شروح: بسيط ووسيط ووجيز، ومختصر المقاصد الحسنة
ووصية البنات والبنين فيما يحتاج إليه من أمر الدين وشرحان على لامية العجم، وشرح على الملحة،
ورسالة في الحساب، ورسالة في الفلك، وغير ذلك.
وقد ذكر الحضرمي بعد كراماته لا نطيل بذكرها، وقال: حكى أنه مات بالسم، وسبب ذلك أنه حظي
عند السلطان إلى الغاية، فحسده الوزراء على ذلك، فوقع ما أوجب له الشهادة وناهيك بها من سعادة،
انتهى.
توفي ليلة العشرين من شعبان سنة ثلاثين وتسعمائة بكجرات، كما في ظفر الواله.
الشيخ محمد بن فخر الرهتاسي
الشيخ الفاضل الكبير محمد بن فخر الدين الجونبوري ثم الرهتاسي أحد كبار العلماء، كان يدرس
ويفيد، وله مصنفات عديدة، منها توضيح الحواشي شرح المصباح، ومنها شروح على حواشي
القاضي شهاب الدين الدولة آبادي على كافية بن الحاجب وغيره.
وقد ذكره الشيخ عبد القدوس بن إسماعيل الحنفي الكنكوهي في رسائله ووصفه بعلامة العصر،
وذكره خواجه محمد هاشم الكشمي في زبدة المقامات في ترجمة الشيخ عبد الأحد السرهندي وقال:
إنه كان يدرس ويفيد وله مصنفات عديدة، أدركه الشيخ عبد الأحد في رهتاس وحضر في مجلسه
وكان حينئذ يدر في شرح المصباح للقاضي شهاب الدين ويملى على أصحابه إيراداته على شرح
المصباح للقاضي وكانت غير واردة على كلامه، فأراد الشيخ عبد الأحد أن يدفعها بوجه معقول ثم
تأخر عنه، لأنه كان عزم عند خروجه للسياحة على أن لا يقع في المباحثة، فلما فرغ محمد بن فخر
عن الدرس انكشف له الأمر فقال لمن حوله من الطلبة: إني كنت حملت كلام القاضي على ما يرد
عليه كما شرحته لكم وليس الأمر كذلك، ثم كشف عن المحمل الصحيح لكلامه، فعجبت من إنصافه،
ثم قال خواجه محمد هاشم: إني سمعت بعض العلماء يقول: إن مولانا محمداً دخل يوماً مع جم غفير
من العلماء في حديقة كانت بظاهر البلدة فغاب عن أعينهم، وبحثوا عنه أياماً فما وجدوه، انتهى.
الشيخ محمد بن المبارك الجونبوري
الشيخ العالم الفقيه محمد بن المبارك الحنفي الجونبوري، أحد العلماء المتبحرين في الكلام والأصول
والعربية، ذكره ركن الدين محمد الكنكوهي في اللطائف القدوسية قال: إنه كان عالماً صالحاً ديناً سليم
الفطرة يرجع عن قوله في أثناء البحث حين تظهر له الحقيقة، قال: جرت المباحثة بينه وبين الشيخ
عبد القدوس بن إسماعيل الحنفي الكنكوهي ببلدة شاه آباد في مسألة من المسائل الكلامية، وهي أن
القول لأحد بعينه إنه من أهل الجنة أو من أهل النار هل يجوز أم لا؟ فكان محمد بن المبارك يقول:
إني لا أقول لأحد بعينه إنه من أهل الجنة أو من أهل النار فيما بيني وبين الله ولا فيما بيني وبين
الناس، وكان يستدل عليه بأن الطهارة عن الكفر، يعني الإيمان، شرط لدخول الجنة لأهلها كما أن
الطهارة للمصلى شرط لصحة الصلاة، فإذا لم يوجد الإيمان في أحد يقيناً أو شك في إيمانه هل يقال
له بجواز دخول الجنة مع أنه لا يقال بجواز صلاة أحد مع الشك في طهارته، وكلاهما شرطان
بمشروطيهما ولم يقل به أحد؟ فأجاب عن الشيخ عبد القدوس بأن القول بجواز الصلاة مبني على
عدم الشك في الطهارة وكذلك القول بجواز دخول الجنة مبني على عدم الشك في الإيمان ولا يجوز
الشك في إيمان أحد من أهل الإسلام يحكم باسلامه وإيمانه عند الناس ظاهراً فيحكم له بجواز دخول
الجنة عند الناس ظاهراً، وأما عند الله فلا يحكم به، لأنه غير معلوم لنا ولا ضرر فيه، لأنه من أمور
تتعلق بالغيب، فلا يجوز القطع فيه لأحد غير صاحب الشرع، وهذا نظير الاستثناء في الإيمان بأن
قال: أنا مؤمن إن شاء الله، باعتبار أن الأمر مغيب بمكان الخوف بالله الجليل صاحب الكبرياء
والعظمة ولا يرى الشك في إيمانه والعياذ بالله من ذلك! وإن أبا حنيفة لا يرى الإستثناء في الإيمان،
فينبغي أن يقول: أنا مؤمن حقاً، باعتبار تحقق الإيمان في الحال، وباعتبار حسن الظن بالكريم الغفور
الرحيم في المآل، ولا يقطع في عاقبة أمره،(4/414)
لأنها مبهمة، وأما الصلاة فليست كذلك فافترقا، ثم أجاب
عنه ابن المبارك بأن الاعتقاد بين الخوف والرجاء شرط لصحة الإيمان والقول بالقطع في إيمان أحد
في عاقبة أمره يفوت ذلك الشرط وبفوت الشرط يفوت المشروط، وهذا فاسد، لأن القطع عند الناس
لا يرفع الخوف، إذ به يحصل العلم بالنجاة والفلاح، وإنما يحصل بقطع الإيمان عند الله وذلك غير
مقطوع، ولأن القطع عند الناس لازم لصحة الإيمان، فإن الاعتقاد بين الخوف والرجاء شرط لصحة
الإيمان، فبالقول بعدم القطع مطلقاً يفوت الرجاء فيفوت الشرط فيفوت المشروط، وأيضاً أن الصلاة
مطلقاً مع حصول الطهارة في الظاهر يصح بغير شك بخلاف الإيمان، فإن له ظاهراً وباطناً، ظاهره
مشروط بشرط يتعلق بالحس الظاهر، وليس لجواز دخول الجنة من حيث الظاهر شرط غير ذلك،
وباطنه متعلق بالقلب، فالحكم بدخول الجنة عند الله يتعلق بذلك، فافترق الإيمان والصلاة، قال ركن
الدين محمد: إن عمه عزيز الله بن إسماعيل الردولوي لما سمع ذلك البحث كتب أن الجنة والنار
كلتاهما ثمرة الإسلام والكفر، فلما شاهدنا الإسلام أو الكفر من أحد وعلمنا بالحس أنه مات مسلماً أو
كافراً بأن مات وهو يلفظ كلمة الإسلام أو الكفر ولم يظهر منه ضد ذلك حكمنا وشهدنا ظاهراً عند
الناس أنه من أهل الجنة أو من أهل النار، وما ذكر في الكتب أن العاقبة مبهمة ولا نقول لأحد بعينه
إنه من أهل الجنة أو من أهل النار فمعناه أنها مبهمة باعتبار إلهام علم الله وحكمته تعالى في الأزل
بما سبق في حقه، ولا نقول لأحد إنه من أهل الجنة أو أهل النار قطعاً ويقيناً عند الله تعالى والله
أعلم، انتهى.
الشيخ محمد بن محمد الايجي
الشيخ العلامة المحدث مجد الدين محمد بن محمد الايجي الكجراتي المسند العالي خداوند خان، كان
من العلماء المشهورين بمعرفة الحديث، قدم كجرات في عهد محمود شاه الكبير، فعظمه وقام به
ووسع عليه وأدناه منه، وجعله معلماً لولده المظفر، ولقبه برشيد الملك.
ولما تولى المملكة مظفر شاه الحليم قدمه على كبار الأمراء وجعله وزيراً له ولقبه خداوند خان،
وذلك في سنة سبع عشرة وتسعمائة، فاستقل بالوزارة أربع عشرة سنة، ثم لما تولى المملكة بهادر شاه
بن مظفر شاه منحه النيابة المطلقة فقام بها خمس عشرة سنة، ثم لما خرج بهادر شاه إلى ديو وفتح
همايون شاه التيموري بلاد كجرات استأسر خداوند خان، فلما جئ به إلى همايون شاه أهله للعناية
والرعاية وأدناه منه واستأثر به وجعله من جلسائه، وجاء به إلى آكره فلبث عنده زماناً، ثم لما خرج
همايون شاه إلى إيران وتولى المملكة شير شاه السورى رخصه إلى كجرات وذلك في عهد محمود
شاه الصغير، فرجع إلى أحمد آباد ومات بها.
وكان من كبار العلماء، له مشاركة جيدة في الحديث والرجال.
شمس الدين محمد بن محمد الكجراتي
الشيخ العلامة شمس الدين محمد بن محمد بن محمد بن شاهو بن تكودر - بالفوقية - بن جام ننده
القرشي السندي المفتي الحجة العلامة حميد الملك شمس الدين بن ركن الدين بن تاج الدين الكجراتي،
كان من العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية، ولد بكجرات في ثاني عشر ربيع الأول سنة
إحدى وستين وثمانمائة، واشتغل بالعلم على أساتذة عصره، ودرس وأفاد، أخذ عنه ولده عبد العزيز
وخلق آخرون، توفي في أول صفر سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة بكجرات، ذكره الشيخ ابن حجر
المكي في رسالة مفردة له، كما في ظفر الواله.
الشيخ محمد بن محمد المالكي المصري
الشيخ العلامة محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن حسن المالكي المصري الشيخ جلال الدين بن
وجيه الدين المدفون بأحمد آباد ويعرف كسلفه بابن سويد.
ذكره الشيخ عبد القادر بن النور السافر، قال: كان مولده في سادس عشر من شعبان سنة ست
وخمسين وثمانمائة، وأمه أم ولد، ونشأ في كنف أبيه فحفظ القرآن وابن الحاجب الفرعي والأصلي
وألفية(4/415)
النحو وغيرها وعرض على خلق، واشتغل قليلاً عند أبيه، وورث شيئاً كثيراً فأتلفه في أسرع
وقت، ثم أملق وذهب إلى الصعيد ثم إلى مكة، وقرأ هناك على الحافظ شمس الدين السخاوي الموطأ
ومسند الشافعي وسنن الترمذي وابن ماجة، وسمع عليه شرحه للألفية وغير ذلك من تصانيفه ولازمه
مدة، ذكره السخاوي في تاريخه، قال: وكان صاحب ذكاء وفضيلة في الجملة واستحضار وتشدق في
الكلام، وكانت سيرته غير مرضية، وإنه توجه إلى اليمن ودخل زيلع ودرس وحدث، ثم توجه إلى
كنباية وأقبل على صاحبها، قال الشيخ جار الله ابن فهد: وقد عظم صاحب الترجمة في بلاد الهند
وتقرب من سلطانها محمود شاه ولقبه بملك المحدثين لما هو مشتمل عليه من معرفة الحديث
والفصاحة، وهو أول من لقب بها، وعظم بذلك في بلاده، وانقادت إليه الأكابر في مراده، وصار
منزله مأوى لمن طلبه، وصلاته واصلة لأهل الحرمين، واستمر لذلك مدة حياة السلطان المذكور،
ولما تولى ولده السلطان مظفر شاه وأخرج بعض وظائفه عنه بسبب معاداة بعض الوزراء فتأخر عن
خدمته إلى أن مات، ولم يخلف ذكراً بل تبنى ولداً على قاعدة الهند فورثه مع زوجته، ولم يحصل
لابنته في القاهرة شيء من ميراثه لغيبتها، انتهى.
ونقل الآصفي في ظفر الواله عن السخاوي أنه قال في الضوء اللامع: وجمعت له أربعين حديثاً عن
عشرين شيخاً، سميته الفتح المبين الهاني لعلو سند ملك المحدثين القاضي جلال الدين الكناني،
وقرظها لي جماعة من مشايخه ممن يطلب النفع منه له ولي نظماً ونثراً فأرسلتها له، فابتهج بها
وحدث بما فيها وأحسن إلي بسببها، واستمر على جلالته إلى أن مات سلطانه محمود وتولى ولده
مظفر شاه، فتوقف معه بواسطة وزيره محمد مجد الدين المسند العالي خداوند خان الايجي وخرج
بعض وظائفه منه، قال: وكان له من محمود ولاية جزية سائر ملكه، فتأخر عن الخدمة إلى أن مات،
انتهى.
وكانت وفاته على ما صرح به الآصفي سنة تسع وعشرين وتسعمائة بأحمد آباد فدفن بها.
العلامة محمد بن محمود الطارمي
الشيخ الفاضل العلامة محمد بن محمود الطارمي الشيخ عماد الدين محمد الطارمي أحد الأفاضل
المشهورين في الهند، ولد بطارم من قرى خراسان ونشأ بها وانتقل في الجهات واشتغل بالطلب على
الأئمة أجلهم جلال الدين محمد بن أسعد الصديقي الدواني صاحب المصنفات المشهورة، ثم وصل
كجرات بكتبه وسكن بنهرواله مدرساً مفيضاً، تخرج عليه مولانا وجيه الدين العلوي الكجراتي
والقاضي علاء الدين عيسى وخلق كثير من أهل الهند، وانتهت إليه الرياسة العلمية بكجرات.
وكان والده محمود تاجراً، واصطنع خيمة لحقه فيها مبلغ من المال ولم يجد بالروم من يبتاعها منه،
فوصل بها إلى كجرات وعرضها على السلطان محمود بيكره فاستكثر الثمن، فاتفق أنه دخل الجامع
الكبير للصلاة وقد حضره الشيخ الكبير محمد بن عبد الله الحسيني البخاري، فلما قام لينصرف قبل
محمود يده وسأله الدعاء لتبتاع خيمته التي كسد سوقها، فأشار بحمل الخيمة إلى منزله ونصبها هناك،
ففعل فاشتراها منه بما كانت لا تبتاع به بمغالاته في الثمن، وصرفه لوعد إلى الغد، فاتفق من قال له:
كيف تعامل بهذا المبلغ الكبير من لا يملكه؟ ومتى يجتمع من فتوح الغيب هذا المبلغ؟ ومتى ينجز
وعدك؟ وحيث كان رجلاً غريباً لا يعرفه حق المعرفة، أثر فيه كلامه وعمل فيه الوهم، فرجع إليه
وهو لا يدري ما يصنع، فلما قرب من المنزل رأى الخلق هجوماً على الخيمة ينتهبونها، وذلك لأن
الشيخ المذكور لما دخلها رأى فيها شيئاً كثيراً من الزينة لأبناء الدنيا، خرج وأذن الناس في انتهابها،
فتسابق القريب وتلاحق البعيد، فوقف محمود يعض على يده ندماً وتضاعف وهمه، فالتفت إليه الشيخ
وأشار إلى بساط فرش له في مجلسه وقال له: خذ ما هو لك من تحته، فثناه من حيث أشار وأخذ
مبلغه من غير نقص ولا زيادة، فقبل البساط واعتذر وسأله الدعاء، فإنه لا ولد له يخلفه، فبشره به
فولد محمد صاحب الترجمة بطارم.
مات في سنة إحدى وأربعين وتسعمائة في أيام بهادر شاه الكجراتي قبل حادثة نهرواله، ذكره
الآصفي في ظفر الواله.(4/416)
الشيخ محمد بن محمود السندي
الشيخ العالم الصالح محمد بن محمود بن طيب الواعظ قطب الدين السندي أحد العلماء العاملين، كان
أصله من خراسان، انتقل إلى بلاد السند أيام الفترة وسكن بمدينة بهكر، وكان يذكر في كل أسبوع
يوم الجمعة، وكان ورعاً تقياً صالحاً مرزوق القبول، مات سنة سبع وسبعين وتسعمائة، ذكره معصوم
الصفائي الحسيني السندي في تاريخ السند.
الشيخ محمد بن محمود التتوي
الشيخ العالم الكبير محمد بن محمود بن أبي سعيد التتوي السندي كان من الفقهاء الحنفية.
مات سنة سبعين وتسعمائة، ذكره النهاوندي في المآثر.
الشيخ محمد بن معظم الكالبوي
الشيخ العالم الصالح محمد بن معظم الحسيني الكالبوي أحد رجال العلم والطريقة، أخذ العلم عن
القاضي محمد بن كدن والطريقة عن والده، وكان منور الشبيه حسن الأخلاق حلو المنطق، خطاطاً
بارعاً في الثلث، أخذ عنه جمع كثير، مات سنة ثلاث وستين وتسعمائة بمدينة كالبي فدفن بها، كما
في كلزار أبرار.
السيد محمد بن منتخب الأمروهوي
الشيخ العالم الكبير محمد بن منتخب بن كبير بن جاند بن منتخب الحسيني الأمروهوي المشهور
بمير عدل، كان من نسل السيد شرف الدين الحسيني النقوي، ولد ونشأ ببلدة أمروهه، وسافر للعلم
إلى سنبهل واشتغل على الشيخ حاتم ابن أبي حاتم السنبهلي ولازمه زماناً، وقرأ عليه الكتب الدرسية،
وأخذ الحديث وغيره عن السيد جلال الدين البدايوني، ولازمه حتى برع في العلم وتأهل للفتوى
والتدريس، فولاه أكبر شاه التيموري سلطان الهند إمارة دار العدل، فاستقل بتلك الخدمة الجليلة مدة
طويلة.
وكان ورعاً تقياً وقافاً عند حدود الله سبحانه وأوامره ونواهيه آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر
متصلباً في الدين مهاباً جليل القدر شديد النكير على أهل الأهواء، لم يقدر أحد من الملاحدة أن يدس
في دين الملك ما دام في حضوره حتى أن قاضي القضاة كان لا يستطيع أن يظهر خبثه ودغله في
الأمور القضائية، قال البدايوني: إن الحاج إبراهيم السرهندي أفتى مرة في حضرة الملك بجواز لبس
المزعفر والمعصفر واحتج بحديث، فغضب عليه السيد وشتمه ورفع عليه العصا، قال: وكان الملك
يهابه ولذلك نقله إلى حكومة بهكر من بلاد السند سنة أربع وثمانين، فأقام على تلك الخدمة برهة من
الزمان ثم مات بها، وكان ذلك في سنة ست وثمانين وتسعمائة.
الشيخ محمد بن منكن الملانوي
الشيخ الصالح المعمر محمد بن منكن بن داود بن شهاب الدين الرومي البكري الملانوي المشهور
بالشيخ مصباح العاشقين كان من كبار المشايخ الجشتية، ولد بمدينة باني بت في تاسع عشر من
محرم سنة عشر وثمانمائة، واشتغل بالعلم على ملا محمد سعيد، وقرأ عليه الرسائل الفارسية ورسائل
النحو والصرف ومختصرات الفقه بالعربية، ثم سافر إلى لاهور ثم إلى الملتان وسكن بزواية الشيخ
بهاء الدين أبي محمد زكريا الملتاني، وقرأ سائر الكتب الدرسية على مولانا حسين الملتاني، وأخذ
الحديث عنه، ثم سافر إلى الحجاز فحج وأخذ الحديث عن مشايخ مكة المباركة، ثم ذهب إلى مدينة
النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأقام بها سنة وسبعة أشهر، ثم رجع إلى الهند وتزوج ببلدته باني بت،
وبعد أيام قليلة سافر إلى شرق الهند، وأدرك بلكهنؤ الشيخ محمد أعظم الحسيني الكرماني وصاحبيه
الشيخ محمد مينا والشيخ سعد الدين، ثم ذهب إلى مدينة أوده التي يسمونها اليوم أجودهيا، فلقى بها
الشيخ أحمد الصوفي الرواتي فبايعه ولازمه سبع سنين، واشتغل بالأربعينات حتى حصل له الجذب
والسلوك، فدله الشيخ أحمد إلى الشيخ جلال الدين الجشتي البندوي ووجه إلى بنكاله، فلما وصل إلى
بنارس شغف حباً بإحدى بنات الوثنيين وأقام بها مدة، فلما علم الشيخ أحمد المذكور ذلك كتب إليه
وحثه على بذل الجهد في نيل المرام، فسافر إلى بندوه ولازم الشيخ جلال الدين الجشتي وصحبه
واشتغل عليه مدة طويلة، فلما بلغ رتبة المشيخة(4/417)
استخلفه الشيخ ولقبه مصباح العاشقين وأمره
بالتزوج، فتزوج ورزق أولاداً من هذه أيضاً، ولما استشهد الشيخ جلال الدين انتقل من بنكاله ودخل
جونبور ثم قدم لكهنؤ ثم سافر إلى قنوج، فلما وصل إلى ملاوه - بفتح الميم وتشديد اللام - على
عشرين ميلاً من قنوج استطاب ذلك المقام وألقى بها عصا التسيار، وذلك في سنة سبع وثمانين
وثمانمائة، وعكف على الإفادة والعبادة، وسافر إلى دهلي مرة ليحضر الحفلة السنوية التي تعقد على
قبر الشيخ قطب الدين بختيار الأوشي، فاستقبله إبراهيم بن سكندر شاه اللودي بأمر أبيه، ثم لقيه
سكندر شاه بنفسه ثاني يوم وروده بدهلي وضيفه، وبايعه جماعة من أعيان دهلي وأخذوا عنه.
وكان كثير الاشتغال بالذكر والفكر شديد التعبد، رزقه الله عمراً طويلاً حتى جاوز مائة سنة، وفي
ذلك العمر دخل الأربعينة واجتزأ بتمرة أو تمرتين عند الإفطار، ولم يخرج من الأربعينة ستة أشهر
حتى سقطت قواه وسكنت أعضاؤه، فكان لا يستطيع أن يتحرك ولا يمكنه أن يتكلم وكان لا يجيب إلا
برمز العين، فلما خرج بعد ستة أشهر ذاق من مرقة اللحم جرعة أو جرعتين ثم وثم حتى عادت قوته
شيئاً فشيئاً، فرأى صاحبته رفعت عمارة قبره فقال لأصحابه: إنها أستت حانوتاً لولدها الجلال، قال:
ولظل السماء يكفيني، ثم بعد أيام قلائل عرضت له الحمى واشتدت حتى توفي إلى رحمة الله
سبحانه، وكان ذلك في أول ليلة من رجب سنة سبع وثلاثين وتسعمائة، ذكره الجندواروي في كتابه
مصباح العاشقين.
الشيخ محمد بن هبة الله الشيرازي
الشيخ الفاضل محمد بن هبة الله بن عطاء الله الحسيني الشيرازي السيد كمال الدين الكجراتي كان
من العلماء المبرزين في العلوم الحكمية، قدم والده من شيراز في أيام السلطان محمود شاه الكبير
فسكن بها سنة ثمان وتسعين وثمانمائة، وولده محمد قرأ العلم على والده ولازمه مدة طويلة حتى صار
فريد عصره في كثير من الفنون ودرس وأفاد، أخذ عنه خلق كثير من العلماء، وكانت وفاته لخمس
بقين من ربيع الثاني بأساول، ولم أقف على سنة وفاته.
شمس الدين محمد بن يار محمد الغزنوي
الأمير الكبير محمد بن يار محمد الحسيني الغزنوي نواب شمس الدين محمد انكه خان الدهلوي
الخان الأعظم كان من كبار الأمراء في الدولة التيمورية، ولد ونشأ بغزنة، وتقرب إلى مرزا كامران
بن بابر شاه التيموري وخدمه زماناً، ولما انهزم همايون شاه عن شير شاه السورى بمدينة قنوج سنة
سبع وأربعين وتسعمائة وزحف الناس ودخلوا في ماء جمن وغرق جمع كثير منهم أدخل همايون شاه
أيضاً فيله في الماء وعبر النهر ولكنه كان لا يقدر أن يصل إلى الساحل لعلوه وكان كالطود الشامخ،
وبينما هو يهيم في عرصات الفكر إذ أخذ رجل بيده وأوصله الساحل، ففرح همايون شاه فرحاً شديداً
وسأل عن الرجل، فظهر له أنه شمس الدين محمد الغزنوي، فوعده وعداً حسناً وسار إلى بنجاب،
فلما ولد له ابنه أكبر شاه استرضع له زوجة شمس الدين وتركه في حضانتها ثم سار إلى إيران، ولما
رجع وقام بالملك مرة ثانية أقطعه بعض العمالات من بنجاب، ولما قام بالملك ولده أكبر شاه ونفى
بيرم خان الأمير المشهور من بلاده أعطاه العلم والنقارة وغيرها وولاه على بنجاب ولقبه بالخان
الأعظم.
وكان رجلاً فاضلاً تقياً صالح العقيدة متين الديانة كثير التعبد عظيم الورع كبير المنزلة عند أكبر
شاه، ولذلك صار محسوداً بين الأمراء، فقتله أدهم بن ماهم انكه، فقتل قصاصاً عنه، وكان ذلك في
سنة ستين وتسعمائة، وأرخوه لعام وفاته خان شهيد، ذكره عبد الرزاق في مآثر الأمراء.
السيد محمد بن يوسف الجونبوري
الشيخ الكبير محمد بن يوسف الحسيني الجونبوري المتمهدي المشهور بالهند، ولد سنة سبع وأربعين
وثمانمائة بمدينة جونبور، وحفظ القرآن واشتغل بالعلم على الشيخ دانيال بن الحسن العمري البلخي
وبرز في الفضائل وله خمس عشرة سنة، وكان ذا جرأة ونجدة في البحث والتدقيق ولذلك لقبوه بأسد(4/418)
العلماء، اشتغل بالدرس والإفادة مدة، وأخذ الطريقة عن شيخه دانيال، واجتهد في الرياضة والمجاهدة
مدة من الزمان، ثم ترك الأهل والوطن وسافر مع عياله وأصحابه إلى أودية الجبال، وجاب الأغوار
والأنجاد مدة مديدة، وادعى في أثناء السفر أنه مهدي، ثم آنس وقدم جنديري - وكانت مدينة كبيرة
من بلاد مالوه - واشتغل بالوعظ والخطابة، فمال إليه الناس وصار محسوداً بين المشايخ، فحرضوا
الولاة على نفيه من تلك البلدة فدخل مندو دار ملك مالوه ومال إليه غياث الدين شاه الخلجي، وبايعه
الشيخ إله داد، فعظمت بذلك رتبته، ثم رحل إلى بلدة جانبانير من بلاد كجرات، وشدد في الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر وإرشاد الناس إلى الزهد والتجريد والاستقامة على الشريعة الغراء،
فعزم محمود شاه الكبير أن يحضر مجلسه، فلما رأى العلماء ميله إليه منعوه عن ذلك القصد وأنكروا
عليه، فسافر إلى أحمد نكر من طريق برهانبور ودولة آباد، فأكرمه نظام شاه أمير تلك الناحية، ثم
ذهب إلى أحمد آباد بيدر التي سماها عالمكير محمد آباد، فبايعه الشيخ ممن - بتشديد الميم - وملا
ضياء والقاضي علاء الدين وغيرهم من أعيان تلك البلدة، ثم دخل كلبركه وسافر إلى الحرمين
الشريفين، وادعى بمكة المباركة مرة ثانية أنه مهدي وقال: من تبعني فهو مؤمن، فكان أول من آمن
به الشيخ نظام والقاضي علاء الدين، وكان ذلك سنة إحدى وتسعمائة، ثم رجع إلى الهند وأقام بأحمد
آباد كجرات، واشتغل بالتذكير حتى بايعه خلق لا يحصون بحد وعد، وادعى هناك مرة ثالثة على
رؤس الأشهاد أنه مهدي، وذلك في سنة ثلاث وتسعمائة، فاتفق العلماء على نفيه من البلد، فنفاه
محمود شاه الكبير الكجراتي من أحمد آباد، فرحل إلى قرية سوله سانيج ثم إلى بلدة فتن ثم إلى قرية
بدلي على ثلاثة أميال من فتن وادعى فيها مرة رابعة أنه مهدي، من أنكره فقد كفر، فتعقبه العلماء
وباحثوه ونفوه من ذلك المقام أيضاً، فرحل إلى بلاد السند ودخل الناس في دينه أفواجاً، فأمر بقتله
صاحب السند فشفع له ندماؤه، وأمر باخراجه من أرض السند، فرحل إلى خراسان ومعه ثمانمائة
رجل من أصحابه، فلما وصل إلى قندهار أمر واليها مرزا شاه بيك أن يحضر في الجامع الكبير
بمحضر من العلماء، فأحضروه فذكر وبكى وأبكى الناس، ومال إليه مرزا شاه بيك فخلى سبيله،
فرحل إلى بلدة فراه وحضر لديه الأمير ذو النون فحال بينه وبين السفر، وبعث إلى السلطان حسين
مرزا ملك خراسان يسأله في أمره وانتظر جوابه، واستمر على ذلك تسعة أشهر، وتوفي بها السيد
محمد صاحب الترجمة قبل أن يصل جواب السلطان، فانتشر أصحابه في الآفاق واجتهدوا في الدعوة
إلى طريقته ودخل الناس فيها، وبقيت بقيتهم إلى يومنا هذا في بلاد دكن وكجرات.
واختلف الناس في شأنه فقال بعضهم: إنه كان صاحب المقامات العالية ذا كشوف وكرامات، وقال
بعضهم: إنه كان كذلك ولكنه أخطأ في دعواه لوقوع الخطأ في كشفه، وقال بعضهم: إنه كان مبتدعاً
لمذهب جديد، وقال البدايوني في تاريخه: إنه كان صاحب مقامات عالية ذا صدق وإخلاص في
الطريقة رفيع المنزلة في الفقر، اخترع أصحابه طريقاً جديداً، وقال عبد الرحمن الدنيتهوي في مرآة
الأسرار: إنه كان عارفاً أخطأ في كشفه، وقال ابن المبارك: إنه ادعى المهدية في غلبة الحال، وصدر
منه الخوارق الكثيرة، فهجم عليه الناس وصدقوه في ادعائه، وقال اللاهوري في خزينة الأصفياء:
إنه قال: أنا مهدي، في غلبة الحال والسكر، كما قال بعضهم: أنا الله، وسبحاني ما أعظم شأني،
وأمثال ذلك من الأقوال، ولكنه تاب عن ذلك القول في حالة الصحو والإفاقة كغيره من الصوفية، وأما
أصحابه الجهلة فإنهم لم يعتبروا إقالته فأصروا على أنه مهدي موعود، وضلوا عن الطريق وأضلوا
كثيراً من الناس، واخترعوا مذهباً جديداً، وانتسبوا إلى الفرقة المهدوية.
وقال أبو رجاء محمد الشاهجهانبوري في الهدية المهدوية: إن الجونبوري لم يمنع أصحابه عن ذلك،
وبدل اسم أبيه بعبد الله واسم أمه بآمنة، وأشاعها في الناس، وصنف كتباً في أصول ذلك المذهب، ثم
نقل أبو رجاء أصول ذلك المذهب في كتابه، واقتبس تلك الأصول عن كتبهم، منها أنه مهدي موعود،
وأنه أفضل من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، بل أنه أفضل من آدم ونوح وإبراهيم
وموسى وعيسى على نبينا وعليهم السلام، ومنها أنه كان مساوياً لسيدنا(4/419)
محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
في المنزلة وإن كان تابعاً له في الدين، ومنها أن ما خالف من الكتاب والسنة قوله وفعله فهو غير
صحيح، ومنها أن تأويل كلامه حرام وإن كان مخالفاً للعقل، ومنها أن الجونبوري وسيدنا محمداً
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلاهما مسلمان كاملان وسائر الأنبياء ناقصو الإسلام، ومنها أن الإنسان إن لم
يشاهد الأنوار الإلهية بالعين أو بالقلب في اليقظة أو في المنام فليس بمؤمن، ومنها أن الواجب على
كل مسلم أن يهجر وطنه ويختار صحبة الصادقين بعد الهجرة، ومنها أن الجونبوري شريك في بعض
الصفات الإلهية بعد فوزه بمنصب الرسالة والنبوة، انتهى بقدر الحاجة.
وإني وجدت في تاريخ بالن بور لكلاب بن عبد الله المهدوي أن للمهدوية أصولاً وفروعاً، فالأول
منها التوبة بحسن القصد والإخلاص بحيث لا يشوبه رياء، والعمل الصالح الذي يقرب إلى الله
سبحانه، ودوام الذكر على طريقة حفظ الأنفاس، وأما الفروع فهم على طريقة أهل السنة، ليست لهم
طريقة خاصة يمتازون بها عن غيرهم، ويقولون: إن من يريد الدخول في هذه الطريقة بصدق
الطلب له فرائض: الأول ترك الدنيا وعلائقها، والثاني العزلة عن الخلق، والثالث الهجرة من الوطن،
والرابع صحبة الصديقين، والخامس دوام الذكر، انتهى.
ولعلك علمت من هذا التوضيح أنهم لا يمتازون من أهل السنة والجماعة إلا في ادعاء المهدوية
للجونبوري، وإطرائهم في مدحه، وغلوهم في الترك والتجريد، والله أعلم.
وكانت وفاة الجونبوري في يوم الخميس سنة عشر وتسعمائة.
الشيخ محمد بن يوسف البرهانبوري
الشيخ العالم الفقيه محمد بن يوسف بن كمال القرشي الماوندي الشيخ قطب الدين بن تاج الدين بن
كمال الدين البرهانبوري المشهور بالشيخ بهكاري، كان من كبار المشايخ، قدم الهند جده كمال الدين
وسكن رنتنهبور وتزوج، ورزق أولاداً منهم تاج الدين يوسف، ولد سنة خمس وثمانين وثمانمائة،
وهو تزوج بمندو فولد له قطب الدين محمد صاحب الترجمة سنة اثنتين وتسعمائة، وهو الذي يعرف
بالشيخ بهكاري، أخذ العلم والطريقة عن الشيخ إبراهيم بن المعين الحسيني الايرجي، وأخذ عنه
القاضي ضياء الدين العثماني النيوتني وخلق كثير من العلماء والمشايخ، وله مصنفات في الحقائق
والمعارف، منها جواهر الأسرار.
مات في ثاني عشر من ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين وتسعمائة بمدينة برهانبور، كما في مجمع
الأبرار.
الشيخ محمد الأجي
الشيخ العالم الفقيه محمد بن أبي محمد الأجي كان من العلماء المشهورين في زمانه المنسوب إلى آل
جعفر، وهو الذي ذب عن السيد محمد يوسف الجونبوري حين كفروه في عهد الجام نظام الدين
صاحب السند، وخرج من مدينة أج في أيام الفترة وسكن ببهكر ثم قدم تته، وولاه مرزا شاه حسين
القضاء مكان القاضي شكر الله السندي، مات في أيام مرزا عيسى، وهو تولى المملكة في سنة اثنتين
وستين وتسعمائة، كما في المآثر.
ملك محمد الجائسي
الشيخ الفاضل محمد بن أبي محمد الحنفي الجائسي المشهور بملك محمد، كان من الشعراء المفلقين،
في اللغة الهندية التي يسمونها بهاشا، أخذ العلم والمعرفة عن الشيخ مبارك بن الجلال الأشرفي
الجائسي ولازمه ملازمة طويلة.
له مصنفات عديدة منها بدماوت - بفتح الباء الهندية - ذكر فيه الأطوار التسعة والأنوار السبعة
المصطلحة في الطريقة الأشرفية وعبر عنها بسات ديب نوكهند أي سبع أراض وتسعة أفلاك، ومنها
اكهراوت وجيناوت وجتراوت، والثالثة منها في حيل النساء ومكائدهن، ومنها آخرى كلام في آثار
القيامة، ومنها كهروا نامه وموراي نامه وكهرا نامه ومهرا نامه وغير ذلك من الأرجوزات زهاء
أربعة عشر كتاباً - ذكره عبد القادر الجائسي في تاريخ جائس.(4/420)
مولانا محمد اللاهوري
الشيخ العالم الكبير المحدث مولانا محمد المفتي اللاهوري المجمع على فضله ونبله كان مفتياً
بلاهور، وكان كثير الدرس والإفادة، وكلها كان يختم صحيح البخاري ومشكاة المصابيح يدعو العلماء
والمشايخ إلى مأدبة ويطعمهم الطعمة اللذيذة من الحلويات وغيرها ولما بلغ التسعين ترك التدريس
لكبر سنه، ذكره البدايوني في تاريخه.
مولانا مجد الدين محمد السرهندي
الشيخ العالم الكبير مجد الدين محمد الحنفي السرهندي أحد الأفاضل المشهورين في كثرة الدرس
والإفادة، أخذ عن الشيخ إله داد بن صالح السرهندي، وأخذ عنه الشيخ سليم بن بهاء الدين الجشتي
وخلق كثير من العلماء.
وقد أدركه الشيخ يعقوب بن الحسن الكشميري وذكره في كتابه مغازي النبي صلى الله عليه وآله
وسلم وقال: إنه كان أعلم العلماء في عصره.
وذكره محمد بن الحسن المندوي في كلزار أبرار، قال: إن بابر شاه التيموري لما فتح الهند سنة
اثنتين وثلاثين وتسعمائة كان مجد الدين حيا، فلقيه بابر شاه بمدينة سرهند وأكرمه غاية الإكرام،
انتهى ولم أقف على سنة وفاته.
الفقيه محمد النائطي
الشيخ العالم الفقيه محمد بن أبي محمد الشافعي النائطي المدفون بمدينة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
ولد ونشأ بالهند، وسافر إلى الحجاز وأخذ عن الشيخ علي ابن حسام الدين المتقي البرهانبوري، وكان
يسكن بمكة المباركة ستة أشهر وبالطابة الطيبة ستة أشهر، أدركه الشيخ عبد الحق بن سيف الدين
الدهلوي وذكره في زاد المتقين، مات ودفن بالمدينة.
مولانا محمد النارنولي
الشيخ الفاضل محمد بن أبي محمد الحنفي النارنولي أحد العلماء المبرزين في التاريخ، أخذ الطريقة
عن الشيخ أحمد بن مجد الشيباني في صباه، وقرأ العلم على الشيخ عبد المقتدر أحد أصحاب الشيخ
أحمد، ذكره الشيخ عبد الحق الدهلوي في أخبار الأخيار.
القاضي محمد اليزدي
الشيخ الفاضل محمد بن أبيه الشيعي اليزدي أحد العلماء المبرزين في المنطق والحكمة، ولد ونشأ
بيزد من بلاد الفرس، وسافر للعلم فقرأ على الفاضل مرزا جان الشيرازي، وقدم الهند سنة ثلاث -
وقيل: أربع - وثمانين وتسعمائة، وتقرب إلى أكبر شاه التيموري سلطان الهند ولبث عنده زماناً، ثم
ولي القضاء بمدينة جونبور سنة سبع وثمانين أو مما يقرب ذلك.
وكان شديد التعصب على أهل السنة والجماعة، يسب الخلفاء الراشدين إلا رابعهم، ويطعن عليهم
طعناً صريحاً، ويكفر الصحابة وتابعيهم بالإحسان، ولذلك لقبوه باليزيدي - ذكره البدايوني.
ولما خرج محمد معصوم الكابلي على أكبر شاه في بلاد بنكاله وأراد معز الملك بجونبور أن
يساعدهم في الخروج عليه أفتاه القاضي محمد اليزدي، وقيل: إنه وافقه في ذلك، وكان الحكيم أبو
الفتح بن عبد الرزاق الكيلاني قدم جونبور عند رجوعه عن بنكاله فوقف على إرادتهما، فلما وصل
إلى الحضرة أخبر أكبر شاه بذلك، فأمر السلطان أن يأتوا بهما مقيدين مغلولين، فأخذوهما وركبوا
بهما على الفلك في ماء جمن، فلما وصلوا إلى اتاوه غرق الفلك في الماء، وقيل: إن أكبر شاه أمر
باتلافهما، فأغرقوا الفلك في ماء جمن، وكان ذلك سنة ثمان وتسعين وتسعمائة.
القاضي محمد التهانيسري
الشيخ العالم الفقيه القاضي محمد بن أبي محمد الحنفي التهانيسري، كان من كبار العلماء، ذكره ركن
الدين محمد بن عبد القدوس الكنكوهي في اللطائف القدوسية.
السيد محمد المكي السنبهلي
الشيخ المجود محمد بن أبي محمد الحسيني المكي السنبهلي، أحد القراء المشهورين في عصره،(4/421)
كان
يقرأ القرآن على سبع قراءات، قرأ عليه عبد القادر بن ملوك شاه البدايوني سنة تسع وخمسين
وتسعمائة ببلدة سنبهل وذكره في تاريخه.
مولانا شمس الدين محمد الشيرازي
الشيخ الفاضل العلامة شمس الدين محمد الشيرازي المشهور بزيرك، قدم الهند ودخل كجرات في
أيام محمود شاه الكبير الكجراتي وسكن بأحمد آباد، وصنف له مآثر محمود شاهي - ذكره محمد بن
الحسن في كلزار أبرار.
الشيخ محمد الجفار الدكني
الشيخ الفاضل محمد بن أبي محمد الجفار الدكني المشار إليه في تبحره في الجفر الجامع ووفق
الأعداد وأكثر العلوم الغريبة، كان يقرأ القرآن بلحن شجي يأخذ بمجامع القلوب، وكان سخياً باذلاً
بشوشاً طيب النفس جريح القلب، مات في سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.
مولانا محمد حسين اليزدي
الشيخ العالم الكبير محمد حسين اليزدي كان من كبار العلماء، حفظ القرآن وقرأ العلم ثم تفرد
بالقراءات والتفسير والحديث، ثم قدم الهند وسكن بدهلي، له شرح بسيط على شمائل الترمذي، وله
منظومة في الشمائل، مات بدهلي سنة إحدى وثمانين وتسعمائة، ذكره القانع في تحفة الكرام.
مولانا محمد درويش الجونبوري
الشيخ الفاضل محمد درويش الحسيني الواسطي الجونبوري أحد العلماء الصالحين، ينتهي نسبه إلى
زيد بن علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم بست عشرة واسطة، ولد بقرية نونهره من أعمال
غازيبور، وسافر للعلم إلى جونبور فسكن بزاوية الشيخ مبارك بن خير الدين الجونبوري، وجد في
البحث الإشتغال حتى برع في العلم وتأهل للفتوى والتدريس، وزوجه المبارك ابنته فتدير بجونبور
ودرس بها مدة حياته، مات في سابع عشرة من ذي الحجة سنة ثمان وتسعين وتسعمائة، كما في
تجلي نور.
مولانا محمد سعيد الخراساني
الشيخ العالم المحدث محمد سعيد بن مولانا خواجه الحنفي الخراساني المشهور بمير كلان كان من
كبار العلماء، ولد ونشأ وقرأ العلم على العلامة عصام الدين إبراهيم بن عرب شاه الإسفرائيني وعلى
غيره من العلماء، ثم أخذ الحديث عن السيد نسيم الدين ميرك شاه بن جمال الدين الحسيني الهروي
ولازمه مدة، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار وسكن بمكة المباركة مدة، أخذ عنه الشيخ
علي بن سلطان القارىء الهروي صاحب المرقاة والسيد غضنفر بن جعفر الحسيني النهروالي وخلق
كثير من العلماء.
وكان عالماً كبيراً محدثاً محققاً لما ينقله، كثير الفوائد جيد المشاركة في العلوم، له اليد الطولى في
الحديث، درس وأفاد مدة حياته مع الطريقة الظاهرة والصلاح.
مات ببلدة آكره سنة إحدى وثمانين وتسعمائة وله ثمانون سنة، ذكره البدايوني.
مولانا محمد سعيد التركستاني
الشيخ العلامة محمد سعيد الحنفي التركستاني كان وحيد دهره في المنطق والحكمة، قرأ بعض الكتب
على الشيخ أحمد جند وبعضها على محمد سرخ، وقرأ أياماً على عصام الدين إبراهيم بن عرب شاه
الإسفرائيني حتى حاز قصب السبق، وورد الهند سنة ستين وتسعمائة فنال الحظ والقبول من أكبر
شاه التيموري، فسكن بالهند واشتغل عليه خلق كثير.
وله يد بيضاء في العلوم الآلية والعالية، وكان كثير الفوائد حسن المحاضرة حلو الكلام مليح الشمائل
ديناً متواضعاً شفيقاً على طلبة العلم، مات سنة سبعين وتسعمائة ببلدة كابل، ذكره البدايوني.
القاضي محمد معين اللاهوري
الشيخ الفاضل محمد معين الحنفي اللاهوري أحد الفقهاء المشهورين في عصره، كان من نسل الشيخ(4/422)
معين صاحب معارج النبوة، تولى القضاء بمدينة لاهور مدة طويلة حتى كبر سنه.
وكان مشكور السيرة في القضاء، وكان يستنسخ الكتب ويصححها ثم يعطيها طلبة العلم، ويبذل
أموالاً طائلة في ذلك.
مات سنة خمس وتسعين وتسعمائة بلاهور، ذكره البدايوني.
ميرك محمود بن أبي سعيد السندي
الشيخ العالم الكبير محمود بن أبي سعيد الحنفي التتوي السندي المشهور بميرك محمود كان من
الفقهاء الحنفية وعلمائهم المشهورين، تحرى في نقل الأحكام، وانفرد في عصره بعلم الفتوى، وكان
جيد الكتابة، له مهارة تامة في الخط المعروف بالنستعليق، ويجمع إلى ذلك كله آداب الأخلاق مع
حسن المعاشرة ولين الكنف والزهد والسخاوة، ولاه مرزا شاه حسين شياخة الإسلام في أرض السند،
فاستقل بها مدة عمره.
مات سنة اثنتين وستين وتسعمائة، فأرخ لعام وفاته بعض العلماء رفت ميرك آه آه - ذكره
النهاوندي في المآثر والبهكري في تاريخ السند.
القاضي محمود بن أحمد النائطي
الشيخ الفقيه القاضي محمود بن أحمد بن أبي محمد النائطي البيجابوري أحد رجال العلم والطريقة،
ولي القضاء فاستقل به مدة، ثم سافر إلى الحجاز فحج وزار وازداد بها علماً ورجع إلى بيجابور
فمات بها، وولي القضاء بعده ولده رضى الدين المرتضى سنة أربع وتسعين وتسعمائة، كما في
تاريخ النوائط لعله مات في تلك السنة أو مما يقرب ذلك.
الشيخ محمود بن إله داد الرنتهنبوري
الشيخ الصالح محمود بن إله داد بن سدوه الجشتي الرنتهنبوري أحد رجال الطريقة الجشتية، أخذ
عن أبيه عن جده، وانتقل إلى مندو وسكن بقرية كجهاون، وانقطع إلى الزهد والعبادة، أخذ عنه
أبناؤه، وجمع كثير، مات نحو سنة ستين وتسعمائة بقرية كجهاون، كما في كلزار أبرار.
الشيخ محمود بن بابو الكجراتي
الشيخ العالم الفقيه محمود بن بابو بن صدر الدين بن جلال الدين بن إلياس العمري الشيخ قطب
الدين محمود الكجراتي أحد العلماء الصالحين، ولد في سنة ست وخمسين وثمانمائة بكجرات ونشأ
بها، وأخذ عن السيد محمد بن عبد الله بن محمود الحسيني البخاري الكجراتي، وتولى الشياخة في
بلاده. انتفع به خلق كثير، مات في عاشر جمادي الآخرة سنة ثلاث وأربعين وتسعمائة فدفن
بجانبور، كما في المرآة.
ملك محمود بن بيارو الكجراتي
الشيخ الفاضل محمود بن بيارو الحنفي الكجراتي المشهور بملك محمود، كان من الفضلاء
المشهورين بكجرات، ووالده ملك بيارو كان وزيراً بمدينة برهانبور، قتل بها في سنة أربع وأربعين
وتسعمائة، وخرج ولده محمود سالماً إلى كجرات، وأخذ الطريقة عن السيد عرب شاه الحسيني
البخاري الكجراتي، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار ورجع إلى الهند وذهب إلى آكره،
فقربه أكبر شاه التيموري إليه وأدناه وجعله من جلسائه وأهله بالعناية والقبول، وبعد مدة يسيرة ولاه
على مقبرة الشيخ معين الدين حسين السجزي الأجميري، فتولاه مدة ثم تركها وسار إلى كجرات سنة
خمس وثمانين وتسعمائة، وكان أكبر شاه المذكور لا يتركه ولا يرخصه، ولما كان صادقاً في النية
قبله السلطان بعد الرد والإنكار، ذكره البدايوني.
وكان جيد المشاركة في الفقه والحديث شاعراً مجيد الشعر حسن المحاضرة حلو الكلام مليح
الشمائل.
اجتمع به الآصفي في كجرات وقال في ظفر الواله: طالما اجتمعت به فيها، فكان من أكمل الرجال
ذاتاً وأفضلهم صفاتاً، ما من علم إلا أتقنه وعلمه ولا ذو إقبال إلا ولديه مقبول الكلمة سعيد الحركة
فائض البركة، انتهى.
مات في سنة ألف بمدينة أحمد آباد فدفن بها، ذكره محمد بن الحسن.(4/423)
الشيخ محمود بن الجلال المندوي
الشيخ الصالح محمود بن الجلال الكجراتي الشيخ ظهور الدين المندوي أحد المشايخ المشهورين، ولد
ونشأ بكجرات، وأخذ الطريقة عن صدر الدين محمد الذاكر البرودوي ولازمه مدة من الزمان ثم سكن
بمندو، أخذ عنه محمد بن الحسن المندوي والشيخ داود وخلق كثير من أهل مندو، توفي في ثامن
عشر من شعبان سنة ست وتسعين وتسعمائة بمندو، كما في كلزار أبرار.
القاضي محمود بن الحامد الكجراتي
الشيخ الفقيه الزاهد القاضي محمود بن حامد بن محمد العلوي البيربوري الكجراتي العارف
المشهور، يرجع نسبه إلى حمزة بن فاطمة بنت الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه من بطن
سعيدة بنت عروة، وكانت أم القاضي محمود بنت القاضي عبد الملك العباسي من نسل المعتصم بن
هارون الخليفة العباسي، وكان القاضي محمود يعرف بقاضي جامكده، وكان والده مشهوراً بقاضي
جاملده، قيل: إنه أخذ عن والده، وقيل: عن عمه القاضي حماد، كلاهما عن الشيخ محمد بن عبد الله
الحسيني البخاري، وقيل: إن أباه أخذ عن الشيخ عبد اللطيف بن الجميل النهروالي عن الشيخ محمد
المذكور، وله طرق عديدة بعضها يصل إلى السيد أحمد الكبير الرفاعي، وبعضها يصل إلى الشيخ
شهاب الدين عمر السهروردي، وكان من كبار المشايخ، أخذ عنه خلق كثير، ويذكر له كشوف
وكرامات ووقائع غريبة، انتقل في سنة عشرين وتسعمائة من أحمد آباد إلى بيربور قرية من قراها
فاعتزل بها عن الناس، ومات بها في ثالث عشر من ربيع الثاني سنة إحدى وأربعين وتسعمائة وله
سبع وستون سنة، كما في المرآة.
الشيخ محمود بن الحسام المانكبوري
الشيخ الصالح محمود بن الحسام العمري المانكبوري، أحد المشايخ الجشتية، كان من أهل بيت العلم
والطريقة، سافر إلى غازيبور سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، فاغتنم قدومه نصير خان اللوهاني أمير
تلك الناحية وطلب من سلطانه أن يجعله مير عدل بتلك الناحية، فأجاب السلطان إلى ذلك فصار مير
عدل، واستقل بها مدة حياته وكان من العلماء الصالحين، مات سنة خمس وتسعمائة بغازيبور، كما
في تاريخ العلماء.
الشيخ محمود بن خوندمير الكجراتي
الشيخ الفاضل محمود بن خوندمير الحسيني المهدوي الكجراتي، كان سبط السيد محمد بن يوسف
الحسيني الجونبوري ومن دعاة مذهبه، لقبوه بحسين الولاية وخاتم المرشد، له إنصاف نامه، كتاب
في الكلام على مذهبه.
المفتي محمود بن عطاء الأمروهوي
الشيخ العالم الفقيه المفتي محمود بن عطاء الله بن ميران بن خطير بن محمود بن عثمان بن مودود
بن خطير الحسيني المودودي الأمروهوي، كان من العلماء العاملين، ولاه بهلول شاه اللودي الإفتاء
ببلدة أمروهه ولقبه بأعلم العلماء وملك العلماء سنة سبعين وثمانمائة، فاستقل به مدة حياته، مات نحو
سنة سبع عشرة وتسعمائة.
الشيخ محمود بن عليم الدين الكجراتي
الشيخ العالم الصالح محمود بن عليم الدين العمري الكجراتي أحد المشايخ الجشتية، ولد ونشأ بأحمد
آباد وقرأ على أساتذة عصره، وأخذ الطريقة الجشتية عن أبيه وعن الشيخ عزيز الله المتوكل،
والطريقة السهروردية عن الشيخ قادن، والطريقة المغربية عن الشيخ أحمد المغربي السركهيجي،
وكان شديد التعبد كثير التواضع، مات لثمان بقين من صفر سنة تسعمائة أو بعد ذلك.
السلطان محمود بن اللطيف الكجراتي
السلطان الشهيد السعيد محمود بن اللطيف بن المظفر بن محمود الكجراتي أبو الفتوحات سعد الدين
محمود شاه الصغير قام بالملك في أوائل ربيع الأول سنة أربع وأربعين وتسعمائة وكان في سن لا
يدرك(4/424)
المصلح من المفسد، فتولى الوكالة أفضل خان والنيابة المطلقة اختيار خان والوزارة صدر
خان، وصار أمير أمراء الجيوش عماد الملك، وكان اختيار خان شيخاً قد حنكته التجارب وكان ذا
عقل وفضل، وأما عماد الملك فكان بمعزل عن الفكر وإنما هو من رجال الحرب، ولهذا بعد مدة
يسيرة اعتزل أفضل خان وأشار على اختيار خان أن يستقيل ويعتزل أيضاً فلم يسمع قوله، وقتله
عماد الملك وتغلب على السلطان وهو كالأسير له، فلما ضاق عليه الأمر خرج يوماً باسم الصيد
وأبعد من البلد وكتب إلى عماد الملك أنه يخرج إلى ولايته، فامتثل أمره وعلم أنه من دريا خان أحد
رجال الدولة، ثم حرض دريا خان السلطان أن يركب إلى عماد الملك ويحاربه، فسار إليه وقاتله
وهزمه إلى برهانبور، فرجع محمود شاه ومعه دريا خان إلى دار ملكه وألقى بيده عنان السلطة،
فاستبد بالأمر وضيق على محمود شاه، فاستعان محمود بعالم خان وخرج إلى ولايته سراً ورجع معه
إلى دار الملك، وأخرج دريا خان إلى بلاد مندو، ثم استبد بالأمر عالم خان فأسر السلطان إلى مماليكه
وخرج من الأسر وأخرج عالم خان من بلاده وألحقه بدريا خان، واستمر بالوزارة برهان الملك محمد
العباسي زماناً، ثم تقلدها ابن أخيه أفضل خان المذكور، وولي النيابة المطلقة مجاهد خان، وبعث
السلطان عساكره لقتال الإفرنج بقيادة الخواجه صقر والرومي سنة ثلاث وخمسين، واستشهد خواجه
صقر وقتل معه جمع كثير من رجال الدولة بقصة شرحتها في ترجمة الخواجه صقر وترجمة قرا
حسن الرومي، فعزل محمود شاه وزير أفضل خان سنة أربع وخمسين لتقصيره في تجهيز الجيوش
وإرسال ما يكفي المؤنة لهم، ونصب مكانه عبد الحليم بن حميد الملك، وفي سنة خمس وخمسين ولي
النيابة المطلقة المسند العالي عبد العزيز بن حميد الملك الكجراتي المشهور بآصف خان، فازداد
محمود شاه بنيابته سعة في التمكين والإمكان، ووجد راحة في أوقاته وفتح قلعة ايدر سنة ست
وخمسين، وكان لمحمود شاه شرابي اسمه برهان الدين يثق به، وإذا غاب إمامه يأتم به في الصلاة،
ويلزمه في الرضا ويهينه في الغضب ويحتقره ويهزأ به ولا يتحاشى من قربه، فاتفق لتقصير أتاه
الشرابي أن أقسم محمود شاه أن يعاقبه، فاستيقن الشرابي وعزم على أن يبعده ويعيش بعده فسمه،
ولما شكى الحرارة وطلب شراب الصندل سمه فيه أيضاً، فدخل الخلوة ونام على سريره، فلما رآه
الشرابي لا حراك به أمر بسدل الحجاب وذبحه، ثم جلس على سرير الملك وقتل وزراءه، كما
شرحته في ترجمة آصف خان وأفضل خان.
وكان محمود شاه خاتمة سلاطين كجرات، وبه بعد حادثة المغل عمرت وتراجعت وأمها أهل
الجهات، ومن أعماله الصالحة ما وقفه على الحرمين الشريفين من قرى بنواحي كنباية، منها قندهار
بندر صغير على خورها، بلغ ارتفاعها مائة ألف ذهب، فيتعوض بها نيل وقماش، ويحمل ذلك في
المركب السلطاني ببندر كهوكه، ومن حين يشترى إلى أن يباع بجدة، ما يلحقه من المصاريف
الضرورية فهو من مال السلطنة ولا عشور عليه بجدة، فمن تأمل في الفائدة يجدها ربحاً عظيماً،
ولهذا في أيامه توسع أهل الحرمين في المعيشة، ولم ترتهن ذممهم في دين يركبهم، فكانت الأوقاف
العثمانية التي تصل مع أمير الحاج المصري تغنيهم عن الحج وبعض أشهر السنة، والأوقاف
المحمودية تغنيهم عن القرض لباقي أشهرها.
ومن عمارته بمكة المباركة رباط بسوق الليل في جوار المولد الشريف النبوي عليه صلوات الله
وسلامه، والعين القديمة جارية فيه، يشتمل على مدرسة وسبيل ومكتب الأيتام وخلاوي أرضية
وسطحية ورباط بباب العمرة وسبيل بطريق جدة.
ومن سعادته حسن اعتقاده بالشيخ الأجل علي بن حسام الدين المتقي البرهانبوري المهاجر إلى مكة
المشرفة، وقد وفد الشيخ عليه مرتين من مكة المشرفة، وللشعراء قصائد في رثائه منها ما قال
بعضهم وفيه تاريخ الحادثة.
سلطان وقت خسرو محمود عاقبت رضوان بروضه نخل كلي جون قدش نشاند
ناكه به تيغ حادثه جون لاله شد شهيد رخش مراد جانب باغ بهشت راند(4/425)
باغ از بنفشه كشت بسوكش كبود بوش وز برك كل بماتم آن سرور خون فشاند
تاريخ او جو خاستم از عندليب كفت با صد هزار ناله كه در روضة كل نماند
ومن الغرائب أنه اتفق وفاة السلطان محمود سليم شاه السوري وبرهان نظام شاه البحري في سنة
واحدة، فقال في تاريخه مولانا غلام علي الاسترآبادي والد محمد قاسم صاحب تاريخ فرشته:
سه خسرو را زوال آمد بكيبار كه هند از عدل شان دار الأمان بود
يكي محمود شاهنشاه كجرات كه همجون دولت خود نوجوان بود
دوم اسليم شه سلطان دهلي كه در هندوستان صاحبقران بود
سوم آمد نظام آن شاه بحري كه در ملك دكن خسرو نشان بود
زمن تاريخ فوت اين سه خسرو جو مي برسي زوال خسروان بود
وكان قتله في أوائل ربيع الأول سنة إحدى وستين وتسعمائة بمحمود آباد، فنقل جسده إلى سركهيج
ودفنوه بها عند جدوده.
السلطان محمود بن محمد الكجراتي
السلطان العادل المجاهد أبو الفتح سيف الدين محمود بن محمد بن أحمد ابن محمد بن المظفر
الكجراتي المشهور بمحمود بيكره، كان من خيار السلاطين، ولد بكجرات في عاشر رمضان سنة
تسع وأربعين وثمانمائة، وقام بالملك بعد داود شاه سنة اثنتين وستين وثمانمائة وكان يوماً مشهوداً،
ارتقى فيه إلى درجة الدولة والخطاب ثلاثة وخمسون عدداً، واستمر عماد الملك شعبان السلطاني في
الوزارة كما كان في أيام أخيه قطب الدين أحمد شاه، واستقل بالملك خمساً وخمسين سنة، وفتح قلعة
باردو - بفتح الموحدة وسكون الراء المهملة بين ألف ودال مهملة مضمومة وواو - بقلة جيل في حد
البندر المعروف بالدمن سنة تسع وستين وثمانمائة، وفتح قلعة كرنال - بكسر الكاف - وكانت من
أمنع قلاع الهند، سنة خمس وسبعين وثمانمائة، وأنشأ مدينة في سفح الجبل وسماها مصطفى آباد
وجعلها دار المملكة، وفتح قلعة بيت - بإمالة حركة الموحدة - ودواركا - بدال مهملة وواو وألف
وكاف بين راء مهملة ساكنة وألف وفيها صنم من أشهر أصنام المشركين في الهند، يحجون إليه
ويرون من العبادة تكلف المشاق في الأصول إليها، حتى إن منهم من ينبطح على وجهه ويمد يديه
أمامه ويقف ثم يضع قدمه على منتهى يده وينبطح ويمد يده ويقف، وهكذا يقطع الطريق إليها ولو من
مسافة أشهر، فملكها سنة خمس وثمانين وثمانمائة، وسار إلى جانبانير وحاصر قلعتها، وكانت قلعة
حصينة متينة على قلة جبل لا تكاد تفتح، فضيق في الحصار وحاصرها مدة طويلة حتى فتحها سنة
تسع وثمانين وثمانمائة، وأنشأ مدينة بسفح الجبل وسماها محمد آباد وجعلها دار المملكة، فكان يقيم بها
سنة وفي مصطفى آباد سنة، وذلك لقرب السند منه، وكان بحد مندو يتصل حد محمد آباد، وبفتحه
صار لمحمود شاه من حد مندو إلى حد السند من جوناكده وإلى جبل سوالك من جالور وناكور وإلى
ناسك من بكلانه ومن برهانبور إلى برار ملكابور من أرض دكن وإلى كركون ونهر نربده من جانب
برهانبور ومن جانب أيدر إلى جتور وكونبلنير ومن جانب البحر إلى حدود جيول، والله يؤتى ملكه
من يشاء.
ومن مآثره الجميلة قيامه بالعدل والإحسان وإنفاذ أمر الشرع في السياسة، ومما يحكى عنه في ذلك
أنه بلغه عن بهاء الملك بن علاء الملك ألغ خان سهراب أنه قتل سلاحداراً له فطلبه، فلاذ بعماد الملك
وعضد الملك واستجار بهما، فلم يجدا لخلاصه سبيلاً سوى نسبة القتل إلى غيره، فأرضيا شخصين
على ضمان الخلاص لهما، وبعد الإقرار به سعيا في الدية وكانا عولاً عليها في الخلاص فلم تقبل
الدية ومضى الحكم بقتلهما وخلص بهاء الملك، وبعد يسير وقف محمود(4/426)
شاه على حقيقة الحال وتعب
إلى الغاية وجلس للقضاء وأمضى في الملكين حكم القصاص، ولم يمنعه كونهما من عظماء ملوكه
الخاصة به من أن يعمل الشريعة.
من مكارمه أنه استقل بالملك خمساً وخمسين سنة وجاهد في الله حق الجهاد ووسع حدود ملكه إلى
مالوه وإلى بلاد السند كما علمت، ولكنه في تلك المدة الطويلة لم يطمح إلى بلاد المسلمين ولم
يستشرف لها قط، وإذا استولى القوي منهم على الضعيف كما قام بنصرة الضعيف، كما وقع له في
سنة ست وستين وثمانمائة إذ وصل إليه حاجب نظام شاه البهمني صاحب دكن يخبره أن محمود شاه
الخلجي صاحب مالوه خرج إليه بعساكره، فعطف السلطان عنانه من الصيد وتوجه إلى سلطان بور
بمن حضر معه، وأمر الوزير أن يلحقه بالعسكر، ولما نزل بسلطان بور قدم حاجب آخر يخبر
بالحرب وأنه حاصر دار ملكه بيدر، فنهض السلطان من سلطان بور، ولما كان منزله تهالنير قدم
حاجب آخر يخبر برجوع الخلجي، وذلك لأنه سمع بوصول محمود شاه الكجراتي فترك بيدر ورجع
إلى مندو، وكذلك في سنة سبع وستين وثمانمائة وصل حاجب نظام شاه يخبر أن الخلجي خرج
بتسعين ألف فارس إلى حدود نظام شاه، فنهض السلطان مع الحاجب وبلغ الخلجي ذلك بفتح آباد من
أعمال تلنكانه فرجع إلى دار ملكه، فكتب السلطان إلى محمود شاه الخلجي ما معناه: ليس من المروءة
قصد طفل لم يبلغ الحلم وقد التزمت حفظ ملكه إلى أن يبلغ مبلغ الرجال، فإن دخلت في حده خرجت
إلى حدك وفيما يليك من جهات الكفر ما يغني عنه ويرفع درجتك بالجهاد.
وإذا انتهيت إلى السلا مة في مداك فلا تجاوز
وكذلك لما بلغ محمود شاد سنة سبع وسبعين وثمانمائة خروج النوتك القواسه على سلطان السند بلغ
عددهم أربعين ألفاً، وهي طائفة بحرية تسكن الجزر بنواحي السند، لا تجتمع على طاعة أحد، إنما
هي من لصوص البحر، فنهض من مصطفى آباد إرقالاً يسير كل يوم ستين فرسخاً، فلما قرب من
السند تفرقوا، فتوقف السلطان بمنزله إلى أن وصل رسول ملك السند برسالة تتضمن شكره، فرجع
إلى دار ملكه، وكذلك لما بلغه أن جماعة من الأمراء تغلبت في خانديس واختل بها نظام الملك نهض
إلى برهانبور بعساكره، وولي عليها عالم خان بن أحسن خان الفاروقي أحد وارثي المملكة، ولقبه
أعظم همايون عادل خان، وكان ابن بنته، وذلك في سنة أربع عشرة وتسعمائة.
ومن ذلك أنه لما توفى محمود شاه الخلجي سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة وبلغ وفاته ترحم عليه
وعمل له زيارة فعرض عليه بعض أرباب الرأي الخروج إلى مندو، فأجابه: ليس من الفتوة اجتماع
مصيبتين في وقت واحد على أهل بيته: فقد ذاته، وخلل جهاته.
ومن ذلك أنه لما سمع سنة ست وتسعمائة أن ناصر الدين شاه الخلجي سم أباه غياث الدين الخلجي
خرج إلى مندو وقصد تأديبه لا ملكه، وبينما كان ينهض تواترت الرسل من ناصر الدين ببراءة ذمته
فتركه، وفي كلها مفخرة عظيمة له.
ومن مكارمه قيامه بتعمير البلاد، وتأسيس المساج والمدارس والخوانق، وتكثير الزراعة، وغرس
الأشجار المثمرة، وبناء الحدائق والبساتين وتحريض الناس على ذلك، وإعانتهم بحفر الآبار وإجراء
العيون، ولذلك أقبل عليه الناس إقبالاً كلياً، ووفد عليه البناؤن والمعمارون وأهل الحرف والصنائع
من بلاد العجم، فقاموا بحرفهم وصنائعهم، فصارت كجرات رياضاً مخضرة بكثرة الحياض والآبار
والحدائق والزروع والفواكه الطيبة، وصارت بلاد كجرات متجرة تجلب منها الثياب الرفيعة إلى بلاد
أخرى، وذلك كله لميل سلطانها محمود شاه إلى ما يصلح به الملك والدولة ويترفه به رعاياه.
ومن مكارمه قيامه بتربية العلماء والصالحين لما كان مجبولاً على حب العلم وأهله، فاجتمع في
حضرته خلق كثير من أفاضل العرب والعجم، حتى صارت بلاد كجرات عامرة آهلة من العلماء،
ووفد عليه المحدثون من بلاد العرب، وأقبل الناس على الحديث الشريف، فتشابهت باليمن الميمون،
وفاقت على سائر بلاد الهند في ذلك.
وقد وفد عليه العلامة جلال الدين محمد بن محمد(4/427)
المالكي المصري، فأدناه وقربه إليه وولاه على
ولاية الجزية في سائر بلاده، ولقبه بملك المحدثين وهو أول من لقب بها أحداً في بلاد الهند، ووفد
عليه العلامة مجد الدين محمد بن محمد الايجي، فولاه على تعليم ابنه مظفر شاه، ولقبه برشيد الملك،
ووفد عليه أبو القاسم بن أحمد بن محمد الشافعي المعروف بابن فهد ومعه فتح الباري بخط أبيه
وعميه، ووفد عليه العلامة هبة الله بن عطاء الله الشيرازي وخلق كثير من العلماء.
وصنف له عبد الكريم بن عطاء الله الشيرازي طبقات محمود شاهي وشمس الدين محمد الشيرازي
مآثر محمود شاهي والشيخ يوسف بن أحمد ابن محمد بن عثمان الحسيني منظر الإنسان ترجمة
تاريخ ابن خلكان بالفارسية.
وكان غاية في العفة والحياء حسن الأخلاق عظيم الهمة كريم السجية شريف النفس كثير البر
والإحسان، ذكره الكجراتي في مرآة سنكدري، والحضرمي في النور السافر، والآصفي في ظفر
الواله، وكلهم أطالوا في مناقبه وفضائله.
قال الآصفي: إنه في سنة ست عشرة وتسعمائة توجه إلى نهرواله بثن، وزار أئمة الدين بها أحياء
وأمواتاً، وعقد مجلساً خاصاً لمذاكرة التفسير والحديث، وأكثر من الجوائز وأعمال البر والوظائف،
والتمس الدعاء، ورجع منها إلى سركهيج، ومكث بها يتردد لزيارة قبر الشيخ شهاب الدين مولانا
الشيخ أحمد قدس سره، وعمل بها خيراً كثيراً.
وكان أنشأ لمضجعه قبة متصلة بصحن الروضة المباركة بجانب قدمه يتعهدها أحياناً، وفي هذه
النوبة فتح القبر وجلس عنده وقال: أللهم! إن هذا أول منازل الآخرة فسهله واجعله من رياض الجنة،
ثم ملأه فضة وتصدق بها، قال الآصفي: وفي سنة سبع عشرة شكى ضعفاً، فاستحضر ولده مظفراً
وكان ببروده، وأسند الوصية إليه، فعوفي فرجع مظفر إلى بروده، ثم شكى الضعف وفي أثنائه بلغ
من وجيه الملك خبر وصول حاجب سلطان العجم شاه إسماعيل الصفوي إلى القرب من حده، فأمر
بالكتاب إلى الأمير بالحد فيما يجب من رعايته وهكذا إلى العمال على طريقه إلى أن يصل دار
الملك، ثم أمر بطلب مظفر وقبل وصوله بساعة فلكية فارق الدنيا، وقدم مظفر في الساعة الثانية من
ليلة الثلاثاء، وحمل تابوته إلى سركهيج حين انفلق الصبح، انتهى.
وكانت وفاته عصر يوم الاثنين ثاني شهر رمضان سنة سبع عشرة وتسعمائة وله ثمان وستون سنة،
ومدة سلطنته خمس وخمسون سنة، اتفق عليها أهل الأخبار كلهم.
السيد محمود بن محمد الجونبوري
الشيخ الفاضل محمود بن محمد بن يوسف الحسيني الجونبوري ثم الكجراتي كان أكبر أخلاف أبيه
ومن دعاة مذهبه، وكان لقبه في أهل مذهبه الخليفة الأول وثاني المهدي، وهو ولد ونشأ بمدينة
جونبور وسافر مع أبيه ولازمه في الظعن والإقامة وأخذ عنه، وقام بالدعوة بعده إلى الترك والتجريد
والزهد والقناعة، وأقام بقراه سنة بعد وفاة والده، ثم رجع إلى كجرات واعتزل في قرية بهيلوث
بقرب رادهن بور، توفي لأربع خلون من رمضان سنة تسع عشرة وتسعمائة وله خمسون سنة، كما
في تاريخ بالنبور.
الشيخ محمود بن محمود الكجراتي
الشيخ الفاضل العلامة محمود بن محمود العباسي الحكيم شهاب الدين بن شمس الدين السندي ثم
الكجراتي أحد كبار العلماء، ذكره عبد القادر الحضرمي في النور السافر، قال: إنه كان آية الحكمة
والمعالجات، وحكى أن بعض السلاطين أهدى إلى السلطان محمود صاحب كجرات أشياء نفيسة من
جملتها جارية وصيفة، فأعطاها السلطان بعض الوزراء، فاتفق أن الحكيم المذكور جس نبضها قبل
أن يمسها ذلك الوزير فحذره عن ذلك وقال: إن من يجامعها سيموت، فأرادوا تجربته في ذلك فجازا
بعبد وأدخلوه عليها فمات لوقته، فازداد تعجب الوزير لذلك وسأل عن السبب فيه فقال: إنهم أطعموا
أمها في حملها بها أشياء أورثت ذلك وأن مهديها قصد هلاك السلطان، قال الحضرمي: فلله دره من
طيب ما أحذقه: وكانت(4/428)
وفاة الحكيم سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة بأحمد آباد.
القاضي محمود الكجراتي
الشيخ العالم الفقيه القاضي محمود بن أبي محمود الموربي الكجراتي أجد رجال العلم والطريقة، ولد
ونشأ بقرب مورب من أعمال كجرات، واشتغل بالعلم على أهله وحصل ورسخ ودرس زماناً، ثم أخذ
الطريقة عن الشيخ لشكر محمد العارف، وقرأ عليه نقد النصوص ومرآة العارفين وغيرهما من كتب
القوم، وقرأ عليه شيخه لشكر محمد هداية الفقه وقرأ عليه مولانا موسى والحكيم عثمان السنديان
النحو والعربية، ذكره محمد بن الحسن المندوي في كلزار أبرار.
خواجه أمين الدين محمود الهروي
الوزير الكبير أمين الدين محمود الهروي نواب خواجه جهان أحد الأفاضل المشهورين، تقرب إلى
همايون شاه التيموري عند رجوعه عن إيران وقدم الهند، وترقى درجة بعد درجة حتى ولى الوزارة
الجليلة في أرض الهند في عهد أكبر شاه التيموري، واستقل بها مدة حياته، مات في شعبان سنة
اثنتين وثمانين وتسعمائة بأرض أوده، كما في مآثر الأمراء.
الشيخ محمود القلندر اللكهنوي
الشيخ الصالح محمود بن محمد القلندر اللكنهوي أحد المشايخ المشهورين، قرأ العلم على الشيخ عبد
الرحمن العباسي اللاهربوري وأخذ عنه الطريقة القلندرية، ثم سافر إلى جونبور وأخذ عن الشيخ عبد
السلام القلندر، واشتغل بالرياضة الشديدة ثلاثين سنة، مات لتسع بقين من شعبان سنة ست وثمانين
وتسعمائة بمدينة لكنهؤ فدفن بها في بنكالي باغ.
الشيخ مخدوم أشرف البساوري
الشيخ الفاضل مخدوم أشرف الحنفي البساوري أحد العلماء الصالحين، كان جد الشيخ عبد القادر بن
ملوك شاه البدايوني لأمه، مات في عاشر رمضان سنة سبعين وتسعمائة بمدينة بساور - بفتح
الموحدة والسين المهملة بعدها ألف ووالو مفتوحة وراء مهملة - ذكره عبد القادر المذكور في
تاريخه، وأرخ لعام وفاته فاضل جهان.
مير مرتضى الشريفي
الشيخ الفاضل السيد مرتضى الشريفي الشيعي الشيرازي كان من أسباط الشريف زين الدين علي
الجرجاني صاحب المصنفات المشهورة، وكان نادرة من نوادر الدهر في كثير من العلوم لا سيما
المنطق والحكمة والفنون الرياضية والإنشاء وقرض الشعر، وكان يدرس ويفيد في تلك العلوم، أخذ
عنه غير واحد من العلماء بمدينة آكره، وهو أخذ المنطق والحكمة عن الشيخ عبد الصمد البغدادي،
والحديث عن السيد ميرك شاه، ثم ولي الصدارة بخراسان في أيام إسماعيل شاه الصوفي واستقل بها
زماناً، ثم سافر إلى الحجاز فحج وزار وأسند الحديث عن الشهاب أحمد بن حجر المكي، ثم قدم الهند
وأقام بأرض دكن زماناً، ثم دخل آكره وذلك في سنة اثنتين وسبعين وتسعمائة فطابت له الإقامة بها،
وله منظومة الكافية في النحو وديوان الشعر الفارسي، مات في سنة اثنتين وسبعين وتسعمائة بدهلي،
ذكره بختاور خان في مرآة العلم.
مولانا مرشد الدين الصفوي
الشيخ العالم الصالح مرشد الدين بن رفيع الدين المحدث الحسيني الصفوي الشيرازي ثم الهندي
الأكبر آبادي، كان من أهل بيت العلم والطريقة، أخذ عن والده وقام بعده بالتدريس، وكان سخياً باذلاً
غاية في الجود والكرم، مات ودفن عند والده بأكبر آباد، ذكره محمد بن الحسن المندوي في كلزار
أبرار.
مصطفى بن بهرام الرومي
الأمير الكبير مصطفى بن بهرام الرومي المشهور برومي خان، ولد ونشأ بالروم ولازم خاله الأمير
سلمان من صباه، وقدم معه إلى بلاد اليمن وسكن بقلعة كمران، وكان خاله يشتغل بنجر الأغربة في
ساحل الصليف وهي مقابلة لكمران، بينهما بحر يصله راكب في أقل من الساعة الفلكية، ومعهم
خواجه صقر وقرا حسن ومصطفى وإسماعيل وخلق كثير من الأتراك، فانفق أن خير الدين الأمير
أيضاً قدم اليمن وأحب لنفسه(4/429)
الاستقلال وقتل سلمان غيلة، فقام مصطفى بن أخته لأخذ ثأره فقتل خير
الدين سنة خمس وثلاثين وتسعمائة واستقل بقلعة كمران، وفي أثناء ذلك كتب والده بهرام إليه وكان
باستنبول خبر عزله وأمره بالخروج إلى الهند قبل وصول المتولي لليمن، فاستعد وخرج بأصحابه
وبمن تبعه ووصل إلى بندر ديو سنة سبع وثلاثين وتسعمائة، وكان بها الأمير طوغان بن أياز
السلطاني فلما علم به استقبله ورحب به وكتب إلى سلطانه بهادر شاه الكجراتي بوصوله وجاء
الطلب له، فتوجه إلى جانبانير واجتمع بالسلطان ونال منه الحظ والقبول ولقب برومي خان وولي
نفط خانه، وكان من هديته له مدفع صاغه سلمان باسم سليمان صاحب الروم سماه ليلى، فصاغ مدفعاً
آخر باسم بهادر شاه سماه مجنون، واختار من الولاية راندير وسورت وما يليه من السواحل إلى
مهائم، ثم استضاف ديو فعزل عنه السلطان نائبه طوغان المذكور وأضاف ديو إلى ولايته، ولما
وصل طوغان إلى جانبانير ولم يكن في قوته وشجاعته وهيكله في الملك أحد يضاهيه فأوجس منه
رومي خان خيفة، فأسره بهادر شاه وحبسه ثم أمر بقتله، وخدم رومي خان سلطانه بهادر شاه مدة من
الزمان وفتح بحسن تدبيره قلعة رنتهنبور، وكان السلطان وعد به رومي خان وبعد الفتح بدا له أن
يخلف وعده حذراً مما يفكر العاقل في العواقب، ولهذا أجزل صلته ووعده بجتور، فتأثر رومي خان
إلا أنه رضى بالوعد وكان بظاهره معه، فلما سار بهادر شاه إلى جتور سلط رومي خان عليه فعملت
مدافعه عملاً لا يطيقه من في القلعة وفتح جتور، وأخلف بهادر شاه وعده رومي خان مرة ثانية، فتأثر
منه رومي خان إلى الغاية وأضمر كيداً، فلما فرغ بهادر شاه من جتور وكان همايون شاه التيموري
صاحب دهلي بأجين توجه إليه واجتمعا في ناحية مندسور، وحيث كان رومي خان يعلم من همة
بهادر شاه أنه إذا عزم على أمر أمضاه خشى أن يفوته ما سينتقم لنفسه منه في خلف الوعد فقال
لبهادر شاه: إن عزمتم على الحرب فالذي معي من المدافع وبقية النفط إن لم يكن لها في مثل هذا
اليوم عمل ومجرى ففي أي يوم يكون لها ذلك فالرأي أن يكون المعسكر مركزاً وهي كالدائرة تحيط
به وتتخذ خندقاً يحيط بها، فيأمن المعسكر من تبييت العدو ومكره وليس للعدو أن يأمن ذلك، وبعد
الفراغ منه تخرج الطلائع وتحارب العدو وترجع، ونحن لا تنقطع عنا الميرة لأننا في أرضنا والعدو
بخلاف ذلك فينهزم بنفسه، وهذا دستور سلاطين الروم في حروبهم، فالتفت بهادر شاه إلى صدر خان
فقال: قول كالعسل وفعل كالأسل، دع النار لأهله، لا حصن كصهوة الحصان، ولا نافع كالسيف في
ملتقى العنان بالعنان، وحيث كان بهادر شاه يثق برومي خان ويميل إليه عمل برأيه، وكتب رومي
خان إلى همايون شاه يخبر بالميرة الواصلة ويشير عليه بأخذها ومنع طرق القوافل، ثم وقف على
المدافع وأمر بكسرها جميعاً فكانت رجة عظيمة، فركب بهادر شاه متنكراً وخرج إلى مندو، ولحق
رومي خان بهمايون شاه واختص بدرجة القرب منه، وتغلب همايون شاه على مالوه ثم على كجرات
بحسن تدبيره، ذكره الآصفي والكجراتي وغيرهما.
ومن لطائف هذه الأخبار ما ذكروه أن بينما همايون شاه وقد فتح مندو على سريره في أول يوم
جلوسه والملوك والأمراء على جهات سريره وقوف حسب مراتبهم على طبقاتهم جيء بببغاء لبهادر
شاه تنطق بلغات مختلفة، فوضع حاملها قفصها عند سريره، وفي أثناء ذلك حضر رومي خان في
ذلك الجمع العظيم وسلم، فرحب به همايون شاه وذكره باسمه، فما سمعت الببغاء باسمه إلا قالت
بلسان الهند، بهث رومي خان حرامخوار بهث رومي خان حرامخوار!، يعني سحقاً لك يا رومي خان
الغادر! سحقاً لك يا رومي خان الغادر! وكررت اللفظ مراراً، فأطرق رومي خان بين ذلك الجمع
حياء من مقالة الببغاء، فتسلية له خاطبه همايون شاه قائلاً: لو غير الببغاء قالها لسللت لسانه من قفاه
ولكنه طير قال الآصفي: والظاهر أنه لما خرج بهادر شاه نطق بهذه الكلمات من تخلف عنه وتكرر
ذلك وسمعتها الببغاء وحفظتها، ولما سمعت اسمه ذكرت الكلمات نطقت بها، كما كانوا ينطقون بها.
وأما رومي خان بعد ذلك فلازم همايون شاه وتقرب إليه، فسلطه همايون على قلعة جنار كده، ففتحها
سنة أربع وأربعين وتسعمائة، فأعطاه همايون الصلات الجزيلة وولاه على تلك القلعة الحصينة
المنيعة، وصار(4/430)
محسوداً بين أبناء العصر فسموه ومات في زمان قريب، ذكره معتمد خان في
إقبالنامه.
الشيخ مصطفى بن عبد الستار السهارنبوري
الشيخ الفقيه الزاهد مصطفى بن عبد الستار بن عبد الكريم الأنصاري السهارنبوري كان من كبار
العلماء، درس وأفاد مدة مديدة، وأخذ الطريقة عن ركن الدين محمد بن عبد القدوس الكنكوهي، تذكر
له كشوف وكرامات، قيل: إن والي بلدته أكرهه على الخروج إلى معسكر السلطان، فذهب إلى آكره
وتبعه الوالي فغرق في الماء ولما وصل الشيخ إلى آكره أكرمه السلطان ورخص له في الرجوع إلى
بلدته، مات في رابع شعبان سنة ألف، ذكره السهارنبوري في المرآة.
مولانا مصلح الدين اللاري
الشيخ الفاضل العلامة مصلح الدين الحنفي اللاري كان أوحد أقرانه في العلوم العربية والمعارف
الحكمية، درس وأفاد مدة طويلة أخذ عنه مرزا شاه حسين سلطان السند وطائفة من أهل العلم، وهو
سافر إلى مكة المباركة سنة ستين وتسعمائة فلم يرجع عنها، وله شرح بسيط على شمائل الترمذي،
وتعليقات على تفسير البيضاوي، وشرح المنطق بالفارسي، ذكره النهاوندي في المآثر.
السلطان مظفر الحليم الكجراتي
السلطان الفاضل العادل المحدث الفقيه مظفر بن محمود بن محمد بن أحمد ابن محمد بن المظفر
الكجراتي أبو النصر شمس الدين مظفر شاه الحليم صاحب الرياستين، ولد يوم الخميس لعشر بقين
من شوال سنة خمس وسبعين وثمانمائة بأرض كجرات، ونشأ في مهد السلطة ورضع من لبان العلم
وترعرع وتنبل في أيام أبيه، وقرأ على مجد الدين محمد بن محمد الايجي العلامة وعلى غيره من
العلماء، وأخذ الحديث عنه وعن الشيخ المحدث جمال الدين محمد بن عمر ابن المبارك الحميري
الحضرمي الشهير ببحرق، وتدرب في الفنون الحربية، حتى فاق أسلافه في العلم والأدب وفي كثير
من الفعال الحميدة، وقام بالملك بعد والده يوم الثلاثاء ثالث شهر رمضان سنة سبع عشرة وتسعمائة
من الهجرة، وافتتح أمره بالعدل والسخاء والنجدة والجهاد وسد الثغور وإكرام العلماء.
وكان غاية في التقوى والعزيمة والعفو والتسامح عن الناس، ولذلك لقبوه بالسلطان الحليم، وكان جيد
القريحة سليم الطبع حسن المحاضرة عارفاً بالموسيقى مشاركاً في أكثر العلوم والفنون، ماهراً في
الفنون الحربية من الرمي والضرب بالسيف والطعن بالرماح والفروسية والمصارعة خطاطاً جيد
الخط، كان يكتب النسخ والثلث والرقاع بكمال الجودة، وكان يكتب القرآن الحكيم بيده ثم يبعثه إلى
الحرمين الشريفين، وحفظ القرآن في حياة والده في أيام الشباب.
وكان يقتفي آثار السنة السنية في كل قول وفعل، ويعمل بنصوص الأحاديث النبوية، وكثيراً ما
يذكر الموت ويبكي، ويكرم العلماء ويبالغ في تعظيمهم، كان لا يحسن الظن بمشايخ عصره في بداية
حاله ثم مال إليهم.
ولم يزل يحافظ على الوضوء ويصلي بالجماعة ويصوم رمضان، ولم يقرب الخمر قط، ولم يقع في
عرض أحد، وكان يعفو ويسامح عن الخطائين، ويجتنب الإسراف والتبذير وبذل الأموال الطائلة
على غير أهلها.
وكان كثير التفحص عن أخبار الناس عظمي التجسس عن أخبار الممالك، وربما يغير زيه ولباسه
ويخرج من قصره آناء الليل والنهار ويطلع على الأخبار ويستكشف الأسرار.
قال الآصفي: إنه وصل إليه يوماً من القاضي بجانبانير رسول الطلب وقد تظلم منه من يتجر في
الخيل فكما بلغه وعلى ما كان عليه في حال الخلوة أجاب الرسول وخرج ماشياً إلى مجلس القاضي
وجلس مع خصمه بين يديه، وادعى التاجر عليه أنه لم يصله ثمن أفراسه، وثبت ذلك وأبى التاجر
أن يقوم من مجلسه قبل أداء الثمن وحكم القاضي به، فمكث السلطان مع خصمه إلى أن قبض التاجر
الثمن، وكان القاضي لما حضر السلطان المحكمة وسلم عليه لم يتحرك من مجلسه، وما كفاه ذلك حتى
أنه أمره أن لا يترفع على خصمه ويجلس معه والسلطان لا يخرج عن حكمه،(4/431)
ولما قبض التاجر
الثمن وسأله القاضي، هل بقيت لك دعوى عليه؟ وقال: لا، عند ذلك قام القاضي من مجلسه وسلم
على سلطانه على عادته فيه ونكس رأسه فيما يعتذر به، فقام السلطان من مجلسه مع الخصم وأخذ
بيد القاضي وأجلسه في مجلس حكمه كما كان، وجلس إلى جنبه وشكره على عدم مداهنته في الحق
حتى أنه قال: لو عدلت عن سيرتك هذه رعاية لي لانتصفت للعدالة منك وأنزلتك منزلة آحاد الناس
لئلا يأتسي بك بعدك غيرك، فجزاك الله عني خيراً بوقوفك مع الحق! فمثلك يكون قاضياً، فأثنى عليه
القاضي، وقال: ومثلك يكون سلطاناً.
قال الآصفي: ومن بره المستفيض لأهل الحرمين الشريفين أنه نجر مركباً وشحنه بالقماش المثمن
وأرسله إلى بندر الحجاز جدة، وجعله وما فيه صلة لهم، وله بمكة المشرفة رباط يشتمل على مدرسة
وسبيل وعمارة غيرها، وعين وقفاً يتجهز محصوله إلى مكة في كل موسم للمدرسين بمدرسته
والطلبة وسكنة الخلاوي وخدم السبيل وما في معناه، ويتجهز سواه لأهل الحرمين، وكان ذلك مستمراً
في أيامه.
ومن مآثره الحسنة بالحرمين مصحفان بخطه المنسوب كتبهما بقلم الثلث المحرر بماء الذهب وإمام
الحنيفة مخصوص بالقراءة فيهما، وربعتان أيضاً بخطه كذلك، وللمصحفين والربعتين وقف
مخصوص يتجهز كل عام إلى الحرمين الشريفين لقارىء المصحف وقراء الأجزاء وشيخ الربعة
ومفرقها والحافظ لها والداعي له عند الختم والسقاء في الوقت والنقيب والفراش، وقد رأيت ذلك،
وكان مستمراً إلى شهادة السلطان محمود.
ومن نوادر أفعاله أنه لما تغلب مندلي رأى على بلاد مالوه ضيق على المسلمين وخرج محمود شاه
الخلجي صاحب مالوه من بلاده هارباً عنه إلى كجرات نهض السلطان مظفر الحليم من بلاده إلى
مالوه سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة بعساكره فوصل إلى دهار ثم إلى مندو ونزل على القلعة وشرع
في المحاصرة، وأما مندلي رأى فإنه لما بلغه نزول السلطان بديوله قال لأصحابه: قريب منا المظفر
ولا سبيل إلى الحرب إلا إذا حر رانا سانكا صاحب جتور فاكفوني أنتم القلعة وأنا أسير إليه وأصل
به، وعلى هذا ودعهم وعزم لطلبه، فلما نزل السلطان على القلعة خرج يوماً فوج فيه نخبة من رجال
القلعة على أن يفتكوا بالمسلمين وكانوا حذرين فشدوا عليهم وقتلوا منهم كثيراً وهرب الباقون وتركوا
السيف واعتمدوا الخديعة فطلبوا الأمان لتسليم القلعة وترددوا فيه أياماً ثم سألوا الأمان لأموالهم، فلما
أجيبوا طلبوا المهلة لجمعة ثم سألوا التباعد عن القلعة ليأمنوا في الخروج، ولما فعل ذلك بلغه وصول
رانا سانكا إلى أجين فغضب السلطان وركب إلى ربوة مرتفعة هناك وجلس عليها، وأما الأمراء فكل
منهم في سلاحه الكامل في ظل علمه واقف تحت الربوة، فطلب من بينهم عادل خان الفاروقي
صاحب برهانبور وقلده إمارة العسكر المجهز لحرب صاحب جتور وخلع عليه وقلده سيفاً وحياضة
ومجناً وتسعة من الخيل وحلقة من الأفيال وأوصاه وودعه، وكذلك طلب فتح خان صاحب رادهن
بور وأعطاه مثله، وكذلك طلب قوام خان ثم أوصاهما بعادل خان وودعهما، ثم استدعى عسكر هؤلاء
ووعدهم جميلاً، وخص وجوه العسكر بالأقبية، وأمر بسائرهم بالتنبل على عادة الهند في الرخصة
لهم، ونهض إلى منزله الأول وجد في أسباب الفتح، ودخل القلعة عنوة في ثاني يوم نزوله، وعمل
السيف فيهم، وكان آخر أمرهم أنهم دخلوا مساكنهم وغلقوا الأبواب وأشعلوها ناراً فاحترقوا وأهليهم،
والسلطان تحت المظلة وهكذا محمود وهما يسيران رويداً رويداً والدماء تسيل كالعين الجارية في
سكك القلعة من كل جانب إلى مخارج الماء منها، وبلغ عدد القتلى من الكفرة تسعة عشر ألفاً سوى
من غلق بابه واحترق وسوى أتباعهم، فلما وصل السلطان إلى دار سلطنة الخلجي التفت إليه وهنأه
بالفتح وبارك له في الملك وأشار بيده المباركة إلى الباب وقال له: بسم الله ادخلوها بسلام آمنين
وعطف عنانه خارجاً من القلعة إلى القباب، ودخل الخلجي منزله واجتمع بأولاده وأهله وسجد شكراً
لله سبحانه، فلما بلغ مندلي رأى شهق شهقة وغشى عليه وسمع رانا سانكا بعادل خان وقد قرب من
أجين فاضطرب وقال لمندلي رأى: ما هذه الشهقة؟ قد قضى الأمر فإن عزمت على أن تلحق
بأصحابك فها عادل خان يسمع نفيره وإلا فأدرك نفسك، ثم أمر به فحمل على فيل وخرج من أجين
إلى جهاته خائباً(4/432)
سعيه، وتبعه عادل خان إلى ديبالبور وتوقف بها حتى جاءه الطلب، ثم إن الخلجي
تفقد ذخائره وهيأ الضيافة ونزل إلى مظفر شاه السلطان وسأله التشريف بالطلوع فأجابه، فلما فرغ
من الضيافة دخل به العمارات التي من آثار أبيه وجده، فأعجب بها وترحم عليهم، ثم جلسا في جانب
منه وشكره الخلجي وقال: الحمد لله الذي بهمتك رأيت بعيني ما كنت أتمناه بأعدائي ولم يبق لي الآن
ارب في شيء من الدنيا والسلطان أولى بالملك مني وما كان لي فهو له فأسألك قبول ذلك وللسلطان
أن يقيم به من شاء، فالتفت السلطان إليه وقال له: أول خطوة خطوتها إلى هذه الجهة كانت لله تعالى،
والثانية كانت لنصرتك وقد نلتها فالله يبارك لك فيه ويعينك عليه! فقال الخلجي: خلا الملك من
الرجال فأخشى ضياعه، فأجابه مظفر شاه المظفر الحليم وقال له: أما هذا فمقبول، سيكون آصف
خان معك باثني عشر ألف فارس إلى أن يجتمع رجالك، فطلب الخلجي أن يكون عنده ولده تاج خان
وألح عليه، فأجاب إلى ذلك ووعده بالنصر في سائر الأوقات وقال لآصف خان: مالك ولأصحابك
كافة من الجراية والولاية عندي فهي على حالها إلى أن ترجعوا إلى منازلكم، وما يعطيكم الخلجي
فهو مضاف إليه للتوسع في الوقت، وأمر للخلجي بخزانة ثم ودعه ونزل.
وقيل: إن مظفر شاه لما فتح القلعة ودخلها سأله أركان سلطنته أن يستأثر بها، فالتفت إلى الخلجي
وودعه للنزول وقال له: احفظ باب القلعة برجال لا يدعوا أحداً يدخلها بعد نزولي حتى من ينتسب
إلي، فالتمس الخلجي أن يمكث أياماً، فأبى ونزل، ثم بعد ثلاث أضافه الخلجي ودار به في العمائر
التي ما مثلها يذكر في الهند وانتهى إلى عمارة بابها مغلق، فاستفتحه ودخل إلى حجر هناك فأمر
الطواشية بفتحها واستدعاء من فيها، فإذا بنساء برزن في حلي وحلل قل أن رأت العين مثلهن
وبأيديهن أصناف الجواهر، وما منهن إلا من سلمت ونثرت ما بأيديها على قدم السلطان، فلما
رأى.... أشار بأن يحتجبن لعدم حلية النظر إلى الأجنبية، فقال الخلجي: كلهن ملكي وأنا مالك، والعبد
وما ملك لمولاه، فدعا له وعاد إلى قبابه، وبالجملة فلما نهض للمسير راجعاً نزل الخلجي ومعه تاج
خان وآصف خان، وشيعه إلى حده وسأله الدعاء ورجع، ورخص السلطان لعادل خان فرجع إلى
برهانبور، ووصل السلطان بالفتح والدعاء إلى جانبانير، وكان يوم دخوله مشهوداً كثر فيه الدعاء له
من سائر عباد الله تعالى.
وكان فتح مندو في ثاني عشر من صفر سنة أربع وعشرين وتسعمائة، ولبعض الشعراء في
تاريخه:
مظفر شاه سلطان جهانكير أساس شرع ودين از نو نهادي
كرفته قلعه مندو بشش روز طلسم اينجنين محكم كشادي
همين بس بهر تاريخش كه كويم كرفته ملك مندو باز دادي
وفيه:
مظفر شاه سلطان جهانكير آنكه تيغ أو بناي كفر را ويران ودين وشرع را نو كرد
جو از بخت همايون كرد فتح قلعه مندو بود تاريخ سال آن همايون فتح مندو كرد
وقال بعضهم في تاريخه: قد فتح المندو سلطاننا وهذا من نوادر الوقائع لا يذكر مثله لأحد من ملوك
الهند وسلاطينها بل سلاطين غيرها من البلاد.
وأعجب من ذلك أن هذا الخلجي وأسلافه كانوا من أعداء دولتهم، فإن جده محمود شاه الخلجي الكبير
كان - سامحه الله - يصول عليهم مرة بعد أخرى، وفي كل مرة يخسر ويخيب في أمله، وأبوه غياث
الدين الخلجي خرج إلى كجرات لنصرة كفار الهنود على محمود شاه الكجراتي الكبير، وكذلك جده
في أيام محمد شاه الكجراتي، سامحهما الله تعالى! ولله در من قال:
هيهات أن يأتي الزمان بمثله إن الزمان بمثله لبخيل(4/433)
قال الآصفي: وفي سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة خرج السلطان إلى مصلى العيد للاستسقاء وتصدق
وتفقد ذوي الحاجة على طبقاتهم وسألهم الدعاء ثم تقدم للصلاة، وكان آخر ما دعا به كما يقال اللهم!
إني عبدك ولا أملك لنفسي شيئاً، فإن تك ذنوبي حبست القطر عن خلقك فها ناصيتي بيدك! فأغثنا يا
أرحم الراحمين قال هذا ووضع جبهته على الأرض واستمر ساجداً يكرر قوله: يا أرحم الراحمين،
فما رفع رأسه إلا وهاجت ريح ونشأت بحرية ببرق ورعد ومطر، ثم سجد لله شكراً ورجع من
صلاته بدعاء الخلق له وهو يتصدق وينفح بالمال يميناً وشمالاً.
وبعد الاستسقاء بقليل اعتراه الكسل ثم ضعف المعدة ومنه شكى ضعف الجسد، وفي خلال ذلك عقد
مجلساً حفلاً بسادة الأمة ومشايخ الدين وصوفية اليقين واجتمع بهم، وتذاكروا فيما يصلح بلاغاً
للآخرة إلى أن تسلسل الحديث في رحمة الله سبحانه وما اقتضاه منه وإحسانه، فأخذ يشرح ما من الله
عليه من حسنة ونعمة ويعترف بعجز شكرها إلى أن قال: وما من حديث رويته عن أستاذي المسند
العالي مجد الدين بروايته له عن مشايخه إلا وأحفظه وأسنده وأعرف لراويه نسبته وثقته وأوائل حاله
إلى وفاته، وما من آية إلا ومن الله علي بحفظها وفهم تأويلها وأسباب نزولها وعلم قراءتها، وأما الفقه
فأستحضر منه ما أرجو به مفهوم من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ولي مدة أشهر أصرف وقتي
باستعمال ما عليه الصوفية وأشتغل بما سنه المشايخ لتزكية الأنفاس عملاً بما قيل من تشبه بقوم فهو
منهم وها أنا أطمع في شمول بركاتهم متعللاً بعسى ولعل، وكنت شرعت بقراءة معالم التنزيل وقد
قاربت إتمامه إلا أني أرجو أن أختمه في الجنة إن شاء الله تعالى، فلا تنسوني من صالح دعائكم،
فإني أجد أعضائي فقدت قواها، وليس إلا رحمة الله سبحانه دواها، فدعا له الحاضرون بالبركة في
العمر.
قال: وفي سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة على خروجه من جانبانير ظهرت منه مخائل المستودع
بفراق الأبد لها ولأهلها، وأكثر من أعمال البر فيها وفي طريقه إلى أحمد آباد، ولما نزل بها كان
يكثر من التردد إلى المزارات المتبركة ويكثر من الخير بها، وكان له حسن الظن بالعلامة خرم خان
فقال له يوماً: نظرت فيما أوثر به أولي الاستحقاق من الإنفاق فإذا أنا بين إفراط في صرف بيت
المال وتفريط في منع أهله، فلم أدر إذا سئلت عنهما بما أجيب.
وفي آخر أيامه وكان يوم الجمعة قام إلى المحل واضطجع إلى أن زالت الشمس، فاستدعى بالماء
وتوضأ وصلى ركعتي الوضوء وقام من مصلاه إلى بيت الحرم، واجتمعت النسوة عيه آئسات
باكيات يندبن أنفسهن حزناً على فراق لا اجتماع بعده، فأمرهن بالصبر المؤذن بالأجر، وفرق عليهن
مالاً ثم ودعهن واستودعهن الله سبحانه، وخرج وجلس ساعة، ثم استدنى منه راجه محمد حسين
المخاطب بأشجع الملك وقال له: قد رفع الله قدرك بالعلم وله وهي آخر خدمتك لي أريدك تحضر
وفاتي وتقرأ علي سورة ياسين وتغسلني بيدك وتسامحني فيه، فامتن بما أهله به وفداه ودعا له، ثم
وقد سمع أذاناً قال: أهو في الوقت؟ فأجاب أسد الملك هذا أذان الاستدعاء لاستعداد صلاة الجمعة
ويكون في العادة قبل الوقت، فقال: أما صلاة الظهر فأصليها عندكم، وأما صلاة العصر فعند ربي في
الجنة إن شاء الله تعالى، ثم أذن للحاضرين في صلاة الجمعة واستدعى مصلاه وصلى، ودعا الله
سبحانه بوجه مقبل عليه وقلب منيب إليه، دعاء من هو مفارق للقصر مشرف على القبر، ثم كان
آخر دعائه رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض، أنت
وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين وقام من مصلاه وهو يقول: استودعك الله،
واضطجع على سريره وهو مجتمع الحواس ووجهه يلتفت إلى القبلة وقال: لا إله إلا الله محمد
رسول الله، وفاضت نفسه والخطيب على المنبر يدعو له، وفي ذلك عبرة لمن ألقى السمع وهو
شهيد.
وكان ذلك في ثاني جمادي الأولى سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة، وحمل تابوته إلى سركهيج ودفن
عند والده طيب الله ثراه!
ويحسن الاستشهاد هنا بما رثى به العماد الكاتب سلطانه الملك العادل نور الدين الشهيد رحمه الله:(4/434)
يا ملكاً أيامه لم تزل لفضله فاضلة فاخرة
ملكت دنياك وخلفتها وسرت حتى تملك الآخرة
خواجه مظفر علي التربتي
الوزير الكبير مظفر علي التربتي نواب مظفر خان، كان من رجال بيرم خان خانخانان التركماني،
وبعد موته تقرب إلى أكبر شاه التيموري سلطان الهند، وتدرج إلى الإمارة حتى نال الوزارة الجليلة
سنة إحدى وثمانين وتسعمائة.
وكان رجلاً فاضلاً كريماً له يد بيضاء في السياسة والتدبير، ومن مآثره جامع كبير بآكره، توفي في
شهر ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وتسعمائة، ذكر عبد الرزاق في مآثر الأمراء.
الشيخ معروف الأمجهيروي
الشيخ الصالح معروف بن سعد الله بن محمود الصديقي الأمجهيروي الدهاري أحد المشايخ الجشتية،
ولد ونشأ بقرية أمجهيره من أعمال دهار، وسافر إلى نارنول وأخذ عن الشيخ نظام الدين النارنولي
ولازمه مدة من الزمان، ثم رجع إلى دهار وأقام بها زماناً، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج
وزار، ومات بها سنة ثمان وتسعين وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.
الشيخ معروف الجونبوري
الشيخ الكبير معروف بن عبد الواسع البخاري الجونبوري كان من نسل الشيخ جلال الدين حسين
بن أحمد الحسيني البخاري على ما قيل، ولد ونشأ بجونبور، وقرأ العلم على الشيخ إله داد
الجونبوري العلامة وأخذ عنه الطريقة الجشتية، وأخذ الطريقة القادرية والشطارية عن الشيخ محمد
بن عبد العزيز الجونبوري، وانقطع إلى الزهد والعبادة والتدريس والتجرد عن أسباب الدنيا ودعوة
الخلق إلى الله سبحانه واستقام على ذلك الترك والتجريد ثلاثين سنة، أخذ عنه الشيخ أحمد بن زين
الجونبوري والشيخ نظام الدين الأميتهوي وخلق كثير.
الشيخ ملوك شاه البدايوني
الشيخ الفاضل ملوك شاه العمري البدايوني أبو عبد القادر كان من العلماء الصالحين، قرأ على
الشيخ حاتم بن أبي حاتم السنبهلي، ثم لازم السيد جلال الدين الحسني البدايوني وقرأ عليه سائر
الكتب الدرسية، وأخذ الطريقة عن الشيخ عبد الله الجشتي البدايوني، مات لثلاث بقين من رجب سنة
تسع وستين وتسعمائة بالإسهال الكبدي بمدينة بساور فدفن بها، وأرخ لوفاته ولده عبد القادر جهان
فضل.
القاضي منجهله الجونبوري
الشيخ الفقيه القاضي منجهله الجونبوري أحد العلماء المبرزين في الفقه والعربية، ولي القضاء
بجونبور فاستقل به مدة من الزمان، ثم صحب الشيخ علي بن قوام الحسيني الجونبوري وأخذ عنه
الطريقة العشقية الشطارية، ذكره عارف علي في العاشقية.
الشيخ منجهن الكمالبوري
الشيخ العالم الصالح منجهن الشطاري الكمالبوري أحد الفقهاء المتورعين، كان شديد الحسبة على
الناس، أخذ الطريقة العشقية عن الشيخ علي بن قوام الحسيني الجونبوري وصحبه زماناً طويلاً، كما
في العاشقية.
الشيخ منصور اللاهوري
الشيخ الفاضل منصور بن أبي المنصور الحنفي اللاهوري أحد العلماء المشهورين، قرأ النحو
والعربية وكثيراً من العلوم والفنون على صهره الشيخ سعد الله اللاهوري، وبعضها على شيخ صهره
إسحاق بن كاكو، ولازمه زماناً فخار قصب السبق في حلبة العلوم، وتصدر للتدريس.
وكان عالماً خفيف الروح سليم الذهن قوي التخيل حسن المحاضرة كثير الصحبة بالأمراء وكانوا
يكرمونه، ولاه أكبر شاه التيموري القضاء الأكبر في أرض مالوه فاستقل بها زماناً، ثم رجع إلى
لاهور وولاه ضبط المهمات في بحواره وأودية الجبال من حدودها، ذكره عبد القادر في تاريخه.(4/435)
الأمير الكبير منعم خان التركماني
الأمير الكبير منعم بن بيرم التركماني نواب منعم خان خانخانان، كان من الأمراء المشهورين في
الهند، خدم همايون شاه ثم ولده أكبر شاه التيموري مدة طويلة حتى ولي إمرة الإمارة ولقبه أكبر شاه
خانخانان ومعناه أمير الأمراء سنة سبع وستين وتسعمائة، فاستقل بها أربع عشرة سنة.
ومن مآثره جسر على نهر كومتي بمدينة جونبور، بناه سنة إحدى وثمانين وتسعمائة وهو من
عجائب الزمن ونوادر الهند، أرخ لبنائه الناس صراط المستقيم.
مات ببلدة تانده من بلاد بنكاله سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة، كما في مآثر الأمراء.
الشيخ منور بن نور الله الجهمراوتي
الشيخ الصالح منور بن نور الله بن معز الدين بن إله داد بن القاضي محمد الشرعي الجهمراوتي
أحد رجال العلم والطريقة، أخذ الطريقة عن الشيخ خانون بن العلاء الناكوري ولازمه مدة بكواليار،
وسافر معه إلى ناكور وجنديري وكواليار وآكره، ثم أقعده الشيخ بآكره فسكن بها، مات لثلاث بقين
من ذي القعدة سنة تسعين وتسعمائة بآكره، كما في كلزار أبرار.
القاضي من الله الكاكوروي
الشيخ العالم الفقيه القاضي من الله بن نعيم الله بن تاج الدين بن شهاب الدين الصديقي الكاكوروي
أحد العلماء المشهورين، أخذ العلم والطريقة عن العلامة سعد الدين بن بدهن بن محمد الخير آبادي
صاحب مجمع السلوك وأخذ عنه ولده محمد المشهور بالشيخ سعدي.
الشيخ من الله الجونبوري
الشيخ الكبير من الله بن بهاء الدين العمري الجشتي الجونبوري المشهور بالشيخ أدهن، بفتح الهمزة
وتشديد الدال الهندية، ولد ونشأ بجونبور، وأخذ عن والده وتولى الشياخة بعده، وعمر مائة سنة.
وكان مرزوق القبول، حصل له الإجازة عن الشيخ شهاب الدين محمود عن الشيخ برهان الدين عن
الشيخ صدر الدين محمد بن أحمد الحسيني البخاري.
وله مؤنس الذاكرين كتاب مفيد في بابه، ذكره الجونبوري في كنج أرشدي.
وقال البدايوني: إنه بلغ أقصى عمره وعجز عن القعود والقيام والحركة إلا إذا حركه أصحابه، وكان
مع ذلك يؤدي الصلوات المفروضة قائماً إذا أقاموه، والسنن والنوافل قاعداً، وكان تغلب عليه الحالة
في مجلس السماع فيقوم بنفسه ويتواجد ولا يستطيع الأقوياء من الرجال أن يقاوموه في تلك الحالة،
انتهى، مات سنة سبعين وتسعمائة، واسمه شيخ أدهن يشعر بسنة وفاته.
الشيخ مودود الكجراتي
الشيخ العالم الصالح مودود بن علم الدين بن عين الدين الشاطبي الصديقي الفتني الكجراتي أحد
العلماء المبرزين في القراءة والتجويد، أخذ عن والده ولازمه مدة طويلة وتولى الشياخة بعده، أخذ
عنه خلق كثير من العلماء، مات سنة ثلاث عشرة وتسعمائة وله خمس وثمانون سنة، وقبره بمدينة
فتن من بلاد كجرات.
الشيخ مودود اللاري
الشيخ العلامة مودود بن أبي مودود الحنفي الصوفي اللاري أحد المشايخ الصوفية، قرأ على الشيخ
عبد الغفور اللاري العلامة صاحب الجامي، وأخذ الطريقة عن بابا نظام الأبدال، وأدرك المشايخ
الكبار كالشيخ نعمة الله العدولي والشيخ قاسم الأنوار وغيرهما، ثم دخل الهند على قدم الترك
والتجريد في حدود سنة تسعمائة وأقام بآكره زماناً ثم دخل باني بت، وقرأ عليه الشيخ عبد الملك بن
عبد الغفور الفصوص لابن عربي ولازمه مدة، مات بباني بت سنة سبع وثلاثين وتسعمائة، كما في
كلزار أبرار.
الشيخ موسى الحداد اللاهوري
الشيخ الصالح موسى الحداد اللاهوري أحد رجال المعرفة، أخذ عن الشيخ شهر الله بن يوسف
الملتاني(4/436)
ثم عن الشيخ عبد الجليل بن أبي الفتح الحارثي، وكان مغلوب الحالة، يذكر له كشوف
وكرامات، توفي سنة خمس وعشرين وتسعمائة.
الشيخ موسى الكجراتي
الشيخ الفاضل موسى بن أبي موسى الكجراتي الشيخ كليم الدين كان من كبار المشايخ في عصره،
حلو الكلام فصيح العبارة شديد التعبد مع حفظ الأوقات، مات بأحمد آباد، ذكره محمد بن الحسن في
كلزار أبرار.
الشيخ ميران السندي
الشيخ الفاضل ميران بن يعقوب التتوي السندي أحد كبار العلماء، درس وأفاد مدة عمره، وأخذ عنه
مرزا شاه حسين صاحب السند وخلق كثير من العلماء، مات سنة تسع وأربعين وتسعمائة، فأرخ
لوفاته بعضهم علامة وارث الأنبياء وقبره على جبل مكلي، ذكره معصوم بن صفاي السندي في
تاريخه.
مولانا مير علي السرهندي
الشيخ الفاضل مير علي الحنفي السرهندي أحد العلماء الصالحين، ولد ونشأ بسرهند، وأخذ عن
الشيخ بدر الدين السرهندي ولازمه مدة، أخذ عنه الشيخ عبد الحي السرهندي وخلق آخرون.
مير محمد خان الغزنوي
الأمير الكبير مير محمد بن يار محمد الحسيني الغزنوي كان من أمراء الدولة التيمورية، خدم
همايون شاه ثم ولده أكبر شاه التيموري مدة طويلة، وولي على بنجاب فاستقل بها مدة، ثم أقطعه
ناحية سنبهل وما والاها من البلاد، ولما فتحت كجرات ولي على فتن.
وكان رجلاً فاضلاً شاعراً كريماً شجاعاً صاحب جرأة ونجدة، فتح الفتوحات العظيمة وولي على
إيالات واسعة، وله ديوان شعر بالفارسي، وكانت له معرفة بالإيقاع والنغم، ومن شعره قوله:
در جواني حاصل عمرم بناداني كذشت انجه باقي بود آن هم در بشيماني كذشت
توفي سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة، كما في مآثر الأمراء.
خواجه ميرك الأصفهاني
الوزير الكبير خواجه ميرك الأصفهاني الدبير نواب جنكيز خان، كان من الأفاضل المشهورين في
الرئاسة والسياسة، قدم الهند ودخل أحمد نكر فنال المنزلة من ولاتها وطابت له الإقامة بها، فجعله
مرتضى نظام شاه صاحب أحمد نكر من خاصته وولاه النيابة المطلقة ولقبه بجنكيز خان، فاعتنى
بتأليف القلوب وتعمير البلاد وتكثير الزراعة، اجتمع إليه خلق كثير من أرباب السيف والقلم، وكان
كثير البر والإحسان شجاعاً حازماً كريماً عادلاً، فتح قلعة دولت آباد وهي من أمنع قلاع الهند،
وتغلب على كاويل ونرناله وإيلجيور من البلاد والقلاع، ووسع حدود ملكه، ثم تحسس منه مرتضى
نظام شاه المجنون أمراً لا يرضاه، فقتله بالسم على يد الحكيم بيبرس المصري، فمات سنة اثنتين
وسبعين - وقيل: ثمانين - وتسعمائة، كما في تاريخ فرشته، والصواب عندي أنه قتل سنة اثنتين
وثمانين وتسعمائة لوجوه تقف عليها عند مطالعة ذلك الكتاب.
القاضي مينا بن يوسف المندوي
الشيخ العالم الفقيه القاضي مينا بن يوسف بن حامد بن أبي المفاخر بن يسين المندوي أحد فحول
العلماء، ولد ونشأ بمندو، وسافر في صباه إلى جنديري وقرأ العلم على أساتذتها، ولما أغار رانا سانكا
على جنديري خرج منها إلى جتهره وسكن بها زماناً، ثم عاد إلى مندو في أيام قادر شاه المالوي،
فولاه القضاء وجعله من ندمائه، وكان جده يسين قاضياً بمندو في أيام محمود شاه الخلجي، ذكره
محمد بن الحسن.
الشيخ ميانجيو الكجراتي
الشيخ الفقيه الزاهد ميانجيو بن داؤد الفتني الكجراتي أحد العلماء الصالحين، ولد بفتن من بلاد
كجرات ونشأ بمندو من بلاد مالوه، وسافر للعلم إلى برهانبور ثم إلى كجرات، وقرأ الكتب الدرسية
على أساتذة عصره، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ أحمد بن(4/437)
جعفر الشيرازي والشيخ صدر الدين الذاكر
البرودوي، ولازمهما مدة حتى بلغ رتبة الشيوخ الكبار، وكان يسترزق بالتجارة، مات بمدينة مندو
سنة خمس وثمانين وتسعمائة، ذكره محمد بن الحسن في كلزار أبرار.
حرف النون
القاضي نجم الدين الكجراتي
الشيخ العالم الفقيه القاضي نجم الدين الحنفي الكجراتي كان قاضي القضاة بكجرات في عهد السلطان
محمود شاه الكبير، وكان شديد الحسبة على الناس، ومما يحكى عنه في ذلك أنه رأى ذات يوم رباباً
في يد صائغ قد وضعه للسلطان فأخذه عنه وكسره، ولما بلغ السلطان صنيعه قال مداعباً: إنه جرىء
على الضعفاء لم لا يجري الاحتساب على صاحب رسول آباد؟ وأراد به الشيخ الكبير محمد بن عبد
الله الحسيني البخاري وهو يلبس الحرير ويستمع الغناء، فلما بلغ القاضي قوله ذهب إلى رسول آباد
وصار مرعوباً عند رؤية الشيخ فخضع له وأخذ عنه الطريقة، ذكره الكجراتي في مرآة سكندري،
مات سنة إحدى عشرة وتسعمائة، كما في الخزينة.
مولانا نجم الدين التستري
الشيخ الفاضل نجم الدين التستري المبرز في العلوم الحكمية، قدم الهند وطابت له الإقامة بمدينة
أحمد نكر فسكن بها مدة طويلة، ونال الصلات والجوائز من الملوك والأمراء، قتل في جمادي الأولى
سنة سبع وتسعين وتسعمائة بأحمد نكر، ذكره محمد قاسم في تاريخه.
القاضي نصر الله السندي
الشيخ العالم الفقيه القاضي نصر الله بن أبي سعيد بن زين الدين الحنفي البهكري السندي أحد الفقهاء
المشهورين، ولي القضاء بمدينة بهكر مكان صنوه القاضي قاضن، ذكره معصوم بن صفائي الترمذي
في تاريخه.
الشيخ نصير الدين الدهلوي
الشيخ العالم الكبير نصير الدين بن سماء الدين بن فخر الدين الحنفي الدهلوي أحد كبار المشايخ،
تأدب على أبيه وتفنن عليه بالفضائل، وأخذ عنه الطريقة وتولى الشياخة بعده، وكان عالماً صالحاً
متين الديانة مع زهد وتورع واستغناء عن الناس، مات ودفن بدهلي، كما في شمس التواريخ.
الشيخ نصير الدين الكجراتي
الشيخ الصالح الفقيه نصير الدين بن مجد الدين بن سراج الدين بن كمال الدين العمري الكجراتي
أحد المشايخ الجشتية، ولد ونشأ بأحمد آباد وقرأ العلم على أساتذة بلدته، ثم أخذ الطريقة عن أبيه
وتولى الشياخة بعده، وكان على قدم أسلافه في الترك والتجريد، مات لثلاث ليال بقين من رجب سنة
عشر وتسعمائة بأحمد آباد.
مولانا نصير الدين الكشميري
الشيخ العلامة نصير الدين الكشميري أحد فحول العلماء، تخرج عليه يعقوب ابن الحسن وشمس
الدين بال وداود بن الحسن ورضى الدين الحسيني وخلق كثير، وكان يرمى بالتشيع.
وقد ذكره يعقوب بن الحسن في كتابه مغازي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: إنه كان فريد عصره
في المنطق والحكمة والكلام والتصوف، وكان كثير الدرس والإفادة، انتهت إليه رياسة التدريس
بكشمير، قال: إنه ولد أعمى ولكن الله سبحانه كشف بصيرته فاشتغل بالعلم وصار من أكابر العلماء،
قرأت عليه المعاني والبيان والبديع والمنطق والحكمة والكلام والتصوف واستفدت منه كثيراً، انتهى.
مات سنة ست وأربعين وتسعمائة بكشمير فدفن بقرية خنده بوره، كما في روضة الأبرار.
الشيخ نصير الدين الجهونسوي
الشيخ العالم الصالح نصير الدين الصديقي الحنفي الجهونسوي أحد كبار المشايخ الجشتية، قرأ
الرسائل الفارسية في صباه، وسافر إلى بنارس فقرأ العلم على الشيخ حسن ابن داود البنارسي، ثم
سافر إلى جونبور وأخذ عن الشيخ جندن المحدث الجونبوري، وتخرج(4/438)
عليه ثم رجع إلى بنارس،
وأمره شيخه الحسن بن داود بالتدريس فسار إلى مصطفى آباد مئو ودرس بها زماناً، ولما سافر
شيخه الحسن للحج وفد عليه بمصطفى آباد وألبسه الخرقة ولقنه الذكر وودعه، وكان نصير الدين
يريد أن يسافر معه للحج فلما استخلفه الحسن جاء إلى جهونسي قرية بمقربة إله آباد ما وراء نهر
كنك ودخل الأربعينية مرة بعد مرة، واشتغل بالذكر والصيام والقيام مع لزم الجمعة والجماعة، وأخذ
الطريقة الشطارية عن الشيخ فريد الدين أحمد الكوالياري ورزق حسن القبول، له مصنف لطيف في
أشغال الطريقة يسمى محبوب السالكين، ولقبه الشيخ فريد أسد العلماء، مات لعشر ليال بقين من ربيع
الأول سنة ثمانين وتسعمائة بجهونسي، كما في كنج أرشدي.
الشيخ نصير الدين الجونبوري
الشيخ الصالح نصير الدين بن محمد بن رفيع الدين بن نجم الدين بن ركن الدين العباسي السمرقندي
ثم الهندي الظفر آبادي أحد رجال العلم والطريقة، أخذ عن الشيخ قطب الدين البصير الجونبوري
القلندر، وانتقل من جونبور إلى قرية بيكو من أعمال ماهل على عشرة أميال من جونبور فسكن بها،
ومات لخمس بقين من جمادي الأولى سنة خمس عشرة وتسعمائة.
الشيخ نصير الدين الهندولي
الشيخ الصالح نصير الدين الهندولي أحد رجال العلم والطريقة، كان من خلفاء الشيخ سليمان بن
عفان المندوي على ما صرح به محمد بن الحسن في كلزار أبرار وذكره البدايوني في تاريخه قال:
إني أدركته بآكره في بيت السيد شاه مير بن أخ السيد رفيع الدين المحدث فوجدته شيخاً منوراً حسن
الأخلاق، وكان مشتهراً بصناعة الكيمياء، وقيل: إن همايون شاه التيموري لما انهزم بجوسه - بفتح
الجيم المعقود - ووصل إلى آكره أمره نصير الدين أن يجمع الأطباق وسائر آلات النحاس فجعلها
ذهباً خالصاً والسلطان حاضر عنده، انتهى، مات في عهد بيرم خان.
الشيخ نظام الدين الكاكوروي
الشيخ العالم الكبير نظام الدين بن سيف الدين بن نظام الدين العلوي الكاكوروي المشهور بالشيخ
بهيكه وقيل: بهيكن - بكسر الموحدة - بعدها هاء وياء مد، كان من نسل محمد ابن الحنفية، ولد
بكاكوري من أعمال لكهنو سنة تسعين وثمانمائة، وقرأ العلم على والده وعلى الشيخ عبد اللطيف
الهروي، وقرأ صحيح البخاري وجامع الأصول على مولانا ضياء الدين المحدث قراءة تدبر وإتقان،
ثم سافر إلى دهلي وأخذ الطريقة عن الشيخ إبراهيم بن معين الحسيني الأيرجي ولازمه مدة، ثم رجع
إلى كاكوري ودرس وأفاد زماناً، ثم راح إلى كالبي وأخذ عن الشيخ إبراهيم بن أحمد بن الحسن
الشريف الحسيني الكيلاني ورجع إلى كاكوري واشتغل بالتدريس والتلقين.
وكان لا يفشي حقائق الطريقة لعامة الناس ويقول: من يفشيها يخشى عليه من سوء الخاتمة، وكان
يستمع الغناء وينهى عنه غيره، ذكره البدايوني.
ومن مصنفاته المنهج في أصول الحديث، والمعارف وشرح الملهمات القادرية كلاهما في الحقائق.
مات سنة إحدى وثمانين وتسعمائة، كما في كشف المتواري.
الشيخ نظام الدين المندوي
الشيخ الصالح نظام الدين بن شرف الدين بن غياث الدين الحسيني المندوي كان من نسل الشيخ
الكبير محمد بن يوسف الحسيني الدهلوي المدفون بكلبركه، أخذ الطريقة عن الشيخ برهان الدين
الجشتي واشتغل عليه بالأذكار والأشغال زماناً، وكان يتكسب بالمهنة ويأكل من عمل يده، تردد إليه
بهادر شاه الكجراتي وهمايون شاه التيموري وأدركاه، وله أربعة وعشرون ابناً كلهم صلحاء.
مات لإحدى عشرة بقين من ذي الحجة سنة خمسين وتسعمائة فدفن بمندو على ساكرنال، كما في
كلزار أبرار.
الشيخ نظام الدين النارنولي
الشيخ العالم الكبير نظام الدين بن عبد الكريم(4/439)
الحنفي النارنولي أحد كبار المشايخ الجشتية، قيل: كان
إسمه إله داد، وكان والده من أصحاب الشيخ محمد غوث الكواليري صاحب الجواهر الخمسة، فسافر
معه إلى كواليار وسكن بزاوية الشيخ محمد غوث، وجد في البحث والاشتغال حتى برع في العلم
وفاق أقرانه في العلوم الآلية والعالية، ثم لازم الشيخ خانون بن العلاء الناكوري وأخذ عنه الطريقة،
وتولى الشياخة بنارنول أربعين سنة، وكانت له مدرسة عظيمة بنارنول، أخذ عنه خلق كثير من
العلماء والمشايخ، توفي لليلتين بقيتا من صفر سنة سبع وتسعين وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.
الشيخ نظام الدين الأميتهوي
الشيخ العالم الفقيه الزاهد نظام الدين بن محمد يسين بن فخر الدين بن أبي الفضل بن تاج الدين
العثماني الأميتهوي أحد كبار المشايخ الجشتية، كان من نسل الشيخ سري القسطي العثماني، ولد سنة
تسعمائة بأميتهي بلدة مشهورة من بلاد أوده، واشتغل بالعلم من صباه، وسافر إلى جونبور وقرأ على
الشيخ معروف ابن عبد الواسع الجونبوري ولازمه مدة، ثم سافر إلى مانكبور وأخذ الطريقة عن
الشيخ نور بن الحامد الحسيني المانكبوري، وعاد إلى جونبور، ثم إلى أميتهي وتزوج بها بمخدومة
جهان بنت خاصة خدا الصالحي، ثم سار إلى كوبامؤ وزوج ابنته بالمفتي آدم بن محمد الصديقي
وسكن بها زماناً، ثم رجع إلى بلدته وانقطع إلى الزهد والعبادة والتدريس، وتزوج في كبر سنه بابنة
الشيخ عبد الرزاق ابن خاصة خدا الصالحي، وله ستة أبناء من بطن مخدومة: عبد الجليل، وعبد
الوهاب، وعبد الواسع، ومحمد، وأحمد، وعبد الحليم، مات منهم عبد الواسع ثم عبد الوهاب ثم عبد
الجليل في حياته، وتولى الشياخة بعد محمد فنازعه أحمد وذهب إلى كوبامؤ فمات بها، وكان له ابن
وحيد من بطن الزوجة الثانية يسمى بجعفر.
وكان من العلماء الربانيين، انتفع به خلق كثير، ولم يزل مشتغلاً بالتدريس والتلقين مع حسن القصد
والإخلاص والابتهال إلى الله سبحانه وشدة الخوف منه ودوام المراقبة له، ما رآه أحد إلا في بيته أو
في مسجده، وكان لا يسافر إلا أحياناً إلى خير آباد للقاء الشيخ نظام الدين الحسيني الخير آبادي، أو
إلى فتحبور للقاء الشيخ عبد الغني بن حسام الدين الفتحبوري، أو إلى كوبامؤ للقاء الشيخ مبارك بن
الشهاب الكوباموي.
وكان لا يفشي أسرار المعرفة لأحد، وكان مداره في السلوك على إحياء العلوم والعوارف والرسالة
المكية وآداب المريدين وأمثالها من الكتب، قال البدايوني: إنه رأى الفصوص لابن عربي في يد
الشيخ أبي الفتح بن نظام الدين الخير آبادي فاختطفه من يده وأعطاه كتاباً آخر للمطالعة، وكان
يصلي الأربعة الاحتياطية قبل صلاة الجمعة، ولا يدعو للسلاطين في الخطبة أصلاً، ولا يبايع أحداً
إلا نادراً، ولا يرشد أصحابه إلى الأشغال ولا يلقنهم وكان يصلي متنعلاً ويقول: إن النبي صلى الله
عليه وسلم صلى متنعلاً، ويصلي صلاة الفجر في الغلس، وكان يحترز عن سماع الغناء وينهى عنه
أصحابه ويقول: إن دار الأمر بين الحلة والحرمة فالأخذ بالأحوط أولى، انتهى ما ذكره البدايوني.
توفي لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة تسع وسبعين وتسعمائة، فبنى على قبره تردي بيك خان عمارة
عالية، وأرخ لوفاته الشيخ جنيد السنديلوي وكان من أصحابه فلك كفتا كه او بادوست بيوست.
الشيخ نظام الدين الخير آبادي
الشيخ العالم الكبير نظام الدين بن السيد ميرن بن نور بن مدن بن سعيد ابن قاضي شيخ بن إنعام
الدين بن ركن الدين بن محمد بن نور بن أحمد بن محمود الحسيني الخير آبادي أحد العلماء
المشهورين، كان من نسل السيد محمود الحسيني الشيوراني، ولد ونشأ ببلدة سنديله - بفتح السين
المهملة - وبايع الشيخ سعد الدين بن القاضي بدهن الخير آبادي في صغر سنه، وسافر للعلم إلى
سنبهل فقرأ على العلامة عزيز الله التلنبي وعلى غيره من العلماء في بلاد أخرى، ورجع إلى خير
آباد وتصدر للتدريس فدرس وأفتى وصار من أكابر العلماء في حياة شيوخه الكرام، وقصده الطلبة(4/440)
من الأقطار البعيدة وتخرجوا عليه، وأخذته الجذبة الربانية في أثناء التدريس فسار إلى سائين بور
ولازم صفي الدين عبد الصمد السائين بوري وأخذ عنه الطريقة، وتولى الشياخة بخير آباد من حسن
القصد والإخلاص والانقطاع إلى الله سبحانه والتجرد عن الأسباب والتقلل عن الدنيا ورد ما يفتح به
عليه، مات لسبع خلون من ربيع الأول سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة، كما في أخبار الأصفياء.
الشيخ نظام الدين البدخشي
الشيخ العلامة نظام الدين الحنفي البدخشي نواب غازي خان كان من نسل الحسن بن أبي الحسن
البصري، ولد بخراسان وقرأ العلم على مولانا محمد سعيد والعلامة عصام الدين إبراهيم الإسفراييني
وعلى غيرهما من الأساتذة، وتلقن الذكر عن الشيخ حسين الخوارزمي، وقدم الهند سنة اثنتين
وثمانين وتسعمائة فتقرب إلى أكبر شاه التيموري، فلقبه بغازي خان وأدناه وأهله للعناية والقبول
وولاه الأعمال الجليلة.
وقال البدايوني: هو الذي اخترع السجدة للسلطان تحية له، والله أعلم.
له مصنفات عديدة منها حاشية بسيطة على شرح العقائد ورسالة في إثبات الكلام وإيمان التحقيق
والتصديق.
مات سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة بأرض أوده، وله سبعون سنة.
جام نظام الدين السندي
الملك الفاضل نظام الدين ننده بن باينه بن انر بن صلاح الدين بن تماجي كان من ولاة السند من
قبيلة سمه، واسمه ننده - بنونين الأولى مفتوحة والثانية ساكنة - نسبه الشهاب أحمد بن حجر المكي
في رسالته رياض الرضوان في مآثر عبد العزيز آصف خان إلى عمر بن الخطاب الخليفة العدوي
القرشي وقال سمعته منه - أي من آصف خان - قال: وأخبرني بعض الثقات أنه سمع منه أنه
مخزومي، فلعل في نسبته من بني مخزوم أيضاً، انتهى، والمشهور أنه هندي النجار من قبيلة سمه،
والله أعلم.
ولي الملك بعد سحر لخمس بقين من ربيع الأول سنة ست وستين وثمانمائة وامتدت أياماً إلى ثمان
وأربعين سنة.
وكان ملكاً فاضلاً عادلاً رحيماً كريماً محباً لأهل العلم محسناً إليهم، استقدم إلى بلاده العلامة جلال
الدين محمد بن أسعد الصديقي الدواني وبعث إليه شمس الدين والمير معين الدين وبعث الهدايا إليه،
وكان الدواني مات قبل أن يصل إليه هداياه.
وكان نظام الدين كارهاً لمحاربة المسلمين يمسح نواصي خيله ويقول: لا سمح الله أن نركبها! لأن
حدود ملكه كانت متصلة بحدود المسلمين.
وكان تقياً متورعاً ملازماً للخيرات والمبرات، وكان عصره من أحسن الأعصار وزمانه من أنضر
الأزمنة، مات نحو سنة أربع عشرة وتسعمائة.
الشيخ نظام الدين المنيري
الشيخ الفاضل نظام الدين المنيري القلندر كان ابن أخت الشيخ قطب الدين العمري الجونبوري
وصاحبه، أخذ عنه الطريقة، وله القصيدة الكبرى وشرحها صراط المستقيم صنفها سنة ثمانين
وتسعمائة، وقبره في الذخيرة ما بين عظيم آباد ومنير، كما في أصول المقصود.
الشيخ نوح بن نعمة الله السندي
الشيخ الفاضل العلامة نوح بن نعمة الله الصديقي الحنفي السندي، كان يسكن بهاله كندى قرية من
أعمال السند، وانتهت إليه الرئاسة العلمية، يذكره عيسى بن قاسم الشهابي السندي بالخير ويقول: إنه
كان يفسر القرآن الكريم بالمعاني الدقيقة، حكى عنه محمد بن الحسن في كلزار أبرار، مات يوم
الخميس لأربع ليال بقين من ذي القعدة سنة ثمان وتسعين وتسعمائة بهاله كندى، ذكره القانع في تحفة
الكرام.
الشيخ نور الحق الحسيني المانكبوري
الشيخ الكبير نور الحق بن الحامد الحسيني(4/441)
المانكبوري أحد كبار المشايخ الجشتية، ولد ونشأ
بمانكبور ولازم أباه ملازمة طويلة وأخذ عنه وتولى الشياخة بعده، أخذ عنه خلق كثير، وكان صاحب
كشوف وكرامات كوالده، مات في سنة إحدى وعشرين وتسعمائة، كما في كنج أرشدي.
الشيخ نور الدين السفيدوني
الشيخ العالم الكبير نور الدين بن سلطان علي الرضوي الهروي ثم الهندي السفيدوني، كان من
العلماء المبرزين في الهيئة والهندسة والأصطرلاب، ولد بجام من أعمال خراسان ونشأ في مشهد
الرضا، وقدم الهند في أيام همايون شاه التيموري، فقربه إليه وأدناه وجعله من جلسائه وأخذ عنه
بعض الفنون، وأخذ السفيدوني عنه علم الأصطرلاب، ذكره الخوافي.
وقال البدايوني: كانت له مشاركة جيدة في المنطق والحكمة والشعر والفنون الرياضية، وكان فكهاً
لطيف الروح، كريماً جواداً من حسنات العصر، حفر نهراً كبيراً من ماء جمن وأجراه إلى كرنال ثم
إلى غيرها من البلاد قريباً من مائة أميال، فلم يزل ينتفع به الناس إلى مدة طويلة، قال: وسفيدون
قرية جامعة من أعمال سرهند كانت تحت يده في العمالة فاشتهر بها، انتهى، ومن شعره قوله:
جون دست ما بدامن وصلت نميرسد بائي طلب شكسته بدامان نشسته ايم
مات سنة أربع وتسعين وتسعمائة في أيام أكبر شاه.
الشيخ نور الدين الجونبوري
الشيخ الصالح نور الدين بن نصير الدين العباسي الجونبوري أحد مشايخ الطريقة القلندرية، أخذ
عن أبيه وعن الشيخ قطب الدين العمري الجونبوري، مات لثمان بقين من صفر سنة ثلاث وستين
وتسعمائة.
حرف الواو
مولانا وجيه الدين الكجراتي
الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة وجيه الدين بن نصر الله بن عماد الدين العلوي الكجراتي أحد كبار
الأساتذة، لا تكاد تسمع من يدانيه فيمن عاصره من العلماء في كثرة التصانيف ويجاريه في قوة
التدريس.
ولد بجانبانير من أرض كجرات سنة إحدى عشرة وتسعمائة، واشتغل بالعلم على أساتذة عصره، ثم
لازم العلامة عماد الدين محمد بن محمود الطارمي وأخذ المنطق والحكمة والكلام والأصول وغيرها
من العلوم الآلية والعالية، وأقبل على العلم إقبالاً كلياً حتى حاز قصب السبق فيه وأحكم فأفتى ودرس
وله نحو العشرين، وصنف التصانيف وصار من أكابر العلماء في حياة شيوخه، ولبس الخرقة من
الشيخ قاضي خان الجشتي النهروالي المشهور بالشيخ قاضن، ثم أخذ الطريقة العشقية الشطارية عن
الشيخ محمد غوث الكواليري صاحب الجواهر الخمسة واشتغل عليه بالأذكار والأشغال زماناً.
وكان صاحب صدق وإخلاص، قانعاً باليسير، شريف النفس، لا يمتاز عن آحاد الناس في الملبس،
ويبذل عن الطلبة والمحصلين عليه ما يفتح له، ويختار الثياب الخشنة في اللباس مع انقطاعه إلى
الدرس والإفادة والاشتغال بالله سبحانه والتجرد عن أسباب الدنيا، لم يتردد إلى بيوت الأمراء
والأغنياء إلا مرة أو مرتين في عمره مكرها، فما رآه أحد إلا في بيته أو في المسجد مشتغلاً بالإفادة
والعبادة.
وكانت له اليد الطولى في حسن التصنيف وجودة العبارة والترتيب والتقسيم والتبيين، ومن مصنفاته
الممتعة حاشية على تفسير البيضاوي، وحاشية على أصول البزودي، وحاشية على هداية الفقه
للمرغيناني، وعلى شرح الوقاية، وعلى المطول، على المختصر، وعلى التلويح، وعلى العضدية،
وعلى شرح التجريد للأصفهاني، وعلى شرح العقائد للتفتازاني، وعلى الحاشية القديمة للدواني،
وعلى شرح المواقف للجرجاني، وعلى شرح حكمة العين، وعلى شرح المقاصد، وعلى شرح
الجغميني، وعلى شرح الشمسية للرازي، وعلى شرح الكافية للجامي، وعلى شرح الإرشاد للدولة
آبادي، وله شرح على رسالة علي القوشجي في الهيئة، وشرح على أبيات التسهيل، وشرح على
اللوائح، وشرح على جام جهان نما(4/442)
وشرح على النخبة في أصول الحديث.
توفي سنة ثمان وتسعين وتسعمائة، فأرخ لعام وفاته بعضهم شيخ وجيه الدين، وقبره مشهور بأحمد
آباد.
الشيخ وجيه الدين الجندواروي
الشيخ العالم الصالح وجيه الدين بن نظام الدين الحسيني الجندواروي أحد المشايخ الجشتية، ولد
ونشأ بجندواره - بفتح الجيم المعقود - قرية ما بين لكهنو وفيض آباد، وقرأ الكتب الدرسية من
الميزان إلى الحسامي على أساتذة وطنه، ثم لازم الشيخ محمد بن منكن الصديقي الملاوي وسافر معه
إلى ملاوه - بتشديد اللام - وقرأ عليه فاتحة الفراغ، ثم أخذ عنه الطريقة ودخل الأربعينات والتزم
الصيام والقيام.
ومن مصنفاته مصباح العاشقين في إيضاح أحوال السالكين كتاب مفيد بالفارسي في أخبار المشايخ
الجشتية، شرع في تصنيفه سنة ست وثلاثين وتسعمائة، ورتبه على أربع مقالات: الأولى في أخبار
شيخه محمد، والثانية في أخبار شيوخ شيخه إلى معين الدين حسن السجزي الأجميري وأخبار
معاصريهم من العلماء والمشايخ، والثالثة في الأذكار والأشغال، والرابعة في أخبار تلامذة الشيخ
محمد وأصحابه في الطريقة، أوله: الحمد لله الذي يسبح له ما في السماوات والأرض، إلخ.
الشيخ ودود الله المالوي
الشيخ الصالح ودود الله بن معروف الصديقي المالوي، كان من نسل عبد الرحمن بن أبي بكر
الصديق رضي الله عنهما وكان اسمه لاد، أخذ الطريقة عن الشيخ محمد غوث الكواليري صاحب
الجواهر الخمسة ولازمه اثنتي عشرة سنة وأخذ عنه أعمال الجواهر الخمسة ولما رحل محمد غوث
إلى كجرات سكن بآشته - بلدة كانت من بلاد مالوه واليوم قرية جامعة من أعمال بهوبال - فأقام بها
إلى سنة أربع وسبعين وتسعمائة، ثم سار نحو جامود - قرية من أعمال برهانبور - وسكن بها إلى
أن توفي إلى رحمة الله سبحانه، وعمره جاوز مائة سنة، مات سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة بجامود،
كما في كلزار أبرار.
الشيخ ولي الشطاري
الشيخ الصالح ولي بن الولي الشطاري أحد المشايخ العشقية الشطارية، أخذ عن الشيخ حافظ واسطه
كار، وأخذ عنه الشيخ بهاء الدين زكريا الأجودهني وابن أخيه الشيخ حاجي بن علم الدين العجائب
وخلق آخرون، مات سنة ست وخمسين وتسعمائة، كما في كلزار أبرار.
الشيخ ولي محمد الكجراتي
الشيخ الصالح ولي محمد الحنفي الشطاري الكجراتي أحد المشايخ الشطارية، ولد بجانبانير ونشأ
بها، وبايع الشيخ قطب الدين النهروالي الذاكر، ثم لازم الشيخ محمد غوث الكواليري وأخذ عنه
الطريقة، له شرح على نزهة الأرواح، انتقل من كجرات إلى برهانبور سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة
فسكن بها إلى أن توفي سنة سبع وثمانين وتسعمائة، كما في تاريخ برهانبور.
حرف الهاء
الشيخ هبة الله الشيرازي
الشيخ الفاضل العلامة هبة الله بن عطاء الله بن لطف الله بن سلام الله ابن روح الله الحسيني
الشيرازي المشهور بشاه مير، كان من كبار العلماء، ولد ونشأ بشيراز، وقرأ العلم على أساتذة الشيخ
صدر الدين الشيرازي صاحب الأسفار الأربعة مشاركاً له في الأخذ والقراءة، وأخذ الحديث عن جده
لأمه الحافظ نور الدين أبي الفتوح الطاؤسي ولبس منه الخرقة ولازمه زماناً، ثم أدرك الولي الكبير
دده عمر روشني الخلوتي الآيدهني ثم التبريزي المتوفي بتبريز سنة إحدى أو اثنتين وتسعين
وثمانمائة وكان من كبار المشايخ، وروشني لقبه في الشعر فإنه كانت له أشعار بالتركية، فلازمه وأخذ
عنه بدار السلطنة بتبريز، ثم دخل كجرات(4/443)
سنة ثمان وتسعين وثمانمائة في أيام السلطان محمود شاه
الكبير وسكن بجانبانير فهجم عليه المحصلون ووفدوا عليه من بلاد شاسعة.
وله مصنفات جليلة منها أسنى الكواشف في شرح المواقف ولوامع البرهان في قدم القرآن وشرح
تهذيب المنطق والكلام والمحاكمة على شرح الشمسية في المنطق، ورسالة في الهيئة، ورسالة في
أصول الحديث، ورسالة في المسلسلات.
همايون شاه التيموري
الملك الفاضل همايون بن بابر بن عمر التيموري، السلطان نصير الدين همايون شاه، ولد ليلة
الثلاثاء لأربع خلون من ذي القعدة سنة ثلاث عشرة وتسعمائة بقلعة كابل، ونشأ في مهد السلطة وأخذ
من الفنون الحربية والسياسة ما يليق بأبناء الملوك، وأضاف إلى ذلك معرفة اللغة التركية والفارسية
وعلم الهيئة والهندسة والنجوم والشعر والألغاز، وتبحر في علم الأصطرلاب، وأخذ عنه نور الدين
السفيدوني، وهو أخذ عن السفيدوني غيرها من الفنون، وأخذ عن الشيخ جلال التتوي السندي والشيخ
أبي القاسم الجرجاني ومولانا إلياس الأردبيلي، قرأ عليهما درة التاج للعلامة قطب الدين الرازي،
وكان دائم الاشتغال بمطالعة الكتب ومذاكرتها،
قام بالملك بعد أبيه في تاسع جمادي الأولى سنة سبع وثلاثين وتسعمائة بمدينة آكره، فأرخ له بعض
العلماء خير الملوك، ووزع الأموال الطائلة على الخاصة والعامة، ثم نفذ وصية والده وحاصر قلعة
كالنجر الشهيرة بالمناعة والحصانة وفتحها، ثم توجه إلى جونبور حيث كان محمود اللودهي قد جمع
الأفغان وثار على همايون فهزمه، وأضاف المقاطعة الشرقية إلى مملكته وعطف عنان عزيمته إلى
كجرات، وهزم تاتار خان وعسكره، ثم واجه بهادر شاه الكجراتي في مندسور، ووقع من خيانة
الأمير مصطفى بن بهرام المعروف برومي خان ما شرحت قصته في ترجمة رومي خان، فتغلب
همايون على مالوه ثم على كجرات في قتال شديد وحصار طويل.
وبينما كان همايون في مالوه حيث كان يستجم ويرويح نفسه إذ سمع أن منافسه الكبير في حكومة
الهند شير خان قد جمع قوة كبيرة في بنكال وبهار وهو خطر يهدد الدولة المغولية، فتوجه همايون
من مالوه وقصد الشرق ووقعت المعركة بينه وبين شير خان في جوسه على خمسين ميلاً من مدينة
آره، وانهزم همايون هزيمة منكرة، وغرق آلاف من رجاله في ماء كنك، وأشرف همايون على
الغرق ولكنه نجا بمساعدة نظام السقاء وكان ذلك سنة 946 هـ، والتجأ همايون إلى آكره حيث جمع
فل جنوده وحشد عساكره، ثم توجه إلى شير خان ووقعت المعركة في قنوج، وانهزم همايون مرة
ثانية وذلك في المحرم سنة 947 هـ، والتجأ إلى آكره ثم إلى لاهور وشير خان يتبعه وإخوته يخذلونه
ويغدرون به حتى دخل السند وهو هائم على وجهه لا يجد من يؤويه وينجده ولا يملك لا بعيراً ركبه
مع زوجه وهي حامل حتى وصل إلى عمر كوت حيث ولد ابنه جلال الدين أكبر، ووصل إلى
قندهار وسمع أن أخاه مرزا عسكري خرج ليأسره، فترك ولده في قندهار ودخل في حدود إيران، وتم
استيلاء شير خان على الهند وتلقب بشير شاه.
وعن طريق هرات والمشهد وصل همايون إلى قزوين، واستنجد طهماسب شاه الصفوي الذي أحسن
ضيافته وأكرم مثواه وأنجده بألف وأربعمائة مقاتل، ورجع همايون إلى الهند وأخضع إخوته الثلاثة
وصفح عنهم، وكان شير شاه السوري الملك العظيم قد توفي في هذه المدة، وفتح همايون بنجاب،
وانتزع من سكندر شاه السوري آكره ودهلي، واسترد ملك الهند وأراد أن يتتبع أعداءه ومنافسيه
ولكنه فوجئ بالوقوع من مكتبته التي كان يطالع فيها وقد سمع الأذان، ومات بعد بضعة أيام وكان
ذلك في الثاني عشر من ربيع الأول سنة 963 هـ.
وكان همايون ملكاً فاضلاً، له اليد الطولى في العلوم الرياضية وكان شغوفاً بالعلم، دائم الصحبة
للعلماء وأهل الفضل، وكان يحافظ على الوضوء ويكره أن يسمى الله على غير وضوء، ونسبه
بعض المؤرخين إلى التشيع، ونفاه آخرون وذكروا أنه كان سني العقيدة حنفي المذهب مجتنباً عن
المناهي.
وكان لا يقل عن أبيه في الشجاعة والكفاءة ولكنه(4/444)
كان دونه في الجلادة وتحمل المشاق، وكان إذا
حارب طويلاً استراح طويلاً بخلاف أبيه، وله أخبار تدل على شجاعته ورباطة جأشه، منها أنه لما
استعصى عليه فتح قلعة جانبانير وطال الحصار غرز همايون الأوتار في سور القلعة وصعد على
القلعة ودخل فيها في ثلاثمائة رجل وفتح باب القلعة قسراً وكان الفتح.
وقد غلبته طبيعة الجود والرحمة وأسرف فيهما، فكان ذلك من أعوان أعدائه عليه، ومن أسباب
نكبته مراراً، كان إخوته يغدرون به دائماً وهو يصفح عنهم دائماً ويوليهم الأعمال الجليلة، ولذلك فقد
كجرات وبنجاب مرتين.
وكان شاعراً أديباً وسيماً أسمر اللون، مات في قلعة دهلي القديمة ودفن في كيلو كهري، وعلى قبره
مقبرة عظيمة، وصنف في أخباره جواهر الأفتابجي كتابه واقعات همايون وأخته كلبدن بيكم همايون
نامه.
حرف الياء
مولانا يار محمد السندي
الشيخ العالم الكبير يار محمد بن عبد العزيز الأبهري ثم الكاهاني السندي أحد فحول العلماء، انتقل
من هراة مع والده سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، ودخل السند في عهد الجام فيروز فسكن بكاهان
قرية من أعمال سيوستان، واشتغل بالدرس والإفادة.
وكان جليل القدر رفيع المنزلة حسن المعاشرة لين الكنف، أخذ العلم عن أبيه، وعنه جمع كثير من
العلماء، مات بكاهان ودفن بها، ذكره النهاوندي في المآثر.
مولانا يار محمد السندي
الشيخ الفاضل يار محمد البكري الحنفي السندي أحد الأفاضل المشهورين في عصره لم يكن له
نظير في الإنشاء، بعثه محمود شاه السندي بالرسالة إلى همايون شاه التيموري فرجع وسكن بستيبور
ومات بها، ذكره القانع في تحفة الكرام.
الشيخ يحيى بن أبي الفيض الأحراري
الشيخ العالم الفقيه يحيى بن أبي الفيض بن عبد الله بن الشيخ الأجل عبيد الله الأحرار الأحراري
السمرقندي أحد العلماء المشهورين في الصناعة الطبية، ولم يكن له نظير في زمانه في الخط، يكتب
بسبعة أقلام جيداً غاية الجودة.
وكان صاحب الأخلاق الرضية والخصال المرضية كريماً مؤثراً، يبذل كل ما يحصل له من أقطاعه
على الناس وينفعهم نفعاً عظيماً.
بعثه أكبر شاه إلى الحجاز وأعطاه صرة فسار إلى الحرمين الشريفين وحج وزار ورجع إلى آكره،
ومات بها سنة تسع وتسعين وتسعمائة، كما في مهر جهانتاب.
السيد يسين السامانوي
الشيخ العالم الصالح يسين بن أبي يسين الحنفي الشطاري السامانوي كان من بني أعمام السيد شاه
مير السامانوي، سافر للعلم ولازم الشيخ وجيه الدين العلوي الكجراتي وقرأ عليه الكتب وأخذ عنه
الطريقة، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار وأخذ الحديث عن مشايخ عصره، ثم رجع إلى
الهند وأقام بلاهور مدة عند بعض الأمراء، ثم اعتزل عنه وانقطع إلى الله سبحانه بالكلية وتزيا بزي
الفقراء، وأقام بسرهند مدة يربى المريدين ويرشد السالكين، وكان يريد أن يذهب إلى كجرات مرة
ثانية ليذهب إلى الحجاز، فلم يتيسر له ذلك فسافر إلى بنكاله وأقام بناحية بهار مدة، أخذ عنه الشيخ
شهباز محمد البهاكلبوري وجمع كثير ومات بها، لم أقف على سنة وفاته.
الشيخ يعقوب الكجراتي
الشيخ الصالح يعقوب بن خوندمير بن بدا بن يعقوب بن محمود الفتني الكجراتي أحد العلماء
العاملين، ولد ونشأ بكجرات، وأخذ عن والده وعن الشيخ محمد اختيار الكجراتي وقرأ عليه ولازمه
مدة وصار من أكابر عصره، تذكر له كشوف وكرامات، مات لليلتين خلتا من ذي القعدة سنة سبع
وعشرين وتسعمائة، كما في مرآة أحمدي.(4/445)
القاضي يعقوب المانكبوري
الشيخ الفقيه القاضي يعقوب بن أبي يعقوب الحنفي القاضي كمال الدين المانكبوري كان من العلماء
المبرزين في الفقه والأصول، ولي القضاء بعد ما توفي صهره القاضي فضيلة وتقرب إلى أكبر شاه
التيموري، فولاه قضاء المعسكر فصار قاضي قضاة الهند واستقل به زماناً، ثم عزل وولي القضاء
الأكبر بأرض بنكاله.
وكان فيه دعابة وخفة روح بشوشاً لطيف الطبع، ينشئ الأشعار العربية في البحور الهندية، ويأكل
المعاجين المقوية المبهية ويكثر منها.
ذكره البدايوني وقال: لما خرج محمد معصوم الكابلي في بنكاله على أكبر شاه المذكور وافقه في
البغي والخروج، فعزله عن القضاء الأكبر وأمر بحبسه في قلعة كواليار، فمات قبل أن يصل إلى
القلعة، انتهى.
وقال بعض أهل الأخبار: إن أكبر شاه المذكور أمر باتلافه فقتلوه، وكان ذلك نحو سنة ثمان وتسعين
وتسعمائة.
ومن آثاره الباقية أبنية رفيعة وأنهار وحياض وبساتين، منها حوض كبير في هنسوه وهي قرية
جامعة من أعمال فتحبور.
الشيخ يوسف بن أحمد الكجراتي
الشيخ الفاضل الكبير يوسف بن أحمد بن محمد بن عثمان الحسيني الكجراتي أحد الأفاضل
المشهورين في عصره، له منظر الإنسان ترجمة تاريخ ابن خلكان بالفارسية، صنفه للسلطان محمود
شاه الكبير، لعله في سنة تسع وثمانين وثمانمائة بعبارة حسنة تشعر باتقانه في معرفة اللسانين ويخبر
بما يشهد له بالفضل كلا الفريقين.
وكان جده السيد عثمان من كبار خلفاء برهان الدين عبد الله بن محمود بن الحسين الحسيني
البخاري الكجراتي، ذكره الآصفي في تاريخه.
الشيخ يوسف بن داود الملتاني
الشيخ الصالح يوسف بن داود الحنفي الملتاني أحد رجال العلم والطريقة، أخذ عن الشيخ جلال
الدين التهانيسري ولازمه مدة من الزمان ثم سكن بآكره، أدركه الشيخ رفيع الدين الشيرازي المحدث
واستفاض منه، مات ودفن بآكره في حياة الشيخ رفيع الدين المذكور، ذكره محمد بن الحسن.
الشيخ يوسف بن سليمان الكجراتي
الشيخ الفاضل يوسف بن سليمان الإسماعيلي السده بوري الكجراتي أحد دعاة المذهب الإسماعيلي،
ذكره سيف الدين عبد العلي في المجالس السيفية قال إنه سار إلى بلاد اليمن وأخذ علم التنزيل
والتأويل عن الشيخ عماد الدين إدريس ابن الحسن الإسماعيلي اليمني، ونص له العماد بالدعوة إلى
مذهبه بعده، فرجع إلى الهند وانتقلت الدعوة بانتقاله إلى بلاد الهند، ولما احتضر يوسف نص بالدعوة
لجلال الدين الكجراتي، انتهى.
الشيخ يوسف بن عبد الله التميمي
الشيخ الفاضل يوسف بن عبد الله التميمي الأنصاري الأكبر آبادي، أحد رجال العلم والطريقة، قرأ
على والده ثم لازم الشيخ إسماعيل بن أبدال الشريف الحسني الأجي وأخذ عنه وتزوج بابنته العفيفة،
ولما مات الشيخ إسماعيل تولى الشياخة مكانه فدرس وأفاد مدة من الزمان مع صدق وعفاف، ومات
في آخر شوال سنة أربع وتسعين وتسعمائة بآكره، كما في أخبار الأصفياء لحفيده عبد الصمد بن
أفضل محمد بن يوسف التميمي.
مولانا يوسف الكجراتي
الشيخ الفاضل يوسف بن أبي يوسف الكجراتي ثم البرهانبوري أحد الأذكياء، ولد بأرض بنكاله
وسافر للعلم، فساح البلاد واحداً بعد واحد حتى وصل إلى كجرات، ولازم العلامة وجيه الدين العلوي
الكجراتي وأخذ عنه العلم وتلقى منه الذكر، وسار إلى برهانبور فسكن بها وتزوج، أخذ عنه عيسى
ابن القاسم السندي وبير محمد الحليم وخلق كثير من العلماء والمشايخ، ذكره محمد بن الحسن.(4/446)
مولانا يوسف السندي
الشيخ العالم الصالح يوسف بن أبي يوسف الحنفي السندي، كان من أهل التفنن في العلوم الشرعية،
مقدماً في المعارف الأدبية، ثاقب الذهن في تمييز الصواب عن الخطأ، وكان في عهد مرزا باقي أحد
ولاة السند، ذكره النهاوندي.
يوسف عادل شاه البيجابوري
الملك الفاضل يوسف عادل شاه الشيعي البيجابوري، قيل: إن أصله من العائلة العثمانية وإنه كان
من أبناء مراد بن با يزيد اليلدرم المتوفي سنة أربع وخمسين وثمانمائة، خرج بعد ما توفي والده
وولي مكانه صنوه محمد مخافة القتل، وسافر إلى ساوه ثم دخل الهند وقدم أحمد آباد بيدر وخدم
سلطانها مدة طويلة، وولي على بيجابور بعد مدة واستقل بالملك سنة خمس - وقيل ست - وتسعين
وثمانمائة، وضبط البلاد واستولى على أكثر بلاد الملوك البهمنية وذلك في أيام محمود شاه البهمني،
ولقب نفسه بعادل شاه، وخطب للأئمة الاثني عشر بمدينة بيجابور سنة ثمان وتسعمائة وروج في
أهلها مذهب الإمامية، وهو أول ملك من ملوك الهند خطب للأئمة في بلاده وروج ذلك المذهب.
وكان عادلاً كريماً حليماً مقداماً باسلاً ماهراً في العروض والقافية والشعر والموسيقى وضرب العود
والطنبور، وكان جيد الخط يكتب النستعليق بالجودة والحلاوة، كان حسن الشكل محباً لأهل العلم
محسناً إليهم، ومن شعره قوله:
آن كس كه علم به نيكنامي افراشت در مزرع دهر تخم بنكوئي كاشت
نيكوان زنده جاويد اند مرد آنكه بمرد ونام نيكو نكذاشت
توفي سنة ست عشرة وتسعمائة.
الشيخ يوسف القتال الدهلوي
الشيخ الصالح الكبير يوسف القتال الدهلوي كان من كبار الأولياء، أخذ عن القاضي جلال الدين
اللاهوري ولازمه مدة، مات بدهلي سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة، وعلى قبره أبنية فاخرة بناها الشيخ
علاء الدين بن نور الدين الأجودهني سنة ثلاث وتسعمائة في حياة الشيخ، وكان ذلك في عهد سكندر
شاه اللودي.
مولانا يونس السمرقندي
الشيخ العلامة يونس بن أبي يونس الحنفي السمرقندي ثم السندي أحد كبار العلماء في العلوم
الحكمية، قدم السند وقرأ عليه مرزا حسين شاه السندي شرح المواقف للجرجاني وغيره من الكتب،
مات سنة إحدى وخمسين وتسعمائة، ذكره النهاوندي.
مولانا يونس السندي
الشيخ الفاضل يونس بن أبي يونس الحنفي السندي أحد الأساتذة المشهورين، أخذ عنه القاضي عبد
الغني والسيد إبراهيم البهكري والشيخ نظام الدين بن كبير والشيخ طيب السندي والقاضي إسحاق
الآثيري وخلق آخرون، ذكره محمد ابن الحسن في كلزار أبرار.(4/447)
الجزء الخامس
يتضمن تراجم علماء الهند وأعيانها في القرن الحادي عشر(5/460)
الطبقة الحادية عشرة
في أعيان القرن الحادي عشر
حرف الألف
الشيخ آدم بن إسماعيل البنوري
الشيخ العارف الولي الكبير آدم في إسماعيل بن بهوه بن يوسف بن يعقوب ابن الحسين الحسيني
الكاظمي البنوري، أحد كبار المشايخ النقشبندية، بشر به والده في رؤيا له صالحة، بشره بذلك النبي
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولد ونشأ بقرية بنور - بفتح الموحدة وتشديد النون - من أعمال سرهند، وأخذ
الطريقة عن الحاج خضر الروغاني أحد أصحاب الشيخ أحمد بن عبد الأحد العمري السرهندي
بمدينة ملتان، ولازمه شهرين كاملين، ثم قدم سرهند بأمره ولازم الشيخ أحمد المذكور مدة من الزمان
وأخذ عنه، وقد ذكر في خلاصة المعارف أنه حصلت له نفحة من الجذبات الربانية عن الشيخ محمد
طاهر اللاهوري بحق ما وصل إليه عن الشيخ إسكندر عن جده كمال الدين الكيتهلي.
وبالجملة فإنه بلغ رتبة لم يصل إليها كثير ممن عاصره من المشايخ، وكانت طريقته اتباع الشريعة
المحمدية واقتفاء آثار السنة السنية، لا ينحرف عنها قدر شعرة في الأقوال ولا في الأفعال.
أخذ عنه خلق كثير حتى قيل إن أربعمائة ألف مسلم بايعوه، ثم ألف رجل منهم نالوا عنه حظاً وافراً
من العلم والمعرفة، وقيل إن زاويته قلما كانت تخلو عن ألف رجل كل يوم، وكلهم كانوا يأكلون
الطعام من مطبخه ويستفيدون منه.
وفي التذكرة الآدمية أنه سار إلى لاهور سنة اثنتين وخمسين وألف وكان معه عشرة آلاف من السادة
والمشايخ ومن كل طبقة، وكان شاهجن ابن جهانكير سلطان الهند بلاهور في ذلك الزمان، فاستعظمه
وأمر سعد الله خان أن يذهب إليه، فجاء سعد الله خان وتكدرت صحبته بالشيخ فسعى إلى السلطان
بالوشاية، فأمر السلطان أن يسافر الشيخ إلى الحرمين الشريفين - زادهما الله شرفاً - فسافر معه
أصحابه وعشيرته فحج وسكن بالمدينة المنورة حتى مات بها. انتهى.
وللشيخ آدم رسائل في الحقائق والمعارف، منها خلاصة المعارف في مجلدين بالفارسية أوله: الحمد
لله رب العالمين حمداً كثيراً بقدر كمالات أسمائه وآلائه - الخ، وقد ظفرت بذلك الكتاب وهو موجود
عندي - ولله الحمد! ومنها نكات الأسرار.
وكان الشيخ آدم أمياً ما قرأ شيئاً من الكتب على أهل العلم.
مات بسبع بقين من شوال سنة ثلاث وخمسين وألف بالمدينة المنورة، فدفن ببقيع الغرقد عند قبة
سيدنا عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه.
المفتي آدم بن محمد الكوباموي
الشيخ العالم الكبير آدم بن محمد بن خواجه بن شيخ بن آدم، الشهابي الصديقي الكوباموي، أحد
الفقهاء الحنفية، كان من نسل الشيخ شهاب الدين عمر السهروردي صاحب العوارف، ولد بكوبامؤ -
قرية جامعة في أوده - سنة إحدى عشرة وتسعمائة، وسافر للعلم إلى جونبور، فلازم الشيخ معروف
بن عبد الواسع الحسيني البخاري الجونبوري، وأخذ عنه العلم والطريقة، وولي الإفتاء ببلدته كوبامؤ
فرجع إلى(5/461)
بلدته، وكان يدرس ويفيد، أقطعه بابر شاه التيموري قرية لمعاشه سنة ثلاثين وتسعمائة،
وعمر تسعين سنة، لعله توفي سنة إحدى وألف.
الشيخ إبراهيم بن أحمد الحموي
السيد الشريف أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن الحسين بن عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن
محمد بن علي الكبير، الحموي الكيلاني، أحد السادة القادة، قدم بعد وفاة والده إلى الهند وأخبر أبوه
عن ذلك قبل قدومه، فحصل له القبول التام من أهلها، واجتمع بسلطان الهند شاهجهان بمدينة دهلي
فأنزله المنزلة السامية اللائقة به، وهرع إليه أهل هذه البلاد، واعتقدوا فيه غاية الاعتقاد، على
الخصوص ابن ملكهم محمد شجاع، فإنه كان معه على ما يذكر كالمطيع مع المطاع، وظهرت على
يديه كرامات وسار ذكرها في البلاد، وجرت له معهم أمور وامتحانات أظهرها الله سبحانه ببركة
سلفه الطاهر، وأقام بالهند عشر سنين، ثم رجع إلى بلدته حماة الشام، وكان ذلك سنة سبع وستين
وألف، فجدد بها قصره داخل دارهم، وكان تمامه سنة تسع وستين، وتزوج بابنة عمر باك الأعوجي
حاكم حماة في السنة المذكورة، وسار في سنة سبعين إلى قسطنطينية لبعض أمور ومهمات، وبعد
قضائها عاد إلى وطنه حماة واستقام بها إلى سنة ثمان وسبعين، ثم عاد إلى الهند وأقام بأورنك آباد
في معسكر السلطان الغازي أورنك زيب بن شاهجهان الدهلوي اثنتي عشرة سنة، ومات سنة سبع
وثمانين وألف فدفن بها.
وأما ما في تحفة الأبرار أنه توفي في بلدة شاهجهانبور سنة تسع وثمانين وألف وبها دفن في تكية
كان بناها في تلك البلدة، فليس بصحيح.
وقد ذكر له صاحب شمس المفاخر ذيل قلائد الجواهر المطبوعة بمصر ترجمة حسنة وكان صنفه
في حياته فذكره إلى رحلته قسطنطينية ودعا له بالعود إلى بلدته بالخير والسلامة.
الشيخ إبراهيم المحدث الكبرآبادي
الشيخ العالم الكبير المحدث إبراهيم بن داود، أبو المكارم القادري المانكبوري ثم الأكبرآبادي، أحد
العلماء المبرزين في الفقه والحديث والعربية، ولد ونشأ بمانكبور وقرأ العلم بها على أساتذة عصره،
ثم سافر إلى بغداد واشتغل بالحديث والتفسير بها سنتين ونصف سنة، ثم ذهب إلى الحرمين
الشريفين فحج وزار، ثم ذهب إلى مصر القاهرة وأخذ الحديث بها عن الشيخ شمس الدين العلقمي،
وأجازه الشيخ محمد بن أبي الحسن البكري الشافعي، ثم رجع إلى مكة المباركة وصحب الشيخ عبد
الرحمن بن فهد المغربي والشيخ مسعود المغربي والشيخ علي ابن حسام الدين المتقي، كلهم أجازوا
له، ثم سافر إلى مصر مرة ثانية فدرس وأفاد بها أربعاً وعشرين سنة، وفي الموسم يذهب إلى مكة
المشرفة ويتشرف بالحج، ثم ألقى الله سبحانه في روعه حب الوطن فرجع إلى الهند وسكن بأكبر
آباد، فعكف على الدرس والإفادة والتذكير، وأخذ عنه ناس كثيرون وانتفعوا به، كما في كلزار أبرار.
قال البدايوني في منتخب التواريخ: إنه كان ورعاً تقياً عابداً ناسكاً مفيداً مدرساً، صرف عمره في
تدريس العلوم الدينية لا سيما الحديث، وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويعتزل عن أرباب
الغناء، قال إن أكبر شاه بن همايون التيموري سلطان الهند دعاه مرة إلى عبادت خانه فلم يتصد
بآداب التحية المرسومة في حضرة الملك، وألقى عليه خطبة فرغبه ورهبه، انتهى.
توفي في التاسع عشر من ذي الحجة سنة إحدى وألف بأكبر آباد فدفن بها وله ست وثمانون سنة،
كما في كلزار أبرار.
الشيخ إبراهيم الهندي
الشيخ الصالح إبراهيم بن صالح، الهندي ثم الصنعاني، كان من الشعراء المفلقين، ذكره الشوكاني
في البدر الطالع، قال: كان والده من جملة البانيان الواصلين إلى صنعاء، وأسلم على يد بعض آل
الإمام وحسن إسلامه، ونشأ ولده هذا مشغوفاً بالأدب مولعاً بمعالي الرتب، وأكثر مدائحه في الإمام
المهدي أحمد بن الحسن بن القاسم بن محمد، ومدح الإمام المتوكل على الله إسماعيل ابن القاسم وابنه
علي بن المتوكل ومحمد بن الحسن، ولما صارت الخلافة إلى(5/462)
الإمام المهدي صاحب المواهب وفد
إليه وكان قد بلغه عنه شيء فقال له: بأي شفيع جئت؟ فقال له: بهذا، وأخرج المصحف من صدره،
فقال: وقد قبلنا هذا الشفيع ولكن لا أراك بعد اليوم! فتغيب عنه من ذلك اليوم ولازم العبادة والتزهد،
وكان إذا قام إلى الصلاة اصفر لونه، وحج ومات عقب عوده.
قال الشوكاني: كان أشعر أهل عصره بلا مدافع، وله ديوان شعر في مجلد ضخم رأيته فوجدت فيه
ما هو في الطبقة العلية والمتوسطة والسافلة وكان الجيد أغلب، وكان يتشبه في مدحه وحماسته بأبي
الطيب، ومن فائق مقطعاته قوله:
أشبه ثغره والقات فيه وقد لانت لرقته القلوب
لآل قد نبتن على عقيق وبينهما زمردة تذوب
ومن مقطعاته في مليح:
وأبيض عاينته سابحاً في لجة للماء زرقاء
فقلت هذا البدر في لجة أم ذا خيال الشمس في الماء
قال: إنه مات سنة مائة وألف أو التي قبلها.
إبراهيم عادل شاه البيجابوري
الملك المؤيد إبراهيم بن طهماسب بن إبراهيم بن إسماعيل بن يوسف، عادل شاه البيجابوري
السلطان الحنفي، قام بالملك بعد عمه علي بن إبراهيم عادل شاه سنة ثمان وثمانين وتسعمائة وهو ابن
تسع سنين، فأخذ الوزراء المتغلبة عنان السلطنة واحداً بعد واحد واشتغل السلطان بالفروسية واللعب
بالرمح والسيف وغيرها، وقرأ القرآن وأخذ الخط وتزوج بجاند سلطانة أخت محمد قلى قطب شاه
الحيدرآبادي سنة ست وتسعين وتسعمائة، وأخذ عنان السلطنة بيده سنة ثمان وتسعين وتسعمائة،
وأحسن سيرته في الناس، وبنى القصور العالية والبساتين الزاهرة بمدينة بيجابور، وغزا بيجانكر
غير مرة وغنم أموالاً كثيرة منها، واستوزر سعد الدين عناية الله الشيرازي سنة ثلاث بعد الألف،
واعتمد عليه في مهمات الأمور.
وكان عاداً كريماً باذلاً شجاعاً مقداماً محظوظاً جداً، صاحب عقل ودين وهدوء، رفض التقليد في
المذهب وصار حنفياً، واستقل بالملك ثمانية وأربعين سنة.
ولم يكن له نظير في فن الموسيقى والنغمات الهندية، له نورس كتاب في الإيقاع والنغم، وصنف له
محمد قاسم بن غلام علي البيجابوري كتابه كلزار إبراهيمي في التاريخ وهو المشهور بتاريخ فرشته،
وصنف له العلماء كتبهم وأثنوا عليه.
توفي سنة ست وثلاثين وألف، فقام بعده بالملك ولده محمد ثم علي ثم الإسكندر، ثم انقرض ملكه
وصار لعالمكير بن شاهجهان الدهلوي سنة سبع وتسعين وألف، والأرض لله يورثها من يشاء.
رفيع الدين إبراهيم الشيرازي
الأمير الفاضل رفيع الدين إبراهيم الحسيني الشيرازي، أحد الرجال المعروفين بالفضل والكمال، قدم
بيجابور في أيام على عادل شاه البيجابوري وكان ابن عم الوزير عناية الله الشيرازي، فقربه على
عادل شاه المذكور إلى نفسه وجعله قهرمانه، فخدمه زماناً ثم خدم إبراهيم عادل شاه، ومات في أيامه،
له تذكرة الملوك في أخبار بيجابور، صنفه سنة سبع عشرة وألف، كما في بساتين السلاطين.
الشيخ إبراهيم الكشميري
الشيخ الصالح إبراهيم بن أبيه الكشميري، أحد العلماء العاملين وعباد الله الصالحين، أخذ عن الشيخ
رفيق بن إبراهيم الكشميري، مات سنة ست عشرة وألف بكشمير فدفن بها.
القاضي إبراهيم بن محمد الكالبوي
الشيخ العالم الفقيه القاضي إبراهيم بن محمد البنواروي الكالبوي، أحد العلماء البارعين في الفقه(5/463)
والأصول والعربية، قرأ على والده ثم أخذ عنه الطريقة، وقرأ هداية الفقه على الشيخ عبد الملك بن
إبراهيم الكالبوي المدرس المشهور، ثم تصدر للتدريس بقرية بنواري من أعمال كالبي، ودرس وأفاد
بها مدة حياته.
وكان عالماً صالحاً خطاطاً فصيح الكلام حلو العبارة، له نسب الأنساب كتاب بسيط بالفارسي، بين
فيه جدوده من الأم والأب وذكر فيه جماعة من الأكابر.
توفي سنة أربع بعد الألف بقرية بنواري فدفن بها، كما في كلزار أبرار.
الشيخ إبراهيم بن نعمان الأكبرآبادي
الشيخ العالم الصالح إبراهيم بن نعمان بن شمس الدين، الحسيني البلخي ثم الهندي الأكبرآبادي، أحد
المشايخ النقشبندية، أخذ عن أبيه ولازمه زماناً طويلاً، وسافر إلى الحجاز فحج وزار سنة خمس
وستين وألف مع أبناء الشيخ أحمد بن عبد الأحد الشرهندي.
السيد إبراهيم الغياث بوري
الشيخ العالم المحدث إبراهيم الثوري الغياثبوري، أحد العلماء المبرزين في الحديث والتصوف، قرأ
الفقه في مدرسة الشيخ إسحاق بن كاكو اللاهوري بمدينة لاهور، ثم سافر إلى الملتان وبايع الشيخ
كبير الدين الحسيني البخاري، ثم رجع إلى دهلي ولازم الشيخ محمد غوث الشطاري، وقرأ الجواهر
الخمسة له على الشيخ مبارك الفاضل الكواليري، ثم خرج من دهلي على عزيمة الحج والزيارة
فذهب إلى لاهور والملتان، وسافر منها إلى شيراز ثم إلى بغداد، وأخذ بها عن الشيخ زين العابدين
الحسني البغدادي صاحب سجادة الشيخ الإمام عبد القادر الجيلاني، ثم سار إلى بلاد الشام وزار
مشاهد الأنبياء والقدس الشريف، ثم ذهب إلى مصر وأخذ الحديث والتفسير عن الشيخ محمد البكري
الشافعي وصحبه مدة من الزمان، ثم سافر إلى المدينة المنورة فزار، ورحل إلى مكة المباركة فحج
وأخذ عن الشيخ علي بن حسام الدين المتقي، وأقام على جبل الثور اثنتي عشرة سنة، ولذلك اشتهر
بالثوري، ثم رجع إلى الهند وسكن بمدينة أجين سنة ثمان وسبعين وتسعمائة.
وكان عابداً زاهداً قنوعاً متوكلاً صاحب عقل ودين، يصل نسبه إلى السيد شاه أجملي السامانوي
الترمذي، وكان حياً في سنة إحدى وعشرين وألف، كما في كلزار أبرار.
القاضي إبراهيم البيجابوري
الشيخ الفاضل القاضي إبراهيم الزبيري البيجابوري، أحد العلماء البارعين في العلم والمعرفة، تولى
القضاء بمدينة بيجابور مدة طويلة، وأخذ الطريقة عن الشيخ جان الله السهروردي البيجابوري.
وكان فقيهاً زاهداً متورعاً مشكور السيرة في القضاء.
توفي في الثاني عشر من رجب سنة أربع وتسعين وألف بمدينة بيجابور فدفن بها، كما في روضة
الأولياء.
القاضي إبراهيم السندي
الشيخ العالم الفقيه القاضي إبراهيم التتوي السندي، كان من أحفاد الشيخ فيروز، ولاه شاهجان بن
جهانكير الدهلوي الإفتاء بمدينة دهلي، فاشتغل به مدة من الزمان، ثم ولاه القضاء في المعسكر،
فصار أكبر قضاة الهند، وكان يدرس ويفيد، كما في تحفة الكرام.
الشيخ أبو البركات اللاهوري
الشيخ الفاضل أبو البركات بن عبد المجيد الملتاني اللاهوري، أحد الفضلاء المقتدرين على الإنشاء
والشعر، ولد ونشأ بمدينة لاهور، وتقرب إلى سيف خان وصاحبه بمدينة إله آباد، ثم إلى إعتقاد خان
بن اعتماد الدولة حين كان والياً على جونبور، وله كتاب حافل في الإنشاء وشرح بسيط على قصائد
العرفي وديوان شعر بالفارسي له، يحمل مائة ألف بيت.
ومن أبياته قوله:
كس ايمنى از آفت همسايه ندارد هر شعله كه برخاست زدل بر جكر افتاد(5/464)
توفي لسبع خلون من رجب سنة أربع وخمسين وألف بأكبرآباد فنقلوا جسده إلى لاهور ودفنوه بها،
كما في سرو آزاد.
أبو البركات بن المبارك الناكوري
الشيخ الفاضل أبو البركات بن المبارك الناكوري، أحد العلماء المبرزين في العلوم الأدبية، ولد لسبع
عشرة خلون من شوال سنة ستين وألف، قرأ العلم على والده وإخوته، له شرح على الوافي في
النحو.
المفتي أبو البقاء الجونبوري
الشيخ العالم الفقيه أبو البقاء بن درويش محمد الحسيني الواسطي الجونبوري، أحد الفقهاء الحنفية،
ولد ونشأ بجونبور، وقرأ العلم على والده وعلى غيره من العلماء، ثم تصدر للتدريس، وكان مفرط
الذكاء سريع الإدراك قوي الحافظة حلو المنطق، درس وأفاد مدة مديدة في بلدته.
قال الزيدي في تجلى نور: قرأ العلم على مولانا محمد ماه الديوكامي، وولي الإفتاء بمدينة جونبور
فاشتغل به مدة حياته، وله إعراب القرآن في عشرة مجلدات أوله الحمد لله الذي وفقنا لحفظ كتابه،
الخ وله حاشية على شرح الكافية للجامي وعلى شرح الشمسية للرازي.
وأنت تعلم أن إعراب القرآن من مصنفات أبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبري المتوفي سنة
616، لعله اشتبه عليه بالكنية، وكذلك أشك في نسبة تلمذه علي محمد ماه الديوكامي، وإن صح ذلك
فالشك راجع إلى تاريخ وفاته، قال إنه توفي يوم الجمعة لثمان بقين من جمادي الأولى سنة أربعين
وألف بمدينة جونبور فدفن بها، والله أعلم.
الشيخ أبو بكر بن أحمد الحضرمي
الشيخ العابد الناسك أبو بكر بن أحمد بن حسين بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس الشافعي
الحضرمي ثم الهندي الدولة آبادي، أحد أجواد الدنيا، ذكره الشلي في تاريخه وقال: إنه ولد بمدينة
تريم ونشأ بها، وحفظ القرآن وغيره من كتب ورسائل، وصحب أباه وحذا حذوه، ثم سافر إلى الديار
الهندية وأقام بها في أنضر عيش، واجتمع بشاهجهان بن جهانكير الدهلوي سلطان الهند، فأنعم عليه
وقرر له مؤنته كل يوم من ملبوس ومطعوم، وترادفت عليه الفتوحات الظاهرة والباطنة، ثم قطن
بمدينة دولت آباد وصار بها ملجأ للوافدين، ولم يزل بها إلى أن مات، وكانت وفاته في سنة ثمان
وأربعين وألف، وقبره هناك معروف يزار، كما في خلاصة الأثر.
السيد أبو بكر بن حسين الحضرمي
السيد الشريف أبو بكر بن حسين بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن ابن عبد الله بن أحمد
بن علي بن محمد بن أحمد، الحسيني الحضرمي الشافعي، ثم الهندي البيجابوري، أحد العلماء
العارفين.
ولد بمدينة تريم ونشأ بها، وحفظ القرآن، وصحب العارفين من أهل زمانه، منهم الشيخ عبد الله بن
الشيخ العيدروس وولده زين العابدين، والسيد القاضي عبد الرحمن بن شهاب الدين، وأخذ عن أخيه
القاضي أحمد بن الحسين، وغلب عليه علم التصوف، ثم رحل إلى اليمن فقصد السيد عبد الله بن
علي بالوهط وصحبه مدة ولبس منه الخرقة، ثم قدم الهند وأخذ عن الشيخ محمد ابن عبد الله
العيدروس ببندر سورت ولازمه ملازمة تامة ولبس منه الخرقة، ثم بعد وفاته ساح في تلك البلاد
وأخذ عن جماعة، واجتمع بالملك عنبر، وكانت حضرته مجمع العلماء والأدباء، ثم بعد موت العنبر
رحل إلى بيجابور واتصل بسلطانها محمد بن إبراهيم عادل شاه، فجعله من خاصة أحبائه وخواص
جلسائه، فتدير بيجابور واستقر بها وصار مرجعاً للوافدين، وكان كريماً طلق الوجه فعم صيته تلك
الأقطار وطار ذكره فيها، وكف بصره في آخر عمره، ابتلى بداء عضال إلى أن مات.
وكانت وفاته في سنة أربع وسبعين وألف بمدينة بيجابور، ودفن في مقبرة السادة قريباً من السور،
كما في خلاصة الأثر.(5/465)
الشيخ أبو بكر الشافعي السندي
الشيخ الفاضل العلامة أبو بكر الشافعي السندي المجاور بالطواشية شرقي الجامع الأموي في دمشق
الشام تحت المنارة الشرقية نحو عشر سنين، ذكره الشيخ نجم الدين الغزي الشافعي في لطف السمر
وقطف الثمر فأحسن ذكره.
قال الغزي: إنه كان بارعاً في المعقولات نافعاً للطلبة صالحاً ديناً مباركاً، آثر الخمول والقناعة،
وكانت تخطبه الدنيا ويأبى إلا فراراً منها، ملازماً على العبادة والصلاة في الجماعة يسرد الصوم دائم
الصمت حسن الإعتقاد متواضعاً، لا يرغب في الحكام ولا يجتمع بهم، وربما زاره بعضهم، لزمته
الطلبة وانتفعوا به سنين في المعقولات وغيرها، مات مطعوناً، وطعن وهو صائم، وداوم على صيامه
حتى مات وهو صائم يوم السبت ثالث ربيع الأول سنة ثمان عشرة بعد ألف، ودفن بتربة الغرباء
بباب الفراديس، ومات قبله بأيام لطيفة صاحبه الملا محمد الهندي، وكانا متلازمين في المحيا
والممات فإن قبره إلى جانب قبره، فقال الشيخ نجم الدين الغزي ملمحاً:
عجبت لطاعون أصابت نباله وأربت على الخطى والصارم الهندي
سطا في دمشق الشام عاماً وآخراً تبسط في الهندي وما ترك السندي
أبو بكر الصديق الناكوري
الشيخ الفاضل أبو بكر الصديق الحنفي الناكوري الطبيب الحاذق، كان من العلماء المبرزين في
الصناعة وفي معرفة الأدوية الهندية، له منظومة في المعالجات على أصول أهل الهند بالفارسية،
صنفها سنة أربع وعشرين وألف وسماها الطب الصديقي.
منها قوله:
نوشتم دوا هائي هندوستان كه حاجت بفرهنك نبود ازان
زهجرت تواريخ سال اين كتاب هزارست وعشرين وجاراز حساب
القاضي أبو بكر الأكبرآبادي
له كتاب في الفقه، جمع فيه المسائل المعمول بها في مذهب الإمام أبي حنيفة، صنفه لبختاور خان
العالمكيري، كما في مرآة العالم.
الشيخ أبو تراب البيجابوري
الشيخ الفاضل أبو تراب بن أبي المعالي بن علم الله، الحنفي الصالحي الأميتهوي ثم البيجابوري،
أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول، ولد ونشأ بمدينة بيجابور، وقرأ العلم بها على الشيخ علي
محمد بن أسد الله العلوي الكجراتي ولازمه مدة من الزمان، حتى برع أقرانه وصار من أكابر العلماء
في بلدته، فاشتغل بالدرس والإفادة، وصرف شطراً من عمره في ذلك، انتهت إليه الرياسة العلمية
بمدينة بيجابور، أخذ عنه الشيخ نظام الدين البرهانبوري صاحب الفتاوي الهندية، وخلق كثير من
العلماء.
مات لعشر بقين من صفر سنة ست وثمانين وألف، فدفن عند جده الشيخ علم الله المذكور، كما في
روضة الأولياء.
الشيخ أبو تراب الكجراتي
الشيخ الفاضل العلامة أبو تراب بن كمال بن هبة الله، الحسيني الكجراتي، كان من السادة السلامية،
ولد بجانبانير ونشأ بها، وقرأ العلم على أبيه وجده، وكان جده من كبار العلماء، وانتقل من حانبانير
إلى أحمد آباد وسكن بها، ولما افتتح أكبر بن همايون التيموري تلك البلاد بعثه إلى مكة المباركة
وجعله أميراً على الحجاج سنة تسع وثمانين وتسعمائة، وفوض إليه خمسة لكوك من النقود الفضية
وعشرة آلاف من الخلع الفاخرة ليقسمها على مستحقيها في الحرمين الشريفين، تشرف بالحج
والزيارة وعاد إلى الهند سنة إحدى وتسعين وتسعمائة، وأتى بحجر فيه قدم النبي صلى الله عليه
وسلم، فأمره السلطان أن يقف على أربعة أميال من آكره، واستقبله وأخذ الحجر ووضعه على العين
والرأس وأتى به إلى آكره، ثم ولاه خدمة جليلة في(5/466)
كجرات فاستقل بها مدة، كما في مآثر الأمراء،
وله مصنفات منها كتاب في تاريخ كجرات بالفارسي.
توفي في الثالث عشر من جمادي الأولى سنة ثلاث وألف، كما في تحفة الكرام.
الشيخ أبو تراب اللاهوري
الشيخ الفاضل أبو تراب بن نجيب الدين بن شمس الدين بن أسد الدين بن زين العابدين، الحسيني
الشيرازي ثم اللاهوري، أحد العلماء المبرزين في العلوم الحكمية، قدم الهند وأخذ الطريقة عن الشيخ
وجيه الدين بن نصر الله العلوي الكجراتي، ثم قدم لاهور وسكن بها، أخذ عنه القاضي محمد أفضل
اللاهوري وخلق آخرون، مات في سنة إحدى وسبعين وألف بمدينة لاهور فدفن بها، كما في خزينة
الأصفياء.
مولانا أبو تراب الأميتهوي
الشيخ الفاضل أبو تراب بن عبد الرزاق بن خاصه بن خضر، الصالحي الأميتهوي، أحد الرجال
المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بأميتهي، وسافر للعلم إلى برهانبور عند صنوه الكبير علم
الله بن عبد الرزاق الأميتهوي، وقرأ عليه الكتب الدرسية ولازمه زماناً، ثم رجع إلى بلدته ودرس
وأفاد بها مدة من الزمان، مات في 15 من شعبان ولم أقف على سنة وفاته.
الشيخ أبو جعفر الإسترآبادي
الشيخ الفاضل أبو جعفر بن محمد أمين، الشيعي الإسترآبادي العالم الكبير، ذكره الحر العاملي في
الأمل الآمل وقال: إنه عامل فاضل أديب شاعر يقيم في الديار الهندية، كما في نجوم السماء.
السيد أبو الحسن بن الجمال السورتي
الشيخ الصالح أبو الحسن بن جمال الدين بن سيد باشاه، الخوارزمي السورتي، أحد المشايخ
النقشبندية، تفقه على والده وأخذ عنه الطريقة، وتولى الشياخة بعده مدة من الزمان، مات في تاسع
صفر سنة أربع وخمسين وألف بمدينة سورت فدفن بها، كما في الحديقة الأحمدية.
أبو الحسن آصف جاه الدهلوي
الأمير الكبير أبو الحسن بن غياث الدين بن محمد شريف، الطهراني يمين الدولة آصف جاه
خانخانان سبه سالار الوكيل المطلق، ولد ونشأ في بلاد الفرس، وانتقل إلى بلاد الهند مع والده بعد ما
توفي جده محمد شريف المذكور سنة أربع وثمانين وتسعمائة في أيام السلطان أكبر بن همايون
التيموري، واشتغل بالعلم مدة من الزمان، ولما توفي السلطان المذكور وقام بالملك ولده جهانكير
وتزوج بأخته نور جهان بيكم لقبه إعتقاد خان وولاه على جونبور، وتزوج بنته أرجمند بانو
شاهجهان بن جهانكير سنة عشرين وألف، ولقبه جهانكير آصف خان سنة اثنتين وعشرين، وأضاف
إلى منصبه غير مرة صار مع الأصل والإضافة سبعة آلاف له وسبعة آلاف للخيل، ولما توفي
جهانكير دبر آصف خان حيلة لختنه شاهجهان فأعلن بولاية داور بخش بن خسرو بن جهانكير
وجمع الجنود تحت لوائه، ودبرت أخته نور جهان بيكم حيلة لختنه شهريار بن جهانكير، فوقع
الحرب بينهما وظهرت الغلبة لآصف خان، فقبض على أخته وجعل شهريار مكحولاً محبوساً، ثم
قبض على داور بخش وأخيه كرشاسب وطهمورث وهو شنك ابني دانيال بن أكبر بن همايون، وأقعد
أخته نور جهان بيكم بمدينة لاهور، فوظفها شاهجهان، ولقب صهره بيمين الدولة آصف جاه، وكان
يخاطبه في المحاورة والمراسلة بالعم، وفوض إليه خاتمه مهر اوزك وجعله وكيلاً مطلقاً له، وأضاف
في منصبه غير مرة، فصار تسعة آلاف له وتسعة آلاف للخيل، وأقطعه أقطاعاً كبيرة تحصل له منها
كل سنة خمسون لكا خمسة ملايين، ثم لقبه خانخانان سبه سالار.
وكان عالماً بارعاً في المنطق والحكمة والتاريخ(5/467)
والإنشاء والشعر، قرأ العلم على الشيخ محمد بن
يوسف التتوي السندي، وله ميل عظيم إلى أهل العلم ومحبته زائدة لهم، يقربهم إلى نفسه ويبذل
عليهم العطايا الجزيلة، وكان العلامة محمود بن محمد الجونبوري صاحب الشمس البازغة ممن يتردد
إليه ويستفيد منه، وله من كمال الرياسة وحسن مسلك السياسية والفطنة بدقائق الأمور ما لا يمكن
وصفه، مع الحلم والتواضع والنقاوة التامة والشهامة الكاملة وعلو الهمة ومحبة أهل الفضائل وكراهة
أرباب الرذائل ما لا يساويه في ذلك أحد.
وكانت وفاته بالاستسقاء سنة إحدى وخمسين وألف بمدينة لاهور فدفن بها، وأرخ له بعض أصحابه
من قوله: زهى افسوس آصف خان، كما في مآثر الأمراء.
الشيخ أبو الحسن الكشميري
الشيخ الفاضل الكبير أبو الحسن الحنفي الكشميري السندي، أحد العلماء المشهورين في المعقول
والمنقول، كان يدرس ويفيد في أيام شاهجهان بن جهانكير الدهلوي، كما في تذكرة علماء الهند.
السيد أبو الحسن الأمروهوي
الشيخ العالم الصالح أبو الحسن بن محمد بن المنتخب، الحسيني النقوي الأمروهوي، كان من نسل
الشيخ الكبير شرف الدين الحسيني الأمروهوي، ولد ونشأ بأمروهه، وقرأ العلم على المفتي عبد الملك
بن محمود بن عطاء الله الأمروهوي ولازمه مدة من الزمان، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ الله بخش
الشطاري الكده مكتيسري، وأخذ عنه خلق كثير، كما في نخبة التواريخ.
الشيخ أبو الحسن البيجابوري
الشيخ الفاضل أبو الحسن بن القاضي عبد العزيز البيجابوري، أحد العلماء المبرزين في التاريخ
والفنون الأدبية، له كتاب في أخبار بيجابور بالفارسي، صنفه في أيام علي بن محمد عادل شاه
البيجابوري وولده إسكندر.
السيد أبو حنيفة البريلوي
السيد الشريف أبو حنيفة بن علم الله الحسني الحسيني النصير آبادي ثم الرائي بريلوي، أحد الرجال
المعروفين بالفضل والصلاح، ولد بنصير آباد، ولما هاجر والده إلى بريلي جاء وسافر معه إلى
الحجاز وله اثنتا عشرة سنة، ثم رجع وتربى في مهد والده وتفقه عليه، وأخذ عنه الطريقة ولازمه
مدة حياته، وكان على قدم أبيه في الصلاح والطريقة واتباع السنة السنية.
مات في حياة أبيه في شهر ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وألف بزاوية والده خارج البلدة من رائي
بريلي في جهة الشمال والشرق من المسجد، كما في السيرة العلمية.
أبو الخير بن المبارك الناكوري
الشيخ الفاضل العلامة أبو الخير بن المبارك الناكوري أحد العلماء المبرزين في العلوم الأدبية، ولد
لثمان ليال بقين من جمادي الأولى سنة سبع وستين وتسعمائة، كما في آئين أكبري لصنوه أبي
الفضل، وقرأ العلم على والده، ثم تقرب إلى السلطان أكبر بن همايون التيموري فجعله معلماً لأبنائه،
له شرح بسيط على الإرشاد للقاضي شهاب الدين الدولة آبادي، توفي يوم الأحد لخمس بقين من
جمادي الأولى سنة تسع عشرة وألف كما في أخبار الأصفياء.
الشيخ أبو الخير السندي
الشيخ العالم الفقيه أبو الخير الحنفي التتوي السندي، أحد العلماء المشهورين بالتفقه، كان من نسل
الشيخ فضل الله السندي، ولاه عالمكير بن شاهجهان الدهلوي سلطان الهند على تدوين الفتاوي
الهندية، كما في تحفة الكرام.
الشيخ أبو الخير بن أبي سعيد البهيروي
الشيخ الصالح أبو الخير بن أبي سعيد بن المعروف بن عثمان، العمري البهيروي، أحد العلماء
الصالحين، ولد بسلطانبور سنة ثمان وألف، وقرأ العلم على أبيه، ثم سافر إلى البلاد وأخذ عن غير
واحد من العلماء، ثم سافر إلى الحجاز فحج وزار، ورجع إلى(5/468)
الهند وسكن بقرية بهيره - بكسر
الموحدة والهاء المختفية - قرية من أعمال جونبور، له كتاب شير شكر بالفارسي.
مات لإحدى عشرة خلت من شوال سنة تسع وخمسين وألف بقرية بهيره فدفن بها، كما في التاريخ
المكرم.
الشيخ أبو رضا بن إسماعيل الدهلوي
الشيخ العالم المحدث أبو رضا بن إسماعيل الحنفي الدهلوي، أحد كبار العلماء، ولد ونشأ بدهلي
وأخذ العلم عن جده لأمه الشيخ المحدث عبد الحق بن سيف الدين البخاري الدهلوي، ولازمه ملازمة
طويلة وتنبل في أيامه، أخذ عنه الشيخ مبارك بن فخر الدين البلكرامي وخلف آخرون، وكان يدرس
ويفيد، سافر في آخر عمره إلى الحجاز، فحج وزار ورجع إلى الهند، مات بدهلي سنة ثلاث وستين
وألف فأرخ لعام وفاته بعض أصحابه حاجي أبو رضا كما في الأسرارية.
الشيخ أبو سعيد الكهندوبي
الشيخ العالم الصالح أبو سعيد بن جكن الكهندوبي أحد الرجال المعروفين بالفضل والكمال، كان من
نسل أبي سعيد الصحابي رضي الله تعالى عنه، مات في سنة أربع عشرة وألف بمدينة كالبي فدفن
بها، وأرخ لوفاته كلامي الكالبوي من قوله: فرياد زبو سعيد ثاني كما في كلزار أبرار.
الشيخ أبو سعيد الحنفي الكنكوهي
الشيخ الصالح الفقيه أبو سعيد بن نور الدين بن عبد القدوس، الحنفي الصفوي الكنكوهي، أحد
المشايخ الجشتية، كان ابن بنت الشيخ جلال الدين العمري التهانيسري، ولد ونشأ بكنكوه، وأخذ
الطريقة عن الشيخ نظام الدين ابن عبد الشكور العمري التهانيسري، ثم جلس على مسند الإرشاد
بكنكوه، أخذ عنه الشيخ محب الله الإله آبادي صاحب التسوية والشيخ محمد صادق الكنكوهي وخلق
آخرون، مات في سنة تسع وأربعين وألف بكنكوه فدفن بها، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ أبو سعيد الكجراتي
الشيخ العالم الفقيه القاضي أبو سعيد الحنفي الكجراتي، كان ختن القاضي عبد الوهاب الفتني
والكجراتي، ولي القضاء بدار الملك دهلي سنة ست وثمانين وألف مقام القاضي شيخ الإسلام ابن عبد
الوهاب الفتني، ثم ولي قضاء المعسكر في ذي القعدة سنة أربع وتسعين وألف، فاستقام عليه برهة
من الزمان، وعزل عنه في جمادي الأولى سنة خمس وتسعين وألف، ومات سنة تسع وتسعين وألف
في أيام عالمكير، كما في مآثر عالمكيري.
مولانا أبو سعيد الأميتهوي
الشيخ العالم الصالح أبو سعيد بن عبيد الله بن عبد الرزاق، الصالحي الأميتهوي، أحد رجال العلم
والطريقة، ولد بأميتهي في رابع ربيع الأول سنة سبع بعد الألف، وقرأ العلم على أساتذة عصره، ثم
صرف عمره في الدرس والإفادة.
وكان صالحاً تقياً متورعاً باذلاً كريم النفس عظيم الزهد.
توفي في ثامن محرم سنة إحدى وستين وألف بأميتهي فدفن بها، كما في صبح بهار.
مرزا أبو طالب الهمداني
الشيخ الفاضل أبو طالب الهمداني الشاعر المشهور الملقب في الشعر بكليم، قدم الهند ولبث بها زماناً
عند شاه نواز خان بن مرزا رستم الصفوي ونال الالتفات منه، ثم سار إلى إيران سنة ثمان وعشرين
وألف وأقام بها نحو سنتين، ثم رجع إلى الهند وتقرب إلى شاهجهان بن جهانكير الدهلوي صاحب
الهند، فلقبه السلطان المذكور بملك الشعراء وخصه بأنظار العنايه والقبول.
ومن أبياته قوله:
دماغ بر فلك ودل بزير باي بتان زمن جه مي طلبي دل كجا دماغ كجا
توفي في منتصف ذي الحجة سنة إحدى وستين(5/469)
وألف بكشمير فدفن بها، كما في سر وآزاد.
الأمير أبو العلاء الأكبر آبادي
الشيخ الصالح أبو العلاء بن أبي الوفاء بن عبد السلام بن عبد الملك بن عبد الباسط بن تقي الدين،
الكرماني الحسيني الأكبر آبادي، أحد المشايخ المشهورين بأرض الهند، يصل نسبه من جهة الأب
إلى عبد الله الباهر بن زين العابدين رضي الله عنه، ومن جهة الأمل إلى خواجه عبيد الله الأحرار
السمرقندي، قدم جده عبد السلام إلى الهند مع عياله، فلما وصل إلى قرية نريله على مرحلة من
لاهور ولد أبو العلاء سنة تسعين وتسعمائة، فأتى به إلى فتحبور سيكري، وتوفي الله سبحانه أباه
وجده في صباه، فتربى في مهد جده لأمه خواجه فيضي بن أبي الفيض بن عبد الله بن عبيد الله
الأحرار، وقرأ العلم على أساتذة عصره، وسافر معه إلى بردوان حين ولي جده عليها، ثم قام مقامه
ونال المنصب ثلاثة آلاف له وثلاثة آلاف للخيل، كل ذلك في أيام السلطان أكبر بن همايون
التيموري.
ولما توفي السلطان المذكور وقام بالملك ولده جهانكير سار نحو آكره للتبريك، فلما عبر بمنير -
بفتح الميم - أدرك بها الشيخ دولت المنيري واستفاض منه ثم دخل آكره، وافتتن جهانكير بحسن
صورته وسيرته فجعله من ندمائه، فبينما السلطان وأصحابه ذات ليلة يتبارون بالرمي وأبو العلاء
كان ممتثلاً بين يديه إذ لم يصب سهم السلطان الغرض ولا سهام أحد من أصحابه فأشار إليه بالرمي
فأصاب الغرض، ففرح السلطان وناوله كأساً من رحيق مختوم فصبه على ثيابه إخفاء منه، فرأى
السلطان ذلك فناوله مرة ثانية ففعل مثل ذلك، فغضب عليه السلطان وقال: لعلك لا تخاف غضبي!
قال: بلى ولكني أخاف في ذلك من هو أكبر منك، ثم اعتزل عن الخدمة وترك المنصب، وراح إلى
أجمير فعكف على ضريح الشيخ معين الدين حسن السجزي الأجميري، واستفاض من روحانيته
فيوضاً كثيرة، ثم لازم عمه الأمير عبد الله الأحراري وأخذ عنه الطريقة النقشبندية، وأجاز له
الأحراري باستماع الغناء، فمزج أذكار الطريقة الجشتية وأشغالها بأذكار الطريقة النقشبندية وأشغالها،
وتولى الشياخة بآكره واشتهرت طريقته بأبي العلائية.
أخذ عنه أبناؤه الشيخ نور العلاء بن أبي العلاء، وفيض الله بن أبي العلاء، ونور الله بن أبي
العلاء، والأمير عبد الماجد، وخواجه محمدي، والسيد محمد أفضل، والحافظ محمد صالح الكشميري،
والشيخ ولي محمد النارلولي، والسيد محمد بن أبي سعيد الحسيني الكالبوي، وخلق كثير من العلماء
والمشايخ.
توفي صبيحة التاسع من صفر سنة إحدى وستين وألف وله إحدى وسبعون سنة، فدفن في شمالي
مدينة آكره قريباً من سلطان كنج، كما في مهر جهانتاب.
الشيخ أبو العلاء الجونبوري
الشيخ العالم الفقيه أبو العلاء بن غلام حسين الحنفي الصوفي الجونبوري، كان من ذرية صدر
جهان الجونبوري، ولد ونشأ بمدينة جونبور وقرأ العلم بها ثم أخذ الطريقة عن الشيخ محمد رشيد بن
مصطفى العثماني الجونبوري ولازمه مدة، ثم لبس الخرقة من الشيخ محمد أرشد بن محمد رشيد
الجونبوري، وحصلت له إجازة عن الشيخ يسين بن أحمد الصوفي البنارسي.
وكان فقيهاً زاهداً متعبداً صاحب استقامة على الطريقة الظاهرة.
مات في سابع شوال سنة ثمان وتسعين وألف، فدفن في مقبرة جده القاضي صدر جهان المذكور
بقرية مصطفى آباد خارج البلدة، كما في كنج أرشدي.
الشيخ أبو الفتح البلمهتي
الشيخ العالم الصالح أبو الفتح بن فريد بن محمود السدهوري ثم البلمهتي، أحد الرجال المشهورين
بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بقرية بهلت، وأخذ عن الشيخ عبد العزيز بن الحسن العباسي الدهلوي،
ثم سافر إلى نارنول ولازم الشيخ نظام الدين إله داد الجشتي النارنولي، وصحبه مدة من الزمان،
وأخذ عنه العلم والمعرفة، ثم رجع إلى بلدته وتصدر بها للدرس(5/470)
والإفادة، أخذ عنه غير واحد من
العلماء.
وله مصنفات، منها رسالة في أوراد المشايخ، ذكره الشيخ ولي الله المحدث في أنفاس العارفين.
وكان له أصحاب أجلاء، منهم الشيخ كريم الله السهارنبوري المتوفي سنة 1069، ذكره السنبهلي في
الأسرارية.
الشيخ أبو الفتح الرضوي الخير آبادي
الشيخ الفاضل الكبير أبو الفتح بن نظام الدين الحسيني الرضوي الخير آبادي، كان من ذرية الإمام
موسى الرضا - عليه وعلى آبائه التحية والثناء - ولد ونشأ بخير آباد، وقرأ العلم على والده وتفنن
في الفضائل عليه وأخذ عنه الطريقة، ثم سار إلى سنبهل وأخذ عن الشيخ حاتم السنبهلي، ثم تصدر
للتدريس فدرس وأفاد بخير آباد زماناً طويلاً، ولما توفي والده تولى الشياخة، ورزق حظاً وافراً من
الوجاهة وحسن القبول.
قال البدايوني في المنتخب: إنه كان أوحد عصره في العلوم والمعارف، له مصنفات تدل على
غزارة علمه وسعة اطلاعه، عاش بعد ما توفي أبوه ثماني عشرة سنة، انتهى، مات يوم عرس، أبيه
في حالة الوجد والسماع حين كان المغنى يردد هذا البيت.
جان بجانان ده وكر نه از تو بستاند اجل خود تو منصف باش أي دل آن نكو يا اين نكو
فقال: آن نكو، وكرر هذا القول ومات من ساعته، وكان ذلك في سابع ربيع الأول سنة تسع بعد
الألف، وقبره بخير آباد يزار ويتبرك به.
الشيخ أبو الفتح الملتاني
الشيخ الفاضل العلامة أبو الفتح الحنفي الملتاني، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية،
وأعرفهم في الفنون الحكمية، كان يدرس ويفيد في أيام شاهجهان بن جهانكير الدهلوي سلطان الهند،
كما في عمل صالح.
الشيخ أبو الفضل البهلتي
الشيخ الفاضل أبو الفضل بن أبي الفتح بن فريد بن محمود، السدهوري ثم البهلتي، أحد المشايخ
الجشتية، ولد ونشأ ببهلت، وأخذ عن والده، وتولى الشياخة بعده، له تعليقات على عين العلم تدل على
تبحره في العلم والمعرفة، كما في أنفاس العارفين.
أبو الفضل بن المبارك الناكوري
الشيخ العالم الكبير العلامة أبو الفضل بن المبارك الناكوري، أعلم وزراء الدولة التيمورية وأكبرهم
في الحدس والفراسة وإصابة الرأي وسلامة الفكر وحلاوة المنطق والبراعة في الإنشاء.
ولد ليلة الأحد سادس شهر المحرم سنة ثمان وخمسين وتسعمائة، وتعلم الخط والحساب والإنشاء
واشتغل بالعلم، وقرأ أياماً في العربية على صنوه الكبير أبي الفيض بن المبارك وعلى أبيه، وفرغ
من تحصيل العلوم المتعارفة في الخامس عشر من سنه، ثم أقبل على العلوم الحكمية إقبالاً كلياً،
واستفاد بعض الفنون عن الشيخ حسن علي الموصلي، ودرس وأفاد نحو عشر سنين حتى فاق فيه
أهله المنسوبين إليه، ودعاه السلطان أكبر بن همايون التيموري بمدينة أكبر آباد مع والده، فأدركه في
حدود سنة إحدى وثمانين وتسعمائة مرة أولى، وأهدى إليه كتابه في تفسير آية الكرسي، ثم أدركه في
حدود سنة اثنتين وثمانين مرة أخرى، وأهدى إليه كتابه في تفسير سورة الفتح فاستحسنه السلطان
وقربه إلى نفسه، فتدرج إلى نهاية القرب حتى نال الوزارة الجليلة.
قد وصفه صاحبه عبد القادر بن ملوك شاه البدايوني بالإلحاد والزندقة وقال في المنتخب: إنه دس
في قلب السلطان أشياء منكرة. ورغبه عن الملة السمحة البيضاء، انتهى.(5/471)
ومن مصنفاته المشهورة آئين أكبري وهو كتاب عجيب لا يكاد يوجد مثله كتاب في كتب الأخبار،
ذكر فيه نظام السلطنة وآدابها في الأمور المالية والملكية، وبيان أقطاع الهند وما يختص بها من
الحرث والنسل وغير ذلك، وذكر فيه أموراً من عادات الهنود والبراهمة في تقسيم الأزمنة والساعات
وضبط التواريخ والأوقات، واعتقاداتهم في ابتداء خلق الفلكيات والعنصريات من تقادم عهده إلى ما
ينتهي من بعده.
ومن مصنفاته المشهورة أكبر نامه وهو أيضاً كتاب كبير ذكر فيه أخبار ملوك الهند من أولاد تيمور
كوركان إلى عهد جلال الدين أكبر، وقد خلط بينهما الجلبي في كشف الظنون فذكر آئين أكبري
ووصفه بما يوصف به أكبر نامه والآئين كلاهما.
ومن مصنفاته المشهورة مجموع الرسائل والمكاتيب، جمعها ابن أخته عبد الصمد بن أفضل محمد
التيمي الأكبر آبادي في ثلاثة أجزاء، وهي متداولة في أيدي الناس يدرسونها في المدارس، ومن
مصنفاته ترجمة حياة الحيوان الكبرى للدميري، ترجمه بالفارسية سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة بأمر
السلطان، وقال البدايوني في المنتخب إن هذه الترجمة لوالده المبارك عزاها إلى ابنه، ومنها ترجمة
الانجيل بالفارسية ترجمه نحو سنة ست وثمانين وتسعمائة بأمر السلطان، وأورد في مفتتح الكتاب
هذا البيت مكان بسم الله الرحمن الرحيم:
اي نامي ومي زز وكرسو سبحانك لا سواك يا هو
وقال البدايوني: إن الشطر الأول من ذلك البيت لأبي الفضل والشطر الثاني لصنوه أبي الفيض،
ومن مصنفاته عيار دانش وهو ترجمة كليلة ودمنة بالفارسية المروجة في ذلك العصر، نقله من
الفارسية القديمة بأمر السلطان، وله غير ذلك من الكتب والرسائل.
قتله راجه نرسنكه ديو أحد مرازبة اندجه بأمر جهانكير بن أكبر شاه حين مراجعته من أرض الدكن
في غرة ربيع الأول سنة إحدى عشرة وألف في أيام جلال الدين أكبر فتأسف السلطان بموته تأسفاً
شديداً وبكى عليه، وأرخ لوفاته كثير من الناس، منهم الأمير الكبير عزيز الدين محمد الخان الأعظم،
أرخ لوفاته من قوله ع:
تيغ إعجاز نبي الله سر باغي بريد.
أبو الفيض بن المبارك الناكوري
الشيخ الفاضل العلامة أبو الفيض بن المبارك الناكوري الذي لم يكن له نظير في الشعر والعروض
والقافية واللغة في والتاريخ واللغز والإنشاء والطب.
ولد بمدينة آكره سنة أربع وخمسين وتسعمائة، وقرأ العلم على والده، وأخذ بعض الفنون العربية عن
الشيخ حسين المروزي، ثم أقبل على قرض الشعر إقبالاً كلياً، وخاض كثيراً في الحكمة والعربية، له
مصنفات تدل على اقتداره على العلوم الأدبية، منها موارد الكلم الغير المنقوط في الأخلاق، صنفه
سنة خمس وثمانين وتسعمائة، ومنها ترجمة ليلاوتي في الحساب والمساحة، ومنها مركز أدوار
ونلدمن مزدوجتان له على نهج مزدوجتي النظامي الكنجوي من خمسته، ومنها لطيفة فيضي وهو
مجموع رسائله جمعها ابن أخته نور الدين محمد بن عبد الله بن علي الشيرازي، ومنها طباشير
الصبح وهو ديوان شعره وفيه تسعة آلاف بيت، وله ديوان آخر في قصائده، وأشهر مصنفاته سواطع
الإلهام في تفسير القرآن الكريم، وهو أيضاً في صنعة الإهمال، صنفه في سنتين وأتمه سنة اثنتين
وألف، وهو يدل على طول باعه في اللغة العربية.
وكان حريصاً على جمع الكتب النفيسة، بذل عليها أموالاً طائلة، وجمع ثلاثمائة وأربعة آلاف من
الكتب المصححة النفيسة، أكثرها كانت مكتوبة بأيدي مصنفيها، وبعضها كانت قريبة العهد من عصر
التأليف.
وكان يرمي بالإلحاد والزندقة - نعوذ بالله منها! - قال الشيخ عبد الحق ابن سيف الدين الدهلوي في
كتابه في أخبار الشعراء: إنه كان ممن تفرد في عصره بالفصاحة والبلاغة والمتانة والرصانة، ولكنه
لوقوعه وهبوطه في(5/472)
هاوية الكفر والضلالة، أثبت على جبينه نقوش الرد والإنكار والإدبار، ولذلك
يستنكف أهل الدين والملة وأحباء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن ينتسب إليه من أن يذكروا اسمه
وأسماء رهطه - تاب الله عليهم إن كانوا مؤمنين! انتهى معرباً.
وقال عبد القادر بن ملوك شاه البدايوني في المنتخب: إنه كان مخترع الجد والهزل والعجب والكبر
والحقد، وقد جمع فيه من الخصال الغير المرضية ما لم يجمع في غيره من النفاق والخبث والرياء
والخيلاء وحب الجاه والرعونة، وكان غاية في العناد والعداوة لأهل الإسلام والطعن في أصول
الدين، والحط من الصحابة وتابعيهم والسلف والخلف من القدماء والمتأخرين والمشايخ من الأحياء
والأموات، حتى كان يفوق اليهود والنصارى والهنود والمجوس ألف مرة في هذا الباب، فضلاً عن
النزارية والصباحية، وكان يحل المحرمات الشرعية على رغم الدين ويحرم الفرائض والمباحات،
وصنف تفسير القرآن لتطهير عرضه عن ذلك بمشهد من الناس، ولكنه كان يصنفه في حالة السكر
والجنابة، وكانت الكلاب تطأ أوراقها حتى مات على ذلك الإنكار والإصرار والإستكبار والإدبار،
تورم وجهه في مرض الموت واسود، وكان يعوي كالكلاب، وكان السلطان جلال الدين أكبر صاحب
الهند يقول مع رضائه عنه في الديوان بمشهد عظيم من الناس إنه لما عاده في بيته عوى عليه
كالكلب، وقد استخرج الناس لوفاته تواريخ فظيعة الألفاظ والمعاني، قال بعضهم:
فيضي بيدين جو مرد سال وفاتش فصيح كفت سكي از جهان رفته بحال قبيح
وقال بعضهم
سككي بود ودوزخي زان شد سال فوتش جه سك برستي مرد
وقال بعضهم:
سال تاريخ فيضي مردار شد مقرر بجار مذهب نار
وقال الآخر: قاعده إلحاد شكست، وقال الآخر: فيضي ملحدي، وقال الآخر: خالد في النار انتهى.
أما قوله فمنها ما قال في موارد الكلم:
قال مقام التسمية: لا إله إلا الله محمد رسول الله، ومقام التحميد:
الحمد لملهم الكلام الصاعد وهو المحمود أولاً والحامد
ما وحده موحد إلا هو والله إلهكم إله واحد
ما درك أسرار علومه العلماء، وما حرك سلاسل حكمه الحكماء، وما طار طاوس الروح هواء
وصاله، وما سار وساع الوهم صحراء كماله، اللهم! صل وسلم رسولاً مودوداً، محمداً محموداً، اسمه
أحمد، ومسماه أصعد، محدد حدود الحلال والحرام، مسدد مصاعد صواعد الإسلام، وآله الطهار،
وأهله الأحرار، ما دام مرور الدهور وطور الأعصار: أعلمهم ولد عمه أسد الله الكرار.
وقال في مقام المدح
صاح صاح الحمام حول كمام دور ورد أدر صواع مدام
لاح دار الحمل وحال الحول دار كأس المدام رأس العام
أورد الروح املحاح الدوح روح الروح احمرار مدام
اللعاع اللعاع وهو مروم المدام المدام وهو مرام
لمع مد المدام أسحاراً هادم الهم صارم الأوهام
وقال في مقدمة التفسير مدحاً وإطراء لتفسيره:
ألواح سحر أم طلسم مكرم لأسرار روح للسواطع ملهم
لسحر حلال والسطوع طلسمه وما هو سحر أو طلسم محرم(5/473)
صراح لأصل الأصل طرس مطهر سواد لكل الكل علس مطهم
وما العلم إلا وهو أصل لكلمه لإعلام أسماء العوالم آدم
إمام همام للكلام مأول صلاح سداد للسلام مسلم
مدار مراد للمدارك مطرح ملاك كلام للمعالم معلم
كلام كمال للأكامل مسلك صراط سداد للأكارم أسلم
مآل كلام للمدارس أعود دعاء سماء للصوامع محرم
حسام سماح للمصارم أسطع لواء ولاء للمعارك أحكم
سماء سعود السر للروح مصعد وداماء أسرار السماء مطحرم
وعاء حصار الحول والطول موطد عماد أساس الأمر والعدل محكم
لإعلاء أعلام الصوالح أصلح لإدراء آلاء المكارم مكرم
لبرسام طلاح الوساوس مصلح لكلم سهام الوهم والصرع مرهم
دواء سمو للوسام مطلس كساء علو للكرام موسم
لكحل عروس الحلم والدرك مرود لسطر سطور الروح والعمر مرسم
لكأس حساء الصحو والسكر سكر لسطح سماء العلم والروع سلم
مراصد ألماح وعاها مهلهل مصادر أرواح حماها مطلسم
طوالع آصال لها السطع أكمل مطالع أسحار لها اللمع أدوم
لحوراء علو الطهر حال دلالها لسمط وصدر أو سوار ومعصم
ألا هو للأرواع صرح ممرد وما هو للأوهام درع مردم
سواطع إلهام مكارم سودد مراحم إرسال هو الله أرحم
عواطل أعراس حلاها دلالها ملاح لها سدلاً سدوس مسهم
وما كل لوح سطروه مكرماً ركام ودأماء السواطع أكرم
ومدلولها المعهود مما أراده لكسر لهام الوهم طرا عرمرم
ولو طار ملاك الكلام مطاره لرد وما كل الأعاور أعصم
محرره لله در كلامه لأطلع سر الله للعلم عالم
لأدركه كد وصدر موسع وأسعده هم وساد مصمم
وأمهله العمر الطهور المسارع وساعده الدهر الحصور المحصرم
له هرول الأحلام لوعاً وولولوا له طأطأ الأعلام طوعاً وطرسموا
لعمرك علم الكل مطموس علمه مآل أمور السر الله أعلم(5/474)
ومن أبياته بالفارسية:
غافل نيم ز راه ولي آه جاره جيست اين رهزنان كه بر دل آكاه مي زنند
آن نيست كه من هم نفسان را بكذارم با آبله بايان جه كنم قافله تيز است
وله:
كعبه را ويران مكن أي عشق كانجا يكنفس كه كهي بس ماندكان عشق منزل ميكنند
توفي سنة أربع وألف، ودفن بآكره وقيل: بمدينة لاهور عند أبيه، كما في سبحة المرجان.
القاضي أبو القاسم الكشميري
الشيخ العالم الصالح الفقيه أبو القاسم بن جمال الدين الحنفي الكشميري، أحد العلماء المبرزين في
الفقه والأصول، ولد ونشأ بكشمير، وقرأ العلم على والده وعلى عمه العلامة كمال الدين، ثم ولي
القضاء بكشمير، أخذ عنه مولانا محمد أمين ومولانا عبد الغني وجمع كثير من العلماء، مات ودفن
بكشمير، كما في روضة الأبرار.
الحكيم أبو القاسم الكيلاني
الشيخ الفاضل أبو القاسم بن شمس الدين محمد حكيم الملك الكيلاني، أحد الأطباء المبرزين في
الفنون الحكمية، ولد ونشأ بأرض الهند وقرأ العلوم الفاضلة وتطبب، واشتغل بالمداواة، وظف له
جهانكير بن أكبر التيموري وخصه بأنظار القبول، ولما قام بالملك شاهجهان بن جهانكير أعطاه
المنصب وأضاف فيه، حتى صار ألفين له وللخيل، كما في العمل الصالح.
الشيخ أبو القاسم الأكبر آبادي
الشيخ الصالح المتوكل أبو القاسم الحنفي الأكبر آبادي، أحد المشايخ الأحرارية، أخذ العلم والمعرفة
عن الشيخ ولي محمد النارنولي شارح المثنوي المعنوي، وهو أخذ عن الشيخ أبي العلاء الحسيني
الأكبر آبادي مع أنه أدرك شيخ شيخه أبا العلاء وصحبه واستفاض منه، ثم رحل إلى الحجاز وأقام
بها مدة مديدة، فحج وزار غير مرة، ثم رجع إلى الهند، وكان ختن ملا عمر أحد كبار العلماء، له
حاشية على شرح الكافية للجامي.
وكان طريقة أبي القاسم الخمول والتوكل وترك الاكتساب بالكلية، أخذ عنه الشيخ عبد الرحيم بن
وجيه الدين العمري الدهلوي، ذكر له الشيخ ولي الله بن عبد الرحيم ترجمة حسنة في أنفاس
العارفين.
توفي في رمضان سنة تسع وثمانين وألف بمدينة أكبر آباد، كما في مخبر الواصلين.
الشيخ أبو القاسم الردولوي
الشيخ العالم الكبير أبو القاسم الحنفي الجشتي الردولوي، أحد كبار المشايخ الصوفية، درس وأفاد مدة
طويلة، وسافر إلى دهلي فلبث بها عند الشيخ عبد الله بن عبد الباقي الدهلوي زماناً، وكان على
مشربه في القول بوحدة الوجود، لقيه كمال محمد السنبهلي بدهلي وأثنى عليه في الأسرارية، قال:
وكان طريقه التوكل والتسليم، وكان زيه زي الفقراء.
الشيخ أبو المجيب الأميتهوي
الشيخ الصالح أبو المجيب بن عبيد الله بن عبد الرزاق الصالحي الأميتهوي، أحد رجال العلم
والطريقة، ولد بأميتهي في التاسع والعشرين من رجب سنة ألف، وأخذ عن الشيخ جعفر بن نظام
الدين العثماني الأميتهوي ولازمه مدة طويلة، وتزوج بابنته العفيفة، مات في الثاني والعشرين من
جمادي الأخرى سنة أربع وثلاثين وألف ببلدة أميتهي فدفن بها، كما في صبح بهار.
الشيخ أبو المعالي اللاهوري
الشيخ العالم الصالح أبو المعالي بن رحمة الله بن فتح الله الكرماني الشيخ خير الدين الحسيني
اللاهوري، أحد المشايخ المشهورين في عصره، ولد يوم الاثنين عاشر ذي الحجة سنة إحدى وستين
وتسعمائة، وقرأ(5/475)
القرآن في صباه، ثم اشتغل بالعلم وتربى في مهد عمه الشيخ داود بن فتح الله
الكرماني، وأخذ عنه الطريقة، ولازمه مدة طويلة، حتى نال حظاً وافراً من العلم والمعرفة، ثم انتقل
باذن عمه من قرية جوني إلى لاهور، وتصدر للإرشاد والتلقين، فحصل له القبول التام عند الخاص
والعام، وكان الشيخ عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي يعترف بفضله وكماله، وكتب باشارته العلية
شرحاً نفيساً بالفارسية على فتوح الغيب للسيد الإمام عبد القادر الجيلاني.
وذكره عبد القادر بن ملوك شاه البدايوني في كتابه المنتخب وأورد طرفاً من مراسلاته تدل على
طول باعه في الإنشاء، وله مصنفات منها التحفة القادرية في مقامات الشيخ عبد القادر.
وكان شيخاً مهاباً رفيع القدر، موصوفاً بالفضل والتدين، كثير الفوائد، جيد المشاركة في العلوم،
شاعراً مجيد الشعر، شديد المحبة لعمه المذكور، كثير الذكر له في أبياته، فمن ذلك ما قال:
هستم از جام محبت همه دم واله ومست اين وآن راجه شناسم من داود برست
وله:
دل افسرده كي يابد بكفت هو كسى كرمي دل داود مي بايد كه آهن را دهد نرمي
وله:
بتخت فقر بنشنيم جو حاصل كشت مقصودم سليماني كنم كز جان غلام شاه داودم
وله:
يا رب نظري زعين مقصودم بخش آزادكي زبود ونابودم بخش
هرجند نيم در خور اين دولت خاص يكذره زعشق شيخ داودم بخش
ومن أقواله: يا أبا المعالي: كن عبد الرب المتعالي، ولا تكن عبد الدراهم واللآلي، كما في المنتخب،
توفي سنة أربع وعشرين وألف بمدينة لاهور فدفن بها.
الشيخ أبو المعالي المرعشي
الشيخ الفاضل الكبير أبو المعالي بن العلامة نور الله الحسيني المرعشي، أحد كبار العلماء، له
مصنفات عديدة منها أنموذج العلوم، ورسالة في العدل، وتفسير على سورة الإخلاص وديوان الشعر
الفارسي، مات سنة ست وأربعين وألف بأرض بنكال، ذكره محمد صادق الأصفهاني في كتابه صبح
صادق.
القاضي أبو المكارم الكجراتي
الشيخ الفاضل أبو المكارم بن قاضي القضاة عبد الوهاب الحنفي الكجراتي، أحد العلماء المشهورين،
قتله كفار الهنود سنة تسع وسبعين وألف في أيام عالمكير، كما في مآثر عالمكيري.
الشيخ أبو المكارم بن المبارك الناكوري
الشيخ الفاضل الكبير أبو المكارم بن المبارك الناكوري، أحد العلماء المبرزين في المنطق والحكمة،
ولد في الثالث والعشرين من شوال سنة ست وسبعين وتسعمائة، وقرأ أكثر الكتب الدرسية على والده
وبعضها على الشيخ فتح الله بن شكر الله الشيرازي الأستاذ المشهور، كما في آئين أكبري.
مولانا أبو الواعظ الهركامي
الشيخ الفاضل العلامة أبو الواعظ بن صدر الدين بن محمد إسماعيل بن القاضي عماد الدين أحمد
العمري البدايوني ثم الهركامي، أحد العلماء المشهورين، ولد ونشأ بهركام، ودرس وأفاد مدة عمره،
أخذ عنه الشيخ مربي بن عبد النبي البلكرامي، كما في مآثر الكرام.
وأخذ عنه عالمكير بن شاهجهان الدهلوي، كما في تذكرة الأنساب.
وكان جده عماد الدين الأول، قادم من تلك الأسرة إلى هركام، فتلمذ على قاضيها، وتزوج بابنته ثم
تدير بها، وكان الشيخ محب الله الإله آبادي صاحب(5/476)
التسوية ابن عمه القاضي أبي الواعظ، كما في
تذكرة الأنساب.
وكان أبو الواعظ من مصنفي الفتاوي الهندية، كما في آمد نامه.
الشيخ أبو النجيب الأميتهوي
الشيخ الصالح أبو النجيب بن عبيد الله بن عبد الرزاق الصالحي الأميتهوي، أحد رجال العلم
والطريقة، ولد بأميتهي في سابع رجب سنة ثمان وثمانين وتسعمائة، وأخذ عن أبيه ولازمه زماناً
طويلاً، ثم تولى الشياخة بعد وفاته، أخذ عنه خلق كثير، مات في سابع شوال سنة أربعين وألف، كما
في صبح بهار.
الشيخ أبو يزيد المنيري
الشيخ العالم الصالح أبو يزيد بن عبد الملك بن أشرف بن محمود بن سلطان بن حسام بن أشرف بن
خليل بن يحيى الهاشمي المنيري المشهور بالشيخ دولت، كان من كبار المشايخ، ولد ونشأ بمنير -
بفتح الميم - وقرأ العلم على الشيخ قطب الدين بن بدن المنيري، ولازمه زماناً، وأخذ عنه الطريقة
الفردوسية، وأجاز له الشيخ ناصر ميران الفردوس، والشيخ محمد بن طيب الزنجاني، والشيخ جمال
الدين الحافظ منجهن الجلال الناصحي السارني سبط الشيخ شهاب الدين بن بدر الدين الزاهدي
المدفون بقرية بسها من أعمال سارن، واستفاض من روحانية الشيخ الكبير شرف الدين أحمد بن
يحيى الهاشمي المنيري فيوضاً كثيرة، وتولى الشياخة، أخذ عنه ولده محمد ماهرو، والشيخ أجمل،
والشيخ عبد الكريم سعد، والسيد أحمد البهاري، والشيخ أحمد الجشتي، والشيخ خليل البتنوي صاحب
نواده، والشيخ سارني، والشيخ يعقوب الذي كان قاضياً بأكبر آباد وخلق آخرون.
توفي لأربع عشرة خلون من ذي القعدة سنة سبع عشرة وألف، له مائة وخمس وعشرون سنة.
نواب أحسن الله التربتي
الأمير الفاضل الباذل أحسن الله بن أبي الحسن التربتي نواب ظفر خان، أحد الأمراء المشهورين
في أرض الهند، ناب الحكم عن والده بكابل مدة من الزمان وبكشمير برهة من الدهر في أيام
جهانكير وولده شاهجهان، ولقبه جهانكير ظفر خان، وأضاف في منصبه غير مرة، وولاه شاهجهان
على بلاد السند، وأضاف في منصبه، وصار مع الأصل والإضافة ثلاثة آلاف له وثلاثة آلاف
للخيل، ولما قام بالملك عالمكير بن شاهجهان عزله عن الولاية والمنصب، ووظفه بثلاثين ألفاً
تحصل له كل سنة من الجراية الشاهانية.
وكان والده من أهل السنة والجماعة، فخالفه في المذهب وصار شيعياً متصلباً في المذهب.
وكان باذلاً كريماً يرسل الصلات والجوائز للناس إلى بلاد الفرس وقد مدحه الشعراء بأبيات رائقة
رقيقة، منهم مرزا محمد على الصائب التبريزي قال فيه:
كلاه كوشه بخورشيد وماه مي شكنم باين غرور كه مدحت كر ظفر خانم
وقال فيه:
حقوق تربيت را كه در ترقى باد زبان كجا است كه از حضرتت سخن رانم
تو بائي تخت سخن را بدست من دادي تو تاج مدح نهادي بفرق ديوانم
زروي كرم تو جوشيد خون معنى من كشيد جذب تو اين لعل از ركك جانم
تو جان ز دخل بجا مصرعي مرا دادي تو از فصاحت دادي خطاب سحبانم
ولأحسن الله خان أبيات رائقة بالفارسية قوله:
به تيغ بي نيازي تا تواني قطع هستي كن
فلك تا افكند از با ترا خود بيشدستي كن
توفي سنة ثلاث وسبعين وألف بمدينة لاهور، كما في مآثر الأمراء.(5/477)
الشيخ أحمد بن إسحاق النصير آبادي
الشيخ الفاضل العلامة أحمد بن إسحاق بن محمد بن أحمد بن محمود بن العلاء الشريف الحسني
النصير آبادي، كان من نسل الأمير الكبير بدر الملة المنير، قطب الدين محمد بن أحمد الحسني
الحسيني المديني، ولد ونشأ بنصير آباد، وقرأ المختصرات في بلدته، ثم سافر إلى إله آباد، وأخذ عن
الشيخ محب الله الإله آبادي صاحب التسوية، ولازمه مدة من الزمان، حتى برز في العلوم أصولاً
وفروعاً، تأهل للفتوى والتدريس، فرجع إلى بلدته واشتغل بالدرس والإفادة مدة طويلة، ثم أخذته
الجذبة الإلهية فسار نحو الشيخ آدم بن إسماعيل الحسيني البنوري، وأدركه بمدينة كواليار فأخذ عنه
ونال الخلافة منه حين رحلته إلى الحرمين الشريفين، زادهما الله شرفاً.
وكان عالماً كبيراً بارعاً، كثير العبادة والتأله والمراقبة والخوف من الله تعالى، ذا كرامات وكشوف
ووقائع غريبة، لا يكاد يسمع من يدانيه في العلم والمعرفة، ويجاريه في الاستقامة على الطريقة
والاتقاء والتورع.
له مصنفات عديدة ظفرت منها بثلاث رسائل إحداها في حرمة الغناء، توفي سنة ثمان وثمانين
وألف بنصير آباد فدفن بفناء مسجده، كما في سيرة السادات.
الشيخ أحمد بن الحسين الخوافي
الشيخ الفاضل أحمد بن الحسين بن كمال بن الحسن بن الحسين الشيعي الهروي الخوافي ميرك
معين الدين أمانت خان الهندي الأورنك آبادي، أحد الرجال المعروفين بالفضل والكمال، ولد ونشأ
بأرض الهند وقرأ العلم بها على أساتذة عصره، ثم تقرب إلى الملوك والأمراء، فولي على بخشيكري
وتحرير السوانح بمدينة أجمير سنة خمسين وألف، فاستقل بها مدة من الزمان، ثم سافر إلى إقليم
الدكن وأقام بها زماناً، ثم سافر إلى قندهار مع الجنود السلطانية وولي على بخشيكري وتحرير
السوانح بناحية الملتان، واستقل بها مدة، ثم ولي على ديوان الخراج بكابل، ولقبه عالمكير بن
شاهجهان الدهلوي أمانت خان، وولاه على ديوان الخراج في الخالصة الشريفة، وأضاف في منصبه
وأعطاه دواة من البلور، ثم ولاه على ديوان الخراج بأربعة أقطاع الدكن فاستقل بها زماناً، واعتزل
عنها لكبر سنه وقنع بحراسة أورنك آباد، له ترجمة شرعة الإسلام بالفارسية.
مات سنة خمس وتسعين وألف بمدينة أورنك آباد فدفن بها، كما في مآثر الأمراء.
الشيخ أحمد بن الحسين البيجابوري
الشيخ الفاضل الكبير المحدث أحمد بن الحسين النائطي نظام الدين بن لطف الله القاضي
البيجابووي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والحديث، أخذ عن الشيخ عوض بن محمد بن الشيخ
الضعيف السقاف، وولي نظارة الإنشاء بمدينة بيجابور، فاستقام على تلك الخدمة الجليلة مدة من
الزمان، ثم بعثه عادل شاه إلى دهلي بالسفارة إلى شاهجهان بن جهانكير سلطان الهند، فلبث بها برهة
من الدهر، ثم اعتزل عن الخدمة وانزوى في آخر عمره.
وكان عالماً كبيراً بارعاً محدثاً عجباً في حفظ الأحاديث وسردها وحفظ مذاهب الناس بلا كلفة.
ومات في الثامن عشر من ربيع الأول سنة مائة وألف، كما في تاريخ النوائط.
الشيخ أحمد بن رضا الحيدر آبادي
الشيخ الفاضل أحمد بن رضا الشيعي الحيدر آبادي صاحب فائق المقال في الحديث والرجال قدم
الهند سنة خمس وثمانين وألف، وله مصنفات عديدة، منها فائق المقال أئمة بحيدر آباد وذكر فيه أنه
أخذ العلم عن الحر العاملي، وأنه يحفظ اثني عشر ألفاً من متون الحديث بغير الإسناد واثني عشر
ألفاً بإسنادها، وله المنهج القويم ورسالة في القراءة، كما في نجوم السماء.
القاضي أحمد بن سلامة الجزائري
الشيخ الفاضل أحمد بن سلامة الشيعي الجزائري، أحد الأفاضل المشهورين في عصره، قدم الهند
وولي القضاء بحيدر آباد، فلم يزل بها إلى أن مات.(5/478)
وقد ذكره الحر العاملي في أمل الآمل وقال إنه فاضل فقيه صالح، من مصنفاته شرح الإرشاد
للعلامة الحلي وله غير ذلك من المصنفات، كما في نجوم السماء.
مولانا أحمد بن سليمان الكجراتي
الشيخ العالم الكبير العلامة أحمد بن سليمان الكردي الكجراتي، أحد الرجال المعروفين في العلم، قدم
والده من بلاد كرد إلى أرض الهند وسكن بكجرات، وولد بها أحمد بن سليمان، وتربى في مهد والده،
وقرأ أكثر الكتب الدرسية على مولانا محمد شريف، وقرأ شرح المواقف وسائر الفنون الحكمية على
مولانا ولي محمد خانو، وأخذ التصوف عن الشيخ فريد الدين الكجراتي، والفنون الرياضية عن شاه
قباد المشهور بديانت خان، وأخذ الحديث وبعض الفنون عن والده، ثم تصدر للتدريس، أخذ عنه
الشيخ نور الدين بن محمد صالح الكجراتي صاحب المصنفات المشهورة.
وكان ممن تفرد في العلوم الحكمية ونشرها بأرض كجرات، وله مصنفات في أكثر العلوم، منها
فيوض القدس كتاب مفيد في علم الكلام.
توفي وقت العصر من يوم الاثنين لتسع ليال بقين من جمادي الأخرى سنة اثنتين وتسعين وألف،
فأرخ لوفاته صاحبه نور الدين من قوله: شمعي كه بود زانجمن علم كل شده دفن بمقبرة الشيخ
موسى بمدينة أحمد آباد، كما في مرآة أحمدي.
الشيخ أحمد بن شيخ الكجراتي
الشيخ العالم أحمد بن شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس اليمني الحضرمي الشافعي ثم
الكجراتي البروجي الولي القطب المكاشف، ذكره الشلي في تاريخه وقال إنه ولد بمدينة تريم في سنة
تسع وأربعين وتسعمائة، وصحب جماعة من أكابر عصره منهم السيد عبد الرحمن بن شهاب والشيخ
الإمام أحمد ابن علوي باحجدب والشيخ أحمد بن حسين العيدروس، ثم قدم إلى والده بالديار الهندية
وأقام عنده بمدينة أحمد آباد، ولاحظته عناية أبيه، ثم سافر إلى بندر عدن، وأخذ عن الإمام العارف
عمر بن عبد الله العيدروس وغيره، ولازم أباه في دروسه، ولما مات أبوه انتقل إلى مدينة بروج
وقصده الناس لالتماس بركته، وحصلت له حال غيبة عن الإحساس، وكان في حال غيبة يخبر عن
المغيبات، وأخبر جماعة بما هم متلبسون به في الحال وآخرين بما سيؤل إليه أمرهم، ودعا لجماعة
من أهل العلل والأمراض بالشفاء، فعافاهم الله تعالى ولم يحتاجوا إلى استعمال الدواء وأخبر السيد
عبد الله بن شيخ أن أباه شيخنا انتقل إلى رحمة الله سبحانه بتريم، وأن أخاه السيد عبد الرحمن قام
مقامه، وورد في الخبر بأن ذلك اليوم وقع فيه الانتقال وأن الأمر كما قاله، وله كرامات كثيرة.
وكانت وفاته يوم الجمعة لأربع عشرة بقين من شعبان سنة أربع وعشرين وألف، ودفن ببروج، كما
في خلاصة الأثر.
الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي
الشيخ الأجل الإمام العارف، بحر الحقائق والأسرار والمعارف، محيي السنن النبوية، ناصر الشريعة
البيضاء السنية، مشيد مباني الطريقة، مجدد معالم الحقيقة، برهان العارفين والمحققين، وحجة الأولياء
المتقين، مفتخر الأعصر والدهور، ومعتمد الفارغين إليه في جل الأمور، آية من آيات الله العظام،
ونادرة من نوادر الأيام، الذي أخذ بيد العلم لما زلت به القدم، وكاد أن يهوى في مهاوي العدم، حتى
جاء مجدداً للألف الثاني، وبرهاناً ساطعاً على أشرفية النوع الإنساني.
دنيا بها انقرض الكرام فأذنبت وكأنما بوجوده استغفارها
شيخ الإسلام والمسلمين، أحمد بن عبد الأحد بن زين العابدين رضي الله عنه، ولد بسرهند في شوال
سنة إحدى وسبعين وتسعمائة، وأخذ أكثر العلوم والطريقة الجشتية عن أبيه، واستفاد بعض العلوم
العقلية عن الشيخ كمال الدين الكشميري، وأسند الحديث عن(5/479)
الشيخ يعقوب بن الحسن الصرفي
الكشميري الذي أخذ عن الشيخ شهاب ابن حجر الهيتمي المكي، ثم تناول الحديث المسلسل بالأولية
عن القاضي بهلول البدخشي عن الشيخ عبد الرحمن فهد عن أبيه الشيخ عبد القادر وعمه الشيخ جار
الله عن أبيهما الحافظ عز الدين عبد العزيز عن جده الحافظ الرحلة تقي الدين محمد بن فهد العلوي
الهاشمي والحافظ الحجة شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني، وللشيخ أحمد اجازة برواية الكتب
الحديثية وغيرها عن القاضي المذكور.
ولما فرغ من تحصيل ما تيسر له من العلوم الظاهرة وكان إذ ذاك ابن سبع عشرة سنة اشتغل
بالتدريس والتصنيف، ومما صنفه في تلك الأيام رسالة في إثبات النبوة وأخرى في الرد على الشيعة
الإمامية وغير ذلك مما أثنى عليه العلماء، وألبسه أبوه خرقة الخلافة.
فلما توفي أبوه عام سبعة وألف ارتحل إلى دهلي يريد الحج فقاده قائد توفيق من الله عز وجل إلى
الشيخ الأجل رضي الدين عبد الباقي النقشبندي رضي الله عنه، فأخذ عنه الطريقة النقشبندية،
واشتغل بها وتدرج في أيام معدودات إلى أوج القطبية والفردية ثم إلى ما شاء الله تعالى، حتى بشره
الشيخ بحصول رتبة التكميل والترقي إلى مدارج القرب والنهاية، وثم أجاز له بارشاد الطالبين
وألبسه خرقة الخلافة، ولم يزل يكرمه ويجله ويفتخر به ويثني عليه بما لا يبلغ وصفه.
فرجع إلى سرهند وجلس على مسند الإرشاد، وأخذ في الدرس والإفادة، وكان يدرس في علوم شتى
من الفقه والأصول والكلام والتفسير والحديث والتصوف، وربما يشتغل بالهداية والبزدوي وشرح
المواقف والبيضاوي والمشكاة والبخاري والعوارف، ولد مكتوبات في ثلاثة مجلدات، وهي الحجج
القواطع على تبحره في العلوم الشرعية، وفيها ما لا يتبادر إلى الأذهان لمن ليس لهم درك في
مقامات العرفان، فشدوا النطاق في خصامه، وسعوا إلى جهانكير بن أكبر سلطان الهند، فأمر باحضار
الشيخ ورضي بجوابه، فعرضوا عليه أن الشيخ ما سجد للسلطان تكبراً مع أنه ظل الله وخليفته، بل
لم يتواضع تواضعاً جارياً، فغضب عليه السلطان وحبسه في قلعة كواليار، وكان شاهجهان ولد
جهانكير مخلصاً للشيخ فأرسل إليه أفضل خان والمفتي عبد الرحمن من رجاله مع بعض كتب الفقه
قبل أن يحضر عند السلطان وقال إن سجدة التحية تجوز للسلاطين، فان تسجدوا للسلطان عند اللقاء
فأنا ضامن من أن لا يصل إليكم ضرر منه، فلم يقبل الشيخ وقال: هذه رخصة والعزيمة أن لا يسجد
لغير الله سبحانه، فلبث في السجن ثلاث سنين وحفظ القرآن في تلك الحالة، ثم أخرجه السلطان من
السجن بشرط أن يقيم في عسكره ويدور معه، فأقام الشيخ في معسكره ثماني سنوات، وبعد وفاة
السلطان رخصه ولده شاهجهان المذكور، فعاد إلى سرهند وصرف عمره بالدرس والإفادة.
ومن مصنفاته الرسالة التهليلية ورسالة في إثبات النبوة ورسالة في المبدأ والمعاد، وله رسالة في
المكاشفات الغيبية، ورسالة في آداب المريدين، ورسالة في المعارف اللدنية، ورسالة في الرد على
الشيعة، وتعليقات على عوارف المعارف للسهروردي، ومكتوبات في ثلاث مجلدات: المجلد الأول
يشتمل على ثلاثمائة وثلاثة عشر مكتوباً، والثاني على تسعة وتسعين مكتوباً، والثالث على مائة
وأربعة عشر مكتوباً، وله غير ذلك من المصنفات الرشيقة الممتعة، وفي كل ذلك كشف القناع عن
وجوه الحقائق والمعارف مما لم يتيسر لأحد قبله.
قال الشيخ محسن بن يحيى البكري التيمي في اليانع الجني: ولقد بلغه الله سبحانه من الولاية منزلة
لا يرام فوقها، وهدى به بعهده ثم بأصحابه من بعده خلقاً لا يحصيهم إلا من أحصى رمل عالج عدداً،
فلا ترى ناحية من نواحي المسلمين في بلاد الهند وخراسان وما وراء النهر من بلاد الترك والتتر
إلى أقصى ثغر بالمشرق ثم أرض العراق والجزيرة وبلاد الحجاز والشام وقسطنطينية وما والاها إلا
وقد نمى فيها طريقته وجرى على ألسنة أهلها ذكره، إليه ينتمون وبه يتبركون، بل دخلت طريقته
إلى أقصى المغرب مثل فاس وغيرها، يعرف ذلك بمراجعة المنح البادية لمحمد بن عبد الرحمن
الفاسي وغير ذلك، وفي هذا حجة واضحة على جليل شأنه عند الله ورفيع مكانه في(5/480)
أولياء الله، حيث
أشاع طريقته في مشارق أرضه ومغاربها، وعم هذه الأمة برغائب فيوضه وغرائبها، ذلك فضل الله
يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
ومن مصنفاته المشهورة الأسفار الثلاثة من مكاتيبه، بحر من العلم والحقائق وكنز من الرموز
والدقائق، ورسائل مفردة كالمبدأ والمعاد والمعارف اللدنية والمكاشفات الغيبية وغير ذلك، وله رضي
الله عنه في بيان العقائد على مذهب الماتريدية ولتهذيب طريقة الصوفية النقشبندية لسان أي لسان!
ومن أياديه على رقاب كثير من الناس أنه أوضح الفرق بين وحدة الوجود وبين وحدة الشهود، وبين
أن وحدة الوجود شيء يعتري السالك في أثناء السلوك، فمن ترقى مقاماً أعلى من ذلك يتجلى له
حقيقة وحدة الشهود، فسد بذلك طريق الإلحاد على كثير ممن كان يتستر بزي الصوفية ويتأول كلامهم
على أهوائه الزائغة، ومنها أنه باحث الملاحدة الذين كانوا في زمانه وجادلهم جدالاً حسناً بقلمه
ولسانه، وكذلك رد على الروافض ونقض بدعاتهم، ورد على الضعفاء مكايدهم، فحمى بذلك حمى
الدين، وحرس بيضة المسلمين، ومنها أنه حقق الفرق بين البدعة والسنة وأقيسة المجتهدين،
واستحسانات المتأخرين، والتعارف عن القرون المشهود لها بالخير، وما أحدثه الناس في القرون
المتأخرة وتعارفوه فيما بينهم، فرد بذلك مسائل استحسنها المتأخرون من فقهاء مذهبه، ومنها أنه كان
يأمر بما يراه معروفاً وينهى عن ضده، ولا يخشى في الله لومة لائم ولا يخاف من ذي سطوة في
سلطانه، فكان ينكر على الأمراء ويرشدهم إلى مراشد دينهم، وينفرهم من صحبة الروافض ومن
شاكلهم من أعداء الدين، ويبذل لهم نصحه، فنفع الله كثيراً منهم بذلك، وصلحت بصلاحهم الرعية،
فسد الله ثلمة ظاهر الدين كما رقع به خرق باطنه، فهذب به وبأصحابه في البلدان النائية فئام ممن
وفق لسبيل القوم، وذلك لأنه كان فقيهاً ماتريدياً زكي النفس، حريصاً على اتباع السنن مجتهداً فيه،
شديد النصح لأبناء زمانه، فجاءت لذلك - والله أعلم - طريقته وعلومه وشمائله محمودة عند
المحققين وأهل الإنصاف، ورغب فيها الناس وقل ما تعقب به ورد من قوله، والمسائل التي شدد بها
النكير عليه بعض أهل العلم، والحق أنه مصيب في بعضها وله تأويل سائغ في البعض الآخر، وقد
شاركه فيها غيره من هذه الطائفة ممن لا يحصى كثرة، فليس إذاً يخصه الإنكار، ولو أخذناهم بأمثال
ذلك لم ينج أكثر المتأخرين منهم، ولا يتعين القول بالخطأ فيها إلا في مسألة أو مسألتين من باب
السنن قد اعتذروا عنه في أحدهما والعذر فيهما واحد، وقد شهد له بما ذكرت من فضائله أو بما يقرب
منه، وأجاب عن شبهات المتقشفة وذب عنه الشيخ ولي الله بن عبد الرحيم العمري الدهلوي وأنعم
الثناء عليه، فلم يترك فيه مجالاً لعائب ولا مقالاً لرائب، وكفاك به إماماً يشهد لإمام، والقول ما قالت
به حذام، انتهى.
وأما مخالفوه فمنهم الشيخ محمد صالح الأورنك آبادي ومحمد عارف وعبد الله السورتي من أصحاب
الشيخ محمد صالح، فانهم صوروا سؤالاً وذكروا فيه أقوالاً، وزعموا أنهم استخرجوها من مكتوبات
الشيخ أحمد، ثم عربوها بقدر معرفتهم ومقتضى مرادهم وأرسلوها إلى السيد محمد البرزنجي أحد
مجاوري المدينة المنورة، ثم بعد وصول ذلك السؤال إليه علق رسالة بتكفير الشيخ أحمد بسبب
الأقوال المكتوبة في السؤال بملائمة خاطر المرسل إليه وتصدى لإثبات كفره بها، وسأل قاضي
المدينة المنورة ومفتيها وعلماءها أن يكتبوا على تلك الفتوى على وفق مراده، فامتنعوا عن ذلك
وردوا عليه كلاماً وأجوبة تليق بالعلماء العاملين لعلمهم، ثم بعد ذلك أتى إلى مكة المشرفة فسأل
الكتابة على السؤال المذكور من قاضيها ومفتيها وعلمائها أيضاً، فما وافقه على ذلك أحد فأجابوه
بقولهم: هذا الأمر الذي ارتكبته عظيم، فلا يوافقك في تكفير مسلم إلا كل هالك، وما وافقه بالكتابة من
العلماء على ذلك إلا آحاد من الناس ممن لا معرفة له بالطريقة، وبعضهم وافقه لملائمة هواه،
وبعضهم لا علم له رأساً ولا حقيقة، فحصل ما حصل من القيل والقال، فاحتاج الناس إلى تتبع
مكتوبات الشيخ المذكور وتعريب ألفاظه من الفارسية إلى العربية على وجه يتضح الحق على الناس،
ولذلك صرف الشيخ الأجل العالم الفاضل نور الدين محمد بيك همته(5/481)
العلية وطلب جميع مكتوبات
الشيخ وقابل الأقوال التي في ورقة السؤال مع مكتوبات المرحوم، فوجد بعضها غير موافق معها
بسبب التحريف وترك بعض الألفاظ وزيادة أخرى، فكتب رسالة وبين فيها اصطلاحات السادة
النقشبندية ومقاصد الشيخ أحمد، فعرب ألفاظه إلى العربية وأحسن واهتم وأتقن، وارتفع من أهل
الحق سوء الظن، وندم كثير ممن كتب على السؤال المذكور، وصححه الشيخ عبد الله الآفندي
والشيخ أحمد الهشيشي والسيد الأسعد المفتي المدني الحنفي والإمام علي الطبري المفتي الشافعي
وعبد الرحمن بن محمد الصالح الإمام المالكي ومحمد بن القاضي الحنفي والشيخ الحسن الحنفي
ومرشد الدين ابن أحمد المرشدي والسيد محمد الآفندي والشيخ عبد الله الآفندي عناقي زاده.
ثم تصدى لشرح كلماته الطيبات الشيخ عبد الغني النابلسي الحنفي الدمشقي في رسالة نتيجة العلوم
ونصيحة علماء المرسوم، ألفها سنة اثنتي عشرة ومائة وألف، ثم تصدى للرد على البرزنجي الشيخ
فرخ شاه بن محمد سعيد السرهندي في رسالة سماها كشف الغطاء عن وجوه الخطاء.
وممن خالفه الشيخ عبد الحق بن سيف الدين البخاري الدهلوي فإنه ألف رسالة في تعقبه وأورد
إيرادات شتى على مقالاته، فرد عليه الشيخ عبد العزيز ابن ولي الله العمري الدهلوي، والشيخ غلام
علي العلوي الدهلوي وخلق كثير من العلماء والمشايخ، وقيل إن الشيخ نور الحق بن عبد الحق
الدهلوي أيضاً خالف أباه في ذلك، بل استفاد الطريقة عن الشيخ محمد معصوم والشيخ محمد سعيد
ابني الشيخ أحمد، والمشهور أن الشيخ عبد الحق رجع في آخر عمره عن الإنكار عليه، وكتب في
رسالة له إلى الشيخ حسام الدين بن نظام الدين البدخشي الدهلوي أن محبة الفقير في هذه الأيام للشيخ
أحمد سلمه الله تعالى متجاوزة عن الحد ولم تبق فيما بيننا الحجب البشرية والغشاوة الجبلية أصلاً،
ومع قطع النظر عن رعاية أخوة الطريقة والإنصاف وحكم العقل كيف ينبغي الإنكار والخصومة مع
أمثال هؤلاء الأعزة والأكابر! ولقد وقع في باطني شيء أحسه بطريق الذوق والوجدان، يعجز عن
تقريره اللسان، سبحان الله مقلب القلوب ومبدل الأحوال ولعل أهل الظاهر يستبعدون ذلك، وإني لا
أدري كيف هذا الحال وعلى أي منوال، انتهى.
وفي كشف الغطاء: وقد رأيت بخط سند العلماء أفضل الفضلاء مولانا عبد الحكيم السيالكوتي في رد
بعض شبهات المخالفين على كلامه، قدس سره - هذه العبارة القدح في كلام الشيوخ على غير
مرادهم جهل وعاقبته وخيمة، فرد كلام الشيخ الأجل العارف الكبير الشيخ أحمد إنما هو من السفاهة
وقلة الفهم، كتبه الفقير عبد الحكيم وإن أردت تصديق ذلك فذلك الخط عند إمام العصر الشيخ محمد
النقشبندي نجل قدوة الأولياء الشيخ محمد معصوم - قدس الله سره فعليك، به، - انتهى.
وقال الشيخ عبد العزيز بن ولي الله العمري الدهلوي في رسالة له إلى الحافظ صدر الدين الحيدر
آبادي: ولما رسخت هذه المعرفة التوحيد الوجودي وتدرج أصحاب العقول الزائغة في طريق الإلحاد،
واتخذوا هذه المعرفة الغامضة وسيلة لإبطال الشرائع والتكليفات، وشاع مذهب الشيخ محب الله الإله
آبادي الذي ظاهره الإلحاد، وراج رواجاً عظيماً، قيض الله للاصلاح الشيخ الكبير أحمد السرهندي،
وألهمه علوماً غريبة ليعتدل الحار بالبارد والرطب باليابس حتى تتزن الأفكار ويزهق الباطل(5/482)
الممزوج بالحق وذلك معنى التجديد، هذا ما قيل فيه.
ومن ألفاظه القدسية ما قاله في معارف الصوفية.
اعلم أن معارفهم وعلومهم في نهاية سيرهم وسلوكهم إنما هي علوم الشريعة لا أنها علوم أخر غير
علوم الشريعة، نعم تظهر في أثناء الطريق علوم ومعارف كثيرة ولكن لا بد من العبور عنها، ففي
نهاية النهايات علومهم علوم العلماء وهي علوم الشريعة، والفرق بينهم وبين العلماء أن تلك العلوم
بالنسبة إلى العلماء نظرية واستدلالية، وبالنسبة إليهم كشفية وضرورية.
وقال في الشريعة:
اعلم أن الشريعة متكفلة بجميع السعادات الدنيوية والأخروية، ولا يوجد مطلب يحتاج في تحصيله
إلى غير الشريعة، وأما الطريقة والحقيقة فهما خادمان للشريعة، وتحصيلهما لتكميل الشريعة لا غير،
وأما الأحوال والمواجيد والمعارف التي تظهر للصوفية في أثناء الطريق فليست من المقاصد، بل هي
أوهام وخيالات تربى بها الأطفال فلا بد من العبور عنها في النهاية.
وقال في التوحيد:
اعلم أن التوحيد قسمان: توحيد شهودي، وتوحيد وجودي، والذي لا بد منه هو التوحيد الشهودي
الذي يتعلق به الفناء، والتوحيد الشهودي لا يخالف العقل ولا الشرع بخلاف التوحيد الوجودي فانه
يخالفهما ويتضح ذلك بمثال، وذلك أنه قال شخص عند طلوع الشمس واختفاء الأنجم: لبس في
السماء إلا الشمس، فهذا القول صحيح لا يخالف العقل ولا الشرع، إذ لا يرى حينئذ إلا الشمس
لضعف بصره، فلو أعطى حدة البصر لرأى النجم مع الشمس، بخلاف ما لو قال ذلك قبل طوع
الشمس فإنه يكذبه العقل والشرع وأما أقوال المشايخ التي وردت في التوحيد فلا بد أن تحمل على
التوحيد الشهودي حتى لا تخالف العقل والشرع.
يقول الإمام السرهندي في رسالة كتبها إلى الشيخ فريد البخاري.
إن التوحيد الذي يحصل للصوفية في أثناء سلوكهم ينقسم قسمين:
التوحيد الشهودي، والتوحيد الوجودي، التوحيد الشهودي: عبارة عن روية واحد: أي أن لا يكون
شهود السالك إلا فرداً أحداً، والتوحيد الوجودي عبارة عن اعتقاد وجود واحد، وفناء كل ما سواه
وعدمه.
ثم يقول:
مثل أن يطمئن قلب إنسان على وجود الشمس، فلا يستلزم استيلاء هذا اليقين أن يعتقد عدم النجوم
وفناءها، ولكن هو عند ما رأى الشمس ولا يرى النجوم، فان مشهوده - حينئذ - ليس إلا الشمس،
ولكن رغم ذلك لا يعتقد أن النجوم فانية معدومة، بل يكون على يقين من أنها مختفية ومغلوبة بضوء
الشمس وشعاعه.
وهكذا حقق الإمام السرهندي وأثبت أن وحدة الوجود مقام يعرض للسالك خلال السلوك، فيشاهد -
عند ذلك - عياناً وجهاراً، أنه لا وجود هناك إلا لواجب الوجود، وكل ما يراه الانسان من وجود، فهو
وجود واحد، وما سواه فليس إلا تنوعاته وتلويناته وفي تعبير المتذوقين لهذا المشرب الوجودي
تنزلاته.
ولكن لو حالف التوفيق الرباني، ورافق الهدى النبوي وكان السالك صاحب طموح وعلو همة، فانه(5/483)
يفوز بمقام آخر وهو مقام وحدة الشهود.
وقال في وجود الحق وفي نبوة نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما جاء به:
اعلم أن وجود الحق تعالى وكذا وحدته بل نبوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بل جميع ما جاء به من
عند الله تعالى لا يحتاج إلى فكر ولا دليل، والنظر والفكر فيها ما دامت العلة موجودة والآفة ثابتة،
وبعد النجاة من مرض القلب ودفع الغشاوة البشرية لا يبقى غير البداهة، مثلاً الصفراوي ما دام
مبتلي بعلة الصفراء فحلاوة السكر عنده تحتاج إلى دليل، والأحول يرى الشخص الواحد اثنين ويحكم
بعدم وحدته فهو معذور، ووجود الآفة فيه لا يخرج وحدة الشخص من البداهة ولا يجعله نظرياً،
ومعلوم أن ميدان الاستدلال ضيق واليقين الذي يحصل من طريقة الأدلة متعذر جداً، فلا بد من
تحصيل الإيمان اليقيني من إزالة المرض القلبي، فكما أن السعي في إزالة علة الصفراء للصفراوي
لتحصيل اليقين له بحلاوة السكر أهم من السعي في إقامة الأدلة لتحصيل اليقين بحلاوته، فكذلك ما
نحن فيه فإن النفس الأمارة منكرة بالذات للأحكام الشرعية وحاكمة بالطبع بنقاضتها، فتحصيل اليقين
بهذه الأحكام الصادقة بالأدلة مع وجود إنكار وجدان المستدل متعذر جداً، فلا بد في تحصيل اليقين
من تزكية النفس، وتحصيل اليقين من غير تزكيتها صعب لآية "قد أفلح من زكاها وقد خاب من
دساها"، فعلم أن منكر هذه الشريعة الباهرة والملة الطاهرة الظاهرة مثل منكر حلاوة السكر،(5/484)
فالمقصود من السير والسلوك وتزكية النفس وتصفية القلب إزالة الآفات المعنوية والأمراض القلبية،
كما قال تعالى: في قلوبهم مرض، حتى يتحقق بحقيقة الإيمان، فإن وجد إيمان مع وجود هذه الآفات
فهو بحسب الصورة فقط، فإن وجدان الأمارة حاكمة بخلافه ومصرة على حقيقة كفرها، ومثل هذا
الإيمان والتصديق الصوري مثل إيمان الصفراوي بحلاوة السكر، فإن وجدانه شاهد بخلافه، فكما أنه
لا يحصل اليقين الحقيقي بحلاوة السكر إلا بعد إزالة مرض الصفراء، فكذلك لا تحصل حقيقة الإيمان
إلا بعد تزكية النفس والاطمئنان، وحينئذ يكون وجدانياً، وهذا القسم من الإيمان محفوظ من الزوال،
ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون صادق في شأنهم، شرفنا الله تعالى بشرف هذا
الإيمان الكامل الحقيقي.
وقال في فضل الطريقة النقشبندية:
إعلم أن طريقة الخواجكان - قدس الله أسرارهم - مبنية على اندراج النهاية في البداية، قال الشيخ
نقشبند: نحن ندرج النهاية في البداية، وهذه الطريقة بعينها طريقة الصحابة الكرام رضوان الله تعالى
عليهم أجمعين، فإن الصحابة تيسر لهم في بداءة صحبتهم مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما لم يتيسر
لغيرهم في نهايتهم، فلهذا لما تشرف وحشى قاتل حمزة رضي الله تعالى عنهما في بداءة إسلامه مرة
بصحبة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان أفضل من أويس القرني الذي هو خير التابعين، فالذي تيسر
لوحشي في بداءة تلك الصحبة ما تيسر لأويس القرني في نهايته.
وقال في بيان أن الجذبة التي قبل السلوك ليست من المقاصد:
إعلم أن للوصول طريقتين: الجذبة، والسلوك، وبعبارة أخرى: التزكية، والتصفية، والجذبة التي قبل
السلوك ليست من المقاصد، والتصفية التي قبل التزكية ليست من المطالب، والجذبة التي تكون بعد
تمام السلوك، والتصفية التي تكون بعد حصول التزكية الكائنة في السير في الله من المقاصد
المطلوبة، فالجذبة والتصفية السابقة لأجل تسهيل السلوك على السالك، وبدون السلوك لا ينال
المطلوب، وبلا قطع المنازل لا يظهر جمال المحبوب، فالجذبة الأولى كالصورة للثانية وفي الحقيقة
لا مناسبة بينهما، فالمراد من اندراج النهاية في البداية اندراج صورة النهاية وإلا فحقيقة النهاية لا
تسعها البداية - وتحقيق هذا المبحث مفصل في رسالة الجذبة والسلوك، فلا ينبغي الاكتفاء عن
الحقيقة بالصورة بل لا بد من العبور عن الصورة إلى الحقيقة - انتهى ما في المعربات للشيخ يونس
ملخصاً.
أما بيان وحدة الوجود ووحدة الشهود:
أما بيان وحدة الوجود على ما ذكره الشيخ الكبر وأتباعه ووحدة الشهود على ما ذكره الشيخ أحمد
والفرق بينهما فيلخص ذلك من المكتوب المدني للشيخ ولي الله بن عبد الرحيم العمري الدهلوي
يتضح لك ما قيل فيه:
إعلموا أن وحدة الوجود ووحدة الشهود لفظتان تطلقان في موضعين، فتارة تستعملان في مباحث
السير إلى الله عز وجل فيقال: هذا السالك مقامه وحدة الوجود، وذلك مقامه وحدة الشهود، ومعنى
وحدة الوجود ههنا الاستغراق في معرفة الحقيقة الجامعة التي تعين العالم فيها بحيث تسقط عنه أحكام
التفرقة والتمايز التي معرفة الخير والشر مبنية عليها، والشرع والعقل مخبران عنها مبينان لها أتم
بيان وأوفى إخبار، وهذا مقام يحل فيه بعض السالكين حتى يخلصه الله تعالى منه، ومعنى وحدة
الشهود: الجمع بين أحكام الجمع والتفرقة، فيعلم أن الأشياء واحدة بوجه من الوجوه كثيرة مباينة
بوجه آخر، وهذا المقام أتم وأرفع من الأول، وهذا الاصطلاح مأخوذ من بعض أتباع الشيخ آدم
البنوري قدس سره.
ومما يدل على شدة تمسكه بالشريعة الغراء وغيرته عليها أشد الغيرة، واستنكافه عن كل ما عارضها
من أقوال الصوفية وكلام المشايخ، ما جاء في رسالة له إلى معاصر كتب إليه أن الشيخ عبد الكبير
اليمني قال:
إن الله عليم بالكليات فقط فقال في الرد عليه:
يا سيدي! إن هذا الفقير لا يكاد يحتمل سمع مثل هذا الكلام، إن عرقي الفاروقي ينبض عند ذلك،
سواء كان ذلك كلام عبد الكبير اليمني أو محي الدين ابن(5/485)
عربي، نحن في حاجة إلى محمد العربي لا
ابن عربي، إن الفتوحات المدنية أغنتنا عن الفتوحات المكية عمدتنا النص لا الفص.
وقد أنكر وجود بدعة حسنة، وقال: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أطلق القول فقال: كل
بدعة ضلالة، فلا يستثنى من هذا الإطلاق بدعة، وله رسائل قوية واضحة في الإنكار على أعمال
شركية وتقاليد وعادات تسربت في مسلمي الهند عن أهل البلاد الوثنيين.
وكانت وفاة الشيخ أحمد المجدد لليلتين بقيتا من صفر سنة أربع وثلاثين وألف بمدينة سرهند،
فصلى عليه ابنه محمد سعيد ودفنه بها، وقبره هناك مشهور.
الشيخ أحمد بن عبد الله الحضرمي
الشيخ العالم الفقيه أحمد بن عبد الله بن أحمد بن حسين بن عبد الله بن شيخ ابن عبد الله، الشافعي
الحضرمي الحيدر آبادي، أحد من يشار إليه في العلم والمعرفة، ذكره الشلي في المشرع الروي قال:
إنه حفظ القرآن عن الشيخ عبد الله بن عمر با غريب، ثم حفظ عدة متون في عدة فنون وأخذ عن
أكابر عصره، فأخذ عن والده الحديث والفقه والتصوف وألبسه الخرقة الشريفة، وأخذ عن الشيخ أبي
بكر بن عبد الرحمن بن الشهاب، وصحب السيد زين بن محمد با حسن الجديلي والسيد محمد بن
أحمد الشاطري وغيرهم، وجد في الطلب حتى ملك أعنة المحاسن، ثم اشتاق إلى التنزه في البلاد
فكان أول ارتحاله إلى حضرة خاله الشيخ جعفر الصادق فلازمه زماناً بأحمد آباد، ثم توجه إلى بلاد
الدكن ولزمه بعض الأمراء، فمكث عنده إلى أن انقضت مدة ذلك الأمير وأقام في تلك البلاد، وكان
كريماً يتبع قوله بفعله، ما خاب من أم بابه وقصده، وجمع من الأدب والفقه والحديث وغيرها من
الفضائل، ودرس فأفاد الطالبين، وسلك بالمريدين سبيل المشايخ الأقدمين، وله نظم ملك فيه زمام
البلاغة والفصاحة مع إلمام جيد في معاني السنة والكتاب، ومعرفة تامة باللغة والإعراب، ولم أقف
على منظوم ولا منثور، انتهى.
مات سنة ثلاث وسبعين وألف بحيدر آباد فدفن بها في فناء مسجد قوة الإسلام كما في محبوب ذي
المنن.
السيد أحمد بن عبد اللطيف البلكرامي
الشيخ العالم أحمد بن عبد اللطيف بن محمود الأصغر، الحسيني الواسطي البلكرامي، كان ينتسب
إلى عمه عبد الله بن محمود لأنه رباه وتبناه فاشتهر بتلك النسبة ونقش على خاتمه أحمد بن عبد الله،
وكان كثير الفضائل حسن الشمائل حسن الخط ماهراً في الحساب، لم يزل يشتغل بالكتابة بعد صلاة
الإشراق، وقد قلد الحكومة في بهاسو من قبل مكرم خان بن(5/486)
شخمير العالمكيري، ثم انتقل إلى داسنه
من أعمال دهلي.
توفي في رابع جمادي الأولى سنة ست وتسعين وألف بمراد آباد فدفن بها، ثم نقل جسده إلى بلكرام
ودفن بروضة محمود، كما في مآثر الكرام.
الحكيم أحمد بن عبد الله اللاهوري
الشيخ الفاضل أحمد بن عبد الله بن علي محمد بن العلامة جلال الدين محمد ابن أسعد الصديقي
الدواني أحد العلماء المبرزين في الفنون الحكمية، كان أصله من دوان، انتقل والده منها إلى بشاور
وسكن بها بعد تسلط الشيعة على بلاد الفرس وتعصبهم على أهل السنه والجماعة، ولد ونشأ بمدينة
بشاور، وأخذ العلم وتطبب، ثم انتقل إلى قرية نابهه من أعمال سيالكوت، واشتغل بها بالدرس
والإفادة، وكان حاذقاً في الصناعة الطبية، يعالج المرضى بهمة صادقة، ولا يقدم الأغنياء على الفقراء
ولا يطمع فيهم.
مات في سنة سبع وسبعين وألف، كما في تذكرة العلماء لحفيده محمد أشرف اللكهنوي.
مولانا أحمد بن عبد الله البيجابوري
الشيخ الفاضل أحمد بن عبد الله النائطي البيجابوري، أحد العلماء المشهورين، رقاه الله سبحانه على
درجة الإمارة حتى استوزره عادل شاه البيجابوري، فلما أغار راجه رام سنكه على بيجابور بأمر
عالمكير بن شاهجهان التيموري بعثه عادل شاه إلى راجه رام سنكه بالسفارة فلحق به، فكتب راجه
رام سنكه إلى عالمكير، فأعطاه المنصب الرفيع ستة آلاف له وستة آلاف للخيل مع الخلع الفاخرة
والسيف المرصع والجيغة والفيل، وكتب إلى راجه رام سنكه يعلمه أنه يريد أن يلقبه سعد الله خان
ويعطيه الخدمة اللائقة به، وأمره أن يبعثه إلى الحضرة، فبعثه فلما وصل إلى أحمد نكر مات بها،
وكان ذلك سنة خمس وسبعين وألف، كما في منتخب اللباب.
الشيخ أحمد بن عبد الله الشيرازي
الشيخ الفاضل أحمد بن عبد الله الشيرازي، أحد الأفاضل المشهورين، ولد ونشأ ببلدة شيراز، وقرأ
العلم على الشيخ العلامة فتح الله بن شكر الله الشيرازي، ثم قدم الهند ودخل بيجابور، وتقرب إلى
عادل شاه وحرضه على أن يستقدم الشيخ فتح الله المذكور عن مدينة شيراز، فاستقدمه عادل شاه،
فقرأ عليه أحمد ما بقي له من الكتب الدرسية، ولما مات على عادل شاه البيجابوري انتقل إلى مدينة
أحمد نكر، وتقرب إلى برهان نظام شاه البحري، وقرأ بعض الكتب على الشيخ حسن النجفي وأخذ
عنه التصوف وصحبه، وطابت له الإقامة بمدينة أحمد نكر، وبعد مدة من الزمان ولي على أرض
برار، فاستقل بها برهة من الزمان، ثم تركها واعتزل عن الناس بمدينة سورت، ومات بها.
وله تعليقات على نفحات الأنس وفصل الخطاب وشرح على خطبة البيان وشرح على كلشن راز
وله ديوان شعر بالفارسية ومن شعره قوله:
در آئينه حال بشت جشم ار بيني يك جشم بيوشي وبديكر بيني
كورت بيند هر آنكه بيند زقفا اين است مثال خير وشر كر بيني
توفي سنة ست عشرة وألف وله تسع وستون سنة، كما في صبح كلشن.
الشيخ أحمد بن عبد الله القصوري
الشيخ الفاضل أحمد بن عبد الله الشوريالي القصوري، كان صاحب العلوم الجمة والمعارف
العظيمة، انتفع به الناس وأخذوا عنه، وهو أحد من أظهره الله تعالى وأشهره وأول من أخذ العلوم
وجلس على مسند الإرشاد من قبيلة شوريال، وتلك بطن من بطون الأفاغنة.
ولد ونشأ بمدينة قصور، وسافر للعلم إلا لاهور، وقرأ العلم على الشيخ إسحاق بن كاكو اللاهوري،
ثم أخذ عنه الطريقة ولازمه مدة من الزمان، ثم تصدر للتدريس، وكان معاصراً للشيخ عبد الحق بن
سيف الدين الدهلوي، والشيخ عيسى بن قاسم السندي(5/487)
والشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهند.
قال اللاهوري في خزينة الأصفياء: إنه كان كثير الدرس والإفادة غير ميال إلى التصنيف، ويقول:
إن في مصنفات القدمات كفاية لمن له دراية، وكان الشيخ عبد اللطيف البرهانبوري يقول: إني
وجدت في مدة عمري رجلين من العلماء الربانيين: أحدهما الشيخ عبد الوهاب المرصيعي، وثانيهما
الشيخ أحمد القصوري، انتهى.
توفي سنة ثلاثين وألف، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ أحمد المحدث البيجابوري
الشيخ العالم الكبير أحمد بن عبد الله المحدث البيجابوري، أحد العلماء المتمكنين في الفقه والحديث
في أيام إبراهيم بن طهماسب البيجابوري، كان ختن القاضي عبد الله وابن أخته، قبره عند قبر السيد
عبد الرحمن الحسيني الكجراتي بمدينة بيجابور، كما في روضة الأولياء.
الشيخ أحمد بن عبد المعطي الكجراتي
الشيخ العلامة أحمد بن عبد المعطي بن الحسن بن عبد الله با كثير المكي ثم الهندي الكجراتي، أحد
الأدباء الفاضلين والشعراء المفلقين، أخذ عن والده وتفنن في الفضائل عليه وعلى غيره من العلماء،
وكان والده ممن سمع صحيح البخاري بقراءة والده على شيخ الإسلام زين العابدين زكريا الأنصاري
المصري.
وقد ذكر الشيخ عبد القادر بن شيخ الحضرمي في النور السافر في أخبار القرن العاشر له بيتين في
القهوة في ترجمة والده ولله دره:
لله محكم قهوة تجلى لنا في أبيض الصيني طاب شرابها
فكأنما هي مقلة مكحولة ودخانها من فوقها أهدابها
الشيخ أحمد بن علوي الحضرمي
الشيخ العالم الفقيه أحمد بن علوي بن عمر بن عقيل بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد جمل
الليل الشافعي الحضرمي المشهور كسلفه ببا حسن، ذكره الشلي في المشرع الروي، قال: إنه ولد
بقرية روغه ونشأ بها في حجر والده علوي، فقرأ القرآن في أول الأمر برواية الإمام أبي عمر، ثم
شرع في الطلب وتحصيل الفضائل، فجمع بين الفقه والحديث وبرع في الأصلين، ثم فارق وطنه
فرحل إلى الديار الهندية ونال بها مآرب سنية، ثم رحل إلى مكة المشرفة فحج حجة الإسلام، وزار
جده عليه الصلاة والسلام، وأخذ بالحرمين عن جماعة كثيرين، وقرأ على كتاب التعرف في الأصلين
والتصوف قراءة بحث وتحقيق، وكثيراً من كتب الحديث والفروع والعربية، وأجزته بجميع مالي من
المؤلفات والمرويات، وألبسته الخرقة الشريفة بجميع طرقها، ثم عاد إلى الهند وهو الآن بها، انتهى.
الشيخ أحمد بن علي المالكي البسكري
الشيخ الفاضل شهاب الدين أحمد بن علي بن أحمد المالكي البسكري - بضم الموحدة - الهندي
الكجراتي، أحد العلماء الصالحين، ذكره الشلي في تاريخه وقال: إنه أخذ عن والده وعن الشيخ عبد
القادر بن شيخ العيدروس وغيرهما، وكان لطيف الذات كامل الصفات، وكان أكثر همه الاستعداد
ليوم المعاد، قال في النور السافر: وكان صاحبنا أحمد المذكور من أهل العلم والصلاح متبعاً للكتاب
والسنة، سالكاً على نهج السلف الصالح، متصفاً بالعفاف، قانعاً بالكفاف، ولا يرى في أكثر الأوقات
إلا مشغوفاً بمطالعة أو كتابة، له جملة مصنفات، وكان كف بصره قبل وفاته بقليل، وللناس فيه مدائح
فمن ذلك ما قاله أديب الزمان الشيخ عبد اللطيف بن محمد الديير فيه من قصيدة:
أعنى به أحمد المختار سيرته خلقاً وخلقاً سواه لا يساويه
شهاب نجل علي البسكري بلداً المالكي مذهباً من ذا يضاهيه
قد خصه بجميل الفضل خالقه بسر طي معاني في معاليه
له بديع بيان في الخطاب يرى وجيز لفظ وقد جلت معانيه(5/488)
أخباره قد أتت في الحال تخبر عن ماض ومستقبل من أمر باريه
حديثه الحسن العالي روايته أعلت لسامعه شأناً وراويه
وقال في النور السافر في موضع آخر من ذلك الكتاب إنه كان بقية العلماء العاملين، لم يخلفه بعده
مثله في الفضل والأدب والدين، ألف عدة من الكتب المفيدة، وكان ذا ذكاء وفطنة، لا تأخذه في الله
لومة لائم، قال: وله قصيدة في مرثية الشيخ أحمد بن محمد الحضرمي با جابر وهي زهاء مائة بيت
أولها:
زم المطي بحكمة يا لساري عن أن تسير بأسوء الأخبار
وقال فيها:
حق البكاء على الذي حاز العلى سهر الليالي والنجوم سواري
أعنى الشهاب الجابري فإنه قد كان خلا خالصاً مختاري
توفي ليلة السبت الثالث والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة تسع بعد الألف بمدينة أحمد آباد ودفن
بها.
الشيخ أحمد بن مجتبي المانكبوري
الشيخ الصالح أحمد بن مجتبي بن مبارك بن أحمد بن نور بن الحامد الحسيني الرضوي المانكبوري
المشهور بأحمد الحليم، كان من المشايخ الجشتية، ولد ونشأ بمانكبور، وتفقه على والده وأخذ عنه
الطريقة ولازمه ملازمة طويلة، ثم تصدر للارشاد والتلقين، أخذ عنه محمد رشيد بن مصطفى
الجونبوري وخلق كثير من المشايخ، ويذكر له كشوف وكرامات، وقد جمع شطراً منها بعض
أصحابه في كتابه الخوارق الأحمدية وكثيراً ما كان يذكر خوارقه بنفسه، وكان يعظم ذرية شيخ
شيوخه حسام الدين المانكبوري تعظيماً فوق العادة، حتى أنه كان يقوم للولدان من ذريته حينما يلعبون
ويمرون عليه، ولا يزال قائماً وهم يلعبون.
مات في الخامس عشر من جمادي الأولى سنة أربعين وألف بمدينة مانكبور فدفن بها، كما في كنج
أرشدي.
الشيخ أحمد بن عمر الحضرمي
الشيخ الفاضل أحمد بن عمر بن أحمد بن عقيل بن محمد بن عبد الله بن عمر ابن أحمد بن حسن
بن علي بن محمد الدويلة الشافعي الحضرمي الشهير كسلفه بالهندوان، ذكره الشلي في المشرع
الروي، قال: إنه ولد بتريم ونشأ بها، وأخذ عن خاله أبي بكر بافقيه ولازمه، وأخذ عن غيره من
العلماء، ثم جال البلاد ورحل إلى بلاد الهند، فانتفع به جمع من الأنام، ثم قصد بيت الله الحرام،
وزيارة جده عليه الصلاة والسلام، فتمت له تلك الأعمال الصالحة، ثم كر راجعاً إلى الهند، ثم قدم
علينا بمكة المشرفة وأخذ بالحرمين الشرفين عن جماعة كثيرين، وأخذ عني بعض المصنفات
وأجزته بجميع مالي من المؤلفات والمرويات، وألبسته الخرقة الشريفة، وأذنت له في إلباسها، ثم
قصد إقليم الدكن، ولما اشتهر فضله عند الأكابر بلغ ذلك عادل شاه البيجابوري، فقربه إليه وأدناه،
وأناله ما أمله وارتجاه، ووعظه ونصحه، فأزال الله ببركته كثيراً من المنكرات، وأزاح بهمته كبائر
المحرمات، وهو الآن أعلم من به موجود، وأفضل عالم يقتدى به في الوجود، انتهى.
الشيخ أحمد بن محمد الكالبوي
الشيخ العالم الكبير الزاهد أحمد بن محمد بن أبي سعيد الحسيني الترمذي الكالبوي شيخ مشايخ
الطريقة المحمدية، ولد ونشأ بمدينة كالبي، وقرأ العربية أياماً على والده، ثم على الشيخ محمد أفضل
بن عبد الرحمن العباسي الإله آبادي، وقرأ عليه من الحسامي إلى البيضاوي، وقرأ فاتحة الفراغ في
مدة يسيرة، وبلغ رتبة الكمال في حياة والده وأخذ عنه، وجلس على مسنده وله أربع وعشرون سنة
في عهد عالمكير بن شاهجهان التيموري.
وكان يستمع الغناء على رؤس الأشهاد، ويعقد له مجلساً في عرس والده، ويذهب إلى نهر جمن،
فيملأ دناً من الماء، ثم يأتي به على راسه على رسوم(5/489)
المشايخ المتعارفة في الهند، فلما أخبر به الشيخ
محمد أفضل المذكور بعث إليه رسالة وكتب أنه لا يستطيع أن يحضر في العرس، لأنه لا يحب أن
يذهب إلى الماء ويحمل دناً ملآنا منه على رأسه، ولا يحب أن يخالف أصحابه، فاستقدمه الشيخ أحمد
وألح عليه، ولما قدم الشيخ نهى عن الغناء ولكنه ما ذاق الطعام ثلاثة أيام، وكلما كان يلاقي الشيخ
يشكو مانعي الغناء وكان الشيخ يسليه، فلما بالغ في الشكوى أجاز له الشيخ بالغناء، وقيل إن الشيخ
أحمد لما انضجر من منعه دخل الخلوة واعتزل عن الناس ثم خرج دفعة وترنم بهذه الأبيات الفارسية
له:
هر كه بميخانه اقامت كند از سفر كعبه ندامت كند
سيد محمد بمن اين خفيه كفت نغمه مطرب همه كامت كند
توبه ازين شيوه نخواهيم كرد كوكه همه خلق ملامت كند
قيل إن أباه لما رحل إلى أجمير لزيارة الشيخ معين الدين حسن السجزي الأجميري، وكان معه ابنه
الشيخ أحمد قال: إنه رأى في واقعة أن الشيخ معين الدين لاث العمامة برأس ولده الشيخ أحمد، فلما
رجع عن ذلك السفر شرع أحمد في استماع الغناء على رؤس الأشهاد وأبوه محمد يخالفه في ذلك
ولكنه مع ذلك يقول: محمد وأحمد عبارة عن رجل واحد.
ومن مصنفاته مشاهدات الصوفية وشرح بسيط على العقائد النسفية شرحه في أربعة وعشرين يوماً
وله ديوان شعر.
توفي في التاسع عشر من شهر صفر سنة أربع وثمانين وألف في أيام عالمكير، وكان له ست
وثلاثون سنة، وقبره بمدينة كالبي، كما في ضياء محمدي.
الشيخ أحمد بن محمد الحضرمي
الشيخ الفاضل أحمد بن محمد بن عبد الرحيم الشهاب باجابر الشافعي الحضرمي ثم الكجراتي ذو
السودد الظاهر والفضل الباهر، ذكره الشلي في تاريخه وقال: إنه أخذ عن والده الشيخ محمد، وتربى
تحت حجره، وتحلى بجواهر بحره، وأخذ عن غيره من العلماء، ثم قدم الهند وأخذ عن الشيخ عبد
القادر بن شيخ العيدروس وغيره، وله نظم حسن ومدائح في السادة، انتهى.
وقال الشيخ عبد القادر المذكور: إنه كان رجلاً صالحاً إماماً عالماً علامة، غاية في التحقيق وجودة
الفكر والتدقيق، قال: وكان نظر في كتب الأدب ودواوين الشعر، وحفظ منها شيئاً كثيراً وعرف بقوة
الحافظة والذكاء، وأشير إليه بالعلم، وأذن له غير واحد بالإفتاء والتدريس، وتصدر بهما، وأخذ عنه
الفضلاء في كثير من الفنون، قال: وكان كثير الاستحضار لمستحسنات الأشعار والأخبار، حسن
المذاكرة فكه المحاضرة، وكان أكثر ما تعلم من العلوم على والده العلامة، قال: ولما حج البيت الحرام
سنة 996 اجتمع بمن كان هناك من المشايخ والعلماء كالسيد أبي بكر بن أبي القاسم الشهير بصائم
الدهر، والإمام الكبير الشيخ محمد الخاص، والعلامة أبي القاسم مطير، وولده الإمام أبي بكر وأخيه
العلامة الأمين، والشيخ أحمد الأشخر، والعلامة المحدث السيد الطاهر بن حسين الأهدل، والعلامة
عبد الملك ابن عبد السلام دعسى والسيد حاتم بن أحمد الأهدل، ولازم صحبتهم وقرأ عليهم وأجازوا
له في كتب عديدة، قال: وطالت مجالستي معه وامتدحني بقصائد غراء، وصنف المقالات الجابرية
في المقامات القادرية قال: واستمر في صحبتي من ربيع الآخر سنة 997 إلى جمادي الأولى سنة
998هـ ثم إنه استأذنني في السفر إلى بعض بلاد الهند فسافر إليها، ثم رجع منها إلى برهانبور
واجتمع بمن فيها من الأكابر والرؤساء، ورزق عندهم القبول والحظوة، وكان سلطانها يومئذ السلطان
العادل على عادل شاه فأقبل إليه وفرح به، وكذلك من كان بها إذ ذاك من العلماء والفضلاء اغتبطوا
بوصوله إليهم حتى قال الشيخ عبد اللطيف الديير في ذلك:
الجابر بن شهاب دفق فضيلة في النظم فاق البحر راحاحر(5/490)
وافى ديار الهند يا لك وافداً ووصوله وقدومه لي جابر
قال الشيخ عبد القادر: وهو مات مسموماً بمدينة لاهور، وسبب ذلك أن الشيخ عبد اللطيف كان
أطلعه على ما عنده من الكتب، فاتفق أن مات الشيخ عبد اللطيف، وجاء الشيخ فيضي بالحجابة من
السلطان أكبر إلى الدكن، ومر على برهانبور في الرجوع، فأرسل إليه السلطان راجه على خان
بهدايا، فقال له: ما أريد منك إلا أن تعطيني الكتاب الفلاني الذي صار إليك من تركة عبد اللطيف،
فلم يسع السلطان إلا أن أعطاه الذي طلب على كره منه، ثم بحث عن الذي أنهى إلى الشيخ فيضي
هذا الخبر، فقيل له: الفقيه أحمد باجابر، فخشي أن الشيخ عبد اللطيف يكون أطلعه أيضاً على سر
من أسراره وأمور مملكته، وكان الفقيه متوجهاً في صحبة الشيخ فيضي إلى لاهور وازداد خوفه
بسبب ذلك أيضاً، فأرسل أربعة من غلمانه، وأصحبهم سماً قاطعاً وأمرهم أن يسايروا الرفقة حتى إذا
وجدوا فرصة أطعموا الفقيه ذلك، فسار أولئك النفر مع الركب حتى لما وصلوا إلى قريب لاهور
دسوا له ذلك السم في طعام، فقطع كبده ومكث يصب أياماً دماً ومات، رحمه الله!
قال: وقد رثاه صاحبنا الشيخ الشهاب أحمد بن علي البسكري والقصيدة زهاء مائة بيت أولها:
زم المطي لحمله يا ساري عن أن تسير بأسوء الأخبار
وقال فيها
حق البكاء على الذي حاز العلى سهر الليالي والنجوم سواري
أعنى الشهاب الجابري فإنه قد كان خلا خالصاً محتاري
قال: ورثاه الشيخ محمد بن عبد اللطيف الجامي الشهير بمخدوم زاده:
مات الشهاب وكل حي هالك لم يبق إلا الواحد القهار
فالله يرحمه ويجبر كسره فهو الرحيم المالك الغفار
قال الشيخ الإمام جمال الدين محمد بن عبد اللطيف: هذه قصيدة قالها في قدوم الفقيه أحمد باجابر
إلى الهند وهي:
ما جال في خلدي ولا في خاطري أني أفوز بوصل ذاك الجابري
كلا ولا ظنيت أني في الكرى أحظو بوصل من حبيب هاجري
أترى يقيناً أن طيف خياله آوى إلى طرفي القريح الساهر
إلى آخرها، قال: وقد رثيته ومنها:
سلام الله عوداً بعد بدء على قبر ثوى فيه الشهاب
لقد جلت مصيبته لدينا وصار القلب منها في التهاب
توفي غير مذموم وأبقى لقلبي حسرة حتى المآب
قال الشيخ عبد القادر: فكان اختيار الله تعالى بمقتضى حسن نيته أن مات قبل أن يفتح الله علينا
بشيء من الدنيا، تأسفت بموته جداً، وكنت كلما ذكرته استثار مني الحزن وانبعث الأسى والندم،
حتى كان مصابي باعتبار ذلك جديداً في كل آن، ثم كنت كثير الترحم عليه والدعاء له، صنفت في
أخباره وماجرياته كتاباً سميته صدق الوفاء بحق الإخاء وكانت وفاته ليلة الأربعاء الرابع عشر من
شوال سنة إحدى بعد الألف بمدينة لاهور.
الشيخ أحمد بن محمد الجوهري
الشيخ الفاضل أحمد بن محمد بن علي الجوهري المكي ثم الهندي الأديب الشاعر البارع، ذكره السيد
علي معصوم الدشتكي الشيرازي في سلافة العصر وقال إنه ولد بمكة ونشأ بها، وترعرع ورحل إلى
الهند في عنفوان عمره وابتداء(5/491)
حاله وأمره، فقطن بها خمساً وعشرين سنة، وعاد إلى مكة شرفها الله
تعالى، فأنكر تقلب أمورها فانتقل منها إلى فارس، ولم يتم له فيها مرامه فرجع إلى الهند، ولم يزل
بها حتى دعاه أجله فلبى، وقضى من الحياة نحباً، ومن رقيق شعره قوله:
ما شمت برقاً سرى في جنح معتكر إلا تذكرت برق المبسم العطر
ولا صبوت إلى خل أسامره إلا بكيت زمان اللهو والسمر
شلت يد للنوى ما كان ضائرها لو غادرتنا نقضي العيش بالوطر
في خلسة من ليال الوصل مسرعة كأنما هي بين الوهن والسحر
لا نرقب النجم من فقد النديم ولا نستعجل الخطو من خوف ولا حذر
وأهيف القد ساقينا براحته كأنه صنم في هيكل البشر
منعمين وشمل الأنس منتظم يربو على نظم عقد فاخر الدرر
فما انتهينا لأمر قد ألم بنا إلا وبدل ذاك الصفو بالكدر
لا در در زمان راح مختلسا من بيننا قمراً ناهيك من قمر
غزال إنس تحلى في حلى بشر وبدر حسن تجلى في دجى شعر
وغصن بان تثنى في نقا كفل لا غصن بان تثنى في نقا مدر
كأن ليلي نهار بعد فرقته بما أقاسي به من شدة السهر
يا ليت شعري هل حالت محاسنه وهل تغير ما باللحظ من حور
فإن تكن في جنان الخلد مبتهجا فاذكر معنى الأماني ضائع النظر
وإن تأنست بالحور الحسان فلا تنس الليالي التي سرت مع القصر
وقوله:
كيف أسلو من مهجتي في يديه وفؤادي وإن رحلت إليه
إن طلبت الشفاء من شفتيه جاد لي بالسقام من جفنيه
إن حلف السهاد عين رأته وجنت ورد جنتي خديه
كلما رمت سلوة قال قلبي لا تلمني في ذا العكوف عليه
لست وحدي متيماً في هواه كل أهل الغرام تصبو إليه
وله مقاطيع سماها لآلي الجوهري وله غير ذلك، وكانت وفاته ليلة الأربعاء لثمان بقين من جمادي
الأخرى سنة تسع وستين وألف بأرض الهند، كما في خلاصة الأثر.
الشيخ أحمد بن محمد المعصوم الشيرازي
الشيخ الفاضل أحمد بن محمد المعصوم بن نصير الدين بن إبراهيم الشيعي الدستكي الشيرازي، والد
علي المعصوم صاحب سلافة العصر المشهور بنظام الدين أحمد، ولد ليلة الجمعة خامس عشر شعبان
سنة سبع وعشرين وألف بالطائف، وحفظ القرآن وتلا بالسبع، وأخذ الفقه عن شرف الدين البافقي،
والحديث عن السيد نور الدين الشامي، والعربية عن علي المكي، والمعقول عن شمس الدين
الكيلاني، وبرع في الفنون سيما العربية، واعتنى بالأدب فنظم نظماً جيداً، وقدم الهند سنة ثلاث
وخمسين وألف فأملكه عبد الله قطب شاه الحيدر آبادي ابنته فامتد باعه في الدنيا، وخدمته الشعراء
بالمدائح، وقد انتهت إليه بسبب القربة إلى(5/492)
السلطان المذكور الرئاسة ببلدة حيدر آباد حتى أدرك
السلطان أجله، وظنه أن يكون ملكاً بعده فلم يتم له ما أمله، وتولى الملك بعده مرزا أبو الحسن الحيدر
آبادي في قصة يطول شرحها، فقبض عليه وسجنه إلى أن مات بها، ومن شعره قوله:
مثير غرام المستهام ووجده وميض سري من غور سلع ونجده
وبات بأعلى الرقمتين التهابه فظل كئيباً من تذكر عهده
يحن إلى نحو اللوى وطويلع وبانات نجد والحجاز ورنده
وضال بذات الضال مرخ غصونه تقيأه ظبي يميس ببرده
يغار إذا نافست بالبدر وجهه ويغضب إن شبهت ورداً بخده
كثير التجني ذو قوام مهفهف صبيح المحيا ليس يوفي بوعده
مليح تسامى بالملاحة مفرداً كشمس الضحى والبدر في برج سعده
ثناياه برق والصباح جبينه وأما الثريا قد أنيطت بعقده
فمن وصله سكنى الجنان وطيبها ولكن لظى النيران من نار صده
تراءى لنا بالجيد كالظبي لفتة أسارى الهوى في حكمه بعض جنده
روى حسنه أهل الغرام وكلهم يتيه إذا ما شاهدوا ليل جعده
يعنعن علم السحر هاروت لحظه ويروى عن الرمان كاعب نهده
مضاء اليمانيات دون لحاظه وفعل الردينيات من دون قده
إذا ما نضا عن وجهه بعض حجبه صبا كل ذي نسك ملازم زهده
وأبدى محيا قاصراً عنه كل من أراد له نعتاً بتوصيف خده
هو الحسن بل حسن الورى منه مجتدى وكلهم يعزى لجوهر فرده
وما تفعل الراح العتيقة بعض ما بمبسمه بالمحتسي صفو وده
وله غير ذلك مما رق وراق من الأشعار الفائقة، وكانت وفاته في سنة ست وثمانين وألف بمدينة
حيدر آباد، كما في خلاصة الأثر.
الشيخ أحمد بن محمد البهاري
الشيخ العالم الفقيه المفتي أحمد بن محمد الحسيني العلوي البهاري المشهور بأحمد سعيد بن محمد
سعيد، كان من كبار الفقهاء الحنفية، ولد ونشأ في قرية من أعمال بهار، وقرأ العلم على والده وتفنن
عليه بالفضائل، ودرس وأفتى وصار شيخ الجماعة، فولاه شاهجهان بن جهانكير صاحب الهند الإفتاء
في المعسكر، فاستقل به مدة طويلة، وكان فرد زمانه في العربية والفقه والأصول ومعرفة المذاهب،
وبيته كان مشهوراً بالعلم والدين والفقه، كما في بادشاه نامه.
وفي مرآة العالم لبختاور خان العالمكيري أن شاهجهان المذكور بعثه بالسفارة إلى ملك الدولة
العثمانية وشرفاء الحرمين الشريفين في آخر أيامه، فذهب إلى الحجاز وتشرف بالحج والزيارة،
ورجع إلى الهند فتقرب إلى عالمكير بن شاهجهان، فمنحه المنصب ألفاً وخمسمائة لنفسه وجعله
ديواناً لأخته جهان آرا بيكم، انتهى.
الشيخ أحمد بن محمد البجواروي
الشيخ الفاضل أحمد بن محمد بن إلياس الحسيني الغرغشتي البجواروي، أحد رجال العلم والطريقة،
قرأ أكثر الكتب الدرسية على والده وبعضها على الشيخ إله داد اللاهوري، وقام مقام والده في الإرشاد
والتلقين سنة إحدى وألف، فدرس وأفاد نحو خمس عشرة سنة، وحصل له القبول العظيم في
الأفاغنة، فتوهم منه جهانكير بن أكبر شاه التيموري وطلبه بين يديه، فلم(5/493)
يرض أن يحييه بالآداب
المرسومة، فحبسه في قلعة كواليار، فلبث بها ثلاث سنين، ثم شفع له خانجهان خان اللودي
واستصحبه إلى إقليم الدكن، ولبث بمدينة برهانبور زماناً، ثم رجع معه إلى آكره سنة عشرين وألف،
أدركه الشيخ محمد بن الحسن المندوي ببلدة مندو، وذكره في كلزار أبرار وقال: إنه كان على مسلك
الشيخ علاء الدولة السمناني في مسألة التوحيد.
نظام الدين أحمد الصديقي
الشيخ الفاضل نظام الدين أحمد بن محمد صالح الصديقي، له مجمع الصنائع بالفارسي، صنفه سنة
ستين وألف، وأرخ لعام تصنيفه من لفظ غنى أوله: الحمد لله الذي أنعم علينا وهدانا إلى الإسلام،
إلخ.
الشيخ أحمد بن أبي أحمد الديبني
الشيخ العالم الصالح أحمد بن أبي أحمد الحنفي النقشبندي الديبني أحد رجال العلم والطريقة، ولد
ونشأ بديبن ديوبند قرية جامعة من أعمال سهارنبور، وقرأ العلم على الشيخ أحمد بن عبد الأحد
السرهندي وعلى غيره من العلماء، ثم سافر إلى برهانبور، وأخذ الطريقة عن الشيخ محمد بن فضل
الله البرهانبوري، ولازمه مدة طويلة، واستخلفه الشيخ محمد المذكور فرجع إلى بلاده، ولما وصل
إلى آكره أدرك بها الشيخ أحمد بن عبد الأحد المذكور، فانجذب إليه فأخذ عنه ولازمه زماناً، ثم سافر
إلى برهانبور صحبة الشيخ نعمان بن شمس الدين البرهانبوري وصحبه مدة، ثم رجع إلى سرهند،
واستخلفه الشيخ أحمد، فأقام بآكره، وأخذ عنه جمع من الناس، ثم سافر إلى بنكاله وحصل له القبول
العظيم بها، كما في زبدة المقامات.
القاضي أحمد العسكري البيجابوري
الشيخ الفاضل القاضي أحمد بن أبي أحمد الحسيني البيجابوري المشهور بالقاضي عسكري، كان من
كبار العلماء، ولي قضاء العسكر بمدينة بيجابور في أيام إبراهيم عادل شاه البيجابوري فاستقل مدة،
وكان مشكور السيرة في القضاء، خطاطاً حسن الخط، مات سنة خمس وتسعين وألف بمدينة بيجابور
فدفن بها، كما في محبوب ذي المنن.
الشيخ إسحاق بن محمد معظم النصير آبادي
الشيخ الكبير إسحاق بن معظم بن أحمد بن محمود بن العلاء الشريف الحسني النصير آبادي، أحد
المشايخ المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بنصير آباد قرية جامعة من أعمال رأي بريلي على
عشرة أميال منها، وصرف شطراً من عمره في الطلب، وساح البلاد وأخذ عن كبار العلماء
والمشايخ، ثم لازم بيته.
وله وقائع غريبة في الزهد والتوكل، ذكر بعضاً منها الشيخ نعمان بن نور الحسني النصير آبادي
في كتابه أعلام الهدى لا نذكره خوفاً للإطالة، وهو من أجدادي الكرام.
وقد أرخ لوفاته السيد عبد الشكور بن محيي الدين البريلوي في كتابه كلشن محمودي وقال: إنه مات
سنة ثمان وتسعين وتسعمائة، واستدل بشطر من البيت يستخرج منه تلك السنة على قاعدة الجمل
وهو آمد ببهشت سيد إسحاق وهذا لا يصح قطعاً لأن ولده أحمد بن إسحاق ولد في سنة خمس
وعشرين وألف، كما في أعلام الهدى.
الشيخ إسحاق بن موسى السندي
الشيخ الفاضل إسحاق بن موسى النقشبندي السندي، أحد المشايخ المعروفين في بلاده، ولد ونشأ
بالسند وقرأ العلم وساح البلاد، وأخذ الطريقة عن الشيخ كريم الدين النقشبندي اللاهوري، ورأى في
مبشرة الشيخ أحمد بن عبد الأحد العمري السرهندي كأنه توجه إليه وأعطاه رقعة كتب فيها: عن
أحمد السرهندي إلى إسحاق السندي، يا إسحاق! أنت ولدي وخليفتي في جميع الرموز الحقيقي
والدقيقي، وإني مغفور وأنت ومن توسل بك أيضاً مغفور، واقرأ لحبيبي مولانا كريم الدين مني
السلام، انتهى، فكتب إسحاق إلى الشيخ أحمد المذكور وأخبره بما رأى، فأجابه الشيخ أن هذه بشارة
فاجتهد ليظهر لك ما في القوة إلى الفعل، كما في زبدة المقامات.
الشيخ أسد الله الهركامي
الشيخ العالم الصالح أسد الله بن إسماعيل بن خضر الحسيني الحنفي الهركامي، أحد العلماء(5/494)
الصالحين، ولد سنة خمس وتسعين وتسعمائة بقرية هركام - بفتح الهاء - قرية جامعة من أعمال
خير آباد، وقرأ العلم على والده وتفقه عليه، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ عبد السميع بن عبد الرحمن
القلندر اللاهربوري، وصرف عمره في الدرس والإفادة.
مات سنة سبع وستين وألف بهركام فدفن بقرية جلالي بور، أخبرني بها ولايت أحمد الهركامي.
مرزا إسكندر بن محمد الكجراتي
الشيخ الفاضل مرزا إسكندر بن محمد بن أكبر الكجراتي، أحد الرجال المعروفين بمعرفة التاريخ، له
مرآة سكندري كتاب في أخبار ملوك كجرات، صنفه في سنة عشرين وألف.
المفتي إسماعيل بن خضر الهركامي
الشيخ العالم الفقيه المفتي إسماعيل بن خضر العلوي الحسيني الهركامي، أحد العلماء المبرزين في
الفقه والأصول والعربية، ولد بهركام سنة خمس وأربعين وتسعمائة، ونشأ بها، وقرأ العلم على والده
وعلى غيره من العلماء، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ عبد السميع بن عبد الرحمن العباسي اللاهربوري
وكان ابن أخته، ثم أخذ عن الشيخ عبد القدوس بن عبد السلام الجونبوري، وولي الإفتاء بهركام،
فصرف عمره في الإفادة والعبادة.
مات في سنة ثلاثين وألف فدفن بإسماعيل بور قرية في تلك الناحية، أخبرني ولايت أحمد
الهركامي.
الشيخ إسماعيل بن محمود السندي
الشيخ الصالح الفقيه إسماعيل بن محمود الشطاري السندي أبو الفرح سراج الدين البرهانبوري، أحد
العلماء المتصوفين، لازم الشيخ عيسى بن قاسم الشطاري البرهانبوري من صغر سنه، واشتغل عليه
وحصل وقرأ الكتب الدرسية، ثم أخذ الطريقة عنه، له مخزن الدعوات كتاب بالفارسي في علم
الدعوة، جمع فيه ما وصل إليه من شيخه، وصنفه سنة سبع وثلاثين وألف بمدينة برهانبور.
الشيخ إسماعيل بن فتح الله اللاهوري
الشيخ العالم الكبير المحدث إسماعيل بن فتح الله بن عبد الله بن فيروز الحنفي اللاهوري، كان من
مرازبة كوكهر، ولد في أيام السلطان أكبر بن همايون التيموري، ولما طعن في الخامسة من سنه ألقاه
والده في مهد الشيخ عبد الكريم اللاهوري، فاشتغل عليه بالعلم وقرأ الكتب الدرسية كلها، ثم رحل إلى
قرية على شاطئ نهر جناب وكانت على عشرة أميال من لاهور، فاشتغل بها بالدرس والإفادة مدة
طويلة، ثم انتقل إلى لاهور.
أخذ عنه الشيخ عبد الحميد، والشيخ تيمور، وجان محمد وخلق كثير من العلماء، مات في خامس
شوال سنة خمس وثمانين وألف بمدينة لاهور فدفن بها، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ إسماعيل بن قطب البلكرامي
الشيخ العالم الصالح إسماعيل بن قطب عالم الحسيني الواسطي البلكرامي، أحد فحول العلماء، ولد
ونشأ ببلكرام، وقرأ حيثما أمكن له في بلدته، ثم سافر إلى بلاد أخرى، وأخذ عن المفتي عبد السلام
الديوي والعلامة عبد الحكيم بن شمس الدين السيالكوني حتى برع وفاق أقرانه في المعقول والمنقول،
له حاشية نفيسة على شرح التهذيب للجلال الدواني.
قال السيد غلام علي البلكرامي في مآثر الكرام: إنه أخذ كثيراً من العلوم المتعارفة عن المفتي عبد
السلام الديوي، ثم راح إلى سيالكوث ودخل في حلقة دروس الشيخ عبد الحكيم، سأل القراءة عليه فلم
يجبه لكثرة الدروس، فقنع بالسماع ومضى على ذلك دهراً طويلاً، فلما اطلع السيالكوثي على ذكائه
التفت إليه، وفسح له في وقته للقراءة، انتهى.
وقال السيد محمد بن عبد الجليل البلكرامي في تبصرة الناظرين: إنه أول من تشيع من أهل بلكرام،
مات سنة ثمان وثمانين وألف.
الشيخ إسماعيل المحدث البيجابوري
الشيخ العالم الكبير إسماعيل المحدث(5/495)
البيجابوري، أحد الأفاضل المشهورين في الفقه والحديث، من
ذرية الشيخ شمس الدين محمد الملتاني البدري، كان يدرس ويفيد بمدينة بيجابور في أيام إبراهيم
عادل شاه، مات ودفن ببيجابور كما في روضة الأولياء.
الشيخ إسماعيل بن ودود المالوي
الشيخ الفاضل إسماعيل بن ودود بن معروف الصديقي الشطاري المالوي، أحد الرجال المعروفين
بالفضل والصلاح، أخذ عن الشيخ عيسى بن قاسم السندي البرهانبوري بمدينة برهانبور، ولازمه
عشرين سنة، ثم وجهه الشيخ إلى بلدته آشته، فرحل إليها سنة عشرين وألف، أدركه محمد بن الحسن
المندوي حين ذهابه إلى آشته بمدينة مندو، كما في كلزار أبرار.
الشيخ أفضل محمد الأكبر آبادي
الشيخ الفاضل أفضل محمد بن يوسف بن عبد الله التميمي الأنصاري الأكبر آبادي أحد العلماء
المبرزين في الفقه والأصول والعربية، تفقه على والده وأخذ عنه الطريقة، وقرأ بعض الكتب
الدرسية على عمه الجلال، وبعد وفاته أخذ عن المفتي أبي الفتح بن عبد الغفور التهانيسري،
والقاضي جلال الدين الملتاني، والشيخ مبارك بن خضر الناكوري، وقرأ الشفاء للقاضي عياض على
الشيخ جعفر الحسيني المدفون بأكبر آباد، ثم تصدر للدرس والإفادة مع قناعة وعفاف وتوكل
واستغناء، مات لتسع بقين من صفر سنة ثلاث وألف بأكبر آباد فدفن بها، وأرخ لوفاته بعض
أصحابه من أفضل أنام، كما في أخبار الأصفياء لولده عبد الصمد.
أكبر بن همايون التيموري
السلطان المؤيد المظفر أبو الفتح جلال الدين محمد أكبر بن همايون بن بابر التيموري الكوركاني،
أكبر ملوك الهند وأشهرهم في الذكر وأسعدهم في الحظ والإقبال، ولد في قلعة أمركوث من أرض
السند في ثاني ربيع الأول سنة تسع وأربعين وتسعمائة من بطن حميده بانو حين انهزم والده همايون
من شير شاه، ولم يبق معه إلا القليل، فقصد فارس وترك ولده هذا عند أخيه كامران مرزا بكابل،
ورجع بعد بضعة سنين فافتتح قندهار وكابل وأكثر بلاد الهند، ثم مات سنة ثلاث وستين وتسعمائة
فجلس على سريره ولده أكبر، وكان سنه حينئذ نحو ثلاث عشرة، أجلسه على سرير الملك بيرم خان
أحد قواد والده، وأخذ عنان السلطنة بيده، ورتق ما فتق من مهمات الدولة حتى ظلت آمنة مطمئنة.
ولما بلغ أكبر أشده استقل بالملك، وأمره أن يسافر إلى الحرمين الشريفين بقصة يطول شرحها، ثم
افتتح أمره بالعدل والسخاء، وقرب إليه أهل العلم والصلاح، وكان يذهب بنفسه إلى بيت الشيخ عبد
النبي بن أحمد الكنكوهي لاستماع الحديث، ويسوي نعليه بيده ويضعهما قدامه، وكان يرحل إلى
أجمير لزيارة قبر الشيخ معين الدين حسن السجزي راجلاً في كل سنة، وكان يتبرك بالشيخ سليم بن
بهاء الدين السيكروي، وبنى مساجد وزوايا له، وبنى مدينة بأرضه وجعلها عاصمة بلاد الهند، وبنى
بها قصراً وسماه عبادت خانه وقسمه على أربعة منازل وأمر أن يجتمع فيه علماء البراهمة
والنصارى والمجوس وأهل الإسلام، فيجتمعون في ذلك القصر ويباحثون في الخلافيات بحضرة
السلطان، والسلطان يحتظ بالبحث، حتى دخل في مجلسه أبو الفيض وصنوه أبو الفضل والحكيم أبو
الفتح ومحمد اليزدي، فجعلهم فريقاً لأهل الصلاح فدسوا في قلبه أشياء ورغبوه عن أهل الصلاح
وقالوا: لا ينبغي للسلطان أن يقلد أحداً من الفقهاء المجتهدين، وإن مرتبة الإمام العادل فوق مرتبة
المجتهد، وإن أكبر بن همايون أعدل الأئمة وأعقلهم وأعلمهم بالله، له أن يرجح المرجوح في المسائل
المختلفة، ورتب الشيخ مبارك بن خضر الناكوري محضراً في ذلك بالفارسي، ومعناه بالعربية على
علاته وكثرة ألفاظه وقلة معانيه:
المقصود من تشييد هذه المباني وتمهيد هذه المعاني أن الهند لما صارت بيمن عدل السلطان، وحسن
سياسته وتدبيره مركزاً للأمن والأمان، ودائرة للعدل والإحسان، قصدت طوائف من الخواص والعوام
هذه الديار لا سيما العلماء، أهل المعرفة والفضلاء،(5/496)
أصحاب التدقيق الذين هم هداة بادية النجاة،
الموصوفون بقوله تعالى: " والذين أوتوا العلم درجات" من العرب والعجم واستوطنوها، وقضى
جمهور العلماء الفحول، الجامعون بين الفروع والأصول، والمحيطون بالمعقول والمنقول،
الموصوفون بالديانة والصيانة، بعد التدبر الوافي، والتأمل الكافي، في غوامض معاني الآية الكريمة
"أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" والأحاديث الصحيحة: إن أحب الناس إلى الله يوم
القيامة إمام عادل، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني، وغير ذلك من
الشواهد العقلية، والدلائل النقلية، قضوا بأن منزلة الإمام العادل عند الله فوق منزلة المجتهد، وحيث
أن حضرة سلطان الإسلام كهف الأنام أمير المؤمنين ظل الله على العالمين الملك أبو الفتح جلال
الدين محمد أكبر الغازي، خلد الله ملكه أبداً! هو أعدل الناس وأعقلهم وأعلمهم بالله، فلو رجح أحد
الجانبين في المسائل المختلفة فيما بين المجتهدين لتسهيل معيشة بني آدم، وبمصلحة تدبير العالم،
بذهنه الثاقب، وفكره الصائب، وحكم بذلك كان هذا مقرراً متفقاً عليه، ولزم اتباعه، وتحتم على عموم
البرية، وكافة الرعية، وكذلك إذا شرع أمراً وأصدره ولم يكن مخالفاً لنص وكان سبب إصداره ترفيه
العالمين لزم العمل به، وكان مخالفته سبباً لسخط الله في الآخرة والخسران في الدين والدنيا، حرر
هذا المرسوم الحق بمشهد من علماء الدين الفقهاء المهتدين حسبة لله تعالى وإظهاراً لحقوق الإسلام،
وكان ذلك في شهر رجب سنة سبع وثمانين وتسعمائة.
فألجأ السلطان الشيخ عبد الله مخدوم الملك والشيخ عبد النبي صدر الصدور والمفتي صدر جهان
مفتي الممالك والقاضي جلال الدين الملتاني قاضي القضاة والشيخ نظام الدين البدخشي ورجالاً
آخرين من العلماء فأثبتوا توقيعاتهم على ذلك المحضر، وانشرح به صدر السلطان وفتح أبواب
الاجتهاد، فجوز متعة النساء ونكاح المسلم بالوثنية، حتى اجترأ على الطعن والتشنيع على السلف
الصالح، لا سيما الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين، وأمر باخراج الشيخ عبد الله بن شمس الدين
السلطانبوري والشيخ عبد النبي بن أحمد الكنكوهي إلى الحجاز، والقاضي جلال الدين الملتاني إلى
أرض الدكن، ونقل الشيخ الصالح محمد بن المنتخب الأمروهوي من خدمة مير عدل إلى حكومة بكر
وسيوستان، واجتمع لديه شرذمة من علماء الوثنيين والنصارى والمجوس ومن أحبار الهنود ومن
الشيعة، ومن أهل السنة والجماعة يباحثهم أصحابه في الديانات، وكان كل واحد منهم يجتهد أن
يرغبه إلى مذهبه، وكانت تحته طائفة من الأميرات الوثنيات بنات ملوك الهند، وكانب ركوتهم
برهمن وديبي برهمن صاحبيه في الظعن والإقامة يزينان له عبادة الأصنام وتعظيم النار والشمس،
فتدرج في الاجتهاد وترقى من الفروع إلى الأصول، وقال بخلق القرآن، واستحالة الوحي والتشكيك
في النبوات، وأنكر الجن والملك والحشر والنشر وسائر المغيبات، وأنكر المعجزات، وجوز التناسخ،
وحرم ذبح البقرة، وحط الجزية عن أهل الذمة، وأحل الخمر والميسر والمحرمات الأخر، وأمر بإيقاد
النار في حرمه على طريق المجوس، وأن يعظم الشمس وقت طلوعه على طريق مشركي الهند،
وبدل الكلمة الطيبة بقول: لا إله إلا الله أكبر خليفة الله.
فلما رأى الفتنة العظيمة بإشاعة تلك الكلمة أمر أن يتفوه بها في حرمه، وأخذ البيعة عن أصحابه
على ترك الرسوم والتقليد، وسمى مذهبه ديناً إلهياً وقرر أن الحق دائر بين الأديان كلها، فينبغي أن
يقتبس من كلها أشياء، وكان يسجد للشمس والنار في كل سنة يوم النيروز بالإعلان، وشرع ذلك من
سنة خمس وعشرين الجلوسية، ورسم القشقة على جبينه يوم العيد الثامن من شهر سنبله، وربط سلكاً
من الجواهر عن أيدي البراهمة تبركاً، فعرض عليه الأمراء الجواهر الثمينة في ذلك اليوم ووافقوه
في ذلك الربط، وربط في يده راكهي وهي عبارة عن صوف مفتول يربطها الكفار من الهند في يوم
معهود في كل سنة، وكذلك كان يفعل كل ما يفعله كفار الهند، ويستحسنه ويحرض أصحابه على ما
فعله، ويحثهم على ترك التقليد، يعني(5/497)
به دين الإسلام، ويهجنه ويقول: إن واضعه فقراء الأعراب،
وأمر أن لا يقرأ العلوم العربية غير النجوم والحساب والطب والفلسفة، وهذا قليل من كثيره، ذكره
البدايوني في المنتخب.
وأما الكتب المصنفة بأمره فكثيرة، منها
ترجمة حياة الحيوان الكبرى للدميري بالفارسية، ترجمه أبو الفضل بن المبارك الناكوري سنة ثلاث
وثمانين وتسعمائة.
ترجمة الإنجيل بالفارسية، ترجمه أبو الفضل المذكور سنة ست وثمانين وتسعمائة.
ترجمة كليلة ودمنة من اللغة الفارسية الغير المتعارفة إلى المتعارفة، نقله أبو الفضل.
آئين أكبري بالفارسية، كتاب ضخم لأبي الفضل، صنفه سنة أربع وألف، وهو أحسن الكتب
المصنفة في أيام أكبر.
أكبر نامه كتاب في التاريخ لأبي الفضل، ذكر فيه أحوال ملوك الهند من أولاد تيمور كوركان إلى
عهد جلال الدين أكبر.
ترجمة ليلاوتي في الحساب والمساحة، نقله من سنسكرت إلى الفارسية أبو الفيض بن المبارك بأمر
السلطان.
نلدمن منظومة بالفارسية لأبي الفيض المذكور منقولة من اللغة الهندية.
ترجمة اتهر بن ويد رابع الكتب المقدسة في زعم الهنود في لغة سنسكرت، نقل شيئاً منه إلى
الفارسية عبد القادر بن ملوك شاه البدايوني، وأعانه على ذلك الشيخ بهاون الهندي، ونقل شيئاً أبو
الفيض بن المبارك المذكور بإعانته ثم الحاج إبراهيم السرهندي حتى تم الكتاب.
ترجمة مهابهارت أحد الكتب التاريخية المقدسة في زعم الهنادك، ترجمه عبد القادر المذكور بشركة
غياث الدين القزويني وسماه السلطان رزم نامه.
ترجمة رامائن أحد الكتب التاريخية للهنادك في لغة بهاكا، ترجمه عبد القادر سنة سبع وتسعين
وتسعمائة.
منتخبات الجامع الرشيدي في أخبار الخلفاء العباسية في بغداد ومصر والخلفاء الأموية والخلفاء
الراشدين، صنفه عبد القادر بالفارسية.
تكملة بحر الأسمار وهو كتاب في الأخبار الهندية، صنف للسلطان زين العابدين الكشميري، وقد
فات منه بعض القصص المفيدة فجمعها عبد القادر في كتاب وجعله الجزء الثاني من بحر الأسمار.
منتخبات تاريخ الكشمير لملا شاه محمد الشاه آبادي، انتخبها عبد القادر.
ترجمة تزك بابري من التركية إلى الفارسية، ترجمه عبد الرحيم بن بيرم خان الدهلوي سنة سبع
وتسعين وتسعمائة.
زيج مرزائي ترجمه من الفارسية إلى الهندية كشن جوتشي وكنكادهر ومهيش ومهانتد أحبار
البراهمة باعانة الأمير فتح الله الشيرازي وأبي الفضل بن المبارك الناكوري.
الناجك في التنجيم، ترجمه مكمل خان الكجراتي.
هربنس كتاب في أخبار كشن ترجمه ملا شيري بن يحيى اللاهوري.
ترجمة معجم البلدان من العربية إلى الفارسية، قسم أجزاه السلطان على اثني عشر رجلاً منهم
البدايوني والتتوي والشيخ منور وقاسم بيك فترجموه.
التاريخ الألفي في أخبار ألف سنة، أمر السلطان بتصنيفه أصحابه واصطفى منهم سبعة رجال: فتح
الله الشيرازي، غياث الدين القزويني، همام بن عبد الرزاق الكيلاني، الحكيم علي الكيلاني، الحاج
إبراهيم السرهندي، نظام الدين الأكبر آبادي، عبد القادر البدايوني لأسبوع كامل ليكتب كل واحد منهم
في أسبوع أخبار سنة، فامتثلوا أمره حتى حررت من ذلك أخبار خمس وثلاثين سنة، ثم أمر السلطان
أحمد بن نصر الله التتوي فاشتغل به وحرر إلى أيام جنكيز خان ثم قتل فأمر باتمامه جعفر بيك،
فأتمه وحرر الوقائع إلى عهد السلطان أكبر، وكتب له الخطبة أبو الفضل بن المبارك الناكوري.
الطبقات الأكبرية لمرزا نظام الدين بن محمد مقيم الهروي الأكبر آبادي، كتاب بسيط جمع فيه أخبار
الملوك والسلاطين إلى السنة الثانية والثلاثين الجلوسية.
منتخب التواريخ لعبد القادر بن ملوك شاه المذكور في ثلاثة مجلدات: الأول في أخبار الملوك من
سبكتكين إلى همايون، وهو ما بين الايجاز والاطناب، والثاني في أخبار السلطان جلال الدين أكبر
إلى سنة أربعين الجلوسية، والثالث في ذكر من عاصره(5/498)
من المشايخ والعلماء والأطباء والشعراء،
وهو كتاب مفيد جداً.
كتاب التسهيلات في الهيئة صنفه ملا جاند، ونسخته موجودة في خزانة الكتب الانكليزية بلندن.
بهاكوت كيتا نقله من سنسكرت الشيخ أبو الفيض بن المبارك المذكور.
راكك ساكر كتاب في الموسيقى صنفوه في أيامه كما في رأكك دربن.
حل لنظم شاهنامه، جعله تقي الدين التستري منثوراً بأمره.
توفي في جمادي الثانية سنة أربع عشرة وألف ودفن في سكندر آباد قريب آكره.
الشيخ الله بخش الشطاري
الشيخ العارف الكبير الله بخش بن القاضي خوند بن محمد جمال بن الكبير ابن موسى بن عمران
بن يحيى بن حسام الدين، البكري الشطاري الكده مكتيسري، أحد المشايخ المشهورين، كان من نسل
عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحاقة رضي الله تعالى عنهم، وكان أصله من سيستان، قدم جده
موسى ابن عمران إلى أرض الهند، وسكن بكده مكتيسر والشيخ قوام الدين عم موسى المذكور سكن
برهتك.
وأما الله بخش فإنه ولد بكده مكتيسر ونشأ بها، وقرأ العلم على أساتذة عصره، ثم أخذ الطريقة عن
الشيخ مبارك بن عبد المقتدر بن فاضل البالادست الجهنجهانوي، ولازمه ملازمة طويلة، وصنف
بأمر شيخه كتابه مؤنس الذاكرين في فضل الذكر وتأثيراته.
قال محمد بن فضل الله المحبي في خلاصة الأثر: إنه كان عالي المشرب نهاية في المعارف، نقلت
عنه التصرفات العجيبة والكرامات الغريبة، وهو من أجل مشايخ العارف بالله تاج الدين الهندي
النقشبندي نزيل مكة، وله معه خوارق: منها أن الشيخ أرسله إلى بلدة أمروهه لخدمة، فكان يمشي في
الطريق فرأى في اثناء طريقه امرأة جميلة، فتعلق قلبه بها وصار مشغوفاً بها حتى خرج زمام
اختياره من يده، ونسي تلك الخدمة وتبعها، فبينما هو كذلك إذ رأى الشيخ على يمين تلك المرأة ينظر
إليه واضعاً إصبعه السبابة في فمه على طريق التنبيه والتعجب، فلما رآه حصلت له منه غاية
الحياء، وانقطع أصل محبتها من قلبه، ومضى لسبيله، ولما رجع من الخدمة وصل إلى الشيخ، فلما
رآه ضحك منه، فعرف أنه كان مشعراً بذلك، ومنها أن أحد أصحاب الشيخ الله بخش كان يقرأ عليه
شيئاً في علم التصوف ذات يوم، فجاء الجراد إلى البلد وسقط على أشجار الناس وزروعهم، فجاء
راعي بستان الشيخ وأخبره بالجراد، فأرسل الشيخ أحد أصحابه إلى البستان وقال له: قل للجراد
منادياً بصوت رفيع إنك أضيافنا ورعاية الأضياف لازمة، إلا أن بستاننا أشجاره صغار لا تحتمل
ضيافتك، فالمرؤة أن تتركي فبمجرد ما سمع الجراد هذا الكلام من الرجل طارت، وخرجت من
بستان الشيخ، وصار زروع الناس وبساتينهم كعصف مأكول إلا بستان الشيخ، ومنها أن رجلاً جاء
إلى الشيخ وشكا إليه الفقر والضيق في المعيشة وجلس أياماً في خدمته، فقال له الشيخ: إذا حصل لك
شيء من الدنيا ما تخرج لنا منه؟ فقال: العشر، فقال له: لا تستطيع، فكرر عليه الكلام حتى استقر
الحال على أن يخرج له من كل مائة واحداً، فأمره أن يروح إلى واحد من أهل الدنيا، فحصل له دنيا
عريضة في أيام قليلة، فكان الشيخ يرسل إليه الفقراء ويكتب له بأن يعطيهم فلا يؤدي إليهم شيئاً، ثم
اجتمع عنده دراهم كثيرة من نصيب الشيخ فكتب إلى الشيخ أن أرسلوا واحداً من خدامكم حتى نرسل
هذه الدراهم إليكم، فلما جاء الشيخ كتابه ثار غيرة وغضباً وقال: سبحان الله! ما قلع أحد من وقت آدم
إلى يومنا هذا شجرة غرسها بنفسه إلا أنا أقلعها اليوم، فجاءه بعد أيام خبر موته، وله كرامات كثيرة.
وكانت وفاته ليلة الاثنين تاسع عشر رمضان سنة اثنتين وألف، وعمره اثنتان وثمانون سنة، وهو
على ركبة تلميذه الشيخ تاج الدين، وأوصاه أن لا يغسله ولا يكفنه إلا هو، فقام بوصيته، رحمه الله
تعالى.
الشيخ إله داد السرهندي
الشيخ الفاضل اللغوي الشهير إله داد بن علي شير السرهندي، كان من العلماء المبرزين في الشعر
واللغة، له مصنفات جليلة، منها مدار الأفاضل في اللغة(5/499)
العربية والفارسية والتركية، فرغ من تصنيفه
سنة إحدى وألف، وكان معدوداً في شعراء الفرس، يتلقب في شعره بالفيضي، ووالده كان يعرف بأسد
العلماء، قال على شير القانع في تحفة الكرام: إنه كان من قبيلة الأنصار، انتهى.
القاضي إله داد البلكرامي
الشيخ العالم الفقيه القاضي إله داد الحنفي البلكرامي أحد الفقهاء المعروفين بالفضل، كان من نسل
قاسم بن محمد بن أبي بكر فقيه المدينة، ولد ونشأ ببلكرام، وسافر للعلم فقرأ الكتب الدرسية على
الشيخ عبد الرحمن العباسي اللاهربوري، ولما برع في الفقه والأصول وغير ذلك رجع إلى بلكرام
وتصدر للتدريس، وله تعليقات على تهذيب المنطق.
قال السيد غلام علي الحسيني البلكرامي في مآثر الكرام: إنه كان قاضياً ببلدة بلكرام، فنازعه
القاضي كمال العثماني في أمر القضاء سنة تسعين وتسعمائة، ورحل القاضي محمود بن كمال إلى
معسكر السلطان أكبر بن همايون التيموري ورفع القضية إليه، فولي أباه القضاء، انتهى.
وقال الشيخ غلام حسن في شرائف عثماني: إن القاضي كمال بن عبد الدائم العثماني كان قاضياً
ببلكرام، وكان القضاء موروثاً له من آبائه وجدوده من عهد بعيد، فنازعه القاضي عبد الصمد
المحتسب ووافقه القاضي إله داد في النزاع، فسافر إلى دهلي ورفع القضية إلى السلطان، وشفع له
أبو الفيض بن المبارك الناكوري، وأظهر أن القضاء موروث له من آبائه وأنه أهل لذلك، فولاه
القضاء وعزل القاضي كمال عنه، فاعتزل الكمال براجكير، ثم لما حصحص الحق على السلطان
وظهر أن الكمال أهل لذلك والقضاء موروث له من آبائه وجدوده، عزل إله داد وولي الكمال مكانه،
ثم توارث القضاء في أعقابه نسلاً بعد نسل، انتهى، وقد شنع غلام حسن على غلام علي المذكور
تشنيعاً بالغاً، واتهمه بأن في قلبه شيئاً من جهة العثمانيين، ولذلك أغمض عينيه عن محاسنهم في مآثر
الكرام وفي سائر مصنفاته.
مولانا إله داد السلطانبوري
الشيخ العالم الفقيه إله داد الحنفي السلطانبوري أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول، كان أصله
من قرية بنوده من أعمال السند ومنشأه سلطانبور من أرض بنجاب، قرأ العلم على الشيخ عبد الله بن
شمس الدين السلطانبوري، وتفنن في الفضائل عليه حتى أتقنها، ودرس وأفتى وصنف، وصار من
أعيان العلماء وأكابر الفضلاء ببلدته، فولي الصدارة بأرض بنجاب، واستقام عليها مدة من الزمان، ثم
ولي القضاء بإله آباد.
قال البدايوني في المنتخب: إنه كان في عنفوان آمره معجباً بفضله محتالاً، ثم صار أمره إلى الفقر
والانكسار، فصار ديناً متواضعاً حسن الأخلاق، وقنع بيسير من المعاش في إله آباد، وعكف على
الافادة والعبادة، وانقطع عن الناس، انتهى، له مصنفات عديدة، منها كشف الغمة ومنهاج الدين توفي
سنة ست وألف، كما في خزينة الأصفياء.
مولانا إله داد اللاهوري
الشيخ الفاضل الكبير إله داد الحنفي اللنكرخاني اللاهوري، أحد العلماء المتبحرين في علوم متعددة
من المعقول والمنقول، لم يزل مشتغلاً بالدرس والافادة، كان زاهداً متقللاً قانعاً عفيفاً ديناً متورعاً، لا
يطمع في الملوك ولا يعرض عليهم الحوائج، حتى أنه لم يقبل الأرض ولا غيرها للمعيشة قط، أخذ
عنه غير واحد من العلماء، ولنكر خان - بفتح اللام - حارة ببلدة لاهور، كما في تذكرة علماء الهند.
الشيخ إله داد الدهلوي
الشيخ العالم الصالح إله داد الحنفي النقشبندي الدهلوي، أحد كبار المشايخ النقشبندية، أخذ الطريقة
عن الشيخ عبد الباقي النقشبندي الدهلوي ولازمه ملازمة طويلة، أخذ عنه عبيد الله وعبد الله ابنا
الشيخ عبد الباقي المذكور، مات لسبع ليال بقين من شعبان سنة إحدى وخمسين وألف بدهلي، فدفن
بمقبرة شيخه، كما في الأسرارية.(5/500)
الشيخ أمان الله اللاهوري
الشيخ العالم الصالح أمان الله الحنفي النقشبندي اللاهوري، أحد رجال العلم والطريقة، أخذ عن
الشيخ أحمد بن عبد الأحد العمري السرهندي ولازمه زماناً، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج
وزار، ومات بها سنة إحدى وثلاثين وألف، كما في مهر جهانتاب.
الشيخ أمان الله المندوي
الشيخ الصالح أمان الله بن كمال الدين بن سليمان الكالبوي ثم المندوي، أحد الرجال المعروفين
بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بمندو، وأخذ عن أبيه ثم عن الشيخ صدر الدين محمد الذاكر الشطاري
البرودي ولازمه مدة من الزمان، وكان زاهداً متقللاً صدوقاً متشرعاً، توفي سنة خمس وألف بمندو
فدفن بها، كما في كلزار أبرار.
نواب أمان الله الكابلي
الأمير الكبير أمان الله بن زمانه بيك بن غيور بيك الكابلي نواب خانزاد خان فيروز جنك، كان من
الرجال المعروفين بالفضل والشجاعة والدهاء، له أم العلاج كتاب في الطب، صنفه للسلطان جهانكير
سنة ست وثلاثين وألف، وهو مرتب على مقدمة في ذكر الاستفراغ والاحتباس، وستة أبواب: الأول
في الأخلاط الأربعة ولين الطبع واحتباسه، والاسهال وموانعه ووقت الاسهال وأسباب المسهل
ومراعاة القوة، والثاني في المنضجات والمسهلات، والثالث في طبخ الأدوية المسهلة وطريق
التناول، والرابع في منع الاسهال عند الحاجة وتعيين الأوقات، والخامس في الأدوية المسهلة
للمتنعمين، والسادس في الأدوية المسهلة وقدر الشربة ومركباتها، والخاتمة في المسائل اللطيفة، وله
كتاب بسيط في تاريخ ملوك الأرض، وله مجموع يسمى بكنج باد آورد وله ديوان الشعر الفارسي،
ومن شعره قوله:
در ره عشق صلاح از من رسوا مطلب كافر عشق جه داند كه مسلماني جيست
توفي سنة ست وأربعين وألف، وأرخ لموته بعض أصحابه من رستم زمانه مرد كما في مآثر
الأمراء.
أمين بن أبي الحسن القزويني
الشيخ الفاضل أمين بن أبي الحسن القزويني، أحد الفضلاء المؤرخين، كان يعرف بمرزا أميناً، له
كتاب في أخبار شاهجهان بن جهانكير الدهلوي سلطان الهند من جلوسه على سرير الملك إلى عشر
سنين يسمى ببادشاه نامه.
الشيخ أمين بن أحمد الرازي
الشيخ الفاضل الكبير أمين بن أحمد الرازي المشهور بأمين الدين، كان والده صنو محمد شريف جد
نورجهان بيكم، قدم الهند وتقرب إلى الملوك والأمراء، وله هفت اقليم كتاب في تراجم الأعيان من
بدء الاسلام إلى آخر سنة اثنتين وألف على ترتيب الأقاليم السبعة، طالعته واستفدت منه.
الشيخ أمين بن أحمد النهروالي
الشيخ العالم الكبير المحدث أمين بن أحمد النهروالي الكجراتي الفاضل المشار إليه بسعة العلم،
تخرج على الشيخ محمد بن طاهر بن علي الفتني صاحب مجمع البحار، وأخذ الحديث عنه، وقدم
مندو سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة، فأقام بها سنة كاملة، ثم ذهب إلى أجين، ولقي بها الشيخ راجي
محمد القادري، والشيخ عبد الغفور، والشيخ جمال بن أحمد وغيرهم من المشايخ فصاحبهم، وطابت
له الاقامة بتلك البلدة، فتصدر للدرس والافادة بها، مع قناعة وعفاف وزهد وعبادة، انتفع به خلق
كثير وأخذوا عنه، ثم إنه خرج من أجين إلى برهانبور لزيارة القاضي عبد العزيز بن عبد الكريم بن
راجي محمد الأجيني، فمات بها في غرة ربيع الأول سنة سبع عشرة وألف فدفن بها، كما في كلزار
أبرار.
خواجه أمين الدين البيجابوري
الشيخ الفاضل أمين الدين بن برهان الدين البيجابوري، أحد المشايخ المعروفين بأرض الدكن، أخذ
عن عمه الشيخ عطاء الله ولازمه مدة من الزمان،(5/501)
وكان مغلوب الحالة، توفي لست بقين من رمضان
سنة ست وثمانين وألف بمدينة بيجابور، وعلى قبره أبنية فاخرة بناها ملوك بيجابور.
مولانا أمين الدين الكنوري
الشيخ العالم الصالح امين الدين بن ركن الدين السنامي الكنوري، كان من العلماء المشهورين في
عصره، ولد بكنور على خمسة عشر ميلاً من سنبهل قرية جامعة على ضفة نهر كنك، نشأ بها، وقرأ
العلم على والده وأخذ عنه الطريقة ولازمه زماناً طويلاً، ثم تصدر للدرس والافادة، أخذ عنه خلق
كثير، وكان صاحب أخلاق فاضلة، مات لثلاث خلون من رمضان سنة اثنتين وأربعين وألف بكنور،
ذكره السنبهلي في الأسرارية.
الشيخ أويس بن محمد الكواليري
الشيخ الفاضل أويس بن محمد بن خطير الدين الطاري الشطاري الكواليري، أحد الأفاضل
المشهورين في عصره، ولد ونشأ بكجرات، وقرأ العلم على أساتذة عصره، ولازم زاوية والده
بكرجات، أدركه الشيخ محمد بن الحسن المندوي سنة 1003 بمدينة أحمد آباد، وكان من جهة الأم
يصل نسبه إلى الشيخ شاه مير الشيرازي ثم الكجراتي، كما في كلزار أبرار.
أرجمند بانو بيكم
بنت آصف جاه أبي الحسن بن غياث الدين بن محمد شريف الطهراني ولدت ونشأت بأرض الهند،
وكانت بديعة الحسن والجمال، وتزوج بها شهاب الدين محمد شاهجهان بن جهانكير الكوركاني ولها
عشرون سنة، فحببت إليه وحظيت عنده، وولدت له أربعة أبناء وثلاث بنات، منهم الملك الكبير
أورنك زيب عالمكير، وكانت وفاتها بمدينة برهانبور سنة أربعين وألف ولها تسع وثلاثون سنة،
فدفنوها ببلدة زين آباد، ثم نقلوا جسدها بعد ستة أشهر إلى أكبر آباد ودفنوا بها، وبنى على قبرها
بعلها شاهجهان المذكور عمارة بديعة متقنة البناء لا يعلم لها نظير في مدن الإسلام كلها بالمشرق ولا
بالمغرب، وهي آية في الجمال والإتقان والإبداع والفن، درة يتيمة في المباني والقصور، لم ير
الراؤن مثلها، ويقصدها الناس من أقاصي البلدان ويقضون العجب من رؤيتها، وهي المشهورة
بروضة تاجكنج وتاج محل.
حرف الباء
الشيخ بابو بن شيخ الحسيني الكجراتي
الشيخ العالم الفقيه الزاهد بابو بن شيخ الحسيني البخاري الفتني الكجراتي، أحد الرجال المعروفين
بالفضل والكمال، كان من نسل الشيخ جلال الدين حسين ابن أحمد الحسيني البخاري، ولد ونشأ
بمدينة فتن من أرض كجرات، وقرأ العلم على أساتذة عصره، ثم درس وأفاد، أخذ عنه خلق كثير من
أهل كجرات، توفي سنة ست وألف كما في كلزار أبرار.
الشيخ با يزيد بن بديع الدين السهارنبوري
الشيخ العالم الفقيه الصالح با يزيد بن بديع الدين بن رفيع الدين الأنصاري السهارنبوري، أحد
المشايخ النقشبندية، ولد ونشأ بمدينة سهارنبور، واشتغل بالعلم على والده مدة، ثم سافر إلى سرهند،
وأخذ عن الشيخ محمد معصوم السرهندي، والتزم أذكار الطريقة النقشبندية وأشغالها، وقرأ العلم بها
مدة من الزمان، حتى نال حظاً وافراً من العلم والمعرفة، واستخلفه الشيخ، فرجع إلى سهارنبور
وتصدر بها للإرشاد، أخذ عنه غير واحد من الأعلام.
وكان قانعاً عفيفاً متوكلاً مستقيماً على الطريقة الظاهرة والصلاح والدرس والإفادة، مات يوم الاثنين
من سنة مائة وألف، وقبره مشهور ببلدة سهارنبور، كما في بحر زخار.
الشيخ با يزيد القصوري
الشيخ الصالح با يزيد النقشبندي القصوري، أحد رجال العلم والطريقة، أخذ عن الشيخ آدم بن
إسماعيل الحسيني البنوري، وكان شديد الحسبة على الناس، توفي سنة تسعين وألف، كما في بحر
زخار، وفي مهر جهانتاب أنه مات في بضع وتسعين وألف.(5/502)
الشيخ با يزيد بن الكمال البلكرامي
الشيخ العالم الفقيه با يزيد بن الكمال بن عبد الدائم العثماني الحنفي البلكرامي، أحد العلماء البارعين
في الفقه والأصول، كان يعرف ببزدوي دان أي عالم البزدوي، صرف عمره في الدرس والإفادة،
وكان السيد محمد أشرف الحسيني البلكرامي يقول: إني سمعت ممن أدركتهم من أكابر عشيرتي أن
مثل القاضي با يزيد لم يكن في عصره ومصره، وكان حياً إلى سنة ست وستين وألف، كما في
شرائف عثماني ولم يذكره غلام على في مآثر الكرام.
بختاور خان العالمكيري
الشيخ الفاضل بخت ياور خان العالمكيري المشهور ببختاورخان، كان من خاصة عالمكير وأهل
ثقته وملتزمي ركابه، خدمه ثلاثين سنة ومنح ألفاً لنفسه وخمسين ومائتين للخيل منصباً سنة خمس
وثمانين وألف، وكان رجلاً فاضلاً ماهراً في التاريخ والسير والإنشاء، صاحب عقل ودين، حسن
المحاضرة، كثير المحبة لأهل الفضائل، له مصنفات عديدة، منها مرآة العالم كتاب عجيب في
التاريخ، ومنها منتخب حديقة سنائي ومنتخب كليات العطار ومنتخب للمثنوي المعنوي جمعها في
كتاب واحد تاريخه اين لب لباب سه كتابست ومنها مختصر تاريخ الألفي لأحمد بن نصر الله
التتوي، ومنها بياض له جمع فيه النوادر والشوارد، ومنها رياض الأولياء في أخبار المشايخ.
وقد صنف له العلماء كتباً كثيرة منهم القاضي أبو بكر الأكبر آبادي، صنف له كتاباً في الفقه
بالعربية وجمع فيه المسائل المعمول بها، وسماه باسمه، ومنهم ملا محمد نافع، صنف له خلاصة
الخانية بالفارسية، ومنهم الحكيم عبد الله، صنف له رسالة في الطب وسماه همدم بخت.
توفي في الخامس عشر من ربيع الأول سنة ست وتسعين وألف بأرض الدكن، فتأسف بموته
عالمكير، واغتم به وصلى عليه، وحمل جنازته على عواتقه خطوات وشايعها، وأمر بتقديم الخيرات
والمبرات له، ثم بعث نعشه إلى دهلي فدفن بها، كما في مآثر عالمكيري.
الشيخ بدر الدين السرهندي
الشيخ الفاضل بدر الدين إبراهيم الحنفي السرهندي صاحب حضرات القدس ولد ونشأ بسرهند،
وقرأ العلم على الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي وعلى محمد صادق بن الشيخ أحمد المذكور،
قال في حضرات القدس: إني قرأت شرح الموافق وتفسير البيضاوي والعضدية مع حاشيتها للسيد
الشريف على الشيخ أحمد، وقرأت المطول مع حاشيته للسيد الشريف وشرح العقائد مع حاشيته
للخيالي، وتحرير الأقليدس وشرح المطالع مع حاشيته للسيد على خواجه محمد صادق، وقال: إني
صحبت الشيخ أحمد رحمه الله تعالى سبع عشرة سنة، وأخذت عنه الطريقة واستفدت منه فيوضاً
كثيرة - انتهى.
وكتابه حضرات القدس في مجلدين عدد فيه مصنفاته، منها سنوات الأتقياء في وفيات المشايخ ومنها
الروائح في شرح اصطلاحات الصوفية وأشغال السادة النقشبندية والقادرية، ومنها كرامات أولياء
ومجمع الأولياء وترجمة فتوح الغيب للشيخ عبد القادر الكيلاني، وترجمة بهجة الأسرار، وترجمة
روضة النواظر في ترجمة الشيخ عبد القادر ترجمها بأمر دارا شكوه، وله ترجمة عرائس البيان
تفسير الشيخ روز بهان البقلي.
القاضي بدر الدين البدايوني
الشيخ العالم الفقيه القاضي بدر الدين الصديقي البدايوني، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، ولي القضاة بمدينة بدايون في أيام شاهجهان بن جهانكير الدهلوي سلطان الهند، واستقل به
مدة حياته، وكان يضرب به المثل في التبحر في العلم، توفي سنة ستين وألف، فعمل تاريخاً لوفاته
القاضي علي محمد البدايوني من قوله قد خسف بدري كما في المختصر.
الشيخ بديع الدين السهارنبوري
الشيخ العالم الصالح بديع الدين بن رفيع الدين بن عبد الستار الأنصاري السهارنبوري، أحد المشايخ
النقشبندية، ولد ونشأ بمدينة سهارنبور، وقرأ العربية(5/503)
أياماً ببلدته، ثم سافر إلى بلاد أخرى، وأخذ عن
الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي إمام الطريقة المجددية، وقرأ عليه الكتب الدرسية، ثم أخذ عنه
الطريقة ولازمه ملازمة طويلة، فلما بلغ رتبة الإرشاد استخلفه الشيخ ووجهه إلى آكره فلبث بها
زماناً وحصل له القبول عند عامة تلك البلدة والوجاهة عند الأمراء، ثم سنحت له حاجة للرجوع إلى
سهارنفور فذهب إلى بلدته بدون أن يستأذن شيخه فوقع في نفس شيخه شيء، فلما أحس بالكدورة
رجع إلى آكره واشتغل بالإرشاد والتلقين، ولكنه لم يحصل له قبول في تلك المرة بل وقعت فتنة
عظيمة من أمره ونهيه، فاضطر إلى الرجوع إلى سهارنبور مرة ثانية فأقام بها مدة حياته، كما في
حضرات القدس توفي سنة اثنتين وأربعين وألف، كما في مهر جهانتاب.
الشيخ برهان الدين البرهانبوري
الشيخ العالم العارف برهان الدين البكري الشطاري البرهانبوري المشهور براز إلهي كان من
مشاهير الأولياء، ولد بقرية معمولي من أرض خانديس، ونشأ ببلدة برهانبور، وكان من قبل الأب
من ذرية سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، ومن قبل الأم من أولاد سيدنا الإمام حسين
السبط عليه السلام، وكان اسم والدته فاطمة.
وهو نشأ في تصون تام وعفاف وتأله واقتصاد في الملبس والمأكل، ولم يزل يجتهد في خدمة الفقراء
بزاوية الشيخ عيسى بن قاسم الشطاري، ويسوي الطين للاستنجاء له، ويستفيد منه حتى نال حظاً
وافراً من العلم والمعرفة، وبلغ رتبة لم يصل إليها أحد من أصحاب الشيخ، فقام مقامه في الإرشاد
والتلقين، وسلك على قدم التجريد والتفريد والصدق والديانة، تذكر له كشوف وكرامات، وكان يأتي
لديه الأمراء والملوك فيستمدون منه في مهماتهم ويتبركون به.
قال الخوافي في منتخب اللباب: إن عالمكير لما قصد أكبر آباد وعزم على قتال صنوه دارا شكوه،
نكر زيه وذهب إلى حضرة الشيخ بغتة، لأن الشيخ كان لا يرضى بلقاء الملوك والسلاطين، فسأل
الشيخ عن اسمه فقال: أورنك زيب، فسكت الشيخ ولم يلتفت إليه حتى نهض عالمكير، ثم جاء في
اليوم الثاني فقال الشيخ: إن كنت أحببت هذه الزاوية فأتركها لك وأختار أخرى سواها، فخرج
عالمكير وراجع أحد خدمة الشيخ وكان محبباً إليه، فأشار عليه بأن يحضر عند ما يخرج الشيخ
للصلاة فيطلب منه فاتحة الرخصة قائماً، فحضر عالمكير عند ذلك فسأل الشيخ عنه، فطفق عالمكير
يشكو أخاه دارا شكوه بعدم احتفاله بالشرع والدين وطلب منه فاتحة الرخصة، فقال الشيخ في اللغة
الفارسية: از فاتحه ما فقيران كم اعتبار جه ميشود! شماكه بادشاهيد به نيت عدالت ورعيت بروري
فاتحه بخوانيد ما هم دست برميداريم يعني ماذا يكون أهون من فاتحة أمثالنا من الفقراء، أنت من
السلاطين! اقرأ الفاتحة بنية العدل وحسن العهد بالرعية، نحن أيضاً نرفع أيدينا - فأسر نظام الدين
البرهانبوري إلى عالمكير بالتبشير بالفوز - انتهى.
وفي التأليف المحمدي أن عاقل خان الرازي جمع ملفوظاته في كتابه ثمر الحياة أقول: وقد جمع أحد
أصحابه ملفوظاته في روائح الأنفاس وللشيخ برهان الدين أيضاً مصنفات منها شرح أسماء الله
الحسنى وشرح آمنت بالله وغيرهما، مات في الخامس عشر من شعبان سنة ثلاث وثمانين وألف
بمدينة برهان بور فدفن بها وعمره جاوز ثمانين سنة.
الشيخ برهان الدين الكجراتي
الشيخ الفاضل برهان الدين بن الله بخش بن محي الدين بن شهاب الدين بن خوند مير المهدوي
الكجراتي، أحد أفاضل المهدوية، له شواهد الولاية كتاب بسيط في إثبات المهدوية للسيد محمد بن
سيد يوسف الجونبوري، صنفه سنة اثنتين وخمسين وألف، كما في هدية مهدوية.
الشيخ برهان الدين العلوي البيجابوري
الشيخ الصالح برهان الدين بن مرتضى بن هاشم بن برهان الدين العلوي الكجراتي ثم البيجابوري،
أحد المشايخ المشهورين، ولد ونشأ بمدينة بيجابور، وأخذ عن جده، وتولى الشياخة بعده، مات لسبع
خلون من ذي القعدة سنة أربع وثمانين(5/504)
وألف، كما في محبوب ذي المنن.
الشيخ برهان الدين الفتني
الشيخ الفاضل الكبير برهان الدين لار محمد الحسيني الكجراتي، أحد العلماء المبرزين في العلوم
الحكمية، له تنقيح الكلام في شرح تهذيب الكلام في مجلد، أوله: نحمدك يا من تقدست سبحات الجمال
عن سمت الحدوث والزوال إلخ صنفه سنة خمس عشرة وألف في أربعة أشهر تقريباً.
الشيخ بلال اللاهوري
الشيخ العالم الفقيه الزاهد بلال بن عبد الله الحنفي القادري اللاهوري أحد العلماء المشهورين في
عصره، كان ممن أخذ الطريقة عن الشيخ شمس الدين اللاهوري وتصدر للإرشاد والتلقين، وكان
غاية في الزهد والعبادة، قد تردد إليه شاهجهان بن جهانكير الكوركاني غيرة مرة بلاهور.
توفي لليلتين بقيتا من شعبان سنة ست وأربعين وألف وله سبعون سنة، وقبره بمدينة لاهور، كما في
التأليف المحمدي.
الشيخ بهلول الدهلوي
الشيخ العالم الكبير المحدث بهلول بن الكبير القادري الدهلوي، أحد العلماء المبرزين في الفقه
والحديث والتفسير، كان أصله من شكاربور، انتقل منها إلى دهلي وقرأ العلم على مفتي جمال الدين
الدهلوي، ثم سافر إلى كجرات وأخذ الحديث عن الشيخ عبد الله بن سعد الله والشيخ رحمة الله بن
القاضي عبد الله وصحبهما مدة طويلة ثم رجع إلى دهلي، وأخذ الطريقة عن الشيخ قميص بن أبي
الحياة السادهوروي، وعكف على الدرس والإفادة، وكان يضرب به المثل في صلاح العمل وكثرة
التعبد والاستقامة على الطريقة، كما في أخبار الأصفياء.
قال البدايوني في كتابه المنتخب: إنه جد في الاشتغال بالحديث ومهر، وأدرك الكبار من أهل الفقر
والفناء، وذاق حلاوة المعرفة، ووفق للاستقامة، وهو مكب على الإفادة والإفاضة منذ مدة طويلة لا
يلتفت إلى أهل الدنيا، انتهى.
توفي عشية الرابع عشر من شهر رجب سنة سبع وألف بدار الملك دهلي، فدفن في جوار أثر قدم
الرسول بها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما في مهر جهانتاب.
الأمير بهاء الدين الأكبر آبادي
الأمير الفاضل بهاء الدين بن عبد الهادي بن مير ميران بن نعمة الله الحسيني اليزدي ثم الأكبر
آبادي، كان من الأفاضل المشهورين في عصره، ذكره السهارنبوري في مرآة جهان نما وقال: إنه
كان من نوادر العصر في الجفر الجامع والتكسير والأعداد، له مصنفات في التاريخ والتصوف،
وأبيات رقيقة رائقة بالفارسية، ولاه عالمكير على تحرير السوانح والبخشيكري بكجرات.
الشيخ بينا السرهندي
الشيخ الفاضل بينا بن الحسن العثماني السرهندي، أحد الأطباء الماهرين في صناعة الطب، له يد
بيضاء في الأعمال باليد وفي معالجة الفيل كما في المنتخب.
حرف الباء الهندية
الشيخ بير محمد البرهانبوري
الشيخ العالم الصالح بير محمد بن عبد الحليم بن جلال محمد القادري البرهانبوري، أحد العلماء
المبرزين في العلم والمعرفة، قرأ على المفتي يوسف البنكالي ولازمه زماناً، ثم تصدر للدرس والإفادة
وصرف شطراً من عمره في ذلك، وكان يشتغل بالتدريس من الصباح إلى المساء، لا يتعطل عن
ذلك في يوم من أيام الأسبوع، ولذلك لم يرغب قط إلى خدمة الملوك والأمراء.
توفي سنة ثلاث عشرة وألف بمدينة برهانبور، فدفن بها، كما في كلزار أبرار.(5/505)
الشيخ بير محمد السلوني
الشيخ الصالح بير محمد بن عبد النبي بن أبي الفتح بن إله داد بن من الله ابن بهاء الدين العمري
الجونبوري، ثم السلوني، أحد المشايخ المشهورين.
ولد سنة ست وتسعين وتسعمائة بمدينة سلون - بفتح السين المهملة - وسافر للعلم إلى مانكبور،
وجد في البحث والاشتغال حتى لقي الشيخ عبد الكريم بن سلطان المانكبوري ذات يوم عند ذهابه إلى
المدرسة، فسأله الشيخ عما يقرأ فقال: هداية الفقه وتفسير البيضاوي، فقال له: هلم إلي أعلمك ما
تشاء، فلم يلتفت إليه بير محمد لعدم وقوفه على مراتبه العلية وأخذ مذهبه، فلما وصل إلى أستاذه
وقعد بين يديه لم يقدر على القراءة ولا أستاذه على تعليمه، فتعجب شيخه من ذلك وسأله عن ذلك،
فذكر ما جرى بينه وبين الشيخ عبد الكريم، فذهب أستاذه إلى عبد الكريم ومعه تلميذه واعتذر إليه،
ولازمه بير محمد ستة أشهر، وقرأ عليه الهداية والبيضاوي، وأخذ عنه الطريقة، ولما بلغ رتبة
الإرشاد استخلفه الشيخ عبد الكريم ورخصه إلى بلدته، وكانت عامرة في ذلك الزمان بطائفة من
الهنود يقال لهم السناسيون إذ قال لهم: ما تعبدون؟ قالوا: نعبد أصناماً فنظل لها عاكفين، ثم اتبعوه
وأسلموا لله رب العالمين، فصار مقصداً في الإرشاد والتلقين، وأخذ عنه غير واحد من المشايخ، منهم
السيد علاء الدين السنديلوي، والسيد بدر الدين البريلوي وغيرهما، ثم أقطعه عالمكير بن شاهجهان
الكوركاني سلطان الهند قريتين، فتوارثتهما أعقابه إلى الآن ولم تتعرض لهما الدولة الإنجليزية.
توفي لثمان بقين من محرم الحرام سنة تسع وتسعين وألف بمدينة سلون فدفن بها - أخبرني به
الشيخ نعيم عطاء بن مهدي عطاء السلوني أحد سلائله.
الشيخ بير محمد اللكهنوي
الشيخ العالم الكبير العلامة بير محمد بن أولياء الجون بوري ثم اللكهنوي، أحد المشايخ المشهورين
بالفضل والكمال، ولد بقرية اثاوان من أعمال مندياهو قرية جامعة في ناحية جون بور لأربع ليال
بقين من رمضان سنة سبع وعشرين وألف، وتوفي والده في صغر سنه، فتربى في مهد عمه وسار
إلى مانكبور واشتغل بالعلم على أساتذتها، وأدرك بها الشيخ عبد الله السياح الدكني فبايعه، وسافر إلى
لكهنؤ وقرأ الكتب الدرسية على القاضي عبد القادر العمري اللكهنوي، ووفد عليه عبد الله المذكور
عند رجوعه من بنكاله، فلازمه وأخذ عنه الطريقة الجشتية، وأمره عبد الله أن يجتهد في البحث
والاشتغال ويستكمل التحصيل، ثم يشتغل بالطريقة ويبذل جهده فيها، فسافر إلى دهلي وقرأ فاتحة
الفراغ في دروس العلامة حيدر، وأدركه عبد الله بدهلي فأجازه في جميع الطرق والسلاسل، وأجازه
في العوارف والجواهر الخمسة فرجع إلى مدينة لكهنؤ وسكن بها.
وكان يدرس ويفيد، أخذ عنه خلق كثير من العلماء، وانتهت إليه رئاسة العلم والتدريس، له مصنفات
جليلة، منها سراج الحكمة حاشية شرح الهداية للصدر الشيرازي، وحاشية على هداية الفقه، وله
الفتاوي الفقهية ورسائل إلى أصحابه في التصوف، ومن مصنفاته المنازل الأربعة في السلوك مرتبة
على أربعة منازل: الأول في تربية الطالبين - وفيه مقامات، والثاني في أحكام الشريعة المصطفوية
على صاحبها الصلاة والتحية - وفيه ثلاث عشرة مقامة، والثالث في أحكام الطريقة - وفيه خمس
مقامات، والرابع في أحكام الحقيقة - وفيه مقامة واحدة، صنفه سنة سبع وستين وألف بمدينة لكهنؤ،
أوله: حمد بي نهايت وشكر بي غايت مرذا تي را إلخ، وله غير ذلك من الرسائل.
توفي في الرابع عشر من جمادي الأخرى سنة خمس وثمانين وألف بمدينة لكهنؤ، فدفن بها بتل
على ساحل كومتي يعرف بتل الشيخ بير محمد، وقد أرخ لوفاته بعض العلماء من قوله تعالى "لا
خوف عليهم ولا هم يحزنون" كما في بحر زخار.
الشيخ بير محمد الجنيدي
الشيخ العالم الفقيه بير محمد الجنيدي، أحد العلماء الصالحين، أخذ عن الشيخ أحمد الديوبندي ولازمه
مدة حتى نال حظاً وافراً من العلم والمعرفة، وسكن بجنيد - بفتح الجيم وسكون التحتية بعدها نون
ودال مهملة - قرية جامعة من أعمال حصار، وكان(5/506)
عالمكير بن شاهجهان التيموري سلطان الهند
يرسل إليه الكتب بخطه ويحسن إليه، ذكره السهارنبوري في مرآة جهان نما وقال إنه كان يدرس
ويفيد، انتهى.
حرف التاء
الشيخ تاج الدين الكجراتي
الشيخ العالم المحدث تاج الدين بن إسماعيل بن محمود بن إبراهيم بن إسماعيل ابن يعقوب بن
شهاب الدين القادري البهاري ثم الفتني الكجراتي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والحديث، كان من
نسل القاضي أبي صالح نصر بن عبد الرزاق بن الشيخ عبد القادر الكيلاني، أخذ الطريقة عن والده،
وسافر إلى كجرات، فسكن بمدينة فتن، وكان شيخاً صالحاً معمراً محدثاً، يحفظ الصحاح الستة، وكان
له أربعة أبناء: جمال، وأحمد، وإسحاق، وإبراهيم، قام مقامه أصغرهم إبراهيم الفتني.
توفي في الحادي عشر من جمادي الأولى سنة سبع بعد الألف بمدينة فتن، بالتشديد، كما في مرآة
أحمدي.
الشيخ تاج الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل تاج الدين زكريا بن عيسى الحنفي الصوفي الدهلوي، أحد العلماء المبرزين في
المنطق والحكمة والتصوف، أخذ عن والده وعن الشيخ عبد الملك بن عبد الغفور الباني بتي، ولازمه
مدة من الزمان حتى نال حظاً وافراً من الحقائق والمعارف، استقدمه السلطان أكبر بن همايون
الكوركاني وجعله من ندمائه.
قال البدايوني في المنتخب: إنه مكن في قلب السلطان الزندقة وبعد مدة من الزمان ترك الالتفات إليه
فصار مطروداً، وله مصنفات منها شرح اللوائح وشرح على نزهة الأرواح انتهى.
الشيخ تاج الدين السنبهلي
الشيخ العالم العارف تاج الدين بن زكريا بن سلطان العثماني النقشبندي الحنفي السنبهلي الولي
المشهور، ولد ونشأ في بلدة سنبهل، وقرأ العلم وساح البلاد في طلب شيخ الطريقة، فلما وصل إلى
أجمير تلقن من روحانية الشيخ معين الدين حسن الأجميري طريق النفي والاثبات على كيفية
مخصوصة في الطريقة الجشتية يسمونها حفظ الأنفاس، وأمر أن يجلس ويشتغل في الذكر في بلدة
ناكور فيها قبر الشيخ حميد الدين الصوفي الناكوري، فسافر إلى ناكور وأقام بها يشتغل بالذكر مدة
مديدة، ثم خرج في طلب شيخ، فساح في الجبال والبراري والأغوار والأنجاد حتى وصل إلى الشيخ
الله بخش الشطاري الكده مكتيسري، فتلقاه الشيخ بحسن القبول وأظهر له أنه كان منتظراً له، وكانت
طريقة الشيخ أن لا يلقن أحداً إلا بعد إدخاله في الخدمات والرياضات الشاقة التي تنكسر بها النفس
وتحصل بها التزكية، فكان يحمل الماء إلى المطبخ فوق طاقته، فبعد ما تم له ثلاثة أشهر قال له
الشيخ: قد تم أمرك، ثم لقنه ذكر العشقية فاشتغل به، ولم يزل في خدمته حتى وصل إلى الكمال
والتكميل، وأجازه الشيخ بالطريقة العشقية والقادرية والجشتية والمدارية، وحصلت له الإجازة من
رئيس كل طريق، وكذلك حصلت له الإجازة في الطريقة الكبروية من روحانية الشيخ نجم الدين
الكبري، وله رسالة في بيان سلوكهم، وكان خدم الشيخ عشر سنين.
ثم لما وصل الشيخ الأجل محمد عبد الباقي النقشبندي بلاهور كتب إليه كتاباً وكان الشيخ تاج الدين
حينئذ في سنبهل، فلما أتاه كتابه عزم على زيارته، فلما وصل إليه توجه إلى سلوك الأكابر
النقشبندية، فتم سلوكه في ثلاثة أيام، ثم أجازه الشيخ بتربية المريدين وهو أول من أجازه، وصحبه
عشر سنين، وكانت الصحبة بينهما كصحبة شخصين لا يدري أيهما عاشق وأيهما معشوق، وكانا
يأكلان في إناء واحد، ويرقدان على سرير واحد، فلم يزل مقيداً بالتسليك بسلوك النقشبندية بعد ما
أجازه الشيخ عبد الباقي المذكور ورخص له، وكان يقول: إن الأكابر النقشبندية هم أرباب الغيرة،
ويذكر أن بعد إجازة الشيخ اشتغل بالتربية على طريق الأكابر، وكان إذا أتاه طالب يريد الطريقة
العشقية أو غيرها يلقنه فيها ويربيه، حتى أنه في بعض الأيام حضرت روحانية الشيخ الكبير عبيد
الله(5/507)
الأحرار رضي الله عنه للشيخ عبد الباقي رحمه الله تعالى وقال: إن تاج الدين يأكل من مطبخنا
ويشكر غيرنا فأخرجناه من النسبة، فقال الشيخ عبد الباقي رحمه الله تعالى: اعف عنه هذه المرة
حتى أخبره، فكتب إليه هذه الواقعة، فترك كل ما كان غير هذه السلسلة وحصر التربية والتلقين فيها،
فلما توفي الشيخ عبد الباقي رحمه الله تعالى اغتم بموته وحزن عليه حزناً شديداً وأخذ في السياحة،
فسافر إلى بلاد الهند والعراق والعرب حتى ألقى عصا التسيار بمكة المحترمة وسكن بها، وأخذ عنه
خلق كثير من العلماء والمشايخ.
قال ابن فضل الله المحبي في خلاصة الأثر: إنه كان شيخ الطريقة النقشبندية ورابطة الإرشاد إلى
المنازل للسالكين في السلوك، وواسطة الإمداد للمواهب الرحمانية من ملك الملوك، وشيخاً كبيراً مهاباً
حسن التربية والدلالة على الوصول إلى الله تعالى، صحبه خلق كثير من المريدين، وممن صحبه
ولازمه الأستاذ أحمد أبو الوفاء العجل العجيل، وولد أحمد المذكور والشيخ محمد مرزا ابن محمد
المعروف السروجي الدمشقي والأمير يحيى بن علي باشا وغيرهم، وألف كتباً، منها تعريب النفحات
للعارف عبد الرحمن الجامي، وتعريب الرشحات، ورسالة في طريق السادة النقشبندية جمع فيها
الكلمات القدسية المأثورة المروية عن حضرة الخواجه عبد الخالق الغجدواني المبني عليها الطريق،
وشرحها بأحسن بيان، والصراط المستقيم والنفحات الإلهية في موعظة النفس الزكية، وجامع الفوائد،
وقد أفرد ترجمته تلميذه السيد محمود بن أشرف الحسيني في رسالة سماها تحفة السالكين في ذكر تاج
العارفين انتهى، وقد نقل المحبي عن الرسالة المذكورة أشياء من كشوفه وكراماته لا نطيل الكلام
بذكرها.
وقال الشيخ أحمد النخلي المكي في بعض رسائله: وهذا الشيخ تاج - رحمه الله ونفعنا به في الدنيا
والآخرة! كان ولياً لله عارفاً به، أقام بمكة المشرفة على حلول ألف وأربعين من الهجرة مدة مديدة،
ومات بها - انتهى ما نقله الشيخ ولي الله الدهلوي عن شيخه أبي طاهر بن إبراهيم الكردي المديني.
وقد أخذ عنه غير من ذكر الشيخ عبد الباقي بن زين المزجاجي الزبيدي، والشيخ عبد الله بن شيخ
بن عبد الله بن عبد الرحمن الحضرمي العيدروس، والشيخ محمد علان المكي - بتشديد اللام -
والشيخ إبراهيم بن حسن الحنفي الاحسائي، والشيخ أبو بكر بن سعيد بن أبي بكر الحضرمي،
والشيخ عبيد الله ابن محمد باقي الدهلوي، والسيد محمود بن أشرف الحسيني الأمروهوي وخلق
آخرون، ومن مصنفاته غير ما ذكر رسالة في أنواع الأطعمة وكيفية طبخها، ورسالة في كيفية غرس
الأشجار، وأخرى في أنواع الطب، ذكرها محمود بن أشرف الحسيني الأمروهوي في تحفة السالكين.
ومن ألفاظه القدسية:
ومن ألفاظه القدسية ما قال في مفتتح رسالته في سلوك الطريقة النقشبندية: اعلم وفقك الله أن معتقد
السادة النقشبندية قدس الله أسرارهم هو معتقد أهل السنة والجماعة، وطريقهم دوام العبودية التي لا
تتصور بغير أداء العبادة، وهي عبارة عن دوام الحضور مع الحق سبحانه شعوراً بالغير مع الذهول
عن صفة الحضور بوجود الحق سبحانه، ولا يحصل هذه السعادة العظيمة بغير تصرف الجذبة
الإلهية، ولا سبب في طريقة الجذبة أقوى من صحبة الشيخ الذي سلوكه بطريق الجذبة، قال الشيخ
أبو علي الدقاق قدس سره: الشجرة التي تنبت بنفسها لا ثمر لها، وإن كان لها ثمر يكون بغير لذة،
وسنة الله تعالى جارية على أنه لا بد من السبب، فكما أن التوالد والتناسل الصوري لا يحصل بغير
الوالد والوالدة كذلك التوالد المعنوي حصوله بغير المرشد متعذر، قال في الرسالة المكية: من لا شيخ
له فالشيطان شيخه، انتهى.
توفي قبل غروب يوم الأربعاء الثامن عشر من جمادي الأولى سنة خمسين وألف، ودفن صبح يوم
الخميس في تربة أعدها له في حياته في سفح جبل قعيقعان، وضريحه ظاهر للزيارة، قعيقعان
كزعيفران جبل بمكة وجهه إلى أبي قبيس، لأن جرهم كانت تضع فيه أسلحاتها فتقعقع فيه، أو لأنهم
تحاربوا فقعقعوا بالسلاح، كما في خلاصة الأثر.(5/508)
الشيخ تاج الدين الجهونسوي
الشيخ العالم النحوي الفقيه تاج الدين بن منهاج الدين الصديقي الجهونسوي الإله آبادي أحد المشايخ
المشهورين، انتقل أسلافه من دهلي إلى شيخ بوره فسكنوا بها، والشيخ قد قرأ بعض المختصرات
على عمه نصير الدين الجهونسوي، ثم سافر إلى جونبور وقرأ الدرسيات إلى منار الأصول على
الشيخ نور الله بن طه الأنصاري الجونبوري، وتطبب على الشيخ المعمر حاجي محمد المداري،
وصنف الرسائل في معرفة النباتات والحيوانات، وصنف كتاباً مفيداً في الطب سماه تاج مجربات
وهي في مائة كراسة، وكانت له يد بيضاء في معالجة الأمراض وهو وإن لم يوفق بتكملة الكتب
الدرسية كلها ولكن الله سبحانه رزقه الملكة الراسخة في كل علم وذهناً وقاداً وفكراً نقاداً فتيسر له
معسرات العلوم، ولذلك ترى مصنفاته في الفقه والسلوك والتصوف والطب والنحو، وكان المرجع
والمآب في النحو.
وبالجملة فإنه كان نادرة عصره، أخذ الطريقة السهروردية، عن الشيخ أبي الفتح الحسيني الأسدي
الظفر آبادي الذي يصل ببضع وسائط إلى الشيخ صدر الدين الظفر آبادي، وأخذ الطريقة الجشنية
عن ابن عمه خواجه كلان بن نصير الدين ولازمه ملازمة طويلة، ثم قام مقامه في الإرشاد والتلقين،
وكان مع التزامه أذكار الطريقة الجشتية وأشغالها لا يباشر السماع ويجتنبه، يذكر له كشوف
وكرامات.
توفي يوم الخميس خامس عشر من ذي الحجة سنة ثلاثين وألف، كما في كنج أرشدي.
السيد تقي الدين الشيرازي
الشيخ العالم الكبير العلامة تقي الدين فارغي الحسيني الشيرازي، كان ابن أخ الشيخ العلامة فتح الله
الشيرازي، أخذ عنه العلوم الحكمية ودرس وأفاد زماناً، وكان من أهل السنة والجماعة ويقول: ليس
في قبيلتي أحد من أهل السنة غير نفسي وأخي، كما في المنتخب.
قال البدايوني في تاريخه: إنه كان عالي الهمة، أخذت عنه شطراً من بست باب في الأصطرلاب
انتهى.
الشيخ تقي الدين التستري
الشيخ الفاضل الكبير تقي الدين التستري، أحد العلماء المشهورين في التاريخ والإنشاء والشعر
والفنون الرياضية، قدم الهند وتقرب إلى عبد الرحيم ابن بيرم خان ثم إلى السلطان جلال الدين أكبر،
وتدرج إلى الإمارة حتى ولي الصدارة في أيام جهانكير، ولقبه الملك المذكور مؤرخ خان، مات في
سنة عشرين وألف، كما في يد بيضاء.
حرف الثاء المثلثة
القاضي ثناء الدين المجهلي شهري
الشيخ العالم الفقيه القاضي ثناء الدين الجعفري المجهلي شهري، كان من نسل جعفر الطيار بن عم
النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحبه وصاحبه، وله أعقاب كثيرة بمدينة مجهلي شهر.
القاضي ثناء الله الجونبوري
الشيخ العالم الفقيه ثناء الله بن هداية الله بن محمد منعم بن أبي الحسن ابن محمد بن القاضي
خواجكي العمري الجونبوري، كان من الفقهاء الحنفية، ولد ونشأ بجونبور وولي القضاء ببلدته، مات
في سابع شوال سنة ثلاث وسبعين وألف، وقبره في سوق ألف خان من بلدة جونبور، كما في تجلي
نور.
حرف الجيم
مولانا جان الله اللاهوري
الشيخ الفاضل جان الله الحنفي الصوفي اللاهوري، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، قرأ
العلم على أساتذة لاهور، ودرس بها مدة من الزمان، ثم أخذ الطريقة الجشتية عن الشيخ نظام الدين
التهانيسري ولازمه زماناً، وسافر معه إلى الحرمين الشريفين فحج وزاره ثم سار معه إلى بلخ ورجع
إلى الهند، وكان صاحب كشوف وكرامات.(5/509)
توفي في تاسع جمادي الأخرى سنة تسع وثلاثين وألف، كما في خزينة الأصفياء.
مولانا جان محمد اللاهوري
الشيخ العالم الصالح جان محمد الحنفي الصوفي اللاهوري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، أخذ العلم والمعرفة عن الشيخ إسماعيل المدرس اللاهوري، وكان يدرس بلاهور في مسجد
القصاب خارج البلدة، وكان يأكل بعمل يده.
توفي سنة اثنتين وثمانين وألف بمدينة لاهور فدفن بها، كما في خزينة الأصفياء.
مرزا جعفر بن بديع القزويني
الأمير الكبير جعفر بن بديع الزمان القزويني مرزا قوام الدين آصف خان، كان من العلماء
المشهورين في التاريخ والسير والإنشاء وقرض الشعر، ولد ونشأ بأرض الفرس، وقدم الهند سنة
985 هـ في أيام السلطان جلال الدين أكبر بن همايون التيموري، فتقرب إليه وتدرج إلى الإمارة حتى
نال الوزارة الجليلة في عهده، ولقبه السلطان آصف خان، وبعثه في مهمة إلى أرض الدكن في أيام
جهانكير فمات بها.
وكان فاضلاً مؤرخاً شاعراً مجيد الشعر، أمره أكبر شاه بإتمام التاريخ الألفي بعد ما قتل أحمد نصر
الله التتوي فكمله، ولخص الأخبار من أيام جنكيز خان إلى عهد السلطان المذكور، وله مزدوجة
بالفارسية سماها نور نامه في أخبار شيرين خسرو، وله ديوان شعر بالفارسية ومن شعره قوله:
مراكه محض كناهم ز انتقام مترسان دلير بر كنهم ذوق انتقام تو دارد
توفي سنة إحدى وعشرين وألف، كما في مآثر الأمراء.
الشيخ جعفر بن الجلال الكجراتي
الشيخ العالم الصالح جعفر بن الجلال بن محمد الحسيني البخاري الكجراتي، كان يعرف ببدر عالم،
ولد في الثاني عشر من شعبان سنة ثلاث وعشرين وألفن ونشأ في مهد العلم والطريقة، وانتفع بوالده
وبغيره من العلماء، وكان أفضل من والده في الحديث والتفسير والتصوف وفنون أخرى، جلس على
مسند الإرشاد في حياة أبيه بعد جده محمد بن الجلال، ولما توفي والده أراد السلطان أن يوليه صدارة
الهند فلم يجبه.
وكان سريع الكتابة، يكتب القرآن الكريم في أربع وخمسين ساعة نجومية، له كتاب الروضات في
مجلدات كبار ورسائل أخرى في الحديث والتفسير، كما في مرآة أحمدي.
قال عبد الحميد اللاهوري في بادشاهنامه إنه كان فوق أبيه وجده في العلم والمعرفة، وحفظ
الأحوال، واقتفاء سنن المشايخ، والوقوف على مصطلحات القوم، واقتناء العلوم المتعارفة، وكثرة
الدرس والإفادة، انتهى، ومن أبياته:
راز ما در زمانه افتاد است بزمها را فسانه افتاد است
ميكند يار آنجه ميخواهد دور كردون بهانه افتاد است
توفي في تاسع ذي الحجة الحرام سنة خمس وثمانين وألف فدفن عند والده كما في المرآة.
جعفر بن الصادق الدهلوي
الأمير الكبير جعفر بن صادق بن طاهر بن محمد شريف الهروي الدهلوي، عمدة الملك نواب جعفر
خان، كان من الوزراء المشهورين في الدولة التيمورية، ولي على بنجاب ثم على غيرها من الأقطاع
الواسعة الفسيحة في أيام شاهجهان بن جهانكير التيموري، ثم نال الوزارة الجليلة فاستقل بها مدة
حياته.
وكان رجلاً فاضلاً كريماً بشوشاً، طيب النفس، زكي الخصال، سليم الفطرة، لم يكن في زمانه مثله
في الذوق الصحيح.
توفي سنة إحدى وثمانين وألف بدار الملك دهلي فدفن بها، كما في مآثر الأمراء.(5/510)
الشيخ جعفر بن علي الكجراتي
الشيخ العالم الفقيه المحدث جعفر بن علي بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله ابن شيخ بن عبد الله
العيدروس الشافعي الحضرمي ثم الهندي الكجراتي الشريف العلي القدر، المشهور بجعفر الصادق.
ذكره الشلي في المشرع الروي، قال: إنه ولد بمدينة تريم سنة سبع وتسعين وتسعمائة، وصحب أباه
ولازمه مدة في فنون عديدة، وحفظ القرآن وجوده، وحفظ الإرشاد والملحة والقطر وغيرها، وأخذ عن
ابن عمه عبد الرحمن السقاف بن محمد العيدروس وأبي بكر بن عبد الرحمن بن شهاب والشيخ زين
بن حسين با فضل وأبي بكر الشلي با علوي، وبرع في التفسير والفقه والحديث والتصوف والعربية
والحساب والفلك والفرائض، وكان ناضر العيش، رخي البال، وأتحفه الله تعالى بحسن الفهم وجمال
الصورة وكمال الخلقة، ورزقه قبولاً تاماً، وكان بليغاً في نظمه وإنشائه، ثم حج وأخذ بالحرمين عن
جماعة، ثم عاد إلى تريم ولم يدخل إلى بلد إلا وأكرمه واليها غاية الإكرام، ولما قرب من تريم خرج
الناس للقائه ودخل في جمع لم يتفق لأحد من أهل بيته، وكثرت مزاحمة الرجال وأرباب الدفوف
والشبابات بين يديه، والمداح تمدحه وتثنى عليه، وسبب ذلك أن أباه كان متولياً أمر الأشراف، وكان
له إليه محبة زائدة، وأقام بتريم مدة ثم سافر إلى الهند لطلب العلوم العقلية والرتبة العلية، فدخل بندر
سورت للأخذ عن عمه الشريف محمد فأفاض عليه من فيض بحاره، ثم قصد إقليم الدكن فاتصل ثمة
بالوزير الملك عنبر، فنظمه في سلك ندمائه، وناظر العلماء بحضرته فظهر عليهم، ثم تصدر
للتدريس، واعتنى بلسان الفرس فحصله في مدة يسيرة، ولما رأى بعض الناس العقد النبوي لجده
الإمام شيخ بن عبد الله طب منه أن يترجمه بالفارسية فترجمه بأحسن عبارة، ولم يزل حتى مات
الملك عنبر وأقيم ولده فتح خان مقامه فزاد في إجلال صاحب الترجمة إلى أن قدر الله تعالى على
تلك الدولة ما قدر من نفادها وتشتت أربابها، فعاد الصادق إلى بندر سورت وقرر على ما كان عليه
عمه محمد العيدروس من المعلوم والغلال، وزادوه كثيراً من الأراضي، فكان ينفقها على الوارد،
وألقى بالبندر عصاه، واشتهر أمره وطنت حصاته، وكان له من الولاية نصيب وافر، قال المحبي: له
كرامات ومكاشفات أخبرني بها بعض الثقات من أهل مكة المشرفة، وله كتب مفيدة في فنون عديدة،
وديوانه في هذا الزمان تعلو طبقته على كيوان، انتهى.
وفي الحديقة الأحمدية أن شاهجهان بن جهانكير التيموري سلطان الهند منحه قرى عديدة من أعمال
بروج من أرض كجرات، وله تحفة الأصفياء تعريب سفينة الأولياء لدار شكوه بن شاهجهان، عربه
بأمر المصنف، انتهى.
كانت وفاته في سنة أربع وستين وألف، ودفن في مشهد عمه محمد العيدروس، وقبره معروف يزار،
كما في المشرع الروي.
الشيخ جعفر بن الكمال البحراني
الشيخ الفاضل جعفر بن كمال الدين الشيعي البحراني ثم الحيدر آبادي، أحد الأفاضل المشهورين في
عصره، ولد ونشأ بمدينة بحرين، وأخذ العلم عن السيد نور الدين علي بن علي بن أبي الحسن
العاملي والشيخ علي بن سليمان البحراني، ثم قدم إلى الديار الهندية ودخل حيدر آباد فصار المرجع
والمقصد في أرض الدكن، أخذ عنه علي بن أحمد بن محمد معصوم الدستكي الشيرازي صاحب
سلافة العصر، وكانت وفاته ببلدة حيدر آباد في سنة ثمانين وألف، كما في نجوم السماء.
الشيخ جعفر بن نظام الأميتهوي
الشيخ العالم الصالح جعفر بن نظام الدين الحنفي الصوفي الأميتهوي، كان من أهل بيت العلم
والطريقة، ولد سنة خمس وسبعين وتسعمائة بمدينة أميتهي ونشأ بها، وقرأ العلم على القاضي حسين
الستركهي، وفرغ في الرابع عشر من سنه، ثم لبس الخرقة من خاله عبد الرزاق بن خاصه بن
خضر الصالحي الأميتهوي وسكن خارج البلدة بقرية بروا، فأقطعه جهانكير مائتي فدان من الأرض
الخراجية في تلك القرية، شفع له المفتي صدر جهان البهانوي، فبنى بها مسجداً، ثم بنى له الشيخ(5/511)
حسن السارنكبوري عمارة عالية البناء للمدرسة ودوراً ومساكن لطلبة العلم، لها آثار باقية حتى اليوم،
وكان آية ظاهرة في القناعة والعفاف والزهد والتوكل والانقطاع إلى الله سبحانه، ويذكر له كشوف
وكرامات ووقائع غريبة لا يحصيها البيان، توفي سنة خمس وأربعين وألف بقرية بروا فدفن بها، كما
في رياض عثماني.
الشيخ جعفر الحسيني البتنوي
الشيخ العالم الفقيه جعفر بن أبي الحسن بن باقي بن مبارز بن إبراهيم الحسيني البتنوي، أحد العلماء
المبرزين في الفقه والأصول والعربية، أخذ الطريقة عن الشيخ محمد رشيد بن مصطفى العثماني
الجونبوري، ولازمه مدة طويلة حتى جاوز الكهولة من عمره، فأمره محمد رشيد أن يتزوج ويرجع
إلى بلدته، فامتثل أمره اتباعاً للسنة السنية، ورجع إلى بلدته وصرف عمره في الدرس والإفادة.
توفي يوم الخميس ثالث رمضان سنة خمس وسبعين وألف، فدفن بشريعة آباد على ثلاثة أميال من
بتنه، كما في كنج أرشدي.
الشيخ جعفر بن عزيز الله الجونبوري
الشيخ الفاضل جعفر بن عزيز الله المداري العلامة نور الدين الجونبوري صاحب نور الأنوار، ولد
يوم الثلاثاء ثامن رجب سنة أربع وعشرين وألف ببلدة جونبور، فأرخ لولادته أبوه فرخ قدم وشيخ
أوحد الدين وهو قرأ أكثر الكتب الدرسية على الشيخ محمد رشيد بن مصطفى العثماني الجونبوري
وبعضها على غيره من العلماء، وأخذ الطريقة عن عمه الشيخ نور محمد المداري الجونبوري، ثم
تصدر للدرس والإفادة، أخذ عنه الشيخ محمد أفضل بن عبد الرحمن العباسي الإله آبادي والشيخ
محمد كاظم العباسي السيد بوري والشيخ محمد ماه الديوكامي وخلق كثير من العلماء.
وكان زاهداً متعففاً قنوعاً حليماً متواضعاً، غير متصنع في المطعم والملبس، نفوراً عن مجالسة
الأغنياء، لا يلتفت إلى الدنيا وأربابها، درس وأفاد اثنتين وثلاثين سنة، وله رسالة تسمى نور الأنوار
وهي في الرد على الأبحاث الباقية للشيخ عبد الباقي بن غوث الإسلام الصديقي الجونبوري أوله
الحمد لله الذي منحنا من نعمائه ما منعنا عن الالتجاء إلى من عداه، ووهبنا من آلائه ما نقض
الارتجاء ممن خلاه، إلخ قال في مفتتح كتابه إن الرشيدية للأستاذ المحقق كذا وكذا قد اشتهر اشتهار
الشمس في نصف النهار لانطوائه على فوائد مهمة، واحتوائه على عوائد جمة، ولما أورد بعض
الناس الذي كل بضاعته اللدد والعناد، وجل صناعته الجدل والفساد، على مباحثه النفائس، ترهات
السائس، وعلى تحقيقاته الشريفة، مزخرفات قريحته المؤوفة، أردت أن أحقق معانيه، وأشيد مبانيه
بحيث يضمحل منه تلك الترهات، ويختل به باب المزخرفات، انتهى ملخصاً.
توفي يوم الثلاثاء من ثامن عشر جمادي الأولى سنة ثلاث وتسعين وألف بعد صلاة الظهر، فدفن
بزاوية الشيخ بديع الدين المدار ببلدة جونبور، وأرخ لوفاته بعض العلماء من قوله بهار علم كذشت،
وبعضهم من قوله صدحيف ملاذ عالم رفت، كما في كنج أرشدي.
الشيخ جلال الدين الجالندري
الشيخ الفاضل جلال الدين بن با يزيد بن عبد الله الأنصاري الجالندري، أحد الرجال المشهورين من
نسل الشيخ سراج الدين الأنصاري، تأدب على والده وأخذ عنه ولما توفي أبوه جاء إلى معسكر
السلطان جلال الدين أكبر بن همايون التيموري سنة تسع وثمانين وتسعمائة وكان في الرابع عشر
من سنه، فالتفت إليه السلطان ولكنه رآه مشغولاً بأمور أخرى فخرج من لديه وذهب إلى جبال روه،
فاغتنم قدومه أصحاب والده واتفقوا عليه وبغوا على ولاتهم، فبعث إليهم السلطان المذكور العساكر
العظيمة فدخلوا في أودية سوات وباجور، ثم ذهب جلال الدين إلى توران، وبعد مدة رجع إلى تلك
الجبال ونار الحرب كانت مشتعلة بينه وبين الجنود السلطانية، فتسلط على غزنة سنة سبع وألف،
فتعاقبته الجنود فقتل.
وكان صاحب دهاء وتدبير وسياسة وشجاعة وعلوم(5/512)
فاضلة، قتل سنة تسع وألف، كما في مآثر
الأمراء.
الشيخ جلال الدين الكجراتي
الشيخ العالم الصالح جلال الدين محمد بن الجلال الحسيني البخاري الكجراتي، كان يعرف بمقصود
عالم، ولد في الخامس عشر من جمادي الأخرى سنة ثلاث وألف بأرض كجرات، وحفظ القرآن
واشتغل بالعلم على مولانا حسين البستاني ثم على الشيخ عبد العزيز أحد أصحاب والده، ثم أخذ
الطريقة عن والده ولازمه مدة من الزمان، ثم استقدمه شاهجهان بن جهانكير إلى أكبر آباد وولاه
الصدارة في السابع عشر من شعبان سنة اثنتين وخمسين وألف، والسلطان المذكور كان يعترف
بفضله وكماله ويقول: إن وجوده مغتنم جداً في هذا العصر، وأعطاه ستة آلاف لنفسه وألفين للخيل
منصباً رفيعاً، توفي بمدينة لاهور لعشر بقين من ربيع الثاني سنة سبع وخمسين وألف، فنقلوا جسده
إلى أحمد آباد ودفنوه عند والده كما في مرآة أحمدي.
الشيخ جلال الدين الكجراتي
الشيخ العالم الصالح جلال الدين بن الحسن بن عبد الغفور الحسيني البخاري الكجراتي أبو محمد
المشهور بماه عالم، كان من كبار المشايخ، ولد لست خلون من ذي القعدة سنة تسع وخمسين
وتسعمائة بأحمد آباد، وقرأ العلم على الشيخ العلامة وجيه الدين العلوي الكجراتي، ثم أخذ الطريقة
عن السيد شير محمد الحسيني الكجراتي، وأخذ عنه بعض الكتب في التصوف والسلوك، ثم تولى
الشياخة وحصل له القبول العظيم في بلاده.
وكان شيخاً وقوراً صالحاً سخياً كبير المنزلة عند الملوك والأمراء، مات لأربع عشرة خلون من ذي
القعدة سنة ثلاث بعد الألف فدفن بمقبرة أسلافه، كما في مرآة أحمدي.
الشيخ جمال أولياء الكوروي
الشيخ العالم الكبير العلامة جمال أولياء بن مخدوم جهانيان بن بهاء الدين ابن سالار عالم الحنفي
الصوفي الكوروي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية، ولد سنة ثلاث وسبعين
وتسعمائة بمدينة كوره ونشأ بها، وتفقه على والده، ثم رحل إلى أرض أوده وقرأ العلم على القاضي
ضياء الدين العثماني النيوتني، ولازمه مدة من الزمان، وأخذ عنه الطرق المشهورة، ولما بلغ رتبة
الإرشاد والاجازة رجع إلى بلدته واشتغل بالدرس والإفادة، أخذ عنه السيد محمد بن أبي سعيد
الحسيني الترمذي الكالبوي، قرأ عليه الكتب الدرسية من المطول إلى البيضاوي، وأخذ عنه الشيخ
لطف الله الكوروي المدرس المشهور والشيخ محمد رشيد بن مصطفى الجونبوري والشيخ ياسين بن
أحمد البنارسي وخلق كثير من العلماء والمشايخ.
وكان مع اشتغاله بالعلم منقطعاً إلى الزهد والعبادة ودعاء الخلق إلى الله سبحانه، أخذ الطريقة عن
جماعة، منهم والده المذكور عن أبيه عن جده عن الشيخ بهاء الدين الجونبوري، ومنهم الشيخ قيام
الدين بن قطب الدين بن من الله بن بهاء الدين المذكور عن أبيه عن جده، ومنهم القاضي ضياء الدين
العثماني النيوتني المقدم ذكره عن الشيخ محمد بن يوسف البرهانبوري، كما في رسائل الشيخ محمد
أفضل بن عبد الرحمن العباسي الإله آبادي.
وإني رأيت في بعض التعاليق أن الجمال توفي لليلة بقيت من رمضان سنة سبع وأربعين وألف.
الشيخ جمال الدين السورني
الشيخ الصالح جمال الدين بن سيد بادشاه بن إسماعيل بن قريش الحسيني النقوي الخوارزمي ثم
الهندي السورتي المعروف بخواجه ديوانه أي الشيخ المجنون، ولد ونشأ بخوارزم، وصحب المشايخ
النقشبندية ولازمهم وأخذ عن خواجه جوثبار النقشبندي، ثم قدم الهند وسكن بآكره زماناً صالحاً، ثم
سافر إلى كجرات وسكن بمدينة سورت وصار مرزوق القبول بها، يذكرون له كشوفاً وكرامات،
وجمع مولانا درويش الباشكندي ملفوظاته في كتاب، وصنف قاضي خان البخاري مقامات العارفين
وولده محمد قاسم مناقب الأخيار في أخباره.
توفي يوم الجمعة خامس صفر سنة ست عشرة(5/513)
وألف بمدينة سورت فدفن بها، كما في الحديقة
الأحمدية.
الشيخ جمال الدين الشيرازي
الشيخ الفاضل جمال الدين بن فتح الله بن صدر الدين الشيعي الشيرازي، أحد العلماء المبرزين في
العلوم الحكمية، قدم الهند ودخل حيدر آباد فسكن بها، وصنف شرحاً على مصباح الكفعمي في
الأدعية بأمر قطب شاه الحيدر آبادي.
الشيخ جمال الدين الكشميري
الشيخ العالم الصالح جمال الدين بن موسى الشهيد الحنفي الكشميري، أحد العلماء الربانيين، ولد
ونشأ بكشمير، وصحب الشيخ فتح الله الحقاني الكشميري، ولازمه مدة من الزمان وأخذ عنه حتى
جعله الله من العلماء الراسخين، وفتح عليه، أبواب العلم والمعرفة، وكان شديد التواضع والانكسار
والتبتل إلى الله سبحانه، لا يتصنع في الملبس والمأكل ولا يتصدر في المجلس، ويدرس ويفيد،
ويرشد الناس إلى معالم الهدى، ويديهم إلى مسالك الخير، وكان ختناً لشيخه فتح الله كأخيه الشيخ
كمال الدين، أخذ عنه الشيخ نصيب الدين أبو الفقراء والشيخ إسماعيل الجشتي وخلق كثير من
العلماء والمشايخ، كما في روضة الأبرار.
الشيخ جمال الدين الحيدر آبادي
الشيخ الفاضل جمال الدين بن نور الدين بن أبي الحسن الحسيني الموسوي العاملي الشيعي الدمشقي
ثم الهندي الحيدر آبادي الأديب الشاعر، ذكره الحر العاملي في أمل الآمل قال: وإنه شاركني في
الأخذ والقراءة على مشايخي، ثم سافر إلى مكة المباركة ولبث بها مدة من الزمان، ثم جاء إلى المشهد
المقدس ومكث بها زماناً، ثم سافر إلى حيدر آباد الدكن وصار المرجع والمقصد للوافدين عليه.
وقال ابن فضل الله المحبي في خلاصة الأثر: إنه كان معاشراً لطيف الصحبة شهي النكتة والنادرة،
قرأ بدمشق وحصل، وحضر مجالس العلامة السيد محمد حمزة نقيب الأشراف فأخذ عنه من المعارف
ما تنافست عليه به الآراء، ثم هاجر إلى مكة وأبوه ثمة من الأحياء فجاور بها مدة، ثم دخل اليمن أيام
الإمام أحمد بن الحسن، فعرف حقه من الفضل وراجت عنده بضاعته، ومدحه بالقصيدة الطويلة، منها
قوله:
أقول وقد طفت البلاد وأهلها بلوتهم قولاً يصدقه العقل
إذا ما جرى ذكر البلاد وحسنها فتلك فروع والغراس هي النخل
وإن عد ذو فضل ومجد مؤثل فأحمد من بين الأنام له الفضل
فلا غرو إن قصرت طول مدائحي ففي البعد قصر الفرض جاء به النقل
إليك صفي الدين مني خريدة فريدة حسن لا يصاب لها مثل
وأعظم ما ترجو القبول فانما قبول الثنا باب يتم به السؤل
فحقق رجاها واحل عاطل جيدها بما أنت يا نجل الكرام له أهل
ثم فارق اليمن ودخل الهند فوصل إلى حيدر آباد وصاحبها يومئذ أبو الحسن، فاتخذه نديم مجلسه
وأقبل عليه بكليته حتى طرقت أبا الحسن النكباء من طرف سلطان الهند عالمكير بن شاهجهان
الدهلوي وقبض عليه وحبسه، فانقلب الدهر على السيد جمال الدين فبقي في حيدر آباد وقد ذهب
أنسه إلى أن مات بها في سنة ثمان وتسعين وألف.
الشيخ جمال الدين البيدري
الشيخ العالم الصالح جمال الدين بن الشيخ نظام الدين بن الشيخ علاء الدين ابن الشيخ نظام الدين
بن الشيخ جمال الدين بن الشيخ زين الدين الصوفي البغدادي المشهور بكنج نشين، كان من نسل أبي
القاسم الجنيد البغدادي، ولد ونشأ بأحمد آباد بيدر - بكسر الموحدة - وقرأ العلوم على أساتذة بلاده،
ودرس مدة من الزمان، ثم أخذ الطريقة العالية الجنيدية(5/514)
عن أبيه، وكان عالماً كبيراً عارفاً صاحب
مقامات عالية وكرامات جليلة، أخذ عنه خلق كثير، وله ثلاثة أبناء: الشيخ حسين، والشيخ محمد،
والشيخ كريم الله، كلهم كانوا علماء.
مات في السابع عشر من رجب سنة اثنتين وثمانين وألف، كما في أخبار علماء بيدر.
مولانا جمال الدين اللاهوري
الشيخ العالم الكبير العلامة جمال الدين التلوي اللاهوري المدرس المشهور، لم يدرك شأوه أحد من
معاصريه في الدرس والإفادة، حفظ القرآن واشتغل بالعلم على الشيخ إسماعيل بن أبدال الشريف
الحسني الأجي وعلى الشيخ إسحاق بن كاكو اللاهوري وصاحبه الشيخ سعد الله، ولازمهم مدة مديدة
حتى صار بارعاً في كثير من العلوم والفنون، وتصدر للدرس والإفادة، وصرف شطراً من عمره في
نشر العلوم، فانتهت إليه الرئاسة العلمية بمدينة لاهور، وقصده الناس من بلاد شاسعة وأرجاء نائية
فتخرجوا عليه.
وكان حسن الإفادة حلو المذاكرة مليح البحث متودداً صدوقاً، له يد بيضاء في جميع العلوم، والقبول
التام عند الخاص والعام، استعان به أبو الفيض بن المبارك الناكوري في سواطع الإلهام، كما في
المنتخب ومرآة العام.
مولانا جمال الدين البرهانبوري
الشيخ العالم الكبير المحدث جمال الدين الحنفي البرهانبوري، أحد العلماء المشهورين، لم يزل
يشتغل بالدرس والإفادة في مسجد الشيخ إبراهيم الشطاري وهو أخذ الحديث عن الشيخ طاهر بن
يوسف السندي البرهانبوري، مات ودفن بمدينة برهانبور، كما في تاريخ برهانبور.
وفي كلزار أبرار أنه كان يدرس ويفيد بمسجد إبراهيم المذكور بمدينة برهانبور، فلما دخل الشيخ
طاهر بن يوسف السندي تلك المدينة لازمه، وقرأ عليه صحيح البخاري من أوله إلى آخره، مات
ودفن بمقبرة إبراهيم ابن عمر السندي.
جمال الدين حسين بن الحسن الشيرازي
الأمير الفاضل حسين بن الحسن الحسيني الشيرازي نواب عضد الدولة جمال الدين بن فخر الدين،
كان من نسل القاسم الرسي بن الحسن بن إبراهيم الحسني الطباطبائي، نشأ بمدينة أحم نكر من بلاد
الدكن حيث كان والده من أركان الدولة، وقرأ العلم بها على أساتذة عصره، وتقرب إلى حسين نظام
شاه صاحب أحمد نكر، فأملكه الحسين ابنته خديجة سنة تسع وستين وتسعمائة ورفع مرتبته، ولم
يزل كذلك معززاً مصدراً إلى أن مات حسين نظام شاه، وولي مكانه ولده مرتضى بن الحسين
البحري سنة 972 هـ، وصار الحل والعقد بيد أمه خونره همايون، فغضبت عليه وحبسته لعله سنة
976 هـ، ثم لما أخذ الحل والعقد بيده مرتضى نظام شاه خلصه من الأسر وولاه الوكالة المطلقة،
فصار في خفض العيش والدعة، ولما توجس صاحبه مرتضى بن الحسين منه خيفة غضب عليه
وأخرجه إلى برهانبور مع زوجته خديجة فأقام بها زماناً، ثم قدم آكره وتقرب إلى السلطان جلال
الدين أكبر بن همايون التيموري ونال المنصب، وأضيف فيه حتى بلغ منصبه في آخر أيام السلطان
المذكور إلى ثلاثة آلاف، ولما قام بالملك جهانكير بن أكبر شاه جعل منصبه أربعة آلاف لذاته وألفين
للخيل سنة 1024 وولاه على بهار - بكسر الموحدة - ثم أضاف في منصبه خمسة آلاف له وثلاثة
آلاف وخمسمائة للخيل، ولقبه عضد الدولة، ومنحه أقطاعاً من أعمال بهرائج من أرض أوده، وفي
سنة 1030 رخصه بالعزلة لكبر سنه ووظفه بأربعة آلاف مرتباً في كل شهر، فسكن بأكبر آباد
وصنف كتابه فرهنك جهانكيري في اللغة الفارسية وعرضه على جهانكير المذكور سنة اثنتين
وثلاثين، ولم أقف على حاله بعد ذلك، لعله مات أيام جهانكير أو بعد ذلك بأيام لطيفة.
الشيخ جمال الدين البرهانبوري
الشيخ العالم الصالح جمال الدين بن قطب الدين بن تاج الدين القرشي البرهانبوري، أحد رجال العلم
والطريقة، أخذ عن الشيخ ضياء الدين محمد(5/515)
غوث الكواليري، ثم صحب الشيخ محمود بن الجلال
الشطاري المندوي ولازمه بضع سنين، ولما بلغ رتبة الكمال أجاز له الشيخ محمود، مات سنة أربع
عشرة وألف، ما في كلزار أبرار.
الشيخ جميل الدين السهارنبوري
الشيخ الصالح جميل الدين بن رفيع الدين بن عبد الستار الأنصاري السهارنبوري، أحد الرجال
المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بسهارنبور، وتفقه على صنوه بديع الدين، وأخذ عنه الطريقة
النقشبندية، ولازمه مدة من الزمان حتى بلغ رتبة الكمال، توفي كهلاً سنة خمس وخمسين وألف، كما
في مرآة جهان نما.
الشيخ حنيد السنديلوي
الشيخ الكبير جنيد الروحاني السنديلوي، أحد كبار المشايه الجشتية، قرأ العلم على أساتذة عصره، ثم
لازم الشيخ نظام الدين النارنولي وأخذ عنه الطريقة، وصنف كتباً كثيرة، وأنشأ قصائد غراء بالعربية
والفارسية.
كان قانعاً متوكلاً عفيفاً متعبداً مستقيم الحالة، رحل إلى موهان وسكن بها ولذلك اشتهر بالموحاني، ثم
رجع إلى سنديله ومات بها لسبع خلون من رمضان سنة خمسين وألف، كما في بحر زخار.
قال السنبهلي في الأسرارية إنه توفي سنة ثمان وأربعين وألف.
الشيخ جوهر نانت الكشميري
الشيخ العالم الكبير المحدث جوهر نانت الحنفي الكشميري المتفق على ولايته وجلالته، ولد ونشأ
بكشمير، وقرأ العلم بها في مدرسة السلطان قطب الدين الكشميري، ثم وفق بالحج والزيارة، وأخذ
الحديث بها عن الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي الشافعي المكي وعن الشيخ العلامة علي
بن سلطان القاري الحنفي المكي، ورجع إلى كشمير واعتزل في بيته عاكفاً على العبادة والإفادة، أخذ
عنه حيدر بن فيروز الجرخي والشيخ محمد المحشي شرح الكافية للجامي وخلق كثير من العلماء.
توفي سنة ست وعشرين وألف بكشمير، فدفن بها قريباً من قبر الشيخ حسين الخبار، كما في
الحدائق الحنفية.
الأمير جوهر الأحمد نكري
الأمير الكبير جوهر الشافعي الدكني الأحمد نكري، أحد أمراء الديار الهندية المشهورين بحسن
السيرة، جلب إلى الهند وهو صغير هو وأخ له فاشتراهما برهان نظام شاه، وسلم جوهراً لمن يعلمه
القرآن فتعلمه وحفظه وحفظ غيره، ثم تعلم الفروسية واللعب بالسيف والرمح والسهام إلى أن مهر في
ذلك، وأملكه الملك عنبر الحبشي ابنته، فترقى إلى أن صار أميراً على مائتي فارس.
وكان شافعي المذهب، سمع من جماعة، وقرأ كتباً كثيرة، وصحب المشايخ، ولزم الشيخ الإمام شيخ
بن عبد الله العيدروس ولبس منه الخرقة، ذكره الشلي وقال: اجتمعت به في رحلتي إلى الهند
وعرفت فضله ودرجته في العلم، وقرأ علي في الفقه والنحو والحديث فأقمت برهة أرتع في رياض
فضله، وكان له من العبادة شيء كثير لا يفتر ساعة عن تلاوة أو ذكر أو صلاة على النبي صلى الله
عليه وسلم، وكان له مطالعة في كتب الدقائق وسير الملوك والخلفاء، وكان كثير الاعتقاد في من
يثبت عنده صلاحه، وكانت له بشاشة وجه، وكان شجاعاً شهماً ذا سياسة للرعايا كثير الغزو والجهاد
لقتال أهل الكفر، ثم رماه الدهر بسهمه ففارق محل مملكته وتوجه إلى بيجابور فمات بها.
وكانت وفاته في سنة ست وخمسين وألف، ودفن بمقبرة السادة والعرب تحت مدينة بيجابور،
واعتنى السادة بتجهيزه، وكان له مشهد عظيم، كما في خلاصة الأثر.
جهانكير بن أكبر شاه الكوركاني
السلطان نور الدين محمد جهانكير بن أكبر بن همايون بن بابر الكوركاني سلطان الهند، ولد يوم
الأربعاء لثلاث عشرة بقين من ربيع الأول سنة سبع(5/516)
وسبعين وتسعمائة بأكبر آباد من بطن بنت
الراجه بهازامل، وتولي المملكة بعد والده يوم الخميس لأربع عشرة خلون من جمادي الآخرة سنة
أربع عشرة وألف، وكان اسمه سليم سماه به والده على اسم الشيخ سليم بن بهاء الدين السيكروي،
لأن الشيخ بشر به والده قبل ولادته ودعا له، فلما استقل بالملك لقب نفسه نور الدين محمد جهانكير،
وافتتح أمره بالعدل والسخاء وقرب إليه العلماء، وكان صحيح العقيدة خلافاً لوالده، وهو سمع الحديث
من الشيخ محمد سعيد الهروي المشهور بمير كلان، وقرأ عليه شيئاً من العلم بأمر والده، وسمع أيضاً
من المفتي صدر جهان البهانوي.
وكان مدمن الخمر، تزوج بمهر النساء بنت غياث الدين الطهراني وكانت عشيقته، فخطبها بعد ما
قتل بعلها شيرافكن خان فأبت ثم رضيت، فتزوج بها ولقبها نور جهان بيكم، فحببت إليه وملكت
فؤاده حتى ألقى زمام السلطنة بيدها، فدبرت لختنها شهريار بن جهانكير من زوجه الأخرى ليوليه
الملك، ورغبت زوجها جهانكير عن ابنه شاهجهان الذي دبر الملك لولايته بالملك بعده، فوقع الخلاف
بينهما وآل إلى الحرب، وتوفي جهانكير ساخطاً عنه.
وكان جهانكير رحيماً حليماً كريماً شاعراً لطيف الطبع حسن المعاشرة ظريف المحاضرة حسن
الصورة سليم الذهن باهر الذكاء فصيح العبارة، له يد بيضاء في التحرير والتحبير، صنف كتاباً في
أخباره وسماه تزك جهانكيري وهو مقبول متداول في أيدي الناس، وصنف في أخباره معتمد خان
كتابه إقبال نامه ومرزا كامكار الملقب بعزت خان كتابه مآثر جهانكيري، ومن مصنفات جهانكير
بندنامه بالفارسية في أوراق عديدة صنفه لأبنائه، وأمر الشيخ محمد ابن الجلال الحسيني الكجراتي
أن يترجم القرآن الكريم بالفارسية ولا يباشر فيه التصنع ولا يزيد على الترجمة اللفظية حرفاً من
جانبه.
ومن أبياته الرقيقة الرائقة قوله:
از من متاب رخ كه نيم تو يكنفس يكدل شكستن تو بصد خون برابر است
وله:
جام مي را بر رخ كلزار مي بايد كشيد ابر بسيار است مي بسيار مي بايد كشيد
وله:
ما نامه ببركك كل نوشتيم شايد كه صبا باو رساند
توفي لثلاث بقين من صفر سنة ست وثلاثين وألف، وكانت مدته إحدى وعشرين سنة وثمانية أشهر
وثلاثة عشر يوماً.
مرزا جين قليج خان اللاهوري
الأمير الفاضل جين قليج خان بن قليج محمد الاندجاني اللاهوري مرزا جين قليج خان بهادر، كان
من الرجال المعروفين بالفضل والكمال، ولد ونشأ بأرض الهند، وقرأ العلم على والده وعلى الشيخ
مصطفى الجونبوري، وتفنن عليه بالفضائل وبرع وفاق أقرانه في كثير من العلوم والفنون، وولي
على بنارس وجونبور، فاستقل بها مدة من الزمان.
وكان رجلاً فاضلاً كريماً شجاعاً حسن الأخلاق محمود السيرة، وكان له أخ يسمونه مرزا اللاهوري
وكان مجبولاً على الشرور والفتن، فلما مات والده قليج محمد خان لحق بأخيه، وبعد زمان يسير مد
يده إلى الجبايات السلطانية وبغى، فسير إليه جهانكير بن أكبر شاه السلطان عساكره، وقتل في
المعركة صنوه جين قليج خان المترجم له أيضاً، كما في مآثر الأمراء قتل في سنة أربع وعشرين
وألف أو مما يقرب ذلك.
جانان بيكم
بنت الأمير الكبير عبد الرحيم بن بيرم خان خانخانان المشهور، ولدت ونشأت في مهد الإمارة،
وبلغت من العلم والكمال رتبة لم تصل إليها الرجال فضلاً عن النساء، زوجها السلطان جلال الدين
أكبر بن همايون الكوركاني بولده دانيال ووجهه إلى أرض كجرات فمات بها، فعاشت بعد ذلك مدة(5/517)
طويلة ولم ترغب إلى النكاح قط حتى قيل إن السلطان جهانكير بن أكبر شاه المذكور أراد أن
يستنكحها فلم تقبله، وتشرفت بالحج والزيارة، ولها تفسير على القرآن الكريم وأبيات رائقة بالفارسية
منها قوله:
عاشق زخلق عشق تو بنهان جسان كند بيدا است از دو جشم ترش خون كريستن
توفيت سنة سبعين وألف، كما في مرآة جهان نما.
جهان آرا بيكم
بنت السلطان الباذل شهاب الدين محمد شاهجهان الكوركاني، ولدت ليلة السبت لتسع بقين من صفر
سنة ثلاث وعشرين وألف ونشأت في مهد السلطنة، وأخذت القراءة والتجويد عن ستي خانم أخت
الآملي، وتعلمت الخط واللغة الفارسية عنها وتأدبت عليها، وبرعت في الإنشاء والشعر وتدبير
المنزل وفنون أخرى، ونالت من والدها منزلة جسيمة حتى صارت محسودة عند اخوتها كانت
اقطاعها تغل ستين مائة ألف ستة ملايين، مائة ألف في كل سنة، وكانت تبذل كلها في الخيرات
والمبرات، ولها مصنفات منها مؤنس الأرواح كتاب بسيط في أخبار المشايخ الجشتية.
ومن مآثرها الجميلة جامع كبير بمدينة آكره خارج القلعة، بنته من حمر الحجارة المنحوتة أبدع
نحت، وأنفقت عليه خمسمائة ألف من النقود، كما في بادشاه نامه.
توفيت في ثالث رمضان سنة اثنتين وتسعين وألف في أيام صنوها عالمكير، فدفنت بدهلي في
حظيرة الشيخ الإمام نظام الدين محمد بن أحمد البدايوني، وقبرها محاط بالتفاريج من بيض الحجارة
المنحوتة غير مسقف تعلو عليه الخضرة، وقد كتبوا على الرخام هذا البيت من إنشائها ونصبوه عند
رأسها:
بغير سبزه نبوشد كسى مزار مرا كه قبر بوش غريبان همين كياه بس است
جاند سلطان الأحمد نكرية
كانت أخت برهان نظام شاه البحري، تزوج بها على عادل شاه البيجابوري، فلما مات عادل شاه
المذكور قامت بحضانة ابن أخيه إبراهيم عادل شاه بأرض بيجابور، وحملت أعباء السلطنة وقابلت
الخطوب مقابلة جيدة، واستقام أمرها مع طول مدتها، فلما بلغ إبراهيم سن الرشد رجعت إلى أحمد
نكر، فلما توجه مراد بن أكبر شاه الدهلوي بأمر والده إلى أحمد نكر وتوجه معه عبد الرحيم بن بيرم
خان وجمع كثير من الأمراء مع عساكرهم فحاصروا القلعة ثم ضيقوا على أهلها فقامت تلك المرأة
الوحيدة للدفاع، ودافعت عنها كل المدافعة حتى استيأس الأمراء الأكبرية عن فتحها، فاجتمعوا
وشاوروا في ذلك ثم نقبوا حول القلعة في مواضع عديدة وأوصلوا النقوب إلى جدران القلعة تحت
الرض بحيث ما ظهر الأمر على أحد ثم ملاؤها بالبارود وسدوا أفواه النقوب ليوقدوا النار فيها في
وقت واحد وترقبوا ذلك الوقت، فقام أحد منهم فأخبر أهل القلعة بذلك ترحماً بهم، فقاموا وتجسسوا ثم
حصروا وخلوا نقبين من البارود وملاؤهما بالحجارة ثم اشتغلوا بالتجسس حتى حان الوقت الموعود
وطار الجدار من جانب بقدر مائة ذراع في الطول وفر الناس من هيبتها، فلما سمعت جاند سلطان
تلك القصة قامت متنقبة متدرعة وسلت السيف، ثم جاءت إلى الجدار وأمرت الجنود أن يرموا
النشاب إلى العساكر الأكبرية لئلا يقتحموا عليهم، وصارت تجتهد في ذلك كل الاجتهاد حتى استيأس
الأمراء عن دخولهم القلعة من تلك الفتقة فرجعوا إلى منازلهم، وأما جاند سلطان فانها لم ترجع إلى
منزلها حتى رفعت الجدار في تلك الليلة قدر مائة ذراع من طول وثلاثة أذرع من فوق، فلما رأى
مراد جهادها في الدفاع مال إلى الصلح وقبل أرض برار على طريق النذر ثم سافر إلى برار،
وأجمع الناس كلهم من مؤالف ومخالف أن الشهامة التي صدرت من جاند سلطان هي مما لا نظير
له.
ولكن الدهر أبو العجائب! هي التي دافعت عن بلادها وأجمع الناس على شهامتها وقتلت من أيدي
أبناء الوطن وظن الناس أنها رغبت إلى سلطان الهند! وحاشا لله أن يصدر من مثلها ما يكون سبباً
لزوال(5/518)
الدولة! والقصة أن أمراء تلك الدولة خالفوا فيما بينهم وصاروا متفرقين على فرق عديدة
وتفرقوا، ثم دعا أحدهم دانيال بن أكبر شاه الدهلوي واستعان به على غيره، فاستفاد دانيال من ذلك
الخلاف وقصد أحمد نكر، ثم أرسل أكبر شاه المذكور قائده البطل المشهور عبد الرحيم بن بيرم خان
مع عساكره، ثم سار بنفسه إلى تلك البلاد وحاصر قلعة أسير، فاستيقنت جاند سلطان بزوال الدولة
فدبرت أن تصالح أكبر شاه وتسلم إليه أحمد نكر ثم تهاجر إلى جنير - بفتح الجيم - وتنتهز الفرصة
بها، فظن الناس أنها دبرت المكيدة لزوال الدولة، فهجموا عليها وقتلوها سنة ست بعد الألف، ثم إنهم
لم يقدروا على الدفاع.
حرف الحاء
مولانا حاجي محمد الكشميري
الشيخ العالم الصالح حاجي محمد الحنفي الكشميري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والحديث، كان
أصله من همدان، جاء أحد أسلافه إلى كشمير في ركب الأمير علي بن شهاب الهمداني فسكن بها،
وأما حاجي محمد فإنه ولد ونشأ بكشمير، وسافر للعلم إلى دار الملك دهلي وقرأ على أساتذتها، ثم
صحب الشيخ الكبير محمد باقي النقشبندي الدهلوي وأخذ عنه الطريقة، ثم رجع إلى كشمير وتصدر
بها للدرس والإفادة، لم يلوث ثيابه بأدناس الدنيا قط.
وله مصنفات عديدة، منها شرح الحصن الحصين، وشرح على الشمائل للترمذي وكتاب في فضائل
القرآن، وله مصباح الشريعة وشرح لأوراد، كما في محبوب الألباب.
توفي يوم الخميس لليلة بقيت من شهر صفر سنة ست وألف فأرخ بعض أصحابه لوفاته من نوزدهم
بود ز شهر صفر كما في مهر جهانتاب.
الشيخ حاجي محمد النكينوي
الشيخ العالم الصالح حاجي محمد النكينوي، أحد كبار العلماء، أخذ العلم والمعرفة عن الشيخ شهباز
محمد البهاكلبوري، وانقطع إلى الدرس والإفادة ببلدته مع القنوع والعفاف والاستقامة على الشريعة
المطهرة، وله يد بيضاء في تدريس العلوم الدينية، مات بنكينه في سنة سبع وستين وألف، ذكره
السنبهلي في الأسرارية.
الحكيم حاذق بن همام الأكبر آبادي
الشيخ الفاضل حاذق بن عبد الرزاق الكيلاني ثم الأكبر آبادي، أحد العلماء الماهرين في المنطق
والحكمة والطب والشعر، ولد ونشأ بفتحبور، ونال المنصب في أيام جهانكير، ثم بعث إلى بلخ
بالسفارة إلى إمام قلى خان ملك تلك الناحية في أيام شاهجهان، ولما رجع إلى الهند أضاف في
منصبه، فصار مع الأصل والاضافة ثلاثة آلاف، وولي على العرض المكرر فاستقل به مدة من
الزمان، ثم اعتزل عنه ولزم الانزواء في بيته في أكبر آباد، فوظفه شاهجهان بخمسة عشر ألفاً من
النقود كل سنة، ثم أضاف فيها حتى بلغت أربعين ألفاً سنة أربع وخمسين وألف، وله ديوان شعر
بالفارسية منها قوله:
دلم بهيج تسلي نميشود حاذق بهار ديدم وكل ديدم خزان ديدم
توفي في شوال سنة سبع وستين وألف ببلدة أكبر آباد، كما في سر وآزاد.
الشيخ حامد اللاهوري
الشيخ العالم الصالح حامد بن أبي الحامد القادري اللاهوري أحد الرجال المعروفين بالفضل
والصلاح، كان يدرس ويفيد بمدينة لاهور، لم يكن مثله في زمانه في القراءة والتجويد، أخذ الطريقة
عن الشيخ محمد مير بن القاضي سائيده السيوستاني اللاهوري، وترك البحث والاشتغال واعتزل عن
الناس في بيته، توفي سنة أربع وأربعين وألف بمدينة لاهور فدفن بها، كما في خزينة الأصفياء.
مولانا حبيب الله البيجابوري
الشيخ العالم الكبير العلامة حبيب الله بن أحمد بن الخليل بن محمد النائطي البيجابوري، أحد العلماء(5/519)
الربانيين، ولد ونشأ بمدينة بيجابور من أرض الدكن، وقرأ العربية أياماً على مولانا حبيب الله
البيجابوري، ثم أخذ المنطق والحكمة عن الشيخ حسن النجفي وقرأ عليه شرح حكمة العين وغيرها،
ثم رحل إلى قرية نيوندي وأخذ عن القاضي محمد الكلياني، ثم رجع إلى بيجابور ودرس بها زماناً،
ولما قدم الشيخ صبغة الله بن روح الله الحسيني البروجي تلك البلدة لازمه خمس سنوات، وأخذ عنه
الطريقة وقرأ عليه، واستخلفه الشيخ عند رحلته إلى الحجاز، فعكف على الدرس والإفادة، أخذ عنه
ابنه الشيخ صبغة الله والشيخ جمال الدين بن نور الدين الصفوي والشيخ مصطفى الجنيدي وخلق
آخرون.
وكان جامعاً لعلوم الشريعة والطريقة وحقيقاً لرموز المعرفة والحقيقة، له واقعات جميلة وكرامات
أثيلة، ورسائل محررة ومكاتيب مبتكرة، وقصائد وجدية وغزليات نجدية، ونكات وجودية وكلمات
شهودية، بعضها بالعربية وبعضها بالفارسية، وتشرف برؤية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في اليقظة
مراراً، وخصه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالسعادة سراً وجهاراً، وقد قال محدثاً بهذه التهنئة في قصيدته
التائية:
أتاني رسول الله في عين يقظتي وجالسني مستقبلاً وهي قبلتي
وعندي أفراد السخاوي بخطه أطالع باب الطاء منها بخلوتي
توفي في تاسع شعبان سنة إحدى وأربعين وألف بمدينة بيجابور فدفن بها، كما في روضة الأولياء.
مولانا حبيب الله البيجابوري
الشيخ الفاضل الكبير حبيب الله الحنفي البيجابوري، أحد العلماء المبرزين في العلوم العربية، درس
وأفاد مدة حياته، أخذ عنه الشيخ حبيب الله أحمد النائطي البيجابوري وخلق كثير من العلماء، وانتهت
إليه الرياسة العلمية، كما في روضة الأولياء.
مولانا حبيب الله السندي
الشيخ الفاضل حبيب الله الحنفي السندي أحد فحول العلماء تصدر للدرس والإفادة في مدرسة الشيخ
عباس بن الجلال السندي بقرية هنكور من أعمال بكر، ودرس وأفاد مدة طويلة.
وكان تقياً نقياً متورعاً بارعاً في العلوم والفنون مبرزاً أقرانه، كما في كلزار أبرار.
المفتي حسام الدين الدهلوي
الشيخ العالم الفقيه المفتي حسام الدين بن سلطان بن هاشم بن ركن الدين ابن المفتي جمال الدين
الحنفي الدهلوي، أحد الفقهاء المشهورين في عصره، كان مفتياً بدار الملك دهلي في عهد شاهجهان
بن جهانكير الكوركاني سلطان الهند، كما في شمس التواريخ.
الشيخ حسام الدين الدهلوي
الشيخ العالم الصالح حسام الدين بن نظام الدين الحنفي البدخشي ثم الدهلوي، أحد المشايخ
النقشبندية، ينتهي نسبه من جهة إلى الحسن بن أبي الحسن البصري، ومن جهة إلى المفسر الزاهد،
ولد بأرض الهند سنة 977 ونشأ بها في مهد العلم، ثم تزوج بأخت الشيخ أبي الفضل بن المبارك
الناكوري، ونال المنصب والاقطاع بعد ما توفي والده، وأدخله أكبر شاه في الجندية تحت قيادة الأمير
الكبير عبد الرحيم بن بيرم خان، فرافقه كرهاً مدة من الزمان، وكان مائلاً إلى الترك والتجريد
فاستعفى عن الخدمات السلطانية غير مرة، ولما رأى أن أكبر شاه لا يقبل استعفاءه صار مجنوناً،
فبعث السلطان أبا الفضل بن المبارك إليه فألح عليه أن لا يترك الخدمة فلم يجبه، واعتزل عن
الناس، ووافقته صاحبته في الترك والتجريد، فجاء إلى دهلي ولازم الشيخ عبد الباقي النقشبندي
وخدمه مدة حياته.
وكان بارعاً في المعارف الإلهية، شديد التعبد، كثير التلاوة، يختم القرآن في كل شهر خمس عشرة
مرة، قال الخوافي في مآثر الأمراء: إن زوجه كانت تعطيه اثني عشر ألفاً من النقود كل سنة، فيبذلها
على أهل(5/520)
الزاوية، وقال: إنه ترك البحث والاشتغال بعد ما أناب، وعاش ثلاثين سنة بعد ترك الخدمة
في غاية من التورع والتشرع، انتهى.
وقال الكشمي في زبدة المقامات، إنه كان لا يقدر أن يجلس على مسند الإرشاد بغلبة الترك
والتجريد، فأقام يخدم الشيخ المرشد مدة حياته، ثم قام بتربية أبناء الشيخ، انتهى.
توفي غرة صفر سنة ثلاث وأربعين وألف بأكبر آباد فدفنوه بها، ثم نقلوا جسده بعد أيام إلى دهلي
ودفنوه في مقبرة شيخه الشيخ عبد الباقي، كما في الأسرارية.
الحكيم حسن الكيلاني
الشيخ الفاضل حسن بن أبي الحسن الكيلاني الحكيم المشهور بالحذاقة ولم يكن كذلك، ولكنه كان
صاحب أخلاق رضية، مات في ثالث محرم سنة أربع وألف، كما في تذكرة علماء الهند.
مرزا حسن القزويني
الشيخ الفاضل حسن بن أبي الحسن القزويني ثم المشهدي الشاعر المشهور، كان يتلقب في الشعر
بالرفيع، قرأ العلم على أساتذة المشهد، وسافر إلى بلخ فتقرب إلى نذر محمد خان أمير تلك الناحية،
وولي الإنشاء فلبث بها زماناً، ثم دم الهند سنة أربع وخمسين وألف وتقرب إلى شاهجهان بن
جهانكير، فنال الصلات الجزيلة منه، وولاه عالمكير بن شاهجهان على ديوان الخراج بكشمير، فلما
كبر سنه اعتزل عنه ووظف له، مات بدهلي، ومن أبياته قوله:
خار را آتش توان زد تا نكيرد دامني من نميدانم علاج خاك دامنكير جيست
حسن بن بهنيا الكرانوي
الطبيب الحاذق حسن بن بهنيا بن الحسن الكرانوي، أحد كبار الجراحين، لم يكن له نظير في زمانه
في العمليات الجراحية، ولد ونشأ بالهند، وأخذ الصناعة من أبيه، ثم تقرب إلى أكبر شاه بن همايون
التيموري صاحب الهند، ثم إلى ولده جهانكير، فرقاه إلى ذروة الإمارة ولقبه مقرب خان وأعطاه
الصلات الجزيلة غير مرة لما كبر سنه، وأعطاه شاهجهان بن جهانكير الأرض الخراجية ببلدته
كرانه، تحصل له من تلك الأرض مائة ألف من النقود كل سنة، وكان شاهجهان يوقره ويقربه إلى
نفسه، ونزل عنده في بيته بكرانه عند رجوعه عن كشمير، كما في بادشاهنامه قال الخوافي في مآثر
الأمراء: إنه مات ببلدة باني بت وله تسعون سنة.
السيد حسن بن شذقم المديني
السيد الشريف حسن بن علي بن شذقم الحسيني المدني، الفاضل الأديب، أصله من المدينة المنورة
وقطن أحمد نكر وجنير، وذكره علي بن أحمد المعصوم الدشتكي في سلافة العصر، قال: إنه دخل
الديار الهندية في عنفوان شبابه فأملكه أحد ملوكه ابنته ورفع مرتبته، فكان يرسل في كل عام إلى
بلده جملة وافرة من المال، فاصطفيت له به الحدائق الزاهية والقصور العالية، ولما هلك أبو زوجه
رجع بأهله إلى وطنه وتمتع بتلك الحدائق والقصور مدة إلا أن الرئاسة والمكانة التي تميز بها بين
الرئيس والمرؤس لم يجد عنها خلفاً في وطنه، فانثنى إلى الهند ودخلها مرة ثانية، فعاد إلى عظمته
الفاخرة ومات بها.
ومن شعره قوله:
وليس غريباً من نأى عن دياره إذا كان ذا مال وينسب للفضل
وإني غريب بين سكان طيبة وإن كنت ذا مال وعلم وفي أهل
وله:
لا بد للانسان من صاحب يبدي له المكنون من سره(5/521)
فأصحب كريم الأصل ذا عفة تأمن وإن عاداك من شره
وذكره الحر العاملي في أمل الآمل، قال: إنه كان عالماً فاضلاً محدثاً أديباً شاعراً جليل القدر، أخذ
العلم عن الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي والشيخ نعمة الله بن أحمد بن الخاتون العاملي فأجازه
في الحديث، ومن مصنفاته الجواهر النظامية من حديث خير البرية صنفه لنظام شاه وله غير ذلك،
انتهى.
ومن مصنفاته زهر الرياض وزلال الحياض في التراجم، الجزء الثالث منه في المتحف البريطاني
كما في تاريخ آداب اللغة العربية.
توفي في شوال سنة ست وأربعين وألف، كما خلاصة الأثر.
الشيخ حسن بن فتح الله السورتي
الشيخ الصالح حسن بن فتح الله بن عبد الغني بن نعمة الله بن محمد بن شمس الدين الكجراتي
السورتي، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، كان من نسل عمر بن علي بن الحسين السبط
عليه السلام، ولد بمدينة فتن ونشأ بها، ثم دخل سورت وأدرك بها الشيخ محمد بن فضل الله
البرهانبوري عند رحلته إلى الحرمين الشريفين فبايعه، ولما رجع الشيخ المذكور عن الحجاز سافر
معه إلى برهانبور ولازمه مدة من الزمان وأخذ عنه، ثم رجع إلى سورت ومات بها يوم الأربعاء
خامس ذي القعدة سنة اثنتين وستين وألف فدفن بسورت، كما في الحديقة الأحمدية.
السيد حسن بن نوح البلكرامي
الشيخ العالم الفقيه حسن بن نوح بن محمود الحسيني الواسطي البلكرامي، أحد الرجال المعروفين
بالتفقه، له حاشية على مختصر القدوري، وكان حياً إلى سنة ثمان بعد الألف ومات في شعبان كما
في مآثر الكرام، ولم أقف على سنة وفاته.
الشيخ حسن الكشميري
الشيخ العالم الصالح حسن الكشميري ثم الدهلوي، أحد المشايخ المعروفين بالعلم والصلاح، أخذ
الطريقة عن الشيخ نجم الحق جائين السهنوي، ثم لازم الشيخ الكبير عبد الباقي النقشبندي الدهلوي
وأخذ عنه وسكن بدهلي، وكان بارعاً في الحقائق والمعارف، له اتفاقات حسنة كتاب في المعارف
الإلهية، وله شعر حسن بالفارسي، مات في سنة إحدى وخمسين وألف بدهلي، كما في الأسرارية.
الشيخ حسن بن مراد الأنبالوي
الشيخ الصالح حسن بن مراد بن حيدر الأنبالوي، كان من طائفة برلاس، قدم جده سنة 922 وأقام
بأنباله، وأعقب منهم الحسن بن المراد، ولد بها وسافر مع أبيه إلى سهسرام وله عشرون سنة، وأدرك
بسادهوره الشيخ قميص بن أبي الحياة القادري، وبمدينة تهانيسر الشيخ جلال الدين العمري، وببلدة
سهسرام الشيخ عبد الجليل بن عمر الأويسي اللكهنوي وله سبع وعشرون سنة، فلازمه وأخذ عنه
وجاور قبره بعد وفاته، يذكر له كشوف وكرامات، ولد في سنة ثمانين وتسعمائة، ومات لتسع بقين
من ذي الحجة سنة ست وستين وألف بمدينة لكهنؤ فدفن بها، فأرخ لموته بعض أصحابه من حسن
صاف موحد دربرده شد كما في بحر زخار.
الشيخ حسن بن داود الكوكني
الشيخ الفاضل بدر الدين حسن بن داود الكوكني الهندي، أحد فحول العلماء، ذكره عبد القادر بن
شيخ الحضرمي في النور السافر ووصفه بالشيخ الكبير والعلامة الشهير وقال: إنه لبس الخرقة مني،
انتهى.
السيد حسين بن إبراهيم البلكرامي
الشيخ العالم الصالح حسين بن إبراهيم بن نظام الحسيني الواسطي البلكرامي، أحد المشايخ
المشهورين، ولد ونشأ ببلكرام، وسافر للعلم إلى مدينة دهلي وقرأ على الشيخ عبد العزيز بن الحسن
الدهلوي، ولازمه مدة من الزمان وأخذ عنه الطريقة حتى بلغ رتبة المشايخ، فاستخلفه الشيخ وزوجه
ابنته، فدرس وأفاد بدهلي زماناً، ثم سافر إلى أرض الدكن ولبث بها مدة، ثم عاد إلى دهلي ومنها إلى
بلكرام وتزوج بها في عشيرته.(5/522)
قال شريف بن عمر البلكرامي في مرآة المبتدئين: إنه لما عاد إلى بلكرام أراد أن يسكن في داره
الموروثة من آبائه وقد كانت حدودها في أيدي جيرانه فطالبهم في ذلك، فرضوا بها وكلفوه أن يعين
حدودها، فلم يعينها مخافة أن يتصرف في حدود غيره وترك الدار وسكن في محل آخر، قال: وكان
يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ولا يخاف في الله لومة لائم، وكان من عادته أن يروح إلى الأيامي
بعد ثلاثة أيام من موت بعولتهن فيعزيهن ويأمرهن بالتزوج، ولما كان ذلك سبة وعاراً في الهند كن
يشتمنه ويقعن فيه، وكان يمنعه عن ذلك أبناءه ولم يكن يبالي بذلك، وكان يقول: إن السادة والشرفاء
من أبناء الحسنين رضي الله تعالى عنهما مغفورون مبشرون بالجنة، وكان يعظمهم غاية التعظيم
ويقول ذلك على رؤس الأشهاد.
قال السيد غلام علي في مآثر الكرام: إن هذا هو مذهب الشيخ محي الدين بن عربي، صرح بذلك
في الباب التاسع والعشرين من الفتوحات المكية، ونقل الشيخ ابن حجر المكي في الصواعق المحرقة
الأخبار المرفوعة والآثار المنقولة عن العلماء، وذهب إليه القاضي شهاب الدين الدولة آبادي في
مناقب السادات، ولي رسالة في ذلك سميتها سند السعادات في خاتمة السادات، انتهى، مات بعد الألف
وقبره ببلكرام وعليه بهجة القبول، كما في مآثر الكرام.
السيد حسين بن نوح البلكرامي
الشيخ العالم الصالح حسين بن نوح بن محمود الحسيني الواسطي البلكرامي، أحد الفقهاء المبرزين
في العلم، كان معتزلاً في بيته يشتغل بالكتابة والعبادة، وكان حياً إلى سنة ثمان بعد الألف، كما في
مآثر الكرام.
الشيخ حسين بن باقر الهروي
الشيخ الفاضل حسين بن باقر الحسيني الهروي، أحد العلماء المبرزين في الحديث والسير، له
شرحان على شمائل الترمذي بالفارسية: الأول نثر الشمائل صنفه لسليم بن أكبر شاه، والثاني نظم
الشمائل، صنفه لمراد بن أكبر شاه، وشرحه حسن جيد.
الشيخ حسين الأجميري
الشيخ الصالح حسين بن أبي الحسين الجشتي الأجميري، كان يدعي أنه من نسل الشيخ معين الدين
حسن السجزي، وكان قيماً لروضة جده في أجمير، فلما دخل السلطان جلال الدين أكبر بن همايون
التيموري مدينة أجمير ولي ساخطاً عليه، فاغتنم ذلك مخالفوه من مشايخ فتحبور وأنكروا نسبته إلى
الشيخ معين الدين المذكور، وشهدوا بأنه لم يعقب، لما قيل: ع وللدهر أثواب فكن في ثيابه فعزله
السلطان عن التولية وأمر بجلائه إلى الحجاز، فسافر إلى الحرمين الشريفين وحج وزار، ثم عاد إلى
الهند وأدرك السلطان بأكبر آباد ولكنه لم يباشر التحية المخترعة له، فغضب عليه السلطان وأمر
بحبسه في قلعة بكر فلبث بها بضع سنين، ثم أطلقه بشفاعة أصحابه سنة اثنتين بعد الألف وأمر
باحضاره، فلما مثل بين يديه لم يستطع أن يحييه على الوجه المرسوم، فسخط عليه السلطان وأمر أن
يعطي له ثلاث مائة فدان من أرض بكر، فشفعت له أم السلطان بان يرخص له بالمسير إلى أجمير
ولا يعطي شيئاً، فلم يقبله، ذكره البدايوني في المنتخب وقال: إني أدركته حين رجع عن الحجاز
فألفيته شيخاً صالحاً، وقوراً عظيم الهيبة، قائم الليل صائم النهار، مجتهداً في الزهد والعبادة
والاشتغال بالله سبحانه والتجرد عن أسباب الدنيا كأنه ملك نوراني لا يخطر على باله ذكر الدنيا
وأسبابها انتهى، وقال معتمد خان في إقبالنامه: إنه ولي الروضة المعينية بأجمير سنة تسع بعد الألف،
ولاه أكبر شاه المذكور، وكان من أسباط الشيخ معين الدين حسن السجزي رحمه الله، انتهى.
مولانا حسين الخباز الكشميري
الشيخ الصالح الفقيه حسين الخباز الكشميري، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ
بكشمير، وأخذ عن الشيخ محمد القادري وصحبه برهة من الزمان، ثم سافر إلى دهلي وأخذ عن
الشيخ عبد الشهيد الأحراري وصحبه مدة، ثم أخذ عن الشيخ محمد باقي النقشبندي ولازمه زماناً، ثم
رجع إلى كشمير وصرف عمره في العبادة والإفادة، له هداية(5/523)
الأعمى رسالة في مبحث السماع
ورسائل أخرى، توفي سنة خمسين وألف بكشمير، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ حسين بن الجمال الكجراتي
الشيخ الصالح حسين بن الجمال بن الحسين بن أبي المظفر الشريف الحسني الكجراتي، كان رابع
أبناء والده وأكبرهم في المعرفة والزهد والعبادة، انتقل من كجرات إلى خانديس سنة اثنتين وثمانين
وتسعمائة، فاغتنم قدومه أمير تلك الناحية وأعطاه قرية جوكامه، فسكن بها وانقطع إلى الله سبحانه،
وجاهد فيه ثلاثين سنة، ثم سافر إلى محمد بور قرية من أعمال سارنكبور، فمات بها بعد شهر
وعشرة أيام في الثاني عشر من شعبان سنة إحدى عشرة وألف ودفن بها، كما في كلزار أبرار.
الشيخ حسين بن الحسن الشيرازي
الشيخ الفاضل حسين بن الحسن الشيرازي كمال الدين الأنصاري الهندي الأكبر آبادي، أحد العلماء
المنقطعين إلى الزهد والعبادة، قرأ العلم على المفتي أبي الفتح بن عبد الغفور التهانيسري وعلى غيره
من العلماء، وشاركه في البعض عبد القادر بن ملوك شاه البدايوني، وذكره في تاريخه.
قال: إنه كان فاضلاً كبيراً جيد الخط بارعاً في الإنشاء وقرض الشعر، ووالده قدم الهند من شيراز
في عهد إسكندر بن بهلول اللودي، انتهى.
توفي لثمان بقين من ربيع الثاني سنة ثماني عشرة وألف بأكبر آباد فدفن بها، كما في أخبار
الأصفياء.
القاضي حسين الستركهي
الشيخ الفاضل حسين بن أبي الحسين الستركهي العلامة المبرز في المعقول والمنقول، قرأ على
الشيخ عبد الرزاق بن خاصة الصالح الأميتهوي، وأخذ عنه الطريقة ولازمه زماناً، وتزوج بإحدى
بناته، أخذ عنه جعفر بن نظام الدين العثماني الأميتهوي، كما في صبح بهار.
مولانا حميد الدين السندي
الشيخ الإمام العالم العلامة المحدث حميد الدين بن عبد الله بن إبراهيم الحنفي العمري السندي
المهاجر إلى مكة المشرفة، ولد ونشأ ببدربيله من بلاد السند، وقرأ العلم ورحل إلى الحرمين
المحترمين مع والده، وأخذ الحديث بها عن الشيخ أبي الحسن الشافعي البكري والشيخ أحمد بن حجر
الهيتمي المكي والشيخ نور الدين علي بن العراق الخطيب بالمدينة المنورة والشيخ نجم الدين محمد
بن أحمد الغيطي المصري والشيخ محمد سالم الطبلاوي المصري والشيخ محمد العلقمي الشافعي
المصري والشيخ عبد القادر الحنفي المصري وغيرهم من كبار المشايخ، وأخذ عنه الشيخ محمد بن
أحمد العجل أبو الوفاء اليمني والشيخ عبد الرحمن بن عيسى العمري المرشدي مفتي الحرم الشريف
بمكة المباركة والشيخ عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي وخلق آخرون.
قال عبد القادر الحضرمي في النور السافر في ذكر أخيه رحمه الله: كان له أخ اسمه حميد، وكان
من هل العلم والصلاح حسن الأخلاق كثير التواضع وافر الفضل ظاهر العقل جليل القدر، وحصل
له في آخر الأمر جاه عظيم، جاور بمكة المشرفة تسع سنين، ومات بها سنة تسع بعد ألف، وقبره
عند أخيه صاحب الترجمة، وعمره تسعون سنة.
وقال محمد بن فضل الله المحبي في خلاصة الأثر: إنه كان صاحب معارف وفنون، أصله من
أرض السند الإقليم الشهير، ونشأ فيه على فضل عظيم، ورحل إلى الحرمين وصحب كثيراً من
العلماء الأفاضل وأخذ عن جمع، منهم الشيخ عبد الرحمن أبو الفضل زين تلميذ الحافظ ابن حجر
العسقلاني، ومنهم أخوه وكان وافر الصلاح، وحصل له بمكة جاه واسع وصيت شاسع، وكان صوفي
الأخلاق كثير الخوف خشن العيش حسن العشرة، ولم يزل بمكة إلى أن توفي، وكانت وفاته سنة تسع
بعد الألف وعمره نحو تسعين سنة، ودفن بالمعلاة بجنب قبر أخيه، ومدة إقامته بمكة تسع سنين،
انتهى.(5/524)
الشيخ حميد الدين المنكلكوثي
الشيخ العالم الصالح حميد الدين الحنفي الصوفي المنكلكوثي، أحد المشايخ النقشبندية، ولد ونشأ
بمنكل كوث من أرض بنكاله، ثم سافر للعلم إلى لاهور فقرأ بها على عصابة العلوم الفاضلة، ولما
برع في كثير من العلوم والفنون أراد أن يرجع إلى بلدته، فلما دخل أكبر آباد وأقام عند مولانا عبد
الرحمن الكابلي مفتي المعسكر أدرك بها الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي إمام الطريقة المجددية،
فلازمه وأخذ عنه الطريقة، واشتغل بأذكار الطريقة النقشبندية وأشغالها مدة من الزمان، ثم رجع إلى
بلدته وتصدر للارشاد والتلقين، انتفع به الناس وأخذوا عنه.
توفي سنة خمسين وألف، كما في حضرات القدس.
الشيخ حميد الدين الردولوي
الشيخ الصالح حميد الدين بن قطب الدين بن بير بن أولياء بن محمد بن عارف بن أحمد عبد الحق
العمري الجشتي الردولوي، أحد المشايخ المشهورين في عصره، ولد ونشأ بردولي، وأخذ عن أبيه
وتولى الشياخة بعده، أخذ عنه الشيخ عبد الرحمن الدينهوي صاحب مرآة الأسرار، توفي لليلتين خلتا
من جمادي الأولى سنة اثنتين وثلاثين وألف، كما في بحر زخار.
الشيخ حميد الدين السندي
الشيخ العالم الصالح حميد السندي، أحد المشايخ القادرية الجيلية، سافر إلى محمد آباد بيدر وأخذ عن
الشيخ محمد بن إبراهيم الملتاني ولازمه مدة، ثم قدم بيجابور فاستقبله إبراهيم عادل شاه البيجابوري
وأكرمه غاية الإكرام فسكن بها.
وكان فاضلاً كبيراً شديد التعبد، قنوعاً عفيفاً زاهداً، مات بمدينة بيجابور سنة إحدى عشر وألف.
الحكيم حميد الدين الكجراتي
الشيخ الفاضل الكبير حميد الدين الكجراتي الحكيم المتطبب، كان من كبار الفضلاء يتطبب
بكجرات، قربه إلى نفسه مرتضى خان البخاري ثم شفع له إلى جهانكير فاستقدمه إلى دار الملك
وقربه إليه، ثم بعد مدة رخصه إلى كجرات وأعطاه ألف ربية والشالات الكشميرية ومنحه قرية
لمعاشه بكجرات، فرجع وصرف عمره في الإفادة والعبادة، رحمه الله تعالى.
مولانا حيدر بن فيروز الكشميري
الشيخ العالم المحدث حيدر بن فيروز الحنفي الكشميري، أحد مشاهير العلماء، حفظ القرآن في
السابعة من العمر، وقرأ المختصرات على الشيخ نصيب الدين، ثم صحب مولانا جوهر المحدث
وأخذ عنه شيئاً واسعاً من العلم، ثم سافر إلى دهلي وأخذ عن الشيخ عبد الحق بن سيف الدين
الدهلوي، ثم رجع إلى كشمير وتمكن بها للدرس والإفادة، وكان سريع الحفظ مفرط الذكاء مدرساً
محسناً إلى الطلبة، لم يزل يتلطف بمن له رغبة في الاشتغال بالعلوم، وكان يحب الاعتزال عن
الناس، ألح عليه بعض الولاة أن يقبل القضاء وحضر لديه ثلاث مرات لذلك ولكنه لم يقبله، وخرج
ذات ليلة عن تلك البلدة فلما سمع أن بعض العلماء ولي القضاء بها رجع وصرف عمره في الدرس
والإفادة، توفي سنة سبع وخمسين وألف، كما في الحدائق الحنفية.
حرف الخاء
خانجهان خان اللودي
الأمير الكبير خانجهان بن دولت خان اللودي، كان من طائفة شاهو خيل، تقرب إلى دانيال ثم إلى
جهانكير وتدرج إلى الإمارة، وكان جهانكير يعتمد عليه ويحبه حباً مفرطاً لا يتصور فوقه، ولما توفي
جهانكير وقام بالملك ولده شاهجهان توهم منه وبغي عليه، فسار إليه شاهجهان بعساكره وقاتله فقتله،
وكان من كبار الأمراء وخيارهم، يحب العلم والعلماء ويحسن إلى كافة الناس، وكان اسمه بير خان
ولكنه اشتهر بلقبه، قتل سنة أربعين وألف، كما في مآثر الأمراء.(5/525)
خواجه خاوند محمود البخاري
الشيخ العارف الكبير خاوند محمود بن سيد شريف بن ضياء الدين بن خواجه مير بن تاج الدين بن
خواجه علاء الدين العطار النقشبندي البخاري ثم الكشميري أحد كبار المشايخ النقشبندية، دخل الهند
وسكن بكشمير، وتردد إلى لاهور ودهلي وآكره غير مرة، فاستقبله الملوك والأمراء وأكرموه غاية
الإكرام، وبايعه ألوف من الناس، وهو ممن أخذ الطريقة عن خواجه إسحاق السفيدكي، كما في العمل
الصالح.
توفي الثاني عشر من شعبان سنة اثنتين وخمسين وألف، فأرخ بعض أصحابه لوفاته: ع مآب
بزركان بجنت رسيد: كما في خزينة الأصفياء.
خليل خانرمان العالمكيري
الأمير الكبير خليل بن أعظم الحسيني نواب خانرمانخان العالمكيري، كان من الأسرة الجليلة، ولد
ونشأ بأرض الهند، وتقرب إلى عالمكير وتدرج حتى ولي على بلاد مالوه، وله يد بيضاء في الخط
والموسيقى وسائر العلوم، مات سنة خمس وتسعين وألف، كما في مآثر الأمراء.
القاضي خليل الرحمن الكوركهبوري
الشيخ الفاضل القاضي خليل الرحمن الحنفي الكوركهبوري أحد كبار العلماء، ولي القضاء واشتغل
مدة، وكان صالحاً عفيفاً ديناً مشكور السيرة في القضاء، قربه إليه فدائي خان الذي كان والياً
بكوركهبور ثم شفع له إلى عالمكير، فخصه بأنظار العناية والقبول وأعطاه المنصب، ثم ولاه على
كوركهبور، ذكره السهارنبوري في مرآة جهان نما وأثنى عليه.
الشيخ خواجه كلان الجهونسوي
الشيخ العالم الصالح خواجه كلان بن نصير الدين الحنفي الصوفي الجهونسوي الإله آبادي، أحد
المشايخ المشهورين، ولد ونشأ بجهونسي ما وراء نهر كنك من بلدة إله آباد، وقرأ بعض الكتب
الدرسية على والده، ثم سافر إلى جونبور باذن والده وقرأ سائر الكتب الدرسية على القاضي بياري
ولازمه خمس سنوات ثم عاد إلى بلدته ولبث عند والده أياماً قليلة، ثم سافر إلى شاه بور وقرأ على
من بها من العلماء في بضع سنين، ثم رجع إلى أبيه والتزم مجاهدة النفس من إحياء الليل وصيام
الطي، وكان والده شغله أولاً بالأوراد والنوافل ثم بالأذكار والأشغال، ولما رآه أنه بلغ رتبة الكمال
استخلفه، فجلس بعده على مسند الإرشاد، وكان في بداية حاله بايع الشيخ حبيب الله بن الفريد
البنارسي.
وكان زاهداً متقللاً قنوعاً بشوشاً شديد التعبد، يشتغل بالمراقبة دائماً، أخذ عنه الشيخ تاج الدين
الجهونسوي والشيخ طيب بن المعين البنارسي وخلق كثير من المشايخ، مات بشيخبوره يوم الجمعة
ثاني شعبان سنة أربع بعد الألف فنقل جسده إلى جهونسي، وكان عمره حينئذ ثمانين سنة، كما في
كنج أرشدي.
القاضي خوب الله الجونبوري
الشيخ الفاضل القاضي خوب الله حفيد الشيخ محمد حفيظ الحسيني الجونبوري، كان من العلماء
البارعين في النحو والعربية، ولد ونشأ ببلدة جونبور، وقرأ العلم وتفرد في الحديث، وكان يحفظ
ثمانمائة وألف من متون الأخبار المرفوعة، وكان قاضياً بمدينة إله آباد، ومن طرائفه قوله:
تنباكو كرجه هست زيان كاربسى ذو فائده هيجكه نديد است كسى
آخر به ازين جه خوب باشد كه ترا خاموش كند ز هرزه كفتن نفسى
توفي في الرابع عشر من شعبان سنة مائة وألف، كما في تجلي نور.
مولانا خوشحال التاشكندي
الشيخ الفاضل الكبير خوشحال بن قاسم بن مسكين الحنفي التاشكندي، أحد كبار الفقهاء، دخل الهند
وقرأ النحو والبلاغة والمنطق والحكمة وغيرها على الشيخ العلامة وجيه الدين العلوي الكجراتي، ثم
قرأ على أحد تلامذه، الفاضل مرزا جان الشيرازي شرح هداية الحكمة وحكمة العين وشرح التجريد
والحاشية القديمة وشرح الجغميني وتحرير الأقليدس(5/526)
وإحدى الأكرات، ثم ولي التدريس بأحمد آباد
فدرس وأفاد بها ثلاثاً وعشرين سنة في المدرسة، ولما ولي عبد الرحيم ابن بيرم خان على بلاد
كجرات جعله من ندمائه سنة ثلاث عشرة وألف فنال منه الصلات الجزيلة، كما في مآثر رحيمي.
القاضي خوشحال الكابلي
الشيخ الفاضل العلامة القاضي خوشحال الحنفي الكابلي، أحد العلماء المبرزين في الفنون الحكمية،
قدم لاهور في عنفوان شبابه وقرأ النحو والعربية على الشيخ بهلول والشيخ محمد يحيى ابن أخ
الشيخ منور، ثم سافر إلى بخارى وأخذ الفنون الحكمية عن الشيخ يوسف القراباغي، رجع إلى الهند
سنة إحدى وأربعين وألف، وسافر إلى الحجاز فحج وزار، ثم رجع إلى الهند ودخل أكبر آباد فولي
القضاء بمدينة دهلي، ولما عزل القاضي محمد أسلم عن قضاء المعسكر ولي مكانه، ولما جلس
عالمكير على سرير الملك ولاه القضاء بمدينة لاهور، فاستقل به إلى وفاته، كما في مرآة العالم.
الحكيم خوشحال الأكبر آبادي
الشيخ الفاضل خوشحال بن همام بن عبد الرزاق الكيلاني ثم الهندي الأكبر آبادي، أحد الأفاضل
الماهرين في الصناعة الطبية، أخذ عن أبيه وعمه أبي الفتح بن عبد الرزاق الكيلاني، وأتى الملوك
والسلاطين حتى نال الألف لذاته ومائتين للخيل منصباً رفيعاً، مات في أيام شاهجهان بن جهانكير
الدهلوي سنة خمسين وألف.
حرف الدال المهملة
دارا شكوه بن شاهجهان التيموري
دارا شكوه بن شاهجهان بن جهانكير بن أكبر بن همايون بن بابر التيموري الكوركاني صاحب
المصنفات المشهورة، ولد لليلة بقيت من صفر سنة أربع وعشرين وألف، ونشأ في نعمة أبيه، وقرأ
العلم على ميرك شيخ بن فصيح الدين الهروي وعلى غيره من العلماء، وتعلم الفنون الحربية وتدرب
عليها، وبايع الشيخ شاه محمد البدخشي، واجتمع بشيخ شيخه محمد مير بن سائنده السيوستاني
بلاهور غير مرة، وصنف الكتب في سير المشايخ وغيرها، منها سفينة الأولياء وسكينة الأولياء
والسر الأكبر والإكسير الأعظم وحق نما ورسالة في المعارف وله غير ذلك من الرسائل.
وكان أكبر أولاد أبيه، عهد له والده بولاية الملك بعده، وألقى بيده زمام الأمور في حياته لمرضه،
ولقبه شاه بلند إقبال، فسخط عليه إخوته شجاع ومراد بخش وعالمكير فساروا نحو آكره، وقاتل
عالمكير أشد قتال، فانهزم دارا شكوه وفر إلى أودية الجبال في أرض السند، فغدر به وقبض عليه
بعض مرازبة الهند، فجئ به إلى عالمكير فقتله، وقد تفرق الناس فيه إلى فرقتين: إحداهما تقول: إنه
كان صوفياً صالح العقيدة ويستشهدون بمصنفاته المشهورة، وأخرى تقول: إنه كان فاسد العقيدة كجده
أكبر، ويستشهدون بأفعاله وبمصنفاته الأخرى كترجمة ابنشد، وإني ظفرت بنسخة من ذلك الكتاب
فإذا هو قد نقش في عنوان ذلك الكتاب تصاوير عظماء الهنود مكان بسم الله الرحمن الرحيم وقال في
خطبة الكتاب: إنه لب القرآن وإنه سر مكنون لا يمسه إلا المطهرون - إلى غير ذلك، قالوا: إنه
استقدم أحبار الهنود من مدينة بنارس فترجموه بأمره، ومن مصنفناته كتاب في التطبيق فيما بين
مذهب الهنادك وأهل الإسلام، وأما الكتب التي صنفوها له فمنها الطب الدارا شكوهي، صنفه الحكيم
نور الدين الشيرازي.
ومن شعره قوله:
بشكست دل آبله از كردش بايم در كار من اينم كر هي بودكه واشد
قتل يوم الجمعة غرة محرم الحرام سنة سبعين وألف بمدينة أكبر آباد، ثم نقل جسده إلى دهلي فدفن
بمقبرة جده همايون.
مولانا دانيال الجوراسي
الشيخ العالم الكبير العلامة مولانا دانيال الحنفي العمري الجوراسي، كان من نسل الشيخ زين الدين
ابن أخت الشيخ نصير الدين محمود الأودي ثم الدهلوي،(5/527)
ولد ونشأ بأرض أوده، وقرأ العلم على
المفتي عبد السلام الأعظمي الديوي ولازمه مدة طويلة حتى برع في العلم وتأهل للفتوى والتدريس،
ثم أخذ الطريقة عن الشيخ سخي حفيد الشيخ نظام الدين الأميتهوي، وكان يدرس ويفيد قرأ عليه
الشيخ قطب الدين محمد السهالوي وخلق كثير من العلماء، كما في بحر زخار.
الشيخ داود بن صادق الكنكوهي
الشيخ العالم الصالح داود بن صادق بن فتح الله الحنفي الكنكوهي، أحد الرجال المعروفين بالفضل
والصلاح، ولد ونشأ بكنكوه، وأخذ عن والده وصحبه، وجلس على مسنده بعده، وكان صاحب وجد
وسماع، أخذ عنه الشيخ أبو المعالي بن محمد أشرف الحسيني الأبنهاوي وخلق كثير من العلماء
والمشايخ، توفي سنة خمس وتسعين وألف، كما في خزينة الأصفياء.
الحكيم داود بن عناية الله الأكبر آبادي
الشيخ الفاضل داود بن عناية الله الأكبر آبادي، أحد العلماء المبرزين في الفنون الحكمية، أخذ عن
أبيه وكان والده من أصحاب الحكيم فخر الدين محمد الشيرازي فتخرج عليه وقام مقامه بعده، وصار
يرجع الناس إليه في العلوم وفي معالجاتهم، فجعله عباس شاه الصفوي ملك الفرس نديماً له، ولم يزل
يعتمد عليه في الأمور حتى توفي إلى الله سبحانه وتعالى، فاعتزل داود في بيته برهة من الزمان ثم
سافر إلى الحجاز فحج وزار، وذهب إلى بغداد والبصرة، ثم دخل الهند ووصل إلى أكبر آباد في
السابع عشر من صفر سنة ثلاث وخمسين وألف، فتقرب إلى شاهجهان عظيم الهند، وتدرج في
المناصب العالية حتى بلغ منصبه إلى ثلاثة آلاف له وثلاثمائة للخيل، ونال الصلات الجزيلة والخلع
الفاخرة منه غير مرة، كما في بادشاهنامه.
وفي العمل الصالح أن منصبه بلغ في آخر أيام السلطان المذكور إلى خمسة آلاف، ولقبه السلطان
تقرب خان، وكان رجلاً حاذقاً في المعالجات، قد أبدع فيها غير مرة، انتهى.
توفي سنة ثلاث وسبعين وألف في أيام عالمكير، كما في مآثر الأمراء.
مولانا داود الكشميري
الشيخ العالم الفقيه داود المشكاتي الحنفي الكشميري، أحد أكابر الفقهاء، تلقى العلم عن الشيخ حيدر
بن فيروز الكشميري، والطريقة عن الشيخ نصيب الدين، واستفاض من خواجه خاوند محمود
البخاري فيوضاً كثيرة، وصحبهم مدة من الزمان حتى نال حظاً وافراً من العلم والمعرفة، وحفظ
مشكاة المصابيح في الحديث فاشتهر بالمشكاتي، وصنف كتباً عديدة في التصوف والسلوك، منها
أسرار الأبرار وأثمار الأشجار، توفي سنة سبع وتسعين وألف، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ داود بن محمد المندوي
الشيخ الصالح داود بن حمد الشطاري المندوي، أحد رجال العلم والطريقة، أخذ عن الشيخ محمود
بن الجلال الكجراتي ولازمه ثلاث سنين، وتصدر للإرشاد بعده زماناً، ثم سافر إلى كواليار وصحب
عبد الله وضياء الله ابني الشيخ محمد غوث الشطاري بضعة أعوام، ثم سافر إلى دهلي وإلى بلاد
أخرى، ورجع إلى مندو سنة تسع عشرة وألف وأقام بها سنة، ثم سافر إلى كواليار وأقام بها سنة،
ورجع إلى مندو سنة إحدى وعشرين وألف، كما في كلزار أبرار.
داود بن قطب شاه الكجراتي
الشيخ الفاضل داود بن قطب شاه الإسماعيلي الكجراتي، أحد دعاة المذهب الإسماعيلي، ذكره سيف
الدين عبد العلي الكجراتي في المجالس السيفية ونقل عنه الرامبوري في سلك الجواهر قال: إنه سار
إلى بلاد اليمن وأخذ علم التنزيل والتأويل عن الشيخ عماد الدين إدريس بن حسن الإسماعيلي اليمني
ورجع إلى الهند، ونص له بالدعوة داود بن عجب شاه الكجراتي فتولى الدعوة بعده.
وكان من كبار العلماء، أخذ عنه صفي الدين آدم وأمين الدين بن جلال الدين وزكي الدين عبد(5/528)
الطيب بن داود بن قطب شاه وخلق آخرون.
مولانا درويزه البشاوري
الشيخ العالم الصالح درويزه الحنفي البشاوري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والكلام،
أخذ الطريقة عن السيد علي الغواص الترمذي أحد أصحاب الشيخ نظام الدين عبد الشكور العمري
التهانيسري، وكان فقيهاً أصولياً شديد الإعتناء بالمناظرة، يداوم على الدرس والإفتاء، له مخزن
الإسلام كتاب باللغة الأفغانية في الرد على الشيعة، وفي ذلك الكتاب قسط كبير من الحقائق
والمعارف، شرحه خواجه معين الدين الخويشكي وسماه بالكلمات الوافيات توفي سنة ثمان وأربعين
وألف، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ درويش حسين الكشميري
الشيخ الصالح درويش حسين الكشميري أحد العلماء العاملين وعباد الله الصالحين، أخذ عنه الشيخ
عبد القادر بن السيد شيخ الحضرمي بمدينة أحمد آباد وذكره في النور السافر.
الحكيم دوائي الكيلاني
الشيخ الفاضل الحكيم دوائي الكيلاني، أحد الرجال المعروفين بالفضل والكمال، سافر إلى الحرمين
الشريفين فحج وزار وسكن بها مدة من الزمان، ثم استصحبه مرزا عزيز وأتى به إلى أرض الهند،
فصار معدوداً في الأطباء السلطانية، كما في هفت إقليم.
نواب دلاور خان البيجابوري
الوزير الكبير نواب دلاور خان البيجابوري، كان من أمراء الجيوش، خدم صاحب بيجابور مدة
مديدة حتى صار صاحب العدة والعدد، واستوزره إبراهيم عادل شاه فصار المرجع والمقصد في كل
باب من أبواب الدولة، وساس الأمور وأحسن إلى الناس، واجتمع لديه العلماء من كجرات ولاهور،
وكان حنفياً شديد التعصب على الشيعة، بذل جهده في نشر المذهب الحنفي حتى غلب ذلك المذهب
على أهل بيجابور، وكان وزير إبراهيم عادل شاه ثمان سنين، ثم عزله إبراهيم وجعله مكحولاً
وحبسه في قلعة كهلنه - بكسر الكاف - فلبث بها عشرة أعوام ومات بها، كما في بساتين السلاطين،
لعله مات سنة ثمان وألف أو مما يقرب من ذلك.
الشيخ دوست محمد البرهانبوري
الشيخ الصالح دوست محمد الحسيني البرهانبوري، أحد المشايخ المشهورين، أخذ الطريقة عن
الشيخ أبي العلاء الحسيني الأكبر آبادي ولازمه مدة من الزمان، ثم سار إلى برهانبور وسكن بها،
أخذ عنه الشيخ محمد فرهاد الدهلوي، له بيم كهاني مزدوجة بالهندية، توفي لأربع بقين من جمادي
الأخرى سنة تسعين وألف ودفن بأورنك آباد في مقبرة الشيخ محمود المسافر وله أربع وتسعون سنة،
كما في أنوار العارفين.
حرف الراء المهملة
رزق الله الجراح الكرانوي
الشيخ الفاضل رزق الله بن حسن بن بهنيا الباني بتي ثم الكرانوي، أحد الجراحين المبرزين في
الصناعة الطبية، أخذ عن أبيه وجده، وحصل له المنصب الرفيع في أيام شاهجهان، توفي في أيام
عالمكير في السنة العاشرة الجلوسية، كما في مآثر الأمراء.
مير رضي الدين المشهدي
الشيخ الفاضل رضي بن أبي تراب الحسيني الرضوي المشهدي، أحد العلماء المبرزين في الشعر،
قدم الهند في أيام شاهجهان بن جهانكير التيموري، وتقرب إليه وإلى ولده داراشكوه، فنال الصلات
الجزيلة منهما.
قال البلكرامي في سرو آزاد: إنه أنشد مرة عند دارا شكوه هذا البيت له: تاك راسر سبز كن أي ابر
نيسان دربهار قطره تامى ني تواند شد جراكوهر شود
فاستحسنه دارا شكوه وأعطاه مائة ألف من النقود الفضية.(5/529)
ثم لما ولي شجاع بن شاهجهان على بنكاله سافر إليه ولبث عنده زماناً، ثم سافر إلى حيدر آباد
وتقرب إلى عبد الله قطب شاه، ومات والده بها سنة ستين وألف، ثم سيره عبد الله قطب شاه لينوب
عنه في الزيارة في الروضة الرضوية، ووظف له اثني عشر تومان تبريزية مسانهة، مات في ست
وسبعين وألف، كما في سرو آزاد.
الشيخ رضي الدين البهاكلبوري
الشيخ العالم الفقيه رضي الدين الحنفي البهاكلبوري أحد فحول العلماء، اشتغل وتميز بالعلوم حتى
اشتهر ذكره وظهر فضله بين العلماء، فاستخدمه عالمكير في تأليف الفتاوي الهندية ووظف له ثلاث
ربيات يومية، وحيثما كانت له مهارة في فنون شتى من الحرب والسياسة والمحاضرة قربه القاضي
محمد حسين المحتسب، وشفع له بختاور خان أحد خاصة الملك فأعطاه عالمكير مائة لنفسه منصباً
سنة تسع وسبعين ألف، ولقبه بالخان سنة تسعين وألف، ودخل في العساكر السلطانية بأودى بور
فقاتل الكفار قتالاً شديداً، فولاه على أقطاع برار نيابة عن الأمير حسن علي خان، فناب عنه برهة
من الزمان، توفي سنة ست وتسعين وألف بأرض برار، كما في مآثر عالمكيري.
الشيخ رفيع الدين البلكرامي
الشيخ الفاضل رفيع الدين بن بدر الدين بن تاج الدين الحسيني الواسطي البلكرامي، أحد العلماء
المبرزين في العربية، ولد ونشأ ببلكرام، وسافر للعلم واشتغل على أساتذة عصره حتى برز في
الفضائل وتأهل للفتوى والتدريس، فرجع إلى بلكرام وكان يكتب الكتب النفيسة بخطه ويزينها
بالحواشي المفيدة، قال البلكرامي: إني رأيت المطول والتلويح وغيرهما بخطه، وقد كتب في خاتمة
التلويح: قد وقع الفراغ من تسويد هذه النسخة الشريفة المسماة بالتلويح في شرح التوضيح بمدرسة
أستاذي العلامة النافع للخاصة والعامة الحضرة العلية الشيخ حسين ابن الشيخ داود - متع الله
الطالبين بطول بقائه - يوم الجمعة الثامن عشر من شهر ربيع الأول سنة خمس وتسعين وتسعمائة
كما في مآثر الكرام.
مولانا رفيع الدين السهارنبوري
الشيخ العالم المحدث رفيع الدين بن عبد الستار بن عبد الكريم الأنصاري السهارنبوري، أحد العلماء
المبرزين في الفقه والحديث، ولد ونشأ بسهارنبور وحفظ القرآن، وقرأ العلم على الشيخ ركن الدين
بن عبد القدوس الكنكوهي ولبس منه الخرقة، ثم سافر إلى برهانبور ولازم الشيخ عيسى بن قاسم
السندي، وأخذ عنه الحديث وقرأ عليه ثم أخذ عنه الطريقة الشطارية، ثم عاد إلى بلدته وجلس على
مسند الإرشاد واستقام على الطريقة الظاهرة والصلاح مدة حياته، وكان يدرس ويفيد، مات في الثاني
عشر من ربيع الأول سنة خمس وعشرين وألف، كما في مرآة جهان نما.
الشيخ رفيق بن إبراهيم الكشميري
الشيخ الصالح رفيق بن إبراهيم بن طاهر الكشميري أبو محمد، أحد العلماء العاملين وعباد الله
الصالحين، أخذ عن الشيخ عبد الشكور الملتاني عن الشيخ سليمان الملتاني عن الشيخ فيض الله
القرشي عن الشيخ محمد القرشي عن الشيخ إسماعيل القرشي، مات سنة خمس وألف بكشمير فدفن
بها.
المفتي ركن الدين الدهلوي
الشيخ العالم الفقيه المفتي ركن الدين بن جمال الدين بن نصير الدين بن سماء الدين الحنفي
الدهلوي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول ولد ونشأ بدهلي، وقرأ العلم على والده وعلى
القاضي نور الله التستري اللاهوري، ثم ولي الإفتاء مقام والده سنة أربع وثمانين وتسعمائة، فاستقام
عليه مدة حياته، كما في شمس التواريخ.
الشيخ ركن الدين الخير آبادي
الشيخ العالم الصالح ركن الدين بن نصير الدين الحسيني الرضوي الخير آبادي، أحد المشايخ
الصوفية، ولد ونشأ بخير آباد، وقرأ العلم على عمه الشيخ نظام الدين الخير آبادي ثم لبس منه
الخرقة، واشتغل بالدرس والإفادة مدة من الزمان، ثم سافر إلى بلكرام وسكن(5/530)
بها مدرساً مفيداً أخذ عنه
خلق كثير، وكان حياً إلى سنة ثمان وألف، كما في مآثر الكرام.
الشيخ ركن الدين الكنوري
الشيخ العالم الكبير ركن الدين السنامي الكنوري، كان من أولاد الشيخ مجد الدين طاهر محمد
السنامي، ولد ونشأ بكنور وسافر للعلم فقرأ الكتب الدرسية على عصابة العلوم الفاضلة، ثم لازم
الشيخ كبير الدين الملتاني أحد سلائل الشيخ الكبير بهاء الدين زكريا وأخذ عنه الطريقة، ثم رجع إلى
بلدته ودرس وأفاد بها مدة عمره، انتفع به خلق لا يحصون بحد وعد، وكان يقوم الليل ويشتغل
بالعبادة إلى الإشراق ثم يجلس للتدريس، وكان صالحاً عفيفاً ديناً شديد التعبد كثير الدرس والإفادة،
مات في سنة سبع وعشرين وألف، ذكره السنبهلي في الأسرارية.
الحكيم روح الله البروجي
الشيخ الفاضل روح الله بن جمال الله الحسيني البروجي الكجراتي، أحد العلماء المبرزين في
المنطق والحكمة والطب وسائر الفنون، صرف عمره في خدمة الأمراء وأبناء الملوك، استخدمه عبد
الرحيم بن بيرم خان حين ولي على كجرات وجعله من ندمائه، وأعطاه الصلات والجوائز غير مرة،
كما في مآثر رحيمي.
مرزا روشن ضمير الدهلوي
الفاضل الكبير مرزا روشن ضمير الدهلوي صاحب الفنون الجمة والعلوم الكثيرة، لم يكن في زمانه
مثله في الموسيقى ومعرفة اللغة الهندية والشعر حتى أن الأساتذة الماهرين في الموسيقى كانوا
يتتلمذون عليه ويفتخرون به ويرجعون إليه في الإيقاع والنغم، وكان يقتدر على أربعة عشر ألف
نغمة متبائنة، وفي أكثرها له مصنفات في العربية والفارسية والهندية، ولاه عالمكير على تحرير
السوانح وبخشيكري بمعمورة سورت فاستقل بها زماناً، ومات بها سنة سبع وستين وألف، كما في
مرآة الخيال.
وقال السهارنبوري في مرآة جهان نما: إنه مات سنة ثمانين وألف، وهو الأقرب إلى الصواب.
حرف الزاي
زمانه بيك الكابلي
الأمير الكبير زمانه بيك بن غيور بيك الكابلي مهابت خان خانخانان القائد الكبير، كان من الرجال
المعروفين بأرض الهند، تقرب في صغر سنه إلى سليم ابن أكبر شاه ونال منزلة عنده فلقبه سليم
مهابت خان، ولما جلس على سرير الملك أعطاه ثلاثة آلاف منصباً رفيعاً وولاه على كابل فاستقل بها
زماناً صالحاً، وولاه على بنكاله في آخر أيامه.
ولما تزوج جهانكير بنور جهان بيكم وألقى زمام الحكومة بيدها وصار إخوتها أهل الحل والعقد
دبروا الحيلة على مهابت خان وأرادوا أن يهلكوه، فلما علم به وأيقن بالموت عكس القضية وقبض
على جهانكير، وحبس أبا الحسن ابن غياث الدين الطهراني في قلعة من القلاع، وأخذ بيده عنان
السلطنة وصار بمنزلة الوزير لجهانكير، وسار معه إلى كابل فلبث بها زماناً، ثم رجع، ودبرت نور
جهان بيكم الحيلة عليه فخلصت جهانكير من أسره فلاذ بولده شاهجهان، فلما توفي جهانكير لقبه
شاهجهان خانخانان وأضاف في منصبه حتى صار مع الأصل والإضافة سبعة آلاف له وسبعة آلاف
للخيل، وأعطاه أربعمائة ألف من النقود على وجه الإنعام، وولاه على إقليم الدكن فاستقل بها مدة
عمره.
وكان مقداماً باسلاً شجاعاً سفاكاً للدماء ماضي العزيمة سخياً باذلاً قليل الشعر، ومن شعره قوله:
ننك دلم بود كه بهشت آرزو كند دوزخ نصيب من بود وآرزو مباد
توفي سنة أربع وأربعين وألف، وقد أرخ لموته بعض الشعراء من قوله زمانه آرام كرفت، كما في
مآثر الأمراء.
الشيخ زين الدين الأكبر آبادي
الشيخ العالم الفقيه زين الدين بن منور بن نور الله بن معز الدين بن إله داد ابن القاضي محمد
الشرعي الأكبر آبادي، أحد فحول العلماء، ولد ونشأ بأكبر آباد،(5/531)
واشتغل بالعلم من صباه فقرأ أكثر
الكتب الدرسية على القاضي جلال الدين الملتاني وبعضها على ملا مقيم، ثم أخذ في الترك والتجريد
والانزواء مع القناعة والعفاف وصلاح الظاهر والاستقامة على الطريقة.
مات في السابع عشر من رمضان سنة خمس وألف فدفن بزاويته في أكبر آباد، كما في كلزار
أبرار.
حرف السين المهملة
الشيخ سراج محمد البرهانبوري
الشيخ الصالح سراج محمد الشطاري البنياني الكجراتي ثم البرهانبوري، أحد الأفاضل المشهورين
في عصره، أخذ الطريقة عن الشيخ محمد غوث الكواليري بأحمد آباد، وانتقل منها إلى برهانبور
سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة فسكن بها، وجلس على مسند الارشاد ثلاثين سنة، له شرح على مخزن
الأسرار للشيخ نظامي الكنجوي.
توفي في ثالث شعبان سنة عشر وألف بمدينة برهانبور فدفن بها، كما في كلزار أبرار.
سعد الله خان اللاهوري
الوزير الكبير سعد الله التميمي الجنوتي اللاهوري جملة الملك سعد الله خان العلامي، كان من
الوزراء المشهورين في الهند.
ولد بجوت - قرية من أعمال سيالكوث - ونشأ بلاهور - وحفظ القرآن، واشتغل بالعلم على
العلامة يوسف الكياهي اللاهوري وعلى غيره من العلماء، وكان له ذكاء مفرط فبرع وفاق الأقران،
ودرس وأفاد زماناً في مدرسة وزير خان بلاهور، وكان يعتزل عن الناس ولا يتردد إلى الأغنياء،
فلما قدم شاهجهان سلطان الهند مدينة لاهور في السنة الرابعة عشرة من جلوسه على سرير الملك
وسمع بفضله ومكارمه أمر موسوي خان الصدر أن يمثله بين يديه، فأحضره يوم الأحد السابع عشر
من رمضان سنة خمسين وألف، فخلع عليه وولاه على العرض المكرر فاستقل بها سنة، ثم جعله
ناظراً لحريمه ولقبه سعد الله خان، ثم جعله قهرمانه في الثامن عشر من رمضان سنة ثلاث وخمسين
وألف، وأضاف في منصبه غير مرة حتى صار ثلاثة آلاف وخمسمائة له وثمانمائة للخيل، ثم جعله
ديوان الخالصة الشريفة وزير الخراج، وأضاف في منصبه فصار أربعة آلاف له وألف للخيل غرة
جمادي الأولى سنة خمس وخمسين وألف، ومنحه أدوات الكتاب المرصعة بالجواهر، وأمره بتسويد
المناشير المطاعة وتبليغها إلى الكتاب وإثبات توقيعه تحت رسالة دارا شكوه أكبر أبنائه وولي عهده
بعده، ثم ولاه الوزارة العظمى في عشرين من رجب سنة خمس وخمسين وألف، وأضاف في منصبه
غير مرة حتى صار منصبه في سنة ستين وألف سبعة آلاف له وسبعة آلاف للخيل، وأعطاه مائة
مائة آلاف دام على طريق الانعام ويعبر عنها باللغة الهندية بكرور، عشرة ملايين وكانت رواتبه
السنوية اثني عشر كروراً من دام يوازنها ثلاثون لكا ثلاثة ملايين من النقود الفضية.
وقال عبد الحميد في بادشاهنامه: إن سعد الله خان إن لم يمت بعد ذلك لزاد في منصبه وراتبه
واقتداره أضعاف ذلك لحسن حظه في السياسة والتدبير والرسوخ في قلب السلطان، قال: وكان رجلاً
فاضلاً شهماً حازماً شجاعاً مقداماً باسلاً، قد جمع الله فيه خصالاً لم يجمع في غيره من الوزراء، من
براعة الإنشاء وحلاوة المنطق وإصابة الفكر ورزانة العقل والبسالة والأقدام والسياسة وحسن التدبير،
إن رأيته في ديوان الإنشاء وجدته صاحب القلم، وإن رأيته في الهيجاء ألفيته صاحب السيف والعلم.
قال: إن السلطان بعثه مرة إلى بلخ وكان لا يرضى أن يبعثه لاحتياجه إليه في سائر المهمات وكان
حينئذ في كابل، فسار نحو بلخ ليلة الخميس السادس والعشرين من جمادي الأخرى سنة ست
وخمسين وألف من طريق الخنجان، وكانت صعبة وعرة لكثرة الجبال والوهاد، لا يستطيع الرجل أن
يمر بها إلا بشق النفس، فذهب ووصل إلى بلخ ليلة الإثنين ثامن رجب في أحد عشر يوماً، وأصلح
ما فسد فيها من مهمات الدولة بسوء تدبير مراد بن شاهجهان، وحشد الجنود المنتشرة وألف بين
قلوب الأمراء، وأرضى عامة الناس(5/532)
بحسن تدبيره في اثنين وعشرين يوماً، ثم رجع غرة شعبان
ووصل إلى كابل في خامس شعبان في أربعة أيام.
وقال الخوافي في منتخب اللباب: إن أفضل خصاله في عقيدتي بل عقيدة كل منصف غير متعسف
أنه مع اتصافه بغاية الأمانة والنصح قضى مهمات الدولة مدة وزارته ولم يتأذ به أحد من الناس من
لسانه أو بيانه، ومن خصائصه أنه لم يزل يجتهد في فصل القضايا والمحاسبة بطريقة لا تضر
بالعمال والرعايا والمساكين.
وقال شاهنواز خان في مآثر الأمراء: إنه كان مشكور السيرة في فصل القضايا والمهمات، ومن
غرائب صفاته أنه كان يرضي السلطان ورعاياه، ولذلك تأسف السلطان بموته تأسفاً شديداً، انتهى.
توفي لأربع ليال بقين من جمادي الأخرى سنة ست وستين وألف بالقولنج، كما في عمل صالح
وغيره.
الشيخ سعد الله اللاهوري
الشيخ الفاضل سعد الله الحنفي الأويسي اللاهوري، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، أخذ
عن الشيخ عبد الجليل بن عمر الصديقي البيانوي ثم اللكهنوي ولازمه زماناً، ثم سافر إلى بلاد شتى،
أخذ عنه عبد الرحمن الدهنتوي، وقرأ عليه الرسائل الثلاثة للشيخ عبد الجليل المذكور، عاش بعد
وفاة شيخه ثلاثين أو أربعين سنة، وكان من العلماء، مات بمدينة برهانبور فدفن بها، كما في بحر
زخار.
الشيخ سعد الله السنبهلي
الشيخ الفاضل سعد الله بن الأبدال السنبهلي المتلقب في الشعر بالشيخي، كان من أفاضل الصوفية،
ولد ونشأ بسنبهل، وأخذ عن الشيخ تاج الدين النقشبندي السنبهلي، ولازمه مدة من الزمان حتى برع
في العلم والمعرفة، له مصنفات، منها ديوان الشعر الفارسي والبحر العميق وجار جمن مزدوجة
بالفارسية وتذكرة المشايخ ممن أدركهم، ومن شعره قوله:
اكره مشاهدة دوست ازبس مركست
حيات خضر ومسيحا نصيب دشمن باد
مات سنة سبع وخمسين وألف، كما في الأسرارية.
سعيد خان ظفر جنك
الأمير الكبير سعيد بن أحمد الكابلي سعيد خان ظفر جنك، كان من كبار الأمراء في الدولة التيمورية
ووزرائها المشهورين وبالعقل والدين والهدوء والرزانة ولاه شاهجهان بن جهانكير التيموري صاحب
الهند على كابل، ولقبه ظفر جنك، وأضاف في منصبه غير مرة حتى صار مع الأصل والإضافة
سبعة آلاف له وسبعة آلاف للخيل، توفي بكابل في ثاني صفر سنة اثنتين وستين وألف، كما في مآثر
الأمراء.
سعيد سرمد المجذوب الدهلوي
الشيخ الفاضل سعيد الأرمني المتلقب في الشعر بسرمد، كان من الشعراء المجيدين، ذكره شاهنواز
خان في مآثر الأمراء قال: إنه كان يهودياً أو أرمنياً أسلم، وأخذ العلوم الحكمية عن أبي القاسم
القلندري، ثم دخل الهند للتجارة وافتتن بأحد أبناء كفار الهند، فأتلف ماله من نقير وقطمير وصار
عرياناً ينشئ الأبيات الرائقة وينشدها حتى اعتقد الناس به، وأحسن الظن به دارا شكوه بن شاهجهان
وجعله من ندمائه، فلما قام بالملك عالمكير سنة تسع وستين وألف أمر شيخه عبد القوي أن يحتسب
على سرمد، فطلبه وكلفه باللباس فلم يقبله، ثم أخذ عليه أنه ينكر المعراج للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وأخذ ذلك من قوله:
آن كوكه سر حقيقتش باور شد خود بهن تر از سبهر بهناور شد
ملا كويد كه برشد أحمد بفلك سرمد كويد فلك بأحمد در شد
فأفتى عبد القوي المذكور بقتله واتفق العلماء عليه، فلما سل عليه السيف نظر إلى السياف فتبسم
وأنشد:(5/533)
شوري شد واز حواب عدم جشم كشوديم
ديديم كه باقي است شب فتنه غنوديم
فقتل في سنة إحدى وسبعين بدهلي، وقبره عند الجامع الكبير بها، ومن شعره قوله:
سرمد غم عشق بوالهوس را ندهند سوز دل بروانه مكس را ندهند
عمري بايد كه يار آيد بكنار اين دولت سرمد همه كس را ندهند
سرمد كله اختصار مي بايد كرد يكك كار ازين دوكار مي بايد كرد
يا تن برضاي دوست مي بايد داد يا قطع نظر ز يار مي بايد كرد
الشيخ سكندر الكيتهلي
الشيخ الصالح سكندر بن عماد الدين الكيتهلي، أحد المشايخ القادرية الأعظمية، أخذ عن جده الشيخ
كمال الدين الكيتهلي، ولازمه مدة حياة الشيخ ثم تولى الشياخة، أخذ عنه الشيخ أحمد بن عبد الأحد
السرهندي والشيخ محمد طاهر اللاهوري وخلق آخرون، توفي سنة ثلاث وعشرين وألف، كما في
زبدة المقامات.
الشيخ سكه جي البرهانبوري
الشيخ الفاضل الكبير سكه جي البرهانبوري، كان ختن الشيخ يوسف البنكالي، ولد ونشأ بمدينة
برهانبور، وقرأ العلم على الحكيم عثمان بن عيسى البولكاني السندي بمدينة برهانبور، ولازمه مدة
من الزمان حتى برع وفاق أقرانه في كثير من العلوم والفنون، كما في كلزار أبرار.
الشيخ سلطان التهانيسري
الشيخ الفاضل سلطان الحنفي التهانيسري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية، ولد
ونشأ بمدينة تهانيسر من أرض بنجاب، وقرأ العلم على أساتذة عصره، ثم سافر إلى الحجاز فحج
وزار، ورجع إلى الهند وتقرب إلى أكبر شاه ملك الهند، وترجم بأمره مهابهارت بالفارسية في أربع
سنوات، وهو كتاب ضخم في لغة سنسكرت مقدس في زعم الهنادك، ثم اتفق أن الهنادك اتهموه بذبح
البقرة وكان ممنوعاً لتأليف قلب الهنادك، فسخط عليه أكبر شاه وأمر بجلائه إلى بكر من أرض السند
فرحل إليها، وكان عبد الرحيم بن بيرم خان والياً بها فالتفت إليه وشفع له بعد فتحه قلعة آسير، فأذن
له أكبر شاه أن يسكن ببلدة تهانيسر وولاه على كرور كيري ببلدته وبلدة كرنال أي جعله محصلاً
للخراج بها، وكان قائماً على تلك الخدمة سنة أربع وألف، كما في منتخب التواريخ.
سلطان حسين اليزدي
الأمير الفاضل سلطان حسين بن عبد الهادي بن مير ميران بن نعمة الله الحسيني اليزدي نواب
افتخار خان، كان من الأمراء المشهورين بالفضل والكمال، تنبل في أيام أبيه ومنح المنصب في أيام
شاهجهان، وتدرج إلى الإمارة في عهد ولده عالمكير، وأضيف في منصبه فصار ألفين لنفسه وألفاً
للخيل، وجعله عالمكير قهرمانه فاستقل بتلك الخدمة الجليلة مدة طويلة، ثم ولاه على كشمير، ثم نقله
إلى جونبور فمات بها، كما في مآثر الأمراء.
وكان من نوادر العصر في معرفة الهيئة والهندسة والحساب والأرتماطيقي والأصطرلاب والجفر
الجامع، أخذ بعض الفنون العربية عن الشيخ عبد الله الرومي، مات في سنة اثنتين وتسعين وألف،
كما في مرآة جهان نما.
الشيخ سليمان الكردي
الشيخ الفاضل العلامة سليمان أبو أحمد الكردي الكجراتي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والحديث،
قدم الهند من بلاد كردستان وتفقه على الشيخ عبد الحق بن سيف الدين البخاري الدهلوي وأخذ
الحديث عنه، ثم سافر إلى كجرات وسكن بها، وكان يدرس ويفيد، كما في مرآة أحمدي.
الشيخ سيف الدين السرهندي
الشيخ العالم العارف الكبير صاحب المقامات العلية والكرامات المشرقة الجليلة سيف الدين بن محمد(5/534)
معصوم بن الشيخ أحمد العمري الحنفي السرهندي، كان خامس أبناء والده، ولد بسرهند سنة تسع
وأربعين وألف، ونشأ في مهد العلم والطريقة وتصدر للإرشاد، واختار للإقامة بلدة دهلي بأمر والده
الماجد بعد ما صدرت بها إشارة غيبية، فصار هناك مرجعاً للطالبين ومجمعاً للسالكين، وأخذ عنه
السلطان أورنك زيب عالمكير الغازي.
وكان على قدم والده في الاستقامة على الشريعة والطريقة، وله جذب قوي وتصرف عال بحيث كان
الناس يضطربون من قوة توجهاته ويبقون بلا اختيار في يده، قال الشيخ مراد بن عبد الله القزاني في
ذيل الرشحات وكان في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على رتبة لم يكن عليها شيخ من المشايخ
مثله حتى كادت البدع ترتفع عن بلاد الهند في زمنه وتستأصل، ولذلك لقبه والده بمحتسب الأمة،
ودعاه السلطان مرة إلى قصره فأجابه اتباعاً للسنة ولما رأى في جدار القلعة صوراً منحوتة في
الأحجار توقف عن الدخول في القلعة، فأمر السلطان بكسرها فكسروها بأسرها ثم دخل فيها.
وقال: وكانت لمولانا سيف الدين قدس سره شوكة ظاهرة أيضاً حتى كان السلاطين والأمراء
يقومون على أرجلهم بالأدب التام بيني ديه ولا يتجاسرون القعود أمامه، وكان يلبس ألبسة فاخرة،
وقع مرة على قلب بعض أن له كبراً فأشرف عليه وقال: كبرى من ظل كبرياء الحق عز وجل،
وكان يأكل من مطبخه كل يوم أربعمائة رجل وألف رجل مرتين مما يوافق طبعه وترغب فيه نفسه،
انتهى.
توفي لعشر بقين من جمادي الأولى سنة ست وتسعين وألف في أيام عالمكير، وقد أرخ لوفاته بعض
أصحابه من قوله هي هي ستون دين افتاد، وكان عمره يوم وفاته سبعاً وأربعين سنة، قبره بسرهند
يزار، كما في الهدية الأحمدية.
الشيخ سيف الله الجوراسي
الشيخ العالم الكبير سيف الله الجوراسي، كان من ذرية الشيخ زين الدين بن رجب الشيخ الكبير
نصير الدين محمود الأودي، ولد ونشأ بجوراس قرية من أعمال أميتهي، وقرأ العلم على المفتي عبد
السلام الأعظمي الديوي صاحب المصنفات المشهورة وعلى الشيخ جمال أولياء الجشتي الكوزوي، ثم
تصدى للدرس والإفادة، أخذ عنه خلق كثير، كما في بحر زخار.
ستي خانم
أخت طالب الآملي وزوجة الحكيم نصير الدين الكاشي، كانت فصيحة بليغة بارعة في القراءة
والتجويد وصناعة الطب وتدبير المنزل، استخدمتها أرجمند بانو صاحبة شاهجهان فتقربت إليها
بحسن تدبيرها فجعلتها معلمة لجهان آرابيكم، ولما توفيت أرجمند بانو ولاها السلطان الصدارة في
حريمه فاستقلت بها إلى مدة مديدة، توفيت سنة عشرين جلوسية فتأسف السلطان بموتها تأسفاً شديداً،
وأعطى عشرة آلاف من النقود الفضية للتجهيز والتكفين، ودفنها بأكبر آباد وبنى على قبرها عمارة
رفيعة وبذل عليها ثلاثين ألفاً، ثم وقف قرية تحصل منها ثلاثون ألفاً في كل سنة لمصارف تلك
المقبرة، كما في مآثر الأمراء..
سليمه سلطانه
بنت كل رخ بيكم بنت السلطان ظهير الدين بابر شاه الكوركاني الفاتح، واسم والدها مرزا نور الدين
محمد النقشبندي، ولدت سنة خمس وستين وتسعمائة وتزوج بها بيرم خان أكبر قواد الدولة التيمورية
بأمر أكبر شاه بمصالح كانت تقتضيها الضرورة، ولما توفي بيرم خان تزوج بها أكبر شاه المذكور،
ورحلت إلى الحجاز للحج والزيارة سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة مع خالتها كلبدن بيكم من طريق
كجرات، فحجت أربع مرات ثم رجعت إلى الهند، وغرق فلكها فأقامت بمدينة عدن سنة كاملة،
ودخلت الهند سنة تسعين وتسعمائة.
وكانت فاضلة شاعرة عفيفة صاحبة عقل ودين، لها أبيات رائقة بالفارسية، منها قولها:
كاكلت را من ز مستي رشتة جان كفته ام مست بودم زين سبب حرف بريشان كفته ام
توفيت سنة إحدى وعشرين وألف في أيام جهانكير ولها ستون سنة.(5/535)
حرف الشين المعجمة
مولانا شاكر محمد الدهلوي
الشيخ الفاضل الكبير شاكر محمد بن وجه الدين الحنفي الدهلوي، أحد كبار العلماء، كان من نسل
الشيخ عبد العزيز بن الحسن الجشتي، ولد ونشأ بدهلي، وقرأ العلم على الشيخ العلامة عبد الحق بن
سيف الدين البخاري الدهلوي، ولازمه ملازمة طويلة حتى برع في العلم والمعرفة وتصدر للتدريس،
وانتهت إليه رياسة العلم والتدريس بدهلي، وكان شاهجهان التيموري سلطان الهند يعظمه، مات في
آخر شعبان سنة ثلاث وستين وألف، وأرخ لعام وفاته كمال محمد السنبهلي شيخ فاني بود ذكره في
الأسرارية.
شاهجهان بن جهانكير الكوركاني
السلطان الفاضل الباذل شهاب الدين محمد شاهجهان بن جهانكير بن أكبر شاه الكوركاني ملك ملوك
الهند، ولد غرة ربيع الأول سنة ألف بمدينة لاهور، وقام بالملك بعد والده سنة ست وثلاثين وألف،
كان اسمه خرم - بضم الخاء المعجمة وتشديد الراء المهملة - معناه مسرور، سماه به جده أكبر شاه،
ولقبه والده شاهجهان، ولما قام بالملك تلقب شهاب الدين محمد صاحب القران الثاني.
وكان أشهر ملوك الهند وأبذلهم، افتتح أمره بالعدل والسخاء، ورفع سجدة التحية التي اخترعها جده
أكبر شاه، وأزال المظالم من البلاد وعمرها، وأخمد الفتنة والبدعة، وأسس المساجد والمشاهد، وكان
كثير الإحسان إلى السادة والعلماء، قصده الناس من جميع البلدان فغمرهم باحسانه، وكان عصره
أحسن الأعصار وزمانه أنضر الأزمنة.
ومن آثاره مدينة شاهجهان آباد بقرب دهلي القديمة، والقلعة الحمراء، والجامع الكبير في تلك البلدة،
والأبنية الفاخرة في تلك القلعة، والمسجد الكبير بأكبر آباد، وروضة تاج كنج في تلك البلدة -
وغيرها من الأبنية التي لا يعلم نظيرها في مدن الإسلام كلها بالمشرق ولا بالمغرب بل لم ير
نظيرها في بلاد الدنيا، يتحير الناس برؤيتها ويندهشون، وقصده مشاهير شعراء عصره من البلاد
الشاسعة ومدحوه بأحسن المدائح.
وكانت له أربعة أبناء: دارا شكوه، وشجاع، وأورنك زيب، ومراد بخش، فأعطى كلاً منهم أقطاعاً
كبيرة من الهند، ودبر لأكبرهم دارا شكوه بولاية العهد ومكنه أن يقيم عنده وينفذ الأمور، والملك
ابتلى باحتباس البول ومرض ولزم الفراش، فسد دارا شكوه أبواب الخبر بحاله فظنوا أن أباهم مات،
فنهض كل واحد منهم عن مكانه وحصلت بينهم حروب كثيرة، وغلب ثالثهم أورنك زيب فطوي
بساط إخوته وأقعد أباه شاهجهان في قلعة أكبر آباد، فعاش شاهجهان بعد ذلك نحو ثماني سنوات،
وكان مصاحبه في تلك الحالة السيد محمد الحسيني القنوجي، فكان يحتظ بصحبته ويستفيد منه،
وكانت معه بنته جهان آرابيكم في القلعة.
صنف في أخباره محمد صالح كتابه عمل صالح من الولادة إلى الوفاة، وأمين بن الحسن القزويني
كتابه بادشاه نامه من بدء جلوسه إلى عشر سنين، وصنف عبد الحميد اللاهوري كتابه بادشاه نامه في
أخبار عشرين سنة من مدته، وكمله محمد وارث من عشرين إلى ثلاثين، وصنف محمد طاهر بن
أحسن الله الكشميري كتابه شاهجهان نامه في أخباره، لخص فيه الأخبار من بادشاه نامه لعبد الحميد
المذكور ثم أضاف عليها ما وقع بمسمعه ومشهده إلى آخر أيام الملك، وصنف له عبد الحكيم بن
شمس الدين السيالكوتي العلامة كتباً كثيرة وكان يعطي عبد الحكيم المذكور مائة ألف في كل سنة.
مات بقلعة أكبر آباد سنة خمس وسبعين وألف في 26 من رجب.
ملا شاه محمد البدخشي
الشيخ العالم الفقيه شاه محمد بن ملا عبدي الحنفي الصوفي البدخشي المشهور بملا شاه، ولد ونشأ
بقرية أركسال من أعمال روستاق من أرض بدخشان، ثم قدم الهند ولازم الشيخ محمد مير اللاهوري،
وأخذ عنه الطريقة ولبث عنده مدة حياة(5/536)
الشيخ، ثم ذهب إلى كشمير وبنى على جبل سليمان مسجداً
وزاوية خانقاه وحديقة وقطن بها.
وفي عمل صالح أنه دخل الهند سنة ثلاث وعشرين وألف، ولازم الشيخ محمد مير ملازمة طويلة
وأخذ عنه، ثم رحل إلى كشمير في حياة شيخه وتعود بأن يقيم بها في الصيف ثم يجئ لاهور ويشتو
بها.
وفي رياض الشعراء أن شاهجهان بن جهانكير الدهلوي كلما كان يرتحل إلى كشمير يتردد إليه
ويدركه ويحتظ بمقالاته، وولده دارا شكوه كان من مريديه وكذلك بنته جهان آرابيكم.
وكان عارفاً مغلوب الحالة، له مزدوجات عديدة في الحقائق، وله تفسير القرآن، لم يتم، وهو تفسير
غريب، قال فيه: إن قوله تعالى: " ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم
عذاب عظيم" في شأن الأولياء، ومعناه أنه ختم على قلوب الأولياء لئلا يدخل فيها الوساوس النفسانية
والهواجس الشيطانية، وختم على سمعهم لئلا يدخل الكلمات من غير طائل، وعلى أبصارهم غشاوة
من سرادق العظمة والكبرياء وجلباب الحسن الأزلي، ولهم شراب عذب عظيم في الحلاوة، انتهى.
توفي سنة اثنتين وسبعين وألف، كما في عمل صالح.
مولانا شاه محمد الاخسبكتي
الشيخ العالم الكبير العلامة شاه محمد الاخسبكتي، أحد الرجال المشهورين في العلم، قرأ على أساتذة
عصره من علماء العرب والعجم، وصار من أكابر العلماء في حياة شيوخه، وحج وزار، ودخل الهند
فدرس وأفاد مدة من الزمان بكجرات، ثم ساح بلاد الهند ودخل مندو، وتزوج بها بابنة القاضي جمال
الدين التركستاني، ودرس بها سبعة أعوام، قرأ عليه محمد بن الحسن المندوي الكشف والمنار
والتلويح في أصول الفقه، وقرأ عليه خلق كثير من العلماء، كما في كلزار أبرار.
مولانا شاه محمد الجونبوري
الشيخ الفاضل شاه محمد العمري الجونبوري، أحد الأفاضل المشهورين في عصره، درس وأفاد،
وتخرج عليه خلق كثير من العلماء، قرأ عليه مرزا محمد صادق الأصفهاني، وذكره في الصبح
الصادق قال: إنه مات سنة اثنتين وثلاثين وألف ببلدة جونبور.
المفتي شرف الدين اللاهوري
الشيخ العالم الفقيه المفتي شرف الدين اللاهوري، كان من الفقهاء الحنفية، وكان حلو المنطق فصيح
الكلام حسن الأخلاق، ولي الإفتاء بمدينة لاهور في أيام عالمكير فاستقل به مدة حياته، ومات سنة
سبع وثمانين وألف، كما في مرآة جهان نما.
الشيخ شرفي محمد الكجراتي
الشيخ الفاضل شريف محمد الصديقي الشطاري الكجراتي، أحد الرجال المعروفين بالفضل
والصلاح، ولد ونشأ بنوساري، وسافر إلى مندو فلازم الشيخ محمود بن الجلال الكجراتي وقرأ عليه
العلم، ثم أخذ عنه الطريقة واشتغل عليه بأعمال جواهر خمسة مدة من الزمان حتى برع وفاق أقرانه
في العلم والطريقة، وسار إلى بادية ديواس وعكف بها على الرياضة والمجاهدة زماناً، ثم سار إلى
كواليار ودهلي وأدرك بها المشايخ واستفاض منهم، ثم رجع إلى كجرات وانقطع إلى الله سبحانه،
وكان حياً في سنة ثماني عشرة وألف، كما في كلزار أبرار.
مير شريف الآملي
الشيخ الفاضل مير شريف الآملي، أحد العلماء المبرزين في العلوم الحكمية، قدم الهند وتقرب إلى
أكبر شاه، وولي الصدارة بكابل سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة فأقام بها زماناً، ثم ولي الصدارة بأرض
بنكاله لعله في سنة تسع وتسعين أو مما يقرب من ذلك، وأقطع أجمير سنة ثلاث وألف، وكانت
موهان من أرض أوده أيضاً من أقطاعه، مات ودفن بها.
قال الخوافي في مآثر الأمراء: إنه كان ملحداً في الدين، خلط التصوف بالفنون الحكمية، كان يقول
لكل شيء يراه! إنه هو الله، ولسعة مشربه صار مقبولاً عند السلطان المذكور وحصل له الرسوخ في
قلبه، انتهى.(5/537)
مولانا شكر الله الشيرازي
الشيخ العلامة شكر الله الشيرازي، أحد فحول العلماء، لم يكن له نظير في عصره في الحساب
والهيئة والهندسة وسائر الفنون الرياضية، ولد ونشأ بشيراز، وتلقى الخط والحساب عن أبيه وولي
مكانه بخدمة في ديوان الخراج، ولما بلغ الرشد ترك الخدمة وصحب علامة العلماء تقي الدين محمد
الشيرازي، وقرأ عليه المنطق والحكمة وغيرها من العلوم، ثم ذهب إلى قزوين واستظل بعضد الدولة
فرهاد خان وصاحبه مدة، ولما قتل عضد الدولة ذهب إلى همدان وصحب إبراهيم حسن الهمداني
الفاضل واستفاد منه فوائد كثيرة، ثم سافر إلى العراق فزار المشاهد ودخل الهند من بندر كنباية
وأدرك عبد الرحيم بن بيرم خان بمدينة برهانبور فجعله من ندمائه، وشفع له إلى جهانكير بن أكبر
سلطان الهند وولاه خدمة في برهانبور، فاستقام عليها ثلاث سنوات، ثم شفع لي فولي الكتابة بديوان
الخراج ولقب بأفضل خان، كما في مآثر رحيمي.
وقال عبد الحميد اللاهوري في بادشاه نامه: إن عبد الرحيم بن بيرم خان قربه إلى شاهجهان حين
قدومه إلى بلاد دكن، فشفع له شاهجهان إلى أبيه جهانكير واستخدمه، ثم لما سار شاهجهان بعساكره
إلى أوديبور بأمر والده لتأديب رانا أمر سنكه ذهب شكر الله في موكبه، ولما رجع شاهجهان إلى
الحضرة شفع له، فلقبه جهانكير أفضل خان وأعطاه المنصب. ثم لما قام شاهجهان بالملك بعد أبيه
أضاف في منصبه ورقاه من الإمارة إلى الوزارة، وكان ذلك في السنة الثامنة الجلوسية. وأضاف في
منصبه غير مرة حتى صار مع الأصل والإضافة سبعة آلاف له وأربعة آلاف للخيل، فاستقل
بالوزارة إلى وفاته.
وكان رجلاً فاضلاً وقوراً حازماً شجاعاً مقداماً عاقلاً حسن الأخلاق كثير الفوائد جيد المشاركة في
العلوم، له يد بيضاء في الحساب والهندسة والهيئة وسائر الفنون الرياضية والحكمة.
وقال محمد صالح في عمل صالح ما يؤيد كلام عبد الحميد غير أنه خالفه في المنصب فقال: إنه نال
سبعة آلاف له وخمسة آلاف للخيل في آخر أيامه ثم أثنى على براعته في العلوم الحكمية ثناء جميلاً.
وكذلك شاهنواز خان في مآثر الأمراء أثنى عليه وقال: إنه كان مشكور السيرة مهذب الأخلاق نادرة
من نوادر الدهر في العلوم الرياضية.
توفي في الثاني عشر من رمضان سنة ثمان وأربعين وألف بلاهور فأرخ الناس لوفاته، بعضهم من
قوله ع زخوبي برد كوي نيكنامي، وبعضهم من قوله علامي از دهر رفت.
خواجه شمس الدين الخوافي
الشيخ الفاضل شمس الدين بن علاء الدين الخوافي، أحد الرجال المعروفين بالسياسة والتدبير، قدم
الهند وتقرب إلى أكبر شاه بن همايون التيموري، وترقى درجة بعد درجة حتى نال الوزارة الجليلة.
وكان رجلاً فاضلاً عادلاً كريماً صادق اللهجة طيب النفس، لم يزل مشتغلاً بتعمير البلاد وإرضاء
النفوس وإيصال النفع إلى الناس.
مات في سنة ثمان وألف بمدينة لاهور، كما في مآثر الأمراء.
مولانا شمس الدين الجونبوري
الشيخ الفاضل العلامة شمس الدين بن نور الدين بن عبد القادر بن زيد الدين بن نظام الدين بن خير
الدين بن أحمد بن الجمال بن تقي الدين الصديقي الأودي البرونوي الجونبوري، كان من العلماء
المشهورين في عصره، ولد ونشأ بقرية برونه - بفتح الموحدة - قرية من أعمال جونبور، وتخرج
على جماعة من الفضلاء، فجعله أكبر شاه التيموري معلماً لولده برويز، فسكن بإله آباد مدة من
الزمان، ثم ولاه الإفتاء بمدينة جونبور، فرجع إلى بلدته ودرس وأفاد، قرأ عليه الشيخ محمود بن
محمد الجونبوري صاحب الشمس البازغة بعض الكتب، وقرأ عليه ابن أخته محمد رشيد بن
مصطفى الجونبوري صاحب الرشيدية شرح كافية ابن الحاجب للجامي، وحاشية الكافية مع شرح
الشيخ إله داد الجونبوري إلى مرفوعاته، وقصيدة البردة، وشطراً من الآداب الحنفية، وشطراً من(5/538)
الحسامي والمختصر مع حاشيته، وشرح الوقاية والهداية والتلويح، وقرأ عليه الشيخ ركن الدين
البحري آبادي جميع الكتب الدرسية.
توفي سنة سبع وأربعين وألف، فدفن بمدرسته في بلدة جونبور، وأرخ بعض أصحابه لوفاته وصل
الجنة بلا حساب، كما في كنج أرشدي.
مولانا شمس الدين الجونبوري
الشيخ الفاضل الكبير شمس الدين الحنفي الجونبوري، كان صنو الشيخ محمد ماه الجونبوري الأستاذ
المشهور، قرأ العلم على الشيخ محمد أفضل بن حمزة العثماني الجونبوري أستاذ الملك، ودرس وأفاد
مدة عمره، ذكره بختاور خان في مرآة العالم والشيخ وجيه الدين في بحر زخار.
مولانا شهباز محمد البهاكلبوري
الشيخ العالم الفقيه الزاهد شهباز بن محمد بن الخير بن علي بن علي بن إسماعيل ابن إسحاق بن
سعدي بن يعقوب بن محمد بن محمود بن مسعود بن أحمد الحسيني اللاهوري ثم البهاكلبوري، كان
من نسل الشيخ كمال الدين الحسيني الترمذي، ولد سنة ست وخمسين وتسعمائة بديوره قرية من أعلم
بهار، وقرأ العلم على صهره الشيخ شاه محمد الديوري، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ يسين السامانوي،
وانتقل إلى بهاكلبور وله ثلاثون سنة، فتصدر بها للدرس والإفادة.
وكان كثير الفوائد جيد المشاركة في العلوم، لم يزل مشتغلاً بالتدريس حتى أنه درس في مرض
موته ومات بعد ما فرغ عن تدريس مشكاة المصابيح، وكان ذلك يوم الخميس السادس عشر من صفر
سنة خمسين وألف ببلدة بهاكلبور فدفن بها، كما في الدر المنثور، وفي كنج أرشدي أنه مات سنة
ستين وألف، والأول أولى بالقبول.
شهباز خان كنبو
الأمير الكبير شهباز خان كنبو المارهروي، كان من نسل الشيخ جمال أحد أصحاب الشيخ بهاء
الدين زكريا الملتاني، ولد ونشأ في عفاف وتأله، واعتزل في بيته مدة من الزمان، ثم تقرب إلى أكبر
شاه وتدرج إلى الإمارة حتى صار مير توزك ثم مير بخشي، وكان رجلاً صالحاً ديناً تقياً صالح
العقيدة مع تقربه إلى السلطان المذكور، وكان ذا جرأة ونجدة، لا يقصر عن قول الحق عند السلطان
ولا يخافه ولا يبتغي رضاه في الأمور الشرعية، فلم يقصر اللحية ولم يشرب الخمر ولم يرغب إلى
الدين الإلهي المخترع قط.
قال شاهنواز خان في مآثر الأمراء: إن أكبر شاه السلطان كان يتفرج يوماً بين العصر والمغرب
على بركة ماء بفتحبور وكان شهباز خان بين يديه فأخذ يده والتفت إليه وكان يمشي ويتكلم معه،
والناس كانوا يزعمون أن شهباز لا يستطيع أن ينزع يده عن يد السلطان فتفوته الصلاة، وكان من
عادته أن لا يتكلم بعد العصر إلى المغرب، فلما رأى شهباز أن الشمس قد مالت إلى الغروب استأذن
السلطان للصلاة، فقال السلطان: تداركها بالقضاء ولا تتركني خلياً، فنزع يده شهباز وبسط مئزره
على الأرض واشتغل بالصلاة ثم بالأوراد الراتبة والسلطان قائم على رأسه يشدد عليه، وكان أبو
الفتح وعلي أيضاً في ذلك الموقف فتقدما وقالا: إنهما أيضاً يستحقان أن يلتفت السلطان إليهما، فالتفت
إليهما، انتهى، توفي بأجمير سنة ثمان وألف، كما في مآثر الأمراء.
السيد شيخ بن عبد القادر الحضرمي
السيد الشريف شيخ بن عبد القادر بن شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس الشافعي
الحضرمي الهندي الكجراتي، أحد المشايخ المشهورين، ولد ونشأ بأحمد آباد وانتفع بأبيه ولازمه مدة
حياته، ثم سافر إلى سورت وتولى الشياخة بها، وحصلت له الإجازة عن الشيخ عبد الله بن عبد
الرحمن السقاف الحضرمي، فاستقل بها مدة من الزمان.
توفي في خامس جمادي الولى سنة ست وتسعين وألف بمدينة سورت فدفن بها، كما في الحديقة
الأحمدية.(5/539)
السيد شيخ بن عبد الله الحضرمي
السيد الشريف شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس اليمني
الحضرمي الأستاذ الكبير المحدث الصوفي الفقيه، ذكره الشلي في المشرع الروي وقال: إنه ولد
بمدينة تريم سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة، وحفظ القرآن وغيره، واشتغل على والده وأخذ عنه علوماً
كثيرة ولبس منه الخرقة وتفقه على الفقيه فضل بن عبد الرحمن با فضل والشيخ زين با حسين با
فضل، وأخذ عن القاضي عبد الرحمن بن شهاب الدين وغيرهم، ورح إلى الشحر واليمن والحرمين
في سنة ست عشرة بعد الألف، وأخذ عن الشيخ محمد الطيار، وله معه مناظرات ومفاكهات، وأخذ
عن الشيخ العراقي صاحب أكمة سعيف وهي قرية قريب الجندر، وحج في هذه السنة، وأخذ
بالحرمين عن جماعة، وأخذ في رجوعه من الحجاز عن السيد عبد الله بن علي صاحب الوهط
والسيد أحمد بن عمر العيدروس بعدن والشيخ عبد المانع، وألبسه خرقة التصوف أكثر مشايخه، وأخذ
باليمن عن كثيرين، منهم الشيخ أحمد الحشيبري، والسيد جعفر بن رفيع الدين والشيخ موسى بن
جعفر الكشميري والسيد علي الأهدل، وسمع خلقاً كثيراً، ولازم الاشتغال والتقوى، ثم رحل إلى الهند
فدخلها في سنة خمس وعشرين وألف، وأخذ عن الشيخ عبد القادر بن شيخ، وكان يحبه ويثني عليه
وبشره ببشارات، وألبسه الخرقة وحكمه، وكتب له إجازة مطلقة في أحكام التحكيم، ثم قصد إقليم
الدكن واجتمع بالوزير الملك عنبر وبسلطانه برهان نظام شاه، وحصل له عندهما جاه عظيم، وأخذ
عنه جماعة، ثم سعى بعض المردة بالنميمة فأفسدوا أمر تلك الدائرة، ففارقهم وقصد إبراهيم عادل شاه
البيجابوري، فأجله وعظمه، وتبجح السلطان بمجيئه إليه، وعظم أمره في بلاده، وكان لا يصدر إلا
عن رأيه، وسبب إقباله الزائد عليه أنه وقع له حال اجتماعه به كرامة، وهي أن السلطان كانت
أصابته في مقعدته جراحة منعته الراحة والجلوس وعجزت عن علاجه الأطباء، وكان سببها أن
السيد علي بن علوي دعا عليه بجرح لا يبرئ، فلما أقبل السيد شيخ بن عبد الله ورآه على حالته
أمره أن يجلس مستوياً، فجلس من حينئذ وبرئ منها، وكان السلطان إبراهيم رافضياً، فلم يزل به
حتى أدخله في عداد أهل السنة، فلما رأى أهل تلك المملكة انقياد السلطان إليه أقبلوا عليه وهابوه،
وحصل كتباً نفيسة، واجتمع له من الأموال ما لا يحصى كثرة، وكان عزم أن يعمر في حضرموت
عمارة عالية ويغرس حدائق وعين عدة أوقاف تصرف على الأشراف، فلم يمكنه الزمان وغرق
جميع ما أرسله من الدراهم في البحر، وله مصنفات عديدة، منها كتاب في الخرقة الشريفة سماه
السلسلة وهو غريب الأسلوب، ولم يزل مقيماً عند إبراهيم عادل شاه حتى مات السلطان فرحل إلى
دولت آباد، وكان بها الوزير فتح خان بن الملك عنبر فقربه وأدناه، وأقام عنده في أخصب عيش
وأرغده إلى أن مات في سنة إحدى وأربعين وألف، ودفن بالروضة المعروفة بقرب دولت آباد وقبره
ظاهر يزار.
الشيخ شير محمد البرهانبوري
الشيخ العالم الفقيه شير محمد الحسني الحسيني القادري البرهانبوري، أحد المشايخ المتورعين، كان
ممن تقرب إلى عالمكير في أيام ولايته على بلاد الدكن، وكان لا يفارقه في الخلوة وفي الأسفار،
وسكن في آخر عمره بمدينة برهانبور، كما في تحفة الكرام.
وفي كنج أرشدي أنه كان من ذرية الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه، توفي غرة محرم
الحرام سنة تسعين وألف.
وفي التأليف المحمدي أنه توفي سنة اثنتين وثمانين وألف، وقبره بمدينة برهانبور، وهذا يوافق ما
في خورشيد جاهي.
حرف الصاد المهملة
مرزا صادق الأصفهاني
الشيخ الفاضل صادق بن صالح الأصفهاني، أحد العلماء المبرزين في الإنشاء والشعر، ولد في ثالث
شعبان سنة ثماني عشرة وألف بمدينة سورت، وقرأ العلم على مولانا شاه محمد الجونبوري ومولانا
عبد الشكور البهاري والشيخ محمد حسين الكشميري والشيخ محمد اليزدي وعلى غيرهم من أساتذة
الهند،(5/540)
ثم تقرب إلى شاهجهان.
وله مصنفات عديدة، منها الشاهد الصادق في المحاضرات، ومنها الصبح الصادق مؤلف ضخم في
أربعة مجلدات في أخبار الأنبياء والأولياء والملوك والوزراء والحكماء والعلماء والشعراء، صنفه
لشجاع بن شاهجهان، وكان شاعراً مجيد الشعر بارعاً في كثير من العلوم والفنون.
ومن أبياته قوله:
سوي ميخانه بتائيد جنون خواهم رفت باز از عالم اسباب برون خواهم رفت
حد اين باديه جز اشك نديد است كسى آه خواهم شد از اشك فزون خواهم رفت
لعله مات في الفترات الشجاعية بأرض بنكاله.
الشيخ صالح بن محمد الكجراتي
الشيخ الصالح صالح بن محمد بن تاج الجانبانيري الكجراتي، أحد الرجال المعروفين بالفضل
والصلاح، ولد ونشأ بجانبانير وحفظ القرآن وقرأ المختصرات بها، ثم سافر إلى آكره وأخذ عن
الشيخ ضياء الله بن محمد غوث الشطاري الكواليري ولازمه خمس عشرة سنة، ولما مات ضياء الله
سافر إلى مندو وسكن بها وتزوج، وأخذ عن الشيخ محمود بن الجلال الكجراتي، وله إجازة عن
الشيخ عيسى بن قاسم السندي أيضاً، وكان صاحب وجد وحالة، كان حياً في سنة اثنتين وعشرين
وألف، كما في كلزار أبرار.
مرزا صالح الأصفهاني
الشيخ الفاضل الكبير مرزا صالح الأصفهاني، أحد العلماء المبرزين في الشعر، يصل نسبه بثلاث
وسائط إلى صدر الدين الطبيب الأصفهاني، قدم الهند وتقرب إلى جهانكير بن أكبر شاه ثم إلى ولده
شاهجهان فولي على بعض المتصرفيات، وكان شاعراً بارعاً في العلوم، توفي سنة ثلاث وأربعين
وألف، كما في يد بيضاء.
مولانا صالح السندي
الشيخ الفاضل صالح السندي البرهانبوري المشهور بختن الأستاذ، قرأ العلم على الحكيم عثمان بن
عيسى البولكاني ثم البرهانبوري، ولازمه مدة من الزمان حتى برع في العلم وتأهل للفتوى
والتدريس.
الشيخ صالح الكشميري
الشيخ الفاضل صالح بن أبيه الكشميري، أحد العلماء العاملين وعباد الله الصالحين، أخذ عن الشيخ
إبراهيم الكشميري، مات سنة ثمانين وألف بكشمير فدفن بها.
الشيخ صبغة الله الحسيني البروجي
الشيخ العالم الكبير العارف صبغة الله بن روح الله بن جمال الله الحسيني الكاظمي البروجي المهاجر
إلى المدينة المنورة وشيخ مشايخ الطريقة العشقية الشطارية، كان أحد أفراد الزمان في المعارف
الإلهية، وله اليد الطولى في أنواع النون، أصله من أصفهان، انتقل جده منها إلى الهند وسكن بمدينة
بروج من بلاد كجرات، وولد بها الشيخ صبغة الله ونشأ في مهد العلم، وقرأ على العلامة وجيه الدين
بن نصر الله العلوي الكجراتي، وأخذ عنه وتأدب عليه، وأكمل عنده الطريق وأجازه للارشاد، فأقبل
عليه الناس وبعد صيته وعظم أمره عند الأمراء لما شاهدوه من غزير علمه وزهده وعدم قبوله
العطاء إلا نادراً، ثم رحل إلى الحجاز وحج وعاد إلى بروج، ثم ذهب إلى مالوه سنة تسع وتسعين
وتسعمائة وأقام بها برهة من الزمان، ثم اشتاق إلى الزيارة النبوية فساق ركائب عزمه مسرعاً إلى
أحمد نكر، وأقام بها سنة عند برهان شاه أمير تلك البلدة، ثم خرج قاصداً للحرمين الشريفين ودخل
بيجابور فأقام بها خمس سنوات ثم خرج للحج، فهيأ له إبراهيم عادل شاه صاحب بيجابور أسباب
السفر ومنحه سفينة من سفنه الخاصة كانت في إحدى البنادر من مملكته، فركبها الشيخ مع أصحابه
وأتباعه ووصل إلى مكة المباركة فحج في سنة خمس بعد الألف، وذهب إلى المدينة المنورة وأقام
بجبل أحد منها يدرس(5/541)
الطلبة ويربي المريدين، وانتفع به خلق كثير أجلهم السيد أمجد مرزا - توفي
بالمدينة سنة سبع وثلاثين وألف ودفن بالبقيع - والسيد أسعد البلخي نزيل المدينة المنورة والشيخ
أحمد ابن علي بن عبد القدوس الشناوي والشيخ أبو بكر بن أحمد بن قعود النسفي المصري والشيخ
عبد الله بن ولي الحضرمي والشيخ محمد بن عمر بن محمد الحضرمي نزيل مكة المباركة والشيخ
إبراهيم الهندي والشيخ محي الدين المصري والملا شيخ بن إلياس الكردي نزيل المدينة والملا نظام
الدين السندي نزيل دمشق والشيخ عبد العظيم محمد الحنفي المكر والشيخ حبيب الله الهندي
البيجابوري، وجماعة لا يمكن ضبطهم.
وله حاشية على تفسير البيضاوي وهي مشهورة في بلاد الروم، وله كتاب الوحدة ورسالة إراءة
الدقائق في شرح مرآة الحقائق ورسالتان في الصنعة الجابرية ورسالة في الجفر وما لا يسع المريد
تركه كل يوم من سنن القوم وتعريب جواهر خمسة للشيخ محمد غوث الكواليري.
قال ابن فضل الله المحبي في خلاصة الأثر: إنه كان يلازم الصلوات الخمس بالجماعة في المسجد
النبوي عند الشباك الشرقي من الحجرة النبوية، وكان له شهامة وسخاء مفرط فربما أرسل إليه من
أقاصي البلاد وأدانيها في دور السنة مقدار مائة ألف قرش فلا يبقى منها شيئاً ويصرفها على الفقراء،
وكانت له أحوال وخوارق في باب الولاية عجيبة جداً، حكى عن تلميذه الملا نظام الدين المذكور
قال: لما كنت في خدمته تذكرت ليلة وطني وأهلي فغلبني البكاء والنحيب، ففطن بي الأستاذ فقال: ما
يبكيك؟ فقلت: قد طالت شقة النوى وزاد بي الشوق إلى الوطن والأهل، وكان ذلك بعد صلاة العشاء
بهنيهة، فقال لي: ادن مني، فدنوت من السجادة التي يجلس عليها، فرفعها فتراءت لي بلدتي وسكني
ثم لم أشعر إلا وأنا ثمة والناس قد خرجوا من صلاة العشاء، فسلمت ودخلت إلى داري واجتمعت
بأهلي تلك الليلة وأقمت عندهم إلى أن صليت معهم الصبح، ثم وجدت نفسي بين يدي الأستاذ، وكان
يروى عنه أحوال غير هذه، وبالجملة فهو كبير الشأن سامي القدر مشهور بالولاية، انتهى.
وقال الشيخ نجم الدين الغزي في لطف السمر وقطف الثمر: إنه كان يلازم الصلوات الخمس في
الجماعة بالمسجد النبوي عند الشباك الشرقي من الحجرة النبوية - على ساكنها أفضل الصلاة
والسلام - وزرته هناك وسألته الدعاء، فقال لي: بل أنت أدع الله فانك حاج وأنا أومن فامتثلت أمره
ودعوت الله وهو يؤمن، وكان أبيض اللون وضئ الوجه نير الشيبه، عليه آثار العبادة وأبهة العلم،
رحمه الله تعالى، انتهى.
وكانت وفاته في السادس والعشرين من جمادي الأولى سنة خمس عشرة بعد الألف، ودفن ببقيع
الغرقد وقبره ظاهر يزار ويتبرك به، كما في خلاصة الأثر.
الشيخ صبغة الله البيجابوري
الشيخ العالم الفقيه صبغة الله بن حبيب الله بن أحمد بن الخليل الحنفي البيجابوري، أحد العلماء
الربانيين، ولد ونشأ بمدينة بيجابور، وقرأ العلم على والده ثم أخذ الطريقة عنه، ولازمه ملازمة
طويلة حتى بلغ رتبة الكمال، ولما مات والده سنة 1041 تولى الشياخة مكانه وحصل له القبول
العظيم، مات لعشر بقين من رجب سنة سبعين وألف بمدينة بيجابور فدفن بها، كما في محبوب ذي
المنن.
القاضي صدر الدين الإله آبادي
الشيخ الفاضل صدر الدين بن القاضي داود الحنفي الجشتي الإله آبادي المشهور بالقاضي كهاسي،
كان والده قاضياً بمدينة إله آباد، فلما توفي أبوه ترك القضاء واشتغل بالعلم، وأخذ الطريقة عن الشيخ
محب الله الإله آبادي بعد فراغه من البحث والاشتغال، وهو أول من بايع الشيخ محب الله المذكور،
فلازمه مدة حياته وتولى الشياخة بعده، أخذ عنه الشيخ قطب الدين بن عبد الحليم الأنصاري
السهالوي، كما في بحر زخار، وهو توفي إلى رحمة الله سبحانه في أيام عالمكير، كما في الرسالة
القطبية.
المفتي صدر جهان البهانوي
الشيخ العالم الفقيه المفتي صدر جهان بن عبد(5/542)
المقتدر بن شاهين بن أحمد ابن عبد الله بن محمد بن
سراج الدين بن تاج الدين بن عليم الدين بن كمال الدين الحسيني الترمذي الكيتهلي ثم البهانوي، كان
من العلماء المبرزين في العلوم العربية، ولد ونشأ بقرية بهاني، وسافر للعلم فقرأ على الشيخ نطام
الدين الحسيني الخير آبادي وعلى غيره من العلماء، ثم أسند الحديث عن الشيخ عبد النبي بن أحمد
الحنفي الكنكوهي، وولي الإفتاء بشفاعة الشيخ عبد النبي المذكور في المعسكر، ثم بعث إلى توران
بالرسالة الشريفة سنة أربع وتسعين وتسعمائة، وولي الصدارة بعد رجوعه إلى الهند، أخذ عنه
جهانكير بن أكبر شاه وحفظ عنه أربعين حديثاً، ولما قام بالملك أضاف في منصبه حتى صار مع
الأصل والإضافة أربعة آلاف له، وأقطعه جهانكير أرضاً بناحية قنوج، ومنح صدر جهان في عهد
صدارته من أقطاع الأرض في خمس سنوات ما لم يمنح الصدور السالفون في خمسين سنة، وعاش
مائة وعشرين سنة مع صحة حواسه وسلامة أفعاله، كما في سرو آزاد.
قال البدايوني في منتخب التواريخ: إنه كان عالماً فكهاً مزاحاً شاعراً مقل الشعر معجباً لنفسه كثير
الهذر، ولي الصدارة بعد رجوعه من توران، قال: وكان السلطان أكبر بن همايون التيموري في ذلك
الزمان يأمر باخراج العلماء إلى الحجاز أو بلاد أخرى، فهابه صدر جهان وقال ذات يوم: إني أخشى
أن أكون ممن يجلون! فأجابه نظام الدين بن محمد مقيم الهروي الأكبر آبادي أنكم ما قلتم كلمة حق
عند السلطان أبداً فلم تستحقون الجلاء، انتهى.
ومن أبياته:
هر تار زلف يار إلهي بلا شود وانكه بهر بلا دل ما مبتلا شود
توفي سنة عشرين وألف وله مائة وعشرون سنة، كما في مرآة العالم وقيل: إنه مات سنة سبع
وعشرين وألف وقبره في بهاني.
الشيخ صدر جهان المانكبوري
الشيخ الصالح صدر جهان بن أبي الفتح الموالي المانكبوري، أحد المشايخ الشطارية، ولد بقرية
موال من أعمال مانكبور، واشتاق إلى الحج والزيارة في عنفوان شبابه، فسافر ووصل إلى مدينة
دهار من مدن مالوه وأدرك بها معروف غريب الله الدهاري فلازمه وأخذ عنه، ثم سافر معروف إلى
الحرمين الشريفين وتركه لتربية ابنه تاج الدين عطاء الله فرباه وعلمه، ومات معروف بالمدينة
الطيبة، فسافر الصدر إلى برهانبور وأخذ عن الشيخ عيسى بن قاسم السندي وصحبه زماناً ورجع
إلى بلاده، وكان يسافر كل سنة إلى برهانبور لزيارة الشيخ عيسى المذكور، مات في السابع عشر
من ربيع الأول سنة أربع عشرة وألف، كما في كلزار أبرار.
مرزا صدر الدين الشيرازي
الشيخ العالم الكبير صدر الدين بن فخر الدين الشيرازي المشهور بمسيح الزمان، كان من ذرية
الحارث بن كلدة طبيب العرب، ولد ونشأ بشيراز، وقرأ أكثر العلوم المتعارفة على الشيخ بهاء الدين
العاملي، وقرأ بعض الكتب الطبية على محمد باقر بن عماد الدين محمود الشيرازي، وقدم الهند سنة
إحدى عشرة وألف، وكان عمه زنبل بيك دخل الهند قبله وتقرب إلى صاحب الهند فجاء وأخذ عن
الحكيم علي الكيلاني وتطبب عليه، ثم وظفه أكبر شاه وأدخله في زمرة الأطباء، ثم لقبه جهانكير بن
أكبر شاه مسيح الزمان، وأضاف في منصبه شاهجهان بن جهانكير حتى صار ثلاثة آلاف له، ثم
استكره المسيح المعالجة لاحتمال المضرة تورعاً، فولاه شاهجهان على العرض المكرر، فاستقل به
مدة، ثم اشتاق إلى الحج والزيارة - وكان حج وزار قبله أيضاً في أيام جهانكير - فسافر إلى
الحرمين الشريفين وحج مرة ثانية، ورجع إلى الهند فولاه شاهجهان على بلدة سورت واستقام أمره
في ذلك، كما في بادشاه نامه.
قال شاهنواز خان في مآثر الأمراء: إنه كان عالماً كبيراً ماهراً في الطب وسائر الفنون الحكمية
شيعياً في المذهب ديناً تقياً، سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار، وعاد إلى الهند واعتزل بلاهور
وعكف على الدرس والإفادة، ووظفه شاهجهان بخمسين ألف ربيه في كل سنة انتهى.(5/543)
وقال الداغستاني في رياض الشعراء: إنه قدم الهند في عنفوان شبابه ونال المنصب، وسافر إلى
الحجاز سنة ثلاث وثلاثين وألف ثم عاد إلى الهند، ومن أبياته قوله:
بكذر از خود كه زخود هر كه رهائي يابد كر بصد قيد كرفتار بود آزاد است
توفي سنة إحدى وستين وألف بكشمير، كما في مآثر الأمراء.
المفتي صدر الدين اللكهنوي
الشيخ الفاضل صدر الدين..... الحسيني الأعظمي اللكهنوي، كان من نسل الشيخ محمد أعظم بن
أبي البقاء الحسيني، ولد ونشأ بمدينة لكهنؤ، وقرأ العلم على أساتذة عصره، وبرع في الشعر
والإنشاء، مات في سنة خمس وسبعين وألف بلكهنؤ فدفن بها، وبنى ولده محمد صادق على قبره بناء
عالياً سنة 1109 كما في تذكرة علماء الهند.
الشيخ صدر الدين الإله آبادي
الشيخ الفاضل صدر الدين بن حبيب الله القرشي الأسدي الإله آبادي، أحد العلماء المبرزين في
المنطق والحكمة، قرأ العلم على أساتذة جونبور، رأيت بخطه الآداب الباقية والألحاب الباقية للشيخ
عبد الباقي بن غوث الإسلام الصديقي الجونبوري، نسخها سنة تسعين وألف.
مرزا صفي بن بديع الزمان الأكبر آبادي
الأمير الفاضل صفي بن بديع الزمان، القزويني ثم الأكبر آبادي، المشهور بسيف خان، ختن آصف
جاه أبي الحسن بن غياث الدين الطهراني، كان متولياً بديوان الخراج في أرض كجرات، ثم ولي
عليها في أيام جهانكير، وولاه شاهجهان على أقطاع بهار، ثم ولاه على إله آباد، ثم نقله إلى كجرات،
ثم استقدمه إلى أكبر آباد وجعله حارساً لمستقر الخلافة، ولما ولي محمد شجاع ابن الملك علي بنكاله
وكان بمدينة كابل أمر سيف خان أن يذهب إلى بنكاله.
وكان رجلاً فاضلاً محباً لأهل العلم محسناً إليهم، بنى مدرسة عظيمة بأحمد آباد تجاه القلعة، وكذلك
بنى مارستاناً كبيراً في تلك البلدة سنة اثنتين وثلاثين وألف، مات في محرم سنة تسع وأربعين وألف
بأرض بنكاله، كما في مآثر الأمراء.
مولانا صوفي الكجراتي
الشيخ العالم مولانا صوفي الكجراتي، أحد العلماء المتصوفين، تبحر في العلوم وعكف على الدرس
والإفادة، أخذ عنه جمع كثير من العلماء، وظفه عبد الرحيم ابن بيرم خان وجعله ناظراً على خزانة
الكتب له، ثم اختاره للمصاحبة فصاحبه مدة طويلة، ثم اعتزل عن الناس ولازم بيته، كما في مآثر
رحيمي، قال الصادق في الصبح الصادق: إن اسمه كان محمداً، وكان شاعراً مجيد الشعر ومن أبياته:
مرا بوقت جدائي دوست مردن به كه زنده باشم وبي دوست بنكرم جاها
مات سنة أربع وثلاثين وألف، فأرخ لوفاته الصادق من قوله: ع رفته ملا محمد صوفي.
صاحب جي
المرأة الفاضلة بنت الأمير الكبير علي مردان خان الفارسي، كانت من فضليات النساء في العقل
والدهاء والتدبير والسياسة، تزوج بها مير ميران بن خليل الله الحسيني اليزدي، واستصحبها إلى
كابل حين ولي عليها فشاركت زوجها في الولاية اثنتين وعشرين سنة، ولما توفي مير ميران
المذكور استقلت بالولاية، وأذعن لها الأفاغنة بالطاعة، ثم سافرت إلى الحرمين الشريفين، وطابت لها
الإقامة بها، كما في مآثر الأمراء.
حرف الضاد المعجمة
ضياء الدين حسين البدخشي
نواب ضياء الدين حسين بن محمد حافظ البدخشي(5/544)
الدهلوي، كان من الأمراء المعروفين بالفضل
والكمال، قرأ العلم على والده وعلى الشيخ عبد الله بن عبد الباقي الدهلوي، ولقبه عالمكير همت خان
ثم إسلام خان، وولاه على بلاد كشمير ثم على أكبر آباد، وأضاف في منصبه فصار مع الأصل
والإضافة خمسة آلاف لذاته، وكان فاضلاً عادلاً كريماً تقياً متورعاً متين الديانة مجيد الشعر، رحل
في أيامه عالمكير إلى كشمير، ومن شعره قوله:
وسعتي بيداكن أي صحرا كه امشب در غمش لشكر آه من از دل خيمه بيرون مي زند
توفي بأكبر آباد سنة أربع وسبعين وألف فدفن في جوار الشيخ محمد نعمان، كما في مآثر الأمراء.
مولانا ضياء الدين الجونبوري
الشيخ العالم المحدث ضياء الدين الحنفي البهولبوري الجونبوري، أحد العلماء المبرزين في الحديث
والتفسير، أخذ عن الشيخ محمد رشيد بن مصطفى العثماني الجونبوري صاحب الرشيدية ومات بعد
موته، ذكره غلام رشيد الجونبوري في كنج أرشدي وقال السنبهلي في الأسرارية: إنه قدم دار الملك
في بداية حاله ودخل في المدرسة التي كانت بالسوق الكبير جوك، وقرأ العلم على مولانا حيدر وعلى
غيره من العلماء، ثم ترك البحث والاشتغال، قال: وإني لقيته بأمروهه، ثم قدم سنبهل وسكن بها
وتزوج، وكان يدرس ويفيد، انتهى، ولم يؤرخ السنبهلي لعام وفاته، لعله كان حياً إلى سنة سبع
وستين وألف.
الشيخ ضياء الله الأكبر آبادي
الشيخ العالم الفقيه المحدث ضياء الله بن محمد غوث الشطاري الكواليري، كان من ذرية الشيخ فريد
الدين العطار صاحب تذكرة الأولياء سافر في صغر سنه إلى كجرات، وقرأ العلم على الشيخ وجيه
الدين بن نصر الله العلوي الكجراتي، وأخذ الحديث عن الشيخ محمد بن طاهر بن علي الكجراتي
ولازمه عشر سنين، وأرسل إليه والده الخرقة، رجع إلى كواليار بعد وفاة أبيه سنة سبعين وتسعمائة
وأقام بها زماناً، ثم دخل أكبر آباد وسكن بها، وصرف خمساً وثلاثين سنة في نشر العلم والمعرفة.
وكان شيخاً وقوراً عظيم الهيئة، عارفاً بدقائق التصوف والتفسير والحديث وأقوال المشايخ، حلو
الكلام، يدرس في علوم عديدة، حصل له القبول التام عند عوام أهل البلد والوجاهة عند الأمراء،
استقدمه أكبر شاه بن همايون السلطان غير مرة وتمتع بصحبته.
وذكره البدايوني في تاريخه وقال: إني لقيته بأكبر آباد سنة سبعين وتسعمائة، فحضرت بين يديه
بدون معرف يعرفنيه فحييته على الوجه المسنون، فشق عليه لأنه كان معتاداً بالآداب المرسومة،
فسألني: من أين أنت قادم؟ فقلت: من سهسوان، وكان الوالي بها أحد أصحاب والده محمد غوث،
فنظر إلي بعين الاحتقار وسألني عن علوم قرأتها، فقلت: إني كنت قرأت صغار الكتب الدرسية في
كل علم وفن، فطفق يستهزأ بي وأشار إلى بعض أصحابه - وقد رأيت ذلك - فقال ذلك الرجل: إني
شممت رائحة عطرة فتشوش دماغي بذلك، فقال رجل آخر: قد عضه كلب كلب مرة فكلما يشم رائحة
عطرة يتشوش بها دماغه ويجن ويؤذي الناس ويعضهم، فاضطرب الناس وفروا واضطرب الشيخ
أيضاً ليخوفني وانحاز عن ذلك المجلس وذهب إلى دار آخر من دوره، فقلت: العجب كل العجب إن
الناس يأتون إلى الشيخ من الأقطار البعيدة لينالوا مآربهم وهو لا يقدر أن يعالج من يعضه الكلب
العقور! فقالوا: إنك تستطيع أن تعالجه؟ فقلت: نعم، فقالوا: ما العلاج؟ فقلت: النعال والأحجار
تضرب بها على رأسه، فلما علم الشيخ أن سهامه لم تصب الغرض رجع إلى مكانه واشتغل بذكر الله
سبحانه وفتح القرآن وشرع في الدرس يتكلم عن بعض آيات سورة البقرة وفسرها بالغرائب، فقلت:
هل هي مستندة إلى تفسير يعمد عليه؟ فقال: إني أقول من باب الإشارة وهو واسع، فقلت: هل هو
من الحقيقة أو المجاز؟ فقال: من باب المجاز، فقلت: ما العلاقة بين معناه الحقيقي والمجازي؟ فبهت
وصار يخبط خبط عشواء، انتهى.(5/545)
توفي لثلاث ليال خلت من رمضان سنة خمس وألف كما في مآثر الأمراء.
حرف الطاء المهملة
مرزا طالب الآملي
الشيخ الفاضل طالب بن أبي طالب الآملي ملك الشعراء، قدم الهند ولبث ببلاد السند أياماً، ونال
الصلات الجزيلة عن المرزا عاري، ثم قدم آكره وتقرب إلى جهانكير بن أكبر شاه الدهلوي سلطان
الهند، فلقبه السلطان بملك الشعراء سنة ثمان وعشرين وألف، له قصائد غراء في مدح السلطان
وصاحبته نورجهان بيك ووالدها اعتماد الدولة وقليج خان اللاهوري وعبد الله خان فيروز جنك
وغيرهم من الملوك والأمراء، وله ديوان شعر بالفارسي، ومن أبياته قوله:
دشنام خلق را ندهم جز دعا جواب ابرم كه تلخ كيرم وشيرين عوض دهم
توفي سنة ست وثلاثين وألف، كما في سروآزاد.
مولانا طاهر البدخشي
الشيخ الصالح طاهر بن أبي الطاهر البدخشي ثم الجونبوري، أحد المشايخ المشهورين، أخذ عن
الشيخ عبد الجليل اللكهنوي ولازمه مدة وسافر إلى البلاد، ثم صحب الشيخ الكبير عبد الباقي
النقشبندي الدهلوي وأخذ عنه، ثم لازم الشيخ أحمد بن عبد الأحد العمري السرهندي وأخذ عنه، ولما
بلغ رتبة الارشاد استخلفه الشيخ أحمد المذكور ووجهه إلى جونبور، وكان مائلاً إلى الطريقة
الملامتية، كما في زبدة المقامات توفي لسبع خلون من رجب سنة سبع وأربعين وألف بجونبور فدفن
بها، كما في بحر زخار.
مير طاهر بن الحسن السندي
السيد الفاضل طاهر بن الحسن التتوي السندي المشهور بطاهر محمد النسياني، كان من مؤرخي
بلاد السند، ولد سنة تسعين وتسعمائة بدربيله، وسافر للعلم إلى نهته من بلاد السند، وأخذ عن الشيخ
إسحاق ولازمه مدة، ثم سافر إلى الملتان ولاهور وبلاد أخرى، وصنف كتاباً في تاريخ السند سنة
ثلاثين وألف، وهو المشهور بالطاهري، وكتابه مرتب على عشر طبقات من ظهور الإسلام في السند
إلى عهد جهانكير التيموري، صنفه بأمر محمد بيك العادل الأرغون القندهاري.
الشيخ طاهر بن يوسف السندي
الشيخ العالم الكبير العلامة المحدث طاهر بن يوسف بن ركن الدين بن معروف ابن الشهاب
السندي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والحديث، ولد بقرية باتري من أرض السند، وسافر في صغر
سنه مع والده وصنويه طيب وقاسم حتى وصل إلى الشيخ شهاب الدين السندي، فقرأ عليه منهاج
العابدين للغزالي، وكان يريد أن يقرأ عليه شرح الشمسية في المنطق فأبى الشيخ ذلك، ثم سافر إلى
كجرات سنة خمسين وتسعمائة، وأخذ الحديث عن الشيخ عبد الأول بن علي الحسيني الجونبوري ثم
الدهلوي، ولازمه مدة من الزمان وأسند عنه، واستفاض في الطريقة عن الشيخ محمد غوث
الكواليري صاحب جواهر خمسة ثم سافر إلى أحمد آباد بيدر من بلاد الدكن وأخذ عن الشيخ إبراهيم
بن محمد الملتاني، ثم دخل بلدة إيلج بور من بلاد برار، فأقام بها مدة من الزمان، ثم راح إلى
خانديس وسكن بمدينة برهان بور.
وله مصنفات كثيرة، منها مجمع البحرين في تفسير القرآن الكريم على مشرب الصوفية وذوقهم،
ومنها مختصر قوت القلوب للمكي، ومنها منتخب مواهب اللدنية للقسطلاني، ومنها مختصر تفسير
المدارك ومنها تلخيص شرح أسماء رجال البخاري للكرماني، ومنها كتاب مفيد له يسمى رياض
الصالحين وهو يشتمل على ثلاث روضات: الأولى في الأحاديث الصحيحة، والثانية في مقالات
الصوفية نحو الشيخ عبد القادر الجيلاني وحجة الإسلام الغزالي وأبي طالب المكي صاحب قوت
القلوب والشيخ شهاب الدين السهروردي والشيخ زين الدين الخوافي والشيخ(5/546)
علي بن حسام الدين
المتقي وغيرهم، والثالثة في ملفوظات أهل التوحيد كالشيخ محي الدين بن عربي والشيخ عين القضاة
الهمداني والشيخ صدر الدين القونوي وغيرهم.
ومن فوائده
ومن فوائده من مجمع البحرين في تفسير قوله تعالى "في قلوبهم مرض" الخ، المرض حقيقة فيما
يعرض للبدن فيخرجه عن الاعتدال الخاص ويوجب الخلل في أفعاله، ومجاز في الأعراض النفسانية
التي تخل بكمالها كالجهل وسوء العقيدة والزيغة وحب المعاصي، لأنها مانعة عن نيل الفضائل
ومؤدية إلى زوال الحياة الحقيقية الأبدية، والاية تحتملها فان قلوبهم كانت متألمة محزناً على ما فات
عنهم من الرئاسة وحسداً على ما يرون من إثبات أمر الرسول واستعلاء شأنه يوماً فيوماً فزاد الله
عنهم بما زاد في إعلاء أمره وإشادة ذكره، ونفوسهم كانت ماؤفة بالكفر وسوء الاعتقاد ومعاداة النبي
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحوها فزاد الله ذلك بالطبع أو بازدياد التكاليف وتكرير الوحي وتضاعيف
النصر.
وفي الرحماني في قلوبهم مرض: هو تفريطهم في القوة الحكمية وإفراطهم في الشهوية، وفي
الإحياء: إعلم أن جندي الغضب والشهوة قد ينقادان للقلب انقياداً تاماً فيعيناه على طريقه الذي يسلكه،
وقد يستعصيان عليه استعصاء بغي وتمرد حتى يملكاه ويستعبداه، وفيه هلاكه وانقطاعه عن سفره
الذي به وصوله إلى سعادة الأبد، وللقلب جند آخر وهو العلم والحكمة والتفكر، وحقه أن يستعين بهذا
الجند، فانه حزب الله تعالى على الجندين الآخرين، فانهما قد يلحقان بحزب الشيطان، فان من ترك
الاستعانة وسلط على نفسه جندي الغضب والشهوة هلك هلاكاً يقينياً وخسر خسراناً مبيناً، وذلك حال
أكثر الخلق فان عقولهم صارت مسخرة لشهواتهم في استنباط الحيل لقضاء الشهوة، وكان ينبغي أن
تكون الشهوة مسخرة لعقولهم.
أما بيان علامات مرض القلب فكما أن كل عضو من أعضاء البدن خلق لفعل خاص به، ومرضه
أن يتعذر عليه فعله الذي خلق لأجله، كذلك مرض القلب أن يتعذر عليه فعله الذي خلق لأجله وهو
العلم والحكمة والمعرفة وحب الله تعالى أو عبادته والتلذذ به وإيثار ذلك على شهوة سوء، وخاصية
النفس التي هي للآدمي ما يتميز به عن البهائم، ولم يتميز بها بقوة الأكل والوقاع بل بمعرفة الأشياء
على ما هي عليه، وأصل الأشياء موجدها ومخترعها الذي جعلها شيئاً هو الله تعالى، فإذا عرف كل
شيء ولم يعرف الله تعالى فكأنه لم يعرف شيئاً، فان الناس كلهم قد هجروا هذه العلوم واندرست في
هذه الأعصار واشتغلوا بتوسيط الخلق في الخصومات الثائرة من اتباع الشهوات وقالوا: هو الفقه،
وأخرجوا هذا العلم الذي هو فقه الدين من جملة العلوم، وتجردوا لفقه الدنيا الذي ما قصد به إلا رفع
الشواغل ليتفرغ لفقه الدين، وكان فقه الدنيا من فقه الدين بواسطة هذا الفقه.
وفي بعض الكتب: اعلم أن القلب في الحقيقة بمنزلة القالب في الشريعة، ولا معول إلا على القلب،
لأنه موضع نظر الله تعالى إليها، كما قال عليه السلام إن الله لا ينظر إلى صوركم، إلخ فللقلب علل
وأمراض مثل أمراض الأشخاص، فان القلب إنسان حقيقي وله من الأعضاء حقائق، فللقلب رأس
يحيى به كما يحيى البدن برأسه، فإذا جز رأس البدن لا يحيى فكذلك القلب، ورأس القلب إدراكه
لطائف الغيب، وهذا الإدراك ينقسم مثل إنقسام حواس الرأس، وأقسامه البصيرة والتذكر والمراقبة
والتميز والتفكر، فالبصيرة عين القلب، والتذكر لسان القلب، والمراقبة سمع القلب، والتفكر خيال
القلب، والتميز تجاربه وفعله، فإذا أراد الله تعالى بعبد خيراً فتح عينه وقلبه وشرح لسانه وسمع أذنه،
وإذا أراد الله بعبد شراً ختم على سمعه وبصره ومنعه عن إدراكاته، وذلك المنع مرض روحاني
يكون صداع القلب منه، ومهما زاد تولدت الغفلة، والغفلة للقلب بمنزلة الصرع، وغلبة الظنون
الفاسدة مثل الماليخوليا للرأس، فان الرأس إذا يبتلي به يتخبط أعماله، والقلب إذا انفعل بالظنون
الفاسدة تظهر فيه تخبطات كثيرة، ويصير كالمجنون المتحير الممنوع من معرفة الله تعالى وحسن
الظن به وامتلأ القلب بفضول الطمع، والطمع به يورث الاستسقاء في القلب حتى أنه يروى من
المال والجاه، والدخان الغفلة يورث عمي البصيرة، فان البصيرة تظلم ويقل(5/547)
نورها بدخان الهوى، كما
يظلم البصر ببخار الهواء في عالم الدنيا، انتهى.
وكانت وفاته في سنة أربع بعد الألف، كما في كلزار أبرار.
الشيخ طه بن الكمال الدهلوي
الشيخ الفاضل طه بن الكمال المتوكل الدهلوي، أحد كبار المشايخ، ولد ونشأ بدهلي، وأخذ عن أبيه
وتولى الشياخة بعده، وكان صاحب وجد وحالة مع نبالته في الفنون الآليه والعالية، وكان والده من
أصحاب الشيخ نظام الدين الجشتي النارنولي، مات سنة خمس وعشرين وألف، ومات الشيخ طه سنة
إحدى وخمسين وألف، كما في الأسرارية.
مولانا طيب بن إبراهيم الدهلوي
الشيخ الفاضل الكبير طيب بن إبراهيم الدهلوي المهندس، كان صنو الشيخ فريد الدين المنجم، وكان
نادرة عصره في الهيئة والهندسة والنجوم وغيرها من الفنون الرياضية.
وكان طيب النفس كريم الخلق بشوشاً متواضعاً، له اليد الطولى في إخراج الزيجات، صنع
اصطرلاباً عجيباً لعبد الرحيم بن بيرم خان فوزنه بالذهب وأعطاه إياه، وكان عبد الرحيم يجيزه
بالصلات الجزيلة، كما في مآثر رحيمى.
الشيخ طيب بن عبد الواحد البلكرامي
الشيخ العالم الكبير الصالح المعمر طيب بن عبد الواحد الحسيني الواسطي البلكرامي، أحد عباد الله
الصالحين، ولد يوم الأحد تاسع ربيع الآخر سنة ست وثمانين وتسعمائة، وأخذ عن والده ولازمه
ملازمة طويلة وتفنن عليه بالفضائل.
قال غلام علي بن نوح الحسيني الواسطي البلكرامي في مآثر الكرام: إنه كان يسافر إلى دهلي ويقيم
عند الشيخ عبد الحق بن سيف الدين البخاري الدهلوي والشيخ يذاكره في العلوم ويستفيد به في حل
المقامات الصعبة من الكتب الدرسية وله تعليقات على هداية الفقه وتفسير البيضاوي.
وقال شريف بن عمر البلكرامي في مرآة المبتدئين: إنه كان على قدم سيدنا الامام زين العابدين في
التعبد، ما فاتته صلاة عن وقتها أبداً من بدء شعوره إلى وفاته، وإن أردت أن تنظر إلى الأئمة
والسلف الصالحين فانظر إليه فان مقاماته عالية عن مدارك الناس والمختصر فيه أنه بركة الأرض
وقيم السماوات، انتهى.
توفي في خامس ربيع الأول سنة ست وستين وألف وله ثمان وسبعون سنة إلا شهراً وأربعة أيام،
كما في مآثر الكرام.
الشيخ طيب بن معين البنارسي
الشيخ الصالح طيب بن معين بن حسن بن داود بن خليل العمري البنارسي، أحد كبار المشايخ،
توفي والده في صغر سنه فتربى في مهد عمه، وقرأ القرآن وبعض الرسائل المختصرة في بيته، ثم
قرأ الصرف والنحو في مدرسة الشيخ نظام البنارسي، ثم سافر إلى جونبور وقرأ على الشيخ نور الله
بن طه الجونبوري شرح الوقاية والحسامي ثم رجع إلى بنارس وتزوج بها وأقام ثلاث سنوات، ثم
تردد إلى جونبور وقرأ بعض كتب الفقه والأصول وأقام بها سنة كاملة، ولقي بها الشيخ خواجه كلان
بن نصير الدين الجهونسوي فبايعه، ثم رجع إلى بنارس فخدم بعض الأمراء مدة من الزمان
واسترزق بها، ثم اعتزل عن الخدمة ورحل إلى شيخبوره، وأخذ الطريقة عن الشيخ خواجه كلان
المذكور، ثم أخذ عن صاحبه الشيخ تاج الدين الجهونسوي ولازمه عشر سنين وحصل له مثال
الخلافة منه، ثم رجع إلى بنارس وسكن بمندواديه مدة من الزمان ثم انتقل إلى مدينة بنارس وسكن
بها خارج البلدة، وحصلت له الإجازة في الطريقة القادرية عن الشيخ عبد الحق بن سيف(5/548)
الدين
البخاري الدهلوي.
وكان زاهداً متقللاً متورعاً قنوعاً بشوشاً طيب النفس، يستمع الغناء في بدء حاله ثم صار يجتنب
عنه ويحترز عن المزامير، وكان يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر أخذ عنه الشيخ محمد رشيد بن
مصطفى العثماني الجونبوري والشيخ ياسين بن أحمد البنارسي وخلق آخرون.
مات في ثامن شوال سنة اثنتين وأربعين وألف فدفن بمندواديه، كما في كنج أرشدي.
القاضي طيب العباسي الموي
الشيخ الفاضل القاضي طيب بن القاضي قطب الدين محمد درويش بن محمد أفضل بن عاشق محي
الدين العباسي الجرياكوني ثم الموي الإله آبادي، أحد الفقهاء الحنفية، تولى القضاء بفتحبور مدة ثم
سكن ببادية كانت على عشرة أميال من إله آباد وعمرها، وهي التي يسمونها مؤ قاضي طيب نسبة
إليه واليوم بلدة عامرة من أعمال إله آباد.
حرف الظاء المعجمة
الشيخ ظهور القائني
الشيخ الفاضل ظهور بن ظهوري القائني، أحد العلماء المبرزين في الإنشاء والشعر والتاريخ، له
محمد نامه كتاب في أخبار ملوك بيجابور، صنفه في أيام محمد بن إبراهيم عادل شاه البيجابوري،
ونال الصلات الجزيلة منه.
حرف العين المهملة
خواجه عابد بن إسماعيل السمرقندي
الشيخ العالم الصالح عابد بن إسماعيل بن إله داد بن خواجه عزيزان البخاري السمرقندي، كان من
ذرية الشيخ شهاب الدين السهروردي، ولد بعلي آباد على ثلاثة أميال من سمرقند، وقرأ العلم على
والده وعلى غيره من العلماء بسمرقند، ثم سافر إلى بخارا وولي القضاء بتلك البلدة، ثم ولي شياخة
الإسلام بها فاستقل بها مدة من الزمان، ثم اشتاق إلى الحج والزيارة فقدم الهند في أيام شاهجهان ابن
جهانكير السلطان، فأعطاه الخلع الفاخرة وستة آلاف من النقود فسافر إلى الحرمين الشريفين فحج
وزار، ورجع إلى الهند فأعطاه عالمكير المنصب ثلاثة آلاف له وخمسمائة للخيل، ثم أضاف في
منصبه وولاه الصدارة مقام ميرك شيخ الهروي سنة إحدى وسبعين وألف، ثم أضاف في منصبه
وولاه على صوبه مقاطعة أجمير سنة سبع وسبعين وألف، ثم على صوبه ملتان سنة إحدى وثمانين
وألف، وسافر إلى الحرمين الشريفين مرة ثانية سنة خمس وثمانين وألف فحج وزار، ورجع إلى
الهند ولقبه السلطان المذكور قليج خان وولاه صدارة الهند مرة ثانية سنة اثنتين وتسعين وألف، وولاه
على أقطاع بيدر سنة ست وتسعين وألف، فخدمه في محاصرة كولكنده وأصابت كتفه قنبلة من
المدافع فطارت يده، فتأسف السلطان به وأرسل وزيره أسد خان لعيادته، فرآه أنه جالس على المسند
والجراح يأخذ قتات العظام من كتفه ويجذبها إلى الخارج وهو يشرب القهوة بيده الأخرى ويقول: إن
الخياط محسن في عمله، وما كانت على جبينه علائم التعب، ولما خرج أسد خان من عنده سمع أنه
توفي إلى الله سبحانه، وكان ذلك في سنة ثمان وتسعين وألف كما في حديقة العالم وفي مآثر الأمراء
أنه توفي سنة سبع وتسعين وألف.
وقد رزقه الله سبحانه أعقاباً صالحة، منهم ولده غازي الدين خان فيروز جنك، وقمر الدين بن غازي
الدين الذي أسس الدولة الآصفية بأرض الدكن، وهي الدولة الوحيدة الإسلامية في بلاد الهند، أبقاها
الله سبحانه وأدامها.
الشيخ عباس بن نصير الدين البرهانبوري
الشيخ العالم الفقيه عباس بن نصير الدين بن سراج محمد الحنفي البرهانبوري، أحد الفقهاء
المبرزين في العلم والمعرفة، استقدمه شاهجهان إلى دار الملك دهلي وأكرمه وخصه بأنظار العناية
والقبول، ثم رخصه(5/549)
إلى بلدته فاعتزل في بيته ومات، كما في تحفة الكرام.
الشيخ عباس المشهدي
الشيخ الفاضل عباس الحسيني الرضوي المشهدي الكجراتي صاحب المصنفات العديدة، قدم كجرات
سنة ثمان وألف، ثم رحل إلى الحرمين الشريفين ولبث بها خمس سنوات، ثم رجع إلى أحمد آباد
سنة ست وعشرين وألف وسكن بها، وكان شيخاً كبيراً صاحب حالة ومواجيد، مات في سابع ربيع
الأول سنة ثلاث وستين وألف بأحمد آباد فدفن بها.
الشيخ عبد الأحمد السرهندي
الشيخ العالم الفقيه عبد الأحد بن زين العابدين بن عبد الحي بن محمد بن حبيب الله بن رفيع الدين
العمري السرهندي، أحد المشايخ الجشتية، ولد ونشأ ببلدة سرهند واشتغل بالعلم أياماً ثم سافر إلى
كنكوه، وأدرك بها الشيخ عبد القدوس بن إسماعيل الحنفي الكنكوهي وأراد أن يدخل في أصحابه،
فأبى الشيخ وأمره بتكميل العلوم المتعارفة، فعاد إلى سرهند وجد في البحث والاشتغال حتى برع في
العلم وتأهل للفتوى والتدريس والشيخ المذكور قد مات قبل تكميله، فسافر إلى أقطار الهند وأدرك
كثيراً من المشايخ واستفاض منهم، ثم دخل كنكوه ولازم الشيخ ركن الدين بن عبد القدوس الكنكوهي
مدة طويلة، فاستخلفه الشيخ سنة تسع وسبعين وتسعمائة، فرجع إلى بلدته وتصدر بها للدرس
والإفادة.
وكانت له زيادة على الاستفادة من الشيخ الكبير عبد القدوس الكنكوهي وابنه الشيخ ركن الدين صلة
قريبة ومتينة بالشيخ الكبير كمال الكيتهلي، أحد مشائخ الطريقة القادرية الكبار، وكان صاحب مرتبة
عالية، وصاحب أحوال وكيفيات، يعتبره بعض أهل النظر أنه قلما يساويه أحد ويبلغ درجته في
السلسلة العلية القادرية بعد مؤسسها الإمام الشيخ عبد القادر الكيلاني، أخذ واستفاد الشيخ عبد الأحد
منه، ومن حفيده الشيخ سكندر الكيتهلي، واستفاد من شيوخ آخرين باستثناء من رآه متلوثاً بالبدعة.
وكان يدرس في العلوم كلها من المعقول والمنقول، وله مهارة تامة في جميع الفنون لا سيما الفقه
والأصول والتصوف، وكان يدرس التعرف والعوارف والفصوص ويكشف القناع عن أسرار التوحيد
ومعارف الشيخ محي الدين بن عربي ويقتفي أثره في ذلك، وله مصنفات في العلوم الدينية، منها
كنوز الحقائق ومنها رسالة في أسرار التشهد، وله غير ذلك من الرسائل.
وكانت له اليد الطولى - كما يقول ابنه الإمام أحمد بن عبد الأحد السرهندي المشهور بمجدد الألف
الثاني - في علوم كثيرة، عقلية ونقلية، وكان متأدباً غاية التأدب للشعائر والشرائع الدينية، متواضعاً
غاية التواضع، كثير الإهتمام باتباع السنة، عاملاً بالعزيمة، وكفاه شرفاً وافتخاراً أنه خلف بعده ابنه
الإمام أحمد بن عبد الأحد السرهندي مجدد الألف الثاني.
مات سنة سبع وألف بمدينة سرهند، كما في زبدة المقامات.
الشيخ عبد الأول السنبهلي
الشيخ الصالح عبد الأول بن عبد العظيم بن منور بن منصور بن عبد الله ابن عثمان الحسيني
المودودي الأمروهوي ثم السنبهلي، أحد رجال العلم والمعرفة، كان سبط الشيخ تاج الدين النقشبندي
السنبهلي، تصدر للارشاد بعد والده، وسافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار، ورجع إلى الهند
ومات بأورنك آباد سنة ثمان وستين وألف، كما في نخبة التواريخ.
الشيخ عبد الباسط السهارنبوري
الشيخ الفاضل عبد الباسط بن منور بن عبد الستار الأنصاري السهارنبوري، كان من العلماء
المبرزين في المعقول والمنقول، ولد ونشأ بمدينة سهارنبور، وأخذ عن أبيه وتفقه عليه، وكان رجلاً
صالحاً رضي الأخلاق بارعاً في الرقى والعزائم، كما في مرآة جهان نما.
الشيخ عبد الباقي السهارنبوري
الشيخ الفاضل عبد الباقي بن عبد الستار بن عبد(5/550)
الكريم الأنصاري السهارنبوري، أحد العلماء
الصالحين، ولد ونشأ بمدينة سهارنبور، وقرأ العلم على الشيخ ركن الدين بن عبد القدوس الكنكوهي
وحفظ القرآن، ثم لبس الخرقة من الشيخ المذكور واشتغل بالدرس والإفادة مدة حياته.
توفي في سابع جمادي الأولى سنة عشرين وألف، فأرخ لوفاته بعض أهل العلم من باقي بخدا شد
كما في مرآة جهان نما.
مولانا عبد الباقي الجونبوري
الشيخ العالم الكبير العلامة عبد الباقي بن غوث الإسلام الصديقي الجونبوري، أحد العلماء البارعين
في المنطق والحكمة، قرأ العلم على العلامة محمود بن محمد الجونبوري صاحب الشمس البازغة
وتصدى للدرس والإفادة بعد وفاة العلامة المذكور ببلدة جونبور، أعطاه عالمكير بن شاهجهان قرية
على وجه الجائزة تغل له ثمانمائة أو تسعمائة ربية سنوياً، كما في تحفة الكرام.
وله الآداب الباقية شرح الشريفية في فن المناظرة، صنفه في رمضان سنة ستين وألف أوله سبحانك
يا مجيب دعاء السائلين بلا مانع ومعارض، الخ وله شرح آخر على الشريفية يسمى بالأبحاث الباقية
أوله يا من لا مانع لما أعطاه، ولا ناقض لما أباه، ولا معارض لما نفاه، إلخ صنفه بأمر شيخه محمود
كما صرح به في خطبة الكتاب، وأتى فيه بأبحاث دقيقة على الرشيدية للشيخ محمد رشيد بن
مصطفى الجونبوري.
مات في الرابعة عشرة من السنة الجلوسية العالمكيرية، ذكره السهارنبوري، ولعل ذلك نحو اثنتين
وثمانين وألف من الهجرة.
مرزا عبد الباقي النهاوندي
الشيخ الفاضل عبد الباقي بن آقا بابا الشيعي النهاوندي، أحد العلماء المبرزين في العلوم الأدبية، ولد
ونشأ بقرية جولك من أعمال نهاوند، وتنبل في أيام أبيه وصنوه آقا خضر، وولي الأعمال الجليلة
بهمذان، ولما قتل صنوه المذكور سنة 1016 سافر إلى الحجاز فحج وزار، وقدم الهند سنة 1023
فتقرب إلى عبد الرحيم بن بيرم خان بمدينة برهانبور، وصنف في أخباره مآثر رحيمي في مجلد
كبير، ثم تقرب إلى مهابت خان الجهانكيري فولي على ولاية بهار.
وكان شاعراً مجيد الشعر، ومن أبياته الرقيقة قوله:
تابكي غلطم بخون ديده مزكان نيستم تابكي سوزم بحسرت داغ حرمان نيستم
عندليب باغ عشقم ليك در كنج قفس سوزشي دارم كه محتاج كلستان نيستم
كر بشاخ كل زنم آتش نه بيدادي بود منكه مجنون كلم از باغ وبستان نيستم
تا نشان يابم ز ليلي جانب حي ميروم ورنه دلكير از سموم اين بيابان نيستم
در عراق برنفاق اين آرزو مي سوزدم كز سخن سنجان بزم خانخانان نيستم
وهذه الأبيات أنشأها بهمذان سنة 1007 قبل قدومه إلى الهند، مات في أيام شاهجهان سنة اثنتين
وأربعين وألف، كما في تاريخ محمدي.
الشيخ عبد الباقي النقشبندي الدهلوي
الشيخ الإمام الهمام حجة الله بين الأنام قدوة الأمة وإمام الأئمة رضي الدين أبو المؤيد عبد الباقي بن
عبد السلام البدخشي المشهور بباقي بالله، الشيخ الأجل قطب الأقطاب النقشبندي البدخشي الكابلي ثم
الدهلوي، بركة الدنيا وسر الوجود ولسان الحضرة ولب لباب العرفان، كان من العلم والمعرفة آية من
آيات الله تعالى ومن الولاية غاية من الغايات.
ولد في حدود سنة إحدى أو اثنتين وسبعين وتسعمائة بكابل، واشتغل بالعلم على مولانا محمد صادق
الحلوائي، وسار معه إلى ما وراء النهر ولازمه مدة، ثم بدا له داعية الدخول في طريق الصوفية
فترك تحصيل(5/551)
العلوم الرسمية، وطاف حول مجلس كثير من كبار مشايخ وقته في بلاد ما وراء
النهر، فأول من تاب على يده الشيخ خواجه عبيد خليفة مولانا لطف الله خليفة مولانا المخدوم الأعظم
الدهبيدي، ولما لم تظهر عليه آثار الاستقامة أناب ثانياً على يد الشيخ افتخار حين قدومه بسمرقند
وكان من مشايخ سلسلة الشيخ أحمد اليسوي، ثم طرأت على عزيمته هذه الفترة وظهر فيه ما ينافي
طريق الاستقامة فجدد التوبة ثالثاً من غير صنع واختيار على يد الأمير عبد الله البلخي، فكان في
مقام حفظ الحدود أياماً ثم هدم سد تلك التوبة أخيراً، ثم تشرف في المنام بزيارة خواجه بهاء الدين
نقشبند وظهر فيه ميل إلى طريقة أهل الله فصار يتوجه إلى كل طرف يسير حتى وصل إلى ملازمة
الشيخ بابا ولي الكبروي في بلدة كشمير فلازمه وأخذ عنه، وهبت عليه في ملازمته النفحات الربانية
وظهرت فيه الغيبة المعهودة عند هذه الطائفة، ولما مات الشيخ المذكور صار يدور البلاد في الطلب
ومضى عليه زمان السياحة والأخذ حتى حضرت له روح الشيخ عبيد الله الأحرار فعلمه الطريقة
النقشبندية وتم أمره، ثم ذهب إلى ما وراء النهر فأدرك بها الشيخ محمد الأمكنكي، فأجازه الشيخ بعد
ثلاثة أيام ورخصه، فرجع إلى الهند وأقام سنة ببلدة لاهور، واغتنم صحبته فيها كثير من العلماء، ثم
ارتحل منها إلى دار سلطنة الهند دهلي، واختار للاقامة القلعة الفيروزية التي كانت مشتملة على نهر
كبير ومسجد عظيم، فأقام هناك إلى وفاته.
وكان صاحب الأذواق والمواجيد كثير التواضع والانكسار، وكان يجتهد في ستر أحواله وسيرته عن
نظر الأغيار ولا يرى نفسه أهلاً لمقام الإرشاد، فإذا جاءه شخص يطلب الطريقة كان يقول: ليس
عندي شيء من ذلك ينبغي لك أن تطلبه من غيري فإذا لقيت أحداً من هذه الطائفة فنبهني عليه،
وكان بمعزل عن الدعوى، يشتغل بخدمة الزوار واستمالة قلوبهم، ولا يتكلم إلا عن ضرورة إلا في
مسألة مشكلة من الحقائق فكان يوضحها حق الإيضاح لئلا يميل صاحبها عن النهج القويم، وكان يمنع
أصحابه عن القيام تعظيماً له ويعد نفسه كأحد منهم ويحب المساواة معهم في سائر حالاته، وكان يقعد
فوق التراب من غير حائل تواضعاً ومسكنة.
وكان ذا كيفية عجيبة وتصرفات غريبة بحيث إذا وقع نظره على شخص كان يتغير حاله، وكان
يحصل الذوق والشوق والكيفية المعهودة عند هذه الطائفة في أول صحبته، ويجري لطائف الطالبين
بالذكر في أول التلقين، وكان ذلك للكل على سبيل التعميم، وكان على غاية الشفقة على الخلق حتى
أنه قام ليلة في أيام البرد عن فراشه، فلما عاد رأى في لحافه هرة نائمة فلم يرض بايقاظها وتحريكه
إياها وقعد إلى الصبح متحملاً لنكد البرد، وصادفت إقامته في لاهور مجاعة فلم يأكل في تلك المدة
شيئاً، فإذا حضر عنده طعام فرقه وقسمه على الجائعين، ولما خرج من لاهور متوجهاً إلى دهلي رأى
عاجزاً في الطريق فنزل عن دابته وأركبه إياها وصار يمشي متقنعاً لئلا يعرفه أحد، ولما قرب إلى
المنزل أنزله وركب بنفسه لئلا يطلع عليه أحد.
وكان غاية في رؤية قصور الأحوال واتهام النفس، لا يميز نفسه عن العامة فضلاً عن أصحابه، قيل
كان في جواره شاب يرتكب كل شيء من الفسق فكان يتحمله مع اطلاعه عليه فسعى خواجه حسام
الدين الدهلوي أحد أصحابه في دفعه وتأديبه إلى الحكام فأخذوه وحبسوه، فلما اطلع عليه غضب على
صاحبه وقال: لم فعلت كذا؟ قال: يا سيدي! إنه فاسق لا يبالي يرتكب كل شيء، فقال: أواه لما كنتم
من أهل الصلاح والتقوى رأيتم فسقه وإلا فنحن لا نعرف الفرق بيننا وبينه فكيف نترك أنفسنا
ونسعى به إلى الحكام! ثم سعى في تخليصه وإخراجه من الحبس فأخرجوه، فتاب وصار من
الصلحاء، وكان - رحمه الله - إذا صدرت زلة من أصحابه يقول: إن هذا من زلاتنا ظهرت منهم
بطريق الانعكاس، وكان يختار الأحوط في العبادات والمعاملات، ولذلك كان يقرأ الفاتحة خلف الإمام
في الصلاة في ابتداء حاله لكثرة الأحاديث الواردة في قراءتها وقوة دليلها، وهذه المذكورات نبذة من
شمائله وقطرة من بحر خصائصه، ولذلك ترى أن الناس انتفعوا به في مدة قليلة، وما انتشرت هذه
السلسلة المباركة في الهند إلا منه رضي الله عنه، وما كان أحد يعرفها قبله، وكان الشيخ محمد بن
فضل الله البرهانبوري يقول: إنه كان معدوم النظير في قوة الإرشاد، فإنه أرشد ثلاث سنين أو أربع،
وفي تلك(5/552)
المدة القليلة أنار الآفاق بلوامع إفاداته، كما في زبدة المقامات للكشمي، وذلك لأنه عاش
أربعين سنة وبعد قدومه الهند لم يعش إلا أربع سنوات، وفي تلك المدة القليلة بلغ أصحابه إلى أعلى
مدارج الكمال حتى أنهم محوا آثار الطرق السالفة وغلبت الطريقة النقشبندية على الطرق الأخرى.
وقال محمد بن فضل الله المحبي في خلاصة الأثر: إنه كان - قدس الله روحه ونور ضريحه - آية
من آيات الله سبحانه، ونوراً من أنواره، وسراً من أسراره، صاحب علم ظاهر وباطن وتصرفات،
كثير الصمت والتواضع والإنكسار، ذا خلق حسن، لا يتميز عن الناس بشيء حتى أنه كان يمنع
أصحابه من أن يقوموا لتعظيمه وأن لا يعاملوه إلا كما يعامل بعضهم بعضاً.
ثم قال: وظهرت له التصرفات العظيمة فصار كل من يقع نظره عليه أو يدخل في حلقته يصل إلى
الغيبة والفناء ولو لم تكن له مناسبة، وكان الناس مطروحين على بابه كالسكارى، وبعضهم كان
ينكشف له في أول الصحبة عن عالم الملك والملكوت، وكل هذا كان من غلبة الجذبات الإلهية،
انتهى.
وممن أخذ عنه الشيخ الإمام أحمد بن عبد الأحد السرهندي إمام الطريقة المجددية، والشيخ العارف
تاج الدين بن سلطان العثماني السنبهلي، والشيخ حسام الدين ابن نظام الدين البدخشي، والشيخ إله داد
الدهلوي وخلق آخرون.
ومن مصنفاته الرسائل البديعة والمكاتيب العلية والأشعار الرائقة، منها سلسلة الأحرار شرح فيه
رباعياته في الحقائق والمعارف بالفارسي.
توفي يوم الأربعاء رابع عشر من جمادي الآخرة سنة أربع عشرة بعد الألف بمدينة دهلي وله
أربعون سنة وأربعة أشهر، وقبره بها على غربيها عند أثر قدم الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
مولانا عبد الجليل الجونبوري
الشيخ العالم الفقيه الزاهد عبد الجليل بن شمس الدين بن نور الدين الصديقي البرونوي الجونبوري،
أحد فحول العلماء، قرأ العلم على والده، واستفاد من الشيخ العلامة محمود بن محمد الجونبوري
صاحب الشمس البازغة وعن الشيخ محمد رشيد بن مصطفى العثماني الجونبوري، ثم تصدى للدرس
والإفادة.
كان ورعاً صالحاً تقياً عارفاً، أخذ الطريقة عن الشيخ عبد الجليل اللكهنوي والشيخ عزيز الحق
الدهلوي، وصرف عمره بالتدريس مع قناعة وعفاف، توفي في ثامن شوال سنة ست وسبعين وألف
ببلدة جونبور فدفن بها، كما في تجلي نور.
الشيخ عبد الجليل اللكهنوي
الشيخ الصالح الفقيه الزاهد عبد الجليل بن عمر الصديقي البيانوي ثم اللكهنوي، أحد المشايخ
المشهورين، كان أويسياً استفاض من روحانية الشيخ معين الدين حسن السجزي الأجميري، وأخذ
عنه غير واحد من المشايخ.
وكان صاحب وجد وحالة، سافر إلى جونبور وأقام عند الشيخ عبد العزيز الجونبوري، ولما حان
وقت العشاء طلب الماء للوضوء ثم استغرق في بحار المعرفة واستغرق آناء الليل، فلما نادى المؤذن
حي على الصلاة أفاق عن تلك الحالة وطلب الماء مرة ثانية، فقيل إنه لا يزال جاهزاً من العشاء، له
الأسرارية في الحقائق والمعارف.
مات في التاسع عشر من ربيع الآخر سنة ست عشرة وألف كما في مرآة الأسرار.
الشيخ عبد الجميل السندي
الشيخ الفاضل عبد الجميل الحنفي التتوي السندي، أحد العلماء المشهورين في أيام شاهجهان بن
جهانكير، سكن بلاهري بندر، وكان له ثلاثة أبناء: أبو الفتح ومحمد شريف ومحمد شفيع، كلهم نبغوا
في العلم ونالوا الدرجة في أيام عالمكير، كما في تحفة الكرام.
الشيخ عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي
الشيخ الإمام العالم العلامة المحدث الفقيه شيخ(5/553)
الإسلام، وأعلم العلماء الأعلام، وحامل راية العلم
والعمل في المشايخ الكرام، الشيخ عبد الحق بن سيف الدين بن سعد الله البخاري الدهلوي المحدث
المشهور، أول من نشر علم الحديث بأرض الهند تصنيفاً وتدريساً.
ولد في شهر المحرم سنة ثمان وخمسين وتسعمائة بمدينة دهلي، وقرأ القرآن على والده في شهرين
أو ثلاثة أشهر، ثم تعلم الكتابة والإنشاء في شهر واحد، وقرأ أجزاء من كلستان وبوستان وديوان
الحافظ وقرأ ميزان الصرف إلى المصباح والكافية في الصرف والنحو على والده، وقرأ أجزاء من
اللب والإرشاد وشرح الشمسية وشرح العقائد وله اثنا عشر عاماً، وقرأ المختصر والمطول وله
خمس عشرة سنة، وقرأ سائر الكتب الدرسية على هذا الأسلوب البديع، وأخذ كل ذلك في سبع
سنوات أو ثماني عن الأستاذ محمد مقيم تلميذ الأمير محمد مرتضى الشريفي وعن غيره من العلماء
بمدرسة دهلي وكانت على مسافة ميلين من منزله، يروح ويغتدي إليها كل يوم في حر وبرد، وكان
دائم الاشتغال مكباً على المطالعة في دياجير الليالي حتى أنه قد احترقت عمامته غير مرة بالسراج
الذي كان يجلس أمامه للمطالعة فما كان يتنبه له حتى تتصل النار ببعض شعره.
ولما قرأ فاتحة الفراغ حفظ القرآن في سنة واحدة، وبايع الشيخ موسى ابن حامد الحسني الأجي سنة
خمس وثمانين وتسعمائة وله اثنتان وعشرون سنة، ثم قطع حبائل المحبة عن الأهل والدار وسافر
للحج والزيارة سنة خمس وتسعين وتسعمائة، فلما وصل إلى أجين أقام بها زماناً، وهيأ له مرزا
عزيز الدين بن شمس الدين الدهلوي أمير تلك الناحية الزاد والراحلة، فسافر إلى أحمد آباد وأقام بها
زماناً، وأدرك الشيخ وجيه الدين بن نصر الله العلوي الكجراتي وأخذ عنه بعض أذكار الطريقة
القادرية وأشغالها، وأكرمه مرزا نظام الدين بن محمد مقيم الهروي الأكبر آبادي وأضافه.
ثم سافر إلى مكة المباركة سنة ست وتسعين وتسعمائة فحج وأقام بمكة عشرة أشهر، وسافر إلى
المدينة المنورة لسبع ليال بقين من ربيع الآخر سنة سبع وتسعين وتسعمائة، وأقام بها إلى آخر شهر
رجب سنة ثمان وتسعين وتسعمائة، ثم رجع إلى مكة وأقام بها زماناً وحج مرة ثانية، ثم رحل إلى
الطائف في آخر شعبان سنة تسع وتسعين وتسعمائة، ثم رجع إلى مكة وأقام بها زماناً قليلاً، ورجع
إلى الهند في ذلك العام.
أخذ الحديث بمكة عن الشيخ عبد الوهاب بن ولي الله المتقي والقاضي علي بن جار الله بن ظهيرة
القرشي المخزومي المكي، وبالمدينة المنورة عن الشيخ أحمد بن محمد بن محمد أبي الحزم المدني
والشيخ حميد الدين بن عبد الله السندي المهاجر، وأجازوه إجازة عامة وأثنوا عليه، وأطنب في مدحه
القاضي علي بن جار الله المذكور، قال: إنه الفرد العلم في القطر الهندي وقال: إنه ممن أعلى الله
همته في الطلب ووفقه للسعي فيما يوصل إلى بلوغ الأرب وخدم العلم الشريف وضرب فيه بالسهم
الأعلى والقدح المعلى، وقد شرفني بالحضور عندي برهة من الزمان في المسجد الحرام بقراءة قطعة
من صحيح الإمام البخاري وقطعة من ألفية الحديث للعراقي البحر الهمام، فاستفدت منه أكثر مما
استفاد، وأبدى من الأبحاث ما أحسن فيه وأجاد قراءة ظهر بها أنه بالإفادة أحق منه بالاستفادة، وأن
له رسوخ قدم في الاشتغال على جمل الوجوه المعتادة انتهى.
وقرأ على الشيخ عبد الوهاب المذكور مشكاة المصابيح وأخذ عنه آداب الذكر وأوضاعه وتقليل
الطعام وآداب الخلوة، ولازمه واستفاد منه فوائد كثيرة، وكان الشيخ يحبه ويثني عليه، وبشره
ببشارات وألبسه الخرقة وحكمه وكتب له إجازة مطلقة في أحكام التحكيم، ففاق الأقران وصار عجباً
في سرعة الاستحضار وقوة الجنان، والتوسع في المعقول والمنقول والاطلاع على مذاهب السلف،
وأقام بدهلي اثنتين وخمسين سنة، ونشر العلوم لا سيما الحديث الشريف بحيث لم يتيسر مثله لأحد
من العلماء السابقين في ديار الهند.
قال القنوجي في الحطة بذكر الصحاح الستة: إن الهند لم يكن بها علم الحديث منذ فتحها أهل
الإسلام بل كان غريباً كالكبريت الأحمر حتى من الله تعالى على الهند بإفاضة هذا العلم على بعض
علمائها كالشيخ عبد الحق بن سيف الدين الترك الدهلوي المتوفي سنة اثنتين وخمسين وألف
وأمثالهم، وهو أول من جاء به(5/554)
في هذا الإقليم، وأفاضه على سكانه في أحسن تقويم، ثم تصدى له
ولده الشيخ نور الحق المتوفي سنة ثلاث وسبعين وألف، وكذلك بعض تلامذته على القلة ومن سن
سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها كما اتفق عليه أهل الملة، وتحديث هؤلاء أهل الصلاح وإن
كان على طريق الفقهاء المقلدة القراح دون المحدثين المبرزين المتبعين الأقحاح ولكن مع ذلك لا
يخلو عن كثير فائدة في الدين وعظيم عائدة بالمسلمين - جزاهم الله تعالى عن المسلمين خير الجزاء
وأفاض عليهم رحمته السحاء - انتهى.
وبالجملة فإنه درس وأفتى وصنف، وشرح الكتب ونقل معانيها من العربية إلى الفارسية، وكشف
عن إشاراتها الباهرة ولطائفها الزاهرة بالعبارة الجلية المشرق عليها نور الإذن الرباني، واللائح
عليها أثر القبول الرحماني.
وتصانيفه من الصغار والكبار كثيرة، منها تأليف القلب الأليف بكتابة فهرست التواليف أوله الحمد
لله منزل الكتب السماوية، ألخ عدد فيه كتبه زهاء ثلاثين مجلداً، منها لمعات التنقيح في شرح مشكاة
المصابيح، وهو أجل وأعظم وأطول وأكبر تصنيفاته، قال في تأليف القلب الأليف في حق ذلك
الكتاب: وقد جاء بتوفيق الله وتأييده كتاباً حافلاً شاملاً مفيداً نافعاً في شرح الأحاديث النبوية، على
مصدرها الصلاة والتحية، مشتملة على تحقيقات مفيدة وتدقيقات بديعة، وفوائد شريفة ونكات لطيفة،
ومنها أسماء الرجال والرواة المذكورين في المشكاة، ومنها أشعة اللمعات في شرح المشكاة شرح
فارسي في أربع مجلدات، قال في تأليف الأليف، إنه تلو لأخته لمعات التنقيح في شرح المشكاة
وأرجح منها في التنقيح والتهذيب والضبط والربط وأكبر منها في الحجم والضخامة، ومنها جامع
البركات في منتخب شرح المشكاة، وهو يشتمل على فوائد كثيرة وعوائد غزيرة، ومنها مدارج النبوة
ومراتب الفتوة في سير النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخباره بالفارسية في مجلدين، ومنها مطلع
الأنوار البهية في الحلية الجلية النبوية، ومنها ذكر إجازات الحديث في القديم والحديث، ومنها أسماء
الأساتذة - رحمة الله عليهم أجمعين - ومنها فصول الخطب لنيل أعالي الرتب، ومنها تنبيه العارف
بما وقع العوارف في باب إخلاص الصوفية - قدس الله أسرارهم الصفية - من الحكم على ما صدر
من أخبارهم عن أحوالهم تحدثاً بنعمة الله أنها من باب الشكر وغلبة الحال، ومنها طريق الإفادة في
شرح سفر السعادة للفيروز آبادي، وسماه الطريق القويم شرح الصراط المستقيم، ومنها جذب القلوب
إلى ديار المحبوب، وهو تاريخ المدينة المنورة بالفارسية، ومنها أحوال الأئمة الاثني عشر وهو
ملخص من فصل الخطاب، ومنها زبدة الآثار منتخب بهجة الأسرار في مناقب الشيخ الإمام عبد
القادر الجيلاني، ومنها شرح فتوح الغيب للشيخ عبد القادر الجيلاني واسمه مفتاح الفتوح لفتح أبواب
النصوص، ومنها الأنوار الجلية في أحوال المشايخ الشاذلية، ذكر فيه ثمانية رجال من عظمائهم
وعلمائهم، ومنها زاد المتقين في سلوك طريق اليقين في سيرة الشيخ علي بن حسام الدين المتقي
المكي وصاحبه الشيخ عبد الوهاب بن ولي الله المندوي البرهانبوري ومشايخ أخر من أهل العرب
والعجم، ومنها أخبار الأخيار في أحوال الأبرار من أهل هذه الديار، قال في تأليف الأليف: إنه أول
مصنفاته، ومنها ذكر الملوك في أخبار سلاطين الهند، واسمه متضمن لتاريخ التصنيف، ومنها تحقيق
الإشارة إلى تعميم البشارة في إثبات البشارة بالجنة لغير الأصحاب المشتهرين بالعشرة المبشرة وعدم
اختصاصهم وبيان سبب اشتهارهم بذلك، ومنها جمع الأحاديث الأربعين في أبواب علوم الدين، ومنها
ترجمة الأحاديث الأربعين في نصيحة الملوك والسلاطين، ومنها المطلب الأعلى في شرح أسماء الله
الحسنى وصفاته العلى، ومنها ترغيب أهل السعادات على تكثير الصلاة على سيد الكائنات صلى الله
عليه وسلم، ومنها الأجوبة الإثنا عشر في توجيه الصلاة على سيد البشر، رسالة حوت توجيهات
التشبيه الواقع في الصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومنها تحقيق ما ثبت بالسنة من الأعمال
في أيام السنة، ومنها الرسالة النورية السلطانية في بيان قواعد السلطنة وأحكامها وأركانها وأسبابها
وآلاتها، صنفها للسلطان نور الدين جهانكير بن أكبر شاه، ومنها آداب الصالحين وهو ملخص من
إحياء العلوم للغزالي في آداب الأكل الشرب والمنام والمعاشرة وغيرها، ومنها مرج البحرين في
الجمع بين الطريقين وهي رسالة(5/555)
حسنة مفيدة في توقيع الشريعة والطريقة، ومنها تكميل الإيمان
وتقوية الإيقان في العقائد، القول فيها في مبحث الخلافة، ومنها تحصيل التعرف في معرفة الفقه
والتصوف، ومنها توصيل المريد إلى المراد ببيان أحكام الأحزاب والأوراد، رسالة مفيدة في بابها،
ومنها تسلية المصاب لنيل الأجر والثواب في الصبر، ومنها شرح الصدور بتفسير آية النور، ومنها
الدر الفريد في بيان قواعد التجويد، ومنها البناء المرفوع في ترصيص مباحث الموضوع في
المنطق، ومنها الدرة البهية في اختصار الرسالة الشمسية في المنطق، ومنها شرح الشمسية، قال في
تأليف الأليف: إنه قد وقع على طريق البسط والتحقيق إلى قوله بحث تقديم مباحث الموصل إلى
التصور على مباحث الموصل إلى التصديق، ومنها حاشية الفوائد الضيائية واتباع الهوى الصبائية،
من الأول إلى وجه حصر الكلمة في الأقسام ومن بحث الفعل إلى آخر الكتاب، قال في تأليف
الأليف: التزمت فيه الأدب عن المخدوم المكين الأمين في اعتراضات مولانا وأستاذنا مولانا عصام
الدين، ومنها الأفكار الصافية في ترجمة كتاب الكافية، صنفها وهو ابن خمس عشرة سنة، ومنها
منظومة في آداب المطالعة والمناظرة لمن يطالع الكتاب وناظره، ومنها نكات العشق والمحبة في
تطييب قلوب الأحبة، ومنها نكات الحق الحقيقة من باب معارف الطريقة، ومنها صحيفة المودة،
أرجوزة في المكاتبات إلى أقاربه وأحبائه، ومنها منتخب المثنوي المعنوي، ومنها حسن الأشعار في
جمع الأشعار، ومنها إرسال المكاتيب والفضائل إلى أرباب الكمال والفضائل.
وفي ذلك الكتاب رسائل عديدة ذات أسماء يربو عددها على ستين رسالة: الأولى سلوك طريقة
الفلاح عند فقد التربية بالاصطلاح، والثانية ذكر أصول الطريقة لكشف الحقيقة، والثالثة تعيين
الطريق لأهل الإرادة بالتزام وظائف الخير والعبادة، والرابعة تنبيه أهل العلوم والنهي بتفاوت حال
الابتداء والإنتهاء، والخامسة تحصيل الكمال الأبدي بإختيار الفقر المحمدي، والسادسة قرع الأسماع
باختلاف أقوال المشايخ وأحوالهم في السماع، والسابعة ورود الامداد بالاستقامة على الأوراد، والثامنة
رعاية الإنصاف والاعتدال في اعتقاد الصوفية من أرباب الأحوال، والتاسعة إيراد العبارات
الفصيحة في شرح قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الدين النصيحة، والعاشرة إقامة المراسم في
أحوال المواسم، والحادية عشرة تطريب الألحان بمناصحة الإخوان، والثانية عشرة اختيار الانفراد
والتخلي لانتظار الكشف والتجلي، والثالثة عشرة تحصيل المطلوب بانتظار حضور المحبوب،
والرابعة عشرة تذكير أولي الأحلام بأن لذات الدنيا كلها آلام، والخامسة عشرة رفع صوت النحيب
بإتمام ضعف المشيب، والسادسة عشرة تقسيم الأنام على أربعة أقسام، والسابعة عشرة تنبيه الغافلين
بفناء الدنيا وأربابها واغترار الجاهلين بزخارفها وأسبابها، والثامنة عشرة سلوك أقرب السبل بالتوجه
إلى سيد الرسل، والتاسعة عشرة صدق التعطش والأوام في طلب المقصد والمرام، والعشرون تثبيت
القدم في الاصطبار بترك صحبة الأضداد والأغيار، والحادية والعشرون تجديد الذكر في بيان حقيقة
الشكر، والثانية والعشرون إتحاف الأحبة ببيان حديث المحبة، والثالثة والعشرون حفظ الوقت بترك
الاختلاط مع الأضداد والاخلاط، والرابعة والعشرون التزام التمسك واللجاء بالوقوف بين الخوف
والرجاء، والخامسة والعشرون كشف أستار الظلم من وجه لسان الحال والقلم، والسادسة والعشرون
سلوك طريق الفجاج بالاجتناب عن الانحراف والاعوجاج، والسابعة والعشرون كشف الأستار عن
تحقيق معنى الكسب والاختيار، والثامنة والعشرون ترك الاختيار والتدبير بالاكتفاء بتدبير العليم
الخبير، والتاسعة والعشرون تحقيق اليأس عن قول إيمان البأس، والثلاثون وجوه الفناء في أحدية
الذات بالغيبة من جميع النسب والجهات، والحادية والثلاثون هداية طريق التربية والتعليم ببيان
حقيقة الرضاء والتسليم، والثانية والثلاثون التعظيم لأمر الله والشفقة على خلق الله، والثالثة والثلاثون
مشاهدة الأبرار بين التجلي والاستتار، والرابعة والثلاثون هداية الأنام إلى التمسك بالشرائع
والأحكام، والخامسة والثلاثون تنبيه أولي الألباب على ملازمة الأدعية والأحزاب، والسادسة
والثلاثون استئناس أنوار القبس في شرح دعاء أنس، والسابعة والثلاثون تحلية القلوب لقدس
الملكوت(5/556)
بشرح دعاء القنوت، والثامنة والثلاثون تحصيل البركات والطيبات بمعنى التحيات،
والتاسعة والثلاثون تثبيت الفؤاد بتصور عظمة رب العباد، والأربعون ذم الكسل في المواظبة
والمداومة على العمل، والحادية والأربعون تنوير القمر ليلة البدر في تصوير معنى شرح الصدر،
والثانية والأربعون تدقيق البيان في إيجاب الشكر المزيد واستلزامه حصول المحبة والتوحيد، والثالثة
والأربعون تحقيق الدعاء والاستمداد بلسان القال والحال والاستعداد، والرابعة والأربعون طي لسان
القلم ببيان معنى قولهم لا راحة إلا في القدم والعدم، والخامسة والأربعون إظهار الحسرة والاستبعاد
بتقصير النفس في إصلاح المبدء والمعاد، والسادسة والأربعون حرقة الجنان بتمني الكشف والعيان،
والسابعة والأربعون طيب المذاق ببيان الذوق في مقام الإطلاق، والثامنة والأربعون حراسة الإيمان
من مكايد الشيطان، والتاسعة والأربعون توصية الأصحاب بالصبر في جميع الأبواب، والخمسون
تنبيه أهل الفكر على رعاية آداب الذكر، والحادية والخمسون تذكرة أهل الذكر ببيان فضيلة الذكر
على اللذات والشهوات، والثالثة والخمسون تسوية الأداني والأعالي بالخوف والكسوت في حضرة لا
أبالي، والرابعة والخمسون تبصرة الأغنياء بأن الفقر مرآة جمال الغناء، والخامسة والخمسون إسقاط
اعتبار الأجساد والأشباح عند ملاقاة القلوب والأرواح، والسادسة والخمسون تحصيل الغنائم
والبركات بتفسير سورة العاديات، والسابعة والخمسون ترجمة مكتوب النبي الأجل في تعزية ولد
معاذ بن جبل، والثامنة والخمسون إيراد العبارات بلسان أهل الإرشادات، والتاسعة والخمسون طلاقة
اللسان بشكاية حال الفراق والهجران، والستون إظهار القلق والاضطراب في حصول المطلوب بلا
إرتياب، والحادية والستون توصية الإخوان بالصبر على جفاء أهل الزمان، والثانية والستون طلب
النور في ذكر باعث سفر لاهور، والثالثة والستون سلوك الطريقة على نهج المجاز قنطرة الحقيقة،
والرابعة والستون تسلية السائل ببيان المسائل، والخامسة والستون وجدان البرد باستشمام الورد،
والسادسة والستون جمع كلمات العارفين من أهل الصدق واليقين، والسابعة والستون الرد على
الدعاوي الباطلة التي صدرت لبعض النفوس العاطلة.
وأما مصنفاته
التي صنفها بعد تأليف الأليف أو قبله ولم يذكرها فيه فمنها فتح المنان في تأبيد مذهب النعمان،
كتاب ضخم له في الفقه وبالحديث، ومنها ترجمة زبدة الآثار المنتخب من بهجة الأسرار، ترجمه
بأمر دارا شكوه من العربي إلى الفارسي، ومنها رسالة في أقسام الحديث، ومنها رسالة في ليلة
البراءة، ومنها رسالة في أسرار الصلاة، ومنها رسالة في عقد الأنامل، ومنها رسالة في آداب اللباس،
ومنها رسالة في الرد على بعض أقوال الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي، ومنها رسالة في مبحث
الوجود، ومنها رسالة في الوظائف، ومنها رسالة في وصاياه.
وكلها مقبولة عند العلماء محبوبة إليهم يتنافسون فيها وهي حقيقة بذلك، وفي عباراته قوة وفصاحة
وسلاسة، تعشقها الأسماع وتلتذ بها القلوب.
ومن فوائده:
حقيقت عبادت امتثال أمر وموافقت سنت است، وقيلوله از وقتش بموافقت سنت فاضل تراست از
ذكر ونماز در ان وقت باوجود ولع بدان.
ومنها: نصيحت اينست از متقشفة فقهاء وجهله صوفية بر كرانه باشي سلامت درين طريقه است
باقي محل خوف وخطر.
ومن أبياته قوله:
ز ديده تير نكاهش كذشت ودر دل خورد بلائي ديده نكه كن كه در دل افتاد است
توفي يوم الإثنين لسبع بقين من ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين وألف بدار الملك دهلي فدفن بها
قريباً من الحوض الشمسي.(5/557)
الشيخ العلامة عبد الحكيم السيالكوتي
الشيخ الإمام العلامة الكبير الفاضل صاحب التصانيف الفائقة والتآليف الرائقة الشيخ عبد الحكيم بن
شمس الدين السيالكوتي، أحد مشاهير الهند، اتفق على فضله علماء الآفاق، وسارت بمصنفاته
الرفاق.
ولد ونشأ بسيالكوث من بلاد بنجاب، واشتغل على الشيخ كمال الدين الكشميري ولازمه مدة وتخرج
عليه وصار عجباً في استحضار المسائل وقوة العارضة وكثرة الدرس والإفادة وزنه شاهجهان بن
جهانكير التيموري صاحب الهند مرتين بالفضة في الميزان ومنحه ما جاء في الوزن، وهو كل مرة
ستة آلاف من النقود، وأنعم عليه بقرى متعددة يعيش بها في النعم ويدرس ويصنف، وتصانيفه كلها
مقبولة عند العلماء محبوبة إليهم ولا سيما عند علماء بلاد الروم يتنافسون فيها، وهي جديرة بذلك.
قال الشيخ محمد بن فضل الله المحبي في خلاصة الأثر: إنه كان من كبار العلماء وخيارهم، مستقيم
العقيدة صحيح الطريقة، صادعاً بالحق مجاهراً به الأمراء الأعيان، وكان رئيس العلماء عند سلطان
الهند خرم شاهجهان، لا يصدر إلا عن رأيه، لم يبلغ أحد من علماء الهند في وقته ما بلغ من الشأن
والرفعة، ولا انتهى واحد منهم إلى ما انتهى إليه، جمع الفضائل عن يد، وحاز العلوم وانفرد، وأفنى
كهولته وشيخوخته في الانهماك في العلوم وحل دقائقها، ومضى من جليها وغامضها على حقائقها،
وألف مؤلفات عديدة، انتهى.
وقال محمد صالح في عمل صالح، إنه كان من كبار الأساتذة، لم يدرك شأوه أحد من العلماء في
غزارة العلم وكثرة الدرس والإفاد درس وأفاد ستين سنة. ومن مصنفاته حاشية على تفسير
البيضاوي، وحاشية على المقدمات الأربعة من التلويح - في الأصول - وحاشية على المطول - في
البلاغة، وعلى شرح المواقف وعلى شرح العقائد للتفتازاني، وعلى حاشيته للخيالي وعلى شرح
العقائد للدوني - كلها في علم الكلام - وحاشية على شرح الشمسية وعلى حاشيته للسيد الشريف
وعلى شرح المطالع - كلها في المنطق، وحاشيته على شرح الكافية للجامي وعلى حاشيته لعبد
الغفور اللاري - كلاهما في النحو، وحاشية على مراح الأرواح - في الصرف - وله الدرر الثمينة
في إثبات علم الواجب وحاشية على شرح حكمة العين وعلى شرح هداية الحكمة - في الحكمة -
وله غير ذلك من الحواشي والرسائل، انتهى.
توفي في الثامن عشر من ربيع الأول سنة سبع وستين وألف بمدينة سيالكوث فدفن بها.
الشيخ عبد الكيم الكشميري
الشيخ العالم الصالح عبد الحكيم الحنفي الكشميري، أحد العلماء المبرزين في المعقول والمنقول، أخذ
الطريقة عن الشيخ معين الدين النقشبندي الكشميري، كما في روضة الأبرار.
مولانا عبد الحميد اللاهوري
الشيخ الفاضل عبد الحميد اللاهوري، أحد العلماء المبرزين في التاريخ والإنشاء والشعر، ولد ونشأ
بمدينة لاهور وقرأ العلم على من بها من العلماء، ثم تفنن بالفضائل على أبي الفضل بن المبارك
الناكوري، وصحب الملوك والأمراء مدة مديدة، ثم لازم الترك والتجريد واعتزل بمدينة عظيم آباد
واستقام على الطريقة زماناً، ثم استقدمه شاهجهان بن جهانكير التيموري صاحب الهند وأمره أن
يصنف كتاباً في سيرته، فصنف كتاباً حافلاً في أيامه وسماه بادشاه نامه وهو مشهور بشاهجهان نامه
أيضاً، توفي سنة خمس وستين وألف.
مولانا عبد الحي البلكرامي
الشيخ العالم الفقيه عبد الحي بن أبي الفتح بن عبد الدائم العثماني البلكرامي، أحد العلماء المبرزين
في الفقه والأصول والعربية، ولد ونشأ ببلدة بلكرام، وقرأ العلم على من بها من العلماء ثم قام مقام
والده، وله خلاصة الفقه رسالة فما ورد في السفر، جمعها من الفقه والحديث، كما في شرائف
عثماني.(5/558)
الشيخ عبد الحي الحصاري
الشيخ العالم الصالح عبد الحي بن خواجه جاكر الحنفي الحصاري، أحد الرجال المعروفين بالفضل
والصلاح، كان أصله من حصار شادمان قرية - من أعمال أصفهان - قدم الهند وأخذ الطريقة عن
الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي إمام الطريقة المجددية، وصحبه مدة من الزمان.
وكان عالماً كبيراً صاحب المقامات العالية، لم يكن له نظير في زمانه في التقوى والتورع
والاستقامة على الطريقة، سكن في آخر عمره بمدينة بتنه، له نور الخلائق مجموع لطيف، جمع فيه
مكاتيب شيخه زهاء تسع وتسعين، وهو المجلد الثاني من مكتوبات الشيخ أحمد المذكور جمعه سنة
ثمان وعشرين وألف، توفي سنة سبعين وألف، كما في خزينة الأصفياء.
المفتي عبد الحي السنبهلي
الشيخ الفاضل الكبير المفتي عبد الحي السنبهلي، كان من كبار العلماء، ولي الإفتاء بسنبهل وأقام به
مدة عمره، وله مصنفات مفيدة في العلوم الدينية، ذكره كمال محمد السنبهلي في الأسرارية.
الشيخ عبد الخالق السهارنبوري
الشيخ العالم الفقيه عبد الخالق بن عبد الستار بن عبد الكريم الأنصاري السهارنبوري، أحد العلماء
المبرزين في القراءة والتجويد، ولد ونشأ بمدينة سهارنبور، وحفظ القرآن وجوده على الشيخ ركن
الدين بن عبد القدوس الحنفي الكنكوهي، ثم قرأ العلم وليس الخرقة منه، توفي في سابع رجب سنة
عشرين وألف، كما في مرآة جهان نما.
مولانا عبد الدائم الكواليري
الشيخ العالم الفقيه عبد الدائم بن عبد الحي بن عبد الغني العباسي الكواليري، أحد العلماء المبرزين
في الفقه والأصول والعربية، له أساس الأصول كتاب في أصول الفقه، صنفه في أيام شاهجهان بن
جهانكير التيموري سلطان الهند، وهو محفوظ في المكتبة الحامدية برامبور.
الشيخ عبد الرحمن الدنيتهوي
الشيخ العالم الصالح عبد الرحمن بن عبد الرسول بن قاسم بن بدها العباسي العلوي الدينتهوي
الأودي أحد المشايخ الجشتية، ولد تاسع ربيع الآخر سنة خمس بعد الألف بقرية دنيتهي، وهي التي
يسمونها رسولبور على اسم أبيه، لأنه انتقل إلى تلك القرية وسكن بها، وكان عبد الرحمن قرأ العلم
على أساتذة عصره بمدينة أميتهي، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ حسن بن مراد عن الشيخ عبد الجليل
الأويسي اللكهنوي ولازمه أربعين سنة، وأخذ عن السيد حسن الشريف الكجهوجهوي وعن الشيخ
حميد بن الشيخ قطب الجشتي الردولوي على طريق الأويسية من روحانية الشيخ الكبير معين الدين
حسن السجزي الأجميري والشيخ أحمد عبد الحق الردولوي والسيد سالار مسعود الغازي.
له مرآة الأسرار كتاب حافل بالفارسي في سير المشايخ الجشتية ومعاصريهم من أهل الطرق، صنفه
سنة خمس وأربعين وألف في أيام شاهجهان بن جهانكير، أوله الحمد لله رب المشرق والمغرب فأينما
تولوا فثم وجه الله إلخ وله مرآة مداري في أخبار الشيخ بديع الدين المدار المكنبوري، وله مرآة
مسعودي في أخبار السيد سالار مسعود الغازي، ومرآة الولاية في أخبار الشيخ عبد الجليل اللكهنوي
وأصحابه، والأوراد الجشتية صنفه سنة 1032 وعمره قارب مائة سنة.
مات سنة أربع وتسعين وألف فدفن بقرية دنيتهه في بيته وهي قرية من أعمال لكهنؤ، كما في تأليف
محمدي.(5/559)
المفتي عبد الرحمن الكابلي
الشيخ العالم الكبير المفتي عبد الرحمن الحنفي الكابلي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، كان مفتي المعسكر بمدينة آكره في عهد شاهجهان ابن جهانكير الدهلوي سلطان الهند،
وكان صادقاً ديناً متورعاً صاحب عقل ووداعة، أخذ الطريقة عن الشيخ أحمد بن عبد الأحد
السرهندي لما قدم آكره، وكان الشيخ إذا دخل آكره يتردد إليه، كما في زبدة المقامات.
الشيخ عبد الرحمن البدخشي
الشيخ العالم المحدث عبد الرحمن البدخشي الكابلي المعروف بحاجي رمزي، كان من العلماء
الصالحين، سافر إلى البلاد فحج وزار، وأخذ المسلسل بالمصافحة عن الشيخ السلطان علي الدوسي
عن الشيخ محمود الإسفرازي عن الشيخ سعيد المعمر الحبشي وهو صافح رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وأخذ عنه الشيخ أحمد ابن عبد الأحد العمري السرهندي وولده محمد سعيد وخلق آخرون.
الشيخ عبد الرحمن الناكوري
الشيخ الفاضل عبد الرحمن بن أبي الفضل بن المبارك الناكوري، أحد العلماء المبرزين في العلوم
الحكمية، ولد لاثنتي عشرة خلون من شعبان سنة تسع وسبعين وتسعمائة، وقرأ العلم ولازم أباه،
وخدم الدولة مدة حياته، لقبه جهانكير بن أكبر شاه التيموري بأفضل خان، وولاه على إيالة بهار
وأقطعه كوركهبور، فصار صاحب العدة والعدد، مات في سنة اثنتين وعشرين وألف.
مولانا عبد الرحمن الكجراتي
الشيخ الفاضل الكبير عبد الرحمن الحنفي الكجراتي، كان من عشيرة الشيخ محمد بن طاهر الفتني
صاحب مجمع البحار، ولد ونشأ بكجرات وأخذ العلم، لعله عن الشيخ وجيه الدين العلامة ثم انقطع
إلى الدرس والإفادة.
الشيخ عبد الرحمن السنبهلي
الشيخ الصالح الفقيه عبد الرحمن النقشبندي السنبهلي أحد كبار المشايخ، أخذ الطريقة عن الشيخ تاج
الدين ولازمه ملازمة طويلة، وأدرك معه شيخه الشيخ عبد الباقي النقشبندي الدهلوي، وأخذ عنه حتى
برع في العلم والمعرفة، وتولى الشياخة بأمر شيخه ببلدة سنبهل، أخذ عنه خلق كثير، وكان على قدم
شيوخه في التقوى والعزيمة، مات يوم الخميس لسبع خلون من شوال سنة سبع وستين وألف ببلدة
سنبهل، كما في الأسرارية.
مرزا عبد الرحيم بن بيرم خان
الأمير الكبير البطل الأعظم صاحب السيف والقلم مبارز الدين عبد الرحيم بن بيرم خان الدهلوي
خانخانان سبهسالار الذي لم ينهض من الهند أحد مثله ولا من غيره من الأقاليم السبعة من يكون
جامعاً لأشتات الفضائل.
ولد يوم الخميس الرابع عشر من صفر سنة أربع وستين وتسعمائة بمدينة لاهور من بطن ابنة
الأمير جمال خان الميواتي. فلما طعن في الرابعة من سنه قتل أبوه سنة ثمان وستين وتسعمائة بمدينة
فتن من بلاد كجرات، فحملوه إلى آكره فتربى في مهد السلطنة، وخصه أكبر شاه بن همايون
التيموري بأنظار العناية والقبول، وقرأ بعض الكتب الدرسية على مولانا محمد أمين الأندجاني
وبعضها على القاضي نظام الدين البدخشي، واستفاد فوائد كثيرة عن الحكيم علي الكيلاني والشيخ
العلامة فتح الله الشيرازي، ولما وصل إلى كجرات أخذ عن الشيخ وجيه الدين بن نصر الله العلوي
الكجراتي، وحيث كان مربياً للعلماء جمع لديه من رجال العلم ما لم يجتمع عند غيره من الملوك
والأمراء فلم يزل يستفيد منهم في كل باب حتى تبحر في العلوم.
وكان من أهل التفنن في الفضائل واللغات مقدماً في المعارف متكلماً في أنواعها، ثاقب الذهن في
تمييز الصواب منها، ويجمح إلى ذلك كله آداب الأخلاق مع حسن المعاشرة ولين الكنف والحلم
والتواضع والشجاعة والكرم، جعله أكبر شاه مؤدباً لولده جهانكير(5/560)
سنة اثنتين وسبعين وتسعمائة ولقبه
مرزا خان وله ثمان وعشرون سنة، وأعطاه النقارة وأربع قباب من لوازم السلطنة، وزوجه بابنة
الأمير الكبير شمس الدين محمد العزنوي، ولم يزل في ازدياد من الرقي حتى نال منزلة في الإمارة
لا يرام فوقها، وفتحت على يده بلاد كجرات وبلاد السند وأقطاع من إقليم الدكن، ولقبه أكبر شاه
المذكور بخانخانان أي أمير الأمراء.
وكان له من النقاوة التامة والشهامة الكاملة وعلو الهمة والكرم ما لا يمكن وصفه مع المعرفة للأدب
ومطالعة كتبه، والإشراف على كتب التاريخ، ومحبة أهل الفضائل، وكراهة أرباب الرذائل، والنزاهة
والصيانة والميل إلى معالي الأمور، حتى لم أجد ممن كان قبله أو بعده من يساويه في مجموع
كمالاته، وكان مع ذلك لا يعفو نفسه عن مطالعة الكتب، فإذا كان على ظهر الفرس وقت طعنة أو
نهضة رأيت الأجزاء في يده، وإذا كان يغتسل رأيت الأجزاء في يد خدامه يحاذونه وهو يطالعها
ويغتسل،
قال عد الرزاق الخوافي في مآثر الأمراء: إنه كان أوحد أبناء العصر في الشجاعة والكرم، ماهراً
باللغات المتنوعة من العربية والفارسية والتركية والهندية وغيرها، وكان يتكلم في كل من تلك
الألسنة بغاية الفصاحة والطلاقة، وينشئ الأبيات الرائقة، ويكرم العلماء ويبذل عليهم الأموال
ويعطيهم الصلات والجوائز سراً وجهاراً، ويرسل إليهم في البلاد النائية، وقال في موضع آخر من
ذلك الكتاب: إنه كان مغناطيس القلوب، جمع حوله من العلماء والشعراء وغيرهم من أرباب الكمال
ما لا مزيد عليه، انتهى.
وقال السيد غلام علي الحسيني البلكرامي في الخزانة العامرة: لو وضعت صلاته في كفة من
الميزان، وصلات الملوك الصفوية كلهم في كفة أخرى لرجحت كفته، انتهى.
ومن مصنفاته ترجمة تزك بابري نقله من التركية إلى الفارسية سنة سبع وتسعين وتسعمائة، ومن
أبياته الرقيقة الرائقة قوله:
شمار شوق ندانسته ام كه تا جند است جز اين قدر كه دلم سخت آرزو مند است
توفي في سنة ست وثلاثين وألف بدار الملك دهلي ودفن قريباً من مقبرة همايون.
الشيخ عبد الرحيم الكجراتي
الشيخ الصالح عبد الرحيم القادري الكجراتي أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ
بكجرات وأخذ الطريقة عن الشيخ إبراهيم السندي، وانتقل من كرنج قرية بأحمد آباد على خمسة
أميال منها إلى برهانبور وسكن على شاطئ النهر، فبنى بها عادل شاه البرهانبوري الجامع الكبير
والرباط، وبنى مدينة كبيرة وسماها عادل بور، مات في سنة خمس وألف، كما في كلزار أبرار.
القاضي عبد الرحيم المراد آبادي
الشيخ الفاضل الكبير القاضي عبد الرحيم بن عبد الرشيد البهاري ثم المراد آبادي، كان من العلماء
المشهورين في عصره، أخذ عن الشيخ العلامة عبد الحكيم ابن شمس الدين السيالكوتي ولازمه تسع
ستين وبضعة أشهر، ثم ولي القضاء بمراد آباد، ودرس بها زماناً طويلاً، أخذ عنه الشيخ سعد الله
البلكرامي وخلق كثير من العلماء.
المفتي عبد الرحيم السندي
الشيخ العالم الفقيه المفتي عبد الرحيم بن عثمان بن يوسف بن صالح البديني - بضم الموحدة -
السندي، كان مفتياً ببلدة تته من بلاد السند في أيام شاهجهان بن جهانكير الدهلوي، كما في تحفة
الكرام.
مولانا عبد الرزاق الكشميري
الشيخ الفاضل العلامة عبد الرزاق الحنفي الكشميري، أحد العلماء المبرزين في المنطق والحكمة
والكلام، قدم الهند في أيام شاهجهان بن جهانكير التيموري سلطان الهند فولاه التدريس بكابل، فدرس
وأفاد بها مدة من الزمان، وصنف كتاباً في الرد على المحاكمات فسهر ليالي متواصلة، فاختل دماغه
وضرب السكين على حلقومه، فلما راه تلامذته بذلك الحال(5/561)
ابتدروا إليه وشدوا الجراحة وعالجوه
فشفاه الله سبحانه، فاستعفى عن الخدمة ودخل كشمير وسكن بها، وله تعليقات على شرح التجريد كما
في حدائق حنفية.
الشيخ عبد الرزاق اللاهوري
الشيخ العالم الصالح عبد الرزاق بن عبد الوهاب بن عبد القادر بن محمد ابن زين العابدين بن عبد
القادر بن محمد الشريف الحسني الأجي اللاهوري، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، أخذ
عن أبيه، وسافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار وأخذ عن مشايخهما واستفاد منهم فوائد كثيرة، ثم
رجع إلى الهند وسكن بلاهور.
توفي لثمان بقين من ذي القعدة سنة ثمان وستين وألف بلاهور فدفن بها، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ عبد الرزاق الأميتهوي
الشيخ الفاضل الكبير عبد الرزاق بن خاصة بن خضر الصالحي الأميتهوي أحد الرجال المعروفين
بالفضل والكمال، ولد ونشأ ببلدة أميتهي وأخذ عن الشيخ نظام الدين بن محمد يسين العثماني
الأميتهوي ولازمه مدة طويلة، ثم سافر إلى جونبور وأخذ عن الشيخ عبد السلام بن محمد القلندر
الجونبوري وغيره من المشايخ، ثم رجع إلى بلدته وعكف على الدرس والإفادة، أخذ عنه الشيخ
جعفر بن نظام الدين الأميتهوي والقاضي حسين الستركهي وغيرهما.
وتوفي بأميتهي لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة خمس بعد الألف، كما في صبح بهار.
مولانا عبد الرشيد التتوي
الشيخ الفاضل اللغوي الكبير عبد الرشيد بن عبد الغفور الحسيني المديني التتوي السندي، أحد
الرجال المعروفين بالفضل والكمال، ولد ونشأ بمدينة تته من بلاد السند وقدم أكبر آباد فسكن بها، له
منتخب اللغات كتاب بسيط في اللغة العربية بلسان الفرس سهل التناول كبير الفائدة، وله فرهنك
رشيدي كتاب في اللغة الفارسية صنفه سنة أربع وستين وألف، وله رسالة في المناظرة.
وهو الذي استخرج التاريخ لجلوس عالمكير بن شاهجهان على سرير والده من قوله تعالى: " أطيعوا
الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم".
مولانا عبد الرشيد الملتاني
الشيخ العالم الصالح عبد الرشيد بن محمد سعيد الحسيني البخاري الملتاني، كان من ذرية الشيخ
جلال الدين حسين بن أحمد الحسيني البخاري، أخذ عن الشيخ نظام الدين بن سيف الدين العلوي
الكاكوروي ولازمه عشرين سنة، قرأ عليه الكتب الدرسية وأخذ عنه الطريقة.
قال الشيخ تراب علي بن محمد كاظم العلوي الكاكوروي في كشف المتواري: إن الشيخ أحمد بن
عبد الأحد السرهندي إمام الطريقة المجددية قرأ عليه تفسير البيضاوي، وله زاد الآخرة كتاب مفيد
في أخبار الشيخ نظام الدين المذكور، انتهى.
مولانا عبد الرشيد الكشميري
الشيخ العالم الكبير العلامة عبد الرشيد الحنفي الكشميري المشهور بزركر أي الصائغ، ولد ونشأ
بكشمير، وقرأ العلم على الشيخ محمد أفضل بن الحيدر الجرخي وملا سلطان مانتجو والقاضي عبد
الرحيم وعلى غيرهم من أساتذة كشمير، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ محمد علي الكشميري، وتصدر
للدرس والإفادة، قرأ عليه خلق كثير من العلماء، وكان ارتحل في آخر عمره إلى معسكر السلطان
عالمكير بن شاهجهان الدهلوي فمات بمدينة برهانبور ودفن بها، كما في حدائق حنفية.
مولانا عبد الرشيد الديلمي
الشيخ الفاضل عبد الرشيد الديلمي الخطاط المشهور، لم يكن في زمانه مثله في الخط، أخذ عن خاله
السيد عماد الدين، وقدم الهند في أيام شاهجهان بن جهانكير التيموري سلطان الهند، فاستخدمه، وولاه
عالمكير بن شاهجهان على البيوتات بمدينة أكبر آباد نظراً إلى كبر سنه، مات في سنة ثمانين(5/562)
وألف،
كما في محبوب الألباب.
الشيخ عبد الرشيد الكجراتي
الشيخ العالم الكبير عبد الرشيد بن سراج الدين العمري الأحمد آبادي الكجراتي أحد المشايخ
الجشتية، ولد ونشأ بأحمد آباد، وقرأ العلم على أبيه وعلى الشيخ يحيى بن محمود العمري الكجراتي،
ثم لازم الشيخ يحيى المذكور وأخذ عنه الطريقة، وتولى الشياخة بعد ما هاجر الشيخ يحيى المذكور
إلى المدينة المنورة، وكان ختناً له، مات يوم الأربعاء لخمس عشرة من محرم سنة سبع وستين
وألف، كما في محبوب ذي المنن.
القاضي عبد الرشيد الدهلوي
الشيخ العالم الفقيه القاضي عبد الرشيد الحنفي الصوفي الدهلوي، كان من أحفاد الشيخ عبد العزيز
بن الحسن الجشتي الدهلوي، أخذ العلم والطريقة عن الشيخ محب الله الإله آبادي ولازمه ثلاث سنين
بمدينة إله آباد، ثم ولي القضاء بسنبهل.
وكان صاحب وجد وحالة وكان يدرس ويفيد، ذكره السنبهلي في الأسرارية وقال: ربما تغلب عليه
الحالة عند درس الحديث فيفضخ باكياً، انتهى.
الشيخ عبد الرقيب الأميتهوي
الشيخ العالم الصالح عبد الرقيب بن جعفر بن نظام الدين العثماني الأميتهوي كان من نسل الشيخ
السري السقطي رحمه الله، ولد ونشأ بأميتهي، وأخذ عن والده ولازمه ملازمة طويلة، وتولى الشياخة
بعد ما توفي أبوه سنة 1045، لعله توفي سنة تسع وستين وألف، لأن ولده موسى بن عبد الرقيب
المتوفي سنة 1120 تولى الشياخة بعده إحدى وخمسين سنة، كما في رياض عثماني.
الشيخ عبد الستار البرهانبوري
الشيخ العالم الفقيه الزاهد عبد الستار بن عيسى بن قاسم بن يوسف المعروفي السندي، أحد الرجال
المعروفين بالفضل والكمال، ولد ونشأ بمدينة برهانبور، واشتغل على والده وقرأ عليه الكتب
الدرسية، وأخذ بعض الفنون الرياضية عن العلامة شكر الله الشيرازي حين إقامته بمدينة برهان
بور، وأخذ الطريقة الشطارية عن أبيه ولازمه ملازمة طويلة وتصدر للارشاد بعده.
وكان زاهداً قانعاً عفيفاً متوكلاً شديد التواضع كثير الفوائد، كما في كلزار أبرار.
المفتي عبد السلام الديوي
الشيخ العالم الكبير المفتي عبد السلام بن أبي سعيد بن محب الله بن أحمد ابن عبد الرحيم بن أحمد
الفياض بن محمد الأعظم الحسيني الكرماني الديوي، أحد العلماء المفرطين في الذكاء الجامعين بين
المعقول والمنقول.
ولد ونشأ بقرية ديوه قرية جامعة من أعمال لكهنؤ، وقرأ العلم على أساتذة بلاده، ثم سافر إلى لاهور
ولازم المفتي عبد السلام اللاهوري وأخذ عنه وفاق أقرانه في الفقه والأصول والكلام، ودرس زماناً
طويلاً بتلك المدينة، ثم ولي الافتاء في معسكر السلطان شاهجهان بن جهانكير الدهلوي فاستقل به
مدة، ثم اعتزل عنه وسكن بلاهور.
قال عبد الأعلى بن عبد العلي محمد اللكهنوي في الرسالة القطبية: إنه كان يفتي خلافاً لمختارات
الفقهاء في فتاواهم، لأنها لا تنطبق على الأصول، انتهى، ومن مصنفاته حاشية على حاشية الخيالي
على شرح العقائد وشرح على منار الأصول، وحاشية على تفسير البيضاوي، وحاشية على شرح
الصحائف في الكلام، وحاشية على هداية الفقه، وشرح على تهذيب المنطق، وحاشية على التحقيق،
كما في ذيل الدراية.
قال القنوجي في الإكسير: إنه مات في سنة تسع وثلاثين وألف، وهذا لا يصح لأنه كان حياً سنة
سبع وأربعين، كما يظهر من بادشاه نامه.
المفتي عبد السلام اللاهوري
الشيخ الفاضل العلامة المفتي عبد السلام الحنفي اللاهوري، أحد كبار العلماء، لم يكن له نظير في(5/563)
عصره في كثرة الدرس والإفادة وملازمة العلم مع الطريقة الظاهرة والصلاح، قرأ الكتب الدرسية
على الشيخ إسحاق بن كاكو والشيخ سعد الله والقاضي صدر الدين، وأخذ الفنون الحكمية عن العلامة
فتح الله الشيرازي، ثم تصدر للتدريس ودرس وأفاد بمدينة لاهور خمسين سنة، أخذ عنه الشيخ محب
الله الإله آبادي والمفتي عبد السلام الديوي والشيخ محمد مير بن القاضي سائين السيوستاني ثم
اللاهوري وخلق كثير من العلماء والمشايخ، وله حاشية على تفسير البيضاوي.
قال السيد غلام علي الحسيني البلكرامي في مآثر الكرام: إنه كان يقول: إني كنت لا أدخل في علم
من العلوم في باب من أبوابه إلا ويفتح لي من ذلك الباب أبواب، وأستدرك أشياء في ذلك العلم على
حذاق أهله لو شئت لقيدتها بالكتابة ولكني ما اعتنيت بالتصنيف لاشتغالي بالتدريس، فلما كبرت سني
واختلت حواسي ذهبت تلك الغرائب، فكان يتأسف كثيراً في آخر عمره بعدم اعتنائه بالتصنيف،
انتهى.
وقال شاهنواز خان في مآثر الأمراء: إنه كان مفتياً في المعسكر، أقام بتلك الخدمة الجليلة مدة من
الزمان، ثم اعتزل عنه واشتغل بالدرس والإفادة ودرس خمسين سنة، انتهى.
توفي سنة سبع وثلاثين وألف وله ثمانون سنة، كما في بادشاه نامه وفي مآثر الكرام: إنه عاش
تسعين سنة.
مير عبد السلام المشهدي
الأمير الكبير عبد السلام الحسيني المشهدي، أحد الرجال المعروفين بالسياسة والتدبير، قدم الهند
وتقرب إلى شاهجهان بن جهانكير التيموري فولاه على ديوان الإنشاء وجعله وكيلاً له في حضرة
والده جهانكير سنة ثلاثين وألف ولما قام بالملك أضاف في منصبه وجعله أربعة آلاف له وألفين
للخيل ولقبه إسلام خان وولاه على بخشيكري فاستقل به أربعة أعوام، ثم أضاف في منصبه وولاه
على كجرات فاستقل بها سنتين ثم جعله مير بخشي فأرخ له بعضهم من قوله بخشي ممالك فاستقل به
سنتين، ثم ولي على أرض بنكاله فاستقل بها أربع سنين، ثم ولي الوزارة الجليلة فاستقل بها خمس
سنوات، ثم ولي على إقليم الدكن، وأضيف في منصبه غير مرة حتى صار مع الأصل والإضافة
سبعة آلاف له وسبعة آلاف للخيل.
وكان عالماً كبيراً بارعاً في المعقول والمنقول والإنشاء والخط، حريصاً على الخدمة السلطانية،
صاحب دهاء وتدبير وسياسية.
توفي في رابع عشر من شوال سنة سبع وخمسين وألف بمدينة أورنك آباد فدفن بها، كما في مآثر
الأمراء.
القاضي عبد السلام البرهانبوري
الشيخ الفاضل الكبير القاضي عبد السلام الحنفي السندي البرهانبوري، أحد العلماء المبرزين في
الفقه والأصول والعربية، ولد ونشأ بأرض السند، وقرأ بعض الكتب الدرسية على الشيخ عباس بن
الجلال السندي وسائر الكتب الدرسية على الحكيم عثمان بن عيسى البولكاني البرهانبوري، ولما بلغ
رتبة الكمال ولي القضاء بمدينة برهانبور، ولاه عادل شاه البرهانبوري فاستقل به مدة، وكان يدرس
ويفيد، وله شرح على مختصر الوقاية، كما في كلزار أبرار.
الشيخ عبد السلام الباني بتي
الشيخ الصالح عبد السلام بن نظام الدين بن عثمان بن عبد الكبير بن عبد القدوس الحنفي الكنكوهي
ثم الباني بتي المشهور بالشيخ أعلى، ولد ونشأ بمدينة باني بت، وأخذ عن أبيه ثم عن الشيخ نظام
الدين إله داد النارنولي ولازمه زماناً، ثم تصدر للارشاد، أخذ عنه غير واحد من المشايخ، توفي سنة
ثلاث وثلاثين وألف بباني بت فدفن بها، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ عبد الشكور الكالبوي
الشيخ الفاضل عبد الشكور بن عبد الحكيم الكالبوي، أحد العلماء المشهورين في عصره، كان ورعاً
تقياً قانعاً متوكلاً، لم يتردد إلى الأغنياء قط ولم يعرض عليهم حوائجه، كما في كلزار أبرار.(5/564)
الشيخ عبد الشكور الجونبوري
الشيخ العالم الصالح عبد الشكور الجونبوري، كان من نسل الشيخ مبارك ابن خير الدين
الجونبوري، قرأ العلم على بعض تلامذة الشيخ نور الله الجونبوري، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ محمد
رشيد بن مصطفى العثماني وانتفع به كثيراً، وكان يدرس ويفيد، أخذ عنه غير واحد من العلماء، وله
شرح على مختصر الوقاية، فصل فيه مسألة العشر بالعشر خير تفصيل، مات في ثامن جمادي
الأولى سنة خمس وتسعين وألف، كما في كنج أرشدي.
الشيخ عبد الشكور المنيري
الشيخ العالم الفقيه عبد الشكور المنيري البهاري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية،
ولد ونشأ ببلدة منير، واشتغل بالعلم زماناً في بلاده ثم دخل جونبور وقرأ على الشيخ محمد رشيد بن
مصطفى العثماني الجونبوري وعلى غيره من العلماء، ثم أخذ الطريقة عنه ولازمه مدة مديدة حتى
بلغ رتبة الإرشاد، واستخلفه الشيخ وكتب له مثال الخلافة، فرجع إلى بلدته واشتغل بالدرس والإفادة.
وكان عالماً فقيهاً زاهداً قنوعاً متوكلاً، لا يتردد إلى الأغنياء ولا يلتفت إلى الدنيا وأربابها، مات في
مستهل جمادي الأخرى سنة خمس وتسعين وألف ببلدة منير فدفن بها، كما في كنج أرشدي.
القاضي عبد الشكور اللاهوري
الشيخ العالم الفقيه القاضي عبد الشكور الحنفي اللاهوري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، ولي القضاء بمدينة جونبور في أيام السلطان محمد أكبر بن همايون الكوركاني فاستقل به
زماناً، ثم لما قصد السلطان المذكور إله آباد حضر القاضي في معسكره فعزله عن القضاء ونصب
مكانه قاضي زاده الرومي، فاعتزل القاضي عن الناس وعكف على الدرس والإفادة.
وكانت أوقاته موزعة لأداء النوافل والأدعية وتلاوة القرآن، وأمواله مصروفة على الفقراء
والمساكين، كما في منتخب التورايخ.
مولانا عبد العزيز الأكبر آبادي
الشيخ الفاضل عبد العزيز بن عبد الرشيد بن عبد الغفور الحسيني المديني التتوي ثم الأكبر آبادي،
كان من فحول العلماء، قرأ العلم على والده، ثم تصدر للدرس والإفادة فدرس مدة من الزمان وقنع
بثلاث ربيات يومية، ثم قربه بختاور خان إلى عالمكير بن شاهجهان التيموري صاحب الهند سنة
ثمانين وألف، فخلع عليه وأعطاه المنصب أربعمائة لنفسه وسبعين للخيل، ثم أضاف في ذلك بعد
زمان يسير وولاه على العرض المكرر، ثم أضاف في منصبه فصار سبعمائة له ومائتين للخيل
وأعطاه أقطاع الأرض، ولكنه لما كان مسرفاً لم يكن يكفيه راتبه فيعيش في ضنك وبؤس، لا يستطيع
أن يحسن الخدمة ولا يكثر التردد إلى صاحبه، ولذلك ما استفاد بعد تلك الإضافة.
وكان فاضلاً كبيراً شاعراً مجيد الشعر مقتدراً على المعاني المبتكرة، وكان شديد التعصب على
الشيعة حتى قيل إنه لما مرض أراد عالمكير أن يرسل إليه أحد الأطباء وأشار إليه أن لا يتعصب في
الاستعلاج، فأجاب بأني اعترف بأن التعصب لا ينبغي في العلاج ولكني لا أعتمد على علمهم ولذلك
اخترت الحكيم عبد الملك فانه ماهر في الحدس والتجربة والصلاح والعلم في الجملة، وكان في تلك
الساعة أيضاً مشتغلاً بالتصنيف يملي على أصحابه، كما في المآثر.
له كشف الغطاء رسالة نفيسة في الكلام بالفارسية، وله ديوان شعر، توفي سنة ثمان وثمانين وألف،
كما في مآثر عالمكيري.
القاضي عبد العزيز الكجراتي
الشيخ العالم الكبير القاضي عبد العزيز بن عبد الكريم بن راجي محمد العيني الأجني ثم الكجراتي،
كان من نسل الشيخ عين القضاة الهمداني، ولد ونشأ بمدينة أجين، وسافر للعلم فقرأ بعض الكتب
الدرسية على مولانا عبد الكريم النهروالي وبعضها على العلامة وجيه الدين بن نصر الله العلوي
الكجراتي، ثم تقرب(5/565)
إلى عبد الرحيم بن بيرم خان فولاه الصدارة في أقطاعه، كما في كلزار أبرار.
وفي مآثر رحيمي إن عبد الرحيم المذكور ولاه الحجابة وبعثه إلى بيجابور فأحسن الخدمة، ورجع
إليه سنة ثمان وعشرين وألف وكان عبد الرحيم حينئذ بمدينة برهانبور فجعله وكيلاً فأحسن الخدمة
حتى رضي عنه الراعي والرعية.
وكان زاهداً متورعاً قواماً صواماً طيب النفس كريم الأخلاق ذا بشاشة يقبل على الناس بوجه طلق،
نال صلات وجوائز وإقطاعات، انتهى.
القاضي عبد العزيز النصير آبادي
الشيخ العالم الفقيه القاضي عبد العزيز بن فتح عالم بن محمد بن محمود الشريف الحسني النصير
آبادي، كان من ذرية الأمير الكبير بدر الملة المنير شيخ الإسلام قطب الدين محمد بن أحمد المدني
الكروي، ولد ونشأ بنصير آباد من أعمال رأى بريلي وتلقى العلم وتأهل للفتوى والتدريس، فولي
القضاء في بلدته نيابة عن صنوه الكبير أبي محمد بن محمد بن محمود النصير آبادي في أيام
شاهجهان بن جهانكير التيموري، وهو خال العارف الكبير علم الله بن فضيل النقشبندي البريلوي.
الشيخ عبد العزيز الجونبوري
الشيخ الصالح عبد العزيز بن فخر الدين بن كبير الدين الصوفي الجونبوري صاحب سيرة الأولياء،
ولد ونشأ ببلدة جونبور، وقرأ بعض الكتب الدرسية على والده وأكثرها على غيره من الأساتذة في
جونبور، ثم أخذ الطريقة عن أبيه وجلس على مسنده بعده، أخذ عنه غير واحد من المشايخ، وكتابه
سيرة الأولياء كتاب في أخبار مشايخه.
الأمير عبد العزيز الحبشي
الأمير الكبير عبد العزيز بن عنبر الحبشي الأمحري المشهور بفتح خان كان أكبر أولاد أبيه، ولد
بأرض الهند ونشأ بها في نعمة والده، وولي الوزارة بأحمد نكر بعده سنة خمس وثلاثين وألف.
وكان شجاعاً مقداماً كبيراً سخياً لكنه قليل التدبير مبذراً لا يصغي لقول مشير، وارتكب الفظائع فكان
حجاج زمانه، ووقع بسببه فتن، ثم تضعضع الزمان وآل ذلك إلى حصاد العلم والدين إلى أن نحى
عن دست وزارته وقبض عليه مهابت خان، فوظف له شاهجهان بن جهانكير الدهلوي مائتي ألف من
النقود مسانهة، فاعتزل بلاهور ومات بها، كما في مآثر الأمراء.
الشيخ عبد العزيز الإله آبادي
الشيخ الصالح الفقيه عبد العزيز الإله آبادي، كان ابن خالة الشيخ محب الله العمري، أخذ عنه العلم
والطريقة ولازمه ملازمة طويلة، وسافر إلى دهلي وأدرك بها الشيخ عبد الله بن عبد الباقي
النقشبندي، لقيه كمال محمد السنبهلي عنده بدهلي وذكره في الأسرارية.
الشيخ عبد العظيم السنبهلي
الشيخ الصالح عبد العظيم بن منور بن منصور بن عبد الله بن عثمان الحسيني المودودي السنبهلي،
أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بسنبهل، وأخذ عن أبيه وتصدر للإرشاد بعده،
وتزوج بابنة الشيخ تاج الدين النقشبندي السنبهلي، وتذكر له كشوف وكرامات، توفي سنة إحدى
وأربعين وألف، كما في نخبة التواريخ.
الشيخ عبد الغفور الأجني
الشيخ الصالح الحاج عبد الغفور بن داود الأجني، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، قرأ على عمه الشيخ راجي محمد الأجني ولازمه، وأخذ عنه الطريقة وحفظ القرآن، وبذل
جهده في حل مشكلات التفسير، وسافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار ورجع إلى الهند، وكان
يتأسف على رجوعه ويريد أن يعود إلى أرض الحجاز، وكان يسعى للناس ويشفع لهم وينفعهم من
أي طريق كان، توفي سنة خمس أو ست بعد الألف بمدينة أجين فدفن بها، كما في كلزار أبرار.(5/566)
الشيخ عبد الغفار الموهاني
الشيخ الصالح عبد الغفار الحسيني الموهاني الأودي، أحد العلماء الصالحين، أخذ الطريقة عن الشيخ
إكرام السائين بوري، ثم لازم الشيخ عبد الجليل بن عمر البيانوي ثم اللكهنوي وأخذ عنه، وجاوز
عمره مائة سنة، وكان صاحب الأذواق الصحيحة والمواجيد الصادقة، مات سنة ست وستين وألف،
كما في مرآة الولاية.
القاضي عبد الغني الخانديسي
الشيخ العالم الفقيه قاضي القضاة عبد الغني الخانديسي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والقراءة والتجويد، ودرس وأفاد مدة طويلة، ثم ترك التدريس واشتغل بمطالعة العوارف وشرح كلشن
راز وشروح صحيح البخاري، توفي سنة تسع بعد الألف بمدينة برهانبور فدفن بها، كما في كلزار
أبرار.
الشيخ عبد الغني البدايوني
الشيخ العالم الصالح عبد الغني الحنفي الصوفي البدايوني، أحد الرجال المعروفين بالفضل
والصلاح، ولد ونشأ بمدينة بدايون، واشتغل بالعلم من صباه، فاعترته حالة عجيبة فكان كلما يستمع
النغم يسقط سكراناً ولا يزال على ذلك إلى ساعة نجومية، فكاد أن يحرم من العلم فألجأه الناس إلى
النكاح فتزوج، وسافر إلى دهلي للاسترزاق فأدرك بها الشيخ عبد العزيز بن الحسن الجونبوري
فلازمه وقرأ عليه الكتب الدرسية، واشتغل بالتدريس فدرس بها مدة من الزمان، ثم انقطع إليه وأخذ
عنه الطريقة وصحبه زماناً، ثم خرج من دهلي وأقام خارج البلدة في مسجد خانجهان خان، ولزم
الإفادة والعبادة.
وكان مرزوق القبول، مليح الشمائل حسن الأخلاق، شديد التوكل، جواداً، من حسنات عصره، كما
في منتخب التواريخ.
مات في تاسع جمادي الآخرة سنة سبع عشرة وألف، كما في مهرجهانتاب.
مولانا عبد الغني الكشميري
الشيخ الفاضل عبد الغني الدالوالي البلديمري الكشميري، أحد فحول العلماء، ولد ونشأ بكشمير، وقرأ
العلم على مولانا أبي القاسم بن الجمال ومولانا حيدر ابن فيروز وخواجه محمد وملا باقر، ثم أخذ
الطريقة عن الشيخ شاه محمد البدخشي، كما في روضة الأبرار.
الشيخ عبد الفتاح الكجراتي
الشيخ العالم الكبير عبد الفتاح العسكري الأحمد آبادي الكجراتي، أحد العلماء المبرزين في المعارف
الإلهية، له شرح بسيط على المثنوي المعنوي استقدمه عالمكير ابن شاهجهان سلطان الهند إلى
حضرته واستفاد منه كثيراً، ثم رخصه إلى أحمد آباد.
قال البلكرامي في مآثر الكرام: إن سلسلة مشايخه تنتهي إلى الإمام عبد القادر الكيلاني - رضي الله
عنه - ببضع وسائط بطول أعمار المشايخ حيث أنه أخذ عن الشيخ إله داد عن الشيخ غريب الله
عن الشيخ تاج الدين عن الشيخ سعيد عن الشيخ عبد الرزاق بن عبد القادر الكيلاني عن أبيه -
رضي الله عنه - توفي في الرابع والعشرين من ذي الحجة الحرام سنة تسعين وألف، كما في مآثر
الكرام.
الشيخ عبد الفتاح الجرياكوني
الشيخ الفاضل عبد الفتاح بن المبارك العباسي الجرياكوني، أحد الفقهاء الحنفية، ولد سنة أربع
وتسعين وتسعمائة بقرية جرياكوث وقرأ العلم على أساتذة عصره، له ميراث نامه منظومة بالفارسية،
منها قوله:
خدا راشكر كز تحرير خامه مهذب كشت اين ميراث نامه
مات في ربيع الأول سنة سبع وخمسين وألف، كما في تاريخ مكرم.
مولانا عبد القادر الأجني
الشيخ الفاضل العلامة عبد القادر بن أبي محمد بن(5/567)
أبي أحمد بن هامون البغدادي ثم الهندي الأجني،
أحد العلماء المبرزين في المنطق والحكمة، ولد بباب الكرخ من بغداد، وتوفي والده في صغر سنه
فتربى في مهد عمه وجاء به إلى بندر كووه من أرض الهند ومات بها عمه، فلما بلغ عبد القادر
السادسة عشرة من سنه سافر منها إلى كجرات سنة ست وستين وتسعمائة في أيام السلطان مظفر بن
محمود شاه الكجراتي، فقرأ بها الفنون الأدبية بمدرسة سركهيج على الفقيه حسن العرب الدابهولي،
وقرأ المنطق والحكمة على الشيخ حسين البغدادي، وقرأ الكلام على القاضي علاء الدين عيسى
الأحمد آبادي، ثم لازم دروس العلامة وجيه الدين العلوي الكجراتي، وقرأ عليه سائر الكتب الدرسية،
ولما فتح أكبر شاه بن همايون التيموري بلاد كجرات سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة ورجع إلى آكره
سافر معه، وقرأ الحاشية القديمة على شرح التجريد وتحرير الأقليدس وشرح التذكرة لمولانا نظام
الأعرج وبعض كتب أخرى على العلامة فتح الله الشيرازي، ثم سافر إلى بلاد الدكن في ركب الشيخ
أبي الفيض بن المبارك الناكوري سنة ألف وصحبه زماناً، ولما رجع أبو الفيض إلى آكره أقام ببلدة
أجين وسكن بها وتزوج، واشتغل بالدرس والإفادة، ودرس بها نحو عشرين سنة.
له ديوان شعر بالعربية، ورسالة بالعربية في مناقب الشيخ أبي الفيض المذكور، ورسالة في مدح
العلم على لسان المتكلم والحكيم صنفها لأبي الفضل ابن المبارك، وله تعليقات شتى على الكتب
الدرسية.
توفي سنة إحدى وعشرين وألف بمدينة أجين فدفن بها، كما في كلزار أبرار.
مولانا عبد القادر الفرملي
الشيخ الفاضل عبد القادر بن أولياء الفرملي، أحد العلماء المبرزين في الإنشاء والشعر، تقرب إلى
محمد أكبر بن عالمكير السلطان ولازمه زماناً، توفي بمدينة بتنه سنة ثمانين وألف، كما في مهر
جهانتاب.
الشيخ عبد القادر الأجي
الشيخ العالم الصالح عبد القادر بن حامد بن عبد الرزاق بن عبد القادر الشريف الحسني الأجي
الملتاني، كان أكبر أبناء والده، تصدر للإرشاد بعده فنازعه في ذلك صنوه موسى بن حامد وسافر إلى
أكبر شاه بن همايون التيموري سلطان الهند، فسافر عبد القادر أيضاً وأقام بفتحبور مدة من الزمان،
وقدم إليه أكبر شاه ذات يوم الأفيون على جري عادته فامتنع عن بلعه، فأنكر عليه السلطان امتناعه
عن ذلك، فبينما هو قد فرغ عن الصلاة المكتوبة يوماً في عبادت خانه القصر الذي بناه أكبر شاه
واشتغل بالنوافل إذ خرج عليه أكبر شاه وقال: ينبغي لك أن تصلي النوافل في بيتك، فقال عبد
القادر: يا مولانا! هذا ليس بملك فيكون تحت سلطانك، فغضب عليه السلطان وقال: إذا لم تكن
ترضى عن ملكي فاخرج عنه، فخرج الشيخ من ساعته ورحل إلى مدينة أج وترك المنازعة مع أخيه
موسى ونقل جسد أبيه من حامدبور إلى أج ودفن بها، وعكف على الإفادة والعبادة ورزق حسن
القبول، كما في المنتخب.
القاضي عبد القادر اللكهنوي
الشيخ الفاضل العلامة عبد القادر بن سلطان بن إله داد بن لاذ بن فريد بن عبد القادر بن المحدث
بن قطب الدين المحدث بن خضر المحدث بن حسن بن مبارك ابن عثمان بن محيي الدين بن عماد
الدين بن أبي بكر بن الحسين بن معز الدين ابن عبد الكريم بن إبراهيم بن أدهم، العمري البلخي ثم
الهندي اللكهنوي، كان من فحول العلماء، ولد بلكهنؤ سنة ست وتسعين وتسعمائة، وقيل: إنه ولد
بكسمندي - قرية من أعمال لكهنؤ - سنة أربع وتسعين وتسعمائة من بطن بوبوجيا بنت عبد الواحد
بن لاذ صنو القاضي ضياء الدين النيوتيني، وحفظ القرآن وسافر للعلم إلى لاهور وإلى بلاد أخرى،
ثم تصدر للدرس والإفادة بمدينة لكهنؤ.
أخذ عنه الشيخ بير محمد اللكهنوي، والسيد محمد شفيع الدهلوي، والسيد محمد القنوجي، والشيخ
قطب الدين السهالوي، والسيد غلام مصطفى الأشرفي الجائسي، والشيخ محمد زمان الكاكوروي،
والشيخ مجتبي القلندر اللاهربوري، والسيد حسن رسول نما(5/568)
الدهلوي، والقاضي معين الدين
المهرنوي، والقاضي شرف الدين اللكهنوي، والقاضي عبد اللطيف البهرائجي، والقاضي حبيب الله
السنديلوي، ومولانا عبد الله السنديلوي، ومولانا ركن الدين المحدث الدهلوي، والشيخ فتح الله
القنوجي، ومولانا جعفر الصدربوري، ومولانا عليم الله الكجندوي، ومولانا أبو سعيد اللكهنوي،
والشيخ صدر الدين اللكهنوي، والشيخ مرتضى، ونواب مختار خان أمير بنكالة وخلق آخرون، كما
في راحة الأرواح.
وتوفي في السابع والعشرين من شعبان سنة ست وسبعين وألف وله اثنتان وثمانون سنة فأرخ لوفاته
بعضهم من رضي الله وقبره بلكهنؤ، كما في رسالة ألفوها في ترجمة الشيخ رفيع الدين المراد آبادي.
الشيخ عبد القادر الحضرمي
الشيخ العالم الصالح عبد القادر بن شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس، الشافعي
الحضرمي ثم الهندي الكرجاتي صاحب النور السافر عن أخبار القرن العاشر ولد في عشية يوم
الخميس لعشرين خلت من شهر ربيع الأول سنة ثمان وسبعين وتسعمائة بمدينة أحمد آباد، وكان
والده رأى في المنام قبل ولادته جماعة من الأولياء منهم الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله والشيخ
أبو بكر العيدروس وغيرهما، فذلك هو الذي حمله على تسميته بعبد القادر، وكناه أبا بكر ولقبه محي
الدين وكانت أمه أم ولد هندية وهبتها بعض النساء من أرباب الخير.
قرأ القرآن العظيم، واشتغل بتحصيل طرف من العلم، وقرأ عدة من المتون على جماعة من
الأعلام، وشارك في كثير من الفنون، ولبس الخرقة عن المشايخ، أجلهم والده السيد شيخ بن عبد الله
العيدروس، والشيخ حاتم بن أحمد الأهدل، والشيخ عبد الله بن السيد شيخ العيدروس، والشيخ درويش
حسين الكشميري، والشيخ موسى بن جعفر الكشميري، والشيخ محمد بن الحسن الجشتي الكجراتي،
وصرف الهمة في اقتناء الكتب المفيدة وبالغ في طلبها من أقطار البلاد البعيدة مع ما صار إليه من
كتب والده فاجتمع منها عنده جملة عديدة، فدرس وصنف وألبس الخرقة، وحصل له قبول عظيم
وجاه واسع عند الأمراء والملوك، وسارت بمصنفاته الرفاق، وقال بفضله علماء الآفاق، وكاتبه ملوك
الأطراف وأتحفوه بصلاتهم الجميلة وهباتهم الجزيلة، وأخذ عنه غير واحد من الأعلام.
وممن لبس منه الخرقة السيد العلامة جمال الدين محمد بن يحيى الشامي المكي، والشيخ الكبير بدر
الدين حسن بن داود الكوكني الهندي والشيخ الفقيه محمد ابن عبد الرحيم باجابر الحضرمي والشيخ
الفاضل شهاب الدين أحمد بن ربيع بن أحمد بن عبد الحق السنباطي المكي ثم المصري وغيرهم.
ومن مصنفاته الفتوحات القدوسية في الخرقة العيدروسية - في مجلد ضخم - ومنها الحدائق
الخضرة في سيرة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه العشرة، وهو أول كتاب ألفه وسنه إذا ذاك
دون العشرين، ومنها إتحاف الحضرة العزيزة بعيون السيرة الوجيزة، وهو على نمط الحدائق إلا أنه
أخصر منه، ومنها المنتخب المصطفى في أخبار مولد المصطفى، وكتاب المنهاج إلى معرفة
المعراج، والأنموذج اللطيف في أهل بدر الشريف، وأسباب النجاة والنجاح في أذكار المساء
والصباح، والدر الثمين في بيان المهم من علوم الدين، والحواشي الرشيقة على العروة الوثيقة، وفتح
الباري بختم صحيح البخاري، وتعريف الأحباء لفضائل الأحياء، وعقد اللآل بفضائل الآل، وبغية
المستفيد بشرح تحفة المريد، والنفحة العنبرية بشرح بيتين العدنية، وغاية القرب في شرح نهاية
الطلب، وله شرح على قصيدة الشيخ أبي بكر العيدروس النونية، وله كتاب إتحاف إخوان الصفاء
بشرح تحفة الظرفاء بأسماء الخلفاء، وصدق الوفاء بحق الإخاء، وكتاب النور السافر عن أخبار
القرن العاشر، والزهر الباسم من روض الأستاذ حاتم، وهو شرح رسالة من السيد حاتم إليه وهو
مطول نحو مجلدين، وكتاب قرة العين في مناقب الولي عمر بن محمد باحسين، وله ديوان شعر سماه
بالروض الأريض والفيض المستفيض.
ومن شعره قوله:
إذا ما اشتد ليل الهموم ودجا جعلت إلى أهل بدر الالتجا(5/569)
وما خاب عبد لهم قد رجا ومتى توسل بهم إلى الله فرجا
توفي سنة ثمان وثلاثين وألف بأحمد آباد فدفن بها، كما في خلاصة الأثر.
القاضي عبد القادر الباني بتي
الشيخ العالم الفقيه القاضي عبد القادر بن محمد الباني بتي ثم الأجني، أحد الفقهاء المتصوفين، ولد
ونشأ بباني بتي وكان من بني أعمامه، ثم لازم الشيخ عبد الرزاق الجهنجهانوي وأخذ عنه الطريقة،
وسافر للحج والزيارة ثلاث مرات على قدم الصدق والإخلاص، وسكن بأجين عند عمه وكان قاضياً،
فلما مات عمه ولي القضاء فاشتغل به زماناً، وكان يذكر في كل أسبوع يوم الجمعة.
قال محمد بن الحسن المندوي في كلزار أبرار: إنه كان آية ظاهرة في تأويل المتشابهات ومعرفة
الناسخ والمنسوخ ووجوه الإعراب وأسباب النزول والتعميم والتخصيص والحقيقة والمجاز، مات
سنة إحدى عشر وألف بأجين فأرخوا لوفاته من قاضي زنده دل.
الشيخ عبد القادر اللاهوري
الشيخ العالم الفقيه المعمر عبد القادر بن محمد بن زين العابدين بن عبد القادر ابن محمد، الشريف
الحسني الأجي ثم اللاهوري، أحد المشايخ المعروفين، أخذ عن أبيه وتصدر للارشاد بعده.
قال عبد القادر البدايوني في كتابه منتخب التواريخ: إن أكبر شاه أمره أن يسافر إلى مكة المباركة
فراح إلى كجرات، فجهز له الأمراء فسافر إلى الحجاز وحج وزار، ورجع إلى الهند وعكف على
الإفادة والعبادة بلاهور، انتهى.
وفي خزينة الأصفياء: إنه كان عالماً تقياً زاهداً كريماً محسناً إلى الناس شديد التعبد، توفي سنة
اثنتين وعشرين وألف بلاهور فدفن بها.
مولانا عبد القادر البدايوني
الشيخ الفاضل عبد القادر بن ملوك شاه الحنفي البدايوني، أحد العلماء المبرزين في التاريخ والإنشاء
والشعر وكثير من الفنون الحكمية، ولد سنة سبع وأربعين وتسعمائة ببلدة بساور - بفتح الموحدة
والسين المهملة - في عهد شير شاه العادل، وقرأ القرآن على السيد محمد المكي بمدينة سنبهل، وقرأ
المختصرات وبعض العلوم العربية على جده لأمه مخدوم أشرف البساوري، وقرأ في ذلك الزمان
قصيدة البردة ودروساً من كنز الدقائق في الفقه على الشيخ حاتم السنبهلي تبركاً، ثم دخل آكره وأخذ
العلم بعضه عن المفتي أبي الفتح بن عبد الغفور التهانيسري وأكثره عن الشيخ مبارك بن خضر
الناكوري، وقرأ بعض كتب على القاضي أبي المعالي الحنفي، وقرأ بست باب في الأصطرلاب على
مير تقي ابن فارغي الشيرازي، وأخذ الشعر والألغاز والنجوم والحساب والموسيقى والشطرنج
الصغير والكبير وضرب البين نوع من العود وكثيراً من الفنون، وصحب أبا الفيض وأبا الفضل
ابني الشيخ مبارك ابن خضر المذكور أربعين سنة، وصحب نظام الدين بن محمد مقيم الهروي،
وغياث الدين بن عبد اللطيف القزويني، وكمال الدين حسين بن حسن الشيرازي، وخلقاً آخرين من
العلماء، ولازم الأمير حسين خان أحد ولاة أوده مدة طويلة، وكان الأمير يحسن إليه ويمنحه الصلات
والجوائز، ثم تركه سنة إحدى وثمانين وتسعمائة ودخل آكره، فشفع له جلال خان القورجي وعين
الملك الشيرازي إلى أكبر شاه بن همايون السلطان فقربه إليه وخاطبه وأدخله في صف العلماء، ففاق
الأقران في زمان يسير في القرب والمنزلة، واتخذه السلطان إماماً لصلواته، وأعطاه ألف فدادين من
الأرض الخراجية، وأمره بنقل الكتب الهندية إلى اللغة الفارسية، فألف كتباً عديدة:
فأول ما أمر به نقل اتهرين ويد رابع الكتب المقدسة في زعم الهنادك وهو في لغة سنسكرت،
يزعمون أن بعض أحكامه موافق للشريعة الإسلامية، فكان البدايوني يكتبه في الفارسية بعد ما يفهمه
الشيخ بهاون الدكني الذي كان من أحبار الهنادك ثم أسلم ولكنه لما كان ذلك الكتاب في غاية الدقة
والغموض كان الشيخ بهاون يعجز عن إفهامه فرفع البدايوني تلك القصة إلى(5/570)
السلطان، فأمر أبا
الفيض بن المبارك الناكوري بنقله إلى الفارسية، ثم أمر الحاج إبراهيم السرهندي لذلك حتى تم
الكتاب، ولكنه بقيت خبايا في الزوايا.
ثم أمره بنقل مهابهارت أحد الكتب التاريخية للهنادك، وهو في زعمهم كتاب مقدس مشتمل على
أنواع القصص والمواعظ والمصالح والأخلاق والآداب وتدبير المعاش، وفيه بيان المذاهب وطريق
العبادة وغيرها من الأمور النظرية والعملية، أسست تلك المباحث على حرب عظيمة دارت بين
كوران وبندوان طائفتين من ملوك الهند، ومهابهارت مركب من لفظين في لغتهم: مها عبارة عن
العظيم، وبهارت عبارة عن الحرب، فجمع أكبر شاه السلطان طائفة من أحبار الهنادك وأمرهم
بتعبيرها في اللغة المروجة ليعبرها البدايوني مشاركاً لغياث الدين القزويني في الفارسية، فلما تم ذلك
الكتاب سماه السلطان رزمنامه.
ثم أمره بنقل رامائن أحد الكتب السابقة على مهابهارت، وفيه خمسة آلاف وعشرون أشلوكاً وكل
أشلوك منها يشتمل على خمسة وستين حرفاً، فنقله إلى الفارسية في أربعة أعوام، وفرغ من تصنيفه
سنة سبع وتسعين وتسعمائة.
ثم أمره أن ينتخب الجامع الرشيدي وهو كتاب مفيد في تراجم الخلفاء العباسية في بغداد وبقيتهم في
مصر والخلفاء الأموية إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومنه إلى آدم عليه السلام بالبسط
والتفصيل، فلخصه ونقله من العربية إلى الفارسية.
ثم أمره أن يكمل بحر الأسماء الذي صنف بأمر السلطان زين العابدين الكشميري، وهو كتاب مؤلف
في القصص الهندية وقد بقي طرف من القصص المفيدة، فألفه البدايوني في ستين كراسة وجعله
المجلد الثاني من ذلك الكتاب، وقد فرغ من تصنيفه في خمسة أشهر.
ثم أمره أن يلخص تاريخ كشمير الذي ألفه مولانا شاه محمد الشاه آبادي، فانتخبه في شهرين بعبارة
رائقة.
ثم أمره بترجمة معجم البلدان من العربية إلى الفارسية، فقسم أجزاءه على اثني عشر رجلاً من أهل
العلم، فناول البدايوني منها عشرة أجزاء فكتبها بالفارسية في شهر واحد.
ومن تلك المصنفات التاريخ الألفي أمر السلطان بتصنيفه خاصة، واصطفى منهم سبعة رجال منهم
عبد القادر البدايوني ليكتب كل واحد في أسبوع أخبار سنة، فامتثلوا أمره حتى حررت من ذلك أخبار
خمس وثلاثين سنة.
ومن مصنفات البدايوني الأربعون في فضل الجهاد في سبيل الله.
ومنها نجاة الرشيد في الكبائر والصغائر من المعاصي وآفات النفوس صنفه سنة تسع وتسعين
وتسعمائة.
ومنها منتخب التواريخ وهو أحسن مؤلفاته، رتبه على ثلاثة مجلدات: الأول في تراجم ملوك الهند
من سبكتكين إلى همايون وهو ما بين الإيجاز والإطناب، والثاني في أخبار أكبر شاه السلطان من بدء
جلوسه على سرير الملك إلى سنة أربعين، والثالث في ذكر من عاصره من المشايخ والعلماء
والأطباء والشعراء، فرغ من تصنيفه يوم الجمعة الثالث والعشرين من جمادي الآخرة سنة أربع بعد
الألف، وكتابه هذا مما لا نظير له في صحة الرواية، نقد فيها أخلاق الناس بعين البصيرة فنقد الغش
من الخالص، وذكر المناقب والمعايب، وما قصر في انتقاد الرجال حتى أنه لم يبال بصاحبه أكبر
شاه، وكشف القناع عن حسنه وقبحه وخيره وشره وصوابه وخطائه وعدله وظلمه كأنه متحنط لا
يبالي بموته.
توفي في سنة أربع بعد الألف وله سبع وخمسون سنة، كما في دربار أكبري.
الشيخ عبد القادر البخاري الأكبر آبادي
الشيخ الفاضل الكبير عبد القادر البخاري الأكبر آبادي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، كان يدرس ويفيد بمدينة أكبر آباد، وكان من المشايخ القادرية الأعظمية، أخذ عنه خلق
كثير من(5/571)
العلماء والمشايخ، مات سنة خمسين وألف بأكبر آباد فدفن بها، كما في خزينة الأصفياء.
المفتي عبد القدوس الأمروهوي
الشيخ الفاضل المفتي عبد القدوس بن عبد الغفور بن عبد الملك الحسيني الأمروهوي، أحد العلماء
العاملين وعباد الله الصالحين، ولد ونشأ بأمروهه، وتفقه على والده، وولي الإفتاء بعده سنة تسعين
وتسعمائة، واستقل به إلى سنة اثنتين وستين وألف، لأن ولده محمد شاهد ولي الإفتاء بعده في تلك
السنة، لعله مات عبد القدوس المذكور في السنة المذكورة أو مما يقرب ذلك، كما في نخبة التواريخ.
مولانا عبد القوي البرهانبوري
الشيخ العالم الكبير عبد القوي الحنفي البرهانبوري، أحد العلماء المشهورين، لقبه عالمكير بن
شاهجهان التيموري اعتماد خان ورقاه درجة بعد درجة حتى نال خمسة آلاف منصباً رفيعاً، وأذن له
عالمكير أن يجلس بين يديه في الخلوة، وصار يعتمد عليه في مهمات الأمور.
قال شاهنواز خان في مآثر الأمراء: إنه كان شديد التعصب، كثير الإعجاب بنفسه، احتسب على
سعيد سرمد الأرمني وكلفه اللباس فلم يقبله، ثم ادعى عليه أنه ينكر معراج النبي صلى الله عليه
وسلم فأفتى بقتله، انتهى.
وقال خافي خان في منتخب اللباب: إنه كان صالحاً تقياً ديناً صدوقاً محتظياً عند السلطان، وكان
السلطان ومن دونه يعظمونه ويتلقون إشاراته بالقبول، ولكنه كان لا يفوه بشفاعة لأرباب الحوائج
ويشدد على الناس في القضايا حتى إنه قتل لذلك، وقصته: أن رجلاً قلندر الزي من أهل إيران قدم
الهند، وأقام ببلدة سورت وبمدينة برهانبور أياماً عديدة ثم جاء إلى دهلي، فمال إليه الأمراء من أهل
إيران واجتمع لديه القلندرون، فلم يزل يعيش في الحدائق والبساتين ويشتغل بالمعازف والمزامير
ويبذل الأموال الطائلة حتى قيل: إن مصارفه كانت أكثر من مداخله، فظن السلطان أنه جاسوس بعثه
ملك إيران، فأمر العسس أن يقبض عليه، وأمر عبد القوي أن يفحصه، فأحضره العسس لديه، فتكلم
معه الشيخ في الخلوة فجحد كل ما رموه به، فلما شدد عليه قال: إذا شددت علي فإني لا أخبرك إلا
همساً في أذنك، وأبى إلا أن يهمس إليه فأدناه، فوثب عليه وأخذ سيفه الذي بين يديه وضربه، فلم
يرتث ولم يتحرك ومات من ساعته، وكان ذلك في سنة ست وسبعين وألف، قال السهارنبوري في
مرآة جهان نما: إن ابنيه محمد مظفر وأبا الفتح نقلا جسده إلى برهانبور ودفناه بها.
مولانا عبد الكريم البشاوري
الشيخ العالم الفقيه عبد الكريم بن درويزه الحنفي البشاوري، أحد العلماء المذكرين، أخذ الطريقة عن
الشيخ علي الغواص الترمذي عن الشيخ نظام الدين الجشتي التهانيسري، وله مصنف في الأفغانية
يسمى بمخزن الإسلام توفي سنة اثنين وسبعين وألف، وقبره بحدود يوسف زئي من أرض ياغستان،
كما في الحدائق الحنفية.
الشيخ عبد الكريم المانكبوري
الشيخ الصالح المعمر عبد الكريم بن سلطان بن قاسم بن أحمد بن ميران بن فيض الله بن حسام
الدين المانكبوري، أحد المشايخ المشهورين، ولد ونشأ بمانكبور، وأخذ عن أخيه الشيخ عبد الله
المانكبوري، ولما توفي عبد الله خرج من بلدته وساح البلاد حتى وصل إلى جبل لبنان، وحج وزار
سبع مرات، ثم رجع إلى الهند ومات بأرض بنكاله فنقلوا جسده إلى مانكبور ودفنوه بها، وكانت وفاته
في الخامس عشر من شهر صفر سنة سبع وخمسين وألف وله سبعون سنة، كما في آئينة أوده.
الشيخ عبد الكريم البرهانبوري
الشيخ الصالح عبد الكريم بن شرف الدين البرهانبوري، أحد رجال العلم والمعرفة، ولد سنة ثمان
وتسعمائة بمدينة برهانبور، ونشأ في مهد المشيخة، وانتفع بأبيه ولازمه مدة حياته، وكان زاهداً عفيفاً
ديناً باذلاً سخياً مسدي الإحسان إلى الضيفان، مات في الثاني عشر من شعبان سنة أربع بعد الألف
وله ست وتسعون سنة، كما في كلزار أبرار.(5/572)
الشيخ عبد الكريم الكاكوروي
الشيخ العالم الصالح عبد الكريم بن شهاب الدين بن نظام الدين العلوي الكاكوروي، أحد الرجال
المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ في أيام جده وأخذ عنه، وقرأ فاتحة الفراغ وله ثمان عشرة
سنة، ثم سافر إلى دهلي وأخذ عن الشيخ عبد الباقي النقشبندي وعن غيره من المشايخ، ثم رجع إلى
بلدته وتمكن بها للدرس والإفادة، وكان على قدم جده في الزهد والقناعة، مات في ثالث ربيع الأول
سنة تسع وثلاثين وألف، كما في كشف المتواري.
الشيخ عبد الكريم اللاهوري
الشيخ العالم الصالح عبد الكريم بن عبد الله بن شمس الدين السلطانبوري ثم اللاهوري، أحد العلماء
المبرزين في الفقه والأصول، قرأ الكتب الدرسية على والده، وأخذ الطريقة عن الشيخ نظام الدين بن
عبد الشكور التهانيسري وصحبه، وسافر للحج والزيارة مرتين: مرة في صحبة أبيه، ومرة بعد
وفاته، وسكن بلاهور بعد ما توفي والده، له شرح على فصول الحكم بالفارسية، والأسرار العجيبة
رسالة له في الأذكار والأشغال، مات في السابع والعشرين من رجب سنة خمس وأربعين وألف ببلدة
لاهور، فدفن بها قريباً من حديقة زيب النساء بيكم، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ عبد الكريم الأكبر آبادي
الشيخ الصالح المجود عبد الكريم الأكبر آبادي، أحد القراء المشهورين في عصره، كان مكفوف
البصر مكشوف البصيرة، حفظ القرآن، وأخذ القراءة والتجويد عن الشيخ عبد الملك القارئ الأكبر
آبادي، وحفظ القصيدة الشاطبية مع معانيها وغرائبها، وحفظ القراءات السبع مع أربع عشرة رواية،
وكان يقرأ القرآن بلحن شجي يأخذ بمجامع القلوب، كما في كلزار أبرار.
المفتي عبد الكريم الكجراتي
الشيخ العالم الكبير عبد الكريم بن محب الدين بن علاء الدين، الخرقاني النهروالي الكجراتي، المفتي
بهاء الدين أبو الفضائل المكي، أحد أفراد الدنيا في الفضل والكمال، ولد بأحمد آباد من بلاد الهند
ضحى يوم الإثنين تاسع عشر شوال سنة إحدى وستين وتسعمائة، وكان بيته بيت العلم والطريقة في
بلدة نهرواله من بلاد كجرات، وتقدم تمام النسب في ترجمة جده علاء الدين النهروالي من أعيان
القرن العاشر، وهو سافر إلى مكة المباركة مع أبيه ونشأ بها، ولازم عمه المفتي قطب الدين محمد
النهروالي وبه تفقه وعليه تخرج، وأخذ عن الشيخ عبد الله السندي والعلامة الشهاب أحمد بن حجر
الهيثمي، روى عنه صحيح البخاري وتولى إفتاء مكة سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة، وولي الخطابة
في حدود التسعين وتسعمائة، وولي أيضاً المدرسة السلطانية المرادية بمكة، وألف مؤلفات لطيفة،
منها شرح ممزوج على صحيح البخاري لم يكمله، سماه النهر الجاري على البخاري وتاريخ سماه
إعلام العلماء الأعلام ببناء المسجد الحرام وهو مختصر تاريخ عمه المذكور، زاد فيه أشياء حسنة
مهمة مما يحتاج إليه وما حدث بعد تأليفه منبهاً إليه، فرغ من تصنيفه يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة
بقيت من شعبان سنة ألف من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام وأكمل التحية،
وممن أخذ عنه السيد عمر بن عبد الرحيم البصري وخلق آخرون.
قال المحبي في خلاصة الأثر: إنه كان إماماً فاضلاً، له اشتغال تام بالعلم وخط حسن، ونسخ بخطه
كتباً، وله حفظ جيد ومذاكرة قوية، وكان عارفاً بالفقه، خبيراً بأحكامه وقواعده، مطلعاً على نصوصه
مع طلاقة الوجه وكثرة السكون، وأما الأدب فكان فيه فريداً، يفهم نكته، ويكشف غوامضه،
ويستحضر من الأخبار والوقائع وأحوال العلماء جملة كثيرة، وكان من أذكياء العالم ذا إنصاف في
البحث، قال المحبي: هو الذي سعى في إحداث معلوم من بندر جدة يكون في مقابلة خدمة إفتاء
الحنفية بمكة وأجيب إلى ذلك، وجعلت له خلعة تحمل مع الركب المصري يلبسها في يوم العرضة،
ثم أحدث له في مقابلة ذلك أيضاً صوفان من الديار الرومية في ضمنها مائة دينار، واستمر ذلك
لمفتي مكة، توفي بها قبل غروب شمس يوم الأربعاء خامس عشر ذي الحجة سنة أربع عشرة بعد
الألف، ودفن بالمعلاة.(5/573)
الشيخ عبد الكريم السهارنبوري
الشيخ الفاضل عبد الكريم بن عبد الستار الأنصاري السهارنبوري، أحد الأفاضل المشهورين في
عصره ومصره، أخذ العلم والمعرفة عن الشيخ ركن الدين ابن عبد القدوس الكنكوهي ولازمه مدة
طويلة، ثم انقطع إلى الدرس والإفادة، وكان يعظ ويذكر ويلقن الذكر على الطريقة الجشتية، أخذ عنه
خلق كثير، وله ديوان شعر بالفارسي، مات لأربع عشرة خلون من محرم سنة أربع وعشرين وألف
ببلدة سهارنبور فدفن بها، كما في مرآة جهان نما.
الشيخ عبد اللطيف الأجيني
الشيخ العالم الصالح عبد اللطيف بن أحمد المتوكل الأجيني، أحد المشايخ العشقية الشطارية، ولد
ونشأ بمدينة أجين، وسافر إلى برهانبور وأخذ عن الشيخ عيسى بن قاسم السندي البرهانبوري
ولازمه زماناً، ثم قام مقام والده في الإرشاد والتلقين بمدينة أجين، توفي سنة سبع وألف، كما في
كلزار أبرار.
الشيخ عبد اللطيف الأكبر آبادي
الشيخ الفاضل الكبير عبد اللطيف بن عبد الله العباسي الأكبر آبادي، أحد فحول العلماء، له لطائف
الحدائق من نفائس الدقائق شرح بسيط بالفارسي على حديقة الحكيم سنائي الغزنوي، صنفه سنة ثمان
وثلاثين وألف، وله خلاصة أحوال الشعراء، رتبه على سبع طبقات، وله لطائف المثنوي شرح
مختصر على المثنوي المعنوي، وكان مليح الخط حسنه، رأيت خطه على نفحات الأنس من
حضرات القدس لعبد الرحمن بن أحمد الجامي، كانت في مكتبة حبي في الله ربي نور الحسن بن
صديق حسن الحسيني البخاري القنوجي، فوجدته غاية في الجودة والملاحة.
الشيخ عبد اللطيف الكجراتي
الشيخ الصالح عبد اللطيف بن ملك شاه النهروالي الكجراتي، أحد الرجال المعروفين بالفضل
والصلاح، ولد ونشأ بنهرواله، وتوفي والده في صباه فسافر إلى جانبانير، ولازم الشيخ صدر الدين
محمد الذاكر الجانبانيري واشتغل بأذكار الطريقة الشطارية وأشغالها زماناً، وسافر بأمر شيخه إلى
كواليار سنة سبع وسبعين وتسعمائة، وأدرك بها أبناء الشيخ محمد غوث وأصحابه، وأدرك الشيخ
نظام الدين إله داد النارنولي وكثيراً من المشايخ، ثم رجع إلى جانبانير، وانتقل منها بعد خرابها إلى
بروده وتزوج بها واتخذها داراً وسكناً، وسافر إلى كواليار مرة ثانية سنة أربع وثمانين وتسعمائة،
وسافر إلى برهانبور لزيارة الشيخ عيسى بن قاسم السندي، توفي سنة سبع عشرة وألف ببزوده، كما
في كلزار أبرار.
الشيخ عبد اللطيف البرهانبوري
الشيخ العالم الصالح عبد اللطيف الحنفي البرهانبوري، الشيخ المشهور المتفق على ولايته وجلالته،
كان يعتقد بفضله وكماله عالمكير بن شاهجهان سلطان الهند، يكرمه غاية الإكرام ويذكره في كثير من
رسائله ويتواضع له ويتردد إليه، وإن لم يستطع يبعث إليه الرسائل، قلما يخلو أسبوع أو شهر من
ذلك، كما في منتخب اللباب.
وكان يشدد في الأمر والنهي، ويحتسب على الناس ولا يخاف في الله أحداً، وكان يتجر ويسترزق
بها على وجه الحلال، وما كانت له خادم غير صاحبته، وكان لا يأذن لعامة الناس أن يدخلوا عليه
ولا يفتح بابه لهم في كثير من الأحيان، ولا يقبل النذور والفتوحات، ولا يدع أحداً يبايعه.
وكان ناسكاً صواماً قواماً، ذاكراً لله سبحانه في كل أمر، رجاعاً إليه في سائر الأحوال، وقافاً عند
حدوده وأوامره ونواهيه، آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، وكان يحتسب على الشيخ برهان الدين
الشطاري البرهانبوري ويقول: إنه مبتدع، لاستماعه الغناء ولتواجده في ذلك.
توفي سنة ست وستين وألف بمدينة برهانبور، فأرخ لوفاته بعض الناس من ستون دين افتاد كما في
تأليف محمدي، وفي مرآة عالم: إنه توفي سنة ستين وألف، وتاريخه آه زان شيخ كامل.(5/574)
مولانا عبد اللطيف السلطانبوري
الشيخ الفاضل العلامة عبد اللطيف الحنفي السلطانبوري، أحد العلماء المبرزين في العلوم الحكمية،
قرأ الكتب الدرسية على الشيخ جمال الدين اللاهوري، وأخذ المنطق والحكمة عن العلامة فتح الله
الشيرازي، ثم درس وأفاد وظهر فضله بين العلماء، فجعله شاهجهان بن جهانكير معلماً لولده دارا
شكوه في حياة والده جهانكير فلم يزل يعلمه، وكان شاهجهان يجزل عليه الصلات والجوائز، فلما
كف بصره رخصه إلى بلدته وأعطاه قرى عديدة، فرجع إلى بلدته والتزم التفسير والموعظة مع
الطريقة الظاهرة والصلاح، كما في بادشاه نامه وعمل صالح.
وفي مرآة عالم: إن شاهجهان جعله معلماً لولده عالمكير، وقد سمع بختاور خان صاحب المرآة من
عالمكير أنه كان يقول: إن له حقاً عظيماً علي لأني كل ما أخذت من العلوم والفنون أخذته عنه، لأنه
كان يجتهد في الإفادة ولا يتساهل في ذلك، خلافاً لغيره من الأساتذة فانهم كانوا يراعون جانبي
ويلاحظونني فيتساهلون في تعليمي، انتهى.
توفي سنة اثنتين وأربعين وألف، فأرخ لوفاته بعض أصحابه من قوله آفتاب علم را آمد كسوف كما
في مرآة عالم، فما في تذكرة العلماء: إنه مات سنة ست وثلاثين وألف، لا ينبغي أن يعتمد عليه.
الشيخ عبد اللطيف السندي
الشيخ الفاضل عبد اللطيف البديني السندي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية،
أجرى له عالمكير الأرزاق السنية بعد كبر سنه، كما في تحفة الكرام.
الشيخ عبد الله الخير آبادي
الشيخ الفاضل عبد الله بن أبي الفتح بن نظام الدين الحسيني الرضوي الخير آبادي، أحد الرجال
المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بخير آباد، وأخذ عن والده ولازمه زماناً طويلاً، وتصدر
للإرشاد بعده، وكان كثير الدرس والإفادة.
السيد عبد الله السندي
الأمير عبد الله بن أبي المكارم بن غياث الدين، الحسيني السيوستاني السندي، أحد الأمراء
المعروفين بأرض السند، ولد ونشأ بمدينة سيوستان، وسافر إلى دهلي مرافقاً لمرزا غازي أحد ولاة
السند في أيام جهانكير بن أكبر شاه، ثم رجع إلى بلاد السند، وبعثه مرزا غازي إلى ملك الفرس
بالسفارة، فزار مشهد الرضا في ذلك السفر، وولي على مدينة تهته بعد وفاة الغازي، واعتزل عنها
في أيام شاهجهان بن جهانكير شاه، فرتب له شاهجهان خمسين ألف دام، وكانت وفاته في السادس
عشر من شعبان سنة أربع وخمسين وألف، كما في تحفة الكرام.
الشيخ عبد الله السنديلوي
الشيخ العالم الصالح عبد الله بن بهلول بن جاند بن جنيد بن محمد بن برهان الدين بن عز الدين
محمود بن نجم الدين أحمد بن شمس الدين العثماني الهروي السنديلوي، أحد المشايخ العشقية
الشطارية، ولد يوم الإثنين الثاني عشر من ربيع الثاني سنة أربع وعشرين وتسعمائة ببلدة سنديله من
أرض أوده، فلما صار ابن تسع سنوات سافر للعلم إلى كوبامؤ وقرأ على الشيخ إله داد بن سعد الله
العثماني الكوباموي النحو والصرف، ثم ذهب إلى بدايون، ثم إلى دهلي وسكن بها عند الشيخ معز
الدين البخاري، وقرأ اللب والإرشاد والكافية في مدرسة دهلي، ثم سافر إلى حصار وقرأ بعض
الكتب الدرسية على مولانا برهان الدين الملتاني، وسافر معه إلى كجرات وقرأ بعض الرسائل في
الفنون الرياضية على العلامة وجيه الدين العلوي الكجراتي، وقرأ هداية الفقه وأصول البزدوي على
الشيخ مبارك الفاضل الكواليري، وأخذ الحديث وأصوله عن الشيخ عبد الأول الحسيني الدولة آبادي
وأسند الفصوص وشروحه عن الشيخ مصطفى الرومي، وقرأ فاتحة الفراغ وله أربع وعشرون سنة،
ثم لازم الشيخ محمد غوث الشطاري الكواليري وأخذ عنه الطريقة، وأجازه الشيخ المذكور يوم غرفة
من ذي الحجة الحرام سنة خمسين وتسعمائة بكجرات وأمره أن يربي المريدين،(5/575)
فاستقام على تلك
الخدمة سنتين، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين، وأقام بالمدينة المنورة خمس سنوات عاكفاً على
الزهد والعبادة، وكان يحج في كل سنة، ثم رجع إلى الهند وتزوج بأحمد آباد، واشتغل بها بالدرس
والإفادة خمس عشرة سنة، ثم ذهب إلى كواليار واعتكف على قبر شيخه سنتين، ثم دخل آكره
واعتزل بها مع القناعة والعفاف والتوكل والإستغناء، كان لا يتردد إلى الأغنياء ولا غيرهم من
الناس.
جمع ابنه عبد النبي ملفوظاته في كتابه جامع الكلم: ومن مصنفاته: سراج السالكين، وكنز الأسرار
في أشغال الشطار، وشرح الرسالة الغوثية والأوراد الصوفية، وأنيس المسافرين، وأسرار الدعوة،
ورسالة الصوفية،
توفي لسبع ليال بقين من جمادي الأولى سنة عشر وألف بمدينة آكره، كما في كلزار أبرار.
الشيخ عبد الله الحضرمي
السيد الشريف عبد الله بن حسين بن محمد بن علي بن أحمد بن عبد الله ابن محمد، بافقيه الحسيني
الحضرمي الشافعي، أحد علماء الإسلام الكبار، ذكره الشلي في تاريخه، قال: إنه ولد بتريم، وحفظ
القرآن على محمد با عائشة، وحفظ الجزرية وقرأها عليه، وحفظ بعد الإرشاد والملحة والقطر
وعرضها على مشايخه، وتفقه بوالده حسين، وأخذ عدة علوم عن الشيخ أبي بكر بن عبد الرحمن بن
شهاب الدين، منها الحديث والعربية وأكثر العلوم الأدبية، وأخذ الفقه عن الشيخ عبد الرحمن بن
علوي بافقيه، ومن مشايخه عبد الرحمن السقاف ابن محمد العيدروس والقاضي أحمد بن حسين
والقاضي أحمد بن عمر عيديد والشيخ أحمد بن عمر البيتي والشلي الكبير، وأخذ التصوف عن أكثر
مشايخه المذكورين، ولبس الخرقة من غير واحد، وجد في الطلب واعتنى بعلوم الأدب حتى اشتهر
أمره وبعد صيته، ثم دخل الهند واجتمع في رحلته هذه بكثير من أرباب الفضل والحال، ثم قصد
مدينة كنور وأخذ بها عن السيد الكبير بن محمد بن عمر بافقيه وغيره، وحصل له قبول تام عند
صاحبها الوزير عبد الوهاب، وكان عبد الله بن حسين إذ ذاك شاباً فرغب في صهارته وزوجه بابنته
وأعطاه دست الوزارة، فنصب نفسه للتدريس والإقراء ونفع العالمين فشاع ذكره شرقاً وغرباً، وكان
لا يقاوم في المناظرة.
وألف تآليف عديدة، منها شرح الآجرومية، وشرح الملحة ومختصرها، وشرح مختصره، وله رسائل
بديعة، وكان في صناعة النظم والنثر حاز قصب السبق، وله قصائد غريبة، قال الشلي: ورأيت له
رسائل وأنا صغير، أتى فيها بما لم يسبق إلى مثله، كان أرسلها إلى سيدي الوالد، ولم يتفق لي إلى
الآن الوقوف على شيء من مؤلفاته ولا قصائده، ولم يقدر لي الله الاجتماع به في رحلتي إلى الهند،
وكان مع علو همته لا يسمع بشيء إلا أحب أن يقف على أصله ومادته ويتطلب أربابه من سائر
الآفاق حتى أحكم على الرمل والهيئة والأسماء والأوفاق، واجتهد في علم الكيمياء غاية الإجتهاد
ويقال إنه ناله، وكان مع ذلك كله ذا قدم راسخة في الصلاح والتقوى والدين مقبلاً على الطاعة، وله
خلق حسن وعذوبة كلام ولين جانب، لا يزال مسروراً، وكان آية في الكرم كثير الإحسان، وكان
ينفق نفقة السلطان، ويسكن العظيم من الدور، ويركب الخيل الجياد، وهو قائم بنفع العباد، عاكف
على طلبة العلم، ولم تطل لياليه حتى مات وهو في الوزارة، كما في خلاصة الأثر.
الشيخ عبد الله الحضرمي
السيد الشريف عبد الله بن زين بن محمد بن عبد الرحمن بن زين بن محمد، مولى عيديد،
الحضرمي الشافعي الفقيه الجل، ذكره الشلي في تاريخه، قال: إنه ولد بتريم وحفظ القرآن، ثم طلب
العلم وحفظ الجزرية والعقيدة الغزالية والأربعين النواوية والملحة والقطر والإرشاد، وعرض
محفوظاته على العلماء الأجلاء، وتفقه على القاضي أحمد بن حسين ولازمه إلى أن تخرج به وبرع،
وجمع من الفوائد شيئاً كثيراً، وأخذ عدة علوم، منها الحديث والتفسير والعربية على الشيخ أبي بكر
عبد الرحمن، وأخذ عن أخيه محمد الهادي التصوف والحديث، ومن مشايخه(5/576)
الشيخ عبد الرحمن بن
محمد العيدروس والشيخ عبد الرحمن بن علوي بافقيه وغيرهم، وكان في الحفظ منقطع القرين لا
تغيب عن حفظه شاردة، وكان أجمع أقرانه للفقه وأبرعهم فيه، وأذن له غير واحد من مشايخه
بالإفتاء والتدريس، فدرس وأفتى، وانتفع به جماعة.
قال الشلي: وحضرت دروسه وقرأت عليه بعض الإرشاد، وحضرت بقراءة غيري فتح الجواد،
وكان آية في الفروع والأصول محققاً، وما شهدت الطلبة أسرع من نقله، وكان علمه أوسع من عقله،
ولما حفظ الإرشاد جميعه حصل له خلل في سمعه، واشتهر عند العوام أن من حفظ الإرشاد كله ابتلى
بعلة، ولذا كان كثير ممن حفظه يترك بعضه، وكان حسن المناظرة، قال: ووقع بينه وبين شيخنا
القاضي عبد الله بن أبي بكر الخطيب مناظرات في مسائل مشكلات، وربما تناظرا أكثر الليل.
وكان صاحب جد في الدين، وكان ذا هدى ورشاد وصلاح معرضاً عن الرين، حسن الصيت نير
الوجه بصير القلب والبصر متقللاً من الدنيا، وارتحل من بلدة تريم ودخل الهند وأخذ عن السيد عمر
بن عبد الله باشيبان علوم الصوفية والأدب، وأخذ السيد عمر عنه العلوم الشرعية، وطلب منه أن يقيم
عنده والتزم له بما يحتاجه، فقام حتى اجتمع بمن في الهند من المحققين، فقصد مدينة بيجابور
واجتمع فيها بالشيخ أبي بكر بن حسين بافقيه أخي شيخه القاضي بافقيه، وأخذ عن هذين علوم
التصوف والحقيقة، وجلس يدرس أياماً، ثم مات بمدينة بيجابور، ودفن عند قبور بني عمه من السادة
- رضي الله عنه - كما في خلاصة الأثر.
الشيخ عبد الله اللاهوري
الشيخ العالم المعمر عبد الله سعد الحنفي اللاهوري نزيل المدينة المنورة، كان من أخيار الصوفية،
اسم أبيه سعد الله، وقيل: سعد الدين ولد سنة خمس وثمانين وتسعمائة، وتوفي سنة ثلاث وثمانين
وألف.
وهو ممن أخذ عن مفتي مكة قطب الدين محمد النهروالي، يروي عنه صحيح الإمام البخاري بسند
عال، لا أعلم في الدنيا سنداً أعلى من هذا السند، أخذ عنه الشيخ إبراهيم بن حسن الكردي المدني
وعنه الشيخ سالم بن عبد الله البصري المكي حتى انتشر في الحجاز، وقد ذكره إبراهيم المذكور في
الأمم لإيقاظ الهمم، وذكره عبد الله بن سالم في الإمداد بعلو الإسناد والمزجاجي في نزهة رياض
الإجازة وقال: هذه الطريقة لم تصل إلى الحرمين إلا مع أشياخ أشياخ مشايخنا كالشيخ المعمر عبد
الله بن سعد اللاهوري، انتهى.
مولانا عبد الله السيالكوتي
الشيخ العالم الكبير العلامة عبد الله بن عبد الحكيم بن شمس الدين السيالكوتي أحد العلماء
المشهورين بأرض الهند، ولد ونشأ ببلدة سيالكوث وقرأ العلم على والده، وأخذ الحديث عن المفتي
نور الحق بن عبد الحق المحدث الدهلوي، ثم درس وأفاد وألف، وتميز واشتهر بالفضل والكمال،
أخذ عنه خلق كثير.
وكان عالمكير بن شاهجهان التيموري سلطان الهند وأبناؤه يكرمونه غاية الإكرام: أدركه عالمكير
سنة ست وثمانين وألف بمدينة لاهور وإحتظ بصحبته، ثم استقدمه إلى أجمير ليوليه الصدارة
العظمى وبعث كتاباً إليه بخطه، وأمر بختاور خان أن يحرضه على القبول فكتب إليه بختاور خان،
فأجابه أن الزمان زمان الفراق لا زمان كسب الشهرة في الآفاق ولكنه سيحضر لديه امتثالاً للأمر
المطاع، فسافر إلى أجمير وأقام بها زماناً، ثم رجع إلى بلدته واعتزل عن الناس، كما في مآثر
عالمكيري، ومن مصنفاته التصريح على التلويح في أصول الفقه من البداية إلى المقدمات الأربع،
ومنها تفسير على سورة الفاتحة، ومنها رسالة في حقائق التوحيد، صنفها بأمر عالمكير، وله غير ذلك
من الرسائل، توفي في شهر رجب سنة ثلاث وتسعين وألف، كما في المآثر.
الشيخ عبد الله السنبهلي
الشيخ الصالح الفقيه عبد الله بن عبد العظيم بن(5/577)
منور بن منصور بن الشيخ عبد الله بن عثمان
الحسيني المودودي الأمروهوي ثم السنبهلي، أحد العلماء المبرزين في المعارف الالهية، كان سبط
الشيخ تاج الدين النقشبندي السنبهلي، كما في نخبة التواريخ.
الشيخ عبد الله البرهانبوري
الشيخ الصالح الفقيه عبد الله بن عبد النبي بن نظام الدين بن محمد ماه بن صفي الدين العمري
الجشتي الكجراتي ثم البرهانبوري، أحد العلماء الصالحين، كان فاضلاً صاحب الطريقة الظاهرة
والصلاح، توفي لليلة بقيت من الشهر المحرم سنة ثمان وتسعين وألف بمدينة برهانبور فدفن بها:
كما في تاريخ برهانبور.
الشيخ عبد الله البهتي
الشيخ الصالح عبد الله بن عمر بن حسن بن عثمان بن حسن بن عبد الباسط ابن أحمد بن مبارك بن
حسن بن علي بن محمد بن يحيى بن أحمد بن نصر بن عبد الرزاق بن الشيخ عبد القادر الكيلاني،
الأجي ثم البهتي، كان من المشايخ المشهورين في الطريقة القادرية، سافر إلى الحجاز فحج وزار،
ورجع إلى الهند وسافر إلى أجمير ودخل الأربعين، ثم قدم دهلي وأقام عند مقبرة الشيخ قطب الدين
بختيار الأوشي ودخل الأربعين، ثم سار إلى قرية بهته وسكن بها، وكان مرزوق القبول، أخذ عنه
خلق كثير من العلماء والمشايخ، توفي لعشر ليال خلون من ربيع الأول سنة سبع وثلاثين وألف، كما
في الأسرارية.
الشيخ عبد الله الدهلوي
الشيخ العالم الكبير العلامة عبد الله بن عبد الباقي النقشبندي الكابلي ثم الدهلوي، أحد العلماء
المبرزين في المعارف الإلهية، ولد بمدينة دهلي في سادس رجب سنة عشر وألف بعد أربعة أشهر
من ولادة أخيه الكبير لأبيه عبيد الله بن عبد الباقي، وتوفي والده في صغره فتربى في مهد الشيخ
حسام الدين الدهلوي، وقرأ الكتب الدرسية على الشيخ شاكر محمد والشيخ عبد الحق بن سيف الدين
الدهلوي، ثم سافر إلى سرهند وقرأ بعض الكتب على الشيخ أحمد بن عبد الأحد العمري السرهندي،
وأخذ عنه الطريقة وصحبه زماناً، ثم رجع إلى دهلي وأجازه الشيخ حسام الدين والشيخ إله داد،
فتصدى للدرس والإفادة.
وكان فاضلاً كبيراً صوفياً من أرباب الوجد والسماع، وكانت له اليد الطولى في المعارف الإلهية
على مذهب الشيخ محيي الدين بن عربي، وكانت الفصوص والفتوحات منه على طرف اللسان، له
تعليقات نفيسة عليهما، وتعليقات على تفسير البيضاوي وعلى بعض الكتب الدرسية، وله زاد المعاد
رسالة في مناقب الشيخ حسام الدين المذكور، وله رسالة في الميراث صنفها باسم ولده زين الدين
محمود، وله شرح التسوية للإله آبادي، ورسالة مستقلة في الحقائق بالعربية، وبرده بر انداخت،
والسر المبهم كلاهما بالفارسية، وكتاب الفوائح بالعربي، وطريق الوصول إلى أصل الأصول، توفي
يوم الأربعاء لخمس ليال بقين من جمادي الأولى سنة أربع وسبعين وألف، كما في الأسرارية.
الشيخ عبد الله الكواليري
الشيخ الفاضل عبد الله بن محمد غوث بن خطير الدين العطاري الشطاري الكواليري أحد العلماء
المتصوفين، ولد ونشأ بمدينة كواليار، وقرأ العلم على الشيخ مبارك الفاضل الكواليري وعلى الشيخ
وجيه الدين بن نصر الله العلوي الكجراتي، ودرس مدة من الزمان، ثم تصدر للإرشاد مقام والده
واستقام على الطريقة برهة من الدهر، ثم قربه أكبر شاه بن همايون التيموري إليه وجعله من أهل
المناصب الرفيعة، فخدمه أربعين سنة، ولما قام بالملك ولده جهانكير بن أكبر شاه سنة أربع عشرة
وألف استعفى عن الخدمة ورجع إلى بلدته كواليار وتولى الشياخة بها.
توفي في الثامن عشر من شهر محرم سنة إحدى وعشرين وألف بمدينة كواليار فدفن بها، كما في
كلزار أبرار.
عبد الله قطب شاه الحيدر آبادي
الملك الباذل عبد الله بن محمد قطب شاه الشيعي الحيدر آبادي، أحد الملوك المشهورين، قام بالملك
بعد(5/578)
والده سنة خمس وثلاثين وألف بحيدر آباد، واستقل بالملك سبعاً وأربعين سنة، وكان ملكاً عادلاً
باذلاً كريماً محباً لأهل العلم محسناً إليهم، وفد عليه العلماء من بلاد فارس والعرب وصنفوا له
تصانيفهم، منها البرهان القاطع في اللغة الفارسية، صنف له محمد حسين التبريزي، وكان لفرط
محبته لأهل العلم زوج ابنته بالسيد أحمد بن محمد المعصوم الدستكي الشيرازي المشهور بالمدني،
وهو والد السيد علي المعصوم الدستكي صاحب سلافة العصر.
مات في ثالث محرم الحرام سنة ثلاث وثمانين وألف بحيدر آباد فدفن بها، كما في حديقة العالم.
الشيخ عبد الله العلوي الكجراتي
الشيخ الفاضل العلامة عبد الله بن وجيه الدين بن نصر الله العلوي الكجراتي، أحد العلماء
المشهورين، ولد ونشأ بأحمد آباد من بلاد كجرات واشتغل بالعلم، وتخرج على والده وتفنن عليه
بالفضائل، ثم أخذ عنه الطريقة، ودرس وأفاد في حياة والده مدة طويلة، ثم قام مقامه بعده.
وكان شيخاً مجاهداً، صاحب زهد وعبادة، متين الديانة، كبير الشأن، مرزوق القبول، ناهز عمره
سبعاً وثمانين سنة، توفي في خامس محرم الحرام سنة سبع عشرة وألف فدفن عند والده، كما في
روضة الأولياء للبيجابوري.
القاضي عبد الله البيجابوري
الشيخ العالم الفقيه القاضي عبد الله الحنفي الكجراتي ثم البيجابوري، أحد العلماء المتمكنين في الفقه
والحديث، أخذ عن العلامة وجيه الدين بن نصر الله العلوي الكجراتي ولازمه زماناً، ثم ذهب إلى
بيجابور وولي القضاء فسكن بها، وقبره بمدينة بيجابور، كما في روضة الأولياء للبيجابوري.
السيد عبد الله الترمذي
الشيخ الصالح عبد الله الحسيني الترمذي، الخطاط المشهور، كان من ذرية الشيخ نعمة الله الولي،
يكتب التعليق في غاية الجودة والحلاوة، ولذلك لقبه جهانكير بن أكبر شاه مشكين رقم، وكان فاضلاً
شاعراً مجيد الشعر صاحب الطريقة الظاهرة والصلاح، أخذ الطريقة عن الشيخ فيض الله
السهارنبوري المتوفي سنة 1024، وكان يتلقب في الشعر بالوصفي، وله ديوان شعر وخمس
مزدوجات بالفارسية، توفي سنة خمس وثلاثين وألف بمدينة أجمير، كما في مرآة العالم.
الحكيم عبد الله الأكبر آبادي
الشيخ الفاضل عبد الله الحكيم الأكبر آبادي، أحد العلماء المبرزين في الفنون الحكمية، له همدم بخت
رسالة في الطب، صنفها لبختاور خان سنة إحدى وتسعين وألف، واسمها يشعر بالتاريخ كما في مرآة
العالم.
الشيخ عبد الله الدهلوي
الشيخ العالم الصالح عبد الله بن سماء الدين الدهلوي، كان من رجال العلم والمعرفة، أخذ عن والده
ولازمه ملازمة طويلة، ثم استوحش عن الناس فخرج إلى الصحراء، ولذلك لقبوه بالبياباني - معناه
الصحرائي - ثم بعد مدة من الزمان دخل المدينة واعتكف في مقبرة الشيخ نظام الدين محمد
البدايوني الدهلوي، ثم سافر إلى مندو ومات بها سنة سبع بعد الألف، كما في بحر زخار.
صفي الدين عبد الله الشيرازي
الشيخ الفاضل عبد الله بن علي الشيرازي صفي الدين عين الملك، كان من العلماء المبرزين في
الصناعة الطبية، أخذ عن والده الحكيم عين الملك وتفنن عليه بالفضائل، وتزوج بأخت الشيخ أبي
الفيض بن المبارك الناكوري: وكان له ولد رشيد يسمى بمحمد، وقد ذكرته في حرف الميم.
الشيخ عبد الله المانكبوري
الشيخ الصالح عبد الله بن سلطان بن قاسم بن أحمد بن نظام الدين، العمري المانكبوري، أحد كبار
المشايخ، ولد ونشأ بمانكبور، وأخذ عن والده ولازمه ملازمة طويلة، ولما توفي والده تولى الشياخة،
أخذ(5/579)
عنه صنوه عبد الكريم، وكان شيخاً جليلاً مهاباً، رفيع القدر، كبير المنزلة، تذكر له كشوف
وكرامات ووقائع غريبة، مات في مستهل المحرم سنة أربع وألف بمانكبور، كما في أشرف السير.
جلبي عبد الله الرومي
الشيخ الفاضل العلامة عبد الله الرومي المشهور بالجلبي، كان من كبار العلماء، يعرف اللغات
المتنوعة من العربية والتركية والفارسية ويحسنها، وله معرفة تامة بمصطلحات القوم واليد الطولى
في الفقه والأصول، قدم الهند في أيام شاهجهان وسكن بدهلي في زي الفقراء، وكان يحسن إليه سعد
الله خان الوزير ويوظفه، ثم وظفه شاهجهان وأعطاه اليومية، ولما تولى المملكة عالمكير خصه
بأنظار العناية والقبول، وأمره بترجمة الفتاوي العالمكيرية ذكره السهارنبوري وقال: إنه كان نادرة
من نوادر العصر في الفنون الغريبة، له مصنفات عديدة في الحكمة والتصوف.
الشيخ عبد المجيد الأمروهوي
الشيخ العالم الفقيه الزاهد عبد المجيد بن معروف بن خداوند بن كلاب ابن يحيى، العلوي
الأمروهوي، أحد المشايخ المبرزين في المعارف الإلهية، ولد في سنة سبعين وتسعمائة بمدينة
أمروهه ونشأ بها، وسافر للعلم إلى نار نول فقرأ الكتب الدرسية في مدرسة الشيخ نظام الدين إله داد
بن عبد الكريم النارنولي، وأخذ عنه الطريقة ولازمه مدة من الزمان، ثم رجع إلى بلدته وتولى
الشياخة بها، أخذ عنه صنوه فيض الله وخلق كثير وله الذكر الأعلى في شرح أسماء الله الحسنى،
توفي في الحادي عشر من ربيع الآخر سنة ست وأربعين وألف بأمروهه فدفن بها، كما في نخبة
التواريخ.
الشيخ عبد المجيد اللاهوري
الشيخ العالم الفقيه عبد المجيد بن المفتي محمد اللاهوري، أحد عباد الله الصالحين، له رسالة إلى
الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي بالعربية، وجواب منه إليه في بيان وجه التعلق بين الروح
والنفس وبيان عروجهما ونزولهما وبيان الفناء الروحي والجسدي وبقائهما.
مولانا عبد الملك السرهندي
الشيخ الفاضل عبد الملك بن فريد الدين الكهروالي السرهندي، أحد الرجال المعروفين بالفضل
والكمال، أخذ عن أبيه ولازمه زماناً، وأخذ عنه خلق كثير.
قال بختاور خان في مرآة العالم: إنه كان فاضلاً تقياً متورعاً يسكن بسرهند، انتهى،
الشيخ عبد الملك الكجراتي
الشيخ العالم المحدث عبد الملك بن عبد اللطيف بن عبد الملك، العباسي الأحمد آبادي الكجراتي، أحد
العلماء البارعين في الحديث، أخذ عن المفتي قطب الدين بن علاء الدين النهروالي المكي، وأخذ عنه
إبراهيم بن الحسن الكوراني المدني: أجازه مكاتبة وذكره في إيقاظ الهمم، وأخذ عنه أبو الأسرار
حسن ابن علي العجيمي المكي، وقد ذكره الشيخ محمد بن الطيب الفاسي في عيون موارد السلسلة في
الأحاديث المسلسلة في رواية المسلسل بالمشارقة، وروى عنه بسنده عن الشيخ عبد الملك وبه إلى
داود الطائي عن نعمان بن ثابت الكوفي عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله
عليه وسلم: إذا اتضع النجم رفعت العاهة عن كل بلد، انتهى.
خواجه عبد المنعم الأحراري
الشيخ الصالح الفقيه عبد المنعم بن عبد الله بن الشيخ الكبير عبيد الله الأحرار الأحراري، كان من
كبار المشايخ، أقطعه شاهجهان التيموري سلطان الهند قرى عديدة من ناحية سليم بور فسكن بها،
وكانت له صحبة مؤثرة، انتفع به خلق كثير، مات في بضع وخمسين وألف، وذكره كمال محمد
السنبهلي في الأسرارية.
مولانا عبد المؤمن اللاهوري
الشيخ العالم الصالح أبو المراد عبد المؤمن بن محمد بن طاهر اللاهوري، أحد العلماء المبرزين في
الفقه والحديث والعربية، له مختصر لطيف سماه(5/580)
بالقصر المتين من الحصن الحصين، فرغ من
تصنيفه ليلة الجمعة التاسع والعشرين من جمادي الأولى سنة أربع عشرة وألف ببلدة آكره، أوله
الحمد لله أحمد الله على ما هدانا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله - إلخ.
مولانا عبد النبي الأكبر آبادي
الشيخ الفاضل الكبير عبد النبي بن الشيخ عبد الله الشطاري عماد الدين محمد عارف العثماني
السنديلوي ثم الأكبر آبادي، أحد العلماء المبرزين في المعارف الإلهية، له مصنفات كثيرة، ذكره
الشيخ عبد الحي بن عبد الحليم الأنصاري اللكهنوي في طرب الأماثل، قال: رأيت فوائح الأنوار
شرح لوائح الأسرار للشيخ عبد النبي مكتوباً بخطه سنة سبع وثمانين وألف، وكان في آخره: قد وقع
الفراغ يوم الجمعة ثامن ثاني عشر من عشرين من حادي عشر من الهجرة تجاه مرقد الشيخ الوالد
ببلدة آكره، صانها الله عن جميع ما يكره! وتاريخ إتمامه أفضال حق انتهى.
قال: وقد عد عبد النبي من مصنفاته كتباً عديدة على ما رأيت أسماءها على ظهر نسخة الفوائح
بخطه، منها: ذريعة النجاة شرح المشكاة اللهم تممه، شرح الفصوص وشرح ترجمة الفصوص اللهم
تممه، ومختصر الفوائح المسمى بالروائح شرح اللوائح، وشوارق اللمعات شرح اللمعات، وشرح
خلاصة العشق، وشرح جام جهان نما، وشرح الغيبة، وشرح شرح نخبة الفكر، وشرح معمى المير
حسين، وشرح الجواهر الخمسة، وشرح كليد مخازن، وشرح تحفة حل الودود اللهم تممه، وشرح
على حاشية السيد علي العضدي المسمى بفيض الخبير، ورسالة في تعريف الفقر، ورسالة كشف
الجواهر ورسالة في اسم الذات، ورسالة لطائف العشر في حقيقة البشر، ورسالة في المعراج،
ورسالة في شرح خير الأسماء عبد الله وعبد الرحمن، ورسالة كنوز الأسرار في أشعار الشطار،
وجوامع كلم الصوفي، ومقامات العارفين اللهم تممه، وفتوحات المغيبة اللهم تممه، وحدائق الإنشاء،
ورسالة في الناسخ والمنسوخ يسمى دستور المفسرين، وبحر الكرم شرح عين العلم، وحاشية على
شرح الجامي من مبحث الحال إلى المجرورات، وسواطع الإلهام شرح تهذيب الكلام، وشرح حديث
معراج المؤمنين، وشرح حديث كنت كنزاً مخفياً: ورسالة دستور السعادة في بيان الولاية، وفيض
القدوس منتخب نقد النصوص، ومطالع الأنوار الخفي شرح أجوبة الولي، وجواهر الأسرار، وشرح
فصوص الفارابي، وفيض الملك المبين شرح حق اليقين، وحاشية على نقد النصوص، ولوامع
الأنوار في مناقب السادة الأطهار ورسالة في السماع، ورسالة في جواب أسئلة الفاضل النارنولي،
وشرح جواب ابن سينا لمكتوب أبي الخير مولانا أبي سعيد، ومواهب إلهي شرح أصول إبراهيم
شاهي، وشرح إرشاد النحو للقاضي شهاب الدين اللهم تممه، وروح الأرواح شرح الحكمة الإشراقية،
ورسالة في إيمان فرعون، ورسالة في خلوات الوجود، ورسالة ناسخ التناسخ، وشرح حضرات
الخمس وغيرها، انتهى.
ومن مصنفاته: كشف الأنوار شرح جواهر الأسرار بالفارسي في علم الدعوة، شرح فيه الجوهر
الثالث من الجواهر الخمسة للشيخ محمد غوث الكواليري، أوله: منك العون في الابتداء والانتهاء يا
كريم إلخ.
المفتي عبد النبي الكشميري
الشيخ العالم الفقيه المفتي عبد النبي بن يوسف الحنفي الكشميري، أحد كبار الفقهاء الحنفية، له اليد
الطولى في الخلاف والمذهب، تفقه على والده، واجتهد وبالغ إلى أن صار أوحد زمانه في استخراج
الروايات الجزئية والإفتاء، أقر بفضله المؤالف، والمخالف: كما في حدائق الحنفية.
الشيخ عبد الواجد السنبهلي
الشيخ العالم الصالح عبد الواجد بن كمال الدين النقشبندي السنبهلي، أحد كبار المشايخ، ولد ونشأ
بمدينة سنبهل، وقرأ المختصرات على أساتذة بلدته،(5/581)
ثم سافر إلى دهلي وأخذ العلم عن أهله، ثم أخذ
الطريقة عن الشيخ تاج الدين العثماني النقشبندي السنبهلي، وصحب والده زماناً صالحاً وانتفع به
نفعاً عظيماً، وسافر إلى الحرمين الشريفين في بضع وستين وألف، فحج وزار وانتفع بمشايخ
الحرمين، وصنف تفسير القرآن الكريم بالفارسي، ورجع إلى بلدته بعد مدة، ذكره كمال محمد صاحب
الأسرارية.
الشيخ عبد الواحد البلكرامي
الشيخ العالم الصالح عبد الواحد بن إبراهيم بن قطب الدين الحسيني الواسطي البلكرامي، أحد
العلماء المبرزين في المعارف الإلهية، ولد ونشأ بقرية ساندي بالسين المهملة والألف والنون والدال
الهندية بعدها تحتية، وكان صاحب الفضائل العلية والكرامات الجلية والأذواق الصحيحة والمواجيد
الصادقة، ذكره عبد القادر البدايوني في منتخب التواريخ، وعلاء الدولة القزويني في نفائس المآثر،
ومحمد بن الحسن المندوي في كلزار أبرار والسيد غلام علي البلكرامي في مآثر الكرام وكلهم أثنوا
عليه.
قال البلكرمي: إنه أخذ الطريقة عن الشيخ صفي الدين عبد الصمد السائنبوري، ثم لازم صاحبه
الشيخ حسين بن محمد السكندروي، والتزم أذكار الطريقة وأشغالها حتى بلغ رتبة المشيخة، ثم سكن
بقنوج ولذلك اشتهر بالقنوجي، وبتلك النسبة ذكره المندوي والقزويني، وكلام البدايوني أيضاً مشعر
بذلك، وفي آخر عمره دخل بلكرام وتزوج ومات بها.
له شرح بسيط على نزهة الأرواح، وشرح قصة الإخوة الأربعة، وشرح مصطلحات ديوان الحافظ،
وأشهر مصنفاته سبع سنابل، وهو مصنف لطيف.
ومن بدائع تأليفاته شرح كافية ابن الحاجب إلى بحث غير المنصرف على لسان الحقائق والتصوف.
قال فيه: الكلمة لفظ أي ملفوظة على ألسنتنا وملحوظة لقلوبنا ومحظوظة به بواطننا، يعني كلمة
توحيد در مرتبة إقرار بر زبانها ئي ما ملفوظ است ودر مرتبة تصديق دلها ئي مارا ملحوظ ودر
مرتبة أحوال باطنها ئي ما ازو محظوظ، مصنف رحمه الله اكتفاء بذكر اقرار كرد ومعطوف
محذوف فرو كزاشت، بحكم آنكه حكم كردن بر إسلام وسبب جريان تكليف احكام منوط ومربوط
بمرتبة اقرار است، وقرينة حذف مفهوم از عبارت مصنف است كه ميكويد وضع لمعنى مفرد نهاده
شده است يعني لازم كردانيده شده است قبول آن كلمة توحيد بر رقاب ونواصي بجهت تحصيل
معنى كه فرد ومجرد است از كفر ونفاق ومعاصي، بس لفظ مفرد قرينة حذف است زيرا كه افراد
از كفر وافراد از نفاق وافراد از معاصي، فالافراد من الكفر في رتبة الإقرار، والافراد من النفاق في
رتبة التصديق، والإفراد من المعاصي في رتبة الأحوال، لأن من لقي ربه تعالى موحداً يبدل لله
سيئاته حسنات، إلى غير ذلك.
ومن فوائده ما كتب إلى بعض الأمراء لما بعث إليه منشور الإقطاع فرد ذلك وكتب إليه فرمان مدد
معاش كه بنام درويشي إمضاء شود تعزيت نامه اوست، وآن مهرها كه بر كاغذ زنند علامات مهر
منزل أو كه ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة اكرجه آن مهر نكين وطغراي
زمين از دركاه شاهان است اما جون ظالمان را دست دراز است قاصر همت بائد هركه خواهان
است.
من آن نكين سليمان بهيج نستانم كه كاه كاه برو دست اهرمن باشد
إلى غير ذلك، توفي ليلة الجمعة ثالث رمضان سنة سبع عشرة وألف كما في المآثر.
الشيخ عبد الواحد المندسوري
الشيخ العالم الصالح عبد الواحد بن محمد بن عبد الكريم بن إبراهيم بن نعمة الله بن سالار بن وجيه
الدين يوسف الجنديروي المندسوري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والتصوف، قرأ بعض الكتب
الدرسية على الشيخ محمد الذي كان من أصحاب السيد عبد الأول الشيرازي، وقرأ سائر الكتب
الدرسية على الشيخ مبارك الفاضل الكواليري، وتلقى الذكر منه ومن الشيخ عبد الله بن بهلول
الشطاري الأكبر آبادي، ولازمه حتى برع في العلوم كلها لا سيما في الدعوة والتفسير والفقه(5/582)
والتصوف، وكان صاحب وجد وحالة، لم يشرب الماء سبعاً وعشرين سنة.
مات سنة سبع عشرة وألف، كما في كلزار أبرار.
الشيخ عبد الواحد الدهلوي
الشيخ العالم عبد الواحد بن سليمان بن إبراهيم، الأجودهني ثم الدهلوي، أحد العلماء المبرزين في
المعارف الإلهية، أدرك كبار المشايخ واستفاد منهم، ولازم الشيخ عبد الباقي النقشبندي زماناً وأخذ
عنه، له تعليقات على فصل الخطاب للشيخ محمد بن محمود الحافظي البخاري، رأيتها بخطه في
خزانة حبي في الله ربي نور الحسن بن صديق حسن الحسيني البخاري القنوجي، توفي سنة تسع
عشرة وألف، كما في مهر جهانتاب.
الشيخ عبد الواحد اللاهوري
الشيخ الفاضل عبد الواحد النقشبندي اللاهوري، أحد العلماء الصالحين، أخذ عن الشيخ عبد الباقي
النقشبندي ثم عن صاحبه الشيخ أحمد بن عبد الأحد العمري السرهندي، كما في مهر جهانتاب.
الشيخ عبد الوالي الخير آبادي
الشيخ العالم الصالح عبد الوالي بن أبي الفتح بن نظام الدين، الحسيني الرضوي الخير آبادي، أحد
الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بخير آباد، وسافر للعلم فقرأ الكتب الدرسية على
أساتذة عصره ورجع إلى خير آباد، وأخذ الطريقة عن الشيخ حبيب أحد أصحاب والده، ثم تصدر
للإرشاد وتزوج وبارك الله في أعقابه، نهض منهم الأجلاء كالشيخ صفة الله ابن مدينة الله الخير
آبادي المحدث وولده أحمد الله.
الشيخ عبد الوهاب الكوباموي
الشيخ الفاضل عبد الوهاب الحنفي الكوباموي الخطيب، كان من العلماء المشهورين في عصره، ولد
ونشأ بكوبامؤ، واشتغل بالعلم وحصل، وقرأ على الشيخ نظام الدين العثماني الأميتهوي ولازمه
ملازمة طويلة، ثم أخذ عنه الطريقة، وكان يدرس ويفيد.
الشيخ عبد الوهاب الدهلوي
الشيخ العالم الصالح عبد الوهاب بن يوسف بن عبد الوهاب، الحسيني البخاري الأجي، أحد المشايخ
المعروفين بالعلم، ولد ونشأ بدهلي، وأخذ عن غيره من العلماء والمشايخ، وسافر إلى الحجاز في
بضع وستين وألف فحج وزار ورجع إلى الهند، وكان رحمه الله يدرس ويفيد، ذكره كمال محمد
السنبهلي في الأسرارية.
الشيخ عبد الوهاب البروجي
الشيخ العالم الصالح عبد الوهاب بن فتح الله البروجي، الكجراتي، أحد أصحاب الشيخ علي المتقي،
سافر إلى مكة المباركة ولازم الشيخ المذكور ملازمة طويلة وأخذ عنه وحج وزار، وأخذ الحديث عنه
وعن الشيخ محمد بن أفلح اليمني وعن غيره من العلماء، أخذ عنه الشيخ عبد الحق بن سيف الدين
الدهلوي وخلق آخرون.
الشيخ عبد الوهاب المتقي المكي
الشيخ العالم الكبير المحدث الفقيه الزاهد عبد الوهاب بن ولي الله، المندوي البرهانبوري المهاجر
إلى مكة المشرفة والمدفون بها، كان من العلماء الربانيين، ولد ونشأ بمدينة برهان بور بعد ما انتقل
والده من مندو إليها وصار يتيماً، فرماه الاغتراب إلى كجرات وإلى ناحية الدكن وجزائر السيلان
وإلى سرانديب حتى وصل إلى مكة المباركة سنة ثلاث وستين وتسعمائة، وأدرك بها الشيخ علي بن
حسام الدين المتقي الكجراتي، وكانت بينه وبين أبيه مودة، فأقام بمكة المشرفة ولازمه اثنتي عشرة
سنة، وأخذ عنه العلم والمعرفة، وأسند الحديث عنه وعن غيره من المشايخ، وتصدر للدرس والإفادة
بعده بمكة المباركة، وتزوج بها حين بلغ خمسين سنة من عمره.
وكان على قدم شيخه في الزهد والتورع والإستقامة على الطريقة، أخذ عنه الشيخ عبد الحق بن
سيف الدين البخاري الدهلوي وخلق كثير من العلماء والمشايخ، وكان مشايخ الحرمين الشريفين
يعتقدون فيه خيراً وصلاحاً ويقولون إنه على قدم الشيخ أبي العباس(5/583)
المرسي رحمه الله، قال عبد
الحق بن سيف الدين المذكور في أخبار الأخيار: إنه لقيني شيخ من شيوخ العرب وقال: إني سافرت
إلى اليمن وأدركت المشايخ والدراويش فوجدتهم كلهم متفقين على الثناء عليه والإخبار بأنه قطب مكة
في وقته، وقال: إن عبد الوهاب استقام على المشيخة ستاً وثلاثين سنة بمكة وما فاتته حجة في أيام
إقامته، انتهى.
توفي سنة إحدى وألف، كما في أخبار الأخيار فما في بحر زخار أنه مات سنة ستين وتسعمائة،
فليس مما يعتمد عليه.
القاضي عبد الوهاب الكجراتي
الشيخ العالم الفقيه قاضي القضاة عبد الوهاب الحنفي الأحمد آبادي الكجراتي، كان من أحفاد الشيخ
محمد بن طاهر بن علي الفتني صاحب مجمع البحار، ولي القضاء بمولده مونكي بتن من أعمال
أحمد نكر في أيام شاهجهان بن جهانكير التيموري واستقل به زماناً، ولما ولي عالمكير على بلاد
الدكن تقرب إليه، ولما قام بالملك عالمكير ولاه القضاه الأكبر فصار قاضي قضاة الهند ونال منزلة
جسيمة منه.
قال خافي خان في منتخب اللباب إنه بلغ رتبة لم يصل إليها أحد من القضاة قبله حتى أن الأمراء
كانوا يخافونه، انتهى.
وقال شاهنواز خان في مآثر الأمراء إنه تفرد في تنفيذ الحكم والقضاء بحيث ما تيسر لغيره قبله،
وكان يرمى بالإرتشاء مع أنه كان معروفاً بالصدق والديانة، انتهى.
توفي في الثامن عشر من رمضان سنة ست وثمانين وألف بدهلي، كما في مرآة جهان نما.
الشيخ عبد الوهاب الكجراتي
الشيخ الصالح عبد الوهاب الحسيني الكجراتي، كان من نسل الشيخ يحيى ابن علي الترمذي، تقرب
إلى بهادر شاه الكجراتي فلازمه وخدمه مدة من الزمان، ثم اعتزل عن الإمارة، وأخذ الطريقة عن
الشيخ تاج الدين النقشبندي السنبهلي وسكن بمدينة سورت وحصل له القبول العظيم بها، أخذ عنه
خلق كثير من العلماء والمشايخ، كما في حديقة أحمدية.
الشيخ عبد الوهاب الراجكيري
الشيخ الفاضل الكبير عبد الوهاب القدوائي الراجكيري نواب منعم خان، كانت له اليد الطولى في
النحو واللغة والأصول والكلام، له مصنفات عديدة، منها مفتاح الصرف، وبحر المذاهب في الكلام،
وكتاب الصدرة في العقائد، كما في أبجد العلوم، ونسخة من بحر المذاهب موجودة في الخزانة
الحامدية برامبور المكتوبة في سنة 1029.
الشيخ عبد الوهاب اللاهوري
الشيخ العالم الصالح عبد الوهاب اللاهوري، أحد المشايخ المعروفين في الطريقة النقشبندية، توفي
سنة ثمان وسبعين وألف وله ثمانون سنة، كما في مهر جهانتاب.
مولانا عبد الهادي البرهانبوري
الشيخ الفاضل عبد الهادي الشطاري الإشراقي البرهانبوري، العلامة المبرز في المنطق والحكمة،
رأيت بخطه شرح حكمة الإشراق للشيخ شهاب الدين السهروردي المقتول، فرغ من كتابته يوم
الثلاثاء الخامس عشر من جمادي الآخرة سنة ثلاث وستين وألف بحيدر آباد، ووجدت خطه غاية في
الجودة والحلاوة.
الشيخ عبد الهادي البدايوني
الشيخ العالم الصالح عبد الهادي الحنفي النقشبندي البدايوني، أحد الرجال الموصوفين بالفضل
والصلاح، أخذ الطريقة عن الشيخ الكبير رضي الدين عبد الباقي النقشبندي الدهلوي، ثم لازم
صاحبه الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي وأخذ عنه، وصحبه زماناً وبلغ رتبة المشيخة، فاستخلفه
الشيخ أحمد المذكور ورخصه إلى بلدته، كما في زبدة المقامات.(5/584)
الشيخ عبيد الله الدهلوي
الشيخ العالم الفقيه عبيد الله بن عبد الباقي النقشبندي الدهلوي، أحد الرجال المعروفين بالفضل
والكمال، ولد غرة ربيع الأول سنة عشر وألف بدار الملك دهلي، وتربى في مهد الشيخ حسام الدين،
وقرأ العلم وأخذ الطريقة عنه وعن الشيخ إله داد الدهلوي أحد أصحاب والده، له الطبقات الحسامية،
كتاب بسيط في سير المشايخ والأولياء، وله رسائل إلى الشيخ محمد معصوم بن الشيخ أحمد العمري
السرهندي في الحقائق والمعارف.
توفي في الثامن عشر من جمادي الأولى سنة ثلاث وسبعين وألف بدهلي، فدفن في مقبرة أبيه خارج
البلدة عند قدم الرسول، كما في الأسرارية.
الشيخ عبيد الله السرهندي
الشيخ العالم الصالح عبيد الله بن محمد معصوم العمري السرهندي المشهور بمروج الشريعة، ولد
بتسع ليال بقين من شعبان سنة سبع وثلاثين وألف بمدينة سرهند، ونشأ في نعمة أبيه وأخذ عنه
ولازمه حتى بلغ رتبة المشيخة، ولقبوه بمروج الشريعة لجلالة قدره في الشريعة والطريقة، له
الرسالة الياقوتية، مات في التاسع عشر من ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين وألف، فأرخ لوفاته بعض
أصحابه من قوله قطب عالم رفت از عالم كما في تذكرة القاضي ثناء الله.
الشيخ عبيد الله الأميتهوي
الشيخ الصالح عبيد الله بن عبد الرزاق بن خاصة بن خضر، الصالحي الأميتهوي، أحد رجال العلم
والطريقة، ولد ونشأ ببلدة أميتهي، وأخذ عن أبيه ولازمه مدة طويلة، وتولى الشياخة بعد وفاته، ولد
في الرابع عشر من رمضان سنة ثمان وستين وتسعمائة، وتوفي بأميتهي في تاسع شعبان سنة سبع
وثلاثين وألف، كما في صبح بهار.
مولانا عثمان السندي
الشيخ الفاضل العلامة عثمان بن عيسى بن إبراهيم، الصديقي البوبكاني السندي الحكيم
البرهانبوري، أحد العلماء المبرزين في المنطق والحكمة والطب، ولد ونشأ بقرية بوبكان من أعمال
سيوستان، وسافر إلى كجرات، وأخذ الفقه والأصول والعربية عن القاضي محمود الموريي والعلامة
وجيه الدين العلوي الكجراتي، والمنطق والحكمة عن الشيخ حسين البغدادي، ثم سافر إلى برهانبور
سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة فاحتفى به محمد شاه بن المبارك الفاروقي أمير تلك الناحية وولاه
التدريس والإفتاء، فدرس وأفتى سبعاً وعشرين سنة، تخرج عليه القاضي نصير الدين بن سراج
محمد البناني والقاضي عبد السلام السندي والشيخ صالح السندي والشيخ سكه جي ختن الشيخ يوسف
وخلق آخرون.
وكان فاضلاً كبيراً بارعاً في المنطق والحكمة، حاذقاً في الطب، جيد المشاركة في العلوم الشرعية،
تقياً نقياً زاهداً متورعاً كبيراً في أعين الناس، يعتقدون فيه الخير والصلاح، كان يصلي بوقار
وسكينة، ويحترز عن المشتبهات، لم يأكل الطعام أحد أربعين سنة، له شرح على صحيح البخاري،
وحاشية على تفسير البيضاوي، وله مصنفات أخرى، انتقل في آخر عمره من برهانبور إلى قرية
من قراها وسكن بها، فقتل بها مع سبع عشرة نسمة من عياله بأيدي اللصوص، وكان ذلك في شهر
شعبان سنة ثمان بعد الألف، كما في كلزار أبرار.
القاضي عثمان السندي
الشيخ العالم الفقيه القاضي عثمان الدربيلي السندي، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، ولد
ونشأ بأرض السند، وصرف عمره في الدرس والإفادة، وكان عالماً متبحراً في جميع العلوم، زاهداً
متورعاً راغباً عن حطام الدنيا، لا يدخر مالاً ولا يخاف عوزاً، توفي سنة اثنتين بعد الألف، كما في
مآثر رحيمي.(5/585)
مولانا عثمان السامانوي
الشيخ الفاضل عثمان الحنفي السامانوي، أحد الرجال المعروفين بالفضل والكمال، ولد ونشأ بأرض
بنجاب، وقرأ العلم على من بها من العلماء، ثم أخذ الفنون الحكمية عن حكيم الملك شمس الدين
الكيلاني، وشفع له قليج خان فولاه أكبر شاه على بلاد ما بين النهرين دوآبه.
قال البدايوني في المنتخب إنه كان عالماً صالحاً متعبداً، ناب الحكم في دوآبه، ثم جاء إلى الحضرة
السلطانية ونال المنصب، انتهى.
الشيخ عثمان السارنكبوري
الشيخ العالم الصالح عثمان بن منجهن بن عبد الله بن خير الدين، اللكهنوتوي ثم المالوي
السارنكبوري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية، ولد ونشأ بأرض مالوه، وأخذ عنه
أبيه وعن غيره من العلماء، ثم تصدر للدرس والإفادة، وكان عالماً صالحاً متعبداً كثير الدرس
والإفادة، كما في كلزار أبرار.
مرزا عزيز الدين الدهلوي
الأمير الكبير الفاضل عزيز الدين بن شمس الدين محمد الغزنوي ثم الدهلوي، أحد الرجال
المشهورين في الهند، كان ترباً لأكبر شاه بن همايون الكوركاني وأخاه من الرضاعة، يحبه أكبر شاه
حباً مفرطاً ويقدمه في كل باب، ولاه على كجرات سنة ثمانين وتسعمائة، ولما خالفه محمد حسين
مرزا وحاصره بأحمد آباد فضيق عليه المحاصرة، سار إليه أكبر شاه في رجال وطوى بساط الأرض
وجاب ألفاً وأربعمائة ميل من آكره إلى أحمد آباد في تسعة أيام، ثم قاتل محمد حسين بثلاثة آلاف،
وكان معه خمسة عشر ألفاً أو يزيدون، فهزمه وخلص صاحبه عزيز الدين من المضيق، وكان العزيز
مع ذلك يغلظ القول عليه فيما يأمره وينهاه لا سيما فيما يخالف الشرع، فعزله عن إيالة كجرات
وسخط عليه، ثم رضي عنه وولاه على بنكاله وبهار ولقبه بالخان الأعظم سنة ثمان وثمانين
وتسعمائة، فاستقل بها زماناً واستقام أمره في تلك البلاد، ثم منحه أقطاعاً بأرض مالوه، وأمره على
ناحية الدكن سنة أربع وتسعين وتسعمائة، فسافر إلى تلك البلاد ولم يتم له الأمر لنفاق الأمراء فيما
بينهم، فولاه أكبر شاه على كجرات مرة ثانية سنة سبع وتسعين وتسعمائة، فاستقام له الأمر مدة من
الزمان، واستقدمه السلطان سنة إحدى وألف إلى آكره فأبى، وكان لا يستحسن بعض ما اخترعه من
السجدة بحضرته وحلق اللحية وغيرها، وسافر إلى الحجاز مع أبنائه وبناته وأمهاتهم ومائة رجل من
خاصته سنة اثنتين بعد الألف، فحج وزار وبذل أموالاً طائلة على الفقراء والمساكين في الحرمين
الشريفين ووظف للناس من مجاوري الروضة المنورة، وسلم إلى أمير الحجاز تلك الوظائف لخمسين
سنة، واشترى عروضاً وعقاراً في المدينة المنورة ثم وقفها، ورجع إلى الهند سنة ثلاث بعد الألف،
فأعطاه السلطان منصباً وأقطاعاً وسلم إليه خاتمه مهر اوزك وجعله وكيلاً مطلقاً له في مهمات
الأمور، ثم بعد مدة من الزمان أقطعه الملتان فلم يفارقه إلى حياته.
ولما قام بالملك جهانكير بن أكبر شاه وبغى عليه ولده خسرو - وكان ختن عزيز الدين - فأساء
الظن به جهانكير وأراد إعدامه، فمنعه عن ذلك بعض أصحابه وشفعت له سيدات الأسرة الملكية،
فعفا عنه ولكنه عزله عن الخدمة وسلبه المنصب والأقطاع، ثم بعد ثلاث سنوات ولاه على كجرات
وأمره أن يلازم ركابه ويبعث إلى كجرات ولده جهانكير قلى خان لينوب عنه، ثم بعد مدة سيره إلى
بلاد الدكن ليدفع الفتن عنها، فلما وصل إلى برهانبور بعث إلى جهانكير يسأله أن يسيره إلى أوديبور
ليغزو الكفار - وكان يتمنى الشهادة في سبيل الله - فأذن له جهانكير، فلما وصل إلى أوديبور استقدم
السلطان إلى تلك الناحية فسافر إليه جهانكير ولبث بها زماناً، ثم أمر ولده شاهجهان وكان في قلب
شاهجهان منه شيء لمصاهرته بخسرو فوشى إلى أبيه شيئاً منه فحبسه جهانكير بقلعة كواليار، فلبث
في تلك القلعة سنة كاملة ثم أطلقه من الأسر ومنحه المنصب خمسة آلاف له مرة ثالثة وجعله أتابكا
لداور بخش بن(5/586)
خسرو وولاه على كجرات، فأقام بها مدة حياته.
وكان أميراً كريماً باذلاً سخياً جواداً، مقداماً باسلاً، حاد الذهن فصيح المنطق، منفرداً في معرفة
التاريخ والإنشاء والخط، كان يكتب النستعليق في كمال الجودة، وأخذ الخط عن مرزا باقر بن مير
علي الخطاط، وكان ينظم أحياناً، ومن أبياته شعره:
جون نشد حاصل مراكام دل از ناموس وننك بعد ازين خواهم زدن بر شيشة ناموس سنك
وكان حسن المحاضرة، جيد القول، شديد التصلب في الدين مع تقربه إلى أكبر شاه ونفوره عن
الدين وأهله.
توفي سنة ثلاث وثلاثين وألف بأحمد آباد، كما في مآثر الأمراء.
مولانا عزيز الله الأصفهاني
الشيخ الفاضل الكبير عزيز الله بن محمد تقي المجلسي الشيعي الأصفهاني، أحد الأفاضل
المشهورين بايران، كان أكبر أبناء أبيه، نشأ في نعمته وقرأ عليه وعلى غيره من العلماء، له حاشية
على المدارك للسيد محمد بن علي الحسيني العاملي، وحاشية علي من لا يحضره الفقيه، وله كتاب
في أخبار الروم في الإنشاء، وهو الذي أرخ لجلوس عالمكير بن شاهجهان التيموري من قوله تعالى
"إن الملك لله يؤتيه من يشاء"، توفي سنة أربع وسبعين وألف، كما في نجوم السماء.
مولانا عطاء الله الجونبوري
الشيخ الفاضل الكبير عطاء الله بن حبيب الله العثماني الأصفهاني ثم الجونبوري الكهوسوي، أحد
العلماء المشهورين، ولد ونشأ بكهوسي، قرية جامعة من أعمال جونبور، وقرأ العلم على العلامة
محمود بن محمد العمري الجونبوري وعلى غيره من العلماء، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ عبد القدوس
ابن عبد السلام الجونبوري، وكان عالماً تقياً ديناً بارعاً في الفقه والأصول والكلام، مات في خامس
ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وألف بمدينة لكهنو فدفن بها، كما في أصول المقصود.
مولانا عطاء الله السهسواني
الشيخ الصالح الفقيه عطاء الله بن محمد هاشم بن عبد الشكور الحسيني المودودي السهسواني، أحد
العلماء الصالحين، ولد ونشأ بسهسوان، ولازم عمه الشيخ صدر الدين محمد الحاكم وأخذ عنه ثم تولى
الشياخة بعده، وكان صاحب جذب وسلوك، ذكره الشيخ نور الدين السنبهلي في كتابه أسرار العارفين
بالخير، مات سنة أربع وتسعين وألف ببلدته سهسوان، كما في حياة العلماء.
مولانا علاء الدين التوني
الشيخ الفاضل الكبير علاء الدين علاء الملك التوني اللاهوري، أحد العلماء المبرزين في الهيئة
والهندسة والنجوم والحساب والجبر والمقابلة وسائر الفنون الحكمية، دخل الهند في أيام شاهجهان بن
جهانكير التيموري وتقرب إلى آصف جاه فلازمه إلى وفاته، ثم تقرب إلى شاهجهان المذكور وترقى
درجة بعد درجة حتى نال ثلاثة آلاف له منصباً رفيعاً ولقب بفاضل خان وولي على العرض
المكرر، ثم جعله السلطان قهرمانه.
وكان فاضلاً كبيراً، جامعاً لأشتات الفضائل، سريع الفكر، متين الديانة، رزين العقل، بعثه شاهجهان
إلى ولده عالمكير في أيام الفترة فقربه عالمكير إلى نفسه وأعطاه خمسة آلاف له وألفين وخمسمائة
للخيل منصباً وولاه الوزارة الجليلة، فلم يذق طعم الوزارة ومات بعد ستة عشر يوماً، فاغتم لموته
عالمكير وحزن عليه حزناً شديداً.
قال شاهنواز خان في مآثر الأمراء إنه ولي الوزارة في الحادي عشر من ذي القعدة ومات في
السابع والعشرين منها وكان ذلك في سنة ثلاث وسبعين وألف.(5/587)
مولانا علاء الملك المرعشي
الشيخ الفاضل علاء الملك بن العلامة نور الله الحسيني المرعشي، أحد كبار العلماء، أخذ عن والده،
وصحبه مدة من الدهر ثم سار إلى شيراز وتخرج على عصابة من العلوم الفاضلة، ثم قدم الهند
واشتغل بالتدريس، فجعله شاهجهان ابن جهانكير التيموري معلماً لولده محمد شجاع، فسار معه إلى
بنكاله.
وله مصنفات جليلة، منها المهذب في المنطق، وأنوار الهدى في الإلهيات، والصراط الوسيط في
إثبات الواجب تعالى وتقدس، ذكره مرزا محمد صادق الأصفهاني في صبح صادق.
مولانا علم الله الأميتهوي
الشيخ الفاضل علم الله بن عبد الرزاق بن خاصة خضر الصالحي الأميتهوي أحد العلماء المبرزين
في الفقه والحديث والعربية، ولد في السابع والعشرين من جمادي الأولى سنة أربع وخمسين
وتسعمائة ببلدة أميتهي، وقرأ العلم على والده وعلى الشيخ نظام الدين العثماني الأميتهوي رحمه الله،
ثم سافر إلى الحجاز ولبث بها ثماني عشرة سنة وأخذ الحديث والفقه وقرأ على مشايخ عصره، ثم
رجع إلى الهند ودخل برهانبور، فاغتنم قدومه عادل شاه الفاروقي أمير تلك الناحية وأكرمه غاية
الإكرام، فأقام بها مدة طويلة حتى كبرت سنه، وعزم مرة ثانية للحج سنة اثنتين وعشرين وألف
فدخل بيجابور ومات بها، كما في كلزار أبرار.
قال إبراهيم بن مرتضى البيجابوري في روضة الأولياء: إنه قرأ بعض الكتب الدرسية على الشيخ
هاشم بن برهان العلوي، وأخذ الطريقة العيدروسية عن الشيخ محمد العيدروس الكجراتي، وأخذ
الحديث عن الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر المكي، وسكن بمدينة برهانبور مدة من الزمان، ثم
استقدمه إبراهيم عادل شاه البيجابوري فسافر إلى بيجابور وسكن بها، قال: وكان ختنه نصير الدين
يقرأ عليه بعض الكتب الفقهية فإذا هو أورد إشكالاً على بعض المسائل فأجاب عنه علم الله ثم احتج
عليه بقول أبي حنيفة، فقال نصير الدين: هو رجل وأنا رجل! فغضب عليه علم الله وسل السيف،
ففر نصير الدين فتعقبه علم الله إلى بيجابور.
وقال عبد الباقي النهاوندي في مآثر رحيمي: إن ختنه نصير الدين كان يرجح الحديث أياً ما كان
على قياس المجتهد، وكان ينكر القياس ويقول إن حديث علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل موضوع،
فكفره علم الله وأفتى بقتله وإحراقه في النار ورتب المحضر لذلك، فأثبت العلماء توقيعاتهم على
المحضر، فانتصر له عبد الرحيم بن بيرم خان أمير تلك الناحية فرفعوا تلك القضية إلى جهانكير بن
أكبر شاه فأمر باحضارهما في المعسكر، فذهب القاضي نصير الدين إلى الحجاز وذهب علم الله إلى
بيجابور والتجأ إلى إبراهيم عادل شاه البيجابوري.
قال: وكان علم الله ديناً متقناً متبحراً عابداً متهجداً صاحب سنة واتباع وزهد وتورع واستقامة،
صرف عمره في الدرس والإفادة، وكان عبد الرحيم بن بيرم خان شديد الإكرام له ويفتخر بصحبته
ولا يتركه يفارقه، ويغمره بالصلات الجزيلة، ويقبل شفاعته، انتهى.
توفي في الحادي عشر من ذي الحجة الحرام سنة أربع وعشرين وألف، فأرخ لوفاته بعض أصحابه
من أستاذ أهل حديث، وقبره في بيجابور خارج البلد، كما في روضة الأولياء.
الشيخ علم الله النقشبندي البريلوي
السيد الشريف العفيف ناصر السنة البيضاء قامع البدعة الظلماء عمدة العلماء الربانيين وارث
الأنبياء والمرسلين الإمام الهمام الداعي إلى دار السلام السيد علم الله بن فضيل بن معظم بن أحمد بن
محمود، الشريف الحسني النصير آبادي البريلوي، كان من نسل الأمير الكبير بدر الملة المنير شيخ
الإسلام قطب الدين محمد بن أحمد المدني الكروي، ينتهي نسبه إلى سيدنا الإمام حسن السبط الأكبر
عليه وعلى جده السلام، ولد في سنة ثلاث وثلاثين وألف ببلدة نصير آباد وقد شخص والده إلى
الحجاز قبل ولادته وتوفي بالمدينة المنورة، فتربى في مهد خاله أبي محمد بن محمد بن محمود
النصير آبادي، وقرأ العلم على ابن عمه خواجه أحمد بن إسحاق الحسني(5/588)
النصير آبادي، ثم سافر مع
خاله إلى دار الملك ورافقه زماناً للاسترزاق ثم تنحى عنه واعتزل، وكان يأتي بحزمة من الحطب
على رأسه ويبيعها في عسكر خاله، فلما بلغ غاية من هضم النفس ارتحل إلى الشيخ آدم بن إسماعيل
الحسيني البنوري ولازمه مدة من الزمان وأخذ عنه الطريقة ونال حظاً وافراً من العلم والمعرفة،
فأراد أن يهاجر من الهند إلى البلد الطيب واستأذن شيخه، فأذن له بشرط أن لا يمنعه أحد من عباد
الرحمن، فعاد إلى بلدة نصير آباد واستصحب عياله مهاجراً إلى البلد الحرام، فلما وصل إلى مدينة
راي بريلي على مسافة يوم واحد من نصير آباد أقام بها للاستجمام وترويح النفس، ولقي الشيخ عبد
الشكور الجائسي وكان نزيلاً بها على شاطئ نهر سئ خارج البلدة، فمنعه عبد الشكور وأمره أن يقيم
في هذه البلدة وذكره ما أمره شيخه آدم، فألقى عصاه وأقام على شاطئ النهر وكان ذلك المقام غير
عامر فسكن بها ورحل إلى الحرمين الشريفين للحج والزيارة، ولما عاد إلى راي بربلي بنى المسجد
بذلك المقام سنة أربع وثمانين وألف، وقد عرض عليه عالمكير بن شاهجهان صاحب الهند أقطاعاً
من الأرض فلم يقبل، واستأثر الفقر والفاقة.
وكان عالماً ربانياً، عارفاً بالعلوم الشرعية والمعارف الإلهية، زاهداً قنوعاً عفيفاً ديناً، ملازماً لأنواع
الخير والعلوم، قوياً في دينه، جيد التفقه، كثير الصدقات والإيثار في حضره وسفره مع فقره وقلة
ذات يده بصدق وإخلاص وتوجه وعرفان وانقطاع بالكلية عن الناس قانعاً باليسير، وكان أحسن
الناس وجهاً وأتمهم خلقة، قد غشيه نور الايمان وسيماء الصالحين، إذا خرج نهاراً ازدحم الناس على
تقبيل يده والتبرك برؤية وجهه وهو يكره ذلك وينفر عنهم، وكان يغضب إذا مدح ويستبشر إذا
نصح، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويحتسب على كل من رأى عليه أثراً خلافاً للشرع سواء
كان ملكاً قاهراً أو عالماً كبيراً أو شيخاً جليلاً، وكان يكثر الرد على المبتدعين ويظهر فضائحهم مع
استيلائهم على بلاد المسلمين في عصره، وكان لا يبالي إذا تمسك بالدليل بمن يخالفه كائناً من كان،
وله كشوف وكرامات ووقائع غريبة ذكر جملة من ذلك وجيه الدين اللكهنوي في بحر زخار، وغلام
سرور في خزينة الأصفياء، وسيدي الوالد في مهر جهانتاب وفي سيرة السادات، وأفرد في ترجمته
نعمان بن نور بن هدى الشريف الحسني النصير آبادي رسالة سماها بأعلام الهدى، وأفرد في
ترجمته السيد الوالد رسالته المسماة بالسيرة العلمية.
وفي خزينة الأصفياء: إن العلامة عبد الحكيم السيالكوتي كان يقول إن السيد علم الله أعطاني ربية
فوضعتها في الصرة وبقيت عندي بضع سنين فلم تنقطع عنها الربيات ما بقيت تلك الربية، انتهى.
وفي در المعارف للشيخ رؤوف أحمد، إن الشيخ غلام علي العلوي الدهلوي كان يقول إن عالمكير
بن شاهجهان رأى في المنام أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توفي تلك الليلة، فعرض على العلماء
والمشايخ وسألهم تأويله، فأولوه بأنه توفي في تلك الليلة من كان له نسبة صحيحة بالنبي صلى الله
عليه وسلم وقدم راسخة في اتباعه، ثم أخبر بأن السيد علم الله توفي في تلك الليلة، فأجمع العلماء
والمشايخ على أنه هو المعبر عنه بذلك المنام، انتهى.
وله مصنفات، منها العطيات وعناية الهادي، توفي في تاسع ذي الحجة سنة ست وتسعين وألف،
وقبره مشهور ظاهر بزاويته في رأي بريلي خارج البلدة.
الحكيم عليم الدين الجنيوتي
الأمير الكبير الفاضل عليم الدين الجنيوتي اللاهوري نواب وزير خان، كان من الرجال المعروفين
بالفضل والكمال، ولد ونشأ بأرض بنجاب وقرأ العلم على من بها من العلماء، ثم تطبب على الحكيم
دواني وتقرب إلى شاهجهان بن جهانكير في حياة والده، فولاه على ديوان البيوتات ثم جعله قهرمانه
ثم ولاه على الخراج في ولايته، ولما قام بالملك بعد وفاة أبيه جهانكير أضاف في منصبه وأعطاه
مائة ألف من النقود على وجه الجائزة ثم أضاف في منصبه حتى صار خمسة آلاف له وخمسة آلاف
للخيل وولاه على أرض بنجاب، فاستقل بها سبعة أعوام، ثم ولاه على أكبر آباد فمات بها بعد عشرة
أشهر من ولايته.
ومن مآثره الجميلة بلدة عامرة بأرض بنجاب يسمونها وزير آباد، ومنها جامع كبير بلاهور وهو من(5/589)
أحسن الجوامع وأشهره، ومنها مدرسة عند الجامع المذكور، وله غيرها من الأبنية العالية والقصور
الشامخة، توفي بالقولنج في جمادي الأولى سنة خمسين وألف، كما في مآثر الأمراء.
الشيخ علي بن أبي محمد الكجراتي
الشيخ الفاضل علي بن أبي محمد بن شيخ راجه الكجراتي المشهور بعلي المتقي الصغير، كان من
نسل سلمان الفارسي رضي الله عنه، ولد ونشأ بكجرات، وأخذ عن الشيخ محمد بن الحسن الجشتي
الكجراتي ولازمه مدة من الزمان، وكان آية ظاهرة في التقوى والعزيمة والورع ولذلك لقبوه بعلي
المتقي، وله مصنفات عديدة، توفي في الحادي عشر من رجب سنة أربعين وألف بكجرات، فدفن
بمقبرة الشيخ بهيكن في الأساول القديم، كما في مرآة أحمدي.
القاضي علي بن أسد الله الكجراتي
الشيخ العلامة القاضي علي بن أسد الله بن عبد الله بن وجيه الدين العلوي الكجراتي ثم البيجابوري
المشهور بعلي محمد، كان لقبه أستاذ الأولياء ولد ونشأ بكجرات وقرأ العلم بها، ثم انتقل إلى مدينة
بيجابور مع أخيه الكبير ميران بن أسد الله الكجراتي، وولي القضاء بها في أيام إبراهيم عادل شاه
البيجابوري، وبنى بها مدرسة عظيمة، أخذ عنه الشيخ أبو تراب والسيد محمد والقاضي برهان
والقاضي إبراهيم الزبيري وإبراهيم بن عبد المحمد البيجابوري وغيرهم.
توفي في خامس ذي القعدة سنة سبعين وألف بمدينة بيجابور فدفن بها، كما في روضة الأولياء.
القاضي علي الأكبر الإله آبادي
الشيخ العالم الفقيه القاضي علي الأكبر الحسيني الحنفي الإله آبادي، أحد العلماء المبرزين في الفقه
والأصول والعربية، قربه إليه الوزير سعد الله خان وجعله معلماً لابنه لطف الله فكان معه مدة طويلة،
وأخذ عنه لطف الله شيئاً واسعاً من العلم والمعرفة، ثم قربه إليه عالمكير وجعله معلماً لولده محمد
أعظم، ولما وقف على براعته في العلوم الدينية وتورعه ولاه القضاء بمدينة لاهور فاستقل به مدة
حياته، وكان مشكور السيرة في القضاء، مهاباً رفيع القدر شديد الحسبة على الناس، ماضي العزيمة
في الحدود والتعزيزات.
قال الخوافي في مآثر الأمراء: إن الأمراء كانوا يسخطون عليه ولا تدعهم الهيبة العالمكيرية أن
يريدوا به سوءاً حتى ولى الأمير قوام الدين الأصفهاني على لاهور، فأشار إلى نظام الدين العسس
أن يقبض عليه، فسار إليه العسس برجاله وضيق عليه فقتل القاضي وابن أخته السيد فاضل في
المعركة، فلما سمع عالمكير تلك القصة عزل الوالي والعسس وسلم العسس إلى ورثة القاضي فقتلوه
قصاصاً عنه، ثم أمر القاضي شيخ الإسلام الفتني أن يفصل قضية الأمير قوام الدين على وفق
الشريعة فعفا عنه الورثة، انتهى.
ومن مصنفاته: فصول أكبري بالفارسية، وأصول أكبري وشرحه بالعربية، كلاهما في الصرف،
وكان ممن ولي النظارة على تدوين الفتاوي العالمكيرية، قتل سنة تسعين وألف، كما في مآثر
عالمكيري.
الشيخ علي الأكبر الهروي
الشيخ الفاضل علي الأكبر الهروي، أحد الرجال المعروفين بالفضل والكمال، كان لقبه ثابت خان له
منظومة في الصرف، وديوان شعر بالفارسية، كما في مآثر الأمراء ومن شعره قوله:
قطع أميد بود قوت بازوي طلب به بر ريخته برواز توان كرد اينجا
توفي في بضع وأربعين وألف، كما في روز روشن.
السيد علي بن البدر الكيلاني
السيد الشريف علي بن بدر الدين بن إسماعيل الحسني الكيلاني اللاهوري، أحد رجال العلم
والمعرفة، تولى الشياخة بلاهور مدة مديدة، أخذ عنه خلق كثير، توفي سنة اثنتين وألف، كما في
خزينة الأصفياء.(5/590)
السيد علي بن الجلال الكجراتي
الشيخ الفاضل علي بن الجلال بن محمد بن الجلال الحسيني البخاري الكجراتي، أحد الرجال
المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بكجرات، وولي صدارة الهند في عهد عالمكير فاستقل بها
مدة من الزمان، وكان فاضلاً بارعاً في كثير من العلوم والفنون، مات سنة إحدى وتسعين وألف، كما
في مآثر الأمراء.
الشيخ علي بن الحسين الرومي
الشيخ الفاضل علي بن الحسين الشطاري الرومي ثم الكجراتي، كان من رجال العلم والمعرفة، ولد
ونشأ بأحمد آباد كجرات وقرأ العلم بها على أساتذة عصره، ثم سافر إلى برهانبور وأخذ عن الشيخ
عيسى بن قاسم السندي ولازمه ملازمة طويلة، وكان شاعراً مجيد الشعر يتلقب في الشعر بالمسيحي
كما في كلزار أبرار.
الشيخ علي بن حسين الدهلوي
الشيخ الفاضل علي بن الحسين النقشي الدهلوي المشهور علي أحمد، كان من الفضلاء المشهورين
في عصره، لم يكن له نظير في زمانه في صناعة النقش على فص الخاتم، وكذلك كان والده أيضاً
معدوم النظير في تلك الصناعة.
وقال البدايوني في المنتخب: إنه عالم كبر بارع في الحكمة الطبيعية والهيئة والإنشاء والشعر، وله
يد بيضاء في الخطوط وصناعة النقش على فص الخاتم، تجلب فصوصه المنقوشة إلى إيران
وخراسان وما وراء النهر وتصدر إليها حتى أن كماله في تلك الصنعة قد حجب عنه كمالات أخرى
من العلم والحكمة وحسن الأخلاق، انتهى.
وفي وفيات الأعلام: إنه أخذ الطريقة عن الشيخ عبد الملك بن عبد الغفور الباني بتي، توفي ليلة
الخميس لاثنتي عشرة ليلة خلت من المحرم سنة تسع عشرة وألف كما في تزك جهانكيري.
الأمير علي بن علي القندهاري
الأمير الكبير علي بن علي الشيعي القندهاري أمير الأمراء نواب على مردان خان، أحد الرجال
المشهورين بالعقل والدهاء والسياسة، كان والياً بقندهار من قبل الدولة الصفوية، ولي عليها بعد وفاة
والده سنة أربع وثلاثين وألف في أيام عباس شاه، فاستقل بها نحو اثنتي عشرة سنة، ولما توفي
عباس شاه المذكور وقام بالملك حفيده صفي شاه وافتتح أمره بالتعدي على الناس خافه وترك قندهار
لصاحب الهند سنة سبع وأربعين وألف ودخل الهند، فتقرب إلى شاهجهان بن جهانكير التيموري
سلطان الهند، فولاه على كشمير ثم على بنجاب ثم على كابل ثم على كشمير مرة ثانية فمات بها.
وكان رجلاً فاضلاً كريماً بشوشاً، طيب النفس، حسن المحاضرة، مليح القول جميل الفعال، صاحب
عقل وسكون وجرأة ونجدة، له آثار صالحة في الهند من حدائق وأبنية وأنهار وغيرها.
توفي سنة سبع وستين وألف بماجهيوازه فنقلوا جسده إلى لاهور ودفنوه عند والدته، كما في مآثر
الأمراء.
الشيخ علي بن محمود الباني بتي
الشيخ العالم الفقيه الزاهد علي بن محمود بن عبد الصمد الأنصاري الباني بتي المشهور بعبد القادر،
كان من الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، أخذ عن ابن عمه عبد الملك بن عبد الغفور الباني بتي
والشيخ عبد الرزاق الجهنجهانوي، ثم سافر إلى البلاد ورحل إلى الحرمين الشريفين والقدس الشريف
ثلاث مرات، وأخذ عن الشيخ علي بن حسام الدين المتقي، وأقام ببلدة أجين مدة من الزمان، ثم انتقل
منها إلى سارنك بور وكان عمه قاضياً بها، فاستقام بها حتى توفي عمه فولي مكانه قاضياً في تلك
البلدة، وكان كارهاً له، ترك الاشتغال به غير مرة، وانتقل إلى مكان آخر فلم يدعه الناس.
وكان عالماً مفسراً، يذكر في كل أسبوع يوم الجمعة، وكانت مواعظه مقصورة على تفسير القرآن
الكريم، يوضح مشكلاته ويبين تأويل المشابهات والناسخ والمنسوخ وإعراب القرآن والحقيقة والمجاز
والاستعارة وغيرها كل ما يتعلق بالقرآن، كانت(5/591)
موعظته يوم توفي في تفسير سورة المزمل.
توفي سنة إحدى عشرة وألف بمدينة سارنكبور من مدن مالوه، وأرخ بعض أصحابه لوفاته من
قاضي زنده دل كما في كلزار أبرار.
السيد علي بن محمد الخطاط
الشيخ الفاضل علي بن محمد المقيم الخطاط المشهور بجواهر رقم أخذ الخط عن والده عن السيد
عماد، وقدم الهند في أيام شاهجهان بن جهانكير التيموري فجعله معلماً لولده عالمكير ولقبه جواهر
رقم ولما قام بالملك عالمكير جعله ناظراً على كتبخانه، وكان شاعراً مجيد الشعر، خطاطاً بارعاً،
يكتب النستعليق في غاية الجودة، كما في مرآة العالم.
ومن شعره قوله:
نفسم سوخته فرياد خموشي دارم تاكه دركرد؟ سرمه فروشي دارم
الشيخ علي النقي الكمروي
الشيخ الفاضل علي النقي الكمروي الشاعر المشهور، ذكره أمين بن أحمد الرازي في هفت إقليم
ومدحه بالفضل والكمال، وذكره السيد غلام علي في سروآزاد قال: إنه قرأ العلم على أساتذة بلاده
وبرع في المعقول والمنقول، ثم قدم الهند وتقرب إلى اعتماد الدولة فنال الصلات الجزيلة منه، ومن
شعره قوله:
رفتي وخموشم كه در آغاز مصيبت ماتم زده يكجند بشيون نبرد راه
توفي سنة إحدى وثلاثين وألف.
السيد علي اللدهيانوي
الشيخ العالم الصالح علي بن أبي علي الحسيني اللدهيانوي، أحد الرجال المعروفين بالفضل
والصلاح، كانت له يد بيضاء في إرشاد الناس وتلقين الذكر، انتفع به خلق كثير، وهو أخذ عن
الشيخ عبد الرزاق الجهنجهانوي ولازمه مدة من الزمان، ثم لازم بيته بصدق وعفاف وانقطاع عن
الناس بالكلية، لم يخرج من بيته قط لزيارة أحد من الناس، وكانت له صحبة مؤثرة ينتفع به من أراد
صحبته بصدق النية والإخلاص، أدركه عبد القادر البدايوني وذكره في تاريخه، قال: إنه توفي سنة
اثنتين وألف، فأرخ لوفاته بعض العلماء من قوله شيخ أنام كما في المنتخب.
الحكيم علي الكيلاني
الفاضل العلامة الكبير علي بن أبي علي الحكيم الكيلاني، أحد الأساتذة المشهورين في الهند، أخذ
عن خاله حكيم الملك شمس الدين الكيلاني وعن العلامة فتح الله الشيرازي، وأخذ العلوم الشرعية عن
الشيخ عبد النبي بن أحمد الكنكوهي، وكان ذكياً فطناً حاد الذهن سريع الملاحظة، يكاد يكشف حجب
الضمائر ويهتك أسرار السرائر، دقيق النظر في المسائل الحكمية.
قال البدايوني في تاريخه: إنه عالم كبير بارع في المنطق والحكمة ماهر بالشرع والنقل، قرأ كتب
أهل السنة على الشيخ عبد النبي ونظر في مذهبهم ولكنه زيدي غال في التشيع معجب بفضله،
يخطئ أحياناً لعجبه وقلة تجاربه، حتى أنه أطعم الهريسة أستاذه فتح الله في الحمى المحرقة فمات،
انتهى.
قال شاهنواز خان في مآثر الأمراء: إنه اخترع حوضاً عجيباً ملآناً بالماء، فيه طريق إلى بيت
تحته، إذا غاص الرجل في الماء وجد فيه باباً فيدخل من ذلك الباب إلى البيت ولا يدخل الماء فيه،
وكان في البيت قدر كاف من الهواء الطيبة والضياء المشعشع ومكان واسع نظيف يسع لاثني عشر
رجلاً، وفيه ذخيرة من الفرش والأقمشة والكتب والأطعمة مما يشتهيه الرجل، انتهى.
توفي يوم الجمعة لخمس خلون من محرم سنة ثمان عشرة وألف في أيام جهانكير.
الأمير علي بن عبد اللطيف القزويني
الأمير الفاضل علي بن عبد اللطيف بن يحيى الحسيني السيفي القزويني نواب غياث الدين نقيب
خان، كان معدوم النظير في التاريخ والسير وأسماء(5/592)
الرجال والجفر الجامع، قرأ العلم على أساتذة
عصره، وشارك البدايوني صاحب المنتخب في الأخذ والقراءة على بعض أساتذته، ثم تقرب إلى
أكبر شاه فلقبه نقيب خان ورتب له ألفاً من المنصب، ولما مات أكبر شاه تقرب إلى جهانكير بن أكبر
شاه فصار المعتمد لديه كما كان عند والده أكبر شاه وأضيف في منصبه.
ذكره معتمد خان في إقبالنامه وقال: إنه كان معدوم النظير في التاريخ والسير وأسماء الرجال
والحديث مع مشاركته في العلوم الرسمية، انتهى.
توفي سنة ثلاث وعشرين وألف بأجمير فدفن بحظيرة الشيخ معين الدين رحمه الله.
راجه علي خان البرهانبوري
الملك الفاضل علي بن مبارك بن عادل بن حسن بن نصير الفاروقي راجه علي خان البرهان
بوري، قام بالملك بعد أخيه محمد شاه سنة أربع وثمانين وتسعمائة، وافتتح أمره بالعقل والسياسة،
وصالح السلطان محمد أكبر شاه التيموري وصار معيناً له في الحروب، ومات في أثناء الحرب
بالحريق، وكان فاضلاً عادلاً محباً لأهل العلم محسناً إليهم، توفي سنة أربع بعد الألف بأرض برار،
فنقلوا جسده إلى برهان بور ودفنوه بها، كما في تاريخ فرشته.
زين الدين علي الكشميري
الشيخ الفاضل زين الدين علي الحنفي الكشميري، أحد الفقهاء الحنفية، ولد ونشأ بكشمير، وقرأ العلم
على الشيخ يعقوب بن الحسن الصرفي والشيخ شمس الدين الكشميري، ثم صحب الشيخ حمزة
واستفاض منه، ثم سار إلى الحرمين الشريفين فحج وزار وأخذ الحديث عن الشيخ شهاب الدين أحمد
بن حجر الهيتمي المكي، ورجع إلى كشمير فتصدر للدرس والإفادة، أخذ عنه خلق كثير، وقبره في
رائنبوره، كما في حدائق الحنفية.
مولانا علي محمد الدهلوي
الشيخ الفاضل علي محمد بن عبد الحق بن سيف الدين بن سعد الله البخاري الدهلوي، أحد الأفاضل
المشهورين في عصره، ولد ونشأ بدهلي ولازم أباه وانتفع به وقرأ عليه الكتب الدرسية، له خزائن
الدرر كتاب في اللغة العربية والفارسية والتركية، ورسالة في أخبار المشايخ الخمسة الجشتية، ونجاة
المريدين رسالة له في أخبار الشيخ عبد القادر الجيلاني، كما في مرآة الحقائق.
الشيخ عمر بن عبد الله الحضرمي
السيد الشريف عمر بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن أحمد ابن أبي بكر باشيبان
الحضرمي الشافعي الأستاذ الفقيه، ولد بأرض الهند وأخذ عن جماعة ببلاد الهند، ثم رحل إلى تريم
وأخذ بها عن الشيخ عبد الله بن شيخ وولده زين العابدين، وتفقه على القاضي عبد الرحمن بن شهاب
الدين، وأخذ علوم الدين عن الشيخ أبي بكر بن شهاب وأخويه محمد الهادي وأحمد شهاب الدين، ثم
رحل إلى الحرمين وجاور بهما عدة سنين وأخذ عن جماعة، منهم السيد عمر بن عبد الرحيم
البصري والشيخ أحمد بن إبراهيم علان والشيخ عبد الرحمن الخطيب وغيرهم، ولبس الخرقة من
أكثر مشايخه وأجازه أكثرهم، ثم عاد إلى تريم وتزوج بها ودرس، ثم رحل إلى الديار الهندية وقصد
السيد محمد بن عبد الله العيدروس ببندر سورت ولازمه، وتخرج به في طريق القوم، وأخذ عنه عدة
علوم، وقصد الوزير الملك عنبر وأقام عنده يدرس في الفنون العربية إلى أن توفي عنبر، فرحل إلى
عادل شاه البيجابوري وحصل له عنده قبول تام، وأقام بمدينة بيجابور عنده عدة أعوام وأنعم عليه
بخراج جرام بالقرب من مدينة بلكام، ثم اختار التوطن بمدينة بلكام وتصدر للنفع واقتنى كتباً وأموالاً
كثيرة، وكان من قصده من الطلبة يقوم بنفقته وكسوته، وأخذ عنه الجم الغفير، وظهرت بركته، وكان
حسن الأخلاق عظيم الشهامة، لم يدنس مقداره بذم قط، ولم يزل بمدينة بلكام إلى أن توفي، وكانت
وفاته في سنة ست وستين وألف، وقبره بها معروف، كما في خلاصة الأثر.
السيد عمر بن علي الحضرمي
السيد الشريف عمر بن علي بن عبد الله بن(5/593)
علي بن عمر بن سالم بن محمد باعلوي الشافعي
الحضرمي، أحد الزهاد المشهورين، ذكره الشلي قال: إنه كان على جانب عظيم من القناعة والصبر
والتسليم والرضاء، ولد بظفار سنة اثنتين بعد الألف، ونشأ في حجر والده وكاني جله ويخصه بأشياء
من بين أولاده، وصحب ابن عمه السيد عقيل بن عمران باعمر العلوي وحضر دروسه وانتفع به
ولازمه، وألبسه الخرقة وهو من أخص خواص أصحابه، وله ذوق في كتب القوم، وله كرامات
كثيرة، سافر إلى الهند سنة اثنتين وستين وألف واجتمع بالسيد أبي بكر بن حسين بافقيه ولبس منه
الخرقة، وكان ذلك ببلدة بيجابور فأقام بها بقية تلك السنة ثم مرض بها، وكان له خادم يقال له محمد
بن قشقاش، قال محمد المذكور: كنت أرى من سيدي كرامات كثيرة وهو يأمرني بكتمها، منها أنه قال
ليلة وفاته إذا رأيت شيئاً فلا تفزع، قال محمد: فلما كان آخر تلك الليلة رأيت نوراً سطع حتى أضاء
ذلك الموضع الذي هو فيه، فدخلني من الهيبة والاقشعرار ما شاء الله تعالى ثم دنوت منه فإذا هو
ميت، وكانت وفاته في شعبان سنة ثلاث وستين وألف، فجهز وحضر جنازته جمع كثير من السادة
وغيرهم، ودفن بمقبرة السادة بني علوي هناك، كما في خلاصة الأثر.
القاضي عمر بن الحامد الأكبر آبادي
الشيخ العالم الفقيه عمر بن الحامد الأكبر آبادي القاضي ناصر الدين عمر، كان من العلماء المبرزين
في الفقه والأصول، قرأ العلم على مولانا أبي حامد المهاروني والمفتي أبي الفتح بن عبد الغفور
التهانيسري وعلى غيرهما من الأساتذة، ثم تصدى للدرس والإفادة، وكان في بداءة حاله يمنع عن
سماع الغناء ثم اشتغل به.
توفي سنة اثنتين بعد الألف، كما في أخبار الأصفياء.
المفتي عناية الله البلكرامي
الشيخ الفاضل المفتي عناية الله بن القاضي إله داد الصديقي البلكرامي، أحد الرجال المعروفين
بالفضل والصلاح، ولد ونشأ ببلكرام، وقرأ العلم على والده وتفنن عليه بالفضائل، ثم ولي الإفتاء
ببلدته فاشتغل به وأحسن، وكانت له مودة صادقة بالسيد طيب بن عبد الواحد البلكرامي، فلما ذهب
الطيب إلى دهلي حصل له الإجازة عن الشيخ عبد الحق بن سيف الدين البخاري الدهلوي، كما في
مآثر الكرام.
الأمير عناية الله الشيرازي
الأمير الكبير عناية الله بن محمد الشيرازي سعد الدين بن علاء الدين الهندي البيجابوري نواب
شاهنواز خان، ولد ونشأ بشيراز، وأخذ العلوم الحكمية عن العلامة فتح الله الشيرازي، ثم قدم الهند
ودخل بيجابور في أيام علي عادل شاه، ثم ساح بلاد الهند ورجع إلى شيراز ولبث بها مدة، ثم رحل
إلى الحرمين الشريفين فحج حجة الإسلام وزار النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ودخل العراق والطف
والنجف فزار مشاهد الأئمة، ثم عاد إلى شيراز وأقام بها زماناً، ثم عاد إلى الهند سنة سبع وتسعين
وتسعمائة وكان معه ملاشكيبي الشاعر وعناية الله الأردستاني فدخل بيجابور سنة ثمان وتسعين،
فاستخدمه إبراهيم عادل شاه ولقبه عنايت خان وأقطعه أرضاً خراجية، وبعثه سنة ألف إلى أحمد نكر
بالسفارة إلى صاحبها، وبعثه إلى حيدر آباد سنة اثنتين بعد الألف، واستوزره سنة ثلاث بعد الألف
ولقبه شاهنواز خان.
وكان عالماً كبيراً بارعاً في الحساب والهيئة والهندسة وسائر الفنون الحكمية، عادلاً باذلاً كريماً
صاحب عقل ووقار، بنى قصوراً وحدائق بمدينة بيجابور، وأرسل إلى شيراز أموالاً طائلة للدور
والمساكن، وبنى مسجداً كبيراً بها على نفقته، وصنف بأمره محمد قاسم بن غلام علي الإسترآبادي
كتابه كلزار إبراهيمي المشهور بتاريخ فرشته.
مات في شهر الله المحرم سنة ثمان وخمسين وألف في عهد محمد شاه العادل، كما في واقعات
مملكت بيجابور.
الشيخ عناية الله
الشيخ الفاضل عناية الله بن محب علي الحنفي، كان من الأفاضل المشهورين في عصره، تقرب إلى(5/594)
غضنفر خان وتمتع به مدة، ثم ولي خدمته في بهكر فأقام بها زماناً، ثم ولي بدار الإنشاء، وشفع له
بختاور خان العالمكيري إلى صاحبه فأعطاه المنصب وولاه بخشيكيري وظيفة توزيع الرواتب
وتحرير السوانح بدار الخير أجمير، فاستقل به زماناً طويلاً.
وكان نادرة من نوادر العصر في الإنشاء والترسل، له أبيات رقيقة رائقة بالفارسية، منها قوله:
بياد روي تو دارم هزار كونه فغان جو عندليب كه كل در خزان بياد آرد
الأمير عنبر الحبشي الأمجري
الأمير الكبير عنبر أبو الفتح الحبشي الأمحري وزير صاحب أحمد نكر، كان من الأمجرة وتسمى
قبيلته مايه، ويقال إنه من عبيد القاضي حسين المشهور بمكة، ثم اشتراه بعض التجار وجلبه إلى
الهند فاشتراه أنكسخان، ولما مات أنكسخان تنقلت به الأحوال إلى أن صار من عساكر عادل شاه
صاحب بيجابور، وكان المال الذي يعطاه لا يكفيه لكثرة سماحته وإنفاقه فاستزاده فلم يزده، فخرج
عنبر من حينه خائفاً يترقب سنة ست بعد الألف وهو يومئذ مفلس، وخرج معه السيد علي حداد
باعلوي، ثم وصل به الحال إلى أنه لم يقدر على نفقة يومه، ثم أعلم السيد علياً بما هو فيه فدعا الله
تعالى فوجدوا ركازاً جاهلياً، فاتسع أمره وأكثر من العساكر والأتباع ولا زال أمره يعظم، فاستدعاه
حسين نظام شاه صاحب أحمد نكر فانحاز إليه، وكان وزيره شجاعاً فاتكاً صاحب جيوش وأموال
مستولياً على المملكة وكان عنبر يعجز عن مقاومته، فصار يداريه ويترصد له فرصة حتى قتله على
حين غفلة وولي مكانه الوزارة، ورأى السلطان محبته وجده فأمده، واتفقت له وقائع كثيرة ونفذت
كلمته، ثم مات نظام شاه وكان ولده صغيراً فعقد له العنبر البيعة، ولم يكن له من السلطة إلا الاسم
وجميع الأمور بيد الوزير عنبر، كما كان الخلفاء العباسيون ببغداد، ثم استبد عنبر بالأمور واستمر
في القتال والجلاد، وأزال المظالم من تلك الجهة وعمرها، وأخمد الفتنة والبدعة، وعمر المساجد
والمآثر.
وكان مؤيداً في حروبه ومغازيه، مسدداً في رأيه، مسعوداً في أحواله، كثير الإحسان إلى السادة
وأهل العلم ومشايخ الطرق والصوفية يحمل كل سنة إلى حضرموت من الأموال والكسوات للسادة
والمشايخ والفقراء ما يقوم بهم سنة، وكان له ديوان مرتب باسم أرباب الرسوم والقصاد، ووقف
أربعة مصاحف بمدينة تريم، ووقف بمكة والمدينة مصحفين، واشترى في الحرمين دوراً ووقفها على
من يقرأ فيهما ويهدي ثواب القراءة إليه.
ومن آثاره الحسنة أنه عقم نهر الكركي، وهو نهر عظيم يمر تحت البلاد ولا تنتفع به، وسبب ذلك
أن بعض وزراء عادل شاه وهو ملا محمد الخراساني استبعد وقوع ذلك لسعته وكثرة مائه وظن أنه
يحتاج إلى عمل كثير لا يقدر عليه أحد من المخلوقات وغرم مالاً كثيراً للملك عنبر إن قدر على
ذلك، فشرع فيه وساعده القدر فكمل العمل في خمسة أشهر، وجعل له قنوات تجري إلى البساتين
والزراعات وكثر به النفع، وكانت عمارته في سنة أربع وعشرين وألف، واخترع الفضلاء لذلك
تواريخ عديدة، ومن ألطف ما قيل فيه خير جاري.
وأكثر من شراء الحبش، وكانت التجار يجلبونهم إليه ويتغالون في أثمانهم إلى أن كثروا جداً، يقال
إن جملة ما اشتراه من الذكور نحو ألفي حبشي، وكان أول ما يشتريه يسلمه إلى من يعلمه القرآن
والخط ثم إلى من يعلمه الفروسية واللعب بالسيف والعود والسهام إلى أن يتفرس في أنواع الحرب
والحيل والخداع ثم يترقى، وصاروا يترقون في المراتب ويتفاضلون في المناصب كل بمقدار سعيه
واستحقاقه ومرتبته، وكان له اعتناء باقامة الجماعة وأمور الدين، وكان لكل أمير منهم فقيه يتعلم منه
الفقه وأمور الدين، وإمام يصلي به ومؤذن، وجماعة يتدارسون القرآن، وجماعة يذكرون الله تعالى
ليلة الجمعة والإثنين، وكان لكل أمير سماط مملوء بأنواع الأطعمة الفاخرة، وبالجملة فانهم وإن كانوا
عبيداً حبشة فلم تكن العرب تفوقهم إلا بالنسب.
وقصده جماعة من مشاهير شعراء عصره من البلاد الشاسعة ومدحوه بأحسن المدائح، وكان إبراهيم
عادل شاه صاحب بيجابور يظهر له العداوة والحسد، وبلغ(5/595)
غاية جهده في اضمحلال هذا الرجل، ومن
عداوته له أنه لما عزم جهانكير ابن محمد أكبر سلطان الهند لمقاتلته عهد إليه أن يبذل له في كل
مرحلة مائة ألف من - والهن - بضم الهاء الموحدة: دينار ذهباً، فأرسل جهانكير بعساكر وخيل
وأفيال ضاق عنها الفضاء وجرى على مراد الله القدر، وأقبل عادل شاه بعساكره من الجانب الثاني،
وأيقن كل من عند الملك عنبر بالهلاك، فجمع من عنده من السادة والأشراف والعرب، وطلب منهم
أن يجتمعوا للدعاء كل يوم، وبذل الخزائن للعساكر، وأقبل بعساكره على القتال ثابتين ثبات الجبال،
وحمل بمن معه فقتلوا خلائق لا يحصون وأسروا من أمراء جهانكير وعادل شاه أربعين أو يزيدون،
ورجع الملك عنبر ظافراً مسروراً، ثم بعد ذلك جرد الحمام سيفه عليه وتوفي سنة خمس وثلاثين
وألف مسموماً، ودفن بالروضة بالقرب من دولة آباد، وعمل على قبره قبة عظيمة، كما في خلاصة
الأثر.
مولانا عوض وجيه السمرقندي
الشيخ العالم الفقيه عوض وجيه الحنفي السمرقندي، أحد العلماء المشهورين، ولد ونشأ في قرية
اخسيك من أعمال سمرقند، وقرأ العلم على المير عوض التاشكندي وتفقه عليه ولازمه زماناً.
وكان صافي القريحة سريع الخاطر قوي الحفظ، فاق أقرانه في المعقول والمنقول فدرس وأفاد مدة
طويلة في بلخ، ولما فتحها شاهجهان بن جهانكير التيموري سلطان الهند دخل الهند وولي الافتاء في
معسكره واستقل به مدة، ثم جعله عالمكير بن شاهجهان المذكور محتسباً سنة تسع وستين وألف
وأعطاه المنصب ألفاً لنفسه ومائة للخيل عوض خمسة عشر ألفاً في كل سنة.
وهو أول من ولي الاحتساب في الدولة التيمورية، فاستمر على تلك الخدمة إلى سنة خمس وسبعين،
ثم عزل عنها لخطاء صدر منه وولي مكانه خواجه قادر وسلب منصبه، فاعتزل في بيته عاكفاً على
الدرس والإفادة، ثم رضي عنه عالمكير سنة ست وسبعين وعفا عنه ومنحه المنصب وجعله معلماً
لولده محمد أعظم، فانتفع بذلك مدة حياته.
توفي سنة سبع وثمانين وألف، كما في عالمكير نامه ومآثر عالمكيري وعمل صالح ومرآة العالم.
الأمير عيسى بن الحسين البدخشي
الأمير الفاضل عيسى بن الحسين الخوشي البدخشي نواب همت خان بن إسلام خان، كان من
الرجال المعروفين بالفضل والكمال، تقرب إلى عالمكير فجعله فوجدار بناحية أكبر آباد حين كان
والده والياً بها، ثم ترقى درجة بعد درجة حتى ولي على أكبر آباد ثم على إله آباد، ثم نال بخشيكيري
رئاسة توزيع الرواتب.
وكان فاضلاً كبيراً بارعاً في العلوم، شاعراً مجيد الشعر بالفارسي، محباً لأهل العلم محسناً إليهم.
ومن شعره قوله:
بجز خاري كه مجنون داشت در دل بيابان جنون خاري ندارد
توفي في خامس محرم سنة اثنتين وتسعين وألف بمدينة أجمير، كما في مآثر الأمراء.
الشيخ عيسى بن قاسم السندي
الشيخ العالم الكبير العلامة المحدث أبو البركة عيسى بن قاسم بن يوسف بن ركن الدين بن
المعروف بن الشهاب، المعروفي الشهابي الشطاري السندي، أحد العلماء الربانيين، ولد بايرجبور من
أرض برار سنة اثنتين وستين وتسعمائة، وكان والده إذ ذاك في السفر فسماه عمه الشيخ طاهر بن
يوسف السندي باسمه المذكور، فلما جاء والده استبشر بمولده وأراد أن يبدل اسمه سليمان، لأن أم
ولده لما كانت حاملة به رأى بعض الصلحاء في المنام أن سليمان بن داود عليه السلام جاء في بيتها،
ولذلك كان والده يريد أن يسميه سليمان ولكنه لم يبدله تأدباً لأخيه، ومات والده سنة ثمانين وتسعمائة
فرحل مع عمه إلى برهانبور وقرأ عليه العلم وعلى غيره من العلماء، ثم أخذ الطريقة عن(5/596)
الشيخ
لشكر محمد العارف الشطاري البرهانبوري، وتصدر للارشاد بعده، وكان يدرس ويفيد، أخذ عنه
أبناؤه عبد الستار وفتح محمد وبرهان الدين البرهانبوري وإسماعيل بن محمود الشطاري السندي
وخلق كثير.
وله مصنفات كثيرة ممتعة، منها الروضة الحسنى في شرح أسماء الله الحسنى وله عين المعاني
رسالة أخرى في شرح الأسماء الحسنى، وله الحواس الخمسة رسالة في تطبيق الحواس الخمسة على
الحضرات الخمس، وله حاشية على إشارة غريبة من الإنسان الكامل للشيخ عبد الكريم الجيلي، وله
شرح بالفارسي على قصيدة البردة، وله قبلة المذاهب الأربعة مع الإشارات من أهل التصوف، وله
حاشية على الفوائد الضيائية للشيخ عبد الرحمن الجامي، صنفه لولده عبد الستار، وله الفتح المحمدي
كتاب في ما يتعلق بالتفسير، صنفه لولده فتح محمد، وله التتميم شرح المائة العاملة صنفه بطلب
السيد علي بن عم القاضي نور الله، وله رسالة في عقد الأنامل، وله شرح على الرباعيتين، وله
ترجمة أسرار الوحي ومن مصنفاته الشهيرة أنوار الأسرار في حقائق القرآن ومعارفها، كتاب مبسوط
أوله لك الحمد يا من دعوته لطالبيه إلى جمال غرته فاتحة الأبواب، الخ قال في مفتتح ذلك الكتاب:
هذه مشاعل أنوار الأسرار في المشاهيد الأبكار، لتنوير عيون الفحول الأحرار، عن رقبة التقليد
والأكدار، قد لاحت من حضرة القدير على مذهب الفقير، من غير تأمل وكسب بل ألهمه الله بعين
عنايته عند الكتابة، ومراراً يقول لنفسه: أيها الفضول! إلى أين تذهب! أتدري ما الكتاب وما الايمان
بظاهره وباطنه فتقف عنده وتقول: ما أدري ما يفعل بي فألهمني الله تعالى فنوديت من سري ما كنت
تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا، وإنك لتهدي إلى صراط
مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور الخ.
ومن فوائده ما قال في تفسير "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".
الشيط البعد، وهو البعد الذي بين العبد وربه وهماً وليس في الحقيقة، أو البعد الموهوم والخلاء
المتوهم في محل وجود العالم، يعني العالم ظاهر خارج عن حضرة الغيب المتجلي في الخلاء
المتوهم.
وقال في تفسير "بسم الله":
متلبساً باسم الله الذي تجلى بالأسماء والصفات المقتضية لحقائق الأسماء الكونية بعلم اليقين، يعني
شرعت في حال التحاق علي بأسماء الله بالذوق والوجدان، أو قل متحققاً باسم الله الذي تجلى
بالأسماء الألوهية والصفات الربانية بعين اليقين، يعني شرعت في حال تحققي بالأسماء والصفات
بعيني معها، أو قل متلبساً باسم الله الذي تجلى بالنسب الوجوبية والأوصاف الفعلية لحق اليقين، يعني
شرعت بحال إظهاري وتحققي الأسماء الإلهية الفعلية على الحقائق الكونية الانفعالية بالخلافة لا
بالاصالة، فإنه لا قدم للممكن كائناً ما كان في الوجوب الذات ولا يكون هذه إلا للكمل والتي فوقها
للكامل والتي فوقها للواصل المبتدئ في العرفان بالأحدية الذاتية.
وقال في تفسير الحمد لله:
الحمد لله عند أهل الظواهر تعريفه هو الثناء باللسان على قصد التعظيم، وله مراتب أربع عندهم:
إما أن يكون ثناءه لعبده على حسن أقواله وأفعاله، أو يكون ثناء العبد له سبحانه على كمالاته
الواصلة إليه من الوجود والبقاء أو يكون ثناءه كقوله تعالى "الحمد لله رب العالمين" أو يكون ثناء
العبد للعبد على كمالاته الظاهرة فيه باذن الله سبحانه، فكل المحامد راجعة إليه، أما عند أهل السلوك
فستة أقسام: فعلي وقولي وحالي من كلا الجانبين، فأما القولي من العبد فبأن يقول "الحمد لله" موافقاً
للقلب عند القول به، وأما الفعلي فهو الاتيان بالأعمال البدنية من العبادات والخيرات ابتغاء لوجه الله
وتوجهاً إلى جانبه الكريم، لأن الحمد كما يجب على العبد باللسان يجب بحسب كل عضو، وذلك لا
يمكن إلا باستعمال كل عضو لما خلق لأجله على الوجه المشروع عبادة للحق سبحانه وانقياداً
لأوامره لا طلباً للحظوظ النفسانية من اللذة العجيبة في الدنيا ومن الجنة والنعيم في الآخرة، وأما
الحالي فهو الذي يكون بحسب الروح والقلب كالاتصاف بالكمالات العلمية والتخلق بالأخلاق الملكية(5/597)
والربانية من الرضا في الطاعات والجود عند العطيات، أما القولي منه سبحانه بأن حمد نفسه في
كتبه لأنبيائه أني منزه عن النقائص، والفعلي منه سبحانه بأن يسلم أفعاله من الشر المحض "وعسى
أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم"، والحالي منه سبحانه بأن يظهر
في الكل من الممكنات بالكل من المحامد والخيرات، وأما عند أهل المعرفة الذي سفره وسيره من
نفسه إلى ربه فأيضاً ستة أقسام، وتعريف الحمد عندهم ظهور الكمالات لله تعالى، فهو قولي وفعلي
وحالي، فأما القولي من العبد فبأن يعلم عند المنطق أي نطق كان من النفس أو من غيره أن هذه
كمالات ظاهرة من الحق بصفة الكلام بعلم اليقين، وأما الفعلي منه فبأن يتمكن عن نفسه بحركات كل
عضو من أعضائه عند التصرف والتصريف أي فعل كان سواء من نفسه أو من غيره أن هذه
كمالات ظاهرة بحواس السالك وبجوارحه بحسب قرب النوافل بعين اليقين، كما ورد في الصحيح:
بي يسمع وبي يبصر وبي ينطق، الحديث، وأما الحالي منه فبأن يتحول عن نفسه بالكلية وبكل
التصرف إلى ربه بأن يتصرف بجميع حواسه وقواه وجوارحه بحسب قرب الفرائض بحق اليقين
كقوله، تعالى "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وأما القولي من الله سبحانه فبأن يظهر كمالاته
الوجودية عن نفسه ويقول والأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم وأما الفعلي منه
فبأن ينسب إليه كل فعل والله خلقكم وما تعملون ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون
من نسبة الفعل إلى الغير، وأما الحالي منه سبحانه فبأن يلتذ بكل لذة يجدها الممكن بظهوره في مرتبة
التفرقة، ولعلك تقول، إن الحق منزه واللذة من لوازم الممكنات المحدثات فكيف يضاف إليه؟ فجوابه
الشافي أنه من المتشابهات ستقف عليه قريباً في أول التبصرة إن شاء الله تعالى، ولعلك لا تجد أحداً
سبق لبيان هذه الأقسام الستة الأخيرة عبارة وإن سبق وجداناً وإشارة.
وههنا سر آخر
كما لا يجوز كشفه لا يجوز كتمه من أهله، وهو أن في الحمد القولي والفعلي والحالي معنى آخر،
أما في القولي فبأن ينطق العارف الخليفة بكل من يتكلم بالكلام الأزلي وغيره، وفي الفعلي بأن يفعل
ويسمع ويبصر بكل من يفعل ويسمع ويبصر، وفي الحالي بأن يتلذذ بكل من يتلذذ من اللذات
الملائمة للطبع، ولعله لم يسبق ببيان هذه الأقسام الثلاثة من الحمد أيضاً أحد قبلي أو سبق ولم يبلغ
لنا، والله أعلم.
هذا قليل من كثير إفاداته التي لا يحتملها هذا المختصر، وكانت وفاته في الرابع عشر من شوال
سنة إحدى وثلاثين وألف بمدينة برهانبور، وقبره ظاهر مشهور.
المفتي عيسى بن آدم الكوباموي
الشيخ العالم الفقيه المفتي عيسى بن آدم بن محمد بن خواجه بن شيخ بن آدم ابن محمد بن أحمد،
الصديقي الشهابي الكوباموي، كان سبط الشيخ نظام الدين إله ديه الخيرآبادي، ولد في سنة ستين
وتسعمائة بكوبامؤ، وقرأ العلم على أبيه آدم وعلى الشيخ نظام الدين العثماني الأميتهوي، وولي الافتاء
بكوبامؤ بعد ما توفي أبوه، وتزوج بابنة الشيخ جعفر بن نظام الدين الأميتهوي، وأعقب منها ثلاثة
أبناء أعلمهم المفتي وجيه الدين، توفي لليلة بقيت من ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وألف.
الشيخ عيسى بن مخدوم الخير آبادي
الشيخ العالم الصالح عيسى بن مخدوم بن أبي الفتح بن نظام الدين الحسيني الرضوي الخيرآبادي،
أحد رجال الفضل والصلاح، ولد ونشأ بخيرآباد، وسافر للعلم إلى بنير بضم الموحدة، فقرأ بها على
أساتذة عصره، ثم رجع إلى بلده وتولى الشياخة بها مكان جده أبي الفتح، أخذ عنه ابن أخته محمد
أمين وخلق آخرون.
القاضي عيسى بن أبي الفتح الأكبرآبادي
الشيخ العالم الفقيه القاضي عيسى بن أبي الفتح بن عبد الغفور بن شرف الدين العمري التهانيسري
ثم الأكبرآبادي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول، ولد ونشأ بأكبرآباد، وتفقه على والده،
وولي القضاء سنة ثمان عشرة وألف في أيام(5/598)
جهانكير بن أكبر شاه، كما في أخبار الأصفياء.
شمس الدين علي الشيرازي
الشيخ الفاضل العلامة شمس الدين علي الشيرازي الحكيم عين الملك، كان من أسباط العلامة جلال
الدين محمد بن اسعد الصديقي الدواني رحمه الله ولد ونشأ بشيراز، وقرأ العلم بها على أساتذة
عصره، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار وتقرب إلى مرزا عزيز الدين فجاء به إلى أرض
الهند، فقربه أكبر شاه التيموري إلى نفسه وجعله من ندمائه ثم بعثه إلى برهانبور، وكان مليح
الشمائل حلو الكلام حسن المحاضرة، له يد بيضاء في الأعمال باليد، ولم يكن له نظير في عصره في
علاج أمراض العين وقدحها.
وكان شاعراً مجيد الشعر يتلقب في الشعر بالدوائي، ولذلك اشتهر بالحكيم الدوائي.
ومن شعره قوله:
عاشقان را براه سر بازي هر قدم صد هزار فرسنك است
مات لثلاث بقين من ذي الحجة الحرام سنة ثلاث بعد اللف بمدينة برهانبور، كما في مآثر الأمراء
وغيره من الكتب.
حرف الغين
السيد غضنفر بن جعفر الكجراتي
الشيخ العلامة المحدث غضنفر بن جعفر، الحسيني النهروالي الكجراتي، أحد العلماء المبرزين في
الفقه والحديث والعربية، أخذ عن الشيخ محمد أمين ابن أخت الشيخ عبد الرحمن الجامي وعن الشيخ
المسند محمد سعيد بن مولانا خواجه الكوهي الخراساني وعن الشيخ تاج الدين عبد الرحمن بن
مسعود بن شمس الكاذروني، وأخذ عنه الشيخ أبو المواهب أحمد بن علي العباسي الشناوي، والشيخ
عبد الرحمن بن عيسى العمري المرشدي مفتي الحرم الشريف بمكة المباركة والشيخ الإمام عبد
القادر بن محمد يحيى الحسيني الطبري المكي.
السيد غلام محمد الأمروهوي
الشيخ العالم الصالح غلام محمد بن إله يار، الحسيني الأمروهوي، أحد المشايخ النقشبندية، ولد ونشأ
بأمروهه، وقرأ المختصرات على أساتذة بلدته، ثم سافر إلى دهلي ولازم الشيخ عبد الله بن عبد
الباقي الدهلوي، وقرأ عليه وعلى غيره من العلماء، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ المذكور، وكان من
الشعراء المجيدين، له أبيات بالعربية والفارسية، وكان والده إله يار من خلفاء الشيخ تاج الدين
العثماني النقشبندي السنبهلي، وجده من خلفاء الشيخ الله بخش الشطاري الكده مكتيسري، ومات جده
في سنة اثنتي عشرة وألف ووالده في بضع وأربعين وألف، كما في الأسرارية ولم أقف على سنة
وفاة صاحب الترجمة.
الشيخ غلام محمد السهارنبوري
الشيخ العالم الصالح غلام محمد بن عبد الباقي، الحنفي السهارنبوري، أحد عباد الله الصالحين، ولد
ونشأ بمدينة سهارنبور، وقرأ العلم على والده، ثم درس وأفاد زماناً، ثم سافر إلى أكبرآباد وأدرك بها
الشيخ أحمد بن عبد الأحد العمري السرهندي إمام الطريقة المجددية فبايعه وأخذ عنه، ثم رجع إلى
بلدته ولازم ابن عمه بديع الدين بن رفيع الدين الأنصاري، ولما مات بديع الدين تولى الشياخة وبذل
جهده في تربية أبناء الشيخ بديع الدين.
مات في ثامن ذي الحجة سنة ثلاث وستين وألف بمدينة سهارنبور فدفن بها، كما في مرآة جهان نما
لولده محمد بقا.
مرزا غياث الدين الطهراني
الأمير الكبير غياث الدين بن محمد شريف، الشيعي الطهراني، نواب اعتماد الدولة، كان من الرجال
المشهورين، ولد ونشأ بايران، وقدم الهند بعد ما توفي والده سنة أربع وثمانين وتسعمائة في أيام أكبر
شاه، فتقرب إليه وولي ديوان الخراج بكابل، وتدرج إلى الإمارة حتى نال ألفاً من المنصب في آخر
عهده، وولي ديوان البيوتات، ثم لما قام بالملك جهانكير بن أكبر(5/599)
شاه وتزوج بابنته مهر النساء التي
صارت بعد ذلك نورجهان بيكم لقبه اعتماد الدولة وجعله وكيلاً مطلقاً عنه في مهمات الأمور.
وكان فاضلاً حليماً متواضعاً بارعاً في الإنشاء والخط والحساب، مليح الكلام، حسن المحاضرة، سليم
الذهن.
توفي سنة إحدى وثلاثين وألف بمدينة لاهور، كما في مآثر الأمراء.
حرف الفاء
الشيخ فاضل بن أمجد السنبهلي
الشيخ العالم الفقيه فاضل بن أمجد النقشبندي السنبهلي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول،
أخذ الطريقة عن الشيخ تاج الدين العثماني السنبهلي، ولازمه مدة حتى برع في العلم والمعرفة، وألزم
نفسه التدريس وله يد بيضاء في العلوم الدينية، كان يدرس ويفيد مع الطريقة الظاهرة والصلاح،
مات في بضع وثلاثين وألف بسنبهل، كما في الأسرارية.
الحكيم فتح الله الشيرازي
الشيخ الفاضل الكبير فتح الله بن أبي القاسم بن فتح الله الشيرازي الحكيم، كان من العلماء المبرزين
في العلوم الحكمية، ولد ونشأ بشيراز، وقرأ العلم على أساتذتها وتقرب إلى إمام قلى بن الله وردي
خان أمير تلك الناحية، ولما توفي الأمير المذكور فارق بلاده ودخل الهند في أيام شاهجهان بن
جهانكير التيموري، فنال منه الصلات الجزيلة غير مرة، ودخل في زمرة أطبائه وكان حاذقاً في
علاج الأمراض الصعبة ومتفرداً بين الأطباء في تشخيص الأمراض، كما في عمل صالح.
وجده فتح الله غير فتح الله الشيرازي الأستاذ المشهور، وهو أيضاً قدم الهند في عهد أكبر شاه ونال
الصلات الجزيلة منه، وأقام بالهند مدة طويلة، ثم رجع إلى بلاده ومات بشيراز، كما في بادشاهنامه.
الشيخ فتح الله السهارنبوري
الشيخ الفاضل فتح الله بن جميل الدين، الأنصاري السهارنبوري، أحد المشايخ المعروفين بالفضل
والصلاح، ولد ونشأ بمدينة سهارنبور، وقرأ العلم على أساتذة عصره، ثم أخذ الطريقة عن آدم بن
إسماعيل الحسيني البنوري، ولازمه مدة من الزمان ثم اعتزل في بيته، وكان صالحاً كريماً تقياً
متورعاً متوكلاً عفيفاً ديناً شديد الحسبة على الناس، وكان يبذل كل ما يحصل له على طلبة العلم،
توفي سنة مائة وألف، كما في مرآة جهان نما.
الشيخ فتح الله البروجي
الشيخ العالم الصالح فتح الله بن أبي الفتح، البروجي الكجراتي، أحد المشايخ العشقية الشطارية، ولد
ونشأ ببروج، وقرأ العلم على أساتذة عصره، ودرس وأفاد زماناً، ثم لازم الشيخ لشكر محمد العارف
الكجراتي وأخذ عنه الطريقة الشطارية، وكان صاحب وجد وحالة، توفي سنة أربع بعد الألف بمدينة
برهانبور فدفن بها، كما في كلزار أبرار.
الشيخ فتح الله الراجكيري
الشيخ الصالح فتح الله بن أبي الفتح، الصوفي الراجكيري، أحد كبار المشايخ الجشتية، أخذ الطريقة
عن الشيخ نظام الدين الأميتهوي ولازمه ملازمة طويلة، ثم تولى الشياخة ببلدته، وكان جامعاً بين
العلم والعمل مغلوب الحالة يخالف شيخه في استماع الغناء، توفي لسبع خلون من ربيع الأول سنة
سبع وألف وقيل بضع وثلاثين وألف.
الشيخ فتح محمد البرهانبوري
الشيخ العالم المحدث فتح محمد بن عيسى بن قاسم بن يوسف، السندي البرهانبوري، أبو المجد عبد
الرحمن، كان من المشايخ الصوفية وعلمائهم المشهورين ممن تبحر في العلوم، وتخرج على والده
وأخذ عنه الطريقة، ثم درس وأفاد مدة مديدة بمدينة برهانبور، ثم رحل إلى الحرمين الشريفين فحج
وزار وسكن بها، وتوفي بمكة المباركة.(5/600)
له مصنفات مفيدة، منها رسالة في مراتب العوالم الخمسة، ومنها رسالة في وحدة الوجود، ومنها
تخريج أحاديث السبعين للشيخ علي بن الشهاب الحسيني الهمداني - وهذه الثلاثة رأيتها واستفدت
منها - ومن مصنفاته مفتاح فتوح العقائد صنفه سنة ستين وألف، ومنها فتوح الأوراد، صنفه سنة
سبع وخمسين وألف، ومنها فتح المذاهب الأربعة في الفقه بالعربية، ومنها فتح الطريقة في السلوك،
وله رسالة في تحقيق نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه، ورسالة في إثبات قوله قدمي
هذه على رقبة كل ولي الله بإلهام الله، وله غير ذلك من الرسائل، كما في تاريخ برهانبور.
ملا فرج الله التستري
الفاضل الكبير فرج الله الشيعي التستري، أحد العلماء المبرزين في الفنون الأدبية، ولد ونشأ بتستر،
وقرأ العلم بها على أساتذة عصره، ثم قدم الهند وتقرب إلى عبد الله قطب شاه الحيدرآبادي ونال منه
المنزلة الجسيمة فسكن بحيدرآباد، وله أبيات رائقة بالعربية والفارسية، منها قوله:
لا غرو إن لم تفصح الأيام بي الدهر ابن عطاء وإني راء
وبذا جرى طبع الزمان وأهله دفن الكلام وأهله أحياء
ملا فرخ حسين الهروي
الفاضل الأجل فرخ حسين الهروي المدفون بدهاكه، كان من العلماء المبرزين في الفنون الحكمية
والإنشاء والشعر، ولد ونشأ بهرات، وقرأ العلم على أساتذة عصره، ثم قدم الهند وتقرب إلى شجاع
بن شاهجهان السلطان، وصاحبه في الظعن والاقامة حتى دخل ذهاكه فسكن بها، وكان يدرس ويفيد،
أخذ عنه غير واحد من العلماء، ومن شعره قوله:
جدا از صحبت جانان درين مجلس بجام اندر بجلي باده دارم نيمة خون نيمه آتش
مات في السجدة الأخيرة من صلاة الفجر يوم عاشوراء سنة ثمان وستين وألف ببلدة ذهاكه فدفن
بها، كما في مرآة الخيال.
الشيخ فرخ النارنولي
الشيخ العالم الفقيه فرخ بن.... بن نظام الدين الجشتي النارنولي، أحد كبار المشايخ الجشتية، ولد
ونشأ بنارنول، وأخذ عن أبيه عن جده وتولى الشياخة بعده، وكان شيخاً مهاباً رفيع المنزلة بارعاً في
المعارف الإلهية كثير الوجد والسماع، مات سنة ست وثلاثين وألف بنارنول، كما في الأسرارية.
مولانا فريد الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل الكبير العلامة فريد الدين بن إبراهيم الدهلوي المنجم، كان معدوم النظير في عصره
في الفنون الرياضية، ولد ونشأ بدهلي وانتفع بأبيه، ثم صحب الشيخ نظام الدين النارنولي رحمه الله
وقرأ عليه بعض الكتب الدرسية، ثم لازم الشيخ فتح الله الشيرازي وأخذ عنه حتى فاق أقرانه في
الهندسة والهيئة والنجوم والأعداد والجفر الجامع وكثير من الفنون الغريبة، ومهر في الزيجات
والطلسمات، وصار علماً مفرداً في تلك العلوم، واعترف العلماء بفضله، وباهت به الأقطار الهندية،
فقربه عبد الرحيم بن بيرم خان الأمير إلى نفسه سنة ست وألف وولاه الصدارة في معسكره، وكان
مشكور السيرة شديد التعبد بصرف أوقاته في شرائف الطاعات والخيرات مع العفة والتورع، كما في
مآثر رحيمي.
وله مصنفات عجيبة واختراعات غريبة في اللغز والتاريخ والجفر وغيرها، منها الزيج الشاهجاني
صنفه سنة ثمان وثلاثين وألف في أيام شاهجهان بن جهانكير، وبذل جهده في تصحيح الجداول
وتسهيل الأعمال وإصلاح الخلل في الأعمال القديمة وتأسيس الأصول الدقيقة الصحيحة في استخراج
المسائل، أوله حمد بيحد مر خداي را سزد كه مهندس قدرت شامله اش، الخ توفي سنة تسع وثلاثين
وألف، كما في طبقات شاهجهاني.(5/601)
مولانا فريد الدين البرهانبوري
الشيخ الفاضل فريد الدين بن عبد الحكيم بن بهاء الدين، الجشتي البرهانبوري، أحد الرجال
المعروفين بالفضل والصلاح، قرأ العلم على الشيخ عيسى بن قاسم السندي البرهانبوري، ولازمه
وأخذ عنه وتخرج عليه، وله مصنفات عديدة في العلوم، كما في كلزار أبرار.
مولانا فريد الدين الكجراتي
الشيخ العالم الكبير فريد الدين الحنفي الكجراتي، أحد العلماء المبرزين في المعقول والمنقول، أخذ
عنه الشيخ نور الدين بن محمد صالح الكجراتي.
الشيخ فريد الدين الكجراتي
الشيخ العالم الصالح فريد الدين بن محمود بن محمد بن الحسن، العمري الكجراتي، أحد المشايخ
الجشتية، ولد ونشأ بكجرات، وقرأ العلم على والده وصنوه الشيخ يحيى بن محمود العمري وسافر
معه إلى الحرمين الشريفين فحج وزار، وسكن بالمدينة المنورة مدة من الزمان ثم رجع إلى الهند،
توفي لأربع عشرة بقين من صفر سنة تسعين وألف فدفن بمقبرة أسلافه، كما في محبوب ذي المنن.
الشيخ فضيل بن الجلال الكالبوي
الشيخ الفاضل فضيل بن الجلال الكالبوي، أحد الشعراء المجيدين، ذكره عبد القادر في تاريخه
وأثنى على براعته في الفنون الأدبية، له تقريظ على سواطع الإلهام لأبي الفيض بن المبارك
الناكوري.
منها قوله:
كلام كليم أم كلام ابن مريم أدر لبحر القدس غير منظم
أم الورد ورد عطر فاق عنبراً ومسكاً وكافوراً وكل مشمم
عجيب غريب معجز أهل عالم صنيع بديع ما تحداه ذو الفم
فصاحته أمحت فصاحة صاحب بلاغته أنست بلاغة ملهم
الشيخ فضيل بن معظم النصيرآبادي
السيد الشريف العفيف الزاهد فضيل بن معظم بن أحمد بن محمود بن العلاء، الحسني الحسيني
النصيرآبادي، أحد العارفين الزهاد، ولد ونشأ بنصيرآباد، وجمع العلم والعمل والورع والزهد، كان
يشتغل بأداء الحقوق الواجبة وصلة الرحم وإعانة الأيامى واليتامى ويسعى في إنجاح مرامهم حتى أنه
كان يأتي بحزمة الحطب ويحملها على عاتقه لا تمنعه السيادة والوجاهة عن ذلك.
قال نعمان بن نور النصيرآبادي في كتابه أعلام الهدى: إنه هاجر إلى البلد الطيب ومات بالمدينة،
وكان سبب ذلك أنه وقع النزاع في أمر بين أحبابه فعقدوا حفلة عظيمة لفصل القضية فأمرهم فضيل
أن يردوا القضية إلى الله ورسوله ويقنعوا بحكم الشريعة فأبوا، فلم يصبر وهاجر في تلك الساعة
فذهب إلى الحرمين الشريفين، فحج وزار وسكن بالمدينة المنورة، انتهى.
توفي سنة اثنتين وثلاثين وألف، فأرخ لوفاته بعض أصحابه من قوله تعالى "ولنعم دار المتقين".
الأمير فيض العلاء الأكبرآبادي
الشيخ الصالح فيض العلاء بن أبي العلاء بن أبي الوفاء بن عبد السلام، الحسيني السمرقندي
الأكبرآبادي، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بأكبرآباد، وأخذ الطريقة عن والده
ولازمه ملازمة طويلة ثم تولى الشياخة، أخذ عنه جمع كثير، توفي سنة إحدى وثمانين وألف
بأكبرآباد، كما في مهر جهانتاب.
الشيخ فيض الله الأمروهوي
الشيخ العالم الصالح فيض الله بن المعروف بن خداوند بن كلاب بن يحيى العلوي الأمروهوي، كان
من نسل محمد بن الحنفية رحمه الله، ولد ونشأ بأمروهه، وقرأ العلم على أساتذة عصره، ثم أخذ
الطريقة عن صنوه الكبير عبد المجيد بن المعروف(5/602)
العلوي ولازمه ملازمة طويلة، وتصدر للإرشاد
بعده، مات ودفن بأمروهه، كما في نخبة التواريخ.
السيد فيروز بن عبد الواحد البلكرامي
الشيخ العالم الفقيه فيروز بن عبد الواحد بن إبراهيم بن قطب الحسيني الواسطي البلكرامي، أحد
عباد الله الصالحين، ولد ونشأ ببلكرام، وقرأ العلم على والده وتفنن في الفضائل عليه، ولما توفي أبوه
ترك الشياخة لصنوه طيب واشتغل بالدرس والإفادة وخدمة الفقراء والمساكين وأبناء السبيل، وكانت
طريقته البذل والإعطاء، تولى تزويج أربعمائة بنت ممن لا يستطيع أولياوهن الجهاز، وعاش نحو
مائة سنة، توفي سنة ست وستين وألف ببلكرام فدفن بها، كما في مآثر الكرام.
حرف القاف
الشيخ قاسم بن عبد الرحيم الكرانوي
الشيخ الفاضل قاسم بن عبد الرحيم بن بهينا، العثماني الكرانوي، أحد كبار الجراحين، له اليد
الطولى في الطب وسائر الفنون، صحب عمه الشيخ حسن بن بهينا الجراح المشهور ولازمه زماناً
وأخذ عنه، ثم تقرب إلى شاهجهان ابن جهانكير التيموري صاحب الهند فنال المنزلة الجسيمة منه،
وجمع أسباب الجمعية والفراغ وعاش مدة، كما في بادشاهنامه.
الشيخ قاسم بن قدم البيشوري
الشيخ الصالح قاسم بن قدم بن محمد بن ميرداد بن سلطان بن يوسف بن متي بن عباس بن عمر بن
خليل السليماني البيشوري، أحد المشايخ القادرية، ولد بمدينة بيشاور سنة ست وخمسين وتسعمائة،
وتفقه على الشيخ أبي محمد البيشوري، وسافر إلى البلاد فحج وزار، ورحل إلى القدس والشام وأخذ
الطريقة عن السيد عفيف الدين حسين الحموي، ثم دخل الهند وسكن بمدينة بيشاور وحصل له القبول
العظيم، فأوجس منه أكبر شاه خيفة واستقدمه إلى أكبر آباد، ثم رخصه إلى بلدته فأقام بها زماناً، ثم
استقدمه جهانكير بن أكبر شاه وحبسه بقلعة جنار، مات لإحدى عشرة بقين من جمادي الأولى سنة
ست عشرة وألف، وقبره بقلعة جنار، كما في مهر جهانتاب.
الأمير قاسم بن المراد الجويني
الأمير الكبير الفاضل قاسم بن المراد الحسيني الجويني نواب قاسم خان الأكبرآبادي، أحد الرجال
المعروفين بالفضل والكمال، ولد ونشأ بأرض الهند، وتقرب إلى الملوك وخدمهم مدة من الزمان حتى
نال الإمارة بأرض بنكاله في أيام شاهجهان بن جهانكير التيموري صاحب الهند، فاستقل بها مدة
حياته.
وكان رجلاً فاضلاً كريماً متعبداً قائم الليل، يبذل كل سنة مائتي ألف من النقود على أهل الاستحقاق
من السادة والمشايخ والفقراء، وكان شاعراً مجيد الشعر، له ديوان الشعر الفارسي ومجموع في
رسائله، ومن شعره قوله:
عشقت آمد بئي دل بردن ودر سينه نيافت دزد از خانة مفلس خجل آيد بيرون
ومن مآثره الجميلة الجامع الكبير بمدينة آكره، توفي سنة إحدى وأربعين وألف، كما في مآثر
الأمراء.
مولانا قاسم البيانوي
الشيخ الفاضل المحدث قاسم بن أبي القاسم الحسيني البيانوي، أحد العلماء المبرزين في الفقه
والحديث والعربية، أخذ عن الشيخ إبراهيم بن داؤد المانكبوري ثم الأكبرآبادي ولازمه مدة حياته،
ولما توفي إبراهيم قام مقامه في الدرس والإفادة كما في أخبار الأصفياء.
الشيخ قاسم بن يوسف الكجراتي
الشيخ الفاضل قاسم بن يوسف بن يعقوب بن محمود بن محمد المهدوي الجونبوري ثم الكجراتي،
أحد أفاضل المهدوية، له مطلع الولاية كتاب في إثبات المهدوية للسيد محمد بن يوسف الجونبوري،
صنفه سنة ست عشرة وألف، كما في الهدية المهدوية.(5/603)
الأمير قباد البدخشي
الأمير الفاضل قباد الحارثي البدخشي نواب ديانت خان، كان من العلماء المبرزين في العلوم العربية
والفنون الحكمية، ولد ونشأ ببدخشان، وتقرب إلى نذر محمد خان أمير بلخ وخدمه مدة من الزمان، ثم
دخل الهند وتقرب إلى شاهجهان بن جهانكير سلطان الهند فنال المنصب منه، ولما قام عالمكير بن
شاهجهان بالملك ولاه على أرض السند سنة تسع وستين وألف، فاستقل بها إلى سنة إحدى وسبعين،
كما في تحفة الكرام.
قال شاهنواز خان في مآثر الأمراء: إن بختاور خان قال في مرآة العالم: إنه عزل عن الولاية في
السنة الثالثة الجلوسية ونصب مكانه لشكر خان وفي عالمكير نامه أنه عزل في السنة السابعة
الجلوسية ونصب مكانه غضنفر خان، لعله ولي على أرض السند مرتين، قال: وإنه ولي على أرض
ازيسه في آخر عمره ومات بها، انتهى.
توفي سنة ثلاث وثمانين وألف، كما في مآثر عالمكيري.
الشيخ قطب الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل الكبير قطب الدين بن عبد العزيز بن الحسن بن الطاهر، الجونبوري ثم الدهلوي
المشهور بقطب العالم، كان من العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية، ولد ونشأ بدهلي، أخذ
الطريقة عن الشيخ جائين السهنوي وكان من كبار أصحاب والده، ثم سافر إلى مالوه وقرأ العلم على
الشيخ منور بن عبد المجيد اللاهوري، ثم رجع إلى دهلي ودرس وأفاد بها مدة طويلة، أخذ عنه خلق
كثير من العلماء والمشايخ، مات في سنة ثلاث وعشرين وألف، كما في الأسرارية.
الشيخ قطب الدين الحسن بوري
الشيخ العالم الصالح قطب الدين الحنفي النقشبندي الحسن بوري، أحد كبار العلماء، أخذ الطريقة عن
الشيخ عبد الغفور السنبهلي، ثم صحب الشيخ آدم السنبهلي وانتفع به، يذكره الشيخ عبد الله بن عبد
الباقي الدهلوي ويثني عليه، وكان ماهراً في العلوم الدينية عارفاً بمصطلحات القوم صاحب استقامة
على الطريقة الظاهرة والصلاح، ذكره كمال محمد السنبهلي في الأسرارية.
الشيخ قطب الدين البرهانبوري
الشيخ العالم الكبير قطب الدين البرهانبوري المشهور بالفاضل، كان ممن حفظ القرآن وبرع في
العلم والأدب والرمي، وكان كثير المحفوظ لشعر العرب، يسرد لمجاله ويقرأه عن ظهر قلبه، وكان
مع ذلك العلم والمعرفة متواضعاً حليماً مسكيناً، خصه عالمكير لإمامته في التراويح في رمضان
المبارك، وجعله معلماً لابنه محمد أعظم، مات في السنة الجلوسية، وكانت وفاته بدار الملك دهلي،
كما في مرآة جهان نما.
الشيخ قطب الدين الهانسوي
الشيخ الفاضل قطب الدين الحنفي الهانسوي، أحد العلماء المتورعين، لازم الشيخ عبد اللطيف
البرهانبوري مدة طويلة ونال منه حظاً وافراً من العلم والمعرفة، فخصه عالمكير بأنظار العناية
والقبول، ولما تولى المملكة أعطاه أربعمائة ألف دام جائزة منه، وكان كلما يتردد إليه يعطيه، وهو
عمر قرية بموطنه وسماه قطب آباد، فمات بها سنة ست وثمانين وألف في السنة الثامنة عشرة
الجلوسية، كما في مرآة جهان نما.
مرزا قليج محمد الأندجاني
الأمير الكبير الفاضل العلامة قليج محمد الحنفي الأندجاني، أحد الرجال المعروفين بالفضل والكمال،
ولاه أكبر شاه صيانة القلعة بسورت سنة ثمانين وتسعمائة، وأمره على كجرات سنة خمس وثمانين،
وولاه الوزارة الجليلة سنة سبع وثمانين، وأمره على مالوه سنة تسعين، وأقطعه ناحية سنبهل سنة
ست وتسعين، وأمره أن يقيم بلاهور ويشارك راجه تودرمل وزير الخراج وراجه بهكونت داس في
مهمات الأمور، ولما توفي تودرمل استقل بوزارة الخراج وولي على كابل سنة اثنتين بعد الألف،
وعزل عنها بعد زمان(5/604)
يسير، ثم جعله أكبر شاه أتابكاً لولده دانيال سنة خمس بعد الألف وكان ختنه،
فلم يستطع أن يصاحبه ورجع إلى الحضرة، فولاه حراسة أكبرآباد سنة سبع وألف، وولاه على
بنجاب سنة تسع وألف وضم معها له ولاية كابل، ولما مات أكبر شاه وقام بالأمر ولده جهانكير ولاه
على كجرات، ثم ولاه على بنجاب سنة ست عشرة وألف، وعلى كابل سنة ثمان عشرة وألف.
وكان عالماً كبيراً علامة في المعقول والمنقول صالحاً تقياً، لم يزل مشتغلاً بالدرس والإفادة، وحين
إقامته بلاهور كان يتردد بنفسه إلى المدرسة ويدرس الفقه والحديث والتفسير كل يوم، ويجتهد في
نشر العلوم، كما في مآثر الأمراء.
وقال المندوي في كلزار أبرار: إنه درس الكتب المتداولة مراراً، تخرج عليه جماعات من الفضلاء،
وكان من كبار الأمراء صاحب العساكر العظيمة والإيالة الواسعة الفخيمة، وسنه جاوز ثمانين، انتهى.
ومن شعره قوله بالفارسي:
عاشق هوس وصال در سر دارد صوفي زرقي وخرقه در بر دارد
من بنده آن كسم كه فارغ زهمه دائم دل كرم وديده تر دارد
توفي سنة ثلاث وعشرين وألف في أيام جهانكير، كما في مآثر الأمراء.
الأمير قوام الدين الأصفهاني
السيد الفاضل الأمير قوام الدين بن رفيع الدين بن شجاع الدين الحسيني المرعشي الأصفهاني، كان
من نسل علي المرعش الشهيد بن عبيد الله بن محمد بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين
السبط رضي الله عنه، تولى الصدارة بايران مدة من الزمان، وقدم الهند في أيام عالمكير فولاه على
كشمير سنة ست وثمانين وألف، فاستقل بها ثلاث سنين، ثم ولاه على بنجاب، وكان الفقيه علي أكبر
الحسيني الإله آبادي قاضياً بلاهور وكان ممن لا يهاب أحداً من الولاة في إجراء الحدود والتعزيزات
ولا يطأطئ رأسه لأحد، فكبر ذلك على قوام الدين، فأشار إلى الشحنة أن يقبضوا على القاضي فسار
إليه الشحنة برجاله ليقبض عليه، فاستنكف منه القاضي وقتل في المعركة وقتل معه ابن اخته محمد
فاضل سنة تسعين وألف، فلما سمع عالمكير عزل الوالي والشحنة وأمر القاضي شيخ الاسلام الفتني
أن يفتش عن القضية ويقضي على وفق الشريعة، فعفا عنه ورثة المقتول ومات قوام الدين في ذاك
الزمان، كما في مآثر الأمراء.
الشيخ قيام الدين الجونبوري
الشيخ الصالح قيام الدين بن قطب الدين بن من الله بن بهاء الدين، العمري الجونبوري، أحد المشايخ
الجشتية، ولد بجونبور ونشأ في أيام أبيه وجده، وأخذ عن أبيه وتولى الشياخة بعده، أخذ عنه الجمال
مصطفى العثماني البرونوي وخلق آخرون، مات لثلاث ليال بقين من رجب ودفن بحظيرة جده، كما
في كنج أرشدي.
مولانا قيام الدين اللاهوري
الشيخ الفاضل قيام الدين بن نظام الدين اللاهوري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، كان غاية في قوة الحفظ لا ينسى أبداً ما يسمعه مرة، فرغ من التحصيل وله نحو العشرين،
وكان مولده ومدفنه لاهور، توفي سنة ثلاث عشرة وألف، كما في أخبار الأصفياء.
حرف الكاف
الشيخ كبير بن المنور اللاهوري
الشيخ الفاضل كبير بن المنور اللاهوري، أحد فحول العلماء، ولد ونشأ بلاهور، وقرأ العلم على
والده وصهره الشيخ سعد الله اللاهوري، ثم تقرب إلى أبي الفيض بن المبارك الناكوري، وصفه عبد
القادر البدايوني في تاريخه بالرعونة والخيلاء والكذب، قال: وكان يأكل الأفيون.
قال بختاور خان في مرآة العالم: إنه قرأ العلم على والده، وكان يدرس العلوم العقلية والنقلية، مات
سنة ست وعشرين وألف بأحمد آباد فدفن في جوار(5/605)
الشيخ محمد بن عبد الله الحسيني البخاري.
مولانا كريم الدين الحسن أبدالي
الشيخ العالم الصالح كريم الدين الحنفي النقشبندي الحسن أبدالي، أحد المشايخ المعروفين، ولد ونشأ
بحسن أبدال - بلدة بين كابل ولاهور - وسافر للعلم وأخذ عن جمع من العلماء، ثم لازم الشيخ أحمد
بن عبد الأحد العمري السرهندي وصحبه مدة من الزمان وأخذ عنه حتى بلغ رتبة المشيخة،
واستخلفه الشيخ المذكور ورخصه إلى بلاده، أخذ عنه الشيخ إسحاق بن موسى السندي وخلق كثير،
كما في زبدة المقامات.
الشيخ كمال بن إبراهيم الآسيري
الشيخ الفاضل كما بن إبراهيم بن الجمال الآسيري، كان من نسل الشيخ نعمان رحمه الله، ولد ونشأ
بآسير، وأخذ عن الشيخ عيسى بن القاسم السندي البرهانبوري ولازمه زماناً، ثم اعتزل بآسير، وكان
من عباد الله المخلصين، توفي في سنة حاصر فيها أكبر شاه قلعة آسير، كما في كلزار أبرار، وكان
ذلك سنة ست بعد الألف.
الشيخ كمال بن فخر البيجابوري
الشيخ الفاضل الكبير كمال الدين بن فخر الدين، أحد العلماء المبرزين في الأصول والكلام، له
البراهين القاطعة ترجمة الصواعق المحرقة للشيخ ابن حجر المكي، ترجمه بأمر دولار خان الوزير
سنة أربع وتسعين وتسعمائة في أيام إبراهيم عادل شاه البيجابوري، كما في محبوب الألباب.
القاضي كمال بن موسى الكشميري
الشيخ الفاضل العلامة كمال الدين بن موسى الحنفي الكشميري، أحد فحول العلماء، انتقل من كشمير
إلى سيالكوت سنة 971 هـ، فدرس وأفاد بها مدة عمره حتى ظهر تقدمه في فنون منها المنطق
والحكمة والكلام وأصول الفقه، وكان مفرط الذكاء سريع الحفظ، مدرساً محسناً إلى طلبة العلم، كثير
الإستغراق في مطالعة الكتب وتدريسها، أخذ عنه العلامة عبد الحكيم بن شمس الدين السيالكوتي
والشيخ أحمد بن عبد الأحد العمري السرهندي وجمع كثير من العلماء.
توفي سنة سبع عشرة وألف بلاهور فدفن بها، كما في روضة الأبرار.
مولانا كمال الدين النيسابوري
الشيخ الفاضل كمال الدين النيسابوري، أحد العلماء المبرزين في الفنون الحكمية، قدم الهند وسكن
بلاهور في أيام أكبر شاه، وتوفي بها سنة إحدى عشرة وألف، وقبره خارج البلدة، كما في مآثر
الأمراء.
الشيخ كمال محمد العباسي
الشيخ العالم الكبير المفتي كمال محمد العباسي الكجراتي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، ولد ونشا بأحمد آباد من أرض كجرات، واشتغل بالعلم من صباه على العلامة وجيه الدين
بن نصر الله العلوي الكجراتي، ولازمه ملازمة طويلة حتى برع وفاق أقرانه، ثم أخذ عنه الطريقة،
وأسند الحديث عن الشيخ عبد الملك البناني، ثم خرج من أحمد آباد سنة ثمانين وتسعمائة ورحل إلى
أجين من أرض مالوه فسكن بها، وتزوج بابنة الشيخ أولياء بن سراج الكالبوي، وولي الإفتاء فاشتغل
بالفتيا والتدريس ثلاثين سنة.
ومن عوائده أنه كان يستيقظ في الليل إذا بقى ثلثه، فيغتسل ويتهجد ويقرأ سبعة أجزاء من القرآن
في الصلاة، ثم يدعو بالأدعية المأثورة، ثم يذكر الله سبحانه بالجهر على طريق السادة الشطارية، ثم
يصلي الفجر، ثم يشتغل بتلاوة القرآن إلى صلاة الإشراق، ثم يصلي ويجلس للدرس والإفادة فيدرس
إلى زوال الشمس، ثم يتغدى ومعه جماعة من المحصلين عليه، ثم يقيل ساعة ثم يصلي الظهر، ثم
يجلس للإفتاء فيشتغل به إلى العصر، ثم يصلي ثم يشتغل به، ثم يصلي ويقبل على أصحابه فيتحدث
معهم إلى العشاء، ثم يدخل في حجرته ويشتغل بمطالعة الكتب التي يدرسها إلى الثلث الأول من
الليل، ثم يدخل في المنزل، وكان من الخامسة عشرة من سنه إلى أربع(5/606)
وخمسين صرف عمره على
هذا الطريق، توفي ليلة الاثنين عاشر شعبان سنة ثلاث عشرة وألف، كما في كلزار أبرار.
الشيخ كمال محمد السنبهلي
الشيخ الصالح كمال محمد بن لعل بن بده بن حامد بن جاند بن معروف بن مجد الدين بن عزيز الله
بن شرف الدين الحسيني الواسطي الأمروهوي ثم السنبهلي، أحد المشايخ النقشبندية، ولد لليلتين أو
ثلاث ليال خلون من ربيع الأول سنة إحدى عشرة وألف بمدينة سنبهل، وقرأ العلم على الشيخ فاضل
بن أمجد السنبهلي وعلى غيره من العلماء، ودخل في الجندية فخدم الملوك والأمراء مدة طويلة،
وتلقن الذكر عن الشيخ عبد الله بن عبد الباقي النقشبندي الدهلوي سنة خمس وثلاثين وألف وقرأ
عليه الرسالة القدسية، وترك الخدمة وأناب على يده سنة خمسين وألف وانقطع إلى الزهد والعبادة،
وصنف الكتب في السلوك، منها جمع الجمع وسفردر وطن الأسرارية، وثالثها آخر مصنفاته، فرغ
من تأليفه سنة تسع وستين وألف، وفيه أخبار المشايخ.
وكان من الشعراء المجيدين، له أبيات رقيقة رائقة بالهندية والفارسية، ومن شعره الفارسي قوله:
نكاه من بفراق تو مانده شد كامروز ز ديده تا سر مزكان هزار فرسك است
وإني لم أقف على سنة وفاته ولكني أظن أنه مات في سنة تسع وستين أو مما يقرب ذلك، والله
أعلم.
حرف الكاف الهندية
كلبدن بيكم
بنت السلطان ظهير الدين بابر بن عمر الكوركاني، ولدت سنة ثلاثين وتسعمائة بأرض خراسان،
وقدمت الهند سنة ست وثلاثين، ونشأت بها في ظل والدها وصنوها همايون بن بابر شاه، وتعلمت
الخط والإنشاء في اللغة التركية والفارسية وبعض فنون أخر، وتزوجت بخضر خان الجغتائي
وولدت له، ثم رحلت إلى الحرمين الشريفين للحج والزيارة في أيام ابن أخيه أكبر بن همايون وكانت
معها بنت أخته سليمه سلطان بيكم سنة اثنتين وثمانين، فحجت أربع حجات ثم رجعت إلى الهند،
وغرقت سفينتها فأقامت بمدينة عدن سنة كاملة ودخلت الهند سنة تسعين وتسعمائة.
وكانت فاضلة شاعرة عفيفة صاحبة العقل والرأي، لها همايون نامه كتاب بسيط في أخبار أبيها
وصنوها همايون، ومن أبياتها قولها:
هر بري روي كه او با عاشق خود يار نيست تو يقين ميدان كه هيج از عمر برخوردار نيست
توفيت سنة عشر وألف في أيام أكبر شاه، كما في إقبالنامه.
حرف اللام
مولانا لطف الله الكوروي
الشيخ الفاضل العلامة لطف الله الحنفي الكوروي، أحد فحول العلماء، كانت له يد بيضاء في سائر
الفنون لا سيما الفقه والأصول والعربية، أخذ عن الشيخ جمال أولياء الجشتي الكوروي، وأخذ عنه
الشيخ أحمد بن أبي سعيد الأميتهوي والقاضي علم الله الكجندوي والشيخ علي أصغر القنوجي وخلق
كثير من العلماء.
مولانا لطف الله البيجابوري
الشيخ العالم الصالح لطف الله البيجابوري، أحد المشايخ القادرية الجيلية، أخذ الطريقة عن الشيخ
حميد ولازمه عشر سنين، ثم سافر إلى الحجاز فحج وزار، ورجع إلى الهند وسكن بمدينة بيجابور،
وكان عالماً كبيراً زاهداً قنوعاً، مات سنة إحدى وعشرين وألف بمدينة بيجابور فدفن بها عند شيخه
الحميد.
حرف الميم
المفتي مبارك بن أبي البقاء الجونبوري
الشيخ العالم الفقيه المفتي مبارك بن أبي البقاء بن(5/607)
محمد درويش الحسيني الجونبوري، كان أصغر
أبناء والده ونشأ بجونبور، واشتغل بالعلم على محمد أمين تلميذ والده وقرأ عليه العربية، ثم سافر إلى
إله آباد وقرأ على من بها من العلماء، ثم سافر إلى دهلي وتقرب إلى الملوك والأمراء وولي الإفتاء
ببلدته، فرجع إلى جونبور ودرس وأفاد بها مدة عمره، أخذ عنه غير واحد من العلماء.
توفي لعشر بقين من رمضان سنة ثمان وتسعين وألف، كما في تجلي نور.
الشيخ مبارك بن خضر الناكوري
الشيخ الفاضل العلامة مبارك بن خضر الناكوري، أحد العلماء المشهورين بأرض الهند، ولد سنة
إحدى عشرة وتسعمائة بمدينة ناكور وسافر للعلم إلى كجرات فاشتغل بها على الخطيب أبي الفضل
الكاذروني ومولانا عماد الدين محمد الطارمي وعلى غيرهما من العلماء، وجد في البحث والاشتغال
حتى برز في الفضائل وتأهل للفتوى والتدريس.
وكان مفرط الذكاء يحضر المجالس والمحافل في صغره فيتكلم ويناظر ويفحم الكبار ويأتي بما
يتحير به أعيان العلم، دخل أكبر آباد سنة خمسين وتسعمائة وتصدر بها للدرس والإفادة، وقد انتهت
إليه الإمامة في العلم والعمل والزهد والورع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يستطيع أحد
من الأمراء أن يحضر في مجلس تذكيره وعليه ملابس حمراء أو من الحرير أو في يده خواتم الذهب
أو إزاره مسبل، وكان في ذلك الزمان شديد النكير على السماع حتى إذا قرع صماخه في أثناء
الطريق صوت الغناء ينزجر عنه ويثب إلى غير ذلك المكان، ثم رغب إلى السماع في آخر أمره
قلما يخلو عنه وربما لا يستريح بدون الغناء والمزامير.
قال صاحبه عبد القادر بن ملوك شاه البدايوني في تاريخه: إنه كان ذا أطوار مختلفة، لحق بالمهدوية
وصحب الشيخ علاء بن الحسن البيانوي مدة مديدة، فلما شاعت الطريقة النقشبندية في أوائل عهد
أكبر شاه صار يقتفي آثار تلك الطائفة العلية، وكان ينتسب إلى المشايخ الهمدانية، ولما رأى أن أهل
إيران غلبوا ونالوا في الدولة أعز منال صرف إليهم عنان العزيمة، وهلم جرا.
قال: وكان عالماً كبيراً بارعاً في الفقه وأصوله، عارفاً بدقائق العربية، ماهراً بالتصوف والشعر
واللغز وفنون أخرى، وكان يقرأ القرآن بالقراءات العشر ويدرس الشاطبي، وكان كثير المطالعة دائم
الاشتغال بالدرس والإفادة سريع الإدراك قوي الحفظ لم يكن شيئاً فينساه، ولما ضعف بصره لكبر
سنه وعجز عن المطالعة اشتغل بتفسير القرآن وصنف تفسيراً كبيراً في أربع مجلدات كبار سماه
منبع نفائس العيون، واظب في آخر عمره على التائية لابن الفارض، وقصيدة البردة للبوصيري،
وقصيدة كعب بن زهير، وقصائد أخرى كانت محفوظة له فيقرأها كل يوم عن(5/608)
ظهر قلبه، توفي
السابع عشر من ذي القعدة سنة إحدى وألف بلاهور فدفن بها، كما في المنتخب.
الشيخ مبارك بن مصطفى المنيري
الشيخ الصالح مبارك بن مصطفى بن الجلال بن عبد الملك، الهاشمي المنيري سبط الشيخ أبي يزيد
بن عبد الملك الفردوسي، ولد ونشأ بمنير - بفتح الميم - بلدة مشهورة من أعمال بهار، وأخذ عن
خاله علي بن أبي يزيد، واستفاض على طريق الأويسية عن جده وخاله محمد، ولازم الشيخ نعمة اله
الفيروز بوري وأخذ عنه، ثم تولى الشياخة، أخذ عنه الشيخ هداية الله ابن أشرف المنيري وخلق
آخرون.
الشيخ مجتبي القلندر اللاهر بوري
الشيخ الصالح مجتبي بن مصطفى بن أمين بن عبد الرحمن، العباسي اللاهر بوري المشهور بمجا
- بضم الميم وتشديد الجيم - كان من رجال العلم والمعرفة، ولد ونشأ بلاهر بور، قرية من أعمال
خير آباد، وقرأ العلم على القاضي عبد القادر العمري اللكهنوي، ثم سار إلى جونبور، وأخذ الطريقة
عن الشيخ عبد القدوس الجونبوري، ولازمه مدة، ثم رجع إلى لاهر بور وتصدر للإرشاد، أخذ عنه
الشيخ عبد الرسول الكجندوي وخلق آخرون.
توفي في الخامس عشر من ربيع الآخر سنة أربع وثمانين وألف وله ثلاث وستون سنة، كما في
أصول المقصود.
مولانا محب علي السندي
الشيخ الفاضل محب علي بن صدر الدين محمد بن علي بيك، التتوي السندي الفقيه الشاعر، كان
أصله من قبيلة كانت تسكن في جبال البركة وهم طائفة من الجغتائية، قدم جده علي مع السلطان بابر
واستشهد في الهند، وسافر والده مع همايون إلى بلاد السند فسكن بمدينة تته فولد بها محب علي،
وتوفي والده في صغر سنه فانقطع إلى العلم وجد فيه حتى صار بارعاً في كثير من العلوم والفنون،
ولما فتحت بلاد السند على يد الأمير عبد الرحيم بن بيرم خان قدم معه إلى دار الملك وصاحبه
زماناً، ثم أخذ في الانزواء بمدينة برهانبور وله ثلاثون سنة، واستقام على ذلك زماناً، ثم سافر إلى
الحجاز وأدرك الشيخ محمد بن فضل الله البرهانبوري بمدينة سورت وأخذ عنه الطريقة، ثم سافر
إلى الحرمين الشريفين فحج وزار ورجع إلى الهند وسكن ببرهانبور، كما في بادشاه نامه.
وفي عمل صالح أن شاهجهان بن جهانكير سلطان الهند استصحبه إلى دار الملك فلازمه مدة حياته،
وكان شاعراً مجيد الشعر، مات في بضع وأربعين وألف.
مولانا محب الله الإله آبادي
الشيخ العالم الكبير العلامة محب الله بن مبارز بن بير بن بدي بن متهي بن القاضي رضي الدين
بن أوحد الدين بن مجد الدين بن جميل الدين بن رفيع الدين بن محب الله بن رسم الله بن حبيب الله
بن إبراهيم بن علاء الدين ابن قاسم بن عبد الرزاق بن عبد القادر بن أبي الفتح بن عبد السلام بن
جعفر ابن شهاب الدين بن فريد الدين مسعود العمري، كان من كبار المشايخ الجشتية، ولد يوم الاثنين
ثاني صفر سنة ست وتسعين وتسعمائة بقرية صدر بور من أعمال خير آباد، واشتغل بالعلم وسار
إلى لاهور، فقرأ بها على المفتي عبد السلام اللاهوري مشاركاً للشيخ محمد مير سائين السيوستاني
وسعد الله خان التميمي الجنوتي، ثم لما ولي سعد الله خان الوزارة الجليلة استقدمهما إلى دار الملك،
فلم يجبه الشيخ محمد مير لزهده في الدنيا، وذهب الشيخ محب الله إلى دهلي فولاه النظامة ووجهه
إلى إله آباد، كما في ذيل الوفيات.
وقال اللكهنوي في بحر زخار: إنه دخل دهلي للاسترزاق فتوسل بالوزير لسابق معرفته به، ثم
أخذته الجذبة الربانية فانقطع إلى الزهد والعبادة وسار إلى كنكوه، وأخذ الطريقة الجشتية عن الشيخ
أبي سعيد بن نور الحنفي الكنكوهي، ولازمه ملازمة طويلة حتى بلغ رتبة المشيخة، فرجع إلى صدر
بور ولبث بها زماناً، ثم سار إلى إله آباد وسكن بها على شاطئ نهر جمن وعاش مدة في الفقر
والفاقة، ثم فتح الله(5/609)
سبحانه عليه أبواب الرزق ورزقه القبول العظيم، فاستقام على مسند الإرشاد
عشرين سنة، انتهى.
قال مصطفى علي خان الكوباموي في تذكرة الأنساب: إنه كان ابن بنت القاضي إسماعيل بن عماد
العمري الهركامي والقاضي إسماعيل كان جد ملا أبي الواعظ الهركامي، انتهى.
وللشيخ محب الله مصنفات كثيرة في الحقائق والمعارف، وله مواجيد خاصة في التوحيد، وأسلوب
بديع في شرح أقوال الشيخ محيي الدين بن عربي، ولذلك افترق الناس فيه إلى محسن ومسئ، فمنهم
من يقول: إنه كان عارفاً كبيراً صاحب المعارف الصحيحة والمواجيد الصادقة، ومنهم من يقول: إنه
كان عارفاً ولكنه أخطأ التعبير حتى وقع قدمه في أودية الزندقة والإلحاد، ومنهم من يقول إنه كان
ضالاً مضلاً، قال نور الدين محمد بن علي الحميد الرانيري في كتابه رحيق محمدية في طريق
الصوفية: وكذا ببعض نواحي الهند بلدة تسمى إله باس إله آباد رجل يقال له محب الله بل عدو الله
وطائفة قاتلهم الله وهم يعتقدون بالوحدة المطلقة ويقولون إن الرب عين العبد والعبد عين الرب بمعنى
الاتحاد، فجعلوا العالم هو الله والله هو العالم، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً! وقد وقع لي
معهم مجادلة ومباحثة ذكرتها في صوارم الصديق لقطع الزنديق فإن أردت أن تطلع على أباطيلهم
فعليك بمطالعته، انتهى.
وقال الشيخ علي أكبر الحسيني المودودي في بعض رسائله إني لما دخلت إله آباد سنة إحدى
وسبعين ومائة وألف وكنت مشغولاً بمطالعة تصانيف الشيخ الأكمل ختم الولاية المحمدية ابن عربي
رضي الله عنه فوجدت بعض الرسائل مع تواليف الشيخ محب الله الإله آبادي متضمناً لعبارات
الفصوص والفتوح فبقيت مدة مشغولاً بمطالعته على قبره الواقع على سيف جمنا في إله آباد، فلما
خضت فيها برهة من الزمان رأيته في كثير من المقامات وكان من جملتها أني رأيته يوماً ووقع بيني
وبينه كلام على مذهبه فاعترف بما اعترف وأعطاني الخرقة التي كانت عليه، فلما أفقت لاقني غلام
محب الله بن حبيب الله بن سيف الله بن تاج الدين بن محب الله المذكور وأخبرني بأنه رأى في
المنام جده فأمره أن يخرج الخرقة التي كان يلبسها في حياته، فأتى بها لدى فأخذتها، وإني عند ذلك
كنت في المكاشفات الأنفسية لا الآفاقية، وأنت تعلم أن المكاشف المذكور كلما رآه في ذلك فإنما هو
نفسه، كما قال الشيخ رضي الله عنه في الفص الشيثي فأي شاهد كشف يشاهد صورة تلقي إليه ما لم
يكن عنده ويمنحه ما لم يكن قبل ذلك في يده فتلك عينه لا غيره، فمن شجرة نفسه جنى ثمرة غرسه،
ثم لما وقع لي ترق وخرجت من لجة الآيات النفسية إلى المكاشفات الآفاقية فوجدته - يعني به الشيخ
محب الله المذكور - هابطاً في أكثر العقائد الخطيلة نحو:
1 - اعترافه بانحصار الواجب المطلق في الممكنات المتعينة.
2 - ونفى تحققه عما وراءها.
3 - والإقرار بانتفاء البسائط في حال التجرد عن المركبات.
4 - والإنكار على تحقق الملائكة والجن فيما وراء الإنسان من الخارج.
5 - والرد والقدح والتقبيح على الحال وأربابه والوجد وأصحابه مع أن شيوخه وجميع العرفاء
كانوا على ذلك.
6 - والاعتراف بقدم العالم كله على هذا النمط، وأمثال ذلك من الاعتقادات الرديئة، فأعرضت عنه
حتى رأيته في المنام فذكرت له ذلك فقال: والحق أني قد أخطأت في كل ذلك لكني كنت في السير
النفسي محجوباً عن السير الآفاقي، فكلما كنت أرى من المعاملات المكاشفية أحسبه أن الأمر منحصر
في ذلك، فأنكرت على تحقق ما في الآفاق وفيما دونه إذ كنت مجتهداً في إثبات الحق عافاني الله
سبحانه، فحالي كحالي المجتهد الفقيه في الخطاء غير أني محبوس في كثير من الآلام بسبب ذلك،
وذلك أيضاً وقع لي في المقام النفسي، انتهى.
ومن مصنفاته شرحان له على فصوص الحكم بالعربية والفارسية، ومنها أنفاس الخواص، ومنها
مناظر أخص الخواص، صنفه سنة سبع وأربعين وألف، ومنها هفت أحكام، ومنها سه ركني، ومنها
الكتاب(5/610)
المبين في الحكمة الإلهية، ومنها رسالة في مبحث الوجود المطلق، ومنها التسوية وشرحها
بالفارسي، وله غير ذلك من الرسائل، توفي لتسع خلون من رجب سنة ثمان وخمسين وألف بمدينة
إله آباد فدفن بها.
محبوب شاه الجشتي الهندي
الشيخ الفاضل محبوب شاه الجشتي الهندي، أحد العلماء العاملين وعباد الله الصالحين، له منتخب
الأولياء، كتاب بسيط في أخبار المشايخ من أهل الهند، طالعه السيد الوالد وانتفع به في مهر
جهانتاب، وكان عصره بعد سنة 1055.
محمد بن إبراهيم الحيدر آبادي
الملك الحليم الرؤوف محمد بن إبراهيم بن سلطان قلى الحيدر آبادي محمد قلى قطب شاه، قام بالملك
بعد والده سنة تسع وثمانين وتسعمائة بقلعة كولكنده، وأسس بلدة كبيرة على أربعة أميال منها وسماها
بهاكك نكر على اسم عشيقته بهاكك متي، ثم ندم على ذلك وسماها حيدر آباد جعلها دار ملكه، وبنى
بها القصور العالية والحدائق الزاهرة، وبنى الجامع الكبير، وأنفق على عمارته مائتي ألف من النقود
الفضية، وبنى حماماً ومارستاناً عنده ومدرسة عالية البناء سنة ست بعد الألف.
وكان ملكاً عادلاً فاضلاً شاعراً مجيد الشعر محباً لأهل العلم محسناً إليهم، وفد عليه العلماء من بلاد
شاسعة فرتب لهم معايش وأرزاقاً، ومن شعره قوله:
مستان محبت بدو عالم نفروشند كيفيت ته جرعه بيمانه خود را
توفي في السابع عشر من ذي القعدة سنة عشرين وألف بحيدر آباد فدفن بها، كما في حديقة العالم
للتستري.
محمد بن إبراهيم البيجابوري
الملك العادل محمد بن إبراهيم بن طهماسب بن إبراهيم بن إسماعيل بن يوسف، البيجابوري محمد
عادل شاه الغازي، قام بالملك بعد والده سنة سبع وثلاثين وألف وهو في الخامس عشر من سنه،
فافتتح أمره بالعقل والدهاء، وقاتل كفار الهنود ببلاد كرنانك، ففتحها سنة ثمان وخمسين وألف، وغنم
أموالاً وسبى دراري كثيرة، وبنى بها المساجد وهو أول من فتحها من ملوك الدكن، ولذلك لقبوه
بالغازي، وأول من لقبه شاهجهان بن جهانكير الدهلوي سلطان الهند بالملك.
وكان عادلاً كريماً متين الديانة كبير الشأن، توفي يوم الثلاثاء لليلتين بقيتا من محرم سنة سبع
وستين وألف بمدينة بيجابور، فدفنوه في مقبرة بناها محمد المذكور في حياته وله سبع وأربعون سنة،
ومدة حكمه إحدى وثلاثون سنة، كما في بساتين السلاطين.
محمد بن أبي الحسن السورتي
الشيخ الصالح محمد بن أبي الحسن بن جمال الدين، النقوي الحسيني الخوارزمي ثم الهندي
السورتي، أحد المشايخ النقشبندية، ولد ونشأ بمدينة سورت، وانتفع بأبيه وأخذ عنه وتولى الشياخة
بعده، مات في ثاني رمضان سنة ثمان وسبعين وألف بمدينة سورت فدفن بها، كما في الحديقة
الأحمدية.
الشيخ محمد بن أبي سعيد الكالبوي
الشيخ العالم الكبير محمد بن أبي سعيد بن بهاء الدين بن عماد الدين بن الله بخش بن سيف الدين بن
مجيد الدين بن شمس الدين بن شهاب الدين بن عمر ابن حامد بن أحمد الزاهد الحسيني الترمذي
السوانوي ثم الكالبوي، كان من العلماء الربانيين، ولد سنة ست بعد الألف بمدينة كالبي، وكان والده
ذهب إلى بلاد الدكن قبل مولده وانقطع خبره فتربى في حجر أمه العفيفة، ولما بلغ سبع سنين قدم
الشيخ محمد يونس أحد العلماء المحدثين من مدينة كره وأقام ببلدة كالبي فاشتغل عليه وقرأ الكتب
الدرسية إلى المطول للتفتازاني وأسند الحديث عنه، ثم ذهب إلى جاجمؤ وقرأ بعض الكتب على
مولانا عمر جاجمؤي، ثم ذهب إلى كوره وقرأ سائر الكتب الدرسية على الشيخ جمال بن مخدوم
الكوروي، ثم أخذ عنه الطريقة ورجع إلى بلدته فدرس وأفاد بها زماناً، ثم سافر إلى جالندر ليتزوج
بها في(5/611)
عشيرته فورد آكره وأدرك بها الأمير أبا العلاء الحسيني الأكبر آبادي فلازمه زماناً وأخذ عنه
الطريقة الأحرارية، واشتغل بعد ذلك بالدرس والإفادة عشر سنين، ثم ذهب إلى أكبر آباد وصحب
شيخه أبا العلاء المذكور أربعة أشهر، ثم رجع إلى بلدته ودرس بها زماناً، ولما غلبت عليه الحالة
اعتزل عن الناس ولازم بيته وترك البحث والاشتغال والخروج للتعزية والتهنئة وغير ذلك، فكان لا
يراه أحد إلا في بيته أو في المسجد، كما في ضياء محمدي.
قال البكرامي في مآثر الكرام: إنه ألزم نفسه الصوم في آخر عمره فداوم على ذلك، فلم يفطر في
النهار قط غير الأيام التي حرم فيها الصوم، وعاش بعد ذلك ستة أعوام، انتهى.
وله مصنفات عديدة، منها تفسير على سورة يوسف، وله كتاب الروائح بالعربي أوله حامداً لله
والحامد والحمد والمحمود هو، مصلياً لرسول الله والرسول والرسالة والمرسل هو، قائلاً بأنه قد ورد
على محمد بن أبي سعيد هذه المعاني الشريفة فأراد إملاءها والعامل والقول والمقول هو، إلخ، وله
رسالة في تحقيق الروح أولها بر ضمائر أرباب بصائر بوشيده نماند، إلخ، ورسالة في وحدة الوجود
بالعربية أولها إعلم أن وجوده تعالى عين حقيقته، إلخ، له إرشاد السالكين في السلوك بالفارسي أوله
بعد حمد خداوندي كه همه أشياء قائم بدو است، إلخ، ورسالة في مبحث الفناء بالفارسية أولها بدان
أي طالب صادق، إلخ، ورسالة في عقائد الصوفية أولها الحمد لله رب العالمين، إلخ، ورسالة في
الواردات بالعربية أولها الحمد لله الذي نقاب وجهه النور وحجاب كماله الظهور، إلخ، والعلم
والمعمول رسالة نفيسة له في السلوك أولها بعد حمد بيحد وبس از صلاة بي عد، إلخ وله رسالة في
شغل كوزه المسمى بجام خدانما أولها بعد از حمد بيحد، وصلاة بي عد، إلخ ورسالة في الحقائق أولها
بعد از حمد ايزدي كه حجاب ذات أو نور است، ورسالة في مراتب الفناء والأصول إلى الله سبحانه
بالفارسية أولها بعد از حمد واجب الوجود، إلخ، توفي يوم الأحد لأربع ليال بقين من شعبان سنة
إحدى وسبعين وألف وله خمس وستون سنة، وقبره مشهور ظاهر ببلدة كالبي، كما في ضياء
محمدي.
الشيخ محمد بن أبي يزيد المنيري
الشيخ الصالح محمد بن أبي يزيد بن عبد الملك بن أشرف بن محمود الهاشمي المنيري الشيخ فريد
الدين، أحد المشايخ في الطريقة الفردوسية، ولد ونشأ بمنير - بفتح الميم - بلدة مشهورة من أعمال
بهار، ولازم أباه من صباه وأخذ عنه، ثم لازم صاحبه الشيخ عباس الكجراتي وأخذ عنه، ثم تولى
الشياخة مكان أبيه، مات لخمس خلون من رمضان سنة إحدى وثلاثين وألف.
الشيخ محمد الشامي
الشيخ الفاضل محمد بن أبي محمد الشامي، كان ابن أخ الشيخ زين الدين المجتهد الشيعي العاملي،
ذكره عبد القادر بن ملوك شاه البدايوني في منتخب التواريخ وأثنى عليه وقال: إنه كان ثانياً للكسائي
النحوي في الفنون العربية، ثم نقل بعض رسائله إليه بالعربية كانت إحداها مؤرخة سنة اثنتين
وألف، تركتها لما كانت ممسوخة بالأغلاط.
الحكيم محمد المصري
الشيخ الفاضل العلامة محمد الحكيم المصري البرهانبوري، أحد كبار العلماء في الفنون النظرية لا
سيما صناعة الطب بجزئية العلمي والعملي، وكان عارفاً بالعلوم الغريبة نحو دعوة الأسماء وعلم
الحروف والتكسير، وكان ماهراً بالفقه وأصوله، كان ذا دعابة بشوشاً، حسن المحاضرة، حلو الكلام،
مليح الشمائل، شاعراً، له أبيات مضحكة بالفارسية، وله يد بيضاء في أمر العلاج، كان يحير العقول
في بعض معالجاته.
قال محمد بن عمر الآصفي في ظفر الواله كان اسمه الحكيم بيبرس المصري، لعله قدم الهند من
بلاده ودخل أحمد نكر فتقرب إلى الملوك بالصناعة الطيبة، وخدم مرتضى نظام شاه مدة من الزمان،
وسم الوزير جنكيز خان بأمره سنة ثمانين وتسعمائة، فقلده الوزارة بعده مدة يسيرة ثم عزله، ولما قتل
مرتضى نظام شاه المذكور سنة ست وتسعين وتسعمائة خرج من أحمد(5/612)
نكر وسار إلى جيول بندر
مشهور من بنادر الهند، وانتقل منها إلى أحمد آباد وكان بها نواب خان أعظم عزيز بن محمد
كوكلتاش، فاجتمع به فأكرم مقدمه وجهزه إلى أكبر شاه بن همايون التيموري سلطان الهند، وتقدم
عنده وتقرب إليه، ومات ببلدة برهانبور على ما يقال بسم، وذلك في سنة ثمان وألف.
خواجه محمد الكشميري
الشيخ العالم الصالح محمد بن أبي محمد الحنفي الكشميري، أحد العلماء البارعين في النحو
والعربية، ولد ونشأ بكشمير، وقرأ العلم على مولانا جوهر نانة الكشميري، ثم تصدر للتدريس، أخذ
عنه خلق كثير من العلماء كما في روضة الأبرار.
مولانا محمد الزبيري البيجابوري
الشيخ الفاضل العلامة محمد بن أبي محمد الزبيري الكجراتي ثم البيجابوري، أحد العلماء المبرزين
في المعقول والمنقول، قرأ العلم على عمه القاضي إبراهيم الزبيري، ثم لازم دروس الشيخ محمد بن
عبد الرحمن العلوي البيجابوري وأخذ عنه الطريقة وقرأ عليه ثم تصدر للتدريس، أخذ عنه الشيخ
علي صاحب الفوائد العلية ومحمد حسين القدوسي ومحمد حسين الإمام البيدري وخلق كثير من
العلماء، توفي لسبع بقين من شوال سنة ثمان وثمانين وألف بمدينة بيجابور، فدفن بها داخل البلدة كما
في روضة الأولياء.
محمد بن أبي المعالي البيجابوري
الشيخ العالم الفقيه محمد بن أبي المعالي بن علم الله الصالحي الأميتهوي القاضي أعز الدين
البيجابوري، كان من الفقهاء المبرزين في الفقه والأصول، ولي القضاء بمدينة بيجابور في أيام
السلطان محمد عادل شاه، واستقل به مدة حياته، توفي في خامس ربيع الأول، كما في روضة
الأولياء.
محمد بن أحمد العاملي
الشيخ الفاضل محمد بن أحمد بن محمد الشيعي العاملي، كان من العلماء المشهورين في عصره،
ذكره الحر العاملي في أمل الآمل، قال: وكان عالماً فاضلاً فقيهاً صالحاً جليل القدر، من معاصري
الشيخ بهاء الدين العاملي، سافر إلى كشمير وتدير بها، مات ودفن بكشمير كما في نجوم السماء.
الحكيم محمد بن أحمد الكيلاني
الشيخ الفاضل محمد بن أحمد بن حكيم الملك شمس الدين، الكيلاني أصلاً ومحتداً والمكي مولداً
والهندي مسكناً ومدفناً، ذكره علي بن أحمد المعصوم الدستكي في سلافة العصر قال: وإنه ولد بمكة
ونشأ بهان وتقرب إلى سلطانها الشريف محسن حتى حصل عليه من الشريف أحمد بن عبد المطلب
ما حصل، ونهب الشريف داره وماله، فالتجأ مستأمناً إلى بعض الأشراف فأمنه على نفسه، ثم سار
مختفياً إلى اليمن واستعمر حتى قتل الشريف أحمد، فلم ير من الشريف مسعود ما كان يؤمله قبل،
فتوجه إلى الهند سنة تسع وثلاثين وألف فألقى بها عصاه إلى أن بلغ من العمر أقصاه، ثم ذكر له
قصيدته الدالية التي عارض بها قصيدة أحمد المرشدي، وهي كما يلي:
صوادح البان وهناً شجوها باد فمن معين فتى في فت أكباد
صب إذا غنت الورقاء أرقه تذكيرها نغمات الشادن الشاد
فبات يرعف من حفنيه تحسبه يرجرج المدمع الوكاف بالجاد
جافي المضاجع إلف السهد ساوره سم الأساود أو أنياب آساد
له إذا الليل واراه نشيج شج وجذوة في حشاء ذات إيقاد
سماره حين يضنيه توحشه فيستريب إلى تأنيس أعواد
وجدوهم وأشجان وبرح جوى ولوعة تتلظى والأسى ساد(5/613)
أضناه تفريق شمل ظل مجتمعاً وضن بالعود دهر خطبه عاد
فالعمر ما بين ضن ينقضي وضنا والدهر ما بين إيعاد وإبعاد
لا وصل سلمى وذات الخال يرقبه ولا يؤمل من سعدى لاسعاد
أضنى فؤادي واستوهى قوى جلدي أقوى ملاعب بين الهضب والواد
عفت محاسنها الأيام فاندرست واستبدلت وحشة من أنسها الباد
وعطلتها الرزايا وهي حالية بساكنيها ورواد ووراد
وعاث صرف الليالي في معالمها فما يجيب الصدى فيها سوى الصاد
دوارج المور مارت في معاهدها فغادرتها عفا الساحات والناد
وناعب الموت نادى بالشتات بها فأهلها بين أغوار وأنجاد
وصوحت بالبلى أطلالها وخلت رحابها الفيح من هيد ومن هاد
أضحت قفاراً تجر الرامسات بها ريحاً جنوب وشمل ريحها الجاد
كأنها لم تكن يوماً لبيض مهى مراتعاً قد خلت فيهن من هاد
ولم تحل مغانيها بغانية تغني إذا ما ردى من بدرها راد
ولا عطا نبتها ريم ولا طلعت بها بدور دجى في برج مصطاد
ولا تثنت بها لمياء ساحبة ذيل النعيم دلالاً بين أنداد
فارقتها وكأني لم أظل بها في ظل عيش يجلي عذر حساد
أجني قطوف فكاهات محاضرة طوراً وطوراً أناغي ربة الهادي
هيفاء يزري إذا ماست تمايلها بأملد من غصون البان مياد
بجانب الجيد يهوى القرط مرتعداً مهواه جد سحيق فوق أكتاد
شفاهها بين حق الدر قد خزنت ذخيرة النحل ممزوجاً بها الجادي
إذا نضت عن محياها النقاب صبا مستهتراً كل سجاد وعباد
وإن تجلت ففيما قد جلته دجى لتائه في الدآدي أيما هاد
وميض برق ثناياها إذا ابتسمت يعارض الدمع من مهجورها حاد
وناظران لها يرتد طرفهما مهما رنت عن قتيل ماله واد
وصبح غرتها في ليل طرتها يوماي من وصلها أو هجرها العادي
تلك الربوع التي كانت ملاعبها أخنى عليها الذي أخنى على عاد
إلى مراتع غزلان الصريم لها يحن قلبي المعنى ما شدا شاد
بعداً لدهر رماني بالفراق لها ولا سقى كنفيه الرائح الغادي
عمري لئن عظمت تلك القوادح من خطوبه وتعدت حد تعداد
لقد نسيت وأنستني بوائقه تلك التي دهدهت أصلاد أطواد
مصارع لبني الزهرا وأحمد قد اذكرن فخا ومن أردى به الهادي
لفقدهم وعلى المطلول من دمهم تبكي السماء بدمع رائح غاد(5/614)
وشق جيب الغمام البرق من حزن عليهم لا على أبناء عباد
كانوا كعقد بجيد الدهر قد قرظت من ذاك واسطة أودى بتبداد
وهو المليك الذي للملك كان حمى مذ ماس من برده في خير أبراد
كانت بجيران بيت الله دولته مهاد أمن لسرح الخوف ذواد
وكان طوداً لدست الملك محتبياً ولاقتناص المعالي أي نهاد
ثوى بصنعا فيا لله ما اشتملت عليه من مجده في ضيق ألحاد
فقد حويت به صنعاء من شرف كما حوت صعدة بالسيد الهادي
فحبذا أنت يا صنعاء من بلد ولا تغشى زياداً وكف رعاد
مصابة كان رزءاً لا يوازنه رزء ومفتاح أرزاء وآساد
وكان رأساً على الأشراف منذ هوى تتابعوا إثره عن شبه ميعاد
لهف المصاف إذا ما أزمة أويت من خطب نائبة للمتن هداد
لهف المصاف إذا ما أمحلت سنة يضن في محلها الطائي بالزاد
لهف المصاف إذا كر الجياد لدى حر الجلاد أثار النقع بالوادي
لهف المصاف إذا ما يستباح حمى لفقد حام بورد الكر عواد
لهف المصاف إذا جلى به نزلت ولم يجد كاشفاً منها بمرصاد
لهف المصاف إذا حمل المغارم في نيل العلى أثقل الأعناق كالطاد
لهف المصاف إذا نادى الصريخ ولم يجدنه مصرخاً كالليث للصادي
لهف المصاف إذا الدهر العسوف سطا بضيم جار لنزل العز معتاد
بل لهف كل ذوي الآمال قاطبة عليهم خير مرتاد لمرتاد
كانت به تزدهي في السلم أندية وفي الوغى كل قداد وهناد
على الأرائك أقمار تضئ ومن تحت الترائك آساد لمستاد
تشكو عداهم إذا شاكي السلاح بدا شك القنا ما ضفا من نسج أبراد
إلى النحور وما تحوى الصدور وما وارته في جنحها ظلمات أجساد
بادوا فباد من الدنيا بأجمعها من كان فكاك أصفاد بأصفاد
وقد ذوت زهرة الدنيا لفقدهم وألبست بعدهم أثواب إحداد
واجتث غرس الأماني من فجيعتهم وأنشد الدهر تقنيطاً لرواد
يا ضيف أقفر بيت المكرمات فخذ في جمع رحلك واجمع فضلة الزاد
يا قلب لا تبتئس من هول مصرعهم وعز نفسك في بؤسي وأنكاد
بمن غدا خلفاً يا حبذا خلف في الملك عن خير آباء وأجداد(5/615)
بحائز إرثهم حاو مغافرهم كما حوى الألف من آحاد أعداد
وذاك زيد أدام الله دولته وزاده منه تأييداً بامداد
سما به النسب الوضاح حيث غدا طريفه جامعاً أشتات أتلاد
لقد حوى من رفيعات المكارم ما يكفي لمفخر أجداد وأحفاد
أليس قد نال ملكاً في شيبته ما ناله من سعى أعمار آباد
أليس في وهج الهيجا مواقفه مشكورة بين أعداء وأضداد
أليس أسبح بالتنعيم سابحه لج المنايا ليحيى فل أجناد
أليس يثبت يوم الليث أن له وثبات ليث يزجي ذود نقاد
أليس يوم العطا تحكي أنامله خلجان بحر يفيض التبر مداد
أليس قد لاح في تأسيس دولته من جده المصطفى رمز بارشاد
دامت معاليه والنعمى بذاك له مصونها وهو ملحوظ باسعاد
ما لاح برق وما غنت على فنن صوادح البان وهنا شجوها باد
قال عبد الحميد اللاهوري في بادشاهنامه: إنه كان رجلاً صالحاً فاضلاً ورعاً تقياً حسن الأخلاق
مليح الشمائل، وظف له شاهجهان بن جهانكير سلطان الهند وولاه على دار العدل بدار الملك دهلي،
انتهى.
توفي بالهند سنة خمسين وألف، كما في خلاصة الأثر.
محمد صادق السرهندي
الشيخ الصالح العلامة محمد صادق بن أحمد بن عبد الأحد العمري الشيخ محمد صادق السرهندي،
كان من كبار العلماء، ولد في سنة ألف بمدينة سرهند ونشأ بها، واشتغل بالعلم من صغره وقرأ بعض
الفنون العربية على الشيخ محمد طاهر اللاهوري والعلوم الحكمية على مولانا محمد معصوم الكابلي،
وجد في البحث والاشتغال حتى قرأ فاتحة الفراغ وله ثماني عشرة من سنه، وكان مصاحباً لوالده في
سفره إلى دهلي وهو ابن ثمان، فتشرف هناك بصحبة الشيخ عبد الباقي النقشبندي وأخذته الجذبة
الربانية في صباه، فكان يترقى في مدارج المعرفة يوماً فيوماً، وتعرض له حالات سنية ومقامات
علية من الحضور والغيبة والسكر والجذبات القوية والمكاشفات الصحيحة والمواجيد الصادقة بحيث
يعجب به العارفون البالغون في مدارج الكمال، فلما برز من التلوين إلى التمكين ومن السكر إلى
الصحو ومن الجذب إلى السلوك استخلفه والده وأجازه إجازة عامة للارشاد والتلقين وهو لم يتجاوز
إحدى وعشرين سنه من عمره.
مات في أيام أبيه، وله تعليقات على الكتب الدرسية، توفي يوم الاثنين تاسع ربيع الأول سنة أربع
وعشرين، وقيل: خمس وعشرين بعد الألف، بمدينة سرهند فدفن بها، كما في حضرات القدس.
الشيخ محمد سعيد السرهندي
الشيخ العالم المحدث محمد سعيد بن أحمد بن عبد الأحد العدوي العمري الشيخ محمد سعيد خازن
الرحمة السرهندي، كان من العلماء الربانيين، ولد في شعبان سنة خمس وألف بمدينة سرهند، وقرأ
بعض الكتب الدرسية على صنوه محمد صادق وأكثرها على الشيخ محمد طاهر اللاهوري، وقرأ
على أبيه، وأسند الحديث عنه وعن الشيخ عبد الرحمن الرمزي، ولازم أباه ملازمة طويلة وأخذ عنه
الطريقة، ووالده ترك التدريس له في آخر عمره وكان يقول: إن ولده من العلماء الراسخين، فألبسه
الخرقة ولقبه بخازن الرحمة، كما في حضرات القدس، ولما توفي والده ترك المشيخة، لأخيه محمد
معصوم، وسافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار ورجع إلى الهند سنة 1069 وصرف عمره في
التدريس والتلقين.(5/616)
وله مصنفات عديدة، منها حاشية على مشكاة المصابيح، ورسالة في تحقيق الإشارة بالمسبحة عند
التشهد في الصلاة، وحاشية على حاشية الخيالي على شرح العقائد، وله غير ذلك من المصنفات.
توفي لثلاث ليال بقين من جمادي الآخرة سنة سبعين وألف، كما في تذكرة الأنساب للقاضي ثناء الله
رحمه الله.
الشيخ محمد بن أحمد الدهلوي
الشيخ العالم الصالح محمد بن أحمد البدخشي الشيخ سراج الدين بن حسام الدين بن نظام الدين
الدهلوي، أحد كبار المشايخ النقشبندية، ولد ونشأ بدهلي، وقرأ العلم على الشيخ عبد الله بن عبد
الباقي النقشبندي الدهلوي، ولازم أباه ملازمة طويلة حتى صار أبدع أبناء العصر في العلم والمعرفة
ورزق حسن القبول بدهلي، ذكره كمال محمد السنبهلي في الأسرارية.
محمد بن إلياس الغرغشتي
الشيخ الفاضل محمد بن إلياس الحسيني الغرغشتي البجواروي، أحد العلماء المبرزين في العلم
والمعرفة، حصل له القبول العظيم من الأفاغنة في أودية الجبال، وكان يدرس ويفيد، أخذ عنه ولده
أحمد بن محمد الغرغشتي وخلق آخرون، توفي سنة إحدى وألف، كما في كلزار أبرار.
السيد محمد جلال الكجراتي
الشيخ الصالح محمد بن الجلال بن الحسن بن عبد الغفور الحسيني البخاري الكجراتي، كان من
نسل محمد بن عبد الله الحسيني البخاري، يرجع إليه نسبه بخمس وسائط، ولد في الرابع عشر من
رجب سنة تسع وثمانين وتسعمائة بأرض كجرات، ومن الاتفاقات العجيبة أنه عمل تاريخاً لولادته
بعد بلوغه سن الرشد من قول سعدي الشيرازي:
من ودست ودامان آل رسول
قرأ العلم على أساتذة عصره، ثم لازم أباه وأخذ عنه الطريقة، وقرأ عليه بعض كتب الحقائق
والمعارف، ولما مات والده سنة 1003 تولى الشياخة مكانه.
قال الخوافي في مآثر الأمراء إنه كان شيعياً، وفي عمل صالح إنه كان صوفياً ماهراً في التصوف،
ذا سخاء وإيثار، كان يبذل على الفقراء والمساكين كل ما تحصل له من النذور والفتوحات، وكان
يصرف في عرس جده محمد بن عبد الله المذكور مائة ألف من النقود، لقيه شاهجهان بن جهانكير
الدهلوي مرتين، مرة في ولاية عهده ومرة في عهد السلطنة، ومن مصنفاته الجمعات الشاهية في
الأذكار والأشغال.
توفي في الثاني عشر من رجب سنة خمس وأربعين وألف، وقبره في حظيرة جده، كما في مرآة
أحمدي.
محمد بن جندن المندسوري
الشيخ العالم الصالح محمد بن جندن بن بدها بن جهجو المندسوري، أحد الرجال المعروفين بالفضل
والصلاح، ولد ونشأ بمندسور من أرض مالوه، ولازم أباه وانتفع به، وتصدر للارشاد بعده، وكان لا
يزال بقيد الحياة سنة أربع عشرة وألف وله ثمانون سنة كما في كلزار أبرار.
محمد بن الحسن الكجراتي
الشيخ العالم الصالح محمد بن الحسن بن أحمد بن نصير بن مجد بن سراج ابن العلامة كمال الدين
الدهلوي ثم الكجراتي، كان من كبار المشايخ الجشتية، ولد سنة ست وخمسين وتسعمائة بمدينة أحمد
آباد، ونشأ في مهد العلم والمشيخة، وقام مقام جده وأبيه في الارشاد والتلقين، وكان رحمه الله شديد
التوكل كثير الإحسان ذا وجد وحالة يسمع الغناء بدون المزامير، وله مصنفات، توفي يوم الأحد لليلة
بقيت من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وألف بأحمد آباد فدفن بها، كما في أنوار العارفين.(5/617)
محمد بن الحسن المندوي
الشيخ الفاضل محمد بن الحسن بن موسى الكجراتي ثم المندوي، أحد الرجال المعروفين بالفضل
والكمال، ولد بمندو في الحادي عشر من رجب سنة اثنتين وستين وتسعمائة، وقرأ القرآن على الشيخ
كمال الدين القرشي وجوده وقرأ الرسائل الفارسية، ولما بلغ إحدى عشرة سنة توفي والده، ولما بلغ
سبع عشرة سنة زوجته أمه فلم يترك البحث والاشتغال، وقرأ النحو والعربية على الشيخ برهان
الدين الكالبوي، وقرأ الكشف والمنار والتلويح في أصول الفقه على السيد شاه محمد، وسافر إلى آكره
فأقام بها خمس سنين، ثم رجع وسافر إلى كجرات سنة تسعين وتسعمائة، وقرأ أكثر الكتب الدرسية
في مدرسة الشيخ وجيه الدين بن نصر الله العلوي الكجراتي، وقرأ بعض الفنون الرياضية على
الحكيم عثمان بن عيسى السندي بمدينة برهانبور، ورجع إلى مندو سنة أربع وتسعين وتسعمائة.
وكان صوفياً مستقيم الحالة، أخذ الطريقة الشطارية عن الشيخ صدر الدين محمد البرودوي وصاحبه
الشيخ محمود بن الجلال الكجراتي، وله كتاب بسيط في أخبار مشايخ الهند وعلمائها سماه بكلزار
أبرار شرع في تصنيفه سنة 1014 بأمر أبي الخير بن المبارك الناكوري، وأتمه بأمر الشيخ عيسى
بن قاسم السندي في شهر رجب سنة اثنتين وعشرين وألف.
محمد بن عبد الرحمن البيجابوري
الشيخ العالم الكبير العلامة محمد بن عبد الرحمن بن روح الله الحسيني الكجراتي ثم البيجابوري،
كان من العلماء المتمكنين من الدرس والإفادة، ولد بمدينة بيجابور لأربع ليال بقين من جمادي الأولى
سنة خمس عشرة وألف يوم مات عمه صبغة الله بن روح الله الشريف البروجي، واشتغل بالعلم على
القاضي علي محمد بن أسد الله الكجراتي ثم البيجابوري، ولازمه ملازمة طويلة حتى برع وفاق
أقرانه في كثير من العلوم والفنون، ثم سافر إلى الحجاز فحج وزار وأخذ الطريقة عن الشيخ عبد
العظيم محمد الحنفي المكي، ثم رجع إلى الهند ودرس ثلاثين سنة بمدينة بيجابور، أخذ عنه الشيخ
محمد الزبيري وخلق كثير.
مات بمدينة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين وفد بها للزيارة في آخر عمره بست ليال بقين من
شوال سنة أربع وثمانين وألف فدفن عند عمه صبغة الله المذكور، كما في روضة الأولياء.
محمد بن عبد الرزاق الكيلاني
الشيخ الفاضل محمد بن عبد الرزاق الكيلاني الحكيم نور الدين، كان من الأفاضل المشهورين
شاعراً مجيد الشعر بالفارسي، قدم الهند مع صنوه الكبير أبي الفتح بن عبد الرزاق وتقرب إلى
الملوك والأمراء.
الشيخ محمد بن عبد الشكور السهسواني
الشيخ العالم الصالح محمد بن عبد الشكور بن إسماعيل بن عطاء الله الحسيني المودودي
السهسواني، الشيخ صدر الدين محمد الحاكم، كان من المشايخ المشهورين في عصره، قرأ على
إخوته ثم سافر إلى دهلي وأخذ عمن بها من العلماء، ثم لازم الشيخ محمداً الجشتي أحد أصحاب
الشيخ عبد العزيز بن الحسن الجونبوري ثم الدهلوي وأخذ عنه الطريقة، ثم رجع إلى بلدته وتصدر
للدرس والافادة، أخذ عنه صنوه السيد محمد هاشم وخلق آخرون، وكان صاحب وجد وحالة، يذكر له
كشوف وكرامات.
توفي في جمادي الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وألف ببلدته، كما في نخبة التواريخ.
القاضي محمد بن عبد العزيز النصير آبادي
الشيخ العالم الفقيه القاضي محمد بن عبد العزيز بن فتح بن محمد بن محمود، الشريف الحسني
النصير آبادي المشهور بقاضي بير علي، كان من كبار الفقهاء، ولد ونشأ بنصير آباد وتفقه على
والده، وسافر للعلم فأخذ عن جماعة من العلماء الأعلام، وولي القضاء ببلدته مقام والده المرحوم
فاستقل به مدة عمره.(5/618)
الشيخ محمد بن عبد الله السندي
الشيخ العالم الصالح محمد بن عبد الله السندي المشهور بتاج العاشقين، ولد ونشأ بمدينة برهانبور،
وقرأ المنطق والحكمة على الحكيم عثمان البوبكاني، والفقه والأصول على الشيخ طاهر بن يوسف
السندي، وقرأ نقد النصوص وشرح منازل السائرين وشرح كلشن راز وشطراً من شرح المواقف
على الشيخ عيسى بن قاسم السندي، وأخذ الطريقة عن الشيخ لشكر محمد العارف الجانبانيري حتى
صار بارعاً في العلم والمعرفة وأفاد الناس مدة طويلة بمدينة برهانبور، ثم لما دخل أكبر شاه بمدينة
برهانبور اتهمه بالبغي وأمر بحبسه، فدخل في السجن ولبث فيه زماناً، ثم شفع له بعض الأمراء
فخلى سبيله، فسار إلى آكره وتقرب إلى قليج خان وصاحبه في الظعن والاقامة حتى وصل إلى
لاهور وشاركه في المغازي، وقتل في غرة جمادي الأولى سنة ثلاث عشرة وألف، كما في كلزار
أبرار.
السيد محمد بن عبد الله الحضرمي
السيد الشريف محمد بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس، الحضرمي ثم
الهندي السورتي، أحد الكمل المشهورين، ذكره الشلي في تاريخه وقال: إنه كان إمام وقته علماً وعملاً
وحالاً ومقالاً وزهداً وتحقيقاً وورعاً، ولد بمدينة تريم سنة سبعين وتسعمائة، وحفظ القرآن وغيره في
فنون عديدة، وتربى في حجر والده وقرأ عليه عدة علوم وتخرج به في طريق القوم، وتفقه على
السيد محمد بن حسن والفقيه محمد بن إسماعيل والسيد عبد الرحمن بن شهاب، وأخذ التصوف عن
جماعة، وسمع الحديث من طائفة، ولزم العبادة، وأثنى عليه مشايخه وغيرهم بل انعقد الاجماع على
فضله وكماله، وأخذ عن عمه الشيخ عبد القادر بن شيخ وكتب إلى والده يقول له: يكفيك فخراً يا عبد
الله خروج مثل هذا الولد من صلبك! ولما سمع به جده شيخ بن عبد الله طلبه إليه وهو بأحمد آباد من
أرض الهند، فرحل إليه واجتمع به فيها، وذلك في سنة تسع وثمانين وتسعمائة، وأشار إلى ذلك جده
المذكور في بعض قصائده بقوله قدومك حافظ للشمل جامع فإن عدد حافظ كذلك، ولازم جده في جميع
دروسه وأحواله واقتدى به فبلغ ما لم يبلغه المشايخ الكبار، وقرأ عليه في كثير من العلوم عدة متون
وشروح، وألبسه الخرقة وصافحه وحكمه وأذن له في الالباس والتحكيم وجعله ولي عهده، ثم انتقل
جده شيخ المذكور سنة تسعين وتسعمائة فقام من بعده، وكان ينفق على جميع من يمونه جده من أهل
الهند وحضرموت، ولما سأل عنه والده عبد الله السيد الولي أحمد بن علي أجابه بقوله الذي أعتقد فيه
أنه أحسن من أبيه فسجد والده شكراً وقال: هذا الذي كنت أوده وأتمناه! وقال: كل أحد لا يريد أن
يكون أحد أحسن منه إلا ولده، وبعد انتقال والده أجرى ما كان يجريه والده من نفقة وكسوة وغيرها
فكان الوارث لأبيه وجده، ثم ارتحل من أحمد آباد إلى بندرسورت واستوطنه، واشتهر كمال الاشتهار
واعتقده أهالي تلك الدائرة، وكان سلطان الهند يعرف قدره ويرجحه على أهل زمانه، ويجري عليه
كل يوم ما يكفيه من النفقة العظيمة، وكان كثير العطايا كريماً، وكان مع كثرة دخله لا يفي دخله
بنفقته، وربما زاد عليه ضعفين أو أكثر، وكل ذلك دين يبقى عليه، وكان يستغرق أحياناً فربما دخل
عليه شخص ولم يشعر به، وكانت وفاته في سنة ثلاثين وألف ودفن ببندر سورت وبنى عليه بعض
التجار قبة عظيمة وبنى عندها مسجداً وبركة ماء، وأجرى لمن يقرأ عليه أجرة، وأوقف على ذلك
ضياعاً وأراضي ورباعاً، وقبره ظاهر كما في خلاصة الأثر.
الشيخ محمد بن عبد اللطيف الكجراتي
الشيخ العلامة محمد بن عبد اللطيف الجامي الكجراتي جمال الدين الشهير بمخدوم زاده، كان من
كبار العلماء، ذكره الشيخ عبد القادر الحضرمي في غير موضع من كتابه النور السافر وتأنق في
مدحه بعبارات بليغة، قال: إنه أنشد لي قصيدة قالها في قدوم الفقيه أحمد باجابر إلى الهند، وهي:
ما جال في خلدي ولا في خاطري أني أفوز بوصل ذاك الجابر
كلا ولا ظننت أني في الكرى أحظى بوصل من حبيب هاجر(5/619)
أترى يقيناً أن طيف خياله آو إلى طرفي القريح الساهر
إلى آخرها، وله قصيدة في مرثية الفقيه المذكور قال منها:
مات الشهاب وكل حي هالك لم يبق إلا الواحد القهار
فالله يرحمه ويجبر كسره فهو الرحيم المالك الغفار
محمد بن عبد الوهاب السورتي
الشيخ الفاضل محمد بن عبد الوهاب الحسيني البخاري السورتي، كان من نسل الشيخ يحيى بن
علي الترمذي، ولد ونشأ بكجرات، وقرأ العلم على أساتذة عصره، ثم أخذ الطريقة عن لطيف شاه أحد
أصحاب والده، وتولى الشياخة بمدينة سورت، مات في سنة إحدى وسبعين وألف، كما في الحديقة
الأحمدية.
محمد بن علي العاملي
السيد الشريف محمد بن علي الحسيني الشيعي العاملي الفاضل المشهور، ذكره الحر العاملي في أمل
الآمل وكان من معاصريه، قال: إنه عالم فاضل فقيه نحوي شاعر صالح، يتوطن بكشمير، كما في
نجوم السماء.
محمد بن علي الشخوري
الشيخ الفاضل محمد بن علي الشيعي الشخوري، أحد العلماء المشهورين، ذكره الحر العاملي في أمل
الآمل قال: إنه عالم فاضل صالح عابد، له تحفة الطالب في مناقب علي بن أبي طالب صنفه سنة
اثنتي عشرة وألف وهو بحيدر آباد.
محمد بن علي الحشري
الشيخ الفاضل محمد بن علي بن محمود بن يوسف بن محمد بن إبراهيم الشيعي الشامي العاملي
الشهير بالحشري، الأديب الشاعر البليغ الوحيد في مقاصده، البعيد الغاية في ميدانه، أخذ عنه السيد
علي معصوم بعض العلوم وذكره في سلافة العصر وتأنق في مدحه بعبارات مطنبة من غير طائل،
والحاصل أنه هاجر إلى الديار العجمية وأقام بها برهة من الدهر محمود السيرة والسريرة عاكفاً على
الدرس والإفادة حتى اشتهر ذكره وظهر فضله، فاستدعاه أعظم وزراء السلطان إلى حضرته، ثم
رغب نظام الدين أحمد والد السيد علي معصوم في انحيازه إليه، فاتصل به فانتظم في سلك ندمائه
حتى قصد الحج وأقام بمكة سنتين ثم عاد إلى الهند، فأمر والده بالاشتغال عليه، فقرأ عليه الفقه
والنحو والبيان والحساب، وتخرج عليه في النظم والنثر والفنون الأدبية، حتى حسده الدهر الحسود
وبدل الأيام البيض بالليالي السود، فقضى الله عليهم بفراقه، لأمور نذكرها إن شاء الله تعالى في غير
هذا الموضع، ومن شعره الرقيق الرائق قوله:
شرق على حكم النوى أو غرب ما أنت أول ناشب في مخلب
في كل يوم أنت نهب مخالب أو ذاهب في أثر برق خلب
متألق في الجو بين مشرق غض الفضاء به وبين مغرب
يبكي ويضحك والرياض بواسم ضحك المشيب على عذارى الأشيب
أزعمت أن الذل ضربة لازب فنشبت في مخلاب باز أشهب
لعبت بلبك كيف شاء لها الهوى مقل متى تجد النواظر تلعب
زعمت عثيمة أن قلبك قد صبا من لي بقلب مثل قلبك قلب
قد كنت آمل أن تموت صبابتي حتى نظرت إليك يا ابنة يعرب
فطربت ما لم تطربي ورغبت ما لم ترغبي ورهبت ما لم ترهب
ولقد دلفت إليهم في فتية ركبوا من الأخطار أصعب مركب(5/620)
جعلوا العيون على القلوب طليعة ورموا القفار بكل حرف ذعلب
ترمي الفجاج وقلبها متصوب في البيد إثر البارق المتصوب
هوجاء ما نفضت يداً من سبسب إلا وقد غمست يداً في سبسب
تسري وقلب البرق يخفق غيرة منها وعين الشمس لم تتنقب
تطفو وترسب في السراب كأنها فلك يشق عباب بحر زغرب
تفلي بنا في البيد ناصية الفلا حتى دفعت إلى عقيلة ربرب
وافتك تخلط نفسها بلداتها والحسن يظهرها ظهور الكوكب
كفريدة في غيهب أو شادن في ربرب أو فارس في موكب
تمشي فتعثر في فضول ردائها بحياء بكر لا بنشطة ثيب
وقوله من قصيدة:
باجتلاء المدام في الأقداح وبمرآة وجهك الوضاح
لا تذرني على مرارة عيشي أكل واش ولا فريسة لاح
صاح كلني إلى المدام ودعني والليالي تجول جول القداح
لا تخف جور حادثات الليالي نحن في ذمة الظبي والرماح
طوع أيدي الخطوب رهن المنايا نتخطى بها إلى صفاح
فلدتني من المشيب لجاماً كف رأسي شكيمة عن جماحي
صاح إن الزمان أقصر عمراً من بكاء بدمنة ونواح
رق عنا ملاحف الجو فاسمح برقيق من طبعك المرتاح
يا مليك الملاح إن زماناً أنت فيه زمان روح وراح
طاب وقت الزمان فاشرب عساه يا صباحي يطيب وقت الصباح
واسقنيها سقيت في فلق الفج ر على نغمة الطيور الفصاح
وقوله من قصيدة أخرى:
وقد جعلت نفسي تحن إلى الهوى حلا فيه عيش من بثينة أو مرا
وأرسلت قلبي نحو تيماء رائداً إلى الخفرات البيض والشدن العفرا
تعرف منها كل لمياء خاذل هي الريم لولا أن في طرفها فترا
من الظبيات الرود لو أن حسنها يكلمها أبدت على حسنها كبرا
وآخر إن عرفته الشوق راعني بصد كأني قد أتيت له وترا
أناشد فيه البدر والبدر غائر وأسأل عنه الريم وهو به مغرى
فما ركب البيداء لو لم يكن رشاً ولا صدع الديجور لو لم يكن بدرا
لحاظ كأن السحر فيها علامة تعلم هاروت الكهانة والسحرا
وقد هوى الغصن الرطيب كأنما كسته تلابيب الصبا ورقاً نضرا
رتقت على الواشين فيه مسامعاً طريق الردى منها إلى كبدي وعرا(5/621)
أعاذلتي واللؤم لؤم ألم ترى كأن بها عن كل لائمة وقرا
بفيك الثرى ما أنت والنصح إنما رأيت بعينك الخيانة والغدرا
وما للصبا يا ويح نفسي من الصبا تبيت تناجي طول ليلتها البدرا
تطارحه والقول حق وباطل أحاديث لا تبقى لمستودع سرا
وتلقى على النمام فضل ردائها فيعرف للأشواق في طيها نشرا
يعانقها خوف النوى ثم تنثني تمزق من غيظ على قدك الأزرا
ألما ترى بان النقا كيف هذه تميل بعطفيها حنواً إلى الأخرى
وكيف وشى غصن إلى غصن هوى وأبدى فنوناً من خيانته تترى
فمن غصن يدنى إلى غصن هو ومن رشأ يوحي إلى رشأ ذكر
هما عذلاني في الهوى غير أنني عذرت الصبا لو تقبلين لها عذرا
هبيها فدتك النفس راحت تسره إليه فقد أبدته وهي به سكرى
على أنها لو شايعت كثب النقا وشيح الخزامى إنما حملت عطرا
وقوله من أخرى
أتراك تهفو للبروق اللمع وتظن رامة كل دار بلقع
لولا تذكر من ذكرت برامة ما حن قلبي للوى والأجرع
ريم بأجوبة العراق تركته قلق الوساد قرير عين المضجع
في السر من سعد وسعد هامة رعناء لم تصدع ولم تتضعضع
قالت وقد طار المشيب بلبها أنشبت في حلق الغراب الأبقع
وتلفتت والسحر رائد طرفها نحو الديار بمقلة لم تخشع
ولكم بعثت إلى الديار بمقلة رجعت تعثر في ذيول الأدمع
عرفت رسوم النار بالمتربع فبكت ولولا الدار لم تتقشع
أملت لو يتلوم الحادي وما أملت إلا أن أقول وتسمعي
ومن غرره:
أرأيت ما صنعت يد التفريق أعلمت من قتلت بسعي النوق
رحل الخليط وما قضيت حقوقهم بمنى النفوس وما قضين حقوقي
علقوا بأذيال الرياح ووكلوا للبين كل معرج بفريق
وغدوت أصرف ناجذي على النوى وأغص من غيظ الوشاة بريقي
هجروا وما صنع الشباب بعارضي عجلان ما علق المشيب بزيقي
فكأنني والشيب أقرب غاية يوم الفراق كرعت من راووق
لا راق بعدهم الخيال لناظري إن حن قلبي بعدهم لرحيق
لعب الفراق بنا فشرد من يدي ريحانتي صديقتي وصديقي(5/622)
لله ليلتنا وقد علقت يدي منه بعطف كالقناة رشيق
عاطيته حلب العصير وصدنا عن وجه حاجتنا يد العويق
ما كان أسرع ما وحته وإنما دهش السقاة به عن الترويق
أيقظته والليل ينفض صبغه والسكر يخلط شائقاً بمشوق
والنوم يعبث بالجفون وكلما رق النسيم قست قلوب النوق
والبرق يعثر بالرحال وللصبا وقفات مصغ للحديث رفيق
باتت تحرش والقنا متبرم بين الغصون وقده الممشوق
فأجابني والسكر يعجم صوته والكأس تضحك للثنايا الروق
لولا الرقيب هرقت مضمضه الكرى وغصصت صافية الدنان بريقي
ثم انثنيت وزلفه بيد الصبا وشميمه في جيبي المفتوق
وله غير ذلك مما لا تنتهي بدائعه، وكانت وفاته في نيف وتسعين وألف، كما في خلاصة الأثر.
محمد بن علي بن خاتون العاملي
الأمير الفاضل محمد بن علي بن خاتون الشيعي العاملي العيناثي، كان من الأفاضل المشهورين في
عصره، ولد ونشأ في جبل عامل، وقرأ العلم على بهاء الدين بن الحسين العاملي وعلى غيره من
العلماء، ثم قدم الهند ودخل حيدر آباد فولي ديوان الانشاء بها، ثم بعثه محمد قطب شاه الحيدر آبادي
بالسفارة إلى عباس شاه ملك إيران سنة أربع وعشرين وألف، فسار إليه وأقام عنده أعواماً، ثم عاد
إلى حيدر آباد، فجعله عبد الله قطب شاه وكيلاً مطلقاً له في تاسع رمضان سنة ثمان وثلاثين وألف،
فصار المرجع والمقصد في كل باب من أبواب الدولة، وكان مع اشتغاله بمهمات الأمور يشتغل
بالدرس والافادة، فكان يدرس في علوم عديدة كل يوم بعد الفجر، ويوم الثلاثاء يجتمع لديه العلماء
والشعراء فيذاكرهم من أول النهار إلى آخره، كما في حديقة العالم.
قال الحر العاملي في أمل الآمل: إنه كان عالماً فاضلاً ماهراً محققاً أديباً عظيم الشأن جليل القدر
جامعاً لفنون العلم، ومن مصنفاته شرح الارشاد وترجمة كتاب الأربعين للشيخ بهاء الدين العاملي
تسمى بالقطب شاهيه وله حاشية بالفارسية على خمسة أبواب من الجامع العباسي، وكان من
معاصري الشيخ بهاء الدين المذكور، وقد كتب الشيخ تقريظاً على ترجمة الأربعين في سنة ثمان
وعشرين وألف يشتمل على مدحه، انتهى.
محمد قطب شاه الحيدر آبادي
الملك الفاضل محمد بن محمد أمين بن إبراهيم بن سلطان قلى الحيدر آبادي محمد قطب شاه، قام
بالملك بعد عمه محمد قلى قطب شاه سنة عشرين وألف، وافتتح أمره بالعقل والحكمة، وبنى الجامع
الكبير بمدينة حيدر آباد وسماه البيت العتيق وأنفق عليه عشرين ألف هون، ومات قبل أن يتم البناء،
وبنى حصوناً عالية وعمر بلاداً، وبذل الأموال على الناس، وساس الأمور أحسن سياسة، وكان
فاضلاً رحيماً كريماً شديد التعبد، كان يلازم الصلوات الخمس ويلازم التهجد، وتلاوة القرآن لا تفوته،
مات في الثالث عشر من جمادي الأولى سنة خمس وثلاثين وألف، كما في حديقة العالم.
الشيخ محمد بن علي الرانديري
الشيخ العالم الصالح نور الدين محمد بن علي الحميد الشافعي الأشعري العيدروسي الرانديري
السورتي، أحد المشايخ الصوفية، أخذ الطريقة عن السيد عمر بن عبد الله باشيبان، وسافر إلى
الحرمين الشريفين سنة ثلاثين وألف فحج وزار ورجع إلى الهند، وله مصنفات عديدة، منها اللمعان
بتكفير من قال بخلق القرآن وصوارم الصديق لقطع الزنديق(5/623)
ورحيق المحمدية في طريق الصوفية
وهو أحسن مصنفاته في مجلد كبير، مات قبل أن يلحق الخطبة به فنقل من مسودته الشيخ الحاج
صلاح الدين إبراهيم بن عبد الله رحمه الله وألحق به خطبة الكتاب في أوله، وفرغ من نقله من
مسودة المصنف لتسع عشرة من ذي الحجة سنة تسع وستين وألف، أوله الحمد لله الذي نور نور
حبيبه من عكس الصفات، إلخ ولله در المصنف ما أبلغ كلامه وأجمع مرامه في علم السلوك
والطريقة! شكر الله سعيه ووفقنا بالعمل لما فيه! ونسخة هذا الكتاب موجودة في خزانة السيد نور
الحسن بن صديق حسن القنوجي.
وكانت وفاته يوم السبت لتسع بقين من ذي الحجة سنة ثمان وستين وألف، وهكذا وجدت على ظهر
الكتاب من خط الشيخ محمد أبي بكر الحنفي الأحمد آبادي.
الشيخ محمد بن عمر الآصفي الكجراتي
الشيخ العالم المحدث محمد بن عمر الآصفي الألغخاني المكي الشيخ عبد الله ابن سراج الدين بن
كمال الدين النهروالي الكجراتي، أحد العلماء المبرزين في الحديث والعلوم الأدبية، له كتاب في
تاريخ كجرات بالعربي طبع منه قسط في مدينة لندن عاصمة الجزائر البريطانية وله فواتح الاقبال
وفوائح الانتقال كتاب في التاريخ بالعربي، صرح به في تاريخ كجرات، قال: إني صنفته لصاحب
تربيتي وواهب نعمتي شمس الدولة المجلس العالي أبي المعالي جمال الدنيا والدين محمد ألغخان
طيب الله ثراه وجزاه عنى بكرمه ورضاه!
وكان مولده ومنشأه بمكة المشرفة، سافر والده سراج الدين عمر إلى مكة المشرفة مع صاحبه الوزير
عبد العزيز بن محمد الكجراتي المشهور بآصف خان سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة وكان وكيله،
فولد بها محمد بن عمر، لعله سنة ست وأربعين وتسعمائة، قال في تاريخه في ترجمة آصف خان
المذكور: في ليلة المولد الشريف بمكة وكانت من ليالي عمره آخرها، أذكر والعمر مني زهاء خمس
عشرة سنة، إلخ واشتغل بمكة على علماء عصره، وإني أظن أنه قرأ على الشيخ عز الدين عبد
العزيز الزمزمي والشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي، لأنهما كانا من الموظفين من تلقاء
السلطان محمود الكجراتي ومن المدرسين في مدرسته بمكة، وبالجملة فإنه حصل وأقام بمكة مدة
طويلة، ولما رجع آصف خان إلى كجرات سنة 952 هـ وقتل بها سنة 961 هـ كان والده بمكة وهو
يلازمه، ثم قدم الهند ولا أدري في أي سنة كان قدومه بالهند، والمظنون أنه رجع سنة إحدى وثمانين،
قال في تاريخه: وفي سنة إحدى وثمانين اجتمعت بالمعلم حيات المهري في بندر العجم هرمز، إلخ
لعله اجتمع به عند رجوعه من مكة المشرفة، ثم إنه تقرب بكجرات إلى الأمير سيف الملوك مفتاح
ألغ خان الحبشي وخدمه مدة طويلة وكان له كاتباً، قال في تاريخه: وكنت في سنة إحدى وتسعين
وتسعمائة في خدمة الأمير الكبير سيف الملوك ألغ خاني وقد نزل بجاندور - إحدى القلاع بحد الدكن
- في مقابلة أمير الأمراء بكار بيك قطب الدين محمد خان الانكه، إلخ وكان معه بأحمد نكر عند
واقعة حسين نظام شاه، لعله سنة 997هـ، قال: فأمرت بالكتاب إليه أي إلى صلابت خان وختمته
بخاتمه وأرسلته بيد قاصد مسرع، إلخ وصنف لألغ خان المذكور فواتح الاقبال وفوائح الانتقال كتاباً
في التاريخ، ثم بعده خدم عبد الكريم ابن جنجهار خان الحبشي الملقب بفولاد خان المتوفي سنة
1014، قال في تاريخه: وكنت في سنة ثمان وألف بسكنير في خدمة عبد الكريم بن جنجهار خان
الملقب بفولاد خان من أمراء برهانبور وقال: كنت بهما أي بعبد الكريم وصنوه أمين خان في خفض
عيش وسعة وها أنا بعدهما بكبد حرى ومهجة وجعة، انتهى هذا ما ظفرت به من ترجمته ولا أدري
ما وقع عليه بعد ذلك وإلى أين كان مصيره، ومن قوله في كجرات:
كجرات من ألقى عصاه بها يجد عنها بهند ما يسوء بمعزل(5/624)
مرآة فردوس لذلك سلوة فيها لآدم كان أول منزل
روح وريحان وفاكهة كذا طير ويجري ماءها بتسلسل
أنى تلفت لو يكون بداره لثلاثة يذهبن حزماً يختلي
ولدانها كالحور عز منالهم أنى الثريا من يد المتناول
أنفوا التكحل غيرة منهم كما يحمون تغراً بارداً عن تنبل
كانوا فبانوا ثم حل بأرضهم من لا يرى رأي الفتى المتأهل
ففشا التكحل والتنبل فابتلى يا صاح من سكنى الغريب من ابتلي
الشيخ محمد بن فضل الله البرهانبوري
الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة محمد بن فضل الله بن صدر الدين الجونبوري ثم البرهانبوري،
كان من ذرية سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولد ونشأ بكجرات، وتوفي والده في صغر سنه
فلبس الخرقة من الشيخ صفي الكجراتي، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين واقام بها اثنتي عشرة سنة،
وصحب الشيخ علي بن حسام الدين المتقي المكي واستفاض منه فيوضاً كثيرة، ثم عاد إلى أحمد آباد
وتزوج بها، وأخذ العلم عن الشيخ وجيه الدين بن نصر الله العلوي ولازمه اثنتي عشرة سنة، ثم أخذ
الطريقة عن الشيخ محمد ماه البيربوري ثم عن الشيخ أبي محمد بن خضر التميمي، وكان التميمي
ممن أخذوا عن والده، ثم سكن بمدينة برهانبور وعكف على الدرس والافادة، وكان كثير التعبد والتأله
والمراقبة والخوف لله سبحانه، لم يزل مشغولاً بالعبادة، والافادة، كما في بحر زخار.
وقال محمد بن فضل الله المحبي في خلاصة الأثر إنه كان إماماً عالماً زاهداً عابداً ورعاً، اشتهر في
الهند الشهرة العظيمة، وبلغ في ذلك مبلغاً لم يبلغه أحد، وذلك أنه كان يحاسب نفسه كل يوم في آخر
نهاره، وكان من طريقته أن يكتب جميع ما وقع منه وتصرف فيه، وكان عظيم الخوف لله تعالى،
يتوقع الموت في كل وقت، وبالجملة فإنه كان من أسياد الصوفية وحجتهم وبطانة خالصة العلماء
بالقول والفعل سالكاً محجتهم، وكان من أكابر القائلين بالوحدة الوجودية، وألف فيها رسالة سماها
التحفة المرسلة إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان فراغه منها في سنة تسع وتسعين وتسعمائة،
وشرحها شرحاً لطيفاً، أتى فيه بالعجب العجاب، واعتذر فيه عما يقع من محققي الصوفية من الشطح
الموهم خلاف الصواب، اعتذاراً يقبله من أراد الله تعالى له الزلفى وحسن مآب، واسم ذلك الشرح
الحقيقة الموافقة للشريعة قال المحبي: وممن تولى شرحها أيضاً الأستاذ راس المحققين إبراهيم بن
حسن الكوراني نزيل المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم السلام، انتهى.
ومن مصنفاته الهدية المرسلة إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شرح الدعاء السيفي، ومنها الوسيلة
إلى شفاعة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لخص فيه الشفاء للعياض والشمائل للترمذي، مشتمل على
خمسة أبواب وخاتمة، ومنها شرح اللوائح للجامي، ومنها رسالة في كراهة إمامة الأمرد في الصلاة،
ومنها رسالة في المعراج.
وكانت وفاته يوم الإثنين ثاني رمضان سنة تسع وعشرين وألف، وقد وجد الشيخ هاشم تاريخاً
لوفاته من ابن فضل الله وقبره بمدينة برهانبور.
الشيخ محمد بن قطب الدهلوي
الشيخ العالم الصالح محمد بن قطب بن عبد العزيز الشيخ رفيع الدين الدهلوي، أحد رجال العلم
والمعرفة، أخذ عن والده ثم عن الشيخ نجم الحق جائين السهنوي، ثم لازم الشيخ الكبير عبد الباقي
النقشبندي الدهلوي وأخذ عنه الطريقة، وكان الشيخ يحبه حباً مفرطاً، ذكره الشيخ ولي الله بن عبد
الرحيم الدهلوي في أنفاس العارفين، وقال الشيخ كمال محمد السنبهلي في الأسرارية إنه مات يوم
عيد الأضحى ببلدة برهانبور فنقلوا جسده إلى دهلي ودفنوه بمقبرة أسلافه.(5/625)
الشيخ محمد بن محمود السورتي
الشيخ الصالح محمد بن محمود الدهداري البخاري ثم الهندي السورتي، كان من عباد الله الصالحين،
ولد بدهدار قرية من أعمال بخارى ونشأ بها، وقرأ العلم على أساتذة عصره، ثم سافر إلى البلاد
ودخل سورت، وأسلم على يده عظيم كامريج، وله مصنفات عديدة، منها حاشية على نفحات الأنس
للجامي، ومنها خلاصة الرحمن في تأويل خطبة البيان صنفه سنة ثلاث عشرة، مات في التاسع عشر
من محرم سنة ست عشرة وألف بمدينة سورت فدفن بها، كما في الحديقة الأحمدية.
الشيخ محمد بن محمد الكوكوي
الشيخ الفاضل محمد بن محمد بن إسحاق بن عبد الخالق المتوكل البحري الشيخ شمس الدين
المعروف بشاه منجن، كان من كبار الأولياء، ولد ونشأ بقرية دهناسري من أعمال مدراس، وسافر
للعلم إلى كوكي من أعمال بيجابور، وأخذ عن السيد عبد الستار القادري الجيكيري ولازمه مدة من
الزمان، ثم تولى الشياخة ببلدة كوكي، أخذ عنه الشيخ محمود البحري والشيخ فضل الله وخلق
آخرون، مات سنة تسع وثمانين وألف.
الشيخ محمد بن من الله الكاكوروي
الشيخ العالم المجود محمد بن من الله بن نعم الله الصديقي كمال الدين السعدي الكاكوروي، أحد
العلماء المبرزين في القراءة والتجويد والتصوف، ولد ونشأ بقرية كاكوري من أعمال لكهنؤ، وانتفع
بوالده وأخذ عنه وجلس بعده على مسند الإرشاد، له شرح بسيط على الشاطبية بالفارسي زهاء
سبعين جزءاً، أوله أحمد الله الذي أنزل الكتاب المبين على حبيبه النبي الأمين، إلخ قال الشيخ تراب
علي بن محمد كاظم الكاكوروي في أصول المقصود: إن السلطان محمد أكبر شاه لقيه بكاكوري
وسأله الدعاء حين إيابه من كجرات وذهابه إلى كوركهبور، ثم أعطاه الأرض الخراجية، وكان
مشهوراً بالسعدي نسبة إلى شيخ والده سعد الدين الخير آبادي، انتهى.
توفي سنة اثنتين وألف، كما في المنتخب للبدايوني.
الشيخ محمد بن نظام الأميتهوي
الشيخ الصالح محمد بن نظام الدين العثماني الأميتهوي، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح،
ولد ونشأ ببلدة أميتهي على ثمانية أميال من لكهنؤ، وصحب والده وأخذ عنه وتولى الشياخة بعده،
وتزوج بابنة الشيخ عبد الغني الفتحبوري، فولدت له سرى سقطي وتاج الدين، ثم تزوج بزيدبور
فولد عبد الرسول، ثم تزوج ببلدة رائي بربلي فولد له عيسى، ثم تزوج بلاهربور فولد إسحاق وداود.
وكان رحمه الله صاحب استقامة وكرامة، لم يخرج من بيته قط منذ ولد إلى أن توفي إلا إلى المسجد
للصلاة، وكان لا يتردد إلى أرباب الدنيا وأبنائها ولا يحضر بمجالسهم بطريق العادة، ولا يخطر بباله
سوى الله تعالى بالكلية.
توفي لأربع بقين من ذي القعدة سنة إحدى عشرة وألف ببلدة أميتهي فدفن عند أبيه، كما في كنج
أرشدي.
الشيخ محمد بن موسى المكي
الشيخ العالم الصالح محمد بن موسى الحاج القاري المكي اللاهوري، أحد عباد الله الصالحين، بعث
إليه الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي مكتوباً في بيان درجات الولاية ومدح الطريقة النقشبندية
وعلو نسبتهم بالعربية.
القاضي محمد بن هبة الله المشهدي
الشيخ الفاضل القاضي محمد بن هبة الله الرضوي المشهدي، أحد رجال العلم والطريقة، كان قاضياً
بقرية جولي مهيسر على ثلاثة أميال من مندو، مات سنة عشرين وألف، كما في كلزار أبرار.
مولانا محمد بن يوسف السندي
الشيخ الفاضل محمد بن يوسف التتوي السندي، أحد العلماء المبرزين في العلوم الحكمية والفنون(5/626)
العربية، له مشاركة جيدة في الفقه والأصول ومهارة تامة في الجفر والتكسير والأعداد، أخذ عنه
آصف جاه أبو الحسن بن غياث الدين الطهراني، وكان يكرمه غاية الإكرام ويحسن إليه، ووقف
الخدمات الشرعية من القضاء والافتاء والاحتساب على إخوته وأقاربه بأرض السند، وأنعم عليه
بالأملاك من الحدائق والمنازل والعمالات الأرغونية والترخانية، فحصلت له الوجاهة العظيمة عند
الأمراء، ثم لما استولى مهابت خان على سلطان الهند وتكدرت صحبته بآصف جاه قتل ثلاثة رجال
من خاصته بظنه أنهم يحرضون آصف جاه على الفتنة، وكان محمد بن يوسف هذا وفق بحفظ
القرآن في كبر سنه، فكان يقرأه كل وقت من الأوقات ويحرك شفتيه به، فظنوا أنه يقرأ الأدعية
والرقى على مهابت خان المذكور فقتلوه، وكان ذلك سنة خمس وثلاثين وألف، كما في مآثر الأمراء.
القاضي محمد آصف الإله آبادي
الشيخ الفاضل العلامة محمد آصف الصدر بوري ثم الإله آبادي، أحد العلماء المبرزين في العلوم
الحكمية، ولد ونشأ بصدر بور قرية من أعمال خير آباد، وقرأ العلم على المفتي عبد السلام الأعظمي
الديوي وعلى غيره من العلماء، ثم ولي القضاء بمدينة إله آباد، قرأ عليه الشيخ محمد أفضل بن عبد
الرحمن العباسي الإله آبادي شرح المطالع وجزءاً من شرح حكمة العين وتفسير البيضاوي وله
رسالة في الرد على رسالة الدواني في مبحث الوجود، وله تعليقات على تفسير البيضاوي.
الشيخ محمد آفاق اللكهنوي
الشيخ الصالح محمد آفاق اللكهنوي الفقيه الصوفي العالم، ولد ونشأ بناحية بهار، وسافر للعلم فقدم
كوبامؤ وقرأ الكتب الدرسية على المفتي وجيه الدين الكوباموي، ثم دخل لكهنؤ وأخذ عن الشيخ بير
محمد اللكهنوي ولازمه ملازمة طويلة، ولما مات شيخه بير محمد قام مقامه في الدرس والإفادة.
قال الناروي في تذكرة العلماء: إنه أدرك الشيخ مجتبي بن مصطفى القلندر اللاهربوري وأخذ عنه
أيضاً، وعرب بأمره مصباح الطالبين للشيخ عبد الرسول الكجندوي، انتهى.
توفي لثمان بقين من ربيع الآخر سنة تسع وثمانين وألف، كما في بحر زخار.
القاضي محمد أسلم الهروي
الشيخ الفاضل العلامة محمد أسلم الحنفي الهروي، أحد العلماء المبرزين في المنطق والحكمة، ولد
ونشأ بمدينة هرات وقرأ العلم على مولانا محمد فاضل البدخشي ثم اللاهوري وعلى الشيخ بهلول
اللاهوري، ثم دخل آكره في أيام السلطان جهانكير بن أكبر شاه التيموري، فولي القضاء بكابل
فاستقل به مدة، ثم ولي قضاء المعسكر في أيام السلطان المذكور، ولما قام بالملك شاهجهان بن
جهانكير جعله إماماً له في صلواته الخمس والجمع والأعياد ومنحه منصب ألف، ووزنه غير مرة
بالفضة فأعطاه ما وزنه من النقود كل مرة، كما في بادشاه نامه.
قال الخوافي في مآثر الأمراء: إن شاهجهان وزنه مرة فساوى ستة آلاف وخمسمائة من النقود
الفضية فأعطاها إياه، انتهى.
قال خافي خان في منتخب اللباب: إن فرساً ركضه في سنة ستين وألف فلازم الفراش ثلاثة أشهر
ثم برئ، وفي ذلك الزمان عزم فراست خان ناظر الحرم السلطاني للحج والزيارة فسلم إليه السلطان
مائة ألف وخمسين ألفاً من النقود لأمير مكة المباركة ولغيره من السادة والأشراف، وأمر أن يسافر
القاضي محمد أسلم معه، فلم يجبه القاضي واعتذر بأعذار باردة، فاستكره السلطان عذره وعزله عن
المنصب، ثم وظف عشرة آلاف ربية في كل سنة ونصب مكانه القاضي خوشحال وجعله أكبر قضاة
الهند، انتهى.
قال السيد غلام علي البلكرامي في سبحة المرجان: إنه توفي بلاهور فدفن بها، وفي مآثر الأمراء
أنه مات ببلدة كابل وكان ذلك سنة إحدى وستين وألف.(5/627)
السيد محمد أشرف المشهدي
الشيخ الفاضل محمد أشرف بن عبد السلام الحسيني المشهدي، أحد الرجال المعروفين بالفضل
والكمال، كان حارساً لمدينة برهانبور حين كان والده والياً على أقطاع الدكن، ولما توفي أبوه تقرب
إلى شاهجهان بن جهانكير سلطان الهند وتدرج إلى الإمارة حتى صار مير بخشياً في عهد عالمكير،
وكان رجلاً فاضلاً حليماً كريماً متورعاً سليم الذهن حسن الأخلاق متين الديانة، له يد بيضاء في
النسخ والتعليق والرقاع وأكثر الخطوط، وله منتخبات المثنوي المعنوي مات في تاسع ذي القعدة سنة
سبع وتسعين وألف في عهد عالمكير، كما في مآثر الأمراء.
السيد محمد أشرف النهتوري
الشيخ الصالح محمد أشرف بن محمد سعيد بن محمد معروف بن داود بن خير الدين الجونبوري ثم
النهتوري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية، كان من نسل موسى المبرقع بن محمد
النقي الجواد الرضوي، ولد ونشأ ببلدة نهتور وتزوج بها، ثم سار إلى أمروهه وسكن بها في أيام
شاهجهان وتزوج بابنة الشيخ تاج الدين السنبهلي، كما في نخبة التواريخ.
مولانا محمد أفضل الجونبوري
الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة محمد أفضل بن محمد حمزة بن محمد سلطان ابن فريد الدين بن
بهاء الدين العثماني الجونبوري المشهور بأستاذ الملك، كان من نسل الشيخ عثمان الهاروني، قدم
والده من دماوند من بلاد مازندران وسكن بردولي من أعمال أوده، وولد بها محمد أفضل في السادس
عشر من رمضان سنة سبع وسبعين وتسعمائة، واشتغل بالعلم على أبيه وقرأ بعض الكتب الدرسية،
ثم سار إلى دهلي وأخذ عن الشيخ حسين العمري تلميذ الشيخ طاهر اللاهوري والحكيم إسماعيل
وعن الشيخ أبي حنيفة تلميذ الشيخ عبد الله بن شمس الدين السلطانبوري والحكيم علي الكيلاني، وجد
في البحث والاشتغال حتى برع في العلم وأفتى ودرس وله نحو العشرين وصار من أكابر العلماء
فدخل جونبور وسكن بها وأخذ الطريقة عن الشيخ عبد القدوس القلندر الجونبوري ودرس وأفاد، أخذ
عنه الشيخ محمود بن محمد العمري الجونبوري صاحب الشمس البازغة والشيخ عبد الرشيد صاحب
الرشيدية وخلق كثير من العلماء.
قال السيد غلام علي البلكرامي في سبحة المرجان: إنه كان حصوراً تقياً حسن الخلق سليم المزاج
مقيماً لدولة العلم والتدريس بجونبور، مات صاحبه محمود فتأسف بموته تأسفاً شديداً وما تبسم أربعين
يوماً قط ثم لحق به، انتهى.
توفي في التاسع عشر من ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وألف وله أربع وثمانون سنة وسبعة
أشهر، وقبره بجاجك بور من بلدة جونبور، كما في كنج أرشدي.
مولانا محمد أفضل الكشميري
الشيخ العالم الكبير محمد أفضل بن الحيدر بن فيروز الحنفي الكشميري، أحد الأفاضل المشهورين
في عصره، ولد ونشأ بكشمير، واشتغل بالعلم على والده وقرأ عليه الكتب الدرسية، ثم درس وأفاد
وصرف عمره في نشر العلوم والمعارف، أخذ عنه الشيخ عبد الرشيد الكشميري وخلق كثير من
العلماء كما في روضة الأبرار.
مولانا محمد أفضل الباني بتي
الشيخ الفاضل محمد أفضل البني بتي، أحد العلماء المبرزين في الإنشاء والشعر والعلوم الحكمية،
كان يدرس ويفيد ويصرف أوقاته آناء الليل والنهار في التدريس واشتغل به مدة العمر، وكان بين
ذلك إذ رأى فتاة من بنات الوثنين بديعة الحسن والجمال فافتتن بها وترك البحث والاشتغال وجاور
بيتها، فلما رأى أهل بيت الجارية هيمانه في العشق أرسلوها إلى متهرا سراً، فازداد قلقه واضطرابه
وخرج من بلدته متجسساً لها حتى وصل إلى متهرا وأدركها يوماً خرجت مع أترابها للتفرج، فلما
رأته عشيقته في تلك الحال عيرته وقالت: لا ينبغي لشيخ هرم أن يعشق جارية كاعباً، فتأثر، من
قولها وخطرت في قلبه مكيدة، فحلق لحيته(5/628)
ولبس الزنار وتزيا بزي البراهمة، ثم ذهب إلى كنيسة
عظيمة بها، واشتغل على حبر من أحبار الهنادك وأخذ عنه العلوم الهندية ولازمه زماناً حتى بلغ
الكمال في علومهم ومعرفة دينهم، فأوصى له ذلك الحبر، فلما توفي اتفق الهنادك عليه وأجلسوه
مكانه، فاشتهر أمره وصار مرجعاً ومقصداً للهنادك كافة، وكانت عادتهم أن يخرجوا من البلدة كل
سنة ويحتفلوا ويأتوا إلى تلك الكنيسة للتبرك والزيارة، فلما جاء ذلك اليوم المعهود واحتفلوا حفلة
عظيمة واجتمع إليه الناس من رجل وامرأة على جري العادة وكانت فيهم عشيقته، فلما جاءت ودنت
منه لتقبل قدمه عرفته أنه هو الرجل الذي خرج من بلدته لها، فبهتت وسكتت هنيهة ثم تأثرت بحالته
وأخذتها الموجدة فبكت بكاء شديداً وألقت أمرها بيده، فعرض عليها الإسلام فأسلمت وخرجت معه من
بلدة متهرا فجاء بها إلى باني بت وعاش مدة من الدهر معها في رفاهة ونعيم، ومن أبياته الرائقة
قوله:
با زلف تو تو دهاي عنبر جكنم با خال تو مشكهاي اذفر جكنم
تو كافر وزلف كافر ودل كافر من نيم مسلمان بسه كافر جكنم
توفي سنة خمس وثلاثين وألف، كما في رياض الشعراء.
القاضي محمد أفضل اللاهوري
الشيخ العالم القاضي محمد أفضل الحنفي الصوفي اللاهوري، أحد العلماء المبرزين في الفقه
والأصول والعربية، أخذ الطريقة عن الشيخ أبي تراب بن تجيب الدين الشيرازي اللاهوري، وأخذ
عنه خلق كثير، توفي سنة اثنتين وتسعين وألف بمدينة لاهور فدفن بها، كما في خزينة الأصفياء.
مولانا محمد أمين اللاهوري
الشيخ الفاضل محمد أمين بن مولانا خواجه الحسيني الهروي ثم اللاهوري، أحد رجال العلم
والطريقة، ولد ونشأ بمدينة هرات، وسافر إلى قندهار فلازم الشيخ زين الدين الخوافي وأخذ عنه، ثم
قدم الهند في أيام أكبر شاه وسكن بملكبور قرية من أعمال لاهور، وناهز عمره ستاً وثمانين سنة، كما
في أخبار الأصفياء.
مير محمد أمين الشهرستاني
الأمير الكبير محمد أمين الحسيني الشهرستاني، أحد الرجال المعروفين بالفضل والكمال، ولد ونشأ
بايران، وقدم الهند سنة ثلاث عشرة وألف، فدخل حيدر آباد وتقرب إلى محمد قلى قطب شاه وولي
الوزارة الجليلة فأقام بها زماناً، ولما مات محمد قلى قطب شاه وتولى المملكة ابن أخيه محمد قطب
شاه خرج من حيدر آباد ودخل بيجابور، ثم خرج منها إلى إيران ولبث بها زماناً، ثم دخل الهند سنة
سبع وعشرين وألف وتقرب إلى جهانكير بن أكبر شاه سلطان الهند، فولي على العرض المكرر ثم
صار قهرمانه، ولما مات جهانكير وتولى المملكة ولده شاهجهان تقرب إليه، وترقى درجة بعد درجة
حتى نال مير بخشيكري وصار منصبه مع الأصل والاضافة خمسية آلاف له وألفين للخبل، مات
سنة سبع وأربعين وألف، كما في مآثر الأمراء.
محمد باقر البيجابوري
الشيخ الفاضل محمد باقر بن عبد الستار البيجابوري، أحد رجال العلم والطريقة، أخذ عن أبيه عن
عمه السيد أشرف عن أبيه أبي الحسن عن أبيه السيد سلطان عن أبيه السيد علي عن جلال الدين
عن ظهير الدين عن أبي القاسم عن أبي الحسن عن موسى عن محمد عن أحمد عن عبد الرزاق عن
أبيه عبد القادر الجيلاني إمام الطريقة، مات سنة ثلاث وسبعين وألف بقرية كوكي من أعمال
بيجابور، كما في مهر جهانتاب.
الشيخ محمد لقاء السهارنبوري
الشيخ الفاضل محمد لقاء بن غلام محمد بن عبد الباقي الأنصاري السهارنبوري، أحد الأفاضل
المشهورين، ولد ونشأ بمدينة سهارنبور، وأخذ عن غير واحد من العلماء منهم المفتي نور الحق بن
عبد الحق(5/629)
المحدث الدهلوي، قرأ عليه مشكاة المصابيح وأسند عنه، ثم تقرب إلى غضنفر خان ثم إلى
أخيه أرسلان خان ثم إلى افتخار خان وأخذ عنه بعض الفنون الغريبة، ثم انقطع إلى بختاور خان
العالمكيري وصنف له الكتب وصنف بأمره كتابه مرآة جهان نما في مجلدين ومات قبل إتمامه فبيضه
من مسوداته ابن أخته محمد شفيع.
وكان شاعراً مجيد الشعر، له معرفة بالهيئة والحساب والجفر الجامع، وله أبيات رقيقة رائقة
بالفارسية منها قوله:
نميدهم بنكه رخصت نظاره دوست درين زمانه بجشم خود اعتباري نيست
مرزا محمد تقي الأوحدي
الشيخ الفاضل مرزا محمد تقي بن معين الدين محمد الحسيني الدقاقي البلياني من نسل الشيخ أبي
علي الدقاق، كان من العلماء المبرزين في العلوم الأدبية، ولد ونشأ بأصفهان، وسافر إلى كاشان فسكن
بها مدة من الدهر، ثم قدم الهند وسكن بمدينة آكره في أيام جهانكر بن أكبر شاه سلطان الهند، له
سرمة سليماني كتاب في اللغة الفارسية، وله غرفات العارفين وعرصات العاشقين كتاب في تذكرة
الشعراء لم يؤلف مثله قبله ولا بعده، صنفه بآكره في سنتين وفرغ من تصنيفه في سنة أربع
وعشرين وألف، وكان يتلقب في الشعر بالأوحد، ومن شعره قوله:
بنكاي فروختم خود را جكنم بيشتر نمى ارزم
مات في سنة إحدى وثلاثين وألف، كما في مرآة جهان نما.
السيد محمد تقي الرهتكي
الشيخ العالم الكبير محمد تقي الحسيني الرهتكي، أحد الأفاضل المشهورين، قرأ العلم على الشيخ
محمد أفضل بن حمزة العثماني الجونبوري، ولازمه مدة من الزمان حتى برع وصار من أكابر
العلماء، وتصدر للدرس والإفادة بقرية بندكي بكسر الموحدة قرية جامعة من أعمال فتحبور، له
مدرسة عظيمة بها، ذكره الشيخ محمد يحيى بن محمد أمين العباسي الإله آبادي في رسائله وقال: إنه
كان عالماً كبيراً بارعاً في العلوم ذا سخاء وإيثار يقرئ الطلبة ويضيف أبناء السبيل، قال إن الشيخ
محمد أفضل الإله آبادي كلما كان يذهب إلى كالبي ويمر على بندكي يزوره ويقيم في مدرسته،
وكانت بينهما محبة صادقة ومودة واثقة، انتهى.
الشيخ محمد جان القدسي
الشيخ الحاج محمد جان المشهدي الشاعر المشهور المتلقب في الشعر بالقدسي، قدم الهند سنة اثنتين
وأربعين وألف، وتقرب إلى شاهجهان بن جهانكير الدهلوي سلطان الهند ونال الصلات الجزيلة منه،
له بادشاه نامه منظومة في أخبار السلطان المذكور، وله ديوان الشعر بالفارسي، ومن شعره قوله:
اينجاغم محبت آنجا جزائي عصيان آسايش دوكيتي برما حرام كردند
توفي سنة ست وخمسين وألف بمدينة لاهور، كما في سرو آزاد.
القاضي محمد حسين الجونبوري
الشيخ العالم الفقيه القاضي محمد حسين الجونبوري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول، ولي
القضاء بمدينة جونبور في أيام شاهجهان بن جهانكير الدهلوي سلطان الهند، ونقله عالمكير بن
شاهجهان إلى مدينة إله آباد في أوائل عهده، ثم ولاه الاحتساب وأضاف إلى منصبه وهو ممن بذل
جهده في تدوين الفتاوي الهندية مات في الثالث عشر من جلوس عالمكير على سرير الملك نحو سنة
ست وسبعين وألف.
السيد محمد حسين الله جاني
الشيخ الفاضل محمد حسين الحسيني الله جاني، أحد العلماء المبرزين في الطب والشعر والخط، قدم
الهند وتقرب إلى برويز بن جهانكير ونال الصلات منه، له أبيات رائقة بالفارسية، منها قوله:(5/630)
ملاحت تو كواه است شور بختي من كه بينمك نسرشتند خاك آدم را
مات سنة ثمان وعشرين وألف بمدينة إله آباد فدفن بها، كما في سرو آزاد.
مولانا محمد حسين الكشميري
الشيخ الفاضل محمد حسين الكشميري الخطاط المشهور، له يد بيضاء في التعليق، كان يكتبه في
غاية الجودة والحلاوة، اتفق الناس على أنه كان معدوم النظير في الهند في جودة الخط، استقدمه أكبر
شاه من كشمير وجعله معلماً لأبنائه، توفي سنة عشرين وألف، كما في مرآة العالم.
الشيخ محمد حافظ الدهلوي
الشيخ العالم الصالح محمد حافظ الخيالي الدهلوي، كان من كبار العلماء، أخذ عن الشيخ عبد الباقي
النقشبندي الدهلوي وصحبه مدة وصار بارعاً في العلم والمعرفة، وكان له يد بيضاء في الشعر
الفارسي، له:
عمر عزيز ما همه در تيركي كذشت در شب نوشته اند مكر سر نوشت ما
وتاريخ وفاته آه آه محمد فاضل خيالي بيمثل.
الشيخ محمد حسين النيشابوري
الشيخ الفاضل محمد حسين النظيري النيشابوري الشاعر البليغ الوحيد في مقاصده البعيد الغاية في
ميدانه، ولد ونشأ بمدينة نيشابور، وقدم الهند لعله سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة فدخل آكره، وتقرب
إلى مرزا عبد الرحيم خان ونال الصلات منه، ثم سار معه إلى أحمد آباد ولازمه زماناً، ثم سافر إلى
الحرمين الشريفين سنة اثنتين بعد الألف فحج وزار ورجع إلى الهند، وتحسس في نفسه شيئاً فقرأ
النحو والعربية على محمد بن الحسن المندوي، وأخذ الحديث والتفسير عن الشيخ حسين الكجراتي،
وسكن بمدينة أحمد آباد واعتزل عن الناس ورفض الدنيا وأسبابها.
له ديوان شعر يحتوي على المعاني الرقيقة والمباني الرشيقة، لم يبلغ مداها أحد من الشعراء المفلقين
من أهل إيران، وهو مقبول متداول في أيدي الناس.
ومن بدائعه قوله:
تو بخويشتن جه كردي كه بماكني نظيري بخدا كه واجب آمد ز تو احتراز كردن
وقوله:
رسوا منم وكرنه تو صد بار در دلم رفتي وآمدي وكسى را خبر نشد
وقوله:
بر صوفي بي وجد وبال است عبادت بر شيشه كه خالي است زمي سجده حرام است
وقوله:
كمر در خدمتت عمريست مي بندم جه شد قدرم برهمن ميشدم كر اين قدر زنار مي بستم
وقوله:
مرا بساده دليهاي من توان بخشند خطا نموده ام وجشم آفرين دارم
توفي سنة ثلاث وعشرين وألف بمدينة أحمد آباد فدفن في فناء المسجد الذي بناه عند بيته.
مولانا محمد حسين الكشميري
الشيخ الفاضل محمد حسين الكشميري، أحد العلماء المشهورين، ولي الإفتاء بمدينة بتنه بفتح الباء
الهندية وهي التي سموها بعد ذلك بعظيم آباد فاشتغل بها بالفتيا والتدريس مدة من الزمان، قرأ عليه
مرزا محمد صادق الأصفهاني وذكره في صبح صادق قال: له يد بيضاء في المعارف الدينية، مات
سنة خمس وثلاثين وألف.
المفتي محمد خليل الجونبوري
الشيخ العالم الفقيه المفتي محمد خليل بن شمس(5/631)
الدين الصديقي البرونوي الجونبوري، أحد العلماء
العاملين، قرأ على والده وتفنن في الفضائل عليه وأخذ الطريقة عن الشيخ محمد رشيد بن مصطفى
العثماني الجونبوري، ثم ولي الإفتاء مكان أخيه محمد صادق بن شمس الدين واستقام عليه مدة حياته،
وكان كثير الدرس والإفادة، أخذ عنه خلق كثير، توفي يوم الخميس لليلة بقيت من ذي الحجة الحرام
سنة تسع وسبعين وألف بجونبور، فدفن بمقبرة أخيه المفتي محمد صادق، كما في كنج أرشدي.
الشيخ محمد رشيد العثماني الجونبوري
الشيخ العالم الكبير العلامة محمد رشيد بن محمد مصطفى بن عبد الحميد العثماني الجونبوري، أحد
العلماء المبرزين في الفقه والأصول والتصوف، كان من ذرية الشيخ الكبير سرى بن مفلس السقطي
العثماني، يصل نسبه إليه بثماني عشرة واسطة، وكان مولده في برونه بفتح الموحدة والراء المهملة
قرية من أعمال جونبور، ولد بها في عاشر ذي القعدة سنة ألف، وأمه كانت بنت الشيخ نور الدين بن
عبد القادر الصديقي البرونوي، نشأ في خؤولته وقرأ القرآن وتعلم الخط والكتابة، وقرأ التصريف
واللب والإرشاد والكافية على الشيخ كبير نور، وجزءاً من اللب والإرشاد وبعضاً من العباب على
مخدوم عالم السدهوري، وبعضاً من الكافية وجزءاً من شرحها للجامي وجزءاً من الإرشاد على الشيخ
قاسم، وشطراً من الإرشاد والكافية وشرحها للجامي على الشيخ مبارك مرتضى، ودرساً أو درسين
من الكافية على الشيخ نور محمد المداري، وشرح الجامي على الكافية من أوله إلى مبحث المفعول
فيه على محيي الدين بن عبد الشكور، وبعضاً من شرح التهذيب لليزدي على عبد الغفور بن عبد
الشكور، وجزءاً من شرح الجامي وأجزاء من حاشية ملا زاده على الشيخ حبيب إسحاق، والحسامي
إلى مبحث الأمر على الشيخ جمال الكوروي، وبست باب إلى آخر دوائر العظام على مولانا محمد
اللاهوري، وجزءاً من شرح هداية الحكمة على السيد عبد العزيز التبتي، وجزءاً من شرح الشمسية
للرازي على السيد عبد الله شقيق عبد العزيز المذكور، وشرح الكافية للجامي من مبحث المبني
وحاشية الكافية مع شرح الشيخ إله داد الجونبوري إلى مرفوعاته وقصيدة البردة وشطراً من الآداب
الحنفية وبقية الحسامي والمختصر مع حاشيته وشرح الوقاية والهداية والتوضيح مع حاشيته التلويح
على خاله المفتي شمس الدين البرونوي، وقرأ شرح الشمسية للقطب الرازي مع حاشيته وشرح
العقائد والمطول مع حاشيته للسيد الشريف وشرح المواقف والمقدمات الأربع من التلويح والعضدية
وتفسير البيضاوي وشرح الجغميني ومشكاة المصابيح والموجز كلها على أستاذ الملك محمد أفضل
بن محمد حمزة العثماني الجونبوري، وأسند الحديث من المصابيح والمشكاة وصحيح البخاري على
المفتي نور الحق ابن عبد الحق البخاري الدهلوي، هذا ما صرح به الشيخ محمد رشيد صاحب
الترجمة في بعض رسائله وقد تركنا بعض التفصيل مخافة الإطناب.
وأما الطريقة فإنه لبس الخرقة من والده في صباه ولم يمكنه أن يشتغل عليه بالأذكار والأشغال،
واشتغل بالعلم بمدينة جونبور حتى دخل بها الشيخ طيب بن معين البنارسي فلقيه، ثم اجتمع به مرة
ثانية في مندواديه قرية من أعمال بنارس فصحبه بضعة أيام وأراد أن يترك البحث والاشتغال ويأخذ
الطريقة عنه، فلم يرض به الشيخ ورخصه إلى جونبور وعزم عليه أن يجتهد في البحث والاشتغال،
فرجع وقرأ العلم على من بها من الأساتذة، ثم تردد إلى مندواديه وصحب الشيخ طيب المذكور وأخذ
الطريقة الجشتية والقادرية والسهروردية عنه، ولازمه مدة حتى بلغ رتبة المشيخة، فاستخلفه الشيخ
وكتب له وثيقة الخلافة سنة أربعين وألف، ثم حصلت له الإجازة في الطريقة القادرية عن السيد
شمس الدين محمد بن إبراهيم الحسني الحسيني القبائي القادري الموسوي الكالبوي وعن الشيخ موسى
بن حامد بن عبد الرزاق الحسني الحسيني القادري الأجي، وفي الطريقة الجشتية والسهروردية عن
السيد أحمد الحليم الحسيني المانكبوري، وفي الطريقة القلندرية والمدارية والفردوسية عن الشيخ عبد
القدوس ابن عبد السلام الجونبوري ومن مشايخ آخرين.
وكان اشتغل بالدرس والإفادة مدة طويلة، ثم تركه واكتفى بمطالعة كتب الحقائق لا سيما مصنفات
الشيخ(5/632)
محي الدين بن عربي، وكان يحمل عبارات الشيخ التي هي محل الطعن على محامل حسنة،
وكان يحترز عن الاختلاط بالأمراء والأغنياء، ولما بلغ صيت كماله إلى شاهجهان بن جهانكير
الدهلوي سلطان الهند رغب في لقائه وأرسل إليه كتاباً في طلبه، فأبى أن يخرج من زاويته، واستمر
على ذلك حتى لقي الله تعالى في حالة عجيبة حيث فرغ عن سنة الفجر وشرع في الفرض فأجاب
داعي الحق وقت التحريمة.
ومن مختاراته أنه كان يقرأ الفاتحة خلف الإمام في الصلوات السرية، وكان يضطجع ما بين سنة
الفجر وفرضه على مذهب الشيخ الأكبر، وكان أوصى أبناءه قبل موته أن لا يناط العمامة على رأسه
عند التكفين، ولا يذبح الأنعام ولا يطبخ اللحم في طعام يطبخ لإيصال الثواب له، ولا يعزى له أكثر
من ثلاثة أيام، ويصنع قبره من الطين فلا يجصص.
ومن مصنفاته الرشيدية في فن المناظرة وهي أشهر مصنفاته، تلقاها العلماء بالقبول تعليقاً وتدريساً
وله شرح هداية الحكمة وشرح على أسرار المخلوقات للشيخ الأكبر، وله خلاصة النحو بالعربية،
وزاد السالكين ومقصود الطالبين كلاهما بالفارسية، وله ديوان شعر، وله غير ذلك من المصنفات،
وقد جمع ملفوظاته الشيخ نصرت جمال الملتاني في كنج رشيدي وجمعها مودود بن محمد حسين
الجونبوري أيضاً.
مات يوم الجمعة في تاسع رمضان سنة ثلاث وثمانين وألف، كما في كنج أرشدي.
خواجه محمد رضا الأصفهاني
الشيخ الفاضل محمد رضا بن عبد الله الأصفهاني الشاعر المشهور المتلقب بالشكيبي، كان من ذرية
الشيخ عبد الله بن أمين الدين حسن الامامي، ولد سنة أربع وستين وتسعمائة، وقرأ بعض الكتب
الدرسية على أساتذة شيراز وبعضها على أهل أصفهان، ثم قدم الهند وتقرب إلى عبد الرحيم بن بيرم
خان وصاحبه مدة من الزمان، ثم سافر إلى الحجاز فحج وزار، ورجع إلى الهند بعد ثلاث سنوات،
فولي الصدارة بدهلي فاستقل بها مدة حياته، وكان شاعراً مجيد الشعر، من أبياته الرائقة قوله:
درد است متاعم نه طرب نرخ جه برسي دانم كه تونستاني ومن هم نفروشم
مات سنة ثلاث وعشرين وألف، كما في نتائج الأفكار.
مولانا محمد رضا اللكهنوي
الشيخ الفاضل محمد رضا بن عبد القادر العمري اللكهنوي، أحد العلماء المشهورين، ولد ونشأ
بلكهنؤ، وقرأ العلم على صنوه محمد وارث بن عبد القادر وعلى الشيخ بير محمد اللكهنوي، ثم اختار
الترك والتجريد واشتغل بالرياضة والمجاهدة بلكهنؤ مدة طويلة، ثم سافر إلى بغداد ثم إلى الحرمين
الشريفين فحج وزار، وذهب إلى البصرة فازدحم عليه الناس فخرج منها ورجع إلى المدينة المنورة
وأقام بها مدة من الزمان، ثم ذهب إلى مصر وتوفي بها لثمان بقين من رمضان سنة سبع وألف، كما
في بحر زخار ولعل صاحب البحر أخطأ في مدة السنة أو صحف الكاتب فترك لفظ مائة من سبع
وألف، ويحتمل أن يكون سبعين مكان سبع والله أعلم.
القاضي محمد زاهد الكابلي
الشيخ الفاضل العلامة القاضي محمد زاهد الحنفي الكابلي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية وغيرها، ولي القضاء بمدينة كابل في عهد السلطان جهانكير بن أكبر شاه الدهلوي واستقل
به إلى أيام ابنه شاهجهان بن جهانكير، وكان عالماً كبيراً بارعاً في الفقه والأصول صالحاً تقياً
متورعاً ملازماً على خدمة العلم مع الطريقة الظاهرة والصلاح، توفي في السنة الثالثة الجلوسية التي
تطابق سنة تسع وثلاثين وألف، كما في شاهجهان نامه.
الشيخ محمد زمان الكاكوروي
الشيخ العالم الكبير محمد زمان بن محمد رضا بن محمد أشرف بن عبد القادر ابن شهاب الدين بن
نظام الدين بهيكه العلوي الكاكوروي، أحد كبار العلماء، ولد ونشأ بكاكوري، واشتغل بالعلم من صباه
وسافر إلى البلاد وقرأ على القاضي عبد القادر العمري(5/633)
اللكهنوي، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ بير
محمد اللكهنوي، ثم تصدى للدرس والإفادة، أخذ عنه الشيخ عبد الغفور الأشرفي البهاكلبوري والشيخ
علي أصغر القنوجي والشيخ محمد غوث الكاكوروي وخلق آخرون.
القاضي محمد سعيد الكرهرودي
الشيخ الفاضل العلامة محمد سعيد الكرهرودي، أحد فحول العلماء، لم يكن له نظير في العلوم
الحكمية، أخذ عن السيد محمد باقر بن شمس الدين الحسيني الإسترآبادي المشهور بباقر داماد ولازمه
زماناً، ثم قدم الهند فولاه شاهجهان بن جهانكير الدهلوي سلطان الهند نظارة داغ وتصحيحه فأقام بها
مدة، ثم ولاه نظارة العرض المكرر، ثم جعله صاحب ديوان البيوتات، وكذلك تدرج القاضي في
المناصب أيضاً حتى بلغ إلى ألف.
وكان رجلاً حازماً شجاعاً مدبراً متقناً صدوقاً بارعاً في العلوم الحكمية لا سيما الحساب والهيئة
والهندسة وغيرها، توفي سنة أربع وأربعين وألف، كما في بادشاه نامه.
الشيخ محمد سعيد الهندي
الشيخ الحاج محمد سعيد الحنفي الهندي الفاضل العلامة، ذكره بختاور خان في مرآة العالم، قال: إنه
كان عالماً فاضلاً مدققاً متورعاً ماهراً بالمعارف الإلهية، وكان لا يتقيد بلبس المتفقهة من عمامة
وطيلسان، وكان لغاية تورعه لا يأكل الطعام في بيت والده مع أن ماله كان من وجه الخدمات
السلطانية، ولما مات والده وحصل له المال على وجه الإرث والاستحقاق سافر في تلك الساعة إلى
الحرمين الشريفين فحج وزار، ويرجع إلى الهند وتصدر للدرس والإفادة، وكان شاهجهان بن
جهانكير الدهلوي سلطان الهند يعتقد فيه الفضل والكمال، وبعث إليه العلامة عبد الحكيم السيالكوتي
ليأتي به فلم يقبل ولم يحضر قط، وله حاشية على أجزاء من تفسير بيضاوي انتهى.
الشيخ محمد سعيد الكجراتي
الشيخ الفاضل الكبير محمد سعيد الكجراتي، أحد المشايخ المشهورين في عصره، كان صاحب وجد
وسماع، له جمرة الشوق لأصحاب الذوق في التصوف، مات بكجرات سنة ثمان عشرة وألف، كما
في محبوب الألباب.
الأمير محمد سعيد الأردستاني
الأمير الكبير محمد سعيد الحسيني الأردستاني مير جمله، معظم خان، خانخانان، سبه سالار، كان
من الرجال المعروفين بالحزم والسياسة، قدم الهند ودخل حيدر آباد في أيام عبد الله قطب شاه وترقى
درجة بعد درجة حتى نال الوزارة الجليلة بها، وفتح القلاع والبلاد بأرض كرنانك وملأ الخزائن
بالذهب والفضة والجواهر الثمينة، فلما قويت شوكته توهم منه عبد الله قطب شاه فخرج من حيدر
آباد وسار إلى عالمكير ثم إلى والده شاهجهان سلطان الهند، فأعطاه السلطان ستة آلاف له وستة
آلاف للخيل منصباً رفيعاً ولقبه معظم خان وولاه الوزارة الجليلة، وعرض مير جمله على السلطان
ألماساً كان وزنه ست عشرة ومائتي حبة وهي التي يسمونها كوه نور وهو اليوم في إكليل ملك الدولة
الإنكليزية، وولاه عالمكير على بنكاله ولقبه بخانخانان، سبه سالار، فضبط البلاد وفتح الفتوحات
العظيمة بآسام ومات بها.
وكان رجلاً فاضلاً شجاعاً مقداماً حازماً ماهراً بالفنون الحربية عارفاً بالحيل والتدبير، توفي في ثاني
رمضان سنة ثلاث وسبعين وألف بخضربور من أعمال بنكاله، كما في مآثر الأمراء.
محمد سعيد القرشي الملتاني
الشيخ الفاضل محمد سعيد القرشي الملتاني، أحد الرجال المعروفين بالشعر والإنشاء وتأويل الرؤيا
والفراسة وغيرها، ولد ونشأ ببلدة ملتان وتفنن في الفضائل الكثيرة، ثم تقرب إلى مراد بن شاهجهان
وصاحبه مدة من الدهر، ثم انحاز عنه وتقرب إلى عالمكير بن شاهجهان، وله أبيات رقيقة رائقة.
ومن شعره قوله ارتجالاً في تهنئة عيد الفطر لمراد المذكور:(5/634)
روز عيد است لب خشك مي آلود كنيد جاره كار خود أي تشنه لبان زود كنيد
حرف بي صرفه واعظ نتوان كرد بكوش كرش بر زمزمه جنك وني وعود كنيد
شيوه صدق جو سرمايه هر سود بود هست اميد كزين شيوه بسي سود كنيد
مات في الرابع عشر من شعبان سنة أربع وثمانين وألف بمدينة ملتان، كما في مرآة الخيال.
مرزا محمد شريف الإيراني
الأمير الفاضل محمد شريف بن دوست محمد الإيراني المشهور بمعتمد خان، كان من الرجال
المعروفين بالتاريخ والسير والأنساب، قدم الهند وتقرب إلى جهانكير بن أكبر شاه وصار من ندمائه
حتى أنه كان يدخله في المنزل معه، له إقبال نامه جهانكيري كتاب في أيام جهانكير صنفه في ثمان
كراريس بالفارسي، وكان منصبه في آخر أيامه أربعة آلاف له وألفين للخيل، مات في سنة تسع
وأربعين وألف، كما في مآثر الأمراء.
المفتي محمد شريف الإله آبادي
الشيخ العالم الفقيه المفتي محمد شريف الحسيني الإله آبادي، أحد العلماء المبرزين في الفقه
والأصول والعربية، ذكره الشيخ محمد يحيى العباسي في وفيات الأعلام قال: إنه جمع العلم والعمل
والصلاح والعفاف وحسن الخلق والصلابة في الدين، كان لا يخاف في الله أحداً ولو كان ملكاً جائراً،
وكان مفتياً بمدينة إله آباد، مات في صفر سنة خمس وثلاثين وألف بتلك المدينة فدفن بها في بيته.
القاضي محمد شريف الكجراتي
الشيخ الفاضل الكبير محمد شريف بن محمد فريد الصديقي الحنفي الكجراتي، أحد العلماء المبرزين
في الفقه والأصول، كان يدرس ويفيد بكجرات، أخذ عنه الشيخ أحمد بن سليمان الكجراتي وقرأ أكثر
الكتب الدرسية عليه، كما في مرآة أحمدي.
مير محمد شريف الترمذي
الشيخ الفاضل محمد شريف الترمذي، كان ابن أخت عبد الله الخطاط المشهور، لقبه جهانكير بكاتب
سلطاني وكان يكتب النستعليق في غاية الجودة، وتربى في مهد خاله عبد الله المذكور، وقام مقامه بعد
رحلته، وكان يسترزق بعمل يده، توفي سنة أربع وخمسين وألف، كما في مرآة العالم.
الأمير محمد شفيع اليزدي
الأمير الكبير محمد شفيع اليزدي نواب دانشمند خان، كان من الأفاضل المشهورين في إقليم الهند،
قدمها من طريق البحر ودخل سورت سنة ستين وألف في أيام شاهجهان بن جهانكير الدهلوي سلطان
الهند، فأمر السلطان له بخمسة آلاف ربية للزاد والراحلة واستقدمه إلى حضرته، فلما وصل إليه أمر
أن يجزل عليه نذور يوم الأحد إلى سنة كاملة، كما في منتخب اللباب.
وقال محمد صالح في كتابه عمل صالح: إن اليزدي قرأ العلم في بلاده ثم ورد الهند للتجارة
مضاربة، فربح في تجارته وأراد أن يعود إلى بلاده، فلما وصل إلى سورت إستعاده شاهجهان
وأعطاه المنصب ألفاً لذاته ومائة للخيل، ولم يزل في ازدياد من الترقي حتى صار منصبه خمسة
آلاف لذاته، انتهى.
وفي مرآة جهان نما أن شاهجهان ولاه على بخشيكري وأضاف إلى منصبه حيناً بعد حين حتى
صار ثلاثة آلاف له، واعتزل في بيته في آخر أيامه بدهلي، فلما تولى المملكة عالمكير أضاف في
منصبه وولاه على مير بخشيكري حتى صار منصبه في آخر أيامه خمسة آلاف، وكان عالمكير قرأ
عليه إحياء العلوم من أوله إلى آخره وبعض الكتب الأخر.
وفي مآثر الأمراء: وكان عالماً كبيراً غواصاً في بحار التحقيق، جمع أهل العلم من الهنود والإفرنج
فكان يأخذ عنهم ويذاكرهم في العلوم والفنون حتى أصبح منزله حلقة علم يؤمها سراة البلاد
ووجهاؤها يتسابقون إلى حديثه، وكان واسع الاطلاع في العلوم لا سيما الفلسفة والتاريخ والتمدن،
وكان يعرف اللغات المتنوعة، وكان كثير(5/635)
المطالعة لم يفته كتاب إلا طالعه، انتهى.
وفي مآثر عالمكيري أنه قلد بمير بخشيكري سنة ثمان وسبعين وألف فاستقل بها مدة حياته، انتهى،
وكان من ندمائه الدكتور برني ار الرحالة الفرنسوي، ذكره في كتابه وأثنى عليه.
مات في عاشر ربيع الأول سنة إحدى وثمانين وألف في أيام عالمكير، كما في مآثر الأمراء.
مولانا محمد صادق الجونبوري
الشيخ الفاضل محمد صادق بن أبي البقاء بن محمد درويش الحسيني الواسطي الجونبوري، أحد
الأفاضل المشهورين، ولد ونشأ بجونبور، وقرأ العلم على والده، ثم تقرب إلى عالمكير فجعله معلماً
لولده محمد معظم فاشتغل بتعليمه مدة، ثم لما جلس على سرير الملك محمد معظم أقطعه أرضاً في
جهانكير نكر ذهاكه، فرحل إلى ذلك المقام ومات به، له شرح الزنجاني وشرح مائة عامل كما في
تجلي نور قلت: وله الآداب الصادقية في فن المناظرة موجود في المكتبة الحامدية برامبور، وله
حاشية على العضدية في المناظرة.
المفتي محمد صادق الجونبوري
الشيخ العالم الفقيه المفتي محمد صادق بن شمس الدين الصديقي الحنفي البرونوي الجونبوري، أحد
كبار العلماء، قرأ بعض الكتب الدرسية على والده وأكثرها على العلامة محمود بن محمد العمري
الجونبوري، وجد في البحث والاشتغال حتى برع في العلم وتأهل للفتوى والتدريس فولي الإفتاء
مكان أبيه المرحوم.
وكان ورعاً تقياً قنوعاً عفيفاً ديناً شديد التعبد كثير الدرس والإفادة، لا يراه أحد إلا في المدرسة أو
في المسجد، عرض عليه تلميذ والده ركن الدين البحري آبادي شالاً كشميرياً هدية جاء إلى بلدته بعد
مدة من الزمان وكان من ندماء شائسته خان، فلم يقبل هديته وقال ع:
من دلق را بأطلس شاهان نمى خرم
وحيث كان تقواه في غاية كان لا يأتم في الصلاة بشيخه محمود لتوغله في الفلسفة ومختاراته فيها.
وحكى أن نواب الله وردي خان أمير بلدته أمره مرة أن يثبت خاتمه على سجل مشتمل على أمر
غير مشروع فلم يقبله، فاستصحبه الله وردي خان في سفينة فلما بلغ إلى وسط النهر أكرهه على ذلك
فدفع إليه خاتمه مكرها، فأراد الأمير أن يثبته على السجل المذكور وجد في إثباته ولكنه لم يؤثر فيه،
فخجل الأمير واعترف بورعه وتقواه.
توفي إلى رحمة الله سبحانه في رابع ذي الحجة سنة ثمان وستين وألف، وقبره مشهور في جونبور،
كما في كنج أرشدي.
الشيخ محمد صادق الكنكوهي
الشيخ الصالح الفقيه محمد صادق بن فتح الله الحنفي الكنكوهي، أحد كبار المشايخ الجشتية، ولد
ونشأ بكنكوه، وأخذ الطريقة عن عمه الشيخ أبي سعيد الحنفي الكنكوهي، وجلس بعده على مسند
الإرشاد، أخذ عنه ولداه داؤد ومحمد والشيخ إبراهيم المراد آبادي والشيخ عبد الجليل الإله آبادي
وخلق آخرون، وكان صاحب كشوف وكرامات، مات سنة ثمان وخمسين وألف بكنكوه فدفن بها، كما
في خزينة الأصفياء.
مولانا محمد صادق الكشميري
الشيخ الفاضل محمد صادق بن كمال الدين الحنفي الكشميري، أحد الأفاضل المشهورين في عصره،
ذكره الجهلي في حدائق الحنفية قال: إنه كان عالماً فصيحاً مستحضراً لفروع المذهب مع الخبرة
التامة في المنطق والحكمة والطب، ظهر تقدمه في تلك الفنون، ولذلك استقدمه جهانكير بن أكبر شاه
سلطان الهند وأدناه إلى مجلسه المحفوف بأرباب الكمال، واصطفاه للمناظرة بملا حبيب الله الشيعي
فباحثه وأفحمه، مات بكشمير وقبره بها في حارة جماله، انتهى.
مولانا محمد صادق الدهلوي
الشيخ الفاضل الخواجه محمد صادق الحنفي(5/636)
الدهلوي، أحد العلماء الصالحين، أخذ الطريقة عن
الشيخ عبد الباقي النقشبندي الدهلوي ولازمه مدة، وكان من كبار العلماء له كلمات الصادقين كتاب
في أخبار المشايخ المدفونين بمدينة دهلي، صنفه في أيام جهانكير بن محمد أكبر سلطان الهند، وله
حكايات الراشدين وكتاب في أسماء الرجال.
مات في شهر رمضان سنة اثنتين وخمسين وألف، كما في الأسرارية.
مولانا محمد صديق الكشمي
الشيخ الفاضل محمد صديق بن ظهير الدين حسن الكشمي البدخشي، أحد العلماء المبرزين في
قرض الشعر، دخل الهند وتقرب إلى عبد الرحيم بن بيرم خان ولازمه مدة، ثم صحب الشيخ عبد
الباقي النقشبندي الدهلوي وأخذ عنه، وسافر من دهلي سنة ثماني عشرة وألف إلى برهانبور ولبث
عند عبد الرحيم المذكور زماناً، ثم رجع وأقام بمندو أياماً قليلة، ثم سافر إلى سرهند ولازم الشيخ
أحمد ابن عبد الأحمد السرهندي، واشتغل عليه بالأذكار والأشغال مدة حتى بلغ رتبة المشيخة
واستخلفه الشيخ، فسافر مع عياله سنة اثنتين وثلاثين وألف إلى الحجاز فحج وزار، ورجع إلى الهند
وأقام بها زماناً ثم سار إلى ما وراء النهر، له مزدوجة على نهج المثنوي المعنوي ومزدوجة أخرى
على نهج شيرين خسرو وله ديوان الشعر الفارسي، ذكره محمد هاشم الكشمي في زبدة المقامات وقال
كمال محمد السنبهلي في الأسرارية: إنه مات سنة إحدى وخمسين وألف بدهلي فدفن في مقبرة الشيخ
عبد الباقي رحمه الله.
مولانا محمد صديق الدهلوي
الشيخ العالم الصالح محمد صديق بن محمد صادق الحنفي الدهلوي، أحد كبار العلماء، ولد ونشأ
بدهلي، وقرأ العلم على الشيخ عبد الله بن عبد الباقي النقشبندي الدهلوي وأخذ عنه الطريقة ولازمه
مدة، وصحب الشيخ أحمد بن عبد الأحد العمري السرهندي إمام الطريقة المجددية وأخذ عنه، ورجع
إلى دهلي واعتزل في الجامع الفيروزي، وكان يدرس ويفيد به آناء الليل والنهار، مات سنة إحدى
وسبعين وألف فدفن بمقبرة الشيخ عبد الباقي رحمه الله، كما في الأسرارية.
الشيخ محمد صالح الترمذي
الشيخ الفاضل محمد صالح بن عبد الله الحسيني الترمذي المتلقب في الشعر بالكشفي، كان من
العلماء المبرزين في العلوم الأدبية، أخذ عن والده عبد الله المتوفي سنة 1035، وبرع في الخط
والشعر والإنشاء، كان يكتب التعليق في غاية الجودة والحلاوة، له مناقب مرتضوي مات سنة أربعين
وألف، كما في مرآة العالم.
الشيخ محمد صالح الأكبر آبادي
الشيخ العالم الصالح محمد صالح القادري الأكبر آبادي المشهور بشيخ الشيوخ، كان غاية في التقوى
والديانة والتوكل والانقطاع إلى الزهد والعبادة، انتفع به خلق كثير من العلماء والمشايخ، توفي يوم
الجمعة الثالث عشر من ذي القعدة سنة سبع وستين وألف بأكبر آباد، كما في مخبر الواصلين.
الشيخ محمد صالح السندي
الشيخ الصالح الفقيه محمد صالح بن إبراهيم السندي ثم اللاهوري، أحد المشايخ المعروفين بالعلم
والمعرفة، قرأ بعض الكتب الدرسية على المفتي رزق الله وأكثرها على غيره من العلماء، ثم لازم
الشيخ عبد الله بن عبد الباقي الدهلوي وأخذ عنه الطريقة، وسكن بلاهور، وكان مرزوق القبول حسن
الأخلاق، ذكره كمال محمد السنبهلي في الأسرارية.
الشيخ محمد صديق اللاهوري
الشيخ الفاضل محمد صديق الصابر اللاهوري، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، له شأن
كبير في العلم والمعرفة، أخذ عن الشيخ محمد عارف اللاهوري، وكان يدرس ويفيد آناء الليل
والنهار، أخذ عنه خلق كثير، مات في ثامن ذي الحجة سنة أربع وثمانين وألف، كما في خزينة
الأصفياء.(5/637)
مرزا محمد طاهر الكشميري
الأمير الفاضل محمد طاهر بن أحسن الله بن أبي الحسن التربتي الكشميري، أحد الأمراء المعروفين
بالفضل والكمال، ولد ونشأ في نعمة أبيه، وتأدب على أساتذة عصره، وأخذ الشعر عن محمد علي
الصائب التبريزي، ثم ولي النظارة في الحضرة السلطانية ومنح ألفاً وخمسمائة منصباً، وفي آخر أيام
السلطان شاهجهان ولي نظارة الكتب الشاهانية فاستقل بها مدة، ثم اعتزل عن الناس ولزم الإنزواء
بمدينة كشمير في حديقة بناها والده، فرتب له عالمكير بن شاهجهان أربعة وعشرين ألفاً من النقود
في كل سنة، له كتاب مبسوط في أخبار شاهجهان، كتب فيه أخبار ثلاثين سنة من أيامه، لخصه من
بادشاه نامه لعبد الحميد اللاهوري وشاهجهان نامه لمحمد أمين القزويني، له مزدوجة مشهورة وديوان
الشعر الفارسي، ومن أبياته قوله:
از حوادث كوهر مردانكي كم تر نشد تيغ كر در آب وآتش رفت بي جوهر نشد
توفي سنة إحدى وثمانين وألف، كما في سرو آزاد.
الشيخ محمد طاهر اللاهوري
الشيخ الفاضل محمد طاهر الحنفي اللاهوري، أحد الأفاضل المشهورين، ولد ونشأ بلاهور، وحفظ
القرآن وقرأ العلم على من بها من العلماء، ثم بايع الشيخ إسكندر بن عماد الكيتهلي، ثم صحب الشيخ
عبد الأحد بن زين العابدين السرهندي، ثم لازم ابنه الشيخ أحمد بن عبد الأحد إمام الطريقة المجددية
وأخذ عنه الطريقة ثم سكن بلاهور، كان يدرس ويفيد، قرأ عليه الشيخ محمد صادق والشيخ محمد
سعيد والشيخ محمد معصوم أبناء الشيخ أحمد المذكور وخلق كثير من العلماء، وكان شيخاً قانعاً عفيفاً
متوكلاً يلازم بيته ولا يتردد إلى الأغنياء، وكان يستنسخ الكتب الدرسية في الفقه والحديث والتفسير
ويصححها ويحشيها ثم يبيعها، توفي لعشر ليال بقين من محرم سنة أربعين وألف بلاهور، كما في
حضرات القدس.
مولانا محمد طاهر الكشميري
الشيخ الفاضل محمد طاهر بن الحيدر بن فيروز الحنفي الكشميري، أحد العلماء العاملين وعباد الله
الصالحين، ولد ونشأ بكشمير، وقرأ الكتب الدرسية على والده وتفنن عليه بالفضائل، ثم تصدر
للتدريس، أخذ عنه جمع كثير.
المفتي محمد طاهر الكشميري
الشيخ العالم الفقيه محمد طاهر الحنفي الكشميري، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، كان مفتياً بكشمير.
الشيخ محمد طاهر الكشميري
الشيخ الفاضل محمد طاهر الكشميري المشهور بالغنى، كان من الشعراء المفلقين، اعترف بفضله
محمد علي الصائب التبريزي، وله ديوان شعر مقبول متداول، ومن أبياته قوله:
حسن سبزي بخط سبز مراكرد أسير دام همرنك زمين بود كرفتار شدم
توفي سنة تسع وسبعين وألف بكشمير، كما في مرآة الخيال.
مير محمد طاهر الترشيزي
الفاضل الكبير محمد طاهر الترشيزي ثم البيجابوري المشهور بظهوري، كان من الشعراء
المشهورين، قدم الهند سنة ثمان وثمانين وتسعمائة، وتقرب إلى إبراهيم عادل شاه البيجابوري ونال
منه صلات جزيلة، له مصنفات، منها كلزار إبراهيم وخوان خليل وساقي نامه وديوان شعر، ومن
شعره قوله:
در شكر وشكايت كه باشيم ما راكه زحال خود خبر نيست
توفي سنة خمس وعشرين وألف، كما في نتائج الأفكار.(5/638)
الشيخ محمد عاشق الهندي
الشيخ العالم الفقيه محمد عاشق بن عمر الحنفي الهندي المشهود له بالفضل والكمال، أخذ الحديث
عن الشيخ عبد الله بن شمس الدين السلطانبوري وله شرح لطيف على شمائل الترمذي، مات سنة
اثنتين وثلاثين وألف، كما في حدائق الحنفية.
الشيخ محمد علي الكشميري
الشيخ الصالح محمد علي بن محمد نازل الحسيني القادري الكشميري، أحد الرجال المعروفين
بالفضل والصلاح، كان أصغر أنجال والده، ولد ونشأ بكشمير، وتفقه على أبيه وأخذ عنه الطريقة
القادرية، ثم ذهب إلى سرهند وأخذ الطريقة النقشبندية عن الشيخ محمد معصوم السرهندي، ورجع
إلى كشمير وتصدر بها للإرشاد والهداية، أخذ عنه جمع كثير من المشايخ، مات سنة اثنتين وسبعين
وألف بكشمير، كما في خزينة الأصفياء.
مولانا محمد علي الكشميري
الشيخ الفاضل محمد علي الكشميري، أحد العلماء المبرزين في العلوم الأدبية، سافر إلى بلاد الدكن
ودخل أحمد نكر فتقرب إلى سعادت خان أحد مماليك نظام شاه ولبث عنده زماناً، ثم تقرب إلى
برهان شاه ثم إلى عبد الرحيم بن بيرم خان التركماني، فوظف له عبد الرحيم وأقطعه أرضاً وأمره
أن ينقل الكتاب حافش للعلامة ضياء الدين التركماني من العربية إلى الفارسية، فنقله سنة خمس
وعشرين وألف، فاستحسنه وقربه إليه قرباً لا مزيد عليه، مات في الخامس عشر من ربيع الثاني
سنة خمس وعشرين وألف بملكابور، كما في مآثر رحيمي.
مرزا محمد علي السيالكوتي
الشيخ الفاضل محمد علي السيالكوتي الشاعر المشهور المتلقب بالماهر، كان هندي النجار، تقرب
إلى دارا شكوه ثم إلى دانشمند خان، ثم اعتزل عن الناس ولزم الانزواء بأكبر آباد، له ديوان شعر
ومزدوجات عديدة، منها قوله:
جشمم جكونه ديدن رويت هوس كند نظاره بر جراغ تو كار نفس كند
توفي سنة تسع وثمانين وألف، كما في سروآزاد.
مولانا محمد فاضل البدخشي
الشيخ العالم الكبير العلامة محمد فاضل الحنفي البدخشي ثم اللاهوري، كان من نسل عين القضاة
الهمداني، ولد ونشأ بروستاق من أعمال بدخشان، وقرأ بها ما أمكنه في بلاده، ثم دخل كابل واشتغل
على مولانا محمد صادق الحلواني زماناً، ثم سار إلى توران وأخذ عن الفاضل مرزا جان الشيرازي
ثم عن صاحبه ملا يوسف كوسج وقرأ عليه أكثر الكتب الدرسية، ثم قدم الهند وأخذ الأصول
والتفسير عن الشيخ جمال الدين التلوي اللاهوري، ثم ولي عدالة المعسكر في أيام السلطان جهانكير
بن أكبر شاه، واستقل بها إلى السنة الثامنة الجلوسية من أيام شاهجهان بن جهانكير، ثم استعفى عن
الخدمة وقنع على وظيفته وإقطاعه من الأرض، لعله سنة أربع وأربعين وألف، كما في بادشاه نامه.
وكان رحمه الله يدرس ويفيد، أخذ عنه خلق كثير من العلماء، توفي سنة خمسين وألف بمدينة لاهور
فدفن بها، كما في مرآة العالم.
مولانا محمد فريد الكجراتي
الشيخ الفاضل محمد فريد بن محمد شريف بن محمد فريد الصديقي الكجراتي، أحد العلماء المبرزين
في العلوم العربية، قرأ على والده، وله حاشية على حاشية الخطائي على المطول علقها سنة ستين
وألف في حياة والده، أوله عليك الاعتماد والاتكال وإليك العود والارتحال، إلخ كما في محبوب
الألباب.
مولانا محمد قاسم الكاشاني
الشيخ الفاضل محمد قاسم بن حاجي محمد الكاشاني المتلقب بسروري، كان من العلماء البارعين في
الفنون الأدبية، قدم الهند في آخر عمره، وله فرهنك سروري كتاب في اللغة، صنفه سنة ثمان(5/639)
وألف،
كما في محبوب الألباب.
خواجه محم قاسم السورتي
الشيخ الصالح محمد قاسم بن جمال الدين الحسيني النقوي السورتي، أحد الرجال المعروفين بالفضل
والصلاح، نشأ في مهد أبيه وأخذ عنه، له مناقب الأخيار كتاب في أخبار والده وكان شاعراً مجيد
الشعر، مات سنة تسع عشرة وألف بمدينة سورت فدفن بها، كما في الحديقة الأحمدية.
الحكيم محمد قاسم البيجابوري
الشيخ الفاضل محمد قاسم بن غلام علي الشيعي الإسترآبادي ثم البيجابوري المشهور بهندو شاه،
كان من كبار العلماء، ولد ونشأ في الهند، وأخذ الصناعة عن الشيخ محمد المصري الحكيم
وجتربهوج الهندي ولازمهما زماناً، وأخذ عن الحكيم أحمد بن نصر الله التتوي السندي أيضاً ولكني
لا أعلم ما أخذ عنه، ثم تقرب إلى مرتضى نظام شاه بمدينة أحمد نكر وخدمه زماناً، ثم سار إلى
بيجابور وتقرب إلى إبراهيم عادل شاه سنة ثمان وتسعين وتسعمائة، وصنف له كتاباً مفيداً في
التاريخ المسمى بكلزار إبراهيمي وهو الذي مشهور على أفواه الرجال بتاريخ فرشته وهو كتاب
حافل مشتمل على أخبار الدول الاسلامية في الهند، فرغ من تصنيفه سنة خمس عشرة وألف، ورتبه
على مقدمة وخاتمة واثنتي عشرة مقالة، المقدمة في كيفية ظهور الاسلام في الهند، والمقالة الأولى في
ملوك لاهور، والثانية في ملوك دهلي، والثالثة في ملوك الدكن، والرابعة في ملوك كجرات،
والخامسة في ملوك مالوه، والسادسة في ملوك خانديس، والسابعة في ملوك بنكاله، والثامنة في ملوك
الملتان، والتاسعة في ملوك السند، والعاشرة في ملوك كشمير، والحادية عشرة في مليبار، والثانية
عشرة في ذكر مشاهير الهند من المشايخ الكبار، والخاتمة في أخبار الهند مجملاً، وله مختصر
بساتين الأنس لاختيار الدين الدهلوي أحد الأمراء في عهد تغلق شاه، وله اختيارات قاسمي كتاب مفيد
في الطب الهندي، رتبه على مقدمة وثلاث مقالات وخاتمة، أما المقدمة ففيها ذكر أركان البدن
والأخلاط وغيرها، والمقالة الأولى في ذكر الأدوية والأغذية، والثانية في المركبات المشهورة،
والثالثة في علاج الأمراض من الرأس إلى القدم، والخاتمة في أنواع الأطعمة وقسمة الربع المسكون.
مولانا محمد قلي الدهلوي
الشيخ العالم الصالح محمد قلي بن رستم النقشبندي الدهلوي، أحد المشايخ الصوفية، ولد ونشأ
بدهلي، وأخذ العلم والطريقة عن الشيخ عبد الله بن عبد الباقي النقشبندي الدهلوي ولازمه ملازمة
طويلة، له سراج المشكاة كتاب جمع فيه الفوائد والنوادر من أشعة اللمعات للشيخ عبد الحق بن سيف
الدين الدهلوي المحدث، مات سنة ثلاث وسبعين وألف، كما في الأسرارية.
مرزا محمد قلي التركماني
الفاضل الكبير محمد قلي سليم التركماني، أحد الشعراء المجيدين، قدم الهند في أيام شاهجهان بن
جهانكير الدهلوي وتقرب إلى نواب عبد السلام المشهدي ونال الصلات الجزيلة منه، وله ديوان
شعر، منه قوله:
نيست در ايران اين سامان تحصيل كمال تا نيامد سوى هندوستان حنا رنكين نشد
توفي سنة سبع وخمسين وألف بكشمير فدفن بها، كما في سروآزاد.
مولانا محمد ماه الديوكامي
الشيخ العالم الكبير العلامة محمد ماه الحنفي الديوكامي، أحد العلماء المبرزين في المعقول والمنقول،
قرأ العلم على الشيخ ركن الدين البحري آبادي، وأخذ الطريقة عن الشيخ محمد رشيد بن مصطفى
الجونبوري ولازمه زماناً، ثم لبس الخرقة من ولده محمد أرشد بن محمد رشيد، ثم تصدى للدرس
والإفادة بمدينة جونبور ودرس خمساً وعشرين سنة، وكان غاية في الذكاء والفطنة، لم يكن في زمانه
مثله في كثرة الدرس والإفادة، أخذ عنه الشيخ عبد الرسول الستركهي والحافظ أمان الله بن نور الله
البنارسي وخلق(5/640)
كثير من العلماء، مات بسلس البول ودفن بقرية ديوكام وكان في حياة الشيخ محمد
أرشد، كما في كنج أرشدي.
وإني ظفرت بترجمة محمد ماه الجونبوري في كتاب لم يحضرني الآن إسمه وأظن أن الديوكامي
والجونبوري رجل واحد فإذا فيه أنه كان كريم الأخلاق: عميم النفع، غاية في التبحر، عالي الهمة،
كثير الاحسان إلى العجائز والأيامى والمساكين ينفعهم ويسعى لحوائجهم مع قناعة وعفاف وعزلة، له
رسائل إلى الشيخ محمد رشيد الجونبوري وكانت بينهما محبة مفرطة.
مات يوم السبت لخمس بقين من جمادي الأخرى سنة خمس وتسعين وألف وله اثنتان وثمانون سنة.
مولانا محمد محسن الكشميري
الشيخ الفاضل محمد محسن الحنفي الكشميري أحد الرجال المعروفين بالفضل والكمال، ولد ونشأ
بكشمير، وقرأ العلم على الشيخ يعقوب بن الحسن الصرفي الكشميري، ولازمه ملازمة طويلة حتى
برع في كثير من العلوم والفنون، وتقرب إلى دار شكوه بن شاهجهان السلطان فولي الصدارة بإله
آباد واستقل بها زماناً، وأخذ الطريقة عن الشيخ محب الله الإله آبادي، ثم عزل عن الصدارة فذهب
إلى كشمير ولازم بيته عاكفاً على الدرس والافادة.
وكان سبب عزله أن شاهجهان لما فتح بلاد بلخ وجد ديوان شعر له في مكتبة نذر محمد خان أمير
تلك الناحية وكان له فيه قصائد في مدح نذر محمد خان المذكور، فسخط السلطان عليه وعزله عن
الصدارة ووظف له.
ومن مصنفاته مزدوجة بالفارسية وديوان شعر فيه ستة آلاف بيت، ومن شعره قوله:
سر منصور ميكويد بآواز رسا هر دم كه نخل دار هم در موسم خود بار مي آرد
توفي سنة إحدى وثمانين وألف، كما في مرآة الخيال.
مولانا محمد مخدوم السندي
الشيخ الفاضل محمد مخدوم الحنفي التتوي السندي، أحد الأفاضل المشهورين في عصره، ولد ونشأ
بأرض السند، وقدم أكبر آباد فولي الإنشاء، ورتب له خمسمائة لذاته وثلاثون للخيل منصباً سنة
إحدى وتسعين وألف، ثم ولي الصدارة العظمى سنة ثلاث وتسعين وألف، ولقبه عالمكير بن
شاهجهان الدهلوي سلطان الهند فاضل خان، توفي سنة مائة وألف بالوباء العام، فأرخ له بعض
الناس من قوله ع:
قيامت بود يا شور وبا بود، كما في مآثر عالمكيري.
وقال الخوافي في مآثر الأمراء: إنه مات سنة تسع وتسعين وألف بالوباء العام، وأما التاريخ المذكور
فيستخرج منه سنة إحدى ومائة وألف.
مير محمد معصوم السندي
الشيخ الفاضل محمد معصوم بن السيد صفائي الحسيني الترمذي القندهاري ثم السندي البهكري، أحد
رجال العلم والمعرفة، ولد ونشأ بمدينة بهكر، وقرأ العلم على ملا محمد الكنكروي، نسبة إلى كنكري
قرية من أعمال بهكر ولازمه زماناً، ثم سار إلى كجرات فلقى بها الشيخ إسحاق السندي، فقربه إلى
نظام الدين أحمد الأكبر آبادي فاستعان به نظام الدين في تأليف الطبقات، ثم قربه إلى شهاب الدين
أحمد خان أمير تلك الناحية فمنحه منصباً وخدمة، فحظي بملازمة أكبر شاه بن همايون سلطان الهند،
وولي السفارة إلى بلاد إيران.
قال الخوافي في مآثر الأمراء: إنه كان عالماً مؤرخاً خطاطاً شاعراً، له معدن الأفكار مزدوجة
بالفارسية، وله ديوان شعر فارسي، وله تاريخ السند، ومختصر في الطب يسمى المفردات
المعصومية، وله كتابة في باب القلعة بأكبر آباد وكتابة في الجامع الكبير بفتحبور، ومن آثاره أبنية
رفيعة بمدينة بهكر، قال: وكان زاهداً سخياً جواداً، يبعث إلى بهكر لبعضهم راتباً(5/641)
سنوياً: ولبعضهم
شهرياً ولبعضهم يومياً، ولبعضهم جعل حقاً في محاصل الأرض في الموسم وهكذا وهكذا، انتهى.
وقال البدايوني في المنتخب: إنه كان شاعراً ماهراً بالألغاز: ذا سخاء وشجاعة وصدق وأمانة،
يجتهد في الخيرات، ويلازم تلاوة القرآن وعبادة الله سبحانه، وله دعابة معجبة، منها ما نقل عنه أنه
قال له رجل مرة: لم لا تبايع مرشداً من مشايخ الطرق ليهديك إلى سبيل الرشد؟ ولا محيص عنه في
هذا الطريق! فقال إن لي ثلاثة مرشدين فلا حاجة بي إلى مرشد آخر: الأول أني لما هاجرت الوطن
المألوف ودخلت دار الخلافة كنت في ريعان الشباب لا أخضع لأهل المناصب الرفيعة، فلما وصلت
إلى الحضرة وسئمت المحن ثم فزت بمنصب العشرين قصرت حبال الآمال وخضعت تسليماً لأمر
الله سبحانه، فذلك أول مرشدي، قال: والمرشد الثاني المير أبو الغيث البخاري الذي كان أرفع مني
منصباً، وكنت إذا لم أجد العلف والحبوب للدواب والأفراس أشتعل غضباً ولا أتكلم أحداً لفرط الغيظ
والغضب، ورأيت أبا الغيث تمضي عليه ثلاثة أيام أو أربعة لا يضرم في مطبخه النار ولا يوجد في
إصطبله العلف والحبوب وهو يعيش نشيطاً بشوشاً طيب النفس لا يرى عليه أثر الفاقة، فأرضيت
النفس بذلك الحال، والمرشد الثالث جارية أعطانيها السلطان فإذا خطر على قلبي خاطر سوء دخلت
بيتي ودفعته بها، فليس لي حاجة بعد هذه الثلاث إلى مرشد آخر، انتهى، ومن أبياته قوله:
جه خوش است آنكه از خود روم وتو حال برسي بتو شرح حال كويم بزبن بي زباني
توفي سنة خمس عشرة وألف، وقبره بمدينة سكهر على قلة الجبل، وعليه بناء شامه أسسه في حياته
سنة اثنتين وألف.
الحكيم محمد معصوم التستري
الشيخ الفاضل محمد معصوم بن كريم الدين الحكيم التستري، أحد العلماء المبرزين في العلوم
الحكمية، نشأ بشيراز وقرأ العلم على أساتذتها، ثم قدم الهند في أيام شاهجهان، له قرابادين معصومي
صنفه سنة خمسين وألف، كما في محبوب الألباب.
مولانا محمد مؤمن الترمذي
الشيخ الفاضل محمد مؤن بن عبد الله الحسيني الترمذي الخطاط المشهور، كان من العلماء المبرزين
في الفقه والأصول والشعر والخط، جعله شاهجهان ابن جهانكير سلطان الهند معلماً لحفيده سليمان
شكوه بن دارا شكوه، ولما كبر سنة وبلغ ثمانين حولاً وظفه عالمكير، له ديوان شعر، مات سنة
تسعين وألف في أيام عالمكير، كما في مرآة العالم.
مير محمد مؤمن الحيدر آبادي
الشيخ الفاضل الكبير محمد مؤمن بن شرف الدين الحسيني الشيعي الإسترآبادي نزيل حيدر آباد
ودفينها، كان من كبار العلماء، تخرج على خاله العلامة فخر الدين السماكي، ثم تقرب إلى طهماسب
شاه الصفوي فجعله معلماً لابنه حيدر مرزا، فلبث عنده خمساً وعشرين سنة، ثم قدم الهند سنة 989 هـ
ودخل حيدر آباد، فأكرمه محمد قلي قطب شاه وولاه الوكالة وألقى بيده زمام السلطة.
وكان عالماً كبيراً شاعراً مجيد الشعر فقيهاً محدثاً يروى عن السيد نور الدين علي العاملي، ومن
أبياته قوله:
خوشم كه در دل من عشق مدعا نكذاشت مرا هوا بهوسهاي خويش وا نكذاشت
جه آفتي تو ندانم كه در جهان امروز محبت تو دو كس باهم آشنا نكذاشت
توفي سنة ست وثلاثين وألف بحيدرآباد، كما في تاريخ فرشته.
القاضي محمد مودود الجونبوري
الشيخ الفاضل محمد مودود بن محمد حسين الحنفي الجونبوري الإله آبادي، أحد العلماء المبرزين
في الفقه والأصول والعربية، ولد نحو سنة خمسين وألف، واشتغل بالعلم من صغره وقرأ، ثم أخذ
الطريقة(5/642)
عن الشيخ محمد رشيد بن مصطفى الجونبوري، وجمع ملفوظاته في كتاب بسيط شرع فيه
من رابع صفر سنة أربع وسبعين وأتمه خامس ربيع الآخر سنة خمس وسبعين، وولي القضاء بمدينة
جون بور في حياة والده، وكان لا يقبل القضاء فزجره أبوه وهدده بالهجر والمصارمة إن لم يقبل،
ولما مثل بين يدي السلطان لم يقم بمراسم التعظيم الملكي وحياه تحية السنة، ثم إنه رفع المكوس
ورفع التعزير بالمال من حدود جون بور، وحصل الإذن في ذلك عن سلطان الهند، وعمر المساجد
بجونبور، فنصب في كل مسجد أئمة ومؤذنين وفراشين ووظف لهم الرواتب، ومنع المؤذنين عن
الأذان الأول يوم الجمعة.
مات في شبابه يوم الثلاثاء سادس شوال سنة ثمان وسبعين وألف بمدينة إله آباد، فدفن في قرية
بهداري بمقبرة القاضي منجهلي وله ثمان وعشرون سنة، كما في كنج أرشدي.
الشيخ محمد مير العمري اللاهوري
الشيخ الصالح الكبير صاحب المقامات العلية والكرامات الجلية محمد مير ابن القاضي سائينده بن
القاضي قلندر العمري السيوستاني ثم اللاهوري، كان من ذرية عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولد
بسيوستان سنة سبع وخمسين وتسعمائة ونشأ بها، وسافر للعلم وقرأ على المفتي عبد السلام اللاهوري
وعلى غيره من العلماء، وأخذ الطريقة عن الشيخ خضر السيوستاني، وانتقل باشارته إلى لاهور وله
خمس وعشرون سنة، فاعتزل بها وانقطع إلى الله سبحانه أربعين سنة حتى فتحت عليه أبواب
الحقائق والمعارف وجعل من العلماء الراسخين، فتبادر الناس إليه وخضعت له الملوك والسلاطين،
وكان لا يقبل النذور والفتوحات إلا ما لا بد منه من كسوة وطعام، وكان يحب العزلة والإنزواء.
قال محمد صالح في عمل صالح: إنه كان عالماً كبيراً عارفاً ماهراً بالمعارف الإلهية يقرأ عبارات
الفتوحات المكية وفصوص الحكم وشرحه للعارف الجامي عن ظهر قلبه، يكشف الغطاء عن مقاماتها
العويصة، وكان مرجعاً في تحقيق المسائل، أقام بلاهور ستين سنة مفيضاً مفيداً، أدركه شاهجهان بن
جهانكير سلطان الهند حين عودته من كشمير وأعجب بفضله وكمال، انتهى.
ومن أقواله المفيدة رحمه الله تارك آنست كه هيج مرادي نداشته باشد جنانجه اكر يك موي بشست
ترنشده باشد جنابت باقي است همجنين اكر خطره از خطرات در دل مانده باشد همان حال دارد.
وكثيراً ما ينشد هذا البيت:
شرط اول در طريق معرفت داني كه جيست
ترك كردن هو دو عالم را وبشت بازدن
توفي لسبع خلون من ربيع الأول سنة خمس وأربعين وألف، وقبره مشهور ظاهر بلاهور.
مولانا محمد نافع الأكبر آبادي
له خلاصة الخانية في الفقه الحنفي بالفارسية، صنفه لبختاور خان العالمكيري، كما في مرآة العالم.
الشيخ محمد نعمان البدخشي
الشيخ العالم الفقيه محمد نعمان بن شمس الدين بن جلال الدين بن حميد الدين الحسيني البدخشي،
أحد كبار المشايخ النقشبندية، بشر به والده في رؤياً له صالحة، بشره بذلك الإمام أبو حنيفة نعمان بن
ثابت الكوفي وقال له إن يسميه باسمهم إذا ولد، فلذلك قيل له: محمد نعمان، وهو ولد سنة سبع
وسبعين وتسعمائة ببدخشان، وقرأ العلم على من بها من العلماء ثم بايع الشيخ عبد الله العشقي البلخي
في عنفوان شبابه، ثم قدم الهند وصحب كثيراً من المشايخ(5/643)
واستفاض منهم حتى قاده قائد التوفيق إلى
الشيخ الكبير عبد الباقي النقشبندي رحمه الله فلازمه وأخذ عنه الطريقة النقشبندية، ولما توفي الشيخ
المذكور لازم الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي رحمه الله حتى نال حظاً وافراً من العلم والمعرفة،
وسار إلى برهانبور سنة ثمان عشرة وألف فسكن بها، أخذ عنه خلق كثير من العلماء والمشايخ،
توفي سنة ثمان وخمسين - وقيل: ستين - وألف بمدينة أكبر آباد فدفن بها.
الشيخ محمد وارث الأكبرآبادي
الشيخ الفاضل محمد وارث الأكبرآبادي، أحد الرجال المعروفين في التاريخ والإنشاء، أخذ عن
الشيخ عبد الحميد اللاهوري، وكان جيد القريحة سليم الفكر طيباً بشوشاً حسن الخلق حسن المحاضرة
له، تكمله بادشاه نامه للشيخ عبد الحميد اللاهوري المذكور من سنة عشرين الجلوسية إلى ثلاثين
منها، قتله بعض المحصلين عليه سنة إحدى وتسعين وألف، كما في مآثر عالمكيري.
الشيخ محمد هاشم الدهلوي
الشيخ العالم المحدث محمد هاشم بن عبد الحق بن سيف الدين البخاري الدهلوي أبو المكارم تقي
الدين، كان من العلماء العاملين وعباد الله الصالحين، ولد ونشأ بدار الملك دهلي، وقرأ العلم على
والده وصحبه ولازمه ملازمة طويلة حتى مهر في الفقه والحديث، وكان تلواً لأخيه المفتي نور الحق
الدهلوي في العلم والعمل، أجازه والده إجازة عامة تامة وقال في سنده إنه قرأ عليه وسمع منه الكتب
المشهورة، انتهى.
خواجه محمد هاشم الكشمي
الشيخ العالم الفقيه محمد هاشم بن محمد قاسم الكشمي البدخشي ثم البرهانبوري أحد المشايخ
النقشبندية، ولد ونشأ بقرية كشم من أرض بدخشان، وقرأ العلم على من بها من العلماء، ثم قدم الهند
ودخل برهانبور فأدرك بها محمد نعمان البدخشي فلازمه وأخذ عنه الطريقة، ثم سار إلى سرهند سنة
إحدى وثلاثين وألف وأخذ عن الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي إمام الطريقة المجددية ولازمه
زماناً، وأجازه الشيخ بالحديث سنة ثلاث وثلاثين وألف وأجازه بتلقين الذكر، فرجع إلى برهانبور
وسكن بها، أخذ عنه جمع كثير، وله زبدة المقامات كتاب مفيد في أخبار مشايخه، أوله الحمد لله
الباقي بالبقاء الأبدي، إلخ صنفه سنة سبع وثلاثين وألف، وله ديوان شعر بالفارسي، مات بمدينة
برهانبور.
مير محمد هاشم الكيلاني
الشيخ الفاضل العلامة محمد هاشم بن محمد قاسم الحسيني الكيلاني، أحد كبار العلماء، أخذ العلوم
الحكمية عن مرزا إبراهيم الهمداني ونصير الدين حسين الشيرازي، وأخذ الفقه والحديث والعربية
عن الشيخ محمد العربي المحدث والشيخ عبد الرحيم الحسائي والشيخ علي حفيد العلامة عصام الدين
الإسفراييني، وأقام بالحرمين الشريفين اثنتي عشرة سنة، ثم قدم الهند وأخذ الفنون الرياضية
والصناعة الطبية عن الشيخ علي الكيلاني وتطبب عليه، ثم سكن بأحمد آباد وكان في أيام يدرس
ويفيد، فلما اشتهر اسمه وبعد صيته ولي الصدارة بأحمد آباد شاهجهان بن جهانكير سلطان الهند
فاستقل بها زماناً، ثم جعله شاهجهان معلماً لولده أورنك زيب.
وله تعليقات على تفسير البيضاوي وحاشية على تحرير الأقليدس إلى المقالة التاسعة وله غير ذلك
من المصنفات.
مات بأورنك آباد سنة إحدى وستين وألف وله ثمانون سنة، كما في مرآة العالم.
مير محمد هادي الفارسي
الأمير الفاضل محمد هادي بن رفيع الدين الفارسي، أحد الرجال المشهورين في الهند، تقرب إلى
شجاع بن شاهجهان الدهلوي ولازمه زماناً، ثم اعتزل عنه بقرية كهجوه عند لقاء الفئتين وتقرب إلى
عالمكير بن شاهجهان فأعطاه ألفين لنفسه وخمسمائة للخيل منصباً ولقبه هادي خان، كما في مآثر
عالمكيري.(5/644)
نور الدين محمد بن عبد الله الشيرازي
الشيخ الفاضل نور الدين محمد بن عبد الله بن علي الشيرازي الحكيم عين الملك، كان ابن أخت
الشيخ أبي الفيض بن المبارك الناكوري، ولد ونشأ بأرض الهند، وقرأ العلم على خاله أبي الخير بن
المبارك وعلى غيره من العلماء، ثم تقرب إلى شاهجهان بن جهانكير الدهلوي فلقبه بعين الملك، له
ألفاظ الأدوية في المفردات، صنفه في أيام السلطان المذكور سنة ثمان وثلاثين وألف، وله طب دارا
شكوهي - صنفه لدارا شكوه بن شاهجهان، وله لطيفة فيضي - جمع فيه رسائل أخواله الشيخ أبي
الفيض وأبي الفضل وأبي الخير، صنفه سنة خمس وثلاثين وألف.
السيد محمود بن أشرف الأمروهوي
الشيخ العالم الصالح محمود بن أشرف الحسيني الأمروهوي، أحد أفاضل الصوفية، ولد ونشأ
بأمروهه وقرأ العلم على أبيه وعلى غيره من العلماء، وسافر إلى الحجاز فحج وزار، وصحب الشيخ
تاج الدين العثماني السنبهلي وأخذ عنه الطريقة وتزوج بابنته الكريمة، له تحفة السالكين في أحوال
تاج العارفين وقد أخذ عن كتابه المحبي في خلاصة الأثر شيئاً واسعاً في ترجمة الشيخ تاج رحمه
الله، مات في حياة والده، وكان والده من الفقهاء المبرزين في العلوم، مات سنة 1054، وتوفي ولده
محمود سنة اثنتين وثلاثين وألف، كما في الأسرارية.
سيف الدين محمود السرهندي
الأمير الكبير محمود بن أحمد السرهندي سيف الدين بن فخر الدين المشهور نواب سيف خان، كان
من الرجال المعروفين في الفضل والكمال، له يد بيضاء في الإيقاع والنغم والشعر، ولد ونشأ بأرض
الهند، وتقرب إلى عالمكير وتدرج إلى الإمارة فلقبه عالمكير بسيف خان وولاه على كشمير، فسار
إليها وفتح بلاد تبت الصغير، وبنى حديقة غناء بكشمير وسماها سيف آباد، وكذلك بنى حديقة بناحية
سرهند وبنى بها قصوراً فاخرة ثم جعلها مسكناً له، له كتاب في الموسيقى يسمى راكك دربن وفيه
يقول ناصر علي السرهندي:
كفت وكوي طوطي از آئينه مي خيزد على كر نباشد سيف خان ما را نفس در كار نيست
مات سنة خمس وتسعين وألف، كما في مآثر الأمراء.
الشيخ محمود بن عبد الباقي السندي
الشيخ العالم الفقيه محمود بن عبد الباقي بن محمود بن أبي سعيد الحسيني السبزواري ثم السندي،
أحد العلماء العاملين وعباد الله الصالحين، ولي شياخة الإسلام ببلاد السند بعد ما توفي والده، وكان
معدوم النظير في زمانه في العلم والكمال، مات سنة عشرين وألف، كما في تحفة الكرام.
الشيخ محمود بن عبد الله الكجراتي
الشيخ العالم الصالح محمود بن عبد الله الصوفي الكجراتي، أحد الرجال المعروفين بالصلاح، ولد
ونشأ بكجرات وحفظ القرآن، وسار إلى برهانبور وأخذ الطريقة عن الشيخ لشكر محمد العارف
البرهانبوري، ثم سافر إلى الحجاز سنة 997 هـ مع الشيخ جمال محمد المحدث البرهانبوري فحج
وزار ورجع إلى الهند، وكان صاحب وجد وحالة، توفي سنة أربع وألف بمدينة برهانبور فدفن بها،
كما في كلزار أبرار.
الشيخ محمود بن محمد الكجراتي
الشيخ الصالح الفقيه محمود بن محمد بن الحسن العمري الجشتي الأحمدآبادي الكجراتي، أحد العلماء
الصالحين، ولد ونشأ بأحمدآباد، وقرأ العلم على والده ولازمه ملازمة طويلة وأخذ عنه الطريقة، ولما
مات والده تولى الشياخة، أخذ عنه ولده يحيى وخلق آخرون، مات لتسع خلون من ربيع الآخر سنة
أربعين وألف بأحمدآباد، كما في محبوب ذي المنن.
الشيخ محمود بن محمد الجونبوري
الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة الشهير محمود بن محمد العمري الجونبوري، أحد الأفاضل
المشهورين، لم يكن في زمانه مثله في العلوم الحكمية(5/645)
والمعارف الأدبية، ولد بجونبور سنة ثلاث
وتسعين وتسعمائة، ونشأ في مهد جده شاه محمد وقرأ عليه الكتب الدرسية، ثم لازم الشيخ الأستاذ
محمد أفضل بن محمد حمزة العثماني الجونبوري وأخذ عنه، وأقبل على المنطق والحكمة إقبالاً كلياً
حتى برز في تلك الفضائل وبرع أقرانه وله سبع عشرة سنة، وكان غاية في الذكاء والفطنة وسيلان
الذهن وقوة الحفظ والإدراك، كان يحضر المجالس والمحافل في صغره فيتكلم ويناظر ويفحم الكبار
ويأتي بما يتحير منه أعيان البلدة في العلم، قال محمد يحيى بن محمد أمين العباسي الإله آبادي في
وفيات الأعلام: إنه لم ينهض من الهند أحد مثله في الحكمة والمعاني والبيان، وكان أراد أن يبني
مرصداً فذهب إلى أكبر آباد ليحرض السلطان على ذلك، فما وافقه الوزير فمنع السلطان عنه وقال
إن مهمات بلخ تقتضي مالاً خطيراً وإن المرصد الذي بناه ألغ بيك يغني عنه، قال الإله آبادي: إن
الأرض التي ارتضاها محمود للمرصد هي التي ارتضاها أحد ملوك الهند لذلك في القديم، قال: فلما
استيأس محمود عن ذلك رجع إلى جونبور ودرس وأفاد بها زماناً، ثم استقدمه شجاع ابن شاهجهان
إلى بنكاله فسار إليه، وقرأ عليه الشجاع كتباً في العلوم الحكمية، وأدرك محمود نعمة الله بن عطاء
الله الفيروزبوري بأرض بنكاله فبايعه وأخذ عنه الطريقة سنة اثنتين وخمسين وألف، وإني رأيت
رسالة له في الأذكار التي أخذها عن الشيخ المذكور، نقلها الإله آبادي في الوفيات، وقرأ عليه نواب
شائسته خان أبو طالب بن أبي الحسن الأكبرآبادي الفرائد المحمودية والشيخ نور الدين جعفر
الجونبوري وعبد الباقي بن غوث الإسلام الصديقي صاحب الآداب الباقية وخلق كثير من العلماء.
قال السيد غلام علي بن محمد نوح الحسيني البلكرامي في سبحة المرجان: إنه ما صدر عن العلامة
في طول العمر قول يرجع عنه، وكان إذا سأله سائل عن مسألة وكان فكره حاضراً أجاب وإلا يقول:
أنا غير نشيط ولا يحضرني الآن، ونقل عن صبح صادق أنه رحل بعد التحصيل إلى أكبرآباد ولقى
آصف خان، ثم رجع إلى جونبور واشتغل بالتدريس قال: ولا ريب أنه لم يظهر بالهند مثل
فاروقيين: أحدهما في الحقائق وهو مولانا الشيخ أحمد السرهندي، والثاني في العلوم الحكمية والأدبية
وهو الملا محمود الجونبوري، أقول: وثالثهم الشيخ ولي الله بن عبد الرحيم العمري الدهلوي، فإنه
كان عديم النظير في الفلسفة الإلهية.
وللشيخ محمود الجونبوري مصنفات عديدة، أشهرها الشمس البازغة في الحكمة، والفرائد شرح
الفوائد للقاضي عضد الدين الأيجي في المعاني والبيان وله تعليقات نفيسة على ذلك الشرح، وله
حرز الإيمان في الرد على التسوية للشيخ محب الله الإله آبادي، وله رسالة بالفارسية في أقسام
النساء، وله ديوان شعر فارسي.
توفي لتسع خلون من ربيع الأول سنة اثنتين وستين وألف بمدينة جونبور، وقبره مشهور ظاهر
خارج البلدة.
الشيخ محمود بن مصطفى السهارنبوري
الشيخ الصالح محمود بن مصطفى بن عبد الستار الأنصاري السهارنبوري، أحد عباد الله
الصالحين، ولد ونشأ بمدينة سهارنبور، وقرأ النحو والعربية ثم تفقه على أساتذة عصره، ثم سار إلى
كنكوه وأخذ الطريقة عن الشيخ ركن الدين بن عبد القدوس الكنكوهي، ثم سافر إلى الحرمين
الشريفين فحج وزار، وساح البلاد مدة من الدهر وأدرك كثيراً من المشايخ فصحبهم وأخذ عنهم
ورجع إلى سهارنبور، مات في خامس ذي الحجة سنة خمسين وألف، كما في مرآة جهان نما.
الشيخ محمود الكيلاني
الشيخ محمود اليكلاني الشاعر المتلقب في الشعر(5/646)
ببهشتي، كان من ندماء عباس شاه الصفوي ملك
إيران، صاحبه زماناً ثم غضب عليه الملك وحبسه في قلعة من القلاع المتينة، ثم أطلقه بعد مدة
فخرج من بلاده ودخل الهند، فجعله شاهجهان بن جهانكير الدهلوي سلطان الهند معلماً لولده مراد
بخش.
مات سنة ستين وألف بأكبر آباد، كما في رياض الشعراء للداغستاني.
مولانا محي الدين البهاري
الشيخ العالم الكبير العلامة محيي الدين بن عبد الله الحنفي البهاري، أحد الفقهاء المشهورين في
عصره، ولد ونشأ بناحية بهار، وحفظ القرآن وهو ابن تسع سنين، ثم اشتغل على والده بالعلم، وقرأ
فاتحة الفراغ وله سبع عشرة سنة، ثم تصدى للتدريس ببلدته فدرس وأفاد زماناً، ثم قدم دهلي فجعله
شاهجهان ابن جهانكير الدهلوي معلماً لولده أورنك زيب، فاشتغل بتعليمه اثنتي عشرة سنة، ثم أخذ
الطريقة عن الشيخ حيدر حفيد العلامة وجيد الدين العلوي الكجراتي وذهب إلى بلدته وانقطع إلى
الزهد والعبادة، وكان يدعي بملا موهن، وله شرح على كافية ابن الحاجب إلى مبحث غير
المنصرف بالفارسي على لسان الحقائق والمعارف، وللشيخ أبي البقاء صاحب الكليات أيضاً شرح
عليه بلسان الحقائق إلى مبحث غير المنصرف بالعربية، رآه السيد غلام علي بن محمد نوح
الحسيني البلكرامي، ذكره في مآثر الكرام.
قال الشيخ غلام أرشد الجونبوري في كنج أرشدي: إن محيي الدين المترجم له كان من أشياخ الشيخ
محمد أفضل الجونبوري، قدم جونبور ذات مرة ودخل على الشيخ محمد أفضل وكان الشيخ يدرس
فأراد أن يتركه، فأمره محيي الدين أن يدرس في حضرته ليختبر استعداد الشيخ محمد رشيد الذي
كان يقرأ على محمد أفضل المذكور في ذلك الوقت، ثم اشتغل بالمذاكرة معه فكاد أن يفحمه محمد
رشيد فنظر إليه الشيخ محمد أفضل فسكت، انتهى.
توفي سنة ثمان وستين وألف، كما في مآثر الكرام، وفي مرآة العالم أن بعض الناس عمل تاريخاً
لوفاته من قوله أستاذ الملة والدين وهذا يوافق لما ضبطه البلكرامي من سنة وفاته في المآثر إن لم
تعتبر اللام وتركت إحدى الدالين من الدال المشددة في قوله: والدين، قال بختاور خان في المرآة إن
وفاته كانت في السنة الأولى من جلوس عالمكير على سرير الملك، وكان سنه حينئذ أربعاً وثمانين
سنة.
الشيخ محيي الدين الكجراتي
الشيخ الفاضل محيي الدين بن عبد الوهاب الحنفي الكجراتي، كان من مشاهير عصره، ولاه
عالمكير بن شاهجهان الدهلوي الصدارة في بلاد كجرات وجعله أميناً على جزية تلك البلاد، فاستقل
بها مدة من الزمان، توفي سنة مائة وألف بمدينة أحمد آباد، كما في مرآة أحمدي.
الشيخ مخدوم بن بهاء الدين الكوروي
الشيخ الصالح مخدوم بن بهاء الدين بن سالار الحنفي الكوروي، أحد المشايخ الجشتية، ولد ونشأ
بمدينة كوره واشتغل على أبيه، وأخذ عنه الطريقة وتولى الشياخة بعده، له كتاب بسيط في أخبار
أبيه وجده يسمى بأسرار سالاري، كما في بحر زخار.
نواب مرتضى بن أحمد البخاري
الأمير الكبير مرتضى بن أحمد بن أبي بكر بن جلال بن إله ديا بن لطف الله بن بهاء الدين بن أبي
الغيث بن محمد غوث بن جلال الدين حسين بن علي الحسيني البخاري، نواب فريد الدين مرتضى
خان أحد أجواد الدنيا، لم يكن له نظير في زمانه في السياسة والتدبير والسخاء والكرم والمحبة لأهل
الفضائل والميل إلى معالي الأمور، أدرك أكبر شاه بن همايون التيموري في صغر سنه فتقرب إليه،
وتدرج إلى الإمارة حتى نال المير بخشيكري سنة أربعين الجلوسية، ثم لما ولي المملكة ولده جهانكير
بن أكبر شاه أضاف في منصبه ولقبه بصاحب السيف والقلم، ثم لقبه بمرتضى خان وولاه على
كجرات، فاستقل بها أربع سنين، ثم ولي على بنجاب فأقام بها مدة حياته.
وكان أجود الناس وأنفعهم خيراً وأثبتهم رأياً وأشدهم بطشاً، جمع الشجاعة والسخاء بما لا يساويه(5/647)
فيها أحد، قال الخوافي في مآثر الأمراء: إنه لم يخيب سائله قط، وكلما كان يذهب إلى الحضرة يقسم
الدراهم والدنانير على الفقراء بيده، ويبذل عليهم قباءه ودثاره ورداءه وما كان معه.
ومن أخباره أن أحد الفقراء جاءه سبع مرات فأعطاه كل مرة ثم جاءه وسأل فأدناه وأسره بأن يخفي
ما أعطاه لئلا ينهبه الفقراء، ومن أخباره أنه كان يوظف الأيامى والمتوكلين وأهل الحاجة من يومية
وسنوية، ويرسل إليهم الرواتب في حضر وغيبة، ولا يلجئهم إلى عرض الأسانيد المجددة، وكان
يكفل اليتامى ويربيهم كتربية الآباء للأبناء، ويستخدم المعلمين لهم، وكانوا يلعبون في حجره فيفرح
بهم، ومن أخباره أنه أحصى أعداد السادة والأشراف في ولاية كجرات فجهز لبناتهم، وأعطى
للحوامل أموالاً فأتمنها لتجهيز البنات، وكان لا يعطي المغني والمطرب شيئاً.
ومن آثاره الأبنية الرفيعة على قبر العلامة وجيه الدين بن نصر الله العلوي الكجراتي بأحمد آباد،
ومنها حارة كبيرة بها تدعى بخارا محله، ومنها جامع كبير بأحمد آباد قريباً من مقبرة الشيخ وجيه
الدين المذكور، ومنها بلدة عامرة بقرب دهلي سماها فريد آباد، فيها عمارات عالية وبساتين زاهرة
له، ومنها حارة كبيرة وحمام نظيف بمدينة لاهور، ومنها رباطات كثيرة في بلاد أخرى.
وكان يأكل على سفرته ألف وخمسمائة نفس، وكان يقسم الرواتب بحضرته ولا يضيق ذرعاً
بضوضاء الناس وصياحهم، وهذا قليل من كثير، إن شئت التفصيل فارجع إلى مآثر الأمراء.
وصنف له إسماعيل بن شاه عالم عبد العزيز رسالة بالفارسية سماها بمعارج الكمال ومناقب الكمل
في مقامات الولاية، وصنف له الشيخ زين الدين الشيرازي تفسير مرتضوي بالفارسي سنة ست
عشرة وألف، وأطنب في مدحه.
توفي سنة خمس وعشرين وألف بقرية بنهان فنقلوا جسده إلى دهلي ودفنوه بمقبرة أسلافه، كما في
مآثر الأمراء.
القاضي مرتضى بن محمود البيجابوري
الشيخ العالم الفقيه رضي الدين مرتضى بن محمود النائطي البيجابوري، أحد الفقهاء المشهورين في
عصره، ولي القضاء بعد ما توفي والده في بندركووه سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة، له كتاب مفيد في
الصنائع والبدائع سماه تحفة الفقير وأتحفه إلى إبراهيم عادل شاه البيجابوري، فاستحسنه إبراهيم، كما
في تاريخ النوائط.
السيد مرتضى بن محيي الدين الكجراتي
الشيخ الصالح مرتضى بن محيي الدين بن يحيى الحسيني الكجراتي، أحد عباد الله الصالحين، ولد
ونشأ ببلدة بزوده، وأخذ عن السيد كالي الشطاري البزودوي، ثم سافر إلى برهانبور ولازم الشيخ
لشكر محمد العارف، ثم لازم صاحبه عيسى بن قاسم السندي، وكان صاحب وجد وحالة، كان مولانا
يونس السندي يقول: لم يكن له نظير في الترك والتجريد بعد إبراهيم بن أدهم البلخي.
توفي سنة اثنتين بعد الألف بمدينة برهانبور فدفن بحصيرة الشيخ بهكاري، كما في كلزار أبرار.
السيد مرتضى بن هاشم البيجابوري
الشيخ الصالح مرتضى بن هاشم العلوي الكجراتي ثم البيجابوري، أحد المشايخ المشهورين في
عصره، أخذ عن أبيه، وحصل له القبول العظيم في بيجابور، مات سنة خمس وأربعين وألف بمدينة
بيجابور فدفن بها.
ملا مرشد اليزدجردي
الشيخ الفاضل مرشد اليزدجردي الشاعر المشهور، قدم الهند وتقرب إلى مرزا غازي السندي ونال
منه صلات، ثم لما قتل الغازي قدم آكره وتقرب إلى جهانكير، ومن أبياته قوله:
طره دلبرنيم تاكي بريشان زيستن جشم عاشق نيستم تا جند حيران زيستن
توفي سنة ثلاثين وألف، كما في سرو آزاد.(5/648)
ملا مرشد الشيرازي
الأمير الكبير مرشد الشيرازي نواب مكرمت خان، قدم الهند وتقرب إلى مهابت خان ولبث عنده
زماناً، ثم تقرب إلى جهانكير ثم إلى ولده شاهجهان، فلقبه شاهجهان مكرمت خان ورقاه درجة بعد
درجة حتى ولاه على إيالة دهلي، وأضاف في منصبه غير مرة حتى صار أربعة آلاف له وأربعة
آلاف للخيل، وكان فاضلاً كريماً بارعاً في الهيئة والهندسة والحساب، يرجع إليه فضل كبير في
تأسيس شاهجهان آباد وقلعتها.
الحكيم مسيح الملك الشيرازي
الفاضل الكبير مسيح الملك الشيرازي الحكيم الحاذق، ولد بشيراز ونشأ في مهد الحكيم نجم الدين
عبد الله بن حسن الشيرازي، وأخذ عنه حتى بلغ مبلغ الرجال من أهل النظر والحكمة، ثم قدم الهند
وأقام ببلاد الدكن مدة طويلة، ثم دخل آكره فأجزل عليه أكبر شاه عطاياه الجميلة، وجعله نديماً لولده
مراد، ثم وجهه إلى كجرات، مات بأرض مالوه، وكانت له يد بيضاء في مداواة الناس ومعالجتهم،
كما في منتخب التواريخ.
الشيخ مصطفى بن خالق داد العباسي
الشيخ الفاضل مصطفى بن خالق داد العباسي الهاشمي، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح،
له توضيح الملك صنفه بأمر جهانكير بن أكبر شاه التيموري سلطان الهند سنة عشرين وألف.
الشيخ مصطفى بن عبد الحميد البرونوي
الشيخ العالم الصالح مصطفى بن عبد الحميد بن راجو بن سعيد بن عارف ابن عبد الواسع بن
منجهلي بن بدي بن عبد الملك بن متهن بن نصير الدين بن بخشي شيخ الرومي العثماني البرونوي،
كان من ذرية الشيخ سري بن مفلس السقطي العثماني الولي المشهور، وكان أصله من سكلائي قرية
من أعمال أميتهي من بلاد أوده، ولد ونشأ بها، وبايع الشيخ محمد بن نظام الدين العثماني الأميتهوي،
ثم اشتغل بالعلم وقرأ على أساتذة بلاده، ثم رخصه محمد المذكور إلى جونبور، فسار إلى تلك البلدة
وقرأ على أساتذتها، ولبس الخرقة من الشيخ قيام الدين ابن قطب الدين الجونبوري، ثم رجع إلى
أميتهي ولبث بها زماناً، ثم انتقل عنها إلى برونه بفتح الموحدة قرية من أعمال جونبور، وتزوج بها
بابنة الشيخ نور الدين بن عبد القادر الصديقي البرونوي ورزق أولاداً من بطنها، ثم ترك عياله في
برونه وذهب إلى برنيه - بضم الباء الفارسية بلدة من أرض بنكاله - وأقام بها إلى أن توفي، وكان
فقيهاً زاهداً متوكلاً متورعاً يحترز عن المشتبهات، قال ولده محمد رشيد في حاشيته على مواقع
النجوم لابن عربي: إن أباه إذا كان يرى طعام الشبهة يرى كأنه وقع فيه دود قذر فيجتنب عنه، ولما
استفسروه بين ما رأى في الطعام، انتهى.
توفي لعشر بقين من ذي الحجة سنة ست وسبعين وألف ببلدة برنيه، كما في كنج أرشدي.
الشيخ مصطفى الجونبوري
الشيخ العالم الكبير مصطفى بن فلان الجونبوري، أحد العلماء المبرزين في العلوم الآلية والعالية،
قرأ عليه جين قليج خان اللاهوري، فلما قتل جين قليج خان في أيام جهانكير وكان اتهمه بالبغي
والخروج أخذوا مصطفى بتلك العلاقة وأحضروه عند السلطان بمدينة أجمير سنة اثنتين وعشرين
وألف، فأمر السلطان محمد بن يوسف التتوي السندي ليناظره في المباحث الدقيقة النظرية فناظره،
واستمرت المناظرة بينهما إلى أسبوع كامل، واعترف التتوي بفضله وكماله وشفع له، فعفا السلطان
عنه ورخصه إلى الحرمين الشريفين، فسافر إلى الحجاز فحج وزار، ورجع إلى الهند ومات ببلدته،
كما في مآثر الأمراء.
السيد مصطفى بن هاشم البيجابوري
الشيخ العالم الفقيه مصطفى بن هاشم بن برهان الدين العلوي الكجراتي ثم البيجابوري، أحد العلماء
الربانيين، ولد ونشأ بمدينة بيجابور، وأخذ العلم والطريقة عن أبيه ولازمه ملازمة طويلة، وتولى
الشياخة(5/649)
بعده، وكان مرزوق القبول، توفي نحو سنة سبعين وألف بمدينة بيجابور، كما في محبوب
ذي المنن.
الشيخ مصطفى الجنيدي
الشيخ العالم الصالح مصطفى الجنيدي البيجابوري، أحد عباد الله الصالحين، كان من نسل الشيخ
الكبير عين الدين خزانة العلم، ولد ونشأ بمدينة بيجابور، وقرأ العلم على القاضي عبد اللطيف
البيجابوري، ثم لازم الشيخ حبيب الله الصبغة اللهي وأخذ عنه، وتولى الشياخة مدة من الزمان، كان
تقياً نقياً متورعاً قنوعاً، مات سنة ثمان وستين وألف.
الشيخ معين الدين الكشميري
الشيخ العالم الفقيه معين الدين بن خاوند محمود بن ضياء الدين بن مير محمد ابن تاج الدين بن
علاء الدين العطار النقشبندي البخاري، أحد المشايخ النقشبندية والفقهاء الحنفية، ولد ونشأ بكشمير
وتفقه على والده، ثم سار إلى دهلي وقرأ العلم على الشيخ عبد الحق بن سيف الدين البخاري
الدهلوي ولازمه وأخذ عنه الفقه والحديث، ثم رجع إلى كشمير وتولى الشياخة بها، وصار مرجعاً
إليه في المذهب والفتوى، وانقاد العلماء لأوامره وخضعوا له.
وله مصنفات، منها الفتاوي النقشبندية وكنز السعادة في الفقه والرضواني في السير والسلوك، مات
في محرم الحرام سنة خمس وثمانين وألف بكشمير، كما في روضة الأبرار.
الشيخ معصوم بن أحمد السرهندي
الشيخ الإمام العالم الكبير معصوم بن أحمد بن عبد الأحد العدوي العمري الشيخ محمد معصوم
النقشبندي السرهندي، كان أحب أولاد أبيه وأشبههم سمتاً به، وأقربهم منزلة إليه، وأتبعهم لسيرته،
وأخصهم بمعارفه، وأبعدهم صيتاً بين الناس، وأنفعهم لهم.
ولد لإحدى عشرة خلون من شوال سنة سبع أو تسع بعد الألف، وقرأ بعض الكتب الدرسية على
صنوه الكبير الشيخ محمد صادق وأكثرها على والده وعلى الشيخ محمد طاهر اللاهوري، ولازم أباه
وأخذ عنه الطريقة، وحفظ القرآن في ثلاثة أشهر، وحاله في تحصيل نسبة والده كحال صدر الشريعة
صاحب شرح الوقاية حيث كان يحفظ ما يؤلفه جده بلا تأخير، ولذلك بلغ رتبة لم يصل إليها أحد من
أصحاب والده، فبشره والده بمقامات عالية من القيومية وغيرها، ولما توفي أبوه جلس على مسند
الإرشاد، وسافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار، وأقام بالمدينة المنورة زماناً صالحاً، ثم رجع إلى
الهند وصرف عمره في الدرس والإفادة، وكان أكثر أشغاله تدريساً بتفسير البيضاوي والمشكاة
والهداية والعضدي والتلويح.
قال الشيخ مراد بن عبد الله القزاني في ذيل الرشحات إنه كان آية من آيات الله مثل والده الماجد، قد
نور العالم وبدد ظلمات الجهل والبدع بيمن توجهاته العلية وأحواله السنية، وصار ألوف من الرجال
محرماً للأسرار الخفية، وتحققوا بالحالات السنية، بشرف صحبته العلية، حتى قيل إن جميع من
بايعه في الطريقة تسعمائة ألف، وعدد خلفائه سبعة آلاف، منهم الشيخ حبيب الله البخاري، كان أعظم
مشايخ خراسان وما وراء النهر في زمانه، قد تنورت بخارى بنور السنة بعد ما غشيتها ظلمة البدعة،
وشرف بالخلافة والإجازة أربعة آلاف من مريديه بعد إيصالهم إلى رتبة الكمال، انتهى.
وللشيخ معصوم رسائل في ثلاثة مجلدات مثل رسائل والده متضمنة لغوامض الأسرار واللطائف،
أكثرها في حل مغلقات معارف والده المرحوم.
توفي في اليوم التاسع من ربيع الأول سنة تسع وسبعين وألف بمدينة سرهند فدفن بها، وقبره
مشهور ظاهر يزار.
الشيخ معاذ بن تاج الهندي
الشيخ العالم الصالح معاذ بن تاج الدين العثماني النقشبندي السنبهلي، أحد كبار المشايخ، ولد ونشأ
بمكة المباركة، وقرأ العلم بها على أكابر العلماء،(5/650)
وأخذ الطريقة عن والده ولازمه مدة حتى بلغ رتبة
المشيخة، قدم الهند سنة بضع وستين وألف فدخل دار الملك وأهدى لشاهجهان بن جهانكير التيموري
سلطان الهند من الهدايا والتحف التي أتى بها من مكة، فخصه السلطان بمزيد القرب إليه وأجزل
عليه الصلات والجوائز، ثم ذهب إلى مدينة سنبهل ولبث بها زماناً، لقيه بها كمال محمد السنبهلي
وذكره في الأسرارية.
ملا خواجه اللاهوري
الشيخ العالم الكبير العلامة ملا خواجه الحنفي البهاري ثم اللاهوري أحد الرجال المعروفين بالفضل
والكمال، ولد ونشأ بحاجيبور من أعمال بهار، وقرأ العلم حيثما أمكنه في بلاده، ثم سافر ودخل كوره
فلازم الشيخ جمال بن مخدوم الكوروي وقرأ عليه الكتب الدرسية، ثم سافر إلى لاهور وأخذ بعض
العلوم الشرعية عن الشيخ محمد فاضل اللاهوري، وسكن بداره، وأخذ الطريقة عن الشيخ محمد مير
اللاهوري ولازمه ملازمة طويلة حتى بلغ رتبة المشيخة، وحصل له القبول العظيم بعد ما توفي
شيخه.
وكان قانعاً عفيفاً ديناً مرتاضاً مجاهداً، لا يقبل النذور والفتوحات أصلاً، لقيه شاهجهان بن جهانكير
الدهلوي سلطان الهند بمدينة لاهور وأراد أن يجزل عليه العطايا السلطانية فلم يقبل، كما في عمل
صالح، مات سنة ستين - وقيل: سبع وستين - وألف بلاهور، فدفن بمقبرة شيخه محمد مير رحمه
الله.
نواب ملتفت خان الساوي
الأمير الكبير ملتفت خان بن مير محمد باقر الحسيني الساوي، أحد رجال الفضل والكمال، ولد ونشأ
بأرض الهند وتقرب إلى شاهجهان، وكان والده من كبار الأمراء في أيامه، فترقى درجة بعد درجة
حتى ولي على العرض المكرر ثم على بخشيكري، ثم بعثه شاهجهان المذكور إلى بلاد الدكن فتقرب
إلى عالمكير ابن شاهجهان ولازمه في سفره إلى أكبر آباد فأضاف عالمكير في منصبه، فصار أربعة
آلاف له وألفين للخيل، وولاه على ديوان الخراج، فسار معه إلى أكبر آباد وقاتل داراشكوه حتى قتل
في المعركة.
وكان فاضلاً كبيراً مفرط الذكاء جيد القريحة بشوشاً طيب النفس متواضعاً حسن المعاشرة مجيد
الشعر، ومن أبياته قوله:
بخواب ديده ام آن طره بريشان را تمام عمر دكر خواب من بريشان است
مولانا ملك القمي
الشيخ الفاضل الكبير ملك القمي أحد الشعراء المفلقين، ولد ونشأ بقم، وسافر إلى كاشان فلبث بها
زماناً، ثم أتى قزوين وأقام بها أربع سنوات، وخرج منها في شهر رمضان سنة سبع وثمانين
وتسعمائة وقدم الهند ودخل أحمد نكر، فتقرب إلى مرتضى نظام شاه ثم إلى برهان شاه ونال منهما
الصلات والجوائز، ثم دخل بيجابور وتقرب إلى إبراهيم عادل شاه ونال منه الالتفات، فطابت له
الإقامة بمدينة بيجابور، وهنالك زوج ابنته بمحمد طاهر الترشيزي وشاركه في تصنيف نورس بأمر
عادل شاه المذكور، أدركه أبو الفيض بن المبارك الناكوري بمدينة بيجابور حين قدمها بالسفارة،
وكان القمي شاعراً جيد الشعر، له أبيات رقيقة رائقة بالفارسية، منها قوله:
دلم ز داغ غمت صد هزار جا ريش است كسى كه دوست بود با تو دشمن خويش است
توفي سنة أربع وعشرين وألف، كما في سرو آزاد
الشيخ منجهن بن عبد الله اللكهنوي
الشيخ العالم الصالح منجهن بن عبد الله بن القاضي خير الدين اللكهنوتوي، أحد المشايخ الشطايرة،
يصل نسبه من جهة أبيه إلى القاضي تاج الدين النحوي البلخي، ومن جهة أمه إلى القاضي سماء
الدين الدهلوي، ولد ونشأ بلكهنوتي، وقرأ العلم على أساتذة الشيخ أحمدي مشاركاً له في الأخذ
والقراءة، وأخذ الطريقة عن الشيخ تاج الدين الحسيني البخاري ولازمه زماناً، ثم شفع له تاج الدين
المذكور إلى شيخه محمد غوث الكواليري وتركه عند الشيخ، فقرأ عليه جواهر خمسة واشتغل
بأعمالها مدة من الزمان،(5/651)
وألبسه محمد غوث الخرقة الشطارية.
وكان عالماً كثير الدرس والإفادة، لم يزل مشتغلاً بمطالعة الكتب والمراقبة والمحاسبة، ولما فتح شير
شاه قلعة رائسين في أرض مالوه وسماها إسلام آباد انتقل من لكهنوتي إلى إسلام آباد، فولي بها
شياخة الإسلام، ولما تسلط الهنادك مرة أخرى على تلك الناحية انتقل من رائسين إلى سارنكبور
ودرس بها زماناً، وصنف رسائل كثيرة في العلوم والفنون، فلما نتاهت به السن هاجر من تلك البلدة
وذهب إلى آشته على مسيرة يومين من سارنكبور، واختار الانزواء بذلك المقام، ولما سمع داعي
الرحيل يدعوه إلى النشأة الآخرة رجع إلى سارنكبور فودع عياله، ثم ذهب إلى آشنه ومات بها في
شهر ربيع الأول سنة إحدى وألف، كما في كلزار أبرار.
الشيخ منور بن عبد الستار السهارنبوري
الشيخ العالم منور بن عبد الستار بن عبد الكريم بن سالار الأنصاري السهارنبوري، كان من العلماء
المبرزين في المعقول والمنقول والعلوم الغريبة كالجفر الجامع والتكسير والقراءة والشعر، ولد ونشأ
بمدينة سهارنبور، وحفظ القرآن وقرأ العلم، ثم لبس الخرقة من الشيخ ركن الدين بن عبد القدوس
الكنكوهي، ومهر في التجويد والقراءة، وحصلت له الإجازة عن الشيخ محي الدين بن عبد الوهاب
السادهوروي أيضاً مات في غرة جمادي الأولى سنة سبع عشرة وألف، فأرخ لوفاته بعض الناس من
قوله منور بنور هدايت كما في مرآة جهان نما.
الشيخ منور بن عبد المجيد اللاهوري
الشيخ العالم الكبير العلامة منور بن عبد المجيد بن عبد الشكور بن سلميان ابن إسرائيل اللاهوري،
كان من العلماء المبرزين في العلوم العقلية والنقلية، قرأ العلم على الشيخ سعد الله بن إبراهيم
اللاهوري، وكان غاية في قوة الحفظ والإدراك، ولذلك فرغ من التحصيل وله نحو العشرين، وبرع
أقرانه في القراءة والتجويد، كان يقرأ القرآن على سبع قراءات، ولاه الصدارة أكبر شاه بأرض مالوه
سنة خمس وثمانين وتسعمائة، فاستقل بها عشر سنين، وعزل سنة خمس وتسعين وتسعمائة، عزله
أكبر شاه المذكور وأمر بحبسه في قلعة كواليار، فلبث في السجن خمس سنين وصنف بها الدر النظيم
في ترتيب الآي وسور القرآن الكريم وعرب البحر المواج للقاضي شهاب الدين الدولة آبادي،
واشتعل السلطان عليه غضباً وأمر بنهب أمواله وكتبه فسلبوها، وكانت عدة كتبه ألفاً وخمسمائة كتاب
فما بقي في يده غير الدر النظيم، ثم طلبه السلطان إلى آكره وضيق عليه في السجن حتى مات.
قال المندوي في كلزار أبرار إنه كان من كبار العلماء غاية في تدقيق النظر وسعة المعلومات
واستحضار المسائل وسيلان الذهن وسرعة الإدراك، له، له مصنفات كثيرة، منها الدر النظيم في
ترتيب الآي وسور القرآن الكريم، وتعريب البحر المواج في التفسير وحدائق البيان شرح على بديع
البيان، وشرح الطوالع، وشرح قصيدة البردة للبوصيري، والحق الصريح في إثبات عدم قبول التوبة
لساب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رد فيه على عبد الله بن شمس الدين السلطانبوري، انتهى.
وقال بختاور خان في مرآة العالم: إنه كان ماهراً في التفسير غاية في قوة الحفظ، وعد بختاور خان
من مصنفاته شرحاً على إرشاد القاضي شهاب الدين، وشرحاً على مشارق الأنوار للصغاني، انتهى.
توفي في الثاني عشر من ذي القعدة سنة إحدى عشرة وألف فدفنوه في مقبرة الغرباء، ثم نقل أولاده
جسده إلى لاهور ودفنوه بمقبرة أسلافه سنة خمس عشرة وألف، كما في كلزار أبرار.
الشيخ منور بن المنصور السنبهلي
الشيخ الصالح منور بن المنصور بن عبد الله بن عثمان الحسيني المودودي السنبهلي، أحد عباد الله
الصالحين، تصدر للارشاد بعد والده، وكان أخذ الطريقة عن عن أبيه عن جده وعن الشيخ تاج الدين
النقشبندي السنبهلي، مات سنة ثمان وثلاثين وألف فأرخ لوفاته بعض الناس من قوله تاريك شد
زمانه يعني أظلم الدهر، ولا تخفي لطافته على العارف.(5/652)
الشيخ مودود بن أولياء الكالبوي
الشيخ الفاضل مودود بن أولياء بن سراج الحنفي الكالبوي، أحد العلماء المبرزين في الحديث، ولد
ونشأ في مهد العلم والمشيخة، وسافر مع والده إلى الحرمين الشريفين فحج وزار، وأخذ الحديث عن
الشيخ عبد الوهاب بن ولي الله المتقي البرهانبوري المهاجر إلى مكة المشرفة ولازمه مدة من
الزمان، كما في كلزار أبرار.
الشيخ موسى بن الحامد الأجي
الشيخ الصالح موسى بن الحامد بن عبد الرزاق الشريف الحسني جمال الدين أبو الحسن الأجي،
أحد المشايخ المشهورين، ولد ونشأ بمدينة أج، وأخذ عن والده، وحصل له القبول التام عند العوام،
أخذ عنه الشيخ عبد الحق ابن سيف الدين البخاري الدهلوي، مات مقتولاً في نواحي الملتان سنة
إحدى وألف، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ موسى الحنفي السندي
الشيخ الفاضل موسى بن أبي موسى الحنفي السندي، كان من أصحاب السيد صبغة الله بن روح الله
الحسيني البروجي نزيل المدينة المنورة، ذهب إلى دمشق الشام في آخر عمره ومات بالقدس، ذكره
الشيخ نجم الدين الغزي الشافعي في لطف السمر وقطف الثمر، وذكره محمد بن فضل الله المحبي في
خلاصة الأثر، والشيخ نجم الدين الغزي ممن أدركه في سفره إلى دمشق، وله قصة معه في ذلك
السفر ذكرها في كتابه، ونقل عنه المحبي في الخلاصة.
قال الغزي في لطف السمر: إنه كان من الفضلاء البارعين والأولياء الصالحين، جاور بالمدينة
المنورة ولازم صبغة الله المذكور، وله اشتغال بالعلم قديماً، وسافر من المدينة إلى الشام قاصداً زيارة
الخليل عليه الصلاة والسلام وبيت المقدس لمنام قيل له فيه إن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام
يطلبك، وصحبناه في طريقه ذلك من المدينة إلى الشام في سنة إحدى عشرة بعد الألف، وكان يتردد
إلينا في المنازل معتقداً مستفيداً، فرأيناه فاضلاً في علوم التفسير والمعاني والبيان والمنطق والحديث
والتصوف، وكان لطيف المزاج نافذ الفهم ذكياً، كنا نراه كالمقهور الملجأ في خروجه من المدينة
متعلق قلبه بالحضرة النبوية كمال التعلق إلا أنه خرج منها للمنام المذكور ليقضي الله أمراً كان
مفعولاً، وزارني بمنزله ذات صبح في أوائل صفر سنة إحدى عشرة وكنت قد اضطجعت للقائلة
وكنت حريصاً عليها بقرب الرحيل ويتعذر تيسر النوم في المسير، فزارني ولم يغلب على النوم وأنا
مسجي برداً: فلم أنهض له إيذاناً بأني نائم وقلت في نفسي: يجلس ثم يقوم من عندنا في شأنه
فعرضت عليه القهوة وشيء من المآكل فقال: أنا مكتف، إنما جئت لزيارة الشيخ، ولم يأكل ولم
يشرب، فقلت في نفسي: أما تستحي من الله تعالى؟ إن رجلاً صالحاً يزورك في الله ولا ينال غرضاً
من زيارتك أي جفاء فوق هذا! فقعدت وسلمت عليه ورفعت الوسادة فإذا تحتها عقرب كبيرة فقتلناها،
وعلمت أن ذلك كرامة لذلك الرجل، ثم صحبناه برهة من الزمان بدمشق ولم يمكث بها إلا أياماً قليلة،
ثم سافر إلى بيت المقدس فزار الخليل عليه الصلاة والسلام، وقطن في القدس الشريف حتى مات في
سنة إحدى عشرة بعد ألف، انتهى.
وفي خلاصة الأثر أنه توفي سنة اثنتي عشرة بعد الألف.
مولانا موسى البرهانبوري
الشيخ الفاضل موسى بن أبي موسى البوبكاني السندي ثم البرهانبوري، أحد فحول العلماء، قرأ
النحو والعربية على القاضي محمود الموربي وسائر العلوم المتعارفة على غيره من العلماء ثم ولي
التدريس بمدرسة عادل بور من أعمال برهانبور، كما في كلزار أبرار.(5/653)
الشيخ موسى الكشميري
الشيخ الصالح أبو إسحاق موسى الكشميري، أحد العلماء وعباد الله الصالحين، مات سنة ست عشرة
وألف بكشمير فدفن بها.
الشيخ موسى الكشميري
الشيخ الصالح المحدث موسى بن جعفر الكشميري، أحد العلماء العاملين وعباد الله الصالحين، أخذ
عنه السيد شيخ بن عبد الله العيدروس اليمني بمدينة عدن سنة 1016، وأخذ عنه الشيخ عبد القادر
بن سيد شيخ الحضرمي بمدينة أحمد آباد، ذكره عبد القادر في النور السافر.
السيد ميران البيجابوري
الشيخ العالم الفقيه ميران بن أسد الله بن عبد الله بن وجيه الدين العلوي البيجابوري، أحد الفقهاء
المشهورين في الزهد والمجاهدة، ولد ونشأ بكجرات، وقرأ العلم بها على أساتذة عصره، ثم انتقل إلى
بيجابور وقطن بها في أيام إبراهيم عادل شاه البيجابور، وصرف عمره في الدرس والإفادة.
مات في سلخ جمادي الأولى سنة خمس وخمسين وألف بمدينة بيجابور فدفن بها، كما في روضة
الأولياء.
مولانا ميرك شيخ الهروي
الشيخ العالم الكبير العلامة ميرك شيخ بن فصيح الدين الحنفي الهروي، كان ابن أخ القاضي محمد
أسلم الهروي، ولد ونشأ بهرات وقدم الهند في شبابه، واشتغل على المفتي عبد السلام اللاهوري وقرأ
عليه أكثر الكتب الدرسية، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين وأخذ الحديث عن كبار المشايخ، ورجع
إلى الهند فجعله شاهجهان بن جهانكير الدهلوي سلطان الهند معلماً لولده دارا شكوه وأعطاه المنصب،
ثم جعله معلماً لولده مراد بخش، ثم ولاه العرض المكرر، كما في بادشاه نامه، ولما ولي المملكة
عالمكير بن شاهجهان الدهلوي ولاه الصدارة، وعزله عنها لكبر سنه في مدة قليلة، كما في عالمكير
نامه.
مات سنة سبعين وألف، كما في مرآة العالم أو سنة إحدى وسبعين وألف، كما في مآثر الأمراء.
حرف النون
الشيخ ناصر الدين الشيخبوري
الشيخ العالم الفقيه ناصر الدين الحنفي الشيخبوري، كان من سلائل الشيخ خواجه كلان بن نصير
الدين الجبونسوي الإله آبادي، أخذ العلم والمعرفة عن الشيخ تاج الدين الجهونسوي ولازمه ملازمة
طويلة حتى بلغ رتبة المشيخة، أجازه الشيخ طيب بن المعين البنارس أيضاً، توفي يوم الجمعة غرة
ربيع الأول سنة ثمان وستين وألف، كما في كنج أرشدي.
الشيخ نصرة بن الجمال الملتاني
الشيخ الصالح نصرة بن الجمال بن نور الرشيدي الملتاني صاحب كنج رشيدي ولد بمدينة الملتان
في الثاني عشر من ذي القعدة سنة أربعين وألف، ولما بلغ العاشرة من عمره جاء إلى جونبور مع
جده ولازم الشيخ محمد رشيد العثماني الجونبوري وبايعه سنة ثمان وخمسين وألف، ثم تزوج بأمره
سنة تسع وخمسين وألف، ثم ذهب إلى بنارس ودخل في العسكرية فتغير حاله بها، فندم واستغفر عنه
وبايع الشيخ محمد رشيد مرة ثانية سنة تسع وستين وألف وترك الخدمة العسكرية سنة ثلاث وسبعين
وألف ثم لازم شيخه زماناً صالحاً، فاستخلصه الشيخ لنفسه واستخلفه وبعثه إلى أرض أوده، فاعتزل
عن الناس وبنى زاوية له على شاطئ نهر كومتي في قرية من أعمال سلطانبور سنة اثنتين وثمانين
وألف، واستقام على الطريقة الظاهرة والصلاح وحصل له القبول العظيم، له كتاب مفيد في ملفوظات
شيخه يسمى بكنج رشيدي.
توفي يوم الاثنين سابع ذي القعدة سنة تسعين وألف فدفن في زاويته، وأرخ لوفاته غلام قطب الدين
الجونبوري من قوله ع:
نصرت جمال قطب زمانه نيامده، كما في كنج أرشدي.(5/654)
الشيخ نصيب الدين الكشميري
الشيخ الكبير نصيب الدين الحنفي الصوفي الكشميري، أحد المشايخ المشهورين، أخذ العلم والمعرفة
عن الشيخ داود بن الحسن الكشميري وصحبه مدة مديدة، وحصل له القبول العظيم بكشمير، مات في
الثالث عشر من محرم الحرام سنة سبع وأربعين وألف، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ نصير بن قريش الكجراتي
الشيخ الصالح نصير بن قريش الكجراتي، أحد رجال العلم والمعرفة، ولد ونشأ بكجرات وخدم
الملوك مدة من الزمان، ثم لما فتح أكبر شاه تلك الناحية انتقل منها إلى خانديس ولازم الشيخ المحدث
جمال محمد البرهانبوري وتزوج بابنته، وكان مولعاً بمطالعة إحياء العلوم ولما مات قال بهاء الدين
محمد ابن أخ الشيخ وجيه الدين العلوي الكجراتي: اليوم مات علي المتقي، مات بمدينة برهانبور،
كما في كلزار أبرار.
القاضي نصير الدين البرهانبوري
الشيخ العالم المحدث الفقيه القاضي نصير الدين بن القاضي سراج محمد الحنفي البرهانبوري، أحد
العلماء المبرزين في الفقه والحديث والعربية، لم يكن في زمانه أعلم منه بالرجال والحديث، وأطوع
منه للكتاب والسنة، وأصدق منه في لهجة، قرأ العلم على والده وعلى الشيخ عثمان بن عيسى
السندي، ولازم شيخه عثمان ملازمة طويلة حتى فاق أقرانه في العلم، وأفحم العلامة شكر الله
الشيرازي في البحث وله ثمان عشرة سنة.
وكان القاضي نصير الدين ممن يرجح الحديث أياماً كان على قياس المجتهد، وكان ينكر القياس
ويقول إن حديث علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل موضوع، فلذلك كفره صهره الشيخ علم الله
البيجابوري وأفتى بقتله وإحراقه في النار، ورتب المحضر لذلك فأثبت العلماء توقيعاتهم على ذلك،
وأبى الشيخ محمد بن فضل الله البرهانبوري والشيخ عيسى بن قاسم السندي عن تصويبه وتصديقه،
فانتصر له عبد الرحيم بن بيرم خان، فرفعوا تلك القضية إلى سلطان الهند، فأمر باحضارهما في
معسكره، فذهب الشيخ علم الله المذكور إلى بيجابور والتجأ إلى إبراهيم عادل شاه البيجابوري،
وسافر القاضي نصير الدين إلى الحجاز، وجهز له عبد الرحيم المذكور وأعانه في رحلته، فأقام
بالحرمين الشريفين خمس سنوات، ثم رجع إلى الهند ووقع في أيدي الأفرنج ولبث فيهم برهة من
الزمان، ثم أطلقوه فدخل في بندر دائل سنة أربع وعشرين وألف وكانت في سلطة عادل شاه،
فاستقبله العادل إلى ثلاثة أميال وجاء به إلى دار الامارة، ولما سمع جهانكير بن أكبر شاه الدهلوي
سلطان الهند بمجيئه من الحجاز استقدمه إلى معسكره وأكد عليه، فجاء إلى برهانبور واعتزل في
بيته وعزم أن لا يخرج من البيت، فلما جاء خرم بن جهانكير إلى برهانبور بعثه إلى آكره، فأكرمه
واحتفى به جهانكير ورخصه بعد مدة طويلة، فرجع إلى برهانبور واعتزل في بيته، وكانت وفاته
سنة إحدى وثلاثين وألف، كما في مآثر رحيمي.
الشيخ نصير الدين الجونبوري
الشيخ الصالح نصير الدين المداري الجونبوري، أحد رجال العلم والطريقة، مات ليلة السبت الرابع
من جمادي الآخرة سنة ست وسبعين وألف بجونبور فدفن بها.
الشيخ نظام الدين التهانيسري
الشيخ العالم الفقيه الزاهد نظام الدين بن عبد الشكور العمري البلخي التهانيسري، أحد المشايخ
الجشتية، جمع العلم والعمل والرياضة والمجاهدة، وأخذ عن عمه وصهره جلال الدين العمري
التهانيسري، وتولى الشياخة بعده، وسافر إلى الحجاز سنة سبع وألف فحج وزار، ورجع إلى الهند
سنة عشرين وألف فمر على بيجابور، واحتفى به إبراهيم عادل شاه البيجابوري وأكرمه غاية
الاكرام، ثم تصدر بتهانيسر للدرس والافادة، ولما خرج خسرو بن جهانكير على والده ومر على
تهانيسر لقيه فغضب عليه جهانكير وأمر بجلائه من الهند، فسار إلى بلخ واشتغل بها مدة من الزمان
في العبادة والافادة، أخذ عنه خلق كثير من العلماء والمشايخ، وكان السلطان إمام قلي(5/655)
أزبك يأتيه في
كل أسبوع مرة واحدة ويتبرك به.
له مصنفات عديدة أشهرها شرح اللمعات للعراقي، وشرح السوانح للغزالي، ورسالة الحقيقة
والرسالة البلخية، والتفسير النظامي.
توفي لأربع ليال بقين من شوال سنة أربع وعشرين، وقيل: ست وثلاثين وألف، ببلخ.
خواجه نظام الدين الأكبرآبادي
الأمير الفاضل نظام الدين بن محمد مقيم الهروي الأكبر آبادي صاحب طبقات أكبري، ولد ونشأ
بالهند، وقرأ العلم ومهر في الحكمة والتاريخ، وتقرب إلى أكبر شاه فولاه على بخشيكري في بلاد
كجرات، له مصنف لطيف في تاريخ الهند سماه بطبقات أكبري.
مات سنة ثلاث بعد الألف وله خمس وأربعون سنة، وقد أرخ لوفاته عبد القادر بن ملوك شاه
البدايوني من قوله ع:
كوهر بي بها ز دنيا رفت، كما في المنتخب.
مولانا نظام الدين السندي
الشيخ الفاضل نظام الدين بن نور محمد بن شكر الله بن ظهير الدين بن شكر الله الحسيني التتوي
السندي، أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول، سافر إلى دهلي وبذل جهده في تدوين الفتاوي
الهندية ثم طلب المنصب، فلم يقبله عالمكير بن شاهجهان الدهلوي لأنه كان لا يعطي الخدمات
العسكرية لأهل العلم، وأجرى له الأرزاق السنية فلم يرض بها نظام الدين ولم يزل بمعسكره حتى
مات، كما في تحفة الكرام.
الشيخ نظام الدين البرهانبوري
الشيخ العالم الصالح نظام الدين البرهانبوري، أحد رجال العلم والمعرفة، لبس الخرقة من السيد
إبراهيم البهكري ولازمه زماناً، وكان يشتغل بالكتابة ثم يبيع النسخ المكتوبة ويصرفها في عرس
شيخه كل سنة، مات في سنة تسع بعد الألف بمدينة برهانبور، كما في كلزار أبرار.
مولانا نظام الدين البرهانبوري
الشيخ العالم الفقيه نظام الدين الحنفي البرهانبوري، أحد أكابر الفقهاء الحنفية وعلمائهم المشهورين
ممن تبحر في العلوم وحرر المسائل ونقل الأحكام وجدد مآثر الفتوى، وهو ممن تخرج على القاضي
نصير الدين المحدث البرهانبوري، استخدمه عالمكير بن شاهجهان الدهلوي حين كان والياً في بلاد
الدكن من قبل والده وجعله من ندمائه، وولاه تدوين الفتاوي الهندية وترتيبها باستخدام الفقهاء الحنفية،
وولي أربعة رجال منهم تحت أمره، فقسم أرباعها على أربعتهم: أحدهم القاضي محمد حسين
الجونبوري المحتسب، وثانيهم السيد علي أكبر أسعد الله خاني، وثالثهم الشيخ حامد الجونبوري،
ورابعهم المفتي محمد أكرم اللاهوري، فبذل جهده في تلك الخدمة الجليلة حتى رتبها في سنتين،
فأضاف في منصبه عالمكير واستثناه عن التكليفات والتسليمات المعتادة في حضرة السلطان التي يقال
لها كورنش، وكان عالمكير يذاكره في إحياء العلوم والفتاوي العالمكيرية وبعض كتب السلوك ثلاثة
أيام في كل أسبوع، فخدمه نظام الدين أربعين سنة وجاوزت سنة ثمانين حولاً، وولده عبد الله أخذ
عن أبيه ونال الفضيلة في أيامه، كما في مرآة العالم.
الشيخ نظام الدين السندي
الشيخ الفاضل نظام الدين السندي النقشبندي، أحد أصحاب الشيخ صبغة الله ابن روح الله الحسيني
البروجي، قرأ عليه ولازمه بالمدينة المنورة مدة من الزمان وأخذ عنه الطريقة، فألبسه الخرقة وحكمه
في الإلباس والتحكيم، ثم سافر إلى دمشق وأخذ عنه الشيخ أيوب بن أحمد بن أيوب الخلوتي الدمشقي
وخلق كثير، ثم سار إلى بيت المقدس ومر بنابلس ودخل غزة، ثم رحل إلى مصر وتوفي بها.
ذكره البوريني وقال: إنه ورد إلى دمشق ومعه أخ له صغير وصار يدعى علماً غزيراً ويزعم أنه
حمل فضلاً كثيراً ولم يكن كما قال ولا صدقت منه الأقوال غير أنه كان ذكياً جداً، والعجب أنه كان
يتنوع في الدعاوي فتارة يقول: أنا شريف علوي، وتارة كان يدعى(5/656)
الرياضة المطلقة، وترك دمشق
ورحل إلى صالحيتها وقطن بمدرسة شيخ الاسلام أبي عمر وصار يدعى أنه مهدي الزمان الموعود
به، فقيل له: ذاك محمد وأنت نظام الدين! فقال: محمد يلقب بنظام الدين، فقيل له: ذاك الشريف وأنت
سندي أسود، فقال: أنا شريف علوي صحيح النسب غير أني تركت دعوى ذلك إلا في وقتهن وأما
سواد الوجه فكان يعتذر عنه بأن المراد البياض المعنوي الذي يكون في الأفعال، وزاد به الحال إلى
أن صعد المنارة الشرقية بين المغرب والعشاء وقال: يا أهل الدمشق! أنا مهدي الزمان وأن أدعوكم
إلى إجابتي واتباعي، وسمع ذلك كثير من الصالحين وغيرهم ممن كان بالجامع الأموي، وكان مرة
بالجامع السليمي السلطاني يوم الجمعة فلما نزل الخطيب عن المنبر قام وأمر رجلاً أن يصعد المنبر
ويلعن أمين الدفتري العجمي، وقال بصوت عال: إن الدفتر دار محمد أمين رافضي يبغض أبا بكر
وعمر رضي الله عنهما وقد أمرني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ألعنه، وشاع ذلك الأمر وذاع،
فوضع في البيمارستان القيمري بالصالحية مدة وسكن عن التخليط وقلل من التخبيط، فأمر قاضي
القضاة باخراجه بعد أن أمر بايلاجه، وضاقت دمشق بعد هذه الدعوى وكان يذوق من الزمان شديد
البلوي فطار من دمشق إلى بيت المقدس ومر بنابلس ودخل غزة واقتتل بعض علمائها، ووصل إلى
مصر ومكث بها قليلاً ولم تطل مدته بها بل توفي هو وأخوه بها، انتهى ما قال البوريني.
وقال ابن فضل الله في خلاصة الأثر: والذي تلقيته من أحواله أنه كان من المحققين العظام، وأنه
كان من أرباب الولاية، وممن أدركته عين العناية في البداية والنهاية، وهو من خواص تلامذة السيد
صبغة الله نزيل المدينة المنورة، وكان السيد المذكور يحبه وينافس في ولايته المقررة، ووقع للسيد
بسببه كرامة ذكرتها في ترجمته وألمعت فيها بذكر انتمائه إليه وتلمذه وما وقع بدمشق من بعض
التخاليط، فقال إنه يموه بها عن حقيقة أمره حتى تعد من الأغاليط، ومما شاع أن وضعه في
البيمارستان كان عن أغراض نفسانية وأنه دعا على من كان السبب في ذلك من الفضلاء بأن يسلب
رونق فضيلته البهية، فاستجيب دعاءه فيهم وحرموا لذة النفع بالعلوم، على أن كلاً منهم كان ممن
برع على هذا الأستاذ في المنطوق والمفهوم، ولقد حكى بعض علماء الشام الكبار أنه حج فزار السيد
صبغة الله في مدينة النبي المختار صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فما استقر به الجلوس حتى سأله عن أحوال
الملا نظام، مبدياً للقائه غاية الشوق والغرام، فقال له ذلك العالم إنه جن فوضع في البيمارستان، ولم
يتنبه بقرائن السؤال إلى ما تضمنه من الاعتناء لرفعة الشأن، فاضطرب السيد وقال لذلك العالم بلسان
عادل: لاح! ذا مليح وعشاقه كلهم ملاح ويكفي ما في هذه الكلمة من الاشارة إلى علو قدره، وأنه ممن
يغالي في التنويه بفضله الذي سلم له أعظم أهل عصره، وكانت وفاته في سنة ست عشرة بعد الألف
رحمه الله.
خواجه نعمة الله الهروي
الشيخ الفاضل نعمة الله بن خواجه حبيب الله الهروي، كان من ندماء خان جهان خان الجهانكيري،
له مخزن أفغاني كتاب في أخبار الأفاغنة وأنسابهم، صنفه سنة عشرين وألف، كما في محبوب
الألباب.
الشيخ نعمة الله الفيروزبوري
الشيخ العالم الكبير العلامة جلال الدين نعمة الله بن عطاء الله النارنولي ثم الفيروزبوري، أحد
المشايخ القادرية، ولد ونشأ بنارنول، وسافر للعلم إلى بلاد شتى وتردد إلى جونبور، وأخذ الهيئة عن
الشيخ محمد أفضل العثماني الجونبوري، ثم تزوج وسكن بفيروزبور، فأعطاه سيف خان أربعمائة
فدادين من الأرض الخراجية بفيروزبور، ثم بايعه شجاع بن شاهجهان حين كان والياً من قبل أبيه
في بنكاله، فحصل له القبول والوجاهة العظيمة عند الناس، ثم لما هزم شجاع وفر إلى أقصى بلاد
الهند أعطاه عالمكير خمسة آلاف من النقود.
وله مصنفات عديدة، منها: تفسير القرآن الكريم على نهج الجلالين، صنفه في ستة أشهر وأتمه سنة
سبعين وألف، وله ترجمة القرآن، صنفه في أيام جهانكير حين كان بدهلي وسماه تفسير جهانكيري
وإني رأيت وثيقة الخلافة له إلى بعض أصحابه ذكر فيه أنه لبس الخرقة القادرية من الشيخ شمس
الدين أبي الفتح محمد الشريف من الشيخ بهاء الدين الأنصاري،(5/657)
ولبس الخرقة الجشتية من الشيخ
محمد المذكور بسنده إلى السيد الشريف محمد بن يوسف الحسيني الكلبركوي، ولبس الخرقة
النقشبندية من محمد بن الجلال الكجراتي بسنده إلى الشيخ برهان الدين عبد الله بن محمود الحسيني
البخاري الكجراتي من الشيخ نور الدين أبي الفتوح الطاؤوسي الشيرازي، وإني رأيت في وفيات
الأعلام للشيخ محمد يحيى العباس الإله آبادي أن العلامة محمود بن محمد الجونبوري أخذ عنه
الطريقة وتلقن الذكر منه، انتهى.
وفي كنج أرشدي أنه سكن بفيروزبور وله خمس وأربعون سنة، وعاش بعد ذلك بضعاً وخمسين
سنة، انتهى.
مات سنة اثنتين وسبعين وألف، كما في مرآة العالم.
الشيخ نعمة الله الشيخبوري
الشيخ الصالح نعمة الله العمري الشطاري الشيخبوري، كان من نسل الشيخ فريد الدين مسعود
الأجودهني، سافر إلى الحجاز في عنفوان شبابه فحج وزار، ورجع إلى الهند ودخل برهانبور فأخذ
الطريقة عن الشيخ عيسى بن قاسم السندي ولازمه أياماً، ثم رجع إلى بلدته، وكان زاهداً عفيفاً
متوكلاً صاحب وجد وحالة، كما في كلزار أبرار.
المفتي نور الحق الدهلوي
الشيخ الامام العالم المحدث الفقيه المفتي نور الحق بن عبد الحق بن سيف الدين البخاري أبو
السعادات جمال الدين الدهلوي، أحد كبار الفقهاء الحنفية ولد ونشأ بمدينة دهلي، وقرأ العلم على والده
وأخذ عنه الحديث، وولي القضاء بأكبرآباد.
قال والده في كتابه أخبار الفضلاء: إنه جيد القريحة سليم الذهن غاية في الفضل والكمال، ينظم
أحياناً ويتلقب بالمشرقي، وإن توجه إلى الشعر بالكلية كما هو عادة الشعراء لكان يقتدر أن يتتبع
خمسة النظامي وخسرو وينسج على منوالهما ولكنه اشتغل بالعلم والصلاح وبما هو نفس الأمر فغلب
عليه ذلك، انتهى.
وفي عمل صالح: إنه كان عالماً كبيراً عارفاً بارعاً متقناً ذا نظر كثير في العلوم ومشاركة في
المنثور والمنظوم فصيح العبارة قوي المباحثة محمود السيرة في القضاء، انتهى.
له مصنفات جليلة يلوح عليها أثر القبول الرحماني، أشهرها شرح الجامع الصحيح للامام البخاري
في ستة مجلدات كبار بالفارسي، صنفه امتثالاً لأمر والده، وله شرح على شمائل الترمذي بالفارسي،
وله رسالة في إثبات رفع المسبحة في التشهد، وله زبدة في التاريخ، وله تعليقات على شرح هداية
الحكمة وعلى شرح المطالع وعلى العضدية وعلى غيرها من الكتب الدرسية، كما في عمل صالح
ومن أبياته الرقيقة الرائقة قوله:
از شيوه همدمان اين دور خلاف كويم رمزي اكر نكيري بكزاف
جون شيشه ساعتند بيوسته بهم دلها همه بر غبار وروها همه صاف
مات سنة ثلاث وسبعين وألف وله اثنتان وتسعون سنة، وقبره بدهلي، كما في مرآة العالم.
الأمير نور العلاء الأكبرآبادي
الشيخ العالم الصالح الأمير نور العلاء بن أبي العلاء بن أبي الوفاء بن عبد السلام الحسيني
الأكبرآبادي، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بأكبرآباد، وأخذ عنه والده، ولازمه
ملازمة طويلة وتولى الشياخة بعده، وكان عالماً متورعاً بارعاً في العلوم انتفع به الأجلاء، مات سنة
تسعين وألف وله ثلاث وسبعون سنة، كما في مهرجهانتاب.
القاضي نور الله التستري
السيد الشريف نور الله بن شريف بن نور الله الحسيني المرعشي التستري المشهور عند الشيعة
بالشهيد الثالث، ولد سنة ست وخمسين وتسعمائة بمدينة تستر ونشأ بها، ثم سافر إلى المشهد وقرأ
العلم على أساتذة ذلك المقام، ثم قدم الهند وتقرب إلى أبي الفتح بن عبد(5/658)
الرزاق الكيلاني فشفع له عند
أكبر شاه، فولاه القضاء بمدينة لاهور فاستقل إلى أيام جهانكير، وكان يخفي مذهبه عن الناس تقية
ويقضي على مذهبه ويقول إنه يقضي على المذاهب الأربعة عند ما يظهر له الدليل، وكان يصنف
الكتب في المذهب ويشنع فيها على الأشاعرة تشنيعاً بالغاً كما في إحقاق الحق ومجالس المؤمنين
وكان يخفي مصنفاته عن الناس ويبالغ في الاخفاء حتى وصل مجالس المؤمنين إلى بعض العلماء
فعرضه على جهانكير وأظهر عليه أنه يخفي مذهبه تقية، فغضب عليه جهانكير فو أمر أن يضرب
بدرة ذات الأشواك، فهلك من ساعته وكان له سبعون سنة، فلقبه الشيعة بالشهيد الثالث.
قال القاضي في خاتمة إحقاق الحق: هذا آخر ما قصدته من إيضاح مقاصد الكتاب المستطاب،
وإنجاح مسؤل الأحبة والأصحاب، من الرد على رؤساء ذوي الأذناب، خصوصاً الناصبي الشقي
المرتاب، الزائغ عن طريق الصواب، وذلك من جلائل نعم الله الوهاب، علي عبده الأواب، الراجي
للشهود العيني، المجاهد أعداءه بالسيف القيني، والرمح الرديني، نور الله بن شريف المرعشي
الحسيني، كان الله له، وأجرى على نهج الحق عمله، والمسؤل من فضله العظيم وكرمه العميم، أن
يجعل مقاساتي في نصرة هذا المعشر، ذريعة مخلفة لزاد المحشر، ووسيلة مزلفة إلى سيد البشر،
وآله الأئمة الاثني عشر، وأن يرزقني طلب ثأرهم، مع الإمام المهدي يدعو إلى اقتفاء آثارهم، وأن
يحشرني في زمرة أحبائهم وأنصارهم، ويبوئني في دار القرار في جوارهم، والمأمول من أفاضل
المؤمنين الذين هم في حب الدين آمين، أن يدعوا لي بدعاء الانتظام في زمرة الآمنين، إذا وقفوا على
ما قاسيته في نظم هذا العقد الثمين، من عرق الجبين، وكد اليمين، فإنه سبحانه لا يضيع أجر
المحسنين وأن يصلحوا ما فيه من الفتور والتقصير، ومظان المؤاخذة والتعبير، فإن قلة باعتي لائحة،
وإضاعة وقتي في الشواغل الدنيوية واضحة، مع ما أنا فيه من غربة الوطن وغيبة الكتب وضيق
البال، بمفارقة الأهل والآل، إذ بعد ما ركبت غارب الاغتراب في مبادئ الشباب، لتحصيل الحكم،
وتكميل الفيوض والنعم، من وطني شوستر المحروسة، إلى المشاهد المقدسة الرضوية والمأنوسة،
رماني زماني إلى الهند المنحوسة، قامت تلك الشوهاء المأيوسة على ازدياد غمي، واتهمت في
عداوتي وإعداد همي، حتى ظننت أنها هند اللائكة لكبد عمي، لكن الله سبحانه ببركات محبة أهل
البيت، عليهم السلام أحيا قلبي الميت، وأجرى بناني على منوال وما رميت إذ رميت فانتصرنا
للمصنف العلامة حاشرين، ووسمنا على جاعرة الأشاعرة القاصرين، والناصبة الفاجرة الخاسرين،
فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقاً علينا نصر المؤمنين والله الناصر والمعين، وقد اتفق نظم هذه
اللآلي، وشحت بها عوالي المعالي، في سبعة أشهر من غير الليالي، لما شرحت من كثرة ملالي،
وضعف القوي وتحول البدن كالشن البالي، وكان آخرها آخر ربيع الأول المنتظم في سلك شهور
سنة ألف وأربع عشرة 1014 في بلدة آكره، أكره بلاد اتخذها الكفر وكره، واستعمل فيها الشيطان
مكره، صان الله المؤمنين عن مكره وجهله، وأخرجهم عن سواد الهند حزنه وسهله، بحق الحق
وأهله، انتهى هذا التعليق اللاذع والمدح المطري لممدوحه وقدوته.
وللقاضي مصنفات كثيرة غير ما ذكرنا نحو مصائب النواصب والصوارم المهرقة في رد الصواعق
المحرقة والحاشية على قواعد الحلي، والحاشية على إلهيات شرح التجريد، والحاشية على تفسير
البيضاوي، وله حاشية أخرى على ذلك التفسير، وله حاشية على شرح التجريد، وحاشية على شرح
الجغميني وحاشية على الحاشية القديمة، وحاشية على تهذيب الكلام، وحاشية على شرح الشمسية
وحاشية على شرح الجامي، وحاشية على الميبذي، وحاشية على شرح التهذيب للدواني، وحاشية
على المطول وله غير ذلك من الحواشي والتعليقات، ذكرها الكشميري في نجوم السماء وكانت وفاته
سنة تسع عشرة بعد الألف بمدينة آكره.
الشيخ نور الله الجونبوري
الشيخ العالم الصالح نور الله بن طه الأنصاري الجونبوري، كان من نسل الشيخ عبد الله الأنصاري(5/659)
الهروي، ولد ونشأ بجونبور، وقرأ العلم على صنوه الكبير عبد الجليل الجونبوري، ثم ولي الصدارة
في بعض الايالات واستقل بها مدة حياته، وكان بارعاً في الفقه والأصول والعربية، لم يزل مشتغلاً
بالدرس والإفادة ومطالعة الكتب، أخذ عنه جمع كثير من العلماء، توفي سنة اثنتي عشرة بعد الألف
فدفن بحظيرة أجداده في سدهور: كما في كنج أرشدي.
السيد نور الله البيجابوري
الشيخ الفاضل نور الله بن علي محمد الحسيني البيجابوري، أحد العلماء المبرزين في الفنون
الأدبية، له إنشاء على عادل شاهيه كتاب في أخبار بيجابور، صنفه في أيام علي بن محمد بن
إبراهيم عادل شاه البيجابوري.
الشيخ نور محمد السهارنبوري
الشيخ العالم نور محمد بن محمود الحنفي الأنصاري السهارنبوري، أحد عباد الله الصالحين، ولد
ونشأ بمدينة سهارنبور، وتفقه على الشيخ عزيز الله بن ركن الدين الحنفي الكنكوهي وأخذ الطريقة
عنه، وألزم نفسه الإفادة والعبادة، وكان رجلاً صالحاً تقياً محسناً إلى الناس، مات يوم الخميس لعشر
بقين من ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وألف، كما في مرآة جهان نما.
الشيخ نور محمد المداري
الشيخ العالم الفقيه نور محمد بن نصير الدين المداري الجونبوري، أحد رجال العلم والطريقة، ولد
ليلة الجمعة السادس عشر من جمادي الآخرة سنة خمس وسبعين وتسعمائة، فلما بلغ سن الرشد قرأ
العلم على والده وعلى غيره من العلماء حتى برع في العلم وفاق أقرانه في القراءة والتجويد، ولذلك
ولي الخطابة في المسجد الذي كان في زاوية الشيخ بديع الدين المدار المكنبوري بجونبور، قرأ عليه
الشيخ محمد رشيد بن مصطفى الجونبوري درساً أو درسين من كافية ابن الحاجب وأخذ عنه ابن
أخيه نور الدين جعفر، مات لليلة بقيت من رجب سنة تسع وخمسين وألف، كما في كنج أرشدي.
الشيخ نور محمد البتني
الشيخ العالم الفقيه نور محمد الحنفي النقشبندي البتني، أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح،
قرأ العلم على أساتذة عصره ثم سافر إلى البلاد ولقي المشايخ الأمجاد حتى وصل إلى حضرة الشيخ
أحمد بن عبد الأحد السرهندي إمام الطريقة المجددية، فلازمه وأخذ عنه الطريقة واشتغل عليه
بالأذكار والأشغال مدة من الدهر حتى نال حظاً وافراً من المعرفة، فاستخلفه الشيخ ورخصه إلى بلدة
بتنه، فسكن بها على شاطئ نهر كنك وبنى بها مسجداً، أخذ عنه غير واحد من الأعلام، كما في زبدة
المقامات.
نورجهان بيكم
اسمها مهر النساء وهي بنت اعتماد الدولة غياث الدين بن محمد شريف الطهراني، انتقل والدها
غياث الدين من طهران إلى بلاد الهند بعد ما توفي أبوه محمد شريف سنة أربع وثمانين وتسعمائة،
فلما وصل إلى قندهار ولدت مهر النساء وجاءت مع والديها إلى فتحبور في أيام أكبر شاه التيموري
ونشأت في مهد العفة والطهارة، وتعلمت الخط والحساب وفنوناً أخرى، وكانت نادرة في الجمال
فافتتن بها جهانكير بن أكبر شاه، فلما علموا ذلك زوجوها بعلي قلي الأصفهاني، فلما تولى المملكة
جهانكير ولاه على بردوان ولقبه شير أفكن خان وولي قطب الدين أخاه من الرضاعة على بلاد
لنكاله، فلما وصل قطب الدين إلى بردوان استقبله شير أفكن خان ولكنه أساء الظن به فوقع فيه وقتله
ثم قتل، وكان ذلك سنة ست عشرة بعد الألف، فقبضوا على أهله وأمواله وأرسلوها إلى جهانكير،
فأراد أن يتزوج بمهر النساء فأبت ثم رضيت فتزوج بها، فحببت إليه حتى ألقى بيدها زمام السلطة
ولقبها نورجهان بيكم وأمر أن يضرب الدراهم والدنانير باسمها فضربت، ومنها هذا البيت:
بحكم شاه جهانكير يافت صد زيور بنام نورجهان بادشاه بيكم زر
وكانت من خيار النساء حسناً وجمالاً وعلماً وعقلاً، اخترعت أموراً كثيرة في الزي واللباس والحلي
والأشياء(5/660)
العطرة، وكانت ماهرة بالرمي والفروسية والسياسة والتدبير، دبرت لختنها شهريار بن
جهانكير من بطن آخر ليوليه الملك بعده، ورغبت زوجها جهانكير عن ابنه خرم الذي دبر جهانكير
بولايته بالملك بعده، فوقع الخلاف بينهما حتى آل إلى الحرب، وتوفي جهانكير ساخطاً على ابنه
خرم، فلما مات جهانكير أجلست نورجهان بيكم ختنها شهريار بن جهانكير على سرير الملك ببلدة
لاهور، ودبر أخوها آصف جاه الوزير لختنه خرم ابن جهانكير الحيلة فأعلن لولاية داور بخش بن
خسرو بن جهانكير، فوقع الحرب بينهما حتى دخل خرم بمدينة آكره وجلس على سرير الملك،
واجتمع معه آصف جاه ودفع فتنة أخته نورجهان فاقتعدت بلاهور، ووظف لها شاهجهان مائتي ألف
تصل إليها كل سنة، ولها أبيات رائقة بالفارسية، منها قولها:
نه كل شناسد وني رنك وبو نه عارض وزلف دل كسى كه بحسن ادا كرفتار است
توفيت سنة خمس وخمسين وألف ببلدة لاهور ولها اثنتان وسبعون سنة، فدفنوها في حديقتها التي
كانت قريبة من مقبرة جهانكير.
حرف الواو
المفتي وجيه الدين الكوباموي
الشيخ الفاضل العلامة المفتي وجيه الدين بن عيسى بن آدم بن محمد الصديقي الكوباموي، كان سبط
الشيخ جعفر بن نظام الدين العثماني الأميتهوي، ووالده عيسى كان سبط الشيخ نظام الدين إله ديا
الرضوي الخيرآبادي، ولد يوم الأحد لليلتين خلتا من رجب سنة خمس بعد الألف بكوبامؤ، وقرأ العلم
على جده الشيخ جعفر وعلى غيره من العلماء، وولي الافتاء والده بكوبامؤ، وله مشاركة في تصنيف
الفتاوي الهندية ذكره السهارنبوري في مرآة جهان نما وقال إنه أمر بتأليف الربع من ذلك الكتاب
وتحت يده عشرة رجال من الفقهاء، انتهى.
وكان رحمه الله كثير الدرس والإفادة، قرأ عليه الشيخ محمد آفاق اللكهنوي والقاضي عصمة الله بن
عبد القادر العمري وخلق كثير من العلماء، له شرح على الحصن الحصين وتعليقات على الخيالي
والمطول ورسائل في التصوف، مات لخمس خلون من جمادي الآخرة سنة ثلاث وثمانين وألف
بمدينة دهلي فنقل جسده إلى كوبامؤ.
الشيخ وجيه الدين الأكبرآبادي
الشيخ الفاضل وجيه الدين بن نصير الدين الأكبرآبادي، أحد كبار العلماء، ولد ونشأ بأكبرآباد، وأخذ
عن أبيه ولازمه زماناً طويلاً حتى برع في العلم والمعرفة وتولى الشياخة بعده، وكان صاحب وجد
وسماع، مات سنة اثنتين وسبعين وألف، كما في الأسرارية.
الشيخ ولي محمد النارنولي
الشيخ العالم الكبير ولي محمد النارنولي، أحد المشايخ المشهورين بالفضل والصلاح، أخذ الطريقة
عن الأمير أبي العلاء الأكبرآبادي، وأخذ عنه الشيخ أبو القاسم وخلق آخرون، ومن مصنفاته شرح
بسيط على المثنوي المعنوي.
قال الشيخ ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي في أنفاس العارفين: إن علاقته بالشيخ أبي العلاء كانت
كعلاقة الشيخ نصير الدين محمود الأودي بشيخه نظام الدين محمد بن أحمد البدايوني، وكانت طريقته
اتباع الشريعة المحمدية واقتفاء السنة السنية، لا ينحرف عنها قدر رأس شعرة لا في الأقوال ولا في
الأفعال، انتهى.
توفي لخمس بقين من شوال سنة سبع وخمسين وألف بأكبر آباد فدفن بها، كما في مهر جهانتاب
للسيد الوالد رحمه الله.
الشيخ ولي محمد الكجراتي
الشيخ الفاضل ولي محمد الحنفي الكجراتي المشهور بخانو، كان من العلماء المبرزين في المنطق
والحكمة يدرس ويفيد بكجرات، أخذ عنه الشيخ أحمد بن سليمان الكجراتي وقرأ عليه شرح المواقف
وسائر الفنون الحكمية، كما في مرآة أحمدي.(5/661)
الشيخ ولي محمد الكجراتي
الشيخ الصالح ولي محمد الشطاري الكجراتي، أحد رجال العلم والطريقة، ولد ونشأ بكجرات، ولازم
الشيخ صدر الدين محمد الجانبانيري سنة إحدى وثمانين وتسعمائة فسافر معه إلى كواليار ولبث بها
زماناً، ثم رجع معه وسكن بمندو وأقام بها بضع سنين، ثم سافر إلى خانديس وسكن بمدينة برهانبور،
وكان صاحب وجد وحالة، مات سنة عشر بعد الألف ببرهان بور، كما في كلزار أبرار.
حرف الهاء
الشيخ هاشم المنورآبادي
الشيخ العالم الصالح هاشم بن أبي الهاشم الحنفي المنورآبادي الكشميري، كان من الرجال المعروفين
بالفضل والصلاح، أخذ العلم عن الشيخ حيدر بن فيروز الكشميري، وأخذ الطريقة عن الشيخ محمد
منور الكشميري، وكان الشيخ حيدر المذكور قد تبناه، وقام مقامه في الدرس والإفادة، أخذ عنه خلق
كثير، توفي سنة سبع وتسعين وألف، كما في خزينة الأصفياء.
السيد هاشم العلوي البيجابوري
الشيخ الكبير هاشم بن برهان الدين العلوي الكجراتي ثم البيجابوري، أحد كبار المشايخ، ولد ونشأ
بكجرات، وقرأ العلم على عمه الشيخ وجيه الدين العلوي وعلى غيره من العلماء، ثم سافر إلى
الحجاز فحج وزار ورجع إلى الهند، فلما وصل إلى بندر كووه أغار على السفينة صاحب كووه وكان
نصرانياً من البورتغاليين، فأخذ وأسر من كان في السفينة وحبسهم في كووه، فلما سمع ذلك إبراهيم
عادل شاه البيجابوري كاتب ذلك النصراني وهدده فأطلق الأسراء من حبسه، فقدم السيد بيجابور
وسكن بها، ومات في أيام محمد عادل شاه.
مولانا هداية الله النصيرآبادي
الشيخ العالم الصالح هداية الله بن إسحاق بن معظم بن أحمد بن محمود بن العلاء الشريف الحسني
النصيرآبادي، كان من نسل الأمير الكبير بدر الملة المنير قطب الدين محمد بن أحمد الحسني
المدني، ولد ونشأ بنصيرآباد، وقرأ العلم على صنوه الكبير أحمد بن إسحاق النصيرآبادي ولازمه
ملازمة طويلة حتى برز في الفقه والأصول والعربية، رأيت بخطه الشريف رسالة في الخراج، وكان
من أجدادي يصل إليه نسبي بسبع وسائط.
الحكيم همام الشيعي الكيلاني
الفاضل الكبير همام بن عبد الرزاق الكيلاني كان شقي أبي الفتح بن عبد الرزاق الحكيم المشهور،
قدم الهند مع صنوه أبي الفتح ونال حظاً وافراً من عناية السلطان أكبر شاه بن همايون التيموري
والتفاته إليه، وكان اسمه همايون فبدله السلطان بهمايون قلي ثم بالهمام تأدباً لاسم والده، كما في مآثر
الأمراء.
قال البدايوني: إنه كان أحسن من أخيه الكبير أبي الفتح في الأخلاق، وهو وإن كان لا ينفع الناس
فإنه لا يضرهم أيضاً، مات في سادس ربيع الأول سنة أربع بعد الألف.
حرف الياء
مولانا يار محمد البدخشي
الشيخ العالم الصالح يار محمد الجديد البدخشي الطالقاني، أحد رجال العلم والمعرفة، أخذ عن الشيخ
أحمد بن عبد الأحد السرهندي وقرأ عليه بعض الكتب ولازمه مدة طويلة حتى بلغ رتبة المشيخة
فاستخلفه الشيخ، وله در المعرفة مجموع لطيف جمع فيه ثلاثة عشر وثلاثمائة مكتوب لشيخه وهو
المجلد الأول من المكتوبات، صنفه سنة خمس وعشرين وألف.
الشيخ ياسين بن أحمد البنارسي
الشيخ العالم الفقيه ياسين بن أحمد بن محمد بن عبد الرحيم بن أوحد الصديقي الجونبوري ثم
البنارسي، أحد المشايخ الجشتية، ولد سنة اثنتين وعشرين وألف بقرية مندواديه ونشأ في مهد الشيخ
طيب بن المعين البنارسي وقرأ عليه الصرف والنحو(5/662)
والفقه إلى الإرشاد والكنز، ثم ذهب إلى
جونبور فأقام بها سبع أو ثماني سنوات، وقرأ النحو والمنطق والحكمة والفقه والأصول على الشيخ
محمد أفضل بن محمد حمزة العثماني الجونبوري والشيخ محمد رشيد بن مصطفى الجونبوري، ثم
أنسد الحديث عن الشيخ محمد رشيد المذكور وعن الشيخ المحدث نور الحق بن عبد الحق البخاري
الدهلوي، ثم لازم الشيخ طيب وتلقى الذكر منه، فكتب له الشيخ وثيقة الخلافة سنة أربعين وألف
ووجهه إلى كوزه فسار إليها، وقرأ على الشيخ جمال بن مخدوم الكوزوي شطراً من هداية الفقه
وتفسير البيضاوي، ثم رجع إلى مندواديه وكان شيخه توفي قبل وصوله إلى ذلك المقام فجاور قبره،
واستفاض عن الشيخ محمد رشيد المذكور فيوضاً كثيرة، ثم تولى الشياخة مقام الشيخ طيب، وصرف
عمره في الافادة والعبادة، أخذ عنه كثير من المشايخ، وله كتاب بسيط في أخبار مشايخه سماه مناقب
العارفين كما في كنج أرشدي.
مولانا يتيم الله الأحمدنكري
الشيخ العالم الفقيه يتيم الله بن الجمال بن الحسين الحسني الحسيني القادري الأحمدنكري، أحد
العلماء الراسخين في العلم، كان من ذرية الشيخ عبد الوهاب ابن عبد القادر الجيلاني، ولد ونشأ
بقرية بتهري من أعمال أحمدنكر، وتلقى العلم من كبار الأساتذة، ثم تصدى للدرس والإفادة مقام
والده، لقيه محمد بن الحسن المندوي سنة ثلاث بعد الألف وقال في كلزار أبرار: إنه نعى به بعد
خمس سنين، لعله مات سنة ثمان أو تسع بعد الألف.
الشيخ يحيى بن أحمد السرهندي
الشيخ العالم الفقيه يحيى بن أحمد بن عبد الحد بن زين العابدين العمري السرهندي، كان من العلماء
الربانيين، ولد سنة سبع وعشرين وألف بمدينة سرهند، وقرأ العلم على أخويه: الشيخ محمد سعيد،
والشيخ محمد معصوم، ثم تصدى للدرس والإفادة، وتزوج بابنة الخواجه عبيد الله بن عبد الباقي
النقشبندي الدهلوي، وسافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار مرتين، قال الشيخ محسن بن يحيى
النرهتي في اليانع الجني: هو الذي خالفهم في مسألة الإشارة، انتهى، يعني أنه خالف والده وإخوته
في مسألة الإشارة بالمسبحة في التشهد في الصلاة، وله مصنفات.
مات لثلاث ليال بقين من جمادي الآخرة سنة ثمان وتسعين وألف وله إحدى وسبعون سنة، كما في
هديه أحمديه.
يحيى بن أحمد المعصوم الدستكي
السيد الشريف يحيى بن أحمد بن محمد المعصوم الدستكي الشيرازي أصلاً ومحتداً والمدني
الحجازي مولداً والهندي الحيدرآبادي مسكناً ومدفناً، ذكره شقيقه علي بن أحمد المعصوم الدستكي في
سلافة العصر قال: إنه ولد بالحجاز سنة ثمان وأربعين وألف ونشأ بها، ثم سافر إلى والده بالهند وأقام
بحيدرآباد إلى أن مات، وله شعر رقيق رائق، منها قوله:
تذكرت أيام الحجيج فأسبلت جفوني دماء واستجد بي الوجد
وأيامنا بالمشعرين التي مضت وبالخيف إذ حادي الركاب بنا يحدو
وقوله:
ألا لا سقى الله البعاد وجوره فإن قليلاً منه عنك خطير
ووالله لو كان التباعد ساعة وأنت بعيد إنه لكثير
وقوله:
ألا يا زماناً طال فيه تباعدي أما رحمة تدنو بها وتجود
لألقى الذي فارقت أنسى إذ نأى فها أنا مسلوب الفؤاد فريد
وقوله من قصيدة طويلة في مدح شقيقه علي:
أفق أيهذا القلب عما تحاوله فإنك مهما زدت زاد تشاغله(5/663)
دع الدهر يفعل كيف شاء فقلما يروم امرؤ شيئاً وليس يواصله
وما الدهر إلا قلب في أموره فلا يغترر في الحالتين معامله
ويا طالما طاب الزمان لواجد فسر وقد ساءت لديه أوائله
سقى ورعى الله الحجاز وأهله ملثاً تعم الأرض سقياً هواطله
فإن به دار ودار عزيزة علي ومهما أشغل القلب شاغله
ولكن لي شوقاً إلى خلتي التي متى ذكرت للقلب هاجت بلابله
أبيت ولي منها حنين كأنني طريح طعان قد أصيبت مقاتله
هوى لك ما ألقاه يا عذبة اللمى وإلا فصعب ما أنا اليوم حامله
أكابد فيك الشوق والشوق قاتلي وأسأل عمن لم يجب من يسائله
تقي الله في قتل امرء طال سقمه وإلا فإن الهجر لا شك قاتله
صليه فقد طال الصدود فقلما يعيش امرؤ والصد ممن يقاتله
حزين لما يلقاه فيك من الجوى فها هو مضني مدنف الجسم ناحله
بلى إن يكن لي من علي وعزمه معين فإني كلما شئت نائله
فراجعه عنها بقوله:
إليك فقلبي لا تقر بلابله إذا ما شدت فوق الغصون بلابله
تهيج لي ذكرى حبيب مفارق زرود وحزوي والعقيق منازله
سقاهن صوب الدمع مني ووبله منازل لا صوب الغمام ووابله
يحل بها من لا أصرح باسمه غزال على بعد المزار أغازله
تقسمه للحسن عبل ودقة فرن وشاحاه وصمت خلاخله
وما أنا بالناسي ليالي بالحمى تقضت وورد العيش صفو مناهله
ليالي لا ظبي الصريم مصارم ولا ضاق ذرعاً بالصدود مواصله
وكم عاذل قلبي وقد لج في الهوى وما عادل في شرعة الحب عاذله
يلومون جهلاً بالغرام وإنما له وعليه بره وغوائله
فلله قلب قد تمادى صبابة على اللوم لا تنفك تغلى مراجله
وبالحلة الفيحاء من أبرق الحمى رداح حماها من قنا الخط ذابله
تميس كما ماس الرديني مائداً وتهتز عجباً مثل ما اهتز عامله
مهفهفة الكشحين طاوية الحشا فما مائد الغصن الرطيب ومائله
تعلقتها عصر الشبيبة والصبا وما علقت بي من زماني حبائله
حذرت عليها آجل البعد والنوى فعاجلني من فادح البين عاجله
إلى الله يا أسماء نفساً تقطعت عليك غراماً لا أزال أزاوله
وخطب بعاد كلما قلت هذه أواخره كرت على أوائله
لئن جار دهر بالتفرق واعتدى وغال التداني من دهى البين غائله(5/664)
فإني لأرجو نيل ما قد أملته كما نال من يحيي الرغائب آمله
من النفر الغر الذين بمجدهم تأطد ركن المجد واشتد كاهله
لقد ألبست نفس المعالي بروده وزرت على شخص الكمال غلائله
توفي سنة اثنتين وتسعين وألف، كما في خلاصة الأثر.
السيد يحيى بن عبد الواحد البلكرامي
الشيخ العالم الفقيه يحيى بن عبد الواحد بن إبراهيم بن قطب الدين الحسني البلكرامي، أحد العلماء
الربانيين، ولد لليلتين خلتا من ذي القعدة سنة خمس وثمانين وتسعمائة، ونشأ في مهد العلم والمعرفة
وأخذ عن والده وتفنن عليه بالفضائل، ثم تصدر للدرس والإفادة ذكره البلكرامي في مآثر الكرام قال:
إنه كان ملكاً نزل على صورة إنسان، وكان زاهداً قنوعاً متوكلاً لا يلتفت إلى الدنيا وأسبابها، له
ميزان الأعمال ومعيار الأحوال مصنف لطيف في السلوك، توفي ببلكرام ودفن عند أبيه، انتهى.
مير يحيى الكاشي
الشيخ الفاضل يحيى بن فلان الحسيني الكاشي، أحد الشعراء المفلقين، قدم الهند ونال الصلات
الجزيلة من شاهجهان بن جهانكير سلطان الهند، ومن أبياته الرائقة قوله:
دولب دو ناخن مرد است تا بهم نرسد كره زخاطر خود وا نميتوان كردن
توفي في الحادي عشر من محرم سنة أربع وستين وألف بدهلي، كما في سرو آزاد.
الشيخ يعقوب بن الحسن الكشميري
الشيخ العالم الكبير يعقوب بن الحسن الصرفي الكشميري، أحد فحول الأساتذة، ولد سنة ثمان
وتسعمائة بكشمير، وحفظ القرآن وقرأ النحو والصرف والفقه على مولانا رضي الدين الكشميري،
وقرأ المنطق والحكمة والمعاني وغيرها على نصير الأعمى وأخذ عنه ولازمه زماناً، وأخذ الشعر
عن الشيخ محمد الآني تلميذ الشيخ عبد الرحمن الجامي، ثم سافر إلى سمرقند وأخذ الطريقة الكبروية
عن الشيخ حسين الخوارزمي وصحبه برهة من الزمان، ثم عاد إلى كشمير ولبث بها زماناً، ثم سافر
إلى الحرمين الشريفين فحج وزار، وأخذ الحديث عن الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي
المكي، وسار إلى بغداد واستفاض عن مشايخها، ثم رجع إلى كشمير ومكث بها مدة طويلة، ثم سافر
إلى الحجاز فحج وزار، وأتى بالكتب النفيسة من الفقه والحديث والتفسير، وتصدر للدرس والإفادة،
أخذ عنه الشيخ أحمد بن عبد الأحد السرهندي إمام الطريقة المجددية وخلق آخرون.
ومن مصنفاته تفسير القرآن الكريم، ولم يتم، وشرح على صحيح البخاري ومغازي النبوة ومسلك
الأخيار ومناسك الحج والروائح والوامق والعذراء وليلى مجنون وجواهر خمسه على منوال خمسة
الجامي وشرح الرباعيات، وله رسالة في الأذكار ورسالة في المقامات وتعليقات على التلويح، في
أصول الفقه، ومن أبياته الرائقة قوله:
در هرجه بينم آن رخ نيكو است جلوه كر در صد هزار آئينه يكرو است جلوه كر
خلقى بهر طرف شده سر كشته بهر دوست وين طرفه تركه دوست بهر سو است جلوه كر
مات ليلة الخميس الثاني عشر من ذي القعدة سنة ثلاث بعد الألف، كما في المنتخب.
مولانا يعقوب البناني
الشيخ العالم المحدث أبو يوسف يعقوب البناني اللاهوري، أحد الرجال المشهورين في الفقه
والحديث والفنون الحكمية، ولد ونشأ بلاهور، وقرأ العلم على أساتذة عصره، وبرع في كثير من
العلوم والفنون، جعله شاهجهان مير عدلاً في معسكره، كما في مرآة آفتاب نما.(5/665)
وقال رزق الله في الطبقة التاسعة من كتابه الأفق المبين في أخبار المقربين: إنه كان عالماً عارفاً،
جمع بين المعقول والمنقول من الفروع والأصول، ولي التدريس في المدرسة الشاهجهانية فانتفع به
كثير من الناس، وكان له باع طويل في الحديث، وإني رأيت في أثناء دروسه يتعقب على الفاضل
السيالكوتي بتعريضات، ومن مصنفاته كتابه الخير الجاري في شرح صحيح البخاري وكتابه المعلم
في شرح صحيح الإمام مسلم وكتابه المصفي في شرح الموطأ، وله شرح على تهذيب الكلام وشرح
على الحسامي وشرح على شرعة الاسلام، وكتابه أساس العلوم في التصريف، وله حاشية على
الرضي وحاشية على العضدي وحاشية على البيضاوي، وكانت وفاته ببلدة دهلي، دفن بها في داره،
وقبره مشهور انتهى.
وقال بختاور خان في مرآة العالم إن عالمكير بن شاهجهان جعله ناظر المحاكم العدلية في معسكره
وكان مع ذلك يدرس ويفيد، له حاشية على البيضاوي وتعليقات كثيرة على الكتب الدرسية، انتهى.
مات سنة ثمان وتسعين وألف، صرح به المفتي ولي الله الفرخ آبادي في بعض التعاليق.
خواجه يعقوب الدهلوي
الشيخ الفاضل خواجه يعقوب بن محمد صادق الحنفي النقشبندي الدهلوي، أحد الأفاضل المشهورين
بدهلي، له مصنفات، منها كتابه في أخبار المشايخ الذين أدركهم، ذكره السنبهلي في الأسرارية.
القاضي يوسف البلكرامي
الشيخ العالم الفقيه القاضي يوسف بن أبي المكارم بن أبي الفتح بن عبد الدائم، العثماني البلكرامي،
أحد الفقهاء الحنفية، ولد ونشأ ببلكرام، واشتغل بالعلم أياماً في بلدته، ثم سافر إلى إله آباد وقرأ الكتب
الدرسية على الشيخ محب الله الإله آبادي، ثم أخذ الطريقة عنه وولي القضاء ببلدته بلكرام بعد والده
أبي المكارم في أيام شاهجهان بن جهانكير في السنة التاسعة الجلوسية، له رسالتان بالعربية والفارسية
في أجوبة مسائل دارا شكوه بن شاهجهان، وهي ستة عشر سؤالاً بعثها إلى الشيخ محب الله المذكور،
فأجاب عنها القاضي يوسف في رسالة سماها بالهدية السلطانية، وكانت وفاته في خامس ذي القعدة
سنة أربع وثمانين وألف ببلكرام، كما في شرائف عثماني.
مولانا يوسف اللاهوري
الشيخ العالم الكبير العلامة يوسف بن أبي يوسف الحنفي اللاهوري الفاضل المشهور، لم يكن له
نظير في عصره في كثرة الدرس والإفادة وملازمة التفسير والوعظ مع الطريقة الظاهرة والصلاح،
قرأ العلم على مولانا جمال الدين التلوي اللاهوري، ودرس خمسين سنة ببلدة لاهور، أخذ عنه خلق
كثير، وكان بارعاً في التفسير، حسن القصص، حلو الكلام، مليح الشمائل، له اليد الطولى في جميع
العلوم عقلية كانت أو نقلية، مات في أيام شاهجهان بن جهانكير وله ثمانون سنة، كما في بادشاهنامه.
وفي مرآة العالم أنه اختار الخدمة الملوكية في أوائل عمره ثم تركها وانقطع إلى الدرس والإفادة
بمدينة لاهور فدرس بها اثنتي عشرة سنة، أخذ عنه الشيخ عبد اللطيف السلطانبوري وسعد الله خان
التميمي الوزير وجمع كثير من العلماء، انتهى.
المفتي يوسف الكشميري
الشيخ العالم الفقيه المفتي يوسف بن أبي يوسف الحنفي الكشميري كان مستحضراً للفروع مع
الخبرة التامة بالمعاني والبيان والمنطق وغيرها، يعترف بفضله ملا فاضل وابن أخته عبد الرزاق
المدفونان بكشمير، وكانا لا يجاريانه في حلبة البحث والتدقيق، وكان محباً للفقراء والمشايخ، يخضع
لديهم لا سيما للشيخ خاوند محمود البخاري، كما في حدائق الحنفية.
شريف الدين يوسف الحيدرآبادي
الشيخ الفاضل شريف الدين يوسف الحيدرآبادي، أحد رجال العلم والطريقة، مات سنة ثمان
وعشرين وألف بحيدرآباد فدفن خارج البلدة، كما في مهرجهانتاب للسيد الوالد.(5/666)
مولانا يونس الكروي
الشيخ العالم المحدث يونس بن أبي يونس، الحسيني الكروي، أحد فحول العلماء، لم يزل يشتغل
بتدريس الفقه والحديث والفنون العربية، وكان غاية في الزهد والقناعة واتباع السنة السنية، انتقل من
بلدته إلى كالبي، وقرأ عليه السيد محمد بن أبي سعيد الحسيني الترمذي الكتب الدرسية إلى المطول
وأسند الحديث عنه، كما في الضياء المحمدي.(5/667)
الجزء السادس
يتضمن تراجم علماء الهند وأعيانها في القرن الثاني عشر(6/682)
الطبقة الثانية عشرة
في أعيان القرن الثاني عشر
حرف الألف
السيد آل محمد المارهروي
الشيخ العالم الفقيه آل محمد بن بركة الله الحسيني الواسطي البلكرامي ثم المارهروي كان من نسل
الشيخ عبد الواحد البلكرامي صاحب السبع السنابل ولد ببلكرام يوم الخميس التاسع عشر من رمضان
سنة إحدى عشرة ومائة وألف، وتفقه على والده وأخذ عنه الطريقة، وحصلت له الإجازة عن الشيخ
لطف الله الحسيني البلكرامي، وكانت له قدم راسخة في اتباع الشريعة المطهرة واقتفاء السنة السنية،
لم يزل مشتغلاً بمطالعة كتب الحقائق والتصوف، مات في الخامس عشر من رمضان سنة أربع
وستين ومائة وألف بمارهره فدفن بها، كما في مآثر الكرام.
السيد آية الله البريلوي
السيد الشريف آية الله بن علم الله الحسني الحسيني النصيرآبادي ثم البريلوي أحد الرجال المعروفين
بالفضل والصلاح، حفظ القرآن وتفقه على والده وأخذ عنه الطريقة وتولى الشياخة بعده سنة ست
وتسعين وألف، وكان رجلاً فاضلاً شهماً مقداماً صالحاً ذا قناعة وعفاف وسخاء، زين مسند الإرشاد
بعد والده عشرين سنة، أخذ عنه الشيخ محمد أشرف وخلق آخرون، مات في الثاني عشر من رجب
سنة ست عشرة ومائة وألف فدفن عند والده، كما في أعلام الهدى.
إبراهيم بن ذو الفقار الدهلوي
الأمير الكبير إبراهيم بن ذو الفقار الدهلوي نواب آصف الدولة جملة الملك أسد خان العالمكيري
الوزير المشهور، كان من طائفة قرامانلو وكان ممن يشار إليه في حسن الخلق والخلق، ولد بأرض
الهند ونشأ في البيت الشامخ والعائلة الجليلة، لقبه شاهجهان بن جهانكير سلطان الهند أسد خان وجعله
آخته بيكي ثم ولاه على بخشيكري بالرتبة الثانية فاستقل بها مدة من الزمان، ثم لما تولى المملكة
عالمكير بن شاهجهان رقاه درجة بعد درجة حتى نال الوزارة الجليلة سنة سبع وتسعين وألف،
فاستقل بها إلى آخر أيام عالمكير، ولما تولى المملكة شاه عالم جعله وكيلاً مطلقاً، ولما تولى فرخ
سير وألقى زمام السلطة في أيدي الوزراء المتغلبة اعتزل عن الناس في بيته بدار الملك دهلي.
وكان رجلاً فاضلاً بارعاً في الإنشاء والخط طيب النفس بشوشاً سليم الفطرة حسن المعاشرة جميل
الملبس، مات سنة تسع وعشرين ومائة وألف وله أربع وتسعون سنة، كما في مآثر الأمراء.
إبراهيم بن علي الفارسي
الأمير الفاضل إبراهيم بن علي الشيعي الفارسي نواب علي مردان خان كان من الأمراء المعروفين
بالفضل والكمال، ولاه عالمكير على كشمير سنة اثنتين وسبعين وألف، فاحتمى به الشيعة وتعدوا
على أهل السنة فنقله عالمكير من كشمير إلى لاهور ثم إلى بهار، ثم ولاه على كشمير مرة ثانية سنة
تسع وثمانين وألف فمكث بها ثماني سنين وبذل جهده في تعمير البلاد وتكثير الزراعة وإرضاء
النفوس مدة من الزمان، ثم حدثت وقائع بين أهل السنة والشيعة واحتمى به الشيعة وقتلوا كثيراً من
أهل السنة وعمت البلوى، فغضب عليه(6/683)
عالمكير ونقله من كشمير سنة سبع وتسعين وولاه على
بنكاله فأقام بها زماناً، ثم ولاه على إله آباد ثم على لاهور ثم على كشمير مرة ثالثة سنة ثلاث عشرة
ومائة وألف، فاستقل بها إلى سنة ثمان عشرة ومائة وألف، وفي تلك المرة لم يدنس عرضه بالعصبية
وولى على كجرات في تلك السنة فسافر إليها محظوظاً بالجد والاقبال وأقام بها زماناً، ثم ولى على
كابل ولقبه شاه عالم بن عالمكير باسم والده علي مردان خان وعزل عنها فجاء إلى إبراهيم آباد على
ثلاثين ميلاً من لاهور واعتزل بها عن الناس، كما في مآثر الأمراء.
ومن مصنفاته بياض إبراهيمي في سبعة مجلدات. الأول والثاني والثالث من ذلك الكتاب في خلافة
الخلفاء الثلاثة والرابع في عائشة الصديقة والخامس فيما يتعلق بالأمير معاوية والسادس في إمامة
سيدنا علي وفضائل الحسنين والسابع في الفروع، كما في محبوب الألباب.
توفى سنة إحدى وعشرين ومائة وألف أو مما يقرب ذلكن كما في تاريخ كشمير.
الشيخ إبراهيم المرادآبادي
الشيخ الكبير إبراهيم بن أبي إبراهيم الجشتي المراد آبادي كان من أفاغنة روه قدم الهند وصحب
الشيخ آدم بن إسماعيل النقشبندي البنوري وأخذ عنه ثم فارقه، وسار إلى كنكوه ولازم الشيخ محمد
صادق الجشتي الكنكوهي وأخذ عنه وصحبه مدة من الزمان حتى نال حظاً وافراً من العلم والمعرفة
فسار إلى مرادآباد وسكن بها، أخذ عنه خلق كثير.
المفتي أبو البركات الدهلوي
الشيخ العالم الفقيه المفتي أبو البركات بن حسام الدين بن سلطن بن هاشم ابن ركن الدين بن جمال
الدين بن سماء الدين الحنفي الدهلوي كان من كبار الفقهاء الحنفية، ولد ونشأ بدار الملك دهلي وولى
الإفتاء بها ثم ولى القضاء في أيام عالمكير، له مجمع البركات في مجلدين ضخمين في الفقه، أوله
الحمد لله الذي نور قلوب الموحدين بنور التوحيد والايمان إلخ، قال فيه: لما كانت الروايات أشتاتاً
متفرقة جمعتها جمعاً ليسهل الوقوف بها ورتبتها ترتيباً يتيسر الاطلاع عليها في هذا المختصر، إلخ،
فرغ من تصنيفه اليوم التاسع من شهر ذي الحجة سنة ست عشرة ومائة وألف، وكانت له اليد
الطولى في الفقه والأصول، وهو من مصنفي الفتاوي الهندية كما في شمس التواريخ.
السيد أبو البقاء التتوي
الشيخ الفاضل أبو البقاء بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي المكارم بن غياث الدين العريضي
السبزواري ثم التتوي السندي أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، أخذ عن تراب حيدر الدين
السندي، له جراغ هدايت في التاريخ، مات في أواخر عهد محمد شاه الدهلوي، كما في تحفة الكرام.
السيد أبو بكر بن محسن با عبود السورتي
الشيخ العالم الكبير العلامة أبو بكر بن محسن با عبود العلوي السورتي أحد الأدباء المشهورين من
أهل اليمن الميمون، قدم الهند وسكن بمدينة سورت له المقامات الهندية فيها خمسون مقامة عزى
روايتها إلى الناصر بن الفتاح ونشأتها إلى أبي الظفر الهندي، صنفها سنة ثمان وعشرين ومائة
وألف.
القاضي أبو بكر المدراسي
الشيخ العالم الفقيه القاضي أبو بكر الشافعي المدراسي، كان من طائفة لبه بتشديد الموحدة ولاه نواب
آصف جاء القضاء سنة سبع وخمسين ومائة وألف وجعله قاضي القضاة ببلاد كرنالك ومنحه أقطاعاً
من الأرض الخراجية في شمس بلي يحصل له منها اثنا عشر ألفاً من النقود كل سنة، كما في أساس
كرنالك.
الشيخ أبو الحسن الويلوري
الشيخ العالم الصالح أبو الحسن بن عبد اللطيف بن أبي الحسن بن عبد اللطيف ابن ولي الله بن عبد
اللطيف بن محمد بن عبد الحق بن قطب(6/684)
الدين بن عبد الفتاح العسكري الأحمدآبادي الكجراتي ثم
الويلوري المدارسي كان من مشايخ الطريقة القادرية، ولد سنة سبع عشرة ومائة وألف، وقرأ على
والده الشيخ عبد اللطيف والشيخ محمد حسين البيجابوري والشيخ فخر الدين خليفة الشيخ عبد الحق
الساوي والشيخ محمد ساقي وغيرهم، ونال الإجازة في الطريقة القادرية من والده، والشيخ فخر الدين
وصحبه مدة من الزمان، ثم صحب الشيخ عبد الحق الساوي، وقطع منازل السلوك في تربيته وتحت
إشرافه وأجازه الشيخ في جميع الطرق، وكان شاعراً يتلقب في الشعر بقربى قرأ عليه ولده الشيخ
عبد اللطيف القادري والعلامة محمد باقر آكاه المدارسي، له مسجد ورباط وبيت في ويلور وله
مصنفات أيضاً في الفقه والعقائد والتصوف وأبيات رائقة بالفارسية، مات لتسع عشرة خلون من
رمضان سنة اثنتين وثمانين ومائة وألف، كما في حديقة المرام.
الشيخ أبو الحسن السندي الكبير
الشيخ الإمام العالم العلامة المحدث الكبير أبو الحسن نور الدين محمد بن عبد الهادي الحنفي السندي
الأصل والمولد، نزيل المدينة المنورة، ولد ببلدة تته من إقليم السند ونشأ بها ثم سافر إلى تستر وأخذ
بها عن جملة من الشيوخ، ثم رحل إلى المدينة المنورة وسكن بها وأخذ عن السيد محمد بن عبد
الرسول البرزنجي والشيخ إبراهيم بن حسن الكوراني المدني وعن غيرهما من المشايخ، ودرس
بالحرم الشريف النبوي واشتهر بالفضل والذكاء والصلاح، وألف مؤلفات نافعة أشهرها الحواشي
الستة على الصحاح الستة إلا أن حاشيته على جامع الترمذي ما تمت، وله حاشية نفيسة على مسند
الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، وحاشية على فتح القدير لابن الهمام إلى باب النكاح، وحاشية على
حاشية شرح جمع الجوامع لابن القاسم المسماة بالآيات البينات، وله شرح على أذكار الإمام النووي
وله غير ذلك من المؤلفات النافعة.
مات في الثاني عشر من شوال سنة ثمان وثلاثين ومائة وألف بالمدينة المنورة، وكان له مشهد
عظيم حضره الجم الغفير من الناس حتى النساء وغلقت الدكاكين وحمل الولاة نعشه إلى المسجد
الشريف النبوي وصلى عليه به ودفن بالبقيع وكثر البكاء والأسف، كما في سلك الدرر وفي تاريخ
الجبرتي أنه مات سنة ست وثلاثين ومائة وألف.
الشيخ أبو الحسن السندي الصغير
الشيخ الإمام العالم المحدث أبو الحسن بن محمد صادق السندي كان مشهوراً بالصغير ليمتاز عن
الشيخ أبي الحسن محمد بن عبد الهادي السندي الكبير، ولد بأرض السند، وهاجر إلى المدينة المنورة
وأخذ عن الشيخ محمد حياة السندي ولازمه ملازمة طويلة، ثم تصدر للتدريس في تلك البقعة
المباركة، ولم يكن مثله في زمانه في كثرة الدرس والإفادة، له مصنفات عديدة، منها شرح جامع
الأصول ومنها مختار الأطوار في أطوار المختار وله غير ذلك، أخذ عنه السيد أبو سعيد بن محمد
ضياء الشريف الحسني البريلوي والشيخ أمين ابن الحميد العلوي الكاكوروي وخلق كثير من العلماء،
مات ليلة الجمعة لخمس بقين من شهر رمضان سنة سبع وثمانين ومائة وألف بالمدينة المنورة، كما
في رسالة الشيخ أمين بن الحميد المذكور.
مولانا أبو الحسن الكشميري
الشيخ الفاضل العلامة أبو الحسن الحنفي الكشميري المشهور بشاهم بابا كان من العلماء المبرزين
في الفقه والأصول والعربية، برز على معاصريه في استحضار المسائل الجزئية وحلاوة المنطق
وسرعة الحفظ والإدراك، كان يقرأ عبارات تفسير البيضاوي وتعليقات العصام عن ظهر قلبه، ويقرأ
القرآن حفظاً في مناظرات تجري بينه وبين العلماء، وكان يقدح على تعليقات العلامة عبد الحكيم بن
شمس الدين السيالكوبي كثيراً، كما في حدائق الحنفية.
أبو الحسن تانا شاه الحيدرآبادي
الملك الفاضل أبو الحسن تانا شاه الشيعي الحيدرآبادي أحد ملوك الدكن، ولى المملكة بعد صهره عبد
الله قطب شاه سنة ثلاث وثمانين وألف، وألقى(6/685)
عنان السلطنة بيد وثنيين مادنا وينكنا فأحيا رسوم
الكفر والجاهلية في الاسلام، ولم يزل تانا شاه منهمكاً في اللذات والخمور فسير إليه عالمكير بن
شاهجهان الدهلوي جيوشه، فقاتلت قتالاً شديداً حتى وصلت إلى حيدرآباد وفر تانا شاه إلى قلعة
كولكنده فحاصروها وضيقوا على أهلها، ودافع أهل القلعة دفاعاً حسناً مدة من الزمان، فلما استيأس
الناس عن الخلاص قتلوا مادنا وينكنا، وأسر تانا شاه فأمر بحبسه عالمكير بقلعة دولة آباد وانقرضت
الدولة القطب شاهية عليه.
وكان تانا شاه من كبار العلماء، رأيت حواشيه على الكشاف للزمخشري في خزانة حبي في الله ربى
العلامة حبيب الرحمن الشرواني بقلعة حبيب كنج من أعمال عليكدة وكان جغتائياً في النسب، ولد
ونشأ بحيدرآباد وقرأ العلم ثم لازم الفقراء والدراويش مدة طويلة، ثم طلبه عبد الله قطب شاه وزوجه
بابنته، واتفق عليه الناس بعد موت صهره لما جمع الله فيه من حسن الخلق وطلاقة الوجه والتفحص
عن أخبار الناس وحسن المعاشرة بهم في جميع الأمور.
ومن عجائب تانا شاه تقسيم عمره على حصص متساوية كلها أربع عشرة سنة، فمن ذلك أيام صباه
وهي أربع عشرة سنة، ومنها أيام تحصيله للعلم وهي أيضاً كذلك، ومنها مصاحبة الصوفية وهي
أيضاً كذلك، ومنها ولاية الملك وهي أيضاً كذلك، ومنها أيامه في الأسر وهي أيضاً كذلك، وكان
شاعراً مجيد الشعر بالفارسية والهندية.
توفي يوم الخميس لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول سنة إحدى عشرة ومائة وألف بقلعة دولةآباد.
مولانا أبو الخير الجونبوري
الشيخ العالم الفقيه أبو الخير بن القاضي ثناء الله العمري الجونبوري أحد العلماء الصالحين، ولد
ونشأ ببلدة جونبور واشتغل بالعلم وسافر إلى بلاد شتى وأخذ عن غير واحد من العلماء ثم تصدى
للدرس والإفادة، وكان زاهداً عفيفاً ديناً قنوعاً شديد التعبد كثير الاشتغال بالدرس والإفادة، أراد اللورد
هستنك الحاكم العام بالهند أن يوليه الإفتاء فلم يجبه.
وله مصنفات عديدة كحاشيته على شرح العقائد للتفتازاني وحاشية على شرح العقائد للدواني.
مات سنة ثمان وتسعين ومائة وألف ببلدة جونبور فدفن بها عند والده ثناء الله وقد أخطأ الظفرآبادي
فيه قال: إن ثناء الله كان جده، وقد سألت الشيخ أبا بكر بن أبي الخير بن سخاوة على الجونبوري
وهو من سلائل الشيخ أبي الخير فأراني سياق نسبه فإذا فيه: إن ثناء الله كان والد أبي الخير، وقد
أرخ بعضهم لموته من قوله ملا أبو الخير جونبوري.
الشيخ أبو الرضا محمد الدهلوي
الشيخ العالم الصالح أبو الرضا محمد بن وجيه الدين العمري الحنفي الدهلوي أحد العلماء المبرزين
في التصوف، ولد ونشأ بدار الملك دهلي وقرأ العلم على الحافظ بصير وعلى خواجه عبد الله بن عبد
الباقي النقشبندي الدهلوي، ثم سلك مناهج الإنزواء والتجريد والتوكل والعمل بالكتاب والسنة،
واستفاض من روحانية الشيخ الإمام عبد القادر الجيلاني وغيره من المشايخ فيوضأ كثيرة.
وكان قوي العلم فصيح اللسان عظيم الورع واسع المعرفة صبيح الوجه طويل القامة أبيض اللون
خفيف اللحية لين الكلام، يذكر كل أسبوع يوم الجمعة ويدرس في العلوم كلها إلى أن كبرت سنه،
فترك الاشتغال المفرط بذلك واقتصر على تدريس مشكاة المصابيح وتفسير البيضاوي.
وكان صاحب مقامات علية وكرامات جلية ومعارف خاصة ومواجيد صادقة، يستغرق دائماً في بحار
التوحيد ويقتفي آثار الشيخ محي الدين بن عربي وعين القضاة الهمداني وحسين بن منصور الحلاج
وغيرهم في مسألة وحدة الوجود، كانت بينه وبني الشيخ عبد الأحد بن محمد سعيد السرهندي
مطارحات تفعم بها بطون الصفحات، قد أورد الشيخ ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي شطراً من ذلك
في الجزء الثاني من أنفاس العارفين وكان الشيخ ولي الله المذكور ابن أخيه.
ومن فوائده رحمه الله
بناء الطريقة القدسية الرضائية على عشر كلمات:(6/686)
تنزيه المقصود وتفريد الهمة وتجريد التوحيد
ومطالعة الجمال في الأنفس والآفاق والإطلاق والفناء في اللاهوت والبقاء بالهاهوت والذكر
بالاجتماع والجمع بين الجهر والخفاء والحد مع الأصفياء والصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
في الابتداء والانتهاء.
ومن فوائده رحمه الله
الفناء فقدان لوازم البشرية إما ذهولاً عن علمها أو علماً بانعدامها أو حالاً حقيقياً، والفناء على تسع
مراتب، الأولى الذهول وهو عبارة عن عدم شعور العبد بنفسه عند الاستغراق في ذكر الحق لأهل
الحجاب أو عند بروز أنوار الجمال لأهل الكشف، الثانية الذهاب وهو فناء العبد عن أفعاله لشهود
أفعال الحق كالقلم بيد الكاتب وقد يطلق على الترقي، الثالثة السلب وهو عبارة عن فناء صفات الخلق
بظهور صفات الحق، الرابعة الاصطلام وهو فناء العبد عن ذاته بوجود ذات الحق، الخامسة الانعدام
وهو فناء العبد عن فنائه فلا يبقى عنده شعور بأنه فان، السادسة الحق وهو زوال الحس من نفس
العبد فتقبل الصفات الإلهية من غير تعمل كما تقبل صفات نفسه فهو أول مقامات التحقق بالله،
السابعة المحقق وهو زوال الحصر والخد من جسمانية العبد وروحانيته، الثامنة الطمس وهو ذهاب
أحكام البشرية من طبعه وعادته وظاهره وباطنه فلا يعتريه الجوع المفرط والسهر الدائم وغيرهما،
التاسعة المحو وهو كمال الزوال بسائر آثار الخليفة بظهور آثار الحقيقة، فالمراتب الخمس الأول
مخصوصة بأهل الفناء، والأخيرة بأهل البقاء والبقاء، صفة إلهية لا يتصف بها العبد بغير فنائه عن
نفسه، انتهى.
مات في السابع عشر من محرم سنة إحدى ومائة وألف بدهلي فدفن بها، كما في أنفاس العارفين.
السيد أبو سعيد البريلوي
السيد الشريف أبو سعيد بن محمد ضياء بن آية الله بن الشيخ الأجل علم الله النقشبندي البريلوي أحد
العلماء الربانيين.
ولد ونشأ ببلدة رائح بريلي وقرأ العلم على ملا عبد الله الأميتهوي ثم بايع عمه السيد محمد صابر
بن آية الله النقشبندي واشتغل بأذكار القوم وأشغالها مدة من الزمان، ثم رحل إلى دهلي ولازم الشيخ
ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي وأخذ عنه، لما توفى الشيخ ولي الله تحسس في نفس شيئاً فلازم
صاحبه الشيخ محمد عاشق بن عبيد الله البهلتي وأخذ عنه، وكتب له محمد عاشق المذكور الإجازة
قال فيها: إن السيد التقي النقي العارف بالله الولي الحميد المير أبو سعيد كان قد صحب شيخنا الأجل
ولي الله المحدث رضي الله عنه، وأخذ عنه بعض أشغال الطريقة ومارسها وداوم عليها حتى انفتح
عليه ببركة توجه الشيخ باب أسرار اللطائف اليقينية البارزة منها والكامنة فظهرت عليه أحوالها
وآثارها وحصل له الشهود الذي عند القوم أتم المقصود ثم لما انتقل الشيخ إلى دار الرضوان بدا له
أن يأخذ من الفقير ما بقي من أشغال الطريقة النقشبندية والقادرية والجشتية وغيرها من طرق
المشايخ الصوفية وأن يدخل في الطريقة بالطريق المتوارث بين الصوفية فلما رأيته مشغوفاً في ذلك
أسعفت له المرام خوفاً من حديث الإلجام فلقنته تلك الأشغال فلما شاهدت فيه آثارها وأنوارها ووجدته
متمكناً فيها أجزته بعد الاستخارة لإرشاد الطالبين وتسليك السالكين وأخذ البيعة في تلك الطرق جميعاً
وألبسته الخرقة الفقرية الفخرية إلباس إنابة وإجازة كما أجازني وألبسني شيخنا الأجل، وكما أجازني
وألبسني العارف بالله الشيخ عبيد الله بما وصل إليه من آبائه الكرام ومشايخه العظام، وأيضاً أجزته
لدرس التفسير والحديث والفقه والتصوف بعد المطالعة ومراجعة الشروح ودرس النحو والصرف،
وأيضاً أجزته لتصريف الآيات والأسماء وأعمال المشايخ في الحوائج المشروعة، وأجزته لجمع ما
في القول الجميل في بيان سواء السبيل ولجميع ما في الإنتباه في سلاسل أولياء الله من الأشغال
والأعمال، انتهى.
والسيد أبو سعيد كان شيخاً جليل الوقار عظيم الهيئة كريم النفس مسدي الإحسان مقري الضيفان،
سافر إلى الحجاز مع أصحابه ووصل إلى مكة المباركة لليلتين بقيتا من شهر ربيع الأول سنة سبع
وثمانين ومائة وألف فسعد بالحج وسافر إلى المدينة المنورة وأقام بها ستة أشهر وسمع المصابيح
على الشيخ أبي الحسن السندي الصغير وكان جالساً تجاه المرقد المنور للنبي(6/687)
المطهر عن زيغ
البصر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرآه كأنه خرج من الحجرة المباركة وبدا كتفاه أولاً ثم ظهر له الجسد
المطهر وجلس قدامه وتبسم، قال صاحبه الشيخ أمين بن الحميد العلوي الكاكوروي في رسالته: إن
الشيخ أبا سعيد كان يقول: إني رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المدينة المنورة بعين رأسي،
انتهى ثم رجع إلى مكة المباركة وقرأ الجزرية على الشيخ محمد ميرداد الأنصاري، ورحل إلى
الطائف ثم إلى الهند ودخل مدراس فأقام بها زماناً، ورزق حسن القبول في تلك الناحية وانتفع به
الناس وأخذوا عنه، منهم الشيخ الحاج أمين الدين بن حميد الدين الكاكوروي والشيخ عبد القادر
الخالص بوري والمير عبد السلام البدخشي والشيخ ميرداد الأنصاري المكي ومولانا جمال الدين بن
محمد صديق قطب ومولانا عبد الله الآفندي والشيخ عبد اللطيف الحسيني المصري وخلق آخرون.
مات في تاسع رمضان سنة ثلاث وتسعين ومائة وألف ببلدة رائي بريلي فدفن بها.
السيد أبو سعيد الكالبوي
الشيخ الصالح أبو سعيد بن فضل الله بن أحمد بن محمد بن أبي سعيد الحسيني الترمذي الكالبوي
أحد المشايخ المشهورين، ولد ونشأ بكالبي وأخذ عن والده وتفقه عليه وتولى الشياخة بعده، بايعه
نواب غضنفر جنك صالح فرخ آباد فحصل له القبول العظيم عند الأمراء، وكان قليل الشعر ينظم
أحياناً بالفارسي ويتلقب بالعرفان، توفي سنة سبع وأربعين ومائة وألف، كما في مآثر الكرام.
المفتي أبو سعيد الكوباموي
الشيخ العالم الفقيه أبو سعيد بن عليم الله بن عبيد الله بن عيسى بن آدم الشهابين الكوباموي أحد
العلماء الصالحين، ولد لسبع عشرة خلون من ذي الحجة سنة أربع وثمانين وألف، وأخذ عن أبيه
وولي الإفتاء بكوبامؤ بعد والده وكان يدرس ويفيد، أخذ عنه المولوي وهاج الدين الكوباموي وخلق
آخرون، له بحر الحقائق، مات سنة إحدى وخمسين ومائة وألف.
أبو طالب بن أبي الحسن الدهلوي
الأمير الكبير أبو طالب بن أبي الحسن بن غياث الدين الطهراني ثم الهندي الدهلوي نواب شائسته
خان أمير الأمراء ابن آصف جاه ابن اعتماد الدولة، ولد ونشأ بأرض الهند وقرأ العلم وتمهر بالفنون
الحربية ونال المنصب في صباه خمسمائة لنفسه في أول وهلة خلافاً للقانون ولقبه جهانكير بن أكبر
شاه سلطان الهند بشائسته خان، ولما تولى المملكة شاهجهان بن جهانكير أضاف في منصبه غير مرة
حتى صار ستة آلاف لنفسه وستة آلاف للخيل ذوات الأفراس، ولما تولى المملكة عالمكير بن
شاهجهان جعل منصبه سبعة آلاف لنفسه وسبعة آلاف للخيل ذوات الأفراس ولقبه بأمير الأمراء،
وأعطاه أقطاعاً تحصل له منها كل سنة عشرون مليوناً من دام وخصه بضرب النوبة في الحضرة،
وولاه على إيالات واسعة فسيحة كأرض الدكن وإقليم بنكاله، فعاش في غاية العظمة والأبهة، ولم يكن
له نظير في زمانه في الحلم والتواضع وحسن المعاشرة وإيصال النفع إلى الناس والإحسان إلى
العجزة والأرامل والأيتام وغيرها من الأخلاق الرضية والشمائل المرضية، كما في مآثر الأمراء.
وكان قرأ بعض الكتب على العلامة محمود بن محمد الجونبوري وشاركه في الأخذ والقراءة عليه
نور الدين جعفر بن عزيز الله المداري، كما في كنج أرشدي وله آثار حسنة من جسور ورباطات
ومساجد في كل ناحية من نواحي الهند.
مات سنة خمس ومائة وألف، كما في مآثر الأمراء.
مولانا أبو طالب السنبهلي
الشيخ الفاضل أبو طالب بن نواز محمد بن جمال محمد بن عبد الله بن عبد العظيم الحسيني
السنبهلي أحد رجال العلم والطريقة، ولد ونشأ بمدينة سنبهل وقرأ العلم على أساتذة عصره، ثم تقرب
إلى الملوك والأمراء وخدمهم برهة من الزمان، ثم فارقهم ولازم السيد عبد الرزاق بن عبد الرحيم
الهانسوي وأخذ عنه الطريقة، ثم اعتزل عن الناس ببلدته سنبهل وتصدى للدرس والإفادة، قال
اللكهنوي في البحر الزخار: إنه(6/688)
قرأ تفسير البيضاوي على الشيخ قطب الدين بن عبد الحليم
الأنصاري السهالوي رحمه الله، انتهى.
الشيخ أبو الطيب السندي
الشيخ العالم الصالح أبو الطيب محمد بن عبد القادر السندي المدني أحد العلماء المحدثين، ولد ونشأ
ببلاد السن وقرأ العلم وسافر إلى الحجاز فحج وزار وسكن بالمدينة المنورة، وأخذ الحديث عن الشيخ
حسن بن علي العجيمي وقرأ عليه الصحاح والسنن غالبها بمشاركة العلامة طاهر بن إبراهيم بن
الحسن الكوراني المدني، وأخذ عن الشيخ محمد سعيد الكوكني القرشي النقشبندي، وأجازه الشيخ
أحمد البنا فدرس وأفاد مدة عمره.
وكان على قدم الصدق والصلاح حنفي المذهب نقشبندية الطريقة، له شرح حسن بالعربي على
جامع الترمذي أوله الحمد لله الذي شيد أركان الدين الحنيفي بكتابه المبين. إلخ، وله حاشية على الدر
المختار للحصكفي، وقد أخذ عنه الشيخ عبد الرحمن بن عبد الكريم الأنصاري المدني والشيخ عبد
الله بن إبراهيم البري المدني والشيخ محمد بن علي الشرواني المدني والشيخ يوسف ابن عبد الكريم
المدني وخلق كثير من العلماء.
الشيخ أبو الغيث البهيروي
الشيخ العارف أبو الغيث بن محمد بن إسماعيل بن أبي الخير العمري البهيروي المشهور بكرم
ديوان، ولد في ربيع الثاني سنة مائة وألف بقرية بهيره وأخذ عن أبيه ثم ساف إلى إله آباد وأخذ عن
الشيخ فتح محمد السيدانوي ولازمه زماناً ثم تصدر للإرشاد، أخذ عنه خلق كثير، مات لأربع بقين
من جمادى الآخرة سنة سبع وسبعين ومائة وألف بوليد بور فدفن بها، كما في التاريخ المكرم.
أبو الفتح بن عبد الجميل السندي
الأمير الفاضل أبو الفتح بن عبد الجميل التتوي السندي المشهور بقابل خان، ولد ونشأ بمدينة تته
وسافر إلى دهلي فتقرب إلى عالمكير بن شاهجهان سلطان الهند وترقى درجة بعد درجة حتى ولي
الإنشاء وصار دبيراً له، ولقبه عالمكير قابل خان، اعتزل في آخر عمره لكبر سنه فولي مكانه صنوه
محمد شريف بن عبد الجميل، له كتاب جمع فيه رسائل عالمكير إلى والده وإخوته ومشايخ عصره
وإلى الأمراء.
الشيخ أبو الفتح النيوتيني
الشيخ الفاضل أبو الفتح بن سليمان بن الفضل بن القاضي ضياء الدين العثماني النيوتيني الأودي
كان من نسل القاضي ضياء الدين العثماني، ولد ونشأ بنيوتني قرية من أعمال موهان وقرأ العربية
أياماً على الشيخ محمد زمان الكاكوروي ثم لازم السيد حسين بن إبراهيم البلكرام وقرأ عليه ثم سار
إلى السيد محمد زاهد بن أسلم الهروي وأخذ عنه المنطق والحكمة حتى صار أبدع أبناء عصره في
المعقول والمنقول فرجع إلى بلاده وأخذ الطريقة عن الشيخ بير محمد اللكهنوي ثم تصدر للتدريس،
أخذ عنه غير واحد من العلماء، كما في مآثر الكرام.
مولانا أبو الفتح الكشميري
الشيخ العالم الفقيه أبو الفتح الكاني الحنفي الكشميري أحد أكابر العلماء الحنفية، صرف عمره في
الدرس والإفادة، وكان ممن أخذ الطريقة عن الشيخ محمد الجشتي والشيخ محمد مراد النقشبندي، مات
سنة تسع وأربعين ومائة وألف، كما في حدائق الحنفية.
المفتي أبو الفتح الكشميري
الشيخ العالم الفقيه المفتي أبو الفتح الحنفي الكشميري المشهور بكلو، كان من العلماء المبرزين في
المعقول والمنقول، ولد ونشأ بكشمير وقرأ العلم على مولانا حيدر بن فيروز الجرخي الكشميري
وتخرج عليه ومهر في الفقه والأصول والعربية حتى كاد يضرب به المثل في استخراج المسائل،
تولى في آخر عمره الإفتاء بكشمير، وله سيف السابين كتاب في الرد على الشيعة، وتعليقات شتى
على الكتب الدرسية، توفى سنة اثنتين ومائة وألف بكشمير فدفن بمقبرة السلطان زين العابدين
الكشميري، كما في روضة الأبرار.(6/689)
القاضي أبو الفرح الكجراتي
الشيخ العالم الفقيه أبو الفرح الكجراتي أحد رجال العلم، ولي القضاء مكان القاضي عبد الله بن محمد
شريف الكجراتي بمدينة أحمد آباد في أيام عالمكير ابن شاهجهان الدهلوي فاستقل بها زماناً وعزل
عنها سنة إحدى وعشرين ومائة وألف في أيام شاه عالم بن عالمكير وولي مكانه القاضي أبو الخير ثم
عزل في عهد جهاندار شاه وولي مكانه القاضي أظهر ثم عزلوه وولوا مكانه القاضي خير الله، كما
في مرآة أحمدي.
مولانا أبو القاسم السندي
الشيخ الفاضل أبو القاسم بن المفتي داود الحنفي التتوي السندي أحد العلماء المبرزين في الفقه
والأصول والعربية، كان يدرس ويفيد، أخذ عنه خلق كثير، وجعله عالمكير بن شاهجهان الدهلوي
سلطان الهند وكيلاً شرعياً له في دار القضاء، مات سنة ثلاث عشرة ومائة وألف فأرخ لموته بعض
أصحابه من قوله ذهب العلم من السند، كما في تحفة الكرام.
المفتي أبو محمد السهسواني
الشيخ العالم الفقيه المفتي أبو محمد بن محمد عاقل بن محمد فاضل بن عبد الشكور الحسيني
المودودي السهسواني أحد العلماء الصالحين، ولد ونشأ بسهسوان، وقرأ العلم على أبيه ولازمه مدة،
حتى برز في الفقه والأصول، وولي الإفتاء ببلدته بعد ما توفي والده، وكان صاحب درس وإفادة،
مات سنة خمس وخمسين ومائة وألف ببلدته سهسوان كما في حياة العلماء.
الشيخ أبو المظفر البرهانبوري
الشيخ الصالح أبو المظفر الحنفي النقشبندي البرهانبوري أحد المشايخ المشهورين، أخذ الطريقة عن
الشيخ محمد معصوم بن الشيخ أحمد العمري السرهندي ولازمه مدة من الزمان حتى بلغ رتبة
المشيخة، رخصه الشيخ إلى برهان بور فسكن بها وحصل له القبول العظيم، أخذ عنه الشيخ عناية
الله البالا بوري وخلق آخرون، توفي نحو سنة ثمان ومائة وألف ببلدة برهان بور، كما في محبوب
ذي المنن.
الشيخ أبو المعالي الأنبيثهوي
الشيخ الكبير أبو المعالي بن محمد أشرف الحسيني الأنبيثهوي أحد المشايخ المشهورين في الهند،
ولد ونشأ بقرية أنبيتلهه من أعمال سهارنبور، وأخذ العلم والمعرفة عن الشيخ محمد صادق بن فتح
الله الكنكوهي ثم عن الشيخ داود ابن محمد صادق وتولى الشياخة بأنبيتلهه، أخذ عنه محمد سعيد بن
يوسف الأنبالوي وخلق كثير، مات سنة ست عشرة ومائة وألف ببلدته وقبره بها ظاهر مشهور، كما
في أنوار العارفين.
الشيخ أبو النجيب الأميتلهوي
الشيخ العالم الصالح أبو النجيب بن عبد الحكيم بن بايزيد بن محمد بن بايزيد بن قاضي عالم
العثماني الأميتلهوي كان من العلماء المشهورين في عصره، ولد ونشأ بأميتلهي، وقرأ العلم على
أساتذة عصره ثم أخذ الطريقة عن الشيخ مجتبي ابن مصطفى القلندري العباس اللاهربوري ولازمه
مدة من الزمان، ثم قدم لكهنؤ فقربه نواب فدائي خان إلى نفسه ووظف له فلبث عنده زماناً ثم اعتزل
عنه، وله أبيات رائقة في بهاشا ومصنفات عديدة بالفارسية والهندية منها شواهد نجيبي ورموزات
نجيبي كلاهما بالفارسية وكيان بهيد بالهندية، مات في 28 ذي القعدة، كما في رياض عثماني.
المفتي أبو الوفاء الكشميري
الشيخ العالم الفقيه أبو الوفاء الكشميري أحد أكابر الفقهاء الحنفية، ولد ونشأ بكشمير وتخرج على
مولانا محمد أشرف الجرخي والشيخ أمان الله ابن خير الدين الكشميري، واشتهر في استخراج
المسائل الفقهية فولى الإفتاء ومنح أرضاً خراجية، له كتاب في الفقه في أربعة مجلدات وله أنوار
النبوة رسالة في الخصائص النبوية، مات سنة تسع وسبعين ومائة وألف، كما في حدائق الحنفية.(6/690)
الشيخ أبو يوسف الأميتوي
الشيخ الصالح أبو يوسف بن أبي يزيد بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن العلاء ابن محمد بن خطير بن
فريد بن إسماعيل بن محمد المعروف العثماني الأميتوي كان من عباد الله الصالحين، ولد ونشأ
بأميتي، وسافر للحج فلما وصل لاهربور أدرك بها الشيخ مجتبي بن مصطفى القلندر فانجذب إليه
ولازمه وسكن بها عشرين سنة، ثم سار نحو دهلي ولبث بها زماناً، ثم رجع إلى أميتي ومات بها في
الثالث عشر من ذي القعدة سنة خمس ومائة وألف فأرخ لوفاته بعض أصحابه من جنت يافته يوسف،
كما في رياض عثماني.
الشيخ العلامة أحمد بن أبي سعيد الأميتهوي
الشيخ العالم الكبير العلامة أحمد بن أبي سعيد بن عبيد الله بن عبد الرزاق ابن خاصة خدا الحنفي
الصالحي الأميتهوي المشهور بملا جيون بكسر الجيم وسكون التحتية وفتح الواو وسكون النون لغة
هندية معناه الحياة، كان من ذرية الشيخ عبد الله المكي ويرجع نسبه إلى سيدنا صالح على نبينا
وعليه السلام، ولد صبيحة يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من شعبان سنة سبع وأربعين وألف ببلدة
أميتهي، ونشأ في حجر أبيه وحفظ القرآن وله سبع سنوات ثم اشتغل بالعلم من غير رعاية التقديم
والتأخير، ولما بلغ ثلاث عشرة سنة توفى والده، وقرأ أكثر الكتب الدرسية على الشيخ محمد صادق
الستركهي وبعضها على مولانا لطف الله الكوروي وفرغ من التحصيل وله اثنان وعشرون سنة، ثم
تصدر للتدريس ببلدته، ولما بلغ الأربعين رحل إلى أجمير ثم إلى دهلي وأقام بها زماناً صالحاً وكان
يدرس ويفيد، أخذ عنه خلق كثير، وسافر إلى الحرمين الشريفين وله خمس وخمسون سنة فحج وزار
وأقام بالحرمين مدة من الزمان ثم رجع إلى الهند وقد ناهز الستين، فأقام ببلاد الدكن في معسكر
السلطان عالمكير بن شاهجهان الدهلوي ستة أعوام ثم سافر إلى الحجاز سنة اثنتي عشرة ومائة وألف
وأدى مناسك الحج مرة من تلقاء والده ومرة ثانية من تلقاء والدته ودرس الصحيحين بتدبر وإتقان
ومراجعة إلى الشروح ثم رجع إلى الهند وأتى بلدته سنة ست عشرة ومائة وألف، وصلت إليه
الخرقة من الشيخ ليس بن عبد الرزاق القادري صحبة السيد قادري بن ضياء الله البلكرامي، وأقام
ببلدة أميتهي بعد ذلك سنتين ثم سار إلى دهلي ومعه جماعة من المحصلين عليه فأقام بها زماناً، ولما
رجع شاه عالم بن عالمكير من بلاد الدكن استقبله في أجمير وسافر معه إلى لاهور وأقام بها زماناً،
ولما مات شاه عالم رجع إلى دهلي وأقام بها إلى أن توفي وتقرب إلى فرخ سير وانتفع به خلق
كثير.
وكان غاية في إيصال النفع إلى الناس يشفع لهم عند السلطان، وكان مع كبر سنه لم يعتزل عن
الناس ولم يترك الدرس والإفادة حتى درس إلى عشية مات فيها.
وله مصنفات جيدة حسان ممتعة أشهرها التفسير الأحمدي في مجلد كبير، كتاب في تفسير آيات
الأحكام شرع في تصنيفه سنة أربع وستين وألف وله ست عشرة سنة وكان يقرأ حينئذ الحسامي في
الأصول وفرغ من تصنيفه حين كان يقرأ شرح المطالع سنة تسع وستين وألف وذلك ببلدة أميتهي ثم
صححه بعد ما فرغ من التحصيل في سنة خمس وسبعين وألف وله سبع وعشرون سنة، ومن
مصنفاته نور الأنوار في شرح المنار في الأصول، صنفه في المدينة المنورة في شهرين، شرع في
تصنيفه غرة ربيع الأول سنة خمس ومائة وألف وفرغ منه في سابع جمادى الأولى من السنة
المذكورة وهو شرح نفيس ممزوج حامل المتن تلقاه العلماء بالقبول تعليقاً وتدريساً، ومنها السوانح
على منوال اللوائح للجامي صنفه في الحجاز لما رحل إليه مرة أخرى سنة اثنتي عشرة ومائة وألف،
ومنها مناقب الأولياء في أخبار المشايخ صنفه في كبر سنه ببلدة أميتهي وله تتمة لولده عبد القادر،
ومنها آداب أحمدي في السير والسلوك صنفه في صغر سنه.
قال في مناقب الأولياء: لما بلغت ثلاث عشرة سنة توفي والدي وصنفت آداب أحمدي في السير
والسلوك وأنشأت خطب الجمع والأعياد وهذبت مصنفات جدي عبيد الله وصنوه علم الله، قال:
وقرأت فاتحة الفراغ لما بلغت اثنتين وعشرين سنة ثم تصديت للدرس والإفادة وأخذت الطريقة
الجشتية عن الشيخ(6/691)
الأستاذ محمد صادق الستركهي، ولما بلغت الأربعين رحلت إلى دهلي وأجمير
واعتراني العشق في هذا الزمان فأنشأت في تلك الحالة مزدوجة على نهج المثنوي المعنوي يحمل
خمسة وعشرين ألفاً من الأبيات وأنشأت ديوان شعر كديوان الحافظ فيه خمسة آلاف بيت، ولما
سافرت إلى الحجاز أنشأت قصيدة على نهج البردة فيها مائتان وعشرون بيتاً بالعربية، ولما وصلت
إلى بندر سورت شرحت تلك القصيدة، واعتراني العشق مرة ثانية فأنشأت تسعاً وعشرين قصيدة
بالعربية، انتهى.
وكانت وفاته ليلة الثلاثاء لتسع خلون من ذي القعدة سنة ثلاثين ومائة وألف بمدينة دهلي فدفنوه
بزاوية المير محمد شفيع الدهلوي ثم نقلوا جسده إلى بلدة أميتهي بعد خمسين يوماً ودفنوه بمدرسته.
الشيخ أحمد بن أبي المنصور الكوباموي
الشيخ العالم الفقيه أحمد بن أبي المنصور الخطيب الكوباموي أحد أكابر الفقهاء الحنفية، ولد ونشأ
بكوبامؤ وقرأ العلم على والده وعلى الشيخ أحمد أبي سعيد الحنفي الميتهوي، وجد ف البحث
والاشتغال حتى برع في الفقه وأصوله والعربية واستخدم في تأليف الفتاوي الهندية فوظف له
عالمكير بن شاهجهان ربية وشيئاً من الغلة كل يوم رأيت في ذلك منشوراً للسلطان المذكور المؤرخ
في الحادي عشر من ذي القعدة الحرام سنة ثمان وسبعين وألف، كتب فيه أن الوظيفة تعطى له
بتصديق الشيخ وجيه الدين الكوباموي، انتهى.
قيل: إنه سافر إلى الحجاز صحبة شيخه أحمد بن أبي سعيد فحج وزار ومات بها، وقد ذهب أحمد
بن أبي سعيد إلى الحجاز مرتين مرة سنة اثنتين ومائة وألف وأقام بها خمس سنوات وذهب مرة
ثانية سنة اثنتي عشرة ومائة وألف، كما تقدم.
الشيخ أحمد بن عبد الرحيم الرفاعي
الشيخ الصالح أحمد بن عبد الرحيم بن محمد بن صالح الحسني الرفاعي أحد الرجال المعروفين
بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بمدينة سورت وتفقه عل أبيه، مات في الثاني عشر من شعبان سنة
اثنتي عشرة ومائة وألف كما في الحديقة الأحمدية.
الشيخ أحمد بن عبد القادر السورتي
الشيخ الصالح أحمد بن عبد القادر بن عبد الله بن شيخ بن عبد القادر الشافعي السورتي أحد المشايخ
المشهورين في عصره، ولد ونشأ بمدينة سورت وأخذ عن أبيه وتولى الشياخة بعده، مات لليلة بقيت
من جمادى الأولى سنة أربع عشرة ومائة وألف، كما في الحديقة الأحمدية.
الشيخ أحمد بن عبد الله المدراسي
الشيخ الفاضل أحمد بن عبد الله النائطي نظام الدين المدراسي أحد الأفاضل المشهورين، ولد سنة
ثلاث عشرة ومائة وألف واشتغل بالعلم وقرأ الفقه والحديث والعلوم العربية وغيرها على أساتذة
عصره ثم ولي الصدارة بمحمدبور، وكان مفرط الذكاء متين الديانة كبير الشأن مشكور السيرة.
له مصنفات كثيرة منها سرور الصدور ترجمة معرب الزبور وفيض الجليل ترجمة الإنجيل وفتح
الوهاب المجيد ترجمة القول السديد وفيض الوهاب شرح خلاصة الحساب كلها بالفارسي وإنباء
الأذكياء بتحبيب الطيب والنساء إلى سيد الأنبياء ووقائع نهفته في قتال ناصر جنك بابن أخيه مظفر
جنك كلاهما بالعربية.
توفي لثمان بقين من رمضان سنة تسع وثمانين ومائة وألف، كما في تاريخ النوائط.
السيد الشريف أحمد بن إبراهيم الكيلاني
السيد الشريف شهاب الدين أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن الحسين بن عبد القادر بن محمد ببن عبد
القادر بن محمد بن علي الحموي الكيلاني أحد المشايخ القادرية الجيلانية، قدم الهند بعد وفاة والده
بمدينة أورنك آباد بصحبة عمه السيد الشريف علي بن أحمد الحموي الكيلاني فأقام بأورنك آباد مدة
من الزمان وملك تراث أبيه، ثم استقدمه نواب كمال الدين خان الشاه آبادي إلى بلدته شاه آباد وزوجه
ابنته كل(6/692)
بيكم فحصل له القبول العظيم من أهل شاهجهان بور وشاه آباد فكان يسكن تارة بمدينة
شاهجهان بور ومرة ببلدة شاه آباد، وقد مدحه عبد الله بن عبد الله بن عبد الرحمن المالكي المغربي
بقصائد غراء منها قوله:
هو أحمد حمدت مناقبه التي منها طلاقة وجهه المستبشر
الطيب الأخلاق والأعراق والأفع ال شهم من سلالة حيدر
ويتيمة الدهر التي ما مثلها ونتيجة الكون البهي الأنور
وقوله من قصيدة أخرى:
فيا واحد الأزمان جوداً ومنصباً ويا من به الدنيا تروق وتبسم
ومن وجهه كالبدر يشرق نوره ومن جوده كالغيث بل هو أكرم
ومن ذكره كالمسك فص ختامه وكالشمس نور بشره المتوسم
توفي في ثلاث ليال بقين من ذي الحجة سنة أربع وثلاثين ومائة وألف أو مما يقرب ذلك ببلدة آباد
فدفن بها وقبره مشهور ظاهر.
الشيخ أحمد بن غلام نقشبند اللكهنوي
الشيخ الفاضل أحمد بن غلام نقشبند بن عطاء الله العثماني اللكهنوي أحد العلماء المبرزين في الفقه
والأصول والعربية، ولد ونشأ بمدينة لكهنؤ وقرأ العلم على والده ثم على الشيخ نظام الدين بن قطب
الدين الأنصاري السهالوي ثم تصدر للتدريس مقام والده في مدرسة الشيخ بير محمد وتولى الشياخة
أيضاً، أخذ عنه غير واحد من العلماء، كما في الرسالة القطبية.
وفي البحر الزخار أنه درس وأفاد خمساً وثلاثين سنة وتولى الشياخة بعده ولده قطب الهدى، وكانت
وفاته في سنة تسع وخمسين ومائة وألف، كما في تذكرة الكملاء.
الشيخ أحمد بن مسعود الهركامي
الشيخ الفاضل العلامة أحمد بن مسعود الحسيني الهركامي المشهور بالهدية كان من العلماء المبرزين
في النحو والعربية، ولد ونشأ بهركام وقرأ العلم على عمه معز الدين بن محمد لشفيع الهركامي ثم
تصدى للدرس والإفادة، له مصنفات كثيرة منها رسالة في المواريث وهي المسماة بالوجيز ورسالة
في الحساب سماها حساباً يسيراً وصنفهما سنة اثنتين ومائة وألف، وله شرح على الرسالتين
المذكورتين، وله مختصر في النحو سماه بنادر البيان صنفه في كبر سنه لولده خليل الرحمن وللأمير
غلام أحمد خان وله شرح عليه المسمى بباهر البرهان صنفه سنة خمسين ومائة وألف، وله غير ذلك
من المصنفات.
توفي لتسع عشرة خلون من شوال سنة خمس وسبعين ومائة وألف، أخبرني بتاريخ وفاته ولاية
أحمد الهركامي.
الشيخ أحمد البرجندي
الشيخ الفاضل الكبير أحمد بن أبي أحمد البردندي الأصل، الحكيم جلال الدين كان من ندماء الأمير
الكبير نواب أمير خان أحد ولاة كابل، صنف له شفاء القلوب كتاباً في الطب سنة ست بعد المائة
والألف وله من العمر حينئذ خمس وثلاثون سنة، كما في محبوب الألباب.
القاضي أحمد الجونبوري
الشيخ العالم القاضي أحمد بن أبي أحمد العثماني الجونبوري أحد العلماء المبرزين في المعقول
والمنقول، قرأ العلم على جده يوسف بن الحامد العثماني وتفنن في الفضائل عليه حتى برع ودرس
وأفتى، وصار ممن يشار إليه في استحضار المسائل الجزئية فولى القضاء بمدينة كوزة جهان آباد
واستقل به مدة عمره ومات بذلك المقام فنقل جسده إلى جونبور ودفن بجاجك بور، كما في تجلي
نور.
الشيخ أحمد الدهلوي
الشيخ الحاج أحمد بن أبي أحمد الدهلوي الفاضل(6/693)
الكبير المحدث، قرأ العلم على الشيخ ولي الله بن
عبد الرحيم العمري الدهلوي وأخذ الحديث عنه، ثم لازم الشيخ فخر الدين بن نظام الدين الدهلوي
ملازمة طويلة وأخذ الطريقة عنه، وسافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار ورجع إلى الهند.
الشيخ أحمد الرامبوري
الشيخ الفاضل العلامة أحمد بن أبي أحمد الأفغاني الرامبوري أحد الأفاضل المشهورين في عصره،
قرأ العلم على العلامة محمد بركة الإله آبادي وعلى غيره من العلماء، ثم تصدر للتدريس برامبور
وانتهت إليه الرياسة العلمية بها، مات ودفن برامبور.
خواجه أحمد الدهلوي
الشيخ الفاضل العلامة أحمد بن أبي أحمد الدهلوي أحد العلماء المبرزين في الفنون الحكمية، قرأ
المنطق والحكمة على الشيخ مبارك بن دائم العمري الكوباموي وأخذ الفنون الرياضية عن مرزا خير
الله المهندس الدهلوي ولازمهما مدة من الزمان حتى فاق أهل زمانه في الفنون الحكمية، أخذ عنه
الشيخ محمد مير ابن محمد ناصر الدهلوي والشيخ نياز أحمد السرهندي وخلق كثير من العلماء.
أحمد شاه الدراني
الملك القاهر أحمد شاه بن زمان خان الدراني المعروف بالأبدالي، نسبة إلى قبيلة كان أبوه أميراً
عليها، وهو أفغاني الأصل ومؤسس الدولة الأفغانية بقندهار.
ولد سنة 1136 وقيل سنة 1134، ولما توفي أبوه قبض حسين شاه صاحب قندهار عليه وأسره
عنده، فلما غزا نادرشاه قندهار سنة 1151 أطلق أحمد شاه من أسره، ووجهه إلى بلاد فارس، وجعله
على فرقة من الفرسان واستأثر به وتفرس فيه النجابة والنبوغ، وكان معه عند غزوه للهند سنة
1151، وتوسم فيه نظام الملك مؤسس الدولة الآصفية في حيدر آباد آثار الرشد والعظمة، وتنبأ بأنه
سيكون في يوم من الأيام ملكاً كبيراً، ولما قتل نادر شاه حاول أحمد شاه أن يأخذ ثأره وبذل جهده فلم
يساعد القدر لكثرة جيوش الفرس وقوتهم، فلجأ إلى معاقل الجبال في بلاد قومه الأفغانيين ونشر رأية
الاستقلال وجرى تتويجه في جامع قندهار سنة 1160، ولقب نفسه أحمد شاه ودر دوران فاجتمع إليه
كثير من الأمراء بقبائلهم العديدة، وبذل فيهم أموالاً كثيرة، وأحسن صلتهم، فغزا بهم الجهات المجاورة
لمملكته، فاستولى على تلك الولايات، وعلى قسم من مملكة الفرس، وجعل مرك سلطته قندهار، ثم
اجتاز إلى أراضي الهند وداس أرض بنجاب وكشمير، وغزا الهند عدة مرات بين 1161 و1170،
وتوغل في البلاد حتى وصل إلى دهلي سنة 1171، وصاحبها حينئذ عزيز الدين عالمكير الثاني
ووزيره عماد الملك الذي نصبه، وكان داخله الحسد لامتداد سطوة وزيره المذكور وحاول كسر شوكته
فلجأ عزيز الدين إلى أحمد شاه واستماله إليه ووافقه على أفكاره فحمله على أن يبقى له السلطة ودخل
أحمد شاه دهلي واستباح غنائمهما وولى ابنه تيمور شاه على بنجاب بعد أن أقام شهراً في دهلي،
وزوج ابنه بابنة صاحب الهند، ثم خرج من دهلي بعد أن استخلفه عليها، فلما خرج قام الوزير
فطرده من دهلي وقتل سلطانه وأقام مكانه محي السنة بن كام بخش بن عالمكير الأول فاهتبلت
المرهتة الفرصة وطردوا منها الأولياء وأقاموا أولياء من الهنود فجرد أحمد شاه عساكره سنة 1173
وقصدهم، فمضت عليهم سنة وهو في التأهبات الحربية والمقاتلات الخفيفة إلى أن تحصن المرهتة
في بعض الحصون المنيعة فحاصرهم أحمد شاه وأكرههم على القتال، فانتشبت الحرب سنة 1760
للميلاد وكان يوماً مشهوداً، قاتلت فيه المرهتة قتالاً شديداً وأبلوا بلاءاً حسناً، وقد رأى أحمد شاه باب
الفرج غير أنهم أطبقوا عليه من كل جانب، وضيقوا على عساكره وبذلوا الجهد في المقاتلة فانكسرت
عساكر أحمد شاه واستولى المرهتة على دهلي وأسروا العائلة الملكية بجملتها واستولوا على كل
المجوهرات غير أن أحمد شاه جدد القتال في 1761 ميلادية فكانت المعركة الحاسمة في ساحة باني
بت في سنة 1174 للهجرة 14 من يناير سنة 1761 م،(6/694)
واجتمعت الجيوش الإسلامية تحت رايته
فظفر في هذه الواقعة بالمرهتة وقتل منهم مقتلة عظيمة، قتل فيها من المرهتة ثمانية وعشرين ألفاً،
وأسر اثنين وعشرين وألفاً، وفي تلك الأثناء خرج عليه خارجة في لاهور، فسار إليها وانقض على
المتمردين بجموعه فهزمهم أقبح هزيمة وفتح للأفغانيين طريق كشمير، وتوفي أحمد شاه في 20 من
رجب سنة 1186 للهجرة 23 من أكتوبر سنة 1772 م بقرب مدينة قندهار.
كان أحمد شاه من كبار القادة العسكريين ومؤسس الحكومات الذين نبغوا في منتصف القرن الثاني
عشر الهجري، قد جمع شمل الأفغان، ونظمهم في سلك واحد، وضبط البلاد، وحفظ الثغور، وسن
القوانين العادلة، وأقام الحسبة، وكان جامعاً بين صفات الفروسية ومكارم الأخلاق والنبل، محباً للعلوم
والآداب، أليفاً ودوداً، وقوراً مهيباً إذا كان على منصة الحكومة، متواضعاً بعيداً عن التكلف في غير
هذا الوقت، متديناً حريصاً على صحبة العلماء والصالحين، مكرماً للسادة والمشايخ، يذاكرهم في
الأمور الدينية، والمسائل العلمية، رحيماً كثير العفو عن الأعداء، كارهاً للقسوة محباً للمساواة، منح
الحرية الدينية لجميع الطوائف، وشجع على النكاح الثاني للأيامي، الذي كان يكرهه الأفغان
ويتعيرون منه، حمل العلماء والمؤلفين على وضع كتب في تاريخه، وتسجيل وقائعه وأيامه، وكان
كاتباً يؤلف، ويتمنى أن يصل إلى درجة الولاية.
ومن أشهر مآثره وأعظمها، أنه هزم المرهتة الذين شكلوا أكبر خطر على الحكومة الإسلامية في
الهند، وعلى الكيان الإسلامي هزيمة منكرة، لم تقم لهم قائمة بعدها، وكان في توجهه إلى الهند لحماية
المسلمين سهم كبير لشيخ الإسلام ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي، الذي حث الأمير نجيب الدولة
على دعوته إلى الهند، وكان - لو بقي في الهند - تاريخ آخر للمسلمين فيها، ولكنه كان مرتبطاً
ببلاده ومصالحها، لا يحب أن يعيش بعيداً عن مركز سلطته وقوته، فعاد إلى قندهار على أثر الفتح
العظيم، فاضطربت الأحوال في الهند، ولم يستطع المسلمون أن ينتفعوا بهذا الفتح طويلاً لضعف
القيادة، وتفرق الكلمة، فكان ما كان، وكان أمر الله قدراً مقدوراً.
القاضي أحمد حماد الفتحبوري
الشيخ العالم الفقيه القاضي أحمد حماد بن جان محمد بن محمد دولة الأنصاري السهالوي ثم
الفتحبوري أحد الفقهاء الحنفية، ولد ونشأ بفتحبور وقرأ العلم على عمه العلامة كمال الدين بن محمد
دولة الفتحبوري، وولي القضاء لفتحبور مكان والده، وكان من العلماء المتورعين جاوز عمره سبعين
سنة، كما في أغصان الأنساب.
الشيخ أحمد عبد الحق اللكنوي
الشيخ الفاضل الكبير أحمد عبد الحق بن محمد سعيد بن الشيخ الشهيد قطب الدين محمد الأنصاري
السهالوي ثم اللكهنوي أحد الأفاضل المشهورين والعلماء المتبحرين، ولد في سنة وفاة جده قطب
الدين في التاسع عشر أو السابع والعشرين من رجب سنة ثلاث ومائة وألف بقرية سهالي بكسر
السين المهملة، ثم قدم لكهنؤ واشتغل على عمه الشيخ نظام الدين محمد الأنصاري السهالوي حتى
برع وفاق أقرانه ودرس وأفتى وصار من أكابر العلماء في حياة شيخه نظام الدين.
له شرح بسيط على سلم العلوم للقاضي محب الله بن عبد الشكور البهاري، وله حاشية على حاشية
مير زاهد على الرسالة وعلى حاشيته على شرح التهذيب للدواني وعلى حاشيته على شرح المواقف.
مات في تاسع ذي الحجة سنة سبع وثمانين ومائة وألف ببلدة لكهنؤ، كما في أغصان أربعة.
القاضي أحمد علي السنديلوي
الشيخ العلامة أحمد علي بن فتح محمد الحنفي السنديلوي أحد العلماء المبرزين في المنطق والحكمة،
ولد ونشأ ببلدة سنديله وقرأ العلم على صهره حمد الله ابن شكر الله السنديلوي ثم ولي القضاء، وكان
شديد الاشتغال بمطالعة الكتب وتدريس الطلبة وتعليق الشروح والحواشي على كتب المنطق(6/695)
والحكمة، أخذ عنه حيدر علي بن حمد الله السنديلوي وخلق كثير، وله حاشية على حاشية مير زاهد
على الرسالة وعلى شرح التهذيب وعلى شرح المواقف، وله شرح بسيط على سلم العلوم ورسالة في
المواريث، مات في سنة مائتين وألف ببلدة سنديله، كما في تذكرة علماء الهند.
مرزا أحمد علي الهندي
الشيخ الفاضل أحمد علي الشيعي الهندي المهاجر إلى الحائر، ذكره عبد النبي القزويني في تكملة
أمل الآمل وأثنى عليه، قال: إنه كان عالماً مقدساً صالحاً متورعاً جاور مشهد الحسين بن علي السبط
خمسين سنة وله منامات صالحة، انتهى كما في نجوم السماء.
الشيخ أحمد الله الخير آبادي
الشيخ العالم الكبير أحمد الله بن صفة الله الحسيني الرضوي الخير آبادي أحد العلماء البارعين في
الفقه والأصول والكلام والعربية، ولد ونشأ بخير آباد واشتغل بالعلم من صغر سنه فقرأ أياماً على
والده وأخذ عنه النحو والعربية وتفقه عليه وأخذ الحديث عنه، ثم سار إلى فتحبور وأخذ عن العلامة
كمال الدين بن محمد دولة الفتحبوري ثم رجع إلى بلدته واشتغل بالدرس والإفادة، أخذ عنه غير واحد
من العلماء، مات مستهل رجب ليلة الرغائب سنة سبع وستين ومائة وألف بخير آباد فدفن عند والده،
كما في مآثر الكرام.
أحمد يار خان اللاهوري
الشيخ الفاضل أحمد يار بن الله يار الخوشابي اللاهوري أحد الرجال المشهورين بالفضل والكمال،
ولي على تته قاعدة بلاد السند في آخر أيام عالمكير، وكان شاعراً مجيد الشعر، له أبيات رقيقة رائقة
بالفارسية منها قوله:
سر وسامان جه مي برسي مرا عمر يست جون كاكل سيه بختم بريشان روزكارم خانه بر دوشم
توفي سنة سبع وأربعين ومائة وألف، كما في نتائج الأفكار.
إسحاق بن إسماعيل الدهلوي
حاذق الملك إسحاق بن إسماعيل الحكيم الدهلوي أحد الأفاضل المشهورين في العلوم الحكمية، ولد
ونشأ بمدينة دهلي وقرأ العلم على والده وتطبب عليه وكان والده يلقب ببقاء خان وبيته مشهور بالعلم
والحكمة، له مصنفات عديدة منها غاية الفهوم في تدبير المحموم وهو شرح بسيط على حميات
القانون صنفه سنة اثنتين وثمانين ومائة وألف، ومنها موارد الحكم في علاج الأمراض من الرأس
إلى القدم.
إسحاق بن علي التستري
الأمير الفاضل إسحاق بن علي بن حسن الشيعي التستري نواب مؤتمن الدولة كان من الأمراء
المشهورين، ولد ونشأ بأرض الهند وتقرب إلى محمد شاه الدهلوي فجعله من ندمائه وخاصته لا
يفارقه السلطان في وقت من الأوقات، وكان فاضلاً بارعاً في الشعر والإنشاء والعروض والموسيقى
وغيرها. ومن شعره قوله:
زبسكه در دل تنكم خيال آن كل بود نفير خواب من امشب صفير بلبل بود
توفي في ثاني صفر سنة ثلاث وخمسين ومائة وألف بمدينة دهلي فدفن بها.
إسحاق بن مير ميران الدهلوي
الأمير الكبير إسحاق بن مير ميران الحسيني الدهلوي عمدة الملك نواب أمير خان كان من رجال
المشهورين بالفضل والكمال، تقرب إلى فرخ سير ثم إلى محمد شاه واستقل ببخشيكري بالرتبة الثانية
مدة من الزمان، ثم ولي على إله آباد سنة اثنتين وخمسين ومائة وألف واستقل بها نحو خمس سنوات
ثم استقدمه محمد شاه المذكور إلى دهلي، وكان فاضلاً كريماً شاعراً مجيد الشعر طيب النفس مليح
الكلام حسن المحاضرة، له ملح ونوادر، ومن شعره قوله:
من از جمعيت أسودكان خاك دانستم كه غير از خشت بهر خواب راحت نيست باليني(6/696)
قتله بعض خدمه في الثالث والعشرين من ذي الحجة سنة تسع وخمسين ومائة وألف، كما في مآثر
الأمراء.
الشيخ أسد الله الإله آبادي
الشيخ الفاضل أسد الله العثماني الإله آبادي سبط الشيخ محمد أفضل بن عبد الرحمن العباسي كان
من ذرية الشيخ الأستاذ محمد أفضل بن محمد حمزة العثماني الجونبوري، أدركه غلام علي بن نوح
الحسيني الواسطي البلكرامي بمدينة إله آباد سنة أربعين ومائة وألف وذكره في سروآزاد وأثنى على
براعته وقال: إنه سافر في آخر أيامه إلى شاهجهان آباد ومات بها، ومن شعره قوله:
روز محشر غابر تربت ما دامن بو تراب ميخواهد
توفي بدهلي لتسع خلون من ذي القعدة سنة ثلاث وستين ومائة وألف، كما في سروآزاد.
الشيخ أسد علي الفرخ آبادي
الشيخ الصالح أسد علي بن شرف الدين حسين الحسيني البخاري السيد بوري ثم الفرخ آبادي كان
من المشايخ الجشتية، ولد بسيد بور قرية من أعمال أج وأخذ عن والده ثم سافر إلى بلاد أخرى،
وأخذ الطريقة الجشتية عن الشيخ أشرف بن بير محمد السلوني ولازمه زماناً ثم دخل فرخ آباد في
عهد غضنفر جنك وسكن بها وحصل له القبول في تلك الناحية، مات لسبع خلون من صفر سنة أربع
وثمانين ومائة وألف، كما في تاريخ فرخ آباد.
الأمير إسماعيل بن إبراهيم الدهلوي
الأمير الكبير إسماعيل بن إبراهيم بن ذي الفقار الدهلوي نواب ذو الفقار خان صمصام الدولة
نصرت جنك كان من الأمراء المشهورين في الهند، ولد سنة سبع وستين وألف من بطن مهر النساء
بنت آصف جاه أبي الحسن بن غياث الدين الطهراني ونشأ بأرض الهند وتدرب على الفنون الحربية
وتأدب بآداب السلطة فقربه عالمكير بن شاهجهان سلطان الهند إليه ورقاه درجة بعد درجة حتى ولاه
علي مير بخشيكري ولقبه نصرت جنك ولما تولى المملكة شاه عالم بن عالمكير لقبه صمصام الدولة،
أمير الأمراء وأضاف في منصبه حتى صار سبعة آلاف له وسبعة آلاف للخيل وولاه على بلاد
الدكن، ولما توفي شاه عالم المذكور لحق بولده معز الدين وقاتل إخوته عظيم الشأن ورفيع الشأن
وجهان شاه فقتلهم في المعركة، وكان فرخ سير بن عظيم الشأن في بهار فلما سمع ذلك سار إليه وان
معه حسن علي خان وحسين علي خان فقاتلوه فانهزم ذو الفقار خان وأراد أن يستعد للحرب مرة
ثانية فنهاه والده إبراهيم عن ذلك وأشار إليه أن يحضر لدى فرخ سير وكان يعتقد إبراهيم أنه يعفو
ويسامحه، فما حضر ذو الفقار خان بين يديه أمر بقتله فقتل في السابع عشر من محرم سنة أربع
وعشرين ومائة وألف، فعمل والده إبراهيم لوفاته تاريخاً عجيباً:
هاتف شام غريبان بادو جشم خون فشان كفت إبراهيم إسماعيل را قربان نمود
وكان ذو الفقار خان شجاعاً مقداماً باسلاً غضوباً قوي البطش شديد الانتقام كبير المنزلة، وفيه يقول
ناصر علي السهندي:
أي شان حيدري زجبين تو آشكار نام تو در نبرد كند كار ذو الفقار
السيد إسماعيل بن إبراهيم البلكرامي
السيد الشريف إسماعيل بن إبراهيم بن شاه مير بن نعمة الله الحسيني الواسطي البلكرامي ثم
المسولوي أحد العلماء الربانيين، ولد ونشأ ببلكرام وقرأ العلم على مولانا طفيل محمد الأترولوي، ثم
سافر إلى بلاد شتى واستفاض عن غير واحد من العلماء ثم لازم السيد عبد الرزاق بن عبد الرحيم
البانسوي وأخذ عنه الطريقة وصحبه اثنتي عشرة سنة، ولما توفي الشيخ جلس على مسند الإرشاد
بمسولي - بفتح الميم قرية جامعة على مسافة ميل من بانسه - فانتفع به الناس وأخذ عنه ملا نطام
الدين بن قطب الدين السهالوي وخلق كثير، مات في الرابع عشر من ذي الحجة سنة(6/697)
أربع وستين
ومائة وألف بمسولي فدفن بها، كما في مآثر الكرام.
إسماعيل بن شاه مير البيجابوري
السيد الشريف إسماعيل بن شاه مير الحسيني البيجابوري أحد العلماء المبرزين في الشعر، ولد
بجنكل بيتله وسافر للعلم فقرأ الكتب الدرسية على أساتذة عصره، ثم سافر إلى مدراس فجعله والاجاه
أتابكاً لولده عمدة الأمراء ولقبه بملك الشعراء سنة تسع وثمانين ومائة وألف، له هفت جوهر وزبدة
الأفكار وأنور نامه ومودت نامه وراغب مرغوب وديوان الشعر الفارسي، وقد وزنه والاجاه وأعطاه
ستة آلاف وسبعمائة ربية قدر وزانه صلة لأنور نامه، ومن أبياته قوله:
آب وتاب كوهر دريا دلان خاموشيست أبرو خواهي درينجا جون صدف لب بسته باش
توفي سنة ثلاث وتسعين ومائة وألف، كما في مهر جهانتاب.
الشيخ إسماعيل الغوري
الشيخ الفقيه الزاهد إسماعيل الغوري النقشبندي البشاوري أحد المشايخ المشهورين، سافر إلى
الحجاز فحج وزار وسافر إلى بغداد وبخارا وكربلا وبسطام واليمن الميمون فأدرك جمعاً كثيراً من
المشايخ واستفاض منهم، ثم رجع إلى الهند أخذ الطريقة عن الشيخ سعدي البلخاري ولازمه
واستفاض منه فيوضاً كثيرة، وكان رحمه الله يسترزق بالتجارة ويأكل من عمل يده، مات سنة إحدى
عشرة ومائة وألف بمدينة بشاور، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ إسماعيل بن أبي الخير البهيروي
الشيخ الصالح إسماعيل بن أبي الخير بن أبي سعيد بن معروف بن عثمان العمري البهيروي أحد
العلماء الصالحين، ولد لثمان بقين من رمضان سنة ثلاث وأربعين وألف قرية بهيره وقرأ العلم على
والده وعلى غيره من العلماء وسافر إلى البلاد، وأخذ الطريقة عن الشيخ شير محمد البرهانبوري ثم
رجع إلى وطنه واعتزل عن الناس وعكف على الإفادة والعبادة، مات لخمس عشرة خلون من جمادى
الآخرة سنة ست ومائة وألف، كما في التاريخ المكرم.
الشيخ أشرف قلي الجائسي
الشيخ الفاضل العلامة أشرف قلي بن عبد السبحان بن المبارك بن الجلال بن المبارك الأشرفي
الجائسي كان من العلماء المبرزين في الفقه والأصول والكلام والعربية، درس وأفاد مدة عمره أخذ
عنه الشيخ الكبير نظام الدين بن قطب الدين السهالوي ثم اللكهنوي وقرأ عليه الفقه والأصول
والكلام، كما في تاريخ جائس.
الشيخ أشرف بن أولياء المكي
الشيخ الصالح أشرف بن أولياء الحسيني الهندي المهاجر إلى مكة المباركة، أخذ الطريقة عن الشيخ
عبد النبي النقشبندي السيام جوراسي ولازمه ملازمة طويلة، ثم سافر إلى الحجاز فحج وزار وسكن
على جبل أبي قبيس بمكة المباركة، أخذ عنه الشيخ رحمة الله الأوديكري وخلق كثير.
الشيخ إفهام الله البهتلولوي
الشيخ الصالح إفهام الله الجشتي البهتلولوي الدرياآبادي أحد العلماء المبرزين في الدعوة والتكسير،
أخذ الطريقة عن الشيخ عبد الرشيد الأمجهروي والشيخ قدرة الله وشيخه عبد الله الصفي بوري،
توفي لثمان بقين من ربيع الأول سنة خمس وقيل ست وتسعين ومائة وألف بقرية صفي بور.
الشيخ أفضل بن أمين الراجبندروي
الشيخ الصالح أفضل بن أمين بن فاضل بن إبراهيم بن خوندمير الحسيني الرفاعي الراجبندروي
أحد المشايخ الأعلام، ولد ونشأ براجبندري وأخذ الطريقة عن الشيخ شيخن الأورنك آبادي، ولازمه
مدة، له مصنفات عديدة أشهرها مرآة العارفين ومعدن الجواهر وتحفة الصالحين وشرح الفقه الأكبر
وشرح نام حق في الفقه ورسالة في مبحث الوجود،(6/698)
وكان يدرس المثنوي المعنوي والفصوص
واللوائح واللمعات، توفي لخمس عشرة خلون من رمضان سنة ثلاث وتسعين ومائة وألف
براجبندري بلدة من آركاث، كما في محبوب ذي المنن.
مولانا أكبر يار الكشميري
الشيخ الفاضل أكبر يار بن خير الدين الحنفي الكشميري أحد العلماء البارعين في العربية، ولد ونشأ
بكشمير وقرأ العلم على والده ثم رحل إلى دهلي وأخذ القراءة والحديث عن شيخ القراء عبد الخالق
الدهلوي وأخذ الطريقة عن الشيخ كليم الله الجهان آبادي ومشايخ آخرين، مات سنة ثمان وخمسين
ومائة وألف، كما في روضة الأبرار.
الشيخ أكرم الدين الكجراتي
الشيخ الفاضل أكرم الدين بن محي الدين بن القاضي عبد الوهاب الحنفي الأحمد آبادي الكجراتي
أحد العلماء البارعين في المعقول والمنقول، ولد ونشأ بمدينة أحمد آباد وقرأ العلم على الشيخ نور
الدين بن محمد صالح الكجراتي وولي الصدارة بكجرات بعد وفاة والده في سنة مائة وألف فاستقل بها
مدة حياته ولقبه شاه عالم بن عالمكير الدهلوي شيخ الاسلام خان.
ومن مآثره الجميلة مدرسة هدايت بخش بمدينة أحمد آباد، أنفق على عمارتها مائة ألف وأربعاً
وعشرين ألفاً من النقود الفضية، شرع في بنائها في سنة اثنتين ومائة وألف وفرغ منها في سنة تسع
ومائة وألف فأرخ لتمامها بعض أصحابه من قوله: هو لمسجد أسس على التقوى من أول يوم، ثم زاد
في عمارتها بعد ذلك سنة إحدى عشرة ومائة وألف فعمل له بعضهم تاريخاً من قوله مدرسة فيها
الهدى للعالمين، ثم وقف عليها لما يحتاج إليه الطلبة قريتين من أعمال فتن وقرية من أعمال
جانبانير، كما في مرآة أحمدي.
الشيخ الله بخش الكوباموي
الشيخ الفاضل الله بخش بن عبد الحي بن عبد القادر العمري القنوجي ثم الكوباموي أحد العلماء
المبرزين في الفقه والأصول والعربية، كان يدرس ويفيد، كما في تذكرة الأنساب لمصطفى علي خان
الكوباموي.
الشيخ الله داد الكوباموي
الشيخ العالم الكبير الله داد بن الله بخش بن عبد الحي العمري القنوجي ثم الكوباموي أحد العلماء
الربانيين وعباد الله الصالحين، كانت له مشاركة جيدة في جميع العلوم، قال مصطفى علي خان
الكوباموي في تذكرة الأنساب: له تعليقات مفيدة على أصول البزدوي، تمسك بقوله الشيخ أحمد بن
أبي سعيد الأميتلهوي في التفسير الأحمدي في عدم جواز بيع الحر فيا لمخمصة وغير المخمصة،
انتهى، وفي هذا الكلام نظر لأن الشيخ أحمد تمسك بقول الشيخ إله داد الجونبوري شارح البزدوي
والهداية لا بقول إله داد القنوجي.
الشيخ إمام الدين الراجكيري
الشيخ الصالح إمام الدين عبد الحسيب بن تاج الدين الحسيني القادري الشطاري الراجكيري أحد
المشايخ الأعلام، أخذ الطريقة عن الشيخ ركن الدين أحمد الشطاري الراجكيري عن الشيخ معين
الحق عن الشيخ قطب الدين عن الشيخ علاء الدين عن الشيخ أبي يزيد عن الشيخ أبي الفتح هدية
الله عن والده الشيخ محمد بن العلاء الهاشمي المنيري، وأخذ بعض الأذكار والأشغال عن الشيخ علي
أكبر السلهثي ثم الكاكوي، وبعضها عن الشيخ محمد أرشد بن محمد رشيد الجونبوري أخذ عنه سنة
اثنتي عشرة ومائة وألف.
وللشيخ إمام الدين رسالة مبسوطة بالفارسية في الأذكار والأشغال، أوله الحمد لله الذي نور قلوب
العباد بأنوار الوظائف والأوراد وجعلها وسيلة إلى المحبة والوداد إلخ.
مات لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاثين ومائة وألف، كما في كنج أرشدي.(6/699)
الشيخ إمام الدين الجونبوري
الشيخ العالم الفقيه إمام الدين بن سعد الدين بن نور الدين جعفر المداري الجونبوري أحد العلماء
البارعين في الفنون العربية، ولد سنة سبع وسبعين وألف، وقرأ بعض الكتب على جده نور الدين
جعفر وأكثرها على والده سعد الدين، وقرأ التوضيح والتلويح على الشيخ محمد أفضل العباسي الإله
آبادي ثم أخذ الطريقة عنه ولازمه، وكان يقيم ستة أشهر ببلدة جونبور وستة أشهر بإله آباد عند
الشيخ محمد أفضل المذكور، وكانت له رابطة قوية بالشيخ محمد يحيى بن محمد أمين العباسي الإله
آبادي.
له أبيات رائقة بالفارسية، وكان عابداً زاهداً مقيماً على الصلاح والطريقة الظاهرة.
مات في شهر رجب سنة ست وعشرين ومائة وألف، كما في وفيات الأعلام.
مولانا إمام الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل الكبير إمام الدين بن لطف الله بن أحمد اللاهوري ثم الدهلوي أحد العلماء المبرزين
في الفنون الرياضية، لم يكن له نظير في عصره في تلك الفنون لعله أخذها عن والده لطف الله، وله
مصنفات ممتعة منها التصريح شرح تشريح الأفلاك للعاملي شرح ممزوج حامل المتن تلقاه العلماء
بالقبول، ومنها حاشية على شرح الملخص للجغميني، وله أبيات رائقة بالفارسية، كان يتلقب
بالرياضي، مات سنة خمس وأربعين ومائة وألف، كما في نتائج الأفكار.
السيد إمام الدين البالابوري
السيد الشريف إمام الدين بن محب الله بن عناية الله الحسيني البالابوري أحد المشايخ الصوفية، ولد
سنة 1110 بمدينة بالابور من أرض برار وأخذ العلم والطريقة عن صنوه الكبير ظهير الدين بن
محب الله الحسيني ثم عن عمه السيد منيب الله وتولى الشياخة مكان أخيه المذكور، وكان عالماً
صالحاً كبير المنزلة جواداً محسناً إلى طلبة العلم وأبناء السبيل، أخذ عنه خلق كثير، مات يوم الاثنين
لسبع عشرة خلون من ذي القعدة سن خمس وستين ومائة وألف، كما في محبوب ذي المنن.
مولانا أمان الله الكشميري
الشيخ الفاضل أمان الله بن خير الدين الحنفي الكشميري أحد كبار العلماء، درس وأفاد مدة طويلة
بكشمير ثم سار نحو دهلي وولي الصدارة بها ولقب شيخ الإسلام، له تعليقات على الكتب الدرسية،
قتل في معركة نادر شاه فيما بين باني بت وكرنال سنة إحدى وخمسين ومائة وألف، كما في حدائق
الحنفية.
مولانا أمان الله البنارسي
الشيخ العالم الكبير العلامة أمان الله بن نور الله بن الحسين الحنفي البنارسي أحد العلماء المشهورين
في الفقه والأصول والكلام، ولد ونشأ بمدينة بنارس وحفظ القرآن وسافر للعلم فقرأ الكتب الدرسية
على الشيخ محمد ماه الديوكامي وعلى الشيخ قطب الدين الحسيني الشمس آبادي وعلى غيرهما من
العلماء، ثم ولي الصدارة بكهنؤ في أيام عالمكير بن شاهجهان الدهلوي سلطان الهند، وكان القاضي
محب الله بن عبد الشكور البهاري صاحب السلم والمسلم قاضياً بها فجرت بينهما من المباحثات
والمطارحات ما تفعم بها بطون الصفحات.
ومن مصنفاته الرشيقة الممتعة المفسر وشرحه المحكم في أصول الفقه، والحاشية على تفسير
البيضاوي، وله حواش وشروح على العضدي والتلويح والحاشية القديمة وشرح المواقف وشرح
العقائد للدواني والرشيدية للشيخ محمد رشيد الجونبوري، وله محاكمة بني السيد محمد باقر داماد
الحسيني صاحب الأفق المبين والعلامة محمود بن محمد الجونبوري صاحب الشمس البازغة في
مسألة الحدوث الدهري، وله شرح على التسوية للشيخ محب الله الاله آبادي.
مات سنة ثلاث وثلاثين ومائة وألف ببلدة بنارس، كما في سبحة المرجان.
مولانا أمين الدين الكنتوري
الشيخ العالم الفقيه أمين الدين بن بديع الدين بن(6/700)
عطاء الله بن محمد شريف الحسيني المداري
الكنتوري أحد عباد الله الصالحين، ولد ونشأ بكنتور وقرأ العلم وأخذ الطريقة عن الشيخ نظام الدين
بن قطب الدين السهالوي وأسند الحديث عن الشيخ صفة الله الحسيني الخير آبادي المحدث، له شرح
على عطاء الإيمان لوالده، وكان له ثلاثة أبناء كلهم علماء: فائق علي، وعبد الواسع، وعبد الجامع،
كما في البحر الزخار.
مولانا أمين الدين المدراسي
الشيخ الفاضل أمين الدين بن سيف الدين بن نظام الدين الصديقي المدراسي أحد العلماء المشهورين
بمدراس، ولد سنة ست وعشرين ومائة وألف وقرأ بعض الكتب الدرسية على أستاذة بلاده ثم سافر
إلى لكهنؤ وأخذ عن العلامة نظام الدين بن قطب الدين الأنصاري السهالوي ثم رجع إلى بلاده
وتصدر للتدريس أخذ عنه محمد غوث بن ناصر الدين الشافعي المدراسي وخلق آخرون، وكان له
باع طويل في سائر العلوم، مات في سادس رمضان سنة خمس وتسعين ومائة وألف في رامنات
فدفن في حظيرة أمان الله خان ببلدة ويلور، كما في حديقة المرام.
مولانا أمين الدين الجونبوري
الشيخ الفاضل أمين الدين بن غياث الدين محمود العمري الحنفي الجونبوري أحد العلماء البارعين
في الفقه والأصول والعربية، ولد لخمس بقين من رجب سنة اثنتين وسبعين وألف ببلدة، جونبور
ونشأ بها وقرأ بعض الكتب الدرسية على الشيخ محمد أرشد بن محمد رشيد الجونبوري وأكثرها على
غيره من الأساتذة، وجد في البحث والاشتغال حتى برع في الهيئة والهندسة والحساب والاصطرلاب
والمواريث وكثير من الفنون ثم تصدر للتدريس، أخذ عنه الشيخ غلام رشيد بن محب الله
الجونبوري وجمع كثير، وله مصنفات منها وسيلة النجاة في أخبار مشايخه من الشيخ محمد رشيد إلى
الشيخ الكبير معين الدين حسن السجزي الأجميري، ومنها المقتنيات وهو ملخص أشعة اللمعات
للشيخ عبد الحق بن سيف الدين البخاري الدهلوي، ومنها منتخبات كنج رشيدي، وله حاشية على
شرح المعمول وله غير ذلك من الرسائل، وكان لا يزال بقيد الحياة سنة خمس وثلاثين ومائة وألف،
كما في كنج أرشدي.
مولانا أنكنون الجونبوري
الشيخ العالم الكبير أنكنون صدر جهان الحنفي الجونبوري كان من العلماء المبرزين في المعقول
والمنقول، ولي الصدارة بجونبور واستقل بها مدة حياته، وكان صالحاً ديناً عفيفاً مشكور السيرة في
القضاء شديد الرغبة في المناظرة، كثير الاشتغال بالدرس والإفادة، أخذ عنه خلق كثير، كما في تجلي
نور.
مولانا أوغلان الخراساني
الشيخ الفاضل أوغلان الحسيني الحنفي الخراساني أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول، قدم
الهند مرافقاً لتلميذه غازي الدين خان وتقرب إلى عالمكير ابن شاهجهان سلطان الهند فجعله معلماً
لولده كام بخش وولاه على العرض المكرر سنة ست وتسعين وألف ولقبه سيادت خان ثم جعله ناظراً
في الديوان الخاص ثم ولاه صدارة الهند العظمى ولكنه لم يتمتع بها إلا أياماً قلائل ومات سنة تسع
ومائة وألف، كما في مآثر عالمكيري.
الشيخ أهل الله البهلتي
الشيخ العالم الكبير أهل الله بن عبد الرحيم بن وجيه الدين العمري الحنفي البهلتي أحد العلماء
الربانيين وعباد الله الصالحين، أخذ عن صنوه الكبير الشيخ ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي وجمع
العلم إلى الصناعة الطبية.
له مصنفات عديدة منها مختصر هداية الفقه للرغيناني، أوله الحمد لله الذي فضل العالمين على
العالمين إلخ، قال فيه: اختصرت هداية الفقه، وانتخبت أصول مسائلها وما ذكر من دلائلها وما شاع
منها وقوعه ووقع شيوعه وكثير وانتشر لا ما قل وندر، وألحقت بها براهين البرهان لمذهب الامام
الأعظم أبي حنيفة النعمان لينتفع به طلبة الايقان والاتقان، انتهى.(6/701)
ومن مصنفاته تفسير القرآن الكريم بالعربية على سبيل الايجاز، أوله الله أصله إله للمعبود وهو علم
لذاته تعالى إلى آخره، ومن مصنفاته مختصر بالفارسي في الفقه والعقائد والسلوك مقبول متداول،
ومنها مختصر في الطب.
توفي نحو سنة سبع وثمانين ومائة وألف، يظهر ذلك من كتاب الشيخ عبد العزيز بن ولي الله
الدهلوي إلى الشيخ أبي سعيد بن محمد ضياء البريلوي الذي سافر للحج ووصل إلى مكة المباركة في
ربيع الأول سنة 1187 ورجع إلى الهند في سنة 1188 كتبه إليه بعد رجوعه عن الحرمين
الشريفين وأخبره بوفاة عمه أهل الله، رحمه الله.
مولانا إيزد بخش الدهلوي
الشيخ الفاضل إيزد بخش الصديقي الدهلوي المتلقب برسا بفتح الراء المهملة معناه الواصل كان من
العلماء المبرزين في كثير من الفنون، أخذ عن الشيخ عبد العزيز بن عبد الرشيد الحسيني
الأكبرآبادي، ثم تقرب إلى محمد أعظم ابن عالمكير فولي الإنشاء بديوانه ثم نقل إلى ديوان عالمكير
بن شاهجهان سلطان الهند، ولما مات عالمكير بادر إلى محمد أعظم وسار معه إلى قتال عظيم الشان
بن شاه عالم بن عالمكير، فقيل له: يأتي بلاء عظيم، فأجاب بأن الاسم الأعظم سيدفعه فلما قتل محمد
أعظم اعتزل في بيته، ولما قام بالملك فرخ سير ابن عظيم الشان طلبه وعاقبه أشد عقاب حتى مات.
له شرح بسيط على كشف الغطاء للشيخ عبد العزيز المذكور في فن الكلام، فرغ من تصنيفه يوم
الثلاثاء في العشرة الأخيرة من جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وألف وذلك الشرح يسمى بحق
اليقين وهو بالفارسي، وله مجموع في الانشاء، وكان من أحفاد آصف خان الوزير، مات سنة أربع
وعشرين ومائة وألف فدفن بالمدرسة في أكبرآباد كما في محبوب الألباب.
خواجه أيوب اللاهوري
الشيخ الصالح أيوب القرشي اللاهوري أحد المشايخ المشهورين في عصره، قرأ العلم على المفتي
محمد تقي اللاهوري ولازمه مدة من الزمان وأخذ عنه الطريقة السهروردية ثم درس وأفاد بلاهور،
وله شرح بسيط على المثنوي المعنوي فرغ من تصنيفه سنة عشرين ومائة وألف، وله مخزن عشق
مزدوجة وله غير ذلك، مات يوم الخميس لتسع بقين من جمادى الآخرة سنة خمس وخمسين ومائة
وألف بمدينة لاهور.
حرف الباء
الشيخ باسط علي القلندر الإله آبادي
الشيخ القلندر باسط علي بن محمد ماه بن فيروز بن سالم بن قاسم بن ناصر ابن بهاء الدين النقوي
النيسابوري الكنتوري ثم الإله آبادي أحد المشايخ المشهورين، ولد بدمكدها قرية من أعمال إله آباد
وقرأ شيئاً يسيراً من العلم ثم بايع الشيخ إله ديا أحمد اللاهربوري وصحبه سنة كاملة، ثم أمره الشيخ
أن يأخذ العلم عن أهله فسار إلى خيرآباد سنة أربع وأربعين ومائة وألف ولازم الشيخ صفة الله
الخيرآبادي وصحبه خمسة أعوام وقرأ عليه هداية الفقه وشرح المواقف مع حاشيته للسيد الزاهد
وسائر الكتب الدرسية وأسند الحديث عنه ثم رجع إلى إله آباد وعكف على الدرس والإفادة، أخذ عنه
الشيخ عبد القادر العمادي الجونبوري والشيخ محمد كاظم القلندر الكاكوري وخلق كثير.
مات في السابع عشر من ذي الحجة سنة ست وتسعين ومائة وألف بإله آباد وأرخ لوفاته عبد القادر
العمادي من قوله تعالى "السابقون السابقون أولئك المقربون" بتكرار الحرف في الراء المشددة كما في
أصول المقصود.
الشيخ بدر الدين الجهان آبادي
الشيخ الصالح بدر الدين بن جلال الدين بن عبد الهادي النقشبندي الجهان آبادي المهاجر إلى دمشق
الشام كان من نسل أويس بن محمد الغوث العطاري(6/702)
الشطاري، سافر إلى دمشق هو وابن عمه هداية
الله في سنة أربع وتسعين وألف ونزلا في الخلوة الكائنة بالجامع الأموي عند باب جيرون شرقي
الجامع ومكثا في أرغد عيش في الخلوة المذكورة وأكرمهما أهل دمشق غاية الإكرام، ثم اخترم ابن
عمه المذكور سنة أربع ومائة وألف فاستقام بدر الدين مدة تزيد على أربعين سنة، وكان مرفه العيش
متجملاً في ملبسه سخي الطبع.
مات في سنة ثمان وثلاثين ومائة وألف بدمشق فدفن في مقابر الغرباء في تربة مرج الدحداح كما
في سلك الدرر.
الشيخ بدر الدين اللاهوري
الشيخ الفاضل بدر الدين بن علي بن محمد هاشم الحسني الكيلاني ثم اللاهوري أحد المشايخ
القادرية، كان يدرس ويفيد ويجلس للتذكير، وكانت له صحبة مؤثرة وتأثير عظيم في مواعظه،
أعطاه جهاندار شاه بن شاه عالم الدهلوي سلطان الهند مائة ألف من النقود والأرض الخراجية على
سبيل الأقطاع فلم يقبلها.
مات في سنة ثلاثين وقيل ست وثلاثين ومائة وألف بمدينة لاهور كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ بدر الدين الجونبوري
الشيخ العالم الفقيه بدر الدين الحنفي الجونبوري كان من نسل الشيخ كبير الدين الأنصاري الذي
ينتهي نسبه إلى شيخ الاسلام أبي إسماعيل الهروي، أخذ الطريقة عن الشيخ بير محمد اللكهنوي،
وكان ممن لا نظير له في أقرانه في التصوف والشعر والألغاز.
ومن أبياته قوله:
كفتم بطبيب از درد نهان كفتا كه زغير دوست بربند زبان
كفتم كه إذا كفت همين خون جكر كفتم برهيز كفت از هر دو جهان
وقوله:
قومي همه نيستي زهستي نكرند جمعي هستي ز نيستي باز خرند
آنهاكه زهست ونيست آسان كزرند بينا تر وآشنا تر وآسوده تر اند
توفي غرة ربيع الأول سنة إحدى عشرة ومائة وألف ببلدة جونبور وله اثنتان وسبعون سنة فدفن
بحظيرة عمه الشيخ عبد الرسول، كما في كنج أرشدي.
الشيخ بدر بن غالب الرفاعي
الشيخ الصالح بدر بن غالب بن يعقوب بن شعبان الحسيني الرفاعي الكلبركوي أحد عباد الله
الصالحين، ذكره السيد الوالد في مهر جهانتاب ونقل عن أعراس نامه أنه كان فقيهاً محدثاً عارفاً
متصفاً بالكمالات الظاهرة والباطنة، أخذ الطريقة القادرية عن الشيخ نور الله عن محمد عن عبد
الشكور عن برهان عن محمود عن نور الحق عن محمد عن حسن عن علي عن جعفر عن أحمد عن
إبراهيم عن عبد الله عن عبد الرزاق عن أبيه الشيخ عبد القادر الجيلاني، مات في الرابع عشر من
شعبان سنة ثمان ومائة وألف بكلبركه فدفن بها.
الشيخ بدر عالم الساداموي
الشيخ الصالح بدر عالم بن محمد باقر القدوائي الساداموي الأودي أحد عباد الله الصالحين، قرأ أكثر
الكتب الدرسية على أساتذة عصره وبعضها على الحافظ محمد قاسم بن عبد الكريم البجنوري ثم أخذ
عنه الطريقة ولازمه مدة من الزمان، ثم تصدر للإرشاد، وكان فقيهاً مجاهداً مرتاضاً صاحب كشوف
وكرامات، أخذ عنه الشيخ غلام يحيى البهاري وخلق آخرون، مات في رابع شعبان سنة ثمانين
ومائة وألف بقرية سادامؤ كما في البحر الزخار.
الشيخ بديع الدين السارني
الشيخ الحاج بديع الدين الشيعي السارني أحمد رجال العلم، قرأ الكتب الدرسية على أساتذة عصره
ثم لازم الشيخ محمد جعفر الدهلوي وأخذ عنه وصحبه(6/703)
مدة طويل، ثم سافر إلى الحجاز والعراق فحج
وزار وسافر إلى المشهد وجاور الروضة الرضوية أياماً ثم رجع إلى الهند وعكف على الدرس
والإفادة، وكان صاحب تقوى وعزيمة جاوز عمره ثمانين حولاً، توفي سنة خمس وتسعين ومائة
وألف، كما في سير المتأخرين.
الشيخ بديع الدين الكنتوري
الشيخ الصالح بديع الدين بن عطاء الله بن محمد شريف الحسيني المداري الكنتوري أحد رجال العلم
والطريقة، أخذ عن أبيه عن جده وهلم جراً إلى السيد محمود المدقق الكنتوري، مات لست بقين من
شعبان سنة إحدى وستين ومائة وألف.
السيد بركة الله المارهروي
السيد الشريف بركة الله بن أويس بن عبد الجليل بن عبد الواحد الحسيني الواسطي البلكرامي ثم
المارهروي أحد المشايخ المعروفين، ولد سنة سبعين وألف بيلكرام ونشأ بها وقرأ الدرسيات على
الشيخ مربي بن عبد النبي الحسيني البلكرامي، ثم لازم الشيخ لطف الله الحسيني البلكرامي، وأخذ
عنه الطريقة وصحبه من ريعان شبابه إلى أوان الكهولة، ثم سار إلى كالبي فأجازه الشيخ فضل الله
بن أحمد الكالبوي إجازة عامة في الطريق المشهورة فسار إلى مارهره وسكن بها.
من مصنفاته رسالة في الحقائق ورسالة في الآداب سماها جهار أنواع ورسالة في الأمثال الهندية
على لسان الحقائق والمعارف تسمى بالعوارف الهندية ورياض عشق مزدوجة له وديوان الشعر
الفارسي وديوان الشعر الهندي المسمى ببيم بركاش.
مات يوم عاشوراء سنة اثنتين وأربعين ومائة وألف بمارهره، كما في مآثر الكرام.
مولانا برهان الدين التوني
الأمير الفاضل برهان الدين التوني نواب فاضل خان كان ابن أخ الفاضل الكبير علاء الملك علاء
الدين التوني، قدم الهند في حياة عمه في أيام شاهجهان ابن جهانكير، ولما مات عمه نال منصباً من
تلقائه وتدرج إلى الإمارة حتى ولي على كشمير سنة عشر ومائة وألف في أيام عالمكير بن شاهجهان
واستقل بها ثلاث سنوات وبضعة أشهر.
كان فاضلاً عادلاً كريماً متين الديانة مشكورة السيرة محباً لأهل العلم محسناً إليهم لم يزل يجالسهم
ويذاكرهم في العلوم ويصلي صلاة الجمعة في الجامع الكبير ويزور مقابر الأولياء ويجري الأرزاق
السنية على العلماء والمشايخ وأهل الحوائج من كافة الناس، له مآثر جميلة من مساجد ومدارس
وزوايا الصوفية ورباطات وجسور، منها مدرسة عظيمة بناها بكشمير ووقف عليها عروضاً وعقاراً،
مات بمدينة برهانبور سنة اثنتي عشرة ومائة وألف، كما في مآثر الأمراء.
الشيخ بهاء الدين البلكرامي
الشيخ الفاضل بهاء الدين النحوي البلكرامي كان من نسل الشيخ عبد الله الأنصاري الهروي، ولد
ونشأ ببلدة بلكرام وقرأ العلم على المفتي وجيه الدين الكوباموي ولازمه زماناً، ثم أخذ عن الشيخ
قطب الدين بن عبد الحليم الأنصاري السهالوي وتمهر في العربية ولا سيما النحو، انتفع به خلق
كثير.
مات في العشرة الأولى بعد المائة والألف ببلكرام فدفن بمقبرة عماد الدين، كما في مآثر الكرام.
الشيخ بهلول البركي
الشيخ الفاضل بهلول البركي الجالندري كان من العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية أصله
من الأفاغنة، قرأ العلم على السيد عبد الرشيد والسيد كبير والسيد عتيق الله ببلدة جالندر ثم أخذ
الطريقة عن الشيخ محمد سعيد ابن محمد يوسف الأنبالوي وصحبه مدة حياته ثم سافر إلى لاهور
وأخذ الطريقة القادرية عن الشيخ بلاق اللاهوري، وصنف الكتب نحو تسعين مجلداً، منها فوائد
الأسرار وأحوال نامه وشريح ديوان الحافظ وديوان شعر مات سنة سبعين ومائة وألف بجالندر، كما
في خزينة الأصفياء.
الشيخ ملا بدهن بن أبي سعيد الأميلهوي
الشيخ الصالح ملا بدهن بن أبي سعيد الحنفي(6/704)
الصالحي الأميثهوي أحد عباد الله الصالحين، ولد ببلدة
أميلهي في الثالث عشر من صفر سنة ثمان وثلاثين وألف ونشأ بها وقرأ العلم على والده ولازمه
زماناً، ثم تصدر للتدريس فدرس وأفاد مدة، ثم سافر إلى دهلي وأخذ الطريقة القادرية عن شاه مير
القادري، مات في عاشر رجب سنة خمس عشرة ومائة وألف، كما في صبح بهار.
الشيخ بير محمد السورتي
الشيخ العالم بير محمد بن بدر الدين الجشتي السورتي أحد الأفاضل المشهورين في عصره، قرأ
العلم على الشيخ محمد بن عبد الرزاق الأجي بمدينة سورت ولبس منه الخرقة ثم تولى الشياخة بعده.
مات في الخامس عشر من شعبان سنة إحدى وثمانين ومائة وألف بسورت فدفن عند شيخه، كما في
الحديقة الأحمدية.
حرف التاء المثناة الفوقية
المفتي تابع محمد اللكهنوي
الشيخ الفاضل المفتي تابع محمد بن المفتي محمد سعيد الحسيني اللكهنوي كان من نسل الشيخ محمد
أعظم بن أبي البقاء الكرماني، ولد ونشأ بلكهنؤ وقرأ العلم على والده وعلى الشيخ أحمد بن أبي سعيد
الصالحي الأميثهوي ولازمه مدة من الزمان حتى برع في العلم وتأهل للفتوى والتدريس، ولي الإفتاء
بعد والده بمدينة لكهنؤ له كتاب في الفقه الحنفي وهو من أفخر الكتب سماه السراج المنير وصنفه
سنة ثمان وعشرين ومائة وألف، أوله: منك الهداية وإليك النهاية يا من نور بعلم الفقه قلوب أولى
الألباب إلخ، وهذا الكتاب محفوظ في مكتبة ندوة العلماء.
الشيخ تاج العلى الأكبر آبادي
الشيخ الصالح تاج العلى بن فيض العلى بن أبي العلاء الحسيني الأكبرآبادي أحد المشايخ
المعروفين، أخذ الطريقة عن أبيه وتصدر للإرشاد بعده، مات بأكبرآباد في الخامس عشر من شعبان
سنة اثنتين ومائة وألف وله سبع وستون سنة، كما في مهر جهانتاب.
القاضي تاج محمود الديوي
الشيخ الفاضل القاضي تاج محمود بن أحمد الفياض بن ضياء الدين بن المفتي عبد السلام الحسيني
الأعظمي الديوي أحد الرجال المعروفين، كان قاضي قضاة الهند بدار الملك دهلي في أيام محمد شاه
الدهلوي، مات يوم الخميس الخامس عشر من جمادى الآخرة سنة خمس وخمسين ومائة وألف بمدينة
دهلي، كما في سير المتأخرين.
مير تاجو الكشميري
الشيخ الفاضل مير تاجو الحسيني الحنفي الكشميري أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، أخذ عن الشيخ حيدر بن فيروز الجرخي وخواجه محمد الكشميري ثم درس وأفاد، وكان
قانعاً عفيفاً ديناً لعل اسمه تاج الدين أو تاج محمد فحففه الناس على جرى العادة، وكانت وفاته في
سنة إحدى عشرة ومائة وألف بكشمير، كما في خزينة الأصفياء.
حرف الجيم
مرزا جانجانان الدهلوي
الشيخ الإمام العالم المحدث الفقيه الزاهد شمس الدين حبيب الله مرزا جانجانان بن مرزا جان بن
عبد السبحان بن محمد أمان العلوي الدهلوي، يرجع إلى نسبه إلى محمد ابن الحنفية وينتهي إلى
سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه بتسع عشرة واسطة، ولد يوم الجمعة لإحدى عشرة خلون
من رمضان سنة إحدى عشرة أو ثلاث عشرة بعد المائة والألف في أيام عالمكير، فتربى في مهد أبيه
وتعلم اللغة الفارسية عنه وقرأ القرآن على الحافظ عبد الرسول الدهلوي تلميذ شيخ القراء عبد الخالق
المصري ثم أحرز الكمالات العلمية، ولما بلغ الثامنة عشرة من سنه توفي أبوه فتردد إلى الأمراء
أياماً ليحصل الخدمة الملوكية ثم انجذب إلى الشيخ نور محمد البدايوني فأعرض عن الدنيا وصحبه
أربع سنين وأخذ عنه الطريقة النقشبندية فبشره(6/705)
شيخه بالولاية الكبرى وأجازه للإرشاد والتلقين ولكنه
لم يفارقه وصحبه في حياته وجاور قبره بعد وفاته ست سنين، ثم لازم الشيخ محمد أفضل السيالكوني
وقرأ عليه المطولات وأخذ عنه الحديث واستفاض منه فيوضاً كثيرة ثم تصدر للتدريس ودرس وأفاد
مدة، ولما صار مغلوب الحالة ترك التدريس وصحب الشيخ سعد الله الدهلوي ولازمه اثنتي عشرة
سنة، ثم صحب الشيخ محمد عابد السنامي ولازمه إحدى عشرة سنة، ولما توفي الشيخ محمد عابد
المذكور تصدر للإرشاد، وكانت مدة اشتغاله على المشايخ ثلاثين سنة، ومدة إرشاده خمساً وثلاثين
سنة.
كان من أعاجيب الزمان في ذكاء الحس والفطنة والقوة الغريبة في إبقاء الذكر والإستغناء عن الناس
والزهد والورع واتباع السنة السنية واقتفاء آثار السلف، وكان لا يتقيد برسوم المشايخ ولا يجيب
الدعوة العامة ولا يذهب إلى مجالس الصوفية المتعارفة، ولم يبن داراً قط فكان يسكن في الدار
المستعارة أو المستأجرة، وكان يأكل طعاماً يشتريه مطبوخاً كل مرة، ولا يملك من الثياب غير لباس
واحد، ولا يقبل النذور إلا بشروط، أحدها أن يكون الناذر شريفاً وثانيها أن لا يخلط بأهل الدنيا إلا
بقدر الضرورة وثالثها أن يكون صالحاً تقياً في الجملة ورابعها أن تكون له قوة يميز بها الحلال من
الحرام وخامسها أن لا يكون وراداً من دار غصب ونهب وسادسها أن يقدمه بإخلاص، وكان يقول:
إن رد الهدية ممنوع ولكنا ما أمرنا بالأخذ وجوباً، إني أقبل من أصحابي يأتون بها بإخلاص واحتياط
ولا أقبل من الأغنياء فإن هداياهم قلما تخلو عن الشبه وربما يتعلق بها حقوق العباد فأخذها مندمة يوم
القيامة، قال الشيخ غلام علي العلوي الدهلوي في مقامات مظهرية: إن محمد شاه بعث إليه وزيره
قمر الدين خان وقال له: إن الله أعطاني ملكاً كبيراً فخذوا مني ما شئتم، فأجابه إن الله تعالى يقول قل
متاع الدنيا قليل فلما كانت أمتعة الأقاليم السبعة قليلة فكيف بما في يدكم من قطعة حقيرة من إقليم
واحد والفقراء لا يخضعون للملوك لأجل ذلك الأقل، وقال: إن نظام الملك أعطاه ثلاثين ألفاً من النقود
فلم يقبل، فقال له نظام الملك: إن لم تكن لكم حاجة إليها فخذوها ثم قسموها على المساكين، فقال: إني
لست بأمينكم إن شئتم التقسيم فباشروه بأنفسكم إذا خرجتم من داري، انتهى.
وكان حنفياً في الفروع لكنه كان يترك العمل بالمذهب إذا وجد حديثاً صحيحاً غير منسوخ ولا
يحسب ذلك خروجاً عن المذهب ويقول: العجب كل العجب إن الحديث الصحيح غير المنسوخ لا
يعمل به مع أنه يروى عن النبي المعصوم عن الخطأ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببضع وسائط من الرواة
الثقاة ويعمل بالروايات الفقهية التي نقلها القضاة والمفتون بوسائط عديدة عن الإمام غير المعصوم مع
أن ضبطهم وعدلهم غير معلوم، انتهى.
قال محسن بن يحيى الترهتي في اليانع الجني: إنه كان ذا فضائل كثيرة، قرأ الحديث على الحاج
السيالكوني وأخذ الطريقة المجددية عن أكابر أهلها، كان له في اتباع السنة والقوة الكشفية شأن
عظيم، شهد أئمة الصوفية والمحدثين بفضه وجلالته كشيخه السيالكوني وأبي عبد العزيز والحاج
فاخر الإله آبادي المحدث رحمه الله تعالى، وله شعر بديع ومكاتيب نافعة، وكان يرى الإشارة
بالمسبحة ويضع يمينه على شماله تحت صدره ويقوي قراءة الفاتحة فيما لا يجهر الامام فيه بالقراءة،
وأقر المحدث حياة السندي المدني على قوله بوجوب العمل بالحديث بشرطه وإن خالف المذهب،
انتهى.
وقال أحمد بن الحسن القنوجي في الشهاب الثاقب وأجاب مولانا مظهر جانجانان في بعض مكاتيبه
من سؤال العمل بالحديث والانتقال من مذهب إلى مذهب بما مر من حديث محمد حياة السندي،
وخلاصة جزيل المواهب وأردف الكلام بما معناه انتقل كثير من السلف والخلف من مذهب إلى
مذهب ولو كان الانتقال غير جائز لما ارتكبوه، ومن قال خلاف ذلك فقول بلا دليل وغير مقبول ولا
معقول، وكان(6/706)
يقول: علم الحديث جامع للتفسير والفقه ودقائق السلوك يزداد نور العلم ويتولد توفيق
العمل الصالح والأخلاق الحسنة من بركاته، والعجب أنهم لا يعملون بالحديث الصحيح الغير
المنسوخ الذي بينه المحدثون وعلم أحوال رواته وانتهى إلى النبي المعصوم الذي لا سبيل للخطأ إليه
بواسطة عديدة، ويعملون برواية الفقه التي ناقلوها قضاة ومفتون وأحوال ضبطهم وعدلهم غير
معلومة وتنتهي بأكثر من عشر وسائط إلى المجتهد ومن شأنه الخطأ والصواب، وكان يقول: قدم
الورع والتقوى واتبع المصطفى بالقلب وأعرض أحوالك على الكتاب والسنة فإن كانت موافقة للسنة
فاقبلها وإن كانت مخالفة للسنة فارددها، وتعلم الحديث والفقه على التزام عقيدة أهل السنة والجماعة
وادخر الثواب الأخرى في صحبة العلماء وإن استطعت أن تواظب على العمل بالحديث فافعل وإلا
فاعمل به أحياناً لكيلا تحرم نوره، وكان يقول: ترك الرفع من جناب المجدد للاجتهاد والسنة
المحفوظة من النسخ مقدمة على إجتهاد المجتهد وترك الرفع بعد ثبوت سنيته بحجة ترك المجدد غير
مقبول وقد حذر المجدد من ترك السنة تحذيراً كثيراً، وكان على المذهب الحنفي وقد قال الامام أبو
حنيفة: إذا ثبت الحديث فهو مذهبي واتركوا قولي بقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالمرجو أن
لا يتغير المجدد بترك هذا الأمر الاجتهادي والأخذ بالأحاديث الصحيحة، انتهى.
وله مكاتيب نافعة وديوان شعر بالفارسية وخريطة جواهر مجموع انتخب فيه كلام الشعراء
المتقدمين، ومن أبياته الرقيقة الرائقة قوله:
هوس عشق مكن أي دل به صبر وقرار عاشقي فن شريف است مكركار تو نبست
وله:
ساقي بده آن مي كه زمستي نشناسيم بيمانه كدام ولب جانانه كدام است
توفي رحمه الله شهيداً ليلة السبت العاشرة من المحرم بعد المغرب سنة خمس وتسعين ومائة وألف،
وأرخوا سنة وفاته بهذه الكلمات عاش حميداً مات شهيداً وأيضاً بقوله تعالى "أولئك مع الذين أنعم الله"
ودفن في بلدة دهلي وقبره مشهور ظاهر.
مولانا جار الله السائنبوري
الشيخ الفاضل العلامة جار الله بن محمود بن عطاء الله بن عبد الحي بن علم الدين السائنبوري أحد
العلماء المبرزين في الفقه والحديث، له جامع الشتى كتاب مفيد في بابه، صنفه سنة ست وثلاثين
ومائة وألف.
مولانا جار الله الإله آبادي
الشيخ العالم الكبير العلامة المفتي جار الله الحسيني الإله آبادي أحد الأساتذة المشهورين، أخذ عنه
الشيخ محمد طاهر بن محمد يحيى العباسي الإله آبادي وخلق آخرون، وله مصنفات ممتعة منها
حاشية على تفسير البيضاوي، رأيتها بخطه في مجلد ضخم، وله رسالة في المنطق، ورسالة في
المغالطات العامة الورود.
السيد جان محمد البلكرامي
الشيخ العالم الصالح جان محمد بن معين الدين بن عبد اللطيف بن محمود الحسيني الواسطي
البلكرامي كان ابن عم السيد عبد الجليل، ولد في الحادي عشر من ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين
وألف وحفظ القرآن بقراءة وتجويد وأخذ العلم عن أساتذة عصره، ثم من الله سبحانه عليه بالمنصب
والأقطاع والوجاهة العظيمة والقبول التام عند أهل البلدة وكان مع ذلك عابداً ورعاً مجاهداً مرتاضاً
يقوم الليل ويتهجد ويكثر الذكر والدعاء مع التخشع والبكاء، لم يفته قيام الليل منذ عشرين سنة من
عمره إلى آخره عهده بالدنيا ولم يزل على ذلك حتى أخذته الجذبة الربانية فترك الدنيا وأسبابها
وخرج من دهلي فجاء بلكرام وودع عياله توديع المشرف على الموت ثم خرج من بلدته وسار إلى
بغداد وسر من رأى ومنها إلى نجف وكربلاء وطوس ومنها إلى البلد الحرام فحج وزار(6/707)
وسكن
المدينة المنورة متمنياً الموت، وكان يجلس بالمسجد النبوي ويصحح المصاحف.
مات في الخامس عشر من رجب سنة تسع وأربعين ومائة وألف، كما في مآثر الكرام.
مولانا جان محمد اللاهوري
الشيخ الفاضل جان محمد الحنفي اللاهوري أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول، ولد ونشأ
بلاهور وقرأ العلم على الشيخ عبد الحميد ومولانا تيمور ثم لازم الشيخ إسماعيل اللاهوري وأخذ
الحديث عنه واشتغل عليه بالمذاكرة يوم الإثنين والجمعة من كل أسبوع واستقام على ذلك إلى وفاة
الشيخ المذكور.
مات سنة عشرين ومائة وألف بلاهور فدفن ببرويزآباد ثم نقل جسده إلى مقبرة الشيخ إسماعيل، كما
في حدائق الحنفية.
الشيخ جعفر بن الجلال الكجراتي
الشيخ الصالح جعفر بن الجلال بن محمد بن جعفر الحسيني البخاري الكجراتي، أحد الرجال
المعروفين بالفضل والصلاح، ولد في الثامن عشر من ربيع الثاني سنة إحدى وثمانين وألف
بأحمدآباد ونشأ بها وأخذ عن أبيه وقام بعده بالمشيخة، تذكر له كشوف وكرامات.
مات في ثامن عشر من محرم الحرام سنة تسع ومائة وألف بأحمدآباد، كما في مرآة أحمدي.
الشيخ جلال الدين الحكيم الأمروهوي
الشيخ الفاضل جلال بن سعد بن محمدي الفياض الزينبي الهركامي ثم الأمروهوي كان من العلماء
المبرزين في الصناعة الطبية، ولد ونشأ بأمروهه وقرأ العلم بها ثم سار إلى دهلي ولازم معتمد
الملوك علوي خان الدهلوي عشر سنين وقرأ عليه الفنون الحكمية وتطبب عليه، ثم أخذ الطريقة عن
الشيخ عبد الله القادري حتى صار حائزاً للشرفين فقربه نواب دوندي خان إلى نفسه وجعله طبيباً
خاصاً له، وله مصنفات في الطب والتصوف منها القرابادين الجلالي ومنها رسائل في التوحيد
الوجودي، كما في نخبة التواريخ.
الشيخ جلال الدين الكجراتي
الشيخ العالم الفقيه جلال بن محمد بن جعفر بن جلال بن محمد الحسيني البخار الكجراتي أحد
العلماء المبرزين في الفقه والتصوف، ولد لليلتين خلتا من جمادي الأولى سنة اثنتين وستين وألف
وقرأ العلم وتفقه على والده وأخذ الطريقة عنه، له رسالتان إحداهما مرآة الرؤيا في تأويل الأحلام
والأخرى مفتاح الحاجات في الأذكار والأشغال، وهو ابتلى بمرض صعب فترك الغذاء قبل موته منذ
مدة طويلة فكان يكتفي بالتفكه بالتين والرمان.
مات لعشر بقين من ذي الحجة سنة أربع عشرة ومائة وألف، كما في مرآة أحمدي وفي محبوب ذي
المنن أنه مات سنة 1104 بأحمد آباد.
مولانا جلال الدين المجهلي شهري
الشيخ العالم الفقيه جلال الدين الجعفري الهاشمي المجهلي شهري كان من نسل قاضي ثناء الدين
الجعفري الزينبي الهاشمي ينتهي نسبه إلى جعفر الطيار ابن عم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحبه
وصاحبه، ولد ونشأ ببلدة مجهلي شهر وقرأ العلم وتفرد في الفقه والأصول فدرس وأفاد مدة حياته،
وشارك العلماء في تصنيف الفتاوي الهندية بأمر عالمكير بن شاهجهان سلطان الهند وقيل: إنه صنف
المجلد الأول منها وحده، كما في تجلي نور.
شجاع الدولة جلال الدين الأودي
الأمير الكبير شجاع الدولة جلال الدين الحيدر بن أبي المنصور التركماني الأودي أحد الرجال
المعروفين بالعقل والدهاء والسياسة، قام بالملك بعد وفاة والده سنة سبع وستين ومائة وألف وضبط
بلاد أوده وأحسن إلى الرعية وساس الأمور وعمر بلدة فيض آباد قريباً من أجودهيا التي يقال لها
أوده وجعلها واتخذها عاصمة بلاده، وولي الوزارة الجليلة في أيام شاه عالم الثاني سنة خمس وسبعين
ومائة وألف وسار معه إلى(6/708)
بنكاله فقاتل الانكليز وانهزم عنهم فرجع إلى إله آباد واستعد للقتال مرة
ثانية فقاتلهم في بكسر بفتح الموحدة وانهزم فاحشة فالتجأ إلى الحافظ رحمت خان البريلوي ثم إلى
نواب أحمد خان الفرج آبادي فأشار إليه أحمد خان المذكور أن يلتجىء إلى الانكليز فسار إليهم وقام
بالملك مرة ثانية بأرض الأوده تحت سيادة الانكليز ومات بها سنة ثمان وثمانين ومائة وألف.
الشيخ جلال محمد السندي
الشيخ الفاضل جلال محمد الككرالوي السندي أحد كبار العلماء، لم يكن له في زمان نظير في النجوم
والطب وأكثر الفنون الحكمية، كان يعترف بفضله الشيخ محمد معين التتوي صاحب دراسات اللبيب
ويثنى عليه ويقدمه على معاصريه في العلوم الحكمية، وكان مع ذلك العلم الواسع لا يتصنع في الزي
واللباس وكان لا يتردد إلى الأغنياء، كما في تحفة الكرام.
الشيخ جمال الله اللاهوري
الشيخ الفاضل جمال الله بن برخور دار بن محمد بن العلاء اللاهوري أحد المشايخ القادرية، كان
شيخاً جليلاً وقوراً عالماً صاحب كشوف وكرامات.
مات في الثاني عشر من ربيع الثاني سنة اثنتين وأربعين ومائة وألف، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ جمال الله البلكرامي
الشيخ الفاضل جمال الله الحنفي البلكرامي كان من ذرية الشيخ إله داد الصديقي، ولد ونشأ ببلكرام
وقرأ العلم على أساتذة عصره ثم تصدر للدرس والإفادة، وكان كثير الاشتغال بمطالعة الكتب، سافر
في آخر عمره إلى أحمدآباد فمرض هناك وانتقل إلى رحمة الله سبحانه بمدينة بزوده سنة سبع
وثلاثين ومائة وألف وله نحو خمس وخمسين سنة، كما في مآثر الكرام.
الشيخ جمال الدين الكجراتي
الشيخ العالم الصالح جمال الدين بن ركن الدين العمري الجشتي الكجراتي أحد المشايخ المشهورين،
ولد سنة ثمان وثمانين وألف بأحمدآباد وقرأ العلم على أبيه ولازمه مدة وأخذ عنه الطريقة ثم اشتغل
بالدرس والإفادة وصنف الكتب الكثيرة، وكان شيخاً صالحاً كريم النفس سخياً باذلاً محسناً إلى طلبة
العلم وأبناء السبيل شديد التعبد لم يزل يشتغل بالتدريس والتصنيف، ومن مصنفاته حاشية على شرح
الكافية للجامي وحاشية على المنهل الصافي وحاشية على الزبدة وحاشية على شرح الشمسية للقطب
الرازي وحاشية على المطول وحاشية على شرح العقائد للتفتازاني وحاشية على حاشية الخيالي
وحاشية على مختصر المعاني وحاشية على التلويح وحاشية على تفسير المدارك وحاشية على
البيضاوي وحاشية على التفسير المحمدي وحاشية على التفسير الحسيني وله تفسير مختصر وتفسير
نصيري وفتح الجمال شرح له على المثنوي المعنوي وشرح على سوانح الجامي وشرح على جام
جهان هما وشرح على فصوص الحكم وشرح أسماء الأسرار، للسيد محمد بن يوسف الحسيني
وشرح مرآة العارفين وشرح التعرف وشرح على عوارف المعارف وشرح على آداب المريدين
وشرح أسرار الخلوة وشرح بحر الأسرار ودرة التاج وشرقات السلوك وقرة العين ونور الأولياء
وركن الطريقة ومشهد الجمال وآثار السلوة ومراصد الكمال وكمند وحدة وشرح التقسيم وعد من
مصنفاته مائة واثنان وأربعون كتاباً وله ديوانان في الشعر الفارسي.
مات لست خلون من ربيع الثاني سنة أربع وعشرين ومائة وألف، كما في محبوب ذي المنن.
حرف الحاء
الحكيم حاذق خان الدهلوي
الشيخ الفاضل الكبير حاذق بن محسن الشيرازي الدهلوي أحد العلماء المبرزين في الفنون الحكمية،
لقبه عالمكير بن شاهجهان الدهلوي حكيم الملك ولقبه محمد شاه حكيم الملوك وأعطاه خمسة آلاف
لذاته منصباً رفيعاً وقربه إلى نفسه.(6/709)
الشيخ حامد بن الحسن اللاهوري
الشيخ الفاضل حامد بن الحسن اللاهوري أحد الرجال المعروفين بالفضل والكمال، أخذ العلم
والمعرفة عن الشيخ تيمور اللاهوري وكان يدرس ويفيد ولم يكن مثله في زمانه في القراءة والتجويد
بلاهور، ولد سنة إحدى وسبعين وألف في أيام عالمكير ومات في السابع عشر من جمادى الآخرة
سنة ست وستين ومائة وألف وله خمس وتسعون سنة، كما في خزينة الأصفياء.
مولانا حامد الجونبوري
الشيخ العالم الفقيه العلامة حامد الحنفي الجونبوري أحد كبار الفقهاء، قرأ أكثر الكتب الدرسية على
السيد محمد زاهد بن محمد أسلم الهروي وبعضها على العلامة محمد شفيع اليزدي وجد في البحث
والاشتغال حتى برز في كثير من العلوم والفنون في حياة شيوخه، ووظف له شاهجهان بن جهانكير
الدهلوي يومية ثم استخدمه عالمكير بن شاهجهان لتدوين الفتاوي الهندية وجعله معلماً لولده محمد
أكبر، كما في أنفاس العارفين قال الظفرآبادي في تجلي نور: إنه كان حفيد الشيخ سلطان محمود
العثماني الجونبوري.
الشيخ حبيب الله البهاري
الشيخ العالم الفقيه حبيب الله بن ذكي الدين الحنفي البهاري كان من ذرية الشيخ شرف الدين أحمد
بن يحيى المنيري، ولد ونشأ ببلدة بهار وقرأ العلم على والده ثم سار إلى جونبور وأخذ عن الشيخ
محمد أرشد بن محمد رشيد العثماني الجونبوري ولازمه زماناً ثم رجع إلى بلدته وتولى الشياخة مقام
أسلافه، له هدية السالكين وتحفة الذاكرين مات ليلة الخميس لليلة بقيت من ربيع الأول سنة ثمن
عشرة ومائة وألف فدفن بمقبرة شرف الدين المذكور، كما في كنج أرشدي.
القاضي حبيب الله الجونبوري
الشيخ العالم القاضي حبيب الله بن ضياء الله بن عبد الحكيم العلوي العباسي الجونبوري كان من
نسل الشيخ دانيال عود العلوي العباسي الستركهي، ولد بجونبور سنة سبع وأربعين وألف، قرأ شرح
الكافية للجامي على نور الدين جعفر المداري الجونبوري، وقرأ الكتب الدرسية كلها على الشيخ محمد
رشيد بن مصطفى العثماني الجونبوري وتلقى الذكر عنه، ثم ولي القضاء ببلدة جونبور فاستقل به
مدة من الزمان ثم نقل إلى بلدة ذهاكه فأقام بها مدة حياته، وكان عفيفاً ديناً شديد التصلب في المذهب،
أمر بقتل واحد من الشيعة ببلدة ذهاكه لسب الشيخين وكان والي تلك البلدة شيعياً فما هابه.
مات يوم الأربعاء لثلاث بقين من ذي القعدة سنة خمس ومائة وألف ببلدة ذهاكه فنقلوا جسده إلى
جونبور ودفنوه بها، كما في كنج أرشدي.
القاضي حبيب الله التاجبوري
الشيخ العالم القاضي حبيب الله الحنفي التاجبوري، كان قاضياً ببلدة تاجبور من أعمال سارن وكان
زاهداً فقيهاً عالماً متورعاً، أخذ الطريقة عن الشيخ محمد أرشد بن محمد رشيد العثماني الجونبوري
واستقام على الطريقة الظاهرة والصلاح مدة حياته، مات في الثامن عشر من ذي الحجة سنة ثمان
ومائة وألف وقبره بقرية مدن بور من أعمال سارن كما في كنج أرشدي.
السيد حبيب الله البلوي
الشيخ العالم حبيب الله الحنفي البلوي أحد المشايخ الجشتية، ولد ونشأ ببلدة بلنة وقرأ بعض الكتب
الدرسية على السيد محمد جعفر الحسيني البلوي وأخذ الطريقة عنه ثم سار إلى جونبور وقرأ سائر
الكتب الدرسية من شرح الوقاية إلى آخرها على الشيخ محمد أرشد بن محمد رشيد العثماني ولازمه
زماناً وأخذ عنه ثم رجع إلى بلنه وصرف عمره في نشر العلوم والمعارف، مات ليلة السبت الثاني
عشر من شوال سنة أربعين ومائة وألف فدفن بشريعة آباد عند شيخه محمد جعفر، كما في كنج
أرشدي.(6/710)
الشيخ حبيب الله القنوجي
الشيخ العالم الفقيه حبيب الله الحنفي القنوجي أحد المشايخ المشهورين، ولد ونشأ ببلدة قنوج وسافر
للعلم إلى سنديله وقرأ ضوء المصباح على بعض العلماء، ثم سار على جونبور وقرأ سائر الكتب
الدرسية في مدرسة مولانا عبد الباقي بن غوث الإسلام الصديقي الجونبوري، ثم دخل إله آباد وأخذ
الطريقة عن الشيخ عبد الجليل الإله آبادي ولازمه مدة من الزمان واجتهد في التصوف والسلوك حتى
صار رأساً في ذلك العلم والعمل وقصر نفسه على إرشاد الخلق إلى الحق سبحانه وذكره، ومن
مصنفاته مذاق الصوفية أوله: حمد بيحد مر جليل را الخ وخلاصة الاكتساب في السلوك بالفارسي
أوله سبحان الله من البداية وإليه النهاية إلخ والجواهر الخمسة وتذكرة الأولياء وروضة النبي في
الشمائل وأنيس العارفين ورسالة في الفقه ورسالة في المنطق، مات سنة أربعين ومائة وألف وأرخ
لموته بعض العلماء من الموت جسر يوصل الحبيب إلى الحبيب كما في أبجد العلوم.
مولانا حبيب الله العلي كنجي
الشيخ الفاضل حبيب الله الحنفي العلي كنجي أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، قرأ العلم
على الشيخ قطب الدين بن شهاب الدين الكوباموي وعلى غيره من العلماء، ذكره المفتي ولي الله
الفرخ آبادي في تاريخه وقال: إنه كان قانعاً عفيفاً ديناً، وإنه باع كل ماله من الأثاث وحفر بئراً من
ماله على ممر الناس في الطريق ينتفع بها الناس.
الشيخ حبيب الله الكشميري
الشيخ العالم الصالح حبيب الله الحنفي الكشميري المشهور بلتو، كان من العلماء الصالحين، ولد
ونشأ بكشمير وقرأ العلم على المفتي أبي الفتح الكشميري ثم أخذ الطريقة عن الشيخ محمد علي
الحسيني القادري وكان صاحب صلاح وطريقة ظاهرة، صرف عمره في نشر العلوم والمعارف،
مات سنة خمس ومائة وألف بكشمير، كما في روضة الأبرار.
الشيخ حسام الدين الكجراتي
الشيخ الفاضل حسام الدين بن ركن الدين العمري الجشتي الكجراتي أحد المشايخ الجشتية، ولد
بأحمدآباد سنة خمس وتسعين وألف وقرأ العلم على أبيه وصنوه جلال الدين وعلى السيد محمد
المشهدي ثم أخذ الطريقة عن أخيه المذكور وتولى الشياخة بعده وكان صاحب وجد وحالة، تذكر له
كشوف وكرامات.
السيد حسن الدهلوي رسول نما
الشيخ العالم الفقيه الزاهد حسن بن أبي الحسن الحسيني النارنولي ثم الدهلوي المشهور على أفواه
الرجال رسول نما ولد ونشأ بنارنول وقرأ القرآن والرسائل المختصرة بالفارسية ثم اشتغل بتعليم
الصبيان واسترزق به زماناً، ثم سافر إلى جونبور وقرأ العربية أياماً على بعض العلماء من أهل تلك
البلدة وسافر معه إلى بنارس ولما ذهب ذلك العالم إلى إله آباد سار إلى بهلول بكسر الموحدة قرية
جامعة على مسيرة عشرين ميلاً من لكهنؤ فاغتنم قدومه جودهري جلال الدين رئيس القرية وأكرمه،
ثم سار إلى لكهنؤ وقرأ العلم على مولانا عبد القادر العمري اللكهنوي، وكانت مدة سفره وإقامته في
جونبور وبنارس وبهلول ولكهنؤ أربع عشرة سنة، ثم رجع إلى بلدته نارنول واتخذ طر يق الملامتية
من الفقراء وأقام بنارنول اثنتي عشرة سنة ثم ذهب إلى دهلي وأقام مدة حياته، كما في البحر الزخار
وإني قرأت في بعض الكتب لم يحضرني الآن اسمه أنه قرأ العلم على مولانا محمد جميل
الجونبوري، لعله قرأ عليه حين إقامته بمدينة جونبور.
قال خافي خان في منتخب اللباب: إنه كان ماهراً في علم التفسير والحديث والأصول والعربية،
انتهت إليه الامامة في العلم والحلم والتواضع والمهابة والوقار، لم يزل يشتغل بالرياضة والمجاهدة
ولا يختلط بأهل الدنيا ولا يتركهم أن يختلطوا به وكان يتكلم لهم على طريق الملامتية ليتنفروا عنه
وكان لا يدع أحداً(6/711)
يبايعه على الطريق المرسوم ولكنه يفيض الأنوار القدسية على مخلصيه الصادقين
في الإرادة حتى اشتهر أنه يريهم جمال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الرؤيا الصادقة ولذلك لقبه
الناس برسول نما انتهى، مات يوم السبت لثمان بقين من شعبان سنة ثلاث ومائة وألف، كما في
البحر الزخار.
السيد حسن رضا العظيم آبادي
الشيخ العالم الصالح حسن رضا بن عبد الله بن أبي تراب الحسيني النقشبندي العظيم آبادي أحد
المشايخ المشهورين في عصره، أخذ الطريقة عن الشيخ محمد منعم الدهلوي ثم البهاري ولازمه
ملازمة طويلة حتى بلغ رتبة المشيخة وتولى الشياخة بعده بمدينة عظيم آباد وكان أصله من رائبوره
قرية من أعمال بهار وكان عالماً كبيراً بارعاً في المعقول والمنقول، كما في التأليف المحمدي.
القاضي حسن سعيد الجونبوري
الشيخ العالم المفتي ثم القاضي حسن سعيد بن محمد سعيد بن محمد مبارك الحسيني الجونبوري أحد
العلماء المبرزين في الفقه والأصول، ولد ونشأ بمدينة جونبور واشتغل بالعلم مدة طويلة حتى برع
فيه وتأهل للفتوى والتدريس فولي الإفتاء ببلدة جونبور ثم ولي القضاء بها، وكان لوالده منزلة جسيمة
عند الملوك والأمراء بدار الملك دهلي فتقرب حسن سعيد إلى السلطان ونال القضاء الأكبر بدهلي
فصار قاضي قضاة الهند، ومات سنة سبع وخمسين ومائة وألف، كما في تجلي نور.
قطب الملك حسن علي خان البارهوي
الأمير الكبير حسن علي بن عبد الله الحسيني الواسطي البارهوي نواب عبد الله خان قطب الملك
أحد الوزراء المتغلبين على الدولة التيمورية، ولد ونشأ بأرض الهند وتقرب إلى عالمكير وخدمه مدة
من الزمان، ولما توفي عالمكير لحق بولده شاه عالم وقاتل أخاه محمد أعظم وجرح في المعركة فولاه
شاه عالم على أجمير وأعطاه أربعة آلاف منصباً رفيعاً ثم ولاه على إله آباد ولما توفي شاه عالم
وولي مكانه ولده معز الدين عزله عن الولاية ونصب مكانه أحد أصحابه فقاتله حسن علي خان
وهزمه ثم لحق بفرخ سير بن عظيم الشأن ابن شاه عالم وسار معه إلى دهلي فقاتل معز الدين
وهزمه، فلما تولى المملكة فرخ سير جعله وزيراً وأعطاه سبعة آلاف لذاته وسبعة آلاف للخيل منصباً
رفيعاً ولقبه يار وفادار قطب الملك عبد الله خان بهادر ظفر جنك وجعل صنوه حسين علي خان أمير
الأمراء فأخذا الحل والعقد بيدهما وفرخ سير صار لعبة بين أيديهما فوقع النفاق بينه وبين وزيريه
فقبضا عليه وقتلاه، ثم تفقا على رفيع الدرجات بن رفيع القدر بن شاه عالم فأجلساه على سرير الملك
وكان مسلولاً فمات بعد أربعة أشهر، ثم أخرجا مع رفيع الدولة بن رفيع القدر من السجن وأجلساه
على السرير فمات بمرض الإسهال وما كان له من السلطة إلا الاسم، ثم اتفقا على محمد شاه بن
جهان شاه بن شاه عالم، فلما رأى محمد شاه أنه لعبة بين أيديهما دبر الحيلة لخلاصه وأمر بعض
رجاله فقتل حسين على خان في أثناء السفر غيلة، فلما سمع بذلك حسن علي خان وكان بدهلي أخرج
بعض أبناء الملوك من السجن وسار معه بعساكره العظيمة إلى محمد شاه فوقع اللقاء بين فئتين وهزم
حسن علي خان فقبض عليه.
وكان شجاعاً مقداماً باسلاً متهوراً صاحب جرأة ونجدة، لم يكن في زمانه مثله في الشجاعة ومع ذلك
كان جاهلاً مغتراً مختالاً فخوراً لم يكن له نصيب من السياسة والتدبير، فلما تولى الوزارة اشتغل
بالنساء وترك الحل والعقد بيد ديوانه رتن جند الكافر الهندي فاختل النظام وكان أمر الله مفعولاً.
مات في سلخ ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ومائة وألف بمدينة دهلي، كما في مآثر الأمراء.
أمير الأمراء حسين علي خن البارهوي
أمير الأمراء حسين علي بن عبد الله الحسين الواسطي البارهوي عمدة الملك بخشي الممالك نواب
حسين علي خان أحد الأمراء المتغلبين على الدولة التيمورية، ناب الحكم في عظيم آباد، بلنة في عهد
شاه عالم ولما تفي شاه عالم وقتل ولده عظيم الشأن لحق بفرخ سير بن عظيم الشأن وسار معه إلى
دهلي(6/712)
وحرض أخاه حسن على الذي كان والياً بإله آباد أن يلحق بفرخ سير، فلما جلس فرخ سير
على سرير الملك جعله أمير الأمراء وجعل صنوه الكبير حسن علي وزيراً فأخذا الحل والعقد بيدهما
وصار فرخ سير لعبة بين أيديهما فوقع النفاق بين السلطان ووزيريه بعد مدة من الزمان فقبضا عليه
وقتلاه ظلماً، ثم اتفقا على رفيع الدرجات بن رفيع القدر بن شاه عالم وكان مسلولاً فمات بعد أربعة
أشهر من جلوسه على سرير الملك، فاتفقا على رفيع الدولة بن رفيع القدر ابن شاه عالم وهو أيضاً
توفي بمرض الإسهال بعد ثلاثة أشهر، فاتفقا على روشن أختر بن جهان شاه بن شاه عالم وهو الذي
يسمونه محمد شاه فلما رأى محمد شاه أنه لعبة بين أيديهما دبر الحيلة لخلاصه وأمر بعض رجاله أن
يقتل حسين علي خان فقتله غيلة في أثناء السفر، فلما سمع ذلك حسن علي خان وكان بدهلي أخرج
بعض أبناء الملوك من السجن وسار معه بعساكره العظيمة إلى محمد شاه ووقع اللقاء بين الفئتين
وانهزم حسن علي خان، وأما حسين علي خان فإنه كان رجلاً شهماً باسلاً شجاعاً مقداماً صاحب جرأة
ونجدة وسخاء وكرم وغيرها من الخصال الحميدة والفعال المحمودة، وكان خيراً من صنوه الكبير
حسن علي في كثير من الأمور، وكان محباً لأهل العلم محسناً إليهم يجالسهم ويذاكرهم في العلوم،
صنف له محمد بن رستم بن قباد الحارثي البدخشي كتابه نزل الأبرار بما صح من مناقب أهل بيت
الأطهار سنة 1126 وأثنى عليه في مفتتح كتابه، ويقول فيه السيد عبد الجليل الحسيني الواسطي
البلكرامي يهنئه بعيد النحر:
تهن بعيد النحر يا من عطاؤه أفاض على من حج جوداً عوائدا
تنسكت هدى الجود في كل موقف وألبست نحر المعتقين قلائدا
وقال مضمناً مصراع كعب بن زهير يصف الشموع التي أذكاها أمير الأمراء في سير مولد النبي
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أضاء ركن الأعالي سيد الأمراء شهر الرسول شموعاً في غياهبه
أمسى الشموع على الحضار منشدة أن الرسول لنور يستضاء به
وقال بالفارسية يمدحه:
آن أمير جماعة أمراء جون حسين على هزبر شيم
قرة العين حيدر كرار نخبة نسخة بني آدم
جود أو شهرة ديار عرب تيغ أو ضابط بلاد عجم
نازد از نسبتش سمو نسب بالد از همتش علو همم
غوطه در جود أو خورد دريار لطمه از دست أو خورد ضيغم
إلى غير ذلك من الأبيات الرائقة، ولما قتل حسين علي خان قال يرثيه بالفارسي.
آثار كربلا است عيان از جبين هند زد جوش خون آل نبي از زمين هند
شد ماتم حسين على تازه در جهان سادات كشته اند مصيبت نشين هند
نيلي است زين معامله بيراهن عرب وزخون كريه سرخ شد است آستين هند
كيتي جرا سياه نكردد ز دود غم خاموش شد جراغ نشاط آفرين هند
هند اين جنين مصيبت عظمى نديده است ديديم داستان شهور وسنين هند
إلى غير ذلك، وكانت وفاته يوم الأربعاء سادس ذي الحجة الحرام سنة اثنتين وثلاثين ومائة وألف
على مسيرة خمس وثلاثين ميلاً من أكبرآباد.
حسين بن أبي المكارم السندي
الأمير الفاضل حسين بن أبي المكارم بن أبي البقاء بن القاسم الهروي نواب أمين الدين حسين(6/713)
السندي كان من الرجال المعروفين بالفضل والكمال، ولي على بلاد السند سنة أربع عشرة ومائة
وألف، وكان محباً لأهل العلم محسناً إليهم يجالسهم ويذاكرهم في العلوم، أخذ العلم عن الشيخ عبد
الواسع الصوفي التتوي، له رشحات الفنون في أربعة عشر علماً، وله معلومات الآفاق، كما في تحفة
الكرام.
الحكيم حسين الشيرازي
الفاضل الكبير حسين الحكيم الشيرازي نواب حكيم الممالك كان من العلماء المبرزين في العلوم
الحكمية، أصله من أرض العرب، نشأ في بلاد الفرس وقرأ العلم بها على الأستاذة المشهورين ومهر
في الصناعة الطبية ثم قدم الهند وتقرب إلى محمد أعظم بن عالمكير فجعله طبيباً خاصاً له، ولما قتل
محمد أعظم تقرب إلى محمد معظم وحصلت له الوجاهة العظيمة عند الملوك والأمراء عهداً بعد
عهد، لقبه فرخ سير بحكيم الممالك، وسافر إلى الحرمين الشريفين في أيام محمد شاه فحج وزار
ورجع إلى الهند، ونال المنصب أربعة آلاف لذاته، وله أبيات رائقة بالفارسية منها قوله:
نه من شهرت تمنا دارم وني نام ميخواهم فلك كر وا كذارد يكنفس آرام ميخواهم
مات سنة تسع وأربعين ومائة وألف بمدينة دهلي فأرخ لوفاته غلام علي بن نوح البلكرامي من
قوله: شهرت مرد وكان اسمه في الشعر شهرت، كما في شمع أنجمن.
حسين بن باقر الأصفهاني
الأمير الفاضل حسين بن باقر بن بو علي المشهدي الأصفهاني نواب امتياز خان، قدم الهند في أيام
عالمكير بن شاهجهان الدهلوي سلطان الهند فولاه على ديوان الخراج بايالة بلنه ولقبه امتياز خان
فاستقل بها زماناً ثم ولي على كجرات وسافر إلى بلاده في أيام شاه عالم، وكان معه مال خطير فطمع
فيه خدا يار خان أحد مرازبة السند وبعث إليه رجالاً قتلوه غيلة.
وكان شاعراً مجيد الشعر فطناً ذكياً ديناً، سافر إلى الحجاز فحج وزار، وله ديوان شعر فارسي
وأبياته في غاية الرقة والمتانة منها تضمين للمصراع المشهور ع:
اين همه از بي آنست كه زر ميخواهد.
السلطان:
شه كه اين كوكبه واين كر وفر ميخواهد تاج وتيغ وعلم وزين وكمر ميخواهد
لشكر وكشور وإقبال وظفر ميخواهد اين همه از بي آنست كه زر ميخواهد
الوزير:
آن وزيريكه بسي عاقل ودانا باشد كار او باهمه كس رفق ومدارا باشد
مخلص شاه وهوا خواه رعايا باشد اين همه از بي آنست كه زر ميخواهد
الرجل العاقل:
مرد عاقل كه سوي معركه جون تير رود كاه مردي وشجاعت ز بي تير رود
بي محابا همه تن بر دم شمشير رود اين همه از بي آنست كه زر ميخواهد
الصوفي:
صوفي صاف كه در صومعه مسكن دارد در بغل مصحف وزنار بكردن دراد
صلح كل با همه از شيخ وبرهمن دارد اين همه از بي آنست كه زر ميخواهد
التاجر:
تاجر كو بفشارد بجكر دندان را از خسيسي ببرد سينه بمالد نان را
وقت سودا بفروشد كهر ايمان را اين همه از بي آنست كه زر ميخواهد
الفاضل:(6/714)
فاضل كو همه در فكر فروع است وأصول كاه انديشة معقول كند كه منقول
مردمان را همه خواند بخدا وبرسول اين همه از بي آنست كه زر ميخواهد
الكيمياوي:
كيميا كر كه همين رنج برد در عالم سازد از سيسة دل در نفسي كوزه دم
خويشتن را بكذارد ز تف آتش غم اين همه از بي آنست كه زر ميخواهد
الطبيب
آن طبيبي كه تراكيب ومعاجين سازد بعبارات حكيمان سخن بردازد
هر دم صبح بقاروره نظر اندازد اين همه از بي آنست كه زر ميخواهد
الخطاط:
خوشنويسي كه شب وروز كند مشق جنون كردنش دال وسرش واو وتنش كردد نون
ديده اش صاد ولبش با ودلش باد خون اين همه از بي آنست كه زر ميخواهد
العشيقة:
نازنيني كه بود نادرة حسن وجمال كه كند ناز وتغافل زره غنج ودلال
كه كند خون دل عشاق باميد وصال اين همه از بي آنست كه زر ميخواهد
الشاعر:
شاعري كو همه دم مدح وثنا ميكويد روز وشب نيك وبد شاه كدا ميكويد
كاه اكر مدح كند اه هجا ميكويد اين همه از بي آنست كه زر ميخواهد
خالص:
وهو اسم السيد حسين بن باقر الأصفهاني في الشعر:
خالص اين خفت خواري وغم ودرد ومحن در غريبي كشد وياد نيارد ز وطن
هو زمان تازه كند طرح دكر كونه سخن اين همه از بي آنست كه زر ميخواهد
قتل ببلاد السند سنة اثنتين وعشرين ومائة وألف، كما في مهر جهانتاب.
نواب حفظ الله خان الجنوتي
الأمير الفاضل حفظ الله بن سعد الله التميمي الجنوتي كان من الرجال المعروفين بالفضل والصلاح،
له يد بيضاء في الشعر، ولاه عالمكير بن شاهجهان على بلاد كشمير سنة ثمان وتسعين وألف فاستقل
بها أربع سنين وأصلح الفاسد، ثم سار إلى جمون ففتحها عنوة، ثم سار إلى معسكر السلطان المذكور
فولاه على سيوستان سنة ثلاث ومائة وألف فاستقل بها مدة حياته، وكان عادلاً باذلاً كريماً يدعو على
مائدته يوم ولد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألف رجل ويغسل على الضيوف، مات بسيوستان سنة
اثنتي عشرة ومائة وألف، فأرخ لموته السيد غلام علي البكرامي من قوله تعالى "فلهم جنات المأوى
نزلا بما كانوا يعملون" كما في تحفة الكرام.
مولانا حقاني الحنفي التانلوي
الشيخ العالم الكبير العلامة حقاني الحنفي الأميثهوي التانلوي كان من كبار العلماء، ولد ونشأ ببلدة
أميتلهي واشتغل بالعلم من صغره على من بها من العلماء، ثم سار إلى لكهنؤ وقرأ الكتب الدرسية
على الشيخ الأستاذ نظام الدين بن قطب الدين الأنصاري السهالوي وأقبل على المنطق والحكمة إقبالاً
كلياً حتى صار بحراً عميقاً غواصاً في المعاني الدقيقة وانتهت إليه الإمامة في العلم والتدريس، قرأ
عليه القاضي جار الله التانلوي والقاضي عبد الكريم الجوراسي والشيخ محمد مبين البهلواروي وخلق
كثير من العلماء.(6/715)
قال الشيخ عبد الأعلى بن عبد العلى الأنصاري اللكهنوي في الرسالة: إنه كان قانعاً عفيفاً ديناً
صاحب كشوف وكرامات، قد شهد بفضله وولايته غير واحد من العلماء وكان على قدم عبد الله بن
عمر رضي الله عنهما في الورع والتقوى وإعلاء كلمة الله، مات في أيام شاه عالم، انتهى.
وقال وجه الدين أشرف اللكهنوي في البحر الزخار: إني لم أسمع بمن يكون تذكاراً للسيد علم الله
البريلوي والشيخ غلام محمد اللكهنوي في التورع والتشرع غير مولانا حقاني، مات في السابع عشر
من جمادى الأولى سنة تسعين ومائة وألف ببلدة تانله، جلالبور فأرخ لوفاته بعض الناس من برد الله
مضجعه.
القاضي حكيم علي الكوباموي
الشيخ الفاضل حكيم علي بن القاضي محمد مبارك العمري الكوباموي أحد الأفاضل المشهورين، ولد
ونشا بكوبامؤ وقرأ العلم على من بها من العلماء ثم سافر إلى أرض الدكن قرأ عليه غير واحد من
العلماء في الدكن وفي غيرها من البلاد، كما في تذكرة الأنساب للقاضي مصطفى علي.
الشيخ حماية الله النيوتبني
الشيخ الفاضل حماية الله الحنفي النيوتبني كان من نسل القاضي ضياء الدين العثماني، ولد ونشأ
بنيوتبني وقرأ العلم على من بها من العلماء وفرغ في الثامنة عشرة من سنه ثم حفظ القرآن وأخذ
الطريقة عن الشيخ صفي الأميتهوي عن سيد مير عن يوسف عن الشيخ مجتبي القلندر وأخذ عن
الشيخ محمد تقي المهونوي أيضاً، مات لثمان بقين من رمضان سنة أربع وثمانين ومائة وألف بقرية
نيوتني، كما في البحر الزخار.
العلامة حمد الله السنديلوي
الشيخ الفاضل العلامة حمد الله بن شكر الله بن دانيال بن بير محمد الصديقي نسباً والشيعي مذهباً
والسنديلوي مولداً ومسكناً ومدفناً، كان من الأستاذة المشهورين في أرض الهند، ولد ونشأ بسنديله
وقرأ العلم على الشيخ العلامة كمال الدين الفتحبوري والشيخ الأجل نظام الدين بن قطب الدين
الأنصاري السهالوي، وأقبل على المنطق والحكمة إقبالاً كلياً حتى صار علماً مفرداً في الفنون
الحكمية وانتهت إليه الإمامة في العلم والتدريس فشفع له أبو المنصور خان صاحب أوده إلى أحمد
شاه الدهلوي سلطان الهند فلقبه فضل الله خان وأقطعه قرى عديدة، فبنى حمد الله مدرسة عظيمة ببلدة
سنديله، وله مصنفات ممتعة، أشهرها تعليقاته على الشمس البازغة للجونبوري وتعليقاته على شرح
هداية الحكمة للشيرازي، وله شرح على زبدة الأصول للعاملي وشرح بسيط على مسلم العلوم
للفاضل البهاري وهو أشهر مؤلفاته تلقاه العلماء بالقبول فأدخلوه في برنامج الدرس.
مات سنة ستين ومائة وألف بدار الملك دهلي فدفن بها في مقبرة الشيخ الكبير قطب الدين الأوشي،
كما في تذكرة علماء الهند.
الشيخ حمزة بن آل محمد المارهروي
الشيخ العالم الصالح حمزة بن آل محمد بن بركة الله الحسيني الواسطي المارهروي أحد الرجال
المشهورين، ولد في الرابع عشر من ربيع الثاني سنة إحدى وثلاثين ومائة وألف ببلدة مارهره ونشأ
بها وقرأ العلم على الشيخ طفيل محمد الأترولوي وأخذ الحديث عنه وهو أخذ عن الشيخ مبارك بن
فخر الدين الحسيني البلكرامي عن أبي رضا بن إسماعيل والشيخ نور الحق كلاهما عن الشيخ
المحدث عبد الحق بن سيف الدين الدهلوي، وأخذ الطريقة عن والده وتولى الشياخة بعده وهو في
الرابع والثلاثين من مراحل العمر.
وكان عالماً عارفاً عفيفاً ديناً قانعاً مرتاضاً منقطعاً إلى الله سبحانه، له مزدوجة على منوال المثنوي
المعنوي صنفها ارتجالاً وله كاشف الأستار كشكول له بسيط انتفعت به.
مات في الرابع عشر من المحرم سنة ثمان وتسعين ومائة وألف كما في أنوار العارفين.(6/716)
الأمير حيدر علي الميسوري
الأمير الكبير حيدر علي بن فتح علي بن علي خان الكوهيري الحيدرآبادي ثم الميسوري أحد رجال
السياسة والتدبير، ولد سنة خمسين ومائة وألف وتدرب على الفنون الحربية في ظل والده ثم دخل في
خدمة راجه ميسور سنة 1749 م وكان ملازماً لركابه أباً عن جد فارتقى إلى مأمورية قائد الجيوش
ف مدة عشر سنين وتدرج إلى الإمارة وجمع العساكر العظيمة تحت لوائه، وكان راجه نند رام ملك
ميسور مائلاً إلى التعبد فألقى زمام الملك بيد وزيره كنارو، فلما رأى كنارو أن حيدر علي صار قوي
الشوكة خافه ودبر الحيلة لاستئصاله واستقدم المرهله، فلما وقف حيدر علي على ذلك حارب كنارو
وقاتله وهزمه، فاستوزره نند رام وألقى بيده الحل والعقد فرتق ما فتق من مهمات الدولة في أيام
كنارو ثم قبض على نند رام واستقل بالملك وافتتح أمره بالسياسة والرئاسة وقبض أكثر بلاد المرهله
ووسع ملكه إلى نواحي مدراس وضرب السكة باسمه بشطر من البيت:
دين أحمد در جهان روشن وفتح حيدر است
وإذ كانت الدولة الإنكليزية تحسب لنمو سطوته حساباً عقدت محالفة المرهله ونظام الملك ضده إلا
أن حيدر على استمال نظام الملك إليه وأضرم على الإنكليز نيران حرب هائلة وجر عساكرهم إلى
بعد عن مدارس وركب في ستة آلاف فارس وقطع عشرين ومائة ميل في ثلاثة أيام حتى طلع على
المدينة المذكورة فاضطرت حماية مدراس أن تجيب طلبه وقرر هو معاهدة من أهم شرطها أن
الإنكليز يكونون حلفاء له في حروبه الدفاعية، فلما أغارت المرهله على أملاكه سنة 1770 م طلب
إلى الإنكليز المساعدة الموعود بها، فلم ينل منهم إلا إعلانهم بأنهم على حياد ولما تهددته المرهله مرة
ثانية طلب مساعدة الإنكليز فلم يجيبوه فغاظه ذلك فخالف المرهله أنفسهم ونظام الملك سنة 1780 م
وأغار على مملكة كرنالك الإنكليزية وخربها بالنار والسيف وفتح قلاعاً كثيرة إلا أنه احترز من
الدخول معهم في الحرب مواجهة، وكان الخراب الذي ألحقه في مدة سنتي الحرب عظيماً حتى أن
العساكر الإنكليزية وأهل مدراس كانوا في خطر من المجاعة وقد رفض شروط المصالحة التي
عرضها علي حاكم مدراس عند ما أدركته المنية، وخلفه ابنه تببو سلطان، توفي سنة ست وتسعين
ومائة وألف هجرية.
القاضي حيدر بن أبي حيدر الكشميري
الشيخ الفاضل القاضي حيدر بن أبي حيدر الحنفي الكشميري أحد كبار الفقهاء، ولد ونشأ بكشمير
وقرأ العلم على الشيخ عبد الرشيد الكشميري وعلى غيره من العلماء، ثم سافر إلى دهلي وتقرب إلى
عالمكير فجعله معلماً لحفيده محمد عظيم فاشتغل بتعليمه زماناً ثم ولي القضاء بدار الملك ثم ولي
القضاء الأكبر سنة سبع عشرة ومائة وألف، ولاه عالمكير، كما في مآثر عالمكيري.
قال خافي خان في منتخب اللباب: إن شاه عالم بن عالمكير بعثه إلى جودهبور سنة تسع عشرة
ومائة وألف فذهب إلى ذلك المقام وعمر المساجد وخرب الكنائس ونصب القضاة والولاة في تلك
البلاد وأخذ الجزية من أهلها، انتهى.
توفي سنة إحدى وعشرين ومائة وألف فنقل جسده إلى كشمير ودفن بها، كما في خزينة الأصفياء.
حرف الخاء
نواب خانجهان الكوباموي
الأمير الفاضل خانجهان بن محمد أنور بن محمد منور العمري الكوباموي نواب أنور الدين خان
بهادر شهامت جنك، كان من الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بكوبامؤ وتأدب على
والده وتففن في الفضائل ثم تقرب إلى عالمكير وتربى في مهد السلطة، لقبه شاه عالم بن عالمكير
أنور الدين خان وولاه على ديوان الخراج بحيدرآباد، ولما نال آصف جاه الوزارة الجليلة في أيام
محمد شاه ولاه على جهان آباد، كوزه ثم لما ذهب آصف جاه إلى حيدر آباد عزل عن تلك الخدمة
فسار إلى حيدر آباد وخدم آصف جاه المذكور مدة، فولاه على كرنالك، ولما توفي آصف جاه وقام
بالملك ولده ناصر جنك لقبه شهامت جنك ولما خرج علي ناصر جنك ابن(6/717)
أخته مظفر بن جنك
وذهب إلى كرنالك قاتله أنور الدين خان وقتل في تلك المعركة.
وكان فاضلاً شجاعاً مقداماً كريماً ديناً تقياً بارعاً في التصوف ذا سخاء وإيثار، قتل سنة اثنتين
وستين ومائة وألف، كما في مآثر الأمراء.
خانجي بن بير خان الكجراتي
الشيخ الكبير خانجي بن بير خان الإسماعيلي الكجراتي أحد كبار المشايخ الشيعة الإسماعيلية، ولد
ونشأ بكجرات وأخذ العلم عن أخيه نجم خان وبعثه الداعي بدر الدين إلى أحمد آباد فأقام بها زماناً
ودرس وأفاد وأخذ عنه كليم الدين وصفي الدين، ثم سار إلى أودببور وأسس بها مدرسة عالية فسار
إليه لقمان بن حبيب الله وأخذ عنه، مات بأودببور وقبره بها، كما في سلك الجواهر.
الشيخ خواجه مير درد الدهلوي
الشيخ العالم الكبير العارف الفقيه خواجه مير بن محمد ناصر الحسيني العسكري النقشبندي الدهلوي
أحد الرجال المشهورين في العلم والعمل، يرجع نسبه إلى الشيخ الكبير بهاء الدين محمد نقشبند
البخاري بإحدى عشرة واسطة وينتهي إلى الإمام حسن العسكري بخمس وعشرين واسطة، ولد بدار
الملك دهلي ونشأ بها واشتغل بالعلم على والده وأخذ عنه الطريقة ولازمه مدة حياة والده، ثم لما
أفاض الله سبحانه على والده الطريقة المحمدية الخالصة بايعه مرة ثانية وأخذ عنه تلك الطريقة
وأجازه والده إجازة عامة تامة، فجلس على مسنده بعده وطهر قلبه عما سوى الله سبحانه وانقطع إليه
وهو يومئذ ابن اثنتين وعشرين سنة فرزقه الله سبحانه حظاً وافراً من العلم والمعرفة وحسن السمت
والدل والهدى والزهد والاستغناء عن الناس وجعله من العلماء الراسخين في العلم، له رسالة في
أسرار الصلاة صنفها وله خمس عشرة سنة، وله واردات درد مجموع فيه إحدى عشرة ومائة رسائل
صنفها في تسع وثلاثين من سنه ثم شرحها في علم الكتاب وهو في مجلد ضخم يدل على تبحره في
العلم والمعرفة، وله رسالة في مبحث الغناء وله ديوان شعر بالفارسي في مجلد وكذلك ديوان شعر
بالهندي، وكان ماهراً بالموسيقى معدوداً في الشعراء، بل من أستاذتهم، له يد طولى في تهذيب اللغة
الهندية ومنة عظيمة على الشعراء.
ومن فوائده في الدين الخالص وهو الوارد الموفي مائة من علم الكتاب: اعلم أن التوحيد هو خلاص
القلب عن تعلق الغير وتخليته عما سوى الله وإسقاط الإضافات الموهوبة عن الموجودات الاعتبارية
التي لا وجود لها بأنفسها إلا بصنع الله الذي أتقن كل شيء والاستغراق والاستهلاك والاضمحلال في
مشاهدة وجهه الذي أينما تولوا فثم هو لا أن التوحيد ما يتوهم الجهلاء ويزعمون أنه اتحاد العبد
والمعبود وعينية الواجب والممكن ورفع امتياز المراتب الثابتة التي أثبتها الله بقدرته الكاملة وحكمته
البالغة وتسهيل الأحكام الشرعية وتساوي الكفر والإسلام وعدم تفرقة الحق والباطل وإنكار ورائية
الحق عن الخلق وانحصار وجوده تعالى في هذه الموجودات الكونية كوجود الكلى الطبعي في إفراده
لأن هذه العقيدة الفاسدة الباطلة إلحاد وزندقة وكفر محض لا سبيل لها إلى الرشد لأنه في الحقيقة
إنكار الحق في صورة الإقرار وإثبات الخلق ونفي الحق، نعوذ بالله منه.
ومن فوائده في الدين القيم وهو الوارد الرابع والمائة من علم الكتاب: الدين القيم هو الطريق
المحمدي الذي هدى الله المحمديين المخلصين له بفضله وهدايته وهو إثبات الله سبحانه ونفي الآلهة
الباطلة إقراراً باللسان وتصديقاً بالقلب على أنه لا معبود سوى الله بتكرار كلمة لا إله إلا الله حتى لا
يبقى المقصود الأصلي في الباطن غير الله بل لا يبصر موجود بعين البصيرة غيره ولا ينظر في
مرايا الموجودات إلا وجه الله أينما تولوا فثم هو ظاهر أولاً وفي ضمنه الموجودات الأخر كلها
ظاهرة ثانياً كما أن النور مبصر أولاً والأشياء تبصر بها ثانياً فأهل تلك المشاهدة هم الذين به
يبصرون وبه يسمعون وبه يمشون وبه يبطشون ولا يفوتهم أدب من الآداب الشرعية ولا يقصرون
في أداء أحكامها بحوله وقوته ويستقيمون على التوحيد المحمدي الذي هو الاستغراق ومشاهدة الحق
مع حفظ مراتب العبدية فكن متوجهاً دائماً إلى الذات المنزهة(6/718)
الإلهية على النهج التنزيهي وانظر
عجائب قدرته وصنعته بنظر التأمل والتفكر في مقدوراته ومصنوعاته التي هي آياته الباهرة وتفكر
في خلق السماوات والأرض بالعبرة والخبرة لتعلم أنه تعالى ما خلق هذا باطلاً وينكشف عليك أن الله
ما خلق شيئاً عبثاً فاستقم كما أمرت بلسان الشرع ولا تلتفت إلى مسائل التوحيد الوجودي والشهودي
لأنهما من جزئيات التوحيد الكلي المحمدي واكتف بإقرار التوحيد المطلق مجملاً بلا ملاحظة تقيد
الوجود والشهود ذلك الدين القيم، انتهى، ومن أبياته الرقيقة الرائقة قوله:
بر سر كوئي تو ام يكبار مي بايد كريست ابر تا داند كه اين مقدار مي بايد كريست
وقوله:
اين همه از خويش رفتي در بيء كار كسي اي دل كم كشته ما هم باتو كاري داشتم
وقوله:
درد آخر زندكي هم جند روزي كردن است دل نمى بايد ز دنيا اينقدر برداشتن
توفي يوم الجمعة لست ليال بقين من صفر سنة تسع وتسعين ومائة وألف بدهلي وقبره مشهور
ظاهر خارج البلدة.
القاضي خليل الله الحيدرآبادي
الشيخ الفاضل خليل الله بن قاضي بابا بن آقا رضى الحسيني الرضوي البخاري ثم الحيدرآبادي
أحد الفقهاء الحنفية، ولد ونشأ بحيدرآباد وقرأ العلم على أبيه وعلى غيره من العلماء، وولي القضاء
بحيدرآباد بعد وفاة والده، وكان مشكور السيرة في القضاء خاشعاً لله متواضعاً متعبداً لم يزل مشتغلاً
بذكر الله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مات لتسع بقين من رجب سنة ست وخمسين ومائة وألف
بحيدرآباد، كما في محبوب ذي المنن.
الشيخ خوب محمد الكجراتي
الشيخ العالم الفقيه خوب محمد الحنفي الجشتي الأحمد آبادي الكجراتي أحد المشايخ المبرزين في
العلم والمعرفة، له شرح على جام جهان نما ورسائل في التصوف، مات لست ليال بقين من شوال
سنة ثلاث ومائة وألف بمدينة أحمد آباد، كما في مرآة أحمدي.
السيد خير الله البلكرامي
الشيخ العالم الصالح خير الله بن عبد الحميد بن طيب بن عبد القادر بن أبي القاسم بن خان محمد
بن محمود الأكبر الحسيني الواسطي البلكرامي أحد رجال العلم والطريقة، لم يكن له نظير في عصره
ومصره في الفنون العربية واللغة والإنشاء والشعر ومعرفة حقائق المثنوي المعنوي، لم يزل يشتغل
بالإفادة والعبادة، مات فجأة يوم الأربعاء خامس شوال سنة أربع عشرة ومائة وألف ببلدة بلكرام كما
في مآثر الكرام.
مرزا خير الله الدهلوي
الفاضل الكبير العلامة خير الله بن لطف الله المهندس الدهلوي أحد العلماء المبرزين في الفنون
الرياضية، تولى الرصد بمدينة دهلي سنة إحدى وثلاثين ومائة وألف في أيام محمد شاه الدهلوي،
وصنف التصانيف النافعة في الزيج والتقويم، منها شرح الزيج المحمد شاهي قد أبدع فيه وأجاد
وخالف القدماء في بعض المسائل، منها أن القدماء كانوا يزعمون أن المدار الذي خارج المركز دائرة
فاستخرجوا التعديلات الجزئية باعتبارها فخالفهم في ذلك في كتابه وادعى أنه وجد مدار الشمس
وجميع مدارات الحوامل الخارجة عن المراكز على أشكال بيضوية وبرهن على ذلك في كتابه، كما
في جامع بهادر خاني.(6/719)
القاضي خير الله الجونبوري
الشيخ العالم الفقيه القاضي خير الله بن مبارك بن أبي البقاء الحسيني الواسطي الجونبوري كان
أصغر أبناء والده، ولد ونشأ بمدينة جونبور وتفنن في الفضائل على أبيه وولي القضاء، وكان كثير
الاشتغال بالدرس والإفادة، كما في تجلي نور.
حرف الدال المهملة
السيد دائم علي الكزوي
الشيخ الفاضل الكبير دائم علي الحسيني الكزوي أحد الرجال المعروفين بالفضل والذكاء، ولد ونشأ
ببلدة كزه وقرأ العلم على من بها من العلماء ثم لازم دروس العلامة كمال الدين الفتحبوري وقرأ عليه
فاتحة الفراغ، ثم رجل إلى فرخ آباد وتقرب إلى ولاتها فعاش بها زماناً طويلاً وتزوج بابنة الحكيم
ثناء الله الفرخ آبادي وأعقب منها، وكان فاضلاً بارعاً في العلوم الحكمية شاعراً طبيباً يدرس ويفيد،
أخذ عنه ولده غلام ضامن والمفتي ولي الله بن أحمد علي الحسيني وخلق كثير من أهل العلم، توفي
سنة ثمان وتسعين ومائة وألف، كما في تاريخ فرخ آباد.
الشيخ داود علي العظيم آبادي
الشيخ الفاضل داود علي بن محمد نصير الشيعي الشيخبوري ثم العظيم آبادي أحد العلماء المبرزين
في العلوم العربية، قرأ الكتب الدرسية على والده وصحبه مدة طويلة ثم سافر إلى الحجاز والعراق
فحج وزار المشاهد ورجع إلى عظيم آباد وصرف عمره في الإفادة والعبادة، وكان قانعاً عفيفاً متعبداً
حسن الأخلاق شديد المواساة، مات فيما بين الستين والسبعين ببلدة عظيم آباد، كما في سير
المتأخرين.
السيد دركاهي البلكرامي
الشيخ الفاضل دركاهي بن عبد الخبير بن درويش بن حاتم بن بدر الدين الحسيني الواسطي
البلكرامي أحد الفقهاء الحنفية، ولد ونشأ بمحروسة بلكرام واشتغل بالعلم من صغر سنه وسافر له،
وأخذ عن القاضي عليم الله الكجندوي وعن غيره من العلماء، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ عبد الرسول
عم القاضي عليم الله المذكور فنال حظاً وافراً من العلم والمعرفة فرجع إلى بلدته وعكف على الدرس
والإفادة فأفنى قواه في ذلك، مات في بضعة عشرة ومائة وألف ببلكرام، كما في مآثر الكرام.
المفتي درويش محمد البدايوني
الشيخ العالم الفقيه المفتي درويش محمد العثماني الحنفي البدايوني أحد كبار الفقهاء، كان مفتياً ببلدة
بريلي في أيام رحمت خان، كما في تاريخ فرخ آباد.
حرف الراء
الشيخ رحمة الله الأوديكيري
الشيخ الكبير رحمة الله بن خواجه عالم الحنفي النقشبندي الخراساني ثم الهندي الأوديكيري أحد
المشايخ المشهورين بأرض الدكن، ولد بما وراء النهر سنة ثلاث عشرة ومائة وألف ونشأ بها وسافر
إلى البلاد في شبابه وأخذ الطريقة الرفاعية عن السيد علوي ثم دخل الحرمين الشريفين سنة ثلاث
وأربعين ومائة وألف فحج وزار وأخذ الطريقة النقشبندية عن الشيخ أشرف بن أولياء الحسيني المكي
ولازمه زماناً ثم قدم الهند وسكن بأوديكير، أخذ عنه المفتي ولي الله بن أحمد على الفرخ آبادي
والشيخ رفيع الدين القندهاري وخلق كثير من العلماء والمشايخ، توفي لأربع ليال بقين من ربيع
الأول سنة خمس وتسعين ومائة وألف بقلعة أوديكير فنقلوا جسده إلى رحمة آباد ودفنوه بها، كما في
تاريخ فرخ آباد.
الشيخ رحمة الله اللكهنوي
الشيخ العالم الفقيه رحمة الله بن غلام محمد البكري الحنفي البجنوري اللكهنوي أحد العلماء
المتصوفين، له تذكرة الأصفياء كتاب مفيد في أخبار المشايخ بالفارسي، صنفه سنة ست عشرة ومائة
وألف ببلدة لكهنؤ أوله الحمد لله الذي جعل ضمائر الأنبياء مشارق ضياء الشريعة والطريقة إلخ.(6/720)
الشيخ رحمة الله الكشميري
الشيخ الفاضل رحمة الله بن محمد مقيم بن محمد مؤمن الحنفي الكشميري أحد الفقهاء الحنفية، ولد
ونشأ بكشمير وقرأ العلم على مولانا محمد محسن كشو ومولانا عبد الله الشهيد ثم تصدى للدرس
والإفادة، وكان ذكياً فطناً تقياً متورعاً استفاض من روحانية الأمير علي بن الشهاب الهمداني فيوضاً
كثيرة، مات سنة ثلاث وستين ومائة وألف، كما في روضة الأبرار.
الشيخ رحمة الله العالمكيري
الشيخ الفاضل رحمة الله الحنفي العالمكيري أحد رجال العلم، كان ناظر المحاكمة العدلية وأميناً على
هفت جوكي أي ناظراً على أهل النوب من الأمراء الحارسين في أيام عالمكير بن شاهجان وكان
مقرباً لديه، ولما مات عالمكير اعتزل عن الخدمة وانزوى في بيته، ثم سافر عازماً للحج والزيارة مع
سر بلند خان سنة أربع وعشرين ومائة وألف، كما في مرآة أحمدي.
الحافظ رحمة خان الأفغاني
الأمير الكبير رحمة خان بن شاه عالم خان الأفغاني نواب حافظ الملك كان من الأمراء المشهورين
بالبذل والسخاء، قدم الهند من جبال روه فاغتنم قدومه نواب علي محمد خان الكليهري وولاه على
بيلي بهيت، ولما ولي علي محمد المذكور على سرهند سار معه وخدمه زماناً ثم رجع معه إلى كليهر
ولما توفي على محمد سنة إحدى وستين ومائة وألف واتفق الناس على ولده سعد الله خان اجتمع به
وقاتل معه مدة على جرى عادتهم، ثم اختلف الناس فيما بينهم فقسموا البلاد ووظفوا سعد الله خان
ثمانية لكوك في كل سنة وجعلوه أميراً عليهم فانتزع رحمة خان بلدة بريلي وشاهجهانبور وبيلي
بهيت ونواحيها من القرى والبلاد وساس الأمور وأحسن من الرعايا، وكان أكبرهم في حسن الخلق
والتواضع وكرم السجايا وأرشدهم في كمال الرئاسة وحسن مسلك السياسة وجودة التدبير ومحبة أهل
الفضائل، وفد عليه العلماء من بلاد شاسعة وسكنوا في بلاده، ولما خرج العلامة عبد العلي بن نظام
الدين اللكهنوي من لكهنؤ ودخل في بلاده أكرمه غاية الإكرام وأسس له مدرسة كبيرة بمدينة
شاهجهانبور وجعل له أرزاقاً سنية، وكذلك أكرم الشيخ رستم علي بن علي أصغر القنوجي وأسكنه
ببلدة بريلي ووظفه، وكذلك جعل للعلماء الأرزاق السنية فكانوا يدرسون في بلاده بفراغ الخاطر
وجمع الهمة، قتل في سنة ثمان وثمانين ومائة وألف بناحية فريد بور كما في تاريخ فرخ آباد.
القاضي رحيم الدين الكوباموي
الشيخ الفاضل رحيم الدين بن وهاج الدين بن قطب الدين بن شهاب الدين العمري الحنفي
الكوباموي كان من بيت العلم المشهور والحي الذي بالفضائل مذكور، ولد ونشأ بكويامؤ وقرأ العلم
على من بها من العلماء ثم تصدر للتدريس، أخذ عنه غير واحد من العلماء، كما في تذكرة الأنساب.
رستم بن قباد الحارثي
الأمير الفاضل رستم بن قباد الحارثي البدخشي نواب معتمد خان بن ديانت خان كان من الرجال
المعروفين بالفضل والكمال، ذكره ولده محمد في كتابه رد البدعة وقال: إنه كان جامعاً للمعقول
والمنقول حاوياً للفروع والأصول، مات في السابع عشر من جمادى الأولى سنة سبع عشرة ومائة
وألف.
مولانا رستم علي القنوجي
الشيخ العالم الكبير العلامة رستم علي بن علي أصغر الصديقي الحنفي القنوجي أحد العلماء
المشهورين، ولد سنة خمس عشرة ومائة وألف بقنوج ونشأ بها واشتغل على والده وقرأ عليه أكثر
الكتب الدرسية، ولما توفي والده سافر إلى لكهنؤ وقرأ سائر الكتب على الشيخ الأستاذ نظام الدين بن
قطب الدين الأنصاري السهالوي وقرأ فاتحة الفراغ سنة اثنتين وأربعين ومائة وألف، ثم رجع إلى
قنوج وتصدر(6/721)
للتدريس في مدرسة والده وأخذ الطريقة النقشبندية عن أخيه مولانا محمد كامل
القنوجي المتوفي سنة 1146 هـ، وكان من كبار العلماء انتهت إليه الإمامة في العلم والتدريس، درس
وأفاد وألف وأجاد، وسافر في آخر عمره حين تسلط المرهله على قنوج إلى فرخ آباد ثم إلى بريلي
فأكرمه نواب رحمت خان أمير تلك الناحية إكراماً بالغاً فسكن ببلدة بريلي ومات بها.
ومن مصنفاته تفسير القرآن الكريم المسمى بالصغير على منوال الجلالين في إيجاز العبارة ولطف
الإشارة، ومنها منتخب نور الأنوار شرح منار الأصول، مات سنة ثمان وسبعين ومائة وألف ببلدة
بريلي ودفنوه بها ثم نقلوا جسده بعد ستة أشهر إلى قنوج فدفنوه عند والده كما في تاريخ فرخ آباد.
الشيخ رشيد الدين الكجراتي
الشيخ الفاضل رشيد الدين بن ركن الدين بن يحيى العمري الجشتي الكجراتي أحد المشايخ الأعلام،
ولد ونشأ بأحمد آباد وأخذ عن أبيه ولازمه ملازمة طويلة ثم درس وأفاد، له ديوان الشعر الفارسي،
مات يوم الخميس لعشر بقين من ذي القعدة.
السيد رضى بن نور التستري
الشيخ الفاضل رضى بن نور الدين بن نعمة الله الحسيني الجزائري التستري أحد العلماء المبرزين
في العلوم الحكمية، ولد بتستر سنة ثمان وعشرين ومائة وألف وقرأ العلم على والده وعلى صنوه
الكبير عبد الله بن نور الدين ثم سافر إلى أصفهان وقم وكاشان وإلى غيرهما من البلاد وأخذ عن
جمع كثير من العلماء، ثم رحل إلى العراق وزار المشاهد المنورة، ثم قدم الهند سنة تسع وأربعين
ومائة وألف ورحل إلى بنكاله فأقام عند صاحبها شجاع الدولة مدة من الزمان، ولما توفي شجاع
الدولة جعله مرشد قلي خان من ندمائه ولما سافر مرشد قلي خان إلى حيدر آباد سار معه نحو آصف
جاه وصرف شطراً من عمره في صحبته، ثم اعتزل عن الناس ولازم بيته بحيدر آباد وتزوج بها
وأعقب ثلاثة أبناء أكبرهم أبو القاسم الذي يعرف بمير عالم، وكانت وفاته ليلة الرابع والعشرين من
جمادى الأولى سنة أربع وتسعين ومائة وألف بحيدر آباد كما في نجوم السماء.
الشيخ رفيع الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل العلامة رفيع الدين بن نيك مراد الدهلوي أحد العلماء المبرزين في الفنون الحكمية،
أخذ عن الشيخ محمد شفي بن محمد مقيم الحسيني الدهلوي وكان كثير الاشتغال بالدرس والإفادة
درس وأفاد اثنتي عشرة سنة بدهلي، أخذ عنه السيد غلام حسين المشهدي وخلق كثير من العلماء،
وله مصنفات عديدة منها كشف الفصوص شرح فصوص الفارابي صنفه لتلميذه غلام حسين المذكور
وكان يقرأ عليه شرح الألواح للحكيم شهاب الدين المقتول، أوله الحمد لله الحكيم وجدت بوجوده
مهيات الهويات إلخ، وله حاشية على ينبوع الحياة المنسوبة إلى هرمس الهرامسة الذي هو والد
الحكماء بعد ترجمته من الفارسية إلى العربية، ذكرها رفيع الدين المترجم له في كتابه كشف
الفصوص.
الشيخ ركن الدين الشطاري
الشيخ الصالح ركن الدين أحمد الشطاري الجنيدي المنيري أحد المشايخ المعروفين، أخذ الطريقة
عن الشيخ معين الحق عن الشيخ قطب الدين عن الشيخ علاء الدين عن الشيخ أبي يزيد عن الشيخ
أبي الفتح هدية الله عن والده الشيخ محمد بن العلاء الهاشمي المنيري، وأخذ عنه الشيخ إمام الدين
عبد الحسيب الحسيني الراجكيري وخلق آخرون، مات في الثامن عشر من جمادى الآخرة سنة سبع
عشرة ومائة وألف، كما في كنج أرشدي.
الشيخ ركن الدين الكجراتي
الشيخ العالم الصالح ركن الدين بن يحيى العمري الجشتي الكجراتي أحد المشايخ الجشتية، ولد
بأحمد آباد سنة تسع وخمسين وألف وأخذ العلم عن أبيه وعن الشيخ فريد الدين الكجراتي وقرأ
المثنوي المعنوي على الشيخ عبد الفتاح العسكري شارح المثنوي ثم لازم أباه وأخذ عنه الطريقة،
ولما هاجر(6/722)
أبوه إلى الحجاز تولى الشياخة مكانه وحصل له القبول العظيم بكجرات، وكان يدرس
ويفيد، توفي لأربع عشرة خلون من ربيع الأول سنة خمس عشرة ومائة وألف بأحمد آباد، كما في
محبوب ذي المنن.
الشيخ ركن الدين الكجراتي
الشيخ الفاضل ركن الدين بن حسام الدين بن ركن الدين بن يحيى العمري الجشتي الكجراتي أحد
المشايخ المشهورين، ولد لثلاث عشرة خلون من صفر سنة إحدى وأربعين ومائة وألف بأحمد آباد
وقرأ العلم على والده وعلى غيره من العلماء بكجرات، ثم أخذ الطريقة عن أبيه وتولى الشياخة بعده،
وكان صاحب وجد وحالة، توفي لخمس بقين من شعبان سنة ثمان وتسعين ومائة وألف بأحمد آباد،
كما في محبوب ذي المنن.
المفتي روح الله الجونبوري
الشيخ العالم المفتي روح الله بن مبارك بن أبي البقاء الحسيني الواسطي الجونبوري أحد العلماء
البارعين في المعارف الأدبية، ولد ونشأ ببلدة جونبور وقرأ العلم على والده وتفنن في الفضائل عليه،
ثم تصدى للدرس والإفادة، أخذ عنه خلق كثير، كما في تجلي نور.
الشيخ روح الله السندي
الشيخ الفاضل الكبير روح الله الحنفي البهكري السندي أحد العلماء المبرزين في المعقول والمنقول،
لقيه على شير القانع سنة ست وستين ومائة وألف وذكره في كتابه تحفة الكرام وأثنى على براعته
في العلوم.
مولانا روح الأمين البلكرامي
الشيخ العالم الكبير روح الأمين بن محمد سعيد بن محمد العثماني البلكرامي أحد الرجال
المشهورين، ولد ونشأ ببلكرام وقرأ العلم على من بها من العلماء وجد في البحث والإشتغال حتى برع
في الفنون العربية والإنشاء والشعر، وخرج من بلدته إلى دهلي مع ستين رجلاً من الفرسان والرجالة
وتقرب إلى منعم خان الوزير فافتتن بفضله الوزير ولكنه مات قبل أن يمنحه المنصب والخدمة،
فتقرب إلى سبهدار خان وصار نائباً عنه في إله آباد فاشتغل بمهماتها مدة، ثم تقرب إلى نواب سر
بلند خان فولاه على اثنتين وعشرين عمالة من بنجاب نحو سيالكوث وجالندهر فاستقل بها برهة من
الزمان، ثم اعتزل عنها ورجع إلى بلكرام فاستقدمه نواب تهور خان صاحب شاهجهانبور، فلازمه
زماناً، ثم انحاز عنه وتقرب إلى نواب مظفر الدولة فصار نائباً عنه في بلاده أوده وأقام بها مدة، ثم
اعتزل عنه ولازم الأمير الكبير محمد خان بنكش ثم لازم برهان الملك وقاتل معه نادر شاه الإيراني
فقتل.
وكان عالماً خفيف الروح فيه دعابة وطلاقة وجه شاعراً مجيد الشعر ذا حافظة قوية يسرد الأشعار
على محلها من عربية وفارسية، وكان كثير الإشتغال بمطالعة الكتب وكتابتها وتصحيحها وتحشيتها،
انتسخ صحيح البخاري وصحيح مسلم بن الحجاج النيسابوري في العقد السابع من عمره وعلق
عليهما الحواشي المفيدة، وله ديوان الشعر الفارسي أبياته تقارب سبعة آلاف بيت، وله كشكول سماه
بالعقل الكل، ومن أبياته الرائقة قوله:
موشكافان كره زلف تو از دل بستند جه كند ناخن تدبير كه مشكل بستند
مات يوم الثلاثاء الخامس عشر من ذي القعدة سنة إحدى وخمسين ومائة وألف، كما في شرائف
عثماني.
حرف الزاي
الشيخ زين بن عبد الرحمن الحضرمي
الشيخ الكبير زين بن عبد الرحمن عيديد الباعلوي الحضرمي أحمد المشايخ المشهورين في عصره،
حصل له القبول العظيم بمدينة سورت فتولى الشياخة بها قائماً مقام والده، وكان والده أول من قدم
الهند من تلك العائلة الجليلة، توفي سنة أربع وخمسين ومائة وألف، كما في الحديقة.(6/723)
مولانا زين الدين الكشميري
الشيخ الفاضل زين الدين بن عبد اللطيف الحنفي الكشميري كان من نسل الشيخ زين الدين علي،
ولد بكشمير ونشأ في العلم والكرامة حتى برع وفاق أقرانه، مات سنة خمس وخمسين ومائة وألف،
كما في حدائق الحنفية.
السيد زين الدين الحضرمي
الشيخ الفاضل زين الدين فضل الحسيني الحضرمي ثم الهندي البيجابوري أحد العلماء الصالحين،
قدم الهند وسكن بمدينة بيجابور وحصل له القبول العظيم عند أهل البلدة والوجاهة العظيمة عند
الأمراء وكان ماهراً بالدعوة والتكسير حريصاً على جمع الكتب النفيسة وكانت عنده تسعمائة كتاب
عزيز الوجود، توفي لخمس بقين من ربيع الأول سنة خمس وثلاثين ومائة وألف بمدينة بيجابور،
كما في محبوب ذي المنن.
مولانا زين العابدين السنديلوي
الشيخ العالم الكبير زين العابدين الحسيني السنديلوي أحد العلماء المبرزين في المنطق والحكمة، أخذ
عن الشيخ قطب الدين بن عبد الحليم الأنصاري السهالوي، وكان صاحب وجد وحالة، كما في
الرسالة القطبية.
مولانا زين العابدين الكجراتي
الشيخ الفاضل زين العابدين الأحمدآبادي الكجراتي أحد العلماء المشهورين، له حاشية على الآداب
الباقية في فن المناظرة، مات سنة ثلاث عشرة ومائة وألف، كما في الحديقة الأحمدية.
الشيخ زين العابدين السرهندي
الشيخ العالم الصالح زين العابدين بن يحيى بن أحمد بن عبد الأحد العمري السرهندي أحد العلماء
المبرزين في الفقه والأصول والتصوف، ولد سنة أربع وسبعين وألف بسرهند ونشأ في مهد العلم
والإرشاد، وأخذ العلم والمعرفة عن الشيخ حجة الله محمد النقشبند السرهندي ولازمه ملازمة طويلة
حتى برز في كثير من الفضائل وتصدر للإرشاد والتدريس، أخذ عنه غير واحد من العلماء.
توفي في سلخ رمضان سنة ثمان وعشرين ومائة وألف بسرهند وله أربع وخمسون سنة، كما في
الجواهر العلوية.
نواب زيب النساء بيكم
الملكة الفاضلة زيب النساء بنت السلطان محي الدين أورنك زيب عالمكير أكبر ملوك الهند
وأكرمهم، ولدت في عاشر شوال سنة ثمان وأربعين وألف من بطن دلرس بانو بنت شاهوار خان
الصفوي ونشأت في نعمة أبيها وحفظت القرآن على مريم أم عناية الله الكشميري فأعطاها عالمكير
ثلاثين ألفاً من النقود الذهبية، ثم تعلمت الكتابة من نسخ وتعليق وشفيعة وغيرها، وقرأت الكتب
الدرسية على الشيخ أحمد بن سعيد الحنفي الأميثهوي وعلى غيره من العلماء، وأخذت الشعر
والإنشاء وغيرهما عن الشيخ محمد سعيد المازندراني، وأحرزت الكتب النفيسة في خزانتها واجتمع
عندها من العلماء والشعراء ما لم يجتمع عند أحد.
وكانت شاعرة ساحرة تسحر الألباب وتفلق القلوب لا تضاهيها امرأة في الهند في جودة القريحة
وسلامة الفكرة ولطافة الطبع، لم تتزوج قط لغيرتا بأن تكون ضجيعة لأحد من الرجال، وأما
مصنفاتها فهي لا تكاد توجد في الدنيا غير زيب المنشأت وهو مجموع لرسائلها، وأما ديوان الشعر
المنسوب إليها فهو لواحد من شعراء الفرس، وديوانها قد ضاع في حيلتها، وأما زيب التفاسير فهو
ترجمة التفسير الكبير للرازي بالفارسي نقله من العربية إلى الفارسية الشيخ صفي الدين الأردبيلي ثم
الكشميري بأمرها ولذلك سماه باسمها، ومن أبياتها قولها:
بشكند دستي كه خم در كردن ياري نشد كور به جشمي كه لذت كير ديداري نشد
صد بهار آخر شد وهو كل به فر قي جاكرفت غنجة باغ دل ما زيب دستاري نشد(6/724)
توفيت سنة ثلاث عشرة ومائة وألف في حياة أبيها فدفنت بحديقة بناها في لاهور.
نواب زينت النساء بيكم
الملكة الفاضلة زينت النساء بيكم بنت السلطان محي الدين أورنك زيب عالمكير بن شاهجهان بن
جهانكير التيموري، ولدت في سنة ثلاث وخمسين وألف ونشأت في نعمة أبيها وتربيته، وتزوجت
أورنك شاه إلى تركستان، وآل الأمر إليها في ولاية بخارا بذكائها وحسن تدبيرها حتى صار الحل
والعقد بيدها، ومن مآثرها زينة المساجد المشهور في دهلي، المبني بالحجارة الحمراء، وفي فناء
المسجد في الجهة الشمالية قبرها.
حرف السين
سراج الدين علي خان الأكبرآبادي
الشيخ الفاضل سراج الدين بن حسام الدين الكواليري ثم الأكبرآبادي أحد الشعراء المفلقين، يرجع
نسبه من جهة أبيه إلى العلامة كمال الدين الدهلوي ومن جهة أمه إلى الشيخ محمد الغوث الكواليري،
ولد بمدينة كواليار سنة إحدى ومائة وألف واشتغل بالعلم من صباه وجد في حتى برع في النحو
واللغة والإنشاء والشعر والبلاغة وسائر الفنون الأدبية، لم يكن في زمانه مثله في سعة العلم
والاطلاع على اللغة الفارسية ومناهج كلام أهل اللغة ومصطلحات الشعراء، دخل دهلي سنة ثلاثين
ومائة وألف، فحصل له القبول العظيم عند الأمراء، كانوا يكفونه مؤنته لا سيما مؤتمن الدولة وولده
نجم الدولة كانا يعطيانه مائة وخمسين ربية في كل شهر، ولما انقرضت الدولة التيمورية في أيام شاه
عالم استقدمه نواب سالار جنك بن مؤتمن الدولة إلى فيض آباد وظف له نواب شجاع الدولة أمير
تلك الناحية ثلاثمائة ربية كل شهر.
ومن مصنفاته الموهبة العظمى في فن المعاني والعطية الكبرى في فن البيان كلاهما بالفارسية
كالتلخيص والمفتاح بالعربية، ومنها سراج اللغة في اللغة الفارسية كالبرهان القاطع، ومنها جراغ
هدايت في مصطلحات الشعراء الحديثة، ومنها نوادر الألفاظ المشتمل على اللغات الهندية لا يعرف
فارسيها ولا عربيها، ومنها خيابان شرح بسيط على كلستان للشيخ سعدي المصلح الشيرازي، ومنها
مجمع النفائس في طبقات شعراء الفرس كأنها فتاوي أشعار القدماء منهم والمحدثين، وله ديوان الشعر
الفارسي يحتوي على ثلاثين ألف بيت وله غير ذلك من المصنفات، ومن أبياته قوله:
تند وبر شور وسيه مست زكهسار آمد ميكشان مزده كه ابر آمد وبسيار آمد
مات بلكهنؤ لسبع بقين من ربيع الثاني سنة تسع وستين ومائة وألف فنقل جسده إلى دهلي كما في
رياض الشعراء وكلشن هند وسروآزاد.
مولانا سعد الدين البلكرامي
الشيخ العالم الفقيه سعد الدين بن جمال الدين بن مربي بن عبد النبي الحسيني الواسطي البلكرامي
أحد العلماء المعروفين، ولد ونشأ ببلكرام وقرأ العلم على الشيخ نعمة الله الحسيني البلكرامي ثم سافر
للاسترزاق وخدم الملوك والأمراء زماناً ثم رجع إلى بلدته واعتزل عن الناس وانقطع إلى تدريس
الطلبة ومطالعة الكتب، كما في مآثر الكرام.
مولانا سعد الدين الكشميري
الشيخ العالم الكبير سعد الدين بن أمان الله بن خير الدين الحنفي الكشميري أحد كبار الفقهاء، ولد في
سنة ست أو سبع وعشرين ومائة وألف وقرأ العلم على والده ثم تصدر للتدريس، أخذ عنه جمع كثير
من العلماء، توفي لسبع بقين من ذي الحجة سنة إحدى وخمسين ومائة وألف بعد ثمان وثلاثين يوماً
من شهادة والده، كما في حدائق الحنفية.
الشيخ سعد الله السلوني
الشيخ العالم الكبير العلامة سعد الله بن عبد الشكور الحسيني السلوني البريلوي أحد فحول العلماء،
ولد ونشأ بسلون بفتح السين المهملة بلدة على عشرة(6/725)
أميال من رائي بريلي في نعمة جده لأمه الشيخ
بير محمد السلوني وأخذ الطريقة عن والده عبد الشكور عن الشيخ مسعود الإسفراييني عن الشيخ
علي عن الشيخ جعفر عن الشيخ إبراهيم عن الشيخ عبد الله عن الشيخ عبد الرزاق عن والده الشيخ
الامام عبد القادر الجيلاني، ثم سافر إلى الحجاز فحج وزار وأقام بها اثنتي عشرة سنة وأخذ الحديث
ودرس العلوم مدة، أخذ عنه الشيخ عبد الله ابن سالم البصري والشيخ أحمد النخلي وغيرهما من
الأئمة ثم رجع إلى الهند وسكن ببندر سورت أعطاه عالمكير بن شاهجهان سلطان الهند قريتين
تحصل له منهما ثمانية آلاف ربية كل سنة، وكان السلطان يكرمه ويجله ويتلقى إشاراته بالقبول،
والشيخ سعد الله يكتب إلى السلطان في الشفاعات فيقبلها السلطان ويكتب الأجوبة بيده الكريمة حتى
أن الشيخ بعث إليه يشفع لواحد من العمال فأمر السلطان أن يكتب إليه أنك رجل عالم لا ينبغي لك
أن تخاطبني في الذين ظلموا، ثم ترك السلطان الكتابة إليه بيده والشيخ لم يزل يكتب إليه ويحثه على
محبة الأئمة الإثنى عشر من أهل البيت، فلما كرر الكتابة إليه في ذلك الأمر التفت السلطان إلى من
حضر عنده من العلماء وقال: إن ما يوصيني الشيخ بحب أهل البيت صحيح لا غبار عليه ولكن
الإمامة لا تنحصر عند أهل السنة والجماعة في الأئمة الإثنى عشر، انتهى ما ذكره خافي خان في
منتخب اللباب.
وفي الحديقة الأحمدية: أن السلطان عالمكير كان يخاطبه في المراسلات بسيدي وسندي.
وله مصنفات كثيرة منها تعليقاته على الحاشية القديمة والجديدة وآداب البحث رسالة له في المنطق
وحاشية على يمين الوصول في الفقه ورسالة له في إثبات مذهب الشيعة ورسالة له في شرح أربعين
بيتاً من المثنوي المعنوي وحاشية له على هداية الحكمة وكشف الحق وتحفة الرسول وغيرها من
الرسائل.
توفي لأربع ليال بقين من جمادى الأولى سنة ثمان وثلاثين ومائة وألف بمدينة سورت فدفن بها.
السيد سعد الله البلكرامي
الشيخ الفاضل سعد الله بن مرتضى بن فيروز بن عبد الواحد الحسيني الواسطي البلكرامي أحد
العلماء الصالحين، ولد ونشأ ببلكرام وقرأ بعض الكتب الدرسية على الشيخ فيضي الأمروهوي
وأكثرها على القاضي عبد الرحيم المرادآبادي، ودرس وأفاد ببلكرام مدة طويلة ثم سافر إلى الحرمين
الشريفين فحج وزار ورجع إلى الهند وأقام بأحمدآباد في مدرسة الشيخ نور الدين بن محمد صالح
الكجراتي وانقطع إلى الزهد والعبادة قلما يخرج من حجرته وكان يحيى ليله بالعبادة ونهاره بالدرس
والإفادة.
مات يوم الأربعاء السابع عشر من شوال سنة تسع عشرة ومائة وألف بأحمد آباد فدفن بمقبرة
بهيكن، كما في مآثر الكرام.
الشيخ سعد الله الدهلوي
الشيخ الصالح سعد الله الدهلوي المشهور بكلشن كان من كبار المشايخ النقشبندية، أخذ العلم
والمعرفة عن الشيخ عبد الأحد بن محمد سعيد العمري السرهندي ولازمه مدة من الزمان، وكان
شاعراً مجيد الشعر، وله شأن كبير في التوكل والاستغناء والترك والتجريد، أخذ عنه الشيخ الكبير
جانجانان العلوي الدهلوي.
توفي يوم الأحد لتسع بقين من جمادى الأولى سنة أربعين وقيل إحدى وأربعين وقيل ثلاث وخمسين
ومائة وألف بدهلي.
الشيخ سعد الله الدهلوي
الشيخ الصالح سعد الله الدهلوي المشهور بالحافظ كان من أكابر الصوفية، أخذ الطريقة عن الشيخ
محمد صديق بن محمد معصوم وصحبه ثلاثين سنة، أخذ عنه الشيخ الكبير جانجانان العلوي الدهلوي
وخلق آخرون، توفي في الحادي عشر من شوال سنة اثنتين وخمسين ومائة وألف بدهلي.
الشيخ سعد الله الأورنك آبادي
الشيخ العالم الصالح سعد الله بن أمان الله الأورنك آبادي أحد المشايخ المشهورين، كان أصله من
البلاد المشرقية، سافر إلى أورنك آباد عند خاله(6/726)
شهاب الدين وله إحدى عشرة سنة فقرأ الكتب
الدرسية على القاضي مسعود الأورنك آبادي وعلى غيره من العلماء وأخذ الطريقة عن خاله شهاب
الدين المذكور وتولى الشياخة بعده سنة 1119 هـ.
الشيخ سعدي البلخاري
الشيخ الكبير سعدي البلخاري اللاهوري أحد المشايخ المشهورين في الهند كان في الثامنة من سنه إذ
لقي الشيخ آدم بن إسماعيل البنوري ولازمه، وقرأ العلم على أساتذة عصره وأخذ الطريقة عن الشيخ
آدم المذكور وسافر معه إلى الحجاز فحج وزار وأقام بالمدينة المنورة إلى وفاة الشيخ المذكور ثم رجع
إلى الهند وسكن بلاهور، أخذ عنه خلق كثير من العلماء والمشايخ وحصل له القبول العظيم، مات
يوم الأربعاء ثالث ربيع الأول سنة ثمان ومائة وألف في عهد عالمكير.
الشيخ سعيد الغجدواني
الشيخ الصالح سعيد الغجدواني المشهور بلنك بوش ولد بغجدوان وقرأ على أبناء عصره وأدرك
الشيخ قل مريد وله سبع عشرة سنة فانجذب إليه وغلبت عليه الحالة فاستوحش عن الناس وخرج
إلى الصحراء ومضى عليه إحدى عشرة سنة ثم رجع إلى شيخه وأخذ عنه، ولما توفي شيخه لازم
الشيخ درويش عزيزان وانتفع به ثم قدم الهند ودخل عسكر الأمير الكبير غازي الدين خان
فيروزجنك فلازمه مدة حياته في الظعن والإقامة، توفي لسبع خلون من رمضان سنة عشر ومائة
وألف، كما في البحر الزخار.
القاضي سلطان قلي الجونبوري
الشيخ الفاضل سلطان قلي بن أحمد العثماني الجونبوري كان من نسل الشيخ سلطان محمود صنو
الشيخ محمد أفضل الجونبوري، ولد ونشأ بمدينة جونبور وقرأ العربية أياماً على والده ثم سافر إلى
دهلي وأخذ عن أساتذتها ثم ولي القضاء بجهان آباد كوزه مكان والده، وله تفسير على سورة يوسف،
مات بكوزه ونقل جسده إلى جونبور، كما في تجلي نور.
الشيخ سلطان محمد الكرماني
الشيخ العالم الصالح سلطان محمد الكرماني الدهلوي أحد الفقهاء الحنفية، أخذ عن السيد حسن
النارنولي ثم الدهلوي المشهور رسول نما ولازمه ملازمة طويلة وكان يدرس ويفيد، أخذ عنه جمال
خان المدرس الدهلوي، كما في البحر الزخار.
السيد سلطان مقصود الكالبوي
الشيخ العالم الفقيه سلطان مقصود بن أحمد بن محمد الحسيني الترمذي الكالبوي أحد العلماء
المبرزين في النحو والعربية ولد ونشأ ببلدة كالبي وسافر للعلم إلى بلكرام فقرأ الكتب الدرسية على
الشيخ سعد الله بن مرتضى البلكرامي ثم رجع وعكف على الدرس والإفادة، له تعليقات مفيدة على
الكتب الدرسية منها حاشية على شرح هداية الحكمة للميبذي وحاشية على شرح قصيدة البردة للدولة
آبادي، مات في صفر سنة ثلاث وعشرين ومائة وألف، كما في مآثر الكرام.
الشيخ سلطان مير الكشميري
الشيخ الفاضل سلطان مير الحنفي الكشميري كان ابن أخ الشيخ نور محمد وصاحبه وخليفته،
صرف عمره في نشر العلوم والمعارف، ومات سنة خمس وعشرين ومائة وألف، كما في خزينة
الأصفياء.
مولانا سليمان الكشميري
الشيخ الفاضل سليمان بن أبي الفتح الحنفي الكشميري أحد العلماء الصالحين، قرأ العلم على مولانا
عناية الله الكشميري ثم ولي التدريس بمدرسة عناية الله خان فدرس وأفاد بها مدة حياته، وكان
صاحب صلاح وطريقة ظاهرة، له لب اللباب شرح خلاصة الحساب للعاملي، مات سنة ست وستين
ومائة وألف، كما في روضة الأبرار.
مولانا سليمان المنيري
الشيخ الفاضل سليمان الحنفي المنيري نواب فضائل خان كان من الرجال المعروفين بالفضل(6/727)
والصلاح، تقرب إلى عالمكير في حياة والده شاهجهان وخدمه مدة طويلة حتى صار معتمداً لديه بعد
ما تولى المملكة وولاه دار العدل ولقبه فضائل خان سنة إحدى وتسعين وألف، كما في مآثر
عالمكيري.
قال بختاور خان في مرآة العالم: إنه كان معروف الديانة ظاهر العفة قليل الطمع كثير الورع
يعرض على السلطان الشكاة كل يوم ثلاث مرات ويفصح بالأقضية ويبذل جهده في إحقاق الحق
وإنجاح المطالب ويشتغل بذلك آناء الليل والنهار ولا يرضى بالقصور في خدمته ومع ذلك كان
يدرس الطلبة في الليل ويعلمهم، انتهى، توفي سنة إحدى ومائة وألف، فقال سرخوش مؤرخاً لوفاته،
ولله دره:
هم شيخ سليمان شدة تاريخ وفات بيمانة عمر بود نامش كويا
كما في كلمات الشعراء.
الشيخ سليم الله النكرنهسوي
الشيخ الفاضل سليم الله بن عليم الله الأنصاري النكرنهسوي العظيم آبادي أحد أكابر العلماء وأعيان
الفضلاء ببلدته، قرأ العلم على والده وتفنن في الفضائل عليه، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ عبد الله
الحسيني المدفون بهلسه بكسر الهاء قرية من أعمال عظيم آباد وأخذ عنه بنوه أمين الله وغلام بدر
وغيرهما، مات يوم الخميس لتسع بقين من ربيع الثاني سنة إحدى وتسعين ومائة وألف بنكرنهسه
بفتح النون الأول وضم الثاني قرية من أعمال عظيم آباد، كما في تذكرة النبلاء.
الشيخ سوندها بن عبد المؤمن السفيدوني
الشيخ الصالح سوندها بن عبد المؤمن الصديقي السفيدوني أحد المشايخ الجشتية، ولد ونشأ بسفيدون
قرية جامعة على أربعة عشر ميلاً من باني بت وسار إلى كنكوه عند الشيخ داود بن صادق الحنفي
الكنكوهي فلازمه ملازمة طويلة وأخذ عنه الطريقة، ثم رجع إلى بلدته وتولى الشياخة بها، أخذ عنه
الشيخ محمد أكرم بن محمد علي البراسوي صاحب اقتباس الأنوار وخلق آخرون، توفي لست بقين
من جمادى الآخرة.
الشيخ سيف الدين الألوري
الشيخ الفاضل سيف الدين بن محي الدين الحنفي الألوري أحد الشعراء المجيدين، قرأ المختصرات
على والده ثم لازم الشيخ عبد الجليل بن أحمد الحسيني البلكرامي وأخذ عنه الشعر والإنشاء والترسل
والفنون الأدبية، لقيه السيد غلام علي بن نوح الحسيني البلكرامي سنة أربعين ومائة وألف بمدينة إله
آباد وذكره في مصنفاته، وله تذكرة الأولياء وتذكرة الشعراء.
الشيخ سيف الله البخاري الدهلوي
الشيخ الفاضل سيف الله بن نور الله بن نور الحق بن عبد الحق المحدث البخاري الدهلوي أحد
العلماء المبرزين في الفقه والحديث، له شرح على شمائل الترمذي بالفارسي سماه أشرف الوسائل في
شرح الشمائل صنفه سنة إحدى وتسعين وألف في عهد عالمكير، أوله: الحمد لله الذي خلق محمد
المصطفى بأكرم شمائل إلخ، كما في مرآة الحقائق.
حرف الشين
السيد شاه جي الكجراتي
السيد شاه جي القرمطي الكجراتي كان من نسل السيد إمام الدين القرمطي، وكان إماماً مطاعاً قائماً
بالدعوة إلى مذهبه، ولم يزل مستوراً عن أتباعه فإذا ألحوا عليه يظهر قدمه لهم من وراء الحجاب
فكانوا يقبلونها ويلقون النذور عليها، فلما سمع عالمكير بن شاهجهان خبره أمر ولاته أن يبعثوه إليه
فأبى ذلك، فأراد الوالي أن يبعثه قهراً فخرج من بيته وأكل السم فمات قبل أن يصل إلى الحضرة،
فلما نعي به أتباعه خرجوا من نواحيهم فوجاً فوجاً وذهبوا إلى بهروج فقاتلوا أهلها وملكوا قلعتها
عنوة ثم تحصنوا بها فسير شجاعت خان أمير تلك الناحية عسكره فحاصروها وضيقوا على أهلها ثم
فتحوها وقتلوهم، ثم أمر عالمكير أن يبعث أهل العلم إلى أحمدآباد ونواحيها(6/728)
ليعلموا ذراريهم العقائد
الصحيحة ويجري أرزاق العلماء من أموالهم وكان ذلك في سنة أربع عشرة ومائة وألف، كما في
مرآة أحمدي.
السيد شاه ولي السندي
الشيخ العالم شاه ولي بن أبي القاسم بن علي أكبر بن عبد الواسع بن محمد حسين بن شكر الله بن
ظهير الدين الحسيني التتوي السندي أحد العلماء المبرزين في العلم والعمل، أخذ عن الشيخ رحمة الله
السندي وبرز في الفضائل الكثيرة، له جامع تحفة المجالس كتاب بسيط في علوم متعددة، مات سنة
خمسين ومائة وألف بقرية جكت بور من أعمال ككراله فنقلوا جسده إلى مدينة تته كما في تحفة
الكرام.
شاه عالم بهادر شاه الدهلوي
الملك الفاضل الحليم محمد معظم بن أورنك زيب التيموري شاه عالم بهادر شاه بن عالمكير الدهلوي
سلطان الهند، ولد في سلخ رجب سنة ثلاث وخمسين وألف، ونشأ في مهد السلطنة في أيام جده وأبيه
وحفظ القرآن وقرأ العلم وتدرب على الفنون الحربية وتأدب بآداب السلطة وفي كل حين يزداد كمالاً
مع أخلاق شريفة وخصال محمودة، وهو أكبر أولاد أبيه بعد سلطان محمد بن عالمكير المتوفي في
حياة أبيه، وولي أعمالاً منها ولاية لاهور ثم ولاية كابل ولما توفي والده سنة ثمان عشرة ومائة وألف
قام بالملك، وكان أخوه محمد أعظم ينافسه ويترشح للامارة فدار الحرب بينهما ثم بينه وبين أخيه كام
بخش فقتل أخوه محمد أعظم المذكور في سموكده وقتل كام بخش فبايعه جميع الناس من كابل إلى
أقصى بلاد الدكن واستبشروا بدولته واغتبطوا بها ولكنه كان سيىء التدبير والسياسة، غلب في عهده
عظيم المرهلة فتغلب على أكثر بلاد المسلمين فسلم له شاه عالم ربع الخراج من بلاد الدكن وهو أول
وهن ظهر منه فأدى إلى زوال شوكته ثم انقراض ملكه من أولاده.
وكان عادلاً رحيماً كريماً بارعاً في العلوم لم يزل يشتغل بمطالعة الكتب والمذاكرة، وكان شيعياً أمر
أن يدخل في خطب الجمع والأعياد لفظ الوصي عند ذكر سيدنا علي المرتضي كرم الله وجهه فارتفع
الصخب وكثر الضوضاء بمدينة لاهور فأمر بإحضار العلماء بين يديه وباحثهم في ذلك وقرأ بعض
ما روى في إثبات الوصاية لسيدنا علي رضي الله عنه وبعض أقوال الفقهاء والمجتهدين في ذلك
حتى كثر اللغط ورغب الناس كافة إلى العلماء سراً حتى أن ولده عظيم الشأن أيضاً مال إليهم، فلما
علم السلطان رغبة الناس أمر أن يرجع الأمر إلى الأول حسبما كان جارياً في عهد عالمكير.
مات في التاسع عشر من المحرم سنة أربع وعشرين ومائة وألف.
المفتي شرف الدين اللكهنوي
الشيخ العالم الفقيه شرف الدين بن محي الدين بن صدر الدين بن محمد الأعظمي اللكهنوي كان جده
محمد شفيق مولانا إله داد بن كمال بن محمد بن محمد الحسيني الكرماني، ولد ونشأ بمدينة لكهنؤ
واشتغل بالعلم على والده زماناً ثم قرأ الكتب الدرسية على بعض العلماء من أهل كزه ثم قرأ درساً
من تفسير البيضاوي على الشيخ غلام نقشبند بن عطاء الله اللكهنوي وأخذ عنه الطريقة، ثم تقرب
إلى عالمكير بن شاهجهان الدهلوي سلطان الهند فنال أربعمائة لذاته منصباً وبعض الخدمات الشرعية
فاستقل بها إلى أيام محمد شاه وأضيف في منضبه فصار ثلاثة آلاف لذاته وناب الحكم في إيالة بهار
عن فدائي خان واستقل بها بضع سنين.
له مصنفات عديدة منها رسالة في الجذر الأبكم وحاشية على شرح المواقف وحاشية على تفسير
البيضاوي.
مات لثلاث ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وثلاثين ومائة وألف بمنير كما في باغ بهار.
مولانا شرف الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل الكبير العلامة شرف الدين محمد(6/729)
الحسيني المودودي الدهلوي المشهور بسيد بودهن
كان من العلماء المحققين المدققين، ولد ونشأ بدهلي وقرأ العلم على الشيخ الأجل ولي الله بن عبد
الرحيم العمري الدهلوي ولازمه مدة مديدة وأخذ عنه وتخرج عليه وأخذ الطريقة عن الشيخ كليم الله
الجهان آبادي، له مصنفات عديدة في الحقائق والمعارف منها القول الفصل في إرجاع الفرع إلى
الأصل حقق فيه التطبيق بين مكشوفي الشيخ محي الدين ابن عربي والشيخ أحمد بن عبد الأحد
السرهندي في التوحيد كما ذهب إليه الشيخ ولي الله في المكتوب المدني صنفه سنة 1163 هـ، وله
تعليقات على الهوامع للشيخ ولي الله المذكور وله الوسيلة إلى الله.
مولانا شرف الدين البالابوري
الشيخ الفاضل شرف الدين بن محمد معصوم الحسيني البالابوري أحد العلماء المشهورين، ولد في
سنة أربع وخمسين ومائة وألف ببلدة بالابور وقرأ المختصرات على والده ثم سار إلى أورنك آباد
وأخذ عن السيد نور الهدى والسيد نور العلى ابني السيد قمر الدين الحسيني ثم لازم السيد قمر الدين
المذكور وأخذ عنه الطريقة ورجع إلى بلابور كان يدرس ويفيد، مات لإحدى عشرة خلون من ذي
الحجة سنة أربع وتسعين ومائة وألف في حياة أبيه، كما في محبوب ذي المنن.
القاضي شريعة الله الدهلوي
الشيخ الفاضل القاضي شريعة الله بن القاضي عبد الله الخراساني ثم الدهلوي أحد العلماء
المشهورين، كان والده من كبار الأمراء في عهد فرخ سير، ولي الصدارة بدهلي بعد ما عزل عنها
عظيم الله خان في أيام محمد شاه الدهلوي، توفي يوم الأحد ثاني رجب الأصب سنة خمس وخمسين
ومائة وألف بدهلي ولي مكانه صنوه عبيد الله خان في ثاني ذي القعدة سنة ست وخمسين ومائة
وألف، كما في سير المتأخرين.
الشيخ شعيب بن يعقوب الخيرآبادي
الشيخ العالم الصالح شعيب بن يعقوب بن هدى بن عيسى بن مخدوم بن أبي الفتح بن نظام الدين
الرضوي الخيرآبادي أحد العلماء العاملين وعباد الله الصالحين، ولد ونشأ بخيرآباد وقرأ العلم على
عمه قطب بن هدى الخيرآبادي وأخذ عنه الطريقة ثم قام مقامه في الدرس والإفادة بعده، وكان
صاحب وجد وحال لم يتردد قط إلى الأغنياء، مات لعشر بقين من شهر صفر سنة ست وتسعين
ومائة وألف، كما في تذكرة الأنساب.
الشيخ شكر الله الجونبوري
الشيخ العالم الصالح شكر الله بن نور الله الجنيدي الجونبوري كان من ذرية الشيخ معروف أشرف
الذي ينتهي نسبه إلى الجنيد أبي القاسم البغدادي، انتقل جد والده إله داد من قرية مخدوم بور إلى
قرية إله داد بور وانتقل والده منها إلى قرية همزه بور من أعمال الديمؤ وولد بها شكر الله ونشأ،
ودخل جونبور فقرأ الكتب الدرسية في مدرسة الشيخ محمد رشيد بن مصطفى العثماني الجونبوري،
ثم سافر بأمر والده إلى معسكر السلطان عالمكير بن شاهجهان وكان حينئذ بمدينة بيجابور ثم جاء
إلى أورنك آباد وأقام بها عند عمه محمد زاهد واشتغل عليه بمشكاة المصابيح ثم رجع إلى جونبور
وأخذ الطريقة عن الشيخ محمد أرشد بن محمد رشيد العثماني الجونبوري ولازمه مدة حياته.
كان عالماً فقيهاً زاهداً متعبداً حسن الأخلاق، جمع ملفوظات شيخه محمد أرشد في مجموع كبير
فرتبها غلام رشيد وسماها كنج أرشدي سنة خمس وثلاثين ومائة وألف وكان شكر الله حياً عند ذلك،
كما في كنج أرشدي.
نواب شكر الله السرهندي
الأمير الفاضل شكر الله بن لطف الله السرهندي نواب شكر الله خان كان ختن الأمير محمد عسكري
الخوافي المشهور بعاقل خان الرازي، ولاه عالمكير على سرهند وسهارنبور وميوات فاستقل بها
زماناً، وكان أميراً باذلاً سخياً جواداً يربي العلماء والشعراء ويجيزهم بالصلات الجميلة، مدحه مرزا
عبد(6/730)
القادر بيدل العظيم آبادي في قصيدة مع أنه لم يمدح قط أميراً من الأمراء، وكان شاعرً مجيد
العشر، له أبيات رقيقة رائقة بالفارسية منها قوله:
از حال دل جه برسي، جون زلف ابتر تو صد جا شكن فتاده، صد جا خميده كفتم
مات بيموات سنة ثمان ومائة وألف، كما في يد بيضاء.
مولانا شمس الدين الجونبوري
الشيخ العالم الفقيه شمس الدين بن ملا انكنون الحنفي الجونبوري أحد الفقهاء المشهورين ببلدته، ولد
ونشأ بجونبور وقرأ العلم على والده وعلى السيد محمد عسكري الحسيني الجونبوري ثم ولي الصدارة
مكان والده بعده، وكان صالحاً عفيفاً ديناً مشكور السيرة كثير الاشتغال بالدرس والإفادة، كما في تجلي
نور.
شمس الدين العباسي الدهلوي
الشيخ الفاضل شمس الدين العباسي الشيعي الدهلوي المتلقب في الشعر بالفقير كان من مشاهير
عصره، ولد بدار الملك دهلي سنة خمس عشرة ومائة وألف ونشأ بها وقرأ العلم على من بها من
العلماء، ثم اشتغل بالشعر وبذل جهده في معرفة اللغة الفارسية ففاق أقرانه في ذلك وسافر إلى أرض
الدكن وأقام بها خمس عشرة سنة بقناعة وتوكل ثم رجع إلى دهلي ولقي بها علي قلي خان
الداغستاني صاحب رياض الشعراء فاعترف بفضله الداغستاني وذكره في كتابه وأثنى عليه،
والداغستاني كان ممن لا يعترف بفضل أهل الهند وكمالهم في الفنون الأدبية ومعرفتهم باللغة
الفارسية.
وللشمس ديوان الشعر الفارسي فيه سبعة آلاف بيت، وله مزدوجتان مشهورتان.
وله رسالتان في العروض والقوافي وصنائع الشعر إحداها الوافية في فن العروض والقافية وثانيتها
خلاصة البديع وله كتاب مبسوط في علم البلاغة يسمى بحدائق البلاغة وكلها بالفارسية، ومن أبياته
قوله:
فقير راز سعادت همين قدر كافيست كه منتي بسرش ساية هما نكذاشت
توفي سنة سبعين ومائة وألف، كما في مهر جهانتاب.
الأمير شمس الدين الأصفهاني
الأمير الفاضل شمس الدين بن صدر الدين بن قوام الدين الحسيني المرعشي الأصفهاني نوبا
مخلص خان بن صف شكن خان العالمكيري أحد الرجال المشهورين بالهند، ولي على العرض
المكرر في أيام عالمكير ثم جعل قوربيكي ثم ولي على بخشيكري وصار منصبه مع الأصل
والإضافة ثلاثة آلاف، وكان فاضلاً كبيراً بارعاً حليماً متواضعاً كثير الإحسان حسن المعاشرة شاعراً
مجيد الشعر، من شعره قوله:
خمار ما ودر توبه ودل ساقي بيك تبسم مينا شكست وبست وكشاد
توفي لأربع خلون من شعبان سنة اثنتي عشرة ومائة وألف، كما في مآثر الأمراء.
السيد شمس الدين البالابوري
الشيخ الفاضل الكبير شمس الدين محمد ميرك بن منيب الله بن عناية الله الحسيني النقشبندي
البالابوري أحد العلماء المحققين في العلوم الحكمية، ذكره القاضي عبد النبي الأحمدنكري في دستور
العلماء وأثنى عليه ثناءاً جميلاً، قال: وكان له يد بيضاء في الفنون الرياضية، له العنايات الإلهية
كتاب في مقامات أبيه وجده، ولد في سنة ثمان وعشرين ومائة وألف ببلدة بالابور من أعمال برار
وقرا العلم على والده وأخذ عنه خلق كثير من العلماء والمشايخ، توفي سنة اثنتين وسبعين ومائة
وألف بمدينة بالابور فدفن بها.
الشيخ شمس الدين الحيدرآبادي
الشيخ الصالح شمس الدين بن محمود الحيدرآبادي أحد المشايخ المشهورين بحيدرآباد ولد في سنة
ثمانين وألف وقرأ العلم على والده وعلى غيره من العلماء بحيدرآباد ثم أخذ الطريقة عن أبه وتولى(6/731)
الشياخة بعده وكان صاحب وجد وحالة، تذكر له كشوف وكرامات، مات لأربع عشرة خلون من
جمادى الأولى سنة إحدى وستين ومائة وألف، كما في محبوب ذي المنن.
القاضي شهاب الدين الكوباموي
الشيخ العالم الفقيه شهاب الدين بن محمد حسين بن عبد السلام بن أحمد بن الشهاب العمري الحنفي
الكوباموي كان ابن بنت الشيخ العلامة محب الله العمري الإله آبادي، ولد ونشأ بمدينة كوبامؤ وقرأ
العلم على الشيخ قطب الدين ابن عبد الحليم الأنصاري السهالوي، وقرأ عليه ولده القاضي قطب
الدين الكوباموي ومولانا محمد صالح البنكالي ومولانا محمد أشرف شارح سلم العلوم والقاضي محمد
مبارك بن محمد الدائم العمري الكوباموي، كما في الرسالة القطبية.
وفي مآثر الكرام: إنه قرأ العلم على القاضي عبد الرحيم المراد آبادي.
وفي تذكرة الأنساب لمصطفى علي خان: إن أربعمائة رجل من أهل العلم أخذوا عنه وتخرجوا
عليه، انتهى.
مات في بضع وعشرين ومائة وألف، كما في مآثر الكرام.
مولانا شهاب الدين الجوبي بوري
الشيخ الفاضل الكبير شهاب الدين الحنفي الجوبي بور بالياء المجهولة في لفظ جوبي قرية جامعة
في نواح قنوج كان من العلماء المبرزين في المنطق والحكمة، أخذ عن الشيخ غلام مصطفى بن
محمد الحسني الأشرفي الجائسي، وأخذ عنه السيد أشرف الحسيني البلكرامي، كما في مآثر الكرام.
السيد شهاب الدين الأورنك آبادي
الشيخ الفاضل شهاب الدين بن بدر الدين الحسيني الأورنك آبادي أحد العلماء الصالحين، كان أصله
من البلاد المشرقية، أخذ العلم عن العلامة عبد الباقي ابن غوث الاسلام الجونبوري صاحب الآداب
الباقية ثم ساح بلاد الهند وأدرك الشيخ نور محمد الأورنك آبادي فلازمه وأخذ عنه الطريقة وتولى
الشياخة مكانه بأورنك آباد سنة 1102 هـ فأسس مسجداً وزاوية ومدرسة عند قبر شيخه ودرس وأفاد،
وكان شيخاً كريماً صالحاً سخياً متوكلاً كثير الخيرات والمبرات.
مات لثمان بقين من شعبان سنة تسع عشرة ومائة وألف بأورنك آباد فدفن بها، كما في محبوب ذي
المنن.
القاضي شيخ الاسلام الكجراتي
الشيخ العالم الكبير العلامة شيخ الاسلام بن قاضي القضاة عبد الوهاب الحنفي الأحمد آبادي
الكجراتي، أحد مشاهير الفقهاء الحنفية، انتهت إليه الإمامة في العلم والعمل والزهد والورع والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر مع الصدق والأمانة والعفة والصيانة وحسن القصد والإخلاص
والابتهال إلى الله تعالى وشدة الخوف منه.
قال خافي خان في منتخب اللباب: إنه ما أخذ شيئاً من متروكات والده بل قسم بعضها على الفقراء
والمساكين ليخفف أثقاله وقسم سائرها على غيره من أرباب الفرض والعصوبة وكان والده ترك
مائتي ألف أشرفي وخمسمائة ألف ربية فضلاً عن الجواهر الثمينة والأثاث الوافر، فلم يأخذ منها شيئاً
كما فعل الشيخ صدر الدين محمد بن زكريا الملتاني غير أن صدر الدين أخذ نصيبه وقسمه على
الفقراء وشيخ الاسلام ما أخذ شيئاً ووجه ذلك أن والده الشيخ صدر الدين كان صاحب الورع
والعزيمة لم يجمع المال من غير حقه ووالد شيخ الاسلام كان غير مشكور السيرة في الجمع ولذلك ما
أخذ شيئاً من متروكاته، قال: ولما توفي والده ولاه عالمكير بن شاهجهان قضاء المعسكر مكان والده
سنة أربع وثمانين وألف فأبى قبوله فلما لم يقبل منه عالمكير إلا القبول قبل كارهاً وبذل جهده في
الصدق والتحري للحق وتزكية الشهود والتفتيش ورفع النقاب عن وجه المعاملة وتطهير الذيل عن
أدناس الغرض فضلاً عن الارتشاء وقول الحق عند السلطان ولو كان يخالفه، انتهى.(6/732)
وقال شاه نواز خان في مآثر الأمراء: إن عالمكير لما قصد ملوك الدكن استفتاه في ذلك فأجاب بما
يخالفه، قال: وإنه ترك المنصب والخدمة بعد مدة مع حرص السلطان على استخدامه وسافر إلى
الحرمين الشريفين فحج وزار ورجع إلى الهند فسكن بأحمد آباد، ولما سمع عالمكير أنه رجع بذل ما
لا مزيد عليه من العناية وعرض عليه القضاء ثم الصدارة فلم يقبلها ولما أصر السلطان وبالغ في
إصراره ارتحل من بلدته كرهاً لقبول تلك الخدمة وتوفي إلى رحمة الله سبحانه في أثناء الطريق
فتأسف السلطان بموته تأسفاً شديداً، انتهى.
وقال مستهد خان في مآثر عالمكيري: إنه كان من العلماء الربانيين، ولاه عالمكير القضاء بمدينة
دهلي فاستقل به مدة من الزمان ولما توفي والده عبد الوهاب ولاه قضاء المعسكر مكانه فصار قاضي
قضاة الهند سنة ست وثمانين وألف واعتزل عنه سنة أربع وتسعين وألف مع أن السلطان كان لا
يتركه ولا يرخصه لترك الخدمة فسافر إلى الحجاز سنة خمس وتسعين وألف فحج وزار ورجع إلى
أحمدآباد واعتزل في بيته فاستقدمه عالمكير ليوليه القضاء مرة ثانية فامتنع من قبوله، انتهى.
مات سنة تسع ومائة وألف، كما في مآثر الأمراء.
مولانا شيخ الاسلام الدهلوي
الشيخ العالم المحدث شيخ الاسلام بن فخر الدين بن محب الله بن نور الله ابن نور الحق بن الشيخ
المحدث عبد الحق البخاري الدهلوي أحد مشاهير المحدثين، أخذ عن أبيه عن جده عن المفتي نور
الحق، وله شرح بسيط على صحيح البخاري بالفارسي في ستة مجلدات قال فيه: إن له رواية عن
جده الشيخ عبد الحق بلا واسطة لأنه أجاز لأولاده وأحفاده وأصحابه وأحبابه إجازة عامة كما هو
مصرح في ثبته والإجازة بهذا النحو جائزة عند المحدثين، انتهى ومن مصنفاته كشف الغطاء عما
لزم على الأحياء للموتى ومنها طرد الأوهام عن أثر الامام الهمام.
حرف الصاد
الشيخ صبغة الله السرهندي
الشيخ العالم الفقيه صبغة الله بن محمد معصوم بن أحمد بن عبد الأحمد العمري السرهندي أحد
المشايخ النقشبندية، ولد سنة اثنتين وثلاثين وألف ونشأ في مهد العلم والمعرفة وبشر له بالقطبية
والده، وله آثار صالحة في إرشاد الناس وهدايتهم إلى طريق الحق ولذلك لقبه الناس بمروج
الشريعة.
مات في تاسع ربيع الأول سنة إحدى وعشرين ومائة وألف وله اثنان وتسعون سنة، كما في تذكرة
الأنساب للقاضي ثناء الله.
الشيخ صدر جهان الصفي بوري
الشيخ العالم الصالح صدر جهان الصفي بوري أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ
بصفي بور وقرأ العلم على الشيخ محمد عظيم بن كفاية الله الملاوي ثم رحل إلى فرخ آباد وتقرب
إلى فخر الدولة فلبث بها عنده زماناً ولما قتل فخر الدولة سنة خمس وثمانين ومائة وألف رجع إلى
بلدته وعاش بها بضع سنين، كما في تاريخ فرخ آباد.
الشيخ صدر عالم الدهلوي
الشيخ الفاضل صدر عالم بن فخر الاسلام بن أبي الرضاء محمد بن وجيه الدين العمري الدهلوي
أحد العلماء العاملين وعباد الله الصالحين، ولد ونشأ بدهلي وقرأ العلم على من بها من العلماء واشتغل
بالأذكار والأشغال مدة من الزمان حتى نال العلم والمعرفة، له مصنفات عديدة منها معارج العلى في
مناقب المرتضى أوله: الحمد لله الذي هدانا برسوله الكريم إلخ، قال فيه: إني رأيت في مبشرة كأني
دخلت في حجرة فيها سرير موضوع جالس عليه أمير المؤمنين ويعسوب الموحدين ومقتدي العارفين
أبو الحسن علي بن أبي طالب كرم الله وجه فحياني وطلبني وأدناني إليه وأجلسني على سريره تلطفاً
منه وتعطفاً، وقال لي: تريد أن تتعلم مني؟ فقلت: يا فضلاً وسعادة إلى أن فزت بذلك المقصد الجليل،
فقال كرم الله وجهه: علمتك بلا(6/733)
تعليم وتعلم وجعلتك بحراً، ففرحت بإنعامه وإحسانه وقررت بإكرامه
وامتنانه ووجدت العلوم حاضرة لدي والحقائق طالعة علي والحمد لله رب العالمين، ورأيت في أخرى
كأني دخلت داراً فيها جالس جنابه المعظم كرم الله وجهه فقلت للحاضرين: بايعوه وإن لم تفعلوه
فالقرآن يذهب من أيديكم، وتوجهت إليه لأبايعه فمد إلى يده الكريمة فأخذتها وتمسكت واعتصمت
وبايعته كما يبايع الشيوخ، فأرشدني وأخذ مني المواثيق الجليلة، فصرت تلميذاً له ومريداً فبعثني حب
التلميذ لأستاذه والمريد لشيخه بل العبد والعاشق لعشيقته أن أمدحه وأذكر مناقبه العليا إلى غير ذلك.
وقال: إني متأس في العقائد والمشارب للصوفية العلية أعتقد ما يعتقدون وأشرب من كأسهم ما
يشربون ومؤمن بفضائل الصحابة رضوان الله عليهم ومصدق لما أعطاهم الله ورسوله من المنازل
والمقامات عنده لا أقدح في أحد ولا أنكر فضيلة واحد منهم وأفوض أمر منازعتهم ومجادلتهم فيما
بينهم إلى الله تعالى ولا أذكر أحداً منهم إلا بخير وأتيقن أني لو أنفقت كل يوم مثل أحد ما بلغت مد
أحدهم ولا نصيفه، انتهى.
وقال الشيخ ولي الله بن عبد الرحيم العمري الدهلوي في التفهيمات الإلهية: إنه فضل علياً كرم الله
وجهه على سائر الصحابة فضلاً كلياً، وقد أرسل إلى تلك الرسالة فقرظته بهذه الأبيات:
رعاك الله يا صدر العوالي وطول الدهر كان لك البقاء
لقد أوتيت في الآباء فخرا وبالأبناء يرتفع العلاء
وجدك آية لا ريب فيها وبحر لا تكدره الدلاء
وفي كشف المعارف كان فرداً وما في القوم كان له كفاء
لقد كوشفت ما كشوفت حقاً وفضل الله ليس له انتهاء
أتاك الثلج والإيقان لما رأيت الشق وانكشف اللواء
وإذ أدناك سيدنا علي بإكرام وعلم ما يشاء
تؤلف في مناقبه كتاباً وعند الله في ذاك الجزاء
ومكثر مدح مولانا علي مقل لا يكون له وفاء
فما من مشهد إلا وفيه له فخر كبير وازدهاء
وما من منهل إلا وفيه له شرب عظيم وارتواء
وللقرآن تنزيل وظهر يقاتلهم عليه الأنبياء
وللقرآن تأويل وبطن يخاصمهم عليه الأوصياء
قبول الناس للتنزيل فيه سياسات له منها نماء
فمنها رد تحريف ومد لأسباب له منها انتشاء
وصلح واختصام وائتلاف بأقوام قلوبهم هواء
لهذا القسم أسرار عظام وللشيخين فيه اعتلاء
وفي علم النبوة أن هذا ملاك الأمر ليس بها خفاء
وما نال الصحابة عار فيه يقيناً مثل ما طلعت ذكاء
فأثبت ذاك للشيخين واختر من الأوصاف مدحاً ما تشاء
الشيخ صفة الله الخيرآبادي
الشيخ الإمام العالم الكبير المحدث صفة الله بن مدينة الله بن زين العابدين ابن عبد الوالي بن أبي
الفتح بن نظام الدين الرضوي الخيرآبادي أحد العلماء الربانيين، ولد ونشأ بخيرآباد وقرأ العربية على
من بها(6/734)
من العلماء ثم سافر للعلم وقرأ الكتب الدرسية على الشيخ قطب الدين الحسيني الشمس آبادي،
كما في مآثر الكرام، وفي الرسالة القطبية إنه قرأ على الشيخ قطب الدين بن عبد الحليم الأنصاري
السهالوي، انتهى، ولما فرغ من ذلك سافر إلى الحرمين الشريفين سنة أربع وعشرين ومائة وألف
فحج وزار وأقام بالمدينة المنورة مدة وأخذ الحديث عن الشيخ أبي طاهر محمد بن إبراهيم الكردي
المدني وعاد إلى الهند بعد ثلاث حجات وترك الاشتغال بالمنطق والحكمة قاطبة والتزم تدريس
الحديث والتفسير، أخذ عنه القاضي مبارك بن دائم العمري الكوباموي والسيد محمد طاهر
الشاهجهانبوري والشيخ محمد وخلق كثير من العلماء.
توفي يوم الخميس لثمان عشرة خلون من ذي القعدة سنة سبع وخمسين ومائة وألف، كما في رسالة
مفردة في أنساب أبناء الشيخ نظام الدين.
الشيخ صلاح الدين الكوباموي
الشيخ العالم المحدث صلاح الدين بن أفضل الدين بن خير الدين بن خير الله بن عبد الوالي بن
محمد منور العمري الكوباموي أحد كبار العلماء، ولد ونشأ بكوبامؤ وقرأ العلم على الشيخ محمد أعلم
السنديلوي وكان محمد أعلم المذكور يفتخر به ويقول: إن صلاح الدين وغلام محمد كلاهما من نفائس
حسناتي في الدنيا والآخرة، ويقول: ليس لي عمل صالح بعد الشهادتين يرجح على سيئاتي يوم
القيامة غير ذلك، ويقول: إن هذه بضاعتي في الدنيا، وكان صلاح الدين شيخاً كبيراً وقوراً عظيم
الهيبة شديد التعبد، لبس الخرقة من الشيخ غلام بير الجشتي البلكرام، كما في تذكرة الأنساب للقاضي
مصطفى علي خان.
مرزا صلاح الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل صلاح الدين بن ديانة خان الدهلوي أحد العلماء المبرزين في العلوم الرياضية، له
كفاية الجبر رسالة في الجبر والمقابلة بالفارسية، كما في محبوب الألباب.
الشيخ صلاح الدين الكجراتي
الشيخ العالم الصالح صلاح الدين بن ركن الدين العمري الجشتي الكجراتي أحد المشايخ الأعلام،
ولد ونشأ بأحمدآباد وقرأ على والده وعلى غيره من العلماء وبرع في العلم والمعرفة، له ديوان الشعر
الفارسي، مات لتسع بقين من ذي الحجة سنة 1100 هـ، كما في محبوب ذي المنن.
حرف الضاد
مولانا ضياء الدين السندي
الشيخ العالم الكبير العلامة ضياء الدين بن إبراهيم بن هارون بن عجائب بن إلياس الصديقي
التتوي السندي كان من ذرية الشيخ الكبير شهاب الدين عمر السهروردي، ولد سنة إحدى وتسعين
وألف ببلدة تته وقرأ العلم على الشيخ عناية الله السندي ثم تصدر للتدريس، أخذ عنه خلق كثير،
وكان مع سعة نظره وبلوغه إلى مدارج الفضل دائم التواضع عميم الخلق حسن المعاشرة لين الكنف،
بلغ ثمانين حولاً، مات سنة إحدى وسبعين ومائة وألف، كما في تحفة الكرام.
السيد ضياء الله البلكرامي
الشيخ العالم الفقيه ضياء الله بن خان محمد بالخاء المعجمة بن عبد الغفار ابن تاج الدين الحسيني
الواسطي البلكرامي أحد العلماء المشهورين، ولد ونشأ ببلكرام وحفظ القرآن واشتغل بالعلم على
أساتذة مصره زماناً ثم سافر إلى البلاد وقرأ الكتب الدرسية ثم دخل كالبي وأخذ الطريقة عن الشيخ
أحمد بن محمد بن أبي سعيد الحسيني الترمذي الكالبوي وقرأ عليه بعض كتب التصوف ثم رجع إلى
بلدته، وكان له يد بيضاء في الإنشاء والترسل، مات يوم الثلاثاء لخمس بقين من شعبان سنة أربع
ومائة وألف، كما في مآثر الكرام.
الشيخ ضيف الله الأمروهوي
الشيخ الصالح ضيف الله بن سيف الله بن محمد أشرف بن خواجكي بن خضر الحسيني الموسوي(6/735)
الدهلوي ثم الأمروهوي أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، أخذ عن والده ثم سافر إلى دهلي
ولازم الشيخ شمس الدين جان جانان العلوي الدهلوي وأخذ عنه ورجع إلى بلدته، أخذ عنه خلق كثير
وتذكر له كشوف وكرامات، مات في تاسع رجب سنة اثنتين وأربعين ومائة وألف فأرخ لموته بعض
أصحابه من قوله:
ندا آمد كه شد ضيف إلاهي كما في نخبة التواريخ.
حرف الطاء
مولانا طفيل محمد الأترولوي
الشيخ الفاضل العلامة طفيل محمد بن شكر الله الحسيني الأترولوي ثم البلكرامي أحد الأستاذة
المشهورين، ولد باترولي قرية من أعمال أكبرآباد سنة ثلاث وسبعين وألف وخرج إلى دهلي في
صباه مع عمه أحسن الله فقرأ درساً من ميزان الصرف على الشيخ حسن الحسيني النارنولي تبركاً
وتيمناً ثم قرأ على عمه المذكور من الميزان إلى شرح الكافية للجامي ثم سافر إلى بلكرام وقرأ بعض
الكتب الدرسية على السيد مربي والسيد سعد الله وقرأ بعضها على القاضي علم الله الكجندوي وقرأ
المطولات على السيد قطب الدين الشمس آبادي وأخذ الحديث عن الشيخ مبارك بن فخر الدين
الحسيني الواسطي البلكرامي ثم سكن ببلكرام وقصر همته على الدرس والإفادة، لم يلتفت قط ادخار
الأموال وبناء الدور والتزوج فعاش نفوراً عن الدنيا حصوراً على النساء، أخذ عنه السيد غلام علي
الحسيني البلكرامي وخلق كثير من العلماء، وكان يتوجه أحياناً إلى الشعر، فمن ذلك قوله:
قلنا له عينك النجلاء باخلة فيها الرنو إلى العشاق مفقود
فقال العين قد جاءت مؤنثة وفي الإناث طريق البخل محمود
توفي سنة إحدى وخمسين ومائة وألف بمدينة بلكرام فدفن بها، كما في مآثر الكرام.
السيد طيب بن نعمة الله البلكرامي
الشيخ الفاضل طيب بن نعمة الله بن طيب بن عبد الواحد الحسيني الواسطي البلكرامي أحد العلماء
العاملين وعباد الله الصالحين، ولد ونشأ ببلكرام وقرأ العلم على السيد عبد الهادي وأخذ الحديث عن
الشيخ مبارك بن فخر الدين الحسيني وتولى الشياخة بعد والده، وكان سريع الكتابة حلو الخط، كتب
شرح كافية ابن الحاجب للجامي بخطه وانتسخ بهجة المحافل للشيخ يحيى بن أبي بكر العامري
اليمني في ثلاثة وعشرين يوماً، وأعقب خزينة مملوءة من الكتب النفيسة أكثرها بخطه المبارك وكان
يدرس ويفيد، وله مصنفات عديدة منها الجامع الطيبي في السير ومنها كتاب في الفقه.
مات يوم الأربعاء لسبع خلون من رجب سنة اثنتين وخمسين ومائة وألف ببلكرام فدفن عند جده عبد
الواحد، كما في مآثر الكرام.
حرف الظاء
الشيخ ظهور الله التاجبوري
الشيخ الفاضل تاج الحق ظهور الله القادري التاجبوري السارني أحد العلماء الصالحين، أخذ الطريقة
عن الشيخ محمد أرشد بن محمد رشيد العثماني الجونبوري وانتقل من تاجبور، سارن إلى مخصوص
آباد من بلاد بنكاله وتزوج بها، وتولى الشياخة مع الاستقامة على الطريقة الظاهرة والصلاح، وكان
لا يزال حياً في سنة خمس وثلاثين ومائة وألف، كما في كنج أرشدي.
الشيخ ظهور الله الحيدرآبادي
الشيخ الفاضل ظهور الله الحيدرآبادي أحد العلماء الصالحين، كان أصله من البلاد الشرقية، ولد
ونشأ بها وسافر إلى دهلي وأخذ العلم والمعرفة عن الشيخ محمد الدهلوي ولازمه زماناً ثم سافر إلى
حيدرآباد وحصل له القبول التام من أهل تلك البلدة، وكان عالماً(6/736)
كبيراً بارعاً في الفقه والتصوف،
مات بحيدرآباد لسبع خلون من رجب سنة ست وثمانين ومائة وألف، كما في محبوب ذي المنن.
مولانا ظهور محمد الفرخ آبادي
الشيخ الفاضل ظهور محمد الحنفي الأميتهوي الفرخ آبادي أحد الرجال المعروفين بالعلم والمعرفة،
ذكره المفتي ولي الله بن أحمد علي الحسيني في تاريخ فرخ آباد وقال: وله أخ يسمى قادر شاه وكان
من أهل العلم والمعرفة، قدما فرخ آباد في أيام قائم جنك فسكنا بقرية أميتهي من أعمال فرخ آباد،
انتهى.
مولانا ظهير الدين البالابوري
الشيخ الفاضل ظهير الدين بن محب الله بن عناية الله الحسيني البالابوري أحد العلماء المشهورين،
ولد في سنة خمس ومائة وألف ببلدة بالابور من أرض برار وحفظ القرآن على مولانا عبد الغني
وأخذ القراءة والتجويد عن عمه محمد سعيد وقرأ الكتب الدرسية على مولانا عبد الغني المذكور
وعلى القاضي سيف الله البالابوري ثم أخذ الطريقة عن عمه الشيخ منيب الله بن عناية الله الحسيني
ولازمه مدة، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين سنة إحدى وثلاثين ومائة وألف فحج وزار وأخذ الحديث
عن الشيخ عبد الكريم وسار إلى اليمن الميمون فأدرك بها الشيخ زين الدين اليماني وأخذ عنه ورجع
إلى الهند، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين مرة ثانية سنة تسع وأربعين ومائة وألف وسافر معه أهله
وعياله فحج وزار ورجع إلى الهند، وله ترجمة المشكاة بالفارسية.
مات ليلة الخميس لأربع بقين من جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين ومائة وألف، كما في محبوب
ذي المنن.
السيد ظريف العظيم آبادي
الشيخ الفاضل العلامة ظريف الحسيني العظيم آبادي أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والكلام وغيرها، أخذ عن الشيخ نظام الدين بن قطب الدين الأنصاري السهالوي ثم ولي التدريس
بمدرسة سيف خان بمدينة عظيم آباد، وكانت له محبة شديدة بشيخه نظام الدين فلما نعي بموته بكى
بكاءاً شديداً قد ضر بصره بذلك وكانت الاشاعة غير صحيحة لأن الشيخ كان حياً لم يمت، وللسيد
ظريف مصنفات عديدة، وأخذ عنه أسد الله الجهانكير نكري وخلق كثير من العلماء، كما في الرسالة
القطبية.
حرف العين
خواجه عاصم بن قاسم السمرقندي
الأمير الفاضل عاصم بن قاسم بن مؤمن بن علي خان الحنفي الأكبر آبادي ثم الدهلوي أمير الأمراء
صمصام الدولة نواب خان دوران خان بهادر كان من نسل الشيخ علاء الدين العطار الموسوي
الحسيني النقشبندي، ولد بمدينة أكبر آباد ونشأ بها وتقرب إلى عظيم الشأن بن شاه عالم بن عالمكير
ثم إلى ولده فرخ سير ثم إلى محمد شاه بن جهان شاه بن شاه عالم وتدرج إلى الامارة في عهد فرخ
سير ونال أقصاها في عهد محمد شاه.
وكان رجلاً حازماً شجاعاً فاتكاً مقداماً باسلاً محباً لأهل العلم محسناً إليهم يجالسهم بعد العشاء
ويذاكرهم في العلوم، قتل في المعركة في حرب نادر شاه سنة إحدى وخمسين ومائة وألف، كما في
مآثر الأمراء.
الشيخ عاصم بن ياسين الأميلهوي
الشيخ الصالح عاصم بن ياسين بن موسى بن عبد الرقيب بن جعفر العثماني الأميلهوي أحد المشايخ
الجشتية، تولى الشياخة بعد جده موسى بن عبد الرقيب سنة عشرين ومائة وألف، له أربعة عناصر
كتاب في أخبار آبائه، صنفه سنة خمس وعشرين ومائة وألف، كما في رياض عثماني.
عالمكير بن شاهجهان سلطان الهند
الامام المجاهد المظفر المنصور السلطان بن السلطان أبو المظفر محي الدين محمد أورنك زيب
عالمكير بن شاهجهان الغازي المؤيد من الله القائم(6/737)
بنصرة الدين الذي أيد الاسلام وفتح الفتوحات
العظيمة وساس الأمور وأحسن إلى الرعايا وصرف أوقاته في القيام بمصالح الناس وبما يرضى به
رب العالمين من صيام وقيام ورياضة لا يتيسر بعضها لآحاد الناس فضلاً عن الملوك والسلاطين،
وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
ولد ليلة الأحد لخمس عشرة خلون من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وألف بقرية دوحد على مائة
أميال من أجين وسبعين ميلاً من بزوده من بطن أرجمند بانو بنت آصف جاه أبي الحسن بن غياث
الدين الطهراني في أيام جده جهانكير بن أكبر شاه، فعمل لولادته بعض العلماء تاريخاً من آفتاب
عالمتاب، ونشأ في مهد السلطة وتنبل في أيام جده وأبيه، وقرأ العلم على مولانا عبد اللطيف
السلطانبوري ومولانا محمد هاشم الكيلاني والشيخ محي الدين بن عبد الله البهاري وعلى غيرهم من
الأساتذة، وأخذ خط النسخ عن الحاج القاسم والنستعليق عن السيد علي بن محمد مقيم الماهرين في
الخط حتى كتب خط المنسوب وصار مضرب المثل في جودة الخط، وبرز في كثير من العلوم
والفنون، وبايع الشيخ محمد معصوم بن الشيخ أحمد السرهندي وأخذ الطريقة عن الشيخ سيف الدين
بن محمد معصوم المذكور وكان يلازمه بأمر والده وعظم قدره، فولاه والده الأعمال العظيمة في
أرض الدكن فباشرها أحسن مباشرة، ثم حصل لوالده مرض صعب عطله عن الحركة وكان ولي
عهده من بعده أكبر أولاده دارا شكوه فبسط يده على البلاد وصار هو المرجع والسلطان معنى، فلم
ترض نفوس إخوته بذلك فنهض شجاع من بنكاله ومراد بخش من كجرات وعالمكير من أرض
الدكن كل منهم يريد أن يقبض على أخيه دارا شكوه ويتولى المملكة، فاتفق عالمكير ومراد بخش
على ذلك فقاتلاه وغلبا عليه، ثم احتال عالمكير على مراد بخش وقبض عليه، واعتقل أخويه ثم
قتلهما لأمور صدرت منهما وأفتى العلماء أنهما استوجبا القتل، وحبس والده في قلعة أكبر آباد وهيأ
له ما يشتهيه من الملبوس والمأكول وأهل الخدمة من الجواري والغلمان، وكانت جهان آرا بيكم بنت
شاهجهان تقيم مع والدها في القلعة والسيد محمد الحسيني القنوجي يلازمه يشتغل عليه ويذاكره في ما
ينفعه في عقباه.
وجلس عالمكير على سرير الملك سنة ثمان وستين وألف فافتتح أمره بالعدل والاحسان ورفع
المظالم والمكوس وأسر غالب ملوك الهند المشهورين وصارت بلادهم تحت طاعته وجبيت له
الأموال وأطاعته البلاد والعباد، ولم يزل في اجتهاد من الجهاد ولم يرجع إلى مقر ملكه وسلطته بعد
أن خرج منه، وكلما فتح بلاداً شرع في فتح أخرى حتى لحقت حدود ملك في الجهة الشمالية إلى
حدود خيوا وبخارا وفي الجهة الجنوبية إلى البحر المحيط الهندي وفي الجهة الغربية إلى سومنات
على شاطىء بحر الهند وفي الجهة الشرقية إلى بوري منتهى أرض أزيسه.
وكان عالمكير
عالماً ديناً تقياً متورعاً متصلباً في المذهب، يتدين بالمذهب الحنفي لا يتجاوز عنه في قول ولا فعل
وكان يعمل بالعزيمة، وكان يصلي الصلوات المفروضة في أوائل أوقاتها بالجماعة في المسجد مهما
أمكن ويقيم السنن والنوافل كلها ويصلي صلاة الجمعة في الجامع الكبير ولو كان غائباً عن البلدة
لأمر من الأمور يأتيها يوم الخميس ويصلي صلاة الجمعة ثم يذهب حيث شاء، وكان يصوم في
رمضان في شدة الحر ويحيى الليل بالتراويح ويعتكف في العشرة الأخيرة من رمضان في المسجد
وكان يصوم يوم الاثنين والخميس والجمعة في كل أسبوع من أسابيع السنة ويصوم في أيام ورد عن
النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يصوم فيها، وكان يخرج الزكاة من أمواله قبل أن يجلس على
سرير الملك وبعده مما خص لنفسه من عدة قرى وبعض معادن الملح للمصارف الخاصة من نقير
وقطمير، وكان يريد أن يرحل إلى الحرمين الشريفين للحج والزيارة في أيام والده فلم يرض بفراقه
وبعد ذلك لم تمهله المصالح الملكية ولكنه كان يرسل الناس إلى الحرمين الشريفين للحج والزيارة
ويبذل عليهم العطايا الجزيلة ويبعث إليهما أموالاً طائلة لهل الحوائج في أيام الحج بعد سنة أو سنتين،
ويوظف الذاكرين والذاكرات ويجعل لهم الأرزاق السنية، ويداوم على الطهارة بالوضوء، ويحافظ
على الأذكار والأدعية المأثورة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غالب(6/738)
أوقاته، ويحيى الليالي
المتبركة بالصلاة والصدقة وصحبة العلماء والمشايخ في المسجد، وكان يحترز عن كل سوء ومكروه
منذ نعومة أظفاره، لم يشرب الخمر قط، ولم يقارب امرأة لا تحل له، وكان لا يستمع الغناء بالمزامير
منذ جلس على سرير الملك مع أنه كان ماهراً بالايقاع والنغم، وما كان أن يلبس الملبوسات غير
المشروعة وما كان أن يأكل في الظروف الذهبية والفضية، وأمر أن يصاغ الجواهر الثمينة في
الحجر اليشب مقام الذهب، ونهى الأمراء أن يلبسوا الغير المشروع، وكان يمنعهم أن يتذاكروا بين
يديه بكذب وغيبة وقول الزور وأمرهم أن يعبروا عن الأمور المستكرهة إن وقع لهم حاجة إلى ذلك
بكناية واستعارة.
وكان
موزعاً لأوقاته فوقت للعبادة ووقت للمذاكرة ووقت لمصالح العساكر ووقت للشكاة ووقت لقراءة
الكتب والأخبار الواردة عليه كل يوم وليلة من مملكته لا يخلط شيئاً بشيء فإنه كان ينهض في الليل
قبيل الصبح الصادق فيتوضأ ويذهب إلى المسجد ويصلي الفجر بجماعة ثم يشتغل بتلاوة القرآن
والأوراد الموظفة ثم يجلس بدولت خانه ويتمثل بين يديه الأمراء المقربون ويحضر لديه ناظر
العدلية داروغة عدالت بجماعة من المتظلمين سواء كانوا من أهل دهلي أو من خارجها فيقضي فيهم
بما يبدو له من الشرع أو العرف ثم كان يذهب إلى البرج المشرف على نهر جمن ويسمونه جهروكة
درشن على سنة أسلافه وبعد مدة من الزمان ترك ذلك فكان يدخل المنزل فيمكث به نحو ساعتين أو
ثلاث ساعات ثم يظهر في الديوان العام ويجلس للناس فيحضر لديه أبناء الملوك وكبار الأمراء
وعظماء الهند والسفراء وكلهم يقفون بين يديه ومن ورائهم تقف عامة الأمراء ويتلوهم الناس من كل
صنف ودرجة أعلاهم وأدناهم، ثم يتمثل بين يديه الأمراء الوافدون من بلاد ويستأذنه الأمراء
المأمورون إلى جهات فيخلع عليهم ويأذن لهم بالخروج ويعرض عليه عرائض الأمراء والولاة
ونذورهم ويعرض عليه المير بخشي مطالب أهل المناصب والمير آتش أغراض البرقندازية
وغيرهم وصدر الصدور يعرض عليه حوائج السادة والعلماء والمشايخ وغيرهم من أهل الاستحقاق
وناظر العرض المكرر الأحكام السلطانية من المناصب والأقطاع والنقود وغيرها، ثم يعرض عليه
ناظر الاصطبلات الأفراس الخاصة وشحنة الفيلة الأفيال الشاهانية على الرسم المعتاد وناظر الداغ
والتصحيحة فرسان الأمراء مع أفراسهم التي امتازت بالداغ والتصحيحة حالاً وكان يجلس بالديوان
العام نحو خمس ساعات، ثم يذهب إلى دولت خانه فيحضر لديه الوزير والديوان والبخشي وصدر
الصدور وغيرهم من كبار الأمراء فيكلمه الوزير في مهمات الدولة والديوان في الأموال الخالصة
الشريفة والمير بخشي في العسكرية وصدر الصدور في أهل الحوائج والسلطان يجاوبهم بما يبدو له
من المعروف ويكتب بيده بعض التوقيعات ويأمر في بعضها أن يكتبه الوزير ثم يعرض عليه
المناشير التي أنشأها الوزير فيقرأها ويصلحها إن رأى فيها خللاً ويجلس بها نحو خمس ساعات، ثم
يدخل المنزل ويتغدى ويقيل نحو ساعة ثم يتوضأ ويمشي إلى المسجد ويصلي الظهر بجماعة، ثم
يذهب إلى خلوت خانه ويشتغل بتلاوة القرآن وكتابة المصحف ومطالعة الكتب وتحقيق المسائل،
وربما يدعو بها بعض الأمراء ويباشر المهمات من أمور الدولة وربما يدعو أهل المظالم والشكاوى
فيقضي بنهم بالمعروف وربما يدعو المخدرات فيعرضن عليه حوائج النساء فيبذل عليهن العطايا
الجزيلة، ثم يذهب إلى المسجد ويصلي العصر بجماعة ثم يجلس بدولت خانه مرة ثانية فيتمثل بين
يديه الأمراء ويكلمونه في المهمات كأول النهار كما تقدم ثم يخرج إلى المسجد ويصلي المغرب
بجماعة ويشتغل نحو ساعتين بالأذكار والأشغال ثم يذهب إلى دولت خانه ويشتغل بالمهمات إلى
وقت العشاء ثم يذهب إلى المسجد ويصلي العشاء ثم يدخل المنزل.
وأما يوم الأربعاء فكان لا يجلس بالديوان العام والخاص ويجلس بدار العدل على سنة أسلافه
فيحضر لديه المفتون والقضاة ويعرض عليه ناظر العدلية المتظلمين واحداً بعد واحد فيستنطقه
السلطان بنفسه ويسأله بكل هوادة ورفق ويقضي بينهم بالمعروف.
وأما يوم الخميس فإنه كان يكتفي بالجلوس بالديوان(6/739)
العام والخاص على أول النهار ويترك الجلوس
بعد العصر فكان يشتغل سائر أوقاته بالعبادة.
وكان يجلس للمذاكرة في الكتب الدينية كالاحياء والكيمياء والفتاوي الهندية وغيرها في كل أسبوع
ثلاثة أيام على السيد محمد الحسيني القنوجي والعلامة محمد شفيع اليزدي ونظام الدين البرهانبوري
وغيرهم من العلماء.
ومن مآثره الجميلة:
ومن مآثره الجميلة أنه حفظ القرآن الكريم بعد جلوسه على سرير الملك فأرخ بعض العلماء لبدء
حفظه من قوله تعالى "سنقرئك فلا تنسى" ولتمامه من قوله لوح محفوظ.
ومنها أنه كانت له معرفة بالحديث، له كتاب الأربعين جمع فيه أربعين حديثاً من قول النبي صلى
الله عليه وسلم قبل أن يتولى المملكة وله كتاب آخر جمع فيه أربعين حديثاً بعد الولاية وترجمهما
بالفارسية وعلق عليهما الفوائد النفيسة.
ومنها أنه كانت له مهارة تامة بالفقه ويضرب به المثل في استحضار المسائل الجرئية، وقد صنف
العلماء بأمره الفتاوي الهندية في ستة مجلدات كبار فاشتهرت في الأقطار الحجازية والمصرية
والشامية والرومية وعم النفع بها وصارت مرجعاً للمفتين وأنفق على جمعها مائتي ألف من النقود.
ومنها أنه كان بارعاً في الخط يكتب النسخ والنستعليق وشكسته بغاية الجودة والحلاوة، كتب مصحفاً
بيده قبل جلوسه على السرير، وبعثه إلى مكة المباركة، وبعد جلوسه مصحفاً آخر وأنفق على
التذهيب والتجليد سبعة آلاف ربية ثم بعثها إلى المدينة المنورة، وكان انتسخ الألفية لابن مالك في
صباه فأرسل إلى مكة بيد الحاج عبد الرحمن المفتي لينتفع بها الناس من أهل البلدة المباركة
ومنها أنه كان ماهراً بالايقاع والنغم ولكنه كان يحترز من استماع الغناء تورعاً، قال مكرم خان
الصفوي: سألته يوماً عن الغناء، فقال: لأهله مباح، فقلت له: إني لا أعلم أحداً يتأهل له غيركم،
فقال: إن الغناء بالمزامير لا سيما بالبكهاوج حرام بالاتفاق فاذن لا أرغب إلى الغناء بغيرها.
ومنها أنه كان ماهراً بالانشاء والترسل لم يكن له نظير في زمانه في ذلك، وقد جمع شيئاً كثيراً منها
أبو الفتح قابل خان التتوي في آداب عالمكيري وعناية الله خان في الكلمات الطيبات والرقائم الكرائم
وبعضهم في دستور العمل، وأما الشعر فإنه كان مقتدراً عليه ولكنه كان لا يعتني به ويمنع الناس أن
يضيعوا أوقاتهم في الشعر لقوله تعالى "الشعراء يتبعهم الغاؤون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون"، ولله
در الشافعي رحمه الله:
ولولا الشعر بالعلماء يزري لكنت اليوم أشعر من لبيد
ومن شعره قوله:
غم عالم فراوان است ومن يك غنجه دل دارم جسان در شيشة ساعت كنم ريك بيابان را
ومنها أنه كان ماهراً بالرمي والطعن والضرب والفروسية وغيرها من الفنون الحربية والتصيد،
كان شجاعاً مقداماً باسلاً لا يظهر له في الهيجاء فزع ولا جزع ولا طيش ولا خفة ولا وجل ولا
خطل بل من رآه ظن أنه جاء من بعض المتنزهات وهو قد خرج من معركة تطير لها العقول
وتشيب لها الولدان وترجف منها الأفئدة وتخرس الألسن.
وإنك تقرأ في كتب الأخبار أن والده شاهجهان كان يوماً يتفرج في البرج المشرف على نهر جمن
على مصارعة الأفيال التي كانت في عرصة القلعة فيما بينها وبين النهر والأفواج كانت قائمة بين
ظهرانيها وخلق كثير يتفرجون عليها في تلك العرصة وكان عالمكير أيضاً في ذلك الزحام وهو يومئذ
في الرابع عشر من سنه وكان على فرس جرى العادة فإذا هي بفيلة قد ثارت وقصدت الأفواج ففر
الناس كلهم من بين يديها إلا عالمكير فإنه ثبت على مقامه فتوجهت إليه الفيلة ولفت فرسه بخرطومها
وصرع عالمكير من صهوة الفرس ثم قام وسل السيف عليها ثم جاء الناس ودفعوها بالضرب
والطعن وإيقاد النار وغير ذلك، وهذه مفخرة عظيمة في(6/740)
الثبات والعزيمة لا تجدها لغيره من أبناء
الملوك في تلك السن.
ومن مآثره:
أنه كان سخياً جواداً كريماً يبذل على الفقراء وأهل الحاجة العطايا الجميلة ويسامحهم في الغرامات،
ومن ذلك أنه أبطل ثمانين نوعاً من المكوس في سنة تسع وستين وألف وكانت تحصل له من تلك
الأبواب ثلاثون لكا ثلاثة ملايين في كل سنة ومن ذلك أنه نهى المستوفين أن يطالبوا الأبناء بغرامات
الآباء ويصادروا أموالهم في القضاء وأمرهم أن يميزوا في ذلك فيما بين أهل المناصب، فمن كان له
منصب دو بيستي أو فوق ذلك إلى أربعمائة فتعفى لهم المطالبة كلها، ومن كان له منصب فوق تلك
المناصب إلى سبعة آلاف فيؤخذ عنهم بقدر الوسع والحالة، فإن ورثوا من آبائهم مالاً قدر المطالبة أو
فوقها فيؤخذ عنهم بالتقسيط في سنين عديدة، وإن ورثوا مالاً أقل من المطالبة فيؤخذ عنهم بقدر
الميراث تدريجاً، وإن علم أنهم لم يرثوا شيئاً فتعفى المطالبة ولا يؤخذ عنهم شيء.
ومن ذلك أنه بذلك أموالاً طائلة على إصلاح الشوارع والطرق في نواحي الهند من أورنك آباد إلى
أكبر آباد ومن لاهور إلى كابل وكذلك من لاهور إلى كشمير، وحفر الآبار وأجرى العيون وأسس
الجسور ورباطات وحمامات ومساجد وإصطبلات لأبناء السبيل في تلك المسالك ليستريح الناس بها
فظلوا آمنين مطمئنين.
ومن ذلك أنه بذل الأموال الطائلة في بناء المساجد وبنى مساجد كثيرة في أرض الهند وعمر القديمة
منها وجعل الأرزاق للأئمة والمؤذنين والرواتب للمساجد من بسط وسرج وغير ذلك.
ومن ذلك أنه أسس دور العجزة بلغو خانات في أكثر البلاد فوق ما كانت في العصور الماضية
والمارستانات في أكثر بلاده.
ومن ذلك أنه كان يرسل العطايا الجميلة إلى أهل الحرمين الشريفين - زادهما الله شرفاً - بعد سنة
أو سنتين.
ومن ذلك أنه وظف خلقاً كثيراً من العلماء والمشايخ اشتغلوا بالعلم والعبادة منقطعين فارغي القلوب
عن كل هم ولم يفرق فيها بين أهل الإسلام وكفار الهند، توجد مناشيره عند أحبار الهنادك في بنارس
وفي غير تلك البلدة حتى اليوم.
وأما الصدقات التي يتصدق بها في الأيام والمواسم فكان والده شاهجهان ومن قبله الملوك التيمورية
يتصدقون بإثنى عشر ألف في المحرم وإثنى عشر ألف في ربيع الأول وعشرة آلاف في رجب
وخمسة عشر ألفاً في شعبان وعشرين ألفاً في رمضان فكانوا يتصدقون بتسع وسبعين ألفاً في كل
سنة، وأما عالمكير فإنه أمر أن يتصدق بها في تلك الأيام ويتصدق بعشرة آلاف في كل شهر غير
الأشهر المذكورة فكان يتصدق بتسع وأربعين ألفاً ومائة ألف في السنة غير ما يتصدق به في الأعياد
والمواسم، كما في مرآة العالم.
ومن مآثره:
أنه كان مقتصداً في الخيرات غير مسرف في المال فإنه كان لا يعطي الشعراء شيئاً ولا لأهل
الايقاع والنغم خلافاً لأسلافه فإنهم كانوا يجيزون رجلاً منهم بما لا يسعه أن يحمل تلك العطية
ويبذرون في المال تبذيراً كثيراً، وكان عالمكير إذا وظف العلماء وأقطعهم أرضاً أو اليومية يشترطها
بالدرس والإفادة لكيلا يجعلوها ذريعة لأخذ المال فقط ومتى يبعث الأموال إلى الحرمين الشريفين -
زادهما الله شرفاً - يشترطها بأن تعطى لأهل الحاجة غير الأغنياء ولذلك كان الناس ينسبونه إلى
البخل وحاشاه عن ذلك.
ومن مآثره:
أنه كان مجبولاً على العدل والإحسان وفصل القضاء على وفق الشريعة المطهرة ولذلك أمر العلماء
أن يدونوا المسائل والأقضية من كل باب من أبواب الفقه، فدونوها وصنفوا الفتاوي العالمكيرية في
ستة مجلدات كبار، ثم إنه أمر القضاة أن يقضوا بها، وكان أسلافه يجلسون يوم الأربعاء من كل
أسبوع بدار العدل ويقضون بما يفتيهم العلماء فإنه اقتدى بهم في ذلك، ولكنه لشدة ميله إلى هذا الأمر
كان يبالغ فيه وكان يظهر كل يوم بدار العدل بعد الإشراق فيعرض(6/741)
عليه ناظر العدلية الأقضية فيحكم
بما ألقى الله سبحانه في روعه ثم كان يطلب الناظر المذكور بالديوان الخاص أيضاً فيعرض عليه
المتظلمين فيستنطق المتخاصمين بحضرته ويتأمل في الأقضية ويحكم بما أراه الله سبحانه وربما
يدعوهم بين الظهر والعصر أيضاً ولا يكل من ذلك أبداً، وهو أول من وضع الوكالة الشرعية في
دور القضاء فولى رجالاً من أهل الدين والأمانة في دور القضاء بكل بلدة وعمالة ليكونوا وكلاء عنه
فيما يستغاث عليه في الحقوق الشرعية والديون الواجبة عليه وأجاز للناس أن يستغيثوا عليه عند
القاضي، وهو أول من نصب المحتسبين في بلاده وامتاز في الملوك التيمورية في ذلك.
وقد جمع سيرته
كثير من الأخباريين في كتبهم منهم بختاور خان العالمكيري فإنه أورد شيئاً واسعاً من أخباره في
كتابه المشهور مرآة العالم، ومحمد كاظم بن محمد أمين الشيرازي في عالمكير نامه وهو مقتصر على
عشر سنين من ولايته، وألف مستعد خان كتابه مآثر عالمكيري في مآثره الجميلة، وعاقل خان
الرازي وخافي خان في منتخب اللباب والطباطبائي في سير المتأخرين وغيره في مناقب عالمكيري
وأطال الكلام في مناقبه ونسخة منه موجودة في المكتبة الحامدية برامبور، والشيخ محمد بقاء
السهارنبوري صنف كتاباً حافلاً في سيرته وسماه تاريخ عالمكيري صرح به المؤلف في كتابه مرآة
جهان نما.
قال المحبي في خلاصة الأثر:
ولما أراد الله تعالى بالهند خيراً وإحساناً وقدر ظهور العدل فيهم كرماً وامتناناً أظهر في خافقها
شموس السلطنة بلا ريب وأنار في سماء سلطنتها أنوار بدور الملك السلطان أورنك زيب وطوى
بساط إخوته ونتف جللهم ومزق وحرق بنار المظلومين لباسهم وخرق، وقتل أخاه دارا شكوه واقتلعه
هو وأصحابه وكان دارا شكوه ذا ذوق وفطنة بهيئة وصفات مستحسنة إلا أنه في آخر عمره صارت
سيرته مذمومة وأحدث مظالم كثيرة، وقتل أخاه الثاني مراد بخش وفر محمد شجاع أخوه الثالث ولم
يعرف أين ذهب، وأورنك زيب ممن يوصف بالملك العادل الزاهد وبلغ من الزهد مبلغاً أناف فيه
على ابن أدهم فإنه مع سعة سلطانه يأكل في شهر رمضان رغيفاً من خبز الشعير من كسب يمينه
ويصلي بالناس التراويح، وله نعم بارة وخيرات دارة جداًن وأمر من حين ولي السلطنة برفع
المكوس والمظالم عن المسلمين ونصب الجزية بعد أن لم تكن على الكفار، وتم له ذلك مع أنه لم يتم
لأحمد من أسلافه، أخذ الجزية منهم لكثرتهم وتغلبهم على إقليم الهند، وأقام بها دولة العلم وبالغ في
تعظيم أهله وعظمت شوكته وفتح الفتوحات العظيمة، وهو مع كثرة أعدائه وقوتهم غير مبال بهم
مشتغل بالعبادات، وليس له في عصره من الملوك نظير في حسن السيرة والخوف من الله تعالى
والقيام بنصرة الدين، انتهى.
وقال المرادي في سلك الدرر
السلطان المشهور سلطان الهند في عصرنا وأمير المؤمنين وإمامهم وركن المسلمين ونظامهم
المجاهد في سبيل الله العالم العلامة الصوفي العارف بالله الملك القائم بنصرة الدين، الذي أباد الكفار
في أرضه وقبرهم وهدم كنائسهم وأضعف شركهم، وأيد الإسلام وأعلى في الهند مناره وجعل كلمة
الله هي العليا وقام بنصرة الدين، وأخذ الجزية من كفار الهند ولم يأخذه منهم ملك قبله لقوتهم
وكثرتهم، وفتح الفتوحات العظيمة ولم يزل يغزوهم وكلما قصد بلداً ملكها، إلى أن نقله الله إلى دار
كرامته وهو في الجهاد، وصرف أوقاته للقيام بمصالح الدين وخدمة رب العالمين من الصيام والقيام
والرياضة التي لا يتيسر بعضها لآحاد الناس فضلاً عنه وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وكان موزعاً
لأوقاته فوقت للعبادة ووقت للتدريس ووقت لمصالح العسكر ووقت للشكاة ووقت لقراءة الكتب
والأخبار الواردة عليه كل يوم وليلة من مملكته لا يخلط شيئاً بشيء، والحاصل أنه كان حسنة من
حسنات الزمان ليس له نظير في نظام سلطنته ولا مدان، وقد ألفت في سلطنته وحسن سيرته الكتب
الطويلة بالفارسية وغيرها فمن أرادها فليطلع عليها، مولده سنة ثمان وعشرين وألف وجاء تاريخه
بالفارسية آفتاب عالمتاب وربى في حجر والده واشتغل بحفظ القرآن من صغره حتى حفظه وجوده
واشتغل بالخط حتى كتب الخط المنسوب يضرب بحسنه المثل وكتب مصحفاً بخطه(6/742)
وأرسل للحرم
النبوي وهو معروف، ثم شرع في تحصيل العلوم حتى حصل منها الكثير الطيب وصار مرجعاً
للعلماء وحضرته محط رجال الفضلاء ثم اشتغل بعلوم الطريق وأخذ عن كثير من أهله العارفين بالله
حتى حصلت له نفحة من بعض أولياء الله تعالى وبشره بأشياء حصلت له، واشتهر ذكره في حياة
والده وعظم قدره وولاه الأعمال العظيمة فباشرها أحسن مباشرة ثم حصل لوالده فالج عطله عن
الحركة وكان ولي عهده من بعده أكبر أولاده دارا شكوه فبسط يده على البلاد وصار هو المرجع
والسلطان معنى فلم ترض نفس المترجم وأخوه مراد بخش بذلك فاتفقا على أن يقبضا عليه ويتولى
المملكة منهما مراد بخش فقبضا عليه ثم احتال أورنك زيب على مراد بخش أيضاً وقبض عليه
ووضع أخويه في الحبس ثم قتلهما لأمور صدرت منهما زعم أنهما استوجبا بها ذلك وحبس والده
واشتغل بالمملكة من سنة ثمان وستين وألف وأراد الله بأهل الهند خيراً فإنه رفع المظالم والمكوس
وطلع من الأفق الهندي فجره وظهر من البرج التيموري بدره وفلك مجده دائر ونجم سعده سائر،
وأسر غالب ملوك الهند المشهورين وصارت بلادهم تحت طاعته وجبيت إليه الأموال وأطاعته البلاد
والعباد ولم يزل في الاجتهاد في الجهاد ولم يرجع إلى مقر ملكه وسلطنته بعد أن خرج منه وكلما فتح
بلاداً شرع في فتح أخرى وعساكره لا يحصون كثرة وعظمة، وقوته لا يمكن التعبير عنها بعبارة
تؤديها حقها والملك لله وحده، وأقام في الهند دولة العلم وبالغ في تعظيم أهله حتى قصده الناس من
كل البلاد، والحاصل أنه ليس له نظير في عصره في ملوك الإسلام في حسن السيرة والخوف من
الله تعالى والجد في العبادة وأمر علماء بلاده الحنفية أن يجمعوا باسمه فتاوى تجمع جل مذهبهم مما
يحتاج إليه من الأحكام الشرعية فجمعت في مجلدات وسماها بالفتاوى العالمكيرية واشتهرت في
الأقطار الحجازية والمصرية والشامية والرومية وعم النفع بها وصارت مرجعاً للمفتين، ولم يزل
على ذلك حتى توفي بدكن في شهر ذي القعدة الحرام سنة ثماني عشرة ومائة وألف وأقام في الملك
خمسين سنة، انتهى.
الشيخ عبد الأحد السرهندي
الشيخ العالم الصالح المحدث عبد الأحمد بن محمد سعيد بن الشيخ أحمد العمري السرهندي، كان
خامس أبناء والده ووارثه في العلم والمعرفة، ولد سنة خمسين وألف ببلدة سرهند ونشأ بها وانتفع
بوالده وأخذ عنه الحديث والطريقة ولما توفي والده صحب عمه الشيخ محمد معصوم وأخذ عنه
النسبة الخاصة به واستعاد السلوك من البدء إلى الغاية فاستكمله في خمسين جلسة تسمى عند القوم
بتوجه.
وكان عالماً كبيراً عارفاً شاعراً مجيد الشعر، له شواهد التجديد رسالة في إثبات المجددية لجده أحمد
وله توبه نامه وجار جمن وحدت، وديوان الشعر وكلها مملوءة من الحقائق والمعارف، انتفع به
وبمصنفاته خلق كثر، وكان الشيخ حجة الله محمد نقشبند السرهندي يقول: إن ما فرق الله سبحانه
على آبائنا من العلم والمعرفة جمع في شخص واحد وهو الشيخ عبد الأحد انتهى، ومن شعره قوله:
نكار مست من امشب كذشت از سر كو هنوز از در وبامم شراب ميريزد
توفي يوم الجمعة لثلاث ليال بقين من ذي الحجة سنة سبع وعشرين ومائة وألف بدهلي فنقلوا جسده
إلى سرهند.
مولانا عبد الباسط الأميتهوي
الشيخ الفاضل عبد الباسط بن أحمد بن أبي سعيد بن عبيد الله بن عبد الرزاق الصالحي الأميتهوي
أحد العلماء العاملين وعباد الله الصالحين، كان أصغر أبناء والده، له معراج المقال مزدوجة في
معجزات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وله بسط باسطي كتاب في أخبار مشايخ بلدته، مات سنة ست
وستين ومائة وألف، كما في صبح بهار.
الشيخ عبد الباسط السندي
الشيخ الفاضل عبد الباسط التتوي السندي أحد(6/743)
العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية، كان
من نسل الشيخ علي محمد التتوي ولاه عالمكير الصدارة بمدينة تته فاستقل بها مدة وسافر إلى
الحرمين الشريفين فحج وزار ورجع إلى الهند وكان مع كبر سنه يدرس ويفيد، كما في تحفة الكرام.
السيد عبد الباقي النصير آبادي
السيد الشريف الزاهد المنقطع إلى الله المتوكل عليه عبد الباقي بن أبي حنيفة ابن علم الله الحسني
الحسيني النصير آبادي البريلوي، كان ابن بنت السيد الأجل أحمد بن إسحاق النصير آبادي، ولد
ببلدة بريلي في زاوية جده السيد علم الله سنة ثمان وثمانين وألف وتوف والده في تلك السنة فتربى
في مهد جده المذكور ولما بلغ السابعة من سنه مات جده فسار إلى نصير آباد وتلقى العلم والطريقة
عن خاله الشيخ إبراهيم بن أحمد الحسني النصير آبادي ولازمه زماناً وكان في كل حين يزداد كمالاً
مع أخلاق شريفة وخصال محمودة.
قال نعمان بن نور الحسني النصير آبادي في أعلام الهدى: إنه كان آية باهرة ونعمة ظاهرة في
التقوى والعزيمة والصبر والتسليم والاستقامة، قال: إني رأيته مرة يخطب يوم الجمعة وكان جائعاً
من سبعة عشر يوماً فظهر ضعف ووهن في أعضائه فنهض ابنه محمد ممتاز ليأخذ بيده فأبى وأتم
الخطبة والصلاة بغاية الطمأنية والاعتدال، انتهى، توفي سنة سبع وخمسين ومائة وألف، كما في
سيرة السادات.
مولانا عبد الباقي الديوي
الشيخ الفاضل عبد الباقي بن عبد الصمد الحسيني الأعظمي الديوي، كان من نسل المفتي عبد
السلام الأعظمي، قرأ العلم على والده وتخرج عليه بمدينة دهلي ثم سار معه إلى فرخ آباد، ولما
توفي والده جعله نواب غالب جنك معلماً لولده مظفر جنك مكان والده المرحوم فاشتغل بتعليمه زماناً
ورجع إلى وطنه في أيام تلميذه مظفر جنك ومات بها بعد مدة يسيرة، لم شرح على المثنوي
المعنوي، كما في تاريخ فرخ آباد.
الشيخ عبد الباقي السندي
الشيخ الفاضل عبد الباقي السندي الواعظ، كان يسكن بقرية متعلوي من أعمال تته واستفاض من
الشيخ أبي القاسم النقشبندي التتوي، وكان يعظ الناس ويجتمع في مجالسه خلق كثير، كما في تحفة
الكرام.
الشيخ عبد البديع الكنتوري
الشيخ الفاضل عبد البديع بن عبد اللطيف الكنتوري اللكهنوي كان من نسل مير ميران بن القاضي
محمود الحسيني الكنتوري، قرأ العلم على مولانا يعقوب وأخذ الطريقة عن أبيه ثم عن الشيخ إبراهيم
القادري الأودي، له تحفة الأصفياء رسالة في المواجيد صنفها سنة ثلاث ومائة وألف بمدينة لكهنؤ،
كما في البحر الزخار.
الشيخ عبد الجليل الإله آبادي
الشيخ العالم الكبير عبد الجليل بن صدر الدين بن سراج الدين بن محمد يوسف بن سلطان محمد بن
ملك محمد بن علي أحمد سعيد بن عبد المجيد بن فيض الله بن برهان الدين بن حسام الدين بن صدر
الدين وقيل ابن حسن بن صدر الدين الحسيني البخاري الأجي ثم المنذاروي الإله آبادي كان من كبار
المشايخ الجشتية، ولد سنة اثنتين وتسعين وتسعمائة بقرية منذاره من أعمال إله آباد ورحل في صباه
إلى مؤ قاضي طيب وقرأ المختصرات على ملا محمد جميل الموي وملا دان وقرأ المطولات على
غيرهما من الأساتذة في بلاد شتى ثم دخل دهلي وأخذ الحديث عن الشيخ عبد الحق بن سيف الدين
البخاري الدهلوي ثم سار إلى كنكوه وأخذ الطريقة عن الشيخ محمد صادق الحنفي الكنكوهي ولازمه
اثنتين وثلاثين سنة ثم رجع وسكن بإله آباد وحصل له القبول العظيم.
له مصنفات عديدة في الحقائق والسلوك منها جهار ده علي وهداية الصوفية ومعدن الدقائق وحل
المشكلات وفيوضات وعلم الثقات وعلم النكات وأسرار العاشقين منظومة وزاد المشايخ وزاد لا زاد
ونغمات حالات قارب(6/744)
عمره مائة واثنتين وعشرين سنة، توفي لست خلون من شعبان سنة أربع
عشرة ومائة وألف بإله آباد، كما في بحر زخار.
السيد عبد الجليل الحسيني البلكرامي
الشيخ الفاضل العلامة عبد الجليل بن مير أحمد الحسيني الواسطي البلكرامي صاحب المفاخر
البيضاء والمآثر الغراء، ولد سنة إحدى وسبعين وألف ببلكرام وقرأ المختصرات على السيد سعد الله
البلكرامي، ثم سافر إلى بلاد أخرى من أعمال أوده وأخذ عن الأساتذة المشهورين في عصره ثم لازم
الشيخ غلام نقشبند واستفاض منه فيوضاً كثيرة وأسند الحديث عن الشيخ مبارك بن فخر الدين
الحسيني البلكرامي، ثم سافر إلى بلاد الدكن وأدرك بها عالمكير ابن شاهجهان سلطان الهند فولاه
على بخشيكيري وتحرير الوقائع ببلدة كجرات من أعمال لاهور سنة اثنتي عشرة ومائة وألف ثم نقله
إلى بهكر وسيوستان من بلاد السند سنة ست عشرة ومائة وألف فاستقل بها إلى سنة ثلاثين ومائة
وألف، ثم اعتزل عنها فولى مكانه ولده محمد بن عبد الجليل في أيام فرخ سير وسكن عبد الجليل
بدهلي.
وكان عالماً بارعاً في المعاني والبيان والبديع والحديث والتفسير والسير وأسماء الرجال والتاريخ
وأما اللغة فلا تسئل فإنه كان معدن جواهرها ولجة عنابرها وكان يعرف اللغة العربية والفارسية
والتركية والهندية أحسن معرفة، يتكلم بها في غاية الفصاحة وينشىء في كل منها شعراً مليحاً، منها
قوله بالعربية:
يا صاح لا تلم المتيم في الهوى هو عاشق لا ينثني عن خله
يأبى الدواء سقامه كعيونه فعلى الطبيعة يا معالج خله
وقوله:
حبيب قوس حاجبه كنون وصاد يدين مقلة شكل عينه
لعمري أنه نص جلي على أن الرماية حتى عينه
وكتب إلى خواجه عبد الباسط الدهلوي يطلب منه ربيع الأبرار للزمخشري:
يا باسط الأيدي أيا غيث الندى صيرت مزرعة العطاء مريعا
لا غرو أن أطلب ربيعاً منكم فالغيث يعطي العالمين ربيعا
قال سبطه غلام علي في سبحة المرجان: ذكر عنده يوماً أن الوطواط أورد في حدائق السحر في
أمثلة تأكيد المدح بما يشبه الذم قول البديع الهمداني:
هو البدر إلا أنه البحر زاخراً سوى أنه الضرغام لكنه الوبل
ثم قال: أنشد هذا البيت إبراهيم الغزي في بلخ فحفظه وذكر أسبوعاً أو زائداً أن يقول مثله فلم يقدر
عليه واعترف بالعجز وقال ما نظم قط أحد مثله قبل البديع الهمداني ولم ينظم أحد مثله بعده، فقال
جدي: عجبت من نفي التابيد الذي نقله الوطواط عن الغزي ونظمت بيتاً على منواله وزدت فيه
مراعاة النظير وهو قوله:
هو القطب إلا أنه البدر طالعاً سوى أنه المريخ لكنه السعد
توفي ليلة السبت لسبع بقين من شوال سنة ثمان وثلاثين ومائة وألف بدهلي فنقل جسده إلى بلكرام،
كما في سبحة المرجان.
مولانا عبد الجميل السندي
الشيخ الفاضل عبد الجميل بن رحمة الله التتوي السندي أحد الرجال المعروفين بالفضل والكمال،
كان ختناً للشيخ ضياء الدين، مات سنة أربع وخمسين ومائة وألف، كما في تحفة الكرام.
الشيخ بعد الحكيم اللاهوري
الشيخ الصالح عبد الحكيم بن بايزيد بن نظام الدين بن محمد بن مبارك الحسني القادري اللاهوري
كان من الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، يرجع(6/745)
نسبه إلى السيد الإمام عبد القادر الجيلاني، ولد
سنة إحدى وثلاثين وألف بمدينة لاهور ونشأ بها وأخذ الطريقة عن الشيخ عبد الله عن الشيخ فيروز
عن شاه عالم عن نور الدين عن أحمد عن حامد بن عبد الرزاق الكيلاني، وكان عالماً فقيهاً صالحاً
عفيفاً ديناً شديد التواضع كثير الحلم والأناة، مات بمدينة لاهور سنة ثمان ومائة وألف، كما في خزينة
الأصفياء.
الشيخ عبد الحكيم الموهاني
الشيخ الصالح عبد الحكيم الحنفي الصوفي الموهاني أحد المشايخ المتورعين، ولد ونشأ بموهان
قرية جامعة من بلاد أوده وسافر للعلم وأخذ وقرأ ثم لازم السيد محمد بن أبي سعيد الحسيني الترمذي
الكالبوي وأخذ عنه الطريقة وأجاز السيد محمد المذكور للإرشاد والتلقين ورخصه إلى وطنه، وكان
صالحاً متورعاً مرزوق القبول، مات في سنة خمس وعشرين ومائة وألف ببلدة موهان فدفن بها، كما
في تبصرة الناظرين.
الشيخ عبد الحكيم اللاهوري
الشيخ الصالح عبد الحكيم بن شادمان خان البدخشي اللاهوري المشهور بحكيم ببنك خان كان من
الشعراء المفلقين، تقرب إلى محمد شاه الدهلوي في شبابه وولي المنصب ثم ترك وساح البلاد وسار
إلى كشمير ثم إلى الحرمين الشريفين فحج وزار سنة أربع وسبعين ومائة وألف وأدرك السيد غلام
علي الحسيني البلكرامي بمدينة أورنك آباد في سفر الحج عند إيابه وذهابه، له مردم ديده كتاب في
تذكرة شعراء الفرس وله ديوان الشعر الفارسي: ومن شعره.
سبه مستم نظر بركوشة ميخانة دارم جوابروي تو ساقي در بغل بيمانة دارم
مات في سنة ثمان وسبعين ومائة وألف ببلدة تته من بلاد السند، كما في محبوب الزمن.
القاضي عبد الحميد الكجراتي
الشيخ الفاضل عبد الحميد بن عبد الله بن محمد شريف الحنفي الأحمد آبادي الكجراتي أحد العلماء
المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بمدينة أحمدآباد وولي القضاء في معسكر محمد أعظم بن
عالمكير مكان والده فاستقل به زماناً، وسافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار ورجع إلى الهند لعله
سنة ثمان ومائة وألف فولي على ديوان الخراج بكجرات فاستقل به مدة طويلة ثم ولاه شاه عالم ابن
عالمكير القضاء الأكبر في معسكره فصار قاضي قضاة الهند سنة إحدى وعشرين ومائة وألف وولي
مكانه صنوه شريعة خان على ديوان الخراج بكجرات فاستقل به ثلاث سنوات ثم أراد أن يعتزل عن
القضاء فلم يسمح له شاه عالم بذلك فأحرق خيمه وتزيا بزي الفقراء ودخل المسجد فجلس به فلما
رأى شاه عالم إصراره قبل استقالته وولي مكانه شريعة خان ومكان شريعة خان متشرع خان بن
شريعة خان نيابة عن والده، فرجع عبد الحميد إلى كجرات واعتزل بها زماناً ثم ولوه على مدينة
سورت فاستقل بمهماتها مدة ثم اعتزل عنها فجعلوه قيماً على قبر الشيخ أحمد المغربي بأحمدآباد، كما
في مرآة أحمدي ولم أقف على سنة وفاته.
مير عبد الحي الأورنك آبادي
الأمير الفاضل عبد الحي بن عبد الرزاق الحسيني الخوافي الأورنك آبادي نواب صمصام الدولة
صمصام الملك، ولد سنة 1142 هـ بأورنك آباد وتأدب على والده وعلى السيد غلام علي بن نوح
الحسيني الواسطي البلكرامي وعلى غيرهما من العلماء، ولما قتل والده بقصة طويلة شرحتها في
ترجمته حبسوه بقلعة كول كنده سنة إحدى وسبعين ومائة وألف، ثم لما تولى المملكة نظام الملك
نواب نظام علي خان الحيدر آبادي أطلقه من الأسر ولقبه صمصام جنك صمصام الدولة وأعطاه
سبعة آلاف لذاته وسبعة آلاف للخيل منصباً رفيعاً مع العلم والنقارة وغيرها ثم لقبه صمصام الملك
وولاه على ديوان الخراج وأراد أن يستوزره فلم يقبل، وكان فاضلاً كريماً شاعراً مجيد الشعر ومن
شعره.
مبج با سخن هرزة كران جانان كه منتفع نشود از جواب كوه كسي
توفي في الخامس عشر من جمادى الأولى سنة ست(6/746)
وتسعين ومائة وألف، كما في حديقة العالم.
الشيخ عبد الخالق الدهلوي
الشيخ الفاضل المجود عبد الخالق الدهلوي شيخ القراء في عصره، أخذ القراءة والتجويد عن الشيخ
البقري والبصري عن الشيخ عبد الرحمن اليمني عن والده الشيخ سجادة اليمني وعن الشهاب أحمد
بن عبد الحق السنباطي وأخذ الشيخ سجادة عن الشيخ أبي نصر الطبلاوي عن شيخ الإسلام زكريا
بسنده المتصل إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأخذ عن الشيخ عبد الخالق المترجم له الشيخ محمد
فاضل السندي وخلق آخرون.
المفتي عبد الرحمن السندي
الشيخ العالم الكبير المفتي عبد الرحمن الحنفي السندي كان مفتي المعسكر في عهد عالمكير بن
شاهجهان سلطان الهند، سافر إلى الحجاز نحو سنة ست ومائة وألف فحج وزار.
القاضي عبد الرحمن الكمال بوري
الشيخ الفاضل القاضي عبد الرحمن بن إبراهيم بن يوسف بن محمود بن مجاهد بن محمد بن إله ديا
الشريحي الكمال بوري أحد كبار العلماء، قرأ العلم على العلامة محمود بن محمد الجونبوري صاحب
الشمس البازغة وعلى غيره من العلماء وأخذ الطريقة عن الشيخ فتح القلندر ثم ولي القضاء بعمالة
سكدي، له مصنفات عديدة منها رموز المعارف بالعربية وقصص الأسرار والتلقينية والوجداني كلها
بالفارسي، وله أرجوزة بالفارسية وشعر رقيق رائق.
الشيخ عبد الرحيم الرفاعي
الشيخ الكبير عبد الرحيم بن محمد بن صالح الحسيني الرفاعي أحد المشايخ المشهورين ف عصره،
ولد بالمدينة المنورة سنة سبعين وألف ونشأ بها ثم قدم الهند وسكن بمدينة سورت، أخذ عنه خلق
كثير من أهل الهند وبايعوه، مات يوم الإثنين لعشر بقين من جمادى الأولى سنة اثنتين وثلاثين ومائة
وألف بمدينة سورت، كما في الحديقة.
الشيخ عبد الرحيم الدهلوي
الشيخ العالم الكبير العارف عبد الرحيم بن وجيه الدين العمري الدهلوي كان من كبار المشايخ
النقشبندية، ولد ونشأ بدهلي وقرأ صغار الكتب الدرسية على صنوه الكبير أبي الرضا محمد الدهلوي
وكبارها على القاضي محمد زاهد بن محمد أسلم الهروي وقرأ دروساً من شرح العقائد على الشيخ
عبد الله بن عبد الباقي النقشبندي الدهلوي واستفاض منه فيوضاً كثيرة وأراد أن يبايعه فأبى ودله
على السيد عبد الله الأكبر آبادي فبايعه وأخذ عنه الطريقة النقشبندية ولازمه مدة حياته، ثم لازم
الشيخ أبا القاسم الأكبر آبادي وأخذ عنه ولازمه مدة طويلة، وحصلت له الخرقة الجشتية عن الشيخ
عظمة الله بن عبد اللطيف ابن بدر الدين بن جلال الدين المتوكل الأكبر آبادي عن أبيه عن جده عن
الشيخ عبد العزيز بن الحسن الدهلوي فصار غرة زاهرة في جبين المعالي وحسنة من حسنات الأيام
والليالي، قد وقع الاتفاق على كمال فضله بين أهل العلم والمعرفة وانتهى إليه الورع وحسن السمت
والتواضع والاشتغال بخاصة النفس.
قال حسن بن يحيى الترهتي في اليانع الجني: إنه كان من وجوه مشايخ دهلي ومن أعيانهم، أحواله
مذكورة في كتب سير أولياء الهند وكثير من تفاصيلها مسطور في كتاب أنفاس العارفين وكذا في
طبقات الأبرار وكان له حظ وافر من الأويسية، انتهى، وله مصنف لطيف في السلوك، توفي يوم
الأربعاء لإثنتي عشرة خلون من صفر سنة إحدى وثلاثين ومائة وألف في عهد فرخ سير وله سبع
وسبعون سنة، كما في أنفاس العارفين.
مولانا عبد الرحيم البيجا بوري
الشيخ الفاضل عبد الرحيم الحسيني البيجا بوري أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية،
ولد(6/747)
ونشأ بمدينة بيجا بور واشتغل بالعلم من صباه وقرأ المختصرات على أساتذة بلدته ثم لازم
القاضي أبا البركات عند قدومه بيجا بور في ركاب السلطان عالمكير ثم تصدر للتدريس ودرس
ثلاثين سنة، أخذ عنه الشيخ محمد أكرم البيجا بوري وخلق آخرون، توفي يوم الأربعاء لتسع عشرة
خلون من جمادى الآخرة سنة ثمان وستين ومائة وألف، كما في روضة الأولياء.
مولانا عبد الرحيم الكشميري
الشيخ الفاضل عبد الرحيم الحنفي الكشميري المشهور بففو كان من كبار العلماء، تقرب إلى ولاة
الأمور لكشمير وخدمهم زماناً ثم سافر إلى بخارا بصحبة يكه تازخان المير توزك فقرأ على السيد
محمد شريف الكجكسي أعلم العلماء بها في ذلك العصر ثم رجع إلى كشمير وقصر همته على الدرس
والإفادة، توفي سنة سبع بعد المائة والألف، كما في روضة الأبرار.
مير عبد الرزاق الخوافي
الأمير الفاضل عبد الرزاق بن حسن علي بن محمد كاظم الحسيني الخوافي نواب صمصام الدولة
شاه نواز خان كان من رجال السير والتاريخ، ولد لليلة بقيت من رمضان سنة إحدى عشرة ومائة
وألف بمدينة لاهور ونشأ بها وقرأ العلم على من بها من العلماء ثم سافر إلى أورنك آباد فقربه آصف
جاه إلى نفسه وولاه الخراج بأرض برار فاستقل بها زماناً، فلما رحل آصف جاه إلى دهلي وأقام ولده
ناصر جنك بالملك استقدمه ناصر جنك إلى حيدر آباد وولاه الخراج بها ولما رجع آصف جاه ونزع
الأمر من يد ولده ناصر جنك المذكور اعتزل عبد الرزاق بأورنك آباد وصنف مآثر الأمراء في ثلاثة
مجلدات كبار، فلما مات آصف جاه وقام بالملك ولده ناصر جنك المذكور استقدمه إلى حيدر آباد
وولاه الخراج فاستقل بها مدة ولما قتل ناصر جنك بآركاث جاء إلى أورنك آباد واعتزل بها، ثم ولاه
صلابت جنك على حيدر آباد سنة خمس وستين ومائة وألف وعزله بعد زمان فاعتزل بأورنك آباد،
ثم خلع عليه صلابت جنك ولقبه صمصام الدولة وأضاف في منصبه فصار سبعة آلاف لذاته وسبعة
آلاف للخيل وجعله الوكيل المطلق لمهمات الدولة فاستقل بها أربع سنين ثم قتل.
وكان عالماً بارعاً في التاريخ والسير والرجال والأنساب والإنشاء ومصطلحات اللغة الفارسية
وفنون أخرى، ترجم له غلام علي بن نوح الحسيني البلكرامي في مقدمة مآثر الأمراء وبذل جهده في
تبييض ذلك الكتاب، وقتل في سنة إحدى وسبعين ومائة وألف.
السيد عبد الرزاق البانسوي
الشيخ العارف الزاهد عبد الرزاق بن عبد الرحيم الحسيني البانسوي أحد كبار المشايخ القادرية، ولد
ونشأ بقرية بانسه وقرأ القرآن وبعض الرسائل المختصرة بالفارسية، ثم سافر إلى ردولي للعلم فبينما
هو بالطريق إذ لقيه أحد من رجال الغيب فسأله عن الكتاب الذي كان بيده فأجابه يوسف زليخا فقال
ليس لك حاجة إلى يوسف زليخا ارجع إلى دارك والزمها، ثم نظر إليه فتأثر به ونشأ في قلبه حب
الصوفية فترك الاشتغال ورجع إلى قرية بانسه ولبث بها قليلاً ثم سافر إلى بلاد الدكن للاسترزاق
ومكث بها سبع سنين، ثم جاء إلى بانسه وتزوج بها ثم ذهب إلى أحمد آباد من بلاد كجرات ولقي بها
السيد عبد الصمد خدا نما فبايعه وأخذ عنه الطريقة وجلس على مسند الإرشاد بعده بقرية بانسه.
وكان صاحب كشوف وكرامات، أخذ عنه الشيخ نظام الدين بن قطب الدين السهالوي وصنوه محمد
رضا وابن أخيه أحمد عبد الحق وابن عمه كمال الدين ابن محمد دولة الفتحبوري وإسماعيل بن
إبراهيم الحسيني البلكرامي وخلق آخرون.
توفي يوم الأربعاء لخمس خلون من شوال سنة ست وثلاثين ومائة وألف في أيام محمد شاه الدهلوي
وله ثمانون سنة، كما في مناقب رزاقية.
الحكيم عبد الرزاق الأصفهاني
الشيخ الفاضل عبد الرزاق الحكيم الأصفهاني أحد العلماء المبرزين في الجفر والتكسير وصناعة
الطب وقرض الشعر، قدم الهند في أيام عالمكير بن(6/748)
شاهجهان وسكن ببلدة بريلي وتزوج بها في
عشيرة كريمة، وكان موصوفاً بالعدل والكرم والسخاء والإحسان إلى الخلق، يداوي المرضى ويعطيهم
الأدوية من عنده وساح أكثر بلاد الهند وأقام برهة من الزمان في كشمير مصاحباً لأميرها نواب
نوازش خان الروحي وكانت له صداقة ومودة مع السيد عبد الجليل البلكرامي، ومن شعره قوله:
كمند خم بخم زلف كيست صيادم كه ميزند سر هر موي جوش حلقة دام
توفي سنة سبع وعشرين ومائة وألف، كما في صبح كلشن.
القاضي عبد الرسول السهالوي
الشيخ الفاضل عبد الرسول بن يوسف بن سليمان سعد الله الأنصاري السهالوي أحد الفقهاء الحنفية،
ولد ونشأ بقرية سهالي ثم تردد إلى دهلي وقرأ العلم على من بها من العلماء ثم رجع إلى أوده وأخذ
الطريقة عن السيد عبد الرزاق بن عبد الرحيم الحسيني القادري البانسوي ولازمه زماناً ثم ولي
القضاء بقرية كونهيله من أعمال ذهاكه فسافر إليها وحصل له القبول العظيم في أرض بنكاله، كما
في أغصان الأنساب.
الشيخ عبد الرسول السندي
الشيخ الفاضل عبد الرسول بن يوسف التتوي السندي أحد رجال الفضل والصلاح، له نفائس
الأفكار في عرائس الأبكار، كما في تحفة الكرام.
القاضي عبد الرسول الكجراتي
الشيخ الفاضل القاضي عبد الرسول بن أبي محمد بن عبد الوارث بن أبي محمد بن عبد الملك بن
إسماعيل بن شهاب الدين بن حسام الدين العثماني الكبربنجي الكجراتي أحد العلماء الصالحين، ولد
بكبر بنج على مسيرة عشرين ميلاً من أحمد آباد على جهة الغرب وقرأ العلم على شيخ سليمان بن
أحمد الكجراتي والشيخ نصير الدين بن عبد الماجد العلوي الكجراتي وأخذ القراءة والتجويد عن
الشيخ فريد الدين صاحب الحاشية وأخذ الطريقة عن الشيخ عبد الماجد المذكور الذي كان من سلائل
الشيخ وجيه الدين العلوي، ثم سافر إلى دهلي وولي القضاء بدهولقه من أعمال كجرات فاشتغل به
خمس سنين ثم اعتزل عنه ولازم شيخه زماناً وسافر معه إلى كلكله حين قدمها عالمكير بن شاهجهان
الدهلوي فولاه القضاء بأحمدنكر فسار إليها واشتغل بالقضاء مدة عمره وكان يدرس ويفيد، مات ليلة
الخميس لإحدى عشرة بقينم من شوال سنة ثلاثين ومائة وألف، كما في دستور العلماء.
الشيخ عبد الرشيد الجالندري
الشيخ الفاضل عبد الرشيد بن محمد أشرف الحسيني الجالندري أحد العلماء المتصوفين، ولد ونشأ
بجالندر وقرأ العلم على أساتذة عصره ثم سافر إلى أنبيهتله وأدرك بها الشيخ أبا المعالي بن محمد
أشرف الأنبيهلوي فدله الشيخ إلى صاحبه محمد سعيد بن يوسف الأنبالوي فسار إلى أنباله ولازم
الشيخ محمد سعيد وأخذ عنه الطريقة، مات في حياة شيخه في غرة ربيع الأول سنة إحدى وعشرين
ومائة وألف، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ عبد الرشيد الكشميري
الشيخ الصالح عبد الرشيد بن محمد مراد بن محمد طاهر الكشميري أحد العلماء الربانيين، ولد ونشأ
بكشمير وأخذ العلم والمعرفة عن أبيه ولازمه ملازمة طويلة ثم سافر إلى سرهند وأخذ عن الشيخ عبد
الأحد بن محمد سعيد العمري السرهندي وصحبه بضع سنين ثم رجع إلى كشمير ولبث بها سنتين ثم
سار إلى دهلي وصحب الشيخ عبد الأحمد المذكور نحو سنتين ثم رجع إلى كشمير فدرس وأفاد بها
زماناً ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار وأقام بها زماناً ثم رجع إلى الهند، ولما وصل إلى
مدينة دهلي توفي إلى رحمة الله سبحانه وكان ذلك سنة خمس وخمسين ومائة وألف كما في خزينة
الأصفياء.
مولانا عبد الرشيد الجونبوري
الشيخ العالم الكبير العلامة عبد الرشيد الحنفي(6/749)
الجونبوري أحد العلماء المبرزين في المنطق والحكمة
والأصول وغيرها، أخذ عن الشيخ الأستاذ نظام الدين بن قطب الدين الأنصاري السهالوي وكان
مفرط الذكاء جيد القريحة، له حاشية على العروة الوثقى للشيخ كمال الدين الفتحبوري، وكان الشيخ
نظام الدين المذكور يحبه لفرط ذكائه وفيه رغبة إلى الهجاء فقتله الناس في حياة شيخه فدعا عليهم
الشيخ فأخذهم الله سبحانه بنكاله، كما في الرسالة القطبية، وإني وجدت الناس يقولون: إنه كان يسكن
بتل الشيخ بير محمد اللكهنوي بمدينة لكهنؤ وقبره بها.
وكان رجلاً صالحاً عفيفاً ديناً قنوعاً متوكلاً كثير الاشتغال بالدرس والإفادة، قرأ عليه القاضي نجم
الدين علي خان الكاكوري وخلق كثير من العلماء.
مرزا عبد الرضا الأصفهاني
الفاضل الكبير عبد الرضا الشيعي النجفي الأصفهاني الشاعر المتلقب بمتين، ولد بأصفهان سنة
ثلاث ومائة وألف وقرأ العلم على من بها من العلماء ثم قدم الهند وتقرب إلى برهان الملك محمد
أمين النيسابوري ثم إلى ختنه أبي المنصور صفدر جنك فأقطعه أرضاً خراجية بناحية أوده فلبث بها
زماناً وأخذ الطريقة عن السيد محمد العارف النعمة اللهي القادري، ولما توفي أبو المنصور وولي
مكانه ولده شجاع الدولة بالغ في إكرامه مدة ثم إنه راح إلى جهانسي وناب عنه راجه بيني بهدر
فتغلب على ما كان له من الأرض الخراجية فسار عبد الرضا إلى بنكاله وتقرب إلى قاسم علي خان
أمير تلك الناحية ومات بها، وكان شاعراً مجيد الشعر، من شعره قوله:
اندك لي خار ره امداد كه سربنجة من صرف درجاك كريبان شد ودامن باقيست
توفي سنة خمس وسبعين ومائة وألف، كما في نتائج الأفكار.
مولانا عبد السلام البرهانبوري
الشيخ الفاضل عبد السلام الحنفي البرهانبوري أحد العلماء المبرزين في الصناعة الطبية، كان
يدرس ويفيد، قرأ عليه السيد أمير حيدر الحسيني البلكرامي وخلق كثير، وله قرابادين سلامي مجموع
لطيف في معالجات الطب، مات سنة اثنتين وتسعين ومائة وألف بمدينة برهانبور فأرخ لموته
بعضهم من قوله: آه حكيم از جهان رفت كما في تاريخ برهانبور.
خواجه عبد السلام الكشميري
الشيخ العالم الصالح عبد السلام الكشميري أحد العلماء الربانيين، أخذ الطريقة عن الشيخ عبد الغفور
البشاوري ولازمه مدة من الزمان ثم تولى الشياخة بكشمير وحصل له القبول العظيم بها، أخذ عنه
ولداه القاضي وحيد الدين والمفتي فريد الدين والشيخ شرف الدين محمد صاحب روضة السلام وخلق
آخرون.
توفي لثمان عشرة خلون من شوال سنة إحدى وسبعين ومائة وألف بكشمير، كما في خزينة
الأصفياء.
الشيخ عبد الشكور الكشميري
الشيخ الفاضل عبد الشكور الحنفي الكشميري المشهور بتلو كان من كبار العلماء، ولد ونشأ بكشمير
وقرأ العلم على مولانا حيدر بن فيروز الجرخي وعلى غيره من الأساتذة ثم تصدر للتدريس فدرس
وأفاد مدة عمره، أخذ عنه ملا محمد أشرف وخلق آخرون، وكان قانعاً عفيفاً لم يأخذ نصيبه من
العطايا السلطانية التي أرسلها عالمكير بن شاهجهان للعلماء إلى كشمير فلم يقبل منها شيئاً، توفي سنة
ثلاث عشرة ومائة وألف، كما في حدائق الحنفية.
القاضي عبد الصمد الجرياكوثي
الشيخ العالم الفقيه عبد الصمد بن أبي الحسن بن محمد ماه بن منصور العباسي الجرياكوثي أحد
كبار الفقهاء، قرأ العلم على والده وسار إلى دهلي فحصل شهادة القضاء ثم اشتغل به وبالدرس
والإفادة ببلدته جرياكوث وكان ممن يضرب به المثل في حسن التربية والتعليم، توفي سنة إحدى
وسبعين ومائة وألف،(6/750)
كما في تذكرة علماء الهند.
القاضي عبد الصمد الجونبوري
الشيخ الفاضل عبد الصمد العثماني الجونبوري أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول، قرأ على
عمه محمد رشيد بن مصطفى العثماني الجونبوري ولازمه زماناً حتى برع وفاق في كثير من العلوم
والفنون ثم سار إلى دهلي وشارك العلماء في تصنيف الفتاوي الهندية ثم ولي القضاء في بلدة من
بلاد الدكن واستقل به زماناً ثم نقل إلى لكهنو وأقام بها ثماني سنوات وأقطعه السلطان قرى متعددة،
مات لثلاث بقين من رجب في بلاد الدكن فنقل جسده إلى قرية سوكلاي ودفن بها في حديقة القاضي،
كما في باغ بهار.
مولانا عبد الصمد الديوي
الشيخ الفاضل عبد الصمد الأعظمي الديوي كان من ذرية المفتي عبد السلام الأعظمي، ولد ونشأ
بديوه وقرأ العلم على أساتذة عصره وبرع في الفقه والأصول والعربية، كانت له يد بيضاء في تفسير
القرآن الكريم، خدم الأمراء بمدينة دهلي زماناً في أيام أحمد شاه ثم دخل فرخ آباد فجعله نواب غالب
جنك معلماً لولده مظفر جنك فلم يزل بها إلى أن مات، وله رسالة في غريب القرآن، كما في تاريخ
فرخ آباد.
مولانا عبد العزيز الكجراتي
الشيخ الفاضل عبد العزيز الحنفي السني الأحمد آبادي الكجراتي كان إمام طائفة البوهرة السنية قد
غشيه نور الإيمان وسيما الصالحين، وقع مع أهل بلدته من كفار الهنود قلاقل وزلازل فنال منهم
شراً، ذكره خافي خان في منتخب اللباب قال: إن في سنة خمس وعشرين ومائة وألف ثارت فتن
بأحمد آباد بين المسلمين وكفار الهنود وافتتح الهنود أمرهم بالتعدي على المسلمين وأعانهم داود خان
أمير البلدة فاضطر المسلمون وسار عبد العزيز وعبد الواحد ومحمد علي الواعظ إلى دهلي ليستغيثوا
في ذلك إلى سلطان الهند وكان راجه رتن جند الوثني ديوان قطب الملك عبد الله خان الحسيني
البارهوي مداراً عليه في مهمات الدهلوي صنو الأمير الكبير خان دوران خان بخشي الممالك تردد
لاستخلاصهم فخلصوا من حبس الوثني المذكور، انتهى، وفي مرآة أحمدي: إن عبد العزيز رجع إلى
أحمد آباد ومات بها ومحمد علي الواعظ مات بدهلي.
مولانا عبد العزيز اللكهنوي
الشيخ الفاضل عبد العزيز بن محمد سعيد بن قطب الدين الأنصاري السهالوي اللكهنوي أحد الرجال
المعروفين بالفضل والصلاح، قرأ العلم ثم أخذ الطريقة عن السيد إسماعيل بن إبراهيم الحسيني
البلكرامي ولازم عمه زماناً حتى نال حظاً من العلم والمعرفة، مات لتسع خلو من ذي القعدة سنة
خمس وستين ومائة وألف بلكهنؤ.
مولانا عبد العظيم البرهانبوري
الشيخ الفاضل عبد العظيم بن عبد الله بن عبد النبي بن نظام الدين العمري الصفوي الكجراتي ثم
البرهان بوري أحد كبار العلماء، لم يزل يشتغل بالدرس والإفادة بمدينة برهان بور أخذ عنه جمع
كثير من العلماء، له مصنفات عديدة منها حق العلم شرح عين العلم بالعربية، توفي لسبع خلون من
شعبان سنة إحدى وأربعين ومائة وألف، كما في تاريخ برهان بور.
السيد عبد العلى الشيعي الجونبوري
الشيخ الفاضل عبد العلى بن علي عظيم الشيعي الجونبوري كان من نسل المفتي مبارك بن أبي
البقاء الحسيني الحنفي الجونبوري، ولد ونشأ بجونبور وقرأ العلم على السيد محمد عسكري
الجونبوري ولازمه مدة حتى برع في المنطق والحكمة والأدب وقرض الشعر، له أبيات بالعربية
والفارسية وله عنقاء مغرب مصنف في رد كوه قاف لكلشن على الجونبوري، توفي يوم الجمعة لسبع
خلون من رجب سنة تسعين ومائة وألف.
مولانا عبد الغفور البلكرامي
الشيخ الفاضل عبد الغفور الحنفي البلكرامي كان(6/751)
تلو أخيه الشيخ عبد الكريم الصديق الحنفي في
الفضل والكمال، غير أنه مال في بداية حاله إلى مذهب الحكماء لتوغله في الحكمة لكثرة المطالعة في
كتبهم حتى شرفه الله ليلة في رؤيا صادقة برؤية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتشرف بلذيذ خطابه
فأنقذه الله سبحانه من تلك المهلكة، وكان منقوشاً على خاتمه وإنك الغفور ذو الرحمة أخذ عنه خلق
كثير منهم الشيخ طفيل محمد الأترولوي قرأ عليه أصول البزدوي كما في مآثر الكرام.
الشيخ عبد الغني الكشميري
الشيخ الفاضل عبد الغني بن أبي طالب الشيعي الكشميري أحد العلماء المشهورين، ذكره محمد علي
في نجوم السماء قال: إنه قرأ العلم على الشيخ محمد صالح المازندراني شارح الكافي ومن مصنفاته
الجامع الرضوي ترجمة شرائع الاسلام صنفه سنة إحدى وستين ومائة وألف بأمر علي رضا ابن
افراسياب خان وكان أبوه افراسياب والياً بكشمير، أوله الحمد لله الذي أوضح لعباده سبل الوصول
إلى رضائه إلخ.
مولانا عبد الغني البدايوني
الشيخ الفاضل العلامة عبد الغني بن المفتي درويش محمد العثماني البدايوني أحد العلماء المبرزين
في العلوم الحكمية، ولد ونشأ بمدينة بدايون وقرأ العلم على أساتذة عصره وأخذ الطريقة عن الشيخ
محمد سعيد الجعفري القادري ثم تصدى للدرس والإفادة، له حاشية على مير زاهد رسالة ومير زاهد
ملا جلال ذكره المفتي ولي الله في تاريخ فرخ آباد.
القاضي عبد الغني الكوباموي
الشيخ الفاضل عبد الغني بن محمد دائم بن عبد الحي بن عبد الحليم بن المبارك العمري الكوباموي
كان قاضياً ببلدته كوبامؤ يدرس ويفيد، أخذ عنه محمد أمان ومحمد أكرم وقد أخذ عنهما القاضي
مصطفى علي خان الكوباموي، ذكره القاضي في تذكرة الأنساب.
مير عبد الغوث المندومي
الشيخ الصالح عبد الغوث الحسيني المندوي أحد رجال العلم والطريقة، أخذ عن الشيخ محمد رشيد
بن مصطفى العثماني الجونبوري ولازمه زماناً ثم سار إلى دهلي وسكن بها، وكان صاحب وجد
وحال، مات يوم الإثنين لأربع عشرة خلون من شعبان سنة تسع ومائة وألف فدفن عند قدم الرسول
بدهلي، كما في كنج أرشدي.
الشيخ عبد الفتاح النائطي
الشيخ الفاضل عبد الفتاح النائطي أحد رجال العلم والطريقة، ذكره الشيخ محمد باقر المدراسي في
النفحة العنبرية قال: منهم أي من النوائط الفائز بكشف سر الاختتام والافتتاح مولانا الشيخ عبد الفتاح
قدس سره وهو الذي كتب الملفوظ في ترجمة شيخه الشبيه باللوح المحفوظ تشرفت بمطالعته مراراً
وعثرت فيه من أحوال حضرة الشيخ على ما يطاول بحاراً، انتهى ما في تاريخ النوائط.
مولانا عبد الفتاح الصمدني
الشيخ العالم الفقيه أبو الفرح عبد الفتاح بن هاشم الحسيني الصمدني أحد الفقهاء المشهورين، قرأ
العلم بمدينة جونبور على السيد محمد الجونبوري ثم سار إلى دهلي وأخذ عن السيد محمد زاهد بن
محمد أسلم الحنفي الهروي وشارك العلماء في تصنيف الفتاوي الهندية وبذل جهده فيه، كما في عزيز
التواريخ.
مرزا عبد القادر العظيم آبادي
الشيخ الفاضل عبد القادر بن عبد الخالق العظيم آبادي الشاعر المشهور كان من قبيلة برلاس ولد
ونشأ بعظيم آباد وحصل المراتب العلمية ثم قصر همته على قرض الشعر فاخترع غرائب الأشياء
في ذلك وله تسعون ألف بيت أو تزيد، واسمه في الشعر على طريق شعراء الفرس بيدل وكان من
الشعراء المفلقين(6/752)
المجيدين لم يكن في زمانه مثله، وكان زاهداً عفيفاً قانعاً على اليسير لا يتصنع في
الزي واللباس ولا يتقيد به، وكان في بدء حاله نديماً لمحمد أعظم بن عالمكير فلما طلب منه محمد
أعظم أن يمدحه في القصائد تركه واعتزل عن الناس فلم يرغب قط إلى الملوك والأمراء، استقدمه
آصف جاه مرة إلى إقليم الدكن فلم يقبل وكتب في رسالته إليه:
دنيا اكر دهند نه جنبم زجائي خويش من بسته ام حنائي قناعت ببائي خويش
وله في القناعة:
آخر زفقر بر سر دنيا زديم با خلقي بجاه تكيه زد وما زديم با
وله:
بك جند بئي زينت وزيور كشتيم يك جند بئي دانش ودفتر كشتيم
در عهد شباب كرديم حساب
جون واقف ازين جهان ابتر كشتيم دست ازمهمه شستيم وقلندر كشتيم
نقشي است بر آب اينك در ياب
مات في ثالث صفر سنة ثلاث وثلاثين ومائة وألف.
مولانا عبد القادر الكجراتي
الشيخ الفاضل عبد القادر بن عبد الغفور الكجراتي نواب محي الدولة قادر يار خان بهادر كان من
العلماء المبرزين في الفقه والأصول، انتقل من بلدة سورت إلى أورنك آباد ولبث بها زماناً في زاوية
الشيخ محمود المسافر الأورنك آبادي ثم تقرب إلى نواب نظام علي خان الحيدرآبادي حين كان والياً
على أرض برار فولاه القضاء بمعسكره، ولما تولي المملكة نظام علي خان المذكور مقام أخيه
صلابت جنك ولاه الاحتساب والصدارة العظمى وكان ذلك في خامس ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين
ومائة وألف ولقبه محي الدولة قادر يار خان بهادر فاستقل بها زماناً ومات بحيدرآباد لعله سنة ثمان
وثمانين ومائة وألف لأن أخاه الحكيم جعفر ولي الصدارة بعده في تلك السنة، كما في تزك محبوبي.
الشيخ عبد القادر الحضرمي
الشيخ الصالح عبد القادر بن عبد الله بن شيخ بن عبد القادر العيدروس الشافعي الحضرمي السورتي
أحد المشايخ المشهورين، ولد ونشأ بالهند وأخذ عن جده وتولى الشياخة بعده بمدينة سورت وحصلت
له الإجازة عن الشيخ محمد ابن عبد الله بن عبد الرحمن السقاف الحضرمي، مات سنة ثمان ومائة
وألف بمدينة سورت، كما في الحديقة.
الشيخ عبد القادر السورتي
الشيخ الصالح عبد القادر بن محمد بن إسماعيل السورتي أحد عباد الله الصالحين، تولى الشياخة
بمدينة سورت مقام الشيخ بير محمد بن بدر الدين السورتي بوصيته ومات بها سنة ثلاث وتسعين
ومائة وألف، كما في الحديقة.
الشيخ عبد القادر اللاهوري
الشيخ الفاضل عبد القادر بن عمر بن هاشم الحسني الكيلاني اللاهوري أحد رجال العلم والطريقة،
ولد ونشأ بلاهور وتفقه على خاله إسماعيل بن قاسم اللاهوري وأخذ عنه الحديث والتفسير وقرأ
الكتب الطبية على الشيخ عبد الرسول الزنجاني اللاهوري وأخذ الدعوة والتكسير والجفر الجامع عن
السيد محمد بن علاء الدين الحسيني اللاهوري وأخذ عنه الطريقة وعن خلق آخرين من المشايخ
القادرية، له مصنفات عديدة منها كشف الأسرار الصغير وكشف الأسرار الكبير وأسرار كتماني،
مات لليلتين خلتا من ذي الحجة سنة أربع وخمسين ومائة وألف، كما في خزينة الأصفياء.
مولانا عبد القدوس السندي
الشيخ الفاضل عبد القدوس بن الحامد بن(6/753)
الحسن بن الحامد بن شرف الدين ابن الحسين بن
المنصور بن محمد حسين الحسيني التتوي السندي أحد العلماء المشهورين في عصره، مات سنة ست
وأربعين ومائة وألف، فأرخ لموته بعضهم من قوله تعالى "هم مكرمون في جنات النعيم"، كما في
تحفة الكرام.
مولانا عبد القدوس الدهلوي
الشيخ الفاضل الكبير عبد القدوس بن يعقوب البناني الدهلوي أحد العلماء المشهورين، ولد ونشأ
بدهلي وقرأ العلم على والده ولازمه ملازمة طويلة ثم تصدر للتدريس، تخرج عليه جماعة من
الفضلاء، مات يوم الخميس لإحدى عشرة خلون من ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين ومائة وألف
فأرخ لموته بعض العلماء ع:
سال تاريخ وفاتش كشت رضوان المآب.
مير عبد الكريم السندي
الأمير الفاضل عبد الكريم بن أبي البقاء بن القاسم بن ملا مير الحسيني السيزواري ثم السندي أحد
الرجال المشهورين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بأرض السند وأخذ العلم ثم تقرب إلى عالمكير
وتدرج إلى الإمارة حتى نال منصباً رفيعاً، ولقبه السلطان بملتفت خان ثم خانه زاد خان ثم مير خانه
زاد خان ثم مير خان ثم أمير خان، ولقب والده أيضاً كان أمير خان لقبه بذلك شاهجهان.
قال شاه نواز خان في مآثر الأمراء: إن عالمكير ابتلى بمرضى في كبر سنه واشتد المرض وغشي
عليه فلما أفاق كان ينشد هذين البيتين تأسفاً على حاله:
بهشتاد ونود جون در رسيدي بساسختي كه از دوران نديدي
ورانجا جون بصد منزل رساني بود مركي بصورت زندكاني
وكان عبد الكريم يسمع ذلك فتقدم وقال: أطال الله بقاء مولانا السلطان إن الشيخ الكنجوي أنشأ هذين
البيتين تمهيداً لهذا البيت:
يس آن بهتر كه خود را شاد داري دران شادي خدا را ياد داري
فأمره عالمكير أن يكرر هذا البيت ويكتب على ورقة وأحس في نفسه قوة وجلس للناس في ديوان
المظالم في اليوم القابل وقال: إن بيتك زادني قوة وصحة، قال الخوافي: وكان عبد الكريم جيد الذهن
سريع الإدراك عالي الكعب في فنون عديدة ولي الصدارة في عهد فرخ سير ومات في أيامه، انتهى،
لعله مات في بضع وعشرين ومائة وألف.
مير عبد الكريم القنوجي
الأمير الفاضل عبد الكريم بن محمد الحسيني القنوجي أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول،
ولاه عالمكير على تحصيل الجزية ببلدة برهان بور، وصارت مساعيه مشكورة فيه فولاه عالمكير
على تلك الخدمة في أربعة أقطاع الدكن، وكان فاضلاً كريماً ديناً عفيفاً تقياً.
مولانا عبد الكريم البلكرامي
الشيخ الفاضل عبد الكريم الحنفي الصديقي البلكرامي أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول، ولد
ونشأ ببلكرام وحفظ القرآن وقرأ العلم على من بها من العلماء ثم تصدر للدرس والإفادة، له شرح
على المقامات الحريرية بالفارسية ومقامات عديدة على منوالها وله شرح على الشمسية صنفه للشيخ
طفيل محمد الأترولوي في ثلاثة أيام، وله غير ذلك من المصنفات، مات في أوائل القرن الثاني
عشر، كما في مآثر الكرام.
القاضي عبد الكريم الكشميري
الشيخ العالم الفقيه عبد الكريم الحنفي الكشميري كان ابن بنت الشيخ يوسف، ولد ونشأ بكشمير وقرأ
العلم على المفتي أبي الفتح الكشميري وأمثاله ثم رحل إلى معسكر السلطان عالمكير بن شاهجهان
فأقام به زماناً ثم ولي القضاء بكشمير فاستقام عليه أربعاً(6/754)
وعشرين سنة وعزل في آخر أيام عالمكير
المذكور، كما في روضة الأبرار.
الشيخ عبد اللطيف السندي
الشيخ الفاضل عبد اللطيف بن حبيب شاه الحنفي البهثي السندي كان من الرجال المعروفين بالفضل
والصلاح، سكن بقرية بهث على ثلاثة أميال من هاله كندي، مات سنة خمس وستين ومائة وألف،
فأرخ لموته بعضهم من رضوان حق، كما في تحفة الكرام.
الشيخ عبد اللطيف السندي
الشيخ الفاضل عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن محمد هاشم التتوي السندي أحد العلماء المبرزين في
الفقه والأصول والحديث، كان يدرس ويفيد في مدرسة والده ويذكر يوم الجمعة من كل أسبوع وكان
يدرس في الحديث كل يوم بعد العصر في مسجده، كما في تحفة الكرام.
الشيخ عبد اللطيف الأمروهوي
الشيخ الصالح عبد اللطيف الحنفي الأمروهوي المهاجر إلى مكة المشرفة والمدفون بها كان من نسل
الشيخ عبد الله الرضوي الأمروهوي، ولد ونشأ بأمروهه وسافر للعلم إلى بلكرام وقنوج وقرأ على
السيد نعمة الله الحسيني البلكرامي ثم لازم الشيخ حبيب الله القنوجي وأخذ عنه الطريقة وسافر إلى
الحرمين الشريفين فحج وزار وأقام بمكة المباركة زماناً ثم عاد إلى الهند ليذهب بوالدته العفيفة إلى
الحجاز ويسكن بها وكانت توفيت قبل أن يصل إلى أمروهه فرجع إلى مكة وعاش بها خمسين سنة
وحج في كل سنة وسافر إلى المدينة المنورة وزار ثلاثين مرة.
وكان لطيف الطبع رقيق القلب ذا سخاء وإيثار ومروءة، ذكره البلكرامي في مآثر الكرام قال: ولما
سمع بقدومي من طيبة الطيبة استقبلني وأنزلني في داره فلبثت بها خمسة أشهر، مات سنة سبع
وخمسين ومائة وألف بمكة فدفن في المعلاة.
الشيخ عبد الله بن إسماعيل اللاهوري
الشيخ العالم الفقيه عبد الله بن إسماعيل بن قاسم بن علي بن بدر الدين ابن إسماعيل بن عبد الله
الشريف الحسني الأجي ثم اللاهوري كان من الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، لم يزل يشتغل
بالتدريس والتلقين وكان لا يتردد إلى بيوت الأغنياء، مات لإحدى عشرة خلون من ربيع الثاني سنة
إحدى وأربعين ومائة وألف بلاهور، كما في خزينة الأصفياء.
خواجه عبد الله بن إلياس البخاري
الشيخ الفاضل عبد الله بن إلياس العمري البخاري كان من نسل الشيخ نجم الدين الكبرى، ولد بمدينة
بخارا سنة ثمان وسبعين وألف وأخذ عن والده ثم سافر إلى سمرقند ورحل إلى الحرمين الشريفين
فحج وزار وأخذ الطريقة عن الشيخ أحمد المكي أحد أصحاب الشيخ محمد معصوم السرهندي ولازمه
مدة من الزمان وأقام بمكة المباركة بعد وفاته سبع سنين ثم رحل إلى بخارا واستصحب والدته إلى
مكة المباركة وأقام بها عشر سنين ثم دخل الهند في أوائل ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين ومائة وألف
وسكن بكشمير فحصل له القبول العظيم في تلك الناحية، مات سنة إحدى وأربعين ومائة وألف
بكشمير، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ عبد الله بن حسن النارنولي
الشيخ العالم الصالح عبد الله بن حسن الحسيني النارنولي أحد المشايخ المشهورين، كان على قدم
والده في العلم والطريقة، من دهلي إلى نارنول واعتزل بها عن الناس، كما في بحر زخار.
مولانا عبد الله السنديلوي
الشيخ العالم الفاضل عبد الله بن زين العابدين الحسيني السنديلوي أحد العلماء المبرزين في الفقه
والأصول والكلام، قرأ العلم على العلامة كمال الدين الفتحبوري ولازمه مدة من الزمان فلما وصل
إلى الشمس البازغة انقطع إلى حمد الله ابن شكر الله السنديلوي، قرأ عليه فاتحة الفراغ ثم تصدر
للتدريس(6/755)
فدرس وأفاد مدة طويلة ثم بايع الشيخ عبد الباسط الأميتهوي وحصلت له الإجازة عن الشيخ
قدرة الله الصفي بوري فاعتزل عن الناس، وكان ذكياً تقياً جن في آخر عمره، كما في الرسالة
القطبية.
الشيخ عبد الله بن علي الحضرمي
الشيخ الصالح عبد الله بن علي بن عبد الله بن أحمد بن الحسين الشافعي الحضرمي أحد الرجال
المعروفين بالفضل والصلاح، ولد في سلخ جمادى الآخرة سنة سبع وستين وألف بمدينة تريم ونشأ
بها وقرأ العلم على من بها من العلماء ثم قدم الهند ولبث عند والده زماناً وأخذ عنه، مات في الخامس
عشر من ربيع الأول سنة خمس وثلاثين ومائة وألف بسورت فدفن عند والده، كما في الحديقة.
الشيخ عبد الله بن علي الحضرمي
الشيخ الصالح عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن السقاف الشافعي الحضرمي
أحد رجال العلم والطريقة، ولد سنة إحدى وثلاثين ومائة وألف وأخذ عن أبيه وتولى الشياخة بعده
بمدينة سورت سنة تسع وخمسين ومائة وألف واستقل بها مدة حياته، توفي لأربع خلون من ربيع
الأول سنة ثمان وتسعين ومائة وألف بمدينة سورت، كما في الحديقة.
الشيخ عبد الله بن محمد السندي
الشيخ العالم الصالح عبد الله بن محمد بن حسين السندي نزيل المدينة المنورة المشهور بجمعة،
حضر دروس الشيخ محمد حياة السندي وغيره من الواردين وجاور بالمدينة نحواً من أربعين سنة
وانتفع به طلبة المدينة واشتهرت بركته، فكل من قرأ عليه شيئاً فتح الله عليه وصار من العلماء،
وكان ذا كرم ومروءة وحياء وشفقة، توفي في سنة أربع وتسعين ومائة وألف، كما في تاريخ
الجبرتي.
القاضي عبد الله الكجراتي
الشيخ الفاضل عبد الله بن محمد شريف الحنفي الكجراتي أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول،
كان قاضياً بمدينة أحمد آباد فتقرب إلى محمد أعظم بن عالمكير حين ولي على كجرات فجعله قاضياً
في معسكره فاستقل به زماناً، ثم ولاه عالمكير بن شاهجهان سلطان الهند القضاء الأكبر سنة خمس
وتسعين وألف مكان القاضي أبي سعيد الكجراتي فصار قاضي قضاة الهند واستقل به مدة طويلة، ثم
ولي الصدارة ومات في زمان يسير من ولايته، مات سنة تسع ومائة وألف، كما في مآثر عالمكيري.
مولانا عبد الله الكشميري
الشيخ العالم الصالح عبد الله بن محمد فاضل اليسوي الكشميري كان أصله من قرية يسي من أعمال
تركستان انتقل منها بعض أسلافه إلى كشمير، قرأ العلم على ملا محمد محسن والشيخ أمان الله
الشهيد وعلى غيرهما من العلماء وأخذ الطريقة من قاضي شاه ثم ساح البلاد وأدرك المشايخ وعاد
إلى كشمير فولي الإفتاء بها، أخذ عنه محمد عثمان وبابا عبد الله وملا عبد المؤمن ومير محي الدين
والقاضي محمد حسين وملا نور الدين والمفتي قوام الدين وخلق آخرون من أهل كشمير، مات في
منتصف شوال سنة إحدى وسبعين ومائة وألف، كما في حدائق الحنفية.
مولانا عبد اللطيف الأميتهوي
الشيخ العالم الكبير العلامة عبد الله الحنفي الأميتهوي أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والكلام، أخذ عن الشيخ الأستاذ نظام الدين بن قطب الدين السهالوي وشارك في الأخذ والقراءة عليه
الشيخ حقاني التاندوي، ثم ولي التدريس فدرس وأفاد مدة عمره، أخذ عنه السيد محمد واضح بن
محمد صابر والسيد أبو سعيد بن محمد ضياء والسيد محمد نعمان بن محمد وجمع آخرون من أبناء
السيد السند علم الله بن فضيل الحسني البريلوي، مات في أيام أحمد شاه الدهلوي، كما في الرسالة
القطبية.
خواجه عبد الله البلخي
الشيخ الفاضل عبد الله الحنفي النقشبندي البلخي(6/756)
أحد كبار المشايخ، أخذ الطريقة عن الشيخ عبد الله
محمود النقشبندي ثم سافر إلى الحجاز فحج وزار وأقام بالحرمين سبع عشرة سنة ثم قدم الهند وسكن
بكشمير وحصل له القبول العظيم في تلك الناحية، أخذ عنه الشيخ بهاء الدين صاحب الكتاب
النقشبندي وخلق آخرون، توفي سنة تسع وثلاثين ومائة وألف بكشمير وقبره مشهور ظاهر في
البلدة، كما في خزينة الأصفياء.
مولانا عبد الله البلكرامي
الشيخ العالم الكبير عبد الله الحسيني البلكرامي أحد الفقهاء الحنفية، ولد ونشأ ببلكرام وقرأ القرآن
وصغار الكتب في بلدته ثم سافر إلى كجهندو وقرأ الكتب الدرسية على القاضي عليم الله الكجهندوي
ولازمه مدة ومهر في الكتابة على الأقلام السبعة وفي الفنون الحربية والفنون الكثيرة، ثم تقرب إلى
نواب سبرلند خان التوني فولاه ديوان المظالم في معسكره ثم ولاه الصدارة بأحمد آباد سنة أربع
وعشرين ومائة وألف وبها قرأ شرح المواقف على أسد الله العلوي حفيد العلامة وجيه الدين وقرأ
هداية الفقه على الشيخ قوام الدين الكجراتي وارتبط بالشيخ الفاضل نور الدين الأحمد آبادي، توفي
سنة اثنتين وثلاثين ومائة وألف ببلكرام، كما في مآثر الكرام.
القاضي عبد الله الخراساني
الأمير الفاضل عبد الله الحنفي الخراساني نواب مير جمله معظم خان خانخانان بهادر مظفر جنك،
قدم الهند في أيام عالمكير بن شاهجهان الدهلوي فولاه القضاء بذهاكه ونقل إلى بلنه بعد مدة ولما
تولى المملكة فرخ سير بن عظيم الشأن ابن شاه عالم وجلس على سرير الملك بمدينة بلنه وسار إلى
دهلي سافر معه وتقرب إليه فلما وصل إلى دهلي لقبه فرخ سير مير جمله معظم خان خانخانان
بهادر مظفر جنك وأعطاه سبعة آلاف لذاته وسبعة آلاف للخيل منصباً رفيعاً وجعله من أهل الحل
العقد فلبث بدهلي زماناً صالحاً وكان يلازم فرخ سير آناء الليل والنهار ويشير عليه بخلاف قطب
الملك وأمير الأمراء فطلبا منه أن يبعثه إلى أقطاع فولاه فرخ سير على إيالة عظيم آباد فسار إليها
ومكث بها زماناً قليلاً ثم ورد دهلي فلم يلتفت إليه فرخ سير فتقرب إلى قطب الملك ثم إلى اعتماد
الدولة محمد أمين السمرقندي فبعثه إلى بنجاب ولما قتل فرخ سير جاء إلى دهلي فولاه قطب الملك
الصدارة العظمى فاستقل بها مدة حياته ومات في أيام محمد شاه، كما في مآثر الأمراء.
مولانا عبد الله الملتاني
الشيخ العالم عبد الله الحنفي الملتاني أحد كبار المذكرين، قدم دهلي في عهد فرخ سير بن عظيم
الشأن سلطان الهند وتعاهد الوعظ والتذكير في كل جمعة في الجامع الكبير بمدينة دهلي فحصل له
القبول العظيم، وكان شديد النكير على الإمامية أنكر على جعفر بن قاسم الدهلوي وكان يستمع الغناء
ويغني لديه الأبيات في حمد الله سبحانه وفي مدح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومدح أهل بيته،
فاحتسب عليه عبد الله واتهمه بالرفض وأنكر عليه، ولما كان أصحاب جعفر يضعون جباههم على
الأرض ويقبلونها بين يديه تعظيماً له قال: إنها سجدة وهي لا تجوز لغير الله سبحانه فأجابه جعفر:
إنهم يشاهدون الله سبحانه فيسجدون له، وتبرأ من الرفض بأن المغنين لا يحفظون غير منقبة الأئمة
فإن كانوا يحفظون غيرها مما يشتمل على مدح الصحابة لأمرتهم أن يغنوا بها، وإني أكره أن أمنعهم
من مدح أهل البيت، وعبد الله كان ينكر عليه في تذكيره في كل أسبوع يوم الجمعة، فهم بعض الناس
أن يسطوا بجعفر ويهينوه فدفعهم عنه أصحابه وأرادوا أن يقتلوهم وحصلت بها هنالك ضوضاء وقتل
وثنى في ذلك النزاع، فاجتمع العلماء واستغاثوا إلى السلطان فاستفتى السلطان شريعة خان قاضي
قضاة الهند فأجابه بأن جعفر صحيح العقيدة وأن ما يقول عبد الله غير ثابت ولكن المناسب لدفع
الفساد أن ينتقل جعفر عن مكانه، فأشار إليه صنوه نواب خان دوران خان أن ينتقل إلى حظيرة
الشيخ نظام الدين البدايوني وأمر عبد الله أن يذهب إلى الملتان وأنجح حاجته، فسار عبد الله إلى
الملتان وجادل بها عقيدت خان في أمور فأخذه عقيدت خان وبعثه إلى دار الملك فحبسوه وكان في
السجن إلى عهد السادة، كما في منتخب اللباب.(6/757)
مولانا عبد القادر البهاري
الشيخ العالم المحدث عبد المقتدر بن عبد النبي الحنفي البهاري أحد العلماء المبرزين في الفقه
والحديث، قرأ العلم على والده وأخذ الحديث عنه وهو أخذ عن الشيخ عبد الرزاق عن الشيخ يسين
المحدث الحسيني ثم إنه أخذ الحديث عن الشيخ نور الحق بن عبد الحق البخاري الدهلوي، وأخذ عنه
ابن أخيه محمد عتيق بن عبد السميع البهاري.
المفتي عبد المؤمن الكشميري
الشيخ العالم الفقيه المفتي عبد المؤمن بن أحسن الله الحنفي الكشميري كان من طائفة البج، ولد ونشأ
بكشمير وقرأ العلم على عبد الله بن محمد فاضل اليسوي والشيخ عبد السلام الحاج القلندر وولي
الإفتاء بكشمير في أيام كريم داد خان، مات سنة سبع وتسعين ومائة وألف، كما في روضة الأبرار.
ملا عبد المؤمن الدهلوي
الشيخ الفاضل عبد المؤمن بن ولي محمد الحنفي الدهلوي المشهور بملا دوبيازه كان من نوادر
عصره في معرفة اللغة التركية والمحاضرة، له أتراك عالمكيري كتاب في اللغة، وله ألنامه بفتح
الهمزة وسكون اللام والمراد له ال التعريف قد بين فيه معاني المصطلحات العرفية على رأيه وخلط
الجد بالهزل، وكان رجلاً ماهراً بالعلوم العقلية نشيطاً بشوشاً حسن المحاضرة لطيف المعاشرة طيب
النفس سليم الذهن يحبه الأمراء ويشتهون مصاحبته لا سيما آصف جاه وكانت وفاته بقرية هنديا من
أرض مالوه.
ومن فوائده في ألنامه:
الخدا: خوان يغما. الرسول: خير خواه دشمنان. البادشاه: كاهل زمان. الوزير: هدف تير آه
بيجاركان. النواب: مجموعة تغافل. البيكم: فساد در برده. الكوتوال: نمونة ملك الموت. القاضي:
ميخ در كل، المفتي: نوشت هر جه كفتي. الوكيل: مجتهد دروغ. الزيارة: بهانه كاه فسق. المجاور:
مكس بي حيا. البرعيب: كم روزكار. الكدخدا: طوق دو شاخه در كلو. الطبيب: بيك أجل. البيمار:
تختة مشق حكيمان. الفلاكت: نتيجة كدخدائي. الشاعر: دزد سخن. الأفغان: تودة جهالت. النامراد:
اميدوار فردا. الرشوة: دستكير درماندها. حقوق والدين: سر انجام ماتم. الناخلف: داستان كوي
بدران. الناقابل: مناقشة ميراث با برادران. المردود: مهمان بعد از سه روز. الكمياب: خدمتكار
اراده فهم. الرسوم: كرفتاري أولاد. الإيمان: مبلغ در كيسه. الكهزيال: بيش عمر. الزمستان: بيني
بدتر از كوره. التابستان: خاية از آلت دراز.
الشيخ عبد النبي السيام جوراسي
الشيخ العارف الكبير عبد النبي النقشبندي المجمع على ولايته وجلالته، كان له قدم راسخة في تربية
السالكين على الطريقة الأحسنية النقشبندية وكعب عال في السلوك بالمسترشدين إلى حيث تندرج
النهاية في البداية، وله مكتوب لطيف في السلوك نقله الشيخ ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي في
الانتباه في سلاسل أولياء الله، وله شرح على فصوص الحكم وما كان قرأ شيئاً من العلوم العربية
ولكن الله سبحانه فتح عليه أبواب العلم والمعرفة، ذكره وجيه الدين أشرف اللكهنوي في بحر زخار
وقال: إنه كان من طائفة كهتري بتشديد الفوقية هم أبناء الملوك من كفار الهنود، أسلم على يد الشيخ
عبد الوهاب القادري ولازمه مدة وأخذ عنه ثم صحب الشيخ عبد الله السلطانبوري وكان ممن أخذ
عن الشيخ محمد شريف الشاه آبادي عن الشيخ آدم بن إسماعيل البنوري ولما سافر عبد الله إلى
الحجاز لازم صاحبه محمد طاهر العالمبوري وأخذ عنه، وله شرح على فصوص الحكم وعلى غير
ذلك من الكتب ومكاتيب في السلوك والتصوف، انتهى.
الشيخ عبد النبي الكشميري
الشيخ الفاضل عبد النبي الكشميري المشهور محتوى خان كان من أهل الفضل والصلاح شديد
التصلب في الدين شديد الخصومة لكفار الهند، قام بالأمر سنة إحدى وثلاثين ومائة وألف بكشمير
واجتمع لديه كثير من أهل الإسلام فأمر القضاة والولاة أن(6/758)
ينفذوا أحكام الشرع ويمنعوا الهندو عن
الركوب على الأفراس وعن لبس الدروع والأسلحة وعن إعلان رسوم الكفر والشرك وغير ذلك، فلما
رأى أنهم لا يقدرون على ذلك قام بجمع من المسلمين فأخذ الهندوا وقتلهم ونهب أموالهم ثم دخل
المسجد وجلس فيه للأمر وعزل الولاة بمشهد من الناس وأخذ الأمر بيده واستقل بالملك ونصب الولاة
والقضاة من تلقائه، فلما بلغ ذلك محمد شاه سلطان الهند وعناية الله خان الذي كان والياً في كشمير
وكان بدهلي عند السلطان وينوب عنه مير أحمد خان بعث إلى كشمير مؤمن خان النجم الثاني نيابة
عنه فسافر إلى كشمير ولما كاد يدخل بها انطلق عبد النبي إلى خواجه عبد الله الكشميري وأمره أن
يستقبل مؤمن خان ويجىء به إلى البلدة بترحيب وإكرام، فأشار عليه عبد الله أن يدخل على مير
شاهنواز خان البخشي أولاً ويعتذر لديه ثم يبعث جماعة لاستقبال نائب الوالي فدخل عليه فدبروا
عليه الحيلة وقتلوه، كما في مآثر الأمراء وكان ذلك يوم الأربعاء لتسع بقين من ذي القعدة سنة اثنتين
وثلاثين ومائة وألف، كما في تاريخ كشمير.
مولانا عبد النبي الهندي
الشيخ الفاضل عبد النبي بن آدم الحنفي الهندي أحد العلماء الصالحين، وجدت بخطه الشمائل
للترمذي كتبه لابنيه عبد الرؤف وعبد الحميد وفرغ من كتابته سنة 1118 هـ والكتاب مكتوب بخط
جميل عجيب مجدول ومملوء بالحواشي النادرة واللطائف الغريبة من شرح ملا عصام وغيره.
القاضي عبد النبي الأحمد نكري
الشيخ الفاضل القاضي عبد النبي بن عبد الرسول بن أبي محمد بن عبد الوارث العثماني الأحمد
نكري أحد العلماء المشهورين، ولد ونشأ بأحمد نكر وقرأ المختصرات على أبيه وبعد وفاته على عبد
الله الأحمد نكري وسيد بخش الحسيني الكرماني الخير آبادي ثم سافر إلى كجرات وقرأ الحاشية
القديمة وغيرها من الكتب الدرسية على الشيخ قطب الدين العثماني الكجراتي وأكثرها على الشيخ
محمد محسن ابن عبد الرحمن الصديقي الكجراتي ولازمه مدة حتى صار أبدع أبناء العصر في النحو
والمنطق وولي القضاء بأحمد نكر وكان يدرس ويفيد، أخذ عنه خلق كثير.
ومن مصنفاته جامع الغموض ومنبع الفيوض شرح بسيط على كافية ابن الحاجب ودستور العلماء
في إصطلاحات العلوم والفنون في أربعة مجلدات وحاشية بسيطة على شرح التهذيب لليزدي وحاشية
على مير زاهد ملا جلال وحاشية دستور المبتدى في الصرف وحاشية على خلاصة الحساب للعاملي
وحاشية على أصول الحسامي وحاشية على المطول وحاشية على شرح العقائد للتفتازاني وحاشية
على حاشية الخيالي على شرح العقائد وحاشية على الرشيدية شرح الشريفية في آداب البحث، وله
الأنموذج المسمى بالتحقيقات وله سيف المبتدين في قتل المفرورين لم نعثر على سنة وفاته، وقد تم
تأليف كتابه دستور العلماء في سنة 1183 هـ.
السيد عبد الواحد البلكرامي
الشيخ الفاضل عبد الواحد بن محمد خليل بن محمد أعظم بن محمود الحسيني الواسطي البلكرامي
أحد العلماء الصالحين، ولد ببلكرام سنة خمس وتسعين وألف وقرأ العلم على السيد طفيل محمد
الأترولوي وعلى غيره من العلماء وحفظ الشاطبي في القراءة وقصر همته على مطالعة الكتب
وكتابتها وتلاوة القرآن وعبادة الله سبحانه، وكان ورعاً تقياً متعبداً يحترز عن المشتبهات والصغائر
فضلاً عن الكبائر، توفي يوم الأربعاء لسبع بقين من رمضان سنة إحدى وستين ومائة وألف، كما في
مآثر الكرام.
الشيخ عبد الواحد الكجراتي
الشيخ الصالح عبد الواحد الحنفي الكجراتي أحد عباد الله الصالحين، جمع بين الفضل وصلاح
الطريقة وشهامة النفس وصلابة في الدين، وقع مع أهل بلدته من الهنود قلاقل وزلازل في سنة
خمس وعشرين ومائة وألف فسافر إلى دهلي للاستغاثة فحبسه راجه رتن جند(6/759)
الوثني ديوان قطب
الملك فلبث في السجن زماناً، وأطلق من الأسر فرجع إلى أحمد آباد، كما في مرآة أحمدي.
الشيخ عبد الولي السورتي
الشيخ الفاضل عبد الولي بن سعد الله بن عبد الشكور الحسيني السلوني البريلوي ثم السورتي أحد
الأفاضل المشهورين في عصره، ولد بمدينة سورت حين تدير بها والده بعد رجوعه من الحرمين
الشريفين وكان والده سبط الشيخ بير محمد السلوني بفتح السين المهملة وسكون اللام بلدة من أعمال
رائي بريلي، تلقى العلم عن أبيه ولازمه ملازمة طويلة وفاق أقرانه في المنطق والحكمة والشعر،
أخذ عنه الشيخ محمد صادق التتوي وخلق كثير، ذكره مير غلام علي آزاد الحسيني البلكرامي في
سرو آزاد وأثنى على براعته في العلوم، وله ديوان شعر، منها قوله بالفارسية:
خدا نا كرده كر صياد از دامم رها سازد اسير حلقه بر كرد سر كرديدنش كردم
مات بحيدر آباد لست عشرة خلون من رجب سنة تسع وثمانين ومائة وألف فدفن بدائرة المير مؤمن
الأستر آبادي.
مولانا عبد الولي الكشميري
الشيخ العالم المحدث عبد الولي الطرخاني الكشميري أحد العلماء الربانيين، ولد ببلدة طرخان من
أعمال تركستان وتلقى العلم في بلاده ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار وأخذ الحديث عن
الشيخ أبي الحسن السندي شارح الصحاح الستة، ثم دخل الهند وسكن بكشمير، أسند عليه الشيخ قوام
الدين محمد الكشميري وخلق آخرون، توفي سنة إحدى وسبعين ومائة وألف، كما في تذكرة علماء
الهند.
مير عبد الوهاب المنور آبادي
الشيخ العالم الصالح عبد الوهاب بن هاشم الحسيني الحنفي المنور آبادي كان من كبار الفقهاء
الحنفية، لم يزل يشتغل بالحديث والقرآن تدريساً وتحقيقاً، انتفع به كثير من الناس وأخذوا عنه، مات
في سنة ثلاث وخمسين ومائة وألف وقد نيف على الثمانين كما في حدائق الحنفية، وف تذكرة العلماء
إنه مات سنة اثنتين وخمسين ومائة وألف.
مولانا عبد الهادي البلكرامي
الشيخ الفاضل عبد الهادي بن عبد الواحد بن طيب بن عبد الواحد الحسيني الواسطي البلكرامي أحد
كبار العلماء، ولد ونشأ ببلكرام وقرأ صغار الكتب على السيد إسماعيل البلكرامي ثم سافر للعلم وقرأ
بعض الكتب الدرسية على السيد قطب الدين الحسيني الشمس آبادي وبعض الكتب على الشيخ قطب
الدين ابن عبد الحليم السهالوي، ثم ذهب إلى معسكر الملك الكبير عالمكير فولاه لخدمة في إيالة إله
آباد وأعطاه قرية بندكي بكسر الموحدة وسكون النون والدال المهملة فاستقام عليها زماناً ثم اعتزل
عنها ورجع إلى بلدته بلكرام وعكف على الدرس والإفادة وكان على قدم أسلافه، توفي لعشر بقين من
ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين ومائة وألف، كما في مآثر الكرام.
الشيخ عبد الهادي الأمروهوي
الشيخ الصالح عبد الهادي بن محمد بن عبد السميع القرشي الصديقي الأمروهوي أحد المشايخ
الجشتية، ولد ونشأ بأمروهه وأخذ العلم والمعرفة عن الشيخ عضد الدين محمد بن الحامد الزينبي
ولازمه مدة من الزمان ثم تولى الشياخة، أخذ عنه عبد الباري بن ظهور الله الأمروهوي وخلق
آخرون، مات يوم الجمعة لأربع خلون من رمضان سنة تسعين ومائة وألف فدفن بأمروهه، كما في
أنوار العارفين.
السيد عبد الهادي العظيم آبادي
الشيخ الفاضل عبد الهادي العظيم آبادي كان من العلماء المبرزين في العلوم العربية والعروض
والشعر، ولد بجهانكير نكر ذهاكه ونشأ بدهلي، وقرأ العلم بها على أساتذة عصره، ثم أقبل على
الشعر وفاق أقرانه في ذلك فاستخدمه هداية الله خان العظيم آبادي وجعله معلماً لأبنائه وبعثه إلى
عظيم آباد فلبث بها مدة طويلة(6/760)
ثم استصحبه صولت جنك إلى مدينة بورنيه فصاحبه سبع سنين وكان
عند وجيهاً مقتدراً ولما مات صولت جنك اغتم بموته شديداً فمات في ذلك اليوم، وله ديوان شعر
يتلقب فيه بروشن، مات لخمس بقين من جمادى الأولى سنة تسع وستين ومائة وألف، كما في سير
المتأخرين.
القاضي عبيد الله الدهلوي
الأمير الفاضل عبيد الله بن القاضي عبد الله الخراساني ثم الدهلوي كان من الرجال المعروفين
بالفضل والكمال، ولي الصدارة بدهلي في أيام محمد شاه الدهلوي بعد صنوه شريعة الله خان في ثاني
ذي القعدة سنة ست وخمسين ومائة وألف واستقل بها زماناً، أدركه المفتي ولي الله بن أحمد علي
الحسيني بمدينة فرخ آباد قدمها في عهد نواب غالب جنك وخرج منها بعد وفاته، قال المفتي ولي الله
المذكور في تاريخ فرخ آباد: إنه كان عالماً فاضلاً، له تبيان المنطق شرح ميزان المنطق وله شرح
على رسالة الشيخ عبد الحق ابن سيف الدين البخاري الدهلوي في المنطق.
الشيخ عبيد الله البارهوي
الشيخ الصالح عبيد الله بن محمد بن محمد بن أبي الفضل البارهوي البهلتي أحد الرجال المعروفين،
ولد ونشأ بقرية بهلت وأخذ عن والده وسافر للحج والزيارة مع ولده محمد عاشق وابن أخته الشيخ
ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي سنة ثلاث وأربعين ومائة وألف فحج وزار وأسند الحديث عن
الشيخ أبي طاهر محمد بن إبراهيم الكردي المدني وعن غيره من العلماء ثم رجع إلى الهند سنة
خمس وأربعين ومائة وألف، أخذ عنه ولده محمد عاشق.
الشيخ عتيق الله الجالندري
الشيخ الفاضل عتيق الله بن فاضل بن مصطفى بن عثمان بن الله بخش بن قاسم بن إسماعيل بن
إبراهيم الحسيني البلخي السرهندي ثم الجالندري كان من العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، يرجع نسبه إلى زيد بن علي بن الحسين السبط عليه وعلى جده السلام، ولد ونشأ بجالندر
وأخذ الطريقة عن الشيخ أبي المعالي بن محمد أشرف الحسيني الأنبهلوي، توفي في شهر شعبان سنة
إحدى وثلاثين ومائة وألف، كما في خزينة الأصفياء.
القاضي عثمان أحمد البلكرامي
الشيخ العالم الفقيه القاضي عثمان أحمد بن القاضي إحسان الله العثماني البلكرامي أحد الرجال
المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ ببلكرام واشتغل بالعلم على بير محمد بن محمد فاضل
الحسيني القنوجي أربع سنين ثم سافر إلى سنديله وقرأ بعض الكتب الدرسية على عبد الله بن زين
العابدين الحسيني وبعضها على دين محمد بن وجيه الدين السنديلوي ثم ذهب إلى ملاوه وقرأ على
مولانا محمد عظيم الملانوي كبار الكتب الدرسية وقرأ عليه تفسير البيضاوي والصحيحين ثم أسند
الحديث عنه ورجع إلى بلدته، كما في شرائف عثماني.
مولانا عزيز الله العظيم آبادي
الشيخ الفاضل عزيز الله بن المبارك العظيم آبادي أحد العلماء المبرزين في المعقول والمنقول، سار
إلى دار الملك دهلي فوظف له وصار معدوداً في أساتذة نواب زيب النساء بيكم بنت عالمكير، وكان
شاعراً، له أبيات رائقة بالفارسية منها قوله:
ساقي خوش جشم ما را مونس مجلس كند از نكاهش بزم را كلدستة مجلس كند
مولانا عزيز الله اللكهنوي
الشيخ العالم الصالح عزيز الله بن محمد ولي بن غلام مصطفى بن محمد أسعد ابن قطب الدين
الأنصاري السهالوي ثم اللكهنوي كان من العلماء العاملين وعباد الله الصالحين، ولد في الرابع عشر
من شعبان سنة سبع وستين ومائة وألف بمدينة لكهنؤ ونشأ بها وقرأ العلم على أبيه ثم أخذ الطريقة
النقشبندية عن الشيخ حفيظ الله حين ورد لكهنؤ ثم سافر إلى سورت وأخذ عن شيخ شيخه المحدث
خير الدين السورتي ولازمه زماناً، توفي لأربع بقين من جمادى(6/761)
الأولى سنة إحدى وتسعين ومائة
وألف، كما في بحر زخار.
مولوي عسكر علي السنديلوي
الشيخ الفاضل عسكر علي بن حمد الله بن شكر الله الصديقي السنديلوي أحد الأفاضل المشهورين
في عصره، ولد ونشأ ببلدة سنديله وقرأ العلم على والده وسافر إلى دهلي وتقرب إلى أبي المنصور
خان صفدر جنك فقربه إلى أحمد شاه الدهلوي فلقبه خير الله خان ومنحه قرى عديدة في بلاد أوده
لتأسيس مدرسة وبنائها فرجع وأسس مدرسة عظيمة ببلدة سنديله في سنة ست ومائة وألف وسماها
المنصورية مات في أواخر القرن الثاني عشر، كما في تذكرة علماء الهند.
مولانا عشق حسين الكروي
الشيخ الفاضل عشق حسين الكروي أحد الرجال المعروفين بالفضل والذكاء، ولد ونشأ بمدينة كزه
وقرأ العلم بها حيث أمكنه، ثم سافر إلى بلاد أخرى وأخذ عن الشيخ كمال الدين بن محمد دولة
الأنصاري الفتحبوري ثم دخل فرخ آباد في عهد نواب غالب جنك ونزل بها في بيت الحكيم سيف
الله خان ولبث زماناً ثم رجع إلى بلدته ومات بها، كما في تاريخ فرخ آباد.
الشيخ عصمة الله اللاهوري
الشيخ العالم الصالح عصمة الله بن برخوردار بن محمد بن العلاء اللاهوري أحد المشايخ القادرية،
ولد ونشأ بلاهور وقرأ العلم على الشيخ محمد تقي اللاهوري وأخذ الطريقة عن الشيخ رحيم داد
والشيخ بير محمد والشيخ عبد الرحمن وخلق آخرين من أصحاب جده محمد بن العلاء ثم تولى
الشياخة، وكان صاحب كشوف وكرامات، توفى لإثنتي عشرة خلون من رجب سنة سبع وثلاثين
ومائة وألفن كما في خزينة الأصفياء.
القاضي عصمة الله اللكهنوي
الشيخ الفاضل عصمة الله بن عبد القادر العمري اللكهنوي، كان أكبر أبناء والده، ولد ونشأ ببلدة
لكهنؤ وقرأ العلم على والده وعلى المفتي وجيه الدين الكوباموي ثم أخذ الطريقة عن الشيخ بير محمد
السلوني ثم تقرب إلى عالمكير بن شاهجهان سلطان الهند وولي على مراد آباد فاستقل بها زماناً ثم
نقل إلى غيرها من البلاد.
كان ذا سخاء وإيثار وكرم، أعطى العلماء والمشايخ مائة ألف فدادين من الأرض الخراجية وسبع
قرى من أقطاعه وكان يطعم كل يوم مائتي نفس من طلبة العلم وفي رمضان يطعم كل يوم ألف رجل
من مطبخه وكان من مصنفي الفتاوي الهندية توفي لإثنتي عشرة خلون من رجب سنة ثلاث عشرة
ومائة وألف على ساحل نربده حين قفوله عن بلاد الدكن وله سبع وستون سنة، كما في بحر زخار.
مولانا عصمة الله السهارنبوري
الشيخ الفاضل الكبير عصمة الله بن محمد أعظم بن عبد الرسول الحنفي السهارنبوري أحد الأفاضل
المشهورين في بلاد الهند، ولد ونشأ بمدينة سهارنبور وقرأ العلم وحقق الأصول والفروع والعربية
والمعاني والبيان والهيئة والهندسة والحساب وفنوناً أخر، وله مصنفات كلها مقبولة عند العلماء، وكان
مكفوف البصر، مكشوف البصيرة يدرس ويفيد ويصنف ويفتي.
ومن مصنفاته حاشية على شرح الكافية للجامي في النحو وشرح بسيط على تشريح الأفلاك للعاملي
في الهيئة وشرح على خلاصة الحساب للعاملي المذكور صنفه سنة 1086 هـ مفيد ممتع، وله رسالة
في حرمة الغناء والمزامير أولها: سبحانك اللهم أرنا حقائق الأشياء كما هي ولا تجعلنا من الناس من
يشتري لهو الحديث والملاهي إلخ، صنفها سنة 1089 هـ تسع وثمانين وألف، ورتبها على مقدمة
وسبعة فصول وخاتمة، المقدمة في معنى الغناء وتعيين المبحث، والفصل الأول في الآيات الدالة
على حرمة الغناء والمزامير، والثاني في الأحاديث الدالة على حرمته، والثالث في أقوال المجتهدين
الدالة عليها، الرابع في أقوال الصوفية الدالة عليها، الخامس في حرمة الرقص، السادس في الأجوبة
عن الأحاديث التي(6/762)
تمسك بها المبيحون، السابع في سبب اشتهار إباحة الغناء بين المتصوفة، الخاتمة
في الرد على أهل الغناء والرقص بلسان الحقيقة بعد الرد عليهم بلسان الشريعة - وهذه الرسالة
موجودة عندي.
ومن مصنفاته كتاب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صنفه سنة إحدى وتسعين وألف سنة
1091 هـ، وسماه رقيب باب المعروف والمنكر وهو مرتب على مقدمة وفصول وخاتمة، أما المقدمة
ففي تعريف الأمر والنهي، وأما الفصول فثلاثة منها في الآيات والأحاديث الدالة على وجوب الأمر
والنهي، والرابع في أركان الأمر والنهي، والخامس في الرد على الذين اتخذوا ترك تعرض الخلق
وإيذائهم طريقة لهم، والسادس في أمر الأمراء والسلاطين، والسابع في الولاية والحكومة وشرائطها،
وأما الخاتمة ففي سيرة الخلفاء الراشدين وغيرهم، رضي الله عنهم وعنا أجمعين، أوله: الحمد لله
الذي يأمرنا بالعدل والإحسان إلخ.
توفي سنة ثلاث وثلاثين ومائة وألف، كما في تبصرة الناظرين للسيد محمد البلكرامي.
مولانا عصمة الله العظيم آبادي
الشيخ الفاضل عصمة الله اللهكبوري السارني ثم العظيم آبادي أحد المشايخ القادرية، كان من نسل
عثمان بن عفان الأموي رضي الله عنه، قرأ العلم على السيد محمد وارث الحسيني البنارسي ثم أخذ
عنه الطريقة ولازمه زماناً حتى نال حظاً وافراً من العلم والمعرفة فسار إلى عظيم آباد وتصدر بها
للدرس والإفادة، كما في تذكرة الكرام.
الشيخ عطاء الله الكنتوري
الشيخ الصالح عطاء الله بن محمد شريف بن تاج محمود الحسيني المداري الكنتوري أحد المشايخ
المشهورين في عصره أخذ عن الشيخ بير محمد السلوني وعن غيره من المشايخ، والخرقة المدارية
حصلت له عن أبيه عن جده وهلم جراً إلى السيد محمود المدقق الكنتوري، مات لثمان بقين من ذي
القعدة في نيف ومائة وألف، كما في بحر زخار.
الشيخ عطاء الله الدهلوي
الشيخ العالم الفقيه عطاء الله بن الحسن الحسين النارنولي ثم الدهلوي أحد المشايخ المشهورين،
انتقل والده حسن رسول نما من نارنول إلى دهلي وتدير بها وكان عطاء الله ثالث أبناء والده، كما
في بحر زخار.
الحكيم عطاء الله الأكبر آبادي
الشيخ الفاضل الحكيم عطاء الله الأكبر آبادي أحد كبار العلماء في العلوم الحكمية، أخذ عنه السيد
حمزة بن آل محمد الحسيني المارهروي والحكيم سناء الله والحكيم أحسن الله بن سناء الله وخلق
آخرون، مات لسبع ليال بقين من صفر سنة تسع وخمسين ومائة وألف وله سبع وتسعون سنة كما
في كاشف الأستار.
مير عظمة الله الحسيني البلكرامي
الشيخ العارف عظمة الله بن لطف الله الحسيني الواسطي البلكرامي أحد الشعراء المفلقين، ولد ونشأ
ببلكرام وتأدب على والده وتفنن في الفضائل عليه وعلى غيره من العلماء والمشايخ، له كتاب بسيط
في قصص الأنبياء، وله كرامي نامه وسفينة سنجر في تذكرة شعراء الفرس، وله ديوان شعر وأبياته
تقارب سبعة آلاف، منها قوله:
كسي زهر دوجهان وكسي زخويش رود نميري تو اكر اين جنين جنان بكذر
وله:
رندي داند كه بيرون أمدن از خويش جبست زاهد ار جرأت كند از خانقاه آيد برون
وله:
مرا بر مسند جم مي نشانند إلهي بر سر آن كو نشينم
توفي يوم الإثنين لست ليال بقين من ذي القعدة سنة اثنتين وأربعين ومائة وألف بدهلي فدفن بها،
كما في سرو آزاد.(6/763)
السيد علي معصوم الدستكي
السيد الشريف علي بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن سلام الله بن مسعود بن محمد بن
غياث الدين منصور الشيعي الدستكي الشيرازي ثم المدني كان من أهل بيت العلم والشياخة، يصل
نسبه إلى جعفر بن زيد بن علي بن الحسين السبط عليه وعلى جده السلام، ولد ليلة السبت الخامس
عشر من جمادى الأولى سنة اثنتين وخمسين وألف بالمدينة المنورة ونشأ بها وقدم إلى والده بالديار
الهندية في سنة ثمان وستين وألف، وأخذ النحو والبيان والحساب والفقه عن الشيخ محمد بن علي
الحشري العاملي وصحبه مدة من الزمان وتخرج عليه في النظم والنثر، وأخذ الحديث عن الشيخ
جعفر بن كمال الدين الشيعي البحراني حين وفد على والده بحيدر آباد، ثم لما مات عبد الله قطب شاه
صاحب حيدر آباد تولى المملكة ختنه أبو الحسن طرقت والده النكباء من طرفه وقبض عليه وحبس
إلى أن مات في سنة ست وثمانين وألف - في قصة يطول شرحها - وأراد الشر بأولاده فكاتب علي
بن أحمد المعصوم إلى عالمكير بن شاهجهان سلطان الهند سراً، فبعث عالمكير رسالة إلى أبي الحسن
وأمره أن يبعث علياً مع عياله إليه، فامتثل أمره فذهب علي إلى برهانبور وكان السلطان بها حينئذ
فالتفت إليه السلطان وأعطاه ألفاً وخمسمائة لذاته وثلاثمائة للخيل منصباً فلازم ركابه وجاء إلى
أورنك آباد، ولما خرج السلطان إلى أحمد نكر جعله حارساً لأورنك آباد ثم ولاه على ماهور من
أعمال برار ثم ولاه ديوان الخراج ببلاد برهانبور فاستقل به زماناً، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين
ومنها إلى العراق وزار المشاهد ثم ذهب إلى شيراز واعتزل بالمدرسة المنصورية لجده غياث الدين
المنصور ولم يزل بها إلى أن مات.
له مصنفات عديدة أشهرها أنوار الربيع في أنواع البديع ورياض السالكين شرح الصحيفة الكاملة
لسيد الساجدين وسلافة العصر في محاسن أهل العصر والحدائق الندية شرح الفوائد الصمدية والكلم
الطيب والغيث الصيب في الأذكار والأدعية وسلوة الغريب في غرائب البحار وعجائب الجزائر
والدرجات الرفيعة وديوان الشعر العربي، ومن شعره قوله: في مدح سيدنا علي رضي الله عنه.
أمير المؤمنين فدتك نفسي لنا من شأنك العجب العجاب
تولاك الأولى سعدوا وفازوا وناواك الذين شقوا فخابوا
ولم علم الورى ما أنت اضحوا لوجهك ساجدين ولم يحابوا
يمين الله لو كشف المغطى ووجه الله لو رفع الحجاب
خفيت عن العيون وأنت شمس سمعت عن أن يجللها السحاب
وليس على الصباح إذا تجلى ولم يبصره أعمى العين عاب
لسر ما دعاك أبا تراب محمد النبي المستطاب
وكان لكل من هو من تراب إليك وأنت علته انتساب
فلولا أنت لم يخلق سماء ولولا أنت لم يخلق تراب
توفي سنة سبع عشرة ومائة وألف.
الشيخ علي بن عبد الله الحضرمي
الشيخ الكبير علي بن عبد الله بن أحمد بن الحسين بن عبد الله بن شيخ ابن عبد الله بن شيخ بن عبد
الله بن أبي بكر العيدروس الشافعي الحضرمي كان من المشايخ المشهورين، ولد بتريم سنة خمس
وأربعين وألف وقرأ العلم بها على أساتذة عصره ثم قدم الهند وسكن بمدينة سورت، وكان صاحب
المقامات العلية والكرامات الجلية، توفي لسبع عشرة خلون من شوال سنة إحدى وثلاثين ومائة وألف
بمدينة سورت فدفن(6/764)
بها، كما في الحديقة الأحمدية.
الشيخ علي بن محمد الحضرمي
الشيخ الصالح علي بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد العيدورس الشافعي الحضرمي
زين العابدين الهندي السورتي كان من المشايخ المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بتريم وقدم
الهند وتزوج بابنة الشيخ عبد القادر بن أحمد بن عبد القادر بن عبد الله بن شيخ بن عبد القادر
الحضرمي وسكن بمدينة سورت وتولى الشياخة بها في زاوية جده الكبير محمد بن عبد الله
العيدروس وحصل له القبول عند أهل البلدة والوجاهة العظيمة عند الأمراء، توفي لتسع خلون من
ربيع الأول سنة تسع وخمسين ومائة وألف بمدينة سورت، كما في الحديقة.
الشيخ علي بن محمد الحضرمي السورتي
الشيخ صالح علي بن محمد بن عبد الله بن علي بن عبد الله الشافعي الحضرمي السورتي أحد
المشايخ المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بمدينة سورت وتولى الشياخة بها بعد أبيه ثم رحل
إلى الحجاز للحج والزيارة، ومات بالمدينة المنورة لسبع عشرة خلون من ربيع الثاني سنة ثلاث
وتسعين ومائة وألف، كما في الحديقة.
الشيخ علي بن يوسف الرفاعي
الشيخ الصالح علي بن يوسف بن عبد الرحيم بن محمد الحسيني الرفاعي أحد المشايخ المعروفي
بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بمدينة سورت وتفقه على أبيه وأعمامه وأخذ الطريقة عن السيد عمر
الحموي عن مصطفى عن ياسين عن عبد الرزاق عن إبراهيم عن عبد الرزاق عن شرف الدين عن
جلال الدين عن شهاب الدين أحمد عن عبد الله عن شمس الدين عن شهاب الدين أحمد عن قاسم عن
عبد الباسط عن شهاب الدين عباس أحمد عن بدر الدين حسن عن شهاب الدين يحيى عن أحمد عن
أبي نصر محمد عن أبي بكر عبد الرزاق عن أبيه الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله وكان يعرف
بمستان.
مات ليلة الجمعة لخمس بقين من شعبان سنة أربع وسبعين ومائة وألف بسورت، كما في مهر
جهانتاب.
الشيخ علي الواعظ السورتي
الشيخ الفاضل علي الواعظ الحسيني السورتي أحد العلماء المذكرين، كان يعظ الناس بمدينة سورت
في عهد نواب تيغ بيك وكان لا يهاب في الأمر والنهي أحداً من الأمراء، قتله المهدوية سنة ثمان
وأربعين ومائة وألف بسورت، كما في الحديقة الأحمدية.
الشيخ علي القادري الكوكني
الشيخ الفاضل علي القادري الكوكني كان من النوائط وهو غير ملا على ابن سلطان القاري المكي،
له مصنفات فائقة، ذكره محمد باقر المدراسي في النفحة العنبرية وقال: من هذا القوم منهل فيض
الباري مولانا الشيخ على القاري المشهور بملا علي القاري الكوكني وهو غير الملا علي القاري
الحنفي والمتأخر عنه، ومن مآثره البهية الشرح العربي على الغوثية وجدته في غاية التهذيب
والإتقان وقد بسط الكلام بالعلم والعرفان والذوق والوجدان والحجة والبرهان، انتهى ما في تاريخ
النوائط.
الشيخ علي أصغر القنوجي
الشيخ العالم الكبير العلامة علي أصغر بن عبد الصمد البكري القنوجي كان من ذرية الشيخ عماد
الدين الكرماني صاحب الفصول العمادية، ينتهي نسبه إلى سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه،
ولد بقنوج سنة إحدى وخمسين وألف ونشأ بها وقرأ المختصرات على السيد محمد الحسيني القنوجي
وقرأ سائر الكتب الدرسية على مولانا عصمة الله السهارنبوري ومولانا محمد زمان الكاكوروي
ونواب ديانة خان وقرأ فاتحة الفراغ عند العلامة لطف الله الكوروي، ثم لازم الشيخ بير محمد بن
أولياء الجشتي اللكهنوي وأخذ عنه الطريقة وجلس في الأربعينات ونال الخلافة منه ثم رجع إلى
قنوج واعتزل عن الناس ولازم بيته عاكفاً على الدرس والإفادة.
له مصنفات عديدة منها اللطائف العلية في المعارف(6/765)
الإلهية على طريق فصوص الحكم ومنها
تبصرة المدارج في السلوك جمع فيه ما استفاده من شيخه بير محمد ومنها القصيدة المهيمنية في
النفحة المحمدية وشرحها المسمى بالنفائس العلية في كشف أسرار المهيمنيه ومنها تفسير القرآن
الكريم المسمى بثواقب التنزيل مختصر على نهج تفسير الجلالين لكن أحسن منه في البلاغة والمتانة
وله شرح نفيس على فصوص الحكم لإبن عربي وله رياض المعارف مزدوجة في الحقائق
والمعارف وله غير ذلك من الكتب والرسائل، كما في تاريخ فرخ آباد للمفتي ولي الله.
قال البلكرامي في مآثر الكرام: إنه درس ستين سنة، بلغ خلق كثير في حوزة درسه إلى منتهى
الفضيلة أدركت صحبته مراراً ووجدته رجلاً مقدساً، توفي لخمس عشرة خلون من شعبان سنة
أربعين ومائة وألف، كما في تاريخ فرخ آباد.
الشيخ علي رضا السرهندي
الشيخ الكبير علي رضا العمري السرهندي أحد المشايخ الجشتية أخذ الطريقة عن الشيخ يحيى بن
محمود بن محمد الجشتي الكجراتي وسكن بأحمد آباد وكان شيخاً وقوراً عظيم الهيئة، تذكر له كشوف
وكرامات، توفي لتسع بقين ذي القعدة سنة اثنتين وأربعين ومائة وألف بأحمد آباد، كما في مرآة
أحمدي.
مرزا علي قلي الداغستاني
الأمير الفاضل علي قلي بن محمد علي بن مهر علي بن صفي قلي العباسي الداغستاني نواب علي
قلي خان المتلقب في الشعر بالواله، ولد بمدينة أصفهان في شهر صفر سنة أربع وعشرين ومائة
وألف ونشأ بها، وقرأ العلم على أساتذة عصره وقدم الهند في الفتنة النادرية سنة أربع وأربعين ومائة
وألف فتقرب إلى محمد شاه الدهلوي فأعطاه أربعة آلاف لذاته وألفين للخيل منصباً ومنحه الخدمة
الملوكية فتدرج إلى الإمارة حتى صار منصبه سبعة آلاف، وله رياض الشعر كتاب حافل في تذكرة
شعراء الفرس وله ديوان شعر، ومن شعره قوله:
جو شمع قصة شوقم بانتها نرسيد دميد صبح ومرابا توكفتكو باقيست
مات سنة سبعين ومائة وألف، كما في خزانة عامره.
مرزا علي محمد الكجراتي
الشيخ الفاضل علي محمد بن محمد علي الكجراتي أحد الأفاضل المشهورين في معرفة السير
والتاريخ، له مرآة أحمدي كتاب بسيط في تاريخ كجرات وكان صاحب ديوان الخراج في تلك البلاد،
مات بأحمد آباد سنة أربع وسبعين ومائة وألف، كما في محبوب الألباب.
نواب علي محمد خان الكليهري
الأمير الكبير نواب علي محمد خان الكليهري أحد الرجال المعروفين بالعقل والدهاء والسياسة، ولد
بقرية بانكولي من أعمال بريلي والتقطه داود بعد القتل والنهب في تلك القرية وتبناه فتربى في مهده
وتعلم الفنون الحربية وقرأ الكتب الدرسية إلى السلم والزاهدين على أساتذة عصره، ولما توفي داود
اتفق الناس عليه فولوه عليهم فصار يقتفي آثار داود في القتل والنهب حتى قويت شكوته وقبض على
بعض العمالات وسكن ببلدة آنوله وكان رجلاً شجاعاً مقداماً باسلاً ذا جرأة ونجدة وله ميل عظيم إلى
معالي الأمور، توفي سنة اثنتين وستين ومائة وألف ببلدة آنوله فدفن بها، كما في يادكار انتخاب.
القاضي عليم الله الكجندوي
الشيخ الفاضل الكبير عليم الله بن بده بن معروف الحنفي القدوائي الكجندوي كان جده معروف ابن
بنت الشيخ جمشيد الراجكيري، انتقل من أرض أوده إلى راجكير ثم ولي القضاء بكجندو فسكن بها
وكجندو بفتح الكاف العربية والجيم الفارسية وسكون النون والدال المهملة قرية على شاطىء نهر
كنك على جانب آخر من راجكير بينها وبين بلكرام أربعة أميال، كما في شرائف عثماني، وأما
القاضي عليم الله فإنه ولد بكجندو ونشأ بها وسافر للعلم فقرأ(6/766)
على القاضي حبيب الله السنديلوي أياماً
ثم أخذ عن العلامة لطف الله الكوروي ولازمه مدة وقرأ عليه فاتحة الفراغ ثم إلى رجع كجندو
واشتغل بالدرس والإفادة ومهمات القضاء مدة طويلة، ثم عزل وسافر إلى إقليم الدكن وأدرك بها
عالمكير بن شاهجهان الدهلوي سلطان الهند فتقرب إليه وافتتن السلطان بأخلاقه الزكية فولاه القضاء
ثانياً وأعطاه قرية في ناحية بانكر مؤ وأعطاه مائة دينار عند الرخصة فعاد إلى وطنه وصرف عمره
بالعبادة والإفادة، أخذ عنه خلق كثير، توفي سنة عشرة ومائة وألف بكجندو فنقل جسده إلى راجكير
فدفن عند جده جمشيد، كما في مآثر الكرام.
مولانا عليم الله اللاهوري
الشيخ الفاضل عليم الله بن عبد الرشيد العباسي الحنفي النقشبندي اللاهوري المهاجر إلى دمشق
الشام والمدفون بها، ذكره محمد خليل المرادي في سلك الدرر قال: كان شيخاً عالماً محققاً مدققاً
فاضلاً عارفاً صوفياً له اليد الطولى في العلوم والتحقيق من منطوقها ومفهومها مع المعارف الإلهية
بشوشاً متواضعاً حسن الأخلاق معتقداً عند الخاص والعام تقياً صالحاً ناجحاً فالحاً سالكاً مسلك السادة
على قدم الصدق والعبادة، قرأ على المشايخ الأجلاء في الهند كالشيخ نصر الحق القادري قرأ عليه
النحو والصرف وبعض المنطق ومنهم الشيخ أبو الفتح محمد فاضل القادري فإنه لازم دروسه مدة
تزيد على سبع سنين واستفاد من علومه وحصلت له بركاته ومنهم الشيخ محمد أفضل شاه بوري
المنطقي قرأ عليه العلوم العقلية كالمنطق والفلسفة كشرح الشمسية للقطب الرازي وحاشية السيد
الشريف الجرجاني وحاشية الملا عبد الحكيم السيالكوثي وشرح التهذيب للمولى جلال الدين الدواني
مع حاشية السيد زاهد الهروي ومنهم الشيخ عبد الكريم الأويسي قرأ عليه المثنوي المعنوي، وله
مشايخ غيرهم في بلاد الهند.
ولما حج زار النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمع الحديث وأصوله على الشيخ محمد حياة السندي وقدم
دمشق ثم ارتحل إلى قسطنطينية ومنها عاد إلى دمشق واستقام متوطناً بها في تكية بمحلة القماحين
بالقرب من باب السريجة وكانت أهالي دمشق وغيرها يعتقدون فيه الخير ويحترمونه ويجتمعون
عنده وكانت مجالسه كلها حسنة ممتزجة بالآداب والفضائل وإليه تورد أرباب المعارف والآمال
والكمل من الناس مع ما يبديه من اللطائف ويورده من الفضائل العلمية وغيرها، وكان يسمع الآلات
فكانت تضرب في حضرته مع الإنشاد وقد سئل عن حكم سماع الآلات فأجاب بقوله: إنها لا تحدث
شيئاً جديداً في القلب وإنما تحرك ما كان كامناً فيه، وكان يقرىء ويدرس في المكان المذكور وولي
بدمشق تولية المدرسة القميرية ويختلي في كل سنة أربعين يوماً في جمع حافل في مقام الأربعين في
جبل قاسيون بالصالحية، وكانت له حفدة ومريدون كثيرون وأخذ عنه أناس لا يحصون عدداً
وبالجملة فقد كان أحد الأخيار العارفين المحققين، وكانت وفاته في دمشق سنة ست وسبعين ومائة
وألف ودفن في التكية المزبورة، انتهى.
المفتي عليم الله الكوباموي
الشيخ العالم الفقيه عليم الله بن عبيد الله بن عيسى بن آدم الشهابي الصديقي الكوباموي أحد العلماء
الأعلام، ولد لثمان عشرة خلون من رجب وأخذ عن أبيه وولي الافتاء بعده ببلدة كوبامؤ، مات لأربع
عشرة خلون من ذي الحجة سنة ثلاث ومائة وألف.
خواجه عماد الدين البهلواروي
الشيخ الصالح عماد الدين بن برهان الدين الهاشمي الجعفري البهلواروي أحد المشايخ القلندرية، ولد
سنة خمس وسبعين وألف بيهلواري وقرأ بها بعض الكتب الدرسية ثم سافر إلى دهلي ثم إلى لاهور،
وأخذ العلوم المتعارفة عن الأساتذة، وأخذ الحديث عن تلامذة المفتي نور الحق بن عبد الحق البخاري
الدهلوي، وأخذ الطريقة القلندرية عن الشيخ محمد فاضل الحسيني السادهوروي ولازمه اثنى عشرة
سنة، ثم جاء إلى بهلواري سنة أربع ومائة وألف وانقطع إلى الزهد والعبادة، أخذ عنه الشيخ مجيب
الله بن ظهور الله الجعفري البهلواروي وجمع كثير، توفي لعشر بقين من جمادى الأولى سنة أربع
وعشرين ومائة وألف ببهلواري، كما في حديقة الأزهار.(6/767)
مير عناية الله الكشميري
الأمير الفاضل عناية الله بن شكر الله الحسيني النيسابوري الكشميري نواب عناية الله خان
العالمكيري كان من نسل السيد جمال الدين النيسابوري ووالدته مريم كانت من الصالحات القانتات،
حفظت زيب النساء بيكم بنت عالمكير بن شاهجهان عليها القرآن الكريم وتأدبت عليها، فتقرب عناية
الله إلى عالمكير وصار مشرفاً على جواهر خانه ثم صار قهرمانه وهكذا تدرج إلى الإمارة وتقرب
إلى السلطان وصار معتمداً لدي بحيث لا يتصور فوقهن وولي على كشمير في أيام شاه عالم بن
عالمكير لعله سنة ثلاث وعشرين ومائة وألف وعزل عنها في أيام فرخ سير لعله سنة أربع وعشرين
ومائة وألف فسافر إلى الحجاز وحج وزار ورجع إلى الهند فولي على ديوان الخراج في الخالصة
الشريفة وصار منصبه أربعة آلاف لذاته وألفين للخيل وولي على كشمير مرة ثانية فبعث مير أحمد
خان إلى كشمير وجعله نائباً عنه في الولاية على تلك البلاد وأقام بنفسه في دهلي متولياً ديوان
الخراج، وولي الوزارة الجليلة في أيام محمد شاه نيابة عن الوزير اعتماد الدولة فاستقل بها إلى
رجوع آصف جاء من حيدر آباد الدكن ثم ناب عنه في الوزارة وولي على كشمير مرة ثالثة سنة
ست وثلاثين ومائة وألف.
كان فاضلاً بارعاً في الإنشاء والترسل حسن الهيئة متين الديانة صالحاً تقياً، جمع توقيعات السلطان
عالمكير في مجموع وسماه أحكام عالمكيري وجمع مراسلاته في مجموع وسماه كلمات طيبات، توفي
سنة سبع وثلاثين ومائة وألف وقيل تسع وثلاثين، كما في مآثر الأمراء.
السيد عناية الله البلكرامي
الشيخ الفاضل عناية الله بن عبد الستار بن حاتم بن بدر الدين الحسيني الواسطي البلكرامي أحد
الفقهاء الحنفية، حفظ القرآن وقرأ العلم على إسماعيل ابن قطب الحسيني البلكرامي وبرع في الفقه
والطب، قال البلكرامي: إنه كان علماً مفرداً في استخراج المسائل الفقهية لم يزل يتطبب ويفتي
ويشتغل بمطالعة الكتب والدواوين انتهت إليه رئاسة الفتيا، توفي سنة عشرين ومائة وألف، كما في
مآثر الكرام.
الشيخ عناية الله البلكرامي
الشيخ الفاضل عناية الله بن عبد الكريم الحنفي الصديقي البلكرامي أحد العلماء الصالحين، ولد ونشأ
ببلكرام وحفظ القرآن وتعلم الكتابة واللغات المروجة في الهند من العربية والفارسية وسنسكرت
وبهاكا ومهر في نغمات الهند وفي صنعة الكتابة على الأقلام السبعة ثم أخذ الطريقة عن الشيخ أحمد
ابن محمد الحسيني الترمذي الكالبوي، وكان بديع زمانه في العلوم والفنون، له شرح لطيف على
رباعيات السحابي النجفي مات في العقد الثاني بعد المائة والألف، كما في مآثر الكرام.
الشيخ عناية الله السندي
الشيخ الكبير عناية الله بن فضل الله التتوي السندي أحد العلماء المبرزين في المعقول والمنقول، قرأ
العلم على مولانا أحمد بن إسحاق التتوي السندي، وقرأ عليه مولانا ضياء الدين بن إبراهيم التتوي
والشيخ محمد معين بن محمد أمين السندي صاحب دراسات اللبيب وخلق كثير من العلماء، توفي سنة
أربع عشرة ومائة وألف بأرض السند، كما في تحفة الكرام.
الشيخ عناية الله السندي
الشيخ الصالح عناية الله بن فضل الله بن شهاب الدين الصوفي السندي كان أصله من قرية نصرية
من أعمال بتوره، ساح إلى بلاد الهند والدكن وأدرك الشيخ عبد الملك في أرض الدكن فلازمه مدة
وأخذ عنه الطريقة ثم رحل إلى دهلي وقرأ العلم على الشيخ غلام محمد الدهلوي ثم رجع إلى تته
وسكن بميرانبور وحصل له القبول العظيم فحسده بعض أبناء المشايخ فقتلوه، وكان شيخاً جليلاً
وقوراً تذكر له كشوف وكرامات، توف سنة ثلاثين ومائة وألف بميرانبور فدفن بها، كما في تحفة
الكرام.
السيد عناية الله البالابوري
الشيخ العالم الفقيه عناية الله بن محمد إله داد بن(6/768)
موسى بن ظهير الدين الحسيني الخجندي
البالابوري أحد المشايخ النقشبندية، أخذ الطريقة عن الشيخ أبي المظفر البرهانبوري عن الشيخ محمد
معصوم بن أحمد السرهندي وسكن ببالابور على أربعة منازل من برهانبور وقصر همته على العبادة
والإفادة مع الصدق والعفاف والتوكل والاستغناء عن الناس، أخذ عنه ولده منيب الله والشيخ محمد
صادق المتوفي سنة 1127 هـ وخلق آخرون، له عناية الواصلين في النوافل والأدعية، توفي سنة
سبع عشرة ومائة وألف ببالابور، كما في سبحة المرجان.
الحكيم عناية الله الكشميري
الشيخ الفاضل عناية الله بن محمد شريف الحكيم الكشميري أحد الأفاضل المشهورين في عصره، له
اليد الطولى في الصناعة الطبية وكان مرزوق القبول، توفي سنة خمس وعشرين ومائة وألف
بكشمير، كما في خزينة الأصفياء.
الشيخ عناية الله الكشميري
الشيخ العالم المحدث عناية الله الحنفي الكشميري أحد العلماء المبرزين في المعقول والمنقول، ولد
ونشأ بكشمير وقرأ العلم على مولانا أبي الفتح ومولانا عبد الرشيد وأبناء الشيخ حيدر بن فيروز
الجرخي وعلى غيرهم من العلماء وصار بارعاً في العلوم رأساً في الفقه والحديث، قرىء عليه
صحيح البخاري ستاً وثلاثين مرة وكان يقرأ المثنوي المعنوي في غاية الذوق والحلاوة، مات في
شهر رمضان سنة خمس وعشرين ومائة وألف، كما في حدائق الحنفية.
الشيخ عناية الله اللاهوري
الشيخ العالم الفقيه عناية الله الحنفي اللاهوري أحد الفقهاء المشهورين في عصره، له مصنفات
كثيرة منها حاشية بسيطة على شرح الوقاية تسمى بغاية الحواشي وله شرح بسيط على كنز الدقائق
المسمى بملتقط الحقائق ذهب فيه إلى سنية الاشارة بالسبابة في التشهد، وله رسالة في هبة الطاعات
من الصوم والصلاة وغيرهما وله تنقيح المرام في مبحث الوجود صنفه سنة 1110 هـ، قال العلامة
عبد الحي بن عبد الحليم اللكهنوي في مقدمة عمدة الرعاية إنه طالع حاشيته المسماة بغاية الحواشي
فإنها في مجلدين وهي مشتملة على فروع كثيرة، مات سنة إحدى وأربعين ومائة وألف.
الشيخ عيسى بن سيف الدين السرهندي
الشيخ الفاضل عيسى بن سيف الدين بن محمد معصوم العمري السرهندي أحد العلماء الصالحين،
ولد ونشأ في مهد العلم والمشيخة وبرز في كثير من الفضائل، مات سنة خمسين ومائة وألف، كما في
الجواهر العلوية.
حرف الغين
نواب غازي الدين خان السمرقندي
الأمير الكبير شهاب الدين بن عابد بن عالم شيخ الصديقي السمرقندي نواب غازي الدين خان بهادر
فيروز جنك خانخانان سبه سالار كان من الأمراء المشهورين بأرض الهند، ولد ونشأ بسمرقند وقرأ
العلم على السيد أوغلان الخراساني وعلى غيره من العلماء ثم تقرب إلى سبحان قلي خان ولبث عنده
زماناً وقدم الهند سنة تسع وسبعين وألف فدخل في الجندية وتدرج إلى الإمارة بمساعية الجميلة في
الحروب وتقرب إلى عالمكير بن شاهجهان الدهلوي سلطان الهند فولاه على العرض المكرر ولقبه
غازي الدين خان بهادر سنة أربع وتسعين وألف، وكان اسمه شهاب الدين، ولقبه فيروز جنك سنة
خمس وتسعين وأضاف في منصبه غير مرة حتى صار سبعة آلاف لذاته وسبعة آلاف للخيل، وكف
بصره سنة تسع وتسعين ولكنه كان مع ذلك يجتهد في المعارك العظيمة ويرجع حائزاً بالفتح والظفر
ولذلك لقبه عالمكير سبه سالار سنة خمس عشرة ومائة وألف، ولما مات عالمكير ولاه ولده شاه عالم
بن عالمكير على بلاد كجرات فمات بها.
كان من كبار الأمراء، لم يكن في زمانه مثله في الحزم والشجاعة والكرم وغير ذلك من الأخلاق
الزكية، سخر البلاد الكثيرة بتدبيره وفتح القلاع الحصينة المتينة بشجاعته، وكان يحبه عالمكير حباً
شديداً(6/769)
ويخاطبه بالولد الرشيد، توفي سنة اثنتين وعشرين ومائة وألف بأحمد آباد فنقلوا جسده إلى
دهلي ودفنوه بها، كما في حديقة العالم.
نواب غازي الدين خان الدهلوي
الأمير الكبير غازي الدين بن قمر الدين بن غازي الدين بن عابد بن عالم شيخ الصديقي السمرقندي
نواب غازي الدين خان بهادر فيروز جنك الوزير المشهور كان اسمه محمد باه، ولد ونشأ بأرض
الهند وحفظ القرآن الكريم ثم تفنن بالفضائل على أهلها وتولى الوزارة الجليلة سنة ثلاث وخمسين
ومائة وألف نيابة عن والده واستقل بها بعد وفاة أبيه في عهد أحمد شاه الدهلوي، ولما قتل صنوه
ناصر جنك في بلاد الدكن وكان والياً على ذلك الإقليم سار إلى حيدر آباد ليقوم مقامه فلما وصل إلى
أورنك آباد مات بها فجأة.
كان فاضلاً كريماً متعبداً محباً لأهل العلم، بنى مدرسة عظيمة بدهلي على قبر جده فيروز جنك،
توفي سنة خمس وستين ومائة وألف بأورنك آباد.
الحكيم غريب الله النيوتني
الشيخ الفاضل غريب الله بن محي الدين الحسيني النيوتني ثم الدهلوي أحد الرجال المعروفين في
الصناعة الطبية، قرأ العلم على أساتذة عصره في بلاد أوده ثم سافر إلى دهلي وأخذ الصناعة الطبية
عن الحكيم محمد جعفر الجونبوري الذي كان ينتسب في تلك الصناعة إلى الشيخ محمد المصري
الحكيم الأكبر آبادي ثم سكن بدهلي يداوي الناس في أيام محمد شاه الدهلوي ومات بها، كما في تاريخ
المفتي ولي الله الفرخ آبادي.
نواب غلام أحمد خان
الأمير الفاضل غلام أحمد بن عز الدولة خان عالم بهادر بن عمدة الملك خانجهان العلوي الحسيني
العالمكيري، كان من العلماء المبرزين في الفنون الرياضية، صنف له الشيخ أحمد بن مسعود
الحسيني الهركامي كتابه باهر البرهان شرح نادرة البيان في النحو سنة خمسين ومائة وألف وذكره
في مفتتح كتابه ومدحه كل المدح قال: إنه أعلم علماء الزمان له يد بيضاء في الكرة والأصطرلاب
والهيئة والهندسة والحساب وغيرها من الفنون الرياضية، ومن مصنفاته كتابه قواعد الفرجار
المتناسبة التي لم يطمثها قبله إنس ولا جان ولا يبقى بعده حاجة إلى العلوم الرياضية وكتبها، وإنه
مقنن قوانين الكرة والأصطراب ومحقق ضوابط الهيئة والهندسة والحساب والمدقق المخترع في
الرياضي وفي دقائق العربية كالامام الرازي، انتهى.
الشيخ غلام أخي البلكرامي
الشيخ العالم غلام أخي بن محي الدين بن محمد أمجد العثماني البلكرامي أحد العلماء المبرزين في
الفقه، ولد ونشأ ببلكرام وقرأ العلم بها ثم وفق بالحج والزيارة، له مصنفات منها غنية العلم مجموع
في الفقه والحديث، ومنها ترجمة السراجي في الفرائض، مات سنة إحدى وستين ومائة وألف
ببلكرام، كما في شرائف عثماني.
السيد غلام حسين الأورنك آبادي
الشيخ العالم الفقيه غلام حسين بن شهاب الدين بن محمد إسحاق البغدادي ثم الهندي الأورنك آبادي
أحد المشايخ المشهورين في عصره، كان من ذرية الشيخ الإمام عبد القادر الجيلاني، ولد ببلدة جنير
بفتح الجيم وسافر في صباه إلى كجرات فقرأ العلم على أساتذة عصره ثم لازم الشيخ علي رضا بن
فرخ شاه السرهندي ثم الكجراتي وأخذ عنه ثم قدم أورنك آباد وسكن بها وانقطع إلى الزهد والعبادة،
وكان يقرأ القرآن الكريم كل يوم من أوله إلى آخره ويصلي على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كل يوم
عشرة آلاف مرة ويهلل اثنى عشر ألف مرة ويقرأ صلاة تنجينا ألف مرة ويواظب على غيرها من
الأوراد ولم تفته صلاة قط في جميع عمره.
توفي لليلتين خلتا من جمادى الأولى سنة ست وسبعين ومائة وألف ببلدة أورنك آباد، كما في مجمع
الأبرار.
نواب غلام حسين العظيم آبادي
الأمير الفاضل غلام حسين بن هداية علي بن عليم الله بن فيض الله الحسيني الطباطبائي الدهلوي
ثم(6/770)
العظيم آبادي أحد الرجال المشهورين في التاريخ والسير والأنساب، ولد بدار الملك دهلي سنة
أربعين ومائة وألف، وسافر إلى مرشد آباد مع جدة أمه عند مهابت جنك وهو ابن خمس سنوات
فلبث بها مدة من الزمان ولما ولي مهابت جنك على عظيم آباد جاء والده مع عياله إلى عظيم آباد
وتدير بها ونال المنصب والأقطاع، وكانت جدة أمه عمة مهابت جنك فعاش مدة من الزمان في نعمته
ثم ذهب إلى بورنيه وتقرب إلى صولت جنك وصاحبه سبع سنين ونال حظاً وافراً من عنايته، ثم
سافر إلى دهلي ولكهنو وجنار كده وبلاد أخرى وصرف شطراً من عمره في الظعن والإقامة ثم
اعتزل بحسين آباد بلدة عمرها والده في أقطاعه قريباً من مونكير وله مصنفات عديدة أشهرها سير
المتأخرين في أخبار الهند في مجلدين الأول من عهد الجاهلية إلى أيام عالمكير والثاني من سنة ثمان
عشرة ومائة وألف إلى خمس وتسعين ومائة وألف، وله بشارة الإمامة منظومة في مآثر جدوده، وله
شرح على المثنوي المعنوي مات سنة مائتين وألف ببلدة حسين آباد أخبرني بسنة وفاته علي محمد
الحسيني العظيم آبادي.
الشيخ غلام رشيد الجونبوري
الشيخ الصالح غلام رشيد بن محمد الله بن محمد أرشد بن محمد رشيد العثماني الجونبوري أحد
المشايخ الجشتية، ولد بمدينة جونبور ماتت أمه قبل أن يكمل أسبوعين، مات والده محب الله قبل أن
يبلغ الفطام فتربى في مهد جده محمد أرشد، وقرأ بعض الكتب الدرسية عليه وبعضها على محمد باقر
بن محمد جعفر الحسيني البلنوي وقرأ بعض كتب المنطق والحكمة على أمين الدين بن غياث الدين
الجونبوري وقرأ سائر الكتب الدرسية على صهره محمد جميل بن الجليل البرونوي ثم الجونبوري
وبرز في كثير من العلوم والفنون، وكان صاحب صدق وإخلاص وعفة وزهد وفقر وغناء، لم تفته
الفرائض والنوافل مدة حياته، أخذ الطريقة عن جده المذكور وتولى الشياخة بعده، وله مصنفات كنج
أرشدي مجموع لطيف في ملفوظات جده جمعها شكر الله الديمؤي فرتبها سنة خمس وثلاثين ومائة
وألف، كما في كنج أرشدي توفي يوم السبت لخمس خلون من صفر سنة سبع وستين ومائة وألف
بمدينة جونبور فدفن عند جده، كما في تجلي نور.
القاضي غلام صفي السائنبوري
الشيخ العالم الصالح غلام صفي الحسيني السائنبوري أحد كبار العلماء، ذكره السيد غلام علي
البلكرامي في أنيس المحققين قال: إنه أخذ الطريقة عن الشيخ الكبير أحمد بن محمد الحسيني
الكالبوري، وكان فاضلاً كبيراً، حسن الأخلاق، شديد التعبد، لم يزل يشتغل بتدريس العلوم، وكان
قاضياً بملاوه بتشديد اللام ولد لليلتين خلتا من رجب سنة ستين وألف، ومات في غرة رجب ليلة
الخميس سنة أربعين ومائة وألف.
مولانا غلام علي آزاد البلكرامي
الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة غلام علي بن نوح الحسيني الواسطي البلكرامي أحد العلماء
المشهورين، لم يكن له نظير في زمانه في النحو واللغة والشعر والبديع والتاريخ والسير والأنساب،
ولد يوم الأحد لخمس بقين من صفر سنة عشر ومائة وألف بمحروسة بلكرام ونشأ في مهد العلم
والمشيخة، وقرأ الكتب الدرسية على السيد طفيل محمد الأترولوي، وأخذ اللغة والحديث والسير عن
جده لأمه عبد الجليل بن مير أحمد البلكرامي وسمع منه المسلسل بالأولية وحديث الأسودين التمر
والماء، وأخذ العروض والقافية عن خاله محمد بن عبد الجليل، وأخذ الطريقة عن الشيخ لطف الله
الحسيني البلكرامي، ثم رحل إلى الحجاز فحج وزار سنة إحدى وخمسين ومائة وألف، وقرأ بالمدينة
المنورة صحيح البخاري على الشيخ محمد حياة السندي وأخذ عنه إجازة الصحاح الستة وسائر
مقروءاته، وصحب الشيخ عبد الوهاب الطنطاوي المصري المتوفي سنة سبع وخمسين ومائة وألف
وأخذ عنه فوائد جمة، وعرض عليه لقبه الشعري آزاد فقال: أنت من عتقاء الله تعالى فاستبشر بهذه
الكلمة وأرخ لحجه بلفظ عمل أعظم ورحل إلى الطائف فزار عبد الله بن عباس، ثم رجع إلى الهند
سنة اثنتين وخمسين ومائة وألف وسكن(6/771)
بأورنك آباد وأقام في زاوية الشيخ مسافر الغجدواني عند
الشيخ محمود سبع سنين وحصلت بينه وبين ناصر جنك بن آصف جاه الموافقه فأحبه حباً شديداً كان
لا يدعه في الظعن والإقامة، فلما قام ناصر جنك بالملك مقام والده سنة إحدى وستين ومائة وألف ألح
عليه بقبول منصب الإمارة فأبى وقال: هذه الدنيا مثلها كمثل نهر طالوت غرفة منه حلال والزيادة
عليها حرام.
له مصنفات ممتعة مقبولة، منها ضوء الدراري شرح صحيح البخاري إلى آخر كتاب الزكاة، وقفت
عليه في خزانة السيد نور الحسن بن صديق حسن القنوجي بخط المصنف، وهو شرح ممزوج
بالمتن ملخص من القسطلاني صنفه بالحرمين الشريفين، ومنها سبحة المرجان في آثار هندستان
وهو أشهر مصنفاته، ومنها تسلية الفؤاد في قصائد آزاد بالعربية، ومنها شفاء العليل في المؤاخذات
على المتنبي في ديوانه، ومنها غزلان الهند ومنها سرو آزاد ويد بيضاء وخزانة عامره وهذه
المصنفات الثلاث الأخيرة في أخبار شعراء الفارسية وأشعارهم، ومنها روضة الأولياء وهو في
أخبار بعض المشايخ الجشتية ممن قبورهم بالروضة على ثلاثة أميال من أورنك آباد ومنها مآثر
الكرام في تاريخ بلكرام وهو كتاب مفيد جداً في أخبار المشايخ والعلماء من أهل بلكرام، وقد تعقب
عليه غلام حسين البلكرامي في شرائف عثماني وشنع عليه تشنيعاً بالغاً وكنى عنه بابن نوح، ومنها
الشجرة الطيبة في أنساب السادة من أهل بلكرام أوله: الحمد لله الذي خلق الانسان إلخ، ومنها سند
السعادات في حسن خاتمة السادات ومنها مظهر البركات مزدوجة له في بحر الخفيف على وزن
المثنوي المعنوي مشتملة على سبع عشرة حكاية رأيتها في خزانة السيد نور الحسن المذكور، ومنها
مرآة الجمال قصيدة نونية في وصف أعضاء المعشوقة من الرأس إلى القدم. فيها خمس ومائة بيت،
وله شرح على هذه القصيدة علقه بحيدر آباد، ومنها ديوان شعر له بالفارسي يحمل تسعة آلاف بيت،
ومنها السبعة السيارة وهي دواوينه السبعة فالأول والثاني والثالث منها مجموع لقصائده التي أنشأها
إلى سنة تسع وثمانين ومائة وألف، والرابع منها المردف صنفه لحفيده الأمير حيدر بن نور الحسين
البلكرامي في شهور معدودة من سنة تسعين ومائة وألف وهو مشتمل على نبذة من القصائد الغير
المردفة أيضاً، والرديف عبارة عن كلمة مستقلة فصاعداً تتكرر بعد الروى وبه يتنوع الشعر الفارسي
على أنواع لا تحصى، ولا رديف في شعر العرب وإن تكلف أحد بالترديف لا تظهر له طلاوة مثل
ما تظهر في شعر الفرس، والخامس منها ديوان المستزاد صنفه سنة إحدى وتسعين ومائة وألف،
والمستزاد من مستخرجات العجم، ثم تناوله العرب، وهو كلام موزون يستزاد فيه بعد كل مصراع
من البيت جزءان من بحر المستزاد عليه بشرط الالتيام أو بعد كل بيت إلا البيت المصرع فإنه
يستزاد فيه جزءان بعد الشطر الأول أيضاً كما تراعي فيه القافية، والقسم الأول أوفق بالدوبيت
والقسم الثاني أوفق بالقصيدة، ولا يخفى على الناقد أن تمكين القافية في زيادة المستزاد قلما يوجد مثله
في غيرها فالزيادة فيه كأنها برة في ساق الغادة على أنها تجلب المعاني الرائقة وتجذب الخيالات
الفائقة بخلاف الرديف فإنه يطرد المعاني ويقتل الغواني، والسادس منها ديوان القصائد فيه ألف
وثلاثمائة وأربعين بيتاً وفيه ترجيع أنشأه في شهور معدودة من سنة اثنتين وتسعين وثلاث وتسعين،
والسابع منها في قصائد أنشأها في شهور معدودة من سنة ثلاث وتسعين وأربع وتسعين، وتم الديوان
السابع في محرم سنة أربع وتسعين ومائة وألف، وهذه الدواوين السبعة محفوظة عندي، ولله الحمد،
قال في خطبة الديوان السابع: وهذه الدواوين السبعة سوى مرآة الجمال وهي قصيدة نونية في وصف
أعضاء المعشوقة من الرأس إلى القدم وسوى المزدوجة في بحر الخفيف وهي مشتملة على سبع
عشرة حكاية، وجملة أبياتي بعد إتمام الديوان السابع بلغت عشرة آلاف، انتهى، وقال بعض أصحابه
فيما كتبه في ترجمة آزاد وجعله ديباجة للديوان الرابع: إنه حسان الهند ومداح النبي صلى الله عليه
وسلم أوجد في مدحه معاني كثيرة نادرة لم يتفق مثلها لأحد من الشعراء المفلقين، وأبدع في قصائده
المدحية مخالص لم يبلغ مداها فرد من الفصحاء المتشدقين، وله في التغزل طور خاص يعرفه
أصحاب الفن ومنحه الله قدرة على النظم بحيث ينظم قصيدة(6/772)
كاملة في يوم واحد بل في بعضه على
كيفية يراها الناظرون وكل ما يتوجه إلى النظم تحضر المعاني لدي صفاً صفاً وتتمثل بين يديه فوجاً
فوجاً، وهو قرر نصاب القصيدة في التغزل أحداً وعشرين بيتاً، وهي الدرجة الوسطى التي تريح
الأسماع ولا تمل الطباع، وإنما يميل خاطره إلى النظم في أيام الربيع، وأما في غير هذه الأيام
فيصدر الشعر من قريحته قليلاً لأن الربيع فيه تخضر المراتع وتهتز الطبائع، انتهى، ومن شعره
قوله:
أدرك عليلاً لقاء منك يكفيه وطرفك الناعس الممراض يشفيه
كتمت دائي عن العذال مجتهداً ما كنت أدري نحول الجسم يشفيه
فداوني عن سقام أنت منشأه ونجني من ضرام أنت موريه
لقد ثنى عطفه من مغرم دنف مهفهف ثقل الأرداف يثنيه
رعى الإله سقامي لو يعالج من أحببته بدواء الخمر من فيه
وحبذا العيش لو يمشي على مقلي غصن رطيب من العينين اسقيه
شأن المحب عجيب في صبابته الهجر يقتله والوصل يحييه
لولاه ما شاقه عرف الصبا سحر ولم يكن بارق الظلماء يشجيه
يا جارة هيجت بالنصح لوعته بحق مقلته العبراء خليه
إليك يا رشأ الوعساء معذرة أأنت عن رشأ البطحاء تسليه
لوائمي قطعت أكبادهن متى رأينه في كمال الحسن والتيه
أيا صواحب أكباد مقطعة فذلكن الذي لمتني فيه
إذا رنا فمهاة البيد تشبهه أوماس فالبانة الخضراء تحكيه
وقوله:
برق أضاء من الزوراء يشجيني يا رب ما باله يبكي ويبكيني
أنى لسان يؤدي شكر أنعمه بالماء والنار يرويني ويوريني
هويت حسناء أسعى في إراحتها وتلك في غاية الإيذاء تؤذيني
لا يذهب الغل ماء المزن من كبدي بل ماء ياقوتة اللمياء يرويني
تدور في مقلتي أيام لقيتها هل ما مضى من زمان العمر يأتيني
طيف الذي قتلتني يوم ذي سلم إن جاءني في منام الموت يحييني
لا أبتغي أن تراني ملأ مقلتها لحظ قليل من العينين يكفيني
ما لاح مني قصور في محبتها بأي ذنب وقاها الله تقليني
تكف عني بين الناس مقولها لكنها برموز العين تسليني
إني لشمع قبيل الصبح محتضر ما سرعة الأجل الموعود تبقيني
تبكي وتذكرني بعد الوفاة فهل بكاءها بعد ما ثويت يجديني
مات سنة مائتين وألف ببلدة أورنك آباد فأرخ لوفاته بعض أصحابه من اسمه آه غلام علي آزاد.
الحكيم غلام علي الدهلوي
الشيخ الفاضل غلام علي الحسيني الدهلوي ثم الفرخ آبادي أحد الأطباء الماهرين في العلم والعمل،
كان من نسل الشيخ نور الله الأحراري وينتسب في الصناعة الطبية إلى معتمد الملوك محمد هاشم بن(6/773)
محمد هادي الشيرازي، استقدمه نواب غضنفر جنك من بلدته إلى فرخ آباد فسكن بها عاكفاً على
الدرس والإفادة ومداواة الناس ولم يزل بها حتى مات، كما في تاريخ فرخ آباد.
مولانا غلام فريد المحمد آبادي
الشيخ الفاضل غلام فريد الحنفي المحمد آبادي أحد فحول العلماء، ولد ونشأ بمحمد آباد قرية جامعة
من أعمال أعظم كذه وسافر إلى لكهنو فقرأ الكتب الدرسية على الشيخ نظام الدين بن قطب الدين
السهالوي ثم أخذ الطريقة عنه ورجع إلى بلدته فأقام بها بقناعة وعفاف وتوكل واستغناء عن الناس
واستقامة على الطريقة، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً ويأكل من عمل يده، كما في بحر زخار وفي
تجلي نور: إنه كان شيخاً وقوراً صالحاً تقياً متورعاً لم يتزوج قط، مات بمحمد آباد.
الشيخ غلام الله الهانسوي
الشيخ الفاضل غلام الله الصديقي الهانسوي كان غزنوي الأصل، له أشهر اللغات كتاب في اللغة
جمع فيه اللغات التركية والفارسية والعربية وصنفه في سنة ثلاث عشرة ومائة وألف في أيام
عالمكير، كما في محبوب الألباب.
الشيخ غلام محمد اللكهنوي
الشيخ الصالح المحدث غلام محمد بن خانجهان القدوائي اللكهنوي أحد العلماء الربانيين، ولد ونشأ
على الرشد والسعادة واحتسب على أبيه في شرب الخمر وهو ابن تسع سنوات فتاب والده عنه، ولما
بلغ سن الرشد ذهب إلى معسكر السلطان عالمكير بن شاهجهان الدهلوي ودخل في الخدمات
العسكرية وكان يحتسب على الناس في تلك الحالة أيضاً ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، فلما
سمع عالمكير ذلك عرض عليه قضاء المعسكر فلم يقبله وترك الخدمة العسكرية وذهب إلى سرهند
فأسند الحديث عن الشيخ فرخ شاه بن محمد سعيد السرهندي وأخذ عنه الطريقة ثم رجع إلى لكهنؤ
وأقام بزاوية الشيخ محمود القلندر وصرف عمره بالقناعة والعفاف والتوكل والاستقامة على الطريقة،
وكان الشيخ عبد الرزاق البانسوي يستأنس به وإذا جاء عنده يتقيد بالصلاة ويقول: إنه ليس بغلام
محمد بل هو شرع محمد، مات لثلاث عشرة خلون من صفر سنة ست وثلاثين ومائة وألف، كما في
بحر زخار.
الشيخ غلام محمد الكوباموي
الشيخ العالم المحدث غلام محمد بن غلام أحمد بن خير الدين بن خير الله بن عبد الوالي بن محمد
منور العمري القنوجي ثم الكوباموي كان من كبار العلماء، ولد ونشأ ببلدة كوبامؤ وقرأ العلم على
الشيخ محمد أعلم السنديلوي ثم أخذ الطريقة عن الشيخ قدرة الله المسولوي، وكان شيخه محمد أعلم
يفتخر به ويقول: إن غلام محمد وصلاح الدين كلاهما من نفائس حسناتي في الدنيا والآخرة، ويقول:
إنه ليس لي عمل صالح بعد الشهادتين أثقل من سيئاتي في الميزان يوم القيامة غيرهما، ويقول: إنهما
بضاعتي في الدنيا، كما في تذكرة الأنساب للقاضي مصطفى علي خان الكوباموي، قال القاضي: إنه
ذهب إلى القدس والخليل وتصدر بها للدرس والإفادة وهو اليوم حي يرزق، وكان القاضي صنف
كتابه هذا في سنة 1192 هـ.
مولانا غلام محمد البرهانبوري
الشيخ العالم الكبير العلامة غلام محمد الحنفي الكجراتي ثم البرهانبوري كان من طائفة البواهر، ولد
ونشأ بأحمد آباد واشتغل بالعلم مدة في بلدته على أهلها ثم سافر إلى لكهنو وقرأ الكتب الدرسية على
الشيخ نظام الدين بن قطب الدين السهالوي ولازمه مدة من الزمان ثم سافر إلى دهلي وأدرك بها
الشيخ محمد أنور الكوباموي فاستصحبه محمد أنور إلى برهانبور حين ولي بها وبنى له مدرسة
رفيعة بها وظف لها ستاً وثلاثين ألف ربية في كل سنة فاشتغل بالدرس والإفادة مدة في تلك المدرسة
واستقدم ابنه ولي الله عن أحمد آباد وأقرأه الكتب الدرسية في سبع سنين، فلما دخل آصف جاء مدينة
برهانبور سخط عليه لأنه لم يحضر عنده فقطع الوظيفة المعهودة للمدرسة فشفع له محمد أنور
المذكور وأخذ الإجازة منه لإجراء الوظيفة(6/774)
فطلب نوابه خاتم غلام محمد ليثبتوه على سجل الوصول
حسب جري العادة ولما لم يكن له خاتم استصنع تلميذه محمد فاضل وجاء به فكسره وقال: إني خامل
لا أحتاج إلى الخاتم ثم رخص ابنه ولي الله إلى الحرمين الشريفين، وأوصى في مرض موته أن
يحملوا أثقاله إلى سورت ومات بمدينة برهانبور.
قال الحاج رفيع الدين المرادآبادي في كتابه في أخبار الحرمين الشريفين: إنه كان علماً مفرداً في
التجويد والقراءة متبحراً في العلوم والفنون، استفاض عن الشيخ عبد الرزاق الحسيني البانسوي
فيوضاً كثيرة وأقام بمراد آباد زماناً ثم رحل إلى برهانبور وصرف عمره في نشر العلوم، أخذ عنه
خلق كثير، وكان مع تبحره في العلوم واشتغاله بالدرس والإفادة والقبول العظيم من الناس يشتغل
بالحياكة ويسترزق بها، انتهى، مات في سنة تسع وأربعين ومائة وألف، كما في الحديقة.
الشيخ غلام محمد القدوائي
الشيخ الصالح غلام محمد القدوائي السرسندوي الأودي ثم التتوي الدفين بدهلي كان من كبار
المشايخ، ولد ونشأ بسرسنده بفتح السين المهملة قرية من أعمال لكهنؤ وسافر للعلم إلى بلاد السند
وأخذ عن الشيخ عناية الله التتوي، ثم لازم الشيخ عبد الملك الدكني وأخذ عنه الطريقة، ثم سار إلى
دهلي وسكن بها، وكان صاحب وجد وحالة تذكر له كشوف وكرامات، مات بدهلي لاثنتي عشرة
خلون من رجب سنة اثنتين وخمسين ومائة وألف، كما في بحر زخار.
السيد غلام محمد عمر الشمس آبادي
الشيخ الفاضل غلام محمد عمر الحسيني البخاري الأحمد آبادي ثم الشمس آبادي كان من ذرية
الشيخ جلال الدين حسين البخاري، انتقل جده من أحمد آباد إلى كيل قرية قريبة من شمس آباد ولد
بها غلام محمد عمر ونشأ وقرأ العلم على مولوي محمد عظيم الملاوي، ثم جاء إلى لكهنؤ ولازم
الشيخ نظام الدين ابن قطب الدين السهالوي وأخذ عنه، كما في بحر زخار.
قال الشيخ عبد الأعلى بن عبد العلي اللكهنوي في الرسالة القطبية: إنه قرأ العلم على الشيخ نظام
الدين المذكور وأخذ الطريقة عنه ولازمه حتى برع في العلم والمعرفة، أخذ عنه غير واحد من
العلماء، وكان صاحب كشوف وكرامات، مات ودفن بمدينة بريلي من بلاد روهيلكهند انتهى.
وقال المفتي ولي الله بن أحمد علي الحسيني في تاريخ فرخ آباد: إنه انتقل في آخر عمره إلى بلدة
بريلي وعكف بها على الدرس والإفادة، انتهى.
الشيخ غلام محي الدين السرهندي
الشيخ الفاضل غلام محي الدين السرهندي أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ
بسرهند وانتقل منها إلى بلدة بريلي في أيام رحمة خان أمير تلك الناحية وسكن بها ومات، وقبره في
بلدة بريلي، ومن مصنفاته منظومة في تفسير القرآن الكريم إلى ثمانية عشر جزءاً منه، كما في
تاريخ فرخ آباد.
القاضي غلام مصطفى اللكهنوي
الشيخ الفاضل غلام مصطفى بن محمد أسعد بن قطب الدين الأنصاري السهالوي ثم اللكهنوي أحد
الفقهاء الحنفية، ولد في حياة جده بسهالي ثم انتقل مع أعمامه إلى لكهنؤ ونشأ بها، وقرأ العلم على
عمه نظام الدين بن قطب الدين السهالوي ثم سار للاسترزاق إلى دهلي فولي القضاء في ملاوه بفتح
الميم وتشديد اللام فاشتغل به رغماً للقاضي المعزول فاجتهد المعزول في عزله واسترداد القضاء من
يده فعزل غلام مصطفى، ثم اجتهد غلام مصطفى في ذلك وولي القضاء مرة ثانية بذلك المقام، فجد
المعزول في عزله فنال القضاء مرة أخرى وعزل غلام مصطفى فأراد أن يذهب إلى دهلي ومعه
ولده محمد علي فأمر القاضي رجاله أن يقتلوه فلاقوهما في أثناء الطريق وقتلوهما ظلماً، كما في
الأغصان الأربعة.
القاضي غلام مصطفى الفيروزبوري
الشيخ الفاضل القاضي غلام مصطفى الفيروزبوري الميواتي أحد الرجال المعروفين بالفضل
والصلاح، ولد(6/775)
ونشأ بأرض الهند وتقرب إلى نواب عاقل خان بمدينة دهلي فجعله معلماً لأبنائه فلبث
عنده زماناً، ثم تقرب إلى نواب منعم خان حين كان والياً بلاهور وصاحبه مدة حياته فلما نال منعم
خان الوزارة الجليلة رقاه إلى ذروة الإمارة وأعطاه منصباً رفيعاً، مات بسادهوره قبل وفاة الوزير،
كما في مآثر الأمراء.
الشيخ غلام مصطفى المراد آبادي
الشيخ الفاضل غلام مصطفى الحنفي المراد آبادي أحد الرجال المشهورين، ولد ونشأ بمراد آباد
وقرأ أكثر الكتب الدرسية على الشيخ قطب الدين بن عبد الحليم السهالوي وبعضها على العلامة غلام
نقشبند بن عطاء الله اللكهنوي وأسند الحديث عمن أخذ عن الشيخ عبد الحق بن سيف الدين البخاري
الدهلوي، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ جان محمد الدهلوي ولازمه مدة من الزمان، وكان له يد بيضاء
في الطب والنجوم والشعر والكتابة والفنون الحربية واللغة الهندية والنظر في المرآة حتى أن أحبار
الهنود من البراهمة كانوا يستفيدون منه في تحقيق اللغات الهندية ويخضعون له.
وعلى الجملة فإنه كان نادرة عصره في أكثر العلوم والفنون، صرف شطراً من عمره في معسكر
السلطان عالمكير في بلاد الدكن ثم اعتزل عن الخدمات العسكرية ولزم الانزواء بمدينة ايلجبور
وكان يقول: إني افتتنت برجل في أيام التحصيل فتركت البحث والاشتغال واخترت الإقامة بدياره ثم
اتفق أن قطب الدين بن عبد الحليم السهالوي المذكور ورد تلك القرية فسأل عن، فقالوا: إنه اعتزل
عن الناس فكتب قطب الدين في قرطاس: أطرق كراً أطرق كراً إن النعامة في القرى، وبعث إلي
فلما رأيته ذهبت إليه ولازمته وقرأت عليه الكتب الدرسية، انتهى، وكان يتلقب في الشعر بالانسان
ومن شعره قوله:
هستي شخص وعدم جو آئينه به بيش عالم بمثال عكس بيخويش وبخويش
إنسان بمثل جوجشم عكس است درو آن شخص عيان نموده باك ازكم وبيش
توفي سنة اثنتين وأربعين ومائة وألف ببلدة ايلجبور فدفن بها، كما قي سرو آزاد.
السيد غلام نبي البلكرامي
الشيخ الفاضل غلام نبي بن محمد أرشد بن خضر بن كمال الدين الحسيني الواسطي البلكرامي أحد
العلماء الصالحين، ولد ونشأ ببلكرام وقرأ بعض الكتب الدرسية على بعض تلامذة قطب الدين
الكوباموي ثم تفقه على مولانا أحمد الله ابن صفة الله الخير آبادي، وقرأ عليه بعض العلوم الحكمية
أيضاً ثم لازم العلامة كمال الدين الفتحبوري وقرأ عليه سائر الكتب الدرسية ثم رجع إلى شيخه أحمد
الله وقرأ فاتحة الفراغ، وكان من معاصري السيد غلام علي الحسيني صاحب سبحة المرجان سافر
إلى أورنك آباد ونزل عند صاحب السبحة سنة ثمان وستين ومائة وألف ثم رحل إلى اركاث سنة
تسع وستين ومائة وألف، ذكره غلام علي المذكور في مآثر الكرام.
مولانا غلام نقشبند اللكهنوي
الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة غلام نقشبند بن عطاء الله بن حبيب الله بن أحمد بن ضياء الدين
بن يحيى بن شرف الدين بن نصير الدين بن الحسين العثماني الأصفهاني ثم الكهوسوي اللكهنوي،
قيل يرجع نسبه إلى أبان بن عثمان، وقيل إلى عمر بن عثمان، وكان جده حبيب الله قاضياً بكهوسي،
والشيخ غلام نقشبند كان من كبار الأساتذة لم يكن في زمانه أعلم منه بالنحو واللغة والأشعار وأيام
العرب وما يتعلق بها متوفراً على علوم الحكمة، ولد لإحدى عشرة بقين من ذي الحجة الحرام سنة
إحدى وخمسين وألف بقرية كهوسي وقرأ العلم على مير محمد شفيع بن محمد مقيم الدهلوي وفرغ
من الأخذ والقراءة وله ثماني عشرة سنة، وقرأ على الشيخ بير محمد اللكهنوي شرح الجغميني
والقدوري وشطراً من البيضاوي وقرأ فاتحة الفراغ وله إحدى وعشرون سنة، وأجلسه مير محمد
شفيع المذكور على سجادة شيخه بير محمد فاستقل بها مدة حياته ثم جلس بعده على مسنده ولده أحمد
ثم ولده قطب الهدى، كما في بحر زخار وفي سبحة المرجان: إن شاء عالم بن عالمكير الدهلوي لقبه
بمدينة لكهنؤ وأكرمه غاية الإكرام، اه.(6/776)
وللشيخ غلام نقشبند تفسير ربع القرآن المسمى بالأنوار، وله تفسير على سورة الأعراف ومريم
وطه ومحمد ويوسف والرحمن والنبأ والكوثر والإخلاص وآية النور وآية الأمانة وآية أفحسبتم وآية
لا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً وآية الاستواء، وآية كلوا واشربوا وله تعليقات نفيسة على تلك
التفاسير، وله فرقان الأنوار واللامعة العرشية في مسألة وحدة الوجود، وله شرح القصيدة الخزرجية
في العروض، ومن شعره قوله في مدح شيخ محمد شفيع:
خليلي هل هاتان دارة جلجل ودارة سلمى في قفاف عقنقل
عليها سواري المزن سحت مطيرة فمحت مبانيها محوح المهلهل
أربع الحبيبة صار للوحش موطناً فيا عجباً من صنع دهر محول
أمنزل سلمى هل تفرج غمتي وتكشف عما ظعن ذات التدلل
على أي أرض خيمت ذات هولة تهول بوجه كالضحا متهلل
فمنذ غداة البين قد بت في الهوى بصدر جوى أو بقلب مقتل
أعيني مهلاً عبرة الوجد والجوى أئنكما أزمعتما اليوم مقتلي
وهل ينفع المبكى عيوناً ذوارفاً إذا وجهت سلمى ركاب التبتل
حبيب إذا ما جود الغنج عينها فيا للمهيمن لات حين معول
إذا لمحت من وجهها يوم برقت فما المحي فيه واجد موئل
لها عارض تبريقه غير عارض أسيل صقيل حسنه كالسجنجل
إلام تمينني وفيك تلون وحتام تلهيني بوعد مخيل
مواعيد عرقوب تقرمط بينها كقرمطة النحلان نحل المنول
له همة عليا تنوف على السما ومجد مجيد نيله لم يسهل
بجيل جليل من شفيع كاسمه ومن جده خير الورى خير مرسل
لزهرة زهراء ووردة حيدر ويهزأ خلقاً عطر دار التجمل
لنور به الأفلاك والأرض نورت وتشويد تسويد شرق مكلل
إذا ما هداة الناس عدت فراسهم وهاديهم المقدام من كل أمثل
وبينا سبيل الحق يمشون ظلمة إذا انبلجت شمس هداة فتنجل
معارفه جلت معاليه قد علت أشم جبال يا لفخم مفضل
لديه علوم لا يرام فناءها وأسرار لوح في الأسارير تجتلي
ولم يؤثر الدنيا الدنى نعيمها وينعم عند الله أحسن مفضل
لقد دام بالرحمن حظ شهوده تجني جنا العرفان غير معلل
تجلي له في كل آن تجليا لديه تجلي الطور لم يتجمل
ومن سره قد ذاق يعلول طاهر السرائر منه فهو بالنور ممتلي
شفيعي ليوم الحشر حرزي وموئلي ووجهة قلبي غوث كل موملي
لكل عصام واعتصامي بفضله كفاني قواماً ذات يوم التجلجل
مآثره لا يهدين بعدها ومحصى الحصا محصى الرمال وجندل(6/777)
يطوف حواليه المكارم والعلى طواف حجيج حول بيت مبجل
توفي في آخر رجب، وقيل: جمادى الأولى، سنة ست وعشرين ومائة وألف بمدينة لكهنؤ فدفن بتل
الشيخ بير محمد على شاطىء نهر كومتي.
الشيخ غلام نقشبند البهلواروي
الشيخ الصالح غلام نقشبند بن عماد الدين بن برهان الدين الهاشمي الجعفري البهلواروي أحد
المشايخ الكرام، ولد بقرية بهلواري سنة ست عشرة ومائة وألف ونشأ بها وقرأ الكتب الدرسية كلها
على الشيخ مجيب الله بن ظهور الله الجعفري ثم أخذ الطريقة منه وتزوج بابنتيه واحدة بعد أخرى،
مات في حياة شيخه لثلاث خلون من ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين ومائة وألف، كما في حديقة
الأزهار.
الشيخ غلام نور الأورنك آبادي
الشيخ الفاضل غلام نور بن سعد الله بن أمان الله الحسيني البهاري الأورنك آبادي أحد العلماء
الصالحين، ولد بمدينة أورنك آباد لعشر خلون من محرم سنة تسع وثلاثين ومائة وألف، وقرأ العلم
على صنوه الكبير قطب الدين ولازمه مدة وأخذ عنه الطريقة، ولما مات قطب الدين سنة 1169 هـ
تولى الشياخة مكانه فكان يجرس ويفيد بمدرسة خال أبيه السيد شهاب الدين، أخذ عنه خلق كثير، وله
مصنفات منها حاشية على صدرا وحاشية على مير زاهد أمور عامه وحاشية على مير زاهد ملا
جلال وحاشية على مير زاهد رساله وله غير ذلك من المصنفات، مات يوم الجمعة لثمان بقين من
شوال سنة تسع وثمانين ومائة وألف بأورنك آباد فدفن عند أسلافه، كما في محبوب ذي المنن.
الشيخ غلام يحيى البهاري
الشيخ العالم الكبير العلامة غلام يحيى بن نجم الدين البازهوي البهاري أحد العلماء المبرزين في
المنطق والحكمة، ولد ونشأ بقرية بازه من أعمال بهار وسافر للعلم فقدم سنديله وقرأ الكتب الدرسية
في المدرسة المنصورية على مولانا باب الله الجونبوري، ثم أخذ الطريقة عن الشيخ بدر عالم
الساداموي، ثم تصدر للتدريس بمدينة لكهنو وكتب حاشية دقيقة على مير زاهد رساله وسماها لواء
الهدى في الليل والدجى فتلقاها العلماء بالقبول وأدخلوها في برنامج الدرس.
وكان رحمه الله درس وأفاد زماناً بلكهنؤ ثم سار إلى دهلي وأخذ الطريقة النقشبندية عن الشيخ
جانجانان العلوي الدهلوي ولازمه خمس سنين ثم رجع إلى لكهنؤ وأقام بزاوية الشيخ بير محمد
اللكهنوي بقرب مسجد الشيخ محمود القلندر، قال الشيخ غلام علي الدهلوي في مقامات مظهرية: إن
غلام يحيى أخذ عن بعض المشايخ القادرية ثم وجد في نفسه شيئاً فقدم دهلي وصحب الشيخ
جانجانان الدهلوي ولازمه ستة أشهر ولكنه لم ترد عليه كيفية من الكيفيات الروحانية فزاد في السعي
والجهاد حتى كشف الغطاء ووصل في السير والسلوك إلى التجلي الذاتي الدائمي في خمس سنوات
فاستخلفه الشيخ المذكور فاشتغل بالمراقبة وتلقين الذكر وإشاعة الطريقة وترك الاشتغال بالتدريس
حتى ذهل عن العلوم الحكمية، انتهى.
وقال عبد الحي بن عبد الحليم اللكهنوي في حاشيته على حاشية غلام يحيى: إنه ترك الاشتغال
بالمعقول قاطبة حتى إنه لما عاد إلى لكهنؤ وعرض عليه بعض الطلبة حاشيته على حاشية السيد
الزاهد وسأل عن مشكلاته لم يقدر على حلها، وكان يدرس ويفيد، انتهى، ومن مصنفاته غير ما ذكرنا
حاشية على شرح السلم بحمد الله وكلمة الحق رسالة له في مبحث وحدة الوجود ووحدة الشهود تعقب
فيها على الشيخ ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي في سعيه بالتوفيق بين المكشوفين رد عليه الشيخ
رفيع الدين بن ولي الله الدهلوي في كتابه دمغ الباطل رداً بالغاً.
توفي في ذي القعدة سنة ثمانين ومائة وألف بمدينة لكهنؤ فدفن في زاوية الشيخ بير محمد، كما في
بحر زخار.(6/778)
حرف الفاء
القاضي فتح علي القنوجي
الشيخ الفقيه القاضي فتح علي الحنفي القنوجي أحد العلماء العاملين، كان قاضياً في بلدة قنوج أباً
عن جد، وهو قرأ الكتب الدرسية على الشيخ علي أصغر القنوجي، وحصل المراتب العلمية وفاق
الأقران، وكانت له مناسبة تامة بكل علم وفن، ومن مصنفاته حاشية على مير زاهد ملا جلال
وحاشية على المقامات الحريرية، مات في حدود سنة مائتين وألف، كما في تاريخ فرخ آباد.
الشيخ فتح محمد السيدانوي
الشيخ الفاضل فتح محمد الحسيني السيدانوي أحد كبار العلماء، قدم أحد أسلافه من سبزوار وسكن
بسيدانه بفتح السين المهملة قرية جامعة على ثمانية عشر ميلاً من إله آباد، ولد فتح محمد بسيدانه
وقرأ العلم على أساتذة عصره ثم أخذ الطريقة عن الشيخ إبراهيم بن عبد الحق الحسيني المانكبوري،
ورفض الدنيا وأسبابها ثم تصدر للإرشاد بمدينة إله آباد، له تفسير محمدي كتاب بسيط في تفسير
القرآن الكريم على لسان الحقائق والمعارف، له مجمع الأنوار ومجمع الأسرار وحل المشكلات
رسائل في المعارف الإلهية، توفي يوم الأربعاء لمنتصف رجب سنة ثلاث وأربعين ومائة وألف
وقبره بسيدانه كما في بحر زخار.
مولانا فخر الدين البلكرامي
الشيخ العالم فخر الدين بن بهاء الدين الحنفي البلكرامي أحد الرجال الموصوفين بالفضل والصلاح،
ولد ونشأ بمانكبور واشتغل بالعلم على والده مدة ثم دخل بلكرام وقرأ الكتب الدرسية على مولانا
طفيل محمد بن شكر الله الحسيني الأترولوي، ثم أخذ الطريقة القادرية عن السيد قادري بن ضياء الله
الحسيني البلكرامي جد السيف الشريف مرتضى بن محمد الحسيني الزبيدي صاحب تاج العروس ثم
تصدر للتدريس، أخذ عنه جمع كثير، مات في نيف وأربعين ومائة وألف، كما في مآثر الكرام.
مولانا فخر الدين الدهلوي
الشيخ الفاضل فخر الدين بن عبد الباقي الحكيم الدهلوي كان من العلماء المبرزين في الصناعة
الطبية، ولد ونشأ بدهلي وقرأ العلم على والده وتطبب عليه وتفنن بالفضائل وأقام بدهلي مدة من
الزمان يدرس ويفيد، ثم سافر إلى فرخ آباد وتقرب إلى نواب غالب جنك أمير تلك الناحية فطابت له
الإقامة بها، وكان في أمر العلاج يقتفي آثار الشيخ محمد أكبر بن محمد مقيم الدهلوي المشهور بحكيم
آرزاني مات ودفن بفرخ آباد، كما في تاريخ فرخ آباد للمفتي ولي الله.
مولانا فخر الدين الدهلوي
الشيخ العالم الكبير المحدث فخر الدين بن محب الله بن نور الله بن نور الحق ابن عبد الحق
البخاري الدهلوي، كان ذا علوم متعددة ومصنفات مشهورة، لم يزل يشتغل بالفقه والحديث ويخدمهما
كثيراً مثل آبائه الكرام تصنيفاً وتدريساً، له شرح بسيط على صحيح مسلم بالفارسي وشرح بسيط
كذلك على الحصن الحصين وعين العلم كما في حدائق الحنفية.
مولانا فخر الدين الدهلوي
الشيخ العالم الفقيه الزاهد المجاهد فخر الدين بن نظام الدين الصديقي الشهابي الأورنك آبادي ثم
الدهلوي كان أصله من نكرام قرية جامعة من أعمال لكهنؤ رحل والده في صباه إلى دهلي وقرأ العلم
بها ثم ذهب إلى أورنك آباد وسكن بها وكان يرجع نسبه إلى الشيخ شهاب الدين عمر الصديقي
السهروردي، ولد بأورنك آباد سنة ست وعشرين ومائة وألف واشتغل على والده بالعلم، فما بلغ ست
عشرة سنة توفي والده فانقطع إلى الرياضة واشتغل بها ثمانية أعوام ثم سافر إلى دهلي وهو ابن
خمس وعشرين فدرس وأفاد بها مدة ثم رحل إلى أجمير راجلاً ثم إلى باك بثن وفي ذلك السفر أقام
بلاهور وباني بت وزار المشاهد وأدرك المشايخ ثم رجع إلى دهلي وسكن بها سنة ستين ومائة
وألف، قال وجيه(6/779)
الدين أشرف اللكهنوي في بحر زخار: إني سمعت الشيخ نور الهدى أحد أصحاب
الشيخ فخر الدين كان يقول: إن زيه كان زي الأمراء في بداية حاله والأمراء كانوا يعظمونه غاية
لأجل والده، وكان يشتغل بالله سبحانه في تلك الحالة أيضاً لحسن تربية أبيه ويطالع المثنوي المعنوي
في أكثر الأوقات وكان متردداً في الترك والتجريد ففتح المثنوي تفاؤلاً فإذا هو بهذا البيت:
بند بكسل باش آزاد أي بسر جند باشي بند سيم وبند زر
فتأثر بهذا البيت وقسم أمواله على الفقراء وسافر إلى دهلي وأقام بأجمير برهة من الدهر ثم دخل
دهلي وأخذ الحديث عن الشيخ ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي، ثم سكن بمدرسة غازي الدين خان
والتزم أن يحتظ بصحبة الفقراء وأرباب الدنيا كل من يحضر لديه من الصباح إلى الضحوة ويحتظ
بصحبة العلماء من بعد الظهر إلى غروب الشمس، انتهى.
وكان شيخاً كبيراً عارفاً صاحب وجد وسماع، مغلوب الحالة ذا تواضع مفرط للناس، كان يبدأ
بالسلام ويتحمل أذاهم والناس يسبونه بين يديه ويشتمونه والعلماء يفسقونه ويضللونه وهو يتحمل
ذلك ويظهر البشاشة ويجزي المساءة بالمواساة.
ومن مصنفاته نظام العقائد والرسالة المرحبة وفخر الحسن كتاب أثبت فيه لقاء الحسن بن أبي
الحسن البصري بسيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ورد فيه على شيخ مشايخنا ولي الله بن
عبد الرحيم العمري الدهلوي ورتب تلك الرسالة على أربع مقامات وثلاثة أبواب وخاتمة، أما المقدمة
الأولى ففي أن الحسن ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالمدينة الطيبة
فكان بها إلى أربع عشرة من سنه وقدم البصرة بعد مشهد عثمان بن عفان رضي الله عنه واحتج في
ذلك بما قال ابن الأثير في جامع الأصول والخطيب التبريزي في أسماء رجال المشكاة والمزي في
التهذيب والذهبي في تذهيب التهذيب والمقدمة الثانية أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله
عنه كان بالمدينة الطيبة من حين مير الحسن إلى أن بلغ أربع عشرة سنة بل لم يخرج منها إلا بعد
أربعة أشهر من مبايعته للناس، ذكره القضاعي في تاريخه والديار بكري في الخميس والمقدمة الثالثة
أن السماع في سن التمييز صحيح مقبول سواء بلغ السامع الحلم أم لا، واحتج عليه بما صرح به ابن
الأثير في جامع الأصول والسيوطي في إتمام الدراية والمقدمة الرابعة أن الحسن ثقة مأمون شيخ
شيوخ زمانه وإمام أئمة أوانه عند الأئمة المحدثين الكبار بل عند الصحابة الأبرار وأطال الكلام في
ذلك.
أما الباب الأول ففي إثبات اللقاء واحتج فيه بما قال العراقي في شرح الترمذي عند الكلام على
حديث رفع القلم عن ثلاثة والبخاري في تاريخه الصغير في ترجمة سليمان بن سالم القرشي
وغيرهما: إن الحسن رأى علياً بالمدينة، ثم احتج بما قال الغزالي في الإحياء وأبو طالب المكي في
قوت القلوب: إن الحسن لقي علياً بالبصرة، وقد أطال الكلام في تعظيم مرتبة الغزالي.
والباب الثاني في إثبات سماع الحسن عن علي رضي الله عنه واحتج عليه بما روى المزي في
تهذيب الكمال أنه قال: إني في زمان كما ترى وكان في عمل الحجاج كل شيء أقول قال رسول الله
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلخ، واحتج بما قال الذهبي في
تذهيب التهذيب: إن الحسن روى عن عثمان وعن علي وبما قال علي القاري في شرح النخبة ثم
احتج بسند تلقين الذكر من طريق الحسن وأطال الكلام عليه.
والباب الثالث في الأحاديث واتصالها واحتج عله بما روى عن الحسن عن علي قال: سمعت رسول
الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: رفع القلم عن ثلاثة: عن الصغير حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ
وعن المصاب حتى يكشف عنه، رواها بطرقها المذكورة في المجاميع والمسانيد، ثم قال: إن هذا
الحديث متصل على مذهب الإمام أحمد فإنه معنعن وكل معنعن متصل عنده كالجمهور إذا خلى من
شبهة التدليس وكذا هو متصل على مذهب الترمذي لأنه إما أن يكتفي في الاتصال بالمعاصر
كالجمهور أو يشترط اللقاء كبعضهم وكلاهما ثابت عنده كغيره وكذا هو متصل على مذهب الامام(6/780)
مسلم فإنه يكتفي في الاتصال بالمعاصرة ثم نقل ذلك المبحث كله عن مقدمة صحيح مسلم في عدة
صفحات ثم قال: وكذا هو متصل على مذهب البخاري وسائر النقاد معه لثبوت اللقاء عنده كغيره
وهو الشرط في الاتصال عنده وإنما هو في جامعه لا في أصل الصحة، ثم تكلم على قول قتادة فوالله
ما حدثنا الحسن عن بدري مشافهة وفي هذا الباب وصل، ورد فيه على ابن تيمية في إنكاره باتصال
الخرقة.
والخاتمة في بعض الأحاديث المروية في باب الرقاق، إلخ، مات لسبع خلون من جمادى الآخرة سنة
تسع وتسعين ومائة وألف ببلدة دهلي فدفن بها.
مولانا فخر الدين البردواني
الشيخ الفاضل فخر الدين بن فلان الحنفي البردواني أحد العلماء المبرزين في المنطق والحكمة، ولد
ونشأ بقرية جيلو من أعمال بردوان وسافر للعلم فقرأ الكتب الدرسية على العلامة محمد بركة بن عبد
الرحمن الإله آبادي ثم رجع إلى بلدته وتصدى للدرس والإفادة.
كان زاهداً متوكلاً سخياً باذلاً قسم ما ورث من أبيه على مستحقيه، وكان إذا لحق خدمه مرض أو
عذر آخر يحمل على رأسه الطعام ويذهب به إلى طلبة العلم، ذكره اللكهنوي في بحر زخار وقال:
إن اللورد هستنك الحاكم العام في أرض الهند أراد أن يذهب إليه ويلاقيه فلم يرض به ولم يقبل
عطاياه، توفي سنة تسع وتسعين ومائة وألف.
مولانا فرخ شاه السرهندي
الشيخ العالم الكبير المحدث فرخ شاه بن محمد سعيد بن أحمد بن عبد الأحد العمري السرهندي كان
ثالث أبناء والده وأعلمهم وأكبرهم في الدرس والإفادة، ولد سنة ثمان وثلاثين وألف واشتغل على أبيه
وتفقه وتأدب وتخرج عليه وأخذ عنه معقولاً ومنقولاً ومهر في سائر الفنون لا سيما الفقه والحديث
والتصوف، وكان قوي الحفظ: سريع الإدراك شديد الرغبة في المباحثة، ذا عناية تامة بالحديث،
سافر إلى الحرمين الشريفين فتشرف بالحج والزيارة ورجع إلى الهند وعكف على التدريس، أخذ عنه
خلق كثير من العلماء والمشايخ.
قال محسن بن يحيى الترهتي في اليانع الجني: إنه كان يحفظ سبعين ألف حديث متناً وإسناداً
وجرحاً وتعديلاً ونال منزلة الاجتهاد في الأحكام الفقهية، والله أعلم، ويذكر عنه مع ذلك: أنه كتب
رسالة في المنع عن الإشارة بالمسبحة عند التشهد وهذا يقضي منه العجب، انتهى، وله رسائل في
الفقه والحديث وأخرى في الذب عن جده الإمام المجدد رضي الله عنه، منها القول الفاصل بين الحق
والباطل وكشف الغطاء عن وجوه الخطاء ورسالة في حرمة الغناء ورسالة في العقائد ورسالة في
الحقيقة المحمدية وحاشية على حاشية عبد الحكيم على الخيالي مات لأربع خلون من شوال سنة
اثنتين وعشرين ومائة وألف، كما في تذكرة الأنساب للقاضي ثناء الله رحمه الله.
السيد فريد الدين البلكرامي
الشيخ الفاضل فريد الدين بن معين الدين بن عبد الوهاب الحسيني الواسطي البلكرامي أحد العلماء
المبرزين في الفقه والأصول، ولد ونشأ بمدينة بلكرام واشتغل بالعم من صباه في بلدته ثم سافر إلى
بلاد أخرى وقرأ بعض الكتب الدرسية على الشيخ أحمد بن أبي سعيد الصالحي الأميتهوي وبعضها
على العلامة غلام نقشبند بن عطاء الله اللكهنوي وقرأ فاتحة الفراغ ثم أخذ الطريقة عن الشيخ جنيد
بن عبد الواحد بن شبلي بن سري السقطي بن محمد بن نظام الدين الأميتهوي ورحل إلى الحجاز
صحبة السيد قادري بن ضياء الله البلكرامي فحج وزار ورجع إلى الهند وأقام ببلدة سورت عاكفاً
على الدرس والإفادة، ومات بها في نيف وعشرين ومائة وألف كما في مآثر الكرام.
مولانا فصيح الدين البهلواروي
الشيخ العالم الفقيه فصيح الدين بن أبي يزيد بن محمد فريد بن محمد حسين ابن عطاء الله الهاشمي
الجعفري البهلواروي أحد الفقهاء الحنفية، ولد ونشأ ببهلواري، قرية جامعة من أعمال عظيم آباد،
واشتغل بالعلم مدة على أساتذة بلدته ثم سافر إلى دهلي وأخذ عن الشيخ أحمد بن أبي سعيد الأميتهوي
ثم رجع إلى(6/781)
بلدته وعكف على الدرس والإفادة، كما في حديقة الأزهار وإني سمعت الشيخ سليمان بن
داود البهلواروي كان يقول: إن فصيح الدين قرأ العلم على ملا عوض وجيه السمرقندي، قال: إني
وجدت ذلك في منشور الحكومة، بعث إليه شاء عالم ابن عالمكير الدهلوي، انتهى.
مولانا فصيح الدين القنوجي
الشيخ الفاضل فصيح الدين بن أبي فصيح الحنفي القنوجي كان من الرجال المعروفين بالفضل
والصلاح من نسل القاضي جلال، ولد ونشأ ببلدة قنوج وقرأ العل على أساتذة عصره ثم جعله فخر
الدولة معلماً لولده بدر الدين فلبث عنده بفرخ آباد، ولم يزل بها حتى توفي إلى الله سبحانه، كما في
تاريخ فرخ آباد للمفتي ولي الله، رحمه الله.
قال صديق حسن القنوجي في أبجد العلوم: إنه كان من شيوخ بلدة قنوج ومن علمائها الكاملين،
اشتغل بالدرس والعبادة وبالغ في الإفاضة والإفادة حتى أتاه اليقين ولقي الله تعالى رب العالمين،
انتهى.
الشيخ فضل الله السرهندي
الشيخ الفاضل فضل الله بن إبراهيم بن موسى الحنفي السرهندي أحد العلماء المبرزين في المعارف
الأدبية، ولد ونشأ ببلدة سرهند وقرأ الكتب الدرسية على خاله الشيخ عبد الله بن عبد الحكيم
السيالكوني ولازمه مدة من الزمان وأخذ عنه وصنف شرحاً بسيطاً بالفارسي على المقامات الحريرية
أوله: اللهم منك الايجاد والانشاء وأنت الذي تفعل ما تشاء، إلخ، صنفه سنة تسع وتسعين وألف.
الشيخ الصالح فضل الله بن أحمد بن محمد بن أبي سعيد الحسيني
الترمذي الكالبوي أحد المشايخ المشهورين، ولد ونشأ بكالبي
وتفقه على أبيه وأخذ عنه الطريقة ثم تولى الشياخة، أخذ عنه
السيد بركة الله الحسيني المارهروي وخلق آخرون، مات لأربع
عشرة خلون من ذي القعدة سنة إحدى عشرة مائة وألف،
كما في تاريخ فرخ آباد.
الشيخ فضل الله البرنيوي
الشيخ العالم الفقيه فضل الله بن محمد فاضل بن ركن الدين الحنفي البرنيوي أحد الرجال
الموصوفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ ببرنيه بضم الباء الفارسية بعدها راء مهملة ونون ساكنة
بلدة من أرض بنكاله وقدم جونبور في صغر سنه فقرأ أكثر الكتب الدرسية على الشيخ محمد أرشد
بن محمد رشيد العثماني الجونبوري وبعضها على غيره من العلماء ثم أخذ الطريقة عن الشيخ محمد
أرشد المذكور وبلغ رتبة المشيخة فكتب له الشيخ وثيقة الخلافة ورخصه إلى بلدة برنيه فتزوج بها
وقصر همته على الدرس والإفادة، أخذ عنه غير واحد من العلماء، استشهد يوم الأربعاء لتسع خلون
من رمضان سنة ثمان وعشرين ومائة وألف ببلدته برنيه فدفن بها قريباً من بيته، وكانت له مصنفات
ولكنها ضاعت في تلك الواقعة، كما في كنج أرشدي.
مولانا فضل الله السنديلوي
الشيخ الفاضل فضل الله بن غلام علاء الدين الحسين السنديلوي أحد العلماء الصالحين، ولد ونشأ
بسنديلة وقرأ بعض الكتب الدرسية على الشيخ زين العابدين الحسيني السنديلوي، ثم سافر إلى
كوبامؤ وقرأ على أساتذتها سائر الكتب ورجع إلى بلدته وتصدى للدرس والإفادة، مات في بضع
وتسعين ومائة وألف، كما في تذكرة العلماء.
مولانا فضل الله البهاري
الشيخ الفاضل فضل الله بن أبي الفضل الحنفي البهاري أحد العلماء المبرزين في الفقه والأصول
والعربية، ذكره المفتي ولي الله بن أحمد علي الحسيني في تاريخ فرخ آباد قال: إنه قدم في شبابه إلى
فرخ آباد وقرأ بعض الكتب الدرسية على القاضي محمد مربي الحسيني البهانوي، ثم سافر إلى بلاد
أرخى ولازم دروس العلامة محمد حسن بن غلام مصطفى اللكهنوي وقرأ عليه سائر الكتب الدرسية،
ثم قدم فرخ آباد وتزوج بها بابنة الشيخ كرامة الله الواعظ(6/782)
الدهلوي، وكان قانعاً عفيفاً ديناً يدرس
ويفيد، قرأت عليه بعض الكتب الدرسية من المتوسطات، مات في سنة اثنتين وثمانين ومائة وألف
ببلدى فرخ آباد فدفن بها في بستان إمام خان التاجر الفرخ آبادي.
الشيخ فقير الله اللاهوري
الشيخ الفاضل فقير الله اللاهوري الشاعر المتلقب في الشعر بآقرين كان له يد بيضاء في الإنشاء
وقرض الشعر، له ديوان الشعر بالفارسي ومزدوجة في قصة هير رانجها ومزدوجات أخرى، ذكره
السيد غلام علي آزاد في خزانة عامره وأثنى عليه، ومن شعره قوله:
ديوانكي ومستي از بوئي تو مي خيزد هرفتنه كه مي خيزد از كوئي تو مي خيزد
مات سنة أربع وخمسين ومائة وألف، كما في نتائج الأفكار.
مولانا فقيه الدين الأميثهوي
الشيخ الفاضل فقيه الدين بن صديق الدين الأعظمي الديوي ثم الأميثهوي أحد الرجال المعروفين
بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بديوه وسكن بمدينة أميلهي في خؤولته، وكان فاضلاً شاعراً مجيد
الشرع، له ديوان الشعر الفارسي، منها قوله:
هركه أحوال مراديد كرفتار تو شد سينة جاك من وحلقة دام تو يكيست
مات سنة خمس وتسعين ومائة وألف بأميتهي فدفن بها، كما في رياض عثماني.
السيد فيروز بن الجنيد الجائسي
الشيخ الفاضل الكبير فيروز بن الجنيد بن عبد الرحمن بن الكمال بن الجلال الأشرفي الجائسي كان
من العلماء المبرزين في الفقه والأصول والعربية، يدرس ويفيد ببلدة جائس أخذ عنه خلق كثير، كما
في التحائف الأشرفية.
ملا فيروز بن محبة
الشيخ الفاضل فيروز بن محبة كان من الأفاضل المشهورين، له شرح على سلم العلوم للقاضي
محب الله بن عبد الشكور البهاري، أوله: لك الحمد يا من على الأكوان بأصناف الإحسان إلخ.
خواجه فيض الحسن السورتي
الشيخ الفاضل فيض الحسن بن نور الحسن بن محمد بن أبي الحسن بن جمال الدين الحسيني
السورتي أحد الرجال المعروفين بالفضل والصلاح، ولد سنة ثمان وتسعين وألف بمدينة سورت ونشأ
بها وقرأ العلم على من بها من العلماء وجد في البحث والاشتغال حتى برع أقرانه في الفقه
والأصول، له الفتاوي النقشبندية وشرح خلاصة الكيداني المسمى بفرخشاهي توفي سنة إحدى
وخمسين ومائة وألف بسورت، كما في الحديقة الأحمدية.
حرف القاف
السيد قادري البلكرامي
الشيخ العالم الصالح قادري بن ضياء الله الحسيني الواسطي البلكرامي أحد المشايخ القادرية، ولد
ونشأ بمدينة بلكرام وحفظ القرآن وأخذ القراءة والتجويد والعربية عن والده ثم سافر للعلم وأخذ عن
الشيخ أحمد بن أبي سعيد الصالحي الأميثهوي وقرأ عليه أكثر الكتب الدرسية، ثم لازم العلامة غلام
نقشبند بن عطاء الله اللكهنوي وأخذ عنه، ثم سافر إلى الحرمين الشريفين فحج وزار ثلاث مرات، ثم
ارتحل إلى كربلاء ثم إلى بغداد ووصل إلى ذلك المقام سنة خمس عشرة ومائة وألف وزار المشاهد
المنورة ثم سار نحو حماة الشام وصحب السيد ياسين الحموي صاحب السجادة بها وأخذ عنه الطريقة
القادرية ثم عاد إلى بغداد وسكن بروضة الإمام عبد القادر الجيلاني وأخذ القراءة والتجويد والحديث
عن الشيخ سلطان بن ناصر بن أحمد الخابوري وقرأ عليه الشاطبية وأجازه الشيخ بجميع مقروءاته
ومروياته من الحديث والتفسير والفقه وغير ذلك، وألبسه الخرقة الرفاعية والشاذلية(6/783)
وكتب له السند
فعاد قادري إلى الهند وأقام بمدينة دهلي مدة مديدة يدرس ويفيد بها، ثم جاء إلى بلدته بلكرام واعتزل
عن الناس لا يخرج من بيته إلا للصلوات يؤديها في المسجد الجامع وكان يؤم ويقرأ القرآن بصوت
شجي يأخذ بمجامع القلوب.
مات ليلة الخميس لثلاث عشرة خلون من ربيع الأول سنة خمس وأربعين ومائة وألف ببلدة بلكرام
فدفن بها، وكان مرتضى بن محمد بن قادري الزبيدي صاح تاج العروس شرح القاموس من أحفاده،
كما في مآثر الكرام.
السيد قاسم بن هاشم الدهلوي
الشيخ العالم الفقيه قاسم بن هاشم بن الحسن الحسيني الدهلوي أحد المشايخ الصوفية، كان أصله من
نارنول انتقل منها جده حسن رسول نما إلى دار الملك دهلي وسكن بها، وكان القاسم من أعيان
العلماء يدرس ويفيد ويشتغل بالعبادة ويعيش بزي الفقراء، أخذ عنه خلق كثير، وتذكر له كشوف
وكرامات، كما في بحر زخار.
الشيخ قدرة الله الإله آبادي
الشيخ العالم قدرة الله بن عبد الجليل بن صدر الدين الحسيني البخاري الإله آبادي أحد الرجال
المعروفين بالفضل والصلاح، كان من نسل الشيخ صدر الدين محمد الحسيني البخاري، ولد ونشأ
بمدينة إله آباد وأخذ عن والده وتولى الشياخة بعده، أخذ عنه خلق كثير وكان يدرس ويفيد كما في
بحر زخار.
مولانا قطب الدين الكوباموي
الشيخ الفاضل قطب الدين بن شهاب الدين بن محمد حسين بن أحمد بن القاضي شهاب الدين
العمري الكوباموي كان ابن بنت الشيخ إله داد بن الله بخش العمري القنوجي، ولد ونشأ ببلدة كوبامؤ
وقرأ العلم على والده، وجد في البحث والاشتغال حتى فاق أقرانه في العلوم الحكمية لا سيما
الرياضيات، قال القاضي مصطفى علي خان الكوباموي في تذكرة الأنساب: إنه كان عالماً متبحراً
مدرساً مفيداً تخرج عليه أربعمائة رجل من أهل العلم وانتشروا في أرض بنكاله وبنجاب وهم
مشتغلون الآن بالدرس والإفادة، انتهى.
مات لخمس بقين من رمضان سنة ستين ومائة وألف، كما في مآثر الكرام.
مولانا قطب الدين الشهيد السهالوي
الشيخ العالم الكبير العلامة قطب الدين بن عبد الحليم بن عبد الكريم الأنصاري السهالوي أحد
العلماء المبرزين في المعقول والمنقول، ولد ونشأ بسهالي بكسر السين المهملة قرية من أعمال لكهنؤ
واشتغل بالعلم من صغر سنه وقرأ أكثر الكتب الدرسية على ملا دانيال الجوراسي أحد تلامذة المفتي
عبد السلام ابن أبي سعيد الأعظمي الديوي وقرأ بعضها على غيره من العلماء، وإني رأيت في بعض
المجاميع أنه قرأ على القاضي عبد القادر اللكهنوي أيضاً وفرغ من تحصيل العلوم المتعارفة وله
ثلاثون سنة، ثم أخذ الطريقة الجشتية عن القاضي كهاسي بن داود الإله آبادي ولازمه مدة من الزمان
ثم تصدر للتدريس، وكان صائم الدهر قائم الليل يختم القرآن في التهجد كل ليلة ويشتغل بالتدريس
كل يوم إلا يوم الثلاثاء والجمعة فإنه كان يشتغل بالتصنيف في هذين اليومين، وأما مصنفاته فإنها
ضاع أكثرها يوم شهادته غير أجزاء من حاشيته على الأمور العامة وحاشيته على التلويح وحاشيته
على شرح حكمة العين، كما في الرسالة القطبية، وقال البلكرامي في سبحة المرجان: إن له حاشية
على شرح العقائد العضدية وحاشية على شرح العقائد النسفية وحاشية على المطول ورسالة في
تحقيق دار الحرب أكثرها احترقت في فتنة قتله انتهى.
أما تلامذته فإنه كثيرون، أجلهم السيد قطب الدين الشمس آبادي والحافظ أمان الله بن نور الله
البنارسي والقاضي محب الله بن عبد الشكور البهاري والقاضي شهاب الدين الكوباموي والشيخ زين
العابدين السنديلوي والشيخ صفة الله المحدث الخير آبادي وخلق آخرون.
قال البلكرامي: إنه كان بين الأنصاريين والعثمانيين نوع من النزاع من جهة المشاركة في الرئاسة
فهجم(6/784)
العثمانيون عليه وأحرقوا داره وقتلوه، وقال عبد الأعلى بن عبد العلى اللكهنوي في الرسالة
القطبية: إن أخ جد الشيخ قطب الدين أسكن بأرضه رجلاً من الفقراء فنال أحد من أولاده الوجاهة
العظيمة وصار صاحب القرى العديدة في نواحيه ثم حصلت له المناقشة بمحمد آصف الأنصاري
صاحب سهالي وكان من بني أعمام الشيخ قطب الدين الشهيد فهجم عليه محمد آصف وخاب مسعاه
ثم هجم ذلك الرجل على محمد آصف فحرق ونهب أمواله فدخل محمد آصف في دار الشيخ قطب
الدين ليستشيره في ذلك الأمر فتعاقبه ذلك الرجل وقتل من وجد في داره وأحرق بيته وأسر ولده نظام
الدين وكان في الرابع عشر من سنه فبقي جسد الشيخ قطب الدين بضعة أيام على وجه الأرض لم
يتغير فلما اطمأنت قلوب الناس دفنوه وانتقل ولده محمد سعيد مع عياله وإخوته إلى بلدة لكهنؤ، ثم
ذهب إلى معسكر السلطان عالمكير بن شاهجهان سلطان الهند وقص له ما جرى بينه وبين ذلك
الرجل فأعطاه السلطان قصراً في لكهنؤ لتاجر أفرنكي ذهب إلى بلاده ولذلك اشتهر هذا الحي بفرنكي
محل وكان ذلك في سنة ثلاث ومائة وألف، مات وله ثلاث وستون سنة.
مولانا قطب الدين الشمس آبادي
الشيخ العالم الكبير العلامة قطب الدين الحسيني الأميثهوي ثم الشمس آبادي أحد العلماء الفحول،
درس وأفاد مدة عمره وتخرج عليه خلق كثير من العلماء وهو قرأ أكثر الكتب الدرسية على أساتذة
الشهيد العلامة قطب الدين بن عبد الحليم السهالوي مشاركاً له في الدرس وفرغ السهالوي قبل فراغه
من التحصيل فلازمه الشمس آبادي وقرأ عليه ما بقي له من الكتب الدرسية ثم لازم بيته بقناعة
وعفاف وتصدى للدرس والإفادة، كما في الرسالة القطبية.
قال البلكرامي في سبحة المرجان: إن أصله كان من أميلهي قرية جامعة من أعمال لكهنؤ انتقل منها
إلى شمس آباد فكسن بها ودرس مدة حياته وكان من القانعين تمر الأيام ولا توقد في بيته نار ويقاسي
شدائد الجوع ولكنه كان لا يظهر حاجته لأحد ويدرس مع هذه الحال طلق الوجه واللسان وهذا مقام لا
يثبت فيه إلا من رزق القوة القدسية من الله سبحانه، وأما تلامذته فإنهم كثيرون أجلهم القاضي محب
الله بن عبد الشكور البهاري والحافظ أمان الله بن نور الله البنارسي والسيد طفيل ممد بن شكر الله
الأترولوي وخلق آخرون، توفي سنة إحدى وعشرين ومائة وألف وله سبعون سنة.
السيد قطب الدين الأورنك آبادي
الشيخ الصالح قطب الدين بن سعد الله الحسيني البهاري ثم الأورنك آبادي أحد العلماء المبرزين في
الأصول والفروع، ولد بأورنك آباد لإحدى عشرة بقين من ربيع الثاني سنة عشرين ومائة وألف
وقرأ العلم على الحافظ إسماعيل والمولوي حبيب الله وأخذ الفنون الرياضية عن الحاج حسام الدين
ولازمهم مدة حتى برع في العلم وفاق أقرانه وتولى الشياخة بعد أبيه بمدينة أورنك آباد وكان والده
من أصحاب خاله السيد شهاب الدين البهاري وخاله، أخذ الطريقة عن الشيخ نور محمد الحمامي
المتوكل وسكن بأورنك آباد مجاوراً لضريح الشيخ المذكور بعد وفاته، وكان قطب الدين عالماً بارعاً
في المعقول والمنقول لم يزل يشتغل بالدرس والإفادة، كما في مآثر الأمراء، توفي لتسع عشرة خلون
من جمادى الأولى سنة تسع وستين ومائة وألف، كما في مهر جهانتاب.
السيد قطب الدين الخير آبادي
الشيخ الصالح قطب الدين بن هدى بن عيسى بن أبي الفتح بن نظام الدين الرضوي الخير آبادي
أحد الرجال الموصوفين بالفضل والصلاح، ولد ونشأ بخير آباد وسافر للعلم وقرأ الكتب الدرسية
على العلامة قطب الدين بن عبد الحليم الأنصاري السهالوي ثم تصدر للارشاد بعد والده بخير آباد،
مات في عاشر ذي الحجة سنة إحدى وأربعين ومائة وألف، كما في تذكرة أنساب السادة الرضوية.
الشيخ قطب الدين السرهندي
الشيخ العالم المحدث قطب الدين الحنفي النقشبندي السرهندي أحد العلماء البارعين في الفقه
والحديث، أخذ الطريقة عن الشيخ محمد زبير بن أبي(6/785)