أوفت بنذرها. وكانت له سقاية
البيت وعمارته فى الجاهلية، فلما أسلم - قبل الهجرة - كان
يرسل للنبى - صلى الله عليه وسلم - فى المدينة بأخبار المشركين فى مكة. وفى غزوة
بدر وقع العباس أسيرًا فى أيدى المشركين، فافتدى نفسه
بمائة أوقية من الذهب، وثبت مع النبى فى غزوة حنين. وفى
عام الرمادة استسقى به عمر بن الخطاب لمَّا اشتدَّ الأمر على
المسلمين وعمَّ الجدبُ وانقطع المطر، فسقاهم الله. وكان العباس
حسن الهيئة، جَهْوَرىَّ الصوت، كُفَّ بصره فى آخر عمره، حتى
مات فى رجب سنة (32 هـ) فصلىَ عليه عثمان ودُفِنَ بالبقيع.(10/407)
*عبَّاس بن فرناس
هو أبو القاسم عباس بن فرناس بن ورداس. فيلسوف وعالم
رياضييات وكيميائى، وفلكى، وموسيقى، وشاعر. وُلِدَ فى
كورة تاكرنا (رنُدة) بجنوب الأندلس نحو (190 هـ)، وينتمى إلى
أسرة من البربر، ونشأ فى قرطبة، وبرع - منذ شبابه - فى
الفلسفة والكيمياء والطبيعة والفلك، وانتهت تجاربه فى مجال
الكيمياء الصناعية إلى اختراع الزجاج من الرمال، كما اخترع آله
لمقياس الزمن الميقاتة. كان من أعلام الشعراء الذين يضمهم بلاط
الحكم بن هشام، وله بعض الألحان الموسيقية. وهو أول من
حاول أن يخترع أداة للطيران، فكانت محاولته الطيران فى الجو
هى التى اشتهر بها. تُوفى ابن فرناس سنة (260 هـ) عن عمر
يناهز سبعين عامًا.(10/408)
*ابن طباطبا
هو صفى الدين أبو عبد الله محمد بن على بن محمد بن طباطبا
العلوى المعروف بابن الطقطقى. مؤرخ وأديب. وُلِدَ فى بغداد
سنة (660 هـ)، ونشأ وتعلم فى الموصل، وكان أبوه نقيب
الأشراف العلويين، بالمحلة والنجف وكربلاء فخلفه - بعد موته -
فى نقابة العلويين، وتزوج من امرأة فارسية من خراسان.
وتنقل طباطبا بين بعض البلدان، ثم عاد إلى الموصل، واشتغل
بالتأليف والتصنيف. وترجع شهرة طباطبا إلى كتابه الفخرى
فى الآداب السلطانية والدول الإسلامية، وهو كتاب يدون لتاريخ
الخلفاء الراشدين، ثم الأمويين، ثم العباسيين، ويذكر أمورًا فى
الآداب السلطانية والسياسات الملكية، وفيه محاولة لفلسفة
التاريخ. وله أيضًا كتاب فى التاريخ يسمى منية الفضلاء،
وكتاب فى الأنساب يُسمى الأصيلى. وتُوفى ابن طباطبا فى
بغداد سنة (709 هـ)، ولم يبلغ خمسين عامًا.(10/409)
*طريف بن مالك
قائد من البربر شارك فى فتح الأندلس. أرسله موسى بن نصير
على رأس حملة استطلاعية مكونة من خمسمائة مقاتل، فعبروا
البحر من سبتة فى أربع سفن إلى جزيرة طريف - التى سُميت
باسمه - وذلك فى سنة (91 هـ)، وتوغَّلت الحملة داخل الجزيرة
الخضراء، فأصابت كثيرًا من الغنائم، وقوبلت بالإكرام والترحيب،
ثم عادت فى أمن وسلام، وقص طريف نتائج رحلته على موسى،
فاستبشر بالنصر، وجدَّ فى الاستعداد لفتح الأندلس.(10/410)
*شكيب أرسلان
هو شكيب بن حمود بن حسين بن يونس أرسلان. العالم
والسياسى والأديب، عرف بلقب أمير البيان، وكان من أعضاء
المجمع العلمى العربى، وهو من سلالة التنوخيين ملوك الحيرة.
وُلِد فى الشويفات بلبنان سنة (1286 هـ = 1869 م)، وتعلم فى
مدرسة دار الحكمة ببيروت، وعين مديرًا للشويفات لمدة عامين،
ثم عين قائم مقام فى الشوف ثلاث سنين، وانتخب عن حوران
فى مجلس المبعوثان العثمانى. أقام شكيب أرسلان فى دمشق
خلال الحرب العالمية الأولى، ثم انتقل إلى برلين بألمانيا، ثم
إلى جنيف بسويسرا، فأقام بها (25) عامًا، ثم عاد إلى بيروت.
وكان شكيب أرسلان عالمًا بالسياسة، فعالج السياسة الإسلامية
- قبل انهيار الدولة العثمانية - وكان مدافعًا عنها. واضطلع
بالقضايا العربية، وأصدر مجلة باللغة الفرنسية - فى جنيف -
يدافع فيها عن القضايا العربية، وقام برحلات إلى أوربا
وأمريكا والأندلس وكان يجيد اللغتين الفرنسية والتركية، وله
إلمام بالإنجليزية والألمانية، وله ديوان شعر، وعدة كتب منها:
الحلل السندسية فى الرحلة الأندلسية، وغزوات العرب فى
فرنسا وشمال إيطاليا وسويسرا، ولماذا تأخر المسلمون؟،
وغيرها. تُوفى شكيب أرسلان سنة (1366 هـ = 1946 م)، ودفن
فى الشويفات.(10/411)
*صِفيَّة بنت عبد المطَّلب
هى صفية بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشيَّة
الهاشمية، عَّمة النبى - صلى الله عليه وسلم - وصحابية جليلة. أسلمت مبكرًا، وهاجرت
إلى المدينة. كانت قد تزوَّجت فى الجاهلية الحارث بن حرب بن
أمية، فلما مات تزوَّجت من العوام بن خويلد، فولدت له الزبير
والسائب وعبد الكعبة. وكانت صفية من شواعر العرب، وقد قالت
شعرًا فى رثاء أخيها حمزة، وشهدت غزوة أحد مع النبى - صلى الله عليه وسلم -،
وكذلك غزوة الخندق، وقتلت فيها أحد جواسيس اليهود، وهى
أوَّل امرأة قتلت رجلاً من المشركين. وقد عاشت صفية حتى
خلافة عمر بن الخطاب، وتُوفيت سنة (20 هـ) عن عمر بلغ (73)
سنة، ودفنت بالبقيع.(10/412)
*ابن شِهاب الزُّهْرِىّ
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهرى.
أحد الفقهاء والمحدِّثين، ومن التابعين فى المدينة وله شعر جيد.
رأى عشرة من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وروى عن عبد الله بن عمر،
وسهل بن سعد، ومحمود بن الربيع، وأبى الطفيل وغيرهم.
وروى عنه مالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، وسفيان الثورى
وآخرون. وكان فى صحبة عبد الملك بن مروان، وهشام بن عبد
الملك، ويزيد بن عبد الملك الذى ولاَّه القضاء. وتُوفى ابن شهاب
سنة (124 هـ) عن عمر بلغ نحو (72) سنة.(10/413)
*محمد بن مسلم بن عبيد الله الزُّهْرِىّ
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهرى.
أحد الفقهاء والمحدِّثين، ومن التابعين فى المدينة وله شعر جيد.
رأى عشرة من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وروى عن عبد الله بن عمر،
وسهل بن سعد، ومحمود بن الربيع، وأبى الطفيل وغيرهم.
وروى عنه مالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، وسفيان الثورى
وآخرون. وكان فى صحبة عبد الملك بن مروان، وهشام بن عبد
الملك، ويزيد بن عبد الملك الذى ولاَّه القضاء. وتُوفى ابن شهاب
سنة (124 هـ) عن عمر بلغ نحو (72) سنة.(10/414)
*الشَّعبى
هو عامر بن شراحيل بن عبد بن ذى كبار. تابعىُُّ جليلُُ، وعالم
كبير من أهل اليمن. وُلِد نحو عام (31 هـ) فى خلافة عثمان بن
عفان، وروى عن عدد من الصحابة منهم: سعد بن أبى وقاص
وسعيد بن يزيد، وأبو موسى الأشعرى، وأسامة بن زيد، وأبو
هريرة، وابن عمر، وعائشة، حتى إنه قال: أدركت خمسمائة من
أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وروى عنه الحكم، وحمَّاد، وعاصم
الأحول، وابن أبى ليلى وغيرهم. تولى قضاء الكوفة من قِبَلِ
عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب والى عمر بن عبد
العزيز على العراق. وتوفى الشعبى نحو عام (104 هـ) عن عمر
بلغ نحو (80) سنة.(10/415)
*عامر بن شراحيل
هو عامر بن شراحيل بن عبد بن ذى كبار. تابعىُُّ جليلُُ، وعالم
كبير من أهل اليمن. وُلِد نحو عام (31 هـ) فى خلافة عثمان بن
عفان، وروى عن عدد من الصحابة منهم: سعد بن أبى وقاص
وسعيد بن يزيد، وأبو موسى الأشعرى، وأسامة بن زيد، وأبو
هريرة، وابن عمر، وعائشة، حتى إنه قال: أدركت خمسمائة من
أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وروى عنه الحكم، وحمَّاد، وعاصم
الأحول، وابن أبى ليلى وغيرهم. تولى قضاء الكوفة من قِبَلِ
عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب والى عمر بن عبد
العزيز على العراق. وتوفى الشعبى نحو عام (104 هـ) عن عمر
بلغ نحو (80) سنة.(10/416)
*الشرقاوى
هو عبد الله بن حجازى بن إبراهيم الشرقاوى الأزهرى. فقيه
مصرى، وأحد مشايخ الأزهر الشريف. وُلِدَ فى قرية الطويلة -
إحدى قرى محافظة الشرقية - سنة (1150 هـ = 1737 م)، وحفظ
القرآن الكريم فى طفولته، ثم ذهب إلى الجامع الأزهر لدراسة
العلوم الشرعية الإسلامية، فدرس على عدد من العلماء منهم:
الشهاب الملوى، والشهاب الجوهرى، والشيخ على الصعيدى،
والشيخ الحفنى، والإمام الدمنهورى. ومال إلى التصوف، وتولى
مشيخة الأزهر بعد الشيخ أحمد العمروسى سنة (1208 هـ =
1793 م)، فأنشأ رواق الشراقوة، وكان دائمًا يطالب الحكام
برفع المظالم عن الناس، والحكم بالعدل، وبأن يكفوا أيديهم عن
أموال الناس. وكان يدرس فى المدرسة الصلاحية، وله مواقف
مشرِّقة مع زعماء الحملة الفرنسية، حتى إنَّهم اعتقلوه فى سجن
القلعة بسبب ذلك. وللشيخ الشرقاوى عدد من الكتب فى الفقه،
من أهمها: حاشية على شرح التحرير فى الفقه الشافعى،
والتحفة البهية فى طبقات الشافعية، وفتح المبدى بشرح مختصر
الزبيدى وغيرها. وتُوفى الشيخ الشرقاوى سنة (1227 هـ =
1812 م).(10/417)
*شارلمان
هو شارل الكبير ملك الفرنجة، منحه البابا أدريان الأول لقب
حامى الرومان، وقام بغزو سكسونيا وأرغم أهلها على
الدخول فى المسيحية، وحينما توَّجَه الرومان امبراطورًا عليهم
سنة (800 م)، أقام علاقات وديَّة مع الخليفة العباسى هارون
الرشيد. وسعى شارلمان إلى غزو إسبانيا، واستمر يحارب فيها
سبعة أعوام، حتَّى تمكَّن من فتح موانيها ومدنها، ماعدا
سرقسطة التى كانت معقلاً للملك مارسيل، وقد أدت هذه
الحروب إلى القضاء على خيرة جنود شارلمان، واختتمت بنكبته.
وكان شارلمان محبًّا للعلوم والفنون والآداب، وشجَّع على نشر
التعليم فى إمبراطوريته، وتحول شارلمان - بعد موته - إلى
شخصية أسطورية بمرور الزمن، فنسبت إليه كل الأعمال العظيمة
التى تمت فى أسرته. وشاع فى عصر الحروب الصليبية أنه قام
من بين الموتى ليأخذ شارة الصليب، ويحارب المسلمين. وقد
نسجت حول هذه الأسطورة ملاحم وأشعار وقصص كثيرة.(10/418)
*صالح عليه السلام (نبى)
هو صالح بن عبد بن ماسح. بعثه الله تعالى إلى ثمود، وهى
قبيلة عربية ترجع جذورها إلى من نجا من قوم عاد. وكانت ثمود
تسكن منطقة تسمى الحجر، تقع بين الحجاز وتبوك. وقد
أحسن الله إلى قوم ثمود، وأنعم عليهم بنعم كثيرة، ومَكَّنَ لهم
فى الأرض، ولكنهم جحدوا تلك النعم، وطغوا وتجبروا، وانحرفوا
عن دين الله، فأرسل الله تعالى نبيَّه صالحًا - عليه السلام -
يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وترك الشرك والأوثان، ولكنهم
كذَّبوه، وتعرضوا له ولمن آمن معه بالإيذاء، وازدادوا عصيانًا
وكفرًا. وأراد الكافرون أن يُعجزوا نبى الله صالحًا فطلبوا منه
أن يأتيهم بمعجزة تدلُّ على صدق نبوَّته، وتحدَّوه أن يُخْرِج لهم
ناقة من قلب الصخر. فدعا صالح ربَّه أن يؤيده بتلك المعجزة،
لعلهم يؤمنون، ويتوبون إلى ربهم، فاستجاب الله لدعاء نبيه،
وأخرج لهم ناقة من الصخر، وأخبرهم صالح أن عليهم أن
يشربوا من الماء يومًا ويتركوا الناقة تشرب يومًا، ثم أمرهم بعدم
إيذاء الناقة أو التعرض لها بسوء. ولكنهم عزموا على التخلِّص
من تلك الناقة فتربصوا بها ذات يوم وذبحوها، فتوعدهم صالح
بأن الله سيصيبهم بالعذاب الشديد بعد ثلاثة أيام، فسخروا منه،
وازدادوا إيذاءً له ولمن آمن به. وبعد مرور الأيام الثلاثة استيقظ
قوم ثمود على أصوات عالية رهيبة، وزلزلة شديدة، وتهاوت
البيوت، وتهدمت القصور، وسيطر الرعب والفزع على الكافرين،
فأسرعوا يحاولون الفرار، وانطلقوا يَعْدُون فى كل اتجاه، ولكن
الدمار والهلاك كان ينتظرهم فى كل مكان. وحفظ الله تعالى
نبيَّه صالحًا والمؤمنين الذين أسلموا معه، ونجَّاهم من ذلك العذاب
وتلك الأهوال، فهاجروا إلى قرية أخرى - بعد أن عمَّ الخراب
والدمار تلك القرية الظالمة - لينشروا دعوة الحق وكلمة التوحيد
فى أرض جديدة.(10/419)
*الشافعى
هو محمد بن إدريس بن العبَّاس بن عثمان بن شافع بن السائب
وينتهى نسبه إلى هاشم بن عبد المطلب. وُلِد سنة (150هـ)
لأبوين هاشميين فى مدينة غزة - إحدى مدن الشام - ومات والده
وهو ابن عامين، فرحلت به أمه إلى مكة، فعاش فيها، ونشأ
بها، وحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين، ثم حفظ الموطّأ
وهو ابن عشر، وتعلم العربية والشعر وبرع فيهما، ودرس الفقه
والحديث، حتى أصبح عالم زمانه، وهو أوَّل من ألَّف فى أصول
الفقه، وهو الذى استنبطه، وتعرض للفتيا وهو لم يتجاوز عشرين
سنة، وكان كثير الرحلة فى طلب العلم، فرحل إلى المدينة فتعلم
على الإمام مالك، ثم إلى بغداد ورحل إلى مصر سنة (199 هـ)
فألَّف بها معظم كتبه، وظل بها حتى تُوفى سنة (204 هـ).
والإمام الشافعى واحد من أئمةالفقه الأربعة المشهورين، وإليه
تنسب الشافعية. وقد ترك الإمام الشافعى عددًا من الكتب
والمصنفات الرائدة منها: كتاب الأمّ وهو كتاب فى الفقه،
والمسند، وكتاب أحكام القرآن، وكتاب الرسالة فى أصول الفقه،
وكتاب اختلاف الحديث وكتاب أدب القاضى.(10/420)
*محمد بن إدريس الشافعى
هو محمد بن إدريس بن العبَّاس بن عثمان بن شافع بن السائب
وينتهى نسبه إلى هاشم بن عبد المطلب. وُلِد سنة (150هـ)
لأبوين هاشميين فى مدينة غزة - إحدى مدن الشام - ومات والده
وهو ابن عامين، فرحلت به أمه إلى مكة، فعاش فيها، ونشأ
بها، وحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين، ثم حفظ الموطّأ
وهو ابن عشر، وتعلم العربية والشعر وبرع فيهما، ودرس الفقه
والحديث، حتى أصبح عالم زمانه، وهو أوَّل من ألَّف فى أصول
الفقه، وهو الذى استنبطه، وتعرض للفتيا وهو لم يتجاوز عشرين
سنة، وكان كثير الرحلة فى طلب العلم، فرحل إلى المدينة فتعلم
على الإمام مالك، ثم إلى بغداد ورحل إلى مصر سنة (199 هـ)
فألَّف بها معظم كتبه، وظل بها حتى تُوفى سنة (204 هـ).
والإمام الشافعى واحد من أئمةالفقه الأربعة المشهورين، وإليه
تنسب الشافعية. وقد ترك الإمام الشافعى عددًا من الكتب
والمصنفات الرائدة منها: كتاب الأمّ وهو كتاب فى الفقه،
والمسند، وكتاب أحكام القرآن، وكتاب الرسالة فى أصول الفقه،
وكتاب اختلاف الحديث وكتاب أدب القاضى.(10/421)
*أبو العاص بن الربيع
هو أبو العاص القاسم بن الربيع بن عبد العُزَّى بن عبد شمس بن
عبد مناف. زوج زينب بنت النبى - صلى الله عليه وسلم -. حارب مع
المشركين يوم بدر فأسره المسلمون، فأرسلت زينب فى فدائه
بقلادة أمها خديجة، فَرقَّ لها النبى - صلى الله عليه وسلم -،
وخيَّر المسلمين فى إطلاق سراحه فأطلقوه، فأخذ النبى - صلى الله عليه وسلم - منه
عهدًا أن يخلَّى سبيل زينب لتهاجر، ففعل. ثم أُسِرَ أبو العاص
مرة أخرى، وهو راجع فى تجارة من الشام فاستجار بزينب؛
فقبل المسلمون إجارتها، ثم رجع إلى مكة فأدى الحقوق إلى
أصحابها، ثم أعلن إسلامه، وهاجر إلى المدينة، وكان ذلك قبل
الحديبية بنحو ستة أشهر. فردَّ له النبى زينب بزواجه الأول منها.
وتُوفى أبو العاص فى خلافة الصدِّيق، فى ذى الحجة سنة (12
هـ).(10/422)
*طهماسب الأول
هو الابن الأكبر لإسماعيل الصفوى - مؤسس البيت الصفوى. وقد
وُلِد طهماسب نحو سنة (920 هـ)، وتولى الحكم بعد وفاة والده
سنة (930 هـ) وامتد حكمه (52) سنة، خاض خلالها العديد من
الحروب ضد الدولة العثمانية. استطاع طهماسب أن يهزم الأوزبك
والشيشان سنة (935 هـ) فى معركة استخدم خلالها الأسلحة
الحديثة، كما استولى على بغداد، واستطاع الاحتفاظ بحدوده
الشرقية، لكنه لاقى العديد من الهزائم على يد العثمانيين الذين
وصلوا إلى العاصمة تبريز ثم أصفهان؛ لذلك نقل طهماسب
عاصمته إلى قزوين خوفًا من التهديد التركى. وكان طهماسب
خطَّاطًا وفنانًا بارعًا. وتوفى مسمومًا سنة (984هـ) عن عمر بلغ
نحو (64) عامًا.(10/423)
*ابن عبد ربه
هو أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن حدير بن
سالم، الأديب المؤرخ الأندلسى. ولد بقرطبة سنة (246 هـ) فى
أسرة فقيرة، وكان جدُّه سالم مولى للأمير هشام بن عبد الرحمن
بن معاوية. درس ابن عبد ربه علوم عصره من تاريخ وشعر ونحو
وفقه، وتتلمذ على أيدى بعض علماء عصره، وعُرِفَ بسعة
الاطلاع، واعتدال الرأى، واهتم بجمع الأخبار والطرائف والنوادر،
ولكن غلب عليه الشعر والاشتغال بالأدب، وتقرَّب من الأمراء
ومدحهم، ونادمهم بطرائفه؛ فأثرى من ذلك كثيرًا. واشتهر ابن
عبد ربه بكتابه العقد الفريد، وكان قد سماه العقد ولكن
الناسخين المتأخرين أضافوا لفظ الفريد إليه، وهو كتاب فى
الأدب. وله أيضًا أرجوزة تاريخية ذكر فيها الخلفاء. وقد مال ابن
عبد ربه فى أواخر حياته إلى الزهد فانقطع للعبادة والوعظ،
ونظم قصائد سماها الممحصات فى المواعظ، نقض فيها كل ما
قاله فى صباه من غزل. وتُوفى ابن عبد ربه سنة (328 هـ) عن
عمر بلغ (82) سنة.(10/424)
*عبد الحميد بن يحيى الكاتب
هو أبو يحيى عبد الحميد بن يحيى بن سعد الأنبارى. من كبار
الكتاب، وبه يضرب المثل فى الكتابة، وكان أوَّلَ من أطال
الرسائل، واستعمل التحميدات فى فصول الكتب، وقد اتسم
أسلوبه بالفصاحة والبلاغة والاستقامة. وكان عبد الحميد يسكن
الرقة ويعلِّم الصبيان، وأكثر من التنقل فى البلاد، حتى دخل فى
خدمة مروان بن محمد - آخر خلفاء بنى أمية - وظلَّ فى خدمته
حتى قُتِلَ معه سنة (132 هـ). وكان عبد الحميد قد تتلمذ لسالم
مولى هشام بن عبد الملك، وتعلم عليه خالا بن برمك، ويعقوب
بن داود. وترك عبد الحميد تراثًا رائعًا فى مجموعة رسائل تبلغ
ألف ورقة.(10/425)
*طاش كبرى زاده
هو أبو الخير عصام الدين أحمد بن مصطفى بن خليل، مؤرخ
ومصنف تركى، وُلِد فى أبروسة سنة (901 هـ)، ونشأ فى
أنقرة، وتأدَّب وتفقه بها، وتنقل فى البلاد التركية مدرسًا للفقه
والحديث وعلوم العربية. ولى القضاء فى القسطنطينية سنة (958
هـ)، فرمد وكُفَّ بصره سنة (961 هـ). وهو يُعدُّ من العلماء
الموسوعيين، وقد ألف فى أكثر الموضوعات، وبلغت مؤلفاته
نحو الثلاثين، مابين كتاب ورسالة ومنظومة. ومن أشهر أعماله
كتاباه الموسوعيان: الشقائق النعمانية فى علماء الدولة
العثمانية، ويشتمل على (522) ترجمة لمشاهير العلماء
العثمانيين حتى عهد السلطان سليمان القانونى، وكتاب مفتاح
دار السعادة ومصباح السيادة، وهو فى موضوعات العلوم التى
قسمها إلى نحو (300) علم، مبوبة تحت ستة أقسام رئيسية. وله
أيضًا: توارد الأخبار فى مناقب الأخيار فى التراجم، وشرح على
كتاب الفوائد الغياثية فى علم المعانى للإيجى. وتوفى طاش
كبرى زاده سنة (968 هـ) عن عمر يناهز السابعة والستين.(10/426)
*طغرل بك
هو ركن الدين أبو طالب محمد بن ميكائيل بن سلجوق مؤسس
الدولة السلجوقية، وأول سلاطينها العظام. وُلِد سنة (385 هـ)،
ونشأ نشأة عسكرية، واشترك فى حروب قومه السلاجقة فى
بداية توسعاتهم مع الدولة الإيلخانية فى بلاد ما وراء النهر،
والدولة الغزنوية بفارس. وعرف طغرل بك بالشجاعة، وقوة
الشخصية؛ مما ساعده على تبوُّء مكانة عالية فى قومه، فاتفق
الأمراء على زعامته لهم، والتفوا حوله. وتمكن طغرل بك بعد
فترة وجيزة من السيطرة على مساحة كبيرة، ضمَّت خراسان
وجرجان وخوارزم وطبرستان وقزوين وزنجاب وهمذان
وأذريبجان وكرمان، وآلت إليه أملاك الدولة الغزنوية بعد
انهيارها، فصار مجاورًا لبغداد حاضرة الخلافة العباسية، وكان
البويهيون أصحاب السلطة الحقيقية فى البلاد، ولم يكن للخليفة
العباسى أية سلطة فِعْليَّة، فلما رأى قوة السلاجقة استنجد
بطغرل بك، ليخلَّصَه من سيطرة البويهيين، فتوجه طغرل بك إلى
بغداد وقبض على آخر حكام البويهيين فلقبه الخليفة بملك
المشرق والمغرب. وعندما قامت ثورة البساسيرى، الذى دخل
بغداد، وعاث فيها فسادًا، هرب الخليفة حتى نجح طغرل بك فى
القضاء على الثورة، وأعاد الخليفة إلى قصره، وقد ساعد ذلك
على ازدياد نفوذ طغرل بك وعلو مكانته فى الخلافة، حتى
تُوفى سنة (455 هـ).(10/427)
*طلحة بن عبيد الله
هو طلحة بن عبيد الله بن عثمان التميمى. صحابى جليل، وأحد
العشرة المبشرين بالجنَّة، وأحد الثمانية السابقين فى الإسلام،
وأحد الستة أصحاب الشورى بعد وفاة عمر بن الخطاب. عُرِف
بطلحة الخير، وطلحة الفيَّاض، وطلحة الجود. أسلم على يد أبى
بكر الصديق، وأظهر شجاعة كبيرة وبأسًا شديدًا فى الدفاع
عن النبى - صلى الله عليه وسلم - يوم أُحُد، حتى أصيب بأربعة وعشرين جرحًا، وشهد
المشاهد كلها مع النبى - صلى الله عليه وسلم -، وعندما هاجر إلى المدينة آخى النبى
(بينه وبين كعب بن مالك الأنصارى. وكان طلحة ميسورًا، ولم
يدعْ أحدًا من بنى تميم إلاَّ كفاه هو وأولاده، وقضى عنه دَينه.
وقد قُتل طلحة يوم الجمل سنة (36 هـ)، وكان عمره ستين سنة.(10/428)
*طليحة بن خويلد الأسدى
هو طليحة بن خويلد بن نوفل الفقعسى، من شجعان العرب،
وكان يُعدَّ بألف فارس. شهد مع المشركين غزوة الأحزاب، ثم
أسلم سنة (9 هـ) ولكنه عاد فارتدَّ، فأرسل إليه النبى - صلى الله عليه وسلم - ضرار بن
الأزور الأسدى ليقاتله، وبعد وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم - عظم خطر طليحة وكثر
أتباعه من أسد وغطفان وطيئ، فقاتله خالد بن الوليد فى
خلافة أبى بكر الصدَّيق، وهُزِم طليحة، وفر إلى الشام وظلَّ بها
حتَّى تُوفى أبو بكر، رضى الله عنه. وفى خلافة عمر بن
الخطاب، رضى الله عنه، خرج محرمًا وأسلم، وحسن إسلامه،
وخرج إلى بلاد الشام مجاهدًا، وشهد اليرموك وبعض المعارك
الأخرى، وأوصى عمر بن الخطاب قائده النعمان بن مقرن بأن
يستعين بطليحة فى حروبه. واستشهد طليحة بنهاوند سنة (21
هـ).(10/429)
*ابن عائشة
هو إبراهيم بن محمد بن عبد الوهاب بن إبراهيم الإمام، يعرف
بابن عائشة وعائشة جدته أم أبيه، ويلتقى ابن عائشة مع
المأمون فى الجدِّ الثالث. قاد ابن عائشة حركة استهدفت خلع
المأمون ومبايعة عمه إبراهيم المهدى سنة (202 هـ)، إلا أن
الحركة فشلت، واختفى ابن عائشة فترة طويلة، حتى استطاع
المأمون القبض عليه وحبسه، وحينما أراد الاتصال بنصر بن شبت
- أحد الخارجين على المأمون - عند وصوله إلى بغداد سنة (210
هـ)، إلا أن ابن عائشة قام ببعض الشغب فى السجن، فأمر
المأمون بضرب عنقه وصلبه السنة نفسها، فكان أول مصلوب من
بنى العباس.(10/430)
*الضحاك بن قيس
هو الضحاك بن قيس الشيبانى زعيم من الحروريين، خرج مع
سعيد بن بهدل سنة (126 هـ) فى مائتين من حرورية الجزيرة،
ومات سعيد سنة (127 هـ) فخلفه الضحاك، وبايع له الشراة،
فقصد أرض الموصل ثم شهرزور، واجتمعت عليه الصفرية حتى
صار فى أربعة ألاف، فسار إلى العراق واستولى على الكوفة،
وحاصر واسط فصالحه عاملها، وكاتبه أهل الموصل فاحتلها.
وقارب عدد جيشه مائة ألف، فخرج إليه الخليفة الأموى مروان،
فالتقيا بنواحى كفر توشا، وتقاتلا قتالاً شديدًا، ولما كان
المساء خرج الضحاك فى ستة آلاف من أصحابه، فأحاط بهم
جنود مروان، وحملوا عليهم حتى قتلوهم فى الظلام، وفر من
نجا من أصحاب الضحاك إلى معسكرهم، وقُتل الضحاك فيمن
قتل من أصحابه.(10/431)
*الطائع لله
هو أبو الفضل عبد الكريم الطائع لله بن المقتدر العباسى. أحد
خلفاء الدولة العباسية، وُلِد فى بغداد نحو سنة (320 هـ)،
وحينما بلغ الثالثة والأربعين تنازل له أبوه عن الخلافة سنة (363
هـ)، وكانت الدولة - آنذاك - تمر بمرحلة ضعف، فلم يتمكن الطائع
من إصلاح الأمر، بل ازدادت الأمور سواءًا؛ فكثرت - فى عهده -
الفتن والضطرابات الداخلية، واشتد النزاع بين كبار قواد الجيش،
وكانت أمور الدولة كلها فى يد البويهيين، وسيطر عليه عضد
الدولة البويهى، وابنه بهاء الدولة من بعده، وبلغ الأمر أن قبض
بهاء الدولة على الخليفة الطائع سنة (381هـ) وسجنه، وأجبره
على كتابة مرسوم يخلع فيه نفسه من الخلافة، وأشهد عليه،
واستمر الطائع سجينًا، حتى توفى فى العام نفسه.(10/432)
*القلقشندى
هو أحمد بن على بن أحمد الفزارى القلقشندى. مؤرخ وأديب
وعالم بحاثة، ولد فى قلقشندة - إحدى قرى محافظة القليوبية -
سنة (756هـ = 1355م)، ونشأ بها صغيرًا. ودرس القلقشندى
بالقاهرة والإسكندرية على كبار علماء عصره؛ فبرع فى الأدب
وعلوم اللغة والبلاغة والإنشاء، وأجازه الشيخ سراج الدين أبو
حفص عمر بن أبى الحسن (ابن الملقن) بالفتيا والتدريس على
المذهب الشافعى، وكذلك أجازه على أن يروى فى الفقه
والحديث وكتب الصحاح الستة ومسند الشافعى ومسند أحمد
وغيرها من كتب أصول الفقه. عمل القلقشندى فى ديوان
الإنشاء سنة (791هـ = 1388م) فى عهد السلطان الظاهر
برقوق، وظل به حتى سنة (816هـ = 1413م). ومن أهم كتبه:
صبح الأعشى فى صناعة الإنشاء، حلية الفضل وزينة الكرم فى
المفاخرة بين السيف والقلم، قلائد الجمان فى التعريف بقبائل
عرب الزمان، ضوء الصبح المسفر نهاية الأرب فى معرفة أنساب
العرب. وقد تُوفِّى القلقشندى سنة (821 هـ = 1418 م) عن عمر
يناهز (65) سنة.(10/433)
*أبو الهدى الصيادى
هو أبو الهدى محمد بن حسن وادى بن على بن خزام الصيادى
الرفاعى الحسينى، من رجالات الدولة العثمانية فى عهد
السلطان عبد الحميد الثانى. ولد فى خاد شيخون عام (1266هـ
= 1849م)، وتعلم بمدينة حلب وولى نقابة الأشراف بها، ثم سكن
مدينة الآستانة بتركيا. وتوثقت الصلة بينه وبين السلطان عبد
الحميد وحظى عنده بمكانة عظيمة، وكان من كبار ثقاته،
واستمر فى خدمته ثلاثين سنة. وعرف عنه سعة علمه فى العلوم
الإسلامية والآداب، وكان أذكى الناس، وعرف عنه تصوفه
وظرفه، ولما خُلع السلطان عبد الحميد نُفى الشيخ الصيادى إلى
جزيرة الأمراء. وقد صنف الشيخ الصيادى العديد من المؤلفات،
مثل: ضوء الشمس فى قوله (بنى الإسلام على خمس، قلادة
الجواهر فى ذكر الغوث الرفاعى وأتباعه الأكابر، وفرحة
الأحباب فى أخبار الأربعة الأقطاب، والجوهر الشفاف فى
طبقات السادة الأشراف والسهم الصائب لكبد من آذى طالب.
تُوفًّى الصيادى فى جزيرة الأمراء عام (1328هـ = 1909م).(10/434)
*سعيد بن المسيَّب
هو سعيد بن المسيب بن حزم بن أبى وهب بن عائذ بن عمران بن
مخزوم سيد التابعين على الإطلاق. كان يقال له: فقيه الفقهاء،
وهو أحد الفقهاء السبعة بالمدينة. ولد سعيد لسنتين مضتا -
وقيل: بقيتا - من خلافة عمر بن الخطاب، وكان سعيد مثال
النباهة والاستقامة من طفولته. لزم وهو صغير مجالس عمر بن
الخطاب وسمع منه، ومن عثمان بن عفان وسعد بن أبى وقاص،
وابن عباس وابن عمر وكثير من الصحابة. وتزوج سعيد من ابنة
الصحابى الجليل أبى هريرة. وبلغ من فقهه وعلمه أن ابن عمر
كان يرسل إليه يسأله عن قضايا عمر وأحكامه. وكان سعيد من
أورع الناس وأزهدهم فى فضول الدنيا ومن أكثرهم أدبًا، كما
عرف عنه حسن تفسيره للرُّؤَى. وتُوفِّى سعيد - رحمه الله - سنة
(94هـ = 763م).(10/435)
*لسان الدين بن الخطيب
هو محمد بن عبد الله بن سعيد السلمانى اللوشى الغرناطى
الأندلسى، مؤرخ، وطبيب وكاتب وشاعر جيد. ولد سنة (713هـ =
1313م) فى أسرة ذات علم وجاه وفضل، فكان أهله يعرفون
ببنى وزير ثم ببنى الخطيب لأن أباه كان خطيبًا بارعًا. ودرس
لسان الدين اللغة والأدب والشريعة على كبار علماء عصره فى
غرناطة، مثل: أبى عبد الله بن الفخار، وأبى القاسم محمد بن
على الحسينى السبتى، وأبى عبد الله بن مرزوق، وأبى عبد
الله بن الحكيم اللخمى، ودرس الطب والفلسفة على الفيلسوف
الكبير أبى زكريا يحيى بن هزيل، ولما أنهى دراسته العلمية
تولى رئاسة الكتاب وديوان الإنشاء، ومنحه السلطان أبو
الحجاج رتبة الوزارة وألقابها. واستوزره الغنى بالله بن أبى
الحجاج وخلع عليه لقب ذى الوزارتين، لجمعه بين الكتابة
والوزارة، ولما حيكت الدسائس ضده هرب إلى بلاد المغرب
العربى، فاستقبله سلطانها عبد العزيز بن أبى الحسن المرينى
أحسن استقبالٍ، وأرسل إلى غرناطة يطلب أهله وماله. وسعى
أعداء لسان الدين بن الخطيب فى القَضاء عليه، فاتهموه
بالزندقة والخروج على الإسلام، والطعن فى النبى - صلى الله عليه وسلم - والقول
بالحلول، وقضوا بحرق كل كتبه، وبالفعل تم لهم ما أرادوا سنة
(773هـ = 1371م) وأرسلوا إلى السلطان المغربى عبد العزيز
فى طلبه ولكنه رفض طلبهم. وبعد أن تُوفِّى السلطان عبد
العزيز بن أبى الحسن المرينى قامت فتنة فى البلاد، فساعد
سلطان غرناطة الغنى بالله قادة الثورة بشرط أن يسلموه لسان
الدين بن الخطيب، فلما جلس أحمد بن أبى سعيد سلطان المغرب
على عرش بلاد المغرب، قبض على ابن الخطيب وأودعه السجن،
وعقد له مجلسًا، حقق فيه حول التهم المنسوبة إليه، فأفتى
بعض المتشددين من الفقهاء بقتله، فى الوقت الذى دخل فيه
عليه بعض رجال الغنى بالله السجن وخنقوه، ودفن عند باب
المحروق (أحد أبواب فاس القديمة)، وكان ذلك سنة (776هـ =(10/436)
1374م). ومن أهم مصنفاته وكتبه: الإحاطة فى تاريخ غرناطة،
الإعلام فى من بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام، الحلل
الموشية فى ذكر الأخبار المراكشية، نفاضة الجراب، الكتيبة
الكامنة، معيار الاختيار فى ذكر المعاهد والديار، التاج المحلى
فى مساجلة القدح المعلى، خطرة الطيف فى رحلة الشتاء
والصيف.(10/437)
*بن الخطيب
هو محمد بن عبد الله بن سعيد السلمانى اللوشى الغرناطى
الأندلسى، مؤرخ، وطبيب وكاتب وشاعر جيد. ولد سنة (713هـ =
1313م) فى أسرة ذات علم وجاه وفضل، فكان أهله يعرفون
ببنى وزير ثم ببنى الخطيب لأن أباه كان خطيبًا بارعًا. ودرس
لسان الدين اللغة والأدب والشريعة على كبار علماء عصره فى
غرناطة، مثل: أبى عبد الله بن الفخار، وأبى القاسم محمد بن
على الحسينى السبتى، وأبى عبد الله بن مرزوق، وأبى عبد
الله بن الحكيم اللخمى، ودرس الطب والفلسفة على الفيلسوف
الكبير أبى زكريا يحيى بن هزيل، ولما أنهى دراسته العلمية
تولى رئاسة الكتاب وديوان الإنشاء، ومنحه السلطان أبو
الحجاج رتبة الوزارة وألقابها. واستوزره الغنى بالله بن أبى
الحجاج وخلع عليه لقب ذى الوزارتين، لجمعه بين الكتابة
والوزارة، ولما حيكت الدسائس ضده هرب إلى بلاد المغرب
العربى، فاستقبله سلطانها عبد العزيز بن أبى الحسن المرينى
أحسن استقبالٍ، وأرسل إلى غرناطة يطلب أهله وماله. وسعى
أعداء لسان الدين بن الخطيب فى القَضاء عليه، فاتهموه
بالزندقة والخروج على الإسلام، والطعن فى النبى - صلى الله عليه وسلم - والقول
بالحلول، وقضوا بحرق كل كتبه، وبالفعل تم لهم ما أرادوا سنة
(773هـ = 1371م) وأرسلوا إلى السلطان المغربى عبد العزيز
فى طلبه ولكنه رفض طلبهم. وبعد أن تُوفِّى السلطان عبد
العزيز بن أبى الحسن المرينى قامت فتنة فى البلاد، فساعد
سلطان غرناطة الغنى بالله قادة الثورة بشرط أن يسلموه لسان
الدين بن الخطيب، فلما جلس أحمد بن أبى سعيد سلطان المغرب
على عرش بلاد المغرب، قبض على ابن الخطيب وأودعه السجن،
وعقد له مجلسًا، حقق فيه حول التهم المنسوبة إليه، فأفتى
بعض المتشددين من الفقهاء بقتله، فى الوقت الذى دخل فيه
عليه بعض رجال الغنى بالله السجن وخنقوه، ودفن عند باب
المحروق (أحد أبواب فاس القديمة)، وكان ذلك سنة (776هـ =(10/438)
1374م). ومن أهم مصنفاته وكتبه: الإحاطة فى تاريخ غرناطة،
الإعلام فى من بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام، الحلل
الموشية فى ذكر الأخبار المراكشية، نفاضة الجراب، الكتيبة
الكامنة، معيار الاختيار فى ذكر المعاهد والديار، التاج المحلى
فى مساجلة القدح المعلى، خطرة الطيف فى رحلة الشتاء
والصيف.(10/439)
*الكندى
هو أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب التجيبى الكندى، مؤرخ
مصرى، ينسب إلى قبيلة تجيب أحد بطون قبيلة كندة الشهيرة.
ولد فى فسطاط مصر فى (10 من ذى الحجة 283هـ = 17 من
يناير 897 م). وتعد جهود الكندى فى التأريخ متمة لجهود
المؤرخ المصرى ابن عبد الحكم المتوفَّى سنة (257 هـ = 871 م)،
ووصل الكندى بتأريخه إلى سنة (335هـ) حيث ذكر ولاتها. وترك
الكندى بعض المؤلفات، أهمها: ولاة مصر وهو مطبوع، ويتناول
الكندى فيه ولاة مصر حتى عصر محمد بن طغج الإخشيدى
المتوفَّى سنة (334هـ)، وكتاب قضاة مصر وهو مطبوع ايضًا،
ويقف فيه الكندى عند سنة (246هـ). وتوفِّى الكندى فى
(رمضان سنة 350هـ = أكتوبر 961م).(10/440)
*كعب الأحبار
هو أبو إسحاق كعب بن ماتع الحميرى اليمنى، تابعى. كان فى
الجاهلية من كبار علماء اليهود وأحبارهم، أسلم فى خلافة عمر
بن الخطاب وحسن إسلامه، وكان يسكن اليمن فقدم إلى المدينة
وحضر مجالس أصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم - وتعلم منهم فقه الإسلام وسنن
النبى - صلى الله عليه وسلم -، وكان يحدثهم عن كتب اليهود وأخبارهم. وشارك كعب
الأحبار فى الفتح والجهاد مع صحابة النبى فى بلاد الشام،
واستقر بها وتُوفِّى بحمص سنة (32هـ = 652م) فى خلافة عثمان
بن عفان وهو ذاهب للغزو وكان عمره (104) سنوات ولكعب
الأحبار روايات عن كثير من الصحابة، وحدَّث عنه كثير، ومن كتب
السنة التى روت له سنن أبى داود والترمذى والنسائى.(10/441)
*الكسائى
هو أبو الحسن على بن حمزة بن عبد الله المعروف بالكسائى،
أحد القراء السبعة، وإمام النحو واللغة والقراءات فى الكوفة،
وسمى بالكسائى لأنه أحرم فى كساء. ولد بالكوفة سنة (
119هـ = 737م) ونشأ وتعلم بها، وقرأ النحو بعد الكبر، وكان
الكسائى مؤدبًا (معلمًا) لهارون الرشيد ثم لابنيه: الأمين
والمأمون، وظل يُقرِئ الناس فى بغداد بقراءة حمزة ثم اختار
لنفسه قراءة صارت إحدى القراءات السبع المتواترة. ويعد
الكسائى إمام مدرسة الكوفة فى النحو، فهو الذى وضع
رسومها ووطَّأ منهجها، وفيه يقول أبو الطَّبيِّب اللغوى: كان
الكسائى عالم أهل الكوفة وإمامهم، إليه ينتمون بعلمهم، وعليه
يعولون فى روايتهم. وللكسائى كتب كثيرة، منها: معانى
القرآن والمصادر والحروف والمتشابه فى القرآن والقراءات.
وتُوفِّى الكسائى بالرِّى سنة (189هـ = 805م).(10/442)
*ابن كثير
هو أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير، مؤرخ
ومفسر ومحِّدث. وُلِد فى بُصرى سنة (701 هـ)، وتُوفِّى والده
سنة (703 هـ) فانتقل ابن كثير مع عائلته إلى دمشق، حيث شهد
هجوم التتار على البلاد الإسلامية وغزوات الصليبيين. أخذ ابن
كثير العلم عن كبار علماء عصره، ولازم الشيخ ابن تيمية وتأثر
به، وكان ابن كثير ذا ذاكرة حادة وفهم جيد. صنف ابن كثير فى
مجالات التاريخ والتفسير والحديث، وأهم كتبه: البداية والنهاية
فى التاريخ، وتفسير القرآن العظيم وجامع المسانيد،
والاجتهاد فى طلب الجهاد، وأحاديث التوحيد والرد على الشرك،
واختصار علوم الحديث، وبعض كتبه مازال مخطوطًا والآخر
مفقودًا. وتولى ابن كثير مشيخة أم صالح ومشيخة دار الحديث
الأشرفية، وتُوفِّى بدمشق فى (26من شعبان سنة 774 هـ).(10/443)
*قوبيلاى قا آن
هو قوبيلاى بن تولوى بن جنكيز خان، أحد ملوك المغول
وحكامهم. كان له دور بارز فى فتح أقاليم الصين الجنوبية؛
حيث أمضى مايقرب من (20) سنة فى القتال فى تلك المناطق
حتى تم له فتحها، حارب أخاه أريق بوكا عندما أعلن نفسه
خانًا أعظم للمغول، واستطاع دخول عاصمة المغول قراقورم
وأسر أخيه سنة (662 هـ = 1263 م)، وأصبح حاكمًا للمغول. ثم
واصل قوبيلاى فتوحاته فى الصين حتى استطاع توحيدها،
وأقام بها مدينة عظيمة وقصرًا فخمًا لإقامته، واعتنق البوذية
وتأثر بالثقافة والعادات الصينية، وبدأ يعمل على نهضة الصين
وإعمار ما خربته الحروب. وكانت دولة المغول فى عهده تضم:
الصين، وكوريا، والهند الصينية، والتبت، والهند، وإيران،
وآسيا الصغرى، والقرم، وأجزاءً من روسيا، وكان الإيرانيون
يتمتعون فى عهده بنفوذ كبير. وتُوفِّى قوبيلاى سنة (693 هـ =
1294 م).(10/444)
*القفطى
هو أبو الحسن جمال الدين على بن يوسف بن إبراهيم الشيبانى
القفطى، وزير وقاضٍ ومؤرخ وكاتب مصرى، وُلِد بقفط بصعيد
مصر سنة (568 هـ = 1172 م)، وتعلم بالقاهرة، وأقام بحلب،
واستفاد من علمائها، وتولى القضاء فيها، ثم تولى الوزارة أيام
الملك العزيز سنة (633 هـ)، وأطلق عليه لقب الوزير الأكرم. وكان
القفطى عظيم الهيبة عادلاً محبًّا للكتب مُؤثِرًا لها على غيرها؛
حتى إنه لم يتزوج، وكان القفطى عالمًا باللغة والنحو، والفقه
والحديث وعلوم القرآن، والمنطق والنجوم والهندسة والتاريخ
وعلم الجرح والتعديل. وألَّف القفطى العديد من المصنفات، منها:
إنباه الرواة على أنباء النحاة، وإخبار العلماء بأخبار الحكماء،
وأخبار مصر من ابتدائها إلى أيام صلاح الدين. وتُوفِّى القفطى
فى حلب سنة (664 هـ = 1248 م).(10/445)
*كعب بن مالك
هو كعب بن مالك بن كعب (عمرو بن القين) الأنصارى الخزرجى.
صحابى جليل، وأحد شعراء النبى - صلى الله عليه وسلم -. أسلم كعب مع من أسلم من
الأنصار وآخى النبى - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين الزبير بن العوام، وقيل: بينه
وبين طلحه بن عبيد الله. ولم يشهد كعب - رضى الله عنه - غزوة
بدر، ولكنه شهد أحدًا وما بعدها، وكان يوم أحد أول من عرف
النبى - صلى الله عليه وسلم - لما انكشف الناس وبشر به المؤمنين حيًّا سويًّا، فألبسه
النبى لأْمَتَهُ وقاتل بها يومئذ قتالاً شديدًا حتى جرح سبعة عشر
جرحًا، ولم يتخلف عن النبى - صلى الله عليه وسلم - فى غزو، حتى كانت غزوة تبوك،
فكان أحد الثلاثة الذين خُلِّفوا، ثم تاب الله عليهم، وهم المشار
إليهم فى قوله تعالى (وعلى الثلاثة الذين خُلَّفوا) [التوبة: من
188]. وبعد موت النبى شارك كعب فى الفتح والجهاد فى خلافة
أبى بكر وعمر، وكان بجوار عثمان - رضى الله عنه - حينما
قامت ضده الثورة وكان من أصحابه ومعاونيه، ولكنه اعتزل
على بن أبى طالب فى خلافته، ولم يشهد معه حروبه، وعَمِى
كعب فى آخر حياته ومات وعمره (77) سنة، وروى عن النبى
(أحاديث كثيرة بلغت (80) حديثًا، وله ديوان شعر مطبوع.(10/446)
*كليبر
أحد كبار قادة الحملة الفرنسية على مصر. وُلدِ كليبر فى مدينة
ستراسبورج عاصمة الألزاس سنة (1753 م)، وشارك فى حروب
الثورة الفرنسية، حيث توثقت صلته بنابليون فى ميدان القتال؛
لذلك اصطحبه نابليون معه فى حملته على مصر حيث أصيب كليبر
بجرح فى رأسه أثناء اشتراكه فى الهجوم على الإسكندرية.
عارض كليبر نابليون فى بعض سياساته مما أوقع الخلاف
بينهما، وشارك كليبر فى الحملة على الشام سنة (1799 م)
وعُيِّن فى العام نفسه حاكمًا على دمياط. وبعد سفر نابليون
تولى كليبر قيادة الحملة فى مصر، واستطاع الانتصار على
العثمانيين فى موقعة أبى قير البرية، وقام بتحصين القاهرة
سنة (1799 م)، وعقد صلحًا مع الأتراك فى العريش سنة (1800 م)
إلا أنه عاد وحاربهم وانتصر عليهم فى معركة عين شمس سنة
(1800 م) واستطاع إخماد ثورة القاهرة الثانية مستخدمًا وسائل
القهر والعنف، مما دفع سليمان الحلبى - أحد الطلاب الشاميين
فى الأزهر- إلى قتله فى مقر حكمه بالروضة فى (يونيو 1800
م)، وتولى الحكم بعد كليبر الجنرال مينو.(10/447)
*أم كلثوم بنت محمد - صلى الله عليه وسلم -
ابنة النبى - صلى الله عليه وسلم -، وأمها خديجة بنت خويلد - رضى الله عنها - تزوجها
فى الجاهلية عتبة بن أبى لهب ولم يدخل بها، فلما بُعث النبى - صلى الله عليه وسلم -
طلَّقها عتبة، وهاجرت إلى المدينة المنورة، وتزوجت عثمان بن
عفان سنة (3 هـ) بعد وفاة أختها رُقية، ولم تزل عنده حتى
تُوفِّيت فى شعبان سنة 9هـ = 630 م)، ولم تلد له، وحزن النبى
(عليها حزنًا شديدًا ونزل قبرها، وقال النبى - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاتها: لو أن
لنا ثالثة لزوجنا عثمان بها.(10/448)
*كثيِّر عزة
هو أبو صخركُثيِّر بن عبد الرحمن بن الأسود بن عامر الخزاعى،
أحد عشاق العرب المشهورين، وشاعر مُتَيَّم مشهور، وكُثيِّر
تصغير كَثِير، وإنما صُغِّر لأنه كان شديد القصر. وكُثيِّر صاحب
عزة بنت جميل بن حفص الضمرية، وله معها حكايات ونوادر
مشهورة وأكثر شعره فيها، وبها عُرف. وتُوفِّى كُثيِّر بالمدينة
سنة (105 هـ = 723 م).(10/449)
*أم كلثوم بنت على بن أبى طالب
هى ابنة على بن أبى طالب، أمها فاطمة بنت النبى - صلى الله عليه وسلم -، وُلِدت
سنة (6 هـ) تقريبًا، رأت النبى - صلى الله عليه وسلم - ولم ترو عنه شيئًا، خطبها عمر بن
الخطاب، وتزوجها وهى صغيرة، وأصدقها (40) ألف درهم،
فولدت له زيدًا، وقيل: ولدت له رقية أيضًا. وبعد وفاة عمر بن
الخطاب تزوجها عون بن جعفر بن أبى طالب، ثم محمد بن جعفر،
ثم عبد الله بن جعفر، وماتت بعد وفاة ابنها زيد مقتولا فى بداية
عهد معاوية بن ابى سفيان، وصلى عليها سعيد بن العاص أمير
المدينة.(10/450)
*القاضى عياض
هو أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض بن عمرون، أحد أئمة
الحديث والفقه فى القرن السادس الهجرى. ولد بسبتة سنة
(476هـ = 1083م) وبها نشأ وتعلم، ثم رحل إلى الأندلس سنة
(507هـ) لطلب العلم من كبار علمائها، ثم عاد إلى سبتة، وتولى
قضاءها سنة (515هـ)، ولما ذاع صيته فى القضاء ولاه ابن
تاشفين قضاء غرناطة، لكنه أقيل من منصبه بسبب الوشايات،
فرجع إلى سبتة، وتولى قضاءها ثانية سنة (539هـ) وقصده
طلاب العلم لواسع معرفته. ألَّف القاضى عياض عددًا من
المصنفات، أهمها: الشفا بتعريف حقوق المصطفى، وترتيب
المدارك وتقريب المسالك، والإكمال فى شرح كتاب مسلم
ومشارق الأنوار. وتُوفِّى القاضى عياض سنة (544هـ = 1149م)
بمراكش ودُفِن بها.(10/451)
*أبو حمزة الخارجى
هو المختار بن عوف بن سليمان الأزدى، أحد زعماء الخوارج
إبَّان العصر الأموى. وُلِد بالبصرة، واعتنق مذهب الإباضية، وبرز
اسمه بعد مقتل الضحاك بن قيس الخارجى سنة (128هـ). وكان
أبو حمزة يحج إلى مكة كل عام، ويثير المسلمين على مروان بن
محمد آخر خلفاء بنى أمية، ويحثهم على قتاله، وبايع عبد الله
بن يحيى المعروف بطالب الحق على الخلافة، ثم خرج فى جمع
من أتباعه والتقى جيش عبد الواحد بن سليمان أمير الحجاز،
وألحق به هزيمة شديدة، ودخل على إثرها المدينة سنة (130هـ)،
وأحسن السيرة فى أهلها، ثم سار يريد الشام، لكنه هُزم عند
وادى القرى، وقُتل فى المعركة. وكانت هذه الثورة هى آخر
ثورات الخوارج فى عصر الدولة الأموية.(10/452)
*البخارى
هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن بردزبه
البخارى الجعفى أحد أئمة الحديث الكبار وصاحب الجامع
الصحيح المعروف باسم صحيح البخارى. وُلِد البخارى سنة
(194هـ = 810م) فى بخارى، وبدأ فى طلب العلم مبكراً، ساعده
على ذلك حافظته القوية التى لا يَنِدُّ عنها شئ، ثم رحل فى طلب
الحديث رحلات طويلة إلى بلخ وينسابور والرى وبغداد
والبصرة والكوفة ومكة والمدينة، ودمشق وقيسارة وغيرها.
اشتهر البخارى بالدقة المتناهية فى قبول الرواية، إذ اشترط
فى الراوى شرطين: معاصرته لمن يروى عنه، وسماعه لما
يروى. صنف البخارى ما يزيد على عشرين مصنفًا، منها: الجامع
الصحيح، وهو المعروف بصحيح البخارى وقد طبع الكتاب
مستقلاًّ عدة مرات، كما طبع مع شروحه مثل: فتح البارى لابن
حجر العسقلانى، وإرشاد السارى للقسطلانى. والأدب المفرد
والتاريخ الكبير، والتاريخ الصغير، والقراءة خلف الإمام،
والتفسير الكبير. وتُوفِّى البخارى ليلة عيد الفطر من سنة (256هـ
= 870م) ودُفن فى قرية خواجة صاحب على بعد (30) كم من
سمرقند.(10/453)
*خاير بك
هو خاير بن بلباى الجركسى، أول حاكم على مصر من قبل
الدولة العثمانية. بدأ حياته مملوكًا تابعًا للسلطان قايتباى، وظل
يتدرج فى المناصب، حتى أوفده السلطان الناصر محمد سنة (
903هـ = 1497م) مبعوثًا إلى السلطان العثمانى بايزيد، ثم عمل
حاجبًا للسلطان الغورى، ثم ولاًَه الشام، ثم نيابة حلب سنة
(920هـ). وعندما بدأ الفتح العثمانى لمصر انضمَّ خايربك سرًّا
إلى العثمانيين، فكان ذلك من الأسباب التى أدت إلى هزيمة
المماليك فى معركة مرج دابق ومهدت الطريق للاستيلاء على
مصر. ولما تم للسلطان سليم فتح مصر سنة (923هـ) عين خايربك
واليًا على مصر، وأطلق عليه اسم ملك الأمراء. واستمر خايربك
واليًا على مصر حتى توفِّى سنة (928هـ = 1521م).(10/454)
*سعيد بن جبير
هو أبو عبد الله سعيد بن جبير بن هشام، أحد كبار التابعين. ولد
سنة (45هـ = 665م) وعاش بالكوفة، وأخذ الفقه والحديث
والتفسير عن ابن عباس وابن عمر وغيرهما. وعندما ولَّى
الحجاج أبا بردة بن أبى موسى الأشعرى قضاء الكوفة أمره
ألاَّ يقطع أمرًا دون أن يستفتى سعيدًا، ومازال الحجاج يعرف له
قدره ومكانته حتى جعله على نفقة الجند. ولما خلع ابن الأشعث
طاعة الحجاج وخرج على الدولة الأموية كان سعيد ممن خرجوا
معه وخلع طاعة الحجاج، وبعد معركة دير الجماجم التى انهزم
فيها ابن الأشعث فرَّ سعيد إلى مكة سنة (83هـ) واختبأ بها.
وفى عام (94هـ) قبض عليه والى مكة خالد القسرى، وأرسل به
إلى الحجاج فقام بقتله.(10/455)
*ممتاز محل
معناها زينة القصر، وهى أرجمند بانوبكم زوجة الإمبراطور شاه
جهان، وابنة وزيره آصف خان، تزوج بها الإمبراطور وهي فى
سن الحادية والعشرين، فأنجبت له أربعة عشر طفلا فى ثمانية
عشر عامًا، ثم قضت نحبها فى سن التاسعة والثلاثين، وهى تلد
آخر هؤلاء الأبناء، ببلدة برهان بور عام (1041 هـ = 1631 م)،
وقد شيد الإمبراطور شاه جهان ضريحًا تذكاريًّا بالقرب من مدينة
آجرا بالهند، يعرف بتاج محل، أقامه تخليدًا لذكراها، وهو تحفة
معمارية رائعة، وقد بدئ العمل فى تشييد هذا الضريح فى
(1041 هـ = 1631 م) وانتُهى منه فى (1058هـ = 1648 م) وقد
عمل فى بنائه عشرون ألف عامل بدون انقطاع.(10/456)
*المفضل الضبى
هو المفضل بن محمد بن يعلى بن عامر الضبى، أبو العباس:
راوية، أديب، نحوى، لغوى، عالم بالشعر وأيام العرب، من
أوثق من روى الشعر من أهل الكوفة، خرج على المنصور
العباسى فظفر به وعفا عنه، ولزم المهدى وصنف له كتاب
المفضليات. أخذ عنه أبو عبد الله الأعرابى وأبو زيد الأنصارى
وخلف الأحمر وغيرهم، وكان ثقة ثبتًا، له العديد من المصنفات،
منها: الأمثال والألفاظ والعروض والمفضليات. وتوفَّى المفضل
الضبى سنة (168 هـ = 784 م).(10/457)
*سفيان الثورى
هو أبو عبد الله، سفيان بن سعيد بن مسروق الثورى، من بنى
ثور بن عبد مناة، من مضر، ولد سنة (97 هـ = 716 م)، وكان
أمير المؤمنين فى الحديث، وإمام الحفَّاظ، وسيد العلماء العاملين
فى زمانه، ولد ونشأ بالكوفة، وطلب العلم وهو حدث باعتناء
والده، أخذ العلم عن نحو ستمائة شيخ، وأخذ عنه نحو من ألف
نفس، روى له أصحاب السند الستة، كان يُستَفتَى وهو لم يزل
صبيًَّا بفضل ذكائه وفطنته، عرف بالزهد والتقوى والورع وكثرة
ذكر الموت، كتب إليه الخليفة المهدى عهدًا بقضاء الكوفة ودفعه
إليه، فأخذه، ولما خرج من عنده قذفه فى دجلة وهرب، فطُلِب
فى كل بلد فلم يعثر عليه، وظل مستخفيا حتى مات بالبصرة
سنة (161 هـ = 778 م). من مصنفاته: الجامع الكبير والجامع
الصغير، وكلاهما فى الحديث، وكتاب فى الفرائض.(10/458)
*الحسن بن الصباح
الحسن بن الصباح بن على الإسماعيلى، صاحب الدعوة النزارية،
وجد أصحاب قلعة الموت، ومن كبار الزنادقة ودهاة العالم، ومن
أعيان الباطنية فى عهد ملكشاه السلجوقى، ثم كان مقدم
الإسماعيلية بأصفهان، أصله من مرو، وقيل يمانى من حمير،
ومولده فى مرو سنة (428 هـ = 1037 م)، تتلمذ لأحمد بن عطاش (
من أعيان الباطنية) ورحل إلى أصبهان ومصر، وأكرمه
المستنصر الفاطمى وعاد إلى الجزيرة والشام وبلاد الروم ورجع
إلى خراسان ودخل كاشغر وماوراء النهر؛ داعيا للمستنصر،
ودخل قلعة الموت وطرد صاحبها وضم إليها عدة قلاع، واعتد
الاغتيال السياسى وسيلة للتخلص من أعداء طائفته، وكان أول
من قتله رجاله هو الوزير نظام الملك، رائد البعث الإسلامى فى
القرن (5 هـ = 11 م). وقد كان الحسن بن الصباح داهية شجاعًا،
عالمًا بالهندسة والحساب والسحر، وكانت له آثاره الفكرية فى
علم الكلام، وقد أجلَّه الإسماعيلية النزارية، وساروا على نهجه.
وكانت وفاته فى سنة (518 هـ = 1124 م).(10/459)
*الحسن القرمطي
الحسن بن الصباح بن على الإسماعيلى، صاحب الدعوة النزارية،
وجد أصحاب قلعة الموت، ومن كبار الزنادقة ودهاة العالم، ومن
أعيان الباطنية فى عهد ملكشاه السلجوقى، ثم كان مقدم
الإسماعيلية بأصفهان، أصله من مرو، وقيل يمانى من حمير،
ومولده فى مرو سنة (428 هـ = 1037 م)، تتلمذ لأحمد بن عطاش (
من أعيان الباطنية) ورحل إلى أصبهان ومصر، وأكرمه
المستنصر الفاطمى وعاد إلى الجزيرة والشام وبلاد الروم ورجع
إلى خراسان ودخل كاشغر وماوراء النهر؛ داعيا للمستنصر،
ودخل قلعة الموت وطرد صاحبها وضم إليها عدة قلاع، واعتبر
الاغتيال السياسى وسيلة للتخلص من أعداء إسماعيليته، وكان
أول من قتله رجاله هو الوزير نظام الملك، رائد البعث الإسلامى
فى القرن (5 هـ = 11 م). وقد كان الحسن بن الصباح داهية
شجاعًا، عالمًا بالهندسة والحساب والسحر، وكانت له آثاره
الفكرية فى علم الكلام، وقد أجلَّه الإسماعيلية النزارية، وساروا
على نهجه. وكانت وفاته فى سنة (518 هـ = 1124 م).(10/460)
*ابن الجوزى (أبو المحاسن)
هو محيى الدين يوسف بن عبد الرحمن بن على بن الجوزى أبو
المحاسن، فقيه حنبلى وواعظ، والده أبو الفرج بن الجوزى
ووالدته خاتون بنت عبد الله، ينتهى نسبه عند أبى بكر الصديق.
وُلد سنة (580 هـ = 1185 م) فى بغداد فى بيت علم فتلقى عن
والده الذى برع فى علوم شتى وقرأ القرآن وحفظه بالقراءات
العشر على ابن الباقلانى وتتلمذ لأشهر علماء عصره، مثل أبى
القاسم الخفاف ويحيى بن سعد وأبى الفرج بن عبد الوهاب
الحرانى وابن سكينة. مات أبوه ولم يبلغ السابعة عشرة من
عمره فكفلته والدة الخليفة (أحمد بن المتوكل) وورث فن الوعظ
عن والده وظل نابغًا حتى قُلِّدَ الحسبة، وكان عمره (23) سنة،
إلا أنه صرف عنها، ثم أعيد إليها حتى عزل، وكان مشهورا
بالعقل وحسن التدبير، لذا أُرسل فى سفارات من لدن دار الخلافة
إلى عدد من الممالك مثل الروم ومصر ودمشق، وكان محبًّا للعلم
فأنشأ المدارس وأوقف لها أملاكا، انتدب للتدريس فى أرقى
أكاديمية علمية فى العصور الوسطى وهى المدرسة
المستنصرية، وكان الخليفة المستنصر يحضر لسماعه من خلف
شباك، ثم اختير لمنصب أستاذ دار الخلافة. أما تلاميذه فلا حصر
لهم وأشهرهم أولاده الثلاثة (عبد الرحمن وعبد الله وعبد الكريم).
قال عنه ابن رجب الحنبلى: اشتغل بالفقه والخلاف والأصول
وبرع فى ذلك وكان أمهر فيه من أبيه. وأهم مؤلفاته: معدن
الإبريز فى تفسير الكتاب العزيز، والإيضاح لقوانين الإصلاح فى
الجدل والمناظرة، والمختار من أخبار المختار - صلى الله عليه
وسلم -، واستشهد محيى الدين هو وأولاده الثلاثة على يد التتار
فى صفر سنة (656 هـ = 1258 م).(10/461)
*جرير بن عطية
هو أبو حزرة جرير بن عطية بن حذيفة الخطفى بن بدر بن سلمة
الكلبى اليربوعى من تميم، أمه أم قيس بنت سعد الكلبية
اليربوعية. وُلد باليمامة سنة (28 هـ = 640 م) لسبعة أشهر فعيره
الفرزدق بذلك. اتفقت العرب على أن أشعر أهل الإسلام ثلاثة:
جرير والفرزدق والأخطل، وكان جرير أكثرهم معرفة لفنون
الشعر، وأسهلهم ألفاظًا، وأقلهم تكلفًا، وكان ديِّنًا عفيفًا، عاش
يناضل شعراء زمنه، ومع ذلك فكان هجَّاءً مرًّا فى شعره: إذ
بينه وبين الفرزدق مهاجاة ونقائض، وقال عن الأخطل: إنه
ليهجونى معه خمسون شاعرًا. ولما مات الفرزدق سنة (110 هـ =
728 م) وبلغ خبره جريرًا بكى وقال: أما والله إنى لأعلم أنى
قليل البقاء بعده ... وقلَّما مات ضد أو صديق إلا وتبعه صاحبه
وقد كان. وتوفىَّ باليمامة سنة (110 هـ = 728م) وجمعت
نقائضه مع الفرزدق فى ثلاثة أجزاء وديوان شعره فى جزأين.(10/462)
*ابن الجوزى (أبو الفرج (
هو أبو الفرج عبد الرحمن بن على بن محمد بن على الجوزى،
فقيه حنبلى وواعظ ومفسر، ينتهى نسبه عند الخليفة الأول أبى
بكر الصديق، رضى الله عنه، عرف جدهم بالجوزى لجوزة كانت
فى داره بواسط وقيل لتجارته فى الجوز، وعرف أيضا بالصفار
لتجارة أسرته فى النحاس، ولد فى بغداد، وتاريخ ميلاده غير
معروف على وجه الدقة، مات أبوه وعمره ثلاث سنوات وتولت
عمته تربيته، ثم حفظ القرآن على يد خاله وسمع منه الحديث
قرابة ثلاثين عامًا، وكان شغوفًا بالعلم، واشتغل بفنونه كلها،
ونشأ فى بغداد فأخذ عن أحمد بن أحمد المتوكل وأحمد بن
على البناء وابن الطبر الحريرى، وأخذ القراءات عن أحمد بن
الحسين وأبى منصور بن خيرون، وجلس إلى إبراهيم بن دينار
وأخذ اللغة عن الجواليقى والفقه عن أحمد بن محمد الدينورى
وأبى الحسن الزاغونى وغيرهم حتى إنه تلقى عن ثلاث من
النساء. وجلس للوعظ وهو دون العشرين، وكان يحضر مجلسه
آلاف، يستعدون لدرس العصر منذ الضحى، فيهم الخلفاء والوزراء
من وراء ستار، وكان ذكيّا حاد الذكاء، محبّا للخلوة، ناصحا
للخلفاء، يكره أدعياء التصوف ومخالفى الشريعة، لم يسلم من
الطعن والتجريح حتى سجن وأُوذى، وكان قد تجاوز الثمانين،
فصبر واحتسب، وكان محافظًا على وقته، كثير التأليف، يؤلف
الكتاب ولا يرجع إليه لتنقيحه بل يشتغل بغيره. ومن مؤلفاته:
المغنى، وزاد المسير فى علم التفسير، وتذكرة الأريب فى
تفسير الغريب، ومنهاج الوصول إلى علم الأصول، والمنتظم فى
تاريخ الأمم والملوك، والإنصاف فى رسائل الخلاف، والمنفعة
فى المذاهب الأربعة، وبحر الدموع، وصفة الصفوة، وتلبيس
إبليس، وصيد الخاطر، والوفا بأخبار المصطفى، ومؤلفات كثيرة
أخرى. وأبرز تلاميذه ابنه محيى الدين يوسف وسبطه شمس
الدين يوسف. قال عنه الذهبى: ما رأيت أحدًا من العلماء صنّف ما
صنّف هذا الرجل. وتوفىَّ يوم الجمعة 12 من رمضان سنة (597 هـ(10/463)
= 1201 م) عن عمر يناهز (87) عامًا وكانت جنازته مهيبة حضرها
الآلاف.(10/464)
*مقاتل بن سليمان
هو مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدى، الخراسانى، أبو الحسن
البلخى، صاحب التفسير، أصله من بلخ، انتقل إلى البصرة،
ودخل بغداد فحدّث بها. قال عنه ابن عدى: عامة حديثه لايتابع
عليه، على أن كثيراً من الثقات والمعروفين قد حدث عنه، ومع
ضعفه يكتب حديثه، وقال ابن حبان كان يأخذ عن اليهود
والنصارى علم القرآن الذى يوافق كتبهم. من مصنفاته: التفسير
الكبير، ونوادر التفسير، والرد على القدرية، ومتشابه القرآن،
والناسخ والمنسوخ، والقراءات، والوجوه والنظائر. تُوفى مقاتل
بالبصرة سنة (150 هـ = 767 م).(10/465)
*الحصين بن نمير
هو الحصين بن نمير بن فاتك، أبو عبد الرحمن، الكندى، ثم
السكونى: قائد أموى من أهل حمص. روى عن بلال، وروى عنه
ابنه يزيد، كان بدمشق حين عزم معاوية على الخروج إلى
صفين، وخرج معه. وولى الصافية ليزيد بن معاوية، وكان أميرًا
على جند حمص. وكان فى الجيش الذى وجهه يزيد إلى المدينة
لقتال أهل الحرة، وأمر مسلم بن عتبة أن يخلفه الحصين بن نمير
على الجيش إن نزل به الموت، فمات مسلم بين مكة والمدينة،
فحاصر عبد الله بن الزبير بمكة، ورمى الكعبة بالمنجنيق،
وجاءه خبر موت يزيد بن معاوية، فأخذ الأمان من ابن الزبير،
ودخل الحرم، ثم رحل إلى الشام. وقوم حصين السَّكون خرجت
منهم فتن كثيرة؛ فقد كان منهم من غزا عثمان، ومنهم قاتله
سودان بن حمران، ومنهم ابن ملجم قاتل على. وقد قتل حصين
عام الخازر سنة (67 هـ = 686 م) مع عبيد الله بن زياد، قتلهما
إبراهيم بن الأشتر.(10/466)
*الأحنف بن قيس
هو الضحاك بن قيس بن معاوية بن حصين المرى السعدى، أبو
بحر، أحد كبار التابعين وواحد من حكماء العرب وخطبائهم،
ولقب بالأحنف لحنف كان برجله: أى اعوجاج. ولد فى البصرة
سنة (3 ق. هـ = 69 م). لم ينل شرف صحبة النبى - صلى الله عليه وسلم - ولا رؤيته،
ولكن النبى - صلى الله عليه وسلم - دعا له بالخير حين أرسل النبى - صلى الله عليه وسلم - رجلاً إلى بنى سعد
رهط الأحنف يعرض عليهم الإسلام، فقال الأحنف لقومه: إنه يدعو
إلى الخير ويأمر بالخير وحين بلغ النبى - صلى الله عليه وسلم - ذلك قال لهم: اللهم اغفر
للأحنف. شارك الأحنف فى الفتوحات الإسلامية لبلاد فارس؛ حيث
شهد فتح الأهواز ومناذر ونهر تيرى سنة (17 هـ = 638 م)، وقد
أخذ الخليفة عمر بن الخطاب برأى الأحنف فى انسياح المسلمين
فى بلاد فارس وفتحها. وفى سنة (22 هـ = 664 م) غزا الأحنف
بلاد خراسان، وتمكن من فتح هراة عنوة، ثم دخل مرو
الشاهجان فاتحًا، ثم هزم يزدجرد - ملك الفرس - فى بلخ، وبذلك
بسط نفوذه على خراسان، وفى عهد عثمان بن عفان اشترك
الأحنف فى إعادة فتح خراسان سنة (31 هـ = 651 م). وحين
نشبت الفتنة بعد مقتل عثمان بن عفان، اعتزل الأحنف الناس ولم
يشترك فى موقعة الجمل سنة (36 هـ = 656 م)، إلا أنه اشترك
مع على بن أبى طالب فى معركة صفين، وكان الأحنف موضع
تقدير خلفاء الدولة الأموية وإجلالهم، وقد اشترك فى قتال
المختار الثقفى سنة (67 هـ = 686 م). وكان الأحنف من
المشهورين بالحلم والأناة حتى صار يُضرب به المثل أحلم من
الأحنف. وتوفى الأحنف بالكوفة سنة (67 هـ = 686 م)، وقيل
سنة (72 هـ = 691 م).(10/467)
*أبو إسحاق المروزى
هو أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن إسحاق المروزى. أحد أئمة
الفقهاء الشافعية، وإمام عصره فى الفتوى والتدريس فى القرن
(4 هـ = 10 م)، وإليه ينسب درب المروزى ببغداد. ولد فى مرو (
قصبة خراسان)، ونشأ فى بغداد، وتلقى تعليمه فيها فتفتق عن
عقل راجح، وبصيرة ثاقبة، وأخذ الفقه عن أبى العباس بن
سُريج وقيل: شريح، فبرع فيه، ولم يلبث أن آلت إليه رياسة
الشافعية بالعراق بعد وفاة ابن سريج. وأثنى عليه علماء
عصره ومن بعدهم؛ حيث كان إمامًا جليلاً، غواصًا على المعانى،
ورعًا، زاهدًا، وقد انتشر الفقه عن أصحابه فى مختلف البلاد،
فقيل: خرج من مجلسه إلى البلاد سبعون إمامًا ينشرون العلم.
انتقل فى آخر حياته إلى مصر وأقام بها، وعرفت له عدة
مصنفات، فشرح مختصر المزنى شرحين، وصنف فى أصول
الفقه والشروط. وتوفى المروزى فى مصر سنة (340 هـ = 951
م).(10/468)
*أسد الدين شيركوه
هو أسد الدين شيركوه بن شاذى بن مروان، من أسرة الأيوبيين
الأكراد المشهورة، وأول من ولى مصر منهم، يلقب بالملك
المنصور، ويعرف فى التاريخ باسم المنصور شيركوه ولفظة
شيركوه لفظة فارسية معناها: أسد الجبل. ولد فى قرية دُوين
(بلدة من إقليم أذربيجان)، وأصله من قبيلة الروادية، إحدى
قبائل الأكراد، ونشأ بقلعة تكريت (قلعة حصينة فى غربى نهر
دجلة ببغداد)؛ حيث كان أبوه نقيباً عليها، ثم انتقل إلى الموصل
ودخل هو وأخوه نجم الدين أيوب فى طاعة عماد الدين زنكى
فشملهما بعطفه ورعايته. وبعد وفاة عماد الدين زنكى تولى
نور الدين محمود الأمر من بعده، وحظى أسد الدين وأخوه نجم
الدين عنده بمنزلة رفيعة ومكانة عالية، فاشتركا معه فى قتال
الصليبيين، فأظهر أسد الدين براعة وشجاعة، دفعت نور الدين
إلى تقريبه إليه، وجعله أكبر قواد جيشه، واستعان به فى كثير
من المهام العسكرية الخطيرة وبخاصة فى مصر، وواجه
الصليبيين فيها أكثر من مرة، وردهم على أعقابهم، ولم يلبث
الخليفة الفاطمى العاضد بالله أن أعجب به فالتقاه سرًا وطلب
منه الخليفة أن يقتل وزيره شاور؛ لأنه سبب الفساد وكثير
الموالاة للصليبيين وهو الذى استدعاهم إلى مصر، فقتله أسد
الدين وأرسل برأسه إلى الخليفة الذى لم يلبث أن أسند إليه
الوزارة، ولقبه بالملك المنصور، وكتب للناس منشورًا بذلك. ولكن
لم يمكث أسد الدين فى الوزارة طويلاً؛ إذ وافته المنية بعد أشهر
قليلة فى (جمادى الآخرة 564 هـ = مارس 1169 م) بعد أن عهد
بالوزارة إلى ابن أخيه صلاح الدين الأيوبى.(10/469)
*شيركوه بن شادى
هو أسد الدين شيركوه بن شاذى بن مروان، من أسرة الأيوبيين
الأكراد المشهورة، وأول من ولى مصر منهم، يلقب بالملك
المنصور، ويعرف فى التاريخ باسم المنصور شيركوه ولفظة
شيركوه لفظة فارسية معناها: أسد الجبل. ولد فى قرية دُوين
(بلدة من إقليم أذربيجان)، وأصله من قبيلة الروادية، إحدى
قبائل الأكراد، ونشأ بقلعة تكريت (قلعة حصينة فى غربى نهر
دجلة ببغداد)؛ حيث كان أبوه نقيباً عليها، ثم انتقل إلى الموصل
ودخل هو وأخوه نجم الدين أيوب فى طاعة عماد الدين زنكى
فشملهما بعطفه ورعايته. وبعد وفاة عماد الدين زنكى تولى
نور الدين محمود الأمر من بعده، وحظى أسد الدين وأخوه نجم
الدين عنده بمنزلة رفيعة ومكانة عالية، فاشتركا معه فى قتال
الصليبيين، فأظهر أسد الدين براعة وشجاعة، دفعت نور الدين
إلى تقريبه إليه، وجعله أكبر قواد جيشه، واستعان به فى كثير
من المهام العسكرية الخطيرة وبخاصة فى مصر، وواجه
الصليبيين فيها أكثر من مرة، وردهم على أعقابهم، ولم يلبث
الخليفة الفاطمى العاضد بالله أن أعجب به فالتقاه سرًا وطلب
منه الخليفة أن يقتل وزيره شاور؛ لأنه سبب الفساد وكثير
الموالاة للصليبيين وهو الذى استدعاهم إلى مصر، فقتله أسد
الدين وأرسل برأسه إلى الخليفة الذى لم يلبث أن أسند إليه
الوزارة، ولقبه بالملك المنصور، وكتب للناس منشورًا بذلك. ولكن
لم يمكث أسد الدين فى الوزارة طويلاً؛ إذ وافته المنية بعد أشهر
قليلة فى (جمادى الآخرة 564 هـ = مارس 1169 م) بعد أن عهد
بالوزارة إلى ابن أخيه صلاح الدين الأيوبى.(10/470)
*أسد بن الفرات
هو أبو عبد الله أسد بن الفرات بن سنان الحَرّانى، قاضى
القيروان، وأحد أئمة الفقه المالكى، وواحد من القادة المسلمين
الفاتحين البارزين فى القرن (3 هـ = 9 م). ولد بحران سنة (142
هـ = 759 م)، وقيل: إن أصله من نيسابور (فى إيران حاليًّا)
وقدم القيروان مع أبيه وهو صغير، فتلقى دراسته الأولى فيها،
ورحل مع أبيه إلى تونس، ولزم الفقيه المعروف على بن زياد.
بدأ رحلته العلمية إلى المشرق سنة (172 هـ = 788 م). فنزل
المدينة، وأخذ عن عالمها الشهير الإمام مالك بن أنس، رضى الله
عنه، موطأه، ثم رحل إلى العراق وأخذ وروى عن عدد كبير من
علمائها، مثل أبى يوسف ومحمد بن الحسن الشيبانى صاحبى
أبى حنيفة، رضى الله عنه، ثم نزل مصر ولزم الفقيه المالكى
عبد الرحمن بن قاسم وجمع أجوبته عن الأسئلة التى وجهها إليه
فى الفقه فى كتاب عُرف بالأسدية. قدم القيروان سنة (181 هـ =
797 م) فسمع منه علماؤها، وأشركه واليها زيادة الله بن
إبراهيم بن الأغلب فى قضائها مع أبى محرز محمد سنة (203 هـ
= 818 م)، ثم لم يلبث أن ولاه قيادة الجيش المتجه إلى صقلية
لفتحها وطرد البيزنطيين منها وإعادتها إلى ديار الإسلام، فأتم
أسد مهمته بنجاح منقطع النظير سنة (212 هـ = 827 م)، وحاول
فتح سرقوسة فحاصرها عامًا كاملاً، ولكنه لم يتمكن من فتحها؛
إذ وافته المنية أثناء الحصار، فتوفِّى سنة (213 هـ = 828 م).(10/471)
*الإسكندر الأكبر
هو الإسكندر الثالث بن فيليب المقدونى ملك مقدونيا، إحدى
دويلات بلاد اليونان، وأحد رجال الحرب البارزين فى التاريخ
القديم. ولد فى العقد السادس من القرن الرابع قبل الميلاد تقريبًا،
وتلقى تعليمه على يد الفيلسوف الشهير أرسطو، وآل إليه عرش
مقدونيا سنة (336 ق. م) وهو فى العشرين من عمره، فأظهر
براعة فى الحكم، ودانت له معظم الدويلات اليونانية، وطال
صراعه مع الإمبراطورية الفارسية، أملاً فى القضاء عليها، لثأر
قديم بينها وبين الإمبراطورية اليونانية، وتعددت المعارك بينهما
مثل معركة جراتيكوس وأسوس، وجاو جميلاً، إلى أن تمكّن
الإسكندر من دخول العاصمة سوسة سنة (331 ق. م)، معلناً بذلك
سقوط الإمبراطورية الفارسية. وكان الإسكندر طموحًا كثير
المعارك، استطاع أن يصنع لنفسه أكبر إمبراطورية عرفها
التاريخ، فاستولى فى اتجاه الشرق على صور وغزة، ودخل
مصر، فأحاطت به دعاية بنوته لآمون، أحد الآلهة التى عبدها
المصريون قديمًا، ونجحت هذه الدعاية بتشجيع منه، فأكسبته
قداسة وسط جماهير الشعب، فحمل لقبًا فرعونيًّا، وأعلن
الكهنة أنه ابن الإله، ونقشت صورته على العملات مزينة بقرنى
كبش آمون المقدس، ولذلك لقبه بعض مؤرخى العرب بلقب
الإسكندر ذى القرنين. وفى سنة (331 ق. م) ترك مصر واتجه
إلى بابل، ثم واصل جهوده الحربية، فوصل إلى شواطئ بحر
قزوين، واستولى على أفغانستان وبلاد ما وراء النهر وسمرقند
الحالية، ووصل إلى الهند، وأصابه جنون العظمة لاتساع ملكه
وكثرة انتصاراته، فكان يقتل أعوانه لأقل شبهة، ولم يلبث
جنوده أن أعلنوا تمردهم وتذمرهم، نتيجة للجهود الحربية
المضنية والمعارك الكثيرة التى خاضوها، وطالبوا بالعودة إلى
بلادهم، فوافق على ذلك، وأثناء العودة أصيب بالحمى عند
بابل، ومات فجأة سنة (323 ق. م) وهو فى عامه الثالث
والثلاثين، وبعد أن أقام أكبر إمبراطورية عرفها التاريخ.(10/472)
*إسحاق الموصلى
هو أبو محمد إسحاق بن إبراهيم بن ميمون وقيل: هو ماهان بن
بهمن بن نسك التميمى، من أشهر المغنين الذين صاحبوا الخلفاء
العباسيين فى القرن (3 هـ = 9 م). ولد سنة (155 هـ = 772 م)
لأب ترجع أصوله إلى الفرس، ونشأ فى كنفه؛ حيث كان مقربًا
من الخلفاء لبراعته فى الغناء. اجتهد إسحاق فى طلب العلم،
فروى الحديث عن أعلامه آنذاك، وأخذ الأدب عن الأصمعى
المتوفىِّ سنة (216 هـ = 831 م)، وبرع فى اللغة، فشهد له أهل
البادية بالفصاحة والعلم باللغة. وقد اعتلى إسحاق قمة الغناء
فى عهود ستة من الخلفاء العباسيين، وهم الرشيد، والأمين،
والمأمون والمعتصم والواثق، والمتوكل، وقيل: إنه أول من ضبط
الأوزان وصحح الأجناس التى تبنى عليها مقامات الموسيقى
العربية، وميّز طرائقها، وكان لا يأخذ الموسيقى ارتجالاً كعادة
أمثاله فى ذلك العصر، وإنما أخذها باعتبارها علمًا له قواعد
وأصول. وتشير الدراسات الحديثة إلى أن هناك احتمالاً قويًّا أن
يكون إسحاق قد توصل إلى طريقة الكتابة الموسيقية (النوتة
الموسيقية)، ولكنها لم تصل إلينا. وعُرف بالشعر، فكان شاعرًا
مجيدًا، وروى عنه عدد من التلاميذ، وله عدد من المؤلفات، منها
كتاب أغانيه التى غنى بها، وكتاب أخبار المغنين المكيين،
وكتاب الاختيار الذى صنفه للخليفة العباسى الواثق. توفى
إسحاق الموصلى سنة (235 هـ = 850 م) فى خلافة المتوكل
على الله العباسى.(10/473)
*المقدسى
هو شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبى بكر،
المعروف بالبناء، وبالبشارى، وبالشامى، وبالمقدسى. ولد سنة
(335هـ = 946 م) ومهَّدت له وشائج النسب والقربى وحدها تعرُّف
نصف رقعة العالم الإسلامى، ودفعه ولعه بالأسفار إلى التجوال
فى أنحاء العالم حتى صنف كتابه الجغرافى الضخم: أحسن
التقاسيم فى معرفة الأقاليم وكان يتنكر فى رحلاته ويغيِّر اسمه
ليتمكَّن من الدخول فى الطوائف المختلفة ويدرسها عن قرب.
وهو رحالة دقيق التوصيف لما يرى، وناقد بصير لما يسمع،
ويَعده الجغرافيون أكبر جغرافى عرفته البشرية قاطبة. رسم
المقدسى خرائط مستقلة لكل قسم من الأقسام الأربعة التى قسم
إليها العالم الإسلامى، واستخدم فيها طرقا لتمثيل الظواهر
الجغرافية المختلفة. وتوفى سنة (390 هـ = 1000م).(10/474)
*أبو إسحاق الصابئ
هو إبراهيم بن هلال بن إبراهيم بن زهرون الحرانى، أبو إسحاق
الصابئ، نابغة كتّاب جيله. ولد سنة (313هـ = 925 م)، تقلّد
دواوين الرسائل والمظالم فى أيام المطيع لله العباسى، ثم معز
الدولة الديلمى، ثم ابنه عز الدولة بختيار الذى ما إن قُتل حتى
قبض عضد الدولة على الصابئ سنة (367هـ = 977 م) ثم أطلق
صمصام الدولة بن عضد الدولة سنة (371 هـ = 981 م) سراحه.
وكان صلباً فى دين الصابئة، وقد عرض عليه عز الدولة الوزارة
إن أسلم، فامتنع، وكان يحفظ القرآن ويشارك المسلمين صوم
رمضان. أحبه الصاحب بن عباد والشريف الرضى، وكان بينهم
مراسلات أدبية إخوانية. وقد مات على كفره ببغداد يوم الاثنين
أو الخميس (12 من شوال سنة 384 هـ = 30 من نوفمبر 993م) عن
(71) سنة.(10/475)
*أرسلان بن سلجوق
هو أرسلان بن سلجوق بن تقاق أو دقاق أو يقاق. هاجر أبوه
من تركيا إلى بخارى واعتنق الإسلام وخلَّف أولاداَ، وهم
ميكائيل، وموسى، وأرسلان المدعو إسرائيل أوييغو وكان
أقوى هؤلاء الأبناء، وساند على تكين ضد السلطان محمد
الغزنوى حتى أسر فى إحدى المعارك سنة (420 هـ = 1029 م)،
وتوفىِّ عام (427 هـ = 1035 م).(10/476)
*ألب أرسلان
هو أبو شجاع محمد بن جَفرِى بك داود بن ميكائيل بن سلجوق
التركى، عضد الدولة الملقب بألب أرسلان. ثانى سلاطين الدولة
السلجوقية التركية الإسلامية التى حكمت مساحة كبيرة من العالم
الإسلامى باسم الخلافة العباسية. ولد ألب أرسلان سنة (424هـ =
1032 م) وقيل سنة (420 هـ = 1028م)، ونشأ نشأة عسكرية
دينية. وكان والده حاكمًا على خراسان، فأسند إليه وهو فى
سن مبكرة قيادة الجيوش فأظهر شجاعة نادرة وانتصر فى
المعارك التى دخلها. ولما مات أبوه نحو سنة (451هـ = 1059م)
تولى ألب أرسلان إمارة خراسان مكان أبيه. وبعد موت عمه
السلطان طغرلبك بايع أمراؤه ألب أرسلان بالسلطنة، وقلده
الخليفة العباسى القائم بأمر الله السلطنة وضم إليه جميع أملاك
السلاجقة وذلك سنة (455 هـ = 1063 م). وقد واجه ألب أرسلان
عدة مشكلات داخلية تمثلت فى أقاربه الطامعين فى السلطنة،
وفى غيرهم، ولكنه تمكن من السيطرة عليهم جميعًا. أما
مشكلاته الخارجية فتمثلت فى الجانب الشرقى من إمارته وقد
استخدم فى حلها الحرب تارة والسلم والموادعة تارة أخرى،
وكانت هذه المشكلات من صاحب الكرج وخاقان بلاد ما وراء
النهر. وبعد توطيده الأمن فى الجانب الشرقى اتجه إلى الجانب
الغربى فضم مكة المكرمة إلى سلطانه سنة (462هـ= 1069 م)
وعظم سلطان ألب أرسلان وملك مصر والشام وخُطب له على
منابرهما. وخشيت الدولة البيزنطية على نفسها من وجود جار
قوى لها، فأعد الإمبراطور أرمانوس جيشًا قوامه (200000)
مقاتل لمحاربة ألب أرسلان. وخرج ألب أرسلان على رأس (15)
ألف مقاتل مسلم والتقى الجيشان عند ملاذكرد سنة (463 هـ =
1070م) فحصد جيش ألب أرسلان جنود الروم وأسر ملكهم،
ولأول مرة فى التاريخ يأسر حاكم مسلم إمبراطورًا بيزنطيًّا
فأحسن معاملته وأطلق سراحه. وكانت هذه المعركة الفاصلة
مقدمة الفتوحات الإسلامية فى آسيا الصغرى. وعرف ألب
أرسلان بشجاعته وفروسيته وحبه للجهاد ونصرة الإسلام(10/477)
واشتهر بالحزم والحكمة والعدل والكرم والرحمة واحترام العلماء.
ومات ألب أرسلان سنة (465 هـ = 1073م) فى إحدى حروبه
فى بلاد ماوراء النهر، ودفن بمرو عند قبر أبيه وعمه.(10/478)
*الأفشين
هو حيدر بن كاوس، من أشهر القادة الأتراك فى خلافة المعتصم
بالله العباسى. والأفشين لقب كان يطلق على ملوك أشروسنة
إحدى كور بلاد ماوراء النهر. كان أبوه حاكمًا على أشروسنة
ووقع خلاف بينهما فترك حيدر بلدته ورحل إلى بغداد وتقرب من
الخليفة العباسى المأمون وشجعه على غزو أشروسنة وسهل له
ذلك، ولما تم للمأمون فتحها ولاه عليها حاكمًا بعد أبيه. وبعد
موت المأمون وتولّى المعتصم الحكم قرَّب منه الأفشين واستعان
به فى كثير من حروبه وجعله من كبار قواده، حتى إنه ولاه
على جيش للقضاء على ثورة بابك الخرّمى التى استعصت على
جيش الخلافة منذ عهد المأمون، ونجح الأفشين فى القضاء على
تلك الحركة وأسر بابك الخرمى نفسه فى بغداد فأعجب
المعتصم بقدرة الأفشين وخلع عليه وشاحين مطرزين بالجواهر،
ومنحه وجنده 20 مليون درهم. وكان الأفشين أحد قواد الفرق
الثلاث فى جيش المعتصم فى فتح عمورية ببلاد الروم. بيد أن
الأفشين اتُّهم بعد ذلك بالتآمر ضد الخلافة فعزل من منصبه
وسجن وتوفى بالسجن سنة (226 هـ = 841 م).(10/479)
*الأعمش
هو أبو محمد سليمان بن مهران الأسدى الملقب بالأعمش لضعف
بصره، ويعد من صغار التابعين. ولد بقرية من قرى طبرستان
بشمال إيران تسمى أمُه وقيل ولد بالكوفة فى عاشوراء سنة
(61 هـ = 681 م). تعلم الأعمش بالكوفة فقرأ القرآن على يحيى
بن وثاب مقرئ العراق حتى صار أقرأ أهل الكوفة، وأخذ
الحديث عن أنس بن مالك الصحابى الجليل وقد رآه، كما روى
عن بعض التابعين مثل سعيد بن جبير ومجاهد وإبراهيم
النخعى. وبلغ الأعمش منزلة عالية فى الحديث فروى عنه أبو
حنيفة والأوزاعى ووكيع وسفيان بن عيينة. وله نحو 1300
حديث. واشتهر الأعمش بين الناس بالقناعة وعزة النفس
والشجاعة فى الحق، وكثرة ذكره للموت. وعرف بين أصحابه
ومعاصريه بظرفه وفكاهته. ومات الأعمش بالكوفة فى ربيع
الأول سنة (148 هـ = 765 م) وعمره يقارب ثمانين عامًا.(10/480)
*أحمد المنصور الذهبى
هو أحمد بن محمد بن عبد الله عبد الرحمن بن على السعدى
الملقب بالمنصور بالله، يعرف أيضًا بالذهبى. رابع سلاطين الدولة
السعدية بالمغرب الأقصى. ولد بمدينة فاس بالمغرب سنة (956هـ
= 1549 م) ونشأ محبًّا للعلم وأهله، متدينًا. تولى ولاية العهد
وقيادة الجيش فى عهد أخيه السلطان عبد الملك بن محمد
واشترك معه فى معركة وادى المخازن لقتال البرتغال، التى
انتهت بهزيمة البرتغاليين ومقتل ملكهم، وأثناء المعركة مات
أخوه السلطان عبد الملك فبويع أحمد بالسلطنة سنة (986 هـ =
1578 م). بدأ أحمد حكمه بالقضاء على الفتن الداخلية التى
نشبت بعد وفاة أخيه، أما فى سياسته الخارجية فقد تمكن من
ضم عدة مناطق إلى دولته مثل بلاد الصحراء تيكورارين، وتوات،
وبلاد السودان، وتمبكتو، وتمكن من هزيمة البرتغاليين سنة
(996 هـ = 1588 م) واستعاد مدينة سبتة من أيديهم. واتصف
أحمد المنصور بأنه كان سياسيًّا حاذقًا، محبًّا للفتح والجهاد،
وأقام علاقات طيبة مع الدول الأوربية توخى فيها مصلحة بلاده.
وترك أعمالاً معمارية كبيرة، منها المسجد الكبير بمراكش وقصر
البديع وحصنان فى ثغر العرائس ومات أحمد المنصور بمراكش
فى (ربيع الأول 1012 هـ = أغسطس 1603م) ودفن بقبور
الأشراف.(10/481)
*إسماعيل بن جعفر الصادق
هو إسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد بن على بن الحسين بن
على بن أبى طالب الملقب بإسماعيل الأعرج وإسماعيل الأمين.
تنسب إليه فرقة الإسماعيلية، إحدى فرق الشيعة الذين قالوا
بإمامته بعد أبيه. ولد إسماعيل سنة (110 هـ = 728 م) بالمدينة
المنورة لأبوين يمتد نسبهما إلى آل البيت رضوان الله
عليهم. وكان لإسماعيل عدد كبير من الإخوة منهم عبد الله
وموسى الكاظم المتوفى سنة (183هـ = 799 م) والذى تقول
بإمامته فرقة الإثنا عشرية الشيعية. وقد حدث بين أتباعه
وأتباع أخيه موسى الكاظم خلاف حول من أحق بالإمامة بعد
أبيه. وقيل إنه خلَّف من الأبناء محمدًا وعليًّا وفاطمة الذين
واجهوا اضطهادًا فى خلافة العباسيين فاضطروا إلى التخفى
والتنقل بين البلدان، فاستقر محمد بالرى وذهب أخوه علىّ إلى
بلاد المغرب وأخذ كل منهما ينشر دعاته بين الناس ليبشروا
بمبادئه حتى قويت الفرقة المناصرة لها، والتى اشتهرت باسم
الفاطميين، وقامت فى بلاد المغرب ثم فتحت مصر واستقرت بها
قرابة ثلاثة قرون فيما عرف باسم الدولة الفاطمية.(10/482)
*الأرطبون
الأرطبون لفظة معربة تطلق على الرجل الداهية البعيد النظر أو
المقدم فى الحرب. وأرطبون هو حاكم رومانى لمدينة بيت
المقدس إبان الفتح الإسلامى لها سنة (15 هـ = 636 م)، ولا يعرف
شىء عن حياته ونشأته الأولى، وكل ما يعرف عنه أنه بعد
ماهزم فى معركة أجنادين أمام المسلمين سنة (15 هـ = 636 م)
فر إلى مصر منضمًا إلى حكامها الرومان. ولما كان الفتح
الإسلامى لمصر سنة (20 هـ = 641 م) حارب الأرطبون ضد
المسلمين وقتل.(10/483)
*الأفضل بن بدر الجمالى
هو أبو القاسم أحمد بن بدر الجمالى الملقب بالملك الأفضل، أحد
كبار وزراء الدولة الفاطمية بمصر فى عهد كل من الخليفة
المستنصر بالله والمستعلى بالله والآمر بأحكام الله. ولد الأفضل
بمصر سنة (458 هـ = 1066 م). كان أبوه بدر الجمالى وزيرًا
للخليفة المستنصر بالله وبعد موت بدر الجمالى حل ابنه الأفضل
محله وبلغ منزلة رفيعة عند الخليفة ويتبين ذلك من الألقاب التى
لقب بها مثل السيد الأجل وأمير الجيوش وسيف الإسلام. وفى
فترة وزارته شهد المذهب الشيعى انقسامًا شديدًا حيث انقسم
الفاطميون إلى فرقتين: 1 - نزارية نسبة إلى نزار بن المستنصر.
2 - المستعلية وهم المعروفون بالبهرة حاليًّا فى اليمن والهند.
وشهدت وزارته أيضًا ضعف سلطان الفاطميين فى بلاد الشام
بسبب ظهور قوة الأتراك السلاجقة المسلمين السنيين، وازدياد
نفوذ الصليبيين واستيلائهم على كثير من بلدان الشام. وأهم تلك
الأحداث استيلاؤهم على بيت المقدس سنة (492 هـ = 1099 م)
وقتلهم سبعين ألفًا من المسلمين. ومن أهم أعماله الداخلية نقله
مقر الحكم سنة (501 هـ = 1106 م) من القصر الفاطمى بالقاهرة
إلى مقر جديد بناه لنفسه على النيل جنوبى الفسطاط وأسماه
دار الملك، كما أنشأ ديوانًا للمحاسبات سماه ديوان التحقيق
كانت مهمته مراجعة الدواوين. ويُعد عهد هـ من العهود التى
نعمت فيها مصر بالرخاء والاستقرار نسبيًا، حيث شهدت البلاد
بعض الإصلاحات خاصةً فى مجال الزراعة والرى. ومات الأفضل
مقتولاً سنة (515 هـ = 1121 م). وقيل إن من الأسباب التى يمكن
أن يكون لها أثر فى قتله إلغاءه كثيرًا من مراسم الفاطميين
الشيعية كالاحتفال بالمولد النبوى وبمولدى على بن أبى طالب
وفاطمة الزهراء مما يعنى ضمنيًا ميله إلى مذهب أهل السنة.(10/484)
*ألفونسو الثالث
هو ألفونسو بن أردون بن زدمير الأول الملقب بألفونسو الثالث
أو ألفونسو الكبير، أحد ملوك مملكة غاليسيا وأستورياس
الإسبانية. ولد سنة (234 هـ = 848 م) واشتهر بحروبه ضد
المسلمين فى الأندلس. وتولى الحكم سنة (252 هـ = 866 م) ولقب
أيضًا بالعظيم بسبب استيلائه على كثير من أراضى المسلمين
وتوسيع حدود مملكته على حسابهم، فاستولى على مدينة
سمورة سنة (280 هـ = 893 م) واتخذها قاعدة للإغارة على
الأراضى الإسلامية. وشجع بعض الثائرين المسلمين ضد حكومتهم
مثل ابن حفصون. وقد قامت ضد ألفونسو بعض الثورات الداخلية
بتحريض من إخوته ولكنه قضى عليها، وعرف عنه - على الرغم
من ذلك - حبه للعلم والأدب فكان يصل العلماء بمودته وعطاياه.
وبلغت درجة حبه للعلم أن عهد بتربية ولده إلى عدد من العلماء
المسلمين. ومات ألفونسو سنة (298 هـ = 910 م).،وبعد وفاته
سميت المملكة باسم مملكة ليون بعد أن كانت تسمى غاليسيا
وأستورياس.(10/485)
*ألفونسو الثامن
هو الهنشة بن شانجة بن الهنشة إنبرزور المشهور بألفونسو
الثامن، ويعرف أيضًا بالنبيل، أحد ملوك مملكة قشتالة (إسبانيا)
فى القرن الثالث عشر الميلادى. اعتلى العرش وعمره ثلاث
سنوات فتتابع الوصاية عليه عدد من الأمراء حتى بلغ الحادية
عشرة من عمره فأُعلن ملكًا على قشتالة سنة (562 هـ = 1166
م). ومارس ألفونسو السياسة الإسبانية التقليدية بالحرب ضد
المسلمين، وهاجم مرارًا المناطق المحيطة بقرطبة وغرناطة وعاث
فيها فسادًا، ثم وضع خطة للاستيلاء على قرطبة وإشبيلية. غير
أن ظهور دولة الموحدين كقوة إسلامية جديدة حدَّ من آماله؛ إذ
تمكنوا من هزيمته هزيمة كبيرة فى موقعة الأرك سنة (591 هـ =
1194 م). ومات ألفونسو الثامن سنة (611 هـ = 1214 م).(10/486)
*ألفونسو السادس
هو ألفونسو بن فرديناند الأول بن شانجة غرسيه. أحد ملوك
قشتالة وليون بإسبانيا. ولد ألفونسو سنة (421 هـ = 1030 م)،
ومات أبوه سنة (457 هـ = 1065 م)، فقسمت مملكته بين أبنائه
الثلاثة فجعل ابنه الكبير شانجة حاكمًا على قشتالة وألفونسو
السادس حاكمًا على ليون وأستورياس وابنه الصغير غرسيه
حاكماً على جليقية والبرتغال، وسرعان ما دارت الحروب بين
الإخوة الثلاثة، انتهت لصالح شانجة الذى قبض على أخيه
ألفونسو وأودعه أحد الأديرة، ولكنه تمكن من الهرب إلى
طليطلة لاجئًا عند ملكها المسلم يحيى بن إسماعيل الملقب
بالمأمون فرحب به وأكرمه، وقضى ألفونسو بطليطلة تسعة
أشهر درس فيها أحوالها تمهيدًا للاستيلاء عليها. وبعد موت
أخيه شانجة استُدعى ألفونسو من طليطلة ليتولى الحكم فأصبح
ملكًا على قشتالة وليون وجليقية بعدما قبض على أخيه غرسيه
وسجنه بقية حياته، وهكذا أصبح ألفونسو ملكًا على إسبانيا
كلها، وأخذ يعمل للاستيلاء على المدن الإسلامية واحدة تلو
الأخرى، وأجبر كثيرًا من ملوكها على دفع الجزية استهزاءً بهم،
ونقض عهده مع ملك طليطلة واستولى عليها سنة (478 هـ =
1085 م) وحوَّل مسجدها إلى كنيسة وأحرق الكتب العربية بها
وأجبر المعتمد بن عباد حاكم إشبيلية وأعظم ملوك الطوائف
آنذاك على دفع الجزية. وكان لتلك السياسة أثر كبير فى إفاقة
ملوك الطوائف الإسلامية واتحادهم؛ فأرسلوا إلى أمير دولة
المرابطين بالمغرب يوسف بن تاشفين يستغيثون به، فعبر إليهم
على رأس جيش كبير، والتقى مع ألفونسو السادس فى معركة
حاسمة هى معركة الزلاقة سنة (479 هـ = 1086 م) هَزم فيها
ألفونسو هزيمة ساحقة وفر هارباً. وتوفى ألفونسو سنة (503
هـ = 1109 م).(10/487)
*ألفونسو العاشر
هو ألفونسو العاشر بن فرناندو الثالث المعروف بالحكيم، أحد
ملوك قشتالة بإسبانيا فى القرن الثالث عشر الميلادى. ولد سنة
(618 هـ = 1221 م)، واعتلى عرش قشتالة سنة (650 هـ = 1252
م)، وعمره واحد وثلاثون عامًا، وواصل جهود أبيه فرناندو
الثالث فى حربه ضد المسلمين بالأندلس؛ إذ كان يكن لهم عداءً
شديداً وتمكن من الاستيلاء على مدينة قادس سنة (659 هـ =
1261 م) وهى إحدى المدن الأندلسية التى كانت فى أيدى
المسلمين، وبلغ من شدة عدائه للمسلمين أنه كان يريد نقل
الحروب الصليبية الدائرة فى الأندلس إلى إفريقيا، ولقى
التشجيع على مشروعه هذا من البابا إنوسنت الرابع والبابا
إسكندر الرابع وأنشأ لهذا الغرض أحواضًا كبيرة لبناء السفن
فى إشبيلية التى كانت قد سقطت فى أيدى الإسبان. وقد خُلع
عليه لقب الحكيم لاهتمامه بالآداب والعلوم، وشكل لجنة لوضع
مجموعة القوانين الخاصة بمملكته، وكتابة تاريخ إسبانيا العام،
وقد ونقل كثيرًا من النصوص العربية إلى القشتالية فى علوم
مختلفة، وكتب بنفسه عددًا من القصائد الشعرية خاصة فى مدح
السيدة مريم العذراء. وتوفى ألفونسو الحكيم سنة (683 هـ =
1284 م).(10/488)
*إليزابيث
هى الملكة إليزابيث ابنة الملك هنرى الثامن ملك إنجلترا من
زوجته غير الشرعية آن بولين التى اتهمت بالخيانة فأعدمت.
ولدت إليزابيث سنة (940 هـ = 1533 م)، واتُّهمت فى بداية
حياتها بأنها ابنة غير شرعية، وحرمت من حق اعتلاء العرش
ولكن هذا القرار ألغى سنة (951 هـ = 1544 م) وصار لها الحق
فى وراثة العرش بعد أختها غير الشقيقة الملكة مارى. ولما تولت
الحكم الملكة مارى سجنتها لاختلافها معها فى المذهب؛ حيث
كانت إليزابيث تعتنق المذهب البروتستانتى وتتحمس له، بينما
كانت مارى كاثوليكية متعصبة. ونجحت إليزابيث فى التظاهر
باتباع الطقوس الكاثوليكية فأطلقت أختها سراحها. وتحسنت
العلاقة بين الأختين حتى ماتت مارى فى (صفر 966 هـ = نوفمبر
1558 م)، فتولت إليزابيث العرش، واستقبل الناس حكمها بالفرح
والسرور لما ذاقوه من قسوة واضطرابات فى عهد الملكة مارى
التى لقبت بالدموية لما ارتكبته من مذابح ضد شعبها. تولت
إليزابيث الحكم والبلاد تمر بحالة من الفوضى والاضطراب وسوء
الأحوال بسبب الشقاق الدينى الذى كلف البلاد كثيرًا من المتاعب
والديون. ونجحت إليزابيث خلال مدة حكمها التى دامت ما يقرب
من نصف قرن فى الحفاظ على كيان دولتها والارتقاء بها بين
دول العالم، وكان عهدها أزهى عهود إنجلترا، فتحسنت أحوال
الزراعة والصناعة والتجارة، وكان لها أسطول قوى، وبدأت
مرحلة التوسع والاستعمار، وحسنت علاقاتها بالدول الخارجية،
فى حين تمكنت من هزيمة إسبانيا وإضعاف مركز فرنسا
الدولى، وأعادت الاستقرار والاطمئنان للبلاد بعد الفوضى الدينية
التى شهدتها، وأصدرت قوانين صارمة ضد الكثلكة. وظهرت
قدرة إليزابيث الفائقة وقوة ذكائها فى اختيارها لمستشاريها
ووزرائها الذين كانوا على درجة عالية من الكفاءة والحنكة،
وقد ساعدوها فى إتمام أعمالها. وقد ظهر فى عهدها أبرز
علماء أوربا مثل شكسبير، وسبنسر، وبيكر، وغيرهم. وماتت(10/489)
إليزابيث سنة (1012 هـ = 1603 م) ووُصفت بالذكاء الخارق
والشجاعة وضبط النفس والاعتدال فى تصرفاتها والحذر، كما
كانت حريصةعلى التعلم وطلب العلم وكانت تتحدث عدة لغات
بطلاقة هى الفرنسية والإيطالية والإنجليزية واليونانية، وتعمقت
فى دراسة اللاهوت، خاصة المذهب البروتستانتى.(10/490)
*أندرونيكوس الثالث
هو أندرونيكوس باليولوجس إمبراطور بيزنطى، وأحد أفراد
أسرة باليولوجس البيزنطية التى حكم الإمبراطورية البيزنطية
منها عدد من الأباطرة (1261 م - 1453 م). وشهدت الإمبراطورية
فى عهده فترات من الضعف، نجح خلالها السلطان العثمانى
أورخان بن عثمان فى مهاجمة مدينة نيقية التى كانت بمثابة
العاصمة الثانية للإمبراطورية وأسرع أندرونيكوس للدفاع عنها
ولكن الهزيمة حلت به سنة (730 هـ = 1329 م)، وفتح العثمانيون
المدينة فى العام التالى. وامتد حكم أندرونيكوس حتى سنة
(1341 م) ولاتعرف سنة موته.(10/491)
*أندرى دوريا
هو أندرى دوريا، قائد بحرى شهير، ولد سنة (871 هـ = 1466
م)، ويعود أصله إلى أسرة جنوية (من جمهورية جنوة بإيطاليا)
عريقة فى المجد والشرف، واشتهر منهم عدد كبير من القادة
البحريين، أشهرهم أندرى دوريا. عمل أندرى دوريا بجنوده
البحريين فى خدمة شارلكان الإمبراطور الرومانى ضد ملك
فرنسا فرانسوا الأول ثم انضم إلى فرانسوا وحارب شارلكان
وانتصر عليه. غير أن شهرته فى التاريخ تعود إلى جهوده
المتواصلة فى حرب المسلمين وقتال السفن الإسلامية فى البحر
المتوسط ومهاجمة سواحل شمال إفريقيا خاصة. وقد انحاز
أندرى دوريا إلى الإمبراطور شارلكان لمقاتلة سفن العثمانيين
مقابل اعتراف شارلكان باستقلال بلدته جنوة وتم له ذلك، ودارت
بينه وبين الأسطول العثمانى معارك عديدة كان أشهرها معركة
بروزة فى (جمادى الأولى 945 هـ = سبتمبر 1538 م) التى منى
فيها بهزيمة ساحقة أمام الأسطول العثمانى بزعامة خير الدين
برباروسا. وفى نهاية حياته اشتغل أندرى بتنظيم جمهورية
جنوة فلقبه الجنويون (أبا الوطن) وأقاموا له نصبًا ضخمًا كتب
تحته (إلى أبى الوطن). وتوفى أندرى فى (جمادى الأولى 968
هـ = نوفمبر 1560 م) إثر وصول نبأ هزيمة أسطوله أمام
الأسطول العثمانى فى ميناء جربة بتونس.(10/492)
*ابن النديم
هو أبو الفرج محمد بن أبى يعقوب إسحاق الوراق النديم
البغدادى مؤرخ، وصاحب كتاب الفهرست أقدم كتب التراجم
وأفضلها. وُلِد أبو الفرج ببغداد سنة (325 هـ = 937 م) ونسب
إليها، وكان أبوه وراقًا، فتعلم منه ابنه هذه الصنعة، وبرع
فيها، كما تتلمذ فى علوم الحديث والفقه واللغة والأدب والتاريخ
والمنطق لأشهر علماء عصره، ومنهم أبو سعيد السيرافى وأبو
الفرج الأصفهانى والحسن بن سوار الخمار وإسماعيل بن محمد
الصفار. وكان أبو الفرج معتزليًّا متشيِّعًا. كما اشتهر بسعة
الاطِّلاع، وساعده على ذلك طبيعة عمله وراقًا، حيث أتاحت له
أيضًا الاتصال بالطبقة المثقفة فى مجتمعه وتوثيق الصلة بهم،
وساعدته بعد ذلك على التصنيف. وتعود شهرته إلى كتاب
الفهرست الذى انتهى منه سنة (377 هـ = 987 م) وقد صنف فيه
للعلوم المعروفة فى عصره وما كتب حولها. ويعد هذا الكتاب من
أقدم كتب التراجم وأفضلها، فقد لخص فيه التراث الفكرى
الإسلامى وجمع فيه أسماء الكتب التى صنفت حتى أواخر القرن
الرابع الهجرى، ويعد أول عمل ببليوغرافى أُلِّف بالعربية.(10/493)
*أورنك زيب
هو أبو المظفر محمد محيىالدين أحد سلاطين الدولة المغولية
الإسلامية فى شبه القارة الهندية. اشتهر باسم أورنك زيب أو
أورنج زيب وتعنى زينة العرش، كما اشتهرباسم عالم كير
وتعنى العالم أو الآخذ بسلطان الدنيا. ولد أورنك زيب ببلدة
دوحد فى كجرات بالهند سنة (1028 هـ = 1619 م)، وعنى أبوه
بتربيته تربية إسلامية، وتعلم فى صغره كثيرًا من العلوم وتبحر
فيها وبخاصة العلوم الدينية. واكتسب أورنك زيب منذ صغره
خبرة عسكرية بفضل الحروب التى خاضها مع أبيه، كما اكتسب
حنكة إدارية بفضل تولِّيه بعض الولايات فى حياة أبيه. وبعد موت
أبيه سنة (1069 هـ = 1658 م) تولى أورنك زيب عرش
الإمبراطورية المغولية الهندية، فقام بأعمال كثيرة فى النواحى
السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية، ثبت بها دعائم
دولته، وحافظ عليها، وأقر العدل والحرية فيها، فقضى على
المجاعات وألغى المكوس والضرائب، وأبطل الاحتفال بالأعياد
الوثنية، وطبق نظام الحسبة (الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر)
وأمر مجموعة من العلماء فوضعوا موسوعة للفقه على المذهب
الحنفى سميت الفتاوى الهندية. ومن الناحية العسكرية أمَّن
حدود دولته الشمالية من غارات قبائل البطهان والأفغان وقضى
على كثير من الثورات الداخلية التى قام بها الأمراء الهندوس،
والطوائف الدينية الهندية، وبعض من الشيعة. وتميز عهد أورنك
زيب بشيوع الصبغة الحضارية الإسلامية فى تعمير المساجد
وكثرة الأئمة والوعاظ وظهور القيم الإسلامية، وإلغاء المظاهر
الفاسدة فى حياة الناس وفى بيوت الحكام. وتوفى أورنك زيب
سنة (1119 هـ = 1707 م).(10/494)
*أوليا جلبى
هو إدريس محمد ظلى رحالة ومؤرخ تركى مسلم. ولد فى مدينة
إسلام بول (إستانبول) بتركيا فى (10من المحرم 1020 هـ = 25
مارس 1611 م)، وأطلق عليه والده اسم أوليا جلبى تيمنًا باسم
صديق له كان يعلم ابنه. وينتمى أوليا جلبى إلى أسرة عريقة
فى الجاه والثراء، تقلد كثير من أفرادها مناصب رفيعة فى
الدولة العثمانية. تدرج أوليا جلبى فى مدارس إستانبول، وتتلمذ
لبعض علمائها وفقهائها المرموقين، وتعلم من والده فن الخط
والكتابة على الأحجار الكريمة، وتمكن عن طريق خاله من
الالتحاق بالقصر السلطانى والعمل فيه، فدرس الخط والموسيقى
والنحو والقوافى على كبار علماء القصر، وحاز إعجاب السلطان
العثمانى مراد الرابع فجعله من المقربين إليه. وبدأ أوليا جلبى
حياته العملية موظفًا بالقصر، حيث تولى حسابات الجيش، مما
هيأ له فرصة السفر والترحال برفقة الجيش، فنمى عنده حب
الأسفار والرحلات، وأتيحت له فرصة الطواف بالبلدان وتسجيل
كل ماتقع عليه عينه من آثار وأنهار ومدن وقرى وعادات
وتقاليد وغيرها عن البلدان التى ينزل بها، وصنف من ذلك كتاباً
جليلاً هو سياحتنامة (أى كتاب السياحة)، ويقع فى عشرة
مجلدات، وهذا الكتاب هو الذى أكسبه شهرة واسعة بين الرحالة
الأتراك خاصة والمسلمين عامة، واعدَّه كثير من المستشرقين من
أعظم الرحالة والجغرافيين الأتراك والمسلمين قاطبة.(10/495)
*الإيجى
هو عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجى من كبار الأشاعرة
المشهورين فى القرن (8 هـ = 14 م). ولد فى بلدة إيج فى
أقصى بلاد فارس سنة (680 هـ = 1281 م). فنسب إليها، وأخذ
العلم عن شيوخ عصره، ولازم شيخه زين الدين الهنكى. ونبغ
الإيجى فى علم الكلام والفقه والأصول والبلاغة والنحو، وبلغ
مرتبة عالية بين أمراء عصره فولاَّه أبو سعيد - آخر أمراء الدولة
الإيلخانية بفارس - القضاء بمدينة شيراز. وفى سنة (756 هـ =
1355 م) وقع خلاف بين الإيجى وأمير كرمان (بلدة بفارس)،
فعزله من القضاء وسجنه. وكان للإيجى مال كثير أنفقه فى
رعاية طلاب العلم، وتتلمذ على يديه كثير من التلاميذ منهم شمس
الدين الكرمانى وسعد الدين التفتازانى وسعد الدين بن عمر بن
عبد الله وغيرهم. وتعد آراء الإيجى فى علم الكلام هى الصورة
النهائية لفكر الأشاعرة التى لم تحظَ بتجديد أو إضافة بعده، فقد
أكثر من مزج المسائل الفلسفية بعلم الكلام. وللإيجى مصنفات
كثيرة اتسمت بحسن التنسيق ودقة العرض أهمها: المواقف فى
علم الكلام وتحقيق المقاصد وتبيين المرام وأشرف التواريخ
وآداب البحث والعقائد العضدية وغيرها. وتوفى الإيجى فى
سجنه فى قلعة دريميان بإيج سنة (756 هـ = 1355 م).(10/496)
*إيزابيل الكاثوليكية
هى إيزابيل ابنة الملك خوان الثانى حاكم قشتالة المتوفى سنة (
860 هـ = 1455 م) ولقبت بالكاثوليكية لتعصبها للمذهب
الكاثوليكى، ولعملها الدائب لتوحيد ممالك إسبانيا والقضاء
على مملكة بنى الأحمر الإسلامية آخر مملكة إسلامية بالأندلس.
ولدت إيزابيل بمدينة مدرتجال سنة (855 هـ = 1451 م)، وتوفى
أبوها ولم تكن قد تجاوزت الرابعة من عمرها، وتولى عرش
قشتالة أخوها غير الشقيق إنريكى الرابع فطردها هى وأمها
وأخاها من قشتالة إلى أريغال؛ حيث عاشت الأسرة عيشة
قاسية بأحد الأديرة، مما أذكى فى نفسها عوامل الحزن
والأسى منذ الصغر. وسرعان ماتهيأت لها الظروف وسمحت
بعودتها وأخيها الشقيق ألفونسو إلى قشتالة، وقامت ثورة ضد
إنريكى فخُلع وتولى ألفونسو، ولكنه مات فعاد إنريكى إلى
الحكم مرة ثانية. تزوجت إيزابيل من الأمير فرناندو ولى عهد
مملكة أراغون النصرانية، وفى سنة (879 هـ = 1474 م) مات
الملك إنريكى، وتوِّجت إيزابيل ملكة سنة (884 هـ = 1479م) بعد
فترة من الاضطرابات الداخلية. وضعت إيزابيل منذ توليها الحكم
هدفًا لها هو القضاء على مملكة غرناطة الإسلامية وطرد
المسلمين نهائيًّا من الأندلس، وجعلت ذلك من شروطها للزواج
بالملك فرناندو الذى وافق أيضًا على ذلك. ونجح الملكان فى
القضاء على المملكة؛ حيث استوليا عليها مدينة تلو الأخرى،
وكانا يجبران المسلمين على التحول إلى النصرانية، وقاما
بإحراق الكتب العربية، ولاقت إيزابيل فى عملها هذا تأييدًا
مطلقًا من البابوية وجميع الممالك النصرانية، وأصيبت إيزابيل
فى نهاية حياتها بالمرض لعدة أشهر ثم ماتت فى (جمادى
الآخرة 910 هـ = نوفمبر 1504 م) بعدما قضت على دولة الإسلام
فى الأندلس.(10/497)
*التفتازانى (سعد الدين)
هو سعد الدين مسعود بن عمر بن عبد الله التفتازانى من كبار
علماء العربية والبيان وعلم الكلام والمنطق، ولد بتفتازان
بخراسان سنة (712 هـ) وقيل: (722 هـ والأرجح الأول) وعاش
بسرخس ثم أبعده تيمورلنك إلى سمرقند فعاش بها فترة حتى
توفى بها سنة (793 هـ = 1390 م) ثم حمل إلى سرخس فدفن
بها. كان التفتازانى عالمًا مشهورًا فى علوم النحو والصرف
والمعانى والبيان والمنطق وعلم الكلام وبلغ منزلة عظيمة فى
تلك العلوم حتى علا شأنه وذاع صيته، كما اشتهر بالتصوف،
وتناول فى كتب الكلام والمنطق الحديث عن الصوفية وابن
عربى خاصة، وعارض كتابه فُصُوص الحِكَم وقال عنه: إنه نقيص
الحِكَم. وللتفتازانى مؤلفات غزيرة، منها: تهذيب المنطق
والمطول فى النحو، ومقاصد الطالبين فى البلاغة، وشرح العضد
على مختصر ابن الحاجب فى الأصول، وشرح الشمسية فى
المنطق، وشرح الأربعين النووية وغيرها.(10/498)
*سعد الدين التفتازانى
هو سعد الدين مسعود بن عمر بن عبد الله التفتازانى من كبار
علماء العربية والبيان وعلم الكلام والمنطق، ولد بتفتازان
بخراسان سنة (712 هـ) وقيل: (722 هـ والأرجح الأول) وعاش
بسرخس ثم أبعده تيمورلنك إلى سمرقند فعاش بها فترة حتى
توفى بها سنة (793 هـ = 1390 م) ثم حمل إلى سرخس فدفن
بها. كان التفتازانى عالمًا مشهورًا فى علوم النحو والصرف
والمعانى والبيان والمنطق وعلم الكلام وبلغ منزلة عظيمة فى
تلك العلوم حتى علا شأنه وذاع صيته، كما اشتهر بالتصوف،
وتناول فى كتب الكلام والمنطق الحديث عن الصوفية وابن
عربى خاصة، وعارض كتابه فُصُوص الحِكَم وقال عنه: إنه نقيص
الحِكَم. وللتفتازانى مؤلفات غزيرة، منها: تهذيب المنطق
والمطول فى النحو، ومقاصد الطالبين فى البلاغة، وشرح العضد
على مختصر ابن الحاجب فى الأصول، وشرح الشمسية فى
المنطق، وشرح الأربعين النووية وغيرها.(10/499)
*حازم القرطاجنى
هو أبو الحسن حازم بن محمد بن حسن بن حازم القرطاجنى
أديب وشاعر أندلسى، ولد حازم سنة (608 هـ = 1211 م) بمدينة
قرطاجنة بالأندلس فى أسرة عريقة عرفت بالعلم والأدب؛ حيث
كان أبوه قاضى قرطاجنة مدة (40) سنة، وانصرف حازم منذ
صغره لدراسة الأدب والعلم؛ فأخذ عن والده علوم اللغة والفقه،
ثم انتقل إلى عدد من المدن الأندلسية المجاورة لطلب العلم فتردد
على مرسية وأخذ عن شيوخها أمثال الطرسونى والعروضى،
كما ذهب إلى غرناطة وإشبيلية وأخذ عن علمائهما. وبرع حازم
فى الأدب والشعر والنحو واللغة والعروض والبيان، ومات أبوه
سنة (632 هـ = 1235 م) وهو لم يتجاوز الرابعة والعشرين من
عمره. ولما زاد ضغط الممالك النصرانية على قرطاجنة وماحولها
للاستيلاء عليها، هاجر حازم إلى مراكش ثم إلى بجاية ثم إلى
تونس سنة (640 هـ = 1242 م) فاستقر بها وعاصر حكم أربعة
من سلاطين الدولة الحفصية بتونس، وبلغ عندهم مكانة عالية،
حتى اشتهر بأنه شاعر تلك الدولة، وتوفى حازم القرطاجنى
سنة (684 هـ = 1285 م). وله بعض المؤلفات، منها سراج البلغاء،
وله ديوان شعر مطبوع.(10/500)
*أبو حنيفة الدينورى
هو أحمد بن داود بن وتَند الدينورى أبو حنيفة، مؤرخ مهندس
نباتى، فارسى الأصل. ولد فى العقد الأول من القرن الثالث
الهجرى بقرية دينور قرب همذان، وأمضى شبابه فى الرحلات
بين العراق والحجاز والشام لطلب العلم، وعاش بأصفهان فترة.
درس أبو حنيفة النحو واللغة على يد البصريين والكوفيين، ودرس
علم الهيئة وعمل بالمرصد الفلكى فى أصبهان، ودرس أيضاً
الطب والحساب والجغرافيا والقرآن والحديث، واشتهر ككاتب
بليغ حتى عدّه أبو حيان التوحيدى ثالث ثلاثة هم أبرع من كتب
فى العربية، وهم: الجاحظ، وأبو زيد البلخى، وأبو حنيفة
الدينورى. ولتعدد مواهب أبى حنيفة بلغ منزلة عالية فى بلاط
الخلفاء العباسيين فى وقته. ولأبى حنيفة مجموعة من المصنفات
تعكس تنوع ثقافته؛ حيث كتب فى النبات وفى القرآن
والجغرافيا والتاريخ وغيرها نحو عشرين كتابًا، أهمها: البلدان
فى الجغرافيا التاريخية، والأخبار الطوال فى التاريخ،
والأنواء، والنبات، وتفسير القرآن، وغيرها. وتوفى أبو حنيفة
سنة (282 هـ = 895 م).(10/501)
*الخطيب البغدادى
هو أبو بكر أحمد بن على بن ثابت بن أحمد بن مهدى الخطيب
البغدادى، أحد كبار الحفاظ والمؤرخين ببغداد فى القرن (5 هـ =
11 م). ولد بموضع يسمى غزية بين الكوفة والمدينة سنة (392 هـ
= 1002 م)، ونشأ ببغداد وكان أبوه خطيبًا بقرية درزنجان
بالعراق، فسمع أبو بكر من أبيه وهو فى سن الحادية عشرة،
ثم طاف بعدد من البلدان فى طلب العلم، وكان شديد الحرص على
ذلك، فطاف بالبصرة والكوفة وأصبهان والرى وهمذان والحجاز
لسماع الحديث وتعلم القراءات، وأخذ من كثير من شيوخ هذه
البلدان، ثم عاد إلى بغداد واستقر بها للتدريس، وأعجب به ابن
مسلمة وزير الخليفة العباسى القائم بأمر الله فقربه، وبلغ منزلة
عالية عند الخليفة، ثم وقعت أمور ببغداد رحل على إثرها إلى
بلاد الشام وأقام مدة فى دمشق وصور وحلب والقدس، ثم عاد
إلى بغداد. وكان شديد الثراء ينفق من ماله الكثير على طلبة
العلم، فلما مرض مرضه الأخير وقف كتبه وفرق جميع ماله فى
وجوه البر وعلى أهل العلم والحديث، وكان فصيح اللهجة،
عارفًا بالأدب، يقول الشعر، ولعًا بالمطالعة والتأليف، عرف له
أهل العلم مكانته فقال عنه السمعانى: كان إمام عصره بلا
مدافعة، وحافظ وقته بلا منازعة. وله مؤلفات كثيرة أشهرها:
تاريخ بغداد، والكفاية فى علم الرواية، والأمالى، والرحلة فى
طلب الحديث، واقتضاء العلم والعمل، وغيرها. وتوفى الخطيب
البغدادى ببغداد سنة (463 هـ = 1072 م)، وأوصى أن يدفن
بجانب بشر الحافى فتم له ذلك.(10/502)
*الراضى بالله
هو محمد بن جعفر المقتدر بالله بن أحمد المعتضد بالله أبو
العباس، خليفة عباسى. ولد سنة (297 هـ = 909 م)، وأمه أم ولد
(كانت أمة فأنجبت فأعتقها سيدها فصارت حرة) كانت تدعى
ظلوم، بويع بالخلافة بعد عزل عمه القاهر سنة (322 هـ = 934 م)
وعمره آنذاك (25) سنة. كان الراضى سمحًا، كريمًا، أديبًا،
شاعرًا، فصيحًا، محبًّا للعلماء، وله شعر مدون. كانت أحوال
الخلافة قبله مضطربة فحاول إصلاحها، ولكنه لم يستطع،
واستدعى عامله على واسط محمد بن رائق وقلده إمارة الجيش
والخراج والدواوين وخلع عليه لقب أمير الأمراء فانفرد ابن رائق
بالحكم من دونه وصارت له الكلمة العليا فى البلاد، وليس للخليفة
معه من الأمر شىء، واستقل كل والٍ بما تحت يده من الأقاليم
ولم يبق للخليفة سوى بغداد وما حولها والأمر فيها لابن رائق،
حتى ضاق الخليفة به ذرعًا فأحل محله الأمير بجكم. وتوفى
الراضى بالله ببغداد سنة (329 هـ = 940 م) وله من العمر (32)
سنة، ودامت خلافته سبع سنوات.(10/503)
*سفيان بن عيينة
هو سفيان بن عيينة بن أبى عمران ميمون الهلالى من كبار
المحدثين فى القرن (2 هـ = 8 م). ولد سفيان بالكوفة فى شعبان
سنة (107 هـ = 725 م)، ثم رحل مع أبيه إلى مكة واستقر بها
وأخذ الفقه والحديث عن كبار علمائها أمثال الزهرى وعمرو بن
دينار ومحمد بن المنكدر والأعمش وغيرهم، حتى بلغ فى العلم
منزلة رفيعة وصار حافظًا ثقة واسع العلم كبير القدر. قال عنه
الشافعى: لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز. وتتلمذ على يديه
عدد كثير من طلاب العلم الذين بلغوا منزلة عالية بعد ذلك، منهم
الشافعى وشعبة بن الحجاج وابن جريج والزبير بن بكار
وغيرهم. وتوفى سفيان بن عيينة فى جمادى الآخرة سنة (198
هـ = 814 م). وله من المؤلفات الجامع فى الحديث، وكتاب فى
التفسير.(10/504)
*أحمد بن محمد بن حجاج
هو أبو عمر أحمد بن محمد بن حجاج أحد علماء النبات البارعين
فى إشبيلية بالأندلس فى عصر ملوك الطوائف. عاش فى
إشبيلية، وألف كتابًا فى الزراعة اسمه المقنع لم يصل إلينا.(10/505)
*ملكشاه بن ألب أرسلان
هو جلال الدين أبو الفتح ملكشاه بن السلطان ألب أرسلان
السلجوقى التركى، أحد سلاطين الدولة السلجوقية. ولد ملكشاه
سنة (447 هـ = 1055 م)، وآل إليه حكم السلطنة بعد وفاة أبيه
سنة (465 هـ = 1073 م) وعمره آنذاك سبع عشرة أو ثمانى
عشرة سنة. وبدأ ملكشاه عهده بتأمين دولته من المخاطر
والقلاقل الداخلية والخارجية فقضى على بعض الثورات التى
قامت ضده وأخطرها ثورة عمه قاورت حاكم كرمان الذى هزمه
ملكشاه وقتله. وتمكن ملكشاه من ضم كثير من البلدان لدولته
حتى صارت مترامية الأطراف شملت (بلاد الشام - الجزيرة - ديار
بكر - اليمن - بلاد الترك) وخُطب له فى جميع منابر العالم
الإسلامى ماعدا بلاد المغرب. وعلى الرغم من جهوده الحربية
فإنه كان محبًّا للأدب مشجعًا للعلماء، اهتم بالجوانب الحضارية
فحفر الترع وأقام الجسور وبنى كثيرًا من العمائر كالمساجد
والقصور، وأبطل المكوس، وأُمّنت الطرق فى دولته، وانخفضت
الأسعار، وبنى مرصدًا. ووُصف بأنه كان حسن السيرة، يجلس
للمظالم بنفسه ويقضى بين الناس، وكان بابه مفتوحًا لكل قاصد.(10/506)
*معن بن زائدة الشيبانى
هو معن بن زائدة بن عبد الله بن مطر الشيبانى أحد شجعان
العرب، ومن أشهر أجواد العرب، من قبيلة بكر بن وائل بن
ربيعة. كان فى أيام الدولة الأموية كثير التجوال منقطعًا إلى
يزيد بن عمر بن هبيرة الفزارى أمير العراقيين، وحارب معه بنى
العباس فى مدينة واسط، فلما قتل يزيد خاف معن على نفسه من
أبى جعفر المنصور الذى جدَّ فى البحث عنه فاستتر معن عنه
فترة حتى كان يوم الهاشمية فى ذى القعدة سنة (134 هـ =
751 م) بعد أن انتهى أبوجعفر المنصور من بناء مدينة الأنبار؛ إذ
خرج عليه جماعة من أهل خراسان فى الهاشمية يريدون قتله،
وكان معن بن زائدة مجاورًا لهم، فخرج متنكرًا وقاتل بجانب
المنصور قتالاً شديدًا، فسأله أبو جعفر عن نفسه، فكشف لثامه
وقال: أنا طلبتك يا أمير المؤمنين معن بن زائدة، فأمَّنه المنصور
وأكرمه، وصار من خواص رجاله المقربين منه. وفى سنة (142 هـ
= 759 م) ولاَّه على اليمن مكافأة له، فظل واليًا عليها تسع
سنوات وتركها، وولاَّه على سجستان سنة (151 هـ = 768 م)
فخرج عليه بعض الخوارج فقتلوه وهو يحتجم، فتتبعهم ابن أخيه
يزيد بن مرثد حتى أفناهم عن آخرهم. ولمعن بن زائدة أشعار
جيدة، أكثرها فى الشجاعة.(10/507)
*ابن المعتز
هو عبد الله بن محمد المعتز بالله بن المتوكل بن المعتصم بن
الرشيد العباسى، أبو العباس. أديب، وصاحب شعر بديع ونثر
فائق. ولد سنة (247 هـ = 861 م) فى بغداد، وأخذ الأدب
والعربية عن المبرد وثعلب، وعن مؤدبه أحمد بن سعيد
الدمشقى، وأولع بالأدب، كان يقصد فصحاء الأعراب ويأخذ
عنهم، آلت الخلافة فى أيامه إلى المقتدر، فسعى جماعة من
الكتاب والقواد إلى خلع المقتدر والبيعة لعبد الله بن المعتز،
فاستجاب لهم عبد الله، على ألا يُسفَك دم ولا تكون حرب، فبويع
له وسُلم عليه بالخلافة، إلا أن غلمان المقتدر وثبوا عليه
فخلعوه، وعاد المقتدر فقبض عليه وسلَّمه إلى خادم له اسمه
مؤنس، فقتله. ولابن المعتز العديد من المصنفات، منها: البديع،
والآداب، والجامع فى الغناء والجوارح والصيد وفصول
التماثيل، وحلى الأخبار وأشعار الملوك وطبقات الشعراء.
وتوفى ابن المعتز سنة (296 هـ = 909 م).(10/508)
*سعيد بن العاص
هو سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية، الأموى،
القرشى، ثم المدنى. صحابى من الأمراء الولاة الفاتحين. ولد سنة
(3هـ = 624 م)، قتل على بن أبى طالب أباه يوم بدر مشركًا،
رُبِّى فى حجر عمر بن الخطاب، وأسلم قبل الفتح بيسير،
استعمله النبى - صلى الله عليه وسلم - على سوق مكة، ولاَّه عثمان على الكوفة، ثم
عزله عنها عندما اشتكاه أهلها، وولاَّه معاوية على المدينة غير
مرة، فتولاَّها إلى أن مات، كان سعيد أشبه الناس لهجة برسول
الله (وهو الذى افتتح طبرستان، وهو أحد الذين كتبوا المصحف
لعثمان. اعتزل سعيد فتنة الجمل وصفين، ولم يدخل مع معاوية
فى شىء من حروبه. له بدمشق دار تعرف بدار نعيم وحمام نعيم
بنواحى الديماس، ومازالت آثار قصره شامخة إلى الآن. وقد
توفى سعيد بن العاص بقصره بالعرصة على بُعد ثلاثة أميال من
المدينة، وحمل إلى البقيع فى سنة (59 هـ = 679 م).(10/509)
*المقوقس
لفظ أطلق على ثلاثة أشخاص: (1) الحاكم الذى جاءه كتاب النبى
(قبل الفتح بسنوات. (2) الحاكم الذى كان فى وقت الفتح. (3)
عظيم القبط فى وقت ثورة منويل. أمَّا الأول فقد بعث إليه النبى
(برسالة مع حاطب بن أبى بلتعة، يدعوه فيها إلى الإسلام،
فأكرم رسولَ النبى، وأهدى إلى النبى مارية، وأختها سيرين
وعبدًا مخصيًّا وألف مثقال ذهبًا. وأمَّا الثانى فاسمه جريج بن
مينا، عقد صلحًا مع عمرو بن العاص، رضى الله عنه، غير أن
هرقل عنَّفه، ولم يقر صلحه. وأما الثالث فاسمه قيرس، وكان
رئيس مذهب خلقدونية، واستعمل واليًا وبطريقًا على مصر.
وقاسى البطريق بنيامين من شدة عظيمة على يد قيرس؛ فهرب
إلى الصعيد؛ حيث قضى عشر سنوات كاملة.(10/510)
*المعتمد بن عباد
هو المعتمد على الله محمد بن المعتضد بالله أبى عمرو عبَّاد بن
الظافر المؤيد بالله أبى القاسم محمد قاضى إشبيلية، آخر ملوك
بنى عبَّاد بالأندلس. ولد فى باجة (بالأندلس)، وتولى حكم قرطبة
وإشبيلية وماحولهما بعد وفاة والده سنة (461 هـ = 1068 م)،
وكان أكرم ملوك الأندلس، كما كان ملتقى الرجال ومحط أنظار
الشعراء والأدباء، وله شعر جيد ونظم فريد جمع فى ديوان
شعر. وكان ألفونس السادس ملك الفرنج قد حاول أن
يستولى على قرطبة وإشبيلية فلما لم يكن لدى المعتمد بن عبَّاد
قوة لدفعه، أقنعه العلماء والفقهاء بطلب المساعدة من أبى
يعقوب يوسف بن تاشفين ملك المغرب، الذى استجاب لطلبه
وانطلق على رأس جيوشه، حتى التقى مع المعتمد بن عبَّاد
وسارا إلى الحرب معًا، فانتصرا فى معركة الزلاقة سنة (479 هـ
= 1086 م) وغنم المسلمون مالايحصى من الدواب والأسلحة
والأموال. وفى سنة (483 هـ = 1090 م) ثارت فتنة فى قرطبة
وإشبيلية، قضى عليها المعتمد بن عبّاد بشجاعة نادرة، ولكنها
ما لبثت أن ظهرت من جديد بإيعاز من ابن تاشفين، الذى كان
يريد أن يستولى على الأندلس، فأرسل جيوشه سنة (484 هـ =
1091 م) فحاصرت المعتمد بن عباد فى إشبيلية ووقع أسيرًا
وقُتل ابناه الراضى والمأمون، وأُرسل إلى مراكش ومنها إلى
إغماث التى ظل بها إلى أن توفى سنة (488 هـ = 1095 م).(10/511)
*معاذ بن جبل
هو معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصارى الخزرجى صحابى
جليل، أسلم وهو صغير، وحفظ القرآن الكريم، وكان أعلم الأمة
بالحلال والحرام، وشهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المواقع كلها. أرسله
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد غزوة تبوك إلى اليمن قاضيًا ومرشدًا لأهلها،
فظل معاذ بن جبل هناك حتى توفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعاد معاذ إلى
المدينة، وخرج مع أبى عبيدة بن الجراح فى غزو بلاد الشام،
ولما توفى أبوعبيدة فى طاعون عمواس خلفه معاذ بن جبل فى
القيادة. وتوفى، رضى الله عنه، سنة (18 هـ = 639 م) ودُفن
بالقصير المعينى (الغور).(10/512)
*أحمد بن محمد بن درَّاج
هو أحمد بن محمد بن العاص بن أحمد بن سليمان بن عيسى بن
درَّاج القسطلى، أديب بليغ وشاعر فحل، ولم يكن بالأندلس
أشعر منه، وله ديوان شعر. توفى فى جمادى الآخرة سنة (421
هـ = 1030 م) عن عمر يناهز (74) سنة.(10/513)
*المعتضد بن عباد
هو عباد بن محمد بن إسماعيل بن عباد اللخمى صاحب إشبيلية
فى عهد ملوك الطوائف. ولد سنة (404 هـ = 1013 م)، وتولَّى
حكمها بعد وفاة والده سنة (433 هـ = 1041 م)، وظلت الخطبة
فى عهده للمؤيد بالله (هشام بن الحكم) الأموى حتى سنة (451
هـ = 1059 م) عندما أعلن المعتضد بالله عن وفاته، وأخذ البيعة
لنفسه، وأخذ يستولى على ممالك الأندلس وإماراتها الواحدة تلو
الأخرى، واتخذ خشبًا فى قصره يعلق عليه رءوس أعدائه من
الملوك والأمراء. وكان مهيباً، صارمًا، جبارًا عسوفًا، حتى إنه
قتل ابنه إسماعيل وولى عهده بيده عندما علم أنه يتآمر عليه،
وكان ذلك سنة (449 هـ = 1057 م)، وكان ينظم الشعر الجيد، وله
ديوان شعر. وقد توفى بإشبيلية سنة (461 هـ = 1069 م).(10/514)
*الأشرف الأيوبى
هو موسى بن الملك العادل سيف الدين أبى بكر بن أيوب ملك
الرها وحَرَّان. ولد بمصر وقيل بالكرك سنة (578 هـ = 1182 م)،
ولما كبر ملَّكه والده على مدينة الرها وحران بعد سنة (598 هـ =
1201 م). وفى سنة (600 هـ = 1203 م) حارب نور الدين أرسلان
شاه صاحب الموصل وهزمه وأخرجه من الموصل، وفى سنة
(606 هـ = 1209 م) استولى على نصيبين وسنجار. وفى سنة
(609 هـ = 1212 م) توفى أخوه الملك الأوحد نجم الدين أيوب
صاحب خلاط وميافارقين، فاستولى على ملكه فاتسعت مملكته،
بعد أن استولى على حلب وأقام بها ثلاث سنوات. وفى سنة
(631 هـ = 1233 م) وقعت بلاد الشرق فى يد ملك الروم، فخرج
الملك الأشرف مع أخيه الملك الكامل صاحب مصر لحربه، فهزماه
سنة (633 هـ = 1235 م)، وظلا على وفاق ووئام وبينهما شعور
الأخوة والحب المتبادل، حتى كانت سنة (635 هـ = 1237 م)
عندما وقعت بينهما وحشة، فتعاهد الملك الأشرف مع صاحب
الروم وصاحب حماة، وصاحب حلب، وصاحب حمص، وأصحاب
الشرق على الخروج لحرب الملك الكامل، ولم يبق مع الملك
الكامل سوى ابن أخيه الملك الناصر صاحب الكرك. ولما تجهزت
الجيوش لحرب الملك الكامل، مرض الملك الأشرف مرضًا شديدًا
توفى على إثره فى (المحرم 635 هـ = أغسطس 1237م) فى
دمشق ودفن بقلعتها. وكان واسع الصدر، كريمًا، حليمًا، كثير
العطاء، يحب أهل الخير والصلاح والتقوى، وبنى دارًا للحديث
فى دمشق.(10/515)
*أبو نواس
هو الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن صباح الحكمى المعروف
بأبى نواس الشاعر المشهور. ولد فى الأهواز فى خلافة أبى
جعفر المنصور ونشأ بالبصرة ورحل إلى بغداد فاتصل بالخلفاء
من بنى العباس ومدح بعضهم. ويُعَدّ أبو نواس من أعاجيب عصره
فى الشعر؛ إذ كان يحظى بملكات شعرية بديعة. قال عنه
الجاحظ: ما رأيت رجلاً أعلم باللغة ولا أفصح لهجة من أبى نواس.
وقد نظم أبو نواس فى جميع أنواع الشعر، وأجود شعره
خمرياته، وله ديوان أبى نواس وديوان آخر اسمه الفكاهة
والائتناس فى مجون أبى نواس. ومن شعره المشهور قصيدته
الميمية التى حسده عليها أبو تمام وأولها: دِمَنٌ ألمَّ بها فقال
سلامُ كم حلَّ عقدةَ صبرهِ الإلمامُ وأبو نواس أول من توسَّع فى
وصف الخمر والتغزل بالغلمان، ولعله أكثر الشعراء انغماساً فى
اللهو.(10/516)
*نفيسة
هى نفيسة بنت أمية بن أبى عبيدة بن همام بن الحارث التميمى
الحنظلى وتعرف بنفيسة بنت منية وهى صحابية جليلة أخت
الصحابى يعلى بن أمية .. ونفيسة بنت أمية هى صديقة السيدة
خديجة بنت خويلد، رضى الله عنها، وهى التى مشت بين النبى
(والسيدة خديجة فى زواجهما. وهى التى زفَّت البشرى للسيدة
خديجة بزواج الرسول منها. وقد روت نفيسة أحاديث عن النبى.(10/517)
*نعيم بن مسعود
هو نعيم بن مسعود بن عامر بن أنيف بن ثعلبة بن قنفذ بن هلال
بن حلاوة أبوسلمة الغطفانى الأشجعى صحابى مشهور، أسلم
أيام غزوة الخندق وكتم إسلامه، وهو الذى خذل المشركين
وبنى قريظة حتى صرف الله المشركين بعد أن أرسل عليهم
ريحًا وجنودًا لم يروها، فكفى الله المؤمنين القتال بحيلة نعيم
والريح، كما أرسله الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى ابن ذى اللِّحية. وقد روى عن
النبى - صلى الله عليه وسلم - وروى عنه ولداه: سلمة وزينب، وله حديث عند أحمد
وأبى داود وغيرهما، قتل نعيم فى أول خلافة علىٍّ قبل قدومه
من البصرة فى وقعة الجمل، وقيل: مات فى آخر خلافة عثمان،
رضى الله عنه، والله أعلم.(10/518)
*أبو نعيم
هو أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران
الأصبهانى، الحافظ والمؤرخ المشهور، من أكابر الثقات فى
الحفظ والرواية، ولد ومات بأصبهان، استجاز له أبوه طائفة من
شيوخ العصر تفرد عنهم، فمن الشام خيثمة بن سليمان، ومن
بغداد جعفر الخلدى، ومن واسط عبد الله بن عمر بن شوؤب، ومن
نيسابور الأصم، وسمع من عبد الله بن جعفر بن أحمد والقاضى
محمد بن أحمد العسَّال وأحمد بن معبد السِّمسار وأحمد بن محمد
القصار وأحمد بن بندار الشَّقار وأبى الشيخ الجعابى، وسمع
بمكة أبا بكر الأجرى وبالبصرة فاروق الخطابى وبالكوفة أبا
بكر الطّلْحى، كما سمع من أصحاب السَّرَّاج ومن بعدهم. وروى
عنه أبو سعيد المالينى، والحافظ الخطيب البغدادى، وهو من
أخصِّ تلامذته، رحل إليه وأكثر عنه، وأبو صالح المؤذن الحافظ،
والقاضى أبو على الوخشى ومستمليه أبو بكر محمد بن إبراهيم
العطّار وآخرهم وفاةً أبو طاهر عبد الواحد بن محمد الذهبى
وغيرهم كثير. قال ابن مَرْدُويه: كان أبو نعيم مرحولاً إليه ولم
يكن فى أفق من الآفاق أسند، ولا أحفظ منه، ومن مصنفاته:
حلية الأولياء وطبقات الأصفياء وهو من أحسن الكتب، وله أيضا
معرفة الصحابة وكتاب دلائل النبوة وكتاب المستخرج على
البخارى وكتاب المستخرج على مسلم وكتاب تاريخ أصبهان
وكتاب فضائل الصحابة، وصنَّف شيئًا كثيرًا من المصنفات
الصِّغار. وأبو نعيم إمام ثقة لايلتفت إلى قول من تكلم فيه.(10/519)
*النعمان بن بشير
هو النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة الخزرجى الأنصارى
صحابى جليل، وأمه عمرة بنت رواحة أخت عبد الله بن رواحة
وُلد النعمان سنة (2هـ = 623م) أى قبل وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم - بثمانى
سنين وسبعة أشهر، وهو أول مولود للأنصار بعد الهجرة.
والنعمان بن بشير من رواة الأحاديث، فقد روى عن النبى - صلى الله عليه وسلم - (124
حديثاً)، وشهد النعمان معركة صفين مع معاوية، وولى قضاء
دمشق، وولى اليمن لمعاوية، ثم استعمله معاوية على الكوفة ثم
عزله وولاه مدينة حمص، واستعمله بعده ابنه يزيد. فلما مات يزيد
بن معاوية دعا النعمان الناس إلى بيعة عبد الله بن الزبير بالشام
فخالفه أهل حمص فخرج منها فاتبعوه فقتلوه، وذلك بعد وقعة
مرج راهط، وكان ذلك فى سنة (65 هـ = 684 م). وكان النعمان
بن بشير يقول الشعر، فمن شعره: وإنى لأعطى المال من ليس
سائلاً وأدرك للمولى المعاند بالظلم وإنى متى ما يلقنى صارمًا
له فما بيننا عند الشدائد من صرم فلا تعدُد المولى شريكك
فى الغنى ولكنما المولى شريكك فى العُدم(10/520)
*نصر بن سيار
هو نصر بن سيار بن رافع بن حرى بن ربيعة الكنانى، أمير
خراسان فى عهد الدولة الأموية، كان شيخ مضر بخراسان،
وولى بلخ، ثم ولى إمرة خراسان سنة (120 هـ) بعد وفاة أسد
بن عبد الله القسرى. غزا ما وراء النهر، ففتح حصونًا وغنم
مغانم كثيرة، وأقام بمرو، وقويت الدعوة العباسية فى أيامه،
فكتب إلى بنى مروان بالشام يحذرهم وينذرهم فلم يأبهوا
بالخطر، حتى استفحل أمر العباسيين، وخرج عليه أبو مسلم
الخراسانى وحاربه، وعجز عنه نصر بن سيار، فاستصرخ
بمروان غير مرة إلا أنه بَعُد عن نجدته، لانشغاله باختلال أمر
أذربيجان والجزيرة. وبينما نصر بن سيار فى تقهقره أمام
جيوش أبى مسلم الخراسانى إذا به يمرض بالرى، ويحمله جنوده
إلى ساوة، ويموت بها، وعمره خمس وثمانون سنة.(10/521)
*النجاشى
هو أصحمة بن أبحر النجاشى ملك الحبشة، واسمه بالعربية
عطية، والنجاشى لقب لملوك الحبشة، أسلم على عهد النبى - صلى الله عليه وسلم -
وأخفى إيمانه عن قومه ولم يهاجر، وكان رِدءًا للمسلمين الذين
هاجروا إليه فى صدر الإسلام، ولم تنجح محاولات المشركين
للوقيعة بينه وبين المهاجرين إليه، وكتب إليه النبى - صلى الله عليه وسلم - ضمن
الملوك، وأرسل إليه عمرو بن أمية الضمرى فرد عليه يخبره أنه
أسلم على يد جعفر بن أبى طالب، كما أرسل إليه النبى - صلى الله عليه وسلم - ليزوجه
أمَّ حبيبة بنت أبى سفيان ويبعث بها إليه ففعل وأصدقها
أربعمائة دينار. قيل: إنه أرسل ابنَه وستين من أهل الحبشة إلى
النبى - صلى الله عليه وسلم - فغرقوا جميعا في الطريق، كما أسلم عنده عمرو بن
العاص وكان صديقًا له فى الجاهلية. ولما مات قال النبى - صلى الله عليه وسلم -: قد
مات اليوم عبد صالح يقال له أصحمة، فقوموا فصلُّوا على
أصحمة، وصفَّ الصحابة وصلى بهم عليه صلاة الغائب، وكان ذلك
أول مشروعيتها.(10/522)
*ابن نباتة
هو أبو يحيى بن نُباتة خطيب الخطباء، عبد الرحيم بن محمد بن
إسماعيل بن نُباتة الفارقى، الحُذاقى (نسبة إلى حذاقة بطن من
قضاعة، وقيل قبيلة من إياد) اللخمى العسقلانى المولد المصرى
الدار، ولى خطابة حلب لسيف الدولة، وفى خطبه دلالة على قوة
علمه، وسعته وقوة قريحته، واجتمع بالمتنبى فى خدمة سيف
الدولة الحمدانى. وهو من أهل ميّافارقين (بديار بكر)، وكان
خطيب حلب، وكان تقيًّا صالحًا، وله خطبة تعرف بالمنامية،
ويروى أنه رأى الرسول فى المنام، وسمَّاه الرسول - صلى الله عليه وسلم - خطيبًا،
وتفل فى فيه فظل ثمانية عشر يومًا لايستطعم فيها طعامًا ولا
شرابًا من أجل تلك التفلة وبركتها. تُوفىِّ بحلب سنة (374 هـ =
984 م)، وكان مولده فى سنة (335 هـ = 946 م) ودفن
بميّافارقين.(10/523)
*نافع بن الأزرق
هو أبو راشد نافع بن الأزرق بن قيس بن نهار الحنفى البكرى
من رؤساء الخوارج وإليه تنسب فرقة الأزارقة. كان نافع من
أنصار عثمان بن عفان، رضى الله عنه، ووالىَ على بن أبى
طالب، رضى الله عنه، إلى أن كانت قضية التحكيم بين على
ومعاوية فاجتمع هو وأصحابه فى حروراء ونادوا بالخروج على
علىّ. وكان أول خروجه بالبصرة فى عهد عبد الله بن الزبير.
وفى سنة (65 هـ = 685 م) اشتدت شوكته وكثرت جموعه، فبعث
إليه عبدُ الله بن الحارث مسلم بن عبس بن كريز على جيش كثيف
فاشتد بينهما القتال حتى قُتل مسلم أمير الجيش، وقُتل نافع
أمير الخوارج، وكان ذلك فى (جمادى الآخرة 65 هـ = يناير 685
م).(10/524)
*ميسون بنت بحدل الكلبية
هى ميسون بنت بحدل بن أنيف بن ذلجة الكلبية زوج معاوية بن
أبى سفيان وأم ابنه يزيد، وكانت تسكن البادية. وهى شاعرة
عربية كانت تشتهر بالفصاحة، وتزوجها معاوية بن أبى سفيان
ونقلها من البادية إلى دمشق، وأسكنها قصرًا من قصور
الخلافة. وكانت ميسون تحنُّ إلى مسقط رأسها (البادية) وقد
قالت: لَلبْس عباءةٍ وتقرَّ عينى أحبُّ إلىَّ من لُبْسِ
الشفوفِ وكلب ينبح الأضياف دونى أحبُّ إلى من هزِّ
الدفوفِ وتُوفيت ميسون سنة (80 هـ = 699 م).(10/525)
*موسى بن أبى العافية
هو موسى بن أبى العافية بن أبى بسال بن أبى الضحاك
المكناسى مؤسس الإمارة المكناسية بمراكش. كان يمتاز
بالشجاعة والدهاء، وقد استولى على فاس والمغرب وقام بطرد
الأدارسة فأخرجهم من ديارهم وأجلاهم عن بلادهم، وصار فى
ملكه سنة (317 هـ = 929 م) من أحواز تيهرت إلى السوس
الأقصى. وكان موسى بن أبى العافية يدعو لعبد الرحمن الناصر
الأموى، فعلم عبيد الله المهدى الفاطمى فسيَّر إليه جيشًا يقاتله،
فظلت الحرب سجالاً إلى أن قُتل موسى بن أبى العافية فى
صحارى قلوية وكان ذلك سنة (341 هـ = 952 م).(10/526)
*موسى بن شاكر
موسى بن شاكر. فلكى: والد المهندسين الثلاثة المعروفين ببنى
موسى، وهم: محمد بن موسى، وأحمد بن موسى، والحسن بن
موسى، وكانوا جميعًا متقدمين فى الرياضيات وهيئة الأفلاك.
كان فى شبابه من قُطَّاع الطرق، وتاب فدخل فى خدمة
المأمون، وتعلم التنجيم وهيئة الأفلاك. ثم مات وأبناؤه صغار،
فأُلحِقوا ببيت الحكمة للتعلم، ونبغوا، ولهم كتب فى علوم
الأوائل، جمعوها من بلدانها واستقدموا لها المترجمين من كل
الأصقاع. يُنسب إليه كتاب الدرجات فى طبائع الكواكب السبعة.(10/527)
*أرسطو
أرسطو طاليس أو أرسطاطاليس كما يُعرف فى المصادر العربية،
من كبار فلاسفة الإغريق القدماء، واشتهر عند فلاسفة المسلمين
بلقب (المعلم الأول). وُلد أرسطو فى عام (384 ق. م) فى بلدة
أسطاغيرا المطلة على بحر إيجة، وكان أبوه طبيبًا لملك مقدونيا
فنشأ أرسطو فى بيت الملك مهذب الخلق دقيق الفكر، وبعد
وفاة والده رحل إلى الريف ثم أقام فى أثينا بعد سنة (367 ق.
م) واستمع إلى البلغاء والخطباء وأعجب بهم وبقدرتهم على
صناعة الكلام، ثم التحق بمدرسة أفلاطون وتتلمذ على يديه
فكان أفضل تلاميذه. وفى أخريات حياته أسس مدرسة أثينا
التى سميت بالمدرسة المشائية. وكان لأرسطو أثر فى تنشئة
الأمير المقدونى الإسكندر الأكبر، ومن أفكاره أنه يقسم العلم
إلى المنطق، والنظر، والعمل، والشعر، ونادى بالمدينة
الفاضلة، وقسم العلل إلى العلة المادية، والعلة الصورية، والعلة
الفاعلية، والعلة الغائية. وقد ترك أرسطو نحوًا من (25) كتابًا
جمعها تلميذه ثيوفراست، وكانت هذه الكتب مرجعًا لعلماء
اليونان والرومان، ومن هذه الكتب: 1 - كتاب الأورجانون أو
المنطق. 2 - كتاب الطبيعة ووظائف الأعضاء. 3 - كتاب التاريخ
الطبيعى. 4 - كتاب ما وراء الطبيعة. 5 - كتاب الرياضيات.
وتُوفى أرسطو عام (222 ق. م).(10/528)
*الإدريسى
هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن إدريس بن يحيى الحمورى
الملقب بالشريف الإدريسى، عمدة الجغرافيين المسلمين فى
القرن (6هـ =12م). وُلد بمدينة سبتة بالمغرب الأقصى سنة (493
هـ =1099م) لأب ينتهى نسبه إلى الحسن بن على بن أبى
طالب، وجده الحادى عشر تلقى الإدريسى علوم الجغرافيا
والهندسة والفلك والنبات وغيرها فى مسقط رأسه سبتة، ولم
يكتفِ بالدرس والمطالعة، بل كان يطوف فى الأرض وهو فى
السادسة عشرة، وكان لرحلاته أثر كبير فى تنمية الجغرافية.
ومن أهم أعماله رسم خريطة للكرة الأرضية على كرة من الفضة
أهداها إلى الملك روجر الثانى ملك صقلية، كما ألف كتبًا، منها:
نزهة المشتاق فى اختراق الآفاق، وروض الأنس ونزهة النفس
أو المسالك والممالك، وروض الفرج ونزهة المهج، والجامع
لصفات أشتات النبات فى علم النبات، كما استطاع أن يقدر
محيط الأرض. وتوفى الإدريسى سنة (560 هـ = 1164 م) وقيل:
سنة (569 هـ = 1173 م).(10/529)
*الزمخشرى
هو محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمى الزمخشرى جار
الله أبو القاسم، من أئمة النحو واللغة والأدب والتفسير، وُلِد فى
سنة (467 هـ = 1075 م) فى زمخشر (إحدى قرى خوارزم) فى
أزهى عصور العلوم والآداب، وكان إمام عصره، تُشد إليه
الرحال فى فنونه، وقد سافر إلى بلاد كثيرة منها مكة، وعاش
بها زمنًا، وما دخل بلدًا إلا واجتمع عليه الناس وأفادوا منه،
وكان الزمخشرى معتزلى المذهب مجاهرًا به شديد الإنكار على
المتصوفة، ومن شيوخه: أبو مضر محمود بن جرير الضبى
الأصفهانى، وأبو منصور نصر الحارثى، وأبو سعد الشقانى،
وأبو على الحسن بن المظفر النيسابورى، وغيرهم، ومن
تلاميذه: أبو عمرو عامر بن الحسن السمار، وأبو المحاسن عبد
الرحيم بن عبد الله البزار، وأبو سعد أحمد بن محمود الشانى،
وغيرهم، وكان الزمخشرى مقطوع الرجل قد صنعت له رجل من
خشب يستعين بها فى المشى. وقد ألف الزمخشرى كثيرًا من
المؤلفات، من أشهرها: الكشاف فى تفسير القرآن، والمفصل
والأنموذج فى النحو، والمستقصى فى الأمثال، وأساس البلاغة
فى اللغة. وتوفى الزمخشرى سنة (538 هـ = 1144 م).(10/530)
*ابن أبى مهاجر
هو إسماعيل بن عبيد الله بن أبى المهاجر، أبو عبد الحميد،
الدمشقى، مولى بنى مخزوم: تابعى، من العلماء الثقات، ومفقِّه
أولاد الخليفة عبد الملك بن مروان، يضرب به وبعمر بن عبد العزيز
المثل فى الزهد. حدَّث عن السائب بن يزيد، وأنس بن مالك،
وعبد الرحمن بن غنم، وأم الدرداء، وغيرهم. روى عنه الأوزاعى،
وسعيد بن عبد العزيز، وغيرهما، وثَّقه أحمد العجلى وغيره،
ولاَّه عمر بن عبد العزيز المغرب فأقام بها سنتين، فأسلم عامة
البربر فى ولايته. مات ابن أبى المهاجر فى سنة اثنتين وثلاثين
ومائة، قبل دخول بنى العباس دمشق بثلاثة أشهر.(10/531)
*محمد رشيد رضا
هو محمد رشيد بن على رضا بن محمد شمس الدين. أحد رجال
الإصلاح فى العصر الحديث. وُلد سنة (1282 هـ = 1865 م) فى
القلمون، من أعمال طرابلس، وبها نشأ وتعلم. رحل إلى مصر
سنة (1315 هـ)، فلازم الإمام محمد عبده وتتلمذ على يديه، وقد
اتصل به من قبل فى بيروت، واستقر فى مصر. وتعددت رحلات
الشيخ رشيد إلى سوريا والهند والحجاز وأوربا، وكان من دعاة
الجامعة الإسلامية تحت رعاية الخليفة العثمانى، وعُرف عنه أنه
كان لا يلتزم بمذهب من المذاهب الإسلامية المعروفة. وكانت له
آراء جرَّت عليه حملات كثيرة. وقد ترك الشيخ رشيد رضا عدداً
من الآثار الفكرية، يأتى فى مقدمتها: مجلته المعروفة المنار،
وأصدر منها (34) مجلداً، وتفسير القرآن الكريم فى (12) مجلداً،
ولم يكمله، والوحى المحمدى، والوهابيون والحجاز. وتُوفَّى
الشيخ رشيد بمصر فجأة فى سيارة كان راجعاً بها من السويس
إلى القاهرة، سنة (1354 هـ = 1935 م).(10/532)
*ابن بسام
هو أبو الحسن على بن بسام الشنترينى. أحد أعلام الأندلس فى
الأدب فى القرنين الخامس والسادس الهجريين. وُلِد بمدينة
شنترين، على بعد نحو سبعين كيلو متراً من الشمال الشرقى
لمدينة لشبونة، ومن المرجح أن يكون مولده بين سنتى (450،و
460 هـ = 1058،و 1068 م)، ونشأ فى أسرة ثرية أغنته عن
التكسب. وبعد سقوط شنترين فى أيدى المرابطين سنة (485 هـ
= 1092 م) تعددت رحلات ابن بسام حتى استقر فى إشبيلية،
وفى هذه الفترة جمع أشعار الوزير ابن عمار فى كتاب سماه
نخبة الاختيار فى أشعار ذى الوزارتين أبى بكر بن عمار،
وجمع رسائل محمد بن إسحاق بن طاهر فى كتاب سماه سلك
الجواهر فى ترسيل ابن طاهر. ويُعد كتابه الذخيرة فى محاسن
أهل الجزيرة من أعظم كتب الأدب فى الأندلس؛ إذ تبدو فيه
ثقافة المؤلف الواسعة ورؤيته النقدية الفاحصة. وتُوفِّى ابن بسام
سنة (542 هـ = 1147 م).(10/533)
*سعد بن أبى وقاص
هو سعد بن مالك بن أهيب. أحد كبار الصحابة، ومن العشرة
المبشرين بالجنة. أسلم مبكراً، وهو فى التاسعة عشرة من
عمره، وكان سابع سبعة دخلوا فى الإسلام. شهد سعد بن أبى
وقاص المشاهد كلها مع رسول الله، وكان أول من رمى بسهم
فى سبيل الله، كما كان مستجاب الدعوة. أمَّره عمر بن الخطاب،
رضى الله عنه، على حرب العراق؛ فقاد جيوش المسلمين فى
معركة القادسية، وحقق فيها نصرًا مؤزرًا فتح الطريق أمام
الفتوحات الإسلامية جهة الشرق، فسقطت المدائن عاصمة الفرس
فى يده، وكان ذلك إيذاناً بانتهاء الإمبراطورية الفارسية. وقد
أسس سعد مدينة الكوفة سنة (18 هـ)، وأصبحت عاصمة للعراق،
ومقرًّا لسعد حتى سنة (21 هـ)؛ حيث عزله عمر بن الخطاب، ثم
مال سعد إلى حياة العزلة والاعتكاف؛ فرفض الترشيح للخلافة
بعد مقتل عمر؛ إذ كان أحد ستة رشحهم عمر لتولى الخلافة،
كما لزم سعد بيته فى أثناء الفتنة الكبرى وبعدها، وظل فى
عزلته حتى تُوفِّى سنة (55 هـ = 675 م).(10/534)
*سعيد بن زيد
هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل. أحد كبار الصحابة، ومن
العشرة المبشرين بالجنة، وابن عم عمر بن الخطاب، وزوج أخته
فاطمة، رضى الله عنهم جميعاً. أسلم قبل عمر بن الخطاب هو
وامرأته فاطمة التى كانت سبباً فى إسلام أخيها عمر، وكان من
المهاجرين الأولين، وآخى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين أُبَىَ بن كعب.
وشهد المشاهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا بدراً؛ لأن الرسول بعثه مع
طلحة بن عبيد الله إلى طريق الشام يتحسسان أخبار قافلة أبى
سفيان، ثم رجعا إلى المدينة يوم وقعة بدر، فضرب لهما رسول
الله (بسهمهما وأجرهما، كما شهد سعيد معركة اليرموك وحصار
دمشق. وتُوفِّى سنة (50هـ)، وقيل: سنة (51هـ)، بالعقيق من
نواحى المدينة.(10/535)
*ياقوت الحموى
هو شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموى. أحد
كبار المؤرخين والجغرافيين فى القرن السابع الهجرى. وُلِد سنة
(574هـ = 1178م)، وأُخِذ أسيرًا من بلاد الروم وبيع فى بغداد
لتاجر يُدعَى عسكر الحموى؛ فنسب إليه ياقوت، فأرسله إلى
من يعلمه لينتفع به فى أعماله التجارية. وبعد فترة انفصل
ياقوت عن سيده، واكتسب عيشه من نسخ الكتب، فأفاد علمًا
ومالاً. وتعددت أسفار ياقوت الحموى حتى استقر به المقام فى
خوارزم، ثم تركها سنة (616هـ = 1219م) حين أغار عليها
جنكيز خان، واتجه إلى الموصل ثم إلى حلب. وقد ألف ياقوت
عدة كتب نالت شهرة واسعة ورواجاً بين أهل العلم، يأتى فى
مقدمتها: معجم الأدباء، ومعجم البلدان، والمشترك وضعاً
والمفترق صقعاً. وتُوفِّى ياقوت الحموى بظاهر حلب سنة (626هـ
= 1229م).(10/536)
*سليمان الحلبى
هو سليمان بن محمد أمين. وطنى من حلب، ارتبط اسمه بقتل
الجنرال الفرنسى كليبر قائد الحملة الفرنسية بعد نابليون. وُلِد
بحلب سنة (1191هـ = 1777م)، ورحل إلى القاهرة؛ حيث درس
بالأزهر لمدة ثلاث سنوات، عاد بعدها إلى مسقط رأسه. وفى
أثناء محاولة الدولة العثمانية استعادة مصر من قبضة الحملة
الفرنسية عن طريق الشام وفلسطين، اتصل سليمان - وكان
وقتها بغزة - ببعض القادة العثمانيين، وعاهدهم على اغتيال
كليبر، فقصد القاهرة وأخذ يتعقب كليبر حتى ظفر به وطعنه
عدة طعنات مات على أثرها، وحوكم سليمان ونفذ فيه حكم
الإعدام فى (17 من يونيو 1800م) بتل العقارب، وأعدم معه ثلاثة
من علماء الأزهر لم يفشوا سر سليمان، وهم: عبد الله الغزى
ومحمد الغزى وأحمد الوالى.(10/537)
*التونسى
هو محمد بن عمر بن سليمان التونسى. أحد مؤرخى القرن الثالث
عشر الهجرى. وُلِد فى تونس سنة (1204هـ = 1789م)، لأبٍ
تونسى وأم مصرية، ونشأ فى مصر، وتلقى تعليمه فى الجامع
الأزهر، ثم رحل إلى دافور بالسودان؛ حيث التقى بأبيه، وأقام
معه نحو سبع سنوات، ألمَّ خلالها بأحوال البلاد السياسية
والاجتماعية، ثم رحل إلى تونس، ثم عاد مرة أخرى إلى
القاهرة، والتحق بالجيش المصرى واعظاً، وسافر مع الفرقة
المصرية التى اشتركت فى حرب المورة سنة (1827م)، ثم اشتغل
بتنقيح الترجمة العربية لكتب الطب التى كانت تدرس فى كلية
الطب البيطرى بأبى زعبل، بعد أن عُيِّن فيها كبيراً للمراجعين.
وترك التونسى عدداً من المؤلفات، منها: الشذور الذهبية فى
المصطلحات الطبية، والدر اللامع فى النبات وما فيه من الخواص
والمنافع، وروضة النجاح الكبرى فى العمليات الجراحية
الصغرى، وتشحيذ الأذهان بسيرة بلاد العرب والسودان. وفى
أخريات حياته كان يلقى دروساً فى الحديث بمسجد السيدة
زينب، حتى تُوفِّى بالقاهرة سنة (1274هـ = 1857م).(10/538)
*سلمان الفارسى
صحابى جليل من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويُعرَف بسلمان الخير،
ولما سئل عن نسبه قال: أنا سلمان بن الإسلام. أصله من فارس،
وكان مجوسيًّا. وقصة إسلامه تتلخص فى محاولته البحث عن
الحقيقة فقد أعجبه دين النصارى لكن أباه قيده ومنعه من
الاتصال بهم، ثم استطاع فك قيده وأن يذهب إلى الشام لهذا
الغرض، وهناك أخبره رجل فى عمورية أن هذا زمن ظهور خاتم
الأنبياء؛ فرحل إلى بلاد العرب مع ركب منهم لكنهم باعوه لرجل
يهودى من بنى قريظة. وعندما هاجر النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة جلس
سلمان بين يديه وبكى عندما رأى خاتم النبوة بين منكبيه (،
وقص قصته وأسلم، وآخى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين أبى الدرداء.
وكان أول مشاهده مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هى غزوة الأحزاب، وهو
الذى أشار على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفر الخندق، ولم يتخلف بعدها عن
مشهد من مشاهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وتُوفِّى فى آخر خلافة عثمان بن
عفان، رضى الله عنه.(10/539)
*الزيلعى
هو أبو محمد عثمان بن على بن محجن. أحد أئمة الفقه الحنفى
فى القرن الثامن الهجرى وهو من أهل زيلع، وإليها نُسِب. وقدم
إلى القاهرة سنة (705هـ = 1305م)، وكان متمكناً من فقه
الحنفية؛ فجلس للتدريس والإفتاء. وقد ترك الزيلعى عدداً من
المؤلفات، أشهرها: تبيين الحقائق لما فيه تبيين ما أكنز من
الدقائق فى فقه الحنفية، وهو شرح لكتاب كنز الدقائق
للنسفى، وقد طُبِع الكتاب بمصر سنة (1303هـ = 1885م)، وله
أيضاً كتاب بركة الكلام على أحاديث الأحكام، وشرح الجامع
الكبير. وتُوفِّى الزيلعى فى القاهرة فى رمضان سنة (743هـ =
1343م)، ودُفِن بقرافة الشافعى إبان سلطنة الناصر محمد.(10/540)
*الترمذى
هو محمد بن عيسى بن سورة. أحد أئمة الحديث فى القرن الثالث
الهجرى. وُلِد فى ترمذ سنة (209 هـ = 824 م)، وجدَّ - منذ صغره -
فى طلب الحديث؛ فرحل إلى الحجاز والعراق وخراسان وغيرها
يأخذ عن الحفاظ وكبار المحدثين، منهم: الإمام البخارى صاحب
الجامع الصحيح، وبلغ من تقدير البخارى لتلميذه الترمذى أن
روى عنه حديثاً فى صحيحه. وقد صنف الترمذى عدة كتب،
وصل إلينا منها اثنان، هما: الجامع الصحيح المعروف بسنن
الترمذى، وهو أحد الكتب الستة المعتمدة فى الحديث النبوى،
والشمائل المحمدية. وقد كُفَّ بصر الترمذى فى آخر عمره حتى
تُوفِّى سنة (279 هـ = 892 م).(10/541)
*نابليون بونابرت
عسكرى عبقرى وإمبراطور فرنسى. وُلِد فى جزيرة كورسيكا
الإيطالية سنة (1769 م)، ودرس العلوم العسكرية فى فرنسا،
وتخرج ضابطاً فى سلاح المدفعية. برز اسمه عندما تمكن من
حماية مدينة طولون فى أثناء الثورة الفرنسية عام (1793 م)، ثم
عُيِّن قائداً للجيش الفرنسى فى إيطاليا، فأخذ ينتقل من نصر
إلى نصر ضد الجيوش الإيطالية والنمساوية المناوئة، ثم قام
بحملة على مصر سنة (1798 م)، وأراد أن يتوسع شرقاً بعد غزو
مصر، لكن عكا استعصت عليه، فعاد إلى فرنسا، تاركاً الجيش
لقيادة كليبر. وبعودة نابليون إلى فرنسا أصبح زعيمها الأول،
وخاض عدة معارك ناجحة ضد روسيا والنمسا، ثم ضد بريطانيا
وحلفائها الأوربيين، ثم انفرد بالسلطة ونصَّب نفسه إمبراطوراً
سنة (1804 م)، وشرع فى تحقيق حلمه الكبير، وهو توحيد أوربا
تحت قيادته، لكن حلمه تبدد أمام حرب العصابات التى واجهها
فى إسبانيا والبرتغال، وإخفاقه فى تحقيق نصر حاسم فى
روسيا، رغم احتلاله العاصمة موسكو. وكما كسب المعارك خسر
الواحدة تلو الأخرى حتى تخلَّى عن العرش، ونُفِى إلى جزيرة
ألبا سنة (1814 م)، وبعد مائة يوم عاد إلى فرنسا معتمداً على
ولاء ضباط الجيش له، وقام بحملة عسكرية ضد الجيوش المتحالفة
ضده حقق فيها انتصارات، لكنه مُنِى بهزيمة منكرة فى واترلو
فى أثناء محاصرته الجيش البريطانى، وبعد الهزيمة نُفِى إلى
جزيرة هيلانة فى المحيط الأطلسى، وتُوفِّى بها عام (1821 م).(10/542)
*بونابرت
عسكرى عبقرى وإمبراطور فرنسى. وُلِد فى جزيرة كورسيكا
الإيطالية سنة (1769 م)، ودرس العلوم العسكرية فى فرنسا،
وتخرج ضابطاً فى سلاح المدفعية. برز اسمه عندما تمكن من
حماية مدينة طولون فى أثناء الثورة الفرنسية عام (1793 م)، ثم
عُيِّن قائداً للجيش الفرنسى فى إيطاليا، فأخذ ينتقل من نصر
إلى نصر ضد الجيوش الإيطالية والنمساوية المناوئة، ثم قام
بحملة على مصر سنة (1798 م)، وأراد أن يتوسع شرقاً بعد غزو
مصر، لكن عكا استعصت عليه، فعاد إلى فرنسا، تاركاً الجيش
لقيادة كليبر. وبعودة نابليون إلى فرنسا أصبح زعيمها الأول،
وخاض عدة معارك ناجحة ضد روسيا والنمسا، ثم ضد بريطانيا
وحلفائها الأوربيين، ثم انفرد بالسلطة ونصَّب نفسه إمبراطوراً
سنة (1804 م)، وشرع فى تحقيق حلمه الكبير، وهو توحيد أوربا
تحت قيادته، لكن حلمه تبدد أمام حرب العصابات التى واجهها
فى إسبانيا والبرتغال، وإخفاقه فى تحقيق نصر حاسم فى
روسيا، رغم احتلاله العاصمة موسكو. وكما كسب المعارك خسر
الواحدة تلو الأخرى حتى تخلَّى عن العرش، ونُفِى إلى جزيرة
ألبا سنة (1814 م)، وبعد مائة يوم عاد إلى فرنسا معتمداً على
ولاء ضباط الجيش له، وقام بحملة عسكرية ضد الجيوش المتحالفة
ضده حقق فيها انتصارات، لكنه مُنِى بهزيمة منكرة فى واترلو
فى أثناء محاصرته الجيش البريطانى، وبعد الهزيمة نُفِى إلى
جزيرة هيلانة فى المحيط الأطلسى، وتُوفِّى بها عام (1821 م).(10/543)
*يزيد الشيبانى
هو أبو خالد يزيد بن مزيد بن زائدة الشيبانى. أحد القادة
المعروفين فى العصر العباسى. مات أبوه وهو صغير، فكفله
عمه معن بن زائدة، وقدَّمه على أولاده؛ لفطنته وشجاعته. ولى
اليمن وأرمينية وأذربيجان، وعندما ثار الخوارج على الدولة
العباسية بقيادة الوليد بن طريف الشيبانى، انتدبه هارون الرشيد
لقتاله، فكانت بينهما وقائع انتهت بقتل ابن طريف وهزيمة
الخوارج سنة (179 هـ). واشتهر يزيد بالشجاعة والكرم
والمروءة؛ فوفد إليه الشعراء يمدحونه راغبين فى عطائه.
وتُوفِّى يزيد سنة (191 هـ = 807 م).(10/544)
*وكيع بن الجراح
هو أبو سفيان وكيع بن الجراح بن مليح. أحد أئمة الحديث فى
القرن الثانى الهجرى. وُلِد بالكوفة سنة (129 هـ = 746 م)،
وتلقى علوم الحديث والفقه، حتى أصبح محدث العراق فى
عصره. وكان وكيع ثقة ثبتاً ورعاً زاهداً. قال عنه الإمام أحمد بن
حنبل: ما رأيت أحداً أوعى منه ولا أحفظ، وكيع إمام المسلمين.
وقد ألف وكيع عدداً من المصنفات، منها: تفسير القرآن،
والسنن، والزهد. وتُوفِّى وهو عائد من الحج سنة (197 هـ = 812
م).(10/545)
*واصل بن عطاء
هو أبو حذيفة واصل بن عطاء الغزَّال، رأس مذهب الاعتزال. ولد
بالمدينة سنة (80 هـ)، ونشأ بالبصرة، ولزم دروس الحسن
البصرى، فلما قالت الخوارج بكفر مرتكب الكبيرة، وقالت
الجماعة بأن مرتكب الكبائر مؤمن غير كافر، وإن كان فاسقًا،
خرج واصل عن الفرقتين، وقال: إن الفاسق ليس بمؤمن وليس
بكافر، واعتزل مجلس الحسن، وتبعته جماعة فعُرِفوا بالمعتزلة.
كان واصل من كبار البلغاء والمتكلمين، وكان يلثغ بالراء
فيجعلها غينًا فتجنب الراء فى خطابه، وضُرب به المثل فى ذلك.
وقد ألَّف واصل بن عطاء عدَّة كتب، منها: أصناف المرجئة،
والمنزلة بين المنزلتين، ومعانى القرآن، والسبيل إلى معرفة
الحق. وتُوفىِّ واصل بن عطاء سنة (131 هـ).(10/546)
*حاجى خليفة
هو مصطفى بن عبد الله المعروف بحاجى خليفة، مؤرِّخ تركىّ.
ولد بإستانبول سنة (1017 هـ = 1608 م)، وحفظ القرآن، ودرس
العربية والفقه والحساب، وعُنِى عناية خاصة بالتاريخ
والجغرافيا. صحبه والده فى أسفاره، حيث كان يعمل فى خدمة
الجيش العثمانى، فزار عددًا من البلاد، ثم استقر فى إستانبول
منذ سنة (1055 هـ = 1645 م)، وانصرف إلى التدريس والتأليف،
ومعظم مؤلفاته باللغة العربية. ويعد كتابه كشف الظنون عن
أسامى الكتب والفنون أشهر مؤلفاته، وهو يشتمل على زهاء
(15) ألفًا من أسماء الكتب العربية والتركية والفارسية. وله
أيضًا: تقويم التواريخ، وسلم الوصول إلى طبقات الفحول،
وتحفة الكبار فى أسفار البحار. وتُوفىِّ حاجى خليفة باستانبول
سنة (1067 هـ = 1656 م).(10/547)
*الحسن البصرى
هو الحسن بن يسار البصرى أحد كبار التابعين. وُلِد سنة (21 هـ =
642 م) فى المدينة لأبوين من الموالى، فقد كان أبوه فارسيًّا،
أُسِر فى ميسان بالعراق، وجئ به إلى المدينة، وأصبح مولى
لزيد بن ثابت، رضى الله عنه. وكانت أمه مولاة لأم المؤمنين أم
سلمة، رضى الله عنها. شب الحسن بالمدينة، ثم رحل إلى البصرة
سنة (38 هـ)، واشترك فى الفتوحات التى وقعت فى شرقى
إيران. وتولى منصب الكاتب فى ولاية خراسان إبان خلافة
معاوية بن أبى سفيان. تتلمذ الحسن البصرى على مجموعة من
كبار علماء البصرة، ولما نهل من العلم جلس للتدريس، وتخرج
على يديه كثير من العلماء فى مختلف فروع المعرفة الإسلامية.
يدل على ذلك تصدر اسمه كتب الطبقات التى ترجمت لأعلام
المسلمين، فيتصدر اسمه أسماء العلماء الذين بدأت بهم مدرسة
السيرة والتاريخ ومذاهب علم الكلام، وأئمة الزهد والوعظ،
وأساطين الفصاحة والبلاغة، ورجال الفقه والتفسير، وغيرهم.
وتوفى الحسن البصرى سنة (110 هـ = 728 م).(10/548)
*محمد بن على السنوسى
زعيم السنوسيين، وواحد من كبار المصلحين فى العالم الإسلامى
فى العصر الحديث. ولد بمقاطعة وهران بالجزائر سنة (1202 هـ =
1798 م)، ورحل إلى فاس سنة (1812 م)، والتحق بالقرويين،
وبعد تخرجه فيها عُيِّن مدرسًا بالجامع الكبير بفاس. ترك
السنوسى عددًا من المؤلفات بلغ نحو (40) كتاباً، منها: إيقاظ
الوسنان فى العمل بالحديث والقرآن، وشفاء الصدور، والتحفة
فى أوائل الكتبة، والدرر السنية فى أخبار السلالة الإدريسية.
وتوفى السنوسى سنة (1859 م) فى جغبوب بليبيا.(10/549)
*عمرو بن مسعدة
هو عمرو بن مسعدة بن سعد بن صول، وزير الخليفة المأمون،
وواحد من الكتاب البلغاء فى العصر العباسى، وابن عم الشاعر
الناثر المعروف إبراهيم بن العباس الصولى. اشتهر عمرو
بالفصاحة وقوة البيان، فاتصل بالمأمون وعلت مكانته عنده
لعلمه وأدبه، فكان يكتب له رسائله وكتبه. وتميزت كتابات عمرو
بن مسعدة بالإيجاز وإختيار الجزل من الألفاظ، وتضم كتب الأدب
كثيرًا من رسائله وتوقيعاته. وتوفى عمرو بن مسعدة فى أذنة
(أطنه) بتركيا سنة (217 هـ = 832 م).(10/550)
*عمير بن أبى وقاص
صحابى جليل وأخو سعد بن أبى وقاص. وُلِد قبل الهجرة بأربعة
عشر عامًا وهاجر إلى المدينة مع من هاجر، وشهد بدرًا، وكان
يتوارى من النبى - صلى الله عليه وسلم - مخافة ألا يسمح له بحضورها، فلما بكى
أجازه النبى، وكان سيفه طويلاً، فعقد عليه حمائل سيفه.
استشهد ببدر سنة (2 هـ)، وعمره (16) سنة، قتله عمر بن عبدودّ.(10/551)
*ابن فضل الله العمرى
هو أحمد بن يحيى بن فضل الله بن مجلى، مؤرخ وأديب
وجغرافى، ولد فى دمشق سنة (700 = 1301 م)، وبها نشأ
وتعلم على يد عدد من علمائها أمثال الشيخ كمال الدين بن
قاضى شهبة، وشمس الدين بن مسلم، وتقى الدين بن تيمية،
وظل مقيمًا فى دمشق إلى أن وقع الطاعون بها، فخرج للحج
فأصابته الحمى فى الطريق، فمات فى يوم عرفة سنة (749 هـ =
1349 م). وقد ترك ابن فضل الله عدداً من المؤلفات، أهمها:
مسالك الأبصار فى ممالك الأمصار، وهو اشهر كتبه، ومختصر
قلائد العقيان، وممالك عباد الصليب، وصبابة المشتاق فى
المدائح النبوية، وفواصل السمر فى فضائل آل عمر.(10/552)
*الفضل بن يحيى
هو أبو العباس الفضل بن يحيى بن خالد البرمكى من كبار رجال
الدولة فى العصر العباسى. عهد إليه الرشيد بالوزارة لفترة
قصيرة، ثم جعله واليًا على القسم الشرقى من الخلافة سنة (178
هـ)، فأقام بخراسان وحسنت سيرته بين الناس، وقام بإصلاحات
عديدة، وقرب إليه العلماء والأدباء والشعراء. وظل الفضل واليًا
على المشرق حتى سنة (187 هـ)، وهى السنة التى نكبت فيها
البرامكة، فقبض عليه، وأودع السجن، وظل فيه حتى توفى
سنة (193 هـ = 808 م).(10/553)
*القاسم بن محمد بن أبى بكر
هو أبو محمد القاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق، من كبار
التابعين، وأحد الفقهاء السبعة المعروفين. روى عن كثير من
الصحابة، وروى عنه كثير من التابعين وتابعيهم. توفى سنة
(107 هـ = 725 م) وقيل غير ذلك، عن عمر يناهز السبعين عامًا
بعد أن كُفَّ بصرُه، ودفن بقديد (مكان بين مكة والمدينة).(10/554)
*زهير بن أبى سلمى
هو زهير بن أبى سُلْمى ربيعة بن رياح المزنى، أحد فحول
شعراء الجاهليةالأربعة، وهم: امرؤ القيس، والنابغة، وزهير،
والأعشى، ومن أصحاب المعلقات. وآل أبى سلمى نشأوا فى
غطفان أحلافًا لهم، وإن كان نسبهم فى مزينة وتخرج زهير فى
الشعر على بشامة بن الغدير الشاعر، خال أبيه، وعلى زوج أمه
أوس بن حجر شاعر مضر فى زمانه، ففاقهما فى الشعر، وله
ديوان شعر، الكثير منه فى مدح هَرِم بن سنان الذبيانى المرّى،
ومن ذلك معلقته الشهيرة التى مدحه بها لحسن سعيه هو
والحارث بن عوف فى الصلح بين عبس وذبيان فى حرب داحس
والغبراء بتحمُّلهما ديات القتلى. وتوفى زهير قبل البعثة النبوية
بعام.(10/555)
*القعقاع بن عمرو
هو القعقاع بن عمرو التميمى صحابى جليل، وأحد فرسان
المسلمين وشعرائهم، شهد فتح دمشق، وأكثر فتوح العراق. له
بلاء حسن فى قتال الفرس بالقادسية، وله فى ذلك أشعار
مشهورة. وشهد مع على - رضى الله عنه - معركتى الجمل
وصفّين، وكان أبو بكر الصديق يقول عنه: صوت القعقاع فى
الجيش خير من ألف رجل. وتُوفىِّ القعقاع نحو سنة (40 هـ = 660
م).(10/556)
*أحمد درانى
هو أحمد شاه بن محمد زمان خان السدوزائى، مؤسس أسرة
درانى التى حكمت أفغانستان (1747 - 1834 م)، ويعرف
بالإبدالى نسبة إلى قبيلة الإبدال بأفغانستان. وُلِد أحمد درانى
سنة (1724 م)، وكان أبوه أميراً على أفغانستان فلما تُوفِّى
قبض حسين شاه حاكم قندهار على أحمد وأخيه ذى الفقار،
وعندما غزا نادر شاه - ملك فارس - بلاد الهند أطلق سراح أحمد،
وجعله تابعًا شخصيًّا له ثم عينه قائدًا لكتيبته، وفى سنة (1747
م) قُتل نادر شاه فانتخب الجنود الأفغان أحمد زعيمًا لهم وسموه
بدر درانى، أى: درة الدرر وكان عمره وقتئذٍ (23) عامًا. نجح
أحمد درانى فى تأسيس الدولة الأفغانية واتخذ قندهار عاصمة
لها، وبعد أن أرسى قواعد حكومته انحدر إلى سهول البنجاب،
وقاد حروبًا كثيرة فى الهند كان يهدف من ورائها إلى دفع خطر
الجماعات التى كانت تكيد للدولة الإسلامية بالهند، وعلى رأسها
المراهتا والسيخ. كما قام أحمد درانى بسبع غزوات فى الهند
ونجح فى تأمين حكم الدولة الإسلامية بها وقضى على ثورات
المراهتا والسيخ. وقد قام بجانب أعماله الحربية العديدة ببعض
الأعمال العمرانية المهمة، مثل استكمال بناء مدينة قندهار الذى
بدأه نادر شاه. وتوفِّى أحمد درانى سنة (1773 م).(10/557)
*آمنة بنت وهب
هى آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة أم النبى محمد (. وُلدت
بمكة المكرمة فى بيت عُرف بالشرف وعراقة النسب، حيث كان
أبوها سيد قومه وزعيم عشيرته. كانت آمنة تمتاز بشدة الذكاء
وحسن البيان، وقد خطبها عبد المطلب جدُّ النبى - صلى الله عليه وسلم - لابنه عبد الله،
وبعد أيام من زواج عبد الله خرج فى تجارة أبيه إلى بلاد
الشام، وفى طريق عودته مات بيثرب ودفن عند أخواله من بنى
النجار، وكانت آمنة حينئذٍ حاملاً فى النبى - صلى الله عليه وسلم -، ولم تجد فى حملها
ووضعها ما تجده النساء من مشقة وتعب. وقد رأت آمنة فى
منامها قبل مولد النبى - صلى الله عليه وسلم - أن نورًا خرج منها فأضاء قصور الشام،
فقد ورد فى حديث النبى - صلى الله عليه وسلم -: ... ورأت أمى أنه خرج منها نور
أضاء قصور الشام، وكذلك ترى أمهات النبيين صلوات الله
وسلامه عليهم. [مسند أحمد: 4/ 128]. ووضعت السيدة آمنة
مولودها يتيماً فى يوم الاثنين (12من ربيع الأول 50 ق. هـ = 570
م)، ثم أعطته لمرضعة من بنى سعد وهى السيدة حليمة السعدية
فأرضعته. ولما انتهت فترة الرضاعة عاد إلى أمه وعاش معها
فى كفالة جده عبد المطلب. وفى إحدى زيارات آمنة لقبر زوجها
أخذت معها النبى - صلى الله عليه وسلم -، وأقامت هناك شهرًا، وأثناء العودة مرضت
وماتت فى الطريق بين مكة ويثرب فى سنة (45 ق. هـ = 575 م)
ودُفنت بمكان يسمَّى الأبواء.(10/558)
*الآمر بأحكام الله
هو أبو على المنصور بن أحمد المستعلى بالله عاشر خلفاء
الدولة الفاطمية الشيعية. وُلِد فى (13 من المحرم سنة 490 هـ)،
وبُويع بالخلافة بعد موت أبيه المستعلى فى (9 من صفر سنة
495 هـ) ولم يتجاوز السادسة من عمره، فكان أصغر مَنَ أُطلق
عليه لقب خليفة. ولصغر سنه قام بتدبير شئون الدولة الوزير
الأفضل الجمالى حتى كبر الآمر بأحكام الله فتولَّى تدبير شئون
الدولة. وكان الآمر محبًّا للعلم، فاهتم بدار الحكمة، وازدهرت
حركة الفنون والعمارة فى عهده. ومن أهم أعماله المعمارية:
بناء جامع الأقمر، الذى تُعَدُّ مئذنته من أروع مآذن مصر، وعلى
الرغم من هذه الجوانب الإيجابية فى حياته إلا أنه كان سيىء
السيرة، وشهدت البلاد فى عهده بعض الاضطرابات الداخلية،
إلى جانب سقوط بعض بلاد الشام فى أيدى الصليبيين، مثل:
عكا وبيروت وصور وطرابلس وصيدا. ومات الآمر مقتولاً سنة
(524 هـ).(10/559)
*ابن الأبار
هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبى بكر القضاعى
الأندلسى، وُلِد سنة (595 هـ = 1198 م). كان ابن الأبَّار محدثًا
بارعًا حافظًا، سمع على العديد من علماء عصره، وروى عنه
الكثير من العلماء والمحدِّثين، وكان أديبًا بليغًا، له اليد الطولى
فى البلاغة والإنشاء. ومن أهم مؤلفاته: 1 - كتاب: تحفة القادم.
2 - كتاب: الأربعون. 3 - كتاب: الحلة السيراء فى أشعار الأمراء. 4 -
كتاب: إيماض البرق. 5 - كتاب: تكملة الصلة، تكملة لكتاب الصلة
الذى ألفه ابن بشكوال. 6 - كتاب: أعتاب الكتاب. 7 - كتاب درر
السِّمط فى خبر السِّبط عليه السلام. وُتوفِّى ابن الأبار فى (20 من
المحرم سنة 658 هـ) فى تونس.(10/560)
*أبان بن سعيد بن العاص
هو أبان بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس القرشى
الأموى، أسلم بين الحديبية سنة (6 هـ = 627 م) وخيبر سنة (7
هـ = 628 م)، واستعمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على البحرين سنة (9 هـ =
630 م). وقيل: إنه أجار عثمان بن عفان - رضى الله عنه - لما
أرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية إلى مكة. واستشهد أبان يوم
أجنادين سنة (12 هـ = 633 م)، وقيل فى اليرموك سنة (15 هـ =
636 م)، وقيل فى يوم مرج الصَّفر سنة (14 هـ = 635 م).(10/561)
*أبان بن عبد الحميد اللاحقى
هو أبان بن عبد الحميد بن لاحق بن عُفْر، مولى بنى رقاش،
شاعر مطبوع، جيد النظم والحفظ، وكان حسن السيرة، حافظًا
للقرآن الكريم، عالمًا بالفقه، اتصل بالبرامكة، ومدحهم، ونظم
كتاب كليلة ودمنة شعرًا؛ فحسن موقعه عندهم، وأصبح مسئولاً
عن ديوان الشعر. وله ترجمات شعرية من الفارسية مثل: سيرة
أردشير، وسيرة أنوشروان، وتُوفِّى أبان سنة (200 هـ = 815
م).(10/562)
*إبراهيم الإمام
هو إبراهيم بن محمد بن على بن عبد الله بن العباس بن عبد
المطلب، كنيته أبو إسحاق، يُعدُّ أول قائد للدعوة العباسية قبل
إقامة دولتها، وهو أخو أبى العباس السفاح. وُلِد إبراهيم سنة
(82 هـ = 701 م)، وسكن الحميمة بالقرب من البحر الميت، وبعد
موت أبيه سنة (125 هـ = 742 م) حمل إبراهيم مسؤولية الدعوة
العباسية، وكان أبوه قد أوصى له بالإمامة من بعده، وكان
أتباعه يطلقون عليه الرضى من آل محمد إمعانًا فى التخفى.
واشتهر إبراهيم بفصاحة اللسان ورجاحة العقل، ورواية الحديث
والأدب، والجود والكرم. أرسل إبراهيم أبا مسلم الخراسانى سنة
(128هـ = 745 م) إلى خراسان فاستطاع أن يستولى عليها
ويخضعها للدعوة العباسية، وأدى سقوط خراسان إلى انكشاف
أمر إبراهيم؛ فقُبِض عليه وسجن فى حرَّان بالعراق، وتُوفِّى
إبراهيم سنة (131 هـ = 748 م)؛ بسبب الطاعون، وقيل: تُوفِّى
مسمومًا، وكانت البيعة من بعده لأخيه أبى العباس السفاح بناءً
على وصيته.(10/563)
*إبراهيم باشا
هو إبراهيم بن محمد على، والى مصر من قِبَل الدولة العثمانية.
وُلِد فى مدينة قولة (اليونان حاليًّا). ولاَّه أبوه منصب الدفتردار
سنة (1222 هـ)، فقام بعمل مسح كامل لأطيان القطر المصرى،
وبمطاردة فلول المماليك حتى أخرجهم من القطر المصرى كله
فى أعقاب مذبحة القلعة سنة (1226 هـ)، كما قاد الحملة التى
وُجِّهَتْ للقضاء على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب فى
الحجاز، وتمكَّن من أن يُحكم الحصار على الدرعيّة عاصمة
الوهابيين؛ مما جعل عبد الله بن سعود - قائد جيش الوهابيين -
يجنح إلى الصلح والتسليم. وأرسله محمد على سنة (1237 هـ)
لفتح السودان، إلا أن إبراهيم مرض فى الطريق، فعاد إلى
القاهرة. كما أسند إليه محمد على مهمة القضاء على تمرد
اليونان التى كانت فى ذلك الوقت جزءًا من دولة الخلافة،
فتحرك إبراهيم سنة (1240 هـ = 1824 م)، واستطاعت جيوشه
أن تحرز عديدًا من الانتصارات على اليونانيين فى نقارين.
وكذلك بعثه محمد على على رأس حملة كبيرة مكونة من ثلاثين
ألف جندى لضم الشام، فاستطاع أن يستولى على غزة ويافا
وصيدا وبيروت وعكا والقدس، وواصل إبراهيم باشا زحفه حتى
وصل إلى مدينة بيلان، واستطاع أن يهزم الجيش العثمانى،
وأصبح الطريق مفتوحًا أمامه إلى بلاد الأناضول فمضى تجاهها
تستسلم له المدينة تلو الأخرى، وأصبح على مقربة (17) ميلاً من
الآستانة، إلا أن أوربا تدخلت وقصرت حكم محمد على على مصر
وحدها. ونظراً إلى حالة محمد على الصحية المتدهورة، تولى
إبراهيم باشا ولاية مصر نيابة عنه، وكان هذا لمدة سبعة أشهر
وثلاثة وعشرين يومًا، عُنِىَ فيها بتحصين ثغور البلاد وتحديث
قوتها الحربية، وتُوفِّى فى نوفمبر سنة (1265 هـ)، وله من
العمر ستون عامًا.(10/564)
*إبراهيم بن محمد على
هو إبراهيم بن محمد على، والى مصر من قِبَل الدولة العثمانية.
وُلِد فى مدينة قولة (اليونان حاليًّا). ولاَّه أبوه منصب الدفتردار
سنة (1222 هـ)، فقام بعمل مسح كامل لأطيان القطر المصرى،
وبمطاردة فلول المماليك حتى أخرجهم من القطر المصرى كله
فى أعقاب مذبحة القلعة سنة (1226 هـ)، كما قاد الحملة التى
وُجِّهَتْ للقضاء على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب فى
الحجاز، وتمكَّن من أن يُحكم الحصار على الدرعيّة عاصمة
الوهابيين؛ مما جعل عبد الله بن سعود - قائد جيش الوهابيين -
يجنح إلى الصلح والتسليم. وأرسله محمد على سنة (1237 هـ)
لفتح السودان، إلا أن إبراهيم مرض فى الطريق، فعاد إلى
القاهرة. كما أسند إليه محمد على مهمة القضاء على تمرد
اليونان التى كانت فى ذلك الوقت جزءًا من دولة الخلافة،
فتحرك إبراهيم سنة (1240 هـ = 1824 م)، واستطاعت جيوشه
أن تحرز عديدًا من الانتصارات على اليونانيين فى نقارين.
وكذلك بعثه محمد على على رأس حملة كبيرة مكونة من ثلاثين
ألف جندى لضم الشام، فاستطاع أن يستولى على غزة ويافا
وصيدا وبيروت وعكا والقدس، وواصل إبراهيم باشا زحفه حتى
وصل إلى مدينة بيلان، واستطاع أن يهزم الجيش العثمانى،
وأصبح الطريق مفتوحًا أمامه إلى بلاد الأناضول فمضى تجاهها
تستسلم له المدينة تلو الأخرى، وأصبح على مقربة (17) ميلاً من
الآستانة، إلا أن أوربا تدخلت وقصرت حكم محمد على على مصر
وحدها. ونظراً إلى حالة محمد على الصحية المتدهورة، تولى
إبراهيم باشا ولاية مصر نيابة عنه، وكان هذا لمدة سبعة أشهر
وثلاثة وعشرين يومًا، عُنِىَ فيها بتحصين ثغور البلاد وتحديث
قوتها الحربية، وتُوفِّى فى نوفمبر سنة (1265 هـ)، وله من
العمر ستون عامًا.(10/565)
*إبراهيم بن تاشفين
هو إبراهيم بن تاشفين بن على بن يوسف الحميرى، آخر ملوك
دولة المرابطين بمراكش، بُويع بالخلافة سنة (539 هـ)، وتولَّى
الحكم فى ظل الاضطرابات التى سادت الدولة بسبب الانقسامات
الداخلية، وزحف عبد المؤمن ابن على - زعيم الموحدين - على
مراكش وحاصرها لعدة أشهر، ثم دخلها ففر إبراهيم بن تاشفين
إلى إحدى القلاع الحصينة، لكن قُبِض عليه - وكان عمره لم
يتجاوز السادسة عشرة - واقتيد إلى عبد المؤمن بن على، الذى
أشفق عليه لصغر سنه، وكان يرغب فى العفو عنه إلا أن أبا
الحسن بن واجاج - أحد كبار رجال عبد المؤمن - قتله.(10/566)
*إبراهيم (الخليل) عليه السلام
هو أبو الأنبياء، خليل الرحمن، ينتهى نسبه إلى سام بن نوح -
عليه السلام - وُلِد فى مدينة أُوْر ببابل (العراق حاليًّا). كان عليه
السلام - حنيفيًا مسلمًا، موحدًا لله، قانتاً شاكرًا، حليمًا أواهًا
وفيًّا صادقًا، بدأ دعوته بأهل بيته، ثم قومه الذين تمادوا فى
الباطل والضلال، وتعرض لمحن وآلام كثيرة، اضطر معها إلى أن
يهاجر إلى مصر، والحجاز، ومعه زوجته هاجر وابنه إسماعيل
عليهما السلام. وفى الأرض المقدسة أمره الله ببناء البيت الحرام،
فبناه بمساعدة ابنه إسماعيل عليهما السلام. وقد عمَّر - عليه
السلام - طويلاً حتى بلغ (200) سنة، وقيل: (175 سنة)، وقيل:
(160) سنة.(10/567)
*إبراهيم بن المهدى
هو إبراهيم بن المهدى بن أبى جعفر المنصور أخو الخليفة
العباسى هارون الرشيد. وُلِد سنة (162 هـ = 779 م) لأم زنجية،
وكان غامق البشرة، قوىَّ البنيان، وافر الفضل، مولعًا بالغناء
والموسيقا، وكانت له مساجلات فى أصول النغم والإيقاع مع
إسحاق الموصلى الموسِيقىِ المشهور. وكان إبراهيم ذا مكانة
عظيمة فى بنى العباس، وولِى الخلافة بعد المأمون، وُلقِّب
بالمبارك. ولم تزد فترة خلافة إبراهيم على سنتين (201 - 202 هـ
= 816 - 817 م). وتُوفِّى إبراهيم بن المهدى سنة (224 هـ = 839
م) بمدينة سُرَّ مَنْ رأى (سامراء حاليًّا بالعراق).(10/568)
*أبرهة الحبشى
هو أبرهة بن الصباح. وُلِد بالحبشة (إثيوبيا حاليًّا) وقِدم إلى
شبه الجزيرة العربية مع الجيش الذى أرسله النجاشىُّ ملك
الحبشة إلى اليمن. ولقبه أبرهة الأشرم. وترتبط حياة أبرهة
وسيرته بحادثة محاولة هدمه الكعبة، ولهذه الحادثة دلالة عظيمة
على رعاية الله لهذه البقعة المباركة التى اختارها الله لتكون
حرمًا آمنًا. ثم شاء الله - عز وجل - أن يهلك أبرهة وجيشه،
فأرسل عليهم جماعات من الطير أخذت ترميهم بحجارة فقضت
عليهم، كما يحكى عنهم القرآن الكريم فى قوله تعالى: (ألم تر
كيف فعل ربك بأصحاب الفيل (ألم يجعل كيدهم فى تضليل
(وأرسل عليهم طيرًا أبابيل (ترميهم بحجارة من سجيل (فجعلهم
كعصفٍ مأكول ([سورة الفيل]. وبذلك أهلك الله أبرهة، فسمِّى
العام الذى وقعت فيه الحادثة عام الفيل وهو العام الذى وُلِد فيه
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.(10/569)
*أُبى بن كعب
هو: أُبَىُّ بن كعب بن قيس من بنى النجار، أحد كبار الصحابة،
شهد بيعة العقبة الثانية، كما شهد بدرًا، وأحدًا، والمشاهد كلها
مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقد شارك فى جمع القرآن الكريم، وكان من
كُتَّاب الوحى، كما كان كاتب رسائل الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى رؤساء
القبائل والملوك. وقد برع أُبَىُُّ فى قراءة القرآن مع جمال
صوته حتى لُقِّب بسيد القُرَّاء، واشتهر بأنه كان يختم القرآن كله
فى ثمانى ليالٍ، ولم يكن قارئًا فحسب، بل كان فقيهًا بالقرآن.
ولأُبَىّ بن كعب فى كتب السنة بضعة وستون حديثًا، رواها عن
الرسول - صلى الله عليه وسلم -. وقد تُوفِّى - رضى الله عنه - فى خلافة عثمان بن
عفان - رضى الله عنه - سنة (21 هـ = 642 م).(10/570)
*أتاتورك
هو مصطفى كمال الملقب بالغازى، وكلمة أتاتورك تعنى أبا
الأتراك، وهو الذى أسقط الخلافة الإسلامية سنة (1343 هـ =
1924 م). وُلِد أتاتورك سنة (1299 هـ = 1880 م) بمدينة سالونيك
باليونان، وكانت خاضعة لدولة الخلافة العثمانية، وعندما بلغ
سن الثانية عشرة التحق بمدرسة سالونيك العسكرية، ثم التحق
بأكاديمية موناسيتر العسكرية، وانتقل منها إلى كلية الحرب
فى إستانبول، وعُيِّن بعد تخرجه فى دائرة الأركان للجيش الثالث
فى سالونيك. اتجهت أفكار أتاتورك اتجاهًا معاديًا للإسلام
وللخليفة العثمانى منذ تخرجه فى الكلية الحربية، فقد حذَّر
زملاءه من الانخداع بفكرة العالم الإسلامى. وقد كوَّن جمعية
الوطن والحرية لمكافحة الديكتاتورية التى تتجسد - من وجهة
نظره - فى الخليفة العثمانى. وزادت شهرة أتاتورك فى الحرب
العالمية الأولى؛ حيث عُين قائدًا للفرقة التاسعة عشرة فى
شناق قلعة. وقد هُزِم أمامه البريطانيون مرتين فى جزيرة
غاليبولى بالبلقان. والحقيقة أن هذا النصر كان نصرًا مزيفًا
صنعه الإنجليز لإكسابه شهرة واسعة فى الدولة العثمانية. وقد
كان أتاتورك مستبدًّا، يغتال معارضيه، كما أغلق الصحف
وألقى القبض على رؤساء تحريرها، ووضع العلماء كلهم تحت
المراقبة. وقد تُوفِّى أتاتورك سنة (1357 هـ = 1938 م).(10/571)
*مصطفى كمال أتاتورك
هو مصطفى كمال الملقب بالغازى، وكلمة أتاتورك تعنى أبا
الأتراك، وهو الذى أسقط الخلافة الإسلامية سنة (1343 هـ =
1924 م). وُلِد أتاتورك سنة (1299 هـ = 1880 م) بمدينة سالونيك
باليونان، وكانت خاضعة لدولة الخلافة العثمانية، وعندما بلغ
سن الثانية عشرة التحق بمدرسة سالونيك العسكرية، ثم التحق
بأكاديمية موناسيتر العسكرية، وانتقل منها إلى كلية الحرب
فى إستانبول، وعُيِّن بعد تخرجه فى دائرة الأركان للجيش الثالث
فى سالونيك. اتجهت أفكار أتاتورك اتجاهًا معاديًا للإسلام
وللخليفة العثمانى منذ تخرجه فى الكلية الحربية، فقد حذَّر
زملاءه من الانخداع بفكرة العالم الإسلامى. وقد كوَّن جمعية
الوطن والحرية لمكافحة الديكتاتورية التى تتجسد - من وجهة
نظره - فى الخليفة العثمانى. وزادت شهرة أتاتورك فى الحرب
العالمية الأولى؛ حيث عُين قائدًا للفرقة التاسعة عشرة فى
شناق قلعة. وقد هُزِم أمامه البريطانيون مرتين فى جزيرة
غاليبولى بالبلقان. والحقيقة أن هذا النصر كان نصرًا مزيفًا
صنعه الإنجليز لإكسابه شهرة واسعة فى الدولة العثمانية. وقد
كان أتاتورك مستبدًّا، يغتال معارضيه، كما أغلق الصحف
وألقى القبض على رؤساء تحريرها، ووضع العلماء كلهم تحت
المراقبة. وقد تُوفِّى أتاتورك سنة (1357 هـ = 1938 م).(10/572)
*ابن الأثير
ابن الأثير اسم لثلاثة إخوة برعوا فى العلوم الإسلامية، خاصة
علوم الحديث والفقه واللغة والأدب والتاريخ، وهم من جزيرة ابن
عمر - بلدة تقع على نهر دجلة بالعراق - وكان أبوهم من أعيان
البلدة وأثريائها، وكان يتولى ديوان البلدة من قِبَل أمير
الموصل. وهؤلاء الثلاثة هم: 1 - مجد الدين هو مجد الدين أبو
السعادات المبارك بن أبى الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم
الشيبانى، محدث، فقيه نحوى، وأحد العلماء الأفذاذ، وُلد سنة
(544هـ = 1149 م) بجزيرة ابن عمر ونشأ بها، ثم انتقل إلى
الموصل ودرس بها الحديث والأدب وغيرهما، ثم رحل إلى بغداد
لسماع الحديث، فأخذ عن يحيى بن سعدون القرطبى وعبد الله
الطوسى وغيرهما، كما تعلم النحو على كبار علمائه، مثل: ابن
الدهان ومكى بن ريان. وبلغ مجد الدين منزلة عظيمة عند علماء
الموصل فولاه أمير الموصل مسعود بن مورور ديوان الرسائل
حتى أصيب بمرض النقرس فلزم بيته وتفرغ للتصنيف، وقد ترك
مؤلفات عظيمة، من أشهرها: جامع الأصول فى أحاديث
الرسول، وكتاب الإنصاف فى الجمع بين الكشف والكشاف فى
تفسير القرآن، وكتاب النهاية فى غريب الحديث. وتُوفِّى ابن
الأثير يوم الخميس آخر ذى الحجة سنة (606 هـ = 1209 م). 2 - عز
الدين هو عز الدين أبو الحسن على بن أبى الكرم محمد بن محمد
بن عبد الكريم الشيبانى، أحد كبار المؤرخين المسلمين، وُلِد
سنة (555 هـ = 1160 م) بجزيرة ابن عمر، ثم سار إلى الموصل
ليأخذ العلم عن علمائها، فسمع من أبى الفضل عبدالله بن أحمد
الخطيب الطوسى، وانتقل إلى كثير من البلدان فى طلب العلم،
فذهب إلى بغداد والشام والقدس، وسمع من كبار علماء هذه
البلدان، ثم عاد إلى الموصل واستقر بها وانقطع للتصنيف والنظر
فى العلم. ولم يكن عز الدين عالمًا فى التاريخ فحسب، بل كان
إمامًا فى الحديث وعلومه، خبيرًا بأنساب العرب وأيامهم
ووقائعهم وأخبارهم. وأشهر مؤلفاته التاريخية: كتاب الكامل(10/573)
فى التاريخ، بدأه منذ أول الزمان حتى آخر سنة (628 هـ =
1230 م)، أى قبل وفاته بسنتين، وكتاب أسد الغابة فى
معرفة الصحابة، وهو معجم عن صحابة النبى - صلى الله عليه وسلم - رُتِّب ترتيبًا
هجائيًّا. وتُوفِّى عز الدين بن الأثير سنة (630 هـ = 1232 م). 3 -
ضياء الدين هو ضياء الدين أبو الفتح نصر الله بن أبى الكرم
محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيبانى، كاتب، وأديب. وُلد
ضياء الدين بجزيرة ابن عمر سنة (558 هـ = 1163 م) ونشأ بها،
ثم انتقل إلى الموصل فحفظ بها القرآن الكريم والحديث النبوى
وتلقى علوم اللغة والأدب والبيان، وحفظ كثيرًا من الأشعار
وأتقن صنعة الكتابة واشتهر بها وبجودة أسلوبه وتمكنه من
صياغة المعانى. وبلغ منزلة عالية فى العلم فأعجب به الأمراء
والحكام؛ فقلدوه عديدًا من المناصب. والتحق ضياء الدين بخدمة
الملك الناصر صلاح الدين الأيوبى سنة (587 هـ)، وتولى للملك
الأفضل نور الدين بن صلاح الدين فى دمشق، ثم عمل بخدمة
أخيه الملك الظاهر غازى بحلب، ثم عاد إلى الموصل واستقر بها
وتولى ديوان الإنشاء. وترك ضياء الدين عديدًا من المؤلفات،
أشهرها كتابه المثل السائر فى أدب الكاتب والشاعر، وهو
كتاب يعالج فيه ابن الأثير فن الكتابة وطرق التعبير فى النثر
والشعر. وتُوفِّى ضياء الدين فى إحدى رحلاته إلى بغداد سنة
(637 هـ = 1239 م).(10/574)
*أحمد بابا التمبكتى
هو أحمد بن أحمد بن عمر بن محمد أقيت التمبكتى، أحد فقهاء
المذهب المالكى فى القرن (11 هـ = 17 م). وُلد فى (21 من ذى
الحجة 963 هـ = 26 من أكتوبر 1556 م) بأروان، وهى إحدى
قرى مدينة تمبكتو التى كانت تابعة للسودان قديما (فى مالى
حاليًّا). نشأ أحمد بابا فى أسرة عرفت بالعلم والصلاح ورئاسة
القضاء فى السودان، ودرس الفقه واللغة على أبيه وجده وتلقى
علوم الحديث والتفسير والمنطق والنحو على جماعة من علماء
عصره. وقد سُجن أحمد بابا فى مراكش سنة (1002 هـ = 1594
م). وبعد سيطرة سلطان مراكش أحمد المنصور بالله السعدى
على تمبكتو عام (1004 هـ = 1596 م) أفرج عنه واشترط عليه
الإقامة فى مراكش، فبدأ يلقى دروس الحديث والفقه، وذاعت
شهرته فى المغرب، وبعد موت المنصور بالله سنة (1012 هـ =
1603 م) عاد أحمد بابا إلى بلده وكرَّس حياته للتأليف والتدريس؛
إذ ترك مؤلفات كثيرة تربو على (40) كتابًا فى الفقه والتراجم
والنحو، منها: نيل الابتهاج بتطريز الديباج، والنكت الوفية فى
شرح الألفية فى النحو. وتُوفِّى أحمد بابا سنة (1036 هـ = 1627
م).(10/575)
*أحمد بن بويه
هو أحمد بن بويه بن فنا خسرو بن تمام، أبو الحسن معز الدولة
البويهى، من ملوك دولة بنى بويه بالعراق، فارسىّ الأصل، خلع
عليه الخليفة العباسى لقب معز الدولة، وكان فى أول أمره يبيع
الحطب على رأسه، ثم ملك هو وإخوته العراق، وكان أصغرهم،
وكان يُقال له: الأقطع؛ لأن يده قُطِعَت فى حروب مع الأكراد.
تولى فى صباه كرمان وسجستان والأهواز فى ظل حكم أخيه
عماد الدولة، وامتلك بغداد فى خلافة أخيه المستكفى سنة
(334 هـ)، ثم امتلك العراق واستمر ملكه (22) سنة، وعندما
حضرته الوفاة أحضر العلماء وتاب من مظالمه وأعتق مماليكه
وتصدَّق بأموال كثيرة. وتُوفِّى ابن بويه سنة (356 هـ = 967 م)
ببغداد، وتولى المُلك بعده ابنه عز الدولة أبو المنصور بختيار.(10/576)
*معز الدولة البويهى
هو أحمد بن بويه بن فنا خسرو بن تمام، أبو الحسن معز الدولة
البويهى، من ملوك دولة بنى بويه بالعراق، فارسىّ الأصل، خلع
عليه الخليفة العباسى لقب معز الدولة، وكان فى أول أمره يبيع
الحطب على رأسه، ثم ملك هو وإخوته العراق، وكان أصغرهم،
وكان يُقال له: الأقطع؛ لأن يده قُطِعَت فى حروب مع الأكراد.
تولى فى صباه كرمان وسجستان والأهواز فى ظل حكم أخيه
عماد الدولة، وامتلك بغداد فى خلافة أخيه المستكفى سنة
(334 هـ)، ثم امتلك العراق واستمر ملكه (22) سنة، وعندما
حضرته الوفاة أحضر العلماء وتاب من مظالمه وأعتق مماليكه
وتصدَّق بأموال كثيرة. وتُوفِّى ابن بويه سنة (356 هـ = 967 م)
ببغداد، وتولى المُلك بعده ابنه عز الدولة أبو المنصور بختيار.(10/577)
*أحمد بن تيمية
هو الإمام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله أبى
العباس تقى الدين بن تيمية شيخ الإسلام. وُلد فى حران عام (661
هـ = 1263 م)، وانتقل به أبوه إلى دمشق عندما أغار التتار
على بلاد الإسلام عام (667 هـ)، وحفظ القرآن الكريم فى سن
مبكرة، ثم اتجه إلى تحصيل علوم الحديث والفقه والأصول
والكلام، وسمع كثيرًا من الفقهاء والمحدِّثين وقرأ عليهم، وكان
إذا أفتى لم يلتزم بمذهب معين. وعندما أغار التتار على العراق
أخذ ابن تيمية يحرض الناس على محاربتهم وتطهير البلاد منهم،
متقدمًا الصفوف. دافع ابن تيمية عن السلف والسلفية الصحيحة،
كما بينَّ فساد منطق أرسطو وتصوره، ونقد غلاة الصوفية،
وكان يجمع فى منهجه بين الحجة العقلية والسند الشرعى، وقد
بلغت مؤلفاته ثلاثمائة مجلد، منها: الجوامع فى السياسة الإلهية
والآيات النبوية، ويُسمى السياسة الشرعية، والفتاوى والإيمان
، والجمع بين النقل والعقل، ومنهاج السنة، وغيرها. واعُتقل
ابن تيمية أكثر من مرة حتى تُوفِّى معتقلاً فى سجن دمشق عام
(728 هـ = 1328 م)، وخرجت دمشق كلها فى جنازته تبكيه.(10/578)
*أحمد بن الحسين بن يحيى
هو أبو الفضل أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد بن بشر
الهمذانى، الملقب ببديع الزمان الهمذانى، أحد أعلام الأدب فى
القرن (4 هـ = 10 م). وُلِد فى همذان سنة (358 هـ = 969 م)،
وعُنِىَ أبوه بتأديبه وتهذيبه، فتتلمذ لعدد من الأعلام أمثال
عيسى بن هشام وابن فارس، وغيرهما. وكان بديع الزمان محبًّا
للتنقل والترحال، وتتنوع آثاره الأدبية فى ثلاثة فنون هى:
المقامات والرسائل والشعر، وقد أجمع العلماء على أنه أول
من فتح الباب لتأليف المقامات وتبعه من جاء بعده كالحريرى،
واشتهرت مقاماته باسم مقامات بديع الزمان، وطُبعت أكثر من
مرة. أما عن رسائل بديع الزمان فهى مدونة مشهورة، ومعظم
موضوعاتها فى المديح والهجاء والتقريع والتهنئة بالمولود. وقد
كتب هذه الرسائل إلى الرؤساء من الأمراء والوزراء، وغيرهم
من الوجهاء، وقد طبعت رسائله أكثر من مرة. وبديع الزمان ممن
جمعوا بين الشعر والنثر، واشتهر بأنه ذو حافظة قوية وقريحة
ذكية، وقد جرت مناظرات بينه وبين شيخ الأدباء فى عصره
أبى بكر الخوارزمى، تفوَّق فيها الهمذانى على خصمه الذى
مات بعد ذلك كمدًا؛ فذاع صيت بديع الزمان بين الناس. وترجم له
كثيرون، مثل: ابن الأثير وابن تغرى بردى والثعالبى،
وغيرهم. وتُوفِّى بديع الزمان فى هراة يوم الجمعة (11 من
جمادى الآخرة 398 هـ).(10/579)
*بديع الزمان الهمذانى
هو أبو الفضل أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد بن بشر
الهمذانى، الملقب ببديع الزمان الهمذانى، أحد أعلام الأدب فى
القرن (4 هـ = 10 م). وُلِد فى همذان سنة (358 هـ = 969 م)،
وعُنِىَ أبوه بتأديبه وتهذيبه، فتتلمذ لعدد من الأعلام أمثال
عيسى بن هشام وابن فارس، وغيرهما. وكان بديع الزمان محبًّا
للتنقل والترحال، وتتنوع آثاره الأدبية فى ثلاثة فنون هى:
المقامات والرسائل والشعر، وقد أجمع العلماء على أنه أول
من فتح الباب لتأليف المقامات وتبعه من جاء بعده كالحريرى،
واشتهرت مقاماته باسم مقامات بديع الزمان، وطُبعت أكثر من
مرة. أما عن رسائل بديع الزمان فهى مدونة مشهورة، ومعظم
موضوعاتها فى المديح والهجاء والتقريع والتهنئة بالمولود. وقد
كتب هذه الرسائل إلى الرؤساء من الأمراء والوزراء، وغيرهم
من الوجهاء، وقد طبعت رسائله أكثر من مرة. وبديع الزمان ممن
جمعوا بين الشعر والنثر، واشتهر بأنه ذو حافظة قوية وقريحة
ذكية، وقد جرت مناظرات بينه وبين شيخ الأدباء فى عصره
أبى بكر الخوارزمى، تفوَّق فيها الهمذانى على خصمه الذى
مات بعد ذلك كمدًا؛ فذاع صيت بديع الزمان بين الناس. وترجم له
كثيرون، مثل: ابن الأثير وابن تغرى بردى والثعالبى،
وغيرهم. وتُوفِّى بديع الزمان فى هراة يوم الجمعة (11 من
جمادى الآخرة 398 هـ).(10/580)
*أحمد بن حنبل
هو الإمام أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيبانى،
من كبار المحدّثين، وأحد أئمة الفقه الإسلامى، وصاحب المذهب
الحنبلى، أحد مذاهب الفقه المعروفة. وُلد فى بغداد فى (ربيع
الأول 164 هـ = نوفمبر 780 م) لأبٍ كان يعمل قائدًا عسكريًّا فى
مرو عاصمة خراسان، وتوفِّى أبوه فى الثلاثين من عمره ولم يرَ
وليده أحمد، فتعهدته أمه بالرعاية والتنشئة، وعاش طفولته مع
أبناء عمومته. وحفظ أحمد القرآن الكريم على قراء عصره مثل:
يحيى بن آدم وسعيد بن الصاج، وبعد أن أتم حفظه انكبَّ على
دراسة الحديث، وكان من شيوخه أبو يوسف تلميذ أبى حنيفة،
وهشيم بن بشير السلمى، والشافعى، وكان ابن حنبل كثير
الترحال لطلب العلم، وفى سن الأربعين جلس للفتيا والحديث،
وكان له درسان، أحدهما فى منزله، والآخر فى المسجد، وكان
من تلاميذه أبو بكر المروزى وأبو بكر الأشرم وإسحاق بن
منصور التميمى، وابنه صالح الذى روى مسنده. وقد حرص الإمام
أحمد على ألا يُفتى إلا بما يقع من الأمور إلا إذا كان فى ذلك
سُنَّة أو فتوى صحابى. وعاش الإمام أحمد فقيرًا وكان يأكل من
عمل يده ويرد عطاء الخلفاء له. وفى عام (218 هـ = 833 م)
تعرض الإمام أحمد لمحنة خلق القرآن فرفض الإذعان للخليفة فى
ذلك، فعُذِّب وسُجن. وترك الإمام أحمد كتبًا كثيرة، منها: المسند،
والناسخ والمنسوخ، والزهد، وغيرها. وتُوفِّى الإمام أحمد فى
(ربيع الآخر 241 هـ = أغسطس 855 م) ودُفن فى بغداد.(10/581)
*أحمد بن سليمان
هو شمس الدين أحمد بن سليمان الحنفى المعروف بابن كمال
باشا، تركىّ الأصل. وُلد فى طوقات نواحى سيواس، وهو من
علماء الحديث. كان جده من أمراء الدولة العثمانية، واشتغل هو
فى شبابه بالعلم؛ فعكف على القراءة بالليل والنهار، وقد تلقى
تعليمه فى أدرنة وعُيِّن مدرسًا فى مدارس كثيرة، ثم صار قاضيًا
لأدرنة، ثم مفتيًا بالقسطنطينية. وقد ترك أحمد بن سليمان
مصنفات كثيرة منها: كتاب طبقات المجتهدين، وكتاب طبقات
الفقهاء، وكتاب المهمات فى فروع الفقه الحنفى، وكتاب محيط
اللغة. وتُوفِّى أحمد بن سليمان وهو مفتٍ بالقسطنطينية سنة
(640 هـ = 1534 م).(10/582)
*ابن كمال باشا
هو شمس الدين أحمد بن سليمان الحنفى المعروف بابن كمال
باشا، تركىّ الأصل. وُلد فى طوقات نواحى سيواس، وهو من
علماء الحديث. كان جده من أمراء الدولة العثمانية، واشتغل هو
فى شبابه بالعلم؛ فعكف على القراءة بالليل والنهار، وقد تلقى
تعليمه فى أدرنة وعُيِّن مدرسًا فى مدارس كثيرة، ثم صار قاضيًا
لأدرنة، ثم مفتيًا بالقسطنطينية. وقد ترك أحمد بن سليمان
مصنفات كثيرة منها: كتاب طبقات المجتهدين، وكتاب طبقات
الفقهاء، وكتاب المهمات فى فروع الفقه الحنفى، وكتاب محيط
اللغة. وتُوفِّى أحمد بن سليمان وهو مفتٍ بالقسطنطينية سنة
(640 هـ = 1534 م).(10/583)
*أحمد عرابى
هو أحمد عرابى بن محمد عرابى بن محمد وافى بن محمد غنيم،
قائد الثورة العرابية، وأحد زعماء مصر فى العصر الحديث. وُلد
أحمد عرابى فى (7 من صفر 1257 هـ = 31 من مارس 1841 م)
فى قرية هرية رزنة بمحافظة الشرقية بمصر، والتحق بكُتَّاب
القرية حيث حفظ قدرًا من القرآن الكريم، وتعلم مبادئ القراءة
والكتابة، ثم أرسله أبوه إلى الجامع الأزهر، فمكث به أربع
سنوات، أتم خلالها حفظ القرآن الكريم. وفى سنة (1271 هـ =
1854 م) جُنِّد عرابى بالجيش المصرى وعُيِّن كاتبًا إداريًّا، ثم
رُقِّى إلى رتبة ملازم، وواصل تدرجه فى مناصب الجيش، حتى
وصل إلى رتبة قائمقام (عقيد)، وفى عهد الخديو توفيق رُقِّى
إلى رتبة أميرالاى (عميد)، ثم شغل منصب نظارة الجهادية فى
سنة (1299 هـ = 1882 م)، حيث قام بالثورة التى عُرفت بالثورة
العرابية ضد الخديو توفيق. ونُفِى أحمد عرابى بعد فشل ثورته
إلى جزيرة سيلان (سرنديب - سيريلانكا حاليًّا) وكان ذلك فى
سنة (1300 هـ = 1883 م). وكان لأحمد عرابى فى فترة نفيه دور
إيجابى فى الحياة التعليمية لأبناء سيريلانكا وبخاصة مدينة
كولومبو، إذ أسس مدرسة ميردانة الإسلامية وشارك فى إنشاء
المدرسة الحميدية. وتُوفِّى أحمد عرابى فى (17 من رمضان
1329 هـ = 21 من سبتمبر 1911 م)، بعد أن سجَّل مذكراته فى
كتاب أسماه: كشف الستار عن سر الأسرار.(10/584)
*أحمد بن على بن الإخشيد
هو أحمد بن على بن الإخشيد محمد بن طغج التركىّ المصرى.
ولِى سلطنة مصر بعد وفاة كافور الإخشيدى فى (20 من جمادى
الأولى 357 هـ = 23 من أبريل 968 م)، وكان صبيًّا لم يبلغ
الحادية عشرة من عمره، وقد أجمع أولو الأمر على بيعته، ولم
يخرج على البيعة إلاَّ الحسن بن عبيد الله بن طغج الذى أخذ
البيعة لنفسه، واستولى على ما كان لكافور من أموال الرملة.
ولم تستقر البلاد فى عهد أحمد بن على حتى دخلها الفاطميون
سنة (358 هـ = 969 م). وخلال العام الذى تولى فيه أحمد
السلطنة حسنت سيرته،، وأمر بتعطيل المواخير ورفع الكُلَف
والمؤن، ونشر الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.(10/585)
*ابن حزم
هو أبو محمد على بن أحمد بن سعيد بن حزم، المعروف بابن
حزم الظاهرى. فقيه فيلسوف مؤرخ. وُلِد بقرطبة سنة (384هـ =
994 م)، لأبٍ كان وزيرًا للمنصور بن أبى عامر؛ فعُنِى بتربيته
وتعليمه؛ فأتيحت له فرصة الاطلاع على شتى فروع العلم من
معارف دينية وفلسفية وتاريخية وأدبية، وعُنى بدراسة الفرق
الإسلامية وأهل العقائد الأخرى، كاليهودية والنصرانية. عمل ابن
حزم وزيرًا للخليفة الأموى فى الأندلس عبد الرحمن الخامس، ثم
عاش بعد مقتل الخليفة متنقلاً بين أنحاء الأندلس. وكان ابن حزم
شافعى المذهب، ثم تحول إلى المذهب الظاهرى. وترك ابن حزم
مؤلفات كثيرة، من أشهرها: المحلى، وهو فى الفقه، والفِصَل
فى الملل والأهواء والنحل، والإحكام فى أصول الأحكام، وهو
فى أصول الفقه، وجوامع السيرة النبوية، ونقط العروس فى
تواريخ الخلفاء. وتُوفِّى ابن حزم فى قرطبة سنة (456 هـ =
1064 م).(10/586)
*بقى بن مخلد
هو أبو عبد الرحمن بقى بن مخلد بن يزيد القرطبى. أحد أئمة
الحديث فى القرن الثالث الهجرى، وُلِد فى قرطبة سنة (201 هـ =
816 م). ودرس الفقه والحديث على يد يحيى بن يحيى الليثى
راوى موطأ الإمام مالك. وكان لبقى بن مخلد رحلتان فى طلب
الحديث؛ الأولى بدأها وهو فى الثالثة والعشرين من عمره إلى
القيروان ومصر واستغرقت عشرين عامًا، والأخرى إلى مصر
والشام والجزيرة والبصرة والكوفة وواسط، واستغرقت أربعة
عشر عامًا. وقد التقى فى هاتين الرحلتين بكثير من شيوخه
الذين بلغ عددهم (284) شيخًا، ثم جمع بقى بن مخلد مسنده،
وعاد به إلى الأندلس؛ حيث جلس للتدريس. وقد ترك بقى أربعة
كتب لم يصل إلينا منها شىء، وهى: المسند الكبير، والتفسير
الكبير، ومصنف فى فتوى الصحابة والتابعين، وما رُوِى فى
الحوض والكوثر، وقد شارك بقى بن مخلد فى (72) غزوة،
مرابطًا على الثغور. وتُوفِّى بقى بن مخلد بالأندلس سنة (276 هـ
= 889 م).(10/587)
*ابن بطوطة
هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم اللواتى
الطنجى. رحالة مشهور. وُلِد فى طنجة بالمغرب الأقصى سنة
(703 هـ = 1304م)، ونشأ فى أسرة علمية؛ فحفظ القرآن
الكريم، ودرس الفقه، وشغف بقراءة كتب الرحالة والاستماع إلى
أخبار البلدان من الحجاج والتجار، ثم أخذ هذا الشغف بُعدًا
عمليًّا، فبدأ ابن بطوطة رحلاته وهو فى الحادية والعشرين من
عمره، وقام برحلات ثلاث: الأولى: امتدت أربعًا وعشرين سنة،
زار فيها مراكش والجزائر وتونس ومصر والشام والعراق
وإيران وتركيا والحجاز واليمن وشرق إفريقيا وعمان
والبحرين والهند وخراسان وتركستان وأفغانستان والسند
والصين وغيرها. والثانية: امتدت سنتين تقريبًا، ففى السنة التى
عاد فيها من رحلته الأولى إلى فاس سافر إلى الأندلس.
والأخيرة: إلى غرب إفريقيا؛ فزار سجلماسة وتفازا ومالى
وزاغرى وتمبكتو وتكدَّا وغيرها. وتُعد رحلة ابن بطوطة من أهم
الرحلات التى كتبت فى عصره؛ فقد قطع (140) ألف كيلو متر،
ودون فيها عادات أهل البلاد التى زارها ونوادرهم، وقابل
العلماء والأمراء والوزراء. ثم استقر ابن بطوطة فى رحاب
السلطان المغربى أبى عنان المريدى، يحدث الناس بما رآه،
وأمر السلطان وزيره ابن جُزَىٍّ بكتابة ما يمليه ابن بطوطة،
فكتبه، وسمَّاه تحفة النظار فى غرائب الأمصار وعجائب الأسفار.
وتُوفِّى ابن بطوطة فى مراكش، وقيل: فى فاس سنة (770 هـ =
1368م)، وقيل: سنة (779 هـ = 1377 م).(10/588)
*سجاح بنت الحارث
ادَّعت النبوة بعد وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم -، وكانت لها
معرفة بالأخبار، فلما أعلنت دعوتها تبعها بعض قومها من تميم،
واتصل خبرها بمسيلمة الكذاب الذى ادعى النبوة أيضًا، فرأى
من السياسة عدم الدخول معها فى قتال؛ فتزوجها، وعادت إلى
قومها، ثم قُتِل مسيلمة وهُزم جيشه هزيمة منكرة، وانتهت تلك
الفتنة التى أطلت برأسها وكادت تعصف بالدولة الإسلامية.
وتذكر بعض الروايات أنها أسلمت، وهاجرت إلى البصرة،
وتُوفِّيت سنة (55 هـ = 675 م) وصلى عليها سمرة بن جندب.(10/589)
*بارثلميودياز
ملاَّح برتغالى من القرن الخامس عشر الميلادى. قام سنة (1486
م) برحلته المشهورة على امتداد ساحل إفريقيا الغربى نحو
الجنوب، فمر بساحلى الذهب والعاج، ثم مصب نهر الكونغو،
وواصل سيره جنوبًا، ثم هبت عاصفة أبعدت السفن عن الساحل،
وبعد هدوئها اتجه صوب الشرق؛ لعلَّه يرى الساحل، لكنه فشل،
فارتدَّ ثانية صوب الشمال فشاهد اليابسة، فاتجه إلى الشرق
كى يحقق هدفه، وهو اكتشاف أن الشاطئ يمتد نحو الهند،
لكن التعب حل برجاله، فقرر العودة، وفى الطريق شاهدوا
الرأس الجنوبى لإفريقيا، وسماه دياز رأس العواصف. ولما وصل
إلى البرتغال سنة (1488 م) أطلق الملك على ذلك الرأس اسم
رأس الرجاء الصالح. وبهذا الكشف أيقن الملك بإمكانية الالتفاف
حول إفريقيا صوب الهند؛ ومن ثم يصبح الشرق كله مفتوحًا أمام
البرتغال. اشترك دياز سنة (1500 م) فى رحلة أخرى لم يكن هو
قائدها. فهبت عليها عاصفة شديدة أبعدتها عن إفريقيا كثيرًا،
حتى إنهم اكتشفوا البرازيل، ومن هناك أبحروا صوب الهند،
لكن العواصف أفقدتهم أربع سفن منها سفينة دياز، ومات
مفقودًا فى عرض البحر.(10/590)
*خالد بن برمك
وهو خالد بن برمك بن جاماس، وُلِد سنة (90 هـ)، ولُقب بأبى
البرامكة؛ لأنه أول من تمكن من هذه الأسرة فى الدولة
العباسية؛ بفضل بسالته وبراعته الحربية وحسن رأيه. كان خالد
بن برمك فصيح اللسان، على الرغم من أعجميته، حتى إن أبا
العباس السفاح ظنه عربيًّا خالصًا حين دخل لمبايعته، فأقره
على الغنائم، ثم جعله على ديوان الخراج وديوان الجند، وبعد
وفاة الخليفة أبى العباس السفاح أبقاه الخليفة المنصور فى
منصبه سنةً، ثم قلَّده بلاد فارس، وظل بها سبع سنين، ثم أقره
على ولاية الموصل. وكان لخالد دور فى نقل ولاية العهد إلى
المهدى بن المنصور، فلما تولى المهدى الخلافة حفظ له هذا
الجميل؛ فأعاده إلى إمارة فارس، ثم أرسله المهدى مع ابنه
هارون الرشيد لغزو الروم. وتُوفِّى خالد بن برمك سنة (163 هـ =
780 م).(10/591)
*يحيى الوطاسى
هو يحيى بن يحيى بن زيان بن عمر الوطاسى. وزير السلطان
عبد الحق المرينى بفاس. وقد نجح فى أن يستبدَّ بالأمر، ويجعل
أمور الدولة كلها فى يده وأيدى أقاربه. ولما أحسَّ السلطان أن
الوطاسيين يشاركونه فى الأمر، وكادوا يغلبونه على سلطانه.
انقلب عليهم جميعًا، فقتلهم ولم ينجُ منهم إلا قليل. وكان الوزير
يحيى بن يحيى ممن قُتِل، وذلك عام (866 هـ = 1461 م).(10/592)
*أبو الحسن الشاذلى
هو أبو الحسن على بن عبد الله بن عبد الجبار بن تميم، المعروف
بالشاذلى؛ نسبة إلى قرية شاذلة، من نواحى تونس؛ حيث جبل
زغوان الذى انقطع فيه للعبادة. وُلد أبو الحسن الشاذلى بقرية
غمارة من نواحى سبتة بالمغرب سنة (593 هـ = 1197 م)، ودرس
علوم القرآن والحديث والفقه واللغة، ثم رحل إلى بغداد، والتقى
مع الصوفى أبى الفتح الواسطى، ثم عاد إلى مسقط رأسه، ثم
رحل إلى تونس، ثم إلى مكة؛ لأداء فريضة الحج. وفى طريق
العودة نزل بالإسكندرية، وأقام فى أحد أبراج سورها، ثم
رحل إلى القاهرة واستقر بها؛ حيث تزوج وأنجب، وجلس
للتدريس بالمدرسة الكاملية. ولم تكن حياة الشاذلى حياة عزلة؛
فعندما غزا الصليبيون دمياط، كان فى مقدمة العلماء الذين
اشتركوا فى معركة المنصورة حاثًّا على الجهاد، حتى تمَّ النصر
للمسلمين، على الرغم من فقدانه البصر. ويُعد الشاذلى أحد أئمة
التصوف، وإليه تنسب الطريقة المعروفة باسمه (الشاذلية)، ولم
يؤلف الشاذلى كتبًا ولا رسائل، بل له عدة أوراد وأدعية، تشمل
: حزب البحر، وحزب البر أو الحزب الكبير وحزب الفتح. وتُوفِّى
الشاذلى فى مكان يُقال له: حميثرة، بين قنا والقصير، أثناء
رحلة حجَّه.(10/593)
*الواقدى
هو محمد بن عمر بن واقد. أحد كبار المؤرخين. وُلِد بالمدينة سنة
(130 هـ =747م). وتلقى الحديث والفقه عن مالك بن أنس
وسفيان الثورى وابن جريج. ونال شهرة واسعة، فانتقل إلى
العراق سنة (180هـ) فى عهد الرشيد، واتصل بيحيى بن خالد
البرمكى الذى قربه إلى الخليفة، فولى القضاء ببغداد، وظل
فى منصبه حتى عهد المأمون الذى أكرم وفادته. وترك الواقدى
كتبًا كثيرة، ذكر ابن النديم فى الفهرست أنَّها (28) كتابًا، وصل
إلينا منها كتاب المغازى فى ثلاثة مجلدات، وكتاب فتوح الشام
وفتوح العراق، وفى نسبتها إليه كثيرٌ من الشك. وتُوفِّى
الواقدى سنة (207هـ = 823 م).(10/594)
*وحيد الدين (سلطان عثمانى)
هو محمد وحيد الدين بن مراد. أحد سلاطين الدولة العثمانية فى
أخريات عهدها. تولى الخلافة بعد أخيه السلطان محمد رشاد
سنة (1916م) أثناء الحرب العالمية الأولى التى اشتركت فيها
الدولة العثمانية، ولم تكد أشهر تمضى على ولاية وحيد الدين
حتى استسلمت الدولة؛ إذ استولى جيوش أعدائها على كل البلاد
عدا شرقى الأناضول. وأراد السلطان وحيد الدين إنقاذ ما يمكن
إنقاذه؛ فاستعان بمصطفى كمال الذى عُرِف فيما بعد
بأتاتورك، وكان يعمل على تحقيق مصالحه الشخصية. ولما رأى
السلطان أن الأمور تجرى على غير ما يحب ويرجو تنازل عن
العرش سنة (1922م) واعتزل الحياة السياسية.(10/595)
*ابن سيد الناس
هو محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن سيد الناس. من أئمة
الحديث فى مصر. وُلِد فى القاهرة سنة (671هـ = 1273م)،
وسمع الحديث، وارتحل فى طلبه، ثم جلس للتدريس والتصنيف.
ومن مؤلفاته: عيون الأثر فى فنون المغازى والشمائل والسير،
وهو أشهر كتبه، وبشرى اللبيب فى ذكرى الحبيب، والنفح
الشذى فى شرح جامع الترمذى ولم يكمله. وتُوفِّى ابن سيد
الناس بالقاهرة سنة (734 هـ = 1334م).(10/596)
*جميل بثينة
هو جميل بن عبد الله بن معمر شاعر الغزل العذرى المعروف. وُلِد
فى وادى القرى شمالى المدينة المنورة، وتردد منذ صغره على
مجالس العلم والأدب، ولازم الشاعر هدبة بن خشرم وحفظ شعره
كله وأصبح راويته. اشتهر جميل بقصائده الغزلية فى بثينة التى
تعلق قلبه بها، وارتبط اسمه باسمها حتى قيل: جميل بثينة.
ولما فشا ذكرها بين العرب، واستغاث أهلها بالخليفة مروان بن
الحكم أهدر دمه حتى يُثنيه عنها، لكنه ظل يتنقل فى البلاد
عشرين سنة، أبدع خلالها روائع فى الشعر الغزلى العربى.
ومعظم شعر جميل فى الغزل العفيف العذرى، وله بعض القصائد
فى المدح والهجاء. وتُوفِّى جميل بن معمر فى مصر عام (82هـ).(10/597)
*جوهر الصقلى
هو جوهر بن عبد الله الصقلى مؤسس مدينة القاهرة وُلِد بصقلية،
وإليها نُسِب. وأرسله الخليفة الفاطمى المعز لدين الله إلى مصر
لفتحها سنة (358 هـ)، فتمَّ له ذلك، ثم بدأ فى إنشاء مدينة
القاهرة وتشييد الجامع الأزهر، ثم أرسل جعفر بن الفلاح
للاستيلاء على الشام. ولما قدم الخليفة المعز إلى مصر سنة (362
هـ = 972 م) وجد الأمور قد استقرت بها؛ بفضل جوهر الصقلى.
وقد ظل رفيع المنزلة، عالى القدر حتى تُوفِّى سنة (381 هـ =
992 م).(10/598)
*أبو الريحان البيرونى
هو أبو الريحان محمد بن أحمد البيرونى. أحد علماء المسلمين
فى الرياضيات والفلك والجغرافيا. وُلِد فى بيرون بإقليم خوارزم
الفارسى سنة (362 هـ = 973 م)، وحفظ القرآن والحديث، ثم
اتصل بعالم نباتات يونانى حبب إليه العلوم الطبيعية، وعلمه
اللغتين السريانية واليونانية، ثم لازم أبا نصر منصور عالم
الرياضيات والفلك، فتعلم على يديه؛ إذ درس له كتب إقليدس
وآراء بطليموس فى الفلك، كما تعلم اللغة السنسكريتية؛ مما
أتاح له أن يقرأ حضارة الهند. وقد كتب البيرونى معظم مؤلفاته
بالعربية، فى الفلك والطب والرياضيات والجغرافيا والتاريخ
والفلسفة وغيرها. ويُعدُّ كتابه القانون المسعودى من أضخم
مؤلفاته، وفيه وضع معادلته المشهورة لاستخراج محيط الأرض،
وأطلق عليها قاعدة البيرونى. وصفه المستشرق سخاو بأنه من
أضخم العقول التى ظهرت فى العالم. إنه أعظم علماء عصره ...
ومن أعظم العلماء فى كل العصور. وتُوفِّى البيرونى سنة (440
هـ = 1048 م).(10/599)
*محمد بن أحمد البيروني
هو أبو الريحان محمد بن أحمد البيرونى. أحد علماء المسلمين
فى الرياضيات والفلك والجغرافيا. وُلِد فى بيرون بإقليم خوارزم
الفارسى سنة (362 هـ = 973 م)، وحفظ القرآن والحديث، ثم
اتصل بعالم نباتات يونانى حبب إليه العلوم الطبيعية، وعلمه
اللغتين السريانية واليونانية، ثم لازم أبا نصر منصور عالم
الرياضيات والفلك، فتعلم على يديه؛ إذ درس له كتب إقليدس
وآراء بطليموس فى الفلك، كما تعلم اللغة السنسكريتية؛ مما
أتاح له أن يقرأ حضارة الهند. وقد كتب البيرونى معظم مؤلفاته
بالعربية، فى الفلك والطب والرياضيات والجغرافيا والتاريخ
والفلسفة وغيرها. ويُعدُّ كتابه القانون المسعودى من أضخم
مؤلفاته، وفيه وضع معادلته المشهورة لاستخراج محيط الأرض،
وأطلق عليها قاعدة البيرونى. وصفه المستشرق سخاو بأنه من
أضخم العقول التى ظهرت فى العالم. إنه أعظم علماء عصره ...
ومن أعظم العلماء فى كل العصور. وتُوفِّى البيرونى سنة (440
هـ = 1048 م).(10/600)
*سعد بن عبادة
هو سعد بن عبادة بن دُليم بن حارثة الخزرجى. أحد كبار
الصحابة. وكان قبل إسلامه رئيس قومه. واشتهر بالكرم وإتقان
السباحة والرماية والكتابة، وسُمِّى بالكامل. أسلم قبل الهجرة،
وحضر بيعة العقبة الثانية، وكان أحد نقبائها الاثنى عشر،
وشهد الغزوات مع النبى - صلى الله عليه وسلم - إلا بدرًا، فقد كان يتهيأ للخروج،
ويحضُّ الأنصار على ذلك، لكنه مرض، فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -: لئن كان
سعد لم يشهدها، لقد كان عليها حريصًا [مستدرك الحاكم].
وبعد وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم - تخلف سعد عن مبايعة أبى بكر، رضى الله
عنه، لأنه كان يرى أن الأنصار أحق بها، ثم هاجر إلى الشام
فى عهد عمر بن الخطاب، رضى الله عنه. وتُوفِّى هناك سنة (15
هـ = 636 م).(10/601)
*يعقوب (نبى اللهـ)
هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم. نبى كريم مثل أبيه وجده،
عليهم السلام. ولم ينزل على يعقوب كتاب سماوى، وإنما ظل
يدعو إلى التوحيد واعتناق ملة إبراهيم الحنيفية. ومن أكثر
المواقف المؤثرة فى حياة يعقوب عليه السلام، ما حدث لابنه
يوسف، عليه السلام، من حسد إخوته له، ومحاولتهم قتله، وحفظ
الله تعالى له إلى أن أصبح حاكمًا على مصر. وقد ذهب بصر
يعقوب حزنًا على يوسف وظل كذلك حتى التقى مع يوسف فى
مصر. وعاش يعقوب فى مصر مع أبنائه وعشيرته، واتخذوها
وطنًا لهم وتناسلوا واختلطوا بالمصريين إلى أن أخرجهم فرعون
مصر منها.(10/602)
*جعفر بن أبى طالب
هو جعفر بن أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم. صحابى جليل.
أسلم قبل أن يدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دار الأرقم. وهاجر جعفر إلى
الحبشة فى الهجرة الثانية، ومعه زوجته أسماء بنت عميس،
وهناك أنجبت أبناءه؛ عبد الله وعونًا ومحمدًا، وظل بالحبشة
حتَّى هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة ثم قدم إليها فى العام
السابع من الهجرة، والرسول بخيبر. وقد تلقاه الرسول - صلى الله عليه وسلم - فرحًا
مستبشرًا وقبَّل مابين عينيه. كما شهد جعفر بن أبى طالب غزوة
مؤتة وأبلى فيها بلاءً حسنًا، حتى نال الشهادة. قال ابن عمر:
كنت يوم مؤتة فلما فقدنا جعفر بن أبى طالب طلبناه فى
القتلى، فوجدنا به بضعاً وتسعين مابين طعنة ورمية.(10/603)
*جوردون باشا
هو تشارلز جورج جوردون قائد إنجليزى. وُلِد سنة (1833 م).
وعُيِّن فى سلاح الهندسة الملكية، واشترك فى حرب القرم
وعمره واحد وعشرون عامًا، ثم اشترك فى حرب الصين؛ حيث
أسهم فى الاستيلاء على بكين، ثم تولى قيادة الجيش الصينى
الذى قمع ثورة تيبنج. وفى سنة (1874 م) عينه الخديو
إسماعيل حاكمًا عامًّا للسودان، وظل فى منصبه سبع سنوات،
عاد بعدها إلى بريطانيا، ثم رجع مرة أخرى لإجلاء الجيش
المصرى عن السودان، لكن قوات المهدى حاصرت الخرطوم،
حتى سقطت، ولقى جوردون مصرعه فى يناير سنة (1885 م).(10/604)
*يزيد بن أبى حبيب
فقيه ومحدِّث مصرى. وُلِد سنة (53 هـ)، فى خلافة معاوية،
وتلقى العلم على أيدى عدد من العلماء، منهم: عبد الله بن
الحارث الزبيدى وسعيد بن أبى هند. وتتلمذ له كثيرون، فى
مقدمتهم: سعيد بن أبى أيوب وحيوة بن شريح ويحيى بن
أيوب. وكان يزيد مفتى مصر، ويُعد من أوائل مَن أظهروا العلم
ومسائل الحلال والحرام فى مصر، حتى قال عنه الليث بن سعد:
يزيد عالمنا وسيدنا. وتُوفِّى يزيد بن أبى حبيب سنة (128 هـ).(10/605)
*يوسف بن عمر الثقفى
هو يوسف بن عمر بن محمد بن الحكم الثقفى. والٍ أموى، يلتقى
مع الحجاج الثقفى فى جدهما الحكم، ويشبهه فى انتهاج
سياسة الشدة. ولاِّه الخليفة هشام بن عبد الملك ولاية اليمن سنة
(106 هـ)، ثم ضم إليه ولاية العراق، فاستخلف يوسف ابنه الصلت
على اليمن، وذهب إلى العراق، واستمر يوسف واليًا حتى قُتل
سنة (127 هـ).(10/606)
*أبو سفيان بن حرب
هو صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف. صحابى
جليل. أسلم عام الفتح، وحسن إسلامه، وشهد مع النبى - صلى الله عليه وسلم - حنينًا
والطائف، وكان قبل ذلك رأس المشركين فى غزوتى أحد
والأحزاب. تزوج النبى - صلى الله عليه وسلم - ابنته أم حبيبة قبل أن يُسلم أبوها،
وكانت قد أسلمت قديمًا وهاجرت مع زوجها إلى
الحبشة، وتُوفِّى زوجها هناك. وقد رفع النبى - صلى الله عليه وسلم - من شأنه يوم
الفتح حين أمَّن كل من يدخل دار أبى سفيان. واشترك أبو
سفيان فى الفتوحات؛ فحضر معركة اليرموك، وولاَّه أبو بكر
على نجران. وتُوفِّى أبو سفيان سنة (652 م) عن (88) سنة.(10/607)
*أبو بكر بن العربى
هو محمد بن عبد الله بن محمد بن عبدالله بن أحمد المعافرى
الإشبيلى. المعروف بالقاضى أبى بكر بن العربى. أحد أئمة
الحديث والفقه فى الأندلس فى القرن السادس الهجرى. وُلِد
بإشبيلية سنة (468 هـ = 1076 م)، ونشأ فى أسرة مشتغلة
بالعلم؛ فقرأ منذ صغره كثيرًا من الكتب، ثم رحل إلى الشرق
لينهل من علمائه، أمثال: أبى حامد الغزالى وأبى بكر
الطرطوشى، ثم عاد إلى إشبيلية، وتولى قضاءها فترة، ثم ترك
القضاء وتفرغ للتدريس والتصنيف، ومن أشهر ما صنفه: أحكام
القرآن، والعواصم من القواصم، وعارضة الأحوذى شرح سنن
الترمذى. وتُوفِّى ابن العربى سنة (543 هـ = 1148 م).(10/608)
*البغوى
هو أبومحمد الحسينى بن مسعود بن محمد الفرَّاء البغوى. أحد
أئمة الحديث فى القرن الخامس الهجرى. وُلِد سنة (433 هـ =
1042 م) بمدينة بغ الإيرانية. وشغف بالعلم؛ فرحل فى طلبه،
وأخذ عن كثير من أعلامه فى عصره، أمثال: حسين المروزى
شيخ الشافعية، وأبى نصر أكركانجى المروزى وأبى بكر
البيهقى. وقد غلبت على البغوى صناعة الحديث على الرغم من
كونه واحدًا من فقهاء الشافعية، وله مصنفات كثيرة يأتى فى
مقدمتها: شرح السنة ومعالم التنزيل، وهو تفسير للقرآن معروف
باسم تفسير البغوى، ومصابيح السنة. وتُوفِّى البغوى نحو
سنة (516 هـ = 1122 م)، ودُفِن بمروالروز.(10/609)
*فاطمة بنت محمد
هى فاطمة بنت محمد. وُلِدت بمكة قبل البعثة بخمس سنوات،
وهى صغرى بنات النبى - صلى الله عليه وسلم -، وأمها السيدة خديجة بنت خويلد
رضى الله عنها. تزوجت على بن أبى طالب، رضى الله عنه، بعد
غزوة أحد، وهى فى الثامنة عشرة من عمرها، فولدت له
الحسن والحسين وأم كلثوم وزينب، وانقطع نسل رسول الله
(إلا منها. وكانت فاطمة من أحب الناس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال
عنها: إنها سيدة نساء العالمين. وتُوفِّيت بعد النبى - صلى الله عليه وسلم - بستة
أشهر.(10/610)
*الفتح بن خاقان (وزير عباسى)
هو الفتح بن خاقان بن أحمد. وزير الخليفة العباسى المتوكل
على الله، وكانت علاقته به حسنة؛ ففوضه الخليفة فى حكم بلاد
الشام. وكان الفتح بن خاقان أديبًا شاعرًا، ذكيًّا فطنًا، له مجلس
يحضره فصحاء العرب وعلماء البصرة والكوفة. ومن نوادر
فطنته وحسن أدبه أن الخليفة المعتصم دخل دار أبيه ليعوده،
فرأى الفتح وهو صبى صغير، فمازحه، وقال له: أيما أحسن
أدارى أم داركم؟، فقال الفتح: يا سيدى دارنا إذا كنت فيها
أحسن. وألف الفتح بن خاقان عدة كتب، منها: اختلاف الملوك،
والصيد والجوارح، والروضة والزهر، والبستان. وقُتِل الفتح مع
الخليفة المتوكل سنة (247 هـ = 861 م).(10/611)
*الفراء
هو يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمى، المعروف
بالفراء. أحد أئمة اللغة والنحو فى القرن الثانى الهجرى. وُلِد
بالكوفة سنة (144 هـ = 761 م)، ثم انتقل إلى بغداد، ولزم
الكسائى، وأخذ عنه النحو حتى برع فيه، وصار إمام أهل
الكوفة. وقد ترك الفراء مؤلفات كثيرة، من أهمها: معانى
القرآن والمقصور والممدود والمذكر والمؤنث. وتُوفِّى الفراء
سنة (207هـ = 822 م).(10/612)
*أبو فراس الحمدانى
هو الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبى، المعروف بأبى فِرَاس
الحمدانى، ابن عم سيف الدولة أمير حلب. كان فارسًا مغوارًا،
شاعرًا بليغًا، وشعره يجمع بين الحسن والجودة والسهولة
والجزالة والعذوبة والفخامة. اشترك أبو فراس فى عدة معارك
مع سيف الدولة حارب فيها الروم، فأُسِر فى إحداها وهو جريح
فى فخذه، فحُمِل إلى القسطنطينية، وسجن فيها أربع سنين،
ونظم وهو فى السجن قصائد امتازت بالرقة والحنين إلى الوطن،
وعُرِفت بالقصائد الروميات، ثم أُطلق سراحه وعاد إلى وطنه.
ولما مات سيف الدولة طمع هو فى حمص فاعترضه أبو المعالى
بن سيف الدولة، وجرت بينهما حرب، انتهت بقتل أبى فراس سنة
(357 هـ) عن (37) سنة. وقد جُمِع شعره فى ديوان حققه سامى
الدهان فى دمشق.(10/613)
*ابن فرحون
هو القاضى برهان الدين إبراهيم بن على بن محمد بن محمد أبى
القاسم بن محمد بن فرحون مؤرخ وفقيه مالكى. وُلِد بالمدينة
المنورة سنة (700هـ) بقليل، وعاش فى كنف أسرة عُرِفت
باشتغالها بالعلم؛ فدرس الفقه والحديث واللغة والتاريخ على
عدد من العلماء، منهم أبوه وعمه، حتى برز فى تلك العلوم،
وجلس للتدريس، كما تولى قضاء المدينة فعرف بعدالته
وشجاعته فى الحق. ترك ابن فرحون عدة مصنفات منها: الديباج
المذهب، وهو فى تراجم فقهاء المالكية، وكتاب تبصرة الحكام
فى أصول الأقضية، ومناهج الأحكام، وغيرها. وتُوفِّى ابن
فرحون بالمدينة المنورة فى (10 من ذى الحجة799 هـ = 4 من
سبتمبر 1397 م).(10/614)
*الفردوسى
هو أبو القاسم منصور بن فخر الدين أحمد بن فُرح الفردوسى.
الشاعر الفارسى المعروف. وُلِد بطوس سنة (329 هـ)، واتصل
بالسلطان محمود الغزنوى. واشتهر الفردوسى بشهنامته التى
نظمها فى (35) سنة تقريبًا، وتحوى نحو (60) ألف بيت من
الشعر الفارسى، سجَّل فيها الفردوسى تاريخ الفرس ومعاركهم
منذ أقدم العصور حتى الفتح الإسلامى، وهى مرتبة ترتيبًا
تاريخيًّا. وعندما تقدم الفردوسى برائعته الشهنامة إلى السلطان
الغزنوى لم يعطه ما كان ينتظره من مكافأة؛ فهجاه الفردوسى
، وترك غزنة، وتنقل فى البلاد، وزار بغداد، ثم رجع إلى مسقط
رأسه؛ حيث تُوفِّى سنة (411 هـ)، وقيل: سنة (416 هـ).(10/615)
*الفرزدق
هو أبو فراس همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية التميمى،
المعروف بالفرزدق. أحد فحول الشعر العربى فى العصر الأموى.
وُلِد فى البصرة وأقام فى باديتها مع أبيه وظهرت لديه ملكة
الشعر وهو صغير، ثم اتصل بولاة العراق يمدحهم ويهجوهم،
ورحل إلى دمشق يمدح الخلفاء الأمويين وينال جوائزهم. وقد
دارت بينه وبين جرير نقائض تُعد وثيقة تاريخية لعصرهما ولكثير
من أيام العرب وأحوالهم فى الجاهلية والإسلام، وقد برع
الفرزدق فى أغراض المدح والهجاء والفخر. ويمتاز شعره
بخشونة الألفاظ، ووعورة المعانى، والميل إلى الفخر. وكان
الفرزدق عظيم الأثر فى اللغة؛ فقيل: لولا شعر الفرزدق لذهب
ثلث لغة العرب، ونصف أخبار الناس. وتُوفِّى الفرزدق بالبصرة
سنة (110 هـ = 728 م).(10/616)
*محمد عبده
هو محمد عبده بن حسن خيرالله. من كبار رجال الإصلاح والتجديد
فى الإسلام. وُلِد فى شنرا إحدى قرى محافظة الغربية بمصر
سنة (1265هـ)، ونشأ بمحلة نصر، ثم التحق بالجامع الأحمدى
بطنطا ثم بالأزهر، ثم عمل فى التعليم، وكتب فى الصحف
وبخاصة جريدة الوقائع المصرية، ثم تولى رئاسة تحريرها بعد
ذلك. وشارك محمد عبده فى الثورة العرابية؛ فسُجِن فترة، ثم
نُفِى إلى الشام، ثم سافر إلى باريس؛ حيث أصدر مع أستاذه
جمال الدين الأفغانى جريدة العروة الوثقى. وفى سنة (1306 هـ
= 1888 م) سُمِح له بالعودة إلى مصر، وتولى منصب القضاء، ثم
تدرج فى المناصب حتى اختير مفتيًا للديار المصرية. وقد أثرى
المكتبة العربية بمؤلفات كثيرة، منها: تفسير القرآن الكريم، ولم
يكمله، وشرح نهج البلاغة، والإسلام والنصرانية مع العلم
والمدنية. وتُوفِّى محمد عبده سنة (1323 هـ = 1905 م).(10/617)
*محمد على
هو محمد على باشا بن إبراهيم أغا بن على المعروف بمحمد
على الكبير. مؤسس آخر دولة ملكية بمصر. وُلِد سنة (1184 هـ =
1770 م) بقولة التابعة لليونان الآن، وتُوفِّى أبوه وهو صغير،
واشتغل بتجارة الدخان، ثم جاء إلى مصر مع الحملة العثمانية
لإجلاء القوات الفرنسية بقيادة نابليون، واشترك فى معركة أبى
قير البحرية سنة (1214 هـ = 1799 م). تولَّى محمد على حكم
مصر سنة (1220 هـ = 1805 م)، بعد ما طلب المصريون من الباب
العالى عزل خورشيد باشا، وتولية محمد على عليهم. وبعد توليه
الحكم عُنِى بتنظيم الحكومة، وتغلب على كثير من الصعاب،
ونجح فى التخلص من المماليك، ألد أعدائه فى مذبحة القلعة.
ومن أهم أعمال محمدعلى: إنشاء كثير من المدارس العليا،
وإرسال البعثات العلمية، وتشييد القناطر الخيرية، وحفر كثير من
الترع الرئيسية والفرعية، وتحسين ميناء الإسكندرية، وفتح
السودان، ونشر الأمن فى البلاد، لكن يُؤخذ عليه انتزاعه جميع
الأراضى من المصريين، وإرهاقه الأهالى بالضرائب الفادحة. وقد
اعتزل محمد على الحكم سنة (1848 م)، وولَّى ابنه إبراهيم خلفًا
له، ثم تُوفِّى بالإسكندرية، ودُفِن بالقاهرة سنة (1265 هـ =
1849 م).(10/618)
*محمد فريد
هو محمد فريد بن أحمد فريد باشا. رئيس الحزب الوطنى أيام
الاحتلال البريطانى لمصر. وُلِد بالقاهرة سنة (1284 هـ = 1868
م)، لأبٍ من أصل تركى، وتعلم فى مدرستى الألسن والحقوق،
وبعد تخرجه عُيِّن فى نيابة الاستئناف، ثم احترف المحاماة،
وانقطع للخدمة العامة. شارك محمد فريد فى العمل السياسى
فى مراحله المختلفة، إلى أن اختير رئيسًا للحزب الوطنى سنة
(1908 م)، بعد وفاة مصطفى كامل. وقد سُجِن لأسباب سياسية،
وأنفق معظم ثروته فى سبيل القضية المصرية، ثم فرضت عليه
الظروف مغادرة البلاد فى (مارس 1912 م)؛ فذهب إلى الآستانة
واتخذ منها مركزًا لنشاطه، ثم أخذ يتنقل بين المدن الأوربية
أثناء الحرب العالمية الأولى؛ بحثًا عن الوسائل الممكنة لكسب
استقلال بلاده وإخراج الإنجليز منها. وعلى الرغم من انشغال
محمد فريد بالعمل الوطنى فإنه ترك عددًا من المؤلفات، منها:
تاريخ الدولة العلية العثمانية، والبهجة التوفيقية فى تاريخ محمد
على باشا، وتُوفِّى محمد فريد فى برلين بألمانيا سنة (1318 هـ
= 1919م)، ثم نقلت جثته إلى القاهرة حيث دُفِن بها.(10/619)
*محمد بن القاسم الثقفى
هو محمد بن القاسم بن الحكم بن أبى عقيل الثقفى. أحد قادة
الفتح الإسلامى فى العصر الأموى، وُلِد سنة (62 هـ = 681 م)،
لأبٍ كان واليًا على البصرة والسند من قِبَل الحجاج بن يوسف
الثقفى. وظل محمد بن القاسم قائدًا للأمويين حتى تُوفِّى سنة
(98 هـ = 717 م).(10/620)
*محمد بن محمد بن بقية
هو محمد بن محمد بن بقية بن على. أحد وزراء بنى بويه فى
العصر العباسى. وُلِد سنة (314 هـ = 926 م) فى قرية أوانا
بالقرب من بغداد. واتصف فى شبابه بالأخلاق الكريمة التى
ساعدته على التدرج فى المناصب، حتى ولاَّه الأمير عز الدين
بختيار الوزارة، فاستطاع بكرمه وسماحة خلقه وسعة صدره أن
يكسب ودَّ الناس والجند. وعندما انتزع الأمير عضد الدولة إمارة
العراق من ابن عمه عز الدين بختيار سنة (364 هـ = 974 م) قدَّم
إليه ابن بقية مساعدات كثيرة خلال إقامته ببغداد؛ فكافأه عضد
الدولة بأن جعله وزيرًا لابنه أبى الحسين، ولكن ابن بقية كان
يطمع فى أن يكون وزيرًا لعضد الدولة نفسه، فلم يطب نفسًا بما
ولاَّه عضد الدولة، ونقم عليه، وعمل على تأليب مدن العراق
عليه؛ لذلك عندما تمكَّن عضد الدولة من هزيمة عزالدين بختيار
سنة (367 هـ = 977 م) قبض على ابن بقية، وأمر بقتله.(10/621)
*محمد بن مسلمة الأنصارى
صحابى جليل، من الطبقة الأولى من الأنصار. وُلِد سنة (35 ق. هـ
= 589 م)، وأسلم بالمدينة على يدى مصعب بن عمير، وآخى
الرسول - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين أبى عبيدة بن الجرَّاح. شهد محمد بن مسلمة
المشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا تبوك؛ إذ استخلفه الرسول على
المدينة آنذاك. وفى عهد عمر بن الخطاب كان محمد بن مسلمة
رسوله إلى المدن والأمصار؛ لتقصِّى أحوال الولاة وأخبارهم.
وفى الفتنة اعتزل الناس فلم يشهد معركتى صفين والجمل،
وأقام بالربذة حتى تُوفِّى سنة (43 هـ)، ودُفِن إلى جانب أبى
ذر الغفارى وقيل: تُوفِّى بالمدينة.(10/622)
*محمد بن موسى بن شاكر
عالم من علماء المسلمين الذين اشتهروا فى الهندسة والفلك
والموسيقا. وكان هو وأسرته من المقربين إلى الخليفة العباسى
المأمون، وكان ذا همة عالية فى طلب العلم، وبخاصة علم الأوائل
، وأنفق كثيرًا من ماله فى سبيل الحصول على الكتب القديمة
من بلاد الروم. وله كتاب يُسَمَّى رسم المعمور من البلاد وتُوفِّى
محمد بن موسى سنة (259 هـ = 873 م).(10/623)
*محمد بن هانئ الأندلسى
هو محمد بن هانئ بن محمد بن سعدون الإشبيلى. أشهر شعراء
المغاربة. وُلِد سنة (326 هـ = 938 م) بإشبيلية، ولما ظهرت
موهبته الشعرية اتصل بأميرها وحظى بمكانة عنده، لكنه كان
ماجنًا متهمًا بالتفلسف، فغضب الناس عليه فترك إشبيلية إلى
شمال إفريقيا، واتصل بالخليفة المعز لدين الله الفاطمى وأقام
عنده فى المنصورية قرب القيروان. ولما رحل المعز إلى القاهرة
شيعه ابن هانئ وعاد إلى إشبيلية فأخذ أسرته وقصد مصر
لاحقًا بالمعز، فلما وصل إلى برقة قُتل فيها غيلة فى شهر رجب
سنة (362 هـ = 973 م). وديوانه كبير، فيه غلو فى المدح،
ونزعة إسماعيلية بارزة.(10/624)
*عمرو بن أمية الضمرى
صحابى جليل. أسلم بعد غزوة أحد. وكان شجاعًا، وأول
مشاهده التى اشترك فيها بئر معونة، فأسره عامر بن الطفيل،
وجزَّ ناصيته، وأطلق سراحه. بعثه النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة؛ ليأتى بجثة
خبيب بن عدى بعدما قتله المشركون، كما أرسله إلى النجاشى
فى الحبشة سنة (6 هـ) فى أمر زواجه - صلى الله عليه وسلم - من
أم حبيبة. وعاش عمرو بن أمية إلى خلافة معاوية بن أبى
سفيان، وتُوفِّى فى آخر عهده بالمدينة.(10/625)
*عمرو بن عبيد
هو أبو عثمان عمرو بن عبيد بن باب البصرى. أحد أئمة المعتزلة.
وُلِد سنة (80 هـ)، واتصل بالحسن البصرى، ثم انفصل عنه هو
وزميله واصل بن عطاء، وأسسا مذهب المعتزلة. واشتهر عمرو
بن عبيد بالصلاح والتقوى، والوعظ النافذ إلى القلوب، والبيان
العذب، وكان صديقًا لجعفر المنصور. وكتب رسائل كثيرة، لكن
لم يصل إلينا منها شىء. وتُوفِّى عمرو بن عبيد سنة (144 هـ =
761 م).(10/626)
*محمد بن زكريا الرازى
هو محمد بن زكريا الرازى. فيلسوف، وأحد كبار الأطباء فى
تاريخ المسلمين. وُلِد فى الرى سنة (251 هـ = 865 م)، واشتغل
فى صباه بالغناء، ثم انصرف عنه، وأقبل على دراسة الطب
والفلسفة، وسافر بعد الثلاثين من عمره إلى بغداد؛ لدراسة الطب
على يدى على بن زين الطبرى، حتى نبغ واشتهر. وكان يحضر
مجلسه أجيال من التلاميذ، فيأتى المريض فيذكر مرضه لأول مَنْ
يلقاهم، فإن كان عندهم علم شخَّصوا مرضه، وإلاَّ تعداهم إلى
غيرهم، فإن لم يصيبوا تكلم الرازى فى ذلك. وكان الرازى
كريمًا رحيمًا بالفقراء، يجرى عليهم الجرايات الواسعة ويمرَّضهم.
وقد ألف نحو (232) كتابًا، يأتى فى مقدمتها: الحاوى فى
صناعة الطب، والجدرى والحصبة، والطب الملوكى،
والأقربازين. وقد عمى الرازى فى أخريات حياته، وتُوفَّى ببغداد
سنة (313 هـ = 925 م).(10/627)
*الداعى سبأ
هو محمد بن سبأ بن أبى السعود الزريعى. من دعاة الباطنية
الإسماعيلية، ولُقَّب بالملك المعظم المتوج المكين. ملك عدن أبين
وتعز والدُّمْلُوة وغيرها فى عهد الحرة الصليحية، واشترى أكثر
أملاكها بعد وفاتها من المنصور بن المفضل وقصده الشعراء
فبذل لهم الأعطيات. ومات فى الدُّمْلُوة سنة (549 هـ = 1155 م).(10/628)
*محمد بن سبأ
هو محمد بن سبأ بن أبى السعود الزريعى. من دعاة الباطنية
الإسماعيلية، ولُقَّب بالملك المعظم المتوج المكين. ملك عدن أبين
وتعز والدُّمْلُوة وغيرها فى عهد الحرة الصليحية، واشترى أكثر
أملاكها بعد وفاتها من المنصور بن المفضل وقصده الشعراء
فبذل لهم الأعطيات. ومات فى الدُّمْلُوة سنة (549 هـ = 1155 م).(10/629)
*محمد بن سلام الجمحى
هو أبو عبيد محمد بن سلام الجُمحى البصرى. أحد أئمة اللغة
والأدب فى القرنين الثانى والثالث الهجريين. وُلِد بالبصرة سنة
(139 هـ). وعاش فى بغداد، ونشأ فى بيت يُعنَى باللغة والأدب،
ودرس على كثير من أعيان عصره من أهل اللغة والأدب، مثل:
خلف الأحمر والمفضل الضَّبِّى ويونس بن حبيب. ويُعد ابن سلام
أول من ألَّف كتابًا يتناول تاريخ الأدب العربى، ويعالج قضية
الانتحال فى الشعر الجاهلى، وهو كتاب طبقات فحول الشعراء
، كما أثرى ابن سلام المكتبة العربية بعدة مؤلفات أخرى منها:
بيوتات العرب. وتُوفِّى ابن سلام ببغداد سنة (231 هـ = 846 م).(10/630)
*المستكفى بالله (خليفة أندلسى)
هو محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن الناصر الأموى. خليفة
أموى بالأندلس. وُلِد سنة (366 هـ = 976 م)، وتولى الحكم
بقرطبة سنة (414 هـ = 1023 م)، عندما ساعد على اغتيال
المستظهر بالله عبد الرحمن بن هشام، وكانت سياسته سيئة؛
فكرهته الرعية، ثم ثارت عليه، وخلعته من منصبه، فخرج من
البلاد ولحق بالثغور؛ حيث تُوفِّى هناك قتيلاً فى قرية شمنت
سنة (416 هـ = 1025 م).(10/631)
*محمد الفاتح:
ولد السلطان «محمد» فى (27 من رجب 835هـ = 30 من مارس
1432م) وتولى عرش السلطنة بعد وفاة أبيه فى (5 من المحرم
855هـ = 7 من فبراير 1451م) بعد أن بايعه أهل الحل والعقد
فى الدولة العثمانية. إعداد محمد الفاتح: خضع السلطان «محمد»
- شأنه فى ذلك شأن كل أمير عثمانى - لنظام تربوى صارم تحت
إشراف مجموعة من علماء عصره المعروفين. وهو ما يزال غضا،
فتعلم القرآن الكريم والحديث والفقه والعلوم العصرية - آنذاك -
من رياضيات وفلك وتاريخ ودراسات عسكرية نظرية وتطبيقية،
كما كان السلطان «محمد» يشترك فى الحروب التى كان يشنها
والده السلطان «مراد الثانى» ضد «أوربا» أو التى كان يصد
فيها اعتداءاتهم. وكعادة «آل عثمان» فى إسناد إدارة ولاية
لكل أمير وهو صغير حتى يؤهل لقيادة الدولة بعد ذلك، قضى
«محمد» فترة إمارته فى «مغنيسيا» تحت إشراف مجموعة من
أساطين علماء العصر، وفى مقدمتهم: الشيخ «آق شمس الدين»
والملا «الكورانى». وقد أثرت هذه المجموعة من العلماء فى
تكوين الأمير الصغير وتشكيل اتجاهاته الثقافية والسياسية
والعسكرية، وكان الشيخ «آق شمس الدين» صارمًا مع الأمير
حتى إن السلطان «محمد» وهو سلطان قال لأحد وزرائه عن
شيخه هذا: «إن احترامى لهذا الشيخ احترام يأخذ بمجامع نفسى
وأنا ماثل فى حضرته مضطربًا ويداى ترتعشان». ثقافة محمد
الفاتح: درس السلطان «محمد» إلى جانب دراسته الأكاديمية
المنظمة اللغات الإسلامية الثلاثة التى لم يكن يستغنى عنها مثقف
عصرى آنذاك وهى: العربية والفارسية والتركية، وعنى بالأدب
والشعر خاصة، فكان شاعرًا له ديوان بالتركية، وله بيت مشهور
يقول فيه: نيتى هى الامتثال للأمر الإلهى «جاهدوا فى سبيل
الله». وحماسى إنما هو حماس فى سبيل دين الله. وتعلم
السلطان «محمد» أيضًا اللغات: اللاتينية واليونانية والصربية،
ولاتخفى أهمية هذه اللغات لأمير فى طريقه إلى تولى الدولة(10/632)
العثمانية. وقد أثرت فترة إمارة «محمد» فى شخصيته فجعلته -
بفضل توعية أساتذته - أكثر الأمراء العثمانيين وعيًا فى دراسة
علوم التاريخ والجغرافيا والعلوم العسكرية، وبخاصة أن
أساتذته وجهوا اهتمامه إلى دراسة الشخصيات الكبيرة، التى
أثرت فى مجرى التاريخ، وأبانوا له عن جوانب العظمة فى تلك
الشخصيات، كما وضحوا له نقاط الضعف فيها، أملا أن يكون
أميرهم ذات يومٍ من أكثر الحكام خبرة وحكمة وعبقرية. ولا شك
أن الشيخ «آق شمس الدين» استطاع أن يلعب دورًا كبيرًا فى
تكوين شخصية «محمد» وأن يبث فيه منذ صغره أمرين، جعلا منه
فاتحًا، وهما: مضاعفة حركة الجهاد العثمانية. الإيحاء دومًا
لمحمد منذ صغره بأنه هو الأمير المقصود بالحديث النبوى،
«لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك
الجيش». وقد استغرق تحقيق النقطة الأولى فترة تاريخية من
حياة السلطان «محمد» - بعد أن أصبح سلطانًا للدولة - لنرى فيه
حملاته العسكرية، ونكتفى هنا بذكر حروبه البرية على الجبهة
الأوربية. ففى عام (857هـ=1453م) فتح «القسطنطينية»، وفى
عام (863هـ= 1459م) فتح «بلاد الصرب»، وفى عام (568هـ =
0641م) فتح «بلاد المورة»، وفى عام (866هـ = 1462م) ضم
«بلاد الأفلاق»، وبين عامى (867 - 884هـ = 1462 - 1479م) فتح
بلاد «ألبانيا»، وبين عامى (867 - 870هـ = 1462 - 1465م) فتح
بلاد «البوسنة والهرسك»، وفى عام (881هـ = 1476م) وقعت
حرب «المجر». ومنذ حرب بلاد «المجر» وحتى وفاة الفاتح عام
(886هـ = 1481م) دخلت الدولة العثمانية فى حروب بحرية كثيرة
منها: ضم الجزر اليونانية عام (884هـ = 1479م) وضم «أوترانتو»
عام (885هـ=1480م) ومعلوم أنه كان قد أعد بالفعل جيوشه
وتحرك على رأسها لمحاربة المماليك إلا أن الموت عاجله. فتح
القسطنطينية: رأى السلطان «محمدالفاتح» أن فتح
«القسطنطينية» كما أنه يحقق أملا عقائديا عنده فإنه أيضًا(10/633)
يسهل للدولة العثمانية فتوحاتها فى منطقة «البلقان» ويجعل
بلاده متصلة لايتخللها عدو، وكانت «القسطنطينية» تمثل الأرض
التى تعترض طريق الفتوحات فى «أوربا»، فبدأ فى عاصمته
«أدرنة» الاستعداد لعملية فتح «القسطنطينية»، ومن ذلك: صب
المدافع خاصة الضخم منها، والاستعداد لنقل هذه المدافع إلى
أسوار مدينة «القسطنطينية». ثم رأى السلطان «محمد» أن جده
«بايزيد الصاعقة» كان قد بنى - أثناء محاولته فتح
«القسطنطينية» - قلعة على الضفة الآسيوية من «البوسفور»
سماها «أناضولو حصارى» أى «قلعة الأناضول».كانت تقوم
على أضيق نقطة من «مضيق البوسفور»، فقرر «محمد» أن يبنى
فى مواجهة هذه القلعة على الجانب الأوربى من «البوسفور»
قلعة سماها «روملى حصارى» أى «قلعة منطقة الروم» (يطلق
الأتراك على الجانب الأوربى من تركيا والمنطقة الملاصقة له
والمعروفة الآن باسم «البلقان» اسم «روم إيلى» أى منطقة
الروم)، وكان القصد من هذا هو التحكم فى «البوسفور» تمامًا،
وكان السلطان «محمد» هو الذى وضع بنفسه تخطيط هذه
القلعة، ونفذها المعمارى «مصلح الدين آغا» ومعه (7000) عامل
أنهوا مهمتهم فى أربعة أشهر كاملة. وبعد أن تم البناء خرج
بعض الجنود العثمانيين لرؤية «القسطنطينية» فما لبث أن وقع
بينهم وبين البيزنطيين المجاورين لأسوار المدينة بعض حوادث
شغب، كان لها رد فعل عند السلطان «محمد» فأصدر أوامره
بإبعاد البيزنطيين المجاورين للأسوار والقرويين المجاورين
للمدينة، فقام إمبراطور «بيزنطة» «قسطنطين دركازيز» بإخلاء
القرى المجاورة، وسحب سكانها إلى داخل المدينة، ثم أمر
الإمبراطور بإغلاق أبواب «القسطنطينية» وإحكام رتاجها.
وبينما الاستعدادات العثمانية تجرى على قدم وساق فى
«أدرنة» لفتح «القسطنطينية» كان الوضع فى المدينة غاية فى
الاضطراب، فقد طلب الإمبراطور «قسطنطين» معونة عاجلة من
البابا «نيقولا الخامس» فاستجاب البابا وأرسل الكاردينال(10/634)
«ايزودور» إلى «القسطنطينية» فتوجه هذا الكاردينال وهو
كاثوليكى - إلى «كنيسة آياصوفيا» وأقام فيها المراسم
الكنسية على الأصول الكاثوليكية مخالفًا بذلك بل ومتحديًا
مشاعر شعب «القسطنطينية» الأرثوذكسى. وقف الشعب ينظر
إلى الكاردينال المنقذ باشمئزاز بالغ، وكان إمبراطور
«القسطنطينية» يميل إلى فكرة اتحاد الكنيستين الأرثوذكسية
والكاثوليكية، أما رئيس الحكومة «لوكاس نوتاراس»
و «جناديوس» (الذى صار بطريقًا بعد الفتح) فقد عارضا بشدة
هذا الاتحاد خوفًا على الأرثوذكسية من الفناء، وقال «نوتاراس»
قولته الشهيرة: «إنى أفضل رؤية العمامة التركية فى
القسطنطينية على رؤية القبعة اللاتينية» ولم يكن البيزنطيون قد
نسوا الأعمال الوحشية التى قام بها «اللاتين» عندما احتلوا
«القسطنطينية» عام (601هـ = 1204م) ومع ذلك فإن الكنيسة
اللاتينية لم تتوانَ عن إرسال موجات المتطوعين إلى
«القسطنطينية» بناء على طلب إمبراطورها، لكن مجىء
«ايزودور» لم يحقق أدنى نتيجة فى مسألة اتحاد الكنيستين.
الحصار والفتح: حاصر العثمانيون «القسطنطينية» برا وبحرًا فى
سنة (857هـ = 1453م) واشترك فى الحصار من الجنود البحرية
(000.20) جندى على (400) سفينة، أما القوات البرية فكانت
(80000) جندى، والمدفعية (200) مدفع. وقفت القوات البحرية
العثمانية بقيادة «بلطة أوغلو سليمان بك» على مدخل «الخليج
الذهبى» وكان عليه تدمير الأسطول البيزنطى المكلف بحماية
مدخل الخليج وكان البيزنطيون قد أغلقوا - قبل الحصار - الخليج
بسلسلة حديدية طويلة يصعب من جرائها دخول أى سفينة إلى
الخليج، مما شكل أكبر معضلة أمام العثمانيين، لأن سفنهم كان
عليها أن تحمل الجنود وتدخل الخليج لإنزالهم لكى يضربوا
«القسطنطينية». ثم جاءت ثلاث سفن جنوية، وسفينة بيزنطية
بقيادة القائد الشهير «جوستنيانى» أرسلها البابا للدفاع عن
«القسطنطينية» ولنقل الإمدادات إليها، جاءت هذه السفن ولم(10/635)
تستطع البحرية العثمانية منعها، فبعد معركة عنيفة مع البحرية
العثمانية تغلب «جوستنيانى» ومضى بسفنه إلى الخليج، ففتح
لها أهل «القسطنطينية» السلسلة الحديدية وأدخلوها، وكانت
هذه الحادثة دافعًا لكى يفكر السلطان «محمد» فى خطة
عسكرية شهد لها القواد العسكريون بالبراعة. كانت هذه الخطة
تقضى بنقل (67) سفينة من السفن الخفيفة عبر البر من منطقة
«غلطة» إلى داخل الخليج لتفادى السلسلة، وتمت هذه العملية
بوضع أخشاب مطلية بالزيوت على طول المنطقة المذكورة، ثم
دفعت السفن لتنزلق على هذه الأخشاب فى جنح الظلام، بعد أن
استطاعت المدفعية العثمانية بإطلاقها مدافع الهاون أن تشد
انتباه البيزنطيين إليها، ومن ثم لم يلتفت أحد لعملية نقل السفن
إلى الخليج. نقلت السفن وأنزلت إلى الخليج ووضعت الواحدة تلو
الأخرى على شكل جسر على عرض الخليج، حتى استطاع
الجنود الانتقال عليها وصولا إلى بر «القسطنطينية» وما إن جاء
الصباح إلا وتملكت الدهشة أهل «القسطنطينية»، ويصف المؤرخ
«دوكاس» وهو بيزنطى عاصر الحادثة دهشته من هذه العملية
قائلا: «إنها لمعجزة لم يسمع أحد بمثلها من قبل ولم ير أحد
مثلها من قبل». وبعد أن فشلت البحرية العثمانية فى إحباط
محاولة «جوستنيانى» دخول الخليج، لم يملك السلطان «محمد»
إلا الأمر بالهجوم العام الذى اشتركت فيه كل القوات العثمانية
مرة واحدة، وقبل هذا مباشرة أرسل السلطان «محمد» إلى
الإمبراطور للمرة الثانية - يطلب منه تسليم المدينة سلمًا حقنًا
للدماء، وللإمبراطور أن ينسحب إلى أى مكان يريده بكل أمواله
وخزائنه، وتعهد السلطان «محمد» بتأمين أهل «القسطنطينية» -
فى هذه الحالة - على أموالهم وأرواحهم وممتلكاتهم، لكن
الإمبراطور - بتحريض من الجنويين - رفض هذا العرض. وفى
(16من ربيع الأول 857 هـ= 26 من مايو 1453م) أراد ملك «المجر»
أن يضغط على السلطان «محمد» فى هذا الوقت الحرج، فأرسل(10/636)
يقول له: «إنه فى حالة عدم توصل العثمانيين إلى اتفاق مع
إمبراطور «القسطنطينية» فإنه (أى ملك المجر) سيقود حملة
أوربية لسحق العثمانيين، ولم تغير هذه الرسالة شيئًا. مضى
نهار يوم (28 من مايو) هادئًا، وعند الفجر وبعد الصلاة مباشرة،
اتجه السلطان «محمد» إلى مكان الهجوم ومع دوىّ المدافع
الضخمة الذى بدأ، صدر الأمر السلطانى بإخراج العلم العثمانى
من محفظته، وهذا يعنى عند الأتراك الأمر ببداية الهجوم العام.
واستطاعت المدافع أثناء ذلك إحداث فتحة فى الأسوار، ثم
اجتاز الجنود العثمانيون الخنادق المحفورة حول «القسطنطينية»
واعتلوا سلالم الأسوار، وبدأ الجنود يتدفقون على ثلاث موجات،
اشتركت «الإنكشارية» فى الثالثة منها، فاضطر «قسطنطين»
أن يدفع بقواته الاحتياطية التى كانت مرابطة بجوار كنيسة
الحواريين «سانت أبوترس» (مكان جامع الفاتح بعد ذلك) لتدخل
المعركة، وما لبث أن أطلق جندى عثمانى سهمه فأصاب القائد
«جوستنيانى» إصابة بالغة فانسحب «جوستنيانى» من ميدان
المعركة رغم توسلات الإمبراطور له، لأن «جوستنيانى» كان له
دور كبير فى الدفاع عن المدينة. وكان أول شهداء العثمانيين
هو الأمير «ولى الدين سليمان» الذى أقام العلم العثمانى على
أسوار المدينة البيزنطية العريقة، وعند استشهاده أسرع (18)
جنديا عثمانيا إليه لحماية العلم من السقوط واستطاعوا حمايته
حتى واصل بقية الجنود تدافعهم على الأسوار، وثبت العلم تمامًا
على الأسوار بعد أن استشهد أيضًا هؤلاء الثمانية عشر جنديا،
أثناء ذلك كان العثمانيون يواصلون تدفقهم إلى المدينة، عن
طريق الفتحات التى أحدثتها المدفعية فى الأسوار، ثم عن طريق
تسلق السلالم التى أقاموها على أسوار المدينة، وتمكن جنود
من فرق الهجوم العثمانية من فتح بعض أبواب «القسطنطينية»
ونجح آخرون فى رفع السلاسل الحديدية التى وضعت فى مدخل
الخليج لمنع السفن العثمانية من الوصول إليها، فتدفق الأسطول(10/637)
العثمانى إلى الخليج وبعد ذلك إلى المدينة نفسها، وساد الذعر
البيزنطيين وكان قد قتل منهم من قتل، وهرب من استطاع إلى
ذلك سبيلا. الفاتح يعطى الأمان: عندما دخل «محمد الفاتح»
المدينة أمر بإحراق جثث القتلى تفاديًا للأمراض، وسار على ظهر
جواده إلى كنيسة «آيا صوفيا» حيث تجمع الشعب البيزنطى
ورهبانه، وما إن علموا بوصول السلطان الفاتح حتى خروا سجدًا
راكعين بين أنين وبكاء وعويل، ولما وصل الفاتح، نزل من على
ظهر حصانه وصلى ركعتين شكرًا لله على توفيقه له بالفتح، ثم
سار يقصد شعب بيزنطة ورهبانه، ولما وجدهم على هذه الحالة
من السجود انزعج وتوجه إلى رهبانهم قائلا: «قفوا استقيموا
فأنا السلطان محمد، أقول لكم ولجميع إخوانكم ولكل
الموجودين هنا، إنكم منذ اليوم فى أمان فى حياتكم
وحرياتكم»، وهذا ما سجله مؤرخ بولونى كان معاصرًا. وكان
لهذا التصرف من الفاتح أثر كبير فى عودة المهاجرين النصارى
الذين كانوا قد فروا من المدينة، وأمر الفاتح قواده وجنوده
بعدم التعرض للشعب البيزنطى بأذى، ثم طلب من الناس العودة
إلى ديارهم بسلام، وحول «آيا صوفيا» إلى جامع، على أن
تصلى فيه أول جمعة بعد الفتح (كان الفتح يوم ثلاثاء) وكانت
«آيا صوفيا» أكبر كنيسة فى العالم وأقدم مبنى فى أوربا
كلها، وسميت المدينة «إسلامبول» أى مدينة الإسلام. كان سلوك
الفاتح عندما دخل «القسطنطينية» ظافرًا؛ سلوكًا مختلفًا تمامًا
عما تقول به شريعة الحرب فى العصور الوسطى، وهو نفى
شعب المدينة المفتوحة إلى مكان آخر أو بيعه فى أسواق
النخاسة، لكن الفاتح قام بما عجز عن فهمه الفكر الغربى
المعاصر له من تسامح ورحمة، فقد قام بالآتى: - أطلق سراح
الأسرى فورًا نظير مقابل مادى قليل يسدد على أقساط طويلة
المدى. - وأسكن الأسرى الذين كانوا من نصيبه فى المغانم فى
المنازل الواقعة على ساحل الخليج. - وعندما أبيحت
«القسطنطينية» للجنود ثلاثة أيام عقب الفتح، كان هذا الإذن(10/638)
مقتصرًا على الأشياء غير المعنوية، فلم تُغتصب امرأة ولم يُمسَّ
شيخ ولا عجوز ولا طفل ولا راهب بأذى، ولم تهدم كنيسة ولا
صومعة ولا دير ولا بيعة، مع أن المدينة أُخذت بالحرب ورَفضت
التسليم. - وكان من حق الفاتح قانونًا - ما دامت المدينة قد أخذت
عنوة- أن يكون هو نيابة عن الجيش الفاتح مالكًا لكل ما فى
المدينة، وأن يحول نصف الكنائس والبيع على مدى زمنى طويل
إلى جوامع ومساجد، وأن يترك النصف الآخر لشعب المدينة على
ما هو عليه، وفى وقفيات السلطان «محمد الفاتح» بنود كثيرة
على بقاء أديرة «جوكاليجا» و «آيا» و «ليبس» و «كيرا ماتو»
و «الكس» فى يد البيزنطيين. - واعترف لليهود بملكيتهم لبيعهم
كاملة، وأنعم بالعطايا على الحاخام «موسى كابسالى». -
وعين فى سنة (865هـ= 1461م) للجماعات الأرمنية بطريقًا يدعى
«يواكيم» ليشرف على مصالح الأرمن ويوحد صفوفهم. - وبدأ
فى أعمال تعمير المدينة ابتداء من (23 من ربيع الأول 857هـ =
12 من يونية 1453م) (كان الفتح يوم 29 من مايو من العام
نفسهـ) وأمر بنقل جماعات كثيرة من مختلف أنحاء الدولة إلى
«القسطنطينية» للإسهام فى إعادة إنعاشها. - وأعاد
للأرثوذكس كرامتهم التى أهدرها اللاتين الكاثوليك بأن أعطاهم
حق انتخاب رئيس لهم، يمثلهم ويشرف على شئونهم، وأصبح
«سكولا ريوس» (جناديوس) أول بطريق لهم بعد الفتح العثمانى
للقسطنطينية، وبذلك أنقذ الفاتح إيمان الأمة التى فتح ديارها،
وأحيا الأرثوذكية بعد أن أخذت تخفت. - وجعل الفاتح مسائل
الأحوال الشخصية مثل: الزواج والطلاق والميراث وأمور الوفاة
الخاصة بأهل المدينة المفتوحة من حق الجماعات الدينية
المختصة، وكان هذا امتيازًا منعدم النظير فى «أوربا» فى ذلك
الوقت. الفاتح وحكام عصره: كان تصرف «الفاتح» تصرفًا
حضاريا فى الوقت الذى كان الحكام من الشرق والغرب يتلذذون
بسفك الدماء وبقتل الناس بالآلاف، ويتلذذون وهم على موائد(10/639)
الطعام بمنظر الأسرى وقد اخترقت بطونهم أسنة رماح الجنود،
وبرفع الأسرى على الخوازيق وبخلط دمائهم بأنواع الشراب،
كما فعل «جنكيزخان» و «تيمورلنك» فى الشرق، و «فلال»
و «هونيادى» فى الغرب. إن دولة «بيزنطة» هدمت حى المسلمين
فى «القسطنطينية» وأبادت سكانه بعد أن علم الإمبراطور
بانتصار «تيمورلنك» على السلطان العثمانى «بايزيد الصاعقة»
فى واقعة أنقرة عام (805هـ = 1402م). وأزهقت الجيوش
الصليبية فى عملية احتلال القدس أرواح (70000) برىء، يقول
«هـ. ج. ويلز» فى ذلك: «كانت المذبحة التى دارت فى بيت
المقدس رهيبة وكان الراكب على جواده يصيبه رشاش الدم الذى
سال فى الشوارع .. » ويقول المؤرخ نفسه عن «هولاكو»: «كان
هولاكو يفتح فارس وسوريا وأظهر المغول فى ذلك الزمان
عداوة مريرة للإسلام، ولم يكتفوا بتذبيح سكان بغداد .. بل وقد
صارت أرض الجزيرة منذ تلك اللحظة التعسة يبابًا من الخرائب
والأطلال لا تتسع إلا للعدد القليل من السكان». وتقول «سامحة
آى ويردى»: «إن الجيوش الصليبية التى تدفقت على
القسطنطينية عام (603هـ = 1206م) قامت بتحويل المدينة إلى
خرابة بائسة فقيرة معدمة بعد أن كانت غنية معمورة يسودها
الرخاء». وعندما دخل «شارل الخامس» «تونس» عام (947هـ =
1540م) لم يترك حيا أمامه إلا قتله ولم تسلم من وحشيته حتى
الجمال والقطط، وهذا ما ذكره «شهاب الدين تكين داغ» فى
مذكراته عن الدولة العثمانية. إن هذه الأمثلة إذا ما قارناها
بموقف «الفاتح» الحضارى من «القسطنطينية» وأهلها، نرى
«الفاتح» قائدًا منعدم النظير بين أقرانه من أباطرة الشرق
وحكام الغرب، ولو كان «الفاتح» قد اتبع ما كان يجرى على
الجانب الغربى من البحر المتوسط من فظائع الإسبان فى
«الأندلس» وما فعلوه بالمسلمين وبالعرب ما أصبح هناك
مسيحى واحد فى «القسطنطينية».(10/640)
*محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله
هو محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن الناصر الأموى. خليفة
أموى بالأندلس. وُلِد سنة (366 هـ = 976 م)، وتولى الحكم
بقرطبة سنة (414 هـ = 1023 م)، عندما ساعد على اغتيال
المستظهر بالله عبد الرحمن بن هشام، وكانت سياسته سيئة؛
فكرهته الرعية، ثم ثارت عليه، وخلعته من منصبه، فخرج من
البلاد ولحق بالثغور؛ حيث تُوفِّى هناك قتيلاً فى قرية شمنت
سنة (416 هـ = 1025 م).(10/641)
*محمد بن عبد الملك الزيات
هو محمد بن عبد الملك بن أبان بن أبى حمزة، المعروف بالزيات.
أحد بلغاء الكتاب والشعراء. وُلِد سنة (173 هـ = 789 م)، وبدأ
حياته كاتبًا. وقد مكنته براعته الأدبية من أن يتخذه المعتصم
وزيرًا له، يعوِّل عليه فى كل شئونه، وأن يظل فى منصبه فى
عهدى الواثق والمتوكل. وتُوفِّى الزيات سنة (233 هـ = 847 م).(10/642)
*العتبى
هو أبو نصر محمد بن عبد الجبار العتبى. مؤرخ من الكتاب
والشعراء. أصله من الرى. نشأ وتعلم فى خراسان وولى
نيابتها، كما تولى رئاسة ديوان الإنشاء فى خراسان والعراق،
ثم رحل إلى نيسابور واستوطنها، وعمل بتدريس الآداب والعلوم،
واشتهر بكتابة التاريخ. وله عدد من الكتب، منها: لطائف الكتاب،
فى الأدب، واليمينى، نسبة إلى السلطان الغزنوى يمين الدولة
محمود بن سبكتكين، ويُعرَف بتاريخ العتبى. وتُوفِّى العتبى
سنة (427هـ = 1036 م).(10/643)
*محمد بن عبد الجبار
هو أبو نصر محمد بن عبد الجبار العتبى. مؤرخ من الكتاب
والشعراء. أصله من الرى. نشأ وتعلم فى خراسان وولى
نيابتها، كما تولى رئاسة ديوان الإنشاء فى خراسان والعراق،
ثم رحل إلى نيسابور واستوطنها، وعمل بتدريس الآداب والعلوم،
واشتهر بكتابة التاريخ. وله عدد من الكتب، منها: لطائف الكتاب،
فى الأدب، واليمينى، نسبة إلى السلطان الغزنوى يمين الدولة
محمود بن سبكتكين، ويُعرَف بتاريخ العتبى. وتُوفِّى العتبى
سنة (427هـ = 1036 م).(10/644)
*محمد بن عبد الوهاب
هو محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن أحمد بن راشد. زعيم
النهضة الإصلاحية الحديثة فى شبه الجزيرة العربية. وُلد فى
العيينة من بلاد نجد، سنة (1115 هـ = 1703 م)، لأبٍ كان فقيهًا
حنبلى المذهب، فتتلمذ له، وأخذ عنه الفقه الحنبلى. واشتهر
بالتقوى وصدق التدين. وطوَّف محمد بن عبد الوهاب بكثير من
بلدان العالم الإسلامى، كالبصرة وبغداد وكردستان وهمذان
وأصفهان وغيرها، وقام بالدعوة فى شبه الجزيرة إلى العودة
إلى منهج السلف الصالح. وقد ناصر دعوة الشيخ محمد بن سعود
أمير الدرعية وبنيه بعده، حتى انتشرت هذه الدعوة فى الجزيرة
العربية. وترك محمد بن عبد الوهاب مؤلفات كثيرة، منها: تفسير
سورة الفاتحة، وأصول الإيمان وفضائل الإسلام، ونصيحة
المسلمين، وكتاب التوحيد. وتُوفَّى ابن عبد الوهاب بالدرعية
سنة (1206 هـ = 1792 م).(10/645)
*ابن رشد
هو محمد بن أحمد بن محمد بن رشد الأندلسى. أحد أئمة الفقه
والفلسفة فى القرن السادس الهجرى. وُلِد سنة (520 هـ) فى
قرطبة، ودرس الفقه والطب وفلسفة أرسطو، ونقل أكثرها إلى
العربية. وتولى قضاء إشبيلية سنة (565 هـ = 1169 م)، وقضاء
قرطبة سنة (567 هـ = 1171 م). وتوثقت صلته بالخليفة الموحدى
يعقوب المنصور بالله؛ فكثر أعداؤه وحسَّاده، واتهموه
بالزندقة والإلحاد، وأوغروا صدر المنصور عليه؛ فنفاه إلى
مراكش وأحرق كتبه، لكنه مالبث أن رضى عنه؛ فأذن له
بالعودة إلى قرطبة، لكن الموت كان أقرب إليه، فمات فى
مراكش سنة (595 هـ = 1198 م)، ونُقل جثمانه إلى قرطبة حيث
دُفِن هناك. وقد ترك ابن رشد مؤلفات كثيرة، منها: بداية المجتهد
ونهاية المقتصد، وتهافت التهافت، وفصل المقال، والكليات
فى الطب، ومنهاج الأدلة.(10/646)
*محمد بن أحمد بن محمد بن رشد
هو محمد بن أحمد بن محمد بن رشد الأندلسى. أحد أئمة الفقه
والفلسفة فى القرن السادس الهجرى. وُلِد سنة (520 هـ) فى
قرطبة، ودرس الفقه والطب وفلسفة أرسطو، ونقل أكثرها إلى
العربية. وتولى قضاء إشبيلية سنة (565 هـ = 1169 م)، وقضاء
قرطبة سنة (567 هـ = 1171 م). وتوثقت صلته بالخليفة الموحدى
يعقوب المنصور بالله؛ فكثر أعداؤه وحسَّاده، واتهموه
بالزندقة والإلحاد، وأوغروا صدر المنصور عليه؛ فنفاه إلى
مراكش وأحرق كتبه، لكنه مالبث أن رضى عنه؛ فأذن له
بالعودة إلى قرطبة، لكن الموت كان أقرب إليه، فمات فى
مراكش سنة (595 هـ = 1198 م)، ونُقل جثمانه إلى قرطبة حيث
دُفِن هناك. وقد ترك ابن رشد مؤلفات كثيرة، منها: بداية المجتهد
ونهاية المقتصد، وتهافت التهافت، وفصل المقال، والكليات
فى الطب، ومنهاج الأدلة.(10/647)
*عثمان بن مَظْعون
هو أبو السائب عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذيفة
الجمحى صحابى جليل من أوائل من أسلموا مع النبى - صلى الله عليه وسلم - بعد ثلاثة
عشر رجلاً، وهاجر إلى الحبشة هو وابنه السائب، ثم عاد إلى
مكة بعد سماعه أن قريشًا قد أسلمت، ولمَّا تبين الحقيقة ثَقُل
عليه العودة للحبشة، فدخل مكة فى جوار الوليد بن المغيرة.
هاجر عثمان مع النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، وشهد غزوة بدر وكان من
أشد الناس اجتهادًا فى العبادة، يصوم النهار؛ ويقوم الليل،
ويعتزل النساء، فنهاه رسول الله عن ذلك وأوصاه بالاعتدال
فى الأمر، وكان ممن حرَّم الخمر على نفسه فى الجاهلية، وقال:
لا أشرب شرابُا يُذهب عقلى، ويُضحك بى من هو أدنى منى.
ومات عثمان - رضى الله عنه - سنة (2 هـ = 624 م) بعد غزوة
بدر. وهو أول رجل مات بالمدينة من المهاجرين وأول مَن دُفن
بالبقيع، فوضع النبى - صلى الله عليه وسلم - عند رأسه حجرًا وقال: هذا قبر فرطنا،
ووُصف عثمان - رضى الله عنه - بأنه كان شديد الأُدْمة، ليس
بالقصير ولابالطويل، كبير اللحية عريضها.(10/648)
*عبد القادر المغربى
هو عبد القادر بن مصطفى المغربى. أديب وناثر ولغوى، ومفسر
وصحافى. أصله من تونس ووُلد بطرابلس الشام سنة (1284 هـ)،
وتلقى العلم والده وعن حسين الجسر وغيرهما، واتصل بجمال
الدين الأفغانى ومحمد عبده، وجاء إلى مصر فعمل محررًا فى
المؤيّد ثم عاد إلى طرابلس وأصدر جريدة البرهان، وساهم فى
إنشاء كلية الفنون بالمدينة مع عبد العزيز جاويش وشكيب
أرسلان، والكلية الصلاحية بالقدس، وكان عضواً بالمجمع
العلمى العربى بدمشق، ثم نائبًا للرئيس، واختير للتدريس فى
الجامعة السورية، ومن مؤلفاته: الاشتقاق والتعريب، والبينات
والأخلاق والواجبات، وعثرات اللسان وتفسير جزء تبارك، وكان
- مع تقدمه فى السنّ - دائم الحركة، نشيطًا حتى تُوفِّى بدمشق
سنة (1375هـ) عن عمر يُقارب التسعين.(10/649)
*عبد القادر الجزائرى
هو عبد القادر بن محيى الدين بن مصطفى الحسينى الجزائرى
أمير مجاهد من العلماء والشعراء فى الجزائر. وُلِد فى القيطنة -
إحدى قرى وهران بالجزائر - فى سنة (1222 هـ) وتعلم فى
وهران وحجَّ مع أبيه سنة (1241 هـ)، وعندما احتل الفرنسيون
الجزائر عام (1246 هـ) أخذ يجاهدهم. ولما وجد فيه العلماء
ورؤساء القبائل شجاعة، وعقلاً سليمًا، وحزمًا بايعوه زعيمًا
للجهاد وكان عمره (24) عامًا فتحصن بهم وقاتل الفرنسيين
وأعوانهم، وعمل على تنظيم جيشه وأنشأ مصانع للأسلحة
والمعدات الحربية وملابس الجند، وعمل على إخضاع القبائل التى
تهدد الأمن أو تتعاون مع الفرنسيين، وكان يلجأ إلى الترغيب،
وعندما لايُجدى الإقناع يلجأ إلى القوة والحزم، فإذا انتصر
انقلب الحزم حلمًا والقوة عفوًا. وظل يقاتل الفرنسيين خمسة
عشر عامًا، وكان فى معاركه يتقدم جيشه ببسالة فائقة، ولما
هادنهم سلطان المغرب عبد الرحمن بن هشام ضعف موقف عبد
القادر فاشترط شروطًا للاستسلام رضى بها الفرنسيون واستسلم
عام (1263 هـ) فنفوه إلى طولون ومنها إلى أنبواز فأقام بها
نحو أربع سنين، وزاره نابليون الثالث فأطلق سراحه واشترط
عليه ألايعود إلى الجزائر وخصَّص له مبلغاً من المال يأخذه كل
عام، فزار باريس والآستانة واستقر فى دمشق سنة (1271 هـ)
حتى تُوفِّى بها سنة (1300 هـ).(10/650)
*عكرمة بن أبى جهل
هو عكرمة بن أبى جهل بن هشام القرشى المخزومى، صحابىُُّ
جليل، يُعدُّ من مشاهير الفرسان، كان فى جاهليته شديد العداوة
لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأبيه أبى جهل. أباح رسول الله دمه يوم فتح مكة
ففر إلى اليمن إلاَّ أن زوجته أم حكيم استأمنت له من رسول الله
(فأمَّنه، فأدركته باليمن، وأتت به النبى، وذلك فىالسنة الثامنة
من الهجرة، فأسلم وحسن إسلامه. وكان له الأثر العظيم فى
حروب الردة؛ حيث وجَّهه أبو بكر إلى أهل عمان فظَهَر عليهم،
ثم وجهه إلى اليمن، وبعد أن انتهى من حروب الردة التحق بجيش
المسلمين فى الشام حيث قاتل قتالاً شديدًا حتى نال الشهادة
يوم اليرموك عن عمر يناهز اثنتين وستين سنة.(10/651)
*ابن العَلْقَمِىّ
هو أبوطالب مؤيد الدين محمد بن محمد بن على بن العلقمى،
وزير الخليفة العباسى المستعصم. اشتغل بالأدب حتى ارتفعت
مكانته وتولَّى الوزارة سنة (642 هـ)، إلا أنه كان من المبغضين
لأهل السنة، فكاتب التتار وحرَّضهم على غزو بغداد ولكنهم بعد
سقوط بغداد عاملوه بإذلال ومهانة، فمات كمَدًا وحزنًا وكانت
مدة وزارته (14) سنة، ومات بعد دخول التتار بغداد بثلاثة أشهر
سنة (656 هـ = 1258 م)، وكان عمره (66) عامًا.(10/652)
*مؤيد الدين بن العَلْقَمِىّ
هو أبوطالب مؤيد الدين محمد بن محمد بن على بن العلقمى،
وزير الخليفة العباسى المستعصم. اشتغل بالأدب حتى ارتفعت
مكانته وتولَّى الوزارة سنة (642 هـ)، إلا أنه كان من المبغضين
لأهل السنة، فكاتب التتار وحرَّضهم على غزو بغداد ولكنهم بعد
سقوط بغداد عاملوه بإذلال ومهانة، فمات كمَدًا وحزنًا وكانت
مدة وزارته (14) سنة، ومات بعد دخول التتار بغداد بثلاثة أشهر
سنة (656 هـ = 1258 م)، وكان عمره (66) عامًا.(10/653)
*عبد الله بن جحش
هو عبد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر الأسدى، حليف بن عبد
شمس صحابى جليل، أحد السابقين إلى الإسلام. هاجر إلى بلاد
الحبشة ثم إلى المدينة، وآخى النبى - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين عاصم بن ثابت،
وهو أول أمير فى الإسلام، وأول مغنم قُسِّم فى الإسلام مغنمه،
وهو صهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخو زينب بنت جحش أم المؤمنين، وأمه
أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. روى عنه سعد بن أبى
وقاص وسعيد بن المسيب. وكان عبد الله بن جحش ثالث ثلاثة
استشارهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى أسرى بدر. دعا الله يوم أحد أن يُرزَق
الشهادة، فنالها، وعمره نيف وأربعون سنة، ودُفِن هو وحمزة
عم النبى - صلى الله عليه وسلم - فى قبر واحد.(10/654)
*عبد الله بن الزبير
هو عبد الله بن الزبير بن العوام القرشى الأسدى وأمُّه أسماء
بنت أبى بكر، وهو أول مولود فى الإسلام من المهاجرين، وُلِد
بالمدينة بعد الهجرة. وروى عن النبى - صلى الله عليه وسلم - (33) حديثًا. شهد عبد الله
اليرموك مع أبيه الزبير وشارك فى فتح إفريقية فى خلافة
عثمان بن عفان، كما شهد معركة الجمل مع أبيه. وامتنع عبد
الله بن الزبير عن مبايعة يزيد بن معاوية بعد موت معاوية بن
أبى سفيان، وقد بُويع له بالخلافة فى المدينة سنة (64 هـ)
عقب موت يزيد بن معاوية. وكان عبد الله أول من ضرب الدراهم
المستديرة، فجعل نقش الدراهم بأحد الوجهين محمد رسول الله
وبالآخر أمر الله بالوفاء بالعهد. ولكن عبد الملك بن مروان -
الخليفة الأموى - أرسل جيشًا بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفى
للقضاء على عبد الله بن الزبير فنشبت بينهما معركة انتهت بقتل
ابن الزبير بعد ما خذله أصحابه، وكان ذلك سنة (73 هـ).(10/655)
*ابن الزبير
هو عبد الله بن الزبير بن العوام القرشى الأسدى وأمُّه أسماء
بنت أبى بكر، وهو أول مولود فى الإسلام من المهاجرين، وُلِد
بالمدينة بعد الهجرة. وروى عن النبى - صلى الله عليه وسلم - (33) حديثًا. شهد عبد الله
اليرموك مع أبيه الزبير وشارك فى فتح إفريقية فى خلافة
عثمان بن عفان، كما شهد معركة الجمل مع أبيه. وامتنع عبد
الله بن الزبير عن مبايعة يزيد بن معاوية بعد موت معاوية بن
أبى سفيان، وقد بُويع له بالخلافة فى المدينة سنة (64 هـ)
عقب موت يزيد بن معاوية. وكان عبد الله أول من ضرب الدراهم
المستديرة، فجعل نقش الدراهم بأحد الوجهين محمد رسول الله
وبالآخر أمر الله بالوفاء بالعهد. ولكن عبد الملك بن مروان -
الخليفة الأموى - أرسل جيشًا بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفى
للقضاء على عبد الله بن الزبير فنشبت بينهما معركة انتهت بقتل
ابن الزبير بعد ما خذله أصحابه، وكان ذلك سنة (73 هـ).(10/656)
*عبد الله بن رواحة
هو عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو
الأنصارى الخزرجى، صحابى جليل، وشاعر مشهور. كان أحد
النقباء يوم العقبة وشارك مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى معظم غزواته. وكان
عبد الله بن رواحة - رضى الله عنه - عظيم القدر فى الجاهلية
والإسلام. وكان واحدًا من الشعراء المحسنين الذين كانوا يزودون
بشعرهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقد استشهد - رضى الله عنه - فى
غزوة مؤتة سنة (8 هـ)، وكان أحد الأمراء فيها بعد زيد بن حارثة
وجعفر بن أبى طالب.(10/657)
*عبد الله بن عباس
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشى الهاشمى، صحابى
جليل، ويُسمَّى حَبْر الأمة. وُلِدَ قبل الهجرة بثلاث سنين، وكان ابن
ثلاث عشرة سنة حين تُوفِّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد دعا له الرسول - صلى الله عليه وسلم -
بأن يفقهه الله فى الدين. وقد روى عبد الله بن عباس عن
الرسول أحاديث كثيرة، وله فى الصحيحين وغيرهما (1660)
حديثًا، واشتهر ابن عباس بتفسير القرآن وكان يُلقب بترجمان
القرآن. وكان عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - يقول: ابن عباس
فتى الكهول، وله لسان قئول، وقلب عقول. وشهد ابن عباس مع
على بن أبى طالب الجمل وصفين وولاَّه على البصرة، ثم
فارقها قبل أن يُقتل على وعاد إلى الحجاز. وتُوفِّى - رضى الله
عنه - بالطائف فى أيام ابن الزبير سنة (68 هـ).(10/658)
*عبد القاهر الجرجانى
هو أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجانى
النحوى واضع أصول البلاغة، من كبار أئمة النحو واللغة. من
أهل جُرْجان. كان عبد القاهر مولعًا بالعلم محبًّا للثقافة شغوفًا
بالكتب وخصوصًا كتب النحو واللغة. وتصدر عبد القاهر العلم
بجرجان وذاع صيته وتوافد عليه طلاب العلم، ولكنه - رغم علمه
وشهرته - كان فقيرًا لم يعش حياة ناعمة أو مترفة. وكان عبد
القاهر ورعًا شديد التدين يكثر من العبادة والصلاة، وكان يقول
الشعر ولكن شعره قليل. وقد ترك عبد القاهر الجرجانى ثروة
علمية هائلة تنوعت بين النحو والبلاغة والتفسير، من مؤلفاته:
المقتصد، الجمل، إعجاز القرآن الإيجاز، دلائل الإعجاز، شرح
الفاتحة، أسرار البلاغة. وتُوفِّى عبد القاهر سنة (471 هـ).(10/659)
*أبوعبيد القاسم بن سلام
هو أبو عبيد القاسم بن سلام بن عبد الله الهراوى، وُلِد بهراة
سنة (157 هـ) وكان أبوه مملوكًا روميًّا. من كبار العلماء
بالقراءات والحديث واللغة والفقه. رحل إلى بغداد وولى قضاء
طرسوس - فى خراسان - ثمانى عشرة سنة من سنة (192 هـ)
حتى (210 هـ)، ورحل إلى مصر مع يحيى بن معين سنة (211 هـ).
وقد صنف العديد من المؤلفات فى فروع العلم المختلفة، منها:
غريب القرآن، الناسخ والمنسوخ، فضائل القرآن، كتاب
الطهارة، غريب الحديث، أدب القاضى، الأمثال السائرة. انقطع
أبو عبيد إلى الأمير عبد الله طاهر بن الحسين الذى أحسن
تقديره حتى رتَّب له عشرة آلاف درهم شهريًّا. وتُوفِّى ابن سلام
بمكة سنة (224 هـ).(10/660)
*عبد الله بن عمر بن الخطاب
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشى العدوى صحابى جليل.
وُلِد - رضى الله عنه - فى السنة الثالثة من البعثة. وأسلم مع أبيه
وهو صغير لم يبلغ الحلم، وهاجر إلى المدينة قبل أبيه. شارك
فى غزوات الخندق ومؤتة واليرموك كما شارك فى فتح مصر
وإفريقية، ولم يشارك فى بدر وأحد لصغر سنه، ولم يأذن له
النبى - صلى الله عليه وسلم - بذلك. كان عبد الله بن عمر من رواة الحديث، فقد روى
عن النبى - صلى الله عليه وسلم - (2630) حديثًا، وكان من أهل العلم، أفتى الناس
ستين سنة، وكان شديد الورع والتوقى لدينه حتى إنه ترك
المنازعة فى الخلافة مع كثرة ميل أهل الشام إليه ومحبتهم له،
فبعد مقتل عثمان بن عفان - رضى الله عنه -عرضت عليه البيعة
بالخلافة فرفض، حتى قيل: ما من أحد أدرك الدنيا إلا مالت به
ومال بها إلا عبد الله بن عمر، ولم يقاتل عبد الله بن عمر - رضى
الله عنهما - فى شىء من الفتن. وتوفى عبد الله بن عمر - رضى
الله عنه - سنة (73هـ = 692م) بعد مقتل ابن الزبير بثلاثة أشهر.(10/661)
*عبد العزيز بن محمد بن سعود
أحد أمراء آل سعود فى دولتهم الأولى التى كانت عاصمتها
الدرعية. وُلِد عبد العزيز فى الدرعية سنة (1132 هـ)، وقد اختاره
والده وليًّا لعهده. وقد ساهم فى معظم المعارك التى جرت بين
الدرعية وأعدائها وقاد أغلبها، وتولى الحكم بعد وفاة أبيه
سنة (1179 هـ)، ولقب بالإمام، واتسعت الدولة فى عهده حيث
أخضع أواسط شبة الجزيرة العربية، فدانت له العارض والوشم
وسدير وجبل شمر، ووصلت هجماته إلى حدود الحجاز والطائف
ومكة والمدينة وهاجم العراق -التى كانت تابعة للدولة العثمانية -
سنة (1217 هـ) وخرب مزارات الشيعة بها، وقد أثار ذلك الشيعة
عليه، فاغتاله أحدهم فى مسجد الدرعية سنة (1218هـ).(10/662)
*أبو العتاهية
هو أبو إسحاق إسماعيل بن القاسم بن سويد العينى العنزى
المشهور بأبى العتاهية، شاعر ذائع الصيت فى العصر
العباسى. وُلِد فى عين التمر بالقرب من الكوفة ونشأ فى
الكوفة، واتصل بالخلفاء، وعلت مكانته عندهم. وكان أبو
العتاهية يبيع الفخار بالكوفة حتى قال الشعر فبرع فيه، وكان
شعره لطيف المعانى، سهل الألفاظ، قليل التكلف. وأكثر شعره
فى الزهد والأمثال. ويُعدُّ أبو العتاهية من مقدمى المولدين من
طبقة بشار وأبى نواس. وقد هجر أبو العتاهية الشعر فترة
فبلغ ذلك المهدى العباسى فسجنه وهدده بالقتل إن لم يعد إلى
قول الشعر، فعاد. وتُوفِّى أبو العتاهية ببغداد سنة (211 هـ).(10/663)
*عبد الحفيظ
هو عبد الحفيظ بن الحسن الأول بن محمد بن عبد الرحمن،
الحسنى العلوى من سلاطين الدولة العلوية فى المغرب الأقصى.
وُلِد عبد الحفيظ بمدينة فاس عام (1280 هـ = 1863 م) وعُرف منذ
نشأته بميوله الفقهية، فدرس اللغة والدين والتصوف. وبعد وفاة
أبيه تولى الحكم أخوه عبد العزيز، وكان عبد الحفيظ نائبًا عنه
فى مراكش فنادى به الجنود سلطانًا، فانقسمت الدولة بين عبد
العزيز بفاس وعبد الحفيظ بمراكش، ثم عُزل عبد العزيز واستقر
الأمر لعبد الحفيظ، فانتقل إلى العاصمة فاس فثارت عليه قبائل
بنى مطير، وشراقة والنازلة وحاصرته فطلب المساعدة من
الحكومة الفرنسية التى سرعان ما أجابته وأعلنت حمايتها على
المغرب، بعد أن وقع عبد الحفيظ معاهدة (30 من مارس 1912 م)
المعروفة بمعاهدة الحماية. وفى (31 من أغسطس 1912 م) أعلن
المولى عبد الحفيظ تنازله عن العرش، وغادر المغرب إلى ميناء
مرسيليا، وخلفه على العرش أخوه الثالث يوسف. وقد كان
المولى عبد الحفيظ فقيهًا أديبًا، ألَّف العديد من الكتب منها:
الجواهر اللوامع فى نظم جمع الجوامع، نيل النجاح والفلاح فى
علم ما به القرآن لاح، العذب السلسبيل فى حل ألفاظ الخليل.
وتُوفِّى المولى عبد الحفيظ سنة (1356هـ = 1937 م) بمدينة
انجان ليبان بفرنسا، ودُفن فى المغرب.(10/664)
*عبد الرحمن الكواكبى
هو عبد الرحمن بن أحمد بن مسعود الكواكبى، الملقب بالسيد
الفراتى. أحد أبرز المجددين والمصلحين المسلمين فى العصر
الحديث. وُلِد سنة (1854 م) فى حلب لأسرة ذات نفوذ ومكانة
علمية. كان يجيد العربية والفارسية والتركية. اطَّلع على التيارات
الفكرية الغربية، واشتغل بالصحافة فى سن مبكرة فأصدر
صحيفة الشهباء سنة (1878 م) وكان عمره (24) سنة، إلا أن
هجومه على العثمانيين وطلبه استقلال العرب عنهم أدى إلى
إغلاقها، فأنشأ فى (1879م) جريدة الاعتدال إلا أنها أغلقت
هى الأخرى فاشتغل بالتجارة والإدارة فترة، وقام
بتحريرعرائض الشكاوى للمظلومين، وسجنه العثمانيون وحكم
عليه بالإعدام بتهمة محاولة قتل الوالى العثمانى إلا أن الرأى
العام جعل العثمانيين يُطلقون سراحه فرحل إلى مصر سنة (1899
م) حيث نشر كتابه طبائع الاستبداد وكتاب أم القرى، وأجرت له
الحكومة المصرية راتبًا ساعده على القيام بسياحتين فى بلاد
العرب، وشرقى إفريقيا، وبعض بلاد الهند، وطاف بالسواحل
الجنوبية للصين، وسجل رحلته التى استمرت (6) أشهر فى كتاب
لم يخرج إلى النور بسبب اغتيال صاحبه على يد أحد عملاء
العثمانيين الذى دس له السم وذلك فى مساء الخميس (14
يونيو1902 م)، ودفن بالقاهرة وصادر العثمانيون أوراق
الكواكبى الخاصة بعد اغتياله.(10/665)
*عبد الرحمن بن عوف
هو عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث، صحابى
جليل من المسلمين الأوائل، وكان اسمه فىالجاهلية عبد الكعبة
فغيره النبى - صلى الله عليه وسلم -. وُلِد بعد عام الفيل بعشر سنين، وكان من
المهاجرين الأولين. هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة، وشهد مع
الرسول - صلى الله عليه وسلم - المشاهد كلها، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، كما
كان أحد الستة أصحاب الشورى الذين جعل عمر بن الخطاب -
رضى الله عنه - الخلافة فيهم. وكان - رضى الله عنه - يعمل
بالتجارة؛ فاجتمعت له ثروة كبيرة، فكان كثير الإنفاق فى
سبيل الله، حتى أعتق فى يوم واحد ثلاثين عبدًا، وروى أنه
تصدق بشطر ماله فى عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. بعثه النبى إلى دومة
الجندل وأذن له أن يتزوج بنت ملكها الأصبغ بن ثعلبة الكلبى
فتزوجها، وهى تماضر أم ابنه أبى سلمة. وكان عبد الرحمن بن
عوف من رواة الحديث فقد روى (65) حديثاً، وتُوفِّى - رضى الله
عنه - فى المدينة سنة (32 هـ).(10/666)
*عبد الله بن مسعود
هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلى صحابى جليل،
من كبار الصحابة، ومن أكثرهم قربًا من الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأسلم -
رضى الله عنه - مبكرًا وكان خادم الرسول وصاحب سره، وهو
أول من جهر بقراءة القرآن بمكة، وروى عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أحاديث
كثيرة بلغت (848) حديثاً، وهاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة.
وقد آخى النبى - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين الزبير بن العوام، وهو أحد العشرة
المبشرين بالجنة. وشهد - رضى الله عنه - بدرًا وأحدًا والخندق
وبيعة الرضوان وسائر المشاهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو الذى
أجهز على أبى جهل فى بدر، كما شهد اليرموك بعد وفاة
النبى - صلى الله عليه وسلم -. وبعثه عمر بن الخطاب إلى الكوفة مع عمار بن ياسر
وكتب إلى أهلها: إنى قد بعثت إليكم بعمار بن ياسر أميرًا وعبد
الله بن مسعود معلمًا ووزيرًا، وهما من النجباء من أصحاب
الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أهل بدر فاقتدوا بهما وأطيعوا واسمعوا لهما، وقد
أثرتكم بعبد الله بن مسعود على نفسى. وقد تُوفِّى - رضى الله
عنه - سنة (32 هـ) عن عمر بلغ بضعًا وستين سنة.(10/667)
*أبو عبيدة بن الجراح
هو عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال الفهرى القرشى،
صحابى جليل اشتهر بكنيته ونسبه إلى جده. وُلِد بمكة، وهو من
السابقين إلى الإسلام، وهاجر الهجرتين إلى الحبشة وإلى
المدينة، وشهد المشاهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو أحد العشرة
المبشرين بالجنة. وقد لقبه النبى - صلى الله عليه وسلم - بأمين الأمة فقال: لكل أمة
أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح. وقد صار - رضى
الله عنه - أَهْتَم، حينما نزع الحلقتين اللتين دخلتا فى وجه النبى
(من المغفر يوم أحد، فانتزعت ثنيتاه. ولاَّه عمر بن الخطاب -
رضى الله عنه - قيادة الجيش الزاحف إلى الشام، بعد خالد بن
الوليد فتمَّ له فتح الديار الشامية، وبلغ الفرات شرقًا وآسيا
صغرى شمالاً. وقد تُوفِّى أبو عبيدة - رضى الله عنه - فى
طاعون عَمَواس بالشام سنة (18 هـ = 639 م).(10/668)
*عبد الله بن حُذَافة السَّهْمِىُّ
هو عبد الله بن حذافة بن قيس السهمى القرشى. صحابى جليل،
من المهاجرين الأولين الذين هاجروا إلى الحبشة، وكان رسول
الله (قد بعثه إلى كسرى. شهد بدرًا وأسره الروم فى زمن عمر
بن الخطاب - رضى الله عنه - ثم شهد فتح مصر، وأقام بها حتى
تُوفِّى سنة (33 هـ). وروى عنه أبو وائل وأبو سلمة بن عبد
الرحمن وسليمان بن يسار.(10/669)
*عبد الملك بن هشام
هو عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميرى المعافرى. مؤرِّخ
وعالم بالأنساب واللغة وأخبار العرب. وُلِد فى البصرة فى
منتصف القرن الثانى الهجرى، ثمَّ رحل إلى مصر وأقام بها. جمع
سيرة النبى - صلى الله عليه وسلم - من كتاب المغازى والسير لابن إسحاق وهذَّبها
ولخَّصها فى كتاب يُعرف الآن بسيرة ابن هشام، وله كتاب
التيجان فى ملوك حمير الذى يرويه بسند عن وهب بن منبه،
وكتاب شرح ما وقع فى أشعار السير من الغريب. وتُوفِّى ابن
هشام فى مصر فى ربيع الآخر سنة (218 هـ).(10/670)
*ابن هشام
هو عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميرى المعافرى. مؤرِّخ
وعالم بالأنساب واللغة وأخبار العرب. وُلِد فى البصرة فى
منتصف القرن الثانى الهجرى، ثمَّ رحل إلى مصر وأقام بها. جمع
سيرة النبى - صلى الله عليه وسلم - من كتاب المغازى والسير لابن إسحاق وهذَّبها
ولخَّصها فى كتاب يُعرف الآن بسيرة ابن هشام، وله كتاب
التيجان فى ملوك حمير الذى يرويه بسند عن وهب بن منبه،
وكتاب شرح ما وقع فى أشعار السير من الغريب. وتُوفِّى ابن
هشام فى مصر فى ربيع الآخر سنة (218 هـ).(10/671)
*عبد الله التعايشى
هو عبد الله بن محمد التعايشى، زعيم سياسى ودينى سودانى
، ينسب إلى قبائل البقارة القاطنة غربى النيل الأبيض. وُلِد فى
كردفان سنة (1850 م) ودرس علوم الدين وحفظ القرآن، ثم انتقل
إلى دارفور واستقر مع عائلته فيها. اتصل بمحمد أحمد (
المهدى) الذى عينه خليفته حيث بايعه المهديون بعد وفاة
المهدى سنة (1885 م) قائداً للحركة المهدية، وبدأ عهده
بإخضاع الأشراف أتباع المهدى الذين عارضوا تنصيبه عليهم،
وقام التعايشى بهجمات على الحبشة وجنوب مصر إلا أن حملته
على مصر سنة (1889 م) فشلت وأدت هزيمته إلى مجاعة فى
السودان، وتوالت الهزائم عليه فى شرق السودان، وعملت
بريطانيا على القضاء على التعايشى فجهزت حملة مصرية
إنجليزية عام (1896م) لغزو السودان، وسيطرت على أم درمان
بعد سنتين واستطاعت قتل التعايشى فى تلك الحملة سنة (
1899 م).(10/672)
*أم عمار بن ياسر
هى سُمَيَّة بنت خياط، أم عمار بن ياسر، صحابية جليلة شهيدة.
كانت أمَة لأبى الحذيفة بن المغيرة فزوُّجها لياسر بن عمار
وأعتقها. أسلمت فى بداية الدعوة، وكانت من السبعة الأوائل
فى الإسلام حيث أسلمت وهى كبيرة السنِّ، فعذبها بنو المغيرة
إلا أنها كانت صابرة، واستشهدت فى العام السابع قبل الهجرة
حيث ضربها أبو جهل بحربة فقتلها فكانت أوَّل شهيدة فى
الإسلام.(10/673)
*أبو العلاء المعرى
هو أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان بن محمد المعرى،
شاعر فيلسوف، من قبيلة تنوخ العربية. وُلِد فى معرَّة النعمان
شمال بلاد الشام بين حمص وحلب فى ربيع الأول سنة (363 هـ)
لأسرة ذات علم وفضل، وكُفَّ بصره وهو ابن ست سنوات، وتعلم
أبو العلاء اللغة والنحو والأدب والحديث، ثم رحل إلى حلب وهو
حدث صغير فقرأ الأدب والنحو، نظم أبو العلاء الشعر وهو ابن
إحدى عشرة سنة. وقد عاش أبو العلاء عيشة زهد وتقشف رغم
امتلاكه المال. وقد زار بغداد سنة (398 هـ) ثم تركها سنة (400
هـ) وعاد إلى مسقط رأسه ولزم بيته وانقطع للتدريس والتأليف
لذلك سُمِّى رهين المحبسين. وللمعرى كتب ودواوين عديدة،
منها: سقط الزند ولزوم ما لا يلزم ورسالة الغفران. وتُوفِّى أبو
العلاء فى مسقط رأسه فى ربيع الأول سنة (449 هـ).(10/674)
*عطاء بن أبى رباح
هو أبو محمد عطاء بن أبى رباح أسلم بن صفوان، تابعىُُّ من
أجلاَّء الفقهاء. وُلِد فى جَنَد باليمن ونشأ بمكَّة المكرمة، وتلقَّى
العلم عن عدد من الصحابة منهم عبد الله بن عباس وعبد الله بن
الزبير وعبد الله بن عمر وزيد بن أرقم وغيرهم. وبلغ منزلة
عظيمة فى العلم حتى صار فقيه مكة ومحدثها. وأخذ عنه العلم
كثير من معاصريه، منهم: الزُّهرى وقتادة والأوزاعى والأعمش
وتُوفِّى عطاء نحو سنة (115 هـ).(10/675)
*عطاء بن يسار
هو عطاء بن يسار مولى أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث
الهلالية. تابعى جليل، وأخو الفقيه الواعظ سليمان بن يسار. نشأ
فى مكة المكرمة وأخذ العلم عن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسمع من
ابن مسعود وحدَّث عن أبى أيوب، وزيد بن أرقم وعائشة أم
المؤمنين وأبى هريرة وأسامة بن زيد وغيرهم. وقد بلغ فى
العلم والفقه منزلة كبيرة وأخذ عنه كثير من العلماء، منهم: زيد
بن أسلم وصفوان بن سليم وعمرو بن دينار. وتُوفِّى عطاء بن
يسار سنة (103 هـ) وهو ابن (84) سنة.(10/676)
*العلاء بن الحضرمى
هو العلاء بن الحضرمى بن عبَّاد صحابى جليل، أصله من
حضرموت بعثه النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى المنذر بن ساوى ملك البحرين، ثم ولاَّه
النبى - صلى الله عليه وسلم - على البحرين بعد أن فتحها الله له، وجعل له جمع
الزكاة؛ يأخذ من الأغنياء ليعطى الفقراء. وبعد وفاة النبى
(أقره أبو بكر ثم عمر. وكان العلاء أوَّل مسلم يركب البحر
للغزو، كما أنه أول من نقش خاتم الخلافة، وهو الذى بعث
عرفجة بن هرثمة إلى شواطئ فارس سنة (14 هـ) فكان أول من
فتح جزيرة بأرض فارس فى الإسلام. وكان للعلاء دور بارز فى
قتال المرتدين بالبحرين. واشتهر العلاء بأنه مجاب الدعوة، وقد
مات العلاء وهو فى طريقه إلى البصرة حينما وجهه إليها عمر
بن الخطاب سنة (21 هـ).(10/677)
*عبيد الله المهدى
هو عبيد الله بن محمد بن جعفر المصدق بن محمد المكتوم
الفاطمى العلوى مؤسس الدولة العلوية الفاطمية بالمغرب. وُلِد
بسلمية بسوريا وقيل بالكوفة، ونشأ بسلمية، وكان يتخفى من
بنى العباس، ولما طارده الخليفة العباسى المكتفى بالله هرب
إلى المغرب، وكان كبير دعاته أبو عبد الله الحسين بن أحمد -
الشهير بأبى عبد الله الشيعى - قد نشر الدعوة الإسماعيلية
الشيعية هناك وكسب إلى صفها قبيلة كنافة، وأخذ يبشر
أنصاره بقرب ظهور المهدى المنتظر ثم أرسل إليه يدعوه
للانتقال للمغرب بعد أن أصبح الوقت مناسبًا لظهوره. وفى
طريق المهدى إلى المغرب مرَّ بالعراق ثم مصر ثم القيروان وفيها
تمت له البيعة بالخلافة فى ربيع الآخر سنة (297هـ)، فنجح فى
نشر مبادئه وتأسيس دولة امتدت حدودها إلى طرابلس وبرقة
وصقلية وتاهرت وحاول الاستيلاء على مصر مرتين ولكنه لم يفلح
فى ذلك. ومن أهم أعمال المهدى بناء مدينة المهدية بالمغرب
وقد اتخذها عاصمة لدولته، ودامت خلافته حتى وفاته فى ربيع
الأول سنة (322 هـ) بعد حكم دام (24) سنة.(10/678)
*حفصة بنت عمر بن الخطاب
هى أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب - رضى الله عنهما -.
وُلدت قبل بعثة النبى - صلى الله عليه وسلم - بخمس سنين. تزوجت حفصة خنيس بن
حذافة وهاجرت معه إلى المدينة فمات عنها بعد غزوة بدر.
فخطبها النبى - صلى الله عليه وسلم - من أبيها سنة (2 هـ). وكانت حفصة - رضى الله
عنها - كثيرة الصيام، دائمة العبادة لله، وقد روت الحديث عن
النبى - صلى الله عليه وسلم - وعن عمر، رضى الله عنه. وتُوفيت - رضى الله عنها - سنة
(45 هـ) فى خلافة معاوية، عن عمر بلغ نحو (65) سنة، وصلى
عليها مروان بن الحكم، ودُفنت بالبقيع.(10/679)
*الدَّارقُطنى
هو أبو الحسن على بن عمر بن أحمد بن مهدى بن مسعود بن
دينار بن عبد الله الحافظ الكبير، ويُلقب بأمير المؤمنين فى
الحديث. وُلِد الدارقطنى نحو عام (305 هـ) واسمه نسبة إلى دار
القطن ببغداد وعرف منذ صغره بقوة الحافظة، والفهم الثاقب،
وقد اجتمع له ذلك مع المعرفة بالحديث والعلم بالقراءات والنحو
والفقه والشعر. وكان الدار قطنى إمام عصره فى علوم الرجال
والجرح والتعديل، وحسن التأليف واتساع الرواية. ومن أهم
مؤلفاته كتاب السنن وكتاب الضعفاء والمتروكين، والإلزامات،
وله أيضًا كتابا العلل والأفراد، وغيرها من المصنفات. ورحل
الدارقطنى إلى مصر، فلقى كل التقدير والإكرام من الوزير أبى
الفضل. وقد تُوفِّى عام (385 هـ).(10/680)
*حذيفة بن اليمان
هو أبو عبد الله حذيفة بن حسل بن جابر العيسى، واليمان لقب
أبيه حسل، صحابى جليل، وكان صاحب سر النبى - صلى الله عليه وسلم - فى
المنافقين، ولم يعلمهم أحد غيره، وكان أمير المؤمنين عمر بن
الخطاب - رضى الله عنه - إذا مات ميت يسأل عن حذيفة فإن
حضر الصلاة عليه، صلى عليه عمر وإلا لم يصلِّ عليه. وكان
حذيفة - رضى الله عنه - من الولاة الشجعان الفاتحين، ولاَّه عمر
على المدائن بفارس، وكانت عادته إذا استعمل عاملاً كتب فى
عهده: وقد بعثت فلانًا وأمرته بكذا، فلما استعمل حذيفة كتب
فى عهده: اسمعوا له وأطيعوه وأعطوه ما سألكم. وفتح حذيفة
العديد من المدن الفارسية، وهاجم نهاوند عام (22 هـ)، ثم صالح
أهلها على أن يدفعوا الجزية. وقد روى عن النبى - صلى الله عليه وسلم - (225) حديثًا.
وظل واليًا على المدائن حتى تُوفِّى عام (36 هـ = 656 م).(10/681)
*رفيق العظم
هو رفيق بن محمود بن خليل العظم عالم وباحث من رجال النهضة
الفكرية فى سوريا. وُلِد فى دمشق عام (1284 هـ = 1867 م).
نشأ مقبلاً على كتب التاريخ والأدب ثم جاء إلى مصر واستقر بها
وشارك فى كثير من الأعمال والجمعيات الإصلاحية والسياسية
والعلمية ونشر بحوثًا قيمة فى الصحف والمجلات، وألف كتابه
المعروف أشهر مشاهير الإسلام فى الحرب والسياسة. وجمع
شقيقه عثمان العظم طائفة من مقالاته ونشرها فى كتاب سماه
مجموعة أثار رفيق العظم وله أشعار قليلة. وقد أهدى مكتبته -
وتضم نحو ألف مجلد - إلى المجمع العلمى العربى فى دمشق.
وكان - رحمه الله - حسن الخلق، محمود السيرة، متصفًا بالعزة
والإباء. وتُوفِّى رفيق العظم بالقاهرة عام (1343 هـ = 1925 م).(10/682)
*سُكَينة بنت الحسين
هى سكينة بنت الحسين بن على بن أبى طالب. وُلدت عام (40هـ
= 660م). وشهدت مع أبيها حادثة كربلاء سنة (61 هـ)، ثم رحلت
إلى الكوفة ثم إلى دمشق ثم عادت مع أهلها إلى المدينة.
وتزوجت سكينة مصعب بن الزبير بن العوام الذى مات عام (71
هـ) فتزوجها عبد الله بن عثمان. وكانت - رضى الله عنها - سيدة
نساء عصرها، ومن أجمل النساء وأظرفهن وأحسنهن أخلاقًا،
وكانت كثيرة العبادة. وتُوفيت سكينة - رضى الله عنها -
بالمدينة المنورة عام (117 هـ = 735 م) فى السابعة والسبعين
من عمرها.(10/683)
*ابن الحاجب
هو أبو عمر عثمان بن عمر الكردى إمام وعالم لغوى شهير، من
أصل كردى. ولد فى إسنا - بصعيد مصر، من أعمال محافظة قنا
الآن، سنة (570 هـ) ونشأ بمصر، وكان أبوه حاجبًا لأحد أمرائها
فعرف بلقب ابن الحاجب. وقد نبغ ابن الحاجب فى كثير من
العلوم العربية والإسلامية، ومنها علم النحو فألف فيه رسالة
الكافية، التى جمع فيها دقائق مسائل النحو. وقد سعى
العلماء من بعده إلى شرح الكافية. وله أيضًا رسالة الشافية
التى تُعد أهم مراجع علم الصرف. وتُوفِّى ابن الحاجب
بالإسكندرية سنة (646 هـ).(10/684)
*سالم بن عبد الله
هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وكان أشبه ولد عبد الله
به. أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، وكان من سادات التابعين
وعلمائهم، وقد عرف عنه ورعه وزهده، فكان يعيش حياة
خشنة، يلبس الصوف، ويأكل نوعًا واحدًا من الطعام، وكان ثقة.
ومما يُروى عنه أن الحجاج بن يوسف الثقفى أعطى سالمًا
سيفًا وأمره بقتل رجل، فقال سالم للرجل: أمسلم أنت؟ قال:
نعم، فقال سالم: أصليت صلاة الصبح؟ قال: نعم. فرجع سالم
إلى الحجاج ورمى إليه بالسيف وقال: إنه ذكر أنه مسلم، وأنه
قد صلى صلاة الصبح اليوم. وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: مَنْ صلى صلاة
الصبح فهو فى ذمة الله. فقال الحجاج: لسنا نقتله على صلاة
الصبح، ولكنه ممن أعان على قتل عثمان. فقال سالم: هاهنا من
هو أولى بعثمان منى. فبلغ ذلك عبد الله بن عمر فقال: مكيس
مكيس. وكان عبد الله بن عمر شديد الحب لسالم. وتُوفِّى سالم
عام (106 هـ = 725 م).(10/685)
*زيد بن الخطاب
هو زيد بن الخطاب بن نُفَيل بن عبد العزى. صحابى جليل، وأخو
الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب - رضى الله عنهما-، ولكنه كان
أسنَّ منه. وقد أسلم زيد فى مكة وهاجر إلى المدينة. وكان زيد
فارسًا فى الجاهلية وفى الإسلام. وشهد بدرًا وأحدًا والخندق،
وسائر المشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وبعد وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم - ومبايعة
أبى بكر ارتدت بعض القبائل عن الإسلام فقام المسلمون
لمحاربتهم، وكان زيد يحمل راية المسلمين يوم اليمامة، وعندما
انكشف المسلمون فى بداية المعركة صاح زيد بأعلى صوته:
اللهم إنى أعتذر إليك من فرار أصحابى وأبرأ إليك مما جاء به
مسيلمة، وأخذ يتقدم بالراية نحو العدو ثم قاتل بسيفه حتى
استشهد، وكان ذلك فى السنة الحادية عشرة من الهجرة.
ويُروى له يوم أحد أن عمر - رضى الله عنه - قال له: أقسمت
عليك إلا لبست درعى، فلبسها ثم نزعها وقال لعمر: إنى أريد
بنفسى ماتريد بنفسك. وقد حزن عليه عمر حزنًا شديدًا وظل
يذكره ويبكيه.(10/686)
*ابن سريج
هو أبو يحيى عبيد الله بن سريج. من موالى بعض أشراف مكة
فى القرن الأول الهجرى، أبوه تركى وأمه جارية. وُلِد بمكة فى
خلافة عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - عام (20 هـ = 640 م).
وأخذ الغناء عن ابن مسجع، ثم برع فى التلحين والضرب على
العود الفارسى، وعُدَّ أول من ضربه فى مكة من العرب. وأصبح
ابن سريج يغنى فى مجالس السمر وفى ختان أبناء الأشراف،
كما اشتهر بألحان النواح. وقد بلغت ألحانه التى غناها بصوته
نحو (68) لحنًا، واتصلت سيرته بالشاعر العربى الكبير عمر بن
أبى ربيعة، وسعى إليه الكثير من الشعراء ليستمعوا منه.
وانقطع ابن سريج لعبد الله بن جعفر، ثم للحكم بن عبد المطلب.
وتوفِّى ابن سريج عام (98 هـ = 716 م).(10/687)
*الشيرازى
هو محمود بن مسعود بن مصلح الفارسى، قطب الدين الشيرازى
عالم ومفسر وقاضٍ. وُلِد بشيراز عام (634 هـ = 1236 م)، وأخذ
العلم عن أبيه، ونصير الدين الطوسى، ثم تولى القضاء، وزار
الشام ثم استقر فى مدينة تبريز. وكان من بحور العلم، وله
تصانيف كثيرة، منها: فتح المنان فى تفسير القرآن نحو (40)
مجلدًا، مشكلات التفسير، تاريخ العلوم خزانة الرباط ومفتاح
المفتاح فى البلاغة. وتُوفِّى الشيرازى بمدينة تبريز عام (710 هـ
= 1310 م).(10/688)
*حسن بن الناصر محمد
هو السلطان حسن بن الناصر محمد السلطان المصرى السابع من
سلاطين دولة المماليك البحرية. وُلِد السلطان حسن عام (735 هـ =
1334 م). تولى الحكم بعد أبيه الملك الناصر محمد لكنه استبدَّ
بحكم البلاد، فتآمر عليه الأمراء وخلعوه، وولوا أخاه الملك
الصالح عام (751 هـ = 1350 م). وفى عام (755 هـ = 1354 م)
عاد السلطان حسن إلى الحكم فقضى على الفتن والثورات التى
قامت ضده. ثم أرسل جيشًا إلى أرمينية، واستولى على أطنة
وطرسوس من بلاد الأناضول. وكانت سياسته الداخلية تهدف إلى
القضاء على الحكم المملوكى، وإقامة أسرة حاكمة من أهل
البلاد فكان ذلك سببًا فى تآمر المماليك عليه، حتى اعتقلوه، ثم
اغتالوه عام (762 هـ).(10/689)
*الناصر حسن
هو السلطان حسن بن الناصر محمد السلطان المصرى السابع من
سلاطين دولة المماليك البحرية. وُلِد السلطان حسن عام (735 هـ =
1334 م). تولى الحكم بعد أبيه الملك الناصر محمد لكنه استبدَّ
بحكم البلاد، فتآمر عليه الأمراء وخلعوه، وولوا أخاه الملك
الصالح عام (751 هـ = 1350 م). وفى عام (755 هـ = 1354 م)
عاد السلطان حسن إلى الحكم فقضى على الفتن والثورات التى
قامت ضده. ثم أرسل جيشًا إلى أرمينية، واستولى على أطنة
وطرسوس من بلاد الأناضول. وكانت سياسته الداخلية تهدف إلى
القضاء على الحكم المملوكى، وإقامة أسرة حاكمة من أهل
البلاد فكان ذلك سببًا فى تآمر المماليك عليه، حتى اعتقلوه، ثم
اغتالوه عام (762 هـ).(10/690)
*ابن دقيق العيد
هو أبو الفتح تقى الدين محمد بن على بن وهب بن مطيع
القشيرى، قاضٍ من أكابر العلماء. وُلِد بمدينة يَنْبُع على ساحل
البحر الأحمر سنة (625 هـ = 1228م)، ونشأ بمدينة قوص - بصعيد
مصر - وتلقى علومه فى عدد من البلدان، مثل: دمشق
والإسكندرية والقاهرة. وعندما ذاع صيته وظهر فضله وعلمه
تولى قضاء الديار المصرية سنة (695هـ) حتى وفاته. وله مؤلفات
قيمة، منها: إحكام الأحكام فى الحديث، الإلمام بأحاديث
الأحكام، شرح الأربعين حديثاً للنووى، الإمام فى شرح الإلمام،
أصول الدين، الاقتراح فى بيان الاصطلاح. وتُوفِّى ابن دقيق
العيد بالقاهرة عام (702 هـ = 1302 م).(10/691)
*ابن خالويه
هو أبو عبد الله الحسينى بن أحمد بن خالوية النحوى، واللغوى.
أصله من همذان. دخل بغداد وأخذ العلم عن علمائها مثل: ابن
دريد وابن مجاهد، وأبى عمر الزاهد. وصار إلى حلب فعظمت
مكانته عند آل حمدان، وكان سيف الدولة يكرمه، وجعله أحد
جلسائه، وكانت له مع الشاعر الكبير المتنبى مناظرات داخل
البلاط الحمدانى. وكان إلى جانب تفوقه وبراعته فى علم النحو،
شاعرًا حسن الشعر عهد إليه سيف الولة بتأديب أولاده. وله
مصنفات كثيرة، منها: شرح مقصورة ابن دريد (شرح الدريدية)،
إعراب ثلاثين سورة من القرآن، ليس فى كلام العرب. وتُوفِّى
ابن خالويه عام (370 هـ = 980 م).(10/692)
*توماس أرنلد
هو توماس ووكَرْ آرنلد مستشرق إنجليزى، تخصص فى العلوم
العربية والإسلامية. وُلِد فى لندن سنة (1864 م)، وتعلم فى
كمبردج ثم سافر إلى الهند وعيِّن مدرسًا فى كلية عليكره عام
(1888 م)، ثم عين أستاذًا لفلسفة فى جامعة لاهور، ثم عين
رئيسًا للكلية الشرقية فى جامعة البنجاب. ثم عاد إلى لندن
ليعين أستاذًا للعربية فى جامعة لندن عام (1904 م)، ثم مديرًا
لمعهد الدراسات الشرقية. وقد زار مصر قبل وفاته سنة (1930 م)
، وله كتب بالإنجيليزية، مثل: تعاليم الإسلام، المعتزلة، الخلافة،
وقد تُرجم إلى العربية، وله كتب أخرى فى الفنون الإسلامية.(10/693)
*ابن السائب الكلبى
هو أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب بن بشر الكلبى مؤرخ،
عالم بالأنساب وأخبار العرب وأيامها، من أهل الكوفة. وقد
تحفظ البعض فى الرواية عنه. قال عن نفسه: حفظت مالم يحفظه
أحد، ونسيت مالم ينسه أحد، كان لى عم يعاتبنى على حفظ
القرآن فدخلت بيتًا وحلفت ألاَّ أخرج منه حتى أحفظ القرآن
فحفظته. وله تصانيف كثيرة، منها: جمهرة الأنساب والأصنام
ونسب الخيل، بيوتات قريش والكنى وألقاب اليمن وملوك
الطوائف. وتُوفِّى ابن الكلبى نحو عام (204 هـ).(10/694)
*ابن الرُّومى
هو على بن العباس بن جريج الرومى، أحد شعراء العصر
العباسى الثانى، رومى الأصل، كان جده من موالى بنى العباس
وأمه فارسية. ولد ابن الرومى ببغداد سنة (221هـ = 836م)،
ونشأ بها، وكان ضئيل الجسم نحيلاً، وظل طوال حياته يعيب
على نفسه دقة جسمه وضآلته، وله أشعار كثيرة يصرح فيها
بذلك. وعرفت اسرته بالثراء؛ مما مكن له الاتجاه إلى التعليم منذ
صغره؛ فحفظ القرآن الكريم، وتلقى كثيرًا من العلوم. وظهرت
موهبته الشعرية مبكرًا، وهو لايزال حدثًا فى الكتَّاب، ولما شب
اتخذ الشعر حرفة يتكسب بها، فقربه كثير من الأمراء والحكام
ببغداد، وعاصر حكم عدد من الخلفاء العباسيين. وكان أكثر
شعر ابن الرومى فى الهجاء، وكان ذلك سببًا فى مقتله على يد
القاسم بن عبيد الله وزير المعتضد سنة (83هـ = 896م)، كما شمل
شعره المدح، والرثاء، والوصف. وله ديوان شعر، يقع فى ستة
مجلدات حققه حسين نصار.(10/695)
*بُغَا الصغير
هو أحد قادة الأتراك البارزين فى العصر العباسىالثانى، وكان
يُسمَّى بُغَا الشرابى. وقد تمتع بغا بشخصية قوية وشجاعة
ناردة، أهَّلته لأن يكون قأئدًا لجيوش الدولة العثمانية، تجمع
حوله كثيراً من الجنود، حتى قوى نفوذه، وتمكن من السيطرة
على مقاليد الأمور. ولما أحسَّ الخليفة المتوكل على الله بازدياد
نفوذ بغا حاول التخلص منه، ففطن بغا وانضم إلى الأمراء الأتراك
الذين تمردوا على المتوكل واغتالوه سنة (247 هـ) ثم تولى ابنه
المنتصر بالله الخلافة من بعده. ولما تُوفِّى المنتصر بالله عام (
248 هـ = 862 م)، اتفق بغا والقادة الأتراك على تولية أحمد بن
محمد المعتصم الخلافة ولقبوه بالمستعين بالله. وفى عهد
الخليفة المعتز بالله عاد بغا للمؤمرات والقتل والتخلص من
منافسيه، فأمر الخليفة المعتز بالله بالقبض عليه وقتله عام (254
هـ = 868 م).(10/696)
*أرنولد توينبى
مؤرخ وفيلسوف إنجليزى معروف، وُلِد فى لندن عام (1889 م).
بدأ حياته العملية مدرسًا فى جامعة اكسفورد فى الفترة من
سنة (1912 م) إلى سنة (1915 م)، ثم التحق بالعمل فى قسم
الاستخبارات السياسية فى وزارة الخارجية البريطانية. ثم ترك
الخدمة الحكومية ليصبح أستاذًا للتاريخ البيزنطى واللغة
اليونانية المعاصرة سنة (1919 م) فى جامعة لندن. ثم عُين عام
(1925 م) أستاذًا للتاريخ الدولى فى الجامعة نفسها ومديرًا
للدراسات فى المعهد الملكى للشئون الدولية، واحتفظ بأستاذيته
فى جامعة لندن حتى تقاعده عام (1955 م). ويُعد أرنولد من
أكبر المؤرخين العالميين المعاصرين وأغزرهم علماً وتأليفاً ومن
أشهر كتاباته: دراسة فى التاريخ الذى نشر مابين عامى (1934
م و 1961 م) فى (12) جزءاً. وتُوفِّى أرنولد عام (1976 م).(10/697)
*أحمد بن أبى يعقوب بن واضح
هو أحمد بن إسحاق بن جعفر بن واضح اليعقوبى، مؤرخ
وجغرافى من أهل بغداد. وُلد فى أسرة كانت تعمل فى دواوين
الخلافة. ارتحل عن بغداد فى سن مبكرة فعاش طويلاً فى أرمينيا
وخراسان حتى سنة (260هـ = 873م)، ثم رحل عنها فزار الهند
والأقطار العربية، وكان المعتصم يبعثه فى خلافة المأمون إلى
سمرقند كل سنة لشراء الرقيق الأتراك، وتمتع اليعقوبى برعاية
الطولونيين أثناء مقامه بمصر والمغرب، وصنَّف اليعقوبى كتبًا،
أهمها: التاريخ اليعقوبى الذى يُعَدُّ أول تاريخ عالمى تناول فيه
تاريخ الأمم السابقة على الرغم من وجود بعض الأساطير فى
الكتاب. ويبدأ هذا الكتاب منذ بدء الخليقة حتى سنة (
259هـ=872م). وهذا التاريخ يجمع بين أسلوب العهود والحوليات.
أما كتاب البلدان - الذى أنجزه فى مصر فى خلافة المعتمد
العباسى المتوفَّى سنة (277 هـ) - فيُعَدٌّ أقدم كتاب من نوعه
فى مجال الجغرافيا التاريخية فى العربية. وطبع هذا الكتاب فى
ليدن سنة (1892 م) ثم فى مصر، وهو كتاب مهم فى تعرُّف بغداد
فى تلك الفترة. واختُلف فى وفاة اليعقوبى، إلا أن الراجح أنه
تُوفِّى بعد عام (292هـ=905م).(10/698)
*اليعقوبى
هو أحمد بن إسحاق بن جعفر بن واضح اليعقوبى، مؤرخ
وجغرافى من أهل بغداد. وُلد فى أسرة كانت تعمل فى دواوين
الخلافة. ارتحل عن بغداد فى سن مبكرة فعاش طويلاً فى أرمينيا
وخراسان حتى سنة (260هـ = 873م)، ثم رحل عنها فزار الهند
والأقطار العربية، وكان المعتصم يبعثه فى خلافة المأمون إلى
سمرقند كل سنة لشراء الرقيق الأتراك، وتمتع اليعقوبى برعاية
الطولونيين أثناء مقامه بمصر والمغرب، وصنَّف اليعقوبى كتبًا،
أهمها: التاريخ اليعقوبى الذى يُعَدُّ أول تاريخ عالمى تناول فيه
تاريخ الأمم السابقة على الرغم من وجود بعض الأساطير فى
الكتاب. ويبدأ هذا الكتاب منذ بدء الخليقة حتى سنة (
259هـ=872م). وهذا التاريخ يجمع بين أسلوب العهود والحوليات.
أما كتاب البلدان - الذى أنجزه فى مصر فى خلافة المعتمد
العباسى المتوفَّى سنة (277 هـ) - فيُعَدٌّ أقدم كتاب من نوعه
فى مجال الجغرافيا التاريخية فى العربية. وطبع هذا الكتاب فى
ليدن سنة (1892 م) ثم فى مصر، وهو كتاب مهم فى تعرُّف بغداد
فى تلك الفترة. واختُلف فى وفاة اليعقوبى، إلا أن الراجح أنه
تُوفِّى بعد عام (292هـ=905م).(10/699)
*منسا موسى
هو موسى بن أبى بكر بن مارى جاطة، أعظم سلاطين مالى
على الإطلاق وأبرز شخصية تاريخية فى أسرة كيتا، وذلك لما
بلغته سلطنته من اتساع وقوة وشهرة. كان منسا موسى يتمتع
بقوة فى حكمه، كما كان يُجيد العربية، وقد أقام علاقات ودية
مع الدول الإسلامية، وفتح بلاده للاجئين من مسلمى الأندلس،
وكان كريمًا مع العلماء المسلمين. تولى العرش سنة (1312هـ)
بعد أبيه، وزار مصر فى عهد الناصر محمد بن قلاوون، وقام
بتوسيع مملكته؛ حيث استولى على بقية إمبراطورية غانه
وتكرور الغرب، ودانت له صنغى، وفتح تمبكتو سنة (1328هـ).
وكانت رحلة حجِّه سنة (1324هـ = 1906 م) - التى مر خلالها
بمصر - من الفخامة بحيث بهرت العالم؛ إذ كانت تضم (60) ألف
جندى، ومائة جمل محمل بالذهب. وكان الثراء الذى وصلت إليه
بلاده سببًا ممهِّدًا لحركة الكشوف الجغرافية. وقد تُوفِّى منسا
موسى سنة (1337 هـ)، وتولى ابنه محمد الأول الحكم بعده.(10/700)
*بشير الشهابى
هو بشير بن قاسم بن عمر الشهابى، أكبر الأمراء الشهابيين
فى لبنان. وُلِد فى قرية غزير بالقرب من بيروت سنة (1760م).
وبعد وفاة والده الذى كان من أصل عربى سنة (1181هـ)
تزوجت أمه وأهملته فكفلته خادمة أبيه، وعندما ما بلغ سن
السادسة عشرة قصد دير القمر وأقام هناك، ثم اتصل بأحمد
باشا الجزار والى عكا الذى قرَّبه إليه حتى استطاع أن يحكم
جبل لبنان سنة (1788م)، وأثناء فترة حكمه قام ببعض
الإصلاحات مثل بناء جسر نهر الكلب (1809م)، وجسر نهر الصفا
(1811م)، وربط لبنان بإستنابول رأسًا لمنع تدخل الولاة فى
شئون الجبل. وعندما قدم الفرنسيون لفتح سوريا سنة (1799م)
كان الأمير الشهابى عونًا كبيرًا لهم، ودارت بينه وبين أحمد
باشا الجزار حروب استمرت أربع سنوات، حتى تم الصلح بينهما
عام (1803م). وقد حالف بشير الشهابى محمد على - حاكم مصر -
ضد الدولة العثمانية، وحكم الشام حتى انسحاب القوات المصرية
سنة (1840م) إلا أنه بعد خروج المصريين من الشام قبض الإنجليز
عليه ونفى إلى مالطة، ثم الآستانة؛ حيث تُوفِّى بها سنة
(1850م). ويقال: إنه مات مسلمًا ولم يتنصَّر وإنه كان يدعى
النصرانية تقية، كما ذكر الدكتور محمد على ضناوى فى كتابه:
قراءة إسلامية فى تاريخ لبنان.(10/701)
*أربان الثانى
أربان الثانى أحد باباوات روما، فرنسى الأصل، اسمه أودو دى
لاجيرى، ولد سنة (1042م) من أسرة نبيلة، تلقى تعليمًا كنسيًّا
حتى صار قسًّا، ثم رحل إلى روما ودخل فى خدمة البابا
جريجورى السابع، واختير فى الكرسى البابوى سنة (1088م)
وأصبح اسمه أربان الثانى، وكان يتمتع بجاذبية وعقل وحسن
إدارة، واستطاع أن يُقوِّى نفوذه فى أوربا ويتمتع بالسيادة
الروحية وأن يخضع له الكنائس سنة (1095 م)، وكان مشهورًا
بعقد الاجتماعات العامة، وأشهرها مجمع كليرمونت (1095م)
الذى دعا فيه إلى الحروب الصليبية على الشرق الإسلامى.
تُوفِّى أربان فى (29 من يوليو سنة 1099م) بعد أسبوعين من
دخول الصلبيين بيت المقدس قبل أن يصله نبأ الفتح.(10/702)
*أبو بكر المنصور بن قلاوون
هو أبو بكر بن محمد بن قلاوون، من سلاطين الدولة المملوكية
بمصر والشام، وهو الثالث عشر من ملوك الترك بمصر والأول من
أولاد محمد بن قلاوون الذين تولوا ملك مصر. جلس فى الملك
بعهد من أبيه بعد وفاته فى (ذى الحجة سنة 741هـ)، ولقب
بالمنصور، وقرب إليه سيف الدين قوصون وجعله أتابك عسكره،
إلا أنه تغير عليه وهم باعتقاله، فسبقه قوصون وسيطر على
القلعة وخلع المنصور بن قلاوون وحبسه وأجلس الملك الأشرف
علاء الدين كجك، وهو صغير فى الملك، وذلك فى (ربيع الآخر
سنة 742هـ)، ثم نفى قوصون الملك المنصور بن قلاوون إلى
قوص حيث قتله عبد المؤمن - الذى كان واليًّا على قوص -،
وحمل رأسه سرًّا إلى الأمير قوصون. وكانت مدة حكمه شهرين
وأيامًا، وقُتل وهو فى العشرين من عمره.(10/703)
*تولوى بن جنكيز خان
هو تولوى خان الابن الرابع لجنكيزخان وأصغر أبنائه، وكان
يلقَّب بالأمير الكبير، كان لتولوى عشرة أبناء. وكان والده يثق
به ويجعله ملازمًا له فى أغلب الأحيان ويستشيره فى أموره،
وولاه جنكيزخان الإشراف على معسكراته وأمواله، وكان
تولوى كثير الانتصارات فى الحروب، حيث فتح ولاية الخطا
وبخارى وبلاد خراسان، وكان يتعقَّب السلطان جلال الدين
منكبرتى، وقد تمكَّن من التغلب على جيوشه وتُوفِّى تولوى
سنة (630هـ).(10/704)
*ابن رُشيد
هو محمد بن عمر بن محمد، أبو عبد الله، محب الدين بن رُشيد
الفهرى السبتى، رحالة ومفسَّر وأديب ولغوى من المغرب وُلد
ابن رشيد فى (جمادى الأولى سنة 657هـ) فى سبتة حيث نشأ
بها وكان مهتمًّا بالأدب منذ صغره وبرع فيه. رحل إلى فاس فى
طلب الحديث ثم رجع إلى سبتة وتولى الخطابة والتدريس بجامع
غرناطة، ورحل إلى تونس والإسكندرية وجاور بمكة المكرمة
فترة بعد حجِّه؛ حيث ألَّف كتابًا كبيرًا باسم الرحلة المشرقية فى
(6) مجلدات، وأهم كتبه: تلخيص القوانين فى النحو، وإفادة
النصيح فى مشورة رواة الصحيح. وتوفى ابن رُشيد سنة
(721هـ) بفارس.(10/705)
*منساولى بن مارى جاطه
هو منساولى أو (على) ابن مارى جاطه، أحد الحكام المسلمين
لدولة مالى الإسلامية فى القرن الثالث عشرالميلادى. تولى
الحكم فى مالى بعد وفاة والده سنة (1255م)، وكان منساولى
مشهورًا بالصلاح والتقوى، وقد زار مصر أثناء رحلته للحج سنة
(658هـ = 1259 م) زمن السلطان الظاهر بيبرس وُيعَدُّ منسا على
من أعظم سلاطين مالى؛ حيث استطاع بسط نفوذ مالى على
دولة صنغى الناشئة فى حوض النيجر الأوسط، وكانت مالى فى
عهدة تتمتع بثروة كبيرة بسبب كثرة الذهب بها، وبعد وفاة
منساولى بن مارى جاطه تعرضت دولة مالى لفترة من
الاضطرابات حتى نهاية القرن الثالث عشر الميلادى. غيلة أثناء
صلاة الصبح فى شوال سنة (836هـ)، ودُفن بحصن كيفا.(10/706)
*بهرام الأرمنى
هو أبو المظفر بهرام الأرمنى، وزير فاطمى نصرانى الديانة
أرمنى الجنسية، قدم إلى القاهرة والتحق بخدمة الدولة وارتفعت
مكانته لحكمته وحسن سياسته فتولى ولاية (المحلة)، ثم قدم
إلى القاهرة وتولى الوزارة سنة (529هـ) وقام بالعديد من
الإصلاحات، واستمر فى وزارته قرابة العامين حتى طرده منها
رضوان بن الولخشى وتولى مكانه. وقد مات بهرام فى (20من
ربيع الآخر سنة 535 هـ).(10/707)
*النسائى
هو أبو عبد الرحمن أحمد بن على بن شعيب بن على بن سنان
بن بحر بن دينار النسائى القاضى الحافظ، ولد بنساء، بلده
مشهورة بخراسان، كان أحد الأئمة الحافظين وركنًا من أركان
الحديث، قال عنه الدارقطنى: النسائى مقدم على كل من يذكر
بعلم الحديث وبجرح الرواة وتعديلهم فى زمانه وكان من
المتشددين فى الرجال. سمع من إسحاق بن راهويه وأبى داود
السجستانى وهشام بن عمار وكثيرين، وروى عنه الإمام
الطحاوى، وأبوبكر أحمد بن إسحاق السنى الحافظ وغيرهما،
وأهم مؤلفاته السنن الكبرى وهو كتاب ضخم جمع فيه طرق
الحديث، ثم اختصر منه كتابه المجتبى المعروف بالسنن، أحد
الكتب الستة الكبرى. عُمِّر النسائى تسعةً أو ثمانيةً وثمانين
عامًا، خرج من مصر، وامتحن وضُرب بدمشق فطلب أن يحمل إلى
مكة فمات شهيدًا، ودُفن بين الصفا والمروة، وقيل مات بالرملة.(10/708)
*ناصر خسرو
هو ناصر خسرو، أبو معين: شاعر فارسى، متفلسف، ومؤسس
فرقة الناصرية. شغل منصبًا كبيرًا فى ديوان الغزنويين، ثم
ارتحل إلى القاهرة، وانضم إلى الفاطميين، فأضفى عليه
الخليفة المستنصر لقب حجة. قام ناصر خسرو برحلة تُعَدُّ من أقدم
الرحلات المعروفة، وقعت حوادثها بين سنتى (437، و 444هـ)،
تجول فيها فى بلاد إيران مبتدئًا من مرو فى خراسان مارًّا
بأذربيجان وأرمينية والشام وفلسطين ومصر والحجاز ونجد
وجنوبى العراق، ثم عاد إلى إيران منتهيًا إلى مدينة بلخ فى
خراسان. وطوَّف ناصر كثيرًا فى خراسان، وهى جزيرته التى
عُيٍّن حُجة لها من قبل الفاطميين، ثم انتقل إلى مازندران فأقام
بها زمنًا طويلاً حتى نُسب إليها، وقد استطاع أن يقنع كثيرًا من
أهلها بالدخول فى مذهبه، ولكن بعد فترة ثار عليه الناس
والحكومة، واعتدوا على منزله، فاضطر أهله إلى هجره، كما
اضطر هو إلى أن ينجو بنفسه فهاجر إلى يمكان؛ وفيه أخذ
يدعو من جديد إلى مذهبه، كما أخذ يصنف الكتب والرسائل فى
مذهبه، وكان بعضها بوحى من الخليفة الفاطمى المستنصر بالله
نفسه. ولناصر كتب كثيرة، منها المنظوم ومنها المنثور، فمن
المنظوم: الديوان، وسعادت نامه، وروشنائى نامه. ومن
المنثور: زاد المسافرين، وخوان الإخوان، والرسالة، ووجه
دين، وسفر نامه. وكل هذه الكتب بالفارسية، ولايزال سكان
بامير يتبعون فرقته الناصرية، ويتخذون من كتابه وجه الدين
شريعة لهم. تُوفِّى ناصر سنة (1061م)، ولايزال قبره إلى الآن
مزارًا يؤمه الإسماعيليون النزاريون.(10/709)
*موسى (عليه السلام)
هو موسى بن عمران بن قاهات بن لاوى بن يعقوب بن إسحاق
بن إبراهيم الخليل عليه السلام: كليم الله، وأعظم أنبياء بنى
إسرائيل، ذكرت قصته فى عدة سور من القرآن، ولم تفصَّل قصة
كما فصلت قصته، فذكر مولده ورضاعه وزواجه وبعثه
ومعجزاته. أنزلت عليه التوراة، وكلمه الله مباشرة دون واسطة،
ومما كان من أمر موسى أنه لما ولدته أمه كان فرعون مصر
يأمر بقتل الأطفال، فخافت عليه أمه وألقى الله تعالى فى
قلبها أن تلقيه فى النيل، فجعلته فى تابوت، وألقته فالتقطته
آسيا امرأة فرعون، وربته فكبر، فبينما هو يمشى فى بعض
الأيام إذ وجد إسرائيليًّا ومصريًّا يختصمان، فوكز المصرى
فقتله، ثم اشتهر ذلك وخاف موسى من فرعون فهرب وقصد
مدين، واتصل بشعيب فزوَّجه ابنته، وأقام يرعى غنم شعيب
عشر سنوات، ثم سار موسى بأهله فى زمن الشتاء، فظهرت له
نار، فلما دنا منها رأى نورًا ممتدًّا من السماء إلى شجرة
عظيمة، ونُودى من جانب الطور الأيمن من الشجرة: أن يا موسى
إنى أنا الله رب العالمين. وجعل الله عصاه ويده آيتين، وأرسله
إلى فرعون، ثم دخل موسى بأهله مصر ليلاً، وحدَّث أخاه
هارون بما جرى له، وانطلق الاثنان إلى فرعون، وأراه موسى
الآيتين، إلا أن فرعون أبى، وجمع السحرة ووعدهم ومناهم إن
هم تغلبوا على موسى، فسحروا أعين الناس، فتخيلوا حيات
تسعى، فألقى موسى عصاه فإذا هى حية كبرى تلتهم
حياتهم، وآمن به السحرة، فقتلهم فرعون، ثم أراهم الله آيات
بينة من القمل والضفادع وصيرورة الماء دمًا، فلم يؤمن فرعون
ولا أصحابه، وآخر الحال أن سار موسى ببنى إسرائيل،
فاتبعهم فرعون حتى لحقهم عند بحر القلزم، فضرب موسى
بعصاه البحر فانشق، ودخل فيه هو وبنو إسرائيل، ولما أراد
فرعون وجنوده أن يعبروا البحر كما عبر هؤلاء عاد البحر إلى
حالته الأولى، فغرقوا جميعًا.(10/710)
*النسفى
هو عبد الله بن أحمد بن محمود، حافظ الدين، النسفى، أبو
البركات. فقيه حنفى، مفسِّر، من أهل إيذج من كور أصبهان،
نسبة إلى نسف ببلاد السند بين جيحون وسمرقند، تفقَّه على
شمس الأئمة الكردى، وروى الزيادات عن العتابى، وسمع منه
السفناقى. له مصنفات كثيرة منها: كتاب المستصفى فى شرح
المنظومة، والكافى فى شرح الوافى، والمنافع فى شرح
النافع، وكنز الدقائق، والمنار فى أصول الفقه، والعمدة فى
أصول الدين، وشرح الهداية. تُوفِّى عبدالله النسفى فى إيذج
سنة (710هـ).(10/711)
*النعمان بن المنذر
هو النعمان الثالث بن المنذر الرابع بن المنذر بن امرئ القيس
اللخمى، أبو قابوس: من أشهر ملوك الحيرة فى الجاهلية، كان
أبرش أحمر قصيرًا، مَلَك الحيرة إرثًا عن أبيه نحو سنة (592هـ)،
وكانت تابعة للفرس، فأقره عليها كسرى. كان فى أول عهده
عابد وثن؛ يتعبد للعزى ويذبح الذبائح للأوثان، ثم تحوَّل إلى
النصرانية سنة (593م) تقريبًا، وصار يعد نفسه من حماة المذهب
النسطورى، كانت وفود العرب تفد عليه فيكرمها ويحبوها
ويقضى حوائجها. قدم على كسرى وعنده وفود الروم والهند
والصين، فذكروا من ملوكهم وبلادهم ماذكروا، فافتخر النعمان
بالعرب وفضلهم على جميع الأمم، ولم يستثن بلاد فارس
ولاغيرها، مدحه كل من النابغة الذبيانى وحسان بن ثابت
وحاتم الطائى. والنعمان بن المنذر هو الذى قتل عبيد بن الأبرص
الشاعر، وهو الذى قتل عدى بن زيد وهو الذى غزا قرقيسيا
وهو الذى بنى مدينة النعمانية على ضفة دجلة اليمنى. واستمر
النعمان على الحيرة حتى نقم عليه كسرى أبرويز، فعزله ونفاه
إلى خانقين، فسجن فيها إلى أن مات.(10/712)
*المهاجر بن أبى أمية
هو المهاجر بن أبى أمية سهيل بن المغيرة المخزومى القرشى
صحابى جليل ومن الولاة القادة، أخو أم سلمة زوجة النبى - صلى الله عليه وسلم -،
كان اسمه الوليد، فكره النبى هذا الاسم، وسماه المهاجر، وكان
قد شهد معركة بدر مع المشركين. وكان قد تخلف عن تبوك،
فغضب عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم رضى عنه بشفاعة أخته أم
المؤمنيين، وجعله أميرًا على الصدقات. وبعد أن تُوفِّى رسول
الله (وتولى أبو بكر الصديق - رضى الله عنه - بعث المهاجر بن
أبى أمية إلى اليمن لقتال الأسود العنسى، وتولى إمارة صنعاء
سنة (11هـ = 632م)، وفتح حصن النجير بحضر موت سنة (12هـ =
633م)، وكان له شعر جيد فى حروب الردة. وقد تُوفِّى المهاجر
بعد سنة (12هـ = 633م).(10/713)
*أبو المهاجر دينار
هو دينار مولى بنى مخزوم، وقيل: كان مولى مسلمة بن مخلد
حاكم مصر. ولاَّه مسلمة بن مخلد على إفريقية بعد عقبه
بن نافع سنة (55هـ)، فأساء دينار عزل عقبة، وخرج من
القيروان وبنى مدينة جديدة تخليدًا لاسمه، وأمر الناس بأن
يتركوا القيروان ويسكنوا مدينته وأمر بتخريب القيروان. وخاض
عدة معارك ضد البربر بقيادة كسيلة بن لمزم البربرى وفتح
جزيرة شريك، وهزم كسيلة بالقرب من تلمسان، فأعلن إسلامه.
وفى سنة (62هـ = 681م) عزله يزيد بن معاوية بن أبى سفيان
وأعاد عقبه بن نافع، فأوثق أبا المهاجر فى الحديد وأمر الناس
بالعودة إلى القيروان، واشترك أبو المهاجر فى حروب عقبه بن
نافع بعد ذلك. وفى سنة (63هـ = 682م) ارتدَّ كسيلة البربرى
وجمع جموعًا من البربر والروم وفاجأ بها عقبة بن نافع فى
جمع من أصحابه يبلغ ثلاثمائة صحابى وتابعى جليل فى أرض
الزاب فى معركة تهودة. وكان أبو المهاجر ممن معه، وأبلى
بلاء حسنًا حتى قُتل رحمه الله.(10/714)
*نجم الدين أيوب
هو أيوب بن شاذى بن مروان. الملك الأفضل والد السلطان صلاح
الدين الأيوبى، كان كريمًا سمحًا، حسن النية. من أهل دُوْين
(بلدة فى أذربيجان)، وكان والده واليًا على تكريت من قبل
بهروز والى بغداد وتكريت، وبعد أن تُوفِّى، تولى ابنه أيوب،
ولكن بهروز مالبث أن غضب عليه وعلى أخيه أسد الدين
شيركوه، وطردهما من خدمته، فخرجا إلى الموصل واتصلا
بعماد الدين زنكى، فأقطع أيوب بن شاذى قلعة بعلبك. ولما
تولى ابنه صلاح الدين الأيوبى الوزارة فى مصر بعد وفاة عمه
أسد الدين شيركوه، استدعى والده نجم الدين من بلاد الشام
إلى مصر سنة (565هـ =1169م)، فعرض عليه الوزارة ولكنه
رفضها. ولما خرج صلاح الدين لحرب الصليبيين أناب عنه والده
نجم الدين على القاهرة، فخرج يومًا مع العسكر، فسقط عن
جواده، فظل أيامًا مريضًا، حتى تُوفِّى، وكان ذلك سنة (568هـ
= 1172م). ومن أهم أثاره خانقاه فى دمشق، وأخرى فى مصر.(10/715)
*موسىالكاظم
هو موسى بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على زين
العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب، أبو الحسن: سابع
الأئمة الاثنى عشر، عند الإمامية، كان من سادات بنى هاشم،
ومن أعبد أهل زمانه، وأحد كبار العلماء الأجواد. وُلِد بالأبواء
(قرب المدينة) يوم الأحد (7 من صفر 128هـ)، سكن المدينة،
فأقدمه المهدى العباسى إلى بغداد ثم ردَّه الى المدينة. وبلغ
الرشيد أن الناس يبايعون موسى الكاظم فلما حج مر بها سنة
(179هـ) فحمله معه إلى البصرة، وحبسه عند واليها عيسى بن
جعفر سنة واحدة، ثم نقله إلى بغداد فتُوفَّى بها سجينًا. ويلقب
بالعبد الصالح، وينعت أيضًا بالكاظم لما كظم من الغيظ وماصبر
عليه من فعل الظالمين به حتى تُوفِّى. كان أولاده سبعة وثلاثين
ولدًا ذكرًا وأنثى، كان شديد السمرة، عظيم الفضل، رابط
الجأش، واسع العطاء، وكان عالمًا، حكيمًا متواضعًا، كريم،
الأخلاق، شديد الخوف من الله. حدَّث بأحاديث عن أبيه وحدث عنه
أولاده، وقال أبو حاتم: ثقة صدوق، إمام من أئمة المسلمين. من
مؤلفاته: وصيته لهشام بن الحكيم، ووصفه للعقل، وله تحقيق
الأحكام فى الفقه. كانت وفاته فى رجب سنة (183هـ) فى
السجن.(10/716)
*مؤنس الخادم
هو مؤنس الخادم الملقب بالمظفر المعتضدى: أحد الخدام الذين
بلغوا رتبة الملوك، كان شجاعًا، مقداماً فاتكًا مهيبًا، كان فى
خدم المعتضد العباسى، من الساسة الدهاة، بقى ستين سنة
أميرًا، أبعده المعتضد إلى مكة، ولما بُويع المقتدر بالخلافة
أحضره وقربه، وفوَّض إليه الأمور؛ فنال من السعادة والوجاهة
ما لم ينله خادم قبله. نُدب لحرب المغاربة العُبيدية، وولى دمشق
للمقتدر، ثم جرت له أمور، وحارب المقتدر فقُتِل يومئذ المقتدر،
فسقط فى يد مؤنس وقال: كلنا نُقتل، ثم نصَّب مؤنس القاهر بالله
خليفةً، فلما تمكن القاهر، قتل مؤنسًا وغيره فى سنة (321هـ =
933م) وخلف أموالاً لاتحصى.(10/717)
*المهلب بن أبى صفرة
هو المهلب بن أبى صفرة ظالم بن سراق الأزدى، والى خراسان
أيام عبد الملك بن مروان. وُلد المهلب فى دبا ونشأ فى البصرة.
تولى إمارة البصرة لمصعب بن الزبير، وقرَّبه الحجاج إليه لقتاله
الخوارج؛ حيث قاتل الأزارقة (19) سنة حتى قضى عليهم، وكان
يأخذ خراج كل بلد يُجليهم عنها سنة. تولى إمارة خراسان
سنة (79هـ) فى خلافة عبد الملك بن مروان، وقد أصيبت عينه يوم
فتح سمرقند. كان المهلب مشهورًا بالكرم والحكمة والبلاغة ومن
وصاياه: الحياة خير من الموت، والثناء خير من الحياة. تُوفِّى
المهلب غازيًا بإحدى مدن خراسان فى (ذى الحجة سنة 83هـ)
وتولى ابنه يزيد بن المهلب ولاية خراسان من بعده.(10/718)
*نصيرالدين الطوسى
هو أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن، نصير الدين الطوسى،
فيلسوف ورياضى وفلكى. وُلد الطوسى بطوس سنة (597هـ =
1201م) كانت له علاقة وثيقة بهولاكو، وكان هولاكو لايسافر إلا
فى وقت يأمره به النصير الطوسى. انضم الطوسى إلى جانب
أمراء المغول، وكان من المنادين بغزو بغداد وشجع هولاكو
على ذلك حتى سقطت سنة (656هـ = 1257م). وابتنى الطوسى
بمراغة مرصدًا ضخمًا أنفق عليه هولاكو من خزائنه. ألف الطوسى
العديد من الكتب فى الفلسفة والفلك والرياضيات مثل: الليل
والنهار، والمخروطات والجواهر والأسطوانة إلى غير ذلك من
الكتب. ومات الطوسى سنة (672هـ = 1274م) ودُفن فى المشهد
الكاظم، وكان يُقارب الثمانين.(10/719)
*مينو
هو جاك فرانسوا دى مينو آخر قائد للحملة الفرنسية فى مصر.
ولد مينو فى أسرة نبيلة فى جنوب فرنسا سنة (1750م) اشترك
فى الثورة الفرنسية وكان له صداقة مع نابليون، انتخب عضوًا
فى الجمعية الوطنية فى فرنسا لكنه انحاز إلى جانب الثورة.
قدم مع نابليون فى حملته على مصر، وكان مشهورًا باللهو
والتبذير. تولى حكم رشيد وأسلم وتزوج من امرأة مسلمة من
رشيد أسمها زبيدة بنت محمد، وأنجب منها ابنًا اسماه سليمان
باشا مراد وكان زواجه سنة (1799م)، ومازالت وثيقة زواجه
موجودة حتى الآن فى محكمة رشيد. تولى قيادة الإسكندرية
ورشيد والبحيرة بعد رحيل نابليون عن مصر، وكان من أنصار
البقاء فى مصر وتأسيس صرح الإمبراطورية الفرنسية فى الشرق
التى قاعدتها مصر. تولى قيادة الحملة الفرنسية فى مصر بعد
مقتل كليبر سنة (1800م)؛ لكونه أقدم القواد الفرنسيين وليس
أكفأهم. رحل عن مصر مع الحملة هو وزوجته سنة (1801م)، وبعد
رحيله منحه الإمبراطور عددًا من الأوسمة. وتُوفِّى مينو سنة
(1810م) بفرنسا.(10/720)
*نافع مولى ابن عمر
هو نافع المدنى، أبو عبد الله: مولى ابن عمر وراويته، من أئمة
التابعين بالمدينة، أصابه ابن عمر صغيرًا فى بعض مغازيه،
ونشأ فى المدينة، سافر مع ابن عمر بضعًا وثلاثين حجة وعمرة،
سمع مولاه وأبا سعيد الخدرى، وروى عنه الزهرى وأيوب
السختيانى ومالك بن أنس، وهو من المشهورين بالحديث، ومن
الثقات الذين يؤخذ عنهم ويجمع حديثهم ويُعمل به، ومعظم حديث
ابن عمر عليه دار، وأهل الحديث يقولون: رواية الشافعى عن
مالك عن نافع عن ابن عمر سلسلة الذهب لمكانة كل واحد من
هؤلاء الرواة. ولايُعرف لنافع خطأ فى جميع ما رواه، أرسله
عمر بن عبد العزيز إلى مصر ليعلم أهلها السنن. تُوفِّى نافع سنة
(117هـ).(10/721)
*نقفور
إمبراطور بيزنطى، كان معاصرًا للخليفة هارون الرشيد، خلع
الإمبراطورة إيرينى وخلفها (802م)، وعقب استيلائه على
الإمبراطورية أرسل نقفور إلى هارون الرشيد كتابًا نقض فيه
الهدنة التى عقدتها الإمبراطورة إيرينى، وألح فى طلب الجزية
التى دفعتها إليه إيرينى، فاشتد غضب الرشيد وكتب إليه: بسم
الله الرحمن الرحيم: من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب
الروم، قد قرأت كتابك، والجواب ماتراه دون أن تسمعه والسلام.
وخرج لمحاربته، فسار إليه بجيوشه الجرارة مخترقاً آسيا
الصغرى، وظل يتابع حروبه حتى استولى على هرقلة قبل أن
يتمكن الإمبراطور من رده، لانشغاله بإخماد الفتنة التى قامت
فى بلاده. وانتهت بذلك كبرياء هذا الإمبراطور وصلفه بعقد صلح
أرغم فيه على دفع الجزية من جديد، واشترط نقفور ألا يخرب
الرشيد ذا الكلام ولا سملة ولا حصن سنان، واشترط الرشيد عليه
ألا يعمر هرقلة، وأن يدفع نقفور جزية قدرها ثلاثمائة ألف دينار
سنويًّا.(10/722)
*سراقة بن مالك
هو أبو سفيان سراقة بن مالك بن جُعْشُم المدلجى الكنانى،
صحابى ارتبطت سيرته - رضى الله عنه - بهجرة النبى - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه
أبى بكر الصديق - رضى الله عنه - من مكة إلى المدينة. كان
سراقة ممن يقتُّصَّون الأثر، فخرج وراء النبى - صلى الله عليه وسلم - يريد اللِّحاق بركب
الهجرة حتى يفوز بالجائزة التى رصدتها قريش لمن يُعيد إليهم
محمدًا، وعندما رأى النبىَّ (وصاحبه أبا بكر وأوشك أن
يدركهما، خرَّ فرسُه مرتين ثم غاصت قدماه فى الرمال فى المرة
الثالثة؛ فطلب الأمان من النبى - صلى الله عليه وسلم - وعاهده على ألا يدل عليهما
أحدًا، ثم عاد سراقة إلى مكة، وبقىَ على شرْكه حتى فتحت
مكة عام (8هـ) فأعلن إسلامه. وبشَّره النبى - صلى الله عليه وسلم - بسوَارى كسرى
ومنطقته، وتحققت نبوءة النبى - صلى الله عليه وسلم - فى عهد أمير المؤمنين عمر بن
الخطاب، رضى الله عنه، عندما جاءته كنوز فارس. وتُوفِّى
سراقة - رضى الله عنه - نحو عام (24هـ).(10/723)
*زيد بن ثابت
هو أبو خارجة زيد بن ثابت بن الضحاك الخزرجى البخارى.
صحابى جليل من كُتَّاب الوحى. وُلد فى المدينة فى العام
الحادى عشر قبل الهجرة، ورده النبى - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر لصغر سنه،
ولكنه شهد غزوتى الخندق، وتبوك. وكان زيد يتقن الكتابة
والقراءة؛ فكلفه النبى - صلى الله عليه وسلم - بكتابة الوحى، كما كان يكتب رسائل
النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى الملوك والحكام، وطلب منه أن يتعلم اللغتين العبرية
والسريانية، فتعلمهما وأتقنهما، وبعد وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم - أصبح كاتبًا
لأبى بكر ثم عمر. وقد كلفه أبو بكر أن يجمع القرآن الكريم
ويكتبه، ثم كلفه عثمان بن عفان بكتابة عدة نسخ من المصحف
الذى جمع فى عهد أبى بكر. وكان زيد أعلم الصحابة
بالفرائض، وكان عمر وعثمان لايقدِّمان على زيد أحدًا فى
القضاء والفتوى والفرائض والقراءة. وتُوفِّى زيد - رضى الله عنه
- مابين عامى (45 و55هـ).(10/724)
*أبو الدرداء
هو أبو الدرداء عويمر بن مالك بن زيد بن قيس بن أمية
الخزرجى. صحابى جليل، أسلم يوم بدر، وحينما هاجر سلمان
الفارسى إلى المدينة آخى النبى - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين أبى الدرداء. اشتهر
أبو الدرداء بالفروسية والشجاعة والحكمة، وفيه قال النبى - صلى الله عليه وسلم -:
نِعْمَ الفارس عويمر، وعويمر حكيم أمتى. وأبو الدرداء أحد
الذين جمعوا القرآن الكريم حفظًا فى عهد النبى - صلى الله عليه وسلم -. وعُرف - رضى
الله عنه - بالفقه، وولاَّه معاوية - حينما كان أمير الشام - قضاء
دمشق وهو أولُ قاضٍِ بها. وتُوفِّى أبو الدرداء بالشام نحو (
32هـ).(10/725)
*توفيق بن إسماعيل
هو محمد توفيق بن الخديو إسماعيل بن إبراهيم بن محمد على
باشا، وُلد بمدينة القاهرة عام (1269هـ = 1852م) ونشأ وتعلم
بها. تقَّلد المجلس الخصوصىَّ فى حياة أبيه عام (1871م)، ثم تقلَّد
وزارتى الداخلية والأشغال، ثم رئاسة الوزراء فى مارس
(1879م)، ثم تولَّى حكم مصر فى يونيو (1879م) عقب عزل
والده. وقد عمل الخديو توفيق فى بداية حكمه على التقرب إلى
الشعب، وسعى إلى تخليص مصر من أزمتها المالية؛ فتنازل عن
جزء كبير من أملاكه وقام بالعديد من الإصلاحات الداخلية، إلا أنه
كان يميل إلى الحكم المطلق، وكان ضعيفًا أمام النفوذ الأوربى.
وفى عهده أثارت وزارة مصطفى رياض سخط الشعب والجيش
الذى تحرك فى حادثة ميدان عابدين الشهيرة فى سبتمبر
(1881م) بقيادة أحمد عرابى، وفرض على توفيق تشكيل وزارة
وطنية. وما لبثت العلاقة أن ساءت بين توفيق والعرابيين فخاف
على عرشه واستعان بالإنجليز الذين احتلوا مصر بعد معركة التل
الكبير. واستمر توفيق حاكمًا اسميًّا، وانتقلت السلطة الفعلية
إلى الإنجليز حتى وفاته فى (8 من يناير 1892م).(10/726)
*حسان بن ثابت
هو أبو الوليد حسان بن ثابت بن حرام بن مالك بن النجار
الخزرجى. صحابى جليل، وشاعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. اشتهرت مدائحه
فى ملوك الغساسنة بالشام والمناذرة بالحيرة قبل الإسلام.
وحينما أسلم حسان وأصبح شاعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تصدى بشعره
لكل من يناهض الدعوة الإسلامية. وكان رسول الله ينصب له
منبرًا فى المسجد يقوم عليه يفاخر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول النبى:
إن الله يؤيد حسانًا بروح القدس ما نافح عن رسول الله.
ولم يشهد حسان مع النبى - صلى الله عليه وسلم - الغزوات، وقد وهب له
النبى - صلى الله عليه وسلم - جاريته سيرين - أخت مارية المصرية - فأنجبت له عبد
الرحمن. وقد عمَّر حسان طويلاً جدًّا، فعاش ستين سنة قبل
الإسلام ومثلها فى الإسلام. وتُوفَّى فى المدينة فى نحو عام
(50هـ)، وله ديوان شعر مطبوع.(10/727)
*محمد توفيق باشا
هو محمد توفيق بن الخديو إسماعيل بن إبراهيم بن محمد على
باشا، وُلد بمدينة القاهرة عام (1269هـ = 1852م) ونشأ وتعلم
بها. تقَّلد المجلس الخصوصىَّ فى حياة أبيه عام (1871م)، ثم تقلَّد
وزارتى الداخلية والأشغال، ثم رئاسة الوزراء فى مارس
(1879م)، ثم تولَّى حكم مصر فى يونيو (1879م) عقب عزل
والده. وقد عمل الخديو توفيق فى بداية حكمه على التقرب إلى
الشعب، وسعى إلى تخليص مصر من أزمتها المالية؛ فتنازل عن
جزء كبير من أملاكه وقام بالعديد من الإصلاحات الداخلية، إلا أنه
كان يميل إلى الحكم المطلق، وكان ضعيفًا أمام النفوذ الأوربى.
وفى عهده أثارت وزارة مصطفى رياض سخط الشعب والجيش
الذى تحرك فى حادثة ميدان عابدين الشهيرة فى سبتمبر
(1881م) بقيادة أحمد عرابى، وفرض على توفيق تشكيل وزارة
وطنية. وما لبثت العلاقة أن ساءت بين توفيق والعرابيين فخاف
على عرشه واستعان بالإنجليز الذين احتلوا مصر بعد معركة التل
الكبير. واستمر توفيق حاكمًا اسميًّا، وانتقلت السلطة الفعلية
إلى الإنجليز حتى وفاته فى (8 من يناير 1892م).(10/728)
*حسان بن ثابت
هو أبو الوليد حسان بن ثابت بن حرام بن مالك بن النجار
الخزرجى. صحابى جليل، وشاعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. اشتهرت مدائحه
فى ملوك الغساسنة بالشام والمناذرة بالحيرة قبل الإسلام.
وحينما أسلم حسان وأصبح شاعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تصدى بشعره
لكل من يناهض الدعوة الإسلامية. وكان رسول الله ينصب له
منبرًا فى المسجد يقوم عليه يفاخر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول النبى:
إن الله يؤيد حسانًا بروح القدس ما نافح عن رسول الله.
ولم يشهد حسان مع النبى - صلى الله عليه وسلم - الغزوات، وقد وهب له
النبى - صلى الله عليه وسلم - جاريته سيرين - أخت مارية المصرية - فأنجبت له عبد
الرحمن. وقد عمَّر حسان طويلاً جدًّا، فعاش ستين سنة قبل
الإسلام ومثلها فى الإسلام. وتُوفَّى فى المدينة فى نحو عام
(50هـ)، وله ديوان شعر مطبوع.(10/729)
*البحترى
هو أبو عبادة الوليد بن عبيد الله بن يحيى بن عبيد. أحد أعلام
الشعراء فى العصر العباسى، وأحد رواد الشعر العربى عبر
العصور. وُلد فى مَنْبج (تقع فى الشمال الشرقى من مدينة حلب
بسوريا) عام (206هـ = 821م) على الراجح، وبها نشأ، وتلقى
ثقافته الأولى؛ حيث حفظ القرآن الكريم وقرأ بليغ الشعر والنثر
وأخذ من علوم اللغة وغيرها. وظهرت موهبته مبكرًا فنزل بمدينة
حِمْص واتصل بالشاعر الكبير أبى تمام وتتلمذ له، ثم اتجه إلى
بغداد وأقام فيها سنوات طويلة، مدح خلالها الخلفاء العباسيين
الذين عاصرهم، وكان الخليفة المتوكل أشهر ممدوحيه. ولمَّا قتل
الخليفة المتوكل مع وزيره الفتح بن خاقان عاد البحترى إلى
منبج، وكان له فيها ضياع فأخذ يرعاها ويترد - أحيانًا - على
بعض الولاة. وقد نظم البحترى الشعر فى أغراضه المختلفة،
كالمدح والرثاء والغزل والهجاء والوصف، وله مختارات من
الشعر جمعها وأسماها كتاب الحماسة. وتُوفِّى البحترى فى
منبج عام (284هـ = 897م).(10/730)
*بلال بن رباح
هو بلال بن رباح الحبشى مؤذن الرسول - صلى الله عليه وسلم -. أسلم مبكرًا فكان من
أوائل الذين أظهروا إسلامهم فى مكة، وكان سيِّده أمية بن
خلف يُبالغ فى تعذيبه ليردَّه عن الإسلام، ولكنه ظل صابرًا ثابتًا،
حتى اشتراه أبو بكر الصديق، وأعتقه. هاجر بلال إلى المدينة
وصار مؤذن النبى - صلى الله عليه وسلم - لجمال صوته، كما جعله النبى خازنًا على
بيت المال. وقد شهد بلال الغزوات كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحين
فُتحتْ مكة عام (8هـ = 629م) أمره النبىُّ بأن يعتلى ظهر الكعبة
ليؤذِّن عليها، وبعد وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم - توقف بلال عن الأذان. وفى
خلافة عمر بن الخطاب خرج بلال إلى الشام مجاهدًا فى سبيل
الله حتى تُوفِّى عام (20هـ = 641م) بمدينة دمشق بعد أن جاوز
الستين من عمره.(10/731)
*ورقة بن نوفل
هو ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى القرشى ابن عم
السيدة خديجة رضى الله عنها. اعتزل عبادة الأصنام قبل
الإسلام، ودخل النصرانية، وقرأ كتب الديانات الأولى. أدرك
ورقة عصر النبوة وهو شيخ كبير كفيف، بشَّر النبى - صلى الله عليه وسلم - بالنبوة
عندما قصَّ عليه ما حدث فى غار حراء، فقال ورقة: هذا الناموس
(يقصد جبريل عليه السلام) الذى نزله الله على موسى، ياليتنى
فيها جذع! ليتنى أكون حيًّا إذ يخرجك قومك .. وإن يدركنى
يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا ... ). ولم يلبث ورقة أن تُوفِّى، ولم يدرك
بعثة النبى - صلى الله عليه وسلم -.(10/732)
*بابك الخُرَّمى
هو أحد زعماء فرقة البابكية الخُرَّمية، اختلفت الروايات فى
أصله ونسبه، إلا أنها أجمعت على أنه نشأ فقيرًا يعمل بالرعى
مقابل كسوته وإطعامه عند أهل قريته الواقعة بإقليم البذ بين
إيران وأذربيجان جنوبى بحر قزوين. والتحق بابك بفرقة
الخرميَّة التى ظهرت فى بلاد فارس ثم أصبح أحد زعمائها،
وتجمع حوله عدد كبير من الأتباع، فبدأ فى محاربة الدولة
العباسية وأمر أتباعه بالإغارة على المسلمين المقيمين بالإقليم
المجاور لإقليم البذ وقتلهم سواء كانوا أطفالاً أو رجالاً أو نساءً.
وأصبح بابك يهدد أمن الدولة العباسية، واشتدَّ خطره فى عهد
الخليفة المأمون الذى أرسل إليه عدة حملات عسكرية غير أنها
لم تستطع القضاء على حركته. فلما تولى المعتصم الخلافة
أرسل جيوشه بقيادة الأفشين لمحاربة بابك وأتباعه فألحقت
بهم الهزيمة عام (222هـ = 836م)، وتمكَّن الأفشين من أسره
وتسليمه إلى المعتصم عام (223هـ = 838م) الذى أمر بقتله وقتل
أخيه عبد الله، وبذلك قضى المسلمون على فتنة استمرت أكثر
من (20عامًا).(10/733)
*السكاكى
هو سراج الدين أبو يعقوب يوسف بن أبى بكر بن محمد بن على
السَّكاكِى. ولد فى السَّكاكِى خوارزم عام (555هـ = 1160م)،
ونشأ بها، وتلقى دروسه فى علوم اللغة على أيدى كبار
العلماء بها، ثم بدأ فى إلقاء الدروس فظهر علمه، وذاع صيته،
ولمع اسمه فى عهد السلطان محمد خوارزمشاه. واشتهر
السكاكى بكتابه مفتاح العلوم الذى عُنى فيه بعلوم اللغة من
نحو وصرف ومعانٍ وبديع ومنطق وعروض وقوافٍ، واعتمد فيه
على آراء سابقيه، ووضع عليه الشروح والحواشى، كما عمد
فيه إلى التفصيل والإيضاح فأصبح الكتاب مرجعًا جامعًا،
وتُوفِّى السكاكى فى خوارزم عام (626هـ = 1229م).(10/734)
*سعود بن عبد العزيز
هو سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود الأول. وُلد عام (
1160هـ = 1746م)، وقاد خلال ولاية أبيه جيش السعوديين فى
نشر الدعوة الوهابية التى تدعو إلى ترك البدع، والعودة إلى
القرآن والسنة، وأبلى فى ذلك بلاءً حسنًا، واستولى على
الأحساء، وفتح طريق الحج أمام النجديين، ودخل مدينة كربلاء،
وهدم قبة الإمام الحسين ثم دخل مكة على رأس الجيش عام
(1217هـ = 1802م). بُويع سعود خلفًا لأبيه عام (1218هـ
=1803م) ودام حكمه إحدى عشرة سنة، فتح خلالها الحجاز
والعراق، وامتدت فتوحاته إلى رأس الخيمة على الخليج العربى
وإلى زبيدة باليمن. ودخل سعود فى صدام مع الخلافة العثمانية،
فتدهورت الحالة الاقتصادية للحجاز، وأمر السلطان سليم بتولية
واليه على مصر - محمد على - أمور الحجاز ومحاربة الوهابيين؛
فاستولى الجيش المصرى على مكة والمدينة والطائف. وتُوفى
سعود بمدينة الدرعية عام (1229هـ =1814م).(10/735)
*زينب بنت محمد
هى زينب بنت محمد (، وأمها السيدة خديجة، رضى الله عنها.
وهى كبرى بنات النبى - صلى الله عليه وسلم -، وُلدت بمكة، وتزوجت أبا العاص بن
الربيع قبل بعثة النبى - صلى الله عليه وسلم -. فلما بُعث النبى - صلى الله عليه وسلم - بدعوة الإسلام؛ أسلمت
زينب، وامتنع أبو العاص عن الإسلام وظلَّ على شركه، وحارب
إلى جانب المشركين فى غزوة بدر فأسر فيها، ثم أُطلق
سراحه، بعد أن أرسلت السيدة زينب فى فدائه قلادة أهدتها
إليها أمها عند زواجها. هاجرت السيدة زينب إلى المدينة، وبقى
أبو العاص فى مكة متمسِّكًا بها رافضًا الزواج بغيرها. وقبل
فتح مكة بعام أعلن أبو العاص إسلامه، وقدم على الرسول فى
المدينة فرد إليه الرسول السيدة زينب. وتُوفيت السيدة زينب -
رضى الله عنها -عام (8هـ)، ثم توفى أبو العاص - رضى الله عنه
- بعدها بأربعة أعوام سنة (12هـ).(10/736)
*بنيامين دزرائيلى
هو بنيامين إيزاك دزرائيلى، كاتب ورئيس وزراء إنجليزى. كان
أبوه إيزاك دزرائيلى مؤرخًا يهوديًّا معروفًا فى لندن، ثم تحوَّل
عن اليهودية واعتنق المسيحية، وكان عمر بنيامين آنذاك ثلاثة
عشر عامًا، فنشأ نشاةً مسيحية، إلا أن أصوله وعائلته اليهودية
أثرت فى شخصيته وتفكيره وكتاباته. اهتم بالسياسة إلى جانب
كتاباته الأدبية، وانتخب عضوًا بالبرلمان عن المحافظين فى عام
(1837م)، وأصبح رئيسًا لمجلس العموم عام (1852م) ثم أصبح
رئيسًا لوزراء إنجلترا. كان بنيامين وراء الصفقة التى اشترت
إنجلترا بمقتضاها نصيب مصر فى أسهم قناة السويس عام (
1875م). ساند بنيامين دزرائيلى حركات اليهود، وتبنى قضيتهم
، وجعل سياسة بلاده الخارجية مع الدول ترتبط بمعاملة هذه
الدول لليهود.(10/737)
*خير الدين برباروسا
هو خضر بن يعقوب. وُلد فى عام (871هـ = 1466م)، وعاش هو
وأخوه تمروج فى جزيرة جربة التونسية، وجعلاها مركزًا للقيام
بعملياتهما الحربية فى البحر المتوسط والتصدى لقراصنة البحار
والصليبيين. كما ساعدا على تأمين سواحل الجزائر والمغرب،
وباتا خطرًا كبيرًا يهدد أساطيل الإسبان والبرتغال. وفى عام (
922هـ = 1516م) عين السلطان العثمانى سليم الأول خير الدين
حاكمًا على الجزائر بعد أن هزم الأسطول الإسبانى عام (919هـ
= 1513م)، واستطاع خير الدين إنقاذ عشرات الآلاف من مسلمى
الأندلس من محاكم التفتيش ونقلهم إلى الشمال الإفريقى عام (
940هـ= 1533م) فاستدعاه السلطان سليمان القانونى إلى
إستانبول وعهد إليه بمهمة قيادة أسطول الدولة، فنجح فى
بناء أسطول قوى ضمَّ به تونس إلى الخلافة العثمانية، كما قاد
معركة بَرْوَزة أشهر معركة بحرية فى القرن العاشر الهجرى،
السادس عشر الميلادى ضد الجيوش الأوربية وهزمهم هزيمة
ساحقة. وتُوفِّى خير الدين بإستانبول عام (953هـ = 1546م).(10/738)
*برباروسا
هو خضر بن يعقوب. وُلد فى عام (871هـ = 1466م)، وعاش هو
وأخوه تمروج فى جزيرة جربة التونسية، وجعلاها مركزًا للقيام
بعملياتهما الحربية فى البحر المتوسط والتصدى لقراصنة البحار
والصليبيين. كما ساعدا على تأمين سواحل الجزائر والمغرب،
وباتا خطرًا كبيرًا يهدد أساطيل الإسبان والبرتغال. وفى عام (
922هـ = 1516م) عين السلطان العثمانى سليم الأول خير الدين
حاكمًا على الجزائر بعد أن هزم الأسطول الإسبانى عام (919هـ
= 1513م)، واستطاع خير الدين إنقاذ عشرات الآلاف من مسلمى
الأندلس من محاكم التفتيش ونقلهم إلى الشمال الإفريقى عام (
940هـ= 1533م) فاستدعاه السلطان سليمان القانونى إلى
إستانبول وعهد إليه بمهمة قيادة أسطول الدولة، فنجح فى
بناء أسطول قوى ضمَّ به تونس إلى الخلافة العثمانية، كما قاد
معركة بَرْوَزة أشهر معركة بحرية فى القرن العاشر الهجرى،
السادس عشر الميلادى ضد الجيوش الأوربية وهزمهم هزيمة
ساحقة. وتُوفِّى خير الدين بإستانبول عام (953هـ = 1546م).(10/739)
*ابن خلدون
هو ولى الدين أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن محمد. فيلسوف
ومؤرخ، وُلد بتونس عام (732هـ = 1332م). درس علوم اللغة
والتفسير والحديث والأدب، وتخصص فى الفقه المالكى، ودرس
المنطق والفلسفة وتفوق فيهما، ثم بدأ العمل فى الوظائف
الديوانية، وانتقل إلى فاس، ودخل فى خدمة المرينيين - حكام
هذه البلاد- حتى وصل إلى منصب قاضى القضاة. ثم تنقل ابن
خلدون بين بلاد المغرب والأندلس والحجاز والشام، وعاش
بالقاهرة فترة درَّس خلالها فى الجامع الأزهر، وقربه السلطان
المملوكى برقوق وولاه قضاء المالكية فى مصر سنة (786هـ)،
فبعث يستقدم أهله وولده من تونس ليقيموا معه فى القاهرة؛
فغرقوا جميعًا فى الطريق، فعظم عليه الأمر، فاستقال من
منصبه، وانقطع للتدريس والتأليف. ويُعدُّ كتابه العبر وديوان
المبتدأ والخبر فى تاريخ العرب والعجم والبربر أشهر مؤلفاته
وأوسعها انتشارًا. وتُوفِّى ابن خلدون بالقاهرة عام (808هـ =
1405م).(10/740)
*عبد الرحمن ابن خلدون
هو ولى الدين أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن محمد. فيلسوف
ومؤرخ، وُلد بتونس عام (732هـ = 1332م). درس علوم اللغة
والتفسير والحديث والأدب، وتخصص فى الفقه المالكى، ودرس
المنطق والفلسفة وتفوق فيهما، ثم بدأ العمل فى الوظائف
الديوانية، وانتقل إلى فاس، ودخل فى خدمة المرينيين - حكام
هذه البلاد- حتى وصل إلى منصب قاضى القضاة. ثم تنقل ابن
خلدون بين بلاد المغرب والأندلس والحجاز والشام، وعاش
بالقاهرة فترة درَّس خلالها فى الجامع الأزهر، وقربه السلطان
المملوكى برقوق وولاه قضاء المالكية فى مصر سنة (786هـ)،
فبعث يستقدم أهله وولده من تونس ليقيموا معه فى القاهرة؛
فغرقوا جميعًا فى الطريق، فعظم عليه الأمر، فاستقال من
منصبه، وانقطع للتدريس والتأليف. ويُعدُّ كتابه العبر وديوان
المبتدأ والخبر فى تاريخ العرب والعجم والبربر أشهر مؤلفاته
وأوسعها انتشارًا. وتُوفِّى ابن خلدون بالقاهرة عام (808هـ =
1405م).(10/741)
*خالد بن الوليد
هو خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومى. صحابى جليل اشتهر
بشجاعته ورجاحة عقله، ويُعدُّ من أعظم القادة العسكريين فى
التاريخ. كان قبل إسلامه من فرسان قريش، واشترك مع قومه
فى غزوة أحد ضد المسلمين. أسلم خالد بعد صلح الحديبية عام (
7هـ)، واشترك فى غزوات النبى - صلى الله عليه وسلم -، وقاد المسلمين فى غزوة
مؤتة بعد استشهاد قادة الجيش الثلاثة، وشارك فى فتح مكة
وحنين والطائف، ولقبه النبى بلقب سيف الله. واستعان به الخليفة
أبو بكر الصديق فى ردع أهل الردة وقتالهم، فهزم جيشى
مسيلمة الكذاب وطليحة الأسدى، ثم اتجه إلى العراق بعد أن
ولاه أبو بكر قيادة الجيش، فحارب الفرس، وفتح العراق، ثم
حارب الروم فى الشام وقاد معركة اليرموك الفاصلة. ثم شارك
فى فتح بقية بلاد الشام بعد إسناد قيادة الجيش إلى أبى
عبيدة. وتُوفِّى خالد بن الوليد - رضى الله عنه - فى حمص - وقيل
فى المدينة - سنة (21هـ).(10/742)
*أبو حنيفة النعمان
هو النعمان بن ثابت بن زوطى بن ماه. مؤسس المذهب الحنفى،
وُلد بالكوفة عام (80هـ = 699م). بدأ أبوحنيفة حياته تاجرًا،
وعُرف بين الناس بأمانته وكرمه، ولقيه يومًا الإمام الشعبى
ونصحه بطلب العلم مع التجارة. فصادف ذلك هوى فى نفسه
فاتجه إلى علم الكلام حتى بلغ فيه شأنًا عظيمًا ونَاظَرَ أصحاب
الملل والعقائد الفاسدة. ثم اتجه إلى دراسة الفقه على كبار
علماء عصره. وعندما أخذ أبوحنيفة فى إلقاء الدروس ذاع صيته
وعرف الناس فضله وتكالبوا على حلقات دَرسه، ولقب بالإمام
الأعظم. وأسس مذهبه الفقهى الذى تميز بالمرونة والإعلاء من
قيمة العقل الإنسانى وأخذ مصالح المسلمين فى الاعتبار بما لا
يتناقض مع القرآن والسنة. وتُوفِّى أبوحنيفة سنة (150هـ =
767م).(10/743)
*الحسن بن على بن أبى طالب
هو الحسن بن على بن أبى طالب، ابن فاطمة الزهراء بنت النبى
(. وُلد بالمدينة عام (3هـ= 624م)، وسمَّاه أبوه حربًا، ولكن
الرسول أسماه الحسن. تربى الحسن -رضى الله عنه - فى بيت
النبوة على الإيمان والتقوى والفضيلة، ولاقى من جدِّه (كل
العناية والاهتمام. وشهد الحسن معركة صفين مع أبيه، فلما قُتِل
أمير المؤمنين على على يد الخوارج؛ بايعه أهل العراق وفارس
بالخلافة. إلا أنه تنازل عنها لمعاوية بن أبى سفيان بعد ستة
أشهر تجنبًا للفتنة وحقنًا لدماء المسلمين وتوحيدًا لصفوفهم،
وبخاصة أن الحسن كان ضد مبدأ اقتتال المسلمين من البداية.
وقد لقى ما فعله الحسن كل تقدير وإجلال من المسلمين، ورأوا
فيما أقدم عليه تحقيقًا لنبوءة جده محمد (حينما قال مشيرًا إلى
الحسن: إن ابنى هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين
عظيمتين من المسلمين [البخارى]. وتُوفِّى الحسن - رضى الله عنه
- عام (50هـ = 670م).(10/744)
*حسان بن النعمان الغسانى
هو حسان بن النعمان بن عدى الأزدى الغسانى. من قادة الدولة
الأموية وفرسانها. برز اسم حسان فى عهد الخليفة عبد الملك بن
مروان، حيث اشترك فى عدة فتوحات فى شمال إفريقية فى
عام (76هـ = 695م). ثم دخل فى عدَّة حروب مع البيزنطيين،
واستعاد منهم مدينة قرطاجنة. وفى عام (80هـ = 698م) ظهرت
امرأة تُدَّعى الكهانة فى شمال إفريقية والتف حولها البربر
وأعلنوا الثورة على الخلافة الإسلامية، فتصدى لهم حسان،
وقضى على ثورتهم وأقرالأمن فى المنطقة. وكان حسان محبًّا
للعمارة والصناعة، فبنى مسجد القيروان ثم أنشأ دار الصناعة
واتخذ منها ترسانة بحرية، صنَّع بها أكثر من سبعمائة سفينة بما
يلزمها من معدات حربية، استخدمت فى فتح صقلية. وتُوفِّى
حسان عام (86هـ = 705م) فى خلافة الوليد بن عبد الملك.(10/745)
*أم حبيبة
هى أم المؤمنين رملة بنت أبى سفيان بن حرب، وُلدت قبل
الهجرة بنحو ثلاثين عامًا. تزوجت عبيد الله بن جحش الأسدى
وأعلنت إسلامها مع زوجها، ثم هاجرت معه إلى الحبشة، وبها
ولدت ابنتها حبيبة، وفى أرض الحبشة مات زوجها عبيد الله
كافرًا بعد أن تنصَّر، فلما علم النبى - صلى الله عليه وسلم - بذلك خطبها، فأصدقها
النجاشى (400) دينار نيابة عن النبى، وكان خالد بن سعيد ابن
العاص وكيلاً فى هذا الزواج. وقد عادت أم حبيبة مع المهاجرين
إلى المدينة عام (7هـ) عند فتح خيبر لتعيش مع النبى - صلى الله عليه وسلم -. وقد
تفرغت أم حبيبة بعد وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم - للعبادة، حتى تُوفيت بالمدينة
المنورة عام (44هـ = 664م)، فى خلافة أخيها معاوية(10/746)
*حاطب بن أبى بلتعة
هو حاطب بن أبى بلتعة اللخمى. صحابى جليل من المسلمين
الأوائل. شهد غزوة بدر وغيرها من المشاهد وأبلى فيها بلاءً
حسنًا. بعثه النبى - صلى الله عليه وسلم - سفيرًا إلى المقوقس - حاكم مصر - فلما أتاه
أحسن المقوقس استقباله، وحمَّله هدايا ثمينة إلى النبى، وكانت
مارية القبطية من بين الهدايا فتزوجها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأنجبت له ابنه
إبراهيم. وتُوفِّى حاطب - رضى الله عنه - عام (30هـ).(10/747)
*تيودور هرتزل
زعيم صهيونى، وُلِد بالمجر عام (1860م) وتلقى تعليمه فى
مدرسة يهودية ثم انتقل مع أسرته إلى فيينا فدرس القانون بها،
واشتغل بالمحاماة، ثم عمل بالصحافة. ومن خلال عمله الصحفى
كتب عدة قصص ومسرحيات لنشر الفكر الصهيونى، وبدأ يخطط
لإقامة دولة صهيونية، واتصل بالأثرياء من اليهود لتمويله
وتحقيق حلمه. وفى عام (1897م) عقد هرتزل المؤتمر الصهيونى
الأول برئاسته فى مدينة بازل السويسرية، وحدد المؤتمر (50)
عامًا لإقامة دولة إسرائيل، وتم اختيار فلسطين من بين عدة
أماكن اقترحت لإقامة الدولة، منها: الأرجنتين وأوغندا وقبرص
وقد تُوفِّى هرتزل إثر مرض مفاجئ عام (1904م).(10/748)
*ابن بطّال
هو ابو الحسن على بن خلف بن عبدالملك بن بطَّال. وُلد فى مدينة
قرطبة، فى أواخر القرن الرابع الهجرى، وتلقى العلم لعدد من
كبار علماء الأندلس مثل: الطلمنكى والقنازعى وأبى الوليد
يونس بن عبدالله القاضى وأبى عمر بن عفيف وغيرهم. وقد
عُنى ابن بطال بالحديث وعلومه عناية خاصة، وأتقنه حتى برز
فيه، وتتلمذ له عدد من التلاميذ، مثل: أبى داود المقرئ وعبد
الرحمن بن بشر، وله مصنفات عدة وصلنا منها: شرح صحيح
البخارى، وله كتاب فى الزهد والرقائق. وتُوفِّى ابن بطال سنة
(449هـ=1057م).(10/749)
*البيضاوى
هو القاضى أبو سعيد ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوى
الشيرازى. من كبارعلماء التفسير والفقه وأصوله. وُلد بمدينة
البيضاء بفارس، وتفقَّه على مذهب الإمام الشافعى حيث كان
أبوه وجده عالمين من علماء الشافعية. وقد تولى البيضاوى
القضاء ثلاث مرات. وتتلمذ له كثيرون فى المذهب الشافعى،
واهتمَّ العلماء بكتب البيضاوى وخصوصًا: تفسيره المعروف باسم
أنوار التنزيل وأسرار التأويل، وكتاب الغاية القصوى فى
دراية الفتوى، وكتاب منهاج الوصول فى معرفة علم الأصول.
وللبيضاوى مؤلفات أخرى كثيرة، مثل: تحفة الأبرار، ونظام
التواريخ، ومطالع الأنوار. وتُوفِّى البيضاوى سنة (685هـ =
1286م) ودُفن بتبريز.(10/750)
*جبريل (عليه السلام)
هو أحد الملائكة المقربين إلى الله تعالى، وهو المكلف بنقل
أوامر الله تعالى إلى الأنبياء من البشر. وقد ورد اسم جبريل -
عليه السلام - فى القرآن الكريم ثلاث مرات، ولكنه جاء فى آيات
أخرى بأسماء وصفات له، مثل: الروح وروح القدس. وجبريل
هو الذى نزل على النبى - صلى الله عليه وسلم - فى غار حراء وهو يتعبد، وكان
يظهر للنبى - صلى الله عليه وسلم - فى صور مختلفة وظهر للنبى فى هيئته الحقيقية
مرتين. وقد صحب النبى - صلى الله عليه وسلم - فى رحلة الإسراء والمعراج.(10/751)
*جبلة بن الأيهم الغسانى
آخر ملوك الغساسنة بالشام الذين انتهت إمارتهم التابعة للرومان
بظهور الإسلام. وقد حارب جبلة مع الروم ضد المسلمين فى
معركتى دومة الجندل واليرموك. ثم أعلن إسلامه بعد هزائم
الروم المتعددة فى خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه.
وتعدَّى جبلة - فى أثناء الحج - على رجل من عامة الناس وصفعه
على وجهه، فأراد عمر أن يقتصَّ منه، ففر إلى القسطنطينية
وارتد عن الإسلام إلى النصرانية. ومات جبلة عام (20 هـ = 641م
).(10/752)
*جهانكيز خان
هو سليم بن محمد بن بابر بن عمرالشيخ ميرزا. رابع سلاطين
الدولة المغولية فى الهند التى أسسها أبوه ظهير الدين بابر. وُلد
سليم سنة (977هـ = 1579م). وعند خروج أبيه لفتح الدكن أعلن
سليم نفسه سلطانًا على مدينة أباد الله ولكنه عاد إلى أبيه
واعتذر إليه عن عصيانه. وبعد وفاة أبيه (1014هـ = 1605م)
تولى سليم السلطنة وعرف باسم السلطان أبى المظفر نور الدين
محمد جهانكيز. ودام حكمه (22 سنة) خاض خلالها العديد من
المعارك وقضى على الثورات التى أثارها أهل بيته عليه. وقد
تميَّز عهده بنهضة فى العلوم والفنون والآداب والدراسات
التاريخية، ويُعدُّ جهانكيز أول أباطرة المغول المسلمين فى
الهند، الذين فتحوا أبوابها للبريطانيين حين استقبل عام
(1017هـ = 1608م) أول بعثة بريطانية أوفدها الملك جيمس
الأول. وقد تُوفِّى جهانكيز عام (1037هـ = 1627م).(10/753)
*أم أيمن
هى بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصن. صحابية جليلة، وحاضنة
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومولاته. انتقلت إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - عن أبيه عبد الله،
وكانت تساعد أمه السيدة آمنة بنت وهب على رعايته، وقد
صحبته (مع أمه لزيارة أخواله بالمدينة، وعادت به وحيدًا بعد
وفاة أمه فى طريق عودتها إلى مكة. وقد أعتقها النبى حين
تزوج السيدة خديجة، فتزوجت عبيد بن زيد الخزرجى، فولدت له
أيمن وكانت تُكنى به. ثم تزوجت من زيد بن حارثة فولدت له
أسامة. وقد هاجرت أم أيمن إلى الحبشة، وإلى المدينة
وجاهدت مع النبى وشهدت معه غزوات أحد وخيبر وحنين
فكانت تسقى الماء وتداوى الجرحى. وكان النبى يحبها
ويمازحها، ويعرف لها قدرها، فإذا رآها قال: هذه بقية أهل
بيتى. وعرف الصحابة لأم أيمن قدرها فكان أبو بكر وعمر
يزورانها بعد وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم -. وقد تُوفِّيت -رضى الله عنها - فى
بدايات خلافة عثمان بن عفان.(10/754)
*بشر بن المعتمر
هو أبو سهل بشر بن المعتمر شيخ المعتزلة فى عصره. وُلد بشر
بالكوفة، وسكن بغداد، وتوثقت الصلة بينه وبين الخليفة هارون
الرشيد والبرامكة. ويُعدُّ بشر من فصحاء المتكلمين وبلغائهم،
ويُعدُّه البعض من أوائل مؤسسى علم البلاغة العربية. وقد أسس
بشر فى بغداد طائفة البِشْرية من المعتزلة، وأورد الجاحظ له
بعض أقواله وأشعاره فى كتابى البيان والتبيين والحيوان.
ولبشر العديد من المؤلفات فى علم الكلام، منها: الكفر والإيمان
والإمامة والعدل والرد على الخوارج. وقد عُمِّر بشر طويلاً،
وتُوفُّى ببغداد عام (210هـ = 825م).(10/755)
*أبو بكر الرازى
هو أبو بكر محمد بن زكريا الرازى. أحد أعلام الحضارة
الإسلامية فى الفلسفة والطب والعلوم الطبيعية. وُلد عام (250هـ
= 864م) بمدينة الرَّىّ بإيران حاليًّا، وبها نشأ ودرس الرياضيات
والفلك والمنطق والكيمياء، ثم رحل إلى بغداد حيث درس الفلسفة
والطب، وبذل فى ذلك جهدًا كبيرًا، فلخص كتب الطب اليونانية،
كما نقد جالينوس فى كتابه الشهير الشكوك على جالينوس. ثم
عاد إلى الرّىّ فأسندت إليه رئاسة بيمارستانها، ثم أسندت إليه
رئاسة بيمارستان بغداد. وقد ترك الرازى العديد من المؤلفات،
بلغ (148) مؤلفًا، لا يوجد منها سوى (24) كتابًا. وتُوفِّى الرازى
نحو عام (313هـ = 925م)، بعد أن كُفّ بصره.(10/756)
*بشار بن برد
هو أبو معاذ بشار بن برد بن يرجوخ. أحد كبار الشعراء فى
العصر العباسى. جدُّه يرجوخ أو بهمن من طُخارستان، أسَرَه
المهلب بن أبى صُفْرة والى خراسان فيمن أسر، فنشأ ابنه برد
على الرق، وجعله فى رقيق زوجه التى وهبته لامرأة من بنى
عقيل، وفيهم وُلِد بشار بالبصرة سنة (96 هـ = 714 م). وقد
أعتقت المرأة العقيلية بشارًا بعد موت أبيه، فأصبح من موالى
بنى عقيل. وُلِد بشار أعمى، فاتجه إلى حلقات العلم فى
المساجد يتزود منها، كما انتقل إلى الأعراب فى بوادى البصرة؛
ليأخذ اللغة من مصادرها الأصلية. وقد وهبه الله ذكاءً متقدًا،
وحافظة لاقطة، فسال ينبوع الشعر على لسانه ولمَّا يبلغ
العاشرة من عمره، كما يقول الرواة. تأثر بشار بثقافات عصره،
وتسربت إليه آراء المتكلمين وغيرهم، فنبغ فى الشعر نبوغًا
متميزًا، حتى عدَّه النقاد أشعر المخضرمين الذين عاشوا فى
عهد الدولتين الأموية والعباسية، كما عدُّوه رأس المحْدَثين الذى
مهَّد لمدرسة البديع فى الشعر العربى، وعدُّوا شعره فيصلاً بين
القديم والحديث، وجسرًا عبر عليه الشعر من مرابع البداوة إلى
ربوع الحضارة. وحين قدم الخليفة المهدى إلى البصرة شكا إليه
كثير من أهلها مجون بشار وزندقته، وشعوبيته وتعصبه ضد
العرب والعروبة، فأمر الخليفة بضربه سبعين سوطًا تُوفِّى على
إثرها، ودُفِن بالبصرة. وحقق ديوانه الشيخ محمد الطاهر بن
عاشور، بعد أن جمع شعره من مظانه المتعددة، وصدر الديوان
فى أربعة مجلدات عن لجنة التأليف والترجمة والنشر بالقاهرة
عام (1369 هـ = 1950 م).(10/757)
*ابن البقَّال
هو يوسف بن على بن أحمد البغدادى. أحد الحنابلة، وكان شيخ
رباط المرزبانية ببغداد. ومن مصنفاته سلوك الخواص. وتُوفِّى ابن
البقال سنة (668 هـ = 1269 م).(10/758)
*سيبويه
هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قُنبر، إمام النحو العربى الشهير
بسيبوية، وهى كلمة فارسية تعنى: رائحة التفاح. وُلِد فى
إحدى قرى مدينة شيراز ببلاد فارس عام (148 هـ)، ثم رحل إلى
مدينة البصرة، وانصرف إلى دراسة اللغة والنحو على أيدى كبار
العلماء، كالخليل بن أحمد، والأخفش الأكبر، ثم انتقل إلى بغداد
وفيها التقى مع الكسائى وناظره المناظرة الشهيرة التى تُعرف
فى كتب اللغة بمسألة الزنبور والنحلة أو المسألة الزنبورية.
واشتهر سيبويه بكتابه الفريد فى علم النحو الكتاب الذى قال
عنه الجاحظ: لم يكتب الناس فى النحو كتابًا مثله، وجميع كتب
الناس عليه عيال. وقيل: إن سيبويه تُوفِّى عام (180 هـ = 796
م)، وقيل غير ذلك.(10/759)
*أبو سعيد الخدرى
هو أبو سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدرى الخزرجى.
استشهد أبوه يوم أحد، وكان قبل المعركة قد صحب سعدًا وهو
ابن ثلاثة عشر عامًا إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فردَّه - صلى الله عليه وسلم -؛ لصغر سنه، ثم شهد
غزوة الخندق وبقية الغزوات. وكان أبو سعيد أحد الفقهاء
المجتهدين، وقد حدَّث عن النبى - صلى الله عليه وسلم - وعن أبى بن كعب وعمر،
وغيرهما من الصحابة، وروى له الشيخان البخارى ومسلم
(1170) حديثًا. وتُوفِّى أبو سعيد بالمدينة عام (74 هـ).(10/760)
*الخليل بن أحمد الفراهيدى
هو أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو الفراهيدى. وُلِد فى
مدينة البصرة عام (100 هـ = 717 م)، وأخذ علوم اللغة عن ابن
العلاء، وأحاط بأصولها وقواعدها، وقضى عمره فى البحث
فيها. واشتهر الخليل بأنه واضع علم العَروض، وقد جمع فنونه
فى (15) بحرًا، وظل هذا العلم كما وضعه الخليل، حتى أضاف
إليه الأخفش بحرًا واحدًا، والخليل هو أول من صنع معجمًا فى
اللغة العربية؛ إذ ينسب إليه معجم العين. وقد ترك الخليل تلامذة
أصبحوا من أعلام اللغة مثل سيبويه. وتُوفِّى الخليل بالبصرة عام
(170 هـ = 786 م).(10/761)
*سعد بن معاذ
هو سعد بن معاذ بن النعمان بن عبد الأشهل الأوسى. صحابى
جليل. كان سيد بنى عبد الأشهل. أسلم على يد مصعب بن عمير
قبل هجرة النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، وعقب إسلامه جمع قومه ورغبهم
فى الإسلام؛ فأسلم القوم جميعهم. كان سعد، رضى الله عنه،
من أشد المناصرين للنبى - صلى الله عليه وسلم -، وكانت مكانته فى الأنصار كمكانة
أبى بكر فى المهاجرين، وكان النبى - صلى الله عليه وسلم - شديد الحب له. وشهد
سعد بدرًا وأحدًا. وفى غزوة الخندق عام (5 هـ) أصيب سعد،
فحُمِل إلى المسجد، وأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بضرب خيمة فوقه، وكان
الرسول يعوده كل يوم. وقد ولاَّه النبى - صلى الله عليه وسلم - الحكم فى أمر بنى
قريظة، وكان سعد حليفهم، بعد أن نقضوا عهدهم مع النبى،
وتحالفوا مع الأحزاب فى حربهم ضد المسلمين فى المدينة،
فقضى سعد أن يقتل الرجال وتُسبَى النساء والأطفال، وتُقسم
الأموال، فأثنى النبى - صلى الله عليه وسلم - على حكمه، وبعد شهر من إصابة سعد
انفجر جرحه؛ فمات عام (5 هـ).(10/762)
*ابن باجة
هو أبو بكر محمد بن يحيى بن الصائغ التُّجيبى، الشهير بابن
باجة. أحد أعيان القرن السادس الهجرى. وُلِد فى مدينة
سرقسطة بالأندلس فى أواخر القرن (5 هـ = 11 م). وتنقل ابن
باجة بين مدن سرقسطة وإشبيلية وغرناطة وفاس، وتولى
الوزارة فى عهد دولة المرابطين بالمغرب والأندلس. وعرف عن
ابن باجة غزارة علمه؛ وبراعته فى الفلسفة والمنطق والرياضيات
والعلوم الطبيعية والطب والموسيقا، كما عُرِف عنه إجادة فن
الموشح. وقد ألف ابن باجة عدة كتب، وشرح كثيرًا من كتب
أرسطو والفارابى، ومن أشهر مؤلفاته: تدبير المتوحد،
والنفس، والسمع الطبيعى. وتُوفِّى ابن باجة عام (533 هـ = 1139
م).(10/763)
*الحاكم النيسابورى
هو محمد بن عبد الله بن حمدويه بن نعيم الضبى الطهمانى
النيسابورى الشهير بالحاكم. وُلِد عام (321 هـ = 933 م) بمدينة
نيسابور، ورحل إلى العراق عام (341 هـ)، وطاف ببلاد خراسان
وما وراء النهر يأخذ العلم حتى قيل: إنه أخذ العلم عن نحو ألفى
شيخ، ثم تولى قضاء نيسابور عام (359 هـ). وكان من أعلم
الناس فى زمانه بصحيح الحديث وتمييزه عن سقيمه، ومن أكابر
حفاظه والمصنفين فيه. وقد ترك الحاكم العديد من الكتب القيمة،
من أشهرها: المستدرك على الصحيحين فى أربعة مجلدات،
وتاريخ نيسابور. وتُوفِّى الحاكم عام (405 هـ = 1014 م).(10/764)
*برجوان
هو أبو الفتوح برجوان التركى. لا يعرف شىء عن موُلِده أو
نشأته؛ فقد بدأ فى الظهور بعد وفاة الخليفة الفاطمى العزيز
بالله الذى أوصى أن يكون برجوان وصيًّا على ابنه الحاكم بأمر
الله فقام برجوان بذلك، وكان يتطلع إلى السلطة والنفوذ؛ فدخل
فى صدام مع الوزير الفاطمى الحسن بن عمار، الذى كانت له
الكلمة العليا فى الدولة، حتى تمكن برجوان من عزله، وعزل
الموالين له، وبسط سيطرته على الشام وبرقة وطرابلس
والمغرب، وأصبحت كلمته مسموعة، وأمره نافذًا فى كل أمور
الدولة الفاطمية، وتُوفِّى برجوان سنة (389 هـ = 999 م).(10/765)
*بيبرس الجاشنكيرى
هو ركن الدولة بيبرس بن عبد الله المنصورى أحد سلاطين دولة
المماليك الجراكسة فى مصر والشام. اشتراه الملك المنصور
قلاوون صغيرًا، وجعله من مماليكه، ورفعه إلى مرتبة الأمراء،
واتخذه جاشنكيرًا (أى: مشرفًا على طعام الملك)؛ ومن ثم نُسِب
إليه، ثم عمل بيبرس فى خدمة أخيه الملك الناصر محمد الذى
جعله مشرفًا على الحاشية والخزائن. وقد عُزل بيبرس من منصبه
على يد زين الدين كتبغا الذى استولى على المُلك من الناصر
محمد، ولكن الناصر ما لبث أن عاد ثانية إلى السلطة فأعاد
بيبرس إلى منصبه، فاستأثر بحكم البلاد هو ونائب السلطنة
سلار؛ فأغضب ذلك الناصر، وخلع نفسه من السلطنة. وقد اختير
بيبرس لتولى أمور السلطنة عام (708 هـ = 1309 م)، ولقب بالملك
المظفر، وتميَّز برجاحة العقل، وبالعدل، واهتم بالبناء والتعمير.
وتُوفِّى سنة (709 هـ = 1309 م).(10/766)
*دوزى
هو رينهارت بيترآن دوزى أحد كبار المستشرقين. وهو من أصل
فرنسى. وُلِد عام (1235 هـ = 1820 م) بمدينة ليدن إحدى مراكز
الاستشراق المهمة فى هولندا وأوربا. نشأ دوزى فى بيت عُنِى
بالدراسات الشرقية، خاصة العربية، وعكف على دراسة
المخطوطات العربية فى ليدن، ثم فى مكتبات ألمانيا وإنجلترا.
وارتبط اسم دوزى بدراساته العميقة الخاصة بتاريخ الأندلس،
وانصرف إلى التدريس والتأليف والتحقيق، ووضع عدة مؤلفات
مهمة فى موضوعاتها، أهمها: معجم عن الملابس عند العرب،
ورسالة عن الكلمات العربية الدخيلة فى اللغة الإسبانية وأصول
الكلمات العربية فى اللغتين الإسبانية والبرتغالية، إلى جانب
تاريخ إسبانيا الأدبى والسياسى إبَّان القرون الوسطى، ويؤرخ
فيه للفترة التى حكم فيها العرب إسبانيا، وتاريخ المسلمين فى
إسبانيا، ومن تحقيقاته: كتاب البيان المغرب فى أخبار الأندلس
والمغرب لابن عذارى. وتُوفِّى دوزى عام (1883 م).(10/767)
*أبو تمام
هو حبيب بن أوس بن الحارث الطائى كُنى بابنه تمام، وُلِد بقرية
جاسم من قرى حوران بالقرب من دمشق، سنة (188 هـ = 804 م)
على الأرجح. وعاش فى صباه بدمشق، ثم انتقل إلى حمص،
ورحل منها إلى مصر، وفيها جالس الأدباء وأخذ عنهم، وكان
يسقى الماء بجامع عمرو بن العاص فى الفسطاط، ثم عاد إلى
دمشق وانتقل منها إلى الموصل، فبغداد فى خلافة المأمون،
ونبغ فى الشعر، وقرَّبه الخليفة المعتصم بالله إليه واختصه
بنفسه، وصحبه معه فى حروبه ضد الروم، وشهد معه معركة
عمورية عام (223 هـ = 837 م)، وسجَّل انتصار المسلمين فيها.
ويُعد أبو تمام رائد مدرسة البديع فى الشعر العربى. وله ديوان
شعر كبير، طُبع بالقاهرة عام (1292 هـ = 1875 م)، ثم نشر
محققًا، وله أيضًا ديوان الحماسة الذى يُعرَف باسم حماسة أبى
تمام، وكتابا فحول الشعراء، ومختار أشعار القبائل. وتُوفِّى
أبو تمام بالموصل عام (231 هـ = 846 م) على الأرجح، فى
خلافة الواثق بن المعتصم.(10/768)
*بدر الجمالى
هو أبو النجم بدر بن عبد الله الجمالى. من أصل أرمنى، وقد
اشتراه الأمير جمال الدولة بن عمار غلامًا صغيرًا فربَّاه وعلمه؛
ومن ثم نُسِب إليه. وتميز الجمالى بالهمة والنشاط، وتولى إمارة
الشام فى عهد الخليفة المستنصر عام (455 هـ)، فجذب إليه
الأنظار. وقد استدعاه المستنصر إلى مصر؛ لإخماد فتنة نشبت
هناك، وولاه مصر والشام، ثم قلده وزارة السيف والقلم، فخمدت
فى عهده الفتن، وأصبحت له الكلمة العليا فى البلاد. وتميز
عهده بالحزم والشدة على المجرمين والخارجين على النظام،
إلى جانب الإنصاف، وبث الطمأنينة فى نفوس ذوى الحاجات،
كما نشطت التجارة وازدهرت الزراعة. وتُوفِّى بدر الجمالى
بالقاهرة عام (487 هـ = 1094 م) وقد تجاوز ثمانين عامًا، فأقام
المستنصر أبا القاسم شاهنشاه بن بدر الجمالى مكان أبيه ولقبه
بالأفضل، فسار على درب أبيه، وأحسن إلى الرعية، حتى بلغت
سيرته الآفاق.(10/769)
*ابن حيان القرطبى
هو أبو مروان حيَّان بن خلف بن حسين بن حيَّان. أحد المؤرخين
الكبار فى الأندلس. وُلِد بقرطبة عام (377 هـ = 987 م). وقد تلقى
علومه على يد والده، ثم مجموعة من كبار علماء الأندلس، منهم:
عمر بن نابل، وأبو الحباب القرطبى، وصاعد البغدادى. وله
عدة كتب فى التاريخ والتراجم، فُقِد أكثرها، من أشهرها:
المقتَبس من أبناء أهل الأندلس، ويقع فى عشرة أجزاء، وقد
طُبع أجزاء منه، والمتين فى تاريخ الأندلس، وهو أكبر من
المقتبس. وتُوفِّى ابن حيان عام (469 هـ = 1076 م).(10/770)
*عبد الله بن ياسين
هو عبد الله بن ياسين بن مكو الجزولى المصمودى، الزعيم الأول
للمرابطين، وصاحب الدعوة الإصلاحية فيهم. نشأ طالبًا للعلم فى
دارٍ أنشئت بمدينة السوس وسُميت دار المرابطين. ثم ذهب مع
يحيى الصنهاجى إلى صنهاجة؛ لتعليم الناس أمور دينهم، ولما لم
يستجب الناس لدعوته اعتزلهم مع بضعة أشخاص فى جزيرة
قريبة من النيجر، فلحقت به جماعة، ثم توافد عليه الناس، حتى
بلغوا الألف، فسماهم المرابطين. وبدأ معاركه للقضاء على
الفساد والمنكرات، ثم هاجم صنهاجة ودرعة وسجلماسة،
واستولى على بلاد نارو دانت، وفتح بلاد المصامدة، ثم استولى
على بلاد قبائل برغواطة. وكان له دور كبير فى إحياء تعاليم
الإسلام بالمغرب. واستشهد ابن ياسين عام (451 هـ = 1059 م)،
بعد إحدى المعارك مع قبائل برغواطة، ودُفن فى قبيلة زعير
بالقرب من مدينة الرباط.(10/771)
*بديع الزمان النورسى
هو سعيد ميرزا النورسى المعروف ببديع الزمان. عالم ومجاهد
تركى. وُلِد فى إحدى قرى محافظة بدليس بتركيا عام (1290هـ
= 1873م). كان منذ طفولته شديد الذكاء، سريع الفهم، فتلقى
دروس اللغة والفقه ونبغ فى تحصيلهما قبل سن بلوغه، كما
انصرف إلى التقشف والزهد وطلب العلم، حتى اشتهر أمره بين
الناس، وصارت له مكانة عظيمة بين العلماء. وعندما قام
الاتحاديون بعزل السلطان عبد الحميد الثانى، واستحداث
تشريعات علمانية على النمط الغربى، والهيمنة على مقاليد
الأمور. تصدى لهم بديع الزمان؛ فقام بكتابة المؤلفات التى تدعو
الناس إلى التمسك بدينهم الإسلامى، وألقى الخطب، وأشعل
الحماسة فى صدر الأمة لتدافع عن عقيدتها، وتعرض من أجل
ذلك للنفى والسجن، ولكنه بقى مجاهدًا حتى وفاته. وترك بديع
الزمان عددًا كبيرًا من المؤلفات، أشهرها: رسائل النور، وتُوفِّى
بديع الزمان بمدينة أورقة عام (380هـ = 1960م).(10/772)
*الجوينى
هو أبو المعالى ركن الدين عبد الملك بن عبد الله. وُلِد بإحدى
قرى مدينة نيسابور عام (419هـ = 1028م)، ثم رحل إلى بغداد
فى عهد دولة السلاجقة، ثم انتقل إلى الحجاز عام (450هـ)
وجلس للتدريس فى مكة والمدينة فعُرف بإمام الحرمين، ثم عاد
إلى نيسابور فى عهد الوزير نظام الملك الذى اشتهر بتشجيع
العلم والعلماء، فأنشأ للإمام الجوينى مدرسة عُرفت بالنظامية،
جلس فيها للتدريس والإفتاء. وللجوينى مؤلفات عديدة، منها:
البرهان فى أصول الفقه، والورقات، والعقيدة النظامية،
وغياث الأمم، والشامل. وتُوفِّى الجوينى بنيسابور عام (478هـ =
185م).(10/773)
*أبو المعالى الجوينى
هو أبو المعالى ركن الدين عبد الملك بن عبد الله. وُلِد بإحدى
قرى مدينة نيسابور عام (419هـ = 1028م)، ثم رحل إلى بغداد
فى عهد دولة السلاجقة، ثم انتقل إلى الحجاز عام (450هـ)
وجلس للتدريس فى مكة والمدينة فعُرف بإمام الحرمين، ثم عاد
إلى نيسابور فى عهد الوزير نظام الملك الذى اشتهر بتشجيع
العلم والعلماء، فأنشأ للإمام الجوينى مدرسة عُرفت بالنظامية،
جلس فيها للتدريس والإفتاء. وللجوينى مؤلفات عديدة، منها:
البرهان فى أصول الفقه، والورقات، والعقيدة النظامية،
وغياث الأمم، والشامل. وتُوفِّى الجوينى بنيسابور عام (478هـ =
185م).(10/774)
*أبو جهل
هو عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومى. يُعرف بأبى الحكم
وكناه المسلمون من معاصريه بأبى جهل. وُلِد فى عام الفيل،
وكان من سادات قريش، وعندما بُعث النبى - صلى الله عليه وسلم - كان أبو جهل من
أشد أعداء الإسلام، وتعرض بالإيذاء للنبى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، رضى الله
عنهم. وهو صاحب فكرة اختيار شاب من كل قبيلة من القبائل
العربية؛ لقتل النبى - صلى الله عليه وسلم - حتى يتفرق دمه بين القبائل، وهو الذى
طعن سمية أم عمار بن ياسر بحربته فقتلها؛ لأنها أغلظت له
القول، فكانت أول شهيدة فى الإسلام. واشترك أبو جهل فى
غزوة بدر فى العام الثانى للهجرة، وأصر على قتال المسلمين
حتى بعد أن نجت قافلة قريش فقال: والله لا نرجع حتى نَردَ
بدرًا، فنقيم بها ثلاثًا، وتسمع بنا العرب، فلا يزالون يهابوننا
أبدًا. وفى هذه الغزوة قتل أبو جهل. وقد أسلم ابنه عكرمة،
وحَسُنَ إسلامه، واستشهد فى غزوة اليرموك عام (13هـ =
634م).(10/775)
*ابن جبير
هو محمد بن أحمد بن جبير الكنانى الأندلسى. رحالة وأديب. وُلِد
فى بلنسية سنة (540هـ = 1145م)، وكان بارعًا فى الأدب ونظم
الشعر خاصة. سمع من والده، وأخذ عن أبى عبد الله الأصيلى،
وأبى الحسن على بن أبى العيش المقرئ، وعبد العزيز
الخليلى، وعبد الله عيسى التميمى، وغيرهم. وأخذ عنه أبو
إسحاق بن لهيب، وأبو الحسن بن نصر بن فاتح بن عبد الله
البجائى، وأبو الحسن الشارى، وأبو العباس بن عبد المؤمن
البنانى، وغيرهم. وقد عينه أمير غرناطة أبو سعيد بن عبد
المؤمن ملك الموحدين كاتم سره، وكان ابن جبير يحب الرحلة
والتنقل؛ فترك الأمير وسافر إلى بلاد المشرق؛ حيث زارها ثلاث
مرات، تُوفِّى فى المرة الأخيرة منها بالإسكندرية سنة (614هـ =
1217م)، وألف كتابًا سماه رحلة ابن جبير، يصف فيه البلاد
والأماكن التى زارها فى رحلته من سنة (578 - 581هـ). ولابن
جبير ديوان شعر يُطلق عليه نظم الجمان فى التشكى من إخوان
الزمان، وله كتاب آخر يُسمى نتيجة وجد الجوانح فى تأبين
القرن الصالح.(10/776)
*محمد بن أحمد ابن جبير
هو محمد بن أحمد بن جبير الكنانى الأندلسى. رحالة وأديب. وُلِد
فى بلنسية سنة (540هـ = 1145م)، وكان بارعًا فى الأدب ونظم
الشعر خاصة. سمع من والده، وأخذ عن أبى عبد الله الأصيلى،
وأبى الحسن على بن أبى العيش المقرئ، وعبد العزيز
الخليلى، وعبد الله عيسى التميمى، وغيرهم. وأخذ عنه أبو
إسحاق بن لهيب، وأبو الحسن بن نصر بن فاتح بن عبد الله
البجائى، وأبو الحسن الشارى، وأبو العباس بن عبد المؤمن
البنانى، وغيرهم. وقد عينه أمير غرناطة أبو سعيد بن عبد
المؤمن ملك الموحدين كاتم سره، وكان ابن جبير يحب الرحلة
والتنقل؛ فترك الأمير وسافر إلى بلاد المشرق؛ حيث زارها ثلاث
مرات، تُوفِّى فى المرة الأخيرة منها بالإسكندرية سنة (614هـ =
1217م)، وألف كتابًا سماه رحلة ابن جبير، يصف فيه البلاد
والأماكن التى زارها فى رحلته من سنة (578 - 581هـ). ولابن
جبير ديوان شعر يُطلق عليه نظم الجمان فى التشكى من إخوان
الزمان، وله كتاب آخر يُسمى نتيجة وجد الجوانح فى تأبين
القرن الصالح.(10/777)
*الوليد بن طريف
هو الوليد بن طريف بن الصلت التغلبى الخارجى. كان زعيم
الخوارج؛ إذ خرج بالجزيرة الفراتية سنة (177هـ) فى خلافة
الرشيد، وتبعته جموع كثيرة، وكان يتنقل بين نصيبين
والخابور، واستولى على أرمينية، وحاصرها خلاط، وسار إلى
أذربيجان ثم إلى حلوان وأرض السواد، وعبر إلى غربى دجلة،
وعاث فسادًا فى بلاد الجزيرة، فأرسل إليه الرشيد يزيد بن مزيد
الشيبانى على رأس جيش كبير، فقاتله وهزمه وقتله، بعد حروب
شديدة سنة (179هـ).(10/778)
*شارل مارتل
هو شارل مارتل بن بيبين الثانى؛ أو بيبين هرستال. أحد
أباطرة دولة الفرنجة أو الميروفنجية. كان شارل مارتل فى
بداية أمره يعمل رئيسًا للبلاط الملكى، واستطاع أن يدعم نفوذه
حتى غدت السلطة الفعلية فى يده سنة (719 م)، فوحَّد ممالك
الدولة الميروفنجية الثلاث (أوستراسيا، نستريا، برجنديا) تحت
سلطته، وقام بسلسلة من الحروب لتأمين دولة الفرنجة من ناحية
الشرق؛ فحارب السكسون، والفريزيين، والألمان، والبافاريين.
وكان الخطر الأكبر الذى هدده هو زحف المسلمين من الأندلس
جنوبًا. وتمكن شارل مارتل من إلحاق هزيمة بالجيش الإسلامى
بقيادة عبد الرحمن الغافقى سنة (732م) فى معركة بلاط
الشهداء أو توربواتييه، وأضفى هذا النصر على شارل مارتل
قوة ومكانة أكسبته لقب مارتل أى المطرقة، بعد أن بدا فى
نظر العالم الغربى بطل المسيحية الأول، الذى حمى غرب أوربا
من الزحف الإسلامى. إلا أن استيلاء شارل مارتل على بعض
أراضى الكنيسة، علاوة على رفضه مساعدة البابوية ضد
اللمبارديين، أثارا جفوة بينه وبين الكنيسة، حتى تُوفِّى شارل
مارتل سنة (741م).(10/779)
*الليث بن سعد
هو أبو الحارث الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمى، إمام أهل
مصر فى الفقه والحديث، ولد سنة (94 هـ) بقرية قرقشندة -
إحدى قرى صعيد مصر - وأصله من خراسان. أخذ العلم عن كبار
علماء عصره مثل: ابن شهاب الزهرى، وهشام بن عروة،
وعطاء بن رباح، حتى برع فى الفقه والحديث والنحو والشعر،
وكان مقربًا من الولاة والأمراء فكانوا لا يقطعون أمرًا إلا
بمشورته، وقد عرض عليه الخليفة أبو جعفر المنصور أن يتولى
مصر فاعتذر الإمام الليث عن عدم قبول ذلك. وكان الليث كثير
المال، فكان دخله كل عام (20) ألف دينار لا تجب عليها الزكاة
لكثرة صدقاته وكرمه وجوده، فكان يتصدق على (300) مسكين
كل يوم. وكان الإمام الشافعى يبدى أسفه لعدم رؤيته الإمام
الليث. وقد توفى الليث فى القاهرة ليلة الجمعة سنة (175 هـ).(10/780)
*يحيى البرمكى
هو: يحيى بن خالد بن برمك، من وزراء الدولة العباسية، ولد سنة
(120هـ)، ولازم والده فاكتسب منه الخبرة والحنكة السياسية.
وكان أول ظهور ليحيى عندما ولاه الخليفة العباسى المنصور
سنة (158 هـ) على أذربيجان، ثم وكل إليه فى سنة (161 هـ)
تأديب هارون الرشيد - فى خلافة المهدى - وفى سنة (163 هـ)
ولى المهدى ابنه هارون المغرب كله، وجعل يحيى على ديوان
رسائله، ولعب دورًا مؤثرًا فى تمسك هارون الرشيد بولاية العهد
عندما أراد الخليفة الهادى جعل ولاية العهد لابنه جعفر، حتى إن
الهادى حبس يحيى إلا أن وفاة المهدى عجَّلت بخروجه من
السجن؛ وقام بتهنئة الرشيد بالخلافة سنة (170 هـ) وتألق نجمه
بعد تفويض الرشيد له فى سلطة تصريف شؤون الخلافة، التى
استمر بها هو وأسرته (17) عامًا من (170 هـ) حتى (187 هـ)،
حين نكبهم الرشيد وقام بسجن يحيى لاتهامه بميله للعلويين،
وتوفى يحيى فى السجن سنة (190هـ).(10/781)
*محمد بن أبى بكر الصديق
هو: أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عثمان بن عامر التيمى،
المشهور بمحمد بن أبى بكر الصديق، رضى الله عنهما، أمير
مصر وابن الخليفة الأول أبى بكر الصديق، ولدته أمه أسماء بنت
عميس بذى الحليفة بين مكة والمدينة سنة (10 هـ) أثناء حجة
الوداع. تولى تربيته على بن أبى طالب، رضى الله عنه، الذى
تزوج أمه بعد وفاة الصديق. كان محمد يعرف بعابد قريش،
وكانت له مكانة كبيرة لدى الخليفة على بن أبى طالب فقد شهد
معه صفين والجمل، وولاه على على مصر سنة (37 هـ) ودامت
ولايته عليها خمسة أشهر حتى دخلها جيش معاوية بن أبى
سفيان بقيادة عمرو بن العاص.(10/782)
*قتيبة بن مسلم الباهلى
هو: قتيبة بن مسلم بن عمر بن الحصين الباهلى، أبو حفص أحد
قادة المسلمين البارزين فى القرن الأول الهجرى. ولد سنة (49
هـ = 669 م)، وتولى الرى أيام عبد الملك بن مروان وخراسان
أيام الوليد بن عبد الملك، وكان لقتيبة فتوح عظيمة فى بلاد ما
وراء النهر، حيث فتح خوارزم، وسجستان، وسمرقند،
وبخارى وغزا أطراف الصين وانتصر على الترك فى مواقع كثيرة
واستطاع توطيد الإسلام فى تلك المناطق، واستمرت ولايته على
بلاد ما وراء النهر (13) سنة حتى قتل سنة (96 هـ = 714 م).(10/783)
*محمد بن سيرين
هو أبو بكر محمد بن سيرين البصرى، الأنصارى بالولاء، فقيه
محدث، مفسر، معبر للرؤيا، إمام زمانه فى علوم الدين بالبصرة،
نشأ بزازًا (بائع ثياب) وفى أذنه صمم، واشتهر بتعبير الرؤيا،
سمع أبا هريرة وعمران بن حصين وطائفة وروى الحديث،
ورواه عنه جماعة، كان قصيرًا، عظيم البطن، كثير المزاح، إذا
ذكر الموت يموت كل عضو منه، يصوم يومًا ويفطر يومًا، وكانت
أمه صفية مولاة أبى بكر، رضى الله عنه. وثَّقه الأصمعى. ينسب
إليه كتاب تعبير الرؤيا وهو غير كتاب منتخب الكلام فى تفسير
الأحلام المنسوب إليه وليس له. تُوفى ابن سيرين سنة (110هـ).(10/784)
*قراقوش
هو قراقوش بن عبد الله الأسدى بهاء الدين الخادم الأبيض، والٍ
مصرى، وقراقوش لفظ تركى معناه العُقاب، وهو الطائر
المعروف. كان صلاح الدين قد جعله نائبًا على مصر عندما استقل
بها عن الدولة النورية، وعوَّل عليه فى تدبير أمور مصر
وأحوالها، فقام ببناء السور المحيط بالقاهرة، وبنى قلعة
الجبل، وبنى قناطر الجيزة، وبنى خانًا للسبيل على باب الفتوح
بالقاهرة. وبعد أن حرر صلاح الدين مدينة عكا من أيدى
الصليبيين، ولّى عليها بهاء الدين قراقوش، ولكنه وقع أسيرًا
فى أيدى الصليبيين سنة (588 هـ = 1192م) عندما حاولوا
استرداد المدينة، فافتدى نفسه بعشرة آلاف دينار. وقد نسبت
إليه بعض الأفعال، والأحوال العجيبة أثناء ولايته على مصر،
حتى إن أسعد بن مماتى ألف كتابًا أسماه الفاشوش فى أحكام
قراقوش، جمع فيه بعضًا من غرائب الحكايات عن بهاء الدين
قراقوش. وتوفّى قراقوش فى شهر رجب سنة (597 هـ = 1200
م) بالقاهرة، ودُفِن بسفح المقطم.(10/785)
*القزوينى
هو محمد بن عبد الرحمن بن عمر جلال الدين القزوينى الشافعى،
قاضٍ أديب، يعرف بخطيب دمشق. ولد سنة (666 هـ = 1268 م)
فى الموصل، وأصله من قزوين، وكان أديبًا بارعًا، يجيد اللغة
العربية والتركية والفارسية، واشتغل بالفنون، وأتقن الأصول
والمعانى والبيان. تولى القضاء لأول مرة وهو دون العشرين من
عمره، ثم تولَّى قضاء دمشق سنة (724 هـ - 1324م) وتولى
خطابة الجامع الأموى بها فترة من الزمن. وفى سنة (727 هـ -
1327م) تولى منصب قاضى القضاة بمصر، وعين خطيبًا بجامع
القلعة، وظل مقيمًا بمصر فترة. ارتفعت منزلته لدى السلطان حتى
إنه لم يكن يرد له شفاعة يشفع فيها أبدًا. وفى سنة (738 هـ -
1337م) عين على قضاء دمشق، وظل بها إلى أن توفى سنة
(739 هـ - 1338م) بمرض الفالج. ومن أهم كتبه: 1 - تلخيص
المفتاح فى المعانى والبيان. 2 - الإيضاح فى شرح التلخيص. 3 -
السور المرجانى فى شعر الأرجاني.(10/786)
*إيمانويل قرة صو
سياسى يهودى، إسبانى الأصل، استقر فى سالونيك باليونان
، حيث كانت مركزًا لنشاط الجمعيات السرية المعادية للدولة
العثمانية. عمل إيمانويل قرة صو محاميًّا، واشترك فى حركة
تركيا الفتاة، وجمعية الاتحاد والترقى، وكان من أنشط أعضاء
الاتحاد والترقى فى إثارة الشعب وتحريضه ضد السلطان عبد
الحميد، ولما تولت جمعية الاتحاد والترقى الحكم عملت على
تعيينه فى المجلس النيابى العثمانى نائبًا عن سالونيك مرة وعن
إستانبول مرتين بالتناوب. وكان إيمانويل طوال مدة إقامته
بإستانبول يعد الأستاذ الأعظم لمحفل مقدونيا زيرولتا
الماسونى. ولعب أيضًا قرة صو دورًا مهمًّا فى احتلال إيطاليا
لليبيا نظير مبلغ من المال دفعته إليه إيطاليا، وبعد تبين خيانته
للدولة العثمانية هرب إلى إيطاليا، وحصل على حق المواطنة
الإيطالية، واستقر فى تريستا حتى مات سنة (1934م).(10/787)
*محمد الشيخ السعدى
هو محمد بن زيدان بن أحمد المنصور السعدى، أبو عبد الله،
الملقب بالشيخ. من ملوك الأشراف السعديين بمراكش. خرج ثائرًا
مع أخيه الوليد على أخيهما عبد الملك لمَّا ولى السلطنة، إلا أن
عبد الملك تمكن من إخماد ثورتهما، واستمر فى الحكم إلى أن
تُوفِّى، وولى بعده الوليد. وكان محمد متواضعًا، لينًا، ميالاً إلى
الراحة والدعة، مفتقدًا إلى العزيمة والحزم. قامت عليه الثورات
فضعف عن إخمادها، ولم يبقَ له إلا مراكش وبعض أعمالها.
وتُوفِّى بمراكش سنة (1064هـ).(10/788)
*قس بن ساعدة الإيادى
هو قس بن ساعدة بن عمرو الإيادى. أحد خطباء العرب
وحكمائهم وشعرائهم فى الجاهلية. كان أسقف نجران، وهو
أول من علا على شُرفٍ (موضع عالٍ) وخطب عليه، وأول من اتكأ
على عصا أو سيف فى خطبته، وأول من قال أما بعد فى
كلامه. رآه النبى - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة، أثناء خطابته للعرب فى عكاظ،
وكان قس يفد على قيصر الروم فيكرمه ويعظمه، وعندما سمع
النبى - صلى الله عليه وسلم - بعض كلماته قال: يرحم الله قسًّا، إنى لأرجو أن يُبعَث
يوم القيامة أمة وحده. وتُوفَّى قس سنة (600م).(10/789)
*القشيرى
هو أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك المعروف
بالقشيرى؛ نسبة إلى قشير أحد بطون سعد العشيرة القحطانية.
وُلِد فى نيسابور فى ربيع الأول سنة (376هـ)، ونشأ يتيمًا،
ودرس اللغة العربية والأدب، وتعلم الحساب، وكان شافعيًّا
صوفيًّا. قضى معظم حياته فى نيسابور التى كانت مشهورة
بكثرة علمائها ووجود أعلام التصوف بها، إلا أنه تعرض لمحنة
فى سنة (440هـ)؛ بسبب بعض وشايات المعتزلة، وانتهت هذه
المحنة بخروجه إلى بغداد، واستمراره بها (15) عامًا، عاد بعدها
إلى نيسابور؛ حيث قضى بقية حياته بها. وكان القشيرى ينظم
الشعر الذى يغلب عليه نزعة التصوف، وله عديد من المؤلفات،
أشهرها: الرسالة القشيرية فى التصوف، والتيسير فى علم
التفسير، وشرح الأسماء الحسنى، ولطائف الإشارات واللمع
فى الاعتقاد. وتُوفِّى القشيرى فى نيسابور سنة (465هـ =
1703م) عن عمر يناهز (87) عامًا.(10/790)
*أبو ذر الغفارى
هو جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد الغفارى من كبار
الصحابة، رضى الله عنهم، ومن السابقين إلى الإسلام، ومن
أوائل من جَهَر بالقرآن فى مكة، ولم تكن له بها عصبة تمنعه
وتذود عنه. شهد مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - كثيرًا من المشاهد، وهو أول من
حيَّا النبى - صلى الله عليه وسلم - بتحية الإسلام. وعندما تُوفِّى النبى - صلى الله عليه وسلم - هاجر أبو ذر إلى
الشام، وظل بها إلى خلافة عثمان بن عفان رضى الله عنه.
وكان يحضُّ الأغنياء على مواساة الفقراء ويلح عليهم فى ذلك
بالترغيب والترهيب؛ مما دعا الأغنياء إلى أن يشكوه إلى
معاوية، فطلب منه معاوية أن يكف عمَّا يدعو إليه، فأبى،
فشكاه معاوية إلى عثمان، فاستقدمه عثمان إلى المدينة ثم
أرسله إلى الربذة (من قرى المدينة) فأقام بها إلى أن مات سنة
(32هـ = 652م)، وروى له البخارى ومسلم (218) حديثًا.(10/791)
*زيد بن على بن الحسين
هو أبو الحسن زيد بن على زين العابدين بن الحسين بن على بن
أبى طالب. وُلِد بالمدينة عام (79هـ = 698م)، ثم رحل إلى
الكوفة، وبها تلقى العلم عن علمائها، وممن تتلمذ لهم واصل بن
عطاء المعتزلى. نبغ زيد فى العلم، وعُدَّ من الفقهاء المجتهدين،
ويُنسَب إليه كتاب المجموع فى الفقه، ويشتمل على الأحاديث
التى رويت عنه، وفتاواه التى أفتى بها، وروايات الكتاب كلها
عن آبائه من الأئمة، فإذا صحت نسبة المجموع إليه اعتبر أقدم
كتب الفقه، ويُنسَب إليه - أيضًا - كتاب الصفوة، وهو من
محفوظات المتحف البريطانى. وقد خالف زيد فرق الشيعة الأخرى
فى كثير من المبادئ، مثل: جواز إمامة المفضول مع وجود
الأفضل، وعدم القول بعصمة الأئمة، وخرج زيد على هشام بن
عبد الملك، وعلل سبب خروجه بالعودة إلى الكتاب والسنة،
وجهاد الظالمين والدفاع عن المستضعفين، ورد المظالم، والعدل
بين الناس، واستشهد زيد فى هذه المعركة عام (122هـ =
740م)، وله من العمر (44) سنة.(10/792)
*فاسكو دى جاما
وُلِد عام (1460م) فى عائلة نبيلة، ودرس الحساب والملاحة
البحرية. وعندما بلغ الثامنة والعشرين من عمره أوكل إليه ملك
البرتغال مانويل الأول حملة بحرية كان لها الأثر العظيم فى تطور
التجارة العالمية، ومن ثم فى تطور العلاقات السياسية الدولية.
انطلق برحلته عام (1497م) من لشبونة ووصل بها حتى الهند عبر
طريق رأس الرجاء الصالح، وذلك باعتماده على كشافين أفارقة
وعرب، ثم انتهت الحملة بعودته إلى لشبونة عام (1499م). وكان
لهذه الرحلة نتائج من أهمها زيادة الأطماع الاستعمارية
للبرتغال؛ فبعث الملك مانويل الأول بحملة بحرية عسكرية مؤلفة
من (13) سفينة إلى الهند، وقد صدَّ الهنود بدعم من العرب هذه
الحملة ببسالة، وقتلوا عددًا كبيرًا منها. وبعد فشل هذه الحملة
أوكل الملك مانويل الأول إلى فاسكودى جاما رحلة مكونة من
(15) سفينة؛ وذلك من أجل تحقيق مالم تحققه الحملة السابقة.
وبدأت الرحلة عام (1502م) وعبرت رأس الرجاء الصالح ثم
المحيط الهندى، حتى وصلت إلى بحر العرب، فسيطرت على
مركب تجارى عربى. وبأمر من فاسكودى جاما تم قتل جميع
ركابها من رجال ونساء وأطفال، وبلغ عددهم (400) شخص؛
وكان هذا سببًا فى إشعال الحرب بين البحرية البرتغالية
والبحرية العربية. وقد اضطر فاسكودى جاما إلى الهروب شرقًا،
حتى وصل إلى مدينة غوا، وبعد فترة قصيرة عاد إلى البرتغال
عام (1503م). وبعد وصوله إلى لشبونة تنقل فى عدة مناصب
عسكرية، ونعم بحياة عائلية مترفة مع زوجته وأطفاله الستة.
وفى عهد الملك جون الثالث عينه نائبًا عنه فى الهند عام
(1524م). وبعد وصوله إلى غوا فى سبتمبر من العام نفسه
عاجلته المنية فى (ديسمبر 1524م)، ثم نقلت رفاته إلى البرتغال
عام (1538م).(10/793)
*فاطمة بنت الخطاب
هى فاطمة بنت الخطاب بن نفيل، أخت عمر بن الخطاب، وزوجة
سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أحد العشرة المبشرين بالجنة،
رضى الله عنهم جميعًا. أسلمت مع زوجها، وكانت سببًا فى
إسلام عمر بن الخطاب، وكانت تحضُّ نساء قريش على الإسلام.
وتُوفِّيت فى خلافة أخيها عمر بن الخطاب.(10/794)
*فاطمة بنت عبد الملك بن مروان
هى فاطمة بنت عبد الملك بن مروان، زوجة الخليفة عمر بن عبد
العزيز، وابنه الخليفة عبد الملك بن مروان، وأخت الخليفتين
الوليد وسليمان ابنا عبد الملك. كانت من فضليات نساء بنى
أمية. قال فيها الشاعر عمر بن أبى ربيعة الشعر. تزوجها عمر
بن عبد العزيز قبل أن يتولى الخلافة فعاشت معه فى نعيم
ورفاهية، ولما آلت الخلافة إليه عاشت معه عيشة التقشف
والزهد حتى وفاته. وتزوجت بعد وفاته داود بن سليمان بن
مروان.(10/795)
*ابن حوقل
هو أبو القاسم محمد بن على الموصلى المشهور بابن حوقل.
رحَّالة ومن علماء البلدان. وُلِد ببغداد، ونشأ بها، وعمل تاجرًا
فى الموصل، وكان مولعًا بقراءة كتب تقويم البلدان، فشوَّقه
ذلك إلى الرحلة ومعرفة أقطار الأرض، متخذًا التجارة مهنة له،
وراغبًا فى دراسة البلاد والشعوب. أمضى فى رحلاته الواسعة
زُهاء ثلاثين عامًا، بدأها من بغداد عام (331هـ = 943م)، ساح
خلالها فى أرجاء العالم الإسلامى شرقًا وغربًا، من نهر السند
حتى المحيط الأطلسى. وفى إحدى رحلاته تقابل مع الرحَّالة
الكبير الإصطخرى عام (340هـ = 952م)، وكان لتلك المقابلة
أثرها فى الرجلين حيث استفاد كل منهما من الآخر. ويُعد ابن
حوقل الخبير الأول بشئون المغرب؛ حيث كتب فصولاً عنها
اتسمت بالدقة والشمول. ألف كتابه العظيم المسالك والممالك
ليذكر البلاد التى زارها والمسافات التى قطعها، وصفات البحار
والأنهار وخواص البلاد وتجاراتها، ويُعتقد أنه انتهى من الكتاب
عام (367هـ = 977م)، وتُرجِم كتابه صورة الأرض إلى الفرنسية،
وصدر عام (1964م)، وتُوفِّى ابن حوقل بعد سنة (367هـ =
977م).(10/796)
*ابن خَلِّكان
هو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن خَلكان، قاضى القضاة شمس
الدين أبو العباس البرمكى الإربلى. مؤرخ وأديب وصاحب الكتاب
العظيم وفيات الأعيان، وهو من أشهر كتب التراجم وأحسنها.
وُلِد بإربل سنة (608هـ = 1211م). وكثرت تنقلاته ورحلاته فى
البلاد الإسلامية، فقدم إلى الشام والموصل وحلب ومصر، وأخذ
العلم عن أكابر علمائها، وتولَّى القضاء فى مصر والشام،
وولى التدريس فى كثير من مدارس دمشق. وتُوفَّى ودُفن بها عام
(681هـ = 1282م).(10/797)
*رجاء بن حيوة
هو أبو المقدام رجاء بن حيوة الكندى. أحد كبار التابعين، قال
عنه ابن كثير فى البداية والنهاية: هو تابعى جليل، كبير القدر،
ثقة، فاضل عادل، وزير صدق لخلفاء بنى أمية، وكان مكحول
إذا سُئل يقول: سلوا شيخنا وسيدنا، رجاء بن حيوة. وقد أثنى
عليه غير واحد من الأئمة، ووثقوه فى الرواية، وله روايات وكلام
حسن، رحمه الله. وقد سجل التاريخ لرجاء موقفه مع الخليفة
سليمان بن عبد الملك عندما أراد أن يعهد بالخلافة إلى ابنه -
وكان غلامًا صغيرًا - فقال له رجاء: ما تصنع ياأمير المؤمنين!
إنه مما يحفظ على الخليفة فى قبره أن يستخلف على المسلمين
الرجل الصالح، فعهد سليمان إلى عمر بن عبد العزيز بالخلافة،
وكتب بذلك كتابًا وعهدًا جعله مع رجاء على ألا يطلع عليه أحد.
وبعد وفاة سليمان أخفى رجاء الخبر، وأرسل إلى قائد الشرطة
كعب بن حامد العبسى، فجمع أهل بيت سليمان فاجتمعوا،
وقال لهم: بايعوا. هذا عهد أمير المؤمنين. فبايعوه فأخبرهم
بوفاة سليمان، وقرأ عليهم الكتاب، فلما انتهى إلى ذكر عمر
بن عبد العزيز نادى هشام بن عبد الملك: لا نبايعه أبدًا، فأجابه
رجاء فى قوة: أضرب والله عنقك، قم فبايع؛ فقام هشام يجرُّ
رجليه. وكان رجاء مستشارًا أمينًا لخلفاء بنى أمية، وخاصة
سليمان بن عبد الملك وعمر بن عبد العزير. وتُوفِّى رجاء عام
(112هـ).(10/798)
*أبو الوليد الباجى
هو أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب التُّجيبىُّ
المالكى الأندلسى. من علماء الأندلس وحفاظها فى علم الحديث.
وهو أحد أئمة المسلمين، وُلِد فى مدينة باجة بالأندلس عام
(403هـ = 1012م)، ثم رحل إلى الشرق الإسلامى سنة (426هـ)،
وأقام بمكة ثلاثة أعوام، ثم رحل إلى بغداد، فأقام بها ثلاثة
أعوام يدرس الفقه ويقرأ الحديث، ولقى بها كبار العلماء، مثل:
أبى ذر الهروى وأبى إسحاق الشيرازى، وأقام بمدينة الموصل
عامًا يدرس الفقه على يد أبى جعفر السمنانى. ظلَّ أبو الوليد
بالمشرق نحو ثلاثة عشر عامًا، ثم عاد إلى الأندلس؛ حيث تولى
القضاء. وصنف كتبًا كثيرة، منها: المنتقى، وإحكام الفصول
فى أحكام الأصول، والتسديد إلى معرفة التوحيد، والتعديل
والتجريح فيمن روى عنه البخارى فى الصحيح. وكانت بينه
وبين ابن حزم الظاهرى مجالس ومناظرات كثيرة، وأخذ عنه ابن
عبد البر صاحب كتاب الاستيعاب، وتُوفِّى الباجى عام (474هـ =
1081م).(10/799)
*أبو يوسف
هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن سعد. أحد أئمة الفقه
الإسلامى فى القرن الثانى الهجرى. وُلِد فى الكوفة عام (113هـ
= 731م)، وتُوفَّى أبوه وهو صغير، وتعلق بحلقة الإمام أبى
حنيفة، وداوم عليها، حتى أصبح أعلم تلامذة أبى حنيفة. كان
أبو يوسف فقيهًا علاَّمة، من حفاظ الحديث، ثم غلب عليه فقه
أبى حنيفة، فقام بنشر مذهبه، كما كان أبو يوسف واسع العلم،
وأول من وضع الكتب فى أصول الفقه على مذهب أبى حنيفة،
وكان غزير العلم بالتفسير والمغازى وأيام العرب، وتولى
القضاء ببغداد أيام الخلفاء المهدى والهادى وهارون الرشيد،
وهو أول من دُعِىَ قاضى القضاة، وكان يقال له: قاضى قضاة
الدنيا؛ لأنه كان يقوم بتعيين قضاة جميع الأقاليم الإسلامية.
ولأبى يوسف تصانيف كثيرة، منها: الخراج والنواد واختلاف
الأمصار وأدب القاضى والأمالى فى الفقه والبيوع وغيرها.
وتُوفِّى أبو يوسف عام (182هـ = 798م) ببغداد فى خلافة
هارون الرشيد.(10/800)
*يعقوب بن إبراهيم
هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن سعد. أحد أئمة الفقه
الإسلامى فى القرن الثانى الهجرى. وُلِد فى الكوفة عام (113هـ
= 731م)، وتُوفَّى أبوه وهو صغير، وتعلق بحلقة الإمام أبى
حنيفة، وداوم عليها، حتى أصبح أعلم تلامذة أبى حنيفة. كان
أبو يوسف فقيهًا علاَّمة، من حفاظ الحديث، ثم غلب عليه فقه
أبى حنيفة، فقام بنشر مذهبه، كما كان أبو يوسف واسع العلم،
وأول من وضع الكتب فى أصول الفقه على مذهب أبى حنيفة،
وكان غزير العلم بالتفسير والمغازى وأيام العرب، وتولى
القضاء ببغداد أيام الخلفاء المهدى والهادى وهارون الرشيد،
وهو أول من دُعِىَ قاضى القضاة، وكان يقال له: قاضى قضاة
الدنيا؛ لأنه كان يقوم بتعيين قضاة جميع الأقاليم الإسلامية.
ولأبى يوسف تصانيف كثيرة، منها: الخراج والنواد واختلاف
الأمصار وأدب القاضى والأمالى فى الفقه والبيوع وغيرها.
وتُوفِّى أبو يوسف عام (182هـ = 798م) ببغداد فى خلافة
هارون الرشيد.(10/801)
*هود (عليه السلام)
هو نبى الله هود عليه السلام. كان من قبيلة عاد، وهى قبيلة
عربية كانت تسكن الأحقاف (جبال الرمل). والعلماء مختلفون فى
تحديد مكان مساكن قبيلة عاد التى اشتهرت مبانيها بالضخامة.
وقوم عاد أول من عبدوا الأصنام بعد الطوفان، فبعث الله فيهم
هودًا عليه السلام، فدعاهم إلى الله، كما قال تعالى: (وإلى عاد
أخاهم هودًا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا
تتقون (. وكانوا أشد أهل زمانهم فى الخلقة والشدة والبطش؛
قال تعالى: (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم
فى الخلق بسطة (، ولكن قوم عاد كانوا كافرين معاندين؛
فأبوا اتباع هود. وظل هود - عليه السلام - يدعوهم إلى عبادة
ربهم، ويوضح لهم أنه رسول رب العالمين إليهم؛ ليبلغهم رسالات
ربه، ولكنهم ظلوا على عنادهم وكفرهم قائلين: (ياهود ماجئتنا
ببينة وما نحن بتاركى آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين إن
نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء (. فتبرأ هود من آلهتهم،
وبين لهم أنها لاتنفع ولاتضر قائلاً: (إنى أُشهد الله واشهدوا
أنى برىء مما تشركون من دونه فكيدونى جميعًا ثم لاتنظرون
(. ثم أرسل الله عليهم ريحًا عاتية بعد جفاف شديد، أهلكتهم إلا
مساكنهم العالية الضخمة، فقد أبقاها الله عبرة لأولى الأبصار،
قال تعالى: (فلما رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض
ممطرنا بل هو مااستعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر كل
شىء بأمر ربها فأصبحوا لايُرى إلا مساكنهم كذلك نجزى القوم
المجرمين (. ونجَّى الله هودًا ومن آمن معه برحمة منه سبحانه؛
قال تعالى: (ولما جاء أمرنا نجينا هودًا والذين آمنوا معه برحمة
منا ونجيناهم من عذاب غليظ (.(10/802)
*هرثمة بن أعْيَن
هو هرثمة بن أعين. من قادة الدولة العباسية وأمرائها، ولاه
أمير المؤمنين هارون الرشيد ولاية مصر عام (178هـ)، ثم أرسله
على رأس جيش إلى إفريقية لإخضاع عصاتها، فدخل مدينة
القيروان سنة (179هـ)، وأحسن معاملة أهلها، ثم طلب من
الرشيد أن يعفيه من ولاية القيروان فنقله عام (181هـ) إلى
خراسان، ثم انتقل إلى مدينة مرو عام (192هـ). عُرفَ عنه حبه
للعمارة والعمران؛ فكان كثير البناء فى البلاد التى يتولاها،
فبنى قصر المنستير بالقيروان، وسور طرابلس الغرب، والعديد
من المبانى فى إفريقية وأرمينية. ولما بدأت فتنة الأمين
والمأمون انحاز هرثمة إلى المأمون، وأخلص له، وحارب معه حتى
قُتِل الأمين، وسكنت الفتنة، ثم أمر المأمون بحبس هرثمة بعد أن
اتهمه بخيانته وتعاونه مع الخارجين على الخلافة، وظل فى
حبسه بمدينة مرو حتى تُوفِّى سنة (200هـ = 816م).(10/803)
*شبيب الخارجى
هو شبيب بن يزيد بن نعيم بن قيس الشيبانى. تُنسب إليه الفرقة
الشبيبية من فرق النواصب. وُلِد عام (26هـ = 647م). وأعلن ثورته
فى مدينة الموصل مع صالح بن مسرح على الحجاج بن يوسف
الثقفى. ونادى شبيب لنفسه بالخلافة، فبايعة أتباعه، وقويت
شوكته. وحاول الحجاج القضاء عليه؛ فوجَّه إليه خمسة قواد،
قتلهم شبيب واحدًا تلو الآخر وفرَّق جموعهم؛ فتوجه إليه الحجاج
بجيش عظيم، ونشبت بينهما معارك كاد الحجاج أن يُهزم فيها
لولا نجدة جيش الشام له، فهُزمَ شبيب وقُتل كثير من أتباعه؛ ففر
شبيب بفرسه من ساحة القتال، وأثناء مروره بجسر دجيل فى
نواحى الأهواز نَفَر به فرسه، فألقاه فى الماء؛ فغرق سنة
(77هـ = 696م).(10/804)
*أبو عبد الله الزَّغَل
هو أبو عبد الله محمد بن سعد المعروف بالزَّغَل أى الشجاع
الباسل، ويعرف أيضًا بمحمد الثانى عشر؛ للتفريق بينه وبين
أبى عبد الله محمد بن على بن سعد المعروف بأبى عبد الله
الصغير، أحد ملوك الأندلس وآخرهم فى آخر عهدها بالحكم
العربى الإسلامى. دخل الزَّغَل فى صراع مع أخيه أبى الحسن
بن سعد الذى تولى الحكم بعد وفاة أبيه سعد بن محمد سنة
(868 هـ) واستمر الصراع عدة سنوات، وانتهى بانقسام غرناطة
إلى قسمين؛ حيث حكم الزَّغَل مالقا، أما أبو الحسن فاستقر
حكمه فى غرناطة. كان الزَّغَل وافر الشجاعة والجرأة،
واستطاع الانتصار على النصارى فى مواقع مهمة مثل موقعة
الشرقية سنة (888 هـ) وقتل وأسرآلاف النصارى، كذلك انتصر
على القشتاليين سنة (890 هـ). وبعد وفاة أبى الحسن بن سعد
تولى الزغل حكم غرناطة سنة (888هـ)، إلا أن الحرب الأهلية
قامت فى غرناطة بينه وبين ابن أخيه أبى عبد الله الصغير
دفعت النصارى إلى احتلال مناطق عديدة من الأندلس، وتحصن
الزَّغَل فى وادى آش، وبذلك انقسمت غرناطة ثانية إلى قسمين؛
أحدهما فى غرناطة وسيطر عليه أبو عبد الله الصغير والآخَر
فى وادى آش وسيطر الزَّغَل عليه. وقد حاول الزَّغَل الاستعانة
بالملوك المسلمين فى إفريقية ومصر لإنقاذ مالقا أقوى ثغور
الأندلس، بيد أن مالقا سقطت فى أيدى النصارى سنة (892هـ)،
وبدأ النصارى فى القضاء على الزَّغَل؛ خوفًا من شديد بأسه
وشجاعته. واستطاعوا السيطرة على وادى آش سنة (895 هـ)
بعد استسلام الزَّغَل بناءً على المعاهدة التى وقَّعها معهم.
واستقر الزَّغَل فى مدينة أنْدَرَش تحت حماية ملك قشتالة، غير
أنه غادرها مقابل مبلغ ضخم، ونزل وهران، ثم استقر فى
تلمسان وقضى بها بقية حياته.(10/805)
*أبو عبد الله محمد الزَّغَل
هو أبو عبد الله محمد بن سعد المعروف بالزَّغَل أى الشجاع
الباسل، ويعرف أيضًا بمحمد الثانى عشر؛ للتفريق بينه وبين
أبى عبد الله محمد بن على بن سعد المعروف بأبى عبد الله
الصغير، أحد ملوك الأندلس وآخرهم فى آخر عهدها بالحكم
العربى الإسلامى. دخل الزَّغَل فى صراع مع أخيه أبى الحسن
بن سعد الذى تولى الحكم بعد وفاة أبيه سعد بن محمد سنة
(868 هـ) واستمر الصراع عدة سنوات، وانتهى بانقسام غرناطة
إلى قسمين؛ حيث حكم الزَّغَل مالقا، أما أبو الحسن فاستقر
حكمه فى غرناطة. كان الزَّغَل وافر الشجاعة والجرأة،
واستطاع الانتصار على النصارى فى مواقع مهمة مثل موقعة
الشرقية سنة (888 هـ) وقتل وأسرآلاف النصارى، كذلك انتصر
على القشتاليين سنة (890 هـ). وبعد وفاة أبى الحسن بن سعد
تولى الزغل حكم غرناطة سنة (888هـ)، إلا أن الحرب الأهلية
قامت فى غرناطة بينه وبين ابن أخيه أبى عبد الله الصغير
دفعت النصارى إلى احتلال مناطق عديدة من الأندلس، وتحصن
الزَّغَل فى وادى آش، وبذلك انقسمت غرناطة ثانية إلى قسمين؛
أحدهما فى غرناطة وسيطر عليه أبو عبد الله الصغير والآخَر
فى وادى آش وسيطر الزَّغَل عليه. وقد حاول الزَّغَل الاستعانة
بالملوك المسلمين فى إفريقية ومصر لإنقاذ مالقا أقوى ثغور
الأندلس، بيد أن مالقا سقطت فى أيدى النصارى سنة (892هـ)،
وبدأ النصارى فى القضاء على الزَّغَل؛ خوفًا من شديد بأسه
وشجاعته. واستطاعوا السيطرة على وادى آش سنة (895 هـ)
بعد استسلام الزَّغَل بناءً على المعاهدة التى وقَّعها معهم.
واستقر الزَّغَل فى مدينة أنْدَرَش تحت حماية ملك قشتالة، غير
أنه غادرها مقابل مبلغ ضخم، ونزل وهران، ثم استقر فى
تلمسان وقضى بها بقية حياته.(10/806)
*عبد الله بن المبارك
هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي، عالم
وزاهد ومجاهد وتاجر وشاعر، ولد سنة (118 هـ) لأب تركى كان
مولى لبنى حنظلة، وطلب ابن المبارك العلم وهو صغير، فرحل
إلى مصر والشام والجزيرة والعراق وغيرها؛ وأدرك جماعة من
التابعين، مثل: الأعمش وخالد الحذاء وسليمان التميمي وغيرهم.
وجمع ابن المبارك الحديث والفقه واللغة، وصنف عددًا من الكتب،
مثل: الجهاد، وهو أول من صنف فى هذا الموضوع، والرقائق.
وكان ابن المبارك كثير الأسفار للجهاد والتجارة، كما أنه كان
غنيًّا؛ حيث بلغ رأس ماله نحو (400) ألف درهم. وكان ابن
المبارك ثقة فى الحديث. وتوفى ابن المبارك فى أثناء عودته
من جهاد الروم سنة (181 هـ)، ودفن بناحية هِيت، وهى مدينة
على الفرات بالعراق. وعندما علم الخليفة العباسى هارون
الرشيد بموته قال: مات سيد العلماء.(10/807)
*على بن الحسين (زين العابدين)
هو أبو الحسن زين العابدين على بن الحسين بن على بن أبى
طالب، رضى الله عنهم، تابعى ثقة. أمُّه سُلافة بنت ملك الفرس
يزدجرد، وقيل: غزالة، وهو على الأصغر بن الحسين غير على
الأكبر الذى استشهد مع أبيه بمعركة كربلاء. ولد سنة (38 هـ)،
وكان عمره حينما استشهد أبوه نحو (23) سنة، وهو العقب من
ولد الحسين، كان ذا منزلة عظيمة فى قلوب التابعين، فكان ابن
عباس عندما يراه يقول: مرحبًا بالحبيب ابن الحبيب. كان زين
العابدين من الزهاد الأوائل، ورُوِى أنه لما توفى وُجِدت فى
ظهره آثار مما كان يحمله على ظهره بالليل إلى منازل الأرامل،
وأنه كان يعول أهل مائة بيت بالمدينة سرًّا. كان متواضعًا
يجالس الموالى، رحيمًا لا يضرب بعيره، يعرف للصحابة مكانتهم
ومنزلتهم؛ فأحبه عامة الناس وخاصتهم، وأجَلُّوه. وروى أنه كان
يصلى ألف ركعة فى اليوم والليلة، وكان يسمَّى زين العابدين
لعبادته. كان فقيهًا، أسند كثيرًا من الأحاديث، وسمع من ابن
عباس وجابر ومروان وصفية وغيرهم. وتوفى زين العابدين
فى شهر ربيع الأول سنة (94 هـ).(10/808)
*زين العابدين (على بن الحسين)
هو أبو الحسن زين العابدين على بن الحسين بن على بن أبى
طالب، رضى الله عنهم، تابعى ثقة. أمُّه سُلافة بنت ملك الفرس
يزدجرد، وقيل: غزالة، وهو على الأصغر بن الحسين غير على
الأكبر الذى استشهد مع أبيه بمعركة كربلاء. ولد سنة (38 هـ)،
وكان عمره حينما استشهد أبوه نحو (23) سنة، وهو العقب من
ولد الحسين، كان ذا منزلة عظيمة فى قلوب التابعين، فكان ابن
عباس عندما يراه يقول: مرحبًا بالحبيب ابن الحبيب. كان زين
العابدين من الزهاد الأوائل، ورُوِى أنه لما توفى وُجِدت فى
ظهره آثار مما كان يحمله على ظهره بالليل إلى منازل الأرامل،
وأنه كان يعول أهل مائة بيت بالمدينة سرًّا. كان متواضعًا
يجالس الموالى، رحيمًا لا يضرب بعيره، يعرف للصحابة مكانتهم
ومنزلتهم؛ فأحبه عامة الناس وخاصتهم، وأجَلُّوه. وروى أنه كان
يصلى ألف ركعة فى اليوم والليلة، وكان يسمَّى زين العابدين
لعبادته. كان فقيهًا، أسند كثيرًا من الأحاديث، وسمع من ابن
عباس وجابر ومروان وصفية وغيرهم. وتوفى زين العابدين
فى شهر ربيع الأول سنة (94 هـ).(10/809)
*عبد الله بن إباض
هو عبد الله بن إباض المقاعسى المرى التميمي، تنسب إليه
فرقة الإباضية - إحدى فرق الخوارج المعتدلة - التى تنتشر فى
عمان وتنزانيا وشمال إفريقيا. ينتمى عبد الله بن إباض إلى
قبيلة تميم، واختلف المؤرخون فى سيرته إلا أنهم اتفقوا على
أنه كان معاصرًا لمعاوية بن أبى سفيان. واشترك ابن إباض فى
الدفاع عن الكعبة مع عبد الله بن الزبير ضد جيش يزيد بن معاوية.
وكان ابن إباض يرفض آراء غلاة الخوارج مثل الأزارفة، واتخذ
ابن إباض منهجًا يبتعد عن استخدام السلاح والعنف؛ لذلك أخذ
فى تفقيه أصحابه وتعليمهم. وكانت الإباضية قبل نسبتها إلى
عبد الله بن إباض تعرف بأسماء مختلفة، مثل: جماعة المسلمين
والشراة. وتوفى ابن إباض سنة (86 هـ).(10/810)
*عروج
هو أروج بن يعقوب. أحد أخوين اشتهرا بجهادهما البحرى فى
شمالى إفريقية وسواحل البحر المتوسط إبان القرن (10 هـ = 16
م)، وأطلق عليهما لقب بارباروسا، أى: ذا اللحية الشقراء، وهما:
أروج أو عروج وخير الدين. كان أبوهما جنديًّا فى الجيش
العثمانى، وانتقل إلى جزيرة مديللي بعد أن فتحها العثمانيون
سنة (861 هـ)، وتزوج ورزق بأربعة أبناء هم: عروج وخضر
(خير الدين) وإلياس وإسحاق، وعمل الأخير بالتجارة، وقتل
إلياس فى إحدى الأسفار على يد قرصان جزيرة رودوس، ووقع
عروج فى الأسر أثناء إحدى رحلاته البحرية فى أيدى قراصنة
جزيرة رودوس الصليبيين وسجنوه، غير أنه تمكن من الهرب،
وعزم على الانتقام من صليبيى إسبانيا، والبرتغال، الذين كانوا
يهاجمون مسلمى شمالى إفريقية، واتفق مع أخيه خير الدين
على الاستقلال فى جزيرة جربة التونسية، وجعلاها مركزًا
لعملياتهم البحرية فى البحر المتوسط، ولما ذاعت شهرته طلب
منه أهالى الجزائر المساعدة؛ لاستعادة ميناء بجاية من
الإسبان، فأعد حملة قوية، وتمكن من استعادة المدينة سنة
(921 هـ)، ونجح فى تأسيس حكومة قوية خاضعة له فى مدينة
الجزائر، وانضم إليه عدد كبير من القبائل وسكان المدن من
أقاليم المغرب الأوسط، فأرسل إلى السلطان العثمانى سليم
الأول يعلن ولاءه وطاعته له، ويخبره بما حققه من انتصارات.
واستنجد به أهالى تلمسان لتخليصهم من ظلم بنى زيان، فتمكن
من دخولها وطرد حكامها من بنى زيان، وحكمها باسم الخلافة
العثمانية. ولكن الإسبان أعدوا حملة قوية للاستيلاء على
المدينة، ووقع عروج أسيرًا، ثم قتلوه فى شعبان سنة (924 هـ)
عن عمر يناهز (44) عامًا، وخلفه فى جهاده أخوه خير الدين.(10/811)
*عز الدين بن عبد السلام
هو عبد العزيز بن عبد السلام بن أبى القاسم بن الحسن، الملقب
بسلطان العلماء، شيخ الإسلام، فقيه شافعى، ولد فى دمشق
سنة (577 هـ). تلقى العلم على يد عدد من العلماء منهم القاسم
بن عساكر، وتفقه على فخر الدين بن عساكر والقاضى جمال
الدين بن الحرستاني، وقرأ الأصول على الآمدى. وروى عنه
الدمياطي وابن دقيق العيد، وتولى التدريس والخطابة بزاوية
الغزالى، ثم خطب بالجامع الأموى، وبلغ رتبة الاجتهاد، وقصده
الطلاب من جميع البلاد، وكان ناسكًا ورعًا لايخاف فى الله لومة
لائم. فعندما سَلَّم الصالح إسماعيل بن العادل قلعة صفد
والشقيف للفرنج انتقده العز، وترك الدعاء له؛ فغضب وحبسه ثم
أطلقه، فخرج إلى مصر فولاه الصالح نجم الدين القضاء، ثم عزل
نفسه من القضاء، وعزله السلطان عن الخطابة، فلزم بيته يدرس
للناس التفسير. وتوفى سنة (660 هـ) بمصر، وترك كتبًا كثيرة
منها: التفسير الكبير وقواعد الشريعة والفوائد والفتاوى
وقواعد الأحكام فى إصلاح الإمام وغيرها.(10/812)
*العقاد
هو عباس محمود إبراهيم مصطفى العقاد، أديب عملاق، من
المكثرين - مع الإتقان - كتابة وتصنيفًا فى شتى الميادين. ولد
العقاد فى أسوان فى صعيد مصر سنة (1889 م)، وتلقى تعليمه
الابتدائى بمدرسة أسوان الأميرية، وحصل على الشهادة
الابتدائية عام (1903 م). كان العقاد يميل إلى الاطلاع والقراءة،
وكان ينفق الساعات الطوال فى البحث والتنقيب العلمى، كما
تعلم اللغة الإنجليزية فى صغره، وتأثر بالأدب الإنجليزى فى
مذهبه الشعرى. عمل العقاد فى عدة وظائف حكومية، ثم تركها
وعمل بالصحافة، وكان أول عمل صحفى له فى جريدة
الدستور، ثم كتب فى صحف أخرى، هى: المؤيد والأهالى
والأهرام، وفى أثناء عمله بالصحافة كان يزاول التدريس تارة
بالقاهرة، وتارة بأسوان. وقد أسس العقاد هو وزميلاه عبد
الرحمن شكرى وإبراهيم عبد القادر المازنى مدرسة الديوان،
ودعوا فيها إلى التجديد فى الشعر. وقد ألف العقاد عشرات
الكتب فى شتى الموضوعات، فكتب فى الدراسات الإسلامية
سلسلة عن عباقرة الإسلام، وهى: عبقرية محمد، وعبقرية
الصديق، وعبقرية عمر، وعبقرية خالد كما كتب فى نقد الأدب
كتاب الديوان بالاشتراك مع زميله إبراهيم المازنى، وهاجما فيه
المنفلوطى وشوقى. وللعقاد عدة دواوين شعرية. وتوفى
العقاد سنة (1964 م).(10/813)
*عمر مكرم
هو عمر مكرم بن حسين السيوطى، زعيم شعبى مصرى. ولد
بأسيوط نحو سنة (1755م)، وتعلم بالأزهر، وولى نقابة الأشراف
سنة (1794م)، وناهض الفرنسيين، ورفض موالاتهم، وكان يميل
إلى الدولة العثمانية ويرى فيها دولة الإسلام الكبرى، استمد
زعامته من الشعب، وكان ملجأ لهم من ظلم الحكام، تزعم الثورة
ضد أحمد خورشيد باشا فى مايو (1805م)، وولى محمد على
على مصر، شارك فى التصدى للحملة الإنجليزية سنة (1807م)،
وأوقف الدراسة بالأزهر، وأرسل المتطوعين إلى رشيد. ورغم
أنه السبب فى تولية محمد على الحكم، فقد تنكر له محمد على،
بعد أن وصل إلى الحكم، فعزله من نقابة الأشراف، وأثار ضده
العلماء ووعدهم بالمناصب، وحينما رفض مفتى الحنفية السيد
أحمد الطحطاوى التوقيع على العريضة، عزله هو الآخر، وأبعد
عمر مكرم إلى دمياط سنة (1807م) فأقام أربعة أعوام، ثم نقل
إلى طنطا سنة (1812م) فأقام فيها إلى سنة (1819م)، ثم أدى
فريضة الحج، وعاد إلى القاهرة فقامت فتنة فنقله محمد على
إلى طنطا سنة (1822م)، ومالبث أن توفى بها فى العام نفسه.(10/814)
*عمر (الشريف)
أحد أئمة عمان، من بنى نبهان، لم تذكر المصادر اسمه ولا
نسبه، وقد بويع له بالإمامة بعد اعتزال الإمام محمد بن سليمان
بن أحمد بن مفرح. ولم يذكر المؤرخون تاريخ مبايعته، إلا أنه
بقى فى الإمامة عامًا واحدًا، ثم خرج من مقر الإمامة بنزوى إلى
بهلا، وبذلك سقطت إمامته، فبويع محمد بن سليمان إمامًا من
بعده.(10/815)
*عمار بن ياسر
هو أبو اليقظان عمار بن ياسر بن عامر العنسى، صحابى جليل،
رضى الله عنه، كان عمار من السابقين إلى الإسلام هو وأخوه
عبد الله وأبوه ياسر وأمه سمية بنت خياط التى كانت أول
شهيدة فى الإسلام. أسلم عمار بن ياسر مع صُهَيب الرومى،
وجهر عَمار بإسلامه فأوُذى وعُذّب هو وأسرته، وكان النبى e
يمر بهم وهم يعذبون فيقول لهم: صبرًا آل ياسر فإن موعدكم
الجنة. هاجر عمار، رضى الله عنه، مع النبى e وشهد معه بدرًا
وأحدًا والأحزاب وبيعة الرضوان وسائر المشاهد، وكان النبى e
يحبه ويقربه وأثنى عليه فى كثير من أحاديثه، وكان يلقبه
بالطيب المطيب، وروى عن النبى e (62) حديثًا. وبعد موت النبى
e شارك عمار فى الجهاد والفتوحات فى عهدى أبى بكر
الصديق وعمر بن الخطاب، رضى الله عنهما، وولاه عمر على
الكوفة كما شهد الفتوحات فى عهدى عثمان بن عفان وعلى
بن أبى طالب، رضى الله عنهما، وشهد مع على بن أبى طالب،
رضى الله عنه، وقعتى الجمل وصفين، وكان يقف بجواره
ويسانده حتى استشهد فى معركة صفين سنة (37 هـ) وعمره
(93) سنة.(10/816)
*عماد الدين زنكى
هو عماد الدين زنكى بن قسيم الدولة الحاجب آق سنقر، ولد سنة
(478هـ). وكان والده أول ملوك الدولة الأتابكية فى الموصل،
وحينما مات كان ابنه زنكى صغيرًا، فتواصى به أصحاب أبيه
إلى أن شبَّ وتولى مدينة واسط. وقاد ميمنة الجيش فى حرب
الخليفة المسترشد بالله وسلَّم إليه السلطان محمود ولديه ألب
أرسلان والخفاجى ليربيهما؛ ولذا أُطلق عليه لقب أتابك.
استولى زنكى على بلاد كثيرة بعد أن عظم أمره فافتتح الرها
وتملك حلب والموصل وحماة وحمص وبعلبك وبانياس، وحرر
كفرطاب والمعرة من الفرنج، ودانت له البلاد فعمرها وتحرى
العدل فى الرعية؛ فامتلأت البلاد بالحركة والحياة، بعد أن
خربها الفرنج وظلموا أهلها. وأراد زنكى الاستيلاء على قلعة
جعبر سنة (541هـ)، فحاصر ملكها على بن مالك وأوشك أن
يفتحها، إلا أن جماعة من مماليكه غدروا به ليلا فقتلوه عن عمر
يزيد على الستين عامًا.(10/817)
*على بن مؤمن
هو أبو الحسن على بن مؤمن بن محمد بن على الحضرمى
الإشبيلى المعروف بابن عصفور النحوى، حامل لواء العربية
بالأندلس. ولد ابن عصفور بإشبيلية سنة (597هـ). وأخذ النحو
على يد أستاذه الشلوبين، وكان ابن عصفور كثير الاطلاع لايملُّ
المطالعة والقراءة، حتى برع فى النحو. وقد تصدَّر لإقراء النحو
بعدة بلاد فى موطنه، منها: إشبيلية ومالقا ولورقة ومرسية.
وكان ابن عصفور يقول الشعر، وله عدد من المؤلفات، منها:
المقرب، والممتع، وشرح الجمل، والسالف والعذار، وشرح
الحماسة، وسرقات الشعراء. وتوفى ابن عصفور بتونس سنة
(669 هـ).(10/818)
*ابن عصفور
هو أبو الحسن على بن مؤمن بن محمد بن على الحضرمى
الإشبيلى المعروف بابن عصفور النحوى، حامل لواء العربية
بالأندلس. ولد ابن عصفور بإشبيلية سنة (597هـ). وأخذ النحو
على يد أستاذه الشلوبين، وكان ابن عصفور كثير الاطلاع لايملُّ
المطالعة والقراءة، حتى برع فى النحو. وقد تصدَّر لإقراء النحو
بعدة بلاد فى موطنه، منها: إشبيلية ومالقا ولورقة ومرسية.
وكان ابن عصفور يقول الشعر، وله عدد من المؤلفات، منها:
المقرب، والممتع، وشرح الجمل، والسالف والعذار، وشرح
الحماسة، وسرقات الشعراء. وتوفى ابن عصفور بتونس سنة
(669 هـ).(10/819)
*أبو علىّ ابن مُقلة
هو أبو على محمد بن على بن الحسين بن مقلة، وزير، وأديب،
وشاعر، يضرب المثل بحسن خطه. ولد فى بغداد فى شهر شوال
سنة (272هـ). وولى جبابة الخراج، واستوزره الخلفاء
العباسيون: المقتدر، والقاهر بالله والراضى بالله. كما كتب
أيضًا بيده اليسرى، مات سنة (328 هـ). ومن آثاره: كتاب هدنة
بين المسلمين والروم بخطه، ورسالة فى علم الخط والقلم.(10/820)
*أبوعلى القالى
هو أبو على إسماعيل بن القاسم بن عيذون بن هارون بن
عيسى بن محمد ابن سلمان القالى، اللغوى الكبير، عالم زمانه
فى اللغة، والشعر، ونحو البصريين، وأروى العرب للشعر
الجاهلى وأحفظهم له. ولد سنة (288 هـ) بديار بكر، فنشأ بها،
ورحل فى طلب العلم فطوف فى البلاد وسافر إلى بغداد وأقام
بها (25) عامًا، ثم ذهب إلى الموصل، ووالأندلس، واستوطن
قرطبة وأملى بها أكثر كتبه. ومن أهم كتبه: الأمالى، والبارع
فى اللغة، وفعلت وأفعلت والمقصور والممدود، ومقاتل
الفرسان، وفى الإبل ونتاجها، وفى حلى الإنسان والخيل
وشياتها. وتوفى أبو على القالى فى قرطبة سنة (356هـ) عن
عمر يقارب السبعين عامًا.(10/821)
*على بن عيسى بن ماهان
هو على بن عيسى بن ماهان من كبار القادة فى عهدى الرشيد
والأمين. قيل: إنه هو الذى حرض الأمين على خلع المأمون من
ولاية العهد. ولما أراد الأمين خلع المأمون، بعث على بن عيسى
بن ماهان لقتاله، وولاه إمارة الجبل وهمذان وأصبهان، وولاه
خراجها وحربها، وأعطاه مائة ألف دينار، وألفى سيف محلاة
وستة آلاف ثوب، فخرج فى أربعين ألف فارس من بغداد،
وأرسل الكتب إلى ملوك الديلم وطبرستان يعدهم بالصلات
والهبات، وأمرهم أن يقطعوا طريق خراسان فى وجه طاهر بن
الحسين قائد المأمون، فأجابه ملوك تلك المناطق. ولما التقى
الجيشان لم يثبت جيش على بن عيسى بن ماهان أمام جنود
طاهر بن الحسين وفروا هاربين، وقتل على بن عيسى وكان
ذلك سنة (195هـ).(10/822)
*أبو على الفارسى
هو الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسى. أحد أئمة اللغة
والأدب. ولد سنة (288هـ) فى مدينة فسا بفارس، ونشأ بها،
ورحل إلى البلاد، فذهب إلى بغداد سنة (307هـ)، ثم إلى حلب
فأقام عند سيف الدولة الحمدانى، ثم رحل إلى فارس فصاحب
عضد الدولة بن بويه وصنف له كتاب الإيضاح فى قواعد اللغة
العربية، ثم عاد إلى بغداد ثانية وأقام بها. وكان أبو على
الفارسى قد تعلم على الزجاج وأبى بكر محمد على بن
إسماعيل العسكرى النحوى، وأبى بكر السَّرَّاج، وأخذ عنه أبو
الفتح بن جنى وعلى بن عيسى الربعى، وعضد الدولة بن بويه
الذى قال: أنا غلام أبى على الفارسىالنحوى. ومن كتبه:
التذكرة، والعوامل، والحجة والمقصور والممدود، وجواهر
النحو، وتعاليق سيبويه. وتوفى أبو على الفارسى ببغداد سنة
(377هـ).(10/823)
*عكرمة مولى ابن عباس
هو أبو عبد الله القرشى. أحد فقهاء مكة، ومن التابعين الأعلام.
أصله من البربر، وكان مولى لابن عباس، فاجتهد فى تعليمه،
وأذن له بالفتوى فى حياته. تزوَّج أم سعيد بن جبير، ويعد من
أعلم الناس بتفسير كتاب الله، وبالسيرة. كان كثير التنقل فى
الأقاليم حيث ارتحل إلى مصر وخراسان واليمن وأصبهان
والمغرب. توفى عكرمة بالمدينة نحو سنة (104هـ) عن أربع
وثمانين سنة.(10/824)
*عقبة بن نافع
هو عقبة بن نافع بن عبد القيس الأموى الفهرى، من كبار القادة
العرب والفاتحين فى صدر الإسلام، ولد فى حياة النبى صلى الله
عليه وسلم سنة (1ق. هـ) ولا صحبة له. شهد مع عمرو بن العاص -
ابن خالته- فتح مصر، ثم شارك معه فى المعارك التى دارت فى
إفريقية، فولاه عمرو برقة بعد فتحها، فقاد منها - بجنوده -
حركة الفتح باتجاه الغرب، فظهرت مقدرته الحربية الفائقة
وحنكته وشجاعته، وعلا شأنه. وفى خلافة معاوية بن أبى
سفيان ولاه إفريقية، وبعث إليه عشرة آلاف فارس، فأوغل بهم
فى بلاد المغرب حتى أتى واديًا يسمى القيروان فأعجب
بموقعه، وبنى به مدينته المشهورة، كما بنى به جامعًا لايزال
حتى الآن يعرف باسم جامع عقبة. وفى سنة (55 هـ) عزله
معاوية من ولاية إفريقية فعاد للمشرق، وبعد وفاة معاوية وفى
خلافة ابنه يزيد أعاد عقبة مرة ثانية للولاية سنة (62هـ) فولاه
المغرب فقصد عقبة القيروان، وخرج منها بجيش كثيف، فتح
حصونًا ومدنًا حتى وصل ساحل المحيط الأطلنطى وتمكن من طرد
البيزنطيين من مناطق واسعة من ساحل إفريقية الشمالى.
واستشهد عقبة فى إحدى حروبه سنة (63هـ) فى بلاد المغرب
فى مكان يعرف حتى الآن باسم سيدى عقبة.(10/825)
*عبد الله بن عمرو بن العاص
هو عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل القرشى السهمى.
صحابى جليل، كان أصغر من أبيه باثنتى عشرة سنة، أسلم
قبل أبيه. وكان، رضى الله عنه، من رواة الأحاديث فروى عن
النبى- صلى الله عليه وسلم - نحو سبعمائة حديث، وكان فاضلا
عالمًا، قرأ القرآن والكتب المتقدمة، قال عنه أبو هريرة، رضى
الله عنه،: ماكان أحد أحفظ لحديث رسول الله صلى الله عليه
وسلم منى إلا عبد الله بن عمرو بن العاص فإنه كان يعى بقلبه،
وأعى بقلبى، وكان يكتب ولاأكتب، استأذن الرسول فى ذلك
فأذن له. وكان، رضى الله عنه، كثير العبادة يكثر الصوم،
ولاينام إلاقليلا فشكاه أبوه إلى الرسول، فقال له رسول الله e:
إن لعينك عليك حقًّا، وإن لأهلك عليك حقًّا، قُم ونَم، وصُم
وأفطِر ... شهد عبد الله مع أبيه فتح الشام واليرموك، وشهد
معه أيضًا صفين بعدما أمره أبوه، وقد كان الرسول يقول له:
أطع أباك. وقد اعتذر عبد الله عن أن يشهد صفين فكان يقول:
ما لى ولصفين، ما لى ولقتال المسلمين، لوددت أنى متُ قبله
بعشر سنين، أما والله ما رميت بسهم ولا طعنت برمح ولا ضربت
بسيف. وتوفى، رضى الله عنه، سنة (65 هـ).(10/826)
*السيوطى
هو جلال الدين عبد الرحمن بن أبى بكر بن محمد بن سابق الدين
الخضيرى السيوطى، الإمام الحافظ المؤرخ الأديب. ولد فى
مستهل رجب سنة (849هـ)، ونشأ يتيمًا، وعُرف بالنبوغ والذكاء
منذ طفولته؛ فقد حفظ القرآن، وهو دون ثمانى سنين، ثم حفظ
العمدة، ومنهاج الفقه، وألفية ابن مالك، وهو فى نحو
الخامسة عشرة من عمره. وأجيز لتدريس العربية فى مستهل
سنة (866هـ)، فألف أول كتاب له، وهو شرح الاستعاذة
والبسملة، وهو فى السابعة عشرة من عمره، وقد كتب له
الشيخ علم الدين البلقينى تقريظًا على الكتاب، وظل السيوطى
ملازمًا له إلى أن مات الشيخ، فلزم ولده وقرأ عليه، فلما مات
الابن سنة (878هـ) لزم الشيخ شرف الدين المناوى فسمع عنه
دروسًا من تفسير البيضاوى وشرح البهجة. ولزم فى الحديث
والعربية الإمام تقى الدين الشبلى الحنفى، فتتلمذ له أربع
سنين، كما لزم الشيخ محيى الدين الكافيجى وتتلمذ له أربع
عشرة سنة، فأخذ عنه فنون التفسير والأصول والعربية
والمعانى وغيرها. وحضر عند الشيخ سيف الدين الحنبلى دروسًا
عديدة فى علوم البلاغة، ودرس عليه الكشاف والتوضيح
وتلخيص المفتاح. وكان السيوطى كثير الأسفار، محبًّا للعلم،
فسافر إلى بلاد الشام والحجاز واليمن والهند والمغرب
وغيرها. وأفتى فى مستهل سنة (871هـ)، وعقد مجلسه لإملاء
الحديث فى مستهل سنة (872هـ)، وكان متبحرًا فى علوم
التفسير والحديث والفقه والنحو والمعانى والبديع والبيان، إلا
أنه لم يحب علم الحساب، بل كان يرى أنه أعسر شىء عليه،
وأبعده عن ذهنه. ومشايخ السيوطى فى الرواية سماعًا وإجازة
كثيرون، عدَّ منهم نحو مائة وخمسين فى كتابه حسن
المحاضرة، أما كتبه فقد أحصى منها نحو ثلاثمائة فى علوم
التفسير والقراءات والحديث والفقه والعربية والبيان والتاريخ
والأدب، وذكر بعض المؤرخين أنها بلغت ستمائة مؤلف، وقيل
أكثر من ذلك. ولما بلغ الأربعين من عمره أخذ فى التجرد(10/827)
للعبادة، والانقطاع إلى الله تعالى، فأقام فى بيته فى روضة
المقياس فلم يغادرها حتى مات سنة (911هـ). وترك الإمام
السيوطى تراثًا عظيمًا من العلم والمعرفة فى مختلف العلوم
والفنون، ومن أبرز كتبه: الدر المنثور فى التفسير بالمأثور،
والإتقان فى علوم القرآن، وجمع الجوامع وتدريب الراوى فى
شرح تقريب النواوى، وهمع الهوامع، وطبقات الحفاظ،
وطبقات المفسرين، وتاريخ الخلفاء، والأشباه والنظائر،
والحاوى للفتاوى، وعقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد.(10/828)
*أوم بن عبد الجليل
هو الماى الثامن فى سلسلة المايات الذين حكموا سلطنة الكانم
الإسلامية التى كانت تقع شمال شرق بحيرة تشاد، ويعتبر من
أعظم هؤلاء المايات أو السلاطين. وقد دام حكمه (12) عامًا من (
478 - 490 هـ = 1085 - 1097 م). ولم يكن هذا الملك أو السلطان
مجرد (فوجو) أى شيخ قبيلة وإنما كان منظمًا وإداريًّا كبيرًا
دانت له بلاد كانم بأسرها وأسس فيها دولة مستقرة منظمة،
ويعتبر هو المؤسس الحقيقى لسلطنة كانم الإسلامية؛ حيث قام
بنشر الإسلام فى معظم أنحاء البلاد وجعله الدين الرسمى
للدولة، ساعده على ذلك الداعية العظيم محمد بن مانى الذى قرأ
الماى أوم بن عبد الجليل القرآن الكريم كله على يديه، وكذلك
سيرة النبى - صلى الله عليه وسلم -، وكافأه الملك على ذلك
بمنحه (100) بعير، و (100) قطعة من الذهب، و (100) قطعة من
الفضة، و (100) من الرقيق. وقد تزعم الماى أوم مرحلة الانتقال
من الوثنية إلى الإسلام بنجاح كبير حتى إن عمله هذا يعتبر ثورة
إصلاحية كبرى أقرب إلى المعجزة؛ نظرًا لصعوبة تخلى الناس
عن معتقداتهم التى ألفوها منذ أزمان بعيدة. وفى عهد هذا
الماى ظهر خطر قبائل البلالة لأول مرة، فأرسل إليهم جيشًا
انتصر عليهم وقتل منهم نحو (3000)، مما وفر قدرًا كبيرًا من
الهدوء والاستقرار فى البلاد التى اتسعت فى عهده حتى وصل
نفوذها إلى نهر النيجر غربًا، وحتى حدود مصر الجنوبية وأرض
النوبة شرقًا. واستمر الماى أوم بنى عبدالجليل يحكم هذه
المنطقة الواسعة حتى وافته المنية فى مصر وهو فى طريقه إلى
بلاد الحجاز؛ لتأدية فريضة الحج، أو فى طريق عودته منه.
ويتميز عهد هذا الماى بنشاط الدعاة والعلماء الذين شجعهم
وأقطعهم اقطاعات واسعة، جعلها وقفًا عليهم وعلى أسرهم من
بعدهم، وأصدر لهم صكوكًا تصون حقوقهم تُسمَّى بالمحارم
(مفردها مَحْرم) تُحرم على أى فرد من الأسرة الحاكمة أو حاكم(10/829)
يأتى بعده أو أى فرد من الرعية أن يتعرضوا لهؤلاء العلماء أو
لذرياتهم أو لممتلكاتهم وامتيازاتهم بأى سوء، مما كان سببًا
فى ازدهار الثقافة العربية الإسلامية فى هذه السلطنة إلى حدٍّ
كبير.(10/830)
*أسكيا إسحاق الأول
هو أحد الأساكى الذين حكموا إمبراطورية صنغى الإسلامية التى
حكمت غرب إفريقيا بعد ضعف إمبراطورية مالى الإسلامية منذ
القرن (15 م). وهو ابن أسكيا محمد الأول المؤسس الحقيقى
لإمبراطورية صنغى الإسلامية. وقد حكم أسكيا إسحاق هذه
الإمبراطورية فى الفترة من (946 - 956 هـ = 1539 - 1549 م) بعد
أن استطاع أن يلى العرش بانتخاب الجيش له، وبعد أن استقرت
له الأمور سعى إلى الحد من تدخل الجيش فى شئون الحكم
فأبعد كبار الضباط والمسئولين الكبار واستبدلهم بآخرين ممن
يخضعون لأوامره وتوجيهاته، كما قام بتعيين العديد من القضاة
والأئمة فى مدن الدولة، وعمل على إقرار الأمن وإقامة العدالة
وتوفير الرخاء لرعاياه جميعًا، وأخذ يضرب على أيدى الظلمة
والمفسدين، ولذلك امتدحه المؤرخون وقالوا عنه: إنه كان صالحًا
مباركًا كثير الصدقات ملازمًا لصلاة الجماعة، عاقلاً فطنًا، ذا
دهاءٍ، وأنه أجلُّ من دخل فى تلك السلطنة وأعظمهم خوفًا
وهيبة. استطاع أن يفرض نفوذ بلاده على سلطنة مالى
الإسلامية واقتحم جيشه عاصمتها مدينة نيانى (مالى)؛ بسبب
رفض سلطانها دفع الإتاوة المقررة عليه لسلطان صنغى، كما
دفعت تطلعات سلطان مراكش إلى السيطرة على مناجم الملح
فى تفازة التى كانت تقع فى شمالى الصحراء، وتخضع لنفوذ
صنغى والتى كان امتلاكها يعد إمساكًا بمفتاح التجارة فى
غربى إفريقيا، فرفض أسكيا إسحاق التنازل عنها لسلطان
مراكش وأرسل رده إليه على شكل حملة عسكرية صغيرة عبرت
الصحراء الكبرى، وأغارت على وادى درعة فى جنوبى مراكش؛
إظهارًا لقوة صنغى وردعًا لسلطان هذه البلاد. ورغم صلاح
أسكيا إسحاق الأول وتقواه إلا أن رجاله اشتطوا فى جمع
الضرائب من رعاياه؛ ولذلك لم يقبلوا أن يكون ابنه عبد الملك
سلطانًا عليهم بعد وفاة والده، واختاروا داود بن أسكيا محمد
الأول لهذا المنصب فى عام (956 هـ = 1549 م) بعد وفاة أخيه(10/831)
أسكيا إسحاق الأول الذى حكم صنغى تسع سنين وتسعة
أشهر.(10/832)
*بادى الثانى أبو دقن
هو بادى الثانى أبو دقن، أحد سلاطين سلطنة الفونج الإسلامية
، التى ظهرت فى السودان منذ عام (1505 م) على أنقاض مملكة
علوة المسيحية على يد زعيم سودانى يُسمى عمارة دونقس
تولى أبناؤه وأحفاده السلطة بعده، وكان منهم بادى الثانى
أبو دقن الذى حكم السلطنة من عاصمته سنار فى الفترة من
(1643 - 1678 م) واشتهر هذا السلطان بالشجاعة والتقوى
وتشجيع العلم والعلماء، وكان على صلة وطيدة بمصر وعلمائها.
واختط بادى الثانى جامعًا فى سنار ومقرًّا للحكومة يعتبر
ديوانًا للحكم، وغزا النيل الأبيض وفتك بسكانه المعروفين
بالشلك، كما غزا جبال تقلى الواقعة غرب النيل الأبيض بنحو
مرحلتين؛ حيث توجد سلطنة تقلى وتصالح مع سلطانها نظرًا
لحسن معاملته للسلطان الغازى وجنوده، وتم التصالح على
أساس أن يدفع سلطان تقلى إتاوة سنوية لسلطان سنار؛ مما
جعله تابعًا لهذا السلطان. ويعود السبب الرئيسى فى قيام الحرب
بين هاتين السلطنتين هو اشتداد التنافس التجارى بين سنار
ودارفور حيث اتخذت تقلى موقفًا أكثر ميلاً إلى دارفور منه إلى
سنار. وفى الشمال حدث فى عهد بادى الثانى حرب بين
الشايقية والعبدلاب حوالى عام (1672 م) بسبب نفوذ دارفور
إلى الشايقية الذين حاولوا الانفصال عن الحلف السنارى، فأدى
ذلك إلى نشوب قتال بين الفريقين انتهى باستقلال الشايقية عن
هذا الحلف الذى كان يتكون بصفة رئيسية من الفونج والعبدلاب.
كذلك اشتد فى عهد السلطان بارى الثانى نشاط البعثات
التبشيرية من الفرنسسكان، يساندهم بابا روما، والجزويت
يساندهم لويس الرابع عشر ملك فرنسا، وتتابعت رحلات هذه
البعثات إلى السودان ومنها إلى إثيوبيا، كما شهد عصره الرحلة
التى قام بها الرحالة العثمانى أوليا شلبى حيث شهد الحرب
التى قامت بين الشايقية والعبدلاب التى أشرنا إليها. ولم يلبث
بادى الثانى أن مات فى عام (1678 م) بعد حياة حافلة، ويُعد(10/833)
عصره عهد ازدهار فى تاريخ سلطنة الفونج.(10/834)
*بادى الرابع
هو بادى الرابع (أبو شلوخ)، الذى يُعد من أعظم سلاطين سلطنة
الفونج الإسلامية التى ظهرت فى السودان منذ عام (1505 م)
على أنقاض مملكة علوة المسيحية على يد زعيم سودانى يُسمى
عمارة دونقس، تولى أبناؤه وأحفاده السلطنة بعده وكان منهم
بادى الرابع، الذى يُعد من أعظم سلاطين الفونج، وكانت
عاصمته مدينة سنار التى تقع على نهر النيل الأزرق؛ ولذلك
كانت تُسمى سلطنة سنار. وحكم بادى الرابع مدة طويلة فى
الفترة من (1724 - 1762 م). وفى عهده تمتعت سلطنة الفونج
بمظاهر القوة والازدهار والعظمة، حتى إنها هزمت مملكة
الحبشة المسيحية فى معركة فاصلة فى (8 من مارس 1744م)
عقب قيام الملك الحبشى ياسو الثانى بزحفه على سنار فى ذلك
التاريخ، وحقق بعض الانتصارات فى بداية الحرب، ولكن جيش
الفونج والعبدلاب سرعان ماقاما فى (إبريل 1744 م) وأنزلا
بالمعتدين هزيمة قاسمة، سقط فيها من جيش الأحباش عدد كبير.
وفر ملك الحبشة تاركًا خلفه كثيرًا من الأسلحة والذخائر
والأموال، وكان لهذا النصر دوى هائل فى العالم الإسلامى
المعاصر، وحدثًا يدعو للزهو والإعجاب؛ مما جعل الفونج
يطمعون فى ضم سلطنة كردفان الإسلامية. وبالفعل زحفت عليها
جيوش سنار فى عام (1747 م)، وكان الجيش بقيادة أمراء من
الفونج ومعهم قائد آخر اسمه محمد أبو اللكيلك واستطاع هذا
الجيش أن ينزل الهزيمة بجيش كردفان وأن يطرد قبيلة المسبعات
التى كانت تحكم هذه السلطنة التى أصبحت جزءًا من سلطنة
سنار وأصبح الحكم فيها للشيخ محمد أبو اللكيلك نيابة عن
السلطان بادى الرابع. الذى ساءت سيرته فى الرعية نتيجة ظلمه
وقسوته فى جمع الضرائب، ولم ينجُ من عسفه أهل بيته
وأعوانه؛ فتآمروا عليه وشجعوا تابعه القائد محمد أبو اللكيلك
حاكم كردفان على الزحف على سنار وعزل السلطان، وتم تنفيذ
المؤامرة وعزل بادى الرابع وخلفه ابنه ناصر، الذى لم يكن له من(10/835)
السلطة إلا الاسم. لذلك يُعد بادى الرابع هو آخر سلاطين الفونج
الذين أمسكوا بزمام السلطة وخلفهم سلاطين ضعاف، ومهد هذا
الوضع إلى انهيار الدولة، كما مهد للحكم المصرى الذى استقر
فى هذه البلاد منذ عام (1820 م) بعد أن أصبحت مصر والسودان
دولة واحدة منذ ذلك التاريخ.(10/836)
*بولو
يُعد الماى بولو بن بيونا هو الماى (الملك أو السلطان) الثامن
فى سلسلة مايات دولة الكانم التى ظهرت شمال شرق بحيرة
تشاد، قبل مطلع القرن (9 م). وبدأ الإسلام ينتشر فى هذه الدولة
حوالى عام (390 هـ = 1000 م) على يد الدعاة والمهاجرين من
مصر وليبيا والصحراء، والتجار العرب الذين وصلوا إلى هذه
البلاد. وقد اعتنق الماى بولو الإسلام على يد الداعية العظيم
محمد بن مانى وقرأ على يديه الجزئين الأخيرين من القرآن
الكريم، من أول سورة المُلك إلى نهاية سورة الناس، ومنحه
نظير ذلك مكافأة سخية مقدارها (50) بعيرًا. وقد حكم هذا الماى
كانم حوالى سنة (411 هـ = 1020 م) ويمكن أن يُعد أول ملوك
كانم المسلمين، وجاء بعده أربعة مايات قرأوا شيئًا من القرآن
الكريم على يد هذا الداعية نفسه، كان آخرهم الماى أوم بن عبد
الجليل الذى يعتبر المؤسس الحقيقى لسلطنة كانم الإسلامية. ولم
يلبث الماى بولو أن مات فى عام (427 هـ = 1036 م) فى مكان
يُسمَّى ماكى جيبيدام ومعناه معسكر الملك الحربى، بعد أن
حكم البلاد (16) عامًا. ولم يذكر المؤرخون أى أحداث وقعت
فيها.(10/837)
*جلال الدين (سلطان أوفات)
هو جلال الدين بن عمر ولشمع، خامس من تولى حكم سلطنة
أوفات الإسلامية. من أسرة عمر ولشمع التى تنتمى إلى بنى
عقيل بن أبى طالب أو إلى بنى عبد الدار من قريش. وكان أفراد
وجماعات من هذه الأسرة قد هاجروا إلى بلاد الزيلع فى منطقة
القرن الإفريقى فى عصور الإسلام الأولى ونشروا الإسلام بين
الأهالى الزيالعة والأحباش، وأقاموا هذه السلطنة على يد عمر
ولشمع، وحكم أولاده من بعده وكان منهم جلال الدين، والذى
كان معاصرًا لملك الحبشة عمداصيون (1314 - 1344 م). وكانت
مملكة الحبشة النصرانية لاتطيق أن يكون بجوارها سلطنة
إسلامية قوية، ومن ثم فقد شنت عليها حروبًا شبه مستمرة،
وكان سلاطين أوفات فى فترات ضعفهم يعلنون الطاعة لها
ولايلبثون أن يثوروا ويحققوا استقلالهم، ومن هؤلاء السلاطين
جلال الدين الذى كان ملك الحبشة عمداصيون قد عزل أخاه صبر
الدين الأول وعينه سلطانًا على أوفات وتوابعها بعد أن رضى
بالتبعية ودفع الجزية. ولكن أهل أوفات لم يرضوا بهذه التبعية
لملك الحبشة واستصرخوا سلطان مصر الناصر محمد بن قلاوون
وانقضوا على حامية حبشية كان عمداصيون قد تركها فى
أوفات وأبادوها عن آخرها، وتشجعت إمارتا عدل ومورة بهذا
العمل وثارتا ضد تسلط الأحباش، وأعلن السلطان جلال الدين
الثورة ضد هيمنتهم، فعاد عمداصيون إلى بلاد الزيلع يحارب
ممالكها وأعمل فيها النهب والتدمير، وفى سكانها الذبح
والاسترقاق، وفى مساجدها ومدنها الهدم والإحراق، وكان
يعذب من ترك المسيحية ودخل فى الإسلام، واستمر فى هجومه
على أوفات وتوابعها لدرجة أن جنوده ملوا هذا الهجوم
المتواصل وهذا الزحف المستمر، وذلك القتال الذى لايهدأ ضد
الزيالعة المسلمين وطلبوا منه العودة إلى بلادهم؛ محتجين بأن
موسم المطر قد حلَّ ولكن عمداصيون رفض طلبهم بحجة أن
الزيالعة المسلمين فى أوفات وغيرها مازالوا يهددون ملكه طالما(10/838)
أن سلطانهم جلال الدين على قيد الحياة، وأمر جنوده ألا
يفاتحوه فى هذا الأمر مرة أخرى. وانتهى حكم السلطان جلال
الدين بقيام فتنة داخلية - بإيعازٍ من ملك الحبشة غالبًا - كان من
نتيجتها أن تولى على بن صبر الدين حكم السلطنة وانتهى حكم
عمه جلال الدين فى زمن لايمكن تحديده بدقة.(10/839)
*جمال الدين (سلطان عَدَل)
هو جمال الدين محمد بن سعد الدين، من أسرة عمر ولشمع
القرشية، التى أقامت سلطنة أوفات الإسلامية شرق الحبشة، ثم
سلطنة عدل الإسلامية فى جزءٍ كبير من أراضى السلطنة
السابقة. وجمال الدين هو ثالث سلطان يحكم السلطنة الأخيرة
وذلك لمدة سبع سنوات فى الفترة من (828 - 835 هـ = 1424 -
1431 م). وكان ملك الحبشة إسحاق بن داود قد أسر سلطان
عدل السابق وأخاه، وهما منصور ومحمد ابنا سعد الدين وظلا
فى سجنه حتى تُوفِّيا. وتمكن إسحاق أن ينزل بالمسلمين فى
بلاد زيلع وقائع شنيعة، كما كاتب ملوك الفرنجة يستحثهم على
التعاون معه لإزالة دولة المسلمين من كل مكان. ومن ثم قام جمال
الدين سلطان عدل وأخذ يستعد لملاقاة هذا الملك الحبشى، الذى
عزم على ألا يبقى بالمنطقة مسلم قط، واستطاع جيش جمال
الدين أن ينزل هزيمة ساحقة بجيش ملك الحبشة، كما هاجم جيش
جمال الدين الأحباش مرة ثانية فى إمارة بالى، فهزمهم وأسر
معظمهم. وبموت إسحاق تعرضت الحبشة لكثير من الفتن
والمنازعات على العرش، فانتهز جمال الدين الفرصة وأمعن فى
غزو بلاد الحبشة فغزا إمارة دوارد وأسر ثلاثة من أمراء ملك
الحبشة وهاجم أمهرة عقر دار هذا الملك، ودخل كثير من عماله
وأمرائه فى طاعة جمال الدين الذى كثرت غنائمه وأسلم على
يديه عددٌ كبير من الأحباش. ولكن الحقد والحسد والجهالة أعمت
قلوب بنى عمه؛ فاغتالوه فى عام (835 هـ = 1431 م) وهو فى
ذروة مجده وانتصاره، دون أن يلقوا بالاً إلى مصير الإسلام الذى
أصبح فى كفة الميزان. ويبدو أن هؤلاء المتآمرين كانوا على
اتصال بملك الحبشة زرء يعقوب الذى أطمعهم فى كرسى الحكم
وحرضهم على ارتكاب هذه الجريمة؛ حتى يتخلص من هذا
السلطان الشجاع المجاهد الذى تمكن من التوغل داخل هضبة
الحبشة نفسها، والذى كان محبوبًا من الرعية نظرًا لاهتمامه
بأمرهم ونشره العدل بينهم، وكان كما يقول المقريزى: خير(10/840)
ملوك زمانه دينًا ومعرفة وقوة وشجاعة ومهابة وجهادًا فى
أعداء الله - تعالى - عز الله به الإسلام والمسلمين، وأسلم على
يديه عالمٌ من أمحرة (أمهرة) لايحصى عددهم. ولذلك كان لابد أن
يدبر الأحباش قتله غيلة وبيد أفرادٍ من أسرته، بعد أن فشلوا فى
قتله فى ميدان المعارك التى خاضها ضدهم وانتصر عليهم فيها.(10/841)
*حسين (سلطان شوا)
هو أحد سلاطين سلطنة شوا الإسلامية التى كانت تقع فى جزءٍ
من الهضبة الوسطى للحبشة شرقى النيل الأزرق، والتى تقع
بالقرب منها مدينة أديس أبابا العاصمة الحالية للحبشة (إثيوبيا).
وهذه السلطنة الإسلامية التى قامت فى قلب هضبة الحبشة لم
نعرف شيئًا عن تاريخها إلا من خلال وثيقة عربية اكتشفها
الإيطالى تشيروللى فى عام (1926 م)، ومن أسفٍ أن هذه
الوثيقة تتحدث عن الفترة الأخيرة من عمر هذه السلطنة الإسلامية
التى كانت تجاورها من الشرق حتى البحر الأحمر سلطنات
وإمارات إسلامية أخرى أهمها سلطنة أوفات الإسلامية. ولذلك
فإننا لم نعرف شيئًا عن تاريخها ولا عن سلاطينها رغم أن هذه
السلطنة استمرت فى الوجود طوال أربعة قرون من الزمان (283 -
684 هـ = 896 - 1285 م). لكن ورد فى الوثيقة المشار إليها
أسماء بعض السلاطين، منهم: السلطان حسين والذى تولى
الحكم فى عام (575 هـ = 1180 م)، ولاتذكر الوثيقة شيئًا عن
الأحداث التى وقعت فى عصره إلا تولى السلطان عبد الله حكم
السلطنة فى عام (590 هـ = 1194 م)، مما يدل على أن حكم
السلطان حسين انتهى فى ذلك العام، ثم عاد الحكم إلى ابنه
السلطان محمد ابن السلطان حسين فى شوال من عام (632 هـ =
1232 م) استمر فى أعقابه من بعده حتى انتهت هذه السلطنة
على يد سلطنة أوفات الإسلامية؛ إنقاذًا لها من الحروب الأهلية
التى سادتها وإنقاذًا لها من تطلع الأحباش إلى الاستيلاء عليها.
ومعنى استمرار الحكم فى أسرة السلطان حسين أن هذه
الأسرة كانت تحكم هذه السلطنة عن طريق الوراثة، ولذلك فمن
المرجح أنها تنتمى إلى الأسرة التى أسست هذه السلطنة،
وهى الأسرة المخزومية العربية الأصل حسبما جاء بالوثيقة الآنفة
الذكر.(10/842)
*حق الدين الثانى (سلطان أوفات)
هو حق الدين الثانى بن أحمد حرب أرعد من أسرة عمر ولشمع
القرشية، التى أقامت سلطنة أوفات الإسلامية شرق الحبشة
حوالى منتصف القرن (13 م). وكان حق الدين الثانى ثامن من
تولى حكمها من سلاطين هذه الأسرة الذين كافحوا طويلاَ ضد
هيمنة الأحباش، الذين قتلوا بعض سلاطينهم وأسروا بعضهم
الآخر، منهم والد السلطان حق الدين الذى أخذه ملك الحبشة
سيف أرعد إلى عاصمته وجعله فى خدمته، وترك أحمد ابنه حق
الدين هذا فى أوفات، فاشتغل هذا الابن بطلب العلم والمعرفة
وابتعد عن العمل السياسى؛ بعد أن رأى ماحلَّ بأبيه ونظرًا
لإعراض جده على بن صبر الدين محمد بن عمر ولشمع وهجره
إياه، ومعاداة عمه ملا أصفح القائم بأمر الدولة وعداوته
الشديدة له، لدرجة أنه أخرجه من مدينة أوفات إلى بعض
نواحيها، وهناك جمع حق الدين الثانى الناس حوله وجنَّد جيشًا
اتجه به إلى مدينة أوفات وقاتل عمه ملا أصفح الذى كان يخضع
لملك الحبشة وهزمه ومن جاء لمساعدته من الأحباش الذين كان
عددهم يقدر بثلاثين ألفًا؛ فذهب ملا أصفح إلى ملك الحبشة
يستنجد به مرة ثانية فأرسل معه جيشًا جرارًا، ولكن حق الدين
الثانى تمكن من هزيمة هذا الجيش وقتل عمه وأباد مَن كان معه
من جند، وسار إلى مدينة أوفات فاستسلم له جده على بن صبر
الدين، الذى عامله حق الدين الثانى معاملة طيبة وأقرَّه على
ولاية أوفات وصار حق الدين الثانى سلطانًا على سلطنة أوفات
وتوابعها وحكمها عشر سنوات (766 - 776 هـ = 1364 - 1374
م)، ولكنه رحل عن مدينة أوفات العاصمة وبنى فى إقليم شوا
عاصمة جديدة سماها (وحل) واتخذها قاعدة له فى قتال ملك
الحبشة سيف أرعد الذى مات وتولى بعده ابنه ودم بن سيف
أرعد، فاستأنف حق الدين الثانى قتاله متحصنًا بموقع شوا
المنيع، والتقى بالملك الحبشى فى بضع وعشرين موقعة على
مدى تسع سنوات استشهد فى آخر موقعة منها فى عام (676(10/843)
هـ = 1374 م) على أرض شوا بعد أن أرهق الأحباش وحطم
جيوشهم؛ نظرًا لما كان يمتاز به من شجاعة وإقدام وإصراره
على الجهاد وعدم القبول بالتبعية للأحباش.(10/844)
*أسكيا داود
هو أحد الأساكى الذين حكموا إمبراطورية صنغى الإسلامية التى
حكمت غرب إفريقيا بعد ضعف إمبراطورية مالى الإسلامية منذ
القرن (15 م). وهو ابن أسكيا محمد الأول المؤسس الحقيقى
لامبراطورية صنغى الإسلامية. حكم أسكيا داود هذه
الإمبراطورية فى الفترة من (956 - 990 هـ = 1549 - 1582 م)،
وبدأ حكمه بتعيين أنصاره فى الوظائف المهمة، ونظم الجهاز
الإدارى وبنى الكثير من المنشآت العامة مثل المساجد والمدارس،
واهتم بنشر الثقافة الإسلامية، وهو أول من اتخذ خزائن الأموال
وخزائن الكتب، وكان له نساخ ينسخون له الكتب التى كان
يُهادى ببعضها العلماء وطلاب العلم، وكان حافظًا للقرآن
الكريم، وكان له شيخ يعلمه ويُقرئه القرآن. رعى العلم والعلماء
وعمل جاهدًا على توفير الأمن والرخاء لرعاياه جميعًا ولذلك
فإنه يعتبر من أبرز السلاطين الذين حكموا صنغى من آل أسكيا
محمد الأول، نظرًا لإصلاحاته الداخلية وكياسته وحنكته
السياسية. إذ أنه حاول جاهدًا أن يعيد إلى نفوذ صنغى البلاد
التى كانت قد استقلت عنها وقت المحن والأزمات، فجهز جيشًا
غزا به قبائل الموس (الموش) الوثنية وفر سلطانها أمامه مهزومًا
فى عام (969 هـ = 1562 م)، وغزا دولة مالى ودخل العاصمة
نيانى فى عام (966 هـ = 1559 م)، وانتصر على سلطانها
وتزوج ابنته، ثم غزا إمارة كاتسينا فى شرق النيجر، وأعاد
الطوارق إلى الطاعة. ولما أرسل سلطان مراكش عبد الملك فى
عام (986 هـ = 1578 م) جيشًا للاستيلاء على تفازة وما فيها من
مناجم الملح، رد أسكيا داود بجيش كبير أرسله لتأمين تفازة من
أى هجوم جديد، ولما أرسل له سلطان مراكش الجديد أحمد الأول
يستأذنه فى أن يسمح له باستخراج الملح من تفازة عامًا واحدًا،
رد عليه أسكيا داود بهدية مقدارها (10000) من الذهب، فحل
التفاهم والود بين الدولتين طيلة عهد أسكيا داود مما أبعد خطر
سلاطين مراكش عن بلاده، وظل يسير على هذه السياسة حتى(10/845)
مات فى شهر رجب سنة (990 هـ = 1582 م) بعد حكم دام (34)
عامًا وخمسة أشهر.(10/846)
*دونمة بن أوم
هو الماى (13) فى سلسلة المايات الذين حكموا سلطنة كانم
الإسلامية التى كانت تقع شمال شرق بحيرة تشاد. وقد حكمها
مدة طويلة بلغت (55) عامًا (491 - 546هـ = 1097 - 1151م) قام
أثناءها بغارات متعاقبة على جيرانة الوثنيين، واستطاع توسيع
رقعة دولته حتى وصلت من فزان شمالاً إلى تلال دكوا جنوبًا،
ومن واداى شرقًا حتى نهر النيجر غربًا. ويتميز عهد الماى
دونمة بن أوم بازدياد الداخلين فى الإسلام، واشتهر بتقواه
وتمسكه بالدين وإنشاء المساجد، وقام بعدة حروب للقضاء على
ما بقى من مظاهر الوثنية فى بلاده، وأعد جيشًا جرارًا بلغ عدد
فرسانه نحو (100) ألف، ومشاته نحو (120) ألفًا، مما مكنه من
أحراز انتصارات كبيرة. كما يتميز هذا الماى أيضًا بكثرت رحلاته
لأداء فريضة الحج والتى بلغت ثلاث رحلات، ترك فى مصر خلال
رحلتى حجه الأولى والثانية (600) عبد. ويبدو أنه أثناء رحلته
الثالثة تدخل فى شئون مصر الداخلية، بأن ناصر فريقًا على
فريق أخر كان الصراع محتدمًا بينهما على منصب الوزارة زمن
الخليفة الفاطمى الظافر (544 - 549هـ = 1149 - 1194م)، فكان
ذلك سببًا فى إغراقه عند ميناء عيذاب الذى كان يستقبل
الحجاج الذاهبين والعائدين عبر البحر الأحمر فى ذلك الحين.
والراجح أن الماى دونمة بن أوم ناصر الفريق الذى كان يدعمه
الجند السودانيون الذين كانوا يشكلون أحد عناصر الجيش
الفاطمى، منذ عهد الخليفة الفاطمى المستنصر بالله (427 -
487هـ = 1036 - 1094م) والذى كان أمه سودانية؛ فأكثر من
جلب هذا العنصر. وكان على العناصر الأخرى من الأتراك
والمغاربة العمل بسرعة حتى لاتعطى الفرصة للماى دونمة بن
أوم كى يدعم الفريق الذى يعتمد على بنى جلدته من العنصر
السودانى، فأحدثوا ثقبًا فى سفينته التى كانت راسية أمام
ميناء عيذاب مما تسبب فى غرقه أمام هذا الميناء فى عام
(546هـ = 1151م). وربما كان غرقه على هذا النحو بسبب آخر،(10/847)
هو أنه كان بإيعاز من أفراد أسرته الطامعين فى العرش، أو
نتيجة لخيانة أو مؤامرة من أعدائه وخصومه.(10/848)
*دونمة بن سالم
هو الماى السابع عشر فى سلسة المايات أو السلاطين الذين
حكموا سلطنة كانم الإسلامية التى كانت تقع شمال شرق بحيرة
تشاد. حكم هذه البلاد مدة بلغت (40) عامًا (618 - 657 هـ =
1221 - 1259 م). وهو مشهور باسم دونمة دباليمى، نسبة إلى
أمه دابال، حيث كانت النسبة إلى الأم أمرًا طبيعيًّا فى هذه
البلاد. ويعتبر الماى دونمة بن سالما أعظم ملوك كانم قاطبة،
ويعتبر عهده قمة الازدهار والعظمة فى تاريخ هذه السلطنة. فقد
عرف بالعزم والحزم وكان محاربًا قويًّا حتى وصف بأنه أشد
إحراقًا من النار، كوَّن جيشًا قويًّا كان عدد فرسانه لايقلون عن
(41) ألفًا حارب بهم قبائل التيبو من البربر فى الشمال،
وأخضعهم لسلطانه بعد حروب دامت أكثر من سبع سنوات، كما
حارب قبائل البلالة وتغلب عليهم، مما أتاح فرصة للهدوء
والاستقرار داخل البلاد، مما أدى إلى اتساع رقعة الدولة فى
عهده، حتى امتد نفوذها من مشارق وادى النيل الأوسط شرقًا
حتى قرب نهر النيجر غربًا، وجعلها تتحكم فى الطرق التجارية
التى تمر عبر هذه المنطقة الشاسعة، وأفاض ذلك كثيرًا من
الأموال على خزائن الدولة. ومما يُذكر لهذا الماى العظيم بالفضل
أنه اهتم كثيرًا بالقضاء على مابقى من مظاهر الوثنية فى
بلاده، فهو الذى جرؤ وحطم الوثن الكبير المعروف باسم مون
Mune، وكانت عبادته لاتزال قائمة فى بعض أجزاء كانم
ومرتفعات تيبستى التى تقع فى شمالى البلاد. ومنذ تحطيم هذا
الوثن لم يستطعْ أحد أن يقف فى وجه انتشار الإسلام، لأن هذا
التحطيم بيَّن للناس أن هذا الوثن كان أسطورة أو خرافة، كما
منح الإسلام فرصة كبيرة لتأكيد سلطانه على شعب الكانم،
وجعل هذا الماى يتخذ لقب أمير المؤمنين، وهو أول من اتخذه
من مايات كانم وربما كان هذا الأمر تأسيًا بالسلطان الحفصى
المنتصر، سلطان تونس الذى كان يعاصره. ذلك أن علاقات هذا
الماى بذلك السلطان الحفصى كانت قوية، بدليل أنه أرسل إليه(10/849)
سفارة وهدية اشتملت على زرافة أثارت إعجاب أهل تونس،
وذلك فى عام (1257 م). وقد حدث فى عهد هذا الماى أيضًا أن
الكانميين الذين كانوا يرحلون إلى مصر فى طريقهم لتأدية
فريضة الحج، بنوا مدرسة للمالكية فى الفسطاط تُسمى باسم
مدرسة ابن رشيق فى عام (640 هـ = 1242 م) لتكون موئلاً
للحجاج القادمين من كانم، ومركزًا لتدريس الفقه المالكى على يد
هذا الفقيه الذى سميت باسمه هذه المدرسة. وقد مات الماى
دونمة بن سالما بعد أن حدثت حروب أهلية فى سلطنته؛ بسبب
جشع أولاده وتنافسهم على الحكم والسلطان، وازدياد نفوذ
الأمراء فى أقاليم الدولة. ولولا قوة جيشه وشدة بأسه لتحطمت
دولته منذ وقت مبكر.(10/850)
*سامورى التورى
يُعد سامورى التورى من الزعماء الأفارقة المسلمين، الذين
قاوموا الاستعمار الأوربى لغرب إفريقيا فى النصف الثانى من
القرن (19م). وُلِد سامورى عام (1830م) فى مدينة ساناكورو
التى تقع جنوب نهر بانى أحد روافد نهر النيجر، وهو ينتمى
إلى شعب الديولا الذى يعتنق الإسلام. وكان سامورى محاربًا
فذًّا من محاربى هذا الشعب الذى التف حوله لتجميع شتات
المسلمين بعد القضاء على دولة الحاج عمر على يد الفرنسيين
فى عام (1864م). وقد ركز سامورى التورى نشاطه فى منطقة
فوتاجالون التى تُعرف الآن بدولة غينيا، والتى تقع جنوب دولة
الحاج عمر والتى حاول الفرنسيون الاستيلاء عليها أيضًا. نظم
سامورى جيشًا وحصل على الأسلحة الحديثة وأنشأ مصنعًا
للسلاح والذخيرة فى تيرى، وبدأ يشن هجماته على خصومه
المحليين ويستولى على القرى والمدن والإقاليم لينشئ دولة
كبرى، منتهزًا فرصة الصراع بين هذه القوى المحلية، واتخذ من
مدينة بيزاندوغو عاصمة له واستولى على تومودغو دكانكان
دسانكاران وباماكو، وبدأت قوته تخيف الفرنسيين والإنجليز؛
فعقدت بريطانيا وفرنسا فى عام (1889م) اتفاقًا اعترفت فيه
الأولى للثانية بحقها فى فوتاجالون وبحمايتها على سامورى
ودولته، واعترفت الثانية للأولى بترك الحرية التجارية لها فيما
تحت خط العرض العاشر. ولم تلبث فرنسا أن جرت سامورى فى
حرب مع إمارة سيكاسو التى تقع إلى الشرق من دولته والتى
رأى أنها مفتاح الطريق إلى بلاد فولتا العليا التى يمكن أن
تكون منفذًا له إلى البحر؛ لآن دولته دولة داخلية. وقد فشل
سامورى فى حصار سيكاسو وانسحب منها، وتحت ضغط
الفرنسيين انتقل بدولته ناحية الشرق فى المناطق التى تقع فى
أعالى ساحل العاج بعد أن استطاع الفرنسيون أن يستولوا
على العاصمة بيزاندوغو وساناكورو موطنه الأصلى فى عام
(1891م)، ثم قطعوا عليه الطريق إلى الشرق واحتلوا ساحل(10/851)
العاج نفسها؛ حتى لاتقع فى يده أو فى يد الإنجليز، ثم فاجأه
الفرنسيون فى (سبتمبر عام 1898م) وأحاطوا به واعتقلوه
ونفوه إلى الجابون فبقى فيها حتى وافته المنية بعد ذلك
بعامين، بعد أن أنشأ إمبراطورية كبيرة فى غرب إفريقيا،
وكافح فى سبيل الاستقلال بها عن النفوذ الأوربى، ورأى أن
خير وسيلة لربط أجزاء هذه الإمبراطورية هو الإسلام، فعمل على
نشره بين الوثنيين، واتخذ لنفسه لقب إلمامى أى إمام، ونظم
تعليم القرآن للأطفال فى القرى على يد الفقهاء والمشايخ،
وكانت له إرادة لا تلين، ولم يقهره إلا الاستعمار الفرنسى قرب
نهاية القرن الماضى.(10/852)
*سعد الدين (سلطان أوفات)
هو سعد الدين أبو البركات محمد بن أحمد حرب أرعد بن على بن
صبر الدين الأول، من أسرة عمر ولشمع القرشية التى أقامت
سلطنة أوفات الإسلامية شرق الحبشة حوالى منتصف القرن (13
م)، وكان سعد الدين محمد آخر سلاطين هذه الأسرة الذين حكموا
هذه السلطنة. فقد حكمها (29) عامًا فى الفترة (776 - 805 هـ =
1374 - 1402 م) وذلك عقب استشهاد أخيه حق الدين الثانى
أثناء جهاده ضد ملك الحبشة، فقام سعد الدين باتباع السياسة
نفسها، وجاهد الأحباش وكانت الحرب سجالاً بينهما فى معظم
الأحيان. واستطاع سعد الدين أن يجند كثيرًا من المجاهدين
فتعددت غاراته واتسعت مملكته، ولكنه هزم فى بعض المواقع،
ثم حقق نصرًا مبينًا على داود ملك الحبشة وأسر من كان معه من
جند كثير، كما أحرز نصرًا آخر فى مكان يسمى زمدوة وغنم
غنائم وفيرة. وقد شجعته هذه الانتصارات على الزحف على
مملكة بالى الإسلامية، التى كانت تدين بالطاعة للأحباش،
فانتصر على من كان فيها من جند ملك الحبشة رغم كثرتهم وقلة
جنده، وكان القتلى منهم كثيرون لدرجة أن رءوسهم كانت
تغطى ميدان المعركة، بخلاف الأسرى الذين كانوا لايحصون
عددًا. فقام ملك الحبشة داود وزحف على أوفات وهزم أحد قواد
سعد الدين، وتتابعت الهزائم حتى هلك أكثر جند سعد الدين
وتقهقر إلى جزيرة زيلع فحاصره ملك الحبشة وقطع عنه الماء
حتى يستسلم، ولكنه ظل يقاوم الأحباش حتى أرشدهم على
مخبئه أحد الخونة، فهاجمه الأحباش بغتة وقتلوه وسيفه فى يده
فمات شهيدًا فى عام (805 هـ = 1402 م)، وبعد حياة حافلة
بالجهاد ضد هيمنة الأحباش، وتمسكًا بالاستقلال والحرية،
ودفاعًا عن الإسلام والمسلمين. ولم تكن هزيمة سعد الدين إلا
بسبب قلة عدد الفرسان فى جيشه، ولعدم اتحاد ممالك الزيلع
الإسلامية وتفرقها وطاعة بعضها لملك الحبشة، مما مكنه من
الانتصار فى النهاية على سعد الدين وقتله والقضاء على سلطنة(10/853)
أوفات الإسلامية. ولكن سلطنة عدل الإسلامية - التى أقامت
أولاد سعد الدين بعد فترة وجيزة من مقتل أبيهم فى هذا الإقليم
الذى يُعرف بعدل والذى كان جزءًا من سلطنة أوفات - رفعت
راية الجهاد من جديد.(10/854)
*سندياتا (سلطان مالى (
هو أول من اشتهر أمره وذاع صيته وتحقيق تاريخه فى القرن
(13 م) من أسرة كيتا صاحبة الفضل فى تكوين دولة واسعة
مترامية الأطراف تُعرف باسم سلطنة مالى الإسلامية. وكانت هذه
الدولة تقع فى المنطقة المحصورة بين نهر النيجر والمحيط
الأطلسى. وتمتد شمالاً وجنوب حتى بلغت مساحتها مساحة غرب
أوربا مجتمعة، واشتهرت باسم بلاد التكرور. وكانت فى الأصل
إقليمًا صغيرًا يعرف باسم كنجابا Kangala اعتنق ملوكه الإسلام،
وكانوا تابعين لمملكة غانة الإسلامية فى القرن (11 م)، ثم
انفصلوا عنها وتوسع ملوكها فى أوائل القرن (13 م) فى
الجنوب الشرقى مما أثار حفيظة ملك الصوصو المجاور له؛ إذ
انقض عليهم فى عام (1230م)، وقتل ملكهم وإخوته العشرة، ولم
يبقَ إلا الأخ الحادى عشر الذى يُسمى سندياتا ويُعرف باسم
مارى جاطة أى الأمير الأسد، والذى كان قد تمكن من الهرب نحو
الجنوب؛ حيث جمع حوله كثيرًا من القبائل الموالية لأسرة كيتا،
وأخضع بفضلها القبائل المجاورة وانتصر فى جميع الحروب
التى شنها، مما ساعده فى تثبيت ملكه. ثم أعد جيشًا كبيرًا
مكونًا من (12) فرقة مدربة أحسن تدريب؛ لقتال ملك الصوصو
والانتقام منهم، والتقى به فى موقعة فاصلة عند كيرينا فى عام
(1235م)؛ حيث انتصر سندياتا وقتل ملك الصوصو واستولى على
بلاده، ثم نجح فى عام (1240م) فى الاستيلاء على مملكة غانة
الإسلامية، واتخذ من مدينة أنشأها على نهر النيجر تُسمى
نيانى عاصمة لملكه، واشتهرت هذه المدينة باسم مالى وصار
اسمها علمًا على الدولة كلها التى اتسعت فى عهده، وصارت
إمبراطورية واسعة تمتد من بلاد الولوف والمحيط الأطلسى غربًا
إلى أواسط نهر النيجر شرقًا، ومن فوتاجالون جنوبًا إلى
كومبىَ صالح عاصمة غانة السابقة شمالاً. وقد مات سندياتا فى
عام (1255م) بعد أن وضع لأبنائه وأحفاده أساس هذه الدولة
الواسعة؛ ولذلك فإنه يُعد المؤسس الحقيقى لسلطنة مالى(10/855)
الإسلامية فى العصور الوسطى.(10/856)
*ماري جاطا (سلطان مالى (
هو أول من اشتهر أمره وذاع صيته وتحقيق تاريخه فى القرن
(13 م) من أسرة كيتا صاحبة الفضل فى تكوين دولة واسعة
مترامية الأطراف تُعرف باسم سلطنة مالى الإسلامية. وكانت هذه
الدولة تقع فى المنطقة المحصورة بين نهر النيجر والمحيط
الأطلسى. وتمتد شمالاً وجنوب حتى بلغت مساحتها مساحة غرب
أوربا مجتمعة، واشتهرت باسم بلاد التكرور. وكانت فى الأصل
إقليمًا صغيرًا يعرف باسم كنجابا Kangala اعتنق ملوكه الإسلام،
وكانوا تابعين لمملكة غانة الإسلامية فى القرن (11 م)، ثم
انفصلوا عنها وتوسع ملوكها فى أوائل القرن (13 م) فى
الجنوب الشرقى مما أثار حفيظة ملك الصوصو المجاور له؛ إذ
انقض عليهم فى عام (1230م)، وقتل ملكهم وإخوته العشرة، ولم
يبقَ إلا الأخ الحادى عشر الذى يُسمى سندياتا ويُعرف باسم
مارى جاطة أى الأمير الأسد، والذى كان قد تمكن من الهرب نحو
الجنوب؛ حيث جمع حوله كثيرًا من القبائل الموالية لأسرة كيتا،
وأخضع بفضلها القبائل المجاورة وانتصر فى جميع الحروب
التى شنها، مما ساعده فى تثبيت ملكه. ثم أعد جيشًا كبيرًا
مكونًا من (12) فرقة مدربة أحسن تدريب؛ لقتال ملك الصوصو
والانتقام منهم، والتقى به فى موقعة فاصلة عند كيرينا فى عام
(1235م)؛ حيث انتصر سندياتا وقتل ملك الصوصو واستولى على
بلاده، ثم نجح فى عام (1240م) فى الاستيلاء على مملكة غانة
الإسلامية، واتخذ من مدينة أنشأها على نهر النيجر تُسمى
نيانى عاصمة لملكه، واشتهرت هذه المدينة باسم مالى وصار
اسمها علمًا على الدولة كلها التى اتسعت فى عهده، وصارت
إمبراطورية واسعة تمتد من بلاد الولوف والمحيط الأطلسى غربًا
إلى أواسط نهر النيجر شرقًا، ومن فوتاجالون جنوبًا إلى
كومبىَ صالح عاصمة غانة السابقة شمالاً. وقد مات سندياتا فى
عام (1255م) بعد أن وضع لأبنائه وأحفاده أساس هذه الدولة
الواسعة؛ ولذلك فإنه يُعد المؤسس الحقيقى لسلطنة مالى(10/857)
الإسلامية فى العصور الوسطى.(10/858)
*سومانجورو (ملك الصوصو)
سومانجورو آخر ملك من ملوك دولة الصوصو الوثنية. والصوصو
فرع من الفولانيين كان قد هاجر من تكرور التى تقع فى حوض
نهر السنغال واتجه شرقًا إلى إقليم كانياجا فى حوض نهر
النيجر، حيث أسس طبقة حاكمة ودولة اتسعت فيما حولها فى
نهاية القرن (12 م)، بعد أن تخلصوا من تبعيتهم لدولة غانة
الإسلامية التى كانت مجاورة لهم من ناحية الشمال والغرب،
وكانوا يدفعون لها الجزية، واستطاع ملك الصوصو الذى يُعرف
باسم سومانجارو أن يحطم هذه الدولة ويستولى عليها فى عام
(1203 م). ثم اصطدم بعد ذلك بدولة مالى النامية فى كانجابا
وشن عليها الحرب وأباد الكثير من سكانها وقتل ملكها المدعو
كوننيوغو سمباكيتا، كما قتل إخوته العشر الذين تولوا الحكم
تباعًا بعد أخيهم المقتول، ولم يفلح فى القضاء على الأخ
الحادى عشرة الذى يعرف باسم سندياتا واشتهر باسم مارى
جاطة، والذى كان قد هرب ناحية الجنوب وبدأ يكون جيشًا
جرارًا للانتقام من ملك الصوصو الذى قتل إخوته الأحد عشر
واستولى على الجزء الشمالى من بلادهم، وكان يستعد للقضاء
على سندياتا قبل أن يستفحل أمره، وتذرع بأن سندياتا اقتحم
بلاد الصوصو خلال توسعه وغزواته للأقاليم التى تقع بين
بلديهما. ويقال: إن سومانجارو كان قد تزوج بأخت سندياتا
عندما تغلب على إخوتها وقتلهم، وشجعت هذه الأخت هذا
الزواج حتى تضع يدها على أسرار هذا الملك الوثنى وتتعرف
على مواطن ضعفه. ولما وصلت إلى غرضها عادت إلى أخيها
سندياتا وزودته بما جمعت من معلومات عن سومانجارو مما كان
سببًا من أسباب هزيمته على يد سندياتا الذى قضى عليه وعلى
دولة الصوصو بأجمعها وضمها إلى دولة مالى الإسلامية، وذلك
بعد موقعة حربية فاصلة وقعت بين سومانجارو وسندياتا تعرف
باسم المكان الذى وقعت فيه وهو كيرينا وذلك فى عام (1235 م
)، وهو العام الذى شهد نهاية هذه الدولة الوثنية ونهاية زعيمها
سومانجارو نفسه.(10/859)
*سيف بن ذى يزن
هوأحد أبطال اليمن، من حمير، استعان بالفرس لإخراج الأحباش
من بلاده بعد أن كانوا قد احتلوها عام (525م) على يد أرياط
القائد الحبشى الذى حكمها منذ ذلك الحين، ثم تنافس معه فى
حكمها قائد حبشى أخر هو أبرهة الأشرم الذى تغلب على أرياط
وقتله، فدانت له اليمن وتعاقب على حكمها بعده ابناه يكسوم
ثم مسروق. وفى عهد الأخير ظهر سيف بن ذى يزن الحميرى،
وثار على حكم الأحباش لبلاده واستعان فى قتاله لهم بالفرس
حوالى عام (575 م). فقد أرسل له كسرى فارس حملة فارسية
بقيادة دهرز تمكنت بالتحالف مع سيف والوطنيين اليمنيين من
قتل مسروق والقضاء على حكم الأحباش لليمن، وصار سيف بن
ذى يزن ملكًا على هذه البلاد وقفل دهرز عائدًا إلى فارس،
ولكن بعض الأحباش الباقين فى اليمن وثبوا على سيف وقتلوه
غيلة، فأعاد كسرى فارس قائده دهرز على رأس قوة جديدة
قضت على التمرد الحبشى وبقيت اليمن فى قبضة الفرس يحكمها
ولاة منهم حتى ظهر الإسلام، وكان حاكمها وقتذاك فارسى
يُدعى باذان، ولم يلبث أن أسلم وأقرَّه الرسول - صلى الله عليه
وسلم - عاملاً على اليمن تحت راية الإسلام. والجدير بالذكر أن
الأسرة الحاكمة لدولة الكانم والبرنو الإسلامية فى حوض بحيرة
تشاد انتسبت إلى سيف بن ذى يزن، وتسمَّت باسم الأسرة
السيفية الماغومية، على أساس أن امرأة من كانم كانت قد
تزوجت من سيف، ثم عاد أبناؤها منه إلى بلادهم فى كانم
وأسسوا هذه الدولة الإفريقية التى حكمت هذه البلاد لمدة ألف
عام، من القرن التاسع إلى القرن التاسع عشر للميلاد، بعد أن
اعتنقوا الإسلام ونشروه بين قومهم، كما نشروا الثقافة العربية
الإسلامية فى هذه المنطقة من القارة التى كانت تُعرف باسم
السودان الأوسط، والتى تعرف اليوم باسم جمهورية تشاد.(10/860)
*صبر الدين الأول (سلطان أوفات)
هو صبر الدين الأول محمد بن عمر ولشمع الذى ينتمى إلى بنى
عقيل بن أبى طالب أو بنى عبد الدار من قريش، حيث هاجر نفر
منهم إلى منطقة القرن الإفريقى فى عصور الإسلام الأولى،
وأقاموا سلطنة أُوفات الإسلامية على يد عمر ولشمع حوالى
منتصف القرن (13 م) فيما بين هضبة الحبشة وبين ساحل البحر
الأحمر. حكم أولاد عمر ولشمع ومنهم صبر الدين الأول وهو ثالث
من حكمها من أفراد هذه الأسرة العربية، وكان معاصرًا لملك
الحبشة عمدا صيون (1314 - 1344م). وكان هذا الملك الحبشى قد
خرج بجيوشه الجرارة عام (729هـ =1328م)، وهجم على سلطنة
أوفات من جميع نواحيها وأسر سلطانها حق الدين الأول بن عمر
ولشمع، وعين عليها أخاه صبر الدين الأول، على أن يعترف هذا
السلطان الجديد بسيادة ملك الحبشة ويعلن طاعته له. وكان
الأحباش منذ نهاية القرن (13م) لا يريدون أن تقوم بجوارهم
سلطنة إسلامية قوية تستقل بحكم هذه المنطقة الواسعة التى
فاقت مساحة مملكة الحبشة نفسها، ومن ثم فقد حاربوا سلطنة
أوفات وفرضوا طاعتهم على بعض سلاطينها، ومنهم السلطان
صبر الدين الأول الذى لم يطقْ صبرًا على تبعيته لهم، وأراد أن
يتخلص من نير الأحباش وسيطرتهم، وكون حلفًا إسلاميًّا من
أوفات ومملكة هدية الإسلامية ومملكة دوارو الإسلامية، وكانتا
تقعان جنوب أوفات، وغزا كثيرًا من أقاليم مملكة الحبشة وهدد
عمدا صيون ملك الحبشة فى عقر داره، فقام هذا الملك وعبأ
جيوشه وغزا هذه الممالك الإسلامية وأسر ملوكها وكثيرًا من
أهلها وحملهم معه إلى عاصمته؛ مما أجبر صبر الدين الأول على
المثول بنفسه أمام عمدا صيون، فقتله وضم أوفات وهدية
وفطحار وجعلها مملكة واحدة وعين عليها جلال الدين أخا
السلطان القتيل بعد أن رضى جلال الدين أن يدفع له الجزية وأن
يكون تابعًا له.(10/861)
*صبر الدين الثانى (سلطان عدل)
هو صبر الدين الثانى على بن سعد الدين، من أسرة عمر ولشمع
القرشية التى أقامت سلطنة أوفات الإسلامية، ولما قضى عليها
الأحباش أقامت سلطنة عدل الإسلامية فيما بقى من أراضى
سلطنة أوفات، فيما يُعرف الآن بالصومال الشمالى والغربى
(أوجادين) ومنطقة هرر وجيبوتى، وهى البلاد التى تقع جنوب
نهر عواش، وكان صبر الدين الثانى هذا هو أول سلطان يتولى
حكم هذه السلطنة الجديدة، وذلك فى الفترة من (817 - 825 هـ =
1414 - 1422 م). وكان صبر الدين قد فرَّ هو وإخوته التسعة إلى
اليمن عقب استشهاد والدهم سعد الدين آخر سلاطين أوفات فى
عام (805هـ =1402م)، فساعدهم ملك اليمن وعادوا إلى إقليم
عدل، وأقاموا هذه السلطنة بعد أن انضم إليهم جنود أبيهم
وأولياء دولتهم السابقة. واتخذ صبر الدين الثانى مدينة دكَّر
عاصمة له، وجمع شمل المسلمين حوله واستأنف الجهاد ضد
الأحباش انتقامًا لمقتل أبيه سعد الدين، واسترجاعًا لنفوذ أسرته
، وإنقاذًا للإسلام من الضياع، وهاجم الأحباش فى عدة مواقع
انتصر فيها، ثم هزمه إسحاق ملك االحبشة الذى كان قد كوَّن
دولة منظمة وجيشًا مدربًا أحسن تدريب بمساعدة بعض قبط مصر
وبعض فرسان المماليك الفارين من مصر إلى الحبشة خوفًا من
خصومهم فى مصر. ومن ثم اضطر صبر الدين الثانى إلى اتباع
أسلوب حرب العصابات نظرًا لكثرة جند الأحباش وقلة جنده،
وتمكن أخوه محمد وقائده حرب جوش - الحبشى الأصل والذى
كان قد أسلم وانضم إلى صبر الدين الثانى - أن يهزم جيشًا
حبشيًّا فى موقعة يُقال لها رطوى؛ مما شجع صبر الدين على
القتال بنفسه، فهاجم أحد قصور ملك الحبشة وأحرقه وهزم
جنده، وأرسل عددًا من قواده فتوغلوا فى بلاد أمهرة، أى فى
قلب هضبة الحبشة، وكان هذا خطأ من الناحية العسكرية؛ ذلك
أن الأحباش أحاطوا بجيش صبر الدين الثانى وقتلوا جميع الجند
ومثلوا بجثثهم، فلم يطقْ صبر الدين الثانى صبرًا على هذه(10/862)
الهزيمة القاسية فاندفع يقاتل الأحباش فى تهور، وتوغل فى
إحدى معاركه بين صفوفهم فكادوا يأسرونه، ولكنه أسرع
بالفرار ونجا من الأسر، واستمر يقاوم هيمنة الأحباش وسيطرتهم
على ما استعمروه من بلاد الزيلع حتى مات حتف أنفه فى عام
(825 هـ = 1422 م).(10/863)
*عبد الله الزيلعى
هو أحد فقهاء بلاد الزيلع التى تُعرف اليوم باسم إريتريا
وجيبوتى والصومال (الشمال)، وهرر وجزء كبير من إثيوبيا ضُم
إليها قهرًا قرب نهاية القرن الماضى بمساعدة الدول الأوربية.
ويُعتبر هذا الفقيه من المصادر الرئيسية التى اعتمد عليها ابن
فضل الله العمرى فى كتابه تاريخ بلاد الزيلع، وعنه أخذ
المقريزى والقلقشندى. وقد وصل عبد الله الزيلعى إلى مصر
فى عام (737هـ =1337م) ربما لتلقى العلم فى الجامع الأزهر،
أو لتقديم شكواه إلى سلطان مصر الناصر محمد بن قلاوون
ليتوسط هذا السلطان عند ملك الحبشة (إثيوبيا) حتى يمتنع هذا
الملك عن اضطهاده وحروبه لبلاد المسلمين الزيالعة المجاورين
له، وربما كان مجىء هذا الفقيه لتحقيق الهدفين معًا. المهم أن
هذا الشيخ الزيلعى انتهز فرصة وصول رسول ملك الحبشة لطلب
المطران القبطى - الذى كان يُرسل من مصر ليرأس كنيسة الحبشة
حسب التقليد المتبع فى ذلك منذ ما قبل الإسلام - وسعى لدى
سلطان مصر كى يعمل ما فى وسعه وينتهز هذه الفرصة ويكتب
إلى ملك الحبشة حتى يكفَّ أذاه عمَّن فى بلاده من المسلمين
وعن أخذ حريمهم. وكانت مصر تضغط بهذه الورقة - وهى
إرسال أو عدم إرسال المطران االقبطى للحبشة - حتى يمتنع
ملوكها عن اضطهادهم للمسلمين الزيالعة الذين يقعون تحت
سلطانهم أو المسلمين فى بلاد الحبشة ذاتها، ذلك أن منع
إرسال هذا المطران كان يصيب الحياة السياسية والاجتماعية
والدينية فى الحبشة بأضرار بالغة. وكان الزيالعة فى ذلك الحين
قد أصيبوا بضربة شديدة عندما قام ملك الحبشة عمدا صيون
بغزو بلادهم وخاصة سلطنة أوفات الإسلامية التى كانت
سلاطينها يتزعمون حركة الجهاد ضد الأحباش فى ذلك الحين،
فدمر عمدا صيون وخرَّب الكثير من هذه البلاد فى عام (728هـ =
1328 م)، وأخضع سلطنة أوفات وما جاورها لحكمه، وعزل
سلطانها صبر الدين وعين أخاه جلال الدين الذى رضى بأن يدفع(10/864)
له الجزية وأن يكون تابعًا له. ومن ثم سعى الشيخ عبد الله
الزيلعى إلى مقابلة سلطان مصر لدفع هذا الضر عن قومه
وبلاده، فاستجاب له الناصر محمد بن قلاوون وأمر بطريرك مصر
بكتابة رسالة لملك الحبشة فى هذا المعنى، فكتب البطريرك
كتابًا بليغًا شافيًا فيه معنى الإنكار لهذه الأفعال، وأنه جرَّم هذا
على من يفعله بعبارات أجاد فيها على حد تعبير ابن فضل الله
العمرى، وذلك نتيجة لمسعى الشيخ عبد الله الزيلعى الذى يمكن
أن يُعتبر رسولاً من ملوك الزيلع إلى سلطان مصر لتحقيق هذا
الغرض.(10/865)
*عبد الله بن كادى
هو الماى الواحد والعشرون فى سلسلة المايات (السلاطين) الذين
حكموا سلطنة الكانم الإسلامية التى تقع شمال شرقى بحيرة
تشاد، فقد حكم هذا الماى (21) عامًا فى الفترة من
(1321 - 1342م). وكانت البلاد تعيش منذ بداية القرن (14م) عصر
تدهور وضعف؛ نتيجة للصراع الداخلى الذى شبَّ بين أبناء البيت
الحاكم على كرسى العرش، ونتيجة للمنافسات الدموية التى
اشتدت بين السادة الإقطاعيين من أمراء البيت الحاكم ومن يلوذ
بهم، ونتيجة لاشتداد خطر قبائل البلالة وقبائل الصو؛ وترتب
على ذلك أن ضعفت البلاد واشتدت الفتن حتى قام أحد المايات
وهو الماى إبراهيم بن بيرى (1300 - 1321م) بقتل ابنه، وتعرض
هذا الماى نفسه للقتل على أيدى اليريمة -أى حاكم الشمال -
وهو أحد أعضاء مجلس الأكابر الأعلام المكون من (12) عضوًا
كانوا يساعدون الماى فى حكم البلاد - وقد خلفه فى الحكم
الماى عبد الله بن كادى ولم يؤثر عنه إلا أنه كافأ الأشخاص
الذين انتشلوا جثة السلطان القتيل عند مدينة دسكام بالقتل لأنهم
رأوا عورة السلطان القتيل. كما حدث فى عهده حرب أهلية بين
البفاريمة - أحد أعضاء المجلس المشار إليه - وجايو ابن حاكم
مدينة سينا التى تقع فى الجنوب من العاصمة نجيمى، ربما
بسبب محاولة الأخير الانفصال عن الدولة. ويقال: إن الماى عبد
الله بن كادى كان قد تلقى أخبارًا عن أربعةً لصوص كانوا أبناء
أمٍّ واحدة، فأرسل فى استدعائهم وعندما حضروا بين يديه أمر
بقتلهم فقتلوا، فابتهلت أمهم إلى الله سبحانه وتعالى أن ينتقم
من هذا الماى وأن يقطع دابره، فاستجاب الله لدعائها، فمات
الماى توًّا فى أحد الحروب التى اشتعلت ضده فى بعض أقاليم
الدولة التى كانت تحاول الانفصال والتمرد على حكم الأسرة
الحاكمة فى نجيمى.(10/866)
*عبد الجليل بن سيكوما (سلطان البلالة)
هو أول زعيم بارز من زعماء قبائل البلالة التى كانت تعيش
شرق بلاد كانم وشمال بحيرة فترى. وكان هؤلاء الزعماء
يخضعون لبنى عمومتهم من مايات (ملوك) الأسرة السيفية
الماغومية التى كانت تحكم بلاد كانم التى تقع شمال شرق
بحيرة تشاد منذ ما قبل القرن (9 م). ويعود الفضل إلى هذا
الزعيم فى تخليص البلالة من هذه التبعية منتهزًا فرصة ضعف
كانم، فقد أقام دولة كانت عاصمتها مدينة ماسيو التى تقع
شمال بحيرة فترى منذ عام (767هـ=1365م)، ثم تحالف مع قبائل
النجيزام وغيرها من قبائل مملكة كوكا (جاوجا) التى كانت
عاصمتها جاو والتى كانت تقع فى حوض بحيرة فترى، نظرًا
لكراهية هذه القبائل لحاكمهم على زينا بسبب قسوته عليهم
وظلمه لهم، فحاربه عبد الجليل وضم بلاده إليه واتخذ من مدينة
جاو عاصمة له، ثم بدأ يتوسع فى البلاد المحيطة به حتى امتدَّ
نفوذه ليشمل المنطقة الممتدة من بورقو إلى مويو وأهير. ثم
اتجهت جهود هذا الزعيم إلى القضاء على حكم الأسرة الماغومية
فى كانم، وضم هذه البلاد الواسعة إلى دولته، وخاض فى
سبيل ذلك صراعًا مريرًا ضد سلاطينها وتمكن بمساعدة العرب له
من قتل أربعة منهم؛ مما أجبر هذه الأسرة الحاكمة فى كانم
إلى الهرب إلى إقليم برنو الذى يقع شمال وغرب بحيرة تشاد،
وذلك فى غهد الماى عمر بن إدريس (788 - 793 هـ = 1386 -
1391 م)، وبدأ حكم البلالة لكانم منذ ذلك الحين. وهكذا يعود
الفضل فى اتساع سلطنة البلالة على هذا النحو إلى زعيمها عبد
الجليل بن سيكوما، وما كان يتمتع به من صفات الزعامة والقوة،
حيث كان مشهورًا بالفروسية والقوة والشجاعة فضلاً عن
المغامرة، إذ لم يكتفِ باتساع دولته على هذا النحو، بل طارد
الماغوميين فى برنو وقتل بعض سلاطينهم، ثم هدأت الأمور بينه
وبينهم حتى مات فى عام (814هـ= 1411م)، بعد أن حكم سلطنة
البلالة الواسعة (46) سنة.(10/867)
*عثمان بن فودى
وُلد الشيخ عثمان بن فودى فى عام (1168هـ= 1754م) فى
مملكة غوبير - وهى إحدى ممالك الهوسا فى شمالى نيجيريا -
لأبوين صالحين ينتميان إلى إحدى قبائل شعب الفولانى الذى
كان يسكن وقتذاك هذه البلاد. وقد نشأ الشيخ عثمان نشأة
دينية إسلامية، وأولع منذ صغره بالعبادة والعلم، وارتحل فى
طلب العلم حتى شهد بفضله وعلمه علماء زمانه، وارتحل إليه
الطلاب للاستفادة من علمه الغزير، وكان الشيخ عثمان يتعهدهم
لا بتحصيل العلم وحده ولكن بتنشئتهم على منهج الإسلام فى
سلوكهم وعاداتهم وتقاليدهم؛ فأوجد جيلاً من الطلاب والعلماء
يدينون له بالطاعة والولاء، وبفضلهم اتسعت دعوته التى كانت
موجهة للمسلمين بهدف تصحيح إسلامهم، وإلى غير المسلمين
بهدف إدخالهم فى الإسلام، وإلى المجتمع بهدف إقامة شريعة
الإسلام. ثم انتقل الشيخ عثمان بعد ذلك إلى مرحلة تالية، وهى
الهجرة إلى واحة تقع على حافة الصحراء فى شمال غوبير
بهدف إقامة رباط يتجمع فيه أتباعه والمخلصون لدعوته بعد أن
اضطهده ملك جوبير؛ فهاجر إليه ما يربو على (5000) حيث
بايعوه فى عام (1804م) بالإمارة، وعلى اتباع الكتاب والسنة،
وعلى نصرة دين الله تعالى. ولم يلبثْ عثمان أن اختار وزراءه،
وعين قائدًا لجيشه، وإمامًا لصلاته. ولما علم بذلك ملوك بلاد
الهوسا تضافروا جميعًا وعلى رأسهم ملك جوبير على القضاء
على الشيخ عثمان ودعوته، وجردوا عليه عدة حملات عسكرية؛
فأعلن الشيخ الجهاد ضدهم، وظل يجاهدهم حتى قضى على
حكمهم الذى كان يخالف الإسلام فى كثير من مظاهره، وقامت
على يديه دولة إسلامية كبرى هى دولة الفولانيين، اتخذت من
مدينة سوكوتو عاصمة لها، واستطاعت أن تصبغ السودان
الأوسط الذى يمتد من نهر النيجر إلى بحيرة تشاد بصبغة الإسلام
التى لازال يتميز بها حتى الآن. كما زحفت قواته شرقًا إلى دولة
البرنو الإسلامية التى كان قد أصابها الضعف والانحلال منذ(10/868)
قرون، وهزمت قوات هذه الدولة واستولت على مدينة بيرنى
عاصمة البرنو وهرب سلطانها فى عام (1811م)، ولم تعدْ هذه
العاصمة للبرنويين بعد ذلك، وصارت معظم نواحى إقليم برنو
جزءًا من دولة الشيخ عثمان وأبنائه من بعده، ولم يلبث أن
تُوفِّى الشيخ عثمان فى عام (1817م) بعد أن كوَّن هذه
الإمبراطورية الواسعة، وترك القيام بأمر الدعوة والدولة لأخيه
عبد الله وابنه محمد بلو.(10/869)
*على بن دالاتو
هو الماى الثامن والستون فى سلسلة المايات أو السلاطين الذين
حكموا سلطنة البرنو الإسلامية التى تقع أساسًا غربى بحيرة
تشاد، وامتد نفوذها لتضمَّ بلاد كانم بعد أن كانت الأسرة
الحاكمة فى كانم قد انتقلت إلى إقليم برنو قرب نهاية القرن
(14م) فرارًا من بطش البلالة بهم، واستقرت الأسرة الحاكمة فى
برنو واستردت نفوذها فى كثير من أنحاء كانم فى عهد الماى
إدريس ألوما قرب نهاية القرن (16م). وتطورت الأمور بهذه
السلطنة البرنوية حتى تعرضت فى بداية القرن (19م) إلى خطر
جديد هو خطر الفولانيين الزاحف عليها من حوض نهر النيجر، فقد
زحف الفولانيون واستولوا على عاصمة برنو فى (مارس سنة
1808م)، وهربت الأسرة الماغومية الحاكمة وعلى رأسها الماى
دونمة بن الماى أحمد بن على نحو الشمال، حيث التقى هناك
بأمير من أمراء الشمال هو الشيخ محمد الأمين الكانمى، الذى
قدم المساعدة لهذا الماى الهارب، فاستعاد العاصمة فى عام
(1811 م)، ولكن الفولانيين استولوا عليها مرة أخرى، فلجأ
الماى دونمة إلى الشيخ محمد الأمين الكاغى، الذى اشتد نفوذه
وأصبح هو الحاكم الفعلى للبلاد. ولما اشتدت وطأته على هذا
الماى تآمر الأخير عليه مستعينًا بسلطان سلطنة باجرمى التى
تقع جنوب بلاد كانم. وحدث أن قُتل الماى دونمة خطأ على يد
جيش باجرمى، فتقدم أخوه إبراهيم وعينه الشيخ محمد الأمين
الكانمى مايًا بشروط معينة، ولكن الماى إبراهيم كرر خطأ أخيه
فتآمر مع سلطان واداى - التى تقع شرق بلاد كانم - كى ينقذ
برنو من تحكم أسرة الشيخ محمد الأمين الكانمى، وتقدم سلطان
واداى وأباد جيش برنو فى عام (1846م)، واشترط على الشيخ
عمر بن الشيخ محمد الأمين الكانمى الذى كان هو الحاكم الفعلى
بعد موت أبيه أن يُعيِّن على بن دالاتو - وهو أحد أمراء الأسرة
الماغومية الشرعية - فى منصب الماى، فقبل عمر بهذا الشرط.
ولما رحل جيش واداى وزال الخطر، قام الشيخ عمر بمحاربة(10/870)
الماى على بن دالاتو وقتله فى عام (1846م) بعد أن حكم
أربعين يومًا فقط، وبمقتل على بن دالاتو فى ذلك العام انتهى
عهد الأسرة الماغومية السيفية التى حكمت بلاد الكانم والبرنو
حوالى ألف عام، وكان على بن دالاتو هو أخر سلاطين هذه
الأسرة.(10/871)
*فضيل بن سليمان (سلطان كلوة)
هو السلطان فضيل بن سليمان أحد سلاطين سلطنة كلوة
الإسلامية، التى نشأت أولاً فى جزيرة كلوة التى تقع أمام
ساحل ما يُعرف الآن بتنزانيا فى عام (365هـ =975م)، وامتد
نفوذها إلى هذا الساحل وإلى المناطق التى تحيط به والتى تمتد
من ممبسة فى الشمال إلى ميناء سوفالة جنوب نهر الزمبيزى،
فيما يُعرف الآن بموزمبيق من ناحية الجنوب. وقد استمرت هذه
السلطنة الإسلامية فى الوجود وتمتعت بالازدهار الحضارى
والتجارى والعمرانى، حتى هاجمها البرتغاليون قرب نهاية
القرن (15م)؛ مما هيأ الفرصة للقضاء عليها، خاصة وأن الأمراء
كانوا يتصارعون فيما بينهم على السلطة، وكانوا يُولون من
شاءوا من السلاطين ويعزلونهم. وكان آخر هؤلاء السلاطين
فضيل بن سليمان الذى حكم هذه السلطنة فى الفترة من
(901 - 905هـ=1495 - 1500م)، وكان الحاكم الفعلى هو الأمير محمد
كواب الذى عين هذا السلطان بعد أن عزل السلطان السابق وهو
السلطان حسن الذى فرَّ شمالاً، ولم يلبث أن كون جيشًّا وحاول
استعادة نفوذه فى كلوة مستعينًا فى ذلك بسلطان زنجبار،
وحدثت حرب أهلية بين الفريقين انهزم فيها حسن وعاد من حيث
جاء. ولم يلبث أن مات الأمير محمد كواب القابض الفعلى على
السلطة فى كلوة وخلفه فى منصب الإمارة الأمير إبراهيم بن
سليمان الدموى، وفى عهد هذا الأمير وفى عهد السلطان فضيل
بن سليمان جاءت الأنباء بوصول سفن برتغالية وأنهم مروا
بكلوة إلى ممبسة فى عام (1498م)، ثم منها إلى بلاد الهند
بقيادة فاسكوداجاما، ثم عادت إلى البرتغال التى أرسلت حملة
آخرى بقيادة بدرو ألفاريز كابرال عبرت رأس الرجاء الصالح
ووصلت إلى كلوة فى (يونيه 1500 م). ولم يلبث الأمير إبراهيم
أن انقضَّ على السلطان فضيل وعزله وتولى العرش وقتله، وفى
عهده أتى البرتغاليون للمرة الثانية إلى كلوة بقيادة
فاسكوداجاما واحتلوا المدينة فى (يوليه 1502م) وأرغموا الأمير(10/872)
إبراهيم على الاعتراف بتبعيته لملك البرتغال. ولم يفعل ذلك
السلطان فضيل عندما كان فى الحكم رغم أنه لم يكن له من الأمر
شىء. وهذا السلطان هو أخر سلاطين أسرة المهدلى العربية
التى حكمت سلطنة كلوة الإسلامية فى أواخر العصور الوسطى.(10/873)
*قيلى أبو جريدة (سلطان تقلى السودانية)
هو ابن فقيه من أصل عربى يُدعى محمد الجعلى. وكان هذا
الفقيه يقيم قرب مصب نهر عطبرة فى نهر النيل بالسودان، ثم
هاجر هذا الفقيه الذى كان أحد مشايخ الطرق الصوفية إلى
جبال النوبا حوالى عام (1530م) مع مجموعة من العلماء
والفقهاء لنشر الإسلام فى هذه الجبال التى تقع جنوب كردفان
وغرب النيل الأبيض وشمال بحر العرب، وهى غير بلاد النوبة
التى تقع جنوبى مصر وشمالى السودان. وقد قاده السكان عند
وصوله إلى هذه الجبال إلى زعيمهم المسمى كبر كبر، فأكرم
وفادته، وبدأ محمد الجعلى عمله فى نشر الإسلام واجتذب قلوب
الناس بورعه وطيب أخلاقه وحميد صفاته، ولما آنس منه كبر كبر
ذلك زوَّجه ابنته، فولدت له ولدًا سماه قيلى أبوجريدة، وقيلى
لفظ نوبى يعنى: الأحمر، فيكون اسمه: الأحمرصاحب الجريدة،
والأحمر هنا تعنى أنه من غير السود، لأنه من أصل عربى، وبعد
وقت قليل مات الزعيم كبر كبر فانتقل الحكم تلقائيًّا إلى حفيده
قيلى أبو جريدة حسب التقاليد المرعية هناك والتى تجعل الحكم
ينتقل إلى ابن البنت أو ابن الأخت. وبذلك أصبح قيلى أبوجريدة
سلطانًا على سلطنة حملت اسم سلطنة تقلى الإسلامية، ويعتبر
هو المؤسس لهذه السلطنة، التى ظل سلاطينها من ذريته
يتعاقبون على حكمها حتى بداية القرن (20 م). حكم السلطان
قيلى أبو جريدة هذه السلطنة فى الفترة من (1560 - 1585م)،
وبنى مسجدًا وعمل على نشر الإسلام بين شعبه، وشجع
المسلمين من مختلف البلاد على الهجرة إلى بلاده والاستقرار
فيها، كما شجع التجارة بين بلاده ومختلف البلاد الإسلامية،
وبدأ التزاوج بين القبائل النوباوية وبين القبائل العربية والتجار
العرب المهاجرين إلى تقلى يُؤتى ثماره، فازداد انتشار الإسلام
وانتشرت العروبة فى جبال النوبا، وكان فى كل قرية زاوية
تجمع بين المدرسة والمسجد، وظلت هذه الزوايا تتمتع بشهرة(10/874)
كبيرة، وكان لها أثرها الكبير فى نشر الثقافة العربية الإسلامية
فى هذه السلطنة السودانية النائية. كل ذلك بفضل مؤسس هذه
السلطنة الإسلامية قيلى أبوجريدة بن محمد الجعلى، العربى
الأصل الذى مات وخلفه فى حكمها (29) من أبنائه وأحفاده،
حتى جاء الحكم المصرى فى عهد محمد على باشا.(10/875)
*أسكيا محمد الأول
كان أسكيا محمد الأول فى الأصل قائدًا من قواد سُنِّى على ملك
دولة صنغى الإسلامية التى كانت تقع فى غرب إفريقيا، وكان
أسكيا محمد من قبائل السوننك المشهورة بنشر الإسلام فى
هذه المنطقة من القارة منذ القرن (11م)، بينما كان سُنِّى على
مشغولاً بمشروعاته السياسية وتوسعاته فى المناطق المحيطة
بدولته؛ مما صرفه عن الاهتمام بالأمور الدينية، مما مهد السبيل
أمام أحد قواده وهو محمد بن أبى بكر التورى، إذ أعلن هذا
القائد الثورة ضد ابن سنى على الذى كان قد تولى العرش بعد
وفاة والده، واستطاع هذا القائد الاستيلاء على السلطة، وأطلق
على نفسه لقب أسكيا ومعناه: القاهر، وأصبح يُعرف باسم
أسكيا محمد الأول، أو أسكيا الحاج محمد، أو أسكيا محمد
الكبير. وحكم أسكيا محمد البلاد فى الفترة من (1493 - 1529م)،
وقام بتنظيمها من الناحية الإدارية ونظم الجيش، واتخذت حركته
مظهرًا إسلاميًّا واضحًا، إذ اعتنى بتطبيق الشريعة الإسلامية
وقضى على مظاهر الفساد، وأنشأ المساجد، وأدى فريضة
الحج فى عام (1496م) فى موكب اتصف بالعظمة والأبهة
والفخامة، وأنفق مئات الألوف من الذهب على فقراء الحرمين
الشريفين، واهتم بحركة الجهاد لنشر الإسلام بين الوثنيين
المحيطين بدولته، وأرسل علماء من تمبكت لتحقيق هذا الغرض،
وبلغت إمبراطورية صنغى فى عهده أقصى اتساع لها، حتى
صارت أضخم من إمبراطورية مالى الإسلامية التى كان ملوك
صنغى الأوائل قد ضموا معظم أراضيها إلى بلادهم وأكمل
أسكيا محمد الأول مافعلوه، ولكن حكمه آذن بالزوال حينما
أصيب بالعمى وانتابه المرض وتآمر عليه أولاده، وعزله أحدهم
وتولى الحكم فى (1529م). واستمر أسكيا محمد الأول سجين
داره وبصره حتى تُوفِّى بعد ذلك ببضعة أعوام، بعد أن أسس
لأولاده وأحفاده من بعده إمبراطورية واسعة الأرجاء، ونشر
الإسلام فى كثير من البلدان المحيطة به، وطبَّق الشريعة(10/876)
الإسلامية فى بلاده؛ ولذلك استحق أن ينسج المؤرخون حوله
كثيرًا من الكرامات والخوارق حتى وصلوا به إلى مرتبة الخلفاء
الراشدين نظرًا لاهتمامه بأمر العلم والدين.(10/877)
*محمد بن مانى
يُعتبر محمد بن مانى من أعظم الدعاة إلى الإسلام فى بلاد
الكانم والبرنو التى تقع فى حوض بحيرة تشاد وما يحيط بها من
بلدان. عاش فى القرن (15م) وعُمِّر (120) سنة، وعاصر (5) من
مايات (سلاطين) كانم، أولهم الماى بولو الذى بدأ حكمه لهذه
البلاد حوالى عام (1020م)، وآخرهم الماى أوم بن عبد الجليل
الذى بدأ حكمه عام (1085م). وقد اجتهد هذا الداعية العظيم فى
تحويل هؤلاء السلاطين إلى الإسلام وتثقيفهم فى الدين، ونجح
فى ذلك النجاح كله فأسلموا وأقرأهم القرآن، فقرأ مع الماى
بولو الجزئين الأخيرين من القرآن الكريم من أول سورة الملك إلى
نهاية سورة الناس، وكافأه هذا الماى على ذلك بمنحه (50)
جملاً، كما قرأ الماى مع الماى أركى - الذى بدأ حكمه حوالى
عام (1035م) - من أول سورة يس إلى نهاية سورة الناس فكافأه
بمنحه (60) جملاً، وقرأ مع الذى خلفه وهو كادى - الذى بدأ
حكمه حوالى عام (1075م) - من سورة مريم إلى سورة الناس
فكافأه بأن منحه (70) جملاً، كما كافأه الماى عبد الجليل -الذى
بدأ حكمه حوالى عام (1080م) - بأن أعطاه (80) جملاً، بعد أن
أقرأه من سورة الأعراف إلى ما بعدها. أما الماى أوم بن عبد
الجليل - الذى بدأ حكمه لبلاد كانم عام (1085م)، فقد قرأ مع هذا
الداعية العظيم القرآن الكريم كله، وقرأ معه أيضًا سيرة النبى
- صلى الله عليه وسلم -، وأمر هذا الماى بمنحه مكافأة سخية
عبارة عن: (100) بعير، و (100) قطعة من الذهب ومثلها من
الفضة، و (100) من الرقيق، كما أصدر هذا الماى لهذا الداعية
(مَحْرمًا) أى صكًّا أوصى فيه بهذا الداعية، وأمر بحرمة أمواله
ودمه هو وأسرته وذريته من بعده، ودعا على من يعتدى عليه
وعليهم بالحرق فى نار جهنم. ومعنى ذلك أنه أعطاه الحصانة
بمفهومنا المعاصر، فلا يستطيع أحدًا مهما كان - حتى لو كان
من أسرة الماى نفسه - أن يمسه هو أو ذريته أو أمواله أو(10/878)
امتيازاته بسوء. وقد أشار هذا المحرم أيضًا إلى أن الإسلام دخل
هذه البلاد على يد هذا الداعية العظيم، وأصبح شائعًا بين الناس
بفضل محمد بن مانى والماى أوم بن عبد الجليل اللذيْن يعتبران
المؤسسان الحقيقيان لسلطنة كانم الإسلامية.(10/879)
*محمد أبو اللكيلك
كان محمد أبو اللكيلك قائد الفرسان فى جيش بادى الرابع أبو
شلوخ سلطان الفونج فى سلطنة سنار بالسودان، كما كان هذا
القائد زعيم جماعة سودانية تُعرف باسم الهمق (الهمج)، كانت
السلطنة تستعين بها فى حروبها، وأصبح لها نفوذ كبير فى
هذه السلطنة السودانية الإسلامية بعد عزل السلطان بادى الرابع
فى عام (1762م). وكان هذا العزل على يد هذا القائد الذى زاد
نفوذه واشتد سلطانه منذ أن حققت السلطنة نصرًا مؤزرًا على
ملك الحبشة فى (أبريل سنة 1744م). وكان هذا الملك قد هاجم
السلطنة وقام جيشها بمدافعته والانتصار عليه، واشترك فى
هذه المدافعة وساهم فى هذا النصر الشيخ محمد أبو اللكيلك
الذى علا نجمه منذ ذلك الحين، وقد توطد نفوذه بعد اشتراكه
فى جيش سنار الذى هاجم سلطنة كردفان فى عام (1747م)،
وأنقذ هذا الجيش من هزيمة منكرة وأحرز نصرًا مؤزرًا على
سلطان كردفان؛ فعهد إليه بادى الرابع سلطان الفونج فى
سنار بحكم هذه السلطنة بعد طرد الأسرة الحاكمة منها. وكان
الجند يحبونه لعزمه وقيادته الرشيدة، فألفته النفوس، وانقادت
إليه القلوب، فى الوقت الذى سار السلطان بادى الرابع على
سياسة الظلم وقهر الرعية والتعسف فى جباية الضرائب؛ مما
جعل زعماء سنار بل وبعض أبناء الأسرة الحاكمة فيها يطلبون
من محمد أبو اللكيلك سرعة التدخل والزحف على سنار وعزل
هذا السلطان الظالم. فسار محمد بالجيش من كردفان إلى سنار،
حيث قابله ناصر ابن السلطان نفسه وانضمَّ إلى جيش محمد،
وحاصر هذا الجيش سنار فاستسلم السلطان وخلعه محمد أبو
اللكيلك وولى ابنه ناصرًا مكانه فى عام (1762م). وبذلك انتقلت
السلطة الفعلية من الأسرة الفونجية الحاكمة إلى الشيخ محمد أبو
اللكيلك الذى تولى الوزارة وصار هو الذى يُعين ويعزل
السلاطين، وأخذ يطارد منافسيه ويتخلص منهم، فكان أن قتل
كبار أمراء الأسرة الحاكمة الشرعية، وامتدت يده إلى السلطان(10/880)
ناصر نفسه، فعزله وحدد إقامته ثم قتله، وعين بدلاً منه أخاه
إسماعيل بن السلطان بادى الرابع ملكًا على سنار. واستمر الأمر
على هذا النحو حتى تُوفِّى محمد أبو اللكيلك. وبعد وفاته دار
صراع على السلطة اشترك فيه الطامعون من الهمق والطامعون
من بقايا الفونج، وآذن ذلك بانهيار الدولة ومهَّد الطريق لتدخل
مصر بجيشها الذى اجتاح البلاد فى عهد محمد على باشا فى
عام (1820م).(10/881)
*محمود كعت التمبكتى
هو أحد العلماء البارزين فى سلطنة صنغى الإسلامية التى قامت
فى غربى إفريقيا فى النصف الثانى من القرن (14 م)، وأصبحت
إمبراطورية كبرى على عهد سلطانها أسكيا محمد الأول (899 -
935 هـ = 1493 - 1529 م). وكان محمود كعت يعيش فى عصر
هذا السلطان العظيم الذى اهتم بالعلم والعلماء، وكان محمود
كعت مؤرخ دولته وقاضيه، ولذلك كان فى معيته عندما أزمع
هذا السلطان الرحيل إلى بلاد الحجاز لأداء فريضة الحج فى عام
(902 هـ = 1496 م)، تلك الرحلة التى وصفها محمود كعت فى
كتابه الذى ألفه فى تاريخ هذه السلطنة الإسلامية وسمَّاه:
تاريخ الفتاش فى أخبار البلدان والجيوش وأكابر الناس، وذكر
وقائع التكرور وعظائم الأمور وتفريق أنساب العبيد من الأحرار،
وهو من أهم الكتب التى رصدت تاريخ هذه الدولة بدءًا من عصر
أسكيا محمد الأول، وذيل عليه حفدته. وقد امتد العمر بالشيخ
محمود كمت حتى عاصر عددًا من أولاد أسكيا محمد الأول الذين
حكموا بعد والدهم، إذ يذكر فى كتابه بعض الأحداث التى حدثت
فى عصر أسكيا داود بن أسكيا محمد الأول الذى حكم سلطنة
صنغى فى الفترة من (956 - 990هـ = 1549 - 1582 م) وكان
شاهدًا عليها، ومن ذلك قصة تدل على ما كان يتمتع به هذا
الفقيه القاضى وغيره من علماء عصره فى هذه السلطنة،
وموجز هذه القصة أن أحد الحجاج صافح أسكيا داود على
عادتهم فى ذلك، إذ كان السلطان يستقبل الحجاج ويصافحهم
عند عودتهم تبركًا بهم، ولما حدث أن صافحه رجل من الرقيق
ولاحظ ذلك رئيس الحرس - الذى كان يعرف أصل هذا الرجل - قام
ونزع يد الرجل من يد السلطان وأقسم أن يقطعها، وكان محمود
كعت جالسًا بجوار أسكيا داود فسأله الرأى، فأخذ محمود كعت
يستنكر قطع يد الرجل بأسلوب فيه توبيخ شديد لرئيس الحرس،
عندئذٍ قام أسكيا داواد وسالت دموعه وقبَّل الرجل ومنحه عطاءً
جزيلأً، وأمر بعقاب رئيس الحرس، وأهدى القاضى محمود كعت(10/882)
عشرة أثواب وخمسة عبيد جزاء نصيحته الخالصة لوجه الله
تعالى، والتى منعت السلطان أن يقع فى الإثم ومعصية الله؛ مما
يدل على أن محمود كعت كان فقيهًا لايخشى فى الله لومة لائم،
كما كان محمود كعت مؤرخًا؛ إذ حفظ لنا بكتابه - الذى أشرنا
إليه - تاريخ فترة مهمة لدولة إسلامية كبرى قامت فى هذا الجزء
الغربى من القارة فى أواخر العصور الوسطى وأوائل العصر
الحديث.(10/883)
*منليك الثانى ملك الحبشة (إثيوبيا)
وُلد منليك الثانى فى عام (1844م) وكان والده ملكًا على إقليم
شوا فى الجزء الشرقى من هضبة الحبشة، وعندما ظهر تيودور
وأصبح ملكًا على الحبشة أخذ فى القضاء على منافسيه ومنهم
والد منليك الذى مات فى معركة معه فى عام (1855م)، وقبض
تيودور على منليك وأخذه رهينة وسجنه، لكنه فر من سجنه
وعاد إلى إقليم شوا وأعلن نفسه ملكًا على هذا الإقليم فى عام
(1865م)، وظل ينافس الملك يوحنا بن تيودور، فتحالف معه
الأخير وصاهره، فتفرغ منليك للقضاء على السلطنات والإمارات
الإسلامية التى تقع فى بلاد الحبشة وفى بلاد الزيلع المجاورة
لها. وواتته الفرصة بموت الملك يوحنا فتولى منليك عرش الحبشة
كلها وورث جيش سلفه والكميات الضخمة من العتاد والأسلحة
الحديثة التى أهدتها له بريطانيا، وتلك التى كان يوحنا قد حصل
عليها من روسيا وإيطاليا. وبهذه الأسلحة وبمساعدة الإرساليات
التنصيرية الأوربية وبدعم من الدول الأوربية استطاع منليك أن
يُنفذ سياسته فى القضاء على السلطنات الإسلامية، مثل: سلطنة
هرر، وسيداما، وجيما وغيرها، واستولى عليها فى عام
(1887م) بعد أن انسحب منها الجيش المصرى بضغط من الدول
الأوربية، وكانت مصر قد بسطت حكمها على تلك المناطق وحتى
بلاد الصومال منذ عهد الخديو إسماعيل. كما كان من أهداف
منليك القضاء على قبائل الجالا (الاَوروموالآن)، التى ازداد
خطرها وكثر عددها حتى أصبحت تمثل نصف سكان الحبشة،
بخلاف أنها اعتنقت الإسلام؛ ولذلك أصبح معظم سكان الحبشة
من المسلمين، مما مثَّل خطرًا كبيرًا على منليك وعلى المسيحية،
وكان من أهم هذه القبائل قبائل الوللوجالا التى كانت تقيم فى
قلب هضبة الحبشة وسط الممالك المسيحية، فحاربها منليك
وانتصر على ملكها السلطان محمد على وخيَّره بين القتل أو
اعتناق المسيحية، فتنصَّر شكلاً وتسمَّى بالرأس ميخائيل وزوجه(10/884)
منليك من ابنته أريجاش وأنجب منها ولدًا سمَّاه ليج ياسو أى:
قلب يسوع. ولما لم يكن لمنليك أبناء ذكور فقد جعل حفيده هذا
وليًّا للعهد. ولما مات منليك فى عام (1913م) أصبح ليج ياسو
ملكًا على بلاد الحبشة (إثيوبيا الآن)، وفى التوِّ أعلن هذا الملك
إسلامه وبدأ ينشر الإسلام ويبنى المساجد؛ فتآمرت عليه الدول
الأوربية والكنيسة المصرية والإثيوبية وعزلته عن الحكم فى عام
(1917م)، وخلفه الإمبراطور هيلاسلاسى أخر ملوك الحبشة من
هذه الأسرة الحاكمة.(10/885)
*نور بن مجاهد
هو الأمير نور بن الوزير مجاهد الذى كان أحد وزراء الإمام أحمد
بن إبراهيم الغازى المعروف باسم أحمد جران أو أحمد العزين:
أى الأشول، والذى غزا مملكة الحبشة وطارد ملكها لبنا دنجل
حتى مات مغمومًا حزينًا، وخلفه ابنه كلاديوس الذى استعان
بالبرتغاليين وتمكن من هزيمة الإمام أحمد وقتله فى بداية عام (
1543م)، وبموته انهارت المقاومة الإسلامية التى تزعمها هذا
الإمام، وبدأ الانهيار الفعلى لسلطنة عدل التى كانت تقود هذه
المقاومة من مدينة هرر مركز الإمام، وحاولت أرملته وبعض
وزرائه الانتقام من الأحباش واستعادة نفوذهم الذى ضاع فى
ممالك دوارو وفطجار وبالى ولكنهم هزموا. ورغم ذلك لم يهدأ
المسلمون والتفوا حول نور بن الوزير مجاهد ابن أخت الإمام
أحمد وانتخبوه إمامًا لهم فى عام (1552م) وأسموه صاحب
الفتح الثانى. فقد قام هذا القائد أو هذا الإمام الجديد. بتحصين
مدينة هرر التى كانت منذ عهد الإمام أحمد مركزًا للمقاومة
الإسلامية ضد الأحباش، وبنى سورها الذى لايزال يحيط بها إلى
الآن، وكانت محاولاته فى غزواته الأولى غير موفقة، ولكن
سرعان ما تغير الموقف عندما أصبحت مملكة الحبشة مهددة
بزحف قبائل الجالا جنوبًا ومن الشمال بواسطة الأتراك
العثمانيين. وكانت قبائل الجالا الوثنية قد انتهزت فرصة الفراغ
السياسى الذى حدث فى المنطقة بعد مقتل الإمام أحمد وأغارت
على دوارو وبالى فى عام (1547م)، وهاجمت جنوب الحبشة
وتوغلت فيها، وفى الوقت نفسه تمكن العثمانيون على مصوع
وحرقيقو وتوغلوا داخل أريتريا، بينما كان نور بن مجاهد يعزز
قواته، اشتبك مع قوات ملك الحبشة جلاوديوس فى معركة انتصر
فيها نور انتصارًا مبينًا؛ حيث هزم قوات هذا الملك الحبشى وقتله
فى (مارس عام 1559م)، واسترد كثيرًا من الممالك الإسلامية التى
كانت قد وقعت تحت نير الأحباش بعد مقتل الإمام أحمد جران؛
ولذلك سمَّاه المسلمون الزيالعة بصاحب الفتح الإسلامى. وظل(10/886)
نور بن مجاهد يحكم هذه الممالك الإسلامية حتى تُوفِّى فى عام
(1567م)، ودُفن فى هرر، ولايزال مسلموا الحبشة إثيوبيا
يزورون قبره إلى اليوم.(10/887)
*يجبياصيون (ملك الحبشة)
هو يجبياصيون بن يكونو أملاك، أحد ملوك الحبشة، خلف أباه
على عرش هذه البلاد وحكمها فى الفترة من (1285 - 1294 م).
وكان والده يكونو أملاك قد حارب سلطنة أوفات الإسلامية
المجاورة للحبشة واعتدى على المسلمين فيها وفى ممالك
الزيلع الإسلامية الأخرى، فانتهز المسلمون هناك فرصة عودة
مبعوث يجبياصيون إلى بلاده عبر إقليم عدل - وهو أحد الأقاليم
التابعة لسلطنة أوفات الإسلامية - وتعرضوا له ولم يقتلوه، ولكن
يجبياصيون انتهز هذه الفرصة وقام بهجوم مفاجئ على عدل
نهب فيه المدينة وخربها، بعد أن ساعدته إمارتان إسلاميتان
كان قد أخضعهما بالقوة العسكرية من قبل فى هذا الهجوم
الوحشى، وانتهى الأمر بقبوله عقد هدنة مع سلاطين المسلمين
فى بلاد الزيلع المجاورة لبلاده. بعد ذلك أرسل إلى سلطان مصر
المنصور قلاوون رسالة ذكر فيها أنه سيتخذ سياسة غير تلك
التى سار عليها أبوه من قبل، وأنه ليس مثل والده، وأنه يحفظ
المسلمين فى جميع مملكته، على اعتبار أن المسلمين وبلادهم
التى خضعت له بالقوة العسكرية جزءً من مملكته حسبما يدَّعى
الغزاة فى كل عصر، ويطلب فى رسالته أيضًا من سلطان مصر
أن يرسل له مطرانًا مصريًّا، إذ أن المطران السورى - الذى كان
أبوه يكونو أملاك قد أتى به لعدم إرسال مصر المطران المطلوب
بسبب عدوانه على الزيالعة المسلمين - لم يستطع أن يقوم
بأعباء الكنيسة الحبشية على الوجه المطلوب، وأن الأحباش
نظروا إليه على أنه أجنبى عنهم وعن كنيستهم. وقد استجاب
السلطان قلاوون لهذا الطلب وسمح بترسيم المطران القبطى
وسفره إلى الحبشة. ومعنى ذلك أن يجيباصيون اتبع سياسة
المهادنة ولم يتبع سياسة أبيه المطلقة فى العدوان المستمر على
بلاد الزيلع الإسلامية، وإنما هاجمها مرة وتوقف حتى يرسل له
سلطان مصر المطران المطلوب. والجدير بالذكر أن يجبياصيون
ليس اسمًا وإنما هو عبارة معناها: (سيصير الله صهيون)، واسم(10/888)
هذا الملك الحقيقى هو سولومون.(10/889)
*الحسن بن المستنجد بالله
هو الحسن بن يوسف بن محمد، أبو محمد، المستضىء بأمر الله،
أحد الخلفاء العباسيين. وُلد فى (23 من شعبان سنة 536 هـ)،
أبوه الخليفة العباسى المستنجد بالله، وأمُّه أمُّ ولد أرمينية.
تولى الخلافة سنة (566 هـ) بعد وفاة والده، وكان مشهورًا
بالعدل والإحسان والتواضع، وفى عهده انهارت الخلافة
الفاطمية فى مصر، وخُطب له على منابرها وضُربت السَّكة
باسمه. واستمرت خلافة الحسن بن المستنجد بالله (9) سنوات
وسبعة أشهر، وتُوفِّى سنة (575 هـ)، وتولى بعده ابنه الناصر
لدين الله.(10/890)
*لويس التاسع
هو لويس التاسع بن لويس الثامن، أحد ملوك فرنسا فى القرن
الثالث عشر الميلادى، المعروف بالقديس لويس، المولود سنة (
1214 م). مات أبوه وعمره (12) سنة فتولت أمه الوصاية عليه.
حاول الأمراء الإقطاعيون القضاء عليه لصغر سنه لكنهم لم
ينجحوا فى ذلك. انتهت فترة الوصاية عليه سنة (1235م)، فتولى
لويس الحكم بنفسه، ونجح فى المحافظة على قوة دولته
والارتقاء بها حتى أصبحت فرنسا فى عهده أقوى دولة فى
أوربا. عُرف لويس بتدينه الشديد وصلاحه، حتى لُقِّب بالقديس
لويس. قام بعدة أعمال داخلية فى المجال الإدارى والقضائى
والمالى، واهتم برعاية التجارة، ونشر الأمن والسلام بين الناس،
واشتهر بعطفه على الفقراء والمحتاجين وحبه لهم، وتقدمت فى
عهده الفنون والعلوم، وأقام عدة مدن فى جنوب فرنسا. أما
فى مجال السياسة الخارجية لفرنسا فقد استهدف لويس المسالمة
مع باقى دول أوربا؛ فعقد صلح باريس مع إنجلترا سنة (1259
م)، الذى أوقف الحروب المستمرة بين الدولتين. ونتيجة لما
اشتهر به لويس من التدين، فقد حاول التقرب من البابوية أكثر؛
فأعد حملة صليبية لغزو مصر، ثم احتلال بيت المقدس، وهى
الحملة التى أُطلق عليها الحملة الصليبية السابعة. ولكنها مُنيت
بالفشل وأُسر لويس فى معركة المنصورة بمصر سنة (1249 م)،
وسُجن بدار ابن لقمان، ثم افتدى نفسه، وأقام بالشام أربع
سنوات ثم عاد إلى فرنسا. وفى أواخر حياته قام بحملة صليبية
جديدة على تونس، ونزل بساحلها، لكنه تُوفِّى إثر نزوله على
الساحل مباشرة، وكان ذلك سنة (1270 م).(10/891)
*اللكنوى
هو محمد عبد الحى بن محمد عبد الحليم الأنصارى اللكنوى، أبو
الحسنات، عالم بالحديث والرجال والتراجم، ومن فقهاء الحنفية
بالهند، وُلِد سنة (1264 هـ = 1848 م) لأسرة اشتهرت بالعلم. ألف
العديد من الكتب، منها: الفوائد البهية فى تراجم الحنفية،
والرفع والتكميل فى الجرح والتعديل، وظفر الأمانى فى مختصر
الجرجانى، وإنباء الخلان بأنباء علماء هندستان.(10/892)
*خباب بن الأرت
هو خباب بن الأرت بن جندلة بن سعد بن خزيمة، ينتهى نسبه
إلى بنى تميم، وقيل: ينتهى إلى خزاعة، وهو رأى ضعيف،
وهو من السابقين الأولين إلى الإسلام، فكان سادس ستة فى
الإسلام، هم: أبو بكر وصهيب وبلال وعمار وسمية (أم عمار)
وخباب، رضى الله عنهم جميعًا، ولم يكن لخباب جاه أو قوم
يمنعون عنه تعذيب قريش، فبلغ منه الجهد والتعذيب مبلغه، حتى
ذهب لحم ظهره فصبر واحتسب ولم يعطِ الكفار ما سألوه إياه.
وكان خباب، رضى الله عنه، حدادًا يصنع السيوف، وكان رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - يألفه ويأتيه، فلما علمت مولاته أم
أنمار بذلك كانت تضع الحديدة المحماة على رأسه، فشكا ذلك
إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال - صلى الله عليه
وسلم -: اللهم انصر خبابًا، فاشتكت أم أنمار رأسها فكانت
تعوى مثل الكلاب، فقيل لها: اكتوى، فكان خباب يأخذ الحديدة
المحماة فيكوى بها رأسها. وقد روى خباب الحديث عن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -، وشهد معه بدرًا وأحدًا والمشاهد
كلها. ومرض خباب مرضًا شديدًا طويلاً، وكان يقول: لولا أن
رسول الله نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به. ونزل خباب الكوفة،
ومات بها سنة (37 هـ)، وقيل: إنه شهد صفين مع على بن أبى
طالب، رضى الله عنه، وقيل: إن مرضه منعها من شهودها.(10/893)
*أبو زيد الأنصارى
هو أبو زيد سعيد بن أوس بن ثابت الأنصارى، جَدُّه ثابت
الأنصارى، أحد الستة الذين جمعوا القرآن الكريم وممن شهدوا
أحدًا. وُلد أبو زيد سنة (119 هـ = 737 م)، ويُعدُّ من أبرز اللغويين
والرواة فى العصر العباسى الأول. أخذ أبو زيد اللغة عن أبى
عمرو بن العلاء، وروى عنه كثيرون، وكان من أعلام الأدب،
وغلبت عليه النوادر ورواية العربية، وقال عنه سفيان الثورى:
إنه أوثق الرواة. وكان سيبويه إذا روى عنه يقول: سمعت الثقة.
من أشهر ما صنف أبو زيد كتاب النوادر. كما صنف معانى
القرآن، وغريب الأسماء، وخلق الإنسان، وتخفيف الهمز،
والمطر، والقوس والترس وغيرها. عاش أبو زيد بالبصرة، ومات
بها فى خلافة المأمون سنة (215 هـ = 830 م).(10/894)
*عيسى (عليه السلام)
عبد الله ورسوله، آخر المرسلين من بنى إسرائيل وعيسى هو
يشوع بالعبرية أو يسوع أو يسوس باليونانية بمعنى المخلِّص،
ولقبه المسيح أى: الممسوح بالزيت المقدس بمعنى السيد أو
الملك. جاءت قصته فى عدد من سور القرآن الكريم حيث جاءت
إشارات إلى مولده، وتبشير أمه السيدة مريم به، والدفاع عن
طهارتها، وإنكار اتهام اليهود لها بجريمة الزنا، ورد عبث
العابثين وقذف القاذفين منهم، كما تضمنت هذه السورة ذكر
اصطفاءه الله له نبيًّا ورسولاً. وكان لعيسى، عليه السلام، اثنا
عشر حواريًّا وكانوا أصفياء وأنصاره ووزراءه، ومما أكرمه
الله به: أنه سبحانه وتعالى علَّمه التوراة والإنجيل، وجعله يخلق
من الطين كهيئة الطير، فينفخ فيه فيكون طيرًا بإذن الله،
ويُبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى، ويخبر بالمغيَّبات.
وأحاديث عيسى، عليه السلام، فى قصة الدجال مشهورة فى
الصحيح، حيث ينزل من السماء حاكمًا عدلاً لا رسولاً، ويُصلى
وراء المهدى المنتظر - وهو رجل من أمة محمد - صلى الله عليه
وسلم - - تكرمة من الله تعالى لهذه الأمة.(10/895)
*حمزة بن عبد المطلب
هو حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قُصى، عم
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأخوه من الرضاعة،
أرضعتهما ثوبية مولاة أبى لهب. أمُّه ابنة عم أمنة بنت وهب أم
النبى - صلى الله عليه وسلم -. وكان أعز قريش وأشدَّها شكيمة،
وحين أسلم علمت قريش أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عزَّ
وامتنع. هاجر حمزة، رضى الله عنه، إلى المدينة، وشهد بدرًا
وأحدًا وأبلى فيهما بلاءً حسنًا. وبعد أن قتل إحدى وثلاثين نفسًا
يوم أحد عَثَر عثرة فانكشف درعه فرماه وحشى الحبشى
بالرمح فقتله، ومثَّل به المشركون، وبَقَرت هند بنت عتبة بطنه
وأخرجت كبده وجعلت تلوكه ثم لفظته. ولما رآه النبى - صلى الله
عليه وسلم - اشتدَّ وجْده عليه، وقال: لئن ظفرت لأمثلن بسبعين،
فنزل قوله تعالى:) وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن
صبرتم لهو خير للصابرين واصبر وما صبرك إلا بالله (. وحمزة بن
عبد المطلب هو سيد الشهداء، وحينما قُتل كان عمره (57) سنة،
وقيل: (59) سنة.(10/896)
*الفتح بن خاقان
هو أبو نصر الفتح بن محمد بن عبيد الله بن خاقان بن عبد الله
القيسى، كاتب ومؤرخ أندلسى، وُلِد بإشبيلية سنة (480هـ =
1087م) ونشأ بها، وكان يحب الرحلات والأسفار. وقد ترك الفتح
بن خاقان عددًا من المؤلفات، منها: قلائد العقبان، ومطع الأنفس
ومسرح التأنس فى مُلَح أهل الأندلس، وراية المحاسن وغاية
المحاسن، ورسالة فى ترجمة ابن السيد البطليموسى ومجموع
رسائل. وتُوفِّى الفتح بن خاقان سنة (528 هـ = 1134 م)، وقيل:
سنة (535 = 1140 م).(10/897)
*عُمَيْر بن سعد
هو عمير بن سعد بن عبيد الأوسى الأنصارى صحابى من الولاة
الزُّهاد، شهد فتوح الشام، واستعمله عمر بن الخطاب على
حمص، وكان يُقال له: نسيج وَحْده، وقد قال عنه عمر، رضى
الله عنه: وددت أن لى رجالاً مثل عمير بن سعد، أستعين بهم
على أعمال المسلمين. وروى عن النبى - صلى الله عليه وسلم -،
وروى عنه ابنه عبد الرحمن، وأبو طلحة الخولانى، وغيرهما.
ونزل عمير فلسطين ومات بها.(10/898)
*داود باشا
آخر الولاة المماليك الذين حكموا العراق منذ سنة (1817م) إلى
سنة (1831م) وكان حكمه مطلقًا على غرار حكم محمد على باشا
لمصر. وفى عهده - وعهد المماليك عمومًا - لم تحظَ سلطة الباب
العالى بأى احترام، وما إن تسلم داود باشا الولاية حتى أراد أن
يحقق بعض الإصلاحات؛ فحاول إلغاء نظام الامتيازات الممنوح
لشركة الهند الشرقية، ووضعها على قدم المساواة مع التجار
المحليين، لكن الشركة ردَّت بحرب شرسة أفشلت هذه المحاولة.
وسعيًا وراء وضع العراق تحت سيطرته الكاملة واجه داود باشا
الحركات الانفصالية بكل عنف؛ فأخمد انتفاضة القبائل العربية،
وأقصى شيوخها غير الموالين له، ولكن استعصت عليه القبائل
الكردية بسبب دعم القوات الفارسية لها، وظل إقليم كردستان
تحت سلطة الأتراك. وبحثًا وراء زيادة موارده لإعادة تنظيم
الجيش؛ احتكر داود باشا شراء المنتجات العراقية الرئيسية
وتصديرها، وحاول زراعة القطن وقصب السكر، وأراد أن
يستغل تركيا أمام روسيا سنة (1828 - 1829م)، فأعلن تمرده
على الباب العالى فأرسل الأخير إليه جيشًا بقيادة على باشا
والى حلب فانهزم داود باشا سنة (1831م) وانتهى حكمه وحكم
المماليك.(10/899)
*أحمد القرين
وهو الإمام «أحمد بن إبراهيم الغازى» الملقب بالقرين أى
الأشول. زعيم الجهاد الإسلامى فى سلطنة عدل. اتبع الإمام
«أحمد القرين» بعد أن سيطر على مقاليد الأمور فى سلطنة
«عَدَل» وبعد أن اتخذ «هرر» مقرا له سياسة موفقة جمعت الناس
حوله، فقد طبق الشريعة الإسلامية فى حكمه وخاصة فى توزيع
أموال الزكاة والغنائم على مستحقيها وفى مصارفها الشرعية،
وبذلك كسب حب الجند وحب الفقهاء والعلماء، كما كسب أيضًا
محبة الشعب، فقد كان يلطف بالمساكين ويرحم الصغير، ويوقر
الكبير، ويعطف على الأرملة واليتيم، وينصف المظلوم من الظالم،
ولا تأخذه فى الله لومة لائم، كما قضى على قُطَّاع الطرق
فأمنت البلاد وانصلح حال الناس وانقادوا له وأحبوه. بهذه
السياسة الداخلية السليمة استطاع الإمام «أحمد القرين» أن يوحد
كلمة المسلمين ويتولى زعامتهم وعزم على رد عادية الأحباش،
وذلك بفتح بلاد الحبشة ذاتها، وتمكن من التوغل فيها حتى
وصل إلى أقاليمها الشمالية، ودارت بينه وبين الأحباش عدة
معارك، كان أولها فى عام (933هـ = 1527م) حيث هزم الأحباش
لأول مرة منذ بداية الجهاد. وفى عام (934هـ = 1528م) أحرز
الإمام «أحمد» نصرًا حاسمًا على الأحباش فى موقعة «شنبر
كورى»، ثم بدأ فى غزو بلاد الحبشة نهائيا. ففى سنة (938هـ
= 1531م) دخل «دوارو» و «شوا» و «أمهرة» و «لاستا». وفى
سنة (940هـ = 1535م) سيطر المسلمون على جنوب الحبشة
ووسطها، وغزوا «تجراى» للمرة الأولى وأصبح مصير الأحباش
فى كفة الميزان. وفى هذا الوقت كان الزحف البرتغالى قد وصل
إلى البحر الأحمر فاستنجد بهم الأحباش عام (942هـ = 1535م)
فأرسل إليهم ملك البرتغال نجدة عسكرية وصلت البلاد عام
(948هـ = 1541م)، وتقابل المجاهدون بقيادة «أحمد القرين» مع
الأحباش والبرتغاليين فى عدة مواقع عام (949هـ = 1542م)،
لكنه هُزم وتكررت هزيمته فى العام التالى حيث استشهد
وتفرقت جموعه(10/900)
*أحمد بن إبراهيم الغازى
وهو الإمام «أحمد بن إبراهيم الغازى» الملقب بالقرين أى
الأشول. زعيم الجهاد الإسلامى فى سلطنة عدل. اتبع الإمام
«أحمد القرين» بعد أن سيطر على مقاليد الأمور فى سلطنة
«عَدَل» وبعد أن اتخذ «هرر» مقرا له سياسة موفقة جمعت الناس
حوله، فقد طبق الشريعة الإسلامية فى حكمه وخاصة فى توزيع
أموال الزكاة والغنائم على مستحقيها وفى مصارفها الشرعية،
وبذلك كسب حب الجند وحب الفقهاء والعلماء، كما كسب أيضًا
محبة الشعب، فقد كان يلطف بالمساكين ويرحم الصغير، ويوقر
الكبير، ويعطف على الأرملة واليتيم، وينصف المظلوم من الظالم،
ولا تأخذه فى الله لومة لائم، كما قضى على قُطَّاع الطرق
فأمنت البلاد وانصلح حال الناس وانقادوا له وأحبوه. بهذه
السياسة الداخلية السليمة استطاع الإمام «أحمد القرين» أن يوحد
كلمة المسلمين ويتولى زعامتهم وعزم على رد عادية الأحباش،
وذلك بفتح بلاد الحبشة ذاتها، وتمكن من التوغل فيها حتى
وصل إلى أقاليمها الشمالية، ودارت بينه وبين الأحباش عدة
معارك، كان أولها فى عام (933هـ = 1527م) حيث هزم الأحباش
لأول مرة منذ بداية الجهاد. وفى عام (934هـ = 1528م) أحرز
الإمام «أحمد» نصرًا حاسمًا على الأحباش فى موقعة «شنبر
كورى»، ثم بدأ فى غزو بلاد الحبشة نهائيا. ففى سنة (938هـ
= 1531م) دخل «دوارو» و «شوا» و «أمهرة» و «لاستا». وفى
سنة (940هـ = 1535م) سيطر المسلمون على جنوب الحبشة
ووسطها، وغزوا «تجراى» للمرة الأولى وأصبح مصير الأحباش
فى كفة الميزان. وفى هذا الوقت كان الزحف البرتغالى قد وصل
إلى البحر الأحمر فاستنجد بهم الأحباش عام (942هـ = 1535م)
فأرسل إليهم ملك البرتغال نجدة عسكرية وصلت البلاد عام
(948هـ = 1541م)، وتقابل المجاهدون بقيادة «أحمد القرين» مع
الأحباش والبرتغاليين فى عدة مواقع عام (949هـ = 1542م)،
لكنه هُزم وتكررت هزيمته فى العام التالى حيث استشهد
وتفرقت جموعه(10/901)
*أحمد بن فارس
هو أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكرياء القزوينى الرازى، من
كبار علماء اللغة والأدب. وُلِد بقزوين سنة (329هـ) فنسب إليها،
ونشأ بها، وتَعلَّم على كثير من علمائها، منهم أبوه وعلى بن
إبراهيم بن سلمة القطان وعلى بن محمد بن مهرويه وغيرهم،
ورحل إلى كثير من البلدان لطلب العلم، فرحل إلى همذان وأقام
بها مدة. ونبغ أحمد بن فارس فى علوم كثيرة، منها: اللغة
والنحو والشعر والفقه. وفى نهاية حياته انتقل إلى الرى؛ حيث
مات بها سنة (395هـ = 1004م). وقد كان أحمد بن فارس من
أعيان أهل العلم يجمع بين إتقان العلماء وظرف الكتَّاب
والشعراء، وله كتب بديعة ورسائل مفيدة وأشعار جيدة وتلامذة
كثيرون. وكان أيضًا كريم النفس، جواد اليد، لايكاد يرد سائلاً
حتى يكاد يهب ثيابه وفرش بيته. وترك أحمد بن فارس عديدًا من
المصنفات فى شتى العلوم، منها: كتاب المجمل فى اللغة، وهو
من أشهر كتبه، وكتاب الصاحبى فى فقه اللغة، وكتاب غريب
إعراب القرآن وكتاب حلية الفقهاء، وكتاب دارات العرب،
وغيرها.(10/902)
*أبو إبراهيم أحمد بن محمد
أحد سلاطين دولة الأغالبة، تولى خلفًا لأبيه عقب وفاته فى سنة
(242هـ)، وتميزت فترة حكمه بالهدوء والاستقرار، وقد غلب
الطابع الدينى على سلوكه، فكان يخرج فى شهرى شعبان
ورمضان من مقر إقامته ليوزع الأموال على الفقراء والمساكين
بالقيروان، واهتم «أبو إبراهيم» بالبناء والتعمير، وزاد فى
«مسجد القيروان»، وجدد «المسجد الجامع» بتونس، وحصَّن
مدينة «سوسة» وبنى سورها، كما اهتم بإمداد سكان المدن
بمياه الشرب، وقد تُوفى فى سنة (249هـ=863م).(10/903)
* الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب
هو أبو عقال الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب أحد سلاطين دولة
الأغالبة، تولى الإمارة خلفًا لأخيه «زيادة» فى سنة (223هـ=
838م)، ومكث بها ما يقرب من ثلاث سنوات؛ نعمت البلاد خلالها
بالهدوء والاستقرار، وحرَّم «أبو عقال» صنع الخمور بالقيروان،
وعاقب على بيعها وشربها، فكان لذلك صداه الطيب فى نفوس
الناس عامة، فضلا عن الفقهاء والعلماء، ومات «أبو عقال»
بالقيروان فى سنة (226هـ=841م).(10/904)
*ألبَتكين
ويكتب أحيانًا: ألب تكين أو ألفتكين، وهو غلام تركى التحق
بخدمة السامانيين، وتدرج فى المناصب حتى وصل إلى منصب
«حاجب الحجاب»، وهو منصب كان يتيح سلطة خطيرة لصاحبه،
ثم تقلد «ألبتكين» ولاية «خراسان» نيابة عن الأمير السامانى
«عبدالملك بن نوح» سنة (349هـ= 960م) حتى عزله عنها الأمير
«منصور بن نوح» الذى خلف أخاه «عبدالملك» فلجأ «ألبتكين»
إلى «بلخ»، واستطاع هزيمة جيش «منصور» الذى أرسله إليه
سنة (351هـ = 962م)، ثم توجه إلى «غزنة» فى السنة نفسها،
واستولى عليها واتخذها مقرا له فى خلافة «المطيع لله».(10/905)
*أبو بكر الصديق
هو «عبد الله بن عثمان بن عامر»، من قبيلة «تيم بن مرة بن
كعب»، وفى «مرة بن كعب» يلتقى نسبه مع نسب النبى - صلى
الله عليه وسلم -، وأمه «أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر»،
تميمية كأبيه وكنيته: «أبو بكر»، ولقبه: «عتيق». ولُد «أبو
بكر» سنة (573م) بعد مولد الرسول - صلى الله عليه وسلم - بثلاثة
أعوام، ونشأ فى «مكة»، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه
لغير واحد من الأمر؛ لعلمه وتجارته وحسن مجالسته. وعُرف «أبو
بكر» بترفعه عن عادات الجاهلية، وما كانوا يقترفونه من مجون
وشرب خمر، وارتبط قبل البعثة بصداقة قوية مع رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -، وكان الاتفاق فى الطباع وصفاء النفس
من أقوى الروابط بين النبى و «أبى بكر». تُجمع مصادر السيرة
والتاريخ على أن «أبا بكر» كان أول من أسلم وآمن بالنبى
- صلى الله عليه وسلم - من الرجال الأحرار، وكان لسلامة فطرته
التى كانت تعاف ما عليه قومه من عبادة الأوثان أثر فى تبكيره
بالدخول فى الإسلام، وما إن دعاه النبى - صلى الله عليه وسلم -
إلى الإسلام حتى أسلم على الفور؛ لثقته بصدق النبى - صلى الله
عليه وسلم - وأمانته، يقول النبى - صلى الله عليه وسلم -: «ما
دعوت أحدًا إلى الإسلام إلا كانت فيه عنده كبوة - تأخر فى
الإجابة- إلا ما كان من أبى بكر بن أبى قحافة، ما عكم عنه -
تأخر عنه - حين ذكرته له، وما تردد فيه». ومنذ أن أسلم وهو
يهب نفسه وماله لله ورسوله، فكان يشترى من أسلم من العبيد
الذين كانت «قريش» تعذبهم، ويعتقهم كبلال بن رباح، وكان
يذود عن النبى - صلى الله عليه وسلم - بكل ما أوتى من قوة،
فيروى «البخارى» عن «عبد الله بن عمرو ابن العاص» قوله:
«رأيت عقبة بن أبى معيط جاء إلى النبى - صلى الله عليه وسلم -
وهو يصلى، فوضع رداءه فى عنقه، وخنقه به خنقًا شديدًا،
فجاء أبو بكر - رضى الله عنه - حتى دفعه عنه، فقال: أتقتلون
رجلا أن يقول ربى الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم». [صحيح(10/906)
البخارى]. ومن أجَلِّ مواقف «أبى بكر» تصديقه للنبى - صلى الله
عليه وسلم - فى حادث الإسراء، فحين أخبر النبى - صلى الله عليه
وسلم - بذلك أسرعوا إلى «أبى بكر» يخبرونه، ظنا منهم أنه لن
يصدق، فقال لهم: «والله لئن كان قاله لقد صدق، فإنى أصدقه
فى أبعد من هذا، أصدقه فى خبر السماء يأتيه فى ساعة من
ليل أو نهار»، فلُقب بالصديق من يومئذٍ. واختاره النبى - صلى
الله عليه وسلم - -لثقته- به ليرافقه فى رحلة الهجرة دون غيره من
الصحابة، ثم لازم النبى بعد الهجرة فى ليله ونهاره، فلم يتخلف
عن غزوة من غزواته أو مشهد من مشاهده، وكان مجاهدًا
بنفسه وماله حتى وصفه النبى بقوله: «ما لأحد عندنا يدٌ إلا وقد
كافأناه بها، إلا أبا بكر، فإن له عندنا يدًا يكافئه الله بها يوم
القيامة، وما نفعنى مال أحد قط ما نفعنى مال أبى بكر». ومما
لاشك فيه أن «أبا بكر الصديق» عند علماء الأمة أفضل المسلمين
مطلقًا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ودليل ذلك أنه جعله
أميرًا على الحج فى العام التاسع من الهجرة، وأنابه فى الصلاة
عند مرضه - دون غيره -، وكان هذا أقوى مرشح له لتولى
الخلافة بعد وفاة النبى بعد أن بويع «أبو بكر الصديق» البيعة
العامة قام فخطب الناس خطبة قصيرة، وضح لهم فيها منهجه
فى الحكم، فقال بعد أن حمد الله وصلى على نبيه: «أما بعد
أيها الناس فإنى وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت
فأعينونى، وإن أسأت فقومونى، الصدق أمانة، والكذب
خيانة، والضعيف فيكم قوى عندى حتى أزيح عليه حقه إن شاء
الله، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا
يدع قوم الجهاد فى سبيل الله إلا ضربهم الله بالذلّ، ولا تشيع
الفاحشة فى قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعونى ما أطعت
الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لى عليكم،
قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله». كان أول القرارات التى اتخذها
«أبو بكر» وأصعبها قراره بإنفاذ جيش «أسامة» إلى «جنوبى(10/907)
الشام»، كما أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذلك لأن
«الصديق» أقدم عليه فى ظروف دقيقة وحرجة، فالعربُ قد
ارتدت عن الإسلام، حتى «مكة» نفسها همت بالردة، لولا أن
«سهيل بن عمرو» روَّعهم، قائلا: «لماذا ترتدون والنبوة كانت
فيكم، والخلافة أصبحت فيكم؟»، وحاولت «الطائف» أن ترتد،
فمنع من حدوث ذلك عقلاؤها؛ إذ قالوا لقومهم: لقد كنتم آخر من
أسلم، فلا تكونوا أول من يرتد. كما استفحل أمر مدعى النبوة
«مسيلمة الكذاب» فى «اليمامة» شرقى شبه الجزيرة العربية،
و «طليحة بن خويلد الأسدى» فى «بنى أسد»، فى منطقة
«بذاخة» -ماء لبنى أسد يقع إلى الشرق من «المدينة المنورة» -
و «لقيط بن مالك» فى «عمان» جنوبى شرقى بلاد العرب،
و «الأسود العنسى» فى «اليمن». وكل أولئك ظهروا فى أواخر
حياة النبى - صلى الله عليه وسلم -، لكنه لم يحفل بهم كثيرًا؛
لثقته بالقدرة على القضاء على تلك الحركات، وفى الوقت نفسه
أمر بإنفاذ جيش «أسامة بن زيد» إلى جنوب «الشام»؛ لتأديب
القبائل القاطنة هناك، التى تعادى المسلمين، ولتثبيت هيبة
الإسلام فى أعين الروم، التى فرضها عليهم فى غزوة «تبوك»،
وللفت أنظار أصحابه إلى خطورة دولة الروم على الإسلام، لكن
هذا الجيش لم يذهب لأداء مهمته؛ لمرض النبى - صلى الله عليه
وسلم - ووفاته، فكان أول قرار للصديق، هو تنفيذ ما عزم عليه
الرسول - صلى الله عليه وسلم -. لكن الصحابة جميعًا عارضوا «أبا
بكر» فى قراره بإرسال جيش «أسامة»، وتعللوا بأن الردة قد
عمت شبه جزيرة العرب، وأن الخطر داهم ومحدق بهم، حتى لم
تسلم منه «المدينة» نفسها، واشرأبت أعناق أعداء الإسلام من
يهود ونصارى وغيرهما، وتحفزوا للقضاء على الإسلام، ولذا
فإن بقاء الجيش فى «المدينة» ضرورة ملحة؛ لحمايتها من
الأخطار المحدقة بها. لكن ذلك كله لم يثن عزيمة الصديق عن
إرسال جيش «أسامة»، ووقف كالأسد الهصور يذود عن الإسلام(10/908)
باتخاذ ذلك القرار الصعب قائلا: «والذى نفس أبى بكر بيده، لو
ظننت أن السباع تخطفتنى لأنفذت بعث أسامة، كما أمر به
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو لم يبق فى القرى غيرى
لأنفذته». وقد ظهرت نتائج سياسة «الصديق» الموفقة، عندما
ذهب جيش «أسامة» وحقق ما قصده الرسول - صلى الله عليه
وسلم - من أهداف، وعاد محمَّلا بالغنائم، وألقى الرعب والفزع
فى قلوب القبائل العربية التى مرَّ عليها فى شمالى شبه
الجزيرة العربية وهو فى طريقه إلى الشام؛ لأنهم قالوا: «لو لم
يكن بالمسلمين قوة لما أرسلوا هذا الجيش الكبير إلى هذا
المكان البعيد فى مثل هذا الوقت»؛ ولذا كانت حركة الردة فى
المناطق التى مرّ بها «أسامة» بجيشه أضعف منها فى أى مكان
آخر من شبه الجزيرة العربية. يعد موقف «الصديق» من حركة
الردة ومواجهته لها من أروع المواقف فى التاريخ، لأنه آمن
إيمانًا عميقًا بانتصار الحق مهما تكن قوة أعدائه، وأظهر
تصميمًا على الدفاع عن الإسلام مهما يبذل من جهد. وقد بدأت
حركة الردة بالقبائل التى منعت الزكاة كعبس و «ذبيان»
و «غطفان» وغيرها، حيث أرسلت وفدًا إلى «المدينة»، يعرض
على «الصديق» مطالبهم، وأنهم لم يرفضوا الإسلام، ولكنهم
يرفضون دفع الزكاة لحكومة «المدينة»؛ لأنها فى ظنهم معرَّة،
ويعدُّونها إتاوة تدفع لأبى بكر، ولم تدرك تلك القبائل أثر
الزكاة فى التكافل الاجتماعى بين المسلمين. كان رأى فريق
من الصحابة وعلى رأسهم «عمر بن الخطاب» أن يستجيب «أبو
بكر» لتلك القبائل، ولا يجبرها على دفع الزكاة، وخاصة أن
«المدينة» مكشوفة، وليس بها قوة تحميها وتدافع عنها؛ لأن
جيش «أسامة» لما يعد بعد من شمالى بلاد العرب، لكن
«الصديق» لم يقتنع بهذا الرأى، ورد على «عمر بن الخطاب» ردا
جازمًا قائلا له: «والله لو منعونى عقالا -الحبل الذى يجرُّ به
الحمل - لجاهدتهم عليه». وكان هذا الموقف الثابت من «الصديق»(10/909)
رائعًا كل الروعة، فماذا لو وافق «أبو بكر» «عمر» ومن معه
على رأيهم؟ ربما شجع هذا التنازل قبائل أخرى، فتمتنع عن
دفع الزكاة أسوة بهؤلاء، ولربما تطور الموقف إلى أبعد من
هذا، فتمتنع قبائل عن إقامة الصلاة أو غيرها من أركان
الإسلام، ويكون هذا هدمًا للدين من أساسه. وكأن «الصديق»
حين فعل هذا تمثل واقتدى بموقف لرسول الله - صلى الله عليه
وسلم - عندما جاءه وفد «ثقيف» يعلنون إسلامهم، ويطلبون منه
إعفاءهم من أداء الصلاة، فرفض النبى - صلى الله عليه وسلم -
ذلك، وقال لهم: «لا خير فى دين لاصلاة فيه»، ولعل «الصديق»
قصد ذلك حين قال: «والله لأقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة».
ولم يكن «الصديق» صاحب قرارات صائبة فحسب، بل كان يقرنها
بالعمل على تنفيذها، فلما رأى الغدر فى عيون مانعى الزكاة
أدرك أنهم سيهاجمون «المدينة» على الفور؛ لأنهم عرفوا غياب
معظم الرجال مع جيش «أسامة»، وأعلن حالة الاستعداد للدفاع
عن «المدينة» عقب عودة المانعين إلى ديارهم، واتخذ مسجد
رسول الله، مقرا لغرفة عمليات عسكرية، وبات ليلته يُعد للمعركة
ويستعد لها، وأمر عددًا من كبار الصحابة بحراسة مداخل
«المدينة»، على رأسهم «على بن أبى طالب»، و «طلحة بن
عبيد الله»، و «الزبير بن العوام»، و «عبد الله بن مسعود» رضى
الله عنهم. وحدث ما توقعه «الصديق» فبعد ثلاثة أيام فقط هاجم
مانعو الزكاة «المدينة»، فوجدوا المسلمين فى انتظارهم،
فهزمهم المسلمون وردوهم على أعقابهم إلى «ذى القصة» -
شرقى «المدينة». ثم تعقبهم «الصديق» وألحق بهم هزيمة
منكرة، وفرت فلولهم، وغنم المسلمون منهم غنائم كثيرة، واتخذ
«الصديق» من «ذى القصة» مكانًا لإدارة المعركة ضد حركة الردة
كلها، وفى هذه الأثناء جاءت الأخبار بوصول جيش «أسامة»
سالمًا غانمًا، فأسرع «الصديق» بنفسه لاستقبال قائد الجيش
الشاب، الذى قام بهذه المهمة الخطيرة خير قيام، وبعد أن(10/910)
احتفى به وهنأه على عمله، أنابه عنه فى حكم «المدينة»،
وعاد هو إلى «ذى القصة» ليدير المعركة مع المرتدين بعزيمة لا
تلين. أراد «أبو بكر الصديق» أن يبصِّر المرتدين بخطورة ما
أقدموا عليه، فواجههم مواجهة سلمية بأن دعاهم إلى العودة
بدون قتال إلى الإسلام، الذى أكرمهم الله به، وأرسل إليهم
كتابًا يقرأ على القبائل كلها؛ لعلهم يعقلون، جاء فى أخره: «
وإنى بعثت إليكم فلانًا فى جيش من المهاجرين والأنصار
والتابعين بإحسان، وأمرته ألا يقاتل أحدًا ولا يقتله حتى يدعوه
إلى داعية الله، فمن استجاب له وأقرَّ وكف وعمل صالحًا، قبل
منه وأعانه عليه، ومن أبى أمرت أن يقاتله على ذلك، ثم لا
يبقى على أحدٍ منهم قدر عليه، .. ولا يقبل من أحدٍ إلا الإسلام
فمن اتبعه فهو خير له، ومن تركه فلن يعجز الله، وقد أمرت
رسولى أن يقرأ كتابى فى كل مجمع لكم، والداعية الأذان،
فإذا أذن المسلمون فأذَّنوا كفوا عنهم، وإن لم يؤذنوا
عاجلوهم ... ». وفى الوقت الذى كان يأمل فيه أن يستجيب
المرتدون، ويعودوا إلى دين الله دون قتال؛ كان يعد أحد عشر
جيشًا فى وقت واحد، تغطى المناطق التى ارتد أهلها فى شبه
جزيرة العرب، جاهزة للانطلاق إلى كل منطقة؛ ليشغل كل قبيلة
بالدفاع عن نفسها فى ديارها، ولا تأخذ فرصة للتجمع والتكتل
ضده، وكان هذا تصرفًا بارعًا وحكيمًا من «الصديق». لم يستجب
المرتدون لدعوة «أبى بكر» السلمية، فبدأ قادته ينفذون ما عهد
إليهم من مهام، وخاض «خالدبن الوليد» أول معارك الردة
فى «بذاخة» ضد المرتدين من «غطفان» و «بنى أسد» وحلفائهم
ممن التفوا حول «طليحة بن خويلد الأسدى» مدعى النبوة، وكان
النصر حليف «خالد»، بعد أن ألحق بهم هزيمة منكرة وغنم
كثيرًا، وأرسل عددًا من زعمائهم أسرى إلى الخليفة، وفر
«طليحة»، وظهر كذبه، ويجدر بالذكرى أن «طليحة» قد أسلم
بعد ذلك، وحسن إسلامه فى عهد «أبى بكر الصديق»، واشترك(10/911)
فى الفتوحات الإسلامية فى «فارس»، فى عهد «عمر بن
الخطاب»، وكان له دور بارز فيها. وبعد ذلك توجه «خالد بن
الوليد» إلى «البطاح» فى «نجد» لقتال المرتدين من «بنى تميم»
بزعامة «مالك بن نويرة»، ونجح فى إلحاق الهزيمة بهم،
والقضاء على الردة فى بلادهم. ولما فرغ من القضاء على فتنة
المرتدين من «بنى أسد» و «غطفان» و «تميم»، فجاءته أوامر من
«أبى بكر» بالتوجه إلى «اليمامة» للقضاء على فتنة «مسيلمة
الكذاب». وفى أثناء حروب الردة طارد «المثنى بن حارثة» - أحد
قادة المسلمين - المرتدين إلى الشمال، على الساحل الغربى
للخليج العربى، فلما وصل إلى حدود «العراق» تكاثرت عليه
قوات الفرس، بعد أن رأوا فشل عملائهم من المرتدين فى القضاء
على الإسلام فألقوا بثقلهم فى المعارك ضد المسلمين. ولما رأى
«المثنى» أنه غير قادر بمن معه على مواجهة القوات الفارسية،
أرسل إلى الخليفة يشرح له الموقف، ويطلب منه المدد، فأدرك
الخليفة خطورة الموقف، ورأى أن يردع الفرس ويرد عدوانهم،
فرماهم بخالد بن الوليد أعظم قواده، وأردفه بعياض بن غنم.
وفى المحرم من العام الثانى عشر من الهجرة تحرك «خالد بن
الوليد» من «اليمامة»، وكان لايزال بها، بعد أن قضى على فتنة
«مسيلمة الكذاب»، وتوجه إلى «العراق». حيث خاض سلسلة من
المعارك ضد الفرس فى خلال عدة شهور، فى «ذات السلاسل»
و «المذار»، و «الولجة»، و «أليس»، وهذه أسماء الأماكن التى
دارت فيها الحروب، وكان النصر حليفه فيها، ثم توَّج انتصاراته
بفتح «الحيرة» عاصمة «العراق» فى ذلك الوقت، واستقر بها
فى شهر ربيع الأول من العام نفسه، ثم فتح «الأنبار» و «عين
التمر» إلى الشمال من «الحيرة»، ثم جاءته أوامر من «أبى بكر»
أن يعود إلى «الحيرة» ويستقر بها إلى أن تأتيه أوامر أخرى.
وخلاصة القول أنه فى خلال بضعة أشهر نجح «خالد» فى فتح
أكثر من نصف «العراق»،وصالح أهله على دفع الجزية، ولم(10/912)
يجبر أحدًا على الدخول فى الإسلام».كما تم فتح أجزاء من
الشام الجمع الأول للقرآن فى عهد أبى بكر الصديق: فزع «عمر
بن الخطاب» لاستشهاد عدد كبير من حفظة القرآن فى حروب
الردة، وبخاصة معركة «اليمامة»، فأشار على «أبى بكر»
بضرورة جمع القرآن فى مصحف واحد؛ خشية أن يُستشهد عدد
آخر من الحفاظ، فيضيع القرآن، أو يدخله تحريف إذا تباعد الزمن
بين نزوله وجمعه، كما حدث للكتب السابقة. تردد «أبو بكر» فى
بادئ الأمر من اقتراح «عمر»، وقال: «كيف أفعل شيئًا لم يفعله
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -»، فقال له «عمر»: «أرى والله
أنه خير»، فلم يزل «عمر» بأبى بكر حتى قبل، ثم استدعى
«أبو بكر» «زيد بن ثابت الأنصارى»، وكلفه بمهمة جمع القرآن،
قائلا له: «إنك رجل شاب عاقل، لا نتهمك، وقد كنت تكتب
الوحى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتتبع القرآن
فاجمعه»، فقبل «زيد» هذه المهمة الثقيلة، وبدأ فى تتبع
القرآن، وجمعه من الرقاع والعظام، والعسب (سعف النخل) التى
كان مكتوبًا عليها ومن صدور الرجال، وجعل ذلك فى مصحف
واحد. وقد ظل هذا المصحف عند «أبى بكر»، ثم انتقل بعد وفاته
إلى «عمر بن الخطاب»، ثم انتقل بعد وفاته إلى ابنته أم
المؤمنين «حفصة»، وفى عهد «عثمان» دعت الضرورة إلى جمع
الناس على قراءة واحدة، فأخذه «عثمان» منها، ونسخ منه عدة
نسخ ووزعها على الأمصار. وهكذا توَّج «أبو بكر الصديق»
أعماله الجليلة بجمع القرآن. وفاة أبى بكر الصديق: قضى «أبو
بكر» فى الخلافة سنتين وثلاثة أشهر وعشرة أيام قام فيها
بجلائل الأعمال، ونهض بمسئولية قيادة الدولة على خير وجه،
وعاش حياته للإسلام وللمسلمين، ووهب حياته لخدمة رعيته،
والدفاع عن عقيدتها، دون أن يأخذ أجرًا على تحمله تبعات هذا
المنصب الجليل، منصب الخليفة، وعاش مثل بقية رعيته دون أن
يمتاز عنهم فى مسكن أو ملبس، بل إنه رد ما خصصه له كبار
الصحابة من راتب ضئيل، كى يترك التجارة ويتفرغ لمنصبه.(10/913)
وفى أواخر شهر جمادى الآخرة من العام الثالث عشر للهجرة،
فاضت روح «أبى بكر» إلى بارئها بعد مرض استمر أسبوعين،
كان سببه الحمى، وتولى بعده الفاروق «عمر بن الخطاب».(10/914)
*عمر بن الخطاب
هو «عمر بن الخطاب بن نُفيل بن عبد العُزى بن رباح» وأمه
«حنتمة بنت هشام بن المغيرة». أسلم فى العام الخامس من
البعثة، وعمره سبع وعشرون سنة، بعد أربعين رجلا، وإحدى
عشرة امرأة، أسلموا قبله، وكان قبل إسلامه معاديًا للإسلام
شديدًا فى عداوته، لكن الله شرح صدره للإسلام استجابة لدعاء
النبى - صلى الله عليه وسلم - له: «اللهم أعز الإسلام بعمر بن
الخطاب». وعُرف «عمر بن الخطاب» بشخصية قوية، وإرادة لا
تلين، وحزم وعزم فى الأمور، وهيبة فى القلوب، وكان سفير
«قريش» فى الجاهلية، وهى مهمة تحتاج إلى علم وعقل،
وكياسة وحسن تصرف. عمل «عمر» فى بداية نشأته بالرعى،
ثم عمل فى التجارة إلى الشام وإلى «اليمن»، وكان يحرص
على مقابلة ذوى الشأن فى تلك البلاد؛ ليزداد علمًا وخبرة
بالحياة، وكان واحدًا من سبعة عشر رجلا من «قريش» يعرفون
القراءة والكتابة فى «مكة». واشتهر «عمر بن الخطاب» أنه كان
قوى البنية، طويل القامة، إذا مشى بين الناس أشرف عليهم،
كأنه راكب على دابته، أبيض اللون تعلوه حمرة، جهورى
الصوت، قليل الضحك، لا يمازح أحدًا، مقبلا على شأنه. أما
صفاته الأخلاقية فهى «الإحساس الكامل بالمسئولية، والشدة
والفراسة، والعدل والهيبة، وواضح أن هذه الصفات هى نتاج
عوامل كثيرة متنوعة، مثل نشأة «عمر» الأولى وثقافته، والقيم
التى غرسها الإسلام فى نفسه. أما إحساس «عمر» الكامل
بمسئوليته قِبَل الرَّعية، فذلك ما لاحاجة بنا إلى التدليل عليه،
ويمكن إرجاعه إلى النزعة الدينية التى ملكت عليه شغاف نفسه،
والتى شهد له بها الجميع، وعلى رأسهم رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -، فالعقيدة وحدها هى التى تبلغ بالمرء هذا
المستوى القدسى، وهى التى تجعل الإنسان رقيبًا على نفسه
فى جميع حركاته وسكناته، ولن تغنى عنها أية رقابة أخرى».
احتل «عمر بن الخطاب» منذ أن أسلم المكانة التالية لمكانة(10/915)
«أبى بكر الصديق» عند النبى - صلى الله عليه وسلم -، لصفاته
العالية التى سبق أن ذكرنا بعضها، ولدعوة النبى - صلى الله
عليه وسلم - أن يُعز الله الإسلام بعمر بن الخطاب، وكانت دعوة
ناشئة عن معرفة دقيقة بخصائص الرجل الذى سيكون ثالث ثلاثة
فى الإسلام قدرًا ومنزلة. وعلى أية حال فإن أخلاق «عمر»
وصفاته مهما تكن لم تكن لتبلغ به ما بلغ من المكانة العالية
والقدر الرفيع إلا بإسلامه وبصلته برسول الله - صلى الله عليه
وسلم -، الذى تعهده بالتربية والرعاية، وأفسح لمواهبه أن
تنطلق إلى أفاق عالية، لتؤدى دورها الخلاق لا فى تاريخ
الإسلام فحسب، بل فى تاريخ البشرية، وليكون صاحبها واحدًا
من عظماء الدنيا، وقد وضعه الكاتب الأمريكى «مايكل هارت»
بين الخالدين المائة فى التاريخ الإنسانى كله. ومنذ أن أسلم
«عمر بن الخطاب»، وهو من أكثر الصحابة ملازمة للنبى - صلى
الله عليه وسلم -، حتى إن الصحابة أطلقوا عليه وعلى أبى بكر
الصديق: وزيرَى محمد. واشتهر «عمر» دون غيره من الصحابة
بمواقف كثيرة، كان يناقش النبى - صلى الله عليه وسلم - فيها
ويعترض عليه فى صراحة، مثل: موقفه من أسرى «بدر»،
و «صلح الحديبية» والصلاة على «عبد الله بن أبى بن سلول»
رأس النفاق، ولم يكن النبى - صلى الله عليه وسلم - يضيق بذلك،
بل يسمع برحابة صدر وسعة أفق، ويشجع «عمر» وغيره على
إبداء آرائهم دون خوف أو وجل، يعلمهم بذلك حرية الرأى،
والمشاركة فى صنع القرار. وكثير من تلك الآراء التى عارض
فيها النبى - صلى الله عليه وسلم - نزل القرآن مؤيدًا لها لفرط
إخلاصه لدينه، وشفافية روحه، وقد عدَّ العلماء نحو عشرين
موقفًا من هذا القبيل منها: تحريم الخمر، وضرب الحجاب على
زوجات النبى - صلى الله عليه وسلم -. وقد وردت أحاديث كثيرة
فى فضل «عمر»، منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله
جعل الحق على لسان عمر وقلبه». أراد «الصديق أبو بكر» أن(10/916)
يختار المسلمون خليفتهم بأنفسهم دون قيد، وبإرادتهم الحرة بلا
تدخل، فقال لهم وهو على فراش المرض: «إنى قد نزل بى ما
ترون، ولا أظننى إلا ميتًا لما بى من المرض، وقد أطلق الله
أيمانكم من بيعتى، وحلَّ عنكم عقدتى، ورد عليكم أمركم،
فأمروا عليكم من أحببتم، فإنكم إن أمّرتم فى حياة منى كان
أجدر ألا تختلفوا بعدى». لكنهم طلبوا منه أن يرشح لهم من يراه
أهلا لتولى الخلافة بعده، وأقدر على تحمل تبعاتها الجسام،
فقبل ذلك، وطلب منهم مهلة حتى ينظر لله ولدينه ولعباده، وبعد
تفكير عميق، واستشارة لكبار الصحابة مثل: «عثمان بن عفان»
و «على بن أبى طالب» و «عبدالرحمن بن عوف» استقر رأيه على
«عمر بن الخطاب». ولم يكن ترشيح كبار الصحابة «عمر بن
الخطاب» للخلافة وتزكيتهم له، بعد «أبى بكر» غريبًا أو
مفاجأة، فهم يعرفون قدره ومنزلته، وقد سبق أن ذكرنا تقديم
النبى - صلى الله عليه وسلم - «أبا بكر» ليؤم الناس فى الصلاة،
ورفضه أن يقوم بهذا «عمر بن الخطاب»، فلما تأخر «أبو بكر»
يومًا عن الصلاة، قدَّم «بلال» «عمر بن الخطاب» اجتهادًا منه ليؤم
الناس، فلما سمع الرسول «عمر» يقيم الصلاة رفض ذلك، وقال
«أين أبو بكر؛ يأبى الله ذلك والمسلمون». وعلى الرغم من ذلك
فإن هذا التصرف التلقائى من «بلال» يدل على أن الصحابة
كانوا يعلمون أن أفضل الناس بعد «أبى بكر الصديق» هو «عمر
بن الخطاب». ولم يعترض على ترشيح «عمر» للخلافة إلا عدد
قليل من كبار الصحابة، وعللوا ذلك بغلظته وشدته، لكن «أبا
بكر» طمأنهم وبين لهم أن ما يجدونه من شدته، إنما هو لله
وفى الله، وإنه يشتد لأنه يرانى أحيانًا لينًا، حتى يحدث نوعًا
من التعادل، وأنه لو أفضى الأمر - أى الخلافة - إليه لترك كثيرًا
مما هو فيه. ولا يقلل هذا الاعتراض من سداد رأى «أبى بكر»
فى «عمر»، ولا من شأن «عمر» نفسه، بل يدل ذلك على حرية
الرأى تجاه الشخصية التى ستلى أمر الخلافة، فلن يضير «عمر»(10/917)
أن نفرًا من ذوى الرأى لم يؤيدوا ترشيحه، بل يكفيه أن أغلب
الصحابة أجمعوا على تزكيته، ورضوا به لهذا المنصب الجليل،
وهذا ما تسير عليه الآن الأمم الحرة فى اختيار حكامها،
فالإجماع ليس شرطًا ضروريًا فى اختيار الحاكم. اطمأنت نفس
«أبى بكر الصديق» بعد أن استشار كبار الصحابة إلى اختيار
«عمر بن الخطاب» خليفة من بعده، فأشرف على الناس وهو
مريض، وقال: «أترضون بمن أستخلف عليكم؟، فإنى والله ما
آلوت من جهد الرأى، ولا وليت ذا قربة، وإنى قد وليت عليكم
عمر بن الخطاب، فاسمعوا له وأطيعوا» فقالوا: سمعنا وأطعنا.
بايع المسلمون «عمر بن الخطاب»، وبذا أصبحت خلافته شرعية.
وبعد الفراغ من دفن «أبى بكر الصديق» صعد «عمر بن الخطاب»
منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ووقف على درجة أدنى
من الدرجة التى كان يقف عليها «أبو بكر الصديق»، فحمد الله
وأثنى عليه وصلى على النبى - صلى الله عليه وسلم -، وذكر
«أبا بكر» - رضى الله عنه - بكل خير، وقال: «أيها الناس ما أنا
إلا رجل منكم، ولولا أنى كرهت أن أرد أمر خليفة رسول الله ما
تقلدت أمركم»، فأثنى المسلمون عليه خيرًا، وزاد ثناؤهم حين
رأوه يرفع بصره إلى السماء ويقول: «اللهم إنى غليظ فليِّنِّى،
اللهم إنى ضعيف فقونى، اللهم إنى بخيل فسخِّنى». وفى اليوم
التالى لتوليه الخلافة خطب خطبة أخرى، أراد أن يوضح فيها
طريقته فى الحكم، ويزيل ما قد علق فى نفوسهم من خوفٍ من
شدته التى صرحوا بها لأبى بكر حين رشحه للخلافة، فقال:
«بلغنى أن الناس هابوا شدتى وخافوا غلظتى، وقالوا: كان
عمر يشتد علينا ورسول الله بين أظهرنا، ثم اشتد علينا وأبو
بكر والينا دونه، فكيف وقد صارت الأمور إليه؟ ومن قال ذلك
فقد صدق .. إننى كنت مع رسول الله فكنت عبده وخادمه، وكان
من لا يبلغ أحد صفته من اللين والرحمة، وكان كما قال الله
تعالى بالمؤمنين رءوفًا رحيمًا، فكنت بين يديه سيفًا مسلولا،(10/918)
حتى يغمدنى أو يدعنى فأمضى، فلم أزل مع رسول الله حتى
توفاه الله، وهو عنى راضٍ، والحمد لله كثيرًا، وأنا به أسعد،
ثم ولى أمر المسلمين أبو بكر، فكان من لا تنكرون دعته وكرمه
ولينه، فكنت خادمه وعونه، أخلط شدتى بلينه، فأكون سيفًا
مسلولا، حتى يغمدنى أو يدعنى فأمضى، فلم أزل معه كذلك
حتى قبضه الله عزَّ وجل، وهو عنى راضٍ، فالحمد لله على ذلك
كثيرًا، وأنا به أسعد، ثم إنى وليت أموركم أيها الناس، فاعلموا
أن تلك الشدة قد أضعفت - أى زادت - فارتعد بعضهم من الخوف
لكنه طمأنهم فقال: ولكنها إنما تكون على أهل الظلم والتعدى
على المسلمين، فأما أهل السلامة والقصد - أى الاعتدال - فأنا
ألين لهم من بعضهم على بعض، ولست أدع أحدًا يظلم أحدًا أو
يتعدى عليه حتى أضع خده على الأرض، وأضع قدمى على الخد
الآخر، حتى يذعن بالحق، وإنى بعد شدتى تلك أضع خدى على
الأرض لأهل العفاف وأهل الكفاف، ولكم على أيها الناس خصال
أذكرها لكم، فخذونى بها، لكم على ألا أجبى شيئًا من
خراجكم، ولا ما أفاء الله عليكم إلا من وجهه، ولكم على إذا
وقع فى يدى ألا يخرج منى إلا فى حقه، ولكم على أن أزيد
عطاياكم وأرزاقكم إن شاء الله - تعالى - وأسد ثغوركم، ولكم
على ألا ألقيكم فى المهالك، وإذا غبتم فى البعوث فأنا أبو
العيال - أى يرعاهم - فاتقوا الله عباد الله وأعينونى على
أنفسكم بكفها عنى، وأعينونى على نفسى بالأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر، وإحضارى النصيحة فيما ولانى الله من
أمركم، أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم». فى خلال
السنوات العشر التى تولى «عمر» فيها الخلافة (13 - 23هـ)
امتدت حدود الدولة الإسلامية من ولاية «برقة» - فى «ليبيا» حاليًا
- غربًا إلى نهر «جيحون» شرقًا، ومن بحر «قزوين» فى الشمال
إلى «المحيط الهندى» فى الجنوب. وقد حار المؤرخون فى
تفسير نجاح هذه الفتوحات، وتعليل أسبابها، فقد أذهلهم أن(10/919)
العرب الذين كانوا قبل دخولهم الإسلام قليلى الشأن، لا حول لهم
ولا قوة، ولا يأبه بهم أحد ولا يحسب لهم حساب، هم فى سنوات
قليلة ينجحون فى إزالة الإمبراطورية الفارسية كلها، وهى التى
وقفت ندًا للإغريق والرومان نحو ألف سنة، وفى فتح الشام،
و «مصر» وهما أعظم ولايات الدولة البيزنطية وأكثرها غنى فى
الشرق بعد إنزال هزائم قاسية بجيوشها فى «اليرموك»
وغيرها. وسبب حيرة هؤلاء المؤرخين أنهم يربطون عادة بين
الانتصارات والهزائم فى الحروب، وبين أعداد الجيوش المتحاربة
وما معها من عدة وأسلحة، ولما كان المسلمون أقل عددًا
وعتادًا على نحو لا يقارن بما كان عند الفرس والروم، راحوا
يبحثون عن أسباب أخرى غير قضية العدد والأسلحة، وذهبوا
فى ذلك مذاهب شتى. ذهب بعضهم إلى القول بأن المسلمين
واجهوا دولتى الفرس والروم، وهما فى حالة ضعف وانهيار بعد
الحروب الطويلة التى دامت بينهما، وانتصروا عليهما بسهولة
وفى وقت قصير. غير أن هذا التفسير بعيد عن الواقع ومخالف
للحقيقة، فالمعارك التى دارت فى «القادسية» و «نهاوند»
و «اليرموك» لا تؤيد هذا التعليل؛ لأنها كانت معارك كبيرة، ولم
تكن جيوش الفرس والروم فيها ضعيفة، وهى لم تهزم أمام
المسلمين لضعف قوتها المادية من الرجال والأسلحة، ولكن لأن
معنويات أفرادها كانت منحطة إلى أبعد الحدود، فى حين
كانت معنويات المسلمين عالية، ويعرفون الهدف الذى يحاربون
من أجله، وكان الموت أحب إليهم من الحياة. وهذا هو السبب
الرئيسى فى انتصاراتهم الذى نسيه الكتاب الغربيون أو
تناسوه، فمنبع هذه القوة وسبب هذا الانقلاب العظيم الذى لا
يوجد له مثيل فى التاريخ أن العرب أصبحوا بفضل رسالة الإسلام
أصحاب دين ورسالة، فبعثوا بعثًا جديدًا، وخُلقوا من جديد،
وعلموا أن الله قد ابتعثهم ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور،
ومن عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها،(10/920)
ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، .. وعرفوا أن الله قد ضمن
لهم النصر ووعدهم الفتح، فوثقوا بنصر الله ووعد رسوله،
واستهانوا بالقلة والكثرة، واستخفوا بالمخاوف والأخطار. وفى
ذلك قال المؤرخون: «لما أقبل خالد بن الوليد من العراق، ليتولى
قيادة الجيوش فى الشام لحرب الروم، قال رجل من نصارى
العرب أمامه: ما أكثر الروم وأقل المسلمين، فنهره خالد، وقال
له: ويحك بل قل: ما أكثر المسلمين وأقل الروم إن الجيوش تكثر
بالنصر وتقل بالهزيمة لا بعدد الرجال». وهذه الحقيقة عرفها
أعداؤهم حتى إن هرقل لما انتهى إليه خبر زحف المسلمين
وانتصاراتهم، قال وكان عندئذٍ موجودًا فى حمص: «ويحكم إن
هؤلاء أهل دين جديد، وإنهم لا قبل لأحد بهم، فأطيعونى
وصالحوهم على نصف خراج الشام، ويبقى لكم جبال الروم، وإن
أنتم أبيتم ذلك أخذوا منكم الشام، وضيقوا عليكم جبال الروم».
لقد ترتب على الفتوحات الإسلامية نتائج وآثار بعيدة المدى فى
تاريخ العالم، وإذا ما قورنت بغيرها - مثل فتوحات «الإسكندر»
قبلها، وفتوحات المغول بعدها - فإن تلك المقارنة تظهر عظمة
المسلمين، وأن فتوحاتهم كانت أكثر الفتوحات فى العالم خيرًا
وبركة، ففتوحات «الإسكندر» وامبراطوريته التى شادها فى
الشرق انهارت وتمزقت أوصالها بعد وفاته مباشرة، وأصبحت
ذكرى من ذكريات التاريخ، أما غزوات المغول التى لم يعرف لها
تاريخ العالم مثيلا من قبل فى همجيتها ووحشيتها، فقد دمرت
معظم العالم الإسلامى فى الشرق بما كان فيه من حضارة
مزدهرة، ولم يوقف زحفها المدمر سوى الجيش المصرى فى
معركة «عين جالوت» سنة (658هـ). وهذه الغزوات المغولية
البربرية كان يمكن أن ينساها التاريخ أو يذكرها باعتبارها
عملا بربريا ألم بالإنسانية فى مسيرتها الطويلة، لولا أن الله -
تعالى - أدرك برحمته الواسعة هذه الجموع الوحشية وهداها
إلى دينه، فأسلم أغلب المغول، وأظلهم الإسلام بحضارته،(10/921)
وحولهم من قوة مدمرة إلى طاقة خيرة، ومن أعداء مهاجمين
إلى أتباع مدافعين، بل مشاركين فى صنع الحضارة الإسلامية.
تجلت عبقرية «عمر بن الخطاب» أعظم ما تجلت فى ميادين
الإدارة، فقد ضبط نظم الدولة الإسلامية، وكانت مترامية الأطراف،
وأحكم إدارتها بمقدرة فائقة تثير الدهشة والإعجاب، فى وقت
كانت فيه وسائل الاتصال بطيئة تمامًا. ويصعب على أى باحث
أن يحيط بالجوانب الإدارية عند «عمر بن الخطاب»، ولذا
سنتعرض لبعض منها: أولا: عمر واختيار الولاة: استعان «عمر بن
الخطاب» برجال يديرون شئون الولايات البعيدة عنه، أما القريبة
منه فكان يديرها بنفسه، وكان يقول: «ما يحضرنى من أموركم
لا ينظر فيه أحد غيرى، أما ما بعد عنى فسوف أجتهد فى
توليته أهل الدين والصلاح والتقوى، ثم لا أكتفى بذلك، بل لابد
من متابعتهم؛ لأعرف هل يقومون بالعدل بين الناس أم لا؟».
وكان لعمر بن الخطاب طريقة فى اختيار ولاته، فلم يكن يستعمل
أحدًا من أهل بيته، وقلما استعمل كبار الصحابة على الأمصار،
بل استبقاهم معه فى «المدينة» ليعينوه فى شئون الدولة،
ويقدموا له المشورة، ومن أهم شروط «عمر» فى الوالى: - القوة
والأمانة: والمقصود بالقوة قوة الدين، وقوة الإرادة والحزم فى
الأمور، ومن أقواله المأثورة: «إنى لأتحرج أن أستعمل الرجل
وأنا أجد أقوى منه»، ولذا فقد عزل «شرحبيل بن حسنة» عن
«الأردن»، و «عمير بن سعد» عن «حمص»، وضم ولايتهما إلى
«معاوية بن أبى سفيان»، وكان المعزولان أسبق إسلامًا من
«معاوية» وأفضل، فلما كلمه الناس فى ذلك قال إنه لم يعزلهما
عن سخط أو خيانة، ولكنه كان يريد رجلا أقوى من الرجل. -
الهيبة مع التواضع: أدرك «عمر بن الخطاب» حاجة ولى الأمر إلى
الهيبة واحترام الناس، حتى يستطيع أن يقودهم، ولكن لا ينبغى
لها أن تتجاوز الحد لتصبح تسلطًا وتعاليًا، وكان يقول: «أريد
رجلا - أى واليًا - إذا كان فى القوم وليس أميرهم، كان كأنه(10/922)
أميرهم، وإذا كان أميرهم كان كأنه واحد منهم». - الرحمة
بالناس: كان «عمر» يختار للولاية من اشتهر بالرحمة ولين الجانب
وحب الخير للناس، وحين كان يولى أحدًا يكتب له كتاب تولية،
ويشهد عليه بعض الصحابة، ويشترط عليه ألا يظلم أحدًا فى
جسده ولا فى ماله، ومن وصاياه لعماله: «ألا وإنى لم أبعثكم
أمراء ولا جبارين، ولكن بعثتكم أئمة الهدى، يهتدى بكم
فادرءوا على المسلمين حقوقهم، ولا تضربوهم فتذلوهم،
ولاتغلقوا الأبواب دونهم، فيأكل قويهم ضعيفهم، ولا تستأثروا
عليهم فتظلموهم، ولا تجهلوا عليهم». ثانيًا: قواعد العمل بالنسبة
إلى العمال والولاة: لم يكن «عمر» يقنع بحسن اختيار الولاة
وفق شروطه، وإنما كان يحدد لهم أسلوب العمل، والقواعد التى
يسيرون عليها، إما فى صورة خاصة محددة كما كان يحدث فى
عهد الولاية، وإما فى توجيهات عامة كما فى المؤتمرات التى
كان يعقدها للعمال والولاة، وبخاصة فى موسم الحج. ثالثًا:
المتابعة: فطن «عمر بن الخطاب» إلى فاعلية المتابعة، وأثرها
فى حسن سير الإدارة، ولذا لم يكتفِ بالتدقيق فى اختيار الولاة،
وإنما وضع عليهم العيون والأرصاد، يحصون عليهم حركاتهم
وسكناتهم، ويسجلون أعمالهم وينقلونها إلى الخليفة فور
وقوعها، لأنه أدرك أن الخطأ قد يقع بدون قصد، وأن الانحراف
لا يبدأ كبيرًا، وأن كل شىء يمكن وقفه فى أوله قبل
استفحاله، عملا بالحكمة الخالدة: «الوقاية خير من العلاج».
رابعًا: سياسة الباب المفتوح: أدرك «عمر بن الخطاب» أن آفة
الإدارة فى كل عصر هى احتجاب كبار المسئولين عن أصحاب
الحاجات فتضيع مصالح الناس أو تتعطل، ولذا لم يكن يتهاون مع
أى أمير أو والٍ يسمع أنه يحتجب عن الناس مهما يكن شأنه،
وحين بلغه أن «سعد بن أبى وقاص» قد بنى بيتًا فى «الكوفة»
من طابقين، وسماه الناس قصر «سعد»، لأن بقية البيوت كانت
من طابق واحد، وأنه اتخذ لمكانه الذى يباشر منه أعمال الولاية(10/923)
بابًا، أرسل إليه «محمد بن مسلمة الأنصارى»، وكان مبعوث
«عمر» فى المهمات الكبيرة، وأمره أن يحرق ذلك الباب الذى
يحول بين الأمير وبين الناس، وأن يقدم بسعد معه، فلما قدم عليه
وبخه ولم يقبل اعتذاره بأن داره قريبة من السوق وأنه كان
يتضايق من ارتفاع أصوات الناس وجلبتهم، ثم رده إلى عمله بعد
أن أكد عليه ألا يعود إلى مثل هذا أبدًا. خامسًا: المؤتمرات
العامة: ابتكر «عمر» عقد المؤتمرات العامة لمناقشة أمور الدولة،
حتى يتيح لأكبر عدد من المسلمين المشاركة فى صنع السياسة
والقرار بالحوار والمشاورة، فاهتدى إلى استثمار مناسبة الحج،
وتجمع الناس فى البلد الحرام، وقرر أن يحج كل عام، عدا السنة
الأولى من خلافته، وأن يحج معه كل ولاة الأمصار، وهناك يدور
النقاش والحساب مع الولاة عما صنعوا فى عامهم الذى مضى،
وما ينوون عمله فى العام القادم، وفوق ذلك تكون تقارير عيونه
بين يديه قبل مجىء الولاة، بحيث تكون أمورهم كلها واضحة،
ولا يستطيع أحد منهم أن ينكر شيئًا، ولما كانوا يعرفون ذلك
فإنهم حرصوا على أن تكون سجلات أعمالهم نظيفة، فالخليفة لا
يتهاون فى حساب المقصر أو من تثبت عليه مخالفة لشرع الله.
سادسًا: محاسبة الولاة والأمراء: دأب «عمر بن الخطاب» على
محاسبة كل والٍ مقصر، أو من يشتبه أنه قصر فى عمله، لا
يمنعه من ذلك كون الوالى كبير القدر أوصاحب سابقة فى
الإسلام، وقلما نجا والٍ من ولاته من المحاسبة، وإذا كان الجرم
صغيرًا يمكن إصلاحه؛ اكتفى بالتوبيخ، ورد الوالى إلى عمله
كما فعل مع «سعد بن أبى وقاص»، أما إذا كان الجرم كبيرًا من
وجهة نظره؛ فإنه يأمر بعزل الأمير على الفور، ومن أشهر
إجراءاته فى هذا المجال: عزله «خالد بن الوليد» حين علم بأنه
أعطى «الأشعث بن قيس» عشرة آلاف درهم، فساورته شكوك
فى أن من يعطى عشرة آلاف مرة واحدة لرجل واحد، كم يكون
لديه؟ فأمر «أبا عبيدة بن الجراح» أمير الأمراء فى الشام(10/924)
بمحاكمة «خالد» ومقاسمته ماله، فامتثل «خالد» لهذا العزل كما
امتثل من قبل للعزل الأول عن القيادة العامة. ولم يكن «عمر»
يقصد بهذا التصرف الإساءة إلى «خالد» قط، وإنما كان يريد أن
يعلم الجميع أن الإسلام فوقهم، وليس هناك استثناء لمخالف،
ولو كان قائدًا عظيمًا فى مكانة «خالد». سابعًا: القدوة الحسنة:
أدرك «عمر» أثر القدوة فى سياسة الناس، وأن عليه أن يعلم
الناس بأعماله قبل أن يعلمهم بأقواله. وكثيرًا ما كان يردد للناس
قوله: «سأسوكم بالأعمال وليس بالأقوال»، وأن الرعية مؤدية
إلى الإمام ما أدى الإمام إلى الله، فإن رتع الإمام رتعوا. وكان
«عمر» قدوة فى حياته الخاصة، يعيش كما يعيش عامة الناس
دون تميز، وحين فرضوا له عطاءً (راتبًا) من بيت مال المسلمين،
ليعول منه أسرته قدروا له راتبًا يمكنه من معيشة رجل من أوسط
الناس، لا أغناهم ولا أفقرهم. وفوق ذلك هو يشارك المسلمين
ويواسيهم إذا أصابهم ضر، كما حدث فى عام «الرمادة»
المشهور سنة (18هـ) الذى أصاب الناس فيه مجاعة شديدة فى
شبه الجزيرة العربية لقلة الأمطار، فكان يجلب إليهم الأقوات من
الأمصار، ويأكل مما يأكله الناس، حتى ساءت صحته، فنصحه
بعض أصحابه بأن يحسِّن من طعامه، ليقوى على العمل وإنجاز
مصالح المسلمين، لكنه أجاب بقوله: «كيف يعنينى شأن الرعية
إذا لم يصبنى ما أصابهم؟». ولا شك أن ما عبر عنه الخليفة
«عمر» هو مفتاح الحكم الصالح فى كل عصر وزمان فيوم يحس
الحاكم بإحساس شعبه فسوف يستقيم الحكم، وينصلح حال
الرعية، ويوم ينفصل الحاكم عن شعبه، وتكون له حياته الخاصة،
فحينئذٍ ينفتح باب الفساد. وقد حرص «عمر» على أن يجعل من
أبنائه وأهله قدوة كذلك، فأخذهم بما أخذ به نفسه، لأنه الناس
ينظرون إليهم، وكان يقول لهم إذا عزم على أمر يهم المسلمين:
«لقد عزمت على كذا وكذا، أو نهيت الناس عن كذا وكذا،
وأقسم بالله لو خالفنى أحد منكم لأضاعفن له العقوبة». بهذه(10/925)
الإجراءات حصن «عمر» نفسه وأولاده وكل من يلوذون به ضد
أية انحرافات أو إغراءات، فأطاعه المسلمون وأحبوه سواء
أكانوا أمراء أم من عامة الناس، ولم يعرف التاريخ رجلا بعد
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و «أبى بكر الصديق» أطاعه
كبار الأمراء وصغارهم كما أطاعوا «عمر بن الخطاب»، لا لهيبته
فى عيونهم فحسب، بل للقدوة الحسنة فى حياته وانضباطه
الشديد، ولهذا كله احتل مكانة عالية فى التاريخ الإنسانى. لم
ترتبط صفة من صفات «عمر» الكثيرة باسمه كما ارتبطت به صفة
العدل، فإذا ذُكر «عمر» ذكر الناس عدله، الذى كان لا يفرِّق بين
قريب وبعيد، أو كبير وصغير، أو صديق وعدو، والأخبار
المتواترة فى ذلك أكثر من أن تحصى، ولعل قصته مع «أبى
مريم السلولى» قاتل أخيه «زيد» فى معركة «اليمامة» أصدق
مثال على تجرده فى عدله، وعدم خلطه بين عواطفه ومسئولياته
باعتباره حاكمًا يُجرى العدل بين الناس. فحين قابل «عمر» -
وهو خليفة - قاتل أخيه بعد أن أسلم، قال له: أأنت قاتل «زيد
بن الخطاب»؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: والله لا أحبك
أبدًا، فقال «أبو مريم»: أو تمنعنى بذلك حقا لى، قال: لا. قال:
إذًا يا أمير المؤمنين إنما يأسى على الحب النساء. يريد أنه
مادام لا يظلمه الخليفة فلا يعنيه أحبه أم كرهه، لأن النساء هن
اللائى يأسفن على الحب. ولا لوم على «عمر» فى التعبير عن
عواطفه التى لا يملكها تجاه قاتل أخيه، فقد ورد أن النبى
- صلى الله عليه وسلم - قال لوحشى قاتل عمه «حمزة بن
عبدالمطلب» حين رآه بعدما أسلم: «غيِّب وجهك عنى يا وحشى
لا أراك». ولكن للقصة دلالة على ضبط النفس والتجرد المطلق لعمر
ابن الخطاب، فلم يحمله غضبه من قاتل أخيه على ظلمه. وامتد
عدل «عمر» ليشمل كل من يعيش على أرض الإسلام، سواء
أكانوا مسلمين أم غير مسلمين، فحين رأى يهوديا يتسول
أحزنه ذلك. وأخذ الرجل من يده، وأعطاه معونة عاجلة من بيت(10/926)
الدقيق (8)، وأمر له براتب دائم من بيت مال المسلمين. إحساسه
بالمسئولية: بلغ من شدة إحساس «عمر» بالمسئولية أنه لم يكتفِ
بأن يكون مسئولا عن حياة البشر الذين يعيشون فى دولته، بل
مسئولا عن البهائم والدواب أيضًا. وذلك فى مقولته الشهيرة:
«والله لو أن بغلة عثرت بشط الفرات لكنت مسئولا عنها أمام
الله، لماذا لم أعبد - أسوى - لها الطريق». وأعمال «عمر»
العظيمة من الفتوحات واستكمال بناء الدولة ومؤسساتها لم
تشغله عن متابعة أحوال الناس وتفقدها؛ ليقف على أوجه النقص
ليتلافاها أولا بأول، فكان كثير الطواف ليلا بالمدينة، وسمع
ذات ليلة طفلا يبكى بكاء مستمرا، فسأل عن أمره، فعرف أن
أمه منعت عنه الرضاع، لأنه لا يُفرض عطاء من بيت المال إلا
للأطفال المفطومين، فانزعج «عمر»، وأصدر أوامره أن يفرض
عطاء لكل مولود فى الإسلام، ونادى مناديه: لا تعجلوا فطام
أولادكم. وحوادث «عمر» التى من هذا القبيل كثيرة، وقد يظنها
بعض الناس أنها من المبالغات، ولكنها متواترة فى المصادر
التى أرَّخت لعمر وعصره، فمن يصدق أن خليفة المسلمين يأخذ
امرأته «أم كلثوم بنت على بن أبى طالب» ومعها كل ما تحتاج
إليه عملية ولادة، لمساعدة امرأة غريبة جاءها المخاض،
فيشترك هو معها فى الإشراف على ولادتها؛ وصنع الطعام لها،
ولما أنجز مهمته، قال لزوج المرأة: «إذا كان الغد فأتنا نأمر لك
بما يصلحك»، ففعل الرجل فأجازه وأعطاه. عمر والقضاء:
عندما بويع «أبو بكر» بالخلافة شكى لعمر من كثرة أعبائها
وخوفه من عدم النهوض بكل مسئولياتها، فقال له «عمر»: «أنا
أكفيك القضاء وأبو عبيدة يكفيك الأموال»، ومعنى ذلك أن
«عمر» كان قاضيًا لأبى بكر. وفى عهد «عمر» اتسعت الدولة،
واحتاج كل إقليم إلى قاضٍ، فعين «عمر» القضاة وكان يدقق
فى اختيارهم، فعين: «شريح بن الحارث الكندى» على قضاء
«الكوفة»، و «أبا الدرداء» على قضاء الشام، و «عثمان بن(10/927)
قيس» على قضاء «مصر». ولم يكن «عمر» فى حاجة إلى سن
قوانين للقضاة، لأنهم يحكمون طبقًا لكتاب الله وسنة رسوله،
ولكنه كان فى حاجة إلى تعليمهم كيف يتصرفون حين يلتبس
الأمر عليهم، وقد كتب لأحدهم يقول له: «فإن جاءك أمر ليس فى
كتاب الله ولم تكن فيه سنة من رسول الله، ولم يتكلم فيه أحد
قبلك، فاختر أى الأمرين شئتَ، إن شئتَ أن تجتهد رأيك وتقدِّم
فتقدم، وإن شئتَ أن تأخَّر فتأخر». ومن أعظم وصاياه للقضاة
وصيته لأبى موسى الأشعرى، ومما جاء فيها: «آس - أى سوِّ
بين الناس فى مجلسك ووجهك - حتى لا يطمع شريف فى حيفك -
ظلمك - ولا ييأس ضعيف من عدلك، والبينة على من ادعى واليمين
على من أنكر، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا حرَّم حلالا أو
حلل حرامًا .. ». إصلاحات عمر بن الخطاب وإنشاءاته: لعمر بن
الخطاب كثير من الإصلاحات والإنشاءات التى لم يُسبق إليها،
وسماها مؤرخو سيرته «أوليات عمر»، فهو أول من سُمى أمير
المؤمنين، وأول من اتخذ حادث الهجرة مبدأ التاريخ للدولة
الإسلامية، بعد أن استشار فى ذلك كبار الصحابة، وهو أول من
اتخذ بيت المال، وهو يشبه خزانة الدولة، وأول من مصَّر الأمصار
، أى بنى مدنًا جديدة كالبصرة و «الكوفة» فى «العراق»،
و «الفسطاط» - حى مصر القديمة حاليا - فى «مصر»، وأول من
وسَّع مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأدخل فيه دار
«العباس بن عبدالمطلب»، وفرشه بالحصباء، أى الحجارة
الصغيرة، وكانوا قبل ذلك يصلون على التراب. وهو أول من دوَّن
الدواوين، وهى تشبه الوزارات فى الوقت الحاضر، وقد اقتبس
هذا النظام من الفرس والروم، فأنشأ «ديوان العطاء»، وكان
مختصًا بالعطاء الذى فرضه «عمر» للمسلمين، وأنشأ «ديوان
الجند» - وزارة الدفاع حاليًا - و «ديوان الخراج» - وزارة المالية -
و «نظام البريد» الذى كان يُستخدم فى أمور الدولة. ومن أعظم
اجتهاداته إبقاؤه الأرض المفتوحة فى أيدى أهلها يزرعونها،(10/928)
ويدفعون خراجًا -إيجارًا - للدولة، تنفق منه على الجيش والمرافق
العامة، كما أمر بإعادة مسح الأرض - أى قياسها واختبارها -
ووضع الخراج المناسب عليها. حسب جودة الأرض. وهو أول من
قنن الجزية على أهل الذمة، فوضع على الأغنياء ثمانية
وأربعين درهما للفرد الواحد فى السنة، وعلى متوسطى الحال
أربعة وعشرين درهمًا، وعلى الفقراء القادرين على الكسب
اثنى عشر درهمًا، وأعفى منها الشيوخ والنساء والأطفال
ورجال الدين والعاجزين عن الكسب، وقد سبق القول إنه فرض
للعاجزين عن الكسب من أهل الذمة عطاءً من بيت المال. وكما
ترك «عمر بن الخطاب» الأرض لأهلها يزرعونها؛ ترك معظم
الدواوين - وبخاصة «ديوان الخراج» - فى أيدى أبناء البلاد
المفتوحة يزاولونها بلغاتها؛ لأنها كما يقول العقاد: «ليست من
أسرار الدولة، وليس من الميسور أن ينصرف إليها فتيان العرب
عما هو أولى بهم، وهو فرائض الدفاع والجهاد». ولاشك أن
ترك تلك الأعمال فى أيدى أبناء البلاد المفتوحة كان مبعث
ارتياح لهم، فاطمأنوا للحكم الإسلامى، بل أخذوا يعتنقون
الإسلام، ويتعلمون اللغة العربية. استشهاده: فى يوم الأربعاء
الموافق 26 من شهر ذى الحجة سنة 23هـ وبينما «عمر بن
الخطاب» يسوِّى صفوف المسلمين فى صلاة الفجر كعادته كل
يوم، وبدأ ينوى مكبرًا للصلاة، إذا بأبى لؤلؤة المجوسى يسدد
للخليفة عدة طعنات بخنجر مسموم، فقطع أمعاءه، وسقط
مغشيًا عليه، واضطرب المسلمون فى الصلاة اضطرابًا شديدًا من
هول المفاجأة، وأقبلوا على القاتل محاولين القبض عليه، لكنه
أخذ يضرب شمالا ويمينًا بدون هدى، فأصاب اثنى عشر من
الصحابة، مات ستة منهم، ثم أتاه رجل من خلفه وألقى عليه
رداءه وطرحه أرضًا فلما أيقن «أبو لؤلؤة» أنه مقبوض عليه لا
محالة، طعن نفسه بالخنجر الذى طعن به أمير المؤمنين، ومات
على الفور قبل موت الخليفة نفسه ومات معه السر الخفى الذى(10/929)
دفعه إلى هذه الجريمة البشعة. حمل المسلمون الخليفة إلى بيته،
وظل فاقد الوعى فترة طويلة، فلما أفاق كان أول سؤال سأله
للمسلمين: هل صليتم الصبح؟ قالوا: نعم، قال: الحمد لله، لا
إسلام لمن ترك الصلاة، ثم سأل: من الذى قتلنى؟ قالوا: «أبو
لؤلؤة» غلام «المغيرة بن شعبة». قال: الحمد لله الذى جعل
منيتى على يد رجل كافر، لم يسجد لله سجدة واحدة يحاجنى
بها عند الله يوم القيامة. أيقن «عمر بن الخطاب» بعد طعنه أنه لم
يبق من عمره سوى ساعات، وكذلك أيقن المسلمون، ولذا ألحوا
عليه أن يختار لهم من يخلفه فيهم، فرشَّح لهم ستة من الصحابة،
هم بقية العشرة المبشرين بالجنة، يختارون من بينهم واحدًا
للخلافة، ومع أن ابن عمه «سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل»
واحد من العشرة المبشرين بالجنة، فقد استبعده من الترشيح،
خوفًا أن يقع عليه الاختيار لقرابته منه، كما استبعد ابنه
«عبد الله» من الترشيح تمامًا، بل رد على من اقترح عليه ترشيحه
ردا قاسيًا، إبعادًا لشبهة الوراثة عن نظام الحكم الإسلامى،
وجعل الأمر فى يد الأمة تختار الأصلح ليتولى أمرها. قال «عمر»
لهم: «عليكم هؤلاء الرهط الذين قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: إنهم من أهل الجنة، سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل
منهم، ولست مدخله فيهم، ولكن الستة، هم: على بن أبى طالب،
وعثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وسعد بن أبى وقاص،
وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيد الله». واهتم «عمر» وهو
فى تلك الحال بأمر دفنه، وطلب أن يُدفن إلى جوار الرسول
- صلى الله عليه وسلم - و «أبى بكر الصديق» - رضى الله عنه -
فى بيت «عائشة»، لينعم بصحبته فى الآخرة كما نعم بها فى
الدنيا، فأرسل ابنه «عبد الله» إلى «عائشة» - رضى الله عنهما -
وقال له: قل لها: «عمر» يقرأ عليك السلام ويستأذنك فى أن
يُدفن مع صاحبيه، فأتاها «عبد الله» فوجدها تبكى، فسلم
عليها، ثم قال لها ما أمره به أبوه، فقالت: «كنت والله أريده(10/930)
لنفسى - أى المكان - ولأوثرنه به اليوم على نفسى»، فلما رجع
«عبدالله»، وأخبر أباه أن «عائشة» أذنت له، تهلل وجهه،
وقال: الحمد لله ماكان شىء أهم إلى من ذلك المضجع. وفى
اليوم التالى لطعنه أى يوم الخميس الموافق 27 من ذى الحجة
سنة 23هـ فاضت روح «عمر» بعد أن قضى فى الخلافة عشر
سنوات وبضعة شهور، وكُفن فى ثلاثة أثواب أسوة بكفن
رسول الله، وصلى عليه «صهيب الرومى» -رضى الله عنه - وكان
«عمر» قد أمره أن يصلى بالناس بعد طعنه، ودُفن مع رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - و «أبى بكر الصديق».(10/931)
*عثمان بن عفان
هو «عثمان بن عفان بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن
عبد مناف»، ولِد بعد «عام الفيل» بست سنوات (576م)، وأمه
«أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس»،فعثمان
يلتقى فى نسبه من جهة أمه وأبيه مع النبى - صلى الله عليه
وسلم - فى «عبدمناف». كان ربعة من الرجال، ليس بالقصير ولا
بالطويل، حسن الوجه أبيض مشربًا بحمرة، غزير الشعر يكسو
ذراعيه شعر طويل، طويل اللحية، ومن أحسن الناس ثغرًا.
أجمعت المصادر التى أرخت له على وصفه بسماحة النفس، ورقة
المشاعر، وكان رضى الخلق، كريمًا، شديد الحياء، صوَّامًا
قوَّامًا، محبوبًا من الناس فى جاهليته وإسلامه. وتحدث هو عن
نفسه فقال: لقد اختبأت لى عند ربى عشرًا، إنى لرابع أربعة
فى الإسلام، ولقد ائتمننى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
على ابنته - رقية - ثم توفيت، فزوجنى الأخرى - أم كلثوم -
ووالله ما سرقت ولا زنيت فى جاهلية ولا إسلام قط ولا تغنيت،
ولا تمنيت ولا مسحت فرجى بيمينى منذ بايعت رسول الله، ولقد
جمعت القرآن على عهد رسول الله، ولا مرت بى جمعة منذ
أسلمت إلا وأنا أعتق فيها رقبة، فإن لم أجد فيها رقبة أعتقت
فى التى تليها رقبتين. أسلم «عثمان» مبكرًا، وكان الذى دعاه
إلى الإسلام هو «أبو بكر الصديق»، وجاء به إلى رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - فأسلم على يديه بعد إسلام «أبى بكر»
مباشرة، ولذا كان يقول: «إنى لرابع أربعة فى الإسلام بعد
«أبى بكر» و «خديجة» و «زيد بن حارثة»، وحرص عثمان على
إسلامه أشد الحرص، على الرغم من الضغوط التى تعرض لها،
فعندما علم عمه «الحكم بن أبى العاص» بإسلامه أوثقه
بالحبال، وقال له: «ترغب عن دين آبائك إلى دين محدث؟ والله
لا أدعك حتى تدع ما أنت فيه» فأجابه «عثمان»: «والله لا أدعه
أبدًا ولا أفارقه». تزوج «عثمان بن عفان» من ابنتى رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -، فتزوج «رقية»، وظلت معه حتى تُوفيت(10/932)
يوم انتصار المسلمين فى غزوة «بدر»، ولهذا لم يحضر «عثمان»
«بدرًا»، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمره بالبقاء معها
لتمريضها، وقد عده النبى - صلى الله عليه وسلم - من البدريين
رغم غيابه عن المعركة، وفرض له فى غنائمها، ثم زوجه النبى
- صلى الله عليه وسلم - ابنته «أم كلثوم»، ولهذا لُقب بذى
النورين، فلما توفيت فى العام التاسع من الهجرة؛ حزن
«عُثمان» حزنًا شديدًا؛ لانقطاع مصاهرته للنبى - صلى الله عليه
وسلم -، فواساه مواساة رقيقة قائلا: «لو كانت لنا أخرى
لزوجناكها يا عثمان». جاهد «عثمان بن عفان» منذ أن أسلم مع
النبى - صلى الله عليه وسلم - بماله ونفسه، فهاجر الهجرتين: إلى
«الحبشة» وإلى «المدينة»، وصاحبته زوجه رقية بنت النبى
- صلى الله عليه وسلم -، وتحمل كثيرًا من الأذى. بذل «عثمان»
ماله فى سبيل الله ونصرة دعوته، وكان من أكثر «قريش» مالا،
فاشترى «بئر رومة» باثنى عشر ألف درهم، وجعلها للمسلمين
فى «المدينة»، وكانوا يعانون من قلة المياه، وغلاء أسعارها.
كما أنفق ماله فى تجهيز الجيوش وبخاصة جيش العسرة فى
غزوة «تبوك» فى العام التاسع من الهجرة، فقد جهز وحده ثلث
الجيش، وكان عدده نحو ثلاثين ألفًا، فدعا له رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - بخير، وقال: «ماضر عثمان مافعل بعد اليوم»،
قالها مرتين. وشهد «عثمان» المشاهد كلها مع رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -، عدا غزوة «بدر»، فقد تخلف عنها بأمر من
النبى - صلى الله عليه وسلم -، وأرسله النبى إلى «مكة» عام
«الحديبية» لمفاوضة «قريش»، بعد اعتذار «عمر بن الخطاب»
لرسول الله بقوله: «إنى أخشى على نفسى من «قريش» لشدتى
عليها وعداوتى إياها، ولكنى أدلك على رجل أمنع وأقوى بها
منى، عثمان بن عفان». ولما أشيع أن «قريشًا» قد قتلت
«عثمان»، قال النبى - صلى الله عليه وسلم -: «لو كانوا فعلوها
فلن نبرح حتى نناجزهم»، وبايعه أصحابه «بيعة الرضوان» تحت(10/933)
الشجرة، وبايع النبى نفسه نيابة عن «عثمان»، وقال: «إن
عثمان بن عفان فى حاجة الله وحاجة رسوله» وضرب بإحدى
يديه على الأخرى مشيرًا إلى أن هذه بيعة «عثمان»، فكانت يد
النبى - صلى الله عليه وسلم - لعثمان خيرًا من أيديهم لأنفسهم.
وكان من كُتاب الوحى كما هو معلوم. والأحاديث الواردة فى
فضل «عثمان بن عفان» وثناء النبى عليه كثيرة، من ذلك قوله
- صلى الله عليه وسلم -: «ألا أستحى من رجل تستحى منه
الملائكة؟». وكان عثمان بن عفان قريبًا من الخليفتين، «أبى
بكر الصديق» و «عمر بن الخطاب»، وموضع ثقتهما وأحد أركان
حكومتهما، ومن كبار مستشاريهما، وكان يكتب لهما، وهو
الذى كتب كتاب ولاية العهد من «أبى بكر» إلى «عمر بن
الخطاب» - رضى الله عنهما - وترتيب «عثمان» فى الفضل بين
الصحابة كترتيبه فى تولِّى الخلافة عند جمهور علماء الأمة. لم
يشأ «عمر بن الخطاب» أن يعهد بالخلافة إلى شخص بعينه،
وقال: «إن أعهد - يعنى لشخص محدد - فقد عهد من هو خير
منى - يقصد أبا بكر عندما عهد إليه هو نفسه - وإن لم أعهد فلم
يعهد من هو خير منى - يقصد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
حين تركها شورى بين المسلمين». ولعل اجتهاده أدَّاه إلى أن
تصرف الرسول و «أبى بكر» يعطى له الفرصة أيضًا أن يختار
طريقة أخرى لاختيار من يخلفه، ليثرى بذلك طرق الاختيار،
وليرسخ فى أذهان الناس أن أمر اختيار الحاكم منوط دائمًا
بالأمة وإرادتها ورضاها، وهى التى تملك محاسبته وعزله إن
ارتكب ما يوجب العزل. رشح «عمر بن الخطاب» ستة من
الصحابة، ليتولى واحد منهم منصب الخلافة، ولم يأمر أحدًا منهم
أن يصلى بالناس إمامًا، حتى لا يظن الناس أنه يميل إليه، بل أمر
صهيبًا أن يصلى بالناس، لتكون فرصتهم فى الاختيار متساوية،
وشدد على ألا تمضى ثلاثة أيام بعد وفاته إلا ويكون عليهم أمير
من هؤلاء الستة يتولى مسئولية الخلافة ويتحمل تبعاتها. وبعد(10/934)
أن فرغ المسلمون من دفن «عمر»، شرع المرشحون الستة فى
التفاوض، وبعد نقاش طويل اقترح عليهم «عبد الرحمن بن عوف»
أن يتنازل عن حقه فى الخلافة. ويتركوا له اختيار الخليفة،
فوافقوا على ذلك، فشرع فى معرفة آرائهم واحدًا بعد واحد
على انفراد، فرأى أن الأغلبية تميل إلى «عثمان»، ثم أخذ
يسأل غيرهم من الصحابة، «فلا يخلو به رجل ذو رأى فيعدل
بعثمان». اطمأن «عبد الرحمن» إلى أن الأغلبية تزكى «عثمان بن
عفان» فأعلن ذلك على ملأ من الصحابة فى مسجد النبى - صلى
الله عليه وسلم -، ولما كان يعلم أن الذى يلى «عثمان» فى
المنزلة عند الصحابة، هو «على بن أبى طالب»، الذى مال إليه
عدد منهم، فإنه رأى أن يوضح له أن الأغلبية مع «عثمان»،
فقال له: «أما بعد ياعلى، فإنى نظرت فى الناس، فلم أرهم
يعدلون بعثمان، فلا تجعلن على نفسك سبيلا» - كأنه يحذره من
المخالفة- ثم أخذ بيد «عثمان»، فقال: «نبايعك على سنة الله
ورسوله، وسنة الخليفتين بعده»، فبايعه «عبد الرحمن»، وبايعه
المهاجرون والأنصار؛ ولم يتخلف أحد عن بيعته من الصحابة،
وكان ذلك بعد وفاة «عمر» بثلاثة أيام. استقبل «عثمان»
بخلافته أول المحرم سنة 24هـ، وصعد المنبر بعد تمام البيعة،
وخطبهم قائلا -بعد حمد الله والصلاة على رسوله-: «إنكم فى دار
قلعة -أى دار الدنيا - وفى بقية أعمار، فبادروا آجالكم بخير ما
تقدرون عليه .. ألا وإن الدنيا طويت على الغرور، فلا تغرنكم
الحياة الدنيا، ولا يغرنكم بالله الغرور، اعتبروا بما مضى، ثم
جدوا ولا تغفلوا، فإنه لا يغفُل عنكم، أين أبناء الدنيا وإخوانها:
الذين أثاروها وعمروها، ومتعوا بها طويلا، ألم تلفظهم؟ ارموا
الدنيا حيث رمى الله بها، واطلبوا الآخرة .. ». وأول ما يُلاحظ على
الخطبة الأولى، التى افتتح بها «عثمان» خلافته، خلوها من
الإشارة إلى المنهج الذى سيسير عليه، ولعله اكتفى بما قاله
لعبد الرحمن بن عوف لحظة البيعة، من أنه سيعمل بكتاب الله،(10/935)
وسنة نبيه، وسيرة الخليفتين بعده. كتب «عثمان» - رضى الله
عنه - فى الأيام الأولى من خلافته عددًا من الكتب إلى الولاة
وأمراء الجند، بل وإلى عامة الناس، تتضمن نصائحه وإرشاداته،
يقول «الطبرى»: أول كتاب كتبه «عثمان» إلى عماله: «أما بعد
فإن الله أمر الأئمة أن يكونوا رعاة - يرعون مصالح الأمة - ولم
يتقدم إليهم - أى لم يطلب منهم - أن يكون جباة، وإن صدر هذه
الأمة خلقوا دعاة، ولم يخلقوا جباة، وليوشكن أئمتكم أن
يصيروا جباة ولا يكونوا دعاة، فإن عادوا كذلك انقطع الحياء
والأمانة والوفاء، ألا وإن أعدل السيرة أن تنظروا فى أمور
المسلمين فيما عليهم، فتعطوهم مالهم، وتأخذوهم بما عليهم، ثم
تثنوا بالذمة، فتعطوهم الذى لهم، وتأخذوهم بالذى عليهم، ثم
العدو الذى تنتابون، فاستفتحوا عليهم بالوفاء». وكتب إلى
أمراء الأجناد وقادة الجيوش: «أما بعد، فإنكم حماة المسلمين
وذادتهم، وقد وضع لكم عمر ما لم يغب عنا، بل كان عن ملإ منا،
فلا يبلغنى عن أحد منكم تغيير ولا تبديل، فيغير الله ما بكم،
ويستبدل بكم غيركم، فانظروا كيف تكونون، فإنى أنظر فيما
ألزمنى الله النظر فيه، والقيام عليه». وكتب إلى عمال الخراج
المسئولين عن الشئون المالية: «أما بعد فإن الله خلق الخلق
بالحق، ولا يقبل إلا الحق، خذوا الحق، وأعطوا الحق، والأمانة
الأمانة، قوموا عليها، ولا تكونوا أول من يسلبها .. والوفاء
الوفاء، ولا تظلموا اليتيم ولا المعاهد، فإن الله خصم لمن
ظلمهم». وكتب إلى عامة الرعية: «أما بعد فإنكم إنما بلغتم ما
بلغتم بالاقتداء والاتباع، فلا تفتنكم الدنيا عن أمركم، فإن
أمرهذه الأمة صائر إلى الابتداع بعد اجتماع». وهذه الكتب
توضح سياسة «عثمان بن عفان» العامة، التى كان يتوخى أن
يتبعها عماله وولاته فى إدارة شئون الأمة، وهى سياسة
طابعها الرفق بالرعية، والسهر على مصالحها، والإنصاف فى
جمع الخراج، وإيصال الحقوق إلى أصحابها، والإحسان إلى(10/936)
أهل الذمة، ورعاية جميع طوائف الأمة. وفى عهده استمر
المسلمون فى فتح شمال أفريقيا كما تم نشأة الأسطول
الإسلامى للدفاع عن الثغور الإسلامية وكان مما قام به هذا
الأسطول هو فتح جزيرة قبرص سنة 28 هـ وإلحاق الهزيمة
بالأسطول البيزنطى فى معركة ذات الصوارى سنة 34 هـ. مصحف
عثمان: إذا كان لعهد «عثمان بن عفان» - رضى الله عنه - أن
يفخر بما أنجز فيه من الأعمال العظيمة؛ فإن له أن يفخر بما هو
أعظم منها جميعًا، وهو جمع القرآن الكريم على لغة واحدة.
للقرآن صورتان: صورة صوتية مقروءة، وأخرى مكتوبة مدونة،
وقد حرص الرسول - صلى الله عليه وسلم - على تدوين الآيات فور
نزولها، وقبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى راجع مع «جبريل» -
عليه السلام - ترتيب الآيات والسور مرتين. وقد حفظ الصحابة
القرآن باللهجات التى درجوا عليها، وأجاز لهم النبى - صلى الله
عليه وسلم - ذلك، ولذا ظهرالاختلاف فى وجوه القراءة بين
الصحابة من بدء نزول القرآن، نتيجة للهجة التى اعتادها اللسان.
ولما جُمِعَ القرآن الكريم الجمع الأول فى الصحف فى عهد «أبى
بكر» بهيئته المكتوبة، بقيت الصورة الصوتية كما هى، ولما
فُتحت البلاد وتفرق الصحابة فيها، أخذ أهل كل إقليم يقرءون
القرآن بقراءة الصحابى أو الصحابة الذين عاشوا بينهم، فتمسك
أهل «الكوفة» بقراءة «عبد الله بن مسعود»، وأهل الشام
بقراءة «أبى بن كعب»، وأهل «البصرة» بقراءة «أبى موسى
الأشعرى»، ومع اتساع الفتوحات، زاد الخلاف بين المسلمين
حول قراءة القرآن، وتحول الأمر إلى تعصب، بل كاد أن يؤدى
إلى فتنة بينهم، مما أفزع «حذيفة بن اليمان» الصحابى الجليل،
وكان يقرأ فى «أذربيجان»، فرجع إلى «المدينة»، وأخبر
«عثمان بن عفان»» بما رأى. جمع «عثمان» الصحابة، وأخبرهم
الخبر، فأعظموه، ورأوا جميعًا مارأى «حذيفة» من ضرورة جمع
الناس على مصحف واحد، وأرسل «عثمان» إلى أم المؤمنين
«حفصة بنت عمر» أن تبعث إليه بالمصحف الذى جُمع فى عهد(10/937)
«أبى بكر» - وكان «عمر بن الخطاب» قد أخذه بعد وفاة «أبى
بكر»، ثم حُفظ بعد موته عند ابنته «حفصة» - ثم أمر «زيد بن
ثابت» - الذى جمع القرآن الجمع الأول فى عهد «أبى بكر
الصديق» - و «عبدالله بن الزبير»، و «سعيد بن العاص»،
و «عبدالرحمن بن الحارث بن هشام»، أن ينسخوه، وقال لهم: إذا
اختلفتم - يعنى فى كلمة أو كلمات- فاكتبوها بلسان «قريش»،
فإنما نزل بلسانهم، فلما نسخوه، أرسل إلى كل إقليم مصحفًا
وأمر بإحراق ما سوى ذلك، وقد سمى هذا المصحف بالمصحف
الإمام أو «مصحف عثمان». الفتنة وأسبابها: سارت الأمور فى
الدولة الإسلامية على خير ما يرام فى الشطر الأول من خلافة
«عثمان» - رضى الله عنه - (24 - 30هـ)،ولكن مع بداية سنة
(31هـ) هبت على الأمة الإسلامية رياح فتنة عاتية، زلزلت
أركانها، وكلفتها تضحيات جسيمة، واستمرت هذه الفتنة نحو
عشر سنين، شملت ما تبقى من خلافة «عثمان بن عفان»، وكل
زمن خلافة «على بن أبى طالب» -رضى الله عنهما- (31 - 40هـ).
ومما لاشك فيه أن تلك الفتنة كانت نتيجة لمؤامرة واسعة النطاق
كانت أحكم فى تدبيرها، وأوسع فى أهدافها، وأخطر فى
نتائجها من مؤامرة اغتيال «عمر بن الخطاب» - رضى الله عنه -،
لأن اغتيال «عمر» لم يخلف آثارًا خطيرة بين المسلمين، ولم
يقسمهم شيعًا وأحزابًا كما حدث فى آخر عهد «عثمان»، ولأن
الذين خططوا لقتل «عمر» والذين قاموا بتنفيذ ذلك كانوا غير
مسلمين وغير عرب، فى حين أن الذين قتلوا «عثمان» و «عليا»
من بعده كانوًا عربًا مسلمين، وهذا هو وجه الخطورة، حتى وإن
كان التخطيط من غيرهم. والذى لاشك فيه أن الذى تولى
التخطيط للفتنة، وقتل «عثمان»، وإغراق الأمة فى بحر من
الدماء، هو «عبد الله بن سبأ» اليهودى، الذى ادعى الإسلام؛
ليتمكن من الكيد له من داخله، والذى لُقِّب بابن السوداء. وقبل
الحديث عنه يحسن تناول الظروف والأجواء التى كانت سائدة
فى عهد «عثمان» - رضى الله عنه - واستغلها «ابن سبأ»(10/938)
لتحقيق أهدافه المدمرة: أولا: تغيرت الظروف فى آخر حياة
«عثمان» بل وفى بداية خلافته عما كانت عليه فى خلافة «عمر
بن الخطاب»، وربما كان هذا تطورًا طبيعيا فى حياة الأمة، فقد
كثرت الغنائم فى أيدى الناس، وبدءوا يتوسعون فى المأكل
والملبس والمشرب، وبخاصة الجيل الجديد من العرب الذى دخل
فى الإسلام بعد وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم -، ولم يتأدب
بآدابه، ولم يتعود حياة القناعة والقصد فى المعيشة التى كان
يحياها الصحابة فى حياته - صلى الله عليه وسلم -. ولم يُرضِ ذلك
التوسع فى المعيشة صحابيا جليلا اشتهر بالزهد، هو «أبو ذر
الغفارى»، فسخط على «عثمان» وولاته وعماله، وحملهم
مسئولية ذلك التطور الاجتماعى الطبيعى الذى لم يكن من
صنعهم، وراح ينادى بتحريم امتلاك المسلم لشىء من المال فوق
حاجة يومه وليلته، واستشهد على ذلك بقوله تعالى: {والذين
يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله فبشرهم
بعذاب أليم}. التوبة: 34]. ولم يوافق أحد من الصحابة «أبا ذر»
فيما نادى به، وكانوا يرون أن المال إذا جُمع من حلال، وأدى
عنه صاحبه حق الله وهو الزكاة: لا يعتبر كنزًا، ولا تنطبق عليه
الآية موضع الاستشهاد، والنبى - صلى الله عليه وسلم - كان يخزن
مؤنة بيوته لمدة سنة إذا كانت الظروف تسمح بذلك، وتشريع الله
للمواريث فى نظام دقيق يقتضى ترك الميت ثروة تقسم بين
ورثته، وكثير من الصحابة كانوا أغنياء على عهد النبى - صلى
الله عليه وسلم -، ولم يعب النبى - صلى الله عليه وسلم - ثراءهم،
بل يُروى أنه قال: «نعم المال الصالح للمرء الصالح». [مسند
أحمد]. وقد نصح النبى - صلى الله عليه وسلم - «سعد بن أبى
وقاص» حين أراد أن يتصدق بماله كله بقوله: «إنك إن تذر
ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس». [صحيح
البخارى، كتاب الجنائز]. ولو أن «أبا ذر الغفارى» - رضى الله
عنه - احتفظ برأيه لنفسه، لكان الأمر هينًا، ولكنه أذاعه فى(10/939)
الناس؛ ووجد صداه عند الكسالى والذين يريدون أن يعيشوا عالة
على غيرهم، فألبوا الناس على «عثمان» وولاته، وكانت تلك
الدعوة سببًا من أسباب الفتنة. وعلى الرغم من اعتزال «أبى
ذر» الناس فى الربذة «شرقى المدينة» امتثالا للخليفة؛ فإن
دعوته كانت قد استشرت، وتلقفها «ابن سبأ» اليهودى
وأشعلها بين الناس. ثانيًا: شارك عدد كبير من أهل «اليمن»
ومنطقة «الخليج» فى الفتوحات الإسلامية، وكان دورهم فى
تحقيق النصر لا ينكر، ولكنهم وجدوا بعد الفتح أن الإمارات
والوظائف الرئيسية قد أُسندت إلى غيرهم وبخاصة أبناء
«قريش»، وكبار المهاجرين والأنصار وأبنائهم، فلم يعجبهم
ذلك، ورأوا أنفسهم أحق بالإمارات التى فتحوها بسيوفهم، مع
أنه كان من الضرورى أن يتولى المهاجرون والأنصار هذه
الولايات؛ لأنهم يعرفون الإسلام وشرائعه أكثر، فقدمهم علمهم
وفقههم فى الدين وسابقتهم فى الإسلام، وجهادهم مع رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - لا أنسابهم وأحسابهم. ونتيجة لذلك
تكونت جبهة عريضة من أبناء تلك المنطقة معارضة لسيطرة
أبناء المهاجرين والأنصار على الدولة الإسلامية، ولم تكن
شكواهم من الولاة واتهامهم بالظلم حقيقية، بل كانت ذريعة
للنيل منهم، ومن الخليفة «عثمان»، وهدفًا لقلب الدولة وتغيير
نظام الحكم المتهم بالظلم، وهؤلاء كانوا صيدًا سمينًا لابن سبأ
فاستغل السخط الذى ملأ قلوبهم لتحقيق هدفه الشرير. ثالثًا:
عندما بدأت هذه الفتنة كان معظم ولاة الأقاليم من «قريش»، بل
من «بنى أمية» أهل «عثمان»، وأقربائه، مما سهل على «ابن
سبأ» مهمته فى إشعال نار الفتنة، والحق أن هؤلاء الولاة، وهم
«معاوية بن أبى سفيان» والى الشام، و «عبدالله بن سعد بن
أبى السرح» والى «مصر»، و «عبدالله بن عامر» والى
«البصرة»، و «الوليد بن عقبة» والى «الكوفة»، كانوا من خيرة
الولاة، وممن أسهموا فى تثبيت الفتوحات الإسلامية بعد
استشهاد «عمر»، وممن مارسوا الحكم قبل خلافة «عثمان»، بل(10/940)
إن «معاوية بن أبى سفيان» كان واليًا على الشام من عهد
«أبى بكر الصديق». ومن ثم لم يولِّهم «عثمان» لهوى فى نفسه،
أو لأنهم من أقربائه، بل ولاهم لكفايتهم ومقدرتهم الإدارية. ومما
يؤسف له أن بعض الكتاب الكبار صوَّروا الأمر على غير ما
تقتضيه الحقيقة التاريخية، وكأن «عثمان بن عفان» أتى بهؤلاء
الولاة من قارعة الطريق، وعينهم على الولايات الكبيرة، وحملهم
على رقاب الناس؛ لأنهم أقرباؤه فحسب. ويذهب بعضهم إلى
تصوير أمر استعفاء «عمرو بن العاص» من إمارة «مصر» بناء
على طلبه على أنه عزل من «عثمان» ليعين مكانه أخاه من
الرضاعة «عبدالله بن سعد»، ولا يذكر شيئًا مما يعرضه مؤرخو
«مصر» الإسلامية كابن عبدالحكم و «الكندى»، من أن «عبدالله
بن سعد» كان واليًا على صعيد «مصر» من قبل «عمر بن
الخطاب»، فلما تولى «عثمان بن عفان» الخلافة طلب منه «عمرو
بن العاص» أن يخصه وحده بإمارة «مصر» كلها، فرفض
«عثمان»، فاعتزل «عمرو» الولاية بناء على طلبه، ولم يعزله
«عثمان بن عفان». رابعًا: أن من أبناء البلاد المفتوحة وبخاصة
بلاد فارس، من لم يسترح إلى سيادة العرب عليهم، وسيطرتهم
على بلادهم، وهم الذين كانوا بالأمس يحتقرونهم وينظرون إليهم
فى استعلاء، فعزَّ على أنفسهم ذلك، فلم يتركوا فرصة لزعزعة
الدولة الإسلامية إلا وانتهزوها، خاصة من لم يتمكن الإسلام فى
قلوبهم منهم، وهؤلاء كان لهم دور فى إثارة الفتنة على
«عثمان»، واستمر حتى آخر العصر الأموى. خامسًا: أن كل ما
تقدم كان يمكن تداركه وعلاجه، بل إن «عثمان» - رضى الله عنه
- حاول إجابة كل مطالب الثائرين عليه والمؤلبين للناس ضده،
لكنهم لم يقتنعوا؛ لأن الخليفة لان معهم وحلُم عليهم أكثر مما
كان ينبغى، ولو أخذهم بالشدة والحزم كما كان يفعل «عمر بن
الخطاب» مع أمثالهم لارتدعوا، ولحُسمت الفتنة. عبدالله بن سبأ:
هو رجل يهودى من «صنعاء» ادعى الإسلام فى عهد «عثمان»،(10/941)
وأخذ يبث فى المسلمين أفكارًا غريبة وبعيدة عن الإسلام، مثل
قوله بالوصية أى أن «على بن أبى طالب»، هو وصى النبى
- صلى الله عليه وسلم - وخليفته من بعده، ومعنى ذلك أن الخلفاء
الثلاثة، «أبا بكر» و «عمر» و «عثمان» اغتصبوا حق «على» فى
الخلافة. وبدأ «ابن سبأ» من هذه النقطة، مستغلا كل الأطراف
التى سبق الحديث عنها، ووضع للثائرين والناقمين على اختلاف
مشاربهم وأهدافهم خطة للتحرك ضد الخليفة وولاته، وأشار
عليهم بالنيل من الولاة أولا؛ لما كان يعرف أن «عثمان» نفسه
فوق الشبهات، حتى إذا نجحوا فى تشويه سمعة الولاة، انتقلوا
إلى «عثمان» باعتباره المسئول الأول عنهم، ومما قاله
لأتباعه: «إن عثمان أخذها بغير حق، وهذا وصى رسول الله -
يقصد عليًّا - فانهضوا فى هذا الأمر فحركوه، وابدءوا بالطعن
فى أمرائكم، وأظهروا الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر،
تستميلوا الناس». أخذ «ابن سبأ» يتنقل بهذا التدبير الشيطانى
بين الأقاليم من «البصرة» إلى «الكوفة» إلى الشام إلى
«مصر»، يبث أفكاره وسمومه، وكانت خطته بالغة الإحكام،
جعلت أتباعه ينجحون فى زرع الشكوك فى نفوس الصحابة فى
«المدينة»، مثل «على بن أبى طالب»، و «الزبير بن العوام»،
و «طلحة بن عبيد الله»، والسيدة «عائشة» - رضى الله عنها -
وهؤلاء كلهم كانت تصلهم معلومات كاذبة عن ظلم ولاة الأقاليم،
لكنهم صدقوها للأسف، ولم يتبينوا كذبها إلا بعد فوات
الأوان، وبعد أن وقعت الواقعة، وقتل الخليفة الثالث مظلومًا.
موقف عثمان من الفتنة: لما سمع «عثمان بن عفان» ما يقال عن
ولاة أقاليمه جمع أهل «المدينة»، وقال لهم: أشيروا على،
فأشاروا عليه أن يرسل رجالا إلى الأقاليم للتحقيق فيما وصله
من كلام عنهم، كما كان يفعل «عمر بن الخطاب»، فاستجاب
على الفور، وحدد أربعة من الصحابة من غير «بنى أمية» - حتى
لا يتهمهم أحد بالتحيز للولاة - للقيام بما كلفهم به، فأرسل(10/942)
«محمد بن مسلمة» إلى «الكوفة»، و «أسامة بن زيد» إلى
«البصرة»، و «عبدالله بن عمر» إلى الشام، و «عمار بن ياسر»
إلى «مصر»، وعاد الثلاثة الأول إلى «المدينة»، وقدموا تقارير
للخليفة بأن الأمور تجرى على خير وجه، وأن الشكاوى التى
تصل إلى «المدينة» كلها باطلة، ولا أساس لها من الصحة؛ وأن
الولاة يقومون بعملهم خير قيام، أما «عمار بن ياسر» فلم يعد
من «مصر»، لأنه لما وصل إليها، تصادف وجود «ابن سبأ» فيها،
فاستقطبه للأسف وضمه إلى صفه، مما جعل الأمر يستفحل
ويزداد خطرًا. وبعد أن تبين بطلان مزاعم أتباع «ابن سبأ»،
الذين ألبوا الناس على «عثمان» - وكلهم عرب مسلمون- لان لهم
الخليفة، وعطف عليهم وحاول استرضاءهم بدلا من عقابهم
وأخذهم بالشدة. ولما تهيأ الجو، ورأى زعماء الفتنة أن الفرصة
سانحة للتخلص من الخليفة، خرجوا إلى «المدينة» على رأس
وفود أهل «مصر» و «البصرة» و «الكوفة»، وكانوا نحو عشرة
آلاف متظاهرين بالحج، مخفين نياتهم الخبيثة عن عامة الناس،
الذين شكوا إلى الخليفة من تصرفات لولاتهم لا يرضونها،
فوعدهم خيرًا، وأمرهم بالعودة إلى أمصارهم، فرضوا لما رأوه
من سماحته وعطفه، وعادوا. أما زعماء الفتنة من أمثال:
«الأشتر النخعى»، و «عمرو بن الأصم»، و «حرقوص بن زهير
السعدى»، و «الغافقى بن حرب»، فقد ساءهم عودة عامة الناس
الذين لا علم لهم بالمؤامرة، وسُقِطَ فى أيديهم، وعزموا على قتل
الخليفة أو عزله، فتخلفوا فى «المدينة»، وزوَّروا كتابًا، ادعوا
كذبًا أنهم وجدوه مع غلام من غلمان «عثمان»، موجه إلى
«عبدالله بن سعد» والى «مصر» يأمره فيه بقتل بعض الثائرين
وتعذيب بعضهم الآخر. عاد الثائرون من الطريق بهذا الكتاب،
فعرضوه على «على بن أبى طالب»، فأدرك أنه مزور، لأن
الذين ادعوا أنهم وجدوه هم أهل «مصر»، ولكنهم عندما عادوا
عادوا جميعًا، أهل «مصر» و «الكوفة» و «البصرة»، مع أن
طرقهم مختلفة، فعودتهم فى وقت واحد، تدل على أن الأمر(10/943)
مدبر، فقال لهم على: «كيف علمتم يا أهل الكوفة ويا أهل
البصرة بما لقى أهل مصر وطريقكم مختلف وقد سرتم على
مراحل؟! هذا والله أمر أبرم بالمدينة». ولما علموا أن أمرهم قد
ظهر، وخطتهم انكشفت، قالوا لعلى: «ضعوه حيث شئتم - أى
الكتاب مصممين على كذبهم - لاحاجة بنا إلى هذا الرجل،
ليعتزلنا»، ولا شك أن هذا تسليم منهم بأن قصة الكتاب مختلقة،
وأن غرضهم الأول والأخير هو خلع أمير المؤمنين أو سفك دمه،
الذى عصمه الله بشريعة الإسلام. محاصرة بيت الخليفة وقتله:
تشبث الأشرار بهذا الكتاب المزور، ولم يستجيبوا لنصح الصحابة
بالرجوع إلى بلادهم؛ لأن الخليفة لم يرتكب خطأ يستحق عليه
العقاب، فحاصروه فى بيته، ولم تكن هناك قوة تدافع عنه،
فقد رفض عرضًا من «معاوية بن أبى سفيان» بالذهاب معه إلى
الشام، وكره أن يغادر جوار رسول الله كما رفض أن يرسل
«معاوية» إليه جندًا من الشام لحمايته، لأنه كره أن يضيق على
أهل مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجيش يضايقهم فى
معاشهم. ولما رأى «على بن أبى طالب» و «الزبير بن العوام»
و «طلحة بن عبيد الله» وغيرهم الحصار المضروب على بيت
الخليفة؛ أرسلوا أبناءهم لحراسته، لكنه رفض ذلك أيضًا،
وأقسم عليهم بما له من حق الطاعة عليهم أن يذهبوا إلى بيوتهم
ويغمدوا سيوفهم، لأنه أدرك أن أبناء الصحابة وهم عدد قليل،
إن تصدوا لهؤلاء الأشرار - وكانوا زهاء عشرة آلاف - فقد
يقتلونهم جميعًا، فآثر سلامتهم وحقن دماءهم، ولعله كان يفكر
أن الثوار إذا قتلوه هو فستنتهى المشكلة، فرأى أن يضحى
بنفسه، حقنًا للدماء، ولم يدر أن دمه الطاهر الذى سيُسفك، كان
مقدمة لبحور من دماء المسلمين، سالت بعد ذلك نتيجة مقتله.
امتثل أبناء الصحابة لأمره، وعادوا إلى بيوتهم، لكنه طلب منهم
ماء للشرب، بعد أن منعه الثوار عنه، وهو الذى اشترى
للمسلمين «بئر رومة» ووهبها لهم، بناء على طلب من الرسول(10/944)
- صلى الله عليه وسلم - الذى بشره بنهر عظيم فى الجنة. وكانت
أم المؤمنين «أم حبيبة بنت أبى سفيان» أول المغيثين لعثمان،
لكنها لم تستطع أن توصل الماء إليه لأن الثوار منعوها،
وأساءوا معها الأدب وسبوها، ولم يراعوا لها حرمة. فلما فعلوا
بأم حبيبة ذلك، ذهب إليهم «على بن أبى طالب» - رضى الله
عنهم - وقال لهم: «إن الذى تصنعون لا يشبه أمر المؤمنين ولا
أمر الكافرين، لاتقطعوا عن الرجل المادة (الطعام والشراب) فإن
الروم وفارس لتأسر فتطعم وتسقى، وما تعرض لكم هذا الرجل،
فبم تستحلون حصره وقتله؟! قالوا: لا والله ولا نعمة عين -
يعنى ولا قطرة ماء تصله - لا نتركه يأكل ويشرب». وبعد ذلك
اقتحموا على الخليفة داره اقتحامًا، متسلقين من دور مجاورة،
وقتلوه وهو صائم يقرأ القرآن، وروعوا الأمة الإسلامية فى
إمامها، الذى كانت تستحى منه الملائكة، والذى بشره النبى
- صلى الله عليه وسلم - بالجنة، وتنبأ له بالشهادة، وكان
استشهاده فى أواخر شهر ذى الحجة سنة (35هـ). قُتِل «عثمان
بن عفان» مظلومًا لم يرتكب ذنبًا أو يقترف جرمًا يستحق به أن
يرفع هؤلاء الأشرار أصواتهم عليه ولو كان كل ما رموه به من
تُهم صحيحًا - مع أنه باطل وملفق - ما أباح لهم قتله، ولكنه
الحقد الأسود والأفكار الهدامة، التى زرعها «ابن سبأ» فى
نفوسهم وعقولهم، جعلهم يرون فضائله وإنجازاته تهمًا وجرائم،
فاتهموه -مثلا - بأنه تخلف عن «بيعة الرضوان» فى «الحديبية»،
مع أنهم يعلمون أنه عندئذٍ كان فى «مكة» سفيرًا للرسول - صلى
الله عليه وسلم - يقوم بمهمة اعتذر عنها «عمر بن الخطاب»
لخطورتها، وناب النبى - صلى الله عليه وسلم - نفسه عن
«عثمان» فى البيعة، فكانت بيعة عن «عثمان» أفضل من بيعة
الصحابة لأنفسهم، كما اعتبروا جمعه للقرآن فى مصحف واحد
جريمة، مع أنه أعظم أعماله باعتراف الصحابة أنفسهم. وقد
وصف «أبو بكر بن العربى» قتلة «عثمان» وصفًا صادقًا، فقال:(10/945)
«وأمثل ما روى فى قصته - أى عثمان - أنه بالقضاء السابق،
تألب عليه قوم لأحقاد اعتقدوها، ممن طلب أمرًا فلم يصل إليه، أو
حسد حسادة أظهر داءها، وحمله على ذلك قلة دين، وضعف
يقين، وإيثار العاجلة على الآجلة، وإذا نظرت إليهم دلك صريح
ذكرهم على دناءة قلوبهم، وبطلان أمرهم». وقد لا يصدق بعض
الناس أن رجلا واحدًا هو «عبدالله بن سبأ» يستطيع أن يفسد
أمر أمة بكاملها، مهما تبلغ قدراته، بل وصل الأمر ببعضهم إلى
إنكار وجوده أصلا، ولكن الواقع أن «ابن سبأ» كان موجودًا
ووجوده حقيقة، وهو كأى متآمر خبيث يتمتع بقدر كبير من
الدهاء والمكر، مكنه من أن يستميل إلى صفه صحابيين جليلين
هما «أبو ذر الغفارى» و «عمار بن ياسر»، وأن يستغل كل
الساخطين من أبناء العرب الطامعين فى الوظائف، بالإضافة إلى
الحاقدين من أبناء البلاد المفتوحة، الذين سقطت دولهم، وبادت
عروشهم، وخلق من ذلك كله تيارًا عامًّا، أدى إلى فتنة عارمة،
ذهب ضحيتها «عثمان بن عفان»، ولم تنته بعد موته.(10/946)
*على بن أبى طالب
هو «على بن أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف»،
وأمه «فاطمة بنت أسد بن هاشم»، وهى أول هاشمية ولدت
هاشميًّا، وقد أسلمت وهاجرت إلى «المدينة»، وهو ابن عم
النبى - صلى الله عليه وسلم -، وتربى فى بيته، لأن أباه كان
كثير العيال قليل المال، فأراد النبى أن يخفف عن عمه أعباء
المعيشة، فأخذ «عليًّا» ليعيش معه فى بيته، وكان عمره يومئذٍ
ست سنوات، فشاءت إرادة الله أن ينشأ «على» فى بيت
النبوة، فوقاه الله أرجاس الجاهلية، فلم يسجد لصنم قط، وكان
أول من أسلم من الصبيان. كان «على بن أبى طالب» ربعة من
الرجال، يميل إلى القصر، أسمر اللون، حسن الوجه واسع
العينين، أصلع الرأس، عريض المنكبين، غزير اللحية، قوى
الجسم. عُرف «على بن أبى طالب» بالشجاعة والعلم الغزير،
والزهد فى الدنيا مع القدرة عليها، وكان واحدًا ممن حفظوا
القرآن كله من الصحابة، وعرضوه على النبى - صلى الله عليه
وسلم -، ومن أكثرهم معرفة بالقرآن وبتفسيره وأسباب نزوله،
وأحكامه، وكان من كتاب الوحى، ولذا اختص فى سيرته بلقب
«الإمام» لأفضليته العلمية والفقهية، وكان أقضى الصحابة رضى
الله عنهم جميعًا، واشتهر بالفصاحة والخطابة وقوة الحجة، وهو
أحد العشرة المبشرين بالجنة، وقد تآخى الرسول - صلى الله
عليه وسلم - مع على بعد الهجرة، ثم زوجه ابنته «فاطمة»،
وأنجب منها «الحسن» و «الحسين»، وهما اللذان حفظا نسل
الرسول - صلى الله عليه وسلم -. شهد «على» المشاهد كلها -عدا
تبوك - مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان فى طليعة
من صرعوا المشركين فى «بدر»، وواحداً من الذين ثبتوا مع
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى غزوة «أحد»، وحمل اللواء
عندما سقط من يد «مصعب بن عمير» بعد استشهاده، حمله بيده
اليسرى، وظل يقاتل بيده اليمنى، وصرع فى غزوة الخندق
«عمرو بن عبد ود» فارس «قريش» والعرب كلها عندما لم يقدم(10/947)
أحد على مبارزته وأعطاه الرسول - صلى الله عليه وسلم - الراية
يوم «خيبر»، وقال: «لأعطين اللواء غدًا رجلا يحب الله ورسوله
ويحبه الله ورسوله»، وأخبر أن الفتح سيكون على يديه،
وتحقق ذلك، وثبت مع من ثبتوا مع النبى - صلى الله عليه وسلم -
فى «حنين». وفى غزوة «تبوك» خلفه النبى - صلى الله عليه
وسلم - فى أهله يرعى مصالحهم وشئونهم، ولما تأذى من ذلك،
وقال: يارسول الله، تخلفنى فى النساء والصبيان؟!، فقال له
النبى - صلى الله عليه وسلم -: «أما ترضى أن تكون منى بمنزلة
هارون من موسى غير أنه لا نبى بعدى؟»، إشارة من النبى
إلى أن «موسى» عندما ذهب لمناجاة ربه، ترك أخاه
«هارون»، خلفًا له فى قومه، كما جاء فى قوله تعالى: {وقال
موسى لأخيه هارون اخلفنى فى قومى وأصلح ولا تتبع سبيل
المفسدين}. [الأعراف:142]. وكان رضى الله عنه موضع ثقة
واحترام من الصحابة جميعًا، فكان من أكبر أعوان «أبى بكر
الصديق» فى قمع حروب الردة، ولازم «عمر بن الخطاب»، فكان
لا يقطع أمرًا دون مشاورته، والاستنارة برأيه، وكان «عمر»
يقول: «قضية ولا أبا حسن لها». وعاون «عثمان» بالرأى
والمشورة مثلما كان يفعل مع «أبى بكر» و «عمر»، فلم يحجب
عنه نصحه ومؤازرته فى الفتنة التى أطبقت على الأمة، وأرسل
أولاده مع بقية أولاد الصحابة لحراسته والدفاع عنه، ثم ذهب
بنفسه لمواجهة الأشرار. رُوِّعت «مدينة» رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - بمقتل أمير المؤمنين «عثمان بن عفان» - رضى الله
عنه - وعم الناس الهلع والرعب، لهذه الجريمة التى أقدم عليها
هؤلاء الأشرار. سيطر الثائرون على «المدينة»، وظل «الغافقى
بن حرب» زعيم ثوار «مصر»، وأحد كبار زعماء الفتنة يصلى
بالناس إمامًا فى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمسة
أيام، والدولة كلها بدون خليفة، ولم يكن فى وسع أحد من
الثوار أن يرشح نفسه لها، لأنهم يعلمون أن هذا الأمر يخص
المهاجرين وحدهم. وبدأ الثائرون يعرضون منصب الخلافة على(10/948)
كبار الصحابة: «على بن أبى طالب»، و «طلحة بن عبيد الله»،
و «سعد بن أبى وقاص»، و «الزبير بن العوام»، و «عبدالله بن
عمر بن الخطاب»، فرفضوا جميعًا، وسماهم «على بن أبى
طالب» الثائرين ولعنهم على فعلتهم الشنعاء، فهددهم الثائرون
بقتلهم جميعًا كما قتلوا «عثمان» إن لم يقبل أحدهم منصب
الخلافة. وفى مثل هذه الظروف العصيبة كان لابد من رجل شجاع
غير هياب، يتقدم الصفوف لحمل الأمانة وسط الأخطار المحدقة
بها، واتجهت الأنظار إلى «على بن أبى طالب»، وتعلقت به
الآمال، ترجوه تحمل المسئولية، وقيادة الركب إلى بر الأمان،
وألح عليه كبار الصحابة إلحاحًا شديدًا لتولى المنصب الشاغر،
منصب الخلافة الجليل، فقبل تجشم تبعاتها فى هذه الظروف
الدقيقة، وكان قبوله لها ضربًا من ضروب الفروسية والشجاعة،
والاحتساب عند الله، والنزول على رغبة كبار الصحابة. كان
«على بن أبى طالب» هو أول خليفة يخطب قبل البيعة، وكانت
خطبة قصيرة، أشهد الله عليهم، وأشهدهم على أنفسهم أنهم
هم الذين ألحوا عليه تقبل أمرٍ كان له كارهًا، لتبعاته
ومسئولياته، فلما وافقوا بايعوه، ولهذا كان عليه أن يخطب مرة
أخرى خطبة يوضح فيها أسلوبه فى الحكم، فقال: «إن الله
أنزل كتابًا هاديًا، بين فيه الخير والشر، فخذوا بالخير ودعوا
الشر، الفرائض الفرائض أدوها إلى الله تعالى يؤدكم إلى الجنة،
إن الله حرم حرمات غير مجهولة، وفضل حرمة المسلم على الحرم
كلها، وشد بالإخلاص والتوحيد حقوق المسلمين، فالمسلم من
سلم المسلمون من لسانه ويده إلا بالحق، لا يحل دم امرئ مسلم
إلا بما يجب، بادروا أمر العامة، وخاصة أحدكم الموت، فإن
الناس أمامكم، وإن من خلفكم الساعة تحدوكم تخففوا تلحقوا،
فإنما ينتظر الناس أخراهم، اتقوا الله عباد الله فى بلاده
وعباده، إنكم مسئولون حتى عن البقاع والبهائم، أطيعوا الله
فلا تعصوه {واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون فى الأرض}(10/949)
[الأنفال: 26]. على والقرارات الصعبة: تمت بيعة «على بن أبى
طالب» فى اليوم الخامس والعشرين من شهر ذى الحجة سنة (35
هـ)، فاستقبل بخلافته عام (36هـ)، وكان عليه أن يواجه الموقف
العصيب، الذى نتج عن استشهاد أمير المؤمنين «عثمان بن
عفان»، باتخاذ قرارات صعبة تجاه عدد من المعضلات، التى كان
أولها: - القصاص من قتلة «عثمان» - رضى الله عنه - وكان ذلك
مطلب الصحابة، ففى أول يوم من خلافته ذهب إليه «طلحة»
و «الزبير»، وطالباه بإقامة الحد على القتلة، وكان هو مقتنعًا
بذلك، ولذلك قال لهما: «يا إخوتاه إنى لست أجهل ما تعلمون
ولكن كيف أصنع بقوم يملكوننا ولا نملكهم؟ هاهم هؤلاء قد
ثارت معهم عبدانكم، وثابت إليهم أعرابكم، وهم خلالكم -أى
يعيشون بينكم - يسومونكم ماشاءوا - أى يسيطرون عليكم -
فهل ترون موضعًا لقدرة على شىء مما تريدون؟ قالوا: لا،
قال: فلا والله لا أرى إلا رأيًا ترونه أبدًا». ويتضح من هذا أن
«على بن أبى طالب» لم يكن أقل من غيره حرصًا على إقامة
الحد على قتلة «عثمان»،ولكن الظرف الذى هم فيه لا يمكنه من
ذلك، فإذا كان الذين نفذوا القتل فى «عثمان» عددًا محدودًا،
وهم «الغافقى بن حرب»، ومعه «سودان بن حمران» و «كنانة بن
بشر التجيبى»، فإن وراءهم نحو عشرة آلاف من الثوار الذين
ضللوهم، وهم مستعدون للدفاع عنهم، ولذلك عندما كانوا
يسمعون قائلا يقول: من قتل «عثمان»؟ كان هؤلاء جميعًا
يصيحون: نحن جميعًا قتلناه، ولذا كان رأى الإمام التريث حتى
تهدأ الأمور، ويعود الناس إلى بلادهم، حتى يتمكن من التحقيق
فى الأمر وإقامة الحد، وقد اقتنع الصحابة بهذا الحل، لكن الأمور
تطورت تطورًا آخر على غير ما يهوى الجميع. - وتغيير كل ولاة
«عثمان» على الولايات الكبرى: «مصر» و «الشام»، و «الكوفة»،
و «البصرة» حتى تهدأ الفتنة. وقد اتخذ «على» بالفعل قرارًا
بذلك، فعزل «معاوية بن أبى سفيان» عن الشام، وعين بدلا منه(10/950)
«سهل بن حنيف»، وعزل «عبدالله بن سعد بن أبى السرح» عن
«مصر» وعين بدلا منه «قيس بن سعد بن عبادة»، وعزل «عبدالله
بن عامر» عن «البصرة» وعين بدلا منه «عثمان بن حنيف»،
وعزل «أبا موسى الأشعرى» عن «الكوفة»، وعين بدلا منه
«عمارة بن شهاب». وهذا القرار الخطير راجعه فيه أقرب الناس
وأخلصهم له، ابن عمه «عبدالله بن عباس»، ونصحه بالانتظار
فترة ولو لمدة سنة، لتكون الأمور قد هدأت واستقرت، ويتم
التغيير فى ظرف مناسب، لكن الإمام أصر على تنفيذ قراره
محتجًا بأن هؤلاء الثوار ثاروا غضبًا من ولاة «عثمان»، سواء
أكانوا مخطئين أم مصيبين، ولن تهدأ ثورتهم إلا إذا عُزِلوا.
وإزاء إصرار على - رضى الله عنه - على تنفيذ قراره، اقترح
«ابن عباس» أمرًا آخر، بأن يعزل من يشاء من الولاة، ويُبقى
«معاوية» على ولاية الشام، وكان اقتراحًا ذكيًا وجيهًا،
فمعاوية لم يكن موضع شكوى أحد من رعيته، ولم يشترك أهل
الشام فى الثورة على «عثمان» وقتله، وعلى هذا فلو أقره
علىّ فى ولاية الشام، فلن يلومه أحد، وكان «ابن عباس» يعرف
من ناحية أخرى أن «معاوية» لن يذعن لقرار العزل، وسيبقى
فى لايته، مسببًا متاعب كثيرة، ومع هذا صمم الإمام «على بن
أبى طالب» على عزل ولاة «عثمان» جميعًا بما فيهم «معاوية».
بدأ الولاة الجدد يتجهون إلى ولاياتهم لمباشرة أعمالهم، فذهب
«قيس بن سعد» إلى «مصر»، ودخلها بدون متاعب؛ لأن واليها
القديم «عبدالله بن سعد» تركها منذ علمه بمقتل «عثمان»،
وذهب إلى «فلسطين»، واعتزل الفتنة، وبقى هناك حتى مات
فى مدينة «عسقلان» سنة (37هـ). وكذلك دخل «عثمان بن
حنيف» «البصرة»، وتولى شئونها بدون مشاكل؛ لأن واليها
«عبدالله بن عامر» كان قد تركها وذهب إلى «مكة». أما
«عمارة بن شهاب» فلم يمكنه أهل «الكوفة» من دخولها،
وتمسكوا بواليهم «أبى موسى الأشعرى»، فوافق الإمام
«على» على ذلك، وأقر عليهم «أبا موسى الأشعرى». وكذلك(10/951)
لم يستطع «سهل بن حنيف» دخول الشام، فقد منعه «معاوية بن
أبى سفيان»، رافضًا قرار العزل. وهنا لم يعامل الإمام «على»
الشام معاملة «الكوفة»، فإنه رفض إقرار «معاوية» فى ولاية
الشام، مع أن تمسك أهلها به كان أشد من تمسك أهل
«الكوفة» بأبى موسى الأشعرى. بين على ومعاوية: دارت
مراسلات عديدة بين «على» و «معاوية» - رضى الله عنهما -
يطلب الأول من الآخر مبايعته بالخلافة، والإذعان لأوامره،
باعتباره الخليفة الشرعى الذى بايعه معظم الصحابة فى
«المدينة»، على حين يطلب الثانى من الأول القصاص من قتلة
«عثمان»، باعتباره ولى دمه، لأنه ابن عمه، وبعدها ينظر فى
بيعته. ولم تكن وجهة نظر الإمام فى قضية القصاص رافضة، لكنه
كان يرغب فى تأجيلها حتى تتهيأ الظروف المناسبة، ولكن
«معاوية» تمسك بالقصاص أولا، وجعله شرطًا لازمًا يسبق البيعة.
ولما لم تؤد الاتصالات بينهما إلى نتيجة، وصلت رسالة من
«معاوية» إلى «على» تتضمن جملة واحدة، هى: «من معاوية
إلى على»، بعثها «معاوية» بيضاء مع رجل يدعى «قبيصة» من
«بنى عبس»، وأمره أن يدخل بها «المدينة»، رافعًا يده حتى
يراها الناس، ويعلموا أن «معاوية» لم يبايع «عليًّا»، إذ يخاطبه
باسمه فقط دون أن يصفه بأمير المؤمنين. وأدرك علىٌّ رضى
الله عنه- أن حمل معاوية على البيعة سلمًا غير ممكن، فأخذ يعد
العدة لحمله على البيعة بالقوة، باعتباره خارجًا على طاعة
الخليفة، على الرغم من أن كثيرين نصحوه بعدم اللجوء إلى
الحرب لعواقبها الوخيمة، ومن بينهم ابنه «الحسن» لكن الإمام
«على» أصر على موقفه، وبينما هو يستعد لذلك، جاءته أخبار
أخرى مفزعة من «مكة»، تخبره بمسير «عائشة» وجماعتها إلى
«البصرة». خرجت السيدة «عائشة» - رضى الله عنها - ومعها
فى البداية نحو ألف رجل لكن هذا العدد تضاعف عدة مرات،
بانضمام كثيرين إلى الجيش، نظرًا إلى مكانة «عائشة»، فلما
اقتربوا من «البصرة»، أرسل واليها «عثمان بن حنيف» إلى أم(10/952)
المؤمنين «عائشة» رسولين من عنده، هما «عمران بن حصين»
و «أبو الأسود الدؤلى» يسألانها عن سبب مجيئها. فقالت لهما:
«إن الغوغاء من أهل الأمصار ونزاع القبائل غزوا حرم رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -، وأحدثوا فيه الأحداث وآووا فيه
المحدثين، واستوجبوا لعنة الله ورسوله، مع مانالوا من قتل إمام
المسلمين، بلا ترة ولا عذر، فخرجت فى المسلمين، أعلمهم ما
أتى هؤلاء». وكذلك سأل الرسولان «طلحة» و «الزبير» - رضى
الله عنهما - عن سبب مجيئهما، فقالا: «الطلب بدم عثمان»، فرجع
الرجلان وأخبرا «عثمان بن حنيف»، فقال: «إنا لله وإنا إليه
راجعون! دارت رحى الإسلام ورب الكعبة»، وأصرَّ على منعهم
من دخول «البصرة»، فدارت بينه وبينهم معركة عند مكان يُسمى
«الزابوقة» قُتل فيها نحو ستمائة من الفريقين، فلما رأوا كثرة
القتلى تنادوا إلى الصلح والكف عن القتال، وانتظار قدوم الإمام
«على» إلى «البصرة»، وتم الصلح على أن يتركوا للوالى دار
الإمارة والمسجد وبيت المال، وينزلوا هم فى أى مكان بالبصرة.
وصل «على» إلى «البصرة» وعلم بما حدث من سفك الدماء
وهاله ذلك، فأرسل على الفور «القعقاع بن عمرو التميمى» إلى
معسكر «عائشة» و «طلحة» و «الزبير»، ليعرف ماذا يريدون،
فقالت «عائشة» - رضى الله عنها -: «خرجنا لنصلح بين الناس»،
وكذلك قال «طلحة» و «الزبير»، فسألهم «ما وجه الإصلاح الذى
تريدون»، قالوا: «قتلة عثمان»، قال: «لقد قتلتم ستمائة من قتلة
عثمان، فغضب لهم ستة آلاف من قبائلهم، وكنتم قبل ذلك أقرب
إلى السلامة منكم الآن»، قالوا: «فماذا ترى أنت؟»، قال:
«أرى أن هذا الأمر دواؤه التسكين»، واقترح عليهم تجديد
البيعة لعلى، ومقابلته، والتفكير بعد ذلك فيما يصلح المسلمين،
فقبلوا. ومعنى ذلك أن الجميع كانوا راغبين، فى الإصلاح، كل
على حسب اجتهاده، لكن عناصر الشر التى كانت لاتزال فى
معسكر «على» هى التى أفسدت السعى الذى قام به(10/953)
«القعقاع». كانت نقطة الضعف التى فى معسكر الإمام «على»
هى وجود كثيرين ممن اشتركوا فى قتل «عثمان» والتخطيط له،
وعلى رأسهم «عبدالله بن سبأ»، و «الأشتر النخعى»، ولم يكن
لعلى حيلة فى وجودهم معه، ولا قدرة على إبعادهم، لكونهم
قوة كبيرة تساندهم عصبات قبلية، وقد أدرك زعماؤهم الذين
تولوا كبر الثورة على «عثمان» أن الصلح بين الفريقين سيجعل
«عليًّا» يتقوى بانضمام الفريق الآخر إليه، ويقيم الحد عليهم
باعتبارهم قتلة «عثمان»، فعزموا على إفساد الأمر كله. وترتب
على هذا العزم أن عقد «ابن سبأ» لهم مؤتمرًا تدارسوا فيه الأمر،
فاقترح «الأشتر» أن يقتلوا «عليًا» كما قتلوا «عثمان» من قبل،
فتهيج الدنيا من جديد، ولا يقدر عليهم أحد، لكن هذا الاقتراح لم
يعجب «ابن سبأ»، فهو يريد أن يدخل الأمة كلها فى حرب
طاحنة، لا أن يقتل فرد واحد وإن كان خليفة المسلمين، فأمرهم
بشن هجوم فى ظلام الليل على جيش «عائشة» و «طلحة»
و «الزبير»، بدون علم الإمام «على»، فاستجابوا لرأيه، وبينما
الناس نائمون مطمئنون بعد أن رأوا بوادر الصلح تلوح فى
الأفق، إذا بهم يفاجئون بقعقعة السلاح، وكانت هذه هى بداية
حرب «الجمل» المشئومة التى راح ضحيتها خيرة الصحابة
«طلحة» و «الزبير» المبشران بالجنة، ونحو عشرين ألفًا من
المسلمين. لم تكن أم المؤمنين «عائشة»، ولا «طلحة» ولا
«الزبير» ولا أمير المؤمنين «على» يريدون سفك الدماء، ولا
يتصورون حدوث ذلك، وكل ما دفع السيدة «عائشة» ومن معها
إلى الخروج إنما هو اقتناعهم بأن «عثمان» قُتل مظلومًا،
وعليهم تقع مسئولية إقامة الحد على قتلته، ولم يكونوا أبدًا
معادين لعلى، أو معترضين على خلافته، وقد رأينا ميلهم جميعًا
إلى الصلح، لولا أن أتباع «ابن سبأ» (السبئية) أفسدوا كل
شىء وأشعلوا الحرب، ولقد ندمت السيدة «عائشة» ندمًا شديدًا
على ماحدث، وقالت: «والله لوددت أنى مت قبل هذا اليوم(10/954)
بعشرين سنة». بعد معركة «الجمل» توجه «على ابن أبى طالب»
بجيش يبلغ عدده نحو مائة ألف إلى «صفين»، واستعد «معاوية»
لمقابلته بجيش يقاربه فى العدد، ودارت بينهما معركة شرسة
فى شهر صفر سنة (37هـ) قُتِل فيها من الجانبين نحو سبعين
ألفًا، خمسة وعشرين ألفًا من جيش «على»، وخمسة وأربعين
ألفًا من جيش «معاوية»، ولما رأى الناس كثرة القتلى من
الجانبين تنادوا يطلبون وقف القتال، فجعل أهل «العراق» (جيش
«على») يصيحون فى أهل الشام (جيش «معاوية») قائلين: من
لثغور «العراق» إن فنى أهل «العراق». ويرد الآخرون: من لثغور
الشام إن فنى أهل الشام. ومن هنا جاءت فكرة التحكيم. رفع
جيش «معاوية» المصاحف للاحتكام إليها، ووقف القتال فورًا،
بدلا من سفك الدماء، وكانت فكرة التحكيم من عند «عمرو بن
العاص»، وقد قبلها الطرفان، وأوقفت الحرب، بعد أن فزع
الناس لكثرة عدد القتلى. أوقفت الحرب، وطلب من «على»
و «معاوية» أن ينيب كل منهما شخصًا يتفاوض باسمه، للفصل
فى القضايا محل الخلاف، فأناب «معاوية» «عمرو بن العاص»،
وأناب «على» «أبا موسى الأشعرى» على كره منه وذلك فى
شهر صفر (37هـ) وكان «على» قد حاول أن ينيب عنه «عبدالله
بن عباس»، لكن أنصاره، وبخاصة من أبناء «اليمن» بزعامة
«الأشعث بن قيس»، رفضوا ذلك بحجة عصبية، وأعلنوها
صراحة، كيف يكون الخلاف بين رجلين من «قريش»، ثم يكون
الحكمان رجلين من «قريش» أيضًا، لقد حسدوا قريشًا على
زعامتها للدولة الإسلامية التى استحقتها بسابقتها فى الإسلام،
لا بنسبها فقط. واتفق على أن يأخذ الطرفان مهلة مدتها ستة
أشهر، تهدأ فيها النفوس، ويجتمع الحكمان للتباحث والوصول
إلى حل، وبعد مفاوضات طويلة وصل الحكمان إلى نتيجة رأياها
أفضل الحلول، وهى عزل «على» -رضى الله عنه- عن الخلافة،
ورد الأمر إلى الأمة تختار من تشاء، أما التصرف العملى فى
إدارة البلاد التى كانت تحت يد كل من الرجلين المتحاربين،(10/955)
فيبقى كما كان: «على» يتصرف فى البلاد التى تحت حكمه
(وهى كل الدولة الإسلامية عدا الشام) و «معاوية» يتصرف فى
البلاد التى تحت حكمه (الشام). اجتهد الحكمان فيما توصلا إليه،
وأعلناه على الناس، غير أن «عليًّا» - رضى الله عنه - لم يقبل
تلك النتيجة، واعتبر الحكمين قد تجاوزا حدودهما؛ لأن الخلاف لم
يكن على منصب الخلافة، وإنما على إقامة الحد على قتلة
«عثمان»، وبيعة «معاوية» له، أيهما يسبق الآخر، ولذلك عدَّ
نفسه فى حل من هذه النتيجة، فعادت الأمور إلى ما كانت عليه
قبل التحكيم، أى إلى حالة الحرب. حاول «على» أن يدعو
أنصاره إلى حرب «معاوية» من جديد لكنهم كانوا قد ملوا
القتال، وتقاعسوا عنه، بل إنهم انقسموا إلى «شيعة» وافقوه
على ماصنع «وخوارج» اعتبروا التحكيم كان خاطئًا من أساسه،
مع أنهم هم الذين فرضوه عليه، ثم تجاوزوا ذلك إلى ما هو أكثر
تطرفًا، فاتهموا «عليًّا» بالكفر، لأنه حكَّم الرجال فى القرآن،
وصاغوا شعارًا أخذوا يرددونه «الحكم لله لا لك يا على»، وكان
هو يقول لهم: «كلمة حق أريد بها باطل»، وطالبوه بأن يعلن
كفره، ويتوب ويسلم من جديد، حتى يعودوا إليه ويقاتلوا معه،
فإذا لم يفعل فسوف يقاتلونه. ولا يمكن لمسلم أن يتصور كيف
يُكفَّر رجل من صحابة رسول الله المبشرين بالجنة، وممن رضى
الله عنهم تحت الشجرة فى «بيعة الرضوان»، وإزاء هذا التطرف
من «الخوارج» اضطر الإمام أن يحاربهم فى معركة شهيرة
تُسمى معركة «النهروان» بالقرب من «الكوفة»، وبعدها لم
يستطع أن يجمع شمل أنصاره لقتال «معاوية» من جديد كما
كان يريد، بل أجبرته الظروف على التفاهم والاتفاق معه. بعد
انقسام جبهة «على» إلى «شيعة» و «خوارج» ازداد موقفه
ضعفًا؛ لأن صراعه مع «الخوارج» كبده متاعب جسيمة، وفى
الوقت نفسه كان موقف «معاوية» يزداد قوة، وبخاصة بعد أن
استطاع الاستيلاء على «مصر» سنة (38هـ)، بجيش قاده فاتحها(10/956)
الأول «عمرو بن العاص»، ونشر قوات له فى أطراف «العراق»،
وضم «اليمن» إليه، وأصبحت دولته تتسع بمرور الزمن، فى
الوقت الذى تضيق فيه دولة «على». وانتهى الأمر بأن جرت
بينهما مفاوضات طويلة، اتفقا على وضع الحرب بينهما وتكون
لعلى «العراق» وبلاد فارس ولمعاوية الشام فلا يدخل أحدهما
على صاحبه فى عمله بجيش ولا غارة .. وتراضيا على ذلك» ..
وهكذا أجبرت الظروف التى تكون أحيانًا أقوى من الرجال
«على بن أبى طالب» أن يصالح «معاوية»، ويسلم له بنصف
الدولة الإسلامية تقريبًا، يحكمها حكمًا مستقلا، وهو الذى رفض
فى بادئ الأمر إبقاءه واليًا على الشام وحدها يأتمر بأمره،
وينتهى بنهيه. إدارة الدولة وتثبيت الفتوحات فى عهده: على
الرغم من الظروف الصعبة التى واجهت الإمام «عليًّا» -رضى الله
عنه- فإنه أدار الدولة باقتدار وعدالة ونزاهة وتجرد، ولم يقصر
فى شأن من شئونها، واتخذ من «الكوفة» عاصمة لدولته منذ أن
خرج من «المدينة» إلى «البصرة» وبعد معركة «الجمل»، وظل
يحكم منها إلى أن لقى الله، وعهد بإدارة بقية أجزاء دولته إلى
أقرب الناس إليه، وأخلصهم له، فجعل «عبدالله بن عباس» واليًا
على «البصرة» وأخاه «عبيد الله بن عباس» واليًا على «اليمن»،
وأخاهما الثالث «قثم بن عباس» على «مكة» و «الطائف»، وعزل
«قيس بن سعد» عن «مصر»، وولى مكانه «محمد بن أبى بكر
الصديق». ولا لوم على «عثمان» و «على» إذا وليا أهل
قرابتهما؛ لأن كل واحد منهما اجتهد لمصلحة الأمة، وكان أمينًا
عليها، فعهد بإدارة الدولة إلى من رأى أنهم ينفذون سياسته،
ولم يولِّ أى منهما أحدًا محاباة أو لقرابة. ولم تشغل الإمام
«عليًّا» مشكلات الدولة الداخلية عن التصدى لمحاولات الانتقاض
التى حدثت فى بلاد فارس، فقد حاول الفرس تكرار ما فعلوه بعد
استشهاد «عمر بن الخطاب»، فأرسل إليهم «زياد بن أبيه» فى
جمع كثير، «فوطئ بهم أهل فارس، وكانت قد اضطرمت، فلم(10/957)
يزل يبعث إلى رءوسهم، يعد من ينصره ويعينه، ويخوّف من
امتنع عليه، وضرب بعضهم ببعض، فدل بعضهم على عورة
بعض، وهربت طائفة، وأقامت طائفة، فقتل بعضهم بعضًا،
وصفت له فارس، فلم يلقَ منهم جمعًا ولا حربًا». أما الروم فلم
يتحركوا؛ لأن الإمبراطور «قنسطانز» لما عرض عليه بعض قواده
أن ينتهزوا فرصة الحروب التى جرت بين «على» وأصحاب
«الجمل»، وبينه وبين «معاوية»، ويغيروا من جديد على «مصر»
و «الشام»، رفض الإمبراطور معللا ذلك بأن غزوه لمصر والشام
سيجعل المسلمين يتصالحون ويتحدون ويقاتلوننا جميعًا، ولن
نقوى عليهم، فخير لنا أن نتركهم يقتل بعضهم بعضًا حتى
يضعف شأنهم. استشهاد على رضى الله عنه: جاءت نهاية الإمام
«على بن أبى طالب» على يد «الخوارج»، أنصاره السابقين،
الذين بلغ بهم الغلو والتطرف حدًا اعتبروا فيه «عليًّا» و «معاوية»
و «عمرو بن العاص» أئمة ضلالة، وحمَّلوهم مسئولية ما حدث،
وقرروا قتل الثلاثة جميعًا، واتفقوا أن يتم التنفيذ فى وقت
واحد، هو فجر اليوم السابع عشر من شهر رمضان سنة (40هـ)؛
تيمنًا بذكرى معركة «بدر» حسب تصور نفوسهم المريضة
وعقولهم الفاسدة، وانتدبوا ثلاثة للقيام بهذه المهمة، هم
«عبدالرحمن بن ملجم»، و «البرك بن عبدالله»، و «عمرو بن بكر»،
على أن يذهب الأول إلى «الكوفة» لقتل «على»، والثانى إلى
«دمشق» لقتل «معاوية»، والثالث إلى «مصر» لقتل «عمرو بن
العاص». وشاءت إرادة الله - تعالى - أن ينجو «معاوية»
و «عمرو» من القتل، وأن تكون الشهادة من نصيب «على»،
حيث ضربه «عبدالرحمن بن ملجم» بسيف مسموم فى جبهته،
فشقها فمات من أثر الضربة بعد وقت يسير، بعد أن قضى أربع
سنوات وبضعة شهور، لم يذق فيها طعم الراحة، وحاصرته
المشكلات والمتاعب، وأنهكته الحروب من كل جانب.(10/958)
*زهير بن قيس البلوى
تسلَّم «زهير بن قيس البلوى» قيادة الجيش خلفًا لعقبة بن نافع
سنة (63هـ)، وعزم على الثأر من البيزنطيين و «البربر»، لكنه لم
يستطع أن يحقق هدفه إلا فى سنة (69هـ)، نظرًا لانشغال الدولة
الأموية بالأحداث والفتن الخطيرة التى حدثت فى الداخل بعد
وفاة «يزيد بن معاوية» سنة (64هـ). تحرّك «زهير» بجيش كبير
وزحف على «القيروان» سنة (69هـ)، والتقى على مقربة منها
بجيش «كسيلة»، فهزم «البربر» هزيمة ساحقة بعد معركة شديدة
وفى أثناء عودته إلى «برقة» للدفاع عنها - بعد ما نمى إلى
علمه أن البيزنطيين زحفوا عليها فى جموع عظيمة - تعرض
لهجوم بيزنطى مفاجئ، فلقى حتفه هو ومن معه.(10/959)
*الفارابى
هو أبو نصر محمد بن محمد بن طرخان الفارابى، أكبر فلاسفة
الإسلام، والمعلم الثانى بعد أرسطو. وُلِد فى بلدة قرب فاراب
(مدينة أترار الحالية بجمهورية قازاقستان) سنة (260هـ =
874م)، وكان والده جنديًّا تركيًّا فقيرًا، وانتقل الفارابى إلى
بغداد فنشأ بها وتعلم النحو والعربية على ابن السراج المُتوفَّى
سنة (316هـ)، والحكمة والفلسفة على عالم مسيحى يُدعى
يوحنا بن جيلان، وأجاد العديد من اللغات وبرع فى الرياضيات
والشعر والموسيقى، ويُنسب إليه اختراع آلة القانون، وانتقل
بعد ذلك إلى دمشق وعاش فى كنف الأمير سيف الدولة
الحمدانى، ويُعد الفارابى أول من نقل المنطق اليونانى تامًّا
إلى اللغة العربية، وقد أعجب بأرسطو، فشرح كتبه المنطقية،
وعلق عليها، وعنه نقلت إلى عدة لغات أوربية. وأهم كتبه:
رسالة فى العقل وإحصاء العلوم وآراء أهل المدينة الفاضلة.
وكان الفارابى زاهدًا قليل المخالطة للناس، وقد تُوفِّى سنة
(339هـ = 950م) فى دمشق ودُفن بها وقد تجاوز الثمانين من
عمره.(10/960)
*أبو داود
هو أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير الأزدى
السجستانى، أحد كبار حفاظ الحديث، وأحد رجل الصحاح، وُلِد
سنة (202هـ) وأصله من خراسان. سمع من المحدثين بمصر
والشام والحجاز والعراق وخراسان، وكان كثير الترحال فى
طلب الحديث حتى أصبح إمام أهل الحديث فى عصره، وصنَّف
كتابه السنن الذى انتخب فيه (4800) حديث من (500.000) حديث
، وقد عُرض هذا الكتاب على الإمام أحمد بن حنبل فاستحسنه،
ومن كتبه أيضًا: المراسيل والدعاء. وقد حدث عنه الإمام
النسائى، والإمام أحمد بن حنبل. وكان أبو داود زاهدًا كثير
العبادة، وتُوفِّى بالبصرة سنة (275هـ).(10/961)
*الغزالى
هو أبو حامد محمد بن محمد بن أحمد الغزالى، حُجة الإسلام
وأكبر فلاسفة الإسلام ومتصوفيه. وُلِد سنة (450هـ = 1059م)
فى مدينة طوس (مشهد الإيرانية)، وكان والده رجلاً صالحًا فقيرًا،
مات وعهد بأبنائه ومنهم الغزالى إلى صديق له، تولى تربيتهم،
وألحق الغزالى بمدرسة تلقى من خلالها العلم، ثم ذهب إلى
جرجان ونيسابور فتتلمذ لإمام الحرمين الجوينى المُتوفَّى سنة
(478هـ) وأخذ عنه أصول الفقه والمذهب الأشعرى، وأتقن
الغزالى الفارسية، وعاش فى كنف آل سلجوق حتى علا شأنه
عند الوزير نظام الملك الذى عهد إليه بإدارة المدرسة النظامية،
وكان واسع العلم والاطلاع فاحتل مكانة عالية بين العلماء، رغم
أنه لم يكن قد تجاوز (33) سنة من عمره، وقد رحل الغزالى إلى
دمشق والإسكندرية وبيت المقدس واعتكف فترة لتأليف الكتب
فأخرج أشهر كتبه التى تجاوزت (200) مصنف، أهمها: إحياء
علوم الدين وتهافت الفلاسفة وبعض الرسائل فى نقد المذهب
الباطنى، والاقتصاد فى الاعتقاد، والمنقذ من الضلال، ثم
تحول الغزالى إلى التصوف وتعمق فى علومه ومعارفه، حيث
أسس فى مسقط رأسه ملجأ للصوفية، وقضى بقية أيامه فى
تعبد وتأمل حتى وفاته سنة (505هـ = 1111م).(10/962)
*أبو حامد الغزالى
هو أبو حامد محمد بن محمد بن أحمد الغزالى، حُجة الإسلام
وأكبر فلاسفة الإسلام ومتصوفيه. وُلِد سنة (450هـ = 1059م)
فى مدينة طوس (مشهد الإيرانية)، وكان والده رجلاً صالحًا فقيرًا،
مات وعهد بأبنائه ومنهم الغزالى إلى صديق له، تولى تربيتهم،
وألحق الغزالى بمدرسة تلقى من خلالها العلم، ثم ذهب إلى
جرجان ونيسابور فتتلمذ لإمام الحرمين الجوينى المُتوفَّى سنة
(478هـ) وأخذ عنه أصول الفقه والمذهب الأشعرى، وأتقن
الغزالى الفارسية، وعاش فى كنف آل سلجوق حتى علا شأنه
عند الوزير نظام الملك الذى عهد إليه بإدارة المدرسة النظامية،
وكان واسع العلم والاطلاع فاحتل مكانة عالية بين العلماء، رغم
أنه لم يكن قد تجاوز (33) سنة من عمره، وقد رحل الغزالى إلى
دمشق والإسكندرية وبيت المقدس واعتكف فترة لتأليف الكتب
فأخرج أشهر كتبه التى تجاوزت (200) مصنف، أهمها: إحياء
علوم الدين وتهافت الفلاسفة وبعض الرسائل فى نقد المذهب
الباطنى، والاقتصاد فى الاعتقاد، والمنقذ من الضلال، ثم
تحول الغزالى إلى التصوف وتعمق فى علومه ومعارفه، حيث
أسس فى مسقط رأسه ملجأ للصوفية، وقضى بقية أيامه فى
تعبد وتأمل حتى وفاته سنة (505هـ = 1111م).(10/963)
*ابن مالك
هو أبو عبد الله محمد بن مالك الطائى الأندلسى، من أشهر
علماء النحو. وُلِد فى جيان الأندلسية سنة (600هـ)، وتلقى النحو
والقراءات على يد ثابت بن خيار الأندلسى المُتوفَّى سنة (
628هـ) وأبى الحسن السخاوى المُتوفَّى سنة (643هـ) وموفق
الدين بن يعيش المُتوفَّى سنة (643هـ). وقد استخدم ابن مالك
بعض المصطلحات الجديدة فىالنحو، مثل: نائب الفاعل والبدل
المطلق، وألف فى النحو واللغة والقراءات والحديث، وأهم كتبه:
الكافية الشافية وهى أرجوزة فى قواعد النحو والصرف،
والألفية (أشهر ماكتب)، قواعد جمعت العربية فى ألف بيت،
وتعددت شروحها، وتسهيل الفوائد وتكميل المقاصد وهو كتاب
مختصر فىالنحو. وقد تُوفِّى ابن مالك فى دمشق سنة (672هـ
= 1274م).(10/964)
*زياد بن أبيه
وُلِد زياد فى العام الأول للهجرة بالطائف، واختلف فى اسم أبيه
، فقيل: عبيد الثقفى، وقيل: أبو سفيان. أدرك زياد النبى،
ولكنه لم يره، وأسلم فى عهد أبى بكر الصديق، رضى الله عنه،
ولمعرفته بالكتابة جعله أبو موسى الأشعرى كاتبًا له أيام
ولايته على البصرة واستعمله عمر بن الخطاب، رضى الله عنه،
على صدقات البصرة ثم عزله، وفى خلافة على بن أبى طالب،
رضى الله عنه، ولاه على فارس، ولما استشهد على وتولى
معاوية الخلافة اعتصم زياد بفارس، وامتنع على معاوية، ثم
صالحه معاوية واستقدمه، فلما قدم زياد عليه استلحقه معاوية
بنسبه وولاه البصرة ثم الكوفة، وعُرف زياد فى ولايته بالشدة
والحزم، وقد أدت شدته هذه إلى الحد من خطر الخوارج. وتُوفِّى
زياد عام (53هـ = 673م) بالكوفة.(10/965)
*رقية بنت محمد - صلى الله عليه وسلم -
هى رقية بنت محمد - صلى الله عليه وسلم -، أمها خديجة بنت
خويلد أم المؤمنين، رضى الله عنهما. وُلِدت رقية فى الجاهلية،
وهى الثانية من بنات النبى الأربع، وهن: زينب ورقية وأم
كلثوم وفاطمة، رضى الله عنهن. تزوجت رقية عتبة بن أبى
لهب، ولم يدخل بها، فلما بُعِث النبى أمره أبو لهب أن يُطلقها،
فطلقها، وتزوجها عثمان بن عفان، رضى الله عنه، بعد إسلامه،
وهاجر بها إلى الحبشة الهجرتين، ثم هاجرت معه إلى المدينة
ومرضت قبيل غزوة بدر الكبرى، وحين خرج الرسول إلى بدر
تخلف عثمان لتمريضها مع أسامة بن زيد، ثم تُوفيت، والمسلمون
فى المعركة، وجاءت البشرى بالنصر وهم يوارونها التراب.(10/966)
*زبيدة بنت جعفر
هى زبيدة بنت جعفر بن أبى جعفر المنصور الخليفة العباسى.
وُلِدت عام (145هـ = 762م) وكان اسمها أمة العزيز وكنيتها أم
جعفر وأم الواحد. تزوجت ابن عمها الخليفة هارون الرشيد عام
(165هـ)، وأنجبت له محمدًا الأمين. اشتهرت زبيدة بأعمال البر
والخير، وإقامة العمائر، ومن منشئاتها: عين زبيدة بمكة التى
أجرت إليها الماء من وادى النعمان على مسيرة (10) كم من
مكة، ومهدت طريق الحج من العراق إلى الحجاز، وشيدت عليه
المرافق والمنازل، وحفرت الآبار والبرك، ومازال يُعرف باسم
درب زبيدة. تولى ابنها الأمين الخلافة، ثم قُتل فى صراعه مع
أخيه المأمون عام (198هـ)، وكان المأمون بعد توليه الخلافة
يبرها ويتعهدها، فكان يرسل إليها أموالاً كثيرة كل عام،
فتتصدق بأكثرها. وتُوفيت زبيدة عام (216هـ = 831م) فى عهد
الخليفة المأمون.(10/967)
*الحسن بن سهل
هو أبو محمد الحسن بن سهل بن عبد الله السرخسى، من وزراء
الدولة العباسية. وُلِد عام (166هـ)، وهو أخو الوزير الفضل بن
سهل، وكلاهما كان من الصابئة ثم أسلم. تولى الحسن عددًا من
المناصب، مثل: ديوان الخراج، وإمارة العراق والجزيرة،
واستطاع القضاء على بعض الثورات والفتن، مثل: ثورة أبى
السرايا والفتنة التى أثارها حميد الطوسى ببغداد. قرَّبه الخليفة
المأمون إليه واستوزره، وتزوج من ابنته بوران. واشتهر الحسن
بالأدب وجودة التوقيعات، وقرب إليه الشعراء وامتدحه كثير
منهم. وتُوفِّى الحسن بن سهل بسرخس عام (236هـ).(10/968)
*بحيرى الراهب
راهب نصرانى، وقيل: إنه حبر من أحبار يهود تيماء، يدعى
سرجس من بنى عبد القيس. كان يتعبَّد فى صومعة له بالقرب من
مدينة بصرى بأرض الشام. وقد وردت قصة هذا الراهب مع رسول
الله فى كتب السيرة؛ فعندما خرج النبى وهو فى التاسعة من
عمره مع عمه أبى طالب وعير قريش فى رحلة إلى أرض الشام،
ونزلوا بصرى بالقرب من بحيرى الراهب، دعاهم إلى صومعته،
ولم يكن يدعوهم قبل ذلك حينما كانوا يمرون عليه، وذلك لمَّا
رأى الغمامة التى تُظلل النبى، فاجتمعوا إليه، فلما رأى بحيرى
النبى جعل يتأمله، وينظر إلى أشياء من جسده، قد كان يجدها
فى كتب عنده من صفاته، فلما فرغ القوم من طعامهم وتفرقوا،
قام بحيرى إلى النبى فسأله عن أمور فأجابه النبى بما وافق
ماعنده، فجعل ينظر بين عينيه، ثم كشف عن ظهره، فرأى خاتم
النبوة بين كتفيه، على موضع الصفة التى قرأها؛ فقبَّل موضع
الخاتم. ثم أوصى بالنبى عمه أبا طالب وعرَّفه أنه سيكون له
شأن عظيم.(10/969)
*ابن البَيْطار
هو ضياء الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن البيطار المالقى
الأندلسى. من كبار علماء النبات والأعشاب والطب فىالنصف
الأول من القرن (7هـ = 13م). وُلِد ابن البيطار فى مدينة مالقة
الأندلسية سنة (575هـ = 1179م)، وكان والده بيطريًّا، ودرس
فى إشبيلية أنواع النباتات والأعشاب على كثير من العلماء.
وقام برحلة علمية بهدف حصر أنواع الأعشاب والنباتات الطبية
المختلفة، والتقاء الأطباء وعلماء النبات، فرحل إلى المشرق
مارًّا بالمغرب وتونس والجزائر وطرابلس وبرقة والحجاز
وغزة والقدس، ثم ذهب إلى اليونان وإيطاليا. والتقى خلال هذه
الرحلة كثيرًا من الأطباء وعلماء النبات والأعشاب، واستغرقت
هذه الرحلة من حياة ابن البيطار أكثر من ثلاثين عامًا، مكنته من
هذا العلم وأكسبته شهرة ومكانة مرموقة، وقد اتصف ابن
البيطار بالذكاء والخبرة واتساع المعرفة بعلم النبات والأعشاب،
واستخدمت كتبه فى تكوين أول معشبة نباتية، وأول صيدلية
إنجليزية أعدتها كلية الطب فى عهد جيمس الأول، ويُعد كتابه
الأدوية المفردة أحد أسس تكوين علم العقاقير الحديث. ترك ابن
البيطار عددًا من المصنفات العلمية فى الأعشاب والأدوية، منها:
الجامع لمفردات الأدوية والأغذية، والمغنى فى الأدوية المفردة،
وميزان الطبيب. وتُوفِّى ابن البيطار فى دمشق سنة (646هـ =
1248م).(10/970)
*ست الملك
هى ست الملك بنت الخليفة العزيز بالله نزار، وُلِدت بالمهدية فى
تونس عام (359هـ = 969م)، ورحلت مع أبيها إلى مصر، وهى
طفلة، وكانت أمها رومية مسيحية، تزوجها العزيز بالله حينما
كان وليًّا للعهد فأنجب منها ست الملك والحاكم بأمر الله.
اشتهرت ست الملك بعدة خصائص، أبرزها: الحزم والعزم والكرم
والسخاء والتسامح الدينى. وقد اتهمت ست الملك بتدبير مقتل
أخيها الحاكم، واختلفت روايات المؤرخين فى هذا الشأن بين
مؤيد ومعارض، وقد تم قتل الحاكم عام (411هـ = 1020م)،
وتولت ست الملك الوصاية على ابن أخيها الظاهر خلال السنوات
الأربع لحكمه، فأظهرت كفاءة ممتازة فى إدارة شئون البلاد،
وبذلت العطاء للجند، وظلَّت تشرف على أعمال الدولة حتى
وفاتها عام (415هـ = 1024م).(10/971)
*أحمد بن ماجد
هو شهاب الدين أحمد بن ماجد بن عمر بن فضل. أحد كبار
الملاحين العرب. وُلِد بجلفار على الساحل الجنوبى من الخليج
العربى؛ حيث إمارة رأس الخيمة الحالية، ولا يعرف بالتحديد سنة
مولده، ويقال: إنه وُلِد سنة (838هـ)، وينحدر ابن ماجد من أسرة
اشتهرت بالملاحة وارتياد البحار، فورث ذلك الفن عن أبيه وجده،
وحصَّل بجواره كثيرًا من العلوم والفنون خاصة فى علم الفلك.
ولاترجع شهرة ابن ماجد إلى كونه ملاحًا قديرًا فحسب ولا إلى
مؤلفاته الغزيرة فى علوم البحار والملاحة، وإنما اكتسب شهرته
من قيادته لسفينة الملاح البرتغالى فاسكو ديجاما سنة (1498م)
من مالندى على ساحل إفريقيا الشرقية (فى كينيا حاليًّا) إلى
كلكتا فى الهند، وكان لهذا الحادث أثر خطير فى تاريخ
الملاحة، وأثر فى توالى الحملات الاستعمارية الأوربية لاحتلال
السواحل والمراكز المهمة فى المحيط الهندى. ولابن ماجد
مؤلفات كثيرة، منها: كتاب الفوائد فى أصول علم البحار
والقواعد، وحاوية الاختصار فى أصول علم البحار والأرجوزة
المعربة، وغيرها.(10/972)
*أحمد بن المدبر
هو ابو الحسن أحمد بن محمد بن عبيد الله المدبر. أحد كبار كتَّاب
الدولة العباسية فى القرن الثالث الهجرى، كان بليغًا، مترسِّلاً،
برع فى كثير من الفنون؛ فأعجب به الخليفة العباسى المتوكل
فولاه ديوان الخراج وغيره من الأعمال الجليلة، فحقد عليه بعض
الكتاب ووشوا به؛ فخرج إلى بلاد الشام، وتولى خراج دمشق،
ثم تولى خراج مصر واستقر بها وكثر ماله ونفوذه وأتباعه. ولما
وصل أحمد بن طولون إلى مصر واليًا عليها من قِبَل العباسيين
خرج أحمد بن المدبر لاستقباله فى موكب كبير، فلما رأى أحمد
بن طولون مافيه أحمد بن المدبر من أبهة ونفوذ؛ خشى من
ازدياد نفوذه، وأرسل ابن المدبر هدية لابن طولون فردَّها،
وساءت العلاقة بينهما. ومات أحمد بن المدبر سنة (256هـ)،
وقيل: سنة (270هـ).(10/973)
*آق شمس الدين
هو شمس الدين محمد بن حمزة، أحد أئمة العلم فى الدولة
العثمانية فى القرن التاسع الهجرى = الخامس عشر الميلادى،
وهو معلم السلطان محمد الثانى ومربيه، ومحمد الثانى هو فاتح
القسطنطينية الذى لُقِّب بمحمد الفاتح. وُلِد آق شمس الدين فى
دمشق سنة (792هـ = 1389م)، وحفظ القرآن الكريم وهو فى
السابعة من عمره، وتلقى العلم فى مدينة آماسيا، ثم فى حلب،
ثم فى أنقرة. وبرع آق شمس الدين فى علوم ولغات شتى،
منها: علوم القرآن الكريم والسنة، والفقه، واللغات العربية،
والفارسية، والتركية إلى جانب علوم الرياضيات، والفلك،
والطب، والنبات، والصيدلة، والتاريخ. وبلغ منزلة عظيمة فى
هذه العلوم؛ فاختاره السلطان العثمانى مراد خان ليعلِّم ابنه
محمد الثانى، فكان نعم المعلم والمربى؛ حيث أخذ عنه السلطان
محمد الفاتح ما عنده من علم. ولما كبر السلطان محمد الثانى
وتولى الحكم كان يصطحب آق شمس الدين فى كل أعماله
ويستشيره، وقد شارك آق شمس الدين فى حصار القسطنطينية،
ووهو الذى اكتشف قبر الصحابى الجليل أبى أيوب الأنصارى
الذى استشهد سنة (52هـ) أثناء حصار المسلمين للقسطنطينية
فى خلافة معاوية بن أبى سفيان، رضى الله عنه. وكان لآق
شمس الدين جهد كبير فى فتح القسطنطينية، بفضل توجيهاته
للجنود والقادة، وبيان عظمة هذا العمل وفضله عند الله، إلى
جانب دعائه المستمر لله وخشوعه وتذلُّله لله أن ينجز لهم هذه
المهمة. وبعد الفتح قال السلطان محمد الثانى: إنكم تروننى
فرحًا، فرحى ليس لفتح هذه القلعة فقط، إن فرحى يتمثل فى
وجود شيخ فى عهدى هو مؤدبى الشيخ آق شمس الدين. ولآق
شمس الدين العديد من المصنفات باللغة التركية والعربية فى
علوم شتى، منها: كتاب فى الطب يُسمى مادة الحياة، وهو
مكتوب باللغة التركية، وله بالعربية: حل المشكلات، ومقالات
الأولياء ورسالة فى ذكر الله، وغيرها. وتُوفِّى آق شمس الدين
ببلدة كونيوك سنة (1459م).(10/974)
*ابن برد
هو أبو حفص بن أحمد بن محمد بن أحمد برد. كاتب، وشاعر
أندلسى مجيد، من أهل بيت أدب ورياسة؛ إذ كان جده وزيرًا
فى دولة بنى عامر. له رسالة فى السيف والقلم والمفاخرة
بينهما، فكان أول من سبق إلى القول فى ذلك بالأندلس، وله
فى علوم القرآن التحصيل فى تفسير القرآن. وكانت وفاته بعد
سنة (440هـ = 1048م).(10/975)
*أحمد بن محمد بن الأغلب
هو أحمد بن محمد بن عقال الأغلب بن إبراهيم الأغلب. وُلِد سنة (
220هـ = 835م)، وهو سادس أمراء دولة الأغالبة بشمال إفريقيا
، تولَّى حكم إفريقيا سنة (242هـ = 856م). وكان حسن السيرة
فى رعيته، كثير العطاء لهم، تميز عهده بالأمن والأمان والسلام،
وفتح مدينة قصريانة إحدى مدن جزيرة صقلية سنة (244هـ =
859م). وكان يحب العمارة؛ فبنى ما يقرب من عشرة آلاف
حصن، وزاد فى جامع القيروان، كما بنى مسجد تونس، وبنى
سور سوسة. وتُوفِّى أحمد بن محمد الأغلب سنة (249هـ =
863م).(10/976)
*شريف باشا
هو محمد شريف باشا بن أحمد سعيد. أحد رؤساء الوزارات فى
مصر فى العهد المالكى، وهو تركى الأصل. وُلِد سنة (1823م)
فى إستانبول عاصمة الخلافة العثمانية، ثم تربى فى قصر محمد
على باشا والى مصر ثم ألحقه بمدرسة الخانكة التى أنشئت
سنة (1826م)، ثم انتقل إلى مدرسة السوارى بالجيزة، ثم أرسله
سنة (1844م) فى بعثة علمية إلى فرنسا، فكان ضمن من
تخصص فى العلوم العسكرية بها. وكان محمد شريف من الطلاب
النابهين، حتى إنه منح رتبة البكوية وهو مازال طالبًا فى
بالمدرسة الحربية المصرية فى فرنسا، ولكنه مالبث أن اضطر
للرجوعع إلى مصر عندما أغلق عباس الأول المدرسة الحربية
المصرية بفرنسا سنة (1849م). وعندما عاد إلى مصر عُيِّن ياورًا
لسليمان باشا الفرنسى، ولكنه ظل بهذه الوظيفة بدون ترقية
لمدة ثلاث سنوات؛ مما دفعه إلى أن يقدم استقالته من العمل
بها، وسافر إلى الآستانه، فتقابل هناك مع الأمير محمد عبد
الحليم بن محمد على باشا فأقنعه بالعودة إلى مصر سنة
(1853م)، وعينه سكرتيرًا ومشرفًا على دائرته. وفى سنة
(1854م) عينه سعيد باشا أميرلاى حرسه الخاص، ثم رقاه إلى
رتبة لواء بالجيش المصرى، بالإضافة إلى رئاسة حرسه الخاص،
ومُنح لقب الباشوية بعد ذلك بقليل. وفى سنة (1857م) عهد إليه
سعيد باشا والى مصر بنظارة الخارجية المصرية، وعندما تولى
إسماعيل باشا بعد وفاة سعيد باشا سنة (1863م)، عهد إليه
بتولى نظارة الداخلية مع نظارة الخارجية، وكذلك نظارة
المعارف، وفى سنة (1869م) ولاه رئاسة المجلس الخصوصى
(مجلس الوزراء حاليًّا). وفى سنة (1879م) عينه إسماعيل باشا
رئيسًا للوزارة الوطنية، وكذلك تولى رئاسة الوزارة فى عهد
الخديو توفيق ثلاث مرات: الأولى سنة (1879م)، والثانية سنة
(1881م)، والثالثة سنة (1882م). وفى (7 من يناير 1884م) قدم
محمد شريف باشا استقالته من منصب رئاسة الوزارة المصرية؛(10/977)
احتجاجًا على التدخل الأجنبى فى الشئون الداخلية لمصر. وكانت
وفاته بمصر فى (28 من أبريل سنة 1887م).(10/978)
*محمد بن الحنفية
هو أبو القاسم محمد بن على بن أبى طالب. المعروف بابن
الحنفية. وأمه خولة بنت جعفر الحنفية، ويُنسَب إليها؛ تمييزًا له
عن أخويه الحسن والحسين. وُلد محمد بن الحنفية فى المدينة
سنة (21هـ = 642م). وكان ابن الحنفية كثير العلم ورعًا، شديد
القوة، وله فى ذلك أخبار عجيبة، وكانت راية أبيه يوم صفين
بيده، ويُحكى أنه توقف أول يوم فى حملها؛ حتى لايقاتل
المسلمون بعضهم بعضًا، فقال له على بن أبى طالب: هل عندك
شك فى جيش مقدمه أبوك؟ فحملها. وكان المختار بن أبى
عبيد الثقفى يدعو الناس إلى إمامة محمد بن الحنفية، ويزعم أنه
المهدى. وتُوفِّى محمد بن الحنفية سنة (81 هـ = 700 م)، ودُفِن
بالبقيع، وزعمت فرقة الكيسانية أنه لم يمت، وأنه مقيم فى
شِعب بجبل رضوى.(10/979)
*ابن الحنفية
هو أبو القاسم محمد بن على بن أبى طالب. المعروف بابن
الحنفية. وأمه خولة بنت جعفر الحنفية، ويُنسَب إليها؛ تمييزًا له
عن أخويه الحسن والحسين. وُلد محمد بن الحنفية فى المدينة
سنة (21هـ = 642م). وكان ابن الحنفية كثير العلم ورعًا، شديد
القوة، وله فى ذلك أخبار عجيبة، وكانت راية أبيه يوم صفين
بيده، ويُحكى أنه توقف أول يوم فى حملها؛ حتى لايقاتل
المسلمون بعضهم بعضًا، فقال له على بن أبى طالب: هل عندك
شك فى جيش مقدمه أبوك؟ فحملها. وكان المختار بن أبى
عبيد الثقفى يدعو الناس إلى إمامة محمد بن الحنفية، ويزعم أنه
المهدى. وتُوفِّى محمد بن الحنفية سنة (81 هـ = 700 م)، ودُفِن
بالبقيع، وزعمت فرقة الكيسانية أنه لم يمت، وأنه مقيم فى
شِعب بجبل رضوى.(10/980)
*محمد الذخيرة
هو أبوالعباس محمد بن القائم بأمر الله، الملقب بالذخيرة، وكان
هوالابن الوحيد للخليفة العباسى القائم. وتُوفِّى محمد الذخيرة
سنة (448هـ)، وترك زوجته قرة العين حاملاً، فوضعت بعد موته
ولدًا سماه جده عبد الله، وعهد إليه بالخلافة من بعده؛ فتولاها
بعد وفاة القائم سنة (467هـ).(10/981)
*محمد رشاد
هو محمد خان رشاد الدين بن عبد المجيد خان. السلطان الخامس
والثلاثون من سلاطين الدولة العثمانية. وُلِد سنة (1260هـ =
1844م)، ونشأ نشأة عسكرية؛ حيث انخرط فى سلك الجندية
فىعهدى السلطان عبد العزيز والسلطان مراد خان. وتدرج فى
المناصب حتى وصل إلى رتبة فريق. وقد حجر السلطان عبد
الحميد الثانى على تحركاته فجعله يلزم السرايا، فلم يكن يخرج
منها إلا يرقبه كثير من العيون، وظل على هذه الحالة حتى
إعلان دستور سنة (1909م)، وعزل السلطان عبد الحميد الثانى؛
حيث بويع محمد رشاد باالخلافة. وتولى إدارة الحكومة فى
عهده حزب الاتحاد والترقى. وتُوفِّى السلطان محمد رشاد سنة
(1336هـ = 1917م).(10/982)
*الماوردى
هو على بن محمد بن حبيب أبو الحسن الماوردى فقيه شافعى،
وأديب وقاضٍ وسياسى. وقد أُطلِقَ عليه الماوردى؛ نسبة إلى
عمله فى بيع ماء الورد، وقد وُلِد فى البصرة سنة (364 هـ =
974 م)، وتلقى تعليمه فى البصرة وبغداد، واختير للقضاء فى
بلدان كثيرة، وتلقب بأقضى القضاة سنة (429هـ)، واختير سفيرًا
للخلافة الإسلامية. وكان كثير المنازعات والخصومات؛ وذلك
لذكائه ومهارته فى الإقناع. وعاش حياة متواضعة رغم منصبه،
واتُّهِم بالاعتزال. وألَّف فى الفقه وتفسيرالقرآن والسياسة
والنحو والأدب. وأهم كتبه: النكت والعيون، وهو فى تفسير
القرآن، والحاوى الكبير، وهو فى الفقه الشافعى، والأحكام
السلطانية، وهو فى السياسة، وتسهيل النظر وتعجيل الظفر.
وتُوفِّى الماوردى فى بغداد فى (30 من ربيع الأول 450هـ = 27
من يونيو 1058 م).(10/983)
*البكرى
هو أبو عبيد الله عبد الله بن عبد العزيز بن محمد البكرى
الأندلسى. أحد الجغرافيين العرب المعروفين، وُلِد فى شلطيش
(سالتيس) عام (432هـ = 1040 م). وكان جده واليًا على شلطيش
وولبة فى خلافة المؤيد الأموى، وحاول أبوه أن يستقل بها،
فلم ينجح؛ ففرَّ مع ابنه إلى قرطبة، وفيها تتلمذ البكرى لعلماء
عصره، ثم التحق بخدمة أمير ألمرية محمد بن معن. وفى عام (
478 هـ = 1085 م) سافر البكرى إلى مراكش فى وفد من أمراء
الأندلس؛ لطلب العون من أمير المرابطين يوسف بن تاشفين فى
قتال ألفونس السادس ملك قشتالة، الذى استفحل أمره، وعاد
البكرى بعد ذلك إلى قرطبة، واستقر بها حتى وفاته. واشتهر
البكرى بمؤلفاته فى الجغرافيا والتاريخ والأدب، وأشهرها
كتاب المسالك والممالك، ومعجم ما استعجم، وأعلام النبوة،
وشرح أمالى القالى. وتُوفِّى أبو عبيد البكرى سنة (487هـ =
1094م).(10/984)
*ابن ماجه
هو أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه الرَّبعى القزوينى. أحد
أئمة الحديث فى القرن الثالث الهجرى. وُلِد سنة (209هـ = 824
م)، ثم ارتحل إلى بغداد والبصرة والكوفة ومكة والشام ومصر
والرى. سمع على محمد الطنافسى، ومصعب بن عبد الله بن
الزبير، وأبى بكر بن أبى شيبة وخلق كثير، وروى عنه محمد
بن عيسى الأبهرى، وأبو عمرو أحمد بن محمد بن حكيم
المدائنى وغيرهما. كان إمامًا فى الحديث، ومن تصانيفه: سنن
ابن ماجه، وهو أحد الكتب الستة الصحاح، وله تفسير القرآن
وكتاب فى تاريخ قزوين. وتُوفِّى ابن ماجه سنة (273هـ = 887
م). *ماركو بولو هو ماركو بن نيقولا بولو. مستكشف ورحالة
إيطالى. وُلِد فى البندقية سنة (652هـ = 1254م)، وقيل: سنة (
653هـ = 1255م). وكان من عائلة من كبار التجار، الذين أقاموا
علاقات تجارية فى القسطنطينية والبحر الأسود وإمبراطورية
التتار. وفى عام (1271م) أثار ماركو اهتمام إمبراطور الصين؛
فأبقاه فىبلاطه بلاط كوبلاى خان لمدة (20) سنة؛ فكلفه بمهمة
السفير؛ فعرف القسم الأعظم من الصين الغربية والهند والخليج
العربى، وغيرها من المناطق التى كانت خاضعة للإمبراطور
الصينى آنذاك. وقد اعتُقل لمدة ثلاث سنوات، خلال الحرب التى
دارت رحاها بين البندقية وجنوة سنة (1298م). روى ذكرياته
لرفيقه فى السجن روستيشللو، فبدأ بالحديث عن حياته، ثم
بالأماكن التى زارها، وعادات المغول، وتاريخهم. وكانت
كتاباته المصدر الوحيد تقريبًا لمعلومات الغرب عن الشرق فى
عصر النهضة، وكذلك عن بعض جهات آسيا حتى القرن التاسع
عشر الميلادى، وتُوفِّى ماركو بولو سنة (725 هـ = 1324م).(10/985)
*مارية القبطية
هى مارية بنت شمعون القبطيَّة. وُلِدت لأبٍ قبطى مصرى وأم
رومية، فى قرية حَفن من أنصِفا الواقعة على الضفة الشرقية
للنيل تجاه الأشمونين (مركز ملوى بمحافظة المنيا بصعيد مصر).
أهداها المقوقس حاكم الإسكندرية إلى رسول الله سنة (7هـ =
628م)، وأرسلها إليه مع حاطب بن أبى بلتعة فعرض عليها
الإسلام فأسلمت. وقد أنزلها الرسول فى بيت لحارثة بن
النعمان، ثم حولها إلى العالية. وعندما ولدت مارية للنبى إبراهيم
قال الرسول: أعتقها ولدها، ولما حضرت إبراهيم الوفاة سنة (
10هـ = 631 م) قال النبى: إن العين تدمع، والقلب يحزن،
ولانقول إلا ما يرضى ربَّنا، وإنا بفراقك ياإبراهيم لمحزونون.
وهى تشابه هاجر زوجة إبراهيم الخليل وأم إسماعيل عليهما
السلام، فكلتاهما من مصر، وأهديتا إلى نبى، وأم ولد، كما
فُسِّر بهما (النسب والصهر) الوارد فى قوله: استوصوا بأهل مصر
خيرًا، فإن لهم نسبًا وصهرًا. فالنسب لهاجر والصهر لمارية. وبعد
وفاة النبى أنفق عليها أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، حتى
تُوفِّى، ثم أنفق عليها عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، حتى
توفيت فى خلافته فى المحرم سنة (16هـ = 637 م)، وكان عمر
يحشر الناس لشهود جنازتها، وصلى عليها، ودفنت بالبقيع
بالمدينة.(10/986)
*مالك بن أنس
هو أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك الحميرى. أحد الأئمة
الأربعة من أهل السنة، وإليه يُنسَب المذهب المالكى. وُلِد سنة
(93هـ = 712 م) بالمدينة، ونشأ فى بيت اشتغل أهله بالحديث.
حفظ القرآن الكريم، وعمره (11) سنة، وتلقى العلم عن كبار
التابعين والعلماء فى عصره. وأدرك مالك الدولتين الأموية
والعباسية. وكان يجلُّ حديث رسول الله والعلم؛ إذ كان إذا خرج
لمجلس العلم يتطيب ويلبس أحسن ثيابه. وكان ذا هيبة كبيرة،
يعتنى بطعامه وشرابه ولباسه، قوى الحافظة، وإذا شك فى
حديث تركه. وصنف الإمام مالك عدة كتب، منها: الموطأ، وهو
أشهر كتبه، وعندما أراد المنصور حمل الناس على الموطأ رفض
الإمام مالك ذلك؛ منعًا للفتنة، وله أيضًا الرد على القدرية،
وتُوفِّى الإمام مالك بالمدينة سنة (179هـ = 795 م)، ودُفِن بالبقيع
بجوار إبراهيم ابن النبى.(10/987)
*مالك بن نويرة
هو مالك بن نويرة بن جمرة بن شداد اليربوعى التميمى. يكنى
أبا حنظلة، ويلقب بالجفول. كان شاعرًا معدودًا فى فرسان بنى
يربو [ AZ1] ع فى الجاهلية، وأشرافهم. أدرك الإسلام، وأسلم،
وولاَّه النبى صدقات قومه (بنى اليربوع).(10/988)
*المتنبى
هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفى الكوفى
الكندى، أبو الطيب المتنبى: من كبار شعراء المسلمين، وأحد
مفاخر الأدب العربى سنة (303هـ = 915م). ولد بالكوفة ونشأ
بالشام، ثم تنقل فى البادية يطلب الأدب وعلم العربية وأيام
الناس. التحق المتنبى بالأمير سيف الدولة بن حمدان سنة (337هـ)
فمدحه وحظى عنده، ثم فارقه ودخل مصر سنة (346هـ) فمدح
كافور الإخشيدى؛ طمعًا منه فى أن يوليه بعض الإمارات، فلمَّا
لم يولِّه شيئًا هجاه، ورحل عنه قاصدًا بلاد فارس، ومدح عضد
الدولة بن بُوَيّه الدَّيْلمى، فأجزل جائزته، ولما رجع من عنده
قاصدًا بغداد عرض له فاتك بن أبى الحهل الأسدى فى عدد من
أصحابه، وكان مع المتنبى أيضًا جماعة من أصحابه، فقاتلوهم،
فقُتِل المتنبى وابنه وغلامه بالقرب من النعمانية، فى موضع
يقال له الصفا، وذلك سنة (354هـ = 965م).(10/989)
*المثنى بن حارثة
هو المثنى بن حارثة بن سلمة بن ضمضم صحابى جليل، من كبار
قادة المسلمين الفاتحين، أسلم سنة (9هـ = 630م). ساهم فى
حروب الردة فى عهد أبى بكر الصديق - رضى الله عنه -
واستطاع أن يقضى على ردة أهل البحرين، ثم تقدم إلى القطيف
وهجر، ووصل إلى نهرى دجلة والفرات وأخذ يُغِير على بلاد
فارس؛ فاستولى على مدينة دهشتاباذ أردشيد (البصرة حاليًّا)،
ثم استولى على مدينة الأبلة (البصرة حاليًّا أيضًا)، ثم اتجه نحو
الحيرة (الكوفة حاليًّا)، وقد نبهت هذه الهجمات المتكررة جيوش
الفرس إلى خطورة المثنى بن حارثة، فأخذوا يحرضون القبائل
العربية المواجهة لجيوش المثنى على حربه، مما دفعه إلى
الذهاب إلى الصدِّيق أبى بكر فى المدينة يطلب منه الإمدادات
لحربهم. وبالفعل فقد أرسل إليه أبو بكر الصديق مددًا بقيادة
خالد بن الوليد، ثم أرسل إليه عمر بن الخطاب مددًا - عندما تولى
الخلافة - بقيادة أبى عبيد بن مسعود الثقفى، وظل المثنى بن
حارثة ينظم جيشه ويحارب ضد الفرس وجُرح فى معركة قس
الناطف ثم ثماثل للشفاء وخاض عدة معارك أخرى، إلا أن جراحه
لم تكن قد شفيت تمامًا، فقضى نحبه - رضى الله عنه - سنة
(14هـ = 635م).(10/990)
*محمد بن محمد المقرى
هو محمد بن محمد بن أحمد بن أبى بكر التلمسانى المقرى، من
الفقهاء الأدباء، والمتصوفين العلماء، من كبار علماء المالكية،
وقاضى الجماعة بفاس وتلمسان، وهو جد المقرى صاحب نفح
الطيب. وُلِد محمد المقرى فى تلمسان، وتعلَّم بها على كبار
علماء عصره، كأبى زيد عبد الرحمن، وأبى موسى عيسى
ابنى محمد بن عبد السلام، وعلى أبى موسى عمران بن موسى
بن يوسف وإبراهيم بن حكيم الكنانى. ودرس العربية والفقه
والتفسير وحفظ الحديث الشريف، وتعلم الأخبار والتاريخ
والآداب، وله علم فى الجدل والمنطق والكتابه ونظم الشعر.
وكان يحب الرحلة، فرحل إلى فاس فتولى القضاء بها، فكان
حسن السيرة، وأحبه الناس، ورحل إلى بجاية وتونس، وحج
بيت الله الحرام، ودخل دمشق وبيت المقدس. وتوفى محمد بن
محمد المقرى بفاس سنة (758هـ = 1357م) ودفن فى تلمسان.
أهم كتبه: كتاب القواعد، وكتاب الحقائق والرقائق، وكتاب
المحاضرات، وكتاب التحف والطرف وكتاب رحلة المتبتل، وكتاب
إقامة المريدين.(10/991)
*ابن هشام
هو أبو محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميرى المعافرى،
وُلِد ونشأ بالبصرة. كان عالمًا بالأنساب واللغة وأيام العرب
وأخبارها، وهو الذى جمع سيرة رسول الله من المغازى والسير
لابن إسحاق، وهى التى عُرفت بسيرة ابن هشام. له مجموعة
تصانيف غير السيرة، منها: القصائد الحميرية فى أخبار اليمن
وملوكها فى الجاهلية، والتيجان فى ملوك حمير وشرح ماوقع
فى أشعار السير من الغريب، وتُوفِّى ابن هشام سنة (213هـ =
828م).(10/992)
*يزيد بن المهلب
هو أبو خالد يزيد بن المهلب بن أبى صفرة، أحد مشاهير الولاة،
ومن القادة الشجعان. وُلِد سنة (53هـ = 673م)، ونشأ فى بيت
عزٍّ وسلطان، وَلِىَ خراسان بعد وفاة أبيه سنة (83هـ)، وذلك
بعهد من أبيه، وكان يقدمه على إخوته، ومكث فى ولايته قريبًا
من ست سنين ثم عزله الوليد بن عبد الملك بتحريض من الحجاج
بن يوسف والى العراق، الذى كان يخشى بأسه وطموحه، فلما
عزله، حبسه الحجاج فهرب يزيد إلى الشام واستجار بولى العهد
سليمان بن عبد الملك فأجاره وتشفع فيه عند الخليفة فشفعه
وعفا عنه، ولمَّا تولَّى سليمان بن عبد الملك الخلافة ولاه العراق
ثم خراسان فنجح فى فتح جرجان وطبرستان، وعندما
اُستخلف عمر بن عبد العزيز عزله وطلبه، فأُحضِر إلى الشام
فحبسه بحلب، ولما مات عمر، أخرجه غلمانه من السجن وسار
إلى البصرة ودخلها وغلب عليها وأعلن الخروج على بنى أمية
وخلعهم، فقاتله مسلمة بن عبد الملك وانتهى الأمر بقتل يزيد فى
مكان يُسمى العقر بين واسط وبغداد سنة (102هـ = 720م).(10/993)
*ابن هشام الأنصارى
هو جمال الدين عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام
الأنصارى المصرى، وُلِد بالقاهرة فى ذى القعدة سنة (708هـ =
1308م). تلقى العلم على يد عدد من العلماء، منهم: الشهاب عبد
اللطيف بن المرحل وابن السرَّاج وابن حيان والتاج التبريزى
وابن جماعة واشتهر ابن هشام بالتعمق فى مذاهب النحاة وتمثلها
تمثلاً غريبًا نادرًا، وطارت شهرته فى العربية، فأقبل عليه
الطلاب من كل فجٍّ يفيدون من علمه ومباحثه النحوية الدقيقية
واستنباطاته الرئعة، وبلغ الإعجاب به لدى بعض معاصريه حدًّا
جعلهم يقولون: إنه أنحى من سيبويه. وترك ابن هشام مصنفات
كثيرة، منها: مغنى اللبيب عن كتب الأعاريب، والإعراب عن
قواعد الإعراب وأوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك وغيرها.
وتُوفِّى ابن هشام الأنصارى عام (761هـ = 1360م).(10/994)
*رستم
من مشاهير قادة الفرس فى العصر السامانى، اتصلت سيرته
بفتوح العرب لفارس زمن خلافة أبى بكر الصديق وعمر بن
ابخطاب، وذلك عندما وجه أبو بكر جيشًا إلى العراق بقيادة
خالد بن الوليد ومعه المثنى بن حارثة فاستولى على الحيرة
والأنبار. ثم وجه أبو بكر الصديق خالد بن الوليد إلى جبهة الشام
فتوقفت الفتوحات فى العراق، ثم استكمل عمر بن الخطاب فتح
العراق فأنفذ جيشًا بقيادة سعد بن أبى وقاص فى نحو ثمانية
آلاف مقاتل فالتقى فى القادسية مع الجيش الساسانى بقيادة
رستم على رأس ثلاثين ألف مقاتل، ونشبت المعركة الحاسمة
التى عُرفت بمعركة القادسية وفيها هزم الفرس هزيمة منكرة
وقتل رستم، وتلا ذلك استيلاء المسلمين على جلولاء ثم على
المدائن.(10/995)
*الحسن الوزان
هو أبو على الحسن بن محمد الوزان المسمى فى أسره يوحنَّا
الأسدى والمعروف عند الإفرنج باسم ليون الإفريقى، وُلِد فى
غرناطة نحو سنة (888 هـ = 1483م)، وهاجر مع أسرته وهو
طفل صغير إلى فاس فتعلم بجامع القرويين، وانتُدب أبوه لبعض
السفارات والوساطات السياسية، ثم انتُدب هو أيضًا لمثل تلك
الأعمال، فتيسرت له الرحلة إلى أكثر بلاد شمال إفريقيا والشرق
الأوسط. اشترك الحسن الوزان فى الحرب التى كانت بين
البرتغال والشريف محمد السعدى وأسره قرصان إيطالى سنة (
926هـ) بالقرب من جزيرة جربة، وأخذوه إلى نابلى، وعندما
عرفوا أنه من أهل العلم قدَّموه إلى البابا ليون العاشر، ومعه
كتبه وأوراق رحلته. وكانت للبابا عناية بعلوم العرب فأكرمه
وأدخله فى خاصته وسمَّاه جان ليون، وتعلم الإيطالية واللاتينية
وكان يحسن الإسبانية والعبرية، وترجم فى تلك الفترة كتاب
وصف إفريقية إلى الإيطالية، وهو القسم الثالث من كتاب له ألفه
فى الجغرافية العامة وكان فى طليعة الكتب التى ابتدأت بها
المطبعة بفرنسا، ولذا كان تأثيره فى النهضة الأوربية ثأثيرًا
كبيرًا. ومن مؤلفاته: مختصر تاريخ الإسلام وتاريخ إفريقية،
وغيرهما. وقد عاد الوزان إلى بلاده نحو سنة (934هـ = 1527م)
ومات مسلمًا فى تونس نحو سنة (957هـ = 1552م).(10/996)
*ابن رشد (الجد)
هو محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد شيخ المالكية، وقاضى
الجماعة بقرطبة، وصاحب الصلاة بمسجدها الجامع. وُلِد فى
قرطبة سنة (450هـ = 1048م) ونشأ بها فتعلَّم على أيدى علماء
الأندلس المشهورين كأبى جعفر أحمد بن رزق الفقيه، وأبى
مروان بن سراج، وأبى عبد الله محمد بن فرج، وغيرهم كثير.
وكان ابن رشد عالمًا بالفقه، عارفًا بالفتوى على مذهب الإمام
مالك. تولى قضاء قرطبة فأحسن إلى الناس فأحبوه، وكان
حسن الخلق، سهل اللقاء والعشرة، بارًّا بالناس. وتُوفِّى ابن
رشد فى ذى القعدة سنة (520هـ = 1156م) عن عمر يناهز (70)
سنة. ومن أهم كتبه: كتاب المقدمات لأوائل كتب المدوَّنة، وكتاب
البيان والتحصيل لما فى المستخرجة من التوجيه والتعليل،
وكتاب اختصار مشكل الآثار للطحاوى، وكتاب نوازل ابن رشد،
وكتاب المسائل الخلافية.(10/997)
*محمد بن الأغلب
هو أبو العباس محمد بن أبى عقال بن إبراهيم بن الأغلب. أحد
حكام دولة الأغالبة بالمغرب الأدنى (تونس حاليًّا). تولى الحكم
سنة (226هـ = 841م) وعمره إحدى وعشرون سنة، وفى
السنوات الأولى من حكمه نعمت البلاد بالهدوء والسكينة ثم
سرعان ما قامت ضده بعض الثورات؛ كان أخطرها ثورة أخيه
أحمد بن الأغلب، وثورة سالم بن غليون والى إقليم الزاب، وثورة
تامر بن عمرو التجيبى بتونس، ولكنه تمكن من القضاء على تلك
الثورات وأمَّن دولته من الأخطار الخارجية والداخلية، وواصل
مسيرة سابقيه فى فتح صقلية، كما أغار بجيشه على روما
العاصمة الإيطالية ردًّا على إغارة الإيطاليين على سواحل تونس،
ونجح فى دخول روما والبقاء بها لمدة شهرين ثم غادرها بعد
وصول الإمدادات الأوربية إليها. ومن أهم أعمال محمد بن الأغلب
بناؤه مدينة العباسة. وتميز عهده بظهور مجموعة بارزة من
العلماء مثل: أبى محمد عبد الله بن حسان اليحصبى، المتُوفَّى
سنة (227هـ) والإمام سحنون بن سعيد الذى ولى قضاء إفريقية
سنة (233هـ)، وتُوفِّى سنة (240هـ). وتُوفِّى ابن الأغلب سنة
(242هـ) بعد حكم دام خمسة عشر عامًا وثمانية أشهر واثنى
عشر يومًا.(10/998)
*أبو العباس محمد بن الأغلب
هو أبو العباس محمد بن أبى عقال بن إبراهيم بن الأغلب. أحد
حكام دولة الأغالبة بالمغرب الأدنى (تونس حاليًّا). تولى الحكم
سنة (226هـ = 841م) وعمره إحدى وعشرون سنة، وفى
السنوات الأولى من حكمه نعمت البلاد بالهدوء والسكينة ثم
سرعان ما قامت ضده بعض الثورات؛ كان أخطرها ثورة أخيه
أحمد بن الأغلب، وثورة سالم بن غليون والى إقليم الزاب، وثورة
تامر بن عمرو التجيبى بتونس، ولكنه تمكن من القضاء على تلك
الثورات وأمَّن دولته من الأخطار الخارجية والداخلية، وواصل
مسيرة سابقيه فى فتح صقلية، كما أغار بجيشه على روما
العاصمة الإيطالية ردًّا على إغارة الإيطاليين على سواحل تونس،
ونجح فى دخول روما والبقاء بها لمدة شهرين ثم غادرها بعد
وصول الإمدادات الأوربية إليها. ومن أهم أعمال محمد بن الأغلب
بناؤه مدينة العباسة. وتميز عهده بظهور مجموعة بارزة من
العلماء مثل: أبى محمد عبد الله بن حسان اليحصبى، المتُوفَّى
سنة (227هـ) والإمام سحنون بن سعيد الذى ولى قضاء إفريقية
سنة (233هـ)، وتُوفِّى سنة (240هـ). وتُوفِّى ابن الأغلب سنة
(242هـ) بعد حكم دام خمسة عشر عامًا وثمانية أشهر واثنى
عشر يومًا.(10/999)
*محمد بابر ظهير الدين
هو ظهير الدين محمد بن عمر الشيخ ميرزا الملقب ببابر ومعناها
فى الهندية النمر مؤسس إمبراطورية المغول التيمورية الإسلامية
فى الهند، وأحد أحفاد تيمورلنك. وُلِد بابر فى المحرم سنة
(888هـ = 1483م) بمدينة فرغانة الهندية، التى كان أبوه ملكًا
عليها، وبعد وفاة أبيه تولى حكمها وكان لايزال فى الثانية
عشرة من عمره، فتعرض لعدة مؤمرات من أعمامه لعزله، اضطر
على أثُرها إلى الرحيل إلى أفغانستان، واستقر بكابل، وجعل
منها نواة لإقامة دولة قوية، وواتته الفرصه لتوسيع رقعة دولته
حينما استغاث به حاكم لاهور ضد حاكم دلهى فزحف بابر بجيشه
نحو الهند، فاستولى على السند سنة (925هـ) ثم على لاهور
سنة (930هـ) ثم دخل دلهى سنة (932هـ) ثم أكرا. ولما رأى ذلك
أمراء الهندوس تحالفوا ضده ليوقفوا زحفه ويقضوا على دولته،
فأعدوا جيشًا كبيرًا لذلك، والتقى الطرفان فى معركة حاسمة
تمكن فيها بابر من هزيمتهم ثم اتجه إلى شرقى الهند فاستولى
على بيهار، وهكذا صارت له دولة مترامية الأطراف، واتخذ من
أكرا عاصمة لها. وبعدما أمَّن بابر دولته من الخارج، اتجه
للإصلاحات الداخلية، فمهَّد الطرق، وحفر الترع والأنهار ونظَّم
الضرائب، وأقام شبكة بريد جيدة، واهتم بالنواحى الثقافية حيث
كان بابر أديبًا رقيقًا يقرض الشعر بالتركية والفارسية، وابتكر
خطًّا جديدًا نُسب إليه وكتب به مصحفًا، أهداه إلى المسجد
الحرام بمكة. وألَّف بابر عدة كتب، مثل: الفتح المبين فى الفقه
الحنفى، وبابرنامه وهو تاريخ حياه بابر فى صورة مذكرات أو
يوميات ضمنها ترجمة لحياته وعصره، كتبه بالتركية، ثم تُرجِم
إلى الفارسية وعدة لغات أوربية. وتُوفِّى بابر سنة (937هـ =
1531م)، وعمره خمسون سنة، ودفن بكابل بأفغانستان.(10/1000)
*محمد بركة خان
هو أبو المعالى ناصر الدين محمد بركة بن الملك الظاهر بيبرس،
لقِّبَ محمد بركة بالملك السعيد، وهو الملك الخامس من ملوك
الترك بمصر. وُلِد فى العش (من ضواحى القاهرة) فى (صفر
658هـ = يناير 1260م) ونشأ بديار مصر تحت كنف أبيه. تولى
السلطنة بعد أبيه واتبع سياسة فى الحكم أغضبت الأمراء،
فحاصر الأمراء القلعة سنة (1279م) وقطعوا عن الملك السعيد
الماء وأصروا أن يخلع نفسه، فطلب منهم أن يعطوه الكرك
فأجابوه إلى ذلك. وكانت مدة سلطنة محمد بركة خان سنتين
وشهرين وثمانية أيام. وتُوفِّى سنة (679هـ = 1280م) ودفن فى
بغداد.(10/1001)
*الزُّبَيدى
هو أبو بكر محمد بن الحسن بن عبد الله (أو: عبيد الله) بن مَذْحِج
بن محمد بن عبد الله بن بشر الزُّبيدى الإشبيلى. أديب، لغوى،
وفقيه، محدث، سكن قرطبة وأصله من حمص (فى الشام). وُلِد
سنة (316هـ = 928م) بإشبيلية وبها نشأ واشتهر، ثم طلبه
الخليفة الأموى الحكم المستنصر بالله إلى قرطبة؛ فأدَّب فيها
ولى عهده هشامًا المؤيد بالله، ثم ولى قضاء إشبيلية. أخذ
العربية عن القالى وأبى عبد الله الرياحى وروى عنه ولده أبو
الوليد محمد بن محمد وإبراهيم بن محمد الأفليلى، وولده أبو
الوليد أحمد الأديب قاضى إشبيلية. من تصانيفه: مايلحن فيه
عوام الأندلس وطبقات النحويين واللغويين بالمشرق والأندلس
يترجم فيه للنحاة ابتداءً من أبى الأسود الدؤلى إلى زمن شيخه
أبى عبد الله النحوى الرياحى، والواضح فى العربية ومختصر
كتاب العين فى اللغة وسماه الاستدراك على كتاب العين،
والغاية فى العروض، والاستدراك على سيبويه فى كتاب الأبنية،
وهتك ستور الملحدين، وله كتاب فى الرد على ابن مَسَرَّة.
وتُوفِّى الزبيدى فى جمادى الآخرة سنة (379هـ = 989م).(10/1002)
*محمد بن الحسن الشيبانى
هو محمد بن الحسن بن فرقد الشيبانى، أحد أئمة الفقه الكبار،
وناشر علم الإمام أبى حنيفة. وُلِد محمد بواسط سنة (131هـ =
748م)، ونشأ بالكوفة، وسمع العلم بها، وجالس ابا حنيفة،
وسمع منه، ونظر فى الرأى، فغلب عليه، وبرع فيه وعُرف به
وقدم بغداد فنزلها، وتردد عليه الناس، وسمعوا منه الحديث
والرأى، وخرج إلى الرَّقة، وهارون الرشيد أمير المؤمنين بها،
فولاه قضاء الرقة ثم عزله، فقدم بغداد. وللشيبانى كتب كثيرة
فى الفقه والأصول، منها: المبسوط والزيادات والجامع الكبير
والجامع الصغير والآثار والسير الكبير والأمالى. توفِّى
الشيبانى بالرى وهو فى صحبة هارون الرشيد سنة (189هـ).(10/1003)
*محمد بن الحسن العسكرى
هو أبو القاسم محمد بن الحسن العسكرى بن على الهادى بن
محمد الجواد بن على الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق.
الإمام الثانى عشر عند الشيعة الإمامية، عُرف عندهم بالمهدى
المنتظر، والحجَّة، وصاحب الزمان، وصاحب السرداب. وُلِد فى
سامراء ومات أبوه وله من العمر نحو خمس سنين فى (8 من
شعبان سنة 256هـ)، وقيل: إنه دخل السرداب سنة (275هـ)
وعمره - آنذاك - سبعة عشر عامًا، والشيعة ينتظرون خروجه -
فى آخر الزمان - من السرداب بسامراء، ومن المؤرخين من يقول:
إن الحسن بن على العسكرى لم يكن له نسل.(10/1004)
*محمد حسين هيكل
هو محمد بن حسين بن سالم هيكل، أديب ومؤرخ وسياسى، من
أعضاء المجمع اللغوى، وُلِد فى قرية كفر غنام بالدقهلية سنة (
1305هـ = 1888م)، حصل على الدكتوراة فى الحقوق من جامعة
السُّربون بفرنسا سنة (1912م)، أكثر من الكتابة فى صحيفة
الجريدة وأخرج مجموعة من الكتب الأدبية استهلها بروايته
المشهورة زينب التى كتبها أثناتء دراستة فى باريس. ترأس
تحرير جريدة السياسة اليومية سنة (1922م)، ثم الأسبوعية،
وكان من أركان حزب الأحرار الدستوريين المناوئ لسعد زغلول
وحزبه، وَلِىَ وزارة المعارف مرتين، ثم تولى رئاسة مجلس
الشيوخ فى الفترة (1945 - 1950م). ومن مصنفاته: فى منزل
الوحى وثورة الأدب والصديق أبو بكر والفاروق عمر
والإمبراطورية الإسلامية وثلاث قصص: زينب وأبيس وهكذا خلقت.
وتُوفِّى محمد حسين هيكل بالقاهرة سنة (1956م).(10/1005)
*حفصة بنت الحاج
هى حفصة بنت الحاج الركونية، شاعرة أندلسية شهيرة، من
أهل غرناطة، لا يعرف تاريخ مولدها. كانت أديبة أهل زمانها،
ومن أبلغ شعراء أوانها وأدقهم نظرًا، ولم يكن شعرها مقصورًا
على أسلوب واحد، بل كانت تتفنن فيه وتدخل فيه أساليب
مختلفة، وكانت غزيرة المادة الأدبية، مطلعة على شعر العرب
الخلص وغيرهم. وصفها ابن بشكوال بأستاذة عصرها. رحلت عن
غرناطة إلى مراكش وتُوفيت بها سنة (586هـ = 1190م).(10/1006)
*لكة (نهر)
نهر صغير، كان يُعرَف بوادى لكة، ويعرف الآن بنهر جوادليتى
الذى يصب فى خليج قادس من المحيط الأطلنطى، على مقربة من
مدينة شريش فى بلاد الأندلس وهو ينحدر من الشرق إلى الغرب.
يقال: إن المسلمين بقيادة طارق بن زياد حاربوا عنده القوط فى
سهل الفرنتيرة على ضفاف وادى لكة سنة (92 هـ = 711 م)،
وفى هذه المعركة غرق ردريك ملك القوط فى النهر.(11/1)
*يزد
مدينة فى وسط إيران، تقع على سهل إرتفاعه نحو (4070) قدمًا
فوق سطح البحر، وشيِّدت فى القرن الخامس الميلادى، وتشتهر
بإنتاج المنسوجات والسجاد اليدوىّ.(11/2)
*لوت (نهر)
نهر يقع فى الجزء الجنوبى من فرنسا، وينبع من سلسلة جبال
سيفين، ويجرى غربًا حتى يصل إلى نهر عارون ويبلغ طوله نحو
(480) كم.(11/3)
*اليمامة
منطقة فى المملكة العربية السعودية، تقع فى إقليم نجد،
وتعرف اليوم باسم العارض، وفيها - الآن - مدينة الرياض عاصمة
المملكة، ومن مدنها الدرعية والشعيب والعينية، كما وقعت
فيها معركة اليمامة بين المسلمين والمرتدين من أتباع مسيلمة
الكذاب.(11/4)
*يافا
مدينة عربية فلسطينية، تقع على الشاطئ الشرقى للبحر
المتوسط، إلى الجنوب من مصبِّ نهر العوجا بنحو (7) كم، وإلى
الشمال الغربى من مدينة القدس بنحو (60) كم. وهى إحدى
البَّوابات الرئيسية الغربية لفلسطين، وعَبْرها يتم اتصال فلسطين
بدول حوض البحر المتوسط والدول الأوروبية والإفريقية
والأمريكية. وكانت يافا منذ القدم محطة تتلاقى فيها بضائع
الشرق والغرب، وكانت جسر عبور للقوافل التجارية بين مصر
وبلاد الشام. تتبع يافا مناخ البحر المتوسط ذا الحرارة المعتدلة
نسبيًا، وتهطل الأمطار خلال النصف الشتوى من السنة. عُرفت
يافا عند قدماء المصريين بيابو، وتبادل احتلالها المكابيون
والسوريون، كما دمرها الإمبراطور فسياسيانوس (68)، ثم
استولى عليها الصليبيون فى القرن الثانى عشر، ثم استعادها
العرب، ودخلها نابليون سنة (1799 م)، والبريطانيون فى أعقاب
الحرب العالمية الأولى عام (1917 م). ثَّم وقعت بأيدى اليهود عام
(1948 م).(11/5)
*اليمن
جمهورية عربية تقع فى الجزء الجنوبى الغربى من شبه الجزيرة
العربية، تحدها المملكة العربية السعودية شمالاً، وسلطنة عمان
شرقًا. ولليمن سواحل على البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن
ومضيق باب المندب. تبلغ مساحتها 533.000 كم2، والعاصمة
صنعاء. أهم المحاصيل: القمح والذرة والبن والقطن والفواكه.
والثروة الحيوانية هى: الإبل والماشية والخيل والماعز والأغنام.
إزدهرت فى اليمن قديمًا حضارات عريقة، هى: حضارة معين،
وحضارة سبأ، وحضارة حمير. غزاها الأحباش ثم الفرس قبيل
البعثة النبوية. انتشر الإسلام فى أرجائها قبيل انتقال الرسول
(إلى الرفيق الأعلى. وفى القرن التاسع الميلادى أسس أتباع
زيد بن على بن الحسينى دولة علوية فى اليمن. فتحها الأتراك
العثمانيون فى منتصف القرن السادس عشر الميلادى ولكن
اليمنيين قاوموا الإحتلال وثاروا عليه، وتمكنوا على الرغم من
الحملات العسكرية المتكررة التى جردتها الدولة العثمانية ضدهم
من الإحتفاظ باستقلالهم، وذلك بفضل وعورة أراضيهم من ناحية،
وتمرسهم بالقتال من ناحية أخرى. وفى عام (1962 م) أطاح
عبد الله السَّلال بالإمام محمد البدر آخر أئمة اليمن، وأعلن قيام
الجمهورية. وفى (22 من مايو 1990 م) ثم توحيد شطرى اليمن
باسم الجمهورية العربية اليمنية.(11/6)
*ينبع (وادى)
وادٍ فى الحجاز بالمملكة العربية السعودية، به عدة قرى، يعرف
بينبع النخل، تمييزًا له عن المدينة الساحلية التى تعرف بينبع
البحر، يوجد به نخيل وماء وزرع. ينسب إليه أبو عبد الله حرملة
المدلجى الينبعى، له صحبة ورواية عن النبى - صلى الله عليه وسلم -.(11/7)
*يوغسلافيا
دولة أوربية تقع فى جنوب أوربا الشرقية. تبلغ مساحتها
(98.804) أميال مربعة، يحدها من الغرب البحر الأدرياتيكى
وإيطاليا، ومن الشمال النمسا والمجر، ومن الشرق رومانيا
وبلغاريا، ومن الجنوب اليونان وألبانيا. وتغلب الطبيعة الجبلية
على البلاد حيث تشغل الجبال نحو ثلثى مساحتها وتجرى فى
يوغسلافيا عدة أنهار، أهمها: الدانوب، ومورافا، وسافا.
ومناخ يوغسلافيا معتدل يميل إلىالحرارة صيفًا والبرودة شتاءً.
وأهم مدنها: بلجراد العاصمة، وزغرب، ويتكلم أهلها المقدونية
والصربية والكرواتية والألبانية والسلوفانية، ويوجد فيها ما
يقرب من (12) مجموعة عرقية، أهمها: الصرب والكروات
والبوسنويون والألبان والمقدنيون، وتوجد عدة أديان فى
يوغسلافيا: المسيحية بمذاهبها المختلفة من أرثوذكس وكاثوليك
وبروتستانت ونسبتهم تزيد على (70%)، ونسبة المسلمين
بها (20%). ويشتغل السكان بالصناعة والزراعة وتربية الحيوان
وصناعة الأخشاب ونسبة الأمية بها منخفضة، ونظامها السياسى
فيدرالى، وكانت يوغسلافيا تنتهج نهجًا اشتراكيًّا. خضعت
يوغسلافيا طيلة قرون كثيرة للعديد من القوى الأجنبية المتعاقبة
مثل: النمساويين والمجريين والإيطاليين والعثمانيين والفرنسيين
والألمان. وأصبحت يوغسلافيا مملكة سنة (1917م) بعد اتحاد
صربيا والجبل الأسود، واستولى عليها الشيوعيون، وتم
إعلانها جمهورية سنة (1946م) بزعامة الرئيس الشيوعى تيتو،
وفى سنة (1948م) اتخذت يوغسلافيا نهجًا مغايرًا للاتحاد
السوفييتى، إلا أن السمة الأساسية التى كانت تحكم الحياة
السياسية فى يوغسلافيا هى الصراع بين القوميات المتعددة،
سواء فى العهد الملكى أو الجمهورى، وقد انعكست هذه
الانقسامات سلبيًّا على بناء الدولة وحياتها السياسية، وأدت
إلى انشطارها إلى جمهوريات مستقلة مع مطلع التسعينيات،
واحتدام الصراع العرقى الذى ما زال مستمرًّا بين الصرب -الذين(11/8)
يدعمهم الروس-والمسلمين من جانب، والكروات والصرب من جانب
آخر. وقد استقلت عن يوغسلافيا كرواتيا وسلوفينيا سنة
(1990م) ثم مقدونيا والبوسنة سنة (1992م)،وتمسكت صربيا
والجبل الأسود ببقاء يوغسلافيا فى دولة واحدة.(11/9)
*ألبانيا
إحدى دول البلقان فى أوروبا. تقع على الشاطئ الشرقى للبحر
الأدرياتيكى. يحدها من الشمال والشرق جمهورية الجبل الأسود،
ومن الجنوب اليونان، ومن الغرب البحر الأدرياتيكى والبحر
الأيونى. تبلغ مساحتها (28.748 كم2). وهى ذات أرض جبلية؛
حيث إن (70 %) من مساحتها يزيد ارتفاعها على (300) متر.
ويوجد فيها جبل كوريب الذى يبلغ طوله (3021) متر. ومناخها
حار جاف صيفًا، معتدل ممطر شتاءً، حتى إن الثلج يكسو
المرتفعات لمدة تسعة أشهر. ويبلغ عدد سكانها (3.346.000)
ملايين نسمة حسب إحصائية سنة (1992 م)، معظمهم مسلمون
يمثلون نحو (88 %) من عدد السكان، وتوجد أقلية يونانية
وأخرى مقدونية. واللغة الرسمية هى الألبانية. ويقوم الاقتصاد
الألبانى على الزراعة؛ لكثرة الأنهار فى ألبانيا، ويعمل
بالزراعة (90 %) من السكان. وأهم المحاصيل: القمح والذرة
والقطن والتبغ والأرز والشعير والخضراوات. كما توجد فى
ألبانيا ثروة حيوانية كبيرة؛ حيث تغطى المراعى الطبيعية (30
%) من مساحة الأراضى. ويُستخرَج من ألبانيا البترول والغاز
الطبيعى والفحم والنيكل كروم والحديد والألومنيوم. وتوجد بعض
الصناعات المعدنية ومواد البناء والزجاج والأثاث والمعلبات.
وأهم مدن ألبانيا: تيرانا العاصمة، وكورس وشكودرى ودروس
وفولورى. والعملة الألبانية هى الليك. ويرجع تاريخ ألبانبا إلى
ألف سنة قبل الميلاد عندما نزح الألبان إلى مدينة ألبانويوليس
التى تقع شرقى دروس. وفى نهاية القرن (8 هـ = 14م) بدأ
الفتح العثمانى لألبانيا، فأخذ الإسلام فى الانتشار فيها. وبعد
الحرب البلقانية حصلت ألبانيا على استقلالها سنة (1912 م).
وبعد الحرب العالمية الأولى تم الاعتراف بها دوليًّا. وفى سنة
(1925 م) أُعلنت جمهورية ألبانيا برئاسة أحمد زوغو، ثم تعرضت
للاحتلال الإيطالى، ثم الألمانى الذى انسحب وترك الحكم
للشيوعيين بقيادة أنور خوجا الذى أعلن نفسه رئيسًا لألبانيا،(11/10)
بعد انتخابات عام (1945 م)، وقد حكم ألبانيا حتى عام (1985
م)، وتولى بعده رامز عليا الذى انتهج سياسة أكثر مرونة؛
ففتح باب العلاقات مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة
الأمريكية. والرئيس الحالى لألبانيا هو صالح بريشا الذى طالب
بتدخل قوات أوروبية؛ بسبب أعمال العنف والاضطرابات التى
تجتاح البلاد وسيطرة المتمردين على (10 %) من البلاد، وقيام
البرلمان بإعلان حالة الطوارئ فى (مارس 1997 م).(11/11)
*البحيرات (منطقة)
أحد أقسام الأحواض الثلاثة الجامعة لمورد نهر النيل. وتبدأ
هضبة البحيرات من شمالى نهر الزمبيزى؛ حيث تقع بحيرة
مالاوى، ثم تمتد شمالاً؛ لكى تغطى كلاًّ من تنزانيا وكينيا
وأوغندا. وتتكون من: 1 - حوض بحيرة فيكتوريا، وهى أكبر
مساحة من الماء العذب فى إفريقيا؛ إذ تبلغ مساحتها (65) ألف
كم2، وطولها من الشمال (بورت بل) إلى الجنوب (مونزا) (315
كم)، وأكبر عرض لها (275 كم)، ومتوسط عمقها (40) مترًا،
وفيها جزر كثيرة، مثل: أوكروى وهى أهمها، وحوض بحيرة
كيوجا التى تبلغ مساحتها (6270 كم2)، وعمقها من ثلاثة أمتار
إلى خمسة أمتار، وفى غربها هضبتا بوغندة وبنيورو. وتتجمع
مياه بحيرة فيكتوريا، وكيوجا فى نيل فيكتوريا. 2 - حوض
بحيرتى: جورج (أودويرو) التى تبلغ مساحة سطحها (300 كم2)،
وإدوارد التى تبلغ مساحة سطحها (2200 كم2)، وحوض نهر
السمليكى وطوله (250 كم)، ويقع أكثره فى بلاد الكونغو، إلا
الجزء الشمالى فإنه يمثل الحد ما بين أوغندا والكونغو إلى
مسافة طولها (80 كم). 3 - حوض بحيرة ألبرت، ويخرج منها نيل
ألبرت، ومساحتها فى منسوبها الطبيعى (5300 كم2)، وأكبر
طول لها (1175 كم)، وأكبر عرض لها (45 كم)، ومتوسط عمقها
(12) مترًا، ويغذيها نهران كبيران، هما نيلا فيكتوريا
والسمليكى.(11/12)
*بروسيا
ولاية ألمانية سابقة. مساحتها (294.880 كم2). عدد سكانها (
39.934.011) نسمة وهو يمثل نحو ثلثى مجموع سكان ألمانيا.
عاصمتها برلين. كانت تشغل النصف الشمالى من ألمانيا. وازداد
نفوذها بعد تحقيق الوحدة الألمانية عام (1871 م)، وأصبح لها
الهيمنة الفعلية على الحياة السياسية الألمانية، حتى إن الدولة
الألمانية كانت امتدادًا جغرافيًّا لدولة بروسيا، ومنذ سنة (1871
م) حتى سنة (1918 م) كان ملك بروسيا إمبراطورًا على الرايخ
كله، وكان رئيس الوزراء البروسى مستشارًا للإمبراطورية
الموحدة. ومنذ إعلان جمهورية بروسيا سنة (1918 م) حتى سنة
(1932 م)، ظلت محافظة على علاقاتها الفيدرالية مع بقية
الولايات الألمانية. وبعد الحرب العالمية الثانية قُسِّمت بين الاتحاد
السوفييتى السابق وبولندا وجمهورية ألمانيا الديموقراطية،
وأعلن الحلفاء نهاية وجودها الدستورى عام (1947 م).(11/13)
*إثيوبيا
إحدى دول حوض نهر النيل الواقعة فى شرق إفريقيا، شمالى
خط الاستواء. يحدها من الشمال والغرب السودان، ومن الشمال
الشرقى البحر الأحمر، ومن الجنوب كينيا، ومن الشرق والجنوب
الشرقى الصومال. وتبلغ مساحتها نحو (1.221.900 كم2). وقد
كان يُطلَق على إثيوبيا اسم الحبشة؛ نسبة إلى قبيلة حبشت
التى هاجرت من اليمن إليها. وإثيوبيا عبارة عن هضبة جبلية
مرتفعة، تتميز باعتدال مناخها، وغزارة أمطارها. ويبلغ عدد
سكان إثيوبيا (49.263.000) مليون نسمة حسب إحصائية سنة
(1992 م)، يشكل المسلمون منهم (55 %). ويتكون السكان من
عدة قبائل، أهمها: الأمهرا والتيجرى والشأوا والجالا والدناكلة
والصوماليون. وتوجد أقلية يهودية حبشية اسمها الفلاشا.
وعاصمة إثيوبيا أديس أبابا. ويوجد فى إثيوبيا (80) لغة، لكن
اللغة الرسمية هى الأمهرية. وتعد الزراعة عماد الاقتصاد
الإثيوبى؛ حيث يشتغل بها نحو (80 %) من السكان. وأهم
المحاصيل فيها: الشعير وقصب السكر والبن، كما تمتلك ثروة
حيوانية كبيرة من الماشية والأغنام. وأهم الصناعات فيها
صناعة المنسوجات والأسمنت والزيوت والجلود والتبغ. كما توجد
فيها معادن، أهمها: الذهب والبوتاسيوم. وقد عرفت إثيوبيا
الإسلام منذ الأعوام الأولى من بعثة النبى - صلى الله عليه وسلم - عندما هاجر الصحابة
إليها، وقد أكرمهم النجاشى ملك الحبشة، وأسلم بعد ذلك. وقد
احتلت إيطاليا إثيوبيا فى سنة (1355 هـ = 1936 م)، ثم استقلت،
وحكمها الإمبراطور هيلاسلا الذى أقام مذابح للمسلمين، وضم
إلى إثيوبيا إرتيريا عام (1962 م)، ثم جاء الرئيس منجستو
هيلاماريام فأكمل ما بدأه هيلاسلا من إقامة مذابح للمسلمين، ثم
قام ميلس زناوى بانقلاب استولى به على الحكم فى إثيوبيا.
وميلس زناوى هو الرئيس الحالى لإثيوبيا.(11/14)
*طهران
عاصمة إيران وكبرى مدنها. تتكون من كلمتين: ته، بمعنى
ساخن، وران، بمعنى مكان فى الفارسية؛ فهى تعنى المكان
الساخن، وتكتب طهران أو تهران. وتبلغ مساحتها (13717 م2).
تقع جنوبى بحر قزوين على بعد (65 كم) منه، وعلى ارتفاع
(3810) أقدام؛ ولهذا فمناخها شديد البرودة شتاءً، حار صيفًا.
وهى تقع شرق إيران عند سفح جبال البرز، على بعد (112كم)
جنوبًا، وسط سهل دارمين. وقد مرت بسلسلة من مراحل التجديد
والتوسيع منذ النصف الثانى من القرن التاسع عشر. وقد ساعد
على تطورها السريع موقعها الاستراتيجى الممتاز؛ فهى ملتقى
لخطوط المواصلات البرية والجوية، وتعد مركزًا تجاريًّا مهمًّا،
كما تعد المدينة الصناعية الأولى فى إيران. ولقد انتقل إليها عام
(1788 م) الشاه أغا محمد خان مؤسس أسرة الفاجار، وجعل
منها عاصمة لإيران، وعمل على تعميرها وتشجيع الهجرة إليها.
ثم قام الشاه ناصر الدين بتوسيعها وتجميلها فى عام (1869 م)،
فأصبح محيط سورها الجديد يبلغ (12.2) ميلاً، وبه (12) بابًا، كما
أنشأ بها حيًّا جديدًا على النسق الأوربى، ثم أعيد تخطيطها منذ
تولية الشاه محمد رضا بهلوى؛ فهدمت الأسوار القديمة، وامتد
العمران بإقامة ضاحية سكنية جديدة ناحية الغرب؛ فشملت
المنشآت العامة من المعاهد والمدارس والمتاحف والمستشفيات
والمصانع. وفى التاريخ الحديث ارتبط اسم طهران باتفاقية سعد
آباد التى عقدت عام (1937 م)، ثم بمؤتمر طهران الذى عقد بين
(26 من نوفمبر و2 من ديسمبر 1943 م)، واشترك فيه الرئيس
الأمريكى روز فلت والسوفيتى ستالين والبريطانى ونستون
تشرشل. وقد أنشئت بها الجامعة عام (1934 م). ومن أشهر
علمائها وأدبائها: الفقيه على بن خليل بن محمد على الرازى
التهرانى النجفى والفقيه محمد تقى عبد الرحيم التهرانى الرازى
والفقيه محمد حسين بن عبد الرحيم الرازى والأديب محمد عبد
الوهاب القزوينى.(11/15)
*القوقاز
مجموعة سلاسل جبلية بين أوربا وآسيا؛ فما يقع إلى الشمال
منها يدخل ضمن أوربا، وما يقع جنوبها يدخل ضمن آسيا. تمتد
إلى مسافة (1206 كم) من البحر الأسود إلى بحر قزوين، ويصل
ارتفاع قممها إلى (5630) مترًا فى جبال البروز، فهى بهذا تمثل
أعلى ارتفاع فى أوربا. وتوجد المراعى والغابات فى
المرتفعات، وتزرع الفاكهة والكروم فى الوديان، كما أنها غنية
بثرواتها المعدنية، وتوجد حقول البترول فى باكو وجروزنى
وميكوب، ويوجد المنجنيز فى تشياتورا. وقد تعرضت المنطقة
لكثير من الغزوات والهجرات؛ مما ترك أثرًا فى التكوين الجنسى
للسكان. وبالقوقاز الشمالية بلاد الجركس. وتنقسم أراضى
القوقاز إلى جمهوريات جورجيا وأذربيجان وأرمينيا، وقد
قاومت العناصر الإسلامية التوغل الروسى خلال القرن (13 هـ =
19 م) حتى فشلت ثورة الزعيم شامل سنة (1859 م).(11/16)
*طرابلس (الغرب)
عاصمة الجماهيرية الليبية المعاصرة. وقد قرنت بالغرب، تمييزًا
لها عن مدينة طرابلس الشام اللبنانية، ويُطلق الاسم كذلك على
المحافظة التى تحيط بالمدينة. وتبلغ مساحتها نحو (248640
كم2). وتقع غرب ليبيا. وتحدها تونس والجزائر من الغرب،
وفزان من الجنوب. وتبعد عن مدينة تونس بنحو (655 كم)،
ومناخها رطب صيفًا، ممطر شتاءً، ويربطها بالمدن المجاورة
شبكة من خطوط المواصلات. وتنقسم إلى طرابلس القديمة
وطرابلس الحديثة. وقد أقيمت طرابلس القديمة فى العصر الفينيقى
حيث أنشئت مستعمره باسم ليوتش، أى: ذات المدن الثلاث، وهى
أويا (طرابلس المدينة) وليوتش ماجنا (صبراتة) وليوتش مافيا
(لبدة)، ثم تحولت المستعمرة إلى ولاية رومانية فى عهد
الإمبراطور سيفيروس، واستولى عليها الفندال فى القرن (5 م)،
ثم استعادها البيزنطيون عام (534 م). وقد فتحها المسلمون إبان
العصر البيزنطى عام (22 هـ = 634 م)، على يد عمرو بن العاص،
بعد حصار طويل وأصبحت تابعة لإمارة إفريقية (تونس) وتولى
حكمها ولاة من العرب والبربر. وفى عام (541 هـ = 1146 م)
استولى عليها النورمان. وفى عام (755 هـ = 1354 م) استولى
عليها الجنديون. وفى عام (916 هـ = 1510 م) استولى عليها
الإسبان بقيادة فردناند الكاثوليكى، حيث بلغت قواته (18) ألف
مقاتل، ثم استعادها العثمانيون بعد (21) عامًا بقيادة سنان
باشا القائد البحرى فى (13 من شعبان 958 هـ = 26 من
أغسطس 1551 م). وقد دام الحكم العثمانى لطرابلس (361) عامًا.
وفى عام (1801 م) قامت الحرب الطرابلسية الأمريكية؛ بسبب
اتهام الولايات المتحدة حكام طرابلس بمؤازرة أعمال القرصنة ضد
سفنها فى البحر الأبيض المتوسط. وفى عام (1904 م) ضرب
الفرنسيون الميناء بقنابلهم قبل الحرب الطرابلسية التى شنها
الإيطاليون، وتمكنوا من دخول طرابلس عام (1911 م). وتم
انسحاب إيطاليا من طرابلس نهائيًّا عام (1943 م). وفى عام(11/17)
(1951 م) أقامت الولايات المتحدة الأمريكية قاعدة للطيران على
مسيرة سبعة أميال شرقى المدينة، عرفت بقاعدة هويلس، وقد
استعادتها حكومة الثورة الليبية، ثم عرفت باسم قاعدة عقبة بن
نافع. وقد كونت طرابلس وبرقة وفزان دولة ملكية مستقلة
أعلنت فى (24 من ديسمبر 1951 م).(11/18)
*الأردن
دولة عربية إسلامية. تقع فى غربى قارة آسيا. يحدها من
الشمال سوريا ومن الشمال الشرقى العراق ومن الجنوب
والجنوب الشرقى المملكة العربية السعودية، ومن الغرب فلسطين
المحتلة. وتبلغ مساحتها (91880كم2). والأردن عبارة عن هضبة
ترتفع مابين (700، و 1000) متر، ومناخها بحر متوسطى؛ حار
جاف فى الصيف، مع قلة الأمطار، والاعتدال النسبى فى
المناطق المرتفعة، أما الشتاء فشديد البرودة. وتُعد الزراعة من
أهم الأنشطة الاقتصادية فى الأردن؛ إذ يعمل بها نحو (35 %) من
السكان. وأهم المحاصيل الزراعية: القمح والشعير والزيتون
والفواكه والموالح وغيرها. ويوجد بالأردن ثروة حيوانية ممثلة
فى الماشية والأغنام والإبل. وأهم الصناعات فيها صناعات
المنسوجات والأدوية والأدوات الكهربائية والورق. ويوجد فيها
بعض المعادن، مثل الفوسفات والملح الذى يوجد بكثرة فى
البحر الميت. والعاصمة عَّمان. وأهم المدن: إربد والزرقاء ومعان
وعجلون والعقبة. ويبلغ عدد السكان (3.510.000) ملايين نسمة،
حسب إحصائية سنة (1992 م). ويدين السكان بالإسلام الدين
الرسمى للدولة، وتوجد أقلية نصرانية. ويتكلم السكان اللغة
العربية، وهى اللغة الرسمية. وقد خضعت الأردن للدولة الأكادية
سنة (2450 ق. م)، ثم للبابليين فى أوائل الألف الثانى قبل
الميلاد، ثم خضعت للآشوريين فى الفترة من عام (750 - 612 ق.
م)، ثم للرومان، ثم للغساسنة، إلى أن دخلها الإسلام على يد
شرحبيل بن حسنة سنة (6 هـ = 627 م) فى عهد الخليفة أبى بكر
الصديق، ثم أصبحت تحت حكم الأمويين، ثم العباسيين، ثم
الفاطميين، ثم وقعت فى يد الصليبيين إلى أن حررها صلاح
الدين الأيوبى، ثم أصبحت تحت حكم العثمانيين، إلى أن وُضعت
تحت الوصايا البريطانية (الانتداب البريطانى)، ثم استقلت، وأطلق
عليها المملكة العربية الهاشمية والتى يحكمها الآن الملك حسين
بن طلال منذ سنة (1952 م).(11/19)
*العريش
بلدة مصرية ساحلية بسيناء، وعاصمة سيناء الشمالية (حاليًّا).
تقع على بعد كيلو متر من ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهى
أول حدود مصر الشرقية، وتقع على الضفة الغربية لوادى
العريش، عند مصبه فى البحر الأبيض، وعلى بعد (5 كم) من
الطرف الشرقى لبحيرة البردويل، وتحيط بها كثبان رملية قرب
الساحل. وهى مركز إدارى يشمل مدينة العريش، وبعض البلدان،
منها: أبو سقل والنوانيق والمساعيد وجرادة. وتبعد العريش
(28 كم) عن رفح وتقع غربيها، و (85 كم) من القنطرة المطلة
على قناة السويس. وقيل فى سبب تسميتها بهذا الاسم: أن
أولاد يعقوب - عليه السلام - لما أصابهم القحط نزلوا بهذا المكان،
أقاموا لهم عريشًا يستظلون تحته من الشمس، حتى يُؤذَن لهم
بالدخول إلى مصر؛ فسُمِّى الموضع بالعريش. ويقال: إنها كانت
منفى للمجرمين، يُرسَلون إليها بعد أن تُجدَّع أنوفهم؛ وسماها
الرومان رينوكورورا (مجدوعى الأنوف). وقد مرت بها جيوش
الفتح الإسلامى فى مختلف العصور الإسلامية، وقد بنى فيها
السلطان سليمان العثمانى قلعة عام (1560 م)، وكانت قائمة
حتى الحرب العالمية الأولى، ولم يبقَ منها سوى أطلال. وفى
(18 من فبراير 1899 م) استولى عليها نابليون، وفى (17 من
نوفمبر 1899 م) استعادها العثمانيون، واستولى عليها الحلفاء
فى (20 من ديسمبر 1916 م)، وفيها عقد اتفاقية العريش فى
(27 من شعبان 1214 هـ = 24 من يناير 1800 م)، بين جيش
نابليون والعثمانيين؛ للجلاء عن مصر، دون شروط. ومن آثارها:
- أطلال معبد من العصر الرومانى، وكنيسة مسيحية. وتُوفىِّ بها
الملك بولدوين الأول ملك بيت المقدس سنة (1118 م) فى حملته
الصليبية على مصر. وتشتهر بالنخيل والرمان والبطيخ.(11/20)
*قوص
مدينة بمحافظة قنا، على الشاطئ الشرقى للنيل، شديدة
الحرارة ومشهورة بنسج القطن، وكانت محطة تجارية للقادمين
من عدن، ومنها يبدأ الطريق البرى إلى عيذاب على النيل،
ويسير شرقًا بجنوب حتى ساحل البحر الأحمر حيث ميناء عيذاب،
وبينها وبين قنا (31 كم). سماها الأغريق أبولو نوبوليس بارفا،
وبها أطلال معبد منذ عهد البطالمة. وكانت ملتقى الحجاج فى
طريقهم إلى الحجاز فى العصر الإسلامى، وأشهر ما بقى من
آثار ذلك العصر المسجد العمرى. وقد أنجبت عدة علماء وشعراء
، منهم: القاضى ابن دقيق العيد، والفقيه شهاب الدين القوصى
والوزير الشاعر بهاء الدين زهير.(11/21)
*مدغشقر
جزيرة تقع فى المحيط الهندى، وهى الجزيرة الرابعة فى العالم
من حيث المساحة؛ إذ تبلغ مساحتها نحو (330) ألف ميل مربع.
وهى عبارة عن منطقة جبلية وهضبية واسعة، تحصر سهولاً
ساحلية ضيقة فى الشرق والجنوب واسعة نسبيًّا فى الشمال
والغرب. وعاصمتها تناناريف. وأهم مدنها: تاماتاف وماجنجا.
ويسكنها الملاجاش، وهم من العنصر المالاوى. وأهم صادراتها
البن. وعرفها العرب المسلمون منذ زمن مبكر، وكانت مجموعة
دويلات قبلية اتحدت فيما بعد؛ إذ كونت مملكة مدغشقر
الإسلامية، التى ضايقها البرتغاليون منذ وصولهم إلى الجزيرة
سنة (1500 م)، فدارت عدة حروب بين الطرفين، كان النصر فى
آخرها للمسلمين الذين طلبوا معونة من جزيرة العرب، وبعد حين
عاد البرتغاليون إلى تلك الجزيرة، واستطاعوا احتلالها والقضاء
على الحضارة الإسلامية فيها، ثم قدم إليها الفرنسيون بعد رحيل
البرتغاليين، ولكنهم لم يستطيعوا السيطرة عليها إلا سنة (1885
م)، حين وقعوا اتفاقية صلح مع المملكة، أنهت حربًا دامت أربع
سنوات. وفى سنة (1895 م) رفضت الحكومة الوطنية اتفاقية
الصلح، فتدخلت فرنسا لفرض سيطرتها بواسطة القوات
العسكرية. وأعلنت الحماية المباشرة وتعيين حاكم فرنسى سنة
(1896 م). وفى سنة (1946 م) جعلتها فرنسا جزءًا من أراضيها
فيما وراء البحار. ونالت الاستقلال سنة (1958 م) برئاسة فليب
سيرانانا. وفى سنة (1960 م) عرفت بجمهورية ملجاش. وفى
سنة (1972 م) وقع أول انقلاب عسكرى فيها بقيادة الجنرال
رامانانا تسوا الذى عين نفسه رئيسًا للبلاد فيما بعد.(11/22)
*ملجاش
جزيرة تقع فى المحيط الهندى، وهى الجزيرة الرابعة فى العالم
من حيث المساحة؛ إذ تبلغ مساحتها نحو (330) ألف ميل مربع.
وهى عبارة عن منطقة جبلية وهضبية واسعة، تحصر سهولاً
ساحلية ضيقة فى الشرق والجنوب واسعة نسبيًّا فى الشمال
والغرب. وعاصمتها تناناريف. وأهم مدنها: تاماتاف وماجنجا.
ويسكنها الملاجاش، وهم من العنصر المالاوى. وأهم صادراتها
البن. وعرفها العرب المسلمون منذ زمن مبكر، وكانت مجموعة
دويلات قبلية اتحدت فيما بعد؛ إذ كونت مملكة مدغشقر
الإسلامية، التى ضايقها البرتغاليون منذ وصولهم إلى الجزيرة
سنة (1500 م)، فدارت عدة حروب بين الطرفين، كان النصر فى
آخرها للمسلمين الذين طلبوا معونة من جزيرة العرب، وبعد حين
عاد البرتغاليون إلى تلك الجزيرة، واستطاعوا احتلالها والقضاء
على الحضارة الإسلامية فيها، ثم قدم إليها الفرنسيون بعد رحيل
البرتغاليين، ولكنهم لم يستطيعوا السيطرة عليها إلا سنة (1885
م)، حين وقعوا اتفاقية صلح مع المملكة، أنهت حربًا دامت أربع
سنوات. وفى سنة (1895 م) رفضت الحكومة الوطنية اتفاقية
الصلح، فتدخلت فرنسا لفرض سيطرتها بواسطة القوات
العسكرية. وأعلنت الحماية المباشرة وتعيين حاكم فرنسى سنة
(1896 م). وفى سنة (1946 م) جعلتها فرنسا جزءًا من أراضيها
فيما وراء البحار. ونالت الاستقلال سنة (1958 م) برئاسة فليب
سيرانانا. وفى سنة (1960 م) عرفت بجمهورية ملجاش. وفى
سنة (1972 م) وقع أول انقلاب عسكرى فيها بقيادة الجنرال
رامانانا تسوا الذى عين نفسه رئيسًا للبلاد فيما بعد.(11/23)
*شهْرَزُور
مدينة بإقليم كردستان. تقع فى سهل خصب غربى جبال
أورامان، وهى كورة واسعة فى الجبال بين إربل وهمدان،
وأهلها كلهم أكراد وبالقرب منها جبل يُعرَف بشعران، وآخر
يُعرَف بالزم. وتنسب إلى زور بن الضحاك، وهو الذى أسسها،
فمعنى كلمة شهرزور: مدينة زور. وكانت موطنًا للعلماء على مر
العصور، ومن علمائها: أبو أحمد القاسم بن المظفر على بن
القاسم، والمرتضى الشهروزى، وكمال الدين أبو الفضل محمد.(11/24)
*لندن
عاصمة المملكة المتحدة. تقع على جانبى نهر تيمز. ومساحة
لندن الكبرى (1794 كم2)، وتشمل أجزاءً من مقاطعات إسكس
وكنت وهرتفوردشر ومدلسكس وسرى، أما مقاطعة لندن
الإدارية فمساحتها (303 كم2)، وتضم (28) بلدة، لها مجالس
بلدية، ولكل منها عمدة ومجلس، وقد بدأ الشكل الحالى لحكم
المجالس البلدية منذ القرن (6 هـ = 12 م). وفقدت لندن أهميتها
بعد أن تركها الرومان فى (5 م)، ثم صارت ذات أهمية مرة ثانية
عام (886 م). وانتشر بها الطاعون سنة (1665 م) وقتل نحو (
75000) نسمة، ونشب بها حريق هائل، دمر معظم المدينة سنة (
1666 م)، ثم أعاد كريستوفر بناءها. وأشهر متاحفها المتحف
البريطانى ومتحف العلوم، وأشهر شوراعها: فليت ستريت،
وستراند وبكاديللى. وتربط أحياءها أعظم شبكة للموصلات
الكهربية تحت الأرض.(11/25)
*بالى
جزيرة صغيرة. تقع شرق جزيرة جاوة، وتكوِّن إحدى المقاطعات
الإدارية فى جمهورية إندونيسيا. تبلغ مساحتها (6560 كم2).
ويبلغ عدد سكانها (1.200.000) نسمة. وهى إحدى جزر
مجموعة سوندا الصغرى، ويفصلها عن جزيرة جاوة مضيق بالى.
عاصمة بالى (سنجاراجا)، والميناء الرئيسى بوليلنج. وقد اعتنق
السكان الهندوكية منذ زمن بعيد، وخضعوا لحكم الجاويين حتى
أواخر القرن (9 هـ = 15 م). ونزل الهولنديون بالجزيرة سنة (
1597م)، وفى القرن (11 هـ = 17 م) بدأت شركة الهند الشرقية
الهولندية تجارتها مع الجزيرة، وخضعت بالى للحكم البريطانى
من سنة (1811 - 1815م)، ولم تستقر السيادة الهولندية فيها
نهائيًّا إلا بعد سلسلة من الحروب الاستعمارية دارت بين سنتى
(1846، 1849م). وقد نشأت دولة إندونيسيا الشرقية فى مؤتمر
عقد فى دنباسار سنة (1946م).(11/26)
*بريطانيا
اسم اشتهرت به المملكة المتحدة، وهى تتكون من مجموعة من
الجزر تقع أمام الساحل الغربى لأوربا، ويفصل بينها وبين أوربا
القناة الإنجليزية ومضيق دوفر وبحر الشمال، وجارتها المباشرة
جمهورية أيرلندا فى الغرب ثم فرنسا عبر بحر الشمال. وتنقسم
بريطانيا إداريًّا إلى أربع ولايات، تُحكَم كلٌّ منها من ِقبَل حاكم
إدارى عام، وتنقسم تلك الولايات إلى عدد من المقاطعات،
وهذه الولايات هى: إنجلترا وويلز واسكتلندا وأيرلندا
الشمالية، ويُعيَّن الحاكم فيها بقرار من الملك بعد اقتراح من
رئيس مجلس الوزراء، ويعد النظام السياسى ملكيًّا ديمقراطيًّا.
ومناخ بريطانيا معتدل صيفًا، شديد البرودة شتاءً، عدا شمالى
اسكتلندا؛ إذ تخضع لجو شديد البرودة صيفًا وشتاءً. والعاصمة
لندن. وعدد السكان (57.384.000) نسمة حسب إحصائية سنة
(1990 م). والدخل القومى الإجمالى لبريطانيا (834.1) مليار دولار
حسب إحصائية سنة (1989م)، ومتوسط دخل الفرد (14.750)
دولارًا. وأهم المحاصيل الزراعية: الحبوب وبنجر السكر والفواكه
والخضراوات والبطاطس. وأهم المعادن: الفحم والقصدير والحديد
والحجر الجيرى والملح والجبس والرصاص والسيلكا والطباشير
والصلصال، كما تنتج البترول والغاز الطبيعى. وأهم الصناعات:
بناء السفن والمنسوجات والكيماويات والأجهزة الكهربائية
والإلكترونية والطائرات. والعملة المتداولة فى بريطانيا هى
الجنيه الإسترلينى.(11/27)
*سوريا
جمهورية عربية تقع فى الطرف الجنوبى الغربى من قارة آسيا.
يحدها من الغرب البحر الأبيض المتوسط، ومن الشمال تركيا، ومن
الشرق والجنوب الشرقى العراق، ومن الجنوب المملكة الأردنية
وفلسطين المحتلة، ومن الجنوب الغربى الجمهورية اللبنانية تبلغ
مساحتها (184.050كم2). وأهم أنهارها: نهرالفرات والعاصى
والخابور، إلى جانب عشرات الأنهار الصغيرة. ويقوم اقتصادها
على الزراعة وبعض الصناعات الخفيفة؛ حيث تنتج القمح والقطن
والحبوب، وتصنع النسيج والمواد الغذائية والأدوات الكهربائية
والمعدنية. وقد تنازعت السيطرة عليها قديماً الإمبراطوريتان
المصرية والحيثية. وفى عام (333 ق. م) استولى عليها الإسكندر
المقدونى، ثم خضعت لحكم السُّلجوقيين، واحتلها الرومان عام
(64 ق. م)،ثم أصبحت جزءًا من الإمبراطورية البيزنطية عام (395
م). وقد فتحها المسلمون بين عامى (634، 636 م)، وأصبحت
دمشق عاصمة الخلافة فى عهد الأمويين (661 - 750 م)، وبعد أن
غزاها الصليبيون والمغول فتحها العثمانيون عام (1516 م)، وبعد
الحرب العالمية الأولى استقلت ونُصِّب الملك فيصل الأول ملكًا
عليها، ولكن استقلالها لم يستمر؛ إذ خضعت للانتداب الفرنسى
عام (1920 م)، فثار السوريون ثورات عديدة حتى نالوا
الاستقلال عام (1941 م). وقد اتحدت مع مصر عام (1958 م)، ثم
انفصلت عنها عام (1961 م)، وفى عام (1967 م) خاضت حرب
الخامس من يونيو ضد إسرائيل، وفى عام (1973 م) خاضت مع
مصر حرب أكتوبر ضد إسرائيل.(11/28)
*صيدا
ميناء لبنانى، وعاصمة قضاء يُعرَف باسمها بمحافظة لبنان
الجنوبى. تقع جنوبى بيروت، على بعد (45 كم) منها، ويصلها
بها طريق للسيارات وخط حديدى يمتد بمحاذاة ساحل البحر
المتوسط. وتحيط بالمدينة بساتين الفاكهة وحقول الخضراوات،
ومن أهم محاصيلها الزراعية: الموالح والموز، ويعد صيد الأسماك
من المهن الرئيسية فيها. وتشتهر بعدة صناعات تقليدية، كعصر
الزيتون واستخراج ماء الزهر وصناعة الحلوى. وهى من المدن
المعروفة فى التاريخ القديم؛ أطلق عليها سيدة البحار؛ لأهميتها
التجارية فى حوض البحر المتوسط، ويرجع تاريخها إلى القرن
(14 ق. م). وفتحها المسلمون فى خلافة عمر، رضى الله عنه،
سنة (638 م)، ثم اغتصبها الصليبيون، وحررها صلاح الدين
الأيوبى سنة (1182 م)، ثم تداولها الفريقان على مدى مائة عام
حتى استقرت فى يد المسلمين سنة (1292 م)، وقد أعاد بناءها
الأمير فخر الدين المعنى. وفى سنة (1837 م) دمرتها الزلازل،
وأعاد بناءها سليمان باشا. وقد زادت أهميتها بعد مد خط
الزيت إليها. وأهم آثارها قلعة البحر وقلعة القديس لويس وخان
الفرنج.(11/29)
*الطائف
بلدة بالحجاز، تقع على بعد (120 كم) من شرقى مكة، فوق
هضبة رملية، يبلغ متوسط ارتفاعها (5000) قدم عن سطح البحر،
وتحيط بها مجموعات من التلال، وتكثر بها الآبار والعيون التى
تسقى الحقول وبساتين الفاكهة التى حولها، وتشمل العنب
والرمان والسفرجل والخوخ والمشمش، كما تجود بها زراعة الورد
الذى يستخرج منه عطر فاخر كانت له أسواق إبان موسم الحج،
ونظرًا لارتفاعها وغزارة مياهها وكثرة بساتينها؛ عُدَّت منتجعًا
صيفيًّا لأهل مكة. وتعد من أقدم بلاد الحجاز، وسار إليها
الرسول - صلى الله عليه وسلم - يدعو أهلها إلى الإسلام، إلا أنهم ردوه ردًّا قبيحًا.
وفى سنة (3 هـ) جاء وفد ثقيف إلى المدينة، ودخلوا فى
الإسلام، وتبعهم قومهم بعد أن كسروا صنم اللات. وفى عام
(1216هـ = 1802 م) استولى عليها الوهابيون، ودخلها سعود بن
عبد العزيز الأول، وفى عام (1813م) احتلها طوسون بن محمد
على، وفى سنة (1814 م) حاصرها الوهابيون، ثم رفعوا عنها
الحصار بتدخل محمد على، وفى عام (1815 م) هزم جيش محمد
على الوهابيين عند بسل شمالى الطائف، وفى عام (1827 م)
حاصرها واستولى عليها أحمد باشا يكن، وتم رحيل المصريين
عن الحجاز فى عام (1841 م). وفى عام (1916م) استولى عليها
الملك حسين بن على من العثمانيين، وفى نهاية عام (1924م)
استولى عليها عبد العزيز آل سعود، ومنها دخل إلى مكة ودان
له الحجاز.(11/30)
*طخارستان
اسم أطلق على الإقليم الذى يمثل اليوم المنطقة الشمالية من
أفغانستان وعرف قديمًا باسم بلاد بكتريا وقد ورد ذكره فى
فتوحات الملك قورش إبان القرن (6 ق. م)، ثم فى فتوحات
الإسكندر الأكبر إبان القرن (3 ق. م) وهو يقع جنوبى مجرى
جيحون، ويمثل منطقة جبلية إلى الشرق من مدينة بلخ الحالية،
وتمتد استدارة النهر حول فيض أباد المعاصرة أو إقليم
بدخسان، وفى جنوبيها يقع إقليم جوزجان وسجستان. وقد
دخله الإسلام فى خلافة عثمان، رضى الله عنه، بعد أن توقفت
مقاومة الدولة الساسانية فى إيران. وشهد فى أواخر حكم
الدولة الأموية عدة ثورات، منها: ثورة الحارث بن سريج عام
(117هـ = 735 م)، وقد نجح فى بسط سلطانه على الإقليم داعيًا
إلى المساواة بين العرب وغيرهم من المسلمين الموجودين فيها،
إلى أن استعادها أسد بن عبد الله. وفى عام (129 هـ) أصبحت
مهدًا لثورة أبى مسلم الخراسانى، إذ نجح فى نشر الدعوة
العباسية ومنها انتشرت إلى أنحاء خراسان.(11/31)
*طبرية
بلدة فلسطينية قديمة. تطل على الضفة الغربية للبحيرة التى
تعرف باسمها. تقع جنوبى صفد، وإلى الشمال الشرقى من
مدينة الناصرة. وتقع جنوبى طبرية قرية الحمة التى اشتهرت
بينابيعها المعدنية الساخنة. وقد شيدها هيرود أنتيباس، وفتحها
المسلمون صلحًا عام (14هـ)، وأصبحت عاصمة للإقليم الذى عرف
باسم كورة الأردن، وكانت تتبع إمارة دمشق ثم استولى عليها
الإمبراطور البيزنطى يوحنا زيمسكس سنة (365 هـ = 975 م)،
وفى عام (583 هـ = 1187م) فتحها صلاح الدين الأيوبى، ماعدا
قلعتها، ولكن بعد معركة حطين الفاصلة التى حدثت بالقرب من
طبرية فى العام نفسه استسلمت قلعة طبرية. وجددت المدينة فى
عهد سليمان القانونى، وخلال القرن (12هـ = 18 م) حصنها ظاهر
العمر حين ثار على الحكم العثمانى، واتخذها مقرًّا لإمارته،
وفى عام (1837 م) تعرضت لزلزال مخرب، أثناء الحكم العثمانى
الأخير لها، كانت تمثل قضاء يحكمه قائم مقام يتبع والى عكا
حتى سقطت فلسطين فى أيدى البريطانيين إبان الحرب العالمية
الأولى؛ فأصبحت تابعةً لحاكم الجليل حتى احتلها الصهاينة سنة
(1948 م).(11/32)
*طبرستان
اسم يطلق على الإقليم الذى يقع جنوبى بحر قزوين، ويشمل
المنطقة الجبلية التى تمثلها جبال البورز، وهو الإقليم الذى يعرف
اليوم باسم ولاية مازندران، وهو أحد الأقسام الإدارية لإيران
المعاصرة، وعاصمته بابول، وهى ميناء صغير يطل على بحر
قزوين إلى الغرب من ميناء سارى. وكانت تعرف باسم
بارفوروش. وقد بلغتها الدعوة الإسلامية عندما كان الصراع
قائمًا بين العرب والدولة الساسانية (18هـ)، ثم استقر الإسلام
فيها؛ بسبب غلبة التشيع حتى غدا الإقليم ملجأً للعلويين بعد
قيام الدولة العباسية. وفى سنة (250 هـ = 864 م) أصبحت دولة
شبه مستقلة، يحكمها بيت علوى، وعرفت بالدولة الحسنية؛
نسبة إلى مؤسسها الحسن بن زيد، ودام حكم هذه الدولة لها
(37) سنة حتى حكمها السامانيون عام (287هـ)، ثم استعادها
العلويون مرة ثانية سنة (301 هـ = 914 م) وقد عرفت فى هذه
المرحلة بالدولة الحسينية. كما دانت بعد ذلك لبنى بويه وللدولة
الزيارية، ثم تعرضت لموجات الغزو المغولى حتى قيام الدولة
المستقرة التى حكمت إيران، وأصبح الإقليم جزءًا منها.(11/33)
*كرمان
ولاية كبيرة بإيران. يحدها من الشرق مكران ومن الغرب فارس،
ومن الشمال خراسان، ومن الجنوب بحر فارس. وتشتهر بالزراعة
والماشية وصناعة السجاد والأدوات النحاسية. وحكمها قطن بن
قبيصة بن مخارق نائبًا عليها من قبل الحجاج بن يوسف الثقفى
فى ظل الخلافة الأموية. وفى أثناء حكم الدولة العباسية،
حكمتها الأسرة المظفرية سنة (741 هـ = 1340 م)، فبنت بها
المساجد، وأوقفت عليها الأوقاف، وضربت بها السكة، ونقشت
عليها اسم الخليفة العباسى. ومن أشهر علمائها وشعرائها
العماد الكرمانى.(11/34)
*القطائع
عاصمة الدولة الطولونية أنشأها ابن طولون شمالى مدينة
الفسطاط، وقد زالت آثارها الآن من مصر، وكان طولها يمتد بين
قلعة الجبل وجامع ابن طولون، أما عرضها فكان من أول الرميلة
من تحت القلعة إلى زين العابدين، وكانت مساحة القطائع ميلاً
مربعًا. والقطائع عدة قطع يسكن فيها مماليك أحمد بن طولون
وعساكره وغلمانه. وسبب بناء ابن طولون لها كثرة مماليكه؛
فضاقت دار الإمارة عليه، فركب إلى سفح الجبل، وبنى قصرًا
وميدانًا، ثم أمر أصحابه وغلمانه أن يبنوا لأنفسهم حول قصره
وميدانه بيوتًا، ففعلوا حتى اتصل البناء بعمارة الفسطاط، ثم
بنيت القطائع، وسميت كل قطيعة باسم من سكنها.(11/35)
*ما وراء النهر (بلاد)
منطقة فى آسيا الوسطى. تقع إلى الشرق من نهر أمودا ريا
وإلى الغرب من نهر سيرداريا فى الأراضى التى تشكل اليوم
جمهورية أوزبكستان وجزءًا من جنوب جمهورية كازاخستان،
وبلغت أقصى رقيها فى عهد السامانيين والتيموريين، وكانت
مركزًا مهمًّا من مراكز الثقافة الإسلامية، ونالت مدنها شهرة
عالمية، مثل سمرقند وبخارى.(11/36)
*كانو
مدينة بنيجيريا. تقع فى شرق نيجيريا. أسست فى القرن (10 هـ
= 16 م)، مكان مدينة ترجع إلى القرن (3 هـ = 9 م). وازدهرت
كمركز للقوافل فى القرن (13 هـ = 19 م)، وهى الآن مركز مهم
للمواصلات، وأهم مدن نيجيريا فى تجارة الفول السودانى، كما
أن بها مطارًا دوليًّا.(11/37)
*القيروان
مدينة تونسية كبيرة. بناها عقبة بن نافع الفهرى عندما كان
واليًا على بلاد المغرب العربى وإفريقية، فى عهد معاوية بن
أبى سفيان، وجعل عقبة بن نافع منها دارًا للإمارة، ومركزًا
لتجمع الجند عند القتال، وبنى بها منازل للمسلمين، وبنى بها
مسجدًا جامعًا كبيرًا، وانتهى من بنائها سنة (55 هـ = 674 م).
ومنذ ذلك الوقت أصبحت القيروان قاعدة حربية للمسلمين فى
بلاد المغرب، وقاعدة سياسية وحضارية ودينية عظيمة فى عهد
الأغالبة والموحدين والفاطميين الذين جعلوا منها عاصمة لهم قبل
أن ينقلوا عاصمتهم إلى القاهرة بمصر. وفى سنة (981 هـ =
1573 م) استولت الدولة العثمانية على تونس، وكانوا قد
استولوا على مدينة القيروان سنة (958 هـ = 1551 م). ومنذ سنة
(1086 هـ = 1675 م) تدخل الجزائريون فى حكم تونس
والقيروان، فأنشأ حسين باى الأكبر بها المدارس، وظل أبناؤه
يحكمونها حتى دخلها الفرنسيون سنة (1299 هـ = 1881 م).
وفرضت عليها الحماية الفرنسية سنة (1330 هـ = 1912 م)، وظلت
بها حتى سنة (1383 هـ = 1963 م). ومن أهم علماء القيروان:
ابن رشيق القيروانى، ومحمد بن أبى بكر عتيق بن أبى نصر
المعروف بابن أبى كدية، وعبد القادر الصدفى المعروف بابن
الحناط، ومحمد بن نعمة الأسدى القيروانى، وممن وفد عليها:
أبو الحسن أحمد الحصائرى، وأبو بكر بن عباس، وأبو القاسم
عبد الرحمن البكرى.(11/38)
*القلزم (ميناء)
ثالث الموانئ المصرية. كان اسمه القديم كلسيما، وسماه العرب
القلزم. وفى القرن (4 هـ = 10 م) نشأت قرية صغيرة جنوبى
القلزم، اسمها السويس، وما لبثت أن شملت القلزم، وأصبحت
ميناء مصر على البحر الأحمر. نمت المدينة، وزاد عدد سكانها
حينما وصلت إليها مياه النيل عن طريق ترعة السويس سنة (1869
م)، واكتشف البترول على سواحل البحر الأحمر، وفى ضواحيها
معمل لتكرير البترول، ومصانع للسماد، كما أنها تعد مدينة
سياحية؛ فبالقرب منها عيون موسى.(11/39)
*قرطاجنة
مدينة قديمة، تقع على الساحل الشمالى لإفريقيا، على مقربة
من مدينة تونس. أسسها الفينيقيون فى القرن التاسع قبل
الميلاد، وابتداءً من القرن السادس قبل الميلاد طور أهلها
تجارتهم، وقوتهم البحرية، فسيطروا على السواحل الشمالية
الشرقية لإفريقيا، وبعض الجزر فى البحر المتوسط، وأسسوا
لهم مستعمرات، فنافسوا روما، وتعرضوا لمصالحها، فدخلها
الرومان ودمروها عن آخرها حتى محوا حضارتها عام (146 ق.
م)، وأصبحت مقرًّا للبيزنطيين فى إفريقيا. وفتحها حسان بن
النعمان الغسانى قائد الجيش الإسلامى من قبل الخليفة الأموى
عبد الملك بن مروان. وكان لفتحها أثر كبير فى حركة الفتح
الإسلامى فى إفريقيا، وقد كانت مبنية بالرخام، وزاخرة بالآثار.
وقد تعرضت للتخريب الذى طوى صفحتها على يد الرومان.(11/40)
*القاهرة
عاصمة جمهورية مصر العربية. تقع على النيل، على بعد نحو (
20 كم) من رأس الدلتا، عند خط طول (15َ 31ْ) شرقًا، ودائرة
عرض (3َ 30ْ) شمالاً. وتبلغ مساحتها (214 كم2). أنشأها القائد
جوهر الصقلى للمعز لدين الله الفاطمى؛ لتكون مقرًّا للحكم
الفاطمى، وعاصمة لمصر، سنة (358 هـ = 969م)، وشيد بها
الجامع الأزهر، وأقام سورًا جمع عواصم مصر الإسلامية
(الفسطاط والعسكر والقطائع والقاهرة). وكانت تسمَّى
المنصورية، لكن عندما انتقل المعز من مدينة المهدية دخل
المنصورية سنة (362هـ =973م)؛ فعرفت بالقاهرة منذ ذلك
الوقت، ويقال لها: القاهرة المعزية، وقاهرة المعز ثم عرفت
باسم مصر باعتبار أن هذا الاسم يطلق على كبرى مدن القطر
المصرى. وهى مركز ثقل سكانى. ومن أشهر مساجدها الأثرية
جامع عمرو بن العاص وجامع ابن طولون والجامع الأزهر.(11/41)
*الكوفة
مدينة بجمهورية العراق تقع على الجانب الأيمن لنهر الكوفة،
أحد فروع نهر الفرات. بدأ تشييدها الصحابى سعد بن أبى
وقاص، رضى الله عنه، عام (17 هـ = 638 م)، وترجع أهميتها
التاريخية إلى اتخاذها عاصمة خلافة على، رضى الله عنه، كما
أن بها المسجد الذى قتل فيه. وقد نافست البصرة فى مدارسها
الفقهية واللغوية فى أيام الأمويين والعباسيين، ومما نقم على
أهل الكوفة أنهم قتلوا الحسين بعد أن استدعوه إليها. وينسب
إلى الكوفة جماعة من الأعلام، منهم: أبو حنيفة النعمان
وسفيان الثورى والكسائى والفراء وشريح القاضى وأبو عبد
الله سعيد بن جبير والمتنبى.(11/42)
*ليون
منطقة فى الجزء الشمالى الغربى من إسبانيا تقع فى مقاطعة
ليون. أسسها الرومان فى القرن الأول الميلادى، وخضعت
لسلطان العرب منذ مطالع القرن الثامن الميلادى إلى أواسط
القرن التاسع. يبلغ سكانها (125.000) نسمة.(11/43)
*لاهور
من أهم مدن إقليم البنجاب. تقع على الجانب الأيمن لنهر رافى،
وتعد المدينة الثانية فى باكستان، كما أنها مركز ثقافى
حضارى منذ عهد المغول. وتقع عند التقاء عدة طرق، فأصبحت
أكبر المراكز الداخلية للتجارة، كما تعد أحد المداخل إلى الهند.
ازدهرت تحت حكم المغول المسلمين خلال القرنين (10، 11 هـ =
16،17 م)، وفى القرن (13 هـ = 19 م) أصبحت عاصمة السيخ.
وتتميز بمبانيها التاريخية، والحدائق العالمية، وأهم آثارها
الإسلامية قصر جمهانجيز، وحدائق شليمار، وبها متحف للآثار،
وجامعة البنجاب، وهى مركز لكثير من الصناعات الصلبية
والجلدية والكيماوية والكهربائية.(11/44)
*مالقا
مدينة إسبانية. تقع على البحر المتوسط، وهى ميناء ومدينة
سياحية ومشتى. أسسها الفينيقيون، ثم فتحها المسلمون سنة
(711 م)؛ حيث ازدهرت ونمت فى العصر الإسلامى باعتبارها
الميناء الرئيسى لمملكة غرناطة، واستمرت تحت الحكم الإسلامى
فترة طويلة حتى احتلها الإسبان بزعامة فرديناند سنة (1487 م).(11/45)
*ما بين النهرين
منطقة قديمة فى جنوب غرب آسيا. تقع ما بين نهر دجلة ونهر
الفرات، وتمتد من جبال آسيا الصغرى شمالاً إلى الخليج العربى
جنوبًا. ويقع عرضها فى العراق.(11/46)
*الأفلاق
الأفلاق أو الفلاخ هو الاسم التركى لولاية دالاشيا التى كونت مع
ولاية البغدان أو مولدافيا ما عُرف باسم جمهورية رومانيا. نشأت
الأفلاق فى القرن (7هـ - 13م) وتتابعت عليها غارات الغزاة حتى
سيطر عليها البيزنطيون، وظلت فى أيديهم حتى سنة (1392م)
إذ تمكن العثمانيون من بسط نفوذهم عليها، فأبقوا على النظام
السياسى فيها كما هو؛ حيث كان الأمراء ينتخبون من بينهم
حاكمًا عليهم، ثم يثبته العثمانيون. وفى سنة (1858م) تمكن أحد
حكامها وهو الأمير كوزا من ضم الولايتين الأفلاق والبغدان
ووافق الباب العالى على ذلك، وعرفتا باسم رومانيا.(11/47)
*ألبرت
ألبرت أو البرانس جبال تمتد فى جنوب غرب فرنسا، وتفصل
بينها وبين إسبانيا وتعد حاجزًا طبيعيًّا بين البلدين، ولكنها
ليست عازلاً؛ لأنها لم تفصل فصلاً تامًا بينهما، وليس أدل على
ذلك من انتصار عناصر الباسك عبر هذه الجبال فى كل من
فرنسا وإسبانيا. وقد أثر وجود هذه الجبال كحدود طبيعية بين
فرنسا وإسبانيا فى عدم وجود مشكلات بين الدولتين؛ حيث إن
هذه الحدود ثابتة ومستقرة لم تتغير.(11/48)
*الأنبار
اسم لمدينتين، إحداهما فى خراسان قرب بلخ بإيران حاليًّا،
والأخرى مدينة عراقية قديمة، تقع على الجهة الشرقية لنهر
الفرات غربى بغداد وتبعد عنها بنحو (68 كم). والأنبار فى اللغة
الفارسية تعنى صومعة القمح، وقيل: إن العرب هم الذين بنوها،
واستقرت فيها بعض القبائل العربية حتى سيطر عليها الفرس،
وضموها إلى بلادهم. واستطاع المسلمون بقيادة خالد بن الوليد
فتحها سنة (12هـ = 633 م) فى عهد الخليفة الراشد أبى بكر
الصديق، رضى الله عنه، وتم الصلح بين المسلمين وأهلها، على
أن يدفعوا الجزية، ثم دخل أهلها الإسلام، وظلت ثغرًا إسلاميًّا له
أهميته فى عهد الخلفاء الراشدين ثم الأمويين. واتخذها الخليفة
العباسى أبو العباس السفاح - أول خلفاء العباسيين - عاصمة
لدولته فى طورها الأول وظلت عاصمة للخلافة العباسية حتى
جعل أبو جعفر المنصور بغداد عاصمة للخلافة. وفى سنة (269
هـ = 882 م) تعرضت الأنبار لغارات بعض البدو، وفى سنة (315
هـ = 927 م) تعرضت لغارات القرامطة الذين لم يلبثوا أن استولوا
عليها، وحاول العباسيون استردادها فلم يتمكنوا من ذلك.
واشتهر مكان الأنبار بالزراعة، وكانت تقسم إلى أحياء، على
رأس كل حى مسئول يُعَرف بالشيخ، وكان فيها مكان لبناء
السفن. وفى سنة (661 هـ = 1262 م) دخلها المغول، ونهبوها،
وذبحوا عدداً كبيرًا من سكانها، وفر الباقى، فتحولت المدينة
إلى أطلال لاتزال موجودة بالعراق، وتعرف باسم الأنبار حتى
الآن. وينسب عدد من العلماء إليها، منهم: أبو بكر الأنبارى
النحوى المتوفَّى سنة (238 هـ) وأبو البركات الأنبارى المتوفَّى
سنة (577 هـ = 1181 م).(11/49)
*أيلة
ميناء صغير. يقع على خليج العقبة. يعرف بالآرامية باسم أيلون،
وبالعبرية إيلات، وأول من أطلق عليه أيلة هم الأنباط. وأول من
حكم أيلة هم الأيدرميون فى القرن (14 ق. م) حتى القرن (4 ق. م)
، ثم حكمها الأنباط، وازدهرت فى عهدهم ازدهارًا تجاريًّا
ملحوظًا؛ حيث كانت مركزًا متوسطًا بين مصر والشام والجزيرة
العربية. واستولى عليها الرومان سنة (106 ق. م)، وخلفهم
البيزنطيون الذين تركوها لحلفائهم من العرب، وهم الغساسنة،
وفى سنة (8 هـ) فى أعقاب غزوة تبوك فتحها النبى - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث
أتاه حاكمها يوحنا بن رؤبة، وصالحه على أن يدفع للمسلمين
الجزية. وشهدت فى فترات الحكم الإسلامى تقدمًا وازدهارًا
ملحوظًا؛ حيث كانت ملتقى الحجيج المصرى والشامى،
فانتعشت فيها التجارة. وخضعت لنفوذ مصر فى فترة حكم أحمد
بن طولون الذى أنشأ فيها طريقًا عرف باسم عقبة أيلة ثم أطلق
عليها اسم العقبة اختصارًا. وفى سنة (465 هـ) تعرضت لزلزال
هائل دمرها، فمات أكثر أهلها. وفى سنة (509 هـ) احتلها
الصليبيون، ثم استعادها صلاح الدين الأيوبى سنة (566 هـ)
وانتزعها الصليبيون مرة أخرى، ثم استردها بيبرس سنة (665هـ
= 1267م)، وفى فترة الحكم المملوكى فى مصر بنى قانصوه
الغورى قلعة جديدة، وجددها السلطان العثمانى مراد الثانى
سنة (996هـ = 1588 م). وهى اليوم ميناء عربى بالأردن. وقد
قامت إسرائيل بتأسيس ميناء على خليج العقبة حمل اسمها
القديم إيلات سنة (1951 م).(11/50)
*البرتغال
دولة أوربية. تقع جنوب غرب القارة الأوربية. وتحدها إسبانيا من
الشمال والشرق، والمحيط الأطلنطى من الجنوب والغرب. وتبلغ
مساحتها نحو (88.941 كم2). ويبلغ عدد سكانها نحو
(10.343.000) نسمة حسب إحصائية سنة (1992 م). ويتكلم
سكانها اللغة البرتغالية. ويدين أغلبهم بالنصرانية، وبها جالية
مسلمة يزيد عددها على (12) ألف نسمة، يتركز معظمهم فى
مدينة لشبونة. ويعتمد اقتصاد البرتغال على الزراعة والصناعة؛
إذ يعمل بالزراعة نحو (28 %) من السكان، وتبلغ نسبة الأراضى
الزراعية نحو (40 %)، وأهم المحاصيل بها: القمح والذرة
والزيتون والفاكهة والفلين والعنب والخضراوات. أما الصناعة
فتتركز فى مدينتى لشبونة وأوبورتو، وأشهرها صناعة
السفن، كما يعمل بعض السكان بصيد الأسماك، وتصدِّر منه
كميات كبيرة. وقد كانت البرتغال وإسبانيا تكوِّنان فى العصور
الوسطى والقديمة ما يُعرف باسم شبه جزيرة أيبيريا أو الأندلس،
وسيطر عليها الرومان فى القرن (2 ق. م)، ثم احتلتها القبائل
الجرمانية، كالوندال فى القرنين (3، 4 م)، ثم احتلها القوط
الغربيون فى القرن (5 م)، حتى فتحها المسلمون سنة (92 هـ =
711 م) بقيادة طارق بن زياد. وأطلق اسم البرتغال على المنطقة
الشمالية من شبه الجزيرة الأيبيرية، وكان يطلق عليها اسم
لوستيانيا. وبدأ ميلاد دولة البرتغال فى القرن (5 هـ = 11 م)
حيث اتحدت كونتية أوبورتو مع غيرها من الكونتيات القريبة،
وكونت كونتية البرتغال سنة (451 هـ = 1059 م)، ويعد ألفونسو
الأول المؤسس الحقيقى لتلك المملكة بعد ما تمكن من طرد
المسلمين من لشبونة التى أصبحت منذ ذلك الوقت عاصمة
للبرتغال. وفى عهد الملك حنا الأول (785 - 837 هـ = 1383 -
1433 م) اهتمت البرتغال بحركة الكشوف الجغرافية فى العالم،
وبخاصة السواحل الغربية للقارة الإفريقية حتى نجح هنرى
الملاح ابن الملك حنا فى اكتشاف بعض الجزر المهمة فى المحيط(11/51)
الأطلنطى؛ مما ساعد البرتغال فى توسيع نفوذها وإحكام
سيطرتها على عدد من المناطق فى العالم؛ فاستولى
البرتغاليون على البرازيل فى أمريكا الجنوبية، وأجزاء شاسعة
من قارة إفريقيا وبعض القواعد فى الهند والصين. وفى نهاية
القرن (10 هـ = 16 م) ضعفت مملكة البرتغال فاستولى عليها
الإسبان سنة (1580 م)، وظلت تابعة لهم حتى استقلت سنة
(1640 م)، كما احتلتها فرنسا سنة (1807 م)، ثم تركتها سنة
(1821 م). ثم شهدت البرتغال منذ سنة (1910 م) بعض الفوضى
والاضطرابات السياسية والاقتصادية استمرت حتى سنة (1926
م)، وانتهت بسقوط النظام الملكى وإعلان النظام الجمهورى.
وشهدت الفترة من سنة (1950 - 1974 م) تحرر جميع البلاد
الخاضعة للبرتغال، مثل: أنجولا وموزمبيق وغينيا وجزر الرأس
الأخضر إلى جانب الأقاليم الهندية. وشهدت البرتغال طوال القرن
(14 هـ = 20 م) عدداً من الاضطرابات حول منصبى رئاسة
الجمهورية ورئاسة الوزراء حتى تولى ماريو سواريس رئاسة
الجمهورية سنة (1985 م) وتولى كافاكوسليفا رئاسة الحكومة.
ونظام الحكم جمهورى، وينتخب الرئيس لمدة (5) سنوات. وأهم
الأحزاب فيها: الحزب الاشتراكى والحزب الشيوعى وحزب الوسط
الاجتماعى. والبرتغال عضو فى عدة منظمات دولية، منها: هيئة
الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى للتجارة الحرة وحلف الأطلنطى.(11/52)
*بلجراد
بلجراد أو بيوجراد ( BEOGRAD) وتعنى فى اللغة الصربية:
المدينة البيضاء. وهى أشهر مدن البلقان وعاصمة دولة الصرب.
تقع على نهر الدانوب بالقرب من مصب نهر ساق، وكانت تُسَمَّى
مفتاح البلقان؛ لأهمية موقعها الاستراتيجى منذ عهد الرومان.
ارتبط تاريخها بتاريخ منطقة البلقان بصفة عامة، وحكمها
الرومان حتى تمكن العثمانيون من فتحها سنة (1521م)، وظلت
محل نزاع بين العثمانيين ومملكة النمسا، يحكمها كلٌ منهما
فترة من الزمن حتى خرج منها العثمانيون نهائيًّا سنة (1867م)
فآلت إلى دولة الصرب. واحتلها النمساويون فى الحرب العالمية
الأولى، لكن بعد هزيمتهم وفى أعقاب الحرب تكونت المملكة
اليوغسلافية، وأصبحت عاصمة لها. واحتلها الألمان فى الحرب
العالمية الثانية، وبعد الحرب سقطت المملكة اليوغسلافية،
وأُعْلنت الجمهورية التى ضمت (6) دول، منها الصرب، وكانت
بلجراد عاصمة الصرب وعاصمة يوغسلافيا أيضًا. ولما تفتتت
يوغسلافيا واستقلت كل دولة من الدول الست صارت بلجراد
عاصمة لجمهورية الصرب. وقد نمت بلجراد بعد الحرب العالمية
الأولى سياسيًّا واقتصاديًّا وإداريًّا، واشتهرت بكونها مركزاً
تجاريًّا وصناعيًّا كبيرًا، وأصبحت مركزًا للصناعات الآلية
والكهربائية والكيميائية والاستهلاكية.(11/53)
*البندقية
مدينة إيطالية. تقع شرق إيطاليا، بالطرف الشمالى من البحر
الأدرياتى. أقيمت على عدد من الجزر التى تقع فى بحيرات
ساحلية إلى الشمال من دلتا نهر ألبو، ويفصلها عن البحر
الأدرياتى خط من الكثبان الرملية. وتحول اسمها فى العصور
الحديثة من البندقية إلى فينيسيا. وعدد سكانها (375) ألف
نسمة. واشتهرت كمركز سياحى وتجارى، وأصبحت من أغنى
المدن الأوربية. وأهم الصناعات بها: الأساور، والعقود، والحلى
الذهبية والفضية، والمنسوجات الحريرية، كما يوجد بها أماكن
لصناعة السفن ومصانع للقصدير والألومنيوم والآلات. وقد ظهرت
البندقية كمدينة فى القرن (6 م)؛ حيث كان أهالى المدن
الإيطالية يلجئون إليها؛ هربًا من غزوات القبائل البربرية. وبمرور
الوقت نمت قوتها، وجاءت فترات ضعف الإمبراطورية الرومانية
عامةً وضعف إيطاليا بصفة خاصة فشجعت على ظهور مايعرف
باسم القومونات أو المدن ذات الكيان السياسى والاقتصادى
المستقل؛ فظهرت البندقية وجنوة وبيزة، وكانت كل منها
جمهورية مستقلة لها دوقها الذى ينتخبه أبناؤها ولها نفوذها
السياسى، وامتلكت أسطولاً بحريًّا قويًّا له نشاطه الملحوظ فى
البحر المتوسط. وكانت الحروب الصليبية فرصة كبيرة للبندقية
وغيرها من الجمهوريات الإيطالية؛ حيث عرض عليهم البابا نقل
الجيوش الصليبية إلى الأراضى المقدسة بالشام، مقابل أخذ ثلث
الغنائم التى يستولون عليها من أى مدينة، وأن يكون لهم أحياء
تجارية فى هذه المدن، وساعد ذلك البندقية على أن تستولى
فى الحرب الصليبية الرابعة على ثلث القسطنطينية وجزر كريت
وأيونيا وغيرها من الموانئ المطلة على البحر الأدرياتى. وأدت
المنافسة التجارية والبحرية بين البندقية وجنوة إلى قيام حرب
بينهما استمرت أعوامًا كثيرة، تبادلا فيها النصر والهزيمة حتى
انتهت بهزيمة البندقية سنة (1353م)، كما شهدت البندقية صراعًا
مع الدولة العثمانية بسبب النشاط التركى فى بحر إيجة، ونجحت(11/54)
فى الاستيلاء على جزيرة سالونيك ولكن العثمانيين استردوها
سنة (1430 م). وبلغت البندقية أوج مجدها الفنى فى عصر
النهضة، وخرج منها مجموعة من العلماء، مثل: تيسيان
وجيوفانى بللينى وتنتورتو. وفى سنة (1798م) بسطت النمسا
سيطرتها على البندقية، ولكن البنادقة نجحوا فى طردها سنة
(1848م)، ثم عادت البندقية إلى حوزة إيطاليا سنة (1866م)،
وتحول اسمها بعد ذلك إلى فينيسيا عاصمة مقاطعة فينيتو شرق
إيطاليا.(11/55)
*فينيسيا
مدينة إيطالية. تقع شرق إيطاليا، بالطرف الشمالى من البحر
الأدرياتى. أقيمت على عدد من الجزر التى تقع فى بحيرات
ساحلية إلى الشمال من دلتا نهر ألبو، ويفصلها عن البحر
الأدرياتى خط من الكثبان الرملية. وتحول اسمها فى العصور
الحديثة من البندقية إلى فينيسيا. وعدد سكانها (375) ألف
نسمة. واشتهرت كمركز سياحى وتجارى، وأصبحت من أغنى
المدن الأوربية. وأهم الصناعات بها: الأساور، والعقود، والحلى
الذهبية والفضية، والمنسوجات الحريرية، كما يوجد بها أماكن
لصناعة السفن ومصانع للقصدير والألومنيوم والآلات. وقد ظهرت
البندقية كمدينة فى القرن (6 م)؛ حيث كان أهالى المدن
الإيطالية يلجئون إليها؛ هربًا من غزوات القبائل البربرية. وبمرور
الوقت نمت قوتها، وجاءت فترات ضعف الإمبراطورية الرومانية
عامةً وضعف إيطاليا بصفة خاصة فشجعت على ظهور مايعرف
باسم القومونات أو المدن ذات الكيان السياسى والاقتصادى
المستقل؛ فظهرت البندقية وجنوة وبيزة، وكانت كل منها
جمهورية مستقلة لها دوقها الذى ينتخبه أبناؤها ولها نفوذها
السياسى، وامتلكت أسطولاً بحريًّا قويًّا له نشاطه الملحوظ فى
البحر المتوسط. وكانت الحروب الصليبية فرصة كبيرة للبندقية
وغيرها من الجمهوريات الإيطالية؛ حيث عرض عليهم البابا نقل
الجيوش الصليبية إلى الأراضى المقدسة بالشام، مقابل أخذ ثلث
الغنائم التى يستولون عليها من أى مدينة، وأن يكون لهم أحياء
تجارية فى هذه المدن، وساعد ذلك البندقية على أن تستولى
فى الحرب الصليبية الرابعة على ثلث القسطنطينية وجزر كريت
وأيونيا وغيرها من الموانئ المطلة على البحر الأدرياتى. وأدت
المنافسة التجارية والبحرية بين البندقية وجنوة إلى قيام حرب
بينهما استمرت أعوامًا كثيرة، تبادلا فيها النصر والهزيمة حتى
انتهت بهزيمة البندقية سنة (1353م)، كما شهدت البندقية صراعًا
مع الدولة العثمانية بسبب النشاط التركى فى بحر إيجة، ونجحت(11/56)
فى الاستيلاء على جزيرة سالونيك ولكن العثمانيين استردوها
سنة (1430 م). وبلغت البندقية أوج مجدها الفنى فى عصر
النهضة، وخرج منها مجموعة من العلماء، مثل: تيسيان
وجيوفانى بللينى وتنتورتو. وفى سنة (1798م) بسطت النمسا
سيطرتها على البندقية، ولكن البنادقة نجحوا فى طردها سنة
(1848م)، ثم عادت البندقية إلى حوزة إيطاليا سنة (1866م)،
وتحول اسمها بعد ذلك إلى فينيسيا عاصمة مقاطعة فينيتو شرق
إيطاليا.(11/57)
*بورصة
ولاية تركية، تقع فى إقليم مرمرة شمالى غربى الأناضول.
وتضم أحد عشر مركزًا. وعاصمتها تحمل الاسم نفسه. وتبلغ
مساحتها نحو (12466 كم2). ويبلغ عدد سكانها نحو
(1.148.492) نسمة حسب إحصائية سنة (1980 م)، ويعمل
سكانها بالزراعة والصناعة والرعى والتعدين. وكانت مدينة
بورصة العاصمة الأولى للدولة العثمانية فى بداية قيامها. وبلغ
عدد سكانها نحو (445.113) نسمة، وهى الآن إحدى المحافظات
الشهيرة ذات المكانة الاقتصادية المهمة فى جمهورية تركيا.
وتُعرف المدينة أيضًا باسم بروسة وبورسة وبورصة. حكمها
البيزنطيون حتى سنة (467 هـ)، وفتحها السلطان السلجوقى
سليمان شاه قتلمسن، ولكن الحملة الصليبية الأولى انتزعتها من
السلاجقة سنة (491 هـ = 1097 م)، وعادت إلى البيزنطيين مرة
ثانية، وفى سنة (507 هـ) استعادها السلاجقة، ثم استولى
عليها البيزنطيون مرة أخرى، وظلت فى أيديهم حتى قام عثمان
غازى مؤسس الدولة العثمانية أثناء توسعه بفتح ضواحيها،
وحاصر قلعتها، ولكنه تُوفِّى قبل الاستيلاء عليها، فواصل ابنه
أورخان غازى محاصرتها لمدة عشر سنوات حتى استسلمت،
ودخلها سنة (726 هـ = 1326 م)، وأسلم حاكمها البيزنطى
إفرينوس، واستقر بها السلطان أورخان، واتخذها عاصمة
لدولته؛ لأهمية موقعها. وازدهرت بورصة فى عهد أورخان
ازدهارًا كبيرًا، وظلت مقرًا للسلاطين العثمانيين بعده، فأولوها
عناية فائقة، وأنشئوا بها مجموعة من المراكز الدينية والتجارية.
وأثناء حروب السلطان العثمانى بايزيد الأول مع تيمور لنك هُزم
السلطان بايزيد سنة (1401 م)، ودخل تيمور لنك المدينة،
ودمرها، فتحولت العاصمة بعد ذلك منها إلى أدرنة، وفقدت
بورصة مكانتها. ولكن سرعان ما عاد إليها الازدهار الملحوظ فى
حكم السلطان مراد الثانى (1421 - 1451 م)، وظلت تحتفظ
بأهميتها حتى بعد انتقال العاصمة إلى إسلامبول. وبعد الحرب(11/58)
العالمية الأولى وهزيمة الدولة العثمانية احتل اليونانيون بورصة
سنة (1920 م) لمدة عامين، ثم رحلوا عنها، وعادت إلى تركيا
سنة (1922 م). ويمكن القول: إن الأهمية الاقتصادية لمدينة
بورصة على مدى تاريخها فاقت أهميتها السياسية. وتعد
بورصة من أغنى مناطق تركيا بالآثار، خاصة التى تعود إلى
العصر العثمانى، مثل: متحف الآثار القديمة، ومتحف المنزل
العثمانى، وجامع الشهادات، وجامع قاوقلة، والمجمع المرادى،
ومجمع يلدرم بايزيد، والجامع الأخضر، والجامع الكبير، إلى
جانب عدد كبير من المزارات السياحية المشهورة.(11/59)
*البوسنة والهرسك
دولة أوربية إسلامية. تقع فى وسط أوربا. يحدها من الشمال
والغرب كرواتيا، ومن الشرق صربيا، ومن الجنوب الجبل الأسود.
وتبلغ مساحتها (51.129 كم2). يبلغ عدد سكانها (4.519.000)
نسمة حسب إحصائية سنة (1992 م)، وتبلغ نسبة المسلمين بينهم
(44 %)، ويبلغ الصرب الأرثوذكس (31.4 %)، أما الكروات
الكاثوليك فيبلغون (17.3 %). وأهم مدنها: سراييفو العاصمة
وجوراجدة وبيهاتش وموستار وزينيسيا. وتعد البوسنة دولة
زراعية وصناعية، وأهم المحاصيل بها: القمح والشعير والبطاطس
والفاكهة. وكان يُطلق على شعب البوسنة اسم البوشناق، وهم
أحد العناصر السلافية (الصقلية) التى سكنت منطقة يوغسلافيا
من القرن (1 هـ = 7 م)، وتضم: البوشناق والصرب والكروات.
واعتنق الصرب النصرانية على المذهب الأرثوذكسى، أما
الكروات فعلى المذهب الكاثوليكى، وأما البوشناق فاعتنقوا
العقيدة البوجوميلية التى ترفض ألوهية المسيح وعبادة الصليب
وتنتقد التنظيم الكنسى؛ مما أثار ضدهم حقد البابا وملوك
الإمبراطورية الرومانية الذين حاولوا إرغام البوشناق على
التخلى عن عقيدتهم بكل وسائل الضغط فلم يفلحوا. وحينما
بدأت الدولة العثمانية الإسلامية فتوحاتها فى أوربا استنجد بها
حاكم البوسنة فدخلها العثمانيون سنة (867 هـ = 1463 م)،
وأقبل أهلها على الإسلام، واشترك (30) ألفًا منهم فى الجيش
العثمانى وتبوأت بعض الشخصيات منها مراكز مرموقة فى
الدولة العثمانية، مثل منصب الصدر الأعظم. وظلت البوسنة ولاية
إسلامية عثمانية حتى سنة (1878 م) حيث عقدت الدول الأوربية
مؤتمر برلين الذى فرق وحدة الدولة العثمانية، وجعل إدارة
البوسنة من حق مملكتى النمسا والمجر، ثم ضمتها النمسا إليها
سنة (1909 م). وبعد الحرب العالمية الأولى ظهرت مملكة
يوغسلافيا التى ضمت البوسنة وصربيا والجبل الأسود
وكرواتيا ومقدونيا وكوسوفو. وفى فترة الملكية هذه تعرض(11/60)
المسلمون فى البوسنة لألوان شتى من التعذيب والاضطهاد على
يد عصابات الصرب والكروات، بهدف التخلى عن دينهم. وخرجت
يوغسلافيا من الحرب العالمية الثانية مهزومة ثم حكمها جوزيف
بروزتيتو سنة (1945م)، وكان ذا فكر شيوعى طبقه على
يوغسلافيا بعدما ألغى الملكية، وأعلن الجمهورية، واضطهد
المسلمين، وألغى تطبيق الشريعة الإسلامية وجميع مظاهر
الإسلام فيها، واستمر هذا الوضع حتى سنة (1972 م)؛ إذ سمحت
الحكومة للمسلمين ببعض الحريات، وأعادت لهم مساجدهم
ومدارسهم. وفى سنة (1990 م) سقطت الشيوعية وتجزأت
الجمهورية اليوغسلافية الفيدرالية إلى (6) جمهوريات، كان منها
البوسنة التى أعلنت استقلالها، ولكن صربيا رفضت ذلك؛ لأنها
كانت تريد إقامة دولة باسم صربيا الكبرى تخلف دولة
يوغسلافيا، تكون مقاليد الحكم فيها للصرب، فأعلنت الحرب
على المسلمين واستمرت هذه الحرب حتى سنة (1995 م)؛ حيث
تم توقيع اتفاق دايتون الذى اعترفت فيه الصرب بدولة البوسنة
مستقلة، على أن يكون لصرب البوسنة دولة لهم داخل البوسنة
وإيجاد اتحاد فيدرالى بين المسلمين والكروات.(11/61)
*الصومال
دولة إفريقية تقع بين دائرتى عرض (12ْ) شمالاً و (2ْ) جنوبًا،
وهى جزء من منطقة القرن الإفريقى، وتجاورها كل من جيبوتى
وإثيوبيا وكينيا من الغرب، ولها سواحل على خليج عدن
والمحيط الهندى. وتبلغ مساحتها (637.657 كم2)، وعاصمتها
مقديشيو. وعدد السكان (7.555.000) نسمة حسب إحصائية سنة
(1990 م)، يتكلم معظمهم العربية، إلى جانب لغات أخرى
سواحلية، ويعمل (75 %) منهم بالرعى. والإسلام هو الديانة
الرسمية. ويبلغ إجمالى الدخل القومى (1.03) مليار دولار،
ومتوسط دخل الفرد (170) دولارًا فى السنة حسب إحصائية سنة
(1989 م). وأهم المحصولات الزراعية: البخور وقصب السكر
والموز والذرة الرفيعة والذرة الشامية والصمغ العربى. وأهم
المعادن: الحديد والقصدير والجبس والبوكسيت والأورانيوم. وتعد
الصومال دولة رعى من الدرجة الأولى؛ حيث تسهم الثروة
الحيوانية بنحو (70%) من الدخل؛ إذ تملك نحو (4) ملايين رأس من
البقر، و (6) ملايين رأس من الإبل و (25) مليون رأس من الغنم
و (15) مليونًا من الماعز، ونحو (50.000) رأس لكل من الحمير
والبغال والخيل، كما تلعب الثروة السمكية دوراً مهمًّا فى الدخل
القومى للبلاد. والعملة المتداولة فى البلاد هى الشلن.(11/62)
*صور
أكبر موانئ الفينيقيين، وواحدة من عظمى مدن العالم القديم.
تقع بلبنان جنوبى بيروت، على بعد (85 كم) منها، وتجاورها
صرفند وصيدا فى شمالها والناقورة فى جنوبها. وقد بنيت
على جزيرة بموازاة ساحل لبنان فى فترة ترجع إلى نحو (2800
ق. م)، ومنذ القرن (5 هـ = 11 م) أصبحت مدينة تجارية عظيمة
ذات أسواق تجارية عديدة. وقد أسس الصوريون قرطاجة فى
القرن (9 ق. م)، واشتهرت صور بصبغها الأرجوانى. استولى
عليها الآشوريون فالبابليون فالفرس، ثم خضعت للإسكندر الأكبر
بعد أن حاصرها شهورًا (333 - 332 ق. م)؛ حيث بنى جسرًا
وصلها بالبر، ثم ازدهرت تحت حكم الرومان سنة (64 ق. م) ثم
فتحها المسلمون فى خلافة عمر بن الخطاب، رضى الله عنه،
سنة (638 م)، واستولى عليها الصليبيون سنة (1124 م). ويعتمد
اقتصادها على صيد الأسماك وزراعة الحمضيات والتجارة
الساحلية التى تمتد إلى قبرص وأزمير وبورسعيد. وأهم
صادراتها: التين والخروب والزعتر والمصوغات التقليدية التى
اشتهرت بها.(11/63)
*غزنة
مدينة وولاية واسعة فى طرف خراسان، وهى الحد بين خراسان
والهند وتتميز بشدة البرودة. ازدهرت إبان حكم الأسرة الغزنوية
التركية (962 - 1152 م) وأسسها محمود الغزنوى الذى امتد
سلطانه من إيران إلى البنجاب، واستولى عليها الإنجليز فى
أثناء الحروب الأفغانية (1839 - 1842 م).(11/64)
*الإسكندرونة
لواء الإسكندرونة أو سنجق الإسكندرونة هو الاسم القديم
لمحافظة هاتاى الواقعة جنوب تركيا وأقصى الشمال الغربى
من جمهورية سوريا، كانت الإسكندرونة إحدى المدن السورية
حتى سنة (1939 م) حيث ضمت إلى تركيا. والإسكندر الأكبر
المقدونى هو الذى بنى مدينة الإسكندرونة سنة (333 ق. م)
تخليدًا لذكرى انتصاره فى معركة إسوس، وأتاح لها موقعها
الجغرافى أن تكون أحد المنافذ الرئيسية لتجارة الشرق الآتية
من بلاد الفرس والهند حتى فتح قناة السويس. كانت
الإسكندرونة ضمن المناطق العربية التى عقدت بشأنها اتفاقية
سايكس بيكو بين فرنسا وإنجلترا سنة (1916 م)، وكانت من
نصيب فرنسا التى أعلنت الانتداب على سوريا. وكان عدد من
سكان لواء الإسكندرونة تركيًّا؛ لذلك سعى أتاتورك - الذى كان
يسعى إلى كسب ود الشعب التركى - إلى إعادة جميع المناطق
التى تسكنها عناصر تركية إلى تركيا، ونجح فى عقد اتفاقية
سنة (1921 م) مع فرنسا وهى اتفاقية أنقرة التى قدمت فرنسا
بمقتضاها إلى تركيا بعض الامتيازات فى هذا اللواء، منها:
السماح للأتراك بحرية تطوير ثقافتهم، واعتبار اللغة التركية لغة
رسمية. ثم أخذت الحكومة التركية تشجع سكان هذا اللواء
الأتراك على مطالبة فرنسا بالانفصال عن سوريا وعرضت القضية
على عصبة الأمم المتحدة سنة (1936 م)، فأرسلت لجنة لعمل
استفتاء؛ لمعرفة رغبات السكان. وعلى الرغم من أن الاستفتاء
الذى أجرى أظهر أن نسبة الأتراك لاتزيد على (35 %) فإن هذه
اللجنة أوصت بمنح هذا اللواء استقلالاً ذاتيًّا فى شئونه الداخلية
، على أن تتولى عصبة الأمم إدارته، وكانت هذه الخطوة
بموافقة كل من إنجلترا وفرنسا؛ حيث كانتا ترغبان فى كسب
عطف الشعب التركى وتأييده؛ إذ كانت العلاقة تزداد سوءًا
بينهما وبين ألمانيا، وكانت الحرب بينهم على وشك الوقوع
فخشيت هاتان الدولتان من انضمام تركيا إلى ألمانيا. وأحس(11/65)
السوريون أن ذلك مخطط لاقتطاع جزء من بلادهم؛ فأخذوا
يتصدون للدعاوى التركية، ولكن دون فائدة؛ إذ نجحت تركيا
سنة (1939 م) فى عقد معاهدة مع فرنسا ضمت بمقتضاها هذا
اللواء إليها نهائيًّا، ثم عُرف باسم مقاطعة هاتاى، وهو الآن
محافظة من المحافظات التركية. ولاتزال سوريا تطالب
بالإسكندرونة باعتباره لواءً سُلِبَ منها.(11/66)
*الصين
تقع فى شرق آسيا، وتجاورها منغوليا شمالاً، والاتحاد
السوفييتى سابقًا فى الشمال الشرقى والشمال الغربى،
وأفغانستان وباكستان فى الغرب، وكل من الهند ونيبال
وبوتان وبورما ولاوس وفيتنام فى الجنوب، وكوريا الشمالية
فى الشمال الشرقى. وتبلغ مساحتها (9.596.961 كم2). وعدد
سكانها نحو (1.143.729.000) نسمة حسب إحصائية سنة (1992
م)، نصفهم من فئة الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم ثمانى
عشرة سنة. واللغة الرسمية هى الصينية. والديانة الرسمية هى
البوذية. وعدد المسلمين فيها حوالى (150) مليون مسلم،
والعاصمة بكين وفيها نحو (8) ملايين نسمة. وأهم مدنها
شنغهاى وتيان تسين، ويبلغ إجمالى الدخل القومى (393) مليار
دولار حسب إحصائية سنة (1989م)، ودخل الفرد (360) دولارًا فى
السنة، وأهم المحاصيل الزراعية: الأرز والقطن والشاى، وأهم
المعادن: الحديد والرصاص والمنجنيز والزئبق والقصدير، وأهم
مصادر الطاقة: الفحم، وأهم الصناعات: الحديد والصلب
والمنسوجات والأدوات الزراعية. والعملة المتداولة (اليوان). وتعد
أسرة شانج أول أسرة حكمت الصين (1523 - 1027 ق. م)، وفى
العصر الحديث بدأ ضعف الصين عندما هزمتها اليابان فى حربها
الأولى ضدها (1894 - 1895 م)، ثم وضعت يدها على معظم
الأراضى التى كان الأجانب قد انتزعوها منها، وذلك بعد الحرب
العالمية الثانية بين سنتى (1939، 1945 م). وفى سبتمبر سنة
(1949 م) أعلنت جمهورية الصين واختير ماوتسى تونج رئيسًا
لها.(11/67)
*إنجلترا
أكبر قسم سياسى فى المملكة المتحدة (بريطانيا). مساحتها
(130.800) كم2. ويحدها من الشرق بحر الشمال، ومن الغرب
إمارة ويلز، ومن الشمال اسكتلندا، ومن الجنوب القناة الإنجليزية
ومضيق دوفر. وعاصمتها لندن. ومناخ إنجلترا معتدل، ويسهل
اتصالها بالعالم الخارجى عن طريق موانئها الجنوبية والشرقية
والغربية الواقعة على مصاب أنهار أو على سواحل البحار
والمحيطات. استمدت إنجلترا معظم ثروتها الطائلة فى الأعوام
المائتين الأخيرة من الأرض السوداء التى توجد فيها صناعاتها
الكبرى؛ لتوافر الفحم والحديد فيها، وأهم مدنها الصناعية: لندن
(العاصمة) ومانشستر وليفربول وليدز وشفيلد وبرمنجهام.
وكانت إنجلترا فى القرن (13 هـ = 19 م) تقود العالم فى تصدير
السلع المصنوعة، وكان من أسباب توسُّع تجارتها ازدهار مدنها.
وتكوِّن إنجلترا وويلز واسكتلندا وشمال أيرلندا جميعاً المملكة
المتحدة. والتعليم فى إنجلترا بالمجان حتى السادسة عشرة.
وفيها (11) جامعة، أعظمها وأقدمها جامعتا أكسفورد
وكمبردج.(11/68)
*أنقرة
عاصمة الجمهورية التركية منذ سنة (1342 هـ = 1924 م). وتقع
فى القسم الآسيوى من تركيا، على الضفة الغربية للوادى الذى
تمر فيه مياه نهير أنجورة. وتبعد عن إستانبول مسافة (578) كم
، وتبلغ أقرب مسافة بينها وبين البحر الأسود (185) كم. ولا يُعلم
على وجه التحديد تاريخ تأسيس أنقرة، إلا أنه يُروَى أن
الحيثيين الذين حكموا المنطقة سنة (2000 ق. م) هم الذين
أسسوها. وكانت أنقرة تابعة للإمبراطورية البيزنطية مدة سبعة
قرون ونصف قرن من سنة (334 م) إلى سنة (1073 م). وقد تمكن
المسلمون من فتحها سنة (34 هـ = 654 م)، غير أنهم لم يستقروا
فيها، ثم تمكنت جيوش الخليفة العباسى هارون الرشيد من
فتحها سنة (183هـ = 799 م). وبعد انتصار السلطان السلجوقى
ألب أرسلان على الجيوش البيزنطية فى موقعة ملاذكرد سنة
(464 هـ = 1071 م) فتحت الأناضول وأنقرة ذراعيها للفاتحين
الأتراك. وعندما تدهورت السلطنة السلجوقية وقعت أنقرة فى
أيدى الجرمانيين، واستمر حكمهم لها حتى سنة (708 هـ =
1308 م)؛ إذ دخلت الأناضول كلها تحت حكم الإيلخانيين، ثم
ضمها السلطان الإيلخانى سليمان باشا بن أورخان إلى الدولة
العثمانية سنة (755 هـ = 1354 م). وأهم الآثار فى أنقرة: -
جامع أصلان خانه الذى أنشئ فى سنة (689 هـ = 1290 م). -
قصر جانقايا كوشكو، وهو الآن متحف ومقر لرياسة الجمهورية.
- متحف مجلس الأمة. وقد بلغ عدد المساجد فى أنقرة (2209)
مساجد فى سنة (1410 هـ = 1989 م). ويبلغ سكان مدينة أنقرة
نحو (2.918.261) نسمة، حسب إحصائية سنة (1405 هـ = 1984
م)، وهى بذلك تحتل المرتبة الثالثة فى التعداد بعد إستانبول
وأزمير. وتمثل اللغة التركية نسبة (97 %) من لغات سكان أنقرة،
ويتجاوز عدد المسلمين بها هذه النسبة بقليل.(11/69)
*الأهواز
منطقة إيرانية قريبة من البصرة بالعراق. كانت تُسمى:
خوزستان، وقد يطلق عليها عربستان أيضاً. تتألف الأهواز من
عدة مدن أو قرى، هى: رامهرمز وإندج وعسكر مكرم وتستر
وجنديسا بور والسوس وسُرق ومناذر، وعاصمتها سوق
الأهواز، ويجرى فيها نهر تيرى. وفتح المسلمون الأهواز على
إثر موقعة القادسية سنة (14 هـ = 635 م). وقد أنجبت منطقة
الأهواز عددا من العلماء والزهاد والصوفية طيلة الفترة التى ظلل
فيها الإسلامُ أهلَها بحضارته، وانتشرت بها اللغة العربية. وعُنيت
إيران عناية خاصة بالأهواز فى العقود الأخيرة؛ فقامت ببناء سد
محمد رضا، ويقوم هذا السد بتنظيم رى مساحة تبلغ (125000)
هكتار، وأهم المحاصيل الزراعية فيها: النخيل والأرز. وفى
الأهواز أكبر مصفاة للنفط فى العالم، وهى تكرر نحو (25)
مليون طن منه سنويًّا فى ميناء عبدان.(11/70)
*البصرة
مدينة عربية فى العراق. تقع على الضفة الغربية لشط العرب،
على بُعد (590) كم من جنوبى شرقى بغداد، و (110) كم من
شمالى الخليج العربى، وتبلغ المسافة بينها وبين الحدود
العراقية الكويتية نحو (50) كم. والبصرة فى اللغة: هى الأرض
الغليظة ذات الحجارة الصُلبة. وقد فتحها المسلمون سنة (14 هـ =
635 م) فى عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضى الله عنه،
وكان عتبة بن غزوان أحد قادة الجيش. وقد بنى فيها عتبة
مسجدًا ودارًا للإمارة، كما بنى المساكن حولها مستخدمًا القصب.
وكانت البصرة مركزًا لإدارة العراق خلال عهد بنى أمية، وكثر
عمرانها، وأنشئ فيها عدد كبير من الدور الفخمة، وبلغت فى
العصر العباسى شأناً عظيماً؛ إذ كانت مركزًا تجاريًّا مهمًّا،
وخاصة فى عهد هارون الرشيد، كما قصدها طلاب العلم للدراسة
على أيدى علمائها. وتُعد البصرة من أكبر مراكز الحركة العلمية
فى القرون الأربعة الأولى للهجرة. ونبغ فيها عدد كبير من
العلماء، مثل: أبى الأسود الدؤلى والخليل بن أحمد وسيبويه،
كما برز فيها عدد كبير من فحول الشعراء، مثل: الفرزدق وبشَّار
بن برد ومسلم بن الوليد وأبى نُوَاس. واشتهر من أدبائها
وكتابها ابن المقفع والجاحظ والحريرى، كما ظهر فيها مذهب
الاعتزال على يد واصل بن عطاء، ومن علمائها المعروفين فى
العلوم الطبيعية الحسن بن الهيثم. وقد اشتهرت البصرة بزراعة
النخيل، وإنتاج التمور، ويوجد بالعراق أكثر من (30) مليون نخلة
معظمها فى البصرة. وهى اليوم مدينة كبيرة، تتخللها شوارع
فسيحة، وتنتشر فيها الحدائق الواسعة، وبها عديد من مؤسسات
الدولة، مثل: جامعة البصرة التى أنشئت سنة (1384 هـ = 1964
م)، ومتحف التاريخ الطبيعى الذى أنشئ سنة (1392 هـ = 1972
م).(11/71)
*البطاح
البِطاح والأباطح: جمع بطحاء، ومعناها فى اللغة: مسيل فيه
دُقاق الحصى، وهى بطاح مكة، ويقال لقريش الداخلة: البطاح،
وقريش البطاح هم الذين يسكنون بالشِّعب الذى بين أخشبى مكة
، كما توجد بطحاء المدينة، فقد قيل: وبَطحَا المدينة لى منزلٌ
فياحَبَّذا ذاك من منزلِ(11/72)
*بطحاء
البطحاء فى اللغة: المسيل الواسع الذى فيه دقاق الحصى،
وقيل: كل موضع متسع، وقال عمر بن الخطاب، رضى الله عنه،
بطحوا المسجد، أى: ألقوا فيه الحصى الصغار. وهى منطقة
بالقرب من ذى القار. وبطحاء مكة: الجذع من وادى إبراهيم
الممتد من الحجون إلى المسجد الحرام، وما فوق ذلك إلى
المنحنى يُسمَّى الأبطح، وما أسفل ذلك يُسمى المسفلة. وقال
البكرى: البطحاء: ماحاز السيل من الردم إلى الحناطين يمينًا مع
البيت، وليس الصفا من البطحاء. وهناك بطحاء المدينة، وبطحاء
المغرب الموجودة قرب تلمسان؛ إذ تبعد عنها بنحو ثلاثة أو
أربعة أيام.(11/73)
*بودابست
عاصمة المجر. تقع على ضفتى نهر الدانوب، وتتألف من
مدينتين، هما بودا، وتقع على الضفة اليمنى، وبست، وتقع
على الضفة اليسرى، وقد اتحدت المدينتان فى مدينة واحدة منذ
عام (1873 م) لتصبح عاصمة المجر. ويتركز فى بودابست نحو
(60 %) من مصانع المجر. ومن أهم الصناعات فيها: المنسوجات
والأدوات الكهربائية. وتُعد بودابست المركز الثقافى الرئيسى
بالمجر؛ فتوجد فيها كبرى الجامعات، كما أنها من أجمل المدن
الأوربية، واشتهرت بنشاطها فى الأدب والمسرح والموسيقى،
واجتذبت السياح بمياهها المعدنية وآثارها التاريخية.(11/74)
*بودا
عاصمة المجر. تقع على ضفتى نهر الدانوب، وتتألف من
مدينتين، هما بودا، وتقع على الضفة اليمنى، وبست، وتقع
على الضفة اليسرى، وقد اتحدت المدينتان فى مدينة واحدة منذ
عام (1873 م) لتصبح عاصمة المجر. ويتركز فى بودابست نحو
(60 %) من مصانع المجر. ومن أهم الصناعات فيها: المنسوجات
والأدوات الكهربائية. وتُعد بودابست المركز الثقافى الرئيسى
بالمجر؛ فتوجد فيها كبرى الجامعات، كما أنها من أجمل المدن
الأوربية، واشتهرت بنشاطها فى الأدب والمسرح والموسيقى،
واجتذبت السياح بمياهها المعدنية وآثارها التاريخية.(11/75)
*شيراز
مدينة تقع جنوب إيران، وهى عاصمة إقليم فارس. يحدها من
الشمال محافظة آبادة، ومن الجنوب محافظة فيروز آباد، ومن
الشرق محافظة فسا، ومن الغرب محافظة كازرون. وتنقسم
إداريًّا إلى ثلاثة أقسام، هى: القسم المركزى، وزركان،
ومسروستان. ويبلغ عدد سكانها نحو (1.126.591) نسمة حسب
إحصائية سنة (1406 هـ = 1986 م).وتعد شيراز إحدى المدن
الزراعية المهمة بإيران، وتشتهر بزراعة الأرز والحبوب وقصب
السكر والبنجر والقطن الصيفى، كما يتميز العنب الذى يزرع
فيها بجودته عالميًّا بين دول الشرق المنتجة له. وقد تأسست
مدينة شيراز إبان الحكم الأموى عام (64هـ = 685م)، وأصبحت
حاضرة لإقليم فارس، وفى عام (232هـ = 847 م) استولى عليها
الطاهريون، ثم الصفاريون عام (255هـ = 869 م) على يد يعقوب
الصفار، ثم ضمها البويهيون عام (331هـ = 944 م) فالسلاجقة، ثم
دخلت حكم الصفويين حتى جعلها الزنديون عاصمة لهم. وكانت
شيراز على مر العصور موطنًا للعلماء والشعراء الذين أقبلوا
إليها من كل بقاع الأرض. وأهم العلماء الذين أنجبتهم: سلمان
الفارسى وعبد الله بن المقفع وأبوحيان التوحيدى وإبراهيم
بن على بن يوسف الفيروز آبادى وسعدى الشيرازى وحافظ
الشيرازى وشهاب الدين عبد الله الشيرازى.(11/76)
*الصحراء الشرقية
تمتد مابين البحر الأحمر ووادى النيل. ويبلغ طولها (1076) كم،
أى طول مصر، أما عرضها فيتراوح بين (200 و 500) كم. وتبلغ
مساحتها (225) ألف كم2. وتتألف الصحراء الشرقية من سلسلة
جبلية مكونة من الصخور النارية التى تحيط بها من الجانبين،
ومن الشمال رواسب بحرية، مؤلِّفة صخورًا رسوبية، وهى صحراء
حجرية تحيط بها الرمال من كل الجهات؛ فمن الشرق رمال الأودية
ورمال ساحل البحر، ومن الغرب تتمة الصحراء الغربية، ومن
الشمال رمال صحراء شرقى الدلتا. وتوجد فيها سلسلة جبال
البحر الأحمر التى تمتد على طول ساحل البحر، وفيها جبل
حناطة وجبل الشايب وجبل غارب، وتنتهى هذه الجبال مقابل
رأس غارب على خليج السويس.(11/77)
*الصحراء الغربية
تمتد من الجنوب من حدود السودان إلى الشمال حتى ساحل
البحر المتوسط، بطول يبلغ أكثر من (1000) كم، وتمتد من الغرب
من حدود ليبيا إلى وادى النيل فى الشرق، بعرض يبلغ ما يقرب
من (665) كم، ويبلغ معدل ارتفاعها (1000) متر فى الجنوب
حيث هضبة الجلف الكبير، و (200) متر فى الشمال قرب ساحل
البحر. وتبلغ مساحتها (681) ألف كم2. وتنتشر الواحات فى
الصحراء الغربية، وتختلف هذه الواحات من حيث المساحة؛ إذ إن
بعضها كبير يزيد على ضعف مساحة لبنان، مثل: منخفض
القطارة، وبعضها صغير لايزيد على عدة مئات من الكيلومترات
المربعة، مثل: وادى كركر، كما تختلف هذه الواحات من حيث
السكان؛ إذ إن بعضها غير مأهول بالسكان، مثل: منخفض
القطارة، وكركر، وبعضها مزدحم بالسكان، مثل: الخارجة
والداخلة والفيوم وسيوة والفرافرة والبحرية. ويوجد فى الجزء
الشمالى والجزء الأوسط من الصحراء الغربية سلسلة من
المنخفضات، تقع كلها دون مستوى سطح البحر. ومساحة هذه
المنخفضات أكثر من (45) ألف كم2 فى حين أن سكانها لا
يزيدون على مائة ألف نسمة.(11/78)
*الفسطاط
مدينة أسسها عمرو بن العاص بإذن من الخليفة عمر بن الخطاب،
رضى الله عنهما، بعد فتح مصر، وكان موضعها فضاء ومزارع
بين النيل والمقطم، بالقرب من حصن بابليون، وكان إلى الشمال
والشرق من هذا الحصن أشجار ونخيل، وبين الحصن والجبل عدة
كنائس وأديرة، وكانت الفسطاط تقع فى المنطقة التى حول
جامع عمرو، وتمتد شرقًا حتى قرب سطح جبل المقطم، وشمالاً
حتى جهة فم الخليج وقناطر السباع وجبل يشكر، وغربًا حتى
النيل، وجنوبًا حتى ساحل أثر النبى. وبعد أن فتحها عمرو بن
العاص، رضى الله عنه، شيد فيها مسجدًا وداراً للإمارة حتى
بنيت مدينة العسكر سنة (132هـ). ولما أسس الفاطميون القاهرة
تقهقر حال الفسطاط، وشملها الإهمال وهى الآن ضمن مدينة
القاهرة عاصمة مصر.(11/79)
*فرنسا
هى أكبر دولة فى أوربا، ومساحتها نحو (551.500) كم2،
وعدد سكانها نحو (60) مليون نسمة، وتقع بين خطى عرض
(42ْ، و51ْ) شمالاًَ، ويحدها من الشمال القنال الإنجليزى، ومن
الغرب المحيط الأطلنطى، ومن الجنوب الغربى إسبانيا والبحر
المتوسط، ومن الشرق إيطاليا وسويسرا وألمانيا. وأهم مدنها
باريس العاصمة ومرسيليا ونانت وبوردو وسانت إيتيان،
ويعتمد اقتصادها على الزراعة والصناعة؛ فالزراعة تشغل مكانة
مهمة فى الاقتصاد الفرنسى، ويحصل ثلث السكان على دخولهم
من الزراعة، ومن أهم الحاصلات الزراعية: الذرة والأرز والقمح
والكروم وبنجر السكر والفواكه والخضراوات والبطاطس، أما
الصناعة فيشتغل بها أكثر من (35 %) من الأيدى العاملة، ومن
أهم الصناعات فيها: صناعة السيارات والحديد والصلب
والمنسوجات والكيماويات والطائرات والعطور والأجهزة
الإلكترونية، كما توجد بها ثروة حيوانية كبيرة ومصادر
للأسماك، وكثير من المعادن، مثل: البوكسيت والحديد، ومصادر
الطاقة، كالفحم والبترول. وكانت فرنسا تُعرف باسم غاليا أو
بلاد الغال. وقد احتلها الرومان بقيادة يوليوس قيصر سنة (58 ق.
م)؛ بحجة مساعدة أهلها على طرد الجرمان، إلا أنه رفض
مغادرتها فيما بعد. وفى القرن الخامس الميلادى تعرضت غاليا
لهجوم البرابرة، وبعد عدة سنوات من المعارك تمكن القائد
الإفرنجى كلوفيس من أن يفرض سيطرته عليها، فأصبحت تُسمَّى
بلاد الإفرنجة أو فرنسا، وبعد موت كلوفيس انقسمت البلاد إلى
ثلاث ممالك، وفى عام (687 م) تمكن دى هرشتال من أن يصبح
القائد الحقيقى للممالك الثلاث. وفى عام (751 م) أسس الوزير
بيبان الصغير الدولة الكارولنجية، ومن أشهر ملوكها شارلمان
بن بيبان. وفى (987 م) تُوفِّى آخر ملوك الدولة الكارولنجية،
وانتخب محله هوغ كابى الذى أسس الدولة الكابية. وفى عهد
حكم الفالوا قامت الحرب الفرنسية-الإنجليزية التى استمرت نحو(11/80)
مائة سنة (1337 - 1440 م). وفى القرن (10هـ = 16 م) قامت
الحروب الدينية بين الكاثوليك والبروتستانت. ولم تنته تلك
الحروب إلا فى عام (1598 م). وفى القرن (11هـ = 17 م) سيطرت
فرنسا على أوربا من خلال سلسلة من الحروب قادها الملك لويس
الرابع عشر. وفى عصر نابليون بونابرت قام نابليون بإلغاء
الحريات وتركيز السلطات فى السلطة التنفيذية. وفى القرن (14
هـ = 20 م) خاضت فرنسا الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918 م)
ضد ألمانيا، وانتصرت فرنسا فيها، كما خاضت الحرب العالمية
الثانية (1939 - 1945 م) ضد ألمانيا أيضاً بعد إقدام هتلر على
غزو بولونيا. وانهزمت فرنسا فى هذه الحرب هزيمة قاسية فى
أقل من شهر، بسبب عدم استعداد جيشها. ويحكم فرنسا الآن
(1997 م) - الرئيس جاك شيراك، خلفاً للرئيس فرانسوا ميتران.(11/81)
*صُحار
ميناء بسلطنة عُمان. يطل على خليج عُمان. وتقع صُحار فى
موضع متوسط بين مطرح وكلبا. وتتميز بنقاء هوائها، وإنتاج
الفواكه. وقد قيل: إنها تُنسب إلى صحار بن إرم بن سام بن
نوح، وفتحها المسلمون دون حرب فى عهد أبى بكر الصديق،
رضى الله عنه، سنة (12 هـ = 633م)، ولا تزال تحتفظ بأسوارها
وتحصيناتها؛ لصد قوات الغزو البحرى الأجنبى. ومع ذلك فقد
قضى البرتغاليون على أهميتها التجارية. ويُنسب إلى صُحار
عدد من العلماء والأدباء، أشهرهم الشاعر أبو على محمد بن
زوزان الصحارى العمانى.(11/82)
*شيزر
مدينة بسوريا. تقع على نهر العاصى، وهى ذات موقع
استراتيجى حصين، ولا تزال أطلال حصنها قائمة حتى اليوم،
وتعد من المعالم التاريخية السورية، وأقيمت قلعتها على جرف
وعر يُعرَف باسم عرف الديك. وقد فتحها المسلمون بدون حرب
بقيادة أبى عبيدة بن الجراح سنة (17هـ = 638م)، ونظرًا إلى
موقعها الاستراتيجى فقد ارتبط تاريخها بأحداث الحروب بين
الإمبراطورية البيزنطية وأمراء الشام المسلمين، ثم ارتبطت
بأحداث الحروب الصليبية. ومن أحداث شيزر العامة ما أصابها من
زلازل عام (552 هـ = 1157 م). ويُنسب إليها جماعة من العلماء،
منهم: الحسين بن سعيد بن المهند بن سلمة بن أبى على الطائى
الشيزرى، وأبو الحسن الجنابى وعلى بن الخضر السلمى.(11/83)
*باكو
ميناء على بحر قزوين، وعاصمة جمهورية آذربيجان. ويوجد
فيها نحو (15 %) من رصيد العالم من البترول، وهى المركز
الرئيسى للبترول فى آذربيجان. وقد بدأت صناعة البترول فيها
فىأواخر القرن التاسع عشر الميلادى، كما أن فيها كثيرًا من
المؤسسات الثقافية. وقد استولى العثمانيون على باكو فى عام
(991 هـ = 1583 م)، ثم تبادلتها أيدى الفرس والروس حتى
استسلمت للفرس عام (1806 م). وفى عام (1338 هـ = 1920 م)
كانت باكو مقرًّا للمؤتمر الذى دعت إليه الحكومة السوفييتية
آنذاك، واشتركت فيه كثير من الأمم الشرقية الإسلامية.(11/84)
*الأحساء
الأحساء علم لعدة مواضع من بلاد الجزيرة العربية أشهرها،
أحساء الخليج، وهى منطقة سعودية تقع شرق شبه الجزيرة
العربية، وتطل على الخليج العربى، وتحيط بها صحراء الدهناء
من الغرب، ويحدها من الشمال الكويت، وتلتقى مع الربع الخالى
من الجنوب. وكانت خاضعة لحكم الفرس قبل ظهور الإسلام، وفى
سنة (6هـ = 627م) أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحابى العلاء بن عبد الله
الحضرمى - رضى الله عنه - إليها، وكان عليها المنذر بن ساوى
ملك البحرين من قبل الفرس، وقد أسلم المنذر وحسن إسلامه، ثم
ولى الرسول - صلى الله عليه وسلم - العلاء الحضرمى على البحرين، وظلت الأحساء
تابعة للدولة الإسلامية إلى أن حكمها القرامطة (180عامًا) بدءًا
من سنة (286هـ = 899 م)، ثم نزلت بالقرامطة الهزيمة من أحد
فروع عبد القيس، وظلت هذه المنطقة خاضعة لحكم الأعراب حتى
دخلت تحت حكم العثمانيين فى القرن (10هـ = 16م). وفى سنة
(1074هـ = 1663م) استعاد شيوخ بنى حميد حكم الأحساء، ثم
تمكن آل سعود من فتحها، وإزالة آل حميد عند قيام دولتهم
الأولى بقيادة محمد بن سعود، ثم أعادها إبراهيم بن محمد على
إلى الحكم العثمانى، ثم ضمها تركى بن عبد الله إلى الدولة
السعودية الثانية سنة (1245هـ = 1829م)، ثم تمكن الوالى
التركى مدحت باشا فى سنة (1288هـ = 1871م) من ضمها إلى
ولاية البصرة وبقيت تابعة للخلافة العثمانية لمدة (42) سنة
استطاع بعدها عبد العزيز آل سعود سنة (1332هـ = 1913م) أن
يضمها إلى الدولة السعودية الثالثة؛ فأصبحت جزءًا من المملكة
العربية السعودية التى أسسها عبد العزيز آل سعود. ويوجد
بالأحساء معالم سياحية كثيرة أشهرها عين أم سبعة؛ فهى
أشهر عيون الأحساء الطبيعية، وعين نجم التى تمتاز بمياهها
المعدنية، كما تحتوى على بعض الآثار التاريخية، وأهمها:
مسجد جُواثا الذى يعد أول مسجد أسس فى شرق الجزيرة
العربية.(11/85)
*آذربيجان
جمهورية إسلامية. تقع غربى بحر قزوين. يحدها من الغرب
جمهورية أرمينيا، ومن الشمال الغربى جمهورية جورجيا، ومن
الشمال داغستان، ومن الجنوب إيران. وكلمة آذربيجان فارسية
الأصل، وتعنى أرض النار؛ لكثرة معابد النار التى كانت قائمة
فيها قبل الإسلام. وتبلغ مساحة آذربيحان نحو (86.630 كم2)،
ويبلغ عدد سكانها نحو (8.794) نسمة، وفق إحصائية سنة
(1412هـ = 1992م). وأهم المدن فى آذربيجان باكو، وهى
عاصمة البلاد، وتقع على بحر قزوين، وهى من كبريات مدن
آسيا الوسطى، ومن المدن المهمة أيضًا كيروفاباد وأُرْمية
وسمحيت وتاخشتفان. ويعتمد اقتصاد آذربيجان على الزراعة؛
نظرًا لتوافر مياهها، وتجود فيها زراعة الفاكهة، كما أن لديها
ثروة حيوانية هائلة، بالإضافة إلى الصناعات المختلفة فى مدينة
باكو، مثل: صناعات البترول، وصناعة الحديد، وصناعة الأسمنت
، ونسج القطن. وقد بدأ الإسلام ينتشر فى آذربيجان عقب
حملات الفتوح الإسلامية التى سارت إليها فى عهد عمر بن
الخطاب. وقد ازداد الانتشار الإسلامى فيها فى عهد الخليفة
الأموى هشام بن عبد الملك واستمر هذا الانتشار فى العصر
العباسى. وقد استولى المغول على آذربيجان سنة (628هـ =
1230م)؛ فأصبحت جزءًا من إمبراطوريتهم، وفى سنة (1221هـ
= 1806م) قام الجيش الروسى بقيادة الإسكندر الأول بغزو
آذريبجان، واحتل القوقاز، ثم أخضعها له نهائيًّا سنة (1281هـ =
1864م). وقد عانت آذربيجان معاناة شديدة تحت وطأة السيطرة
الروسية؛ فهدمت مساجدها، ودمرت دور العلم الدينية فيها،
وحرقت المكتبات، وقد استمرت روسيا على هذه السياسة حتى
انهار الاتحاد السوفييتى سنة (1412هـ = 1991م)، وأعلنت
آذربيجان استقلالها، وأخذت تعمل على توطيد علاقاتها بالدول
الإسلامية، خاصة إيران وتركيا وأفغانستان.(11/86)
*الأبواء
قرية تقع بين المدينة المنورة والجحفة وتبعد عن المدينة بنحو
(46كم)، وهى الآن وادٍ فيه آبار كثيرة، وزراعة فى إمارة رابغ،
من إمارات مكة المكرمة. وسميت بهذا الاسم؛ لتبوء السيل بها،
أى نزوله فيها. وقد دفنت السيدة آمنة بنت وهب أم رسول الله
(بالأبواء، عندما كانت تزور أخا جد النبى - صلى الله عليه وسلم - وكان معها سيدنا
محمد (، وكان الرسول يتذكر أشياء حدثت له فى تلك الزيارة؛
فقد نظر إلى بنى النجار بعد الهجرة قائلاً: وهنا نزلت بى أمى،
وفى هذا الدار قبر أبى عبد الله، وأحسنت العوم فى بئر بنى
عدى بن النجار. وقد حدثت فيها غزوة الأبواء؛ وذلك أن النبى
(خرج فى سبعين رجلاً من المهاجرين، ليعترض عيرًا لقريش حتى
بلغ ودان (بقرب الأبواء)، وكان يحمل لواء هذه الغزوة حمزة بن
عبد المطلب، وفى هذه الغزوة عقدت معاهدة حلف بين النبى - صلى الله عليه وسلم -
وعمر الضمرى، وكان نصها: هذا كتاب من محمد رسول الله لبنى
ضمرة، فإنهم آمنون على أموالهم وأنفسهم، وإن لله النصر
على من رامهم، إلا أن يحاربوا دين الله، ما بل بحر صوفة (أى
دائمًا) وإن النبى إذا دعاهم لنصره أجابوه.(11/87)
*أرخبيل
أرخبيل كلمة معربة عن اللفظ اللاتينى A( صلى الله عليه
وسلم) chipelago، وتعنى مجموعة من الجزر المتجاورة، أو بحرًا
يضم عدة جزر، وغالبًا ما تتكون من صخور بركانية قوسية
الشكل. وتظهر جزر الأرخبيل بوضوح فى وسط المحيط الهادى
وجنوبه، مثل: جزر إندونيسيا وجزر ماركوس وجزر هاواى، كما
تظهر فى المحيط الأطلنطى، مثل: أرخبيل الأنتيل. ويتكون
أرخبيل جزر إندونيسيا من مجموعة من الأقواس الجزرية،
وتتكون من أربع جزر كبرى، هى: جاوا وسومطرة وبورنيو
وسيليبيس، وتقع عاصمة إندونيسيا جاكارتا فى أقصى الطرف
الشمالى الغربى لجزيرة جاوا، ويمتد أرخبيل جزر إندونيسيا من
الشرق إلى الغرب إلى مسافة طولها نحو (4000 كم) بين دائرتى
عرض (6ْ) شمالاً و (10ْ) جنوبًا. أما أرخبيل الأنتيل فيتكون من
مجموعة من الجزر العديدة التى تتناثر فى المسطح المائى الذى
يفصل أمريكا السكسونية عن أمريكا اللاتينية، وكانت تعرف
بجزر الهند الغربية، وتبلغ مساحتها نحو (230000 كم2). وتقع
معظم جزر هذا الأرخبيل فى المحيط الهادى تحت حماية الدول
الكبرى، مثل: الولايات المتحدة الأمريكية وشيلى والمكسيك
وأستراليا والاتحاد السوفييتى السابق. وترجع أهمية جزر
المحيط الهادى إلى أنها مصدر للسماد الطبيعى، وأن بها
صخورًا تحوى خامات معدنية، مثل: الذهب والفوسفات والمنجنيز
والنيكل كروم. ولبعض تلك الجزر أهمية استراتيجية أيضًا؛ نظرًا
لمواقعها الجغرافية الممتازة، مثل: جزر هاواى التى تعد البوابة
الغربية لأراضى الولايات المتحدة الأمريكية.(11/88)
*أريحا
مدينة عربية تقع على مسافة (37 كم) شرقى الشمال الشرقى
لمدينة القدس. وتقع أريحا فى الطرف الغربى لغور الأردن
الغربى، أو ما يعرف محليًّا بغور أريحا، وهى أقرب إلى الحافة
الجبلية لوادى الأردن الانهدامى منها إلى نهر الأردن. وتقوم
أريحا اليوم على هضبة منبسطة هى إحدى المدرجات البحيرية
القديمة التى نشأت بعد انحسار البحيرة الأردنية القديمة
وجفافها، وتنخفض أريحا نحو (276 م) عن سطح البحر. ومناخ
أريحا ينتمى إلى المناخ المدارى الصحراوى؛ فمتوسط درجة
الحرارة السنوى (23.5ْ)، وقلما يحدث الصقيع، أو تسقط الثلوج
فى أريحا؛ لذلك تعد من أكثر أماكن فلسطين المفضلة للتشتية.
وتعتمد أريحا فى اقتصادها على الزراعة والسياحة والصناعة: -
الزراعة: عُرِفت أريحا منذ القدم بغزارة مياهها، وخصوبة
تربتها؛ ولذلك اشتهرت بالزراعة منذ صدر الإسلام، وتؤكد
منتجاتها الزراعية مدى أهميتها بالنسبة إلى الأسواق المحلية
والخارجية. وتزرع أريحا القمح والشعير والذرة والسمسم والموز
والعنب والنخيل. - السياحة: يزور أريحا عدد كبير من السياح
سنويًّا، ولاسيما فى فصل الشتاء؛ لزيارة الأماكن الأثرية
والدينية وللاستمتاع بدفء الشتاء. - الصناعة: فى أريحا عدة
صناعات، مثل: صناعة السكر من قصب السكر، والتمر من البلح،
والحصير من القصب، وهناك مصانع للنسيج أيضًا.(11/89)
*إشبيلية
مدينة أندلسية قديمة النشأة. تقع فى الجانب الغربى من بلاد
الأندلس (إسبانيا والبرتغال)، وتبعد عن ساحل المحيط الأطلسى
بنحو (60) ميلاً. ويحدها من الغرب غرناطة، ومن الشمال الغربى
قرطبة، وأصل كلمة إشبيلية إشبالى، بمعنى المدينة المنبسطة.
وقد فتحها المسلمون سنة (94 هـ = 713 م) بقيادة طارق بن
زياد، بعد أن حاصرها عدة شهور، واتخذها موسى بن نصير
عاصمة، وبعد قيام الدولة الأموية فى بلاد الأندلس تمتعت إشبيلية
بازدهار شامل، وعاش فيها مجموعة من الأسر المسلمة،
بالإضافة إلى بعض الطوائف اليهودية، وعدد كبير من النصارى.
وقد دخلت إشبيلية تحت حكم المرابطين سنة (484 هـ = 1091 م)،
ثم الموحدين سنة (541 هـ = 1147 م)، ثم سقطت فى أيدى
النصارى القشتاليين سنة (646 هـ = 1248 م). وتوجد فى
إشبيلية مصانع للسماد والزيوت والأسمنت والخزف، ويعد مصنع
الخزف فيها من أشهر مصانع إسبانيا. وبإشبيلية - حاليًّا -
جامعة بنيت منذ قرنين، ومن الآثار الحضارية الباقية فى هذه
المدينة إلى الآن مئذنة المسجد الأعظم، ويبلغ ارتفاعها (96)
مترًا، وفيها - أيضًا - قصور غاية فى الروعة الفنية، منها:
المبارك والبستان وسعد السعود والثريا والزاهر.(11/90)
*أصفهان
أصفهان أو أصبهان - بفتح الهمزة وكسرها - ثانية كبرى المدن
الإيرانية بعد العاصمة طهران، وأصلها فى الفارسية أسباهان،
أى: مدينة الجيش. تقع بين مدينتى شيراز وطهران، وتبعد عن
الأخيرة بنحو (240) ميلا. وقد فتحها المسلمون سنة (23 هـ = 643
م)، وقيل: سنة (19 هـ = 640 م) بقيادة أبى موسى الأشعرى
وعبد الله بن بديل الخزاعى فى عهد أمير المؤمنين عمر بن
الخطاب، رضى الله عنه، وانتشر الإسلام فيها. وفى سنة (301
هـ = 913 م) دخلت أصفهان تحت حكم الساميين. وفى سنة (321
هـ = 933 م) دخلت تحت حكم البويهيين. وقد استولى عليها التتار
بقيادة تيمورلنك سنة (879 هـ = 1474 م) فدمروها، وقتلوا عددًا
كبيرًا من أهلها. وفى سنة (955هـ = 1548 م) فتحها العثمانيون
، وبقيت تحت الحكم العثمانى إلى أن استولى عليها الصفويون،
وفى عهدهم انتشر فيها المذهب الشيعى. وفى سنة (1335هـ =
1916 م) احتلها الروس، ثم تمكن الإيرانيون من استردادها. وتُعد
أصفهان مركزًا زراعيًّا وصناعيًّا وتجاريًّا: - فمن الناحية
الزراعية تتنوع المحاصيل الزراعية فيها، ويمثل القطن أهمها،
ومن الفواكه تزرع البطيخ والشمام والليمون والبرتقال. - ومن
أشهر الصناعات بأصفهان صناعات المنسوجات الحريرية
والصوفية، والسجاد. وتنتج أصفهان وحدها منها نحوًا من (92
%) من إنتاج إيران. - أما من الناحية التجارية فتتميز أصفهان
بحركة تجارية رائجة منذ القدم، كما تتميز بعديد من الأسواق
العريقة.(11/91)
*أصبهان
أصفهان أو أصبهان - بفتح الهمزة وكسرها - ثانية كبرى المدن
الإيرانية بعد العاصمة طهران، وأصلها فى الفارسية أسباهان،
أى: مدينة الجيش. تقع بين مدينتى شيراز وطهران، وتبعد عن
الأخيرة بنحو (240) ميلا. وقد فتحها المسلمون سنة (23 هـ = 643
م)، وقيل: سنة (19 هـ = 640 م) بقيادة أبى موسى الأشعرى
وعبد الله بن بديل الخزاعى فى عهد أمير المؤمنين عمر بن
الخطاب، رضى الله عنه، وانتشر الإسلام فيها. وفى سنة (301
هـ = 913 م) دخلت أصفهان تحت حكم الساميين. وفى سنة (321
هـ = 933 م) دخلت تحت حكم البويهيين. وقد استولى عليها التتار
بقيادة تيمورلنك سنة (879 هـ = 1474 م) فدمروها، وقتلوا عددًا
كبيرًا من أهلها. وفى سنة (955هـ = 1548 م) فتحها العثمانيون
، وبقيت تحت الحكم العثمانى إلى أن استولى عليها الصفويون،
وفى عهدهم انتشر فيها المذهب الشيعى. وفى سنة (1335هـ =
1916 م) احتلها الروس، ثم تمكن الإيرانيون من استردادها. وتُعد
أصفهان مركزًا زراعيًّا وصناعيًّا وتجاريًّا: - فمن الناحية
الزراعية تتنوع المحاصيل الزراعية فيها، ويمثل القطن أهمها،
ومن الفواكه تزرع البطيخ والشمام والليمون والبرتقال. - ومن
أشهر الصناعات بأصفهان صناعات المنسوجات الحريرية
والصوفية، والسجاد. وتنتج أصفهان وحدها منها نحوًا من (92
%) من إنتاج إيران. - أما من الناحية التجارية فتتميز أصفهان
بحركة تجارية رائجة منذ القدم، كما تتميز بعديد من الأسواق
العريقة.(11/92)
*ألمرية
من أشهر مدن الأندلس، وهى ميناء على ساحل البحر المتوسط.
أسسها الفينيقيون، على الأرجح، وازدهرت ما بين القرنين (13،
و15 م) فى ظل الحكم الإسلامى، وعلا شأنها فى دولة المنصور
بن أبى عامر الذى ولَّى عليها مولاه خيران، وإليه تنسب القلعة
المنيعة قلعة خيران. ويُستخرج من ألمرية بعض المعادن، مثل:
الرخام والحديد، كما تتميز بصناعة الديباج، وتُزرَع فيها
الفاكهة، وفيها أطلال حصن عربى، وكاتدرائية قوطية الطراز.
ووادى ألمرية طوله أربعون ميلا، تكثر فيه البساتين والحدائق
والأنهار والطيور. وتُعد ألمرية من أغنى بلاد الأندلس، حتى قيل:
لم يكن فى بلاد الأندلس أكثر مالاً من أهل ألمرية.(11/93)
*أبو صير
قرية قديمة اسمها الأصلى بو صير، وتُعرَف الآن باسم أبو صير
دفنو؛ لمجاورتها لناحية دفنو التى كانت تُسمى دفدنو من
أعمال الفيومية (محافظة الفيوم حاليًّا)، وهى تتبع مركز إطسا.
ويقال: إن مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين قُتل فيها، بعد
أن ألجأه أبو مسلم إلى مصر بعد سقوط دمشق فى يد
العباسيين، فتتبعوه حتى قُتل هناك فى كنيسة أبى صير.(11/94)
*أسيوط
مدينة بصعيد مصر، غربى النيل، على بعد (378) كم جنوبى
القاهرة عاصمة مصر، ويُقال: إن الدنيا صُوِّرت للرشيد فلم
يستحسن إلا كورة أسيوط، وكانت أحد متنزهات خمارويه بن
أحمد بن طولون، ويُنسب إليها جماعة من العلماء، مثل: جلال
الدين السيوطى. ومدينة أسيوط عاصمة لمحافظة أسيوط وهى
ذات تجارة عظيمة، واشتهرت قديمًا بصناعة العاج وقرن الخرتيت
والأبنوس والأوانى الخزفية والمنسوجات القطنية والحريرية.
ولأسيوط مورد على النيل وهو قرية تُسمَّى الحمراء مكانتها
بالنسبة إلى أسيوط مثل مكانة بولاق بالنسبة إلى القاهرة.
وكان يمر بها طريق درب الأربعين الذى يربط السودان بمصر.(11/95)
*أفغانستان
جمهورية إسلامية. تقع فى وسط آسيا. عاصمتها كابل. يحدها
من الشمال جمهوريات أوزبكستان وتركستان وطاجيكستان،
ومن الشمال الشرقى الصين وإقليم كشمير، ومن الجنوب
والشرق جمهورية باكستان، ومن الغرب جمهورية إيران. ولغتاها
الرسميتان هما: الباشتو والدارى، وهما خليط من عدة لغات منها
العربية. وهى ملتقى طرق قوافل الشرق والغرب، مما أدى إلى
طمع الاحتلال البريطانى والروسى فيها. تبلغ مساحتها نحو
(647.5) ألف كم2، وتكثر فيها الجبال المرتفعة، وأعلى قمة
جبل تبلغ نحو (6059) مترًا، وتعد منبعًا لعدد من الأنهار، من
أشهرها: جيحون (أموداريا) وكابل وهرى رود، وعلى ضفافها
تقع أغلب المدن الأفغانية. ويُعد الرعى مصدرًا للمعيشة. ولم
تُعرف أفغانستان بهذا الاسم إلا فى القرن (12هـ = 18 م)،
وكانت قبل ذلك ضمن إقليم خراسان، وعرفت قبل الإسلام باسم
أريانا وبدأ الفتح الإسلامى لها فى عهد أمير المؤمنين عمر بن
الخطاب رضى الله عنه. ولم يمضِ القرن الأول الهجرى حتى كانت
تلك البلاد ترفع أعلام التوحيد وتدين بالإسلام، وظل حاكمها
واليًا من قِبل الخليفة حتى عصر الخليفة العباسى المأمون، حيث
بدأت حكومات عدة دول فيها، مثل: الدولة الطاهرية، ومن بعدها
الصفارية ثم السامانية والغزنوية والغورية والتيمورية، ثم حكمها
شاهات إيران ثم استقلت عن إيران وخاضت بريطانيا حروبًا
ضدها فاحتلتها. ثم استقلت نهائيًّا سنة (1340 هـ = 1921 م)،
ولتعاون بعض حكامها مع الروس والغرب انتشرت فيها الأحزاب
اليسارية والأفكار الشيوعية، وكان رد الفعل الطبيعى ظهور
حركات إسلامية تنادى بالعودة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية،
وقد احتلها السوفييت، وانتهكوا فيها كل القوانين الدولية،
وقاموا بأعمال وحشية استخدموا فيها الأسلحة المحرمة دوليًّا،
فتجمعت جبهات الجهاد الإسلامى ومنظماته ضد الروس، وأسهمت
باكستان وغيرها من الدول الإسلامية فى دعم هذا الجهاد. وبعد(11/96)
جهاد عشر سنوات ضاع ضحيتها أكثر من مليون شهيد وشُرِّد
نحو خمسة ملايين نسمة، تمكن الأفغان من إجبار الروس على
الجلاء نهائيًّا فى (26 من جمادى الآخرة 1408 هـ = 15 من
فبراير 1988 م). وتُدَّرس الآن اللغة العربية فى المدارس الأفغانية
كلغة أصلية. وينتسب إلى أفغانستان عدد من العلماء منهم
الإمام أبو حنيفة النعمان صاحب المذهب الحنفى، والمتُوفَّى سنة
(150 هـ = 767 م)، ومن رجال الإصلاح فى العصر الحديث جمال
الدين الأفغانى المتُوفَّى (1315 هـ = 1897 م).(11/97)
*أوربا
إحدى قارات العالم. تبلغ مساحتها نحو عشرة ملايين كم2. تقع
بين دائرتى عرض (36ْ، و 71ْ) شمالى خط الاستواء، وبين خطى
طول (10ْ) غربًا و (60ْ) شرقًا. وهى شبه جزيرة غير منتظمة
الشكل. يحدها من الشمال المحيط المتجمد الشمالى، ومن الغرب
المحيط الأطلسى، ومن الجنوب البحر المتوسط. ويحدها من
الشرق جبال الأورال ونهر آرال وجبال القوقاز. وتنقسم إلى ستة
أقاليم سياسية، تضم (55 دولة) وهى مزدحمة بالسكان؛ ويرجع
ذلك إلى النهضة الحضارية، ويتركزون فىالسهول الغربية
والوسطى وتقل الكثافة فى الشمال والمناطق الجبلية،
وينحدرون من السلالة القوقازية ومعظمهم يعتنق النصرانية،
وينقسمون إلى طوائف لها كنائسها (الكاثوليكية،
والبروتستانتية، والأرثوذكسية الشرقية)، فضلاً عن وجود
المسلمين فى معظم البلدان بالقارة، كما توجد أقلية يهودية،
وخصوصًا فى شرق أوربا. ويتكلم سكان قارة أوربا البالغ
عددهم نحو (699) مليون نسمة نحو ثلاثين لغة، أشهرها:
الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والألمانية والهولندية
والدنمركية والنرويجية والمقدونية والمجرية، بالإضافة إلى عدد
كبير من اللهجات. وتاريخ أوربا القديم مرتبط بحضارتين
كبيرتين، هما حضارة اليونان التى بلغت أقصى اتساع لها على
يد الإسكندر المقدونى، والحضارة الرومانية التى استمدت منها
أوربا تاريخها، ثم أتت فترة اتسمت أوربا فيها بالتخلف
والجهل؛ فسميت بالعصور الوسطى (تمتد حتى القرن 9 هـ = 15
م). وبدأ عصر النهضة فى أوربا من بداية القرن (9 هـ = 15 م)؛
حيث أخذت حركة الكشوف الجغرافية دورها فى كشف سواحل
إفريقيا وشمالى القارتين الأمريكيتين وجنوبيهما، وانتقل
التفوق التجارى من عالم البحر المتوسط إلى الأمم القريبة من
المحيط الأطلنطى، وبدأت أوربا فى تأسيس مستعمراتها
وإمبراطورياتها فيما وراء البحار، وانتشر نفوذها تدريجيًّا فى
أنحاء الأرض. وشهد القرن (10 هـ = 16 م) قيام حركات الإصلاح(11/98)
الدينى ضد الكنيسة الكاثوليكية. وفى مطلع القرن العشرين
الميلادى أُسقطت الخلافة الإسلامية (العثمانية) وتحولت تركيا
إلى دولة صغيرة، وكانت منطقة البلقان مستغرقة فى خلافات
عرقية ودينية، وتعرض المسلمون خلالها لحركتى إبادة. وفى
العشرينيات من القرن العشرين الميلادى قامت الثوة البلشفية
فى روسيا وتأسس الاتحاد السوفييتى، كما اشتعلت نار حرب
عالميتين انتهتا بظهور قوتين عظميين (الولايات المتحدة والاتحاد
السوفييتى) وقسمت أوربا إلى شرقية وغربية، ونشأت حرب
باردة بين حلف الأطلنطى وحلف وارسو، وانتهت الحرب الباردة
بسقوط الاتحاد السوفييتى، كما برزت حركات الوحدة الأوربية،
فتأسس مجلس أوربا والسوق الأوربية المشتركة، وفتح مشروع
أوربا الكبرى، وتوسع فى إجراءات الوحدة الأوربية اقتصاديًّا
وسياسيًّا. وبالنسبة إلى دخول الإسلام إلى أوربا فقد طرق
أبوابها بمحاولات فتح القسطنطينة من الشرق، وفتحه صقلية،
وجنوبى إيطاليا من الجنوب، وفتحه الأندلس والتوغل فى فرنسا
من الغرب، ثم عاد المسلمون ليدقوا أبواب أوربا الشرقية ثم
الوسطى زمن السلطان محمد الفاتح وخلفائه، وتبعت ذلك حرب
ضارية لغزو الأراضى الإسلامية فى القرن (10هـ = 16م) تمثلت
هذه الحرب فى الحملات القادمة من غرب أوربا، وظهور حركة
ضدها تقاومها من الشرق المسلم، وكانت الأندلس إحدى نقاط
الاحتكاك الحضارى بين المسلمين والأوربيين؛ إذ كانت بمنزلة
مركز إشعاع وتنوير لغرب أوربا.(11/99)
*أيبيريا
شبه جزيرة. تقع فى الجنوب الغربى من القارة الأوربية. تضم
إسبانيا والبرتغال. يفصلها عن سائر أوربا جبال البرانس
الممتدة من خليج بسكاى فى الغرب إلى البحر المتوسط فى
الشرق على امتداد نحو (425) كم، ويصل ارتفاعها إلى (3720
م)، وبهذا تكون حاجزًا منيعًا بينها وبين أوربا، ويفصلها عن
إفريقيا مضيق جبل طارق، وفى وسط الجزيرة هضبة كبرى
تنحدر نحو الشرق مطلة على البحر المتوسط، وتنحدر نحو الغرب
مطلة على المحيط الأطلسى الذى يطوق شمالها الغربى فى
خليج بسكاى. ويتصل فى جنوبها بالبحر المتوسط. وتمتد
سلسلة من الجبال من الشرق إلى الغرب فى هضبة أيبيريا
الوسطى، كما يوجد فيها أنهار كثيرة تصب فى المحيط من
الشمال الى الجنوب، أهمها: نهر المنيو ودويرة وتاجة الذى
تقع عليه مدينة مدريد عاصمة إسبانيا وطليطلة، ثم نهر الوادى
الكبير، وتقع عليه قرطبة وإشبيلية، وأهم الأنهار التى تصب
فى البحر المتوسط: نهر إيرو المتعدد الفروع، وينبع من شرقى
قشتالة، ونهر الوادى الأبيض ومصبه عند بلنسية. ومناخ أيبيريا
متباين؛ لاختلاف أقاليمها، واسم أيبيريا مشتق من الأيبيريين،
وهم قبائل من غالة والبسك، ويُعتقد أنهم هاجروا إليها من
إفريقيا، ثم وفد عليها الفينيقيون ثم الإغريق فى القرن (5 ق. م)،
وهم الذين سموها أيبيريا، ثم وفد عليها القرطاجنيُّون، ثم
استولى عليها الرومان الذين أشاعوا فيها النصرانية. وفى
القرن الخامس الميلادى أغار عليها المتبربرون من الألمان، كما
أضاف الفتح الإسلامى إلى سكان أيبيريا سنة (86 هـ = 706 م)
عناصر جديدة من آسيا والبربر والصقالبة. وكانت حياة أهل
أيبيريا قبل الفتح الإسلامى أشبه بحياة البداوة، وظل
المسيحيون يعيشون هذه الحياة؛ لوعورة موطنهم مثلهم فى ذلك
مثل العرب، ولم يأخذوا فى التحضر إلا فى زمن الدولة الأموية. ثم
جاءت نهاية دولة الإسلام فى الأندلس سنة (897 هـ = 1492م) -(11/100)
تلك الدولة التى عاش فيها اليهود والمسيحيون فى أمن
وطمأنينة - فأكره المسلمون على اعتناق النصرانية، ووجدت
فى شبه الجزيرة الأيبيرية دولتا إسبانيا والبرتغال.(11/101)
*البحرين
دولة عربية إسلامية. تقع فى منتصف الخليج العربى، بين رأس
الخليج عند البصرة، ومدخله عند مضيق هرمز، بين خطى عرض
(525) و (527) شمالاً، وخطى طول (550) و (551) شرقًا، وهى
على شكل أرخبيل جزرى. وتتكون من (33) جزيرة، كبراها
جزيرة البحرين، تليها جزيرة المحرق ثم جزيرة سترة. تبلغ
مساحتها (678) كم2 تقريبًا. وأهم مدن البحرين المنامة العاصمة،
ومناخها حار رطب صيفًا، معتدل قليل الأمطار شتاءً، وتهب
عليها رياح شرقية رطبة تسمى الكوس فى الصيف، وتتعرض
لرياح جنوبية ساخنة تسمى سهيل، ورياح شمالية غربية فى
الشتاء. ويبلغ عدد السكان (557) ألف نسمة وفق إحصائية سنة
(1413هـ = 1992 م)، يدينون بالإسلام. وكان السكان يعتمدون
على الزراعة وصيد اللؤلؤ والأسماك حتى اكتشاف البترول فى
الثلاثينيات من القرن العشرين. وقد ورد ذكر البحرين فى
الأساطير السومرية باسم دلمون أو تلمون، وتعنى عندهم أرض
الحياة، أى: الأرض المقدسة، وقد بينت عمليات التنقيب قيام كل
من حضارة نيدوك - كى الأكادية وحضارة دلمون الآشورية فى
البحرين. ودخل أهل البحرين فى الإسلام فى عهد النبى - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث
بعث إليهم العلاء بن الحضرمى، ثم ارتدَّ بعضهم وقضى عليهم
العلاء، وشهدت البحرين فى العهد الأموى حركة استقلال تهدف
إلى نشر مذهب الخوارج، قضى عليها الخليفة عبد الملك بن
مروان، كما شهدت فى العصر العباسى حركة الزنج، ثم حكمها
القرامطة، ثم العيونيون، واستولى عليها الفرس ثم المغول، ثم
غزاها البرتغاليون، ثم سيطر عليها الفرس مرة أخرى حتى سيطر
عليها آل خليفة نحو سنة (1196هـ = 1782م)، واحتلتها بريطانيا،
وتم استقلالها سنة (1391 هـ = 1971 م).(11/102)
*بخارى
مدينة إسلامية. تقع فى غرب جمهورية أوزبكستان فى آسيا
الوسطى الإسلامية. وكانت حاضرة إقليم ما وراء النهر، واسمها
مشتق من كلمة بخار المغولية، وهى تعنى: العلم الكثير،
وسُميت بهذا الاسم؛ لوجود كثير من العلماء فيها، ولبخارى عدة
أسماء منها: أرض النحاس؛ لتوافره بها، ومدينة التجار؛
لمركزها التجارى بين آسيا الشرقية والغربية واشتهار أهلها
بالصيرفة، وبخارى الشريفة وبخارى العظيمة. وبخارى إقليم
يمتد من نهر جيحون حتى صحراء قزل قم. ومساحتها (57630)
كم2، وموقع المدينة من الإقليم على شاطئ نهر زرافشان.
وأصل سكان بخارى من الطاجيك والفرس والأوزبك والترك
والروس، ويتحدثون التركية والفارسية والروسية، وقد اشتهروا
بالعلم والفروسية والرماية. وتتكون حاليًّا من بخارى الجديدة،
ويسكن الروس معظمها، وبخارى القديمة، وفيها المساجد
الأثرية، وتحيطها الحدائق، ويمر بها طريق دولى، ولها إحدى
عشرة بوابة. وفى بخارى عدة أنهار، وتشتهر بالفاكهة، وتنتج
الحرير والقطن والسجاد، كما تعرف بصياغة الفضة والذهب.
وكانت بخارى إحدى مدن الدولة الأكمينية الإيرانية (553 - 330
ق. م)، واستولى عليها الإسكندر الأكبر ومن بعده دولة
الباختريين، وتلاهم الصينيون، وفتحها قتيبة بن مسلم الباهلى
سنة (90هـ = 705 م) حتى خربها جنكيزخان سنة (616هـ =
1219م)، وأعاد الأوزبك بناءها وجعلوها عاصمة لدولتهم، ثم
استولى عليها الإيرانيون، ثم الروس سنة (1336هـ = 1918م)،
وظلت تحت سيطرتهم حتى انهيار الاتحاد السوفييتى سنة
(1412هـ = 1991م)؛ فصارت إحدى مدن أوزبكستان المستقلة.
والتراث المعمارى فى بخارى دليل على المستوى الرفيع الذى
وصل إليه طراز العمارة عند المسلمين فى آسيا الوسطى وهى
تعد متحفًا كبيرًا؛ لما فيها من مبانٍ أثرية، مثل: القلعة العسكرية
المشَّيدة فى القرن (12هـ = 18م)، وفيها قصر الحاكم،
والمسجد، وبيت المال، وإلى جوارها مسجد بولاحاووظ الذى(11/103)
شُيِّد فى القرن (11 هـ = 17 م)، وضريح السامانيين المشيد خلال
القرن (3هـ = 9م)، وألوانه تتبدل حسب أوضاع الشمس، ويصل
إلى قمة جماله فى الليالى المقمرة، وهذه خاصية يمتاز بها على
كل الآثار المعمارية فى العالم. وينتسب إلى بخارى كثير من
العلماء، أشهرهم: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخارى
المتُوفَّى سنة (256هـ = 870 م) وهو صاحب الصحيح، وعمر بن
منصور البخارى المعروف بالبزار، المتُوفَّى سنة (461 هـ =
1069م)، وبهاء الدين النقشبندى المتُوفَّى سنة (1242هـ =
1826م).(11/104)
*برشلونة
مدينة إسبانية. تقع فى الطرف الشمالى الشرقى لشبه جزيرة
أيبيريا بين جبال البرانس ونهر إبرة. أطلق عليها المسلمون اسم
برسلونة أو برجلونة عند فتحها على يد موسى بن نصير سنة
(95هـ = 713م). وسقطت فى يد النصارى على يد الإمبراطور
شارلمان سنة (164 هـ = 780 م)، وأصبحت عاصمة لإقليم أراجون
وقطلونيا. وعاود المسلمون فتحها سنة (242هـ = 856 م)، ثم
عام (375 هـ = 985 م) على يد المنصور بن أبى عامر، ولكنها
سرعان ما عادت إلى الإفرنج؛ ولهذا خلت من الآثار الإسلامية،
ولايذكر عنها سوى تحويل مسجدها الجامع إلى كنيسة. وتُعد
الآن من كبرى مدن إسبانيا من حيث عدد السكان، كما تعد أكبر
موانيها والمركز التجارى والصناعى الرئيسى بها.(11/105)
*برقة
إقليم ليبى. يقع على البحر المتوسط، ويمتد من خليج السلوم
على الحدود المصرية شرقًا، إلى خليج سدرة غرباَ مكونًا شبه
جزيرة تتوسطها مرتفعات متدرجة نحو ساحل البحر، ترويها
الأمطار، وتكسوها النباتات، يُطلق عليها: الجبل الأخضر.
مساحتها (855.000 كم2). وتقع بين دائرتى عرض (30 5، 33 5)
شمالاً، وخطى طول (20 5، 30 5) شرقًا، وعاصمتها مدينة
بنغازى. وتتميز برقة بالنشاط الزراعى الوافر، ويشتغل سكانها
برعى الماشية. والبترول من أهم الثروات فى برقة. وكانت برقة
تُسمَّى مدينة المرج وقد استقر بها الإغريق، ثم دخلها الفرس، ثم
حكمها البطالمة، ثم استولى عليها الرومان والوندال
والبيزنطيون، ثم استجاب أهلها للفتح الإسلامى على يد عمرو
بن العاص، وظلت ولاية إسلامية تابعة لمصر حتى عهد الدولة
العباسية، ثم دخلها الفاطميون، واستولى عليها الزيريون،
وزحف إليها الموحدون، واستعادها الأيوبيون، ثم المماليك،
وتعرضت لهجوم الإسبان الذين تنازلوا عنها لفرسان القديس
يوحنا (فرسان مالطة)، ثم خضعت لحكم العثمانيين؛ بحكم
تبعيتها لمصر. ثم حكمتها الأسرة القرمانلية، ثم استردها
العثمانيون، ثم ظهرت الحركة السنوسية على يد محمد بن على
السنوسى، واحتلتها إيطاليا ودارت أحداث دامية حتى تم طرد
القوات الإيطالية والألمانية من ليبيا، لكن برقة خضعت للإدارة
العسكرية البريطانية، حتى اعترف باستقلال ليبيا. وفى سنة
(1389 هـ = 1969 م) قامت ثورة الفاتح من سبتمبر، وأعلنت
الجمهورية الليبية الديمقراطية. وينتسب إلى برقة عدد من
العلماء، منهم: أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن بن العاص
البرقى المتُوفَّى سنة (245هـ = 859 م)، وأبو بكر أحمد بن عبد
الله بن زرعة الزهرى البرقى المتُوفَّى سنة (286هـ = 899 م)،
وأبو الطاهر إسماعيل بن أحمد بن زيادة الله التُّجيبى المعروف
بالبرقى والمتُوفَّى سنة (445 هـ =1053 م).(11/106)
*البشكنس (بلاد)
بلاد تمتد من شمالى غربى إسبانيا عبر جبال البرانس إلى
فرنسا، وهى تَحيط بخليج بسكاى. وسكان هذه البلاد يُطلق
عليهم الباسك، وسماهم المسلمون الفاتحون للأندلس البشكونس
أو البشكنس، ويتميزون بلغتهم الفريدة فى اصطلاحاتها. وأهم
أقاليم البشكنس: بسكاى وجيبوسكو. ولقد حاول المسلمون
عدة محاولات لفتح هذه البلاد، وكان منها محاولة عبد الملك بن
قطن الفهرى التى هزم فيها جند البشكنس، واضطرهم إلى طلب
الصلح سنة (115هـ = 733 م)، ولكنه رجع عنها لقلة ما معه من
الجند، كما دخلها عبد الرحمن الأول سنة (167 هـ = 783 م)
وفرض عليها الجزية، ثم عاد مظفرًا إلى قرطبة. ومن المعروف
عن شعب البشكنس أنه شعب ثورى يكثر من صنع الاضطرابات،
وكان له دور مهم فى حروب طرد المسلمين من الأندلس فقد
اشتركوا فى جيوش ملك نافار؛ ولهذا منحوا ألقاب النبالة،
وامتلكوا الأرض التى كانت للعرب المسلمين.(11/107)
*بغداد
عاصمة الجمهورية العراقية الآن، وكانت عاصمة للخلافة
العباسية فترة طويلة. تقع على ضفتى نهر دجلة، وترتفع عن
سطح البحر بمقدار (32) مترًا ومساحتها (850) كم2. اْسسها
الخليفة العباسى أبو جعفر المنصور سنة (145 هـ = 762 م)،
وأطلق عليها اسم مدينة السلام، كما أطلق عليها عدة أسماء،
منها: الزوراء والمنصورية والمدينة المنورة. وبغداد كلمة
فارسية تعنى عطية الله، وهناك خلاف حول أصلها ومعناها.
وقد أحيطت بسورين وخندق، وجعل لها أربعة أبواب سُمَّى كل
باب باسم الإقليم الذى يواجهه، وهى: باب الشام وباب الكوفة
وباب البصرة وباب خراسان، وفى وسطها قصر لإقامة الخليفة،
وفى طرف القصر إيوان بجواره مسجده، ثم عمل أبو جعفر
المنصور على توسيعها سنة (151هـ = 768 م)؛ فأقام مدينة
الرُّصافة، وجعلها مقرًّا لابنه وولى عهده، ثم اتسعت أكثر فى
عهد الرشيد، ثم تعرضت للتخريب والتدمير؛ بسبب الصراع بين
ولدى الرشيد، ثم أنشأ المعتصم سُرَّمَنْ رأى (سامراء)، وجعلها
عاصمة لدولته، ثم عاد المعتمد إلى بغداد واتخذها عاصمة مرة
أخرى. وقد أدى ازدياد الفتن إلى اضمحلال المدينة، لكنها
استعادت بعض مكانتها فى العهد السلجوقى، وظلت عاصمة
الخلافة حتى دمرها التتار سنة (656 هـ = 1258 م)، واستمرت
تحت حكمهم حتى دخل تيمور لنك بغداد سنة (795 هـ = 1393 م)،
ثم حكمها التركمانيون حتى دخلها الصفويون ثم استعادها
العثمانيون، ثم دخلها المماليك، ثم استعادها العثمانيون حتى
احتلتها إنجلترا سنة (1335هـ = 1917م)، وفرضت على العراق
الانتداب الإنجليزى حتى قامت الثورة سنة (1378 هـ = 1958 م)،
ومنذ ذلك الوقت وهى عاصمة للجمهورية العراقية. وقد تضررت
بغداد من الحرب العراقية الكويتية سنة (1412 هـ = 1992 م).
وتعد بغداد عاصمة علمية وأدبية وفكرية على مدى قرون
عديدة، فالعباسيون شجعوا الناس على استيطان بغداد وبخاصة(11/108)
العلماء، فممن اشتهر فيها: أبو حنيفة النعمان المتُوفَّى سنة
(150هـ = 767 م)، والمفضل الضبى المتُوفَّى سنة (171هـ = 787
م)، والكسائى المتُوفَّى سنة (189 هـ = 804 م)، والفرَّاء
المتُوفَّى سنة (207 هـ = 822 م)، وأحمد بن حنبل المتُوفَّى سنة
(241 هـ = 855 م)، وابن السكيت المتُوفَّى سنة (244 هـ = 858
م) وغيرهم. ويوجد ببغداد عدد من المعالم الحضارية التاريخية،
مثل: القصر العباسى، والمشهد الكاظمى، وجامع المنصور،
وجامع المهدى، وجامع الرُّ_صافة، والمدرسة الشرفية بجوار قبر
أبى حنيفة النعمان، والمدرسة السلجوقية، والمدرسة
المستنصرية.(11/109)
*أنطاكية
مدينة تركية تقع فى قارة آسيا، على حافة وادٍ خصيب معتدل
المناخ يقع على نهر العاصى وتبعد عن البحر المتوسط بنحو
(22) كم، وتقع على دائرة عرض (36.10ْ) شمالآ وخط
طول (36.6ْ) شرقًا، وتمتد إلى سفح جبل حبيب النجار على
ارتفاع (1525) قدمًا من سطح البحر، وتشغل حاليًّا نحو (5205
م). وقد أسسها الرومان نحو سنة (300 ق. م) على أنقاض
مستعمرتين يونانيتين قديمتين، وتحولت إلى مركز تجارى كبير،
كما تأثرت بالصراع القائم بين ملوك فارس والرومان. وقد
حاصرها الصحابى الجليل أبو عبيدة بن الجراح، رضى الله عنه،
وأدوا له الجزية، ووطَّن معاوية بن أبى سفيان، رضى الله عنه،
أعدادًا من المسلمين فيها، بعد أن تركها أهلها أمام هجمات
الروم عليها، واهتم المسلمون بها؛ لكونها ثغرًا من ثغور الدولة
الإسلامية. وفى عهد العباسيين أصبحت عاصمة لإقليم كليليكيا،
ثم دخلت تحت حكم الدولة الطولونية، واحتلها البيزنطيون، ثم
ردها السلاجقة، وعاملوا سكان المدينة معاملة حسنة، وعفوا عن
النصارى، ودخلها الصليبيون وأعملوا السيف فى أهلها ثلاثة
أيام فى (جمادى الآخرة 491 هـ = يونيو 1098 م)، ثم حررها
بيبرس (667 هـ = 1268 م). وفى فترة الحكم العثمانى لها شهدت
ازدهارًا عمرانيًّا وسكانيًّا. وبعد الحرب العالمية الأولى احتلها
الإنجليز ثم الفرنسيون، ثم أقيمت دولة هاتاى وعاصمتها
أنطاكية، ثم انضمت هاتاى إلى تركيا، وأصبحت جزءًا منها فى
سنة (1358 هـ = 1939 م). وكانت أنطاكية تتحكم فى نقاط
التقاء الطرق التجارية من الفرات وسورية إلى الأناضول، كما
قامت فيها صناعة المنسوجات الحريرية وغيرها، كما تُصاد
ثعابين الماء من نهر العاصى بكميات كبيرة. وأهم الآثار
الموجودة فيها: الأسوار، وبعض القناطر المعلقة، وأبواب
الأسوار، وقبر حبيب النجار الحوارى الذى استشهد فيها.(11/110)
*أوغندا
دولة إفريقية تقع شرق القارة على هضبة مرتفعة، بين
دائرتىعرض (4ْ) شمالاً، و (1.30ْ) جنوبًا. يحدها من الشمال
السودان، ومن الشرق كينيا، ومن الغرب زائير، ومن الجنوب
تنزانيا. وتبلغ مساحتها (236000 كم2) تقريبًا. فيها مجموعة من
القمم الجبلية، وتنتشر فيها البحيرات، التى من أهمها: بحيرات
فيكتوريا التى ينبع منها النيل الأبيض، وإدوارد وألبرت
وكيوغا، إلى جانب عدد من الأنهار والشلالات؛ وبذا تشرف أوغندا
على أهم منابع نهر النيل؛ مما جعل لها أهمية استراتيجية
كبيرة. ومناخ أوغندا معتدل؛ بسبب وجود البحيرات والأنهار
فيها، وارتفاع سطحها. ويبلغ عدد سكانها (19) مليون نسمة
وفق إحصائية سنة (1412 هـ = 1992 م)، وينتمى (70 %) منهم
إلى الزنوج وقبائل البانتو التى اكتسحت البلاد، وشكلت معظم
السكان الحاليين، والباقى نيليون من أصل سودانى، وعناصر
أخرى عربية وهندية وأوربية. ويعتنق نحو (40 %) من السكان
الدين الإسلامى، على حين يدين بالمسيحية نحو (30 %)،
وبالوثنية نحو (30 %). والإنجليزية هى اللغة الرسمية، بالإضافة
إلى لغة البانتو والسواحلية ولغات محلية خاصة بأغلب القبائل.
وكمبالا هى عاصمة البلاد، وتقع على بحيرة فيكتوريا، وفيها
مركز تجارى كبير، كما تنتشر المدارس والمؤسسات الإسلامية
فى مدينة مازاكا. ويعتمد الاقتصاد الأوغندى على الزراعة،
وأهم المحاصيل: البن؛ فأوغندا خامس دولة فى العالم إنتاجًا له،
ويليه القطن وقصب السكر والشاى والكاكاو، كما تتمتع أوغندا
بثروة حيوانية كبيرة من الماشية، وتتوافر الأسماك فيها نظرًا
لتعدد شواطئها، كما تمتلك مناجم للنحاس والقصدير. كانت
أوغندا تتكون من قبائل متفرقة توحدت فى شكل ممالك، وفى
سنة (1281 هـ = 1864م) أرسل الخديو إسماعيل البعثات
العسكرية لفتح هذه المناطق، وضم أوغندا وما وراءها، وأطلق
عليها مديرية خط الاستواء، وبعد القضاء على الثورة المهدية(11/111)
فى السودان سنة (1317 هـ = 1899م) خرج الجيش المصرى منها،
وتكالبت عليها بريطانيا فرفع عليها العلم البريطانى سنة (1314
هـ = 1896م)، ثم حصلت أوغندا على استقلالها سنة (1382 هـ =
1962 م). ويُعد الإسلام أول الشرائع السماوية التى دخلت إلى
أوغندا، وذلك فى نهاية القرن (6 هـ = 12 م) عن طريق التجار
العرب المسلمين من مسقط وعُمَان واليمن أولاً، ثم من خلال
حسن المعاملة التى لاقاها الأوغنديون من البعثات العسكرية
المصرية فى عهد إسماعيل فلقيت ترحيبًا من قِبل ملك أونيورو
إحدى الممالك الأوغندية، وقد رفع العلم المصرى على مملكته،
كما طلب ملك أوغندا من المصريين بسط نفوذهم على مملكته.
وبعث عدد من العلماء لتعليمه هو وشعبه الإسلام، فأجيب إلى
ذلك. وفى أوغندا عدد من الجمعيات والمؤسسات الإسلامية،
وأكبر المساجد فبها: مسجد نكسيرو، وهو فى العاصمة،
ومسجد كبيلى فى ضاحيتها. وأوغندا عضو فى منظمة المؤتمر
الإسلامى والأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية.(11/112)
*بلغاريا
دولة أوربية. عاصمتها صوفيا تقع جنوب شرق أوربا. يحدها
البحر الأسود من الشرق، ويوغسلافيا السابقة من الغرب،
ورومانيا من الشمال واليونان وتركيا من الجنوب. وتبلغ
مساحتها نحو (110.669) كم2. وتنقسم بلغاريا إلى عدة أقاليم
تضاريسية هى: هضبة الدانوب وجبال البلقان ووادى ماريتزا
ومرتفعات رودوب. ومناخ بلغاريا حار صيفًا، بارد شتاءً، وعدد
سكانها نحو (9.021.000) نسمة وفق إحصائية سنة (1413هـ =
1992 م)، وهم من عناصر شتى، منها البلغار ويمثلون (85.5 %)،
والأتراك ويمثلون (8.6 %)، والغجر بنسبة (2.6 %) إلى جانب كل
من المقدونيين والأرمن، والروس واليونانيين، ومعظم السكان
مسيحيون، ويبلغ عدد المسلمين مليونى نسمة، يرعى شئونهم
مفتٍ أكبر، ولهم نحو (1200) مسجد، وقد تعرضوا لمحاولات
تهدف إلى تذويبهم فى المجتمع البلغارى، فالمتحف الموجود
الآن فى العاصمة أصله مسجد خُرِّبت منارته. واللغة السائدة هى
البلغارية، وتوجد التركية واليونانية. وتعتمد بلغاريا فى
اقتصادها على الزراعة والثروة الحيوانية والثروة المعدنية
والصناعة. وكان معظم بلغاريا إحدى ولايات الإمبراطورية
الرومانية، ثم خضعت لبيزنطة، ثم قامت مملكة بلغاريا الأولى ثم
عادت مرة أخرى إلى بيزنطة، ونجح أبناؤها مرة أخرى فى
إقامة مملكة بلغاريا الثانية، وفى سنة (773 هـ = 1371م) اعترف
حكام بلغاريا ومقدونيا بسيادة السلطان العثمانى عليها، ثم
تحالفت بلغاريا مع الصرب والبوسنة ضد العثمانيين، وقد نجح
العثمانيون فى دخول ترنوفو عاصمة المملكة البلغارية الثانية،
فاصطبغت بصبغة عثمانية، وشكل المسلمون فى شرقها أغلبية
كبيرة، وتطورت المدن البلغارية تطورًا كبيرًا فى هذه الفترة.
وبسبب رفع الموظفين المحليين لمعدلات الرسوم المطلوبة؛
اشتعلت الفتنة ضد العثمانيين، ودعمتها روسيا؛ وكان ذلك سبب
قيام الحرب التركية الروسية، وبعد انتهاء الحرب، تقرر تقسيم(11/113)
بلغاريا إلى ثلاثة أقسام: إمارة بلغاريا، وكانت تحت سيادة
اسمية للعثمانيين، وتؤدى لهم جزية سنوية، ويحكمها مسيحى
يوافق عليه العثمانيون. ولاية الرومللى المشرقية. مقدونيا. وفى
سنة (1327هـ = 1909م) أعلن فرديناند دى ساس استقلال
بلغاريا واعترفت بها تركيا وروسيا، ودخلت بلغاريا الحرب
العالمية الأولى والثانية، وسقطت بها الملكية، وقامت جمهورية
بلغاريا الشعبية سنة (1367 هـ = 1947 م)، وتولى حكمها
شيوعيون. وبلغاريا عضو فى عدد من المنظمات الدولية، منها
هيئة الأمم المتحدة.(11/114)
*البلقان
شبه جزيرة. تقع جنوب شرق أوربا. يحدها من الشرق البحر
الأسود ومن الغرب البحران الأيونى والأدرياتى، ومن الجنوب
مضيقا البوسفور والدردنيل، وبحرا مرمرة وإيجة، ومن الشمال
نهرا الساف والدانوب. وتشمل منطقة البلقان مجموعة من الدول،
هى: بلغاريا وألبانيا واليونان ورومانيا وصربيا وكرواتيا
وسلوفينيا والبوسنة والهرسك ومقدونيا والقسم الأوربى من
تركيا. والبلقان كلمة تركية تعنى: التلال المرتفعة أو الجبال
الوعرة التى تكسوها الغابات. وهى تكون الحد الجنوبى لحوض
نهر الدانوب الأدنى. ويتراوح ارتفاعها مابين (2000) و (2374)
مترًا، على حين يصل ارتفاع الجنوب الشرقى من هذه الجبال فى
بعض المواضع إلى نحو (1000) متر. وقد استوطن الرومان
البلقان قديمًا ثم البيزنطيون حتى خضعت للعثمانيين الذين عبروا
نهر الدردنيل، واستولوا على مدينة أدرنة سنة (762هـ = 1360م)
وفتحوا مقدونيا، ودانت لهم جميع أجزاء تراقيا، وفتحوا
البوسنة سنة (794 هـ = 1391م)، واكتسحوا بلغاريا سنة (796هـ
= 1393م)، ومالبثوا أن تراجعوا عن منطقة البلقان وغيرها. وقد
قام مراد الثانى بغزو بلاد البلقان، ونجح فى السيطرة على
معظم بلدانها، ثم خلفه ابنه محمد الفاتح الذى استطاع فتح
القسطنطينية سنة (857 هـ = 1453م) ومدَّ سيطرته على الساحل
الشمالى للبحر الأسود، وأدخل كلاًّ من اليونان وألبانيا سنة (
883هـ = 1478م) فى طاعة دولته، ولم تأت نهاية القرن الخامس
عشر الميلادى حتى كان العثمانيون قد سيطروا على جميع بلاد
البلقان. وكان الصربيون أول مَن ثار مِن البلقانيين ضد الدولة
العثمانية، فأُعطوا استقلالاً ذاتيًّا، ثم خرجت الجيوش العثمانية
من بلادهم سنة (1284هـ = 1832م)، ثم استقل اليونانيون سنة (
1248هـ = 1832م) ثم البلغاريون، وهكذا حتى أصبحت منطقة
البلقان مهدًا للدسائس والمؤامرات الدولية، حتى أطلق عليها(11/115)
المؤرخون والساسة مخزن البارود أو برميل البارود فى أوربا.
ولتوالى ثورات بلاد البلقان وتدخل روسيا والدول العظمى فى
أوربا؛ استقلت هذه البلاد عن دولة الخلافة العثمانية وتركيا،
وحُكمت بحكومات شيوعية. وعندما سقطت الشيوعية فى أوربا
الشرقية سنة (1411هـ = 1990 م) سعت معظم دول البلقان إلى
رفض النظام الشيوعى واختيار الأنظمة الديمقراطية، كما تفجرت
المشكلات العرقية (حيث ينظر إلى الدين فى هذه المناطق على
أنه قومية) ففى البوسنة والهرسك حدث انقسام حاد،
فالمسلمون يمثلون (43.7 %) من عدد سكانها البالغ (43) مليون
نسمة، والصرب يمثلون (31.3 %) والكروات يمثلون (17.2 %)،
واشتعل القتال بين الأطراف الثلاثة عقب استقلال البوسنة
والهرسك عن يوغسلافيا سنة (1413 هـ = 1992م) حتى توقفت
الحرب بموجب اتفاق دايتون سنة (1417 هـ = 1996 م).(11/116)
*بلنسية
إحدى حواضر الأندلس. تقع الآن فى جنوب شرق إسبانيا. يحدها
من الشمال مدينة طرطوشة، ومن الجنوب مرسية، ومن الشرق
البحر المتوسط، ومن الغرب مدينة طليطلة. أسسها الرومان سنة
(139 ق. م)، وكانت تُسمى فالنثيا، واستولى عليها القوط
الغربيون، ثم فتحها المسلمون. وكان أول ولاة الأندلس عبد
العزيز بن موسى بن نصير، وظلت الأندلس بكل مدنها ومقاطعاتها
ولاية واحدة عاصمتها إشبيلية حتى سقوط الخلافة الأموية
بالأندلس. وظهر عهد ملوك الطوائف فكانت بلنسية من نصيب بنى
عامر، وظلت عاصمة لهم مدة (66) عامًا، وتوالت الحوادث، ودخل
ألفونسو السادس - ملك قشتالة - طليطلة، وكثر استنجاد الولاة به
للحفاظ على ممالكهم حتى آل الأمر إلى سقوط بلنسية فى يد
النصارى ومعاملة أهلها بوحشية. وظلت بلنسية تحت سيطرة
النصارى حتى استعادها المرابطون سنة (495هـ = 1102م)، ثم
حكمها الموحدون حتى حاصرها النصارى، واستنجد أهلها بمن
حولهم من الممالك الإسلامية دون جدوى، واشتد الحصار فاقترح
أمير بلنسية أبو جميل زيَّان على خايمى ملك أراجون المسيحية
أن يسلم إليهم المدينة، نظير مغادرة المسلمين لها بأمتعتهم دون
أن يتعرض لهم أحد، فوافق على ذلك؛ فغادرها خمسون ألفًا،
ورفع علم أراجون على أعلى قمة برج فى أسوار المدينة،
وحُوِّلت المساجد إلى كنائس، وإن بَقِىَ فيها عدد كبير من
المسلمين، وجاء هذا السقوط بعد أن ظلت بلنسية خمسة قرون
وربع قرن تحت حكم المسلمين. وفى سنة (907هـ = 1501م)
أصدرت الملكة إيزابيلا مرسومًا بتنصير جميع المسلمين، ثم أصدر
فرناندو سنة (914هـ = 1508م) مرسومًا يحظر على المسلمين
استخدام اللغة العربية وارتداء الملابس التقليدية وممارسة أى
عادة إسلامية، وأخمدت الثورات، وتم تنصير المسلمين بالقوة
سنة (928هـ = 1522م) وسموا بالأندلسيين المواركة، أو
الموريسكيين، أى: النصارى الجدد أو النصارى الصغار. ويُنسب(11/117)
إلى بلنسية عدد من العلماء، وأرضها أخصب أراضى إسبانيا
حاليًّا، وأوفرها محصولاً، ويوجد بها عدد من الصناعات،
كالنسيج والصناعات الخزفية، ولم يبق من الآثار الإسلامية فيها
إلا أطلالها؛ لأن النصارى كانوا حريصين على محو المعالم
الإسلامية منها؛ فأحرقوها ودمروها وحوَّلوا مساجدها كنائس،
وعلى الرغم من ذلك فقد بقيت بعض القرى تحمل أسماءها
العربية إلى اليوم، مثل: بنى قاسم والكدية والبيضاء والقصر.(11/118)
*عيذاب
ميناء مندثر. كان على الساحل المصرى للبحر الأحمر بالقرب من
أخدودها الجنوبى. ويقابلها بوادى النيل مدينة أسوان، وقد
ازدهرت بعد الفتح العربى لمصر؛ بسبب موقعها المواجه لجدة.
والطريق البرى المؤدى إليها يبدأ من مدينة قوص بمحافظة قنا
على النيل، وتبعد عنها بنحو (17) يومًا، وكان البجاة يسكنون
عيذاب، ويعاملون الرحالة معاملة سيئة، حتى إن السلطان صلاح
الدين رفع عن الداخلين والخارجين المكوس بمكتوب قرئ على
منبر جامعها الأكبر. واختفى اسم عيذاب منذ العصر المملوكى
فحوَّل الظاهر بيبرس المتُوفَّى سنة (676هـ = 1277م) طريق
الحجاج عبر سيناء والعقبة، وانتقلت طريق تجارة الشرق منها
إلى عدن وجدة والسويس، ولم يبقَ من عيذاب حتى مايدل على
موقعها، ولم يكن لها حظ من مقومات الاستمرار، فما إن هجرها
التجار والحجاج حتى هجرها أهلها، واحتلت مكانتها موانئ
سواكن وبورسودان والقصر والغردقة.(11/119)
*عين التمر
بلدة قريبة من الأنبار بجنوب العراق، واشتهرت بالتمر؛ لكثرته
بها. وافتتحها خالد بن الوليد فى عهد الخليفة الأول أبى بكر
الصديق، رضى الله عنهما، سنة (12هـ = 634 م)، وأشهر
أعلامها: محمد بن سيرين مولى أنس بن مالك، رضى الله عنه،
وحمران بن أبان مولى عثمان بن عفان، رضى الله عنه، وأبو
موسى بن نصير بن عبد الرحمن اللخمى.(11/120)
*أمريكا
قارة تقع بين المحيط الأطلسى من الشرق والمحيط الهادى من
الغرب، وبين المحيطين المتجمدين فى الشمال والجنوب، وتُعرَف
باسم العالم الجديد. وتبلغ مساحة قارة أمريكا نحو
(52.867.000) كم2. وعدد سكانها نحو (680.500.000) نسمة.
وتنقسم قارة أمريكا إلى ثلاثة أقسام: الشمالية والوسطى
والجنوبية. وتتميز بامتدادها واحتوائها لجميع الأقاليم المناخية،
ولأعظم أنهار العالم وبحيراته وسهوله، كما تتميز بانفصالها عن
بقية القارات.(11/121)
*الغزال (بحر)
عدة أنهار بجنوب جمهورية السودان. تنحدر من خط تقسيم المياه
بين الكونغو والنيل انحدارًا هادئًا إلى حد كبير. وتجرى فى
حوض مساحته (52600) كم2. وأهم روافدها الرهل والجود
وبحر العرب. ويُطلق اسم بحر الغزال على المجرى من مشروع الرق
إلى بحيرة نو كما يطلق على محافظة بجنوب غرب السودان
عاصمتها واو، وأهم مدنها مشروع الرق ومبيك وديم الزبير
ويجرى فيها بحر الغزال وروافده. وسكان محافظة بحر الغزال
من الدنكا وهم رعاة بقر، يتجولون فى السهول المنخفضة فى
فصل الجفاف، ويتجمعون فى الجهات المرتفعة فى فصل المطر،
وتوجد بعض الغابات، ومناشر الخشب فى واو. ويعتمد سكان
الجنوب على الزراعة، والتصريف السنوى لبحر الغزال يمثل
(0.605 مليار م3)، و (656 مليار م3) عند المصب، فهو أكبر
الأحواض من حيث المساحة التى يتألف منها حوض النيل العظيم،
ويمثل أقصى امتداد للوطن العربى فى قلب إفريقيا.(11/122)
*آسيا الصغرى
شبه جزيرة، تقع فى غرب آسيا. يحدها البحر الأسود شمالاً،
والبحر المتوسط جنوبًا، وبحيرة إيجة غربًا، ويصل البحر الأسود
ببحر إيجة بحر مرمرة ومضيقا البسفور والدردنيل. تحتلها هضبة
الأناضول التى تحف بها الجبال، وقد كانت ملتقى الحضارات
القديمة؛ إذ يربطها نهرا دجلة والفرات بالعراق، وتربطها
سواحلها باليونان. قام الفرس بغزوها ونتج عن ذلك قيام الحروب
الفارسية، ثم أدمجها الإسكندر الأكبر فى إمبراطوريته، ومن
بعده انقسمت إلى ولايات صغيرة، حتى وحَّدها الرومان. وكانت
خاضعة للخلافة العثمانية فيما بين القرنين (9، و10هـ = 15،
و16م).(11/123)
*آسيا الوسطى
تقع فى هذا الجزء من آسيا الدول الإسلامية الست التى كانت
ضمن الاتحاد السوفييتى قبل زواله، ثم استقلت عنه، وأصبحت
ضمن رابطة الكومنولث الروسى الجديد، وهذه الدول هى:
أوزبكستان وكازاخستان ووتركمانستان وطاجيكستان
وآذربيجان وقيرغيزيا، وتضم هذه الجمهوريات أكثر من (40)
مليون نسمة من المسلمين. ومعظم هذا الإقليم صحراوى، تتباين
فيه العناصر المناخية، خاصة درجات الحرارة والأمطار، وكان هذا
الإقليم مجالاً واسعًا لخطط التنمية السوفييتية؛ وذلك لفتح روسيا
الآسيوية، واستغلال مواردها الضخمة من الثروة المعدنية
والغابات والأراضى الصالحة للزراعة.(11/124)
*أرمينيا
إحدى جمهوريات الكومنولث وكانت إحدى جمهوريات الاتحاد
السوفييتى قبل سقوطه سنة (1411هـ = 1991م). تقع غرب آسيا
بين خطى عرض (37.5 ْ)، و (41ْ) شمال خط الاستواء، ويحدها
من الشمال جمهورية جورجيا، ومن الشرق آذربيجان وبحر
قزوين، ومن الغرب تركيا ومن الجنوب إيران، ونظرًا لهذا الموقع
الفريد فقد كانت منذ القدم مطمعًا لقوى عديدة، ومساحتها نحو
(300.000) كم2 وتبدو أرمينيا للناظر إليها من بعيد كأنها جزيرة
من الكتل البركانية، تنهض بين البلدان التى تحيط بها. وهى
تشتهر بوجود العديد من البحيرات فيها، وأهمها: بحيرة سيفان
وبحيرة سونكة الشهيرة باسم البحيرة الزرقاء ومناخها قارى،
وتعلو الثلوج قمم الجبال فيها. ويبلغ عدد سكانها (3.3) مليون
نسمة، حسب إحصائية سنة (1407هـ = 1987م) وتبلغ نسبة
المسلمين فيها (13 %). وأهم المحاصيل الزراعية فيها: القمح
والقطن والفاكهة والتبغ، وأهم الصناعات فيها: صناعة الآلات
الزراعية والأسمدة، وأهم المعادن فيها الألومونيوم.(11/125)
*الأحمر (بحر)
نشأ البحر الأحمر نتيجة لانشقاق بركانى هائل فى المنطقة
الآسيوإفريقية، وسمى أحمر؛ لأن قاعه أحمر، أو لأن انعكاس
الشمس على صفحة مياهه عند الشروق والغروب تضفى هذا اللون
على مياهه. ويبلغ طوله من باب المندب حتى ميناء السويس أكثر
من ثلاثة آلاف كيلو متر، ويقع ثلث شواطئه الشرقية داخل
الأراضى المصرية، والباقى فى السودان وإريتريا والصومال،
ويمتد الشاطئ الغربى بطول شبه الجزيرة العربية والجمهورية
العربية اليمنية وجمهورية اليمن الشعبية، ومن ثم فإن البحر
الأحمر بحر عربى. وينفرد البحر الأحمر بخصائص لا تتوافر فى
البحار الأخرى؛ فهو البحر الوحيد فى العالم الذى يسير فيه
التيار المائى عكس اتجاه الرياح، فالتيار يسير من الجنوب إلى
الشمال، والرياح تتجه - فى الغالب - من الشمال إلى الجنوب،
ولعله هو الوحيد أيضًا الذى لايصب فى مياهه أى نهر من
الأنهار؛ ومن هنا كانت مياهه صافية كالزجاج البلورى الملون،
حتى إن العين المجردة تستطيع أن تنفذ إليها. ونسبة الملوحة
فى البحر الحمر تزيد على أى نسبة فى بحار العالم. وهو
يحتوى على أكثر من ألف نوعٍ من أنواع الأسماك، تشكل مصدرًا
رئيسيًّا لغذاء الإنسان.(11/126)
*القلزم (بحر)
نشأ البحر الأحمر (القلزم) نتيجة لانشقاق بركانى هائل فى
المنطقة الآسيوإفريقية، وسمى أحمر؛ لأن قاعه أحمر، أو لأن
انعكاس الشمس على صفحة مياهه عند الشروق والغروب تضفى
هذا اللون على مياهه. ويبلغ طوله من باب المندب حتى ميناء
السويس أكثر من ثلاثة آلاف كيلو متر، ويقع ثلث شواطئه
الشرقية داخل الأراضى المصرية، والباقى فى السودان
وإريتريا والصومال، ويمتد الشاطئ الغربى بطول شبه الجزيرة
العربية والجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الشعبية،
ومن ثم فإن البحر الأحمر بحر عربى. وينفرد البحر الأحمر
بخصائص لا تتوافر فى البحار الأخرى؛ فهو البحر الوحيد فى
العالم الذى يسير فيه التيار المائى عكس اتجاه الرياح، فالتيار
يسير من الجنوب إلى الشمال، والرياح تتجه - فى الغالب - من
الشمال إلى الجنوب، ولعله هو الوحيد أيضًا الذى لايصب فى
مياهه أى نهر من الأنهار؛ ومن هنا كانت مياهه صافية كالزجاج
البلورى الملون، حتى إن العين المجردة تستطيع أن تنفذ إليها.
ونسبة الملوحة فى البحر الحمر تزيد على أى نسبة فى بحار
العالم. وهو يحتوى على أكثر من ألف نوعٍ من أنواع الأسماك،
تشكل مصدرًا رئيسيًّا لغذاء الإنسان.(11/127)
*أحد
جبل فى شمالى المدينة، على مقدار ستة أميال منها وهو أقرب
الجبال إليها، وهو مطل على أرض فيها مزارع، وضِياع كثيرة
لأهل المدينة وفيه قال النبى - صلى الله عليه وسلم -: أحد جبل يحبنا ونحبه. وقيل:
سُمى بهذا الاسم لتوحده، وانقطاعه عن جبال أخرى، وفى
بعض الآثار المسندة أن أحدًا سيكون يوم القيامة عند باب الجنة
من داخلها، وفى بعضها أنه سيكون ركنًا لباب الجنة. وعند أحد
كانت الغزوة بين النبى - صلى الله عليه وسلم - وقريش فى (شوال سنة 3هـ = 624م)،
بعد غزوة بدر بسنة، وفيها نزل النبى - صلى الله عليه وسلم - الشِّعْب من أحد فى
عدوة الوادى إلى الجبل، فجعل عسكره وظهره إلى أحد. وكان
يوم أحد يوم بلاء وتمحيص؛ ففيه قُتل حمزة عم النبى - صلى الله عليه وسلم -،
وسبعون من المسلمين، وكسرت رباعية النبى - صلى الله عليه وسلم -، وشُجَّ رأسُه
الشريف، وجرحت شفته.(11/128)
*ألمانيا
دولة أوربية. تقع فى قلب القارة الأوربية. وتبلغ مساحتها
(356910) كم2، ويحدها من الشمال الدنمارك وبحر الشمال،
ومن الجنوب سويسرا والنمسا، ومن الشرق جمهورية التشيك
وبولندا، ومن الغرب بلجيكا ولكسمبورج. وتتأثر ألمانيا بالرياح
الغربية القادمة من المحيط الأطلسى، كما تتأثر بالمناخ القارى
فى الشرق، ومتوسط درجة الحرارة فيها (6ْ) فى الشتاء، و (18ْ)
فى الصيف، وتسقط الأمطار عليها فى جميع فصول السنة. ويبلغ
عدد سكان ألمانيا نحو (77) مليون نسمة حسب إحصائية سنة (
1413هـ = 1992م)، ويدين معظمهم بالمسيحية (نحو 30 مليونًا
على المذهب البروتستانتى، و28 مليونًا على المذهب
الكاثوليكى، إلى جانب أقليات مسيحية أخرى)، ويبلغ عدد
المسلمين فيها نحو (4) ملايين مسلم. وأهم مدن ألمانيا: برلين
العاصمة وهامبورج وميونخ وكولونيا وفرانكفورت. ويعتمد
الاقتصاد الألمانى على عدة دعائم، أهمها: الصناعة والتعدين،
والزراعة، والثروة الحيوانية والتجارة. ويقوم نظام الحكم فى
ألمانيا على أساس أن الشعب هو مصدر السلطات وله حق
الاستفتاء، ويمثل الشعب البرلمان الاتحادى الذى ينتخب لمدة
أربع سنوات، كما يوجد مجلس الولايات الذى يتكون من (16)
ولاية. وتصدر فى ألمانيا (410) صحيفة وأكثر من عشرين ألف
مجلة.(11/129)
*أمريكا الجنوبية
إحدى قارات العالم الست، وهى رابعة قارات العالم مساحة، إذ
تبلغ مساحتها (7.855.000) ميل مربع، وتقع بين دائرتى عرض
(13.5ُ) شمالا و (56ُ) جنوبًا، وتقطعها دوائر العرض الثلاثة (مدار
السرطان وخط الإستواء ومدار الجدى). وتضم عددًا من الدول،
منها: البرازيل والأرجنتين وكوبا، وتوجد فى القارة بعض
المرتفعات مثل: سلاسل جبال الإنديز التى تمتد لمسافة (4000)
ميل، وهضبة اليونان التى يتراوح ارتفاعها بين (4000 و 8000)
قدم، وبالقارة بعض السهول مثل: سهل اللانوس والسلفا، حيث
يجرى به نهر الأمازون الذى يبلغ طوله حوالى (4500) ميل.
ويتكون سكان أمريكا الجنوبية من خليط من الأجناس البشرية
مثل الهنود الأمريكيين والأوربيين والزنوج والزامبو والمولاتو.
ويبلغ عدد السكان حسب احصائية سنة 1992م (308) مليون
نسمة. ويدين أغلب السكان بالمسيحية، ويوجد بها عدد من
الجاليات الإسلامية، ويتحدث السكان عددًا من اللغات مثل:
الإسبانية والبرتغالية والهولندية والإنجليزية. وتعد الزراعة من
أهم الأنشطة الاقتصادية وأهم محاصيلها: القمح والأرز وقصب
السكر والقطن، وتوجد بالقارة ثروة حيوانية ضخمة من الأبقار
والأغنام والخيول؛ بالإضافة إلى ثروة سمكية كبيرة وثروة
معدنية مثل: الذهب والفضة والقصدير والبوكسيت. وكانت توجد
بها بعض الحضارات القديمة مثل: حضارة المايا والأزتك، وقد
اكتشف المسلمون القارة قبل كولومبس سنة (545 هـ = 1150م)
ووصلوا إلى ما يعرف الآن بساحل البرازيل ووصل إليها
كولومبس سنة (898 هـ = 1492 م)، وشهدت القارة بعد ذلك
صراعًا استعماريًا بين إسبانيا والبرتغال ثم إنجلترا وفرنسا.
وفى أواخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر
الميلاديين قامت فى القارة عدة ثورات للتخلص من الاستعمار
الأوروبى، ونجحت أغلب الدول فى الحصول على الإستقلال،
وبعد الحرب العالمية الثانية ازدادت هيمنة الولايات المتحدة(11/130)
الأمريكية ونفوذها داخل القارة.(11/131)
*عين شمس
من أشهر المدن المصرية القديمة. تقع فى الشمال الشرقى
للقاهرة. واسمها المصرى القديم أتوم أو رع، ومعناها الشمس،
واسمها العبرى أون، والرومى هليوبوليس، أى: مدينة الشمس.
وقد اندثرت هذه المدينة، ومحلها اليوم وماجاوره بأرض المطرية
يُعرف بتل الحصن؛ حيث توجد إحدى المسلتين اللتين أقامهما
على باب معبد المدينة الملك سنوسرت الأول المعروف
بسيزوستريس الأول. وكان بجوار هليوبوليس نبع ماء، سماه
العرب عين شمس؛ فغلب اسمه عليها. تطلق عين شمس الآن على
المنطقة الواقعة بجوار محطة عين شمس فى ضواحى القاهرة.(11/132)
*أوراس (جبل)
جبل بأرض إفريقيا، فيه عدة بلاد وقبائل من البربر؛ ويتكون من
سلسلة جبلية بالجزائر فى أطلس الصحراء، على شكل رباعى
مساحته (3600) ميل مربع، ويبلغ ارتفاعها (3000) قدم. ويتصل
بهذه السلسلة من الغرب تلال الزاب، وهى قليلة الارتفاع، ويمر
بها طريق حديدى يصل بين بطنة وبسكرة، وفى الشمال تعلو
هضبة سباخ وحوض الطرف، وفى الجنوب تحف بالصحراء
الكبرى، ويتخللها عدة نهيرات صغيرة وجداول وأودية قليلة
الحجم يزرع عليها أشجار الزيتون، والفاكهة، مثل: المشمس
والكرز والكروم والكمثرى، وأشجار البندق والبلوط والأرز. يبلغ
عدد سكانها (88.100) نسمة، متألفين من عدة عناصر من البربر
والرومان والبيزينطيين وغزاة الوندال والعرب. والدين الإسلامى
هو السائد بين القبائل الموجودة فى هذه الجبال مع وجود
ديانات أخرى كالمسيحية والوثنية واليهودية والدوناتية. وقد
فتح عقبة بن نافع هذه المناطق، إلا أنه لم يتوغل فى جبال
أوراس؛ مما جعل هذه الجبال مصدر مقاومة دائمة للمسلمين،
حتى قضى عليها حسان بن النعمان فى القرن (8هـ = 14م)،
ولكن أهل جبال أوارس استطاعوا أن يحتفظوا باستقلالهم فترة
طويلة من الزمن، حتى جعل الأتراك عليهم واليًا سنة (1138هـ=
1725م). وفى سنة (1260هـ =1844م) احتل الجيش الفرنسى
البلاد؛ فثار الشعب، واستمرت الثورة حتى سنة (1297هـ =
1879م)؛ إذ أخمدت بكل قوة، ولم تقم لها قائمة بعد ذلك.(11/133)
*أمريكا الشمالية (قارة)
إحدى قارات العالم الست. تقع فى القسم الشمالى الغربى من
الكرة الأرضية. وهى ثالثة قارات العالم مساحة بعد كلٍ من آسيا
وإفريقيا؛ إذ تبلغ مساحتها (24) مليون كم2. وعدد سكانها
(429) مليون نسمة. وهى على هيئة مثلث، قاعدته فى الشمال
ورأسه فى الجنوب. ويحدها من الشمال المحيط المتجمد
الشمالى، ومن الشرق المحيط الأطلنطى وخليج المكسيك، ومن
الجنوب أمريكا الوسطى، ومن الغرب المحيط الهادى. وتشتمل
أمريكا الشمالية على عدة دول مهمة، هى: الولايات المتحدة
الأمريكية، وكندا، والمكسيك، وجرينلاند، وألاسكا. ومن أهم
المحاصيل الزراعية فيها: القمح والقطن والموالح والذرة الشامية
الرفيعة والتفاح والكمثرى والأناناس وفول الصويا. ومن أهم
ثرواتها المعدنية: الحديد والفحم والنحاس والزنك والرصاص، كما
تنتج النفط والغاز الطبيعى. والمسيحية هى الديانة السائدة فى
أمريكا الشمالية وفيها أقليات يهودية، وكذلك دخل الإسلام إلى
أمريكا الشمالية منذ سنة (1202هـ = 1787م)، فأصبح للمسلمين
فيها جماعة تدعى البلاليين نسبة إلى الصحابى الجليل بلال بن
رباح، وبلغ عدد المسلمين فيها نحو (250) ألف نسمة، ولهم (70)
مسجدًا، إلى جانب عدة مراكز إسلامية كبرى فى شيكاغو
ونيويورك ولوس أنجلوس وواشنطن وسان فرانسيسكو. ومنذ
سنة (1189 هـ = 1775 م) بدأت حرب الاستقلال الأمريكية ضد
الاحتلال الإنجليزى الذى كان يسيطر عليها منذ أمدٍ بعيد. وبعد
توقيع معاهدة فرساى سنة (1197 هـ = 1783 م) نالت أمريكا
الشمالية استقلالها، واعترفت إنجلترا بذلك، ومنذ هذا التاريخ
ظهرت الولايات المتحدة الأمريكية على مسرح الأحداث العالمية.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية سنة (1364هـ =1945م) أصبح
لها دور كبير فى السياسة الدولية، وخاصًة فى توجيه الاقتصاد
العالمى.(11/134)
*باريس
عاصمة فرنسا، وأحد المراكز السياسية والثقافية والاقتصادية
المهمة فى العالم. وتتكون من مدينة مركزية، وعدة ضواحٍ
إقليمية. وقد قسمت إلى (20) حيًّا منذ سنة (1276هـ = 1859م).
وتبلغ مساحتها نحو (105) كم2. ويبلغ عدد سكانها (3) ملايين
نسمة. وهى مقر الحكومة الفرنسية والوزارات والمجالس النيابية
والسفارات الأجنبية، وفيها عدة مؤسسات دولية، مثل منظمة
اليونسكو للتربية والعلوم. ومن أشهر معالمها: الحى اللاتينى،
وميدان النجمة - شارل ديجول - وميدان الكونكورد، ومتحف
اللوفر. ومن أشهر شوارعها: الشانزليزيه. ومن المعاهد العلمية
فيها المدرسة الوطنية للغات الشرقية الحية، وجامعة السوربون
القديمة، ومعهد الكوليج دى فرانس. ومن مكتباتها الشهيرة:
الخزانة السلطانية (الوطنية)، ومكتبة الأرسنال، ومكتبة مزارنيه،
ومكتبة أكدمة الفرنسيين أو الأكاديمية الفرنسية. وتنسب باريس
إلى قبيلة الكلت التى تدعى الباريس وكانت تسكن جزيرة لوتيس
التى تتوسط نهر السين. وخلال القرنين (8، و9هـ = 14، و15م)
سادت باريس حالات من الفوضى والاضطراب؛ ولم تعد إليها حالة
الاستقرار السياسى إلا فى عهد فرانسوا الأول من سنة (921 -
954 هـ = 1515 - 1547 م). ومنذ القرن (11 هـ = 17 م) ظهرت
أهمية باريس الثقافية، مع ظهور المذهب الكلاسيكى؛ حيث
أصبحت مصدرًا مهمًّا للحركات الأدبية والمسرحية والفكرية. وقد
عانت باريس كثيرًا من ويلات الحرب العالمية الأولى والثانية؛ فقد
احتلتها ألمانيا النازية سنة (1359 هـ = 1940 م)، وتم تحريرها
سنة (1363 هـ = 1944 م). وتوجد فى باريس جالية إسلامية
كبيرة، تشكل أكبر تجمع إسلامى فى فرنسا، ويوجد فيها عدد
من المساجد، أشهرها: المسجد الكبير فى جوبلان، ومسجد
ضاحية بلفيل، هذا بالإضافة إلى عشرات المساجد الأخرى
والمراكز الإسلامية.(11/135)
*الصعيد
منطقة فى جنوب مصر تبدأ من أسوان فى أقصى جنوب مصر
وتنتهى عند الفسطاط فى الشمال. وينقسم الصعيد إلى ثلاثة
أقسام؛ الأول: الصعيد الأعلى، ويمتد من أسوان إلى أخميم،
والثانى: من أخميم إلى البهنسا، والأدنى من البهنسا إلى
الفسطاط. والصعيد منطقة جبلية، تقع على جانبى النيل وهى
كثيرة الرياض والزروع، ويزرع فيها البلح والقصب، كما تكثر
فيها صناعة السكر. ومن أهم مدنها: أسوان والأقصر وقنا
وأسيوط وبنى سويف وغيرها. وكانت تحت حكم العباسيين منذ
سنة (198هـ = 813م) فى عهد المأمون ثم ملكها الفاطميون،
فغلب عليها المذهب الشيعى الذى مالبث أن انحصر عنها فى
عهد الأيوبيين والمماليك. ومن أشهر علمائها وأدبائها: إبراهيم
بن عمر الأسوانى، وأحمد بن أبى الكرم بن عرام الأسوانى،
وعطاء الله بن على بن زيد الإسنائى، ومحمد بن على بن وهب
بن دقيق العيد.(11/136)
*صفاقس
ميناء ومدينة إفريقية شرق تونس وجنوبى سوسة، وتطل على
خليج قابس، ويبلغ عدد سكانها نحو (45) ألف نسمة. وتشتهر
بالزيتون الذى يأتى إليه التجار من كل مكان؛ لرخص ثمنه بها،
وقامت عليه صناعة زيت الزيتون الذى يعد من أهم صادراتها،
كما تصدر الفوسفات والإسفنج. وقد احتلتها فرنسا سنة
(1299هـ = 1881م)، كما تعرضت للهجوم البريطانى فى أثناء
الحرب العالمية الثانية، وذلك سنة (1361هـ = 1942م) فاحتلتها
بريطانيا سنة (1362هـ = 1943 م). ومن أشهر علمائها: أبو
حفص عمر بن محمد بن إبراهيم البكرى وأبو الحسن على بن
محمد الربعى المعروف باللخمى.(11/137)
*صفين
مكان على شاطئ نهر الفرات بالعراق من الجانب الغربى بين
مدينتى الرقة وبالس، ودارت على أرضه معركة صفين بين الإمام
على بن أبى طالب ومعاوية بن أبى سفيان، رضى الله عنهما،
سنة (37 هـ = 657 م).(11/138)
*صقلية
جزيرة من جزر البحر المتوسط تقع فى مواجهة الساحل
الإفريقى، وهى مثلثة الشكل. تبلغ مساحتها (25815) كم2.
ويبلغ عدد سكانها (4.000.078) نسمة. وأهم المدن بها العاصمة
بالرمو. ومن أهم محصولاتها الزراعية: العنب والزيتون والبرتقال،
وهى خصبة التربة، جيدة الهواء، كثيرة الأنهار، يتربى بها
الخيل والبغال والحمير والبقر والغنم والحيوان الوحشى. وبها
معادن، مثل: الذهب والفضة والنحاس والرصاص والزئبق. وقد
فتحها قاضى القيروان أسد بن الفرات سنة (212هـ = 827 م) فى
عهد إبراهيم بن الأغلب، وأسلم معظم أهلها، وبنوا بها المساجد.
وشجع المسلمون الزراعة والتجارة والفنون بها، فأصبحت ذات
حضارة مزدهرة يقصدها الناس من كل مكان. وقد أحكم
الفاطميون السيطرة عليها، وجعلوا منها ساترًا لحمايتهم من
أعدائهم الفرنجة، وخاصة ضد إيطاليا، وكذلك فعل الأيوبيون
والمماليك من بعدهم.(11/139)
*غزة
مدينة فلسطينية. تقع على البحر المتوسط، فى أقصى بلاد
الشام من ناحية مصر وكانت مركزًا تجاريًّا مهمًّا؛ حيث إنها
ملتقى قوافل التجارة بين مصر وبلاد الشام والهند واليمن.
وهى مدينة زراعية وصناعية فى آن واحد، فتقوم الزراعة بها
على الشعير والحمضيات والفواكه كالعنب والتين والتوت
والبطيخ، وتقوم بها صناعة النسيج بأنواعه الصوفية والحريرية
وصناعة البسط والسجاد والحصر والصباغة والتطريز والصابون
والفخار والسجائر والبلاط ومواد البناء والمياه الغازية وزيت
السمسم وغيرها. وقد فتحها المسلمون سنة (13هـ = 634م)
وأطلقوا عليها اسم غزة هاشم لوفاة هاشم بن عبد مناف جد
الرسول - صلى الله عليه وسلم - بها. وتوالى على حكمها ولاة من قبل الدولة الأموية
والعباسية والفاطمية والأيوبية والمملوكية والعثمانية، ودخلها
الفرنسيون بعد احتلال مصر سنة (1214هـ = 1799م)، وشهدت
أرضها عدة معارك بين بريطانيا وتركيا فى الحرب العالمية
الأولى، ثم احتلها البريطانيون سنة (1336 هـ = 1917 م). وفى
سنة (1368 هـ = 1948 م) دخلها الجيش المصرى فى حرب
فلسطين، ومنذ ذلك الوقت يطلق عليها قطاع غزة وتقيم بها
جيوش التحرير الفلسطينية والقوات المصرية. وبعد هزيمة الجيش
المصرى فى حرب سنة (1368 هـ =1948م) احتلتها القوات
الإسرائيلية، فشهدت الكثير من الحركات الفدائية التى قام بها
الجانبان المصرى والفلسطينى وكان أشهرها سنة (1955م -
1956م) ولايزال قطاع غزة حتى اليوم تحت سلطة الاحتلال
الإسرائيلى. ومن أشهر العلماء الذين ظهروا بها: الإمام أبو عبد
الله محمد بن إدريس الشافعى وأبو عبد الله محمد بن عمرو بن
الجراح الغزى والشاعر إبراهيم بن عثمان الأشهبى. ومن أشهر
آثارها الإسلامية: جامع غزة الكبير، وجامع الشيخ زكريا الذى
بنى سنة (449هـ = 1057م)، وجامع على بن مروان الذى أسس
عام (715 هـ = 1315م)، وجامع ابن عثمان، وجامع المحكمة
البروية الذى أقيم سنة (859 هـ = 1455 م).(11/140)
*صنعاء
عاصمة الجمهورية اليمنية، ومن كبرى مدنها. تقع فى وسط
الهضبة اليمنية على سفح جبل نقم. يبلغ عدد سكانها نصف
مليون نسمة. وكانت تُسمَّى أزال، وكانت مساحتها أقل مما هى
عليه الآن، وقد حكمتها الدولة الحميرية والحبشية والفرس قبل
الإسلام. ويرجع اتساعها إلى العهد العثمانى؛ حيث بنيت فيها
مساكن موظفى الدولة ومنازل الأئمة وقصورهم وبساتينهم.
وكانت مدينة مهمة فى عصر صدر الإسلام؛ فقد سكنها كثير من
الصحابة وبنوا بها المساجد والجوامع، فازدهرت بها العلوم
الإسلامية، وظهر بها الفقهاء والعلماء والمحدثون. وقد توسعت
الإنشاءات المعمارية بها فى عهد الدولة الهمدانية فى القرن (6هـ
= 12 م)، والدولة الأيوبية فى القرن (7 هـ = 13 م)، والعهد
العثمانى فى القرن (10 هـ = 16 م)؛ إذ أنشئ فيها حى بير
العزب وحى قاع اليهود فى الجانب الغربى منها. ومنذ سنة (945
هـ = 1538 م) حتى سنة (1040هـ = 1630 م) أصبح الأئمة
رؤساء دينيين فقط، ولما انسحب الأتراك منها أصبح للأئمة
اليمنيين سلطانهم الكامل فى اليمن سياسيًّا ودينيًّا، ولكن
بعودة الأتراك إليها ثانيًة سنة (1289هـ = 1872 م) لم تعد لهم
سلطة سياسية. وهى من المدن المليئة بالآثار الإسلامية وغير
الإسلامية؛ ولهذا صدر قرار من مجلس الوزراء بتشكيل لجنة
للمحافظة على تراثها سنة (1405هـ = 1984م). ومن أشهر
علمائها وأدبائها: عبد الرازق بن همام، ووهب بن منبه،
والحسن بن أحمد الهمدانى، وعلقمة ذوجدن، ووضاح اليمن.(11/141)
*إمبابة
أحد مراكز الجيزة بمصر؛ حيث تقع على بعد (10كم) شمال
الجيزة. وقاعدته إمبابة بالقرب من الشاطئ الغربى للنيل تجاه
بولاق؛ حيث توصل بينهما قنطرة، واسمها الأصلى نبابة ثم قلبت
النون ميمًا؛ لوقوعها قبل الباء، ثم أضيف همزة فى بداية
الكلمة. قُسَّمت إمبابة سنة (715هـ) إلى ثلاث نواحٍ، هى منية تاج
الدولة ومنية كرداك ومنية أبى على؛ ونتيجة لهذا التقسيم لم
يستعمل اسم نبابة آنذاك فى التقسيمات الإدارية، وفى سنة
(1274هـ) فصل عن تاج الدولة ناحية كفر الشيخ إسماعيل، لكن
هذه النواحى ظلت معروفة عند الناس باسم إمبابة؛ بسبب
تجاورها مع بعضها، ثم أعيد استخدام اسم إمبابة فى الوثائق
الرسمية سنة (1939م)، وضمَّت إليها بقية النواحى السابقة
وجعلت مدينة واحدة باسم إمبابة فعاد إليها اسمها بعد أن بطل
استعماله سبعة قرون. وكانت أوسيم مقرًّا لقسم أوسيم منذ سنة
(1826م)، ولوقوع إمبابة على السكة الحديدية؛ نقل ديوان مركز
أوسيم وإدارات مصالح أخرى إلى إمبابة، مع بقائه باسم قسم
أوسيم، ومنذ بداية سنة (1896م) سمى مركز إمبابة، ثم أصبح
لأوسيم مركز مستقل عن مركز إمبابة. ونبغ من إمبابة مشاهير
منهم: شمس الدين الإنبابى شيخ الأزهر المتوفَّى سنة (1313هـ =
1896م)، ومحمد بن حجازى الرَّقباوى الإنبابى أحد الأدباء. وقد
جرت بالقرب منها معركة إمبابة بين المماليك بقيادة مراد بك
والفرنسيين بقيادة نابليون وقد هزم فيها المماليك هزيمة منكرة
سنة 1213هـ = 1798م.(11/142)
*سيبيريا
منطقة كانت ضمن الاتحاد السوفييتى السابق، تشمل آسيا
الشمالية كلها، وتمتد من جبال الأورال غربًا الى المحيط الهادى
شرقًا، ومن المحيط القطبى الشمالى شمالاً إلى مرتفعات جزر
الشمال من وسط كازاخستان، وإلى حدود الاتحاد السوفييتى
السابق، مع منغوليا والصين جنوبًا. تبلغ مساحتها
(12.820.000) كم2. وقد بدأ الاحتلال الروسى لها بحملة قوقازية
أطاحت بخانية، وهى إمارة سيبيريا الصغيرة، التى أطلق
اسمها على المنطقة كلها. وفى العهد القيصرى كانت سيبيريا
مجرد منفى للمجرمين والمعتقلين السياسيين. وبعد إنشاء سكة
حديد سيبيريا (1891 - 1905م) بدأ تدفق أعداد كبيرة من
المهاجرين، وفى أوائل الثلاثينيات من القرن العشرين الميلادى
نشطت الحكومة السوفييتية لتطوير الحياة الصناعية فيها، فنمت
نموًّا ملحوظًا.(11/143)
*بنزرت
ميناء تونسى على البحر المتوسط. وكانت مدينة قديمة ومطمعًا
للغزاة، مثل الفينيقيين والقرطاجنيين والرومان والبيزنطيين.
استولى عليها معاوية بن خديج سنة (41هـ) فى خلافة معاوية
بن أبى سفيان. ودانت لولاة تونس من العرب والبربر حتى
استولى عليها خير الدين بارباروسة عام (941هـ) وضمها إلى
الدولة العثمانية. وفى القرن (12هـ = 18م) أصبحت مركزًا
للقرصنة البحرية، وحاول البنادقة تخريبها سنة (1785م)، وقد
استولى عليها الفرنسيون عام (1881 م)، وجعلوها قاعدة بحرية
لأسطولهم فى البحر المتوسط. وبعد رحيل القوات الفرنسية من
تونس سنة (1957م) استمرت سيطرة القوات الفرنسية على قاعدة
بنزرت؛ مما أدى إلى وقوع مصادمات عسكرية بين القوات
التونسية والفرنسية حتى تمَّ الجلاء التام عنها عام (1963 م).(11/144)
*بندر عباس
ميناء ومدينة إيرانية. تقع على الخليج العربى، وتواجه جزيرة
هرمز، وتتبع محافظة هرمزخان، وسكانها من أهل السنة،
ويوجد فيها بعض الشيعة. يرجع تأسيسها إلى الشاه الإيرانى
عباس الأول الذى أمر بتأسيسها سنة (1615م)، وأطلق عليها
اسمه، بعد أن طرد منها البرتغاليين بمساعدة الأسطول
البريطانى، وقد أنشأها الشاه عباس الأول؛ لتنافس هرمز من
الناحية التجارية. وكان الأوربيون يطلقون عليها فى القرنين
(11، و12 هـ = 17،و18 م) اسم جمبرون أو كوهارون، بمعنى
برغوث البحر. وكان لموقع بندر عباس المتميز استراتيجيًّا أثره
فى أن تصبح مكانًا لتقاتل الأساطيل البحرية بين الدول
الاستعمارية الكبرى، وتعرضها للاعتداءات العسكرية. وفى
القرن (11هـ = 17 م) أصبحت أهم الموانئ الفارسية، ونظرًا لنمو
التجارة بها تعددت الأجناس والأعراق بها. وقد سيطر عليها
العُمانيون سنة (1793 م)، لكن الشاه نصر الدين استردها مرة
أخرى سنة (1868 م).(11/145)
*بكين
عاصمة الصين. تبلغ مساحتها سبعة الآف كيلو متر مربع،
وتُسمى العاصمة الشمالية؛ تمييزًا لها عن العاصمة الجنوبية
نانكينج، ويرجع تاريخ إنشائها إلى مايزيد على ألف سنة، وقد
أُنشئت لتكون قلعة أمامية لحماية الصين من غزوات المغول، وقد
بقيت عاصمة للصين حتى سنة (1928 م) باستثناء فترة قصيرة
فيما بين عامى (1341 و 1368م) وتحولت وظيفتها كعاصمة إلى
نانكينج فيما بين عامى (1928 و 1949 م). وبمجىء النظام
الشيوعى أصبحت بكين عاصمة لجمهورية الصين الشعبية. وقد
نمت المدينة كمركز عظيم للإدارة والتجارة والثقافة، وصارت
مركزًا مهمًّا للسكك الحديدية. وتتألف المدينة من عدة مدن
داخلية، وتحيط بها أسوار عملاقة، وهى ذات طابع معمارى
رفيع الذوق، وتتميز بحدائقها واتساع شوارعها، ويوجد بها عدد
من الصناعات.(11/146)
*أزمير
مدينة وميناء غرب تركيا، على خليج أزمير الواقع على بحر
إيجة، وتُعد أهم موانئ تركيا بعد إستانبول، وهى مدينة
صناعية تشتهر بصناعة السجاد الأزميرى. كان اسمها سميرنا.
أسسها اليونانيون القدماء، وكانت مركزًا للمسيحية فى آسيا
الصغرى، وخرَّبها تيمور لنك سنة (1402 م). واستولى عليها
السلاجقة فى أواخر القرن (5 هـ = 11م) وغزاها فرسان القديس
يوحنا سنة (1344م)، واستولى عليها السلطان مراد الثانى سنة
(1425 م)، ثم استولى عليها محمد على سنة (1833 م) لكنه تخلى
عنها للفرنسيين. وفى عام (1920 م) استولى عليها اليونانيون
بعد معاهدة سيفر بمساعدة الحلفاء، إلا أن الاتراك استردوها
عام (1922 م)، وأصبحت تحت السيادة التركية.(11/147)
*بورسعيد
مدينة تقع شمال مصر، عند المدخل الشرقى لقناة السويس، على
البحر المتوسط. وهى مقامة على شريط ضيق من الأرض بين قناة
السويس وبحيرة المنزلة؛ ومن ثم فهى عبارة عن شبه جزيرة
صغيرة. وترجع نشأة بورسعيد إلى حفر قناة السويس سنة
(1859 م)، ثم أصبحت مدينة مع افتتاح القناة سنة (1869م)،
وسُميت بهذا الاسم نسبة إلى والى مصر فى تلك الفترة محمد
سعيد باشا. وأخذ عدد سكان المدينة فى الازدياد فيها؛ نظرًا
إلى نمو التجارة وفرص العمل بها، حتى أصبحت ثانى أهم
موانئ مصر. وفى عام (1956 م) قاومت مدينة بورسعيد العدوان
الثلاثى على مصر رغم الخسائر التى لحقت بها، وأعيد تخطيط
المدينة بعد هذا العدوان. وبور سعيد تنقسم إداريًّا إلى أربعة
أقسام، هى بورفؤاد والشرق والغرب والمناخ، وهى مدينة
تتمتع بحرية التجارة (منطقة حرة)، وتوجد فيها بعض الصناعات
الغذائية والمنسوجات، كما توجد فيها ثروة سمكية ضخمة؛ نظرًا
لتعدد بحيراتها، كما تُعد بور سعيد مصيفًا رائعًا.(11/148)
*القسطنطينية
مدينة تركية قديمة، تسمًّى الآن إستانبول، وكانت تسمَّى
بيزنطة، فلما انتقل إليها الملك الرومانى قسطنطين تاركًا روما،
بنى عليها سورًا، واتخذها عاصمة للإمبراطورية البيزنطية،
وكانت أكبر مدينة فى أوربا فى العصور الوسطى. وبعدما
فتحها السلطان محمد الفاتح سنة (1453م) ازدهرت، وأصبحت
مركزًا سياسيًّا وتجاريًّا عظيمًا؛ لأنها أصبحت عاصمة لدولة
الخلافة العثمانية حتى سنة (1923م)؛ إذ انتقلت العاصمة إلى
أنقرة.(11/149)
*قادش (قادس)
جزيرة بالأندلس عند طالقة من مدن إشبيلية. كان من أعجب
آثارها الصنم الذى بناه هرقاس أحد قواد الروم الإغريقيين فى
زمن موسى عليه السلام. وقد فتح طارق بن زياد قادش مع فتحه
للأندلس عام (92هـ)، ولاتزال ضمن المدن التى يطلق عليها اسم
الأندلس حتى الآن فى إسبانيا.(11/150)
*ماردة
مدينة فى الجزء الجنوبى الغربى من إسبانيا. أسسها
الإمبراطور الرومانى أوغسطوس عام (25 ق. م). وفتحها
المسلمون عام (713 م) فشهدت فى عهدهم ازدهارًا كبيرًا. وهى
غنية بالآثار الرومانية. وقد سقطت فى يد النصارى سنة (1231
م). وهى الآن مدينة إسبانية.(11/151)
*مالى
جمهورية فى الجزء الشمالى الغربى من إفريقيا. يحدها من
الشمال الجزائر، ومن الجنوب غينيا وكوت دوفوار (ساحل
العاج)، ومن الشرق النيجر وفولتا العليا، ومن الغرب موريتانيا
والسنغال. ديانتها السائدة الإسلام. ولغتها الرسمية الفرنسية.
ومساحتها نحو (1.240.000) كم2. وعاصمتها باماكو. ويعتمد
اقتصادها على الزراعة وبعض الصناعات. وقد شكلت جزءًا
أساسيّاً من دولة غانا السودانية القديمة التى ازدهرت فيما بين
القرن الثامن ومنتصف القرن الحادى عشر الميلاديين، ثم قامت
فيها إمبراطورية مالى الإسلامية من القرن (7 هـ = 13 م) إلى
القرن (10 هـ = 16 م). واحتلتها فرنسا فيما بين سنتى (1880م،
و1895 م)، وضمتها إلى إفريقيا الغربية الفرنسية، وأطلق
الفرنسيون عليها اسم السودان الفرنسى. ثم نالت استقلالها
التام سنة (1960 م).(11/152)
*لبنان
جمهورية عربية تنسب إلى جبل لبنان. عاصمتها بيروت. تقع
لبنان غرب آسيا، بين دائرتى عرض (10َ 33ْ) و (35َ 34ْ) شمالا،
وبين خطى طول (15َ 35ْ) و (30َ 36ْ) شرقًا. ويحدها من الغرب
البحر المتوسط، وتحيط بها سورية من الشمال والشرق والجنوب
الشرقى، وفلسطين من الجنوب، ومساحتها (10.306) كم2
وتمتد فى نطاق مستطيل. وقد اعتنق اللبنانيون المسيحية إبان
الحكم الرومانى الذى تعرضوا أيامه للاضطهاد فترة من الزمن،
ودخل الإسلام إلى لبنان على أثر فتح أبى عبيدة بن الجراح
لمدينة دمشق سنة (14 هـ = 635 م)، وكانت أول مدينة لبنانية
تحظى بدخول الإسلام إليها هى مدينة بعلبك، ثم صارت الأراضى
اللبنانية تحت لواء الخلافة الإسلامية، ولم تلقَ الجيوش الإسلامية
أى مقاومة حتى وصلت إلى وادى عربة؛ حيث واجهها جيش
الروم الذى فرَّ غربًا فقضى عليه المسلمون فى غزة، لكنهم
حفظوا للنصارى حقوقهم. ثم أُعلن إنشاؤها باسم دولة لبنان
الكبير سنة (1920 م)، ثم باسم الجمهورية اللبنانية سنة (1926م).(11/153)
*كينيا
دولة إفريقية. عاصمتها نيروبى. تقع فى الدائرة الاستوائية.
وهى إحدى دول شرق إفريقيا وتطل على ساحل المحيط الهندى
فى شرقها، وتجاورها أوغندا فى الغرب، وتنزانيا من الجنوب،
والصومال من الشرق، وكل من إثيوبيا والسودان فى الشمال.
مساحتها (580.367) كم2، ويخترقها خط الاستواء. وتعتمد على
الزراعة وتربية الحيوان. وقد بدأت الهجرات الإسلامية إلى ساحل
كينيا سنة (76 هـ) بجماعة من مسلمى الشام، ثم كانت الهجرة
الثانية من مسلمى عمان؛ حيث كونوا إمارة إسلامية فى لامو، ثم
توالت الهجرات إليها إلى أن جاء بنونبهان من عمان سنة (703 هـ
= 1303 م) إلى مدينة بانا فى كينيا شمالى لامو فتكاثرت المدن
الإسلامية على الساحل. وبدأت اللغة السواحلية فى الظهور،
واتخذت لها الأحرف العربية. ثم احتلها البرتغاليون، وحرقوا المدن
الإسلامية بمعاونة من الحبشة، فقاوم المسلمون المحتلين حتى
تحرر الإقليم الساحلى سنة (1728م)، وصارت تحت حكم آل
مزروعى العرب الخليجيين، ثم صارت كينيا جزءًا من سلطنة
عمان، إلى أن خضعت لبريطانيا سنة (1895م)، ولم تنل
استقلالها إلا سنة (1963م)، وكانت قبيل الاستقلال تؤلف مع
تنزانيا وأوغندا اتحاد شرق إفريقيا البريطانية.(11/154)
*مرسية
مقاطعة فى الجزء الجنوبى الشرقى من إسبانيا. تقع على
ساحل البحر الأبيض المتوسط. عاصمتها مدينة مرسية. واقتصادها
يقوم على الزراعة والتعدين. ومساحتها نحو (317 11) كم2.
وكانت مركزًا للاستيطان القرطاجى فى إسبانيا، وفتحها
المسلمون فى القرن (2هـ = 8 م) ثم سقطت فى يدالنصارى سنة
(1243م).(11/155)
*مخاضة الأحزان
حصن بناه الصليبيون سنة (574هـ)، وكان حصنًا منيعًا بلغ عرض
حائطه ما يزيد على عشرة أذرع، وقد قطعت له الحجارة
الكبيرة، وتكلف تكاليف باهظة، فسار إليه صلاح الدين الأيوبى
بعد موقعة مرج العيون فحاصره أربعة عشر يومًا، واستطاع أن
يفتحه ويستولى عليه وهدمه، وأسر المسلمون (700) أسير، إلى
جانب كثير من الغنائم.(11/156)
*عين جالوت
بلدة بفلسطين. تقع بين بيسان والنصرة فى الجنوب الغربى من
النصرة، فى موضع وافر المياه، تكتنفه الأحراش والأشجار.
وارتبط اسم عين جالوت بالمعركة الحاسمة التى انتصر فيها
سلطان مصر المظفر قطز على هولاكو بجيشه المغولى، وأوقف
بها موجة المد التترى على الشرق الإسلامى. وقد صدَّ الهجمة
الثانية عليها السلطان المملوكى قلاوون وهزم أبا قا بن هولاكو
سنة (687هـ). وصدَّ الثالثة السلطان المصرى الناصر ضد غازان
حفيد هولاكو سنة (700هـ = 1301م)، وكان صلاح الدين الأيوبى
صاحب سبقٍ حينما اتخذ عين جالوت مركزًا لغزواته على الإمارات
الصليبية التى سبقت معركة حطين.(11/157)
*باكستان
جمهورية إسلامية. عاصمتها إسلام آباد. تقع فى القسم الغربى
من جنوب آسيا. ويحدها من الغرب إيران، ومن الشمال
أفغانستان والصين، ومن الشرق الهند. ومساحتها (803.943)
كم2. ومناخ باكستان حار وجاف. ولغتها الوطنية هى الأردية،
وتوجد لغات قومية، مثل: البنجابية والسندية والبوشتية بشكل
واسع، بالإضافة إلى الإنجليزية. والدين الرسمى هو الإسلام؛
حيث تمثل نسبة المسلمين (97%). خضعت باكستان للاحتلال
البريطانى منذ القرن (12هـ = 18م)، وعُرفت باسم الهند
البريطانية، واستقلت عنها سنة (1947م)، وقامت المعارك بينها
وبين الهند؛ لأن الهند ضمت إليها منطقتى جامو وكشمير ذواتى
الأكثرية الإسلامية، كما اندلعت فى باكستان حرب أهلية سنة (
1951م)، كانت بدايتها بسبب اللغة. وفى سنة (1956م) أعلن
الدستور، وأصبحت باكستان بموجبه جمهورية إسلامية. وأهم
المشاكل التى واجهتها الحروب التى عاقت تقدمها وأفقدتها
إقليمها الشرقى بنجلاديش. وكبرى مدن باكستان: كراتشى
ولاهور وليالبور وحيدرآباد وملتان. وتمثل الزراعة دعامة
أساسية فى الاقتصاد الباكستانى. ونظام الحكم فى باكستان
جمهورى منذ سنة (1947م)،. وباكستان عضو فى الأمم المتحدة
ومنظمة المؤتمر الإسلامى.(11/158)
*بلبيس
عاصمة مركز بلبيس بمحافظة الشرقية بمصر. تبلغ المسافة بينها
وبين مدينة الزقازيق (28كم). فتحها عمرو بن العاص، رضى الله
عنه، نحو سنة (18هـ)، وكانت ذات حصون ومنعة. وقد حشد
الروم فيها جيشًا ضخمًا، وقد راسلهم عمرو وأمهلهم أربعة أيام،
ولكن القائد الرومانى اختار القتال، فنصرالله المسلمين عليهم؛
فقتلوا من جيشه ألفًا، وأسروا ثلاثة آلاف. وكانت بلبيس قاعدة
الحوف الشرقى، ثم قاعدة الأعمال الشرقية فى عهد الفاطميين
حتى آخر عهد الجركس، ثم قاعدة ولاية الشرقية إلى سنة
(1832م)، وفى تلك السنة أصدر محمد على باشا والى مصر أمرًا
بنقل ديوان المديرية (المحافظة) والمصالح الأميرية الأخرى إلى
مدينة الزقازيق؛ لتوسطها بين بلاد المديرية، وبذلك أصبحت
بلبيس قاعدة لقسم بلبيس الذى أنشئ فيها بدلاً من ديوان
المديرية، وفى سنة (1871م) سُمى هذا المركزمركز بلبيس. وممن
نبغ من العلماء فيها عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان الفخر
البلبيسى المقرئ، إمام الأزهر، وهو من علماء القرن (9هـ =
15م).(11/159)
*البحر الأسود
بحر داخلى. مساحته (414400) كم2، وأقصى عمق له (224 م).
يربطه بالبحر المتوسط مضيق البسفور وبحر مرمرة والدردنيل.
تحف به بلغاريا ورومانيا والاتحاد السوفييتى السابق وتركيا.
وأهم موانيه: أوديسا وباطوم وكنستانتا. وتصب فيه أنهار:
الدانوب والدنيير والدون. وأُطلق عليه بحر طرابزندة والبحر
البنطسى (من الاسم اليونانى القديم)، وأطلق عليه الأتراك والتتر
قره دكز. وارتبط تاريخ هذا البحر بالفتح العثمانى فى الأناضول
والبلقان والقرم إبان القرن (9 هـ = 15 م). وقد تم إغلاقه فى
وجه جميع السفن حتى عقدت معاهدة كجك قينارجة عام (1188
هـ = 1774 م)، وقد سمحت بمرور السفن الروسية، وتلتها الدول
الأوربية الأخرى، وعقدت معاهدة لوزان عام (1923 م) ونظمت
حرية الدخول إلى البحر الأسود.(11/160)
*الغربية
تكونت كورة الغربية بمصر فى العصر الفاطمى. وأطلق عليها
اسم الغربية؛ لوقوعها غربى النيل، وعرفت بأعمال الغربية فى
العصر المملوكى، ثم ولاية الغربية فى العصر العثمانى، وفى
سنة (1833 م) سُميت مديرية الغربية، ثم أصبحت محافظة الغربية
سنة (1960 م)، وكانت المحلة الكبرى عاصمة لإقليم الغربية فى
عهد الدولة الفاطمية، حتى سنة (1836 م)، التى نقل فيها ديوان
المديرية من المحلة إلى طنطا بناءً على طلب عباس حلمى الأول،
وكان مديرًا للغربية والمنوفية اللتين كان يديرهما باسم مديرية
روضة البحرين؛ وبسبب هذا النقل أصبحت المحلة قرية صغيرة من
توابع قسم سمنود، ثم عادت إليها شهرتها، وزاد عدد سكانها؛
بسبب المحالج والمعامل الكبيرة التى أنشأتها فيها شركة مصر
منذ سنة (1927 م) لحلج القطن وغزله ونسجه وتلوينه، بحيث
أصبحت المحلة الآن من كبرى المدن المصرية، وأشهرها.(11/161)
*إستانبول
مدينة إسلامية اتخذها سلاطين الدولة العثمانية عاصمة لدولتهم
منذ فتحها سنة (857 هـ = 1453 م) حتى سنة (1342 هـ = 1923
م). وإستانبول تحريف لكلمة إسلامبول التى تعنى دار الإسلام
بالتركية. وهى تقع فى القسم الأوربى لتركيا الآن، على مضيق
البسفور؛ حيث تحتل موقعًا فريدًا بين مدن العالم، وتحيط بها
البحار من جهات ثلاث، وتقع عند ملتقى قارتى أوربا وآسيا،
وفيها أوسع ميناء فى العالم، وهو ميناء القرن الذهبى المطل
على شواطئ البسفور. وتبلغ مساحة المدينة (5565) كم2.
وعرفت قديمًا باسم بيزنطة، ثم القسطنطينية، وكانت مطمعًا
للغزاة والفاتحين على مر العصور؛ نظرًا لما تتمتع به من موقع
متميز وجو رائع، وكذلك كانت موضع اهتمام المسلمين الدائم؛
حيث بشرهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بفتحها بقوله: لتفتحنَّ القسطنطينية، فلنعم
الأمير أميرها، ولنعم الجيش جيشها. [مسند أحمد](11/162)
*البنجاب
إقليم يقع غرب باكستان ويمثل إحدى الولايات الأربع التى تكون
باكستان. ويقع بين نهر السند وجمنة. والبنجاب معناه فى
اللغة الأردية المياه الخمسة، وسمى بذلك لوجود خمسة أنهار
فيه. ويوجد به عدة سهول صالحة للزراعة، خاصة المناطق
الواقعة بين الأنهار. وتبلغ مساحة الإقليم (98) ألف ميل مربع.
ويتركز فى الإقليم ثلث سكان الهند. ومناخ الإقليم متطرف؛ بحكم
موقعه الداخلى؛ فهو شديد البرودة شتاءً، شديد الحرارة صيفًا،
ويشتهر الإقليم بزراعة القمح والفواكه والحمص، وتكثر فيه
الأمطار الموسمية. وأهم المدن فيه لاهو وهى عاصمته، وأهم
المدن فى شبه القارة الهندية، وهى أكثر سكانًا من كراتشى،
ويوجد بها مسجد بادشاهى، وبعض الآثار التاريخية، مثل قبر
الشاعر المسلم محمد إقبال، وهى مدينة العلم والثقافة فى
باكستان، وبها حدائق شاليمار الشهيرة، ومن المدن الأخرى
ليالبور وملتان وسيالكون ومنتجمرى. وكان هذا الإقليم موطنًا
لأقدم القبائل الآرية، واحتله الإسكندر الأكبر ثم آل إلى
إمبراطورية الموريا. وبدأت أولى حملات الفتح الإسلامى للإقليم
سنة (94 هـ) على يد محمد بن القاسم حيث استولى على ملتان،
إلا أن إكمال الفتح قام به محمود الغزنوى سنة (392 هـ) حيث
ضم البنجاب إلى الدولة الغزنوية، ثم دخل تحت حكم سلاطين
دهلى، وظلت تتداوله الأيدى حتى ضمته بريطانيا إلى أملاكها
سنة (1849 م) ثم قسم بين الهند وباكستان سنة (1947م) على
أساس التجمعات المسلمة والهندوكية.(11/163)
*إيران
دولة إسلامية آسيوية. تقع فى نصف الكرة الشمالى. يحدها من
الشمال بحر قزوين وتركمانستان وأذربيجان وأرمينية، ومن
الغرب تركيا والعراق، ومن الشرق أفغانستان وباكستان، ومن
الجنوب بحر عمان والخليج. وتبلغ مساحة إيران (1648195) كم2،
وتقع بين دائرتى عرض (25ْ) و (39.5ْ)، وبين خطى طول (44ْ)
و (63ْ). وأهم المدن الإيرانية: طهران العاصمة ومشهد وأصفهان
وتبريز وقم. وأهم الموانئ: أنزلى وبندر عباس وخمينى. ويبلغ
عدد سكان إيران نحو (56.293.660) نسمة حسب إحصائية سنة
(1412 هـ = 1991 م). ومتوسط دخل الفرد فى السنة (1800)
دولار حسب إحصائية سنة (1988 م). وأهم المحصولات الزراعية:
الحبوب والأرز والفواكه والسكر والقطن والعنب. وأهم المعادن:
الكروميوم، كما تنتج البترول والغاز الطبيعى. وأهم الصناعات:
البتروكيماويات والسجاد والأسمنت. والريال هو العملة المتداولة
فى إيران.(11/164)
*غانا
جمهورية بغرب إفريقيا، على خليج غينيا. وعاصمتها أكرا.
ومساحتها (238394) كم2. وتقع غرب إفريقيا، على ساحل غانا
وتجاورها كوت دى فوار (ساحل العاج) فى الغرب، وبوركينا
فاسو فى الشمال، وتوجو فى الشرق. وفتحها الشيخ عبد الله
ياسين عام (469 هـ) بعد أن اجتمع عليه المرابطون، كما هاجرت
إليها قبائل الماندى المسلمة فى القرن (10 هـ = 16 م)، وقبائل
الهوسا فى القرن (12 هـ = 18 م)؛ حيث استقرت فى شمال
غانا، وكانت تُسمى ساحل الذهب. واحتلها البرتغاليون والألمان
والإنجليز والهولنديون، وبنوا لهم (35) قلعة، سيطر عليها
الإنجليز، وأعلنت إنجلترا احتلالها عام (1874 م)، ولكن المسلمين
الأشانتى ظلوا حاملين السلاح فى وجه بريطانيا حتى عام
(1900م)، وفى (2 من فبراير 1994 م) قامت قبائل كونكمبا
النصرانية بالهجوم على قرية بمبلا التى تبعد (960 كم) عن
العاصمة، وسرعان ما انتشر الهجوم ليشمل (150) قرية، وكان
المهاجمون يركزون على إحراق المساجد وهدمها على المصلين،
فقدر عدد القتلى بنحو (8.000)، وعدد المشردين بنحو (20.000)،
ولم يصل منهم إلى ثمالى إلا (4.000)، أما الأطفال والنساء
والعجائز والشيوخ فلم يصلوا جميعاً، ونزح إلى التوجو نحو
(5.000) مسلم. وغانا عضو فى منظمة الوحدة الإفريقية،
والكومنولث، والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وعقدت
اتفاق شراكة مع السوق الأوربية المشتركة.(11/165)
*قرطبة
كانت عاصمة مقاطعة قرطبة بجنوب الأندلس، على نهر الوادى
الكبير، وقد ازدهرت فى عهد الرومان، وفتحها المسلمون سنة
(711 م)، وبلغت أوج ازدهارها فى العهد الأموى سنة (756 هـ =
1031 م). واشتهرت بمركزها الثقافى الكبير، وازدهار العلم بها،
فكان بها (200.000) بيت و (600) مسجد و (50) مستشفى و (80)
مدرسة عامة كبرى، و (900) حمام سوقى، وكان فى مسجد
قرطبة الموجود حتى الآن (1093) عمودًا من الرخام و (19) بابًا،
مبطنة بصفائح من نحاس التوج (نحاس المدافع) ومرصعة بصفائح
من ذهب، وبلغت قناديله (4700) قنديل، أحدها فى المحراب من
الذهب والإبريز. وكانت قرطبة مشهورة بصناعة الذهب والفضة
والجلود. وكانت تصبح مضيئة معطرة بما يلقى فيها من الزهور،
وكانت عاصمة الخلافة الأموية فى الأندلس، كما كان بها دار
للكتب تحتوى على أكثر من (600.000) مجلد، استولى عليها
المسيحيون بعد أن سقطت فى أيديهم على يد فرديناند الثالث
ملك قشتالة سنة (1236 م).(11/166)
*مازندران
مقاطعة فى الجزء الشمالى من إيران، تتاخم بحر قزوين من
الجنوب. وأهم منتجاتها الحبوب والفاكهة والمنسوجات
والأسماك. ومساحتها نحو (47.365) كم2، وعاصمتها سارى.
وقد فتحها المسلمون سنة (644 م)، وأطلقوا عليها اسم
طبرستان. وقد حكمها السامانيون والغزنويون والسلجوقيون،
واستولى عليها المغول، ثم أعادها الإيرانيون، وينسب إليها أبو
عبد الله محمد المازندرانى.(11/167)
*مشهد
عاصمة إقليم خراسان، من بلاد إيران. تقع فى شماله الشرقى،
على ارتفاع (985 م) عن سطح البحر، على بعد (20 كم) شمالى
غربى مدينة طوس القديمة التى كانت مشهد فى بداية نشأتها -
قرية تتبعها، وكانت تسمى سناباد، ودفن بها هارون الرشيد
وابنه المأمون. ويمر بمشهد نهر كشف. ومناخها شديد الحرارة
صيفًا، شديد البرودة شتاءً. ومشهد كلمة عربية مرادفة لكلمة
مزار، وسميت بهذا الاسم؛ لأن على بن موسى الكاظم الرضا إمام
الشيعة دفن بها عام (203 هـ = 817 م). وتُعد مشهد المصدر
الرئيسى لغذاء إيران الشرقية؛ باعتبارها مدينة زراعية وصناعية
وتجارية. وتعرضت مشهد لغارات قبائل الغز وللهجمة التترية التى
دمرت طوس. وكان ذلك أحد عوامل ظهور مشهد وخصوصًا بعد ما
دمرها الأمير ميرانشاه بن السلطان تيمور كوركان. ولما تولى
ميرزاشاهرخ عرش إيران سنة (850 م) أولى التعمير اهتمامه
فشيد بها كثيرًا من الأبنية، كما أن زوجته كوهرشاد أغا أنشأت
كثيراً من الأبنية والمدارس والدور الخيرية التى لاتزال آثارها
باقية ومعروفة باسمها حتى الآن. وفى عهد الصفويين أرسيت
دعائم المذهب الشيعى الجعفرى فى إيران ولمع نجم مدينة
مشهد. ومن مشاهيرها الفردوسى المتوفَّى سنة (411 هـ) صاحب
الشاهنامة، وأسدى الطوسى المتوفَّى سنة (447هـ) ونظام
الملك المتوفَّى سنة (485هـ).(11/168)
*قشتالة
إقليم عظيم بالأندلس. يقع حاليًّا بشمال وسط إسبانيا ويشمل
معظم هضبة إسبانيا الوسطى العالية الجافة. والأحواض الرئيسية
بها هى أحواض أنهار الدور والأعلى والتاجة والوادى اليانع.
وأهم مدن قشتالة مدريد وطليطلة وكونسكا. ويشتغل السكان
بالزراعة ورعى الغنم. وفى سنة (1028 م)، سقطت فى يد
سانكوه الثالث ملك نفار، وجعلها مملكة مستقلة لابنه فرديناند
الأول، ووسعت على حساب البلاد الإسلامية، واتحدت مع ليون.
وعندما تزوجت إيزابيلا الأولى ملكة قشتالة من فرديناند الثانى
ملك أراجون أصبحت المملكتان مملكة واحدة، وتأكد الاتحاد حين
اعتلى حفيدها شارل العرش سنة (1516 م). وبعد القرن (10 هـ =
16 م) أصبحت قشتالة قلب إسبانيا.(11/169)
*أخميم
بلدة مصرية قديمة من مدن الصعيد الأوسط. تقع على الشاطئ
الشرقى لنهر النيل، وتقابلها مدينة سوهاج، وتصل بينهما
قنطرة. اشتق اسمها من الاسم الفرعونى خنت مين. وكانت فى
العصر الفاطمى عاصمة كورة الأخميمية حتى نهاية العصر
المملوكى، وكان فيها مقام الوالى، ثم كانت مسكناً لنائب
الوجه القبلى. وفى العصر العثمانى ألغيت الأخميمية، وأضيفت
بلادها إلى ولاية جرجا (محافظة سوهاج حاليًّا)، وأصبحت
أخميم إحدى المدن التابعة لمركز سوهاج. وفى سنة (1903م)
فصلت البلاد الواقعة شرقى النيل عن مركز سوهاج، وجعلت
مركزاً باسم أخميم، وهى تتبع الآن محافظة سوهاج، وكانت من
أشهر مدن الصعيد فى صناعة المنسوجات فى العصرين القبطى
والإسلامى، وكانت فيها مصانع حكومية لصناعة النسيج تُعرَف
بالطراز، كما اشتهرت بثمرها وغلالها، وكان فيها معاصر لزيت
السلجم، وكان فيها جماعة من بنى قرة (فصيلة من بنى هلال بن
عامر بن صعصعة، ينتهى نسبهم إلى معد بن عدنان جد النبى - صلى الله عليه وسلم -)،
وكان بأخميم بربا (محل للعبادة عند القبط) مشهورة، ونفى
إليها نسطور رئيس الفرقة المسيحية المسماة النسطورية. وفيها
آثار قديمة ذات قيمة عالية عندالمؤرخين، ومن أشهر أعلامها ذو
النون المصرى، وكان من أعظم علماء عصره أدبًا وعلمًا،
وتُوفِّى سنة (248هـ).(11/170)
*باب المندب
مضيق عربى ذو أهمية استراتيجية بالغة، يصل البحر الأحمر
بالمحيط الهندى وخليج عدن. أطلق عليه العرب باب المندب
وبوابة الدموع؛ لخطورة الملاحة فيه، وهو يتحكم فى المواصلات
البحرية بين البحر المتوسط والشرق. وبالمضيق عدة جزر، منها:
جزر الفرسان ودهلك وجزيرة قمران التى احتلتها بريطانيا سنة
(1841م)، وأهمها جميعًا جزيرة بريم أو ميوم التى استولت عليها
بريطانيا سنة (1857م)، وهى تقسم المضائق إلى ممر شرقى
قليل العمق، وعرضه (2.2) ميل، وممر غربى أكثر عمقًا يبلغ
عرضه (17.4) ميل. ويحاذى مضيق باب المندب من الشرق
الآسيوى اليمن، ومن الغرب الإفريقى الصومال وجيبوتى
والحبشة. وللأهمية البالغة للمضيق بذلت القوى الغربية عدة
محاولات تهدف إلى وضع المضيق تحت صورة من صور السيادة
الدولية، وفى حرب (رمضان 1393هـ = أكتوبر 1973م) سيطرت
عليه البحرية المصرية، وسدَّت بذلك سبل الملاحة فى خليج
العقبة، وبذلك فرضت حصارًا بحريًّا على العدو الصهيونى، وقام
العدو بإرسال طائرات الفانتوم للتحليق فوق مناطق مختلفة من
البحر الأحمر، وتعاون مع النظام الإثيوبى لمعارضة اعتبار البحر
الأحمر بحيرة عربية.(11/171)
*الأناضول
هى المنطقة الآسيوية من الجمهورية التركية. يحدها من الشمال
مضيق غاليبولى وبحر مرمرة، ومضيق إستانبول (البسفور)
والبحر الأسود، ومن الجنوب العراق وسوريا والبحر المتوسط،
ومن الشرق آذربيجان وجورجيا وأرمينيا وإيران، ومن الغرب
بحر إيجة. وتقع الأناضول بين خطى طول (36ْ،42ْ)، وبين
دائرتى عرض (6ْ،45ْ) وتبلغ مساحتها (756.946) كم2. وأهم
مدن الأناضول: إستانبول وأنقرة وأزمير وقونية وبورصة
وسامسون. وفى الأناضول بحيرات طبيعية، يبلغ عددها (48)
بحيرة، كبراها بحيرة وان، وتبلغ مساحتها (3713) كم2. وتُحاط
الأناضول بجبال شمال الأناضول، ومن الجنوب بجبال طوروس،
وبين الجهتين تمتد الأناضول على شكل هضبة تسمى هضبة
الأناضول. والزراعة فى الأناضول هى العمود الفقارى
للاقتصاد، وأهم المحاصيل الزراعية بها: القمح والذرة والعدس
والشعير والفاصوليا والتفاح والتين والبرتقال والليمون. وتشتهر
الأناضول بغاباتها ومواردها الطبيعية، كالبترول والنحاس
والفحم والمنجنيز، وقد اكتشف البترول لأول مرة فى الأناضول
عام (1359 هـ = 1940م) فى جبل رامان. وقد مرت بمنطقة
الأناضول عدة حضارات قبل ظهور الاسلام: - - حضارة الحاتيين
(2500 - 2000 ق. م). - وحضارة الحيثيين (1750 - 1200 ق. م). -
وحضارة الفيريجيين بعد سنة (1750 ق. م). - وحضارة الليديين
(1050 - 300 ق. م). ودخلت الأناضول تحت الحكم الإسلامى سنة
(464هـ = 1071م)، وقد فتحها الأتراك السلاجقة بقيادة السلطان
ألب أرسلان، بعد انتصاره على البيزنطيين أو الرومانيين فى
موقعة ملاذكرد. وبعد انهيار دولة سلاجقة الأناضول وحَّد
العثمانيون إمارات الأناضول التركمانية، وبفضل جهودهم
أصبحت الأناضول وحدة سياسية وعلمًا على تركيا. ويحكم
الأناضول (تركيا) الآن (1997م) الرئيس سليمان ديميريل.(11/172)
*إندونيسيا
دولة إسلامية تقع جنوب شرقى آسيا، بين دائرتى عرض (7ْ)
شمالاً و (11ْ) جنوبًا، وخطى طول (45 94ْ) و (141ْ) شرقًا.
وإندونيسيا كلمة مركبة من كلمتين، هما: إندو بمعنى الهند
ونيسيا بمعنى جزر؛ فإندونيسيا معناها جزر الهند. ويحد
إندونيسيا من الشرق المحيط الهادى، ومن الغرب والجنوب
المحيط الهندى، ومن الشمال بحر الصين الجنوبى. وإندونيسيا
عبارة عن أرخبيل (مجموعة من الجزر) وتُعد أكبر أرخبيل فى
العالم؛ إذ يصل عدد جزرها إلى نحو (17.000) جزيرة. والمناخ
فى إندونيسيا مدارى معتدل؛ بسبب التأثير البحرى، ومعدل
الحرارة السنوى لا يزيد على (25ْ) مئوية. وأهم المدن فى
إندونيسيا: جاكرتا العاصمة، وباندونج وميدان وباليمبانج
وسورابايا. وتُعد إندونيسيا أكبر دولة إسلامية من حيث عدد
السكان؛ إذ يبلغ عدد سكانها نحو (188) مليون نسمة، وتبلغ
نسبة المسلمين بها (94%). النشاط الاقتصادى فى إندونيسيا:
تعد الزراعة أهم حرفة للسكان، وتبلغ المساحة المزروعة (18)
مليون هكتار، وأهم المحاصيل فيها: الأرز وفول الصويا والقمح
والمطاط وقصب السكر والبن والشاى. وتمتلك إندونيسيا ثروة
حيوانية وسمكية هائلة، كما تمتلك ثروة معدنية ضخمة، أهمها:
القصدير والنحاس والمنجنيز، إلى جانب مصادر غنية للطاقة،
أهمها: البترول والغازالطبيعى. ويحكم إندونيسيا الآن (1997 م)
الرئيس سوهارتو.(11/173)
*بعلبك
مدينة عربية معاصرة. تقع فى سهل البقاع، على سفح جبل
لبنان الشرقى. وتبعد عن شرق بيروت بمسافة (85) كم، وهى
الآن إحدى مدن محافظة البقاع فى جمهورية لبنان الحاليَّة.
وتمتاز بخصوبة أراضيها وتُزرع فيها الحنطة والشعير والذرة.
وبعلبك مكونة من كلمتين؛ (بعل) و (بك)، وتعنى فى اللغة
السامية: رب سهل البقاع. وقد فتحها المسلمون سنة (16هـ =
637م) فى عهد عمر بن الخطاب على يد قائده أبى عبيدة بن
الجراح، رضى الله عنهما. وعندما فتح المعز لدين الله الفاطمى
مدينة دمشق سنة (361هـ = 972م) عين على بعلبك واليًا من
قبله، وظلت تابعة للفاطميين حتى سنة (468هـ = 1075م)، حين
دخلها السلاجقة. وفى سنة (570هـ = 1174م) استولى عليها
صلاح الدين الأيوبى، ثم استولى عليها قائد المغول كتبغا سنة
(658هـ = 1260م)، وعندما هزم قطز سلطان مصر المغول فى
السنة نفسها انتقلت بعلبك إلى سيطرة المماليك، ثم دخلها القائد
المغولى تيمورلنك سنة (803 هـ = 1400م)، لكنها عادت إلى
حوزة المماليك مرة أخرى، وظلت تحت حكمهم حتى سنة (992هـ
= 1516م)، حين فتح السلطان سليم الأول بلاد الشام. وفى سنة
(1344هـ = 1925م) أُعلن قيام دولة لبنان وضمت إليها بعلبك.
ومن آثار بعلبك الشهيرة: معبد جوبيتر، وقلعة بعلبك، والمسجد
الأموى، ويُنسب إلى الصحابى الجليل أبى عبيدة بن الجراح.
وقد برز كثير من العلماء والأدباء فى بعلبك، منهم: الأوزاعى
المتوفَّى سنة (157 هـ = 774 م)، والمقريزى المتوفَّى سنة (
845 هـ = 1441 م)، ومحمد بن على بن أبى المضاء المتوفَّى
سنة (509 هـ = 1115 م)، وخليل مطران المتوفَّى سنة (1369 هـ =
1949 م).(11/174)
*شنترين
مدينة بالأندلس. تقع غربى الأندلس، وتُعرف اليوم باسم سيتاريم
بالبرتغال، وتبعد عن لشبونة - العا صمة البرتغالية - بنحو (43)
ميلاً. ويشتغل أهلها بتجارة زيت الزيتون والفا كهة والحبوب
والأسماك. وقد فتحها المسلمون سنة (93 هـ = 711 م)، وسقطت
فى يد المسيحيين سنة (486 هـ = 1093 م) على يد ألفونسو
السادس، وبقيت فى يد المسلمين حتى عام (543 هـ = 1147 م)،
وملكها الإفرنج فى هذه السنة. ومن آثارها: أجزاء من أسوار
القلعة الأندلسية، وبرج كاباساس. ويُنسب إليها كثيرمن العلماء،
من أشهرهم: ابن بسام الشنترينى صاحب كتاب (الذخيرة فى
محاسن أهل الجزيرة).(11/175)
*الفيوم
محافظة بجمهورية مصر العربية. مساحتها (1778) كم2. وتحتل
منخفضًا فى الصحراء الليبية، غربى محافظة بنى سويف. وقد
كانت تابعة لمحافظة بنى سويف، ثم انفصلت عنها، وأصبحت
محافظة قائمة بذاتها منذ سنة (1870 م). ويربطها بالقاهرة طريق
صحراوى طوله (81) كم. وتشتهر محافظة الفيوم بزراعة الأرز
والموالح والتين والعنب، كما يوجد فيها عدة مناطق سياحية.
ومن أهم بلدانها: أبشواى وأطسا وسنورس.(11/176)
*المراغة
مدينة كبيرة من مدن أذربيجان، تقع فى آسيا الوسطى. وكان
محمد بن مروان بن الحكم يعسكر بالقرب من أرضها، فكانت
دواب الجيش تتمرغ فى أراضيها، فبنى مكانها مدينة أطلق
عليها المراغة. وبنى هارون الرشيد أسوارها وحصَّنها، وأنزل
بها كثيرًا من الجنود، كذلك تحصن بها الناس عندما وقعت فتنة
بابك الخُرَّمى. وفى سنة (618هـ) هاجمها التتار، وقتلوا أهلها،
وسلبوا وحرقوا ما وجدوه بها. وبالمراغة كثير من الآثار
والعمائر الإسلامية، ونبغ بها العديد من الفقهاء والمحدثين
والشعراء.(11/177)
*عمورية
مدينة بإقليم فريجيا القديم، فى الأناضول. تقع فى الشمال
الغربى من قونية، وإلى الغرب من أزمير. فتحها الخليفة
العباسى المعتصم بالله سنة (223هـ = 838 م)؛ إذ قتل ثيوفيل
بن ميخائيل ملك الروم كثيرًا من مسلمى ملطية فى مذبحة
عظيمة، وأسر كثيرًا منهم، وكان أكثر الأسرى من النساء، وعلم
المعتصم بذلك فسأل أمراءه: أى بلاد الروم أمنع؟ فقالوا:
عَمُّوريَّة، فتوجه إليها وفتحها. كما شهدت عمُّورية صراعًا بين
السلاجقة والبيزنطيين حتى دخلها السلطان السلجوقى ألب
أرسلان سنة (1067 هـ = 1656 م).(11/178)
*قمُّ
إحدى مدن إيران. تقع على مساحة (147) كيلو مترًا، جنوبى
العاصمة طهران، عند مفترق الطرق الرئيسية التى تربط شمال
إيران بجنوبها، كما أن خطوط السكك الحديدية التى تربط جميع
أنحاء إيران تعبرها من ناحية الشمال. تنقسم قمُّ إداريًّا إلى قم
(مركز المدينة)، وجاسب، وإدهال، وآراض، وقهستان،
وخلجستان. وتعدُّ قم المدينة المقدسة بالنسبة إلى الإيرانيين،
والعاصمة الدينية لإيران فى الوقت الحاضر. أما قديمًا فقد قام
الإسكندر بتخريبها عند غزوه لإيران عام (330 ق. م). وافتتحها
المسلمون على يد أبى موسى الأشعرى عام (23 هـ)، ثم تعرضت
قم فى القرن (7 هـ = 13 م) للغزو المغولى، فلحق بها الدمار،
ومع بداية القرن (10 هـ = 16 م) دخلت قم عصرًا جديدًا من العمران
والازدهار فى ظل الدولة الصفوية التى جعلت المذهب الشيعى
المذهب الرسمى لإيران، فولت وجهها شطر قم بالتعمير
والإصلاح. ودفن خمسة من سلاطينها بجوار قبر السيدة فاطمة
بنت الإمام موسى بن جعفر الصادق، فصارت قم منذ ذلك الحين
ميدانًا لدفن وجهاء إيران وأمرائها، كما أصبحت قبلة للشيعة
فى كل مكان.(11/179)
*مقدونيا
إقليم جنوب شرق أوربا. يشبه جزيرة البلقان. ويمتد شمالا من
بحر إيجة بين إبيروس وتراقيا. وينقسم من الناحية السياسية
إلى مقدونيا اليونانية (34654 كم2) وعاصمتها سالونيك،
وجمهورية مقدونيا المتمتعة بالحكم الذاتى (26493 كم2)
وعاصمتها سكوبليى، ومقدونيا البلغارية. وكانت مقدونيا فى
العصور الوسطى خاضعة للأباطرة البيزنطيين، وكان حكمهم لها
مضطربًا؛ إذ كانت باستمرار فريسة للغزاة، وخاصة البلغار،
وفتحها ستيفان دوشان ملك صربيا فى القرن الرابع عشر، وبعد
موته فتحها الترك. واتسم سكان مقدونيا بكونهم خليطًا من
الأديان والقوميات، من المسيحيين والمسلمين واليهود والصرب
والبلغار واليونانيين. وحينما أخذت الخلافة العثمانية تتفكك فى
القرن التاسع عشر أدعت كل من اليونان وصربيا وبلغاريا حقها
فى تملكها، وأعطت معاهدة سان ستفانو الجانب الأكبر
لبلغاريا، ولكن مؤتمر برلين سنة (1878 م) أعاد إليها الحكم
التركى السابق، وكونت منظمات سرية إرهابية للعمل على
استقلال مقدونيا عن الحكم العثمانى، ونالت هذه المنظمات تأييد
بلغاريا التى ظفرت بنصيب كبير من مقدونيا فى حرب البلقان
الأولى (1912 - 1913 م)، لكن اليونان وصربيا هزمتا بلغاريا فى
حرب البلقان الثانية سنة (1913 م)، وحصلتا على حدودهما
الحالية تقريبًا. وفى الحرب العالمية الثانية وقعت مقدونيا فى
قبضة البلغار فترة قصيرة فيما بين سنتى (1941، و 1944م)، إلا
أن معاهدة الصلح سنة (1947 م) أعادت الحدود السابقة.(11/180)
*الاتحاد السوفييتى
دولة اتحادية سابقة، كانت تضم (15) جمهورية، كل جمهورية
ذات سيادة. وقد أطلق عليها اسم جمهوريات روسيا الاتحادية
الاشتراكية السوفييتية فى عام (1337 هـ = 1918 م)، وكلمة
سوفييت معناها فى اللغة الروسية مجلس، وكان الاتحاد
السوفييتى السابق يشترك مع (12) دولة فى حدوده السياسية،
ست منها فى أوربا، وست فى آسيا. وكانت مساحته (22.4
مليون كم2). وقد كان أحد أقوى دولتين عسكريتين فى العالم،
وكان عضوًا فى حلف وارسو وهيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن
الدولى، وكان له حق النقض (الفيتو). وتنوعت تضاريسه بين
مرتفعات تمثل (10%) وسهول تمثل (90%)، ووجد به كثير من
الأنهار والبحيرات، وتنوعت ظروفه المناخية؛ نظرًا لاتساع
مساحته. وأهم المحاصيل الزراعية التى كانت به: القمح، والذرة،
والقطن، وبنجر السكر، وكان يتصدر دول العالم فى تربية
الماشية وإنتاج الأسماك، كما كان فى مقدمة دول العالم فى
إنتاج البترول، والغاز الطبيعى، والمعادن مثل: الحديد،
والمنجنيز، والنيكل، والألومنيوم، والنحاس، والفحم. وأهم
الصناعات التى كانت به: صناعة الحديد والصلب، والأسمدة،
والورق، والمنسوجات القطنية، والسيارات، وغيرها. وكان عدد
السكان يقدر بنحو (287) مليون نسمة وفق إحصائية سنة
(1989م)، منهم نحو (60.3) مليون مسلم. وكان به (125) لغة،
وكانت اللغة الروسية هى اللغة الرسمية، كما كانت الديانة
المسيحية هى الديانة الرسمية. وينسب تأسيس الدولة الروسية
إلى الأمير روريك، وقد تمكن أولاده من بعده من الاستيلاء على
القسم الجنوبى من الاتحاد السوفييتى، ثم تعرض الاتحاد
السوفييتى لغزو المغول وظل أكثر من قرنين ونصف قرن يدفع
الجزية للمغول المسلمين، إلى أن استطاع إيفان الثالث سنة
(844 - 911 هـ = 1440 - 1505م) أن يقيم دولة قوية كانت البداية
لتكوين الإمبراطورية الروسية، ثم قامت روسيا القيصرية سنة(11/181)
(1022هـ = 1613 م)، وأخذ الاتحاد السوفييتى السابق فى
التوسع حتى ضم أجزاء من أوربا. وفى التسعينيات من القرن
العشرين بدأت الجمهوريات السوفييتية تستقل عن الاتحاد
السوفييتى بعد سقوطه.(11/182)
*آسيا
كبرى قارات العالم، ومهد الديانات السماوية والحضارات القديمة.
تبلغ مساحتها (44.043.000 مليون كم2). يطل ساحلها الجنوبى
على بحر العرب والمحيط الهندى، ويطل ساحلها الشمالى على
المحيط المتجمد الشمالى، ويطل ساحلها الشرقى على المحيط
الهادى وبحر الصين وبحر اليابان. ويوجد فيها أكثر جهات الأرض
انخفاضًا، وهو منخفض الأردن، والبحر الميت، وبها أكثر جهات
الأرض ارتفاعًا، وهى قمة إفرست فى جبال الهيملايا. ومناخها
يختلف من مكان إلى آخر؛ نظرًا لاتساع مساحتها، وتختلف أنواع
النبات أيضًا باختلاف المناخ، وأهم المحصولات الزراعية بها:
الأرز وهو الغذاء الرئيسى لغالبية السكان، والقمح، والذرة،
والكتان، والشاى، والبن، والبنجر، والقطن، وغيرها. كما
تشتهر بوجود الإبل والماعز والأغنام والخيول والحمير، وتكثر
فيها الفيلة والخراتيت. وهى غنية بالمعادن ومصادر الطاقة،
مثل: الذهب والفضة والرصاص والنحاس والبلاتين والفحم
والجرافيت والبترول وغيرها، ويبلغ عدد سكانها ثلاثة مليارات
وثلاثمائة وثمانية ملايين نسمة حسب إحصائية سنة (1992م)،
منهم (752) مليون مسلم. ومن الدول الإسلامية فيها: أفغانستان،
وبنجلاديش، وإندونيسيا، وإيران، وماليزيا، وباكستان،
وتركيا، والعراق، والأردن، ولبنان، والسعودية، وسوريا،
واليمن، والكويت، والبحرين، وقطر، والإمارات العربية،
وعمان، وبروناى، وفلسطين المحتلة. ويتكلم السكان اللغات
العربية، والفارسية، والتركية، والإندونيسية، والأوردية،
والباشتو، والروسية، والصينية، واليابانية.(11/183)
*أدرنة
مدينة تركية، اتخذها سلاطين الدولة العثمانية عاصمة لدولتهم
فترة من الزمان قبل فتح مدينة القسطنطينية. وهى تقع فى
القسم الأوربى لتركيا، وسط سهل خصيب، وتحتل موقعًا عند
ملتقى ثلاثة أنهار، هى: مريج وآراد وطونجة. وتشتهر أدرنة
بزراعة التفاح واللوز والجوز وأصناف من الحبوب، كما تتميز
جبالها بكثرة الأشجار، ويستخرج من أرضها عديد من المعادن،
مثل: الحديد والمرمر، كما توجد بها عدة صناعات، منها: صناعة
المنسوجات الحريرية والقطنية والصوفية وصناعة العطور
والجبن. وقد كانت أدرنة فى العصر العثمانى مركزًا تجاريًّا
مهمًّا، وكانت تضرب فيها العملة، كما تشتهر بكثرة الآثار
الإسلامية، ففيها أكثر من (40) مسجدًا أثريًّا، أشهرها مسجد
سليم الثانى المعروف باسم جامع السليمية. ويقدًّر عدد سكان
أدرنة، بنحو (72) ألف نسمة. وقد كانت أدرنة قبل أن يفتحها
العثمانيون سنة (763 هـ = 1361 م) مسرحًا لصراعات عديدة
ومعارك حربية زمنًا طويلا، ثم اتخذها العثمانيون قاعدة أمامية
لتوسعهم فى أوربا، ثم أصبحت عاصمة لهم سنة (816 هـ =
1413 م)، إلى أن فتح محمد الفاتح القسطنطينية سنة (857 هـ =
1453 م)، فاتخذ القسطنطينية عاصمة للدولة بدلا من أدرنة، ولما
تولى السلطان أحمد الأول خلافة الدولة العثمانية سنة (1012 هـ
= 1603م) جعل أدرنة عاصمة للدولة. وأثناء فترات ضعف الدولة
العثمانية تعرضت أدرنة للاحتلال الروسى مرتين، ولكن أنور
باشا استردها منهم، ثم احتلتها اليونان إلى أن انسحبت منها،
وبعد ذلك أصبحت أدرنة تابعة للدولة التركية المعاصرة.(11/184)
*أسوان
مدينة كبيرة. تقع فى صعيد مصر، قرب الحدود الجنوبية. وهى
الآن عاصمة لمحافظة تحمل هذا الاسم. تبلغ مساحتها (873 كم2).
وهى آخر محافظات مصر من جهة الجنوب. وتقع على الضفة
الشرقية لنهر النيل. يحدها من الشمال إدفو، ومن الجنوب أرض
النوبة، ومن الشرق الصحراء الشرقية، ومن الغرب النيل،
وتواجهها فى وسطه جزيرة الفنتين أو جزيرة أسوان. ويبلغ
عدد سكانها نحو نصف مليون نسمة. وأهم مدنها: كوم امبو،
وغيبة، وإدفو. وأسوان مدينة قديمة ذات تاريخ عريق؛ فقد وجد
فيها بقايا آثار من العصر الحجرى القديم الذى استخدم فيه
الإنسان آلات مصنوعة من حجر الصوان، وتوجد منها نماذج
محفوظة بمتحف أسوان. وقد كانت هذه المدينة عند نشأتها قرية
متواضعة اتخذها التجار مكانًا يتبادلون فيه سلعهم، وأطلقوا
عليها الكلمة الفرعونية سوان، أى: السوق، واتخذها الفراعنة
مركزًا للدفاع عن مصر، كما اتخذوها عاصمة لمصر الجنوبية،
واعتمد عليها أحمس فى محاربة الهكسوس وطردهم من مصر.
وعندما فتح المسلمون مصر سنة (21 هـ = 642 م) دخلوا أسوان،
وجعلوها قاعدة الجنوب الكبرى؛ لتأمين حدود مصر الجنوبية.
وقد استقرت فيها القبائل العربية، مثل: قبيلة ربيعة، وقد كانت
أسوان ملتقى طرق القوافل الآتية من النوبة والسودان
والصحراء الشرقية، وكذلك بالنسبة إلى القوافل التى تمر بميناء
عيذاب على البحر الأحمر. وقد بنى محمد على باشا أولى
مدارسه الحربية فى مصر الحديثة فى أسوان، وقد زادت
أهميتها فى العصر الحديث بعد إنشاء سد أسوان سنة (1321هـ
= 1903 م)، ثم السد العالى الذى بدأ العمل فيه سنة (1380 هـ =
1960 م). بدأت هذه المدينة فى الازدهار فى مجال السياحة،
حتى احتلت مكانة مرموقة بين مدن العالم فى هذا المجال. ومن
الآثار الفرعونية فيها: المحجر الشمالى وفيه المسلة الناقصة،
ومقابر الأمراء، ومعابد البطالمة. كما يوجد فيها دير الأنبا(11/185)
سمعان والمآذن الإسلامية، مثل: مئذنة المشهد القبلى (بلال)
ومئذنة المسجد البحرى ومئذنة الطابية.(11/186)
*أشبونة
مدينة أندلسية قديمة، ترجع أصولها إلى العصر الرومانى،
وكانت تُسمَّى أليسيبو. تقع غرب بلاد الأندلس (إسبانيا
والبرتغال) عند مصب نهر تاجة على ساحل المحيط الأطلسى،
وهى الآن عاصمة دولة البرتغال، وإن كان اسمها قد تغير قليلا
من أشبونة إلى لشيونة. وترجع أصول هذه المدينة إلى العصر
الرومانى. وفتحها المسلمون سنة (93هـ=712م) أثناء فتوحات
طارق بن زياد وموسى بن نصير لبلاد الأندلس. وقد كانت لشبونة
من مراكز الثقافة الإسلامية، وهى الآن من أهم مراكز الاتصالات
الجوية الدولية المهمة فى العالم، كما أنها مركزحيوى عظيم
للتجارة والثقافة والفن، وتعد الميناء البحرى الأول فى البلاد،
كما أنها تشتهر بالتقدم العمرانى العظيم. أما سكان أشبونة
فيبلغ عددهم (2.062.200) نسمة، حسب إحصائية سنة (1981م).(11/187)
*إصطخر
مدينة من أقدم المدن الفارسية، تقع إلى الجنوب الغربى من
إيران أقيمت على أنقاض مدينة برسيبوليس التى أسسها
داريوس فى القرن السادس قبل الميلاد، وجعلها عاصمة
اللخميين، وكانت تبعد عن مدينة شيراز الحالية بنحو (50كم)،
وهى تقوم على تل صخرى قرب نهر بندمير وسط سهل فسيح
يعد من أخصب السهول ويُعرَف الآن باسم مردشت. وقد أتخذتها
الدولة الساسانية مركزًا دينيًّا لها، وفيها كانت النار التى
أطفأها الله، عز وجل، يوم مولد الرسول e، وقد فتحها
المسلمون سنة (23هـ=643م) على يد أبى موسى الأشعرى
وعثمان بن العاص، وقيل: فتحت سنة (19هـ=640م) على يد العلاء
الحضرمى، رضى الله عنهم جميعًا. وقد قلت أهمية إصطخر بعد
بناء مدينة شيراز سنة (64هـ=684م)،ثم أصابها التدهور، فلم يبقَ
منها غير أطلال مسجدها الكبير وبقايا سورها، وكان ذلك فى
عهد الدولة البويهية (320 - 447هـ=932 - 1055م). وعلى أنقاض
إصطخر أنشئت قرية حاجى آباد. وإلى إصطخر ينتسب أبو
إسحاق إبراهيم الكرخى الإصطخرى، من علماء الجغرافيا،
ويُنسَب إليها عدد من العلماء والأدباء أيضًا.(11/188)
*إفريقيا
إحدى قارات العالم الست. يحدها من الشمال البحر المتوسط، ومن
الجنوب ممر رأس الرجاء الصالح، ومن الشرق البحر الأحمر، ومن
الغرب المحيط الأطلنطى. وتبلغ مساحتها (30.3) مليون كم2. وهى
ثانية قارات العالم من حيث المساحة بعد قارة آسيا. وقد كانت
إفريقيا جزءًا من قارة جندوانا القديمة التى تصدعت، وانفصلت
عنها إفريقيا فى صورتها الحالية منذ حوالى (65) مليون سنة.
وإفريقيا هضبة مرتفعة، يبلغ أقصى ارتفاع لها فى الجنوب،
ويشغل الأخدود الإفريقى الجزء الشرقى من الهضبة، كما توجد
الجبال الالتوائية فى الجزء الشمالى الغربى، وهى جبال أطلس،
وتشكل هضبة البحيرات المنابع الدائمة لنهر النيل، وأهم هذه
البحيرات بحيرات: تانا، وفيكتوريا، وتنجانيفا، وألبرت. كما
تجرى فى القارة أنهار: النيجر، والأورانج، والفولتا، والسنغال،
والزمبيزى، وغيرها، ونتيجة لاتساع مساحة القارة تنوع المناخ
فيها حيث يوجد المناخ الاستوائى والمناخ الصحراوى ومناخ
البحر المتوسط. وتنقسم السلالات فى إفريقيا إلى سلالات
قديمة، وهى الأقزام والبشمن، وسلالات زنجية، وسلالات
قوقازية. ويبلغ عدد سكان إفريقيا (692) مليون نسمة حسب
إحصائية سنة (1992م)، يدين أكثر من (50%) منهم بالإسلام.
وتوجد أكثر من (800) لغة فى إفريقيا، منها لغات سامية، مثل:
اللغة العربية، ولغات حامية، مثل: لغة البربر، ولغات سودانية،
ولغة البانتو. وتعد الزراعة من أهم مصادر الدخل فى إفريقيا.
وأهم المحاصيل فيها الذرة الرفيعة والشامية والقمح والكسافا
والأرز والقطن والقرنفل والمطاط والطباق وغيرها. ويعد الرعى
وتربية الحيوانات ركيزة أساسية فى اقتصاديات الدول
الإفريقية، وحرفة لعدد كبير من السكان، وترتبط مناطق الرعى
بمناطق قلة المطر، كما تشكل الثروة المعدنية مصدرًا أساسيًّا
للثروة فى إفريقيا، ولكنها تصدر كمواد خام، ومن أهمها:
الحديد والمنجنيز والنحاس والفوسفات. والصناعة فى إفريقيا(11/189)
متخلفة كثيرًا عن دول العالم، وتأتى جنوب إفريقيا فى مقدمة
الدول الإفريقية الصناعية، تليها مصر خاصة فيما يتعلق
بالصناعات التحويلية. وقد ظهرت على أرض إفريقيا حضارات
عديدة، إلى أن وصل الإسلام إليها وانتشر فيها، وبنى أول
مسجد فيها وهو مسجد عمرو بن العاص. وشهدت القارة تطورات
كبيرة خلال تاريخها.(11/190)
*الإسكندرية
كبرى الموانئ المصرية والإفريقية، والمدينة الثانية فى مصر بعد
القاهرة. تقع فى الجزء الشمالى الغربى من مصر، ويحيط بها
من الشمال البحر المتوسط، ومن الجنوب بحيرة مريوط. وتتميز
بطبيعة صخرية جيرية ويبلغ عدد سكانها نحو (4) ملايين نسمة،
وهى تُنسَب إلى الإسكندر الأكبر المقدونى الذى أمر المهندس
دينوقراطيس بإنشائها سنة (332 ق. م). وكانت تُعرَف من قبل
باسم راقودة، ثم جاء بطليموس بعد الإسكندر واتخذها عاصمة
لمصر، وأحاطها بسور ضخم به أبراج وحصون. وقد ظلت
الإسكندرية عاصمة لمصر فى العصر الرومانى حتى تم الفتح
الإسلامى لمصر، ففتحت الإسكندرية سنة (20هـ=641م)، ودخلها
عدد من الصحابة، رضى الله عنهم، منهم: أبو الدرداء، وقد عدَّها
المسلمون ثغرًا مهمًّا؛ فاهتموا بها، فاتخذوها قاعدة للفتوحات
الإسلامية فى إفريقيا، كما اهتموا ببناء المساجد فيها، وأهمها
مسجد عمروبن العاص، ثم اعتنى الفاطميون بالمنشآت البحرية
فيها، كما اعتنى صلاح الدين الأيوبى بالأسطول البحرى. أما
فى العصر الحديث فقد شهدت هذه المدينة أحداثًا خطيرة؛ فقد
نزلت فيها الحملة الفرنسية، وشهدت موقعة أبى قير البحرية بين
الأسطولين الإنجليزى والفرنسى، ثم جاء محمد على فاهتم
بتنمية المدينة، فشق فيها ترعة المحمودية، وأقام ترسانة بحرية
فيها، وعندما احتل الإنجليز مصر اتخذوا الإسكندرية قاعدة
لأسطولهم فى البحر المتوسط خلال الحربين العالميتين الأولى
والثانية. وعندما استقلت مصر وأصبحت جمهورية شهدت
الإسكندرية تطورًا عمرانيًّا وحضاريًّا؛ حيث قامت بها بعض
الصناعات، مثل: صناعة الغزل والنسج والورق والأسمنت وتكرير
البترول. ويوجد بالمدينة عديد من المتاحف والمزارات التاريخية،
مثل: المتحف اليونانى الرومانى، ومعهد الأحياء المائية،
وغيرهما.(11/191)
*المدائن
مدينة فارسية قديمة. تقع اليوم فى الضفة الشرقية إلى الجنوب
من بغداد بما يقرب من (30كم)، وسميت بالمدائن؛ لأن ملوك فارس
كانوا يسكنونها منذ القرن الثانى قبل الميلاد، فإذا ملك أحدهم
البلاد، قام ببناء مدينة له بجانب الأخرى، حتى وصل عدد هذه
المدن إلى سبع مدن، فأطلق العرب عليها المدائن. ومن أهم هذه
المدن، العتيقة والإسكندرية ورومية وطيسفون. وفى سنة
(16هـ=637م) فتح سعد بن أبى وقاص المدائن فى عهد عمر ابن
الخطاب، رضى الله عنهما، فسكنها المسلمون، ولكنهم خرجوا
منها وتركوها بعدما بنيت الكوفة والبصرة وبغداد وسامراء،
فهجرت قصور المدائن ومنازلها وهدمت، ولم يبق منها إلا قرية
صغيرة يعيش بها بعض الفلاحين على الزراعة.(11/192)
*إريتريا
إحدى الدول العربية الإسلامية. تقع شرق إفريقيا على الساحل
الغربى للبحر الأحمر، بين خطى عرض (15ْ و18ْ) شمالا. يحدها
من الشمال والغرب السودان، ومن الجنوب أثيوبيا وجيبوتى،
ومن الشرق البحر الأحمر. وتبلغ مساحتها (120) ألف كم2. يعمل
بالزراعة فى إريتريا (80%) من السكان. وأهم المحاصيل
الزراعية: الذرة والشعير والقمح والفواكه. وتوجد ثروة حيوانية
فيها ممثلة فى الأغنام والإبل والأبقار، كما توجد ثروة معدنية
أهمها: الذهب والفضة والحديد والنحاس وأملاح البوتاسيوم
والصوديوم والكالسيوم. ويبلغ عدد سكان إريتريا نحو (5) ملايين
نسمة، أغلبهم مسلمون سنيون، ويوجد عدد قليل من المسيحيين
يتبعون الكنيسة القبطية المصرية. ويتكلم السكان اللغة العربية
والتجرينية. وأسمرة هى العاصمة. وأهم الموانئ مصوع
وعصب. ومن أهم المدن نقفة. وقد كان النجاشى ملك الحبشة
يحكم إريتريا عندما وصل إليها الإسلام، ثم انتشر فيها الإسلام
بعد الهجرات العربية إليها، حتى أصبحت مملكة إسلامية، ثم
أصبحت ضمن الدولة المملوكية فى مصر، ثم احتلها البرتغاليون،
ثم أخذها العثمانيون، وأطلقوا عليها اسم إيالة الجيش، ثم
احتلتها إيطاليا حتى الحرب العالمية الثانية، ثم سيطرت عليها
بريطانيا، فقامت أثيوبيا بعمل دعاية لإقناع الشعب الإريترى
بالانضمام إليها، وقامت بريطانيا، بتحويل قضية إريتريا إلى
الأمم المتحدة سنة (1368هـ=1949م)، ووافقت الأمم المتحدة على
ضم إريتريا إلى أثيوبيا لكن الشعب الإريترى لم يرض بذلك، فقام
بتوحيد صفوفه ضد الاحتلال الأثيوبى، واستطاع بعد أكثر من
(30) سنة أن يعلن استقلاله سنة (1411هـ=1991م)، وتشكلت
حكومة برئاسة أسياس أفورقى الذى قام باتخاذ الإجراءات
اللازمة لانضمام إريتريا إلى المنظمات الدولية.(11/193)
*مرو
لفظ مرو فى اللغه العربية يعنى الحجارة البيضاء التى يُقتدَح
بها. وقد كانت مرو أشهر مدن خراسان وأعظمها، والنسبة إليها
مروزى. وتقع فى واحة كبيرة بصحراء كاراكوم بجمهورية
تركماستان، على نهر مرجب. كان يطلق عليها مرجيانا، حين
كانت عاصمة إحدى المقاطعات الشمالية فى فارس القديمة.
وكانت مركزًا للثقافة الإسلامية فى العصور الوسطى، ثم
انتزعتها روسيا من الأوزبك سنة (1884م)، ونشأت المدينة
الجديدة بجانب المدينة القديمة التى تسمى الآن بيرام على،
وهى مركز لصناعة النسج.(11/194)
*مسقط
عاصمة سلطنة عمان. تقع شرق شبه الجزيرة العربية، على خليج
عُمان وبحر العرب. يوجد فى شمال غرب المدينة سهل ساحلى
خصيب يشتهر بتموره المميزة التى تنضج مبكرًا. ومعظم السكان
من العرب والهنود والبلوخستانيين والزنوج، ويعمل الهنود
بالتجارة. واستولى عليها البرتغاليون بين سنتى (1508و1648م)
وآلت إلى حكم بعض أمراء فارس، ثم أصبحت عاصمة عمان سنة
(1741م)، وتتركز تجارة مسقط الخارجية مع اليابان وبريطانيا.
وأهم الصادرات: الفواكه، والتمور والحمضيات.(11/195)
*مصر
دولة تقع فى الشمال الشرقى من قارة إفريقيا عند التقائها مع
قارة آسيا، ويقع جزء منها فى قارة آسيا، وهذا الجزء هو شبه
جزيرة سيناء. ويحدها من الشمال البحر المتوسط، ومن الجنوب
السودان ومن الغرب ليبيا، ومن الشرق البحر الأحمر وخليج العقبة
وفلسطين. وتبلغ مساحة مصر نحو مليون كم2. تمتد بين دائرتى
عرض (21.47 ْ و31.40 ْ) شمالا، وخطى طول (24.45 ْو35.50)
شرقًا. ويبلغ عدد سكانها نحو (61.452.382) نسمة حسب
إحصائية سنة (1996م). واللغة الرسمية فيها هى اللغة العربية.
ومن أهم مدنها: القاهرة (العاصمة) والإسكندرية والجيزة
وأسوان والأقصر والسويس والإسماعيلية والفيوم وبنى
سويف. ويعتمد اقتصادها على الصناعة والزراعة والتعدين، فقد
تطورت الصناعة فى مصر تطورًا كبيرًا خاصة فى صناعة الغزل
والنسج، والصناعات الهندسية والكهربائية والمعدنية والبترولية
وصناعة الحديد والصلب والأسمنت، وأهم المحاصيل الزراعية فى
مصر: الأرز والذرة والقطن وقصب السكر والشعير والمانجو
واليوسفى والموز والليمون والبرتقال، وأهم مصادر الطاقة
وموارد الثروة المعدنية: البترول والفوسفات والحديد. والتعليم فى
مصر مجانى فى جميع المراحل، وتقوم الدولة بإرسال أبنائها
إلى الخارج للحصول على الدراسات العليا والماجستير
والدكتوراه، وأهم الجامعات فى مصر: الأزهر والقاهرة
والإسكندرية وعين شمس. وتصدر فى مصر صحف كثيرة، من
أهمها: الأخبار والأهرام والجمهورية. كما يبث التليفزيون والإذاعة
فى مصر برامجهما، ويقومان بتغطية أحداث الدولة ودول العالم.
ويرجع تاريخ مصر إلى نحو عام (4240 ق. م)، وكانت عاصمتها
هليوبوليس (عين شمس الحالية)، وقد قسمت إلى قسمين، الوجه
البحرى فى الشمال، والوجه القبلى فى الجنوب، كما قسمت
إلى ثلاثة عصور تاريخية، هى: العصر الفرعونى والعصر
البطلمى والعصر الرومانى. وقد بدأ الفتح الإسلامى لمصر فى(11/196)
سنة (18هـ=639م) بقيادة عمرو بن العاص، رضى الله عنه،
وتحقق الفتح سنة (20هـ=641م) فأصبحت ولاية إسلامية إبان
حكم الراشدين وبنى أمية وبنى العباس، واعتنق غالبية السكان
الدين الإسلامى، وقد حكمها الفاطميون
(358 - 367هـ=969 - 1171م)، ثم الأيوبيون (567 - 648هـ
=1171 - 1250م)، ثم المماليك (648 - 923هـ =1250 - 1517م)، ثم
العثمانيون. وفى سنة (1798م) وصلت الحملة الفرنسية إلى مصر،
واحتلتها، لكن الحملة لم تستمر سوى ثلاث سنوات، وبعد خروج
الفرنسيين من مصر آلت السلطة إلى محمد على سنة (1805م)
وأسرته من بعده. وفى عام (1882م) احتل الإنجليز مصر،
وأعلنوا الحماية عليها سنة (1914م)، وأصبحت مملكة وراثية
سنة (1922م). وفى سنة (1923م) أصدرت إنجلترا تصريحًا يتضمن
إسقاط الحماية البريطانية عن مصر. وفى سنة (1945م) دخلت
مصر الجامعة العربية. وفى (23 من يوليو 1952م) قامت ثورة
الجيش الوطنية، فقضت على النظام الملكى، وأعلنت الحكم
الجمهورى. وفى سنة (1958م) اتحدت مصر مع سوريا، وتكونت
الجمهورية العربية المتحدة، ثم انفصلت سوريا فى عام (1961م).
وقد خاضت مصر فى القرن العشرين عدة حروب، أهمها حرب
(1973م) ضد إسرائيل التى نتهت بانتصار مصر. ويحكم مصر الآن
(1997م) الرئيس محمد حسنى مبارك.(11/197)
*معرة النعمان
منطقة قريبة من حلب. يُنسب إليها الشاعر أبو العلاء المعرى،
وتنسب إلى النعمان بن بشير الأنصارى الذى كان واليًا على
حمص وقنسرين، فى عهد معاوية بن أبى سفيان، ويقال: إن
السبب فى إنشائها أن ابنًا للنعمان خرج فى رحلة صيد
فافترسه سبع فى موضع المعرة، فجزع عليه أبوه، وبنى بيتًا
فى ذلك المكان عند قبر ابنه، وأقام هنالك، فبنى الناس منازل
لهم فى ذلك المكان وعُمرت البلدة، ونسبت إليه.(11/198)
*أثينا
عاصمة اليونان. تقع على دائرة عرض (38ْ) شمالا، وبين خطى
طول (32ْ)، و (23ْ) شرقًا. مناخها حار جاف صيفًا، دافئ ممطر
شتاءً، وعدد سكانها يقدر بنحو (625) ألف نسمة، لكن إذا
أضيف إليها ميناء بيرايوس وعدة ضواحٍ حولها فسيزيد عدد
سكانها ليصل إلى (2.8) مليون نسمة. أهم الأنشطة الاقتصادية
فيها صناعة المنسوجات والآلات. وهى من أقدم مدن العالم؛ إذ
أُسست فى أثناء حكم ميكروبس منذ عام (1582 ق. م)، واشتهرت
بعلومها وفنونها وآدابها، وارتبطت بها أسماء كثير من
الفلاسفة والأدباء، أمثال: سقراط وأفلاطون وثوكيديس
وأرسطو طاليس وليسياس، وغيرهم. وقد قامت بين أثينا وبلاد
الشام ومصر والعراق والجزيرة العربية علاقات تجارية
وسياسية، ثم اضطربت أحوال المجتمع، فعندما ظهرت أول
حكومة فيها عام (681 ق. م) عرف المجتمع الأثينى الطبقية ممثلة
فى طبقة النبلاء وطبقة الصناع وطبقة المزارعين وطبقة العمال
المأجورين، ثم قام بعض الزعماء بحركات إصلاحية، إلى أن
خضعت البلاد لحكم المقدونيين ثم الرومان ثم البيزنطيين، حتى
قامت الحروب الصليبية وسقطت القسطنطينية سنة
(601هـ=1204م)، وقُسمت بلاد اليونان بين الأمراء الفرنسيين.
وكان أول اتصال بين أثينا والمسلمين عام (283هـ=896م) حين
دخلها المسلمون لأول مرة، ولم يقيموا فيها إلا فترة قصيرة،
وفى عام (800هـ=1397م) دخلها السلطان بايزيد الأول، لكن
الإسلام لم يستقر فيها إلا فى عهد السلطان محمد الثانى الملقب
بالفاتح؛ إذ دخلها عام (861هـ=1456م)، فعامل أهلها بحلم
ورفق، وخلصهم من المظالم، وطبق تعاليم الإسلام فيها، فنعمت
بنور الإسلام قرابة أربعة قرون، وتحدث أهلها اللغتين العربية
والتركية. وفى عام (1248هـ=1832م) نجحت المؤامرة الأوربية
الصليبية التى اتفق عليها فى مؤتمر لندن الذى 'عقِد سنة
(1246هـ=1830م)، فى فصل أثينا وبلاد اليونان عن الخلافة(11/199)
العثمانية، ثم قامت إنجلترا وروسيا وفرنسا بتنصيب الملك أوتو
على بلاد اليونان، وفى عهده عادت أثينا عاصمة لليونان.(11/200)
*إسبانيا
دولة أوربية. تقع جنوب غرب قارة أوربا. يحدهامن الشمال
فرنسا ومن الشرق والجنوب البحر المتوسط، ومن الغرب
البرتغال. وتبلغ مساحتها (504.782كم2). ويوجد بإسبانيا هضبة
الميزيتا وجبال أيبيريا وجبال البرانس التىتفصل بينها وبين
فرنسا. ويسود إسبانيا مناخ بحر متوسطى بصيفه الجاف
وشتائه الممطر. ويعمل بالزراعة مايقرب من (25%) من السكان،
وأهم المحاصيل الزراعية: القمح والزيتون والبرتقال والعنب.
وتعد إسبانيا مستودعًا للثروة الفلزية؛ حيث تنتج الزئبق
والنحاس والزنك والفضة كما تنتج اليورانيوم. وإسبانيا دولة
صناعية؛ حيث تسهم الصناعة بنحو (37%) من الإنتاج القومى.
وأهم صناعاتها: صناعة السفن والسيارات وتكرير البترول
وغيرها، وتعد السياحة من أهم مصادر الدخل القومى؛ حيث
تسهم بأكثر من نصف عائدات النقد الأجنبى، فى إسبانبا. ويبلغ
عدد سكان إسبانيا (39.625.000) نسمة، حسب إحصائية سنة
(1992م)، يتركز معظمهم فى السهول الساحلية وأودية الأنهار.
ويتكلم السكان الإسبانية، اللغة الرسمية، كما يتكلمون لغة
الباسك واللغة الكتالانية. ويدين معظمهم بالمسيحية الكاثوليكية.
والعاصمة مدريد. وأهم المدن برشلونة وبلنسبة وقرطاجنة. وقد
ظلت إسبانيا، (الأندلس) دولة إسلامية تابعة للخلافة الإسلامية إلى
أن سقطت الدولة الأموية، وقامت الدولة العباسية، غير أن عبد
الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك استطاع أن يكوّن دولة
مستقلة عن الدولة العباسية فى الأندلس، ولم تستمر هذه الدولة
أكثر من ثلاثة أرباع القرن؛ حيث غرقت البلاد بعدها فى
الفوضى السياسية لمدة أربعة قرون، عُرفَت بعصر ملوك
الطوائف الذى انتهى بسقوط غرناطة فى سنة (898هـ=1492م)،
وانتهى الحكم الإسلامى هناك، وتوحدت إسبانيا فى وقت
مبكر، واستطاعت أن تبنى نفسها، وأصبحت فى العصر الحديث
من الدول الصناعية.(11/201)
*الأندلس
كانت تُطلَق على جميع المناطق التى سيطر عليها المسلمون فى
شبه جزيرة أيبيريا (إسبانيا والبرتغال حاليًّا). وتقع فى أقصى
الطرف الجنوبى الغربى لأوربا. وتبلغ مساحتها (581.666كم2).
ومن الشعوب الأولى التى سكنت فى هذه المنطقة الأيبيريون
الذين أطلق اسمهم على هذه البلاد، وهم أقوام من أصل
إفريقى، ومع مطلع العصور التاريخية بدأت بلاد الأندلس فى
الاحتكاك بالشعوب الأخرى، فعرفها الفينيقيون، وتبادلوا
التجارة مع سكانها، ثم عرفها الإغريق، ثم الرومان، وبدأ
المسلمون يعرفونها عندما أرسل إليهم والى سبتة يطلب منهم
فتح بلاد الأندلس، وبدأ الاستعداد لفتحها سنة (91هـ =710م)،
وبدأ موسى بن نصير يعد قواته لذلك الفتح بقيادة طارق بن زياد
وفى (ربيع الأول 92 هـ = يناير 711 م) بدأت مراحل الجهاد؛
واستطاع موسى بن نصير وطارق بن زياد بعد معارك كثيرة
فتح بلاد الأندلس فأصبحت تدين بالإسلام، وأصبحت اللغة العربية
هى السائدة. وظلت الأندلس تحت حكم المسلمين طيلة (8) قرون،
حتى سقطت فى أيدى المسيحيين سنة (897هـ =1491م)،
وبعدها أُجبر المسلمون على مغادرة البلاد أو التنصر، وكانت
هذه هى أسوأ عملية تطهير عرقى عرفها مطلع العصر الحديث.(11/202)
*بجاية
مدينة جزائرية تابعة لولاية قسنطينة. تقع على ساحل البحر
المتوسط، على خط طول (5ْ) شرقًا، وخط عرض (36ْ) شمالا،
ويحيط بها البحر من ثلاث جهات. وقد بنيت على هيئة مدرج
أسفل منحدرات جبل كوراية. وهى تطل على خليج سُمَى
باسمها، وبه مرفأ. ويعتدل مناخها فى الصيف ويغزر المطر
شتاءً، وتكثر فيها أشجار الزيتون والصفصاف والشوبر. وقد
أنشأها الناصر بن علناس أشهر ملوك الدولة الحمادية سنة
(460هـ =1068م)، وبنى فيها قصره المعروف بقصر اللؤلؤة، كما
بنى دارًا لصناعة السفن، وقناطر معلقة لجلب المياه، وأنشأ
سورًا حول المدينة. وقد بلغت بجاية قمة ازدهارها فى القرن
(6هـ=12م)، ثم استولى عليها الموحدَون بعد بنى حماد سنة
(547هـ=1152م)، ثم آلت إلى الحفصيين سنة (629هـ=1231م) ثم
المريذيين سنة (748هـ=1347م)، إلى أن استعادها الحفصيون
سنة (763هـ=1361م). وتعرضت بجاية لأطماع الأوربيين فاستولى
عليها يدروانافارود الإسبانى، فخرب قصر بنى حماد، لكن
صالح ريس قائد البحرية العثمانية فى البحر المتوسط استطاع أن
يدك الحصون التى تحصن بها الإسبان، ويهزمهم، ويسترد بجاية
من الإسبان. واحتفظ بها العثمانيون قرابة (188) سنة، إلى أن
استولى الفرنسيون عليها سنة (1246هـ=1830م) بعد معركة دامت
خمسة أيام. وقد شن أهل بجاية ثورات عديدة ضد المستعمر
الفرنسى، فكانت مرحلة جهادالشعب الجزائرى ضد المحتل
الفرنسى، إلى أن استقلت الجزائر عن فرنسا. وبجاية غنية
بالزراعة؛ لسقوط الأمطار ووجود الأنهار والعيون فيها، كما تكثر
فيها البساتين التى تتخللها أشجار النارنج والرمان. وهى أيضًا
مدينة تجارية ارتبطت بعلاقات مع بعض مدن أوربا. واشتهرت
بجاية فى عصورها المختلفة بحركة علمية طيبة؛ فوفد إليها
العلماء والأدباء، واستقر بها العلماء الأندلسيون، وقصدها كثير
من العلماء فى مصر والشام، وقد ألف أبو العباس الفيرينى(11/203)
كتابًا عن العلماء الذين زاروا بجاية سَّماه عنوان الدراية فيمن
عرف من العلماء المائة السابعة ببجاية، كما ظهرت فى بجاية
الطرق الصوفية، وكان اشهرها الطريقة الرحمانية.(11/204)
*المجر
دولة أوربية. تقع فى شرق أوربا. تحيط بها سلوفاكيا من
الشمال، والنمسا من الغرب ويوغسلافيا من الجنوب، ورومانيا
والاتحاد السوفييتى (سابقًا) من الشرق. وتبلغ مساحتها (93)
ألف كيلومتر مربع. وعاصمتها بودابست. وأهم محاصيلها
الزراعية: الحبوب والخضراوات، وتنتج البوكسيت والغاز
الطبيعى. وأهم صناعاتها الحديد والصلب والسيارات. وعملتها
فورينت. ولغتها المجرية. والديانة الرسمية المسيحية
البروتستانتية. ويمر بها نهر الدانوب الذى يبلغ طوله فيها
(410) كم. ومناخ المجر قارى؛ فصيفها حار، وشتاؤها بارد.
ويرجع تاريخ المجر إلى استقرار بعض القبائل المجرية فى حوض
نهر الدانوب، بعد أن تركوا موطنهم الأصلى فى سهول شرقى
الأورال، وخلال القرن الثانى عشر الميلادى اجتاحها التتار. وفى
سنة (1526م) فتحها العثمانيون، واستمروا فيها لمدة تزيد على
القرن ونصف القرن. وفى عام (1699م) أصبحت جزءًا من
الإمبراطورية النمساوية المجرية، وظهرت كدولة بعد الحرب
العالمية الأولى، ثم تحولت إلى الاشتراكية فى أعقاب الحرب
العالمية الثانية، واستطاعت الدبابات الروسية إخماد الثورة التى
قامت فى المجر ضد الشيوعية سنة (1956م). وفى عام (1989م)
تم تعديل الدستور المجرى؛ حيث أصبحت المجر بمقتضاه دولة
ديمقراطية. وفى عام (1990م) فاز اليمين فى الانتخابات
التشريعية. وأهم أحزاب المجر: المنبر الديمقراطى المجرى،
واتحاد الديمقراطيين الشباب، وحزب الشعب الديمقراطى
المسيحى. وتعانى المجر تباطؤ نموها الاقتصادى، وارتفاع
التضخم، ومشكلات الأقليات المجرية فى بعض الدول الأوربية.(11/205)
*مدريد
عاصمة إسبانيا تقع على أحد روافد نهر تاجة وعلى هضبة
واسعة، وهى أهم مركز مواصلات فيها. تطورت حياتها
الاقتصادية والتجارية نحو سنة (1890م)، وليس لها منافس سوى
برشلونة. وأول ذكر لها يرجع إلى القرن (4هـ=10م) كحصن
عربى. واستولى عليها ألفونسو السادس حاكم قشتاله سنة
(1083م)، وتطورت المدينة ببطء فى عهد فيليب الثانى، لكنها
سرعان ما اتسعت فى القرن (12هـ=18م)، وقامت فيها ثورة
شعبية فى بداية حرب شبه الجزيرة ضد الفرنسيين سنة (1808م).
كما أسهمت مدريد إسهامًا بطوليًّا فى الحرب الأهلية الإسبانية
(1936 - 1939م)؛ فقد قاومت حصارًا لمدة (29) يومًا، واستسلمت
فى مارس (1939م). ومن أهم معالمها: القصر الملكى، ومتحف
الفن الإسلامى.(11/206)
*مجريط
عاصمة إسبانيا تقع على أحد روافد نهر تاجة وعلى هضبة
واسعة، وهى أهم مركز مواصلات فيها. تطورت حياتها
الاقتصادية والتجارية نحو سنة (1890م)، وليس لها منافس سوى
برشلونة. وأول ذكر لها يرجع إلى القرن (4هـ=10م) كحصن
عربى. واستولى عليها ألفونسو السادس حاكم قشتاله سنة
(1083م)، وتطورت المدينة ببطء فى عهد فيليب الثانى، لكنها
سرعان ما اتسعت فى القرن (12هـ=18م)، وقامت فيها ثورة
شعبية فى بداية حرب شبه الجزيرة ضد الفرنسيين سنة (1808م).
كما أسهمت مدريد إسهامًا بطوليًّا فى الحرب الأهلية الإسبانية
(1936 - 1939م)؛ فقد قاومت حصارًا لمدة (29) يومًا، واستسلمت
فى مارس (1939م). ومن أهم معالمها: القصر الملكى، ومتحف
الفن الإسلامى.(11/207)
*مراكش
ثانية مدن المملكة المغربية، والعاصمة الجنوبية التقليدية. وهى
على شكل واحة فى الصحراء، وتقع على بعد (225كم) إلى
الجنوب الغربى من مدينة الدار البيضاء عند سفح جبال أطلس،
وتتصل بمدينة الدار البيضاء بواسطة خط للسكة الحديدية. وأهم
صناعاتها السجاد والمنتجات الجلدية، وصيفها حار وشتاؤها
لطيف، والمعدل السنوى لهطول الأمطار فيها (23) سم. وهى
مركز تجارى، وسوق كبيرة؛ حيث يتم فيها تبادل منتجات
المناطق الغربية والشمالية الرطبة من حبوب وفواكه، بالإضافة
إلى السلع المستوردة، بمنتجات الداخل والجنوب الشرقى الجاف
من تمور وجلود. وكانت حصنًا للدفاع ضد غارات القبائل المحاربة
الغازية التى كانت تغير على المنطقة من وقت إلى آخر من جبال
أطلس والصحراء. وبها الكثير من الحرفيين الذين يصوغون
الذهب، ويصنعون النحاس والأوانى والجلود والصوف.(11/208)
*كشمير
ولاية إسلامية. تقع فى الطرف الشمالى الغربى من شبه القارة
الهندية. تحيط بها الصين من الناحيتين الشرقية والشمالية، كما
تحيط بها باكستان من الناحيتين الغربية والشمالية، فى حين
تطل على الهند من ناحية الجنوب. وتبلغ مساحتها (217935
كم2). وتنقسم أراضيها حاليًّا إلى قسمين: الأول: يخضع للهند،
وتبلغ مساحته ثلثى مساحة الولاية، ويسكنه حاليًّا نحو أربعة
أخماس السكان. والآخر: يتبع باكستان، ومساحته الثلث،
وسكانه يناهزون (1.5) مليون نسمة، وهو أقل غنى وإنتاجًا.
وكانت كشمير حتى تاريخ تقسيمها فى عام (1948م) تنقسم
إلى ثلاث محافظات، هى: جامو وكشمير والتخوم. ودخل
الإسلام كشمير عن طريق بلبل شاه، وصارت جزءًا من
الإمبراطورية الإسلامية الهندية التى حكمها أباطرة الهند
المسلمون منذ فتحها الشاه أمير فى عام (740هـ=1339م). وحين
أعلن تقسيم الهند فى عام (1367هـ=1947م) كان المهراجا
الحاكم يريد الانضمام إلى الهند، فى حين كان الشعب المسلم
يريد الانضمام إلى باكستان لكن المهراجا أعلن انضمام كشمير
إلى الهند، متحديًا رغبات معظم السكان. ودارت معارك بين
الشعب المسلم والجيش الهندى المعتدى، وواجه مسلمو كشمير
القتل الجماعى والإبادة من قبل الهنود، جزاء إصرارهم على
تقرير مصيرهم، ثم تدخلت الأمم المتحدة، وحددت خط وقف إطلاق
النار، فى عام (1368هـ=1948م)، فغدت الهند تسيطر على ثلثى
مساحة كشمير تقريبًا، ونحو أربعة أخماس سكانها، وتدير
باكستان الجزء الواقع فى شمال كشمير وغربها، ويعرف باسم
كشمير أزاد، أى: كشمير الحرة، وهى ثلث مساحة كشمير،
وعدد سكانها يقدر بأكثر من مليون ونصف المليون.(11/209)
*مَرْعَش
مدينة بآسيا الصغرى فى جمهورية تركيا، بالقرب من بلاد الروم.
تبلغ مساحتها نحو (11207 كم2)، وكانت مركزًا تجاريًّا كبيرًا
للتجارة الكردية. وكان مروان بن محمد آخر خلفاء بنى أمية قد
بنى حولها سورًا، وحصنًا كبيرًا فى وسطها، فلما ملك بنو
العباس أخذها هارون الرشيد، وطوَّر مبانيها. وبعد أن ضعفت
الخلافة العباسية ارتفع نفوذ السلاجقة الذين حكموا مرعش
وأقطعوها لأمرائهم، فأقطعها السلطان قلج أرسلان بن سلجوق
لغلام له يسمَّى إبراهيم، فحكمها أولاده من بعده. وعندما بدأت
الحروب الصليبية تتجه إلى بلاد المسلمين استولت على مرعش،
ولكنها ما لبثت أن فقدتها أمام إصرار المسلمين على استردادها.
وفى سنة (1832 م) سقطت فى يد الجيش المصرى بقيادة
إبراهيم باشا بن محمد على.(11/210)
*مصر القديمة
يرجع تاريخ مصر إلى ما قبل المسيح - عليه السلام - بأربعة آلاف
وخمسمائة سنة تقريبًا. وفى نحو عام (3110 ق. م) وحَّد الملك
مينا مملكة مصر العليا ومملكة مصر السفلى. ولا يعرف غير
القليل عن عهد الأسرتين الأولى والثانية (نحو 3110 - نحو 2665
ق. م). وفى عهد المملكة القديمة (الأسرات 3 - 6) (نحو 2614 - 2181
ق. م) بنيت أهرامات الجيزة، وكانت العاصمة مدينة ممفيس. وفى
تلك الفترة كانت سلطة الفرعون فى أوجها، لكنها ما لبثت أن
ضعفت بعد أن تعاظم نفوذ أمراء الإقطاع، ونشب الصراع فيما
بينهم (الأسرات 7 - 10) (نحو 2181 - نحو 2052 ق. م)، ثم ظهرت
المملكة الوسيطة (الأسرتان 11و12) (نحو 2052 - نحو 1786
ق. م)، وكانت عاصمتها طيبة، وتعد هذه الفترة العهد الكلاسيكى
للفن المصرى، وفى عهد هذه المملكة - أيضًا - ازدهرت الحياة
الاقتصادية، وبدأ التوسع المصرى خارج الحدود. وفى عهد
الأسرات (13 - 17) (نحو 1786 - نحو 1570 ق. م) سيطر الهكسوس
على مصر، ثم قامت المملكة الحديثة (الأسرات 18 - 20) (نحو
1570 - نحو 1075 ق. م) فطُرد الهكسوس من مصر، وبرزت حكومة
مصرية قوية ذات إدارة بيروقراطية واسعة، وأنشأ المصريون
إمبراطورية ضخمة، امتدت من بلاد النوبة إلى الفرات، لكن الغزو
الحيثى سرعان ما قوض دعائمها، ثم ظهرت المملكة الحديثة
المتأخرة (الأسرات 21 - 25) (نحو 1075 - 657 ق. م)، وفى أواخر
عهدها احتل الآشوريون مصر (670 - 654 ق. م)، ثم ظهرت الأسرة
السادسة والعشرون (664 - 525 ق. م)، وبعد سقوطها احتل
الفرس مصر (525 - 332 ق. م)، ثم طردهم الإسكندر منها عام (332
ق. م). وبعد وفاة الإسكندر عام (323 ق. م) حكم البطالمة مصر
(323 - 40 ق. م)، وبعد وفاة كليوباترا عام (30 ق. م) أصبحت مصر
جزءًا من الإمبراطورية الرومانية. وتعد الحضارة المصرية القديمة
إحدى الحضارات العريقة فى التاريخ.(11/211)
*مرمرة (بحر)
بحر كان يطلق عليه برو بنتس. يقع شمال غرب تركيا، بين أوربا
وآسيا. طوله (276 كم)، ومساحته (11137 كم2). يتصل بالبحر
الأسود عن طريق مضيق البسفور، كما يتصل ببحر إيجة عن
طريق الدردنيل. ويحتوى على عدة جزر، أهمها: مرمرة فى
الغرب، والأمراء بالقرب من إستانبول.(11/212)
*مريوط
من المدن القديمة بالبحيرة؛ فقد ذكرها هيرودوت ومؤرخو العرب.
وتقع بالقرب من الإسكندرية، وموقعها الآن فى مواجهة بركة
الشيخ أبى الخير، وكانت من أهم المراكز التجارية، كما كانت
تقع فى منطقة استراتيجية مهمة بالنسبة إلى مدينة الإسكندرية؛
فقد مر بها قيصر الروم، ثم عمرو بن العاص، رضى الله عنه، عند
توجهه إلى الإسكندرية لفتحها، وفى القرن التاسع عشر كانت
الطريق الذى سلكته جيوش الحملة الفرنسية فى طريقها من
الإسكندرية إلى القاهرة.(11/213)
*مصر العليا
اسم يطلق على الجزء الممتد من جنوبى القاهرة إلى الحدود
السودانية المصرية، وتعرف أيضًا بالصعيد. وكانت فى فجر
التاريخ المصرى مملكة منفصلة عن مصر السفلى، ولكن الفرعون
مينا وحَّد المملكتين نحو عام (3110 ق. م)، فعرف بملك مصر العليا
ومصر السفلى وبموحد القطرين.(11/214)
*سلانيك
مدينة يونانية تقع شمال شرق اليونان على خليج سالونيك،
وتقوم على جزيرة صغيرة فى بحر إيجة. تأسست نحو سنة (351
ق. م)، وشهدت ازدهارًا فى فترة حكم المقدونيين لليونان، وقد
خضعت فى فترة من تاريخها لحكم الرومان ثم البيزنطيين ثم
استولى عليها نورمان صقلية سنة (1115 م)، ثم فتحها
العثمانيون الأتراك سنة (1386 م) فى عصر السلطان مراد خان
الأول، ثم استعادها البيزنطيون مرة أخرى وتركوا بها حامية
عجزت عن حمايتها، فاستولى عليها البنادقة سنة (1425 م)، ثم
استعادها العثمانيون سنة (1429 م) فى عصر السلطان مراد
الثانى، وشهدت فى العصر العثمانى ازدهارًا فى شتى
المجالات. ومنح السلطان جميع الجنسيات بها الحرية الدينية
وحرية التعليم، فنشأ بها العديد من المنشآت كالمساجد
والكنائس والمدارس، وصارت سالونيك ثانى الموانئ العثمانية
فى أوربا بعد إستانبول. وفى سنة (1492 م)، بعد طرد اليهود
والمسلمين من الأندلس، استقرت جماعة كبيرة من اليهود
بسالونيك. وهم الذين أطلق عليهم يهود السفارديم، الذين ظهرت
منهم بعد ذلك طائفة يهود الدونمة التى لعبت دورًا كبيرًا فى
سقوط الخلافة العثمانية. وفى نهاية القرن (19م) وبداية القرن
(20م) تمت جميع التدابير والسياسات المعادية للخلافة بسالونيك
بزعامة اليهودى إيمانويل قرة صو، كما كانت سالونيك مقرًّا
لجمعية الاتحاد والترقى وحزب تركيا الفتاة. وقد انتهت سيادة
العثمانيين على سالونيك سنة (1912م) وعادت لسيادة اليونان.
وتعرضت سالونيك لأضرارٍ جسيمة أثناء الحربين العالميتين
الأولى والثانية، ثم عاد إليها الازدهار والنمو بعد الحرب العالمية
الثانية حتى صارت أشهر المدن اليونانية بعد أثينا. وهى الآن
مركز صناعى مهم لصناعة المنسوجات، والسجائر، والآلات،
والأدوات، والصناعات الجلدية.(11/215)
*الهند
دولة آسيوية، تحيط بها الباكستان، والاتحاد السوفييتى
السابق (عند شريط حدودى ضيق)، والصين، ونيبال، وبوتان،
وبورما وبنجلاديش، والمحيط الهندى (خليج البنغال وبحر
العرب). تبلغ مساحتها (1.269.340) ميلا مربعًا =
(3.287.590كم2). ويدين معظم سكانها بالهندوسية، وتبلغ نسبة
المسلمين بها (10%) من السكان، بالإضافة إلى المسيحية
والبوذية واليهودية والزرادشتية. العاصمة نيودلهى، وأهم المدن:
كالكتا، وبومباى، ودلهى، ومدراس، وحيدر آباد، وكانبور،
وبنغالو، وأحمد آباد. واللغات التى يتحدثها أهلها: الهندية
والإنجليزية (رسميتان)، ولغات أخرى كالبنغالية، والبنجاب
الاسمية، والسندية، والتامول، والأوردو. الاقتصاد: الزراعة يعمل
بها (70%) من السكان، و (40 - 45%) من صادرات الهند نصفها من
محصول الشاى وحده، وهناك محاصيل أخرى كالأرز، والقطن.
ولدى الهند ثروة حيوانية، ومناجم فحم ونفط وحديد ومنجنيز
وكذلك صناعات الأقمشة وتكرير النفط والبن. وأهم وارداتها:
القمح والأرز والقطن الخام والفولاذ والآلات. ونظام الحكم بها
جمهورى اتحادى مع برلمان فيدرالى، وعدة أحزاب، وهى عضو
بالأمم المتحدة، والكومنولث، ومشروع كولومبو. وعملتها النقدية
هى الروبيَّة. أما تاريخها فطويل؛ فبين عامى (2500،و 1500
ق. م) قامت بها حضارة فى موهنجو وهارابا فى البنجاب (فى
الباكستان الآن). غزاها الفرس من شمالها فى القرن (4 ق. م)،
وبعد قرنين أخضعها الإغريق، وفى سنة (324 ق. م) أسس
أسوكا أول إمبراطورية هندية كان هو أول ملوكها (274 - 232
ق. م). اعتنق البوذية وعمل على نشرها. ومن (320 - 500 م) قامت
إمبراطورية غوبتا فى الشمال، ويمثل عصرها العصر الذهبى
للهند. وفى سنة (1206 م) أسس الأتراك مملكة دلهى، وفى سنة
(1526 م) شيد المغول إمبراطورية كبرى، متخذين من أغرا
ودلهى عاصمتين لهم، وفى سنة (1498 م) بدأت العهود الأوربية(11/216)
بوصول البحار البرتغالى فاسكو دى جاما، وفى القرن (17م)
أقامت الشركة الإنجليزية للهند الشرقية مراكز تجارية لها فى
شبه الجزيرة الهندية، وكذلك بعدها فرنسا ثم تغلبت إنجلترا
(منتصف القرن الثامن عشر) واحتلت الهند وقامت ثورات هندية،
أشهرها سنة (1857 م) وقُمِعت، وفى سنة (1885 م) تأسس حزب
المؤتمر الوطنى الهندى كرد فعل ضد الاحتلال، واعتمد على
تأييد الجماهير له. وفى سنة (1905 م) أصبح تنظيمًا مناضلا من
أجل الاستقلال. وفى سنة (1920 م) تزعمه المهاتما غاندى وقام
بدور كبير فى النضال من أجل استقلال بلاده، وفى (1935 م)
نالت المقاطعات الهندية حكمها الذاتى، ونحت تجاه القومية
الهندية حركة قومية إسلامية بالمناطق ذات الأغلبية المسلمة
بقيادة محمد على جناح مطالبة بالاستقلال، وقامت فى (14
و15 من أغسطس عام 1947 م) دولتان منفصلتان هما: الهند
وباكستان؛ مما ضاعف من حدة المشاكل الاقتصادية بسبب
المساحات الزراعية بالباكستان. واغتيل غاندى عام (1948 م)،
وتولى نهرو ووضع دستورًا - مستوحى من الدستور الأمريكى -
عام (1950 م)، أتاح لمختلف المناطق الهندية الاشتراك فى
حكومة الاتحاد الوطنى. وكبرى مشاكل الشعب الهندى هى
الفقر. والهنود يقبلون على الانتخابات بحماس، والهند من حيث
علاقاتها الخارجية. من مجموعة دول عدم الانحياز، وقد عقدت
بنيودلهى القمة السابعة للمجموعة فى (7 من مارس 1983 م)،
كما عقد بها المؤتمر الثانى لدول الكومنولث. وتركز الهند على
ضرورة قيام نظام عالمى جديد على العدالة والمساواة. وقد
قامت ثورة فى البنجاب من قبل السيخ لإنشاء دولة خاصة بهم -
باسم خالستان- قوبلت بحزم، وقام متطرفو السيخ بأعمال عنف
ضد المسلمين هناك. ولا يُخشى على الهند من الأخطار الخارجية
بقدر ما يخشى عليها من المشاكل الداخلية كالفقر والأوضاع
الاجتماعية المضطربة.(11/217)
*الواحات
كلمة مصرية قديمة معناها مكان للراحة. وهى عبارة عن قطع
متفرقة من الأراضى الزراعية وسط الصحراء. تروى أراضيها من
ماء يخرج طافيًا من عيون تتفجر من باطن الأرض. وبلاد الواحات
تقع بين القاهرة والإسكندرية والصعيد والنوبة والحبشة، وهى
بلد قائم بنفسه، غير متصل بغيره. ومن أهم الظواهر الطبيعية
فى الواحات تلال الرمال السيالة المتحركة، وهى تلال رملية،
هلالية الشكل، لها خاصية الحركة البطيئة نحو الجنوب؛ لذلك كان
خطرها عظيمًا على المزارع والمبانى، وهى تعد أخطر الأسلحة
ضد الإنسان فى الواحات. وتتجمع هذه التلال فى شكل مجاميع
كالبحر المتماوج، وتختلف فى الارتفاع، وقد تصل أحيانًا إلى
(50) مترًا، وفى الاتساع إلى نحو (10 كم). ويسكن أرض
الواحات الممتدة غربى النيل فريقان من البدو هما: السعادى
والمرابطون.(11/218)
*الواحات الداخلة
مركز بمحافظة الوادى الجديد. يقع إلى الغرب من الواحات
الخارجة، والمسافة بينهما (180 كم)، وبين الداخلة ووادى النيل
(380 كم). عرفت بالداخلة؛ لأنها متوغلة فى الصحراء، وهى
كبرى الواحات وأكثرها محصولا. وتشمل الواحات الداخلة عشر
قرى، أهمها: موط عاصمة الواحات الداخلة. ويوجد بالواحات
الداخلة نحو (464) عينًا تفيض بالمياه على الأرض، كما تتصل
الواحات بالوادى عبر الطريق الطويل الذى يربطها بمحافظة
أسيوط. وكانت الواحات الداخلة قديمًا تتبع محافظة الصحراء
الغربية الجنوبية.(11/219)
*الهندى (المحيط)
ثالث محيطات العالم مساحة (بعد الهادى والأطلسى)، ويمتد من
الهند إلى المنطقة المتجمدة الجنوبية، ومن شرقى إفريقيا إلى
جزيرة تسمانيا، وينبسط حوالى (6436 كم) بمحاذاة خط
الاستواء، و (9654 كم) من شماله إلى جنوبه. وتتكون الأجزاء
الساحلية من هضاب قديمة مثل: إفريقية وبلاد العرب والدكن
وغربى أستراليا أو من بقايا قارة جندوانا القديمة، وذلك فيما
عدا الجزء الشمالى الشرقى حيث توجد جزر الهند الشرقية
بجبالها الالتوائية. أما فى الجنوب فيوجد جزء من قارة
أنتاركتيكا بين خطى طول (20ْ) شرقًا و (115ْ) شرقًا. وكبرى
جزر المحيط الهندى عبارة عن جزر قارية كمدغشقر وسيلون،
وهناك جزر صغيرة مثل سقطرة، وزنجبار وكومورو، وبعض
الجزر المرجانية وبخاصة فى جنوب غرب شبه جزيرة الهند،
والبحار المتصلة بالمحيط الهندى هامشية وقليلة كالبحر العربى
وخليج البنغال والبحر الأحمر. والخليج العربى هو الخليج الوحيد
المستقل بالمحيط الهندى. وأعمق أغوار المحيط الهندى
المعروفة يصل إلى (4270) مترًا بالقرب من جزيرة جاوة. وتجلب
رياحه الموسمية الكبرى (مونسون) الأمطار لجنوبى شرقىآسيا،
ويتميز الجزء الشمالى منه بحركة السفن الملاحية.(11/220)
*هيدلبرج
مدينة تقع فى شمالى بادن، وغرب ألمانيا على نهر نيكر وسط
وادٍ ملىء بحدائق الفاكهة، والكروم. بها قلاع مشهورة يرجع
تاريخها إلى القرن (15 م)، ومنازل وكنائس ترجع إلى العصور
الوسطى وعصر النهضة. أول إشارة إليها ترجع إلى القرن
(12م)، كانت عاصمة بلاتينات الراين حتى عام (1720م). تشتهر
بصناعة الباصات وآلات الطباعة. يوجد بها أقدم جامعة ألمانية؛
وهى جامعة هيدلبرج، التى أُسست عام (1386 م).(11/221)
*هولندا
تقع فى شمال غرب أوربا. تحيط بها ألمانيا، وبلجيكا وبحر
الشمال. تبلغ مساحتها (40.922 كم2) (15.800) ميل مربع،
وسكانها يتبعون كنيسة هولندا الإصلاحية، وهناك كاثوليك
يخضعون لسلطة البابا. عاصمتها: أمستردام، لكن مقر الحكومة
فى لاهاى. أهم المدن: روتردام، ولاهاى، وأولترخت،
وايدهوفن، ولغتها: هولندية (نيرلندية). وأهم الثروات المنجمية:
الملح، والفحم، والغاز الطبيعى، وأهم المنتجات الزراعية: الورد،
والبطاطا، والقمح. وأهم الصناعات: منتجات الحليب وبعض
الأدوات الإلكترونية. وأهم الصادرات: منتجات الحليب،
والخضراوات وبعض الأجهزة الإلكترونية. وأهم الواردات: النفط،
والحديد والفولاذ. نظام الحكم: ملكى دستورى وراثى، والبرلمان
هو السلطة التشريعية. وهولندا عضو بالأمم المتحدة، والحلف
الأطلسى، والبنولوكس، والسوق الأوربية المشتركة، والمجلس
الأوربى. أهم الأحزاب: المسيحيون الديمقراطيون الليبراليون،
والحزب الاشتراكى. الوحدة النقدية لهولندا هى: الفلورن. وفى
سنة (1568 م) ولدت الجمهورية الهولندية، ثم عقدت المقاطعات
الجنوبية سنة (1579 م) صلحًا مع إسبانيا، أما الشمالية فظلت
تناضل حتى استقلت عام (1648 م) وبدأ العصر الذهبى لهولندا
حيث تكوَّنت إمبراطورية واسعة الأرجاء لجمهورية هولندا
الصغيرة، نافست القوة الإسبانية فى القارة الأوربية، وأسسوا
عدة مستعمرات كمستعمرة الهند الشرقية الهولندية. وخلال
عصرها الذهبى أنجبت عددًا من الأعلام منهم هوغو غروسيوس،
الذى ألَّف كتاب قانون الحرب والسلم الذى استحق عليه لقب أبى
القانون والأشخاص، واستحقت لاهاى بعده بعدة قرون أن تكون
مقر محكمة العدل الدولية، والفيلسوف باروخ سبينوزا. وفى
أواخر القرن السابع عشر بدأ عصر هولندا الذهبى فى الأفول،
وفى عام (1794 م) ضمها نابليون بونابرت تحت حكمه، وفى
عام (1815 م) أصبحت هولندا مملكة تضم بلجيكا حتى عام (1831(11/222)
م)، ولوكسمبورج حتى عام (1839 م)، ثم تحولت إلى دولة ملكية
دستورية ديمقراطية، وشهدت فى النصف الثانى من القرن
التاسع عشر ازدهارًا واسعًا. وفى الحرب العالمية الأولى (1914
- 1918 م) كانت هولندا على الحياد، وفى الثانية (1939 - 1945
م) احتلت فى (14 من مايو 1940م) من جانب هتلر. وبعد انتهاء
الحرب أعادت هولندا بناء اقتصادها بسرعة مذهلة.(11/223)
*نجد
إقليم بوسط المملكة العربية السعودية. يشغل الجزء الأكبر من
وسط الجزيرة العربية، ويمتد من إقليم الحجاز غربًا حتى نطاق
الدهناء الرملى شرقًا فى نحو (400) ميل، ويحده شمالا العراق
والمملكة الأردنية الهاشمية، وجنوبًا رمال الربع الخالى، ويبلغ
أقصى ارتفاع له فى الغرب بنحو (4000) قدم ومتوسط ارتفاعه
فى الشرق (2000) قدم فوق سطح البحر؛ ولذلك سمى نجدً
لارتفاعه، وتبرز فى نجد سلسلة جبال الطريق ويقطعها عدد من
الوديان، أهمها: وادى الرقة، ووادى حنيفة. وتوجد سلسلة من
الواحات بالقسم الشرقى تمثل مركز الاستقرار البشرى،
والسكان خارج الواحات بدو رحَّل يرعون الإبل والأغنام. أهم
قبائلها: عنزة، وعتيبة وحرب، ومطير، ويتكون سكان نجد
أساسًا من جنس البحر المتوسط، ونظرًا إلى بقائهم فى شبه
عزلة لفترة طويلة فهم يمثلون أنقى سلالات مجموعة الثقافة
السامية. أى أنهم يمثلون العرب الخلَّص، كما يوجد فى بعض
المدن النجدية عناصر كثيرة من الزنوج. ومناخ نجد شديد الحرارة
صيفًا شديد البرودة شتاءً وخصوصًا أثناء الليل. وينقسم إقليم
نجد إلى عدد من المناطق، هى جبل شمر، والقصيم، وسدير،
والوشم، والعارض، وتوجد بها مدينة الرياض، والخرج وهى
واحة غنية، والحريق والإفلاج ووادى الدواسر. وخرج من نجد
مسيلمة الكذاب والقرامطة، ونشأت فيها دعوة الشيخ محمد ابن
عبد الوَهَّاب وتأسس فيها البيت السعودى، ومنها بسط
السعوديون نفوذهم على الأحساء والحجاز وعسير وتكونت
المملكة العربية السعودية سنة (1932 م).(11/224)
*أوربا الغربية
يضم إقليم أوربا الغربية - أو غرب أوربا - الدول التالية: فرنسا،
وهولندا، وبلجيكا، وبريطانيا، وتطل هذه الأقطار على
الساحل الغربى لأوربا بين خطى عرض (43ْ، و53ْ) شمالا،
وتتمتع بمناخ معتدل بارد. وتتميز بتنوع كبير فى تضاريسها بين
الجبال الشاهقة، والسهول الفسيحة التى يقع بعضها تحت
منسوب البحر، والهضاب والأودية. التاريخ: يمكن القول بأن
تاريخ غرب أوربا بدأ حينما دخل الرومان فى القرن الثانى قبل
الميلاد جنوب فرنسا، ثم تقدموا عن طريق منخفض الروق وبوابة
كركاسون ليحتلوا الأراضى المنخفضة (هولندا) حتى بحيرة جنيف
شمالا ومدينة تولوز غربًا. ثم امتدت توسعاتهم فى القرن الأول
قبل الميلاد فى غرب أوربا فى نهر الراين، ولم يبق سوى شمال
هولندا خارج ممتلكاتهم وإن كان لهم بعض النفوذ به. وفى
القرون التالية برزت الحضارة الرومانية، التى تمثلت فى الجوانب
السياسية والفكرية والاقتصادية فى هذا الجزء، وحلت المسيحية
محل الوثنية، وشهد غرب أوربا فترة من الرقى والتقدم. وفى
القرن الرابع الميلادى ازداد ضغط الشعوب التيوتونية المتقدمة من
السهل الشمالى على حدود الإمبراطورية الرومانية، وأدَّى ذلك
إلى انقسام الإمبراطورية قسمين: شرقى وغربى. ثم تعرض غرب
أوربا لغزو من الشمال تمثل فى هجرات بعض الشعوب أو
القبائل والمجموعات الصغيرة مثل الجوت، والبرجنديين،
واللومبارديين، والفرانك، والساكسون، والأنجل. فاحتل الفرانك
بلاد Goul ( فرنسا) واحتل الساكسون والفريزيان الأراضى
المنخفضة (بلجيكا) و (هولندا) وتحرك الساكسون والجوت
والأنجل واحتلوا إنجلترا. وفى بداية القرن السابع الميلادى وصل
المسلمون إلى جنوب فرنسا بعد فتحهم الأندلس ومحاولتهم نشر
الإسلام فى أوربا، ولكنهم هُزموا فى معركة بلاط الشهداء
جنوب فرنسا. وظل غرب أوربا يخضع للإمبراطورية الرومانية
حتى نهاية العصور الوسطى وبداية العصور الحديثة واستقلال(11/225)
كل قطر من أقطار الإمبراطورية بنفسه، وظهر أربع دول عظمى
مثلت غرب أوربا هى: بريطانيا، وفرنسا، وهولندا وبلجيكا،
وقادت هذه الدول حركة الاستعمار عبر البحار واحتلت مناطق
عديدة من العالم فى آسيا وإفريقيا والعالم الجديد وكونت كل
منها مملكة عظمى. وظل غرب أوربا لمدة ثلاثة قرون سبقت
الحرب العالمية الأولى يقود العالم سياسيًّا واقتصاديًّا حتى
سقطت هذه الممالك الاستعمارية بعد الحربين العالميتين الأولى
والثانية. وفى القرن العشرين انحسر تفوق غرب أوربا بعد ظهور
القوتين العظميين أمريكا والاتحاد السوفييتى السابق، ثم انفراد
أمريكا بهذا التفوق والنفوذ.(11/226)
*نيس
مدينة ومنتجع سياحى فى الريفييرا الفرنسية، بالجزء الجنوبى
الشرقى من فرنسا. تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط على
بعد (32 كم) من الحدود الإيطالية. أسست منذ (2000) سنة على
يد اليونان، ثم خضعت للرومان والأتراك، وفى القرون التالية
حكمت من البروفنس وسافوى. وأهم صادراتها: زيت الزيتون،
والصابون، والجلود، والأثاث.(11/227)
*طليطلة
طليطلة أو توليدو مدينة إسبانية ذات تاريخ عربى إسلامى عريق
امتد (375) سنة. وتقوم المدينة على أكمة صخرية يبلغ ارتفاعها
(568 م)، وتشرف على مجرى نهر تاجة الذى يحيط بها من ثلاث
جهات، وتبعد نحو (40) ميلا فى الجنوب الغربى من مدريد
ويربطها بها خط حديدى. عرفت طليطلة فى التاريخ القديم باسم
تولتيوم، واستولى عليها الرومان سنة (193 م) وأصبحت بعد ذلك
مستعمرة رومانية ثم صارت عاصمة لإسبانيا الرومانية إلى أن
استولى عليها القوط الغربيون، واتخذوها عاصمة لدولتهم سنة
(534 م) وظلوا يحكمونها حتى الفتح الإسلامى لها على يد طارق
بن زياد وموسى ابن نصير سنة (711 م)، وترك المسلمون حكمها
لأحد أبناء الأسرة المالكة ومنحوا أهلها حرية العبادة. وأثناء
الخلافة الأموية فى الأندلس كانت قرطبة حاضرة الدولة وكانت
طليطلة تابعة لها إلا أنها كانت مركزًا لعدد من الثورات التى
قامت ضد الأمويين بالأندلس بسبب بعدها عن مقر الحكم
وحصانتها ومؤامرات رجال الكنيسة. وفى عصر ملوك الطوائف
بالأندلس حكم طليطلة أسرة بنى ذى النون وظلت فى أيديهم
حتى استولى عليها ألفونسو السادس ملك قشتالة فى مايو سنة
(1085 م) وفشلت سلسلة المحاولات من جانب المرابطين
والموحدين بعد ذلك فى استرجاعها، وهى الآن إحدى مدن
إسبانيا وتسمى توليدو. ومازال بها بعض المعالم التاريخية
المتمثلة فى بقايا الأسوار التى ترجع إلى العصر الرومانى،
ومجرى المياه، والقنطرة الحجرية التى أقامها المنصور بن أبى
عامر والتى تعرف الآن باسم الكانترا، ومبنى الكازار أى القصر،
إلى جانب عدد من الكنائس التى كانت مساجد ثم حولها النصارى
إلى كنائس. وقد قلَّ شأن طليطلة فى العصور الحديثة مع أنها
مازالت مقرًّا لكبير أساقفة الكنيسة الإسبانية.(11/228)
*عُمَان (خليج)
ذراع من البحر العربى، تمتد بين الجزء الشرقى من عمان
وسواحل إيران الجنوبية الشرقية، وتتصل بالخليج العربى عبر
مضيق هرمز. يبلغ طولها (563) كيلو مترًا، وعرضها عند مدخلها
(370) كيلو مترًا.(11/229)
*بربرة (ميناء)
يطل على خليج عدن، ويسكنه نحو (70) ألف نسمة، ويقع مرفأه
فى ظهر لسان رملى يحميه من الأمواج، ويصله طريق معبَّد ببلدة
هارجابا، التى كانت عاصمة للصومال البريطانى. ويتم تصدير
الحيوانات ومنتجاتها من خلال ذلك الميناء.(11/230)
*هرر
كبرى مقاطعات أثيوبيا، تقع فى الجزء الجنوبى الشرقى من
البلاد، مساحتها (259.700كم2). بينما تقع عاصمتها على ارتفاع
(6.000) قدم عن سطح البحر. يعود تاريخها إلى القرن السابع
الميلادى. وبلغت أَوْج مجدها فى القرن السادس عشر عندما غدت
عاصمة لإمارة قوية ومركزًا للدراسات الإسلامية. كانت تابعة
لمصر من عام (1292 هـ = 1875 م) إلى عام (1302 هـ = 1885 م).
يسكنها الصوماليون وعناصر الجالا مع القليل من الجماعات
الحامية من الكوشيين، وقد اعتنق الكثير منهم الإسلام، ولهم
اتصال وثيق ببلاد العرب.(11/231)
*النحَّاسين (حى)
حى من أحياء مدينة القاهرة، به دكاكين لبيع النحاس، وتقام
فيه سوق لذلك؛ فعرف بحى النحَّاسين، وكان يعرف بخط بين
القصرين، ابتداؤه من سبيل عبد الرحمن كتخدا الذى أنشئ سنة
(1157 م) المعروف الآن بسبيل بين القصرين، وانتهاؤه عند حارة
الصالحية التى تقع تجاه باب الصاغة. وحى النحاسين زاخر
بالمنشآت الأثرية، فبأوله من جهة اليمين حمام السلطان، الذى
يعرف أيضًا بحمام سيدنا الحسين، ثم المدرسة الكاملية التى
أنشأها الملك الكامل سنة (622 هـ) وتعرف الآن بجامع الكاملية،
ثم المدرسة البرقوقية التى أنشأها الملك برقوق سنة (786 هـ)
وتعرف الآن بجامع البرقوقية، ثم المدرسة الناصرية التى أتمَّ
عمارتها الناصر محمد بن قلاوون سنة (703 هـ) وتعرف الآن
بجامع الناصرية، ثم المدرسة المنصورية التى تقع داخل
البيمارستان، وأنشأها المنصور قلاوون قبل سنة (690 هـ)،
وبعدهما حمام قلاوون الذى يعرف بحمام النحاسين. وأما من
جهة اليسار فبأوله درب قرمز ثم المدرسة السابقية، التى
أنشأها سابق الدين الأنوكى سنة (760 هـ) وتعرف الآن بجامع
درب قرمز.(11/232)
*لُورَقَة
بلد بالأندلس من بلاد تُدْمير، بينها وبين مرسية (40) ميلا ومعنى
لورَقة: الزرع الخصيب. فتحها المسلمون بعد معركة شذونة سنة
(92 هـ = 711 م). وفى عهد ملوك الطوائف كانت تابعة لمملكة
ألمرية، بيد أنها انفصلت عنها على يد ابن شبيب الثائر بها فى
سنة (443 هـ = 1051 م) وحكمها وإخوته الثلاثة من بعده،
واعترف آخرهم بطاعة ابن عباد صاحب إشبيلية. وبعد معركة
الزلاقة سنة (479 هـ) - التى هزم فيها المسلمون (المرابطون
والممالك الأندلسية) القشتاليين- تحوَّل عدوان القشتاليين إلى
شرق الأندلس حيث كان الضعف يسود الإمارات الأندلسية
الصغيرة، ورابطوا فى حصن لييط الواقع بين مرسية ولورَقَة
فأخذت جيوشهم ترهق الأنحاء القريبة بغاراتها المتوالية، فعادت
إليهم قوات المرابطين من المغرب وحاصرتهم، وبعد فك الحصار
أخلى النصارى الحصن، ثم دخلت لورقة تحت حكم المرابطين
وكان مصيرها بعد ذلك مرتبطًا بتاريخ الأندلس.(11/233)
*الجزائر الشرقية
الجزائر الشرقية أو جزائر البليار اسم يطلق على ثلاث من الجزر
الإسبانية غربى البحر الأبيض المتوسط، هى: ماجوركا،
وميورقة، ووإيفيزا، وهى حاليًّا إحدى ولايات إسبانيا
وعاصمتها بالما وكبرى هذه الجزر هى ماجوركا. وتبلغ مساحة
جزر البليار ما يقرب من (1514كم2)، وترتبط هذه الجزر بخط
مواصلات جوى جيد، ويشتغل سكانها بالزراعة وصيد الأسماك.
وأهم المحاصيل الزراعية بها: الطماطم والبطاطس والفاكهة. أما
الصناعة فى جزر البليار ففقيرة جدًّا، فالملح والحجر الجيرى
والليمونيت هى الثروات المعدنية الوحيدة الموجودة بها. وأهم
الصناعات: نسج الصوف وحفظ الأطعمة وصناعة سوبر الفوسفات.
وقد سكن الإنسان جزر البليار منذ فجر التاريخ وخضعت لعدد من
الشعوب كان أولهم الأيبيريون ثم الفينيقيون واليونانيون
والقرطاجنيون والرومان والبيزنطيون، ثم فتحها المسلمون فى
القرن (8م)، ولما خرج المسلمون من الأندلس أصبحت مملكة
مستقلة فى القرن (11م). وفى القرن (13م) استولى عليها ملك
أراجون ثم صارت فيما بعد إحدى ولايات إسبانيا ولا تزال كذلك
حتى الآن.(11/234)
*طابا
تقع فى الجزء الشرقى من شبه جزيرة سيناء، على الطرف
الشمالى الغربى من خليج العقبة. احتفظت بها إسرائيل عند
انسحابها من شبه جزيرة سيناء سنة (1403 هـ = 1982 م) زاعمة
أنها جزء من أراضيها، وقامت ببناء فندق سياحى كبير فيها،
وقد أدى هذا إلى نشوب نزاع سياسى بينها وبين مصر، لجأت
فيه مصر إلى هيئة التحكيم الدولية، التى حكمت بعودة طابا إلى
السيادة المصرية، وكان ذلك سنة (1409 هـ = 1988 م).(11/235)
*العلاقى (وادى)
هو واد يقع على بعد (109) كيلو مترات جنوب سد أسوان،
وينتهى عند مناجم الذهب بالمنطقة المعروفة باسم وادى أم
القريات. بدأ المصريون يستغلون تلك المناجم منذ أيام الدولة
الوسطى، كما استعملت فى عصور مصر الإسلامية. ويوجد
بالقرب من المناجم أطلال منازل العمال، وطواحين حجر
الكوارتز، وعلى الصخور بين النيل والمناجم نقوش خلَّفها أعضاء
البعثات فى مختلف العصور. وهذا الوادى كانت تسكنه قبائل
البجة، ثم استوطنته قبيلة ربيعة العربية، واختلطوا بالبجة
وصاهروهم، ونجح أبو مروان بن بشر بن إسحاق فى تأسيس
أول إمارة عربية فى وادى العلاقى، ثم انتقل مقر الإمارة من
وادى العلاقى إلى أسوان.(11/236)
*النمسا
دولة أوربية تقع فى جنوب أوربا الوسطى، يحدها من الشمال
جمهوريتا التشيك والسلوفاك، ومن الجنوب يوغسلافيا السابقة
وإيطاليا، ومن الغرب ألمانيا وسويسرا، ومن الشرق المجر.
وتبلغ مساحتها (13850كم2)، وأراضيها مرتفعة، خاصة فى
المناطق الوسطى والغربية، وأعلى قممها جبل جروس جلوكنر -
(3757) مترًا -، ويخترقها نهر الدانوب بالإضافة إلى نهرى المور
وإنز، ومناخها معتدل صيفًا وبارد شتاءً. واللغة الألمانية هى
اللغة الرسمية. وأغلب سكان النمسا مسيحيون كاثوليك بالإضافة
إلى البروتستانت والمسلمين. وأهم مدنها فيينا وهى العاصمة،
وسالزبورج ولينز. والنمسا بلد سياحى يوجد به بعض
الصناعات المتقدمة مثل الكيماويات والمنسوجات والصناعات
الثقيلة، ويشتهر بتربية الأبقار وتصدير اللحوم. ونظام الحكم فى
النمسا اتحادى دستورى حيث تنقسم إلى (9) مناطق تتمتع
بالحكم الذاتى، وهى دولة حيادية. ودخلت المسيحية النمسا فى
القرن الرابع الميلادى ثم سيطرت على النمسا بعد ذلك قبائل
الهون والقوط وخضعت النمسا لفرنسا سنة (1788 م)، ثم المجر،
وبافاريا. وقد اتحدت النمسا والمجر فى إمبراطورية واحدة
سنة (1867 م) إلا أنها انهارت مع قيام الحرب العالمية الأولى.
وقامت النمسا بحدودها الحالية سنة (1918 م) وكان أول رئيس
لها ميشل هانثن، غير أنها وقعت تحت الاحتلال الألمانى سنة
(1938 م) واستمر الوضع هكذا حتى دخلها الحلفاء سنة (1945 م)
وتم تقسيمها بينهم إلى أربع مناطق. وقد جلت عنها قوات
الحلفاء سنة (1955 م) بعد أن أعلنت النمسا حيادها.(11/237)
*نيسابور
مدينة إيرانية تقع جنوبى غربى مشهد على بعد (110 كم).
فتحها الأحنف ابن قيس فى خلافة عمر بن الخطاب، رضى الله
عنه، ثم أعاد فتحها عبد الله بن عامر سنة (31 هـ) فى خلافة
عثمان بن عفان، رضى الله عنه. وكانت نيسابور مدينة متميزة
بإقليم خراسان لموقعها الجغرافى؛ لذلك صارت عاصمة للدولة
السلجوقية فى القرن الخامس الهجرى ثم الدولة الطاهرية. وفى
سنة (618 هـ) هدمها المغول، إلا أنها أخذت فى النمو والعمران
مرة أخرى. ويوجد بنيسابور مقبرة الشاعر عمر الخيام. وقد نبغ
من نيسابور عدد من العلماء مثل الإمام مسلم بن حجاج صاحب
الصحيح، المتوفَّى سنة (261 هـ)، والمفسر أبى إسحاق الثعلبى
المتوفَّى سنة (427 هـ).(11/238)
*المحمدية
مدينة مغربية تقع على شاطئ المحيط الأطلنطى على بعد (23
كم) شمالى الدار البيضاء فى طريق الرباط. أسسها المولى محمد
بن عبد الله سنة (1182 هـ) وكانت تدعى فضالة. وهى ميناء
كبير لتصدير الأسماك والمنتجات الزراعية. وتوجد بها بعض
الصناعات مثل تصفية البترول، والسيارات، وكذلك يوجد بها
أكبر مطبعة فى المغرب.(11/239)
*سَيْحون
هو أحد الأنهار الشهيرة بالقرب من سمرقند على حدود تركيا،
ويقع فى بلاد ما وراء النهر، وكان اسمه قديمًا سرداريا، وأطلق
عليه الأتراك اسم سيحون، وعرفه العرب بهذا الاسم. وقد تردد
اسم هذا النهر كثيرًا أثناء الحديث عن فتوحات المسلمين فى بلاد
ما وراء النهر. وتتجمد مياه هذا النهر نحو ثلاثة أشهر فى فصل
الشتاء، فتتعذر الملاحة به أثناء تلك الفترة. ويبلغ طوله (300)
ميل.(11/240)
*غرناطة
مدينة أندلسية تقع على بعد (696 كم) من مدريد. وكانت قبل
الفتح الإسلامى مدينة صغيرة قرب مدينة إلبيرة، وبمرور الزمن
حلت غرناطة محلها، وتقع غرناطة فى وادى نهر شنبل، وبعد
الفتح الإسلامى كانت القبائل الشامية تقيم فيها ثم توافد عليها
البربر. وكانت تضم نيفًا ومائة بلد وقرية. وفى منتصف القرن
قامت مملكة غرناطة على يد محمد بن الأحمر، بعد سقوط باقى
مدن الأندلس فى يد النصارى الإسبان، واستمرت هذه المملكة
زهاء قرنين ونصف القرن تحافظ على الإسلام فى إسبانيا
باعتبارها آخر معاقل المسلمين هناك، وقد تولى الحكم خلال
هذه الفترة ما يزيد على عشرين حاكمًا، وقد ساعدها على
البقاء هذه المدة الطويلة وقوعها فى الطرف الجنوبى من
الأندلس مما سهَّل اتصالها بالمسلمين فى المغرب، وغناها
بالموارد الاقتصادية ووفرة مياهها، وكذلك قوتها العسكرية،
حيث كانت تستطيع أن تحشد (50) ألف مقاتل رغم أن عدد
سكانها لا يزيد على نصف مليون نسمة، وكان سورها يتخلله
(1300) برج منيع. فقد كان صمود غرناطة فى مواجهة النصارى
يعتمد على هذه القوة العسكرية، واشتهرت بجودة صناعاتها
مثل الورق والذهب والأسلحة والذخائر، وكذلك بجودة محاصيلها
مثل البساتين والفواكه، وبمبانيها الفخمة مثل قصر الحمراء الذى
يسع (40) ألف شخص. وسقطت غرناطة فى أيدى النصارى
الإسبان فى (21 من المحرم سنة 897 هـ). ومن علماء غرناطة
وأدبائها: لسان الدين بن الخطيب، والمقرى صاحب كتاب نفح
الطيب.(11/241)
*هراة
مدينة كبيرة من مدن خراسان، تقع فى إقليم سجستان شمالى
غربى أفغانستان، فتحها الأحنف بن قيس سنة (18هـ=639م)،
عندما فتح بلاد خراسان فى عهد عمر بن الخطاب، رضى الله
عنه. وفى سنة (604هـ=1207م) حاصرها خوارزم شاه محمد بن
تكشن حتى سقطت فى يده، ثم توجه إلى سمرقند ولكنها ما
لبثت أن سقطت فى يد تيمورلنك. وبعد أن تفككت إمبراطورية
تيمورلنك، أصبحت قاعدة للدولة الصفارية منذ سنة
(867هـ=1462م)، وظلت محل نزاع بين الإيرانيين والأفغان حتى
بدايات القرن (19م).(11/242)
*سيلان
هى إحدى الجزر الواقعة على المحيط الهندى، وتبعد مسافة
(35كم) عن الهند، ويفصل بينهما مضيق جسرآدم، وتبلغ
مساحتها (65610كم2)، وكان العرب قد عرفوها باسم سرنديب،
ثم حُرف الاسم إلى سيلان. ويرجع اتصال العرب بهذه الجزيرة
إلى ماقبل الإسلام، حيث كانت ملتقى السفن القادمة من الصين
والشرق الأقصى مع السفن القادمة من الخليج العربى وسواحل
الجزيرة العربية الجنوبية، ثم امتزجت العناصر الإسلامية من سُنّة
وشيعة بأهل سيلان ودخل التاميل فى الإسلام، وانتشر الإسلام
بالجزيرة. وتقع الجزيرة فى المنطقة الاستوائية، وتشغل
مساحتها سلسلة هضاب تنحدر تدريجيّا حتى السهول الساحلية
لها. وقد اجتذبت سيلان الأوربيين وأصبحت محط أنظارهم
وأطماعهم، فسيطر عليها البرتغاليون أواخر القرن (15م)، ثم
الهولنديون سنة (1658م)، ثم الإنجليز سنة (1796م)، وسيطروا
عليها فترة طويلة، ثم نالت الجزيرة استقلالها فى 4 من فبراير
سنة (1948م)، وتحولت إلى جمهورية، وتغير اسمها إلى
سيريلانكا، واتخذت من كولومبو عاصمة لها. ويعتنق أهل
سيريلانكا أكثر من ديانة (إسلامية - مسيحية - بوذية - هندوسية)
وتتعدد بها اللغات: السنغالية (السنهالية) - التامول (التاميل) -
الإنجليزية. وهى من الدول النامية التى تعتمد على الزراعة،
وبعض الصناعات البسيطة. ويعد الشاى والكاوتشوك (المطاط)
والجرافيت من أهم صادراتها، وعملتها المتداولة هى الروبية
السيريلانكية.(11/243)
*سويسرا
دولة أوربية، تقع بين إيطاليا وفرنسا وألمانيا والنمسا، وتبلغ
مساحتها نحو (41.293 كم2)، وتتمتع بمناخ معتدل فى الجنوب
والوسط، قارى فى الشمال الشرقى. وهى البلد الأكثر ارتفاعًا
فى قارة أوربا وتقع فى منتصف الطريق بين خط الاستواء
والقطب الشمالى. وتشغل سلسلة جبال الألب وجبال الجورا
السويسرية معظم مساحة سويسرا. وقد انعكس ذلك على
مواردها الزراعية، إذ لايُستغل زراعيّا من مساحتها سوى ثلثها
فقط. وتتألف سويسرا من (26) مقاطعة، تشكل كل منها دولة
صغيرة مستقلة بذاتها، وجميعها يخضع لحكم مركزى بالعاصمة
برن. ولايَجْمَعُ السويسريين لغة واحدة، حيث تتباين ألسنتهم
بلغات أربع هى: الألمانية والفرنسية والإيطالية والرومانش
(المحلية السويسرية). وتتميز سويسرا باستقرارها السياسى
والاقتصادى، ويتمتع شعبها برخاء اقتصادى جيد. وتعد صناعة
الساعات والأدوات الدقيقة، والمصنوعات المعدنية، والكيميائيات
والجواهر والآلات والأجهزة والملابس والأغذية من أهم صناعات
سويسرا وكذلك من أهم صادراتها.(11/244)
*السودان
هناك فرق بين السودان كإقليم والسودان كدولة، فالسودان
الإقليم يطلق جغرافيّا على الحزام الإقليمى الذى يفصل جنوب
الصحراء الإفريقية الكبرى عن الأقاليم الاستوائية، ويقع تقريبًا
بين خطى عرض (10ْو20ْ) شمالا، ويمتد من ساحل البحر الأحمر
شرقا إلى المحيط الأطلسى غربًا. وينقسم إقليم السودان إلى
ثلاث مناطق هى: السودان الغربى، ويضم الوحدات السياسية
التالية: السنغال وغينيا ومالى والنيجر وشمال الكونغو مع
أطراف سيراليون وغانا وفولتا العليا. أما السودان الأوسط
فيشمل تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى وشمال الكاميرون
وشرق نيجيريا. والسودان الشرقى، ويتألف من وحدة سياسية
واحدة هى جمهورية السودان وهذه الأخيرة هى المقصود
بالسودان كدولة، ويحدها من الشرق البحر الأحمر وأثيوبيا،
ومن الجنوب كينيا وأوغندا والكونغو، ومن الغرب إفريقيا
الوسطى وتشاد وليبيا، ومن الشمال مصر. وعاصمة جمهورية
السودان هى الخرطوم، ويشتغل أهل السودان بالزراعة والرعى
حيث المطر ونهر النيل بفروعه المختلفة، وهما المصدر الرئيسى
لهاتين المهنتين. وسكان السودان الشمالى من السلالات
القوقازية، ودينهم الإسلام، ولغتهم العربية. أما السودان
الجنوبى فعناصره مختلطة ولهم عدة لغات. ومن الناحية
التاريخية كانت جمهورية السودان موحدة تحت الحكم المصرى
حتى أوائل القرن التاسع عشر الميلادى، ثم قامت ثورة المهدى
سنة (1881م- 1899م)، وكانت مصر خاضعة للاحتلال البريطانى
آنذاك وحاولت استعادتها، ثم انسحب الجيش المصرى بعد مقتل
حاكم السودان سنة (1924م)، وعاد مرة أخرى سنة (1936م)،
وفى عام (1953م) وقّعت مصر وبريطانيا اتفاقية السودان، وفى
أول يناير سنة (1956م) أُعلن استقلال السودان(11/245)
*السنغال
جمهورية إفريقية، اشتُق اسمها من نهر السنغال، الذى يشقها
ويصب فى المحيط الأطلسى. ويحدها من الشمال موريتانيا، ومن
الجنوب غينيا، ومن الشرق مالى، ومن الغرب المحيط الأطلسى،
وتبلغ مساحتها نحو (203.793كم2)، وعاصمتها دكار. أُعلنت
جمهورية مستقلة عام (1960م) بعد ثلاثة قرون من الاستعمار
الفرنسى. يتألف سكانها من قبائل بربرية نازحة وقبائل زنجية.
ومن أهم هذه القبائل الفولانى والمانديجو والأولوف
والبامبارا. معظم سكانها من المسلمين (75%)، وقد دخلها الإسلام
من المغرب شمالا، ومن الشرق عبر نهر النيجر (عن طريق الدعاة
المسلمين القادمين من وادى النيل وليبيا). كانت السنغال أكثر
المستعمرات الفرنسية تقدمًا، إذ كانت دكار مقر الحاكم العام
الفرنسى لجميع المستعمرات الفرنسية فى غرب إفريقيا. اللغة
الرسمية هى الفرنسية، وتوجد لغات أخرى محلية بالإضافة إلى
العربية. أهم منتجاتها: الذرة والفول السودانى والصمغ العربى.
ووحدة السنغال النقدية هى الفرنك الإفريقى (فرنك الجماعة
المالية الإفريقية)، والسنغال عضو بهيئة الأمم المتحدة منذ عام
(1960م).(11/246)
*الشرقية
إحدى محافظات مصر الشمالية، عرفت بإقليم الشرقية منذ عهد
الدولة الفاطمية، وكان قبل ذلك مقسمًا إلى عدة كور صغيرة،
كل كورة قائمة بذاتها، ثم ضُمّ بعضها إلى بعض. وسُمّيتْ
الشرقية لوقوعها فى الجهة الشرقية من الوجه البحرى. وفى
سنة (1826م) قُسّمت الشرقية إلى مأموريات، وكانت كل
مأمورية قائمة بذاتها، وفى سنة (1833م) ضُمّت هذه المأموريات
بعضها إلى بعض، وأصبحت إقليمًا واحدًا، باسم مديرية
الشرقية، وعاصمتها مدينة الزقازيق، وفى سنة (1960م) تغير
اسمها إلى محافظة الشرقية، وظلت عاصمتها مدينة الزقازيق.
ومن أشهر قبائل العرب فى الشرقية: الهنادى وسمالوى
والطمبلات والعبابدة والسماعنة والصوالح والحرابى. وتمثل
المحافظة أهمية استراتيجية منذ أقدم العصور، إذ إنها مَعْبَر
القوات الغازية من مصر إلى آسيا، أو العكس، وكانت الطريق
الذى سلكه الفتح الإسلامى لمصر عام (19هـ=640م).(11/247)
*سمرقند
اسم يطلق على إقليم ومدينة فى جمهورية أوزبكستان
الإسلامية. الإقليم يقع شمالها، أما المدينة فتقع على ضفة نهر
زرافستان، وتبعد (130) ميلا عن بخارى. واتصل اسم سمرقند
بالتاريخ الإسلامى فى خلافة معاوية، رضى الله عنه، عام
(57هـ=677م) حين فتحها صُلْحًا سعيد بن عثمان بن عفان أمير
خراسان، ثم أعاد فتحها بعد قتال شديد قتيبة بن مسلم فى
خلافة الوليد بن عبد الملك عام (93هـ=711م)، وينسب إلى قتيبة
أنه عمل على نشر الإسلام بين أهلها الوثنيين. وقد أصبحت
سمرقند منذ القرن الثالث الهجرى عاصمة لعدد من الدول التى
قامت فى آسيا الوسطى، مستقلة عن دولة الخلافة الإسلامية،
مثل الدولة السامانية ثم الإيلخانية ثم دولة السلاجقة، إلى أن
غزاها جنكيزخان، الذى خربها وأحالها إلى أطلال عام
(1221م). وعندما استولى عليها تيمورلنك جعلها عاصمة
لإمبراطوريته، ودخلت سمرقند عصرًا من الازدهار. وتقع سمرقند
بعد ذلك تحت أيدى الشيبانيين ثم أيدى أمراء بخارى حتى
احتلها الروس عام (1285هـ=1868م) وأصبح أميرها مظفر الدين
تحت السيادة القيصرية، ثم أصبحت سمرقند عاصمة لجمهورية
أوزبكستان حتى عام (1930م). وأنشأ الروس سمرقند الحديثة،
تفصلها عن المدينة القديمة قلعة سمرقند. ومن آثارها جامع
جورأمير، وجامع شاهى زندا ومسجد مزار شاه، الذى أقيم
حول ضريح الصحابى قثم بن العباس، وكذلك قبر تيمورلنك.
وسمرقند مركز لعدة صناعات، تشمل: نسج الحرير والقطن،
والصناعات الثقيلة.(11/248)
*السويس
محافظة مصرية تقع على رأس خليج السويس وعاصمتها مدينة
السويس. تعد السويس ثالث الموانئ المصرية، كان اسمها كليسما
، وسماها العرب القلزم والسويس مدينة حضرية، ذات منشآت
صناعية، أقيمت بجوارها مصانع البترول والسماد. وقد زاد من
أهمية مدينة السويس افتتاح قناة السويس سنة (1869م)،
واكتشاف البترول على ساحل البحر الأحمر. وتعد مدينة السويس
سياحية، فبالقرب منها عيون موسى، ذات المياه العذبة، التى
تعد من معجزات موسى، عليه السلام. والسويس مدينة قديمة
قامت فى موضع مدينة مندثرة، كانت تعرف باسم كليسما،
وأنشئت إبان القرن العاشر، وقد حفرت فيها قناة تصلها بالنيل
فى العصر الرومانى، وبعد اندثارها أعاد حفرها عمرو بن
العاص سنة (23هـ = 644م)، وعرفت بقناة أمير المؤمنين، ثم
اندثرت إلى أن تم حفر قناة السويس سنة (1869م).(11/249)
*قونية
قونية مدينة قديمة وعاصمة المقاطعة التى تحمل اسمها، تقع
بوسط تركيا، على بُعد (233كم) إلى الجنوب من العاصمة
أنقرة، وإلى الشمال من البحر الأبيض المتوسط، وعلى ارتفاع
(990) مترًا على حافة الهضبة الوسطى. تقع فى وسط زراعى
مهم، وتشتهر بصناعة النسيج والسجاد والمصنوعات الجلدية،
وتجارتها الحبوب والصوف والموهير. عرفت قونية عند الرومان
باسم إيكونيوم، وبلغت أزهى مجدها بعد أن أصبحت قاعدة
السلاطين السلاجقة الأقوياء بآسيا الصغرى فى القرن (11م)، ثم
آلت إلى أمراء قرمان بعد انتصار المغول والأرمن على السلاجقة
فى أخريات القرن (13م) ثم آلت إلى الترك العثمانيين فى القرن
(15م)، وصارت مركزًا دينيًّا مهمّا وبقربها هَزَمَ الجيشُ المصرىّ
بقيادة إبراهيم بن محمد على الجيش العثمانى سنة (1832م). بها
مسجد علاء الدين السلجوقى، الذى بنى سنة (1220م)، وعدة
متاحف، وبها قبر جلال الدين الرومى المنسوب إليه الطريقة
المولوية (أو مؤسسها)، وهو صوفى وشاعر مشهور، وقد
أُبطلت طريقتهم اليوم، ويقال: إن بقونية قبر أفلاطون الحكيم.(11/250)
*مالطة
مجموعة جزر بالبحر الأبيض المتوسط، مساحتها (316كم2)،
أهمها جزيرة مالطة التى تبلغ مساحتها (216كم2)، وهذه
المجموعة من الجزر تقع على بعد (95كم) جنوبى صقلية،
و (300كم) من الشواطئ التونسية ومثلها من الشواطئ الليبية،
وفى منتصف الطريق من قناة السويس ومضيق جبل طارق،
ومناخها مناخ البحر المتوسط، حار جاف صيفًا، دافئ ممطر
شتاءً، وعاصمتها قاليتا المسماة باسم حاكمها جان باريزو دولا
فاليت، وأهم مدنها بيركيركارا وسليما. ولغتها الرسمية:
المالطية، وهى مزيج من العربية والإيطالية والإنجليزية، وأغلبية
سكانها مسيحيون كاثوليك. أما عن تاريخها: فقد كانت بها
حضارة الألف الثانية قبل الميلاد، ثم اندثرت فى القرن التاسع
قبل الميلاد. استقر بها الفينيقيون، وخضعت للقرطاجنيين فى
القرن الخامس قبل الميلاد، ثم الرومان نحو سنة (218 ق. م)، ثم
خضعت للإمبراطورية البيزنطية من القرن (5ق. م:870)، ثم فتحها
المسلمون، وكانت أول محاولة لأسد بن الفرات سنة (828م) ثم
فتحت نهائيّا وضمّت إلى إمارة إفريقية (شمال إفريقيا،
والأندلس، وصقلية). وفى عهد محمد الثانى الأغلبى انتشر
الإسلام فى ربوعها، وعندما احتلها روجر غيّر الديانة الرسمية
للجزر دون التعرض للجالية العربية المسلمة، ثم طرد فريدريك
الثانى العرب منها بكل قسوة ووحشية بين سنتى (1240
و1250م)، ثم هاجمتها القوات العثمانية سنة (1488م)، وفى سنة
(1530م) أعطيت للفرسان الإسبتارية الذين حكموها حتى
هزيمتهم أمام نابليون سنة (1798م)، وهؤلاء الفرسان لعبوا دورًا
كبيرًا فى احتلال الإسبان لتونس والعبث بجامع الزيتونة وذبح
المواطنين، ثم هاجمها العثمانيون سنة (1551م)، وحوصرت سنة
(1565م) ثم فُك الحصار بعد تدخل الأسطول الإسبانى، ثم ضمت
لبريطانيا سنة (1814م) وكانت مالطة قاعدة لها فى الحرب
العالمية الثانية، وفى سنة (1947م) مُنحت استقلالا ذاتيّا محدودًا،(11/251)
ونالت استقلالها فى (21 من سبتمبر سنة 1964م) مع بقائها فى
الكومنولث، وفى سنة (1971م) طالب رئيس الوزراء دوم منتوف
بإجلاء القوات البريطانية عنها، وفى سنة (1974م) أصبحت
جزيرة مالطة جمهورية، وفى سنة (1979م) تم إجلاء آخر جندى
بريطانى عنها، بعد احتلال دام (180) سنة.(11/252)
*سواكن
هى ميناء سودانى يطل على البحر الأحمر بين بور سودان فى
الشمال وطوكر فى الجنوب، وكان أقدم موانئ السودان
وأكبرها حتى سنة (1906 م)، التى تأسس فيها ميناء بور
سودان. استولى العثمانيون على سواكن سنة (923 هـ = 1517
م)، وانحصرت أهميتها آنذاك فى مراقبة تحركات الأسطول
البرتغالى فى البحر الأحمر. وقامت مصر فى عهد الخديو
إسماعيل بضم سواكن إلى إدارتها، وأحيطت سواكن بسور لصد
حملات الدراويش، وحفر المصريون بها ترعة تستمد مياهها من
خزان أقيم لتّجميع الأمطار. وعُنى الخديو إسماعيل بتعميرها،
وأصبحت منفذ السودان الرئيسى الذى يرتبط بمصر عن طريق
ميناء السويس، ولكنها فقدت أهميتها بعد إنشاء الخط الحديدى
الذى ربط بور سودان بكسلا فى الجنوب وعطبرة فى الغرب،
لنقل حاصلات السودان الرئيسية من القطن والماشية والصمغ.
وكانت السفن النيلية التى استخدمت فى الاستكشافات
الجغرافية، أو فى نقل الجنود إلى جنوب السودان تتجمع فى
سواكن، وأصبحت سواكن، بعد اندلاع الثورة المهدية نقطة
انطلاق الحملات المصرية البريطانية. وضُمَّت سواكن إلى السودان
وأصبحت تابعة لمديرية كسلا بموجب اتفاقية سنة (1899 م).(11/253)
*هندوستان
كلمة فارسية معناها أرض الهنود، وكانت تطلق على مناطق
متعددة فى الهند وباكستان. ومنذ تقسيم الهند سنة (1947 م)
يطلق أحيانًا على دولة الهند الهندوسية لتمييزها عن باكستان
الإسلامية، وهى مشتقة من سندهو اسم نهر الأندوس (السند)
ومنها اشتقت كلمتا أند وهند ومعناهما الأرض التى تقع فيما
وراء الأندوس، وأصبح سكانها يسمَّون الهندوس أو الهنود، كما
أصبحت بلادهم تعرف بهندُوستان. يحد هندوستان من الشمال
سلسلة جبال الهمالايا، ومن الغرب جبال هندكوش وسليمان،
حيث تقع أفغانستان وإيران، ثم تمتد الهند إلى الجنوب فى
شبه جزيرة، يقع بحر العرب فى غربيها، وخليج البنغال فى
شرقيها، وسيلان فى طرفها الجنوبى، ويتجه الإقليم منها إلى
الشرق حتى جبال آسام. وتقع هندوستان بين خطى عرض (8ْ
و37ْ)، وطول (61ْ - 100ْ) شرق جرينتش، وبذلك تقع فى الإقليم
الحار والمعتدل، وبها نهر الأندوس (السند) وهو أطول أنهار
الدنيا إذ يبلغ مجراه (2900 كم)، ينبع من الشمال؛ حيث جبال
الهمالايا. ويصب نهر الأندوس فى بحر العرب. وأنهار البنجاب،
ومنها نهر الكنج (أو كَنكَا) المقدّس لدى الهندوس، وبراهما بترا
ونربدا وتابتى.(11/254)
*همدان
مدينة تقع غربى إيران على سفح جبل الفند، وهى مركز
تجارى، تشتهر منطقتها الجبلية بالآثار البرنزية التى تنسب إلى
إيران قبل الإسلام بعدة قرون. كان اسمها عند الآشوريين
هجماتانا، وعند الإغريق أكباتان، وكانت قاعدة مملكة ميديا
القديمة. وقد توفّى فى همدان الفيلسوف على بن سينا.(11/255)
*وهران
عاصمة المقاطعة التى تحمل اسمها، وهى ميناء بحرى، وثانية
كبرى المدن فى الجزائر، وتقع على خليج وهران على البحر
الأبيض المتوسط. صادراتها الرئيسية: القمح والخضراوات
والأصواف، وصناعاتها: طحن الغلال وتعليب الأسماك والفواكه
وصهر الحديد، وصناعة النسيج والأحذية والزجاج والسجائر،
وتتصل بالجزائر عن طريق خط سكة حديدية. تأسست وهران فى
القرن الخامس عشر الميلادى، وسقطت فى أيدى الإسبان عام
(1509 م)، واحتلها العثمانيون سنة (1708 - 1732 م). أصابها
زلزال مدمر عام (1790 م) واحتلها الفرنسيون سنة (1831 م).
تطورت وازدهرت بسرعة، وتطور الميناء فى أواخر القرن
التاسع عشر الميلادى، دمر جزء منها أثناء الحرب العالمية
الثانية بواسطة المدمرات البريطانية؛ وذلك لمنع الألمان من
احتلالها، واحتلتها قوات الحلفاء عام (1942 م).(11/256)
*واشنطن
هى عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية، تقع على الضفة اليسرى
من نهر بوتوماك، يتوسطها بناء الكابيتول، وموقعه آخر البيت
الأبيض. يرجع تأسيسها إلى خلاف بين ولايات الشمال والجنوب
على اختيار عاصمة البلاد، انتهى بالاتفاق على إقامتها على
ضفة نهر بوتوماك، واختار الموقع جورج واشنطن وأطلق اسمه
عليها، وشرع فى بناء البيت الأبيض سنة (1792 م) وإقامة
الكابيتول سنة (1793م) الذى عقد فيه أول اجتماع للكونجرس
الأمريكى سنة (1800 م)، وكان توماس جيفرسون أول رئيس
للجمهورية نصب فى واشنطن سنة (1801 م)، وفى حرب
الاستقلال استولى الإنجليز على المدينة سنة (1814 م)، وكانت
إبان الحرب الأهلية (1861 - 1865م) المقر العسكرى للشماليين.
وقد كانت واشنطن مدينة صغيرة اتسعت بعد ذلك حتى صارت
مساحتها الآن (180 كم2) وبها عدد من الأبنية الفخمة
كالكونجرس، والبيت الأبيض، ومكتبة الكونجرس، ودار
المحفوظات القومية، وخمس جامعات، ويطلق اسم واشنطن على
أربع عشرة بلدة أخرى، تقع فى أنحاء متفرقة من الولايات
المتحدة. ويبلغ تعداد سكان مدينة واشنطن ما يزيد على مليون
نسمة حسب إحصائية سنة (1992م)، وواشنطن كولاية تقع فى
الجهة الشمالية من الولايات المتحدة الأمريكية، وتبلغ مساحتها
(176617 كم2)، ويصل عدد سكانها إلى نحو (2 5) مليون نسمة،
وهى الولاية رقم (42) فى الاتحاد الذى انضمت إليه فى عام
(1889م). عاصمتها أوليمبيا، أهم صناعاتها: المنتجات الزراعية
(وبخاصة الفواكه والقمح). تركز تاريخها الأول فى تجارة الفراء،
وصارت إقليمًا فى عام (1853 م)، وساعد مدّ السكك الحديدية
إليها على ترويج صناعة الأخشاب، وصيد الأسماك، ونمت
الصناعات بها حتى صارت مدينة سيتل من المراكز الصناعية بها
فى الحرب العالمية الثانية، وتعد ولاية واشنطن مركزًا بحريًّا
مهمَّا للمواصلات مع ولاية ألاسكا الأمريكية، ويتألف مجلسها(11/257)
التشريعى من مجلس الشيوخ الذى يتكون من (41) عضوًا لمدة
أربع سنوات، ومجلس النواب الذى يتكون من (99) عضوًا لمدة
سنتين، بينما ينتخب حاكم الولاية لمدة (4) سنوات، ويمثلها فى
الكونجرس شيخان و (7) نواب.(11/258)
*مقديشو
عاصمة الصومال، وهى مركز عمرانى قديم أقامه العرب فى
نحو القرن العاشر الميلادى؛ خدمةً للتجارة فى شرق إفريقيا
والمحيط الهندي. ويختص ميناء مقديشو بالاستيراد فعن طريقه
ترد السلع المختلفة من الآلات، والمعدات، والملابس، والبن،
والبترول، لكنه لا يصدر سوى عشْر صادرات البلاد، وذلك لبعده
عن مراكز إنتاج سلع التصدير. وقد تم تحديثه منذ أواخر
السبعينيات، وزوّد بحاجز للأمواج، وبأربعة مراسٍ، وبمخازن
ومستودعات، ومعدات للشحن والتفريغ. وبمقديشو عدد من
الأقليات الإيطالية والهندية والباكستانية.(11/259)
*المقس
أطلق اسم المقس بعد الفتح الإسلامى لمصر على قرية صغيرة
تسمى أم دنين، كانت تقع شمالى الفسطاط. هذه القرية كان
يجلس فيها الموظف المناط به جمع المكس (الضرائب) من التجَّار،
ومن ثمَّ أطلق على المكان كله اسم المكس ثم حرّف إلى المقس.
وكانت المقس تقع على النيل مباشرة فى المكان الذى تشغله
حاليًّا حديقة الأزبكية بالقاهرة قبل أن يغير النيل مجراه إلى
الغرب قليلا. وقد نزلت بها جيوش العباسيين سنة (292 هـ)، وفى
عهد الإخشيديين تحولت إلى بستان كبير، وفى عهد الفاطميين
أقيمت بها دار لصناعة السفن، وبنى بها صلاح الدين الأيوبى
قلعة سُمّيت قلعة المقس بقيت إلى سنة (770 هـ)، وفى سنة
(713 هـ) سمح السلطان الناصر محمد بن قلاوون للناس بالبناء
فى المقس فتسابق الأمراء والتجار الى البناء فيها وتكون من
مجموع ذلك كله بلدة جديدة هى بولاق التى احتلت مكان المقس.(11/260)
*مكناسة
من كبريات المدن المغربية، ومن العواصم الملكية. تقع قرب جبل
زرهون فى موقع يبلغ ارتفاعه (522 م) عن سطح البحر، نشأت
من اجتماع قرى بربرية، كان أهلها يقومون بزراعة الزيتون
والأشجار المثمرة، ومن أقدم هذه القبائل قبيلتا زناتة
ومكناسة. ثم اتسعت عمارة مكناسة فى العصر المرينى،
وتأسست بها عدة مساجد وحصون ومدارس وأسواق، واتخذها
المولى إسماعيل عاصمة لمملكته، فبنى بها الأسوار والقصور
والحدائق والدور والمساجد والحصون والأبراج، وخلَّف بها عدة
مآثر تشهد بعظمة ملكه، منها باب المنصور، والهرى الذى
أعده السلطان لإيداع زاد الجنود، والحوض الكبير الذى تبلغ
مساحته أربعة هكتارات، وكان يُستعمل فى سقى البساتين
المجاورة.(11/261)
*مليلة
ميناء كبير على شاطئ البحر المتوسط فى منتصف الطريق بين
وهران وسبتة. تبلغ مساحته نحو (17 كم2)، كان يتبع المغرب إلا
أن الإسبان يحتلونه منذ عام (1497 م) بعد سقوط غرناطة بخمس
سنوات. وهو عبارة عن ميناء شُيّد على رأس روك ويمتد داخل
البحر لمسافة (40 كم). ويرجع تاريخ إنشاء هذه المدينة إلى
العصور القديمة؛ حيث عرفها الفينيقيون والقرطاجنيون والرومان
والقوط والمسلمون، وأنشأ بها الموحدون والمرينيون عدة
منشآت إلى أن احتلها الإسبان ومازالت تحت سيطرتهم حتى
الآن.(11/262)
*منى
بلدة قريبة من مكة، تبعد عنها بنحو ستة كيلو مترات. سميت
بذلك لما يمنى فيها من الدماء، يوجد فيها مرمى الجمار، وبها
مسجد الخيف، وعلى مقربة منها غار كان يتعبّد فيه النبى e
أحيانًا، ويسمى غار المرسلات، وسبب تسميته بهذا الاسم نزول
سورة المرسلات على النبى e وهو يتعبد فيه. ويقال: إن إبراهيم
عليه السلام، همَّ فى منى بذبح ابنه إسماعيل، عليه السلام؛ ولذا
كانت موضع الذبح فى الحج.(11/263)
*المنصورة
مدينة كبيرة من مدن مصر، وعاصمة محافظة الدقهلية، تقع على
رأس بحر أشمون طنَّاح وتسمى اليوم أشمون الرماح، بناها
السلطان الكامل ناصر الدين محمد بن الملك العادل أبى بكر بن
أيوب سنة (616 هـ = 1219 م). ونزل السلطان الكامل فى
موضعها، عندما استولى الفرنجة على دمياط وقضوا على من
بها من المسلمين، وبنى بها قصرًا، وأمر أمراءه وقادة جيشه
ببناء دورٍ لهم، وبنى حولها سورًا كبيرًا ونصب حوله الآلات
الحربية للدفاع عنها، وانتشرت بها الحمامات والفنادق والأسواق
مع مرور الزمن. وظل الملك الكامل بها حتى استخلص مدينة
دمياط من أيدى الصليبيين سنة (618 هـ = 1221 م)، فأطلق على
المدينة اسم المنصورة تيمنًا بانتصاره على الفرنجة فى دمياط.
وفى سنة (648 هـ = 1250 م) هزم توران شاه بن الملك الصالح
نجم الدين أيوب جيوش لويس التاسع ملك فرنسا عند المنصورة،
بعد وفاة الملك الصالح نجم الدين أيوب، وسجن لويس التاسع
فى دار ابن لقمان بالمنصورة.(11/264)
*منغوليا
منطقة واسعة فى الجزء الشرقى من آسيا، تعد وطن الشعوب
المنغولية. مساحتها الإجمالية نحو (2.700.000 كم2) والمغول
شعب من العرق المنغولى أنشئوا إمبراطورية كبيرة خلال حكم
جنكيز خان وأحفاده امتدت من الصين شرقًا إلى نهر الدانوب
واجتاحوا فى ظل حكم تيمورلنك المنطقة من منغوليا إلى البحر
الأبيض المتوسط ونهر الدانوب. وكان الغموض يكتنف تاريخ هذه
المنطقة حتى القرن الثالث عشر الميلادى عندما برز جنكيز خان،
وكان أقصى اتساع لها قد بلغته فى عهد تيمورلنك فى أواخر
القرن السابع عشر الميلادى. قامت فى منغوليا دولتان - بعد
طول احتلال صينى - تفصل بينهما صحراء غوبى: الأولى: هى
جمهورية منغوليا الشعبية (الخارجية). معظم سكانها من المغول،
استقلت عن الصين سنة (1924 م) وأصبحت جمهورية، وانضمت
إلى الأمم المتحدة عام (1961 م) ومساحتها (1.565.000 كم2)
وعاصمتها: أولان باتور وحدودها الشرقية والجنوبية والغربية
الصين وفى الشمال الاتحاد السوفييتى السابق. والثانية: هى
جمهورية منغوليا الداخلية عاصمتها: هوهيهوت ومساحتها
حوالى (1.177.500 كم2).(11/265)
*المنيا
مدينة فى صعيد مصر الأدنى، وهى عاصمة محافظة المنيا منذ
سنة (1890 م)، وكانت تابعة لولاية الأشمونين. تقع على الضفة
الغربية لنهر النيل على بعد (243 كم) إلى الجنوب من القاهرة،
عرفت باسم منية أبى الخصيب ومنية الخصيب، ويقال: إن
الخصيب مولى لأحد الخلفاء العباسيين ولاة مصر فعامل أهلها
معاملة حسنة فسمى الإقليم باسمه. وبالمنيا آثار إسلامية
وفرعونية تنتشر فى المحافظة ومراكزها، منها مسجد اللمطى
بمدينة المنيا، الذى بنى فى العهد الأيوبى سنة (578 هـ)، وآثار
بنى حسن الشروق وتونا الجبل والأشمونين وتل العمارنة،
التى اتخذت عاصمة لإحدى دول الفراعنة فى مصر.(11/266)
*موريتانيا
جمهورية تقع فى شمال غرب إفريقيا، يحدّها من الشمال
الشرقى الجزائر، ومن الشرق والجنوب الشرقى مالى، ومن
الجنوب السنغال حيث يفصلها عنها نهر السنغال، ومن الغرب
المحيط الأطلسى، ومن الشمال الغربى الصحراء الغربية
والمغرب. وتبلغ مساحتها (1.030.000 كم2)، وعاصمتها
نواكشوط، وأهم المدن نواذيبو وقايدى وزويران، واللغة
العربية هى لغة أغلبية السكان، والإسلام هو الدين الرسمى.
عرفت موريتانيا قديمًا ببلاد شنقيط العربية، وقد وصلها الإسلام
فى العهد الأموى، ولكنها لم تخضع للمسلمين بشكل رئيسى إلا
فى عهد المرابطين الذين بسطوا نفوذهم إلى السنغال، ثم
خضعت بعدهم للموحدين ثم لبنى وطاس وبعدهم لبنى مرين.
وفى سنة (1903 م) احتلتها القوات الفرنسية، وأُعلنت مستعمرة
فرنسية سنة (1920 م)، وفى سنة (1958 م) أصبحت عضوًا فى
المجموعة الإفريقية الفرنسية، واستقلت برئاسة مختار ولد دادا
سنة (1960 م)، وفى سنة (1973 م) انضمت إلى جامعة الدول
العربية، وفى سنة (1975 م) احتلت القوات الموريتانية نحو ثلث
الصحراء الغربية، بينما احتل المغرب الثلثين الشماليين بعد
انسحاب إسبانيا، وعلى إثر ذلك قامت حرب بين القوات المغربية
والموريتانية، مما أرهق موريتانيا، فأعلنت انسحابها من الجزء
الذى فى حوزتها.(11/267)
*موزمبيق
دولة إفريقية تقع على الشاطئ الجنوبى الشرقى للمحيط
الهندى. يحدها من الغرب جنوب إفريقيا وسوازيلاند
وزيمبابوى، ومن الشمال زامبيا ومالاوى وتنزانيا، ومساحتها
(801.000كم2). وأراضى موزمبيق غنية بالأنهار، وأهمها نهر
الزمبيزى. وتشترك موزمبيق فى ملكية بحيرة المالاوى. وعاصمة
موزمبيق مابوتو وأهم مدنها سوفالا وموزمبيق، واللغة الرسمية
هى البرتغالية بالإضافة إلى لغات الجانتو، وتعتمد موزمبيق
على تصدير المنتجات الزراعية، وأهمها: القطن والسكر. ويوجد
بها مجمع ضخم لإنتاج الطاقة الكهربائية على نهر الزمبيزى
ويدين (60%) من السكان بالوثنية، وثلث السكان مسلمون
بالإضافة إلى أقلية مسيحية. وكان فى موزمبيق مراكز عربية
وإسلامية تشتهر بتجارة الذهب إلا أنها تعرضت لاعتداءات
البرتغال حتى سيطروا عليها سنة (1500م) واستعمروها نحو
(500) سنة وجعلوها مصدرًا لتجارة الرقيق حتى تم إلغاؤها سنة
(1878م). وفى سنة (1700م) تعرضت موزمبيق للركود بسبب
انخفاض الحركة التجارية فى مرافئ البلاد بسبب فقدان البرتغال
لأغلب مستعمراتهم. وفى سنة (1884م) بعد مؤتمر برلين أصبحت
موزمبيق تحت السيطرة البرتغالية فاعتبرها البرتغال مقاطعة
برتغالية فرضوا عليها لغتهم وديانتهم الكاثوليكية. وفى عام
(1964م) اندلعت الثورة الإسلامية ضد البرتغال بزعامة حركة
فريليمو حتى حصلت على استقلالها سنة (1975م) وارتبطت
موزمبيق بعلاقات صداقة مع الاتحاد السوفييتى السابق والدول
الاشتراكية. وتعانى البلاد الحرب الأهلية التى استمرت (14) سنة
وأدت إلى تدمير الاقتصاد فى موزمبيق.(11/268)
*موسكو
عاصمة روسيا، تقع على نهر موسكفا، تبلغ مساحتها
(325كم2)، بها شبكات من الطرق والسكك الحديدية والخطوط
الجوية والممرات المائية. صناعاتها الرئيسية النسيج والاشغال
والتعدين والقاطرات والسيارات والطائرات والآلات والمواد
الكيماوية والمطاط والبضائع الجلدية والورق والسجائر. ونقل
الركاب فى موسكو يتم بواسطة شبكة سكك حديدية تحت
الأرض، شوارعها الرئيسية تنطلق من الكرملين باتجاه الضواحى،
وفيها مطاران، أحدهما مركزى والآخر خارجى بالإضافة إلى
شبكة من الممرات المائية تخدم ثلاثة موانئ: اثنان منها على نهر
موسكفا والثالث على قناة موسكو- فولغا. ورد ذكر موسكو
لأول مرة سنة (1147م)، ثم أصبحت سنة (1271م) مركزإمارة
تحت حكم دانيل فلاديمير. أحرقها التتار مرتين فى
سنتى (1381م) و (1572م)، ثم احتلها البولنديون فترة قصيرة
حتى حررها الأمير بوزهارسكى سنة (1612م)، واحتلها نابليون
الأول فى سبتمبر سنة (1812م)، ثم لم تلبث أن ثار أهلها بعد
أيام قليلة فاضطر الفرنسيون إلى التقهقر، وفى المدة من سنة
(1713م) إلى سنة (1918م) تركت مكانها كعاصمة لروسيا لسنت
بطرسبرج، وقد تضاعف عدد سكانها بين الحربين العالميتين
الأولى والثانية، وازدهرت بسرعة بعد انتهاء الحرب.(11/269)
*الموصل
هى ثانية كبرى مدن العراق، مركز تجارى مهم للبترول
العراقى، تقع على طرف دجلة شمالى غربى بغداد، قيل سميت
بالموصل لأنها وصلت بين نهرى دجلة والفرات وقيل لأنها وصلت
بين الجزيرة والعراق، وقيل غير ذلك. فتحها المسلمون سنة
(16هـ=637م) فى عهد عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، على يد
عتبة بن فرقد السلمى، وكان أول منا اهتم بها مروان بن محمد
آخر خلفاء بنى أمية، فنصب عليها الجسور، وأعد الطرق، وبنى
حولها سورًا كبيرًا، وجعل لها ديوانًاخاصّا بها. وسكنها هارون
الرشيد سنة (183هـ=719م)، وظلت تحت سلطة الدولة العباسية
حتى حكمها نور الدين محمود بن عماد الدين زنكى وظلت مقرّا
للدولة النورية حتى ظهرت الدولة الأيوبية. وقامت بريطانيا
باحتلال الموصل بعد الحرب العالمية الأولى ببضعة أيام، ثم
أخذتها تركيا حتى سنة (1344هـ= 1925م)، ثم عادت إلى العراق.
ومن أهم الآثار الإسلامية بالموصل: المدرسة الأتابكية ورباط
الصوفية اللذان بناهما سيف الدين غازى بن زنكى، والمسجد
النورى أو الجامع الكبير ومئذنته الحدباء، الذى بناه نور الدين
محمود بن عماد الدين زنكى سنة (566هـ=1171م) وانتهى منه
سنة (568هـ=1173م)، ومسجد مجاهد الدين قيماز سنة
(572هـ=1176م) وانتهى مجاهد الدين منه سنة (576هـ=1180م).
ومن أشهر علمائها: عبد العزيز بن حيان بن جابر بن حريث، أبو
القاسم الأزدى الموصلى وأبو يعلى أحمد بن على بن المثنى بن
يحيى بن هلال التميمى الموصلى المحدث المعروف صاحب
المسند. ومن أهم صادراتها: البترول، والحبوب، والفاكهة،
والأصواف، وبها المصنوعات القطنية والسكر، والدباغة
والمطاحن.(11/270)
*نابلس
مدينة فلسطينية، عاصمة محافظة نابلس، تتوسط المرتفعات
الجبلية الفلسطينية وخاصة جبال نابلس، وتبعد (69 كم) عن القدس
و (42 كم) عن البحر المتوسط و (114 كم) عن عمّان، وترتفع نحو
(550م) عن سطح البحر، وتنحدر الأودية من منطقة نابلس نحو
الغرب والشرق. ومناخ نابلس ينتمى إلى مناخ البحر المتوسط
وسمَّى الكنعانيون نابلس شكيم، أى: الأراضى المرتفعة (النجد)
ودخلها الفراعنة ثم الهكسوس ثم السامريّون ثم الرومان، وفتحها
المسلمون بقيادة عمرو بن العاص فى خلافة أبى بكر الصديق،
رضى الله عنهما، وقام المسلمون بحماية من بَقِى من أهلها على
ديانته - النصرانية - على أن يدفعوا الجزية، ثم استولى عليها
الصليبيون سنة (493 هـ = 1099 م) وبنوا فيها قلعة وعقدوا فيها
مجمعًا كنسيًّا كبيرًا، واستردها صلاح الدين الأيوبى بعد
انتصاره فى معركة حطين ثم احتلها الإنجليز سنة (1918 م) وهى
الآن - كباقى مدن فلسطين - تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلى.
وسكان نابلس - كبقية سكان فلسطين - يعودون بأنسابهم إلى
العرب القحطانيين والعدنانيين، وتعد نابلس من أهم المراكز
الصناعية فى فلسطين.(11/271)
*وليلى
مدينة مغربية أثرية يرجع تاريخها إلى العصر الرومانى، تقع
بجبل زهرون على بعد ثلاثة كيلو مترات من مدينة المولى إدريس.
ومدينة وليلى مستطيلة الشكل تتدرج بناءاتها على سفح الجبل،
وتشتهر بالآثار الرومانية، وأهم هذه الآثار قوس النصر وباب
كارا كالا وكان المغاربة يسمّون هذه المدينة قصر فرعون،
واسمها الرومانى فوليبيس. وقد دمر هذه المدينة زلزال أشبونة
الشهير سنة (1775 م). وكان يحيط بهذه المدينة قديمًا سور كبير
له عدة أبواب. وتشتهر هذه المدينة بزراعة الزيتون وتجارته.(11/272)
*الكرج
الكَرَج مدينة فارسية تقع بين همذان وأصبهان وهى إلى همذان
أقرب، لم تكن فى أثناء حكم الفرس مدينة مشهورة، وإنما كانت
فى عداد القرى الكبيرة، وأول من مصّرها وجعلها مدينة أبو
دُلَف القاسم بن العجلى أحد أكابر قواد الخليفة العباسى
المأمون وجعلها وطنه، وإليها قصده الشعراء وذكروها فى
أشعارهم. وكانت الكرج تشتهر بأبنيتها المتفرقة، وقصورها
الواسعة، وكانت ذات زروع ومواشٍ كثيرة. ينسب إليها القاضى
أبو سعد سليمان بن محمد بن الحسين القصارى المعروف
بالكافى الكرجى، كان فقيهًا فاضلا عالمًا، وَلِى قضاءها،
وتوفى سنة (538هـ).(11/273)
*الشمال (بحر)
بحر مفتوح يقع فى غرب القسم الأوسط من اليابس الأوربى
ويفصل بينه وبين الجزر البريطانية وتكتنفه دول النرويج،
والدانمارك، وألمانيا، وهولندا، وبلجيكا من الجهة الشرقية،
وبريطانيا من الجهة الغربية، وهو واسع وضحل، وبالرغم من ذلك
فهو يخلو من الجزر بداخله. يبلغ طوله حوالى (965 كم) ويبلغ
أقصى عرض له (643 كم). يتميز بأن مياهه لا تتجمد فى فصل
الشتاء لذا فهو صالح للملاحة طوال العام، ومعظم سواحله
باستثناء السواحل النرويجية والاسكوتلاندية قليلة التعرجات.(11/274)
*قَزْوين (بحر)
أكبر بحر داخلى (مغلق) فى العالم يقع بين إيران والاتحاد
السوفييتى سابقًا. تقع على ساحله الجنوبى الإيرانى جبال
البورز وعلى ساحله الجنوبى الغربى جبال القوقاز، وتصب فيه
عدة أنهار منها: نهر الفولجا، ونهر الأورال، ونهر كورا،
وغيرها. ومن أهم خصائص بحر قزوين انخفاض مستوى مياهه
كل عام عن العام السابق بسبب ارتفاع معدل التبخر وقلة مياه
الأنهار التى تصب فيه، والمياه فى غربه وجنوبه الغربى أعمق
من المياه فى شرقه وجنوبه الشرقى، وعلى الرغم من انكماش
حجمه وتناقصه المستمر فإنه أقل ملوحة من معظم بحار العالم،
ويسبب انخفاض مياهه المستمر أخطارًا جسيمة للموانئ التى تقع
عليه حيث أصبحت هذه الموانئ فى الوقت الحاضر لا يصلح
الوصول إليها إلا بالقوارب الصغيرة. ولبحر قزوين أسماء أخرى
مثل: بحر الخزر وبحر مازندران. وأهم موانئه باكو، وأهم جزيرة
فى جنوبه الشرقى أشورادة، وأيسكون.(11/275)
*بلرم
عاصمة جزيرة صقلية تقع على ساحلها الشمالى إلى الغرب،
وهى مدينة قديمة، يرجع تأسيسها إلى الفينيقيين ثم تداولها
أهل قرطاجة، ثم الرومان والقوط فالروم. وقد فتح العرب مدينة
بلرم سنة (235 هـ = 831 م) بقيادة أبو الأغلب العباس بن الفضل
إبان إمارة إبراهيم الأغلبى على تونس، وقد ازدهرت بلرم ثقافيّا
واقتصاديّا إبان حكم العرب. وكانت مدينة بلرم تنقسم إلى
قسمين: القصر والمدينة. وكانت مدينة القصر تشتمل على قصور
وكنائس ومساجد ومنازل كبار التجار، أما المدينة فكانت تشغل
مساحة واسعة وبها المنازل والمساجد والحمامات. ومدينة بلرم
غنية بالعمارة التى يظهر فيها التأثير العربى فى مساجدها
وقصورها وقد تحولت المساجد والعمائر التى أقامها العرب إلى
كنائس. وقد أصابت مدينة بلرم خسائر فادحة خلال الحرب
العالمية الثانية. ويوجد بالمدينة جامعة بالرمو التى أنشئت سنة
(1805 م).(11/276)
*شبه القارة الهندية
هو شبه قارة، يقع داخل نطاق إقليم آسيا الموسمية إلى الشمال
من الدائرة الاستوائية، بين خطى عرض (8ْ، 36ْ) شمالاً، وخطى
طول (61ْ، 97ْ) شرقًا، ويبلغ طوله من الشمال إلى الجنوب
(2000) ميل، ومن الشرق إلى الغرب (2200) ميل، ويبلغ طول
سواحله (2000) ميل. ويمكن تقسيمه تضاريسيًّا إلى: كتلة هضبة
الدكن القارية فى الجنوب، ونطاق المرتفعات الألبية فى الشمال،
الذى توجد به جبال الهيمالايا، التى توجد بها قمة إفرست،
أعلى قمة فى العالم، وسهول الكانج والسند، وتقع بين
الإقليمين السابقين. ويسود شبه القارة مناخ موسمى يشهد ثلاثة
فصول، هى: فصل بارد وفصل حار وفصل ممطر. وتوجد ثروة
زراعية ضخمة فى شبه القارة الهندية، وأهم الحاصلات بها:
الأرز، والقمح، وقصب السكر، والشاى، والبن، والطباق،
والقطن، والجوت. كما توجد فى شبه القارة صناعات متقدمة مثل
صناعة الحديد والصلب وصناعة الغزل والنسيج، علاوة على
وجود خامات معدنية مثل الحديد والفحم والمنجنيز والبترول، كما
توجد أعداد كبيرة من الأغنام والماشية. وقد وفدت إلى شبه
القارة الهندية فى مراحل تعميرها الأولى عناصر بشرية عرفت
باسم ما قبل الدرافيديين وجماعات الآريون. وتنتمى هذه
الجماعات إلى الجماعات الهندوأوربية، ويتحدثون اللغة
السنسكريتية، ويتركزون فى القسم الشمالى، وجماعات أخرى
تنتمى إلى المغول، ويتركزون فى نيبال ويوتان، وأجزاء من
آسام، ثم حدث اختلاط بين هذه الجماعات وجاءت إليها فى القرن
العاشر الميلادى جماعات عربية خلال الفتوحات العربية
الإسلامية، وجماعات أخرى من جماعات المغول المسلمين بين
سنتى (1219 - 1398 م)، ويوجد نحو (225) لغة فى شبه القارة،
أهمها: اللغة الهندية الآرية، واللغة الدرافيدية، واللغة الصينية
التبتية. وأكثر الديانات فى شبه القارة انتشارًا: الهندوسية،
والدين الإسلامى، وديانة السيخ. وعندما وصل فاسكوداجاما(11/277)
إلى ميناء قاليقوت عام (1498 م) تنبه الاستعمار الأوربى إلى
المواد الخام الصناعية الموجودة فى شبه القارة؛ فتأسست
الشركات التجارية الأوربية لاستغلال الخامات الموجودة فى
البلاد، وعظم النفوذ البرتغالى فى الفترة من سنة (1530 م) إلى
سنة (1600 م)، ثم الاستعمار الهولندى والفرنسى، إلى أن
استعمر البريطانيون شبه القارة وأسسوا إمبراطورية الهند
البريطانية سنة (1858 م)، وفى أغسطس عام (1947 م) قسم شبه
القارة الهندية إلى الوحدات السياسية الحاليَّة، وهى: جمهورية
الهند، وجمهورية الباكستان، وجمهورية بنجلاديش ومملكة
نيبال، وإمارة سكيم دايوتان، وجمهورية سيريلانكا.(11/278)
*النيجر
هى إحدى الدول الداخلية فى إفريقيا الغربية، وعاصمتها:
نيامى، ويجاورها كل من ليبيا والجزائر من الشمال، ومالى
وبوركينا فاسو من الغرب، وبنين ونيجيريا من الجنوب، وتشاد
من الشرق، وليس لها منافذ بحرية ومساحتها (2.267) كم2،
والمناخ حار جاف، ومعظم سكانها من الأفارقة السود، وهم
ينتمون إلى مجموعات متنوعة. ويشكل فلاحو الهوسا والجيرما
الذين يسكنون فى جنوب البلاد أكبر كثافة فى البلاد، أما
باقى سكان النيجر فهم من البدو الذين يسكنون المناطق
الصحراوية الشمالية. وعلى الرغم من أن الفرنسية هى اللغة
الرسمية للنيجر فإن العديد من السكان يتحدثون لهجات مختلفة.
والإسلام هو الدين السائد، ويوجد بعض الأقليات المسيحية.
ويعتمد اقتصاد النيجر على الزراعة بشكل رئيسى رغم أن
الأراضى الصالحة للزراعة قليلة، والجفاف سمة عامة فى البلاد.
كانت النيجر معبرًا للعديد من الشعوب فى بداية تاريخها،
وسيطرت عليها عدة إمبراطوريات إفريقية حتى وصلتها
الكشوفات الأوربية فوقعت تحت نفوذ فرنسا سنة (1855م)،
وأُعلنت مستعمرة فرنسية سنة (1922م) باسم غرب إفريقيا
الفرنسية حتى حصلت على استقلالها سنة (1960م).(11/279)
*النيجر (نهر)
نهر بغرب إفريقيا، يبلغ طوله أكثر من (4160) كم، ينبع قرب
حدود سيراليون، وعلى بعد (320) كم من المحيط الأطلسى.
يجرى تجاه الشمال الشرقى فى الهوامش الجنوبية للصحراء
الكبرى، مزودًا منطقة تمبوكتو وما يليها شمالاً بمياه الرى، ثم
ينحنى فى اتجاه الجنوب الشرقى، ويصل إلى خليج غينيا،
مخترقًا دلتة ضخمة. والنيجر هو النهر الوحيد فى إفريقيا الذى
يتميز بمصب طويل صالح للملاحة، فهو يسمح بالملاحة للسفن
المحيطية حتى مدينة ماتادى على بعد (128) كم من البحر.(11/280)
*نيجيريا
نيجيريا جمهورية إسلامية إفريقية تتكون من (19) ولاية، تقع
غرب إفريقيا على ساحل خليج غانا (المحيط الأطلنطى)،
وتجاورها دولة بنين فى الغرب، والنيجر فى الشمال،
والكاميرون وتشاد فى الشرق، ومساحتها (923.786) كم2،
وكانت عاصمتها لاجوس، ثم نُقلت إلى مدينة أبوجا فى وسط
البلاد، وتُعد نيجيريا من أكثر دول إفريقيا كثافة بالسكان،
وتضم أكثر من (200) قبيلة إفريقية بارزة أكبرها: الهوسا
والفولانى المسلمتان، ويكثر وجودهما فى الشمال، فى حين
تعيش التجمعات المسيحية فى الجنوب. وقد دخل الإسلام شمال
نيجيريا عن طريق التجار فى القرن الثامن الميلادى، وازداد
انتشاره فى القرن الثالث عشر الميلادى عن طريق دولتى
الموحدين والمرابطين. واحتلت بريطانيا نيجيريا سنة (1553م)،
وصحب ذلك وصول بعثات تنصيرية، عملت على نشر المسيحية
فى الجنوب الوثنى، وخاض المسلمون ضد المحتلين معارك حتى
نجحوا فى تحرير بلادهم وإعلان استقلالها سنة (1960م).(11/281)
*النيل (نهر)
نهر شمال شرق إفريقيا، وهو من أطول أنهار العالم؛ إذ يبلغ
طوله نحو (6825) كم، تبلغ مساحة حوضه (2.9) مليون كم2،
وتتقاسم هذه المساحة عشر دول هى: مصر والسودان وإثيوبيا
وكينيا وتنزانيا وأوغندة ورواندا وبورندى وزائير
وإريتريا، ولنهر النيل مجموعتان من المنابع هما: بحيرات الهضبة
الاستوائية، ومياه هضبة الحبشة، وتلتقى مياه المنبعين عند
الخرطوم، وأهم روافده: بحر الغزال وبحر الزراف والسوباط
والنيل الأزرق والعطبرة. ويظل نهر النيل فى معظم مجراه
محافظًا على اتجاهه نحو الشمال حتى يصب فى البحر المتوسط
بدلتا واسعة، تبدأ إلى الشمال من القاهرة بنحو (23) كم،
ويتفرع فيها النيل إلى فرعى دمياط ورشيد، ويجرى النيل فى
مصر فى وادٍ ضيق لا يزيد اتساعه فى الجنوب عن (1.5) كم،
ويزداد اتساعًا بالاتجاه شمالاً حتى يصل إلى أقصى اتساع له
(25) كم عند مدينة بنى سويف، ويستمد نهر النيل مياهه من
موردين رئيسيين: الأول: هضبة البحيرات، وتسهم بنحو (28%) من
إيراد نهر النيل فى مصر، والثانى: هضبة إثيوبيا، وتسهم بنحو
(72%) من جملة الإيراد السنوى. ولنهر النيل أهمية كبيرة؛ إذ
قامت على ضفافه حضارة من أقدم الحضارات التى عرفها
التاريخ؛ وهى الحضارة الفرعونية، كما نشأ على ضفافه أيضًا
كثير من المدن الكبرى منذ آلاف السنين مثل طيبة ومنف. وقد
أقيم على نهر النيل من منبعه حتى مصبه كثير من المشروعات
لتوفير مياه الرى وتوليد الكهرباء، منها فى مصر: سد أسوان
الذى بُنى سنة (1902م) والسد العالى الذى بُنى سنة (1970م)
بالإضافة إلى عدد كبير من القناطر مثل قناطر الدلتا وأسيوط
ونجع حمادى وإسنا وغيرها. وفى السودان: سد جبل الأولياء،
وسد سنار، وسد الرصيرص، وفى أوغندة: سد أوين.(11/282)
*النيل الأبيض
جزء من نهر النيل يبدأ من مصب السوباط وينتهى عند مدينة
الخرطوم حيث مصب النيل الأزرق فيكوِّنان نهر النيل الرئيسى.
وبه بعض الجزر أهمها: بجانى وبولى ومصران وأبا، ويمثل
النيل الأبيض همزة الوصل بين المجارى النيلية فى حوض الغزال
والهضبة الاستوائية وبين الجريان النيلى فى الأحواض شمال
الخرطوم، وذلك فى نحو (800) كم. ويجمع النيل الأبيض إيراد
نهرين، هما: بحر الجبل والسوباط.(11/283)
*النيل الأزرق
أهم روافد نهر النيل، ينبع من مرتفعات جوجام بالقرب من بحيرة
تانا التى يخرج منها على ارتفاع نحو (1750م)، ويسير فى مجارٍ
ضيقة إلى أن يصل إلى السودان عند الرصيرص فى نحو (1520)
كم، يجرى جنوبًا ثم غربًا ويتعرج كثيرًا فى هضبة الحبشة،
فيجمع الجزء الأكبر من مياهها، وأهم روافده الدندر والرهد،
ولئن كفلت بحيرة تانا للنيل الأزرق بداية متواضعة، وحصتها فى
جريانه لا تزيد عن (7%) من إيراده الكلى، فإن انضمام الروافد
إليه من كل جانب يجمع حجمًا هائلاً من الإيراد من مساحة حوضه
الكبير فى الهضبة الحبشية البالغ قدرها نحو (217620) كم2،
ومن ثم يتعاظم الجريان ويفعم بالمياه، وتكون قمة الزيادة فى
أغسطس وسبتمبر. يسيطر فيهما على جريان النيل سيطرة شبة
تامة يكاد يوقف اندفاعه - عندما يتصل بالمجرى الرئيسى -
الجريان الهادئ للنيل الأبيض، وتحققت - ضمن إيراد النيل الأزرق -
أهمية تمثلت فى الحمولة الهائلة من المواد العالقة والرواسب
التى أسهمت فى بناء التربة الفيضية.(11/284)
*اليونان
دولة أوربية. تقع شرقى البحر المتوسط جنوبى البلقان. يحدها
من الشمال ألبانيا ويوغسلافيا السابقة، ومن الشمال الشرقى
تركيا. وتبلغ مساحة اليونان (132) ألف كم2. وتنتشر بها الجزر
التى تكون (5/ 1) مساحة البلاد، وأهمها رودس وكريت والمورة.
وتتميز أراضيها بالسهول الساحلية الضيقة والمناطق الجبلية
الواسعة، وأهم جبالها أولمبس، ويصل ارتفاعه إلى (2985)
مترًا. وثلث مساحة اليونان صالح للزراعة؛ لذلك يعتمد اقتصادها
على الزراعة ثم الصناعة ثم السياحة والتجارة. وأهم محاصيلها
الزراعية: القمح والزيتون والفواكه، ويوجد بها بعض المعادن
مثل: الحديد، والصناعات مثل: الأقمشة والزيوت. وعملتها
المتداولة الدراخمة، وسكان اليونان مسيحيون أرثوذكس، وتوجد
بعض الجاليات الإسلامية فيها، وترجع أصول اليونانيين إلى
أصول إغريقية. وأهم المدن اليونانية: أثينا العاصمة، وسالونيك
الميناء الرئيسى. والنظام السياسى فى اليونان جمهورى
برلمانى. وأهم أحزابها السياسية: حزب الديمقراطية الجديدة،
وحزب الحركة الاشتراكية الهيلينية، وتوجد بعض المشكلات
السياسية مع تركيا حول بحر إيجة والأزمة القبرصية. ويرجع
تاريخ اليونان إلى حضارة الإغريق القديمة التى أثرت فى العالم
ثم تكونت إمبراطورية اليونان سنة (1500 ق. م)، ثم خضعت
للإمبراطورية الرومانية سنة (14 ق. م)، ثم للإمبراطورية البيزنطية
حتى سنة (1456م)؛ إذ فتحها المسلمون العثمانيون واستمروا
فيها حتى سنة (1821م)؛ إذ قامت ثورة المورة التى طالبت
بالاستقلال عن العثمانيين وتمَّ ذلك سنة (1827م). وفى سنة
(1913م) تنازل العثمانيون عن كريت لليونان، وبعد انتهاء الحرب
العالمية الأولى سيطرت اليونان على بعض المناطق الحدودية من
ألبانيا وبعض جزر بحر إيجة ومقدونيا، إلا أن اليونان خضعت
للمحور فى الحرب العالمية الثانية، وبعد انتهائها قامت حرب
أهلية استمرت (3) سنوات، وسيطر بعدها اليمين على مقاليد(11/285)
السلطة. وفى سنة (1973م) أعلنت الجمهورية فى اليونان.(11/286)
*طنجة
ميناء ومدينة مغربية، تُعد من أقدم مدن المغرب التى لعبت أدوارًا
مهمة فى تاريخ المغرب القديم والحديث. وتقع هذه المدينة فى
بوغاز جبل طارق بين المحيط الأطلنطى والبحر المتوسط فى
مقابلة الشاطئ الإسبانى، ولا يفصلها عن هذا الشاطئ سوى
(17) كم. وقد عرف القرطاجنيون والرومان هذه المدينة، التى
كانت مركزًا مهمًّا للجيوش الإسلامية والمغربية التى كانت تتوجه
إلى الأندلس؛ لتثبيت دعائم الإسلام بها. واحتلها الإسبان
والبرتغال والإنجليز، كذلك نزل بها الإمبراطور الألمانى غليوم
الثانى سنة (1905م)، وألقى خطابًا شهيرًا ضد السياسة
الفرنسية. وكانت طنجة عاصمة المغرب الدبلوماسية حتى سنة
(1912 م)؛ إذ خضعت لنظام دولى خاص، وقد احتلتها إسبانيا
سنة (1940م)، ثم عادت إلى المغرب سنة (1956م). ويقطن طنجة
عديد من الأوربيين، ويوجد فيها عديد من الآثار التاريخية وبعض
القصور الملكية، ويقال: إن بها ضريح الرحالة الشهير ابن بطوطة
المتُوفَّى سنة (779هـ)، كما يوجد بها بعض مقار المنظمات
الدولية.(11/287)
*المهدية
مدينة مغربية قديمة تقع على شاطئ المحيط الأطلنطى بين
العرائش والرباط، عند مصب نهر سبو، على بعد (9) كم من
القنيطرة، أُسست فى العصر الموحدى، وكانت تُسمى
بالمعمورية؛ لقربها من غابة المعمورية الشهيرة. احتلها البرتغال
فى القرن السادس عشر، وجدد بناءها المولى إسماعيل بعدما
طرد المغيرين منها سنة (1091هـ = 1680م)، ولا تزال أطلالها
بادية للعيان.(11/288)
*دهلى
دهلى أو دلهى كبرى مدن الهند وأشهر مركز تجارى وصناعى
بها. تقع فى شمال الهند ويزيد عدد سكانها على (6) ملايين
نسمة. ويُطلق اسم دهلى على عدة مدن أقيمت فى مواقع
متجاورة على الضفة اليمنى لنهر جمنة. وكانت دهلى كغيرها من
بلاد الهند يحكمها الهندوس حتى سنة (1194م)، حيث تمكن أحد
القادة المسلمين، وهو قطب الدين أيبك، أحد مماليك الدولة
الغورية بالهند من فتحها، وأسس دولة إسلامية عُرفت باسم دولة
المماليك التركية، واتخذ دهلى عاصمة لها، واستمرت دولته حتى
سنة (1290م)، حيث استولى عليها جلال الدين نيروز وأسس
الدولة الخلجية، ثم خلفتها الدولة التغلقية سنة (1320م)، وفى
عهد مؤسسها غياث الدين تغلق استعادت دهلى أهميتها
كعاصمة كبرى حتى استولى عليها تيمورلنك وأحدث بها خرابًا
ودمارًا. وفى سنة (1526م) نجح ظهير الدين بابر، أحد أحفاد
تيمورلنك فى دخولها، أثناء توسع دولته، واتخذها عاصمة لها،
ثم اتخذها بعد ذلك السلطان أكبر عاصمة لإمبراطوريته الكبيرة.
ويُعدُّ شاهجهان المجدد الحقيقى لمدينة دهلى منذ سنة (1638م)،
فأقام أسوارها وبنى قلعتها وأسس مسجد دهلى الكبير. وفى
سنة (1739م) تعرضت دهلى للغزو الفارسى على يد نادرشاه، ثم
أصبحت بعد ذلك مسرحًا للثورات والاضطرابات مع استمرارها
عاصمة للسلاطين حتى استولى عليها الإنجليز سنة (1857م).
وفى سنة (1877 م) أُعلِنَت الملكة فيكتوريا فى دهلى
إمبراطورة على الهند. وفى سنة (1911م) تُوِّج الملك جورج فى
دهلى إمبراطورًا على الهند، وفى العام التالى اتخذ الإنجليز
عاصمة أخرى وأطلقوا عليها نيودلهى. وتضم مدينة دهلى عددًا
كبيرًا من الآثار الإسلامية، أهمها: مسجد دهلى الجامع الذى بناه
شاهجهان، وضريح الإمبراطور همايون، ومسجد اللؤلؤة الذى
بناه أورنكزيب، ومنارة قطب الدين أو قطب منار، وغيرها.(11/289)
*ديار بكر
مدينة تقع اليوم فى حدود الجمهورية التركية بالأناضول، وعلى
الضفة الغربية لنهر دجلة فى مجراه الأعلى، وعند أقرب نقطة
يقترب فيها من مجرى الفرات. ويبلغ عدد سكانها (44.000)
نسمة، وهى مدينة قديمة ذات أهمية إستراتيجية، يدل على ذلك
الأسوار التى تُحيط بها، ويرجع تاريخ إنشائها إلى العصر
الرومانى، ويرتفع عليها (72) برجًا. وتشتهر ديار بكر بعدة
صناعات تقليدية كالأقمشة الحريرية ومشغولات الجلود والنحاس،
وفتحها العرب سنة (19هـ)، على يد عياض بن غنم فاتح
أرمينية، وبعد انهيار دولة الخلافة العباسية، كانت ديار بكر من
نصيب السلاجقة، ثم التركمان، ثم الأيوبيين، ثم الأرتقيين، ثم
الفرس، وأخيرًا العثمانيين.(11/290)
*ذو الحُليفة
مكان بالقرب من المدينة فى الطريق الموصل إلى مكة، ويقع
على مسيرة ستة أميال من جنوب المدينة، ويُعرف اليوم باسم
آبار على. وأهمية هذا الموضع فى أنه ميقات أهل المدينة،
فعنده يبدأ الحاج القادم من المدينة إحرامه، وقد أحرم رسول
الله (بذى الحُليفة حين خرج إلى عمرة القضاء وحجة الوداع.
والطريق إلى ذى الحليفة مستوٍ يُحاذى حرة الوبرة، ويمر ببئر
عروة. واكتُشف فى ذى الحُليفة آثار مسجد كان مطمورًا، قيل
مسجد المعرس: أى المكان الذى يبيت به الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند عودته من
مكة.(11/291)
*رأس الرجاء الصالح
هو الطريق الذى اكتشفه الرحالة البرتغالى فاسكو ديجاما سنة
1498م)، أثناء محاولة البرتغال الوصول إلى الشرق من خلال
طريق البحر، للحصول على تجارة الشرق، خاصة البهارات
والتوابل، كما استهدفوا أيضًا تطويق المسلمين من خلال التعاون
مع مملكة الحبشة النصرانية لحرب المسلمين، وفصم عرى
الارتباط بين الكنيسة المصرية والكنيسة الإثيوبية. ر فقام فاسكو
ديجاما برحلته سنة (1497م)، ووصل إلى نهاية القارة وعبر رأس
الرجاء الصالح سنة (1498م)، واستطاع الوصول إلى الساحل
الغربى للهند من خلال الدوران حول إفريقيا. وتتابعت حملات
البرتغال ورحلاتهم لتأمين الطريق وإقامة الحصون حوله وحماية
التجارة، واعتبر البرتغال هذا الطريق سرًّا من أسرار الدولة؛
لذلك صدر قانون بتحريم حمل خرائط هذا الطريق. واستطاع
البرتغال تحقيق أرباح طائلة من سيطرتهم على هذا الطريق،
ولذلك حاول المماليك محاربة البرتغال؛ لتأثير اكتشاف هذا
الطريق سلبيًّا على دولة المماليك، إلا أنهم هُزموا فى موقعة
ديو البحرية سنة (1509م)، مما عجَّل بسقوط دولة المماليك. وقد
أدى اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح إلى قيام بعثات
التبشير، وعزل الشرق عن النهضة الأوربية، وركود العالم
الإسلامى(11/292)
*الرباط
هى العاصمة السياسية والإدارية للمملكة المغربية، وأهم
موانيها، تُطل على المحيط الأطلنطى، وتقع شمال الدار البيضاء،
وتعتبر مركزًا مهمًّا للمواصلات، وبها جامعة الرباط وجامعة
محمد الخامس. ويرجع تاريخ إنشائها إلى القرن السادس الهجرى
عندما أمر السلطان الموحدى عبد المؤمن بن على بتأسيسها
وجعلها رباطًا لحشد الجيوش والأساطيل لغزو الأندلس، وسمَّاها
رباط الفتح، تيمنًا بانتصاره على الإسبان فى موقعة الأرك عام (
1195م)، ثم أتمَّ الخليفة يعقوب المنصور بناءها، وشيَّد بها
مسجدًا كبيرًا ليكون أكبر مساجد العالم، إذ تبلغ مساحته (26)
ألف متر مربع، ويُسمى مسجد حسان. واستوطن الأندلسيون
الرباط بعد طردهم من بلادهم عام (1610م)؛ ولذا تميزت الرباط
بالطابع الأندلسى. ثم احتلها الفرنسيون سنة (1911م)، وأصبحت
مقرًّا لهم، وبعد التحرير سنة (1957م)، وصار الرباط عاصمة
المملكة المغربية.(11/293)
*رشيد
مدينة مصرية تقع على الضفة الغربية لفرع رشيد - أحد فرعى
النيل - اشتُقَّ اسمها من اللفظ القبطى (رشيت)، وتتبع محافظة
البحيرة. ويرجع تأسيسها إلى الفراعنة، حيث كانت سوقًا رائجة
فى ذلك الوقت، فتحها عمرو بن العاص سنة (641م) وسكنها
بعض الصحابة، مثل: عبد الله بن الصامت. واهتم سلاطين المماليك
برشيد فقام الأشرف قايتباى بإنشاء قلعة كبيرة بها سنة (
1472م)، وبنى حولها سورًا لحمايتها، كما بنى السلطان الغورى
سورًا آخر حول المدينة على شاطئ البحر سنة (1516م). وكان
لاكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح أثره فى تراجع أهمية رشيد
، لكن بعد الفتح العثمانى سنة (1517م)، أصبحت من أهم ثغور
مصر، حتى إن أهميتها كانت تفوق الإسكندرية. وقد احتلها
الفرنسيون سنة (1798م)، وقاموا ببناء قلعة سان جوليان - التى
سُميت باسم مَنْ اكتشف حجر رشيد أثناء بنائها - وتولى حكم
رشيد الجنرال مينو الذى أسلم وتزوج من رشيد، ومازالت وثيقة
زواجه موجودة حتى الآن. وقد تصدت رشيد لحملة فريزر
الإنجليزية سنة (1807م)، واستطاعت المقاومة الشعبية أن
تهزمها. وتشتهر رشيد بإنتاج الملح الجيد، وزراعة الأرز.(11/294)
*الرصافة
اسم يُطلق على عدة مواضع فى عددٍ من العواصم الكبرى وتُعرف
بأسمائها، فيقال: رصافة بغداد ورصافة البصرة ورصافة
قرطبة، أو أنها تنسب إلى منشئها، مثل: رصافة أبى العباس،
والنسبة إلى رصافة: [رصافى]. ويحمل هذا اللقب عدد من
الأعلام من رجال الفقه والأدب. رصافة الشام أو رصافة هشام:
نسبة إلى هشام بن عبد الملك - الخليفة الأموى الذى عَمَّرَها -
وكان ينزل بها لنقاء هوائها، أُقيمت على مشارف الصحراء إلى
الغرب من المجرى الأعلى لنهر الفرات وتبعد عنه (25) ميلاً،
وأقرب مدينة لها الرقة، على الجانب الشرقى للنهر، وتبعد عنها
مدينة تدمر المسافة نفسها. ويرجع تاريخ بناء الرصافة إلى
العصر الآشورى، ثم إنها أصبحت أسقفية إبان الحكم البيزنطى،
وأقيم بها ديرٌ أُعتبر من عجائب المعمار، وبرز اسمها إبان العصر
الإسلامى. رصافة بغداد: إحدى ضواحى مدينة بغداد، تُطل على
الجانب الشرقى لنهر دجلة، ويقابلها على الجانب الغربى الكرخ
أو مدينة المنصور، ويمتد تاريخها إلى تأسيس مدينة بغداد
ذاتها، وقد انتقل إليها المنصور من الأنبار عام (149هـ)؛ فأمر
ابنه المهدى أن يعسكر على الجانب الشرقى وهو الرصافة،
وأن يبنى به الدور والحاشية، ثم التحق به الناس وعمروا المكان.
ومن آثار الرصافة: مشهد الإمام أبى حنيفة، وجامع مرجان،
وقبة زبيدة. رصافة قرطبة: هى مدينة أنشأها عبد الرحمن بن
معاوية بن هشام الملقب بعبد الرحمن الداخل. وقد نُسب إلى هذه
الرصافة قوم من أهل العلم، منهم: يوسف بن مسعود الرصافى،
وأبو عبد الله محمد بن عبد الملك بن ضيفون الرصافى.(11/295)
*الرملة
مدينة كبيرة بفلسطين، كانت مقرًّا لملك داود وسليمان، عليهما
السلام، وكانت رباطًا للمسلمين. وعندما تولى الوليد بن عبد
الملك الخلافة الأموية، ولَّى أخاه سليمان على جند فلسطين،
فنزل الرملة، وبنى بها قصرًا ومسجدًا ودارًا تُعرف الآن بدار
الصباغين. وكان خلفاء بنى أمية ينفقون على آبارها، وكذلك
فعل من بعدهم (بنو العباس)؛ مما جعل الرملة تزدهر وتنمو
باستمرار، حتى صارت أكثر البلاد صهاريج، وأكثرها فاكهة،
وطيب هواء. وظلت الرملة فى يد العباسيين فترة حتى أخذها
الصليبيون سنة (492هـ)، فأصبحت جزءًا من المملكة الصليبية
فى بيت المقدس. وكان الفاطميون ينظرون إليها على أنها مفتاح
الطريق عبر بلاد الشام إلى بغداد حيث هدفهم الأكبر وهو القضاء
على الخلافة العباسية، مما جعلهم يحرصون على نشر مذهبهم
الشيعى فى الرملة وجنوب الشام بكل الطرق المتاحة لهم. وفى
سنة (583هـ) استطاع صلاح الدين الأيوبى، أن يُنقِذ الرملة من
أيدى الصليبيين، وقام بتخريبها خوفًا من استيلائهم عليها مرة
أخرى. ومن أهم العلماء والشعراء الذين ظهروا بالرملة:
أبوالحسن على بن محمد التهامى، وأبو خالد يزيد بن خالد بن
عبد الله بن موهب الرملى الهمدانى.(11/296)
*الرها
مدينة تاريخية تقع ما بين نهر الفرات ونهر دجلة، وتقوم مكانها
حاليًّا مدينة أورفا التركية. ويرجع تأسيسها إلى ما قبل الميلاد
إبان حكم السلوقيين حيث بناها الملك سلوقس الأول وسمَّاها
أودسا، ثم دخلت فى حوزة الرومان، ثم أصبحت قاعدة لنشر
المسيحية. وفى الرها انتصر هرقل على الفرس سنة (628م).
وفتح المسلمون الرها سنة (18هـ)، على يد القائد عياض بن غنم،
ونظرًا إلى وقوعها على الحدود، فقد امتدت إليها الأيدى
بالتخريب، واستولى عليها ألب أرسلان السلجوقى سنة (463
هـ)، بعد معركة ملاذكرد، إلا أن الصليبيين استولوا عليها سنة
(491هـ)، وأقاموا بها أول مملكة صليبية فى الشرق. واستمرت
خاضعة لهم حتى استردها القائد عماد الدين زنكى سنة
(539هـ)، ثم ضُمَّت إلى الأيوبيين سنة (578هـ)، وخربها هولاكو
بعد ذلك، ثم سيطر عليها بيبرس، وبعد ذلك أخذ نجم هذه المدينة
فى الأفول.(11/297)
*رودس
جزيرة تقع فى أقصى الشرق من البحر المتوسط، وتبعد (12)
ميلاً عن ساحل آسيا الصغرى. كانت مركزًا من مراكز الحضارة
القديمة لازدهار التجارة البحرية بها، وكان لها نفوذ قوى؛ فقد
قامت بإنشاء عدة مستعمرات لها على سواحل إيطاليا وصقلية.
وفتحها المسلمون سنة (53هـ) فى خلافة معاوية بن أبى
سفيان، عندما أرسل معاوية الأزدى على أسطول المسلمين
ففتحها. وفى سنة (708هـ) استطاع البيزنطيون أن يستولوا
على الجزيرة فى عهد السلطان خليل بن قلاوون سلطان مصر،
واشترك فرسان بيزنطة مع فرسان رودس فى الإغارة على
سواحل المسلمين فى آسيا ومصر، واشتهرت هذه الإغارات
بأعمال القرصنة. ومنذ القرن الخامس عشر الميلادى توالت
محاولات غزو رودس من قِبَل السلاطين المماليك فى مصر، فى
الوقت الذى أصبحت فيه رودس قاعدة مهمة لتجمع الأساطيل
الصليبية التى تهاجم المسلمين فى مصر والشام وتركيا. وفى
سنة (928هـ) قام السلطان العثمانى سليمان القانونى بغزو
رودس وضمها إلى الإمبراطورية العثمانية، وظلت تابعة لسلطان
العثمانيين حتى انضمت إلى إيطاليا سنة (1918م)، ثم ضُمَّت إلى
اليونان سنة (1946م)، بعد الحرب العالمية الثانية(11/298)
*روسيا
هى عبارة عن مجموعة إمارات ظلت قرونًا عديدة متفرقة
متشرذمة داخل المربع الذى يحده شرقًا نهر الدنيبر، وغربًا نهر
الفستولا، وشمالاً مستنقعات برييب، وجنوبًا جبال الكربات،
ونهر الدنيستر. ويرجع تاريخها إلى العصر الحجرى. وتعرضت
روسيا للغزاة من مختلف الشعوب، ومن هؤلاء: القوط الألمان فى
القرن الثالث الميلادى، والهون الآسيويون فى القرن الرابع
الميلادى، والأفار الترك فى القرن السادس الميلادى. وشيد
الخازار الترك دولة قوية فى جنوب روسيا فى القرن السابع
الميلادى، وأسس البلغار الشرقيون إمبراطوريتهم فى إقليم
الفلجا فى القرن الثامن الميلادى، واستوطنت قبائل السلاف
الشرقية غرب روسيا فى القرن التاسع الميلادى. وقد أدخل
القديس أولجا المسيحية إليها، وجعلها فلاديمير الأول سنة (980 -
1015م) دين الدولة، وأتبعها للكنيسة الشرقية الأرثوذكسية.
وفى منتنصف القرن الثالث عشرالميلادى احتل المغول روسيا،
وأقاموا إمبراطورية فى الجنوب والشرق دامت حتى سنة
(1480م)، ولكن لتوانيا أخذت تفرض سيطرتها على غرب روسيا،
وقامت دولة جديدة على أنقاض روسيا القديمة هى دوقية
موسكو، تزعمت تشييد إمبراطورية كبيرة فى روسيا.(11/299)
*روما
عاصمة إيطاليا، وكبرى مدنها، تقع فى الشمال الشرقى من
القسطنطينية، وتمثل المركز الإدارى والروحى للكنيسة
الكاثوليكية، ومقر بابا الفاتيكان. وظلت عاصمة للدولة الرومانية
حتى بُنيت القسطنطينية، التى أصبحت عاصمة مُلك الأباطرة
الرومان بعد روما. وفى سنة (1944م) تحررت روما من الاحتلال
النازى الألمانى، وظهرت بها مشاكل دينية كثيرة، ومشكلات
اقتصادية كبيرة. وبعد سنة (1961م) بدأت تتقدم فى حل
مشكلاتها خاصة فيما يتعلق بالصناعات الميكانيكية
والإلكترونية، والطباعة والنشر، والصناعات الغذائية،
والمفروشات.(11/300)
*رومانيا
هى إحدى دول أوربا الشرقية. تأسست سنة (1974م)، وتنحدر
من أصل رومانى. تقع فى الجزء الشرقى من البلقان، ويحدها
من الشمال والشمال الشرقى الاتحاد السوفييتى (السابق)، ومن
الغرب المجر، ومن الجنوب بلغاريا. وتبلغ مساحتها نحو (
237500) كم2، ويبلغ عدد سكانها نحو (21) مليونًا و (566) ألف
نسمة، ويتألف سكانها من عدة أجناس مختلفة، فمنهم: التتار
والأتراك والرومان وعناصر مجرية وصربية وبلغارية وروسية.
ورومانيا بلد زراعى، من أهم محاصيله: القمح والذرة والشوفان،
والأعناب، والشمندر، وتربى به الأغنام والأبقار والخنازير، ومن
أهم ثرواته المعدنية: الفحم الجيرى، والمنجنيز والبوكسيت
والحديد والبترول. وقد دخل الإسلام رومانيا سنة (661هـ) على
يد رجل تركمانى الجنسية يدعى سامى سالتيك، وبذل بعده
الأتراك العثمانيون جهودًا كبيرة فى نشر الإسلام فى تلك البقاع.
وأمام التسامح الدينى للمسلمين فقد أسلم كثير من سكان
رومانيا. وظل الحكم فى رومانيا لأحد الولاة الأتراك حتى سنة
(1882م)، عندما تولى حكمها أُسر محلية من أهل البلاد، وكانت
هذه الأسر هى السبب الأول فى مساعدة روسيا ضد الدولة
العلية فى حروبها معها، وبعد انتهاء هذه الحروب استقلت
رومانيا بولاياتها عن الدولة العلية. وبعد سنة (1946م) أسفرت
الانتخابات التى أجريت فى رومانيا عن فوز الحزب الشيوعى
الرومانى واستقالة الملك فى العام التالى لتحل محل المَلكيَّة
جمهورية ديمقراطية شعبية. ومن أهم الآثار الإسلامية فى
رومانيا: مسجد (جنكار) أو الجامع العزيزى، ومسجد (بوخارست)
أو جامع قارل (كارول)، ومسجد (آطه كاليه)، ومسجد (شرنا
فوده). وفى رومانيا عدة مدارس عليا للشريعة.(11/301)
*الرياض
عاصمة المملكة العربية السعودية. تقع فى وادى حنيفة، وهى
كبرى مدن المملكة إذ تبلغ مساحتها (1600) كم2. اتخذها تركى
بن عبد الله بن سعود - مؤسس الدولة السعودية الثانية - عاصمة
لدولته بعد تخريب الدرعية سنة (1818م). وتم تعميرها على يد
فيصل الأول الذى حصنها إلا أنها أهملت فى فترة حكم آل
رشيد، ثم استعادت مكانتها مرة أخرى بعد سيطرة عبد العزيز
آل سعود عليها سنة 1902م)، ثم أعيد تأسيسها من جديد عام
(1933م). وتقع الرياض فى منطقة جافة عند مفترق الطرق
الرئيسية، وتبعد عن المدينة المنورة بنحو (800) كيلو متر، وعن
مكة المكرمة بالمسافة نفسها، والرياض قريبة من الخرج التى
تمدها بالمنتجات الزراعية، وكانت الرياض تُعرف فى الماضى
باسم (حجر) حيث كانت عاصمة لإقليم اليمامة. والرياض حاليًّا
تعتبر مركزًا تجاريًّا وصناعيًّا واقتصاديًّا مهمًّا فى السعودية،
وبها جامعة الملك سعود، وجامعة الإمام محمد بن سعود، كما
يوجد بها مطار الملك خالد الذى يعتبر من أكبر مطارات العالم،
ويوجد بها قصر المصمك الذى شُيِّد عام (1885م).(11/302)
*الريف (بلاد)
الريف فى اللغة: أرض بها زرع، أو هى حيث الخضرة والمياه
والزروع. ويُطلق اسم (الريف) على المنطقة المطلة على البحر
الأبيض المتوسط، وتمتد من رأس بسكادور بالقرب من الحدود
الجزائرية إلى ميناء سبتة الواقع على بوغاز جبل طارق.
وتتكون من مجموعة سلاسل جبلية التوائية وعرة، منفصلة
بعضها عن بعض، ويفصلها عن جبال أطلس الوسطى سلسلة من
الأودية والمجارى المائية، وتغزر بها الأمطار وتتراكم فوق رءوس
الثلوج إبان فصل الشتاء. وتسكن منطقة الريف قبائل بربرية
مازالت متأثرة بالتقاليد القبلية، وهم شديدو التمسك بالشعائر
الإسلامية، وَلِعُون بالدراسة والتعلم. وقد كانت هذه المنطقة
مسرحًا لحرب التحرير بين عامى (1920 - 1926م)، والتى عُرفت
بحرب الريف، فلم تخضع منطقة بلاد الريف إلا فى عام (1926م)،
عندما تعاونت القوات الفرنسية والإسبانية للتغلب على قائد
الثورة الأمير عبد الكريم الخطابى، وفى سنة (1956م) ألغيت
الحماية الإسبانية، وأصحبت المنطقة جزءًا من المملكة المغربية
المستقلة.(11/303)