1936- مُحَمَّد بن يونس بن موسى بن سليمان بن عبيد بن ربيعة بن كديم [1] ، أبو العباس القرشي البصرى المعروف بالكديمي.
ولد [في] [2] سنة ثلاث وثمانين ومائة، وهو ابن امرأة روح بن عبادة، سمع عَبْد اللَّهِ بن داود الخريبي، ومحمد بن عَبْد اللَّهِ الأنصاري، وازهر السمان، وأبا داود الطيالسي، وأبا زيد النحوي، والأصمعي، وأبا عبيدة [3] ، وعفان بن مسلم، وأبا نعيم وخلقا كثيرا، ورحل في طلب العلم، وحج أربعين حجة وسكن بغداد، وكان حافظا للحديث [كثير الحديث] [4] . روى عنه ابن أبي الدنيا، وابن الأنباري [5] ، وابن السماك [6] ، وأحمد بن سلمان النجاد [7] ، وآخر من روى عنه أبو بكر بن مالك القطيعي.
أخبرنا [أبو منصور] [8] القزاز، قال: أخبرنا أحمد بن على بن ثابت، قَالَ: لم يزل الكديمي معروفا عند أهل العلم بالحفظ، مشهورا بالطلب، مقدما في الحديث حتى أكثر روايات الغرائب [9] والمناكير، فتوقف [10] إذ ذاك بعض الناس عنه، ولم ينشطوا للسماع منه.
فأنبأني أبو بكر أَحْمَد بن علي اليزدي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو أَحْمَد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْحَافِظ، قَالَ: مُحَمَّد بن يونس ذاهب الحديث، تركه يحيى بن صاعد، وأحمد بن
__________
[1] في ت: «عبيد الله بن ربيعة بن كديم» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 3/ 43، - 442. والبداية والنهاية 11/ 82. وشذرات الذهب 2/ 194) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت: «وأبا عبيد» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] هو: أبو بكر بن الأنباري النحويّ، كما في تاريخ بغداد 3/ 436.
[6] هو: أبو عمرو بن السماك.
[7] في ص، ك: «أحمد بن سليمان النجاد» . وما أوردناه، من ت، وتاريخ بغداد.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] في ت: «روايات الغريب» .
[10] في ت: «فوقف» .(12/408)
مُحَمَّد بن سعيد، وكان أبو داود يطلق عليه الكذب، وكان موسى بن هارون/ يقول:
الكديمي كذاب يضع الحديث.
وَقَالَ سليمان الشاذكوني: الكديمي واخوه وابنه بيت الكذب. وأراد بالكديمي:
يونس، وبأخيه: عمر بن موسى، وكان يلقب بالحادي [1] .
[قَالَ الدارقطني: كان الكديمي يتهم بوضع الحديث] [2] .
قَالَ المصنف [3] : ليس محل الكديمي عندنا الكذب، إنما كان كثير الغرائب، ولقد حدث عن شاصونة [بن عبيد، قَالَ: حَدَّثَنَا] [4] شاصونة منصرفا من عدن، فلم يعرفوا شاصونة، فقالوا: هذا حديث عمن لم يخلق، فجاء قوم بعد وفاته من عدن، فقالوا: دخلنا قرية يُقَالُ لها الجردة، فلقينا بها شيخا فسألناه: أعندك شيء من الحديث؟
فقال: نعم، فكتبنا عنه، وقلنا [له] : [5] ما اسمك؟ فقال: مُحَمَّد بن شاصونة بن عبيد، وأملى علينا الحديث الذي ذكره الكديمي.
[وقد روى لنا حديث شاصونة من غير طريق الكديمي] [6] :
أخبرنا عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّد، قال: أخبرنا أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي القاضي أبو العلاء الواسطي، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن حمدويه، قَالَ: سمعت أبا بكر بن إسحاق الضبعي يقول: ما سمعت أحدا من أهل العلم يتهم الكديمي في لقيه [كل] [7] من روى عَنْه.
أخبرنا عَبْد الرَّحْمَنِ [بن مُحَمَّد] [8] ، قَالَ: أخبرنا [أحمد بن علي] [9] بن ثابت.
__________
[1] في ص: «وكان يلقب بالجادي» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من ت.
[3] في ص: «قال مصنف الكتاب» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(12/409)
قَالَ: حدثني الخلال، قَالَ: حَدَّثَنَا على بن مُحَمَّد الإيادي، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو بكر الشافعي، قَالَ: سمعت جعفر الطيالسي، يقول: الكديمي ثقة، ولكن أهل البصرة يحدثون بكل ما يسمعون.
أخبرنا عبد الرحمن [بن محمد] [1] ، قال: أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت] [2] ، قال: أخبرنا [3] ابن رَزْقٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا [4] إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ الْخُطَبِيُّ، قَالَ:
مات الكديمي يوم الخميس، ودفن يوم الجمعة قبل/ الصلاة، للنصف من جمادى الآخرة سنة ست وثمانين ومائتين، وصلى عليه [يوسف بن] [5] يعقوب القاضي، وكان ثقة.
1937- مُحَمَّد بن يوسف، أبو عَبْد اللَّهِ البناء:
لقي ستمائة شيخ، وكتب الحديث الكثير، وكان يبني للناس بالأجرة فيأخذ منها دانقين لنفقته، ويتصدق بالباقي، ويختم كل يوم ختمه.
وتوفي [رحمه الله] [6] في هذه السنة.
1938- يعقوب بن إسحاق بن تحية [7] ، أبو يوسف الواسطي [8] :
سمع يزيد بن هارون، ونزل بغداد بالجانب الشرقي في سوق الثلاثاء، وحدث بأربعة أحاديث، ووعدهم أن يحدثهم من الغد، فمات وله مائة واثنتا عشرة سنة، [رحمه الله] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ك، ص: «حدثنا» .
[4] في ك، ص: «حدثنا» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص.
[7] في ك، ص: «ابن نجية» .
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 288. والبداية والنهاية 11/ 82) .(12/410)
ثم دخلت سنة سبع وثمانين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن المعتضد دخل من متنزهه ببرازالرّوز إلى بغداد وأمر ببناء قصر في موضع اختاره من براز الروز، فحملت إليه الآلات، وابتدئ بعمله.
وفى شهر ربيع الأول غلظ أمر القرامطة بالبحرين، وأغاروا على نواحي هجر، وقرب بعضهم من نواحي البصرة فوجه [أمير المؤمنين] [1] المعتضد إليهم جيشا.
وفى شهر ربيع الآخر ولى المعتضد عباس بن عمرو الغنوي اليمامة والبحرين، ومحاربة أبي سعيد القرمطي [2] ، وضم إليه زهاء ألفي رجل، فسار نحو القرامطة فاقتتلوا، فأسر العباس، وقتل أصحابه، فانزعج أهل البصرة وهموا بالجلاء عنها ثم اطلق العباس.
ومن العجائب انه كان مع العباس عشرة آلاف في محاربة أَبِي سَعِيد القرمطي فقبض عليهم أبو سعيد فنجا/ العباس وحده وقتل الباقون، وان عمرو بن الليث مضى في خمسين ألفا إلى محاربة إسماعيل بن أَحْمَد، فأخذ [هو] [3] ونجا الباقون.
ولإحدى عشرة ليلة خلت من رجب، ولي حامد بن العباس الخراج والضياع بفارس، وكانت في يد عمرو بن الليث، ودفعت كتبه بالولاية إلى أخيه أحمد بن
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ت، ص.
[2] في ك: «ومحاربة القرمطي» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ت.(12/411)
العباس، وكان حامد مقيما بواسط لأنه كان يليها.
وحج بالناس في هذه السنة مُحَمَّد بن عباد [بْن داود] [1] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1939- أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط بن شريط، أبو جعفر [2] الأشجعي:
كوفي قدم مصر، وحدث بها عن أبيه عن جده.
وتوفى بالجيزة من مصر في هذه السنة.
1940- إسماعيل بن نميل [3] بن زكريا، أبو على الخلال [4] :
سمع أبا الوليد الطيالسي في آخرين، وروى عنه ابن مخلد [5] ، والطبراني، وغيرهما [6] وكان صدوقا.
1941- إسحاق بن مروان، أبو يعقوب الدهان [7] :
حدث عن عبد الأعلى بن حماد، روى عنه الطبراني وتوفي في رجب هذه السنة.
1942- جعفر بن مُحَمَّد بن عرفة، أبو الفضل [8] المعدل:
حدث عنه [9] عبد الصمد الطستي [10] وغيره، وكان ثقة مقبولا عند الحكام.
__________
[1] في ص، ت: «محمد بن عباد بن داود» وما أوردناه. من ك. وتاريخ الطبري 10/ 82.
[2] الأشجعي: هذه النسبة إلى قبيلة هي أشجع (الأنساب 1/ 270) .
[3] في ت: «جعفر بن نميل» . خطأ.
[4] في ت: «أبو العلاء الخلال» . خطأ.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 291) .
[5] هو: «محمد بن مخلد الدوري» كما في تاريخ بغداد 6/ 291.
[6] في ص: «ابن مخلد وغيره» . بإسقاط: «الطبراني» .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 383) وهذه الترجمة ساقطة من الأصل.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 190، 191) .
[9] في جميع الأصول: «حدث عن» . والتصحيح من تاريخ بغداد 7/ 190.
[10] في ص: «الطشتى» . وفي ك: «الطشي» . وما أوردناه من ت، وتاريخ بغداد.(12/412)
توفى [في] [1] منصرفه من الحج بالعمق لسبع بقين من ذي الحجة من هذه السنة، وجيء به إلى بغداد فدفن بها.
1943- الحسين بن السميدع بن إبراهيم، أبو بكر [2] البجلي:
من أهل انطاكية، قدم بغداد، وحدث بها عن مُحَمَّد بن المبارك الصوري [3] ، وإسماعيل بن مُحَمَّد الصفار [4] . وكان ثقة توفى في هذه السنة.
1944- قطر الندى بنت خمارويه [5] :
تزوجها المعتضد [6] باللَّه، وتوفيت لسبع خلون من رجب هذه السنة، ودفنت داخل قصر الرصافة.
1945- موسى [7] / بن الحسن بن عباد بن أبي عباد، أبو السرى الأنصاري المعروف بالجلاجلي [8] :
نسائي الاصل، سمع روح بن عبادة، وعفان بن مسلم، وأبا نعيم [9] ، والقعنبي [10] .
وكان قد قدمه القعنبي في صلاة التراويح فأعجبه صوته، فقال: كأن صوتك الجلاجل فلقب بذلك.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 51.
[3] في ت: «محمد بن المبارك الصودي» .
[4] في ك: «إسماعيل بن محمد» بإسقاط الصفار. وإسماعيل بن محمد الصفار روى عن صاحب الترجمة كما في تاريخ بغداد 8/ 51) .
[5] اسمها: أسماء بنت خمارويه بن أحمد بن طولون. من شهيرات النساء عقلا وجمالا وأدبا. وانظر ترجمتها في: وفيات الأعيان 2/ 196 في ترجمة أبيها. والأعلام 1/ 305. والبداية والنهاية 11/ 84.
[6] وذلك سنة 281 هـ
[7] ما بين المعقوفتين: بياض في ت.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 13/ 49، 50) .
[9] هو: الفضل بن دكين.
[10] هو: عبد الله بن مسلمة القعنبي.(12/413)
وكان ثقة روى عنه أبو بكر الآدمي القارئ، وابن مخلد [1] ، والنجاد [2] .
وتوفى في صفر هذه السنة.
1946- يحيى بن أَبِي نصر، أبو سعيد [3] الهروي:
سمع ابن راهويه [4] ، وأحمد بن حنبل، وابن المديني [5] . روى عنه أبو عمرو بن السماك، وكان ثقة حافظا زاهدا [صالحا] [6] .
توفى في شعبان هذه السنة.
1947- يعقوب بن يوسف بن أيوب، أبو بكر المطوعي [7] :
سمع أَحْمَد بن حنبل، وعلي بن المديني [8] . روى عنه النجاد [9] ، والخلدي.
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو بكر أَحْمَد بن علي [الخطيب] [10] ، قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْد العزيز بن على الوراق، قال: سمعت على بن عبد الله بن الحسن [11] الهمذاني، يقول: سمعت جعفرا الخلدي، يقول: سمعت أبا بكر المطوعي، يقول:
كان وردي في شيبتي [12] اقرأ كل يوم وليلة [13] : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 112: 1 إحدى وثلاثين ألف
__________
[1] هو: محمد بن مخلد الكوفي.
[2] هو: أحمد بن سلمان النجاد.
[3] في تاريخ بغداد: «أبو سعد الهروي» . واسم أبو نصر: منصور بن الحسن بن منصور، وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 225) .
[4] هو: إسحاق بن راهويه.
[5] هو: علي بن المديني.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك. وفي الأصل: «صالحا زاهدا» .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 289، 290 والبداية والنهاية 11/ 84) .
[8] في ك: «ابن المديني» بإسقاط «علي» .
[9] هو: أحمد بن سلمان النجاد.
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك. وفي ص: «أخبرنا الخطيب» .
[11] في ص، ك، والمطبوعة: «علي بن عبد الله بن الحسين» وما أوردناه من ت، وتاريخ بغداد 14/ 289.
[12] في ت: «شيبتي» خطأ.
[13] في ك: «أقرأ كل يوم» يا ساقط «وليلة» وفي الأصل: «كان وردى في شيبتي كل يوم وليلة أقرأ ... » .(12/414)
مرة- أو إحدى وأربعين [ألف مرة] [1] شك جعفر.
توفى المطوعي في رجب هذه السنة، ودفن بباب البردان.
1948- يوسف بن يزيد بن كامل بن حكيم، أبو يزيد القراطيسي [2] :
روى عن أسد بن موسى، ورأى الشافعي، وكان ثقة صدوقا، وبلغ مائة سنة إلا أربعة أشهر.
وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة رحمه الله وإيانا وجميع المسلمين بمنه وكرمه [3] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من ت، ك.
[2] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 2/ 202 في وفيات سنة 289 هـ) .
[3] «رحمه الله ... » إلى آخر الفقرة، ساقط من ت. ك.(12/415)
153/ ب/
ثم دخلت سنة ثمان وثمانين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
ورود الخبر بوقوع الوباء بآذربيجان، فمات به خلق كثير إلى أن فقد الناس ما يكفنون به الموتى، وكفنوا في الأكسية والجلود واللبود [ثم صاروا] إلى أن لم يجدوا من يدفن الموتى، فكانوا يتركونهم في الطرق على حالهم [1] .
وفيها: غزا نزار بن مُحَمَّد عامل الحسن بن علي [على] [2] كورة الصائفة، ففتح حصونا كثيرة للروم، وادخل طرسوس مائة علج ونيفا وستين علجا من الشمامسة وصلبانا [كثيرة] [3] وأعلاما.
ولاثنتي عشرة خلت [4] من ذي الحجة وردت كتب التجار [من الرقة] أن الروم [قد [5] وافوا في مراكب كثيرة، وجاء منهم قوم [6] على الظهر إلى ناحية كيسوم، فاستاقوا من المسلمين أكثر من خمسة عشر ألف انسان، ما بين رجل وصبي، فمضوا بهم وأخذوا [7] فيهم قوما من أهل الذمة.
__________
[1] في ك: «في الطريق على حالهم» . وفي تاريخ الطبري 10/ 83: «مطروحين في الطرق» . وفي الكامل 6/ 407: «وكانوا يتركونهم على الطرق غير مكفنين ولا مدفونين» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وتاريخ الطبري. 10/ 85.
[3] «موسى» ساقطة من ت.
[4] في ك، ص، والمطبوعة: ولاثنتي عشرة دخلت» . وما أوردناه من ت، وتاريخ الطبري 10/ 85.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ص، ت.
[6] في ص، ك: «وجاء قوم منهم» .
وفي الأصل: «وجاء منهم فيه» .
[7] في ت: «وأخذ» .(12/416)
وفى هذه السنة: كسفت الشمس، فظهرت الظلمة ساعات، ثم هبت وقت العصر ريح بناحية دبيل سوداء إلى ثلث الليل ثم زلزلوا [1] ، وخسف بهم فلم ينج إلا اليسير.
وورد الخبر بأنه [قد] [2] مات تحت الهدم في يوم واحد أكثر من ثلاثين ألف انسان. ودام هذا [عليهم] [3] أياما، فبلغ من هلك خمسون ومائة ألف [انسان] [4] .
وحج بالناس في هذه السنة هارون بن محمد.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
154/ أ
1949- إبراهيم بن حبيب، أبو إسحاق الأنصاري [5] الزاهد:
مغربي [الاصل] [6] توفى بمصر في ذي الحجة من هذه السنة.
1950- أنيس بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبان، أبو عمر [7] المقرئ:
سمع أبا نصر التمار، وغيره. روى عنه المحاملي، وابن السماك، وأبو بكر الشافعي. وكان ثقة.
وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة وقيل: بل في سنة سبع.
1951- بشر بن موسى بن صالح، أبو علي الأسدي [8] :
ولد سنة تسعين ومائة وسمع من روح بن عبادة حديثا واحدا، [ومن حفص بن
__________
[1] في ت: «ثم زلزلت» . وفي البداية والنهاية 11/ 84: «ثم زلزلوا زلزالا شديدا» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، والأصل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من ت، والأصل.
[5] انظر صفة الصفوة.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ك، ص، والمطبوعة: «أبو عمرو» . وفي ت: «ابن عمر» . وفي تاريخ بغداد: «أبو عمر» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 49)
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 86، 87، 88. والبداية والنهاية 11/ 85. والكامل 6/ 288 وشذرات الذهب 2/ 196) .(12/417)
عمر العدني حديثا واحدا] [1] وسمع الكثير من هوذة بن خليفة، والحسن بن موسى الأشيب [2] ، وأبي نعيم، وعلي بن الجعد، والأصمعي، وغيرهم. روى عنه ابن صاعد، وابن مخلد، وابن المنادى، والنجاد، وأبو عمر الزاهد، وجعفر الخلدي، والخطبي، والشافعي، وابن الصواف، وغيرهم.
وكان آباؤه من أهل البيوتات والفضل والرئاسة والنبل، وكان هو في نفسه ثقة أمينا عاقلا ركينا [3] . وكان أَحْمَد بن حنبل يكرمه.
أخبرنا أبو منصور [القزاز] [4] ، قال: أخبرنا أبو بَكْرٍ: أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الخلال، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن مُحَمَّد بن عمران، قَالَ: أنشدني أَحْمَد بن خلف، قَالَ: أنشدني بشر بن موسى لنفسه:
ضعفت ومن جاز الثمانين يضعف ... وينكر منه كل ما كان يعرف
ويمشى رويدا كالأسير مقيدا ... تدانى خطاه في الحديد ويرسف
توفى بشر في ربيع الأول من هذه السنة، وصلى عليه مُحَمَّد بن هارون بن العباس [5] الهاشمي صاحب الصلاة، ودفن في مقبرة باب التبن وكان الجمع كثيرا.
154/ ب
1952- ثابت بن قرة، أبو الحسن الصابئ الطبيب [6]
ولد سنة إحدى وعشرين ومائتين.
وتوفى في هذه السنة، وكان غاية في علم الطب والفلسفة والهندسة.
1953- جعفر بن مُحَمَّد بن سوار، أبو محمد النيسابورىّ [7] :
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من ك، ت.
[2] في ك: «محمد بن موسى الأشيب» خطأ وفي الأصل: «وأبو عمر الزاهد وجعفر الخلدي وأبي نعيم، وعلي....» .
[3] «عاقلا ركينا» : ساقط من ك.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ب. و «أبو منصور» ساقط من ص.
[5] في ت: «محمد بن هارون أبو العباس» . وأوردناه موافق لما في تاريخ بغداد 7/ 88.
[6] انظر ترجمته في: (طبقات الأطباء 1/ 215- 220 وحكماء الإسلام 20. وابن خلكان 1/ 278 والأعلام 2/ 98. والبداية والنهاية 11/ 85 والكامل 6/ 408. وشذرات الذهب 2/ 196) .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 191) وهذه الترجمة ساقطة من الأصل، ص.(12/418)
حدث عن قتيبة، وعلى بن حجر، وكان ثقة.
[و] [1] توفي في ذي القعدة من هذه السنة.
1954- الحسن بن عمرو بن الجهم، أبو الحسين [2] الشيعي:
حدث عن على بن المديني، وحكايات عن بشر الحافي. روى عنه أبو عمرو بن السماك، وقال: السبيعي [3] ، وإنما هو الشيعي من شيعة المنصور.
توفي فِي هذه السنة.
1955- عَبْد اللَّهِ بن محمد بن عزيز، أبو محمد التميمي [4] الموصلي:
حدث عن غسان بن الربيع [5] . روى عنه إسماعيل الخطبي، وَقَالَ: توفى في رجب هذه السنة.
1956- العباس بن حمزة بن عَبْد اللَّهِ بن أشرس، أبو الفضل الواعظ النيسابوري [6] .
سمع قتيبة بن سعيد، وأحمد بن حنبل، وعبيد الله بن عمر القواريري، وغيرهم.
وصحب أَحْمَد بن أَبِي الحوارى.
ودخل على ذي النون وكان شديد الاجتهاد يصوم النهار ويقوم الليل، وكان يقول:
لقد لحقتني بركة ذي النون، وكان مجاب الدعوة، وسئل عن الزهد فقال: ترك ما يشغلك عن الله [تعالى] [7] أخذه واخذ ما يبعدك [8] عن الله تركه.
__________
[1] وما بين المعقوفتين ساقط من ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 396، والبداية والنهاية 11/ 85)
[3] في ت: «ويقال الشيعي» . بدل: «قال السبيعي» .
وفي الأصل: «أبو بكر بن السمال، وقال السبيعي» .
[4] هذه الترجمة ساقطة كلها من ص، والأصل. وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 92)
[5] في ت: «حسان بن الربيع» . خطأ.
[6] «النيسابورىّ» ساقطة من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] في ك: «وأخذ ما يشغلك عن الله» .(12/419)
توفي العباس [1] في ربيع الأول من هذه السنة.
1957- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن روح بن حرب، أبو عبد الله [2] الكسائي:
حدث عن محمد بن عباد [المكيّ] [3] وغيره.
وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة.
1958- مُحَمَّد بن بشر بن مروان، أبو عبد الله الصيرفي [4] :
حدث عن محمد بن حسان السمتي [5] ، وغيره. روى عنه ابن صاعد، وابن قانع، وغيرهما أحاديث مستقيمة.
1959- هارون بن مُحَمَّد بن إسحاق بن موسى بن عيسى [بن موسى] أبو موسى الهاشمي [6] :
إمام الناس في الحج سمع وحدث.
55/ أوتوفي بمصر في رمضان/ هذه السنة، وكان ثقة عدلا [رحمه الله] [7] .
__________
[1] في ت: «توفي أبو العباس» خطأ.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 302) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في الأصل، ت، ص: «أبو عبد الله الصوفي» . وما أوردناه من ك، وتاريخ بغداد.
انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 90، 91)
[5] في ك: «محمد بن حسان السهمتي» . وفي ص: «محمد بن حسان السهمي» . وما أوردناه من تاريخ بغداد، وت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ك، ت.
وانظر ترجمته في: (الكامل 6/ 408، والبداية والنهاية 11/ 85) .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(12/420)
ثم دخلت سنة تسع وثمانين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
انتشار القرامطة بسواد الكوفة، فوقع بعض العمال بجماعة منهم وبعث رئيسا لهم إلى المعتضد [1] ، فأمر به فقلعت أضراسه، ثم خلعت [عظام] [2] يده، ثم قطعت يداه ورجلاه، وقتل، وصلب.
ولليلتين خلتا من شهر ربيع الأول أخرج من كانت [3] له دار وحانوت بباب الشماسية عن داره وحانوته، وقيل لهم: خذوا أنقاضكم واخرجوا، وذلك أن المعتضد كان قد قدر أن يبني لنفسه هنالك دارا يسكنها، فخطّ موضع السور، وحفر بعضه وابتدأ في بناء دكّة على دجلة، [وكان أمير المؤمنين] [4] المعتضد قد أمر [5] ببنائها لينتقل فيقيم فيها [6] إلى أن يفرغ من بناء الدار والقصر، فمرض المعتضد
__________
[1] في ص: «وبعث بهم وبرئيسهم إلى المعتضد» وفي تاريخ الطبري 10/ 86: «وظفر برئيس لهم يعرف بابن أبي الفوارس فوجه به معهم» . وفي الكامل، 6/ 410: وظفر بهم، وأخذ رئيسا لهم يعرف بأبي الفوارس فسيره إلى المعتضد» . وفي البداية والنهاية 11/ 85: «فظفر بعض العمال بطائفة منهم فبعث برئيسهم إلى المعتضد، وهو أبو الفوارس» .
[2] ما بين المعقوفتين: إضافة من الكامل لاستقامة المعنى.
[3] في الأصول: «أخرج من كان» . وما أوردناه من تاريخ الطبري 10/ 86.
[4] ما بين المعقوفتين: سقط من ت، والأصل،
[5] في ك: «المعتضد يأمر ببنائها» .
العبارة: «وكان أمير المؤمنين المعتضد قد أمر ببنائها» . ساقطة من ص.
[6] في ص: «فيقيم بها» .(12/421)
[باللَّه] [1] فأرجف به، فقال عبد الله بن المعتز:
طار قلبي بجناح الوجيب ... جزعا من حادثات [2] الخطوب
155/ ب وحذرًا من أن يشاك بسوء [3] ... أسد الملك وسيف الحروب/
لم يزل أشيب وهو ابن عشر ... بغبار الحروب قبل المشيب
ثم راضته التجارب حتى ... ما عجيب عنده بعجيب
جال شيطان الأراجيف فينا ... بحديث مؤلم للقلوب [4]
وكأن الناس أغنام راع ... غاب [5] عنها فأحسست [6] بذيب
ثم هبت نعمة الله بشرى [7] ... كشفت عنا غطاء [8] الكروب
وقعت منا مواقع ماء ... في حريق مشعل ذي لهيب
رب أصحبه سلامة جسم ... وأحبه منك بعمر رحيب
وفي شهر ربيع الآخر: توفي [أمير المؤمنين] [9] المعتضد باللَّه [رحمه الله] [10] ، واستخلف [ابنه] [11] المكتفي باللَّه.
156/ أوكثرت في هذه السنة/ الزلازل، فكان في رجب زلزلة [12] شديدة، وانقضت
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، والأصل.
[2] في ك: «حذرا من حادثات» .
[3] في ت: «وحذار أن يشاك بسوء» .
وفي ك: «وحذارا أن ينال يسوء» .
[4] في ت، والأصل: «بحديث معلم للقلوب» .
[5] في ت: «أعنام راع عاب» .
[6] في الأصل، ص: «وأحسست» .
[7] في ت: «ثم ثبت نعمة الله تسري» .
[8] في ت: «عطاء» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، والأصل.
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، والأصل.
[11] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، والأصل.
[12] «زلزلة» مكررة في ت.(12/422)
الكواكب لثمان خلون من رمضان من جميع السماء في [1] وقت السحر، فلم تزل على ذلك إلى أن طلعت الشمس [2] .
آخر هذا الجزء المبارك والله أعلم. ووافق الفراغ منه في صفر المبارك عام خمسة وثمانمائة وقت آذان الظهر، ووافق وقت فراغه الدعاء لمالكه بالتأييد والنصر والسلامة في الأهل والمال والولد والعفو والعافية في الدين والآخرة ولمن كتبه أو نظر فيه ولجميع المسلمين.
يتلوه في الجزء الّذي بعده: باب ذكر خلافة المكتفي باللَّه، والحمد للَّه رب العالمين. وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين.
وحسبنا الله ونعم الوكيل [3] .
__________
[1] «في» ساقطة من ت.
[2] في ك: «فلم تزل كذلك حتى طلع الشمس» .
[3] هذه الخاتمة من الأصل فقط.(12/423)
[المجلد الثالث عشر]
بسم الله الرّحمن الرّحيم
[تتمة سنة تسع وثمانين ومائتين]
باب ذكر خلافة المكتفي باللَّه [1]
واسمه عَلي بْن المعتضد، ويكنى أبا مُحَمَّد، وليس في الخلفاء من يكنى أبا مُحَمَّد إلا الحسن بن علي و [موسى [2]] الهادي، والمكتفي، والمستضيء بأمر الله، ولا من اسمه عَلي غير عَلي بْن أبي طالب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ والمكتفي.
ولد في رجب سنة أربع وستين، وَكَانَ المعتضد لما اشتدت علته أمر بأخذ البيعة لابنه عَلي بالخلافة من بعده، فأخذت البيعة بذلك على الناس ببغداد [3] . في عشية يوم الجمعة [4] لإحدى عشرة بقيت من ربيع الآخر من هذه السنة [قبل موت المعتضد بأربعة أيام] [5] ، ثم جددت له البيعة صبيحة الليلة التي مات المعتضد [6] فيها، وَكَانَ المكتفي بالرقة، فلما بلغه الخبر أخذ البيعة على من عنده، ثم انحدر إلى بغداد.
__________
[1] من هنا يبدأ الجزء الثالث عشر في نسخة أحمد الثالث (الأصل) ولم نعثر عليه في أكثر مكتبات المخطوطات في العالم، وأغلب الظن أنه مفقود كالجزء الأول. وقد اعتبرنا نسخة ترخانة أصلا في هذا الجزء، مع الرمز لها بالرمز (ت) كما في بقية الكتاب.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص.
[3] في ت: «فأخذت البيعة على الناس بذلك في بغداد» .
[4] في ص: «في يوم الجمعة» . بإسقاط «عشية» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[6] في ت، ك: «صبيحة الثلثاء التي مات المعتضد فيها» .(13/3)
وأم المكتفي تركنية لم تدرك خلافته ويقال لها حيحق [1] . وَكَانَ ربعة جميلا، رقيق اللون، حسن الشعر، وافر اللحية عريضها، وهنأه رجل فَقَالَ:
أجل الرزايا أن يموت إمام ... وأسنى العطايا أن يقوم إمام
فأسقي الذي مات الغمام وجاده ... ودامت تحيات له وسلام
وأبقى الذي قام الإله وزاده ... مواهب لا يفنى [2] لهن دوام
وتمت له الآمال واتصلت بها ... فوائد موصول بهن تمام
هو المكتفي باللَّه يكفيه كل ما ... عناه بركن منه ليس يرام
وَكَانَ المكتفي يقول الشعر، قَالَ الصولي: أنشدنا لنفسه:
إنى كلفت فلا تلحوا بجارية ... كأنها الشمس بل زادت [3] على الشمس
لها من الحسن أعلاه فرؤيتها [4] ... سعدي وغيبتها عن مقتلي نحسي
ومن شعره [5] :
من لي بأن يعلم ما ألقى ... فيعرف الصبوة والعشقا
ما زال عبدا لي [6] وحبي له ... صيرني عبدا له حقا [7]
أعتق من رقى ولكنني ... من حبه لا أملك العتقا
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد، قال: أخبرنا أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي الأزهري، قَالَ حَدَّثَنَا: أَحْمَد بْن إبراهيم، [حدثنا إبراهيم [8]] بن محمد بن
__________
[1] في ك: «وأم المكتفي تركنية، يقال لها خنجو، لم تدرك خلافته وكان ربعة» . وفي ص: «وأم المكتفي تركنية لم تدرك خلافته وكان ربعة» .
[2] في ت، ك: «ما يغنى» .
[3] في ت: «كأنها الشمس أو زادت» .
[4] في ت: «بها من الحسن أعلاه لرؤيتها» .
[5] في ص: «وله» : وفي ك: «وأنشد له أيضا» .
[6] في ك، ص: «ما زال لي عبدا» .
[7] ف ص: «عبدا له رقا» .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.(13/4)
عرفة قَالَ: كَانَ المكتفي باللَّه حين مات أبوه [المعتضد [1]] ، بالرقة فكتب إليه بوفاته، فشخص نحو العراق فوافى مدينة السلام يوم الاثنين لثمان خلون من جمادى الأولى سنة تسع وثمانين ومائتين [2] ، وصار في الماء إلى القصر الحسني، ومر بالجيش على الظهر [على غير تعبئة، وقد كَانَ الجند تحركوا قبل موافاته مدينة السلام [3]] فوضع الْقَاسِم بْن عُبَيْد اللَّهِ فيهم العطاء، وأخذ عليهم البيعة، وَكَانَ في بيت المال يومئذ عشرة آلاف ألف دينار وجوهر قيمته عشرة آلاف [4] ألف دينار، غير الآلات والخيل [5] ، وَكَانَ سن المكتفي يوم بويع له خمسا وعشرين سنة وعشرين يوما [6] ووزر له الْقَاسِم بْن عُبَيْد اللَّهِ، ثم العباس بْن الحسن، وَكَانَ القاضي يوسف بن يعقوب وابنه محمد بن يُوسُف.
وَكَانَ نقش خاتمه: «عَلي يتوكل على ربه» .
وَكَانَ له من الولد: مُحَمَّد، وجعفر، وعبد الصمد، وموسى، وعبد الله، وهارون، والفضل، وعيسى، والعباس، وعبد الملك.
وفي أيامه فتحت أنطاكية، وَكَانَ الروم قد استولوا عليها [7] ، فلما فتحت استنقذ من المسلمين أربعة آلاف رجل، وقتل من أهلها خمسة آلاف. وأصاب كل مسلم من هذه الوقعة [8] ثلاثة آلاف دينار، وظفر للروم بستين مركبا عملوها للغزو.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر الخطيب، قَالَ: كانت صلاة الجمعة ببغداد لا تقام إلا في جامع المنصور، وجامع المهدي إلى أن استخلف المعتضد، وأمر بعمارة
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[2] ومائتين: ساقطة من ص.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ك: «سبعة آلاف» .
[5] «والخيل» : ساقط من ص.
[6] في ص: «وكان المكتفي يوم بويع له عمره خمسا وعشرين سنة وستة وعشر يوما» . وفي ك: «وكان سن المكتفي يوم بويع له خمسا وعشرين سنة وستة وعشرين يوما» .
[7] في ك: «وكان الروم قد وثبوا عليها» .
[8] في ص، ك: «وأصاب كل مسلم شهد الوقعة» .(13/5)
القصر الحسني، وأمر ببناء مطامير في الدار، وكان الناس يصلون الجمعة في الدار، وليس هناك [رسم] [1] للمسجد إنما يؤذن للناس [2] في الدخول وقت الصلاة، ويخرجون عند انقضائها، فلما استخلف المكتفي في هذه السنة نزل القصر، وأمر بهدم المطامير، وأن يجعل موضعها مسجدا جامعا، فاستقرت الصلاة في الجوامع الثلاثة إلى وقت خلافة المتقي [3] ، وفي يوم دخول المكتفي إلى القصر الحسني أمر بإحضار [4] الْقَاسِم بْن عُبَيْد اللَّهِ، وخلع عليه ست خلع، وقلده سيفا، وحمل [5] على فرس لجامه [وسرجه] [6] من ذهب.
وفي رجب من هذه السنة زلزلت بغداد، ودامت الزلزلة بها أياما وليالي كثيرة.
وفى هذه السنة ظهر أقوام من القرامطة [7] ، وانتشروا في البلدان [8] وقطعوا طريق الحاج، وتسمى أحدهم بأمير المؤمنين، وأنفق المكتفي الأموال الكثيرة في حربهم حتى استأصلهم [9] .
وفى اليوم التاسع من ذي الحجة صلى الناس العصر ببغداد في ثياب الصيف فهبت ريح وبرد الهواء حتى احتاج الناس إلى الاصطلاء بالنار، ولبس المحشو، وجعل البرد يزداد حتى جمد الماء [10] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ص: «إنما يؤذنون للناس» . وفي ك: «إنما يؤذن الناس» .
[3] في ب، ص: «خلافة المتقي» . وفي ك، والمطبوعة: «خلافة المقتفي» .
[4] في ص، ك، والمطبوعة: «إلى القصر الحسني كنى بلسانه القاسم» .
[5] في ك: «وخلع عليه خلع وزارته سبعا وحمل» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ك: «ظهر قوم من القرامطة» .
[8] «في البلدان» : ساقطة من ك.
[9] في ص: «الأموال الكثيرة حتى استأصلهم» .
[10] راجع: (البداية والنهاية 11/ 95. والكامل 6/ 416) .(13/6)
وحج بالناس في هذه السنة [1] الفضل بْن عبد الملك الهاشمي.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر [2]
1960- أحمد بن محمد، المعتضد باللَّه [3] [أمير المؤمنين] [4] :
كانت علته تغير المزاج [5] و [الجفاف] [6] من كثرة الجماع، وكان يوصف لَهُ أن [7] يقل الغذاء ويرطب معدته [8] ولا يتعب، وَكَانَ يستعمل ضد ما يوصف لَهُ [9] ، ويريهم أنه يحتمي، فإذا خرجوا دعا بالخبز والزيتون والسمك، فسقطت قوته، واشتدت علته في يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر سنة تسع وثمانين، [واجتمع [10] الجند متسلحين] [11] .
وتوفي [في] [12] يوم الاثنين لثمان بقين من/ ربيع الآخر من هذه السنة، وغسله 446/ أأحمد بْن شيبة عند زوال الشمس، وصلى عليه يُوسُف بْن يعقوب القاضي، وحضر الوزير الْقَاسِم بْن عُبَيْد اللَّهِ، وأبو حازم، وأبو عمر، وخواص الخدم، وَكَانَ أوصى أن يدفن في دار محمد بن [عبيد الله] [13] بن ظاهر، فحفر له فيها، وحمل من قصره المعروف بالحسني ليلا، فدفن.
__________
[1] في ص: «وفيها حج الناس» .
[2] العنوان ساقط من ك.
[3] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 2/ 199) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[5] في ص، ك: «كانت علته فساد المزاج» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ك: «وكان دواؤه أن يقل» .
[8] في ص: «وكان دوامان يأمره بتقليل الغذاء ويرطب بدنه» .
[9] في ك: «وكان يستعمل ضدها» . وفي ص: «وكان يستعمل ضد هذا» .
[10] في ك: «وأصبح الجند» .
[11] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[12] ما بين المعقوفتين: ساقط من ك، ت.
[13] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/7)
وكانت خلافته تسع سنين وتسعة أشهر وخمسة أيام، وبلغ من السن خمسا وأربعين سنة وعشرة أشهر وأياما.
أَخْبَرَنَا [أَبُو منصور القزاز [1]] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلي [أَبُو بكر [2] بن ثابت [3]] ، أخبرنا أحمد بن عمر بْن روح النهرواني أَخْبَرَنَا المعافى [4] بْن زكريا، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن جعفر بْن موسى البرمكي، قَالَ: حَدَّثَنَا صالح الحربي، قَالَ [5] : لما مات المعتضد كفن [6] والله في ثوبين قوهي [قيمتهما] [7] ستة عشر قيراطا.
1961- بدر غلام المعتضد [8] :
قيل: وَكَانَ سبب قتله أنه لما مات المعتضد هم القاسم بن عبيد الوزير أن يجعل
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفي ص، ك: «أخبرنا أبو بكر بن ثابت» .
[3] في ص، ك: «حدثنا المصافي» .
[4] في المطبوعة: «قال لي: صافي الحرمين» .
[5] في ك، ص، والمطبوعة: «كفنته» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 95، وفي تاريخ الطبري 10/ 89. والكامل 6/ 413. وشذرات الذهب 2/ 201) .
[8] في ك: «قتل وَكَانَ سبب قتله أنه لما مات المعتضد هم القاسم بن عبيد الله الوزير أن يجعل الخلافة في ولد المعتضد فامتنع» .
وفي ص: «وقيل: وكان سبب قتله أنه لما مات المعتضد امتنع القاسم بن عبيد أن يجعل الخلافة في ولد المعتضد فامتنع» .
وفي تاريخ الطبري 10/ 89: «ذكر سبب قتله: ذكر أن سبب ذلك كان أن القاسم بن عبيد الله كان هم بتصيير الخلافة من بعد المعتضد في غير ولد المعتضد، وأنه ناظر بدرا في ذلك فامتنع» .
وفي الكامل 6/ 413: «وكان سبب ذلك أن القاسم الوزير، كان قد هم بنقل الخلافة عن ولد المعتضد بعده. فقال لبدر في ذلك في حياة المعتضد بعد أن استحلفه واستكتمه، فقال بدر: «ما كنت لأصرفها عن ولد مولاي وولي نعمتي» .
وفي البداية 11/ 95: «كان القاسم الوزير قد عزم على أن يصرف الخلافة عن أولاد المعتضد وفاوض بذلك بدرا هذا فامتنع عليه وأبى» .(13/8)
الخلافة في غير ولد المعتضد، فامتنع من ذلك بدر، وكان صاحب جيش المعتضد والمستولي على الأمر، وَقَالَ: ما كنت لأصرفها عن أولاد مولاي فاضطغنها الْقَاسِم عليه، وعقد للمكتفي لما كان بين المكتفي و [بين] [1] بدر من التباعد في حياة أبيه، فقدم [المكتفي من الرقة، وبدر بفارس يحارب، فعمل الْقَاسِم في هلاك بدر خوفا على نفسه من بدر أن يطلع المكتفي على ما كَانَ عزم عليه [2] ، فأرسل] [3] المكتفي إلى بدر يعرض عليه الولايات، فأبى، وَقَالَ: لا بد لي من المصير إلى مولاي، فَقَالَ الْقَاسِم للمكتفي:
إنى لا آمنه عليك، فإنه قد أظهر العصيان. [فغيره [4] عليه] فبعث المكتفي إلى جماعة من القواد الذين مع بدر، فأمرهم بفراقه [5] ، ففارقوه وقدموا على المكتفي، وقصد بدر واسطا، فوكل المكتفي بداره، وأمر بمحو اسمه من الأعلام والتراس، ودعا الْقَاسِم أبا حازم القاضي وأمره بالمضي [6] إلى بدر ولقائه وتطييب نفسه ومخاطبته [7] بالأمان من أمير المؤمنين على نفسه وماله وولده.
فَقَالَ أَبُو حازم: أحتاج إلى سماع ذلك من أمير المؤمنين حتى أؤديه إليه. فَقَالَ:
إني لسان أمير المؤمنين، وما أظنك تتهمني في الحكاية عنه. قَالَ: فأقول لبدر إن الوزير [8] : قَالَ كذا؟ قَالَ: لا [قَالَ فأكذب؟ وَكَانَ قد دفع إليه كتاب [9] أمان من المكتفي] [10] ثم قَالَ لَهُ: انصرف حتى استأذن لك. ثم دعا أبا عمر- مُحَمَّد بْن يُوسُف فأمره بمثل الذي أمر به أبا حازم، فسارع إلى إجابته، واستقر الأمر أن يدخل بدر بغداد
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] «عليه» ساقطة من ص.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ك: «يأمرهم بفراقه» .
[6] في ت، ك: «فأمره بالمضي» .
[7] في ت، ك، والمطبوعة: «وإعطائه» .
[8] في ت: «فأقول إلى الوزير» .
[9] في ص: «فأكذب، وزور إليه كتاب» .
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/9)
سامعا مطيعا، فلما قرب بعث القاسم بعض خدم السلطان، فأخذه من السفينة ومضى به إلى جزيرة، ودعا بسيف فلما تيقن القتل [1] سأله: أن يمهله حتى يصلي ركعتين فأمهله [2] فصلى، وأعتق جميع مماليكه.
وقتل في رمضان هذه السنة، وأخذ رأسه وتركت جثته أياما حتى وجه عياله، فأخذوها سرا فحملوها أيام الموسم إلى مكة فدفنوها، وتسلم السلطان ضياعه ودوره.
ورجع أَبُو عمر القاضي إلى داره حزينا كئيبا لما كَانَ منه في ذلك، فَقَالَ الشاعر:
قل لقاضي مدينة المنصور ... بم أحللت أخذ رأس الأمير؟
بعد إعطائه المواثيق والعهد ... وعقد الأمان [3] في منشور
1962- جعفر بْن موسى، أَبُو الفضل النحوي يعرف بابن الحداد [4] :
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز [5] ، قال: أخبرنا أبو بكر بْنِ ثَابِتٍ [الْخَطِيبُ [6]] ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الواحد، حدثنا محمد بن العباس، قال: قرئ على ابن المنادي وأنا أسمع، قَالَ: وأبو الفضل [جعفر] [7] بْن موسى النحوي كتب الناس عنه شيئا من اللغة وغريب الحديث، وما كَانَ من كتب أبي عبيد مما سمعه من أَحْمَد بْن يُوسُف الثعلبي [8] وغير ذلك، من ثقات المسلمين وخيارهم.
توفي [يوم الأحد بالعشي] [9] ودفن في يوم الاثنين لثلاث خلون من شعبان سنة
__________
[1] في ك: «فلما تيقن الموت» .
[2] في ك، ص، والمطبوعة: «ففعل» .
[3] في تاريخ الطبري 10/ 93، والكامل 6/ 414، وك، ص: «عقد الأيمان» .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 192) .
[5] في ص: «أخبرنا القزاز» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك وفي ص: «أخبرنا الخطيب» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] كذا في الأصول المخطوطة، وفي تاريخ بغداد 7/ 192: «أحمد بن يوسف التغلبي» .
[9] ما بين المعقوفتين: إضافة من تاريخ بغداد. وفي ك، ص: «توفي في يوم الإثنين» . وفي ك ودفن في يوم الإثنين» .(13/10)
تسع وثمانين، ودفن قرب منزله ظهر قنطرة البردان [1] .
1963- الحسن بْن عَلي بْن ياسر، أَبُو علي الفقيه [2] :
روى عنه الطبراني [3] ، وَكَانَ ثقة، مضي إلى مصر [4] وكتب عنه [بها.
وتوفي] [5] في ربيع الآخر من هذه السنة.
1964- الحسن بْن العباس بْن أبي مهران [6] ، أَبُو عَلي المقرئ الرازي ويعرف [7] بالجمال:
سكن بغداد، وحدث بها عن جماعة. وروى عنه ابن صاعد، وابن مخلد، والنقاش، وَكَانَ ثقة.
توفي في رمضان [من] [8] هذه السنة.
1965- الحسين بْن مُحَمَّد بْن عبد الرحمن بْن فهم بْن محرز بْن إبراهيم، أَبُو على [9] :
ولد سنة إحدى عشرة ومائتين، وسمع من خلف بْن هشام، ويحيى بْن معين، ومحمد بْن سعد، وغيرهم. روى عنه أَحْمَد بْن معروف الخشاب، وابن كامل
__________
[1] في ك: «ودفن قريب منزله بظهر قنطرة البردان» .
[2] في ص: «ابن ياسر الفقيه» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 368، 36) .
[3] في ك، ص، والمطبوعة: «روى عن الطبراني» خطأ.
[4] في ك، ص: «قدم بغداد» وفي تاريخ بغداد، قال الخطيب بسنده إلى أبي سعيد بن يونس، قال: «الحسن ابن ياسر الفقيه، يكنى أبا علي، قدم إلى مصر وكتب عنه بها» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ص، والمطبوعة: «ابن أبي حمدان» . خطأ.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 397) .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 92، 93 والبداية والنهاية 11/ 95. وشذرات الذهب 2/ 201، وتذكرة الحفاظ 680، سؤالات الحاكم للدارقطنيّ 85، وفيه اسمه الحسن بن فهم، وميزان الاعتدال 1/ 545، والمغني 1/ 74، لسان الميزان 2/ 309، والإكمال 7/ 75) .(13/11)
[القاضي [1]] ، والخطبيّ [2] ، والطوماري [3] ، وَكَانَ عسرا في الرواية متمنعا إلا لمن أكثر ملازمته، وَكَانَ يسكن الجانب الشرقي [في] [4] ناحية الرصافة.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بن علي بن ثابت [الخطيب] [5] قال: حَدَّثَنَا [6] الحسن بْن أبي بكر، عن أَحْمَد بْن كامل [7] القاضي [8] ، قَالَ: كَانَ الحسين بْن مُحَمَّد متقنا في العلوم [9] ، كثير الحفظ للحديث مسنده ومقطوعه ولأصناف الأخبار والنسب والشعر والمعرفة بالرجال فصيحا، [متوسطا في الفقه، يميل] [10] إلى مذهب العراقيين، وسمعته يقول: صحبت يحيى بْن معين فأخذت عنه معرفة الرجال وصحبت مصعب بْن عَبْد اللَّه فأخذت عَنْهُ معرفة النسب [11] وصحبت أبا خيثمة فأخذت عنه المسند، وصحبت الحسن بْن حماد سجادة فأخذت عنه الفقه [12] .
وتوفي في رجب سنة تسع وثمانين [ومائتين] [13] وبلغ ثمانيا وسبعين سنة.
قَالَ الخطبي: ودفن بباب البردان، وَكَانَ يومئذ ببغداد زلزلة شديدة.
وقال الدار الدارقطني: ليس بالقوى.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلي، قَالَ: أَخْبَرَنَا الأزهري، حَدَّثَنَا عبد
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ك، ت. وهو: أحمد بن كامل القاضي، كما في تاريخ بغداد 8/ 92.
[2] هو: إسماعيل بن علي الخطبيّ.
[3] هو: أبو علي الطوماري.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك. وفي ص: «أخبرنا الخطيب» .
[6] في ص، ك: «أخبرنا» .
[7] في ت: «عن أبي كامل» خطأ.
[8] «القاضي» : ساقط من ص.
[9] في المطبوعة، ت: «متقنا في العلوم» . وفي تاريخ بغداد، 8/ 93: «مفتيا مفتنا في العلوم» .
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[11] «وصحبت مصعب ... معرفة النسب» ، هذه الجملة ساقطة من ك، ص، والمطبوعة.
[12] «وصحبت أبا خيثمة ... عنه الفقه» . هذه الجملة ساقطة من ك.
[13] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.(13/12)
الرحمن بْن عمر الخلال، قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يعقوب بْن شيبة يقول:
سمعت أبا بكر بْن أبي خيثمة يقول: لما ولد فهم- يعني والد الحسين بْن فهم- أخذ أبوه المصحف فجعل يصفح فجعل كلما صفح ورقة يخرج فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ 2: 171 فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ 9: 93، فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ 36: 9، فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ 7: 100 فضجر فسماه فهما.
1966- عمارة بْن وثيمة بْن موسى، أَبُو رفاعة الفارسي [1] :
ولد بمصر، وحدث عن أبي صالح كاتب الليث وغيره، وصنف تاريخا على السنين [2] ، وحدث به.
وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة] [3] .
1967- عمرو بن الليث الصفار [4] :
من كبار الأمراء، توفي في هذه السنة، ودفن قريبا من القصر الحسني.
__________
[1] انظر ترجمته في: (حسن المحاضرة 1/ 319. وكشف الظنون. 380. والبداية والنهاية 11/ 96.
والأعلام 5/ 38) .
[2] يوجد منه السفر الثاني في مخطوطات الفاتيكان، برقم (165) عربي، باسم: «السفر الثاني من كتاب فيه بدء الخلق وقصص الأنبياء» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص.
[4] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 96. وتاريخ ابن خلدون 4/ 326. والفتح الوهبي على تاريخ أبي نصر العتبي، للمتنبي 1/ 348. وتاريخ دول الإسلام لمنقرويوس 1/ 269. والأعلام 5/ 84.
وشذرات الذهب 2/ 201، 202) .(13/13)
ثم دخلت سنة تسعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أنه ورد كتاب من الرقة يذكر فيه أن يحيى بْن زكرويه بْن مهرويه، المكنى بأبي الْقَاسِم، المعروف بالشيخ- وَكَانَ من دعاة القرامطة- وافى [الرقة] [1] في جمع كثير، فخرج إليه جماعة من أصحاب السلطان، فهزمهم، وقتل رئيسهم.
وورد الخبر أن جيشا خرجوا من دمشق إلى القرمطي، فهزمهم وقتل رئيسهم، فوجه أَبُو الأغر لحرب القرمطي في عشرة آلاف.
ولعشر بقين من جمادى الآخرة خرج المكتفي بعد العصر عامدا [2] إلى سامرا يريد [3] البناء بها، للانتقال إليها، فدخلها يوم الخميس لخمس بقين من جمادى، ثم انصرف إلى مضارب ضربت له بالجوسق، فدعا الْقَاسِم بْن عُبَيْد اللَّهِ والقوام بالبناء فقدروا له ما يحتاج [4] إليه من المال، وأكثروا عليه، وطولوا مدة الفراغ، وجعل الْقَاسِم يصرفه عن رأيه في ذلك فثناه عن عزمه فعاد.
وفى يوم الجمعة لأربع عشرة خلت من شعبان قرئ كتابان في الجامعين بقتل
__________
[1] ما بين المعقوفتين: إضافة من تاريخ الطبري (10/ 97) .
[2] في ك: «بعد العصر قاصدا» .
[3] في ص: «مريدا البناء بها» .
[4] في ك: «فقدروا ما يحتاج» بإسقاط «له» .(13/14)
يحيى بْن زكرويه الملقب بالشيخ، قتله المصريون على باب دمشق بعد أن قتل منهم خلقا [كثيرا] وكسر لهم جيوشا.
وَكَانَ يحيى هذا يركب جملا فإذا أشار بيده إلى ناحية من نواحي محاربيه انهزموا [1] . فافتتن بذلك أصحابه، فلما قتل عقد أخوه الحسين لنفسه وتسمى بأحمد بْن عبد الله، وتكنى بأبي العباس، ودعا إلى ما كَانَ يدعو إليه أخوه، فأجابه أكثر أهل البوادي وقويت شوكته ووصل إلى دمشق فصالحه أهلها على شيء فانصرف عنهم، ثم صار إلى أطراف حمص فتغلب عليهم وخطب له على منابرها وتسمى/ بالمهدي، ثم صار إلى حمص، فأطاعه أهلها، وفتحوا له بابها خوفا على أنفسهم، ثم سار إلى حماة ومعرة النعمان وغيرها، فقتل أهلها و [سبى] [2] النساء والصبيان، وسار إلى سلمية فحاربه أهلها، ثم وادعهم ودخلها فقتل من بها من بني هاشم، ثم قتل البهائم وصبيان الكتاتيب، ثم خرج إلى ما حول ذلك يقتل ويسبي ويخيف السبيل، ويستبيح وطء نساء الناس، وربما أخذ المرأة فوطئها جماعة [3] منهم، فتأتى بولد فلا يدرى من أيهم هو، فيهنأ به جميعهم [4] .
ولليلتين خلتا من رمضان أمر المكتفي بإعطاء الجند أرزاقهم والتأهب لحرب القرمطي بناحية الشام، فأطلق للجند في دفعه واحدة مائة ألف دينار، وَكَانَ السبب أن أهل الشام [5] كتبوا إليه يشكون ما يلقون من القرامطة [6] ، فخرج المكتفي حتى انتهى إلى الرقة [7] ، فنزلها، وسرح إلى القرمطي جيشا بعد جيش، وَكَانَ القرمطي يكتب إلى أصحابه [8] : من عبد الله أَحْمَد بْن عبد الله المهدى المنصور [9] باللَّه، الناصر لدين الله،
__________
[1] في ك: «فإذا أشار بيد إلى ناحية من النواحي في محاربيه انهزم محاربوه من تلك الجهة.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص.
[3] في ت: «وتؤخذ المرأة فيطؤها جماعة» .
[4] في ت: «ولا يدري لأيهم هو، فيهنأ به جميعهم» .
[5] في تاريخ الطبراني 10/ 103: «ان أهل مصر» .
[6] في ص، ك: «يشكون ما لقوا من القرامطة» .
[7] في ص: «حتى انتهى الرقة» .
[8] «يكتب» : ساقطة من ص.
[9] في ت: «من عبيد الله أَحْمَد بْن عبد الله المهدى المنصور» .(13/15)
القائم بأمر الله، الحاكم بحكم الله، الداعي إلى كتاب الله، الذاب عن حريم الله، المختار من ولد رَسُول اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم] [1] . وكان ينتحل أنه من ولد [2] علي [ابن أبي طالب [3]] عليه السلام اللَّه [4] .
ووقع ثلج ببغداد يوم الرابع والعشرين من كانون الثاني منذ أول النهار إلى العصر.
وحج بالناس في هذه السنة [5] الفضل بْن عبد الملك بْن عبد الله بْن العباس بن محمد [6] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر [7]
1968- جعفر بن محمد بن عمران بْن بريق، أَبُو الفضل البزاز المخرمي [8] :
وغلط أَبُو الْقَاسِم الطبراني، فقاله: بويق، بالواو. وحدث عن خلف بْن هشام [9] ، روى عنه أَحْمَد بْن كامل، وَكَانَ قد حدث قبل موته بقليل.
وتوفي على ستر جميل [10] .
1969- الحسين بْن أَحْمَد بْن أبي بشر، أَبُو على المقرئ السراج [11] :
من أهل سامرا. روى عنه أَبُو الحسين بْن المنادى، وَقَالَ: كَانَ من أفاضل الناس كتب الناس عنه.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ص: «من أولاد» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص.
[4] في ص، ك: «عليه السلام» .
[5] في ص، ك: «وفيها حج بالناس الفضل» .
[6] العبارة: «وحج ... بن محمد» . ساقطة من ك.
[7] العنوان ساقط من ك.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 192، 193) .
[9] في ت: «خلاد بن هشام» . وما أوردناه يوافق ما في تاريخ بغداد 7/ 192، وباقي الأصول.
[10] في ك: «على سيرة جميلة» .
[11] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 3) .
والسراج نسبة إلى عمل السرج، وهو الّذي يوضع على الفرس، (الأنساب 7/ 65) .(13/16)
توفي بسر من رأى ليلة عرفة من هذه السنة.
1970- عبد الله بن أحمد بْن مُحَمَّد بْن حنبل، أَبُو عبد الرحمن [1] الشيباني:
سمع أباه، وعَبْد الأَعْلَى بْن حماد، وكامل بْن طلحة، ويحيى بْن معين وخلقا كثيرا. روى عنه البغوي، وابن المنادى، والخلال. وَكَانَ حافظا ثقة ثبتا. وكان أحمد يقول: ابني محظوظ من علم الحديث. وَقَالَ ابن المنادى: لم يكن في الدنيا أحد أروى عن أبيه منه، لأنه سمع «المسند» وهو ثلاثون ألفا، و «التفسير» وهو مائة وعشرون ألفا سمع منها ثمانين والباقي إجازة [2] ، وسمع «الناسخ والمنسوخ» و «التاريخ» ، و «حديث شعبة» ، و «المقدم والمؤخر في كتاب الله تعالى» ، و «جوابات القرآن» ، و «المناسك الكبير والصغير» ، وغير ذلك من التصانيف وحديث الشيوخ [3] .
قَالَ: وما زلنا نرى أكابر شيوخنا يشهدون له بمعرفة الرجال، وعلل الحديث، والأسماء، والكنى، والمواظبة على طلب الحديث في العراق وغيرها، ويذكرون عن أسلافهم الإقرار له بذلك، حتى إن بعضهم أسرف في تقريظه إياه بالمعرفة وزيادة السماع للحديث على أبيه.
ولما مرض قيل له: أين تحب أن تدفن؟ قَالَ: صح عندي أن بالقطيعة نبيا مدفونا، ولأن أكون في جوار نبي أحب إلى من أن أكون في جوار أبي.
وتوفي في جمادى الآخرة [لتسع ليال بقين] [4] من هذه [السنة] [5] وَكَانَ الجمع كثيرا فوق المقدار، ودفن في مقابر باب التبن وصلى عليه زهير ابن أخيه [صالح] [6] .
__________
[1] انظر ترجمته في: (طبقات ابن أبي يعلى 1/ 180. وتهذيب التهذيب 5/ 141. والأعلام 4/ 65.
والبداية والنهاية 6/ 96، 97. وتاريخ بغداد 9/ 375، 376، وشذرات الذهب 2/ 203، وتقريب التهذيب 1/ 401) .
[2] في ص: «وهو مائة وعشرون ألفا منها ثمانين، وسمع» .
[3] في ت: «وصدقه الشيوخ» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.(13/17)
1971- عبد الله بْن أَحْمَد بْن سعيد، أَبُو مُحَمَّد الرباطي المروزي [1] :
سافر مع أبي تراب النخشبي، وَكَانَ الجنيد يمدحه ويقول: هو رأس فتيان خراسان، وَكَانَ كريما حسن الخلق.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ مُحَمَّدِ] [2] الْقَزَّازِ، قَالَ: أخبرنا أحمد بن على [3] بن ثابت، قال: حَدَّثَنَا عبد العزيز بْن عَلي الوراق، حَدَّثَنَا عَلي بْن عبد الله بْن الحسن الهمذاني، حَدَّثَنَا الخلدي، [قَالَ:] [4] حدثني أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن زياد، قَالَ:
حدثني مصعب بْن أَحْمَد بْن مصعب، قَالَ: قدم أَبُو مُحَمَّد المروزي [5] إلى بغداد يريد مكة، فكنت أحب أن أصحبه، فأتيته فاستأذنته في الصحبة، فلم يأذن لي في تلك السنة، ثم قدم سنة ثانية وثالثة فأتيته فسلمت عليه وسألته [6] فَقَالَ: اعزم على شرط يكون أحدنا الأمير لا يخالفه الآخر، فقلت: أنت الأمير! فَقَالَ: يا أبا مُحَمَّد لا! بل أنت الأمير! فقلت: أنت أسن وأولى! فَقَالَ: نعم، ولا يجب أن تعصيني! فقلت:
نعم! فخرجت معه، فكان إذا حضر الطعام يؤثرني فإذا عارضته بشيء [7] قَالَ: ألم أشترط عليك أن لا تخالفني؟ فكان هذا دأبنا، حتى ندمت على صحبته لما يلحق نفسه من الضرر، فأصابنا في بعض الأيام مطر شديد [8] ونحن نسير، فَقَالَ لي: يا أبا مُحَمَّد اطلب الميل، فلما رأينا الميل قَالَ لي: اقعد في أصله! فأقعدني في أصله، وجعل يديه على الميل وهو قائم [قد حنا] [9] عَلي وعليه كساء قد تجلل به يظللني
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 374. والبداية والنهاية 11/ 97) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص.
[3] في ص: «أخبرنا ابن ثابت» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ت: «أبو علي المروزي» .
[6] في ك: «فأتيته فسلمت عليه واستأذنته» .
[7] في ك: «فإذا عارضته في شيء» .
[8] في ت: «المطر الشديد» .
[9] ما بين المعقوفتين: بياض في ت. وفي ك: «وانحنى» .(13/18)
[به] [1] من المطر حتى تمنيت أنى لم أخرج معه لما يلحق نفسه من الضرر، فلم يزل هذا دأبه [2] حتى دخلنا مكة.
1972- عمر بْن إبراهيم، أَبُو بكر الحافظ، المعروف بأبي الآذان [3] :
[سمع و] [4] حدث عن جماعة. روى عنه ابن قانع، وابن المنادي، وكان ثقة سكن سرمن رأى.
توفي بها في هذه السنة وله ثلاث وستون سنة.
1973- مُحَمَّد بْن إسماعيل بْن عامر، أَبُو بكر التمار الواسطي [5] :
سكن بغداد، وحدث بها عن أَحْمَد بْن سنان الواسطي، وسرى السقطي، والربيع بْن سليمان المرادي وغيرهم. روى عنه أَبُو عمرو بْن السماك، وَقَالَ: سمعنا منه وهو ابن ستين سنة وهو أسود اللحية.
1974- مُحَمَّد بْن الحسين بْن عبد الرحمن، أَبُو العباس الأنماطي [6] :
سمع داود بن عمرو الضبي، ويحيى بْن معين وغيرهما. روى عنه ابن صاعد، وابن مخلد، وابن قانع وغيرهم. وَكَانَ ثقة ثبتا صالحا.
وتوفي في هذه السنة، وقيل: في سنة ثلاث وتسعين [7] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط في ت، ص.
[2] في ت: «فكان هذا دأبه» . وفي ص، ك: «فلم يزل ذلك دأبه» . وما أوردناه يوفق ما في تاريخ بغداد 9/ 374.
[3] في ص: عمران بن إبراهيم» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 215. وتذكرة الحفاظ 744، وتقريب التهذيب 2/ 51) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 45) .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 227، 228) .
[7] في ك: «في سنة ثمان وتسعين» .(13/19)
1975- مُحَمَّد بْن [الحسين بْن] [1] الفرج، أَبُو ميسرة الهمدانيّ [2] :
كَانَ أحد من يفهم شأن الحديث، وصنف مسندا، وحدث عن كامل بْن طلحة وطبقته، وهو صدوق، روى عنه الباغندي وابن قانع.
1976- مُحَمَّد بْن عبد الله، أَبُو بكر الزقاق، أحد شيوخ الصوفية [3] :
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلي الحافظ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا عبد العزيز بْن أبي الحسن، قَالَ: سمعت ابن جهضم يقول: سمعت الحسن [ابن أَحْمَد] [4] بْن عبد العزيز يقول: سمعت الزقاق، يقول: لي سبعون [5] [سنة] أرب هذا الفقر، من لم يصحبه في فقره الورع أكل الحرام النض [6] .
قَالَ ابن جهضم: وحدثني حسين بْن مُحَمَّد السراج، قَالَ: قَالَ جنيد: رأيت إبليس في منامي وكأنه عريان، فقلت [7] [له] : أما تستحي من الناس؟ [فَقَالَ: باللَّه عندك هؤلاء من الناس لو كانوا من الناس [8]] ما تلاعبت بهم كما يتلاعب الصبيان بالكرة، ولكن الناس غير هؤلاء! فقلت له: ومن هم؟ فَقَالَ: قوم في مسجد الشونيزي قد أضنوا قلبي وأنحلوا جسمي كلما هممت بهم أشاروا إلى الله تعالى فأكاد أحترق! قَالَ جنيد: فانتبهت ولبست ثيابي وجئت إلى مسجد الشونيزي [وعلي ليل فلما دخلت المسجد [9]] فإذا [أنا] [10] بثلاثة أنفس جلوس ورءوسهم في مرقعاتهم، فلما أحسوا بي
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 228) .
[3] في ص، ك: أبو بكر الدقاق. وما أوردناه موافق لما في تاريخ بغداد.
انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 442، وطبقات الصوفية 23، 389، 448، 501، واللباب 2/ 505، وحسن المحاضرة 1/ 293، ومسالك الأبصار 5/ 3/ 247، 249، والنجوم الزاهرة 3/ 131) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[5] في ت: «كان لي سبعين» . وفي ص: «كان لي تسعين» . وما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ك: «الحرام المحض» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/20)
قد دخلت المسجد أخرج أحدهم رأسه، فَقَالَ: يا أبا الْقَاسِم أنت كلما قيل لك شَيْء تقبل.
قَالَ ابن جهضم: ذكر لي أَبُو عبد الله بْن خاقان [1] إن الثلاثة الذين كانوا في مسجد الشونيزي: أَبُو حمزة، وأبو الحسين النوري، وأبو بكر الزقاق [2] .
1977- يحيى بْن زكرويه القرمطي [3] :
قتله المصريون في هذه السنة على ما سبق ذكره [في الحوادث] [4] .
__________
[1] في تاريخ بغداد 5/ 443: «أبو عبد الله بن جابار» .
[2] الفقرة من: «قال ابن جهضم ... » حتى آخر الترجمة ساقط من ك.
[3] انظر ترجمته في: (مرآة الجنان 2/ 217، وشذرات الذهب 2/ 199، 202) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. والترجمة بأكملها ساقطة من ك.(13/21)
ثم دخلت سنة إحدى وتسعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
وقعة بين أصحاب السلطان/ وبين القرامطة [فهزموا القرامطة] [1] وأسروا وقتلوا، وتفرق الباقون في البوادي، وتبعهم أصحاب السلطان، ثم وقعوا بالقرمطي، فأخذوه، وَكَانَ يقال له صاحب الشامة، فحمل إلى الرقة ظاهرا للناس وعليه برنس، ثم إن المكتفي رحل إلى بغداد، وحمل معه القرمطي في أول صفر فعزم أن يصلب القرمطي على دقل، ويجعل الدقل على ظهر فيل، فأمر بهدم طاقات الأبواب لئلا ترده.
ثم استسمج فعل ذلك، ثم جعل له كرسيا ارتفاعه ذراعان ونصف على ظهر الفيل، ودخل المكتفي إلى بغداد والأسرى بين يديه مقيدون، ورئيس القوم قد جعل في فيه خشبة مخروطة، وشدت إلى قفاه كهيئة اللجام، وأمر المكتفي ببناء دكة في المصلى العتيق من الجانب الشرقي ارتفاعها عشرة أذرع، وبنى لها درج فلما كَانَ يوم الاثنين لسبع بقين [من ربيع الأول] [2] أمر المكتفي القواد والغلمان بحضور الدكة، فحضر الناس وجيء بالأسارى وهم يزيدون على ثلاثمائة، وجيء بالقرمطي الحسين بْن زكرويه المعروف بصاحب الشامة فصعد به إلى الدكة [3] ، وقدم [له] [4]
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ك، ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ك: «وأصعد به إلى الدكة» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/22)
أربعة وثلاثون إنسانا من الأسارى، فقطعت أيديهم وأرجلهم، وضربت أعناقهم واحدا [بعد] [1] واحد، ثم قدم كبيرهم فضرب مائتي سوط، وقطعت يداه ورجلاه، وكوى، ثم أحرق ورفع [رأسه] [2] على خشبة، ثم قتل الباقون، وصلب بدن القرمطي في طرف الجسر الأعلى.
ولثلاث بقين من رجب قرئ كتاب من خراسان يذكر فيه: إن الترك قصدوا المسلمين في جيش عظيم، وكان في عسكرهم سبعمائة [3] قبة تركية، ولا يكون ذلك إلا للرؤساء منهم، فخرج من المسلمين خلق كثير فكبسوهم مع الصبح، وانهزم الباقون.
وفى شعبان ورد الخبر [4] بأن صاحب الروم وجه عشرة صلبان [5] ، معها مائة ألف رجل إلى الثغور، فأغاروا وسبوا من قدروا عليه من المسلمين وأحرقوا.
وفى رمضان ورد الخبر من الْقَاسِم بْن سيما من الرحبة، يذكر أن الأعراب الذين استأمنوا ممن كَانَ مع القرمطي [6] [نكثوا وغدروا [7] ، و] عزموا أن يكبسوا الرحبة بوم [8] الفطر عند اشتغال الناس بالصلاة، وإني وقعت عليهم وأسرت [9] .
وحج بالناس في هذه السنة [10] الفضل بْن عبد الملك بْن عبد الله بْن العباس بن محمد.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ص، ك، والمطبوعة: «تسعمائة» . وما أوردناه من ت، وتاريخ الطبري. 10/ 291.
[4] في ت: «وورود الخبر في شعبان بأن» .
[5] في ت: «عشرة صلبانات» .
[6] في ص: «ممن كان يتبع القرمطي» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] في المطبوعة: «أن يكبسوا الرحبة يوم» .
[9] في ك، ص: «وإني أوقعت بهم فقتلت وأسرت» .
[10] في ك، ص: «وفي هذه السنة حج بالناس» .(13/23)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر [1]
1978- أَحْمَد بْن يحيى بْن زيد بْن يسار، أَبُو العباس الشيباني، مولاهم المعروف بثعلب [2] :
إمام الكوفيين في النحو واللغة، ولد سنة مائتين. وسمع إبراهيم بْن المنذر، ومحمد بْن زياد الأعرابي، وعبيد الله بن عمر القواريري، والزبير بن بكار، وغيرهم روى عنه ابن الأنباري، وابن عرفة، وأبو عمر الزاهد، وأبو معشر وغيرهم [3] وكان ثقة حجة دينا صالحا مشهورا بالصدق والحفظ.
وكان يقول: طلبت العربية واللغة في سنة ست عشرة ومائتين، وابتدأت بالنظر في حدود الفراء وسني ثماني عشرة، وبلغت خمسا وعشرين وما بقي عليّ مسألة للفراء [4] [و] لا شيء [من كتبه [5]] إلا [و] [6] قد حفظته، وسمعت من القواريري مائة ألف حديث.
[قَالَ أَبُو مُحَمَّد عبد الرحمن بْن مُحَمَّد الزُّهْرِيّ: كَانَ بيني وبين أبي العباس مودة وكيدة، وكنت أستشيره في أموري، فجئته يوما أشاوره في الانتقال من محلة إلى
__________
[1] العنوان ساقط من ص.
[2] انظر ترجمته في: (إنباه الرواة 1/ 138. وبغية الوعاة 172. ونزهة الألباء 293. وتذكرة الحفاظ 2/ 214. وطبقات ابن أبي يعلى 1/ 83. وآداب اللغة 2/ 181. ووفيات الأعيان 1/ 102، 104، والأعلام 1/ 267. وتاريخ بغداد 5/ 204. والبداية والنهاية 11/ 98. وشذرات الذهب 2/ 207.
والفهرست 74. ومعجم الأدباء 5/ 102. والعبر 2/ 88. والنجوم الزاهرة 3/ 133. ونور القبس 334.
وغاية النهاية 48، وطبقات القراء لابن الجزري 1/ 148، وطبقات الحنابلة 1/ 83، النديم 74، واللباب 3/ 217، ومرآة الجنان 2/ 219، ومفتاح السعادة 1/ 7180 وطبقات المفسرين للداوديّ 89) .
[3] العبارة من: «روى عنه ابن الأنباري ... » إلى: « ... وأبو معشر وغيرهم» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/24)
أخرى لتأذي الجوار، فَقَالَ أبا مُحَمَّد: العرب تقول صبرك على أذى من تعرفه خير لك من استحداث من لا تعرف] [1] .
أَخْبَرَنَا القزاز، أخبرنا أبو بكر بن ثابت الخطيب [2] ، قَالَ: أخبرني [3] أَحْمَد بْن عَلي بْن الحسين المحتسب [4] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عمر أَحْمَد بْن محمد بن موسى [ابن] [5] العلاف، قَالَ: حدثني أَبُو عمر الزاهد، قَالَ: كنت في مجلس أبي العباس ثعلب فسأله سائل عن شيء، فَقَالَ: لا أدري، فَقَالَ له: أتقول لا أدري وإليك تضرب أكباد الإبل، وإليك الرحلة من كل بلد؟ فَقَالَ له ثعلب: لو كَانَ لأمك بعدد ما لا أدري بعر لاستغنت.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْقَزَّازِ [6] ، قَالَ: أخبرنا أحمد بن عَلِيِّ [بْنِ ثَابِتٍ] [7] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا القاضي أَبُو العلاء الواسطي، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّهِ الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن سليمان الكاتب، قَالَ: أنشدنا إسحاق بْن أَحْمَد الكاذي [8] ، قَالَ: أنشدنا ثعلب:
بلغت من عمري ثمانينا ... وكنت لا آمل خمسينا
فالحمد للَّه وشكرا له ... إذ زاد في عمرى ثلاثينا
وأسأل الله بلوغا إلى ... مرضاته آمين آمينا
توفي ثعلب يوم السبت، لثلاث عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين ومائتين [9] ، ودفن في مقبرة باب الشام وقبره ظاهر. وأدركه صمم في آخر عمره.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وك. وفي ص: «قال محمد بن عبد الرحمن الزهري» .
[2] في ك: «أحمد بن علي» . وفي ص: «أبو بكر بن ثابت» .
[3] في ك، ص: «أخبرنا» .
[4] في ت: «علي بن الحسن المحتسب» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ك، ص: «أخبرنا القزاز» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] في ت: «إسحاق بن حماد الكادي» .
[9] «ومائتين» : ساقط من ك.(13/25)
1979- إبراهيم بْن أَحْمَد بْن إسماعيل، أَبُو إسحاق [1] الخواص:
من أهل سرمن رأى، وَكَانَ يسافر كثيرا، فتوفي في هذه السنة بالري، وغسله ودفنه يُوسُف بْن الحسين، وقيل: توفي في سنة أربع وثمانين.
1980- الحسن بْن عَلي بْن المتوكل بْن ميمون أَبُو مُحَمَّد، مولى عبد الصمد بْن عَلي الهاشمي [2] :
روى عن عاصم وعفان، وروى عنه إسماعيل الخطبي، وكان ثقة.
توفي في محرم هذه السنة.
1981- الحسن بن محمد بن أحمد بن شعبة، أبو على المروزي [3] :
قدم بغداد، وحدث بجامع الترمذي عن المحبوبي. روى عنه العتيقي، وقال الأزهري: سمعت منه وكان شيخا فهما ثقة له هيبة [4] .
توفي في ذي الحجة من هذه السنة [5] .
1982- سليمان بْن يحيى بْن الوليد، أَبُو أيوب الضبي، المقرئ [6] :
قرأ القرآن بحرف حمزة، وكان شيخا صالحا يقرئ في مدينة المنصور [7] .
__________
[1] في ص: «إبراهيم بن أحمد بن سليمان» . خطأ. وفي الطبقات الكبرى للشعراني 1/ 83: «إبراهيم بن إسماعيل» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 7. والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 223. والأعلام 1/ 28، وطبقات الصوفية 284- 287، وحلية الأولياء 10/ 325- 331، وصفوة الصفوة 4/ 80- 84، والرسالة القشيرية 31. ونتائج الأفكار القدسية 1/ 125، وطبقات المناوي 1/ 184- 188، ومعجم المؤلفين 1/ 4، وجامع كرامات الأولياء 1/ 233، والنجوم الزاهرة 3/ 132، وكشف المحجوب 153، 154، وطبقات الأولياء 2) .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 369) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 423) .
[4] في ك: «وكان شيخا ثقة ذا هيبة» .
[5] أرخ الخطيب البغدادي في تاريخه 7/ 423 وفاته في سنة 391 هـ.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 60) .
[7] في ت، ك: «توفي في مدينة المنصور» . وفي تاريخ بغداد 9/ 60: «وكان شيخا صالحا يقرئ في مدينة أبي جعفر في الجامع بحرف حمزة» .(13/26)
وسمع الحديث من خلف بْن هشام وغيره، روى عنه أبو بكر ابن الأنباري، وأبو الحسين ابن المنادى.
وتوفي في هذه السنة.
1983- الْقَاسِم بْن عُبَيْد اللَّهِ بْن سليمان، الوزير:
وزير المعتضد والمكتفي، وفوض إليه المكتفي جميع الأمور، ومرض في رمضان [في] هذه السنة، فأمر أن يطلق العمال من الحبوس، ويكفل من عليه مال [1] ، ويطلق من في الحبس من العلويين [2] الّذي أخذوا ظلما بسبب القرمطي الناجم بالشام، وزادت علته فاستخلف ابن أخيه [3] أبا أَحْمَد عبد الوهاب بْن الحسن بْن عُبَيْد اللَّهِ، فجاء يعرض على المكتفي [4] ، فلما خرج من بين يديه تمثل المكتفي:
ولما أبى إلا جماحا فؤاده ... ولم يسل عن ليلى بمال ولا أهل
تسلى بأخرى غيرها فإذا الذي ... تسلى بها تغري بليلى ولا تسلي
توفي الْقَاسِم يوم الأربعاء، لست خلون من ذي القعدة. وَكَانَ قد وجه في صدر نهاره بالعباس بْن الحسن أبي أَحْمَد، وأبي الحسن عَلي بْن عيسى إلى المكتفي، [5] وكتب معهما كتابا إليه يخبره أنه في آخر ساعة من ساعات الدنيا، ويسأله التفضل على ولده ومخلفيه، ويشير عليه بأن يستكتب [بعده] [6] أحد الرجلين اللذين أنفذهما إليه فاختار استكتاب العباس وخرجا بالجواب إليه [وتوفي] [7] في تلك الساعة.
__________
[1] انظر ترجمته في: «الأعلام 5/ 177، والبداية والنهاية 11/ 98) .
[2] في ك: «ويهمل من عليه مال» .
[3] في ك: «ويطلق من في الحبوس من العلويين» .
[4] في ك: «وزادت علة ابن أخيه» .
[5] في ك: «فكان يعرض على المكتفي» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/27)
قَالَ أَبُو بكر الصولي: ومن العجائب التي رأيتها أنا كنا نبكر لعيادة الْقَاسِم بْن عُبَيْد اللَّهِ كل يوم، فدخلنا يوم الأربعاء الذي توفي فيه إلى داره، فرأينا ابنيه [1] : أبا عَلي، وأبا جعفر قد خرجا، فقام الناس إليهما، ودنا العباس بْن الحسن فقبل يديهما فمات الْقَاسِم في بقية اليوم، وخوطب العباس بالوزارة فرأيته بعد العصر [2] [و] قد صار إلى دار الْقَاسِم، فخرج الولدان جميعا، فقبلا يده، وَكَانَ الحاصل من ضياع الْقَاسِم في كل سنة سبعمائة ألف دينار.
1984- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن البراء بْن المبارك، أَبُو الحسن العبدي [3] :
سمع خلف بْن هشام، وعلي بْن المديني، وأحمد بْن إبراهيم الدورقي، وغيرهم. وكان ثقة صدوقا.
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قَالَ: أخبرنا أبو بكر بْن ثَابِت، أَخْبَرَنَا أَبُو العلاء الواسطي. حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حماد الكوفي، حَدَّثَنَا الحسن بْن إسماعيل الكندي، قَالَ: حدثني [4] أَبُو جعفر بْن البراء، قَالَ: اتصل بعمي أبي الحسن عن القاضي إسماعيل بْن إسحاق شيء، فعزم إسماعيل على الركوب إليه، فبادره عمي أبو الحسن بالركوب، فلما دخل عليه أنشأ يقول:
صفحت برغمي عنك صفح ضرورة/ ... [إليك وفي قلبي ندوب من العتب] [5]
فأجابه إسماعيل [يقول] [6] :
ولا زال بي شوق إليك مبرح ... يذلل مني كل ممتنع صعب
توفي أَبُو الحسن بْن البراء في شوال هذه السنة.
__________
[1] في ص: «التي توفي فيها إلى داره، فرأينا ابنيه» . وفي ك: «الّذي توفي فيه فرأينا ابنيه» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 281. وشذرات الذهب 2/ 208) .
[4] «أخبرنا أبو منصور القزاز ... قال حدثني» هذه العبارة ساقطة من ص.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ت: «فأجابه عمي» . وما بين المعقوفتين ساقط من ت.(13/28)
1985- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن النضر [1] بْن عبد الله بْن مصعب، أَبُو بكر [المعنى] [2] ابن بنت معاوية بن عمرو [3] الأزدي:
ولد في سنة ست وتسعين ومائة [4] ، وسمع جده معاوية، والقعنبي وغيرهما، روى عنه ابن صاعد، وابن مخلد، وأبو بكر النجاد، وغيرهم قَالَ عبد الله بْن أحمد، ومحمد بن عبدوس: هو ثقة لا بأس به.
أخبرنا القزاز، قال: أَخْبَرَنَا الخطيب، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن رزق، أَخْبَرَنَا إسماعيل بْن عَلي قَالَ: مات أَبُو بكر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن النضر [5] يوم الجمعة قبل الصلاة.
ودفن وقت العصر، وذلك لخمس خلون من صفر، سنة إحدى وتسعين ومائتين.
ودفن فِي مقابر باب الشام.
1986- مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن سعيد بْن عبد الرحمن، أَبُو عبد الله [العبدي] البوشنجي [6] :
شيخ أهل الحديث في عصره، سمع بمصر، والحجاز، والكوفة، والبصرة، وبغداد، والشام [وحدث في البلاد] [7] وروى عنه البخاري، ومحمد بْن إسحاق الصغاني.
توفي في غرة محرم هذه السنة، ودفن بنيسابور.
__________
[1] في ت: «محمد بن أحمد البصري» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 364. وشذرات الذهب 2/ 208) .
[4] في ك، ص، والمطبوعة: «سنة تسع وتسعين ومائة» . وما أوردناه من ت، وتاريخ بغداد 1/ 364.
[5] في ت: «أبو بكر محمد بن أحمد البصري» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من ت، ك.
وانظر ترجمته في: (شذرات الذهب 2/ 205، والوافي بالوفيات 1/ 342. وتذكرة الحفاظ 657.
والأعلام 5/ 294. وتقريب التهذيب 2/ 140) .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفي ك: «وحدث عن النجاد» .(13/29)
1987-[محمد بن محمد] [1] بْن إسماعيل بْن شداد، أَبُو عبد الله الأنصاري، القاضي المعروف بالجذوعي [2] :
حدث عن مسدد بْن مسرهد، وعلي بْن المديني، وابن نمير [3] وغيرهم.
[و] [4] روى عنه [أَبُو عمرو] [5] بْن السماك وغيره [6] وكان ثقة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ مُحَمَّدٍ] [7] ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت [8] ، [قال:
أخبرني عَلي بْن المحسن القاضي] [9] قَالَ: أخبرني أبي، قَالَ: قَالَ أَبُو الحسين مُحَمَّد بْن علي [بن] [10] الخلال البصري: حدثني أبي، وسمعته من غيره: أن القضاة والشهود بمدينة السلام [11] أدخلوا على المعتمد [على الله] [12] للشهادة عليه في دين كان عليه اقترضه عند الإضافة بالإنفاق على صاحب الزنج، فلما مثلوا بين يديه قرأ عليهم إسماعيل بْن بلبل الكتاب، ثم قَالَ: إن أمير المؤمنين أطال الله بقاءه يأمركم بأن تشهدوا عليه بما في هذا الكتاب، فشهد القوم حتى بلغ الكتاب [13] إلى الجذوعي القاضي، فأخذه بيده، وتقدم إلى السرير، وَقَالَ: يا أمير المؤمنين، أشهد عليك بما في هذا الكتاب؟ فَقَالَ: اشهد، فَقَالَ: إنه لا يجوز أن أشهد، أو تقول نعم اشهد علي، قال:
__________
[1] ما بين المعقوفتين: في ت «بياض» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 3/ 205، 206) .
[3] هو: محمد بن عبد الله بن نمير، كما في تاريخ بغداد 3/ 205.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] «وغيره» : ساقط من ص.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[8] في ص: «أخبرنا ابن ثابت» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[11] في ك: «بمدينة المنصور» .
[12] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[13] في ت: «فنشدوا حتى بلغ الكتاب» .(13/30)
نعم، فشهد في الكتاب ثم خرج، فَقَالَ المعتمد: من هذا؟ فقيل له: الجذوعي البصري، فقال: وما إليه؟ قالوا: ليس إليه شيء، فَقَالَ: مثل هذا لا ينبغي أن يكون مصروفا فقلدوه [واسطا فقلده إسماعيل وانحدر [1]] .
فاحتاج الموفق يوما إلى مشاورة الحاكم فيما يشاور في مثله، فَقَالَ: استدعوا القاضي، فحضر وَكَانَ قصيرا وله دنيه طويلة [2] فدخل في بعض الممرات ومعه غلام له فلقيه غلام [كان] [3] للموفق، وَكَانَ شديد التقدم عنده [وَكَانَ مخمورا] [4] ، فصادفه في مكان خال من الممر فوضع يده على دنيته حتى غاص رأسه فيها فتركه ومضى،. فجلس الجذوعي في مكانه، وأقبل غلامه حتى فتقها [5] وأخرج رأسه منها، وثنى رداءه على رأسه [6] وعاد إلى داره [7] ، وأحضر الشهود، فأمرهم بتسليم الديوان [8] ، ورسل الموفق يترددون، وقد سترت الحال عنه حتى ذكر بعض الشهود لبعض الرسل الخبر فعاد إلى الموفق فأخبره بذلك فأحضر صاحب الشرطة، وأمره بتجريد الغلام، وحمله إلى باب [9] دار القاضي وضربه هنالك ألف سوط، وَكَانَ والد هذا الغلام من جلة القواد ومحله محل من لو هم بالعصيان لأطاعه أكثر الجيش، فلم يقل شيئا وترجل القواد وصاروا إليه، وقالوا: مرنا بأمرك، فَقَالَ: إن الأمير الموفق أشفق عليه مني فمضى القواد بأسرهم مع الغلام إلى باب دار [10] الجذوعي، فدخلوا إليه وضرعوا له، فأدخل صاحب الشرطة والغلام، وَقَالَ [له] : لا تضربه، فَقَالَ: لا أقدم على خلاف الموفق، فقال:
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. ولفظة: «انحدر» ساقط من ك.
[2] في تاريخ بغداد 3/ 206: «دبية طويلة» . و «طويلة» ساقطة من ك.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ك: «حتى رفعها» .
[6] «منها وثنى رداءه على رأسه» : ساقط من ص.
[7] في ت: «وعاد إلى رأسه» .
[8] في تاريخ بغداد: «بتسلم الديوان» .
[9] «باب» : ساقط من ك.
[10] «دار» ساقط من: ص. وتاريخ بغداد 3/ 306.(13/31)
فإني أركب إليه وأزيل ذلك عنه، فركب فشفع له [1] وصفح عنه.
وتوفي الجذوعي يوم السبت لست [2] خلون من جمادى الآخرة من هذه السنة ببغداد.
__________
[1] في ص: «فركب فتشفع» .
[2] في ت: «لست» . وما أوردناه يوافق ما في تاريخ بغداد (3/ 207) .(13/32)
ثم دخلت سنة اثنتين وتسعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
الفداء بين المسلمين والروم، وكانت جملة من فودي [به] [1] من المسلمين ألفا ومائتي نفس، ثم غدر الروم فانصرفوا، ورجع المسلمون بمن بقي معهم من الأسارى للروم [2] .
وخرج مُحَمَّد بْن سليمان إلى مصر، فزحف هارون بْن خمارويه لقتال مُحَمَّد بْن سليمان، فدخل مُحَمَّد الفسطاط، وأخذ آل طولون، وكانوا بضعة عشر رجلا فقتلهم وحبسهم [3] ، واحتوى على دورهم، وجبى الخراج.
وزادت في هذه السنة دجلة زيادة مفرطة فانهدمت المنازل [4] على شاطئيها من الجانبين [5] ، ونبعت المياه من المواضع القريبة منها.
وطلع كوكب الذنب وقت المغرب لعشر خلون من رجب في آخر برج الحوت [6] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: «معهم من أسارى الروم» وكذا في ك.
[3] في تاريخ الطبري 10/ 119: «فقيدهم وحبسهم» وفي البداية والنهاية: «فقتلهم واستحوذ على أموالهم» . وفي الكامل 6/ 424: «فقيدهم وحبسهم» .
[4] في ص، والمطبوعة: «فتهدمت المنازل» .
[5] في الكامل 6/ 425: «حتى تهدمت الدور التي على شاطئها بالعراق» .
[6] كذا في كل النسخ، وفي الكامل: «في العشرين من أيار طلع كوكب له ذنب عظيم جدا في برج الجوزاء» .(13/33)
وحج بالناس في هذه السنة [1] الفضل بْن عبد الملك [بْن العباس بْن مُحَمَّد] [2] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1988- أَحْمَد بْن عمرو بْن عبد الخالق [أَبُو بكر] [3] العتكي [المعروف بالبزار] [4] :
كَانَ حافظا للحديث، وتوفي بالرملة في هذه السنة.
1989- إبراهيم [بْن عبد الله] [5] بْن مسلم، أَبُو مسلم البصري المعروف بالكجي [6] والكشي:
ولد سنة مائتين، وعاش اثنتين وتسعين سنة. سمع مُحَمَّد بْن عبد الله الأنصاري، وأبا عاصم النبيل، والقعنبي [7] ، وغيرهم، وروى الحديث، وَكَانَ عالما ثقة جليل القدر، وأملى على الناس [8] ، وَكَانَ في مجلسه سبعة مستملين، كل واحد يبلغ صاحبه الذي يليه، وكتب الناس عنه قياما بأيديهم المحابر، ثم مسح المكان [وحسب من حضر بمحبرة] فبلغوا [9] نيفا وأربعين ألف محبرة سوى النظارة، وَكَانَ نذر أن يتصدق [10] إذا حدث بعشرة آلاف درهم [11] .
__________
[1] «في هذه السنة» : ساقطة من ص.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من جميع النسخ والإضافة من تاريخ بغداد 4/ 334: انظر ترجمته في:
(تاريخ بغداد 4/ 334، 335. وتذكرة الحفاظ 653. وشذرات الذهب 2/ 209. وميزان الاعتدال 1/ 59. والأعلام 1/ 189) .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 120- 124. وتذكرة الحفاظ 620. والأعلام 1/ 849 وشذرات الذهب 2/ 210، والعبر 2/ 92، واللباب 3/ 29، ومختصر دول الإسلام 1/ 139، ومرآة الجنان 2/ 220، وطبقات المفسرين للداوديّ 13) .
[7] هو: «عبد الله بن مسلمة العقنبي» .
[8] في ت: «وأملاه على الناس» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، وأضيفت من تاريخ بغداد 6/ 122.
[10] في ك: «وكان ينذر أن يتصدق» .
[11] في ك: «بعشرة دراهم» .(13/34)
أَخْبَرَنَا [مُحَمَّد] [1] بْن ناصر، قَالَ: أَخْبَرَنَا محمود بْن الفضل أَبُو نصر الأصبهاني، قَالَ: سمعت أبا حفص عمر بْن أَحْمَد بْن عمر السمسار، يقول: سمعت جماعة من أصحاب الفاروق بْن عبد الكبير الخطابي، يقولون: سمعنا الفاروق بْن عبد الكبير، يقول: لما فرغنا من قراءة كتاب السنن [2] على أبي مسلم الكجي، اتخذ لنا مأدبة أنفق فيها ألف [3] دينار.
وَقَالَ: شهدت اليوم على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقبل قولي وحدي، ولو شهدت على دستجة بقل [4] لاحتجت إلى شاهد آخر [5] يشهد معي أفلا أصنعه شكرا للَّه تعالى.
وبلغني عن إسماعيل القاضي، قَالَ: سمعت بعض مشايخنا، يقول: كَانَ أَبُو مسلم الكجي [6] من قبل أن يحدث يجهز التمر [7] من البصرة إلى بغداد، وكان له هاهنا وكيل يبيعه له، فلما حدث بعث إلى وكيله [8] : إني قد حدثت وصدّقت في حَدِيث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فتصدق بما عندك من التمر أو بثمنه إن كنت بعته [9] شكرا للَّه تعالى على ذلك.
أَخْبَرَنَا [أَبُو منصور] [10] القزاز، قَالَ: أخبرنا: أبو بكر [أحمد بن علي] [11] الحافظ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلي بْن مُحَمَّد القرشي، حَدَّثَنَا عبد الله [بْن إبراهيم بْن أيوب] بْن ماسي [12] قَالَ: حدثني أَبُو مسلم إبراهيم بْن عبد الله البصري
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ك: «لما فرغنا من كتاب السنن» .
[3] في ص: «أنفق فيها مائة» .
[4] «بقل» : ساقطة من ك.
[5] «آخر» : ساقطة من ك.
[6] في ك، ص: «الكشي» .
[7] في ك: «يحضر التمر» .
[8] في ك، ص: «كتب إلى وكيله» .
[9] في ك: «أو بقيمته إن كنت بعته» .
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[11] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[12] في ت: «حدثنا عبد الله بن ماسي» . وفي ك: «حدثنا عبد الله بن إبراهيم» .(13/35)
الكجي، قَالَ: خرجت يوما سحرا فغرني القمر، وَكَانَ يوما باردا فإذا الحمام قد فتح، فقلت أدخل إلى الحمام قبل مضيي في حاجتي، فدخلت، فقلت للحمامي: يا حمامي أدخل حمامك أحد؟ فَقَالَ: لا، فدخلت الحمام فساعة فتحت الباب، قَالَ لي قائل: أَبُو مسلم أسلم تسلم. ثم أنشأ يقول:
لك الحمد إما على نعمة ... [وإما على نقمة] [1] تدفع
تشاء فتفعل ما شئته ... وتسمع من حيث لا يسمع [2]
قَالَ: فبادرت فخرجت وأنا جزع، فقلت للحمامي: أليس زعمت أنه ليس في الحمام أحد؟ فَقَالَ لي: هل سمعت شيئا؟ فأخبرته بما كَانَ، فَقَالَ: ذاك جني يتراءى لنا في كل حين/ وينشد الشعر، فقلت: هل عندك من شعره شيء؟ قَالَ [لي] [3] : نعم، فأنشدني:
أيها المذنب المفرط جهلا [4] ... كم تمادى وتركب الذنب جهلا
كم وكم تسخط الجليل بفعل ... سمج وهو يحسن الصنع فعلا
كيف تهدا جفون [5] من ليس يدري ... أرضى عنه من على العرش أم لا
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أخبرنا [أحمد بن علي] [6] الخطيب، قال: أخبرنا ابن رَزْقٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ الْخُطَبِيُّ، قَالَ: مات أَبُو مسلم إبراهيم بْن عبد الله الكجي يوم الأحد لسبع خلون من المحرم سنة اثنتين وتسعين ومائتين، وأحدر به إلى البصرة فدفن هناك.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في المطبوعة «تسمع» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في تاريخ بغداد 6/ 122: «المفرط مهلا. وكذا البداية والنهاية 11/ 99.
[5] في ت: «كيف تهدى جفون» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/36)
1990- إدريس بْن عبد الكريم [1] ، أَبُو الحسن الحداد، المقرئ صاحب خلف بْن هشام [2] :
ولد سنة تسع وتسعين ومائة، وسمع أَحْمَد [3] ، ويحيى [4] ، وغيرهما. روى عنه أَبُو بكر الأنباري، والنجاد، والخطبي، وأبو علي بن الوصاف [5] . وسئل عنه الدار الدّارقطنيّ، فقال: ثقة وفوق الثقة بدرجة.
أخبرنا أبو منصور القزاز، قال: أخبرنا [أبو بَكْرٍ] [6] أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ:
أخبرني أَبُو الْقَاسِم الأزهري، حَدَّثَنَا طالب بْن عثمان قَالَ: سمعت ابن مقسم، قَالَ:
كنت عند أبي العباس أَحْمَد بْن يحيى إذ جاء إدريس الحداد فأكرمه وحادثه ساعة، وَكَانَ إدريس قد أسن فقام من مجلسه وهو يتساند، فلحظه أَبُو العباس [بعينه] [7] ، وأنشأ يقول:
أرى بصري في كل يوم وليلة ... يكل وطرفي [8] عن مداه يقصر [9]
ومن يصحب الأيام تسعين حجة [10] ... يغيرنه والدهر لا يتغير
لعمري إن أصبحت أمشي مقيدا ... لما كنت أمشي مطلق القيد أكثر [11]
توفي إدريس يوم الأضحى من هذه السنة.
__________
[1] في ت: «إدريس بن عبد الملك» .
[2] انظر ترجمة إدريس في: (تاريخ بغداد 7/ 14، 15. وشذرات الذهب 2/ 210، وسؤالات حمزة للدار للدّارقطنيّ وغيره 203، ومعرفة القراء الكبار 1/ 205، والعبر 2/ 93، والبداية والنهاية 1/ 154) .
[3] أحمد بن حنبل.
[4] يحيى بن معين.
[5] في ك: «وأبو علي الصواف» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] في ك: «وطرفي» .
[9] في ت، وتاريخ بغداد: «عن مداهن يقصر» .
[10] في ك: «سبعين حجة» .
[11] هذا البيت: ساقط من ك.(13/37)
1991- الحسن بْن سعيد بْن مهران، أَبُو على الصفار المقرئ [1] :
من أهل الموصل، قدم بغداد وحدث بها عن غسان بْن الربيع، ومعلي بْن مهدى وغيرهما. روى عنه ابن مخلد، وأبو بكر الشافعي، وَكَانَ متعففا، وتوفي في هذه السنة.
1992- عبد الحميد بْن عبد العزيز، أَبُو خازم [2] :
القاضي الحنفي، أصله من البصرة وسكن بغداد، وحدث عن بندار [3] ، ومحمد بْن المثنى وغيرهما. ولي القضاء بالشام والكوفة وبغداد، وَكَانَ عالما ورعا [ثقة] [4] قدوة في العلوم غزير العقل والدين [5] .
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد، قَالَ: أخبرنا [أبو بكر] [6] أحمد بن علي بن ثابت، قَالَ: أَخْبَرَنَا علي بْن المحسن، أَخْبَرَنَا طلحة بْن مُحَمَّد بْن جعفر، قَالَ: أخبرني أَبُو الحسين عبد الواحد بْن مُحَمَّد الخصيبي، قال: قال [لي] [7] ابن حبيب الذارع: كنا ونحن أحداث مع أبي خازم وكنا نقعده قاضيا [8] ونتقدم إليه في الخصومات [9] . قَالَ:
فما مضت الأيام والليالي حتى صار قاضيا.
قَالَ أَبُو الحسين: وبلغ من شدته في الحكم أن المعتضد وجه إليه بطريف المخلدي، فقال له: إن لي على الضيعي بيعا وَكَانَ للمعتضد ولغيره مال، وقد بلغني أن غرماءه أثبتوا عندك، وقد قسطت لهم من ماله، فاجعلنا كأحدهم. فَقَالَ له أَبُو خازم: قل
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 324، 325) .
[2] في ص: أبو جازم» وكذا في ت. وضبطه في تاريخ بغداد: «أبو خازم» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 62- 67. وشذرات الذهب 2/ 210) .
[3] هو: محمد بن بنشا بن جندار.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ص، والمطبوعة: «غزير الفضل والدين» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] في ت: «وكنا نقعد قاضيا» . وفي تاريخ بغداد 11/ 63: «فكنا نتعمده قاضيا» .
[9] في ك: «ونتقدم إليه كالخصمين» .(13/38)
له: أمير المؤمنين- أطال الله بقاءه- ذاكر لما قَالَ لي وقت ما قلدني [أنه قد] [1] أخرج الأمر من عنقه، وجعله في عنقي، ولا يجوز لي أن أحكم في مال رجل لمدع إلا ببينة.
فرجع إليه طريف فأخبره، فَقَالَ: قل له فلان وفلان يشهدان- يعنى رجلين جليلين كانا في ذلك الوقت- فَقَالَ: يشهدان عندي وأسال عنهما، فإن زكيا قبلت شهادتهما، وإلا أمضيت ما ثبت عندي، فامتنع أولئك من الشهادة فزعا ولم يدفع إلي المعتضد شيئا.
وأخبرنا أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ مُحَمَّدٍ] [2] ، قَالَ: أخبرنا أحمد بْن عَلي، قَالَ: أَخْبَرَنَا التنوخي، قَالَ: أخبرني أبي، قَالَ: حدثني عَلي بْن هشام بْن عبد الله الكاتب، قَالَ: حدثني أبي [3] ، قَالَ: حدثني وكيع القاضي، قَالَ: كنت أتقلد لأبي خازم وقوفا في أيام المعتضد منها وقوف الحسن بْن سهل، فلما استكثر المعتضد من عمارة القصر الحسني أدخل إليه بعض وقوف الحسن بْن سهل التي كانت مجاورة للقصر، وبلغت السنة [4] [إلى آخرها] [5] وقد جبيت مالها إلا ما أخذه المعتضد، فجئت إلى أبي خازم فعرفته اجتماع مال السنة، واستأذنته في قسمته في سبيله [6] ، فَقَالَ لي: فهل جبيت ما على أمير المؤمنين؟ فقلت له: ومن يجسر على مطالبة الخليفة؟ فَقَالَ: والله لا قسمت الارتفاع أو تأخذ ما عليه، والله لئن لم يزح العلة [7] لا وليت له عملا، ثم قَالَ:
امض إليه الساعة فطالبه، فقلت: من يوصلني؟ فقال: امض إلى صافي الحرمي [8] ، وقل له إنك رسولي أنفذتك في مهم [9] ، فإذا ما قلت لك [10] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفي ك: «وقت ما قلدني قد أخرج» بإسقاط «أنه» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[3] «قَالَ حدثني عَلي بْن هشام بْن عبد الله الكاتب، قال: «حدثني أبي» : ساقطة من ص.
[4] في ت: «وبلغت استجارتها» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفي ك: «السنة آخرها» . بإسقاط «إلى» .
[6] في ت، وتاريخ بغداد: «في سبله» .
[7] في ت: «والله إن لم يخرج العلة» .
[8] في ت: «إلى صافي الحر» .
[9] في ت: «أرسلتك في مهم» .
[10] في ك، ص: «فإذا توصلت تعرفه ما قلت لك» . وفي ت: «فإذا ادخلت معرفة ما قلت لك» ، وما أوردناه من تاريخ بغداد 11/ 64.(13/39)
فجئت فقلت لصافي ذلك، فأوصلني وَكَانَ آخر النهار، فلما مثلت بين يدي الخليفة ظن أن أمرا عظيما قد حدث، وَقَالَ: هيه قل [1] ، كأنه متشوف. فقلت له: إنى ألي لعبد الحميد قاضي أمير المؤمنين وقوف الحسن بْن سهل، وفيها ما [قد] [2] أدخله أمير المؤمنين إلى قصره، ولما جبيت مال هذه السنة امتنع من تفرقته إلا أن أجيء بما على أمير المؤمنين، وأنفذني الساعة قاصدا لهذا السبب، وأمرني أن أقول إني حضرت في مهم لأصل، قَالَ: فسكت ساعة مفكرا، ثم قَالَ: أصاب عبد الحميد [3] ، يا صافي هات الصندوق، فاحضر صندوقا لطيفا فَقَالَ: كم يجب لك؟ فقلت: الذي جبيت عام أول من ارتفاع هذه العقارات أربعمائة دينار، فَقَالَ: فكيف حذقك بالنقد [4] والوزن؟ قلت:
أعرفهما، قال: هاتوا ميزانا، فجيء بميزان، وأخرج من الصندوق دنانير عينا [5] ، فوزن لي منها أربعمائة دينار، فقبضتها وانصرفت إلى أبي خازم بالخبر، فَقَالَ: أضفها إلى ما [قد] [6] اجتمع [من مال] [7] الوقف عندك وفرقة في غد فِي سبله [8] ولا تؤخر ذلك، ففعلت، وكثر شكر الناس لأبي خازم بهذا السبب وإقدامه على الخليفة بمثل ذلك، وشكرهم للمعتضد في إنصافه.
أخبرنا عبد الرحمن، قال: أخبرنا أحمد [بن عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ] [9] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا التنوخي، [قَالَ: حدثني أبي] [10] قَالَ،: حدثني أَبُو الفرج (طاهر- أ) [11] بن محمد
__________
[1] «قل» : ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] «أصاب عبد الحميد» : ساقط من ص.
[4] في ت: «فكيف معرفتك بالنقد» .
[5] في ت: «دنانير عثقا» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] في ك: «في سبله في غد» . وفي ص: «في سبيله في غد» . وما أوردناه من ت، ويوافق ما في تاريخ بغداد.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ك، ت.
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[11] «طاهر» : ساقط من ك.(13/40)
الصلحي، قَالَ: حدثني القاضي أَبُو طاهر مُحَمَّد بن أحمد بن عبد الله بن نصر، قَالَ:
بلغني أن أبا خازم القاضي جلس في الشرقية وهو قاضيها للحكم، فارتفع إليه خصمان، فاجترأ أحدهما بحضرته إلى ما يوجب التأديب، فأمر بتأديبه [1] ، فأدب فمات في الحال، فكتب إلى المعتضد من المجلس: أعلم أمير المؤمنين أطال الله بقاءه أن خصمين حضراني فاجترأ أحدهما إلى ما وجب عليه معه الأدب عندي، فأمرت بتأديبه فأدب [2] فمات، فإذا كَانَ المراد بتأديبه مصلحة المسلمين فمات في الأدب فديته واجبة [3] في بيت مال المسلمين، فإن رأى أمير المؤمنين [أطال الله بقاءه] [4] أن يأمر بحمل الدية لأحملها إلى ورثته فعل. فعاد الجواب إليه بأنا [قد] [5] أمرنا بحمل الدية إليك [6] ، وحمل إليه عشرة آلاف درهم، فأحضر ورثة المتوفى ودفعها إليهم.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن [بْن محمد] [7] ، قال: أخبرنا أحمد بن علي، قال: ذكر لي الحسين بْن عَلي الصيمري، قَالَ: كَانَ عُبَيْد اللَّهِ بْن سليمان قد خاطب أبا خازم في بيع ضيعة ليتيم تجاور بعض ضياعه [8] ، فكتب إليه: إن رأى الوزير أعزه الله [9] أن يجعلني أحد رجلين: إما رجل صين الحكم به، أو رجل [10] صين الحكم عنه.
أَخْبَرَنَا [11] مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: أخبرنا [12] علي بن المحسن
__________
[1] «فأمر بتأديبه» : ساقط من ك، ص، والمطبوعة.
[2] «فأدب» : ساقط من ك، ص، والمطبوعة.
[3] في ت: «فالدية واجبة» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ت: «أمرنا بحمل ذلك إليك» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[8] في ت: «مجاورة بعض ضياعه» .
[9] في ص: «أحسن الله إليه» .
[10] «رجل» : ساقط من ك.
[11] في ص، ك: «أنبأنا» .
[12] في ص، ك: «حدثنا» .(13/41)
التنوخي، عن أبيه، قَالَ: حدثنا أَبُو الحسين عَلي بْن هشام، قَالَ: سمعت القاضي أبا جعفر أَحْمَد بْن إسحاق بْن البهلول [1] التنوخي، يحدث أبي، قَالَ: حدثني أَبُو خازم القاضي، قَالَ: كَانَ في حجري أيتام ذكور وإناث خلفهم بعض العمال ورددت أمانتهم إلى بعض الشهود، فصار إلى الأمين يوما وعرفني أن عامل المستغلات ببغداد الذي يتولى مستغلات السلطان وعامل بادوريا/ قد أدخلا أيديهما في أملاك الأيتام، وذكرا أن الوزير عُبَيْد اللَّهِ بْن سليمان أمرهما بذلك عن أمر أمير المؤمنين المعتضد [2] ، فصرت إلى المعتضد في يوم موكب [3] ، فلما انقضى الموكب [4] دنوت منه وشرحت له الصورة [5] ، فقال [لي] [6] : يا عبد الحميد هذا عامل قد [7] خانني في مالي واقتطعه ولي عليه مال جليل من نواح كَانَ يتولاها من ضيعتي خاصة وما لي عليه يضعف هذه الأملاك التي خلفها، فقلت: يا أمير المؤمنين ما تدعيه عليه يحتاج إلى بينة، وقد صح عندي أن هذه الأملاك أملاكه يوم مات، ولا طريق إلى انتزاعها من يد وارثه إلا ببينة، هذا حكم الله في البالغين، فكيف في الأطفال؟ قَالَ: فسكت ساعة [8] مطرقا، ثم دعا بداوة، ووقع بخطه إلى عُبَيْد اللَّهِ بْن سليمان بالافراج عن الضياع.
أنبأنا مُحَمَّد بْن أبي طاهر، أنبأنا عَلي بْن [المحسن، عن أبيه، قَالَ: حدثني [9]] الحسين بْن عياش القاضي، عمن حدثه إنه كَانَ يساير أبا خازم القاضي في طريق فمر عَلَيْهِ رجل [10] فَقَالَ: أحسن الله جزاءك أيها القاضي في تقليدك فلانا القضاء ببلدنا، فإنه
__________
[1] في ص: «أحمد بن الحسن بن البهلول» خطأ.
[2] في ك، ص، والمطبوعة: «عن المعتضد أمير المؤمنين فصرت» .
[3] في ك: «في يوم موكبه» .
[4] في ك: «فلما أشخص الموكب» .
[5] في ك: «وشرحت له القصة» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[7] «قد» : ساقطة من ص.
[8] في ك: «فأمسك ساعة» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] في ك، ص، والمطبوعة: «فقام إليه رجل» .(13/42)
عفيف، فصاح عليه أَبُو خازم، وَقَالَ: اسكت عافاك الله تقول في قاض أنه عفيف! هذا من صفات أصحاب الشرطة [1] ، والقضاة فوقها.
قَالَ: ثم سرنا وهو واجم ساعة، فقلت: ما لك يا أيها القاضي؟ فَقَالَ: ما ظننت أني أعيش حتى أسمع هذا، ولكن [قد] [2] فسد الزمان وبطلت هذه الصناعة، ولعمري لقد دخل فيها من يحتاج الفاضل معه إلى التقريظ، وما كَانَ الناس يحتاجون [إلى] [3] أن يقولوا: فلان القاضي عفيف حتى تقلد فلان- وذكر رجلا، وَقَالَ: لا أحب أن أسميه- فقلت: من هذا الرجل؟ فامتنع [4] فألححت عليه، فأومأ إلى أبي عمر.
توفي أَبُو خازم في هذه السنة، وذكر بعض علماء النقل أنه دفن بالكوفة [5] .
1993- الفضل بْن مُحَمَّد، أَبُو برزة الحاسب [6] :
حدث عن يحيى الحماني روى عنه عبد الباقي بْن قانع، وَكَانَ ثقة جليل القدر.
توفي في صفر هذه السنة.
__________
[1] في ت، ك: «أصحاب الشرط» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ك، ص، والمطبوعة: «فقلت الرجل من هو» .
[5] «توفي أبو خازم ... أنه دفن بالكوفة» . ساقط من ص.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 373) .(13/43)
ثم دخلت سنة ثلاث وتسعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أنه ورد الخبر أن أخا الحسين بْن زكرويه المعروف بصاحب الشامة ظهر بالدالية من طريق الفرات، واجتمع إليه جماعة من الأعراب والمتلصصة، [وأنه] [1] قد عاث بتلك الناحية، وحارب أهلها، فخرج إليه الجند. ثم ورد الخبر أنه صار إلى طبرية، فامتنعوا من إدخاله، فحاربهم حتى دخلها فقتل عامة من بها من الرجال والنساء ونهبها وانصرف إلى ناحية البادية.
وفى شهر ربيع الآخر [2] ورد الخبر بأن الداعية الذي بنواحي [3] اليمن صار إلى مدينة صنعاء، فحاربه أهلها، فظفر بهم فقتلهم إلا القليل وتغلب على سائر مدن اليمن.
ثم نبغ قوم من القرامطة [4] فنهبوا بلد هيت [5] ، وقتلوا خلقا [من أهلها] [6] ، وأخذوا ما قدروا عليه من المال، وأوقروا ثلاثة آلاف راحلة، فبعث السلطان إليهم فتفرقوا، [وجاءوا] [7] برأس رئيسهم فسلموا. ثم نبغ منهم آخرون وجرت لهم حروب،
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من: ت، ك.
[2] في ك: «ربيع الأول» . وهو خطأ. راجع تاريخ الطبري 10/ 122.
[3] في ت: «بأن داعية التي بنواحي» . وما أوردنا يوافق في تاريخ الطبري.
[4] في ك: «ثم تغلب قوم نبغوا من القرامطة» .
[5] في ك: «فنهبوا مدينة هيت» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ك: «فتقربوا» . ساقطة من ت.(13/44)
ودخلوا الكوفة حين انصرف الناس من صلاة عيد الأضحى وهم ثماني مائة فارس، ونادوا: يا لثارات الحسين- يعنون الحسين بْن زكرويه المصلوب على الجسر- وشعارهم يا أَحْمَد يا مُحَمَّد- يعنون المقتولين معه- وأظهروا الأعلام البيض، فقتلوا من أدركوا، وسلبوا، وبادر الناس إلى المدينة، فدخلوها ودخل من القرامطة خلفهم نحو من خمسمائة، فرماهم العوام بالحجارة وألقوا عليهم الستر [1] فخرجوا بعد أن قتل منهم نحو من عشرين.
ونصب المقياس على دجلة من جانبيها طوله خمس وعشرون ذراعا، على كل ذراع علامة مدورة، وعلى كل خمسة أذرع علامة مربعة، مكتوب عليها بحديدة علامة الأذرع [2] تعرف بها مبالغ الزيادات.
وضمن مُحَمَّد بْن جعفر بادوريا بعشرة آلاف كر حنطة وشعير [نصفان] [3] وبألف ألف وستمائة ألف درهم.
وحج بالناس في هذه السنة الفضل بْن عبد الملك الهاشمي.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1994- عبد الله بْن مُحَمَّد، أَبُو العباس الناشئ، الشاعر، الأنباري [4] :
أقام ببغداد مدة، وَكَانَ يقصد الرد على الشعراء والمنطقيين والعروضيين، فلم يلتفت إليه لشدة هوسه، فرحل إلى مصر [5] فتوفي بها في هذه السنة وله شعر حسن [6] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْقَزَّازِ، قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، قال:
__________
[1] في ص: «وألقوا عليهم السر» .
[2] في ك: «مكتوب عليها تحديد علامة الحديد» . وفي ت: «مكتوب عليها تحديد علامة الأذرع» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 92، 93. وابن خلكان (Brock:I 128، S.I:188.277 /2 وشذرات الذهب 2/ 214) .
[5] في ت: «فدخل الى مصر» .
[6] «وله شعر حسن» : ساقط من ص.(13/45)
أَخْبَرَنَا عَلي بْن أبي عَلي لفظا [1] [قَالَ] [2] حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن العباس الخزاز، قَالَ:
حدثني مُحَمَّد بْن خلف بْن المرزبان، قَالَ: اجتمع عندي أَحْمَد بْن أبي طاهر، والناشئ [بْن مُحَمَّد] [3] ، وآخر، فدعوت لهم مغنية فأخذ الناشئ رقعة، فكتب فيها.
فديتك لو أنهم أنصفوك ... لردوا النواظر عن ناظريك
تردين أعيننا عن سواك ... وهل تنظر العين إلا إليك
وهم جعلوك رقيبا علينا ... فمن ذا يكون رقيبا عليك
[ألم يقرءوا ويحهم ما يرون ... من وحي حسنك في وجنتيك] [4]
قَالَ: فشغفنا بالأبيات، فَقَالَ ابن أبي طاهر، أحسنت والله وأجملت، قد والله حسدتك على هذه الأبيات والله لا جلست. وقام فخرج.
1995- عُبَيْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن خلف، أَبُو مُحَمَّد [البزار [5]] .
صاحب أبي ثور الفقيه، سمع جماعة، وَكَانَ عنده فقه أبي ثور. وروى عنه أَبُو عمرو بْن السماك، والخلدي. [وَكَانَ ثقة] [6] وتوفي في رجب هذه السنة.
1996- عبدان بن محمد بن عيسى، أبو محمد [7] المروزي [8] .
سمع قتيبة [9] ، وابن راهويه. روى عنه عبد الباقي بن قانع، وأحمد بن كامل.
وكان ثقة حافظا عالما زاهدا وتوفي في ليلة عرفة من هذه السنة.
__________
[1] في ك: «حدثنا علي بن أبي طالب لفظا» . وفي ص: «حدثنا علي بن أبي علي القطان» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[4] البيت كله: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 101) .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ص، والمطبوعة: «عبدان بن محمد بن عيسى أبو محمد» . خطأ.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 135، 136. وشذرات الذهب 2/ 215. وطبقات الشافعية 2/ 50. وتذكرة الحفاظ 687) .
[9] في ت: «سمع قبيصة» خطأ.(13/46)
1997- عمر بن حفص، أبو بكر السدوسي [1] :
سمع عاصم بْن عَلي، وكامل بْن طلحة. روى عنه ابن صاعد، والخلدي. وَكَانَ ثقة. وتوفي في صفر هذه السنة.
1998- مُحَمَّد بْن إسحاق بْن إبراهيم [بْن] [2] كامجر، المعروف والده بإسحاق بْن أبي [3] إسرائيل:
مروزي الأصل، سكن بغداد وَكَانَ يخضب بالحمرة، وتوفي في هذه السنة.
1999- مُحَمَّد بْن جعفر بْن سهل، أَبُو أَحْمَد [4] الختلي:
حدث عن عبد الله بْن أَحْمَد بْن عيسى الفسطاطي. روى عنه زكريا بْن يحيى والد المعافى بْن زكريا.
2000- مُحَمَّد بْن جعفر بْن مُحَمَّد بْن أعين، أَبُو بكر:
نزل [5] مصر وحدث بها عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره. روى عنه الطبراني وكان ثقة.
وتوفي بمصر يوم الجمعة لسبع [6] عشرة [ليلة] [7] خلت من ربيع الأول وقيل توفي في جمادى الأولى من هذه السنة.
2001- نصر بن أحد بن نصر بن عبد العزيز، أبو محمد الكندي الحافظ المعروف بنصرك [8] :
وكان أحد أئمة الحديث، وسمع خلقا كثيرا [9] ، وَكَانَ قد أخذه إليه خالد بْن
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 216، 217. وابن خلكان 3/ 405) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 243، 244) .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 128) .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 128) .
[6] في المطبوعة: «لتسع» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد، 13/ 293 تذكرة الحفاظ 676. والبداية والنهاية 11/ 101. والأعلام 8/ 21) .
[9] في ص: «وسمع خلقا» . بإسقاط «كثيرا» .(13/47)
أحمد الذهلي أمير بخارا وأقام عنده، وصنف له المسند، وقد روى عنه أبو العباس بن عقدة، وتوفي ببخارا [1] في هذه السنة.
2002- يحيى بْن عبد الباقي بْن يحيى بْن يزيد، أَبُو الْقَاسِم الثغري [2] :
من أهل أذنة. قدم بغداد فحدث بها عن لوين [3] وغيره. روى عنه ابن صاعد وابن المنادى وابن السماك، وأكثر الناس عنه الكتابة لثقته وضبطه وحفظه [4] وتوفي بطرسوس في هذه السنة.
__________
[1] في ك: «وتوفي في بخارا» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 227) .
[3] في ت: «رزين» . ولوين هو: محمد بن سليمان.
[4] في تاريخ بغداد (14/ 228) : «كتب عنه الناس فأكثروا لثقته وضبطه» .(13/48)
ثم دخلت سنة أربع وتسعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن القرامطة اعترضوا قافلة الحاج في طريق مكة بالعقبة فقتلوهم وسبوا من النساء ما أرادوا واحتووا على ما في القافلة، فأخذوا ما قيمته ألفي ألف دينار [1] ، فلما ورد الخبر على السلطان [2] أشخص أبا عبد الله مُحَمَّد بْن داود الهاشمي الكاتب إلى الكوفة لتسريح الجيوش [3] منها إلى القرمطي/ لحربه فأعطي مالا كثيرا ليفرقه فِي الجند [4] ومعه مُحَمَّد بْن سعيد الأزرق كاتب الجيش، ثم صار القرمطي إلى الشقوق، فأقام بها بموضع يعرف بالطليح ينتظر [5] القافلة الأخرى، فلما وافته لقيهم بالهبير فحاربوه [6] يومهم إلى الليل، ثم انصرف عنهم، فلما أصبح عاودهم القتال، فلما كَانَ في اليوم الثالث عطش أهل القافلة وهم على غير ماء فاقتتلوا ثم استسلموا، فوضع فيهم السيف فلم يفلت إلا اليسير منهم [7] وأخذوا جميع ما في القافلة.
فأرسل السلطان من بني شيبان ألفين ومائتي فارس إلى القرمطي لحربه، وسار
__________
[1] في ك: «فأخذوا ما قيمته ألف ألف دينار» .
[2] في ك: «فلما ورد السلطان» .
[3] في ت: «إلى الكوفة لتستريح الجيوش» .
[4] في ك: «وأعطى أموالا كثيرة لتقوية الجند» . وفي ص: «وأعطاه مالا لتقوية الجند» .
[5] في ص: «بموضع يعرف بالنطيخ» وما أوردناه يوافق ما في تاريخ الطبري (10/ 133) .
[6] في ص: «لقيهم بالهرير فحاربوه» . وما أوردناه من باقي النسخ.
[7] في ك، ص: «فلم يفلت منهم إلا اليسير» . وما أوردناه من ت.(13/49)
زكرويه إلى فيد وراسل أهلها فلم يظفر منهم بشيء، فتنحى إلى النباج، ثم إلى حفر أبي موسى، ثم أنهض المكتفي وصيف بْن صوارتكين [1] ومعه جماعة من القواد، فنفذوا من الْقَادِسِيَّة على طريق خفان فلقيهم وصيف يوم السبت لثمان بقين من ربيع الأول، فاقتتلوا يومهم فقتلوا منهم مقتلة عظيمة. وخلصوا إلى زكرويه فضرب بالسيف ضربة خالطت [2] دماغه، وأسروا جماعة من أهله وأصحابه، وعاش خمسة أيام ثم مات، فشق بطنه وقدم به وبالأسارى فقتلوا [3] .
وفى هذه السنة طلع كوكب الذنب من ناحية المغرب، وكثرت الأمطار حتى غرقت المنازل، واستتم المجلس المعروف بالتاج على دجلة بالقصر الحسني لسبع بقين من شعبان [4] .
وحج بالناس في هذه السنة الفضل بْن عبد الملك [5] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2003- إسحاق بْن حاجب بْن ثَابِت المعدل [6] :
حدث عن خليفة بْن خياط، وسويد بْن سعيد. روى عنه أبو بكر النجاد، وكان ثقة. وتوفي في هذه السنة، (وقيل: في سنة سبع وتسعين) [7] .
2004- جعفر بن شعيب بن إبراهيم، أبو محمد الشاشي [8] :
سمع من يحيى بْن أكثم، وغيره. قدم بغداد حاجا وحدث بها فروي عنه
__________
[1] في ص: «ثم انهض المكتفي وصيف بن سوار وبكير» . وفي ك: «ثم أنهض المكتفي وصيف بن سوار» .
وما أوردناه من ت وهو يوافق ما في تاريخ الطبري (10/ 134)
[2] في تاريخ بغداد: «فضربه بعض الجند بالسيف على قفاه وهو مول ضربة اتصلت بدماغه» .
[3] في ك: «وبالأسارى فقتلوهم» .
[4] في ك، ت: «لتسع بقين من شعبان» .
[5] في الكامل لابن الأثير (6/ 435) : وحج بالناس في هذه السنة الفضل بْن عبد الله الهاشمي» . وفي تاريخ بغداد (10/ 136) : «الفضل بن عبد الملك الهاشمي» .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 384) .
[7] «وقيل في سنة سبع وتسعين» ساقط من ك.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 195، 196) .(13/50)
إسماعيل بْن عَلي الخطبي، وَكَانَ ثقة [1] . وتوفي في هذه السنة. بالشاش [2] .
2005- الحسين بْن الكميت بْن البهلول بْن عمر، أَبُو عَلي الموصلي [3] :
قدم بغداد وحدث بها عن غسان بن الربيع [4] ، وابن المديني. روى عنه ابن السماك، والخطبي، وَكَانَ ثقة. وتوفي في هذه السنة [5] .
2006- الحسين بْن مُحَمَّد بْن حاتم بْن يزيد بْن عَلي بْن مروان، أَبُو عَلي المعروف بعبيد [6] العجل:
وهو ابن بنت حاتم بن ميمون المعدل، [سمع] [7] من خلق كثير. روى عنه أَبُو سهل بْن زياد، وأبو بكر الشافعي وَكَانَ ثقة حافظا متقنا، سكن قطيعة عيسى بْن عَلي الهاشمي على دجلة [8] ، وَكَانَ من المتقدمين في حفظ المسند خاصة.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ [الْقَزَّازُ] [9] أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أحمد بن علي، أَخْبَرَنَا أَبُو سعد الماليني [10] إجازة، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن عدي، قَالَ: سمعت [11] أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سعيد، يقول: كنا نحضر مع عبيد عند الشيوخ [وهو شاب] [12] فينتخب لنا، فإذا أخذ الكتاب في يده [13] طار ما فِي رأسه، فنكلمه فلا يجيبنا، فإذا خرجنا قلنا له: كلمناك فلم تجبنا. قال:
__________
[1] «وكان ثقة» ساقط من ص.
[2] في ص: «وتوفي بالشاش في هذه السنة» . وفي ك: «وتوفي في هذه السنة» . بإسقاط الشاش.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 87، 88) .
[4] في المطبوعة: «عفان وابن الربيع» . وما أوردناه من ت، ويوافق ما في تاريخ بغداد.
[5] «وتوفي في هذه السنة» ساقطة من ك.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 93، 94. وشذرات الذهب 2/ 216. وتذكرة الحفاظ 672) .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] في ك: «في باب دجلة» . وفي ص: «ما بين دجلة» . وفي تاريخ بغداد (8/ 94) : «قريبا من دجلة» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] في ت: «أبو سعيد الماليني» . وما أوردناه من باقي النسخ وتاريخ بغداد (8/ 94) .
[11] في ك: «قال: أخبرنا» .
[12] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[13] في ت: «فإذا أخذ الكتاب بيده» . وما أوردناه من باقي النسخ، وتاريخ بغداد.(13/51)
إذا أخذت الكتاب بيدي [1] يطير ما في رأسي، فيمر بي حديث الصحابي، فكيف أجيبكم وأنا أحتاج أفكر في مسند ذلك الصحابي من أوله إلى آخره، هل الحديث فيه أم لا؟ وإن لم أفعل ذلك خفت أن أزل في الانتخاب وأنتم شياطين [قد] [2] قعدتم حولي تقولون لم انتخبت لنا هذا وهذا حدثناه فلان؟ أو كما قَالَ.
توفي عبيد في صفر هذه السنة.
2007- صالح بْن مُحَمَّد بْن عمرو بْن حبيب، أَبُو عَلي الأسدي مولى أسد بْن خزيمة [3] :
ولد بالكوفة سنة عشر ومائتين، ولقي المشايخ بالشام ومصر وخراسان، وانتقل عن بغداد فسكن بخارا، وَكَانَ قد سمع من عَلي بْن الجعد، وخالد بْن خداش، وأبي نصر التمار [4] ، وهدبة، وابن المديني، وغيرهم. وَكَانَ صدوقا أمينا من الحفاظ الثقات، وَكَانَ يلقب جزرة وَكَانَ السبب أنه قرأ على بعض المشايخ في حداثته كَانَ لأبي أمامة خرزة يرقى بها المريض، فصحف فقال: جزرة بذلك. وتوفي ببخارا في هذه السنة وقيل: في سنة ثلاث.
2008- محمد بن عيسى بن محمد [5] بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الله] [6] بْن العباس بن عبد المطلب، أبو علي الهاشمي، المعروف بالبياضي [7] :
حدث عنه ابن الأنباري، وابن مقسم. وَكَانَ ثقة، وليس بمنسوب إلى بني بياضة
__________
[1] «بيدي» ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 322- 328. وتهذيب تاريخ ابن عساكر 6/ 381. وشذرات الذهب 2/ 216، وتذكرة الحفاظ 641) .
[4] في ص: «أبي نصر النجار» . وهو خطأ.
[5] في ص، ك: «محمد بن علي بن محمد» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 401. والأنساب للسمعاني 2/ 356، وتقريب التهذيب 2/ 198، وفيه «محمد بن عيسى بن محمد بن عبد الله بن عيسى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الله بن عباس الهاشمي البياضي» ) .(13/52)
فإن أولئك من الأنصار، وإنما سمي البياضي لأنه حضر يوما مجلس الخليفة [1] ، وَكَانَ أهل المجلس عليهم السواد، وَكَانَ لباسه أبيض، فَقَالَ الخليفة: من ذلك البياضي؟ فثبت ذلك الاسم عليه [2] . وقتله القرامطة في هذه السنة.
2009- مُحَمَّد بْن إسحاق بْن إبراهيم بْن مخلد، أَبُو الحسن المروزي [3] ، المعروف بابن راهويه [4] :
ولد بمرو، ونشأ بنيسابور، وسافر البلاد، وسمع من أبيه، وأحمد بْن حنبل، والمشايخ. وحدث ببغداد، فروى عنه مُحَمَّد بْن مخلد الدوري [5] ، وإسماعيل بْن عَلي الخطبي، وعبد الباقي بْن قانع، وغيرهم. وَكَانَ عالما بالفقه، مستقيم الحديث جميل الطريقة [6] .
ويقال إنه مات بمرو، وليس بصحيح وإنما الصواب مَا أَخْبَرَنَا به عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ علي بن ثابت، أخبرنا أبو عبد الله بن محمد بن عبد الواحد، حدثنا محمد بن العباس، قال: قرئ على ابن المنادى وأنا أسمع، قَالَ: مُحَمَّد بْن:
إسحاق بْن راهويه قتلته القرامطة مرجعه من الحج سنة أربع وتسعين ومائتين، وقد كنا سمعنا منه إذ كَانَ بمدينتنا [7] :
2010- مُحَمَّد بْن إسحاق بْن أبي إسحاق، أبو العباس [8] الصفار:
سمع سريج بن يونس، وغيره وذكره الدار الدّارقطنيّ [9] فقال: ثقة.
__________
[1] في ك: «مجلس الخلافة» .
[2] في ك، ت: «فبقي الاسم عليه» .
[3] في ص: «أبو إسحاق المروزي» خطأ.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 244، 245، 246. وشذرات الذهب 2/ 216) .
[5] «ومحمد بن مخلد الدوري» ساقط من ك.
[6] في ص، ك، والمطبوعة: «جيد الطريقة» . وما أوردناه من ت، وتاريخ بغداد (1/ 244) .
[7] في ت: «إذا ذاك بمدينتنا» .
[8] في ص: ذكر الاسم بإسقاط «أبو العباس» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 246. وسؤالات الحاكم للدار للدّارقطنيّ 222) .
[9] في ت: «سمع سريج بن يونس، وذكره، وغيره الدارقطنيّ» .(13/53)
2011- محمد بن الحسن، أبو الحسين صاحب النرسي [1] :
خوارزمي الأصل، حدث عن عَلي بْن الجعد، وأبي نصر التمار، ويحيى، وأحمد، وابن المديني، وغيرهم، وفى حديثه لين. توفي بالموصل في هذه السنة.
2012- مُحَمَّد بْن الحسن بْن الفرج، أبو بكر المهداني [2] المعدل:
قدم بغداد وحدث بها عن عبد الحميد بْن عصام وغيره. روى عنه جعفر الخلدي، وأبو بكر الشافعي، والجعابي، وهو صدوق.
2013- مُحَمَّد بْن نصر، أَبُو عبد الله المروزي الفقيه [3] :
ولد ببغداد، ونشأ بنيسابور، واستوطن سمرقند، وكان أعلم الناس باختلاف الصحابة ومن بعدهم في الأحكام، ورحل إلى الأمصار في طلب العلم. سمع يحيى بن يحيى [4] ، وابن راهويه [5] ، وهدبة [6] ، وخلقا كثيرا من أهل خراسان والعراق والحجاز والشام ومصر، وصنف التصانيف الكثيرة.
أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بْن طَاهِرٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا [أَبُو بكر] [7] أَحْمَد بْن الحسين البيهقي، [قَالَ] [8] أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم، قَالَ سمعت أبا مُحَمَّد عبد الله بْن مُحَمَّد الثقفي يقول: سمعت جدي يقول: جالست أبا عبد الله مُحَمَّد بْن نصر المروزي أربع سنين فلم أسمعه طول تلك المدة يتكلم في غير العلم.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 186) .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 186) .
[3] انظر ترجمته في: (ذكرة الحفاظ 650. وتهذيب التهذيب 9/ 489. وتاريخ بغداد 3/ 315. ومفتاح السعادة 2/ 171. والنجوم الزاهرة 3/ 161. 305 بن Brock.S.1:258 والأعلام 7/ 125. وشذرات الذهب 2/ 216) .
[4] في ك، ص: «يحيى» بإسقاط «ابن يحيى» وهو: «يحيى بن يحيى النيسابورىّ» .
[5] هو: «إسحاق بن راهويه» .
[6] هو: «هدبة بن خالد» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/54)
قَالَ الحاكم: وسمعت أبا عبد الله مُحَمَّد بْن العباس الضَّبُّي، يقول: سمعت أبا الفضل بْن إسحاق بْن محمود يقول: كَانَ أَبُو عبد الله المروزي يتمنى على كبر سنه أن يولد له ابن فكنا عنده يوما من الأيام، فتقدم إليه رجل من أصحابه فساره في أذنه بشيء فرفع أَبُو عبد الله يديه فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ 14: 39. ثم مسح وجهه بباطن كفيه ورجع إلى ما كَانَ فيه فرأينا أنه استعمل في تلك الكلمة الواحدة ثلاث سنن: إحداها أنه سمى الولد، والثانية أنه حمد الله تعالى على/ الموهبة، والثالثة: أنه سماه إسماعيل لأنه ولد على كبر [سنه] [1] ، وقد قال الله عز وجل: أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى الله فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ 6: 90 [2] .
قَالَ الحاكم: سمعت أبا عبد الله مُحَمَّد بْن يعقوب الحافظ، يقول: ما رأيت أحسن صلاة من أبي عبد الله مُحَمَّد بْن نصر، وكان [يقرأ] [3] وَكَانَ الذباب يقع على أذنه، فيسيل [4] الدم، فلا يذبه عن نفسه، ولقد كنا نتعجب من حسن صلاته وخشوعه وهيئته فِي الصلاة [5] كَانَ يضع ذقنه على صدره وينتصب كأنه خشبة منصوبة.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا الجوهري قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن العباس الخزاز أَخْبَرَنَا أَبُو عمرو عثمان بْن جعفر بْن اللبان، قَالَ:
حدثني مُحَمَّد بْن نصر، قَالَ: خرجت من مصر، ومعي جارية لي فركبت البحر أريد مكة فغرقت وذهبت مني ألفا جزء، وصرت إلى جزيرة أنا وجاريتي قَالَ: فما رأينا فيها أحدا، قَالَ: وأخذني العطش فلم أقدر على الماء وأجهدت فوضعت رأسي على فخذ جاريتي مستسلما للموت، فإذا رجل قد جاءني ومعه كوز، فَقَالَ لي: هاه، فأخذت وشربت وسقيت الجارية [6] ثم مضى، فما أدرى [7] من أين جاء ولا أين ذهب.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص.
[2] سورة: الأنعام، الآية: 90
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ص: «وكان الذباب يقع على أنفه فيسيل» .
[5] في ص، ك، والمطبوعة: «وهيئة للصلاة» .
[6] في ص: «وسقيت جاريتي» .
[7] في ك: «فلا أدري» . وما أوردناه من ت، وهو يوافق ما في تاريخ بغداد (3/ 317) .(13/55)
أخبرنا [أبو منصور] [1] عبد الرحمن بن محمد [2] الْقَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا [أَبُو بَكْرٍ] [3] أَحْمَدُ بْنُ عَلي [بْن ثَابِت] [4] ، قَالَ: حدثني أَبُو الفرج مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّهِ الخرجوشي، قَالَ: سمعت أَحْمَد بْن منصور الشيرازي، يقول: سمعت أَحْمَد بْن إسحاق بْن أيوب الفقيه، يقول: سمعت مُحَمَّد بْن عبد الوهاب الثقفي، يقول: كَانَ إسماعيل بْن أَحْمَد [الساماني] [5] والي خراسان يصل مُحَمَّد بْن نصر المروزي في كل سنة [6] بأربعة آلاف درهم، ويصله أخوه إسحاق بْن أَحْمَد بأربعة آلاف درهم [7] ، ويصله أهل سمرقند بأربعة آلاف درهم، وَكَانَ ينفقها من السنة إلى السنة من غير أن يكون له عيال فقلت له [8] : لعل هؤلاء القوم الذين يصلونك يبدو لهم، فلو جمعت [من] [9] هذا شيئا لنائبة، فَقَالَ: سبحان الله، أنا بقيت بمصر كذا وكذا سنة فكان قوتي وثيابي وكاغدي وحبري وجميع ما أنفقه على نفسي في السنة [10] عشرين درهما فترى إن ذهب هذا لا يبقى ذاك [11] .
أخبرنا [أبو منصور عبد الرحمن بن محمد] [12] القزاز قال: أخبرنا أحمد بن على بن ثَابِتٍ [الحافظ] [13] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الوليد الحسن بن محمد الدربندي، أخبرنا
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ك: «أخبرنا أبو منصور القزاز» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ك، ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[8] في ك، ص، والمطبوعة: «فقيل له:»
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] في ص: «وجميع ما أنفقه في السنة» .
[11] في ك، ص: «وهذا لا يبقى ذلك» .
[12] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[13] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.(13/56)
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سليمان [1] الحافظ، قَالَ: سمعت أبا صخر مُحَمَّد بْن مالك السعدي، يقول: سمعت أبا الفضل مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّهِ [2] ، يقول: سمعت الأمير أبا إبراهيم إسماعيل بْن أَحْمَد، يقول: كنت بسمرقند فجلست يوما للمظالم وجلس أخي إسحاق إلى جنبي إذ دخل أَبُو عبد الله مُحَمَّد بْن نصر المروزي فقمت له إجلالا لعلمه، فلما خرج عاتبني أخي إسحاق، وَقَالَ: أنت والي خراسان يدخل عليك رجل من رعيتك فتقوم إليه [3] وبهذا [4] ذهاب السياسة. فبت تلك الليلة وأنا متقسم القلب لذلك [5] ورأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام [6] كأني واقف مع أخي إسحاق، إذ أقبل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخذ بعضدي، وَقَالَ لي: يَا إِسْمَاعِيلُ! ثَبَّتَ [اللَّهُ] [7] مُلْكَكَ وَمُلْكَ بَنِيكَ! بِإِجْلَالِكَ مُحَمَّدَ بْنَ نَصْرٍ، ثُمَّ التفت إلى إسحاق، فَقَالَ: ذهب ملك إسحاق وملك بنيه باستخفافه بمحمد بْن نصر.
استوطن مُحَمَّد بْن نصر نيسابور [بعد] مدة، وَكَانَ مفتيها [8] ، واشتغل بالعبادة [9] ، ثم خرج إلى سمرقند فتوفي بها في محرم هذه السنة.
2014- موسى بْن هارون بْن عبد الله، أَبُو عمران [و] يعرف والده بالجمال [10]
__________
[1] في ص، وك، والمطبوعة: «أخبرنا أحمد بن محمد بن سليمان» . وما أوردناه من ت. وتاريخ بغداد (3/ 318) .
[2] في تاريخ بغداد: «سمعت أبا الفضل محمد بن عبيد البلعمي» .
[3] «إليه» : ساقط من ك.
[4] في المطبوعة: «وهذا» .
[5] في ص: «وأنا متقسي القلب لذلك» .
[6] في ت: «في النوم» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] في ت: «وكان متفقها» . وما بين المعقوفتين ساقط من ت.
[9] في ص: «واشتغل بالعيال» .
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 3/ 50، 51. والعبر 2/ 99. وشذرات الذهب 2/ 217. وتذكرة الحفاظ 669، وتقريب التهذيب 2/ 289، وتهذيب التهذيب، واللباب 1/ 384- 385، وفيه:
«الحمال بفتح الحاء المهملة وتشديد الميم وفي آخرها لام. هذه النسبة إلى حمل الأشياء.. وأبو موسى هارون بن عبد الله بن مروان الحمال ... قيل: سمي حمالا لأنه كان بزازا فتزهد، فصار يحمل الأشياء(13/57)
ولد سنة أربع عشرة ومائتين [1] ، وسمع أَحْمَد [بْن حنبل] [2] ، ويحيى [بْن معين] [3] وغيرهما. [وروى عنه أكابر المحدثين والحفاظ] [4] ، وَكَانَ إمام [أهل] [5] عصره [وعلامة وقته] [6] في الحفظ والمعرفة بالرجال والإتقان [7] ، وَكَانَ ثقة [صدوقا] [8] شديد الورع، عظيم الهيبة، وتوفي في شعبان هذه السنة، ودفن بمقبرة باب حرب [9] .
أَخْبَرَنَا [أَبُو منصور عبد الرحمن بْن مُحَمَّد] [10] الْقَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ [أَحْمَدُ بْنُ علي بن ثابت] [11] الخطيب، قال: سمعت الصوري، [يقول:] [12] سمعت [عبد] [13] الغني بْن سعيد، يقول: أحسن الناس كلاما عَلَى حَدِيث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم علي بْن المديني في وقته، وموسى بْن هارون في وقته، و [علي بْن عمر] [14] الدارقطني في وقته، [أعني موسى بْن هارون هذا الذي نحن في ذكره.
قَالَ الخطيب: ولقد سمعت أكثر مشايخنا يصفونه بالورع العظيم، والزهد، والتقوى، والدين، والطريقة الحسنة، والمنهاج المستقيم. والله أعلم] [15] .
__________
[ () ] ويأكل من أجرته، وقيل سمي به لكثرة ما حمل من العلم ... وابنه موسى بن هارون الحمال الحافظ، كان إماما في الحديث ... كان أحد المشهورين بالحفظ والثقة» أهـ. وسؤالات الحاكم للدارقطنيّ 231) .
[1] في ك: «أربع وعشرين ومائتين» . وما أوردناه من باقي النسخ، ويوافق ما في تاريخ بغداد.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[7] «والإتقان» ساقط من ك.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[9] في ك: «ودفن في مقابر باب حرب» .
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[11] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[12] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[13] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[14] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[15] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.(13/58)
ثم دخلت سنة خمس وتسعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
المفاداة بين المسلمين والروم [أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز، أخبرنا أَبُو بكر بْن ثَابِت الخطيب، قَالَ:] [1] فودي من الرجال والنساء [في سنة خمس وتسعين ومائتين] [2] ثلاثة آلاف نفس.
وفي ذي القعدة [من هذه السنة] [3] توفي المكتفي باللَّه، وبويع المقتدر [باللَّه] [4] .
ذكر خلافة المقتدر باللَّه
اسمه جعفر بْن المعتضد [باللَّه] [5] ، ويكنى أبا الفضل، وأمه أم ولد يقال لها «شغب» أدركت خلافته وسميت السيدة، وكانت لأم الْقَاسِم بنت مُحَمَّد بْن عبد الله بْن طاهر فاشتراها منها المعتضد.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ك.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ك.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ك، ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/59)
ولد ليلة الجمعة لثمان بقين من رمضان سنة اثنتين وثمانين [ومائتين] [1] ، وقيل:
ولد يوم الجمعة [وَكَانَ] [2] ربعة ليس بالطويل ولا بالقصير، جميل الوجه، أبيض مشربا بالحمرة، حسن الخلق، حسن العينين، بعيد ما بين المنكبين، جعد الشعر، مدور الوجه، كثير الشيب في رأسه، أخذ في عارضيه أخذا كثيرا [3] .
ذكر بيعة المقتدر
ولما اشتدت علة المكتفي في ذي القعدة سنة خمس وتسعين، سأل عن أخيه أبي الفضل جعفر، فصح عنده أنه بالغ فأحضر [في] [4] يوم، الجمعة لإحدى عشرة ليلة [خلت] [5] من ذي القعدة القضاة فأشهدهم أنه قد جعل العهد إليه، وبويع بالخلافة بعد وفاة المكتفي سحر يوم الأحد لأربع عشرة ليلة خلت من ذي القعدة من هذه السنة. ولما أراد الجلوس للبيعة صلى أربع ركعات، وما زال يرفع صوته بالدعاء [6] والاستخارة فبويع ولقب «المقتدر باللَّه» وهو ابن ثلاث عشرة سنة وشهر واحد وعشرين يوما ولم يكن ولى الخلافة [7] قبله [أحد] [8] أصغر منه.
أنبأنا جماعة من مشايخنا، عن أبي منصور بْن عبد العزيز، قَالَ: بلغ المقتدر في شعبان قبل جلوسه في الخلافة بثلاثة أشهر، وَكَانَ في بيت مال الخاصة خمسة عشر ألف ألف دينار وفي بيت مال العامة ستمائة ألف دينار، ومن غير ذلك ما يتمم عشرين ألف ألف دينار، ومن الفرش والآلة والجوهر ما يزيد قيمته على الكل، واستوزر المقتدر
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] «كثير الشيب ... أخذا كثيرا» : ساقط من ص.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ك: «وما زال صوته بالدعاء» .
[7] في ت: «ولم يلي الخلافة قبله» .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص.(13/60)
جماعة، منهم: أَبُو أَحْمَد العباس بْن الحسن بقي في وزارته أربعة أشهر وسبعة أيام وقتل، وأبو الحسن عَلي بْن مُحَمَّد بْن الفرات بقي ثلاث سنين وثمانية أشهر وثلاثة وعشرين يوما [1] ، ثم قبض عليه وحبس، ثم أعيد إلى الوزارة فبقي سنة وخمسة أشهر وسبعة عشر يوما، [ثم قبض عليه، ثم أعيد دفعه ثالثة فبقي عشرة أشهر وثمانية عشر يوما] [2] ، ثم قبض عليه وقتل.
[واستوزر] [3] بعد مديدة أَبُو عَلي مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّهِ بْن يحيى بْن خاقان، بقي سنة وشهرا وخمسة أيام، [وقبض عليه. وبعده] [4] أَبُو الحسن عَلي بْن عيسى بْن داود بْن الجراح بقي ثلاث سنين وعشرة أشهر وثمانية عشر يوما [5] ، وقبض عليه، ثم أعيد فبقي سنة وأربعة أشهر ويومين وقبض عليه، [وبعده] [6] أَبُو مُحَمَّد حامد بْن العباس بقي أربع سنين وعشرة أشهر وأربعة وعشرين يوما، ثم قبض [7] عليه وقتل، [وبعده] [8] أَبُو الْقَاسِم عبد الله بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّهِ بْن يحيى بْن خاقان [9] بقي سنة وستة أشهر ويومين، ثم قبض عليه، [وبعده] أَبُو العباس أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّهِ بْن أَحْمَد الخصيب بقي سنة وشهرين وقبض عليه. [وبعده] [10] أَبُو عَلي مُحَمَّد بْن عَلي بْن مقلة بقي سنتين [11] وأربعة أشهر وثلاثة أيام وقبض عليه. [وبعده] [12] أَبُو الْقَاسِم عبد الله بْن مُحَمَّد الكلواذي [13] بقي
__________
[1] في ص: «وثماني وعشرين يوما» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ت: «وثمانية وعشرين يوما» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] العبارة: «وقبض عليه ... وبعده أبو محمد» . ساقطة من ك.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] في ت: «أبو القاسم محمد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يحيى بْن خاقان» .
[10] «وقبض عليه وبعده» هذه العبارة ساقطة في ك، وما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[11] في ك: «أبو علي محمد بن مقلة بقي سنة» .
[12] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[13] في ت: «أبو القاسم عبيد بن محمد الكلوذاني» .(13/61)
شهرين [وثلاثة أيام] [1] وقبض عليه [2] [وبعده] أَبُو الْقَاسِم سليمان بْن الحسن بْن مخلد/ بقي سنة وشهرين وتسعة أيام وقبض عَلَيْهِ [3] [وبعده] أَبُو عَلي الحسين بْن الْقَاسِم بْن عُبَيْد اللَّهِ بقي سبعة أشهر وقبض عَلَيْهِ. [وبعده] أَبُو الفتح الفضل بْن جعفر بْن الفرات بقي خمسة أشهر وتسعة وعشرين يوما [4] وقتل المقتدر باللَّه فاستتر الفضل.
وَكَانَ للمقتدر ستة حجاب، سوسن [مولى المكتفي] [5] ، ثم نصر القشوري، ثم أَحْمَد بْن نصر القشوري، ثم ياقوت، ثم مُحَمَّد وإبراهيم ابنا رائق.
وَكَانَ أطباؤه سنان بْن ثَابِت، وبختيشوع بْن يحيى: ورد المقتدر رسوم الخلافة إلى ما كانت عليه من التوسع في الطعام والوظائف، وفرق في بني هاشم عشرة آلاف دينارا [6] ، وتصدق في سائر الناس بمثلها، وأضعف لبني هاشم [7] أرزاقهم. وفرق [في] [8] يوم التروية ويوم عرفة من البقر [والغنم] [9] ثلاثين ألف رأس، ومن الإبل ألف رأس [10] ، وأطلق أهل الحبوس الذين يجوز إطلاقهم، وأمر مُحَمَّد بْن يُوسُف القاضي أن ينظر في أمور سائر الناس [11] ، وكانت قد بنيت أبنية في الرحبة [12] دخلها في كل شهر ألف دينار [13] فأمر بنقضها ليوسع على المسلمين.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] العبارة: «وبعده أبو القاسم ... وقبض عليه» . ساقطة من ك.
[3] العبارة: «وبعده أبو القاسم سليمان ... وقبض عليه» . ساقطة من ص.
[4] في ص: «خمسة أشهر وعشرين يوما» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ك: خمسة آلاف دينار.
[7] العبارة: «عشرة آلاف دينار ... لبني هاشم» .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[10] في ص: «ومن الإبل ألف رأس» .
[11] في ص، ك، والمطبوعة: «أن ينظر في أمور سائر الناس» .
[12] في ت: «وكان قد بنيت» وفي ك: «وكانت قد بنيت في الرحبة» .
[13] في ك: «دخلها في كل سنة ألف دينار» .(13/62)
أخبرنا أبو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو بكر أَحْمَد بْن عَلي، قَالَ: خلع المقتدر في زمان خلافته مرتين وأعيد، فأما المرة الأولى فكانت بعد استخلافه بأربعة أشهر وسبعة أيام، وذلك عند قتل العباس بْن الحسن الوزير وفاتك مولى المعتضد، واجتماع أكثر الناس [ببغداد] [1] على البيعة لأبي العباس عبد الله بْن المعتز ولقبوه المرتضي باللَّه [2] ، وخلع المقتدر واحتجوا في ذلك بصغر سنة وقصوره عن بلوغ الحكم، ونصبوا ابن المعتز يوم السبت لعشر بقين من ربيع الأول سنة ست وتسعين وسلموا عليه بإمرة المؤمنين [3] ثم بايعوا له بالخلافة، ثم فسد الأمر وبطل من الغد وثبت أمر المقتدر باللَّه، وجددت له البيعة الثانية في يوم الاثنين، فظفر بعبد الله بْن المعتز فقتل وقتل جماعة ممن سعى في أمره، والمرة الثانية في الخلع: بعد إحدى وعشرين سنة وشهرين ويومين من خلافته، اجتمع القواد والجند والأكابر والأصاغر مع مؤنس الخادم ونازوك على خلعه فقهروه وخلعوه [4] ، وطالبوه بأن يكتب رقعة بخطه بخلع نفسه، ففعل وأشهد على نفسه بذلك، وأحضروا مُحَمَّد بْن المعتضد [باللَّه] [5] فنصبوه وسموه القاهر باللَّه وسلموا عليه بإمرة المؤمنين، وذلك يوم السبت للنصف من المحرم سنة سبع عشرة وثلاثمائة، فأقام على ذلك يوم السبت ويوم الأحد، فلما كَانَ يوم الاثنين اختلف الجند وتغير رأيهم ووثب طائفة منهم على نازوك وعبد الله بْن حمدان المكنى بأبي الهيجاء فقتلوهما وأقيم القاهر من مجلس الخلافة وأعيد المقتدر باللَّه إلى داره، وجددت له بيعة، وَكَانَ قد تبرأ من الأمر يومين وبعض الثالث ولم يكن وقع للقاهر بيعة في رقاب الناس.
ذكر طرف من سيرة المقتدر باللَّه
كَانَ سخيا جوادا، وَكَانَ يصرف إلى الحرمين [6] وفي طريقهما في كل سنة ثلاثمائة ألف
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ك، ص: «الراضي باللَّه» .
[3] في ك: «وسلموا عليه بالخلافة» .
[4] في ت: «على خلعة فخلعوه» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ك: «وكان يصرف في الحرمين» .(13/63)
وخمسة عشر ألفا وأربعمائة [وستة] [1] وعشرين دينارا وَكَانَ يجري على القضاة في الممالك ستة وخمسين ألفا [2] ، وخمسمائة وتسعة وستين دينارا. وَكَانَ يجري على من يتولى الحسبة [3] والمظالم في [جميع البلاد] [4] أربعمائة وثلاثين ألفا [5] وأربعمائة وتسعة وثلاثين دينارا. وعلى أصحاب البريد تسعة وسبعين ألفا وأربعمائة [دينارا] [6] ، وكان يصوم كثيرا، ويتنقل بالصلاة كثيرا [7] ، وَكَانَ في داره عشرة آلاف خادم خصي [8] غير الصقالبة والروم والسودان، وَكَانَ مجمله وافرا [9] ، ولما بعث ملك الروم رسوله زين الدار والبلد وسنذكر ما جرى في سنة خمس وثلاثمائة.
وكان جواهر الأكاسر وغيرهم من الملوك قد صارت إلى بني أمية، ثم صارت إلى السفاح، ثم إلى المنصور، واشترى المهدي [الفص] [10] المعروف بالجبل بثلاثمائة ألف دينار واشترى الرشيد جوهره بألف ألف دينار، ولم يزل الخلفاء يحفظون ذلك إلى أن آلت الخلافة إلى المقتدر، وهناك ما لم ير مثله، وفيه الدرة اليتيمة زنتها ثلاثة مثاقيل [11] ، فبسط فيه المقتدر يده ووهب بعضه لصافي الحرمي ووجه منه إلى وزيره العباس فرده، وَقَالَ: هذا الجوهر عدة الخلافة [12] ولا يصلح أن يفرق [13] ، وكانت زيدان القهرمانة متمكنة من الجوهر، فأخذت سبحة لم ير مثلها وَكَانَ يضرب بها المثل، فيقال: سبحة
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] العبارة: «وأربعمائة وستة وعشرين ... وخمسين ألفا» . ساقط من ص.
[3] في ت: «على من تولى الحسبة» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ك: «جميع البلدان أربعة وثلاثين ألفا» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] «وينتقل بالصلاة كثيرا» : ساقط من ص.
[8] في ك، ت: «في داره أحد عشرة ألف خادم خصي» .
[9] «وكان مجمله وافرا» ، ساقط من ص. وفي ت: «وكان تجمله وافرا» .
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[11] في ت: «الدرة اليتيمة فيها ثلاثة مثاقيل» .
[12] في ك: «عدة الخلافة» .
[13] في ت: «فلا يصح أن يفرق» .(13/64)
زيدان، فلما وزر عَلي بْن عيسى قَالَ للمقتدر: ما فعلت سبحة جوهر قيمتها ثلاثون ألف دينار [1] أخذت من ابن الجصاص؟ فَقَالَ: في الخزانة فَقَالَ: تطلب، فطلبت فلم توجد فأخرجها من كمه، وَقَالَ: إذا كانت خزانة الجوهر لا تحفظ فما الذي يحفظ؟ وَقَالَ:
عرضت عَلي فاشتريتها، فاشتد ذلك على المقتدر، ثم امتدت يد الخزانة في أيام القاهر والراضي إلى خزائن الجوهر فلم يبق منه شيء.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور عبد الرحمن بْن مُحَمَّد [الْقَزَّازُ] [2] ، قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ علي، قال: أخبرنا علي بن المحسن، قال: حدثني أبي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلي الحسين بْن مُحَمَّد الأنباري، قَالَ: سمعت دلويه الكاتب يحكى عن صافى الحرمي مولى المعتضد [3] ، قَالَ: مشيت يوما بين يدي المعتضد وهو يريد دور الحرم، فلما بلغ إلى باب شغب أم المقتدر وقف يتسمع ويطلع من خلل في الستر، فإذا هو بالمقتدر [4] وله إذ ذاك خمس سنين أو نحوها، وهو جالس وحواليه مقدار عشر وصائف من أقرانه في السن [5] ، وبين يديه طبق فيه عنقود عنب في وقت العنب فِيهِ عزيز جدا، [6] والصبي يأكل عنبة واحدة، ثم يطعم الجماعة عنبة عنبة على الدور حتى إذا بلغ الدور إليه أكل واحدة مثل ما أكلوا حتى فرغ العنقود [7] ، والمعتضد يتميز غيظا [8] فرجع ولم يدخل الدار ورأيته مهموما فقلت [له] : [9] يا مولاي ما سبب ما فعلته وما قد بان عليك؟
فَقَالَ: والله يا صافى [10] ، لولا النار والعار لقتلت هذا الصبي اليوم فإن في قتله صلاحا
__________
[1] في ص: «قيمتها ثلاثمائة ألف دينار» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] «مولى المعتضد» ساقط من ص.
[4] في ص: «فإذا بالمقتدر» . بإسقاط «هو» .
[5] في ت: «وصائف في ستة من أقرانه» .
[6] في ص، والمطبوعة: «في وقت لا يوجد العنب» .
[7] في ص، ك: «حتى فني العنقود» .
[8] في ك: «والمعتضد يتميز من الغيظ» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] في ت: «فقال: يا صافي والله» .(13/65)
للأمة. [1] فقلت: يا مولاي حاشاه [2] أي شيء؟ أعيذك باللَّه يا مولاي العن إبليس! فَقَالَ: ويحك أنا أبصر بما أقول، أنا رجل قد سست الأمور وأصلحت الدنيا بعد فساد شديد، ولا بدّ من موتي، وأعلم أن الناس بعدي لا يختارون غير ولدي وسيجلسون ابني عليا- يعني المكتفي- وما أظن عمره يطول للعلة التي به- يعني الخنازير التي [كانت] [3] في حلقه- فيتلف عن قريب ولا يرى الناس إخراجها عن ولدي ولا يجدون بعده أكبر من جعفر فيجلسونه وهو [4] صبي، وله من الطبع في السخاء هذا الذي [قد] [5] رأيت [من] [6] أنه يطعم الصبيان [7] مثل ما أكل، وساوى بينه وبينهم في شيء عزيز في العالم، والشح على مثله في طباع الصبيان فتحتوي عليه النساء لقرب عهده بهن، فيقسم ما جمعته من الأموال كما قسم العنب، ويبذر ارتفاع الدنيا ويخرجها وتضيع الثغور وتنتشر الأمور [8] ، وتخرج الخوارج، وتحدث الأسباب التي يكون فيها زوال الملك/ عن بني العباس أصلا! فقلت: يا مولاي بل يبقيك الله حتى ينشأ في حياة منك ويصير كهلا في أيامك ويتأدب بآدابك ويتخلق بخلقك ولا يكون هذا الذي ظننت، فَقَالَ: احفظ عني ما أقول فإنه كما قلت، قال: ومكث يومه مهموما [9] ، وضرب الدهر ضربه، ومات المعتضد، وولي المكتفي، فلم يطل عمره ومات وولي المقتدر فكانت الصورة كما قَالَ المعتضد بعينها، فكنت كلما وقفت على رأس المقتدر ورأيته قد دعا بالأموال فأخرجت إليه وفرقها على الجواري ولعب بها [10] ومحقها ذكرت مولاي
__________
[1] في ت: «في قتله صلاحا لأمة محمد» .
[2] في ك: «يا مولاي حاشا له» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[4] في ت: «فيجدون وهو صبي» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ك، ص، والمطبوعة: «أنه أطعم الصبيان» .
[8] في ت: «ويضيع الثغور، وينتشر الأمور» .
[9] في ص: «ومكث يوما مهموما» .
[10] في ت: «وفرقها على الجواري واللعب بها» . وما أوردناه من ص، وفي ك: سقطت: «ولعب بها» .(13/66)
المعتضد وبكيت، وكنت يوما واقفا على رأس المعتضد، فَقَالَ: هاتوا فلانا الطيبي- خادم يلي خزانة الطيب [1]- فأحضر فَقَالَ له: كم عندك من الغالية؟ فَقَالَ:
نيف وستون حبا صينيا مما عمله عدة من الخلفاء، قَالَ: فأيها أطيب [2] ؟ قَالَ: ما عمله الواثق، [قَالَ: أحضرنيه] [3] ، فأحضره حبا عظيما تحمله عدة خدم بدهق، ففتح فإذا بغالية قد ابيضت [من التعشيب] [4] ، وجمدت من العتق في نهاية الذكاء، فأعجبت المعتضد وأهوى بيده إلى حوالي عنق الحب، فأخذ من لطاخته شيئا يسيرا من غير أن يشعث رأس الحب وجعله في لحيته، وَقَالَ: ما تسمح نفسي تطريق التشعيث على هذا الحب [5] ، ارفعوه، فرفع فمضت الأيام، فجلس المكتفي يوما وهو خليفة فطلب غالية فاستدعى الخادم وسأله عن الغوالي فأخبره بما كَانَ أخبر به أباه، فاستدعى غالية الواثق فجاءه بالحب بعينه ففتح فاستطابه، وَقَالَ: أخرجوا منه قليلا! فأخرج مقدار ثلاثين أو أربعين درهما فاستعمل منه في الحال ما أراده، ودعا بعتيدة له فجعل الباقي فيها ليستعمله على الأيام، وأمر بالحب فختم بحضرته ورفع، ومضت الأيام وولي المقتدر الخلافة، وجلس يوما مع الجواري، وكنت على رأسه فأراد أن يتطيب فاستدعى الخادم، وسأله فأخبره مثل ما أخبر بِهِ أباه وأخاه [6] ، فَقَالَ: هات الغوالي كلها فأحضرها الحباب كلها فجعل يخرج من كل حب مائة مثقال وخمسين وأقل وأكثر فيقسمه ويفرقه على من بحضرته حتى انتهى إلى حب الواثق فاستطابه فَقَالَ: هاتوا عتيدة حتى نخرج إليها ما نستعمله، فجاءوا بعتيدة فكانت عتيدة المكتفي بعينها، فرأى الحب ناقصا والعتيدة فيها شيء، فَقَالَ: ما السبب في هذا؟ فأخبرته بالخبر على شرحه فأخذ يعجب من بخل الرجلين [7] ، ويضع منهما بذلك، ثم قَالَ: فرقوا الحب بأسره على الجواري!
__________
[1] في ك: «خادما يلي خزانة الطيب» .
[2] في ت: «آتينا بطيب» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ت: «ما تسمع نفسي بالتشعيب على هذا الحب» .
[6] في ك، ص، والمطبوعة: «وسأله فأخبره بما أخبر أباه وأخاه» .
[7] في ك: «فأخذ يتعجب من بخل الرجلين» .(13/67)
فما زال يخرج أرطالا وأنا أتمزق غيظا وأذكر حديث العنب وكلام المعتضد إلى أن مضى قريب من نصف الحب فقلت له [1] : يا مولاي! هذه الغالية أطيب الغوالي وأعتقها [و] [2] ما لا يعتاض منه، فلو تركت ما بقي منها لنفسك وفرقت من غيرها كَانَ أولى، وجرت دموعي لما ذكرته من كلام المعتضد، فاستحيا مني ورفع الحب فما مضت إلا سنين من خلافته حتى فنيت تلك الغوالي واحتاج إلى عجن غالية [3] بمال عظيم.
أَخْبَرَنَا القزاز، قال: أخبرنا أحمد بن علي، قال: أَخْبَرَنَا عَلي بْن أبي البصري، قَالَ: أخبرني أبي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القشوري [4] ، قَالَ: كنت أخدم وأنا حدث في دار نصر [بْن] [5] القشوري المرسومة بالحجبة من دار المقتدر باللَّه، فركب المقتدر [يوما] [6] على غفلة وعبر إلى البستان المعروف بالزبيدية في نفر من الخدم والغلمان، وأنا مشاهد لذلك، وتشاغل أصحاب الموائد والطباخون بحمل الآلات والطعام وتعبيتها في الجون، فأبطأت وعجل هو في طلب الطعام، فقيل له: لم يحمل بعد [7] ، فَقَالَ:
انظروا ما كَانَ! فخرج الخدم كالمتحيرين ليس يجسرون أن يعودوا فيقولوا ما جاء شيء، فسمعهم رئيس الملاحين بالطيار فَقَالَ: إن كَانَ ينشط مولانا لأكل طعام الملاحين [8] ، فمعي ما يكفيه، فمضوا [فقالوا له] [9] فَقَالَ: هاتوا ما معه، فأخرج من تحت صدر الطيار [10] جونة مليحة خيارزة لطيفة، [11] فيها جدي بارد وسكباج مبردة، وبزماورد وإدام [12] وقطعة
__________
[1] «له» : ساقطة من ص.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت: «واحتاج أن عجن غالية» .
[4] في ت: «أبو منصور المسودي» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ت: «ما حمل بعد» .
[8] «فقال: أن ينشط ... الملاحين» ساقط من ك.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] في ك، ص: «من تخت الصيار» .
[11] خيارزة: غير منقوطة في ت.
[12] في ك: «وسكباج مبردة، وأدام» .(13/68)
مالح ممقور طيبة [1] ، وأرغفة سميذ جيدة، وكل ذلك لطيف، وإذا هي جونة [2] تعمل في منزله كل يوم، وتحمل إليه فيأكلها في موضعه من الطيار، ويلازم الخدمة، فلما حملت إلى المقتدر استنظفها فأكل منها واستطاب المالح والإدام، فكان أكثر أكله منه، ولحقته الأطعمة من مطبخه، فَقَالَ: ما آكل اليوم إلا من طعام جعفر الملاح! فأتم أكله منه، وأمر بتفرقه طعامه على من حضر، ثم قَالَ: قولوا له هات الحلواء! فَقَالَ: نحن لا نعرف الحلوى! [3] فَقَالَ المقتدر: ما ظننت أن في الدنيا من يأكل طعاما لا حلواء بعده! [4] فَقَالَ الملاح: حلوانا التمر والكسب فإن تشأ [5] أحضرته، فقال: [لا] [6] هذا حلوى صعب لا أطيقه، فأحضرونا من حلوائنا، فأحضرت عدة جامات فأكل ثم قَالَ لصاحب المائدة:
اعمل [في] [7] كل يوم جونة تنفق عليها ما بين عشرة دنانير إلى مائتي درهم وسلمها إلى جعفر الملاح تكون برسم الطيار ابدا فإن ركبت يوما على غفلة كما ركبت اليوم كانت معدة، وإن جاء المغرب ولم أركب كانت لجعفر، قَالَ: فعملت إلى أن قتل المقتدر وَكَانَ جعفر يأخذها فربما حاسب عليها الأيام وأخذها دراهم وما ركب المقتدر بعدها على غفلة ولا احتاج إليها.
أنبأنا مُحَمَّد بْن طاهر، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التنوخي، عن أبيه، قال: حدثني أَبُو الفتح أَحْمَد بْن عَلي بْن هارون قال: قَالَ: حدثني أبي، قَالَ:
كَانَ [ابن] [8] عمي أَبُو الْقَاسِم يُوسُف بْن يحيى بْن عَلي حسن الإقبال محفوظا، وكانت له داية تسمى «نظم» فخدمت السيدة المقتدر وخصصت [9] بها حتى صارت إحدى
__________
[1] في ت: «مالح منفق طيبة» .
[2] «هي» : ساقطة من ص.
[3] في ت: «نحن ما نعرف الحلوى» .
[4] في ت: «يأكل طعاما إلا يأكل حلواء بعده» .
[5] في ص: «تنشط» . وفي ت: «تشط» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] في ت: «أم المقتدر وخصت بها» .(13/69)
قهارمتها التي تجري على يديها الصغير والكبير فرفعت أبا الْقَاسِم وانتهت به إلى أسنى الأرزاق وأوسع الأحوال، وأخرجت له الصلات حتى تأثلت حاله [بذلك] [1] وصار صاحب عشرات ألوف دنانير، وخلطته بخدمة السيدة، فعزم أَبُو الْقَاسِم على تطهير ابنه فأنفق في وليمته ما لم يسمع بمثله حتى أفردت عدة دور للحيوان، وعدة دور للفاكهة، وأنفق ألوف دنانير وبلغ نظم خبره، فجاءته من عنده السيدة بأموال عظيمة معونة له على التطهير، وحملت له من عندها من الفرش والآنية والثياب [والمخروط] [2] بألوف فلما مضت أيام قالت لها: يا نظم! أيش خبر [3] طهر ابن يُوسُف؟ قالت: يا ستي قد بقيت عليه أشياء يريدها، فقالت: خذي ما تريدين واحمليه إليه، فجاءت نظم إليه فقالت: إن كَانَ [قد] [4] بقى في نفسك شيء [فعرفني] [5] فَقَالَ لها: الطهر غدا ما بقي في نفسي شيء [6] إلا وقد بلغته لك، وقد بقي في نفسي شيء لست أجسر على مسألته، فقالت:
قل ما في نفسك، فإن أمكن وإلا فليس يضرك [7] ، فقال: أشتهى أن أعار القرية [8] الفضية التي عملت لأمير المؤمنين ليراها الناس في داري ويشاهدوا ما لم/ يشاهدوا مثله [9] فيعلموا ما محلي [10] من الاختصاص والعناية، فوجمت وقالت: هذا شيء عمله الخليفة لنفسه! ومقداره عظيم، وفى [هذه] [11] القرية مائتا ألوف [12] دراهم، ولا أحسب جاهي يبلغ إليها، وكيف يستعار من خليفة شيء! أو متى! سمع بخليفة يعير، ولكن أنا
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ك: «كيف خبر» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[6] في ك: «ما بقي في أمري شيء» .
[7] في ص: «وإلا ليس يضرك» .
[8] في ت: أشتهى اعارة القرية» .
[9] «ما لم يشاهدوا» : ساقط من ص.
[10] في ص: «فيعلموا مالي من الاختصاص» .
[11] ما بين المعقوفتين: ساقط ت.
[12] في ص: «مائتي ألف» . وفي ك، والمطبوعة: «مئين ألوف» .(13/70)
أسأل السيدة في هذا، فإن كَانَ مما يجوز وإلا عرفتك. ومضت فلما كَانَ من الليل جاءتني وقالت: إن إقبالك قد بلغ إلى أن يحب أن تحمد الله عليه! فقلت: ما الخبر؟
فقالت: كل ما تحب! قد جئتك بالقرية هبة لا عارية وجئتك معها بصلة ابتدأ لك بها أمير المؤمنين من غير مسألة أحد، فقلت: ما الخبر؟ قالت: مضيت وأنا منكسرة القلب آيسة من أن يتم هذا، فدخلت على هيئتي تلك على السيدة [1] فقالت: من أين؟ قلت: من عند عبدك يُوسُف، وهو على أن يطهر ابنه غدا، قالت: أراك منكسرة، قلت: ببقائك ما أنا منكسرة، قالت: ففي وجهك حديث، فقلت: خير، قالت: بحياتي ما ذاك؟ قلت: قد شكر ما عومل به [ودعا] [2] وقال: [أبي] [3] كنت أحب أن أتشرف بما لم يتشرف به أحد قبلي [4] ، ليعلم موضعي من الخدمة، قالت: وما هو؟ قلت: يسأل إن يعار القرية ليتجمل بها ويردها من غد فأمسكت، ثم قالت: هذا شيء عمله الخليفة لنفسه كيف يحسن أن يرى في دار غيره؟ وكيف يحسن أن يقال إن الخليفة استعار منه بعض خدمه شيئا ثم استرده منه؟ وهذا فضيحة! كيف [5] يجوز أن أسأله هبتها له لأني لا أدري قد ملها وشبع منها أم لا، فإن كَانَ قد ملها فقيمتها عليه أهون من أن يفكر في ثمنها [6] وإن كَانَ [7] لم يملها لم آمن أن أفجعه بها وسأسبر ما عنده في هذا! ثم دعت بجارية، فقالت:
اعرفوا خبر الخليفة، فقيل لها: هو عند فلانة، فقالت: تعالي معي، فقامت وأنا [معها] وعدة جوار حتى دخلت، وكانت عادته إذا رآها أن يقوم لها قائما ويعانقها ويقبل رأسها ويجلسها معه في دستة، قالت: فحين رآها قام وأجلسها معه، وقال لها: يا ستي- وهكذا كَانَ يخاطبها- ليس هذا من أوقات تفضلك وزيارتك فقالت: ليس من أوقاتي ثم حدثته ساعة، وقالت: يا نظم متى عزم ابنك يُوسُف على تطهير ابنه؟ قلت:
__________
[1] في ص: «هيئتي تلك على السيدة» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ك: «أحب أن أشرف بما لم يشرف» .
[5] في ك، ص: «وليس» .
[6] في ك: «يفكر في هبتها» .
[7] العبارة: «كان قد ملها ... وإن كان» . ساقطة من ص.(13/71)
غدا يا ستي، فَقَالَ الخليفة: يا ستي إن كَانَ يحتاج إلى شيء آخر أمرت به، فقالت:
هو [1] مستكف داع، ولكن قد التمس شيئا ما أستحسن خطابك فيه، قَالَ: أريد أن أشرف على أهل المملكة كلهم [2] ويرى عندي ما لم ير في العالم مثله! قَالَ: وما هو؟
قالت: يا سيدي يلتمس أن تعيره القرية، فإذا رآها الناس عنده ارتجعت، فقال: يا ستي هذا والله ظريف [3] ، يستعير خادم لنا شيئا، وتكونين أنت شفيعة فأعيره ثم ارتجعه هذا من عمل العوام لا الخلفاء، ولكن إذا كَانَ محله [4] من رأيك هذا حتى قد حملت على نفسك بخطابي فيه وتجشمت زيارتي وأنا أعلم أنه ليس من أوقات زيارتك، فقد وهبت له القرية فمري بحملها بجميع آلاتها [إليه] [5] وقد رأيت أن أشرفه بشيء آخر، قالت:
وما هو؟ قَالَ يحمل إليه غدا جميع وظائفنا ولا يطبخ لنا شيء البتة، بل يوفر عليه ويؤخذ لنا سمك [6] طري فقط، فأمرت بنقل القرية وقالت: [قولي] [7] ليوسف ما تصنع بالوظيفة؟ فَقَالَ والله ما أحتاج إلى ملح إلا وقد حصلته، فإن حملت إلي لم أنتفع بها! فخذي لي ثمنها من الوكلاء، فأخذت وَكَانَ مبلغ ذلك ألف وستمائة دينار [8] وهي وظيفة كل يوم، وقالت اقتصر الخليفة لأجلك اليوم على السمك فاشترى له سمك بثلاثمائة دينار، وكانت القرية على صفة قرية مثال البقر والغنم والجمال والجواميس والأشجار والنبات والمساحي والناس وكل ما يكون في القرى.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2015- إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن نوح بْن عبد الله، أَبُو إسحاق المزكي الحافظ الزاهد [9] :
إمام عصره بنيسابور في معرفة الحديث والرجال والعلل، وسمع خلقا كثيرا،
__________
[1] «هو» : ساقط من ص.
[2] «كلهم» : ساقط من ص.
[3] في ك، ص، والمطبوعة: «يا ستي والله هذه ظريفة» .
[4] في ص: «ولكن إذا جاز محله» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ت: «ويصنع لنا سمك» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] في ص: «وخمسمائة دينار» .
[9] في ك: «أبو إسحاق المكنى بالحافظ» . وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 105) .(13/72)
ودخل على أَحْمَد بْن حنبل، وذاكره وَكَانَ مجلسه مهيبا، وقيل: إنه كَانَ مجاب الدعوة، وَكَانَ لا يملك من الدنيا إلا الدار التي يسكنها، وحانوتا يستغل منه كل شهر [1] سبعة عشر درهما يتقوت بها، ولا يقبل من أحد شيئا. وَكَانَ يشتري له الجزر، فيطبخ بالخل فيتأدم به طول الشتاء. وَكَانَ يقول: خالف الناس الأسود بْن يزيد في زوج بريرة، فقال: انه كان حرا وَقَالَ الناس: إنه كَانَ عبدا. وَقَالَ: كل من روى عنه رجلان من أهل العلم ارتفعت عنه الجهالة، وكل من لا يروى عنه إلا رجل واحد فهو مجهول. وَقَالَ أَبُو على الحسين بْن عَلي الحافظ: لم تر عيناي مثل إبراهيم بْن مُحَمَّد.
وتوفي في رجب هذه السنة.
2016- أَحْمَد بْن مُحَمَّد، أَبُو الحسين النوري [2] :
وقد قيل إنه مُحَمَّد بْن مُحَمَّد والأول أصح. وَكَانَ يعرف بابن الْبَغَوِيّ، [وَكَانَ] [3] أصله من خراسان من ناحية بغ. حدث عن سري السقطي.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز، قال: أخبرنا أحمد بن على بن ثابت، حَدَّثَنَا عبد العزيز بْن عَلِيّ، قَالَ: سمعت عَلِيّ بْن عَبْد الله بن جهضم، يقول: حدثني عبد الكريم بْن أَحْمَد البيع قَالَ: قَالَ أَبُو أَحْمَد المغازلي: ما رأيت أحدا قط أعبد من النوري، فقيل: ولا جنيد؟ قَالَ: ولا جنيد.
قَالَ عبد الكريم: ثم حدثني أَبُو جعفر الفرغاني، قَالَ: مكث أَبُو الحسين النوري عشرين سنة يأخذ من بيته رغيفين ويخرج ليمضي إلى السوق فيتصدق بالرغيفين ويدخل المسجد فلا يزال يركع حتى يجيء وقت سوقه فإذا جاء الوقت مضى إلى السوق فيظن أستاذه أنه قد تغدى في منزله ومن في بيته عندهم انه قد أخذ معه غداءه وهو صائم.
__________
[1] في ت: «وحانوتا يستغل منه» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 130- 136، طبقات الصوفية 164- 169، وحلية الأولياء 10/ 249- 255، وصفة الصفوة 2/ 249، والرسالة القشيرية 16، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 148، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 102، والبداية والنهاية 11/ 106، وسير أعلام النبلاء 9/ 2/ 156- 158، واللباب 3/ 243، والكواكب الدرية 1/ 194- 196، وطبقات الأولياء 15) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/73)
وَقَالَ أَبُو الحسن القناد [1] : مات النوري في مسجد الشونيزية جالسا متقنعا، فبقي أربعة أيام لم يعلم بموته أحد.
2017- إسماعيل بْن أَحْمَد بْن أسد [بْن نوح] [2] بْن سامان. [3] :
من ملوك السامانية، وهم أرباب الولايات بسمرقند والشاش وفرغانة وتلك البلاد.
وظفر إسماعيل بعمرو بْن الليث الصفار الخارجي، فبعث به إلى المعتضد، فكتب المعتضد عهد إسماعيل على خراسان، وبعث إليه الخلع ولما انتهت الخلافة إلى المكتفي باللَّه كتب لَهُ، عهد [إسماعيل وولاه] [4] من الري إلى ما وراء النهر إلى بلاد الترك وبنى إسماعيل ربطا في المفاوز، يسع كل رباط [5] منها ألف فارس، ووقف عليها وقوفا وورد إلى بلاده جيش عظيم من كبار الترك [6] ، فيه ألف وسبعمائة قبة، ولا تكون القبة التركية إلا لرئيس ومتقدم، فوجه إسماعيل أحد قواده لقتالهم، فوافاهم [7] وهم غارون، فقتل منهم خلقا [كثيرا] [8] ، واستباح عسكرهم وانصرف المسلمون غانمين.
وَكَانَ طاهر بْن مُحَمَّد بْن عمرو بْن الليث قد استولى على فارس، بعد أن أسر جده عمرو بْن الليث، فأنفذ المعتضد مولاه بدرا لقتاله، فبعث طاهر إلى إسماعيل يسأله التوسط بينه وبين الخليفة ليقره على بلاده ويقاطعه على مال، وأهدى/ إلى إسماعيل هدايا من جملتها ثلاث عشرة جوهرة، وزن كل جوهرة ما بين سبعة مثاقيل إلى العشرة، بعضها أحمر وبعضها أزرق فقومت بمائة ألف دينار، فكتب إسماعيل إلى المعتضد
__________
[1] في ص: «أبو الحسين القناد» . وفي ك، ت: «أبو الحسن الخلال» . وما أوردناه يوافق ما في تاريخ بغداد (5/ 136) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] انظر ترجمته في: (الأعلام 1/ 308. وابن خلدون 4/ 334. واللباب 1/ 523. والكامل لابن الأثير 8/ 2. وشذرات الذهب 2/ 219، 191) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[5] في ت: «يسع الرباط» .
[6] في ت: «من كفار الترك» .
[7] «فوافاهم» : ساقط من ص.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص.(13/74)
فشفع [1] فيه ويخبره بحال الهدية ويسأله في قبولها [2] : فأجابه: لو أنفذ إليك كل عامل لأمير المؤمنين أمثال هذا لكان مما يسره [3] ، وشفعه في طاهر [4] .
وتوفي إسماعيل في صفر هذه السنة في خلافة المكتفي، فلما بلغه الخبر تمثل المكتفي بقول أبي نواس.
لن يخلف الدهر مثلهم أبدا ... هيهات هيهات شأنهم عجب
2018- الحسن بْن عَلي بْن شبيب، أَبُو عَلي المعمري [5] الحافظ:
رحل في طلب العلم إلى البصرة والكوفة والشام ومصر. وسمع هدبة، وابن المديني، ويحيى في خلق كثير. روى عنه ابن صاعد، وابن مخلد، والنجاد، والخلدي. وكان من أوعية العلم وله حفظ وفهم، وَقَالَ الدارقطني: صدوق حافظ [6] .
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت] [7] ، قال: قرأت على الحسن بْن أبي بكر، عن أَحْمَد بْن كامل القاضي، قَالَ: مات أَبُو عَلي المعمري في ليلة الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من المحرم سنة خمس وتسعين ومائتين، ودفن يوم
__________
[1] في ت: «إلى المعتضد يشفع» .
[2] في ت، ك: «ويستأذنه في قبولها» .
[3] في ت: «أمثال هذا المقدار كان مما يسره» .
[4] «في طاهر» : ساقط من ص.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 369. وتذكرة الحفاظ 2/ 216. والأعلام 2/ 200. وشذرات الذهب 2/ 218، واللباب 3/ 236، والعبرة/ 101، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 201، وميزان الاعتدال 1/ 504، ولسان الميزان 2/ 221، 225، وسؤالات حمزة للدارقطنيّ 251، وسؤالات الحاكم للدارقطنيّ 78) .
[6] في سؤالات الحاكم للدارقطنيّ ترجمة (78) : «الحسن بن علي بن شبيب المعمري، صدوق عندي حافظا، وأما موسى بن هارون فجرحه وكانت بينهما عداوة، وكان أنكر عليه أحاديث أخرج أصوله العتق بها، ثم ترك روايتهما ... » .
وفي سؤالات حمزة للدارقطنيّ ترجمة (251) : «وسئل الدارقطنيّ عن المعمري وموسى بن هارون؟
فقال: موسى أوثق وأثبت ولا يدلس، ولم ينكر عليه شيء» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/75)
الجمعة بعد صلاة العصر على الطريق عند مقابر البرامكة بباب البردان. وَكَانَ في الحديث وجمعه وتصنيفه إماما ربانيا، وقد شد أسنانه بالذهب [1] .
قَالَ: وقيل: بلغ اثنتين وثمانين سنة، وَكَانَ قديما يكنى أبا الْقَاسِم [2] ، ثم اكتنى يأبى عَلي، وقد كَانَ ولي القضاء [للبرتي] [3] على البصرة وأعمالها، وقيل له:
«المعمري» بأمه أم الحسن بنت سُفْيَان بْن أبي سفيان [4] صاحب معمر بْن راشد.
2019- عبد الله بْن الحسن بْن أَحْمَد بْن أبي شعيب [5] .
واسم أبي شعيب عبد الله بْن مسلم، وكنية عبد الله أَبُو شعيب [الأموي] [6] الْحَرَّانِيّ المؤدب المحدث ابن المحدث ابن المحدث [7] ولد سنة ست ومائتين، وسمع جده، وأباه، وعفان بْن مسلم، وأبا خيثمة. روى عنه ابن مخلد، والمحاملي. وَكَانَ صدوقا ثقة مأمونا. توفي في ذي الحجة من هذه السنة ببغداد، وَكَانَ قد استوطنها.
2020- عبد الله بْن مُحَمَّد [8] بْن عَلي بْن جعفر بْن ميمون بْن الزُّبَيْر، أَبُو عَلي البلخي:
سمع قتيبة، وعلي بْن حجر، روى عنه ابن مخلد، وأبو بكر الشافعي، وكان أحد أئمة [أهل] [9] الحديث حفظا وإتقانا وثقة وإكثارا وله كتب مصنفة في التواريخ والعلل، وتوفي ببلخ في هذه السنة.
__________
[1] في ت: وكان قد اشتد أسنانه بالذهب» .
[2] في ك: «يكنى بأبي القاسم» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ت: «أم الحسن أم أبي سفيان» . وفي ص، ك: «أم الحسن بنت أبي سفيان» . وما أوردناه من تاريخ بغداد (7/ 369) .
[5] انظر ترجمته في: (العبر 2/ 101. والأعلام 4/ 87. وتاريخ بغداد 9/ 435- 437. وشذرات الذهب 2/ 218، 219) .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[7] «ابن المحدث، ابن المحدث» . ساقط من ك.
[8] من مصنفاته: «كتاب العلل» وكتاب التاريخ» . انظر ترجمته في: (تذكرة الحفاظ 2/ 233. والأعلام 4/ 118. وتاريخ بغداد 10/ 93. وشذرات الذهب 2/ 219) .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/76)
2021- علي المكتفي باللَّه ابن المعتضد [1] [باللَّه:
توفي ببغداد ليلة الأحد مع المغرب [2] لاثنتي عشرة خلت من ذي القعدة من هذه السنة. وَقَالَ الصولي: توفي بين الظهر والعصر يوم السبت] [3] ودفن في دار مُحَمَّد [بْن عبد الله] [4] بْن طاهر، وهو ابن اثنتين وثلاثين سنة غير شهر، وقيل: ابن ثلاث وثلاثين سنة [ويوم] [5] وكانت خلافته ست سنين وستة أشهر وتسعة عشر يوما [6] ، ولما احتضر قَالَ له وزيره: ادع بألف ألف دينار ففرقها في أمهات أولادك [7] فإن المسلمين يجعلونك [8] منها في حل لما وفرت عليهم من أموالهم، فقال: والله لا فعلت ذلك حسبي ما احتقبت ولى عند صافي والداية ستمائة ألف دينار جمعتها منذ كنت صبيا [9] تفرق عليهن، فأنها تكفيهن، وأدخل عليه القضاة والخواص وأوصى بالخلافة لأخيه جعفر.
2022- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن نصر، أَبُو جعفر الفقيه الترمذي [10] الشافعي:
ولد في ذي الحجة سنة مائتين، سكن بغداد وحدث بِهَا عن يحيى بْن بكير المصري وغيره. وَكَانَ من أهل العلم والزهد، قَالَ الدارقطني: هو ثقة مأمون ناسك.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ مُحَمَّدِ] [11] الْقَزَّازِ قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت،
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 2/ 219) .
[2] «مع المغرب» : ساقط من ص.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ت: «وسبعة عشر يوما» .
[7] في ت: «وفرقها على أمهات أولادك» .
[8] في ك، ص، والمطبوعة: «والمسلمون يجعلونك» .
[9] في ت: «جمعتها مذ كنت صبيا» .
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 365. وشذرات الذهب 2/ 220 وفيه: «محمد بن أحمد بن جعفر الإمام أبو جعفر الترمذي الفقيه كبير الشافعية. ووفيات الأعيان 4/ 195، 196. وطبقات الشيرازي 105. والوافي بالوفيات 2/ 70. وطبقات السبكي 1/ 288. والعبر 2/ 103)
[11] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/77)
قَالَ: قرأت على الحسن بْن أبي بكر، عن أَحْمَد بْن كامل القاضي، قَالَ: توفي أَبُو جعفر الترمذي لإحدى عشرة ليلة خلت من المحرم سنة خمس وتسعين، وَكَانَ قد اختلط في آخر عمره اختلاطا عظيما ولم يكن للشافعية فقيه بالعراق أرأس [1] منه، ولا أشد ورعا وكان [2] من التقلل على حالة عظيمة يعني فِي المطعم فقرا وورعا وصبرا على الفقر [3] . وَكَانَ لا يسأل أحدا شيئا.
وأخبرني إبراهيم بْن السري الزجاج: أنه كَانَ يجري عليه أربعة دراهم في الشهر.
__________
[1] في ت: «وما كان الشافعيّ بالعراق أرأس منه» .
[2] «وكان» : ساقط من ك.
[3] في ك، ص، والمطبوعة: «من التقلل في المطعم على حالة عظيمة فقرا صبرا على الفقر» .(13/78)
ثم دخلت سنة ست وتسعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
اجتماع جماعة القواد [1] والكتاب والقضاة على خلع المقتدر [باللَّه] ، [2] وتناظرهم فيمن يجعل مكانه، فاجتمع رأيهم على عبد الله بْن المعتز، فأجابهم [إلى ذلك] [3] على أن لا يكون في ذلك سفك دم، فأخبروه أن الأمر يسلم إليه عفوا [4] ، وأن جميع من وراءهم من القواد والجند قد رضوا به، فبايعهم على ذلك، فأصبحوا وقد خلعوا المقتدر [باللَّه] [5] ، وبايعوا ابن المعتز.
ذكر ثَابِت بْن سنان في تاريخه، قَالَ: كانت فتنة [عبد الله] [6] بْن المعتز [باللَّه] [7] في شهر ربيع الأول، لأن التدبير وقع من مُحَمَّد بْن داود بْن الجراح مع الحسين بْن حمدان على إزالة المقتدر [باللَّه] [8] ، ونصب ابن المعتز [باللَّه] [9] ، فواطأ على ذلك
__________
[1] في ك: «اجتماع القواد» بإسقاط «جماعة» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ك: «يسلم إليك عفوا» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/79)
جماعة من الكتاب والقواد والقضاة، فلما كَانَ يوم السبت لعشر بقين من ربيع الأول أوقع الحسين بْن حمدان بالوزير [أبي] [1] أَحْمَد العباس، وهو على دابته عند انصرافه من دار الخلافة فقتله، وَكَانَ إلى جانبه فاتك المعتضدي يسايره، فصاح بالحسين منكرا عليه، فعطف عليه الحسين فقتله، ووقع الاضطراب وركض الحسين بْن حمدان قاصدا [2] إلى الحلبة مقدرا أن يفتك بالمقتدر [باللَّه] [3] لأنه كَانَ قد عرف أنه قد خرج إليها ليضرب بالصوالجة، فلما سمع المقتدر الضجة بادر بالدخول إلى داره فأغلقت الأبواب، فانصرف الحسين إلى الدار بالمخرم المعروفة بسليمان بْن وهب، وبعث إلى عبد الله بْن المعتز يعرفه تمام الأمر وانتظامه، فنزل عبد الله بْن المعتز من دار إبراهيم بْن أَحْمَد المادرائي [4] الراكبة للصراة ودجلة [5] ، وعبر إلى دار المخرم، وحضر القواد والجند والقضاة ووجوه أهل بغداد سوى أبي الحسن بْن الفرات، وخواص المقتدر، فبايعوا عبد الله، وخوطب بالخلافة ولقب بالمرتضي باللَّه. وَقَالَ الصولي: المنتصف باللَّه [6] واستوزر أبا عبد الله مُحَمَّد بن داود [الجراح] [7] ، ووجه إلى المقتدر يأمره بالانصراف إلى دار عَبْد اللَّه بْن طاهر لينتقل [هو] إلى دار الخلافة فأجاب بالسمع [8] والطاعة، وعاد الحسين بْن حمدان من غد إلى دار الخلافة، فقاتله من فيها من الخدم والغلمان، ودفعوه فانصرف، فحمل [ما قدر عليه من] [9] ماله ومتاعه وحرمه، وسار إلى الموصل، فقالت الجماعة الذين سمعوا رسالة ابن المعتز [باللَّه] [10] إلى المقتدر بالانصراف إلى دار
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] «قاصدا» : ساقطة من ك.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ك: «إبراهيم بن أحمد البادرائي» .
[5] في ت: «للفرات ودجلة» .
[6] العبارة: «ولقب بالمرتضي ... » إلى: « ... المنتصف باللَّه» : ساقطة من ك.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص.
[8] في ص، ك: فأجيب بالسمع.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/80)
ابن طاهر، يا قوم نسلم أنفسنا هكذا! لولا نتجرد فيما قد أظلنا لعل الله تعالى يكشفه عنا فلبسوا الجواشن، وأصعدوا إلى المخرم، فهرب الناس من بين أيديهم، وخرج ابن المعتز قاصدا سرمن رأى ليتم هناك أمره، فلم يتبعه أحد فدخل إلى دار أبي عبد الله [بْن] الجصاص، واستجار به، ووقع النهب والغارة ببغداد، ووجه المقتدر [باللَّه] فقبض على أصحاب ابن المعتز [باللَّه] [1] واعتقلهم وقتل أكثرهم.
وفى ربيع الأول قلد المقتدر [باللَّه] [2] أبا الحسن عَلي بْن مُحَمَّد بْن الفرات الوزارة، فجدد البيعة للمقتدر، وجاء خادم لابن الجصاص إلى صافي الحرمي فأخبره بأن ابن المعتز في دارهم، فأنفذ المقتدر صافيا في جماعة فكبس الدار وحمل ابن المعتز وابن الجصاص فقرر على ابن الجصاص مال، [فأداه وانصرف.
وظهر موت] [3] ابن المعتز في دار السلطان [4] لليلتين خلتا من ربيع الآخر/، وأخرجه مؤنس إلى منزله ملفوفا فسلمه إلى أهله، فدفنوه في خراب بإزاء داره، وتلطف ابن الفرات في أمر الحسين بْن حمدان حتى رضي عنه وعرف المقتدر أنه متى عاقب جميع من دخل في أمر ابن المعتز فسدت النيات، فأمر بتغريق الجرائد في دجلة فكثر الشاكرون له. ولا يعرف خليفة [5] خلع ثم أعيد سوى اثنين: الأمين، والمقتدر [باللَّه] [6] .
وفى يوم السبت لأربع بقين من ربيع الأول سقط ببغداد الثلج من غدوة إلى قرب صلاة العصر حتى صار في السطوح والدروب منه. [نحو] [7] أربع أصابع.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ت: «وأخذ ابن المعتز فقتل في دار السلطان» .
[5] في ت: ولا نعرف خليفة.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/81)
وفى أواخر ربيع الأول [1] سلم جماعة [2] ممن بايع لابن المعتز إلى مؤنس الخادم، فمنهم من قتل، ومنهم من فدى نفسه.
وللنصف من شعبان [3] خلع على مؤنس الخادم، وأمر بالشخوص إلى طرسوس لغزو الروم فخرج.
وفى هذه السنة أمر المقتدر أن لا يستعان بأحد من اليهود والنصارى، فألزموا بيوتهم وأخذوا بلبس العسلي والرقاع من خلف ومن قدام وأن تكون ركبهم خشبا [4] .
وحج بالناس في هذه السنة الفضل بْن عبد الملك [5] ، ورجع كثير من الحاج لقلة الماء وإبطاء المطر، وخرج الناس للاستسقاء.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2023- أحمد بن محمد بن زكريا بْن أبي عتاب، أَبُو بكر البغدادي الحافظ [6] :
ويعرف بأخي ميمون. حدث عن نصر بْن عَلي الجهضمي، وغيره وَكَانَ حافظا [7] . روى عنه الطبراني، وَكَانَ يمتنع من أن يحدث فحفظت عنه أحاديث في المذاكرة. وتوفي في مصر في شوال هذه السنة.
2024- إبراهيم بْن هارون بْن سهل:
قاضى سرقسطة، وهي من أقصى ثغور الأندلس، توفي في هذه السنة.
__________
[1] في ت: «في أواخر ربيع الآخر» .
[2] وهم: «محمد بن يوسف القاضي، ومحمد بن عمرويه، وأبو المثنى، وابن الجصاص، والأزرق كاتب الجيش» (تاريخ الطبري 10/ 141) .
[3] في ص، والمطبوعة: «وللنصف من شوال» والتصحيح من ت، ص، وتاريخ الطبري (10/ 142) .
[4] «ومن قدام وأن تكون ركبهم خشبا» ساقط من ك.
[5] في ت: «الفضل بن عبد الله» ، وما أوردناه عن باقي الأصول، وتاريخ الطبري (10/ 142) . والكامل لابن الأثير (6/ 464) ، والبداية والنهاية (11/ 108) .
[6] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 108، وتاريخ بغداد 5/ 8) .
[7] «وكان حافظا» : ساقطة من ص.(13/82)
2025- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هانئ، أَبُو بكر الطائي الأثرم [1] .
سمع عفان بْن مسلم، وأبا الوليد، والقعنبي، وأبا نعيم، وخلقا كثيرا. وله كتب مصنفة منها: «علل الحديث» «والناسخ والمنسوخ» في الحديث. ومن تأمل كلامه استدل على غزارة علمه، وكان يحيى بن معين يقول عنه لقوة حفظه: كَانَ أحد أبوي الأثرم جنيا. وَقَالَ إبراهيم الأصبهاني: الأثرم أحفظ من أبي زرعة الرازي وأتقن.
وصحب أَحْمَد بْن حنبل، وأقبل على مذهبه مشتغلا به عن غيره. وأصله من بلد إسكاف وهناك مات.
2026- إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن أبي الشيوخ، أَبُو إسحاق الآدمي [2] :
حدث عن أبي همام السكوني وغيره [3] .
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور [القزاز] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر بْن ثَابِت، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عبد الواحد، حدثنا محمد بن العباس، قال: قرئ على ابن المنادى وأنا أسمع قَالَ:
مات أَبُو إسحاق إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن أبي الشيوخ الآدمي بعد الأضحى بيومين، سنة ست وتسعين ومائتين في يوم جمعة. كتب الناس عنه ووثقوه، وَكَانَ قد شهد ثم امتنع بعد ذلك فترك الشهادة.
2027- الحسن بْن عبد الوهاب بْن أبي العنبر، أَبُو مُحَمَّد. [4]
حدث عن حفص بْن عمر السياري وغيره، روى عنه أبو عمرو بن السماك. وَكَانَ ثقة دينا مشهورا بالخير والسنة. كتب الناس عنه ووثقوه.
وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
2028- الحسن بن علي بن الوليد، أَبُو جعفر الفارسي الفسوي [5] :
ولد سنة اثنتين ومائتين، وسكن بغداد وحدث بها، عن علي بن الجعد وغيره.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 110، والبداية والنهاية 11/ 108، تذكرة الحفاظ 570)
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 154) .
[3] «وغيره» : ساقطة من ص.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 339) .
[5] «الفسوي» : ساقط من ص. وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 372) .(13/83)
روى عنه أَبُو بكر الشافعي، وأبو عَلي بن الصواف. وذكره الدارقطني، فقال: لا بأس به، وتوفي في هذه السنة. وقيل في سنة تسعين.
2029- خلف بْن عمرو بْن عبد الرحمن بْن عيسى، أَبُو مُحَمَّد العكبري [1] .
سمع الحميدي وسعيد بن منصور، روى عنه الخلدي والخطبيّ. وقال الدارقطني: كَانَ ثقة. وَقَالَ ابن المنادى: كَانَ واسع الجاه عريض الستر ثقة.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قال: أخبرنا أحمد بن على، قال: أخبرنا عَلي بْن الحسين صاحب العباس، حَدَّثَنَا إبراهيم بن أبي عَلي الدقاق [2] ، أنه سمع عبد الله بْن مُحَمَّد بْن شهاب، قَالَ. مات خلف بْن عمرو العكبري سنة ست وتسعين ومائتين، وَكَانَ له ثلاثون خاتما وثلاثون عكازا، يلبس كل يوم خاتما وعكازا طول شهره، فإذا جاء الشهر المقبل [3] استأنف لبسها [4] ، وَكَانَ له سوط معلق، فقلت [5] له: ما هذا؟ فَقَالَ: ما روي [6] علق سوطك يرهبك عيالك. وَكَانَ ظريفا، توفي بعكبرا.
2030- عبد الله بْن المعتز [باللَّه] [7] :
واسم المعتز مُحَمَّد بْن جعفر المتوكل، ويكنى عبد الله أبا العباس. ولد في شعبان سنة سبع وأربعين ومائتين، وكان غزير الأدب، بارعا في الفضل، مليح الشعر. سمع
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 331، وشذرات الذهب 2/ 225، وسؤالات الحاكم للدارقطنيّ 96، والعبر 2/ 106) .
[2] في ك: «إبراهيم بن علي الرقاق» . وفي ص: «إبراهيم بن علي الدقاق» . وما أوردناه من ت وتاريخ بغداد.
[3] في ت، ك: «الشهر القابل» .
[4] في ت: «استأنف لبسهما» .
[5] في ك: «فقيل له» .
[6] «ما روي» : ساقط من ص.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وعبد الله بن المعتز انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 2/ 221- 224. ووفيات الأعيان 3/ 76- 80. وتاريخ بغداد 10/ 95، والأغاني 10/ 286. وأشعار أولاد الخلفاء 107، 296. والعبر 2/ 104. ومعاهد التنصيص 2/ 38. وفوات الوفيات 1/ 505) .(13/84)
المبرد وثعلبا وغيرهما وله كلام في الحكمة عجيب [1] ، كَانَ يقول: «أنفاس الحي خطاه إلى أجله» . «ربما أورد الطمع ولم يصدر» ، «ربما شرق شارب الماء قبل ريه» ، «من تجاوز الكفاف لم يغنه الإكثار» ، و «كلما عظم قدر المنافس فيه عظمت الفجيعة به» ، و «من أرحله الحرص [2] أنضاه الطلب» ، و «الحظ يأتي من لا يأتيه» ، «وأشقى الناس أقربهم من السلطان كما أن أقرب الأشياء إلى النار أسرعها احتراقا» [3] ، و «من شارك السلطان في عز الدنيا شاركه في ذل الآخرة» ، «أهل الدنيا ركب يسار بهم وهم نيام» ، «الحرص ينقص من قدر الإنسان ولا يزيد في حظه» ، «يشفيك من الحاسد إنه يغتنم وقت سرورك» ، «الفرصة سريعة الفوت بعيدة العود» [4] ، «الجود حارس الأعراض» ، «الأسرار إذا كثر خزانها ازدادت ضياعا» ، «البلاغة بلوغ المعنى» [ولما يطل سفر الكلام [5]] ، «ذل العزل يضحك من تيه الولاية» ، «الجزع أتعب من الصبر» ، «تركة الميت عزاء للورثة عنه» [6] ، «لا تشن [7] أوجه العفو بالتقريع» ، [8] [ «من أظهر عداوتك فقد أنذرك» .
أخبرنا القزاز، قال، أخبرنا أحمد بن علي بْن ثَابِت، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن الحسين العكبريّ، قال: حدثنا أَبُو مُحَمَّد الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن يحيى المقرئ، قَالَ: حدثني عثمان بْن عيسى بْن [هارون [9]] الهاشمي، قَالَ: كنت عند عَبْد اللَّه بْن المعتز [10] ، وَكَانَ قد كتب أَبُو أَحْمَد بن المنجم إلى [أخيه] [11] أبي القاسم
__________
[1] «عجيب» : ساقط من ص.
[2] في ك: «ومن ارتحله الحرص» .
[3] في ك: «أسرعها إلى الاحتراق» .
[4] في ت: بطيئة العود.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] «عنه» ساقط من ص.
[7] في ت: «لا تشر» .
[8] من هنا إلى الحاشية رقم 6 في الصفحة التالية ساقط من ص.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] في ت: «كتب عند عبد الله بن المعتز» وفي ص، ك: «كنت عند ابن المعتز» .
[11] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، وأضافها محقق المطبوعة من تاريخ بغداد.(13/85)
رقعة يدعوه فيها، فغلط الرسول فجاء فأعطاها ابن المعتز [باللَّه] [1] وأنا عنده، فقرأها وعلم أنها ليست إليه، فقلبها وكتب:
دعاني الرسول ولم تدعني ... ولكن لعلي أَبُو الْقَاسِم
فأخذ الرسول الرقعة ومضى وعاد عن قريب وإذا فيها مكتوب:
أيا سيدا [2] قد غدا مفخرا ... لهاشم [3] إذ هو من هاشم
تفضل وصدق خطاء الرسول ... تفضل مولى على خادم
فما أن تطاق إذا ما جددت ... وعزلك كالشهد للطاعم [4]
فدى [لك] [5] من كل ما تتقيه ... أَبُو أَحْمَد وأبو الْقَاسِم
قَالَ: فقام ومضى إليه] [6] .
وَقَالَ أَبُو بكر الصولي: اعتل عبد الله بْن المعتز فأتاه أبوه عائدا، وَقَالَ: ما عراك يا بنى فأنشأ يقول:
أيها العاذلون لا تعذلوني [7] ... وانظروا حسن وجهها تعذروني
وانظروا هل ترون أحسن منها ... إن رأيتم شبيهها فاعذلوني
بي جنون الهوى وما بي جنون ... وجنون الهوى جنون الجنون [8]
قَالَ: فتتبع أبوه الحال حتى وقع [9] عليها فابتاع الجارية [10] التي شغف بها بسبعة آلاف دينار ووجهها إليه.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: «أيا سيدا» مكررة.
[3] في ت: «تفتخر بهاشم» .
[4] في المطبوعة، وتاريخ بغداد (10/ 97) وهز.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] إلى هنا انتهى السقط المشار إليه في الحاشية 8 من الصفحة السابقة.
[7] في ت: «أيها العاذلون لا تعتذلوني» .
[8] هذا البيت ساقط من ص.
[9] في ص: «وقف عليها» .
[10] في ت: وابتاع الجارية» .(13/86)
[وله:
إن الذين بخير كنت تذكرهم ... قضوا عليك وعنهم كنت أنهاكا
لا تطلبن حياة عند غيرهم ... فليس يحييك إلا من توفاكا] [1]
[ومن شعره الرائق: [2]
قل لغصن البان الذي قد ثني [3] ... تحت بدر الدجى وفوق النقا
رمت كتمان ما بقلبي فنمت ... زفرات تغشى حديث الهوا
ودموع تقول في الخد يا من ... يتباكى كذا يكون البكا
ليس للناس موضع [4] / في فؤادي ... زاد فيه هواك حتى امتلا [5]
ليت ليلا على الصراة طويلا ... لليال من سرمن را الفداء
أين مسك بمن حماه وبخور ... من بخار وصفرة من قذا
وله: [6]
من لي بقلب صيغ من صخرة ... في جسد من لؤلؤ رطب
جرحت خديه بلحظي فما ... برحت حتى اقتص من قلبي] [7]
[وله] [8]
بليت بخلان [9] هذا الزمان ... فأقللت بالهجر منهم نصيبي
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[2] في ت: «ومن شعره أيضا» .
[3] في ت: «قل لغصن البان يتثنى» .
[4] في ت: «ليس في الناس» .
[5] في ك، والمطبوعة: «زاد فيه هواك جفني امتلا» .
[6] في ك، والمطبوعة: «وقال أيضا» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ص.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] في ص، ك، والمطبوعة: «بلون أخلاء» .(13/87)
وكلهم إن تصفحتهم [1] ... صديق العيان عدو المغيب
وله:
بحياتي يا حياتي ... اشربي الكأس وهاتي [2]
قبل أن يفجعنا ... الدهر ببين وشتات
لا تخونيني إذا مت ... وقامت بي نعاتي
إنما الوافي بعهدي ... من وفى بعد وفاتي
وله:
سابق إلى مالك وارثه ... ما المرء في الدنيا بلباث
كم صامت يخنق أكياسه ... قد صاح في ميزان ميراث
وله أيضا:
يا ذا الغنى والسطوة القاهرة ... والدولة الناهية الآمرة
ويا شياطين بني آدم [3] ... ويا عبيد الشهوة الفاجرة
انتظروا الدنيا فقد أقربت ... وعن قليل تلد الآخرة
وله أيضا:
أترى الجيرة الذين تداعوا ... عند سير الحبيب قبل الزوال [4]
علموا إنني مقيم وقلبي ... راحل معهم أمام الجمال
مثل صاع العزيز في أرحل القوم ... ولا يعلمون ما في الرحال
ما أعز المعشوق ما أهون العاشق ... ما اقتل الهوى للرجال
وله:
يا نفس صبرا وإلا فاهلكي جزعا ... إن الزمان على ما تكرهين بني
__________
[1] في ت: تصفحته.
[2] في ص: «يا نفس هاتي توبة قبل الممات» .
[3] شطر هذا البيت مكرر في ت.
[4] هذا البيت ساقط من ك.(13/88)
لا تحسبي نعما سرتك لذتها [1] ... إلا مفاتيح أبواب من الحزن
وله:
أطلت وعذبتني يا عذول ... بليت فدعني حديثي يطول
هواي هوى باطن ظاهر ... قديم حديث لطيف جليل
ألا ما لذا الليل ما ينقضي ... كذا ليل كل محب يطول
أبيت أساهر نجم الدجى ... إلى الصبح وحدي ودمعي يسيل
قَالَ مؤلف الكتاب] [2] : وقد ذكرنا أن العسكر اضطرب على المقتدر باللَّه، فخلعوه وبايعوا عبد الله بْن المعتز ثم خرج أصحاب المقتدر فخاصموا فاستتر [3] ابن المعتز [باللَّه] [4] ، وإنما كانت ولايته بعض يوم، فأخذ وسلم إلى مؤنس [5] الخادم فقتله، ووجه به إلى داره التي على الصراة، فدفن هناك وذلك في ربيع الأول من هذه السنة فرثاه عَلي بْن مُحَمَّد بْن بسام، فَقَالَ: [6]
للَّه درك من ميت فجعت به ... ناهيك في العلم والآداب والحسب
ما فيه لولا ولا ليت تنقصه [7] ... وإنما أدركته حرفة الأدب [8]
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بَكْرٍ [أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ] بْنِ ثَابِتٍ، [9] قَالَ:
أَخْبَرَنَا الحسين بْن مُحَمَّد أخو الخلال، أَخْبَرَنَا إبراهيم بْن عبد الله الواسطي [10] قَالَ:
__________
[1] في ت: «سرتك صحبتها» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[3] في ص، ك، والمطبوعة: «أصحاب المقتدر عاصموا فاستتر» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ت: «وأسلم إلى مؤنس» .
[6] في ت: «ورثاه علي بن محمد بن بشار» . وما أوردناه من ك، ص، وتاريخ بغداد (10/ 101) .
[7] في ك، والمطبوعة: «ما فيه إلا ولا ليت منغصة» . وما أوردناه من ت، وتاريخ بغداد.
[8] البيت ساقط من ص.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] في ت، وتاريخ بغداد (10/ 100) : «الشطي» وفي ك: «السقطي» .(13/89)
أنشدنا أَبُو الْقَاسِم الكريزي، قَالَ: أنشدنا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عباس لعبد الله بْن المعتز أنه قَالَ [1] في الليلة التي قتل فِي صبيحتها: [2]
يا نفس صبرا لعل الخير عقباك ... خانتك من بعد طول الأمن دنياك
مرت بنا سحرا طير فقلت لها ... طوباك يا ليتني إياك طوباك
إن كان قصدك شرقا فالسلام على [3] ... شاطئ الصراة أبلغي إن كَانَ مسراك [4]
من موثق بالمنايا لا فكاك له ... يبكى الدماء على إلف له باكي
فرب آمنة حانت منيتها ... ورب مفلتة من بين [5] أشراك
أظنه آخر الأيام من عمرى ... وأوشك اليوم أن يبكي لي الباكي [6]
قَالَ ابن قتيبة: لما أن أقاموا عبد الله [بْن المعتز] [7] إلى الجهة التي تلفت فيها أنشأ قائلا: [8]
فقل للشامتين بنا رويدا ... أمامكم المصائب والخطوب
هو الدهر الذي لا بد من أن ... يكون إليكم منه ذنوب
2030- محمد بن الحسين بن حبيب، أبو حسين [9] الوادعي القاضي [10] .
من أهل الكوفة، قدم بغداد وحدث بها عن أَحْمَد بْن يونس اليربوعي [11] ،
__________
[1] «أنه قال» : ساقطة من ص.
[2] في ص، والمطبوعة: في الليلة التي قتل فيها، وما أوردناه من ك، وت، وتاريخ بغداد.
[3] في ت: «شوقا فالسلام على» .
[4] في ت: «كان مسواك» .
[5] في ت: «ورب مقتلة من أسر» ، وفي ك: «ورب مفلته من شد» وما أوردناه من ص، وتاريخ بغداد.
[6] في ك: «أن يبكي بي الباكي» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] في ك، ص: «أنشأ يقول» .
[9] كذا في ت، ك، وتاريخ بغداد (2/ 229) ، والشذرات 2/ 225. وفي ص: «أبو الحسين» .
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 229، والبداية والنهاية 11/ 110، وشذرات الذهب 2/ 225) .
[11] في ت: «ابن يوسف اليربوعي» . وما أوردناه من باقي الأصول وتاريخ بغداد.(13/90)
ويحيى بْن عبد الحميد الحماني، وجندل بْن والق [1] ، روى عنه ابن صاعد، والمحاملي، والنجاد. وَكَانَ فهما صنف المسند. وَقَالَ الدارقطني: كَانَ ثقة.
وتوفي بالكوفة في هذه السنة.
2031- مُحَمَّد بْن الحسين يعرف بحمدي [2] :
حدث عن بشر بْن الوليد الكندي، وحيان بْن بشر الأسدي [3] ، روى عنه ابن مخلد.
2032- مُحَمَّد [بْن] [4] الحسين بْن حمدويه الحربي [5] :
حدث عن يعقوب بْن سواك [6] ، روى عنه أَبُو طالب بْن البهلول.
2033- مُحَمَّد بْن داود بْن الجراح، أَبُو عبد الله [7] الكاتب:
عم عَلي بْن عيسى الوزير، ولد في سنة ثلاث وأربعين ومائتين في الليلة التي توفي فيها إبراهيم بْن العباس الصولي، وحدث عن عمر بْن شبة [8] وغيره. وَكَانَ فاضلا من علماء الكتاب، عارفا بأيام الناس.
وأخبار الخلفاء والوزراء [9]] وله في ذلك تصانيف.
وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة.
__________
[1] في ت: «وجندل بن فائق» وما أوردناه من باقي الأصول، وتاريخ بغداد.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 230) .
[3] في ت: «وحبان بن بشر الأسدي» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في تاريخ بغداد: «الجرني» . وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 230) .
[6] في ك: «يعقوب بن شراك» . وفي ت: «يعقوب بن سويد» . وما أوردناه من ص، وتاريخ بغداد.
[7] انظر ترجمته في: (فوات الوفيات 2/ 202، والفهرست لابن نديم 1/ 128، وتاريخ بغداد 5/ 255، والوافي بالوفيات 3/ 61، والأعلام 6/ 120. وشذرات الذهب 2/ 225) .
[8] في ت: «عمرو بن شبة» ، وفي تاريخ بغداد (5/ 255) : «عمر بن شبة النميري» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/91)
2034- يُوسُف بْن موسى بْن عبد الله، أَبُو يعقوب القطان المروروذي [1] :
رحل إلى الآفاق البعيدة في طلب الحديث، وحدث عن ابن راهويه، وعلي بْن حجر، وأبي كريب، روى عنه أَبُو بكر الشافعي وَكَانَ ثقة [صدوقا] [2] .
وتوفي بمرو بعد منصرفه [3] من الحجة الثانية في هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 308، 309) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت: «بعد انصرافه» .(13/92)
ثم دخلت سنة سبع وتسعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
غزو الْقَاسِم بْن سيما الصائفة، وتم الفداء في بلد الروم على يدي مؤنس الخادم، وتأخرت الأمطار في هذه السنة، وزاد السعر.
قَالَ ثَابِت بْن سنان المؤرخ: ورأيت في صدر أيام المقتدر ببغداد امرأة بلا ذراعين ولا عضدين، وَكَانَ لها كفان بأصابع تامة متعلقان في رأس كتفيها [1] لا تعمل بهما شيئا، وكانت تعمل أعمال اليدين برجليها ورأسها تغزل برجليها وتمد الطاقة وتسويها [وتسرح امرأة وتغلفها برجليها] [2] ورأيت امرأة أخرى بعضدين وذراعين وكفين إلا أن كل واحد من الكفين ينخرط ويدق إذا فارق الزندين حتى ينتهي إلى رأس دقيق يمتد فيصير إصبعا واحدة [3] ، وكذلك رجليها على هذه الصورة، ومعها ابنة لها على مثل صورتها.
وفي هذه السنة [4] تولى الْقَاسِم بْن سيما غزاة الصائفة، وورد الخبر أن أركان البيت غرقت من السيول [5] ، وأن زمزم فاضت ولم ير ذلك قبلها. وحج بالناس في هذه السنة [6] الفضل بْن عبد الملك.
__________
[1] في ك، ص: «معلقتان رأس كتفيها» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[3] في ت: «يمتد ويصير إصبعا واحدة» .
[4] في ص، ك، والمطبوعة: «وفيها» .
[5] في ك: «أن البيت غرق من السيول» .
[6] في ك: «وفي هذه السنة حج بالناس» . وفي ص، والمطبوعة: «وفيها حج بالناس» . وما أثبتناه من ت.(13/93)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2035- أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن مرزوق بْن عطية، أَبُو عبد الله بْن أبي عوف البزوري [1] .
سمع سويد بْن سعيد، وعثمان بْن أبي شيبة، وعمرو بن محمد الناقد، وخلقا كثيرا. روى عنه أبو بكر الشافعي، وابن الصواف وغيرهما. وكان ثقة عفيفا نبيلا ثبتا [2] له حال من الدنيا واسعة، وطريقة في الخير محمودة، وإليه ينسب شارع ابن أبي عوف المسلوك فيه [3] إلى نهر القلائين، وكانت له منزلة من السلطان واختصاص بعبيد الله بن سليمان الوزير، ومودة في أنفس العوام [4] .
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد، قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، أخبرنا علي بن الحسن، قال: حدثنا أبي، قال: حدثني القاضي أَبُو عمر عُبَيْد اللَّهِ بْن الحسين السمسار، قَالَ: حدثني أَبُو عَلي بْن إدريس الشاهد، قَالَ: حدثني أَبُو عبد الله بْن أبي عوف، قَالَ [: كَانَ] [5] سبب اختصاصي بعُبَيْد اللَّهِ بْن سليمان أني اجتزت يوما في جامع [المنصور] [6] بالمدينة، فوجدته وهو ملازم بثلاثمائة دينار في يد غريم له وهو في
__________
[1] في ت، ك: «المروزي» .
وفي طبقات الحنابلة (1/ 51) : «الزوري» . وفي اللباب (1/ 148) : «البزوري بضم الباء الموحدة والزاي والراء بعد الواو- هذه النسبة إلى البزور- وهي جميع البزور عندنا، ويقال هذا لمن يبيع البزور للبقول وغيرها. اشتهر بهذه النسبة أبو عبد الله أحمد بن عبد الرحمن البزوري، والمعروف بابن أبي عوف من أهل بغداد كان ثقة جليلا، توفي في شوال سنة سبع وتسعين ومائتين ... » .
انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 245، 246، 247، 248، وطبقات الحنابلة 1/ 51، وسؤالات حمزة للدارقطنيّ 134، وفيه: «ثقة هو وأبوه وعمه، وإنما يحكى عنه حكاية» ) .
[2] «نبيلا» : ساقطة من ك، ص، والمطبوعة.
[3] في ت: «المسلوك منه» .
[4] من هنا تبدأ نسخة برلين، وسنرمز لها بالرمز «ل» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/94)
عقب النكبة [1] ، وكنت أعرف محله عن مودة [2] بيننا، فقلت له: لأي شيء أعزك الله أنت هاهنا جالس؟ فَقَالَ: ملازم في يد هذا الرجل بثلاثمائة دينار له علي. قال: فسألت الغريم إنظاره، فَقَالَ: لا أفعل، فقلت له: [فالمال] [3] لك على أن تصبر عَلي إلى بعد أسبوع [4] حتى أعطيك إياه، فَقَالَ: تعطيني خطك بذلك، فاستدعيت دواة ورقعة، وكتبت له ضمانا بذلك إلى شهر فرضي وانصرف، وقام عُبَيْد اللَّهِ/ فأخذ يشكرني، فقلت تمم أيدك الله سروري بأن تصير معي إلى منزلي، فأركبته حماري ومشيت خلفه إلى أن دخلنا داري [5] ، فأكلنا فنام، فلما انتبه أحضرته كيسا، وقلت: لعلك على إضاقة فأسألك باللَّه إلا أخذت منه ما شئت، [قَالَ] [6] : فأخذ منه دنانير وقام فخرج، فأقبلت امرأتي تلومني [7] وتوبخني، وتقول [8] : ضمنت عنه ما لا يفي به [9] ولم تقنع إلا بأن أعطيته شيئا آخر! فقلت: يا هذه فعلت جميلا وأسديت يدا جليلة [10] إلى رجل حر كريم جليل [11] من بيت، فإن نفعني الله بذلك فله قصدت، وإن تكن الأخرى لم يضع عند الله! ومضى على هذا الحديث مدة وحل الدين، وجاء الغريم يطالبني [12] ، فأشرفت على بيع عقار لي ودفع ثمنه إليه ولم استحسن [على] [13] مطالبة عُبَيْد اللَّهِ ودفعت الرجل بوعد
__________
[1] في ك: «وهو في عقيب النكبة» . وفي تاريخ بغداد (4/ 247) وباقي الأصول «عقب» .
[2] كذا في النسخ كلها وتاريخ بغداد. وورد في هامش المطبوعة: «في النشوار- أي نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة للمحسن بن علي بن أبي فهم التنوخي- من غير مودة» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، و «له» ساقطة من باقي النسخ.
[4] في ك: «فقلت لك عليّ هذا المال وتصبر عليّ إلى بعد أسبوع» .
[5] في ك، ت: «إلى أن دخل داري» . وكذا في تاريخ بغداد (4/ 247) .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ص: «فأقبلت المرأة تلومني» .
[8] في باقي النسخ وتاريخ بغداد: «وقالت» .
[9] في ك: «ما لا يفي بمالك» . وما أوردناه من ت. وفي باقي النسخ وتاريخ بغداد: «ما لا يفي به حالك» .
[10] في ت: «يدا جميلة» .
[11] «جليل» : ساقط من ص.
[12] في ت: «وجاء الغريم يطلبني» .
[13] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/95)
وعدته [إياه] [1] إلى أيام، فلما كَانَ بعد يومين جاءتني رقعة عُبَيْد اللَّهِ يستدعيني فجئته، فَقَالَ: وردت على غليلة من ضيعة لي [أفلتت من البيع في النكبة] [2] ومقدار ثمنها مقدار ما ضمنته عني فتأخذها فتبيعها وتصحح ذلك للغريم، فقلت: أفعل [3] ، فحمل الغلة إلي فبعتها، وحملت الثمن بأسره إليه وقلت: أنت مضيق وأنا أدفع الغريم وأعطيه البعض من عندي [فاتسع أنت بهذا، فجهد أن آخذ منه شيئا فحلفت أن لا أفعل ووفرت الثمن عليه، وجاء الغريم فأعطيته البعض من عندي] [4] ودفعت به مديدة ولم يمض على ذلك إلا يسير حتى ولي عبيد الله الوزارة فأحضرني من يومه [5] ، وقام إلي من مجلسه، وجعلني في السماء فكسبت به من الأموال [6] هذه النعمة التي أنا فيها.
قَالَ عَلي بْن المحسن: وذكر أَبُو الحسن أَحْمَد بْن يُوسُف بْن يعقوب [بْن إسحاق] [7] بْن بهلول أن أباه حدثه، قَالَ: خرجت من حضرة عُبَيْد اللَّهِ بْن سليمان في وزارته أريد الدهليز، فخرج ابن أبي عوف، فصاح البوابون والحجاب والخلق: هاتوا دابة لأبي عبد الله، [هاتوا دابة لأبي عبد الله] [8] !! فحين قدمت دابته ليركب [9] ، [خرج الوزير ليركب] [10] فرآه فتنحى أَبُو عبد الله بْن أبي عوف وأمر بإبعاد دابته لتقدم دابة الوزير، فحلف الوزير أنه لا يركب ولا تقدم دابته حتى يركب ابن أبي عوف، قَالَ: فرأيته قائما والناس قيام بقيامه حتى قدمت دابة ابن أبي عوف [فركبها] [11] ، ثم قدمت دابة الوزير فركب وسارا جميعا.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ص، ل، والمطبوعة: «فقلت احمله» ، وما أوردناه عن ت وتاريخ بغداد (4/ 248) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] كذا في ت وتاريخ بغداد، وفي باقي النسخ «فأحضرني في يومه» .
[6] في ت: «وكسبت منه من الأموال» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] «ليركب» ساقط من ل، ص.
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[11] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/96)
توفي ابن أبي عوف في شوال هذه السنة.
2036- إبراهيم بْن هاشم بْن الحسين بْن هاشم، أَبُو إسحاق البيع المعروف بالبغوي [1] :
ولد سنة سبع ومائتين. سمع عَلي بْن الجعد، وأحمد بْن حنبل وغيرهما وَكَانَ ثقة.
توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
2037- جعفر بْن مُحَمَّد بْن ماجد، أَبُو الفضل مولى المهدي [2] :
ويعرف بابن أبي الفضل [3] . وحدث عن جماعة، وروى عنه ابن مخلد [4] ، والنجاد، والطبراني، وَكَانَ ثقة توفي في هذه السنة.
2038- الحسن بْن مُحَمَّد بْن سليمان بْن هشام، أَبُو عَلي الخزاز [5] المعروف بابن بنت مطر: [6]
حدث عن عَلي بْن المديني، روى عنه ابن الصواف، والطبراني، وَقَالَ الدارقطني: ثقة ليس به بأس. توفي في هذه السنة.
2039- حامد بْن سعدان بْن يزيد، أَبُو عامر: [7]
أصله فارسي. روى عنه ابن مخلد، وَكَانَ مستورا صالحا ثقة. وتوفي في شوال هذه السنة.
2040- عمرو بْن عثمان، أَبُو عبد الله الْمَكَّيّ: [[8]]
سمع يونس بْن عبد الأعلى، والربيع بْن سليمان وغيرهما. روى عنه جعفر
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 203، 204) .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 196، 197) .
[3] في تاريخ بغداد: «ابن أبي القتيل» . وفي المطبوعة «ابن أبي التفيل» . وما أوردناه من ت، ك.
[4] في تاريخ بغداد: «محمد بن مخلد» . وفي ص: «أبو مخالد» . وفي ل: «ابن مجالد» .
[5] في ت: «أبو علي الحداد» . وفي تاريخ بغداد «الخراز» .
[6] في ك: «المعروف بابن مطر» . وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 413، 414) .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 168، 169) .
[8] ص، ل: «عمر بن عثمان. وانظر ترجمته في: (طبقات الصوفية 200- 205، حلية الأولياء(13/97)
الخلدي، وَكَانَ عمرو بْن عثمان قد ولي قضاء جدة فهجره الجنيد، وَقَالَ: لا أكلم من كَانَ يظهر الزهد ثم يبدو منه الاتساع في طلب الدنيا، توفي ببغداد في هذه السنة، وقيل:
في سنة إحدى وتسعين، والأول أصح [1] .
2041- فيض بْن الخضر [2] ، أَبُو الحارث الأولاسي:
كَانَ يغني في صباه فمر بمريض على قارعة الطريق، فَقَالَ [له] [3] : ما تشتهي؟
قَالَ: الرمان! فجاء به فَقَالَ له: تاب الله عليك! فما أمسى حتى تغير عما كَانَ عليه، وصحب إبراهيم بْن سعد العلوي، وتوفي بطرسوس [4] في هذه السنة.
2042- مُحَمَّد بْن داود بْن عَلي بْن خلف، أَبُو بكر الأصبهاني [5] :
صاحب كتاب الزهرة، روى عن أبيه وَكَانَ عالما أديبا، وفقيها مناظرا، وشاعرا فصيحا.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ [6] ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَد بْن عَلي [الخطيب] [7] أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم الأصبهاني، قَالَ: أخبرني جعفر الخلدي في كتابه إلي، قَالَ: سمعت رويم بْن مُحَمَّد يقول: كنا عند داود بْن عَلي الأصبهاني إذ دخل عليه ابنه مُحَمَّد وهو يبكي، فضمه إليه، وَقَالَ: ما يبكيك؟ قَالَ: الصبيان يلقبوني يقولون لي يا عصفور الشوك، فضحك داود فَقَالَ له ابنه: أنت أشد علي من الصبيان! مم تضحك [8] ، فَقَالَ داود: لا اله إلا الله! ما
__________
[10] / 291- 296، وصفة الصفوة 2/ 248، وطبقات الشعراني 1/ 104، وشذرات الذهب 2/ 225، وسير أعلام النبلاء 9/ 2/ 153، وهدية العارفين 803، والنجوم الزاهرة 3/ 180، وتاريخ بغداد 12/ 223- 225، وتاريخ أصبان 2/ 33، وطبقات الأولياء لابن الملقن 84، والأعلام 5/ 81، 82) .
[1] العبارة: «توفي ببغداد ... الأول أصح» ساقطة من ص.
[2] في ت: «قيصر بن الخضر» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ت: «توفي في طرسوس» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 256- 263، شذرات الذهب 2/ 226، والفهرست 217. وطبقات الشيرازي 175. والعبر 2/ 108، والوافي 3/ 58. ووفيات الأعيان 4/ 259- 261) .
[6] «أبو منصور» : ساقط من ص.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] في ك: «ممن يضحك» .(13/98)
الألقاب إلا من السماء! ما أنت يا بني إلا عصفور الشوك.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا [الخطيب] [1] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلي بْن أبي عَلي القاضي [2] ، حَدَّثَنَا أَبُو الحسن الداودي [3] ، قَالَ: لما جلس مُحَمَّد بْن داود بْن عَلي الأصبهاني في حلقة أبيه بعد وفاته يفتي استصغروه عن ذلك. فدسوا إليه رجلا، وقالوا [له] [4] : سله عن حد السكر ما هو؟ فأتاه الرجل [5] ، فسأله عن حد السكر ما هو؟ ومتى يكون الإنسان سكران؟ فَقَالَ مُحَمَّد [6] : إذا عزبت عنه الهموم، وباح بسره المكتوم، فاستحسن ذلك منه وعلم موضعه من العلم.
قَالَ المؤلف [7] : ابتلي أَبُو بكر بْن داود بحب صبي يقال له مُحَمَّد بْن جامع، ويقال مُحَمَّد بْن زخرف، فاستعمل العفاف والتدين وَكَانَ ما لقي سبب موته ودخل يوما على ثعلب، فَقَالَ له ثعلب: أهاهنا من صبواتك شيء [8] ؟ فأنشده:
سقى الله أياما لنا ولياليا ... لهن بأكناف الشباب ملاعب
إذ العيش غض والزمان بغرة ... وشاهد آفات المحبين غائب
أخبرنا أبو منصور القزاز [9] ، قال: أخبرنا [أبو بَكْرٍ] أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور بْن جعفر الجيلي [10] أَخْبَرَنَا أحمد بْن محمد بْن عمران، أخبرنا
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: «أخبرنا أحمد بن علي بن أبي علي القاضي» . وما أوردناه من باقي النسخ وتاريخ بغداد (5/ 256) .
[3] في ت: «أبو الحسن الداوديّ» . وفي تاريخ بغداد: «أبو الحسن الخرزي الداوديّ.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ت: «فأتى الرجل» .
[6] «محمد» : ساقط من ك.
[7] «قال المؤلف» : ساقط من ك، ل، ص.
[8] «شيء» : ساقط من ت.
[9] في ك: «أخبرنا عبد الرحمن بن محمد» .
[10] في ك: «ابن جعفر الجيلي» .(13/99)
عُبَيْد اللَّهِ [1] بْن أبي يزيد الأنباري، قَالَ: قَالَ لي القحطبي [2] [قَالَ:] [3] قَالَ لي مُحَمَّد [ابن داود] [4] الأصبهاني: ما انفككت من هوى [5] منذ دخلت الكتاب وبدأت بعمل كتاب الزهرة، وأنا في الكتاب ونظر [أبي] [6] في أكثره.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلي [أَخْبَرَنَا إسماعيل بْن أَحْمَد الحيري] [7] حَدَّثَنَا أَبُو نصر بْن أبي عبد الله الشيرازي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الحسين مُحَمَّد بْن الحسين الظاهري [8] ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الحسن مُحَمَّد بْن الحسن بْن الصباح الداودي، قَالَ: حَدَّثَنَا القاضي أَبُو عمر مُحَمَّد بْن يُوسُف بْن يعقوب [9] ، قَالَ: كنت أساير أبا بكر مُحَمَّد بْن داود ببغداد، فإذا جارية تغني بشيء من شعره، وهو [قوله] [10] :
أشكو عليل فؤاد أنت متلفه ... شكوى عليل إلى إلف يعلله [11]
سقمي تزيد على الأيام كثرته ... وأنت في عظم ما ألقي تقلله
الله حرم قتلي في الهوى سفها ... وأنت يا قاتلي ظلما تحلله
فَقَالَ مُحَمَّد بْن داود: كيف السبيل إلى استرجاع هذا؟ فَقَالَ القاضي أَبُو عمر:
هيهات سارت به الركبان.
__________
[1] في ت، ص: «حدثنا عبد الله» .
[2] في ك: «قال لي الخطبيّ» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ت: «ما انفكت من الهوى» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] في ت: «حدثني أبو الحسين محمد بن الحسين الظاهري» . وساقطة من ص، ك.
[9] في ك: «قال: «أنبأنا القاضي أَبُو عمر مُحَمَّد بْن يُوسُف بْن يعقوب» . وما أوردناه من ت، وهي ساقطة من باقي النسخ.
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[11] في ت: «ألف تعلله» . وما أوردناه من باقي النسخ وتاريخ بغداد (5/ 258) .(13/100)
قَالَ المصنف [1] [رحمه الله] [2] : كَانَ مُحَمَّد بْن داود كثير المناظرة مع أبي العباس بْن سريج، وكانا يحضران مجلس أبي عمر القاضي فتجري بينهما المفاوضة، والمناظرة حتى يعجب الناس، فتكلما يوما في مسألة، فَقَالَ له ابن سريج: أنت بكتاب الزهرة أشهر منك بهذا [3] ! فَقَالَ له: وبكتاب الزهرة تعيرني؟ والله ما تحسن تستتم قراءته، وذلك كتاب عملناه [4] هزلا فاعمل أنت مثله جدا! فلما توفي [مُحَمَّد] [5] بْن داود في رمضان هذه السنة جلس ابن سريج/ للعزاء ونحى مخادة وَقَالَ: ما آسى إلا على تراب أكل لسان مُحَمَّد بْن داود.
2043- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عبدويه، أَبُو الفضل الأفريقي [6] :
روى عنه مُحَمَّد بْن مخلد، وذكر أنه مات ليومين مضيا من محرم [7] هَذِهِ السنة.
2044- محمد بْن أحمد بْن عبد الكريم، أَبُو العباس البزاز المخزومي [8] :
سمع أبا علقمة الفروي، وعبد الله بْن حبيق في آخرين، وَكَانَ أَبُو بكر الإسماعيلي يصفه بالحفظ] [9] .
2045- مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن حمدون، أَبُو الحسن الخزاز الكوفي [10] :
قدم بغداد وحدث بها عن عبد الله بْن أبي زياد القطواني [11] ، وأبي كريب
__________
[1] في ك: «قال المؤلف» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت: «أعرفك في هذا» .
[4] في ت: «وهو كتاب علمناه» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 316، وتذكرة الحفاظ 661) .
[7] «مضيا» : ساقط من ص، ل.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 316) .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من هامش ت.
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 399) .
[11] في ك: «عبد الله بن أبي يزيد القطراني» . وفي ت: «محمد بن أبي زياد القطراني» . وما أوردناه من باقي النسخ وتاريخ بغداد.(13/101)
وغيرهما، روى عنه عبد الرحمن والدأبي طاهر المخلص وغيره، وتوفي ليلة الأربعاء غرة جمادى الأولى [1] من هذه السنة.
2046- مُحَمَّد بْن عثمان بْن مُحَمَّد بْن أبي شيبة، أَبُو جعفر [2] :
حدث عن يحيى بْن معين، وعلي بْن المديني، وخلق كثير [3] . وكانت له معرفة وفهم، وصنف تاريخا، وروى عنه الباغندي، وابن صاعد، وجعفر الخلدي وغيرهم، وقد سئل عنه أَبُو عَلي صالح بْن مُحَمَّد فَقَالَ: ثقة! وَقَالَ عبدان: ما علمنا إلا خيرا! وروى ابن عقدة عن جماعة من العلماء تكذيبه والقدح [4] فيه، منهم: عبد الله بْن أَحْمَد، فإنه روى عنه أنه قَالَ: مُحَمَّد بْن عثمان كذاب، بين الأمر، وتعجب ممن يكتب عنه، وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة.
2047- مُحَمَّد بْن طاهر بْن عبد الله بْن طاهر بن الحسين [5] :
كَانَ طاهر بْن الحسين يتولى الجزيرة فولاه المأمون خراسان، فمات سنة سبع ومائتين، ثم وليها بعده عبد الله [6] إلى سنة ثلاثين ومائتين، ثم توفي فولى الواثق باللَّه
__________
[1] في ت: ليلة الأربعاء في جمادى الأولى» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 3/ 42، والعبر، / 108 والنجوم الزاهرة 3/ 171، وطبقات المفسرين 532، وميزان الاعتدال 3/ 642، واللباب 2/ 115، والأعلام 6/ 260، وشذرات الذهب 2/ 226، ولسان الميزان 5/ 280، وسؤالات الحاكم للدارقطنيّ 172، وسؤالات السهمي للدارقطنيّ 47) .
[3] «وخلق كثير» ساقط من ك، ل.
[4] قال الذهبي في الميزان (3/ 642) : «وثقة صالح جزرة، وقال ابن عدي: «لم أر له حديثا منكرا، وهو على ما وصف لي عبدان لا بأس به» .
وقال خراش: «كان يضع الحديث» .
وقال مطين: «هو عصا موسى تلقف ما يأفكون» .
قال الدارقطنيّ (سؤالات الحاكم 172) : ضعيف. وقال أيضا (سؤالات السهمي 47) : «كان يقال: أخذ كتاب أبي انس وكتب منه فحدث» .
قال البرقاني: «لم أزل أسمعهم يذكرون أن مقدوح فيه» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 377، والنجوم الزاهرة 2/ 328، 3/ 65، والوافي بالوفيات 3/ 165، ودول الإسلام للذهبي 1/ 143، والأعلام 6/ 171، وشذرات الذهب 2/ 231) .
[6] في ت: «فولها بعده عبد الله» .(13/102)
ابنه طاهرا، فأقام إلى سنة ثمان وأربعين، ثم وليها ابنه مُحَمَّد بْن طاهر، فأقام إلى سنة ثمان وخمسين [1] ، فظفر به يعقوب بْن الليث فكان معه أسيرا يطوف به البلاد إلى سنة اثنتين وستين، فلما كانت الوقعة بالنهروانات [2] نجا مُحَمَّد بْن طاهر، فلم يزل مقيما بمدينة السلام إلى أن توفي [بها] [3] في هذه السنة.
2048- موسى بْن إسحاق بْن موسى بْن عبد الله، أَبُو بكر الأنصاري الخطمي [4] :
ولد سنة عشر ومائتين وسمع أباه، وعلي بْن الجعد، وأبا نصر التمار، وأحمد بْن حنبل، أقرأ الناس القرآن وهو ابن ثماني عشرة [سنة] [5] في الجانب الشرقي، واستقضي وله ثمان وعشرون سنة. وكتب الناس عنه فأكثروا، وروى عنه ابن صاعد وابن الأنباري، وولي قضاء الري والأهواز. وَكَانَ ثقة ثبتا صدوقا دينا عفيفا فصيحا كثير الحديث، وَكَانَ ينتحل مذهب الشافعي [رضي الله عنه] [6] ، توفي بالأهواز قاضيا في محرم هذه السنة.
2049- يُوسُف بْن يعقوب بْن إسماعيل بْن حماد بْن زيد، أَبُو مُحَمَّد البصري [7] :
ولد سنة ثمان ومائتين، وسمع سليمان بْن حرب، وعمرو بْن مرزوق، ومسددا، وهدبة وغيرهم. روى عنه أَبُو عمرو بْن السماك، وأبو سهل بْن زياد، وأبو بكر الشافعي وغيرهم. وَكَانَ ثقة [8] وكان قد ولي القضاء بالبصرة في سنة ست وسبعين ومائتين، وضم إليه قضاء واسط، ثم أضيف إلى ذلك قضاء الجانب الشرقي من بغداد. وكان جميل
__________
[1] في ص: «فأقام إلى سنة ثمان وخمسين» . بإسقاط «وأربعين ثم وليها ... سنة ثمان» .
[2] في ك: «بالنهروان» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ت: «أبو بكر الأنصاري الخطبيّ» . وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 13/ 52، وشذرات الذهب 2/ 226، 227، وتذكرة الحفاظ 668) .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 310، وتذكرة الحفاظ 660، والأعلام 8/ 258، وشذرات الذهب 2/ 227 وفيها: «يوسف بن يعقوب القاضي أبو محمد الأزدي» ) .
[8] العبارة: «وأبو بكر الشافعيّ وغيرهم، وكان ثقة» . ساقطة من ك.(13/103)
الأمر حسن الطريقة ثقة عفيفا مهيبا عالما بصناعة القضاء، لا يراقب فيه [1] أحدا.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن محمد [القزاز] [2] ، أخبرنا أحمد بْن علي بْن ثابت [3] ، أَخْبَرَنَا التنوخي، قال: أخبرني أبي، قَالَ: حدثني أبي، قَالَ: سمعت القاضي أبا عمر مُحَمَّد بْن يُوسُف، يقول: قدم خادم من وجوه خدم المعتضد باللَّه إلى أبي في حكم فجاء [4] ، فارتفع في المجلس فأمره الحاجب بموازاة خصمه، فلم يفعل إدلالا بعظم محله [5] من الدولة، فصاح أبي عليه، وَقَالَ: قفاه! أيؤمر بموازاة خصمه فيمتنع يا غلام [6] ! عمرو بْن أبي عمرو النخاس الساعة لأتقدم إليه ببيع هذا العبد، وحمل ثمنه إلى أمير المؤمنين، ثم قَالَ لحاجبه: خذ بيده وسو بينه وبين خصمه [فأخذ كرها وأجلس مع خصمه] [7] ، فلما انقضى الحكم انصرف الخادم، فحدث المعتضد بالحديث وبكى بين يديه، فصاح عليه المعتضد، وَقَالَ: لو باعك لأجزت بيعه وما رددتك [8] إلى ملكي أبدا، وليس خصوصك بي يزيل مرتبة الحكم، فإنه عمود السلطان وقوام الأديان توفي يُوسُف في رمضان هذه السنة، [وقد صرف عن القضاء] [9] .
__________
[1] في ل: «لا يرقب فيه أحد» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] «ابن ثابت» : ساقط من ص، ل.
[4] «فجاء» : ساقطة من ص، ل.
[5] في ت، ك: «إدلالا بعظيم محله» .
[6] في ت، ك: «أتؤمر بموازاة خصمك فتمتنع محله» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[8] في ت: «وما رددتك» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/104)
ثم دخلت سنة ثمان وتسعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
إنه قدم الْقَاسِم بْن سيما من غزوة أرض الروم [1] الصائفة ومعه خلق كثير من الأسارى، وخمسون علجا قد شهروا على الجمال، بأيدي بعضهم أعلام الروم، عليها صلبان من ذهب وفضة.
وفيها: [2] فلج القاضي عبد الله بْن عَلي بْن أبي الشوارب، فقلد مكانه ابنه مُحَمَّد [3] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثَابِتٍ [الخطيب] [4] أَخْبَرَنَا عَلي بْن المحسن أَخْبَرَنَا طلحة بْن مُحَمَّد بْن جعفر، قَالَ: لم يزل عبد الله بْن عَلي بْن مُحَمَّد بْن عبد الملك بْن أبي الشوارب واليا- يعني على القضاء- بالجانب الشرقي من بغداد وعلى الكرخ أيضا من شهر ربيع الأول سنة ست وتسعين ومائتين إلى ليلة السبت لثلاث عشرة خلت من جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين ومائتين [5] ، فإن الفالج
__________
[1] في ت، ك: «من غزاة أرض الروم» .
[2] في ك: «وفي هذه السنة» .
[3] في ت: «فقلد ابنه محمد مكانه» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] العبارة: «إلى ليلة السبت لثلاث ... وتسعين ومائتين» . ساقطة من ل، ص.(13/105)
ضربه فيها، فأسكت فاستخلف [له] [1] ابنه مُحَمَّد على عمله [2] كله في يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى [3] الآخرة سنة ثمان وتسعين ومائتين، وَكَانَ سريا جميلا [4] واسع الأخلاق، ولم يكن له خشونة، فاضطربت الأمور بنظره، ولبست عليه في أكثر أحواله وكانت أمور السلطان كلها قد اضطربت، ولم يزل على خلافة أبيه إلى سنة إحدى وثلاثمائة وتوفي.
ووردت في شهر ربيع الأول هدايا أنفذها أَحْمَد بْن إسماعيل بن أحمد من خراسان منها مائة وعشرون غلاما على دوابهم، ومعهم أسلحتهم، [وخمسون بازيا] [5] ، وخمسون جملا عليها فاخر الثياب، [و] [6] من الشهاوي خمسون، وخمسون رطلا من المسك.
وفى شعبان أخذ رجلان من باب محول يقال أحدهما أَبُو كثيرة [7] ، والآخر يعرف بالشمري [8] ، فذكرا أنهما أصحاب رجل يعرف بمحمد بْن بشر يدعي الربوبية.
وورد الخبر في ذي القعدة بمسير الروم إلى اللاذقية، وأن ريحا صفراء حارة هبت [9] بحديثة الموصل في أول ذي الحجة، فمات لشدة حرها جماعة.
وفى هذه السنة حج بالناس [10] الفضل بْن عبد الملك.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: «ابنه محمد بن علي عمله» . خطأ.
[3] في ك: «لاثنتي عشرة ليلة خلت من جمادى» .
[4] في ك: «وكان كريما جميلا» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ك.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ت: «أبو كثير» . وفي البداية والنهاية (11/ 112) : «أبو كبيرة» .
[8] في المطبوعة: «والآخر يعرف بالشمري» وما أوردناه من ت، والبداية والنهاية (11/ 112) . وفي الكامل (6/ 469) لم يذكر أسماءهما، ولم يرد هذا الخبر في تاريخ الطبري.
[9] في ت: «أن ريحا صفراء هبت حارة» .
[10] في ت: «حج بالناس في هذه السنة» .(13/106)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2050- إبراهيم بْن داود بْن يعقوب، أَبُو إسحاق الصيرفي:
حدث عن عيسى بْن حماد، وعبد الملك بْن شعيب بْن الليث، وغيرهما، ولم يحدث إلا مجلسا أو مجلسين [1] ، وَكَانَ ثقة، وتوفي في جمادي الأولى من هذه السنة.
2051- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مسروق، أَبُو العباس الطوسي [2] :
حدث عن خلف بْن هشام البزار [3] ، وعلي بْن المديني، وعلي بْن الجعد، وأحمد بْن إبراهيم الدورقي، والبرجلاني، والزبير بْن بكار، روى عنه أَبُو عمرو بْن السماك، والخلدي، وأبو شكر الشافعي وغيرهم.
قَالَ الدارقطني: ليس بالقوي، يأتي بالمعضلات.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد، قَالَ: أَخْبَرَنَا الخطيب أَحْمَدُ بْنُ عَلي بْن ثَابِت [4] ، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد العزيز بن [علي] [5] الوراق، حَدَّثَنَا عَلي بْن عبد الله الهمذاني، حَدَّثَنَا الخلدي، قَالَ: حدثني أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مسروق، قَالَ: دخلت إلى الري فقصدت أبا موسى الدولابي، وَكَانَ في ذلك/ الوقت أشرف من يذكر، فلقيته وسلمت عليه وأقمت عنده في منزله ثلاثة أيام، فلما أردت الخروج ووقفت عليه لأودعه، فابتدأني [6]
__________
[1] في ت: «الا بمجلس أو مجلسين» .
[2] في تاريخ بغداد: «أحمد بن محمد بن مسروف، أبو العباس الصوفي، يعرف بالطوسي» .
انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 100- 103، طبقات الصوفية 237- 241، وحلية الأولياء 1/ 213- 216، وصفة الصفوة 4/ 104، طبقات الشعراني 1/ 109، وميزان الاعتدال 1/ 7، ومرآة الجنان 2/ 231، شذرات الذهب 2/ 227، وسير أعلام النبلاء 9/ 1/ 117، النجوم الزاهرة 3/ 125، 177، وهدية العارفين 1/ 56، وطبقات الأولياء 20 ولسان الميزان 1/ 292، وسؤالات السهمي للدارقطنيّ 165) .
[3] في ت: «بن هشام البزاز» .
[4] في ص، ل، والمطبوعة: «أخبرنا الخطيب» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ك: فبدأني.(13/107)
وَقَالَ: يا غلام! الضيافة ثلاثة أيام، وما كَانَ فوق ذلك فهو صدقة منك [عَلي] [1] ، وتوفي ابن مسروق في صفر هذه السنة، وقد قيل [2] سنة تسع وتسعين.
2052- أَحْمَد بْن يحيى بْن إسحاق، أَبُو الحسين الريوندي الملحد الزنديق [3] :
[قَالَ المؤلف] [4] : وإنما ذكرته ليعرف قدر كفره، فإنه معتمد الملاحدة والزنادقة، ويذكر أن أباه كَانَ يهوديا، وأسلم هو، فكان بعض اليهود يقول للمسلمين: لا يفسدن عليكم هذا كتابكم كما أفسد أبوه علينا التوراة، فعلم أَبُو الحسين [5] اليهود وَقَالَ: قولوا عن موسى أنه قَالَ لا نبي بعدي.
وأنبأنا مُحَمَّد بْن أبي طاهر البزاز، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَلِي بْن المحسن التنوخي، عن أبيه، قَالَ: كَانَ الريوندي يلازم الرافضة [6] وأهل الإلحاد، فإذا عوتب قَالَ: إنما أريد أن اعرف مذاهبهم ثم كاشف وناظر.
قَالَ المصنف [7] : وقد كنت أسمع عنه بالعظائم حتى رأيت ما لم يخطر مثله على قلب أن يقوله عاقل [8] ، ووقعت على كتبه [9] فمنها: كتاب «نعت الحكمة» ، وكتاب «قضيب الذهب» ، وكتاب «الزمرد» [وكتاب «التاج» ، وكتاب «الدامغ» ، وكتاب «الفريد» ، وكتاب «إمامة المفضول» .
وقد نقض عليه هذه الكتب جماعة فأما كتاب نعت الحكمة، وكتاب قضيب
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في المطبوعة: «وقيل» بإسقاط «قد» .
[3] انظر ترجمته في: (وفيات الأعيان 1/ 27 وفيه وفاته سنة 245 هـ، وتاريخ ابن الوردي 1/ 248، ومروج الذهب للمسعوديّ 7/ 237 وفيه وفاته سنة 245 هـ، والبداية والنهاية 11/ 112، ولسان الميزان 1/ 323، والفهرست 108. ورسالة الغفران 461. وشذرات الذهب 2/ 235، والنجوم الزاهرة 3/ 175، والأعلام 1/ 267، 268، ووفيات الأعيان 1/ 94، 95) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ل، ص.
[5] في ت: «وعلم أبو الحسين» .
[6] في ت: «كان الريوندي ملازم الروافض» .
[7] في ك: «قال المؤلف» .
[8] في ت: «أنه يقول بقوله عاقل» .
[9] في ت، ك: «ووقعت الى كتبه» .(13/108)
الذهب، وكتاب التاج، وكتاب الزمرد] [1] والدامغ فنقضها عليه أَبُو [عَلي] [2] مُحَمَّد بْن عبد الوهاب الجبائي، وقد نقض [عليه أيضا] [3] كتاب الزمرد أَبُو الحسين عبد الرحيم بْن مُحَمَّد الخياط، ونقض عليه أيضا كتاب إمامة المفضول.
وقد كَانَ ابن الريوندي، وأبو عيسى مُحَمَّد بْن هارون الوراق الملحد أيضا يتراميان بكتاب الزمرد، ويدعي كل واحد منهما على الآخر أنه تصنيفه، وكانا يتوافقان على الطعن في القرآن، وأما كتاب الفريد فنقضه عليه أَبُو هاشم عبد السلام بْن عَلي الجبائي.
[قَالَ المؤلف] [4] : ورأيت بخط أبي الوفاء ابن عقيل، قَالَ: كَانَ الخبيث ابن الريوندي قد سمى كتابه الذي اعترض به على الشريعة الإسلامية المعصومة على اعتراض مثله من الملحدين كتاب الزمرد، فأخذ أبو علي الجبائي يعيبه في تسميته بالزمرد، ويذهب إلى أنه أخطأ وجهل في تلقيب العلم بالجواهر، وأن أهل العلم [5] لا يعيرون العلوم أسماء ما دونها والجواهر ناقصة بالإضافة إلى العلوم [6] ، فأزرى عليه بذلك ظنا منه أنه قصد تلقيبه بالزمرد إعارة له اسم النفيس من الجواهر.
[قَالَ ابن عقيل] [7] : فوجدنا في بعض كلامه من كتاب آخر [ما] [8] أبان به عن غير ذلك مما هو أخبث مما ظنه أَبُو عَلي، فَقَالَ: إن [للزمرد خاصة هي أنه إذا رآه الأفعى وسائر الحيات عميت قَالَ: فكان قصدي أن الشبهة [9] التي أودعتها الكتاب تعمي حجج المحتجين! فاعتقد ما أورده عاملا في] [10] حجج الشرع حسب ما أثر الزمرد في حدق
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[5] في ك: «وأن أهل العلوم» .
[6] في ت: «لا يعيرون العلوم بأسماء دونها ناقصة بالإضافة إلى المعلوم» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] في ص: «فكان قصدي أن السنة» .
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/109)
الحيات، فانظروا إلى استقصائه في الازدراء بالشرائع. قَالَ ابن عقيل: وعجبي كيف عاش وقد صنف الدامغ، يزعم أنه قد دمغ [1] به القرآن، والزمرد يزري به على النبوات، ثم لا يقتل! وكم قد قتل لص في غير نصاب ولا هتك حرز، وإنما سلم مدة وعاش، لأن الإيمان ما صفا في قلوب أكثر الخلق بل في القلوب شكوك وشبهات، وإلا فلما صدق إيمان بعض الصحابة قتل أباه.
ومن بلهه تتبعه للقرآن وقد مر على مسامع سادات العرب، فدهش الكل منه وعجز الفصحاء عنه، فطمع هو من جهله باللغة [2] أن يستدرك عليهم، فأبان عن فضيحته.
قَالَ المصنف [3] : وقد، نظرت في كتاب الزمرد فرأيت فيه من الهذيان البارد الذي لا يتعلق بشبهه، حتى أنه لعنه اللَّه قَالَ فيه: «نجد في كلام [4] أكثم بْن صيفي أحسن من إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ 108: 1 [5] في نظائر لهذا.
قَالَ المصنف، وفيه أن الأنبياء وقعوا بطلسمات، كما أن المغناطيس يجذب، وهذا كلام ينبغي أن يستحيا من ذكره، فإن العقاقير قد عرفت أمورها وجربت، فكيف وقع هؤلاء الأنبياء بما خفي عمن كَانَ أنظر منهم؟ ثم إن المغناطيس يجذب ولا يرد، ونبينا صلّى الله عليه وسلّم دعا شجرة وردها.
وقال: قوله لعمار: «تقتلك الفئة الباغية [6] ، فإن المنجم يقول مثل هذا [7] فقيل
__________
[1] في ت: «أي أنه يدمع به» .
[2] في ك، ت: «فطمع هو مع جهله باللغة» .
[3] في ك: «قال مؤلفه» .
[4] في ت: «نجد في كلام» .
[5] سورة: الكوثر، الآية: 1.
[6] الحديث أخرجه مسلم في الفتن، حديث 70، 72، وأحمد بن حنبل في المسند 2/ 161، 5/ 306، 307، 6/ 300، 311، والبيهقي في السنن الكبرى 8/ 181، والطبراني في الكبير 1/ 300، 5/ 308، وأبو نعيم في الحليلة 4/ 172، 361، 7/ 197، 198.
وانظر أيضا: (مجمع الزوائد 7/ 242، والمطالب العالية 4479، 4485، وكنز العمال 23736، 33549، 33551، 3737، 37392، 37394، 37399، 37400، 37402، 37406، وشرح السنة 14/ 154، وتهذيب ابن عساكر 4/ 153) .
[7] في ت، ل: «يقول مثل ذا» .(13/110)
له: إنما يعرف مثل هذا المنجم إذا عرف المولد، وأخذ الطالع، ثم قد لا يصيب وقد أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام بخبر غيب، فكان كما قَالَ: ثم أخذ لعنه الله يعيب القرآن ويدعي أن فيه لحنا، واستدرك ذاك الخلف بزعمه [1] على الأعادي الفصحاء الذين سلموا لفصاحته.
قَالَ أَبُو عَلي الجبائي: قرأت كتاب الملحد الجاهل السفيه ابن الريوندي، فلم أجد فيه إلا السفه والكذب والافتراء، قَالَ: وقد وضع كتابا في قدم العالم [2] ، ونفي الصانع، وتصحيح مذهب الدهرية، وفى الرد على مذهب أهل التوحيد، ووضع كتابا في الطعن على محمد صلّى الله عليه وسلّم وسماه الزمرد، وشتم رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعة عشر موضعا في كتابه [3] ، ونسبه إلى الكذب، وطعن في القرآن، ووضع كتابا لليهود والنصارى على المسلمين يحتج لهم فيه في إبطال نبوة النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى غير ذلك من الكتب التي تبين خروجه عن الإسلام.
وَقَالَ أَبُو هاشم بْن أبي عَلي الجبائي [4] : ابتدأ ابن الريوندي لعنه اللَّه كلامه في كتاب الفريد، فَقَالَ: إن المسلمين احتجوا لنبوة نبيهم بالكتاب الذي أتى به وتحدى به، فلم يقدروا على معارضته [5] ، قَالَ: فيقال لهم: غلطتم وغلبت العصبية على قلوبكم أخبرونا لو ادعى مدع [لمن تقدم] [6] من الفلاسفة مثل دعواكم في القرآن، وَقَالَ: الدليل على [صدق] [7] بطليموس وإقليدس فيما ادعيا أن صاحب إقليدس جاء به فادعى أن الخلق يعجزون عنه لكان ثبتت نبوته.
قلنا: قد يكون في زمن إقليدس من هو أعرف منه، وإنما شاع كتابه بعده، ولو
__________
[1] في ت: «واستدرك ذاك الجلف بزعمه» .
[2] في ت: «وضع كتابا في الطعن في قدم العالم» .
[3] في ت: «سبعة عشر موضعا من كتابه» .
[4] في المطبوعة: «وقال ابن الجبائي» .
[5] في ت: «فلم يقدروا على مضارعته» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/111)
اجتمع أرباب علمه لجمعوا مثله، ثم لو كَانَ نبينا بكتابه لم يقدح ذلك في دلالة نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [1] .
وذكر في كتاب نعت الحكمة تقبيح اعتقاد من يعتقد أن أهل النار يخلدون، وَقَالَ:
لا نفع لهم في ذلك [2] ولا للخالق، والحكيم لا يفعل شيئا لا نفع فيه، وهذا جهل منه لأنه يريد بهذا تعليل أفعال الخالق سبحانه وأفعاله لا تعلل، لأن حكمته فوق العقل المعلل، ثم يلزمه هذا بتعذيبهم ساعة.
قَالَ أَبُو عَلي الجبائي: كَانَ السلطان قد طلب أبا عيسى الوراق وابن الريوندي، فأما الوراق فأخذ، وحبس ومات في السجن، وأما ابن الريوندي فانه هرب إلى ابن لاوي اليهودي، ووضع له كتاب «الدامغ» في الطعن على محمد صلّى الله عليه وسلّم وعلى القرآن، ثم لم يلبث إلا أياما يسيرة حتى مرض ومات.
قال المصنف [3] : وقد ذكر في كتاب «الدامغ» من الكفر أشياء تقشعر منها الجلود، غير أنى آثرت أن أذكر منها طرفا ليعرف مكان [4] هذا الملحد من الكفر، ويستعاذ باللَّه سبحانه من الخذلان! فمن ذلك أنه قَالَ عن الخالق تعالى عن ذلك: من ليس عنده من الدواء إلا القتل فعل العدو الحنق الغضوب، فما حاجته إلى كتاب ورسول [5] ؟ وهذا قول جاهل باللَّه سبحانه لأنه لا يوصف بالحنق ولا بالحاجة وما عاقب حتى أنذر.
وقال لعنه الله ووجدناه يزعم أنه يعلم الغيب، فيقول: وَما تَسْقُطُ من وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها 6: 59 [6] ثم يقول: وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ 2: 143 [7] . / وهذا جهل
__________
[1] في ت: «في دلالة النبوة» .
[2] في ك: «لا نفع لهم بذلك» .
[3] في ك: «قال المؤلف» .
[4] في ت: «طرفا ليعلم مكان» .
[5] في المطبوعة: «فما حاجته في كتاب ورسول» .
[6] سورة: الأنعام، الآية: 59.
[7] سورة: البقرة، الآية: 143.(13/112)
منه بالتفسير ولغة العرب، وإنما المعنى ليظهر ما علمناه، ومثله: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ 47: 31 [1] أي نعلم ذلك واقعا.
وَقَالَ بعض العلماء: حتى يعلم أنبياؤنا والمؤمنون [به] [2] . وَقَالَ في قوله: إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً 4: 76 [3] أي أضعف له، وقد أخرج آدم وأزل خلقا! وهذا تغفل منه، لأن كيد إبليس تسويل بلا حجة والحجج ترده، ولهذا كَانَ ضعيفا، فلما مالت الطباع إليه آثر وفعل.
وَقَالَ: من لم يقم بحساب ستة تكلم بها في الجملة فلما صار إلى التفاريق وجدناه قد غلط فيها [باثنين] [4] وهو قوله: خَلَقَ الْأَرْضَ في يَوْمَيْنِ 41: 9 [5] ، ثم قَالَ: وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ 41: 10 [6] ثم قال: فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ في يَوْمَيْنِ 41: 12 [7] ، فعدها هذا المغفل ثمانية ولو نظر في أقوال العلماء لعلم أن المعنى في تتمة أربعة أيام.
وَقَالَ: في قوله: إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى 20: 118 [8] وقد جاع وعري! وهذا المغفل الملعون ما فهم أن الأمر مشروط بالوفاء بما عوهد عليه من قوله: وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا من الظَّالِمِينَ 2: 35 [9] .
وَقَالَ في قوله: وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً [أَنْ يَفْقَهُوهُ] 6: 25 [10] ثم قال: وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو 18: 58
__________
[1] سورة: محمد، الآية: 31.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] سورة: النساء، الآية: 76.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] سورة: فصلت، الآية: 9.
[6] سورة: فصلت، الآية: 10.
[7] سورة: فصلت، الآية: 12.
[8] سورة: طه، الآية: 118.
[9] سورة: البقرة، الآية: 35.
[10] سورة: الأنعام، الآية: 25.
وما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/113)
الرَّحْمَةِ 18: 58 [1] فأعظم الخطوب ذكره الرحمة مضموما إلى [2] إهلاكهم! وهذا الأبله الملعون ما علم أنه لما وصف نفسه بالمعاقبة للمذنبين فانزعجت القلوب [3] ضم إلى ذلك ذكر الرحمة بالحلم عن العصاة والإمهال والمسامحة في أكثر الكسب.
قَالَ: [ونراه] [4] يفتخر بالمكر والخداع! وهذا المسكين الملعون قد نسب المعنى إلى الافتخار! ولا يفهم [5] أن معنى مكره جزاء الماكرين.
قَالَ الملعون: ومن الكذب قوله: وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ 7: 11 [6] وهذا كَانَ قبل تصوير آدم! وهذا الأحمق الملعون [لو طالع أقوال العلماء وفهم سعة اللغة علم أن المعنى خلقنا آدم وصورناه كقوله: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ 69: 11 [7] .
وقال:] [8] ضمن فاحش ظلمه قوله: كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها 4: 56 [9] فعذب جلودا لم تعصه! وهذا الأحمق الملعون لا يفهم أن الجلد ألة للتعذيب، فهو كالحطب يحرق لإنضاج غيره، ولا يقال إنه معذب، وقد قَالَ العلماء: إن الجلود الثانية هي الأولى أعيدت كما يعاد الميت [10] بعد البلى.
قال: وقوله: لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ 5: 101 [11] وإنما يكره [12] السؤال
__________
[1] سورة: الكهف، الآية: 58، و «وذو الرحمة» : ساقطة من ك، ل، والمطبوعة، وأثبتناها من ت.
[2] في ك: «مضومة إلى» .
[3] في ت: «فأفزع القلوب» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ك، ت: «ولم يفهم» .
[6] سورة: الأعراف، الآية: 11.
[7] سورة: الحاقة، الآية: 11.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] سورة: النساء، الآية: 56.
[10] في ك: «كإعادة الميت» . وفي ت: «كما يعيد الميت» .
[11] سورة: المائدة، الآية: 101.
[12] في ك: «فإنما يكره» .(13/114)
رديء السلعة لئلا تقع عليه عين التاجر فيفتضح، فانظروا إلى عامية هذا الأحمق الملعون وجهله، أتراه قَالَ: لا تسألوا عن الدليل على صحة قولي؟ إنما كانوا يسألون فيقول قائلهم: من أبى؟ فقال: لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ 5: 101 يعنى من هذا الجنس، فربما قيل للرجل أبوك فلان وهو غير أبيه الّذي يعرف فيفتضح.
قَالَ: ولما وصف الجنة، قَالَ: فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ 47: 15 [1] وهو الحليب، ولا يكاد يشتهيه إلا الجياع [2] ، وذكر العسل ولا يطلب صرفا، والزنجبيل وليس من لذيذ الأشربة، والسندس يفرش ولا يلبس [3] ، وكذلك الاستبرق الغليظ، قَالَ: ومن تخايل أنه في الجنة يلبس هذا الغليظ ويشرب الحليب والزنجبيل صار كعروس الأكراد والنبط، فانظروا إلى لعب هذا الملعون المستهزئ وجهله! ومعلوم أن الخطاب إنما هو للعرب وهم يؤثرون ما وصف، كما قَالَ: فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ 56: 28- 29 [4] ، ثم إنما وصف [5] أصول الأشياء المتلذذ [بها، فالقدرة] [6] قد تكون [7] من اللبن أشياء كالمطبوخات وغيرها ومن العسل [أشياء] [8] يتحلى بها، ثم قَالَ عز وجل: وَفِيها مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ [وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ] [9] 43: 71 وَقَالَ: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر [10] فوصف ما يعرف
__________
[1] سورة: محمد، الآية: 15.
[2] في ك: «يشتهيه الا الجائع» .
[3] في ك: «والسندس يفترش ولا يلبس» .
[4] سورة: الواقعة، الآية: 28.
[5] العبارة: «للعرب وهم يؤثرون ... ثم إنها وصف» . ساقطة من ص، ل.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقطة من ت.
[7] «قد» : ساقطة من ص، ل.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقطة من ت.
[9] سورة: الزخرف، الآية: 71. وما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] حديث قدسي رواه أحمد، والشيخان، والترمذي، وابن ماجة من حديث أبي هريرة.
ورواه جرير من حديث أبي سعيد، ورواه أيضا عن قتادة مرسلا، ورواه عن الحسن بلاغا.
انظر الحديث في: (صحيح البخاري، التفسير، سورة 33، حديث 3، وبدء الخلق، الباب 8، حديث(13/115)
ويشتهى وضمن ما لا يعرف، وَقَالَ: إنما أهلك ثمودا لأجل ناقة، وما قدر ناقة؟ وهذا جهل منه الملعون [فإنه] [1] إنما أهلكهم لعنادهم وكفرهم في مقابلة المعجزة، لا لإهلاك ناقة.
قَالَ: وَقَالَ: يَا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا من رَحْمَةِ الله 39: 53 [2] ، ثم قَالَ: لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ 40: 28 [3] . ولو فهم أن الإسراف الأول في الخطايا دون الشرك، والثاني في الشرك، وما يتعلق بكل آية يكشف معناها. قَالَ: ووجدناه يفتخر بالفتنة التي ألقاها بينهم كقوله: وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ 6: 53 [4] وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ من قَبْلِهِمْ 29: 3 [5] ، ثم أوجب للذين فتنوا المؤمنين عذاب الأبد! وهذا الجاهل الملعون لا يدري أن الفتنة [كلمة] [6] يختلف معناها في القرآن، فالفتنة معناها: الابتلاء،. كالآية الأولى، والفتنة الإحراق كقوله: فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ 85: 10 [7] .
وقال: وقوله: وَلَهُ أَسْلَمَ من في السَّماواتِ وَالْأَرْضِ 3: 83 [8] خبر محال، لأنه ليس كل الناس مسلمين، وكذلك قوله: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ 17: 44 [9] وقوله: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما في السَّماواتِ وَما في الْأَرْضِ 16: 49 [10] ، ولو أن هذا الزنديق الملعون طالع التفسير
__________
[5،) ] وصحيح مسلم، صفة الجنة والنار، حديث 3، 5 من الباب 1، والرقائق، الباب 1، حديث 4، وسنن الترمذي، التفسير سورة 33، 2، وسنن ابن ماجة، الزهد، الباب 39، 1، ومسند أحمد بن حنبل 2/ 438، 466، والبعث والنشور 179، 180، 181، وتفسير الطبري 21/ 67، ومصنف ابن أبي شيبة 13/ 109، والمعجم الصغير للطبراني 1/ 26، ومسند الحميري 1133) .
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] سورة: الزمر، الآية: 53.
[3] سورة: غافر، الآية: 28.
[4] سورة: الأنعام، الآية: 53.
[5] سورة: العنكبوت، الآية: 3.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] سورة: البروج، الآية: 10.
[8] سورة: آل عمران، الآية: 83.
[9] سورة: الإسراء، الآية: 44.
[10] سورة: النحل، الآية: 49.(13/116)
وكلام العرب لما قَالَ هذا، إنما يتكلم بعاميته وحمقه [1] ، وإنما المعنى وله [أسلم] [2] استسلم والكل منقاد لما قضى به وكل ذليل لأمره، وهو معنى السجود، ثم قد تطلق العرب لفظ الكل وتريد البعض كقوله: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ 46: 25 [3] .
[وقد] [4] ذكر الملعون أشياء من هذا الجنس مزجها بسوء الأدب، [5] والانبساط القبيح، والذكر للخالق سبحانه وتعالى بما لا يصلح أن يذكر به أحد العوام، وما سمعنا أن أحدا عاب الخالق وانبسط كانبساط هذا اللعين قبله ويلومه لو جحد الخالق كَانَ أصلح له من أن يثبت وجوده، [ثم يخاصمه] [6] ويعيبه وليس له في شيء مما قاله شبهة، فضلا عن حجة فتذكر ويجاب عنها، وإنما هو خذلان فضحه الله تعالى به في الدنيا، والله تعالى يقابله يوم القيامة مقابلة تزيد على مقابلة إبليس، وإن خالف، لكنه احترم في الخطاب كقوله: فَبِعِزَّتِكَ 38: 82 [7] ولم يواجه بسوء أدب كما واجه هذا اللعين، جمع الله بينهما، وزاد هذا من العذاب.
وقد حكينا عن الجبائي ان ابن الريوندي مرض ومات، ورأيت بخط ابن عقيل أنه صلبه بعض السلاطين [والله اعلم] [8] . وَقَالَ ابن عقيل: ووجدت في تعليق محقق [9] من أهل العلم: أن ابن الريوندي مات وهو ابن ست وثلاثين سنة [10] ، مع ما انتهى إليه من التوغل في المخازي لعنه الله وشدد عذابه [11] .
__________
[1] في ص: «بعاميته وخفته» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] سورة: الأحقاف، الآية: 25.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ت: «من هذا الجنس من سوء الأدب» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] سورة: ص، الآية: 82.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] في ت: «ووجدت بخط محقق» .
[10] في ت: «وهو ابن ست وثمانين» .
[11] في المطبوعة: «لعنه الله لعنه الله» .(13/117)
2053- الجنيد بْن مُحَمَّد بْن الجنيد، أَبُو الْقَاسِم الخزاز، ويقال: القواريري [1] :
قِيلَ كَانَ أبوه قواريريا وكان هو خزازا، وأصله من نهاوند إلا أن مولده [2] ومنشأه ببغداد، سمع الحسن بْن عرفة، وتفقه على أبي ثور، وَكَانَ يفتي بحضرته وهو ابن عشرين سنة، وصحب جماعة من أهل الخير [3] ، واشتهر بصحبة الحارث المحاسبي، وسرى السقطي، ولازم التعبد، وتكلم على طريقة التصوف.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا [أبو بكر] [4] أحمد بن علي بن ثابت، قال: أخبرنا أحمد بْن عَلي المحتسب، قَالَ: أَخْبَرَنَا الحسن بْن الحسين الفقيه [5] ، قَالَ: سمعت جعفر الخلدي يقول: قَالَ الجنيد: ما أخرج الله إلى الأرض علما وجعل للخلق إليه سبيلا إلا وقد جعل [الله] [6] لي فيه حظا ونصيبا، قَالَ الخلدي [7] : وبلغني عن الجنيد أنه كَانَ في سوقه، وكان ورده في كل يوم ثلاثمائة ركعة وثلاثين ألف تسبيحة.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: [أَخْبَرَنِي أَبُو الحَسَن مُحَمَّد بْن عبد الواحد، قَالَ: أخبرني مُحَمَّد بْن الحسين
__________
[1] انظر ترجمته في: (طبقات الصوفية 155- 163، وحلية الأولياء 10/ 255- 287، وصفة الصفوة 2/ 235- 240، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 98- 101، ومرآة الزمان 2/ 231- 236، والرسالة القشيرية 24، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 129- 144. والكامل لابن الأثير 8/ 62، ووفيات الأعيان 1/ 373، 374، وطبقات المفسرين للداوديّ 123، والفهرست لابن النديم 186، وطبقات الشافعية 2/ 28- 37، وتاريخ بغداد 7/ 241- 249، والبداية والنهاية 11/ 113، وسير أعلام النبلاء 9/ 2/ 155، وطبقات الحنابلة 1/ 127- 129، وشذرات الذهب 2/ 288- 230، والكواكب الدرية 1/ 22، وطبقات الأولياء 31، والأنساب للسمعاني 465، وصفوة الصفوة لابن الجوزي 2/ 325، والعبر 2/ 10) .
[2] في ت: «ومولده» .
[3] في ت: «وصحب جماعة من الصالحين» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ك، ل، ص، والمطبوعة: «حدثنا الحسن بن الحسين الفقيه» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ت: «قال الحارث» وما أوردناه من باقي النسخ، وتاريخ بغداد (7/ 242) .(13/118)
السلمي، قَالَ: سمعت أبا بكر البجلي يقول: سمعت أبا مُحَمَّد الحريري، يقول: كنت واقفا على رأس الجنيد وقت وفاته وهو يقرأ القرآن، فقلت: يا أبا الْقَاسِم ارفق بنفسك، فَقَالَ: يا أبا مُحَمَّد ما رأيت أحدا أحوج إليه مني في هذا الوقت وهو يطوي صحيفتي.
قال الخطيب و] [1] أخبرني عبد العزيز بن على الوراق/ قال: سمعت عَلي بْن عبد الله الهمذاني يقول: سمعت جعفر الخلدي، يقول: سمعت الجنيد يقول: ما نزعت ثوبي للفراش منذ أربعين سنة.
أنبأنا القزاز، قَالَ: أنبأنا أَبُو بكر أَحْمَد بْن عَلي بْن ثَابِت، قَالَ [2] ، وأخبرني الجوهري، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن العباس، أَخْبَرَنَا ابن المنادي، قَالَ: مات الجنيد سنة ثمان وتسعين، فذكر لي أنه حزر الجمع الذين صلوا عليه نحو ستين ألفا.
2054- الحسن بْن عَلي بْن مُحَمَّد بْن سليمان، أَبُو مُحَمَّد القطان- ويعرف بابن علويه [3] :
ولد في شوال سنة خمس ومائتين، سمع عاصم بْن عَلي وغيره، روى عنه النجاد، والخطبي [4] ، وَكَانَ ثقة، وتوفي في شهر ربيع [5] الآخر من هذه السنة.
2055- سعيد بن إسماعيل بْن سعيد بْن منصور، أَبُو عثمان الواعظ [6] الحيري:
ولد بالري ونشأ بها، ثم انتقل إلى نيسابور فسكنها إلى أن توفي بها في ربيع الآخر من هذه السنة، سمع الحديث بالري من مُحَمَّد بن مقاتل، وموسى بن نصر، وبالعراق
__________
[1] ما بين المعقوفتين: جاء في ت بعد الفقرة الآتية.
[2] «أنبأنا القزاز، قَالَ: أنبأنا أَبُو بكر أَحْمَد بن علي بن ثابت، قال» هذه العبارة ساقطة من ل. وفي ص:
«قال الخطيب» .
[3] «أبو محمد» ساقطة من ل، ص.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 375) .
[4] في ك: «والحظي» .
[5] في ص، ل: «وتوفي في ربيع الآخر» .
[6] «الحيريّ» نسبة إلى قرية يقال لها الحيرة، من قرى نيسابور.
انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد 9/ 99، وشذرات الذهب 2/ 230، 231. والنجوم الزاهرة 3/ 177.
وطبقات الصوفية 170. وحلية الأولياء: 1/ 244. والعبر 2/ 11. ووفيات الأعيان 2/ 369، 370) .(13/119)
من مُحَمَّد بْن إسماعيل الأحمسي [1] ، وحميد بْن الربيع اللخمي [2] وغيرهما، ودخل بغداد، ويقال: إنه كَانَ مستجاب الدعوة.
أَخْبَرَنَا [أَبُو منصور] [3] القزاز، قال: أخبرنا أبو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ:
أخبرني مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن نعيم الضبي، قَالَ: سمعت أمي تقول: سمعت مريم امرأة أبي عثمان، تقول: صادفت من أبي عثمان [4] خلوة فاغتنمتها، فقلت: يا أبا عثمان، أي عملك أرجى عندك؟ فَقَالَ: يا مريم لما ترعرعت وأنا بالري، كانوا يريدونني على الترويج [5] فأمتنع، جاءتني امرأة فقالت: يا أبا عثمان قد أحببتك حبا أذهب نومي ورقادي [6] ، وأنا أسألك بمقلب القلوب، وأتوسل به إليك أن تتزوج بي، قلت: ألك والد؟ قالت: نعم فلان الخياط في موضع كذا وكذا، فراسلت أباها أن يزوجها مني، ففرح بذلك، وأحضرت الشهود فتزوجت بها، فلما دخلت بها وجدتها عوراء عرجاء مشوهة [الخلق] [7] فقلت: اللَّهمّ لك الحمد على ما قدرته لي، وَكَانَ أهل بيتي يلومونني على ذلك، فأزيدها برا وإكراما إلى أن صارت بحيث لا تدعني أخرج من عندها، فتركت حضور المجالس إيثارا لرضاها وحفظا لقلبها ثم بقيت معها على هذه الحال خمس عشرة سنة، وكأني في بعض أوقاتي على الجمر [8] ، وأنا لا أبدي لها شيئا من ذلك [9] إلى أن ماتت، فما شيء أرجى [عندي] [10] من حفظي عليها ما كان في قلبها من جهتي.
__________
[1] في ت: «موسى بن نصر بن محمد بن الأحمسي» . وفي ل، ك: «وموسى بْن نصر، وبالعراق من مُحَمَّد بْن إسماعيل الأخمسي» . وفي ص: «بدلا من الأحمسي: «الإخميمي» . وما أوردناه يوافق ما في تاريخ بغداد (9/ 99) .
[2] في ك: «حميد بن الربيع الكجي» . وما أوردناه من باقي الأصول، وتاريخ بغداد (9/ 100) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ك: «صادفت مع أبي عثمان» .
[5] في ص، ل، والمطبوعة: «يريدونني على الزواج» .
[6] في ص، ل: «أذهب نومي وقراري» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] في ت: «وكان في بعض أوقاتي كأني على الجمر» .
[9] في ت: «لا أبدي لها من ذلك شيئا» .
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/120)
أخبرنا القزاز، قال: أخبرنا أحمد بن علي، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الكريم بْن هوازن، قَالَ: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي [1] ، يقول: سمعت عبد الله بْن مُحَمَّد الشعراني، يقول: سمعت أبا عثمان يقول: منذ أربعين سنة ما أقامني [الله] [2] في حال فكرهته، ولا نقلني إلى غيره فسخطته.
وَكَانَ أَبُو عثمان ينشد:
أسأت ولم أحسن وجئتك هاربا ... وأين لعبد من مواليه مهرب
يؤمل غفرانا فإن خاب ظنه ... فما أحد منه على الأرض أخيب
2056- سعيد بْن عبد الله بْن أبي رجاء، أَبُو عثمان الأنباري، ويعرف بابن عجب [3] :
حدث عن أبي عمر الدوري، وغيره، روى عنه ابن مخلد، وابن كامل القاضي، وأبو بكر الشافعي، توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
2057- سمنون بْن حمزة الصوفي [4] :
ويقال: سمنون بْن عبد الله ويكنى أبا الْقَاسِم، صحب سريا وغيره، [ووسوس] [5] فكان يتكلم في المحبة، ثم سمى نفسه الكذاب لموضع دعواه في قوله:
فليس لي في سواك حظ ... فكيف ما شئت فامتحني
فامتحن بحصر البول، فصار يدور في المكاتب [6] ، ويقول للصبيان، ادعوا لعمكم المبتلى بلسانه.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد، قال: أخبرنا [أبو بكر] أحمد بن علي بن
__________
[1] في ت: «قال: سمعت أبا عثمان السلمي» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 102، والإكمال 6/ 147، وسؤالات الحاكم للدارقطنيّ 106، وفيه قال: لا بأس به» ) .
[4] انظر ترجمته في: (طبقات الصوفية 195- 199، وحلية الأولياء 10/ 309- 314، وصفة الصفوة 2/ 240- 242، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 104، وتاريخ بغداد 9/ 234- 237، والبداية والنهاية 11/ 115، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 136، وطبقات الأولياء ص 165- 170) .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ت: «فصار يدور على المكاتب» ، وفي ك: «فجعل يدور على المكاتب» .(13/121)
ثَابِت [1] ، حَدَّثَنَا عبد العزيز بْن عَلي الوراق، حَدَّثَنَا عَلي بْن عبد الله الهمذاني، قَالَ:
حدثني عبد الكريم بْن أَحْمَد، قَالَ: حدثني أَبُو جعفر مُحَمَّد بْن عبد الله الفرغاني، قَالَ: أخبرني أَبُو أَحْمَد المغازلي، قَالَ: كَانَ ورد سمنون في كل يوم وليلة خمسمائة ركعة.
2058- صافي الحرمي [2] :
مرض فأشهد على نفسه أنه ليس له عند غلامه قاسم مال ولا عقار ولا وديعة، فلما مات حمل غلامه إلى الوزير ابن الفرات من العين مائة ألف دينار، وعشرين ألف دينار، وسبعمائة منطقة، وَقَالَ: هذا الذي كَانَ له عندي، فأعلم المقتدر بذلك، فأمر أن ينزل الْقَاسِم منزلته. وكان صافي صاحب الدولة كلها، و [إليه] [3] أمر دار الخليفة [4] .
وتوفي في شعبان هذه السنة.
2059- عبد الله بْن مُحَمَّد بْن صالح بْن مساور، أَبُو مُحَمَّد البكري: وقيل: الباهلي [5] :
من أهل سمرقند، كَانَ ممن عني بطلب الحديث والآثار، ورحل في ذلك، وجالس الحفاظ، وكتب عنهم، وحدث في البلاد فروى عنه من أهل بغداد مُحَمَّد بْن مخلد، وأبو بكر الشافعي، وَكَانَ ثقة، وتوفي في هذه السنة.
2060- عَبْد السلام بْن سهل بْن عيسى [6] ، أَبُو عَلي السكري [7] :
سكن مصر، وحدث بها عن يحيى الحماني، وعُبَيْد اللَّهِ القواريري. روى عنه ابن شنبوذ، والطبراني، وَكَانَ من نبلاء الناس، وأهل الصدق، ولكنه تغير في آخر أيامه [8] ، وتوفي في شهر ربيع الآخر من هذه السنة [9] .
__________
[1] في ك، ل، ص: «أخبرنا أبو بكر بن ثابت أحمد بن علي» .
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 115، وفيه: «صافي الحربي» ) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ت: «أمر دار الخلافة إليه» . وفي ك: «أمر دار الخلافة» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 101، 102) .
[6] في ص، ل: «عبد السلام بن عيسى» . بإسقاط «ابن سهل» .
[7] ذكر الذهبي في الميزان أنه بغدادي، وحدث بمصر.
انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 54، وميزان الاعتدال 2/ 615) .
[8] في ت: «تغير في آخر عمره» .
[9] في ت: «توفي في آخر ربيع الأخر من هذه السنة» .(13/122)
ثم دخلت سنة [1] تسع وتسعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أنه ظهرت ثلاثة كواكب مذنبة. ظهر أحدها ليلة الخميس لخمس بقين من رمضان في برج الأسد، وظهر الثاني في ليلة الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة في المشرق، وظهر الثالث ليلة الأربعاء لعشر بقين من ذي القعدة [2] في برج العقرب، وبقيت أياما ثم اضمحلت.
وغضب الخليفة على عَلي بْن مُحَمَّد بْن الفرات لأربع خلون من ذي الحجة، وحبس ووكل بدوره، وأخذ كل ما وجد له ولأهله وأصحابه [3] ، وانتهبت دورهم أقبح نهب، وادعى عليه أنه كتب إلى الأعراب أن يكبسوا بغداد، واستوزر أَبُو عَلي مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّهِ بْن يحيى بْن خاقان، وَكَانَ قد ضمن لأم ولد المعتضد [باللَّه] [4] مائة ألف دينار فعملت في توليته.
[وورد الخبر من فارس بطاعون حدث فيها مات فيه سبعة آلاف إنسان] ، ووردت أربعة أحمال مال من مصر، وقيل: إنه وجد هناك كنز قديم، وَكَانَ معه ضلع إنسان طوله
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: «لعشر بقين من ذي الحجة» . وما أوردناه من باقي الأصول، والكامل لابن الأثير (6/ 470) والبداية والنهاية (11/ 116) .
[3] «وأصحابه» ساقطة من ل، ص.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفي ص: «لأم ولد المقتدر باللَّه» . وهو خطأ.(13/123)
أربعة عشر شبرا في عرض شبر، زعموا أنه من قوم عاد، وَكَانَ [مبلغ] [1] المال خمسمائة ألف دينار، وَكَانَ معها هدايا عجيبة فذكر الصولي أنه كَانَ في الهدايا تيس له ضرع يحلب اللبن.
ووردت رسل أَحْمَد بْن إسماعيل بهدايا منها مذبة مرصعة [2] بفاخر الجوهر، وتاج من ذهب مرصع بجوهر له قيمة كبيرة [3] ، ومناطق ذهب مرصعة، وخلع سلطانية فاخرة، وربعة ذهب مرصعة فيها شمامات مسك، وعنبر كله مرصع، وعشرة أفراس بسروجها ولأحدها سرج ذهب.
ووردت هدايا ابن أبي الساج، أربعمائة دابة، وثمانون ألف دينار، وفرش أرمني لم ير مثله، فيه بساط طوله سبعون ذراعا في عرض ستين [ذراعا] [4] عمل في عشر سنين لا قيمة له.
وورد الخبر من فارس بطاعون حدث فيها مات فيه سبعة آلاف إنسان. [5] وفى هذه السنة حج بالناس الفضل بْن عبد الملك [6] / وورد ورقاء بْن محمد بن ورقاء بْن مُحَمَّد بْن ورقاء الشيباني [7] ، ومعه أسرى من الأعراب كل منهم كَانَ يعني السلطان، وأصلح الطريق بأخذهم.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2061- أحمد بن نصر بْن إبراهيم، أَبُو عمرو الحافظ، المعروف [8] بالخفاف:
سمع إسحاق بْن إبراهيم الحنظلي، ومحمد بن رافع، وأبا كريب، وغيرهم،
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: «بدنة مرصعة» .
[3] في ت: «بجوهر له قيمة كثيرة» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] العبارة: «وورد الخبر ... سبعة آلاف إنسان» . ساقط من المطبوعة.
[6] في ت: «وحج بالناس في هذه السنة الفضل بْن عبد الملك» .
[7] في ت: «وورد أبو جعفر ورقاء بن محمد بن ورقاء الشيبانيّ» .
[8] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 117. وشذرات الذهب 2/ 231، وتذكرة الحفاظ 654) .(13/124)
وَكَانَ يذاكر بمائة ألف حديث، وصام دائما نيفا وثلاثين سنة، وتصدق بخمسة آلاف درهم، توفي في شعبان هذه السنة.
أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ البيهقي، أَخْبَرَنَا أبو عبد الله محمد بن عبد الله البيع، قَالَ: سمعت أبا حامد بْن مُحَمَّد المقرئ [1] يقول: وقف سائل على أبي عمرو الخفاف فأمر له بدرهمين [2] ، فَقَالَ الرجل: الحمد للَّه فَقَالَ لصاحبه: اجعلها خمسة فَقَالَ الرجل: اللَّهمّ لك الحمد، فَقَالَ: اجعلها عشرة، فلم يزل الرجل يحمد الله ويزيده أَبُو عمرو إلى أن بلغ مائة درهم، فَقَالَ: جعل الله عليك واقية باقية، فَقَالَ أَبُو عمرو: والله لو لم يرجع [3] من الحمد إلى غيره لبلغت به عشرة آلاف درهم.
2062- البهلول بْن إسحاق بْن البهلول بْن حسان بْن سنان، أَبُو مُحَمَّد التنوخي [4] .
ولد سنة أربع ومائتين، وسمع إسماعيل بْن أبي أويس، ومصعبا الزبيري، وسعيد بْن منصور، وغيرهم، روى عنه أَبُو بكر الشافعي، وجماعة آخر هم أَبُو بكر الإسماعيلي الجرجاني، وَكَانَ ثقة ضابطا لما يرويه، [بليغا] [5] مصقعا في خطبته.
وتوفي في هذه السنة [6] .
2063- جعفر بن مُحَمَّد بن الأزهر، أبو أحمد البزاز يعرف بالباوردي [7] ، والطوسي:
روى عن جماعة، حدث عنه النجاد والشافعي، وَكَانَ ثقة، وتوفي في رجب هذه السنة.
__________
[1] في ت: «أبا حامد أحمد بن محمد المقرئ» .
[2] في ص، ل، والمطبوعة: «فأمر له بدرهم» . وما أوردناه من ك، ت، والبداية والنهاية (11/ 117) .
[3] في ص، ل: «فقال أبو عمرو: لو لم يرجع» . بإسقاط القسم بلفظ الجلالة.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 109، 110، والبداية والنهاية 11/ 117، وشذرات الذهب 2/ 228، ومعجم شيوخ الإسماعيلي 213، والعبر 2/ 110، وسؤالات السهمي للدارقطنيّ 212، وفيه «قال ثقة» ) .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] «وتوفي في هذه السنة» : ساقطة من ص.
[7] في ت: «أبو محمد البزاز، ويعرف ... » . وما أوردناه يوافق ما في تاريخ بغداد.
انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 197) .(13/125)
2064- الحسين بْن عبد الله بْن أَحْمَد، أَبُو عَلي الخرقي [1] :
والد عمر صاحب المختصر [في الفقه] [2] على مذهب أَحْمَد [بْن حنبل] [3] حدث عن جماعة [4] وروى عنه أبو بكر الشافعي، وابن الصواف، وعبد العزيز بْن جعفر، وَكَانَ خليفة المروذي وتوفي في يوم الفطر [5] من هذه السنة، ودفن بباب [6] حرب عند قبر [الإمام] [7] أَحْمَد بْن حنبل.
2065- شاه بْن شجاع، أَبُو الفوارس الكرماني:
كَانَ من أولاد الملوك، وصحب أبا تراب النخشبي وأبا عُبَيْد اللَّهِ البسري وغيرهما.
أَخْبَرَنَا [مُحَمَّد] [8] بْن ناصر قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن عَلي بْن خلف، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد الرَّحْمَن السلمي، قَالَ: قَالَ الفارسي: سمعت أبا عَلي الأنصاري يقول: سمعت شاه بْن شجاع [9] يقول لأهل الفضل: فضل ما لم يروه فإذا راوه فلا فضل لهم.
قَالَ السلمي: ورأيت بخط جدي إسماعيل بْن نجيد، قَالَ شاه بْن شجاع: من صحبك ووافقك على ما تحب [10] ، وخالفك فيما تكره فإنما يصحب هواه. قَالَ السلمي:
مات شاه قبل الثلاثمائة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 59، والبداية والنهاية 11/ 117) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] «حدث عن جماعة» : ساقط من ص، ل.
[5] في المطبوعة: «وتوفي يوم الفطر» .
[6] في ت: «ودفن في باب» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] في المطبوعة، ص، ل: «أخبرنا محمد بن ناصر بإسناده عن أبي الحسن الفارسيّ يقول، سمعت أبا عَلي الأنصاري يقول: سمعت شاه بن شجاع» وفي ك: «أخبرنا محمد بن ناصر، أنبأنا أبو بكر أَحْمَد بْن عَلي بْن خلف، أنبأنا أَبُو عَبْد الرَّحْمَن السلمي، قَالَ: قَالَ الفارسي سمعت أبا عَلي الأنصاري يقول:
سمعت شاه بْن شجاع» .
[10] في ت: «ورافعك على ما تحب» .(13/126)
2066- عباس بْن عبد الله بْن مُحَمَّد بْن فضال، أَبُو جعفر الكوفي [1] :
كتب العلم وعني بتصنيفه، وتوفي بمصر في ربيع الأول من هذه السنة.
2067- عباس بْن المهتدى، أَبُو الفضل الصوفي [2] :
بغدادي دخل مصر، وصحب بها أبا سعيد الخراز، وَكَانَ كثير الأسفار على التوكل، وَكَانَ من أقران الجنيد [3] .
أنبأنا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن حبيب [4] [قَالَ] : أنبأنا عَلي بْن عبد الله [5] بْن أبي صادق أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله بْن باكويه، حَدَّثَنَا أَبُو العباس مُحَمَّد بْن الحسن الخشاب، قَالَ: حدثني مُحَمَّد بْن عبد الله الفرغاني، قَالَ: تزوج عباس بْن المهتدي امرأة، فلما كانت الليلة التي أراد أن يدخل بها وقعت عليه ندامة، فدخل عليها وهو كاره، فلما أراد أن يدنو منها زجر عنها فامتنع من وطئها، وقام وخرج من عندها، فلما كَانَ بعد ثلاثة أيام ظهر للمرأة زوج.
2068- عياش بْن مُحَمَّد بْن عيسى الجوهري: [6]
حدث عن أيوب بْن يحيى المقابري، وداود بْن رشيد، وأحمد بْن حنبل، روى عنه الطبراني، وابن الجعابي، والإسماعيلي. وَكَانَ ثقة.
توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
2069- فاطمة القهرمانة: [7]
غضب عليها المقتدر، وأخذ ما عندها من المال، وَكَانَ لها مال عظيم أعطت منه
__________
[1] في ت: «عبيد بن عبد الله بن فضل، أبو جعفر الكوفي» . خطأ.
[2] «أبو الفضل» : ساقط من ل، ص.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 152) .
[3] في ت: «وهو من أقران الجنيد» .
[4] في ص، ل: «أنبأنا أبو بكر بن حبيب» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفي ت: «أخبرنا علي بن عبد الله» .
[6] في ت: «عباس بن محمد بن عيسى الجوهري» . خطأ. وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 279) .
[7] انظر ترجمتها في: (البداية والنهاية 11/ 118) .(13/127)
شخصين مائتي ألف دينار عينا غير الهدايا، فمرضت وتوفيت في ذي القعدة من [هذه السنة] [1] وقيل: بل ركبت في طيارها في آخر شعبان فغرقت تحت الجسر في يوم ريح عاصف وأخرجت بعد يومين [2] .
2070- مُحَمَّد بْن إسماعيل، أَبُو عبد الله المغربي [3] :
وهو أستاذ إبراهيم الخواص، حج على قدميه سبعا وتسعين [4] حجة.
أنبأنا أَبُو بكر بْن [5] حبيب الصوفي [أَخْبَرَنَا أَبُو سعيد بْن أبي صادق [6]] أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله بْن باكويه، قَالَ: سمعت أبا بكر الجوزقاني، يقول:
سمعت إبراهيم بْن شيبان، يقول: سمعت [أبا عبد الله] [7] المغربي، يقول:
ما رأيت ظلمة منذ سنين كثيرة. قَالَ إبراهيم: [وذلك أنه كَانَ يتقدمنا بالليل المظلم] [8] ونحن نتبعه وهو حاف حاسر، فكان إذا عثر أحدنا يقول له: يمينا وشمالا، ونحن لا نرى [ما] [9] بين أيدينا، فإذا أصبحنا نظرنا إلى رجله كأنها رجل عروس خرجت من خدرها، وَكَانَ يقعد لأصحابه ويتكلم عليهم، فما رأيته انزعج إلا يوما واحدا كنا على الطور وهو قد استند إلى شجرة خرنوب، وهو يتكلم علينا، فَقَالَ في كلامه: لا ينال العبد مراده حتى ينفرد فردا بفرد [10] فانزعج واضطرب، فرأيت الصخور
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: جاءت هذه الجملة بتقديم وتأخير.
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 117، طبقات الصوفية 242، 245، وحلية الأولياء 10/ 335، وصفة الصفوة 4/ 305، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 108، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 169، والكواكب الدرية 1/ 269، ومسالك الأبصار 5/ 1/ 204- 207، وجامع كرامات الأولياء 1/ 101، والنجوم الزاهرة 3/ 132، 178، وطبقات الأولياء 109) .
[4] في ت: «تسعا وتسعين حجة» .
[5] في ت: «أخبرنا أبو بكر بن» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفي ك: «أخبرنا أبو سعيد» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] في ت: «حتى ينفرد فرد الفرد» .(13/128)
قد تدكدكت، وبقي في ذلك ساعات، فلما أفاق كأنه نشر من قبره. تُوُفِّيَ في هذه السنة، وقيل: سنة سبع وتسعين، وأوصى أن يدفن إلى جانب أستاذه [1] عَلي بْن رزين، وعاش كل واحد منهما عشرين ومائة سنة فهما على جبل الطور [2] .
2071- مُحَمَّد بْن أبي بكر أَحْمَد بْن أبي خيثمة، زهير بْن حرب، أَبُو عبد الله [3] :
نسائي الأصل، كَانَ فهما عارفا، وحدث عن نصر بن علي الجهضمي، وعمرو بْن عَلي الصيرفي [4] ، والحسين بْن حريث المروزي، وَغَيْرُهُمْ.
أَخْبَرَنَا [أَبُو منصور] [5] القزاز، قَالَ أَخْبَرَنَا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت عن أبي عبد الله [6] مُحَمَّد بْن الحسين الضميري، قَالَ: قَالَ لي عَلي بْن الحسن الرازيّ:
قال لنا أبو عبد الله مُحَمَّد بْن الحسين الزعفراني [7] ، قَالَ: كَانَ لأبي بكر بْن أبي خيثمة ابن حافظ استعان به أَبُو بكر في تصنيف كتاب التاريخ [8] .
قَالَ ابن ثَابِت: هُوَ أَبُو عبد الله هذا، قَالَ: وقرأت في كتاب أبي الفتح عُبَيْد اللَّهِ بْن أَحْمَد النحوي [9] ، سمعت القاضي ابن كامل يقول: أربعة كنت أحب بقاءهم أَبُو جعفر الطبري، والبربري [10] ، وأبو عبد الله بْن أبي خيثمة، والمعمري، فما رأيت أفهم منهم
__________
[1] في ت: «يدفن إلى جنب أستاذه» .
[2] العبارة: «توفي في هذه السنة ... على جبل الطور» جاءت في ت أول الترجمة.
[3] ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 117، وشذرات الذهب 2/ 225) .
[4] في ص: «عمرو بن علي الكوفي» . وفي ك: «عمر بن علي الصوفي» . وفي ت: «عمرو بن أبي علي الصوفي» . وما أوردناه من تاريخ بغداد.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ص، ل، والمطبوعة: «عن أبي عبد الله» .
[7] العبارة: «الحسين الضميري قال: ... قال لنا أبو عبد الله محمد بن الحسين» ساقطة من ص، ول، وفي ك: «الحسين الصميري» .
[8] في ت: «على تصنيف كتاب التاريخ» .
[9] في ت: «كتاب الفتح عبد الله بن أحمد النحويّ» .
[10] في ص: «التيرتزي» . وفي ك: «البريدي» . وفي ت: «اليزيدي» . وما أوردناه من تاريخ بغداد.(13/129)
ولا احفظ. توفي مُحَمَّد بْن أبي بكر يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي القعدة من هذه السنة [1] .
2072- مُحَمَّد بن أحمد بن كيسان، أَبُو الحسن [2] النحوي:
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن القزاز [3] ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ [بْنِ ثَابِتٍ] ، [4] قَالَ:
كَانَ ابن كيسان [5] أحد المذكورين بالعلم والموصوفين بالفهم، وَكَانَ يحفظ مذهب البصريين والكوفيين معا في النحو، لأنه أخذ عن المبرد، وثعلب، وَكَانَ أَبُو بكر بْن مجاهد المقرئ يقول: أَبُو الحسن بْن كيسان أنحى من الشيخين، يعنى ثعلبا والمبرد.
قَالَ ابن ثَابِت وبلغني أنه مات في سنة تسع وتسعين ومائتين.
2073- مُحَمَّد بْن السري بْن سهل، أَبُو بكر القنطري [6] :
سمع عثمان بْن أبي شيبة وغيره، وَكَانَ ثقة، توفي في جمادى الأولى من هذه السنة.
2074- مُحَمَّد بْن يحيى أَبُو سعيد، يعرف بحامل [7] كفنه:
سكن دمشق، وحدث بها عن أبي بكر، وعثمان ابني أبي شيبة، وعقبة بن مكرم العمي، وإبراهيم بن سعيد/ الجوهري، وسلمة بن شبيب، وأحمد بن منيع وغيرهم، روى عنه أبو بكر النقاش وغيره.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ [بْنِ ثَابِتٍ] [8] قَالَ:
__________
[1] وفاته في تاريخ بغداد وشذرات الذهب «297» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 335، وإرشاد الأريب 6/ 280، وطبقات النحويين واللغويين 170، ونزهة الألباء 301، وشذرات الذهب 2/ 232، والأعلام 5/ 308) .
[3] في المطبوعة: «أنبأنا القزاز» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] العبارة: «أبو الحسن النحويّ ... قال: كان ابن كيسان» . ساقطة من ل. وفي ص: «قال الخطيب:» بدلا منها.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 318) .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 3/ 423، وشذرات الذهب 2/ 232) .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/130)
بلغني أن المعروف بحامل كفنه توفي وغسل وكفن وصلى عليه ودفن، فلما كَانَ في الليل جاءه نباش، فنبش عنه، فلما حل أكفانه ليأخذها استوى قاعدا، فخرج النباش هاربا منه فقام وحمل كفنه وخرج من القبر، وجاء إلى منزله وأهله يبكون، فدق الباب عليهم فقالوا: من أنت؟ قَالَ: أنا فلان، فقالوا له: يا هذا لا يحل لك [أن] [1] تزيدنا على ما بنا [2] ، فَقَالَ: يا قوم افتحوا فأنا والله فلان، فعرفوا صوته ففتحوا وعاد حزنهم فرحا، وسمي من يومئذ حامل كفنه.
ومثل هذا [جرى] [3] لسعير بْن الخمس الكوفي، فإنه لما دلي في حفرته اضطرب فحلت عنه أكفانه فقام ورجع إلى منزله، وولد [له] [4] بعد ذلك ابنه مالك بْن سعير.
توفي مُحَمَّد بن يحيى في هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ك: «أن تزيدنا على ما نحن فيه» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/131)
ثم دخلت سنة ثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
خروج خارجي بالمغرب فنصر عليه وبعث بأعلام من أعلامه وآذان وآناف في خيوط.
وفي هذه السنة صلب [1] الحسين بْن منصور الحلاج وهو حي في الجانب الشرقي فِي يوم [2] الأربعاء والخميس، وفي الغربي يوم الجمعة والسبت لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر.
وورد الخبر بانخساف جبل بالدينور يعرف بالتل، وخروج ماء كثير [3] من تحته [أغرق] [4] عدة من القرى.
ووصل الخبر بانخساف قطعة عظيمة من جبل لبنان وسقوطها في [5] البحر.
وورد كتاب من صاحب البريد يذكر أن بغلة وضعت فلوة [6] .
__________
[1] في المطبوعة، ك، ص: «وفيها صلب» .
[2] في ك: «في يومي» . وفي البداية والنهاية (11/ 118) : «يومين في الجانب الشرقي، ويومين في الجانب الغربي» .
[3] في ت: «وخرج ماء كثير» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفي ك: «فغرق» .
[5] في ك، ل: «وسقوطها إلى البحر» .
[6] في ص: «أن بغلة وضعت امرأ» . وهو سهو. وفي البداية والنهاية: «وضعت مهرة» .(13/132)
وفيها كثرت الأمراض والعلل [1] [والعفن] [2] ببغداد في الناس، وكلبت الكلاب والذئاب في البادية، وكانت تطلب الناس والدواب والبهائم، فإذا عضت إنسانا أهلكته.
ومدت دجلة مدا عظيما، وكثرت الأمطار، وتناثرت النجوم في ليلة الأربعاء لسبع بقين من جمادى الآخرة تناثرا عجيبا، كلها إلى جهة واحدة نحو خراسان.
وفى هذه السنة حج بالناس [3] الفضل بْن عبد الملك الهاشمي.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2075- إبراهيم بْن موسى بْن جميل، أَبُو إسحاق الأندلسي مولى [4] بني أمية:
حدث عن ابن قتيبة [5] ، وابن أبي الدنيا، وَكَانَ ثقة [6] .
توفي بمصر في جمادى الأولى من هذه السنة.
2076- الأحوص [7] بن المفضل بن غسان بْن المفضل بْن معاوية بْن عمرو بْن خالد ابن غلاب: [8]
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ [بْنِ ثَابِتٍ] [9] قَالَ:
__________
[1] في ت: «وفيها كثرت الأمطار والعلل» . وفي البداية والنهاية (11/ 118) : «وفيها كثرت الأمراض ببغداد والأسقام وكلبت الكلاب» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت: «وحج بالناس في هذه السنة» .
[4] في كل الأصول والمطبوعة: «إبراهيم بن موسى بن حميد» خطأ.
انظر ترجمته في: (تهذيب التهذيب 1/ 170، وتقريب التهذيب 1/ 44، وميزان الاعتدال ترجمة 278) .
[5] في ت، ل، ص، والمطبوعة: «حدث عن قتيبة» ، وما أوردناه من ك، وتهذيب التهذيب.
[6] قال ابن حجر نقلا عن أبي الوليد الفرضيّ: «كثير الغلط» . وقال: ابن حجر: «وقال النسائي في أسماء شيوخه صدوق» .
وقال الذهبي: «روى عنه النسائي شيئا فنسبه إلى جده، وكان ابن يونس يقول: ثقة كتبت عنه بمصر» .
[7] في ص، ك، ل: «الأخوص» والتصحيح من ت، وتاريخ بغداد (7/ 50) .
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 50- 52، والبداية والنهاية 11/ 118) .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/133)
غلاب امرأة وهي أم خالد بْن الحارث بْن أوس بْن النابغة، ويكنى الأحوص أبا أمية الغلابي. روى عن أبيه كتاب التاريخ، و [روى] [1] عن جماعة، وَكَانَ يتجر في البز ببغداد فاستتر ابن الفرات عنده، وَقَالَ لَهُ: إن وليت الوزارة فأي شيء تحب أن أصنع بك؟ فقال: تقلدني شيئا من أعمال السلطان، قَالَ: ويحك لا يجيء منك عامل ولا أمير ولا قائد ولا كاتب ولا صاحب شرطة فأيش أقلدك؟ قَالَ: لا أدري، قَالَ: أقلدك القضاء، قَالَ: قد رضيت، ثم خرج ابن الفرات، وولي الوزارة، وأحسن إلى أبي أمية وأفضل عليه وولاه قضاء البصرة وواسط والأهواز، وانحدر أَبُو أمية إلى أعماله، وأقام بالبصرة وَكَانَ قليل العلم يخطئ إلا أن عفته وتصونه [غطيا] [2] على نقصه، فلم يزل بالبصرة حتى قبض عليه ابن كنداج أمير البصرة في بعض نكبات المقتدر لابن الفرات، وَكَانَ بين أبي أمية وبين ابن كنداج وحشة فأودعه السجن، وأقام فيه مدة إلى أن مات فيه ولا نعلم [3] أن قاضيا مات في السجن سواه.
وبلغني من طريق آخر أن الأحوص كَانَ بينه وبين ابن كنداج أمير البصرة وحشة، وكان لا يركب إليه [4] ويعارضه في الظلامات فيضح من يده [5] ويكتب إلى ابن الفرات فيجيبه بالصواعق ويأمره بالسمع والطاعة، إلى أن ورد [كتاب] [6] طائر [7] إلى ابن كنداج بالقبض على ابن الفرات، فركب إلى الأحوص فقبض عليه، وأمشاه بين يديه طول الطريق إلى داره، وأدخله السجن، فأقام فيه مدة، ثم مات. ثم عاد ابن الفرات إلى الوزارة فحدث بذلك فاغتم، وَقَالَ: هل له ولد؟ فجيء بابن له فيه تغفيل، فقال: هذا لا يصلح فوصله بمال.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ك: «ولا يعلم» .
[4] في المطبوعة: «أن الأحوص كان يتيه على ابن كنداج أمير البصرة ولا يركب إليه» . والتصحيح من ت، تاريخ بغداد (7/ 51) .
[5] كذا في النسخ.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] «طائر» : ساقط من ل، ص.(13/134)
2077- جعفر بْن مُحَمَّد بْن سليمان، أَبُو الفضل الخلال الدوري [1] :
روى عنه أَبُو بكر الشافعي، وتوفي في نصف شوال من هذه السنة.
2078- الحسين بْن عمر بْن [أبي] [2] الأحوص [3] ، أَبُو عبد الله الكوفي:
ولد سنة خمس عشرة ومائتين، وحدث ببغداد، فسمع منه الشافعي، وابن الجعابي وَكَانَ ثقة [4] ، وتوفي ببغداد في قطيعة الربيع في رمضان هذه السنة، وحمل إلى الكوفة [فدفن بها] [5] .
2079- عُبَيْد اللَّهِ بْن عبد الله بْن طاهر بْن الحسين بْن مصعب، أَبُو أَحْمَد الخزاعي [6] :
وهو أخو مُحَمَّد بْن عبد الله بْن طاهر، ولي إمارة بغداد، وحدث عن الزبير بْن بكار، روى عنه الصولي، والطبراني، وَكَانَ أديبا فاضلا شاعرا فصيحا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ [بْنِ ثَابِتٍ] [7] أَخْبَرَنَا أَبُو بشر مُحَمَّد بْن عمر الوكيل، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عمران المرزباني، قال: أخبرني محمد بن يحيى، قَالَ: أنشدني عُبَيْد اللَّهِ [بْن عبد الله بْن طاهر لنفسه] [8] :
حق التنائي بين أهل الهوى ... تكاتب يسخن عين النوى
وفى التداني لا انقضى عمره ... تزاور يشفى غليل الجوى
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن [بْن مُحَمَّد] [9] ، قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت] [10]
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 198) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ص: «عمر بن أبي الأخوص» . وفي ك: «عمر بن الأخوص» .
[4] في ص، ل، والمطبوعة: «وابن الجعابيّ ووثقه» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 340، والبداية والنهاية 11/ 119، والأغاني 9/ 39. ووفيات الأعيان، 120: 122، والديارات للشابشتي 71: 79) .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/135)
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلي مُحَمَّد بْن الحسين الجازري [1] ، حَدَّثَنَا المعافي بْن زكريا، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن أبي سهل الحلواني، حَدَّثَنَا أَبُو الحسن [2] عَلي بْن هارون بْن عَلي بْن يحيى، قَالَ: كَانَ أبي نازلا في جوار عُبَيْد اللَّهِ بْن عبد الله بْن طاهر، فانتقل عنه إلى دار ابتاعها [بنهر المهدي] [3] ، وهي دار كانت لإسحاق بْن إبراهيم الموصلي، فكتب إليه عُبَيْد اللَّهِ مستوحشا [له] [4] :
يا من تحول عنا وهو يألفنا ... بعدت جدا فألا كنت تلقانا [5]
فاعلم بأنك إن بدلت جيرتنا ... بدلت جارا وما بدلت إخوانا
فأجابه هارون بْن عَلي [6] :
بعدت عنكم بداري دون خالصتي ... ومحض ودي وعهدي كالذي كانا
وما تبدلت مذ فارقت قربكم ... إلا هموما أعانيها وأحزانا [7]
وهل يسر بسكنى داره أحد ... وليس أحبابه للدار جيرانا
أنبأنا مُحَمَّد بْن عبد الباقي البزاز، عن أبي الْقَاسِم عَلي بْن المحسن، عن أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَد الفضل بْن عبد الرحمن بْن جعفر الشيرازي، قَالَ: حدثني أَبُو سليمان [بْن] [8] الثلاج، قَالَ: قَالَ أبي: كَانَ أصل نعمتي من ثمن خمسة أرطال ثلج، وذلك أنه عز [الثلج في بعض السنين ببغداد] [9] ، وَكَانَ عندي منه شيء فبعته وبقي
__________
[1] في ص: «أبو علي محمد بن الحسين الخازري» . وفي ل: «أبو علي محمد بن الحسين الجارودي» ، والتصحيح من ك، ت وتاريخ بغداد (10/ 342) .
[2] في ك: «حدثنا أبو الحسين» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقطة من الأصول، واستدركناها من تاريخ بغداد (10/ 342) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في المطبوعة، وتاريخ بغداد (10/ 342) : «فلأيا صرت تلقانا» . وفي ص: «على ما طرت تلقانا» . وفي ك: «فألا صارت» . وما أوردناه من ت.
[6] في ت: «فأجابه علي بن هارون» . خطأ.
[7] هذا البيت: ساقط من ص.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/136)
عندي منه خمسة أرطال، فاعتلت جارية لعُبَيْد اللَّهِ بْن عبد الله بْن طاهر كانت روحه من الدنيا، وهو إذ ذاك أمير بغداد فطلبت ثلجا، فنفذ إلي فقلت: ما عندي إلا رطل واحد فلا أبيعه إلا بخمسة آلاف درهم، [وكنت قد عرفت الحال] [1] فلم يجسر الوكيل على شراء ذلك ورجع يستأذن عُبَيْد اللَّهِ، فشتمه عُبَيْد اللَّهِ وَقَالَ: اشتره بأي ثمن كَانَ ولا تراجعني، فجاءني وَقَالَ: خذ خمسة آلاف درهم وهات الرطل، فقلت: لا أبيعك إلا بعشرة آلاف درهم! / فلم يتجاسر على المراجعة وأعطاني عشرة آلاف [درهم] [2] وأخذ الرطل فسقيت به المريضة [3] وقويت نفسها، وقالت: أريد رطلا آخر، فجاءني الوكيل بعشرة آلاف درهم [4] ، وَقَالَ: [هات] [5] رطلا آخر، فبعته، فلما شربته العليلة [6] تماثلت وطلبت الزيادة [7] ، فجاءوا يلتمسون ذلك، فقلت: ما بقي عندي إلا رطل، ولا أبيعه إلا بزيادة [فداراني] [8] وأعطاني عشرة آلاف درهم [9] ، ثم أحببت لأشرب [10] أنا منه لأقول إني شربت ثلجا يساوى الرطل منه عشرة آلاف درهم، فشربت منه رطلا وجاءني الوكيل قرب السحر، فَقَالَ: [الله الله] [11] قد والله صلحت الجارية فإن كَانَ عندك منه شيء فاحتكم في بيعه، فقلت: والله ما عندي إلا رطل واحد ولا أبيعه إلا بثلاثين ألفا، فَقَالَ:
خذ، فاستحييت من الله أن أبيع رطل ثلج بثلاثين ألفا [12] ، فقلت: هات عشرين، واعلم أنك إن جئتني بعدها بملء الأرض ذهبا لا تجد عندي شيئا فأعطاني، فلما شربته أفاقت
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في المطبوعة: «فشفيت به المريضة» .
[4] «درهم» : ساقطة من ل، ص.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ك، ص، والمطبوعة: «فلما شربته المريضة» .
[7] في ت، ل: «وطلبت زيادة» .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] «درهم» ساقطة من ل، ص.
[10] في ك، ت: «ثم احتجت لأشرب» .
[11] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[12] فقال: «خذ ... بثلاثين ألفا» . العبارة ساقطة من ص، ل.(13/137)
فأكلت الطعام، وتصدق عُبَيْد اللَّهِ بمال [عظيم، قَالَ:] [1] ودعاني من الغد، وَقَالَ: أنت بعد الله [عز وجل] [2] رددت [حياتي] [3] بحياة جاريتي فاحتكم، فقلت: أنا خادم الأمير وعبده فاستخدمني في شرابه وثلجه وكثير من أمر داره، فكانت تلك الدراهم أصل نعمتي، وتوفي عُبَيْد اللَّهِ في شوال هذه السنة.
2080- عبد الله بْن مُحَمَّد بْن أبي كامل، أَبُو مُحَمَّد الفزاري [4] :
وَكَانَ ينزل مدينة المنصور وحدث عن هوذة، وداود بْن رشيد. روى عنه أَبُو علي ابن الصواف، وابن الجعابي.
وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة عن أربع وتسعين [سنة] [5] .
2081- عَلي بْن طيفور بْن غالب، أَبُو الحسن النسوي [6] :
سكن بغداد وحدث بها عن قتيبة، روى عنه أَبُو بكر الشافعي وابن مالك القطيعي [7] ، وَكَانَ ثقة. وتوفي في صفر هذه السنة.
2082- مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن مطرف بْن مُحَمَّد بْن عَلي، أَبُو أَحْمَد الاستراباذي [8] :
كَانَ من رؤساء استراباذ، وَكَانَ المنظور إليه من بين أهلها [9] ، وَكَانَ تاجرا ثقة أمينا معروفا بالخير والبذل في ذات الله عز وجل، كتب الحديث وحدث، ويقال: انه كتب عن أبي سعيد الأشج [10] . وتوفي في هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ت: «أبو محمد الفراوي» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 442) .
[7] في ت: «وأبو بكر بن القطيعي» .
[8] في ت، ص: «أبو محمد الأستراباذيّ» .
[9] «وكان المنظور إليه من أهلها» : ساقطة من ص.
[10] في ت: «أنه روى عن أبي سعيد الأشج» .(13/138)
2083- مُحَمَّد بْن جعفر بْن مُحَمَّد بْن حبيب بْن أزهر، أَبُو عمر القتات الكوفي [1] :
قدم بغداد، وحدث بها عن أبي نعيم الفضل بْن دكين، ومنجاب [بْن] [2] الحارث، وأحمد بْن يونس. روى عنه الخطبي، والشافعي، والجعابي، وغيرهم، وَكَانَ ضعيفا، وَقَالَ الدارقطني: تكلموا في سماعه من أبي نعيم [3] .
توفي ببغداد غرة جمادى الأولى، وقيل: لست خلون من جمادى الأولى سنة ثلاثمائة [4] وحمل من يومه إلى الكوفة.
2084- مُحَمَّد بْن جعفر بْن مُحَمَّد بْن حفص بْن عمر بْن راشد، أَبُو بكر الربعي الحنفي [5] :
يعرف بابن الإمام، ولد سنة أربع عشرة ومائتين، وسكن دمياط [6] ، وحدث بها عن إسماعيل بْن أبي أويس، وأحمد بْن يونس، والحماني، وابن المديني، وغيرهم.
وتوفي يوم الأربعاء لعشر خلون من ذي الحجة من هذه السنة، وَكَانَ ثقة.
2085- مُحَمَّد بْن الحسن بْن سماعة بْن حيان، أَبُو الحسن الحضرمي [7] :
قدم بغداد وحدث بها عن أبي نعيم، روى عنه أَبُو بكر الشافعيّ وغيره، وَقَالَ الدارقطني: ليس بالقوي [8] .
توفي ببغداد يوم الاثنين لأربع بقين من جمادى الأولى سنة ثلاثمائة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 129، وميزان الاعتدال 3/ 501، وشذرات الذهب 2/ 236، ولسان الميزان 5/ 106، والإكمال 7/ 94، 95، وسؤالات السهمي للدارقطنيّ 105) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] «وكان ضعيفا ... من أبي نعيم» : العبارة ساقطة من ص، ل.
قال الذهبي في الميزان: ضعفه ابن قانع.
[4] «سنة ثلاثمائة» : ساقطة من: ص، ل.
[5] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 2/ 236، وتقريب التهذيب 2/ 150) .
[6] «وسكن دمياط» : ساقطة من ص، ل.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 188، 189، وميزان الاعتدال 3/ 521، وشذرات الذهب 2/ 236) .
[8] في ميزان الاعتدال: «قال الدارقطنيّ: ضعيف، ليس بالقوي» . وفي تاريخ بغداد دون ذكر لقط «ضعيف» .(13/139)
2086- مُحَمَّد بْن الحسن بْن مُحَمَّد بْن الحارث، أَبُو عبد الله الأنباري، يعرف بالقرنجلي [1] :
سمع إسحاق بْن البهلول التنوخي، روى عنه الإسماعيلي، وَكَانَ ثقة.
توفي في هذه السنة] [2] .
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 189) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/140)
ثم دخلت سنة إحدى وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
غزو الحسين بْن حمدان الصائفة، ففتح حصونا كثيرة، وقتل من الروم خلقا كثيرا.
وفيها [1] : عزل المقتدر باللَّه مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّهِ عن الوزارة، وحبسه أياما مع ابنيه عبد الله، وعبد الوهاب. وقلد الوزارة عَلي بْن عيسى، وَكَانَ [من] [2] أفضل الوزراء وأيامه أبهى من غيرها، وَكَانَ يجتهد في العدل والإحسان.
وفيها: كثرت الأمراض الدموية بالناس ببغداد، وَكَانَ ذلك في آخر تموز [وآب] [3] وَكَانَ من [4] ذلك المرض نوع سموه الماشري، وَكَانَ طاعونا قاتلا.
وفيها: وصلت هدايا صاحب عمان إلى السلطان، وفيها ببغة بيضاء، وغزال اسود.
وركب المقتدر في شعبان على الظهر إلى باب الشماسية على طريق الصحراء [5] ، ثم انحدر إلى داره في دجلة، وهي أول ركبة ظهر فيها للعامة.
__________
[1] في ت، ك: «وفي هذه السنة» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] «من» : ساقطة من ص، ل.
[5] في ك: «على طريق الصحة» .(13/141)
ولما ولي الوزارة عَلي بْن عيسى شاوره المقتدر في أمر القرامطة، فأشار بمكاتبة أبي سعيد الحسن بْن بهرام الجنابي المتغلب على هجر، فتقدم إليه بمكاتبته، فكتب كتابا طويلا يتضمن الحث على طاعة الخلفاء، ويعاتبه على تركه الطاعة، ويوبخه على ما يحكي [1] عن أصحابه من إعلان الكفر وإنكارهم على من يسبح الله عز وجل ويقدسه، واطراحهم الصلوات والزكوات، واستهزائهم بأهل الدين [واسترقاقهم الأحرار] [2] ، ثم تواعده فيه بالحرب إن لم يطع فوصل الكتاب إلَيْهِ، وقد قتل أَبُو سعيد، وثب عليه خادم له صقلابي فقتله، ثم دعا رجلا من رؤساء أصحابه فَقَالَ له: السيد يدعوك، [فلما دخل] [3] قتله، ثم دعا آخر فقتله إلى أن دعا الخامس فرأى القتلى فصاح، واطلع النساء فصحن فقبضن عليه [4] قبل أن يقتل الخامس، وقد كَانَ أَبُو سعيد عهد إلى ابنه سعيد فلم يضطلع بالأمر فغلبه عليه أخوه الأصغر أَبُو طاهر سليمان بْن أبي سعيد فتوقفت [5] الرسل الذين حملوا الكتاب عن إيصاله، وكاتبوا الوزير علي بن عيسى، فأمرهم بإيصال الكتاب إلى أولاده ومن قام مقامه، فأوصلوه فكان من جوابهم بعد حمد الله عز وجل والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم، وتعظيم الخليفة [6] ، وشكر ما يبلغهم عن الوزير من العدل، وقالوا: إنا لم نخرج من الطاعة ولكنا كنا قوما مستورين فنقم علينا ذلك فجار من الناس لا دين لهم فشنعوا علينا وقذفونا بالكبائر، ثم خرجوا إلى سبنا وضربنا، ثم نادوا قد أجلناكم ثلاثة أيام فمن أقام بعدها أحل بنفسه العقوبة، فخرجنا فوثبوا علينا قبل الأجل [7] ، وضربونا وأغرمونا الأموال، فسألناهم أن يؤمنونا على أنفسنا فلم يفعلوا، وأمر صاحب البلد بقتلنا فهربنا، فأخذوا حرمنا وسلبوهم سلبا قبيحا، وانتهبوا منازلنا فلجأنا إلى البادية، فخرج ناس إلى المعتضد [باللَّه] [8] فشنعوا علينا،
__________
[1] في ت: «ووبخه على ما يحكي» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ك: «فقبض عليه» .
[5] في ت: «أبو طالب سليمان بن أبي سعيد فواقف» .
[6] في ك: «وتعظيم الخلافة» .
[7] في ص، ل: «فوثبوا قبل الأجل» .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/142)
فصدق مقالتهم وبعث إلينا من يخاصمنا، فدافعنا عن أنفسنا [فقويت] [1] وحشتنا من الخلق [2] ، وأما ما ادعى علينا من ترك الصلاة وغيرها، فلا يجوز قبول دعوى إلا ببينة، وإذا كَانَ السلطان ينسبنا إلى الكفر [باللَّه تعالى] [3] فكيف يسألنا أن ندخل في طاعته.
فلما وصل كتابهم كتب الوزير إليه كتابا جميلا يعدهم فيه بالخير.
وفى هذه السنة: جرت ملاحة بين ابن الجصاص، وإبراهيم بْن [أَحْمَد] [4] المادرائي [5] ، فَقَالَ إبراهيم بْن أَحْمَد: مائة ألف دينار من مالي صدقة، لقد أبطلت في الذي حكيته عني، فَقَالَ [له] [6] ابن الجصاص قفيز دنانير من مالي [7] صدقة لقد/ صدقت وأبطلت في قولك، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم المادرائي [8] : من جهلك أنك لا تعلم أن مائة ألف دينار أكثر من قفيز، فعجب الناس من كلامهما، واعتبر هذا فإذا القفيز ستة وتسعون ألف دينار [9] .
وفى هذه السنة: قبض بالسوس [10] على الحسين بْن منصور الحلاج، وحصل في يد عبد الرحمن خليفة عَلي بْن أَحْمَد الراسبي، وأخذت له كتب ورقاع فيها أشياء مرموزة، ثم حمل فأدخل إلى مدينة السلام على جمل، ومعه غلام له على جمل آخر مشهورين [11] ونودي عليه: هذا أحد دعاة القرامطة، فاعرفوه وحبس [12] ، ثم أحضره
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ك، ص، ل: «فقويت وحشتنا من الخلق» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ك: «إبراهيم بن أحمد البادرائي» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ص، ك: «قفيز من مالي» .
[8] في ك: «إبراهيم البادرائي» .
[9] في ت: «فإذا القفيز ينقص عن المائة ألف» .
[10] في ت: «وفيها قبض في السوس» . وفي ص، ل: «قبض بالشرش» .
[11] في ل، ص، والمطبوعة: «على جمل آخر مشتهرين» .
[12] «وحبس» : ساقطة من ص، ل.(13/143)
الوزير عَلي بْن عيسى وناظره، فلم يجده يقرأ القرآن ولا يعرف من الفقه شيئا، ولا من الحديث، ولا من الأخبار، ولا الشعر، ولا اللغة. فَقَالَ له عَلي بْن عيسى: تعلمك الطهور والفروض أجدي عليك [1] من رسائل لا تدري ما تقول فيها، كم تكتب ويلك [2] إلى الناس: «تبارك ذو النور الشعشعاني» ما أحوجك إلى الأدب؟ ثم أمر به فصلب حيا في الجانب الشرقي في مجلس الشرطة، ثم في الجانب الغربي حتى رآه الناس، ثم حمل إلى دار السلطان فحبس بها، فاستمال بعض أهلها بإظهار السنة حتى مالوا إليه وصاروا يتكبرون به ويستدعون منه الدعاء. [قَالَ مؤلفه] [3] : وستأتي أخباره إن شاء الله تعالى.
وفيها حج بالناس الفضل بْن عبد الملك [4] .
ووقع وباء في آخر السنة ببغداد، خصوصا في الحربية حتى غلقت أكثر دورها.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2087- إبراهيم بن محمد الهيثم، أَبُو الْقَاسِم القطيعي [5] :
كَانَ يسكن قطيعة عيسى بْن عَلي، وحدث عن جماعة. روى عنه القاضي المحاملي، وأبو الحسين بْن المنادي، والخطبيّ غيرهم، وَقَالَ الدارقطني: هو ثقة صدوق.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا [6] أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، قال: أخبرنا
__________
[1] «عليك» : ساقطة من ل، ص.
[2] في ت: «لم تكتب ويحك» . وفي ص، ك: «كم تكتب إلى الناس» . بإسقاط «ويلك» . وما أوردناه من ل. وفي البداية والنهاية (11/ 121) : «يقول في مكاتباته كثيرا: «تبارك النور الشعشعاني» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ت: «وحج بالناس في هذه السنة» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 154، وسؤالات الحاكم للدارقطنيّ 47، وفيه «إبراهيم بن محمد بن الهيثم، أبو إسحاق، صاحب الطعام» ) .
[6] في المطبوعة: «أنبأنا عبد الرحمن، أنبأنا أحمد» .(13/144)
مُحَمَّد بْن عبد الواحد، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن العباس [1] ، قال: قرئ على ابن المنادى وأنا أسمع، قَالَ أَبُو الْقَاسِم إبراهيم بْن مُحَمَّد القطيعي: مات في جمادى الآخرة سنة أحدى وثلاثمائة، وَكَانَ حسن المعرفة بالحديث، ثقة متيقظا، منزله بالجانب الغربي من قطيعة عيسى، كتب عنه الناس.
2088- إبراهيم بْن خالد الشافعي [2] :
جمع العلم والزهد، ومن تلامذته أَبُو بكر الإسماعيلي، توفي في هذه السنة.
2089- إسماعيل بْن يعقوب بْن إسحاق بْن البهلول، أَبُو الحسن التنوخي الأنباري [3] :
ولد بها سنة اثنتين [4] وخمسين ومائتين [5] ، وورد بغداد فحدث بها عن عبد الله بْن أَحْمَد، ومحمد بْن عثمان بْن أبي شيبة، وغيرهما. وكان حافظا للقرآن، عالما بأنساب اليمن، كثير الحديث، ثقة صدوقا، وتوفي بالأنبار في هذه السنة [6] .
2090- جعفر بن مُحَمَّد بن الحسن [7] بن المستفاض، أبو بكر الفريابي [8] :
قاضي الدينور، طاف البلاد شرقا وغربا في طلب العلم، ولقي الأعلام، وسمع بخراسان وما وراء النهر، واستوطن بغداد، وحدث عن هدبة، وابن المديني، وبندار، وأبي كريب، وقتيبة وخلق كثير. روى عنه أَبُو الحسين بْن المنادي، وأحمد بْن سلمان النجاد، وأبو بكر الشافعي، وغيرهم. وَكَانَ ثقة حجة.
__________
[1] «أخبرنا عبد الرحمن ... حدثنا محمد بن العباس» ساقطة من ل. وفي ص: «قال محمد بن العباس» .
[2] في ت: «إبراهيم بن هانئ بن خالد الشافعيّ» . خطأ وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 121) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 301) .
[4] في ص، ل: «ولد سنة اثنتين» .
[5] «ومائتين» : ساقطة من ل، ص.
[6] في تاريخ بغداد: «ولد إسماعيل بن يعقوب بالأنبار سنة اثنتين وخمسين ومائتين، ومات بها في سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة» .
[7] في جميع النسخ، والبداية والنهاية (11/ 121) : «جعفر بن محمد بن الحسين» . وفي تاريخ بغداد، وتذكرة الحفاظ، وشذرات الذهب، والأعلام: «جعفر بن محمد بن الحسن» .
[8] انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 2/ 236، وتاريخ بغداد 7/ 199، ومعجم البلدان 6/ 372، وشذرات الذهب 2/ 235، والأعلام 2/ 127، 128، وتذكرة الحفاظ 692) .(13/145)
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد العتيقي: قَالَ: بلغنا عن شيخنا أبي حفص عمر بْن عَلي الزيات، قَالَ: لما ورد جعفر الفريابي إلى بغداد استقبل بالطيارات والزبازب ووعد له الناس [1] إلى شارع المنار بباب الكوفة ليسمعوا منه. فاجتمع الناس فحزر من حضر مجلسه لسماع الحديث، فقيل: [نحو] [2] ثلاثين ألفا، وكان المستملون ثلاثمائة وستة عشر، قَالَ العتيقي: وسمعت شيخنا أبا الفضل الزهري، يقول: سمعت جعفر بْن مُحَمَّد الفريابي يَقُولُ: كَانَ في مجلسه من أصحاب المحابر [3] من يكتب حدود عشرة آلاف إنسان ما بقى منهم غيري سوى من كَانَ لا يكتب.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلي، حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّهِ بْن عمر بْن أَحْمَد الواعظ، عن أبيه، قَالَ: سمعت أبا الحسن مُحَمَّد بْن جعفر بْن مُحَمَّد الفريابي يقول: ولد أبي سنة سبع ومائتين، وتوفي في ليلة الأربعاء في المحرم سنة إحدى وثلاثمائة وهو ابن أربع وتسعين سنة، وَكَانَ قد حفر لنفسه قبرا في مقابر أبي أيوب قبل موته بخمس سنين، فكان يمر إليه فيقف عنده، ولم يقض أن يدفن فيه.
2091- الحسن بْن الحباب بْن مخلد بْن محبوب، أَبُو عَلي المقرئ الدقاق [4] :
سمع لوينا وغيره وَكَانَ يقرأ بقراءة أبي عمرو، روى عنه ابن المنادي، وَكَانَ ثقة.
توفي في يوم التروية يوم جمعة، ودفن يوم عرفة من هذه السنة وقد قارب التسعين.
2092- الحسن بْن سليمان بْن نافع، أَبُو معشر الدارمي [5] البصري:
سكن بغداد وحدث بها عن [أبي] [6] الربيع الزهراني، وهدبة. روى عنه ابن
__________
[1] في ص، ل: «ووعد الناس» ، بإسقاط «له» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ص: «أرباب المحابر» .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 301) .
[5] في ك: «أبو معشر الرازيّ» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 327، ومعجم شيوخ الإسماعيلي 230، وسؤالات السهمي للدارقطنيّ 249) .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/146)
قانع، [1] وأبو بكر الشافعي، وَقَالَ الدارقطني: ثقة.
توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة، ودفن في مقابر باب الكوفة [2] .
2093- عبد الله بْن عَلي بْن مُحَمَّد بْن عبد الملك بْن أبي الشوارب [3] :
من سروات الرجال [4] وله قدر وجلالة. استقضاه المكتفي باللَّه على مدينة المنصور في سنة اثنتين وتسعين ومائتين، فما زال كذلك إلى سنة ست وتسعين فإن المقتدر نقله إلى الجانب الشرقي [5] .
وتوفي بالسكتة في هذه السنة، وقيل: سنة ثمان وتسعين ومائتين.
2094- عبد الله بْن مُحَمَّد [6] بْن ناجية بْن نجية أَبُو مُحَمَّد البربري:
[7] سمع سويد بْن سعيد، وأبا بكر بن أبي شيبة، روى عنه أبو بكر ابن الأنباري، وابن مقسم، والشافعي، وَكَانَ ثقة ثبتا فاضلا مشهورا بالطلب، مكثرا [إلا أنه اشتهر بصحبة [8] الكرابيسي] .
وتوفي في رمضان هذه السنة. [9] .
2095- عَلي بْن أَحْمَد الراسبي [10] :
كانت إليه الأعمال من حد واسط إلى حد شهرزور، وكان يتقلد جنديسابور،
__________
[1] في ت: «روى عنه ابن نافع» .
[2] في ك: «ودفن في مقابر باب حرب» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 10، وتذكرة الحفاظ 696) .
[4] في ص، والمطبوعة: «من سروات السلالة» وما أوردناه من باقي الشيخ، وتاريخ بغداد.
[5] «الشرقي» : ساقطة من ص.
[6] في ص، ك، ل: «عبد الله بن أحمد» . وما أوردناه من ت، تاريخ بغداد.
[7] في ت: «اليزيدي» ، وفي تاريخ بغداد «ابن تحبة» وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 104، تذكرة الحفاظ 2/ 239، وشذرات الذهب 2/ 235) .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] في ك: «توفي في هذه السنة» .
[10] انظر ترجمته في: (النجوم الزاهرة 3/ 183 ودول الإسلام للذهبي 1/ 144، والأعلام 4/ 253، وشذرات الذهب 2/ 237) .(13/147)
والسوس، وبادرايا، وباكسايا إلى آخر حدودهما، وَكَانَ ضمانه إلى آخر عمله بألف ألف دينار، وأربعمائة ألف دينار [كل سنة. فتوفي في هذه السنة، وورد الخبر بوفاته في جمادى الآخرة، وخلف من العين ألف ألف دينار] [1] ، وآنية ذهب وفضة بقيمة مائة ألف دينار، ومن الخيل والبغال والجمال ألف رأس، ومن الخز ألف ثوب، وقيل: إنه كَانَ له ثمانون طرازا ينسج فيها الثياب.
2096- مُحَمَّد بْن أَحْمَد [2] بْن مُحَمَّد بْن أبي بكر بْن عَلي بْن مقدم، أَبُو عبد الله القاضي المقدمي مولى [3] ثقيف:
سمع عمرو بْن عَلي الفلاس، ويعقوب الدورقي، وبندار وغيرهم، وَكَانَ ثقة.
وتوفي في غرة شوال هذه السنة.
2097- مُحَمَّد بْن جعفر بْن عبد الله بْن جابر بْن يُوسُف، أَبُو جعفر الراشدي:
سمع عَبْد الأَعْلَى بْن حماد النرسي، وحدث عن أبي بكر الأثرم، وروى عنه أَبُو بكر بْن مالك القطيعي، وَكَانَ ثقة، وتوفي فِي محرم هَذِهِ السنة. /
2098- مُحَمَّد بْن جعفر بْن سعيد، أَبُو بكر الجوهري [4] :
حدث عن الحسن بْن عرفة، وروى عنه عَلي بْن الحسن بْن المثنى العنبري.
2099- مُحَمَّد بْن حبان [5] بْن الأزهر، أَبُو بكر الباهلي [6] البصري:
حدث عن أبي عاصم النبيل، وروى عنه أَبُو بكر الجعابي قَالَ عبد الغني
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ك: «محمد بن محمد بن أبي بكر» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 336، والأعلام 5/ 308، وذكر أن له كتاب «أسماء المحدثين وكناهم» ) .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 145) .
[5] في ت: «محمد بن حيان» .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 231، وميزان الاعتدال 3/ 508، ولسان الميزان 5/ 115، ومعجم شيوخ الإسماعيلي 124) .(13/148)
الحافظ: يحدث بمناكير، وَقَالَ الصوري: هو ضعيف أنبأنا القزاز، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بكر علي بْن ثَابِت قَالَ: أَخْبَرَنَا البرقاني، قَالَ:
سمعت عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم الأبندوني، يقول: [1] ابن حبان لا بأس به أن شاء الله تعالى.
2100- مُحَمَّد بْن عبد الله بْن عَلي بن مُحَمَّد بن عبد الملك بن أبي الشوارب [2] :
يعرف بالأحنف، كَانَ يخلف أباه على القضاء بمدينة السلام، وَكَانَ سريا جميلا واسع الأخلاق. وتوفي في جمادي [الأولى] [3] من هذه السنة، وتوفي أبوه في رجبها، فكان بينهما في الوفاة ثلاثة وسبعون يوما، [4] ودفنا في موضع واحد بالقرب من [مقابر] [5] باب الشام.
__________
[1] «أنبأنا القزاز ... الآبندوني يقول» العبارة ساقطة من ل، وفي ص: «قال عبد الله بن إبراهيم» .
وفي الميزان: قال ابن مندة: ليس بذاك.
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 122، وتاريخ بغداد 5/ 435) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ت: «ثلاثة وتسعون يوما» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/149)
ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه في أول يوم من المحرم ورد كتاب أبي الحسن نصر بْن أَحْمَد صاحب خراسان، أنه واقع عمه إسحاق بْن إسماعيل، فأخذه أسيرا، فخلع على رسوله وحملت إليه الخلع لولاية خراسان.
وفى صفر قرئ على المنابر كتاب بفتح بلاد الروم [1] ، وورد من بشر الخادم كتاب يذكر فيه ما فتح من حصون الروم وما غنم وسبى وأنه أسر من البطارقة مائه وخمسين.
وفى جمادى الأولى: [2] ختن المقتدر خمسة من أولاده، ونثر عليهم خمسة آلاف دينار عينا ومائة ألف درهم ورقا، ويقال: إنه بلغت النفقة في هذا [الختان] [3] ستمائة ألف دينار، وختن قبل ذلك جماعة من الأيتام، وفرقت فيه دراهم وكسوة.
وفى هذا الشهر [4] قبض على أبي عبد الله بْن الجصاص [الجوهري] [5] ، وأخذ منه ما قدره ستة عشر ألف ألف دينار عينا وورقا وآنية وثيابا وخيلا وخدما.
__________
[1] في ت: «بفتح بلد الروم» .
[2] في ت: «وفي هذا الشهر» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ك: «وفي هذه السنة» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/150)
وفى شهر رمضان أدخل أولاد المقتدر [1] الكتاب، وكان المؤدب أبو إسحاق إبراهيم ابن السري الزجاج.
وفى ذي القعدة دخل رجل إلى المقتدر، وادعى أنه ابن الرضا العلوي، فكشف عن حاله فصح أنه ابن الضبعي [2] ، فشهر في الجانبين وحبس.
وخرج على الحاج رجل علوي ومعه بنو صالح بْن مدرك الطائي، فقطعوا عليهم [الطريق] [3] ، وتلف خلق كثير من الحاج بالقتل والعطش، وخرج أعراب على الحاج المنصرفين من مكة، فأخذوا ما معهم من العين والأمتعة، واستاقوا من جمالهم ما أرادوا وأخذوا من النساء [4] مائتين وثمانين امرأة حرائر سوى المماليك، وَكَانَ الذي حج بهم الفضل بْن عبد الملك.
وفي هذه السنة اتخذ عَلي بْن عيسى المارستان بالحربية، وأنفق عليه من ماله [5]
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2101- أحمد بن محمد بْن سلام بْن عبدويه، أَبُو بكر البغدادي [6] :
سكن مصر وحدث بها عن داود بْن رشيد، ولوين وغيرهما. روى عنه أَبُو سعيد بْن يونس، وَقَالَ: توفي بمصر في جمادى الآخرة من هذه السنة، وكان رجلا صالحا فاضلا من خيار خلق الله عز وجل.
2102- أَحْمَد بْن يونس بْن عَبْد الأَعْلَى بْن موسى الصدفي، يكنى أبا الحسن [7] :
ولد في ذي القعدة سنة أربعين ومائتين.
وتوفي في أول يوم من رجب هذه السنة، وكان من البكاءين حدث عن أبيه وغيره.
__________
[1] في ت: «أولاد المقتدر مكتب» .
[2] في ك: «ابن الصبغي» . وفي ت: «ابن الأصبعي» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ك: «وأخذوا من نسائهم» .
[5] انتهى تاريخ الطبري إلى هذه السنة.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 25) .
[7] في ك: «ابن عبد الأعلى بن يونس» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 385، وتهذيب تاريخ ابن عساكر 2/ 409، ومعجم شيوخ الإسماعيلي 2/ 409، وسؤالات السهمي للدارقطنيّ 189) .(13/151)
2103- إسحاق بْن إبراهيم بْن أبي حسان، أَبُو يعقوب الأنماطي [1] :
سمع أَحْمَد بْن أبي الحواري وغيره، روى عنه أبو عمرو بن السماك، وإسماعيل الخطبي وابن مقسم، وَقَالَ الدارقطني: هو ثقة، وتوفي في محرم هذه السنة.
2104- بشر بْن نصر بْن منصور، أَبُو الْقَاسِم [2] الفقيه:
سكن مصر أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْقَزَّازِ، قَالَ: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي [بن [3] ثابت] ، قال: حدثني محمد بن عَلي الصوري، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ الأزدي، حَدَّثَنَا عبد الواحد بْن مُحَمَّد بْن مسرور، حَدَّثَنَا أَبُو سعيد بْن يونس، قَالَ: بشر بْن نصر بْن منصور الفقيه على مذهب الشافعي، يعرف بغلام عرق، وعرق خادم من خدم السلطان كَانَ على البريد بمصر، [4] وَكَانَ بشر بْن نصر قد قدم معه في جملة من قدم من بغداد، وَكَانَ فقيها [متضلعا [5]] دينا.
توفي بمصر سنة اثنتين وثلاثمائة وقد سمعت منه [6] .
2105- بدعة جارية عريب [7] مولاة المأمون:
كانت مغنية، وقد كَانَ إِسْحَاق بْن أيوب بذل لمولاتها في ثمنها مائة ألف دينار، وللسفير بينهما عشرين ألف دينار، فدعتها فأخبرتها بالحال فلم تؤثر البيع فأعتقتها من وقتها، وماتت لست بقين من ذي الحجة من هذه السنة، وصلى عليها أَبُو بكر بن
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 384) .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 88، والبداية والنهاية 11/ 122) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ت: «من خدم أمير كان على بريد مصر» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] «وقد سمعت منه» : ساقطة من ص، ل.
[7] في الأصول: «جارية غريب» خطأ.
وانظر ترجمتها في: (وجهات الأئمة الخلفاء 63- 66، والمستظرف في أخبار الجواري 13- 15 وسماها بدعة الكبيرة، والأعلام 2/ 46 وسماها: «بدعة الحمدونية» ، وصلة تاريخ الطبري للقرطبي 52، البداية والنهاية 11/ 122) .(13/152)
المهتدي، وخلفت مالا كثيرا وضياعا ما ملكها رجل [قط] [1] .
2106- حمزة بْن مُحَمَّد بْن عيسى بْن حمزة، أَبُو على الكاتب: [2]
جرجاني الأصل، سمع من نعيم بْن حماد، روى عنه الجعابي، وَكَانَ ثقة. توفي في رجب هذه السنة، وقد قارب المائة.
2107- الحسن بْن عَلي بْن موسى بْن هارون، أَبُو عَلي [النحاس] النيسابوري [3] :
حدث، وكان ثقة صالحا [4] ، وتوفى بمصر في هذه السنة.
2108- عبد الله بْن الصقر بْن نصر بْن موسى بْن هلال، أَبُو العباس السكري [5] .
سمع إبراهيم بْن المنذر الحزامي، وروى عنه جعفر الخلدي، وابن مالك القطيعي، وَكَانَ صدوقا ثقة، توفي في جمادى الأولى من هذه السنة.
2109- عبد الله بْن مُحَمَّد بْن ياسين أَبُو الحسن الفقيه الدوري [6] :
سمع من بندار، وروى عنه أبو بكر الشافعي، وكان ثقة، وتوفي في هذه السنة.
2110- موسى بْن الْقَاسِم بْن إبراهيم أَبُو الحسن العلوي:
كتب الحديث، وسمع الكثير، وكتب عنه، وَكَانَ رجلا صالحا متواضعا، يلزم الجامع، وتوفي بمصر في رمضان هذه السنة.
2111- بشر بْن إبراهيم بْن خلف الأندلسي:
كَانَ فقيها، ثقة [7] ، وتوفي رحمه اللَّه هذه السنة بالأندلس.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 180، وشذرات الذهب 2/ 238) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 376) .
[4] في ت، ك، ل: «وكان صدوقا صالحا» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 482) .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 106) .
[7] «ثقة» : ساقطة من ك، ص.(13/153)
ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أن المقتدر [باللَّه] [1] وقف كثيرا من المستغلات السلطانية على الحرمين، وأحضر القضاة والعدول وأشهدهم على نفسه بذلك.
وفى [يوم] [2] الأربعاء لتسع خلون [3] من رمضان انقطع كرسي الجسر والناس عليه فغرق خلق كثير [4] .
وفى ليلة الجمعة لثمان بقين من رمضان انقض كوكب عظيم وبقي ضوؤه ساعة كالمقباس.
وفيها [5] : أوقع ورقاء بْن مُحَمَّد بالأعراب بناحية الأجفر، فقتل جماعة واستأسر [6] جماعة وقدم بهم فوثبت العامة على الأسارى فقتلتهم [7] ، وضرب رجل منهم بالسياط/ في باب العامة، وقيل: إنه صاحب حصن الحاجر وأن الحاج استجاروا به [8] فوصل إليه من أمتعتهم شيء كثير.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ك: «بسبع خلون» .
[4] في ت: «فغرق من الناس الذين كانوا عليه خلق كثير» .
[5] في ت: «وفي هذه السنة» .
[6] في ك: «وأسر جماعة» .
[7] في ل: «على الأسارى فسبتهم» وفي ت: «على الأسارى فقتلوهم» .
[8] في ك، ص: «استأجروا به» .(13/154)
ووقع حريق في سوق النجارين بباب الشام، فاحترقت السوق بأهلها [1] ، ووقعت شرارات في منارة الجامع بالمدينة فاحترقت [2] .
وفى ذي الحجة حم المقتدر وافتصد، وبقي محموما ثلاثة عشر يوما، ولم يمرض في أيام خلافته غير هذه [المرضة] [3] إلا ما لا يخلو منه الأصحاء من التياث قريب، وَكَانَ يفتصد كثيرا [4] ، وأما دواء الإسهال فلم يشربه قط.
وحج بالناس في هذه السنة الفضل بْن عبد الملك. ونظر عَلي بْن عيسى بعين رأيه إلى أمر القرامطة فخافهم على الحاج، وغيرهم فشغلهم بالمكاتبة والمراسلة والدخول في الطاعة وعاداهم وأطلق التسويق بسيراف [5] ، فكفهم بذلك، فخطأه الناس ونسبوه إلى موالاتهم، فلما رأوا ما فعل القرامطة بعده بالناس علموا صواب رأيه.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2112- أحمد بْن عَلي بْن شعيب [6] بْن عَلي بْن سنان بْن بحر [7] ، أَبُو عبد الرحمن النسائي الإمام:
كَانَ أول رحلته إلى نيسابور، فسمع إسحاق بن إبراهيم الحنظليّ، والحسين بن
__________
[1] في ت: «السوق بأسرها» .
[2] «السوق بأهلها ... بالمدينة فاحترقت» ساقطة من ص، ل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] «كثيرا» : ساقطة من ص، ل.
[5] في ك: «وأطلق لهم البشريق بسيراف» .
[6] في ص، ل، والمطبوعة: «أحمد بن شعيب» . وكذا في ابن خلكان (1/ 21) . وفي العبر سماه «أحمد بن شعيب بن علي» .
[7] في ت: «بن سليمان» خطأ.
وانظر ترجمته في: (وفيات الأعيان 1/ 77، 78. والبداية والنهاية 11/ 123، والرسالة المستطرفة 10، وطبقات الشافعية 2/ 83، وتذكرة الحفاظ 698، وخلاصة تذهيب الكمال 1/ 6، وسير أعلام النبلاء 10/ 4/ 21، وسؤالات السهمي للدارقطنيّ 111، وشذرات الذهب 2/ 239، والعبر 2/ 123، والأعلام 1/ 171. والبداية والنهاية 11/ 123، والكامل 6/ 490، وتقريب التهذيب 1/ 16) .(13/155)
منصور، ومحمد بْن رافع وأقرانهم. ثم خرج إلى بغداد فأكثر عن قتيبة [1] ، وانصرف على طريق مرو، فكتب عن عَلي بْن حجر وغيره، ثم توجه إلى العراق فكتب عن أبي كريب، وأقرانه، ثم دخل الشام ومصر وَكَانَ إماما في الحديث، ثقة ثبتا حافظا فقيها، وَقَالَ الدارقطني: النسائي يقدم على كل [2] من يذكر بهذا العلم من أهل عصره.
أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بْن طَاهِرٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بكر البيهقي، أخبرنا أبو عبد الله محمد بْن عبد الله الحاكم، قَالَ: حدثني مُحَمَّد بْن إسحاق الأصبهاني، قَالَ: سمعت مشايخنا بمصر يذكرون أن أبا عبد الرحمن فارق مصر في آخر عمره، وخرج إلى دمشق، فسئل عن معاوية وما روي في فضائله، فَقَالَ: لا يرضى معاوية رأسا برأس حتى يفضل، قَالَ:
وَكَانَ يتشيع، فما زالوا يدفعون في خصيته حتى أخرج من المسجد، ثم حمل إلى الرملة [3] ، فمات فدفن بها سنة ثلاث وثلاثمائة.
قَالَ الحاكم: وحدثني عَلي بْن عمر الحافظ أنه لما امتحن بدمشق، قَالَ:
احملوني إلى مكة! [فحمل إلى مكة] [4] فتوفي بها، وهو مدفون بين الصفا والمروة.
وكانت وفاته في شعبان هذه السنة، وَقَالَ أَبُو سعيد بْن يونس الْمَصْرِيّ: توفي بفلسطين في صفر هذه السنة.
2113- أَحْمَد بْن عمر بْن المهلب، أَبُو الطيب البزاز البغدادي [5] :
توفي بمصر فِي ربيع الآخر من هَذِهِ السنة.
2114- أَحْمَد بْن عَلي بْن أَحْمَد، أَبُو الطيب المادرائي الكاتب:
ولد بسامراء وقدم به [مصر] [6] صغيرا وأكثر من كتابة الحديث، وكان يتدين،
__________
[1] في ت: «فخرج كثيرا عن قتيبة» .
[2] في ت: «النسائي مقدم على كل» . وفي تذكرة الحفاظ (698) : «أبو عبد الرحمن مقدم على كل من يذكر بهذا العلم من أهل عصره ... » . وفي سؤالات السهمي ترجمة (111) : «وسئل: إذا حدث أبو عبد الرحمن النسائي وابن خزيمة بحديث أيا تقدمه؟ فقال: «أبو عبد الرحمن، فإنه لم يكن مثله أقدّم عليه أحدا، ولم يكن في الورع مثله لم يحدث بما حدث ابن لهيعة، وكان عنده عاليا عن قتيبة» .
[3] في ت: «ثم حمل إليه الرملة» بالتكرار.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 287) .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/156)
وولي خراج مصر وتوفي [بها] [1] في جمادى الآخرة من هذه السنة.
2115- جعفر بْن مُحَمَّد بْن عيسى، أَبُو الفضل المعروف بالقبوري [2] :
حدث عن سويد [3] بْن سعيد روى عنه الشافعي وابن الصواف وَكَانَ ثقة.
توفي في ربيع الآخر من هذه السنة [4] .
2116- الحسن بْن سفيان بْن عامر بْن عبد العزيز بْن النعمان بْن عطاء، أَبُو العباس الشيباني [5] النسوي:
محدث خراسان في عصره، رحل البلدان وسمع الكثير، فسمع بخراسان حبان بْن موسى، وإسحاق بْن إبراهيم، وقتيبة، وعلي بْن حجر في آخرين، وسمع ببغداد أَحْمَد بْن حنبل، ويحيى بْن معين، وأبا خيثمة في آخرين، وسمع بالبصرة أبا كامل [6] ، وهدبة، وشيبان بْن فروخ [7] في آخرين. وسمع بالكوفة من أبي بكر بْن أبي شيبة في آخرين، وبالحجاز إبراهيم بْن المنذر الحزامي فِي آخرين، وبمصر هارون بْن سعيد الأيلي، وأبا طاهر، وحرملة في آخرين، وبالشام صفوان بْن صالح، وهشام بْن خالد، والمسيب بْن واضح، وهشام بْن عمار [في آخرين] [8] وصنف «المسند الكبير» «والجامع» [و] [9] «المعجم» وروى مصنفات ابن المبارك، وتفقه على أبي ثور، وكان
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ص: «المعروف بالصوري» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 202) .
[3] في ك: «حدث عن سعيد بن سعيد» .
[4] في ك: «توفي في ربيع الأول من هذه السنة» . وزاد في ت: «شهر» .
[5] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 124، 125، والكامل 6/ 490، وتذكرة الحفاظ 703، والرسالة المستطرفة 53، وتهذيب تاريخ ابن عساكر 4/ 178، وطبقات السبكي 2/ 210، وشذرات الذهب 2/ 241) .
[6] في ت: «وسمع بالبصرة أبا حامد» .
[7] في ت: «وسليمان بن فروخ» .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/157)
يفتي على مذهبه، وأخذ الأدب عن أصحاب النضر بْن شميل، وإليه كانت الرحلة بخراسان.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن ناصر [الحافظ] [1] من لفظه، [قَالَ] [2] ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد الحسن بْن أَحْمَد السمرقندي إجازة أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم بشرويه بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم المعقلي، قَالَ: حدثني أَبُو نصر أحمد بن جعفر الأسفراييني [قَالَ] [3] : حَدَّثَنَا أَبُو الحسن الصفار الفقيه، قَالَ: كنا عند الحسن بْن سفيان النسوي، وقد اجتمع [لديه] [4] طائفة من أهل الفضل ارتحلوا إليه من البلاد البعيدة مختلفين إلى مجلسه لاقتباس العلم وكتابة الحديث، فخرج يوما إلى مجلسه الذي كَانَ يملى فيه الحديث، فَقَالَ: اسمعوا ما أقول لكم قبل أن نشرع [5] في الإملاء، قد علمنا أنكم طائفة من أبناء النعم وأهل الفضل، هجرتم أوطانكم وفارقتم دياركم وأصحابكم في طلب العلم واستفادة الحديث، فلا يخطرن ببالكم أنكم قضيتم بهذا التجشم للعلم حقا، أو أديتم بما تحملتم من الكلف والمشقة من فروضه فرضا فإني أحدثكم [ببعض] [6] ما تحملته في طلب العلم من المشقة والجهد، وما كشف الله سبحانه وتعالى عني وعن أصحابي ببركة العلم وصفو العقيدة من الضيق والضنك، اعلموا أني كنت في عنفوان شبابي ارتحلت من وطني لطلب العلم واستملاء الحديث، فاتفق حصولي بأقصى المغرب، ودخولي مصر في سبعة نفر من أصحابي طلبة العلم وسامعي الحديث [7] ، وكنا نختلف إلى شيخ كَانَ أرفع أهل عصره في العلم منزلة وأرواهم للحديث وأعلاهم إسنادا، وأصحهم رواية، وَكَانَ يملي علينا كل يوم مقدارا يسيرا من الحديث، حتى طالت المدة وخفت النفقة ودعتنا الضرورة إلى بيع ما صحبنا من ثوب وخرقة إلى أن لم يبق لنا ما كنا نرجو به حصول قوت
__________
[1] في ت: «أخبرنا محمد بن ناصر» وما بين المعقوفتين ساقط منها.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ك، ت: «قبل أن أشرع» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] فاتفق حصولي ... وسامعي الحديث» : العبارة كلها ساقطة من ص، ل.(13/158)
يوم، وطوينا ثلاثة أيام بلياليهن لم يذق أحد منا فيها شيئا، وأصبحنا في بكرة اليوم الرابع بحيث لا حراك بأحد منا من الجوع، وأحوجت الضرورة إلى كشف قناع الحشمة وبذل الوجه للسؤال، فلم تسمح بذلك أنفسنا ولم تطب قلوبنا، وأنف كل واحد منا من ذلك، والضرورة تحوج إلى السؤال على كل حال، فوقع اختيار الجماعة على كتبة رقاع بأسمائنا وإرسالها رقعة في الماء [1] ، فمن ارتفع اسمه كَانَ هو القائم بالسؤال واستماحة القوت لنفسه ولجميع أصحابه، فارتفعت الرقعة [2] التي اشتملت على اسمي، فتحيرت ودهشت ولم تسامحني نفسي بالمسألة واحتمال المذلة، فعدلت إلى زاوية [من] [3] المسجد أصلى ركعتين طويلتين وأدعو الله سبحانه وتعالى بأسمائه العظام، وكلماته الرفيعة لكشف الضر وسياقة الفرج فلم أفرغ [4] من الصلاة حتى دخل المسجد شاب حسن الوجه نظيف الثوب [5] طيب الرائحة يتبعه خادم في يده منديل، فَقَالَ: من منكم الحسن بْن سفيان؟ فرفعت رأسي من السجدة، وقلت: أنا الحسن بْن سفيان فما الحاجة؟ فَقَالَ: إن الأمير ابن طولون [6] / صاحبي يقرئكم السلام والتحية ويعتذر إليكم من الغفلة عن تفقد أحوالكم، والتقصير الواقع في رعاية حقوقكم [7] ، وقد بعث بما يكفى نفقة الوقت، وهو زائركم غدا بنفسه ومعتذر إليكم بلفظه، ووضع بين يدي كل واحد مناصرة فيها مائة دينار، فتعجبنا من ذلك وتحيرنا جدا، وقلت للشاب ما القصة في هذا؟
فَقَالَ: [أنا أحد خدم الأمير ابن طولون المختصين [8] به دخلت عليه بكرة يومي هذا مسلما في جملة أصحابي] [9] فَقَالَ الأمير لي: إني أحب أن أخلو يومي هذا فانصرفوا
__________
[1] في ت: «وإرسالها قرعة في الماء» . وقد تكررت هذه القصة في ترجمة ابن خزيمة في وفيات سنة 311 فلتراجع هناك.
[2] في ت: «فارتفعت القرعة» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في المطبوعة: «فلم أخرج» .
[5] في ك: «نظيف الثياب» .
[6] في ك، ل، ص، والمطبوعة: «الأمير طولون» . وما أوردناه من ت.
[7] في ك: «رعاية حقكم» .
[8] في ك: «أن خادم الأمير طولون المختص» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/159)
أنتم إلى منازلكم، فانصرفت [أنا] [1] والقوم، فلما عدت إلى منزلي لم يستو قعودي حتى أتاني رسول الأمير مسرعا مستعجلا يطلبني حثيثا، فأجبته مسرعا فوجدته منفردا في بيت واضعا يمينه على خاصرته لوجع ممض اعتراه في داخل حشاه فقال لي: أتعرف الحسن بْن سفيان وأصحابه؟ فقلت: لا، فَقَالَ: اقصد المحلة الفلانية والمسجد الفلاني، واحمل هذه الصرر وسلمها إليه والى أصحابه، فإنهم منذ ثلاثة أيام جياع بحالة صعبة [2] ، ومهد عذري لديهم وعرفهم أني صبيحة الغد زائرهم ومعتذر شفاها إليهم، فَقَالَ الشاب وسألته عن السبب الذي دعاه إلى هذا فَقَالَ: دخلت إلى هذا البيت منفردا على أن أستريح ساعة، فلما هدأت عيني رأيت في المنام فارسا في الهواء متمكنا تمكن من أن يمشى على بساط الأرض [3] وبيده رمح فجعلت أنظر إليه متعجبا حتى نزل إلى باب هذا البيت، ووضع سافلة رمحه على خاصرتي، وَقَالَ: قم أدرك الحسن بْن سفيان وأصحابه، قم فأدركهم [قم فأدركهم] [4] فإنهم منذ ثلاثة أيام جياع في المسجد الفلاني، فقلت له: من أنت؟ فَقَالَ [أنا] [5] رضوان صاحب الجنة، ومنذ أصابت سافلة رمحه خاصرتي أصابني وجع شديد لا حراك لي معه، فعجل إيصال هذا المال إليهم ليزول هذا الوجع عنى. قَالَ الحسن: فتعجبنا من ذلك وشكرنا الله تعالى وأصلحنا أحوالنا ولم تطب نفوسنا بالمقام لئلا يزورنا الأمير، ولئلا تطلع الناس على أسرارنا فيكون ذلك سبب ارتفاع اسم وانبساط جاه، ويتصل ذلك [6] بنوع من الرياء والسمعة، فخرجنا تلك الليلة من مصر وأصبح كل واحد منا واحد عصره وقريع دهره في العلم والفضل، فلما أصبح الأمير ابن طولون جاء لزيارتنا، فأخبر بخروجنا، فأمر بابتياع تلك المحلة بأسرها وأوقفها على ذلك المسجد [7] وعلى من ينزل به من الغرباء وأهل
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ص، ل: «ثلاثة أيام بحالة صعبة» .
[3] في ل، ك، ت: «على بسيط الأرض» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ت: «ويتقبل ذلك» .
[7] في ك، ت: «ووقفها على ذلك المسجد» .(13/160)
الفضل وطلبة العلم نفقة لهم حتى لا تختل أمورهم ولا يصيبهم الخلل ما أصابنا، وذلك كله لقوة الدين، وصفو [1] الاعتقاد والله سبحانه [2] وتعالى ولي التوفيق.
أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بْن طَاهِرٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بكر البيهقي، أخبرنا أبو عبد الله محمد بْن عَبْد الله الحاكم، قَالَ: سمعت أبا بكر مُحَمَّد بْن داود بْن سليمان، يقول: كنا عند الحسن بْن سفيان فدخل عليه أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، وأبو عمرو الحيرى، وأبو بكر أَحْمَد بْن عَلي الحافظ، فَقَالَ له أَبُو بكر بْن عَلي: قد كتبت للأستاذ أبي بكر مُحَمَّد بْن إسحاق هذا الطريق من حديثك [3] . فَقَالَ: هات واقرأ، فأخذ يقرأ فلما قرأ [4] أحاديث أدخل إسنادا منها في إسناد، فرده الحسن إلى الصواب، فلما كَانَ بعد ساعة أدخل إسنادا في إسناد فرده الحسن إلى الصواب [5] فلما كَانَ بعد ساعة أدخل إسنادا فِي إسناد، فرده إلى الصواب [6] ، وَقَالَ له في الثالثة: يا هذا لا تفعل، فقد احتملتك مرتين، وهذه الثالثة وأنا ابن تسعين سنة فاتق الله في المشايخ، فربما استجيبت فيك دعوة. فَقَالَ له أَبُو بكر بْن إسحاق: مه، لا تؤذ الشيخ. فَقَالَ أَبُو بكر [بْن عَلي: إنما] [7] أردت أن يعلم الأستاذ [8] أن أبا العباس يعرف حديثه [9] ، قَالَ الحاكم:
وسمعت أبا عمرو بْن أبي جعفر، يقول: سمعت [أبا بكر بْن عَلي الرازي يقول في حياة الحسن بْن سفيان: ليس للحسن في الدنيا نظير. قَالَ الحاكم: وسمعت أبا عبد اللَّه مُحَمَّد بْن عبد الله الصفار، يقول: سمعت] [10] الحسن بْن سفيان يقول كلما ورد في
__________
[1] في ك، ت: «لعزة الدين والصفوة» .
[2] في ت: «وأنه سبحانه» .
[3] في ك: «هذا الطرس من حديثك» . وفي ل، ص: «هذا الطبق من حديثك» . وما أوردناه من ت.
[4] «فلما قرأ» : ساقطة من ص.
[5] في ص، ل «فرده إلى الصواب» .
[6] «فلما كان بعد ... فرده إلى الصواب» . العبارة ساقطة من ل، ص.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] «أن يعلم الأستاذ» : ساقطة من ص.
[9] في ت: «أن أبا الشيخ يعرف حديثه» .
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/161)
الحديث العبسيّ فهو كوفي، وكلما ورد العيشي فهو بصري، وكلما ورد العنسي فهو مصري [1] ، توفي الحسن بْن سفيان في هذه السنة.
2117- رويم بْن أَحْمَد، وقيل: ابن مُحَمَّد بْن رويم بْن يزيد [2] :
وفى كنيته ثلاثة أقوال: أبو الحسن، وأبو الحسين، وأبو مُحَمَّد، وَكَانَ عالما [بالقرآن ومعانيه وَكَانَ] [3] يتفقه لداود بْن عَلي.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز، قال: أخبرنا أحمد بْن على بْن ثَابِت، قَالَ [4] : أَخْبَرَنَا إسمَاعيل بْن أَحْمَد الحيري، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الحسين السلمي، قَالَ: سمعت أَحْمَد بْن إبراهيم يحكي، عن أبي عمرو الزجاجي، قَالَ: نهاني الجنيد أن أدخل على رويم، فدخلت عليه يوما وَكَانَ قد دخل في شيء من أمور السلطان، فدخل عليه الجنيد فرآني عنده، فلما خرجنا، قَالَ لي الجنيد: كيف رأيته يا خراساني؟ قلت: لا أدري، قَالَ: إن الناس يتوهمون أن هذا نقصان في حاله ووقته وما كَانَ رويم أعمر وقتا منه في هذه الأيام، ولقد كنت أصحبه بالشونيزية في حاله الأول [5] ، وكنت معه في خرقتين، وهو الساعة أشد فقرا منه في تلك الحالة، وفى تلك الأيام.
أنبأنا [مُحَمَّدُ] [6] بْنُ [أَبِي] [7] طَاهِرٍ الْبَزَّازُ، عَنْ أَبِي القاسم علي بن المحسن
__________
[1] على هامش المطبوعة: «قال ابن حجر في التبصير: ومن ضوابط هذا الفن أن من كان من أهل الكوفة فهو بالموحدة، ومن كان من أهل الشام فهو بالنون، ومن كان من أهل البصرة فهو عيشي بالشين المعجمة» .
[2] في ت: «رويم بن بديل» .
وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 125، وتاريخ بغداد 8/ 430، وطبقات الصوفية 180- 184، وحلية الأولياء 10/ 296- 302، وصفة الصفوة 2/ 249، والرسالة القشيرية 27، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 103، وسير أعلام النبلاء 9/ 2/ 198، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 152- 155، وطبقات الأولياء 42) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في المطبوعة: «أخبرنا أبو بكر بن ثابت» .
[5] في ك، ل، ت: «في حالة الإرادة» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/162)
التنوخي، عن أبيه، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إسحاق إبراهيم بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطبري، قَالَ:
سمعت جعفرا الخلدي، يقول: من أراد [أن] [1] يستكتم سرا فليستكتم [2] كما فعل رويم كتم حب الدنيا أربعين سنة، فقيل له: كيف؟ قَالَ: كَانَ يتصوف أربعين سنة، فولي بعد ذَلِكَ إسماعيل بْن إسحاق القاضي قضاء بغداد، وكانت بينهما مودة مؤكدة [3] فجذبه إليه [وجعله] [4] وكيلا على بابه، فترك التصوف ولبس الخز والقصب والدبيقي، وركب وأكل الطيبات وبنى الدور، وإذا هو كَانَ يكتم [5] حب الدنيا لما لم يجدها، فلما وجدها أظهر ما كَانَ يكتم [6] من حبها. وتوفي رويم في هذه السنة.
2118- زهير بْن صالح بْن أَحْمَد بْن حنبل [7] :
حدث عن أبيه، روى عنه النجاد، قَالَ الدارقطني: هو ثقة.
[و] [8] توفي فِي ربيع الأول من هذه السنة وهو حدث.
2119- عمر بْن أيوب [9] إسماعيل بْن مالك، أَبُو حفص السقطي:
سمع بشر بْن الوليد، وداود بْن رشيد، وعثمان أبي شيبة. روى عنه الخطبي، وابن الصواف، وكان شيخا صالحا ثقة. توفي في جمادى الأولى من هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ك: «يستكتم سرا فليفعل» .
[3] في ل، ص: «مودة وكيدة» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ت: «فإذا قد كان يكتم» .
[6] «لما لم يجدها ... يكتم» . العبارة ساقطة من ص.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 486، والبداية والنهاية 11/ 125، وطبقات الحفاظ للسيوطي 1/ 49، وسؤالات السهمي للدارقطنيّ 292) .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] في ك، ل، ص، والمطبوعة: «عمر بن الوليد» . والتصحيح من ت، وتاريخ بغداد (11/ 219) . وشذرات الذهب (2/ 242) .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 219، وشذرات الذهب 2/ 242) .(13/163)
2120- محمد بن عبد الوهاب [بن] [1] سلام،
بن خالد بن حمران بن أبان مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أبو علي الجبائي [2] المتكلم إمام المعتزلة [3] .
ولد سنة خمس وثلاثين ومائتين، وتوفي في شعبان هذه السنة.
2121- محمد بن إبراهيم، أبو جعفر الغزال، يلقب سمسمة [4] :
حدث عن [مُحَمَّد بْن] [5] عبد الله بن المبارك المخرمي. [و] [6] روى عنه الإسماعيلي. وتوفي في نصف رجب من هذه السنة يوم الجمعة.
2122- مُحَمَّد بْن الحسن [7] بْن العلاء، أَبُو عبد الله [8] السمسار، يعرف بالخواتمي [9] :
حدث عن أبي بكر بْن أبي شيبة، وغيره. وَكَانَ ثقة. وتوفي في هذه السنة.
2123- مُحَمَّد بْن خالد الآجري [10] :
كَانَ عبدا صالحا، أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز/، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر [أَحْمَد] [11] بْن ثَابِت، قَالَ: أخبرني أَبُو نعيم الحافظ، أَخْبَرَنَا جعفر الخلدي في كتابه إليّ، قال:
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: «أبو علي الحسين» .
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 125، ووفيات الأعيان 1/ 480، واللباب 1/ 208، ومفتاح السعادة 2/ 35، ودائرة المعارف الإسلامية. 6/ 270، والأعلام 6/ 256، وشذرات الذهب 2/ 241، وطبقات السبكي 2/ 250. والأنساب 3/ 186. وروضات الجنات 161) .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 403) .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ت: «محمد بن الحسين» .
[8] في ك: «أبو محمد» .
[9] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 189) .
[10] في ك: «محمد بن خلف» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 241) .
[11] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/164)
حدثني مُحَمَّد بْن خالد الآجري، قَالَ: كنت أعمل الآجر فبينما أنا [كنت] [1] أمشي بين الاشراج المضروبة [2] إذا سمعت شرجا يقول لشرج: «عليك السلام الليلة أدخل النار» قَالَ: فنهيت الأجراء أن يطرحوها في النار، وصارت الكتل باقية عَلَى حالها وما عملت بعد ذلك [3] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ص، ل، والمطبوعة: «أمشي بين الشراج المضروبة» . وفي تاريخ بغداد: «بينما أنا أمشي بن أشراج الآجر المضروبة» .
[3] في ت: «وتبت وما رجعت عملت بعد ذلك في ذلك العمل» . وفي ك: «وبقيت بحالها وما عملت بعد ذلك شيئا» . وفي ص، ل: «وبقيت حيالها وما عملت بعد ذلك شيئا» . وما أوردناه من تاريخ بغداد (5/ 241) .
وإلى هنا تم المجلد السابع عشر في نسخة ترخانة الرموز لها «ت» . ويبدأ المجلد الثامن عشر من سنة أربع وثلاثمائة.(13/165)
ثم دخلت سنة اربع وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه اضطرب أمر أبي الحسن عَلي بْن عيسى بْن الجراح، وجرت بينه وبين أم موسى القهرمانة نفرة شديدة، فامتنع من كلامها وواصل الاستعفاء، فقبض عليه وعلى أنسابه [1] ، ونهبت دورهم دونه ولم يتعرض لشيء من أملاكه.
وأخرج أَبُو الحسن عَلي بْن مُحَمَّد بْن الفرات، فقلد الوزارة وخلع عليه يوم التروية سبع خلع [2] ، وحمل إليه من دار السلطان ثلاثمائة ألف درهم، وعشرون خادما، وثلاثون دابة لرحله وخمسون دابة لغلمانه وخمسون بغلا لنقله وبغلان للعمارية بقبابها وثلاثون جملا، وعشر تخوت ثياب [3] . وركب معه مؤنس الخادم وغلمان المقتدر [باللَّه] [4] وصار [5] إلى داره بسوق العطش، وردت عليه ضياعه [6] ، وأقطع الدار التي بالمخرم [فسكنها] [7] ، وسقى الناس في داره في ذلك اليوم وتلك الليلة أربعون ألف
__________
[1] في ك: «وعلى انسبائه» .
[2] في ص: «يوم التروية بسبع خلع» .
[3] في ت: «عشرون تخت ثياب» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] «باللَّه وصار» : ساقطة من ص، ل.
[6] في ت: «وردت إليه ضياعه» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/166)
رطل من الثلج، وزاد ثمن الشمع والكاغد [1] يومئذ، فكان هذا من فضائله، وَكَانَ بين اعتقاله وبين رجوعه إلى الوزارة [2] خمس سنين وأربعة أيام، وسمع بعض العوام يوم خلع عليه يقول: «وا لك خذ إليك أخذوا منا مصحفا وأعطونا طنبورا» فبلغ ذلك الخليفة، فكان ذلك سبب الإحسان إلى عَلي بْن عيسى، وحسن النية فيه إلى أن أخرج عن الحبس.
وفى فصل الصيف من هذه السنة: تفزع الناس من شيء من الحيوان يسمى الزبزب [3] ، ذكروا أنهم يرونه بالليل على سطوحهم، وأنه يأكل أطفالهم، وربما قطع [4] يد الإنسان إذا كَانَ نائما، وثدي المرأة فيأكله، فكانوا يتحارسون طول الليل، ويتزاعقون، ويضربون الطسوت والهواوين [5] والصواني ليفزعوه فيهرب. وارتجت بغداد من الجانبين بذلك، واصطنع الناس [6] لأطفالهم مكابا من سعف يكبونها عليهم بالليل، ودام ذلك حتى أخذ السلطان حيوانا أبلق كأنه من كلاب الماء، وذكروا أنه الزبزب، وانه صيد، فصلب عند رأس الجسر الأعلى بالجانب الشرقي فبقي مصلوبا إلى أن مات، فلم يغن ذلك شيئا، وتبين الناس أنه لا حقيقة لما توهموه، فسكنوا إلا أن اللصوص وجدوا فرصة بتشاغل الناس بذلك الأمر، وكثرت النقوب وأخذ الأموال [7] .
وورد الخبر في هذه السنة من خراسان أنه وجد بالقندهار في أبراج سورها أزج متصل بها فيه ألف رأس في سلاسل [8] ، من هذه الرءوس تسعة وعشرون رأسا، في اذن
__________
[1] «الكاغد» . ساقط من ص، ل.
[2] في ك: «وكانت مدة اعتقاله إلى أن رجع إلى الوزارة» . وفي ت: «وكانت مدة اختفاءه إلى أرجع الى الوزارة» .
[3] في البداية والنهاية لابن كثير (11/ 126) : «الزرنب» . وهو تصحيف. وفي حياة الحيوان للدميري، وشرح القاموس: الزبزب بزاءين بينهما باء موحدة كالسنور، وهي بلقاء بسواد، قصيرة اليدين والرجلين» .
[4] في ك: «وربما قلع» . وفي تكملة تاريخ الطبري: «قطع» .
[5] في ت: «ويضربون الطبول والهواوين» . وفي التكملة (210) : «فكانوا يضربون بالهواورين ليفزعوه» . وفي الكامل (6/ 495) : «فكان الناس يتحارسون ويتزاعقون ويضربون بالطشوت والصواني وغيرها ليفزعوه» .
[6] في ت: «وأصلح الناس» وفي التكملة: «وعمل الناس لأولادهم مكاب من سعف يكبونها عليهم» .
[7] في ت: «وأخذت الأموال» .
[8] في ت: «متصل بها خمسة آلاف رأس في سلاسل» . ولم يذكر في البداية العدد(13/167)
كل رأس رقعة مشدودة بخيط إبريسم باسم كل رجل منهم، وَكَانَ من الأسماء شريح بْن حيان، وخباب بْن الزبير [1] ، والخليل بْن موسى، وطلق بْن معاذ [2] ، وحاتم بْن حسنة، وهانئ بْن عروة. وفى الرقاع تاريخ من سنة سبعين من الهجرة، فوجدوا على حالاتهم لم تتغير شعورهم [3] إلا أن جلودهم قد جفت، وقلد سنان ابن ثَابِت الطبيب أمر المارستانات ببغداد وكانت خمسة [4] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2124- إبراهيم بْن عبد الله بْن مُحَمَّد، بْن [أيوب أَبُو] إسحاق المخرمي [5] :
حدث عن القواريري، وسري السقطي وغيرهما، قَالَ أَبُو بكر الإسماعيلي: كَانَ صدوقا، وَقَالَ الدارقطني: ليس بثقة، حدث عن قوم ثقات أحاديث باطلة [6] .
وتوفي في رمضان هذه السنة.
2125- إبراهيم بْن موسى بْن إسحاق [أَبُو إسحاق] [7] الجوزي المعروف بالتوزي [8] :
سمع بشر بْن الوليد القاضي، وعَبْد الأَعْلَى بن حماد النرسي، ومجاهد بن
__________
[1] في ك: «وجبار بن الزبير» .
[2] في ت: «وطلحة بن معاذ» .
[3] في ك، ل: «لم يتغير شعرهم» .
[4] «وكانت خمسة» : ساقطة من ص، ك.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفي ت:
«المخزومي» بدلا من «المخرمي» . وهو خطأ.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 120، وميزان الاعتدال 1/ 41، وشذرات الذهب 2/ 243، ومعجم شيوخ الإسماعيلي 179، والموضوعات 2/ 193- 194، والعبر 2/ 127، ولسان الميزان 1/ 72، وسؤال من السهمي للدارقطني 183) .
[6] في ت: «أحاديث طويلة» . وفي الميزان: «أحاديث باطلة» ، وفي سؤالات السهمي (183) : «أحاديث باطلة ... » وذكر منها حديثا.
قال الذهبي في الميزان: «قال فيه الإسماعيلي صدوق» . وأورد له حديثا قال عنه الدارقطنيّ: هذا باطل.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 187- 188) .(13/168)
موسى، وابني أبي شيبة [1] في آخرين، روى عنه أَبُو الحسين بْن المنادي، وأبو علي ابن الصواف، وغيرهما. وَكَانَ ثقة صدوقا.
توفي فِي جمَادى الآخرة من هذه السنة، وقيل: [بل] [2] في سنة ثلاثة.
2126- إسحاق بْن إبراهيم بْن يونس بْن موسى، أَبُو يعقوب المعروف بالمنجنيقي الوراق [3] :
حدث عن هناد، وأبي كريب وغيرهما. روى عنه جعفر الخلدي، والطبراني، وَكَانَ صدوقا صالحا زاهدا. وتوفي بمصر في جمادى الآخرة من هذه السنة.
2127- طاهر بْن عبد العزيز، أَبُو الحسن الأندلسي الرعيني:
سمع من عَلي بْن عبد العزيز، وإسحاق الدبري، وَكَانَ عاقلا فهما، عارفا باللغة.
وتوفي في هذه السنة.
2128- عبد العزيز بْن محمد بن دينار، أبو منحدم الفارسي [4] :
سمع داود بْن رشيد. روى عنه أَبُو عَلي الصواف، وَكَانَ ثقة صادقا [5] عابدا زاهدا صالحا. توفي في هذه السنة.
2129- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن خالد بن شيرزاذ، [أبو بكر] البوراني [6] :
قاضى تكريت، حدث ببغداد عن الْقَاسِم بْن يزيد صاحب وكيع، وأحمد بْن منيع، [ولوين] [7] وغيرهم.
__________
[1] في ت: «ابن أبي شيبة» وما أوردناه من باقي الأصول وتاريخ بغداد.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 385، 386، وشذرات الذهب 2/ 243، وتقريب التهذيب 1/ 55) .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 454) .
[5] في ص، ت: «وكان ثقة عارفا عابدا»
[6] في ت: «ابن شيرزاد البودكي» . «والبوراني: بضم الباء الموحدة والراء المهملة والنون والألف وهذه النسبة إلى عمل البواري التي تبسط ويجلس عليها، ويقال بالعراق البوراني أيضا ... » (اللباب 1/ 184) .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 295، ومعجم شيوخ الإسماعيلي 102، وسؤالات السهمي للدارقطنيّ 106، 110) .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/169)
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ:
حَدَّثَنِي عَلي بْن مُحَمَّد بْن [1] نصر الدينَوَريّ، قَالَ: سمعت حمزة بْن يُوسُف السهمي، يقول: سألت الدارقطني عن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن خالد البوراني، فَقَالَ: لا بأس به، ولكنه يحدث عن شيوخ ضعفاء. قَالَ ابن ثَابِت: وقرأت في كتاب مُحَمَّد بْن المظفر بخطه، توفي أَبُو بكر البوراني يوم الأحد قبل الظهر، ودفن العصر في مقابر القطيعة لثمان خلون من صفر سنة أربع وثلاثمائة.
2130- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الهيثم بْن منصور، أَبُو جعفر الدوري [2] :
سمع أباه، ومحمد بْن عبد الملك الدقيقي وغيرهما. روى عنه أبو بكر الشافعي، ومحمد بن المظفر، وغيرهما. وكان ثقة. وتوفي في يوم السبت لثمان خلون من المحرم في هذه السنة.
2131- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن الهيثم بن صالح بن عبد الله بن الحصين بن علقمة بن لبيد بن نعيم بن عطارد بن حاجب بن زرارة، أبو الحسن التميمي المصري يلقب فروجة [3] :
قدم بغداد وحدث بها عن جماعة من المصريين. روى عنه الجعابي، ومحمد بْن المظفر وغيرهما. وَكَانَ ثقة حافظا. [وتوفي في هذه السنة] [4] .
2132- مُحَمَّد بْن الحسين بْن خالد، أَبُو الحسن القنبيطي [5] :
سمع إبراهيم بْن سعيد الجوهري، ويعقوب الدورقي. روى عنه أَبُو عَلي بْن الصواف. وَكَانَ ثقة، توفي ليلة الثلاثاء [6] ليلتين خلتا من صفر هذه السنة.
__________
[1] «محمد بن» : ساقط من ك، ل.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 370) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 370) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ت، ك: «أبو الحسن الشيطي» . خطأ. وفي ص، ل: «أبو الحسن السبطي» . وما أوردناه من تاريخ بغداد وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 231) .
[6] في ت، ك: «توفي يوم الثلاثاء» .(13/170)
2133- يُوسُف بْن الحسين بْن عَلي، أَبُو يعقوب [1] الرازي:
صحب ذا النون المصري، وسمع أَحْمَد بْن حنبل. روى عنه أَبُو بكر النجاد.
أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أحمد بن عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، [2] ، قَالَ [3] : حدثني عبد العزيز [بْن أبي طاهر الصوفي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طالب عقيل بْن عُبَيْد اللَّهِ بْن أَحْمَد السمسار، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْن جعفر بْن الجنيد الرازي، قَالَ:
سمعت يُوسُف بْن الحسين، يقول: قيل لي: إن ذا النون المصري يعرف اسم الله الأعظم، فدخلت مصر، فذهبت إليه فبصر بي وأنا طويل اللحية ومعي ركوة طويلة، فاستبشع منظري فلم يلتفت إلي، فلما كَانَ بعد أيام جاء إليه رجل صاحب كلام، فناظر ذا النون فلم يقم ذو النون بالحجج عليه، فأخذته إلي وناظرته فقطعته فعرف ذو النون فضلي، فقام إلي وعانقني وجلس بين يدي وهو شيخ وأنا شاب، وَقَالَ: اعذرني فلم أعرفك، فعذرته وخدمته سنة، فلما كَانَ بعد رأس السنة، قلت له: يا أستاذ قد خدمتك وقد وجب حقي عليك، وقيل لي إنك تعرف اسم الله الأعظم وقد عرفتني فلا تجد له موضعا مثلي فأحب أن تعلمني إياه. قَالَ: فسكت عني ذو النون ولم يجبني وكأنه أومى إلي أنه يخبرني، قَالَ: فتركني بعد ذلك ستة أشهر ثم أخرج إلي من بيته طبقا ومكبة مشدودا في منديل، وَكَانَ ذو النون يسكن الجيزة، فَقَالَ: تعرف فلانا صديقنا في الفسطاط؟ قلت: نعم، قَالَ: فأحب أن تؤدي هذا إليه، فأخذت الطبق وهو مشدود وجعلت أمشى طول الطريق وأنا متفكر فيه مثل ذي النون يوجه إلى فلان ترى إيش هو؟
قَالَ: فلم أصبر إلى أن بلغت الجسر، فحللت المنديل ورفعت المكبة، فإذا فأرة قفزت من الطبق ومرت قَالَ: فاغتظت غيظا شديدا، وقلت: ذو النون يسخر بي ويوجه مع مثلي
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 314- 319، والبداية والنهاية 11/ 186، وطبقات الصوفية 185- 191، وحلية الأولياء 10/ 238- 242، وصفة الصفوة 4/ 47، والرسالة القشيرية 29، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 63، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 105، والكواكب الدرية 2/ 57، وشذرات الذهب 2/ 245، وسير أعلام النبلاء 9/ 2/ 201، 202، وطبقات الحنابلة 1/ 418- 420، والنجوم الزاهرة 3/ 191- 265، وطبقات الأولياء 105) .
[2] في ت: «أخبرنا أبو بكر بن ثابت» .
[3] من هنا إلى العلامة المماثلة ساقط من ك.(13/171)
فأرة، فرجعت على ذلك الغيظ، فلما رآني عرف ما بي، فَقَالَ: يا أحمق، إنما جربناك، ائتمنتك على فأرة فخنتني على اسم الله الأعظم؟ سر عني فلا أراك.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْن عَلي قَالَ: حدثني] [1] عبد العزيز بْن عَلي [2] الأزجي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد المفيد [3] قَالَ: سمعت أبا الحسن عَلي بْن إبراهيم الرازي/، يقول: حكى لي أَبُو خلف الوزان، عن يُوسُف بْن الحسين أنه رئي فِي المنام، فقيل لَهُ: مَا فعل الله بك؟ قَالَ: غفر لي ورحمني فقيل: بماذا؟
قَالَ: بكلمة أو بكلمات قلتها عند الموت، قلت: اللهم أنى نصحت الناس قولا وخنت نفسي فعلا فهب لي خيانة فعلي لنصح قولي. توفي يُوسُف في هذه السنة.
2134- يموت بْن المزرع بْن يموت، أَبُو بكر [4] العبدي:
من عبد القيس، بصرى قدم بغداد وحدث بها عن أبي عثمان المازني، وأبي حاتم السجستاني، وأبي الفضل الرياشي، وَكَانَ صاحب أخبار [5] وآداب وملح، وهو ابن أخت الجاحظ [6] ، واسمه يموت ثم تسمى محمدًا، فغلب الاسم الأول عليه.
(أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بكر ثابت [7] ، قال: أخبرني محمد بن اليزدي، قَالَ: أخبرني [8] الحسين بْن عمر بْن محمد [9] القاضي في كتابه، قال:
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] «بن علي» : ساقطة من ص، ل.
[3] «المفيد» : ساقطة من ص.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 358، ووفيات الأعيان 7/ 53: 61، وإرشاد الأريب 7/ 305، والنجوم الزاهرة 3/ 191، وجمهرة الأنساب 281، والأعلام 8/ 209، والبداية والنهاية 11/ 127، وشذرات الذهب 2/ 243. ومعجم الأدباء 20/ 57. والعبر 2/ 128. وبغية الوعاة 420. ونزهة الألباء 163. ومروج الذهب 4/ 196. ومعجم الزبيدي 235) .
[5] في ك: «وكان صاحب فضل» .
[6] في ت: «وهو ابن أبي أخت الجاحظ» خطأ.
[7] في ت: أخبرنا أبو بكر ابن ثابت» .
[8] «أخبرنا أبو منصور ... قال: أخبرني» : العبارة ساقطة من ص، ل.
[9] «بن محمد» : ساقطة من ص، ل.(13/172)
سمعت يموت بْن المزرع يقول: بليت بالاسم الذي سماني به أبي فإني إذا عدت مريضا فاستأذنت عليه، فقيل: من ذا، قلت: أنا ابن المزرع وأسقطت اسمي.
مات يموت بطبرية، وقيل: بدمشق في هذه السنة [1] ، رحمة الله عليه.
__________
[1] ذكر الخطيب في التاريخ (14/ 360) بسنده إلى أبي سليمان محمد بن عبد الله بن أحمد بن زير، قال:
«سنة ثلاث وثلاثمائة فيها مات يموت بن المزرع بن يموت بطبرية» . قال الخطيب: «قلت وذكر أبو سعيد بن يونس المصري أنه مات بدمشق في سنة أربع وثلاثمائة» .(13/173)
ثم دخلت سنة خمس وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه قدم رسول ملك الروم في الفداء، والهدنة. وَكَانَ الرسول غلاما حدث السن ومعه شيخ وعشرون غلاما، فأقيمت له الأنزال الواسعة، ثم أحضروا بعد أيام دار السلطان، وأدخلوا وقد عبئ لهم العسكر [وصف] [1] بالأسلحة التامة، وكانوا مائة وستين ألفا [ما بين] [2] فارس وراجل [3] ، وكانوا من أعلى باب الشماسية إلى الدار، وبعدهم الغلمان الحجرية والخدم والخواص بالسمة الظاهرة [4] ، والمناطق المحلاة وكانوا سبعة آلاف خادم منهم أربعة آلاف بيض، وثلاثة آلاف سود، وَكَانَ الحجاب سبعمائة حاجب، وفي دجلة الطيارات والزبازب والسميريات بأفضل زينة، وسار الرسول، فمر على دار نصر القشوري الحاجب [5] ، فرأى منظرًا عظيما، فظنه الخليفة، فداخلته له هيبة حتى قيل له: إنه الحاجب، وحمل إلى دار الوزير، فرأى أكثر مما رأى ولم يشك أنه الخليفة، فقيل له: هذا الوزير، وزينت دار الخليفة، فطيف بالرسول فيها
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت: «فارس ومائة ألف راجل» .
[4] في ت، ك: «والخواص بالبزة الظاهرة» .
[5] في ت: «دار السوري الحاجب» .(13/174)
فشاهد ما هاله، وكانت الستور ثمانية وثلاثين ألف ستر، والديباج المذهب منها اثنا عشر ألفا وخمسمائة وكانت البسط اثنين وعشرين ألفا، وَكَانَ في الدار من الوحش قطعان تأنس بالناس وتأكل من أيديهم، وَكَانَ هناك مائة سبع كل سبع بيد سباع، ثم أخرج إلى دار الشجرة، وكانت شجرة في وسط بركة فيها ماء صاف، والشجرة ثمانية عشر غصنا، لكل غصن منها شاخات كثيرة عليها الطيور والعصافير من كل نوع مذهبة ومفضضة، وأكثر قضبان الشجرة فضة وبعضها مذهب [1] ، وهي تتمايل، ولها ورق مختلف الألوان، وكل [شيء] [2] من هذه الطيور يصفر، ثم أدخل إلى الفردوس، وَكَانَ فيه من الفرش والآلات ما لا يحصى، وفى دهاليزه عشرة آلاف جوشن مذهبة معلقة، ويطول شرح ما شاهد الرسول [3] من العجائب، إلى أن وصل إلى المقتدر وهو جالس على سرير من آبنوس قد فرش بالدبيقي المطرز، وعن يمنة السرير تسعة عقود معلقة، وعن يسرته تسعة أخرى من أفخر الجواهر، يعلو ضوؤها [4] على ضوء النهار، فلما وصل الرسولان إلى الخليفة وقفا [5] عنده على نحو مائة ذراع، وعلي بْن مُحَمَّد بْن الفرات قائم بين يديه، والترجمان واقف يخاطب ابن الفرات، وابن الفرات يخاطب الخليفة، ثم أخرجا وطيف بهما في الدار حتى أخرجا إلى دجلة، وقد أقيمت على الشطوط الفيلة مزينة والزرافة والسباع والفهود، ثم خلع عليهما وحمل إليهما خمسون [سقروقا في كل سقروق] بدرة عشرة آلاف [6] درهم.
وورد من مرو كتاب على السلطان أن نفرا عثروا من سور مدينة مرو على نقب،
__________
[1] في ك: «وبعضها ذهب» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ك: «ويطول شرح ما رأى» .
[4] في ت: «فغلب ضوؤها» . وفي ك: «يغلب ضوؤها» .
[5] في ت، ك: «وقف منه» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وجاء فيها: «حمل إليهما خمسون بدرة ورقاء في كل بدرة خمسة آلاف درهم» .
وفي ك: «سقروقا في كل واحد خمسة آلاف» .(13/175)
فكشفوا عنه الكيس فوصلوا إلى أزج فأصابوا فيه ألف رأس، وفى أذن كل رأس رقعة كتب فيها اسم صاحبه [1] .
وفى هذه السنة: ورد على السلطان هدايا جليلة من أَحْمَد بْن هلال صاحب عمان، وفيها أنواع الطيب، ورماح، وطرائف من طرائف البحر، وطائر أسود يتكلم بالفارسية والهندية أفصح من الببغاء، وظباء سود [2] .
وفيها قلد أَبُو عمر مُحَمَّد بْن يُوسُف [3] القضاء بالحرمين وكتب له عهده.
وفيها ثارت فتنة بالبصرة، وشغبوا على واليهم الحسن بْن الخليل الفرغاني، وأحرق الجامع وقتل [من] [4] العامة خلق عظيم،.
وفيها حج بالناس [5] الفضل بْن عبد الملك.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2135- إسماعيل بْن إسحاق بْن الحصين ابن بنت معمر بْن سليمان، أَبُو مُحَمَّد الرَّقِّيّ [6] :
سكن بغداد، وحدث عن أَحْمَد بْن حنبل وغيره، حدث عنه مُحَمَّد بْن المظفر الحافظ، توفي في هذه السنة، وقيل: سنة ست.
2136- سليمان بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد، أَبُو موسى النحوي المعروف بالحامض [7] .
كَانَ من علماء الكوفيين [8] ، أخذ عن ثعلب وصحبه أربعين سنة، وهو المقدم من
__________
[1] في ت: «في أذن كل رأس رقعة قد أثبت فيها اسم صاحبه» . وفي ك: «في كل رأس في أذنه رقعة قد أثبت فيها اسم صاحبه» .
[2] «وظباء سود» : ساقطة من ك.
[3] في ت: «أبو عمرو محمد بن يوسف» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ت: «وحج بالناس في هذه السنة» .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 295) .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 61، ووفيات الأعيان 2/ 406. ونزهة الألباء 306، وإنباه الرواة 2/ 21، والأعلام 3/ 132، ومعجم الأدباء 11/ 253. وبغية الوعاة 262) .
[8] في ل: «كان من العلماء بالنحو» . وقيل في سبب تلقيبه بالحامض انه كان ضيق الصدر سيء الخلق.(13/176)
أصحابه والذي جلس بعده في مجلسه، وصنف كتبا منها «غريب الحديث» «وخلق الانسان والوحوش والنبات [1] » . روى عنه أَبُو عمر الزاهد، وَكَانَ دينا صالحا.
وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة، ودفن بباب التبن [2] .
2137- عبد الله بْن صالح بْن عبد الله بْن الضحاك، أَبُو مُحَمَّد البخاري [3] :
سمع الحسن بْن عَلي الحلواني، [ولوينا] [4] ، وعثمان بْن أبي شيبة، روى عنه مُحَمَّد بْن المظفر. وَكَانَ ثقة ثبتا صالحا.
توفي في هذه السنة.
2138- الْقَاسِم بْن زكريا بن يحيى، أبو بكر المقرئ المعروف [5] بالمطرز:
سمع سويد بْن سعيد، وأبا كريب. روى عنه الخلدي، والجعابي [6] . وَكَانَ ثقة ثبتا قارئا مصنفا نبيلا. توفي في صفر هذه السنة، ودفن في مقابر باب الكوفة.
2139- مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن أبان بْن ميمون، [أَبُو عبد الله] السراج [7] :
سمع يحيى بْن عبد الحميد الحماني، وعُبَيْد اللَّهِ بْن عمر القواريري، وسريج بْن يونس [8] . وغيرهم. وروى عنه أَبُو حفص الأبار [9] ، وعلي بْن مُحَمَّد بْن لؤلؤ، وغيرهما. وكان ثقة. وتوفي في هذه السنة، وقيل: سنة ست وثلاثمائة، والله أعلم.
__________
[1] ومن كتبه أيضا: «السبق والنضال» ، ما يذكر ويؤنث من الإنسان واللباس» .
[2] في ك: «دفن بباب السبز» تصحيف.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 481) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 441، وتهذيب التهذيب 8/ 314، وتذكرة الحفاظ 2/ 256، والإعلام 5/ 176، وشذرات الذهب 2/ 246، وتقريب التهذيب 2/ 116) .
[6] في ت: «وابن الجعابيّ» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 401، وشذرات الذهب 2/ 246) .
[8] في ت: «وشريح بن يونس» . خطأ.
[9] في ت: «أبو حفص الأنباري» . وفي تاريخ بغداد: «أبو حفص ابن الريان» .(13/177)
ثم دخلت سنة ست وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أن فِي أول يوم من المحرم فتح سنان بْن ثَابِت الطبيب مارستان السيدة الّذي اتخذه لها بسوق يحيى على دجلة، وجلس فيه ورتب المتطببين، وكانت النفقة عليه كل شهر ستمائة دينار، وأشار سنان على المقتدر باتخاذ مارستان فاتخذه بباب الشام [فولاه سنان] [1] وسمي المقتدري، وكانت النفقة [عليه] [2] في كل شهر مائتي دينار.
وقرئت الكتب على المنابر [3] في صفر بما فتح الله عز وجل [على يد يسر [4] الأفشيني ببلاد الروم، وقرئت على المنابر في ربيع الأول بما فتح الله] [5] على ثمل [6] الخادم في بحر الروم.
وفى ربيع الآخر: توفي مُحَمَّد بْن خلف وكيع [7] ، فتقلد أبو جعفر ابن البهلول ما كَانَ/ يتولاه من القضاء بمدينة المنصور وقضاء الأهواز.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ك: «وقرئت الكتب على الناس» .
[4] في ص: «على يد بشر» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] «الأفشيني ببلاد ... بما فتح الله على ثمل» . العبارة ساقطة من ك.
[7] في ت: «توفي محمد بن خلف ووكيع» .(13/178)
وفى هذا الشهر [1] شغب أهل السجن الجديد، وصعدوا السور، فركب نزار بْن مُحَمَّد [2] صاحب الشرطة، وحاربهم، وقتل منهم واحدا، ورمى برأسه إليهم فسكنوا.
وفى هذا الشهر [3] : ركب المقتدر إلى الثريا، وانصرف، فدخل من باب العامة [4] ، ووقف طويلا حتى رآه الناس، وأرجف الناس بمرض المقتدر وأشاعوا موته، فركب إلى باب الشماسية ثم انحدر في دجلة إلى قصره. حتى رأوه فسكنوا.
وفى جمادى الأولى: قبض على أبي الحسين [5] عَلي بْن مُحَمَّد بْن الفرات، ووكل بداره وما كَانَ فيها.
وفى هذه السنة: وثب بنو هاشم على عَلي بْن عيسى لتأخر أرزاقهم، فمدوا أيديهم إليه، فأمر المقتدر بالقبض عليهم وتأديبهم ونفاهم إلى البصرة، وأسقط أرزاقهم، فسأل فيهم عَلي بْن عيسى [فردوا] [6] فتواروا وقبض على ابنه وبيعت أمواله وأملاكه، وحوسب، وكان [مما أعطى] [7] سبعمائة ألف [دينار] [8] ، وَكَانَ السبب انه أخر إطلاق [أرزاقهم] [9] ، وأرزاق الجند، واحتج بضيق المال، [وَكَانَ قد] [10] صرفه إلى محاربة ابن أبي الساج، فطلب من المقتدر إطلاق مائتي ألف دينار من بيت المال [لإعطاء الجند] [11] ، فثقل ذلك على المقتدر، وراسل ابن الفرات [12] فإنه كَانَ قد ضمن
__________
[1] في ك: «وفي هذه السنة» .
[2] في جميع النسخ: «فركب محمد بن نزار» .
[3] في ت، ك: «وفي هذه السنة» .
[4] في ص: «ثم دخل من باب العامة» .
[5] في ت، ك: «قبض على أبي الحسن» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
والعبارة: «فتواروا وقبض على ابنه ... سبعمائة ألف دينار» : ساقطة من ص، ل.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[11] ما بين المعقوفتين: من ت.
[12] في ت: «وراسل ابن أبي الفرات» .(13/179)
له أن يقوم بسائر النفقات، فاحتج بما أنفق على محاربة ابن أبي الساج، فلم يسمع اعتذاره [1] . وكوتب في الوقت أَبُو مُحَمَّد حامد بْن العباس بالإصعاد إلى الحضرة [2] ، فتلقاه الناس، وبعثت إليه الألطاف، فلما قدم خلع عليه فركب وخلفه أربعمائة غلام لنفسه وصار إلى الدار بالمخرم فنزلها، وبان عجزه في التدبير، فأشير عليه أن يطلب عَلي بْن عيسى [يكون بين يديه ففعل، فأخرج عَلي بْن عيسى فحمل] [3] إلى حامد [4] ، فكان يحضر ومعه دواة وينظر في الأعمال ويوقع، وَكَانَ أَبُو على بْن مقلة ملازما لحامد يكتب بين يديه ويوقع بحضرته، وَكَانَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بْن إسماعيل [5] المعروف بزنجي يحضر أيضا بين يدي حامد، فقوي أمر أبي الحسن عَلي بْن عيسى حتى غلب على الكل، فكان يمضي الأمور في النقض والإبرام من غير مؤامرة حامد، وقد كَانَ يحضر دار حامد في كل يوم دفعتين مدة شهرين ثم صار يحضر كل يوم دفعة واحدة [6] ثم صار يحضر كل أسبوع مرة، ثم سقطت منزلة حامد عند المقتدر في أول صفر [7] سنة سبع وتبين هو وخواصه [8] أنه لا فائدة في الاعتماد عليه في شيء من الأمور، فتفرد حينئذ أَبُو الحسن عَلي بْن عيسى بتدبير جميع أمور المملكة، وصار حامد لا يأمر في شيء [بتة] [9] .
وقلد أَبُو عمر القاضي المظالم في جمادى الآخرة من هذه السنة، وفى هذه السنة أمرت السيدة أم المقتدر قهرمانة لها تعرف بثمل أن تجلس بالتربة التي بنتها بالرصافة للمظالم، وتنظر في رقاع الناس في كل جمعة، فجلست وأحضرت
__________
[1] «فلم يسمع اعتذاره» ، ساقطة من ص، ل.
[2] في ت: بالإصغاء إلى الحضرة» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ت: «إلى أحمد بن حامد» .
[5] «بن إسماعيل» : ساقطة من ل، ص.
[6] «واحدة» : ساقطة من ل، ص.
[7] في ت، ك: «عند المقتدر منذ أول صفر» .
[8] في ت: «سنة سبع وثلاثين هو وخواصه» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/180)
القاضي أبا الحسين بْن الأشناني [1] وخرجت التوقيعات على السداد [2] .
أَخْبَرَنَا ابن ناصر، قَالَ: أخبرنا أبو عبد الله الحُمَيْدِي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن سعيد الحافظ، قَالَ: [3] قعدت ثمل القهرمانة في أيام المقتدر للمظالم، وحضر مجلسها القضاة والفقهاء [4] .
وفيها حج بالناس الفضل بْن عبد الملك [5] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2140- إبراهيم بن أحمد (بن محمد [6] بْن الحارث، أَبُو الْقَاسِم الكلابي [7] ،
روى عن الحارث بْن مسكين وغيره، وَكَانَ رجلا صالحا فقيها على مذهب [الإمام] [8] الشافعي، وَكَانَ ثقة، وَكَانَ من أهل الصيانة والانقباض.
وتوفي في شعبان هذه السنة.
2141- أَحْمَد بْن يحيى، أَبُو عبد الله الجلاء [9] :
بغدادي [10] سكن الشام، وصحب أبا تراب، وذا النون.
__________
[1] في ت: «أبا الحسين الإسناني» . وفي باقي النسخ: «أبا الحسن الإسناني» .
[2] في ت: «وأخرجت إليه توقيعات السداد» .
[3] في ص، ل: «قال أبو محمد علي بن أحمد ابن سعيد الحافظ» .
[4] في ت: «وحضر بمجلسها القضاة والفقهاء» .
[5] في ت: «وحج بالناس في هذه السنة» .
[6] «بن محمد» : ساقطة من ص، ل.
[7] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 129) .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] في ت: «أبو عبد الله بن الجلاء» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 213، والبداية والنهاية 11/ 129، وطبقات الصوفية 176- 179، وحلية الأولياء 10/ 314، وصفة الصفوة 2/ 250، والرسالة القشيرية 26، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 151، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 102، وسير أعلام النبلاء 9/ 2/ 202، وشذرات الذهب 2/ 248، والنجوم الزاهرة 3/ 170، 194، 235، وكشف المحجوب 134، 35، والكواكب الدرية 2/ 10، واللباب 1/ 59، وطبقات الأولياء 19) .
[10] في ك: «البغدادي» .(13/181)
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أَحْمَد بْن عَلي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم الحافظ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الحسين قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن عبد العزيز الطبري يقول: سمعت أبا عمر الدمشقي، يقول: سمعت ابن الجلاء يقول: قلت لأبي وأمي:
أحب أن تهباني للَّه، فقالا: قد وهبناك [للَّه] [1] فغيبت عنهما مدة [2] ، ثم رجعت من غيبتي، فكانت ليلة مطيرة فدققت عليهما الباب فقالا: من؟ قلت: ولدكما، قالا: كَانَ لنا ولد فوهبناه للَّه عز وجل، ونحن من العرب لا نرجع فيما وهبنا، وما فتحا لي الباب، توفي أبو عبد الله ابن الجلاء الصوفي في [رجب] [3] هذه السنة [4] .
2142- أَحْمَد بْن الحسن بْن عبد الجبار بْن راشد، أَبُو عبد الله [5] الصوفي
سمع عَلي بْن الجعد، وأبا نصر التمار، ويحيى بْن المعين في خلق كثير. وَكَانَ ثقة. وتوفي في يوم الجمعة لخمس بقين من رجب هذه السنة.
2143- أَحْمَد بْن عمر بْن سريج [6] ، أَبُو العباس [7] القاضي:
حدث عن الحسن بْن مُحَمَّد الزعفراني، وعلي بْن أشكاب، وعباس الدوري [8] ، وأبي داود وغيرهم، روى عنه سليمان بْن أَحْمَد الطبراني، [وأبو] [9] أحمد
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت، ك: «فغبت عنهما مدة» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] «توفي أبو عبد الله ... هذه السنة» : الجملة ساقطة من ص، ل.
[5] في ت: «أبو عبد الله الكوفي» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 82، والبداية والنهاية 11/ 129، وشذرات الذهب 2/ 247) .
[6] في ك، ل، ص: «بن شريح» . وما أوردناه من تاريخ بغداد، والبداية والنهاية، ت.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 287، والعبر للذهبي 2/ 132. وتذكرة الحفاظ 811. والبداية والنهاية 11/ 129، وطبقات الشافعية للسبكي 2/ 87، ووفيات الأعيان 1/ 66، 67. والأعلام 1/ 185، وشذرات الذهب 2/ 247) .
[8] في ت: «وعام الدوري» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/182)
الغطريفي، وانتهت إليه رياسة أصحاب الشافعي [1] ، وشرح المذهب ولخصه وعمل المسائل في الفروع.
أنبأنا مُحَمَّد بْن عبد الملك، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ أَخْبَرَنَا أَبُو سعد الماليني [2] ، حَدَّثَنَا عبد الله بْن عدي الْحَافِظ [3] ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَلي بْن خيران، يقول: سمعت أبا العباس ابن سريج، يقول: رأيت في المنام كأنا مطرنا كبريتا أحمر فملأت أكمامي وجيبي وحجري، فعبر لي أني أرزق علما عزيزا كعزة الكبريت الأحمر.
قَالَ ابن ثَابِت: وأخبرنا أَبُو منصور مُحَمَّد بْن عيسى بْن عبد العزيز الهمذاني، [سمعت عبد الرحمن بْن مُحَمَّد بْن خيران، يقول: سمعت أبا عبد الله مُحَمَّد بْن عبد الله بْن] [4] عبيد الفقيه، يقول: سمعت عثمان السندي، يقول: قَالَ [لي] [5] أَبُو العباس بْن سريج في علته التي مات فيها: أريت البارحة في المنام كَانَ قائلا يقول [لي] [6] هذا ربك [تعالى] [7] يخاطبك [قَالَ] [8] فسمعت كأن قائلا يقول: ماذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ 28: 65 [9] ، قَالَ: فوقع في قلبي بالإيمان والتصديق، قَالَ: فقيل: ماذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ 28: 65، قَالَ: فوقع في قلبي أنه يراد مني زيادة في الجواب، فقلت: بالإيمان والتصديق غير أنا قد أصبنا من هذه الذنوب، فَقَالَ: أما أني قد أغفر لكم [10] . توفي ابن سريج في جمادى الأولى من هذه السنة عن سبع وخمسين سنة وستة أشهر، ودفن بحجرة سويقة غالب.
__________
[1] في ت: «وانتهت إليه رياسة الشافعيين» .
[2] في ت: «أبو سعيد الماليني» . وفي ص، ل: «أيوب الماليني» . وفي ك: «أبو أيوب الماليني» . وما أوردناه من تاريخ بغداد (4/ 288) .
[3] في ت: «عبد الله بن علي الحافظ» خطأ.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] سورة: القصص، الآية: 65.
[10] في ت: «أما أني قد غفرت لك» .(13/183)
2144- إبراهيم بْن عَلي بْن إبراهيم بْن مُحَمَّد، أَبُو إسحاق [1] العمري الموصلي [2] :
قدم بغداد وحدث بها عن جماعة. وروى عنه ابن صاعد، والنجاد، والخلدي.
وَكَانَ ثقة. توفي في هذه السنة.
2145- جبريل بْن الفضل، أَبُو حاتم السمرقندي [3] :
ورد بغداد حاجا في سنة اثنتين وتسعين ومائتين [4] ، وحدث عن قتيبة وغيره، روى عنه عبد الباقي ابن قانع. وَكَانَ ثقة، وتوفي في هذه السنة.
2146- الحسين [5] بْن يُوسُف بْن يعقوب بْن إسماعيل بْن حماد بْن زيد، أَبُو يعلى [6] الأزدي:
هو أخو أبي عمر القاضي، كَانَ إليه ولاية القضاء بالأردن. توفي في محرم هذه السنة.
2147- حاجب بْن مالك بْن أركين، أَبُو العباس الفرغاني الضرير [7] :
حدث عن أَحْمَد بْن إبراهيم الدورقي، وأبي سعيد الأشج، حدث عنه مُحَمَّد بْن المظفر، وَكَانَ ثقة، وأركين يكنى أبا بكر، توفي بدمشق [8] في هذه السنة.
2148- عبد الله/ بْن أَحْمَد [بْن موسى] [9] بْن زياد، أَبُو مُحَمَّد الجواليقي القاضي المعروف [10] بعبدان:
من أهل الأهواز ولد سنة [ست] [11] عشرة ومائتين، وكان أحد الحفاظ الأثبات،
__________
[1] في ت: «إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق» . وفي ص، ب: «إبراهيم بن محمد ابن إسحاق» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 132) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 264) .
[4] في ت: «سنة اثنتين وسبعين ومائتين» .
[5] في ك، ل، ص: «الحسن» .
[6] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 129، وتاريخ بغداد 8/ 147) .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 271، وشذرات الذهب 2/ 249) .
[8] «بدمشق» : ساقطة من ك.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] انظر ترجمته في: (تذكرة الحفاظ 2/ 232، وتهذيب تاريخ ابن عساكر 7/ 387، وتاريخ بغداد 9/ 379) .
[11] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/184)
جمع المشايخ والأبواب [1] ، وحدث عن هدبة، وكامل بْن طلحة، والزهراني وغيرهم.
روى عنه ابن صاعد والمحاملي.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز، قَالَ: أخبرنا أبو بكر بن ثابت، قال: حدثني الصوري، قَالَ: سمعت عبد الغني الحافظ، يقول: سمعت حمزة بْن مُحَمَّد، يقول: سمعت عبدان، يقول: دخلت البصرة ثماني عشرة مرة من أجل حديث أيوب السختياني كل ما ذكر [لي] [2] حديث من حديثه دخلت إليها بسببه.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الخطيب، قَالَ [3] أخبرني محمد بن علي المقرئ، قال: أخبرنا مُحَمَّد بْن عَلي النيسابوري [4] ، قَالَ: سمعت أبا عَلي الحافظ، يقول: كَانَ عبدان يحفظ مائة ألف حديث توفي عبدان بعسكر مكرم في ذي الحجة من هذه السنة.
2149- عَلي بْن الحسن بْن سليمان، أَبُو الْحَسَن القافلائي [5] القطيعي:
سمع مجاهد بْن موسى، روى عنه أَبُو بكر الشافعي، وابن المظفر وَكَانَ ثقة، توفي في محرم هذه السنة.
2150- مُحَمَّد بْن بابشاذ، أَبُو عُبَيْد اللَّهِ البصري: [6]
سكن بغداد وحدث [بها] [7] عن عُبَيْد اللَّهِ بْن معاذ العنبري، وبشر بْن معاذ العقدي وغيرهما. روى عنه عبد العزيز بْن مُحَمَّد الهاشمي، وعمر بْن بشران السكري وغيرهما. وفى حديثه غرائب ومناكير [8] وتوفي في شوال هذه السنة.
__________
[1] في ت: «جمع المسايخ والقراءات» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفي ك. «ما ذكرت حديثا» .
[3] في ت، ك: «أخبرنا أبو بكر بن ثابت» .
[4] في ت: «محمد بن عبد الله النيسابورىّ» .
[5] في ت: «الباقلاني» . خطأ.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 377) .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 105، وتاريخ بغداد 11/ 129، وميزان الاعتدال 3/ 488، 489) .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] قال الذهبي في الميزان: وثقه الدارقطنيّ، ولكنه أتى بطامة لا تتطيب.(13/185)
2151- مُحَمَّد بْن الحسين بْن شهريار، أَبُو بكر [1] القطان:
بلخي الأصل، حدث عن بشر بْن معاذ العقدي، والفلاس. روى عنه أَبُو بكر الشافعي، وابن الجعابي، وابن المظفر. قَالَ الدارقطني: ليس به بأس، وكذبه ابن ناجية. وتوفي فِي محرم هَذِهِ السنة [2] .
2152- مُحَمَّد بْن خلف بْن حيان بْن صدقة بْن زياد، أَبُو بكر الضبي القاضي المعروف [3] بوكيع:
كَانَ عالما فاضلا عارفا بأيام الناس، فقيها قارئا نحويا، وكان يتقلد القضاء بالأهواز، وله مصنفات منها «كتاب العدد» . وسئل ابن مجاهد أن يصنف كتابا [في] [4] العدد، فَقَالَ: قد كفانا ذاك وكيع. حدث عن الزبير بْن بكار، والحسن بْن عرفة، وخلق كثير. روى عنه أَحْمَد بْن كامل [القاضي] [5] وأبو علي ابن الصواف، وابن المظفر، وغيرهم.
أنبأنا أَبُو منصور القزاز، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الحافظ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مخلد أَخْبَرَنَا أحمد بن محمد بن عمران، قال: حَدَّثَنَا [6] أَبُو بكر مُحَمَّد بْن عَلي، قَالَ: أنشدني مُحَمَّد بْن خلف وكيع لنفسه:
إذا ما غدت طلابة العلم تبتغي ... من العلم يوما ما يخلد في الكتب
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 232، والبداية والنهاية 11/ 130، ومعجم شيوخ الإسماعيلي 114، ولسان الميزان 5/ 138، وسؤالات السهمي للدارقطنيّ 94) .
[2] «وقال الدارقطنيّ ... هذه السنة» : ساقط من ص.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 236، والبداية والنهاية 11/ 130 وغاية النهاية 2/ 137، والوافي بالوفيات 3/ 43، والأعلام 6/ 114، 115، وشذرات الذهب 2/ 249، وفيه: «محمد بن خلف بن وكيع القاضي، أبو بكر» ) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] «أنبأنا أبو منصور ... بن عمران قال: أخبرنا» .
ساقطة من ل، ص. ومكانها: «قال أبو بكر» .(13/186)
غدوت بتشمير وجد عليهم ... ومحبرتي أذني ودفترها قلبي
توفي في ربيع الأول من هذه السنة.
2153- مُحَمَّد بْن صالح بْن ذريح بْن حكيم بن هرمز، أبو جعفر [1] العكبريّ:
سمع جبارة بْن [2] مغلس، وعثمان بْن أبي شيبة، وهناد بن السري، وغيرهم.
وكان ثقة. توفي في هذه السنة. هذا قول الأكثرين، وَقَالَ: بعضهم سنة سبع. وَقَالَ قوم:
سنة ثمان.
2154- منصور [بْن إسماعيل] [3] بْن عمر، أَبُو الحسن [4] الفقيه:
كَانَ أديبا فهما عاقلا حاد المناظرة، وصنف المختصرات [في الفقه] [5] على مذهب الشافعي، وله الشعر المليح، سكن الرملة ثم قدم مصر، وقيل: إنه كَانَ جنديا، ثم [أنه] [6] كف بصره، ويظهر في شعره التشيع، توفي بمصر في هذه السنة.
2155- أَبُو نصر المحب [7] :
من مشايخ الصوفية، كَانَ له مروءة وسخاء.
أخبرنا أبو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو بَكْر بْن ثَابِت [8] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 361، وجاء ذكره في تذكرة الحفاظ 709، وفيه «محمد بن صالح بن دريج) .
[2] في ت: «سمع جنادة بن مغلس» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] انظر ترجمته في: (وفيات الأعيان 5/ 289، وشذرات الذهب 2/ 249، ونكت الهميان 297، وإرشاد الأريب 7/ 185- 189، والأعلام 7/ 298. ومعجم الأدباء 19/ 185. وطبقات السبكي 1/ 317.
وحسن المحاضرة 1/ 168، والمغرب 1/ 262) .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 420، 421، والبداية والنهاية 11/ 130) .
[8] في ص، ل: «أخبرنا الخطيب» .(13/187)
الْحَافِظ، قَالَ: أخبرني جعفر الخلدي في كتابه إلي قَالَ: أخبرني [1] أَبُو العباس بْن مسروق، قَالَ: اجتزت أنا وأبو نصر المحب بالكرخ وعلى أبي نصر إزار له قيمة [2] فإذا نحن بسائل يسأل [3] وهو يقول: شفيعي إليكم مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ [4] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فشق أَبُو نصر إزاره وأعطاه النصف، ومضى خطوات [5] ثم قَالَ: هذا نذالة، فانصرف وأعطاه النصف الآخر.
__________
[1] في ت: «سمعته» .
[2] في ك: «إزار له قدر» .
[3] «يسأل» : ساقطة من ص، ل.
[4] «رسول الله» : ساقطة من ص، ل.
[5] في ت: «ومشى خطوات» .(13/188)
ثم دخلت سنة سبع وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه ابتيعت دار مُحَمَّد بْن إسحاق بْن كنداج لإبراهيم بْن المقتدر [1] بثلاثين ألف [2] دينار، واتخذت للأمراء من أولاد الخليفة دور.
وفى صفر: وقع حريق بالكرخ في الباقلائيين [3] هلك فيه خلق كثير.
وفى ربيع الآخر: أدخل إلى بغداد مائة وخمسون أسيرا من الكرخ أنفذهم بدر الحمامي.
وفى ذي القعدة انقض كوكب عظيم غالب الضوء، وتقطع ثلاث قطع، وسمع بعد انقضاضه صوت رعد عظيم هائل من غير غيم.
وفى هذه السنة: دخلت القرامطة البصرة، وصرف حامد عن الوزارة، وتقلد أَبُو الحسن بْن الفرات [4] الدفعة الثالثة.
وفيها كسرت العامة الحبوس بمدينة المنصور فأفلت من كَانَ فيها، وكانت أبواب المدينة الحديدية باقية، فغلقت وتتبع أصحاب الشرطة من أفلت فلم يفتهم منهم أحد.
__________
[1] في هامش ك: «وهو المتقي باللَّه الّذي تولى الخلافة بعد الخليفة الواثق باللَّه» .
[2] في ت: «بثلاثة آلاف دينار» .
[3] في ك، ت: «بالكرخ في القلائين» .
[4] في ت: «أبو الحسين بن الفرات» .(13/189)
وفيها حج بالناس [1] أَحْمَد بْن العباس أخو أم موسى القهرمانة.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2156- أحمد بن محمد، أَبُو الحسين التاجر:
روى عن الحسين بْن الحسين المروزي [2] ، وأبي زرعة. وَكَانَ صدوقا نبيلا.
توفي [رحمه [3] الله] في هذه السنة.
2157- إسحاق بْن عبد الله بْن إبراهيم بْن عبد الله بْن سلمة أَبُو يعقوب البزاز [4] الكوفي:
سافر إلى الشام ومصر، وكتب عن خلق كثير، وصنف المسند، واستوطن بغداد، وروى عنه ابن المظفر الحافظ وكان ثقة، وتوفي في شوال هذه السنة.
2158-[جعفر] [5] بْن أَحْمَد بْن عاصم، أَبُو مُحَمَّد البزاز الدمشقي المعروف بالرواس [6] :
قدم بغداد، وحدث بها عن هشام [7] بْن عمار، وأحمد بْن أبي الحواري وغيرهما. روى عنه [الخلدي] [8] وابن الصواف، وَقَالَ الدارقطني هو ثقة. وتوفي بدمشق في هذه السنة.
__________
[1] في ت: «وحج بالناس في هذه السنة» .
[2] في ت: «الحسن بن الحسن المروزي» . خطأ.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 130) .
[5] ما بين المعقوفتين: بياض في ت.
[6] في ت: «أبو محمد القزاز الدمشقيّ المعروف بابن الرواس» . وفي سؤالات السهمي أبو محمد البزار» بالراء.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 204، وبسؤالات السهمي للدارقطنيّ 40) .
[7] «ابن عاصم أبو محمد ... وحدث بها عن هشام» : العبارة ساقطة من ك.
[8] ما بين المعقوفتين: بياض في ت.(13/190)
2159- جعفر بْن مُحَمَّد بْن موسى، أَبُو مُحَمَّد الأعرج النيسابوري [1] :
قدم بغداد وحدث بها عن جماعة. روى عنه الحافظ [2] أَبُو طالب أَحْمَد بن نصر، والطبراني، وأبو محمد [ابن] [3] السبيعي، وأبو الفتح الأزدي. وَكَانَ ثقة حافظا عالما عارفا حجة توفي بحلب في هذه السنة.
2160- الحسن بْن الطيب بْن حمزة بْن حماد، أَبُو عَلي [4] البلخي:
قدم بغداد وحدث بها عن هدبة [5] ، وأبي الربيع، وعثمان بْن أبي شيبة، وقتيبة، وعلي بن حجر. روى عنه إسماعيل الخطبي، ومحمد بن المظفر، وضعفه الدارقطني [6] وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
2161- عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله، أبو القاسم الأسدي المعدل، ويعرف بالأكفاني: [7]
حدث عن المزني وَكَانَ ثقة وتوفي في محرم هذه السنة وهو جاء من مكة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 203) .
[2] في ك، ت: «روى عنه الحفاظ» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ت: «أبو علي الثلجي» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 333، ميزان الاعتدال 1/ 501، ولسان الميزان 2/ 216، ومعجم شيوخ الإسماعيلي 229، وسؤالات السهمي للدارقطنيّ 246) .
[5] في ك: «حدث بها عن حمزة» . خطأ.
[6] قال الذهبي في الميزان: «قال ابن عدي: كان له عم يقال له الحسن بن شجاع، فادعى كتبه حيث وافق اسمه اسمه. أخبرني بهذا عبدان، وكان عبدان يروي عن عمه» .
قال ابن عدي: «قد حدث أيضا بأحاديث سرقها وكان قد حمل إلى بغداد وقرئ عليه» .
قال البرقاني: «ذاهب الحديث» .
قال الدارقطنيّ: «لا يساوي شيئا، حدث بما لم يسمع عن مطين، كذاب» .
[7] في ك، ت: «المعروف بابن الأكفافي» .(13/191)
2162- عَبْد اللَّهِ بن الحسين [1] بْن عَلي بْن أبان، أَبُو الْقَاسِم البجلي [2] الصفار:
حدث عن سوار القاضي. وروى عنه أَبُو الحسين بْن المنادي [3] . وَكَانَ ثقة مأمونا، ونزل سكة النعيمية من مدينة المنصور، وتوفي في [شهر] [4] رجب هذه السنة.
2163-[عَلي] [5] بْن سهل بْن الأزهر، أَبُو الحسن الأصبهاني [6] :
كَانَ من المترفين فتزهد، وَكَانَ يبقى الأيام لا يأكل، [وَكَانَ] [7] يقول: استولى عَلي الشوق فألهاني عن الأكل.
أَنْبَأَنَا/ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي [8] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الفضل الحداد، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نعيم الأصفهاني، قَالَ: سمعت أبي وغيره من أصحاب عَلي بْن سهل أنه كَانَ يقول:
ليس موتي كموتكم إعلال وإسقام، إنما هو دعاء وإجابة، أدعى فأجيب وَكَانَ كما قَالَ، كَانَ يوما قاعدا في جماعة، فَقَالَ: لبيك، ووقع ميتا. وتوفي في هذه السنة.
2164- مُحَمَّد بْن عبد الحميد:
كاتب السيدة أم المقتدر [باللَّه] [9] عرضت عليه الوزارة فأباها، قال الصولي: كان
__________
[1] في ك: «عبد الله بن الحسن» .
[2] في ت، ك: «أبو القاسم البلخي» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 440) .
[3] في ص: «أبو بكر بن المنادي» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[5] ما بين المعقوفتين: بياض في ت.
[6] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 131) .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] على هامش المطبوعة: «ليس من شيوخ ابن الجوزي لأنه مات سنة 448، أقول الّذي مات في هذه السنة هو محمد بن عبد الباقي الأنصاري، له ترجمة في تاريخ بغداد (2/ 394) وهذا الّذي يروي عنه المؤلف رجل آخر، وهو محمد بْن عبد الباقي بْن أحمد بْن سلمان المعروف بابن البطي، ستأتي ترجمته في وفيات سنة 564، وفيها ذكر روايته عن أبي الفضل أحمد بن أحمد الحداد، وسماع المؤلف منه كثير والله أعلم» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وفي ت: «كانت السيدة أم المقتدر» .(13/192)
موسرا بخيلا، فتوفي في صفر هذه السنة، فأخذت السيدة من مخلفته مائة ألف دينار [1] .
2165- الهيثم بْن خلف بْن مُحَمَّد، أَبُو مُحَمَّد الدوري [2] :
سمع القواريري، روى عنه البغوي. وَكَانَ كثير الحديث، حافظا [3] ثبتا، توفي في [شهر] [4] ربيع الأول من هذه السنة.
2166- يحيى بْن زكريا بْن حيوية النيسابوري، يكنى أبا زكريا [5] :
حدث وكان ثقة ثبتا صدوقا، وتوفي بمصر في هذه السنة
__________
[1] «السيدة أم المقتدر ... مائة ألف دينار» . العبارة ساقطة من ص، ل.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 63، وشذرات الذهب 2/ 251، وتذكرة الحفاظ 765) .
[3] في ت: «صادقا ثبتا» . وفي ك: «ضابطا ثبتا» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 2/ 251، 252) .(13/193)
ثم دخلت سنة ثمان وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أن حامد بْن العباس خرج من مدينة السلام إلى واسط للنظر في الأعمال التي قد ضمنها، وَكَانَ قد ضمن بلدانا من الخليفة بألوف، ثم انحدر إلى الأهواز، وعاد فخلع عليه.
وتحركت الأسعار في آخر هذه السنة، فاضطربت العامة لذلك، فقصدوا باب حامد، فخرج إليهم غلمانه فحاربوهم، فقتل من العوام جماعة [1] . ومنعوا يوم الجمعة الإمام من الصلاة، وهدموا المنابر، وأخرجوا مجالس الشرطة، وأحرقوا الجسور، وأمر السلطان بمحاربة العوام، فأخذوا وضربوا، وفسخ ضمان حامد، وبيع الكر بنقصان خمسة دنانير فسكنوا.
وفى تموز هذه السنة برد الهواء حتى نزل الناس من السطوح، وتدثروا باللحف، ثم كَانَ في الشتاء برد شديد [2] ، أضر بالنخل والشجر، وسقط ثلج كثير [3] .
وفيها حج بالناس أَحْمَد بْن العباس [4] .
__________
[1] «لذلك فقصدوا باب ... من العوام جماعة» : العبارة ساقطة من ص.
[2] في المطبوعة: «كان في الشتوة برد شديد» .
[3] في ت: «ونزل ثلج كثير» .
[4] في ت: «وحج بالناس في هذه السنة أَحْمَد بْن العباس» .(13/194)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2167- أَحْمَد بْن الصلت بْن المغلس، أَبُو العباس الحماني [1] :
وقيل: أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الصلت، ويقال: أَحْمَد بْن عطية، وهو ابن أخي جبارة [2] [بْن المغلس] [3] .
أنبأنا القزاز، قَالَ: أنبأنا [أَبُو بكر] الخطيب، قَالَ [4] : كَانَ ينزل الشرقية، وحدث عن ثَابِت بْن مُحَمَّد الزاهد، وأبي [نعيم] [5] الفضل بْن دكين، ومسلم بْن إبراهيم، وبشر بْن الوليد، ومحمد بْن عبد الله بْن نمير، وجبارة بْن المغلس، [وأبي كريب] [6] ، وأبي بَكْر بْن أبي شيبة [7] ، وأبي عبيد الْقَاسِم بْن سلام أحاديث أكثرها باطلة هو وضعها.
ويحكي أيضا عن بشر بْن الحارث، ويحيى بْن معين، وعلي بْن المديني أخبارا جمعها بعد ما صنعها [8] في مناقب أبي حنيفة. قَالَ لي مُحَمَّد بْن أبي الفوارس: كَانَ أَحْمَد بْن الصلت يضع [الحديث] [9] ، توفى في شوال هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 207، والجواهر المضية 1/ 69، وكشف الظنون 1838، واللباب 1/ 316، ولسان الميزان 1/ 188، والأعلام 1/ 138، وميزان الاعتدال 1/ 140، والضعفاء للدارقطنيّ 59، وفيه «أحمد بن محمد بن مفلس بن الصلت» . والبداية والنهاية 11/ 131، والمجروحين لابن حبان 1/ 153، والمغني 426، وسؤالات الحاكم للدارقطنيّ 34) .
[2] في ت: «وهو ابن أبي جنادة» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. والعبارة «أنبأنا القزاز، قَالَ أنبأنا أَبُو بكر الخطيب، قال:» ساقطة من ص، ل.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ت: «وجيادة بن المغلس» . ما بين المعقوفتين ساقط من ت.
[7] في ل، ص: «ابن أبي شيبة» بإسقاط «أبو بكر» .
[8] «ويحكى أيضا عن بشر ... ما صنعها» .
العبارة ساقطة من ك.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/195)
2168- إسحاق بْن ديمهر بْن مُحَمَّد، أَبُو يعقوب المعروف بالتوزي [1] :
روى عن عَلي بْن حرب، وغيره، روى عنه عبد الباقي بْن قانع، ومحمد بْن المظفر. وَكَانَ من الثقات والمأمونين، والشهود المعدلين.
توفي في هذه السنة، ودفن في الشونيزية.
2169- إدريس بْن طهوى بْن حكيم بْن مهران [بْن فروخ] [2] .
كَانَ يسكن قطيعة أم جعفر، وحدث عن أبي بكر بْن أبي شيبة، ولوين. روى عنه مُحَمَّد بْن المظفر الحافظ [3] ، وَكَانَ ثقة. توفي في هذه السنة.
2170- جعفر بْن مُحَمَّد بْن جعفر بْن الحسن [بْن جعفر بْن الحسن] بْن الحسن [4] بن علي بن أبي طالب أبو عبد الله [5] :
حدث عن الفلاس وغيره. روى عنه أَبُو بكر الشافعي، وابن الجعابي [6] .
وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة.
__________
[ () ] قال الذهبي في الميزان: «روى عنه أبو علي بن الصواف، والجعابيّ، كذاب وضاع، فلذا يدلسه بعضهم فيقول: «حدثنا أحمد بن عطية، وبعضهم أحمد بن الصلت» .
قال ابن عدي: «ما رأيت في الكذابين أقل حياء منه» .
قال ابن قانع: «ليس بثقة» .
قال ابن أبي الفوارس: «كان يضع الحديث» .
قال ابن حبان: «راودني أصحابنا على أن أذهب إليه فأسمع منه، فأخذت جزءا لأنتخب منه، فرأيته حدث عن يحيى بن نضلة، عن مالك، عن نافع عن ابن عمر ... » فذكر له حديثين وقال: «فعلمت أنه يضع الحديث فلم أذهب إليه، ورأيته يروي عن جماعة ما أحسبه رآهم» .
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 389) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 15) .
[3] «الحافظ» : ساقطة من ص، ل.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، و «بن جعفر بن الحسن بن الحسن» . ساقطة من ك.
[5] انظر ترجمته في: (الأعلام 2/ 128، تاريخ بغداد 7/ 204) .
[6] من مصنفاته: «التاريخ العلويّ» .(13/196)
2171- الحسن بْن مُحَمَّد بْن عنبر بْن شاكر بْن سعيد، أَبُو عَلي الوشاء [1] :
حدث عن عَلي بْن الجعد، وسريج بْن يونس، ويحيى بْن معين. قَالَ الدارقطني: تكلموا فيه، ووثقه البرقاني [2] ، توفي في جمادى الأولى من هذه السنة.
2172- شعيب بْن مُحَمَّد، أَبُو الحسن الذراع [3] :
سمع يعقوب الدورقي، وأبا كريب. روى عنه ابن المظفر، وابن شاهين. وَكَانَ ثقة. توفي في شوال في [4] هذه السنة، ودفن بباب الشام. وقيل: توفي في سنة ثلاثمائة [5] .
2173- عبد الله بْن ثَابِت بْن يعقوب، أَبُو عبد الله المقرئ النحوي التوزي [6] :
سكن بغداد وحدث عن عمر بْن شبة [7] . روى عنه أَبُو عمرو بْن السماك [وغيره] [8] .
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أحمد بن علي [9] ، أخبرنا أبو القاسم
__________
[1] انظر ترجمته في: (ميزان الاعتدال 1/ 520، وتاريخ بغداد 7/ 415، والمغني 1/ 166، وفيه «ابن عيسى» ، ولسان الميزان 2/ 251، ديوان الضعفاء 61، والإكمال 6/ 102، وسؤالات السهمي للدارقطنيّ 256، وتذكرة الحفاظ 756) .
[2] قال الذهبي في الميزان: «ضعفه ابن قانع، وقال الدارقطنيّ: تكلموا فيه من جهة سماعه» . وفي سؤالات السهمي (256) : «قال: تكلموا فيه، قلت من جهة سماعه، قال: نعم» .
قال ابن عدي: حدث بأحاديث أنكرتها عليه» .
قال الخطيب: «ذكرته للبرقاني فوثقته» .
[3] في تاريخ بغداد: «الذراع» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 245) .
[4] «شوال في» : ساقطة من ص، ل. وفي ت: «شوال من» .
[5] «وقيل توفي في سنة ثلاثمائة» ساقطة من الأصول، والمطبوعة، وأوردناها من ت.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 426، والبداية والنهاية 11/ 131، 132) .
[7] في ت: «عمر بن شيبة» .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] في المطبوعة، ك، ص، ل: «أخبرنا ابن ثابت» .(13/197)
عُبَيْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد النجار [1] ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّهِ الكيال، قَالَ: قَالَ لنا مُحَمَّد بْن الهيثم [2] ، أنشدنا عبد الله بْن ثَابِت [لنفسه] [3] :
إذا لم تكن حافظا واعيا ... فعلمك في البيت لا ينفع
وتحضر بالجهل في مجلس ... وعلمك في الكتب مستودع [4]
ومن يك في دهره هكذا ... يكن دهره القهقرى يرجع
توفي [عبد الله] [5] في هذه السنة، ودفن بالرملية [6] .
2174- عبد الله بْن العباس [7] بْن عُبَيْد اللَّهِ [8] ، أَبُو مُحَمَّد الطيالسي [9] :
حدث عن جماعة. وروى عنه أَبُو بكر الآجري، وابن المظفر. وَكَانَ ثقة. وتوفي في هذه السنة.
2175- العباس بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد، أَبُو خبيب القاضي البرتي [10] :
سمع عبد الأعلى بن جماد النرسي. روى عنه ابن شاهين، وَكَانَ صالحا أمينا.
وتوفي في شوال هذه السنة.
__________
[1] في ت: «النجاد» . خطأ.
[2] في ك: «أخبرنا محمد بن القاسم» . وهو سهو.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ك، ت، وتاريخ بغداد (9/ 426) : «وعلمك في البيت مستودع» . وفي البداية والنهاية (11/ 131) :
«وعلمك في الكتب مستودع» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ت، ص، ك: «ودفن بالرملة» . وما أوردناه من ل، ت، وتاريخ بغداد.
[7] في ص، ل: «عضد الدولة بن العباس» . وما أوردناه من ت، ك، وتاريخ بغداد.
[8] في ك: «ابن عبد الله» .
[9] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 36) .
[10] في ت: «ابن حبيب» . وفي ص، ك: «ابن خبيب» . وما أوردناه يوافق ما في تاريخ بغداد.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 152) .(13/198)
ثم دخلت سنة تسع وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه وقع في [شهر] [1] ربيع الأول حريق كثير [2] بباب الشام [3] ، وفى سويقة نصر، وفى الحذائين بالكرخ [4] ، وبين القنطرة الجديدة، وطاق الحراني [5] ، ومات خلق كثير. وقتل رجل من الزنادقة، فطرح بسببه [حريق] [6] في باب المخرم هلك فيه خلق كثير.
وفى شهر ربيع الآخر: لقب مؤنس المظفر، وأنشئت الكتب بذلك عَن المقتدر إلى أمراء النواحي، وعقد له في جمادى الأولى على مصر والشام، وخلع على أبي الهيجاء عبد الله بْن حمدان، وقلد أعمال الحرب وطريق مكة.
وفيه ابتدئ بهدم باب دار عَلي بْن الجهشيار ببغداد في الفرضة، وَكَانَ هذا الباب علما ببغداد في العلو [7] والحسن، وبنى موضعه مستغل [8] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] «كثير» : ساقطة من ص، ك. وفي ت: «كبير» .
[3] في ك: «أنه وقع حريق في شهر ربيع الأول فأحرق مواضع كثيرة من باب الشام» .
[4] في ت: «وفي الحراس بالكرخ» .
[5] في ت: «وطاق الحرابي» . وفي ص: «وطاق الحربي» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] «العلو و» : ساقطة من ص، ل.
[8] في ت: «وبنى في موضعه مستغلا» .(13/199)
وفى رمضان كبس اللصوص منزل أبي عيسى الناقد الصيرفي، فأخذوا له عينا، وورقا وأثاثا قيمته ثلاثون ألف دينار ثم وقعوا على اللصوص وهم سبعة فارتجع من المال اثنان وعشرون ألف دينار ثم قتلوا.
وفى ذي القعدة [1] : أحضر أَبُو جعفر مُحَمَّد بْن جرير الطبري دار عَلي بْن عيسى [2] لمناظرة الحنابلة، فحضر ولم يحضروا، فعاد إلى منزله، وكانوا قد نقموا عليه أشياء [قَالَ المؤلف] [3] سنذكر قصتهم معه عند [ذكر] [4] وفاته [إن شاء الله تعالى] [5] .
وفى هذه السنة: أهدى الوزير حامد بْن العباس إلى المقتدر البستان المعروف بالناعورة، بناه له وأنفق على بنائه مائة ألف دينار، وعلق على المجالس التي فيه الستائر، وفرشه باللبود الخراسانية ثم أهداه.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2176- أحمد بن محمد بن سهل بْن عطاء، أَبُو العباس الآدمي [6] :
حدث عن يُوسُف بْن موسى القطان، والفضل بْن زياد. وغيرهما.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد، قال: أخبرنا أحمد بن علي/ بن ثابت، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم الحافظ، قَالَ: سمعت أبا الحسين بن حبيش [7] وذكر أبو العباس بن
__________
[1] في ت: «وفي ذي الحجة» .
[2] في ت: «دار عيسى بن علي» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ل، ص.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ل، ص.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 26، والبداية والنهاية 11/ 144، طبقات الصوفية 265- 272، وحلية الأولياء 10/ 302- 305، وصفة الصفوة 2/ 250، والرسالة القشيرية 31، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 111- 113، وشذرات الذهب 2/ 257، وسير أعلام النبلاء 9/ 2/ 203، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 173- 175، ومرآة الجنان 2/ 61، وطبقات الأولياء 14) .
[7] في ك، ت: «أبا الحسين بن حبش» .(13/200)
عطاء، فَقَالَ: كَانَ له في كل يوم ختمة، وفى [شهر] [1] رمضان في كل يوم وليلة ثلاث ختمات، وبقي في ختمه يستنبط مودع [2] القرآن بضع عشرة سنة، فمات قبل أن يختمها، توفي ابن عطاء في ذي القعدة من هذه السنة.
2177- إسماعيل بْن موسى بْن إبراهيم، أَبُو أَحْمَد البجلي الحاسب [3] :
سمع القواريري، ولوينا، وغيرهما. روى عنه مُحَمَّد بْن المظفر الحافظ وغيره.
وَكَانَ ثقة. وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة.
2178- جعفر بْن أَحْمَد بْن الصباح، أَبُو الفضل المعروف بالجرجرائي [4] :
حدث عن جماعة. روى عنه ابن المظفر الحافظ. وَكَانَ ثقة [صدوقا ثبتا] [5] .
توفي في ربيع الأول من هذه السنة.
2179- الحسين بن منصور بْن محمى الحلاج، ويكنى أبا مغيث، وقيل: أبا عبد الله [6] :
وَكَانَ جده محمى مجوسيا من أهل بيضاء فارس، ونشأ الحسين بواسط، وقيل:
بتستر، ثم تتلمذ لسهل التستري، ثم قدم بغداد وخالط الصوفية، ولقي الجنيد والنوري وغيرهما، وَكَانَ مخلطا ففي أوقات يلبس المسوح، وفي أوقات يلبس الثياب المصبغة،
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ك: «يستنبط مستودع» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 296) .
[4] في ت: «الجرجافي» خطأ.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 205) .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 112- 141، وطبقات الصوفية 307- 311، ووفيات الأعيان 2/ 140- 157، والأنساب 181، واللباب 1/ 330، وشذرات الذهب 2/ 233، 253- 257، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 126- 128، والمختصر في أخبار البشر 2/ 70، وسير أعلام النبلاء 9/ 2/ 218- 232، والبداية والنهاية 11/ 132، 144، ومرآة الجنان 2/ 253- 261، وميزان الاعتدال 1/ 548، وطبقات الأولياء 25، ولسان الميزان 2/ 314، وتاريخ الخميس 2/ 347، والكامل لابن الأثير 8/ 39، والإعلام 2/ 260، والفهرست 190- 192، وطبقات المفسرين للداوديّ 155) .(13/201)
وفى أوقات يلبس الدراعة والعمامة، ويمشي بالقباء على زي الجند، وطاف البلاد، وقصد الهند وخراسان، وما وراء النهر، وتركستان. وَكَانَ أقوام يكاتبونه بالمغيث، وأقوام بالمقيت، وتسميه أقوام المصطلم، وأقوام المخير [1] . وحج وجاور، ثم جاء إلى بغداد واقتنى العقار وبنى دارا، واختلف الناس فيه، فقوم يقولون: إنه ساحر، وقوم يقولون: له كرامات، وقوم يقولون: منمس.
قَالَ أَبُو بكر الصولي: قد رأيت الحلاج وجالسته [2] ، فرأيت جاهلا يتعاقل، وغبيا يتبالغ، وفاجرا يتزهد، وَكَانَ ظاهره أنه ناسك صوفي، فإذا علم أن أهل بلدة يرون الاعتزال صار معتزليا، أو يرون الإمام صار إماميا، وأراهم أن عنده علما [من إمامتهم، أو رأى أهل السنة صار سنيا] [3] [وَكَانَ خفيف الحركة] [4] مشعبذا، قد عالج الطب، وجرب الكيمياء، وَكَانَ مع جهله خبيثا، وَكَانَ يتنقل في البلدان.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ [الْقَزَّازِ] ، قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت الحافظ، قال:
حدثنا أَبُو سعيد السجزي، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عبد الله الشيرازي، قَالَ: سمعت أبا الحسن [5] بْن أبي توبة، يقول: سمعت عَلي بْن أَحْمَد الحاسب، يقول: سمعت والدي، يقول: وجهني المعتضد إلى الهند وَكَانَ [الحلاج] [6] معي في السفينة، [وهو] [7] رجل يعرف بالحسين بْن منصور، فلما خرجنا [8] من المركب، قلت له: في أي شيء جئت إلى هاهنا؟ قال: [جئت] [9] لأتعلم السحر، وأدعو الخلق إلى الله تعالى.
__________
[1] في ك: «وأقوام المجير» .
[2] في ص، ل: «وخاطبته» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتبت على هامشها.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ت: «سمعت أبا الحسين» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[8] في ت: «فلما خرج» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/202)
أخبرنا القزاز، قال: أخبرنا أحمد بن علي، أخبرنا علي بن أبي علي، عن أبي الحسن أَحْمَد بْن يُوسُف، قَالَ: كَانَ الحلاج يدعو كل قوم إلى شيء [1] على حسب ما يستبله طائفة طائفة، وأخبرني جماعة من أصحابه أنه لما افتتن الناس بالأهواز وكورها [2] بالحلاج، وما يخرجه لهم من الأطعمة والأشربة في غير حينها، والدراهم التي سماها دراهم القدرة، حدث أَبُو عَلي الجبائي بذلك، فَقَالَ لهم [3] : هذه الأشياء محفوظة في منازل تمكن الحيل فيها، ولكن أدخلوه بيتا من بيوتكم لا من منزله وكلفوه أن يخرج منه خرزتين سوداء [4] ، فإن فعل فصدقوه، فبلغ الحلاج قوله وأن قوما قد عملوا على ذلك، فخرج عن الأهواز.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بن علي بن ثابت [5] ، قال: حدثني مسعود بْن ناصر، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن باكويه، قال: سمعت أبا زرعة الطبري، يقول: سمعت مُحَمَّد بْن يحيى الرازي، يقول: سمعت عمرو بْن عثمان يلعن الحلاج، ويقول لو قدرت عليه [6] لقتلته بيدي [7] : قرأت آية من كتاب الله تعالى، فَقَالَ: يمكنني أن أؤلف مثله وأتكلم به.
قَالَ أَبُو زرعة: وسمعت أبا يعقوب الأقطع يقول: زوجت ابنتي من الحسين بْن منصور [الحلاج] [8] لما رأيت من حسن طريقته، فبان لي بعد مدة يسيرة أنه ساحر محتال [9] خبيث كافر.
قَالَ مؤلف الكتاب [10] : أفعال الحلاج وأقواله وأشعاره كثيرة، وقد جمعت أخباره
__________
[1] في ت: «يدعو كل وقت إلى شيء» .
[2] في ت: «افتتن الناس بالأهواز وغيرها» .
[3] «لهم» : ساقطة من ص، ل.
[4] في ك: «يخرج منه جوزتين سوداء» .
[5] في ص، ل، والمطبوعة: «أخبرنا الخطيب» .
[6] «عليه» : ساقطة من ص، ل.
[7] «بيدي» : ساقطة من ص، ل.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[9] في ص: «ماجن محتال» .
[10] في ت: «قال المصنف» .(13/203)
في كتاب سميته «القاطع لمحال اللجاج القاطع بمحال الحلاج» ، فمن أراد أخباره فلينظر فيه، وقد كَانَ هذا الرجل يتكلم بكلام الصوفية، فتبدر له كلمات حسان، ثم يخلطها بأشياء لا تجوز، وكذلك أشعاره فمن المنسوب إليه.
سبحان من أظهر ناسوته ... سر سنا [1] لاهوته الناقب
ثم بدا في خلقه ظاهرا ... في صورة الآكل والشارب
حتى لقد عاينه خلقه ... كلحظة الحاجب بالحاجب [2]
فلما شاع خبره أخذ وحبس ونوظر واستغوى جماعة، فكانوا يستشفون بشرب بوله حتى إن قوما [3] من الجهال قالوا إنه إله، وإنه يحيي الموتى.
قَالَ أَبُو بكر الصولي: أول من أوقع بالحلاج أَبُو الحسن عَلي بْن أَحْمَد الراسبي، فأدخله بغداد وغلاما له على جملين قد شهرهما، وذلك في ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثمائة، وكتب معهما كتابا يذكر فيه إن البينة [قد] [4] قامت عنده بأن الحلاج يدعي الربوبية، ويقول بالحلول، فأحضره عَلي بْن عيسى في هذه السنة، وأحضر القضاة [5] ، فناظروه فاسقط في لفظه ولم يجده يحسن من القرآن شيئا ولا من غيره، ثم حبس، ثم حمل إلى دار الخليفة فحبس. قَالَ الصولي: وقيل: إنه كَانَ يدعو في أول أمره إلى الرضا من آل مُحَمَّد فسعي به فضرب، وَكَانَ يرى الجاهل شيئا من شعبذته، فإذا وثق به دعا إلى أنه إله، فدعا فيمن دعاه أبا سهل بْن نوبخت، فَقَالَ له: أنبت في مقدم رأسي شعرا، ثم ترقت به الحال إلى أن دافع عنه نصر الحاجب، لأنه قيل له: إنه سني، وإنما تريد قتله الرافضة، وَكَانَ [يَقُولُ] [6] : في كتبه: إني مغرق قوم نوح، ومهلك عاد وثمود.
__________
[1] في ص: «سر ضوء» .
[2] في ل: «الحاجب للحاجب» .
[3] في ت: «حكى أن قوما» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ل: «وأحضر الفقهاء» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/204)
وَكَانَ يقول لأصحابه: أنت نوح، ولآخر أنت موسى، ولآخر أنت مُحَمَّد قد أعيدت أرواحهم إلى أجسادكم [1] .
وَكَانَ الوزير حامد بْن العباس قد وجد له [2] كتبا فيها: إذا صام الإنسان ثلاثة أيام بلياليها ولم يفطر، وأخذ في اليوم الرابع ورقات هندباء وأفطر عليها أغناه عن صوم رمضان، وإذا صلى في ليلة واحدة ركعتين من أول الليل إلى الغداة أغنته عن الصلاة بعد ذلك، وإذا تصدق في يوم واحد بجميع ما ملكه في ذلك اليوم أغناه عن الزكاة، وإذا بنى بيتا وصام أياما ثم طاف حوله عريانا مرارا أغناه عن الحج، وإذا صار إلى قبور الشهداء بمقابر قريش فأقام فيها عشرة أيام يصلى ويدعو ويصوم ولا يفطر إلا على شيء يسير من خبز الشعير والملح الجريش أغناه ذلك عن العبادة باقي عمره، فأحضر القضاة والعلماء والفقهاء بحضرة حامد، وقيل له: أتعرف هذا الكتاب؟ قَالَ: هذا الكتاب السنن للحسن البصري، فَقَالَ له حامد: ألست تدين بما في هذا الكتاب، فَقَالَ: بلى، هذا كتاب [3] أدين الله بما فيه، فَقَالَ له القاضي أَبُو عمر: [هذا نقض [4] شرائع الإسلام، ثم جاراه في كلام إلى أن قَالَ له أَبُو عمر] [5] : يا حلال الدم. فكتب بإحلال دمه وتبعه الفقهاء وأفتوا بقتله، وكتب إلى المقتدر بذلك، فكتب إذا كانت القضاة قد أفتوا بقتله [6] وأباحوا دمه، فليحضر [7] مُحَمَّد بْن عبد الصمد صاحب الشرطة، وليضربه ألف سوط، فان تلف وإلا ضربت عنقه، فأحضر بعد عشاء الآخرة ومعه جماعة من أصحابه على بغال موكفة يجرون مجرى الساسة، وليجعل على واحد منها ويدخل في غمار القوم، فحمل فباتوا مجتمعين حوله، فلما أصبح يوم الثلاثاء لست بقين من ذي
__________
[1] في المطبوعة: «أرواحهم إلى أجسامكم» .
[2] في ص، ل: «قد وجد كتبا» .
[3] «كتاب» : ساقطة من ص، ل.
[4] في ك: «هذا نقيض» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتبت على هامشها.
[6] «وكتب إلى المقتدر ... قد أفتوا بقتله» : العبارة ساقطة من ص، ل.
[7] في ص: «وأباحوا دمه فرسم ليحضر» .(13/205)
القعدة أخرج ليقتل، فجعل يتبختر [في قيده] [1] وهو يقول:
نديمي غير منسوب ... إلى شيء من الحيف
سقاني مثل ما يشر ... ب فعل الضيف بالضيف
فلما دارت الكأس ... دعا بالنطع والسيف
كذا من يشرب الراح ... مع التنين في الصيف
وضرب ألف سوط، ثم قطعت يده، ثم رجله، وحز رأسه، وأحرقت جثته، وألقى رماده في دجلة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ [الْقَزَّازِ] [2] ، قَالَ: أخبرنا أحمد بْن عَلي بْن ثَابِت [3] ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عُثْمَان الصَّيْرفيّ، قَالَ: قال لنا أبو عمر ابن حيويه: لما أخرج الحلاج ليقتل مضيت في جملة الناس ولم أزل أزاحم حتى رأيته، فَقَالَ لأصحابه: لا يهولنكم هذا فإني عائد إليكم بعد ثلاثين يوما.
[قَالَ المؤلف] [4] وهذا الإسناد صحيح لا يشك فيه، وهو يكشف حال هذا الرجل أنه كَانَ ممخرقا/، يستخف عقول الناس إلى حالة الموت.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا القاضي أَبُو العلاء، قَالَ: لما أخرج الحسين بْن منصور ليقتل أنشد:
طلبت المستقر بكل أرض ... فلم أر لي بأرض مستقرا
أطعت مطامعي فاستعبدتني ... ولو أنى قنعت لكنت حرا
2180- حامد بْن مُحَمَّد بْن شعيب بْن زهير، أَبُو العباس البلخي المؤدب [5] :
حدث عن سريج بْن يونس، روى عنه أَبُو بكر الشافعي، قَالَ الدارقطني: هو ثقة. توفي في محرم هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وفي ك: «يتبختر في قيده» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفي ك: «أخبرنا عبد الرحمن بن محمد» .
[3] في ص، ل: «أخبرنا الخطيب» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ص، ل، ت.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 169، وشذرات الذهب 2/ 258، والعبر 2/ 144، ومعجم شيوخ الإسماعيلي 260، وسؤالات السهمي للدارقطنيّ 247) .(13/206)
2181- محمد بن أحمد بن موسى، أبو عبد الله المصيصي يعرف بالسوانيطي [1] :
قدم بغداد، وحدث بها عن عَلي بْن بكار وغيره.
وتوفي وهو متوجه إلى بلده برأس العين في هذه السنة.
2182- مُحَمَّد بْن الحسين بْن مكرم، أَبُو بكر البغدادي [2] :
سمع بشر بْن الوليد، وعُبَيْد اللَّهِ بْن عمر القواريري، وخلقا كثيرا وانتقل إلى البصرة حتى مات بها، روى عنه محمد بن مخلد. وقال إبراهيم بْن فهد: ما قدم علينا من بغداد أعلم بحديث رسول الله صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أبي بكر ابن مكرم بحديث البصرة [خاصة] [3] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي، قال: حدثني عَلي بْن مُحَمَّد بْن نصر، قَالَ: سمعت حمزة السهمي يقول: سألت الدارقطني عن مُحَمَّد بْن الحسين بْن مكرم، فَقَالَ: [هو] [4] ثقة.
توفي بالبصرة في [ذي الحجة أو] [5] ذي القعدة من هذه السنة.
2183- مُحَمَّد بن خلف بْن المرزبان بْن بسام، أَبُو بكر المحولي [6] :
كَانَ يسكن باب المحول فنسب إليه، وَكَانَ حسن التصانيف. حدث عن الزبير بْن بكار، وابن أبي الدنيا [7] ، وغيرهما، روى عنه أبو بكر ابن الأنباري في جماعة آخرهم أبو عمر ابن حيويه. وتوفي في هذه السنة [وَكَانَ صدوقا ثبتا] [8] .
__________
[1] في ك: «السواسطي» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 357) .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 233، وشذرات الذهب 2/ 258، وفيه: «أبو بكر محمد بن الحسين بن المكرم البغدادي» ، وسؤالات السهمي للدارقطنيّ 27) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 237، وتذكرة الحفاظ 757، والفهرست لابن نديم 86، 149، 150، والنجوم الزاهرة 3/ 203، والوافي بالوافيات 3/ 44، واللباب 3/ 108، وإرشاد الأريب 7/ 105، والأعلام 6/ 115 وشذرات الذهب 2/ 258، ولسان الميزان 5/ 157، وطبقات المفسرين للداوديّ 486) .
[7] في ك: «وأخي ابن أبي الدنيا» .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك، ل.(13/207)
ثم دخلت سنة عشر وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أن يُوسُف بْن أبي الساج أطلق في المحرم، وحمل إليه مال، وخلع [عليه] [1] وقرر أن يحمل [في] [2] كل سنة خمسمائة ألف دينار من أعمال ضمنت [3] إليه، فبعث إلى مؤنس يطلب منه إنفاذ أبي بكر ابن الآدمي القارئ، فخاف أَبُو بكر لأنه كَانَ [قد] [4] قرأ بين يديه يوم شهر: وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ 11: 102 [5] فَقَالَ له مؤنس: لا تخف فأنا شريكك في الجائزة فمضى، فدخل عليه، فَقَالَ: هاتوا [كرسيا] [6] لأبي بكر، فجلس فَقَالَ: اقرأ، فقرأ: وَقال الْمَلِكُ ائْتُونِي به أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي 12: 54 [7] فَقَالَ: لا أريد هذا بل أريد لتقرأ ما قرأته بين يدى حين شهرت: وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ 11: 102 فقرأ فبكى، وَقَالَ: هذه الآية كانت سبب توبتي من كل محظور، ولو أمكنني ترك خدمة السلطان لتركت، وأمر له بمال.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ك، ت: «من أعمال ضمت إليه» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] سورة: هود، الآية: 102.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] سورة يوسف، الآية: 54.(13/208)
قَالَ مؤلف الكتاب] [1] : وقد ذكرنا أنه شهر في سنة إحدى وسبعين ومائتين وحينئذ قرأ بين يديه وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ 11: 102 [2] وذلك في خلافة المعتمد، وفى هذه السنة استزاره فأكرمه وذلك في خلافة المقتدر.
وفى هذه السنة: اعتل عَلي بْن عيسى، فركب لعيادته هارون بْن المقتدر ومعه مؤنس ونصر القشوري ووجوه الغلمان، وفرش له الطريق من الشط إلى المجلس، فتلقاه أَبُو الحسن متحاملا، وأدى إليه رسالة المقتدر بالمسألة عن خبره، ثم قيل: إن المقتدر قد عزم على الركوب إليه فانزعج لذلك وسأل مؤنسا أن يستعفي له منه، وَكَانَ قد صلح بعض الصلاح، فركب إلى الدار على ضعف شديد وطلع ليفسخ بذلك ما وقع عليه العزم ثم برأ.
وفيها: سخط على أم موسى القهرمانة وقبض عليها وعلى أنسابها [3] ومن كانت تعنى به، فصح منها في بيت المال ألف ألف دينار. واختلف في السبب، فقيل: إن المقتدر اعتل فبعثت إلى بعض أهله ليقرر عليه ولاية الأمر، فانكشف ذلك، وقيل: بل زوجت بنت أخيها إلى أبي بكر بْن أبي العباس مُحَمَّد بْن إسحاق [4] بْن المتوكل، فسعى بها أعداؤها وثبتوا في نفس المقتدر والسيدة والدته أنها ما فعلت ذلك [إلا] لتنصب مُحَمَّد بْن إسحاق في الخلافة، فتمت عليها النكبة.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز [5] ، أخبرنا أحمد بن علي، أَخْبَرَنَا علي بْن المحسن، أَخْبَرَنَا طلحة بْن مُحَمَّد، قَالَ: صرف المقتدر باللَّه أبا جعفر أَحْمَد بْن إسحاق بْن البهلول يوم الخميس لعشر بقين من ربيع الآخر سنة عشر [وثلاثمائة] [6] عن القضاء بمدينة أبي
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[2] سورة: هود، الآية: 102.
[3] في ك: «وقبض عليها وعلى أسبابها» .
[4] في ت: «محمد بن مهدي» . خطأ.
[5] في ت: «ومن الحوادث أخبر أبو منصور القزاز» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.(13/209)
جعفر [المنصور] [1] ، واستقضى في هذا اليوم [2] أبا الحسين عمر بْن الحسين [3] بْن عَلي الشيباني المعروف بابن الاشناني، وخلع عليه، ثم جلس يوم السبت للحكم، وصرف يوم الأحد، وكانت ولايته ثلاثة أيام، وَكَانَ من جلة الناس ومن أصحاب الحديث المحمودين، وأحد الحفاظ وَكَانَ قبل هذا يتولى القضاء بنواحي الشام، وتقلد الحسبة [4] ببغداد.
وفي جمادى الأولى تقلد نازوك الشرطة بمدينة السلام مكان أبي طاهر مُحَمَّد بْن عبد الصمد، وخلع عليه.
وفي جمادى الآخرة ظهر كوكب ذو ذنب في المشرق [5] في برج السنبلة، طوله نحو ذراعين.
وفى شعبان وصلت هدية الحسين بْن أَحْمَد [بْن] [6] المادرائي من مصر، وهي بغلة ومعها فلو، وغلام طويل اللسان يلحق طرف [لسانه] [7] أنفه.
وفى هذا الشهر [8] قرئت الكتب على المنابر في الجوامع بفتح كَانَ في بلاد الروم لأهل طرسوس وملطية وقاليقلا.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن محمد القزاز، أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي [بن ثابت] [9] . أَخْبَرَنَا علي بْن المحسن، أَخْبَرَنَا طلحة بْن محمد بْن جعفر، قَالَ: استقضى المقتدر باللَّه في يوم النصف من رمضان سنة عشر وثلاثمائة أبا الحسين عمر بن أبي عمر
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[2] في ت، ك: «في هذه الأيام» .
[3] في ت، ك: «عمر بن الحسن» .
[4] في ك: «ويتقلد الحسبة» .
[5] في ك: «كوكب ذو مذنب في المشرق» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] في ت: «وفي هذه السنة» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/210)
مُحَمَّد بْن يُوسُف بْن يعقوب، وَكَانَ قبل هذا يخلف أباه على القضاء بالجانب الشرقي [و] [1] الشرقية، وسائر ما كَانَ إلى قاضي القضاة أبي عمر، وذلك أنه استخلفه وله عشرون سنة، ثم استقضى بعد استخلاف أبيه له على أعمال كثيرة، ثم قلد مدينة السلام في حياة أبيه.
وفى رمضان قلد المطلب بْن إبراهيم الهاشمي الصلاة في جامع الرصافة ببغداد.
وفى يوم الفطر ركب الأمير أَبُو العباس ابن المقتدر [2] إلى المصلى ومعه الوزير حامد بْن العباس، وعلي بْن عيسى، ومؤنس المظفر، والجيش [3] . وصلى بالناس إسحاق بْن عبد الملك الهاشمي.
وفى يوم الاثنين سلخ ذي القعدة أخرج رأس الحسين بْن منصور الحلاج من دار السلطان ليحمل إلى خراسان.
وورد الخبر بأنه انشق بواسط [4] سبعة عشر شقا أكبرها ألف ذراع [5] ، وأصغرها مائتا ذراع، وأنه غرق من أمهات القرى ألف وثلاثمائة قرية.
وفيها حج بالناس [6] إسحاق بْن عبد الملك.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2184- أَحْمَد بْن إبراهيم بْن كامل، أَبُو الحسن مولى بنى فهر [7] :
كَانَ ثقة. وتوفي في جمادي الأولى من هذه السنة، وله اثنتان وثمانون سنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] على هامش ك: «وهو الراضي باللَّه الّذي تولى الخلافة بعد القاهر» .
[3] في ت: «ومؤنس المظفر، والحسن» .
[4] في ك، ت: «بأنه انبثق بواسط» .
[5] في ت: «سبعة عشر نبقا أكثرها ألف ذراع» .
[6] في ت: «وحج بالناس في هذه السنة» .
[7] في ت: «أبو الحسين» .(13/211)
2185- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يحيى، أَبُو عَلي:
حدث عن الحارث بْن مسكين، وَكَانَ ثقة، وتوفي في شعبان هذه السنة.
2186- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سهل السراج، [أَبُو الحسن] [1] :
حدث عن يونس بْن عبد الأعلى وغيره، وَكَانَ ثقة دينا، توفي في [شهر] [2] رمضان هذه السنة.
2187- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عبد الواحد بْن يزيد بْن ميمون، أبو جعفر الطائي [3] :
حمصي قدم مصر وحدث بها، وَكَانَ ثقة، توفي بمصر في رجب هذه السنة.
2188- أَحْمَد [بْن عبد الله] [4] بْن مُحَمَّد بْن هلال بْن نافع، أَبُو جعفر المقرئ مولى الأزد [5] :
حدث عن أبيه وغيره، وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة.
2189- الحسن بْن الحسين بْن عَلي بْن عبد الله [6] بْن جعفر، أَبُو عَلي الصواف المقرئ [7] :
سمع من أبي سعيد الأشج، وغيره. وَكَانَ ثقة فاضلا نبيلا، سكن الجانب الشرقي، توفي في رمضان هذه السنة، ودفن في مقابر الخيزران.
2190- خالد بْن مُحَمَّد بن خالد، [أَبُو مُحَمَّد
الصفار الختلي [[8]] :
حدث عن يحيى بْن معين. روى عنه عَلي بْن مُحَمَّد السكري، سئل عنه الدارقطني، فَقَالَ: صالح، توفي في هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] انظر ترجمته في: (.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] انظر ترجمته في: (.
[6] في ك: «علي بن عبيد الله» . وكذا في ت.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 297) .
[8] الختّل: بضم أوله، وتشديد ثانيه، كورة واسعة المدن خلف جيحون» معجم البلدان (2/ 346) ،(13/212)
2191- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مسلمة] [1] ، أَبُو مُحَمَّد الفزاري:
حدث عن عباد بْن الوليد الغبري [2] ، روى عنه ابن المظفر/ وكان ثقة.
وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة.
2192- عَبْد الرَّحْمَنِ بْن مُحَمَّد [3] ، بْن عبد الرحمن بْن هلال، أَبُو مُحَمَّد القرشي الشامي المعروف بأبي صخرة الكاتب [4] :
سمع علي بن المديني، [؟] ، ويحيى بْن أكثم. روى عنه ابن المظفر. وكان ثقة. وتوفي ببغداد في شوال هذه السنة.
2193- عيسى بن سليمان بن عبد الملك، أبو القاسم القرشي [5] :
وراق داود بن رشيد، حدث عنه، و [عن] [6] غيره، روى عنه ابن المظفر- وَكَانَ ثقة-. توفي فِي شعبان هَذِهِ السنة.
2194- محمد بن أَحْمَد بْن حماد بْن سعد [7] ، أَبُو بشر الدولابي الوراق [8] :
مولى الأنصار، وكانت له معرفة بالحديث، وكان حسن التصنيف [9] ، وحدث عن
__________
[ () ] ومراصد (1/ 452) . وفي البكري: بضم أوله وتشديد ثانيه، وضمه، وباللام، موضع في أقاصي خراسان» كما في هامش المراصد، وفي اللباب (1/ 421) : «وبضم الخاء والتاء، وهي قرية على طريق خراسان» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 317 وسؤالات السهمي للدارقطنيّ 288) .
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ك: «ابن الوليد البغوي» . وفي ص: «ابن الوليد الغزي» . خطأ.
[3] في ت: «عبد الله بن محمد» خطأ.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 285، 286) .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 173) .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ت: «ابن حماد بن سعيد» .
[8] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 145، وتذكرة الحفاظ 2/ 291، ولسان الميزان 5/ 41، وشذرات الذهب 2/ 260. ووفيات الأعيان 4/ 352. واللباب 1/ 431. والأعلام 5/ 308، والوافي بالوفيات 2/ 36. والأنساب 5/ 413) .
[9] من مصنفاته: «الكنى والأسماء» وهو مطبوع ومتداول.(13/213)
أشياخ فيهم كثرة، قَالَ أَبُو سعيد بْن يونس: وَكَانَ يضعف، توفي وهو قاصد إلى الحج بين مكة والمدينة بالعرج في ذي القعدة من هذه السنة.
2195- مُحَمَّد بن أحمد بْن هلال، أَبُو بكر الشطوي [1] :
سمع أبا كريب، وأحمد بْن منيع، وغيرهما وروى عنه مُحَمَّد بْن المظفر وغيره، وربما سماه بعض الرواة أَحْمَد بْن مُحَمَّد، ومحمد بْن أَحْمَد أكثر.
وتوفي لأربع خلون من ربيع الأول من هذه السنة.
2196- مُحَمَّد بن إبراهيم بن آدم بْن أبي الرجال، أَبُو جعفر الصالحي [2] :
سكن بغداد وحدث بها عن بشر بْن هلال الصواف، وأزهر بْن جميل، وغيرهما.
روى عنه ابن المظفر، وغيره. وَكَانَ ثقة. [توفي في هذه السنة] [3] .
2197- مُحَمَّد بْن بنان بْن معن [4] ، أَبُو إسحاق الخلال [5] :
سمع مُحَمَّد بْن المثنى، ومهنأ بْن يحيى الشامي، وغيرهما. روى عنه علي بن عمر السكري، وأبو الفضل الزهري، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قَالَ: أنبأنا أَحْمَد بْن عَلي، قَالَ: أنبأنا الأزهري، قَالَ: أنبأنا عَلي بْن عمر الحافظ، قَالَ: مُحَمَّد بْن بنان بغدادي لم يكن به بأس. توفي في شعبان هذه السنة.
2198- مُحَمَّد بْن جعفر بْن العباس بْن عيسى بْن أبي جعفر المنصور، يكنى أبا جعفر [6] :
كَانَ خطيب الجامع بمدينة المنصور، فلم يزل يتولى ذلك حتى توفي في يوم السبت لثمان بقين من ذي الحجة من هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 371) .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 403، 404) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ت: «محمد بن بيان بن معن» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 107) .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 134) .(13/214)
2199- مُحَمَّد بْن جرير بْن يزيد بْن كثير بْن غالب، أَبُو جعفر الطبري [1] :
ولد في آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وعشرين ومائتين، وَكَانَ أسمر إلى الأدمة أعين ملتف الجسم [2] ، مديد القامة، فصيح اللسان، سمع محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، وإسحاق بْن [أبي] [3] إسرائيل، وأحمد بْن منيع البغوي، وأبا همام الوليد بْن شجاع، وأبا كريب، ويعقوب الدورقي، وأبا سعيد الأشج، ومحمد بْن بشار، وخلقا كثيرا من أهل العراق، والشام، ومصر. وحدث عنه أَحْمَد بْن كامل القاضي وغيره، استوطن ابن جرير بغداد إلى حين وفاته، وَكَانَ قد جمع من العلوم ما رأس به أهل عصره، وَكَانَ حافظا للقرآن، بصيرا بالمعاني، عالما بالسنن، فقيها في الأحكام، عالما باختلاف العلماء [4] ، خبيرا بأيام الناس وأخبارهم، وتصانيفه كثيرة منها: كتاب «التاريخ» [5] ، وكتاب «التفسير» [6] و «تهذيب الآثار» [7] إلا أنه لم يتمم تصنيفه وله في أصول الفقه وفروعه كتب كثيرة.
أَخْبَرَنَا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد الْقَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ [علي بْن ثَابِت] [8] الخطيب، قَالَ: [سمعت] [9] عَلي بْن عبيد الله بن عبد الغفار
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 162، وإرشاد الأريب 6/ 423، وتذكرة الحفاظ 710، ووفيات الأعيان 4/ 191، 192، وطبقات السبكي 2/ 135- 140، وتهذيب الأسماء للنووي 1/ 78، وروضات الجنان 163، وطبقات القراء 2/ 160، ومفتاح السعادة 1/ 205، 415، 2/ 176، وطبقات القراء للذهبي 1/ 213، وطبقات المفسرين للسيوطي 30، والفهرست 234، البداية والنهاية 11/ 145، وغاية النهاية 2/ 106، واللباب 2/ 81، ومرآة الجنان 2/ 261، والوافي بالوفيات 2/ 284، وطبقات المفسرين للداوديّ 468، وميزان الاعتدال 3/ 498، ولسان الميزان 5/ 100، وكشف الظنون 437، والأعلام 6/ 69، وشذرات الذهب 2/ 260. ومعجم الأدباء 18/ 40) .
[2] في ت: «نحيف الجسم» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ت: «عارفا باختلاف العلماء» .
[5] وهو تاريخ المرسل والملوك، والمعروف بتاريخ الطبري، وقد أكثر المصنف النقل عنه في هذا الكتاب.
[6] وهو كتاب تفسير الطبري المعروف.
[7] في ت: «تذهيب الآثار» . وقد طبع.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/215)
اللغوي يحكي أن مُحَمَّد بْن جرير مكث أربعين سنة يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة.
أخبرنا أبو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو بَكْر الخطيب، قَالَ: أخبرني الْقَاضِي أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن سلامة القضاعي أجازة، قال: حَدَّثَنَا عَلي بْن نصر بْن الصباح الثعلبي [قَالَ] : حَدَّثَنَا القاضي أَبُو عمر عُبَيْد اللَّهِ بْن أَحْمَد السمسار وأبو الْقَاسِم بْن عقيل الوراق: أن أبا جعفر الطبري قَالَ لأصحابه أتنشطون لتفسير القرآن [1] ؟ قالوا: كم يكون قدره [2] ؟ قَالَ: ثلاثون ألف ورقة، فقالوا: هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه، فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة، ثم قَالَ: هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا هذا؟
قالوا: كم يكون قدره [3] ؟ فذكر نحوا مما ذكر في التفسير، فأجابوه بمثل ذلك، فَقَالَ: إنا للَّه ماتت الهمم، فاختصره في نحو مما اختصر التفسير.
[أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر الخطيب، قَالَ أنشدنا عَلي بْن عبد العزيز الطاهري، ومحمد بْن جعفر بْن علان الشروطي، قالا: أنشدنا مخلد بْن جعفر الدقاق [4] ، قَالَ: أنشدنا مُحَمَّد بْن جرير الطبري.] [5] .
إذا أعسرت لم يعلم رفيقي [6] ... وأستغني فيستغني صديقي
حيائي حافظ لي ماء وجهي ... ورفقي في مطالبتي رفيقي
ولو أنى سمحت ببذل وجهي ... لكنت إلى الغنى سهل الطريق
قَالَ: وأنشدنا أيضا
خلقان لا أرضى طريقهما [7] ... بطر الغنى ومذلة الفقر
__________
[1] في ت: «أتنشطوا إلى تفسير القرآن» .
[2] في ت: «كم يكون ورقه» .
[3] في ت: «كم يكون ورقه» .
[4] في جميع النسخ: «محمد بن مخلد بن جعفر الدقاق» . وهو خطأ وما أوردناه من تاريخ بغداد.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ت: إذا أمرت لم يعلم رفيقي» .
[7] في ت: «خلتان لا أرض طريقهما» .(13/216)
فإذا غنيت فلا تكن بطرا ... واذا افتقرت فته على الدهر
توفي أَبُو جعفر [الطبري] [1] وقت المغرب من عشية الأحد ليومين بقيا من شوال سنة عشر وثلاثمائة، ودفن وقد أضحى النهار يوم الاثنين برحبة يعقوب في ناحية باب خراسان في حجرة بإزاء داره [2] ، وقيل: بل دفن ليلا ولم يؤذن به أحد، واجتمع من لا يحصيهم إلا الله، وصلى على قبره عدة شهور ليلا ونهارا.
وذكر ثَابِت بْن سنان في تاريخه: أنه إنما أخفيت حاله لأن العامة اجتمعوا [ومنعوا] [3] من دفنه بالنهار وادعوا عليه الرفض، ثم ادعوا عليه [4] الإلحاد.
قَالَ المصنف: كَانَ ابن جرير يرى [جواز] [5] المسح على القدمين ولا يوجب غسلهما، فلهذا نسب إلى الرفض، وَكَانَ قد رفع في حقه أَبُو بكر بْن أبي داود قصة إلى نصر الحاجب [6] يذكر عنه أشياء فأنكرها، منها: أنه نسبه إلى رأى جهم، وَقَالَ: إنه قائل: بَلْ يَداهُ [مَبْسُوطَتانِ] 5: 64 [7] أي: نعمتاه، فأنكر هذا، وَقَالَ ما قلته، ومنها: أنه روى أن روح رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما خرجت سالت في كف عَلي فحساها [8] ، فَقَالَ: إنما الحديث مسح بها على وجهه وليس فيه حساها.
قَالَ المصنف [رحمه الله] [9] : وهذا أيضا محال إلا أنه كتب ابن جرير في جواب هذا إلى نصر الحاجب [10] : لا عصابة في الإسلام كهذه العصابة الخسيسة، وهذا قبيح منه، لأنه كَانَ ينبغي أن يخاصم من خاصمه، وأما أن يذم طائفته جميعا وهو يدري إلى من ينتسب فغاية في القبح.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: «في حجرة بجوار داره» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] «الرفض ثم ادعوا عليه» : ساقطة من ك.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ص: «إلى نصر الخادم» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. والآية رقم: 64 من سورة: المائدة.
[8] في ت: «في كف على- يعني أنه عنه فحساها» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] في ص: «إلى نصر الخادم» .(13/217)
ثم دخلت سنة إحدى عشرة وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أن بغلة وردت من مصر إلى بغداد ومعها فلو، وقد وضعت مهرا [1] في ربيع الأول، وَكَانَ يرتضع [2] منها.
وأنه ظهر الجراد [وعظم أمره] [3] ، وكثر إفساده للغلات.
وأنه قلد أَبُو عمرو [4] حمزة بْن الْقَاسِم الصلاة في جامع المدينة، وشغب الجند في المحرم، فلما أطلقت أرزاقهم سكنوا.
وخلع على مؤنس المظفر وعقد له على الغزاة للصائفة [في هذه السنة] [5] .
وقرئ كتاب على المنبر بالفتح على المسلمين من طرسوس. وَكَانَ نازوك أمر بضرب غلامين كَانَ أحدهما غلاما لبعض الرجالة المصافية، فحمل الرجالة السلاح وقصدوا دار نازوك، ووقعت بينهم حرب، وقتل جماعة، فركب المقتدر وبلغ إلى باب العامة، ثم أشار عليه نصر الحاجب بالرجوع فرجع، ووجه القواد للتسكين وشغلهم بإطلاق أرزاقهم فسكنوا [6] .
__________
[1] في ت: «فوضعت مهرا» .
[2] في ك: «وكان يرضع منها» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في تاريخ بغداد: «وإنه قلد أبو عمر» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ت، ك: «بإطلاق أرزاق الجند فسكنوا» .(13/218)
[وصرف حامد بْن العباس عن الوزارة، وعلي بْن عيسى عن الدواوين والأعمال، لأنه أخر أرزاق الجند] [1] .
وقبض [على] عَلي بْن عيسى وأنسابه [2] ، والمتصرفين في أيامه، وقرر عليا ثلاثمائة ألف دينار.
وأخرج أَبُو الحسن عَلي بْن محمد [3] [بن] [4] الفرات، فقلد الوزارة يوم الخميس لتسع بقين من ربيع الآخر، وخلع عليه، وعلى ابنيه المحسن والحسين [5] ، وأقطع الدار بالمخرم، وجلسوا للهناء وأخذوا ابن الفرات حامد بْن العباس فصادره وأخذ خطه بألف ألف دينار وثلاثمائة ألف دينار، وصادر مؤنسا خادم حامد على ثلاثين ألف دينار وروسل عَلي بْن عيسى أن يقرر بأمواله، فكتب أنه لا يقدر على أكثر من ثلاثة آلاف دينار، فأخذه المحسن ولد ابن الفرات [6] وألبسه جبة صوف وأهانه وناله بالأذى الفاحش حتى استخرج منه اليسير.
وورد الخبر في ربيع الآخر بدخول أبي طاهر سليمان بْن الحسن الجنابي إلى البصرة سحر [7] يوم الاثنين لخمس بقين من ربيع الآخر في ألف وسبعمائة رجل، وأنه نصب سلاليم بالليل على سورها [8] ، وصعد على أعلى السور، ثم نزل إلى [9] البلد، وقتل البوابين الذين [على الأبواب] [10] ، وفتح الأبواب، وطرح بين كل مصراعين حصباء
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ك: «علي بن عيسى وأسبابه» .
[3] «علي بن محمد» : ساقط من ك.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ت: «وعلى ابنيه الحسن والحسين» .
[6] في ت: «فأخذه الحسن ولد ابن الفرات» .
[7] «سعر» : ساقطة من ص، ل.
[8] «على سورها» : ساقطة من ص، ل.
[9] «إلى» : ساقطة من ص، ل.
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفي ك: «الذين على باب السور» . وفي ل: «الذين على أبواب السور» .(13/219)
ورملا كَانَ معه [1] على الجمال لئلا يمكن غلق الأبواب عليه، ووضع السيف في أهل البصرة، وأحرق المربد، ونقض الجامع ومسجد قبر طلحة [2] ، وهرب الناس فطرحوا أنفسهم في الماء، فغرق أكثرهم، وأقام أَبُو طاهر بالبصرة سبعة عشر يوما يحمل على جماله كل ما يقدر عليه من الأمتعة والنساء/ والصبيان، وخرج منها بما معه يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة [خلت] [3] . من جمادى الآخرة، [وولى] [4] منصرفا إلى بلده.
وفى رجب استخلف القاضي أَبُو عمر ولده على القضاء بمدينة السلام، وركب إلى جامع الرصافة وحكم.
وفى رابع عشر رمضان، وقع برد المواريث إلى ذوي الأرحام.
وفى نصف رمضان أحرق على باب العامة صورة ماني وأربعة أعدال من كتب الزنادقة، فسقط منها ذهب وفضة مما كَانَ على المصاحف له قدر.
وفي هذه السنة اتخذ أبو الحسن ابن الفرات مارستانا في درب المفضل [5] ، وأنفق عَلَيْهِ من ماله [6] في كل شهر مائتي دينار جاريا.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2200- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هارون أَبُو بكر [7] الخلال:
سمع الحسن بْن عرفة، وسعدان بْن نصر، وغيرهما وصرف عنايته إلى الجمع
__________
[1] في ك، ل: «بين كل مصراعين حصى ورملا كان معه» . وفي ت: «بين كل مصراعين منها حصى ورمل» .
[2] في ت: «ومشهد قبر طلحة» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ك: «في درب الفضل» .
[6] في ك، ص، ل، والمطبوعة: «وأنفق من ماله عليه» .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 112، والبداية والنهاية 11/ 148، وطبقات الحنابلة 2/ 12، ومناقب الإمام أحمد 512، والأعلام 206، وشذرات الذهب 2/ 261) .(13/220)
لعلوم أَحْمَد بْن حنبل وطلبها وسافر لأجلها وصنفها وجمع منها ما لم يجمعه أحد وكل من تبع هذا المذهب يأخذ من كتبه [1] ، وتوفي فِي يوم الجمعة [2] قبل الصلاة ليومين خلوا من ربيع الأول من هذه السنة، ودفن إلى جنب المروذي [في الدكة] [3] .
2201- أَحْمَد بْن حفص بْن يزيد أَبُو بكر المعافري:
[حدث و] [4] روى عن عيسى بْن حماد وغيره، وَكَانَ فاضلا.
توفي في ربيع الأول من هذه السنة.
2202- أحمد بن محمد بن الحسين، أَبُو مُحَمَّد الجريري [5] :
سمع سريا [6] ، وَكَانَ الجنيد يكرمه، وقيل له عند وفاته: إلى من نجلس بعدك؟
فقال: إلى أبي محمد الجريري [7] .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أَخْبَرَنَا الخطيب [8] ، أَخْبَرَنَا عبد الكريم بْن هوازن، قَالَ: أخبرني مُحَمَّد بْن الحسين السلمي، قَالَ: سمعت عبد الله الرازي، يقول: سمعت الجريري، يقول: منذ عشرين سنة ما مددت رجلي عند جلوسي [9] في الخلوة، فإن حسن الأدب مع الله أولى.
__________
[1] من كتبه: «تفسير الغريب» ، و «طبقات أصحاب أحمد» ، و «الحث على التجارة والصناعة والعمل» ، و «السنة» و «العلل» ، و «الجامع لعلوم أحمد» .
[2] في ص: «وتوفي في يوم الخميس» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 430- 434، والبداية والنهاية 11/ 148، وطبقات الصوفية 261- 264، وحلية الأولياء 10/ 347- 349، وصفة الصفوة 2/ 252، والرسالة القشيرية 30، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 171- 173، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 11، واللمع 25، 49، 94، والنجوم الزاهرة 39/ 16، والكواكب الدرية 2/ 9. 10) .
[6] في ك: «صحب سريا» .
[7] في ص، ك: «أبي محمد الحريري» .
[8] في ك: «أخبرنا أَبُو منصور القزاز، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ» .
[9] في ك: «ما مددت رجلي وقت جلوسي» .(13/221)
قَالَ عبد الكريم: وسمعت عبد الله بْن يُوسُف الأصبهاني يقول: سمعت أبا الفضل الصرام، يقول: سمعت عَلي بْن عبد الله يقول: اعتكف أبو محمد الجريريّ بمكة في سنة اثنتين وتسعين ومائتين، فلم يأكل ولم ينم ولم يستند إلى حائط، ولم يمد رجليه [1] ، فَقَالَ له أَبُو بكر الكتاني: يا أبا مُحَمَّد بماذا قدرت على اعتكافك؟ فَقَالَ: علم الله صدق باطني، فأعانني على ظاهري.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن [بن محمد] [2] قال: أخبرنا أحمد بن عَلي، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عبد الواحد، أَخْبَرَنَا أبو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي، قَالَ: سمعت أبا سعيد الرازي [3] ، يقول: توفي الجريري سنة وقعة الهبير، وطئته الجمال وقت الوقعة.
قَالَ السلمي: وسمعت أبا عبد الله الرازي، يقول: وقعة الهبير كانت في سنة إحدى عشرة وثلاثمائة.
قَالَ مؤلف الكتاب [4] ، [رحمه الله] الهبير اسم موضع عارض فيه أَبُو سعيد الجنابي القرمطي الحاج، فأصاب منهم جماعة فتفرقوا فعاد وعارضهم في محرم [5] سنة اثنتي عشرة، وفتك بهم الفتك القبيح، فجائز أن يكون الجريري قد هلك في المعارضة الأولى، وإنما هلك في الطريق وبقي على حاله.
وأخبرنا أَبُو منصور القزاز، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بكر أحمد بن عَلي [بْن ثَابِت] الحافظ [6] ، أَخْبَرَنَا عبد الكريم بْن هوازن، قَالَ: سمعت أبا عبد الله بْن باكوية الشيرازي، يقول: سمعت أَحْمَد بْن عطاء الروذباري، يقول: مات الجريري سنة الهبير، فحزت عليه بعد سنة، وإذا هو مستند جالس وركبته إلى صدره [7] ، وهو يشير إلى الله تعالى بإصبعه.
__________
[1] في ت: «ولم يمدد رجليه» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ك: «أبا سعيد الداريّ» .
[4] في ت: «قال أبو الفرج المصنف» . وفي ك: «قال المؤلف» .
[5] «محرم» : ساقطة من ل، ص.
[6] في ص، ل: «أخبرنا أبو بكر بن ثابت» .
[7] في ص: «وركبتيه إلى صدره» .(13/222)
2203- أَحْمَد بْن حمدان بْن عَلي بْن سنان، أَبُو جعفر النيسابوري [1] :
لقى أبا حفص [وغيره] [2] وَكَانَ من الورعين، وأسند الحديث، وله كلام حسن، وَكَانَ يقول: أنت تبغض [أهل] [3] المعاصي بذنب واحد تظنه ولا تبغض نفسك مع ما تيقنته من ذنوبك. توفي في هذه السنة.
2204- إبراهيم بْن السرى بْن سهل، أَبُو إسحاق الزجاج [4] :
كَانَ من أهل الفضل والعلم مع حسن الاعتقاد، وله تصانيف حسان.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتِ بْن حسان [قَالَ] [5] : أَخْبَرَنَا عَلي بْن أبي عَلي البغدادي، قَالَ: أخبرني أَبُو الحسن أَحْمَد بْن يُوسُف الأزرق في كتابه، قَالَ: حدثني أَبُو مُحَمَّد بْن درستويه، قَالَ: حدثني الزجاج، قَالَ: كنت أخرط الزجاج، فاشتهيت النحو فلزمت المبرد لتعلمه، وَكَانَ لا يعلم مجانا [ولا يعلم] [6] بأجرة إلا على قدرها، فقال لي: أي شيء صناعتك؟ قلت: أخرط الزجاج وكسبي في كل يوم درهم ونصف وأريد أن تبالغ في تعليمي وأنا أعطيك كل يوم درهما، وأشترط لك أني أعطيك إياه أبدا إلى أن يفرق الموت بيننا استغنيت عن التعلم أو احتجت إليه، قَالَ: فلزمته وكنت أخدمه في أموره ومع ذلك فأعطيه الدرهم، فينصحني
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 2/ 261، والأعلام 1/ 119، وتاريخ بغداد 4/ 115، وتذكرة الحفاظ 761) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت: «أنت تبغض العاصي» ، ما بين المعقوفتين: ساقط منها.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 89، ومعجم الأدباء 1/ 47، ونزهة الألباء 308، وآداب اللغة 2/ 81، وابن خلكان 1/ 11، والأعلام 1/ 40، وشذرات الذهب، 2/ 259، وإنباه الرواة للقفطي 1/ 159، والبداية والنهاية 11/ 148، والعبر 2/ 148، والفهرست لابن نديم 60، واللباب 1/ 397، ومرآة الجنان 2/ 262، ومفتاح السعادة 1/ 163، والنجوم الزاهرة 3/ 208، وطبقات المفسرين للداوديّ.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفي ص، ل: «أخبرنا أحمد بن علي، أخبرنا» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/223)
في العلم حتى استقللت فجاءه كتاب بعض بني مادمة من الصراة [1] يلتمسون معلما نحويا لأولادهم، فقلت له: اسمني لهم، فأسماني فخرجت فكنت أعلمهم وأنفذ إليه في كل شهر ثلاثين درهما وأتفقده بعد ذلك بما أقدر عليه، ومضت على ذلك مدة، فطلب منه عُبَيْد اللَّهِ بْن سليمان مؤدبا لابنه الْقَاسِم، فقال: لا أعرف لك إلا رجلا زجاجا بالصراة مع بني مادمة [2] ، قَالَ: فكتب إليهم عُبَيْد اللَّهِ فاستنزلهم عني فأحضرني وأسلم إلى الْقَاسِم، فكان ذلك سبب غناي، وكنت أعطي المبرد ذلك الدرهم في كل يوم إلى أن مات ولا أخليه من التفقد معه بحسب طاقتي [3] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْقَزَّازِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلِي، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِي بْن أبي عَلي، قَالَ: أخبرني أبي، قَالَ: حدثني أَبُو الحسين عبد الله بْن أَحْمَد بْن عياش القاضي، قَالَ: حدثني أَبُو إسحاق الزجاج، قَالَ: كنت أؤدب الْقَاسِم بْن عبيد الله، فأقول له: إن بلغك الله مبلغ أبيك ووليت الوزارة ماذا تصنع بي؟ [4] فيقول: ما أحببت، فأقول: [أن] [5] تعطيني عشرين ألف دينار، وكانت غاية أمنيتي، فما مضت إلا سنون حتى ولي الْقَاسِم الوزارة وأنا على ملازمتي له، وقد صرت نديمه، فدعتني نفسي إلى إذكاره بالوعد ثم هبته، فلما كَانَ في اليوم الثالث من وزارته، قَالَ لي: يا أبا إسحاق ألم أرك أذكرتني بالنذر؟ فقلت: عولت على رأي الوزير أيده الله، وأنه لا يحتاج إلى إذكاري لنذر عليه في أمر خادم واجب الحق، فَقَالَ لي: إنه المعتضد [باللَّه] [6] ولولاه ما تعاظمني دفع ذلك إليك في مكان واحد، ولكن أخاف أن يصير له معك حديثا فاسمح لي أن تأخذه متفرقا [7] ، فقلت: أفعل، فَقَالَ: اجلس للناس وخذ رقاعهم في الحوائج الكبار، واستجعل عليها، ولا تمتنع من مسالتي شيئا تخاطب فيه
__________
[1] في ت: «بني مادية من الصراة» .
[2] في ت: «بالصراة مع بني مادية» .
[3] في ت: «بحسب حالي» .
[4] في ت: «ما تصنع بي» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ك: «فاسمح بأخذ ذلك متفرقا» .(13/224)
صحيحا كَانَ أو محالا إلى أن يحصل لك مال النذر، ففعلت ذلك وكنت أعرض عليه كل يوم رقاعا فيوقع فيها، وربما قَالَ لي: كم ضمن لك على هذا؟ فأقول: كذا وكذا فيقول: غبنت هذا يساوي كذا وكذا فاستزد، فأراجع القوم فلا أزال أماكسهم ويزيدونني حتى أبلغ [ذاك] [1] الحد الذي رسمه [لي] [2] ، قَالَ: وعرضت عليه شيئا عظيما فحصلت عندي عشرون ألف دينار وأكثر منها في مديدة، فَقَالَ لي بعد شهور: يا أبا إسحاق حصل مال النذر؟ فقلت: لا فسكت وكنت أعرض ثم يسألني في كل شهر أو نحوه هل حصل المال؟ فأقول: لا خوفا من انقطاع الكسب إلى أن حصل عندي ضعف ذلك المال، فسألني يوما فاستحييت من الكذب المتصل، فقلت: قد حصل لي ذلك ببركة الوزير، فَقَالَ فرجت والله عني فقد كنت مشغول القلب إلى أن يحصل لك، قَالَ:
ثم أخذ الدواة فوقع لي إلى خازنه [3] بثلاثة آلاف دينار [صلة] [4] فأخذتها وامتنعت أن أعرض عليه شيئا، ولم أدر كيف أقع منه، فلما كَانَ من غد جئته وجلست على رسمي، فأومأ إلي: هات ما معك، يستدعي مني الرقاع على الرسم، [فقلت] [5] ما أخذت من أحد رقعة، لأن النذر قد وقع الوفاء به ولم أدر كيف أقع من الوزير، فَقَالَ يا سبحان الله أتراني كنت أقطع عنك شيئا قد صار لك عادة [6] وعلم به الناس وصارت لك به منزلة عندهم وجاه وغدو ورواح إلى بابك ولا يعلم سبب انقطاعه [7] فيظن ذلك لضعف جاهك عندي أو تغير رتبتك، أعرض عَلي على رسمك، وخذ بلا حساب فقبلت يده وباكرته من غد بالرقاع، وكنت أعرض عليه كل يوم إلى أن مات/ وقد أثلث حالي هذه.
قَالَ المصنف [8] [رحمه الله] [9] رأيت كثيرا من أصحاب الحديث والعلم يقرءون
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ص: «فوقع لي جراية» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ت: «حتى صار لك عادة» .
[7] في ك: «ولا يعلم سبب انقطاعك» .
[8] في ك: «قال مؤلف الكتاب» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/225)
هذه الحكاية ويتعجبون مستحسنين لهذا الفعل غافلين عما تحته من القبيح، وذلك أنه يجب على الولاة إيصال قصص المظلومين وأهل الحوائج، فإقامة من يأخذ الأجعال على هذا قبيح حرام [1] ، وهذا مما يهن به الزجاج وهنا عظيما، ولا يرتفع لأنه إن كَانَ لم يعلم ما في باطن ما قد حكاه عن نفسه فهذا جهل بمعرفة حكم الشرع، وإن كَانَ يعرف فحكايته في غاية القبح نعوذ باللَّه من قلة الفقه [2] .
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بن ثابت، أخبرنا أَبُو الجوائز الحسن بْن عَلي الكاتب، قَالَ: حدثني أَبُو الْقَاسِم عَلي بْن طلحة النحوي، قال: سمعت أبا علي الفارسيّ يقول: دخلت مع شيخنا أبي إسحاق الزجاج على الْقَاسِم بْن عُبَيْد اللَّهِ الوزير، فورد إليه خادم وساره بشيء استبشر به، ثم تقدم إلى شيخنا أبي إسحاق بالملازمة إلى أن يعود، ثم نهض فلم يكن بأسرع من أن عاد وفى وجهه أثر الوجوم، فسأله شيخنا عن ذلك لأنس [3] كَانَ بينه وبينه فَقَالَ: كانت تختلف إلينا جارية لإحدى المغنيات [4] ، فسمتها أن تبيعني إياها فامتنعت من ذلك، ثم أشار عليها أحد [5] من [كَانَ] [6] ينصحها بأن تهديها إلي رجاء أن أضاعف لها ثمنها [7] ، فلما وردت أعلمني الخادم بذلك [8] ، فنهضت مستبشرا لافتضاضها فوجدتها قد حاضت، فكان مني ما ترى، فأخذ شيخنا الدواة من يديه وكتب:
فارس ماض بحربته ... حاذق بالطعن في الظلم
__________
[1] «حرام» : ساقطة من ص، ل.
[2] على هامش ك: «أقول: لا يضر الزجاج مع حسن عنايته بمعاني القرآن العظيم وتفسيره، وكفاه فخرا أن العلامة الزمخشريّ عول عليه في تفسير القرآن العظيم، حتى أن أكثر ما نقله من كلام الزجاج.
وأخذه ... أجره في حقه، وما هو بحرام، لأنه ليس من الحكام حتى يكون حراما، مع ما في كتب الفقه من أن القاضي المحكم وأخذ الرشوة مع استئجار نفسه لا يكون حراما ... » .
[3] في ك: «فسأله شيخا عن ذلك لأي شيء» .
[4] في ك: «جارية لإحدى القينات» .
[5] في ك: «ثم أشار عليها بعض» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ك: «رجاء أن يضاعف لها ثمنها» .
[8] «بذلك» : ساقطة من ص، ل.(13/226)
رام أن يدمي فريسته ... فاتقته من دم بدم
أنبأنا أبو منصور القزاز، أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، قال: حدثني أبو بكر أحمد بن مُحَمَّد الغزال، قَالَ: أنبأنا عَلي بْن عبد العزيز، قَالَ أنبأنا [1] أَبُو مُحَمَّد الوراق، [قَالَ] [2] جار كَانَ لنا، قَالَ: كنت بشارع الأنبار وأنا صبي يوم نيروز فعبر رجل راكب فبادر بعض الصبيان، وقلب عليه ماء [3] ، فأنشأ يقول وهو ينفض رداءه من الماء.
إذا قل ماء الوجه قل حياؤه ... ولا خير في وجه إذا قل ماؤه
فلما عبر قيل لنا، هذا أَبُو إسحاق الزجاج. قَالَ الطاهري: شارع الأنبار هو النافذ إلى الكبش والأسد.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن علي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الطيب الطبري، قَالَ: حدثني مُحَمَّد بْن طلحة، قَالَ: حدثني القاضي مُحَمَّد بْن أحمد المخرمي، أنه جرى بينه وبين الزجاج وبين المعروف بمسينة، وَكَانَ من أهل العلم شر، واتصل ونسجه إبليس [4] وأحكمه حتى خرج الزجاج إلى حد الشتم، فكتب إليه مسينة:
أبى الزجاج إلا شتم عرضي ... لينقعه فآثمه وضره
وأقسم صادقا ما كَانَ حر ... ليطلق لفظه في شتم حره
فلو أني كررت لفر مني [5] ... ولكن للمنون على كره [6]
فأصبح قد وقاه الله شري ... ليوم لا وقاه الله شره
فلما اتصل هذا الخبر بالزجاج قصده راجلا حتى اعتذر إليه وسأله [7] الصلح.
__________
[1] «أنبأنا أبو منصور ... أنبأنا عَلي بْن عبد العزيز، قَالَ أنبأنا» : ساقطة من ص، ل.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ك: «فكب عليه ماء» .
[4] في ت: «وانصرف ونسي» .
[5] في ت: «فلو أني عدت لفر مني» .
[6] في ت: «ولكن للمنوع على كره» .
[7] في ك: «اعتذر إليه وسأله الصفح» .(13/227)
توفي الزجاج يوم الجمعة لإحدى عشرة مضت من جمادى الآخرة من هذه السنة.
2205- بدر أَبُو النجم، مولى المعتضد باللَّه، ويسمى بدر الكبير، ويقال له [بدر] [1] الحمامي:
وَكَانَ قد تولى الأعمال مع ابن طولون بمصر، فلما قتل قدم بغداد فولاه السلطان أعمال الحرب والمغاور بفارس وكرمان [2] ، فخرج إلى عمله وحدث عن هلال بْن العلاء [3] ، وغيره وأقام هناك وطالت أيامه [4] حتى توفي بشيراز ثم نبش وحمل إلى بغداد، وقام ولده مُحَمَّد مقامه في حفظ البلاد.
2206- حامد بْن العباس، أَبُو محمد [5] :
استوزره المقتدر باللَّه سنة ست وثلاثمائة وكان موسرا له أربعمائة مملوك يحملون السلاح، [لكل واحد منهم مماليك] [6] ، وكان يحجبه ألف وسبعمائة حاجب [7] ، وَكَانَ ينظر بفارس قديما، ودام نظره بواسط، وَكَانَ صهره أَبُو الحسين بْن بسطام إذا سافر كَانَ معه أربعون بختية موقرة أسرة ليجلس عليها، وفيها واحدة موقرة سفافيد المطبخ، وكان معه أربعمائة سجادة للصلاة، فلما قبض على حامد صودر صهره هذا على ثلاثمائة ألف دينار.
وَكَانَ حامد ظاهر المروءة كثير العطاء، فحكى أَبُو بكر الصولي أنه شكا إليه شفيع
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 149، وتاريخ بغداد 7/ 105، والنجوم الزاهرة 3/ 205، واللباب 1/ 315، والأعلام 2/ 45، وشذرات الذهب 2/ 201 وقد جعله في وفيات سنة 289 هـ) .
[2] في ك: «أعمال الحرث والمعادن بفارس وكرمان» .
[3] في ت: «هلال والعلاء» .
[4] «وطالت أيامه» : ساقطة من ص، ل.
[5] «أبو محمد» : ساقطة من ص، ل.
وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 149، والأعلام 2/ 161، وشذرات الذهب 2/ 263) .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ك، ل: «وكان يخدمه ألف وسبعمائة حاجب» .(13/228)
المقتدري فناء شعيره، فجذب الدواة وكتب له بمائة [1] كر شعير، فَقَالَ له ابن الحواري:
فأنا اكتب له بمائة كر، فنظر إليه نصر الحاجب، فكتب له بمائة كر، وكتب لأم موسى بمائة كر [2] ، ولمؤنس الخادم بمائة كر.
وحكى أَبُو عَلي التنوخي عن بعض الكتاب، قَالَ: حضرت مائدة حامد وعليها عشرون نفسا، وكنت أسمع أنه ينفق عليها كل يوم مائتي دينار، فاستقللت ما رأيت ثم خرجت فرأيت في الدار نيفا وثلاثين مائدة منصوبة، على كل مائدة ثلاثون نفسا، وكل مائدة كالمائدة التي بين يديه، حتى البوارد والحلوى، وَكَانَ لا يستدعي أحدا إلى طعامه بل يقدم الطعام إلى كل قوم في أماكنهم.
أنبأنا مُحَمَّد بْن أبي طاهر، قَالَ: أنبأنا عَلي بْن المحسن التنوخي [إذنا] [3] عن أبيه، قَالَ: حدثني القاضي أَبُو الحسن مُحَمَّد بْن عبد الواحد الهاشمي، قَالَ: كَانَ حامد بْن العباس من أوسع من رأيناه نفسا، وأحسنهم مروءة، وأكثرهم نعمة، وأشدهم سخاء وتفقدا لمروءته، وَكَانَ ينصب في داره كل يوم عدة موائد ولا يخرج من الدار أحد من الجلة والعامة والحاشية وغيرهم إذا حضر الطعام أو يأكل حتى غلمان الناس، فربما نصب في داره في يوم واحد أربعون مائدة. وَكَانَ يجري على كل من يجرى عليه الخبز لحما وكانت جراياته كلها الحواري، فدخل يوما إلى دهليزه فرأى فيه قشر باقلاة، فأحضر وكيله، وَقَالَ: [ويلك] [4] ! يؤكل في داري الباقلاء؟ قَالَ: هذا من فعل البوابين، قَالَ: أو ليست لهم جرايات لحم؟ قَالَ بلى، قَالَ فسلهم عن السبب، فسألهم فقالوا: لا نتهنأ بأكل اللحم دون عيالنا فنحن ننفذه إليهم لنأكله معهم ليلا ونجوع بالغدوات فنأكل الباقلاء، فأمر حامد أن يجرى عليهم جرايات لعيالهم تحمل إلى منازلهم، وإن يأكلوا جراياتهم في الدهليز، ففعل ذلك، فلما كَانَ بعد أيام رأى قشر باقلاة في الدهليز، فاستشاط [غيظا] [5] وَكَانَ حديدا فشتم وكيله وَقَالَ: ألم أضعف الجرايات، فلم في
__________
[1] في ك: «ووقع له بمائة» .
[2] «وكتب لأم موسى بمائه كر» . ساقطة من ك.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ص، ل، ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/229)
دهليزي قشور الباقلاء؟ فَقَالَ: إن الجرايات لما تضاعفت جعلوا الأولى لعيالاتهم في كل يوم، وصاروا يجمعون الثانية عند القصاب، فإذا خرجوا من النوبة ومضوا نهارا إلى منازلهم في نوبة استراحتهم فيها أخذوا ذلك مجتمعا من القصاب فتوسعوا به، قَالَ:
فلتكن الجرايات بحالها، وليتخذ مائدة في كل [يوم و] [1] ليلة تنصب غدوة قبل نصب موائدنا يطعم عليها هؤلاء [2] ، والله لئن وجدت بعد هذا في دهليزي قشر باقلاة لأضربنك وجميعهم بالمقارع، ففعل ذلك، وَكَانَ ما زاد في نفقة الأموال فيه أمرا عظيما.
قَالَ المحسن: وحدثني هبة الله بْن مُحَمَّد بْن يُوسُف المنجم، قَالَ: حدثني جدي قَالَ: وقفت امرأة لحامد بْن العباس [على الطريق] [3] فشكت إليه الفقر ودفعت إليه قصة كانت معها، فلما جلس وقع لها بمائتي دينار، فأنكر الجهبذ دفع هذا القرار إلى مثلها، فراجعه فَقَالَ حامد: والله ما كَانَ في نفسي أن أهب لها إلا مائتي درهم ولكن الله تعالى أجرى لها على يدي مائتي دينار، فلا أرجع في ذلك، أعطها فدفع إليها، فلما كَانَ بعد أيام دفع إليه رجل قصة يذكر فيها أن امرأتي وأنا كنا فقراء فرفعت قصة إلى الوزير فوهب لها مائتي دينار، فاستطالت عَلي بها وتريد الآن إعناتي لأطلقها فان رأى الوزير أن يوقع لي من يكفها عني فعل، فضحك حامد فوقع له بمائتي دينار، وَقَالَ: قولوا له [يقول لها] [4] : قد صار الآن مالك مثل مالها فهي لا تطالبك بالطلاق، فقبضها [5] ، وانصرف غنيا.
قَالَ المحسن: وحدثني عبد الله بْن أَحْمَد بْن داسة، [قَالَ] [6] : حدثني أَبُو الحسين أَحْمَد بْن الحسين بْن المثنى [7] ، قَالَ لما قدم حامد بْن العباس الأبلة يريد الأهواز وهو وزير خرجت لتلقيه، فرأيت له حراقة ملاحوها خصيان بيض وعلى وسطها
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من، ص، ل، ت.
[2] في ل، ص: «موائدنا يطعم هؤلاء» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ك: «لا تطالبك بالطلاق فأخذها» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ك: «أبو الحسن أحمد بن الحسن» .(13/230)
شيخ يقرأ القرآن وهي مظللة مسترة فسألت عن ذلك، فقالوا: هذه حراقة الحرم لا يحسن أن يكون ملاحوها فحولة.
قَالَ المحسن: وحدثني أَبُو عبد الله الصيرفي، قَالَ: حدثني أَبُو عبد الله القنوتي [1] ، قَالَ: ركب حامد وهو عامل واسط/ إلى بستان [له] [2] فرأى بطريقه دارا محترقة وشيخا يبكي ويولول، وحوله صبيان ونساء على مثل حاله، فسأل عنه، فقيل:
هذا رجل تاجر احترقت داره وافتقر فوجم ساعة، ثم قَالَ: أين فلان الوكيل؟ فجاء، فقال له: أريد أن أندبك لأمر إن [3] عملته كما أريد فعلت بك وصنعت- وذكر جميلا- وإن تجاوزت فيه رسمي فعلت بك وصنعت- وذكر قبيحا- فَقَالَ: مر بأمرك، فَقَالَ ترى هذا الشيخ قد آلمني قلبي له، وقد تنغصت عَلي نزهتي بسببه، وما تسمح نفسي بالتوجه إلى بستاني إلا بعد أن تضمن لي أنني إذا عدت العشية من النزهة وجدت الشيخ في داره وهي كما كانت مبنية مجصصة [4] نظيفة، وفيها صنوف المتاع والفرش والصفر كما كانت، وتباع له ولعياله كسوة الشتاء والصيف مثل ما كان لهم، فقام الوكيل فتقدم إلى الخازن بأن يطلق ما أريده وإلى صاحب المعونة أن يقف معي ويحضر من أطلبه من الصناع، فتقدم حامد بذلك- وَكَانَ الزمان صيفا- فتقدم بإحضار أصناف الروز جارية، فكانوا ينقضون بيتا [5] ويقيمون فيه من يبنيه، وقيل لصاحب الدار اكتب جميع ما ذهب منك حتى المكنسة والمقدحة، وصليت العصر وقد سقفت الدار، وجصصت، وغلقت الأبواب، ولم يبق غير الطوابيق، فأنفذ الرجل [6] إلى حامد وسأله التوقف في البستان وأن لا يركب منه إلى أن يصلي عشاء الآخرة [7] ، فبيضت الدار [8] ، وكنست وفرشت،
__________
[1] في ك: «أبو علي الصولي» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت: «أريد أن أنبئك لأمر» .
[4] في ص، ل: «كانت مبنية نظيفة» .
[5] في ل: «فكانوا ينقضون شيئا» .
[6] في ت، ك: «فأنفذ الوكيل» .
[7] في ك: «إلى أن يصلي العشاء الآخرة» .
[8] في ت: «فطبقت الدار» .(13/231)
ولبس الشيخ وعياله الثياب، ودفعت إليهم الصناديق والخزائن مملوءة بالأمتعة، فاجتاز حامد والناس قد اجتمعوا كأنه يوم عيد يضجون بالدعاء له، فتقدم حامد إلى الجهبذ بخمسة آلاف درهم يدفعها إلى الشيخ يزيدها في بضاعته، وسار حامد إلى داره.
قَالَ المحسن: حدثني أَبُو الحسن بْن المأمون الهاشمي: أنه وجد لحامد في نكبته التي قتل فيها في بئر لمستراح له أربعمائة ألف دينار [عينا] [1] دل عليها لما اشتدت به المطالبة.
وأخبرني غيره أن حامدا كَانَ عمل حجرة وجعل فيها مستراحا، وَكَانَ يتقدم إلى وكيله [2] أن يجيء بالدنانير، فكلما حصل له كيس أخذه ثيابه وقام كأنه يبول، فدخل ذلك المستراح، فألقى الكيس في البئر وخرج [3] من غير أن يصب فيها ماء ولا يبول ويوهم الفراش أنه فعل ذلك، فإذا أخرج قفل المستراح ولم يدخله غيره على رسم مستراحات الملوك، فإذا أراد الدخول فتحه له الخادم المرسوم بالوضوء وذلك الخادم [المرسوم بالوضوء] [4] لا يعلم السر في ذلك، فلما تكامل المال، قَالَ: هذا المستراح فسد فسدوها [5] ، [فسد] [6] وعطل، فلما اشتدت به المطالبة دل عليه فأخرج ما فيه.
ولما عزل المقتدر حامدا قرر مع ابن الفرات أنه لا ينكبه، وَقَالَ: خدمنا بغير رزق، وشرط أن يناظر بمحضر من القضاة والكتاب، وَكَانَ قد وقع بينه وبين مفلح الخادم وجرى بينهما [مخاشنة] [7] ، فَقَالَ حامد: والله لابتاعن مائة أسود أجعلهم قوادا، وأسمي كل واحد منهم مفلحا، فأدى عنه مفلح إلى الخليفة ما لم يقله، وأشار بأن ينفذ إلى ابن الفرات، وَقَالَ: إن لم يكن [8] في قبضه وقفت أموره، فتقدم الخليفة بذلك وأمر ابن
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] فيك: «وكان يتقدم إلى وكيل له» .
[3] «وخرج» : ساقطة من ص، ل.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ت، ك: «هذا المستراح ضيق فسدوه» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[8] في ت: «وقال: لأن لم يكن» .(13/232)
الفرات أن يفرد له دارا حسنة، ويفرش له فرشا جميلا، ويحضر ما يختار من الأطعمة، وباع حامد داره التي [كانت له] [1] على الصراة من نازوك باثني عشر ألف دينار، وباع خادما له عليه بثلاثة آلاف دينار، وأقر حامد بألف ألف دينار ومائتي ألف دينار، وأحدر إلى واسط في رمضان هذه السنة فتسلمه مُحَمَّد بْن عبد الله البزوفري [2] ، وَكَانَ ينظر من قبل لحامد، فأراد البزوفري [3] أن يحتاط لنفسه حين مرض حامد، فأحضر قاضي واسط وشهودها يخبرهم أنه مات حتف أنفه، فلما دخل الشهود عليه قال لهم: ان الفرات الكافر الفاجر الرافضي عاهدني وحلف بأيمان البيعة إن أقررت بأموالي صانني عن المكروه، فلما أقررت سلمني إلى ابنه فقدم لي بيضا مسموما فلا صنع للبزوفري [4] في دمي إلى وقتنا هذا، ولكنه كفر إحساني. توفي حامد في رمضان هذه السنة.
2207- عَبْد اللَّهِ بْن إسحاق بْن إبراهيم بْن حماد بْن يعقوب [5] . أَبُو مُحَمَّد الأنماطي [6] المدائني:
سكن بغداد وحدث بها عن الصلت بن مسعود الجحدري، وعثمان بْن أبي شيبة. روى عنه ابن الجعابي، وابن مظفر. وَقَالَ الدارقطني: ثقة مأمون.
توفي في ذي القعدة من [7] هذه السنة.
2208- مُحَمَّد بْن إسحاق بْن خزيمة، [بْن المغيرة] [8] بْن صالح بْن بكر السلمى، مولى مجشر بْن مزاحم، [9] أَبُو بكر:
طاف البلاد في طلب الحديث، فسمع بنيسابور من ابن راهويه وغيره، وبمرو من
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: «محمد بن علي البزوفري» . وفي ك: «محمد بن علي المروري» .
[3] في ك: «المروري» .
[4] في ك: «المروري» .
[5] في ك: «عبد الله بْن إسحاق بْن إبراهيم بْن يعقوب بن حماد» .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 413، وشذرات الذهب 2/ 262، ومعجم شيوخ الإسماعيلي 302، والعبر 2/ 148، وسؤالات السهمي للدارقطنيّ 325) .
[7] «ذي القعدة من» ساقطة من ص، ل.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] انظر ترجمته في: (طبقات السبكي 2/ 30، والأعلام 6/ 29، والبداية والنهاية 11/ 149، وشذرات الذهب 2/ 262) .(13/233)
عَلي بْن حجر وغيره، وبالري من مُحَمَّد بْن مهران وغيره، وببغداد من أَحْمَد بْن منيع وغيره، وبالبصرة من بشر بْن معاذ العقدي وغيره، وبالكوفة من أَبِي كريب وغيره، وبالحجاز من عَبْد الجبار بْن العلاء وغيره [1] [وبالشام من موسى بْن سهل الرملي وغيره، وبالجزيرة من عبد الجبار بْن العلاء وغيره] [2] ، وبمصر من يونس بْن عبد الأعلى وغيره، و [سمع] [3] بواسط من مُحَمَّد بْن حرب وغيره، روى عنه جماعة من مشايخه منهم البخاري ومسلم، وَكَانَ مبرزا في علم الحديث وغيره.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد [4] بْن ناصر، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّد الحسن بْن أَحْمَد السمرقندي، قَالَ: سمعت أبا سعيد [5] أَحْمَد بْن مُحَمَّد العبداني، يقول: أَخْبَرَنَا أَبُو إسحاق أَحْمَد بْن مُحَمَّد المفسر، [قَالَ] [6] أخبرنا أبو محمد بن [7] الخطيب، قَالَ: سمعت أبا الحارث روح بْن أَحْمَد بْن روح، يقول: سمعت أبا العباس أَحْمَد بْن المظفر البكري، يقول:
سمعت مُحَمَّد بْن هارون الطبري، يقول: كنت أنا ومحمد بْن نصر المروزي، ومحمد بْن علويه الوزان، ومحمد بْن إسحاق بْن خزيمة على باب الربيع بْن سليمان بمصر نسمع منه كتب الشافعي، فبقينا ثلاثة أيام [8] بلياليهن لم نطعم شيئا، وفنيت أزوادنا. فقلت: الآن قد حلت لنا المسألة، فمن يسأل؟ فاستحيا كل واحد منا أن يسأل، فقلنا نقترع فوقعت القرعة على محمد بن إسحاق بن خزيمة، فقال: دعوني أصلي ركعتين. وسجد يدعو بدعاء الاستخارة، إذ قرع علينا [9] الباب، فخرج واحد فإذا هو رجل خادم لأحمد بْن طولون أمير مصر وبين يديه شمعة [وخلفه شمعة] [10] فاستأذن
__________
[1] «وبالكوفة من أبي كريب ... وغيره» : العبارة ساقطة من المطبوعة.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] «محمد» : ساقط من ص، ل.
[5] في ت، ك: «سمعت أبا سعد» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ل، ص: «أبو محمد الخطيب» .
[8] في ت: «فبتنا ثلاثة أيام» .
[9] في ك: «إذ طرق علينا الباب» .
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/234)
فدخل ثم سلم وجلس وأدخل يده في كمه فأخرج رقعة، فَقَالَ: من مُحَمَّد بْن نصر المروزي؟ فقلنا: هذا، فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فأعطاه، ثم قَالَ: إن الأمير أَحْمَد بْن طولون يقرأ عليك السلام ويقول [لك] [1] استنفق هذا فإذا فني بعثنا إليك مثله، [قَالَ: من مُحَمَّد بْن علويه الوزان؟ فقلنا: هذا، فأعطاه مثل ذلك] [2] ثم قَالَ: من مُحَمَّد بْن هارون الطبري؟ فقلت: أنا، فأعطاني مثل ذلك، ثم قَالَ: من مُحَمَّد بْن إسحاق بْن خزيمة؟ فقلنا: هو ذاك الساجد، فأمهله حتى رفع رأسه من السجدة فأعطاه مثل ذلك. فقلنا له: لا نقبل هذا منك حتى تخبرنا بالقصة فَقَالَ: إن الأمير أَحْمَد بْن طولون كَانَ قائلا نصف النهار، إذ آتاه آت في منامه، فَقَالَ: يا أَحْمَد، ما حجتك غدا عند الله إذا وقفت بين يديه فسألك عن أربعة من أهل العلم [3] طووا منذ ثلاثة أيام لم يطعموا شيئا؟ فانتبه فزعا مذعورا، فكتب أسماءكم وصرر هذه الصرر وبعثني في طلبكم، وكنت أستخبر خبركم حتى وجدتكم الآن [4] . [وَقَالَ المؤلف] [5] : وقد رويت لنا هذه الحكاية على وجه آخر.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أحمد بن علي الخطيب، [6] قَالَ: حدثني أَبُو الفرج مُحَمَّد بْن عبد اللَّهِ بْن مُحَمَّد الشيرازي لفظا، قَالَ: [سمعت] [7] أَحْمَد بْن منصور بْن مُحَمَّد الشيرازي، يقول: سمعت مُحَمَّد بْن أَحْمَد الصحاف السجستاني، قَالَ: سمعت أبا العباس البكري- من ولد أبي بكر الصديق رضي الله عنه- يقول:
جمعت الرحلة بين مُحَمَّد بْن جرير، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، ومحمد بن نصر المروزي، ومحمد بْن هارون الروياني بمصر، فأرملوا ولم يبق عندهم ما يقوتهم، وأضربهم الجوع، فاجتمعوا ليلة في منزل كانوا يأوون اليه، فاتفق رأيهم على أن
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] «من أهل العلم: ساقطة من ل، ص.
[4] في ت: «حتى وصلت الآن» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ك: «أنبأنا أبو بكر بن علي» . وفي ص، ل: «أبو منصور القزاز عن الخطيب» . وما أوردناه من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/235)
يستهموا ويضربوا القرعة، فمن خرجت عليه القرعة سأل لأصحابه الطعام، فخرجت القرعة على محمد بن إسحاق بن خزيمة، فقال لأصحابه: أمهلوني حتى أتوضأ وأصلي صلاة الخيرة، قَالَ [1] : فاندفع في الصلاة فإذا هم بالشموع وخصي من قبل والى مصر يدق الباب، ففتحوا الباب، فنزل عن دابته، فَقَالَ: أيكم مُحَمَّد بْن/ نصر؟ فقيل: هو هذا، فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه، ثم قَالَ: أيكم مُحَمَّد بْن جرير؟
فقالوا: هذا، فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه، ثم قَالَ: أيكم مُحَمَّد بْن هارون؟ فقالوا: هو هذا، فأخرج صرة في خمسون دينارا فدفعها إليه، ثم قَالَ: أيكم مُحَمَّد بْن إسحاق بْن خزيمة، فقالوا: هو هذا يصلي، فلما فرغ دفع إلَيْهِ صرة فيها خمسون دينارا، ثم قَالَ: [2] إن الأمير كَانَ قائلا بالامس فرأى في المنام خيالا قَالَ: إن المحامد طووا كشحهم جياعا، فأنفذ إليكم هذه الصرر وأقسم عليكم إذا نفدت فابعثوا إلي أحدكم.
[قَالَ مؤلف الكتاب [3]] وقد سبق نحو هذه الحكايات عن الحسن بْن سفيان النسوي [4] .
توفي أَبُو بكر بْن خزيمة ليلة السبت ثامن ذي القعدة من هذه السنة، ودفن في حجرة من داره، ثم صيرت تلك الدار مقبرة.
2209- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الصلت بْن دينار، أَبُو بكر [5] الكاتب:
سمع وهب بْن بقية وغيره، وربما سمى أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الصلت إلا أن الأول أشهر.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن علي، أخبرنا ابن رزق، أَخْبَرَنَا عمر بْن جعفر البصري، قَالَ: مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الصلت ثقة مأمون.
__________
[1] في ك: «صلاة الخيرة فقام» .
[2] في ص، ل، والمطبوعة: «فقالوا: هو ذا، فأخرج صرة فيها خمسون دينارا ثم قال» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ل، ص.
[4] سبقت هذه القصة في ترجمة الحسن بن سفيان النسوي في وفيات سنة 303 فلتراجع هناك.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 308) .(13/236)
توفي في المحرم من هذه السنة.
2210- مُحَمَّد بْن إسماعيل بْن عَلي بْن النعمان بْن راشد، أَبُو بكر البندار المعروف بالبصلاني [1] :
سمع عَلي بْن الحسين الدرهمي [2] ، وخالد بْن يُوسُف السمتي [3] ، وبندار وغيرهم.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر بْن ثَابِت، قَالَ: حدثني عَلي بْن مُحَمَّد بْن نصر الدينَوَريّ، قَالَ: سمعت حمزة بْن يُوسُف السهمي، يقول:
سألت الدارقطني عن مُحَمَّد بْن إسماعيل البصلاني [4] ، فَقَالَ: ثقة.
توفي في شعبان هذه السنة.
2211- يانس الموفقي:
كَانَ في أصل سور داره، من خيار الفرسان والرجالة ألف مقاتل.
توفي في هذه السنة، وخلف ضياعا تغل ثلاثين ألف دينار.
__________
[1] في ت، ص: «الفضلاني» . وفي ت: «النصلاني» . «والبصلاني بفتح الباء» ، الموحدة، والصاد المهملة واللام ألف بعدها النون، هذه النسبة إلى البصلية، وهي محلة ببغداد خرج منها جماعة من العلماء منهم أبو بكر مُحَمَّد بْن إسماعيل بْن عَلي بْن النعمان بن راشد البندار البصلاني، كان شيخا ثقة مات في شعبان سنة إحدى عشرة وثلاثمائة» . اللباب (1/ 159) .
انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 46، وسؤالات السهمي للدارقطنيّ 24) .
[2] في ك: «علي بن الحسين الدهمي» .
[3] في ص: «يوسف السميتي» . وفي ك: «يوسف السهمي» . وكلاهما خطأ.
[4] في ت: «محمد بن إسماعيل النصلاني» .(13/237)
ثم دخلت سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنهم وجدوا رجلا أعجميا واقفا على سطح مجلس من دار السر [1] التي كَانَ المقتدر يكثر الجلوس فيها عند والدته عليه ثياب دبيقي وتحتها قميص صوف ومعه محبرة ومقلمة وسكين وأقلام، وقيل: إنه دخل مع الصناع فحصل في الموضع وبقي أياما، فعطش، فخرج يطلب الماء، فظفر به وسئل عن حاله، فَقَالَ: ليس يجوز أن أخاطب غير صاحب هذه [2] الدار، فأخرج إلى أبي الحسن بْن الفرات، فَقَالَ: أنا أقوم مقام صاحب الدار، فَقَالَ: ليس يجوز غير خطابه فضرب فعدل إلى أن قَالَ: ندانم [3] ، ولزم هذه اللفظة، فضرب حتى مات، فأخرج، فصلب، ولطخ بالنفط، وضرب بالنار وأرجف الناس بأن ابن الفرات دسه ليوهم المقتدر أن نصر الحاجب أراد أن يحتال ليفتك به لأنهم أرادوا مصادرة نصر.
وفي هذه السنة: [4] ضعف أمر أبي الحسن ابن الفرات بعد قوته، وَكَانَ السبب أنه ورد الخبر في محرم هذه السنة بأن أبا طاهر بْن أبي سعيد الجنابي ورد إلى الهبير ليلتقي حاج [5] سنة إحدى عشرة وثلاثمائة في رجوعهم، وأوقع ببعض الحاج، ومضى بعضهم
__________
[1] في ل: «مجلس من دار الستر» .
[2] في ل، ص: «غير صاحب الدار» .
[3] «ندانم» : كلمة فارسية معناها لا أدري.
[4] في ص، ل، ك، والمطبوعة: «وفيها» .
[5] في ك: «ورد إلى الهبير لتلقي الحاج» .(13/238)
على غير الطريق، فعارضهم أَبُو طاهر وقاتلهم يوم الأحد لاثنتي عشرة ليلة بقيت من المحرم سنة اثنتي عشرة، فقتل منهم قتلا مسرفا وأسر أَبَا الهيجاء عَبْد اللَّه بْن حمدان، وَكَانَ إلَيْهِ الكوفة وطريق مكة وبذرقة الحاج، وأسر معه جماعة من خدم السلطان وأسبابه [1] ، وأخذ جمال الحاج وسبى من اختار من النساء والرجال والصبيان، وسار بهم إلى هجر، وترك باقي الحاج في مواضعهم بلا جمال ولا زاد، وكانت سن أبي طاهر في ذلك الوقت سبع عشرة سنة، فمات أكثر الحاج بالعطش والحفاء، وحصل له ما حزر من الأموال ألف ألف دينار، ومن الأمتعة والطيب وغير ذلك بنحو ألف ألف، وَكَانَ جميع عسكره نحوا من ثماني مائة فارس، ومثلهم رجاله، فانقلبت بغداد، وخرجت النساء منشورات الشعور مسودات الوجوه يلطمن ويصرخن في الشوارع، وانضاف إليهن [2] حرم المنكوبين الذين نكبهم ابن الفرات، وكانت صورة شنيعة، فركب ابن الفرات إلى المقتدر وحدثه الحال، فَقَالَ له نصر الحاجب: الساعة تقول أي شيء الرأي؟ بعد أن زعزعت أركان الدولة وعرضتها للزوال بإبعادك مؤنس المظفر الذي يناضل الأعداء. ومن الذي أسلم رجال السلطان وأصحابه إلى القرمطي سواك؟ وأشار نصر على المقتدر بمكاتبة مؤنس بالتعجيل إلى الحضرة، فأمر أن يكتب إليه بذلك، ووثب العامة على ابن الفرات، فرجمت طيارته بالآجر، ورجمت داره، وصاحوا: يا ابن الفرات القرمطي الكبير، وامتنع الناس من الصلاة في الجوامع، ثم قبض على ابن الفرات وابنيه وأسبابه [3] ، وحمل إلى دار نازوك والعامة يضربونه بالآجر، ويقولون: قد قبض على القرمطي الكبير، وأخذ خطه بألفي ألف دينار، وَكَانَ ابنه المحسن يخرج في زي النساء، فغمز عليه فأخذ وكتب خطه بثلاثة آلاف ألف دينار، وقتل ابن الفرات وولده المحسن، ووزر أَبُو الْقَاسِم عبد الله بْن مُحَمَّد الخاقاني.
وورد كتاب من مُحَمَّد بْن عبد الله الفارقي [4] من البصرة يذكر أن كتاب أبي
__________
[1] «وأسبابه» : ساقطة من ص، ل.
[2] في ك: «وانضم إليهن» .
[3] في ت: «علي ابن الفرات وابنه وأنسابه» .
[4] في ت، ل، ص: «من محمد بن عبيد الله الفارخي» .(13/239)
الهيجاء عبد الله بْن حمدان ورد عليه من هجر، وأنه كلم أبا طاهر في أمر من كَانَ استأسر من الحاج، وسأل إطلاقهم، وأنه أحصى من قتله، منهم فكانوا من الرجال ألفين ومائتين وعشرين [1] ، ومن النساء نحو خمسمائة امرأة، ووعد بإطلاقهم.
ثم وردت الأخبار بورود طائفة إلى البصرة إلى أن كَانَ آخر من أطلق منهم أَبُو الهيجاء في جماعة من أصحاب السلطان، وقدم معهم [2] رسول من أبي طاهر يسأل الإفراج له عن البصرة والأهواز فأنزل وأكرم وأقيمت له الأنزال الواسعة ولم يجب إلى ما التمس، وأنفق السلطان في خروج مؤنس إلى الكوفة، ثم إلى واسط ألف ألف دينار.
ومن الحوادث: أن نازوك جلس في مجلس الشرطة ببغداد، فأحضر له ثلاثة نفر من أصحاب الحلاج، وهم: حيدرة، والشعراني، وابن منصور فطالبهم بالرجوع عن مذهب الحلاج، فأبوا، فضرب أعناقهم، ثم صلبهم في الجانب الشرقي من بغداد، ووضع رءوسهم على سور السجن في الجانب الغربي.
وظهر بين الكوفة وبغداد رجل يدعي أنه مُحَمَّد بْن إسماعيل بْن جعفر بْن مُحَمَّد بْن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب [3] رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وجمع جمعا عظيما من الأعراب، واستفحل أمره في شوال، فأنفذ أَبُو الْقَاسِم الخاقاني حاجبه أَحْمَد بْن سعيد، وضم إليه خمسمائة رجل من الفرسان وألف راجل، وأمره بمحاربته، فظفر بجماعة من أصحابه وانهزم الباقون.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر.
2212- إبراهيم بْن خمش [4] ، أَبُو إسحاق الزاهد النيسابوري [5]
سمع مُحَمَّد بْن رافع وغيره، وَكَانَ يعظ الناس.
__________
[1] «ومائتين وعشرين» : ساقطة من ص، ل.
[2] «منهم» : ساقطة من ص، ل.
[3] «بن أبي طالب» : ساقطة من ص، ل.
[4] في ص: «إبراهيم بن جمش» . وفي ل: «إبراهيم ابن حمش» . وفي البداية والنهاية: «إبراهيم بن خميس» .
[5] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 151) .(13/240)
أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بْن طَاهِرٍ، قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الحاكم، قَالَ: سمعت أبا منصور الصوفي ابن بنت إبراهيم، يقول: سمعت جدي، يقول:
يضحك القضاء من الحذر، ويضحك الأجل من الأمل، ويضحك التقدير من التدبير، وتضحك القسمة من الجهد والعناء [1] .
2213- إسحاق بْن بنان بْن معن، أَبُو مُحَمَّد [2] الأنماطي:
سمع الوليد بْن شجاع، وإسحاق بْن أبي إسرائيل، وكان ثقة.
توفي في هذه السنة.
2214- عبيد الله بن عبد الله [3] بن محمد، أبو العباس الصيرفي:
حدث عن عبد الأعلى بْن حماد. روى عنه عَلي بْن عمر السكري، وَكَانَ صدوقا. توفي في رجب هذه السنة.
2215- عمر بن عبد الله [4] بن عمر بْن عثمان، أَبُو الْقَاسِم المعروف بابن أبي حسان الزيادي:
سمع المفضل بْن غسان، روى عنه ابن المظفر، وابن شاهين، وكان ثقة.
وتوفي في هذه السنة، وقيل: في سنة أربع عشرة وثلاثمائة [5] .
2216- عَلي بْن مُحَمَّد بْن الفرات، أَبُو الحسن [6] :
وزر مرارا للمقتدر، وملك أموالا كثيرة تزيد على عشرة آلاف ألف دينار، وبلغت غلته ألف ألف دينار [7] وأودع الأموال وجوه الناس، فلم يبق ببغداد قاض ولا عدل ولا تاجر مستور إلا ولابن الفرات عنده وديعة.
__________
[1] في ت: «وتضحك اللقمة من الجهد والعناء» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 390) .
[3] في ت: «عمر بن عبد الله» . خطأ.
[4] في ت: «عبيد الله بن عبد الله» خطأ.
[5] «عشرة وثلاثمائة» سقطت من ص.
[6] انظر ترجمته في: «البداية والنهاية 11/ 151، وابن خلكان 1/ 372. والأعلام 4/ 324) .
[7] «وبلغت غلته ألف ألف دينار» ساقطة من ل، ص.(13/241)
أنبأنا محمد بن أبي طاهر، قَالَ: أنبأنا علي/ بْن المحسن، عن أبيه، قال:
حدثني أَبُو الحسين عبد الله بْن أَحْمَد بْن عياش القاضي: ان رجلا دامت عطلته، فزور كتبا عن عَلي بْن مُحَمَّد بْن الفرات وهو وزير إلى أبي زنبور عامل مصر [1] ، وخرج إليه فلقيه بها فأنكرها [أَبُو زنبور] [2] لإفراط التأكيد فيها، واستراب بالخطاب، فوصل الرجل بصلة يسيرة وأمر له بجراية، وَقَالَ: تأخذها إلى أن أنظر في أمرك، وأنفذ الكتب إلى ابن الفرات، وَكَانَ فيها: إن للرجل حرمة وكيدة بالوزير وخدمة قديمة، فوصلت الكتب إلى أبي الحسن ابن الفرات وأصحابه بين يديه فعرفهم ذلك، وَقَالَ: ما الرأي؟ فقال بعضهم: تقطع يده للتزوير على الوزير وَقَالَ بعضهم: يقطع إبهامه، وَقَالَ بعضهم:
يضرب ويحبس، وَقَالَ بعضهم: يكشف أمره لأبي زنبور حتى يطرده، فَقَالَ ابن الفرات:
ما أبعد طباعكم عن الجميل! رجل توسل بنا وتحمل المشقة إلى مصر بجاهنا ولعله كَانَ لا يصل إلينا فيأخذ كتبنا، فخفف عنا بأن كتب لنفسه يكون حظه الخيبة؟ ثم كتب على الكتاب المزور إلى أبي زنبور [3] هذا كتابي ولا أعلم لأي سبب أنكرته، ولا لأي سبب استربت به، وحرمة صاحبه بي وكيدة، وسببه عندي أقوى مما تظن، فأجزل عطيته وتابع بره. فلما كَانَ بعد مدة طويلة دخل عليه رجل جميل الهيئة، فأقبل يدعو له ويبكى ويقبل الأرض بين يديه وابن الفرات لا يعرفه، ويقول: بارك الله عليك مالك. فقال: أنا صاحب الكتاب المزور إلى أبي زنبور الذي حققه بفضل الوزير فعل الله به وصنع، فضحك ابن الفرات وَقَالَ: فبكم وصلك؟ فقال: وصل إلي من ماله وبتقسيط قسطه لي وبتصرف صرفني [4] عشرون ألف دينار، فَقَالَ: الزمنا فانّا ننفعك بأضعافه [5] .
واستخدامه فأكسبه مالا عظيما.
قَالَ: ابن عياش: وَكَانَ أول ما انحل من نظام سياسة الملك فيما شاهدناه
__________
[1] على هامش المطبوعة: «هو الحسين بن أحمد المادرائي» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] «إلى أبي زنبور» : ساقطة من ص، ل.
[4] «وبتقسيط قسطه لي، وبتصرف صرفني» : ساقطة من ك.
[5] في ك: «الزمنا فإنا ننفعك بأضعافها» .(13/242)
القضاء، فإن ابن الفرات وضع منه وأدخل فيه أقواما لا علم لهم ولا أبوة، فما مضت إلا سنوات حتى ابتدأت الوزارة تتضع ويتقلدها [1] من ليس باهل، حتى بلغت سنة نيف وثلاثين وثلاثمائة إلى أن تقلد وزارة المتقي أبو العباس الأصبهاني الكاتب، وكان في غاية سقوط المروءة والرقاعة، ولقد رأيت قردا معلما يقول له القراد: أتحب أن تكون بزازا؟
فيقول: نعم، ويومي برأسه، فيقول: تشتهي أن تكون عطارا؟ فيومي برأسه نعم، إلى أن يقول: [2] أتشتهي أن تكون وزيرا؟ فيومي برأسه لا، فيضحك الناس، وَكَانَ أول ما وضع من القضاء أنه قلده أبا أمية الأحوص البصري، فإنه كَانَ بزازًا فاستتر ابن الفرات عنده وخرج من داره إلى الوزارة فولاه القضاء، وجرت الحال على ما ذكرنا في ترجمة الأحوص سنة ثلاثمائة.
وقد ذكرنا كيف اتضع ابن الفرات، وكيف أخذ وحبس وقتل في حوادث هذه السنة فلا نعيده.
أنبأنا مُحَمَّد بْن أبي طاهر، عن أبي الْقَاسِم التنوخي، عن أبيه، قَالَ: أخبرني بعض الكتاب، قَالَ: كَانَ ابن الفرات قد صودر على ألف ألف دينار وستمائة ألف دينار، فأدى جميعها في مدة ستة عشر شهرا من وقت أن قبض عليه.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ [الْبَزَّازُ] [3] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِي بْن الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حدثني أَبُو مُحَمَّد، قَالَ: حدثني بعض شيوخ الكتاب ببغداد عمن حدثه أنه سمع أبا الحسن ابن الفرات يقول لأبي جعفر بْن بسطام: ويحك يا أبا جعفر، لك قصة في رغيف، فَقَالَ: إن أمي كانت عجوزا صالحة عودتني منذ ولدتني أن تجعل تحت مخدتي التي أنام عليها في كل ليلة رغيفا فيه رطل، فإذا كَانَ من غد تصدقت به عني فأنا أفعل ذلك إلى الآن، فَقَالَ ابن الفرات: ما سمعت بأعجب من هذا، أعلم أني من أسوأ الناس رأيا فيك لأمور أوجبت ذلك، وأنا مفكر منذ أيام في
__________
[1] في ص: «الوزارة تتضعضع ويتقلدها» .
وفي ك: «الوزارة تتضع وتلقدها» .
[2] «فيقول: تشتهي ... إلى أن يقول» : العبارة ساقطة من ص، ل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/243)
القبض عليك وفي مطالبتك بمال، فأرى منذ ثلاث ليال في منامي كأنني استدعيك لأقبض عليك فتحاربني وتمتنع مني، فأتقدم لمحاربتك فتخرج إلي من يحاربك وبيدك رغيف كالترس فتتقي به السهام ولا يصل أليك منها شيء، وأشهد الله أني قد وهبت للَّه عز وجل [1] ما في نفسي عليك، وأن رأيي لك أجمل رأى من الآن فانبسط.
2217- فاطمة بنت عبد الرحمن بْن أبي صالح [2] الحراني:
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد العتيقي، حَدَّثَنَا عَلي بْن أبي سعيد المصري، قَالَ: حَدَّثَنَا أبي، قَالَ:
فاطمة بنت عبد الرحمن بْن عبد الغفار الربعي، تكنى أم مُحَمَّد، مولدها ببغداد، وقدم بها إلى مصر وهي حدثة. سمعت من أبيها عبد الرحمن وطال عمرها حتى جاوزت الثمانين، وكانت تعرف بالصوفية لأنها أقامت تلبس الصوف ولا تنام إلا في مصلاها بلا وطاء فوق ستين سنة. سمع منها ابن أخيها عبد الرحمن بْن الْقَاسِم بْن عبد الرحمن.
توفيت في هذه السنة.
2218- محمد بن إسحاق بن عبد الملك الهاشمي الخطيب [3] :
كان يصلي صلاة الجمعة [4] في المسجد الجامع بدار الخلافة، وصلاة الأعياد في المصلى، وتوفي يوم السبت لست خلون من ذي الحجة من هذه السنة.
2219- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سليمان بْن الحارث بْن عبد الرحمن، أَبُو بكر الأزدي الواسطي، المعروف بالباغندي [5] :
سمع مُحَمَّد بْن [6] عبد الله بْن نمير، وأبا بكر وعثمان ابني شيبة، وشيبان بن
__________
[1] «للَّه عز وجل» : ساقطة من ص، ل.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 441) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 248) .
[4] في المطبوعة: «كان يلي صلاة الجمعة» .
[5] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 152، وتاريخ بغداد 3/ 209- 213، ووفيات الأعيان 1/ 218، والكنز المدفون للسيوطي 143، والأعلام 7/ 19، وميزان الاعتدال 4/ 26، 27، وشذرات الذهب 2/ 265) .
[6] «محمد بن» : ساقط من ك، ص، ل.(13/244)
فروخ، وعلي بْن المديني، وخلقا كثيرا من أهل الشام ومصر والكوفة والبصرة وبغداد.
ورحل في طلب الحديث إلى الأمصار البعيدة، وعني به العناية العظيمة، وأخذ عن الحفاظ والأئمة، وَكَانَ حافظا فهما، كَانَ يقول: أنا أجيب في ثلاثمائة ألف مسألة في حَدِيث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وسكن بغداد فحدث بها، فروى عنه المحاملي، وابن مخلد، وأبو بكر الشافعي، ودعلج، وابن الصواف، وابن المظفر، وابن حيويه، وابن شاهين، وخلق كثير [1] .
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن مُحَمَّد، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت [الخطيب] [2] ، قَالَ: سمعت هبة الله بْن الحسن الطبري يذكر: أن الباغندي كَانَ يسرد الحديث من حفظه مثل تلاوة القرآن، وَكَانَ يقول: حَدَّثَنَا فلان قَالَ حَدَّثَنَا فلان، وحدثنا فلان وهو يحرك رأسه [3] حتى تسقط عمامته.
أخبرنا عبد الرحمن [الْقَزَّازُ] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن ثَابِت [الخطيب] [4] ، قَالَ: حدثني العتيقي، قَالَ: سمعت عمر بْن أَحْمَد الواعظ، يقول: قام أَبُو بكر الباغندي يصلي فكبر، ثم قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سليمان لوين، فسبحنا به فَقَالَ: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد للَّه رب العالمين.
قَالَ: المؤلف: [5]] وقد أنبأنا بمثل هذه الحكاية مُحَمَّد بْن عبد الملك بْن خيرون، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْمُهْتَدِي، عَنْ أبي جعفر بْن شاهين، قال: صليت
__________
[1] قال الذهبي في الميزان: «كان مدلسا وفيه شيء» . قال ابن عدي: «أرجو أنه كان لا يتعمد الكذب» . قال الإسماعيلي: «لا أتهمه ولكنه خبيث التدليس ومصحف أيضا» .
قال الدارقطنيّ: «مخلط مدلس، يكتب عن بعض أصحابه، ثم يسقط بينه وبين شيخه ثلاثة، وهو كثير الخطأ» .
قال ابن عدي بسند إلى إبراهيم الأصبهاني: «أبو بكر الباغندي كذاب» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفي ص: «أحمد الخطيب» .
[3] في ص: وهو يحك رأسه» .
[4] في ك، ل: «أخبرنا عبد الرحمن، أنبأنا ابن ثابت» وما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/245)
خلف مُحَمَّد بْن سليمان الباغندي، فافتتح الصلاة ثم قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سليمان لوين، فقيل له: سبحان الله، فَقَالَ أنبأنا شيبان بْن فروخ [الأبلي] [1] فقالوا: سبحان الله، فَقَالَ بسم الله الرحمن الرحيم.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ مُحَمَّدٍ] [2] ، أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ بن علي] [3] بن ثَابِتٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّد عبد الله بْن عَلي بْن عياض، القاضي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن جميع، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن شجاع، قَالَ كنا عند إبراهيم بْن موسى الجوزي ببغداد، وَكَانَ عنده الباغندي ينتقي عليه، فَقَالَ له إبراهيم بْن موسى: هو ذا تسخر بي، أنت أكثر حديثا مني وأعرف وأحفظ للحديث، فَقَالَ له: قد حبب إلى هذا الحديث، بحسبك أني رأيت النبي صلى اللَّه عليه وسلم في النوم، فلم أقل له: ادع الله لي، بل قلت له: يا رَسُول اللَّهِ أيما أثبت في الحديث منصور أو الاعمش؟ فَقَالَ لي: منصور، منصور.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الخطيب، قَالَ: لم يثبت من أمر الباغندي ما يعاب به سوى التدليس، فرأيت كافه شيوخنا يحتجون بحديثه ويخرجونه في الصحيح. وَقَالَ الدارقطني: الباغندي كثير التدليس يحدث بما لم يسمع وربما سرق.
وتوفي يوم الجمعة، ودفن يوم السبت لعشر بقين من ذي الحجة من هذه السنة، وقد قيل سنة ثلاث عشرة، والأول أصح [4] .
__________
[1] في ت: «سمعت محمد بن سليمان» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] «وقد قيل ... والأول أصح» : العبارة ساقطة من ص.(13/246)
ثم دخلت سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة
فمن الحوادث/ فيها:
أن بني هاشم ضجوا في الطرقات لتأخر أرزاقهم عنهم، وذلك لثمان من المحرم.
ولليلة بقيت من المحرم انقض كوكب قبل مغيب الشمس من ناحية الجنوب إلى ناحية الشمال، فأضاءت الدنيا منه إضاءة شديدة، وَكَانَ له صوت كصوت الرعد الشديد.
ولم يزل أَبُو الْقَاسِم الخاتاني في أيام وزارته يبحث عمن يدعي عليه من أهل بغداد أنه يكاتب القرمطي ويتدين الإسماعيلية إلى أن تظاهرت عنده الأخبار، بأن رجلا يعرف بالكعكي ينزل في الجانب الغربي رئيس للرافضة، وأنه من الدعاة إلى مذهب القرامطة، فتقدم إلى نازوك بالقبض عليه، فمضى ليقبض عليه فتسلق من الحيطان وهرب، ووقع برجل في داره كَانَ خليفته [1] ، ووجد في الدار رجالا يجرون مجرى المتعلمين، فضرب الرجل ثلاثمائة سوط وشهره على جمل، ونودي عليه هذا جزاء من يشتم أبا بكر وعمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وحبس الباقين.
وعرف المقتدر أن الرافضة تجتمع في مسجد براثا فتشتم الصحابة، فوجه نازوك للقبض على من فيه، وَكَانَ ذلك في يوم الجمعة لست بقين من صفر، فوجدوا فيه ثلاثين
__________
[1] في ك: «في داره كأنه خليفته» .(13/247)
إنسانا يصلون وقت الجمعة، ويعلنون البراءة ممن يأتم بالمقتدر، فقبض عليهم، وفتشوا فوجدوا معهم [1] خواتيم من طين أبيض. يختمها لهم الكعكي عليها: «مُحَمَّد بْن إسماعيل الإمام المهدي ولي الله» فأخذوا وحبسوا [2] وتجرد الخاقاني لهدم مسجد براثا، وأحضر رقعة فيها فتوى جماعة [3] من الفقهاء أنه مسجد ضرار وكفر وتفريق بين المؤمنين [4] وذكر أنه إن لم يهدم كَانَ مأوى الدعاة والقرامطة، فأمر المقتدر [بهدمه] [5] فهدمه نازوك، وأمر الخاقاني بتصييره مقبرة ندفن فيه عدة من الموتى، وأحرق باقيه [6] وكتب الجهال من العوام على نخل كَانَ فيه هذا مما أمر معاوية بْن أبي سفيان بقبضه على عَلي بْن أبي طالب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ [7] .
وفى يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر [8] خرج مفلح الأسود لإيقاع الفداء ببلاد الروم، فتم الفداء لخمس بقين من رجب.
وَكَانَ الحاج قد خرجوا من بغداد في ذي القعدة، فخرج جعفر [بْن] [9] ورقاء وهو والي طريق مكة والكوفة، فتقدم الحاج خوفا من أبي طاهر الجنابي، وَكَانَ معه ألف فارس [10] من بني شيبان، فلقي جعفر بْن ورقاء بزبالة فناوشه قليلا واضطرب الناس ورجعوا إلى الكوفة، وتبع أَبُو طاهر القوافل ورجال السلطان حتى صار إلى القادسية، فخرج إليه أهلها وسألوه أن يؤمنهم فأمنهم، ثم رحل إلى الكوفة، وخرج إليه أهل الكوفة [11] ، وأصحاب السلطان فحاربوه فغلبهم، وأقام بظاهر الكوفة سبعة أيام [12] يدخل
__________
[1] في ل: «وفتشوا فوجد معهم» .
[2] في ل: «فوجد وحبس» .
[3] «جماعة» : ساقطة من ص، ل.
[4] في ص، ل: «وتفريق بين المسلمين» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ك: «وأحرق ما فيه» .
[7] في ك: «بقبصه عن علي نجل أبي طالب» .
[8] في ك: «بقيت من ربيع الأول» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] في ك: «وكان معه ألفا فارس» .
[11] «أن يؤمنهم ... إليه أهل الكوفة» : العبارة ساقطة من ص.
[12] في ت، ك: «ستة أيام» .(13/248)
البلد بالنهار، ويخرج بالليل، فيبيت في معسكره ويحمل ما قدر عليه فحمل من الوشي [1] أربعة آلاف ثوب، ومن الزيت ثلاثمائة راوية، ومن الحديد [شيء كثير] [2] ثم رحل إلى بلده، فدخل جعفر بْن ورقاء ومن معه [3] إلى بغداد، فتقدم المقتدر إلى مؤنس بالخروج لمحاربة أبي طاهر، واضطرب أهل بغداد اضطرابا شديدا انتقل أكثر من في الجانب الغربي إلى الشرقي.
ولم يحج في هذه السنة أحد من أهل بغداد، ولا من [أهل] خراسان [4] .
وَكَانَ أَبُو العباس أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْن الخصيب قد استخرج مالا كثيرا من زوجة المحسن ولد ابن الفرات، فصارت له بذلك مرتبة عند المقتدر، فأرجف بوزارته فقدح فيه الخاقاني [وكتب هو يقدح في الخاقاني، فآل الأمر إلى أن صرف الخاقاني [5]] وكانت مدة وزارته سنة وستة أشهر ويومين وأحضر المقتدر الخصيبي [6] ، فقلد الوزارة وخلع عليه.
وكثر الرطب في هذه السنة ببغداد حتى بيع كل ثمانية [7] أرطال بحبة، وعمل منه تمر، وحمل إلى البصرة.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2220- إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن أيوب بْن بشير، أَبُو الْقَاسِم الصائغ:
حدث عن مُحَمَّد بْن حسان الأزرق، وإسحاق بْن إبراهيم البغوي، وإبراهيم
__________
[1] في ت: «عليه فأخذ من الوشي» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] «ومن معه» : ساقطة من ص، ل.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتبت على هامشها.
[6] في ت، ك: «واستحضر المقتدر الخصيبي» .
[7] في ت: «حتى بلغ كل ثمانية» .(13/249)
الحربي، وغيرهم وروى عن ابن قتيبة مصنفاته، وَكَانَ ثقة [ثبتا] [1] .
وتوفي في هذه السنة.
2221- إبراهيم بْن نجيح بْن إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن الحسين، أَبُو الْقَاسِم [2] الكوفي:
نزل بغداد، وحدث بها عن أبيه، وعن مُحَمَّد بْن إسحاق البكائي وروى عنه مُحَمَّد بْن المظفر. وتوفي ببغداد، وجيء به إلى الكوفة، فدفن بها في هذه السنة.
2222- الحسن بْن مُحَمَّد بْن عبد الله بْن شعبة، أَبُو عَلي الأنصاري [3] :
سمع حوثرة بْن مُحَمَّد وغيره، روى عنه ابن شاهين، وكان ثقة.
وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة.
2223- سعيد بْن سعدان، أَبُو الْقَاسِم الكاتب [4] :
سمع من جماعة، وروى عنه ابن المظفر الحافظ، وَكَانَ صدوقا.
وتوفي في المحرم هذه السنة.
2224- عُبَيْد اللَّهِ بن محمد [5] ابن عبد الله بْن سعيد بْن المغيرة بْن عَمْرو بْن عثمان بْن عفان، أَبُو عمرو العثماني [6] .
سمع ابن المديني، روى عنه ابن المظفر، وابن حيويه. وَكَانَ صدوقا.
وتوفي فِي [7] ربيع الأول من هذه السنة.
2225- عثمان بْن سهل بن مخلد البزاز [8] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 198) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 415) .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 103) .
[5] في ك، ل: «عبد الله بن محمد» .
[6] في ت: «أبو عثمان العثماني» . خطأ.
[7] العبارة: «المحرم هذه السنة ... وتوفي في» . ساقطة من ص.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 294) .(13/250)
حدث عن الحسن الزعفراني، روى عنه أَبُو عمر ابن حيويه، وَكَانَ ثقة توفي في رمضان هذه السنة.
2226- عَلي بْن عبد الحميد بْن عبد الله بْن سليمان، أَبُو الحسن الغضائري [1] :
حدث عن عُبَيْد اللَّهِ القواريري، وعباس العنبري، وجماعة. وَكَانَ ثقة، ومات في شوال هذه السنة.
أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أحمد بن عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا أَبُو طالب يحيى بْن عليّ الدسكري، أَخْبَرَنَا أبو بكر ابن المقرئ، قَالَ: سمعت عَلي بْن عبد الحميد الغضائري، يقول: سمعت السري السقطي ودققت عليه الباب، فقام إلى عضادتي الباب، فسمعته يقول: اللَّهمّ اشغل من يشغلني عنك بك، قَالَ ابن المقرئ:
وزادني بعض أصحابنا عليه أنه قَالَ: وَكَانَ من بركة دعائه أني حججت أربعين حجة على رجلي من حلب ذاهبا وراجعا.
2227- عَلي بْن مُحَمَّد بْن بشار، أَبُو الحسن [2] :
حدث عن صالح بْن أَحْمَد بْن حنبل، وأبي بكر المروزي، وَكَانَ من كبار الصالحين وأهل الكرامات.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن محمد، قال: أخبرنا أحمد [بن علي] [3] بن ثَابِتٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الفضل عبد الصمد بْن مُحَمَّد الخطيب، [قَالَ:] [4] حَدَّثَنَا الحسن بْن الحسين بْن حمكان، قَالَ: سمعت أبا الحسن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مقسم، يقول:
سمعت أبا الحسن بْن بشار، يقول: وَكَانَ إذا أراد أن يخبر عن نفسه شيئا، قَالَ: أعرف رجلا حاله كذا وكذا، فَقَالَ ذات يوم: أعرف رجلا منذ ثلاثين سنة يشتهي أن يشتهي ليترك ما يشتهي فما يجد شيئا يشتهي.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 29، وشذرات الذهب 2/ 266 وفيه: «نسبة إلى الغضار وهو الإناء الّذي يؤكل فيه» ) .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 66، وشذرات الذهب 2/ 267) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/251)
حَدَّثَنَا أَبُو بكر العامري، [قَالَ:] [1] أنبأنا أَبُو سعد بْن أبي صادق، قَالَ: أنبأنا ابن باكويه، قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحسن المقرئ، يقول: سمعت أبا الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن بشار، يقول [2] : منذ ثلاثين سنة ما تكلمت بكلمة أحتاج أن أعتذر منها.
توفي ليلة الخميس [3] لسبع خلون من ربيع الأول من هذه السنة، فحضره الأمراء والوزراء، ودفن يوم الخميس بمشرعة الساج من الجانب الغربي ببغداد، وقبره اليوم ظاهر يتبرك به.
2228- مُحَمَّد بْن إسحاق بْن إبراهيم بْن مهران بْن عبد الله، أَبُو العباس السراج [4] :
مولى ثقيف، ولد في سنة ثماني عشرة ومائتين، وسمع قتيبة، وإسحاق بْن راهويه، وخلقا كثيرا من أهل خراسان وبغداد والكوفة والبصرة والحجاز، روى عنه البخاري، ومسلم، وابن أبي الدنيا وَكَانَ من المكثرين الثقات، وعني بالحديث، وصنف كتبا كثيرة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو العلاء الواسطي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن جعفر التميمي، قَالَ: سمعت أبا حامد أَحْمَد بْن مُحَمَّد الفقيه، يقول: سمعت أبا العباس بْن السراج، يقول [يوما لبعض من حضر وأشار إلى كتب عَلَى منضدة عنده، فَقَالَ:] [5] هذه سبعون ألف مسألة لمالك، ما نفضت التراب عنها منذ كتبتها.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا [أحمد بن علي بن ثابت] [6]
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] «حدثنا أبو بكر العامري ... محمد بن بشار يقول» : العبارة ساقطة من ص.
[3] في تاريخ بغداد: «توفي يوم الجمعة» .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 248، وتذكرة الحفاظ 2/ 168، الرسالة المستطرفة 56، والأعلام 6/ 29، وشذرات الذهب 2/ 268) .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/252)
الخطيب، قَالَ: [أَخْبَرَنَا أَبُو طالب مكي بْن عَلي، حَدَّثَنَا إبراهيم بْن مُحَمَّد المزكي، قَالَ: كَانَ أَبُو العباس السراج مجاب الدعوة.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن أخبرنا أحمد بن علي أخبرنا] [1] أَبُو بكر الخوارزمي، قَالَ:
سمعت أبا العباس ابن حمدان [2] ، [يقول:] [3] سمعت مُحَمَّد بْن إسحاق السراج، [يقول:] [4] رأيت في المنام كأني أرقى في سلم طويل، فصعدت تسعا وتسعين مرقاة، فكل من قصصت عليه ذلك يقول لي تعيش تسعا وتسعين [سنة.
قَالَ ابن حمدان: وَكَانَ ذلك عمر السراج تسعا وتسعين [5] سنة] ثم مات.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلي [أَبُو بكر الخطيب] [6] قَالَ:
قرأت على قبر السراج بنيسابور في لوح عند رأسه هذا قبر أبي العباس مُحَمَّد بْن إسحاق السراج. مات في سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة.
أَخْبَرَنَا زاهر بْن طاهر، قَالَ [7] : أنبأنا أَحْمَد بْن الحسين البيهقي، أَخْبَرَنَا الحاكم أَبُو عَبْد اللَّه، قَالَ: سمعت أبا عمر/ بْن أبي العباس السراج، يقول: ولدت وأبي ابن ثلاث وثمانين سنة، وتوفي أبي وأنا ابن ثلاث عشرة سنة [8] ، وكنت إذا دخلت مسجد أبي يقول للناس: عملت هذا بعد ثمانين سنة في ليلة.
2229- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحسن بْن خراش، أَبُو الحسين [9] :
حدث عن بشر بْن الوليد، ومحمود بْن غيلان، والوليد بْن شجاع وغيرهم. وكان
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] العبارة: «السراج يقول يوما ... سمعت أبا العباس» . ساقطة من ك.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ك، ص، ل: «أخبرنا أبو بكر الخطيب» . ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في المطبوعة: «زاهر بن طاهر إذنا» .
[8] على هامش المطبوعة: «يقتضي هذا أن والده صاحب الترجمة عمر 96 سنة، وهو مخالف ما تقدم من أنه عمر 99 والله أعلم» .
[9] في ت: «أبو الحسن» .(13/253)
البغوي سيء الرأي فيه، وتوفي في رجب هذه السنة.
2230- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن المؤمل [1] بْن أبان بْن [2] تمام، أَبُو عبيد الصيرفي [3] :
سمع أباه، والقاسم بن هشام في آخرين وروى عنه ابن حيويه وغيره.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْن علي بْن ثابت، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر البرقاني، حَدَّثَنَا عمر بْن بشران، قَالَ: أَبُو عبيد بن المؤمل كان ثقة يفهم، قَالَ ابن شافع: توفي أَبُو عبيد في هذه السنة، وقيل في سنة ثنتي عشرة، والأول أصح.
2231- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن هشام، أَبُو نصر الطالقاني [4] :
سمع إبراهيم بْن هانئ، والفتح بْن شخرف. روى عنه ابن شاهين، وَكَانَ ثقة، وربما سماه بعض الرواة أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هشام، وتوفي في هذه السنة.
2232- مُحَمَّد بْن إبراهيم، أَبُو جعفر الأطروش البرتي الكاتب:
سمع أبا عمر الدوري، ويحيى بْن أكثم القاضي وغيرهما. وروى عنه أَبُو بكر الجعابي وغيره أحاديث مستقيمة. وتوفي لثلاث عشرة بقيت من [شهر] [5] رمضان هذه السنة.
2233- مُحَمَّد بْن جمعة بْن خلف، أَبُو قريش القهستاني [6] :
كَانَ كثير السماع والرحلة، صنف وجمع، وَكَانَ ضابطا متقنا حافظا، وروى عن خلق كثير. روى عنه ابن مخلد، وأبو بكر الشافعي. وتوفي بقهستان في هذه السنة.
__________
[1] في ت: «محمد بن أحمد بن المؤيد» .
[2] أبان بن» . ساقطة من ك.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 36) .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 371) .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ت: «محمد بن جعفر بن خلف» خطأ.
وانظر ترجمته في: «شذرات الذهب 2/ 268، وفيه: «أبو قريش محمد بن جمعة بن خلف القهستاني الأصم الحافظ المتقن الرحال صاحب المسندين على الرجال وعلى الأبواب» ) .(13/254)
ثم دخلت سنة اربع عشرة وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أن الروم دخلت في صفر إلى ملطية فأخربوا وسبوا وأقاموا فيها أياما كثيرة، فوصل أهل ملطية إلى بغداد في جمادى الآخرة [1] مستغيثين من الروم.
وفى ليلة الثلاثاء لأربع بقين من جمادى الأولى: وقع حريق في نهر طابق فاحترق فيه ألف دار وألف دكان [2] .
وفى هذا الشهر: قرئت الكتب على المنابر بموت الدمستق.
وفى رجب: وقع حريق في دار السلطان فاحترقت دور الأمراء.
وفى يوم الأحد لأربع خلون من شعبان: ورد كتاب من مكة يذكرون خروج أهل مكة منها ونقلهم حرمهم وأموالهم خوفا من القرمطي لاتصال الخبر بقربه منهم.
وورد الخبر بأن ريحا عظيمة هبت في رمضان بنصيبين حتى قلعت الشجرة وهدمت المنازل.
وفى يوم الأحد لثمان خلون من شوال وهو اليوم السابع من كانون: سقط ببغداد ثلج كثير [3] ، وقبل هذا اليوم بستة أيام برد الهواء بردا شديدا، ثم زاد شدة بعد سقوط
__________
[1] في ك: «في جمادى الاولى» .
[2] في ص، ل: «فيه ألف دار ودكان» .
[3] «وفي يوم الأحد ... ببغداد ثلج كثير» : العبارة ساقطة من ص، ل.(13/255)
الثلج، وأفرط في الشدة جدا حتى تلف أكثر نخل بغداد وسوادها وجف، وتلف شجر الأترج والتين والسدر، وجمد الشراب والماورد والخل، وجمدت [الخلجان الكبار من دجلة ببغداد، وجمد أكثر الفرات بنواحي الرقة وجمدت] [1] دجلة بأسرها بالموصل حتى عبرت الدواب عليها وحتى جلس المعروف بأبي زكرة المحدث في وسط دجلة على الجمد، وكتب عنه الحديث، ثم انكسر البرد بريح جنوب ومطر غزير.
وقدم الحاج من خراسان في شوال، فأحضرهم مؤنس المظفر وعرفهم شغل السلطان بأمر القرمطي عن إنفاذ من يبذرق الحاج، فانصرفوا ولم يتهيأ حج من طريق العراق لخوف القرامطة.
وفى ذي القعدة: بعث المقتدر باللَّه نازوك فقبض [2] على أبي العباس الخصيبي، وعلى ابنه أبي الحسين، وكاتبه إسرائيل بْن عيسى، وكانت مدة وزارته سنة وشهرين، واستدعى المقتدر أبا الْقَاسِم عُبَيْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد الكلواذي يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة وأوصله إلى حضرته، وأعلمه أنه قد قلد أبا الحسن عَلي بْن عيسى [الوزارة، وأنه قد استخلفه إلى أن يقدم، وتقدم إلى سلامة الطولوني بالنفوذ في البرية إلى دمشق ليحضر عَلي بْن عيسى] [3] ، فسار عَلي بْن عيسى من دمشق إلى منبج، ثم انحدر في الفرات إلى بغداد.
وانعزل في هذه السنة أَبُو جعفر بْن البهلول القاضي عن القضاء، فقيل له: لم فعلت؟ قَالَ: أريد أن يكون بين الصدر والقبر فرجة، ومات بعد سنتين.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2234- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هارون، أَبُو عبد الله الجسري:
كَانَ ثقة يحفظ، وحدث بمصر، وتوفي بها [4] في هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتب على هامشها.
[2] في ك: «بعث المقتدر نازوك ليقبض» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتب على هامشها.
[4] في ص، ل: «وتوفي في هذه السنة» .(13/256)
2235- إسحاق بْن إبراهيم بْن الخليل، أَبُو يعقوب الجلاب [1] :
سمع أبا بكر، وعثمان ابني أبي شيبة. روى عنه ابن شاهين. وَكَانَ ثقة.
وتوفي غرة شعبان في هذه السنة، وصلى عليه أَبُو عمر القاضي.
2236- ثَابِت بْن حزم بْن عبد الرحمن بْن مطرف بْن سليمان بْن يحيى، أَبُو الْقَاسِم العوفي [2] :
من أهل سرقسطة، ينسب إلى عوف بْن غطفان، وهو عوف بْن سعد بْن ذبيان، وقوم ينسبون عوفا إلى قريش، ويذكر العوفي نسبه إلى رهط عطية العوفي من بني سعد بْن بكر، وهم حضنة رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَحَلَ ثَابِت، وطلب العلم، وتولى قضاء سرقسطة. وتوفي بالأندلس في هذه السنة.
2237- الحسن بْن صاحب، بْن حميد، أبو علي الشاسي [3] .
أحد الرحالين كتب ببلاد خراسان والجبال والعراق والحجاز والشام، وقدم بغداد في سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، فحدث بها عن عَلي بْن خشرم، وإسحاق بْن منصور، وأبي زرعة وغيرهم. روى عنه أَبُو بكر الجعابي، وابن المظفر. وَكَانَ ثقة.
توفي بالشاش في هذه السنة.
2238- سعيد النوبي:
صاحب باب النوبي من دار السلطان، توفي في صفر، وأقيم مكانه أخوه فضل [4] .
2239- العباس بْن يُوسُف، أَبُو الفضل الشكلي:
حدث عن سري السقطي. روى عنه ابن شاهين. وَكَانَ صالحا متنسكا، توفي في شهر رجب من هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 392) .
[2] في ص: «أبو إسحاق العوفيّ» .
وانظر ترجمته في: (تذكرة الحفاظ 3/ 81، والأعلام 2/ 97، والرسالة المستطرفة، وشذرات الذهب 2/ 266 وقال: «ثابت بن حزم السرقسطي اللغوي العلامة» ) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 333) .
[4] في ت: «أخوه يوسف» . و «فضل» : ساقطة من ص، ل.(13/257)
2240- مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن زياد بْن عبد الله، أَبُو عَبْد اللَّه الطيالسي الرازي [1] :
كَانَ جوالا، وحدث ببغداد ومصر وطرسوس، وسكن قرميسين، وعمر طويلا، وَكَانَ يحدث عن يحيى بْن معين، وعُبَيْد اللَّهِ بْن عمر القواريري، وخلق كثير. روى عنه ابن صاعد، والجعابي، وجعفر الخلدي، وغيرهم.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثَابِتٍ، قَالَ: قرأت في كتاب الدارقطني بخطه: مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن زياد متروك. وفى موضع آخر: ضعيف، وسألت عنه البرقاني، فَقَالَ: بئس الرجل.
2241- مُحَمَّد بْن جعفر بْن بكر بْن إبراهيم، أَبُو الحسين [2] البزاز:
ويعرف بابن الخوارزمي، سمع عثمان بْن أبي شيبة [3] ، وأحمد بْن إبراهيم الدورقي، وعمرو بْن عَلي، وغيرهم. روى عنه ابن شاهين، وغيره.
وتوفي في هذه السنة.
2242- مُحَمَّد بْن حسن، أَبُو بكر الضرير الواعظ:
قَالَ أَبُو سعيد بْن يونس: هو بغدادي قدم البصرة، وَكَانَ من حفاظ القرآن، حسن الصوت، وَكَانَ يقعد في الجامع ويقرأ بالألحان، ويقع كلامه في القلوب، وَكَانَ كريما.
توفي بمصر في هذه السنة.
2243- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عبد الله الباهلي [4] :
بغدادي حدث عن أبي عمر الدوري [5] ، وأحمد الدورقي وغيرهما، وكان ثقة ثبتا
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 404، وشذرات الذهب 2/ 268، وفيه نقلا عن المغني:» ضعفه أبو أحمد الحاكم» ) .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 134) .
[3] في ك: «عمر بن أبي شيبة» . وفي ص: «عمر بن شبة» .
[4] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 2/ 269، وفيه: «محمد بن محمد بن النفاخ بن بدر الباهلي، أبو الحسن، بغدادي حافظ خير متعفف» ) .
[5] في ص، ل، ت: «أبي عمر الدورقي» .(13/258)
متزهدا [1] من أهل الصيانة.
وتوفي بمصر فِي ربيع الآخر من هَذِهِ السنة.
2244- نصر [بن الْقَاسِم بْن نصر] [2] بْن زيد، أَبُو الليث الفرائضي [3] :
سمع عُبَيْد اللَّهِ بْن عمر القواريري. روى عنه ابن شاهين وَكَانَ ثقة عالما بالفرائض، فقيها على مذهب أبي حنيفة، مقرئا جليلا.
توفي في هذه السنة.
__________
[1] «متزهدا» : ساقطة من ص، ل.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 13/ 395، وشذرات الذهب 2/ 269، وقال: «نصر بن القاسم أبو الليث البغدادي» ) .(13/259)
ثم دخلت سنة خمس عشرة وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أن عَلي بْن عيسى قدم وقد جعل وزيرا، فخرج الناس لتلقيه في أول صفر، فمنهم من لقيه بالأنبار، ومنهم من لقيه [1] دونها، فلما وصل دخل إلى المقتدر باللَّه فخاطبه بأجمل خطاب، وانصرف إلى منزله، فبعث إليه المقتدر بكسوة فاخرة وفرش وعشرين ألف دينار، وخلع عليه في غداة غد لسبع خلون من صفر، فلما خلع عليه أنشد:
ما الناس إلا مع الدنيا وصاحبها/ ... فكيف ما انقلبت يوما به انقلبوا
يعظمون أخا الدنيا فإن وثبت ... يوما عليه بما لا يشتهي وثبوا
وفى يوم الأحد لثمان خلون من ربيع الأول: انقض كوكب عظيم له ضوء شديد على ساعتين بقيتا من النهار.
وفى يوم الخميس لأربع خلون من ربيع الآخر: خلع على مؤنس للخروج إلى الثغر [2] ، لأن الكتاب ورد من عامل الثغور بأن الروم دخلوا سميساط [3] ، وأخذوا جميع
__________
[1] «من لقيه» : ساقطة من ص، ل.
[2] في ت: «للخروج إلى الروم» .
[3] في ك: «دخلوا شمشاط» .(13/260)
ما فيها، ونصبوا فيها خيمة الملك [1] ، وضربوا في المسجد الجامع بها في أوقات صلواتهم الناقوس [2] .
ثم قرئت الكتب على المنابر في يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر: أن المسلمين عقبوا على الروم فقتلوا منهم مقتلة عظيمة وغنموا غنائم كثيرة.
وفى يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر: ظهر ببغداد أن خادما من خواص خدم المقتدر باللَّه حكى لمؤنس المظفر أن المقتدر تقدم إلى خواص خدمه بحفر زبية في الدار [3] المعروفة بدار الشجرة من دار السلطان، حتى إذا حضر مؤنس للوداع عند عزمه على الخروج إلى الثغر حجب الناس وأدخل مؤنس وحده، فإذا اجتاز على تلك الزبية وهي مغطاة وقع فيها فنزل الخدم وخنقوه، ويظهر أنه وقع في سرداب فمات، فتأخر مؤنس عن المضي إلى دار السلطان لهذا السبب، وركب إليه القواد والغلمان والرجالة وأصحابه بالسلاح، وخلت دار السلطان من الجيش، وَقَالَ له: أَبُو الهيجاء عبد الله بْن حمدان بحضرة الناس نقاتل بين يديك أيها الأستاذ حتى تنبت لك لحية. فوجه إليه المقتدر بنسيم الشرابي ومعه رقعة بخطه إليه يحلف له فيها على بطلان ما بلغه، ويعرفه أنه قد عمل على المصير إليه في الليلة المقبلة ليحلف له مشافهة على بطلان ما حكي له، فصرف مؤنس إليه جميع من صار إليه من الجيش، وأجاب عن الرقعة بما يصلح، وبأنه لا ذنب له في حضور من حضر داره لأنه لم يدعهم، واقتصر على خواص من رسمه من الغلمان [4] والقواد، وحلف أبو الهيجاء أن لا يبرح من دار مؤنس ليلا ولا نهارا إلى أن يركب معه إلى دار السلطان وتطمئن النفوس إلى سلامته وتقدم المقتدر إلى نصر الحاجب والأستاذين بالمصير إلى مؤنس المظفر لينحدر معهم إلى حضرته لوداعه، فصاروا إليه وانحدر معهم يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر. ووصل إلى المقتدر، وقبل الأرض بين يديه، وقبل يده ورجله، فخاطبه المقتدر
__________
[1] في ك: «ونصبوا فيها خيمة للملك» .
[2] في ك: «أوقات الصلوات بالناقوس» .
[3] في ك: «خواص خدمه أن يحفروا حفيرة» .
[4] في ك: «على خواص من يستدعيهم برسمه من الغلمان» .(13/261)
بالجميل وحلف له على ثقته به وعلى صفاء نيته له وودعه مؤنس، وذلك بعد أن قرأ عليه الوزير عَلي بْن عيسى كتاب وصيف البكتمري المتقلد لأعمال المعاقل بجند قنسرين والعواصم، بأن المسلمين عقبوا على الروم فظفروا بعسكرهم وقتلوا منهم وغنموا.
وخرج مؤنس من داره بسوق الثلاثاء يوم الاثنين لثمان بقين من ربيع الآخر إلى مضربه بباب الشماسية، وشيعه الأمير أَبُو العباس بْن المقتدر، والوزير عَلي بْن عيسى، ونصر الحاجب، [وهارون بْن غريب، وشفيع المقتدري، والقواد: فلما بلغ الوزير عَلي بْن عيسى ونصر الحاجب] [1] معه إلى دار مبارك القمي حلف عليهما بأن يرجعا، فعدلا إلى شَاطِئ دجلة وانصرفا في طياريهما، وصار باقي القواد والأستاذان معه إلى مضربه، وَكَانَ سليمان بْن الحسن يسايره، وهارون بْن غريب، ويلبق، وبشرى، ونازوك، وطريف العسكري يسيرون بين يديه كما تسير الحجاب، ورحل مؤنس من مضربه يوم الأحد لليلتين بقيتا من ربيع الآخر.
وفى جمادى الأولى وقع حريق بالرصافة، وصف الجوهري، ومربعة الحرسي، وفى الحطابين بباب الشعير.
وفى يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى أخذ خناق ينزل درب الأقفاص من باب الشام خنق جماعة، ودفنهم في عدة دور سكنها، وَكَانَ يحتال على النساء يكتب لهن كتاب العطف، ويدعي عندهن علم النجوم والعزائم فيقصدنه، فإذا حصلت المرأة عنده سلبها، ووضع وترًا له في عنقها ورفس ظهرها [2] وأعانته امرأته وابنه، فإذا ماتت حفر لها ودفنها، فعلم بذلك، فكبست الدار فاخرج منها بضع عشرة امرأة مقتولة، ثم ظهر عليه عدة آدر كان يسكنها مملوءة بالقتلى من النساء خاصة، فطلب فهرب إلى الأنبار، فأنفذ إليها من طلبه، فوجده فقبض عليه وحمل إلى بغداد، فضرب ألف سوط، وصلب وهو حي، ومات لست بقين من جمادى الأولى.
وفى شعبان دخل إلى بغداد ثلاثة عشر أسيرا من الروم أخذوا من بيت المقدس فيهم قرابة الملك.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] «ورفس ظهرها» : ساقط من ك.(13/262)
وفى هذه السنة كَانَ ظهور الديلم، فكان أول من غلب على الري منهم لنكى بن النعمان، ثم ما كان بْن كاكي، ولقي أهل الجبل بأسرهم من الديلم شدة شديدة، وذلك أنهم أخربوا الجبل وقتلوا من أهله مقتلة عظيمة حتى الأطفال في المهود، ثم غلب على الري أسفار بْن شيرويه، ومضى إلى قزوين، فألزم أهلها مالا وعسفهم عسفا شديدا وأراق دماءهم، وعذبهم فخرج النساء والشيوخ والأطفال إلى المصلى مستغيثين إلى الله عز وجل منه، وَكَانَ له قائد اسمه مرداويج بْن زيار، فوثب هذا القائد عليه، فقتله وملك مكانه وأساء السيرة بأصبهان، وانتهك الحرمات، وجلس على سرير ذهب دونه سرير من فضة يجلس عليه من يرفع منه، وَكَانَ يقول: أنا سليمان بْن داود، وهؤلاء أعواني الشياطين، وَكَانَ يسيء السيرة في أصحابه وخصوصا الأتراك، فأصحر يوما بعسكره، فاشتق العسكر [1] رجل شيخ على دابة، فَقَالَ: قد زاد أمر هذا الكافر واليوم تكفونه قبل تصرم النهار [2] ويأخذه الله إليه، فدهشت الجماعة ولم ينطق أحد بكلمة، ومر الشيخ كالريح، فَقَالَ الناس: لم لا نتبعه ونأخذه ونسأله من أين له علم هذا أو نمضي به إلى مرداويج لئلا يبلغه الخبر فيلومنا، فركضوا في كل طريق، فلم يجدوه، ثم عاد مرداويج فدخل إلى داره ونزع ثيابه، ودخل الحمام فقتله الأتراك وركبوا إلى الاصطبلات لنهب الخيل، ولما قتل حمل تابوته فمشى الديلم بأجمعهم حفاة أربعة فراسخ.
وجاء أَبُو طاهر الهجري رئيس القرامطة، وَكَانَ قد أخذ الحاج في سنة اثنتي عشرة، فلما سمع الناس به اشتد خوفهم، فبعث أَبُو الْقَاسِم يُوسُف بْن أبي الساج إلى محاربته، وتقدم المقتدر أن يحمل إلى يُوسُف [3] سبعون ألف دينار، فسار نحو الكوفة وَكَانَ مع أبي طاهر ألف فارس وخمسمائة راجل، ومع يوسف أكثر من عشرين ألفا ما بين [4] فارس وراجل، وذلك سوى الأتباع، فلما قرب الهجري من الكوفة هرب عمال السلطان منها، فقدم الهجري مقدمته في مائتي راجل، فنزلت النجف، ونزل هو بدير هند بحضرة
__________
[1] في ك: «فاستبق العسكر» .
[2] في ص: «تكفونه عند تصرم النهار» .
[3] يوسف بن أبي الساج ... أن يحمل إلى يوسف» : ساقط من ك.
[4] «ما بين» : ساقطة من ص، ل.(13/263)
خندق الكوفة، وقد كَانَ بعث ليوسف مائة كر دقيق وألف كر شعير، فأخذها الهجري فقوي بها وضعف يُوسُف وسبق الهجري إلى الكوفة قبل يُوسُف بيوم، فحال بينه وبينها، وبعث يُوسُف إليه ينذره ويقول له: إن أطعت وإلا فالحرب فأبى أن يطيع، فوقعت الحرب بينهما يوم السبت لتسع خلون من شوال سنة خمس عشرة على باب الكوفة، ولما عاين يُوسُف عسكر أبي طاهر احتقره، وَقَالَ: من هؤلاء الكلاب حتى أفكر فيهم؟
هؤلاء بعد ساعة في يدي، وتقدم أن يكتب كتاب الفتح قبل اللقاء، فلما سمع أصحاب الهجري صوت البوقات [1] والدبادب من عسكر يُوسُف، قَالَ رجل منهم لآخر: هذا فشل، فَقَالَ له: أجل، ولم يكن في عسكر أبي طاهر دبادب ولا بوقات، وثبت يُوسُف فأثخن أصحاب أبي طاهر بالنشاب المسموم، وجرح منهم أكثر من خمسمائة، فلما رأى أَبُو طاهر ذلك وَكَانَ في عمارية له [2] نزل فركب فرسا وحمل في خواصه، وحمل يُوسُف بنفسه مع ثقاته، فأسر يُوسُف وقتل من أصحابه عدد كثير وانهزم الباقون.
وقيل لبعض أصحاب الهجري: كيف تغلبون مع قلتكم؟ فقالوا: نحن نقدر السلامة في الثبوت، وهؤلاء يقدرونها في الهرب، وَكَانَ قد قبض يُوسُف بْن أبي الساج على كاتبه أبي عبد الله [3] مُحَمَّد بْن خلف، وأخذ منه ما قيمته مائة ألف دينار، ثم أخذ خطه بخمسمائة ألف دينار.
وبلغ الخبر إلى بغداد، فندب مؤنس/ للخروج إليه فجاء كتاب: أن الهجري رحل عن الكوفة إلى ناحية الأنبار، وما شك الناس [4] أنه يقصد بغداد ويملكها، فماج أهل بغداد [5] ، فَقَالَ عَلي بْن عيسى للمقتدر باللَّه: إن الخلفاء إنما يجمعون المال ليقمعوا به أعداء الدين، ولم يلحق المسلمين منذ قبض رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعظم من هذا الأمر، لأن هذا الرجل كافر وقد أوقع بالناس [6] سنة اثنتي عشرة، وجرى عليهم منه ما لم
__________
[1] في ك: «أصحاب الهجريّ ضرب البوقات» .
[2] «له» : ساقطة من ص، ل.
[3] في ك: «على كاتبه أبي عبيد» وكذا في ت.
[4] في ك: «وما يشك الناس» .
[5] في ك: «فهاج أهل بغداد» .
[6] في ك: «وقد أوقع بالحاج» .(13/264)
يعهد مثله، وقد تمكنت هيبته في قلوب الناس ولم يبق في بيت مال الخاصة كثير شيء [1] ، فاتق الله يا أمير المؤمنين، وخاطب السيدة فان كَانَ عندها مال قد دخرته لشدة [2] فهذا وقت إخراجه، فدخل إلى والدته وعاد فأخبر أن السيدة ابتدأته بالبذل، وأمرت بإخراج خمسمائة ألف دينار لتنفق، وَكَانَ قد بقي في بيت مال الخاصة خمسمائة ألف، فقال المقتدر باللَّه: أخرج منها ثلاثمائة ألف. فأخرج ذلك ودبر تفرقته، وبعث عسكرا في أربعين ألفا، وقطعوا قنطرة عند عقرقوف، فوصل إليها القرمطي، فوجدها مقطوعة، وسبر المخاضة فلم يجد عبرا ولو وجد لم يثنه عن بغداد، فعاد إلى الأنبار.
وبلغ عَلي بن عيسى أن رجلا يعرف بالشيرازي مقيما ببغداد يكاتب القرمطي، فقبض عليه واستنطقه، فَقَالَ: ما صحبته إلا لأنه على الحق وأنتم مبطلون كفار. فَقَالَ:
اصدقني عن الذين يكاتبونه. فَقَالَ: ولم أصدقك عن قوم مؤمنين حتى تسلمهم إلى أصحابك الكافرين فيقتلونهم لا أفعل هذا أبدا. فصفع، وضرب بالمقارع، وقيد، وغل وجعل في فمه سلسلة، وحبس فلم يأكل ولم يشرب ثلاثا فمات.
ووجه يلبق إلى محاربة القرمطي فلم يثبت يلبق وانهزم، وَكَانَ يُوسُف بْن أبي الساج أسيرا مع القرمطي، فأخرج رأسه من خيمة يتطلع لينظر إلى الوقعة، فَقَالَ له القرمطي: أردت الهرب وظننت أن غلمانك يخلصونك [3] ، فضرب عنقه.
ولما انصرف القرمطي عن الأنبار تصدق المقتدر والسيدة وعلي بْن عيسى بخمسين ألف درهم. [ولما صلى الناس بمدينة السلام وسلموا تصدقوا بعشرة آلاف درهم] [4] ولما انصرف عن هيت تصدق المقتدر باللَّه من بيت مال الخاصة بمائة ألف درهم.
وفى هذه السنة بلغت زيادة دجلة اثني عشر ذراعا وثلاثين، ولم يحج في هذه السنة أحد من العراق وخراسان لخوف الهجري [5] .
__________
[1] في ك: «ولم يبق في بيت مال كثير شيء» .
[2] في ص: «قد دخرته لوقت شديد» .
[3] في ت: «يخدمونك» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ك: «أحد من العراق ولا من أهل خراسان لخوفهم من الهجريّ» .(13/265)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2245- إسحاق بْن أَحْمَد بْن جعفر، أَبُو يعقوب الكاغذي [1] :
حدث بمصر واستوطن تنيس، وحدث بها وأم في جامعها. روى عنه يعقوب الدورقي، وغيره. وتوفي بدمياط في هذه السنة.
2246-[أيوب] [2] بْن يُوسُف بْن أيوب بْن سليمان، أَبُو الْقَاسِم البزاز المصري [3] :
سكن بغداد وحدث بها. روى عنه ابن شاهين، وتوفي في هذه السنة.
2247- بدر الشرابي:
توفي في جمادى الأولى من هذه السنة.
2248- الحسن بْن مُحَمَّد بْن الحسن بْن صالح بْن شيخ بْن عميرة، أَبُو الحسين الأسدى:
حدث عن عَلي بْن خشرم. روى عنه ابن شاهين، وَكَانَ ثقة.
وتوفي في هذه السنة.
2249- الحسين بن محمد [بن مُحَمَّد] [4] بْن عفير بْن مُحَمَّد بْن سهل بْن أبي حثمة [5] أَبُو عبد الله الأنصاري [6] :
وسهل من الصحابة، ولد الحسين في سنة تسع عشرة ومائتين، وسمع أبا بكر بْن
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 393) .
[2] ما بين المعقوفتين: بياض في ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 11) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ك: «بن أبي خيثمة» . وفي ص: «ابن خثيمة» . وفي تاريخ بغداد «ابن أبي خيثمة» . وكلهم خطأ، والصواب ما أثبتناه «ابن أبي خيثمة» : بفتح الحاء وسكون الثاء وفتح الميم» . جمهرة الأنساب (342) ، والمغني (71) .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 95، ومعجم شيوخ الإسماعيلي 253، وسؤالات السهمي للدارقطنيّ 267) .(13/266)
أبي شيبة، ولوينا وغيرهما. روى عنه أَبُو بكر الشافعي، وابن الصواف، وابن المظفر، وأبو بكر ابن شاذان، وابن شاهين. قَالَ الدارقطني: هو ثقة، وَكَانَ يسكن سويقة نصر من الجانب الشرقي. وتوفي في صفر هذه السنة عن ست وتسعين سنة وأيام.
2250- الحسين بْن عبد الله بْن الجصاص الجوهري، أَبُو عبد الله [1] :
كَانَ ذا ثروة عظيمة، وكانت بداية أمره أن ابن طولون قَالَ له: ما صناعتك. قَالَ:
الجوهر، قَالَ: لا يبتاع لنا شيء [2] إلا على يده فكسب الأموال.
أنبأنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْبَزَّازُ، عَنْ أَبِي القاسم عَلِي بْن المحسن التنوخي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حدثني أَبُو عَلي أَحْمَد بْن الحسين بْن عبد الله الجصاص، قَالَ: قَالَ لي أبي: كَانَ [3] بدء إكثاري أنني كنت في دهليز حرم أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون، وكنت أتوكل له ولهم في ابتياع الجوهر. وغيره مما يحتاجون إليه، وما كنت أكاد أفارق الدهليز لاختصاصي بهم، فخرجت إلى قهرمانة لهم في بعض الأيام ومعها عقد جوهر فيه مائة حبة لم أر قبله أحسن منه، تساوي كل حبة ألف دينار، فقالت:
يحتاج أن تخرط هذه حتى تصغر فتجعله لكعب، وكدت أطير فرحا [4] ، فأخذتها وقلت:
السمع والطاعة. وخرجت في الحال، فجمعت التجار ولم أزل أشتري ما قدرت عليه إلى أن حصلت مائة حبة أشكالا في النوع الذي أرادوه، فجئت بها عشية، فقلت: إن خرط هذا يحتاج إلى زمان، وقد خرطنا اليوم ما قدرنا عليه. وهو هذا فدفعت إليهم المجتمع، وقلت: الباقي نخرطه في أيام، فقنعوا بذلك، وما زلت أياما في طلب الحب حتى اجتمع، فحملت إليهم مائتي حبة قامت عَلي بأثمان قريبة تكون مائة ألف درهم أو حواليها، وحصلت جوهرا بمائتي ألف دينار أو حواليها. ثم لزمت دهليزهم وأخذت لنفسي غرفة كانت فيه، فجعلتها مسكني، فلحقني من هذا أكثر مما لحقني حتى كثرت
__________
[1] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 156) .
[2] في ك: «لا يباع لنا شيء» .
[3] «كان» : ساقط من ص، ل.
[4] «فتجعله لكعب وكدت أطير فرحا» : ساقط من ص، ل.(13/267)
النعمة، وانتهيت إلى ما استفاض خبره، ولما نكبني المقتدر وأخذ مني تلك الأموال العظيمة أصبحت يوما في الحبس آيس ما كنت فيه من الفرج، فجاءني خادم، فَقَالَ:
البشرى، قلت: وما الخبر؟ قَالَ: قم فقد أطلقت، فقمت معه فاجتاز بي في بعض دور الخليفة يريد إخراجي إلى دار السيدة، لتكون هي التي تطلقني، لأنها هي شفعت في، فوقعت عيني على أعدال خيش لي أعرفها، فكان مبلغها مائة عدل، فقلت: أليس هذا من الخيش [1] الذي حمل من داري، قَالَ: بلى؟ فتأملته فإذا هو مائة عدل [2] ، وكانت هذه الأعدال قد حملت إلي من مصر في كل عدل منها ألف دينار، وَكَانَ لي هناك حافظ عليه [3] ، فجعلوه في أعدال الخيش فوصلت سالمة ولاستغنائي عن المال لم أخرجه عن الأعدال وتركته في بيت من داري، وقفلت عليه، ونقل كل مال في داري فكان آخر ما نقل الخيش منها، ولم يعرف أحد ما فيه، فلما رأيته بشدة طمعت في خلاصه، فلما كَانَ بعد أيام من خروجي راسلت السيدة وشكوت حالي إليها وسألتها أن تدفع إلي ذلك الخيش لأنتفع بثمنه إذ كَانَ لا قدر له عندهم ولا حاجة لهم إليه، فوعدتني بخطاب المقتدر في ذلك، فلما كَانَ بعد أيام أذكرتها [4] ، فقالت: قد أمر بتسليمه إليك، فسلم إلي بأسره، ففتحته فأخذت منه المائة ألف دينار ما ضاع منه شيء، وبعت من الخيش ما أردت بعد أن أخذت منه قدر الحاجة.
قَالَ المحسن، وحدثني أَبُو العباس هبة الله بن المنجم أن جده حدثه: أنه لما قبض المقتدر على ابن الجصاص أنفذ إلى داره من يحصي ما فيها ويحمله، فَقَالَ لي:
الذي كتب الإحصاء إنا وجدنا له في قماشه سبعمائة مزملة جباب [5] ، فما ظنك بما يكون هذا في جملته.
قَالَ المحسن: وحدثني أَبُو الحسين بْن عياش أنه سمع جماعة من ثقات الكتاب،
__________
[1] «فقلت: أليس هذا من الخيش» : ساقطة من ك.
[2] «فإذا هو مائة عدل» : ساقطة من ص، ل.
[3] في ص: «وكان لي هناك خافوا عليه» .
[4] في ك: «فلما كان بعد أيام ذاكرتها» .
[5] في ك: «سبعمائة مزملة خيزران» .(13/268)
يقولون: إنهم حصلوا ما ارتفعت به مصادرة أبي عبد الله بْن الجصاص في أيام المقتدر، فكانت ستة آلاف ألف دينار سوى ما قبض من داره، وبعد الذي بقي له من ظاهره.
قَالَ المحسن: وسمعت أبا مُحَمَّد جعفر بْن ورقاء الشيباني، يحدث في سنة تسع [1] وأربعين وثلاثمائة، قَالَ: اجتزت بابن الجصاص بعد إطلاقه إلى داره من المصادرة بأيام، وكانت بيننا مودة ومصاهرة، فرأيته على روشن داره على دجلة في وقت حار وهو حاف حاسر يعدو من أول الروشن إلى آخره كالمجنون، فطرحت طياري إليه وصعدت بغير إذن، فلما رآني استحيا وعدا إلى مجلس له، فقلت له: ويحك ما الذي أصابك؟ فدعا بطست فغسل وجهه ورجليه ووقع ساعة كالمغشي عليه، ثم قَالَ: أو لا يحق لي أن يذهب عقلي وتدحرج عن يدي كذا وكذا، وأخذ مني كذا وكذا، وجعل يعده أمرا عظيما، فقلت له: يا هذا نهايات الأموال/ غير مدركة، وإنما يجب أن تعلم أن النفوس لا عوض لها، والعقول والأديان، فما سلم لك ذلك فالفضل معك، وإنما يقلق هذا القلق من يخاف الفقر والحاجة إلى الناس أو يفقد العادة من مأكول ومشروب وملبوس أو النقصان في جاه، فاصبر حتى أوافقك على أنه ليس ببغداد اليوم [2] بعد ما خرج عنك أيسر منك من أصحاب الطيالس، فَقَالَ: هات، فقلت: أليس دارك [هذه التي كانت قبل مصادرتك ولك فيها من الفرش والأثاث ما فيه جمال لك؟] [3] قَالَ: بلى، فقلت: وقد بقي من عقارك بالكرخ ما قيمته خمسون ألف دينار؟ فَقَالَ: نعم، قلت:
ودار الحرز [4] وقيمتها عشرة آلاف دينار؟ قَالَ: نعم، قلت: وعقارك بباب الطاق قيمته ثلاثون ألف دينار؟ قَالَ: نعم. قلت: وبستانك الفلاني ومصنعتك [5] الفلانية وقيمتها كذا؟
قَالَ: نعم، قلت: ومالك بالبصرة قيمته مائة ألف دينار؟ قَالَ: نعم، فجعلت أعدد عليه حتى بلغت قيمته ذلك سبعمائة ألف دينار، فقلت: واصدقني عما سلم لك من الجوهر
__________
[1] في ك: «في سنة سبع» ،
[2] «اليوم» : ساقطة من ص، ل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقطة من ت، وكتبت على هامشها.
[4] في ص: «ودار الحرز» .
[5] في ك: «وبستانك الفلاني، وضيعتك» .(13/269)
والأثاث والقماش والجواري والعبيد والدواب وعن قيمة ذلك، فبلغت قيمة ما ذكر ثلاثمائة ألف دينار، فقلت: يا هذا من ببغداد اليوم يحتوي ملكه على ألف ألف دينار وجاهك عند الناس الجاه الأول وهم يظنون أنه قد بقي لك ضعف هذا، فلم تغتم؟
قَالَ: فسجد وحمد الله وبكى، ثم قَالَ: والله لقد غلبت عَلي الفكر [1] حتى نسيت جميع هذا أنه لي وقل في عيني إلا ضالته إلى ما أخذ مني، ولو لم تجئني الساعة لزاد الفكر عَلي حتى يبطل عقلي، فإن الله تعالى أنفذ بك [2] ، وما عزاني أحد أنفع من تعزيتك، وما أكلت منذ ثلاث شيئا فأحب أن تقيم عندي لنأكل ونتحدث، فأقمت عنده يومي.
قَالَ المصنف [3] : وقد ذكر فيما أخذ من ابن الجصاص خمس مائة سفط من مرتفع ثياب مصر، ووجد له في بستانه أموال كثيرة مدفونة في جرار خضر وقماقم مرصصة الرأس، وقد كَانَ ابن الجصاص ينسب إلى التغفيل، فله كلمات عجيبة قد ذكرتها في «كتاب المغفلين» إلا أنهم قالوا: كَانَ يتطابع بها ويقصد أن يظنوا فيه سلامة الصدر، وقد ذكرت طرفا مما يدل على ذكائه وفطنته في ذلك الكتاب.
2251- سليمان بْن داود بْن كثير بْن وفدان، أَبُو مُحَمَّد الطوسي: [4]
سكن بغداد وحدث بها عن لوين، وسوار بْن عبد الله وروى عنه ابن شاهين. وكان صدوقا. وتوفي في هذه السنة.
2252- عَبْد اللَّه بن أحمد بن سعد، أبو القاسم الجصاص [5] :
حدث عن بندار، وعن مُحَمَّد بْن المثنى. وروى عنه ابن المظفر، وابن شاهين.
وكان ثقة. وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
__________
[1] في ل: «والله لقد غلب الفكر على» .
[2] في ل: «فإن الله تعالى أنفذك الي» .
[3] في ك: «قال المؤلف» . وفي ت: «قال مؤلف الكتاب» .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 62) .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 381) .(13/270)
2253- عَلي بْن سليمان بْن الفضل، أَبُو الحسين الأخفش [1] :
روى عن المبرد [2] ، وثعلب، واليزيدي وغيرهم. روى عنه ابن المرزبان، والمعافى، وَكَانَ ثقة. وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة، وقيل: في شعبان فجاءة.
وحكى ثَابِت بْن سنان، قَالَ: كَانَ أَبُو الحسن الأخفش يواصل أبا عَلي بْن مقلة ويبره أَبُو عَلي، فشكا إليه يوما شدة الفاقة، وسأله أن يكلم عَلي بْن عيسى الوزير في إخراج رزق له [3] ، فلم يفعل، وزبر أبا عَلي وانتهره، فعلم الأخفش فاغتم، وانتهت به الحال إلى أن أكل الشلجم النيء، فقيل: إنه قبض على قلبه، فمات فجاءة.
2254- مُحَمَّد بْن جعفر بْن أَحْمَد بْن عمر بْن شبيب، أَبُو الحسن الصيرفي، يعرف بابن الكوفي.
حدث عن لوين وغيره، وروى عنه ابن المظفر، وابن شاهين.
وتوفي في صفر هذه السنة.
2255- محمد بن الحسين بْن حفص، أَبُو جعفر الخثعمي الأشناني الكوفي [4] :
قدم بغداد وحدث بها عن عباد بْن يعقوب الرواجني [5] ، وأبي كريب، روى عنه الباغندي، والمحاملي، وابن السماك، وابن الجعابي، وابن المظفر، وَقَالَ الدارقطني:
هو ثقة مأمون.
[توفي لسبع خلون من صفر هذه السنة] [6]
2256- مُحَمَّد بن الحسين بْن عبيد، أَبُو عبد الله المطبخي السامري [7] :
سمع عمرو بْن عَلي، وعلي بْن حرب وكان شيخا صالحا.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 433، ووفيات الأعيان 3/ 301- 303 بغية الوعاة 338، وإنباه الرواة 2/ 276، والأعلام 4/ 291، وشذرات الذهب 2/ 270. ونور القيس 341) .
[2] في ت: «سمع المبرد» .
[3] في ك: «في إجراء رزق له» .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 23، وسؤالات الحاكم للدارقطنيّ 220، وفيه: «صدوق» ، وسؤالات السهمي 15، وشذرات الذهب 2/ 271، وميزان الاعتدال 3/ 518 ولسان الميزان 5/ 219)
[5] في ك: «عباد بن يعقوب الرواحي» . وفي ل: «عباد بن يعقوب الرواجبي» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 235) .(13/271)
ثم دخلت سنة ست عشرة وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أن أبا طاهر الهجري دخل إلى الرحبة، فوضع السيف في أهلها، وأن أهل قرقيسيا طلبوا منه الأمان فأمنهم، ونادى فيهم أن لا يظهر أحد بالنهار وأنفذ أَبُو طاهر سرية إلى الأعراب، فقتل منهم مقتلة عظيمة، فصاروا إذا سمعوا به هربوا، وقصد الرقة وقتل بها جماعة، ثم انصرف إلى بلده. ولما رأى عَلي بْن عيسى تحكم الهجري في البلاد وعجز السلطان عنه استعفى من الوزارة، وكانت مدة وزارته هذه سنة وأربعة أشهر ويومين.
وَكَانَ المقتدر باللَّه يتشوف إلى معرفة خبر الهجري، ولم يكن أحد يكاتبه بشيء من أخباره إلا الحسن بْن إسماعيل الإسكافي عامل الأنبار، فإن كتبه كانت ترد في كل أيام إلى عَلي بْن عيسى، فينهيها فأقام أَبُو عَلي بْن مقلة أطيارا وكوتب عليها بأخبار الهجري وقتا فوقتا، وَكَانَ ينفذها إلى نصر الحاجب، فيعرضها، فجعل نصر الحاجب [1] يطري ابن مقلة ويقول للمقتدر إذا كانت هذه مراعاته بأمورك ولا تعلق له بخدمتك، فكيف إذا اصطنعته وتستوزره.
ولما رجع أَبُو طاهر القرمطي إلى بلده بنى دارا وسماها دار الهجرة، ودعا إلى المهدي، وتفاقم أمره وكثر أتباعه، وحدثته نفسه بكبس الكوفة، وهرب عمال السلطان في السواد، وَكَانَ أصحابه يكبسون القرى فيقتلون وينهبون، فبعث المقتدر إلى
__________
[1] في ص، ل: «فجعل نصر يطري» ، بإسقاط «الحاجب» .(13/272)
محاربتهم هارون بْن غريب إلى واسط، وصافي البصري إلى الكوفة فقتل هارون منهم جماعة، وحمل مائة وسبعين رأسا وجماعة أسارى، وأوقع صافي بمن خرج إليه واستأسر منهم وأدخلوا بغداد على الجمال مشتهرين ومعهم أعلام بيض منكسة، وعليها مكتوب وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ 28: 5 [1] الآية فقتلوا واستقام أمر السواد.
وزادت دجلة بغتة زيادة مفرطة قطعت الجسور ببغداد وغرق من الجسارين جماعة، وبلغت زيادة الفرات اثني عشر ذراعا وثلاثين.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2257- إبراهيم بن محمد بْن إبراهيم، أَبُو إسحاق المعمري الكوفي: [2]
حدث عن أبي كريب، والحسن بْن عرفة، وغيرهما وَكَانَ أحد الشهود، وأحد الوجوه، وبلغ سنا عالية، ثم توفي ببغداد في ذي الحجة من هذه السنة.
2258- بنان بْن مُحَمَّد بْن حمدان بْن سعيد، أَبُو الحسن الزاهد [3] .
ويعرف: بالحمال، سمع الحسن بْن عرفة وغيره. وَكَانَ ثقة زاهدا متعبدا، وسكن مصر، وكانت له منزلة عند الخاصة والعامة، وَكَانَ لا يقبل من السلطان شيئا، وكانوا يضربون بعبادته المثل.
أخبرنا أبو منصور القزاز، قَالَ: أخبرنا أبو بكر الخطيب، [4] حَدَّثَنَا أَبُو نعيم الحافظ، قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن الحسين بْن موسى، يقول: سمعت الحسن بن أحمد
__________
[1] سورة: القصص، الآية: 5.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 158) .
[3] انظر ترجمته في: (طبقات الصوفية 1/ 29- 294، وتاريخ بغداد 3/ 100- 102، وحلية الأولياء 10/ 324، وشذرات الذهب 2/ 271، وحسن المحاضرة 1/ 293، وسير أعلام النبلاء 9/ 2/ 167، والبداية والنهاية 11/ 158، ومرآة الجنان 2/ 268، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 176، 177، والكواكب الدرية 2/ 22) .
[4] في ت: «أخبرنا أحمد بن علي» .(13/273)
الرازي، يقول: سمعت أبا عَلي الروذباري، يقول: كَانَ سبب دخولي مصر حكاية بنان، وذاك أنه أمر ابن طولون بالمعروف فأمر أن يلقى بين يدي السبع، فجعل السبع يشمه ولا يضره، فلما أخرج من بين يدي السبع قيل له: ما الذي كَانَ في قلبك حيث شمك السبع، قَالَ: كنت أتفكر في سؤر السباع ولعابها.
أخبرنا القزاز، أخبرنا أحمد بن علي، أخبرنا أَبُو حازم عمر بْن أَحْمَد العبدوي [1] ، قَالَ: أخبرني عبد الملك بْن إبراهيم القشيري، حَدَّثَنَا عبد الله بْن عبد الرحمن الأردني [2] ، حَدَّثَنَا عمر بْن مُحَمَّد بْن عراك: أن رجلا كَانَ له على رجل مائة دينار بوثيقة إلى أجل، فلما جاء الأجل طلب الوثيقة فلم يجدها، فجاء إلى بنان فسأله الدعاء، فَقَالَ له: أنا رجل قد كبرت، وأنا أحب الحلوى، فاذهب فاشتر لي رطل معقود وجئني به حتى أدعو لك، فذهب فاشترى له ما قَالَ، ثم جاء به فَقَالَ له بنان: افتح القرطاس، ففتح الرجل القرطاس، فإذا هو بالوثيقة، فَقَالَ لبنان: هذه وثيقتي، فَقَالَ:
خذ وثيقتك، وخذ المعقود وأطعمه صبيانك، فأخذه ومضى.
توفي بنان بمصر في رمضان هذه السنة، وخرج في جنازته أكثر أهل البلد.
2259- داود بْن الهيثم بْن إسحاق بْن البهلول بْن حسان بْن سنان، أَبُو سعد التنوخي الأنباري [3] :
سمع جده إسحاق، وعمر بْن شبة، روى عنه ابن المظفر الحافظ وكان فصيحا نحويا لغويا حسن العلم بالعروض واستخراج المعمى [4] ، وصنف كتبا في اللغة والنحو، على مذهب الكوفيين، وله كتاب كبير في خلق الإنسان، وَكَانَ أخذ عن يعقوب بْن السكيت/ وثعلب، وَكَانَ يقول الشعر الجيد.
ولد بالأنبار، وتوفي بها في هذه السنة، وله ثمان وثمانون سنة.
__________
[1] في ت: «بن أحمد العبديّ» .
[2] في ت: «بن عبد الرحمن الأزدي» .
[3] انظر ترجمته في: (إرشاد الأريب 4/ 193، وبغية الوعاة 246، والجواهر المضيئة 1/ 240، والأعلام 2/ 335، 336، تاريخ بغداد 8/ 379) .
[4] في ت: «واستخرج المعمى» .(13/274)
2260- الزبير بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سعيد، أبو عبد الله [1] الحافظ.
سمح عباسا الدوري، وعبد الله بْن أبي سعد الوراق روى عنه الطبراني، وابن شاهين. وَكَانَ ثقة. وتوفي في هذه السنة.
2261- عَبْد اللَّه [2] بن سليمان بن الأشعث، أبو بكر ابن أبي داود [السجستاني] [3] .
محدث العراق وابن إمامها في عصره، ولد سنة ثلاثين ومائتين، وحدثه أبوه، وطوف به شرقا وغربا، وسمعه من علماء الوقت، وصنف الكتب، وَكَانَ عالما فهما من كبار الحفاظ، نصب له السلطان منبرا فحدث عليه، وَكَانَ في وقته مشايخ علماء لكنهم لم يبلغوا في الإتقان ما بلغ، وَكَانَ عيسى بْن عَلي بْن عيسى الوزير يحدث في داره، فيقول: حَدَّثَنَا البغوي في ذلك الموضع، ويشير إلى بقعة في الدار، وحدثنا ابن صاعد ويشير إلى بقعة، فيقول: [4] في ذلك المكان، فيذكر جماعة، ويشير إلى مواضعهم، فقيل له: ما لك لا تذكر ابن أبي داود؟ فَقَالَ: ليته إذا مضينا إلى داره كَانَ يأذن لنا في الدخول.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، قال: حدثني أَبُو الْقَاسِم الأزهري، قَالَ سمعت أَحْمَد بْن إبراهيم بْن شاذان، يقول: خرج أَبُو بكر بْن أبي داود إلى سجستان في أيام عمرو بْن الليث، فاجتمع إليه أصحاب الحديث، وسألوه أن يحدثهم فأبي، وَقَالَ: ليس معي كتاب، فقالوا له: ابن أبي داود وكتاب؟ قال:
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 472) .
[2] في ت: «عبيد الله» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 464، وتاريخ أصبهان 2/ 66، وتذكرة الحفاظ 767، وطبقات العبادي 60، والفهرست 32، ووفيات الأعيان 1/ 214، والرسالة المستطرفة 46، وطبقات السبكي 3/ 307، وطبقات القراء لابن الجزري 1/ 420، وغاية النهاية 1/ 420، وميزان الاعتدال، وتهذيب تاريخ ابن عساكر 7/ 439، ولسان الميزان 3/ 293، وطبقات الحنابلة 2/ 51، والأعلام 4/ 91، وشذرات الذهب 2/ 273، ومرآة الجنان 2/ 269، والنجوم الزاهرة 3/ 222، وطبقات المفسرين 222) .
[4] «ويشير إلى بقعة فيقول» : ساقطة من ص، ل.(13/275)
فأثاروني، فأمليت عليهم ثلاثين ألف حديث من حفظي، فلما قدمت بغداد قَالَ البغداديون: مضى ابن أبي داود إلى سجستان، ولعب بالناس ثم فيجوا فيجا اكتروه بستة دنانير إلى سجستان ليكتب لهم النسخة، فكتبت، وجيء بها إلى بغداد، وعرضت على الحفاظ، فخطئوني في ستة أحاديث منها ثلاثة أحاديث حدثت بها كما حدثت، وثلاثة أحاديث أخطأت فيها.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا الخطيب، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد العتيقي [1] ، قَالَ:
سمعت طلحة بْن مُحَمَّد بْن جعفر، يقول: سمعت أبا بكر بْن أبي داود، يقول: مررت يوما بباب الطاق فإذا رجل يعبر الرؤيا، فمر به رجل فأعطاه قطعة، وَقَالَ له: رأيت البارحة كأني أطالب بصداق امرأة ولم أتزوج قط، فرد عليه القطعة وَقَالَ: ليس لهذه جواب، فتقدمت إليه فقلت له: خذ منه القطعة حتى أفسر لك، فأخذ القطعة فقلت للرجل: أنت تطالب بخراج أرض ليست لك، فَقَالَ: هو ذا والله، معي العون.
توفي أَبُو بكر يوم الاثنين سابع عشر ذي الحجة من هذه السنة، وهو ابن ست وثمانين سنة وستة أشهر وأيام، وصلى عليه زهاء ثلاثمائة ألف، ثم صار الواصلون يصلون عليه حتى صلي عليه ثمانين مرة حتى أنفذ المقتدر بنازوك، فخلص جنازته ودفن في مقابر باب البستان، وخلف له ثلاثة بنين وثلاث بنات.
2262- مُحَمَّد بْن إسحاق، أَبُو العباس الصيرفي، الشاهد [2] :
حكى عن الزبير بْن بكار. وتوفي في شوال هذه السنة.
2263- مُحَمَّد بْن جعفر بْن مُحَمَّد بْن المهلب، أَبُو الطيب [3] الديباجي:
سمع يعقوب بْن إبراهيم الدورقي، والحسن بْن عرفة وغيرهما. روى عنه أبو بكر
__________
[1] في ت: «أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن علي بن ثابت» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 252) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 135، وشذرات الذهب 2/ 273 وفيه «محمد بن السري البغدادي النحويّ» ) .(13/276)
الشافعي، وابن المظفر الحافظ. [وَكَانَ ثقة ومات في هذه السنة] [1] .
2264- مُحَمَّد بْن جعفر بْن حمكويه، أَبُو العباس الرازي [2] :
قدم بغداد وحدث بها عن أبي حاتم الرازي، ويحيى بْن معاذ حكايات [3] ، روى عنه أَبُو حفص الكتاني وغيره.
2265- مُحَمَّد بْن جعفر، أَبُو بكر العطار النحوي:
من أهل المخرم، حدث عن الحسن بْن عرفة، وعباس الدوري. روى عنه مُحَمَّد بْن المظفر، وعلي بْن عمر [4] الدارقطني.
2266- مُحَمَّد بْن جعفر بْن حمدان، أَبُو الحسن القماطري [5] :
حدث عن أبي عتبة أَحْمَد بْن الفرج الحمصي وغيره. روى عنه ابن المظفر، والدارقطني.
2267- مُحَمَّد بْن السري، أَبُو بكر النحوي، المعروف بابن السراج [6]
كَانَ أحد العلماء المذكورين بالأدب وعلم العربية، وصحب المبرد. وروى عنه السيرافي والرماني، وَكَانَ ثقة.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد، أَخْبَرَنَا الخطيب، أَخْبَرَنَا عَلي بْن أبي عَلي، عن عَلي بْن عيسى بْن عَلي النحويّ، قال: كان أبو بكر ابن السراج يقرأ عليه كتاب الأصول الذي صنفه، فمر فيه باب فاستحسنه بعض الحاضرين، فَقَالَ: هذا والله أحسن من
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 137) .
[3] في ص: «عن أبي حاتم الرازيّ، ويحيى بن معين أو قال: يحيى بن معاذ- شك ناسخ الأصل- حكايات» .
[4] «علي بن عمر» : ساقطة من ص، ل.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 139) .
[6] انظر ترجمته في: (بغية الوعاة 44، ووفيات الأعيان 1/ 503، وطبقات النحويين واللغويين 122، والوافي بالوفيات 3/ 86، ونزهة الألباب 313، والأعلام 6/ 136، وتاريخ بغداد 5/ 319) .(13/277)
كتاب المقتضب، فأنكر عليه أَبُو بكر ذلك، وقال: لا تقل هذا وتمثل ببيت، وكان كثيرا ما يتمثل في ما يجرى له من الأمور بأبيات حسنة فأنشد حينئذ:
ولكن بكت قبلي فهاج لي البكا ... بكاها فقلت الفضل للمتقدم
قَالَ: وحضر في يوم من الأيام بني له صغير، فأظهر من الميل إليه والمحبة له فأكثر، فَقَالَ له بعض الحاضرين: أتحبه، فَقَالَ متمثلا:
أحبه حب الشحيح ماله ... قد كَانَ ذاق الفقر ثم ناله
توفي في ذي الحجة من هذه السنة.
2268- نصر الحاجب [1] :
حجب المقتدر باللَّه، وتقدم عنده، وَكَانَ دينا عاقلا، وخرج إلى لقاء القرامطة محتسبا فأنفق من مالة مائة ألف دينار إلى ما أعطاه السلطان، فاعتل في الطريق.
ومات في هذه السنة، فحمل إلى بغداد في تابوت.
__________
[1] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 159) .(13/278)
ثم دخلت سنة سبع عشرة وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أن مؤنسا المظفر دخل بغداد بعد أن لقيه عبد الله بْن حمدان، ثم من يراد للإمارة [1] ، وأحكم معه ما أراد، فدخل بيته ولم يمض إلى دار السلطان، فمضى إليه أَبُو العباس ابن أمير المؤمنين، ومحمد بْن عَلي الوزير، وعرفاه شوق أمير المؤمنين إليه، فاعتذر من تخلفه بعلة شكاها، فأرجف الناس بتنكره ووثب الرجالة ببعض حاشيته، فواثبهم أصحابه، فوقع في نفس مؤنس أن هذا بأمر السلطان، فجلس في طياره وصار إلى باب الشماسية، وتلاحق به أصحابه [2] ، وخرج إليه نازوك في جيشه، فلما بلغ المقتدر ذلك صرف الجيش عن بابه، وكاتب مؤنسا وسائر الجيش بإزاحة عللهم في الأموال، وخاطب مؤنسا بأجمل خطاب، وَقَالَ: وأما نازوك فلست أدرى ما سبب عتبه واستيحاشه، والله يغفر له سيئ [3] ظنه وأما ابن حمدان فلست أعرف شيئا أحفظ له إلا عزله عن الدينور، وإنما أردنا نقله إلى ما هو أجل منه وما لأحد من الجماعة عندي إلا ما يحب، واستظهر كل واحد منهم لنفسه بعد أن لا يخلع الطاعة ولا ينقض بيعة فإني مستسلم لأمر الله عز وجل غير مسلم حقا خصني الله به، فاعل ما فعله عثمان بْن عفان رضى الله عنه، ولا آتي في سفك الدماء ما نهى الله عز وجل عنه، ولست انتصر إلا باللَّه.
__________
[1] في ك: «بدار الإمارة» .
[2] في ك: «باب الشماسية ليتلاحق به أصحابه» .
[3] في ص: «والله يغفر له كل شيء» .(13/279)
فسمع العسكر هذا فقالوا: نمضي فنسمع ما يقول، فأخرج المقتدر جميع من كَانَ يحمل سلاحا وجلس على سريره في حجره مصحف يقرأ فيه، وأمر بفتح الأبواب وأحضر بنيه، فأقامهم حول سريره، فصار المظفر إلى باب الخاصة، ثم صرف الناس على حالة جميلة، فسروا بالسلامة، ورجع المظفر إلى داره، فلما كَانَ يوم الخميس لثلاث عشرة من المحرم عاود أصحاب نازوك وسائر الفرسان الركوب في السلاح، وأخرجوا المظفر على كره منه وغلبه نازوك على التدبير، وركب نازوك يوم الجمعة بعد الصلاة والناس معه في السلاح، فوجدوا الأبواب مغلقة فأحرقوا بعضها ودخلوا وقد تكاملت عدة الفرسان اثني عشر ألفا ومبلغ مالهم في كل شهر خمسمائة ألف دينار، والرجالة عشرون ألفا ومبلغ مالهم [1] عشرون ومائة ألف دينار، فدخل نازوك وأصحابه الدار بخيلهم، فدخل المظفر وأخرج الخليفة وولده والسيدة إلى منزله، ونهب الجند الدار ثم دخل المظفر [2] بالقصر، وأجمع رأي نازوك وعبد الله بْن حمدان على إجلاس مُحَمَّد بْن المعتضد، فجاءوا به في ليلة السبت للنصف من المحرم، فسلموا عليه بالخلافة، ولقب القاهر باللَّه، وقلد أَبُو عَلي بْن مقلة وزارته، ونازوك الحجبة مضافا إلى الشرطة، ونهبت دار السلطان، ووجد لأم المقتدر ستمائة ألف دينار، فحملت وخلع المقتدر من الخلافة يوم السبت النصف من المحرم، وأشهد على نفسه القضاة بالخلع، وسلم الكتاب بذلك إلى القاضي [3] أبي عمر مُحَمَّد بْن يُوسُف، فسلمه إلى ولده أبي الحسين، وَقَالَ له:
احفظه ولا يراه أحد من خلق الله، فلما أعيد المقتدر إلى الخلافة بعد يومين أخذ القاضي أَبُو عمر الكتاب، فسلمه إلى المقتدر من يده إلى يده وحلف له أنه ما رآه أحد من خلق الله غيري، فحسن موقع ذلك من المقتدر وشكره وقلده بعد مديدة قضاء القضاة [4] .
ولما كَانَ من غد بيعة القاهر، وهو يوم الأحد، جلس القاهر باللَّه، وحضر الوزير أبو
__________
[1] «في كل شهر خمسمائة.... ومبلغ مالهم» ساقطة من ص، ل.
[2] في المطبوعة: «ثم وكل المظفر» .
[3] في ك: «وسلم ذلك الكتاب إلى القاضي» .
[4] في ت: «مدة مديدة قاضي القضاة» .(13/280)
عَلي بْن مقلة فكتب/ ابن مقلة إلى العمال بخبر تقليده الخلافة، ثم شغب الجند يطلبون الأرزاق [1] ، فلما كَانَ يوم الاثنين اجتمعوا وطالبوا وهجموا فقتلوا نازوك وصاحوا: «مقتدر يا منصور» فهرب الوزير والحجاب والحشم، وجاء المقتدر فجلس، وجيء بالقاهر إليه فأجلسه بين يديه واستدناه وقبل جبينه، وَقَالَ: يا أخي أنت لا ذنب لك، وقد علمت أنك قهرت والقاهر يقول الله الله، نفسي نفسي يا أمير المؤمنين. فَقَالَ له: وحق رَسُول اللَّهِ لا جرى عليك مني سوء أبدا، وعاد ابن مقلة فكتب إلى الأماكن بخلافة المقتدر.
وفيها [2] بذرق الحاج منصور الديلمي وسلموا في طريقهم، فلما وصلوا إلى مكة وافاهم أَبُو طاهر الهجري إلى مكة يوم التروية، فقتل الحاج في المسجد الحرام وفى الفجاج من مكة [3] ، وقتلهم في البيت قتلا ذريعا. وَكَانَ الناس في الطواف وهم يقتلون، وَكَانَ في الجماعة عَلي بْن بابويه يطوف، فلما قطع الطواف ضربوه بالسيوف، فلما وقع أنشد:
ترى المحبين صرعى في ديارهم ... كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوا
واقتلع الهجري الحجر الأسود، وقلع قبة بئر زمزم، وعرى الكعبة، وقلع باب البيت وأصعد رجلا من أصحابه [4] ليقلع الميزاب، فتردى الرجل على رأسه ومات، وقتل أمير مكة، وأخذ أموال الناس، وطرح القتلى في بئر زمزم، ودفن باقيهم في مصارعهم وفى المسجد الحرام من غير أن يصلى عليهم، وانصرف إلى بلده، وحمل معه الحجر الأسود فبقي عندهم أكثر من عشرين سنة إلى أن ردوه.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أبي طاهر، أنبأنا عَلي بْن المحسن، عن أبيه، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الحسين عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْن عياش القاضي، قَالَ: أخبرني بعض أصحابنا أنه كَانَ بمكة في الوقت الذي دخلها أَبُو طاهر القرمطي ونهبها وسلب البيت وقلع الحجر
__________
[1] في ك: «يطلبون أرزاقهم» .
[2] في ل: «وفي هذه السنة» .
[3] «فقتل الحاج في المسجد الحرام وفى الفجاج من مكة» . ساقطة من ك، ص.
[4] «من أصحابه» : ساقطة من ص، ل.(13/281)
الأسود [1] والباب وقتل المسلمين في الطواف وفى المسجد وعمل تلك الأعمال العظيمة، قَالَ: فرأيت رجلا قد صعد البيت ليقلع الميزاب، فلما صار عليه سقط فاندقت عنقه، فَقَالَ القرمطي: لا يصعد إليه أحد ودعوه، فترك الميزاب ولم يقلع، ثم سكنت الثائرة بعد يوم أو يومين، قَالَ: فكنت أطوف بالبيت فإذا بقرمطي سكران وقد دخل المسجد [2] بفرسه، فصفر له حتى بال في الطواف، وجرد سيفه ليضرب به من لحق، وكنت قريبا منه، فعدوت، فلحق رجلا كَانَ إلى جنبي فضربه فقتله، ثم وقف وصاح: يا حمير أليس قلتم في هذا البيت من دخله كَانَ آمنا، فكيف يكون آمنا وقد قتلته الساعة بحضرتكم. قَالَ: فخشيت من الرد عليه أن يقتلني، ثم طلبت الشهادة، فجئت حتى لصقت به وقبضت على لجامه وجعلت ظهري مع ركبتيه لئلا يتمكن من ضربي بالسيف، ثم قلت: اسمع، قَالَ: قل: قلت: إن الله عز وجل لم يرد أن من دخله كَانَ آمنا إنما أراد من دخله فأمنوه، وتوقعت أن يقتلني [3] فلوى رأس فرسه وخرج من المسجد وما كلمني.
قَالَ المحسن: وحدثني أَبُو أَحْمَد الحارثي، قَالَ: أخبرني رجل من أصحاب الحديث أسرته القرامطة سنة الهبير واستعبدته سنين، ثم هرب منها لما أمكنه قَالَ: كَانَ يملكني رجل منهم يسومني سوء العذاب، ويستخدمني أعظم خدمة، ويعربد عَلي إذا سكر، فسكر ليلة وأقامني حياله، وَقَالَ: ما تقول في مُحَمَّد هذا صاحبكم؟ فقلت: لا أدري، ولكن ما تعلمني أيها المؤمن أقوله، فَقَالَ: كان رجلا سائسا [4] ، قال: فما تقول في أبي بكر؟ قلت: لا أدري، قال: كان رجلا ضعيفا مهينا [5] ، قال: فما تقول في عمر؟
قلت: لا أدري، قَالَ: كَانَ والله فظا غليظا، فما تقول في عثمان؟ قلت: لا أدري، قَالَ:
كَانَ جاهلا أحمق، فما تقول في عَلي؟ قلت: لا أدري، قَالَ: كَانَ ممخرقا أليس يقول
__________
[1] «الأسود» : ساقط من ص، ل.
[2] في ك: «وقد دخل البيت» .
[3] في ك: «وتوقعت أن يضربني فيقتلني» .
[4] في ك: «كان رجلا مناسبيا» .
[5] في ك: «كان رجلا ضعيفا مهينا» .(13/282)
إن هاهنا علما لو أصبت له حملة، أما كَانَ في ذلك الخلق العظيم [1] بحضرته [من يودع] [2] كل واحد منهم كلمة حتى يفرغ ما عنده هل هذه إلا مخرقة؟ ونام فلما كَانَ من غد دعاني، فَقَالَ: ما قلت لك البارحة؟ فأريته أني لم أفهمه، فحذرني من إعادته والإخبار عنه بذلك، فإذا القوم زنادقة لا يؤمنون باللَّه ولا يفكرون في أحد من الصحابة.
قَالَ المحسن: ويدل على هذا أن أبا طاهر القرمطي دخل الكوفة دفعات، فما دخل إلى قبر عَلي عليه السلام واجتاز بالحائر فما زار الحسين. وقد كانوا يمخرقون بالمهدي ويوهمون أنه صاحب المغرب، ويراسلون إسماعيل بْن مُحَمَّد صاحب المهدية المقيم بالقيروان. ومضت منهم سرية مع الحسين بْن أبي منصور بْن أبي سعيد في شوال سنة ستين وثلاثمائة، فدخلوا دمشق في ذي القعدة من هذه السنة، فقتلوا خلقا ثم خرجوا إلى مكة فقتلوا واستباحوا وأقاموا الدعوة للمطيع للَّه في كل فتح فتحوه، وسودوا أعلامهم ورجعوا عما كانوا عليه من المخرقة ضرورة، وقالوا: لو فطنا لما فطن له ابن بويه الديلمي لاستقامت أمورنا، وذلك أنه ترك المذاهب جانبا، وطلب الغلبة والملك فأطاعه الناس.
وَكَانَ من مخاريقهم قبة ينفرد فيها أميرهم وطائفة معه، ولم يقاتلوا، فإذا كل المقاتلون حمل هو بنفسه وتلك الطائفة على قوم قد كلوا من القتال، وكانوا يقولون: إن النصر ينزل من هذه القبة، وقد جعلوا مدخنة وفحما، فإذا أرادوا أن يحملوا صعد أحدهم إلى القبة وقدح وجعل النار في المجمرة وأخرج حب الكحل فطرحه على النار فتفرقع فرقعة شديدة ولا يكون له دخان، وحملوا ولا يلبث لهم شيء ولا يوقد ذلك إلا أن يقول صاحب العسكر: نزل النصر، فكسر تلك القبة أصحاب جوهر الذي ملك مصر.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2269- أحمد بن محمد بن أحمد [3] بن حفص، أبو عمرو الجبري [4] :
__________
[1] «العظيم» : ساقط من ل، ص.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] «بن أحمد» : ساقط من ص.
[4] في الأصول: «أبو عمرو الحيريّ» والّذي في الشذرات: «أبو عمرو الجبري» وقد ضبطها ابن العماد فقال: نسبة إلى جبر بالفتح والتشديد» . انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 2/ 275) .(13/283)
شيخ نيسابور في عصره في الرئاسة والعدالة والثروة والحديث، سمع مُحَمَّد بْن رافع وإسحاق بْن منصور، ومحمد بْن يحيى وأبا زرعة، وأبا حاتم في خلق كثير.
وتوفي لست خلون من ذي القعدة من هذه السنة.
2270- أَحْمَد بْن مهدى بْن رستم: [1]
أسند الحديث الكثير [2] .
أنبأنا مُحَمَّد بْن أَبِي الْقَاسِم، أَخْبَرَنَا حمد بْن أَحْمَد، أَخْبَرَنَا [3] أَبُو نعيم الأصبهاني الحافظ، قَالَ: سمعت أبا مُحَمَّد بْن حيان يقول: كَانَ أَحْمَد بْن مهدى ذا مال كثير نحو ثلاثمائة ألف درهم، فأنفقه كله على العلم [4] ، وذكر أنه لم يعرف له فراش أربعين سنة.
وَقَالَ ابن حيان: وسمعت أبا عَلي أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم، يقول: قَالَ أَحْمَد بْن مهدي: جاءتني امرأة ببغداد ليلة من الليالي، فذكرت أنها من بنات الناس وأنها امتحنت بمحنة، وقالت: أسألك باللَّه أن تسترني، فقلت: وما محنتك؟ قالت:
أكرهت على نفسي وأنا حبلى، وذكرت للناس أنك زوجي، وأن ما بي من الحبل منك فلا تفضحني، استرني سترك الله عز وجل فسكت عنها ومضت فلم أشعر حتى وضعت، وجاء إمام المحلة في جماعة من الجيران يهنئوني بالولد، فأظهرت لهم التهلل ووزنت في اليوم الثاني دينارين ودفعتهما إلى الإمام، فقلت: ادفع هذا إلى تلك المرأة [5] لتنفقه على المولود فإنه سبق ما فرق بيني وبينها، وكنت أدفع في كل شهر إليها دينارين على يد الإمام، وأقول هذه نفقة المولود إلى أن أتى على ذلك سنتان، ثم توفي المولود فجاءني الناس يعزونني، فكنت أظهر لهم التسليم والرضا، فجاءتني المرأة ليلة من الليالي بعد شهر ومعها تلك الدنانير التي كنت أبعث لها بيد الإمام فردتها، وقالت: سترك الله عز
__________
[1] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 163، وفيه أحمد بن مهدي بن رميم، وذكر أخبار أصبهان 1/ 85، والرسالة المستطرفة 51، والأعلام، وفيه وفاته سنة 272) .
[2] «أسند الحديث الكثير» : ساقطة من ص، ل.
[3] في ت: «أخبرنا محمد بن أبي القاسم، حدثنا حمد بن أحمد، أخبرنا» .
[4] في ك: «فأنفقها كلها على العلم» .
[5] في ك: «أبلغ هذا إلى تلك المرأة» .(13/284)
وجل كما سترتني، فقلت: هذه الدنانير كانت صلة مني للمولود، وهي لك فاعملي فيها ما تريدين.
2271- إسماعيل بْن إسحاق بْن إبراهيم، مولى بكر بْن مضر بْن النعمان [1] يكنى أبا أَحْمَد:
كَانَ من الغزاة وله مواقف معروفة في الروم، توفي في رجب هذه السنة.
2272- بدر بن الهثيم بْن خلف بْن خالد بْن راشد بْن الضحاك بْن النعمان، أَبُو الْقَاسِم اللخمي القاضي الكوفي [2] :
نزل بغداد وحدث بها عن أبي كريب وغيره، روى/ عنه ابن شاهين ويوسف القواس، وَكَانَ ثقة من المعمرين، وسمع الحديث بعد أن مضى من عمره أربعون سنة.
أنبأنا القزاز، قَالَ: أنبأنا أَحْمَد بْن عَلي، قَالَ: حدثني الأزهري، قَالَ: [3] ذكر أَبُو الحسن [4] الدارقطني: ان بدر بْن الهيثم عاش مائة وسبع عشرة سنة، وَكَانَ نبيلا، وأدرك أبا نعيم الفضل بْن دكين، وما كتب عنه، ودخل على عَلي بْن عيسى الوزير فرفعه، وَقَالَ له: كم سن القاضي؟ قَالَ: ما أدري كم سني، ولكن قد كَانَ بالكوفة أعجوبة فركبت مع أبي سنة خمس عشرة ومائتين، وَكَانَ بين الركبتين مائة سنة.
توفي بدر في شوال هذه السنة، وحمل إلى الكوفة، فدفن بها.
2273- جعفر بْن عبد الله بْن جعفر بْن مجاشع، أَبُو مُحَمَّد [5] الختلي.
حدث عن جماعة وروى عنه ابن المظفر، وأبو بكر بْن شاذان، وابن شاهين، وَكَانَ ثقة. وتوفي في هذه السنة.
2274- جعفر بن مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن حبيب، أَبُو بكر المعروف بابن أبي الصعو الصيدلاني:
__________
[1] «بن النعمان» : ساقطة من ص، ل.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 107، والبداية والنهاية 11/ 163) .
[3] في ت: «أخبرنا القزاز، قال أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت» . والسند إلى الأزهري ساقط من ص، ل.
[4] «أبو الحسن» : ساقط من ص، ل.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 209) .(13/285)
حدث عن أبي موسى مُحَمَّد بْن المثنى، ومحمد بْن منصور الطوسي، ويعقوب الدورقي. روى عنه ابن شاهين. وكان ثقة. وتوفي في هذه السنة.
2275- عَبْد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز بْن المرزبان بْن سابور بْن شاهنشاه، أَبُو الْقَاسِم ابن بنت أَحْمَد بْن منيع [1] :
بغوي الأصل، ولد ببغداد سنة ثلاث عشرة ومائتين، وقيل: سنة أربع عشرة في رمضان، وهو أصح، ورأى أبا عبيد ولم يسمع منه، وسمع من يحيى بْن معين جزءا [2] ، فأخذه منه موسى بْن هارون، فرماه في دجلة، وَقَالَ: أتريد أن تجمع في الرواية بين الثلاثة: أَحْمَد بْن حنبل، ويحيى بْن معين، وعلي بْن المديني.
وَكَانَ البغوي يقول: أحصيت المشايخ الذين لا يروي عنهم اليوم غيرى، فكانوا سبعة وثمانين شيخا.
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، أخبرنا عَلي بْن المحسن، قَالَ: سمعت عمر بْن أحمد الواعظ، يقول: سمعت عبد الله بْن مُحَمَّد البغوي، يقول: قرأت بخط جدي أَحْمَد بْن منيع: ولد أَبُو الْقَاسِم ابن بنتي يوم الاثنين في شهر رمضان [3] سنة أربع عشرة ومائتين، وأول ما كتب الحديث سنة خمس وعشرين ومائتين عن إسحاق بْن إسماعيل الطالقاني.
قَالَ الخطيب: وسمع البغوي عَلي بْن الجعد، وخلف بْن هشام البزار، ومحمد بْن عبد الوهاب الحارثي، وأبا الأحوص مُحَمَّد بْن حيان البغوي، وعُبَيْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن عائشة التيمي، وأبا نصر التمار، وداود بن عمرو الضبي، ويحيى بْن عبد الحميد الحماني، وأحمد بْن حنبل، وعلي بْن المديني، وحاجب بْن الوليد، ومحمد بْن جعفر الوركاني، وبشر بْن الوليد القاضي، ومحمد بن حسان السمتي،
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 111، واللباب 1/ 133، وميزان الاعتدال 3/ 72، ولسان الميزان 3/ 338، والرسالة المستطرفة 58، وتذكرة الحفاظ 2/ 247، ووفاته فيه سنة 310 هـ، والأعلام 4/ 119، والبداية والنهاية 11/ 163) .
[2] «جزءا» : ساقطة من ك.
[3] «في شهر رمضان» : ساقطة من ك.(13/286)
ومحرز بْن عون، وهارون بْن معروف، وشيبان بْن فروخ، وسويد بْن سعيد، وأبا خيثمة زهير بْن حرب في آخرين من أمثالهم.
روى عنه يحيى بْن مُحَمَّد بْن صاعد، وعلي بْن إسحاق المادرائي، وعبد الباقي بْن قانع، وحبيب بْن الحسن القزاز، ومحمد بْن عمر الجعابي، وأبو بكر بْن مالك القطيعي، وعبد الله بْن إبراهيم الزينبي، وأبو حفص بْن الزيات، ومحمد بْن المظفر، وأبو عمر بْن حيويه، وأبو بكر بْن شاذان، والدارقطني، وابن شاهين، وأبو حفص الكتاني وخلق سوى هؤلاء لا يحصون. وَكَانَ ثقة ثبتا مكثرا فهما عارفا.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد، قال: أخبرنا أحمد بْن علي بْن ثابت الخطيب، قَالَ: حدثني عَلي بْن أَحْمَد بْن عَلي المؤدب، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إسحاق النهاوندي، حَدَّثَنَا الحسن بْن عبد الرحمن بْن خلاد، قَالَ: لا يعرف في الإسلام محدث وازى عبد الله بْن مُحَمَّد البغوي في قدم السماع، فإنه توفي في سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وسمعناه يقول: حَدَّثَنَا إسحاق بْن إسماعيل الطالقاني سنة خمس وعشرين ومائتين.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أخبرنا الخطيب، قال [1] : حدثني أبو الوليد الحسن بْن مُحَمَّد الدربندي، قَالَ: سمعت [أبا مُحَمَّد عبدان بْن أَحْمَد الخطيب ابن بنت أَحْمَد بْن عبدان الشيرازي، يقول: سمعت] [2] جدي يقول: اجتاز أَبُو الْقَاسِم البغوي بنهر طابق على باب مسجد، فسمع صوت مستمل فَقَالَ: من هذا؟ فقالوا: ابن صاعد، فَقَالَ ذاك الصبي؟ فقالوا: نعم، قَالَ والله لا أبرح من موضعي حتى أملي من هاهنا، فصعد الدكة وجلس، ورآه أصحاب الحديث فقاموا وتركوا ابن صاعد، ثم قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حنبل الشيباني قبل أن يولد المحدثون، حَدَّثَنَا طالوت بْن عباد قبل أن يولد المحدثون، حَدَّثَنَا أَبُو نصر التمار قبل أن يولد المحدثون، فأملى ستة عشر حديثا عن ستة عشر شيخا ما كَانَ في الدنيا من يروي عنهم غيره.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلي، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْن عمر بْن
__________
[1] في ت: «أخبر أحمد بن علي بن ثابت» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/287)
أَحْمَد الواعظ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبي، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَر بْن الْحَسَن [1] بْن عَلِيّ بْن مالك، قَالَ: سألت موسى بْن هارون عن أبي الْقَاسِم بْن منيع، فَقَالَ: ثقة صدوق، لو جاز لإنسان أن يقال له فوق الثقة لقيل له. قلت له: يا أبا عمران فإن هؤلاء يتكلمون فيه، قَالَ: يحسدونه، ابن منيع لا يقول إلا الحق.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور عبد الرحمن بْن مُحَمَّد [الْقَزَّازُ] [2] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ [3] أَحْمَدُ بْنُ علي [بن ثابت] [4] ، قَالَ: حدثني علي بن محمد بن نصر، قال: سمعت حمزة بن يوسف، يقول: سمعت أبا الحسين مُحَمَّد بْن غسان، يقول: سمعت الأردبيلي، يقول: سئل ابن أبي حاتم عن أبي الْقَاسِم البغوي [يدخل في الصحيح؟
قَالَ: نعم، قَالَ حمزة: سألت أبا بكر بْن عبدان عن أبي الْقَاسِم البغوي] [5] قَالَ: لا شك أنه يدخل [6] في الصحيح.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بكر أَحْمَد، حَدَّثَنَا حمزة بْن مُحَمَّد بْن طاهر الدقاق، قَالَ: سمعت الدارقطني يقول: كَانَ أَبُو الْقَاسِم بْن منيع قلما يتكلم على الحديث، فإذا تكلم كَانَ كلامه كالمسمار في الساج.
قَالَ مؤلف الكتاب: هذا كلام العلماء الأثبات في البغوي، وقد تكلم فيه أَبُو أَحْمَد بْن عدي بكلام حاسد لا يخفى سوء قصده.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورِ بْنُ خَيْرُونَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْن أبي الفضل الإسماعيلي، أَخْبَرَنَا حمزة بْن يُوسُف بْن إبراهيم السهمي، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَد عبد الله بْن عدي الجرجاني، قَالَ: كَانَ أَبُو الْقَاسِم عبد الله بْن مُحَمَّد البغوي وراقا في ابتداء عمره يورق على جده وعمه وغيرهما [7] ، ووافيت العراق سنة سبع وتسعين وما رأيت في مجلسه في
__________
[1] في ت: «عمر بن الحسين» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] «أبو بكر» : ساقطة من ص، ل.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتب على هامشها.
[6] في ك: «لا يشك أنه يدخل» .
[7] «وغيرهما» : ساقطة من ص، ل.(13/288)
ذلك الوقت إلا دون العشرة غرباء بعد أن يسألهم بنوه مرة بعد مرة حضور مجلس أبيهم فيقرأ عليهم لفظا، وَكَانَ مجانهم يقولون: في دار ابن منيع شجرة تحمل داود بْن عمرو الضبي من كثرة ما يروى عنه، وما علمت أن أحدا حدث عن عَلي بْن الجعد بأكثر مما حدث هو، وسمعه الْقَاسِم المطرز يوما يقول: حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّهِ العيشي، فَقَالَ: الْقَاسِم في حرام من يكذب. فلما كبر وأسن ومات أصحاب الإسناد، احتمله الناس واجتمعوا عليه، ونفق عندهم ومع نفاقه وإسناده كَانَ مجلس ابن صاعد أضعاف مجلسه وحدث بأشياء أنكرت عليه، وَكَانَ معه طرف من معرفة الحديث والتصانيف.
قَالَ مؤلف الكتاب رحمه الله [1] : هذا كلام لا يخفى أنه صادر عن تعصب، والوراقة لا تضره، وقلة الجمع عليه لا تؤذيه، وكلام المجان لا أثر له، وقول المطرز خارج عن كلام أهل العلم، وقد ذكرنا قصته مع ابن صاعد على أن ابن صاعد قد سمع منه، وأما الذي أنكر عليه فما عرفنا أحدا أنكر عليه شيئا قط إلا أنه سها مرة في حديث، ثم أعلمهم أنه غلط، وهذا لا عيب فيه لأن الآدمي لا يخلو من الغلط.
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز، أخبرنا أحمد بن علي بْن ثَابِتٍ، قَالَ: حدثني العلاء بْن أبي المغيرة الأندلسي، أَخْبَرَنَا عَلي بْن بقاء الوراق، أَخْبَرَنَا عبد الغني بْن سعيد الأزدي، قَالَ: سألت أبا بكر مُحَمَّد بْن عَلي النقاش تحفظ شيئا مما أخذ على ابن بنت أَحْمَد بْن منيع؟ فَقَالَ لي: كَانَ غلط في حديث، عن مُحَمَّد بْن عبد الوهاب، عن ابن شهاب، عن أبي إسحاق الشيباني، عن نافع، عن ابن عمر، فحدث به عن مُحَمَّد بْن عبد الوهاب، وإنما سمعه من إبراهيم بْن هَانِئ، عن مُحَمَّد بْن عبد الوهاب، فأخذه عبد الحميد الوراق بلسانه ودار على أصحاب الحديث، وبلغ ذلك أبا القاسم ابن بنت أحمد ابن منيع، فخرج إلينا يوما فعرفنا أنه غلط فيه، وأنه أراد/ أن يكتب حَدَّثَنَا إبراهيم بْن هَانِئ، فمرت يده على العادة فرجع عنه، قَالَ أَبُو بكر: ورأيت فيه الانكسار والغم، وَكَانَ ثقة رحمه الله.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلي الخطيب، أَخْبَرَنَا ابن رزق، أَخْبَرَنَا إسماعيل بْن عَلي الخطبي، قَالَ: توفي أَبُو الْقَاسِم بْن منيع ليلة الفطر في سنة سبع
__________
[1] في ت: «قال المصنف» .(13/289)
عشرة وثلاثمائة، ودفن يوم الفطر وقد استكمل مائة سنة وثلاث سنين وشهرا.
قَالَ الخطيب: ودفن في مقبرة باب التبن.
قَالَ المصنف: ورأيت في بعض الروايات أنه مات وهو صحيح السمع والبصر والأسنان، يطأ الإماء.
2276- عَلي بْن الحسن بْن المغيرة، أَبُو مُحَمَّد الدقاق:
سمع إسحاق بْن [أبي] [1] إسرائيل، روى عنه أَبُو بكر بْن شاذان. وَكَانَ ثقة مأمونا. توفي في ذي القعدة من هذه السنة.
2277- محمد بن الحسين بْن مُحَمَّد بْن عمار، أَبُو الفضل، يعرف بابن أبي سعد [2] الهروي:
قدم بغداد فحدث بها عن مُحَمَّد بْن عبد الله الأنصاري، روى عنه ابن المظفر، وَكَانَ ثقة حافظا.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد [القزاز] [3] أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، قال:
قرأت في كتاب أبي الْقَاسِم بْن الثلاج بخطه: قتل أبو الفضل محمد بن الحسين المعروف بابن [أبي] [4] الحسين مع أخيه في يوم الاثنين قبل التروية بيوم في المسجد الحرام، قتلهما القرمطي ابن أبي سعيد الجنابي في السنة التي دخل القرمطي مكة سنة سبع عشرة وثلاثمائة.
2278- محمد بن زبان بْن حبيب، أَبُو بكر الحضرمي [5] :
ولد سنة خمس وعشرين ومائتين، وحدث عن حرملة بْن يحيى وغيره. وَكَانَ رجلا صالحا ثقة نبيلا ثبتا متقللا فقيرا لا يقبل من أحد شيئا.
توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة رحمه الله.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 236) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في شذرات الذهب 2/ 276: «محمد بن زبان بن حبيب، أبو بكر المصري» .
انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 2/ 276) .(13/290)
ثم دخلت سنة ثمان عشرة وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه هبت ريح من المغرب في آذار حملت رملا أحمر يشبه رمل الصاغة، فامتلأت منه أسواق بغداد الجانبين وسطوحها ومنازلها، وقيل: إنه من جبلي زرود.
وفيها: قبض المقتدر على أبي علي ابن مقلة، وكانت مدة وزارته سنتين وأربعة أشهر وثلاثة أيام، واستوزر سليمان بْن الحسن بْن مخلد، وجعل عَلي بْن عيسى ناظرا معه.
وفى جمادى الأولى: احترقت دار أبي عَلي بْن مقلة التي في وجه الزاهر، وَكَانَ قد أنفق عليها مائة ألف دينار، وانتهب الناس الخشب والرصاص والحديد.
وفيها حج بالناس [1] عبد السميع بْن أيوب بْن عبد العزيز الهاشمي، وخرجوا بخفارة وبذرقة.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2279- إبراهيم بن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن مطرف بْن مُحَمَّد بْن عَلي، أَبُو إسحاق الاستراباذي:
__________
[1] في ت: «وحج بالناس في هذه السنة» .(13/291)
سمع من أبي خليفة، وأبي يعلى الموصلي وغيرهما. وَكَانَ ثقة فقيها فاضلا ثبتا.
وتوفي في هذه السنة وهو شاب.
2280- أَحْمَد بْن إسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان، أَبُو جعفر التنوخي [1] :
أنباري الأصل، ولد في سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وسمع أباه، وإبراهيم بْن سعيد الجوهري، ومؤمل بن إهاب، وأبا سعيد الأشج، وأبا هشام الرفاعي، وخلقا كثيرا، وكان عنده عن أبي كريب حديث واحد. روى عنه الدارقطني وغيره. وَكَانَ ثقة فقيها على مذهب أبي حنيفة، قيما بالنحو على مذهب الكوفيين، فصيح العبارة، كثير الحفظ للشعر القديم والحديث والسير والتفسير، وَكَانَ شاعرا فصيحا لسنا ورعا متخشنا في القضاء، بيته بيت العلم [2] حمل الناس العلم عن أبيه وجده، وعنه، وعن ابنه [مُحَمَّد] [3] ، وعن ابن أخيه داود بْن الهيثم بْن إسحاق.
ولي أَبُو جعفر قضاء الأنبار وهيت وطريق الفرات من قبل الموفق باللَّه في سنة ست وسبعين ومائتين، ثم تقلده للمعتضد، ثم تقلد بعض كور الجبل [للمكتفي] [4] في سنة اثنتين وتسعين ومائتين، ولم يخرج إليها، ثم قلده المقتدر في سنة ست وتسعين [ومائتين] [5] بعد فتنة ابن المعتز القضاء بمدينة المنصور وطسوجى قطربُّل ومسكن والأنبار وطريق الفرات وهيت، ثم أضاف إليه بعد سنين القضاء [6] بكور الأهواز مجموعة لما مات قاضيها وكيع، وما زال على هذه الأعمال حتى صرف عنها في سنة سبع عشرة وثلاثمائة.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد [القزاز] [7] ، أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت،
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 30، وإرشاد الأريب 1/ 82- 94، والجواهر المضية 1/ 57، وشذرات الذهب 2/ 276، وبغية الوعاة 128، ونزهة الألباب 316، والأعلام 1/ 95، والبداية والنهاية 11/ 165) .
[2] «بيته بيت علم» : ساقطة من ص، ل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ك، ت: «ثم أضاف إلى ذلك بعد سنتين القضاء» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.(13/292)
أخبرنا علي بن أبي علي، عن أبي الحسن أَحْمَد بْن يُوسُف الأزرق، قَالَ: حدثني القاضي أَبُو طالب مُحَمَّد بْن القاضي أبي جعفر بْن البهلول، قَالَ: كنت مع أبي في جنازة وإلى جانبه [أَبُو جعفر] [1] الطبري، فأخذ أبي [يعظ] [2] صاحب المصيبة [ويسليه] [3] وينشده أشعارا، ويروي له أخبارا، فداخله الطبري في ذلك [وذنب معه] [4] ، ثم اتسع الأمر بينهما في المذاكرة وخرجا إلى فنون كثيرة من الآداب والعلم استحسنها الحاضرون، وتعالى النهار وافترقنا، فقال لي أبي: يا بني تعرف هذا الشيخ الّذي داخلنا اليوم في المذاكرة من هو؟ فقلت: هذا أبو جعفر [محمد بن جرير] [5] الطبري [6] ، فقال: إنا للَّه، ما أحسنت عشرتي يا بني، فقلت: كيف؟ قَالَ: ألا قلت لي فكنت أذاكره غير تلك المذاكرة، هذا رجل مشهور بالحفظ والاتساع في صنوف العلم [7] ، وما ذاكرته بحسنها، قَالَ: ومضت على هذا مدة فحضرنا في جنازة أخرى، فإذا بالطبري، فقلت له أيها القاضي هذا الطبري قد جاء، فأومأ إليه بالجلوس عنده، فجلس إلى جنبه وأخذ أبي [يجاريه] [8] فكلما جاء إلى قصيدة ذكر الطبري منها أبياتا، فيقول له أبي، هاتها يا أبا جعفر إلى آخرها، فيتلعثم الطبري، فينشدها [أبي] [9] إلى آخرها وكل ما ذكر شيئا من السير قَالَ أبي: هذا كَانَ في قصة فلان ويوم بني فلان، مر فيه يا أبا جعفر فربما مر وربما تلعثم فمر أبي في جميعه، فما سكت أبي يومه ذلك إلى الظهر وقد بان للحاضرين تقصير الطبري عنه، ثم قمنا فقال لي أبي: الآن شفيت صدري.
أَنْبَأَنَا مُحَمَّد بْن أبي طاهر البزاز، قَالَ: أنبأنا علي بن [أبي] [10] علي التنوخي، عن
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفي تاريخ بغداد: «ودأب معه» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] «الطبري» : ساقطة من ص، ل.
[7] في ت: «والاتساع في فنون العلم» .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/293)
أبيه، قَالَ: حدثني القاضي أَبُو الحسين [عَلي بْن] [1] مُحَمَّد بْن أبي جعفر بْن البهلول، قال: طلبت السيدة أم المقتدر باللَّه من جدي كتاب [2] وقف بضيعة كانت ابتاعتها، وَكَانَ كتاب الوقف [مخزونا] [3] في ديوان القضاء، وأرادت أخذه لتحرقه وتتملك [4] الوقف، ولم يعلم الجد بذلك [5] ، فحمله إلى الدار، وَقَالَ للقهرمانة: قد أحضرت الكتاب فأيش ترسم؟ فقالوا نريد أن يكون عندنا، فأحسن بالأمر، فَقَالَ لأم موسى القهرمانة:
تقولين [لأم المقتدر] [6] السيدة: اتقي الله هذا والله ما لا طريق إليه أبدا أنا خازن المسلمين على ديوان الحكم، فإن مكنتموني من خزنه كما يجب وإلا فاصرفوني وتسلموا الديوان دفعة واحدة، فاعملوا فيه ما شئتم، وأما أن يفعل شيء من هذا على يدي فو الله لا كَانَ ذلك أبدا ولو عرضت على السيف، ونهض والكتاب معه، [وجاء إلى طياره وهو لا يشك في الصرف، فصعد إلى ابن الفرات [7]] وحدثه بالحديث، فَقَالَ [له:] [8] ألا دافعت عن الجواب وعرفتني حتى أكتب [وأملي] [9] في ذلك، والآن أنت مصروف فلا حيلة لي مع السيدة في أمرك، قَالَ: وأدت القهرمانة الرسالة إلى السيدة، فشكت إلى المقتدر، [فلما كَانَ يوم الموكب خاطبه المقتدر] [10] شفاها في ذلك فكشف له الصورة، وَقَالَ له مثل ذلك القول والاستعفاء، فَقَالَ له المقتدر: مثلك يا أَحْمَد من قلد القضاء؟ أقم على ما أنت عليه: بارك الله فيك [11] ولا تخف أن ينثلم محلك عندنا، قَالَ:
فلما عاودت السيدة قَالَ لها المقتدر الأحكام ما لا طريق إلى اللعب به، وابن البهلول
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: «من أبي» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفي ص، ل: «وكان الكتاب في ديوان القضاء» .
[4] في ك: أخذه لتحرقه وتبطل» . وفي ت. «أخذه لحرقه وتتملك» .
[5] في ت: «ولم يعلم أحد بذلك» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتبت على هامشها.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[11] في ك: «بارك الله لك فيه وبارك عليك» .(13/294)
مأمون علينا محب لدولتنا، ولو كَانَ هذا شيئا يجوز لما منعتك إياه، فقالت السيدة: كَانَ هذا لا يجوز؟ فَقَالَ لها: لا هذه حيلة من أرباب الوقف على بيعه وأعلمها كاتبها ابن [عبد] [1] الحميد شرح الأمر وأن الشراء لا يصح بتخريق كتاب الوقف [2] ، وأن هذا لا يحل، فارتجعت المال، وفسخت الشراء وعادت/ تشكر جدي وانقلب ذلك أمرا جميلا عندهم، فَقَالَ جدي بعد ذلك: من قدم أمر الله على أمر المخلوقين كفاه الله شرهم.
توفي أبو جعفر ابن البهلول في ربيع الآخر من هذه السنة.
2281- إسماعيل بْن سعدان بْن يزيد، أَبُو معمر البزاز [3] .
سمع خلقا كثيرا، وروى عنه ابن المظفر الحافظ، وَكَانَ ثقة.
وتوفي في [شهر] [4] جمادى الآخرة من [5] هذه السنة.
2282- إسحاق بْن مُحَمَّد بْن مروان، أَبُو العباس الغزال:
كوفي حدث عن أبيه، روى عنه ابن المظفر، وَقَالَ الدارقطني: لا يحتج بحديثه.
توفي في هذه السنة.
2283- جعفر بْن مُحَمَّد بْن يعقوب، أَبُو الفضل الصندلي [6] :
سمع من عَلي بْن حرب وغيره، روى عنه ابن حيويه، والقواس. وَكَانَ ثقة صالحا دينا، سكن باب الشعير، وَكَانَ يقال: إنه من الأبدال. توفي في صفر هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: «لا يصح تحريق كتاب الوقف» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 298) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ص، ل: «توفي في هذه السنة» .
[6] في ت: «أبو الفضل الصيدلاني» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 211) .(13/295)
2284- عبد الله بْن أَحْمَد بْن عتاب، أَبُو مُحَمَّد العبدي [1] :
حدث عن أَحْمَد بْن منصور الرمادي. روى عنه ابن حيويه، وابن شاهين، وكان ثقة. توفي في محرم هذه السنة.
2285- عبد الله بْن جعفر [بْن أَحْمَد] [2] بْن خشيش، أَبُو العباس الصيرفي [3] :
سمع يعقوب الدورقي. روى عنه الدارقطني، وَقَالَ: هو ثقة [4] .
توفي في جمادى الأولى من هذه السنة.
2286- عبد الملك بْن أَحْمَد بْن نصر بْن سعيد، أَبُو الحسين الخياط [5] :
سمع يعقوب الدورقي، ومحمود بْن خداش، ويونس بْن عبد الأعلى، والربيع بْن سليمان المصريين. روى عنه إسماعيل الخطبي، وابن شاهين. وَكَانَ ثقة.
توفي في [شهر] [6] رجب من هذه السنة.
2287- عبد الواحد بْن مُحَمَّد بْن المهتدي باللَّه، أَبُو أَحْمَد الهاشمي [7] :
سمع يحيى بْن أبي طالب. روى عنه الدارقطني، وابن شاهين وَكَانَ [8]] راهب بنى هاشم صلاحا ودينا وورعا. توفي في ذي الحجة من هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 382) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 428) .
[4] في ك، ل، ت: «وقال: هو من الثقات) .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 427) .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ت: «أبو محمد الهاشمي» . وفي تاريخ بغداد: «عبد الواحد بن محمد المهتدي باللَّه بن هارون الواثق بن محمد المعتصم بن العباس» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 6، 7) .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/296)
2288- مُحَمَّد بْن الحسين بْن حُمَيد بْن الربيع [1] بْن مالك، أبو الطيب اللخمي الكوفي [2] :
ولد سنة أربعين ومائتين، وسكن بغداد، وحدث بها عن أبي سعيد الأشج وغيره [3] . روى عنه ابن المظفر، وابن شاذان، وابن شاهين [4] ، والكتاني. وَكَانَ ثقة يفهم، وقد روى ابن عقدة عن الحضرمي أنه قَالَ: هو كذاب، وهذا ليس بصحيح.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد، قال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ [بْنِ ثَابِتٍ] [5] ، قَالَ:
حَدَّثَنِي الصوري، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طاهر بْن مُحَمَّد بْن الحسين المعدل، حَدَّثَنَا أَبُو الحسن بْن سفيان الحافظ، قَالَ: كَانَ [مُحَمَّد] [6] بْن الحسين اللخمي ثقة صاحب مذهب حسن وجماعة وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وَكَانَ ممن يطلب للشهادة فيأبى ذلك.
وتوفي في هذه السنة و [قد] [7] قيل توفي سنة عشر وثلاثمائة.
2289- مُحَمَّد بْن الحسين [8] بْن سعيد بْن أبان، أَبُو جعفر الهمذاني ويعرف بالطنان:
قدم بغداد وحدث بها عن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن رشدين المصري، روى عنه الدارقطني، وَقَالَ: هو ثقة، وَقَالَ بعض الحفاظ: ليس بالمرضي.
[توفي في هذه السنة] [9] .
__________
[1] في ت: «بن حميد بن قانع» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 236) .
[3] «وغيره» : ساقطة من ل، ص.
[4] «ابن شاهين» : ساقطة من ل، ص.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] هذه الترجمة ساقطة من ل، ص.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 239، وميزان الاعتدال 3/ 522، ولسان الميزان 5/ 139، وسؤالات السهمي 70) .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/297)
2290- يحيى بْن مُحَمَّد بْن صاعد، أَبُو مُحَمَّد مولى أبي جعفر المنصور [1] :
ولد سنة ثمان وعشرين ومائتين، ورحل في طلب الحديث إلى البلاد، وكتب، وحفظ، وسمع لوينا، وأحمد بْن منيع، وبندارا، ومحمد بْن المثنى، والبخاري، وخلقا كثيرا، وأول ما كتب الحديث عن الحسن بْن عيسى بْن ماسرجس سنة تسع وثلاثين، روى عنه من الأكابر عبد الله بْن مُحَمَّد البغوي [2] والجعابي [3] ، وابن المظفر، وابن حيويه، والدارقطني، وابن شاهين. وَكَانَ ثقة مأمونا، من كبار حفاظ الحديث، وممن عني به، وله تصانيف في السنن تدل على فقهه [4] [وفهمه] [5] .
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو بكر بن ثَابِت، قَالَ: حدثني القاضي أَبُو بكر مُحَمَّد بْن عمر الداودي، قَالَ: سمعت شيخا من أصحاب الحديث حسن الهيئة لا أحفظ اسمه يقول: حضر رجل عند يحيى بْن صاعد ليقرأ عليه شيئا من حديثه، وَكَانَ معه جزء عن أبي الْقَاسِم البغوي عن جماعة من شيوخه، فغلط فقرأه على ابن صاعد وهو مصغ إلى سماعه، ثم قَالَ له بعد: أيها الشيخ إني غلطت بقراءة هذا الجزء عليك وليس هو من حديثك، إنما هو من حديث أبي الْقَاسِم البغوي، فَقَالَ له يحيى: ما قرأته عَلي هو سماعي من الشيوخ الذين قرأته عنهم، ثم قام فأخرج أصوله وأراه كل حديث قرأه على الشيخ الذي هو مكتوب في الجزء عنه.
توفي يحيى في ذي القعدة من هذه السنة، وله تسعون سنة، ودفن في باب الكوفة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تذكرة الحفاظ 2/ 305، وتاريخ بغداد 14/ 231- 234، والنجوم الزاهرة 3/ 228، والأعلام 8/ 164، وشذرات الذهب 2/ 280) .
[2] في ت: «وأول من روى عنه من الأكابر أبو عبد الله بن محمد البغوي» .
[3] في ت: «والخطابي» .
[4] في ك: «تدل على تفقهه» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/298)
ثم دخلت سنة تسع عشرة وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه قدم مؤنس يوم الخميس لعشر خلون من صفر بالحاج من مكة سالمين، وسر الناس بتمام الحج وانفتاح الطريق، وتلقوه بأنواع الزينة، وضربوا له القباب، وَكَانَ مؤنس قد بلغه في انصرافه من مكة إرجاف بقصد أبي طاهر الهجري طريق الجادة، فعدل بالقافلة عنه فتاه في البرية، ووجد فيها آثارا عجيبة، وعظاما مفرطة في الكبر، وصور الناس من حجارة، وحمل بعضها إلى الحضرة، وحدث بعض من كَانَ معه أنه رأى امرأة قائمة على تنور وهي من حجر والخبز الذي في التنور من حجر [1] ، وقيل: هي بلاد عاد، وقيل: ثمود:
وفيها قبض على سليمان بْن الحسن الوزير، وكانت مدة وزارته سنة وشهرين وتسعة أيام، ثم استوزر المقتدر أبا الْقَاسِم عُبَيْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد الكلواذي، ثم [عزل] [2] ، وكانت وزارته شهرين وثلاثة أيام، ثم استوزر الحسين بْن الْقَاسِم، ثم عزل.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2291- أسلم بْن عبد العزيز بْن هاشم بْن خالد، أَبُو الجعد [3] :
ولي القضاء بالأندلس [4] ، وتوفي بها في رجب هذه السنة.
__________
[1] في ك: «في التنور من حجارة» .
[2] ما بين المعقوفتين: على هامش ت.
[3] في الشذرات: أسلم بن عبد العزيز الأموي، الأندلسي، المالكي» ثم قال: «سمع من يونس بن عبد الأعلمي، والمزني، وصحب بقي بن مخلد مدة» . انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 2/ 281) .
[4] على هامش ت: «ولي القضاء بالأهوازية» .(13/299)
2292- جعفر بن محمد بن المغلس، أبي الْقَاسِم:
حدث عن حوثرة بْن مُحَمَّد المنقري [1] ، وأبي سعيد الأشج، روى عنه ابن شاهين، ويوسف القواس، وأبو حفص الكتاني. وَكَانَ ثقة.
وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة.
2293- الحسن بْن عَلي بْن أَحْمَد بْن بشار بْن زياد، أَبُو بكر الشاعر، المعروف بابن العلاف [2] :
حدث عن أبي عمر الدوري وغيره. روى عنه ابن شاهين، وابن حيويه وغيرهما.
أخبرنا [أبو منصور] [3] القزاز، قال: أخبرنا أبو بكر أَحْمَد بْن عَلِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن أبي المعدل، قَالَ: حدثني أبي، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد العزيز بْن أبي بكر الشاعر، قَالَ: حدثني أبي، قَالَ: كنت ذات ليلة في دار المعتضد وقد أطلنا الجلوس بحضرته، ثم نهضنا إلى مجلسنا من حجرة كانت مرسومة بالندماء [4] ، فلما أخذنا مضاجعنا وهدأت العيون أحسسنا بفتح الأبواب والأقفال بسرعة، فارتاعت الجماعة لذلك وجلسنا في فرشنا، فدخل إلينا خادم من خدم المعتضد، فَقَالَ: إن أمير المؤمنين يقول لكم أرقت الليلة بعد انصرافكم فقلت [5] :
ولما انتبهنا للخيال الّذي سرى ... إذ الدار قفر والمزار بعيد
وقد ارتج على تمامه فأجيزوه ومن أجازه بما يوافق غرضي أجزلت له جائزته، وفي الجماعة كل شاعر مجيد مذكور وأديب فاضل مشهور، فأفحمت الجماعة وأطالوا الفكر فقلت مبتدرا:
فقلت لعيني عاودي النوم واهجعي ... لعل خيالا طارقا سيعود
__________
[1] في ت: «حوثرة بن محمد المقرئ» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 378، وفيات الأعيان 2/ 107- 111، وغاية النهاية 1/ 222، ونكت الهميان 139، والأعلام 2/ 201، وشذرات الذهب 2/ 277 في وفيات سنة 318 هـ) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ك: «كانت مرسومة للندماء» .
[5] في ك: ت: «الليلة بعد انصرافكم فقلت:» .(13/300)
فرجع الخادم إليه بهذا الجواب، ثم عاد إلي فَقَالَ: أمير المؤمنين يقول لك:
أحسنت وما قصرت وقد وقع بيتك الموقع الذي أريده وقد أمر لك بجائزة وها هي، فاخذتها وازداد غيظ الجماعة مني.
توفي الحسن بْن عَلي في هذه السنة، وقيل: في سنة ثمان عشرة عن مائة سنة.
2294- الحسن بْن عَلي بْن زكريا بْن صالح بْن عاصم بْن زفر، أَبُو سعيد العدوي البصري [1] :
ولد سنة عشر ومائتين، وسكن بغداد، وحدث بها [2] عن مسدد، وهدبة، وطالوت، وكامل بْن طلحة وغيرهم. روى عنه الدارقطني، والكتاني، وَكَانَ واضعا للحديث [3] . توفي في هذه السنة.
2295- الحسين بْن الحسين [4] بْن عبد الرحمن، أَبُو عبد الله الأنطاكي قاضي ثغور الشام ويعرف بابن الصابوني [5] :
قدم بغداد وحدث بها عن جماعة [6] ، فروى عنه أَبُو بكر الشافعي، والدارقطني، وابن شاهين/ وَكَانَ ثقة [7] . وتوفي ببغداد في هذه السنة.
2296- عبد الله بْن أَحْمَد بْن محمود، أَبُو الْقَاسِم [8] البلخي:
من متكلمي المعتزلة البغداديين، صنف في الكلام كتبا كثيرة، وأقام ببغداد مدة
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 381، وشذرات الذهب 2/ 281) .
[2] في ص، ل: «وحدث عن مسدد» .
[3] في ت، ك: «وكان وضاعا للحديث» .
[4] في ت: «الحسين بن الحسن» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 39) .
[6] «عن جماعة» : ساقطة من ص، ل.
[7] من هذه العلامة إلى العلامة المماثلة ساقط من ص، ل.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 384، وتاج التراجم 31، والفهرست 34، وطبقات المفسرين للداوديّ 216، والمقريزي 2/ 348، وفيات الأعيان 3/ 45، ولسان الميزان 3/ 255، وهدية العارفين 1/ 444، وطبقات المعتزلة 88، العبر للذهبي 2/ 176، والملل والنحل 1/ 76. والأعلام 4/ 65، 66، وشذرات الذهب 2/ 281. والجواهر المضية 1/ 271. والفصل 4/ 203) .(13/301)
طويلة، وانتشرت بها كتبه، ثم عاد إلى بلخ فأقام بها إلى أن توفي في شعبان هذه السنة.
2297- عُبَيْد اللَّهِ بْن ثَابِت بْن أَحْمَد بْن خازم، أَبُو الحسن [1] الحريري:
مولى بني تميم كوفي الأصل، حدث عن أبي سعيد الأشج. روى عنه ابن المظفر، وابن شاهين. وَكَانَ محدثا كثير الحديث، ثقة فهما. وتوفي في هذه السنة.
2298- عَلي بْن الحسين بْن حرب بْن عيسى، ويعرف: بابن حربويه القاضي [2] :
سمع الحسن بْن عرفة وغيره. وروى عنه ابن حيويه، وابن شاهين. وَكَانَ ثقة [3] عالما أمينا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا [4] أَحْمَدُ بْن عَلي، حَدَّثَنَا الصوري، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَنِ الأزدي، حَدَّثَنَا عبد الواحد بْن مُحَمَّد بْن مسرور، حَدَّثَنَا أَبُو سعيد بْن يونس [5] ، قَالَ: عَلي بْن الحسين بْن حرب قاضي مصر يكنى أبا عبيد، قدم مصر على القضاء، وأقام بها دهرا طويلا، وَكَانَ شيئا عجيبا ما رأينا مثله قبله ولا بعده، وَكَانَ يتفقه على مذهب أبي ثور، وعزل عن القضاء سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، وَكَانَ سبب عزله أنه كتب يستعفي من القضاء ووجه رسولا إلى بغداد [يسال في عزله، وَكَانَ قد أغلق بابه وامتنع من أن يقضي بين الناس، فكتب بعزله وأعفي، فحدث حين جاء عزله فكتب عنه ورجع إلى بغداد [6]] وكانت وفاته ببغداد، وَكَانَ ثقة ثبتا.
أنبأنا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد قَالَ أنبأنا أَحْمَد بْن عَلي [7] قَالَ أَخْبَرَنَا [8] البرقاني،
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 349) .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 395، والولاة والقضاة 523، والأعلام 4/ 377، وشذرات الذهب 2/ 281، 282) .
[3] إلى هنا آخر الساقط من ص، ل.
[4] في المطبوعة: «أخبرنا عبد الرحمن أخبرنا» .
[5] في هامش ت: «يوسف» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت وكتبت على هامشها.
[7] «أنبأنا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد قَالَ: أنبأنا أحمد بن علي» : ساقطة من ل، ص.
[8] «أخبرنا» : ساقطة من ص، ل.(13/302)
قَالَ: ذكرت لأبي الحسن الدارقطني أبا عبيد ابن حربويه، فذكر من جلالته وفضله، وَقَالَ: حدث عنه أَبُو عبد الرحمن النسائي في [الصحيح] [1] ولعله مات قبله بعشرين سنة.
توفي أَبُو عبيد في صفر هذه السنة، وصلى عليه أَبُو سعيد الاصطخري، ودفن في داره.
2299- مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن نيروز، أَبُو بكر الأنماطي [2] :
سمع عمرو بْن عَلي، ومحمد بْن المثنى وغيرهما. روى عنه أَبُو بكر الشافعي، وابن المظفر، والدارقطني وغيرهم. وذكره يُوسُف القواس في جملة شيوخه الثقات.
وتوفي في هذه السنة، وقيل في السنة التي قبلها.
2300- مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن أبي الحجيم، أبو كثير الشيبانيّ البصري [3] :
قدم بغداد وحدث بها عن يونس بْن عبد الأعلى، والربيع بْن سليمان. روى عنه ابن المظفر، وابن حيويه، وابن شاهين. وكان ثقة.
2301- محمد بن الفضل بن العباس، أبو عبد الله البلخي [4] :
أخبرنا عمر بن ظفر، أَخْبَرَنَا جعفر بْن أَحْمَد، حَدَّثَنَا عبد العزيز بْن عَلي، أَخْبَرَنَا ابن جهضم، قَالَ: حدثني عَلي بْن مُحَمَّد، قَالَ: سمعت إبراهيم الخواص، يقول: قَالَ
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتبت على الهامش.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 408، وشذرات الذهب 2/ 280) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 408) .
[4] انظر ترجمته في: (طبقات الصوفية 212- 126، وحلية الأولياء 1/ 232، وصفة الصفوة 4/ 138، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 103، والرسالة القشيرية 27، ومعجم البلدان 1/ 713، 2/ 731، 3/ 310، وشذرات الذهب 2/ 282، ومرآة الجنان 2/ 278، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 155- 157، وسير أعلام النبلاء 9/ 2/ 276، 277، والبداية والنهاية 11/ 167، والكواكب الدرية 2/ 52، والنجوم الزاهرة 3/ 23، وكشف الظنون 2079، 5765، وكشف المحجوب 140، 141، ونفحات الأنس 119، واللمع 37، والأعلام 2217، ومعجم المؤلفين 11/ 128، وطبقات الأولياء 65) .(13/303)
لي مُحَمَّد بْن الفضل: ما خطوت أربعين سنة خطوة لغير الله عز وجل، [وما نظرت أربعين سنة في شيء استحسنته حياء من الله عز وجل] [1] ، وما أمليت على ملكي ثلاثين سنة شيئا ولو فعلت ذلك لاستحييت منهما.
أسند مُحَمَّد عن قتيبة، وصحب ابن خضرويه، وانتقل إلى سمرقند، فمات بها في هذه السنة.
2302- مُحَمَّد بْن سعد، أَبُو الحسين [2] الوراق [3] :
صاحب أبي عثمان النيسابوري، وَكَانَ له علم بالشريعة، وَكَانَ يتكلم في دقائق علوم المعاملات.
أَخْبَرَنَا ابن ناصر، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر بْن خلف، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عبد الرحمن السلمي، قَالَ: قَالَ: أَبُو الحسين الوراق: من غض بصره عن محرم أورثه الله بذلك حكمة على لسانه يهتدي بها سامعوه، ومن غض بصره عن شبهة نور الله قلبه بنور يهتدي به إلى طريق مرضاته.
قَالَ السلمى: توفي أَبُو الحسين الوراق قبل العشرين والثلاثمائة.
2303- يحيى بْن عبد الله بْن موسى، أَبُو زكريا الفارسي [4] :
كتب بمصر عن الربيع صاحب الشافعي، وحدث، وَكَانَ ثقة صدوقا، حسن الصلاة، شهد عند القضاة.
وتوفي بمصر في هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتبت على الهامش.
[2] في ص، ك، ل: «أبو الحسن» وقد جاءت هذه الترجمة في ت قبل ترجمة محمد بن إبراهيم بن محمد ابن أبي الجحيم.
[3] انظر ترجمته في: (طبقات الصوفية 299- 301، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 119، والبداية والنهاية 11/ 167، والكواكب الدرية 2/ 52، وطبقات الأولياء 106) .
[4] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 168) .(13/304)
ثم دخلت سنة عشرين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه كانت شتوتها دفيئة ولم يجمد فيها الماء، وَكَانَ هواؤها كهواء الربيع، فلما جاء الربيع كثرت الأمراض الحادة منذ شباط، وكثر الموت، وعرض لأكثر الناس ذرب.
وَكَانَ قد ورد إلى طريق مكة صاحب لأبي طاهر الهجري ليجبي الحاج، فلم يخرج من الحاج إلا نفر يسير رجالة، فلما فاته من جباية الحاج ما قدر عطف على الأعراب فاجتاحهم.
وحضر من ناظر عن مرداويج بْن زياد الديلمي، والتمس، أن يقاطع عن الأعمال [1] التي غلب عليها من أعمال المشرق، فكتب له عهده وأنفذ له لواء وخلعة.
وفى رمضان توفي قاضي القضاة أَبُو عمر، واستخلف ابنه أَبُو الحسين في سائر أعماله سوى قضاء القضاة.
وفى شوال قتل المقتدر باللَّه، وولي القاهر باللَّه.
باب ذكر خلافة القاهر باللَّه
لما قتل المقتدر وانحدر مؤنس رأى رأس المقتدر، قَالَ: إن قتلتموه والله لنقتلن
__________
[1] في ت: «أن يقاطع على الأموال» .(13/305)
كلنا فأقل الأشياء أن تظهروا أن ذلك جرى عن غير قصد وأن تنصبوا في الخلافة ابنه أبا العباس [1] ، فإنه إذا جلس في الخلافة سمحت نفسه ونفس جدته والدة المقتدر بإخراج الأموال، فغيروا رأيه وعدلوا به إلى مُحَمَّد بْن المعتضد، فأحضر وسنه ثلاثة وثلاثون سنة، وحلف لهم، وبايعه من حضر من القضاة والقواد، ولقب القاهر باللَّه، وذلك في سحر يوم الخميس لليلتين بقيتا من شوال.
ويكنى القاهر باللَّه أبا منصور، وأمه مولدة [2] يقال لها: قبول، توفيت قبل خلافته، ولد لخمس خلون من جمادى الأولى [3] من سنة سبع وثمانين ومائتين، ولما استخلف نقش على سكة العين والورق «مُحَمَّد رَسُول اللَّهِ، القاهر باللَّه، المنتقم من أعداء الله لدين الله» .
وَكَانَ رجلا ربعة ليس بالطويل ولا بالقصير، أسمر معتدل الجسم، أصهب الشعر، طويل الأنف، في مقدم لحيته طول لم يشب إلى أن خلع، وزر له أَبُو عَلي بْن مقلة، وأبو جعفر مُحَمَّد بْن الْقَاسِم بن عبيد الله، وأبو العباس بْن الخصيب، وحجبه عَلي بْن يلبق، وما زال القاهر باللَّه باحثا عن مواضع المستترين من ولد المقتدر وأمهات أولاده وحرمه والمناظرة لوالدة المقتدر، وطلب المال منها على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2304- أَحْمَد بْن عمير بْن جوصاء، أَبُو الحسن الدمشقي [4] :
كتب عنه، وتوفي في دمشق هذه السنة.
__________
[1] على هامش ك: «وهو الراضي باللَّه الّذي ولي الخلافة بعد القاهر» .
[2] في ك: «وأمه أم ولد» .
[3] في ك: «من جمادى الآخرة» .
[4] في ص، ك: «أبو الحسن الدمشقيّ» .
انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 171، وتذكره الحفاظ 795) .(13/306)
2305- إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن عَلي بْن بطحاء بْن عَلي بْن مقلة، أَبُو إسحاق التميمي [1] :
روى عن عَلي بْن حرب الطائي، وعباس الدوري [2] ، وَكَانَ ثقة فاضلا، وذكر أَبُو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي، قَالَ: مر إبراهيم بْن بطحاء وإليه الحسبة بجانبي بغداد بباب قاضي القضاة أبي عمر، فرأى الخصوم جلوسا على بابه ينتظرون جلوسه للنظر بينهم [3] ، وقد تعالى النهار، وهجرت الشمس، فوقف واستدعى حاجبه، وَقَالَ: تقول لقاضي القضاة الخصوم [4] جلوس بالباب قد بلغتهم الشمس وتأذوا بالانتظار فإما جلست لهم، أو عرفتهم عذرك لينصرفوا ويعودوا [5] .
2306- إسماعيل بْن عباد بْن الْقَاسِم بْن عباد أَبُو عَلي القطان [6] :
حدث عن عَلي بْن حرب وغيره روى عنه ابن شاهين.
وتوفي في رمضان هذه السنة.
2307- إسحاق بْن موسى بْن سعيد الرملي:
حدث عن أبي داود السجستاني وغيره. روى عنه المعافى بْن زكريا، وَكَانَ ثقة.
وتوفي في جمادي الأولى من هذه السنة.
2308- بن سُلَيْمَان بْن نصر بْن منصور المري [7] :
يروي عَنْ أبِيهِ، وعن ربعي بْن مخلد. توفي بالأندلس في هذه السنة.
__________
[1] في تاريخ بغداد: «بن علي بن مسقلة» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 164) .
[2] في ص، ل: «عباس الدورقي» .
[3] في ك، ت: «جلوسه لينظر بينهم» .
[4] أرخ وفاته في تاريخ بغداد سنة 332 هـ.
[5] في هذه الترجمة ساقطة من ص.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 298) .
[6] هذه الترجمة ساقطة أيضا من ص.
وانظر ترجمته في، (تاريخ بغداد 6/ 395) .
[7] في ت: بياض مكان الاسم الأول من الترجمة، ولم نعثر له على ترجمة عن طريق اسم أبيه فيما بين يدينا من مصادر، وهذه الترجمة ساقطة من جميع الأصول المخطوطة، ومن المطبوعة.(13/307)
2309- بكير الشراك [1] :
أحد شيوخ الصوفية، كَانَ ينزل بالشونيزية.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ/، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ابن ثابت، أخبرنا إسماعيل بن أحمد الحيري [2] ، أخبرنا مُحَمَّد بْن الحسين السلمي، قَالَ: [سمعت الحسين بْن أَحْمَد، يقول:] [3] بكير الشراك لم أر في مشايخ الصوفية أحسن لزوما للفقر منه.
مات سنة عشرين وثلاثمائة.
2310- جعفر المقتدر باللَّه أمير المؤمنين [4] :
كَانَ قد بلغ إلى مؤنس أن المقتدر قد دبر عليه حتى يقبض عليه، فغضب وأصعد إلى الموصل، ووجه رسولا، فأخذ الرسول وضرب، ووقع الوزير الحسين بْن الْقَاسِم بقبض أملاك مؤنس، وملك مؤنس الموصل، ثم أقبل إلى بغداد، فلما بلغ الجند خبره شغبوا على المقتدر فأطلق لهم مالا كثيرا، وخرج إلى حربه، فجعل الجند يتسللون إلى مؤنس، ثم نادوا باسم مؤنس، فأتى مؤنس عكبرا وضرب المقتدر مضربه بباب الشماسية، وركب يوم الأربعاء لثلاث بقين من شوال فمر في الشارع يريد مضربه، وعليه قباء فضي مصمت و [عليه] [5] عمامة سوداء، والبردة على كتفيه، وبين يديه أعلام الملك وألويته، وحوله جماعة من الأنصار بأيديهم المصاحف، وكثر دعاء الناس له، ثم جرت الحرب [6] ، ووافى البربر [7] من أصحاب مؤنس، فأحاطوا بالمقتدر وضربه رجل
__________
[1] في ت: «بكير بن الشراك» . وفي ك: «بكير بن سواك» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 112) .
[2] في ت: «أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن على بن ثابت، حَدَّثَنَا إسماعيل بن احمد الحيريّ» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[4] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 169، شذرات الذهب 2/ 231، 238، 284، والنجوم الزاهرة 2/ 233، وتاريخ الخميس 2/ 345- 349، وتاريخ بغداد 7/ 213، والكامل لابن الأثير 8/ 3- 35، والأعلام 2/ 121) .
[5] «مصمت وعليه» : ساقطة من ص، ل. وما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] «وكثر دعاء الناس له، ثم جرت الحرب» : ساقطة من ص.
[7] في ت: «ووافى البريد» .(13/308)
منهم من خلفه ضربة سقط منها إلى الأرض، فَقَالَ: أنا الخليفة، فَقَالَ البربري: لك أطلب [1] ، وأضجعه فذبحه بالسيف، ورفع رأس المقتدر على سيف، ثم على خشبة، وسلب ثيابه حتى مر به بعض الأكرة [2] ، فستره بحشيش ثم حفر له في الموضع، ودفنت جثته دون رأسه [3] ، وذلك برقة الشماسية [4] مما يلي قرية يحيى، وَكَانَ المقتدر قد أتلف [5] نيفا وسبعين ألف ألف دينار [6] ، وذلك أكثر مما جمعه [7] هارون الرشيد، وحمل رأسه إلى مؤنس، وَكَانَ سنه يومئذ ثمانيا وثلاثين سنة وشهرا وخمسة أيام، وَكَانَ قتله في الساعة الرابعة يوم الأربعاء لثلاث بقين من شوال هذه السنة، وكانت خلافته أربعا وعشرين سنة وأحد عشر شهرا وأربعة عشر يوما، من جملتها يومان وثلاث ليال خلع فيها من الخلافة ثم أعيد.
قَالَ أَبُو بكر الصولي: عاش المقتدر في الخلافة أكثر مما عاش الخلفاء قبله، فإن المعمرين من الخلفاء [قبله] [8] معاوية، وعبد الملك، وهشام، والمنصور، والرشيد، والمأمون، والمعتمد، وزاد هُوَ عليهم [9] ، ثم كلهم ماتوا على فرشهم، وختم له بالشهادة.
ومن العجائب أنه لم يل الخلافة من اسمه جعفر ويكنى أبا الفضل إلا هو، والمتوكل. وقتل هو يوم الأربعاء، والمتوكل ليلة الأربعاء.
2311- الحسن بْن الربيع، أَبُو عَلي البجلي [10] :
من أهل الكوفة [11] . سمع حماد بْن زيد، وابن المبارك، وابن إدريس وغيرهم.
__________
[1] في ت: «فقال له البريدي لك أطلب» . وفي ك: «فقال له البربري لك الطلب» .
[2] في ت: «مرّ به بعض الأكراد» .
[3] في ت: «ودفنت جسده دون رأسه» .
[4] في ت: «وذلك بالشماسية» .
[5] في ك، ت: «وكان المقتدر قد جمع» .
[6] في ت: «نيفا وتسعين ألف ألف دينار» .
[7] في ص، ب: «وخلف أكثر مما جمعه» .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] في ص، ل: «وزاد عليهم» .
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 307) .
[11] «من أهل الكوفة» : ساقطة من ص، ل.(13/309)
روى عنه عباس الدوري وغيره وحنبل. وَكَانَ ثقة صالحا، متعبدا، يبيع البواري [1] .
2312- الحسن بْن مُحَمَّد بْن عمر بْن جعفر بْن سنان، أَبُو عَلي النيسابوري [2] :
حدث عن جماعة. وروى عنه يُوسُف القواس، وَكَانَ ثقة. توفي في هذه السنة.
2313- الحسين بْن صالح بْن خيران، أَبُو عَلي الفقيه الشافعي [3] :
كَانَ من أفاضل الشيوخ وأماثل الفقهاء [مع] [4] حسن المذهب وقوة الورع، وأراده السلطان أن يلي القضاء فلم يفعل.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا [أَبُو بَكْرٍ بْن ثَابِت، أَخْبَرَنَا] [5] القاضي أَبُو العلاء مُحَمَّد بْن عَلي الواسطي [6] ، أَخْبَرَنَا الحسين بْن مُحَمَّد بْن عبيد العسكري [7] ، قَالَ:
أريد أَبُو عَلي بْن خيران للقضاء [8] فامتنع، فوكل أَبُو الحسن عَلي بْن عيسى الوزير ببابه، وختم فبقى بضع عشرة يوما [9] ، فشاهدت الموكلين على بابه حتى كلم فأعفاه، فَقَالَ لي أبي: يا بني انظر حتى تحدث إن عشت أن إنسانا فعل به مثل هذا وامتنع [10] .
أَخْبَرَنَا المبارك بْن عَلي الصيرفي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلي مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن المهدي [11] ، أَخْبَرَنَا خيران بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن علي بن خيران الفقيه، قال: أخبرني
__________
[1] أرخ الخطيب البغدادي وفاته في سنة 220 هـ.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 417) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 53، والبداية والنهاية 11/ 171، وشذرات الذهب 2/ 287، ووفيات الأعيان 2/ 133- 134، وطبقات السبكي 2/ 213) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ت: «محمد بن علي القاضي» .
[7] في ك: «محمد بن عسكر العسكري» .
[8] في ك: «بن خيران على القضاء» .
[9] «فبقي بضع عشرة يوما» : ساقطة من ك.
[10] في ك: «فعل به مثل هذا البلاء فامتنع» .
[11] «بن المهدي» : ساقط من ص، ل.(13/310)
أَبُو عبد الله الحسين بْن مُحَمَّد الفقيه الكشفلي: أن عَلي بْن عيسى وزير المقتدر باللَّه أمر نازوك صاحب البلد [1] أن يطلب الشيخ أبا عَلي بْن خيران الفقيه حتى يعرض عليه قضاء القضاة فاستتر، فوكل بباب داره رجاله بضعة عشر يوما حتى احتاج إلى الماء فلم يقدر عليه إلا من عند الجيران، فبلغ الوزير ذلك فأمر بإزالة التوكيل عنه، وَقَالَ في مجلسه والناس حضور: ما أردنا بالشيخ أبي عَلي بْن خيران إلا خيرا، أردنا أن نعلم أن في مملكتنا رجلا يعرض عليه قضاء القضاة شرقا وغربا وهو لا يقبل.
توفي أَبُو عَلي بْن خيران في ذي الحجة من هذه السنة.
2314- الحسن بن مُحَمَّد بْن الحسين بْن إبراهيم بْن إشكاب، أَبُو الحسين العامري:
سمع الزبير بْن بكار، روى عنه ابن المظفر، وابن شاهين. وكان ثقة يسكن باب خراسان [2] ، توفي في ذي القعدة من هذه السنة.
2315- عبد الملك بْن مُحَمَّد بْن عدي، أَبُو نعيم الفقيه الجرجاني الأستراباذيّ [3] :
سافر البلاد وكتب الحديث الكثير [4] وسمع أَحْمَد بْن منصور الرمادي، وعلي بْن حرب الطائي في جماعة. روى عنه ابن صاعد [5] . وَكَانَ أحد أئمة المسلمين من الحفاظ للشرع مع صدق وورع وضبط وتيقظ. وَكَانَ يحفظ الموقوفات والمراسيل كما يحفظ الحفاظ المسانيد.
__________
[1] في ك: «أمر نازوك صاحب الشرطة» .
[2] في ك: «كان ثقة سكن بغداد في باب خراسان» .
[3] أرخ الخطيب في تاريخه وفاته في حدود سنة عشرين وثلاثمائة. وفي الأنساب وغيره أرخ وفاته سنة 323 هـ. وسيكرر المصنف ترجمته في وفيات سنة 323 هـ، وكذلك أرخ صاحب الشذرات وفاته بسنة 323 هـ.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 428، وتذكرة الحفاظ 3/ 35، والأعلام 4/ 162، وشذرات الذهب 2/ 299) .
[4] «سافر البلاد وكتب الحديث الكثير» : ساقطة من ص، ل.
[5] «روى عنه ابن صاعد» : ساقط من ص، ل.(13/311)
2316- العباس بْن بشر بْن عيسى بْن الأشعث، أَبُو الفضل المعروف بالرخجي [1] :
وَكَانَ يسكن بالجانب الشرقي، وحدث عن يعقوب الدورقي، روى عنه ابن شاهين، وَكَانَ ثقة، توفي في شوال هذه السنة، ودفن بالمالكية.
2317- مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن حفص بْن شاهين، أَبُو الحسن البزاز [2] :
حدث عن يُوسُف بْن موسى القطان وغيره. وروى عنه الدارقطني وغيره. وذكره يُوسُف القواس في جملة شيوخه الثقات.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي، أخبرنا أَحْمَد بْن أبي جعفر القطيعي، قَالَ: سمعت القاضي أبا الحسن الجراحي يذكر: أن ابن شاهين هذا مات فجاءة، وقد خرج من الحمام في عشية [3] يوم الاثنين لخمس خلون من شهر رمضان سنة عشرين وثلاثمائة.
2318- مُحَمَّد [بْن الحسين] [4] بْن أزهر بْن جبير بْن جعفر، أَبُو بكر القطائعي الدعاء الأصم:
حدث عن قعنب بْن محرز الباهلي [5] ، وعمر بن شبة وغيرهما. وروى عنه أَبُو عمرو السماك. وَكَانَ غير ثقة، يروى الموضوعات عن الثقات. توفي في أول هذه السنة.
2319- مُحَمَّد بْن الحسن بْن الحسين بْن الخطاب بْن فرات، أَبُو بكر العجلي [6] :
ويعرف بالكاراتي [7] ، حدث عن سعدان بْن نصر [8] وغيره. روى عنه أَبُو عمر والسماك، وأبو بكر بن شاذان أحاديث مستقيمة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 154) .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 408) .
[3] في ص: «وقد خرج من الحمام في عافية» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ت: «ابن محمد الباهلي» .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 194) .
[7] في ص، ك، ل: «ويعرف بالكاراني» .
[8] في ت: «عن سعد بن نصر» .(13/312)
2320- محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم، أبو عمر القاضي الأزدي مولى آل جرير بْن حازم [1] :
ولد بالبصرة لتسع خلون [2] من رجب سنة ثلاث وأربعين ومائتين، وسمع مُحَمَّد بْن الوليد البسري، ومحمد بْن إسحاق الصاغاني، والحسن بْن أبي الربيع الجرجاني، وزيد بْن أخرم في آخرين، روى عنه الدارقطني، وأبو بكر الأبهري، ويوسف بْن عمر القواس، وابن حبابة وغيرهم، وَكَانَ ثقة فاضلا، غزير العقل والحلم [3] والذكاء، يستوفي المعاني الكثيرة في الألفاظ اليسيرة، ومن سعادته أن المثل يضرب بعقله وسداده وحلمه، فيقال في العاقل الرشيد: «كأنه أَبُو عمر القاضي» . وفي الحليم:
«لو أني أَبُو عمر القاضي ما صبرت» .
ولي قضاء مدينة المنصور [4] والأعمال المتصلة بها في سنة أربع وستين وجلس في جامع المدينة، ثم استخلف نائبا عن أبيه على القضاء بالجانب الشرقي، وَكَانَ يحكم بين أهل المدينة رياسة، وبين أهل الجانب الشرقي خلافة إلى سنة اثنتين وتسعين ومائتين، ولما توفي أَبُو خازم القاضي عن الشرقية نقل أَبُو عمر عن مدينة المنصور إلى قضاء الشرقية، فكان على ذلك إلى سنة ست وتسعين، ثم صرف هو ووالده عن جميع ما كَانَ/ إليهما، وتوفي والده سنة سبع وتسعين ومائتين [5] ، وما زال أَبُو عمر ملازما لمنزله إلى سنة إحدى وثلاثمائة، فتقلد عَلي بْن عيسى الوزارة وأشار على المقتدر به، فقلده الجانب الشرقي والشرقية وعدة نواحي من السواد والشام والحرمين واليمن وغير ذلك، ثم قلده قضاء القضاة سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وحمل الناس عنه علما كثيرا من الحديث وكتب الفقه التي صنفها إسماعيل بْن إسحاق، وعمل مسندًا كبيرا، ولم ير الناس ببغداد
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 3/ 401، والبداية والنهاية 11/ 171، 172، والأعلام 7/ 148، وشذرات الذهب 2/ 286، 287) .
[2] في ت: «ولد بالبصرة لسبع خلون» .
[3] في ك: «غزير الفضل والحلم» .
[4] في ت: «تولى القضاء بمدينة المنصور» .
[5] «ثم صرف هو ... سبع وتسعين ومائتين» .(13/313)
أحسن من مجلسه، فكان يجلس للحديث وعن يمينه أَبُو الْقَاسِم بْن منيع وهو قريب من أبيه في الحسن والإسناد، وعن يساره ابن صاعد، وأبو بكر النيسابوري بين يديه، وسائر الحفاظ حول سريره.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ [أَبِي] [1] عَلِيٍّ الْمُعَدَّلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الحسين بْن مُحَمَّد بْن عبيد الدقاق، قَالَ: قَالَ لي أَبُو إسحاق بْن جابر الفقيه [2] لما ولي أَبُو عمر طمعنا في أن نتتبعه بالخطأ لما كنا نعلم من قلة فقهه، فكنا نستفتى فنقول [3] : امضوا إلى القاضي ونراعي ما يحكم به فيدافع عن الأحكام مدافعة أحسن من فصل الحكم، ثم تجيئنا الفتاوى في تلك القصص، فنخاف أن نحرج إن لم نفت [4] فتعود الفتاوى إليه، فيحكم بما يفتى به الفقهاء، فما عثرنا عليه بخطأ.
قَالَ عَلي: وسمعت أبا إسحاق إبراهيم بْن أَحْمَد الطبري، يقول: سمعت بعض شهود الحضرة القدماء يقول: كنت بحضرة أبي عمر القاضي وجماعة من شهوده [وخلفائه] [5] فاحضر ثوبا يمانيا قيل [في] [6] ثمنه خمسون دينارا، فاستحسنه كل من حضر المجلس [7] ، فَقَالَ: يا غلام هات القلانسي، فجاء، فَقَالَ: اقطع جميع هذا الثوب قلانس واحمل إلى كل واحد من أصحابنا قلنسوة، ثم التفت إلينا فَقَالَ: إنكم استحسنتموه بأجمعكم ولو استحسنه واحد [منكم] [8] لوهبته له، فلما اشتركتم في استحسانه لم أجد طريقا إلى أن [يحصل] [9] لكل واحد شيء منه إلا بأن يجعله قلانس، يأخذ كل واحد منا واحدة [10] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت، ك: «قال لي أبو الحسن إبراهيم بن حازم الفقيه» .
[3] في ت: «فكنا نستفتيه فيقول» .
[4] على هامش ت: «إن لم نعلم» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ت: «كل من في المجلس» .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] في ت: «لم أجد طريقا إلى أن لكل واحد منكم قلنسوة واحدة» .(13/314)
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أَحْمَد بْن عَلي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر البرقاني، قَالَ: حكى لي الحمدوني: أن إسماعيل القاضي ببغداد كَانَ يحب الاجتماع مع إبراهيم الحربي، فقيل لإبراهيم لو لقيته؟ فَقَالَ: ما أقصد من له حاجب، فقيل ذلك لإسماعيل فنحى الحاجب عن بابه أياما فذكر ذلك لإبراهيم فقصده، فلما دخل تلقاه أَبُو عمر مُحَمَّد بْن يُوسُف القاضي وَكَانَ بين يدي إسماعيل غلام [1] قائم، ولما نزع إبراهيم نعله أمر أَبُو عمر غلاما له أن يرفع نعل إبراهيم في منديل معه، فلما طال المجلس بين إسماعيل وإبراهيم وجرى بينهما من العلم ما تعجب منه الحاضرون، ولما أراد إبراهيم [2] القيام تقدم أَبُو عمر إلى الغلام أن يضع نعله بين يديه من حيث رآها إبراهيم ملفوفة في المنديل، فَقَالَ إبراهيم لأبي عمر: رفع الله قدرك في الدنيا والآخرة، فقيل:
إن أبا عمر لما توفي رآه بعضهم في المنام، فَقَالَ لَهُ: مَا فعل الله بك؟ فَقَالَ: أدركتني دعوة الرجل الصالح إبراهيم [الحربي أو كما] [3] قَالَ الحمدوني.
توفي أَبُو عمر يوم الأربعاء لست بقين من رمضان [4] هذه السنة، وهو ابن ثمان وسبعين سنة [5] ، ودفن في داره [رحمه الله] [6] .
__________
[1] في ص، ل: «يدي إسماعيل قائما» .
[2] في ت: «طال المجلس وبقي بينهم من الحاضرين من العلم أراد إبراهيم» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ت: «لسبع بقين من رمضان» .
[5] «سنة» : ساقط من ص، ل.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وإلى هنا انتهى صلة تاريخ الطبري لمحمد بن عبد الملك الهمذاني.(13/315)
ثم دخلت سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه [في] [1] يوم السبت لإحدى عشرة خلت من صفر جلس القاهر باللَّه في الميدان وأحضر رجلا قطع الطريق في دجلة، فضرب بحضرته ألف سوط، ثم ضربت عنقه، وضرب جماعة من أصحابه وقطعت أيديهم وأرجلهم.
وفى يوم الخميس لسبع بقين من صفر خلع القاهر باللَّه على الوزير أبي عَلي ابن مقلة وكناه، وكتب إليه: يا أبا عَلي أدام الله إمتاعي بك، محلك عندي جليل، ومكانك من قلبي مكان مكين، وأنا حامد لمذهبك، مرتض لأفعالك، عارف بنصيحتك، ولم أجد مع قصور الأحوال [2] مما أضمره لك ما يزيد في محلك وكمال سرورك غير تشريفك بالكنية، وأنا أسأل الله عونا على ما أحبه لك.
وفى جمادى الآخرة وقع الإرجاف بأن الأمير عَلي بْن يلبق، والحسن بْن هارون كاتبه قد عملا على لعن معاوية بْن أبي سفيان على المنابر، فاضطربت العامة [من ذلك] [3] .
وتقدم عَلي بْن يلبق حاجب القاهر بالقبض على أبي مُحَمَّد البربهاري رئيس
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ك: «ولم أر مع قصور الأحوال» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/316)
الحنابلة، فهرب واستتر، وقبض على أصحابه وأحدروا إلى البصرة. ثم خالف عَلي بْن يلبق من القاهر [إلى أن فتش لبنا قد اشتري] [1] مخافة أن يكون فيه رقعة، وطالب عَلي بْن يلبق القاهر بأن يسلم إليه كل محبوس عنده من والدة المقتدر وغيرها، فسلمهم إليه ونقلهم إلى داره، واجتمع ابن مقلة وعلي بْن يلبق على منع القاهر أرزاق حشمه، وأكثر ما كَانَ يقام له، فطالبه ابن يلبق أن يسلم إليه ما بقي في يده من الفرش وأمتعة والدة المقتدر، فسلم ذلك وبيع، ومكثت والدة المقتدر عند والدة عَلي بْن يلبق مكرمة عشرة أيام وتوفيت. ولما نمكن التضييق من القاهر علم فساد نية طريف السبكري وبشرى ليلبق وابنه [2] عَلي ومنافستهما لهما على المراتب، فكاتبهما وراسل قوما من الجند [3] ، وضمن لهم زيادة العطاء، وحرضهما على مؤنس ويلبق، وبلغ أبي علي ابن مقلة أن القاهر قد جد في التدبير [عليه وعلى مؤنس ويلبق وابنه، فحذرهم وحملهم على الجد في التدبير] [4] على القاهر وخلعه من الخلافة، ثم عقدوا الأمر سرا لأبي أَحْمَد بْن المكتفي، ودبروا على القبض على القاهر [فأحس القاهر] [5] فاحتال عليهم حتى قبض على يلبق ومؤنس، واستتر [عَلي بْن يلبق وأبو علي] [6] ابن مقلة، فوجه القاهر إلى أبي جعفر مُحَمَّد بْن الْقَاسِم بْن عُبَيْد اللَّهِ، فاستحضره في يوم الأحد مستهل شعبان، فقلده وزارته وخلع عليه من الغد، وطرحت النار في دار [أبي] [7] علي ابن مقلة ووقع النهب ببغداد، وقبض على أبي أَحْمَد بْن المكتفي، وأقيم في باب وسد عليه بالآجر والجص وهو حي، ثم وقع عَلي بْن يلبق [وأبوه] [8] فأقر بعشرة آلاف دينار، ثم قتل مؤنس وعلي ابن يلبق [9] وأبوه. واستقامت الأمور للقاهر، وتقدم بالمنع من القيان والخمر والنبيذ
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: «علم فساد أمره، دعي طريف العسكري طريق السبكري، وبشرى ليلبق وابنه علي» .
[3] في ت: «فكاتبهما وراسلهما وقوما من الجند» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] «فأقر بعشرة آلاف دينار ثم قتل مؤنس وعلي بن يلبق» : ساقطة من ل، ص.(13/317)
ومنع أصحاب الناطف أن [1] يعيروا قدورهم لمن يطبخ فيها التمر والزبيب للأنبذة، وقبض على المغنين من الرجال والنساء والحرائر والإماء، وقبض على جماعة من الجواري المغنيات، وتقدم ببيعهن في النخاسين على أنهن سواذج.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2321- أحمد بْن مُحَمَّد بْن سلامة بْن سلمة بْن عبد الملك، أَبُو جعفر [2] الطحاوي [3] الفقيه:
ولد سنة تسع وثلاثين ومائتين. وَكَانَ ثبتا فهما فقيها عاقلا، من طحا قرية في صعيد مصر [4] ، قَالَ أَبُو سعيد بْن يونس: توفي [في] [5] ليلة [6] الخميس مستهل ذي القعدة من سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، ولم يخلف مثله [7] .
2322- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن موسى بْن النضر بْن حكيم بْن عَلي بن [ذربي] [8] أَبُو بكر المعروف بابن أبي حامد [9] :
صاحب بيت المال، سمع عباسا الدوري، وخلقا كثيرا. وروى عنه الدارقطني وغيره. وَكَانَ ثقة صدوقا جوادا.
__________
[1] في ت: «ومنع أصحاب القدور» .
[2] في ك: «أحمد بن سلام بن عبد الملك، أبو حفص» .
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 174، والفهرست 207، وتهذيب ابن عساكر 2/ 54، ووفيات الأعيان 1/ 71، وخطط مبارك 13/ 30، وتاج التراجم 8، والعبر للذهبي 2/ 186، والجواهر المضية 1/ 102، ولسان الميزان 1/ 274، والنجوم الزاهرة 3/ 239، وغاية النهاية 1/ 116، ومعجم المطبوعات، 123، وهدية العارفين 1/ 58، واللباب 2/ 82، وتذكرة النوادر 53، والأعلام 1/ 206 وشذرات الذهب 2/ 288، وطبقات المفسرين للداوديّ 69) .
[4] في ل، ك، ت: «قرية من مدينة من ديار مصر» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] من ك: «توفي في يوم» .
[7] «ولم يخلف مثله» : ساقطة من ك.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 94، في البداية والنهاية 11/ 174، 175) .(13/318)
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي، قال:
حدثني عبيد اللَّه [1] بْن أبي الفتح، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الحسن الدارقطني، قَالَ: كَانَ أَبُو حامد المروروذي قليل [2] الدخول على ابن أبي حامد صاحب بيت المال، وَكَانَ في مجلسه رجل من المتفقهة، فغاب عنه أياما، فسأل عنه فأخبر أنه متشاغل بأمر قد قطعه عن حضور المجلس، فأحضره وسأله عن حاله، فذكر أنه قد اشترى جارية لنفسه، وأنه انقطعت به النفقة وضاقت يده في تلك السنة لانقطاع المادة عنه من بلده، وَكَانَ عليه دين لجماعة من السوقة، فلم يجد قضاء لذلك دون أن باع الجارية، فلما قبض الثمن تذكرها وتشوق إليها واستوحش من بعدها [3] عنه حتى لم يمكنه التشاغل بفقه ولا بغيره/ من شدة قلقه، وتعلق قلبه بها [4] وذكر أن ابن أبي حامد قد اشتراها فأوجبت الحال مضي أبي حامد الفقيه إلى ابن أبي حامد يسأل الإقالة وأخذ المال من البائع، فمضى ومعه الرجل، فحين استأذن على ابن أبي حامد أذن له في الحال، فلما دخل إليه قام إليه واستقبله وأكرمه غاية الإكرام، وسأله عن حاله وعن ما جاء له، فأخبره أَبُو حامد بخبر الفقيه وبيع الجارية، وسأله قبض المال ورد الجارية على صاحبها فلم يعرف ابن أبي حامد للجارية خبرا ولا كَانَ عنده علم من أمرها، وذلك أن امرأته كانت قد اشترتها ولم يعلم بذلك، فورد عَلَيْهِ من ذَلِكَ مورد تبين في وجهه، ثم قام ودخل على امرأته يسألها عن جارية اشتريت في سوق النخاسين على الصفة والنعت، فصادف ذلك أن امرأته كانت جالسة والجارية حاضرة، وهم يصلحون وجهها، وقد زينت بالثياب الحسان والحلي، فقالت: يا سيدي هذه الجارية التي التمست. فسر بذلك سرورا تاما إذ كانت عنده رغبة في قضاء حاجة أبي حامد، فعاد إلى أبي حامد، وَقَالَ له: خفت أن لا تكون الجارية في داري، والآن فهي بحمد الله عندنا، والأمر للشيخ أعزه الله في بابها [5] ثم
__________
[1] في ل، ك: «حدثني عبد الله» .
[2] في ك: «كان أبو حامد كثير الدخول» .
[3] في ت: «واستوحش لأجل بعدها» .
[4] في ص، ل: «من شدة تعلق قلبه بها» .
[5] في ص: «أعزه الله في أمرها» .(13/319)
أمر بإخراج الجارية، فحين أخرجت تغير وجه الفتى تغيرا شديدا، فعلم بذلك أن الأمر كما ذكره الفقيه من حبه لها وصبابته بها فَقَالَ له ابن أبي حامد: هذه جاريتك. فَقَالَ: نعم هذه جاريتي. واضطرب كلامه من شدة ما نزل به عند رؤيتها، فَقَالَ له: خذها بارك الله لك فيها. فجزاه أَبُو حامد خيرا وشكره [1] وسأله قبض المال، وأخبره أنه على حاله وقدره ثلاثة آلاف درهم فأبى أن يأخذه وطال الكلام في ذلك، فَقَالَ أَبُو حامد: إنما قصدناك نسأل الإقالة ولم نقصد أخذها على هذا الوجه. قال له ابن أبي حامد: هذا رجل فقيه وقد باعها لأجل فقره وحاجته ومتى أخذ المال منه خيف عليه أن يبيعها ثانية ممن لا يردها عليه [2] ، والمال يكون في ذمته فإذا جاءه نفقة من بلده جاز أن يرد ذلك فوهب المال له، وَكَانَ عليها من الحلي والثياب شيء له قدر كبير. فَقَالَ له أَبُو حامد: إن رأى أيده الله أن يتفضل وينفذ مع الجارية من يقبض هذه الثياب والحلي التي عليها فما لهذا الفقيه أحد ينفذه به على يده. فَقَالَ: سبحان الله هذا شيء أسعفناها به ووهبناه لها سواء إن كانت في ملكنا أو خرجت عن قبضتنا، ولسنا نرجع فيما وهبناه من ذلك. فعرف أَبُو حامد أن الوجه ما قاله، فلم يلح عليه بل حسن موقعه من قلبه، فلما أراد لينهض ويودعه قَالَ ابن أبي حامد: أريد أن أسألها قبل انصرافها عن شيء، فَقَالَ: يا جارية أي ما أحب إليك نحن أو مولاك هذا الذي باعك وأنت الآن له؟ فقالت: يا سيدي أما انتم فأحسن الله عونكم وفعل بكم وفعل فقد أحسنتم إلي وأغنيتموني، وأما مولاي هذا فلو ملكت منه ما ملك مني ما بعته بالرغائب العظيمة، فاستحسن الجماعة ذلك منها وما هي عليه من العقل مع الصبي وودعوه وانصرفوا.
توفي ابن أبي حامد في رمضان هذه السنة.
2323- سعيد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سعيد، أَبُو عثمان البيع [3] :
وهو أخو زبير بْن مُحَمَّد الحافظ، سمع من جماعة وروى عنه ابن شاهين
__________
[1] في ك: «خيرا وشكر له» .
[2] في ك: «يبيعها ثانية على من» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 106) .(13/320)
والدارقطني، وذكره يُوسُف القواس في جملة شيوخه الثقات.
توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
2324- شغب أم المقتدر [باللَّه] [1] :
كانت لها أموال [عظيمة] [2] تفوق الإحصاء، كَانَ يرتفع لها من ضياعها في كل عام ألف ألف دينار، وكانت تتصدق بأكثر ذلك، وكانت تواظب على مصالح الحاج وتبعث خزانة الشراب والأطباء معهم وتأمر بإصلاح الحياض، فمرضت وفسد مزاجها، ثم هجم عليها قتل ابنها المقتدر، فأخبرت أنه لم يدفن، فجزعت جزعا شديدا ولطمت وامتنعت من الأكل والشرب حتى كادت تتلف، فما زالوا يرفقون بها حتى أكلت كسرة بملح، ثم دعاها القاهر باللَّه فقررها بالرفق والتهديد، فحلفت له أنه لا مال عندها ولا جوهر إلا صناديق فيها ثياب ومصوغ وطيب، وذكرت أنه لو كَانَ عندها مال ما أسلمت ولدها للقتل [3] ، فضربها بيده وعلقها برجل واحدة، فلم يجد عندها غير ما أقرت به، فأخذ، وكانت قيمته نحوا من مائة وثلاثين ألف دينار.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْبَزَّازُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَلِي بْن المحسن التنوخي، عَنْ أَبِيهِ، قال: عذب القاهر أم المقتدر بصنوف العذاب حتى قيل إنه علقها منكسة، وَكَانَ يجري بولها على وجهها، فقالت له: لو كَانَ معنا مال ما جرى في أمرنا من الخلل ما آل إلى جلوسك حتى تعاقبني هذه العقوبة، وإنما [4] أنا أمك في كتاب الله، وأنا خلصتك من ابني في الدفعة الأولى.
وَقَالَ أَبُو الحسين بْن عياش [5] : حدثني أَبُو مُحَمَّد عمي، قَالَ: أنفذني [عمي] [6]
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
وانظر ترجمته في: (النجوم الزاهرة 3/ 164، 193، 204، 223، 239، والبداية والنهاية 11/ 175، 176، والأعلام 3/ 168) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ل، ك: «ما أسلمت ولدها إلى القتل» .
[4] «وإنما» : ساقطة من ل، ص.
[5] في ت: «وقال أبو الحسن بن عياش» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/321)
أَبُو الحسين بْن أبي عمر القاضي، وابن الحباب الجوهري إلى القاهر، وَكَانَ قد طلب شاهدين ليشهدا على أم المقتدر بتوكيلها في بيع أملاكها، فدخلنا على القاهر فسلمنا ووقفنا، فدفع إلينا بعض الخدم كتابا أوله أقرت شغب مولاة المعتضد أم جعفر المقتدر فإذا هو وكالة في بيع أملاكها، فقلنا للخادم: وأين هي؟ فَقَالَ وراء الباب: فاستأذنا الخليفة في خطابها، فقال: افعلوا، فقلنا: أنت هاهنا حتى نقرأ عليك؟ قالت: نعم، فقرأنا الكتاب عليها وقررناها، ثم وقفنا عن كتب الشهادة طلبا لرؤيتها، فَقَالَ الخليفة:
ما لكم؟ قلنا: يا أمير المؤمنين لا يصح لنا الشهادة دون أن نرى المرأة بأعيننا ونعرفها، فَقَالَ: افعلوا، فسمعنا من وراء الستارة بكاء ونحيبا، ورفعت الستارة فقلنا لها: أنت شغب مولاة المعتضد وأم المقتدر؟ فسكتت ساعة [1] ، ثم قالت: نعم، فقررناها وأسبل الستر فوقفنا عن الشهادة، فَقَالَ القاهر [2] : فأيش بقي؟ قلنا: تعرف يا أمير المؤمنين أنها شغب، فَقَالَ: نعم هذه شغب مولاة أبي وأم أخي، وأوقعنا خطوطنا في الكتاب. ولما رأيناها رأينا عجوزا دقيقة الجسم [3] ، سمراء اللون إلى البياض والصفرة، عليها أثر ضر شديد [4] ، فما انتفعنا بأنفسنا ذلك اليوم فكرا في تقلب الزمان وتصرف الحدثان، وجئنا وأقمنا الشهادة عند أبي الحسين القاضي.
قَالَ مؤلف الكتاب [5] : وتوفيت بعد قتل المقتدر بسبعة أشهر وثمانية أيام، وكأنها توفيت في جمادى الأولى من هذه السنة، ودفنت بالرصافة.
2325- جارية شغب أم المقتدر باللَّه:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي البزاز، عن أبي قاسم [6] عَلِي بْن المحسن التنوخي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حدثني أَبُو الفرج أَحْمَد بْن عثمان بْن إبراهيم الفقيه المعروف
__________
[1] في ك: «فسكتت فبكت» .
[2] في ك: «فقال الخليفة» .
[3] في ص: «دقيقة الجبين» .
[4] في ك، ت: «عليها أثر ضرب» .
[5] في ت: «قال المصنف» .
[6] في ك: «قال أنبأنا أبو القاسم» .(13/322)
بابن النرسي، قَالَ: كنت جالسا بحضرة أبي وأنا حدث وعنده جماعة، فحدثني حديث وصول النعم إلى الناس بالألوان الطريفة، وكان ممن حضر صديق لأبي فسمعته يحدث أبي، قَالَ: حضرت عند صديق لي من التجار كَانَ يحزر بمائة ألف دينار في دعوة، وَكَانَ حسن المروءة، فقدم مائدته وعليها ديكيريكة [1] ، فلم يأكل منها فامتنعنا، فَقَالَ: كلوا فإني أتأذى بأكل هذا اللون، فقلنا: نساعدك على تركه، قَالَ: بل أساعدكم على الأكل واحتمل الأذى، فأكل فلما أراد غسل يديه أطال، فعددت عليه أنه قد غسلها أربعين مرة، فقلت: يا هذا وسوست؟ فَقَالَ: هذه الأذية التي فرقت/ منها [2] فقلت: وما سببها؟
فامتنع من ذكره، فألححت [3] عليه، فَقَالَ: مات أبي وسني عشرون سنة، وخلف لي نعمة صغيرة، ورأس مال ومتاعا في دكانه، وَكَانَ خلقانيا في الكرخ، فَقَالَ لي لما حضرته الوفاة: يا بني إنه لا وارث لي غيرك ولا دين عَلي ولا مظلمة فإذا أنا مت فأحسن جهازي وصدق عني بكذا وكذا، وأخرج عن حجة بكذا وكذا، وقال وبارك الله لك في الباقي، ولكن احفظ وصيتي. فقلت: قل، فَقَالَ: لا تسرف في مالك فتحتاج إلى ما في أيدي الناس ولا تجده، واعلم أن القليل مع الإصلاح كثير، والكثير مع الفساد قليل، فالزم السوق وكن أول من يدخلها وآخر من يخرج منها، وإن استطعت أن تدخلها سحرا بليل فافعل فإنك تستفيد بذلك فوائد تكشفها لك الأيام. ومات، وأنفذت وصيته وعملت بما أشار به، وكنت أدخل السوق سحرا وأخرج منها عشاء، فلا أعدم من يجيئني من يطلب كفنا فلا يجد من قد فتح غيري فأحكم عليه ومن يبيع شيئا والسوق لم تقم فأبيعه له وأشياء من الفوائد، ومضى على لزومي السوق سنة وكسر، فصار لي بذلك جاه عند أهلها، وعرفوا استقامتي فأكرموني، فبينا أنا جالس يوما ولم يتكامل السوق إذا بأمرأة راكبة حمارا مصريا وعلى كفله منديل دبيقي وخادم، وهي بزي القهرمانة فبلغت آخر السوق، ثم رجعت فنزلت عندي، فقمت إليها وأكرمتها، وقلت: ما تأمرين؟ وتأملتها فإذا بامرأة لم أر قبلها ولا بعدها إلى الآن أحسن منها في كل شيء، فقالت: أريد كذا ثيابا طلبتها، فسمعت نغمة ورأيت شكلا قتلني وعشقتها في الحال أشد العشق، فقلت:
__________
[1] على هامش المطبوعة: «لعلها ديگ بر ديگ» . كلمة فارسية معناها قدر على قدر.
[2] في ت، ك: «فقال هذا الأذى الّذي توقفت منها» .
[3] في ت: «فامتنع من ذكرها» .(13/323)
اصبري حتى يخرج الناس فآخذ لك ذلك فليس عندي إلا القليل مما يصلح لك، فأخرجت الذي عندي وجلست تحادثني والسكاكين في فؤادي من عشقها، وكشفت عن أنامل رأيتها كالطلع، ووجه كدارة القمر، فقمت لئلا يزيد عَلي الأمر، فأخذت لها من السوق ما أرادت وكان ثمنه مع مالي نحو خمسمائة دينار، فأخذته وركبت ولم تعطني شيئا وذهب عني لما تداخلني من حبها أن أمنعها من المتاع إلا بالمال وأستدل على منزلها ومن دار من هي، فحين غابت عني وقع لي أنها محتالة، وأن ذلك سبب فقري فتحيرت في أمري وقامت قيامتي وكتمت خبري لئلا أفتضح بما للناس عَلي، وعملت على بيع ما في يدي من المتاع وإضافته إلى ما عندي من الدراهم ودفع أموال الناس اليهم ولزوم البيت والاقتصار على غلة العقار الذي ورثته عن أبي، ووطنت نفسي [1] على المحنة، وأخذت أشرع في ذلك مدة أسبوع، وإذا هي [2] قد نزلت عندي، فحين رأيتها أنسيت جميع ما جرى عَلي وقمت إليها، فقالت: يا فتى تأخرنا عنك لشغل عرض لنا، وما شككنا في أنك لم تشك أننا احتلنا عليك، فقلت: قد رفع الله قدرك عن هذا، فقالت: هات التخت من الطيار [3] ، فأحضرته فأخرجت دنانير عتقا فوفتني المال بأسره، وأخرجت تذكرة بأشياء أخر فأنفذت إلى التجار أموالهم، وطلبت منهم ما أرادت، وحصلت أنا في الوسط ربحا جيدا، وأحضر التجار الثياب فقمت وثمنتها معهم لنفسي، ثم بعتها عليها بربح وأنا في خلال ذلك أنظر إليها نظر تالف من حبها، وهي تنظر إلي نظر من قد فطن بذلك ولم تنكره، فهممت بخطابها ولم أقدم فاجتمع المتاع وكان ثمنها ألف دينار، فأخذته وركبت ولم أسألها عن موضعها، فلما غابت عني، قلت: هذا الآن هو الحيلة المحكمة، أعطتني [خمسة آلاف درهم] [4] وأخذت ألف دينار، وليس إلا بيع عقاري الآن والحصول على الفقر المدقع، ثم سمحت نفسي برؤيتها مع الفقر وتطاولت غيبتها نحو شهر، وألح التجار على المطالبة فعرضت عقاري على البيع [5] ، ولازمني
__________
[1] في ل، ص: «الّذي ورثته ووطنت نفسي» .
[2] في ك: «وإذا بها» .
[3] في المطبوعة: «هات التخت والطيار» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتب على الهامش.
[5] في ك: «فعرضت عقاري للبيع» .(13/324)
بعض التجار، فوزنت جميع ما كنت [أملكه ورقا وعينا، فانا كذلك [1] إذ نزلت عندي، فزال عني جميع ما كنت فيه] [2] برؤيتها فاستدعت الطيار والتخت فوزنت المال ورمت [3] إلي تذكرة يزيد ما فيها على ألفي دينار بكثير، فتشاغلت بإحضار التجار ودفع أموالهم إليهم وأخذ المتاع منهم، وطال الحديث بيننا، فقالت: يا فتى لك زوجة؟
فقلت: لا والله ما عرفت امرأة قط، وأطمعني ذلك فيها، وقلت: هذا وقت خطابها والإمساك عنها عجز، ولعلها تعود أو لا تعود [4] وأردت كلامها فهبتها وقمت كأني أحث التجار على جمع المتاع، وأخذت يد الخادم وأخرجت له دنانير وسألته أن يأخذها ويقضي لي حاجة.
فَقَالَ: أفعل وأبلغ لك محبتك، ولا آخذ شيئا، فقصصت عليه قصتي وسألته توسط الأمر بيني وبينها، فضحك وَقَالَ: إنها لك أعشق منك لها، وو الله ما بها حاجة إلى أكثر هذا الذي تشتريه، وإنما تجيئك محبة لك وتطريقا إلى مطاولتك فخاطبها بظرف ودعني فإني أفرغ لك من الأمر، فجسرني بذلك عليها فخاطبتها، وكشفت لها عشقي ومحبتي، وبكيت، فضحكت وتقبلت ذلك أحسن تقبل، وقالت: الخادم يجيئك برسالتي، ونهضت ولم تأخذ شيئا من المتاع فرددته على الناس وقد حصل لي مما اشترته أولا وثانيا ألوف دراهم [5] ربحا، ولم يحملني النوم تلك الليلة شوقا إليها وخوفا من انقطاع السبب، فلما كَانَ بعد أيام جاءني الخادم فأكرمته وسألته عن خبرها، فَقَالَ:
هي والله عليلة من شوقها إليك، فقلت: اشرح لي أمرها؟ فَقَالَ: هذه مملوكة السيدة [أم المقتدر، وهي من أخص جواريها بها واشتهت رؤية الناس والدخول والخروج، فتوصلت حتى جعلتها قهرمانة، وقد والله حدثت السيدة بحديثك] [6] وبكت بين يديها، وسألتها أن تزوجها منك فقالت السيدة: لا أفعل أو أرى هذا الرجل [7] ، فإن كان
__________
[1] في ك: «فإذا أنا كذلك» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتبت على الهامش.
[3] في ت: «وردت» .
[4] في ك: «ولعلها تقوم ولا تعود» .
[5] في ك: «وثانيا ألف وثلاثمائة درهم» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتب على الهامش.
[7] في ك: «لا أفعل حتى أرى هذا الرجل» .(13/325)
يستأهلك وإلا لم أدعك ورأيك، ويحتاج في إدخالك الدار بحيلة [1] ، فإن تمت وصلت بها إلى تزويجها وإن انكشفت ضربت عنقك في هذا، وقد نفذتني إليك في هذه الرسالة وقالت لك: إن صبرت على هذا وإلا فلا طريق لك والله إلي ولا لي إليك بعدها.
فحملني ما في نفسي أن قلت: أصبر، فَقَالَ: إذا كَانَ الليل فاعبر إلى المخرم فادخل إلى المسجد وبت فيه، ففعلت، فلما كَانَ السحر إذا أنا بطيار قد قدم وخدم قد رقوا صناديق فرغ فحطوها في المسجد وانصرفوا، وخرجت الجارية فصعدت إلى المسجد ومعها الخادم الذي أعرفه، فجلست وفرقت باقي الخدم في حوائج، واستدعتني فقبلتني وعانقتني طويلا، ولم أكن نلت ذلك منها قبله، ثم أجلستني في بعض الصناديق وقفلته، وطلعت الشمس وجاء الخدم بثياب وحوائج من المواضع التي كانت أنفذتهم إليها، فجعلت ذلك بحضرتهم في باقي الصناديق وقفلتها وحملتها إلى الطيار وانحدروا، فلما حصلت فيه ندمت وقلت: قتلت نفسي لشهوة وأقبلت ألومها تارة وأشجعها أخرى وأنذر النذور على خلاصي وأوطن نفسي مرة على القتل إلى أن بلغنا الدار، وحمل الخدم الصناديق، وحمل صندوق الخادم الذي يعرف الحديث، وبادرت بصندوق أمام الصناديق وهي معه والخدم يحملون الباقي ويلحقونها، فكل ما جازت بطبقة من الخدم والبوابين قالوا نريد نفتش الصندوق فتصيح عليهم، وتقول: متى جرى الرسم معي بهذا؟ فيمسكون وروحي في السياق إلى أن انتهت [2] إلى خادم خاطبته هي بالأستاذ، فعلمت أنه أجل الخدم فَقَالَ: لا بد من تفتيش الصندوق الذي معك، فخاطبته بلين وذل، فلم يجبها وعلمت أنها ما ذلت له ولها حيلة وأغمي عَلي، وأنزل الصندوق للفتح، فذهب عَلي أمرى [3] وبلت فزعا، فجرى البول من خلل الصندوق، فصاحت: يا أستاذ، أهلكت علينا متاعنا بخمسة آلاف دينار/ في الصندوق ثياب مصبغات وماء ورد قد انقلب على الثياب والساعة تختلط ألوانها وهي هلاكي مع السيدة، فَقَالَ لها: خذي صندوقك إلى لعنة الله، أنت وهو ومري، فصاحت بالخدم احملوه.
__________
[1] في ك: «أن تدخلك إلى الدار بحيلة» .
[2] في ك: «السياق إلى أن انتهينا» .
[3] في ت: «وأنزل الصندوق ليفتح، فذهب عني عقلي وبلت» .(13/326)
وأدخلت الدار فرجعت إلي روحي، فبينا نحن نمشي إذ قالت: وا ويلاه، الخليفة والله فجاءني أعظم من الأول، وسمعت كلام خدم وجوار وهو يقول من بينهم: ويلك يا فلانة أيش في صندوقك؟ أريني هو، فقالت: ثياب لستي يا مولاي والساعة أفتحه بين يديها وتراه، وقالت للخدم: أسرعوا ويلكم، فأسرعوا وأدخلتني إلى حجرة وفتحت عني وقالت: اصعد هذه الدرجة إلى الغرف واجلس فيها، وفتحت بالعجلة صندوقا آخر فنقلت بعض ما كَانَ فيه إلى الصندوق الذي كنت فيه وقفلت الجميع، وجاء المقتدر وَقَالَ: افتحى، ففتحته فلم يرض منه شيئا وخرج، فصعدت إلي وجعلت ترشفني وتقبلني، فعشت ونسيت ما جرى، وتركتني، وقفلت باب الحجرة يومها، ثم جاءتني ليلا فأطعمتني وسقتني وانصرفت، فلما كَانَ من غد جاءتني، فقالت: السيدة الساعة تجيء فانظر كيف تخاطبها. ثم عادت بعد ساعة مع السيدة، فقالت: انزل، فنزلت فإذا بالسيدة جالسة على كرسي وليس معها إلا وصيفتان وصاحبتي، فقبلت الأرض وقمت بين يديها، فقالت: اجلس، فقلت: أنا عبد السيدة وخادمها وليس من محلي أن يجلس بحضرتها، فتأملتني وقالت: ما اخترت يا فلانة إلا حسن الوجه والأدب.
ونهضت فجاءتني صاحبتي بعد ساعة وقالت: أبشر فقد أذنت لي والله في تزويجك، وما بقي الآن عقبة إلا الخروج، فقلت يسلم الله فلما كَانَ من الغد حملتني في الصندوق فخرجت كما دخلت بعد مخاطرة أخرى وفزع نالني، ونزلت في المسجد ورجعت إلى منزلي فتصدقت وحمدت الله على السلامة، فلما كَانَ بعد أيام جاءني الخادم ومعه كيس فيه ثلاثة آلاف دينار عينا، وَقَالَ أمرتني ستي بإنفاذ هذا إليك من مالها، وقالت: تشتري به ثيابا ومركوبا وخدما، وتصلح به ظاهرك وتعال يوم الموكب إلى باب العامة وقف حتى تطلب، فقد وافقت الخليفة أن تزوجك بحضرته، فأجبت عن رقعة كانت معه، وأخذت المال واشتريت ما قالوا بيسير منه، وبقي الأكثر عندي، وركبت إلى باب العامة في يوم الموكب بزي حسن وجاء الناس فدخلوا إلى الخليفة، ووقفت إلى أن استدعيت، فدخلت فإذا أنا بالمقتدر جالس والقواد والقضاة والهاشميون، فهبت المجلس وعلمت كيف أسلم وأقف، ففعلت فتقدم المقتدر إلى بعض القضاة الحاضرين فخطب لي وزوجني، وخرجت من حضرته، فلما صرت في(13/327)
بعض الدهاليز قريبا من الباب عدل بي إلى دار عظيمة مفروشة بأنواع الفرش الفاخرة، وفيها من الآلات والخدم والأمتعة والقماش كل شيء لم أر مثله قط، فأجلست فيها وتركت وحدي، وانصرف من أدخلني، فجلست يومي لا أرى من أعرفه، ولم أبرح من موضعي إلا إلى الصلاة، وخدم يدخلون ويخرجون، وطعام ينقل، وهم يقولون: الليلة تزف فلانة- باسم صاحبتي إلى زوجها البزاز فلا أصدق فرحا فلما جاء الليل أثر في الجوع، وقفلت الأبواب ويئست من الجارية فقمت أطوف الدار، فوقفت على المطبخ ووجدت الطباخين جلوسا، فاستطعمتهم فلم يعرفوني، وقدرني بعض الوكلاء، فقدموا إلي هذا اللون من الطبيخ مع رغيفين فأكلتهما وغسلت يدي بأشنان كَانَ في المطبخ وقدرت أنها قد نقيت، وعدت إلى مكاني، فلما جن الليل إذا طبول وزمور وأصوات عظيمة، وإذا بالأبواب قد فتحت وصاحبتي قد أهديت إلي، وجاءوا بها فجلوها عَلي وأنا أقدر أن ذلك في النوم فرحا، وتركت معي في المجلس وتفرق الناس.
فلما خلونا تقدمت إليها فقبلتها وقبلتني فشمت لحيتي فرفستني فرمت بي عن المنصة، وقالت: أنكرت أن تفلح يا عامي يا سفلة، وقامت لتخرج، فقمت وعلقت بها وقبلت الأرض ورجليها، وقلت: عرفيني ذنبي واعملي بعده ما شئت، فقالت: ويحك أكلت فلم تغسل يدك، فقصصت عليها قصتي، فلما بلغت إلى آخرها قلت: عَلي وعلي فحلفت بطلاقها وطلاق كل امرأة أتزوجها، وصدقة مالي وجميع ما أملكه والحج ماشيا على قدمي، والكفر باللَّه، وكل ما يحلف المسلمون به لا أكلت بعدها ديكيريكة إلا غسلت يدي أربعين مرة، فأشفقت وتبسمت وصاحت يا جواري، فجاء مقدار عشر جوار ووصائف، وقالت: هاتوا شيئا نأكل، فقدمت ألوان طريفة وطعام من أطعمة الخلفاء، فأكلنا وغسلنا أيدينا ومضى الوصائف، ثم قمنا إلى الفراش فدخلت بها وبت بليلة من ليالي الخلفاء، ولم نفترق أسبوعا، وكانت يوم الأسبوع وليمة هائلة اجتمع فيها الجواري، فلما كَانَ من غد قالت: إن دار الخلافة لا تحتمل المقام فيها أكثر من هذا فلولا أنه استؤذن فأذن بعد جهد لما تم لنا هذا لأنه شيء لم يفعل قبل هذا مع جارية غيري لمحبة سيدتي لي، وجميع ما تراه فهو هبة من السيدة لي، وقد أعطتني خمسين ألف دينار من عين وورق وجوهر ودنانير وذخائر لي خارج القصر كثيرة من كل لون،(13/328)
وجميعها لك فاخرج إلى منزلك وخذ معك مالا واشتر دارا سرية واسعة الصحن فيها بستان كبير كثير الشجر فاخر الموقع وتحول إليها وعرفني لأنقل هذا كله إليك، فإذا حصل عندك جئتك، وسلمت إلي عشرة آلاف دينار عينا فحملها الخادم معي فابتعت الدار وكتبت إليها بالخبر، فحملت إلي تلك النعمة بأسرها فجميع ما أنا فيه منها، فأقامت عندي كذا وكذا سنة أعيش معها عيش الخلفاء، ولم أدع مع ذلك التجارة، فزاد مالي، وعظمت منزلتي، وأثرت حالي وولدت لي هؤلاء الفتيان، وأومأ إلى أولاده، ثم ماتت رحمها الله تعالى وبقي عَلي من مضرة الديكيريكة حاضرا ما شاهدته.
2326- عبد السلام بْن مُحَمَّد [بْن عبد الوهاب] [1] بْن سلام بن خالد بن حرمان بْن أبان مولى عثمان بْن عفان [2] :
وهو أَبُو هاشم بْن أبي عَلي الجبائي، المتكلم شيخ المعتزلة، ومصنف الكتب على مذاهبهم، ولد سنة سبع وسبعين ومائتين، وتوفي في شعبان هذه السنة، وكان عمره ستا وأربعين وثمانية أشهر وأياما.
2327- عَلي بْن أَحْمَد بْن مروان، أَبُو الحسن المقرئ من أهل سامرا ويعرف بابن نقيش [3] :
سمع الحسن بْن عرفة، وعمر بْن شبة، روى عنه ابن المظفر الحافظ، وكان ثقة.
وتوفي في هذه السنة بسر من رأى.
2328- محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية، أبو بكر الأزدي [[4]] .
ولد في سكة صالح بالبصرة سنة ثلاث وعشرين ومائتين، ونشأ بعمان، وتنقل في
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفيها «عبد السلام» بدلا من: «بن سلام» .
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 176، وتاريخ بغداد 11/ 55، والمقريزي 2/ 348، ووفيات الأعيان 1/ 292، وميزان الاعتدال 2/ 131، والأعلام 4/ 7، وشذرات الذهب 2/ 289) .
[3] في ت: «المقرئ بسر من رأى، ويعرف بابن يعيش» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 319) .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 195، وإنباه الرواة 3/ 92، والعبر للذهبي 2/ 187، والبداية(13/329)
جزائر البحر والبصرة وفارس، وطلب الأدب، وعلم النحو واللغة، وكان أبوه من الرؤساء وذوي اليسار، وورد بغداد بعد أن أسن فأقام بها إلى آخر عمره، وحدث عن عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي، وأبي حاتم، والرياشي، وَكَانَ المقدم في حفظ اللغة والأنساب، وله شعر كثير، روى عنه أَبُو سعيد السيرافي وأبو بكر ابن شاذان، وأبو عُبَيْد اللَّهِ المرزباني وغيرهم. وَكَانَ يقال: أَبُو بكر بْن دريد أعلم الشعراء وأشعر العلماء.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، قَالَ: حدثني عَلي بْن مُحَمَّد بْن نصر، قَالَ: سمعت حمزة يُوسُف، يقول: سألت الدارقطني عن ابن دريد؟ فَقَالَ: [قد] [1] تكلموا فيه.
قَالَ حمزة: وسمعت أبا بكر الأبهري المالكي، يقول: جلست إلى جنب ابن دريد، وهو يحدث ومعه جزء فيه: [قَالَ الأصمعي: فكان يقول في واحد حَدَّثَنَا الرياشي، وفى آخر] [2] حَدَّثَنَا أَبُو حاتم، [وفى آخر حَدَّثَنَا] [3] ابن أخي الأصمعي، عَنِ الأصمعي، كما يجيء على قلبه. وَقَالَ أَبُو منصور الأزهري/ دخلت على ابن دريد فرأيته سكران فلم أعد إليه.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا الخطيب، قَالَ: كتب إلي أَبُو ذر الهروي: سمعت ابن شاهين يقول: كنا ندخل على ابن دريد ونستحي مما نرى من العيد ان المعلقة، والشراب المصفى موضوع، وقد كَانَ جاز التسعين سنة.
__________
[ () ] والنهاية 11/ 176، 177، وفيه «أحمد بن الحسن» . وتذكره الحفاظ 810، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 138، وطبقات القراء للجزري 2/ 116، وإرشاد الأريب 6/ 483، ووفيات الأعيان 4/ 323- 329، وآداب اللغة 2/ 188، ولسان الميزان 5/ 132، وطبقات النحاة 2/ 33، والفهرست 61، والكامل لابن الأثير 8/ 273، ولسان الميزان 5/ 132، ومرآة الجنان 2/ 282، ومراتب النحويين 84، والمزهر 2/ 465، ومعجم الأدباء 6/ 283، ومعجم الشعراء 425، وميزان الاعتدال 3/ 520، والنجوم الزاهرة 3/ 242، ونزهة الألباء 258. والوافي بالوفيات للصفدي 2/ 339، وطبقات المفسرين للداوديّ 473، ونزهة الألباء 322، ودائرة المعارف الإسلامية 1/ 159، وخزانة الأدب للبغدادي 1/ 490، 491، والأعلام 6/ 80، نور القبس 342) .
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/330)
وتوفي يوم الأربعاء لثنتي عشرة ليلة بقيت من شعبان هذه السنة فلما حملت جنازته إذا بجنازة أبي هاشم الجبائي، فَقَالَ الناس: مات علم اللغة [والكلام] [1] بموت ابن دريد والجبائي، ودفنا جميعا في الخيزرانية.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز، قَالَ أَبُو بَكْر بْن ثَابِت الخطيب: أَخْبَرَنَا عَلي بْن أبي عَلي، عن أبيه، قَالَ: حدثني أَبُو عَلي الحسن بْن سهل بْن عبد الله الإيذجي القاضي، قَالَ: لما توفي أَبُو هاشم الجبائي ببغداد واجتمعنا لندفنه فحملناه إلى مقابر الخيزران في يوم مطير، ولم يعلم بموته أكثر الناس، وكنا جميعة في الجنازة، فبينا نحن ندفنه! إذ حملت جنازة أخرى معها جميعة عرفتهم بالأدب [2] فقلت لهم: جنازة من هذه؟ فقالوا:
جنازة أبي بكر بْن دريد. فذكرت حديث الرشيد لما دفن مُحَمَّد بْن الحسن والكسائي بالري في يوم واحد، فأخبرت أصحابنا وبكينا على والكلام والعربية طويلا وافترقنا.
2329- مُحَمَّد بْن موسى، أَبُو بكر الواسطي [3] :
أصله من خراسان من فرغانة، وَكَانَ يعرف بابن الفرغاني، وهو من قدماء أصحاب الجنيد، استوطن مرو.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن ناصر الحافظ، قَالَ: أنبأنا أَبُو بَكْر بْن خلف الشيرازي، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي، قَالَ: سَمِعْتُ [4] مُحَمَّد بْن عبد الله الواعظ، يقول: سمعت أبا بكر مُحَمَّد بْن موسى الفرغاني، يقول: ابتلينا بزمان ليس فيه آداب الإسلام ولا أخلاق الجاهلية ولا أخلاق ذوي المروءة.
قَالَ السلمي: توفي الواسطي بعد العشرين والثلاثمائة رحمة الله عليه [5] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: «عرفتهم بالتأدب» .
[3] هذه الترجمة ساقطة من ل، ص.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 3/ 244، وطبقات الصوفية 302- 306 وحلية الأولياء 10/ 349، والرسالة القشيرية 32، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 178- 180، وجامع كرامات الأولياء 1/ 104، والكواكب الدرية 2/ 55، وطبقات الأولياء، صفحة 148، والأعلام 7/ 117) .
[4] «أَبُو بَكْر بْن خلف الشيرازي، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي قَالَ: سمعت» هذه العبارة ساقطة من ك، وأثبتناها من ت.
[5] في ك: «رحمه الله» .(13/331)
2330- أَبُو جعفر المجذوم [1] :
كَانَ شديد العزلة عن الخلق، وهو من أقران أبي العباس بْن عطاء، وله كرامات.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أحمد بن علي بن ثَابِت [2] ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَلي بْن الفتح، حَدَّثَنَا أَبُو عبد الرحمن السلمي، قَالَ: سمعت علي بن سعيد المصيصي، يقول: سمعت مُحَمَّد بْن خفيف، يقول: سمعت أبا الحسين الدراج، قَالَ: كنت أحج فيصحبني جماعة، فكنت أحتاج إلى القيام معهم والاشتغال بهم، فذهبت سنة من السنين وخرجت إلى القادسية، فدخلت المسجد، فإذا رجل في المحراب مجذوم وعليه من البلاء شيء عظيم، فلما رآني سلم عَلي وَقَالَ لي: يا أبا الحسين عزمت على الحج؟ فقلت: نعم، على غيظ وكراهية له [قَالَ] [3] : فَقَالَ لي:
فالصحبة، فقلت في نفسي: أنا هربت من الأصحاء أقع في يدي مجذوم، قلت: لا، قَالَ لي: افعل، قلت: لا والله لا أفعل، فقال: يا أبا الحسن يصنع الله للضعيف حتى يتعجب القوي، فقلت: نعم، على الإنكار عليه، قَالَ: فتركته فلما صليت العصر مشيت إلى ناحية المغيثة، فبلغت من الغد ضحوة، فلما دخلنا إذا أنا بالشيخ فسلم عَلي، وَقَالَ لي: يا أبا الحسين يصنع الله عز وجل للضعيف حتى يتعجب القوي، قَالَ:
فأخذني شبه الوسواس [4] في أمره قَالَ: فلم أحس حتى بلغت القرعاء على الغدو [5] فبلغت مع الصبح، فدخلت المسجد فإذا أنا بالشيخ قاعد، وَقَالَ لي: يا أبا الحسين يصنع الله للضعيف حتى يتعجب القوي، قَالَ: فبادرت إليه فوقعت بين يديه على وجهي، فقلت: المعذرة إلى الله عز وجل وإليك، قال لي: مالك؟ قلت: أخطأت، قَالَ: ما هو؟ قلت الصحبة، قَالَ: ألست حلفت [6] ؟ وإنا نكره أن نحنثك [7] قال: قلت:
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 415) .
[2] في ت: «قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن ثَابِت» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ت: «فأخذني شبيه الوسواس» .
[5] في ص، ل: «حتى بلغت القارعة على الغد» .
[6] في ك، ل: «أليس حلفت» .
[7] في ك: «وأنا أكره أن احنثك» .(13/332)
فأراك في كل منزل قَالَ ذلك لك، قَالَ: فذهب عني الجزع والتعب في كل منزل ليس لي هم إلا الدخول إلى المسجد، فأراه إلى أن بلغت المدينة فغاب عني فلم أره، فلما قدمت مكة حضرت أبا بكر الكتاني، وأبا الحسن المزين، فذكرت لهم فقالوا لي: يا أحمق، ذاك أَبُو جعفر المجذوم، ونحن نسأل الله أن نراه، فقالوا: إن لقيته فتعلق به لعلنا نراه قلت: نعم.
فلما خرجنا من منى ومن عرفات لم ألقه، فلما كَانَ يوم الجمرة رميت الجمار فجذبني إنسان، وَقَالَ لي: يا أبا الحسين [السلام عليك، فلما رأيته لحقني من رؤيته شيء عظيم، فصحت وغشي عَلي وذهب عني وجئت إلى مسجد الخيف وأخبرت أصحابنا، فلما كان يوم الوداع طفت وصليت خلف [1] المقام ركعتين [2] ، ورفعت يدي، فإذا إنسان خلفي يجذبني، فَقَالَ لي: يا أبا الحسين] [3] عزمت عليك أن لا تصيح، قلت: لا أسالك أن تدعو لي، فَقَالَ: سل ما شئت، فسألت الله تعالى ثلاث دعوات فأمن على دعائي وغاب عني فلم أره. فسألته عن الأدعية فَقَالَ: أما أحدها قلت: يا رب حبب إلي الفقر فليس شيء في الدنيا أحب إلي منه، والثاني: قلت: اللَّهمّ لا تجعلني أبيت ليلة ولي شيء أدخره لغد وأنا منذ كذا وكذا سنة ما لي شيء أدخره، والثالث: قلت: اللَّهمّ إذا أذنت لأوليائك أن ينظروا إليك فاجعلني منهم وأنا أرجو ذلك.
__________
[1] في ص، ل: «كان يوم الوداع صليت خلف» .
[2] «ركعتين» : ساقطة من ص، ل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/333)
ثم دخلت سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه ورد فِي يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من المحرم كتاب من أبي جعفر مُحَمَّد بْن الْقَاسِم الكرخي، وَكَانَ يتقلد أعمال الخراج والضياع بالبصرة والأهواز، بمصير جماعة من الديلم [1] من أصحاب مرداويج إلى أصبهان وتسلمهم إياها لمرداويج الديلمي، وأنه قد خرج قائد جليل من قواده كان يتقلد له بالبصرة، وأنه فاز بمال جليل وهرب وصار إلى أرجان يقال له عَلي بْن بويه، وأنه كتب إليه بأنه في طاعة السلطان، وأنفذ منه كتابا إلى الوزير الخصيبي يسأله في الورود إلى الحضرة [2] ، أو النفوذ إلى شيراز لينضم إلى ياقوت مولى أمير المؤمنين القاهر باللَّه المتولي لأعمال المعادن بفارس وكرمان، وَكَانَ أَبُو علي ابن مقلة [قد استتر من القاهر لخوفه منه، وَكَانَ القاهر بطاشا، وَكَانَ ابن مقلة] [3] في مدة استتاره يراسل الجند ويغريهم على القاهر، ويوحشهم منه، ويعرفهم أنه قد بنى لهم المطامير، وعمل على حبسهم فيها، واحتال من جهة منجم يعرف بسيما، وَكَانَ يخوفهم [4] من القاهر من طريق النجوم، فاجتمع الجند وذكروا أنه قد صح عندهم أن القاهر قد عمل حبوسا يحبسهم فيها فأنهي ذلك إلى القاهر [5] ، فحلف
__________
[1] من ت: «وذكر جماعة من الديلم» .
[2] في ت: «يستأذنه في الورود إلى البصرة» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في المطبوعة: «وكان يخوفه» .
[5] في ت: «فأنهي على القاهر» .(13/334)
أنه لم يفعل ذلك فاتفقوا على القبض على القاهر، [وتحالفوا] [1] فَقَالَ لهم سيما: إن كنتم على هذا العزم فقوموا بنا الساعة، فقالوا: بل نؤخره إلى غد، فإنه يوم موكب يجلس فيه للسلام ويظهر لنا فنقبض عليه، فَقَالَ: إن تفرقتم الساعة وأخرتم إمضاءه إلى ساعة أخرى بطل ما دبرتموه، فركبوا معه وصاروا إلى الدار، ورتب على أبوابها غلمانا، ووقف هو على باب العامة، وأمر بالهجوم فهجموا كلهم من سائر الأبواب في وقت واحد، فبلغ الخبر الوزير الخصيبي فخرج في زي امرأة واستتر، فلما دخلوا على القاهر هرب إلى سطح حمام فاستتر فيه، فوجدوه فقبضوا عليه وصاروا به إلى موضع الحبوس فحبسوه، ووكلوا بباب البيت جماعة.
ووقع النهب ببغداد، وخلع يوم السبت لثلاث خلون من جمادى الأولى من هذه السنة، وسملت عيناه في هذا اليوم [حتى سالتا جميعا فعمي، وارتكب منه أمر عظيم لم يسمع بمثله في الإسلام، فكانت خلافته إلى هذا اليوم] [2] سنة وستة أشهر وسبعة أيام، وبقي القاهر محبوسا [3] في دار السلطان [4] إلى سنة ثلاث وثلاثين، ثم خرج إلى دار ابن طاهر، فكان تارة يحبس وتارة يخلى، فخرج يوما فوقف بجامع المنصور يتصدق وقصد بذلك التشنيع على المكتفي، فرآه أَبُو عبد الله بْن أبي موسى، فمنعه من ذلك وأعطاه خمسمائة درهم.
باب ذكر خلافة الراضي باللَّه:
اسمه محمد ويكنى أبا العباس ابن المقتدر، ولد ليلة الأربعاء [5] لثلاث خلون من ربيع الآخر سنة سبع وتسعين ومائتين، وأمه أم ولد رومية تسمى ظلوم، أدركت خلافته [6] ،
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] «هذا اليوم سنة ... وبقي القاهر محبوسا» . ساقطة من ك.
[4] «في دار السلطان» : ساقطة من ك، ص.
[5] في ك: «ولد يوم الأربعاء» .
[6] في ك: «ما أدركت خلافته» .(13/335)
وَكَانَ قصير القامة، نحيف الجسم، أسمر رقيق السمرة، دري اللون أسود الشعر سبطه، في وجهه طول، وفى مقدم لحيته تمام، وفى شعرها رقة، بويع له وأقيم القاهر بين يديه، فسلم عليه بالخلافة، وبعث الراضي إلى أبي بكر الصولي، فَقَالَ له: اختر لي لقبا، فاختار له المرتضي [1] باللَّه، فبعث إليه يقول: كنت أنت [قد] [2] عرفتني أن إبراهيم بن المهدي أراد له أن يكون له ولي عهد، فأحضروا منصور/ بْن المهدي وسموه المرتضى [3] ، وما أختار أن أتسمى [4] باسم وقع لغيري ولم يتم أمره، وقد اخترت الراضي باللَّه.
ولما بويع الراضي [باللَّه] [5] كتب كتابا [6] لأبي علي ابن مقلة، وَكَانَ قد اختفى في داره فكبست فاستتر في بئر فسلم وظهر ومضى إلى الراضي، فقلده الوزارة وتقدم إلى عَلي بْن عيسى بمعاونته، وأمر الراضي بإطلاق كل من كَانَ في حبس القاهر، وصودر عيسى طبيب القاهر على مائتي ألف دينار، وَكَانَ القاهر قد أودعه عشرين ألف دينار ومائة وخمسين ألف درهم وألف مثقال عنبر، فاعترف وأداها. وولي أَبُو بكر بْن رائق إمارة الجيش ببغداد، وكان الحجاب أصحاب المناطق أربعمائة وثمانين حاجبا.
ذكر طرف من سيرته
كَانَ الراضي سمحا واسع النفس، أديبا شاعرا حسن البيان والفصاحة، يحب محادثة العلماء. سمع من البغوي قبل الخلافة كثيرا ووصله بمال كثير غزير، ورفع إليه أن عبد الرحمن بْن عيسى قد احتاز أموالا عظيمة، وتقرر [7] عليه مائة ألف دينار، فحلف أن
__________
[1] في ك: «المرضي باللَّه» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ك: «وسموه المرضي» .
[4] في ك: «وما أحب أن أتسمى» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ت: «كتب أمانا» .
[7] في ك: «أموالا عظيمة فقرر» .(13/336)
لا يقنع إلا بأدائها، فكتب الوزير أَبُو جعفر الكرخي تقسيطا بدأ فيه بنفسه، ودخل عليه جعفر بْن ورقاء فسلم إليه الدرج، وخاطبه ليكتب شيئا، فَقَالَ: أنا أدبر الأمر، وكتب ضمن جعفر بْن ورقاء لوكيل أمير المؤمنين مائة ألف دينار عن عبد الرحمن بْن عيسى، ونفذ بها، فلما رأى الراضي الرقعة اغتاظ وخرقها، وَقَالَ: قل له يا أعرابي جلف أردت أن تري الناس أنك واسع النفس وقد عزمت عمن لا حرمته بينك وبينه هذا المال، وضاقت نفسي أنا عن تركه وهو خادمي فتظهر أنك أكرم مني، لا كَانَ هذا، فَقَالَ ابن ورقاء: والله ما اعتمدت أن يقع في نفسه إلا هذا فيفعل ما فعله، ولو جرى الأمر بخلافه لأديت ما أملك، واستمحت الناس.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخطيب، قَالَ: كَانَ للراضي فضائل كثيرة وختم الخلفاء في أمور عدة منها: أنه آخر خليفة له شعر مدون، وآخر خليفة انفرد بتدبير الجيوش والأموال، وآخر خليفة خطب على المنبر يوم الجمعة، وآخر خليفة جالس الجلساء ووصل إليه الندماء، وآخر خليفة كانت نفقته وجوائزه وعطاياه وجراياته وخزانته ومطابخه ومجالسه وخدمه وحجابه وأموره كلها تجري على ترتيب المتقدمين من الخلفاء، وقد روي لنا في حديث أنه وقع حريق بالكرخ [1] ، فأطلق للهاشميين عشرة آلاف دينار وللعامة أربعين ألفا حتى عمروا ما احترق، وولع بهدم القصور من دار الخلافة وتصييرها بساتين.
وله أشعار حسان منها:
لا تعذلي كرمي على الإسراف ... ربح المحامد متجر الإشراف
أجرى كآبائي الخلائف سابقا ... وأشيد ما قد أسست أسلافي
إني من القوم الذين أكفهم ... معتادة الأخلاف والإتلاف
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ علي بن ثابت، أَخْبَرَنَا عَلِي بْن الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سمعت أبا بكر مُحَمَّد بْن يحيى الصولي يحكي: أنه دخل على الراضي وهو يبني شيئا أو يهدم شيئا فأنشده أبياتا، وَكَانَ الراضي جالسا على
__________
[1] في ك: «إنه وقع الحريق بالكرخ» .(13/337)
آجرة حيال الصناع، قَالَ: وكنت أنا وجماعة من الجلساء، فأمرنا بالجلوس بحضرته، فأخذ كل واحد منا آجرة فجلس عليها، واتفق أني أخذت آجرتين ملتصقتين بشيء من اسفيذاج، فجلست عليهما، فلما قمنا أمر أن توزن آجرة كل واحد منا ويدفع إليه وزنها دراهم أو دنانير. قَالَ أبي: الشك مني، قَالَ: فتضاعفت جائزتي على جوائز الحاضرين بتضاعف وزن آجرتي على وزن آجرهم.
ومن أشعاره:
يصفر وجهي إذا تأمله ... طرفي ويحمر وجهه خجلا
حتى كَانَ الذي بوجنته ... من دم جسمي إليه قد نقلا
قَالَ أَبُو بكر الصولي: قد كنت قلت: أبياتا وهي:
يا مليح الدلال رفقا بقلب ... يشتكي منك جفوة وملالا
نطق السقم بالذي كَانَ يخفي ... فسل الجسم إن أردت سؤالا
قد أتاه في النوم منك خيال ... فرآه كما اشتهيت خيالا
يتحاماه للضنا ألسن العذل ... فأضحى لا يعرف العذالا
فأنشدت هذه الأبيات للراضي باللَّه، فجذب الدواة وعمل من وقته:
عقلي لا يقبل المحالا ... وأنت لا تبذل الوصالا
ضللت في حبكم فحسبي ... حتى متى أتبع الضلالا
قد زارني منكم خيال ... فزدت إذ زارني خبالا
رأى خيالا على فراش ... وما أراه رأى خيالا
قَالَ الصولي: فعجبت والله من سرعة فطنته.
وفى هذه السنة: عظم أمر مرداويج بأصبهان، وحدث الناس أنه يريد تشعيث الدولة، وقصد بغداد، وأنه مسالم لصاحب البحرين يجتمعان على ذلك، وَكَانَ يقول:
أنا أرد دولة العجم وأبطل ملك العرب، ثم أساء السيرة في أصحابه خصوصا في الأتراك، فتواطئوا على إهلاكه، ثم ورد الخبر بأن غلمانه قتلوه، وأن رئيس الغلمان غلام(13/338)
يعرف ببجكم زعم ابن ياقوت أنه هو الذي دبر ذلك، وكاتب فيه الغلمان.
وفى هذه السنة: ارتفع أمر أبي الحسن عَلي بْن بويه الديلمي، ولبويه قصة عجيبة وهي بداية أمورهم، فلنذكرها:
أنبأنا مُحَمَّد بْن عبد الباقي البزاز، أَنْبَأَنَا عَلِي بْن المحسن التنوخي، عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنَا عَلي بْن حسان الأنباري الكاتب، قَالَ: لما أنفذني معز الدولة من بغداد إلى ديلمان لأبني له دورا في بلدة منها، قَالَ لي: سل عن رجل من الديلم يقال له: أَبُو الحسين بْن شيركوه [1] ، فأكرمه واعرف حقه وأقرئه سلامي، وقل له سمعت وأنا صبي بحديث منام كَانَ أبي رآه وفسره هو وانت على مفسر بديلمان، ولم أقم عليه للصبي، فحدثني به واحفظه لتعيده عَلي.
فلما جئت إلى ديلمان جاءني رجل مسلما، فعلمت بأنه كَانَ بينه وبين بويه والد الأمير صداقة فأكرمته وعظمته وأبلغته رسالة معز الدولة، فَقَالَ لي: كانت بيني وبين بويه مودة وكيدة، وهذه داره ودارى متحاذيتان كما ترى، وأومأ إليهما، فَقَالَ لي. ذات يوم:
إنى قد رأيت رؤيا هالتني فاطلب لي إنسانا يفسرها لي، فقلت: نحن هاهنا في مفازة فمن أين لنا من يفسر، ولكن اصبر حتى يجتاز بنا منجم أو عالم فنسأله، ومضى على هذا الأمر شهور فخرجت أنا وهو في بعض الأيام إلى شَاطِئ البحر نصطاد سمكا، فجلسنا فاصطدنا شيئا [2] كثيرا، فحملناه على ظهورنا أنا وهو، وجئنا فقال لي: ليس في داري من يعمله فخذ الجميع إليك ليعمل عندك، فأخذته وقلت له: فتعال إلي لنجتمع عليه، ففعل فقعدنا أنا وهو وعيالي ننظفه ونطبخ بعضه ونشوى الباقي، واذا رجل مجتاز يصيح منجم مفسر للرؤيا، فقال لي: يا أبا الحسين تذكر ما قلته لك بسبب المنام رأيته فقلت:
بلى، فقمت وجئت بالرجل، فَقَالَ له بويه: رأيت ليلة في منامي كأني جالس أبول، فخرج من ذكري نار عظيمة كالعمود، ثم تشعبت يمنة ويسرة وأماما وخلفا حتى ملأت الدنيا، وانتبهت، فما تفسير هذا؟ فَقَالَ له: الرجل: لا أفسرها لك بأقل من ألف درهم
__________
[1] في ص، ك: «يقال له أبو الحسن سميركوه» .
[2] في ك: «فاصطدنا سمكا كثيرا» .(13/339)
قال: فسخرنا [1] منه، وقلنا له: ويحك نحن فقراء نخرج نصيد سمكا لنأكله والله ما رأينا هذا قط ولا عشره، ولكنا نعطيك سمكة من أكبر هذا السمك، فرضي بذلك، وَقَالَ له:
يكون لك أولاد يفترقون في الدنيا فيملكونها ويعظم سلطانهم فيها على قدر ما احتوت النار التي رأيتها في المنام عليه من الدنيا قَالَ: فصفعنا الرجل، وقلنا: سخرت منا وأخذت السمكة حراما، وَقَالَ له: بويه ويلك أنا صياد فقير كما ترى وأولادي هم هؤلاء وأومأ إلى عَلي بْن بويه، وَكَانَ أول ما اختط عارضه، والحسن وهو دونه، وأحمد وهو فوق الطفل قليلا.
ومضت السنون وأنسيت المنام حتى خرج بويه إلى خراسان، وخرج عَلي بْن بويه، فبلغنا حديثه وأنه قد ملك أرجان، ثم ملك فارس كلها، فما شعرنا إلا بصلاته قد جاءت إلى أهله وشيوخ بلد [2] الديلم، وجاءني رسوله يطلبني، فطلبني فخرجت ومشيت إليه [3] ، فهالني ملكه وأنسيت المنام/ وعاملني من الجميل والصلات بأمر عظيم، وَقَالَ لي وقد خلونا: يا أبا الحسين تذكر منام أبي الذي ذكرتموه للمفسر وصفعتموه لما فسره لكم، فاستدعى عشرة آلاف دينار فدفعها إلي وَقَالَ: هذا من ثمن تلك السمكة خذه، فقبلت الأرض، فَقَالَ لي: تقبل تدبيري؟ فقلت: نعم، قَالَ: انفذها إلى بلد الديلم، واشتر بها ضياعا هناك ودعني أدبر أمرك بعدها، ففعلت وأقمت عنده مدة ثم استأذنته في الرجوع، فَقَالَ: أقم عندي فإنّي أقودك وأعطيك إقطاعا بخمسمائة ألف درهم في السنة، فقلت له: بلدي أحب إلي، فأحضر عشرة آلاف دينار أخرى فأعطاني إياها، وَقَالَ: لا يعلم أحد فإذا حصلت ببلد الديلم فادفن منها خمسة آلاف استظهارا على الزمان، وجهز بناتك بخمسة آلاف، ثم أعطاني عشرة دنانير، وَقَالَ: احتفظ بهذه ولا تخرجها من يدك، فأخذتها فإذا في كل واحد مائة [4] دينار وعشرة دنانير فودعته وانصرفت.
__________
[1] في ك: «فتحيرنا منه» .
[2] في ك: «وشيوخ بني الديلم» .
[3] في ص، ل: «وجاءني رسول يطلبني إليه» .
[4] في ك، ل: «فإذا في كل دينار مائة» .(13/340)
قَالَ أَبُو الْقَاسِم: فحفظت القصة فلما عدت إلى معز الدولة حدثته بالحديث فسر به وتعجب، وَكَانَ بويه يكنى أبا شجاع، وينسب إلى سابور ذي الأكتاف، وأولاد بويه ثلاثة أكبرهم أَبُو الحسن عَلي ولقبه عماد الدولة، وأبو عَلي الحسن ولقبه ركن الدولة، وأبو الحسين أَحْمَد ولقبه معز الدولة، لقبهم بهذه الألقاب المستكفي باللَّه، وكانوا فقراء ببلد الديلم.
ويحكي معز الدولة أنه كَانَ يحتطب على رأسه ثم خدموا مرداويج، وَكَانَ أَبُو الحسن عَلي بْن بويه الديلمي أحد قواد مرداويج [1] بْن زيار الديلمي، وقد ذكرنا حال مرداويج في سنة خمس عشرة وثلاثمائة، وَكَانَ قد أنفذ عليا إلى الكرج يستحث له على حمل مال، فلما حصل بها استوحش من مرداويج وأخذ المال المستخرج لنفسه، وهو خمسمائة ألف درهم، وصار إلى همدان فأغلقت أبوابها دونه، ففتحها عنوة وقتل من أهلها خلقا كثيرا ثم صار [منها] [2] إلى أصبهان فدخلها وملكها، فأنفذ إليه مرداويج جيشا فخرج منها إلى أرجان [فاستخرج منها [نحوا من] [3] مائتي ألف دينار، وصار إلى كازرون وبلد سابور] [4] فاستخرج نحو خمسمائة ألف دينار مع كنوز كثيرة وجدها، فزاد عدده [5] وقويت شوكته، وملك شيراز، وطلب منه أصحابه المال ولم يكن معه ما يرضيهم، فأشرف على انحلال أمره فاغتم، واستلقى على ظهره مفكرا، فإذا حية قد خرجت من سقف ذلك المجلس فدخلت موضعا آخر، فدعا الفراشين ليبحثوا عنها، فوجدوا ذلك السقف يفضي إلى غرفة بين سقفين، فأمر بفتحها ففتحت، فإذا فيها صناديق من المال والصياغات ما قيمته خمسون ألف دينار، فأخذ المال وفرقه عليهم، فثبت أمره وَكَانَ قد وصف [له خياط [6] يخيط] لبعض من كَانَ يحاربه فأحضره، وَكَانَ بالخياط طرش، فظن أنه قد سعى به إليه، فلما خاطبه في خياطة الثياب، وكان جوابه:
__________
[1] «وكان أبو الحسن ... أحد قواد مرداويج» . ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من هامش ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتب على الهامش.
[5] في ك: «فزاد عدته» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.(13/341)
والله ما لفلان عندي إلا اثنا عشر صندوقا، فما أدري ما فيها؟ فتعجب عَلي بْن بويه من الجواب ووجه من حملها، فوجد فيها مالا عظيما، وَكَانَ قد ركب يوما وطاف في خرابات البلد يتأمل أبنية الأوائل وآثارهم، فتهور تحت قوائم فرسه فاستراب بذلك الموضع [1] ، وأمر بالكشف عنه، فإذا مال عظيم.
ولما تمكن عَلي بْن بويه من البلد أراد أن يقاطع السلطان عنه ويتقلده من قبله، فراسل الراضي بذلك، فأجابه فضمنه بثمانية آلاف درهم [2] خالصة للحمل بعد النفقات والمؤن، فأنفذ إليه ابن مقلة خلعة ولواء [3] ، وأمر أن لا يسلم إليه حتى يعطي المال [فتلقى الرسول فطالبه [4] بالمال] فخاشنه وأرهبه، فأعطاه الخلع وبقي عنده مدة وهو يماطله بالمال حتى توفي الرسول.
وهو أول الملوك الذين افتتحت بهم الدولة الديلمية، وَكَانَ عاقلا سخيا شجاعا، وتوفي على بشيراز في سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة.
وظهر ببغداد رجل يعرف بأبي جعفر مُحَمَّد بْن عَلي الشلمغاني، ويعرف بابن أبي العزاقير، وَكَانَ قد ظهر وحامد بْن العباس في الوزارة، وذكر عنه أنه يقول بتناسخ اللاهوت، وأن اللاهوت قد حل فيه فاستتر، ثم ظهر في زمان الراضي، وقيل: إنه يدعي أنه إله فاستحضر بحضرة الراضي فأنكر ما ادعي عليه، وَقَالَ: أنا أباهل من يدعي عَلي هذه المقالة، فإن لم تنزل العقوبة على من باهلني بعد ثلاثة أيام وأقصاه بسبعة أيام فدمي لكم حلال؟ فأنكر هذا القول عليه، وقيل: يدعي علم الغيب، وأفتى قوم بأن دمه حلال إلا أن يتوب من هذه المقالة، فضرب ثمانين سوطا ثم قتل وصلب.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2331- أحمد بن عبد الله بن مسلم بن [[5]] قتيبة:
قدم مصر وتولى القضاء بها، وحدث عن أبيه بكتبه المصنفة.
وتوفي بمصر وهو على القضاء في ربيع الأول من هذه السنة.
__________
[1] في ص: «فاشرأب لذلك الموضع» .
[2] في ك: «فضمنه بثلاثة آلاف ألف درهم» .
[3] في ك: «ابن مقلة خلعا ولواء» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتب على هامشها.
[5] وكنيته: «أبو جعفر» . وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 229، والبداية والنهاية 11/ 180، والولاة(13/342)
2332- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحارث بْن عبد الوارث، أَبُو الحسن يعرف بابن العتاب [1] .
حدث عن يحيى بْن نصر وغيره [2] ، وَكَانَ ثقة [يفهم] [3] .
توفي في ربيع الآخر من هذه السنة.
2333- إسحاق بْن مُحَمَّد بْن الفضل بْن جابر، أَبُو العباس الزيات [4] :
سمع يعقوب الدورقي، روى عنه الدارقطني، وَقَالَ: هو صدوق.
توفي في جمادى الأولى من هذه السنة.
2334- جعفر بْن أَحْمَد بْن يحيى أَبُو الفضل السراج [5] :
حدث عن يونس بْن عبد الأعلى وغيره، وَكَانَ ثقة صالحا، توفي في هذه السنة.
2335- حسان بْن أبان بْن عثمان، أَبُو عَلي الأيلي [6] :
أقام بدمياط، وحدث بها، وولي قضاءها، وكان يفهم ما يحدث [7] .
توفي بِهَا في هذه السنة.
2336- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الْقَاسِم، أَبُو عَلي الروذباري [8] :
أصله من بغداد وسكن مصر، وَكَانَ من أبناء الرؤساء والوزراء والكتبة، وصحب
__________
[ () ] والقضاة 485، 546، وإنباه الرواة 1/ 45، ومعجم الأدباء 3/ 103، ووفيات الأعيان في ترجمة أبيه، ورفع الإصر 1/ 72، والأعلام 1/ 156، وشذرات الذهب 2/ 294) .
[1] في ت: «يعرف بأن القباب» خطأ.
[2] على هامش المطبوعة: «لعل الصواب يحيى بن أبي نصر المتوفى سنة 287 هـ.»
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 396، وسؤالات الحاكم للدارقطنيّ 63) .
[5] هذه الترجمة: ساقطة من ك.
[6] في ك: «أبو يعلى الآملي» . وفي ت: «أبو يعلى الأيلي.
[7] في ك: «وحدث بها وتوفي بها في هذه السنة» .
[8] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 180، 181، وتاريخ بغداد 1/ 329، وشذرات الذهب 2/ 296) .(13/343)
الجنيد، وسمع الحديث، وحفظ منه [شيئا] [1] كثيرا، وتقدم [2] ، وقد ذكروا في اسمه غير ما قلنا، فمنهم من قال هو: أَحْمَد بْن مُحَمَّد، ومنهم من قَالَ: «الحسن بْن همام» والصحيح ما ذكرنا.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن عَلي الحافظ، قَالَ: قرأت على مُحَمَّد بْن أبي الحسن الساحلي، عن أبي العباس أَحْمَد بْن مُحَمَّد النسوي، قَالَ:
سمعت [أَحْمَد بْن أَحْمَد الرازي، يقول:] [3] سمعت مُحَمَّد بْن عمر [الجعابي] [4] الحافظ، يقول: قصدت عبدان الأهوازي، فقصد مسجدا، فرأيت شيخا وحده قاعدا في المسجد حسن الشيبة، فذاكرني بأكثر من مائتي حديث في الأبواب، وكنت قد سلبت في الطريق، فأعطاني الذي كَانَ عليه، فلما دخل عبدان المسجد ورآه اعتنقه وبش به، فقلت لهم: من هذا الشيخ؟ قالوا: هذا أَبُو عَلي الروذباري، فرأيت من حفظه الحديث ما يتعجب منه [5] وحكى [عنه] [6] أَبُو عبد الرحمن السلمي أنه كَانَ يقول: أستاذي في التصوف الجنيد، وفى الحديث والفقه إبراهيم الحربي، وفى النحو ثعلب.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ [بْنِ ثَابِتٍ] [6] ، قَالَ:
أخبرنا إبراهيم [بْن] [7] هبة الله الجرباذقاني، [حَدَّثَنَا معمر بْن أَحْمَد الأصبهاني، قَالَ:
بلغني عن أبي عَلي الروذباري] [8] أنه قَالَ: أنفقت على الفقراء كذا وكذا ألفا فما وضعت شيئا في يد فقير فإني كنت أضع ما أدفع إلى الفقراء في يدي فيأخذه من يدي حتى تكون يدي تحت أيديهم ولا تكون يدي فوق يدي فقير.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] «وتقدم» : ساقطة من ص، ل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ت: «ما تعجبت به منه» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/344)
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أَحْمَد بْن عَلي الحافظ، قَالَ: أنشدنا أَبُو طالب يحيى بن علي الدسكري الروذباري:
ولو مضى الكل مني لم يكن عجبا ... وإنما عجبي للبعض كيف بقي
أدرك بقية روح فيك قد تلفت ... قبل الفراق [1] فهذا آخر الرمق
توفي أَبُو على الروذباري في هذه السنة، وقيل: في سنة ثلاث وعشرين.
2337- محمد بن أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي الثلج، أَبُو بكر [2] الكاتب:
ولد في سنة ثمان وثلاثين ومائتين، وسمع جماعة، وروى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وتوفي في هذه السنة.
2338- مُحَمَّد بْن إسماعيل، المعروف بخير النساج، يكنى أبا الحسن [3] :
من كبار الصوفية من أهل سامرا، سكن بغداد، وصحب سريا وأبا حمزة، وتاب في مجلسه إبراهيم الخواص والشبلي.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي [بن ثابت] [4] [أخبرنا يحيى بْن عَلي] [5] ، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد العزيز بْن أبي الحسن القرميسيني، قَالَ: سمعت عَلي بْن عبد الله الهمذاني، يقول: حَدَّثَنَا عَلي بْن مُحَمَّد الفرضي، حَدَّثَنَا أَبُو الحسين [6] المالكي، قَالَ: كنت أصحب خير النساج سنين كثيرة، ورأيت له من كرامات الله ما يكثر ذكره غير أنه قَالَ لي قبل وفاته بثمانية أيام [7] : إني أموت يوم الخميس
__________
[1] في ت: «قبل الممات» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 338) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 48، والبداية والنهاية 11/ 181، وشذرات الذهب 2/ 294.
ووفيات الأعيان/ 251، 252، حلية الأولياء 10/ 307، وصفة الصفوة 2/ 255، وطبقات الصوفية 322) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[6] في ت: «قال أخبرنا أبو الحسين المالكي» .
[7] في ت، ك: «قبل وفاته بثلاثة أيام» .(13/345)
المغرب، وأدفن يوم الجمعة قبل الصلاة وستنسى فلا تنساه.، قَالَ أَبُو الحسين فأنسيته إلى يوم الجمعة/ فلقيني من خبرني بموته، فخرجت لأحضر جنازته فوجدت الناس راجعين، فسألتهم: لم رجعوا؟ فذكروا أنه يدفن بعد الصلاة، فبادرت ولم ألتفت إلى قولهم فوجدت الجنازة قد أخرجت قبل الصلاة أو كما قَالَ، فسألت من حضره [عن حاله] [1] عند خروج روحه، فَقَالَ: إنه لما احتضر غشي عليه، ثم فتح عينيه وأومأ إلى ناحية البيت، وَقَالَ: قف عافاك الله [فإنما] [2] أنت عبد مأمور وأنا عبد مأمور، وما أمرت به لا يفوتك وما أمرت به يفوتني، فدعني أمضي لما أمرت به، ثم امض لما أمرت به، فدعا بماء فتوضأ للصلاة وصلى ثم تمدد وغمض عينيه وتشهد ثم مات.
وأخبرني بعض أصحابنا أنه رآه في النوم، فَقَالَ: ما فعل الله بك؟ فَقَالَ: لا تسألني أنت عن ذا، ولكن استرحنا من دنياكم الوضرة.
بلغ خير النساج من العمر مَائة وعشرين سنة، وتوفي في هذه السنة.
2339- مُحَمَّد بْن سليمان بْن مُحَمَّد بْن عمرو بْن الحسين أَبُو جعفر الباهلي النعماني [3] :
حدث عن أَحْمَد بْن بديل وغيره. وروى عنه الدارقطني، مات بالنعمانية في هذه السنة.
2340- يعقوب بْن إبراهيم [4] بْن أَحْمَد بْن عيسى بْن البخترى، أَبُو بكر البزاز ويعرف بالحراب [5] :
ولد سنة سبع وثلاثين ومائتين، سمع الحسن بْن عرفة، وعمر بن شبة. روى عنه
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت: «ابن محمد بن عمر بن الحسين» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 302) .
[4] في ت: «يوسف بن إبراهيم» .
[5] في ك، ص، ل، والمطبوعة: «ويعرف بالحراب» . وما أوردناه من ت، وتاريخ بغداد.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 293، 294) .(13/346)
الدارقطني، وَقَالَ: كَانَ ثقة مأمونا مكثرا. توفي يعقوب وهو ساجد ليلة الجمعة، ودفن يوم الجمعة لثمان بقين من ربيع الآخر من هذه السنة.
2341-[يعقوب] [1] بْن صالح، أَبُو مُحَمَّد السيرافي:
كانت عنده كتب أبي عبيد الْقَاسِم بْن سلام، عن عَلي بْن عبد العزيز، وَكَانَ عنده حديث كثير، [وحدث] [2] وَكَانَ ثقة مأمونا [3] ، كَانَ يبيع لأهل فارس وتجار الهند أمتعتهم.
توفي بمصر في ربيع الأول من هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] «مكثرا، توفي يعقوب ... وكان ثقة مأمونا» . ساقط من ك.(13/347)
ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه في ربيع الأول [1] بلغ الوزير أبا علي ابن مقلة أن رجلا يعرف بابن شنبوذ يغير حروفا من القرآن، فاستحضره [واستحضر] [2] القاضي أبا الحسين عمر بْن مُحَمَّد، وأبا بكر بْن مجاهد، ونوظر بحضرة الوزير فأغلظ القول بمناظرته [3] ، فضرب بين الهنبازين سبع درر، فدعا عَلي ابن مقلة أن تقطع يده ويشتت شمله، ثم عرضت عليه الحروف التي قرأ بها فأنكر ما كَانَ شنيعا، وَقَالَ: فيما سوى ذلك قد قرأ به قوم، وذلك مثل قوله:
«فامضوا إلى ذكر الله» «كالصوف المنفوش» [4] «يأخذ كل سفينة صالحة غصبا» [فاستتابوه] [5] فتاب وكتب خطه بذلك، فحمل إلى المدائن [في الليل ليقيم بها أياما] [6] ثم يدخل منزله مستخفيا ولا يظهر لئلا تقتله العامة، وقيل: إنه نفي إلى البصرة، ثم إلى الأهواز فمات بها.
وفى يوم السبت لثلاث عشرة خلت من ربيع الأول [7] طالب الجند بأرزاقهم
__________
[1] في ك: «في ربيع الآخر» . وكذا في ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت: «فأغلظ القوم لمناظرته» .
[4] «كالصوف المنفوش» ساقطة منك، ص، ل، والمطبوعة، وأوردناها من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] «الأول» : ساقطة من ك.(13/348)
وشغبوا، وزاد الأمر في هذا، وحملوا السلاح، وضربوا مضاربهم في رحبة باب العامة وحاصروا الدار، ثم سكنوا.
وفى يوم السبت لعشر خلون من جمادى الآخرة، ركب بدر الخرشني [1] صاحب الشرطة، فنادى ببغداد في الجانبين في أصحاب أبي مُحَمَّد البربهاري [أن لا يجتمع منهم نفسان في موضع، وحبس منهم جماعة، واستتر البربهاري] [2] .
وفى شهر آيار اتصلت الجنوب، وعظم الحر، وغلظ الغيم، وتكاثف، فلما كَانَ آخر يوم منه وهو يوم الأحد لخمس بقين من جمادى الآخرة بعد الظهر هبت ريح عظيمة لم ير مثلها وأظلمت واسودت إلى بعد العصر، ثم خفت، ثم عاودت إلى وقت عشاء الآخرة [3] .
وفى جمادى الآخرة عاد الجند فشغبوا وطالبوا بالرزق، ونقبوا دار الوزير ودخلوها فملكوها.
وفى رمضان ذكر للوزير أن رجلا في بعض الدور الملاصقة للزاهر يأخذ البيعة على الناس لإنسان لا [4] يعرف، ويبذل لهم الصلة، فتوصل إلى معرفته فعرف، وعلم أنه قد أخذ البيعة لجعفر بْن المكتفي، وأن جماعة من القواد قد أجابوا إلى ذلك، منهم يانس، فقبض على الرجل ومن قدر عليه من جماعته، وقبض على جعفر ونهب منزله.
وفي هذا الشهر [5] : وقع حريق عظيم في الكرخ في طرف البزازين [6] ، فذهبت فيه أموال كثيرة للتجار، فأطلق لهم الراضي ثلاثة آلاف دينار.
وخرج الناس للحج في هذه السنة ومعهم لؤلؤ غلام المتهشم يبذرقهم، فاعترضه
__________
[1] في ك، ل: «ركب بدر الحرسي» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ك: «إلى بعد عشاء الآخرة» .
[4] «في بعض الدور ... على الناس لإنسان لا» . ساقطة من ك.
[5] في المطبوعة: «وفيها» .
[6] في ك: «في طريق البزازين» .(13/349)
أَبُو طاهر بْن أبي سعيد الجنابي ولم يكن عند لؤلؤ خبر منه، وإنما ظنه بعض الأعراب، فحاربه فانهزم لؤلؤ وبه ضربات، وأكثر أَبُو طاهر القتل في الحاج ونهب، ورجع من سلم إلى بغداد، وبطل الحج في هذه السنة، وكانت الوقعة بينه وبين لؤلؤ في سحر يوم الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة خلت من ذي القعدة.
وفى هذه الليلة بعينها: انقضت النجوم ببغداد من أول الليل إلى آخره. وبالكوفة أيضا انقضاضا مسرفا لم يعهد مثله ولا ما يقاربه.
وغلا السعر في هذه السنة، فبلغ الكر الحنطة مائة وعشرين دينارا.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2342- إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن عرفة بْن سليمان بْن [1] المغيرة بْنِ حَبِيبِ بْنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ الأزدي العتكي [أَبُو عبد الله] [2] المعروف بنفطويه [3] :
حدث عن خلق كثير يروي عنه [4] ابن حيويه، والمرزباني، والمعافى وغيرهم.
وَكَانَ صدوقا وله مصنفات.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ
__________
[1] في ت: «بن عرفة بن سلمان» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 159، ومعجم المصنفين 4/ 379، والعبر 2/ 198، والفهرست لابن النديم 81، والنجوم الزاهرة 3/ 249، والبداية والنهاية 11/ 183، ووفيات الأعيان 1/ 47- 49، وطبقات القراء، لابن الجزري 1/ 25، وميزان الاعتدال 1/ 64، ونزهة الألباب 26، ولسان الميزان 1/ 109، وطبقات المفسرين للداوديّ ترجمة 21، وأنبأه الرواة 1/ 176، والأعلام 1/ 61، ومرآة الجنان لليافعي 2/ 287، ومعجم الأدباء 1/ 307، وشذرات الذهب 2/ 298، 299، وقال: «قال الثعالبي» : «لقب نفطويه لدمامته وأدمته، تشبيها بالنفط، وزيد، ويه: نسبة إلى سيبويه، لأنه كان يجري على طريقته ويدرس كتابه» .
[4] في ت: «خلق كثير روى عنه» .(13/350)
عمر بن روح، قال: أخبرنا منصور [1] بْن ملاعب الصيرفي قَالَ: أنشدنا إبراهيم بْن عرفة لنفسه:
أستغفر الله مما يعلم الله ... إن الشقي لمن لم يرحم الله [2]
هبه تجاوز لي عن كل مظلمة ... وا سوأتا من حيائي يوم ألقاه
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلي، أَخْبَرَنَا ابن رزقويه [3] ، قَالَ: أنشدني أَحْمَد بْن عبد الرحمن، قَالَ أنشدني إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن عرفة لنفسه:
أحب من الإخوان كل مؤاتي ... وكل غضيض الطرف عن عثراتي
يطاوعني في كل أمر أريده ... ويحفظني حيا وبعد مماتي [4]
ومن لي به يا ليتني قد أصبته ... أقاسمه مالي ومن حسناتي
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ [الخطيب] [5] ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عثمان الصيرفي، قَالَ: قَالَ لنا أَبُو بكر بْن شاذان: بكر إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن عرفة نفطويه يوما إلى درب الرءّاسين، فلم يعرف الموضع فتقدم إلى رجل يبيع البقل، فَقَالَ له: أيها الشيخ كيف الطريق إلى درب الرءّاسين، قَالَ: فالتفت البقلي إلي جار له فَقَالَ: يا فلان ألا ترى إلى هذا الغلام فعل الله به وصنع فقد احتبس عَلي، فَقَالَ وما الذي تريد منه؟ قَالَ: لم يبادر فيجيئني بالسلق بأي شيء أصفع هذا الماص بظر أمه لا يكنى، قَالَ: فتركه ابن عرفة وانصرف من غير أن يجيبه بشيء.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلي، أَخْبَرَنَا الحسن بْن أبي بكر، عن أَحْمَد بْن كامل القاضي، قَالَ: توفي [إبراهيم] [6] بْن عرفة [في يوم الأربعاء] [7] لست خلون من
__________
[1] في ك، ص، ل: «حدثنا أبو منصور» .
[2] هذا البيت: ساقط من ك.
[3] «أخبرنا رزقويه» : ساقطة من تاريخ بغداد.
[4] في ك، ل: «وبعد وفاتي» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/351)
صفر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، ودفن يوم الخميس في مقابر باب الكوفة، وصلى عليه البربهاري رئيس الحنابلة، وَكَانَ حسن الافتنان في العلوم [1] ، وذكر أن مولده سنة أربعين ومائتين، وَكَانَ يخضب بالوسمة.
2343- إبراهيم بْن حماد بن إسحاق بن إسماعيل [2] بن حماد بْن زيد، أَبُو إسحاق الأزدي [3] :
ولد في رجب سنة أربعين ومائتين، وسمع خلقا كثيرا منهم الحسن بْن عرفة.
وَكَانَ ثقة فاضلا عابدا.
أخبرنا أبو منصور [4] القزاز، قال: أخبرنا أبو بكر بْن ثَابِت، قَالَ: حدثني [5] الحسن بْن مُحَمَّد الخلال، قَالَ: قَالَ لنا القاضي أَبُو الحسين الجراحي: ما جئت إلى إبراهيم بْن حماد قط إلا وجدته قائما يصلي أو جالسا يقرأ.
قَالَ الخلال: قَالَ أَبُو بكر النيسابوري: ما رأيت أعبد منه.
توفي في صفر هذه السنة.
2344- إسماعيل بْن العباس بْن عمر بْن مهران بْن فيروز، أَبُو على الوراق [6] :
ولد سنة أربعين ومائتين، وسمع الزبير بْن بكار، والحسن بْن عرفة، وعلي بْن حرب وغيرهم، روى عنه الدارقطني ووثقه. وَكَانَ قد حج في سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، ثم رجع فمات في الطريق وحمل إلى بغداد فدفن بها.
2345- أسامة بْن عَلي بْن/ سعيد بن بشير، أبو رافع الرازيّ [7] .
__________
[1] في ك، ص: «وكان حسن الإتقان في العلوم» .
[2] «ابن إسماعيل» : ساقطة من ص، ل.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 16) .
[4] «أبو منصور» : ساقطة من ص، ل.
[5] في ت: «قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن ثَابِت، قَالَ: أَخْبَرَنَا» .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 301) .
[7] في ك: «أسامة بن أبي سعد بن بشر» وفي ل: «اسامة بن سعد بن بشير» . وفي ت: «اسامة بن علي بن سعيد بن بشر» .(13/352)
ولد سنة خمسين ومائتين. وسمع الحديث وأكثر، وَكَانَ ثبتًا [ثقة] [1] .
وتوفي بمصر في ذي الحجة من هذه السنة.
2346- بندار بْن إبراهيم بْن عيسى، أَبُو مُحَمَّد القاضي:
كَانَ على قضاء استراباذ، وَكَانَ محمود الأثر، صحيح الديانة، فاضلا ثقة أمينا.
روى عن الحارث بْن أبي أسامة، ومعاذ بْن المثنى، وبشر بْن موسى وغيرهم.
وتوفي في هذه السنة.
2347- سليمان بْن الحسن بْن عَلي بْن الجعد بْن عبيد الجوهري يكنى أبا الطيب [2] :
روى عنه ابن شاهين أحاديث مستقيمة. وتوفي في هذه السنة.
2348- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سعيد بْن زياد، أَبُو مُحَمَّد المقرئ المعروف بابن الجمال [3] :
سمع يعقوب الدورقي، وعمر بْن شبة [4] ، روى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وَكَانَ من الثقات. توفي في رمضان هذه السنة.
2349- عبيد الله بن عبد الرحمن بْن مُحَمَّد بْن عيسى، أَبُو مُحَمَّد السكري [5] :
سمع زكريا بْن يحيى المنقري [6] صاحب الأصمعي، وابن قتيبة. روى عنه ابن حيويه، والدارقطني، وابن شاهين. وكان ثقة نبيلا. توفي في هذه السنة.
2350- عبيد الله بن عبد الصمد بن المهتدي باللَّه، أبو عبيد الله الهاشمي [7] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 63) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 120) .
[4] في ت: «عمر بن شيبة» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 351) .
[6] في ت: «سمع زكريا بن يحيى المقري» .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 351، والبداية والنهاية 11/ 183، وفيه عبد الله بن عبد الصمد) .(13/353)
حدث عن سيار بْن نصر الحلبي [1] وغيره. روى عنه الدارقطني، وابن شاهين.
وكان ثقة يتفقه على مذهب الشافعي، توفي في رمضان هذه السنة.
2351- عبد الملك بن محمد بن عدي، أَبُو نعيم الاستراباذي [2] :
كَانَ مقدما في الحديث والفقه.
وتوفي في هذه السنة. وهو ابن ثلاث وثمانين سنة.
2352- عبد الحميد بْن سليمان، أَبُو عبد الرحمن الوراق الواسطي:
نزل بغداد وحدث بها، فروى عنه الدارقطني وابن شاهين، وَكَانَ ثقة يفهم الحديث، وتوفي في شوال هذه السنة.
2353- عثمان بْن إسماعيل بْن بكر، أَبُو الْقَاسِم السكري [3] :
سمع أَحْمَد بْن منصور الرمادي، روى عنه الدارقطني وَقَالَ: كَانَ من الثقات، توفي في هذه السنة.
2354- عَلي بْن الفضل بْن طاهر بْن نصر بْن مُحَمَّد، أَبُو الحسن البلخي [4] :
كَانَ من الجوالين في طلب العلم، سمع مُحَمَّد بْن الفضل البلخي، وأبا حاتم الرازي، وَكَانَ ثقة حافظا. روى عنه الدارقطني، وابن شاهين، توفي في هذه السنة.
2355- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أسد، أَبُو بكر الحافظ يعرف بابن البستنبان [5] :
هروي الأصل، ولد سنة إحدى وأربعين ومائتين، سمع الزبير بن بكار وغيره،
__________
[1] في ت: «بشار بن نصر الحلبي» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 428، وقد سبق في وفيات سنة 320 هـ) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 296) .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 47، والبداية والنهاية 11/ 183، وشذرات الذهب 2/ 300) .
[5] هذه الترجمة ساقطة من ص، ل.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 279، والبداية والنهاية 11/ 183، وشذرات الذهب 2/ 300، وقال: « ... بن أسد الهروي السلامي البغدادي، أبو بكر بن البستنبان، نسبة إلى حفظ البستان» ) .(13/354)
روى عنه الدارقطني [وغيره] [1] ، وَكَانَ رجلًا صالحًا ثقة. توفي في رجب هذه السنة.
2356- محمد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زياد بْن يزيد بْن هارون، أَبُو عبد الله الزعفرانيّ المعروف بابن بلبل [2] :
روى عنه الدارقطني، وَكَانَ رجلا صالحا ثقة.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أَحْمَد بْن عَلي، [أَخْبَرَنَا] [3] أَبُو منصور مُحَمَّد بْن عيسى، قَالَ: حَدَّثَنَا صالح بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الحافظ، قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن عبد الله الزعفراني، يقول: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام [في] [4] سنة نيف وتسعين ومائتين وفى رأسه ولحيته بياض كثير، فقلت: يا رَسُول اللَّهِ بلغنا أنه لم يكن في رأسك ولحيتك إلا شعرات بيض، فقال: ذلك لدخول سنة ثلاثمائة.
قال صالح: وتوفي سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 446) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/355)
ثم دخلت سنة اربع وعشرين وثلاثمائة [1]
فمن الحوادث فيها:
أن الجند أحدقوا بدار الخلافة وضربوا خيمهم فيها وحولها وملكوها، وطولب الراضي بأن يخرج فيصلي بالناس ليراه الناس معهم، فخرج وصلى، وَقَالَ في خطبته:
اللَّهمّ ان هؤلاء الغلمان بطانتي وظهارتي فمن أراده بسوء فأرده، ومن كادهم بكيد فكده. وقبض الغلمان على الوزير وسألوا الخليفة أن يستوزر غيره، فرد الخيار إليهم، وقالوا: عَلي بْن عيسى، فاستحضره وعرضت عليه الوزارة فأبى وأشار بأخيه أبي عَلي عبد الرحمن بْن عيسى، [فقلد الوزارة وخلع عليه.
واحترقت دار ابن مقلة وحمل إلى دار عبد الرحمن بْن عيسى] [2] ، فضرب حتى صار جسمه كأنه الباذنجان [3] . [وأخذ خطه بألف ألف دينار، ثم عجز عبد الرحمن بْن عيسى] [4] عن تمشية الأمور، وضاق الحال فاستعفى، فقبض عليه لسبع خلون من رجب، فكانت وزارته خمسين يوما [5] ، وقلد الوزارة أبو جعفر محمد بن القاسم الكرخي، ثم عزل، وقلد سليمان بن الحسن وكان هذا كله من عمل الأتراك والغلمان.
ومن العجائب: أن دار ابن مقلة احترقت في مثل اليوم الذي أمر فيه بإحراق دار
__________
[1] من هنا تبدأ نسخة بلدية الإسكندرية، ويكون رمزها (س) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت: «حتى صار جسمه كلون الباذنجان» .
[4] «ابن عيسى» : ساقطة من ص، ل. وما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ك، ص، والمطبوعة: «فكانت خمسين يوما» .(13/356)
سليمان بْن الحسن [1] بباب المحول [في] [2] مثل ذلك الشهر بينهما سنة، وكتب على حيطان دار ابن مقلة:
أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ... ولم تخف سوء [3] ما يأتي به القدر
وسالمتك الليالي فاغتررت بها ... وعند صفو الليالي يحدث الكدر
وغلا السعر، فجاع الناس وعدم الخبز خمسة أيام، ووقع الطاعون، واقترب بذلك الموت، وخص ذلك الضعفاء، وَكَانَ يجعل على النعش اثنين [4] ، وربما كَانَ بينهما صبي، وربما بقي الموتى على الطريق على حالهم، وربما حفرت حفائر [كبار] [5] فيلقى في الحفيرة خلق كثير، ومات بأصبهان نحو مائتي ألف.
ووقع حريق بعمان فاحترق من العبيد السود سوى البيض [اثنا عشر ألفا و] [6] أربعمائة حمل كافور [7] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2357- أحمد بن موسى بن العباس بْن مجاهد، أَبُو بكر المقرئ [8] :
ولد في ربيع الآخر سنة خمس وأربعين ومائتين، وَكَانَ شيخ القراء في وقته والمقدم منهم على أهل عصره، وحدث عن خلق كثير، وروى عنه الدارقطني وغيره، وَكَانَ ثقة مأمونا، سكن الجانب الشرقي، وَكَانَ ثعلب يقول: ما بقي في عصرنا أحد أعلم بكتاب الله من أبي بكر بن مجاهد.
__________
[1] في ت: «سليمان بن الحسين» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت: «ولم تخف صرف» .
[4] في ت، س: «وكان يجعل على الجنازة اثنين» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص.
[7] في ت: «وأربعمائة وأربعمائة حمل كافور» .
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 144، والبداية والنهاية 11/ 185، وغاية النهاية 1/ 139، والأعلام 1/ 261) .(13/357)
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بن ثابت، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلي عبد الرحمن بْن مُحَمَّد بْن فضالة، قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن عبد الله بْن المطلب، يقول:
نفذت إلى ابن مجاهد لأقرأ عليه فتقدم رجل وافر اللحية كبير الهامة [1] وابتدأ ليقرأ، فَقَالَ: ترفق يا خليل، سمعت مُحَمَّد بْن الجهم يقول: سمعت الفراء، يقول: أدب النفس ثم أدب الدرس.
أخبرنا القزاز، أخبرنا ابن ثابت، قال: حدثني أَبُو الفضل مُحَمَّد بْن عبد العزيز بْن المهدي، قَالَ: سمعت الحسين بْن مُحَمَّد [2] بْن خلف المقرئ، يقول: سمعت أبا الفضل الزهري، يقول: انتبه بي [في الليلة التي مات فيها أَبُو بكر بْن مجاهد، قَالَ: يا بني ترى من مات الليلة؟] [3] فإني رأيت في منامي كَانَ قائلا يقول: قد مات الليل مقوم وحي الله منذ خمسين سنة، فلما أصبحنا إذا ابن مجاهد قد مات.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الخطيب، قَالَ: أخبرني مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن علان، قَالَ: أَخْبَرَنَا عيسى بْن مُحَمَّد الطوماري، قَالَ: رأيت أبا بكر بْن مجاهد [4] في النوم كأنه يقرأ: فكأني أقول له يا سيدي أنت ميت وتقرأ؟ وكأنه يقول لي [5] : كنت أدعو في دبر كل صلاة وعند ختم القرآن أن يجعلني ممن يقرأ في قبره [فأنا ممن يقرأ في قبره] [6] .
توفي ابن مجاهد يوم الأربعاء وقت العصر، وأخرج يوم الخميس لعشر بقين من شعبان هذه السنة، ودفن في مقبرة باب البستان، وخلف مالا صالحا.
2358- أَحْمَد بْن بقي بْن مخلد [7] :
قاضي القضاة بالأندلس، حدث، وتوفي بها في هذه السنة.
__________
[1] «كبير الهامة» : ساقطة من ك، س.
[2] «بْن المهدي قَالَ سمعت الحسين بْن مُحَمَّد» : ساقطة من ك.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتبت على الهامش.
[4] في س: «رأيت أبا محمد بن مجاهد» .
[5] «فكأني أقول له ... وكأنه يقول لي» . ساقطة من ك، س.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ قضاة الأندلس 63، والقضاة بقرطبة 191- 201، ولأعلام 1/ 104، وشذرات الذهب 2/ 301) .(13/358)
2359- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن موسى، الفقيه الجرجاني [1] :
روى عن أبي حاتم الرازي وغيره، وتوفي في هذه السنة.
2360- أحمد بن محمد بن موسى [2] بْن العباس، أَبُو مُحَمَّد:
كَانَ معنيا بأمر الأخبار، يطلب التواريخ، وولي حسبة سوق الرقيق وسوق مصر، وكتب عنه. توفي في محرم هذه السنة.
2361- أَحْمَد بْن جعفر بْن موسى بْن يحيى بْن خالد بْن برمك، أَبُو الحسن النديم المعروف بجحظة [3] :
كَانَ حسن الأدب، كثير الرواية للأخبار متصرفا في فنون جمة من العلوم، مليح الشعر حاضر النادرة، صانعا في الغناء. وتوفي في هذه السنة [ورد تابوته من واسط] [4] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي، أخبرنا عَلي بْن المحسن، حَدَّثَنَا الحسين بْن مُحَمَّد بْن سليمان الكاتب، قَالَ: حَدَّثَنَا جحظة، قَالَ: أنشدت عُبَيْد اللَّهِ بْن عبد الله بْن طاهر بْن الحسين [5] قولي:
قد نادت الدنيا على نفسها [6] ... لو كَانَ في العالم من يسمع
كم واثق بالعمر واريته/ ... وجامع بددت ما يجمع
[فَقَالَ لي:
ذنبك إلى الزمان الكمال] [7] .
__________
[1] هذه الترجمة ساقطة من س، ل، ص.
[2] في ت: «الحسن بن علي بن موسى» . وقد وردت هذه الترجمة في ت بعد ترجمة أحمد بن جعفر بن موسى.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 65، والبداية والنهاية 11/ 185، ومعجم الأدباء 1/ 383، ولسان الميزان 1/ 146، ووفيات الأعيان 1/ 41، وفيه وفاته سنة 326، وقيل 324 بواسط، والأعلام 1/ 107، وشذرات الذهب 2/ 301) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك. وفي س: «ورد تابوته واسط» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[6] في س: «قد نادت الدنيا على أهلها» . وما أوردناه من باقي النسخ، وتاريخ بغداد (4/ 65) ، والبداية والنهاية (11/ 185) .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.(13/359)
قَالَ ابن المحسن: وحدثنا الحسين بْن مُحَمَّد بْن سليمان الكاتب، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الحسن بْن حنش الكاتب، قَالَ: قَالَ لنا جحظة: صك لي بعض الملوك صكا، فترددت إلى الجهبذ في قبضه، فلما طالت عَلي مدافعته كتبت إليه:
إذا كانت صلاتكم رقاعا ... تخطط بالأنامل والأكف
ولم تجد الرقاع عَلي نفعا [1] ... فها خطي خذوه بألف ألف
قَالَ أَبُو الحسن: وشرب أبي دواء، فكتب إليه جحظة رقعة يسأله عن حاله:
ابن لي كيف أمسيت ... وما كَانَ من الحال
وكم سارت بك الناقة ... نحو المنزل الخالي
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، [الخطيب] [2] ، أخبرنا علي بن أبي عَلي البصري، قَالَ: [حدثني أبي قَالَ:] [3] حدثني أَبُو الفرج الأصبهاني، قَالَ: حدثني جحظة، قَالَ: اتصلت عَلي إضاقة أنفقت فيها [كل] [4] ما كنت أملكه حتى بقيت ليس في داري غير البواري، فأصبحت يوما وأنا أفلس من طنبور بلا وتر، ففكرت كيف أعمل فيه فوقع لي أن أكتب إلى محبرة بْن أبي عباد الكاتب، وكنت أجاوره، وَكَانَ قد ترك التصرف قبل ذلك بسنتين ولزم بيته وحالفه النقرس فأزمنه حتى صار لا يتمكن من التصرف إلا محمولا على الأيدي أو في محفة، وَكَانَ مع ذلك على غاية الظرف وكبر النفس وعظم النعمة وأن أتطايب عليه ليدعوني، فآخذ منه ما أنفقه مدة، فكتبت إليه:
ماذا ترى في جدي ... وبرمة وبوارد
وقهوة ذات لون ... يحكي خدود الخرائد
ومسمع ليس يخطي ... من نسل يحيى بْن خالد
__________
[1] في س: «ولم تجد الرقاع إلي نفعا» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/360)
إن المضيع لهذا ... نزر المروءة بارد
فما شعرت إلا بمحفة محبرة يحملها غلمانه إلى داري وأنا جالس على بابي، فقلت له: لم جئت ومن دعاك؟ قَالَ: أنت! قلت: إنما قلت لك ماذا ترى في هذا وعنيت في بيتك وما قلت لك أنه في بيتي، وبيتي والله أفرغ من فؤاد أم موسى، فَقَالَ: الآن قد جئت ولا أرجع، ولكن أدخل إليك وأستدعي من داري ما أريد، قلت: ذاك إليك، فدخل فلم ير في بيتي إلا بارية، فَقَالَ: يا أبا الحسن هذا والله فقر مفضح، هذا ضر مدقع ما هذا؟ فقلت: هو ما ترى، فأنفذ إلى داره فاستدعى فرشا وقماشا، وجاء فراشه ففرشه، وجاءوا من [الصفر والشمع] [1] وغير ذلك مما يحتاج إليه، وجاء طباخه بما كَانَ في مطبخه، وجاء شرابوه بالصواني والمخروط والفاكهة والبخور، وجلس يومه ذلك عندي، فلما كَانَ من غد سلم إلى غلامه كيسا فيه ألفا درهم، ورزمة ثياب من فاخر الثياب، واستدعى محفته فجلس فيها وشيعته هنية، فلما بلغ آخر الصحن قَالَ: مكانك يا أبا الحسن احفظ بابك فكل ما في الدار لك، وَقَالَ للغلمان: اخرجوا فأغلقت الباب على قماش بألوف كثيرة.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن، أخبرنا أحمد بن علي، قال: حدثني الحسن بْن أبي طالب، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمران، قَالَ: أنشدنا جحظة:
قل للذين تحصنوا من راغب ... بمنازل من دونها حجاب
إن حال دون لقائكم بوابكم ... فاللَّه ليس لبابه بواب
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن ناصر، أخبرنا محمد بن أبي نصر الحميدي، أنشدنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الحسين بْن دينار، قَالَ: أنشدني أَبُو الفرج الأصبهاني، قَالَ: أنشدنا جحظة:
لنا صاحب من أبرع الناس في البخل ... وأفضلهم فيه وليس بذي فضل
دعاني كما يدعو الصديق صديقه ... فجئت كما يأتي إلى مثله مثلي
فلما جلسنا للغداء رأيته ... يرى إنما من بعض أعضائه أكلي
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، س.(13/361)
ويغتاظ أحيانا ويشتم عبده ... وأعلم أن الغيظ والشتم من أجلي
أمد يدي سرا لآكل لقمة ... فيلحظني شزرا فأعبث بالبقل
إلى أن جنت كفى لحيني جناية ... وذلك أن الجوع أعدمني عقلي
فأهوت يميني نحو رجل دجاجة ... فجرت كما جرت يدي رجلها رجلي
قَالَ أَبُو غالب: ومما وقع لنا عاليا من شعر جحظة ما أنشدناه أَبُو الحسن الفك بْن كلكلة الطنبوري، وَكَانَ يقول: إنه بلغ من السن مائة وخمس عشرة سنة قَالَ: أنشدنا أستاذي جحظة لنفسه:
رحلتم فكم من أنة بعد حنة ... مبينة للناس حزني عليكم
وقد كنت أعتقت الجفون من البكا ... فقد ردها في الرق شوقي إليكم
2362- رضوان بْن أَحْمَد بْن إسحاق بْن عطية، أَبُو الحسن التميمي [1] :
وهو رضوان بْن جالينوس، وَكَانَ أَحْمَد يلقب جالينوس، سمع رضوان الحسن بْن عرفة، وابن أبي الدنيا، روى عنه الدارقطني، وابن شاهين، والكتاني، والمخلص.
وكان ثقة. توفي في هذه السنة.
2363- صالح بْن مُحَمَّد بْن الفضل الأصبهاني:
حدث عن جماعة من العلماء من بلده وغيره، وروى تاريخ البخاري، وَكَانَ ثقة وتوفي في رجب هذه السنة.
2364- عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المغلس، أَبُو الحسن الفقيه الظاهري [2] :
أخذ العلم عن أبي بكر بْن داود [3] صاحب المذهب، ونشر علم داود في البلاد،
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 432) .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 385، وتذكرة الحفاظ 821، وطبقات الشيرازي 150، والعبر 2/ 201، والبداية والنهاية 11/ 186، وشذرات الذهب 2/ 302، والفهرست 218، واللباب 2/ 100، والنجوم الزاهرة 3/ 259، وطبقات المفسرين للداوديّ 215) .
[3] في ت: «عن أبي بكر محمد بن داود» . خطأ.(13/362)
وصنف على مذهبه، وحدث عن جده مُحَمَّد بْن المغلس، وعن عَلي بْن داود [1] القنطري، وأبي قلابة الرقاشي، وعبد الله بْن أَحْمَد بْن حنبل [في آخرين] [2] وَكَانَ ثقة فاضلا فهما. أصابته سكتة، فتوفي في هذه السنة.
2365- عبد الله بْن مُحَمَّد بْن زياد بْن واصل بْن ميمون، أَبُو بكر الفقيه النيسابوري [3] :
مولى أبان بْن عثمان بْن عفان كَانَ من أهل نيسابور، ولد سنة ثمان وثلاثين ومائتين، ورحل في طلب العلم إلى العراق والشام ومصر، وسكن بغداد، وحدث بها عن [مُحَمَّد بْن] [4] يحيى الذهلي، وعباس الدوري وخلق كثير. روى عنه دعلج، وابن حيويه، وابن المظفر، والدارقطني، وابن شاهين، والمخلص وغيرهم. واجتمع له العلم بالفقه والحديث، وَكَانَ ثقة صالحا، قَالَ الدارقطني: لم نر في مشايخنا أحفظ منه للأسانيد والمتون، وَكَانَ أفقه المشايخ، جالس الربيع والمزني.
أخبرنا أبو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو بكر بْن ثَابِت، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سعد الماليني [5] ، حَدَّثَنَا يُوسُف بْن عمر [6] بْن مسرور، قَالَ: سمعت أبا بكر النيسابوري، [يقول:] [7] أعرف من أقام أربعين سنة لم ينم الليل إلا جاثيا، ويتقوت كل يوم بخمس حبات، ويصلي صلاة الغداة على طهارة عشاء الآخرة، ثم قَالَ: أنا هو وهذا كله قبل أن أعرف أم عبد الرحمن، أيش أقول لمن زوجني؟ ثم قَالَ في أثر هذا: ما أراد [الله] إلا الخير.
أنبأنا ابن ناصر، عن [أبي] [8] القاسم ابن السَّرِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ،
__________
[1] «في البلاد وصنف على مذهبه ... وعن علي بن داود» : العبارة ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 120، والبداية والنهاية 11/ 186، وطبقات الشافعية 2/ 231، وتذكرة الحفاظ 3/ 37، والأعلام 4/ 119. وشذرات الذهب 2/ 302) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ت: «أخبرنا أبو سعد الماليني» .
[6] في ص، ل: «حدثنا أبو يوسف» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/363)
قَالَ: كنا نحضر في مجلس أبي بكر النيسابوري لنسمع منه الزيادات، وَكَانَ يحزر أن في المجلس ثلاثين ألف محبرة، ومضى على هذا مدة يسيرة، ثم حضرنا مجلس أبي بكر النجاد وَكَانَ يحزر أن في مجلسه عشرة آلاف محبرة، فتعجب الناس من ذلك، وقالوا:
في هذه المدة ذهب ثلثا الناس [1] .
توفي أَبُو بكر النيسابوري في ربيع الآخر من هذه السنة، ودفن بباب الكوفة.
2366- عبد الرحمن بْن سعيد [2] بْن هارون، أَبُو صالح الأصبهاني [3] :
سكن بغداد وحدث بها عن عباس الدوري روى عنه الدارقطني، وابن شاهين.
وَكَانَ ثقة وتوفي في جمادي الأولى [4] من هذه السنة.
2367- عثمان بْن جعفر بْن مُحَمَّد بْن حاتم، أَبُو عمرو المعروف بابن اللبان الأحول [5] :
سمع عمر بْن شبة، روى عنه الدارقطني، وَكَانَ ثقة، وتوفي في هذه السنة.
2368- عفان بْن سليمان بْن أيوب، أَبُو الحسن التاجر: [6]
سكن مصر وشهد بها عند الحكام فقبلت شهادته، وَكَانَ من أهل الخير والصلاح، وله وقوف بمصر معروفة على أصحاب الحديث وعلى أولاد العشرة من الصحابة، وَكَانَ تاجرا موسعا عليه. توفي بمصر في شعبان هذه السنة.
2369- محمد بن الفضل بن عبد الله، أبو ذر التميمي [7] :
كَانَ رئيس جرجان وله أفضال كثيرة، وكانت داره مجمع العلماء رحل في طلب
__________
[1] «ذهب ثلثا الناس» : ساقطة من ك.
[2] في ت: «عبد الله بن سعيد» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 288) .
[4] في ك: «في جمادى الآخرة» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 297) .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 278، والبداية والنهاية 11/ 187) .
[7] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 187) .(13/364)
العلم، وسمع الكثير [1] ، وتفقه على مذهب الشافعي. توفي في هذه السنة.
2370- هارون بْن المقتدر باللَّه:
توفي في ربيع الأول واغتم عليه أخوه الراضي [باللَّه] [2] غما شديدا، وتقدم بأن/ ينفي بختيشوع بْن يحيى المتطبب من بغداد لأنه اتهمه في علاجه، فأخرج إلى الأنبار، ثم شفعت فيه والدة الراضي، فعفا عنه وأمر برده.
__________
[1] «وكانت داره ... وسمع الكثير» : العبارة ساقطة من ك، س.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/365)
ثم دخلت سنة خمس وعشرين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه خرج الراضي إلى واسط في المحرم، وجرت حرب بين الأتراك استظهر فيها عليهم بجكم، وعاد الراضي في صفر، وخلع على بجكم في ربيع الأول، وولي إمارة بغداد، وعقد له [لواء] [1] الولاية للمشرق إلى خراسان.
ومن الحوادث: أنه صارت فارس في يد عَلي بْن بويه، والري وأصبهان والجبل في يد الحسن بْن بويه، والموصل وديار بكر وديار ربيعة وديار مضر [2] والجزيرة في أيدي بني حمدان، [ومصر] [3] والشام في يد مُحَمَّد بْن طغج، والأندلس (في يد عبد الرحمن بْن مُحَمَّد الأموى من ولد هشام بْن عبد الملك، وخراسان [4] في يد نصر بْن أَحْمَد، واليمامة وهجر وأعمال البحرين [5] في يد أبي طاهر سليمان بْن الحسن الجنابي [القرمطي، وطبرستان] [6] وجرجان في يد الديلم ولم يبق في يد الخليفة غير مدينة السلام وبعض السواد، فبطلت دواوين المملكة، وضعفت الخلافة [7] ، ثم
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] «وديار مضر» : ساقطة من ص.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] «في يد عبد الرحمن ... وخراسان» . ساقطة من ص.
[5] في ت: «واليمامة وهجر في ذلك من البحرين» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] «وبعض السواد ... وضعفت الخلافة» . ساقطة من ك.(13/366)
استوزر الراضي أبا الفتح [ابن] [1] الفضل بْن جعفر بْن الفرات.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2371- أَحْمَد بن مُحَمَّد بن الحسن، أبو حامد ابن الشرقي [2] :
ولد في رجب سنة أربعين ومائتين، وسمع بالأمصار من شيوخها، وَكَانَ واحد عصره في علم الحديث، وَكَانَ كثير الحج.
أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْن الحسين [البيهقي، أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله الحاكم، قَالَ: سمعت أبا أَحْمَد الحسين] [3] بْن عَلي التميمي، يقول: سمعت أبا بكر مُحَمَّد بْن إسحاق بْن خزيمة، يقول، ونظر إلى أبي حامد بن الشرقي، فَقَالَ:
حياة أبي حامد تحجز بين الناس والكذب على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
توفي في رمضان هذه السنة.
2372- إبراهيم بْن عبد الصمد بْن موسى، أَبُو إسحاق [4] الهاشمي:
حدث عن جماعة، روى عنه الدارقطني، وابن شاهين في آخرين وَكَانَ يسكن سرمن رأى، وحدث بها وببغداد وتوفي في محرم هذه السنة] [5] .
2373- إسحاق بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم، أَبُو يعقوب الصيدلاني [6] :
حدث عن أبي الأشعث أَحْمَد المقدام [7] ، ولم يكن عنده غير حديث واحد.
وتوفي في [صفر] [8] هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 426، والبداية والنهاية 11/ 188، وتذكرة الحفاظ 821، ولسان الميزان 1/ 306، وشذرات الذهب 2/ 306، ومرآة الجنان 2/ 289، واللباب 2/ 17، والأعلام 1/ 206) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 138، والأعلام 1/ 47، وشذرات الذهب 2/ 306) .
[5] من مصنفاته: «الأمالي» و «الحديث» . وهذه الترجمة ساقطة من ت.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 296) .
[7] في ت: «أبو الأشعث أحمد المقدم» .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/367)
2374- جعفر بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الوليد، أَبُو الفضل القافلائي [1]
حدث عن مُحَمَّد بْن إسحاق الصاغاني، وعلي بْن داود القنطري، وأحمد بْن أبي خيثمة، روى عنه ابن المظفر، وابن شاهين، وَكَانَ من الثقات وله معرفة في الحديث. وتوفي في جمادي الأولى من هذه السنة.
2375- جعفر بْن مُحَمَّد بْن عبدويه، أَبُو عبد الله المعروف [2] بالبراثي:
مروي الأصل. حدث عن إبراهيم بن هانئ روى عنه ابن شاهين [3] وَكَانَ ثقة.
وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
2376- الحسن بْن آدم العسقلاني [4] :
حدث عن جماعة، وَكَانَ ثقة، وَكَانَ يتولى عمالات من صعيد [5] مصر.
توفي بالفيوم من صعيد مصر في شوال هذه السنة.
2377- الحسن بن عبد الله بن علي بن مُحَمَّد بْن الملك [بْن] [6] أبي الشوارب، أَبُو مُحَمَّد الأموي [7] :
ولي قضاء مدينة المنصور بعد عزل أبي الحسين الأشناني عنها، وكانت ولاية الأشناني لها ثلاثة أيام فحسب.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو بكر بن ثَابِت، قَالَ أَخْبَرَنَا عَلي بْن المحسن [8] حَدَّثَنَا طلحة بْن مُحَمَّد بْن جعفر، قَالَ: بعد الثلاثة أيام التي تقلد فيها ابن
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 219) .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 220) .
[3] «وكان من الثقات ... روى عنه ابن شاهين» . ساقطة من ص، ل، س.
[4] في ت: «الحسن بن آدم بن القاسم السقلاني» .
[5] «من صعيد» : ساقطة من ص، ل.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 340) .
[8] في ت: «علي بن الحسن» .(13/368)
الأشناني مدينة المنصور استقضى المقتدر على مدينة المنصور الحسن بْن عبد الله بْن عَلي [1] في يوم الاثنين لست بقين من ربيع الآخر سنة ست عشرة وثلاثمائة، وهذا رجل حسن السيرة [2] جميل الطريقة، قريب الشبه من أبيه وجده في باب الحكم والسداد، فلم يزل واليا على المدينة إلى نصف رمضان عشرين وثلاثمائة، ثم صرفه المقتدر.
وتوفي يوم عاشوراء من سنة خمس وعشرين.
2378- عبد الله بْن مُحَمَّد بْن سفيان، أَبُو الحسين الخزاز النحوي [3] :
حدث عن المبرد، وثعلب. وَكَانَ ثقة وله مصنفات في علوم القرآن غزيرة الفوائد [4] .
توفي في ربيع الأول من هذه السنة.
2379- عمر بْن أَحْمَد بْن عَلي بْن عبد الرحمن، أَبُو حفص الجوهري المعروف بابن علك المروزي [5] :
حدث عن عباس الدوري وغيره. روى عنه ابن المظفر والدارقطني [6] وكان ثقة صدوقا متقنا متيقظا فقيها ناسكا، توفي في هذه السنة.
2380- محمد بن إسحاق بن يحيى، أَبُو الطيب النحوي يعرف بابن الوشاء [7] .
__________
[1] في ت: «على مدينة المنصور أبا محمد بن عبيد الله بن علي» . خطأ.
[2] في ص، ل، س، والمطبوعة: «رجل حسن الستر» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 123، والبداية والنهاية 11/ 188، تذكرة الحفاظ 3/ 37، وطبقات الشافعية 2/ 231، والأعلام 4/ 119، وفيه الجزاز، وإنباه الرواة 2/ 135، وطبقات النحاة 1/ 46، والفهرست 82، وطبقات المفسرين 237) .
[4] منها: «علوم القرآن» و «كتاب المختصر» في علم العربية، و «المقصور والممدود» ، و «المذكر والمؤنث» .
[5] في ت: «المعروف بابن ملك المروزي» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 227) .
[6] «والدارقطنيّ» : ساقط من ص، ل.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 253، والبداية والنهاية 11/ 188، وإرشاد الأريب 6/ 277 وبغية الوعاة 7، والأعلام 5/ 309، وفيه محمد بن أحمد بن إسحاق، وكذا في بعض المراجع) .(13/369)
كَانَ من أهل الأدب، حسن التصانيف [1] ، مليح الأخبار حدث عن أَحْمَد بْن عبيد بْن ناصح، والحارث بْن أبي أسامة، وثعلب، وأبان [والمبرد] [2] وغيرهم.
2381- مُحَمَّد بْن إسحاق بْن إبراهيم بْن عيسى بْن فروخ، أَبُو بكر المزني [3] :
سكن الرقة وحدث بها عن أبي حفص عمرو بْن عَلي الفلاس وغيره.
وروى عنه أَبُو بكر الشافعي، وأبو الْقَاسِم الطبراني، وابن المظفر وغيرهم] [4] ، وَقَالَ الدارقطني: هو ثقة، توفي بعد العشرين والثلاثمائة.
2382- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن قطن بْن خالد بْن حيان، أَبُو عيسى السمسار [5] :
سمع الحسن بْن عرفة وغيره. روى عنه الدارقطني، [والكتاني] [6] وَكَانَ ثقة.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز، قَالَ: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي، قال: حدثني عبد العزيز بْن عَلي الوراق، قَالَ: ذكر أن [7] ابن قطن، ولد في سنة خمس وثلاثين ومائتين يوم الجمعة، وَكَانَ يوم عاشوراء.
وتوفي في يوم الجمعة لسبع بقين من ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وثلاثمائة.
2383- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن المهدى، أَبُو عمارة [8]
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الخطيب قَالَ: حدث أَبُو عمارة، عن أبي بكر بْن أبي شيبة، ولوين، وعلي بن الموفق وغيرهم، وفي حديثه مناكير وغرائب. روى عنه أبو عمر وابن السماك، وأبو سهل بن زياد القطان، ودعلج، وأبو بكر الشافعيّ.
__________
[1] من مصنفاته: «الجامع» في النحو، و «خلق الإنسان» و «زهرة الرياض» في الأدب في عشرة مجلدات، و «الحنين إلى الأوطان» «والفاضل من الأدب الكامل» و «الموشى» في الظرف والظرفاء، وهو مطبوع.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 254، وسؤالات السهمي للدارقطنيّ 19) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 334) .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] «ذكر أن» : ساقط من ك.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 360، وميزان الاعتدال 3/ 456، 457) .(13/370)
وأخبرنا أَبُو الطيب الطبري [1] قَالَ: قَالَ لنا أَبُو الحسن الدارقطني: أَبُو عمارة ضعيف جدا. [2]
2384- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن هارون، أَبُو بكر العسكري [3] الفقيه:
كَانَ يتفقه لأبي ثور، وحدث عن إبراهيم بْن عبد الله بْن الجنيد، والحسن بْن عرفة وعباس الدوري وغيرهم. روى عنه الآجري، والدارقطني [ويوسف القواس] [4] وغيرهم وتوفي في شوال من هذه السنة.
2385- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يُوسُف بْن إسماعيل أَبُو أَحْمَد الجريري [5]
حدث عن ابن أخي الأصمعي وغيره، ولم يظهر عنه إلا الخير.
توفي في محرم هذه السنة.
2386- مُحَمَّد بْن أبي موسى عيسى بن أحمد بن موسى بن محمد بْن إبراهيم، أَبُو عبد الله [6] الهاشمي:
سمع جعفر الفريابي، وَكَانَ ثقة.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أحمد بن علي بن ثابت، أخبرنا على بن أبي علي، قَالَ: حدثني أَبُو إسحاق إبراهيم بْن مُحَمَّد الطبري، قَالَ: رأيت ثلاثة يتقدمون ثلاثة أصناف من أبناء جنسهم فلا يزاحمهم أحد، أَبُو عبد الله الحسين بْن أَحْمَد الموسوي يتقدم [الطالبين فلا يزاحمه] [7] أحد، وأبو عبد الله مُحَمَّد بْن أبي موسى الهاشمي يتقدم العباسيين فلا يزاحمه أحد، وأبو بكر الأكفاني [8] يتقدم الشهود فلا يزاحمه أحد.
__________
[1] في ت: «أبو بكر بن الطيب الطبري» .
[2] في الميزان: «قال أيضا: «متروك» . وأورد الذهبي له حديثا من وضعه، وقال: «موضوع على مجالد» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 369، والبداية والنهاية 11/ 188) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 376) .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 404) .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] في ت: «أبو بكر الكتاني» .(13/371)
2387- مُحَمَّد بْن المسور بْن عمر بْن الفضل بْن العباس بْن عبد المطلب [1] :
أندلسي [الأصل] [2] كَانَ فقيها مقدما روى الحديث، وتوفي بالأندلس في هذه السنة.
2388- موسى بن عَبْد اللَّهِ [3] بْن يحيى بْن خاقان، أَبُو مزاحم [4] :
كَانَ أبوه وزير المتوكل. وسمع أَبُو مزاحم بن عباس الدوري، وأبي قلابة، وعبد الله بْن أَحْمَد والمروروذي [5] روى عنه الآجري وابن شاهين. وَكَانَ ثقة من أهل السنة نقش خاتمه «دن بالسنن موسى تعن» .
توفي في ذي الحجة من هذه السنة.
2389- موسى بْن جعفر بْن مُحَمَّد، أَبُو الحسن العثماني [6]
كوفي الأصل، ولد سنة ست وأربعين ومائتين [7] . وسمع الربيع بْن سليمان.
روى عنه الدارقطني، / وَكَانَ ثقة.
وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة.
__________
[1] هذه الترجمة ساقطة من ص.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في المطبوعة: «موسى بن عبيد الله» وكذا في تاريخ بغداد أما في الأصل، وفي شذرات الذهب «عبد الله» وهو ما أثبتناه.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 13/ 59، وغاية النهاية 2/ 320، والأعلام 7/ 324، 325، وشذرات الذهب 2/ 307، وفيه: «الخاقاني» بدلا من «بن خاقان» ) .
[5] في ت: «عبد الله بن أحمد المروزي» .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 13/ 60) .
[7] في ك: «ولد سنة أربعين ومائتين» . وفي ص، ل: «ولد سنة ست وأربعين» .(13/372)
ثم دخلت سنة ست وعشرين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه خرج الراضي متنزها إلى أن حاذى بزوغى، فأقام يومين، ثم رجع، وفي هذه السنة: ورد كتاب من ملك الروم إلى الراضي، وكانت الكتابة بالرومية بالذهب، والترجمة بالعربية بالفضة، يطلب منه الهدنة، وفيه: ولما بلغنا ما رزقته أيها الأخ الشريف الجليل من وفور العقل وتمام الأدب واجتماع الفضائل أكثر ممن تقدمك من الخلفاء، حمدنا الله تعالى إذ جعل في كل أمة [1] من يمتثل أمره، وقد وجهنا شيئا من الألطاف وهي أقداح، وجرار من فضة وذهب، وجوهر وقضبان فضة، وسقور وثياب سقلاطون، ونسيج ومناديل وأشياء كثيرة فاخرة فكتب إليهم الجواب بقبول الهدية، والإذن في الفداء، وهدنة سنة.
وتحدث الناس في شوال هذه السنة: أن رقعة جاءت من ابن مقلة إلى الراضي يضمن فيها ابن رائق وابني مقاتل بألفي ألف دينار، وأنه يقبض عليهم بحيلة لطيفة، فَقَالَ الراضي: صر إلي حتى تعرفني وجه هذا، فجاء فعلم ابن رائق فركب في جيشه إلى الدار [2] وَقَالَ: لا أبرح إلا بتسليم ابن مقلة، فأخرج فأمر بقطع يده [3] اليمنى، وقيل:
هذا سعى في الأرض بالفساد [4] .
__________
[1] في ك: «إذ جعل في كل خلافته» .
[2] في ك: «فركب في الحال إلى الدار» .
[3] في ك، ت: «فأخرج فأخذه فقطع يده» .
[4] في ت، ك: «هذا يسعى في الأرض فسادا» .(13/373)
ووجد يهودي مع مسلمة، وَكَانَ اليهودي غلاما لجهبذ يهودي لابن خلف، فضربه صاحب الشرطة، فلم يرض ابن خلف حتى ضرب صاحب الشرطة بحضرة اليهود في يوم جمعة، فافتتن الناس لذلك وَكَانَ أمرا قبيحا.
وفى هذه السنة: وقع الوباء في البقر، وظهر في الناس جرب وبثور.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2390- إبراهيم بْن داود القصار، أَبُو إسحاق الرَّقِّيّ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن ناصر، قَالَ: أنبأنا أَحْمَد [بْن عَلي] [1] بْن خلف، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو عَبْد الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ، قَالَ: سمعت أبا بكر بن بْن شاذان، يقول: سمعت إبراهيم القصار يقول: المعرفة إثبات الرب [2] عز وجل خارجا عن كل موهوم، وَقَالَ: أضعف الخلق من ضعف عن رد شهوته، وأقوى الخلق من قوي على ردها.
قَالَ السلمي: كَانَ إبراهيم من جلة مشايخ الشام من أقران الجنيد عمر وصحبه أكثر مشايخ الشام [3] ، وَكَانَ ملازما للفقر.
توفي في سنة ست وعشرين وثلاثمائة.
2391- أَحْمَد بْن زياد بْن مُحَمَّد [بْن زياد] [4] بْن عبد الرحمن اللخمي [5] :
أندلسي وهو من ولد شبطون، وهو زياد بْن عبد الرحمن صاحب مالك بْن أنس، وشبطون أول من أدخل فقه مالك الأندلس [6] ، وعرض عليه القضاء فلم يقبله.
توفي أَحْمَد بالأندلس في هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: «يقول: إيثار الرب عز وجل» .
[3] في ك: «وصحبه كثير من مشايخ الشام» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 189) .
[6] «وشبطون أول من أدخل فقه مالك الأندلس» . ساقط م ص، ل.(13/374)
2392- جبلة بْن مُحَمَّد بْن كريز:
حدث عن يونس بْن عبد الأعلى، وَكَانَ ثقة صدوقا.
توفي في جمادى الأولى من هذه السنة.
2393- الحسن بْن عَلي بْن زيد [1] بْن حميد بْن عُبَيْد اللَّهِ [2] ، بْن مقسم، أَبُو مُحَمَّد:
مولى [عَلي بْن] [3] عبد الله بْن العباس بن عبد المطلب من أهل سرمن رأى، حدث ببغداد عن جماعة، روى عنه الدارقطني، وابن بطة.
وتوفي في هذه السنة، وقيل في السنة التي قبلها.
2394- شعيب بْن محرز بْن عُبَيْد اللَّهِ بْن خلف بْن الراجبان، أَبُو الفضل الكاتب [4] :
حدث عن عمر بْن شبة، وعلي بْن حرب، روى عنه الدارقطنيّ، والمخلص، وكان ثقة. توفي في ربيع الآخر من هذه السنة. [5]
2395- عبد الله بْن العباس بْن جبريل، أَبُو مُحَمَّد الوراق الشمعي [6] :
حدث عن عَلي بْن حرب. روى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وَكَانَ ثقة.
وتوفي في هذه السنة.
2396- عَبْد اللَّه بْن الهيثم بْن خالد، أَبُو مُحَمَّد الخياط الطيني [7] :
سمع إبراهيم بْن الجنيد، والحسن بْن عرفة، روى عنه الدارقطني [8] ، [ويوسف
__________
[1] في ك: «الحسن بن علي بن يزيد» .
[2] في ك، ل، ص: «ابن حميد بن عبد الله» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ت: «أبو الفضل الكتاني» .
[5] «وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة» : ساقطة من ص، ل.
[6] هذه الترجمة ساقطة من ص، ل.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 37) .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 195) .
[8] من هذه العلامة إلى العلامة المماثلة ساقط من ك.(13/375)
القواس] [1] ، وكان ثقة، توفي في ذي القعدة من هذه السنة.
2397-[عبد العزيز بن جعفر بن بكر بن إبراهيم، أبو شيبة يعرف بابن الخوارزمي [2] :
سمع الحسن بْن عرفة، روى عنه الدارقطني [3] ، وَكَانَ ثقة.
توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
2398- مُحَمَّد بْن جعفر بْن رميس بْن عمرو، أَبُو بكر القصري [4] :
سمع أبا علقمة الفروي [5] والحسن بْن مُحَمَّد [بْن] [6] الصباح وغيرهما. أنفق في طلب الحديث ألوف الدنانير، روى عنه الدارقطني، وَقَالَ: هو من الثقات.
وتوفي في هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] هذه الترجمة ساقطة من ت.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 454) .
[3] إلى هنا ينتهي الساقط من ك.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 139) .
[5] في ت: «سمع أبا علقمة الهروي» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/376)
ثم دخلت سنة سبع وعشرين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه خرج الراضي إلى الموصل لمحاربة الحسن بْن عبد الله بْن حمدان، وخرج بجكم فكان ينزل بين يديه بقليل، فاستولى ابن رائق على بغداد فدخلها في ألف من القرامطة.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور عبد الرحمن بن محمد، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا التنوخي، أَخْبَرَنَا طلحة بْن مُحَمَّد بْن جعفر، قَالَ: لما كَانَ في المحرم سنة سبع وعشرين وثلاثمائة خرج الراضي إلى الموصل، وأخرج معه قاضى القضاة أبا الحسين عمر بْن مُحَمَّد بْن يُوسُف، وأمره أن يستخلف على مدينة السلام بأسرها أبا نصر يُوسُف بْن عمر، لما علم أنه لا أحد بعد أبيه يجاريه ولا إنسان يساويه، فجلس يوم الثلاثاء لخمس بقين من المحرم سنة سبع وعشرين في جامع الرصافة وقرأ عهده بذلك، وحكم فتبين للناس من أمره ما بهر عقولهم، ومضى في الحكم على سبيل معروفة له ولسلفه، وما زال أَبُو نصر يخلف أباه على القضاء بالحضرة من الوقت الذي ذكرنا إلى أن توفي قاضي القضاة.
قَالَ أَبُو بكر الصولي: ومضى الراضي عاجلا إلى الموصل، وقد تقدم بجكم فواقع الحسن بْن عبد الله فهزمه، ثم خرج ابن رائق من بغداد وعاد الراضي إليها.
وجاء في جمادى الأولى وهو أول يوم من آذار بعد المغرب مطر عظيم وبرد كبار،(13/377)
في كل بردة نحو الأوقيتين، ودام وسقط بذلك حيطان كثيرة من دور بغداد، وظهر جراد كثير.
وَكَانَ الحج قد بطل من سنة سبع عشرة وثلاثمائة فلم يحج أحد من العراق، فلما جاءت سنة سبع وعشرين كاتب أَبُو عَلي عمر بْن يحيى العلوي القرامطة، وكانوا يحبونه لشجاعته وكرمه، وسألهم أن يأذنوا للحجيج ليسير بهم ويعطيهم من كل جمل خمس دنانير، ومن المحمل سبعة دنانير، فأذنوا لهم، فحج الناس وهي أول سنة مكس فيها الحاج، وخرج في تلك السنة القاضي أَبُو عَلي بْن أبي هريرة الشافعي، فلما طولب بالخفارة لوى راحلته ورجع، وَقَالَ: لم أرجع شحا على الدراهم، ولكن قد سقط الحج لهذا المكس.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2399- الحسن بْن الْقَاسِم بْن دحيم، أَبُو عَلي الدمشقي [1] :
حدث عن العباس بْن الوليد البيروتي، وَكَانَ إخباريا وَكَانَ له فيها مصنفات.
توفي بمصر في محرم هذه السنة، وقد أناف على الثمانين سنة [2] .
2400- الحسين بْن الْقَاسِم بْن جعفر بْن مُحَمَّد بْن خالد بْن بشر، أَبُو عَلي الكوكبي الكاتب [3] :
صاحب آداب وأخبار. حدث عن أَحْمَد بْن أبي خيثمة، وأبي العيناء، وابن أبي الدنيا وغيرهم، روى عنه الدارقطني، والمعافى، وابن سويد.
وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة.
2401- عثمان بْن الخطاب بن عبد الله، أبو عمرو البلوي الأشج المغربي [4] ، المعروف بأبي الدنيا [[5]] :
__________
[1] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 190) .
[2] في ك: «وقد نيف على الثمانين سنة» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 86، البداية والنهاية 11/ 190) .
[4] «المغربي» : ساقطة من ص، ل.
[5] في ت: «المعروف بابن أبي الدنيا» خطأ.(13/378)
يروى عن عَلي بْن أبي طالب، قدم بغداد بعد سنة ثلاثمائة بسنتين، وعلماء النقل لا يثبتون قوله ولا يصدقون خبره.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد، قال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ علي بْن ثابت، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو بكر أَحْمَد بْن موسى بْن عبد الله الروشنائي أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن [يعقوب] [1] المفيد، قَالَ: سمعت أبا عمر وعثمان بْن الخطاب بْن عبد الله البلوي من مدينة بالمغرب يقال لها: رندة وهو المعمر/ ويعرف بأبي الدنيا [2] ، يقول:
ولدت [3] في أول خلافة أبي بكر الصديق، فلما كَانَ في زمن [4] عَلي بْن أبي طالب خرجت أنا وأبي نريد لقاءه، فلما صرنا قريبا من الكوفة أو من الأرض التي هو فيها لحقنا عطش شديد في طريقنا أشفينا منه على الهلكة، وَكَانَ أبي شيخا كبيرا، فقلت له:
اجلس حتى أدور أنا في الصحراء أو البرية فلعلني أقدر على ماء، أو من يدلني على ماء، أو ماء المطر، فجلس ومضيت أطلب الماء، فلما كنت عنه غير بعيد لاح لي ماء، فصرت إليه، فإذا أنا بعين ماء وبين يديها شبيه بالركية [5] ، أو الوادي من مائها، فنزعت ثيابي واغتسلت من ذلك الماء وشربت حتى رويت، ثم قلت: أمضي فأجيء بأبي، فهو غير بعيد، فجئت إليه فقلت: قم فقد فرج الله وهذه عين ماء قريب منا. ومضينا نحو العين والماء، فلم نر شيئا، فدرنا نطلب فلم نقدر على شيء، وأجهد أبي جهدا شديدا فلم يقدر على النهوض لشدة ما لحقه، فجلست معه فلم يزل يضطرب حتى مات فاحتلت حتى واريته، ثم جئت حتى لقيت أمير المؤمنين عليا رَضِيَ اللهُ عنه وهو خارج إلى صفين وقد أسرجت له بغلة، فجئت فأمسكت الركاب ليركب وانكببت لأقبل فخذه، فنفحني الركاب فشجني في وجهي شجة- قَالَ المفيد: ورأيت الشجة في وجهه
__________
[ () ] وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 297- 299، والبداية والنهاية 11/ 190، وميزان الاعتدال 3/ 33، ولسان الميزان 4/ 145) .
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: «ويعرف بابن أبي الدنيا» .
[3] «ولدت» : ساقطة من ص.
[4] في ك: «فلما كان في خلافة علي» .
[5] في ك: «يديها شبيه بالركية» .(13/379)
واضحة- قَالَ: ثم سألني عن خبري، فأخبرته بقصتي وقصة أبي، وقصة العين، فَقَالَ:
هذه عين لم يشرب منها أحد إلا وعمر عمرا طويلا، فأبشر فإنك تعمر، ما كنت تجدها بعد شربك منها. كما قَالَ المفيد- ثم سألناه فحدثنا عن عَلي بْن أبي طالب بأحاديث، ثم لم أزل أتتبعه في الأوقات فألح عليه حتى يملي عَلي حديثا بعد حديث، ثم أعود حتى جمعت منه خمسة عشر حديثا لم يجتمع عنه لغيري لتتبعي له، وإلحاحي عليه [1] ، وَكَانَ معه شيوخ من بلده فسألتهم عنه، فقالوا: هو مشهور عندنا بطول العمر، حَدَّثَنَا بذلك آباؤنا عن آبائهم عن أجدادهم، وأن قوله في لقيه عَلي بْن أبي طالب معلوم عندهم أنه كذلك.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْد اللَّه [2] بْن أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ وَكَانَ شَاهِدًا بِالرَّقَّةِ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ الْمُفِيدَ حَدَّثَ عَنِ الأَشَجِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: إِنَّ الأَشَجَّ دَخَلَ بَغْدَادَ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ فِي دَارِ إِسْحَاقَ وَأَحْدَقُوا بِهِ وَضَايَقُوهُ، وَكُنْتُ حَاضِرَهُ، فَقَالَ: لا تُؤْذُونِي، فَإِنِّي سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ مُؤْذٍ فِي النَّارِ» [3] ، وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ حَفِظْتُ مِنْهَا ثَلاثَةً هَذَا أَحَدُهَا، وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا بِبَغْدَادَ كَتَبَ عَنْهُ حَرْفًا وَاحِدًا، وَلَمْ يكن عندي بالثقة [4] .
__________
[1] «حتى يملي على ... وإلحاحي عليه» : ساقطة من ك.
[2] في ت: «أبو القاسم عبد الله» .
[3] الحديث: أخرجه ابن عساكر في تاريخه، والخطيب البغدادي في تاريخه، عن أنس (الجامع الصغير 2/ 93) .
وأخرجه المصنف في العلل المتناهية، عن علي بن أبي طالب، وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح، والأشج غير موثوق بقوله عند العلماء.
انظر الحديث في: (تاريخ بغداد 11/ 299، والعلل المتناهية 2/ 263، وتفسير القرطبي 1/ 236، وكنز العمال 39484) .
[4] في ت، ك: «ولم يكن عندهم ثقة» .
قال الذهبي في الميزان: «حدث بقلة حياء بعد الثلاثمائة عن علي بن أبي طالب فافتضح بذلك وكذبه النقاد» .(13/380)
وَقَالَ المفيد: بلغني أن الأشج مات في سنة سبع وعشرين وثلاثمائة وهو راجع إلى بلده.
2402- مُحَمَّد بْن جعفر بْن مُحَمَّد بْن سهل، أَبُو بكر الخرائطي [1] :
من أهل سرمن رأى. سمع إبراهيم بْن الجنيد، والحسن بْن عرفة وخلقا كثيرا.
وَكَانَ حسن التصنيف، سكن الشام، وحدث بها. وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة.
2403- محمد بن جعفر [بن مُحَمَّد] [2] بْن نوح، أَبُو نعيم الحافظ [3] :
بغدادي نزل الرملة، وحدث بها عن خلق كثير، روى عنه مُحَمَّد بْن المظفر الحافظ، وتوفي في هذه السنة.
2404- مُحَمَّد بْن جعفر بْن مُحَمَّد بْن الحسن بْن المستفاض، أَبُو الحسن بْن أبي بكر الفريابي [4] :
ولد سنة سبع وأربعين ومائتين، وحدث عن عباس الدوري وخلق كثير، روى عنه ابن شاهين، وغيره، وَكَانَ ثقة.
2405- مُحَمَّد بن جعفر بن أحمد بن بكر الرافقي [5] :
ويعرف بابن الصابوني، قدم بغداد وحدث بها عن جماعة، فروى عنه الدارقطني.
2406-[يزداد بْن عبد الرحمن بْن مُحَمَّد بْن يزداد، أَبُو مُحَمَّد الكاتب [6] :
مروزي الأصل سمع أبا سعيد الأشج، روى عنه الدارقطني] [7] ، وابن شاهين، وذكره يُوسُف القواس في شيوخه [الثقات] [8] توفي في جمادى الأولى من هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 139، وشذرات 2 لذهب 2/ 309، وإرشاد الأريب 6/ 464، والرسالة المستطرفة 38، والأعلام 6/ 70، والبداية والنهاية 11/ 190، 191) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 140، وشذرات الذهب 2/ 309) .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 141) .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 142) .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 355) .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/381)
ثم دخلت سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه في غرة المحرم ظهرت في الجو حمرة شديدة من ناحية الشمال والمغرب، وظهرت فيها أعمدة بيض عظيمة كثيرة العدد.
وفيها أن الخبر ورد بأن أبا على [1] الحسن بْن بويه الديلمي صار إلى واسط، [فانحدر الراضي وبجكم فأنصرف أَبُو على من واسط] [2] ، ورجع الراضي إلى بغداد.
وفيها: أن بجكم تزوج سارة بنت أبي عبد الله مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يعقوب البريدي على صداق مبلغه مائتا ألف درهم.
وفيها في شعبان: بلغت زيادة الماء في دجلة تسعة عشر ذراعا، [وبلغت زيادة الفرات] [3] إحدى عشرة ذراعا.
وانبثق بثق من نواحي الأنبار فاجتاح القرى وغرق الناس والبهائم والسباع، وصب الماء في الصراة إلى بغداد [ودخل الشوارع في الجانب الغربي من بغداد] [4] ، وغرق شارع الأنبار، فلم يبق فيه منزل، وتساقطت الدور والأبنية على الصراة، وانقطع بعض القنطرة العتيقة والجديدة.
__________
[1] في ت: «وورد الخبر أن أبا علي» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[3] ما بين المعقوفتين: من على هامش ت.
[4] ما بين المعقوفتين: من على هامش ت.(13/382)
وفى هذا الشهر توفي قاضى القضاة أَبُو الحسين عمر بْن مُحَمَّد، وولى ابنه أَبُو نصر يُوسُف.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد، قال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ علي بْن ثابت، قَالَ: حَدَّثَنَا التنوخي، قال: حَدَّثَنَا طلحة بْن مُحَمَّد بْن جعفر، قَالَ: لمَا كَانَ يوم الخميس لخمس بقين من شعبان خلع الراضي على أبي نصر يُوسُف بْن عمر بْن مُحَمَّد بْن يُوسُف وقلده قضاء الحضرة بأسرها الجانب الشرقي والغربي والمدينة والكرخ وقطعه من أعمال السواد، وخلع على أخيه أبي مُحَمَّد الحسين بْن عمر لقضاء أكثر السواد، ثم صرف الراضي أبا نصر عن مدينة المنصور بأخيه الحسين في سنة تسع وعشرين، وأقره على الجانب الشرقي.
وفى يوم السبت لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي الحجة: أشهد أَبُو عَلي بْن أبي موسى الهاشمي عن نفسه ثلاثين شاهدا من العدول بأنه لا يشهد عند القاضي أبي نصر يُوسُف بْن عمر ببغداد، وأخذ خطوط الشهود أنه عدل مقبول الشهادة.
وفى يوم الاثنين لثمان بقين من ذي الحجة: أسجل القاضي أَبُو نصر يُوسُف بْن عمر بأن [1] أبا عبد الله بْن أبي موسى الهاشمي ساقط الشهادة بشهادة عشرين عدلا عليه بذلك.
وفى مستهل ذي القعدة: وافى رسول أبي طاهر الجنابي القرمطي، فأطلق له من مال السلطان خمسة وعشرون ألف دينار من جملة خمسين ألف دينار [2] ، ووفق عليها على أن يبذرق بالحاج، فبذرقهم في هذه السنة.
وفى هذا الشهر: صرف أَبُو عبد الله البريدي عن الوزارة واستوزر سليمان بْن الحسن، وَكَانَ البريدي قد ضمن واسطا وأعمالها بستمائة ألف دينار.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2407- إسحاق بن محمد بن إسحاق، أَبُو عيسى الناقد [3] :
حدث عن الحسن بْن عرفة، وتوفي في محرم هذه السنة.
__________
[1] في ت: «أبو نصر يوسف بن عمران» .
[2] «من جملة خمسين ألف دينار» : ساقط من ص، ل.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 397) .(13/383)
2408- جعفر المرتعش، أَبُو مُحَمَّد [1] :
كذلك ذكره أَبُو بكر الخطيب، وَقَالَ أَبُو عبد الرحمن السلمى: اسمه عبد الله بْن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد النيسابوري، كَانَ من ذوي الأموال، فتخلى عنها وصحب الفقراء مثل الجنيد، وأبي حفص، وأبي عثمان، وأقام ببغداد حتى صار شيخ الصوفية. وَكَانَ إقامته بالشونيزية، وكانوا يقولون عجائب بغداد ثلاثة: إشارات الشبلي، ونكت المرتعش، وحكايات جعفر الخواص.
أَخْبَرَنَا [مُحَمَّد] [2] بْن ناصر، قَالَ: أَخْبَرَنَا [أَحْمَد بْن عَلي بْن خلف، أنبأنا] [3] أَبُو عبد الرحمن السلمى، قَالَ: سمعت أبا الفرج الصائغ، يقول: قَالَ المرتعش من ظن أن أفعاله تنجيه من النار وتبلغه [الرضوان] [4] فقد جعل لنفسه ولفعله خطرا، ومن اعتمد على فضل الله بلغه الله أقصى منازل الرضوان. وقيل له: إن فلانا يمشى على الماء، فَقَالَ: إن من مكنه الله من مخالفة هواه فهو أعظم من المشي على الماء [5] .
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الخطيب، قَالَ: / ذكر مُحَمَّد بْن مأمون البلخي أنه سمع أبا عبد الله الرزاز، [6] يقول: حضرت وفاة المرتعش في مسجد الشونيزية سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، فَقَالَ: انظروا ديوني، فنظروا فقالوا: بضعة عشر درهما، فَقَالَ:
انظروا خريقاتي، فلما قربت منه، قال: اجعلوها في ديوني، وأرجو أن الله يعطيني الكفن [7] ، ثم قَالَ: سألت [الله ثلاثا عند موتي فأعطانيها، سألته أن يميتني على الفقر،
__________
[1] في ت: «جعفر بن المرتعش» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 221، والبداية والنهاية 11/ 192، وطبقات الصوفية 349- 353، وحلية الأولياء 10/ 355، وصفة الصفوة 2/ 211، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 189، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 123، وشذرات الذهب 2/ 317، وفيه: «أبو محمد المرتعش عبد الله بن محمد النيسابورىّ الزاهد» ، واللباب 3/ 121، والكواكب الدرية 2/ 38، وطبقات الأولياء صفحة 141) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] «فقال: ان من مكنه ... المشي على الماء» : ساقط من ك.
[6] في ت: «سمع أبا عبد الله الرازيّ» .
[7] في ت: «أن الله يرزقني الكفن» .(13/384)
وسألته] [1] ، أن يجعل موتي في هذا المسجد فقد صحبت فيه أقواما، وسألته أن يكون حولي من آنس به وأحبه، وغمض عينيه ومات بعد ساعة رحمة الله عليه.
2409- الحسن بْن أَحْمَد بْن يزيد بْن عيسى بْن الفضل بن بشار، أبو سعيد، المعروف بالإصطخري [2] :
قاضى قم، ولد سنة أربع وأربعين ومائتين، وسمع سعدان بْن نصر، وأحمد بْن منصور الرمادي، وعباسا الدوري. روى عنه ابن المظفر، والدارقطني، وابن شاهين.
وكان أحد الأئمة المذكورين، [وهو] [3] من شيوخ الفقهاء الشافعيين، وكان ورعا زاهدا، وكتابه الذي ألفه يدل على سعة علمه [وقوة فهمه] [4] ، وكان متقللا فيقال أنه كَانَ قميصه وسراويله وعمامته وطيلسانه من شقة [واحدة] [5] ، وله كتاب القضاء لم يصنف مثله. توفي في هذه السنة [6] .
2410- الْحَسَن بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن عبد المجيد [7] ، أَبُو مُحَمَّد المقرئ وهو ابن أخت أبي الآذان [8] :
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 193، ووفيات الأعيان 2/ 74، وطبقات الشافعية 2/ 193، واللباب 1/ 56، والأعلام 2/ 179، وشذرات الذهب 2/ 312، والأنساب 1/ 286. والفهرست 213) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] على هامش ل قصة مطموس أغلبها، وحاصلها «أن الاصطخري أفتى بوجوب النفقة للمتوفى عنها حاملا، فقيل له: ليس هذا من مذهب الشافعيّ فلم يصدق، فأروه كتابه، فلم يرجع ثم اجتمع بابن سريج وناظره، فقال الحسن: هو مذهب علي وابن عباس، فقال له ابن سريج كأنه يعيره بالفقر: كثرة أكل الباقلاء ذهبت بدماغك، فقال له الحسن: كثرة أكل الحلواء ذهبت بدينك» . انظر القصة كاملة في طبقات الشافعية (2/ 193) .
[7] في ت: «ابن عبد الله بن عبد الحميد» .
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 282) .(13/385)
سمع من جماعة، وروى عنه الدارقطني، وَقَالَ: هو من الثقات.
وتوفي في هذه السنة.
2411-[الحسن بْن سعيد بْن الحسن بْن يُوسُف، أَبُو الْقَاسِم، الوراق [1] :
يعرف بابن الهرش مروزي الأصل. حدث عن إبراهيم بن هاني. روى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وكان ثقة. وتوفي في هذه السنة] [2] .
2412- الحسين بن محمد [3] بْن سعيد، أَبُو عبد الله البزاز، المعروف بابن المطبقي [4] :
ولد في ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. وحدث عن خلاد بْن اسلم، والربيع بْن سليمان، ومحمد بْن منصور الطوسي. روى عنه الخطبي، والدارقطني، وابن المظفر، وابن شاهين، وَكَانَ ثقة. وتوفي في [شوال] [5] هذه السنة، ودفن في داره، وبلغ ستا وتسعين سنة، وهو صحيح الفهم والعقل والجسم.
2413- حامد بن أحمد [6] بن الهيثم، أَبُو الحسين البزاز [7] :
حدث عن أَحْمَد بْن منصور الرمادي، توفي في هذه السنة.
2414- حامد بْن بلال بْن الحسن، أَبُو أَحْمَد البخاري [8] :
حدث عن جماعة، روى عنه أَبُو بكر الشافعي، وابن شاهين.
توفي في رجب هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 326) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت: «الحسن بن محمد» .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 97، وشذرات الذهب 2/ 31 وفيه: «الحسين بن محمد أبو عبد الله ابن المطيفي البغدادي) .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ت، ك: «حامد بن أحمد بن محمد» .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 170) .
[8] في ت: «أبو محمد البخاري» . انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 170) .(13/386)
2415- حامد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد، أَبُو أَحْمَد المروزي المعروف بالزيدي [1] :
كَانَ له عناية بحديث زيد بْن أبي أنيسة، وجمعة وطلبه، فنسب إليه سكن طرسوس، ثم قدم بغداد وحدث بها، فروى عنه الدارقطني، وَكَانَ ثقة مذكورا بالفهم، موصوفا بالحفظ. توفي في رمضان هذه السنة.
2416- حمزة بْن الحسين [2] بْن عمر، أَبُو عيسى السمسار [3] :
سمع من جماعة، روى عنه الخلدي، وابن شاهين، وَكَانَ ثقة. وذكر أنه كَانَ يعرف بحمزة واسمه عمر. توفي في هذه السنة.
2417- خير مولى عبد الله بْن يحيى بْن زهير التغلبي، يكنى أبا صالح:
سمع من بكار بْن قتيبة، وَكَانَ، ثقة تقبله القضاة، وتحكم بقوله، وَكَانَ أسود خصيا. توفي في رمضان هذه السنة.
2418- عَبْد اللَّهِ بْن سليمان بْن عيسى بْن الهيثم، أَبُو مُحَمَّد الوراق المعروف بالفامي [4] :
سمع إبراهيم بْن هَانِئ، وعبد الله بْن أَحْمَد. روى عنه ابن شاهين. وَكَانَ ثقة، وتوفي فِي شوال هَذِهِ السنة.
2419- علي بْن أحمد بن الهيثم، أَبُو الحسن البزار [5] :
حدث عن عَلي بْن حرب [6] . روى عنه الدارقطني، وَكَانَ ثقة.
وتوفي في هذه السنة.
__________
[1] في ص، ل، ك: «المعروف باليزيدي» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 171، وشذرات الذهب 2/ 318) .
[2] هذه الترجمة ساقطة من ص.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 181) .
[4] هذه الترجمة ساقطة من ص، ل.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 469) .
[5] هذه الترجمة ساقطة من ص، ل. وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 320) .
[6] في ت: «علي بن حيويه» .(13/387)
2420- عَلي بْن مُحَمَّد، أَبُو الحسن المزين الصغير [1] :
أصله من بغداد، وصحب الجنيد، وسهل بْن عبد الله، وأقام بمكة مجاورا حتى توفي بها في هذه السنة.
أَخْبَرَنَا أَبُو بكر بْن حبيب العامري، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سعد بْن أبي صادق، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله بْن باكويه، أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله بْن خفيف، قَالَ: سمعت أبا الحسن المزين بمكة، يقول: كنت في بادية تبوك فتقدمت إلى بئر لأستقي منها فزلقت رجلي فوقعت في جوف البئر فرأيت في جوف البئر زاوية واسعة فأصلحت موضعا وجلست عليه، وقلت: إن كَانَ مني شَيْء لا أفسد [الماء] [2] على الناس، وطابت نفسي وسكن قلبي، فبينا أنا قاعد إذا بخشخشة، فتأملت [3] فإذا أنا بأفعى تنزل عَلي، فراجعت نفسي، فإذا هي ساكنة [عَلي] [4] ، فنزل فدار بي وأنا هادئ السر لا تضطرب على [نفسي] [5] ثم لف ذنبه وأخرجني من البئر وحلل عني ذنبه، فلا أدري أرض ابتلعته أو سماء رفعته، ثم قمت ومشيت.
وثم آخر يقال له
2421- أَبُو جعفر المزين الكبير [6] :
كَانَ بمكة وبها مات، وَكَانَ من العباد.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، قال: أخبرنا علي بن أبي
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 73، والبداية والنهاية 11/ 193، وطبقات الصوفية 382- 385، وحلية الأولياء 8/ 235، وصفة الصفوة 2/ 150، والرسالة القشيرية 35، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 196، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 130، وشذرات الذهب 2/ 316، وسير أعلام النبلاء 10/ 1/ 56، واللباب 3/ 133، والأنساب 577، والكواكب الدرية 2/ 41، وطبقات الأولياء صفحة 140) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت، ك: «أنا قاعد إذ سمعت خشخشة فتأملت» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 193) .(13/388)
على، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن أَحْمَد الطبري، قَالَ: حَدَّثَنَا جعفر الخلدي، قَالَ: ودعت في بعض حجاتي المزين الكبير، فقلت: زودني شيئا، فَقَالَ: إن ضاع منك شَيْء أو أردت أن يجمع الله بينك وبين إنسان، فقل: يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد أجمع بيني وبين [كذا وكذا، فإن الله يجمع بينك وبين] [1] ذلك الإنسان أو ذلك الشيء، قَالَ: فجئت إلى الكتاني فودعته، وقلت: زودني، فأعطاني فصا عليه نقش كأنه طلسم، فَقَالَ: إذا اغتممت فانظر إلى هذا فإنه يزول غمك، قَالَ: فانصرفت فما دعوت [الله] [2] بتلك الدعوة إلا استجيب لي، ولا رأيت الفص وقد اغتممت إلا زال غمي، فأنا ذات يوم قد توجهت أعبر إلى الجانب الشرقي من بغداد إذ هاجت ريح عظيمة وأنا في السميرية والفص في جيبي، فأخرجته لأنظر إليه، فلا أدري كيف ذهب مني في الماء، أو في السفينة، فاغتممت غما عظيما، فدعوت بالدعوة وعبرت، فما زلت أدعو بها يومي وليلتي أياما، فلما كَانَ بعد ذلك أخرجت صندوقا فيه ثيابي لأغير منها شيئا، ففرغت الصندوق فإذا بالفص في أسفل الصندوق، فأخذته وحمدت الله عز وجل على رجوعه.
2422- عمر بْن أبي عمر مُحَمَّد بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بْن زيد بْن درهم، أَبُو الحسين الأزدى [3] :
ناب عن أبيه في القضاء وهو ابن عشرين سنة، ثم توفي أبوه وهو على القضاء [4] ، وَكَانَ حافظا للقرآن والفقه على مذهب مالك والفرائض والحساب واللغة والنحو والشعر والحديث، وأقر على القضاء، ثم جعل قاضي القضاة إلى آخر عمره، وصنف مسندا، ورزق قوة الفهم، وجودة القريحة، وشرف الأخلاق.
قَالَ أَبُو الْقَاسِم بْن برهان النحوي: كَانَ عدد الشهود في زمان قاضي القضاة أبي
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 229، والبداية والنهاية 11/ 194، وبغية الوعاة 364، والأعلام 5/ 59) .
[4] في ص: «وهو على قضاء البصرة» .(13/389)
الحسين بْن قاضى القضاة أبي عمر ألف وثمانمائة شاهد، ليس فيهم من شهد إلا بفضيلة محضة في دين، أو علم، أو مال، أو شرف.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد، قال: أخبرنا أحمد بن على، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الصَّمَدِ بْن مُحَمَّد بْن [1] مُحَمَّد بْن نصر قَالَ: قَالَ لنا إسماعيل [2] بْن سعيد المعدل: كَانَ أَبُو عمر القاضي، يقول: ما زلت مروعا من مسأله تجيئني من السلطان حتى نشأ أَبُو الحسين ولدي.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن، قال: أخبرنا أحمد بن علي أخبرنا التنوخي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّهِ النصيبي، أن جعفر بْن ورقاء حدثهم، قَالَ: عدت من الحج أنا وأخي [3] فتأخر عن تهنئتي [4] القاضي أَبُو عمر وابنه أَبُو الحسين، فكتبت إليهما:
أأستجفي أبا عمر وأشكو ... وأستجفي فتاه أبا الحسين
بأي قضية وبأي حكم ... الحّا في قطيعة واصلين
فما جاءا ولا بعثا بعذر ... ولا كانا لحقى موجبين
فإن نمسك ولا نعتب تمادى ... جفاؤهما لأخلص مخلصين
وإن نعتب فحق غير أنا ... نجل عن العتاب القاضيين
فوصلت الأبيات إلى أبي عمر، وهو على شغل، فأنفذها إلى أبي الحسين، وأمره بالجواب عنها، فكتب إلي:
تجن واظلم فلست منتقلا ... عن خالص الود أيها الظالم
ظننت بي جفوة عتبت لها ... فخلت أنى لحبلكم صارم
حكمت بالظن والشكوك ولا ... يحكم بالظن فالهوى حاكم
تركت حق الوداع مطّرحا ... وجئت تبغي زيارة القادم
__________
[1] في ت: «عبد الصمد بن علي بن محمد» .
[2] في ت: «قال: أخبرنا عبد الرحمن إسماعيل» .
[3] «أنا وأخي» : ساقطة من ص، ل.
[4] في ك: «فتأخر عن تهنئتنا» .(13/390)
أمران لم يذهبا على فطن [1] ... وأنت بالحكم فيهما عالم
وكل هذا مقال ذي ثقة ... وقلبه من جفائه سالم
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن/ [بن محمد] [2] ، قال: أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت] [3] ، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو الطيب الطبري، قَالَ سمعت [4] المعافى بْن زكريا، يقول:
كنت أحضر مجلس أبي الحسين بْن أبي عمر يوم النظر، فحضرت يوما أنا وجماعة من أهل العلم في الموضع الذي جرت العادة بجلوسنا فيه ننتظره حتى يخرج، قَالَ: فدخل أعرابي لعل له حاجة إليه، فجلس بقربنا، فجاء غراب فقعد على نخلة في الدار وصاح، ثم طار، فَقَالَ الأعرابي: هذا الغراب يقول: بأن صاحب هذه الدار يموت بعد سبعة أيام، قَالَ: فصحنا عليه وزبرناه فقام وأنصرف، واحتبس خروج أبي الحسين، وإذا قد خرج إلينا غلام، فقال: القاضي يستدعيكم، قَالَ: فقمنا ودخلنا إليه، وإذا به متغير اللون منكسر البال مغتم، فَقَالَ: اعلموا أني أحدثكم بِشَيْءٍ قد شغل قلبي، وهو أني رأيت البارحة في المنام شخصا وهو يقول:
منازل آل حماد بْن زيد ... على أهليك والنعم السلام
وقد ضاق لذلك صدري، قَالَ: فدعونا له وانصرفنا، فلما كَانَ اليوم السابع من ذلك اليوم دفن رحمه الله.
أخبرنا عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن عَلي، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن المحسن، قَالَ: أَخْبَرَنَا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: توفي قاضي القضاة- يعني أبا الحسين عمر بْن مُحَمَّد بْن يُوسُف- في يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وصلى عليه ابنه أَبُو نصر، ودفن إلى جانب أبي عمر في دار إلى جانب داره.
قَالَ أَبُو بكر الصولي: كَانَ هذا القاضي عمر بْن مُحَمَّد قد بلغ من العلوم مبلغا
__________
[1] في ت: «لم يذهبان على قطنّ» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في المطبوعة: «سمت» خطأ مطبعي.(13/391)
عظيما، وقرأ على من كتب اللغة والأخبار ما يقارب عشرة آلاف ورقة، وتوفي ابن سبع وثلاثين سنة، ووجد عليه الراضي وجدا شديدا حتى كَانَ يبكي بحضرتنا، وَقَالَ: كنت أضيق بالشيء ذرعا، فيوسعه عَلي، وَكَانَ يقول لا بقيت بعده.
2423- عثمان بْن عبدويه، أَبُو عمرو البزاز [1] الكشى:
سمع إبراهيم الحربي، روى عنه أَبُو بكر [بْن أبي موسى القاضي، وَكَانَ ثقة.
توفي في رمضان هذه السنة] [2] .
2424- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أيوب بْن الصلت، أَبُو الحسن المقرئ المعروف بابن شنبوذ [3] :
حدث عن أبي مسلم الكجي [4] ، وبشر بْن موسى، وخلق كثير من أهل الشام ومصر، وَكَانَ قد تخير لنفسه حروفا من شواذ القراءات، وقرأ بها فصنف أَبُو بكر الأنباري وغيره كتبا في الرد عليه.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الخطيب، قَالَ: أخبرني إبراهيم بْن مخلد فيما أذن لي أن أرويه عنه، قَالَ: أَخْبَرَنَا إسماعيل بْن عَلي الخطبي، قَالَ: أشتهر ببغداد أمر رجل يعرف بابن شنبوذ يقرئ الناس ويقرأ في المحراب بحروف نخالف المصاحف مما يروي عن ابن مسعود وأبي وغيرهما مما كَانَ يقرأ به قبل جمع المصحف الذي جمعه عثمان، ويتبع الشواذ [فيقرأ بها] [5] ويجادل حتى عظم أمره وفحش، وأنكره الناس فوجه السلطان فقبض عليه في يوم السبت [لست خلون] [6] من ربيع الآخر سنة ثلاث
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 299) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 280، ومعجم الأدباء 17/ 167، والوافي 2/ 37، والبداية والنهاية 11/ 194، والنجوم الزاهرة 3/ 248، 267، ووفيات الأعيان 4/ 299، وإرشاد الأريب 6/ 300، وغاية النهاية 2/ 52، ونزهة الجليس 2/ 272، وفيه وفاته سنة 324، والأعلام 5/ 309، وشذرات الذهب 2/ 313، والعبر 2/ 213) .
[4] في ت: «أبو مسلم البلخي» خطأ. ويقال له: «أبو مسلم الكشي» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/392)
وعشرين وثلاثمائة، وحمل إلى دار الوزير مُحَمَّد بْن عَلي ابن مقلة، وأحضر القضاة والفقهاء والقراء [1] ، وناظره- يعنى الوزير- بحضرتهم، فأقام على ما ذكر عنه ونصره، واستنزله الوزير عن ذلك فأبى أن ينزل عنه أو يرجع عما يقرأ به من هذه الشواذ المنكرة التي تزيد على المصحف وتخالفه، فأنكر ذلك جميع من حضر المجلس [2] ، وأشاروا بعقوبته ومعاملته بما يضطره إلى الرجوع، فأمر بتجريده وإقامته بين الهنبازين وضربه بالدرة على قفاه، فضرب نحو العشر درر ضربا شديدا، فلم يصبر واستغاث وأذعن بالرجوع والتوبة، فخلى عنه وأعيدت عليه ثيابه واستتيب، فكتب عليه كتاب بتوبته، وأخذ عليه خطه بالتوبة.
توفي ابن شنبوذ يوم الاثنين لثلاث ليال خلون من صفر هذه السنة.
2425- مُحَمَّد بْن الحسن بْن مُحَمَّد بْن حاتم بْن يزيد، [أَبُو الحسن] [3] المعروف والده بعبيد العجل:
حدث عن زكريا بْن يحيى المروزي [4] ، وموسى بْن هارون الطوسي. روى عنه الدارقطني.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر الخطيب، قَالَ: بلغني عن أبي الفتح عُبَيْد اللَّهِ بْن أَحْمَد النحويّ، أنه ذكره فقال: كان سيّئ الحال في الحديث.
توفي يوم الثلاثاء لأربع عشرة بقين من رجب هذه السنة.
2426- مُحَمَّد بْن عَلي بْن الحسين بْن عبد الله، أَبُو على المعروف بابن [5] مقلة:
ولد في شوال ببغداد في سنة اثنتين وسبعين ومائتين، فأول تصرف تصرفه مع
__________
[1] «والقراء» : ساقطة من ص، ل.
[2] «وتخالفه فأنكر ذلك جميع من حضر المجلس» : ساقط من ك.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ك: «زكريا بن يحيى بن زكريا المروزي» .
[5] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 195، ووفيات الأعيان 5/ 113، والوافي 1/ 168، وشذرات الذهب 2/ 310، والعبر 2/ 211، والفخري 243، وتحفة أولي الألباب 43) .(13/393)
أبي عبد الله مُحَمَّد بْن داود بْن الجراح وسنه يومئذ ست عشرة سنة، وذلك في سنة ثمان وثمانين، فأقام معه ثمانية أشهر، ثم انتقل إلى أبي الحسن ابن الفرات قبل تقلده الوزارة، وأجرى له مثل ذلك، وَكَانَ يسترفق في أيامه بقضاء الحوائج، ثم زاده في الجراية وولى ابن الفرات الوزارة، ثم عزل وأعيد، فقلد غير ابن مقلة المكاتبات، فسعى به ابن مقلة حتى صرف ثم عاد إلى الوزارة فقبض على ابن مقلة وصادره على مائة ألف دينار، ثم آل الأمر إلى أن وزر لثلاثة خلفاء.
وزر ابن مقلة للمقتدر في سنة ست عشرة وثلاثمائة، وقبض عليه في آخر سنة سبع عشرة، ووزر للقاهر سنة عشرين واستتر عنه خوفا منه سنة إحدى وعشرين فلم يظهر حتى بويع للراضي باللَّه، وَقَالَ: كنت مستترا في دار أبي الفضل بْن مارى النصراني بدرب القراطيس، فسعى بي إلى القاهر وعرف موضعي فبينا أنا جالس [1] وقد مضى نصف الليل أخبرتنا زوجة ابن مارى أن الشارع قد امتلأ بالمشاعل والخيل، فطار عقلي ودخلت بيتا فيه تبن فدخلوه ونبشوه بأيديهم [2] ، فلم أشك إني مأخوذ فعاهدت الله تعالى أنه إن نجاني أن انزع عن ذنوب كثيرة [3] ، وإن تقلدت الوزارة أمنت المستترين وأطلقت ضياع المنكوبين ووقفت وقوفا على الطالبيين، فما استتممت نذري حتى خرج الطلب وكفاني الله أمرهم.
وَكَانَ ابن مقلة قد نفى أبا العباس أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّهِ الخصيبي، وسليمان بن الحسن، وكلاهما وزراء للمقتدر، وتقدم بإنفاذهما في البحر فخب بهما البحر ويئسا من الحياة، فَقَالَ الخصيبي: اللَّهمّ إنى أستغفرك من كل ذنب وخطيئة، وأتوب إليك من معاودة معاصيك إلا من مكروه أبي على ابن مقلة [4] فإنني إن قدرت عليه جازيته عن ليلتي هذه وما حل بي منه فيها، وتناهيت في الإساءة إليه، فَقَالَ سليمان: ويحك في هذا الموضع وأنت معاين للهلاك تقول هذا؟ فَقَالَ: لا أخادع [ربي] [5] وأعيد من عمان،
__________
[1] في ل، ص، والمطبوعة: «وعرف موضعي فإنّي جالس» .
[2] في ل: «وفتشوه بأيديهم» .
[3] في ك: «أنزع عن ذنوبي كلها» .
[4] في ك: «علي بن مقلة في خلافة الراضي» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/394)
فلما عزل ابن مقلة في خلافة الراضي ضمنه الخصيبي بألفي ألف دينار، وحلت به المكاره من قبله، وَكَانَ ابن مقلة [1] لما شرع في بناء داره بالزاهر جمع المنجمين حتى اختاروا له وقتا لبنائه، ووضع أساسه بين المغرب والعشاء، فكتب إليه بعضهم:
قل لابن مقلة مهلا لا تكن عجلا ... واصبر فإنك في أضغاث أحلام
تبنى بأنقاض دور الناس مجتهدا ... دارا ستنقض أيضا بعد أيام
ما زلت تختار سعد المشترى لها ... فلم توق به من نحس بهرام
إن القرآن وبطليموس ما اجتمعا ... في حال نقض ولا في حال إبرام
وَكَانَ له بستان عدة أجربه شجر بلا نخل عمل له شبكة إبريسم، وَكَانَ يفرخ فيه الطيور التي لا تفرخ إلا في الشجر، كالقماري، والدباسي، والهزار، والببغ [2] ، والبلابل، والطواويس، والقبج، وَكَانَ فيه من الغزلان والبقر البدوية، والنعام، والإبل وحمير الوحش [3] ، [وبشر] [4] بأن طائرا [بحريا وقع على طائر بري فازدوجا وباضا وأفقصا، فأعطى من بشره بذلك مائة دينار ببشارته] [5] وَكَانَ بين جحظة [الشاعر] [6] وبين ابن مقلة صداقة قبل الوزارة، فلما استوزر استأذن عليه جحظة فلم يؤذن له فَقَالَ:
قل للوزير أدام الله دولته ... أذكر منادمتي والخبز خشكار
إذ ليس بالباب برذون لنوبتكم ... ولا حمار ولا في الشط طيار
وَكَانَ ابن مقلة [يوما] [7] على المائدة، فلما غسل يده رأى على ثوبه نقطة صفراء من الحلوى، فأخذ القلم وسودها وَقَالَ: تلك عيب [8] ، وهذا اثر صناعة [9] ، وأنشد:
__________
[1] «وكان ابن مقلة» : ساقط من ك.
[2] «والببغ» : ساقطة من ك.
[3] في ت: «وحمر الوحش» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] «فأعطى من بشره بذلك مائة دينار ببشارته» : ساقطة من ك، وما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] في ت: «هذا عيب» .
[9] في ت: «وذاك أثر صناعة» .(13/395)
إنما الزعفران عطر العذارى ... ومداد الدواة عطر الرجال
وجرى على ابن مقلة في اعتقاله المكاره، وأخذ خطه بألف ألف دينار، وأطلق بعد ذلك/ فكتب إلى الراضي أنه إن أعاده [1] إلى الوزارة استخرج له ثلاثة آلاف ألف دينار، وقد ذكرنا إنه ضمن بعض الأمراء بمال فاستفتى الفقهاء في حقه، فَقَالَ بعضهم:
هذا قد سعى في الأرض بالفساد فتقطع يده، فقطعت وَكَانَ ينوح على يده [2] ، ويقول:
يد خدمت بها الخلفاء ثلاث دفعات، وكتبت بها القرآن دفعتين تقطع كما تقطع أيدي اللصوص، ثم قَالَ: إن المحنة قد نشبت بي وهي تؤديني إلى التلف، وأنشد:
إذ ما مات بعضك فابك بعضا ... فإن البعض من بعض قريب
ومن شعر [ابن مقلة] [3] حين قطعت يده، قوله:
ما سئمت الحياة لكن توثقت ... بأيمانهم فبانت يميني
بعت ديني لهم بدنياي حتى ... حرموني دنياهم بعد ديني
فلقد حطت ما استطعت بجهدي ... حفظ أرواحهم فما حفظوني
ليس بعد اليمين لذة عيش ... يا حياتي بانت يميني فبيني
وقال أيضا: [4]
إذا أتى الموت لميقاته ... فعد عن قول الأطباء
وإن مضى من أنت صب به ... فالصبر من فعل الألباء
ما مر شَيْء من بنى آدم ... أمر من فقد الأحباء
ثم قطع لسانه بعد ذلك، وطال حبسه، فلحقه ذرب، وَكَانَ يستسقي الماء بيده اليسرى وفمه إلى أن مات في شوال سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، ودفن في دار السلطان،
__________
[1] في ت: «إلى الراضي أنه إن عاد» .
[2] في ت: «فقطعت وكان كثير البكاء على يده» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ل، ص: «وله أيضا» .(13/396)
ثم سأل أهله تسليمه إليهم فنبش وسلم إليهم. فدفنه ابنه أَبُو الحسين في داره، ثم نبشته زوجته المعروفة بالدينارية ودفنته في دارها.
ومن العجائب أنه تقلد الوزارة ثلاث دفعات، وسافر في عمره [1] ثلاث مرات واحدة إلى الموصل، واثنتين [في النفي] [2] إلى شيراز، ودفن بعد موته ثلاث مرات في ثلاث مواضع.
2427- مُحَمَّد بْن الْقَاسِم بْن مُحَمَّد بْن بشار بْن بيان [3] بْن سماعة بْن فروة بن قطن ابن دعامة، أبو بكر [ابن] [4] الأنباري:
ولد يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة خلت من رجب سنة إحدى وسبعين ومائتين وسمع إسماعيل بْن إسحاق القاضي، والكديمي، وثعلبا، وغيرهم. وَكَانَ صدوقا فاضلا دينا من أهل السنة، وَكَانَ من أعلم الناس بالنحو والأدب، وأكثرهم حفظا له، وصنف كتبا كثيرة في علوم القرآن، وغريب الحديث، وغير ذلك وذكر عنه أنه كان يحفظ ثلاثمائة ألف بيت من الشواهد في القرآن، وكتب عنه وأبوه حي.
أنبأنا مُحَمَّد بْن عبد الباقي، أنبأنا عَلي [5] بْن أبي على البصري. عن أبيه، قَالَ:
أخبرني غير واحد ممن شاهد أبا بكر ابن الأنباري [أنه كَانَ] [6] يملي من حفظه لا من
__________
[1] «في عمره» : ساقطة من ل، ص.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت: «ابن بشار بن بيان» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 196، ووفيات الأعيان 1/ 503، ونزهة الألباء 330، وشذرات الذهب 2/ 315، 316. وبغية الوعاة 91، وتذكرة الحفاظ 842، وغاية النهاية 2/ 230، وإنباه الرواة 2/ 201، وتاريخ بغداد 3/ 181، وروضات الجنان 608، وطبقات القراء لابن الجزري 2/ 230، وطبقات القراء للذهبي 1/ 225، وطبقات النحاة 1/ 120، والعبر 2/ 214، والفهرست 75، ومرآة الجنان 2/ 294، ومعجم الأدباء 7/ 37، والنجوم الزاهرة 3/ 269، ونزهة الألباء 264، والوافي بالوفيات 4/ 344، وطبقات المفسرين للداوديّ 562، وطبقات الحنابلة 2/ 69، وآداب اللغة 2/ 182، وتاريخ بغداد 3/ 181، ودائرة المعارف الإسلامية 3/ 5، والأعلام 6/ 334) .
[5] في ت: «قال أخبرنا علي» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/397)
كتاب، وأن عادته في كل ما كتب عنه من العلم كانت [هكذا] [1] ما أملى قط من دفتر.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلي الحافظ، قال:
سمعت حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق، يقول: حدثني أبي، عن جدى [أن] [2] أبا بكر ابن الأنباري مرض فدخل عليه أصحابه يعودونه فرأوا من انزعاج أبيه وقلقه [عليه] [3] أمرا عظيما فطيبوا نفسه ورجوه العافية، فَقَالَ لهم: كيف لا أقلق وأنزعج [لعلة] [4] من يحفظ جميع ما ترون، وأشار لهم إلى حيرى مملوء كتبا [5] .
قَالَ حمزة: وَكَانَ مع حفظه زاهدا متواضعا، حكى أَبُو الحسن الدارقطني أنه حضره في مجلس إملاء يوم جمعة فصحف اسما أورده في إسناد حديث أما كَانَ حيان، فَقَالَ: حبان أو كَانَ حبان فَقَالَ حيان: قَالَ أَبُو الحسن: فأعظمت أن يحمل عن مثله في فضله وجلالته وهم وهبته أن أقفه على ذلك، فلما انقضى الإملاء تقدمت إلى المستملي وذكرت له وهمه وعرفته صواب القول فيه وانصرفت، ثم حضرت الجمعة الثانية مجلسه، فَقَالَ أَبُو بكر للمستملي: عرف الحاضرين إنا صحفنا الاسم الفلاني لما أملينا حديث كذا في الجمعة الماضية، ونبهنا ذلك الشاب [6] على الصواب، وعرف ذلك الشاب إنا رجعنا إلى الأصل فوجدناه كما قَالَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بْنِ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو العلاء الواسطي، قَالَ: قَالَ مُحَمَّد بْن جعفر التميمي: ما رأينا أحفظ من أبي بكر الأنباري، ولا أغزر بحرا منه.
وحدثني عنه أَبُو الحسن العروضي، قَالَ: اجتمعت أنا وهو عند الراضي على الطعام، وَكَانَ قد عرف الطباخ ما يأكل أَبُو بكر، فكان يشوي له قلية يابسة، قال: فأكلنا
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ك: «وأشار لهم إلى خزانة مملوءة كتبا» .
[6] في ت: «ووقفنا ذلك الشاب» .(13/398)
نحن من أطائب الطعام وألوانه، وهو يعالج تلك القلية، ثم فرغنا وأتينا بحلوى، فلم يأكل منها [شيئا] [1] ، وقام وقمنا إلى الخيش فنام بين الخيشين ونمنا نحن في خيش ينافس فيه، ولم يشرب ماء إلى العصر، فلما كَانَ مع العصر [2] قَالَ لغلام: الوظيفة، فجاءه بماء من الحب وترك الماء المزمل بالثلج، فغاظني أمره [3] فصحت صيحة، فأمر أمير المؤمنين بإحضاري، وَقَالَ: ما قصتك؟ [4] فأخبرته، وقلت: هذا يا أمير المؤمنين يحتاج أن يحال بينه وبين تدبير نفسه لأنه يقتلها ولا يحسن عشرتها، قَالَ: فضحك، وَقَالَ:
له في هذا لذة وقد صار له ألفا فلا يضره. ثم قلت: يا أبا بكر لم تفعل هذا بنفسك؟
فَقَالَ: أبقي على حفظي، قلت: إن الناس قد أكثروا في حفظك، فكم تحفظ؟ قَالَ:
أحفظ ثلاثة عشر صندوقا.
قَالَ مُحَمَّد بْن جعفر: وهذا ما لا يحفظه أحد قبله ولا بعده، وحدثت أنه كَانَ يحفظ عشرين ومائة تفسير من تفاسير القرآن بأسانيدها.
وَقَالَ [لنا] [5] أَبُو الحسن العروضي: كَانَ يتردد ابن الأنباري [6] إلى أولاد الراضي، فسألته جارية عن تفسير رؤيا فَقَالَ: أنا حاقن، ثم مضى فلما كَانَ من غد عاد وقد صار معبرا للرؤيا وذلك أنه مضى من يومه، فدرس كتاب الكرماني وجاء. قَالَ:
وَكَانَ يأخذ الرطب فيشمه [7] ويقول: أما إنك طيب ولكن أطيب منك حفظ ما وهب [8] الله لي من العلم.
قَالَ مُحَمَّد بْن جعفر: وَكَانَ يملي من حفظه وقد أملى غريب الحديث، قيل:
إنه خمسة وأربعون ألف ورقة [وكتاب شرح الكافي وهو نحو ألف ورقة] [9] ، وكتاب
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[2] «فلما كان مع العصر» : ساقط من ك.
[3] «فغاظني أمره» : ساقطة من ك، ص.
[4] في ص: «ما نضيحتك» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ت: «كان أبو بكر بن الأنباري يتردد» .
[7] في ت، ك: «وكان يأخذ الرطب يقشره» .
[8] في ك: «حفظ ما فتح» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ك.(13/399)
الهاءات نحو ألف ورقة، وكتاب الأضداد وما رأيت أكبر منه [1] ، والجاهليات سبعمائة ورقة [2] ، والمذكر والمؤنث ما عمل أحد أتم منه، وكتاب «المشكل» بلغ فيه إلى نصفه وما أتمه [3] .
قَالَ: وحدثت عنه أنه مضى يوما إلى النخاسين وجارية تعرض حسنة كاملة الوصف، قال: فرقعت في قلبي ثم مضيت إلى دار أمير المؤمنين الراضي، فَقَالَ لي:
أين كنت إلى الساعة؟ فعرفته، فأمر بعض أسبابه، فمضى فاشتراها وحملها إلى منزلي، فجئت فوجدتها، فعلمت الأمر كيف جرى، فقلت لها: كوني فوق إلى أن أستبرئك، وكنت أطلب مسألة قد اختلطت عَلي، فاشتغل قلبي فقلت للخادم: خذها وأمض بها إلى النخاس فليس قدرها أن تشغل قلبي عن علمي، فأخذها الغلام،. فقالت: دعني أكلمه بحرفين، فقالت له: أنت رجل لك محل وعقل، وإذا أخرجتني ولم يتبين لي ذنبي لم آمن أن يظن الناس بي ظنا قبيحا [4] ، فعرفنيه قبل أن تخرجني. فقلت لها: مالك عندي عيب غير أنك شغلتني عن علمي، فقالت: هذا سهل عندي.
وَقَالَ: فبلغ الراضي أمره، فَقَالَ: لا ينبغي أن يكون العلم في قلب أحد أحلى [5] منه في قلب هذا الرجل.
ولما وقع في علة الموت أكل كل شَيْء كَانَ يشتهي، وَقَالَ: هي علة الموت.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بْنُ عَلِيِّ [بْنِ ثَابِتٍ] [6] [حَدَّثَنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عبد الله النحوي، قَالَ: حدثني أبي، قَالَ: سمعت] [7] أبا بكر ابن الأنباري، يقول: دخلت المارستان بباب محول، فسمعت صوت رجل في
__________
[1] «وكتاب الهاءات ... أكبر منه» : ساقطة من ك.
[2] «والجاهليات سبعمائة ورقة» : ساقطة من ص، ك.
[3] في المطبوعة: «بلغ فيه إلى طه وما أتمه» .
[4] في ت: «يظن الناس بي عيبا» .
[5] في ت: «في قلب إنسان أحلى» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/400)
بعض البيوت يقرأ: أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ الله الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ 29: 19 [1] فَقَالَ: أنا لا أقف إلا على قوله: كَيْفَ يُبْدِئُ الله الْخَلْقَ 29: 19 فأقف على ما عرفه القوم وأقروا به لأنهم لم يكونوا يقرون بإعادة الخلق وأبتدئ بقوله: ثُمَّ يُعِيدُهُ 29: 19 ليكون خبرا. وأما من قرأ على قراءة عَلي بْن أبي طالب وادكر بعد أمه، فهو وجه حسن الأمه النسيان، وأما أَبُو بكر بْن مجاهد فهو إمام في القراءة: وأما قراءة الأحمق [يعني] [2] ابن شنبوذ؟ إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم 5: 118؟ [3] فخطأ، لأن الله تعالى [قد] [4] قطع لهم/ بالعذاب في قوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ 4: 48 [5] ، قال: فقلت لصاحب المارستان: من هذا الرجل؟ فَقَالَ: هذا إبراهيم الموسوس محبوس، فقلت: ويحك هذا أبي بْن كعب أفتح الباب [عنه، ففتح الباب فإذا أنا] [6] برجل منغمس في النجاسة والأدهم في قدميه [7] ، فقلت: السلام عليك، فَقَالَ: كلمة مقولة، فقلت: ما منعك من رد السلام عَلي؟ فَقَالَ: السلام أمان، وإني أريد أن امتحنك، ألست تذكر اجتماعنا عند أبي العباس- يعني ثعلبا- في يوم كذا وفى يوم كذا، وعرفني ما ذكرته وعرفته، وإذا به رجل من أفاضل [8] أهل العلم، فَقَالَ: هذا الذي تراني منغمسا فيه ما هو، قال: فقلت:
الخراء يا هذا، فَقَالَ: وما جمعه؟ فقلت: خروء، فَقَالَ: [لي] [9] صدقت وأنشد.
كَأنَ خروء الطير فوق رءوسهم
ثم قَالَ لي: والله لو لم تجبني بالصواب لأطعمتك منه، فقلت: الحمد للَّه الذي نجاني منك، وتركته وانصرفت.
__________
[1] سورة: العنكبوت، الآية: 19.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] سورة المائدة: الآية: 118.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] سورة النساء، الآية: 48.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ت: «النجاسة والقيد في قدميه» .
[8] في ت: «وإذا به هو من أفاضل» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/401)
أنبأنا مُحَمَّد بْن ناصر، أنبأنا عبد المحسن بْن مُحَمَّد بْن عَلي، أَخْبَرَنَا أَبُو الحسن أَحْمَد بْن مُحَمَّد، أَخْبَرَنَا القاضي [1] أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن عَبْد الله الدينَوَريّ قَالَ: قَالَ أَبُو بكر عبد الله بْن عَلي بْن عيسى: لما مرض أبو بكر ابن الأنباري مرضه الذي توفي فيه انقطع عن الخروج إلى المسجد أياما، فدخلوا عليه واعتذروا من تأخرهم عنه، فَقَالَ له واحد من الجماعة: تقدم في أخذ الماء من غد فإني أجيئك بسنان بْن ثَابِت المتطبب، وَكَانَ يجتمع في حلقته وجوه الحضرة من أولاد الوزراء والكتاب والأمراء والأشراف، فلما كَانَ من الغد حضر سنان بْن ثَابِت مع ذلك الرجل، فدخل إليه، فلما توسط المنزل، قَالَ: أروني الماء ما دمت في الضوء، فنظر إليه ثم دخل إلى العليل [2] فسأله عن حاله، قَالَ له: رأيت الماء وهو يدل على إتعابك جسمك وتكلفك أمرا عظيما لا يطيقه الناس، قال: قد كنت أفعل ذلك ولم يعلم من أي نوع، فوصف له سنان ما يستعمله ثم خرج فتبعه قوم، فَقَالَ: هو تالف وما فيه حيلة فارفقوا به، ثم مضى فلما بعد قلت لابن الأنباري: يا أستاذ، ما الذي كنت تفعله حتى أستدل المتطبب عليه من حالك؟ فَقَالَ:
كنت أدرس في كل جمعة عشرة آلاف [3] ورقة.
توفي أَبُو بكر بْن الأنباري ليلة النحر من هذه السنة.
2428- أم عيسى بنت إبراهيم الحربي [4] :
كانت عالمة فاضلة [تفتي] [5] في الفقه.
وتوفيت في رجب هذه السنة، ودفنت إلى جانب أبيها.
__________
[1] في ت: «قال: أخبرنا القاضي» .
[2] في ت: «ثم دخل على العليل» .
[3] في ت، ك: «كنت أدرس إلى جمعة عشرين ألف ورقة» .
[4] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 196، وتاريخ بغداد 14/ 342) .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(13/402)
ثم دخلت سنة تسع وعشرين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أن الفرات زادت أحد عشر ذراعا وانبثق بثق من نواحي الأنبار، فاجتاح القرى وغرقها وغرق الناس والبهائم والوحش والسباع [1] وصب الماء في الصراة إلى بغداد وغرق شارع [2] [الجانب الغربي وغرق شارع] [3] باب الأنبار، فلم يبق منه منزل إلا وسقط، وتساقطت الأبنية على الصراة، وسقطت قنطرة الصراة الجديدة، وانقطع بعض العتيقة، وزادت دجلة ثمانية عشر ذراعا في أيار وحزيران.
ومرض الراضي، فقام في يومين أربعة عشر رطلا من الدم، كذلك قَالَ الصولي ولما اشتدت علته أرسل إلى بجكم وهو بواسط يعرفه شدة علته، ويسأله أن يعقد ولاية العهد لابنه الأصغر، وهو أبو الفضل وتوفي الراضي، وتولى الخلافة المتقي للَّه أخوه.
__________
[1] «والسباع» : ساقطة من ص، ل، س.
[2] في ك، ل، س، والمطبوعة: «ودخل شوارع» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتبت على هامشها.(13/403)
[المجلد الرابع عشر]
بسم الله الرّحمن الرّحيم
[تتمة سنة تسع وعشرين وثلاثمائة]
[باب ذكر خلافة المتقي باللَّه]
[1] واسمه إبراهيم بن المقتدر [2] [و] [3] يكنى أبا إسحاق، وأمه أم ولد تسمى خلوب، أدركت خلافته. وولد في شعبان سنة سبع وتسعين ومائتين، وكان قد اجتمع الأشراف والقضاة في دار بجكم وشاوروه فيمن يولون، فاتفقوا عليه [4] ، فحمل من داره- وكانت بأعلى الحريم الظاهري- إلى دار الخلافة، فصعد إلى رواق التاج فصلى ركعتين على الأرض وجلس على السرير، وبايعه الناس وكان استخلافه يوم الأربعاء لعشر بقين من ربيع الأول من هذه السنة.
ولم يغدر بأحد قط، ولا تغير على جاريته التي كانت له قبل الخلافة، ولا تسرى عليها، وكان حسن الوجه، مقبول الخلق [5] ، قصير الأنف، أبيض مشربا بحمرة، في شعره شقرة وجعودة، كث اللحية، أشهل العينين، أبي النفس [6] ، لم يشرب النبيذ قط.
وكان يتعبد ويصوم جدا [7] ، وكان يقول: المصحف نديمي، ولا أريد جليسا
__________
[1] في الأصل: «المتقي للَّه» .
[2] «بن المقتدر» سقطت من ت.
[3] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[4] في ت: «فاتفق عليه» .
[5] في ت، وابن كثير 11/ 198 «معتدل الخلق» .
[6] «وأبي النفس» سقطت من ت.
[7] في ت «وكان يتعبد جدا، ويصوم كثيرا» .(14/3)
غيره، فغضب الجلساء من هذا، حتى قال أبو بكر الصولي- وأودع هذا الكلام في كتابه المسمى بالأوراق، فقال [1] : ما سمع بخليفة [2] قط قال: [أنا] [3] لا أريد جليسا، أنا أجالس المصحف، سواه، أفتراه [ظن] [4] أن مجالسة المصحف خص بها دون آبائه وأعمامه الخلفاء، وأن هذا الرأي غمض عنهم [5] وفطن له.
قال المصنف: فأعجبوا لهذا المنكر [6] للصواب، وهو [7] يعلم أنه كان هو والجلساء لا يكادون يشرعون فيما [8] ينفع، وأقله المدح، فليته إذ قال هذا لم يثبته في تصنيف.
وفي يوم الجمعة [9] لاثنتي عشرة ليلة/ خلت من جمادى الأولي: فرغ من مسجد براثا [10] وجمع فيه الجمعة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْقَزَّازِ، قَالَ [11] : أخبرنا أحمد [بن على] [12] بن ثابت قال: كان في الموضع المعروف ببراثا مسجد يجتمع فيه قوم ممن ينسب إلى التشيع، يقصدونه لا [13] للصلاة والجلوس، فرفع إلى المقتدر باللَّه أن الرافضة يجتمعون في ذلك المسجد [14] لسب الصحابة، والخروج عن الطاعة، فأمر بكبسه يوم الجمعة
__________
[1] «وأودع هذا الكلام في كتاب المسمى «بالأوراق» ، فقال: «سقط من ت» .
[2] في ت «ما سمعت بخليفة» .
[3] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في ص: «عليهم» .
[6] في المطبوعة: «المتكر» .
[7] «هو» سقطت من ص، ك، ت، ب.
[8] في الأصل، ل: «يسرعون فيما» .
[9] في الأصل: «يوم الإثنين» . وفي ت، ك، «ليلة الجمعة» .
[10] في ل، ت: جامع براثا» .
[11] «قال» : سقطت من الأصل.
[12] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[13] «لا» سقطت من الأصل، ص، ب، ك.
[14] في ت: «هذا المسجد» .(14/4)
وقت الصلاة فكبس، وأخذ من وجد فيه فعوقبوا وحبسوا حبسا طويلا، وهدم المسجد حتى سوي بالأرض، وعفي رسمه، ووصل بالمقبرة التي تليه، ومكث خرابا إلى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، فأمر الأمير بجكم بإعادته وإحكامه وتوسعة بنائه [1] ، فبني بالآجر والجص، وسقف بالساج المنقوش، ووسع فيه ببعض ما يليه مما ابتيع له من الأملاك التي للناس [2] ، وكتب في صدره اسم الراضي باللَّه، وكان الناس ينتابونه للصلاة فيه والتبرك، ثم أمر المتقي باللَّه [بعد] [3] بنصب منبر فيه، وكان [4] في مدينة المنصور معطلا مخبوءا في خزانة المسجد، عليه اسم هارون الرشيد، فنصب في قبلة المسجد، وتقدم إلى أحمد بن الفضل بن عبد الملك الهاشمي، وكان الإمام في مسجد الرصافة [5] بالخروج إليه، والصلاة بالناس فيه الجمعة، فخرج وخرج الناس من جانبي مدينة السلام، حتى حضروا هذا المسجد [6] ، وكثر الجمع، وحضر صاحب الشرطة، فأقيمت صلاة الجمعة فيه يَوْم الجمعة لثنتي [7] عشرة ليلة خلت من جمادى الأولي سنة تسع وعشرين [وثلاثمائة] [8] ، وتوالت صلاة الجمع [9] فيه، ثم تعطلت الصلاة فيه بعد الخمسين وأربعمائة.
وفي يوم الخميس [10] لسبع خلون من جمادى الآخرة: سقطت [11] رأس القبة الخضراء بالمدينة.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا [12]
__________
[1] في ص: «بإعادة بنائه وتوسيعه وإحكامه» .
[2] في ص، ت: «من أملاك الناس» .
[3] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[4] في ص، ل، ك: «كان» .
[5] في ص، ل، ك: «جامع الرصافة» .
[6] «حتى حضروا هذا المسجد» سقطت من ص، ك.
[7] في ص، ل، ك: «صلاة الجمعة فيه لثنتي» .
[8] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل، ص، ل.
[9] في ص، ت، ل، ك: «الجمعة» .
[10] في ص، ت، ل، ك: «الثلاثاء» .
[11] في ص، ت، ل، ك: «سقط» .
[12] في ت: «قال: أخبرنا» .(14/5)
إبراهيم بن مخلد أخبرنا [1] إسماعيل بن علي الخطبي قال: سقطت [2] رأس القبة/ الخضراء التي في قصر أبي جعفر المنصور لتسع [3] خلون من جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين، وكان تلك الليلة مطر عظيم، ورعد هائل، وبرق شديد، وكانت هذه القبة تاج بغداد، وعلم البلد، ومأثرة من مآثر بني العباس عظيمة، بنيت أول ملكهم، وكان بين بنائها وسقوطها مائة وسبع وثمانون سنة.
أَخْبَرَنَا القزاز، قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بْن علي بن ثابت [الخطيب قَالَ:] [4] أَخْبَرَنَا علي بن أبي علي البصري قال: حدثني أبي قال: قال لي أبو الحسين بن عياش [5] :
اجتمعت في أيام المتقي باللَّه إسحاقات كثيرة، فانسحقت خلافة بني العباس في أيامه، وانهدمت قبة المنصور الخضراء التي كان بها فخرهم فقلت له: ما كانت الإسحاقات؟
قال: كان يكنى أبا إسحاق، وكان وزيره القراريطي، يكنى: أبا إسحاق، وكان قاضيه ابن إسحاق الخرقي [6] ، وكان محتسبه أبو إسحاق بن بطحاء، وكان صاحب شرطته أبو إسحاق بن أحمد، وكانت داره القديمة في دار إسحاق بن إبراهيم المصعبي وكانت الدار نفسها دار إسحاق بن كنداج [7] .
واشتد الغلاء في جمادى الأولي وزاد [8] ، وبلغ الكر الدقيق مائة وثلاثين دينارا، وأكل الناس النخالة والحشيش، وكثر الموت حتى دفن جماعة في قبر واحد بلا صلاة، ولا غسل، ورخص العقار والقماش حتى بيع ما ثمنه دنانير بعددها دراهم.
وفي هذه السنة خَرَجَ التشرينان [9] والكانونان وشباط بلا مطر [إلا مطرة واحدة
__________
[1] في ت: «قال: حدثنا» .
[2] في ص، ك، ل: «سقط» .
[3] في ت: «لسبع» .
[4] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل، ت.
[5] في ت: «أبو الحسن بن عباس» . وفي الأصل: «عباس» بدلا من «عياش» .
[6] في الأصل: «الحربي» .
[7] في الأصل: «كيداخ» .
[8] «وزاد» سقطت من ص، ل.
[9] من أول: «وفي هذه السنة فرج التشرينان» .(14/6)
خفيفة لَمْ يسل منها ميزاب] [1] وقطع الأكراد [2] على قافلة خرجت إلى خراسان فأخذوا [3] منها ما مبلغه ثلاثة آلاف دينار [وكان أكثر المال لبجكم] [4] وزادت الفرات زيادة لم يعهد مثلها، وغرقت العباسية، ودخل الماء شوارع بغداد فسقطت القنطرة العتيقة والجديدة.
وفي شوال: اجتمعت العامة في جامع دار السلطان، وتظلمت من الديلم ونزولهم في دورهم بغير أجرة، وتعديهم عليهم في معاملاتهم، فلم يقع إنكار لذلك فمنعت العامة الإمام من الصلاة، وكسرت المنبرين/ وشعثت [5] المسجد، ومنعهم الديلم من ذلك فقتلوا [6] من الديلم جماعة.
وفي هذا الشهر: تقلد أبو إسحاق محمد بن أحمد الإسكافي وزارة المتقي، وخلع عليه.
ووقع الموت [7] في المواشي والعلل في الناس، وكثرت الحمى ووجع المفاصل، ودام [الغلاء] [8] حتى تكشف المتجملون [9] ، وهلك الفقراء، واحتاج الناس إلى الاستسقاء فرئي منام عجيب.
أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزاز، أنبأنا [10] علي بن عبد المحسن [11] ، عن أبيه
__________
[ () ] إلى آخر الفقرة سقط من ص، ل، ك. في هذا الموضع، ووضعت في نفس السنة بعد حوالي 10 أسطر تقريبا.
[1] ما بين المعقوفتين في هذه الفقرة سقط من الأصل.
وفي ابن كثير 11/ 200: «لم يبتل منها التراب» بدلا من: «لم يسل منها ميزاب» .
[2] في الأصل: «وقدم الأكراد» .
[3] في الأصل: «قافلة من خراسان فأخذوا» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ك.
[5] في ت، ص، ل، ك: «شعث» .
[6] في ت، ص، ل، ك: «فقتل» .
[7] في ص، ل، ك: «فوقع الموت» .
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ك.
[9] في ك: «حتى انكشف المتجملون من الناس» .
[10] في ت: «قال: أخبرنا» .
[11] في ص، ل، ك: علي بن المحسن» .(14/7)
قال: حدثني أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق، حدثنا [1] أبو محمد الصلحي الكاتب قال: نادى منادي المتقي [باللَّه] [2] في زمن خلافته في الأسواق أن أمير المؤمنين يقول لكم معشر رعيته أن امرأة صالحة رأت النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في منامها فشكت احتباس القطر [3] ، فقال لها: قولي للناس يخرجون في يوم الثلاثاء الأدنى ويستسقون، ويدعون الله، فإنه يسقيهم [4] في يومهم، وأن أمير المؤمنين يأمركم معاشر المسلمين بالخروج في يوم الثلاثاء كما أمر [5] رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ، وأن تدعوا وتستسقوا بإصلاح من نياتكم، وإقلاع من ذنوبكم. قال: فأخبرني الجم الغفير أنهم [6] لما سمعوا [7] النداء ضجت الأسواق بالبكاء والدعاء، فشق ذلك عليَّ، وقلت: في منام [8] امرأة لا يدري [9] كيف تأويله، وهل يصح أم لا، ينادي به خليفة في أسواق مدينة [10] السلام [11] ، فإن لم يسقوا كيف يكون حالنا مع الكفار، فليته أمر الناس [12] بالخروج ولم يذكر هذا، وما زلت قلقا حتى أتى يوم الثلاثاء، فقيل لي أن الناس قد خرجوا إلى المصلى مع أبي الحسن أحمد بن الفضل [13] بن عبد الملك إمام الجوامع، وخرج أكثر [14] أصحاب السلطان والفقهاء والأشراف، فلما كان قبل الظهر ارتفعت سحابة، ثم طبقت الآفاق، ثم أسبلت عزاليها بمطر جود، فرجع الناس حفاة من الوحل/.
__________
[1] في ت: «قال: أخبرنا» .
[2] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل، ص، ل، ك.
[3] في ت: «المطر» .
[4] في ك: «فإنّهم يسقون» .
[5] في ت، ص، ك، ل: «كما أمركم» .
[6] «فأخبرني الجم الغفير أنهم» سقطت من ت.
[7] في ت: «فلما سمعوا» .
[8] في ص، ل، ك: «وقلت: منام امرأة» .
[9] في الأصل: «لا تدري» .
[10] في ت: «المدينة» .
[11] «السلام» سقطت من ت.
[12] في الأصل: «فليته لما أمر الناس» .
[13] في ت: «أبي الحسن بن الفضل ... » .
[14] «أكثر» سقط من ل، ص.(14/8)
وفي هذه السنة: لم يمض الحاج إلى المدينة لأجل طالبيٍّ خرج في ذلك الصقع.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2429- أحمد بن إبراهيم
بن حماد بن إسحاق بن إسماعيل [1] بن حماد بن زيد، أبو عثمان [2] :
ولي قضاء مصر وقدم إليها، ثم عزل فأقام بها إلى أن توفي في رمضان هذه السنة، حدث عن إسماعيل بن إسحاق القاضي، وخلق كثير، وكان ثقة كريما حييًا.
2430- أحمد بن إبراهيم بن تومرد [3] الفقيه [4] :
تفقه على أبي العباس بن سريج، خرج من الحمام فوقع عليه حائط فمات في هذه السنة.
2431- إسحاق بن إبراهيم بن موسى [5] ، أبو القاسم الغزال الفقيه [6] :
ولد في سنة أربعين ومائتين، وحدث عن الحسن بن عرفة، ومحمد بن سعد العوفي [7] ، روى عنه يوسف الوقاس وتوفي بمصر في هذه السنة.
2432- بجكم التركي
[8] :
كان أمير الجيش، وكان يلقب أمير الأمراء قبل ملك بني بويه، وكان عاقلا [9]
__________
[1] «بن إسماعيل» سقطت من ت.
[2] انظر ترجمته في: (الأعلام 1/ 85. والولاة والقضاة 537. وتاريخ بغداد 4/ 15) .
[3] في ابن كثير 11/ 200: «ابن تزمرد» .
[4] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 200) .
[5] هذه الترجمة سقطت من الأصل، ص، ل، ك.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 398) .
[7] في ت: الكوفي.
[8] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 200. والكامل لابن الأثير 7/ 154) .
[9] في ت: «كان غلاما» .(14/9)
يفهم بالعربية ولا يتكلم بها، ويقول: أخاف أن أخطئ، والخطأ من الرئيس قبيح وكان يقول [1] : إن كنت لا أحسن العلم والأدب فأحب أن لا يكون في الأرض أديب ولا عالم ولا رائس صناعة [2] إلا في جنبتي، وتحت اصطناعي، وكان قد استوطن واسطا، وقرر مع الراضي باللَّه أن يحمل إلى خزانته [3] [من مالها] [4] في كل سنة [5] ثماني مائة ألف دينار بعد أن يخرج الغلة [6] في مئونة خمسة آلاف فارس يقيمون بها، وكان قَدْ [7] أظهر العدل، وكان يقول: قد نبئت أن العدل اربح للسلطان في الدنيا والآخرة، وبنى دار ضيافة للضعفاء والمساكين بواسط، وابتدأ بعمل [8] المارستان ببغداد وهو الذي جدده عضد الدولة، وكانت أمواله كبيرة [9] فكان يدفنها في داره وفي الصحاري، وكان يأخذ رجالا في صناديق فيقفلها عليهم، ويأخذ صناديق فيها مال ويقود هو بهم إلى الصحراء، ثم يفتح عليهم فيعاونونه في دفن المال، ثم يعيدهم إلى الصناديق، فلا يدرون أي/ موضع حملهم، ويقول: إنما أفعل هذا لأني أخاف أن يحال بيني وبين [10] داري، فضاعت بموته الدفائن.
وبعث بجكم إلى سنان بن ثابت الطبيب بعد موت الراضي، وسأله أن ينحدر إليه إلى واسط، فانحدر إليه فأكرمه، وقال له: [إني] [11] أريد أن أعتمد عليك في تدبير بدني، وفي أمر آخر هو أحب إلي [12] من أمر بدني [13] ، وهو أمر أخلاقي لثقتي بعقلك
__________
[1] في ت، ص، ل، ك: «وقال» .
[2] في المطبوعة: «رأس صناعة» .
[3] في ت: أن يحمل إليه من خزانتها» .
[4] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل، ك.
[5] «في كل سنة» سقطت من ت.
[6] في ص، ك، ل، والأصل: «يزيح العلة» .
[7] «كان قد» سقطت من ت، ص، ك، ل.
[8] في الأصل: «العمل» .
[9] في ص، ك، ل: «عظيمة» .
[10] «بيني وبين» سقطت من ل، ك.
[11] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[12] في ت، ص، ك، ل: «أهم إليّ» .
[13] في الأصل: «من ذلك» بدلا من: «من أمر بدني» .(14/10)
[ودينك] [1] فقد غمتني غلبة الغضب والغيظ، وإفراطهما في حتى أخرج إلى ما أندم عليه عند سكونهما من ضرب وقتل، وأنا أسألك أن تتفقد لي ما أعمله [2] فإذا وقفت لي على عيب لم تحتشم أن تصدقني عنه، وتنبهني عليه، ثم ترشدني إلى علاجه. فقال له: السمع والطاعة، أنا أفعل ذلك، ولكن يسمع [3] الأمير مني بالعاجل [جملة] [4] علاج ما أنكره من نفسه إلى أن آتي بالتفصيل في أوقاته، اعلم أيها الأمير أنك قد أصبحت [وليس] [5] فوق يدك يد [لأحد] [6] من المخلوقين وأنك مالك [7] [لكل] [8] ما تريده [9] قادر على أن تفعله أي وقت أردته، لا يتهيأ لأحد من المخلوقين منعك منه، ولا أن يحول بينك وبين ما تهواه، أي وقت أردت، واعلم أن الغيظ والغضب يحدث [في] [10] الإنسان سكرا أشد من سكر النبيذ بكثير، فكما أن الإنسان يفعل [11] في وقت السكر من النبيذ ما لا يعقل به ولا يذكره إذا صحا، ويندم عليه إذا حدث به، ويستحيي منه، كذلك يحدث له في وقت [السكر من] [12] الغيظ بل أشد، فإذا ابتدأ بك الغضب، فضع في نفسك أن تؤخر العقوبة إلى غد، واثقا بأن ما تريد أن تعمله في الوقت لا يفوتك عمله، فإنك إذا بت ليلتك سكنت فورة [13] غضبك، وقد قيل: أصح ما يكون الإنسان رأيا إذا استدبر ليله/ واستقبل نهاره. فإذا صحوت من غضبك [14] فتأمل الأمر الذي أغضبك، وقدم أمر الله
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[2] في ت، ص، ك، ل: «تتفقد ما أعمله» .
[3] «والطاعة أنا أفعل ذلك ولكن يسمع» سقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل، ومكانها في هامش ت: «وما» .
[6] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[7] في ت: «على» .
[8] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل، ت.
[9] في ت: «ما تريد» .
[10] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[11] في ت، ك، ص، ل: «يعمل» .
[12] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[13] في ك: «قوة» .
[14] في ت، ك، ل، ص: «سكرك» .(14/11)
عز وجل أولا، والخوف منه، وترك التعرض لسخطه، واشف غيظك بما لا يؤثمك، فقد قيل: «ما شفى غيظه [1] من إثم» واذكر قدرة الله عليك، فانك تحتاج [2] إلى رحمته وإلى أخذه بيدك في أوقات شدائدك، فكما تحب أن يغفر لك، كذلك غيرك يحب أن تعفو عنه [3] ، واذكر أي ليلة [4] بات المذنب قلقا لخوفه منك [5] ، وما يتوقعه من عقوبتك، وأعرف مقدار ما يصل إليه من السرور بزوال الرعب عنه، ومقدار الثواب الذي يحصل لك بذلك، واذكر قوله تعالى: (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ) 24: 22 [6] وإنما يشتد عليك ذلك مرتين أو ثلاثا، ثم تصير عادة لك [7] وخلقا [فيسهل] [8] . فابتدأ بجكم فعمل بما قال له [وعمل بواسط وقت المجاعة دار ضيافة، وببغداد مارستان ورفق بالرعية] [9] إلا أن مدته لم تطل.
أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزاز، عن أبي القاسم [10] التنوخي، عن أبيه قال:
حدثني عبد السلام بن الحارث قال: جاء رجل من الصوفية إلى بجكم فوعظه وتكلم بالفارسية والعربية حتى أبكاه بكاء شديدا، فلما ولي قال بجكم لبعض من حضره [11] :
احمل معه ألف درهم. فحملت وأقبل بجكم على من بين يديه، فقال: ما أظنه يقبلها وهذا متخرق بالعباده [12] : أيش يعمل بالدراهم؟ فما كان بأسرع من أن جاء [13] الغلام
__________
[1] في ل: «غليله» .
[2] في الأصل: «وإنك محتاج» .
[3] في ل: «يريد عفوك» . وفي ص، ل: «يؤمل عفوك» .
[4] في ص، ل، ك: «وفكر بأي ليلة» .
[5] في الأصل: «نجوفه منك» .
[6] سورة: [النور] الآية 22.
[7] «لك» سقطت من ص، ل.
[8] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
ما بين المعقوفتين سقط من ك ما عدا «ورفق بالرعية» .
[10] في ك: «أخبرنا أبو القاسم» .
[11] في ص، ل، ك: «بحضرته» .
[12] «بالعبادة» سقطت من ك، ص.
[13] في ص، ل، ت، ك: «رجع» .(14/12)
فارغ اليد فقال لَهُ بجكم [1] : أعطيته إياها؟ قال: نعم. فقال بجكم: كلنا صيادون ولكن الشباك تختلف.
وخرج بجكم [يوما] [2] يتصيد فلقي قوما من الأكراد مياسير [3] فشره إلى أموالهم، فقصدهم في عدد يسير من غلمانه مستهينا [بأمرهم] [4] ، فهربوا من بين يديه [5] وتفرقوا فدار [6] غلام منهم من خلفه، فطعنه/ بالرمح، وهو لا يعرفه فقتله [7] لسبع بقين من رجب [8] هذه السنة، وكانت إمارته سنتين وثمانية أشهر وتسعة أيام.
فركب المتقي إلى داره فنزلها ونقل ما كان فيها [9] ، وحفر أساساتها [10] ، فحصل به من ماله ما يزيد على ألفي ألف [11] عينا وورقا، وقيل للروزجارية: خذوا التراب أجرتكم [12] . فأبوا، فأعطوا ألفي درهم، وغسل التراب فخرج منه ستة وثلاثون ألف درهم، وقيل: ظهر له على ألف ألف وثلاثمائة ألف دينار عينا [وورقًا] [13] ، وبيع له من أصناف الأموال والرقيق والجواهر والكساء والمراكب والأواني والرقيق [14] والخف والحافر والسلاح أمر عظيم، سوى ما نهب وتلف، ثم ظهر على مال عظيم في [داره] [15]
__________
[1] في ك، ص، ل، ت: «فقال بجكم» .
[2] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[3] «مياسير» سقطت من ك، ت.
[4] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[5] في ت، ك، ل، ص: «فهربوا بين يديه» .
[6] في الأصل: «فجاء» .
[7] في ل، ص، ت: «فقتل» .
[8] في ك، ل، ت: «لتسع بقين من رجب» .
وفي الأصل «فقتله في رجب لسبع بقين منه» .
[9] في ك، ل، ص، ت: «ونقل ما فيها» .
[10] في ك: «وحفرت أماكن فيها» . وفي ت: «وحفرت أماكن كانت فيها» . وفي ص، ل: «وحفر أماكن فيها» .
[11] من أول: «عينا وورقا» إلى: «فخرج منه ستة وثلاثون ألف درهم» موضعها في ت في آخر الترجمة.
[12] في ت، ك، ص، ل: «بأجرتكم» .
[13] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل وأثبتت من ت.
[14] في ت، ص، ل، ك: «أصناف الأموال من الجواهر والكساء والمراكب والأواني والرقيق ... » .
[15] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.(14/13)
سوى المال الأول مدفون، فمن ذلك ستة عشر قمقما [ذهبا] [1] يحمل القمقم في الدهق لثقله [2] .
2433- جعفر بن أحمد بن مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الجبار [3] ، أبو محمد القارئ المؤذن، مروزي الأصل
[4] .
سمع من جماعة، وروى عنه ابن المظفر، والدارقطني، وقال: هو ثقة.
توفي في ربيع هذه السنة [5] .
2434- الحسن بن علي بن خلف، أبو محمد البربهاري
[6] :
جمع العلم، والزهد، وصحب المروذي، وسهلا التستري، وتنزه عن ميراث أبيه لأمر كرهه، وكان سبعين ألف درهم [7] ، وكان شديدا على أهل البدع، فما زالوا يثقلون قلب السلطان عليه، وكان ينزل بباب محول، وانتقل إلى الجانب الشرقي، واستتر عند أخت توزون [8] / فبقي نحوا من شهر، ثم أخذه قيام الدم فمات، فقالت المرأة لخادمها:
انظر من يغسله، وغلقت الأبواب حتى لا يعلم أحد، وجاء الغاسل فغسله، ووقف يصلي عليه وحده، فاطلعت فإذا الدار ممتلئة رجالا بثياب بيض وخضر، فاستدعت الخادم وقالت: ما الذي فعلت؟ فقال: يا سيدتي رأيت ما رأيت؟ قالت: نعم. قال: هذه مفاتيح الباب [9] وهو مغلق [10] . فقالت: ادفنوه في بيتي، وإذا مت فادفنوني عنده، فدفنوه في دارها، وماتت بعده فدفنت هناك، والمكان بقرب دار المملكة بالمخرم،
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[2] «يحمل القمقم في الدهق لثقله» ليس في ت.
[3] في ت: «جعفر بن أحمد بن محمد بن عبد الجبار» .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 222) .
[5] في ت، ل، ك، ص «توفي في هذه السنة» .
[6] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 201) .
[7] في الأصل: «ستون ألف درهم» .
[8] في ت: «بوزان» .
[9] في ت: «الأبواب» .
[10] في ت: «مغلوقة» .(14/14)
وكان عمره ستا وتسعين سنة [قَالَ المصنف:] [1] قال شيخنا أبو الحسن ابن الزاغوني:
وكشف عن قبره بعد سنين وهو صحيح لم يرم [2] وظهرت من قبره روائح الطيب حتى ملأت مدينة السلام.
2435- الحسن بن إدريس [3] بن محمد بن شاذان، أبو القاسم القافلائي
[4] :
حدث عن جماعة، فروى عنه ابن حيويه والدارقطني. توفي في هذه السنة.
2436- الحسن بن محمد بن أحمد بن أبي الشوك، أبو محمد الزيات [5] .
سمع هلال بن العلاء وغيره [6] وروى عنه الدارقطني وابن شاهين وَكَانَ ثقة.
تُوُفِّيَ فِي هذه السنة.
2437- عَبْد اللَّهِ [7] بن أحمد بن ثابت، أبو القاسم البزاز [8] :
حدث عن حفص بن عمرو الربالي [9] ، ويعقوب الدورقي، روى عنه الدارقطني [وابن شاهين وكان صالحا ثقة، توفي في رجب هذه السنة] [10] .
2438- عبد الله بن طاهر بن حاتم، أبو بكر الأبهري
[11] :
صحب يوسف بن الحسين، وكان من أقران الشبلي، وأسند الحديث/.
أَخْبَرَنَا [12] مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا [13] أَبُو بكر بن خلف، قال: أخبرنا أبو عبد
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل، ك، ل.
[2] في ك، ت: «لم يتغير» .
[3] في الأصل: «الحسن بن الدبس» .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 288) .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 419) .
[6] «وغيره» ليس في ت.
[7] في ت: «عبيد الله» .
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 387) .
[9] في ت: «الرماني» .
[10] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، وهو مثبت على هامش ت سوى كلمة «وابن شاهين» .
[11] انظر ترجمته في: طبقات الأولياء لابن الملقن ص 216. وطبقات الصوفية 391- 395.
[12] في الأصل: «أنبأنا» .
[13] في الأصل، ل، ك، ص: أنبأنا» .(14/15)
الرحمن السلمي قال: سمعت إِسْحَاق بن محمد بن عبد الله [1] يقول: سمعت أبا بكر بن طاهر يقول [وسئل] [2] ما بال الإنسان يحتمل من معلمه ما لا يحتمله [3] من أبويه؟ فقال: لأن أبويه سبب حياته الفانية، ومعلمه سبب حياته الباقية.
2439-[عبد الله بن محمد بن إسحاق [4] بن يزيد، أبو القاسم، مروزي الأصل [5] :
سمع سعدان بن نصر، روى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وكان ثقة.
وتوفي في رمضان هذه السنة] .
2440- عبيد الله بن موسى [6] بن إسحاق بن موسى، أبو الأسود الأنصاري الخطمي
[7] :
حدث عن محمد بن سعد العوفي [8] ، روى عنه ابن المظفر، والدارقطني، وكان ثقة، وتوفي في هذه السنة] .
2441-[عَبْد الملك بن يحيى بن الحسين [9] ، أبو الحسين العطار [10] الزعفراني،
يعرف: بابن أبي زكار [11] :
حدث عن علي بن داود القنطري، روى عنه الدارقطني، وكان ثقة.
وتوفي في محرم هذه السنة] .
__________
[1] في الأصل: «قال: قال إسحاق بن محمد بن عبد الله» وفي ل، ك، ص: «قال سمعت محمد بن عبد الله» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في الأصل: «ما لا يحتمل» .
[4] هذه الترجمة سقطت من جميع النسخ فيما عداك.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 124) .
[6] هذه الترجمة سقطت من الأصل، ص، ل.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 352) .
[8] في ت: «الكوفي» .
[9] هذه الترجمة سقطت من الأصل، ل، ص.
[10] في ت: «أبو الحسن القطان» .
[11] في ت: «ابن أبي بكار» . انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 429.)(14/16)
2442- محمد الراضي باللَّه [أمير المؤمنين] [1] بن المقتدر
[2] :
توفي ليلة السبت لأربع عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر [3] على خمس ساعات ماضية [4] من الليل بعلة الاستسقاء، وكان من أعظم آفاته كثرة الجماع، وغسله القاضي يوسف بن عمر، وكانت خلافته ست سنين، وعشرة أشهر، وعشرة أيام، وعمره إحدى وثلاثين سنة وخمسة أشهر [5] ، ودفن في تربته بالرصافة.
وكانت تربة عظيمة قد أنفقت عليها الأموال، والآن فقد عمل [6] عندها سور المحلة [7] فلم يبق منها إلا أثر [8] قريب، ودفنت عنده أمه ظلوم.
2443- محمد بن أحمد [9] بن أبي سهل، واسمه: يزيد بن خالد [10] ، أبو الحسين الحربي
[11] :
حدث عن أبي العباس بن مسروق [12] ، روى عنه أبو عبد الله بن بطة.
وتوفي في شعبان هذه السنة.
2444- محمد بن أيوب بن المعافى بن العباس، أبو بكر العكبري
[13] :
حدث عن إسماعيل بن إسحاق القاضي، وإبراهيم الحربي، روى عنه ابن بطة
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: (الكامل أحداث سنة 329) .
[3] في الأصل: «ربيع الأول» .
[4] في ت «بقين» .
[5] في باقي النسخ «ثمانية أشهر» .
[6] في ك، ل، ص، ت: «قد عمل» .
[7] في الأصل: «ستور المحلة» .
[8] في ك، ص، ل: «فلم يبق لها إلا أثر» .
[9] في الأصل: «محمد بن محمد بن أبي سهل» .
[10] في الأصل: «خاقان» .
[11] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 373) .
[12] في الأصل: «مرزوق» .
[13] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 84) .(14/17)
وغيره، وكان ثقة صالحا زاهدا، وكان ابن بطة يقول: ما رأيت أفضل من أبي بكر بن أيوب، وتوفي في رمضان هذه السنة.
2445- مُحَمَّد بن حمدويه [1] بن سهل بن يزداد، أبو نصر المروزي
[2] :
روى عنه الدارقطني، وكان ثقة، وتوفي في هذه السنة، وقيل: في سنة سبع وعشرين، والأول أصح.
2446- يوسف بْن يعقوب/ بْن إسحاق بْن البهلول، أَبُو بكر الأزرق التنوخي الكاتب
[3] :
ولد بالأنبار سنة ثمان وثلاثين ومائتين، وسمع جده إسحاق، والزبير بن بكار، والحسن بن عرفة، وغيرهم. وكتب عنه كثيرا [4] من اللغة والنحو والأخبار، وكان أزرق العين، متخشنا [5] في دينه، كثير الصدقة، تصدق [6] بنحو مائة ألف دينار، وكان أمارا بالمعروف، روى عنه ابن المظفر، والدارقطني، وابن شاهين، وآخر من روى [7] عنه أبو الحسين بن المتيم [8] ، وكان ثقة.
وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة، ودفن في مقابر باب الكوفة، وله اثنتان وتسعون سنة.
__________
[1] هذه الترجمة سقطت من الأصل، ل، ص.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 232) .
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 201. وتاريخ بغداد 14/ 321) .
[4] في باقي النسخ: «وكتب كثيرا» .
[5] في الأصل: «مثخنا» .
[6] في الأصل: «صدق» .
[7] في ت، ل، ك، ص: «وآخرون، روى» وكذلك في المطبوعة.
[8] في ت: «الحسين بن القاسم» . وفي الأصل: «أبو الحسن بن القيم» .(14/18)
ثم دخلت سنة ثلاثين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه ظهر في المحرم كوكب مذنب رأسه إلى الغرب وذنبه إلى الشرق [1] ، وكان عظيما جدا منتشر الذنب، وبقي ثلاثة عشر يوما إلى أن اضمحل.
وفي نصف ربيع الأول: بلغ الكر الحنطة مائتين وعشرة [2] دنانير والكر الشعير مائة وعشرين دينارا، ثم بلغ الكر الحنطة ثلاثمائة وستة عشر [3] دينارا، وأكل الضعفاء الميتة، ودام الغلاء، وكثر الموت، وشغل الناس بالمرض والفقر، وتقطعت السبل، وترك التدافن للموتى، واشتغل الناس عن الملاهي واللعب.
وفي يوم الجمعة لأربع خلون من شهر ربيع الآخر: قام رجل من العامة في جامع الرصافة [4] والإمام يخطب، فلما دعا للمتقي للَّه قال له العامي: كذبت، ما هو بالمتقي، فأخذ وحمل إلى دار السلطان، وخرج المتقي، فلقي ناصر الدولة أبا محمد بن حمدان حين دخل بغداد [5] ، وجاء/ مطر كأفواه القرب، وامتلات البلاليع وفاضت، ودخل دور الناس، وبلغت زيادة دجلة عشرين ذراعا [وثلثا] [6] .
__________
[1] في ت، ل، ك، ص: «رأسه إلى المغرب وذنبه إلى المشرق» .
[2] في ت: «مائتين وعشرين دينارا» .
[3] في ك: «ستة وعشرين» .
[4] في ت، ك، ص، ل: «في الجامع بالرصافة» .
[5] في الأصل: «حتى دخل» وفي ت: «أبا محمد بن حمدان قال حين دخل بغداد» .
[6] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل، ل، ت، ص.(14/19)
ووقعت حرب بين الأتراك والقرامطة بناحية باب حرب، وقتل فيها جماعة، فانهزم القرامطة وخرجوا عن بغداد [1] ، وزاد البلاء على الناس ببغداد [2] وكبست منازلهم ليلا ونهارا وافتقر أَهْل اليسار [3] ، واستتر أكثر العمال لأجل ما طولبوا به مما ليس في السواد.
وخرج أصحاب السلطان إلى ما قرب من بغداد فأغاروا على ما استحصد من الزرع، حتى اضطر أصحاب الضياع [4] إلى حمل ما حصدوه بسنبله [5] ، ووقع بين توزون وكورتكين [6] التركيين، فأصعد توزون إلى الموصل، وانفذ في طلبه فلم يلحق.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
[7]
2447- إسحاق بن محمد، أبو يعقوب النهر جوري
[8] :
صحب الجنيد وغيره، وجاور بالحرم سنين، وبه مات في هذه السنة.
أخبرنا ابن ناصر، قَالَ: أخبرنا أبو بكر بْن خلف، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي قال: سمعت أبا الحسن [9] الفارسي يقول: سمعت أبا يعقوب النهرجوري يقول: مفاوز الدنيا تقطع بالأقدام، ومفاوز الآخرة تقطع بالقلوب.
__________
[1] بناحية باب حرب وقتل فيها جماعة فانهزم القرامطة وخرجوا عن بغداد هذه الفقرة سقطت من ك.
[2] وزاد البلاء على الناس ببغداد» سقط من ت.
[3] في ل، ص: «ليلا ونهارا واحتقر النساء» .
وهذه الجملة سقطت من ت، ك. والمثبت هو عبارة الأصل.
[4] في ص، ل، ك، ت: «أرباب الضياع» .
[5] في الأصل: «في سنبله» .
[6] في الأصل: «نوزكين» . في ص، ب: «توريكين» . وفي ك، ت: «توزتكين» .
وفي شذرات الذهب 2/ 325: «كورتكين» .
وكذلك في البداية والنهاية 11/ 202، وهو ما أثبتناه.
[7] في ت وبعد هذه العبارة: «فمن الحوادث فيها» .
وهو سهو من الناسخ.
[8] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 203. وشذرات الذهب 2/ 325) .
[9] في ت، الأصل: «أبا الحسين» .(14/20)
2448- الحسين بْن إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن سعيد بن أبان [1] ، أبو عبد الله الضبي القاضي المحاملي
[2] :
ولد في محرم سنة خمس وثلاثين ومائتين، وسمع الحديث وله عشر سنين، وشهد عند الحكام وله عشرون سنة، وسمع يوسف بن موسى القطان، ويعقوب الدورقي، والبخاري وروى له [3] ، وخلقا كثيرا، وكان عنده سبعون رجلا من أصحاب ابن عيينة.
روى عنه دعلج، وابن المظفر، والدارقطني، وكان يحضر مجلسه عشرة آلاف وكان [صدوقا أديبا فقيها، مقدما في الفقه والحديث] [4] ، ولي قضاء الكوفة ستين سنة، وأضيف إليه قضاء فارس وأعمالها [5] ، / ثم استعفى فأعفي، وعقد في داره مجلسا للنظر في الفقه [6] في سنة سبعين ومائتين، فلم تزل تتردد إليه الفقهاء إلى أن توفي في هذه السنة [7] .
أخبرنا القزاز، قال: أخبرنا أحمد بن علي الْخَطِيبُ [8] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد الْعَتِيقِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ [9] قَالَ:
حَدَّثَنَا [10] الْقَاضِي الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ عَبْدُونَ وَهُوَ يَكْتُبُ لِبَدْرٍ، وَعِنْدَهُ جَمْعٌ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ الدَّاوُدِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ المادرائي [11] فذكر
__________
[1] في ت: «الحسين بن إسماعيل بن سعيد بن أبان» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 19. والبداية والنهاية 11/ 203) .
[3] «وروى له» سقطت من كافة النسخ سوى الأصل.
[4] «وكان صدوقا أديبا فقيها مقدما في الفقه والحديث» .
هذه العبارة سقطت من ص، ل. وما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
وفي ت كتبت كلمة «ثقة» بدلا من «فقيها» .
[5] «ولي قضاء الكوفة ستين سنة وأضيف إليه قضاء فارس وأعمالها» هذه العبارة سقطت من ك.
[6] «في الفقه» سقطت من ت.
[7] «في هذه السنة، سقطت من جميع النسخ سوى الأصل.
[8] «أحمد بن علي» سقطت من جميع النسخ سوى الأصل وت. وكتب بدلا منها «الخطيب» .
[9] في ت: «الزبيري» .
[10] في ت: «قال» ، وفي الأصل: «أنا» .
[11] في ت: «البادرائي» .(14/21)
قِصَّةَ مُنَاظَرَتِهِ مَعَ الدَّاوُدِيِّ فِي التَّفْضِيلِ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَقَالَ الدَّاوُدِيُّ [1] : وَاللَّهِ مَا تَقْدِرُ تَذكر مَقَامَاتِ عَلِيٍّ مَعَ هَذِهِ الْعَامَّةِ. قُلْتُ: أَنَا وَاللَّهِ أَعْرِفُهَا مَقَامَهُ بِبَدْرٍ، وَأُحُدٍ، وَالْخَنْدَقِ، وَيَوْمِ خَيْبَرَ. قَالَ: فَإِنْ عَرَفْتَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ تُقَدِّمَهُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. قُلْتُ: قَدْ عَرَفْتُهَا وَمِنْهُ قَدَّمْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ [عَلَيْهِ] [2] قَالَ: مِنْ أَيْنَ؟ قُلْتُ: أَبُو بَكْرٍ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْعَرِيشِ يَوْمَ بَدْرٍ مَقَامُهُ مَقَامُ الرَّئِيسِ، يَنْهَزِمُ بِهِ الْجَيْشُ، وَعَلِيٌّ مَقَامُهُ مَقَامُ مُبَارِزٍ [3] ، وَالْمُبَارِزُ لا يَنْهَزِمُ بِهِ الْجَيْشُ، وَجَعَلَ يَذكر فَضَائِلَهُ وَأَذكر فَضَائِلَ أَبِي بَكْرٍ. فَقُلْتُ: لا تُنْكِرْ لَهُمَا حَقًّا [4] ، وَلَكِنِ الَّذِينَ أَخَذْنَا عَنْهُمُ الْقُرْآنَ وَالسُّنَنَ وَأَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَّمُوا أَبَا بَكْرٍ فَقَدَّمْنَاهُ لِتَقْدِيمِهِمْ، فَالْتَفَتَ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ فَقَالَ: مَا أَدْرِي لِمَ فَعَلُوا هَذَا؟ قُلْتُ: إِنْ لَمْ تَدْرِ فَأَنَا أَدْرِي. قَالَ: لِمَ [فَعَلُوا] [5] ؟ فَقُلْتُ إِنَّ السُّؤْدُدَ والرئاسة فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَتْ لا تَعْدُو مَنْزِلَتَيْنِ، إِمَّا رَجُلٌ كَانَتْ لَهُ عَشِيرَةٌ تَحْمِيهِ وَإِمَّا رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَالٍ [6] يُفَضَّلُ بِهِ، ثُمَّ جَاءَ الإِسْلامُ فَجَاءَ بَابُ الدِّينِ، فَمَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ لأَبِي بَكْرٍ مَالٌ، وَلَمْ تَكُنْ تَيْمٌ لَهَا مَعَ عَبْدِ مَنَافٍ وَمَخْزُومٍ تِلْكَ الْحَالُ، فَإِذَا بَطَلَ الْيَسَارُ الَّذِي كَانَتْ تَرْأَسُ [7] [بِهِ قُرَيْشٌ أَهْلَ] [8] الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمْ يَبْقَ إِلا بَابُ الدِّينِ فَقَدَّمُوهُ لَهُ/ فَأُفْحِمَ.
تُوُفِّيَ الْمَحَامِلِيُّ فِي رَبِيعٍ الآخَرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
2449- علي بن محمد بن عبيد بن حسان [9] ، أبو الحسن البزاز
[10] :
ولد سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وسمع عباس الدوري، وأبا قلابة، روى عنه
__________
[1] «فِي التَّفْضِيلِ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَقَالَ الدَّاوُدِيُّ» هذه العبارة سقطت من ت. وفي الأصل كتبت كلمة: «الماوردي» بدلا من «الداوديّ» .
[2] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[3] في الأصل: «المبارز» .
[4] في الأصل: «لم يكن بينهما حق» .
[5] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[6] في ص، ل، ك، ت: «كان له مال» .
[7] في ت، ك، ل، ص: «تترأس» .
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل. و «قريش أهل» سقطت من ل، ص، ت.
[9] هذه الترجمة سقطت من الأصل، ل، ص.
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 73، وفيه: «حساب» بدلا من «حسان» وهو خطأ من مصحح التاريخ والناسخ. وشذرات الذهب 2/ 327 وفيه: «البزار» بدلا من البزاز» ) .(14/22)
الدارقطني، وكان ثقة فاضلا، توفي في شوال هذه السنة.
2450- علي بن محمد بن سهل، أبو الحسن الصائغ الدينَوَريّ
[1] :
[أَخْبَرَنَا أبو بكر العامري، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو سعد بْن أبي صادق قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْن باكويه قال: سمعت الحسين بن أحمد الدينَوَريّ] [2] يقول: سمعت ممشاذ يقول:
خرجت ذات يوم إلى الصحراء، فبينا أنا مار إذا أنا بنسر قد فتح جناحيه، فتعجبت منه فاطلعت، فإذا بأبي الحسن الدينَوَريّ الصائغ قائم يصلي والنسر يظلله.
توفي الصائغ بمصر في هذه السنة.
2451- عبد الغافر بن سلامة [3] بن أحمد بن عبد الغافر بن سلامة بن هاشم الحضرمي، من أهل حمص
[4] :
كان جوالا، فقدم بغداد فحدث بها عن جماعة، فروى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وابن الصلت، الأهوازي وهو آخر من روى عنه من البغداديين، والقاضي أبو عمر الهاشمي البصري. وهو آخر من روى عنه [5] في الدنيا كلها، وَكَانَ ثقة.
توفي بالبصرة في هذه السنة.
2452- محمد بن أحمد بن صالح بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حنبل [6] ، أَبُو جعفر الشيباني
[7] :
حدث عن أبيه، وعن عمه زهير بن صالح، روى عنه الدارقطني وغيره.
وتوفي في هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 2/ 330 في وفيات سنة 331 هـ. والبداية والنهاية 11/ 204) .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] هذه الترجمة سقطت من الأصل.
[4] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 2/ 327. وتاريخ بغداد 11/ 136) .
[5] «عنه من البغداديين والقاضي أبو عمرو الهاشمي البصري، وهو آخر من روى عنه» هذه العبارة سقطت من ت وأثبتت في الهامش.
[6] في ت: «محمد بن أحمد بن صالح بن أحمد بن حنبل» .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 309) .(14/23)
2453- محمد بن عبد الله بن محمد بن مسلم [1] ، أبو بكر، إمام مسجد الجامع [2] العتيق بمصر
[3] :
حدث عن إبراهيم بن مرزوق، وبكار بن قتيبة، وغيرهما، وكان نحويا يعلم أولاد الملوك النحو. توفي في ربيع الآخر من هذه السنة.
2454- نصر بن أحمد، أبو القاسم البصري، المعروف: بالخبز أرزي الشاعر
[4] :
روى عنه المعافى بن زكريا وغيره.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي [بن ثابت قال] : أنا [5] أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد [بن] [6] الحسين بن عبد العزيز العكبري، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ المالكي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ الأكفاني قال:
خرجت مع عمي أبي عبد الله الأكفأني الشاعر، وأبي الحسين بن لنكك، وأبي عبد الله المفجع، وأبي الحسن السباك في بطالة عيد، وأنا يومئذ صبي [7] أصحبهم، فمشوا حتى انتهوا إلى نصر بن أحمد الخبز أرزي وهو يخبز على طابقه، فجلست الجماعة عنده يهنئونه بالعيد ويتعرفون خبره، وهو يوقد السعف تحت الطابق [8] فزاد في الوقود فدخنهم، فنهضت الجماعة عند تزايد الدخان، فقال نصر بن أحمد لأبي الحسين بن لنكك: متى أراك يا أبا الحسين؟ فقال له أبو الحسين: إذا اتسخت ثيابي. وكانت ثيابه يومئذ جددا على أنقى ما يكون من البياض، فمشينا [9] فقال أبو الحسين بن لنكك: يا
__________
[1] في الأصل: «محمد بن عبد الله بن مسلم بن محمد» . وفي ك: «محمد بن عبد الله بن مسلم» .
[2] «الجامع» سقطت من ت.
[3] انظر ترجمته في: (طبقات النجاة 1/ 50) .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 13/ 296) .
[5] في ك، ل، ص: «أحمد بن علي، حدثنا» وما بين المعقوفتين سقط من جميع النسخ سوى ت.
[6] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[7] «صبي» سقطت من ت.
[8] في ت: «فوق الطابق» .
[9] «فمشينا» سقطت من ت. وفي الأصل: «فمشى» .(14/24)
أصحابنا، أن نصرًا لا يخلي هذا المجلس الذي مضى لنا معه من شيء يقوله، ويجب أن نبدأه/ فجلس واستدعى دواة وكتب:
لنصر في فؤادي فرط حب ... أنيف به على كل الصحاب
أتيناه فبخرنا بخورا ... من السعف المدخن للثياب
فقمت مبادرا فظننت نصرا ... أراد بذاك طردي أو ذهابي
فقال متى أراك أبا حسين؟ ... فقلت له إذا اتسخت ثيابي
[1] وأنفذ الأبيات إلى نصر فأملى جوابها فقرأناها، فإذا هو قد أجاب:
منحت أبا الحسين صميم ودى ... فداعبني بالفاظ عذاب
أتى وثيابه كقتير شيب ... فعدن له كريعان الشباب
ظننت جلوسه عندي كعرس ... فجدت له بتمسيك الثياب
فقلت متى أراك أبا حسين ... فجاوبني إذا اتسخت ثيابي [2]
فإن كان التقزز فيه فخر ... فلم يكنى [3] الوصي أبا تراب؟
[قال مؤلف الكتاب: وكان فصيحا أديبا، وكان أميا لا يعرف الخط، وكان يصنع خبز الأرز، فنسب إليه. توفي في هذه السنة] [4] .
__________
[1] هذا البيت ساقط من ت.
[2] هذا البيت سقط من ت، ك.
[3] في الأصل: «فلم يكن» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ل، ك، ت.(14/25)
ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه [1] أول المحرم، وهو النصف من أيلول [2] قوي الحر حتى أخذ بالأنفاس، وخرج أيلول كله عن حر شديد، ودخل تشرين بمثل ذلك، وكان في اليوم الثامن منه حر لم يكن مثله [3] في آب وتموز.
[ورود الروم إلى أرزن، وميافارقين]
في صفر: ورد الخبر بورود الروم إلى أرزن، وميافارقين، وأنهم سبوا واحرقوا.
وفي ربيع الآخر: عقد نكاح لأبي [منصور] [4] إسحاق بن المتقي باللَّه على علوية بنت ناصر الدولة أبي محمد بن حمدان على مائة ألف دينار [5] وخمسمائة درهم، وجرى العقد بحضرة الخليفة وولي العقد على الجارية أبو عبد الله محمد بن أبي موسى الهاشمي، / ولم يحضر ناصر الدولة [وضرب ناصر الدولة سكة فزاد فيها عند ذكر [6] رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وضيق] [7] ناصر الدولة على المتقي باللَّه في نفقاته [8] ، وانتزع ضياعه وضياع والدته.
__________
[1] في ت: «فمن الحوادث فيها أن في أول المحرم» .
[2] في ت: «أيار» .
[3] «مثله» سقطت من ص، ل.
[4] في الأصل: «لأبي إسحاق بن المتقي ... »
[5] في ص، ك، ل، س: «مائة ألف درهم» .
[6] في ك، ت: «فزاد عند آل محمد» .
[7] ما بين المعقوفتين مذكور في الأصل في نهاية هذه الفقرة ما عدا كلمة «وضيّق» .
[8] في ص، ك، ل: «على المتقي في نفقاته» .(14/26)
وفي آذار من هذه السنة: غلت الأسعار حتى أكلوا الكلاب، ووقع الوباء، ووافى من الجراد الأعرابي الأسود أمر عظيم حتى بيع [كل] [1] خمسين رطلا بدرهم، فكان فِي [2] ذلك معونة للفقراء لشدة غلاء الخبز.
وفي ذي القعدة: خرج المتقي إلى الشماسية لصيد السباع.
وفي هذه السنة [3] : خرج خلق كثير من التجار من بغداد [4] مع الحاج للانتقال إلى الشام ومصر، لاتصال الفتن ببغداد، وتواتر المحن عليهم [5] من السلطان.
وفيها: ورد كتاب من ملك الروم يلتمس منديلا كان لعيسى عليه السلام [6] مسح به وجهه فصارت صورة وجهه فيه، وذلك المنديل [7] في بيعة الرها [وأنه] [8] إن أنفذ إليه أطلق من أسارى المسلمين عددا كثيرا فاستؤمر المتقي باللَّه فأمر [9] بإحضار الفقهاء والقضاة، فقال بعض من حضر: هذا المنديل منذ زمان طويل في هذه البيعة لم يلتمسه ملك من ملوك الروم، وفي دفعة إلى هذا غضاضة على الإسلام، والمسلمون أحق بمنديل عيسى عليه السلام. فقال علي بن عيسى: خلاص المسلمين من الأسر أحق [بمنديل عِيسَى عَلَيْهِ السّلام] [10] فأمر المتقي بتسليم المنديل وتخليص الأسارى.
قال الصولي: ووصل الخبر بأن القرمطي ولد له مولود، فأهدى إليه أبو عبد الله البريدي هدايا عظيمة فيها مهد ذهب [11] مرصع بالجوهر، وكثر الرفض، فنودي ببراءة الذمة ممن ذكر أحدا من الصحابة بسوء.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[2] «في» سقطت من باقي النسخ.
[3] في ص، ل، ك: «وفيها» .
[4] في ص، ل، ك: «من تجار بغداد» .
[5] «عليهم» سقطت من ت.
[6] في ت: «لعيسى بن عليه السّلام» ولعل الناسخ أراد أن يكتب «عيسى بن مريم عليه السّلام» فأخطأ.
[7] في ت: «في ذلك المنديل» وصححت في الهامش.
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[9] في ت: «المتقي فأمر ... »
[10] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل، ك.
[11] «ذهب» سقطت من ت.(14/27)
وورد الخبر بقبول علي بن بويه خلع السلطان بفارس ولبسه إياها وحضره حينئذ الشهود والقضاة. /
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2455- إبراهيم بن أحمد بن سهل [بن أحمد بن سهل] [1] بن الربيع بن سليمان، أبو إسحاق مولي جهينة
[2] .
سمع بكار بن قتيبة وغيره، وتوفي في رجب هذه السنة.
2456- حبشون [3] بن موسى بن أيوب، أبو نصر الخلال
[4] :
ولد سنة أربع وثلاثين ومائتين، وسمع الحسن بن عرفة وغيره، روى عنه الدارقطني وابن شاهين، وكان ثقة، يسكن باب البصرة.
توفي في رمضان [5] هذه السنة.
2457- سنان بن ثابت [6] ، أبو سعيد الطبيب
[7] :
أسلم على يد القاهر باللَّه، ولم يسلم ولده ولا أحد من أهل بيته، وكان مقدما [8] في الطب وفي علوم كثيرة، ودخل على الخلفاء.
توفي في غرة ذي القعدة من هَذِهِ السنة.
2458- عبد الله بْن محمد بن المبارك [9] ، أبو محمد النيسابورىّ
[10] :
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] جهينة: قبيلة من قضاعة نزلت الكوفة، وبها محلة نسبت إليهم.
[3] في ت كلمة غير مقروءة.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 289) .
[5] في باقي النسخ: «توفي في شعبان» .
[6] في الأصل: «ثابت بن سنان» خطأ.
[7] انظر ترجمته في: (الأعلام 3/ 141. وطبقات الأطباء 1/ 220. والبداية والنهاية 11/ 206) .
[8] في باقي النسخ: «متقدما» .
[9] في الأصل: «بن مبارك» .
[10] انظر ترجمته في: (المنتخب من السياق 969) .(14/28)
صحب حمدون القصار، وكان له علم بالشريعة، وكتب الحديث ورواه.
توفي في ربيع الأول من هذه السنة.
2459- علي بن إسماعيل بن أبي بشر، واسمه: إسحاق بن سالم بن إسماعيل [1] بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بردة بن أبي موسى أبو الحسن الأشعري المتكلم
[2] .
ولد سنة ستين ومائتين، وتشاغل بالكلام، وكان على مذهب المعتزلة زمانا طويلا، ثم عنّ له مخالفتهم، وأظهر مقالة خبطت عقائد الناس وأوجبت الفتن المتصلة، وكان الناس لا يختلفون [فِي] [3] أن هذا المسموع كلام الله، وأنه نزل به جبريل عليه السلام على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالأئمة المعتمد عليهم قالوا أنه قديم، والمعتزلة قالوا هُوَ [4] مخلوق، فوافق الأشعري المعتزلة في أن هذا مخلوق، وقال: ليس هذا كلام الله، إنما كلام الله صفة قائمة بذاته، ما نزل ولا هو مما يسمع، وما زال منذ أظهر هذا خائفا/ على نفسه لخلافه أهل السنة [5] ، حتى أنه استجار بدار أبي الحسن التميمي حذرا من القتل، ثم تبع [6] أقوام من السلاطين مذهبه فتعصبوا له [7] [وكثر أتباعه] [8] حتى تركت الشافعية معتقد الشافعي رَضِيَ اللَّه عَنْهُ [9] ودانوا بقول الأشعري [10] .
أنبأنا محمد بن ناصر الحافظ، قَالَ: أنبأنا أبو الحسين [11] المبارك بن عبد الجبار، قَالَ: أنبأنا أبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد [12] المقرئ الأهوازي
__________
[1] «بن إسماعيل» سقطت من ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 346) .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] «هو» سقطت من باقي النسخ.
[5] «أهل السنة» سقطت من ت.
[6] في باقي النسخ: «نبغ» .
[7] في باقي النسخ: «فتعصبوا لمذهبه» .
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[9] «رضي الله عنه» سقطت من الأصل.
[10] في ك: «ودانوا بمعتقده وبما يقول الأشعري» .
[11] في الأصل: «أبو الحسن» .
[12] في ت: «بن داود» .(14/29)
الدمشقي قال: ولد علي بن أبي بشر الأشعري بالبصرة، ونشأ بها، فأقام بها أكثر عمره، فسمعت أبا الحسن [1] محمد بن محمد الوزان بالبصرة يقول: ولد ابن أبي بشر [2] سنة ستين ومائتين ومات سنة نيف وثلاثين وثلاثمائة، ولم يزل معتزليا أربعين سنة يناضل عن الاعتزال، ثم قال بعد ذلك قد رجعت عن الاعتزال.
قال الأهوازي: وسمعت أبا الحسن العسكري وكان من المخلصين في مذهب الأشعري يقول: كان [3] الأشعري تلميذ الجبائي يدرس عليه ويتعلم منه، لا يفارقه أربعين سنة.
قال الأهوازي: وسمعت أبا عبد الله الحمراني سنة خمس وسبعين وثلاثمائة يقول: لم نشعر يوم جمعة وإذا بالأشعري قد طلع على منبر الجامع بالبصرة [4] [بعد صلاة الجمعة] [5] ومعه شريط فشده على وسطه، ثم قطعه وقال: اشهدوا [6] أني تائب مما كنت فيه من القول بالاعتزال، وتوفي ببغداد ودفن بمشرعة الروايا، وقبره اليوم [7] عافي الأثر لا يلتفت إليه.
2460- محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة بن الصلت [8] السدوسي مولاهم أبو بكر
[9] :
سمع جده يعقوب بن شيبة وعباسا الدوري وغيرهما، وروى عنه أبو عمر بن مهدي، وكان ثقة.
أخبرنا [10] عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال:
__________
[1] في ت: «فسمعت الحسن» .
[2] في ت: «ولد ابن بشر» .
[3] في الأصل: «وكان من المخلصين يقول في مذهب لأشعري كان ... »
[4] في ت: «على منبر بالبصرة» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في الأصل: «اشهد» .
[7] «بالاعتزال وتوفي ببغداد ودفن بمشرعة الروايا وقبره اليوم» سقط من ك.
[8] «ابن الصلت» سقطت من ت.
[9] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 373. والبداية والنهاية 11/ 206) .
[10] في ت: «أنبأنا» .(14/30)
أخبرني علي بن أبي علي البصري [أخبرنا أبي] [1] قال: حدثني أبو بكر عمر بن عبد الملك السقطي قال: سمعت أبا بكر بن يعقوب بن شيبة يَقُولُ [2] : لما ولدت دخل/ أبي علي أمي فقال لها: إن المنجمين قد أخذوا مولد هذا الصبي وحسبوه [3] فإذا هو يعيش كذا وكذا، وقد حسبتها أياما وقد عزمت أن أعدّ له كل [4] يوم دينارًا مدة عمره [5] فإن ذلك يكفي الرجل المتوسط له ولعياله فأعدي [6] له حبا [فارغا] [7] فأعدته [8] وتركته في الأرض وملأه [بالدنانير] [9] ثم قال لَهَا: أعدي حبا آخر أجعل فيه [10] مثل هذا استظهارا [ففعلت وملأه] [11] ، ثم استدعى حبا آخر وملأه بمثل ما ملأ به كل واحد من الحبين، ودفن الجميع، فما نفعني ذلك مع حوادث الزمان، فقد احتجت إلى ما ترون.
قال أبو بكر السقطي: ورأيناه فقيرا جدًا [12] يجيئنا بلا إزار، ونقرأ عليه الحديث ونبره [13] بالشيء بعد الشيء، توفي في ربيع الآخر من هذه السنة.
2461- محمد بن أحمد بن يعقوب بن أحمد بن محمد بن عبد الملك أبو الفضل الهاشمي [14] من أهل المصيصة
[15] :
ولي القضاء بدسكرة الملك في طريق خراسان، وورد بغداد فحدث بها عن
__________
[1] «أخبرنا أبي» سقطت من الأصل، ك.
[2] في باقي النسخ: «يحدث قال» .
[3] «وحسبوه» سقطت من ت.
[4] في باقي النسخ: «لكل» .
[5] «مدة عمره» سقطت من ت.
[6] في ت: «فأعد» .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ك، ل.
[8] «فأعدته» سقطت من ت.
[9] «بالدنانير» سقطت من الأصل.
[10] الجملة في الأصل هكذا: «ثم استدعى حبا آخر فجعل فيه ... » .
[11] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[12] «جدا» سقطت من باقي النسخ.
[13] في الأصل: «ويبرّ» .
[14] في الأصل: «الهاشمي أبو الفضل» .
[15] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 375) .(14/31)
علي بن عبد الحميد الغضائري، وأبي عروبة [1] الحراني، وأحمد بن عمير [2] بن جوصا، وغيرهم، وكان سيئ الحال في الحديث.
2462- محمد بن مخلد بن [حفص، أبو] [3] عبد الله الدوري العطار
[4] :
ولد سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، وكان ينزل الدور، وهي محلة في آخر بغداد بالجانب الشرقي في أعلى البلد، سمع يعقوب بن إبراهيم الدورقي، والزبير بن بكار، والحسن بن عرفة، ومسلم بن الحجاج في آخرين. روى عنه ابن عقدة، والآجري، وابن الجعابي، وابن المظفر، وابن حيويه، والدارقطني، وغيرهم، وكان ثقة، ذا فهم، واسع الرواية، مشهورا بالديانة، مذكورا بالعبادة.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، قَالَ:
أخبرنا [5] محمد بن عبد العزيز/ البرذعي قَالَ: أخبرنا [6] أحمد بن محمد بن عمران قَالَ: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد قال: ماتت والدتي فنزلت في لحدها [7] فانفرجت لي فرجة عن قبر يلزقها، فإذا رجل عليه أكفان جدد، على صدره طاقة ياسمين طرية فأخذتها فشممتها فإذا هي أذكى من المسك، وشمها جماعة كانوا معي في الجنازة، ثم رددتها إلى موضعها وسددت الفرجة.
توفي ابن مخلد في جمادى الآخرة من هذه السنة، وقد استكمل سبعا وتسعين سنة وثمانية أشهر [8] وواحدا وعشرين يوما.
__________
[1] في الأصل: «أبي عوانة» خطأ.
[2] «بن عمير» سقطت من ت.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 3/ 310. والبداية والنهاية 11/ 207) .
[5] في ت: «قال: حدثنا» .
[6] في ت: «قال: حدثنا» .
[7] في ك، ت: «فنزلت الحدلها» .
وفي الأصل: «فنزلت لحدها» .
[8] في الأصل: «وتسعة أشهر» وقد رجحنا ما في باقي النسخ.(14/32)
2463- محمد بن علي بن الحسن بن أبي الحديد، [أبو الحسين]
[1] :
حدث عن يونس بن عبد الأعلى، ومحمد [بن عَبْد اللَّه] [2] بْن عبد الحكم، وبكار بن قتيبة، وكان فقيهًا على مذهب أبي حنفية [3] فرضيا عاقلا ثقة.
وتوفي في جمادي الأولى من هذه السنة.
2464-[يونس بْن أَحْمَد بْن يونس بْن عَبْد الأعلى [4] ، أَبُو سهل
[5] :
وُلِدَ سنة ستٍّ وثمانين ومائتين. وكان من أفاضل النّاس، وكان يحب التخلي والوحدة وكان يكره غشيان النّاس لَهُ. وتُوُفيّ فِي صَفَر هَذِهِ السنة] .
2465- المجنون البغدادي
[6] :
أنبأنا [7] إبراهيم بن دينار الفقيه، عن أبي الوفاء بن عقيل قال: سمعت الحسن بن غالب المقرئ يقول: سمعت أبا الحسين بن سمعون يقول: سمعت أبا بكر الشبلي يقول: رأيت يوم الجمعة معتوها عند جامع الرصافة قائما عريانا وهو يقول: أنا مجنون الله! أنا مجنون الله! فقلت له: لم لا تدخل الجامع وتتوارى وتصلي؟ فنظر [8] إلي وأنشد:
يقولون زرنا واقض واجب حقنا ... وقد أسْقَطَتْ حالي حُقُوقَهُمُ عني
إذا هم رأوا حالي ولم يأنفوا لها ... ولم يأنفوا منها أنفت لهم مني
__________
[1] «أبو الحسين» سقطت من الأصل. انظر ترجمته في: (4/ 113) .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ك، ل، ص.
[3] «أبي حنيفة» سقط من ت.
[4] من أول: «ومحمد بن عَبْد اللَّه بْن عبد الحكم وبكار بن قتيبة ... » حتى هنا سقط من ك.
أما ترجمته «يونس بن أحمد بن يونس» فسقطت كلها من الأصل، ص، ل. وأثبتناها كاملة من نسخة ت.
[5] انظر ترجمته في: (صفة الصفوة 3/ 15) .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد) .
[7] في ص، ل، ك: «أخبرنا» .
[8] «فنظر» سقطت من ت.(14/33)
ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة
12/ أفمن الحوادث فيها:
أنه في ربيع الأول دخل الروم رأس العين [1] وسبوا من أهلها ثلاثة آلاف إنسان، ونهبوا البلاد [2] ، وكان الذي قصدها الدمستق في ثمانين ألفا.
وفي جمادى الأولي: كثرت الأمطار فتساقطت منازل الناس، ومات خلق كثير تحت الهدم، وما زالت قيمة العقار ببغداد تنقص، وزاد الأمر بسبب الغلاء، وبلغ الخبز الخشكار ثلاثة أرطال بدرهم، والتمر رطلان بدرهم، وأغلقت عدة حمامات، وتعطلت أسواق ومساجد، حتى صار يطلب من يسكن الدور [3] بأجرة يعطاها ليحفظها، وكثرت الكبسات بالليل من اللصوص بالسلاح والشمع، وتحارس الناس بالليل [4] بالبوقات، وجاء في شباط مطر عظيم سيل وبرد كبار، وجمعه الثلاجون [5] وكبسوه، وتساقطت الدور، وبرد الهواء في آذار، ووقع جليد كثير فاحترق أكثر الزرع [6] ، ولم يجمد الماء في شتوة هذه السنة.
وورد الخبر في شوال بموت أبي طاهر سليمان بن الحسن الهجريّ في منزله
__________
[1] في ك: «رأس عين» .
[2] في الأصل: «البلد» .
[3] في الأصل: «الدار» .
[4] في ت: «طول الليل» .
[5] في الأصل: «الفلاحون» .
[6] «وبرد الهواء في آذار ووقع جليد كثير فاحترق أكثر الزرع» هذه الفقرة سقطت من ت.(14/34)
بهجر، وأنه جدر في رمضان هذه السنة [1] ومات، ولم يحج في هذه السنة أحد من بغداد ولا من خراسان لأجل موت الهجري، فلم يحضر أحد من أهل هجر يبذرق الحاج فخاف الناس [2] فأقاموا، وكان الذي بقي من إخوة أبي طاهر ثلاثة: أبو القاسم سعيد وهو الرئيس الذي يدبر الأمور، وأبو العباس وكان ضعيف البدن كثير الأمراض مقبلا على قراءة الكتب [3] ، وأبو يعقوب يوسف وكان مقبلا [4] على اللعب، إلا أن الثلاثة كانت كلمتهم واحدة، والرئاسة لجميعهم، وكانوا يجتمعون على رأي واحد فيمضونه، وكان وزراؤهم سبعة كلهم من بني سنبر [5] .
وفي هذه السنة: قتل أبو عبد الله/ البريدي أخاه أبا يوسف [6] ، وكان أبو يوسف يتكبر على أخيه ويؤذيه، ودفنه بالأبلة من غير أن يغسله أو يكفنه، وأخذ من ماله ألف ألف دينار ومائتي ألف دينار وعشرة آلاف ألف درهم، [7] ، وأخذ من الكسوة والفرش والآلة ما قيمته ألف [8] دينار، وألف رطل [9] ند وعشرين ألف رطل عود، منها ألف رطل هندي، وصادر العمال على ألف ألف دينار.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2466- أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن، أبو العباس الكوفي المعروف بابن عقدة
[10] :
__________
[1] في ص، ك، ل: «أنه جدر في هذه السنة» .
[2] في الأصل: «فمات الناس» خطأ.
[3] في ص، ك، ل: «على زيادة الكتب» .
[4] «على قراءة الكتب وأبو يعقوب يوسف، وكان مقبلا» سقط من ص، ل.
[5] في ت: «من بني بشير» .
[6] في ت: «أبو عبد الله اليزيدي الوزير أبا يوسف» .
[7] «وأخذ من ماله ألف ألف دينار ومائتي ألف دينار وعشرة آلاف ألف درهم» هذه الفقرة ساقطة من ت.
[8] في ت، ص، ك، ل: « ... والآلة قيمة ألف..»
[9] «ند» سقط من ت.
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 14 والبداية والنهاية 11/ 209) .(14/35)
قَدِمَ بغداد فسمع من مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه المنادي [1] . وعقدة لقب أبيه محمد لقب بذلك لأجل تعقيده في التصريف والنحو، وكان عقدة ورعا زاهدا [2] ناسكا، علم ابن هشام الخزاز الأدب، فوجه أبوه إليه دنانير فردها فأضعفها فردها [3] وقال: ما رددتها استقلالا لها، ولكن سألني الصبي أن أعلمه القرآن فاختلط تعليم النحو بتعليم القرآن فلا استحل أن آخذ منه شيئا ولو دفع إليَّ الدنيا.
وأما ولده أبو العباس فإنه سمع الحديث الكثير [4] ، وكان من أكابر الحفاظ، وروى عنه من أكابرهم: أبو بكر بن الجعابي، وعبد الله بن عدي، والطبراني، وابن المظفر، والدارقطني، وابن شاهين.
وقال الدارقطني: أجمع أهل الكوفة إنه لم ير من زمن عبد الله بن مسعود إلى زمن أبي العباس بن عقدة أحفظ منه.
قال أبو العباس: ودخل البرديجي الكوفة فزعم أنه أحفظ مني، فقلت: لا تطول، نتقدم إلى دكان وراق، ونضع القبان وتزن من الكتب ما شئت، ثم تلقي علينا فنذكرها.
فبقي.
وكان بعض الهاشميين جالسا عند ابن عقدة، فقال ابن عقدة: أنا أجيب في ثلاثمائة/ ألف حديث من حديث أهل بيت [هذا] [5] سوى غيرهم. وقال [ابن عقدة] [6]
__________
[1] «قَدِمَ بغداد فسمع من مُحَمَّد بْن عبيد الله المنادي» .
هذه الجملة سقطت من جميع النسخ ما عدا الأصل ولكنها كتبت هكذا: «قدم بغداد فسمع من عبيد الله» ، وما زدناه هو من تاريخ بغداد 5/ 14، وقد ذكر الخطيب أسماء من سمع منهم ابن عقدة في بغداد غير المنادي وهم: علي بن داود القنطري، والحسن بن مكرم ويحيى بن أبي طالب، وأحمد بن أبي خيثمة، وعبد الله بن روح المدائني، وإسماعيل بن إسحاق القاضي، ونحوهم.
[2] «زاهدا» سقطت من جميع الأصول عدا الأصل.
[3] «فأضعفها فردها» سقطت من ك، وتكررت مرتين في الأصل.
[4] «الكثير» سقطت من ص، ل.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/36)
مرة: أحفظ من الحديث بالأسانيد والمتون منسقا خمسين ومائتي ألف حديث وأذاكر [من] الأسانيد [1] ، وبعض المتون والمراسيل والمقاطيع بستمائة ألف حديث.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت قال: حدثني الصوري قال: قال لي عبد الغني بن سعيد: سمعت الدارقطني يقول: كان أبو العباس بن عقدة يعلم ما عند الناس ولا يعلمون ما عنده.
قال مؤلف الكتاب [2] : ومع هذا الحفظ العظيم [3] وكثرة ما سمع وكتب عَنْهُ فإنه [4] انتقل من مكان إلى مكان فكانت كتبه ستمائة حمل، فقد ذمه الناس لأسباب، فذكر ابن عدي أنه كان يسوي نسخا للأشياخ [5] ويأمرهم بروايتها. وقال الدارقطني: ابن عقدة رجل سوء.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن علي، حَدَّثَنَا علي بن مُحَمَّد بن نصر قَالَ: سمعت حمزة بن يوسف يقول: سمعت أبا عمر بن حيويه يقول:
كان ابن عقدة [يجلس] [6] في جامع براثا يملي مثالب [7] أصحاب رسول الله صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو قال: الشيخين يعني أبا بكر وعمر- فتركت حديثه، لا أحدث عنه بشيء.
قال المصنف: وتوفي ابن عقدة في ذي القعدة من هذه السنة.
2467- الحسن بن يوسف بن يعقوب بن ميمون، أبو علي الحداد
[8] :
روى عن يونس بْن عبد الأعلى وغيره وَكَانَ إمام جامع مصر العتيق.
وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة.
__________
[1] في الأصل: «وإذا ذكرنا الأسانيد» . وفي ص، ل، ك: وأذاكر من المسانيد» .
وسقط من ت: «والمتون منسقا خمسين ومائتي ألف حديث وأذاكر من الأسانيد» .
[2] في الأصل، ت: «قال المصنف»
[3] «العظيم» سقطت من ت.
[4] في باقي النسخ: «وكتب فإنه» .
[5] في الأصل: «نسخا لأشياخ» وفي ت: «نسخا لإسباغ الوضوء» تحريف.
[6] «يجلس» سقطت من جميع النسخ سوى ك.
[7] في الأصل: «على مثال» تصحيف.
[8] انظر ترجمته في: (الأنساب 4/ 72. وفيه: الحسن بن يعقوب بن يوسف) .(14/37)
2468- سليمان بن الحسن، أبو القاسم
[1] :
وزر للراضي ثم ملك المتقي [2] للَّه فأبقاه على حاله، وتوفي في رجب هذه السنة.
2469- عبد الله بن أحمد بن إسحاق، أبو محمد الجوهري المصري
[3] :
سكن بغداد بنهر الدجاج، وحدث بها عن الربيع بن سليمان المرادي وغيره/، وكان ثقة [4] روى عنه الدارقطني وابن شاهين وآخرين [5] وآخر من روى عنه أبو عمر بن مهدي، وكان ثقة مأمونا [6] توفي في ربيع الأول [7] من هذه السنة.
2470- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ [8] بْنِ أحمد، أبو بكر البزاز
[9] :
وهو خال ابن الجعابي، روى عنه الدارقطني، وابن شاهين.
وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (مروج الذهب 4/: 34) .
[2] من «ثم ملك المتقي ... » وحتى « ... الجوهري المصري» سقط من ك.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 388) .
[4] «وكان ثقة» سقطت من جميع النسخ. ما عدا الأصل.
[5] «وآخرين» سقطت من جميع النسخ ما عدا الأصل.
[6] «مأمونا سقطت من جميع النسخ ما عدا الأصل.
[7] في ص: «ذي القعدة» .
[8] في ت: «عبد الله بن عمر بن أحمد» .
وفي الأصل: «عبد الله بن محمد بن أحمد» .
[9] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 125) .(14/38)
ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
[أخذ توزون التركي أموال أهل بغداد]
أن توزون التركي كان [رئيس الجيش] [1] وأمير الأمراء، وتقلد الشرطة ببغداد، وكانت بينه وبين المتقي وحشه فخرج المتقي إلى ناحية الموصل ودخل توزون من واسط إلى بغداد، فأخذ أموال أهل بغداد، وأخذ من دعلج العدل مائة ألف درهم، وأقام المتقي عند بني حمدان [2] واستدعاهم لحرب توزون، فلما أقبلوا على حربه [3] خرج توزون فكسرهم، ثم كاتب المتقي يسأله أن يرجع إلى بغداد فلم يقبل، وأقام بالرقة، ثم ظهر له من بني حمدان تضجر به، فبعث إلى توزون يطلب الصلح فتلقي [توزون] [4] ذلك بأتم رغبة فبعث إليه المتقي من يستحلفه، فحلف أيمانا مؤكدة ثم أعاد إليه من يعيد اليمين فحلف، فلما قدم المتقي فبلغ السندية تلقاه توزون فقبل الأرض وقبل يده، ثم ركب وسار معه و [قد] [5] وكل به وبجماعته الديلم، وحصرهم في مضربه [6] وقبض عليهم، واستحضر عبد الله بن المكتفي فبويع له، ولقب: المستكفي باللَّه، وبايعه المتقي بعد أن أشهد على نفسه بالخلع في يوم السبت لعشر بقين من [صفر] [7] هذه السنة، وسلم إليه المتقي فأخرج إلى جزيرة بين يدي السندية على نهر عيسى، / فسمل في يوم خلعه، وكانت [مدة] [8] خلافته ثلاث سنين وأحد عشر شهرا، ولم يحل الحول على توزون [بعد أن فعل ذلك]
[9] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل: «وأقام المتقي على حمدان» .
[3] في الأصل: «أقبلوا إلى حربه» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في ك: «مضربهم»
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/39)
باب ذكر [1] خلافة المستكفي باللَّه
واسمه عبد الله بن علي المكتفي [بن المعتضد] [2] ويكنى: أبا القاسم، ولد في صفر سنة اثنتين وتسعين ومائتين، وولي الخلافة وسنه إحدى وأربعون سنة وسبعة أيام، في سن المنصور حين ولي، وكان مليح الشخص، ربعة من الرجال، ليس بالطويل ولا بالقصير، معتدل الجسم، حسن الوجه، أبيض مشربا بالحمرة [3] ، أسود الشعر، سبطًا، خفيف العارضين، [أكحل، أقنى الأنف] [4] ولما ولي المستكفي طوق توزون وسوره وخلع عليه، وجلس بين يدي المستكفي باللَّه على كرسي، ولم يحج من الناس في هذه السنة إلا القليل مع [5] البكريين ووقف بالناس بمكة عمر بن الحسن بن عبد العزيز الهاشمي.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2471- الحسن بن أحمد بن سعيد بن أنس، أبو علي المؤذن [6] ، ويعرف بالمالكي
[7] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
[3] في الأصل: «بحمرة» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ل، ص.
[5] في باقي النسخ: «إلا نفر يسير مع ... »
[6] في الأصل: «الحسن بن محمد بن سعيد بن الحسن أبو علي المؤذن» .
وفي ت: «الحسن بن إسحاق بن سعيد بن أنس أبو علي المؤدب» .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 277) .(14/40)
سمع أبا عمر القاضي وغيره، وروى عنه العتيقي، والتنوخي، وكان ثقة [و] [1] توفي في هذه السنة.
2472- الحسن بن عبد العزيز الهاشمي
[2] .
أخبرنا القزاز قَالَ: أخبرنا أبو بكر الخطيب قَالَ أَنْبَأَنَا [3] إِبْرَاهِيم بْن مخلد قَالَ:
أَخْبَرَنَا إسماعيل بن علي الخطبي قال: توفي الحسن بن عبد العزيز الهاشمي وهو والي الصلاة [4] بالحرمين ومسجد الرصافة ببغداد في شوال هذه السنة وله من السن خمس وسبعون سنة وشهور.
2473- الحسين [5] بن علي بن أَحْمَد بن عَبْد اللَّهِ، أبو علي [6] الحريري، ويعرف: بابن جمعة
[7] ولد سنة سبع وخمسين ومائتين، وحدّث عن أبي بكر بن مالك، و [أبي الحسن] [8] الدارقطني، وابن المظفر [وكان ثقه صدوقا] [9] وتوفي في رمضان هذه السنة. رحمه اللَّه وإيانا وسائر المسلمين بمنه وكرمه [10]
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 339) .
[3] في ت: «قال: أخبرنا» .
[4] في ت: «عبد العزيز الهاشمي متولي الصلاة»
[5] في ت: «الحسن بن علي» .
[6] «أبو علي» سقط من ت.
[7] في الأصل: «بابن حموه» .
وانظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 78» .
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
[10] «رحمه اللَّه وإيانا وسائر المسلمين بمنه وكرمه» سقط من سائر النسخ عدا الأصل.(14/41)
ثم دخلت سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
[لقب المستكفي باللَّه نفسه إمام الحق]
أنه في المحرم لقب المستكفي باللَّه نفسه إمام الحق، وضرب ذلك على الدنانير والدراهم، فكان يخطب له بلقبين: إمام الحق، والمستكفي باللَّه.
[وفي صَفَر: أدخل من السواد رَجُل يعرف بابن أَبِي عَلِيّ يقطع الطريق ويقتل، فشهر عَلَى جمل فقتله العامة قَبْلَ أن يصل إلى دار السلطان] . [1]
[نزول أحمد بن بويه بباجسرى]
وورد الخبر بأن معز الدولة أبا الحسين [2] أحمد بن بويه قد نزل بباجسرى فاضطرب الناس، واستتر المستكفي باللَّه، وعبر الأتراك إلى الجانب الغربي، وساروا إلى الموصل، وبقي الديلم ببغداد، ووجه المستكفي بألطاف وفاكهة وطعام لأبي الحسين بن بويه [3] ودخل أبو الحسين فلقي المستكفي باللَّه ووقف بين يديه طويلا وأخذت عليه البيعة للمستكفي [4] ، واستحلف له بأغلظ الأيمان ولخواصه، وحلف المستكفي لأبي الحسين بن بويه وأخويه، وكتب بذلك كتاب، ووقعت فيه الشهادة عليهما، ولبس أبو الحسين الخلع، وطوق، وسور، وعقد له لواء، وجعل أمير الأمراء وهو [أول] [5] ملوك بني بويه، ولقب أخواه الأكبر [علي] [6] عماد الدولة، وأخوه
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل وهي زيادة من ت.
[2] في الأصل: «أبا الحسن» .
[3] من أول «بن بويه ودخل أبو الحسين ... » حتى « ... ولبس أبو الحسين الخلع» ساقط من ت.
[4] «ووقف بين يديه طويلا وأخذت عليه البيعة للمستكفي» ساقط من ص، ك، ت.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.(14/42)
الأوسط [1] أبو علي الحسن ركن الدولة، وأمر أن تضرب ألقابهم وكناهم على الدنانير والدراهم، ونزل الديلم والأتراك دور الناس، ولم يكن يعرف ببغداد قبل هذا التنزل، فصار من هذا اليوم رسما.
أنبأنا [2] محمد بن عبد الباقي أَنْبَأَنَا [3] عَلِي بْن المحسن التنوخي، عَنْ أَبِيهِ قال:
ومن أعجب الأشياء [4] المتولدة في زمن معز الدولة السعي والصراع وذلك أن معز الدولة [5] احتاج إلى السعادة ليجعلهم/ فيوجا بينه وبين أخيه ركن الدولة إلى الري، فيقطعون تلك المسافة البعيدة في المدة القريبة وأعطى على جودة السعي والرغائب، فحرص أحداث بغداد وضعفاؤهم على ذلك حتى انهمكوا فيه وأسلموا أولادهم إليه [6] فنشأ ركابيان بباب معز الدولة [7] يعرف أحدهما بمرعوش، والآخر بفضل، يسعى كل واحد منهما نيفا [8] وثلاثين فرسخا [في يوم] [9] من طلوع الشمس إلى غروبها يترددون ما بين عكبرا وبغداد وقد رتب [10] على كل فرسخ من الطريق قوما يحضون عليهم، فصاروا أئمة السعاة ببغداد، وانتسب السعاة إليهم، وتعصب الناس لهم، واشتهي معز الدولة الصراع، فكان يعمل بحضرته حلقة في ميدانه، ويقيم شجرة يابسة تنصب في الحال ويجعل عليها الثياب الديباج والعتابي والمروزي، وتحتها أكياس [11] فيها [12] [دنانير و] [13]
__________
[1] في ك، ل، ص: «والأوسط» .
[2] في ت: «أخبرنا» .
[3] في ت: «قال أخبرنا» .
[4] في ت، ك: «الصناعات» .
[5] «السعي والصراع وذلك أن معز الدولة» سقط من ك، ت.
[6] «إليه» سقطت من ت.
[7] في باقي النسخ: «ركابيان لمعز الدولة»
[8] في الأصل: «سنة» .
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[10] في الأصل: «وتدربت» .
[11] في الأصل: «وعنها الناس» .
[12] في الأصل: «بها» .
[13] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/43)
دراهم، ويجمع على سور الميدان المخانيث بالطبول والزمور، وعلى باب الميدان الدبادب، ويؤذن للعامة في دخول الميدان، فمن غلب أخذ الثياب والشجرة والدراهم، ثم دخل في ذلك أحداث بغداد فصار في كل موضع صراع، فإذا برع أحدهم [1] صارع بحضرة معز الدولة، فإن غلب أجريت عليه الجرايات، فكم من عين ذهبت بلطمة، وكم من رجل اندقت عنقه [2] وشغف شبان معز الدولة [3] بالسباحة، فتعاطاها أهل بغداد حتى أحدثوا فيها الطرائف، فكان الشاب يسبح قائما وعلى يده كانون فوقه حطب يشتعل تحت قدر إلى أن تنضج، ثم يأكل منها إلى أن يصل [4] إلى دار السلطان.
وفي ربيع الآخر: قلد القاضي أبو السائب عتبة بن عبيد الله/ القضاء في الجانب [5] الشرقي [6] ، وأقر القاضي أبو طاهر على الجانب الغربي [7] .
وقلد أبو الحسن محمد بن صالح الهاشمي [قضاء مدينة أبي جعفر.
وفي هذه السنة جمع القاضي أَبُو الحسن مُحَمَّد بن صالح الهاشمي] [8] أبا عبد الله [9] محمد بن أبي موسى الهاشمي وأبا نصر يوسف بن أبي الحسين عمر بن محمد القاضي في منزله حتى اصطلحا وتعاقدا على التصافي، وأخذ كل واحد منهما خط صاحبه بتزكيته، وربما توكد الصلح بينهما، وكانا قد خرجا إلى أقبح المباينة حتى أشهد أبو نصر وهو والي قضاء مدينة السلام على نفسه بإسقاط أبي عبد الله، وأنه غير موضع للشهادة، وسعى أبو عبد الله في صرفه ومعارضته بما يكره حتى تهيأ له في ذلك ما أراد.
__________
[1] في الأصل: «أحد» .
[2] «عنقه» سقطت من كل النسخ عدا الأصل.
[3] في باقي النسخ: «وشغف بعض أصحاب معز الدولة» .
[4] في الأصل: «إلى أن يتصل» .
[5] من أول: «القضاء في الجانب الشرقي ... » وحتى: « ... بما يكره حتى تهيأ له في ذلك ما أراد» ساقط من ت.
[6] في ك: «القاضي بالجانب الغربي» .
[7] في سائر الأصول عدا الأصل: «الشرقي» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ل، ص، ت.
[9] في ك: «محمد بن عبد الله» .(14/44)
وفي يوم الخميس لثلاث [1] بقين من جمادى الآخرة: انحدر معز الدولة إلى دار الخلافة فسلم على الخليفة، وقبل الأرض، وقبل يد المستكفي، وطرح له كرسي فجلس، ثم تقدم رجلان من الديلم فمدا أيديهما إلى المستكفي وطالبا بالرزق فلما مدا أيديهما ظن أنهما يريدان تقبيل يده فناولهما يده [2] فجذباه فنكساه من السرير، ووضعا عمامته في عنقه [3] وجراه ونهض معز الدولة واضطرب الناس ودخل الديلم [4] إلى دور الحرم، وحمل المستكفي راجلا إلى دار معز الدولة [5] فاعتقل بها وخلع من الخلافة، ونهبت الدار حتى لم يبق بها [6] شيء، وسمل المستكفي، وكانت مدة خلافته [7] سنة وأربعة أشهر ويومين، وأحضر الفضل بن المقتدر يوم الخميس لثمان بقين من جمادى الآخرة فبويع ولقب المطيع للَّه [8] .
__________
[1] في ت، ك: «لثمان بقين» .
[2] «فناولهما يده» سقط من ك.
[3] في الأصل: «في خلفه» .
[4] «في عنقه وجراه ونهض معز الدولة واضطرب الناس ودخل الديلم» ساقط من ت.
[5] في ت: «إلى دار الأمير معز الدولة» .
[6] في كل الأصول ما عدا الأصل: «لم يبق فيها» .
[7] في باقي النسخ: «مدته في الخلافة» .
[8] إلى هنا تنتهي نسخة كوبر لي (ك) . وكتب في خاتمتها ما نصه:
«آخر الجزء الثالث من كتاب المنتظم والحمد للَّه رب العالمين، ويتلوه في الجزء الرابع إن شاء الله:
باب: خلافة المطيع للَّه واسمه الفضل بن جعفر، ويكنى أبا القاسم. تم آخر الأجزاء من كتاب التواريخ بحمد الله وحسن توفيقه وقت الضحى في يوم الأحد العاشر من الشهر المبارك جمادى الآخر في سنة أربع عشرة وسبعمائة بدار الفتح القيمرية في الخانقاه الأمينية حميت عن البلية على يدي العبد الضعيف الفقير العاجز المسكين خادم أهل القلوب تراب قدم أهل التصوف: إبراهيم بن يوسف بن عبد الصمد المتصوف السرواني أبوه، أحسن الله عاقبته وغفر له ولوالديه ولصاحب الكتاب ولقارئه ولجميع المؤمنين والمؤمنات ويرحم الله عبدا قال: آمين.
قال بعضهم:
خلعت على الكتاب سواد عيني ... فعوضني بياض الناظرين
كسوت بياضه بردي شبابي ... فألبسني رداء كاللجين
حتى أمسى رضي البال خلوا ... وأقضي من غريم النسخ ديني
رب اختم بخير.(14/45)
باب: ذكر خلافة المطيع للَّه
/ ويسمى الفضل [1] بن المقتدر، ويكنى أبا القاسم، وأمه أم ولد يقال لها:
مشغلة أدركت خلافته، وكان له يوم بويع: ثلاث وثلاثون سنة، وخمسة أشهر، وأيام، ولما بويع أحضر المستكفي فسلم [2] عليه بالخلافة، وأشهد على نفسه بالخلع، وصودر خواص المستكفي فأخذ منهم ألوف كثيرة، ووصل المطيع العباسيين العلويين في يوم بنيف وثلاثين ألف دينار على إضافته، ووصل خادم من المدينة فذكر ما يلحق حجرة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من التفريط، وقطع مواد الطيب وغيره عنها، فأمر للخادم بعشرين ألف درهم، وتقدم بحمل الطيب وضم إليه خمسة من الخدم ليكونوا في خدمة الحجرة، ونفذ مع أبي أحمد الموسوي قنديلا من ذهب وزنه ستمائة مثقال، وتسع قناديل من فضة ليعلقها في الكعبة.
أخبرنا ابن ناصر قال: سمعت أبا محمد التميمي يقول: سمعت عمي أبا الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز التميمي يقول: [3] سمعت المطيع للَّه يقول: وقد أحدق به خلق كثير من الحنابلة حزروا ثلاثين ألفا فأراد أن يتقرب إليهم فقال: سمعت شيخي ابن بنت منيع [4] يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إذا مات أصدقاء الرجل ذل.
[امرأة هاشمية سرقت صبيا وفشوته وأكلت بعضه]
في يوم الأربعاء لأربع خلون من شعبان: وجدت امرأة هاشمية قد سرقت صبيا فشوته في تنور وهو حي وأكلت بعضه، وأقرت بذلك، وذكرت أن شدة الجوع حملها على ذلك، فحبست ثم أخرجت وضربت عنقها، ووجدت امرأة أخرى هاشمية [أيضا] [5] قد أخذت/ صبية فشقتها بنصفين فطبخت النصف [6] سكباجا، والنصف الآخر بماء وملح، فدخل الديلم فذبحوها، ثم وجدت ثالثة قد شوت صبيا وأكلت بعضه فقتلت.
__________
[1] في باقي النسخ: «واسمه الفضل» .
[2] في باقي النسخ: «ليسلم» .
[3] «سمعت عمي أبا الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز التميمي يقول» ساقط من ت.
[4] في ت «بنت مطيع» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في باقي النسخ: «نصفها» .(14/46)
و [كان قد] [1] بلغ المكوك من الحنطة خمسة وعشرين درهما، واضطر الناس إلى أكل البزر قطونا، كان يؤخذ فيضرب بالماء ثم يبسط على الطابق ويشعل تحته، فإذا حمي أكلوه. وأكلوا الجيف، وإذا راثت الدواب اجتمع جماعة من الضعفاء على الروث فالتقطوا [2] ما فيه من حب الشعير فأكلوه، وكانت الموتى مطرحين، فربما أكلت الكلاب لحومهم، وخرج الناس إلى البصرة خروجا مسرفا فمات أكثرهم في الطريق، ومات بعضهم بالبصرة وصار الضعفاء يغنى أكثرهم [3] وصار العقار والدور تباع بالرغفان من الخبز [4] ، ويأخذ الدلال بحق دلالته بعض الخبز.
أخبرنا [5] محمد بن عبد الباقي، وعن علي بْن المحسن، عن أبيه قَالَ: حدثني أبو الحسين بن عباس القاضي قال: حدثني أبو عبد الله الموسوي العلوي أنه باع في سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة عند اشتداد الغلاء على معز الدولة وهو مقيم بظاهر بغداد من الجانب الغربي كر حنطة بعشرة آلاف درهم. قال: ولم أخرج الغلة حتى تسلمت المال.
وكانت بين أصحاب معز الدولة أبي الحسين [6] وبين أصحاب ناصر الدولة أبي محمد [7] بن حمدان حرب بعكبرا، فخرج معز الدولة ومعه الخليفة المطيع إلى عكبرا، وذلك في رابع رمضان، ثم حضر معز الدولة المطيع، ووكل به، فلما كان يوم الأربعاء لعشر خلون من رمضان وافى ناصر الدولة إلى بغداد، فنزل في الجانب الغربي فعبر أصحاب معز الدولة إليهم، فعبر ناصر الدولة إلى الجانب الشرقي، ودخل بغداد، وجاء معز الدولة فاحتربوا [8] ، فملك الجانب الغربي بأسره [9] إلا أنه ضاق عليهم العيش،
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل: «ليقطعوا» .
[3] «وصار الضعفاء يغنى أكثرهم» سقطت من باقي الأصول.
[4] في باقي النسخ: «برغفان من خبز» .
[5] في ل، ص: «أنبأنا» .
[6] في الأصل: «أبي الحسن» .
[7] في الأصل: «ناصر الدولة بن محمد» .
[8] «فاحتربوا» سقطت من ت.
[9] «بأسره» سقطت من ت.(14/47)
فاشترى لمعز الدولة كرا بعشرين ألف درهم، ولحق [1] الناس في السواد من جانبي بغداد [2] ضر عظيم ثم ملك معز الدولة الجانب الشرقي فانهزم ناصر الدولة [3] .
وفي هذه السنة: كثر القمل برستاق القيمرة [4] الكبرى حتى يئس الناس من غلاتهم، فانحط [من نوع] [5] الطير الصفر يزيد على جرم العصفور، وكان الطائر يعلق على شجرة فيصفر فيطير [6] الطير حينئذ أفواجا فينحط كل فوج منها على ضيعة، فيلقط القمل حتى فني.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2474- توزون
[7] :
قد ذكرنا أخباره وما صنع بالمتقي، توفي لثمان بقين من المحرم، ولم يتم له حول بعد فعله القبيح وإهماله ما عقد من الأيمان.
2475- سليمان بن إسحاق بن إبراهيم بن الخليل، أبو أيوب الجلاب
[8] :
سمع إبراهيم الحربي، روى عنه ابن حيويه، وَكَانَ ثقة، تُوُفِّيَ فِي هذه السنة.
2476- عَبْد اللَّهِ بن أحمد بن عبد الله بن بكير، أبو القاسم التميمي
[9] :
سمع ابن قتيبة، وروى عنه الدارقطني، وكان ثقة.
وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة.
__________
[1] في باقي النسخ: «بعشرين ألفا ولحق» .
[2] «من جانبي بغداد» سقط من ت.
[3] على هامش ت ما نصه: «وسنذكر تمام هذه القصة في أول سنة خمس إن شاء الله» .
[4] في باقي النسخ: «التيمرة» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في باقي النسخ: «فيصير» .
[7] انظر ترجمته في: (الكامل أحداث سنة 334) .
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 63) .
[9] انظر ترجمته في: (الأنساب 3/ 399) .(14/48)
2477- عمر بن الحسين بن عبد الله، أبو القاسم الخرقي
[1] :
صاحب كتاب «المختصر في الفقه» على مذهب الإمام [2] أحمد بن حنبل، وكان فقيه النفس، حسن العبارة بليغا وكانت [3] له مصنفات كثيرة وتخريجات على المذهب لم تظهر، لأنه خرج من بغداد لما ظهر سب الصحابة فأودع كتبه في درب سليمان فاحترقت الدار التي كانت فيها الكتب/، وتوفي بدمشق في هذه السنة.
2478- محمد بن عيسى [بن عبد الله] [4] ، أبو عبد الله، يعرف بابن أبي موسى
[5] :
الفقيه [6] على مذهب العراقيين، ولاه المتقي للَّه القضاء ببغداد ثم عزله، وأعاده المستكفي باللَّه، وكان له علم غزير، وسمت حسن، ووقار، وكان ثقة مشهورا بالفقر، لا يطعن عليه في شيء من ولايته، فكبس [7] اللصوص داره وأخذوا جميع ما كان فِيهَا [8] ، ولم يكن شيئا مذكورا، وكانوا يقدرون أن له مالا، وضربوه ضربة أثخنته وهرب في السطوح، ورمى بنفسه إلى بيت جار له [9] فسقط فمات، وذلك في ربيع الأول من هذه السنة.
2479- محمد بن محمد بن أحمد [10] بن عبد الله، أبو الفضل [11] السلمي الوزير
[12] :
كان فقيها مناظرا [13] ، وسمع الحديث بخراسان، ونيسابور، والري، وبغداد،
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 234. والبداية والنهاية 11/ 214) .
[2] «الإمام» سقطت من ص، ل.
[3] في الأصل: «وكان» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 3/ 403. والبداية والنهاية 11/ 214) .
[6] في المطبوعة: «عمي الفقيه» .
[7] في الأصل: «فكبسوا» .
[8] في باقي النسخ: «ما كان في منزله» .
[9] في باقي الأصول: «إلى ما يجاوره» .
[10] «بن أحمد» سقطت من ت.
[11] في الأصل: «محمد بن محمد بن أحمد بن الفضل أبو عبد الله السلمي الوزير» .
[12] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 215) .
[13] في الأصل: «شاعرا» .(14/49)
والكوفة، وأملى وكان حافظا، وصنف، وكان يصوم الاثنين والخميس، ولا يدع صلاة الليل، ولا التصنيف، وولي الوزارة للسلطان وهو على ذلك، وكان يسأل الله تعالى الشهادة، فسمع ليلة جلبة الخيل فقال: ما هذا؟ فقالوا: غوغاء العسكر، قد اجتمعوا يؤلبون ويقولون إن الذنب لك في تأخير رزقنا. فدعا بالحلاق فحلق رأسه، وسخن له الماء في مضربة وتنور [1] ، وتنظف واغتسل، ولبس الكفن، ولم يزل ليلته يصلي، وبعث السلطان يمنعهم عنه فلم يقبلوا، فقتلوه وهو ساجد في ربيع الآخر من هذه السنة.
2480- محمد بن عبد الله بن طغج، أبو بكر
[2] :
وكان شجاعا شديد التيقظ في حروبه، وكان جيشه يحتوي على أربعمائة ألف رجل وكان له [3] ثمانية/ آلاف مملوك يحرسونه بالنوبة، كل نوبة ألف مملوك، ويوكل بجانب خيمته الخدم، ثم لا يثق حتى يمضي إلى خيم الفراشين فينام فيها، ولقبه الراضي باللَّه بالأخشيد [4] ، لأنه فرغاني وكان من ملك فرغانة [5] يسمى «الأخشيد» ، كما تدعو الروم ملكها «قيصر» ، والفرس «كسرى» ، واليمن «تبع» ، والمسلمون «الخليفة» ، وملك أشروسنة يسمى «الأفشين» ، وملك خوارزم «خُوارَزْم شاه» [6] ، وملك الترك «خاقان» ، وملك جرجان «صول» ، وملك أذربيجان «أصبهبذ» ، وملك طبرستان «سالار» ، وتوفي [7] بدمشق في ذي الحجة من هذه السنة.
2481- أبو بكر الشبلي
[8] :
وقد اختلفوا في اسمه ونسبه، فقيل: دلف بن جعفر، وقيل: دلف بن جحدر، وقيل: دلف بن جعترة، وقيل: دلف بن جعونة، وقيل: جعفر بن يونس، وقيل:
__________
[1] «وتنور» سقطت من ت.
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 215) .
[3] «وكان له» سقطت من ت وكتبت في الهامش.
[4] في الأصل، ت: «لقبه الراضي بالإخشيد» .
[5] في ت: «لأنه فرغاني من فرغانة» . وفي الأصل: «لأنه فرغاني وكان ملك فرغانة» .
[6] في الأصل: «خوارز شاه» .
[7] في باقي الأصول: «توفي» .
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 389. والبداية والنهاية 11/ 215) .(14/50)
جحدر بن دلف، وهو من أهل أشروسنة، من قرية بها يقال لها: شبلية [1] كان خاله أمير الأمراء بالإسكندرية وولد [2] الشبلي بِسُرَّ مَنْ رَأَى [3] وكان حاجب [4] الموفق، فجعل لطعمته دماوند وكان أبوه حاجب الحجاب، حضر الشبلي يوما مجلس خير النساج فتاب، ثم رجع إلى دماوند فقال: إن الموفق ولاني بلدتكم فأجعلوني في حل. ففعلوا.
وصحب الفقراء وكان الجنيد يقول: تاج هؤلاء القوم الشبلي.
أخبرنا عبد الرحمن [بن محمد] [5] أخبرنا أبو بكر بن ثابت، أخبرنا علي بن محمود الزوزني قال: سمعت علي بن المثنى التميمي يقول: دخلت على الشبلي في داره يوما وهو يهيج ويقول:
على بعدك لا يصبر ... من عادته القرب
ولا يقوى على حجبك ... من تيمه الحب
فإن لم تبصرك [6] العين ... فقد يبصرك القلب
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ هوازن قَالَ: سمعت أبا حاتم محمد بن أحمد بن يحيى يقول: سمعت عبد الله بن علي التميمي يقول: سأل جعفر بن نصير [7] بكران الدينَوَريّ- وكان يخدم الشبلي- ما الَّذِي رأيت منه؟ يعني عند وفاته. قال: قال لي: علي درهم مظلمة تصدقت عن صاحبه بألوف فما على قلبي شغل أعظم منه، ثم قال: وضئني للصلاة. ففعلت [8] فنسيت تخليل لحيته، وقد أمسك عن لسانه فقبض على يدي وأدخلها في لحيته ثم مات، فبكى جعفر وقال: ما تقولون في رجل لم يفته في آخر عمره أدب من آداب الشريعة؟ [أخبرنا عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا محمد بن
__________
[1] في الأصل: «شبلة» .
[2] في الأصل: «ولد» .
[3] في الأصل: «بسر من رأى بالإسكندرية.
[4] في الأصل: «صاحب» .
[5] «بن محمد» سقطت من الأصل.
[6] في المطبوعة: «فإن لم ترك» وكذلك في ت، ص، ل.
[7] في ت: «جعفر بن ناصر» .
[8] «ففعلت» سقطت من ت.(14/51)
عَلِيّ بْن الفتح قَالَ: أَخْبَرَنَا] [1] مُحَمَّد بْن الحسين بن موسى قال: سمعت أبا نصر الهروي يقول: كان الشبلي يقول: إنما يحفظ هذا الجانب بي- يعني من الديالمة- فمات وهو يوم الجمعة، وعبرت الديالمة إلى الجانب الشرقي يوم السبت. [قَالَ المصنف: سَمِعتُ مُحَمَّد بْن عُمَر الأرموي يَقُولُ: سَمِعتُ أَبَا] [2] الحسين ابن المهتدي يَقُولُ: سمعت أبا حفص عمر بن عبيد بن تعويذ يقول: حدثني أبو بكر غلام الشبلي وكان يعرف ببكير قال: وجد الشبلي خفة من وجع كان به في يوم الجمعة سلخ ذي الحجة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، فقال لي بكير: تعزم الجامع؟ قلت: نعم. قال: فلما حصلنا في الوراقين من الجانب الشرقي تلقانا رجل شيخ فقال لي بكير: غدا يكون لي مع هذا الشيخ شأن من الشأن. فقلت: يا سيدي من هو؟ فقال [لي] [3] هذا المقبل وأومأ بيده إلى الشيخ. قال: فلما كان في ليلة السبت قضى رحمة الله عليه، فقيل لي: في موضع كذا وكذا شيخ صالح/ يغسل الموتى. فجئت إلى الباب فنقرته وقلت: سلام عليكم. فقال لي: مات الشبلي؟ فقلت: نعم. فخرج إلي، فإذا هو الشيخ الذي لقينا بالأمس، فقلت: لا اله إلا الله. فقال لي: مالك؟ فقلت: يا سيدي، سألتك باللَّه من أين لك بموت الشبلي؟ فقال لي: فقدتك [أمك] [4] ما أجهلك [5] من أين يكون للشبلي أنه يكون له معي شأن من الشأن؟
أخبرنا أبو القاسم الحريري، عن أبي طالب العشاري، أخبرنا علي بن المظفر الأصبهاني، حدثنا أبو القاسم النحاس قال: سمعت يوسف بن يعقوب الأصبهاني يقول: قال الأدمي القارئ: رأيت في المنام كأن [كل من في] [6] مقبرة الخيزرانية جلوس على قبورهم، فقلت: من تنتظرون؟ فقالوا: قد وعدنا يجيئنا رجل يدفن عندنا، يهب الله محسننا ومسيئنا له. قال: فبكرت وجلست [7] فإذا بجنازة الشبلي تدفن عندهم.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ل، ص. وكتب «عن محمد بن الحسين بن موسى» مباشرة.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ل، ص. وكتب: «عن أبي الحسين بن المهتدي» مباشرة.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[5] في ت، ص، ل: «ما أبلهك» .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل. ومكانه في ت: «أهل» .
[7] في ت: «ودخلت» .(14/52)
ثم دخلت سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
[ما] [1] قد ذكرنا أن معز الدولة [أبو الحسين] [2] بن بويه حصر المطيع [للَّه] [3] ، ووكل به، وأن ناصر الدولة أبو محمد بن حمدان جاء إلى بغداد يخاصم عن الخليفة، فدخل إلى بغداد، وحارب معز الدولة، فعبر معز الدولة إلى الجانب الشرقي، فملكه في أول يوم من المحرم، فانهزم ناصر الدولة، ونهب الديلم باب الطاق وسوق يحيى، وقتل من العامة جماعة، وخرج نساء وصبيان من بغداد هاربين في طريق عكبرا، لأنه وقع للناس أن الديلم إذا ملكوا الجانب الشرقي وضعوا السيف تشفيا من العوام، لأنهم كانوا يشتمون معز الدولة والديالمة شتما مسرفا/ واستعمل معز الدولة الحلم، ومنع من القتل، إلا من هرب من الرجال والنساء والصبيان، وتلف في طريق عكبرا من الحر والعطش خلق كثير، لأنهم خرجوا مشاة حفاة [4] .
أنبأنا محمد [5] بن عبد الباقي البزاز، أَنْبَأَنَا [6] عَلِي بْن المحسن التنوخي، عَنْ أَبِيهِ قال: حدثني أبو الحسن أحمد بن يوسف قال: لما دخل الديلم من الجانب الغربي
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل. ومكانه في ت: «أبا الحسن» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ل، ص.
[4] «حفاة» سقطت من ت.
[5] في ت: «أخبرنا محمد ... » وفي الأصل: «أنبأنا عمر ... »
[6] في ت: «قال: أخبرنا» .(14/53)
إلى [الجانب] [1] الشرقي، وخاف الناس السيف فهربوا على وجوههم، وكانت [المرأة] [2] العذراء والمخدرة [3] المترفة من ذوات النعم، والصبية، والأطفال، والعجائز، وسائر الناس يخرجون على وجوههم يتعادون [4] يريدون الصحراء، وكان ذلك اليوم حارا فلا يطيقون المشي. قال أبو محمد الصلحي: انهزمنا يومئذ مع ناصر الدولة نريد الموصل من بين يدي معز الدولة، وقد عبر من الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي، فرأيت ما لا أحصي من أهل بغداد قد تلفوا بالحر والعطش، ونحن نركض هاربين فما شبهته إلا بيوم القيامة. قال: فأخبرني جماعة أنهم شاهدوا امرأة لم ير مثلها في حسن الثياب والحلي وهي تصيح: أنا [فلانة] [5] ابنة فلان، ومعي جوهر وحلي بألف دينار، ورحم الله من أخذه مني وسقاني شربة ماء، فما يلتفت إليها أحد حتى خرت ميتة، وبقيت متكشفة والثياب عليها والحلي وما يعرض له أحد [6] .
ولما استقر معز الدولة ببغداد استحلف المطيع للَّه أنه لا يبغيه سوءا، ولا يمالي عليه [7] عدوا، ثم أزال عنه التوكيل، وأعاده إلى داره، وورد الخبر بدخول [الأمير] [8] ركن الدولة أبي علي الحسن بن بويه الري وملك الجبل بأسره.
وفي أول رجب: صرف القاضي محمد بن الحسن بن أبي الشوارب عن القضاء بالجانب الغربي من بغداد، وتقلد أبو الحسن محمد بن صالح ابن أم شيبان مضافا لما [كان] إليه [9] من قضاء الجانب الشرقي.
وفي رمضان: وقع بقطربل برد كبار [في] [10] كل بردة أوقيتان وأكثر، فطحن
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
[3] في باقي النسخ: «والمخبأة» . وسقط من ت: «والمخبأة» .
[4] «يتعادون» سقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[6] في ت: «ما تعرض له أحد» .
[7] في ت: «ولا يمالي له» .
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
[9] في الأصل: «لما إليه ... » وفي ص، ل: «إلى ما كان إليه» . وفي ت: «إلى ما إليه» .
[10] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/54)
الغلات [1] / وكان [2] ذلك في سابع عشر نيسان.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2482- الحسن بن حمويه بن الحسين، أبو محمد القاضي الإستراباذي
[3] :
أدرك عمار بن رجاء [4] ، ولم يكتب عنه، وروى عنه [5] محمد بن إسحاق بن راهويه، وخلق كثير، وكان على قضاء استراباذ مدة طويلة، وكان من القوامين بالليل المتهجدين بالأسحار، يضرب به المثل في قضاء [6] حوائج المسلمين والقيام بأمرهم [7] بنفسه وماله وجاهه، وعقد مجلس الإملاء باستراباذ، وكتب عنه أهلها، مات فجأة على صدر جارية وقت الإنزال في هذه السنة.
2483- حمزة بن القاسم بن عبد العزيز، أبو عمر الهاشمي
[8] :
ولد في شعبان سنة سبع [9] وأربعين ومائتين، وكان يتولى الصلاة بالناس في جامع المنصور، ثم تولي إمامة جامع الرصافة، وحدث عن سعدان [10] بن نصر الدوري، وحنبل بن إسحاق، روى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وكان ثقة ثبتا ظاهر الصلاح، مشهورا بالرواية، معروفا بالخير وحسن المذهب.
توفي في شعبان هذه السنة ودفن عند قبر معروف [11] .
__________
[1] في ت: «فلحق الغلات وطحنها» .
[2] «وكان» سقطت من باقي النسخ.
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 216، 217) .
[4] في ت: «أدرك محمد بن رجاء» .
[5] في ت: «وروى عن ... » .
[6] «قضاء» سقطت من ت.
[7] في الأصل: «في أمورهم» .
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 181) .
[9] في ت: «سنة تسع» .
[10] في الأصل: «عن شعبان» .
[11] في ت: «في مقبرة معروف» .(14/55)
2484- عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله، أبو عبد الله الختلي
[1] :
سمع أبا العباس البرتي، والباغندي، وابن أبي الدنيا. روى عنه الدارقطني، وكان فهما عارفا ثقة حافظا، انتقل إلى البصرة فسكنها.
أخبرنا [أبو منصور] [2] القزاز، قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرني علي بن المحسن قال: أخبرني أبي قال: دخل إلينا أبو عبد الله الختلي إلى البصرة صاحب حديث، وكان مشهورا بالحفظ، فجاء [3] وليس معه شيء من كتبه، فحدث شهورا إلى أن لحقته كتبه، فسمعته يقول: حدثت/ بخمسين ألف حديث من حفظي إلى أن لحقتني كتبي.
2485- أَبُو بَكْر الصُّولي
[4] :
تُوُفّي سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة وكان قد خرج عن بغداد لإضاقة لحقته، وتُوُفيّ بالبصرة في هذه السنة.
2486- علي بْن عيسى بْن داود بن الجراح، أبو الحسن، وزير المقتدر باللَّه، والقاهر باللَّه
[5] :
ولد سنة خمس وأربعين ومائتين، وسمع أحمد بن بديل الكوفي، والحسن بن محمد الزعفراني، وحميد بن الربيع، وعمر بن شبة. روى عنه الطبراني وغيره، وكان صدوقا فاضلا [6] ، عفيفا في ولايته [7] ، كثير المعروف وقراءة القرآن والصلاة والصيام،
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 290. والبداية والنهاية 11/ 217) .
[2] «أبو منصور» سقطت من ت، والأصل.
[3] «فجاء» سقطت من ت.
[4] ترجمة أبو بكر الصولي سقطت من باقي النسخ.
ولكنه عاد وأدرج له ترجمة في سنة 336 هـ بأوسع من هذه.
واسمه: مُحَمَّد بن يحيى بن عَبْد اللَّهِ بن العباس بن محمد بن صول، أبو بكر المعروف بالصولي.
انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 3/ 427. ووفيات الأعيان 1/ 508. والنجوم الزاهرة 3/ 296 ونزهة الألباء 343. ولسان الميزان 5/ 427 والأعلام 7/ 136. وبروكلمان 1/ 149) .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 14. والبداية والنهاية 11/ 217) .
[6] في ت: «صالحا» .
[7] «ولايته» سقطت من ت.(14/56)
يحب أهل العلم، ويكثر مجالستهم، وأصله من الفرس، وكان داود جده من دير قني من [1] وجوه الكبار [2] ، وكذلك أبوه عيسى.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن علي، قَالَ: أخبرنا الأزهري قال: قال لي أبو الحسن محمد بن أحمد بن رزقويه [3] قال: قال لي ابن كامل القاضي: سمعت علي بن عيسى الوزير يقول: كسبت سبعمائة ألف دينار أخرجت منها في هذه الوجوه- يعني وجوه البر- ستمائة ألف [4] وثمانين ألفا.
أخبرنا عبد الرحمن قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا [5] عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا [6] أَبِي قَالَ: حدثنا [7] القاضي أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن قريعة وأبو محمد [8] عبد الله بن أحمد بن داسة قالا: حدثنا أبو [بكر] [9] سهل بن زياد القطان صاحب علي بن عيسى قال: كنت مع علي بن عيسى لما نفي إلى مكة فلما دخلناها دخلنا [10] في حر شديد وقد كدنا نتلف، فطاف علي بن عيسى وسعى، وجاء فألقي نفسه وهو كالميت من الحر والتعب، وقلق قلقا شديدا، وقال: اشتهي على الله شربة ماء مثلوج. فقلت [له] [11] يا سيدنا، تعلم أن هذا ما لا يوجد بهذا المكان [12] فقال:
هو كما قلت، ولكن نفسي ضاقت عن ستر هذا القول، فاستروحت إلى المنى [13] قال:
__________
[1] «من» سقطت من ت.
[2] في ت: «الكتاب» .
[3] في الأصل: «رزقونة» .
[4] في ت: «ثلاثمائة ألف» .
[5] في ت: «قال: حدثنا» .
[6] في الأصل: « ... التنوخي أنا أبي ... »
[7] في ت: «قال: أخبرنا» .
[8] في ت: «أبو عمر» .
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل. وهو في ميزان الاعتدال 2/ 238: «سهل بن زياد، أبو علي القطان» .
[10] «دخلنا» سقطت من ت.
[11] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[12] في ت: «البلد» .
[13] في باقي النسخ: «فاستروحت المنى» .(14/57)
وخرجت من عِنْدِهِ، ورجعت إلى المَسْجِد/ الحرام، فما استقررت [1] فيه حتى نشأت سحابة فبرقت ورعدت، وجاءت بمطر يسير، وبرد كثير فبادرت إلى الغلمان فقلت:
اجمعوا، فجمعنا منه شيئا عظيما، وملأنا منه جرارا كثيرة، وجمع أهل مكة منه شيئا عظيما، وكان علي بن عيسى صائما فلما كان وقت المغرب خرج إلى المسجد الحرام [2] ليصلي المغرب، فقلت له: [3] أنت والله مقبل، والنكبة زائلة، وهذه علامات الإقبال، فاشرب الثلج كما طلبت، وجئته بأقداح مملوءة من أصناف [الأسوقة] [4] والأشربة مكبوسة بالبرد، فأقبل يسقي ذلك من قرب منه من الصوفية والمجاورين والضعفاء، ويستزيد، ونحن نأتيه بما عندنا، وأقول له: اشرب فيقول: حتى يشرب الناس. فخبأت مقدار خمسة أرطال وقلت له: إنه لم يبق شيء. فقال: الحمد للَّه، ليتني كنت تمنيت المغفرة، فلعلي كنت أجاب، فلما دخل البيت لم أزل أداريه حتى شرب منه، وتقوت ليلته بباقيه.
أخبرنا القزاز قال أخبرنا أحمد بن علي الخطيب قال [5] أخبرنا القاضي أبو العلاء قال: أنشدنا القاضي أبو عبد الله بن أبي جعفر قال: أنشدني أبي قال: أنشدني الوزير أبو الحسن علي بن عيسى لنفسه:
فمن كان عني سائلا بشماتة ... لما نابني أو شامتا غير سائل
فقد أبرزت مني الخطوب ابن حرة ... صبورًا على أهوال تلك الزلازل
وقد روينا عن مكرم بن بكر القاضي قال: كنت خصيصا بالوزير أبي الحسن علي ابن عيسى [6] فأقبلت عَلَيْهِ يَوْمَا وهو مهموم [7] جدًا فسألته عن ذلك فقال: كتب إلى عاملنا
__________
[1] في الأصل: «فما استقررت» .
[2] «الحرام» سقطت من ت.
[3] في الأصل: «فقلت: أنت» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في الأصل «أخبرنا القزاز أخبرنا القاضي أبو العلاء» .
وفي ت: «أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي أخبرنا القاضي ... » .
[6] «بن عيسى» سقطت من ت.
[7] في باقي النسخ: «فدخلت عليه وهو مهموم» .(14/58)
بالثغر أن أسارى المسلمين في بلد الروم كانوا على رفق وصيانة إلى أن ولي آنفا ملك الروم حدثان/ منهم، فعسفا الأسارى، وأجاعاهم، وأعرياهم، وعاقباهم، وطالباهم بالتنصر، وأنهم في عذاب شديد، ولا حيلة لي في هذا والخليفة لا يساعدني، فكنت أنفق الأموال وأجهز الجيوش إلى القسطنطينية فقلت: ها هنا أمر سهل يبلغ به الغرض، فقال: قل يا مبارك! قلت: إن بأنطاكية عظيما للنصارى يقال له: البطرك، وبالقدس آخر يقال له: الجاثليق، وأمرهما ينفذ على الروم وعلى ملوكهم، والبلدان في سلطاننا، والرجلان في ذمتنا، فيأمر الوزير بإحضارهما، ويتقدم إليهما بإزالة ما تجدد على الأسارى، فإن لم يزل لم يطالب بتلك الجريرة غيرهما، فكتب يستدعيهما، فلما كان بعد شهرين جاءني [1] رسوله، فجئت فوجدته مسرورا فقال: جزاك الله عن نفسك ودينك وعني خيرا، كان رأيك أبرك رأي وأسده، هذا رسول العامل قد ورد، وقال له:
خبر بما جرى، فقال: أنفذني العامل مع رسول البطرك والجاثليق إلى القسطنطينية، وكتبا إلى ملكيها أنكما قد خرجتما بما فعلتما عن ملة المسيح عليه السلام، [2] وليس لكما الإضرار بالأسارى، فإنه يخالف دينكما وما يأمركما به المسيح عَلَيْهِ السلام [3] فإما زلتما عن هذا الفعل وإلا حرمناكما، ولعناكما على هذين الكرسيين، فلما وصلنا إلى القسطنطينية حجبنا أياما، ثم أوصل الرسولان إليهما واستدعياني، فقال الترجمان:
يقول لكما الملكان: الذي بلغ ملك العرب من فعلنا بالأسارى كذب وتشنيع، وقد أذنا لك في [4] دخولك لتشاهدهم على ضد ما قيل، وتسمع شكرهم لنا فدخلت فرأيت [5] الأسارى، وكأن وجوههم قد خرجت من القبور، تشهد بما كانوا فيه من الضر، ورأيت ثيابهم جميعًا جددا فعلمت أني حجبت تلك الأيام لتغيير حالهم. فقال لي الأسارى: نحن شاكرون للملكين فعل الله بهما وصنع، وأومأ إلى بعضهم أن الذي بلغكم/ كان صحيحا، إنما خفف عنا لما حصلتم ها هنا، فكيف بلغكم أمرنا؟ فقلت: ولي الوزارة علي بن عيسى،
__________
[1] في باقي النسخ: «بعد شهر جاءني» .
[2] في باقي النسخ: «عن ملة عيسى عليه السّلام» .
[3] «عليه السّلام» سقطت من باقي النسخ.
[4] في باقي النسخ: «وقد أذنا في دخولك» .
[5] في باقي النسخ: «فحملت فرأيت» .(14/59)
وبلغه حالكم ففعل كذا وكذا، فضجوا بالدعاء والبكاء [1] وسمعت امرأة منهم تقول مر يا علي بن عيسى لا نسي الله لك هذا الفعل! فلما سمع الوزير ذلك أجهش بالبكاء، وسجد شكرا للَّه تعالى، فقلت: أيها الوزير، أسمعك كثيرا تتبرم بالوزارة، فهل كنت تقدر على تحصيل هذا الثواب لولا الوزارة؟ فشكر لي [2] ، وانصرفت [3] .
أخبرنا أبو بكر بن أبي طاهر، عَنْ أبي القاسم عَلِي بْن المحسن التنوخي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حدثني جماعة من أهل الحضرة أن رجلا بالكرخ كان مشهورا بالستر وارتكبه دين، فقام عن دكانه ولزم منزله، وأقبل على الدعاء والصلاة ليالي كثيرة، فلما كانت ليلة الجمعة صلى صلاته ودعا ونام، قال: فأريت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يقول: اقصد علي بن عيسى الوزير، فقد أمرته لك بأربعمائة دينار، فخذها وأصلح بها أمرك. قال: وكان علي قيمة ستمائة دينار [4] فلما كان من غد قلت: قد قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ رأني في المنام فقد رأني [حقا فان] [5] الشيطان لا يتمثل بي» فلم لا أقصد الوزير؟ فجئت الباب فمنعت من الوصول إليه فجلست [6] إلى أن ضاق صدري وهممت بالانصراف، فخرج صاحبه وكان يعرفني معرفة ضعيفة، فأخبرته فقال: يا هذا، الوزير والله في طلبك منذ السحر والى الآن، وقد سأل عنك، فما عرفك أحد، والرسل مبثوثة في طلبك، فكن مكانك، قال:
ومضى ودخل، فما كان بأسرع من أن دعوني فدخلت إلى الوزير، فقال لي: ما اسمك؟
فقلت: فلان ابن فلان العطار. قال: من أهل الكرخ؟ قلت: نعم. قال: يا هذا، أحسن الله جزاءك في قصدك إياي، فو الله ما تهنأت [7] / بعيش منذ البارحة، جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في منامي فقال: «اعط فلان بن فلان العطار من الكرخ أربعمائة دينار يصلح بها شأنه» وكنت اليوم طول نهاري في طلبك، وما عرفك أحد، ثم قال: هاتوا ألف دينار
__________
[1] «والبكاء» سقطت من ص.
[2] في باقي النسخ: «فشكرني» .
[3] في ل: «ونهضت» .
[4] في ص: «ستمائة ألف» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في الأصل: «فقعدت» .
[7] في باقي النسخ: «ما برحت» .(14/60)
فحملوها، فقال: هذه أربعمائة دينار خذها امتثالا لأمر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلّم وستمائة هبة [1] مني لك، فقلت: أيها الوزير، ما أحب أن أزاد على عطية رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأني أرجو البركة فيه لا فيما عداه، فبكى علي بن عيسى وقال: [هذا هو اليقين] [2] خذ ما بدا لك.
فأخذت أربعمائة دينار فانصرفت، فقصصت قصتي على صديق لي وأريته الدنانير، وسألته أن يحضر غرمائي ويتوسط بيني وبينهم، ففعل فقالوا: نحن نؤخره ثلاث سنين بالمال فليفتح دكانه، فقلت: لا بل يأخذون مني الثلث من أموالهم، وكانت ستمائة، فأعطيت كل من له شيء ثلث ماله، فكان الذي فرقت بينهم مائتي دينار وفتحت دكاني، وأدرت المائتين الباقية في الدكان فما حال الحول إلا ومعي ألف دينار، فقضيت ديني كله، وما زالت حالتي تزيد وتصلح.
توفي علي بن عيسى في هذه السنة، وقيل: في سنة أربع وثلاثين، عن تسع وثمانين سنة.
2487- محمد بن أحمد [بن الربيع] [3] بن سليمان بن أبي مريم، أبو رجاء الأسوأني [4] الشاعر الفقيه
[5] :
كتب عنه علي بن عبد العزيز، وكان فقيها على مذهب الشافعي، وكان فصيحا رصينا، وله قصيدة تضمن فيها أخبار العالم، فذكر قصص الأنبياء نبيا نبيا، وسئل قبل موته بنحو من سنتين: كم بلغت قصيدتك إلى الآن؟ فقال ثلاثين ومائة ألف بيت، وقد بقي [عليّ منها أشياء أحتاج إلى زيادتها فِيهَا، ونظم فِيهَا الفقه، ورقم كتاب المزني وكتب] [6] الطب والفلسفة. توفي في ذي الحجة من هذه السنة.
2488- محمد بن أحمد بن سليمان، أبو الفضل، المعروف بابن القواس
[7] :
__________
[1] في باقي النسخ: «هدية» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين من ت، وقد سقطت من الأصل، ل، ص.
[4] في ت: «الأسواري» .
[5] انظر ترجمته في: (الطالع السعيد 267. وحسن المحاضرة 1/ 226) .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 306) .(14/61)
حدث عن إسحاق بن سنين الختلي [1] ، وروى عنه الدارقطني، [أخبرنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد قَالَ: أخبرنا أَحْمَد بْن علي قَالَ: قرأت بخط أَبِي الفتح بْن مسروق أن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سُلَيْمَان] [2] توفي ببغداد في أول سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، وقالوا: كان ثقة.
2489- محمد بن إسماعيل بن إسحاق بن بحر [3] أبو عبد الله الفارسي
[4] :
كان يتفقه على مذهب الشافعي، وحدث عن أبي زرعة الدمشقي وغيره، وروى عنه الدارقطني وغيره، وآخر من حدث عنه أبو عمر بن مهدي، وكان ثقة ثبتا فاضلا، وتوفي في [شعبان] [5] هذه السنة.
2490- مُحَمَّد بن إسحاق بن إبراهيم بن عثمان [6] ، أبو بكر بن أبي يعقوب المقرئ
[7] :
حدث عن محمد بن عبيد الله [8] المنادى وغيره وكان صدوقا.
2491- محمد بن جعفر بن أحمد بن يزيد، أبو بكر الصيرفي المطيري
[9] :
من أهل مطيرة سرمن رأي، سكن بغداد وحدث بها عن الحسن بن عرفة، وعلي ابن حرب، وعباس الدوري [وغيرهم] [10] وكان حافظا روى عنه الدارقطني وقال: هو ثقة مأمون، وابن شاهين وقال: كان صدوقا ثقة. وتوفي في صفر هذه السنة.
2492- هارون بن محمد بن هارون
بن علي [بن عيسى] [11] بن موسى بن عمرو بن جابر [بن يزيد بن جابر] [12] بن عامر بن أسيد بن تيم بن صبح بن [13] ذهل بن مالك بن بكر
__________
[1] في الأصل: «الحبلى» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[3] في الأصل: «بن بحر» . وفي ت: «بن يحيى» . وما أثبتناه من باقي النسخ وتاريخ بغداد.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 50. والبداية والنهاية 11/ 218) .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[6] «بن عثمان» سقطت من ت.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 256) .
[8] في الأصل: «عبد الله» .
[9] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 145) .
[10] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[11] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[12] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[13] «بن صبح» سقط من ت.(14/62)
ابن سعد بن ضبة، أبو جعفر، والد القاضي أبي عبد الله الحسين بن هارون [1] .
وكان أسلافه ملوك عمان في قديم الزمان، وأول من دخل عمان من ملوك [2] بني ضبة فتملك بها، ثم لم تزل ولده من بعده يرثون [3] هناك السيادة والشرف، ويزيد بن جابر ادركه [4] الإسلام فأسلم وحسن إسلامه، وأول من انتقل منهم من عمان: هارون ابن محمد، فسكن بغداد، وحدث بها، روى عنه ابنه.
أخبرنا عبد الرحمن [بن محمد] [5] قَالَ: أخبرنا أحمد بن [علي بن] [6] ثابت قال: أخبرنا عبد الكريم بن محمد المحاملي قَالَ: أخبرنا علي بن عمر الدارقطني وذكر هارون بن محمد فقال: / استولى على الفضائل، وساد بعمان في حداثة سنه، ثم خرج منها فلقي العلماء بمكة والكوفة والبصرة، ودخل مدينة السلام سنة [خمس وثلاثمائة فعلت منزلته عند السلطان وارتفع قدره وانتشرت مكارمه وعطاياه] [7] [وأنفق أمواله] [8] وانتابه [9] الشعراء من كل موضع، وامتدحوه فأكثروا، وأجزل صلاتهم، وأنفق أمواله في بر العلماء والإفضال عليهم، وفي صلات الأشراف من الطالبيين [10] والعباسيين وغيرهم، واقتناء الكتب المنسوبة، وكان مبرزا في العلم باللغة، والشعر، والنحو، ومعاني القرآن، والكلام، وكانت داره مجمعا لأهل العلم في كل [11] فن إلى أن توفي في سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 33. والبداية والنهاية 11/ 218) .
[2] «ملوك» سقطت من ت.
[3] في الأصل: «يوثر من» .
[4] في الأصل: «البركة» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[9] في ت: «وأتته» .
[10] في الأصل، ص، ل: «الأشراف والطالبين ... » .
[11] في باقي النسخ: «من كل» .(14/63)
ثم دخلت سنة ست وثلاثين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه ظهر كوكب مذنب في صفر [من] [1] ناحية المشرق طوله نحو ذراعين فمكث عشرة أيام ثم اضمحل.
وسار الخليفة ومعز الدولة من واسط في البرية على الطفوف، فلما صار في البرية ورد على معز الدولة رسول من الهجريين القرامطة من هجر [2] بكتاب منهم إليه باللوم على سلوكه البرية بغير أمرهم، إذ كانت لهم، فلم يجبهم عن الكتاب، وقال للرسول يقول لهم: ومن أنتم حتى تستأذنوا في سلوك البرية، وكأني [3] أنا أقصد البصرة قصدي إنما هو بلدكم وإليكم أخرج من البصرة بعد فتحي إياها [4] بإذن الله تعالى وستعرفون خبركم.
ولما افتتح معز الدولة البصرة قطع عن الخليفة الألفي درهم التي كان يقيمها له في كل يوم لنفقته، وعوضه عنها ضياعا من ضياع البصرة وغيرها، زيادة على قدر ضياع الخليفة بنحو مائتي ألف دينار [فِي السنة] [5] ثم نقص ارتفاعها على ممر السنين حتى صار [6] خمسين ألف دينار في السنة.
__________
[1] في ت: «في صفر ناحية» .
[2] «من هجر» سقطت من باقي النسخ.
[3] في الأصل: «وكأن» .
[4] «إياها» سقطت من ت.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من ت، الأصل.
[6] في باقي النسخ: «إلى أن صار» .(14/64)
وورد الكتاب بتقلد [1] القاضي أبي السائب عتبة بن عبيد الله/ القضاء في الجانب الغربي ومدينة أبي جعفر مكان القاضي أبي الحسين محمد بن صالح، فاجتمعت له مدينة السلام.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2493- أحمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله بن يزيد، أبو الحسين المعروف بابن المنادى
[2] .
ولد لثمان عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة ست وخمسين ومائتين، وسمع جده محمد بن عبيد الله، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، والعباس بن محمد الدوري، وخلقا كثيرا، وكان ثقة، أمينا، ثبتا، صدوقا، ورعا، حجة، صنف كتبا كثيرة، وجمع علوما جمة، ولم يسمع الناس من مصنفاته إلا أقلها لشراسة خلقه، وروى عنه جماعة آخرهم محمد بن فارس الغوري.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ [3] قَالَ:
حَدَّثَنِي أبو الفضل عبيد الله بن أحمد الصيرفي قال: كان أبو الحسين بن المنادى صلب الدين، صلب الطريقة [4] ، شرس الأخلاق، فلذلك لم تنتشر عنه الرواية. قال: وقال لي أبو الحسن بن الصلت: كنا نمضي مع ابن قاح الوراق إلى أبي الحسين بن المنادي نسمع منه، فإذا وقفنا ببابه خرجت إلينا جارية له وقالت: كم أنتم؟ فنخبرها بعددنا، ويؤذن لنا في الدخول ويحدثنا، فحضر مرة إنسان علوي وغلام له، فلما استأذنا قالت الجارية: كم أنتم؟ فقلنا: [نحو] [5] الثلاثة عشر. وما كنا حسبنا العلوي ولا غلامه في العدد، فدخلنا عليه، فلما رآنا خمسة عشر نفسا قال لنا: انصرفوا اليوم، فلست
__________
[1] في ت: «بتقليد» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 69. والبداية والنهاية 11/ 219) .
[3] في الأصل: «أحمد بن ثابت قال:» وفي ت: «أحمد بن الحافظ قال:»
[4] في باقي النسخ: «حسن الطريقة»
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل. وفي: ت: «فقلنا: ثلاثة عشر» .(14/65)
أحدثكم. فانصرفنا وظننا أنه عرض له شغل، ثم عدنا إليه مجلسا ثانيا فصرفنا ولم يحدثنا، فسألناه بعد عن السبب الذي أوجب ترك التحديث لنا/ فقال: كنتم تذكرون عدتكم في كل مرة للجارية وتصدقون، ثم كذبتم في المرة الأخيرة، ومن كذب في هذا المقدار لم يؤمن أن يكذب فيما هو أكثر منه. قال فاعتذرنا إليه، وقلنا: نحن نتحفظ فيما بعد فحدثنا. أو كما قال. ونقلت [1] من خط أبي يوسف القزويني [2] قال: أبو الحسين [3] بن المنادى من القراء المجودين، ومن أصحاب الحديث الكبار، وله في علوم القرآن أربعمائة كتاب ونيف وأربعون كتابا، أعرف منها واحدا وعشرين كتابا أو دونها، وسمعت بالباقين [4] ، وكان من المصنفين، ولا نجد في كلامه شيئا من الحشو، بل هو نقي الكلام، وجمع بين الرواية والدراية.
قال المصنف: [5] وقد وقع إلى من مصنفاته قطعة بخطه، وفيها من الفوائد ما لا يكاد يوجد في كتاب، ومن تأمل مصنفاته عرف قدر الرجل.
توفي في محرم هذه السنة ودفن في مقبرة الخيزران.
2494-[أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن معاوية، أَبُو الْحَسَن
[6] .
حَدَّثَ عَنْ أَحْمَد بْن حَمَّاد، وكان ثقة صالحا. وتوفي في رمضان هذه السنة.
2495- أَحْمَد بْن الْحُسَيْن ماناج، أَبُو الْعَبَّاس الإصطخري الفارسيّ
[7] .
كان رجلا صالحا زاهدا روى الحديث وأملاه.
وتُوُفيّ بمصر فِي ربيع الآخر من هَذِهِ السنة] .
__________
[1] في باقي النسخ: «نقلت» .
[2] في الأصل: «العروضي» .
[3] في الأصل: «أبو الحسين العروضي قال أبو الحسين ابن المنادي ... » .
[4] في باقي النسخ: «بالباقي» .
[5] في ص: «قال مؤلف الكتاب» .
[6] هذه الترجمة والتي تليها سقطت من كل النسخ سوى ت.
انظر ترجمة: «أحمد بن إبراهيم بن عبد الله» في: (معجم شيوخ الصيداوي 185) .
[7] الإصطخري: نسبة إلى إصطخر، وهي من كور فارس والقلعة (الأنساب 1/ 290) .(14/66)
2496- ريطة بنت عبيد الله العابدة
[1] .
صحبت أبا عثمان النيسابوري وأقرانه، وحفظت عنهم من كلامهم، وصلت حتى أقعدت، وكان مشايخ الزهاد يزورونها، وتوفيت في محرم هذه السنة.
2497- عبد الله بن عمر بن عبد الرحمن بن عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بن الخطاب، [أبو عمر] [2] وقيل: أبو محمد الخطابي
[3] .
حدث عن الدراوَرْديّ، روى عنه أبو بكر الأثرم، والبغوي، وكان ثقة.
توفي في ربيع الآخر [4] [بالبصرة في] [5] هذه السنة.
2498- عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد بن عبيد الله بن سعد، أبو محمد الزهري
[6] :
ولد سنة سبع وخمسين ومائتين وسمع عباسا الدوري وروى عنه ابن شاهين وكان ثقة وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة.
2499- محمد بن أحمد بن أحمد بن حماد، أبو العباس بن الأثرم المقرئ
[7] :
هكذا نسبه الدارقطني، والمحسن بن علي التنوخي، وأبو عمر الهاشمي، وكان أبو بكر بن شاذان يسقط جده أحمد ويجعل حمادًا هو الجد، ولد في سنة أربعين ومائتين، وسمع الحسن بن عرفة، وعلي بن حرب، وعباسا الدوري، وكتب الناس عنه بانتقاء عمر البصري، وحدث عنه محمد بن المظفر، والدارقطني، وغيرهما، وهو ثقة، وتوفي في هذه/ السنة.
2500- مُحَمَّد بن أحمد إبراهيم بن قريش بن حازم بن صبيح، أبو عبد الله الكاتب، يعرف: بالحكيمي
[8] .
__________
[1] انظر ترجمتها في: (صفة الصفوة 2/ 30) .
[2] «أبو عمر» سقطت من ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 21) .
[4] «في ربيع الآخر» سقطت من باقي النسخ.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] هذه الترجمة ساقطة من الأصل، ص. انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 289) .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 263) .
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 267) .(14/67)
ولد في ذي القعدة سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وسمع زكريا بن يحيى بن أسد المروزي، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، والعباس بن محمد الدوري في آخرين.
روى عنه الدارقطني، وأبو عمر بن حيويه وغيرهما، قال البرقاني [1] : هو ثقة إلا أنه يروى مناكير.
أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب قال: قرأت بخط أبي الحسن [2] بن الفرات: توفي الحكيمي يوم الخميس لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، ودفن يوم الجمعة.
2501- مُحَمَّد بن يحيى بن عَبْد اللَّهِ بن العباس بن محمد بن صول، أبو بكر الصولي
[3] :
كان أحد العلماء بفنون الآداب، حسن المعرفة بأخبار الملوك، وأيام الخلفاء، ومآثر الأشراف، وطبقات الشعراء، وحدث عن أبي داود السجستاني، وثعلب، والمبرد، وأبي العيناء، والكديمي، وأبي رويق [4] وخلق كثير، وكان واسع الرواية، حسن الحفظ [5] حاذقا بتصنيف الكتب، وكان له بيت عظيم مملوء كتبا، وكان يقول: كل هذه الكتب سماعي. ونادم جماعة من الخلفاء، وصنف سيرهم، وله أبوة حسنة، فإن جده صول وأهله كانوا ملوك جرجان، ثم رأس أولاد صول في الكتابة، وتقلد [6] الأعمال السلطانية، وكان أبو بكر حسن الاعتقاد، جميل الطريقة، وله شعر حسن، روى عنه ابن حيويه، [وأبو الحسن] [7] الدارقطنيّ، وغيرهما.
__________
[1] في الأصل: «البرقي» .
[2] في الأصل: «أبي الحسين» .
[3] سبق وأدرج المؤلف هذه الترجمة في وفيات سنة 335 هـ فلعل هذا سهوا من الناسخ.
وقد سبقت الإشارة إلى مواضع ترجمته هناك.
[4] في ص، ل: «أبي روق.
[5] في الأصل: «حسن الحظ» .
[6] في الأصل: «وقلدوا» .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/68)
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أحمد بن علي [1] [بن ثابت] / قال: أنشدني أبو القاسم الأزهري قال: أنشدنا عبيد الله بن محمد المقرئ [2] قال أنشدنا أبو بكر الصولي لنفسه:
أحببت من أجله من كان يشبهه ... وكل شيء من المعشوق معشوق
حتى حكيت بجسمي ما بمقلته ... كأن سقمى من جفنيه مسروق
ومن أشعاره:
شكى إليك ما وجد ... من خانه فيك الجلد
لهفان إن شئتَ اشتكى ... ظمآن إن شئت ورد
صب إذا رام الكرى ... نبهه [3] لذع الكمد
يا أيها الظبي الذي ... تصرع عيناه الأسد
أما لأسراك فدى؟ ... أما لقتلاك قود؟
ماذا على من جار في ... أحكامه لو اقتصد
ما ضره لو أنه ... أنجز ما كان وعد
هان عليه سهري ... في حبه لما رقد
واها لغر غره ... أنا وصلناه وصد
بمقلتيه حور ... وقده فيه غيد
وقال أبو بكر الصولي: حضرت باب علي بن عيسى الوزير ومعنا جماعة من أجلاء الكتاب، فقدمت دواة وكتبت:
خلفت [4] على باب ابن عيسى كأنني ... قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
إذا جئت أشكو طول فقري وخلتي ... يقولان لا تهلك أسى وتجمل/
ففاضت دموع العين من قبح ردهم ... على النحر حتى بل دمعي محملي
__________
[1] في الأصل: «أبو بكر أحمد بن علي» . وفي ل، ت، ص «أبو بكر ابن ثابت» .
[2] في الأصل: «عبد الله بن أحمد المنصوري» . وما أثبتناه هو ما في باقي النسخ وتاريخ بغداد 3/ 429.
[3] في باقي النسخ: «نهبه» وفي الأصل: «يمنعه» .
[4] في الأصل: «خلوت» .(14/69)
لقد طال تردادي وقصدي إليهم ... فهل عند رسم دارس من معوِّل
فنما الخبر إليه فاستدعاني وقال: يا صولي، فهل عند رسم دارس من معوِّل؟
فاستحييت وقلت: أيد الله [1] الوزير ما بقي شيء، وأنا كما ترى، فأمر لي بخمسة آلاف [درهم] [2] فأخذتها وانصرفت.
خرج أبو بكر الصولي لإضاقة يد عن بغداد [3] ، فتوفي بالبصرة في هذه السنة.
2502- ابنة أبي الحسن المكي
[4] :
أَنْبَأَنَا مُحَمَّد بْن أبي طاهر البزاز قَالَ: أخبرنا أبو القاسم عَلِي بْن المحسن التنوخي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي عبيد اللَّه بْن أَحْمَد بْن بكير [5] قال: كان لأبي الحسن المكيّ ابنة مقيمة بمكة أشد ورعا منه، وكانت لا تقتات إلا ثلاثين درهما ينفذها إليها أبوها في كل سنة مما يستفضله من [ثمن] [6] الخوص الذي يسفه ويبيعه، فأخبرني ابن الرواس التمار وكان جاره قال: جئته [7] أودعه للحج، وأستعرض حاجته، وأسأله أن يدعو لي، فسلم إلي قرطاسا وقال: لتسأل بمكة في الموضع الفلاني عن فلانة، وتسلم هذا إليها، فعلمت أنها ابنته، فأخذت القرطاس وجئت، فسألت عنها فوجدتها بالعبادة والزهد أشد اشتهارا من أن تخفى، فطمعت [8] [نفسي] [9] أن يصل إليها من مالي شيء يكون لي ثوابه، وعلمت أنني إن دفعت إليها ذلك لم تأخذه، ففتحت القرطاس وجعلت الثلاثين خمسين درهما/ ورددته كما كان، وسلمته إليها، فقالت: أي شيء خبر أبي؟
__________
[1] في الأصل: «أيها» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من ت، ص، ل.
[3] في ت: «فرج أبو بكر الصولي عن بغداد لإضافة لحقته» .
وفي ص، ل: «فرج أبو بكر الصولي لإضافة عن بغداد» .
[4] انظر ترجمتها في: (صفة الصفوة 2/ 67) .
[5] في الأصل: «عبد الله بن أحمد بن بكر» . وفي ت «عبيد الله بن أحمد بن بكر» .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] في الأصل، ت: «جئت» .
[8] في الأصل: «فأحبيت» .
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/70)
فقلت: على السلامة [1] . فقالت: قد خالط أهل الدنيا وترك الانقطاع إلى الله تعالى؟
فقلت: لا. قَالَتْ: فأسألك عَنْ شَيْءٍ أتصدقني [2] باللَّه وبمن [3] حججت [إليه إنَّ سألتك عَنْ شَيْءٍ فتصدقني] ؟ [4] فقلت: نعم. فقالت: خلطت [في] هذه الدراهم بشيء [5] من عندك؟ فقلت: نعم، فمن أين علمت بهذا؟ فقالت: ما كان أبي يزيدني على الثلاثين شيئا، لأن حاله لا تحتمل [6] أكثر منها، إلا أن يكون ترك العبادة، فلو أخبرتني بذلك ما أخذت منه أيضا شيئا ثم قالت لي: خذ الجميع، فقد عققتني من حيث قدرت أنك بررتني [7] ، ولا آخذ من مال لا أعرف كيف هو شيئا. فقلت: خذي منها ثلاثين درهما [8] [كما أنفذ إليك أبوك وردي الباقي] [9] . فقالت: لو عرفتها بعينها من جملة الدراهم لأخذتها، ولكن قد اختلطت بما لا أعرف جهته، فلا آخذ منها شيئا! وأنا الآن أقتات [10] إلى الموسم الآخر من المزابل، لأن هذه كانت قوتي طول السنة، فقد أجعتني ولولا أنك ما قصدت أذاي لدعوت عليك قال: فاغتممت وانحدرت [11] إلى البصرة، وجئت إلى أبي الحسن فأخبرته [واعتذرت إليه] [12] فقال: لا آخذها [13] وقد اختلطت بغير مالي، وقد عققتني وإياها قال: فقلت: ما أعمل بالدراهم؟ قال: لا أدرى! فما زلت مدة أعتذر إليه وأسأله ما أعمل بالدراهم، فقال لي بعد مدة تصدق [14] بها. ففعلت.
__________
[1] في ت: «فقلت: سلامة» .
[2] «عن شيء أتصدقني» سقط من ت، ص، ل.
[3] في ت: «الّذي» .
[4] في الأصل، ص، ل: «حججت له عن شيء فتصدقني؟» .
[5] في ت، ص، ل: «خلطت في هذه الدراهم شيئا» .
[6] «لا تحتمل» سقطت من ت.
[7] في الأصل: «بتربي» .
[8] «درهم» سقطت من ت، ص، ل.
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[10] في المطبوعة: «أتتات» .
[11] في ت، ص، ل: «وعدت» .
[12] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[13] في ت، ص، ل: «لا آخذنها»
[14] في المطبوعة: «صدق بها» .(14/71)
ثم دخلت سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه يوم السبت لإحدى عشرة ليلة بقيت من المحرم تفزع الناس بالليل [وتحارسوا] [1] وكان سبب ذَلِكَ [2] : خيل إليهم/ حيوان يظهر في الليل في سطوحهم فتارة يظنونه ذئبا، وتارة يظنون [3] غيره، فبقوا على ذلك أياما كثيرة [4] ثم سكنوا، وكان ابتداء ذلك من «سوق الثلاثاء» [إلى غيره] [5] ثم انتشر في الجانبين.
وفي يوم الاثنين لليلتين خلتا من رمضان: انتهت زيادة [دجلة] [6] إلى إحدى وعشرين ذراعا وثلث، فغرقت الضياع [7] والدور التي عليها، وأشفى الجانب الشرقي على الغرق، وهمّ الناس بالهرب منه.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2503- أحمد بن إسماعيل بن القاسم بن عاصم، أبو جعفر.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] «وكان سبب ذلك» سقطت من ت، ص، ل.
[3] «يظنون» سقطت من ص، ل.
[4] «كثيرة» سقطت من ت.
[5] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل، ص، ل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] في الأصل: «الديار» وسياق الكلام يخالفه.(14/72)
حدث عن أبي بكر بن أبي مريم، وعن أبي زرعة الدمشقي [1] بتاريخه، ورحل، وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
2504- عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم بن الحكم، أبو محمد البيع، والد أبي عبد الله [2] الحاكم
[3] .
أذن ثلاثا وثلاثين سنة، وغزا اثنتين وعشرين غزاة، وكان يديم الصلاة بالليل، وأنفق على العلماء والزهاد مائة ألف درهم، وقد رأي عبد الله بن أحمد، ومسلم بن الحجاج، وروى عن ابن خزيمة وغيره.
وتوفي في هذه السنة وَهُوَ ابن ثلاث وتسعين سنة.
2505- قدامة بن جعفر بن قدامة، أبو الفرج [الكاتب]
[4] .
له كتاب حسن في الخراج وصناعة الكتابة، وقد سأل ثعلبا عن أشياء.
2506- محمد بن الحسن [بن يزيد] [5] بن عبيد بن أبي خبزة، أبو بكر الرقى
[6] .
قدم بغداد في سنة ثلاثين وثلاثمائة، وحدث بها عن هلال بن العلاء وغيره. روى عنه الدارقطني.
أخبرنا القزاز/ قال: أخبرنا الخطيب قال: ما علمت من حاله [7] إلا خيرا.
2507- محمد بن الحسين بن محمد بن سعيد [8] ، أبو عبد الله الزعفراني الواسطي
[9] :
سمع أبا بكر بن أبي خيثمة، وكان ثقة، وتوفي في شوال [10] هذه السنة.
__________
[1] في الأصل: الأسفي» .
[2] في ت: «أبي عبد الرحمن» ، و «الحاكم» سقطت من ت.
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 220) .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل. انظر ترجمة قدامة بن جعفر في: (تذكرة الحفاظ 3/ 5) .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 198) .
[7] في ت: «ما علمت من خبره ... » .
[8] في ت: «محمد سعيد» .
[9] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 240) .
[10] «شوال» سقطت من ت، الأصل.(14/73)
2508- محمد بن علي بن عمر، أبو علي المذكر
[1] ، كان يذكر في [بعض] [2] مواضع من نيسابور ويجتمع إليه الخلق، وسمع الحديث من مشايخ فلم يقتصر عليهم حتى روى عن مشايخ آبائه الذين [3] لم يسمع منهم، ثم لم يقتصر على ذلك حتى حدث عن هؤلاء [4] الشيوخ بما لم يتابع عليه هذا على كبر سنه، فإنه توفي في [شعبان] [5] هذه السنة، وهو ابن مائة وسبع سنين.
2509- محمد بن مطهر بن عبيد، أبو النجاء الفرضيّ الضرير
[6] .
كان حاذقا بالفرائض، له فيها مصنفات بعيد المثل، وكان فقيها على مذهب مالك رحمه الله، وله كتاب مصنف في الفقه [7] على مذهبه، وكان أديبا [فهما] [8] فطنا.
وتوفي في رمضان هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 221) .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
[3] في الأصل: «الّذي» .
[4] في الأصل: «هذه» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 221) .
[7] «في الفقه» سقطت من ت.
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.(14/74)
ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه في آخر ربيع الأول وقعت فتنة بين [أهل] [1] السنة والشيعة ونهبت الكرخ.
وفي يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة تقلد القاضي أبو السائب عتبة بن عبيد الله الهمذاني قضاء القضاة. [2]
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2510- أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس، أبو جعفر النحوي، المعروف: بابن النحاس
[3] :
وكان عالما بالنحو حاذقا، وكتب الحديث، وخرج [4] إلى العراق فلقي أصحاب المبرد، وله تصانيف حسان [في] [5] تفسير القرآن، والنحو.
توفي في ذي الحجة من هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
[2] في ت «الكوفة» .
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 222) .
[4] في باقي الأصول: «كتب الحديث، خرج ... » .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/75)
2511- إبراهيم بن محمد بن أحمد بن أبي ثابت، أبو إسحاق العطار.
[1] روى/ عن سعدان بن نصر والربيع بن سليمان والحسن بن عرفة ولم يكن عنده عنه إلا حديث واحد، روى عنه ابن المظفر وابن شاهين [2] ، وكان ثقة وسكن دمشق، ومات بها في هذه السنة.
2512- عبد الله المستكفي باللَّه أمير المؤمنين ابن علي بْن المكتفي
[3] .
بويع فمكث في الخلافة سنة وأربعة أشهر ويومين، وخلع وقبض عليه أبو الحسن بن بويه، واعتقله في داره، فمات هناك بنفث [4] الدم في هذه السنة، وقيل: بل شمله المطيع واعتقله، وتوفي [وهو] [5] ابن ست وأربعين سنة وشهرين.
2513- علي بن حمشاذ [6] بن سختويه [7] بن نصر، أبو الحسن المعدل
[8] :
محدث عصره بنيسابور، سافر البلدان، وسمع [9] وأكثر عن إسماعيل القاضي وطبقته، وكان كثير الحديث والتصانيف، شديد الإتقان، وجمع «المسند الكبير» في أربعمائة جزء و «الأنوار» مائتين وستين جزءا، و «التفسير» مائتين وثلاثين جزءًا [10] وكان أبو بكر بن إسحاق يقول: صحبت علي بن حمشاذ [11] في السفر والحضر، فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه خطيئة، وكان لا يترك قيام الليل، وتوفي في يوم الجمعة رابع عشر شوال من هذه السنة فجأة، دخل الحمام يوم الجمعة فمات فيه من غير مرض.
__________
[1] في ت: «العطاردي» . انظر ترجمته في (تاريخ بغداد 6/ 163) .
[2] «ولم يكن عنده عنه إلا حديث واحد، روى عنه ابن المظفر وابن شاهين» سقط من ت.
[3] في باقي النسخ: «علي المكتفي» . انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 222) .
[4] في ت: «بقيام الدم» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في الأصل: «علي بن حماد» .
[7] في الأصل: «ابن نحنونة» . وفي ص، ل: «سنحتونة» .
[8] «المعدل» سقطت من ت. انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 222) .
[9] في ت: «وحدث» .
[10] «والأنوار مائتين وستين جزءًا والتفسير مائتين وثلاثين جزءا» سقط من ت.
[11] في الأصل: «حماد» .(14/76)
2514- علي بن محمد بن محمد بن أحمد بن الحسن [1] ، أبو الحسن الواعظ
[2] :
ولد في محرم سنة إحدى وخمسين ومائتين، وهو بغدادي أقام بمصر مدة طويلة، فقيل له: المصري، ثم رجع إلى بغداد. سمع من جماعة بمصر وبغداد، روى عنه [3] ابن المظفر والدارقطني وابن شاهين وابن رزقويه [4] وأبو الحسين بن بشران.
أخبرنا أبو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو بَكْرٍ [5] أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ/ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ:
كان أبو الحسن المصري ثقة [6] أمينا عارفا، جمع حديث الليث بن سعد، وابن لهيعة، وصنف كتبا كثيرة في الزهد، وكان له مجلس يتكلم فيه بلسان الوعظ، فحدثني الأزهري أن أبا الحسن المصري كان يحضر مجلس وعظه رجال ونساء، وكان يجعل على وجهه برقعا مخافة [7] أن يفتتن به النساء من حسن وجهه.
قال الأزهري: وحدثت [8] أن أبا بكر النقاش المقرئ حضر مجلسه مستخفيا، فلما سمع كلامه قام قائما، وشهر نفسه، وقال لأبي الحسن: أيها الشيخ، القصص [9] بعدك حرام. توفي في ذي القعدة من هذه السنة.
2515- علي بن بويه، أبو الحسن
[10] .
أول من ظهر من الديلم، وقد ذكرنا مبدأ أمره وأمر أبيه في سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، وأنه ضمن البلاد من الخليفة، وتمكن وكان فيه عقل وشجاعة، وكانت إمارته
__________
[1] في ت: «علي بن أحمد بن محمد بن الحسن، أبو الحسن ... » .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 75، وفيه: «علي بن محمد بن أحمد بن الحسن، أبو الحسن الواعظ. والبداية والنهاية 11/ 222) .
[3] في ت: «سمع منه» .
[4] في الأصل: «ابن رزقونة» .
[5] «أبو بكر» سقطت من ت.
[6] «ثقة» سقطت من ت.
[7] في باقي النسخ: «تخوفا» .
[8] في الأصل: «قال الزهري: وحدث» .
[9] «القصص» سقطت من ت وكتبت على الهامش.
[10] انظر ترجمته في: (الأعلام 4/ 268. ووفيات الأعيان 1/ 364. والبداية والنهاية 11/ 221) .(14/77)
ست عشرة سنة، وكان الخليفة يخاطبه بأمير الأمراء، وتوفي بشيراز في هذه السنة وعمره سبع وخمسون سنة.
2516- محمد بن عبد الله بن دينار، أبو عبد الله المعدل الزاهد
[1] .
من أهل نيسابور روى عنه [2] ابن شاهين، وكان ثقة، فقيها، عارفا بمذهب أبي حنيفة، ورغب عن الفتوى لاشتغاله بالعبادة وكان يديم الصيام والقيام مع صبره على الفقر وكسب الحلال من عمل يده، وكان يحج في كل عشر سنين، ويغزو في كل ثلاث سنين.
وتوفي منصرفه عن الحج يوم الاثنين [3] غرة صفر من هذه السنة، ودفن بقرب الإمام أبي حنيفة.
2517- محمد بن أحمد بن موسى، أبو المثنى الزاهد [4] ، المعروف: بالدردائي
[5] .
من أهل الكوفة قدم بغداد، وحدث بها في صفر [6] في سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة عن الحسن بن علي بن عفان العامري/.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أَحْمَد بن علي بن ثابت قَالَ: كتب إلى أبو طاهر محمد بن محمد بن الحسين بن الصباغ المعدل من الكوفة وحدثنيه محمد بن علي الصوري عنه قال: أَخْبَرَنَا أبو الحسن محمد بْن أحمد بْن حماد الحافظ قال: مات أبو المثنى الدردائي الفقيه لتسع [7] بقين من رمضان سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة [8] ، وكان رجلا صالحا أحد من يفتى في الحلال والحرام والدماء ثقة صدوقا [9] ، وكان يرمى
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ نيسابور 510) .
[2] في ت: «روى عن» .
[3] في الأصل: «وتوفي بمصر هذه السنة منصرفه من الحج يوم الإثنين ... » .
[4] في ت: «الدهتاني» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 358) .
[6] «في صفر» سقطت من باقي النسخ.
[7] في ت: «لسبع» .
[8] «ثلاثمائة» سقطت من ت.
[9] «أحد من يفتى في الحلال والحرام والدماء ثقة صدوقا» هذه الجملة سقطت من ص.(14/78)
بالقدر، وقد جالسته طويلا وعريضا [1] فما سمعت منه في هذا شيئا.
2518- محمد بن إبراهيم بن أحمد
بن صالح بن دينار، أبو الحسن البغوي المعدل [البغشيني] [2] يعرف: بابن حبيش [3] ، لأن أحمد جده كان يلقب حبيشا.
ولد في شعبان سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وإنما [4] سميناه بالبغشيني لأنه من قرية من خراسان من مروالروذ يقال لها: بغشة [5] قال: وكان المنصور بنى لهم مسجد البغشيين، وصلى فيه المنصور، واستسقى [فيه] [6] ماء، وحدث عن عباس الدوري وغيره، روى عنه الدارقطني [فقال: لَمْ يكن بالقوي] [7] .
وتوفي يوم الثلاثاء لعشر خلون من جمادى الآخرة من هذه السنة.
__________
[1] في ص، ل، ت: «حالسته الطويل العريض ... » .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 410) .
[4] في الأصل: «وقال وإنما ... » .
[5] في ت: «يغبون» . وفي تاريخ بغداد: «بقشور» . وفي معجم البلدان «بغ» .
[6] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.(14/79)
ثم دخلت سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
[غزو سيف الدولة في بلاد الروم]
أنه ورد الخبر في يوم الاثنين لإحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخِرَة [1] : بأن سيف الدولة غزا فأوغل في بلاد الروم، وفتح حصونا كثيرة من حصونهم [2] وسبي خلقا كثيرا، فلما أراد الخروج من بلاد الروم أخذوا عليه الدرب الذي أراد أن يخرج منه، فتلف [3] كل من كان معه من المسلمين، اسرا وقتلا، وارتجع الروم ما أخذه من السبي، وأخذوا خزانته وكراعه وسلاحه/ وأفلت في عدد يسير، وقد كان معه ثلاثون ألف [4] رجل.
[رد الحجر الأسود]
وفي ذي القعدة: رد [5] الحجر الأسود الذي كان أبو طاهر سليمان بن الحسن الهجري أخذه من الكعبة، وعلق على الأسطوانة السابعة من مسجد الكوفة، و [قد] [6] كان بجكم بذل في رده خمسين ألف دينار فلم يرد، وقيل: أخذناه بأمر، وإذا ورد الأمر برده رددناه، فلما كان في ذي القعدة كتب إخوة أبي طاهر الهجريّ [7] كتابا يذكرون فيه
__________
[1] في ص، ل: «جمادى الأوموي» .
[2] «من حصونهم» سقطت من ت.
[3] «من بلاد الروم أخذوا عليه الدرب الذي أراد أن يخرج منه فتلف» سقط من ت.
[4] في باقي النسخ: «وكان معه ألف ... » .
[5] في الأصل: «ورد» .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] «الهجريّ» سقطت من ص، ل، ت.(14/80)
أنهم ردوا الحجر بأمر من أخذوه بأمره، ليتم مناسك الناس وحجهم [1] . فرد إلى موضعه.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2519- أحمد بن عبد الله بن علي بن إسحاق [2] ، أبو الحسن الناقد
ولد بمصر وحدث عن الربيع بن سليمان وغيره، وكان ثقة ظريفا. توفي في صفر هذه السنة.
2520-[أحمد بن محمد بن فضالة بن سلمان السري الحمصي
[3] حدّث عن جماعة وكان ثقة توفي بمصر في هذه السنة.
2521- الحسن بن إسحاق أبو محمد الجوهري
[4] .
كتب كثيرا وولي القضاء بمصر وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة] .
2522- الحسن بن داود بن بابشاذ، أبو سعيد المصري
[5] .
قدم ببغداد، ودرس فقه أبي حنيفة على الصيمري، ودرس وقرأ بقراءات عدة، وحفظ طرفا من علم الأدب، والحساب، والجبر، والمقابلة، وكان مفرط الذكاء، قوى الفهم، وكتب الحديث، وكان ثقة غزير العقل، وكان أبوه يهوديا فأسلم وذكر بالعلم، توفي أبو سعيد في ذي القعدة من هذه السنة، ودفن في مقبرة الشونيزي وما بلغ الأربعين.
2523- الحسين بن أحمد الناصر
بن يحيى الهادي بن الحسين بن إبراهيم بن
__________
[1] في ت: «مناسك الحج للناس» .
[2] انظر ترجمته في: (معجم شيوخ الصيداوي ص 195) .
[3] الحمصي: نسبة إلى حمص، بلدة من بلاد الشام (الأنساب 4/ 221) . وهذه الترجمة والتي تليها سقطا من الأصل، ص، ل.
[4] الجوهري: هذه النسبة إلى بيع الجوهر. (الأنساب 3/ 379) .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 307. والبداية والنهاية 11/ 223) .(14/81)
إسماعيل بن الحسن [1] بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أبو عبد الله الكوفي [2] .
قدم بغداد وحدث بها عن أبيه، روى عنه ابن حيويه، وكان أحد وجوه بني هاشم وعظمائهم وكبرائهم [3] وصلحائهم، ورعا خيرا، فاضلا، فقيها، ثقة صدوقا، وكان أحد شهود الحاكم، ثم ترك الشهادة وتوفي في هذه السنة.
2524-[عَبْد الرَّحْمَنِ بْن سلمويه الرّازيّ
[4] .
قَدِمَ مصر وتفقه بها على مذهب الشّافعيّ، وحدَّث وأفتى وكان يجلس فِي حلقة المزني فِي مسجد الجامع العتيق، وتُوُفيّ بمصر في هذه السنة]
[5]
2525- محمد القاهر باللَّه [أمير المؤمنين] [6] ، ابن أحمد المعتضد باللَّه
[7] .
ولي الخلافة سنة وستة أشهر/ وسبعة أيام، وكان بطاشا فخافه كل أحد، حذر منه [8] وزيره أبو علي بن مقله فاستتر، وأغرى الجند به فخلعوه وسملوا عينيه، ثم خرج من دار السلطان في سنة ثلاث وثلاثين إلى دار ابن طاهر، وتوفي في جمادى الآخرة [9] من هذه السنة، ودفن إلى جنب أبيه المعتضد في خلافة المطيع، وكان عمره اثنتين وخمسين سنة.
2526- محمد بن أحمد بن عمرو بن عبد الخالق
[10] بن خلاد [11]
__________
[1] في الأصل: «الحسين» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 7) .
[3] «وكبرائهم» سقطت من ت.
[4] الرازيّ: نسبة إلى الري وهي بلدة كبيرة من بلاد الديلم (الأنساب 6/ 41) .
[5] هذه الترجمة بأكملها ساقطة من الأصل، ص، ل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
وسقط من ت أيضا: «ابن أحمد المعتضد باللَّه» .
[7] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 223) .
[8] في ت: «فحذر منه وخافه» .
[9] في باقي النسخ: «في جمادى الآخرة» .
[10] في ت: «عبد الخلافة» .
[11] «ابن خلاد» سقطت من ت.(14/82)
أبو العباس العتكي البزار [1] .
سمع خلقا كثيرا، وروى عنه الدارقطني وابن شاهين، وكان ثقة.
وتوفي يوم الأحد لعشر خلون من شعبان هذه السنة.
2527- محمد بن عبد الله بن أحمد، أبو عبد الله الصفار الأصبهاني
[2] محدث عصره بخراسان، سمع الكثير وروى عنه ابن أبي الدنيا من كتبه، وكان مجاب الدعوة ولم يرفع رأسه إلى [السماء] [3] نيفا وأربعين سنة، وكان يقول: اسم أمي: آمنة [واسمي: محمد، واسم أبي: عبد الله] فاسمي واسم [4] أمي وأبي يوافق اسم رسول الله، واسم أبيه وأمه [5] توفي في ذي القعدة من هذه السنة.
[6]
__________
[1] في ت: «البزاز» .
انظر ترجمته في: (الأنساب 2/ 183) .
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 224) .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] «أمي آمنة واسمي محمد واسم أبي عبد الله، فاسمي واسم» سقط من ت وأدرجت في الهامش.
ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] «واسم أبيه وأمه» سقطت من ت.
[6] في ت: «تم المجلد الثامن عشر» .(14/83)
ثم دخلت سنة أربعين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
[مسير صاحب عمان]
أنه ورد الخبر بمسير صاحب عمان إلى الأبلة يريد البصرة وورود أبي يعقوب الهجري لمعاونة صاحب عمان على فتح البصرة، فانهزم صاحب عمان من البصرة، واستؤسر جماعة من أصحابه، وأخذ منه خمسة مراكب، ودخل في ربيع الآخر أبو محمد المهلبي إلى بغداد ومعه المراكب والأسارى.
[فتنة عظيمة بالكرخ]
وفي رمضان: وقعت فتنة عظيمة بالكرخ [1] بسبب المذهب.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2528- أشهب بن عبد العزيز بن داود بن إبراهيم، أبو عمرو العامري
[2] .
أحد الفقهاء منسوب إلى عامر بن صعصعة وكذلك قبيصة/ بن عقبة، ويقال:
العامري، وينسب إلى عامر [3] بن لؤي، منهم حسل العامري، وعباس، وغيرهما، ويقال: العامري منسوبا إلى عامر بن عدي [4] في تجيب منهم إبراهيم بن سعيد بن عروة، توفي أشهب في شعبان هذه السنة.
__________
[1] «بالكرخ» سقطت من ت.
[2] انظر ترجمته في: (تهذيب التهذيب 1/ 359، وفيه أنه توفي سنة 204 هـ. ووفيات الأعيان 1/ 78.
والأعلام 1/ 333. وفي كل المصادر أنه توفي سنة 204 هـ فلعل هذا خطأ من النساخ) .
[3] «بن صعصعة وكذلك قبيصة بن عقبة ويقال: العامري وينسب إلى عامر» ساقط من ت.
[4] «منهم حل العامري، وعباس وغيرهما، ويقال: العامري منسوبا إلى عامر بن عدي» ساقط من ت وأثبت على الهامش، وفيه: «حسان» بدلا من «حسل» وهو خطأ.(14/84)
2529- عبيد [1] الله بن الحسين بن دلال بن دلهم، أبو الحسن الكرخي كرخ جدان
[2] ولد سنة ستين ومائتين، وسكن بغداد، ودرس بها فقه أبي حنيفة وحدث عن إسماعيل بن إسحاق القاضي، روى عنه ابن حيويه، وابن شاهين، وانتهت إليه رياسة أصحاب أبي حنيفة، وانتشر أصحابه في البلاد، وكان متعبدا، كثير الصلاة والصوم، صبورا على الفقر، عزوفا [3] عما في أيدي الناس، إلا أنه كان رأسا في الاعتزال.
أخبرنا أبو منصور القزاز قَالَ: أخبرنا أبو بكر [4] أحمد بن علي قال: حدثني الصيمري قال: حدثني أبو القاسم علي بن محمد بن علان [5] الواسطي قال: لما أصاب [6] أبا الحسن [الكرخي] [7] الفالج في آخر عمره حضرته وحضر أصحابه أبو بكر الدامغاني، وأبو علي الشاشي، وأبو عبد الله البصري فقالوا: هذا مرض يحتاج إلى نفقة وعلاج [وهو مقل] [8] لا نحب أن نبذله للناس [9] فيجب أن نكتب إلى سيف الدولة ونطلب منه ما ينفق [10] عليه، ففعلوا ذلك فأحس أبو الحسن بما هم فيه، فسأل عن ذلك فأخبر به، فبكى وقال: اللَّهمّ لا تجعل رزقي إلا من حيث عودتني. فمات قبل أن يحمل سيف الدولة له شيئا، ثم ورد كتاب سيف الدولة ومعه عشرة آلاف درهم، ووعد أن يمد بأمثاله فتصدق به.
توفي الكرخي في شعبان هذه السنة، وصلى عليه أبو تمام الحسن بن محمد الزينبي وكان من أصحابه ودفن بإزاء [11] مسجده بحذاء مسجد [12] في درب أبي زيد على نهر الواسطيين
__________
[1] في الأصل: «عبد الله» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 353. والبداية والنهاية 11/ 224، 225) .
[3] في ت: «عزرفا» .
[4] «أبو بكر» سقطت من ت.
[5] في الأصل: «محمد بن علاء الدين» .
[6] في ت: «أصابت» .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[9] في الأصل: «يبذله الناس» .
[10] في باقي النسخ: «ننفق» .
[11] في الأصل: «ودفن في» .
[12] «بحذاء مسجد» سقطت من ت.(14/85)
2530- محمد بن أحمد بن [محمد] [1] بن عبد الرحمن، أبو الفتح المصري
[2] .
ولد سنة أربع وسبعين ومائتين، وسمع الكثير، وكتب، واحترقت كتبه دفعات، وروى شيئا كثيرا.
/ أخبرنا أبو منصور، أخبرنا الخطيب قال: سمعت أبا على الحسن بن أحمد الباقلاوي وغيره من أصحابنا يذكرون أن المصري كان يشترى من الوراقين الكتب التي لم يكن سمعها، ويسمع فيها لنفسه توفي المصري ببغداد يوم الجمعة تاسع محرم هذه السنة.
2531- محمد بن صالح بن هانئ بن زيد، أبو جعفر الوراق
[3] .
سمع الحديث الكثير، وكان له فهم وحفظ، وكان من الثقات الزهاد، لا يأكل إلا من كسب يده.
قال أبو عبد الله بن يعقوب الحافظ: صحبت محمد بن صالح سنين ما رأيته أتى شيئا لا يرضاه الله، ولا سمعت منه شيئا يسأل عنه، وكان يقوم أكثر [4] الليل.
وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 354) .
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 225) .
[4] «وأكثر» سقطت من ت، ص، ل.(14/86)
ثم دخلت سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
[جرت حرب بين أحمد بن عمر بن يحيى العلويّ والمصريين]
وأنه ورد الخبر بحرب جرت بين أبي عبد الله أحمد بن عمر بن يحيى العلوي وبين المصريين بمكة، وكانت على المصريين، وقتل أمير مكة، وتم الحج في هذه السنة على طمأنينة، وأقام أهل مصر الخطبة للمصري وقت الظهر يوم عرفة، وأقام العلوي الخطبة بعد الظهر لركن الدولة ومعز الدولة، ورفع إلى أبي محمد الحسين بن محمد المهلبي أن رجلا يعرف بالبصرى مات بمدينة السلام، وكان إماما العزاقرية، وهو صاحب أبي جعفر محمد بن علي المعروف: بابن أبي العزاقر [1] ، وكان يدعى حلول روح أبي جعفر بن أبي العزاقر فيه، وأنه قد خلف مالا جزيلا [2] ، وأن له أصحابا وثقات يعتقدون فيه الربوبية، وأن أرواح الأنبياء والصديقين حلت فيهم، فتقدم بالختم على منزله والقبض على هذه الطائفة، وكان في الطائفة شاب يعرف: بابن هرثمة يدعى له أن روح علي بن أبي طالب/ حلت فيه، وامرأة [3] يقال لها: فاطمة، تدعى [4] أن روح فاطمة عَلَيْهَا السّلام حلت فيها، وأخرى يُقَالُ [5] لها فَاطِمَة الصغرى [6] [تدعي أن روح
__________
[1] في الأصل: «العراقي» .
[2] في الأصل: «مالا جليلا» .
[3] في الأصل: «امرأ» .
[4] في الأصل: «يدعي» .
[5] في الأصل: «وأخرى اسمها يقال ... » .
[6] «الصغرى» سقطت من ت، ص، ل.(14/87)
فَاطِمَة الصغرى حلت فِيهَا] [1] وخادم يدعى ميكائيل، وحصل من قبلهم عشرة آلاف درهم، وعين تقارب [قيمة] [2] ذلك [وكان المهلبي يسمى هذا المال مال الزنادقة] [3] وخلي القوم لئلا ينسب المهلبي إلى الانحراف [4] عن الشيعة.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2532- أحمد بن محمد بن زياد بن بشر بن درهم، أبو سعيد ابن الأعرابي البصري
[5] .
سكن مكة، وصار شيخ الحرم، وصاحب الجنيد، والنوري، وحسنا المسوحي، وغيرهم، وأسند الحديث، وصنف كتبا للصوفية، وتوفي بمكة يوم الأحد بين الظهر والعصر لسبع وعشرين خلت من ذي القعدة من هذه السنة.
2533- إسماعيل بن محمد بن إسماعيل [بن صالح] [6] أبو علي الصفار النحوي [7] صاحب المبرد
[8] .
سمع الحسن بن عرفة العبدي، وعباسا الدوري، ومحمد بن عبيد الله [9] المنادى، وغيرهم. روى عنه ابن المظفر، والدارقطني، وابن رزقويه [10] وهلال الحفار [11] وأبو الحسين بن بشران، وكان ثقة. قال الدارقطني صام إسماعيل الصفار
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] في الأصل: «للانحراف» .
[5] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 226) .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] «النحويّ» سقط من باقي النسخ.
[8] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 226) .
[9] في الأصل: «عبد الله» .
[10] في الأصل: «رزقونة» .
[11] في الأصل: «الحقاني» .(14/88)
أربعة وثمانين رمضانا، وكان متعقبا [1] للسنة توفي في محرم هذه السنة، ودفن بالقرب من قبر معروف بينهما عرض الطريق [دون قبر الآدمي وأبي عمر الزاهد] [2] .
2534- إسحاق بن عبد الكريم بن إسحاق، أبو يعقوب الصواف
[3] .
سمع من أبي عبد الرحمن النسائي وغيره، وكان فقيها مقبولا عند القضاة.
توفي في شعبان هذه السنة.
2535- شعبة بن الفضل بن سعيد بن سلمة، أبو الحسن الثعلبي [4] اسمه سعيد [5] وإنما غلب عليه شعبة
[6] .
حدث بمصر عن بشر بن موسى ومحمد بن عثمان [7] بن أبي شيبة/ روى عنه جماعة وكان ثقة توفي بمصر في جمادى الآخرة من هذه السنة.
__________
[1] في باقي النسخ: «وكان متعصبا» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] انظر ترجمته في: (الأنساب 8/ 100) .
[4] في تاريخ بغداد 9/ 226: «التغلبي» .
[5] في الأصل: «اسمه محمد ... » ولم ترد كذلك في أي نسخة ولا في تاريخ بغداد.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 266) .
[7] في الأصل: «بن عبد الرحمن» .(14/89)
ثم دخلت سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه ورد الخبر في ربيع الآخر بغزاة لسيف الدولة [1] ، وأنه غنم وقتل وسبي واستأسر قسطنطين بن الدمستق، وجرت حروب بمكة لأجل الخطبة فانهزم المصريون.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2536- الحسن بن محمد بن موسى بن إسحاق بن موسى، أبو علي الأنصاري
[2] .
سمع أبا بكر بن أبي الدنيا، والمبرد، وكان ثقة، وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة.
2537- علي بن محمد بن أبي الفهم، أبو القاسم التنوخي، جد أبي القاسم التنوخي الذي يروى عنه أبو بكر الخطيب
[3] :
ولد بأنطاكية في ذي الحجة من سنة ثمان وسبعين ومائتين، وقدم بغداد في حداثته فتفقه بها على مذهب أبي حنيفة، وسمع من البغوي وغيره، وكان يعرف الكلام على مذهب المعتزلة [وكان] [4] يعرف النحو ويقول الشعر، ولي القضاء بالأهواز وتقلد قضاء إيذج من قبل المطيع.
__________
[1] في الأصل: «بغزاة سيف الدولة» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 419) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 77. والبداية والنهاية 11/ 227) .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/90)
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بْن ثابت، أَخْبَرَنَا التنوخي قَالَ: أَخْبَرَنَا أبي قال: [حدثنا أبي قال] [1] سمعت أبي ينشد يوما ولي إذ ذاك خمسة عشر سنة بعض قصيدة دعبل [بن علي] [2] الطويلة التي يفخر فيها باليمن ويعدد مناقبهم، ويرد على الكميت فيها فخره بنزار وأولها:
أفيقي من ملامك يا ظعينا ... كفاك اللوم مر الأربعينا
وهي نحو ستمائة بيت، فاشتهيت حفظها لما فيها من مفاخر أهل اليمن، فقلت:
يا سيدي، ادفعها إلى حتى أحفظها، فدافعني فألححت عليه، فقال: كأني بك تأخذها فتحفظ منها خمسين بيتا أو مائة بيت/ ثم ترمي بالكتاب وتخلقه على فقلت: ادفعها إليَّ فأخرجها وسلمها إلي وقد كان لكلامه أثر في، فدخلت حجرة لي كانت برسمي في داره، فخلوت فيها ولم أتشاغل يومى وليلتي بشيء غير [3] حفظها، فلما كان في السحر كنت [قد] [4] فرغت من جميعها، وأتقنتها فخرجت إليه غدوة على رسمي، فجلست بين يديه فقال: هي كم حفظت من قصيدة دعبل؟ فقلت: حفظتها بأسرها. فغضب وَقَدَّرَ أني كَذَبْتُهُ، وقال: هاتها! فأخرجت الدفتر من كمي وفتحه، فنظر فيه وأنا أنشد، إلى أن مضيت من أكثر من مائة بيت فصفح منها عدة أوراق وقال أنشد من ها هنا فأنشدت مقدار مائة بيت فصفح إلى أن قارب آخرها بمائة بيت قال: أنشد من ها هنا.
فأنشدته من مائة بيت منها [5] إلى آخرها فهاله ما رآه من حسن حفظي، فضمني إليه وقبل رأسي وعيني. وقال: يا بني، لا تخبر بهذا أحدا، فأني أخاف عليك [من العين] [6] .
وقال أيضا: حفظني أبي [7] وحفظت بعده من شعر أبي تمام والبحتري سوى ما كنت أحفظه لغيرهما من المحدثين والقدماء مائتي قصيدة، قال: وكان [يقول] [8] أبي
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في باقي الأصول: «عن حفظها» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في باقي النسخ: «مائة بيت إلى ... » .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] في الأصل: «حفظني إلى أن ... » .
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/91)
وشيوخنا بالشام من حفظ للطائيين أربعين قصيدة ولم يقل الشعر فهو حمار في مسلاخ [1] إنسان. فقلت الشعر وسني دون العشرين. توفي في ربيع الأول من هذه السنة.
2538- القاسم بن القاسم بن مهدي، أبو العباس السياري، ابن بنت أحمد بن سيار
[2] .
كان من أهل مرو، وكان فقيها عالما، كتب الحديث الكثير ورواه.
توفي في هذه السنة.
2539- مُحَمَّد بن إبراهيم بن أبي الحزور، أبو بكر
[3] .
حدث عن بشر بن موسى وغيره، وتوفي يوم السبت لليلة خلت من ربيع الأول.
2540- محمد بن إبراهيم بن إسحاق [بْن إبراهيم] [4] بن مهران/ أبو عبد الله مولي ثقيف، هو ابن أخي أبي العباس محمد بن إسحاق السراج النيسابوري
[5] .
ولد ببغداد، وسمع بها [الحديث] [6] من الحارث بن أبي أسامة والكديمي، وانتقل بآخر عمره [7] إلى الشام، فسكن بيت المقدس، وحدث بها، وكان صدوقا.
2541- محمد بن إبراهيم بن الحسين [8] بن الحسن بن عبد الخالق، أبو الفرج البغدادي الفقيه الشافعي، يعرف: بابن سكرة
[9] .
سكن مصر وحدث بها عن أبي عمر الضرير، روى عنه أبو الفتح بن مسرور [10] ، وذكر [11] أنه سمع منه في سنة خمس وخمسين وثلاثمائة [12] [قال:] [13] وكان فيه لين.
__________
[1] في الأصل: «ملاح» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 411) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 411) .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 411) .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[7] في الأصل، «بآخرة» وكذلك في ص، ل.
[8] في ت: «ابن يحيى» .
[9] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 412. والبداية والنهاية 11/ 227) .
[10] في ت: «مسروق» .
[11] في ت: «حكى» .
[12] هكذا في الأصول وفي تاريخ بغداد، فكيف يكون قد سمع سنة 355 وهو من وفيات هذه السنة (342) ؟
[13] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.(14/92)
2542-[مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَبْدَان بْن جبلة، أَبُو جَعْفَر القوهستاني
[1] .
قَدِمَ بغداد، وحدَّث بها عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق السّرّاج] [2] ، [وأبي قريش بْن جمعة بْن خَلَف القوهستاني. روى عنه أبو بكر الدوري الوراق، وأحمد بْن الفَرَج بْن الحَجَّاج]
[3] .
2543- محمد بن إبراهيم بن يحيى بن أحمد الخلال
[4] .
حدث عن أبي خليفة الفضل بن الحباب، روى عنه أبو الفتح بن مسرور، قال:
حدثنا بمدينة المنصور، وكان ثقة.
2544- محمد بن داود بن سليمان بن [جعفر أبو بكر الزاهد النيسابوري
[5] .
روى عن الحسن بن سفيان، وجعفر] [6] الفريابي [7] ، وأبي عبد الرحمن النسائي، وأبي يعلى الموصلي، وغيرهم، وكان ثقة، وسمع منه ابن صاعد، والدارقطني، وكان يقال إنه من الأولياء، وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة.
2545- محمد بن موسى بن يعقوب بن المأمون عبد الله بن الرشيد، يكنى أبا بكر
[8] .
ولي مكة في سنة ثمان وستين ومائتين، وقدم مصر فحدث بها عن علي بن عبد العزيز بالموطأ عن القعنبي عن مالك [9] ، وحدث عن جماعة، وكان ثقة مأمونا، وتوفي بمصر في ذي الحجة من هذه السنة [وله أربعة وسبعون سنة تزيد شهرا]
[10] .
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 411) .
[2] هذه الترجمة ساقطة من الأصل، ص، ل. وهي إلى هنا في النسخة ت، وقد أكملناها من تاريخ بغداد 1/ 411.
[3] ما بين المعقوفتين زيادة من تاريخ بغداد 1/ 411.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 411) .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 265) . وفي ل، ص: « ... بن جعفر بن بكر الزاهد» خطأ.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] في الأصل: «الزياني» .
[8] «يكنى أبا بكر» سقطت من ت.
[9] «فحدث بها عن علي بن عبد العزيز بالموطأ عن القعنبي عن مالك» سقط من ت.
[10] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.(14/93)
ثم دخلت سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه ورد الخبر بوقعة كانت بين الدمستق وسيف الدولة عظيمة، وقتل خلق من أصحاب الدمستق ورؤساء بطارقته.
وفي هذه السنة: [1] عم الناس أمراض وحميات ونزلات/ وأوجاع الحلق.
وفي ذي الحجة: عرض لمعز الدولة مرض وهو [2] الإيقاظ الدائم، فأرجف به، فاضطربت بغداد اضطرابا شديدا، واضطر إلى الركوب مع علته حتى رآه الناس فسكنوا.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2546- الحسن بن أحمد [3] أبو علي الكاتب المصري
[4] .
صحب أبا علي الروذباري وغيره، وكان أبو عثمان المغربي [5] يعظم أمره ويقول:
أبو علي الكاتب من السالكين.
__________
[1] في ص، ل: «وفيها» .
[2] في ت: «وكان» .
[3] في ص، ل، المطبوعة: «الحسن بن علي أبو علي» خطأ.
[4] انظر ترجمته في: (طبقات الصوفية 386- 388. وحلية الأولياء 20/ 360. وصفة الصفوة 4/ 294.
والرسالة القشيرية 35. وطبقات الشعراني 1/ 131. وحسن المحاضرة 1/ 294. ومسالك الأبصار 5/ 5/ 250 والبداية والنهاية 11/ 228) .
[5] في ت: «عثمان المغربي» .(14/94)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر بن خلف قَالَ: أخبرنا [1] عبد الرحمن السلمي [2] قال: قال أبو علي: روائح نسيم المحبة تفوح من المحبين وإن كتموها، وتظهر عليهم دلائلها وإن أخفوها، وتبدو [3] عليهم وإن ستروها. [وأنشد] [4] :
إذا ما أسرت [5] أنفس الناس ذكره ... تبينته فيهم ولم يتكلموا
تطيب به [6] أنفاسهم فيذيعها ... وهل سر [7] مسك أودع الريح يكتم
2547- علي بن محمد بن محمد بن عقبة بن همام، أبو الحسن الشيباني [8] الكوفي
[9] .
قدم بغداد فحدث بها عن جماعة، وروى عنه الدارقطني وكان ثقة أمينا، مقبول الشهادة عند الحكام، أقام يشهد ثلاثا وسبعين سنة، وكان صاحب قراءة وفقه.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قَالَ: أخبرنا علي بن الحسين صاحب العباسي قَالَ: أخبرنا [10] أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري قَالَ: سمعت أبا الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بن محمد [11] بن عقبة الشيباني يقول وقد دخل عليه قاضي القضاة أبو الحسن محمد بن صالح الهاشمي فقال له: كنت السفير لوالدك حتى زوجته بوالدتك وحضرت الأملاك والعرس والولادة، وتسليم المكتب وتقلدت [12]
__________
[1] في الأصل: «أخبرنا» .
وفي ص، ل: «حدثنا» .
[2] في الأصل، ص، ل: «عبد الرحمن السلمي» .
[3] في ص، ل، المطبوعة، الأصل: «وتدل» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في ت: «أسترت» .
[6] في ت: «تطيبهم» .
[7] في ت: «وهل نشر» .
[8] في ت: «اليشابوري» .
[9] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 79. والبداية والنهاية 11/ 228) .
[10] في ت، ص، ل: «حدثنا» .
[11] «بن محمد» سقط من ت.
[12] في ت: «ثم كنت في تقليده» .(14/95)
القضاء بالكوفة، وشهدت عند خليفتك وأذنت في مسجدي نيفا وسبعين سنة، وأذن جدي نيفا [1] وسبعين سنة، وهو مسجد حمزة بن حبيب الزيات، توفي الشيباني في رمضان [2] هذه السنة.
2548- محمد بن علي بن حماد، [3] أبو العباس الكرخي الأديب
[4] .
كان عالما زاهدا [ورعا] [5] سمع من عبدان وأقرانه، وكان يختم القرآن كل يوم، ويديم الصوم، وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة.
2549- أبو الخير التيناتي
[6] .
ولا يعرف اسمه [7] أصله من المغرب، وسكن قرية من قرى أنطاكية يقال لها:
تينات [8] ويقال له: الأقطع، لأنه كان مقطوع اليد، وذلك لأنه عاهد الله تعالى على عهد [9] فنكث، فأخذ لصوص من الصحراء وأخذ معهم فقطعت يده، وقد صحب أبا عبد الله بن الجلاء وغيره من المشايخ.
أخبرنا أبو بكر بن حبيب قَالَ: أخبرنا علي بن أبي صادق [10] قال: أخبرنا ابن باكويه قال: سمعت عبد الواحد بن بكر يقول: سمعت محمد بن الفضل يقول: خرجت من أنطاكية ودخلت تينات [11] ودخلت على أبي الخير الأقطع على غفلة منه بغير إذن [12]
__________
[1] «ونيفا و» سقطت من ت.
[2] «في رمضان» سقطت من ت.
[3] في ت: «بن أحمد» .
[4] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 228) .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في ت: «التبياتي» . انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 228) .
[7] «اسمه: عباد بن عبد الله» . ذكره ياقوت في مادة: «تينات» (هامش المطبوعة) .
[8] في ت: «تبيات» .
[9] في ت، ص، ل: «على أمر» .
[10] في ت: «صالح» .
[11] في ت: «تبيات» .
[12] «بغير إذن» سقطت من ص.(14/96)
فإذا هو يسف [1] زنبيلا بيديه [2] ، فتعجبت فنظر إلى وقال: يا عدو نفسه، ما الذي حملك على هذا؟ فقلت: هيجان الوجد لما بي من الشوق إليك. فضحك ثم قال لي: اقعد [3] لا تعد إلى شيء من هذا [4] بعد اليوم، واستر عليّ في حياتي.
__________
[1] في الأصل: «يصف» .
وفي ت: «ينج» .
[2] «بيديه» سقطت من ت، الأصل.
[3] «اقعد» سقطت من ت.
[4] «إلى شيء من هذا» سقط من ت.(14/97)
ثم دخلت سنة أربع وأربعين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
[حدوث علة مركبة من الدم والصفراء]
أنه حدث في ابتداء المحرم بأصبهان علة مركبة [1] من الدم والصفراء، فشملت الناس، فربما هلك جميع من في الدار، وكان أصلح حالا من تلقاها بالفصد، وكانت بقية العلة قد طرأت على الأهواز، وبغداد، وواسط والبصرة [2] واقترن بها هناك [3] / وباء حتى كان يموت كل يوم ألف نفس.
[ظهور جراد كثير]
وظهر جراد كثير في حزيران، فأتى على الغلات الصيفية والأثمار [4] ، وأضرّ بالشجر والثمار.
[عقد معز الدولة لابنه أبي منصور بختيار الرئاسة]
في هذه السنة: عقد معز الدولة لابنه أبي منصور بختيار الرئاسة وقلده إمرة الأمراء في محرم هذه السنة لأجل مرضه [5] . وحج الناس في هذه السنة من غير بذرقة.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2550- الْحَسَن بْن زيد [6] بْن الْحَسَن بْن محمد بن حمزة، أبو محمد الجعفري
[7] .
__________
[1] في الأصل: «متركبة» .
[2] «والبصرة» سقطت من ت، ص، ل.
[3] في الأصل: «هنالك» .
[4] في الأصل: «الأدخان» .
[5] «لأجل مرضه» سقطت من ت.
[6] في الأصل: «الحسن بن محمد» .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 313) .(14/98)
من أهل وادي القرى، ولد سنة إحدى وخمسين ومائتين، وقدم بغداد، وحدث عن جماعة، وروى عنه ابن رزقويه [1] ، وخرج مع الحاج إلى الري، فتوفي في الطريق في ربيع [2] الآخر من هذه السنة.
2551- عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عمر بن هرثمة، أبو محمد
[3] .
هروي الأصل، كان ينزل سوق العطش بالجانب الشرقي، وحدث عن الحارث بن أبي أسامة، والكديمي، والباغندي، روى عنه ابن رزقويه [4] ، وكان ثقة، وتوفي في صفر هذه السنة.
2552- عثمان بن أحمد بن عبد الله بن يزيد، أبو عمرو الدقاق، المعروف: بابن السماك
[5] .
سمع محمد بن عبيد الله المنادي، وحنبل بن إسحاق، وخلقا كثيرا، روى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وابن شاذان [6] ، وكان ثقة [7] صدوقا [ثبتا] [8] صالحا، كتب المصنفات الكبار بخطه وكان كل ما عنده بخطه [9] ، توفي في ربيع الأول من هذه السنة ودفن في مقبرة باب الدير [10] وحرز الجمع بخمسين ألف إنسان.
2553- محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد، أبو جعفر القاضي السمناني
[11] .
__________
[1] في الأصل: «رزقونة» .
[2] في ت: «جمادى» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 406) .
[4] في الأصل: «رزقونة» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 302. والبداية والنهاية 11/ 229) .
[6] في الأصل: «سلار» .
[7] في الأصل: «تقيا» .
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[9] «وكان كل ما عنده بخطه» سقط من ت.
[10] في ت: «التبين» .
[11] في الأصل: «السماني» .
انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 355. والبداية والنهاية 11/ 229) .(14/99)
ولد في سنة إحدى وستين ومائتين [1] ، وسكن بغداد وحدث بها عن علي [2] بن عمر السكري [وروى عن] [3] الدارقطني وأبي القاسم بن حبابة [4] وغيرهم وكان ثقة عالما [فاضلا] [5] سخيا حسن الكلام/ عراقي المذهب وكان له في داره مجلس نظر يحضره الفقهاء ويتكلمون وتوفي في يوم الثلاثاء [6] سادس ربيع الأول من هذه السنة بالموصل وهو قاضيها
[7] .
2554- محمد بن أحمد بن بطة [8] بن إسحاق الأصبهاني، أبو عبد الله
[9] .
وطنه أصبهان، ونزل نيسابور، ثم عاد [10] إلى وطنه سمع الكثير [11] وحدث، وكان بطة [12] محدثا أيضا، وبطة اسم، وكنيته أبو سعيد، وتوفي أبو عبد الله بأصبهان في هذه السنة، وربما اشتبه بابن بطة العُكْبري [13] فيقال: أبو عبد الله بن بطة، وأبو عبد الله بن بطة، والفرق إذا لم يذكر الاسم ضم الباء في حق الأصبهاني، وفتحها في حق العكبري.
2555- محمد [بن محمد] [14] بن يوسف بن الحجاج، أبو النضر الطوسي
[15] .
__________
[1] في تاريخ بغداد أنه ولد سنة 361 هـ وتوفي 444 هـ فهذا ليس موضعه، ولعل هذا خطأ من النساخ أيضا، لأننا نستبعده على عالم مثل ابن الجوزي.
[2] «علي» سقطت من ت.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] في الأصل: «بن عنوانة» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في ت، ص، ل: «الاثنين» .
[7] في ت: «على القضاء بها» .
[8] في الأصل: «مطير» .
[9] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 229) .
[10] في الأصل: «نزل» .
[11] في ت: «الحديث» .
[12] في ت: «ابن بطة» .
[13] في ت: «العكبرواي» .
[14] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[15] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 229) .(14/100)
كان فقيها أديبا عابدا، يصوم النهار، ويقوم الليل، ويتصدق بالفاضل من قوته، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ورحل في طلب الحديث إلى البلدان فسمع [الحديث] [1] الكثير، وكان قد جزأ الليل ثلاثة أجزاء، فجعل جزءا للتصنيف، وجزءا لقراءة القرآن، وجزءا للنوم.
أنبأنا زاهر بن طاهر قَالَ: أخبرنا أبو عُثْمَانَ الصَّابُونِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ قَالا:
أَخْبَرَنَا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله قال: سمعت أبا الفضل بن يعقوب العدل يقول: سمعت الثقة من أصحابنا يقول: رأيت أبا النضر في المنام بعد وفاته بسبع ليال فقلت له: وصلت إلى ما طلبته؟ قال: أي والله نحن عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، وبشر بن الحارث [2] يحجبنا بين يديه ويرافقنا، فقلت له: كيف وجدت مصنفاتك في الحديث؟
قال: قد عرضتها كلها على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرضيها.
توفي أبو النضر في شعبان هذه السنة.
[3]
2556- محمد بن أحمد [بن مُحَمَّد] [4] أبو بكر الحداد
[5] .
حدث عن أبي يزيد القراطيسي، وأبي عبد الرحمن النسائي/ وغيرهما، وكان فصيحا حافظا للفقه على مذهب الشافعي، عارفا بالنحو والفرائض، متعبدا وولي قضاء مصر نيابة. توفي يوم قدومه من الحج في محرم هذه السنة.
2557- يحيى بن مُحَمَّد بن يحيى، أبو القاسم القصباني
[6] .
ولد سنة [أربع و] [7] ستين ومائتين وحدث عن جماعة فروى عنه ابن شاهين وكان ثقة توفي في صفر هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في ت: «الحافي» .
[3] «توفي أبو النضر في شعبان هذه السنة» سقطت من ت.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[5] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 229، 230) .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 234) .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.(14/101)
ثم دخلت سنة خمس وأربعين وثلاثمائة
[وزر أبو محمد الحسن بن محمد المهلبي لمعز الدولة]
فمن الحوادث فيها:
أنه وزر أبو محمد الحسن بن محمد المهلبي لمعز الدولة في جمادى الآخرة، وورد الخبر في هذا الشهر أن الروم أوقعوا بأهل طرسوس في البحر، وقتلوا منهم ألفا وثمانمائة رجل، وأحرقوا القرى التي حولها، وسبوا أهلها.
ذكر من توفي فِي هذه السنة من الأكابر
2558- إسماعيل بن إسحاق [1] بْن يعقوب بن إبراهيم، أبو القاسم المعروف: بابن الجراب
[2] .
ولد بسر من رأي في رجب سنة اثنتين وستين ومائتين وسمع من [3] إبراهيم الحربي، وإسماعيل القاضي، وغيرهما، وانتقل إلى مصر فسكنها وحدث بها، وحصل حديثه عند أهلها، وتوفي في رمضان هذه السنة، وكان ثقة.
2559-[إِسْحَاق بْن عَبْدُوس بْن عَبْد اللَّه بْن الفَضْل، أَبُو الْحَسَن البزاز
[4] .
وُلِدَ سنة خمس وستِّين ومائتين، وسمع الحارث بْن أَبِي أسامة، والكديمي، وكان ثقة، وتُوُفيّ فِي رمضان هذه السنة.
__________
[1] «ابن إسحاق» سقطت من ت، ص، ل.
[2] في ت: «بن الحرث» . انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 304) .
[3] «من» سقطت من ت، ص، ل.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 398) .
وهذه الترجمة والثلاثة بعدها سقطت من الأصل، ص، ل. وأثبتناها من ت.(14/102)
2560- إسحاق بن إبراهيم، أبو يعقوب النعماني
[1] .
حدّث عَنْ إسحاق بْن الْحَسَن الحربي، روى عَنْهُ ابن رزقويه، كَانَ زاهدا.
تُوُفّي فِي شعبان هَذِهِ السَّنَة.
2561- إسحاق بن أحمد [الكاذي]
[2] .
كان قَدِمَ من قرية كاذة إلى بغداد فحدث بها وروى عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الكديمي، وإسحاق بْن بِشْر، وثعلب، وروى عَنْهُ ابن رزقويه، وكان ثقة زاهدا.
توفي فِي قريته.
2562- عَبْد العزيز بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد، أَبُو الْحَسَن الوراق
[3] .
لعله من خُرَاسَان، رحل وكتب، وكان يفهم بالحديث، وسكن مصر يحدث عَنْ جماعة من شيوخ مصر، وكان رَجُلا صالحا وله عقب بمصر، تُوُفّي في هذه السنة]
[4] .
2563- محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم، أبو عمر اللغوي [5] الزاهد، المعروف بغلام ثعلب
[6] .
سمع أحمد بن عبيد الله النرسي [7] ، وموسى بن سهل الوشاء، والكديمي وغيرهم، وكان غزير العلم، كثير الزهد روى عنه ابن رزقويه [8] وابن بشران، وآخر من حدث عنه أبو علي بن شاذان.
أخبرنا [9] محمد بن عبد الباقي، أخبرنا [10] علي بن أبي علي، عن أبيه قال: ومن
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 399) .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 399) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 455) .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل كما سبق الإشارة.
[5] «اللغوي» سقط من ت. ما بين المعقوفتين أضفناه من تاريخ بغداد.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 356. والبداية والنهاية 11/ 230) .
[7] في ت، ص، ل: «القرشي» .
[8] في الأصل: «رزقونة» .
[9] في ص، ل: «أنبأنا» .
[10] في ص، ل: أنبأنا» .(14/103)
الرواة الذين لم ير قط أحفظ منهم: أبو عمر غلام ثعلب، أملى من حفظه ثلاثين [1] ألف ورقة لغة فيما بلغني، وجميع كتبه التي في أيدي الناس إنما أملاها بغير تصنيف، ولسعة حفظه اتهم بالكذب/ وكان يسأل عن الشيء الذي يقدر السائل أنه قد وضعه فيجيب عنه، ثم يسأله غيره عنه بعد سنة على مواطأة فيجيب بذلك الجواب بعينه.
أخبرني [2] بعض أهل بغداد قال: كنا نجتاز على قنطرة الصراة نمضي إليه مع جماعة فتذاكروا كذبه، فقال بعضهم: أنا أصحف له القنطرة وأسأله عنها، فلما صرنا بين يديه قال له: أيها الشيخ، ما القنطرة عند العرب [3] ؟ فقال كذا [4] وذكر شيئا قد أنسيته أنا- قال: فتضاحكنا وأتممنا المجلس وانصرفنا، فلما كان بعد أشهر [5] ذكرنا الحديث فوضعنا رجلا غير ذلك فسأله فقال، ما القنطرة فقال: أليس قد سئلت عن هذه المسألة منذ كذا وكذا شهرا فقلت هي كذا؟ قال: فما درينا في أي الأمرين نعجب: في ذكائه إن كان علما فهو اتساع [6] ظريف، وان كان كذبا عمله في الحال، ثم قد [7] حفظه، فلما سئل عنه ذكر الوقت والمسألة فأجاب بذلك الجواب فهو أظرف.
قال أبي: وكان معز الدولة قد قلد شرطة بغداد مملوكا تركيا يعرف بخواجا، فبلغ أبا عمر الخبر، وكان يملي الياقوتة [فلما جاءوه] قال [8] : اكتبوا ياقوتة خواجا، الخواج في اللغة الجوع، ثم فرع على هذا بابا فأملاه، فاستعظم الناس ذلك، وتتبعوه، فقال أبو علي الحاتمي: أخرجنا في أمالي الحامض عن ثعلب عن ابن الأعرابي الخواج الجوع.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ [9] الْقَزَّازِ قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال:
__________
[1] في الأصل: «ثلاثة» .
[2] في ل، ص: «أخبرنا» .
[3] «عند العرب» سقطت من ت.
[4] في الأصل: «كلا» .
[5] «أشهر» سقطت من ت.
[6] «اتساع» سقطت من ت.
[7] في ت، ص، ل: «إن كان كذبا في الحال ثم قد» .
[8] في الأصل: «يملي الياقوتة فقال: ... » .
[9] «بن محمد» سقطت من ت.(14/104)
حدثنا [1] رئيس الرؤساء أبو القاسم علي بن المحسن عمن حدثه: أن أبا عمر الزاهد كان يؤدب ولد القاضي أبي عمر، فأملى يوما على الغلام نحوا من ثلاثين مسألة في اللغة، وذكر غريبها وختمها ببيتين من الشعر، وحضر أبو بكر بن دريد، وابن الأنباري، وابن مقسم عند أبي عمر القاضي، فعرض عليهم تلك المسائل، فما عرفوا منها شيئا، وأنكروا الشعر، فقال لهم القاضي: ما تقولون فيها/ فقال له ابن الأنباري: أنا مشغول بتصنيف «مشكل القرآن» ولست أقول شيئا. وقال ابن مقسم مثل ذلك لاشتغاله بالقراءات، وقال ابن دريد: هذه المسائل من موضوعات أبي عمر، ولا اصل لشيء منها في اللغة! وانصرفوا، وبلغ أبا عمر ذلك فاجتمع مع القاضي وسأله إحضار دواوين جماعة من قدماء الشعراء عينهم له، ففتح القاضي خزانته وأخرج له تلك الدواوين فلم يزل أبو عمر يعمد إلى كل مسألة ويخرج لها شاهدا من بعض تلك الدواوين [2] ، ويعرضه [3] على القاضي حتى استوفي جميعها، ثم قال: وهذان البيتان أنشدهما ثعلب بحضرة القاضي، وكتبهما القاضي بخطه على ظهر كتاب القاضي، فأحضر القاضي [4] الكتاب فوجد البيتين على ظهره بخطه كما ذكر أبو عمر، وانتهت القصة إلى ابن دريد، فلم يذكر أبا عمر بلفظه حتى مات.
أخبرنا عبد الرحمن، أخبرنا أحمد بن علي، أخبرنا عبد الصمد بن محمد الخطيب أنبأنا [5] الحسن بن الحسين الهمذاني قال: سمعت أبا الحسن بن المرزبان يقول: كان ابن ماسي ينفذ إلى أبي عمر كفايته ينفقها على نفسه، فقطع عنه ذلك مدة لعذر، ثم أنفذ إليه ما انقطع جملة، وكتب إليه رقعة يعتذر من تأخير ذلك عنه، فرده وأمر من بين يديه أن يكتب على ظهر رقعته: أكرمتنا فملكتنا، ثم أعرضت عنا فأرحتنا. قال أحمد بن علي: لا شك أن ابن ماسي هو: إبراهيم بن أيوب والله أعلم [6] .
__________
[1] في ص، ل: «حكى» . وفي ت: «جاء» .
[2] «فلم يزل أبو عمر.... تلك الدواوين» سقط من ص.
[3] في الأصل: «وعرضه» .
[4] «القاضي» سقط من ص، ت، ل.
[5] في ص، ت، ل: «أخبرنا» .
[6] «والله أعلم» سقطت من ت، ص، ل.(14/105)
توفي أبو عمر يوم الأحد ودفن يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت من ذي القعدة من هذه السنة، ودفن في الصفة المقابلة لقبر معروف، ودفن فيها بعده أبو بكر الآدمي، وعبد الصمد بن علي الطشتي، وقبور الثلاثة ظاهرة.
2564- محمد بن أحمد بن يوسف
بن يعقوب بن يزيد [1] ، / أبو بكر الطائي الكوفي الخزاز [2] .
سمع جماعة، وقدم بغداد فحدث بها فروى عنه ابن رزقويه [3] وغيره، وكان ثقة، وتوفي بدمشق في رمضان هَذِهِ السنة.
2565- محمد بْن جعفر بْن مُحَمَّد بْن جعفر بْن الحسن [4] بْن جعفر [5] بن الحسن [6] بن علي بن أبي طالب [أبو الحسن] [7] المعروف [8] بأبي قيراط
[9] .
كان نقيب الطالبيين ببغداد، وحدث عن أبيه، وعن سليمان بن علي الكاتب، روى عنه محمد بن إسماعيل الوراق، وتوفي ببغداد في ذي الحجة من هذه السنة.
2566- محمد بن علي بن أحمد بن رستم، أبو بكر الماذرائي الكاتب
[10] .
ولد بالعراق سنة سبع [11] وخمسين ومائتين، وقدم مصر هو وأخوه أحمد، وكانا بمصر مع أبيهما، وكان أبوهما يلي خراج مصر لأبي الحسن خمارويه بن أحمد، وكان
__________
[1] في المطبوعة، ص، ل وتاريخ بغداد: «بن بريد» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 376) .
[3] في الأصل: «رزقونة» .
[4] في الأصل: «بن الحسن بن الحسن» .
[5] «بن جعفر» زيادة من تاريخ بغداد.
[6] في الأصل: «بن الحسن بن الحسن» .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] في الأصل: «يعرف» .
[9] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 146) .
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 3/ 79. والبداية والنهاية 11/ 231) .
[11] في ت: «تسع» .(14/106)
محمد قد كتب الحديث ببغداد عن أحمد بن عبد الجبار العطاردي، وطبقته، واحترقت كتبه وبقي من مسموعه شيء عند بعض الكتاب فسمع منه.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت أخبرنا [1] علي بن المحسن قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو محمد الصلحي قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ الماذرائي بمصر وكان شيخا جليلا عظيم المال والجاه والمجد، قديم الولاية لكبار الأعمال، قد وزر لخمارويه بن أحمد بن طولون، وعاش نيفا وتسعين سنة. قال: كتبت لخمارويه بن أحمد [2] وأنا حدث فركبتني الأشغال وقطعني ترادف الأعمال عن تصفح أحوال المتعطلين وتفقدهم، وكان ببابي شيخ من مشيخة الكتاب قد طالت عطلته، فأغفلت أمره [3] فرأيت أبي في منامي وكأنه يقول لي: ويحك [4] يا بني أما تستحي من الله أن تتشاغل بلذاتك وأعمالك [5] والناس يَتْلَفُونَ ببابك صبرًا وهزلا! هذا فلان من/ شيوخ الكتاب قد أفضى [6] أمره إلى أن تقطع سراويله، فما يمكنه أن يشتري بدله، وهو كالميت جوعا وأنت لا تنظر في أمره، أحب أن لا يغفل أمره أكثر من هذا، قال: فانتبهت مذعورا واعتقدت الإحسان إلى الشيخ [ونمت] [7] وأصبحت وقد أنسيت أمر الشيخ، فركبت إلى دار [8] خمارويه وأنا والله أسير إذ تراءى لي الرجل على دويبة ضعيفة، ثم أومأ إلى الرجل فانكشف فخذه، فإذا هو لابس خفا بلا سراويل، فحين وقعت عيني على ذلك ذكرت المنام، وقامت قيامتي، فوقفت في موضعي واستدعيته، وقلت: يا هذا، ما حل لك أن تركت أذكاري بأمرك أما كان في الدنيا من يوصل لك
__________
[1] «أحمد بن علي بن ثابت أخبرنا» سقط من ت.
[2] «بن طولون، وعاش نيفا وتسعين سنة قال: كتبت لخمارويه بن أحمد» سقط من ص. والعبارة من أول:
«قد وزر لخمارويه ... » حتى «ترادف الأعمال» سقط من ت.
[3] في الأصل: «عنه» .
[4] «ويحله» سقطت من ت، ص، ل.
[5] في ت، ص، ل، والمطبوعة: «عمالك» .
[6] في الأصل: «انتهى» .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] «دار» سقطت من ت، ص، ل.(14/107)
رقعة، أو يخاطبني فيك؟ الآن قد قلدتك الناحية الفلانية، وأجريت عليك رزقا في كل شهر، وهو مائتا دينار، وأطلقت لك من خزانتي ألف دينار صلة ومعونة على الخروج إليها، وأمرت لك من الثياب بكذا وكذا، فاقبض ذلك واخرج، وإن حسن أثرك في تصرفك زدتك وفعلت بك وصنعت قال: وضممت إليه غلاما يتنجز له ذلك كله، ثم سرت فما انقضى اليوم حتى حسن حاله، وخرج إلى عمله.
وتوفي محمد بن علي [1] الماذرائي في شوال هذه السنة.
__________
[1] «محمد بن علي» سقط من ت.(14/108)
ثم دخلت سنة ست وأربعين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه ركب الخليفة ومعه معز الدولة، فسارا في الصحراء، ثم رجعا إلى داريهما.
وفي آخر المحرم: كانت فتنة للعامة بالكرخ.
وفي التشرينين: أصاب الناس أورام الحلق، والماشري [1] ، وكثر موت [2] الفجأة، وكان من افتصد في هذين الشهرين [3] انصبت إلى ذراعه مادة حادة عظيمة، ثم ما سلم مفتصد إما أن يموت [4] أو يشفي على التلف.
[نقص البحر ثمانين ذراعا]
ونقص البحر في هذه السنة ثمانين ذراعا، وظهرت فيه جبال وجزائر لا تعرف ولا سمع بها.
وفي ذي الحجة: ورد الخبر بأنه كان بالري ونواحيها زلزلة عظيمة، مات فيها خلق كثير من الناس.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْبَزَّازُ، عَنْ أبي القاسم علي بن المحسن، عن أَبِيهِ قَالَ: أخبرني أبو الفرج الأصبهاني: أن لصا نقب ببغداد في زمن الطاعون الّذي كان في
__________
[1] في الأصل: «الماثري» .
[2] في الأصل: «الموت» .
[3] في ت: «الشهر» .
[4] في ت، ص، ل، والمطبوعة: «مات» .(14/109)
سنة ست وأربعين وثلاثمائة فمات مكانه وهو على المنقب، وان إسماعيل القاضي لبس سواده ليخرج إلى الجامع فيحكم، ولبس أحد خفيه وجاء ليلبس الآخر فمات.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2567-[إسماعيل القاضي
[1] .
قَدْ ذكرنا أَنَّهُ مات فجأة]
2568- أحمد بن عبد الله بن الحسن، أبو هريرة العدوي
[2] .
كتب ببغداد عن أبي مسلم الكجي وغيره، وبمصر عن أبي يزيد القراطيسي، وكان يورق ويستملي على الشيوخ، وكان ثقة توفي في ربيع الآخر من هذه السنة.
2569- إبراهيم بن محمد بن أحمد بن هشام [3] ، أبو إسحاق البخاري الفقيه [4] .
سمع جماعة وورد بغداد حاجا فروى عنه من أهلها أبو عمر بن حيويه وعبيد الله بن عثمان الدقاق وتوفي في هذه السنة.
2570- الحسن بن خلف بن شاذان أبو علي [5] الواسطي
[6] .
حدث عن إسحاق الأزرق، ويزيد بن هارون، وغيرهما، أخرج عنه البخاري في «صحيحه» وتوفي في هذه السنة ببغداد.
2571- الحسين بن أيوب بن عبد العزيز بن عبد الله، أبو عبد الله الهاشمي [7] .
__________
[1] هذه الترجمة سقطت من الأصل، ص، ل.
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 232) .
[3] من أول: «هشام أبو إسحاق» حتى آخر هذه الترجمة سقط من ت وأثبت على الهامش.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 169) .
[5] «أبو علي» سقطت من ص.
[6] هذه الترجمة ساقطة من ت.
وهذا الموضع لهذه الترجمة خطأ، إنما موضعها الصحيح في وفيات سنة 246 هـ كما هو في كافة المصادر.
انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 305. والبداية والنهاية 11/ 232) .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 23) .(14/110)
حدث/ عن جماعة، وروى عنه الدارقطني [1] ، وابن رزقويه [2] وكان ثقة، وكان ينزل في الجانب الشرقي، فتوفي في هذه السنة ودفن في داره.
2572- عبيد الله بن أحمد بن عبد الله، أبو القاسم، المعروف بابن البلخي [3] .
سمع أبا مسلم [4] الكجي، روى عنه الدارقطني، وابن رزقويه [5] وكان ثقة صالحا. [6] وتوفي في رمضان هذه السنة.
2573- عبد الصمد بن علي بن محمد بن مكرم، أبو الحسين الوكيل، المعروف: بالطشتي
[7] .
ولد سنة ست وستين ومائتين، سمع إبراهيم الحربي، وابن أبي الدنيا، وغيرهما.
روى عنه أبو الحسين بن بشران، وأبو علي بن شاذان، وكان ثقة [8] وتوفي في شعبان هذه السنة، ودفن إلى جانب أبي عمر الزاهد، مقابل معروف الكرخي.
2574- محمد بن محمد بن عبد الله بن خالد، أبو جعفر التاجر [9] البغدادي [10] .
صحيح السماع، ثابت الأصول، رحل إلى مصر والشام، فسكن الري، فقيل له: الرازي: وكان صاحب جمال، فلقب: بالجمال. وقدم خراسان فنزل نيسابور، ثم مضى إلى سمرقند، وسمع منه الأشياخ الكبار، وروى عن عبد الله بن أحمد عن أبيه،
__________
[1] من أول هذه الترجمة حتى هنا ساقط من ت.
[2] في الأصل: «رزقونة» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 355) .
[4] في ت «أبا بكر» .
[5] في الأصل: «رزقونة» .
[6] من أول: «صالحا وتوفي في رمضان ... » حتى: «أبو علي بن شاذان وكان ثقة» من الترجمة التالية، ساقط من ت.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 41، وفيه: «الطستي» بدلا من «الطشتي» .
[8] إلى هنا الساقط من ت.
[9] في ت: «الناجي» .
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 3/ 217) .(14/111)
وعن أبي بكر القطربلي عن سري السقطي.
وتوفي بسمرقند في ذي الحجة من هذه السنة.
2575- محمد بن يعقوب بن يوسف بن معقل بن سنان بن عنان [1] بن عبد الله الأموي مولاهم، أبو العباس الأصم
[2] .
ولد سنة سبع وأربعين ومائتين، ورأي محمد بن يحيى الذهلي، ولم يسمع منه، ثم سمع من خلق كثير، ورحل به أبوه إلى أصبهان، ومكة، ومصر، والشام، ودمياط، والجزيرة، وبغداد [3] ، وغيرها من البلدان، فسمع من مشايخها، وانصرف إلى خراسان وهو ابن ثلاثين سنة، وهو محدث كبير، وإنما ظهر به الصمم بعد انصرافه من الرحلة، ثم استحكم حتى كان [4] لا يسمع نهيق الحمار، ولم يختلف في صدقه وصحة سماعاته وضبط أبيه لها [5] ، وكان حسن التدين، أذن سبعين سنة في مسجده، وكان يورق ويأكل من كسب يده، وربما عابه قوم بأخذ شيء على التحديث، وإنما كان يفعل هذا ابنه ووراقه، فأما هو فإنه كان يكره ذلك، وحدث ستا وسبعين سنة، سمع منه الآباء والأبناء وأبناء الأبناء، وكانت الرحلة إليه من البلاد متصلة.
أنبأنا زاهر بن طاهر، أَنْبَأَنَا أَبُو عُثْمَانَ [6] الصَّابُونِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ قالا: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله قال: خرج علينا أبو العباس الأصم [7] ونحن في مسجده، وقد امتلأت السكة من الناس، فلما نظر إلى كثرة الناس والغرباء، وقد قاموا يطرقون له ويحملونه على عواتقهم إلى مسجده، لما بلغ المسجد جلس على جدار المسجد وبكى
__________
[1] «بن عنان» سقطت من ت، ص، ل، والمطبوعة.
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 232) .
[3] «وبغداد» سقطت من ت.
[4] «وكان» سقطت من ت.
[5] «وضبط أبيه لها» سقطت من ت.
وفي ص، ل: «وضبط ابنه لها» خطأ.
[6] في الأصل: «أبو علي» .
[7] «الأصم» سقطت من ت.(14/112)
طويلا، ثم قال: كأني بهذه السكة ولا يدخلها أحد منكم، فأني لا أسمع، وقد ضعف البصر، وحان [1] الرحيل، وانقضى الأجل. فما كان إلا نحو شهر حتى كف بصره، وانقطعت الرحلة، وانصرف الغرباء، وآل أمره إلى أن كان يناول قلما فيعلم بذلك أنهم يطلبون الرواية، فيقرأ أحاديث كان يحفظها أربعة عشر حديثا، وسبع حكايات.
توفي في ربيع الأول [2] من هذه السنة. رحمه الله وإيانا وجميع المسلمين [3] .
__________
[1] في الأصل: «البصر، ودان» .
[2] في ت: «في ربيع الآخر» .
[3] رحمه الله وإيانا وجميع المسلمين» في الأصل فقط.(14/113)
ثم دخلت سنة سبع وأربعين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
[زلزلة ببغداد]
أنه كانت زلزلة ببغداد في نيسان، وكانت زلازل عظيمة في حلوان، وبلدان الجبل، وقم، وقاشان، فقتلت خلقا كثيرا وأخربت.
[ظهور جراد]
وظهر في آخر نيسان وأيار جراد أتلف الغلات الصيفية والثمار ببغداد، وأتلف من الغلات الشتوية بديار مضر شيئا عظيما، واجتاحت الرطاب والمباطخ.
[خروج الروم إلى آمد، وميّافارقين]
وورد الخبر بأن الروم خرجوا إلى آمد، وميّافارقين، وفتحوا حصونا كثيرة، وقتلوا من المسلمين ألفا وخمسمائة رجل.
وفي آخر هذه السنة: فتح الروم سميساط، وأخربوها.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2576- أحمد بن إبراهيم بن محمد بن جامع أبو العباس
[1] .
حدث عن أبي الزنباع وغيره، وكان ثقة. توفي في محرم هذه السنة.
2577- حَمْزَة بْن مُحَمَّد بْن العباس، أبو أحمد الدهقان
[2] .
__________
[1] انظر ترجمته في: (معجم شيوخ الصيداوي ص 184) .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 183) . وهذه الترجمة سقطت من الأصل، ل، ص.(14/114)
سمع العباس الدوري، وابن أَبِي الدُّنْيَا، وروى عَنْهُ الدارقطني، وابن رزقويه، وأبو علي بن شاذان، وكان ثقة، وسكن بالعقبة وراء نهر عِيسَى قريبا من دجلة.
وتُوُفيّ فِي ذي الحجة من هَذِهِ السَّنَة.
2578- الزبير بن عبد الواحد بن محمد بن زكريا بن صالح بن إبراهيم، أبو عبد الله الأسدآباذي أباذي
[1] .
أحد من رحل في طلب الحديث، وطاف البلاد شرقا وغربا، فسمع خلقا كثيرا منهم: الحسن بن سفيان، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، وأبو يعلى الموصلي، وكان حافظا متقنا [مكثرا] [2] صدوقا سمع منه ببغداد محمد [3] بن مخلد، وكان الزبير إذ ذاك حدثا، وصنف الشيوخ والأبواب، توفي في ذي الحجة من هذه السنة.
2579- عبد الله بن بشران بن محمد بن بشران [4] بن مهران، أبو الطيب القرشي الأموي. وهو جد أبي الحسين وابي القاسم ابني بشران
[5] .
سمع بشر بن موسى، ويوسف القاضي، وكان ثقة، وتولي القضاء بنواحي حلب، وتوفي في هذه السنة/.
2580- عَبْد اللَّه بن جعفر بن درستويه بن المرزبان، أبو محمد الفارسي النحوي
[6] .
ولد في سنة ثمان وخمسين ومائتين، حدث عن عباس الدوري، والمبرد، وابن قتيبة، وسكن بغداد إلى آخر وفاته، وحمل عنه من علوم الأدب كتب صنفها، روى عنه ابن المظفر، والدارقطني، وابن شاهين، وابن رزقويه [7] ، وأبو علي بن شاذان أثنى عليه أبو عبد الله بن منده، ووثقه، وتوفي في صفر هذه السنة.
__________
[1] في ت: «الأستراباذيّ» . انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 473. والبداية والنهاية 11/ 233) .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في الأصل: «يحيى بن مخلد» .
[4] «ابن محمد بن بشران» سقطت من ت.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 425) .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 428. والبداية والنهاية 11/ 233) .
[7] في الأصل: «رزقونة» .(14/115)
2581- عبد الله [1] بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن شهاب، أبو طالب العُكْبري
[2] .
ولد سنة أربع وستين ومائتين. سمع أبا شعيب الحراني، ومحمد بن صالح بن ذريح [3] ، «وثقه سيف القاضي [4] » وكان ثقة، توفي في ذي القعدة من هذه السنة.
2582- عبد الوهاب بن محمد بن موسى، أبو أحمد الغندجاني
[5] . ولد سنة ست وستين ومائتين [6] ، وسمع بالأهواز من أحمد بن عبدان، وببغداد من المخلص وغيره، واستوطنها، وتوفي بالمبارك في جمادى الأولى من هذه السنة ودفن بالنعمانية.
2583- علي بن عبد الرحمن بن عيسى بن زيد بن ماتي، أبو الحسن الكاتب
[7] .
مولي زيد بن علي بن الحسين من أهل الكوفة [وُلِدَ سنة تسعة وأربعين ومائتين] [8] قدم بغداد، وحدث عن جماعة، روى عنه الدارقطني، وابن رزقويه [9] وكان ثقة. وتوفي في هذه السنة وحمل إلى الكوفة.
2584- محمد بن أحمد [بْن محمد] [10] بن سهل، أبو الفضل الصيرفي
[11] .
نيسابوري الأصل، حدث عن أبي مسلم الكجي، وروى عنه [الدارقطني] [12] وابن رزقويه، وكان ثقة، وتوفي في المحرم [من هذه السنة]
[13] .
__________
[1] في الأصل: «عبيد الله» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 128) .
[3] في الأصل: «درع» تصحيف.
[4] هكذا في كل النسخ، وفي تاريخ بغداد 10/ 128: «يوسف بن يعقوب القاضي» وقد تصحف في كل النسخ إلى «وثقه سيف القاضي» .
[5] في الأصل: «الغيدجاني» . انظر ترجمته في: (الأنساب 9/ 179، 180) .
[6] «ولد سنة ست وستين ومائتين» سقطت من ت.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 32) .
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[9] في الأصل: «رزقونة» .
[10] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ل، ص.
[11] الصيرفي: هذه النسبة معروفة لمن يبيع الذهب (الأنساب 8/ 124) .
[12] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[13] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/116)
2585- محمد بن الحسن بن عبد الله بن علي بن مُحَمَّد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، أبو الحسن القرشي، ثم الأموي
[1] .
ولد سنة اثنتين وتسعين ومائتين، وولي القضاء بمدينة السلام، وحدث عن أبي العباس بن مسروق.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا علي بْن المحسن، أَخْبَرَنَا طلحة بْن محمد بن جعفر/ قال: استخلف المستكفي باللَّه في صفر [2] سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة واستقضى على مدينة المنصور ومدينة الشرقية [3] أبا الحسن محمد بن الحسن بن أبي الشوارب، وذكر طلحة أنه كان رجلا واسع الأخلاق، كريما جوادا طلابة للحديث، قال: ثم قبض عليه في صفر سنة أربع وثلاثين، فلما كان في رجب في هذه السنة قبض على المستكفي [باللَّه] [4] واستخلف المطيع، فقلد أبا الحسن الشرقية، والحرمين، واليمن، ومصر، وسرمن رأي، وقطعة من أعمال السواد، وبعض أعمال الشام، وشقي الفرات، وواسط، ثم صرف عن جميع ذلك في رجب سنة خمس وثلاثين.
أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قَالَ: أخبرنا [5] إبراهيم بن مخلد قَالَ:
أخبرنا إسماعيل بن علي [بن علي] [6] قال: وعزل محمد بن الحسن بن أبي الشوارب عن جميع ذَلِكَ فِي [7] ما [كان] [8] يتقلده من أمر القضاء، وأمر المستكفي بالقبض عليه ففعل ذلك يوم الثلاثاء لخمس خلون من صفر سنة أربع وثلاثين، وكان قبيح الذكر فيما يتولاه من الأعمال منسوبا إلى الاسترشاء في الأحكام، والعمل فيها بما لا يجوز، قد شاع ذلك عنه [9] ، وكثر الحديث به، وتوفي في رمضان هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 200. والبداية والنهاية 11/ 233، 234) .
[2] «صفر» سقطت من ت، ل، ص.
[3] في الأصل: «مدينة الشرقية ومدينة المنصورة» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من ت، الأصل.
[5] في ص، ل: «أنبأنا» .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] «ذلك في» سقط من ت، ص، ل.
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[9] في الأصل: «عنه ذلك» .(14/117)
ثم دخلت سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
[اتصال الفتن بين الشيعة والسنة]
أنه في جمادى الأولي اتصلت الفتن بين الشيعة والسنة، وقتل بينهم خلق، ووقع حريق كثير في باب الطاق.
[غرق بضعة عشر زورقا من الحاج]
وفي هذه السنة [1] : غرق من الحاج الوارد [2] من الموصل بضعة عشر/ زورقا كان فيها من الرجال والنساء والصبيان ستمائة نفس.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2586- أحمد بن سلمان بن الحسن بن إسرائيل بن يونس، أبو بكر النجاد
[3] .
ولد سنة ثلاث وخمسين ومائتين، وسمع أبا داود، والباغندي، وأبا بكر بْن أبي الدنيا، وعبد الله بْن أحمد، وخلقا كثيرا، وكان يمشي في طلب الحديث حافيا [4] ، وجمع المسند، وصنف في السنن [5] كتابا كبيرا، وكانت له في جامع المنصور يوم
__________
[1] في ص، ل: «وفيها» .
[2] في الأصل: «الواردين» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 189. والبداية والنهاية 11/ 234) .
[4] في ت: «ماشيا حافيا» .
[5] في ت: «في السير» .(14/118)
الجمعة حلقتان قبل الصلاة وبعدها [1] : إحداهما للفتوى في الفقه على مذهب أحمد، والأخرى لإملاء الحديث، روى عنه أبو بكر بن مالك، والدارقطني، وابن شاهين، وابن رزقويه، وغيرهم.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ [مُحَمَّدٍ] [2] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي قال: حدثني الحسين بن علي بن محمد الفقيه [3] قال: سمعت أبا إسحاق الطبري يقول: كان أحمد بن سلمان يصوم الدهر، ويفطر كل ليلة على رغيف، ويترك منه لقمة، فإذا كان في الجمعة تصدق بذلك الرغيف، وأكل تلك اللقم التي استفضلها.
توفي ليلة الجمعة لعشر بقين من ذي الحجة من هذه السنة عن خمس وتسعين ودفن قريبا من [قبر] [4] بشر الحافي.
2587- إبراهيم بن شيبان، أبو إسحاق القرميسيني [5] .
شيخ المتصوفة بالجبل، صحب أبا عبد الله المغربي، وإبراهيم الخواص، وكان يقول: الخوف إذا سكن القلب أحرق مواضع الشهوات فيه، وطرد [6] عنه رغبة الدنيا.
2588- جعفر بن محمد بن نصير بن القاسم، أبو محمد الخواص، المعروف: بالخلدي
[7] .
سافر الكثير، وسمع الحديث الكثير، وروى علما كثيرا، روى عنه الدارقطني، وابن شاهين وخلق كثير، وكان [ثقة] [8] صدوقا دينا، حج ستين حجة.
وتوفي في رمضان هذه السنة.
__________
[1] «وبعدها» سقطت من ت.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] «الفقيه» سقطت من ت.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[5] انظر ترجمته في: (طبقات الأولياء ت 3. والحلية 10/ 361 وطبقات الصوفية 402) .
[6] في الأصل: «وترك» .
[7] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 234) .
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ل، ص.(14/119)
2589- شريرة [1] الرائقية
[2] .
جارية مولدة كانت [3] لابنة ابن حمدون النديم، وكانت سمراء موصوفة بحسن الغناء، فاشتراها أبو بكر محمد بن رائق من مواليها [4] بثلاثة عشر ألف دينار على يد أبي جعفر بن حمدون، وأعطى أبا جعفر عن دلالته ألف دينار، ثم قتل عنها فتزوجها الحسين بن أبي العلاء بن سعيد بن حمدان. توفيت في رجب هذه السنة.
2590-/ علي [بن أَحْمَد] [5] بن سهل، أبو الحسن البوشنجي
[6] .
لقي أبا عثمان، وصحب ابن عطاء والجريري، وكان دينا متعمدا للفقر، وأسند الحديث، وتوفي في هذه السنة.
أخبرنا ابن ناصر قَالَ: أخبرنا [7] ابن خلف قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو عَبْد الرَّحْمَنِ [8] السلمي قال: سمعت أبا العباس محمد بن الحسن البغدادي يقول: سألت أبا الحسن البوشنجي عن التصوف فقال: اسم ولا حقيقة، وقد كان قبل حقيقة ولا اسم.
2591- علي بن محمد بن [9] الزبير، أبو الحسن، القرشي، الكوفي
[10] .
ولد سنة أربع وخمسين ومائتين، ونزل بغداد، وحدث بها عن جماعة، فروى عنه ابن رزقويه [11] ، وابن شاذان، وكان ثقة، توفي في ذي القعدة من هذه السنة.
2592- محمد بن إبراهيم بن يوسف بن محمد أبو عمر الزجاجي النيسابورىّ
[12] .
__________
[1] في ت: «سرية» . وهذه الترجمة سقطت من الأصل.
[2] انظر ترجمتها في: (الكامل) .
[3] «كانت» سقطت من ت.
[4] في ت: «مولاتها» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] انظر ترجمته في: (طبقات الصوفية 458- 461. وطبقات الأولياء ت 50) .
[7] في ص، ل: «أنبأنا» .
[8] «الرحمن» سقطت من ت.
[9] «ابن» سقطت من ت.
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 81) .
[11] في الأصل: «رزقونة» .
[12] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 235 وطبقات الأولياء ص 156، 157) .(14/120)
صحب أبا عثمان، والجنيد، والنوري، والخواص وغيرهم، وأقام بمكة وصار شيخها، حج قريبا من ستين حجة، وقيل: إنه لم يبل ولم يتغوط في الحرم [منذ] [1] أربعين سنة، وهو به مقيم، وتوفي في هذه السنة.
2593- محمد بن إسحاق بن عبد الرحيم، أبو بكر السوسي
[2] .
قدم بغداد في سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، وحدث بها أحاديث مستقيمة، فروى عنه الدارقطني، وابن رزقويه [3] ، وغيرهما، [وتوفي في هذه السنة]
[4] .
2594- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن إسحاق بن البهلول بن حسان [بْن سنان] [5] أبو طالب التنوخي
[6] .
أصله من الأنبار، سمع أبا مسلم الكجي [7] ، وبشر بن موسى الأسدي [8] ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وغيرهم.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا علي بن المحسن التنوخي قَالَ: أخبرنا طلحة [بْن محمد] [9] بن جعفر الشاهد قال: لم يزل أحمد بن إسحاق بن البهلول على قضاء المدينة- يعني مدينة المنصور- من سنة ست وتسعين ومائتين إلى ربيع الأول [10] سنة ست عشرة وثلاثمائة/ وكان ربما اعتل فيخلفه ابنه أبو طالب محمد، وهو رجل جميل الأمر، حسن المذهب، شديد التصون، وممن كتب العلم، وحدث بعد أبيه بسنتين.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 258) .
[3] في الأصل: «رزقونة» .
[4] «وتوفي هذه السنة» سقطت من ت والأصل.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 278) .
[7] في الأصل: «الكنجي» .
[8] في الأصل: «الأمدي» .
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[10] في ل، ص، ت: «الآخر» .(14/121)
أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب قال: حدثني الحسن بن أبي طالب، حدثنا علي بن عمرو الجريري قال: توفي أبو طالب بن البهلول في يوم الأحد ضحوة لست عشرة ليلة خلت من ربيع الأول [1] سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة.
2595- محمد بن أحمد بن تميم، أبو الحسن الخياط القنطري
[2] .
كان ينزل قنطرة البردان، ولد في صفر سنة تسع وخمسين [3] ومائتين، وحدث عن أبي قلابة الرقاشي [4] ، ومحمد بن سعد العوفيّ الكديمي، وغيرهم، وتوفي يوم الجمعة سلخ شعبان في هذه السنة. قال محمد بن أَبِي الفوارس: كان فيه لبن.
2596-[مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عِيسَى بْن عبدك، أَبُو بَكْر الرّازيّ
[5] ، سكن بغداد، وحدَّث بها عن جماعة. وروى عنه الدارقطني، وابن رزقويه، وكان ثقة.
توفي في جمادى الأولى من هذه السنة] .
2597- محمد بن جعفر بن محمد بن فضالة [6] بن زيد بن عبد الملك، أبو بكر الآدمي القارئ الشاهد [7] صاحب الألحان
[8] .
كان من أحسن الناس صوتا بالقرآن، ولد في رجب سنة ستين ومائتين، وحدّث عن أحمد بن عبيد ابن ناصح، والحارث بن محمد [9] بن أبي أسامة، وعبد الله بن أحمد:
__________
[1] في ل، ص ت: «الآخر» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 283) .
[3] في الأصل: «تسع وعشرين» .
[4] في الأصل: «النرسي» .
[5] هذه الترجمة سقطت من الأصل، ل، ص.
انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 317) .
[6] «بن فضالة» سقطت من ت.
[7] في الأصل: «القاضي» .
و «الشاهد» سقطت من ت.
انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 235) .
[8] في الأصل: «كان من أصحاب صاحب الألحان» .
[9] «بن محمد» سقطت من ت.(14/122)
الدورقي [1] ، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة [2] وغيرهم. وروى عنه ابن رزقويه [3] ، وابن شاذان، وابن بشران، وغيرهم.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا علي بن المحسن [4] أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الله الأسدي قال: سمعت أبي يقول: حججت في بعض السنين، وحج في تلك السنة أبو القاسم البغوي، وأبو بكر الآدمي القارئ، فلما صرنا بمدينة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاءني أبو القاسم البغوي فقال لي: يا أبا بكر ها هنا رجل ضرير قد جمع حلقة/ في مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقعد يقص [5] [ويروي] الكذب من الأحاديث الموضوعة والأخبار المفتعلة [6] ، فإني رأيت أن تمضي بنا إليه لننكر عليه ونمنعه، فقلت له: يا أبا القاسم، إن كلامنا ها هنا [7] لا يؤثر مع هذا الجمع الكثير، والخلق العظيم، ولسنا ببغداد، فيعرف لنا موضعنا، ولكن ها هنا أمر آخر هو الصواب، فأقبلت علي أبي بكر الآدمي فقلت له: استعذ باللَّه [8] واقرأ، فما هو إلا أن ابتدأ بالقراءة [9] حتى انجلفت [10] [الحلقة] [11] وانفض الناس جميعا، فأحاطوا بنا يسمعون قراءة أبي بكر الآدمي [12] وتركوا الضرير وحده، فسمعته يقول لقائده: خذ بيدي هكذا تزول النعم.
__________
[1] في ص: «وعبد الله بن أحمد، والدورقي» .
[2] في الأصل: «وثعلبة وغيرهم» .
[3] في الأصل: «رزقونة» .
[4] في الأصل: «الحسين» .
[5] في الأصل: «وقعد يقص الكذب ويروي الأحاديث» .
[6] في الأصل: «النغلة» .
[7] «ها هنا» سقطت من ت، ص، ل.
[8] «باللَّه» سقطت من الأصل، ص، ل.
[9] في ت: «ابتدأ بالقرآن» .
[10] في ت: «انجلت» .
وفي الأصل: «حفلت» .
[11] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت.
[12] «الآدمي» سقط من ت، ص، ل.(14/123)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ مُحَمَّدٍ] [1] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ [2] قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بن المحسن قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو محمد يحيى بن محمد بن فهد قال: حدثني ذرة [3] الصوفي قال: كنت بائتا بكلواذي [4] على سطح عال، فلما هدأ الليل قمت لأصلي، فسمعت صوتا ضعيفا يجيء من بعد فأصغيت إليه وتأملته [5] ، فإذا هو صوت لأبي بكر الآدمي القارئ، فقدرته منحدرا في دجلة، وأصغيت فلم أجد الصوت يقرب ولا يزيد على ذلك القدر [6] ساعة ثم انقطع، فشككت في الأمر، وصليت ونمت، وبكرت فدخلت بغداد على ساعتين من النهار أو أقل، وكنت مجتازا في السمارية، فإذا بأبي بكر الآدمي ينزل إلى الشط من دار أبي عبد الله الموسوي العلوي التي تقرب من فرضة جعفر على دجلة، فصعدت إليه وسألته عن خبره، فأخبرني بسلامته وقلت: أين كنت البارحة؟ فقال: / في هذه الدار. فقلت: قرأت؟ قال: نعم.
قلت: أي وقت؟ قال: بعد نصف الليل إلى قريب من الثلث الآخر قال: فنظرت فإذا هو الوقت الذي سمعت فيه صوته بكلواذي، فعجبت من ذلك عجبا شديدا بان له في فقال:
مالك؟ فقلت: إني سمعت صوتك البارحة وأنا على سطح بكلواذي، وتشككت، فلولا أنك أخبرتني الساعة على غير اتفاق ما صدقته [7] . قال: فاحكها عني، فأنا أحكيها دائما.
توفي أبو بكر الآدمي يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من ربيع الأول، ودفن في هذا اليوم في الصفة التي بحذاء قبر معروف الكرخي [8] .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد [9]
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من ت، الأصل.
[2] في ص، ل: «علي بن ثابت» . وفي ت: «أحمد بن علي» وكذلك في الأصل.
[3] في الأصل: «بسرة الصوفي» .
[4] «بكلواذى» سقطت من ص.
[5] «وتأملته» سقطت من ص.
[6] «القدر سقطت من ت، ص، ل.
[7] في الأصل: «صدقت» .
[8] في ت: «التي بحذاء قبر معروف الكرخي» . وفي ص، ل: «التي بحذاء معروف الكرخي» . وفي الأصل:
«التي فيها قبر معروف الكرخي» .
[9] «بن محمد» سقطت من ت.(14/124)
قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: قال محمد بن أبي الفوارس: سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة فيها مات [محمد بن جعفر] أَبُو بَكْر [1] الآدمي وكان قد خلط فيما حدث [به] [2] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ [3] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي قال: حدثني علي بن أبي علي المعدل، أخبرنا أبو بكر بن أبي موسى القاضي، وأبو إسحاق الطبري، وغيرهما قالوا: سمعنا أبا جعفر عبد الله بن إسماعيل بن بويه يقول: رأيت أبا بكر الآدمي في النوم بعد موته بمديدة فقلت لَهُ [4] مَا فعل اللَّه بك؟ فَقَالَ لي: وقفني بين يديه، وقاسيت شدائد وأمورا صعبة. فقلت له: فتلك الليالي والمواقف والقرآن؟ فقال: ما كان شيء أضر على منها، لأنها كانت للدنيا. فقلت له: فإلى أي شيء انتهي أمرك؟ قال: قال لي الله عزَّ وجل [5] آليت على نفسي أن لا أعذب أبناء الثمانين.
__________
[1] في الأصل: «فيها مات أبو بكر الآدمي» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] «بن محمد» سقط من ت.
[4] «له» سقطت من ت.
[5] في الأصل: «تعال» . وفي ص، ل: «تعالى» .(14/125)
ثم دخلت سنة تسع وأربعين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
[وقوع فتنة بين السنة والشيعة]
أنه يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان وقعت/ فتنة بين السنة والشيعة في القنطرة الجديدة، وتعطلت الجمعة من الغد في جميع المساجد الجامعة في الجانبين سوى مسجد براثا، فإن الصلاة تمت فيه، وقبض على جماعة من بني هاشم، واعتقلوا في دار الوزير، لأنهم [اتهموا بأنهم] [1] كانوا سبب الفتنة، وأطلقوا من الغد.
[ظهور ابن لعيسى بن المكتفي باللَّه بناحية أرمينية وموقان]
وفي هذا الشهر: ورد الخبر بأن ابنا لعيسى بن المكتفي باللَّه [2] ظهر بناحية أرمينية وموقان، وأنه يلقب: بالمستجير باللَّه، يدعو إلى المرتضي [3] من آل رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ، وأنه لبس الصوف، وأمر بالمعروف، وتبعه جماعة فسار إلى آذربيجان، فغلب على عدة بلدان منها، ثم حورب فأخذ.
وفي [نصف] [4] شوال: عرضت لمعز الدولة علة في الكلى، فبال الدم، وقلق منها قلقا شديدا ثم بال بعد ذلك الرمل، ثم الحصى الصغار والرطوبة التي ينعقد منها الرمل [5] والحصى.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ل، ص.
[2] «باللَّه» سقطت من ت.
[3] في الأصل: «الرضى» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] «ثم الحصى الصغار والرطوبة التي ينعقد منها الرمل» سقط من ت وأثبت على الهامس.(14/126)
وأسلم في هذه السنة من الأتراك مائتا ألف خركاه.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2598- أزهر بن أحمد بن محمد، أبو غانم [1] الخرقي
[2] .
حدث عن أبي قلابة الرقاشي، روى عنه الدارقطني، وابن رزقويه، وكان ينزل بالجانب الشرقي في سوق العطش، وتوفي في هذه السنة.
2599- جعفر بن حرب
[3] .
أنبأنا [4] مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْبَزَّازُ، عَنْ أَبِي القاسم [علي] [5] بن المحسن، عن أبيه: أن جعفر بن حرب كان يتقلد الأعمال الكبار للسلطان، وكانت نعمته تقارب نعمة الوزارة، فاجتاز يوما راكبا في موكب له عظيم، ونعمته على غاية الوفور، ومنزلته بحالها [6] في [نهاية] [7] الجلالة [8] ، فسمع رجلا يقرأ (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَما نَزَلَ من الْحَقِّ) 57: 16 [9] فصاح: اللَّهمّ بلى، يكررها دفعات [وبكى] [10] ثم نزل عن دابته/ ونزع ثيابه، ودخل إلى دجلة واستتر بالماء، ولم يخرج منه حتى فرق جميع ما له في المظالم التي كانت عليه وردها [11] ، وتصدق بالباقي، فاجتاز رجل فرآه في الماء قائما، وسمع بخبره، فوهب له قميصا ومئزرا فاستتر بهما، وخرج وانقطع إلى العلم والعبادة حتى مات.
__________
[1] في الأصل: «أبو خاتم» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 52) .
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 236) .
[4] في ت: «أخبرنا» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[6] «بحالها» سقطت من ص.
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] في ت: «الخلافة» .
[9] سورة: الحديد، الآية: 16.
[10] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[11] «وردها» سقطت من ت، ص، ل.(14/127)
2600- الحسين بن علي بن يزيد بن داود، أبو علي الحافظ النيسابوري
[1] .
ولد سنة سبع وسبعين [2] ومائتين، وكان واحد دهره في الحفظ والإتقان والورع، مقدما في مذاكرة الأئمة، كثير التصنيف ذكره الدارقطني فقال: إمام مهذب [3] . وكان مع تقدمه في العلوم [4] أحد الشهود المعدلين بنيسابور، ورحل في [طلب] [5] الحديث إلى الآفاق البعيدة، وسمع من الأكابر وكان ابن عقدة لا يتواضع لأحد كتواضعه لأبي علي.
وتوفي في جمادي الأولى [6] من هذه السنة.
2601- حسان بن محمد بن أحمد بن هارون، أبو الوليد القرشي الفقيه
[7] .
إمام أهل الحديث بخراسان في عصره، وأزهدهم وأكثرهم اجتهادا في العبادة، درس الفقه على [مذهب] [8] أبي العباس ابن سريج وسمع من الحسن بن سفيان وغيره وصنف [التصانيف الحسنة] [9] .
أخبرنا زاهر بن طاهر، أَنْبَأَنَا أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُونِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ قالا: أنبأنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا الوليد حسان بن محمد بن أحمد القرشي يقول في مرضه الذي مات فيه: قالت لي والدتي كنت حاملا بك وكان للعباس بن حمزة مجلس، فاستأذنت أباك أن أحضر مجلسه في أيام العشر، فأذن لي، فلما كان في آخر المجلس قال العباس بن حمزة: قوموا فقاموا وقمت، فأخذ العباس يدعو فقلت: اللَّهمّ هب لي ابنا عالما، ثم رجعت إلى المنزل فبت تلك الليلة فرأيت فيما يرى النائم كأن رجلا أتأني فقال: أبشري، فإن الله قد استجاب دعوتك، ووهب لك
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 71. والبداية والنهاية 11/ 236) .
[2] في ت: «وتسعين» .
[3] «إمام مهذب» سقطت من ت.
[4] في الأصل: «العلم» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في ت: «جمادى الآخرة» .
[7] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 236) .
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[9] «التصانيف الحسنة» سقطت من ت، الأصل.(14/128)
ولدا ذكرا وجعله عالما، ويعيش كما عاش أبوك، قالت: وكان أبي عاش اثنتين وسبعين [1] سنة، قال حسان/ وهذه قد تمت لي اثنتان وسبعون [2] سنة، فعاش بعد هذه الحكاية أربعة أيام، توفي ليلة الجمعة خامس ربيع الأول من سنة تسع وأربعين وثلاثمائة.
2602- حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب، أبو سليمان الخطابي
[3] .
سمع الكثير، وصنف التصانيف منها «المعالم» شرح فيها «سنن أبي داود» ، و «الأعلام» شرح فيها البخاري، و «غريب الحديث» وله فهم مليح، وعلم غزير، ومعرفة باللغة والمعاني والفقه، وله أشعار فمن ذلك قوله:
ما دمت حيا فدار الناس كلهم ... فإنما أنت في دار المداراة
من يدر داري ومن لم يدر سوف يرى ... عما قليل نديما للندامات
2603- عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هشام، واسم أبي هشام: بشار، وكنية عبد الواحد: أبو طاهر
[4] .
كان من أعلم الناس بحروف القراءات [5] ووجوه القراءات، وله في ذلك تصانيف، وحدث عن جماعة منهم: أبو بكر بن أبي داود، وابن مجاهد، روى عنه أبو الحسن الحمامي، وكان ثقة أمينا، يسكن الجانب الشرقي، توفي في شوال هذه السنة، ودفن في مقبرة الخيزران.
2604- علي بن المؤمل بن الحسن بن عيسى بن ماسرجس، أبو القاسم
[6] .
أنبأنا زاهر بن طاهر قَالَ: أخبرنا [7] أبو عثمان الصابوني، وأبو بكر البيهقي قالا:
__________
[1] في ت: «وتسعين» .
[2] في ت: «تسعون» .
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 236) .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 7. والبداية والنهاية 11/ 237) .
[5] في الأصل: «القرآن» .
[6] في ت: أبو الحسن.
[7] في ص، ل، الأصل: «أنبأنا» .(14/129)
أخبرنا الحاكم أبو عبد الله قال: كان يضرب المثل بعقل شيخنا أبي القاسم، وكان من أودع مشايخنا، وسمع بنيسابور، وببغداد، وبالكوفة، وحدث سنين، وحججت معه في سنة إحدى وأربعين، فكان أكثر الليل يقرأ في العمارية، فإذا نزل قام إلى الصلاة لا يشتغل بغير ذلك، وما أعلم أني دخلت/ الطواف إلا وجدته يطوف، وسمعت ابنه أبا عبد الله يقول: ضعف بصر أبي ثلاث سنين، ولم يخبرنا به حتى ضعفت العين الأخرى، فحينئذ أخبرنا به.
وتوفي في صفر هذه السنة.
2605- العباس بن محمد، أبو محمد الجوهري
[1] .
حدث عن البغوي، وابن داود، وابن صاعد، روى عنه الحاكم أبو عبد الله النيسابوري، وقال: كان أحد الجوالين في طلب الحديث بفهم ومعرفة وإتقان.
توفي في صفر هذه السنة.
2606- محمد بن أَحْمَد بن إبراهيم بن سليمان بن محمد، أبو أحمد العسال [2] الأصبهاني
[3] .
سمع محمد بن أيوب الرازي، وإبراهيم بن زهير الحلواني، وبكر بن سهل الدمياطي، ونحوهم.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أبو القاسم عبد الله بن أحمد السوذرجاني [4] بأصبهان قال: سمعت [أبا] [5] عبد الله بن منده يقول: كتبت عن ألف شيخ ولم أر فيهم أتقن من أبي أحمد العسال [6] .
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 160) .
[2] في ت الغساني» . وفي ص، ل: «الغسال» .
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 237) .
[4] في الأصل: «السورجاني» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في ت: «أبي محمد الغساني» .(14/130)
[أخبرنا عَبْد الرَّحْمَن قَالَ: أخبرنا أَحْمَد قَالَ: سَمِعتُ أَبَا نُعَيْم يَقُولُ] [1] : ولي أبو أحمد العسال [2] القضاء، وكان من كبار الناس في الحفظ والإتقان والمعرفة، وتوفي في رمضان سنة تسع وأربعين وثلاثمائة [3] [هذه السنة]
[4] .
2607- محمد بن أحمد بن علي بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن زَيْدُ بْن حاتم، أَبُو يَعْقُوب النَّحْويّ
[5] .
أخبرنا أَبُو مَنْصُور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عَلي قَالَ: ذكر أَبُو الفتح بْن مسرور أَنَّهُ حدثه عَنْ أَبِي مُسْلِم الكجي قَالَ: تُوُفّي بمصر يَوْم الأربعاء لليلة بقيت من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وثلاثمائة.
__________
[1] في ص، ل، الأصل: «قال أبو نعيم» مكان ما بين المعقوفتين.
[2] في ت: «الغساني» .
[3] «سنة تسع وأربعين وثلاثمائة» سقطت من ت.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص، ل.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 320) .(14/131)
ثم دخلت سنة خمسين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
[اشتداد علة معز الدولة]
أنه اشتدت علة معز الدولة ليلة السبت لأربع خلون من المحرم، وامتنع عليه البول كله، واشتد قلقه وجزعه، ثم بال علي ساعة باقية من الليل دما بشدة، ثم تبعه البول وخرج مع البول رمل كثير وحصى صغار، وخف الألم، فلما أصبح سلم داره وغلمانه وكراعه إلى ابنه الأمير أبي منصور [1] بختيار، وفوض الأمور [2] إليه، وخرج في عدة يسيرة من غلمانه/ وخاصته ليمضي إلى الأهواز، ثم أشير عليه بالتوقف فتنقل من مكان إلى مكان إلى أن عاد إلى داره، ثم انتقل في جمادى الأولي من داره بسوق الثلاثاء إلى البستان المعروف ببستان الصيمري، وأخذ في أن يهدم ما يليه من العقار والأبنية إلى حدود البيعة، وأصلح ميدانا وبنى دارًا على دجلة في جوار البيعة، ومد المسناة، وبنى الإصطبلات، وقلع الأبواب الحديد التي على مدينة [أبي جعفر] [3] المنصور، وأبواب الرصافة، وقصر الرصافة، ونقلها إلى داره. وهدم سور الحبس المعروف بالجديد، ونقل آجرَّهُ إلى داره، وبنى به، ونقض المعشوق بسر من رأي وحمل آجره، وأنفق على البناء إلى أن مات مائة ألف ألف دينار، وقبض على جماعة فصودروا على مال عظيم، فأمر أن يصرف إلى بناء الدار والإصطبلات، ولحق الناس في هذا الصقع شدة شديدة من التنزل عليهم.
__________
[1] في ت، ل، ص: إلى ابنه أبي منصور» .
[2] في الأصل: «الأمر» .
[3] «أبي جعفر» سقطت من ت.(14/132)
وفي يوم الأحد لثمان بقين من شعبان: تقلد أبو العباس عبد الله بن الحسن بن أبي الشوارب القضاء بالحضرة من جانبي بغداد والمدينة، وقضاء القضاة، وخلع عليه من دار السلطان، لأن الخليفة امتنع من أن يصل [1] إليه وضرب بين يديه الدبادب على أن يحمل إلى خزانة [2] معز الدولة كل سنة مائتي ألف درهم، وامتنع الخليفة من أن يصل إليه هذا القاضي في موكب أو غيره.
وفي شوال: ورد الخبر بأن نجاء غلام سيف الدولة دخل بلد الروم غازيا، وأنه غنم ما قيمته ثلاثون ألف دينار، وسبى ألفي رأس واستأسر خمسمائة في السلاسل.
وفي شباط: جاء برد بنواحي قطر بل وبإزائها في الجانب الشرقي، في كل بردة أوقيتان وأكثر، وقتل الطيور والبهائم.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2608- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زياد، أبو سهل القطان
[3] .
حدث/ عن محمد بن عبد الله بْن المنادي [4] وغيره، وروى عن ابن رزقويه [5] وكان ثقة.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ [أحمد] [6] بن علي بن ثابت، قال:
سمعت محمد بن الحسين [بن] [7] الفضل القطان يقول [8] : حدثني من سمع أبا سهل بن زياد يقول: سمى الله المعتزلة كفارا قبل أن يذكر فعلهم. فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا مَا ماتُوا وَما قُتِلُوا) 3: 156 [9] الآية.
__________
[1] في الأصل: «يوصل إليه» .
[2] في الأصل: «الخزانة» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 45. والبداية والنهاية 11/ 238) .
[4] في ل: «عبيد الله المنادي» .
[5] في الأصل: «رزقونة» .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] «يقول» سقطت من ص.
[9] سورة: آل عمران الآية: 156.(14/133)
أخبرنا القزاز، أخبرنا أحمد بن علي قال: حدثني الأزهري قال: «قال لي أبو عبد الله بن بشر القطان: ما رأيت رجلا أحسن انتزاعا لما أراد عن [1] آي القرآن من أبي سهل بن زياد، فقلت لابن بشر: وما السبب في ذلك؟ قال: كان جارنا، وكان يديم صلاة الليل وتلاوة [2] القرآن، ولكثرة درسه صار القرآن نصب عينيه، ينتزع منه ما شاء من غير تعب. توفي في شعبان هذه السنة، ودفن بقرب قبر معروف.
2609- إسماعيل بن علي بن إسماعيل بن بنان [3] ، أبو محمد الخطبي
[4] .
ولد في محرم سنة تسع وستين ومائتين وسمع الحارث بن أبي أسامة، والكديمي، وعبد الله بن أحمد، وغيرهم، وروى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وابن رزقويه [5] ، وكان ثقة فاضلا نبيلا فهما عارفا بأيام الناس، وأخبار الخلفاء، وصنف تاريخًا كبيرًا على ترتيب السنين، وكان عالما بالأدب، ركينا عاقلا ذا رأي، يتحرى الصدق.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا أبو بكر بن علي بن ثابت، قال:
سمعت الأزهري يقول: جاء أبو بكر بن مجاهد، وَإِسْمَاعِيل الخطبي إلى منزل أبي عبد الصمد [6] الهاشمي، فقدم إِسْمَاعِيل أبا بكر فتأخر أبو بكر/ وقدم إسماعيل، فلما استأذن إِسْمَاعِيل أذن له فقال: ادخل ومن أنا معه.
أخبرنا أبو منصور، أخبرنا أبو بكر بن ثابت [7] ، قال: حدثني عبيد الله بن أبي الفتح، قال: سمعت [أبا] [8] الحسن بن رزقويه يذكر عن إسماعيل الخطبي، قال:
وجَّه إليَّ الراضي باللَّه ليلة عيد الفطر، فحملت إليه راكبًا بغلة، فدخلت عليه وهو جالس في الشموع، فقال لي: يا إسماعيل، أني قد عزمت في غد على الصلاة
__________
[1] في ص، ل، ت: «أراد عن» .
[2] في ل، ت: «الصلاة بالليل وقراءة» .
[3] في المطبوعة: «بن بنان» خطأ.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 304) .
[5] في الأصل: «رزقونة» .
[6] في تاريخ بغداد: «ابن عبد العزيز» .
[7] في الأصل: «أحمد بن علي» .
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/134)
بالناس في المصلى، فما أقول إذا انتهيت في الخطبة إلى الدعاء لنفسي [1] . قال:
فأطرقت ثم قلت: يقول أمير المؤمنين: رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ، وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ، وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ في عِبادِكَ الصَّالِحِينَ. 27: 19 فقال لي: حسبك، ثم أمرني بالانصراف وأتبعني بخادم فدفع إليَّ خريطة فيها أربع مائة دينار، وكانت الدنانير خمسمائة، فأخذ الخادم منها لنفسه مائة دينار أو كما قال.
توفي الخطبي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
2610- تمام بن محمد بن سليمان بن محمد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ العباس بن مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ العباس بن عبد المطلب، أبو بكر
[2] .
ولد سنة تسع وستين ومائتين، حدث عن عبد الله بن أحمد وغيره، وروى عنه ابن رزقويه، وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة.
2611- الحسن [3] بن علي بن عبيد الله بن الحسن. أبو أحمد الخلال، المعروف بالكوسج
[4] .
حدث عن جماعة، وروى عنه ابن رزقويه، وكان صدوقا [5] . وتوفي في جمادي الأولى من هذه السنة.
2612- الحسين بن القاسم، أبو علي الطبري الفقيه الشافعي
[6] .
أخبرنا القزاز أَخْبَرَنَا أبو بكر الخطيب، قَالَ: درس على أبي علي بن أبي هريرة [7] .
وبرع في العلم، وسكن بغداد، وصنف كتاب «المحرر» وهو أول كتاب صنّف في
__________
[1] في ت، ص، ل: «في نفسي» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 139. والبداية والنهاية 11/ 238) .
[3] في تاريخ بغداد: «الحسن» .
[4] هذه الترجمة ساقطة من ت. انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 386) .
[5] في المطبوعة، وتاريخ بغداد، وباقي النسخ: «ثقة» .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 87. والبداية والنهاية 11/ 238) .
[7] في ص: «درس أبي على ابن أبي هريرة» .(14/135)
الخلاف، وصنف كتاب «الإفصاح» في المذهب، وكتابا في الجدل وكتابا في [أصول] الفقه، وتوفي ببغداد في [صفر] سنة خمسين/ وثلاثمائة
[1] .
2613- عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن عيسى بن أبي جعفر المنصور، ويكنى أبا جعفر، ويعرف: بابن بريَّة الهاشمي
[2] :
كان إمام جامع المنصور، وحدث عن ابن أبي الدنيا وغيره، وروى عنه ابن رزقويه.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْن علي بْن [3] ثابت، حَدَّثَنَا علي بْن أبي علي، قال: سمعت القاضي أبا بكر بن أبي موسى الهاشمي، وأبا إسحاق الطبري، ومن لا أحصي من شيوخنا يحكون، أنهم سمعوا أبا جعفر المعروف بابن بريَّة الإمام يقول: رقى هذا المنبر- يعني منبر مسجد جامع المدينة- الواثق في سنة ثلاثين ومائتين، ورقيت هذا المنبر في سنة ثلاثين وثلاثمائة، وبين الرقيتين مائة سنة، وأنا وهو في القعدد [4] إلى المنصور سواء، هو الواثق بن المعتصم بْن الرشيد بْن المهدي بْن المَنْصُور، وأنا عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن عيسى بن المنصور.
توفي ابن برية في صفر هذه السنة، وقيل: سنة اثنتين وخمسين
[5] .
2614-[عَبْد الرَّحْمَن بْن برسيا بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحُسَيْن المحبر، مَوْلَى بني هاشم
[6] .
كَانَ يسكن سويقة غالب، وحدَّث عَنْ أَبِي الْعَبَّاس البرتي، والكديمي، روى عنه ابن رزقويه، وابن شاذان، وتُوُفيّ فِي جُمَادَى الأولى من هذه السنة]
[7] .
__________
[1] في الأصل: «وسكن بغداد، وتوفي بها في صفر سنة خمسين» وما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 410. والبداية والنهاية 11/ 239) .
[3] في ص، ل، «أحمد بن علي أخبرنا» .
[4] في الأصل: «التعدد» .
[5] «وقيل سنة اثنتين وخمسين» سقطت من ص.
[6] في ل، «بني هشيم» .
[7] هذه الترجمة سقطت من الأصل، ل، ص.(14/136)
2615- عتبة بن عبيد الله بن موسى بن عبيد الله أبو السائب الهمذاني
[1] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، [أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، قال:] [2] عتبة رجل من أهل همذان، وكان أبوه عبيد الله تاجرا مستورًا دينًا، أخبرنا جماعة من الهمذانيين أنه كان يؤمهم في مسجد لهم فوق الثلاثين سنة، ونشأ أبو السائب يطلب العلم، وغلب عليه في ابتداء أمره علم التصوف، والميل إلى أهل الزهد، ثم خرج عن بلده ولقي العلماء، وعني بفهم القرآن، وكتب الحديث، وتفقه على مذهب الشافعي، واتصلت أسفاره فعرف الأمير أبو القاسم بن أبي الساج خبره، وما هو عليه من الفضل فأدخله [3] إليه فرآه فاضلا نبيلا [4] عاقلا، فقلده الحكم بمراغة، وتقلد جميع آذربيجان مع مراغة، وعظمت حاله، وقبض على ابن أبي الساج، فعاد إلى الجبل وتقلد همذان، ثم عاد إلى بغداد، وتقلد/ أعمالا جليلة بالكوفة وديار مضر، والأهواز، وعامة الجبل، وقطعة من السواد، وتقدم عند قاضي القضاة أبي الحسين بن أبي عمر، وسمع شهادته واستشاره في جميع أموره، ولما قبض المستكفي باللَّه على محمد بن الحسن [5] ، بن أبي الشوارب قلد أبا السائب مدينة أبي جعفر، ثم قتل اللصوص أبا عبد الله محمد بن عيسى وكان قاضيا على الجانب الشرقي، وتقلد [6] قضاء القضاة في رجب سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا أبو بكر [أحمد بن علي] [7] بن ثابت، أخبرنا أحمد بن علي التوزي، قال: ولد أبو السائب في سنة أربع وستين ومائتين، وتوفي في ربيع الآخر سنة خمسين وثلاثمائة.
قال المصنف رحمه الله: ودفن في داره بسوق يحيى.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 320 وفيه: عتبة بن عبد الله بن موسى بن عبيد الله. والبداية والنهاية 11/ 239) .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في ص، ل، ت: «فأدخل» .
[4] «نبيلا» سقطت من ص، ل، ت.
[5] في ص «الحسين» .
[6] في ص: «فقلد» .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/137)
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بن ثابت، أَخْبَرَنَا على بْن أَبِي علي المعدل، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلِّصُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أحمد بن علي الذهبي [1] المعروف: بابن القطان، قال: رأيت أبا السائب عتبة بن عبيد الله قاضي القضاة بعد موته، فقلت: ما فعل الله بك مع تخليطك بهذا اللفظ؟ فقال: غفر لي، فقال: فكيف ذلك؟ فقال إن الله تعالى عرض عليَّ أفعالي القبيحة ثم أمر بي إلى الجنة، وقال: لولا آليت على نفسي أن لا أعذب من جاوز الثمانين لعذبتك، ولكني قد غفرت لك وعفوت عنك، اذهبوا به إلى الجنة. فأدخلتها.
2616- محمد بن أحمد بن حبيب بن أحمد بن راجبان، أبو بكر الدهقان
[2] .
بغدادي سكن بخارى، وحدث بها عن يحيى بن أبي طالب، والحسن بن محرم، وأبي قلابة الرقاشي وغيرهم، ولد أبو بكر بن حبيب ببغداد سنة ست وستين ومائتين، ودخل بخارى سنة سبع وثمانين ومائتين، ومات ببخارى يوم السبت غرة رجب سنة خمسين وثلاثمائة
[3] .
2617-[محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بْن يقطين، أَبُو بَكْر الأسَدِيُ، المقرئ البغدادي
[4] .
روى عن أحمد بن محمد ابن الْحَسَن بْن عِيسَى الناسرجي، ونزل مكَّة وتُوُفيّ بها في هذه السنة. وكان ثقة.
2618- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مقاتل، أَبُو بَكْر المقري.
كَانَ ذا مال عظيم. وتُوُفيّ بمصر فِي شعبان هَذِهِ السَّنَة. ووجد فِي داره دفائن مبلغها ثمانية وتسعين ألف دينار، وأخذت لَهُ ودائع وجوهر ثمنه مائتا ألف دينار] [5] .
__________
[1] في تاريخ بغداد: «الدهني» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 296 وفيه: «محمد بن أحمد بن خنب بن أحمد بن راجيان..» .
والبداية والنهاية 11/ 239.
[3] في ت: «وصليت على جنازته» وإذا أثبتت في الأصل كان ذلك غير صحيح، لأن ظاهر الكلام أن المتكلم هو ابن الجوزي، بينما في الواقع هو الحافظ غنجار كما يظهر من تاريخ بغداد 1/ 296.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 342) .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل. ويبدأ من بداية ترجمته: محمد بن أحمد بن محمد بن يقطين.(14/138)
ثم دخلت سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها: /
[دخول الروم عين زربة]
أنه ورد الخبر [في المحرم] [1] بدخول الروم عين زربة في مائة وستين ألف رجل، فطلب المسلمون الأمان فأمنهم ملك الروم، فلما دخل البلد نادى في أول الليل بأن يخرج جميع الناس إلى المسجد الجامع، وأن من تأخر في منزله قتل. فخرج من أمكنه [2] الخروج، فلما أصبح أنفذ رجاله، فمن وجدوه في منزله قتلوه فقتلوا خلقا من الرجال والنساء والأطفال، وأمر بقطع نخل البلد فقطع منه أربعون ألف [3] نخلة، ونادى فيمن حصل [4] في الجامع أن يخرجوا حيث شاءوا وأن من أمسى فيه قتل، فخرج الناس مبادرين وتزاحموا في الأبواب، فمات بالضغط خلق كثير، ومروا على وجوههم حفاة عراة لا يدرون أين يتوجهون، فمات أكثرهم في الطرقات، ثم أخذ الأسلحة والأمتعة، وأمر بهدم الجامع وكسر المنبر، وهدم سور البلد، والمنازل، وبقي مقيما في بلاد الإسلام واحدًا وعشرين يومًا، وفتح حول حصن زربة [5] أربعة وخمسين حصنًا، بعضها بالسيف وبعضها بالأمان، وقتل خلقا كثيرا من المسلمين، ثم إن سيف الدولة أعاد بناء عين زربة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في ص: «أمكن» .
[3] «ألف» سقطت من ص.
[4] في الأصل: «جفل» .
[5] في ل: «حول عين زربة» .(14/139)
وفي شهر ربيع الآخر: كتب العامة على مساجد بغداد: لُعن معاوية بن أبي سفيان، ولعن من غصب فاطمة فدكا ومن أخرج العباس من الشورى، ومن نفى أبا ذر الغفاريّ، ومن منع من دفن الحسن عند [1] جده، ولم يمنع معز الدولة من ذلك، وبلغه أن العامة قد محوا [2] هذا المكتوب، فأمر أن يكتب: لعن الله الظالمين لآل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الأولين والآخرين، والتصريح باسم معاوية في اللعن فكتب ذلك.
وفي شوال: ورد الخبر بأن الروم استأسروا أبا فراس بن سعيد بن حمدان من منبج وكان متقلدًا لها.
وورد الخبر بأنه وقع في الجامدة في آخر يوم من تشرين الثاني برد في كل بردة رطل ونصف ورطلان.
[ورود الدمستق إلى حلب بغتة]
/ وورد الخبر بأن الدمستق ورد إلى حلب بغتة، ولم يعلم سيف الدولة، فخرج إليه وحاربه فانهزم سيف الدولة، وظفر بداره وهي خارج حلب، فوجد فيها ثلاثمائة وتسعين بدرة دراهم، فأخذها ووجد له ألف وأربعمائة بغل فأخذها، وأخذ من خزائن السلاح ما لا يحصى، وأحرق الدار وملك الربض، فقاتله أهل حلب من وراء السور، فقتل من الروم خلق كثير بالحجارة والمقاليع [3] ، وسقطت ثلمة من السور على أهل حلب، فقتلتهم فطمع الروم في تلك الثلمة فأكبوا عليها، ودفعهم أهل البلد عنها، فلما جن عليهم الليل [4] اجتمع المسلمون عليها فبنوها، وفزعوا منها، وعلوا عليها فكبروا، ثم إن رجالة الشرط بحلب مضوا إلى منازل الناس وخانات التجار لينهبوها، فقيل للناس: الحقوا منازلكم، فإنها قد نهبت، فنزلوا عن السور وأخلوه، ومضوا إلى منازلهم ليدفعوا عنها، فلما رأي الروم السور خاليا تجاسروا على أن يصعدوه، وأشرفوا على البلد فرأوا الفتنة فيه [5] ، وأن بعضهم ينهب بعضا، فنزلوا وفتحوا الأبواب ودخلوا،
__________
[1] في الأصل: «عنده» .
[2] في الأصل: «حجوا» .
[3] في الأصل: «وبالمقاطيع» .
[4] في ص، ل، ت: «فلما جن الليل» .
[5] «فيه» سقطت من ص، ل، ت.(14/140)
وثلموا السور في عدة مواضع، ووضعوا في الناس السيف، فقتلوا كل من لقيهم، ولم يرفعوا السيف حتى ضجروا، وكان في البلد ألف ومائتا رجل أسارى الروم فتخلصوا، وكان سيف الدولة قد أخذ من الروم سبعمائة إنسان ليفادى بهم، فأخذهم الدمستق، وسبي من البلد من المسلمين بضعة عشر ألف صبي وصبية، وأخذ من النساء والسبايا [1] ما أراد ومن خزائن سيف الدولة وأمتعة التجار ما لا يحاط بقيمته، فلما لم يبق معه ما يحمل عليه أحرق الباقي، وأخرب المساجد، وعمد إلى جباب الزيت فصب فيها الماء حتى فاض الزيت وشربته الأرض، وأقام في البلد تسعة [2] أيام، وكان معه مائتا ألف رجل/ فيهم ثلاثون ألفا بالجواشن [3] ، وثلاثون ألفا من صناع الهدم، وأربعة آلاف بغل عليها حسك حديد يطرحه حول العسكر [4] بالليل، وخركاهات ملبسة لبودًا أحمر لدوابه، فلما همَّ أن ينصرف، قال له ابن أخت الملك: قد فتحنا هذا البلد وقد [5] بقيت القلعة، فقال: بلغنا ما لم نكن نظنه [فدع القلعة] [6] فسكانها غزاة، قال: لا بد قال: شأنك، فصعد فوقع عليه حجر فمات، فلما أتى به الدمستق أحضر مَنْ كان معه من أسارى المسلمين، وكانوا ألفين ومائتين، فضرب أعناق الجميع [7] .
وفي رمضان: سقط روشن من دار الوزير أبي محمد المهلبي إلى دجلة، وكان عليه جماعة من وجوه الدولة، منهم أبو إسحاق محمد بن أحمد القراريطي فانكسرت فخذه، فحمل وجبرت فصلحت، وأما [8] ابن حاجب النعمان فإن نخاع [9] ظهره انقطع، فحمل على سريره [10] ، فأقام عليلًا إلى الجمعة الثانية ومات.
__________
[1] «والسبايا» سقطت من ص، ل، ت.
[2] في ص: «سبعة» .
[3] في الأصل: «بالجواسق» .
[4] في ل: «عسكره» .
[5] «وقد» سقطت من ص، ل، ت.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] في ل: «جميعهم أعناقهم» .
[8] في ص، ل، ت: «ومنهم» .
[9] في الأصل: «نخاح» .
[10] في المطبوع: «سرير» .(14/141)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2619- الحسن بن محمد بن هارون، أبو محمد المهلبي
[1] .
من ولد المهلب بن أبي صفرة، استوزره معز الدولة أبو الحسين [أحمد] [2] بن بويه، فبقي في وزارته ثلاث عشرة سنة وثلاثة أشهر، وكان يقول الشعر الحسن، وفيه الأدب [الوافر] [3] وكان يطرب على اصطناع الرجل ويهاج لذلك، وكان له الحلم والأناة.
روى أبو إسحاق الصاغاني، قال: صاغ الوزير أبو محمد المهلبي دواة ومرفعًا وحلاهما حلية ثقيلة، وكانت طول ذراع وكسر في عرض شبر، فقدمت بين يديه، وأبو أحمد الفضل بن عبد الرحمن الشيرازي جالس عن يمينه وأبا أحمد [4] جالس إلى جنبه، فتذاكرنا سرًا حُسنَ الدواة، فقال أبو أحمد: ما كان أحوجني إليها/ لأبيعها فانتفع بثمنها، فقلت: فأي شيء يعمل الوزير؟ قال: يدخل في خزانته [5] وسمع الوزير ما جرى بيننا بإصغائه إلينا، ثم اجتمعت بأبي أحمد من الغد، فقال لي: عرفت خبر الدواة؟
قلت: لا قال: فإنه جاءني البارحة رسوله ومعه الدواة، ومرفعها ومنديل، وعشر قطع وخمسة آلاف درهم وقال: الوزير يقول لك أنا عارف بقصور المواد عنك، وتضاعف المؤن عليك، وقد آثرتك بهذه الدواة لما ظننت من استحسانك لها، وجعلت معها ما تكتسي به وتصرفه في بعض نفقتك. فبقيت متعجبا من اتفاق ما تجارينا فيه [6] وحدث هذا على أثره.
وتقدم الوزير بصناعة [7] دواة أخرى فصنعت [8] ، ودخلنا إلى مجلسه وقد
__________
[1] في الأصل: «المهلبي أبو محمد» . انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 241) .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] هكذا في كل النسخ، وفي المطبوعة: «وأنا جالس» .
[5] في الأصل: «في خزانته» .
[6] في ص، ل، ت: «ما تجارينا به» .
[7] في ص، ل، ت، المطبوعة: «بصياغة» .
[8] في ص، ت، المطبوعة: «فصيغت» .(14/142)
تركت [1] بين يديه وهو يوقع منها، فنظر إلي وإلى أبي أحمد ونحن نلحظها فقال: هيه، من منكما يريدها على الإعفاء من الدخول؟ فاستحيينا، وعلمنا أنه كان قد سمع قولنا، وقلنا: بل يمتع الله الوزير [منها] [2] ويبقيه ليهب ألفا منها.
توفي أبو محمد المهلبي في هذه السنة عن أربع وستين سنة، ودفن في مقابر قريش.
2620- دعلج بن أحمد بن دعلج بن عبد الرحمن، أبو محمد السجستاني المعدل
[3] .
سمع الحديث ببلاد خراسان، والري، وحلوان، وبغداد، [والبصرة] [4] ومكة وكان من ذوي اليسار والمشهورين بالبر والأفضال، وله صدقات جارية ووقوف على أهل الحديث ببغداد ومكة وسجستان، وكان قد جاور بمكة زمانًا، فجاء قوم من العرب [5] ، فقالوا: إن أخًا لك من أهل خراسان قتل أخًا لنا [6] فنحن نقتلك به. فقال: اتقوا الله، فإن خراسان ليست بمدينة واحدة فاجتمع الناس فخلوا سبيله [7] فانتقل إلى بغداد فاستوطنها، وكان يقول: ليس في الدنيا مثل داري وذلك [8] أنه ليس في الدنيا مثل/ بغداد، ولا ببغداد مثل القطيعة، ولا في القطيعة مثل درب أبي خلف، وليس في الدرب مثل داري.
وحدَّث ببغداد عن عثمان بن سعيد الدارمي، والحسن بن سفيان النسوي، وابن البراء، والباغندي، وعبد الله بن أحمد، وخلق كثير. روى عنه ابن حيويه، والدارقطني، وابن رزقويه، وعلي، وعبد الملك ابنا بشران وغيرهم، وكان ثقة ثبتا مأمونا، قبل
__________
[1] في ت، ص، ل: «وتركت» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 387. والبداية والنهاية 11/ 241، 242) .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] «وسجستان وكان قد جاور بمكة زمانا فجاءه قوم من العرب» هذه العبارة في الأصل وضعت بعد: « ...
والري وحلوان وبغداد والبصرة ومكة» .
[6] في ص، ل، ت: «أخانا» .
[7] في ص، ل، ت: «فخلوا عنه» .
[8] في ص، ل: «وذاك» .(14/143)
الحكام شهادته، وصنف له الدارقطني كتبًا منها: «المسند الكبير» فكان إذا شك في حديث ضرب عليه، قال الدارقطني: لم أر في مشايخنا أثبت منه.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ [أَحْمَد بن علي] [1] ، قَالَ: حدثني مُحَمَّد بن علي بن عبد الله الحداد، عن شيخ سماه، قال: حضرت يوم الجمعة الجامع بمدينة المنصور. قال: وحدثني [2] أبو القاسم الأزهري، عن أبي عمر ابن حيويه قال:
أدخلني دعلج إلى داره وأراني بدرًا من المال معبأة في منزله، وقال: يا أبا عمر، خذ من هذا ما شئت، فشكرت له، وقلت له: أنا في كفاية عنها، ولا حاجة لي فيها.
أخبرنا أبو منصور، أخبرنا أبو بكر بن ثابت، قال: حدثني محمد بن علي بن عبد الله الحداد، عن شيخ سماه، قال: حضرت يوم الجمعة مسجد الجامع بمدينة المنصور، فرأيت رجلا بين يدي في الصف حسن الوقار، ظاهر الخشوع، دائم الصلاة، لم يزل يتنفل مذ دخل المسجد إلى قرب قيام الصلاة [3] ، ثم جلس فغلبتني هيبته، ودخلت قلبي محبته، ثم أقيمت الصلاة فلم يصل مع الناس فكبر على ذلك وتعجَّبتُ من حاله، وغاظني فعله، فلما قضيت تقدمت إليه وقلت له: [4] أيها الرجل، ما رأيت أعجب من أمرك، أطلت النافلة وأحسنتها، وضيعت [5] الفريضة وتركتها [6] . فقال لي: يا هذا، إن لي/ عدوًا وبي علة منعتني من الصلاة، قلت: وما هي؟ قال: أنا رجل عليَّ دين، اختفيت في منزلي مدة بسببه، ثم حضرت اليوم الجامع للصلاة، فقبل أن تقام التفت فرأيت صاحبي الذي له الدين [علي] [7] ورآني، فمن خوفه أحدثت في ثيابي [وهذا عذري] [8] فأسألك باللَّه إلا سترت علي وكتمت أمري، فقلت له: ومن الّذي له
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في ص، ل، ت: «قال حدثني أبو القاسم الأزهري» . وما عدا ذلك سقط من هذه النسخ الثلاث.
[3] في ص، ل، ت: «قيام الليل» .
[4] «له» سقطت من ص، ل، ت.
[5] في ص، ل، ت: «وتركت» .
[6] في ص، ل، ت: «وتركتها» .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] في ل: «وهذا خبري» . ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/144)
عليك الدين؟ فقال: دعلج بن أحمد، وكان إلى جانبه صاحب لدعلج قد صلى وهو لا يعرفه، فسمع هذا القول ومضى في الوقت إلى دعلج [1] ، فذكر له القصة، فقال له دعلج: امض إلى الرجل واحمله إلى الحمام، واطرح عليه خلعة من ثيابي، وأجلسه في منزلي حتى انصرف من الجامع. ففعل الرجل ذلك، فلما انصرف دعلج إلى منزله أمر بالطعام، فأحضر، وأكل هو والرجل، ثم أخرج حسابه فنظر فيه، فإذا عليه خمسة آلاف درهم، فقال [له] [2] . انظر لا يكون عليك في الحساب غلط أو نسي لك نقده. فقال [له الرجل] [3] : لا، فضرب دعلج على حسابه وكتب تحته الوفاء، ثم أحضر الميزان ووزن له خمسة آلاف درهم، وقال له: أما الحساب الأول فقد أحللناك منه [4] مما بيننا وبينك فيه، واسألك أن تقبل هذه الخمسة آلاف درهم، وتجعلنا في حل من الروعة التي دخلت قلبك برؤيتك إيانا في المسجد الجامع.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بن ثابت، قال: حدثني أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد العُكْبري، قال: حدثني أبو الحسين [أحمد] [5] بن الحسين الواعظ، قال: أودع أبو عبد الله بن أبي موسى الهاشمي عشرة آلاف دينار ليتيم، فضاقت يده وامتدت إليها فأنفقها، فلما بلغ الغلام مبلغ الرجال أمر السلطان بفك الحجر عنه، وتسليم ماله إليه، وتقدم إلى ابن أبي موسى بحمل المال ليسلم إلى الغلام، قال ابن أبي موسى: فلما تقدم إلي بذلك ضاقت على الأرض بما رحبت، وتحيرت في أمري لا أعلم من أي وجه أغرم المال، فبكرت من داري وركبت بغلتي، وقصدت الكرخ لا أعلم اين أتوجه/ وانتهت بي بغلتي [6] إلى درب السلولي، ووقفت بي على باب مسجد دعلج بن أحمد، فثنيت رجلي ودخلت المسجد، وصليت صلاة الفجر خلفه، فلما
__________
[1] في الأصل: «لدعلج» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] «منه» سقطت من ص، ل، ت.
[5] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل، ص.
[6] في الأصل: «البغلة» .(14/145)
سلم أقبل [1] إليَّ ورحب بي، وقام وقمت معه، ودخل إلى داره، فلما جلسنا جاءته الجارية بمائدة لطيفة وعليها هريسة، فقال: يأكل الشريف، فأكلت وأنا لا أحصل أمري، فلما رأي تقصيري قال: أراك منقبضا فما الخبر؟ فقصصت عليه قصتي، وأني أنفقت المال، فقال: كل، فإن حاجتك تقضى، ثم أحضر حلوى فأكلنا، فلما رفع الطعام وغسلنا أيدينا قال: يا جارية افتحي ذلك الباب. فإذا خزانة مملوءة زبلا [2] مجلدة فأخرج إلي بعضها وفتحها إلى أن أخرج النقد الذي كانت الدنانير منه، واستدعى الغلام والتخت والطيار، فوزن عشرة آلاف دينار وبدرها، وقال: يأخذ الشريف هذه، فقلت:
يثبتها الشيخ علي فقال: أفعل، وقد كاد عقلي يطير فرحًا، فركبت بغلتي وتركت الكيس على القربوس، وغطيته بطيلساني وعدت إلى داري، وانحدرت إلى السلطان بقلب قوي، وجنان ثابت، فقلت: ما أظن إلا أنه قد استشعر فيَّ أني قد أكلت مال اليتيم، واستبددت به، والمال فقد أخرجته، فاحضر قاضي القضاة والشهود، والنقباء، وولاة العهود، وأحضر الغلام وفك حجره، وسلم المال إليه، وعظم الشكر لي، والثناء عليَّ، فلما عُدت إلى منزلي استدعاني أحد الأمراء من أولاد الخلافة، وكان عظيم الحال، فقال: قد رغبت في معاملتك [وتضمينك أملاكي] [3] ببادية يا ونهر [4] الملك، فضمنت ذلك بما تقرر بيني وبينه من المال، وجاءت السنة، ووفيته وحصل في يدي من الربح ما له قدر كبير، وكان ضماني لهذه الضياع ثلاث سنين، فلما مضت حسبت حسابي، / وقد تحصل في يدي ثلاثون ألف دينار، فعزلت عوض العشرة آلاف دينار التي أخذتها من دعلج وحملتها إليه، وصليت معه الغداة، فلما انفتلت [5] وانفتل من صلاته رأني، فنهض معي إلى داره، وقدم المائدة والهريسة، فأكلت بجأش ثابت وقلب طيب، فلما قضينا الأكل، قال لي: خبرك وحالك، فقلت: بفضل الله وبفضلك قد أفدت بما فعلته معي ثلاثون ألف دينار، وهذه عشرة آلاف عوض الدنانير التي أخذتها منك، فقال: يا سبحان
__________
[1] في ص، ل: «انفتل» .
[2] في الأصل: «زملا» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] في ص، ل: «ببادرويا نهر» .
[5] «وانقتلت» وسقطت من ص، ل.(14/146)
الله، والله ما خرجت الدنانير عن يدي ونويت آخذ عوضها حل بها الصبيات، فقلت له:
يا شيخ أيش أصل هذا المال حتى تهب لي عشرة آلاف دينار؟ فقال: اعلم أني نشأت، وحفظت القرآن، وسمعت الحديث، وكنت أتبرز، فوافاني رجل من تجار البحر، فقال لي: أنت دعلج بن أحمد؟ فقلت: نعم فقال: قد رغبت في تسليم مالي إليك لتتجر به، فلما سهل الله من فائدة كانت بيننا، وما كان من جائحة كانت في اصل مالي، فسلم إليَّ بارنامجات [1] بألف ألف درهم، وقال لي: ابسط يدك ولا تعلم موضعا تنفق فيه هذا المتاع إلا حملته إليه، ولم يزل يتردد إليَّ سنة بعد سنة يحمل إليَّ مثل هذا، والبضاعة تنمى، فلما كان في آخر سنة اجتمعنا، قال لي: أنا كثير الأسفار في البحر فإن قضى الله علي بما [2] قضاه على خلقه فهذا المال لك، على أن تتصدق منه وتبني المساجد، وتفعل الخير، فأنا أفعل مثل هذا، وقد ثمَّر الله المال في يدي، فأسألك أن تطوي هذا الحديث أيام حياتي.
توفي دعلج في جمادى الآخرة من هذه السنة، وهو ابن أربع أو خمس وتسعين سنة.
2621- عبد الله بن جعفر بن شاذان، أبو الحسين البزار
[3] .
من أهل الجانب الشرقي، حدث عن الكديمي، وإبراهيم الحربي، وعبد الله بن أحمد، روى عنه الدارقطني، وابن رزقويه [4] ، وكان ثقة.
توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
2622- عبد الباقي بن قانع بن مرزوق، أبو الحسن الأموي مولاهم
[5] .
سمع الحارث بن أبي أسامة، وإبراهيم الحربي. روى عنه الدارقطني، وابن رزقويه [6] ، وأبو علي بن شاذان، وكان من أهل العلم، والفهم، والثقة، غير أنه تغيَّر في
__________
[1] في الأصل: «بارنماجات» .
[2] في الأصل: «ما» .
[3] البزار: اسم لمن يخرج الدهن من البزر أو يبيعه (الأنساب 2/ 182) .
[4] في الأصل: «رزقونة» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 88. والبداية والنهاية 11/ 242) .
[6] في الأصل: «رزقونة» .(14/147)
آخر عمره، قال الدارقطني: كان يخطئ، ويصر على الخطأ.
توفي في شوال هذه السنة.
2623- مُحَمَّد بن الحسن [بن محمد] [1] بن زياد بن هارون بن جعفر أبو بكر المقرئ [2] النقاش
[3] :
موصلي الأصل، ويقال إنه مولي أبي دجانة سماك بن خرشة، ولد في سنة ست وستين ومائتين، وكان عالما بحروف القراءات، حافظا للتفسير، وله تصانيف فيهما، سافر الكثير، وكتب بالكوفة، والبصرة، ومكة، ومصر، والشام، والجزيرة، والموصل، والجبال، وبلاد خراسان، وما وراء النهر.
وحدّث عن إسحاق بن سفيان الختلي، وأبي مسلم الكجي وخلق كثير، روى عنه أبو بكر بن مجاهد، والخلدي، والدارقطني، وابن شاهين، وابن رزقويه [4] في آخرين، وآخر من حدث عنه أبو علي بن شاذان، وفي حديثه مناكير بأسانيد مشهورة، وقد كان يتوهم الشيء فيرويه، وقد وقفه الدارقطني [5] على بعض ما أخطأ فيه فرجع عن الخطأ [6] .
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَد بْن عَلِيّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عبيد اللَّه بن [أبي] [7] الفتح، عن طلحة بن محمد بن جعفر أنه ذكر النقاش، فقال: كان يكذب في/ الحديث، قال أحمد: وسألت البرقاني، فقال: كل حديثه منكر.
أَخْبَرَنَا القزاز، أَخْبَرَنَا أبو بكر أَحْمَد بن علي بن ثابت [8] ، قال: سمعت أبا الحسين بن الفضل القطان، يقول: حضرت أبا بكر النقاش وهو يجود بنفسه، فجعل
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل: «أبو جعفر المقري» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 201. والبداية والنهاية 11/ 242) .
[4] في الأصل: «رزقونة» .
[5] في ص، ل: «وقد وثقه الدارقطنيّ» .
[6] في ص، ل، ت: «فرجع عنه» .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] في ص، ل: «أبو بكر بن ثابت» .(14/148)
يحرك شفتيه بشيء لا أعلم ما هو، ثم نادى بعلو صوته: (لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ) 37: 61 [1] يرددها ثلاثا، ثم خرجت نفسه.
توفي النقاش في يوم الثلاثاء ثاني شوال هذه السنة، ودفن غداة الأربعاء في داره، وكان يسكن دار القطن.
2624-[مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن مَسْعُود، أَبُو بَكْر التمار
[2] .
سَمِعَ مُعَاذِ بْن المثنى، والكديمي. وروى عنه ابن رزقويه. وكان ثقة.
2625- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن القَاسِم بْن إِسْحَاق الكاتب
[3] .
حَدَّثَ عَنْ بِشْر بْن موسى. روى عنه ابن رزقويه] .
2626- محمد بن سعيد، أبو بكر الحربي، الزاهد يعرف: بابن الضرير
[4] روى عنه ابن رزقويه، وكان ثقة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي الحافظ قال: أخبرني أحمد بن سليمان [5] بن علي المقرئ، أخبرنا عبد الواحد بن أبي الحسن الفقيه، قال:
سمعت أبي يقول: سمعت أبا بكر ابن الضرير الزاهد، يقول: دافعت الشهوات حتى صارت شهوتي المدافعة فحسب [6] توفي في ربيع الأول من هذه السنة.
2627- محمد بن سهل بن عسكر بن عمارة، أبو بكر البخاري
[7] :
حدث عن عبد الرزاق وغيره، روى عنه إبراهيم الحربي، وابن أبي الدنيا، والبغوي، وابن صاعد وكان ثقة. توفي في شعبان هذه السنة.
__________
[1] سورة: الصافات، الآية: 61.
[2] هذه الترجمة والتي تليها سقطتا من الأصل، ص، ل. وأوردناهما من ت.
انظر ترجمته في: «محمد بن الحسن بن مسعود» في: تاريخ بغداد 2/ 205) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 206، وفيه: «محمد بن الحسن بن القاسم أبو أحمد الكاتب» .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 310. والبداية والنهاية 11/ 243) .
[5] في الأصل: «سلمان» .
[6] في الأصل: «حسب» .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 312) .(14/149)
ثم دخلت سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها.
أنه في اليوم العاشر من المحرم أغلقت الأسواق ببغداد، وعطل البيع، ولم يذبح القصابون [ولا طبخ الهراسون] [1] ولا ترك الناس أن يستقوا الماء، ونصبت القباب في الأسواق، وعلقت عليها المسوح، وخرجت النساء منتشرات/ الشعور يلطمن في الأسواق، وأقيمت النائحة [2] على الحسين عليه السلام.
وفي نصف ربيع الأول: ورد الخبر بأن ألف رجل من الأرمن ساروا [3] إلى الرها، فاستاقوا خمسة آلاف رأس من الغنم، وخمسمائة من البقر والدواب، واستأسروا عشرة أنفس، وانصرفوا موقرين.
وفي جمادى الآخرة: قلد أبو بشر عمر بن أكثم القضاء بمدينة السلام بأسرها، على أن يتولى ذلك بلا رزق، وخلع عليه، ورفع عنه ما كان يحمله أبو العباس بن أبي الشوارب، وأمر أن لا يمضي شيئا من أحكام أبي العباس، وفي شعبان: قلد قضاء القضاة.
وفي شعبان: مات الدمستق الذي فتح بلدة حلب، واسمه: نقفور.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل: «الناحة» .
[3] في المطبوعة: «صاروا» .(14/150)
وفي ليلة الخميس ثامن عشر ذي الحجة: وهو يوم «غدير خم» [1] أشعلت النيران، وضربت الدبادب والبوقات، وبكر الناس إلى مقابر قريش.
قال ثابت بن سنان المؤرخ: حدثني جماعة من أهل الموصل ممن أثق [2] به: أن بعض بطارقة الأرمن أنفذ في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة إلى ناصر الدولة رجلين من الأرمن ملتصقين بينهما خمس وعشرون سنة سليمين [3] ، ومعهما أبوهما، وأن الالتصاق كان في المعدة، ولهما بطنان، وسرتان، ومعدتان، وأوقات جوعهما وعطشهما تختلف، وكذلك أوقات البول والبراز، ولكل واحد منهما صدر وكتفان، وذراعان، ويدان، وفخذان، وساقان، وقدمان وإحليل، وكان احدهما يميل إلى النساء والآخر يميل إلى الغلمان، وكان أحدهما إذا دخل إلى المستراح/ دخل قرينه معه، وأن ناصر الدولة وهب لهما ألفي درهم، وأراد أن يحدرهما إلى بغداد ثم انصرف رأيه عن ذلك [4] .
أخبرنا محمد بن أبي طاهر، أَخْبَرَنَا عَلِي بْن الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
حدثني أبو محمد يحيى بن محمد بن فهد، وأبو عمر أحمد بن محمد الخلال، قالا:
حدثنا جماعة كثيرة العدد من أهل الموصل وغيرهم ممن كنا نثق بهم ويقع لنا العلم بصحة ما حدثوا به لكثرته وظهوره وتواتره: أنهم شاهدوا بالموصل سنة نيف وأربعين وثلاثمائة رجلين أنفذهما صاحب أرمينية إلى ناصر الدولة للأعجوبة منهما، وكان لهما نحو من ثلاثين سنة، وهما ملتزقان من جانب واحد ومن حد فويق الحقو إلى دوين [5] الإبط، وكان معهما أبوهما، فذكر لهم أنهما ولدا كذلك توأمًا تراهما يلبسان قميصين وسراويلين كل واحد منهما، لباسهما مفردا إلا أنهما لم يكن يمكنهما لالتزاق كتفيهما وأيديهما في المشي لضيق دلك عليهما، فيجعل كل واحد منهما يده التي تلي أخاه من
__________
[1] في الأصل: «عند يرحم» .
[2] في الأصل: من أثق إليه من أهل الموصل» .
[3] في الأصل: «ملتحيين» .
[4] في الأصل: «ثم انصرف رابع عشر ذلك» .
[5] في الأصل: «فوق ... إلى دون» .(14/151)
جانب الالتزاق خلف ظهر أخيه ويمشيان كذلك، وإنما كانا يركبان دابة واحدة ولا يمكن أحدهما التصرف إلا بتصرف الآخر [1] معه، وإذا أراد أحدهما الغائط قام الآخر معه [2] وإن لم يكن محتاجا، وأن أباهما حدَّثهم أنه لما ولدا أراد أن يفرق بينهما، فقيل له:
انهما يتلفان لأن التزاقهما من جنب الخاصرة، وأنه لا يجوز أن يسلما، فتركهما، وكانا مسلمين، فأجازهما ناصر الدولة، وخلع عليهما، وكان الناس بالموصل يصيرون إليهما فيتعجبون منهما ويهبون لهما.
قال أبو محمد: وأخبرني جماعة أنهما خرجا إلى بلدهما، فاعتل أحدهما ومات/ وبقي الآخر أيامًا حتى أنتن وأخوه حي لا يمكنه التصرف، ولا يمكن الأب دفن الميت إلى أن لحقت الحي علة من الغم والرائحة، فمات أيضا فدفنا جميعا وكان ناصر الدولة قد جمع لهما الأطباء وقال: هل من حيلة في الفصل بينهما، فسألهما الأطباء عن الجوع، هل تجوعان في وقت واحد؟ فقال: إذا جاع الواحد منا تبعه جوع الآخر بشيء يسير من الزمان، وإن شرب أحدنا دواء مسهلًا انحل طبع الآخر بعد ساعة، وقد يلحق أحدنا الغائط ولا يلحق الآخر، ثم يلحقه بعد ساعة فنظروا فإذا لهما جوف واحد وسرة واحدة ومعدة واحدة وكبد واحد وطحال واحد، وليس من الالتصاق أضلاع، فعلموا أنهما إن فصلا تلفا، ووجدوا لهما ذكران، وأربع بيضات، وكان ربما وقع بينهما خلاف وتشاجر فتخاصما أعظم خصومة، حتى ربما حلف أحدهما لا أكلم الآخر أيامًا، ثم يصطلحان.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر.
2628- عمر بن أكثم بن أحمد بن حيان بن بشر، أبو بشر الأسدي
[3] .
ولد سنة أربع وثمانين ومائتين، وولي القضاء ببغداد في أيام المطيع للَّه من قبل أبي السائب عتبة بن عبيد الله، ثم ولي قضاء القضاة بعد ذلك، وكان ينتحل مذهب
__________
[1] في ص، ل، ت، والمطبوعة: «أحدهما المنصرف إلا أن ينصرف ... » .
[2] «وإذا أراد أحدهما الغائط قام الآخر معه» سقطت من ص.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 249. والبداية والنهاية 11/ 252) .(14/152)
الشافعي رحمه الله، ولم يل قضاء القضاة من الشافعيين قبله غير أبي السائب فقط.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، أخبرنا علي بن المحسن، أَخْبَرَنَا طلحة بْن محمد بْن جعفر، قال: لما افتتح المطيع للَّه والأمير معز الدولة أحمد بن بويه البصرة/ في سنة ست وثلاثين وثلاثمائة خرج القاضي أبو السائب عتبة بن عبد الله [1] إلى البصرة مهنيًا لهما، وكان يكتب له على الحكم عمر بن أكثم، وكان قد نشأ نشوءًا حسنًا على صيانة تامة فقبل الحكام [2] شهادته، ثم كتب للقضاة واستخلفه أبو السائب عند خروجه على الجانب الشرقي، ثم جمع البلد لأبي السائب وهو بالبصرة مع المطيع، فكتب بذلك إلى الحضرة واستخلفه على بغداد بأسرها، فأجرى الأمور مجاريها، فظهرت منه خشونة فانحسم عنه الطمع، ثم أصعد أبو السائب إلى الحضرة، وعاد أبو بشر إلى كتابته وكان جد أبيه حيان قد تقلد القضاء في نواح كثيرة وتقلد إصبهان، ثم تقلد الشرقية، فنظرت فإذا أبو بشر قد جلس في الشرقية في الموضع الذي [3] جلس فيه عند جد أبيه بعد مائة سنة.
توفي أبو بشر في ربيع الأول من هذه السنة.
2629- مُحَمَّد بن إسحاق بن مهران [4] المنقري يعرف: بشاموخ
[5] .
حدث عن أبي العباس البراثى، والحسن بن الحباب، وعلي بن حماد الخشاب، وحديثه كثير المناكير، روى عنه يوسف بن عمر القواس، وابن رزقويه.
وتوفي في هذه السنة.
2630- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن موسى بن هارون بن الصلت، أبو الطيب الأهوازي
[6] .
__________
[1] في ص، ل، ت: «عبيد الله» .
[2] في ص: «الحاكم» .
[3] «وفي الشرقية في الموضع الّذي» سقطت من ص. وفي ص بدلا منها: «فيما» .
[4] في ص: «بهران» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 258) .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 358) .(14/153)
سكن بغداد، وحدث بها عن أبي خليفة الفضل بن الحباب البصري وغيره، روى عنه الدارقطني، وكان صدوقا وتوفي في هذه السنة.
2631- محمد بْن أحمد بن يوسف بن جعفر، أبو الطيب المقرئ يعرف: بغلام ابن شنبوذ
[1] .
خرج من بغداد وتغرب، وحدث بجرجان وأصبهان عن إدريس بن عبد الكريم، وابن شنبوذ وغيرهما. وتوفي في هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 377) .(14/154)
ثم دخلت سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها: /
[وقوع جراحات بين السّنّة والشيعة]
أنه عمل في عاشوراء مثل ما عمل في السنة الماضية من تعطيل الأسواق وإقامة النوح، فلما أضحى النهار [يومئذ] [1] وقعت فتنة عظيمة في قطيعة أم جعفر وطريق مقابر قريش بين السنة والشيعة، ونهب الناس بعضهم بعضا، ووقعت بينهم جراحات.
وورد الخبر بنزول جيش ضخم من الروم على المصيصة وفيه الدمستق، وأقام عليها سبعة أيام، ونقب في سورها نيفا وستين نقبًا ولم يصل، ودافعه أهلها وانصرف، إذ قصرت به الميرة بعد أن أقام ببلاد الإسلام خمسة عشر يوما، وأحرق الدمستق [2] المصيصة [وأذنة، وطرطوس، وذلك لمعاونتهم أهل مصيصة على الروم] [3] ، فظفر بهم الروم، فقتلوا منهم نحو خمسة آلاف رجل، وقتل أهل أذنة وأهل [4] طرسوس من الروم عددا كثيرا. وقال الدمستق قبل انصرافه عن المصيصة: يا أهل المصيصة، أني منصرف عنكم لا لعجز عن فتح مدينتكم، ولكن لضيق العلوفة، وأنا عائد إليكم بعد هذا الوقت، فمن أراد منكم الهرب فليهرب قبل رجوعي، فمن وجدته قتلته.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل: «وستاق» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص ما عدا كلمة «على الروم» فهي مثبتة في ص.
[4] «وأهل» سقطت من ص، ل، ت.(14/155)
وورد الخبر في ربيع الأول: أن الغلاء بأنطاكية وسائر الثغور اشتد حتى لم يقدر على الخبز، وانتقل من الثغور إلى دمشق وغيرها خمسون ألفا هربا من الغلاء.
وفي جمادى الأولي: ورد الخبر بأن الهجريين أنفذوا سرية إلى طبرية واستمدوا [1] من سيف الدولة حديدًا فقلع [2] أبواب الرقة- وكانت من حديد- وأخذ كل حديد وجد حتى أخذ صنجات الباعة والبقالين، فبعثها إليهم حتى كتبوا إليه: إننا قد استغنينا.
وفي جمادى الآخرة: أراد معز الدولة الإصعاد إلى الموصل، فانحدر إلى الخليفة فودعه وخرج.
وروى هلال/ بن المحسن الصابي، عن أبي الحسن ابن الخراساني حاجب معز الدولة، قال: كنت مع معز الدولة بحضرة المطيع، فلما تقوض المجلس قال لي: قل للخليفة: أريد أن أطوف الدار وأشاهدها، وأتأمل صحونها وبساتينها، فيتقدم إليَّ مَنْ يمشي معي ويطيفني. فقلت له ذلك، فتقدم إلى خادمه شاهك وحاجبه ابن أبي عمرو، فمشيا بين يديه وأنا وراءهما بعدنا عن حضرة الخليفة، فقالا له [3] : لا يجوز أن نتخرق الدار في أكثر من نفسين [4] أو ثلاثة، فاختر من تريد واردد الباقين. فأخذ أبا جعفر الصيمري معه، ونحن عشرة من غلمانه وحجابه، ووقف باقي الجند والحواشي في صحن السلام، ودخلنا ومضى الأمير مسرعا فلحقته وجذبت قباءه من خلفه، فالتفت إلي، فقلت له بالفارسية وأصحاب الخليفة لا يعرفونها: في أي موضع [5] أنت حتى تسترسل هذا الاسترسال، وتعدو من غير تحفظ ولا استظهار، ألا تعلم أنه قد فتك في هذا الدار بألف أمير ووزير، وما كان غرضك في أن تطوف وحدك، أليس لو وقف لنا عشرة نفر من الخدم أو غيرهم في هذه الممرات الضيقة لأخذونا؟ فقال له الصيمري: قد
__________
[1] في ص، ل: «واستهدوا» .
[2] في الأصل: «فقطع» .
[3] في الأصل: «فقالا انه» .
[4] في الأصل: «اثنين» .
[5] في ل، ص: «موضح» .(14/156)
صدقك، فقال: قد كان ذلك غلطا والآن فإن رجعنا الساعة علم أننا قد فزعنا وخفنا، وسقطنا بذلك من أعينهم وضعفت هيبتنا في صدورهم، ولكن احتفوا بي فإن مائة من هؤلاء لا يقاوموننا ونحن نسرع في رؤية ما نراه.
قال: فسعينا سعيًا حثيثًا وانتهينا إلى دار فيها صنم من صفر على صورة امرأة، وبين يديه أصنام صغار كالوصائف، فرأينا من ذلك ما أعجبنا، وتحير معز الدولة، وسأل عن الصنم، فقيل له: هذا صنم حمل في أيام المقتدر باللَّه من بلد من بلاد الهند [1] لما فتح صاحب عمان ذلك البلد، وقيل: إنه كان يعبد هناك: فقال معز الدولة: إني قد استحسنت/ هذا الصنم، وشغفت به، ولو كانت مكانه جارية لاشتريتها بمائة ألف دينار على قلة رغبتي في الجواري، وأريد أن أطلبه من الخليفة ليكون قريبا مني فأراه في كل وقت، فقال له الصيمري: لا تفعل، فإنه ينسبك في ذلك إلى ما ترتفع عنه.
قال: وبادرنا بالخروج، فما رجعت إلينا عقولنا إلا بعد اجتماعنا مع أصحابنا، ونزل معز الدولة الطيار، فقال لأبي جعفر الصيمري: قد ازدادت محبتي للمطيع للَّه وثقتي به، لأنه لو كان يضمر لي سوءا أو يريده بي لكنا اليوم في قبضته. فقال الصيمري:
الأمر على ذلك. وصعد معز الدولة إلى داره، وأمر بحمل عشرة آلاف درهم إلى نقيب الطالبيين ليفرقها فيهم شكرا للَّه على سلامته.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2632- بكار بن أحمد بن بكار بن بنان بن بكار بن زياد بن درستويه، أبو عيسى المقرئ
[2] :
ولد في صفر سنة خمس وسبعين ومائتين، وحدث عن عبد الله بن أحمد وغيره، وروى عنه أبو الحسن الحمامي. وكان ثقة ينزل بالجانب الشرقي في سوق يحيى [3] ، وكان زائدا عن ستين سنة.
__________
[1] في الأصل: «من طرف بلاد الهند» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 134. والبداية والنهاية 11/ 254) .
[3] في الأصل: «وسوق» .(14/157)
توفي في ربيع الأول من هذه السنة، ودفن عند قبر أبي حنيفة في مقبرة الخيزران.
2633- ثوابة بن أحمد بن ثوابة بن مهران بن عبد الله، أبو الحسن الموصلي
[1] :
قدم بغداد وحدث بها عن أبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى وغيره. روى عنه الدارقطني، وابن رزقويه [2] ، وكان صدوقا. وتوفي في محرم هذه السنة.
2634- جعفر بن مُحَمَّد بن أحمد بن الحكم، أبو محمد المؤدب
[3] .
واسطي الأصل، سمع الباغندي، والكديمي، وعبد الله ابن أحمد. روى عنه ابن رزقويه، وأبو علي بن شاذان. وكان ثقة كثير الحديث. توفي في رمضان هذه السنة.
2635- شجاع [4] [بن جعفر] [5] بن أحمد/ أبو الفوارس [6] الوراق الواعظ
[7] :
كان يذكر أنه من ولد أبي أيوب الأنصاري، وحدث عن عباس الدوري وابن أبي خيثمة [8] ، والكديمي. وروى عنه أبو علي بن شاذان، وتوفي في هذه السنة.
2636-[عَبْد اللَّه بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن، أَبُو بَكْر، الرّازيّ الأصل، النَّسَائيّ
[9] .
روى عَنِ الجنيد، وسمنون، وأبي عثمان وغيرهم. وكتب الحديث ورواه، وَكَانَ ثقة. تُوُفِّيَ في هذه السنة.
2637- عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بْن الواثق باللَّه، أبو محمد الهاشمي
[10] .
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 149، وفيه: «أبو الحسين» .
[2] في الأصل: «رزقونة» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 231) .
[4] في ت: «شجاع بن محمد بن أحمد ... » .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في ص: «ابن أبي الفوارس» .
[7] انظر ترجمته في: (طبقات الأولياء ص 360. وطبقات الصوفية 192- 194. والحلية 10/ 237) .
[8] في الأصل: «وأبي خيثمة» .
[9] هذه الترجمة والتي تليها سقطتا من الأصل، ص، ل.
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 457) .(14/158)
سمع أبا مسلم الكجي، وأبا شعيب الحراني، ويوسف القاضي، وجعفر الفريابي. روى عنه الدارقطني، وابن رزقويه، وكان ثقة، تُوُفّي فِي ذي الحجّة] .
2638- محمد بن إِسْمَاعِيل بن موسى
بن هارون، أبو الحسين الرازي [1] المكتب [2] .
سكن بغداد بقصر عيسى، وحدث عن أبي حاتم الرازي، وإبراهيم الحربي وغيرهما. وهو ضعيف، وله أحاديث منكرة، منها:
مَا أَخْبَرَنَا به عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد [3] . أخبرنا أبو بكر عَلِيّ بْن ثابت [4] الخطيب، أخبرنا علي بن أحمد الوزان [5] أخبرنا محمد بن إسماعيل بن موسى، حدثنا عمرو بن تميم [بن سيار] [6] قال حدثنا هوذة بن خليفة عن ابن جريج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ان سركم أن تزكو صلاتكم فقدموا خياركم» . قال الخطيب: هذا حديث منكر بهذا الإسناد، ورجاله كلهم ثقات، والحمل فيه على الرازي، وكان أبو القاسم هبة الله بن الحسن الطبري يكذبه في رواياته.
2639- محمد بن المهلب، ويلقب بندار، ويكنى: أبا الحسين الشيرازي
[7] .
كان الشبلي يعظمه، وتوفي في هذه السنة.
2640- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحسن، أبو عبد الله التروغندي الطوسي
[8] :
صحب أبا عثمان الحيري، وكان عالي الهمة، له كرامات.
[توفي في هذه السنة]
[9] .
__________
[1] في الأصل: «الفزاري» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 50) .
[3] «بن محمد» سقطت من ص، ل، ت.
[4] «على بن ثابت» سقطت من ل، ص، ت.
[5] في ص، ل، تاريخ بغداد. «الرزاز» .
[6] في الأصل: «حدثنا عمر بن تميم، حدثنا» .
[7] البزار: هو من يكون مكثرا من شيء يشتري منه من هو أسفل منه أو أخف حالا وأقل مالا منه ثم يبيع ما يشتري منه من غيره. (الأنساب 2/ 311) .
[8] في ص: «البروغندي» . انظر ترجمته في: طبقات الأولياء ص 242. وطبقات الصوفية 494- 496.
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/159)
2641- محمد بن أبي الطيب أحمد بن أبي القاسم عبد الله بن محمد البغوي يكنى أبا الفتح
[1] .
حدث عن بشر بن موسى، وجده البغوي.
وتوفي في يوم السبت لاثنتي عشرة بقيت من المحرم من هذه السنة.
2642- أبو إسحاق الهجيمي
[2] : ولد في سنة خمسين ومائتين، وسمع الحديث، وأقسم لا يحدث أو يجوز المائة، فأبر الله عز وجل قسمه فجازها [3] ، وحدث في المحرم سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، / وتوفي في هذه السنة. رحمه اللَّه وإيانا وجميع المسلمين
[4] .
__________
[1] انظر ترجمته في: البغوي: نسبة إلى بلدة من بلاد خراسان يقال لها بغ، وبغشور. (الأنساب 2/ 254) .
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 254) .
[3] في الأصل: «وجاوزها» .
[4] «رحمه الله وإيانا وجميع المسلمين» سقطت من. ص، ل، ت.(14/160)
ثم دخلت سنة أربع وخمسين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه عمل في يوم عاشوراء ما جرت به عادة القوم من إقامة النوح، وتعليق المسوح.
وفي ليلة السبت الثالث عشر من صفر: انكسف القمر [كله] [1] .
وفي ليلة الثلاثاء لعشر بقين من ربيع الآخر: كبس مسجد براثا، وقتل في قوامه [2] نفسان.
وفي نيسان: جاء برد كبار جدا، حكى بعض من يوثق به أنه وزن بردة فكان [3] فيها مائة درهم.
[تقليد أبى أحمد الحسين بن موسى الموسوي نقابة الطالبيين]
وفي يوم الأربعاء لأربع خلون من جمادى الآخرة. من هذه السنة: تقلد أبو أحمد الحسين بن موسى الموسوي نقابة الطالبيين بأسرهم سوى أبي الحسن بن أبي الطيب وولده، فإنهم استعفوا منه، فرد أمرهم إلى أبي الحسن علي بن موسى حمولي.
وفي سحر يوم السبت لثمان بقين من جمادى الأولي: ماتت أخت معز الدولة، فركب الخليفة (المطيع للَّه) [4] في طياره، وأصعد إليه إلى بستان الصيمري [الّذي
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل: «من قوامه» .
[3] في الأصل: «كان» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/161)
ذكرنا أنه بناه في حوادث تلك السنة وكان صعود الخليفة إليه بسبب تعزيته بأخته، فلما بلغ معز الدولة صعود الخليفة إليه في دجلة] [1] نزل إليه معز الدولة ووقف في الدرجة ولم يكلفه الصعود، فعزاه الخليفة فشكره معز الدولة وقبل الأرض دفعات، ثم انحدر [المطيع إلى دار الخليفة] [2] .
وورد الخبر أن ملك الروم جاء إلى المصيصة ففتحها وقتل من أهلها مقتلة عظيمة، وساق من بقي، وكانوا نحو مائتي ألف [وقد ذكرنا أنه كان في العام الماضي أتى نحوها ولم ينل منها، لأجل قلة الميرة عليه، وقال ما قال، فلما كان في هذه السنة، وهي سنة أربع وخمسين وثلاثمائة فتحها عنوة] [3] ومضى إلى طرسوس [طالبًا لحصارها] [4] ، فأذعنوا بالطاعة، فأعطاهم الأمان فدخلها، وأمرهم بالانتقال عنها، فانتقلوا، وجعل المسجد الجامع اصطبلا لدوابه، ونقل ما فيه من القناديل إلى بلده، وأحرق المنبر، ثم أمر بعمارتها فتراجع أهلها وتنصر بعضهم.
وفي هذه السنة [5] : جعل المسير بالحاج/ إلى أبي أحمد الحسين بن موسى النقيب، وعمل يوم غدير خم ببغداد ما تقدم ذكره من إشعال النار في ليلته، وضرب الدبادب والبوقات، وبكور الناس إلى مقابر قريش.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2643- أحمد بن الحسين [6] بن الحسن [7] بن عبد الصمد، أبو الطيب الجعفي الشاعر المعروف: بالمتنبي
[8] :
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
وفي ص سقط كذلك ما بين المعقوفتين بالإضافة إلى: «نزل إليه معز الدولة ووقف» ومكانها في ص:
«ليعوده فنزل إليه معز الدولة ووقف» . وكلمة «معز الدولة» سقطت من ل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في الأصل: «فيها» .
[6] «بن الحسين» سقطت من ص.
[7] في الأصل: «عبد المحسن» .
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 102. والبداية والنهاية 11/ 256: 259) .(14/162)
كان أبوه يعرف بعبدان، قال شيخنا ابن ناصر: سمعت أبا زكريا يقول: سمعت أبا القاسم بن برهان، يقول: عبدان بفتح العين جمع عبدانة، وهي النخلة الطويلة، ومن قال: عبدان بكسر العين فقد أخطأ.
ولد المتنبي بالكوفة سنة ثلاث وثلاثمائة، ونشأ بالشام فأكثر المقام بالبادية، وطلب الأدب، وعلم العربية، وفاق أهل عصره في الشعر، واتصل بالأمير أبي الحسن بن حمدان المعروف بسيف الدولة، فانقطع إليه، وأكثر القول في مديحه [1] ، ثم مضى إلى مصر فمدح [بها] [2] كافورا الخادم [الإخشيدي ثم] [3] ورد [بعد ذلك] [4] بغداد.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، أَخْبَرَنَا عَلِي بْن الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حدثني أبو الحسن محمد بن يحيى العلويّ، قال:
كان المتنبي وهو صبي ينزل في جوار بالكوفة، وكان أبوه يعرف بعبدان السقاء، يستقي لنا ولأهل المحلة، ونشأ هو محبا للعلم والأدب، وصحب الأعراب فجاءنا بعد سنين بدويا قحا وكان تعلم الكتابة والقراءة، وأكثر من ملازمة الوراقين.
فأخبرني وراق كان يجلس إليه، قال لي: ما رأيت أحفظ من هذا الفتى ابن عبدان، قلت له: كيف؟ قال: كان اليوم عندي وقد أحضر رجل كتابًا من كتب الأصمعي نحو ثلاثين ورقة ليبيعه، فأخذ ينظر فيه طويلا، فقال له الرجل: يا هذا أريد بيعه وقد قطعتني عن ذلك، / وإن كنت تريد حفظه فهذا إن شاء الله يكون بعد شهر، فقال له:
فإن كنت قد حفظته في هذه المدة ما لي عليك، قال: أهب لك الكتاب، قال: فأخذت الدفتر من يده، فأقبل يتلوه علي إلى آخره ثم استلمه [5] فجعله في كمه، فقام صاحبه وتعلق به وطالبه بالثمن، فقال: ما إلى ذلك سبيل قد وهبته لي فمنعناه منه، وقلنا له:
أنت شرطت على نفسك هذا للغلام فتركه عليه.
__________
[1] في الأصل: «مدحه» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص ما عدا «ثم» لم تسقط من ص.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في الأصل: «استلبه» .(14/163)
قال المحسن: وسألت المتنبي عن نسبه فما اعترف لي به، وقال: أنا رجل أختط [1] القبائل، وأطوي البوادي وحدي، ومتى انتسبت لم آمن أن يأخذني بعض العرب بطائلة بيننا [2] وبين القبيلة التي انتسب إليها، وما دمت غير منتسب إلى أحد فأنا اسلم على جميعهم.
قال المحسن: واجتمعت بعد موت المتنبي بعد سنين مع القاضي أبي الحسن ابن أم شيبان الهاشمي، وجرى ذكر المتنبي، فقال: كنت أعرف أباه بالكوفة شيخا يسمى:
عبدان، يستقى على بعير له، وكان جعفيا صحيح النسب، قال: وكان المتنبي لما خرج إلى كلب، فأقام بينهم [3] ادعى أنه علوي حسني، ثم ادعى بعد ذلك النبوة، ثم عاد يدعي أنه علوي إلى أن شهد عليه بالشام بالكذب في الدعوتين، وحبس دهرًا طويلًا، وأشرف على القتل، ثم استتيب وأشهد عليه بالتوبة وأطلق.
قال المحسن: وحدثني أبو علي بن أبي حامد، قال: سمعت خلقا كثيرًا بحلب يحكون وأبو الطيب المتنبي بها إذ ذاك أنه تنبأ في بادية السماوة ونواحيها إلى أن خرج بها لؤلؤ أمير حمص، فقاتله وأسره وشرد من كان اجتمع إليه من كلب وكلاب وغيرهما من قبائل العرب، وحبسه دهرًا طويلا فاعتل وكاد يتلف، فسئل في أمره، فاستتابه وكتب عليه ببطلان ما ادعاه/ ورجوعه إلى الإسلام، قال: وكان قد تلا على البوادي كلامًا ذكر أنه قرآنا أنزل عليه، فمن ذلك: «والنجم السيار، والفلك الدوار، والليل والنهار، إن الكافر لفي أخطار، امض على سنتك واقف أثر من كان قبلك من المرسلين، فإن الله قامع بك زيغ من أَلْحَدَ في دينه وضل عن سبيله» .
قال: وكان المتنبي إذا شوغب في مجلس سيف الدولة فَذكر أن له [4] هذا القرآن وأمثاله مما يحكى عنه فينكره ويجحده. قال: وقال ابن خالويه النحوي يومًا في مجلس سيف الدولة: لولا أن الآخر جاهل لما رضي أن يدعى بالمتنبي، لأن «متنبي» معناه:
__________
[1] في المطبوعة: «أخبط» .
[2] في ل: «بينها» .
[3] في ص، ل: «فيهم» .
[4] في الأصل: «يذكر له» .(14/164)
كاذب، ومن رضي أنه يدعى بالكذب فَهُوَ كاذب [1] فهو جاهل، فقال له: أنا لست أرضى أن أدعى به [2] وإنما يدعوني به من يريد الغض [3] مني، ولست أقدر على الامتناع.
قال المحسن: فأما أنا فسألته في الأهواز سنة أربع وخمسين وثلاثمائة عن معني المتنبي، فأجابني بجواب مغالط لي، وقال: هذا شيء كان في الحداثة أوجبته الصورة- فاستحييت أن أستقصي عليه، فأمسكت [4] .
ذكر مقتل المتنبي
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن [ثابت] [5] الحافظ قال:
حدثني علي بن أيوب قال: خرج المتنبي من بغداد إلى فارس، فمدح عضد الدولة وأقام عنده مديدة، ثم رجع من شيراز يريد بغداد، فقتل بالطريق بالقرب من النعمانية في شهر رمضان، وقيل: في شعبان [من] [6] سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، وفي سبب قتله ثلاثة أقوال: أحدها: أنه كان معه مال كثير فقتلته العرب لأخذ ماله، فذكر بعض العلماء أنه وصل إليه من عضد الدولة أكثر من مائتي ألف درهم، والقصيدة قصيدته التي يقول [7] فيها/:
ولو أني استطعت غضضت [8] طرفي ... فلم أبصر به حتى أراكا
وفي آخرها:
وَأَنَّى [9] شِئْتِ يا طُرُقِي فكوني ... أذاة أو نجاة [10] أو هلاكا
__________
[1] «فهو كاذب» سقطت من ص، ل.
[2] في ص، ل: «أدعى بهذا» .
[3] في الأصل: «العق» .
[4] في ت ذكرت أبيات للمتنبي، فقال المؤلف: «وأشعاره فائقة الحسن ... » ثم ساق الأشعار، وبعدها:
ذكر مقتل المتنبي.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] «يقول» سقطت من ل، ص.
[8] في ص، ل: «حفظت» .
[9] في الأصل: و «إما» .
[10] في ص، ل: «نجاحا» .(14/165)
فجعل قافية البيت الهلاك فهلك، وذلك أنه ارتحل عن شيراز بحسن حال، وكثرة مال، ولم يستصحب خفيرًا، فخرج عليه أعراب فحاربهم فقتل هو وابنه محمد [1] ، وفتى [2] من غلمانه، وفاز الأعراب بأمواله، وكان قتله بشط دجلة في موضع يعرف بالصافية، يوم الأربعاء لثلاث بقين من رمضان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة [3] ، واسم قاتله: فاتك بن أبي الجهل الأسدي.
والثاني: أن سبب قتله: كلمة قالها عن عضد الدولة، فدس عليه من قتله.
وذكر مظفر بن علي الكاتب قال: اجتمعت برجل من بني ضبة [4] ، يكنى: أبا رشيد، فذكر أنه حضر قتل المتنبي، وأنه كان صبيًا حين راهق حينئذٍ، وكان المتنبي قد وفد على عضد الدولة وهو بشيراز، ثم صحبه إلى الأهواز فأكرمه ووصله بثلاثة آلاف دينار، وثلاث كساء، في كل كسوة سبع قطع، وثلاثة أفراس بسروج محلاة، ثم دس عليه من سأله: أين هذا [العطاء] [5] من عطاء سيف الدولة بن حمدان، فقال المتنبي:
هذا أجزل، إلا أنه عطاء متكلف، وكان سيف الدولة يعطى طبعًا، فاغتاظ عضد [6] الدولة لما نقل إليه هذا، وأذن لقوم من بني ضبة [7] في قتله إذا انصرف، قال: فمضيت مع أبي، وكنا في ستين راكبا، فكمنّا في واد فمر في الليل، ولم يعلم به، فلما أصبحنا تقفينا [8] أثره فلحقناه، وقد نزل تحت شجرة كمثرى وعندها عين، وبين يديه سفرة طعام، فلما رآنا قام ونادى: هلموا وجوه العرب، فلم يجبه/ أحد فأحس بالداهية، فركب ومعه ولده وخمسة عشر غلاما، له، وجمعوا الرجال والجمال والبغال، فلو ثبت مع الرَّجالة لم يقدر عليه، ولكنه برز إلينا يطاردنا. قال: فقتل ولده، وأخد غلمانه، وانهزم شيئًا يسيرا [9] . فقال له غلام له: أين قولك.
__________
[1] في الأصل: «ابنه محسن» .
[2] في ص، ل: «وبقي» .
[3] في الأصل: «هذه السنة» .
[4] في الأصل: «ظبة» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في الأصل: «سيف الدولة» .
[7] في الأصل: «ظبة» .
[8] في ص، ل: «تبعنا» .
[9] في ص: «يسيرا يسيرا» . وفي ل: «شيئا فشيئا» .(14/166)
الخيل والليل والبيداء تعرفني ... والحرب والضرب والقرطاس والقلم
فقال له: قتلتني قتلك الله، والله لا انهزمت اليوم، ثم رجع كارًّا علينا فطعن زعيمنا في عنقه فقتله، واختلفت عليه الرماح فقتل، فرجعنا إلى الغنائم، وكنت جائعا فلم يكن لي هم إلا السفرة، فأخذت آكل منها، فجاء أبي فضربني بالسوط، وقال:
الناس في الغنائم وأنت مع بطنك؟ اكفأ ما في الصحاف، وأعطنيها، فكفأت ما فيها ودفعتها إليه، وكانت فضة، ورميت بالدجاج والفراخ في حجرتي.
والثالث: أن المتنبي هجم على ضبّه الأسدي فقال:
ما أنصف القوم [1] ضبَّه. وأمه الطرطبَّه فبلغته فأقام له في الطريق مَنْ قتله، وقتل ولده، وأخذ ما معه، وكان ضبة يقطع الطريق. ذكره هلال بن المحسن الصابي.
وأشعاره فائقة الحسن، رائعة [2] الصناعة، وقد ذكرت من منتخبها أبياتًا كعادتي عند ذكر كل شاعر. [أذكره، فمن ذلك قوله] [3] .
حاشى [4] الرَّقيبُ فخانته ضَمائِرُه ... وغِيضَ الدَّمع فانهلت بوادره
وكاتم الحب يوم البين منهتك ... وصاحب الدمع لا تخفى سرائره
يا من تحكم في نفسي فعذبني ... وَمَنْ فؤادي على قتلي يظافره
تمضي الركائب والأبصار شاخصة [5] ... منها إلى الملك الميمون طائره
حلو خلائقه شوس حقائقه ... يحصى الحصى قبل أن يُحصى مآثره
تضيق عن جيشه الدنيا ولو رحبت ... كصدره لم تضق فيها عساكره
وله: /.
لك يا منازل في القلوب منازل ... أقفرتِ أنتِ وهُنَّ منك أواهل
__________
[1] في ص، ل: «اليوم» .
[2] في ص، ل: «محكمة» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] في الأصل: «حار» .
[5] في الأصل: «والأشخاص ناظرة» .(14/167)
يعلمن ذاك وما علمتِ وإنما ... أولاكُمَا يبكى عليه العاقل
وأنا الذي اجتلب المنية طرفه ... فمن المطالب والقتيل القاتل
أثنى عليك ولو تشاء لقلت لي ... قصرت فالإمساك عني نائل
لا تجسر الفصحاء [1] تنشد ها هنا ... بيتا ولكني الهزبر الباسل
ما نال أهل الجاهلية كلهم ... شعري ولا سمعت بسحري بابل
وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني فاضل
وله:
قد علم البين منا البين أجفانا ... تدمى وأَلَّفَ في ذا القلب أحزانا
قد كنت أشفق من دمعي على بصري ... فاليوم كل عزيز بعدكم هانا
تهدي البوارق أخلاف المياه لكم ... وللمحب من التذكار نيرانا
إذا قدمت على الأهوال [2] شيعني ... قلب إذا شئت أن يسلاكم خانا
لا أستزيدك فيما فيك من كرم ... أنا الذي نام إن نبهت يقظانا
وله:
كل يوم لك احتمالُ جديد ... ومسير للمجد فيه مُقَام
وإذا كانت النفوس كبارًا ... تعبت في مرادها الأجسام
وله:
أجاب دمعي وما الداعي سوى طلل ... دعا فلباه قبل الركب والإبل
ظللت بين أصيحابي أكفكفه ... فظل يفسح بين العذر والْعَذَلِ
أشكو النوى ولهم من مقلتي أرق ... كذاك أشكو وما أشكو سوى الكلل
وما صبابة مشتاق على أمل ... من اللقاء كمشتاق بلا أمل/
الهجر أقتل لي مما أراقبه ... أنا الغريق فما خوفي من البلل
قد ذقت شدة أيام ولذتها ... فما حصلت على صاب ولا عسل
__________
[1] في الأصل: «الشعراء» .
[2] في ص، ل: «الأحوال» .(14/168)
وقد أراني الشباب الروح في بدني ... وقد أراني المشيب الروح في بدلي
خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به ... في طلعة البدر [1] ما يغنيك عن زحل
وله:
لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي ... وللحب ما لم يبق مني وما بقي
وما كنت ممن يدخل العشق قلبه ... ولكن من يبصر جفونك يعشق
وبين الرضى والسخط والقرب والنوى ... مجال لدمع المقلة المترقرق
وأحلى الهوى ما شك في الوصل ربه ... وفي الهجر فهو الدهر يرجو ويتقي
وما كمد الحساد مما قصدته ... ولكنه من يزحم البحر يغرق
وله:
مَنِ الْجَآذر في زي الأعاريب ... حمر الحِلَى والمطايا والجلابيب
إن كنت تسأل شكًّا في معارفها ... فمن بلاك بتسهيد وتعذيب
كم زورة لك في الأعراب خافية ... أدهى وقد رقدوا من زورة الذيب
أزورهم وسواد الليل يشفع لي ... وأنثني وبياض الصبح يغرى بي
قد حالفوا [2] الوحش في سكنى مراتعها ... وخالفوها بتقويض وتطنيب
جيرانها وهمُ شر الجوار لها ... وصحبها وهمُ شرُّ الأصاحِيبِ
فؤادُ كل محبٍ في بيوتِهِمُ ... ومال كل أَخِيذِ المال مَسْلوُبِ
أفدى ظباء فلاةٍ ما عرفن بها ... مَضْغَ الكلامِ ولا صبْغ الحواجيب
/ ولا برزن من الحمام مائلة ... أوراكهنَّ صقيلات العَرَاقيب
ومن هوى كل من ليست مموهةً ... تَرَكْتُ لون مشيبي غير مخضُوب
كأن كل سؤال في مسامعه ... قميص يوسف في أجفان يعقوب
أنت الحبيب ولكني أعوذ به ... من أن أكون محبًا غير محبوب
__________
[1] في الأصل: «الشمس» .
[2] من ص، ل: «وافقوا» .(14/169)
2644- علي بن محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول، أبو الحسن التنوخي القاضي
[1] .
ولد في شوال سنة إحدى وثلاثمائة، وكان حافظا للقرآن، قرأ على أبي بكر بن مقسم بحرف حمزة، وقرأ على ابن مجاهد بعض القرآن، وتفقه على مذهب أبي حنيفة، وقرأ من النحو واللغة والأخبار والأشعار [2] ، وقال الشعر، وتقلد القضاء بالأنبار، وهيت، من قبل أبيه، ثم ولي من قبل الراضي باللَّه سنة سبع وعشرين القضاء بطريق خراسان، ثم صرف وبقي إلى أن قلده أبو السائب عتبة بن عبد الله [3] في سنة إحدى وأربعين، وهو يومئذ يتولى قضاء القضاة بالأنبار، وهيت، وأضاف [له] [4] إليهما بعد مدة الكوفة، ثم أقره على ذلك أبو العباس بن أبي الشوارب لما ولي قضاء القضاة مدة، ثم صرفه، ثم لما ولي عمر بن أكثم قضاء القضاة قلده عسكر مكرم، وإيذج مدة، وحدَّث فروى عنه المحسن بن علي التنوخي، وتوفي فِي ربيع الأول [5] من هذه السنة.
2645- محمد بن الحسن بن يعقوب بن الحسن بن الحسين بن مقسم، أبو بكر العطار المقرئ
[6] .
ولد سنة خمس وستين ومائتين، وسمع أبا مسلم الكجي، وثعلبًا وإدريس بن عبد الكريم [الحداد] [7] وغيرهم، روى عنه ابن رزقويه [8] ، وابن شاذان، وغيرهما، وكان ثقة من أعرف الناس بالقراءات [9] وأحفظهم لنحو الكوفيين، وله في معاني القرآن كتاب سماه: «كتاب الأنوار» وما رأيت مثله، وله تصانيف عدة/ ولم يكن له عيب إلا أنه
__________
[1] «القاضي» سقطت من ص، ل. انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 82) .
[2] من ت: «الأشعار والأخبار» .
[3] من المطبوعة: «عبيد الله» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] من ص، ل: «الآخر» .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 206، والبداية والنهاية 11/ 259، 260) .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] في الأصل: «رزقونة» .
[9] في الأصل: «بالقرآن» .(14/170)
قرأ بحروف تخالف الإجماع، واستخرج لها وجوها من اللغة والمعني، مثل ما ذكر في [كتاب] [1] «الاحتجاج» للقرافي [في] [2] قوله تعالى: (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا) 12: 80 [3] فقال: لو قرئ خلصوا نجبا بالباء لكان جائزا، وهذا مع كونه يخالف الإجماع بعيد [من] [4] المعني، إذ لا وجه للنجابة عند يأسهم من أخيهم، إنما اجتمعوا يتناجون [5] ، وله من هذا الجنس من تصحيف الكلمة، واستخراج وجه بعيد لها، مع كونها لم يقرأ بها كثير، وقد أنكر العلماء هذا عليه، وارتفع الأمر إلى السلطان، فأحضره واستتابه بحضرة الفقهاء والقراء فأذعن [6] بالتوبة، وكتب محضر بتوبته، وأشهد [7] عليه جماعة ممن حضر، وقيل: إنه لم ينزع عن تلك الحروف، وكان يقرئ بها إلى أن مات.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد [8] [القزاز] [9] أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي، أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد المقرئي، أخبرنا أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم. قال: وقد نبغ نابغ في عصرنا هذا فزعم أن كل ما صح عنده وجه في العربية لحروف من القرآن يوافق خط المصحف، فقراءته جائزة في الصلاة، فابتدع بقوله ذلك بدعة ضل بها عن قصد السبيل، وأورط نفسه في مزلة عظمت بها جنايته على الإسلام وأهله، وحاول إلحاق كتاب الله من الباطل ما لا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه، إذ جعل لأهل الإلحاد في دين الله بسيّء رأيه طريقًا إلى مغالطة أهل الحق بتخير القراءات من جهة البحث والاستخراج بالآراء دون التمسك بالأثر، وقد كان أبو بكر شيخنا نشله
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] سورة: يوسف الآية: 80.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] من ل: «ينتاجون» .
[6] من ص: «فأذن» .
[7] من ص، ل: «وشهد» .
[8] «عبد الرحمن بن محمد» سقطت من ص.
[9] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.(14/171)
من بدعته المضلة باستتابته منها، وشهّد عليه الحكام والشهود والمقبولين عند الحكام بترك ما أوقع [1] نفسه فيه من الضلالة بعد أن سئل البرهان على صحة ما ذهب إليه، فلم يأت بطائل، ولم تكن حجته قوية ولا ضعيفة، فاستوهب أبو بكر تأديبه [2] من السلطان عند توبته، ثم عاود في وقتنا هذا إلى ما كان ابتدعه واستغوى من أصاغر المسلمين ممن هو في الغفلة والغباوة، ظنا منه أن ذلك يكون للناس دينًا، وأن يجعلوه فيما ابتدعه إمامًا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي [بن ثابت] [3] قال: حدثني أبو بكر أحمد بن محمد [المستملي] [4] قال: سمعت [أبا] [5] أحمد الفرضي غير مرة يقول: رأيت في المنام كأني في المسجد الجامع أصلي مع الناس، وكأن ابن مقسم قد ولي ظهره القبلة، وهو يصلي مستدبرها، فأولت ذلك مخالفته الأئمة فيما اختاره من القراءات. توفي أبو بكر بن مقسم يوم الخميس لثمان خلون من ربيع الآخر من هَذِهِ السنة.
2646- محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدويه بن موسى، أبو بكر المعروف: بالشافعي
[6] .
ولد بجبل سنة ستين ومائتين وسكن بغداد، وسمع محمد بن الجهم، وأبا قلابة الرقاشي، والباغندي، وخلقا كثيرا، وكان ثقة ثبتًا، كثير الحديث حسن التصنيف، قد روى الحديث قديما فكتب عنه في زمان ابن صاعد، روى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وغيرهما من الأئمة، وآخر من روى عنه أبو طالب بن غيلان حدثنا ابن الحصين [7] ، عن ابن غيلان عنه.
__________
[1] من الأصل: «ما وقع» .
[2] من الأصل: «زكريا ذنبه» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 456، والبداية والنهاية 11/ 260) .
[7] من الأصل: «أبو طالب غيلان من الحجي عنه» .(14/172)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت قال: لما منعت الديلم ببغداد الناس أن يذكروا فضائل الصحابة، وكتب سب السلف على المساجد كان الشافعي يتعمد في ذلك الوقت إملاء الفضائل في جامع المدينة وفي مسجده بباب الشام حسبة وقربة، وحدثني الأزهري أنه سمع ابن رزقويه [1] لما حدث يقول [2] أدركتني دعوة أبي بكر الشافعي وذلك [3] ، أنه دعا الله لي بأن أبقى حتى أحدث، فاستجيب له في، توفي أبو بكر الشافعي في ذي الحجة من هذه السنة.
2647- مكي بن أحمد بن سعدويه، أبو بكر البرذعي
[4] .
أحد الرحالة/ في طلب الحديث، وسمع من ابن منيع، وابن صاعد، وغيرهما، وتوفي في هذه السنة.
__________
[1] من الأصل: «رزقونة» .
[2] من الأصل: «يقول لما حدث» .
[3] «وذلك» سقطت من ل، ص.
[4] انظر ترجمته في: (الأنساب 2/ 144) .(14/173)
ثم دخلت سنة خمس وخمسين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه عمل في عاشوراء ما جرت عادة القوم بِهِ [1] من النوح وغيره، وورد الخبر بأن بني سليم قطعوا الطريق على قافلة المغرب، ومصر، والشام الحاجة إلى مكة في سنة أربع وخمسين، وكانت قافلة عظيمة، وكان فيها من الحاج التجار والمنتقلون من الشام إلى العراق هربا من الروم، ومن الأمتعة نحو عشرين ألف حمل [2] منها دق مصر ألف وخمسمائة حمل، ومن أمتعة المغرب اثنا عشر ألف حمل وأنه كان في أعدال الأمتعة من الأموال من العين [3] والورق ما يكثر مقداره جدًا، وكان لرجل يعرف بالخواتيمي قاضي طرسوس فيها مائة وعشرون [4] ألف دينار عينا [5] وأن بني سليم أخذوا الجمال [6] مع الأمتعة، وبقي الناس رحالة منقطعا بهم، كما أصاب الناس في الهبير سنة القرمطي، فمن الناس من عاد إلى مصر ومنهم من تلف وهم الأكثرون [7] .
وفي جمادى الآخرة نودي [8] برفع المواريث الحشرية وغيرها.
__________
[1] من ص، ل: «به عادة القوم» .
[2] من الأصل: «جهل» وكذا في باقي المواضع التالية.
[3] من ص، ل: «من الأموال العين» .
[4] من الأصل: «اثني عشر» .
[5] «عينا» سقطت من ص، ل.
[6] من الأصل: «الحمل» .
[7] من ص، ل: «وهم الأكثر من تلف» .
[8] من ص: «وقع» .(14/174)
وفي رجب: تم الفداء بين سيف الدولة والروم، وتسلم سيف الدولة أبا فراس بن سعيد بن حمدان، وأبا الهيثم بن [أبي] [1] حصين بن القاضي.
وفي ليلة السبت لثلاث عشرة ليلة من شعبان: انكسف القمر [كله] [2] وغاب منكسفًا.
وكتب معز الدولة إلى طاهر بن موسى أن يبني موضع الحبس الجديد/ ببغداد مارستانًا، وعمل على أن يقف عليه وقفًا، وأفرد لذلك مستغلًا بالرصافة ببغداد، وضياعًا بكلواذي، وقطربُّل، وجرجرايا ترتفع بخمسة آلاف دينار وابتدأ طاهرك، فبني المسناة وأتمها، وابتدأ بالبناء داخلها فمات معز الدولة قبل أن يستتم ذلك.
[ورود جيش من خراسان لغزو الروم]
وفي يوم السبت لعشر خلون من شوال: ورد الخبر بأن جيشًا ورد من خراسان إلى الري قاصدا لغزو الروم، وكانوا بضعة عشر ألف رجل: أتراك وغيرهم، وأن ركن الدولة حمل إليهم من الدواب والثياب والأطعمة شيئا كثيرا، فقبلوه، فلما كان يوم من الأيام ركب هؤلاء الغزاة إلى منازل [ابن] [3] العميد وزير ركن الدولة بالري، فقتلوا من وجدوا من الديلم، ونهبوا دار أبي الفضل بن العميد وزير ركن الدولة، وهرب من بين [4] أيديهم فحاربهم ركن الدولة فظفر بهم، وقتل منهم نحوا من ألف وخمسمائة، فانكشفوا من بين يديه، وأخذوا طريق آذربيجان، فأنفذ معز الدولة أبا العباس بن سرخاب إلى بغداد خوفًا من أن يصير هؤلاء الغزاة إليها فيحدثوا حادثة [5] ورسم له كيف يحترس.
[وفي هذه السنة] [6] حج بالناس أبو أحمد النقيب [وهو الذي حج بهم في السنة الخالية] [7] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] من ص، ل: «وهرب بين أيديهم» .
[5] «فيحدثوا حادثة» سقطت من ص.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/175)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2648- الحسين بن داود بن علي بن عيسى بن محمد بن القاسم بن الْحَسَن بْن زيد بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بن أبي طالب، أبو عبد الله العلوي
[1] .
أخبرنا زاهر بن طاهر أبو القاسم الشحامي [2] قال: أنبأنا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، وأبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، وأبو عثمان سعيد بن محمد، وأبو بكر محمد بن عبد العزيز [3] قالوا: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله/ الحافظ قال: كان الحسين بن داود شيخ آل رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ في عصره بخراسان وسنى العلوية في أيامه، وكان من أكثر الناس صلاة وصدقة ومحبة لأصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صحبته برهة من الدهر، فما سمعته ذكر عثمان إلا قال: أمير المؤمنين الشهيد رضي الله عنه، وبكى وما سمعته ذكر عائشة إلا قال: الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله وبكى.
سمع من جعفر بن أحمد الحافظ، وعبد الله بن محمد بن شيرويه، وأكثر عن أبي بكر بن خزيمة، وأبي العباس الثقفي، [وهو] [4] من أجل بيت للحسنية وأكثرهم اجتهادًا بخراسان [5] ، فإن داود بن علي كان المنعم على آل رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ في عصره، وعلي بن عيسى كان أزهد العلوية في عصره وأكثرهم اجتهادا، وكان [عيسى] [6] يلقب بالفياض من كثرة عطاياه، وكان محمد بن القاسم ينادم الرشيد، ثم بعده المأمون، وكان القاسم راهب آل محمد صلى الله عليه وسلّم في عصره وكان [7] الحسن بن زيد أمير المدينة في عصره وأستاذ مالك بن أنس، وقد روى عنه في الموطأ.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 45، والبداية والنهاية 11/ 261) .
[2] «أبو القاسم الشحامي» سقطت من ص.
[3] من ص: «عبد الرحيم» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في الأصل: «بيت للحسنية بخراسان وأكثرهم اجتهادا، فإن ... » .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] «كان» سقطت من ص، ل.(14/176)
توفي الحسين بن داود يوم الاثنين ثاني عشر جمادى الآخرة سنة خمس وخمسين وثلاثمائة بين الظهر والعصر، وسمعته في ربيع الآخر سنة خمس وخمسين وثلاثمائة يقول: رأيت رؤيا عجيبة فسألناه عن الرؤيا فقال: رأيت في المنام كأني على شط البحر، فإذا أنا بزورق كأنه البرق يمر، فقالوا: هذا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: وعليك السلام. فما كان بأسرع من أن رأيت زورقا آخر قد أقبل فقالوا: هذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. فقلت: السلام عليك يا أبت، فقال: وعليك/ السلام فما كان أسرع من أن جاء زورق آخر قد ظهر قالوا: الحسن بن علي، فقلت:
السلام عليك يا أبت، فقال: وعليك السلام، فما كان بأسرع من أن جاز زورق آخر وليس فيه أحد فقلت: لمن هذا الزورق. فقالوا: هذا الزورق لك. فما أتى عليه بعد هذه الرؤيا إلا أقل من شهر حتى توفي.
2649- عبد الرحمن بن محمد بن متويه، أبو القاسم الزاهد البلخي
[1] .
محدث بلخ في عصره، سمع من جماعة وقدم بغداد في سنة خمسين وثلاثمائة حاجًا فانتخب عليه محمد بن المظفر، وروى عنه ابن رزقويه [2] والحمامي، وكان ثقة، وتوفي في هذه السنة.
2650- مُحَمَّد [3] بن الحسين بن علي بن الحسن بن يحيى بن حسان بن الوضاح، أبو عبد الله الأنباري، يعرف: بالوضاحي الشاعر
[4] .
انتقل إلى خراسان فنزلها، وسكن نيسابور وكان يذكر أنه سمع الحديث من المحاملي، وابن مخلد، وأبي روق، روى عنه الحاكم [أبو عبد الله النيسابوري] [5] ، شيئا من شعره، وقال: كان أشعر من في وقته. ومن شعره:
سقى الله باب الكرخ ربعًا ومنزلا ... ومن حله صوب السحاب المجلجل
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 294) .
[2] في الأصل: «رزقونة» .
[3] «محمد» سقطت من ت.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 241، والبداية والنهاية 11/ 261) .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/177)
فلو أن باكي دمنة الدار باللوى ... وجارتها أم الرباب بمأسل
رأى عرصات الكرخ أو حل أرضها ... لأمسك عن ذكر الدخول فحومل
توفي [محمد] [1] الوضاحي بنيسابور في رمضان هذه السنة.
2651- محمد بن أحمد بن هارون بن محمد الريوندي [2] ، المعروف بأبي بكر الشافعي
[3] .
أَخْبَرَنَا زاهر بن طاهر، أَنْبَأَنَا أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُونِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ قالا: / أخبرنا الحاكم أبو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ مَعَ أَبِي بَكْرِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْدَهْ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ وَأَقْرَانِهِ [بِالرَّيِّ] [4] ثُمَّ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ، وَحَدَّثَ بِالْمَنَاكِيرِ، وَرَوَى عَنْ قَوْمٍ لا يَعْرِفُونَ مِثْلَ [أَبِي] [5] الْعكوكِ الْحِجَازِيّ وَغَيْرِهِ، فَدَخَلْتُ يَوْمًا عَلَى [6] أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ فَعَرَضَ عَلَيَّ حَدِيثًا بِإِسْنَادٍ مُظْلِمٍ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ: سَمِعْتُ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا فَقَّهَهُ فِي الدِّينِ» فَقُلْتُ: هَذَا بَاطِلٌ. فَقَالَ: حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ. فَقُلْتُ:
هَذَا مَوْضُوعٌ، وَإِنَّمَا تَقَرَّبَ [7] بِهِ إِلَيْكَ لأَنَّكَ مِنْ وَلَدِ الْحَجَّاجِ فَضَحِكَ [8] ، فلما كان بعد أيام دخل المسجد شيخ لا أعرفه فصلى معي، ثم قال: جئت في شيء أعرضه عليك أتعرفني؟ قلت: لا. قال: أنا أبو بكر الشافعي، إنما بعث بي أبو محمد [9] الثقفي [إليك] [10] لأعرض حديثي عليك، فلا أحدث إلا بما ترى. فقلت: دع أولًا [أبا] [11]
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] من الأصل: «الدّيوندى» .
[3] انظر ترجمته في: (الأنساب 6/ 213) .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] من الأصل: «فدخلت عليه يوما» .
[7] من ص، ل: «يقرب» .
[8] «فضحك» سقطت من ص.
[9] من الأصل: «أبو بكر» .
[10] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[11] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/178)
العكوك الحجازي، وأحمد بن عمرو الزنجاني، فعندي أن الله تعالى لم يخلقهما، ثم أعرض عليَّ أصولك لندبر فيها. فقال: الله الله فيّ فإنهما رأس المال كتبت عن أبي العكوك بمكة، وعن [1] أحمد بن عمرو ببغداد فقلت: أخرج أصولك عنهما إن كان الغلط مني، وحدثته أن شيخنا شهد لك بالسماع معه من محمد بن أيوب، فلو اقتصرت على ذلك كان أولي بك، ففارقني على هذا فكأنني قلت له زد فيما ابتدأت فإنه زاد عليه. توفي في هذه السنة.
2652- محمد بن عمر بن سالم بن البراء بن سبرة بن سيار، أبو بكر قاضي الموصل، ويعرف بابن الجعابي
[2] .
ولد سنة أربع وثمانين ومائتين، وحدث عن يوسف القاضي وجعفر الفريابي، وخلق كثير، وكان أحد الحفاظ المجودين، صحب أبا العباس بن عقدة وعنه أخذ الحفظ، وله تصانيف كثيرة في علوم الحديث/.
روى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وابن رزقويه [3] ، وكان أبو علي الحافظ يقول: ما رأيت في البغداديين أحفظ منه، وقد رأي ابن صاعد، وأبا بكر النيسابوري، وغيرهما.
أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب قال: حدثني أبو الوليد الحسن بن محمد الدربندي قَالَ: سمعت محمد بن الحسين بن الفضل القطان يقول: سمعت أبا بكر الجعابي [4] يقول: دخلت الرقة وكان لي ثم قمطر من كتب، فأنفذت غلامي إلى ذلك الرجل الذي كتبي عنده، فرجع الغلام مغمومًا فقال: ضاعت الكتب، فقلت: يا بني لا تغتم، فان فيها مائتا ألف حديث لا يشكل عليّ منها حديث لا إسنادًا ولا متنًا.
أنبأنا محمد بن عبد الباقي، أنبأنا علي بن أبي علي، عن أبيه قال: ما شاهدنا أحفظ من أبي بكر الجعابي [5] وسمعت من يقول: إنه يحفظ مائتي ألف حديث،
__________
[1] «عن» سقطت من ص، ل، ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 3/ 26، والبداية والنهاية 11/ 261، 262) .
[3] من الأصل: «رزقونة» .
[4] من الأصل: «الجغابي» .
[5] من الأصل: «الجغابي» .(14/179)
ويجيب في مثلها إلا أنه كان يفضل الحفاظ بأنه كان يسوق المتون بألفاظها [1] وأكثر الحفاظ يتسامحون [2] في ذلك، وكان يزيد عليهم بحفظ المقطوع والمرسل والحكايات، ولعله يحفظ من هذا قريبا مما يحفظ من الحديث المسند، وكان إمامًا في المعرفة بعلل الحديث وثبات الرجال، ومعتلهم، وضعفائهم، وأساميهم، وأنسابهم، وكناهم، ومواليدهم، وأوقات وفاتهم، ومذاهبهم، وما يطعن به على كل أحد [3] وما يوصف به السداد، وكان في آخر عمره قد انتهي هذا العلم إليه حتى لم يبق في زمانه من يتقدمه فيه في الدنيا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي الحافظ قال: حدثني علي بن عبد الغالب الضراب قال: سمعت أبا الحسن بن رزقويه [4] يقول، كان ابن الجعابي [5] يملي فتمتلئ السكة التي يملي فيها، والطريق، ويحضره ابن المظفر والدارقطني، ولم يكن يملي الأحاديث كلها بطرقها/ إلا من حفظه.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ مُحَمَّدٍ] [6] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْن علي قَالَ: حدثني الحسن بْن محمد الأشقر قال: سمعت القاضي أبا عمر القاسم بن جعفر الهاشمي يقول: سمعت الجعابيّ [7] يقول: أحفظ أربعمائة ألف حديث، وأذاكر بستمائة [8] ألف حديث.
قال المصنف رحمه الله: كان الجعابي [9] يتشيع، ويسكن باب البصرة، وسئل عن حديثه الدارقطني فقال: خلط. وقال البرقاني: كان صاحب غرائب، ومذهبه معروف في التشيع، وقد حُكِيَ عنه قلة دين، وشرب الخمر، والله أعلم.
__________
[1] من الأصل: «بإسنادها» .
[2] من الأصل: «يسمعون» .
[3] من الأصل: «واحد» .
[4] من الأصل: «ابن رزقونة» .
[5] من الأصل: «الجغابي» .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] من الأصل: «الجفابي» .
[8] من الأصل: «وأذكر ستمائة» .
[9] من الأصل: «الجغابي» .(14/180)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الأَزْهَرِيُّ: أن ابن الجعابي لما مات صُلِّيَ عليه في جامع المنصور، وحمل إلى مقابر قريش فدفن بها، وكانت سكينة نائحة الرافضة تنوح مع جنازته، وكان أوصى أن تحرق كتبه، فأحرق [1] جميعها، أحرق معها كتب للناس [2] كانت عنده.
وقال الأزهري: فحدثني أبو الحسين بن البواب قال: كان لي عند ابن الجعابي مائة وخمسون جزءًا فذهبت في جملة ما أحرق.
توفي ابن الجعابي في [نصف] [3] رجب من هذه السنة [4] .
__________
[1] من ص، ل، ت: «فأحرق» .
[2] من ص، ل: «الناس» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] «توفي ابن الجعابي في نصف رجب من هذه السنة» . سقط من ت.(14/181)
ثم دخلت سنة ست وخمسين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه عمل في [يوم] [1] عاشوراء ما يعمله القوم من النوح وغيره، وتوفي معز الدولة أبو الحسين أحمد بن بويه، وتولي ابنه عز الدولة أبو منصور بختيار.
وفي يوم الخميس لسبع خلون من شعبان: خلع على القاضي أبي محمد عبيد الله بن أحمد بن معروف، وقلد القضاء بالجانب الغربي من بغداد، ومدينة المنصور، وحريم دار السلطان، وقلد القاضي أبو بكر أحمد بن سيار القضاء فيما بقي من الجانب الشرقي من بغداد/ وخلع عليهما [2] وبعد مديدة قلد القاضي أبو محمد بن معروف الأشراف على الحكم والحكام.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2653- أحمد بن بويه، أبو الحسين، الملقب معز الدولة
[3] .
قد ذكرنا أخبار بويه وأولاده في سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، وأن أحمد بن بويه
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] «أبو بكر أحمد بن سيار القضاء فيما بقي من الجانب الشرقي من بغداد وخلع عليهما» ساقط من ص، ل، ت.
[3] انظر ترجمته في: (وفيات الأعيان 1/ 56) .(14/182)
كان يحتطب على رأسه، ثم ملكوا البلاد واستولوا عليها، وقد ذكرنا أحوال أبي الحسين ابن بويه وقدومه إلى بغداد في سنة أربع وثلاثين، ودخوله على المستكفي، وحمله المستكفي إلى داره، وغير ذلك من أحواله إلا [1] أنه أصعد إلى بغداد وخلف بواسط عسكره وغلمانه والحاجب الكبير سبكتكين على أن يعود بعد عشرين يومًا إلى واسط، فمرض ببغداد ولحقه ذرب وضعف، وكان لا يثبت في معدته طعام، فعهد إلى ابنه بختيار ولما نزل به الموت أمر أن يحمل إلى بيت الذهب، واستحضر بعض العلماء فتاب على يده، فلما حضر وقت الصلاة خرج ذلك الرجل إلى مسجد ليصلي فيه فقال له معز الدولة: لم لا تصلي ها هنا؟ فقال: إن الصلاة في هذه الدار لا تصح. وسأله عن الصحابة فذكر سوابقهم وأن عليا عليه السلام زوج ابنته أم كلثوم من عمر بن [الخطاب] [2] فاستعظم ذلك وقال: ما علمت بهذا، وتصدق بأكثر ماله، وأعتق مماليكه، ورد كثيرا من المظالم، وبكى حتى غشي عليه.
وحكى أبو الحسين ابن الشيبة العلوي قال: بينا أنا في داري في دجلة بمشرعة [3] القصب في ليلة غيم ورعد وبرق سمعت صوت هاتف يقول.
لما بلغت أبا الحسين ... مراد نفسك في الطلب
وأمنت من حدث الليالي ... واحتجبت عن النّوب
مدّت إليك يد الردى ... فأخذت من بيت الذهب
/ فأرخت الوقت وكان لأربع ساعات قد مضين من ليلة الثلاثاء سابع عشر ربيع الآخر سنة ست وخمسين وثلاثمائة، ثم اتصل المطر أيامًا فلما انقشع الغمام وانتشر الناس شاع الخبر بأن معز الدولة قد [4] توفي في تلك الليلة، وكانت إمارته إحدى وعشرين سنة وأحد عشر شهرًا، وعمره ثلاث وخمسون سنة، وكان قد سد فوهة نهر الرفيل، وشق النهروانات، وعمل المغيض بالسندية، ورد المواريث الحشرية إلى ذوي الأرحام.
__________
[1] من ص، ل: «إلى أنه» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] من الأصل: «بمشرفة» .
[4] «قد» سقطت من ص، ل، ت.(14/183)
2654- حامد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن معاذ، أبو علي الرفاء الهروي
[1] .
سمع ببغداد والكوفة ومكة، وحلوان، وهمذان، والري، ونيسابور، ثم قدم بغداد فحدث فسمع الناس منه بانتخاب الدارقطني، وكان ثقة، وتوفي بهراة في رمضان هذه السنة.
2655- عبد الخالق بن الحسن بن محمد بن [نصر] [2] أبو محمد السقطي
[3] .
سمع الباغندي، روى عنه ابن رزقويه [4] ، وكان ثقة أحد الشهود المعدلين، وكان البرقاني يثني عليه ويوثقه، وتوفي في رجب هذه السنة.
2656- عمر بن جعفر بن محمد بن سلم، أبو الفتح الختلي
[5] .
ولد سنة إحدى وسبعين ومائتين، وسمع الحارث بن أبي أسامة، والكديمي، والحربي، روى عنه ابن رزقويه [6] ، وكان ثقة صالحا، توفي في شعبان هذه السنة وكان ثقة [7] ، ودفن في مقبرة الخيزران.
2657- عثمان بن محمد بن بشر، أبو عمر السقطي، المعروف بابن شُنقة
[8] .
ولد سنة تسع وتسعين [9] ومائتين، وحدث عن إِسْمَاعِيل القاضي، وإبراهيم الحربي، روى عنه ابن رزقويه [10] كتب الناس عنه بانتخاب الدارقطني، وكان البرقاني يثني عليه ويوثقه، توفي في ذي الحجة من هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 172) .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 124) .
[4] في الأصل: «رزقونة» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 243) .
[6] في الأصل: «رزقونة» .
[7] «وكان ثقة» سقطت من ص، ل.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 304) .
[9] في الأصل، ص: «تسع وستين» .
[10] في الأصل: «رزقونة» .(14/184)
2658- علي بن الحسين بن محمد بن أحمد بن الهيثم بن عبد الرحمن بن مروان، أبو الفرج الأصبهاني الكاتب
[1] .
حدث عن محمد بن عبد الله [2] الحضرمي مطين، وخلق كثير، والغالب عليه رواية الأخبار والآداب، وكان عالمًا/ بأيام الناس والسير، وكان شاعرًا، وصنف كتبا كثيرة منها: «الأغاني» ، وكتاب «أيام العرب» ذكر فيه ألفا وسبعمائة يوم، روى عنه الدارقطني وكان يتشيع، ومثله لا يوثق بروايته، فإنه يصرح في كتبه بما يوجب عليه الفسق، ويهون [3] شرب الخمر، وربما حكى ذلك عن نفسه، ومن تأمل كتاب «الأغاني» رأى كل قبيح ومنكر، توفي في ذي الحجة من هذه السنة.
2659- علي بن عبد الله
[4] ، الملقب سيف الدولة [5] ، توفي في صفر هذه السنة بعسر البول.
2660- محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن حسنون [6] أبو الحسين، المعروف بابن النرسي
[7] .
ولد سنة سبع وستين ومائتين، وسمع أبا حفص الكتاني، وكان صدوقا ثقة من أهل القرآن، حسن الاعتقاد، ومات في صفر هذه السنة [8] ودفن في مقبرة باب حرب.
2661- محمد بن إبراهيم بن محمد بن خالد [9] بن عيسى، أبو العباس [10] ، يعرف: بالشيرجي، [11] مروزي [12] الأصل.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 398، والبداية والنهاية 11/ 263) .
[2] من الأصل: «محمد بن عبد الرحمن» .
[3] في ص، ل: «وتهون» .
[4] في ل: «علي بن عبد الرحمن» خطأ. وهذه الترجمة سقطت من ص.
[5] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 263، 264) .
[6] في الأصل: «الحسين» .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 356) .
[8] في تاريخ بغداد: أنه توفي في سنة 456، وكان مولده سنة 367 هـ (انظر تاريخ بغداد 1/ 356) .
[9] في الأصل: «خالد بن محمد» .
[10] في ص، الأصل: «ابن عباس» .
[11] في الأصل: «يعرف بالسرجي» .
[12] في الأصل: «مروي الأصل» . انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 412) .(14/185)
سمع جعفر بن محمد الفريابي وحدث عنه [1] ابن رزقويه [2] .
أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب قال: قال محمد بن أبي الفوارس: [3] مات أبو العباس محمد بن إبراهيم المروزي لتسع [4] بقين من ذي الحجة سنة ست وخمسين وثلاثمائة، وكان شيخا ثقة مستورا لا بأس به.
2662- محمد بن إبراهيم بن أحمد بن أبي الحكم، أبو عبد الله الختلي
[5] حدث عن أبي مسلم الكجي [6] وغيره، روى عنه أبو الحسن بن طلحة النعالي.
2663- محمد [7] بن إبراهيم الفروي [8] ، سمع أبا مسلم الكجي، وروى عنه أبو نعيم الأصبهاني.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ [بْنُ عَلِيِّ] [9] بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قَالَ لي أبو نعيم هذا الشيخ من ولد إسحاق بن أبي فروة، وكان شيخا له هيئة حسنة، وهو ثقة.
2664- محمد بن إبراهيم بن العباس بن الفضيل [10] أبو اليسر الموصلي
[11] .
قدم بغداد سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، وروى بها عن أبي يعلى الموصلي/ كتاب «معجم شيوخه» وسمع [منه] [12] محمد بن أبي الفوارس.
__________
[1] «وحدث عنه» سقطت من ص.
[2] في الأصل: «رزقونة» .
[3] في ص، ل: «قال محمد بن أبي الفوارس يقول: مات ... » .
[4] في الأصل: «لسبع» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 413) .
[6] في الأصل: «الكنجي» .
[7] «محمد» سقطت من ت.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 414) .
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[10] في ص: «الفضل» . وفي الأصل، والمطبوعة: «أبو بشر» وما أثبتناه ما في تاريخ بغداد.
[11] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 414) .
[12] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/186)
2665- يوسف بن عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد، أبو نصر الأزدي
[1] .
ولد سنة خمس وثلاثمائة، وولي القضاء «بمدينة السلام» في حياة أبيه وبعد وفاته، وما زال رئيسًا [2] عفيفًا [نزهًا] [3] نبيلًا، بارعًا في الأدب والكتابة، فصيحا عارفًا باللغة والشعر، تام الهيبة، ولا يعرف [من] [4] القضاة أعرف في القضاء منه، ومن أخيه أبي [5] الحسين، فإنهما وليا القضاء بالحضرة، وكذلك أبوهما عمر، وجدهما محمد، وأبوه يوسف، فأما يعقوب فإنه ولي قضاء مدينة سيدنا [6] رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، ثم تقلد فارس، وما زال أبو نصر واليًا على بغداد بأسرها [في زمن] [7] الراضي إلى السنة التي مات فيها الراضي، [فإنه صرفه عن مدينة المنصور بأخيه الحسين وأقره على الجانب الشرقي والكرخ فلما مات الراضي] [8] صرف عن القضاء ببغداد وولي محمد بن عيسى المعروف [بأبن] [9] أبي موسى [10] الضرير.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت قال: حدثني التنوخي قال: أنشد [11] أبو الحسن أحمد بن علي البتّي قال: أنشد أبو نصر يوسف بن عمر القاضي لنفسه:
يا محنة الله كُفِّي ... إن لم تكفي فخفي
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 322) .
[2] في الأصل: «مريشا» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في ص، ل: «ومن أخيه الحسين» .
[6] «سيدنا» سقطت من ص، ل.
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[10] في ص: «المعروف بابن موسى» .
[11] في ص: ل: «أنشدني» وكذلك في الموضع التالي.(14/187)
ما آن ان ترجمينا ... من طول هذا التشفي
ذهبت أطلب بختي ... فقيل [1] لي قد توفي
ثور ينال الثريا [2] ... وعالم متخفي
الحمد للَّه شكرا ... على نقاوة حرفي
توفي أبو نصر [3] في ذي القعدة من هذه السنة. /
__________
[1] في الأصل: «قيل» .
[2] في الأصل: «الزبانا» .
هذا وقد تكرر البيت الثاني مرة أخرى قبل هذا البيت، وذلك من نسخة الأصل فقط.
[3] «أبو نصر» سقطت من ص.(14/188)
ثم دخلت سنة سبع وخمسين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه عمل ببغداد يوم عاشوراء ما جرت به [1] عادة القوم من تعطيل الأسواق وتعليق المسوح والنوح، وفي غدير خم ما [2] جرت به عادتهم أيضًا.
وفي يوم الاثنين لثلاث بقين من ربيع الآخر: صرف القاضي أبو محمد عبيد الله ابن معروف عن القضاء في حريم دار السلطان، وتقلده القاضي أبو بكر أحمد بن سيار مضافًا إلى ما كان إليه [3] من الجانب الشرقي، وأزيد ما كان إلى ابن معروف من الإشراف على الحكام والأحكام.
وفي ذي القعدة: ورد الخبر بأن الروم سَبوا من سواد أنطاكية اثني عشر ألفًا من المسلمين.
[هلاك الحاج الخراسانية وجمالهم بالعطش]
وورد خبر الحاج بأن أكثر أهل [4] الخراسانية هلكوا، وهلكت جمالهم بالعطش، ومن سلم منهم وهم الأقل ولم يلحق يوم عرفة، ولم يتم لهم الحج، وإنما تم لنفر يسير من أهل بغداد، ولم يرد من مصر غير الإمام ونفرين [5] معه، ولم يحج من أهل الشام أحد، وورد من اليمن نفر يسير.
__________
[1] «به» سقطت من ص، ل.
[2] «ما» سقطت من ص، ل.
[3] «ابن معروف عن القضاء ... إلى ما كان إليه» سقط من ص.
[4] في الأصل: «ورد الخبر بأنه أكثر الحاج» .
[5] في ص، ل: «ونفسين» .(14/189)
وفي تشرين الثاني: عرض للناس الماشرا، ووجع الحلق، وكثر الموت فجاءه.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2666- إبراهيم المتقي للَّه، [أمير المؤمنين] [1] بن المقتدر
[2] .
كان قد أُلْجِئَ إلى أن [3] خلع نفسه كَمَا قد [4] ذكرنا في سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، ثم عاش بعد ذلك إلى أن توفي في شعبان هذه السنة وعمره يومئذ ستون سنة وأيام.
2667- الحسين بن محمد/ بن عبيد [5] بن أحمد بن مخلد بن أبان، أبو عبد الله الدقاق، المعروف بابن العسكري
[6] .
كان ينزل [7] درب الشاكرية من الجانب الشرقي بنهر معلى، حدث عن [محمد بن] [8] عثمان بن أبي شيبة، وابن مسروق [9] ، روى عنه الأزهري، والجوهري، والخلال، وأبو علي الواسطي، والأزجي، والتنوخي.
قال العتيقي: كان ثقة أمينًا، وقال ابن أبي الفوارس: كان فيه تساهل.
توفي في شوال هذه السنة.
2668- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن سَعِيد بْن هارون بْن زياد، أَبُو بَكْر الأنماطي
[10] .
قَدِمَ بغداد حاجًا، وحدَّث بها عَنْ جماعة، وسمع ابن حسنويه، وكان ثقة حافظا.
وتوفي بمرو في هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 265) .
[3] في ص، ل: «إلى خلع نفسه» .
[4] في ص، ل: «على ما ذكرنا» .
[5] في ص: «ابن عبد الله» .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 100) .
[7] في الأصل: «كان يتولى» .
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[9] في الأصل: «مرزوق» .
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 296) .(14/190)
2669- عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن زياد، أَبُو القَاسِم العبدي، المعروف بابن أَبِي رافع
[1] .
ونزل مصر، وحدَّث بها عَنْ إِسْمَاعِيل القاضي، وبشر بْن موسى الأسَدِيُ، وإبراهيم الحربي، وكان ثقة أمينًا صالحًا. كَانَ عَبْد الغني يثني عَلَيْهِ.
وتُوُفيّ فِي رجب هَذِهِ السَّنَة.
2670- عبد الرحمن بن العباس بن عبد الرحمن بن زكريا، أبو القاسم الفامي [2] والد أبي طاهر المخلص [3] .
سمع الكديمي، والحربي، وأبا شعيب الحراني، ويوسف القاضي، روى عنه ابن رزقويه [4] [وأبو نعيم] [5] وكان ثقة وأصابه طرش في آخر عمره.
وتوفي في رمضان هذه السنة.
2671- عمر بن جعفر بن عبد الله بن أبي السري، أبو حفص البصري الحافظ
[6] .
ولد سنة ثمانين ومائتين وكان الناس يكتبون بإفادته، ويسمعون بانتخابه على الشيوخ، ويقولون: هو موفق في الانتخاب، وحدث عن أبي خليفة الفضل بن الحباب، وزكريا الساجي، والباغندي، والبغوي، وابن صاعد. وروى عنه ابن رزقويه، وقد ضعفه قوم.
أخبرنا القزاز، أخبرنا أبو بكر بن ثابت قال: كان الدارقطنيّ يتتبع خطأ عمر البصري فيما انتقاه [7] عن أبي بكر الشافعي خاصة، وعمل فيه رسالة فاعتبرتها [8] ، فرأيت جميع ما ذكره من الأوهام يلزم عمر غير موضعين أو ثلاثة، وجمع أبو بكر بن الجعابيّ [9]
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 457) .
[2] في الأصل: «القاضي» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 295) .
[4] في الأصل) «رزقونة» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 244، والبداية والنهاية 11/ 265) .
[7] في الأصل: «على» .
[8] في الأصل: «فاتبعتها» وسقطت من ص وما أثبتناه من ت وتاريخ بغداد.
[9] في الأصل: «الجغابي» .(14/191)
أوهام عمر فيما حدَّث به، ونظرت في ذلك فرأيت أكثرها [1] قد حدَّث به عمر على الصواب، بخلاف ما حكى عنه ابن الجعابي [2] .
وسمعت البرقاني يقول: كان عمر قد انتخب على ابن الصواف، احسبه قال:
نحوًا من عشرين جزءا. فقال الدارقطنيّ: ينتخب علي ابن الصواف هذا القدر/ حسب؟
وهو ذا انتخب عليه تمام المائة جزء، ولا يكون فيما انتخبه حديث واحد فيما انتخبه عمر، ففعل ذلك. توفي عمر في جمادى الأولي من هَذِهِ السَّنَة.
2672- عثمان بن الحسين بن عبد الله، أبو الحسن التميمي [الخرقي]
[3] .
حدث بمصر ودمشق، عن جعفر الفريابي، والبغوي وغيرهما، وكان ثقة مأمونًا توفي ببغداد في درب سليمان.
2673- محمد بن إسحاق بن يعقوب بن إسحاق، أبو بكر الشيباني الطبري
[4] .
قدم بغداد حاجا في سنة خمسين وثلاثمائة، وحدَّث بها عن ابن رزقويه [5] وغيره.
2674- محمد بن أحمد بن علي بن مخلد بن أبان، أبو عبد الله الجوهري المحتسب، يعرف بابن المحرم
[6] .
كان أحد غلمان محمد بن جرير الطبري، وحدث عن محمد بن يوسف بن الطباع، والكديمي وغيرهما [7] . وروى عنه ابن رزقويه [8] وابن شاذان وغيرهما.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا [9] أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، أخبرنا أبو القاسم
__________
[1] في ص، ل: «أكثر» .
[2] في الأصل: «الجغابي» .
[3] في ص: «الحرفي» وقد سقطت من الأصل. انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 304) .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 258) .
[5] في الأصل: «رزقونة» وفي تاريخ بغداد: «عند ابن رزقونة» .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 320، والبداية والنهاية 11/ 266) .
[7] في الأصل: «وغيره» .
[8] في الأصل: «رزقونة» .
[9] في الأصل: «حدثنا» .(14/192)
الأزهري، حدثنا عبيد الله [1] بن عمر البقال قال: تزوج شيخنا ابن المحرم. قال: فلما حُملت المرأة إليَّ جلست في بعض الأيام على العادة أكتب شيئا والمحبرة بين يدي، فلم أشعر حتى [2] جاءت أمها فأخذت المحبرة فلم أشعر حتى ضربت [3] بها الأرض [و] كسرتها. فَقُلْتُ لها: لِمَ ذلك [4] فقالت: [بئس] هذه أشر [5] على ابنتي من ثلاثمائة ضُرَّة.
أخبرنا عبد الرحمن، أخبرنا أبو بكر الخطيب [6] قال: سألت أبا بكر البرقاني عن ابن المحرم فقال: لا بأس به.
وسمعت محمد بن أبي الفوارس [وقد] [7] سئل عنه فقال: ضعيف وقال: ولد سنة أربع وستين ومائتين، ومات في ربيع الآخر سنة سبع وخمسين وثلاثمائة، وكان يقال: في كتبه أحاديث مناكير، / ولم يكن عندهم بذاك. [8]
2675-[مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الطيب الدجاجي
[9] .
وُلِدَ سنة ثمانين ومائتين. روى عَنْ جَعْفَر الفريابي وغيره. وكان ثقة.
تُوُفّي فِي يَوْم الخميس لخمس خلون من رجب هَذِهِ السَّنَة] .
2676- محمد بن جعفر بن أحمد بن عيسى، أبو الطيب الوراق، يعرف: بابن الكدوش
[10] .
__________
[1] في الأصل: «عبد الله» .
[2] في ص، ل: «يدي فجاءت» .
[3] في الأصل: «فلم أشعر حتى من بين يدي وضربت بها الأرض وكسرتها» .
[4] في ص، ل: «فقلت لها في ذلك» .
[5] في ص، ول: «بس هذه شر على ابنتي» . ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في الأصل: «أبو بكر بن ثابت» .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] من الأصل: «بذلك» .
[9] هذه الترجمة سقطت من الأصل، ص، ل، المطبوعة. وأثبتناها من ت.
الدجاجيّ: هذه النسبة إلى بيع الدجاج (الأنساب 5/ 282) .
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 149) .(14/193)
سمع حامد بن محمد بن شعيب البلخي، وعبد الله [1] بن محمد بن زياد النيسابوري، وغيرهما، وحدث فروى عنه عبيد الله [2] بن عثمان بن يحيى [3] الدقاق.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت قال: قال محمد بن أبي الفوارس سنة سبع وخمسين وثلاثمائة فيها مات أبو الطيب محمد بن جعفر، يعرف بابن الكدوش [4] يوم الأحد لإحدى عشرة [ليلة] [5] خلت من جمادى الأولي، ومولده سنة ثمانين ومائتين، وكان صاحب كتاب، وكان ثقة مأمونا مستورا، حسن المذهب، يسمع [6] منه.
2677- محمد بن جعفر بن دران بن سليمان بن إسحاق بن إبراهيم، أبو الطيب، يلقب: غندرا
[7] .
سمع أبا خليفة [8] الفضل بن الحباب، وأبا يعلى الموصلي، وغيرهما، ولقي الجنيد، وأقرانه، وروى عنه الدارقطني، والكتاني، وانتقل إلى مصر فسكنها، وتوفي فِي رمضان [9] في هذه السنة بمصر [10] وقيل: في سنة ثمان وخمسين.
2678- محمد بن الحسين بن علي بن سليمان [11] بن إبراهيم، أبو سليمان الحراني
[12] .
__________
[1] في الأصل: «أبو» .
[2] في الأصل، ص، ل: «عبد الله» .
[3] في الأصل: «بن يحيى بن عثمان» .
[4] في الأصل: «يعرف بالكدوش» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] من ص، ل: «سمع منه» .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 150) .
[8] في الأصل: «سمع من أبي خليفة» .
[9] من ص، ل: «وتوفي بها في هذه السنة» .
[10] العبارة في ص، ل، فيها تقديم وتأخير.
[11] «بن سليمان» سقطت من ص، ل، ت.
[12] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 241) .(14/194)
سكن بغداد وحدث بها عن أبي خليفة وعبدان الأهوازي، وأبي يعلى الموصلي، وغيرهم من أهل الشام ومصر، كتب عنه بانتخاب الدارقطني.
أخبرنا عبد الرحمن، أخبرنا أحمد بن علي قال: قال محمد بن أبي الفوارس: أبو سليمان الحراني، كان مولده بحران، ثم انتقل إلى نصيبين، فأقام بها، وكان شيخًا ثقة مستورًا، حسن المذهب، توفي في يوم الثلاثاء لعشر بقين من رمضان سنة سبع وخمسين وثلاثمائة.(14/195)
ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
/ أنه جرى في يوم [1] عاشوراء ما جرت به عادة الشيعة من تعطيل الأسواق، وإقامة النوح وغير ذلك [2] وكذلك فعلوا في [يوم] [3] غدير خم.
وفي هذه السنة: وقع الغلاء، وبيع الكر بتسعين دينارًا، وكان الخبز يعدم. وورد الخبر بأن الروم دخلوا كفرتوثا، فسبوا وقتلوا ثمانمائة إنسان، ومضوا إلى حمص، فوجدوا أهلها قد انتقلوا عنها، فأحرقوها [4] ونكسوا في الثغور وسُبي نحو من مائة ألف إنسان [فارسي] [5] .
وفي جمادى الأولي خرج أبو عبد الله بن أبي بكر الآدمي القاري من منزله، وأخذ من [بعض] [6] الصيارف فوق من عشرة آلاف [7] درهم، وفقد أربعة أيام لم يعرف له خبر، فلما كان يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولي وجد ميتًا مطروحا في الصراة، بسراويله وخاتمه في إصبعه، وليس به جراحة، ولا أثر خنق، ولا غرق، وإنما طرح في الماء بعد أن مات.
__________
[1] في ص، ل: «أنه جرى يوم ... » .
[2] «وغير ذلك» سقط من ص، ل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] في الأصل: «وأحرقوها» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] في ص، ل: «فوق الألف درهم» .(14/196)
ودخل جوهر إلى مصر يوم الثلاثاء لثلاث [1] عشرة ليلة بقيت من [2] شعبان سنة ثمان وخمسين، وخطب لبني عبيد في الجامعين [3] بفسطاط مصر، وسائر أعمالها يوم الجمعة لعشر ليال بقين من شعبان هذه السنة، وكان الخاطب في هذا اليوم عبد السميع بن عمر العباسي [4] .
__________
[1] في الأصل: «لسبع لثلاث عشر» سهو.
[2] في نسخة الأصل: «بقيت من جمادى الأولي وجد ميتًا مطروحًا» ، وهذه قفزة نظر من الناسخ مع العبارة السابقة.
[3] في ص، ل، ت: «الجانبين» .
[4] في النسخة: ل على هامش الأصل بخط مختلف عن خط الأصل ما نصه:
ورد الخبر إلى المعز لدين الله بوفاة أمير أمير، وسير من في مصر يستحثونه لقدومه فبعث جوهر المعز يعزم فتحها، ورحل من المنصورة ومعه ألف حمل مال، ومن السلاح ما لا يوصف أو يعد. ووردت الأخبار بقدوم عال المغرب فاضطرب المصريون لذلك وطلبوا الأمان، وخرج رؤساء المصريين للقاء القائد جوهر على تروجه وأجمع مسلم ومن معه بالقائد جوهر، فأكرمه إكراما عظيما وكتب بما طلب من الأمان، وهذه نسخته:
بسم الله الرّحمن الرّحيم هذا كتاب جوهر القائد عبد أمير المؤمنين المعز لدين الله صلوات الله عليه لجمع أهل مصر والساكنين بها وبغيرها، فتحمدوا الله على ما آتاكم وتشكروه على ما حبا لكم وتسارعوا إلى الطاعة العاصمة لكم العائدة بالعادة عليكم أنه لم يكن إخراجه العال المنصورة والجيوش المظفرة إلا ما فيه إعزازكم وحمايتكم والجهاد عنكم ... واستطالت عليكم الأعداء واترا قلبه الحج الّذي تعطل للخوف المستوي عليهم، فلا يأجنون منها، وأمر بنشر العدل، وبسط الحق، وحسم الظلم، وقطع العلان، ونفي الأذى والمساواة في الحق، وإعانة المظلوم، ورفع على أنفسهم وأموالهم إذ لا زاجر للمعتدين ولا دافع للظالمين بكم بحويد البلد وحربها المعيار ... الميمونة، وقطع العير المظلوم، وحميد النظر وكريم الصحبة، وافتقاد الأموال وحياطة أهل البلد من ليلهم ونهارهم، وحسن تصرفهم في معايشهم حتى تجري أمورهم على السداد، وإقامة أودهم وإمداد بالهم، وجمع قلوبهم، وتأليف كلمتهم على طاعة أمير المؤمنين وأمر عبده بقطع الرسوم الجائرة عليهم، ورد المواريث إلى كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وأن يقدم من أم مساجدكم وتزيينها، وإعطاء مؤذنيها وقومتها ومن يؤم بالناس أرزاقهم، وأن يجرى فرض الأذان والصلاة وصيام شهر رمضان وفطره وقنوت لياليه والزكاة والحج والجهاد على ما أمر الله عز وجل في كتابه وسنة نبيه صلّى الله عليه وسلّم، وإجراء أهل الذمة على ما كانوا عليه، ولكم أمان الله التام الدائم أهل الذمة على ما كانوا عليه، ولكم أمانة الله التام الدائم المتصل الشامل المتالد على مرور الأيام في أنفسكم وأموالكم وأهليكم ونعمكم.(14/197)
وفي ذي الحجة نقل الأمير [عز الدولة] [1] معز الدولة من داره إلى تربة بنيت له في مقابر قريش.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر.
2679- الحسن بن علان بن إبراهيم بن مروان، أبو علي الخطاب الفامي
[2] .
ولد سنة أربع وثمانين [ومائتين] [3] وحدث عن أبي خليفة، وجعفر الفريابي، حدث عنه أبو نعيم، وقال: هو ثقة. وقال ابن أبي الفوارس: كان كثير الحديث ثقة مستورًا توفي في ذي الحجة/ من هذه السنة.
2680- الحسن بن محمد بن يحيى بن جعفر، أبو محمد العلوي
[4] .
حدث ببغداد فسمع منه ابن رزقويه [5] ، وأبو علي ابن شاذان [6] ، توفي في ذي وكتبت الشهود باليد، وسكن الشريف الناس بالأمان، ففتحت الدكاكين وقامت الأسواق، وسكنت الفتنة، وأحدث الناس التجهز للقاء القائد جوهر، فخرجوا إلى الجيزة فلقوه (كذا) فنادى مناديه لينزل الناس كلهم إلا الشريف والوزير، ونزل جوهر القائد موضع القاهرة واختط القصر، وكان موضعه بستانا عامرا أصلا (كذا) أن سير جوهر العال إلى الشام وأرسل القائد جوهر إلى المعز يهنئه بالفتح، ووصلت كتبه بإقامة الدعوة له بمصر والشام، ويدعوه إلى المسير إليه ففرح المعز فرحا شديدا.
وفي سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة بنى جوهر السور على القصور على عملها مدينة وسماها «المنصورة» ولما استقر سمّاها «القاهرة» ، والسور الّذي بناه، وسبب تسميتها القاهرة: أن جوهرا لما أراد بناء هذه المدينة للجند، فاختار طالعا بقول المنجمين وحفر الأساس ... قوائم بأجراس في حبال بين القوائم، وقالوا للعمال إذا تحركت الأجراس يرمون بأيديهم من الطين والحجارة، فوقف المنجمون ينتظرون تلك الساعة، فقعد غراب على قائمة من تلك القوائم، فتحركت الأجراس، فألقت الفعلة بأيديهم، فصاح المنجمون: القاهر في الطالع، وخانهم ما قصدوا، فوقع المريخ في الطالع وهو يسمى عند المنجمين «القاهر» . أهـ.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 399) .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 421) .
[5] في الأصل: «رزقونة» .
[6] في ص، ل: «شاذن» .(14/198)
الحجّة من [1] هذه السنة، [وروى أحاديث منكرة]
[2] .
2681- الحسن بن محمد بْن يحيى بْن الْحَسَن بْن جَعْفَر [3] بن أحمد بن كيسان، أبو محمد الحربي
[4] .
روى عن إسماعيل بن إسحاق القاضي، وغيره، روى عنه أبو علي بن شاذان، وأبو نعيم الأصبهاني، وقال: كان ثقة. توفي في شوال هذه السنة.
2682- حيدرة بن عمر [5] ، أبو الحسن الزندوردي
[6] .
أحد الفقهاء على مذهب داود بن علي الظاهري، توفي في جمادى الأولى من هذه السنة، ودفن في مقابر الخيزران.
2683- عبيد الله [7] بن أحمد بن محمد، أبو الفتح النحوي يعرف بجخجخ
[8] .
سمع البغوي، وابن دريد، روى عنه محمد بن أبي الفوارس، وكان ثقة، توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
2684- كافور الخادم
[9] استولى على مصر والشام بعد موت سيده، وكان سيده أبو بكر [محمد بن طغج] [10] الأخشيد، و [كان سيده الأخشيد] [11] قد اشتراه بثمانية عشر دينارًا، وهو الذي قصده المتنبي ومدحه، وقد تأملت مدائح المتنبي له فرأيت فيها الكلام موجها يحتمل
__________
[1] «ذي الحجة من» سقطت من ص، ل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] «يحيى بن الحسن بن جعفر» ساقط من ص، ل.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 422، وفيه:
«الحسن بن محمد بن أحمد بن كيسان، أبو محمد الحربي) .
[5] في الأصل: «حيدرة بن عمر بن عمر، أبو الحسن» .
[6] في الأصل، ص: «الزيدوردي» . انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 273) .
[7] في ت: «عبد الله» .
[8] في الأصل: «» . انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 358) .
[9] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 266) .
[10] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[11] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/199)
المدح ويحتمل الذم، ولعل المتنبي لعب بعقل ذلك [1] الخادم، فإن قوله:
قواصد كافور توارك غيره لا شك أن من يقصد شيئا فقد ترك غيره، ولا شك أن من [2] قصد البحر استقل السواقيا، ولكن من لنا [أنه أراد] [3] : أنك أنت البحر، وكذلك [4] قوله:
عدوك مذموم بكل لسان يحتمل: أنه لا يعاديك إلا مثلك، ومثلك مذموم. قوله:
للَّه سر في علاك، يحتمل: أن القضاء جرى بولاية مثلك، لا أنك تستحق [5] ، ويقوي هذا الظن أنه كان يخرج من عنده فيهجوه.
وقال أبو جعفر [6] بن مسلم بن طاهر/ العلوي ما رأيت أكرم من كافور، كنت أسايره يوما وهو في موكب خفيف يريد التنزه، وبين يديه عدة جنائب بمراكب ذهب وفضة، وخلفه بغال الموكب فسقطت مقرعته من يده، ولم يرها ركابيته [7] ، فنزلت عن دابتي وأخذتها من الأرض، ودفعتها إليه فقال: أيها الشريف، أعوذ باللَّه من بلوغ الغاية، ما ظننت أن الزمان يبلغني إلى أن تفعل بي أنت [8] هذا، وكاد يبكي فقلت: أنا صنيعة الأستاذ ووليه، فلما بلغ باب داره ودَّعني، فلما سرت التفت [9] ، فإذا [أنا] [10] بالجنائب والبغال كلها فقلت: ما هذا؟ قالوا: أمر الأستاذ أن يحمل [11] هذا إليك، فأدخلته داري، وكانت قيمته تزيد على خمسة عشر ألف دينار، ولي كافور مصر والشام اثنتين وعشرين سنة، وخطب فيها للعلويين، وتوفي في هذه السنة.
__________
[1] في الأصل: «ذاك» .
[2] في ص، ل: «ولا شك من قصد» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] في الأصل: «وكذا» .
[5] في الأصل: «مستحق» .
[6] في ص: «أبو بكر» .
[7] في الأصل: «ركابته» .
[8] في الأصل: «أن تفعل أنت بي» .
[9] «التفت» سقطت من ل.
[10] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[11] في ص، ل: «بحمل» .(14/200)
ثم دخلت سنة تسع وخمسين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه في يوم عاشوراء فعلت الشيعة ما هي عادتهم من تعطيل الأسواق، وإقامة النوح واللطم.
وورد الخبر في المحرم بأن الروم وردوا مع نقفور، فأحاطوا بسور أنطاكية، وملكوا البلد، وأخرجوا المشايخ والعجائز والأطفال من البلد، وقالوا لهم: امضوا حيث شئتم [1] ، وأخذوا الشباب من النساء والغلمان والصبيان. فحملوهم على وجه السبي، وكانوا أكثر من عشرين ألف [رجل] [2] وكان نقفور ملك الروم قد عَثَى [3] وقهر بلادًا كثيرة من بلاد الإسلام، وعظمت هيبته، وكان قد تزوج امرأة الملك الذي قبله على كره منها، وكان لها ابنان من الملك، فعمل نقفور على أن/ يخصيهما ويهديهما إلى البيعة [4] ليستريح منهما، ومن أن يكون لهما نسل للملك، فبلغ ذلك زوجته، فقلقت وأرسلت في أن يسيرا [5] إليها في زي النساء، ومعهما جماعة تثق بهم في مثل زيهما، وأوهمت زوجها أن نسوة من أهلها زاروها في ليلة الميلاد، فجاءوا وهو نائم، فقتلوه وأجلس في الملك الأكبر من ولديها.
__________
[1] في ص: «أردتم» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في الأصل: «عتا» .
[4] في الأصل: «للبيعة» .
[5] في أوصل: «يصيرا» .(14/201)
وفي ربيع الأول: صرف القاضي [أبو بكر] [1] أحمد بن سيار [2] عن القضاء في حريم دار السلطان، ورُدَّ إلى أبي محمد بن معروف.
وفي ربيع الآخر: ورد الخبر بأن الهجريين نادوا أن لا تخرج قافلة من البصرة إلى بلد هجر، ولا إلى الكوفة في البرية، ولا إلى مكة، فمن فعل ذلك فلا ذمام له.
ونقصت دجلة في هذه السنة نقصانًا مفرطًا، وغارت الآبار.
وفي ذي الحجة: انقض كوكب عظيم في أول الليل لَهُ شعاع [3] أضاءت منه الدنيا حتى صار كأنه شعاع الشمس، وسمع بعد [4] انقضاضه صوت كالرعد الشديد.
وحج بالناس أبو أحمد النقيب.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر.
2685- حبيب بن الحسن [5] بن داود [بن محمد] [6] بن عبد الله، أبو القاسم القزاز
[7] .
سمع أبا مسلم الكجي، والحسن بن علويه في جماعة، روى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وابن رزقويه [8] ، وأبو محمد وقال: كان ثقة.
أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب قال: حدثني الأزهري عن محمد بن العباس بن الفرات قال: كان حبيب القزاز مستورًا، دفن في الشونيزية، وذكر أن قومًا من الرافضة أخرجوه من قبره ليلًا وسلبوه كفنه، إلى أن أعاد له ابنه كفنًا، وأعاد دفنه.
وقال محمد بن أبي الفوارس: توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة، وكان ثقة مستورا/ حسن المذهب.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل: «شيار» .
[3] «له شعاع» سقطت من ص، ل.
[4] في ص، ل: «من» .
[5] في ت: «بن الحسين» .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 253) .
[8] في الأصل: «رزقونة» .(14/202)
2686-[طَلْحَة بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، أَبُو مُحَمَّد الصَّيْرَفيّ
[1] .
سَمِعَ الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن حبيب المقرئ، وقد روى عَنْهُ أبو نُعَيْم الأصبهاني، وكان صدوقًا، تُوُفّي في هذه السنة] .
2687- علي بن بندار بن الحسين، أبو الحسن
[2] .
صحب بنيسابور أبا عثمان، وأبا حفص، وبسمرقند محمد بن الفضل، وببلخ محمد بن حامد، وبجوزجان أبا علي الجوزجاني، وبالري يوسف بن الحسين، وببغداد الجنيد، ورويما، وسمنون، وابن عطاء، والجريري، وبالشام أبا عبد الله بن الجلاء [3] ، وبمصر الدقاق، والرُّوذباري، وروى الحديث، وكان يتكلم على مذهب الصوفية، وتوفي في هذه السنة.
2688- مُحَمَّد بن إبراهيم بن أحمد بن محمد الأستراباذي
[4] .
كتب [الحديث] [5] الكثير، وخرّج ودوّن الأبواب، والمشايخ، سمع جماعة، وتوفي في هذه السنة.
2689- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن الحسن بن إسحاق بن إبراهيم بن عبد الله، أبو علي بن الصواف
[6] ولد في شعبان سنة سبعين ومائتين، وسمع إسحاق بن الحسن الحربي، وبشر بن موسى، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وغيرهم، روى عنه الدارقطني، وغيره من المتقدمين ومن المتأخرين، وابن رزقويه [7] وابن بشران، وابن أبي الفوارس، وأبو نعيم الأصبهاني.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 350) .
[2] انظر ترجمته في: (طبقات الأولياء ص 137. وطبقات الصوفية 501) .
[3] في الأصل: «بن العلاء» .
[4] انظر ترجمته في: الأستراباذي: هذه النسبة إلى أستراباذ. (الأنساب 1/ 214) .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 219) .
[7] في الأصل: «رزقونة» .(14/203)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت [1] قال: سمعت محمد بن أبي الفوارس يقول: سمعت أبا الحسن الدارقطني يقول: ما رأت عيناي مثل [أبي علي] [2] بن الصواف، ورجل آخر بمصر لم يسمه أبو الفتح.
قال أبو الفتح: ومات لثلاث خلون من شعبان سنة تسع وخمسين وثلاثمائة، وله يوم مات تسع وثمانون سنة، وكان ثقة مأمونًا من أهل التحرز، ما رأيت مثله في التحرز.
2690- محارب بن محمد،
بن محارب أبو العلاء القاضي الفقيه [3] الشافعي [4] .
من ولد محارب بن دثار، حدَّث عن جعفر الفريابي وغيره، وكان ثقة/ عالمًا صدوقا.
وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
__________
[1] في الأصل: «الخطيب» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] «الفقيه» سقطت من ص، ل.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 13/ 276. والبداية والنهاية 11/ 269) .(14/204)
ثم دخلت سنة ستين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه في يوم عاشوراء فعلت الشيعة ما جرت به عادتهم من النوح، واللطم، وتعطيل الأسواق.
وورد كتاب أبي أحمد الحسين بن موسى نقيب الطالبين من مكة، بتمام الحج في سنة تسع وخمسين، وأنه لم يرد أحمد من قبل المغرب، وأن الخطبة أقيمت للمطيع للَّه وللهجريين من بعده، وأنه علَّق القناديل التي حملها معه خارج البيت، وكان واحد منها ذهب وزنه [1] ستمائة مثقال، والباقي فضة، مدة خمسة أيام حتى رآها الناس، ثم أدخلت إلى البيت، وأنه نصب الأعلام الجدد التي حُملت معه، وعليها اسم الخليفة.
وفي أول صفر: لحق المطيع للَّه [2] سكتة آل الأمر فيها إلى استرخاء جانبه الأيمن وثقل لسانه.
وفي جمادى الآخرة: ظهر جراد صغار، فنسفتها [3] الريح، فصارت دجلة [4] مفروشة به.
وفي شعبان: تقلد أبو محمد ابن معروف قضاء القضاة، وصرف أبو بكر ابن سيار
__________
[1] في الأصل: «زنته» .
[2] «للَّه» سقطت من ص، ل.
[3] في الأصل: «فسقته» .
[4] في ص، ل، ت: «فصارت الأرض» .(14/205)
عن الجانب الشرقي، وركب معه الوزير أبو الفضل الشيرازي، وكان هذا الوزير قد أطلق من حبسه، وخُلع عليه خلع [1] الوزارة، وقبل ابن معروف شهادة أبي سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي واستخلفه على الحكم من الجانب الشرقي، وقبل أيضًا شهادة أبي الحسن علي بن عيسى الرماني النحوي، ووثبت العامة بالمطهر بن سليمان في جامع المدينة، ونسبوه إلى القول بخلق القرآن.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر.
2691- سليمان بن أحمد الطبراني اللخمي
[2] ولخم قبيلة نزلت باليمن [3] وبالشام [وطبرية] [4] موضع بينه وبين بيت المقدس فرسخان، فيه ولد عيسى عليه السلام، يقال له: بيت لحم، بالحاء المهملة، كان سليمان من الحفاظ والأشداء في دين الله [تعالى] [5] وله الحفظ القوي، والتصانيف الحسان، وتوفي بأصبهان في هذه السنة، ودفن بباب مدينة أصبهان إلى جانب قبر حممة الدوسي صاحب النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
2692- عمر بن أحمد بن محمد [6] بن حمة، أبو حفص الخلال
[7] .
كان أحد الشهود المعدلين، وحدَّث عن جماعة وروى عنه ابن رزقويه [8] وكان ثقة، وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة.
2693- محمد [بن أحمد] [9] بن إبراهيم، أبو عبد الله الأصبهاني
[10] .
__________
[1] في الأصل: «خلعة» .
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 270) .
[3] في الأصل: «اليمن» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في ت: «محمد بن محمد بن حمة» .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 250) .
[8] في الأصل «رزقونة» .
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 271) .(14/206)
سكن بغداد، وحدث بها عن محمد بن علي بن مخلد، والحسن بن محمد الداركي، وغيرهما.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت قال: سألت أبا نعيم عن هذا الشيخ فقال: سمعت منه ببغداد وهو ثقة. قال أحمد: وحدثت عن أبي الحسن بن الفرات، قال توفي أبو عبد الله الأصبهاني في ذي القعدة سنة ستين وثلاثمائة، وكان ثقة جميل الأمر ذا هيئة [1] .
2694- محمد بن أحمد بن عثمان بن العنبر بن عثمان أَبُو عَبْد اللَّه [2] بن عبد الجبار، أبو نصر المروزي
[3] .
قدم بغداد، فحدث بها في سنة أربع وخمسين وثلاثمائة عن محمد بن خزيمة، وأبي العباس السراج وغيرهما، فروى عنه الدارقطنيّ، [وابن رزقويه، وكان ثقة]
[4] .
2695- مُحَمَّد بن جعفر بن مُحَمَّد بن الهيثم بن عمران بن يزيد، أبو بكر البندار، أنباري الأصل
[5] ولد في شوال سنة سبع وستين ومائتين، وقيل: ثمان وستين، وسمع من أحمد بن الخليل البرجلاني، ومحمد بن أبي العوام [6] الرياحي، وجعفر بن محمد الصائغ، وأبي إسماعيل الترمذي، وهو آخر مَنْ حدث عنهم.
أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب قال/: سألت البرقاني عن ابن الهيثم فقلت: هل تكلم فيه أحد؟ فقال لا، وكان سماعه صحيحًا بخط أبيه.
وقال محمد بن أبي الفوارس: توفي يوم عاشوراء فجأة، وكان عنده إسناد انتقى
__________
[1] في الأصل، ت: «داهية» .
[2] «أبو عبد الله» سقطت من ص، ل، ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 318) .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ل، ص، وأثبتناها من ت.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 150. والبداية والنهاية 11/ 270) .
[6] في الأصل «العرام» .(14/207)
عليه عمر البصري، وكان قريب الأمر فيه بعض الشيء، وكانت له أصول بخط أبيه جياد.
2696- محمد بن الحسين بن عبد الله، أبو بكر الآجري
[1] .
سمع أبا مسلم الكجي، وأبا شعيب الحراني، وجعفر الفريابي، وخلقا كثيرًا، وكان ثقة صدوقا دينًا، وله تصانيف كثيرة، وحدث ببغداد قبل سنة ثلاثين وثلاثمائة، ثم انتقل إلى مكة فسكنها إلى أن [2] مات بها في هذه السنة.
أخبرنا محمد بن أبي طاهر البزاز، عن أبيه قال: حكى لنا أبو سهل محمود بن عمر العُكْبري قَالَ: لما وصل أبو بكر الآجري إلى مكة استحسنها واستطابها، فهجس [3] في نفسه أن قال: اللَّهمّ أحيني في هذه [البلدة] [4] ولو سنة، فسمع هاتفًا يقول: يا أبا بكر، لم سنة؟ بل ثلاثين سنة فلما كان في سنة الثلاثين [سمع هاتفا يقول] [5] : يا أبا بكر قد وفينا بالوعد، فمات تلك السنة.
2697- محمد بن جعفر بن محمد بن مظفر، أبو عمرو الزاهد
[6] .
سمع الكثير ورحل إلى البلاد، وكان له ضبط وإتقان وورع، فسمع [7] بنيسابور إبراهيم بن أبي طالب، ونظراءه، وبالري محمد بن أيوب البجلي، وأقرانه، وببغداد جعفر الفريابي وأمثاله، وبالكوفة عبد الله بن محمد بن سوار وطبقته، وبالبصرة أبا خليفة القاضي، وبالأهواز عبدان بن أحمد، وبالحجاز أحمد بن يزيد وأقرانه، [8] وروى عنه حفاظ نيسابور [9] وكان صابرا على الفقر، وكان يتجمل بثياب للجمعات [10] ، ثم ينصرف
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 243، والبداية والنهاية 11/ 270) .
[2] في الأصل «حتى مات» .
[3] في ص، ل: «فتحسن» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في الأصل «أبو عمر الزاهد» خطأ. انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 271) .
[7] في الأصل «سمع» .
[8] في الأصل «وأقرانهم» .
[9] من ص، ل، ت: «عنه الحفاظ» .
[10] في الأصل «الجمعات» .(14/208)
فيلبس فروًا في الشتاء، ويقعد في مسجده، فيعمل ما فيه [1] مصالح الفقراء، ويضرب اللبن لقبورهم، ويأكل رغيفا بجزرة أو بصلة، ويحيي الليل.
توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة وهو ابن خمس وتسعين سنة.
2698- محمد/ بن داود، ابو بكر الصوفي، ويعرف بالزقي
[2] .
أصله من الدينور، وأقام ببغداد مدة، ثم انتقل إلى دمشق فسكنها، وتوفي بها في جمادى الأولى من هذه السنة، وقرأ على ابن مجاهد، وسمع الحديث من محمد بن [3] جعفر الخرائطي، وصحب أبا عبد الله بن الجلاء، والدقاق، وعمَّر فوق المائة سنة.
2699- محمد بن صالح بن علي بن يحيى، أبو الحارث الهاشمي، يعرف بابن أم شيبان، وهو أخو [4] القاضي أبي الحسن محمد بن صالح، وكان الأصغر
[5] .
سمع يحيى بن صاعد وغيره، ودرس فقه مالك، وحدث بخراسان، ودخل بخارا [فقلّد قضاء نسا] [6] وتوفي ببغداد، وقيل: ببخارى في هذه السنة.
2700- محمد بن الفرخان [7] بن روزبه، أبو الطيب الدوري
[8] .
قدم بغداد، وحدَّث بها عن أبيه أحاديث منكرة، وروى عن الجنيد، وابن مسروق، وكان فيه ظرف ولباقة، غير أنهم يتهمونه بوضع الحديث.
__________
[1] في الأصل «مما فيه» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 266، والبداية والنهاية 11/ 271) .
وفي الأصل «يعرف بالرقي» ، وما أثبتناه من تاريخ بغداد.
[3] «بن محمد» سقطت من ص.
[4] في الأصل «وهو أخي» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 362) .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] في الأصل «الفركان» وفي ت: «الفرخان» وهو ما أثبتناه.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 3/ 167، والبداية والنهاية 11/ 271) .(14/209)
ثم دخلت سنة إحدى وستين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه عمل ببغداد ما قد صار الرسم به جاريا في كل يوم عاشوراء من غلق الأسواق، وتعطيل البيع والشراء، وتعليق المسوح.
وانقض في ليلة الأربعاء تاسع صفر كوكب عظيم له دوي كدوي الرعد.
وفي جمادى الآخر: مات أبو القاسم سعيد بن أبي سعيد الجنابي بهجر [1] ، وقام من بعده بالأمر [2] أخوه أبو يعقوب يوسف، ولم يبق من أولاد أبي سعيد الجنابي غيره، وعقد القرامطة الأمر بعد أبي يعقوب لستة نفر من أولادهم شركة بينهم.
وفي هذه السنة: وردت كتب الحاج بأن بني هلال اعترضهم، فقتلوا خلقا كثيرًا، فتعطل [3] الحج، ولم يسلم إلا من مضى مع الشريف/ أبي أحمد الموسوي على طريق المدينة وتم حجهم [4] .
__________
[1] «بهجر» سقطت من ص.
[2] في الأصل «بالأمر من بعده» .
[3] في ص، ل، ت: «فبطل الحج» .
[4] على هامش النسخة ل ما نصه:
وفي سنة إحدى وثلاثين سار المعز لدين الله من القيروان بعد أن وفي جميع أعمال المغرب لمن يثق بهم، وسير جوهر إليه أبا جعفر أحمد بن نصر بالهدايا من مصر، ووفد إليه القاضي أبو طاهر ومعه التجار ووجوه الناس، ونزل المعز بقرية بولاق لليلتين خلتا من شهر رمضان فأقام بها وخرج الناس وجماعة الأشراف ووجوه أهل الملل، ودخل المعز والمظلة على رأسه، وتقدم الناس كلهم إليه وسلموا عليه(14/210)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2701- عثمان بن عمر [1] بن خفيف، أبو عمرو [2] المقرئ، المعروف بالدراج
[3] .
حدث عن أبي بكر بن أبي داود، روى عنه ابن رزقويه [4] ، وكان من أهل القرآن والفقه والديانة والستر، جميل المذهب.
__________
[ () ] واحدا واحدا حتى فرغوا وهو واقف على دابته، وخطب الحسن بن زولاق بين يديه خطبة أصغى إليها ولم يزل واقفا حتى فرغ منها وهي:
الحمد للَّه رب العالمين. والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين الجاحدين العاصين وصلى الله على خير امرئ دعا إلى خير دين، محمد سيد المرسلين وعلى أهل بيته الطاهرين على رغم أنف الراغمين (إِنَّما يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً 33: 33، ... قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ في الْقُرْبى) 42: 23 ولقد اخترناهم على علم على العالمين، السلام على أمير المؤمنين المعز لدين الله، السلام على الإمام المنتظر، السلام عليك يا مهدي الأمة، السلام عليك يا خليفة رب العالمين، السلام عليك يا صاحب الزمان، وصاحب السر والإعلان، فضائلك أكثر من أن تحصى، أنتم أهل البيت، وفيكم نزل القرآن، وبكم ظهر الإيمان، وبكم رجم الشيطان، وبكم اضمحلت الأباطيل، وبكم افتخر على الملائكة جبريل.
ففرح قائلا: من مثلي وأنا ابن بيت آل محمد جبريل خادمكم، ميكائيل زائركم، رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت انه حميد مجيد، إليك أمير المؤمنين خرجنا منها مهاجرين، وإلى بيعتك جئت ...
عمالك مفتبسين، ولعبدك جوهر شاكرين أتقنّا مصنفات علمك، فنشرناها في العالمين وبثثناها في أمصار المسلمين، وشرفنا بها على الناس أجمعين، فصلى الله علينا وعلى الناس، ولكن أكثر الناس لا يشكرون.
ثم سار المعز والشريف يحدثه، وخرج إليه سائر الرعية واليهود والنصارى وزينت البلد ولم ير أحد راكبا، إلا النعمان بن محمد القاضي. ودخل القاهرة، ودخل قصره، ولما بلغ الأدوار ... للَّه تعالى ودخل إليه القضاة والعلماء وسائر الرعية لتهنئته، ومدحه الشعراء، وكانت من دخول جوهر ديار مصر إلى أن قدم المعز: أربع سنين وعشرين يوما، وكان يطالعه بالأحوال شيئا فشيئا.
وفي سنة إحدى وستين وثلاثمائة بنى جوهر القائد الجامع المعروف بالأزهر بالقاهرة. أهـ.
[1] في الأصل، ص، ل، ت: «عثمان بن عثمان» خطأ. وما أثبتناه في تاريخ بغداد، والأنساب للسمعاني
[2] في الأصل «أبو عمر» .
[3] «بفتح الدال المهملة والراء المشددة وفي آخرها الجيم» (الأنساب 5/ 292) .
انظر ترجمته في: (الأنساب 5/ 292. وتاريخ بغداد 11/ 305. والبداية والنهاية 11/ 272) .
[4] في الأصل «رزقونة» .(14/211)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي قال: قال لي البرقاني: كان عثمان بدلا من الأبدال، قال: وذكر [لي] [1] أنه قال يوما في مرضه الذي توفي [2] فيه لرجل كان يخدمه: امض فصل، ثم ارجع سريعًا، فإنك تجدني قد مت، وكانت صلاة الجمعة قد حضرت، فمضى الرجل إلى الجامع وصلى الجمعة [3] ، ورجع إليه بسرعة [4] ، فوجده قد مات، تُوُفّي الدّراج [5] فِي رمضان هَذِهِ السَّنَة.
2702- علي بن إسحاق بن خلف، أبو الحسن القطان، الشاعر المعروف بالزاهي [6] ، مليح الشعر.
أخبرنا أبو منصور [7] القزاز، أخبرنا الخطيب قال: أنشدنا التنوخي قال: أنشدني محمد بن عبيد الله بن أحمد الكاتب قال: أنشدني علي بن إسحاق بن خلف لنفسه [8] :
قم نهنئ عاشقين ... أصبحا مصطلحين
جمعا بعد فراق ... فجعا منه ببين
ثم عادا في سرور ... من صدود آمنين
فهما روح ولكن ... ركبا في بدنين
2703- محمد [بن الحسن] [9] بن سعيد بن الخشاب [10] ، أبو العباس الصوفي
[11] .
سمع الحديث الكثير، وله حكايات عن أبي جعفر الفرغاني، وأبي بكر الشبلي،
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل «مات» .
[3] «وصلى الجمعة» سقطت من ص، ل.
[4] في الأصل «تسريعا» .
[5] في الأصل «السراج» خطأ.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 350، والبداية والنهاية 11/ 272) .
[7] «أبو منصور» سقطت من ص.
[8] في الأصل «ابن إسحاق» .
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[10] في ص: «ابن سعيد الخشاب» .
[11] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 190) .(14/212)
روي عنه السلمي، والحاكم أبو عبد الله، وكان قد نزل نيسابور، ثم خرج إلى مكة، فتوفي بها في هذه السنة.
2704- محمد بن حميد بن سهيل
[1] [بن إسماعيل] [2] بن شداد، أبو بكر المخرمي [3] .
سمع أبا خليفة الفضل بن الحباب، وجعفر الفريابي، وابن جرير في آخرين، روى عنه الدارقطني، وابن رزقويه [4] ، وأبو نعيم، قال أبو بكر البرقاني: هو ضعيف، وقال محمد بن أبي الفوارس: كان فيه تساهل شديد وشدة [5] .
توفي [6] في ربيع الأول من هذه السنة.
__________
[1] من ص «ابن سهل» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 264) .
[4] في الأصل «رزقونة» .
[5] من ص، ل: «تساهل وشرة» .
[6] في الأصل «مات» .(14/213)
ثم دخلت سنة اثنتين وستين وثلاثمائة فمن الحوادث فيها:
[دخول جموع الروم إلى بلاد الإسلام]
دخول جموع الروم إلى بلاد الإسلام، فإنهم دخلوا نصيبين واستباحوا، وقتلوا كثيرا من رجالها، وسبوا من نسائها وصبيانها، وأقاموا بها نيفًا وعشرين يومًا، وغلبوا على ديار ربيعة بأسرها، وورد إلى بغداد خلق كثير من أهل تلك البلاد، فاستقروا [1] في الجوامع، وكسروا المنابر، ومنعوا الخطبة، وحاولوا الهجوم على دار المطيع للَّه، واقتلعوا بعض شبابيكها، حتى غلقت أبوابها، ورماهم الغلمان بالنشاب من رواشنها وحيطانها، وخاطبوه بما نسبوه فيه إلى العجز عن ما أوجبه الله على الأئمة، وأفحشوا القول، ووافق ذلك شخوص [2] عز الدولة من واسط للزيارة، فخرج إليه أهل الستر والصيانة من أهل بغداد، منهم: أبو بكر الرازي الفقيه، وأبو الحسن علي بن عيسى النحوي، وأبو القاسم الداركي، وابن الدقاق الفقيهان، وشكوا إليه ما طرق المسلمين من هذه الحادثة، فوعدهم بالغزو، واستنفر الناس [3] ، فخرج من العوام عدد الرمل/ ثم أنفذ [4] جيشًا، فهزم الروم، وقتل منهم خلق كثير، وأسر أميرهم، وجماعة من بطارقته، وأنفذت رءوس القتلى إلى بغداد، وكتب معهم كتاب إلى المطيع يبشر بالفتح.
__________
[1] في ص: «فانتشروا» . وفي ل: «فاستنفروا» .
[2] في الأصل «سحر» .
[3] في الأصل «للناس» .
[4] في ص، ل، ت: «نفذ» .(14/214)
وفي شهر رمضان: قتل رجل من صاحب المعونة في الكرخ، فبعث أبو الفضل الشيرازي، وكان قد أقامه معز الدولة مقام الوزير، في [1] طرح النار من النخاسين إلى السماكين، فاحترقت أموال عظيمة، وجماعة من الرجال والنساء والصبيان في الدور والحمامات، فأحصى ما احترق فكان سبعة عشر ألف وثلاثمائة دكان، وثلاثمائة وعشرين دارًا، أجرة ذلك في الشهر ثلاثة وأربعون ألف دينار، ودخل في الجملة ثلاثة وثلاثون مسجدًا.
فقال رجل لأبي الفضل: أيها الوزير، أريتنا قدرتك، ونحن نأمل من الله [2] تعالى أن يرينا قدرته فيك. فلم يجبه، وكثر الدعاء عليه، ووزر [3] بعد معز الدولة لابنه عز الدولة، بختيار [4] فقبض عليه، وسلَّمه للشريف أبي الحسن محمد بن عمر العلوي، فأنفذه إلى الكوفة، فسقى ذراريح [5] ، فتقرحت مثانته، فمات في ذي الحجة من هذه السنة.
وفي يوم الجمعة الثامن من شهر رمضان: دخل أبو تميم معد بن إسماعيل، الملقب بالمعز لدين الله مصر [6] ، ومعه توابيت آبائه، وكان قد مهد له أبو الحسن جوهر الأمور، وأقام له الدعوة، وبنى له القاهرة، فنزلها وكان جوهر قد دخل إلى مصر سنة ثمان وخمسين، ووطأ الأمر للمعز، وأقام له الخطبة.
وخلع المطيع في هذه السنة على أبي طاهر بن بقية وزير عز الدولة بختيار، ولقبه الناصح، وكان واسع النفس، وكانت وظيفته كل يوم من الملح [7] ألف رطل، وراتبه من الشمع في كل شهر ألف منٍّ [8] وكان عز الدولة/ قد استوزر أبا الفضل العباس بن
__________
[1] في الأصل «من طرح» .
[2] في ص، ل: «ونحن نؤمل الله تعالى» .
[3] في الأصل «ووز» .
[4] «بختيار» سقط من ص، ل.
[5] في الأصل «دراريح» .
[6] في الأصل «مضر» .
[7] في الأصل «من الثلج كل يوم» .
[8] في ص، ل: «منا» .(14/215)
الحسين الشيرازي صهر المهلبي في سنة سبع وخمسين، فبقي في وزارته سنتين وشهرين وثلاثة أيام، وعزله بأبي الفرج محمد بن العباس بن فسانجس، فوزر [1] له ثلاثة عشر شهرًا، وعشرة أيام، ثم أعاد أبا الفضل إلى الوزارة فعادى [2] الناس، وأحرق الكرخ، فكثر [3] الدعاء عليه، فقبض عليه [4] بختيار. قيل: وكان أبو الحسن محمد بن محمد بن بقية يخدم في مطبخ معز الدولة، وينوب عنه أخوه أبو طاهر بن بقية، ثم خدم عز الدولة في مطبخه، وارتفع أمره إلى أن احتاج إليه الوزير أبو الفضل في حفظ غيبه عند عز الدولة، ثم ضعف أمر الوزير أبي الفضل، ثم هلك فقلد عز الدولة وزارته أبا طاهر ابن بقية فقال الناس: من الغضارة إلى الوزارة، وكان كريما يغطي كَرَمُهُ عُيُوبَهُ، ووزر له أربع سنين وأحد عشر يوما، وسمله [5] عضد الدولة، وقتله وصلبه، وهو ابن نيف وخمسين سنة.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2705- إبراهيم بن محمد بن سختويه [6] بن عبد الله أبو إسحاق المزكي النيسابورىّ
[7] .
سمع بنيسابور [8] محمد بن إسحاق بن خزيمة، ومحمد بن إسحاق السراج وغيرهما، وسمع من عبد الرحمن بن أبي حاتم وغيره، وببغداد من أبي حامد الحضرمي وطبقته، وبالحجاز من أبي عبيد الله الجيزي [9] ونظرائه، وبسرخس من محمد بن عبد الرحمن الدغولي وأقرانه، وكان ثقة ثبتًا، مكثرا [مواصلا] [10] للحج، انتخب عليه
__________
[1] في الأصل «ووزر» .
[2] في ص، ل: «فصادر» .
[3] في الأصل «وكثر» .
[4] «وعليه» سقطت من ص، ل.
[5] في ص، ل، المطبوعة: «وتسلمه» .
[6] في الأصل «ابن سختونة» .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 168 والبداية والنهاية 11/ 274، 275) .
[8] «بنيسابور» سقط من ص، ل.
[9] في الأصل «الخبزي» وفي ص: «أبي عبيد الحيريّ» .
[10] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/216)
ببغداد أبو الحسن الدارقطني، وكتب الناس بانتخابه علما كثيرًا، وروى كتبًا كبارًا.
وقد أخبرنا أبو القاسم بن الحصين [1] عن أبي طالب بن غيلان [عنه] [2] . أخبرنا عبد الرحمن [بن محمد] [3] القزاز، أخبرنا أحمد بن على بن ثابت/ حدثنا الحسين بن أحمد بن عثمان [4] بن شيطا قال: سمعت إبراهيم المزكي يقول: أنفقت على الحديث بدرًا من الدنانير، وقدمت بغداد في سنة ست عشرة لأسمع من ابن صاعد، ومعي خمسون ألف درهم بضاعة، فرجعت إلى نيسابور ومعي أقل من ثلثها، انفقت ما ذهب منها على أصحاب الحديث.
أخبرنا أبو منصور [5] القزاز، أخبرنا أحمد بن على بن ثابت قال: أخبرني محمد بن علي المقرئ، عن محمد بن عبد الله الحافظ قال: كان إبراهيم بن محمد المزكي من العباد المجتهدين الحجاجين المنفقين [6] على العلماء، والمستورين، عقد له الإملاء بنيسابور سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، وهو أسود الرأس واللحية، وزكى في تلك السنة، وكنا نعد في مجلسه أربعة عشر محدثا منهم أبو العباس الأصم، وتوفي بسوسنقين [7] ليلة الأربعاء غرة شعبان سنة اثنتين وستين وثلاثمائة [8] ، وحمل تابوته فصلينا عليه، ودفن في داره وهو يوم مات ابن سبع وستين سنة، وسوسنقين [9] منزل بين همذان وساوة.
2706- الحسين بن عمر بن أبي عمر القاضي، أبو محمد بن أبي الحسين
[10] .
__________
[1] في الأصل «الخطين» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] في الأصل «أحمد بن عمر» وكذا من ص، ل.
[5] «أبو منصور» سقطت من ص.
[6] في الأصل «الحاجين المتقنين» .
[7] في الأصل «بسنوقين» . ومن ص: «بسونقين» .
[8] في الأصل كتب بعد «ثلاثمائة» : «ثم صرفه وقدم» وهي قفزة نظر من الناسخ، فهذه العبارة موجودة بعد كلمة «ثلاثمائة» من الترجمة التالية.
[9] في الأصل «سنوقين» .
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 81) .(14/217)
ولاه الراضي قضاء مدينة المنصور، وهو حدث السن، ثم ولي المتقي، فأقره على ذلك إلى جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، ثم صرفه فقدم أصبهان، وحدَّث عن البغوي، وابن صاعد، وولي قضاء يزد، وتوفي بها.
2707- سعيد بن القاسم بن العلاء بن خالد، أبو عمر البرذعي
[1] .
قدم بغداد، وحدث بها عن جماعة، فروى عنه الدارقطني، وكان أحد [2] الحُفَّاظ، كتب عن يحيى بن محمد بن منده، وطبقته، وتوفي في هذه السنة.
2708- السري بن أحمد بن السري، أبو الحسن الكندي الرفاء الموصلي الشاعر
[3] .
له معان حسان، وهو مجود، وله مدائح في سيف الدولة وغيره/ من أمراء بني حمدان، وكان بينه وبين الخالديين أبي بكر وأبي عثمان، محمد وسعيد أهاجٍ كثيرة، فبالغا في أذاه، وقطعا رسمه [4] من سيف الدولة وغيره، فانحدر إلى بغداد، ومدح الوزير أبا محمد المهلبي، فانحدر الخالديان وراءه، ودخلا على المهلبي، وثلبا وحصلا [5] في جملة منادميه وجعلا [هجيراهما] [6] ثلبه، فآل به الأمر إلى عدم القوت، وركبه الدين، ومات ببغداد.
2709- عبد الملك بن الحسن بن يوسف، أبو عمرو المعدل، ويعرف بابن السقطي
[7] .
سمع أبا مسلم الكجي، ويوسف القاضي، وجعفر الفريابي، والبغوي، روى عنه أبو نعيم الحافظ، وأبو علي بن شاذان، وكان ثقة، ولم يزل مقبول الشهادة عند القضاة،
__________
[1] في الأصل: «البردعي» .
انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 110، والبداية والنهاية 11/ 275) .
[2] في المطبوعة: «إحدى» خطأ.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 194، والبداية والنهاية 11/ 274) .
[4] من ص، ل، والمطبوعة: «اسمه» .
[5] في الأصل «ثلباه وجعلا» .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 430) .(14/218)
وكتب الناس عنه بانتخاب الدارقطني، وتوفي في ربيع الآخر [1] من هذه السنة، وقد [2] بلغ خمسا وثمانين سنة.
2710- محمد بن أبي الحسن بن كوثر بن علي، أبو بحر البربهاري
[3] .
حدث عن محمد بن الفرج الأزرق، ومحمد بن غالب التمتام، وإبراهيم الحربي، والباغندي، والكديمي، وغيرهم. روى عنه ابن رزقويه [4] والبرقاني، وأبو نعيم، وانتخب عليه الدارقطني، وقال: اقتصروا على [5] حديث أبي بحر على ما انتخبته، فقد كان له أصل صحيح، وسماع [صحيح] [6] ، وأصل رديء، فحدث بذا وبذاك [7] فأفسده.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْن علي بْن ثابت، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر البرقاني قال: سمعت من أبي بحر، وحضرت عنده يوما فقال [8] ابن السرخسي:
سأريكم أن الشيخ كذاب، وقال لأبي بحر: أيها الشيخ، فلان بن فلان كان ينزل في الموضع الفلاني هل سمعت منه؟ قال أبو بحر: نعم، قد سمعت منه. قال أبو بكر:
وكان ابن السرخسي قد اختلق ما سأله عنه [9] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ مُحَمَّدٍ] [10] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ [11] قَالَ: قرأت
__________
[1] في ص، ل، ت: «الأول» .
[2] في ص، ل: «وقيل» .
[3] في الأصل «النوباذي» .
انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 275) .
[4] في الأصل «رزقونة» .
[5] في الأصل «على حديث» .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] «بذاو» سقطت من ص، ل، ت.
[8] في الأصل «وقال لنا» .
[9] في ص: «قد اخترق ما سأله عنه» وفي الأصل: «قد اختلق ما قال عنه» .
[10] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[11] «بن ثابت» سقطت من ص، ل.(14/219)
على البرقاني، وحدثنا [1] عن أبي بحر فقال: خرَّج عنه أبو الفتح بن/ أبي الفوارس [في الصحيح. قلت له! كذلك فعل أبو نعيم الحافظ. فقال أبو بكر: ما يساوي أبو بحر عندي كعبًا. ثم سمعته ذكره مرة أخرى فقال: كان كذابا. وقال ابن أبي الفوارس] [2] : كان مخلطا وقال أبو الحسن بن الفرات: ظهر منه في آخر عمره أشياء منكرة، منها: أنه حدَّث عن يحيى بن أبي طالب، وعبدوس المدائني، فغفله قوم من أصحاب الحديث، فقروا ذلك عليه [3] ، وكانت له أصول جيدة، فخلط [4] ذلك بغيره، وغلبت الغفلة عليه.
وتوفي في هذه السنة.
__________
[1] في الأصل «حديثا» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في الأصل: «عليه ذلك» .
[4] في المطبوعة: «فحلط» .(14/220)
ثم دخلت سنة ثلاث وستين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
[تقليد أبى الحسن محمد بن صالح ابن أم شيبان قضاء القضاة]
أنه تقلد أبو الحسن محمد بن صالح ابن أم شيبان الهاشمي قضاء القضاة، صارفًا لأبي محمد بن معروف، وكان أبو محمد قد طولب ببيع دار أبي منصور الشرابي على أبي بكر الأصبهاني الحاجب، فامتنع فقيل له: إن الوكيل الذي نصبه [1] المطيع يبيع ذلك، وليس يراد [2] منك إلا سماع الشهود والإسجال بها، فامتنع وأغلق بابه، وسأل الإعفاء عن [3] القضاء فخوطب أبو الحسن بن أم شيبان فامتنع، فألزم فأجاب، وشرط لنفسه [4] شروطا منها: أنه لا يرتزق عن الحكم، ولا يخلع عليه، ولا يأمر [5] ما لا يوجبه حكم، ولا يشفع إليه في إنفاق حق وفعل ما لا يقتضيه شرع، وقرر لكاتبه في كل شهر ثلاثمائة درهم، ولحاجبه مائة وخمسون درهمًا [6] ، وللفارض [7] على بابه مائة درهم، ولخازن دار الحكم والأعوان ستمائة درهم، وركب إلى دار المطيع حتى سلم إليه عهده، وركب من غد إلى المسجد الجامع، فقرئ فيه عهده وتولي إنشاءه أبو منصور أحمد بن عبد الله الشيرازي، وهو يومئذ صاحب ديوان الرسائل [و] نسخته [8] :
__________
[1] في الأصل: «قبضه» .
[2] في الأصل: «يريد» .
[3] في الأصل: «من القضاء» .
[4] في الأصل: «على نفسه» .
[5] في الأصل: «لا يسأم» .
[6] في الأصل: «مائة درهم وخمسون» .
[7] في الأصل: «للقاضي» .
[8] في الأصل: « ... الرسائل نسخته» .(14/221)
بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما عهده [1] عبد الله الفضل الإمام المطيع للَّه أمير/ المؤمنين إلى محمد بن صالح الهاشمي حين دعاه [2] إلى ما يتولاه من القضاء [3] من أَهْل [4] مدينة المنصور، والمدينة الشرقية من الجانب الغربي، والجانب الشرقي [5] ومدينة السلام، والكوفة، وشقي الفرات، وواسط، وكوخى، وطريقي الفرات ودجلة، وطرق [6] خراسان، وقرميسين، وحلوان، وديار مضر و [ديار] [7] ربيعة، وديار بكر، والموصل، والحرمين، واليمن، ودمشق، وحمص، وجند قنسرين، والعواصم، ومصر، والإسكندرية، وجندي فلسطين، والأردن، وأعمال ذلك كلها، وما يجري [مع] [8] ذلك من الإشراف على ما يختاره لنقابة العباسيين بالكوفة، وشقي الفرات، وأعمال ذلك، وما قلده إياه من قضاء القضاة وتصح [9] أحوال الحكام واستشراف ما يجري عليه أمر [10] الأحكام من سائر النواحي، والأمصار، والبلاد، والأقطار التي تشتمل عليها المملكة، وتنتهي إليها الدعوة، وإقرار من يحمد هديه، وطريقته واستبدال من يذم سمته وسجيته، نظرا منه للكافة، واحتياطًا للخاصة والعامة، وحنوا على الملة والذمة عن علم أنه المقدم في بيته، وشرفه، المبرز في عفافه وظلفه، المزكَّى في دينه وأمانته، الموصوف في ورعه ونزاهته، المشار إليه بالعلم والحِجَى، المجمع عليه في الحكم [11] والنهى، البعيد من
__________
[1] في الأصل: «ما عهد» .
[2] في ص، ل: «دعا» .
[3] في ص، ل: «ما يتولاه القضاء» .
[4] في ص، ل: «في مدينة المنصور» .
[5] في ص، ل: «من مدينة السلام» .
[6] في ص، ل: «طرقي» .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[9] في ص، ل: «وتصلح» .
[10] في الأصل: «ما يجري عليه من الأحكام» .
[11] في ص، ل: «الحلم» .(14/222)
الأدناس، اللابس من النقاء [1] أجمل لباس النقي، الجيب المحبور بصفاء الغيب، العالم بمصالح الدنيا، العارف بما يفيد سلامة العقبي، أمره بتقوى الله، فإنها الْجُنَّة الواقية، وأن يجعل كتاب الله في كل ما يعمل فيه رويته، ويرتب عليه حكمه وقضيته/ إمامه الذي يفزع إليه، وعماده الذي يعتمد عليه، وأن يتخذ سنة مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مطلوبا يقصده [2] ، ومثالا يتبعه، وأن يراعي الإجماع، وأن يقتدي بالأئمة الراشدين، وأن يعمل اجتهاده فيما لا يوجد فيه كتاب ولا سنة ولا إجماع، وأن يحضر مجلس قضائه من يستظهر بعلمه ورأيه، وأن يسوي بين الخصمين إذا تقدما إليه في لحظه ولفظه، ويوفي كلا منهما نصيبه من إنصافه وعدله، حتى يأمن الضعيف من حيفه، وييأس القوي من ميله، وأمره أن يشرف على أعوانه وأصحابه ومن يعتمد عليه من أمنائه وأسبابه إشرافًا يمنع من التخطي إلى السيرة المحظورة [3] ، ويدفع [4] عن الإشفاف [5] إلى المكاسب المحظورة [6] ، فذكر من هذا الجنس كلاما طويلا.
وفي هذه السنة: تقلد أبو محمد عبد الواحد الفضل بن عبد الملك الهاشمي [7] نقابة العباسيين وصرف القاضي أبو تمام الزينبي منها [8] .
وفيها: ظهر ما كان المطيع يستره من مرضه، وتعذر الحركة عليه، وثقل لسانه لأجل فالج ناله قديما فدعاه سبكتكين حاجب معز الدولة إلى خلع نفسه، وتسليم الأمر إلى ولده [9] الطائع، ففعل ذلك، وعقد له الأمر في يوم الأربعاء لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة ثلاث وستين، فكانت خلافة المطيع إلى أن خلع نفسه، وسلّم
__________
[1] في الأصل: «التقي» .
[2] في ص، ل: «بقصده» .
[3] في الأصل: «المحضورة» .
[4] في الأصل: «ويمنع» .
[5] في الأصل: «الإسفاف» .
[6] في الأصل: «المحضورة» .
[7] «الهاشمي» سقطت من ص، ل.
[8] في الأصل: «الوقفي عنها» .
[9] في الأصل: «لولده» .(14/223)
الخلافة [1] إلى ولده تسعا وعشرين سنة وأربعة وعشرين يوما فكتب:
هذا ما أشهد على متضمنه أمير المؤمنين الفضل المطيع للَّه حين نظر لدينه ورعيته، وشغل بالعلة الدائمة عن ما كان يراعيه من الأمور الدينية اللازمة، وانقطع إفصاحه عن بعض ما يجب للَّه عز وجل في ذلك فرأي اعتزال ما كان إليه من هذا الأمر، وتسليمه إلى ناهض به، / قائم بحقه ممن [2] يرى له الرأي، عقده له وأشهد بذلك طوعًا في يوم الأربعاء الثالث عشر من ذي القعدة سنة ثلاث وستين وثلاثمائة، فكتب فيه القاضي محمد بن صالح:
شهد عندي بذلك أحمد بن حامد بن محمد بْن عُمَر [3] ، وعمر بن محمد بن أحمد، وطلحة بن محمد بن جعفر، وكتب محمد بن صالح.
وقد أنبأنا جماعة من أشياخنا عن أبي منصور بن عبد العزيز قال: كان المطيع بعد أن خلع يسمى: الشيخ الفاضل.
__________
[1] في الأصل: «الأمر» .
[2] في ل: «بمن» .
[3] «بن عمر» سقطت من ص، ل.(14/224)
باب ذكر خلافة الطائع للَّه عز وجل
اسمه عبد الكريم بن المطيع للَّه، ويكنى: أبا بكر، وأمه أم ولد، اسمها: عتب، أدركت خلافته، وقد ذكرنا أن المطيع خلع نفسه غير مستكره، وولي الطائع في اليوم الذي خلع فيه المطيع [1] نفسه، وكان سنه يوم وُلَّيَ ثمان وأربعين سنة، وقيل: خمسين، ولم يل الأمر أكبر سنا منه، ولا من له أب حي سوى أبي بكر الصديق، والطائع، وكلاهما يكنى: أبا بكر، وكان أَبُو بكر [2] الطائع أبيض، أشقر حسن الجسم، شديد القوة، وفي رواية: أنه كان في دار الخلافة أيل عظيم، فكان يقتل بقرنه الدواب والبغال، ولا يتمكن أحد من مقاومته فاجتاز الطائع للَّه فرآه وقد شق راويه [3] فقال للخدم:
امسكوه، فسعوا خلفه حتى ألجئوه إلى مضيق، وبادر الطائع فأمسك قرنيه بيديه، فلم يقدر أن يخلصهما وهرب [4] ، واستدعى بنجار فقال: ركب المنشار [5] عليهما [6] ، ففعل، فلما بقيا على يسير قطعهما بيده وهرب الإيل على وجهه، وسقطت فرجية الطائع، عن كتفيه، فتطأطأ بعض الخدم ليرفع الفرجية، فنظر إليه بمؤخر عينه منكرًا لفعله، فتركها ومضى الطائع، / وبقيت الفرجية إلى آخر النهار لا يجسر أحد على تحريكها من موضعها، فلما أراد النجار الانصراف حضر خادم وقال: خذ هذه [7] الفرجية، فأخذها وكانت من الوشي القديم، فباعها بمائة وسبعين دينارًا.
ولما ولي الطائع وعليه البردة، ومعه الجيش، وبين يديه سبكتكين في يوم الثلاثاء تاسع عشر ذي القعدة، ومن غد هذا اليوم خلع على سبكتكين الخلع السلطانية، وعقد له لواء الإمارة، ولقبه نصر الدولة، وحضر عيد الأضحى فركب الطائع
__________
[1] في الأصل: «المطيع» خطأ.
[2] «أبو بكر» سقطت من ص، ل.
[3] في ص: «دوابه» .
[4] وهي في الأصل
[5] في ص: «المسمار» .
[6] في الأصل: «إليهما» .
[7] «هذه» سقطت من ص، ل.(14/225)
إلى المصلى بالجانب [1] الشرقي، وعليه السواد قباء، وعمامة، وخطب خطبة بليغة [2] بعد أن صلى بالناس كانت «اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلا الله والله اكبر متقربا إليه، ومعتمدا عليه، ومتوسلا بأكرم الخلائق [3] لديه الذي صيرني إمامًا منصوصًا عليه، ووهب لي أحسن الطاعة في ما فوَّضه إليَّ من الخلافة على الأمة، الله أكبر الله أكبر مقرًا [4] بجميل آلائه فيما أسنده إلى من حفظ الأمم وأموالها، وذراريها، وقمع بي الأعداء في حضرها وبواديها، وجعلني خير مستخلف على الأَرْض ومن فيها، الله اكبر الله اكبر تقربا بنحر البدن التي جعلها من شعائره، وذكرها في محكم كتابه، واتباعًا لسنة نبيه وخليله صلى الله عليه وسلم في فدية أبينا إسماعيل إذ قد أمره بذبحه [5] ، فاستسلم لاهراق دمه وسفحه غير جزع فيما نابه [6] ، ولا نكل عن ما أمر به، فتقربوا إلى الله في هذا اليوم العظيم بالذبائح، فإنها من تقوى القلوب، الله أكبر الله أكبر وصلى الله على محمد خيرته من خليقته، وعلى أهل بيته وعترته، وعلى آبائي الخلفاء النجباء، وأيدني بالتوفيق فيما أتولى، وسددني من الخلافة فيما أعطى وأنا/ أخوفكم معشر المسلمين غرور الدنيا فلا تركنوا إلى ما يبيد ويفنى، ويزول ويبلى، وأني أخاف عليكم يوم الوقوف بين يدي الله تعالى غدًا، وصحفكم تقرأ عليكم، فمن أوتي كتابه بيمنه فلا يخاف ظلمًا ولا هضمًا، أعاذنا الله وإياكم من الردى، واستعملنا وإياكم بأعمال أهل التقوى، واستغفر الله لي ولكم ولجميع [7] المسلمين» .
ثم أن عز الدولة أدخل يده في إقطاع سبكتكين، فجمع سبكتكين الأتراك الذين ببغداد، ودعاهم [8] إلى طاعته فأجابوه، وراسل أبا إسحاق بن معز الدولة يعلمه بالحال [9] ، ويطمعه أن يعقد له الأمر، فاستشار والدته، فمنعته من ذلك، فصار إليها من ببغداد من الديلم، وصوبوا لها محاربة سبكتكين، فحاربوه فقهرهم [10] واستولي على ما كان ببغداد لعز الدولة، وثارت العامة تنصر سبكتكين، وبعث سبكتكين إلى عز الدولة
__________
[1] في الأصل: «إلى الجانب» .
[2] في ص، ل: «خفيفة» .
[3] في ص: «الخلق» .
[4] في ص: «مقتربا» .
[5] في ص، ل: «وقد أمر بذبحه» .
[6] ناله» .
[7] في الأصل: «لسائر» .
[8] في الأصل: «ورجاهم» .
[9] في الأصل: «الحال» .
[10] في الأصل: «فغلبهم» .(14/226)
يقول له: أن الأمر قد خرج عن يدك، فأخرج لي عن واسط [1] وبغداد ليكونا لي وتكون البصرة والأهواز لك، ولا تفتح [2] بيننا باب حرب، وكتب عز الدولة إلى عضد الدولة يساعده و [3] يستنجده، فماطله بذلك، ثم أن الناس صاروا حزبين، فأهل التشيع ينادون بشعار عز الدولة والديلم، وأهل السنة ينادون بشعار سبكتكين والأتراك، واتصلت الحروب، وسُفكت الدماء، وكبست المنازل، وأحرق الكرخ حريقًا ثانيًا.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2711- الحارث [4] بن أبي العلاء، سعيد بن حمدان، أبو فراس العدوي الشاعر
[5] .
كان فيه شجاعة وكرم، وله شعر في نهاية الحسن وقلده/ سيف الدولة منبج [6] وحران، وأعمالها، فخرج يقاتل [7] الروم فتكى وقتل وأسر في الأسر سنتين ثم فداه سيف الدولة، وقيل أنه قتل بعد ذلك، [وما بلغ أربعين سنة] [8] ورثاه سيف الدولة.
أخبرنا ابن ناصر، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ [بْنِ] [9] الْبُسْرِيِّ، عَنْ أبي عبد الله بْن بطة قال: أنشدني الحسن [10] بن سعيد [11] المقدسي قال: أنشدني محمد بن شجاع الجيلي قال: أنشدني أبو فراس بن حمدان لنفسه:
المرء نصب مصائب لا تنقضي ... حتى يوارى جسمه في رمسه
فمؤجل [12] يلقى الردى في غيره [13] ... ومعجل يلقى الردى في نفسه
قال: وكان عند أبي فراس أعرابي فقال لَهُ [14] : أجز هذا بمثله، فقال:
من يتمن العمر فليدرع [15] ... صبرا على فقد أحبائه
ومن يعاجل ير في نفسه [16] ... ما يتمناه لأعدائه
__________
[1] في الأصل: «فتنزح لي عن بغداد وواسط» .
[2] في ص، ل: «يفتح» .
[3] «يساعده و» سقطت من ص، ل.
[4] في الأصل: «أبو فراس الحارث» .
[5] في الأصل: « ... العدوي الشاعر بن حمدان» .
انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 278) .
[6] «منبج» سقطت من ص.
[7] في ص، ل: «فقاتل» .
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[10] في الأصل: «الحسين» .
[11] في الأصل: «سعد» .
[12] في الأصل: «فمعجل» .
[13] في الأصل: «أهله» .
[14] «وله» سقطت من ص، ل.
[15] في ص، ل: «فليتخذ» .
[16] في الأصل: «ومن يعمر يلق في نفسه ... » وفي ب: «في غيره» .(14/227)
أخذ هذا من قول الحكيم: من طال عمره فقد أحبابه، ومن قصرت حياته كانت مصيبته في نفسه.
ومن قول الآخر: من أحب طول البقاء، فليتخذ [1] للمصائب قلبًا جَلِدًا.
أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك، ومحمد بن ناصر قالا: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار قال: أنشدنا القاضي أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ قَالَ: أنشدنا أبو الفرج الببغاء قال: أنشدنا أبو فراس، وكتب بها إلى غلامين له وهو مأسور:
هل تحسان [2] لي رفيقا رفيقا ... يحفظ الود أو صديقا صديقا
لا رعى الله يا حبيبي دهرا ... فرقتنا صروفه تفريقا
كنت مولاكما وما كنت إلا ... والدًا محسنا وعمًّا شفيقا
بت أبكيكما وإن عجيبًا ... أن يبيت الأسير يبكي الطليقا
فاذكراني وكيف لا تذكراني ... كل ما استخون الصديق الصديقا
ومن شعره المستحسن قوله [3] :
ولي بك من فرط الصبابة آمر ... ودونك من حسن التصون زاجر/
عفافك عني [4] إنما عفة التقي ... إذا عف عن لذاته وهو قادر
نفى الهم عني همة عدوية ... وجاش على صرف الحوادث صابر
وأسمر مما ينبت الخط ذابل ... وأبيض مما يصنع الهند باتر
لعمرك ما الأبصار تنفع أهلها ... إذا لم يكن للمبصرين بصائر
وكيف ينال المجد والجسم وادع ... وكيف يحار [5] المجد والوفر وافر
وله
غنى النفس لمن يعقل ... خير من غني المال
__________
[1] في الأصل: «فليستعد» .
[2] في الأصل: «تحسبان» .
[3] «قوله» سقطت من ص، ل.
[4] في الأصل: «عندي» .
[5] في الأصل: «وكيف يحاز» .(14/228)
وفضل الناس في الأنفس ... ليس الفضل في الحال
وله
ما كنت مذ كنت إلا طوع خلاني [1] ... ليست مؤاخذة الإخوان من شاني
إذا خليلِيَ لَمْ تكثر إساءته ... فأين موقع إحساني وغفراني
يَجْنِي الليالي وأستحلي جنايته ... حتى أدل على عفوي وإحساني
يجنى على وأحنو دائما أبدًا ... لا شيء أحسن من حانٍ على جان
وله
مرام الهوى صعب وسهل الهوى وعر ... وأعسر ما حاولته الحب والصبر
أوعدتي بالوعد [2] والموت دونه ... إذا مت عطشانا فلا نزل القطر
بدوت وأهلي حاضرون لأنني ... أرى [3] أن دارًا لست من أهلها قفرُ [4]
وما حاجتي في المال أبغي وفوره ... إذا لم يفر عرض [5] فلا وفر الوفر
هو الموت فاختر ما علا لك ذكره ... فلم يمت الإنسان ما حسن [6] الذكر
وقال أصيحابي الفرارُ أو الردى ... فقلت هما أمران أحلاهما مر
/ سيذكرني [7] قومى إذا جدَّ جدُّها ... وفي اللَّيْلَة [8] الظلماء يفتقد البدر
ولو سدَّ غيرى ما سددت اكتفوا به ... وما كان يغلو التبر لو نفق الصفرُ
ونحن أناس لا تَوَسُّطَ عندنا ... لنا الصَّدرُ دون العالمين أو القبر
تهون علينا في المعالى نفوسنا ... ومن خطب الحسناء لم يغلها مهر
وقال وقد سمع صوت حمامة وهو مأسور:
أقول وقد ناحت بقربي حمامة ... أيا جارتي ما فاق حالك حالي
__________
[1] في الأصل: «إخواني» .
[2] في الأصل: «بالوهل» .
[3] في بعض النسخ «أن الدار دارا» وهذه زيادة تخل بالوزن والمعنى.
[4] في ص، ل: «نفر» .
[5] في ص، ل: «عوض» .
[6] في الأصل: «ما حيا» .
[7] في الأصل: «ستذكرني» .
[8] في باقي النسخ «الظلمة» .(14/229)
معاذ الهوى ما ذُقْتِ طارقة الهوى ... ولا خطرت منك الهموم ببالي
أيحمل محزونَ الفؤاد قوادم ... إلى غُصُنٍ نائي المسافة عالي
تعالَيْ تَرَيْ روحًا لديَّ ضعيفةً ... تَرَدَّدُ فِي جسم يعذب بالي
أيضحك مأسور وتبكي طليقة ... ويسكت محزون ويندب سالي
لقد كنتُ أَوْلَى مِنْكِ بالدمع مُقْلَةً ... ولكنَّ دمعي في الحوادث غالي
وله أيضا
إن في الأسر لصبا ... دمعه في الخد صب
هو بالروم مقيم ... وله بالشام قلب
وله أيضا
لقد ضل من تحوي هواه خريدة ... وقد ذل من تقضي عليه كعاب
ولكنني والحمد للَّه حازم ... أعز إذا ذُلَّت لهن رقاب
ولا تملك الحسناء قلبيَ كُلَّهُ ... وإن شَمِلَتْهَا رقة وشباب
وأجري فلا أعطي الهوى فضل مِقْوَدِي ... وأهفو ولا يخفى عليَّ صواب
بمن يثق الإنسان فيما ينوبه ... وهيهات [1] للحر الكريم صحاب
وقد صار هذا الناس إلا أقلَّهم ... ذئابا على أجسادهن ثياب
تغابيت عن قومي فظنوا غباوة ... بمفرق أغبانا حصى وتراب
/ ولو عرفوني حق معرفتي بهم [2] ... إذًا علموا أني شهدت وغابوا
إلى الله أشكو بثنا في منازل ... تَحَكَّمَ في أجسادهن كلاب
فليتك تحلو والحياة مريرة ... وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر ... وبيني وبين العالمين خراب
2712- عبد العزيز بن جعفر بن أحمد [3] بن يزداد بن معروف، أبو بكر الفقيه الحنبلي، المعروف: بغلام الخلال
[4] .
__________
[1] في ص، ل: «ومن أين» .
[2] في الأصل: «لهم» .
[3] في ل، ص: «عبد العزيز بن أحمد بن جعفر» .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 459، والبداية والنهاية 11/ 278) .(14/230)
ولد سنة اثنتين وثمانين ومائتين، وحدث عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وموسى بن هارون، وأبي خليفة الفضل بن الحباب، وجعفر الفريابي، ومحمد بن محمد الباغندي، والبغوي، وابن [1] أبي داود، وابن صاعد في آخرين، وله المصنفات الكثيرة على مذهب أحمد بن حنبل.
أنبأنا أحمد بن الحسين بن أحمد [الفقيه] [2] عن القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين قال: أبو بكر عبد العزيز له المصنفات الحسنة منها «المقنع» [3] نحو مائة جزء، و «كتاب الشافعيّ» نحو مائتي جزء، و «زاد المسافر» ، وكتاب «الخلاف مع الشافعي» ، وكتاب «القولين» ، و «مختصر الحسبة» وله غير ذلك في التفسير، والأصول، قال القاضي: وبلغني أن عبد العزيز قال في علته: أنا عندكم إلى يوم الجمعة. فقيل له:
يعافيك الله فقال: سمعت أبا بكر الخلال يقول: سمعت أبا بكر المروذي يقول: عاش أحمد بن حنبل ثماني وسبعين سنة ومات يوم الجمعة، ودفن بعد الصلاة [وعاش أبو بكر المروذي ثمان وسبعين سنة، ومات يوم الجمعة ودفن بعد الصلاة] [4] وأنا عندكم إلى يوم الجمعة ولي ثمان وسبعون سنة، فلما كان يوم الجمعة مات ودفن بعد الصلاة، وذلك لعشر بقين من شوال سنة ثلاث وستين وثلاثمائة. وقال غيره لسبع بقين من شوال ودفن عند دار الفيل بمقبرة باب الأزج.
2713- علي بن محمد، أبو الفتح البستي
[5] .
كان شاعرًا مجيدا، يقصد التطابق والتجانس في شعره، وأبيات قصائده قليلة لأجل التجانس، وقد انتقيت من جميع/ ديوانه أبياتًا مستحسنة فرتبتها على حروف المعجم وهي:
دعني فلن أخلق ديباجتي ... ولست أبدي للورى حاجتي
__________
[1] «ابن» سقطت من ص، ل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في الأصل: «الفتح» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 278) .(14/231)
منزلتي يحفظها منزلي ... وباجتي تكرم ديباجتي
وله أيضا
يا أيها السائل عن مذهبي ... ليقتدي فيه بمنهاجي
منهاجي العدل وقمع الهوى ... فهل لمنهاجي من هاجي
وله أيضا
إذا رأيت الوداع فاصبر ... ولا يهمنك البعاد
وانتظر العود عن قريب ... فإن قلب الوداع عادوا
وله أيضا
لقاء أكثر من تلقاه أوزار ... فلا تبال أصدوا عنك أو زاروا
لهم لديك إذا جاءوك أوطار ... فان قضوها تنحوا عنك أو طاروا
أخلاقهم فتجنبهن أوعار ... وقربهم مأثم للمرء أو عار
أوضار أخلاقهم يعدي معاشرهم ... فلا يزول فقد ما من رأوا ضاروا
وله أيضا
دعوني وأمري واختياري فإنني ... عليم بما أمري وأخلق من أمري
إذا مر بي يوم ولم اصطنع يدا ... ولم استفد علما فما ذاك من عمري
وله أيضا
كم مذنب قد ضاقني ... فقرنته صفحا وغفرا
كم حاسد صابرته ... فقتلته بالصبر صبرا
وله أيضا
إذا خدمت الملوك فالبس ... من التوقي أعز ملبس
وادخل عليهم وأنت أعمى ... واخرج إذا ما خرجت أخرس
/ وله أيضا
دعوني وسمتي في عفافي فإنني ... جعلت عفافي في حياتي ديدني
وأعظم من قطع اليدين على الفتى ... صنيعة بِرٍّ نالها من يدي دني
وله أيضا
يا خادم الجسم كم تشقى بخدمته ... لتطلب الربح مما فيه خسران
أقبل على النفس واستكمل فضائلها ... فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان(14/232)
وله أيضا
يا ناظر العين قل هو ناظر عيني ... إليك يوما وهل تدنو خطى البين
الله يعلم أني بعد فرقتكم ... كطائر سلخوه من جناحين
ولو قدرت ركبت الريح نحوكم ... فإن بعدي عنكم قد حَنَى حَيْنِي
2714- العباس بن الحسين، أبو الفضل الشيرازي
[1] .
وزر لعز الدولة بختيار بن معز الدولة أبي الحسين، وكان ظالمًا، فقبض عليه فقتل فِي حبسه [2] في ربيع الأول [3] من هذه السنة، وعمره تسع وخمسون سنة، ودفن بمشهد عليٍّ عليه السلام.
2715- عيسى بن موسى بن أبي محمد. واسمه محمد بن المتوكل على الله، أبو الفضل الهاشمي
[4] .
ولد سنة ثمانين ومائتين، وسمع محمد بن خلف [5] بن المرزبان، وأبا بكر بن أبي داود، ولازمه نيفًا وعشرين سنة، روى عنه أبو علي بن شاذان، وكان ثقة، وتوفي في ربيع الآخر [6] من هذه السنة.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد [7] القزاز، أخبرنا أحمد بن ثابت [8] [الخطيب] [9] قال: قال لي علي بن أحمد بن عيسى المتوكلي [10] ، قال لي هلال بن محمد الحفار قال لي جدك عيسى بن موسى: مكثت ثلاثين سنة أشتهي أن أشارك العامة في أكل هريسة السوق فلا أقدر على ذلك، لأجل البكور إلى سماع الحديث.
__________
[1] انظر ترجمته في: (الأعلام 3/ 260، والبداية والنهاية 11/ 278) .
[2] «في حبسه» سقطت من ص، ل.
[3] في ص، ل: «ربيع الآخر» .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 178) .
[5] «بن خلف» سقطت من ص.
[6] في ص، ل: «ربيع الأول» .
[7] «عبد الرحمن بن محمد» سقطت من ص.
[8] «أحمد بن علي بن ثابت» سقطت من ص.
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[10] في ص، والأصل: «المتوكل» .(14/233)
ثم دخلت سنة أربع وستين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه ورد [الخبر] [1] في المحرم سنة أربع [2] من المدينة أن أهل العراق، وخراسان، والكوفة، والبصرة بلغوا سميرا فرأوا هلال ذي الحجة على نقصان/ من ذي القعدة، وعرفوا أن لا ماء في الطريق من فيد إلى مكة، إلا صُبَابَةٌ لا يقوم بهم وبجمالهم، فعدلوا إلى بطن نخل يطلبون مدينة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فوصلوا إليها يوم الجمعة سادس ذي الحجة، فبركت الجمال ولم تنهض، فعرفوا في المسجد، وخرجوا فصلوا صلاة العيد في مصلى النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان أمير الحاج أبو منصور محمد بن عمر بن يحيى العلوي، وورد الناس الكوفة في أول المحرم، بعد أن لحقهم جهد شديد، وأقاموا بالكوفة لفساد الطريق، ثم خفروا أنفسهم وأموالهم حتى دخلوا بغداد في آخر الشهر.
وفي يوم الأربعاء لثلاث عشرة [ليلة] [3] بقيت من المحرم: أوقع العيارون حريقًا بالخشابين من باب الشعير [4] ، فاحترق أكثر هذا [5] السوق، وما يليها من سوق الجزارين [6] ، وأصحاب الحصر، وصف البواري، فهلك شيء كثير من هذه الأسواق
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] «سنة أربع» سقطت من ص، ل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] في الأصل: «باب الحريق» .
[5] في الأصل: «أكثر هذه السوق» .
[6] في الأصل: «الزجاجين» .(14/234)
من الأموال [1] وزاد أمر العيارين في هذه السنة، حتى ركبوا الدواب، وتلقبوا بالقواد، وغلبوا على الأمور، وأخذوا الخفائر عن الأسواق والدروب، وكان في جملة العيارين قائد يعرف: بأسود الزبد، لأنه كان يأوي قنطرة الزبد ويستعظم من حضر وهو عريان لا يتوارى، فلما كثر الفساد رأي هذا الأسود من هو أضعف منه قد أخذ السيف [2] فطلب سيفًا، ونهب وأغار، اجتمع إليه جماعة، فأخذ [3] الأموال، واشترى جارية بألف دينار، فلما حصلت عنده حاول منها حاجته فمنعته، فقال: ما تكرهين مني؟ قالت: أكرهك كما أنت فقال: ما تحبين؟ قالت: أن تبيعني. قال: أو أفعل خيرًا من ذلك، فحملها إلى القاضي وأعتقها، ووهب لها ألف دينار، فعجب الناس من سماحة أخلاقه [4] إذ لم يجازها على كراهيتها له. ثم خرج إلى الشام فهلك بها.
[وقوع الخطبة لأبي تميم معد]
وفي المحرم: ورد الخبر بوقوع الخطبة لأبي تميم معد، الملقب بالمعز، بمكة والمدينة في موسم [سنة] [5] ثلاث وستين وثلاثمائة، وقطعت خطبة الطائع من يوم الجمعة/ لعشر بقين من جمادى الأولي إلى أن أعيدت في يوم الجمعة لعشر بقين [6] من رجب، فلم يخطب في هذه المدة لإمام، وذلك لأجل تشعث جرى بينه وبين عضد الدولة، وكان عضد الدولة قد قدم العراق، فأعجبه ملكها، فوضع الجند ليشغبوا على عز الدولة، فشغبوا فأغلق أبوابه، فأمر عضد الدولة الاستظهار عليه، وذلك يوم الجمعة لأربع ليال [7] بقين من جمادى الآخرة، وكتب عن الطائع للَّه [8] إلى الآفاق باستقرار الأمر لعضد الدولة، وخلع عضد الدولة على محمد بن بقية وزير عز الدولة، ثم اضطربت الأمور على عضد الدولة، ولم يبق في يده غير بغداد، فنفذ عضد الدولة إلى
__________
[1] «من هذه الأسواق من الأموال» سقط من ص، ل.
[2] في الأصل: «أخذ سيفا» .
[3] في الأصل: «فأخذوا» .
[4] في الأصل: «سماحته» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في ص، ل: «خلون» .
[7] في الأصل: «لعشر ليال» .
[8] «للَّه» سقط من ص، ل.(14/235)
ركن الدولة يعلمه أنه قد خاطر بنفسه وجنده، وأنه [1] [قد] هذب مملكة العراق، واستقاد الطائع للَّه إلى داره، وأن عز الدولة بختيار [2] عاص لا يقيم دولة، وأنه إن خرج من العراق لم يبعد اضطراب الممالك، [ويسأله المدد] [3] فلما بلغه هذه الرسالة غضب فقال للرسول: قل له أنت [4] خرجت في نصرة ابن أخي أو في الطمع في مملكته، فأفرج [5] عضد الدولة عن بختيار، وخرج عضد الدولة عَنْ بختيار [6] إلى فارس، وعاد [7] جيش بختيار إليه.
وفي يوم الخميس لعشر خلون من ذي القعدة: تزوج الطائع للَّه شاه زنان [8] بنت عز الدولة على صداق مائة ألف دينار، وخطب خطبة النكاح بحضرتهما [9] أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن قريعة القاضي.
وفي رجب: زادت الأسعار، وعدمت الأقوات، وبيع الكر من الدقيق الحواري بمائة ونيف وسبعين دينارا، والعشرة الأمناء من السكر بنيف [10] وأربعين درهمًا، والتمر ثلاثة أرطال بدرهم، وضاقت العلوفة، فبيع الحمل من التبن بعشرة دراهم، وأخرج السلطان كراعه إلى السواد.
وفي هذه السنة: اضطرب أمر الحاج، لم يندب لهم أحد/ من جهة السلطان، وخرجت طائفة من الخراسانية على وجه التغرير [11] والمخاطرة، فلحقهم شدة، وتأخر
__________
[1] «وأنه» سقطت من ص، ل. وما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] «بختيار» سقط من ص، ل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] «أنت» سقطت من ل، ص.
[5] في الأصل: «فأخرج» .
[6] «عن بختيار» سقط من ل، ص.
[7] في الأصل: «ورجع» بدلا من «إلى فارس وعاد» .
[8] في الأصل: «شاه تان» .
[9] في الأصل: «بينهما» .
[10] في ل، ص: «نيف» .
[11] في الأصل: «الثغوير» .(14/236)
البغداديون والتجار، وأقام الحج أصحاب المغربي، وأقيمت الخطبة له.
وفي ليلة الاثنين لتسع بقين من ذي القعدة: طلع كوكب الذؤابة [1] من ناحية المشرق، وله شبه الذؤابة [2] مستطيلا نحو رمحين في رأي العين، ولم يزل يطلع في كل ليلة إلى [ليلة] [3] عشر بقين من ذي الحجة.
وفي يوم الأربعاء: سلخ ذي القعدة صرف أبو الحسن [4] محمد بن صالح ابن أم شيبان، عن قضاء القضاة، وقلَّده أبو محمد بن معروف، وكتب عهده.
وفي يوم الأربعاء: لتسع [5] بقين من ذي الحجة خلع على الشريف أبي أحمد الحسين بن موسى الموسوي من دار عز الدولة، وقلد نقابة الطالبيين.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر.
2716- إسحاق بن محمد بْن إِسْحَاق، أَبُو يَعْقُوب النَّعَاليّ
[6] .
سَمِعَ أَبَا خليفة، وجعفر الفريابي، وغيرهما. وروى عَنْهُ البرقاني وَقَالَ: هُوَ صدوق، وتُوُفيّ يَوْم النحر من هَذِهِ السَّنَة.
2717- سبكتكين
[7] حاجب معز الدولة، خلع عليه الطائع وطوقه وسوره، ولقَّبه نصر الدولة، فسقط سبكتكين عن الفرس [8] ، فانكسر ضلعه، فاستدعى ابن الصلت المجبر، فرد ضلعه ولازمه إلى أن برأ [9] فأغناه وأعطاه يوم أدخله الحمام ألف دينار وفرسا ومركبا وخلعه،
__________
[1] في الأصل: «الدوابة» .
[2] في الأصل: «الدوابة» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] في ل، ص، الأصل: «أبو الحسين» .
[5] في الأصل: «لسبع» .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 400) .
[7] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 282) .
[8] في ص، ل: «من الفرس» .
[9] في الأصل: «إلى أن توفي» .(14/237)
وكان يقدر على الركوب والقيام في الصلاة والسجود، ولا يقدر على الركوع، وكان يقول لطبيبه: إذا تذكرت عافيتي على يدك فرحت بك، ولم اقدر على مكافأتك، وإذا ذكرت حصول رجليك على ظهري اشتد غيظي منك.
توفي يوم [1] الثلاثاء لسبع بقين من المحرم، وكانت مدة إمارته شهرين وثلاثة عشر يومًا، وحمل تابوته إلى بغداد، فدفن في تربة ابنته بالمخرم، وخلف ألف ألف دينار مطيعية، وعشرة آلاف ألف درهم، وصندوقين فيهما جوهر، وستين صندوقا/ منها خمسة وأربعون فيها آنية ذهب وفضة، وخمسة عشر فيها بلور ومحكم ومائة وثلاثين مركبًا ذهبًا، منها خمسون وزن كل واحد ألف مثقال، وستمائة مركب فضة، وأربعة آلاف ثوب ديباجًا، وعشرة آلاف ثوب دبيقيا وعتابيا، وغير ذلك، وثلاثمائة عدل معكومة [2] فيها فرش، وثلاثة آلاف رأس دابة وبغلا، وألف رأس من الجمال، وثلاثمائة غلام [دارية] [3] وأربعة [4] وأربعين خادما غير ما ترك عند أبي بكر البزاز صاحبه، وكان لسبكتكين هذا دار المملكة اليوم.
أَخْبَرَنَا [5] عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت قال: حدثني هلال بن المحسن قال: كانت دار المملكة التي بأعلى المخرم محاذية الفرضة لسبكتكين غلام معز الدولة، فنقض عضد الدولة أكثرها، ولم يستبق إلا البيت الستيني الذي هو في وسط أروقة من روائها أروقة من أطرافها أروقة [6] قباب معقودة، وتنفتح أبوابه الغربية إلى دجلة، وأبوابه الشرقية إلى صحن، من خلفه بستان ونخل وشجر، وكان عضد الدولة جعل الدار التي هذا البيت فيها دار العامة، والبيت برسم جلوس الوزراء، وما يتصل به من الأروقة، والقباب مواضع للدواوين [7] والصحن مناما لديلم
__________
[1] في الأصل: «ليلة» .
[2] «معكومة» سقطت من ص، ل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] «أربعة» سقطت من ص، ل.
[5] في الأصل: «أخبرني» .
[6] «أروقة» سقطت من ص، ل.
[7] في الأصل: «الدواوين» .(14/238)
النوبة، في ليالي الصيف، قال هلال: وهذه الدار وما تحتوي عليه من البيت المذكور والأروقة [1] خراب، ولقد شاهدت مجلس الوزراء في ذلك ومحفل مَنْ يقصدهم ويحضرهم، وقد جعله جلال الدولة اصطبلا أقام فيه دوابه وسواسه، وأما ما بناه عضد الدولة وولده بعده من هذه الدار فهو متماسك على تشعثه.
قال ابن ثابت: ولما ورد طغرل بك الغزي بغداد، واستولي عليها، عمَّر هذه الدار، وجدد كثيرا مما/ [كان] [2] وهي منها سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، فمكثت كذلك إلى سنة خمسين وأربع مائة ثم احترقت، وسلمت [3] أكثر آلاتها، ثم عمرت بعد، وأعيد كما [4] كان وهي منها.
أخبرنا عبد الرحمن، أخبرنا أحمد بن علي قَالَ: حدثني [القاضي] [5] أبو القاسم علي بْن المحسن قال: سمعت أبي يقول: ماشيت [6] الملك عضد الدولة في دار المملكة بالمخرم التي كانت دار سبكتكين حاجب معز الدولة من قبل، وهو يتأمل ما عمل وهدم منها، وقد كان أراد أن يزيد في الميدان السبكتكيني أذرعا ليجعله بستانًا، ويرد بدل التراب رملًا، ويطرح التراب تحت الروشن على دجلة، وقد ابتاع دورًا كثيرة كبارًا وصغارًا، ونقضها ورمى حيطانها بالفيلة [7] تخفيفا للمئونة، وأضاف عرصاتها إلى الميدان، وكانت مثل الميدان دفعتين وبنى على الجميع مسناة، فقال لي في هذا اليوم، وقد شاهد ما شاهد: تدري أيها القاضي كم أنفق على ما قلع [8] من التراب إلى هذه الغاية، وبناء هذه المسناة السخيفة، مع ثمن ما ابتيع من الدور واستضيف؟ قلت: أظنه شيئا كثيرًا. فقال لي: هو إلى وقتنا هذا سبعمائة [9] ألف درهم صحاحا، ويحتاج إلى
__________
[1] «والأروقة» سقطت من ل، ص.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في الأصل: «سلت» .
[4] في الأصل: «وأعيد ما كان» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] في الأصل: «ما ماشيت» .
[7] في الأصل: «بالقبلة» .
[8] في الأصل: «قطع» .
[9] في ل: «تسعمائة» .(14/239)
مثلها دفعة أو دفعتين حتى يتكامل قلع التراب، ويحصل موضعه الرمل، موازيا لوجه البستان، فلما فرغ من ذلك وصار البستان أرضا بيضاء لا شيء فيها من غرس ولا نبات، قال: قد أنفق على هذا حتى صار كذا أكثر من ألفي ألف درهم، ثم فكر في أن يجعل شرب البستان من دواليب ينصبها على دجلة، وعلم أن الدواليب لا تكفي، فأخرج المهندسين إلى الأنهار التي في ظاهر الجانب الشرقي من مدينة السلام، ليستخرجوا منها نهرًا يسيح ماؤه إلى داره، فلم يجدوا ما أرادوه إلا في نهر الخالص، فعلى الأرض بين البلد وبينه تعلية، أمكن معها/ أن يجري الماء على قدر من غير أن يحدث به ضرر، وعمل تلين عظيمين يساويان سطح ماء الخالص، ويرتفعان عن أرض الصحراء أذرعًا، وشق في وسطهما نهرًا [1] جعل له خورين من جانبيه، وداس الجميع بالفيلة دوسا كثيرًا حتى قوي واشتد وصلب وتلبد، فلما بلغ إلى منازل البلد وأراد سوق النهر إلى داره عمد إلى دور السلسلة، فدك أرضها دكًا قويًا، ورفع أبواب الدور، وأوثقها، وبنى جوانب النهر طول البلد بالآجر والكلس والنورة، حتى وصل الماء إلى الدار، وسقى البستان.
قال أبي: وبلغت النفقة على عمل البستان وسوق الماء إليه على ما سمعته من حواشي عضد الدولة: خمسة آلاف ألف درهم، ولعله قد أنفق على أبنية الدار ما أظن مثل ذلك، وكان عضد الدولة [2] عازمًا على أن يهدم الدور التي بين داره وبين الزاهر، ويصل الدار بالزاهر، فمات قبل ذلك.
2718- عبد السلام بن مُحَمَّد بن أبي موسى، أبو القاسم المخرمي الصوفي
[3] .
سافر الكثير، ولقي الشيوخ، وحدّث عن أبي بكر بن أبي داود، وأبي عروبة الحراني، روى عنه أبو نعيم الأصبهاني، وكان ثقة حسن الأخلاق متزهدًا [4] أقام بمكة سنين، وتوفي بها في هذه السنة [5] .
__________
[1] في الأصل: «في وسطها فهذا» .
[2] في الأصل: «عضد الدولة خمسة آلاف» خطأ. فهي قفزة نظر مع العبارة السابقة.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 56) .
[4] في الأصل: «من هذا» .
[5] في المطبوعة: «السة» .(14/240)
2719- الفضل المطيع للَّه، أمير المؤمنين [ابن المقتدر]
[1] .
قد ذكرنا أنه خلع نفسه لأجل مرض لازمه، وولي ابنه الطائع، واشهد على نفسه القضاة والعدول، وكانت خلافته تسعا وعشرين سنة وأربعة أشهر واحد وعشرين يومًا، وخرج الطائع إلى واسط وحمل معه أباه المطيع، فمات في العسكر بدير العاقول في محرم هذه السنة، فكان عمره ثلاثًا وستين سنة، وحمل إلى بغداد، فدفن بتربة جدته/ أم المقتدر.
2720- محمد بن إبراهيم بن محمد، أبو بكر الشاهد المعروف بالربيعي
[2] .
حدث عن ابن جرير الطبري، وغيره، روى عنه أبو القاسم عبيد الله بن عمر البقال وغيره، وقال ابن أبي الفوارس: توفي في سنة أربع وستين وثلاثمائة، وفيه نظر.
2721- محمد بن بدر، أبو بكر
[3] .
كان والده [4] يعرف ببدر الحمامي غلام ابن طولون، ويسمى بدر الكبير.
كان أميرًا على بلاد فارس كلها، وتوفي بتلك النواحي، فقام ابنه محمد في الناحية مقامه وكتب السلطان إليه بالولاية مكان أبيه وكتب إلى من معه من القواد بالسمع والطاعة له، فكان أميرا على بلاد فارس مدة، ثم قدم بغداد، وحدث بها عن بكر بن سهل الدمياطي، وحماد بن مدرك [5] ، وغيرهما. روى عنه الدارقطني، وأبو نعيم [الأصبهاني] [6] وغيرهما وقال أبو نعيم: ثقة صحيح السماع.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي قال: حدثت عن أبي
__________
[1] في الأصل: «الفضل أمير المؤمنين المطيع للَّه» وما بين المعقوفتين سقط من الأصل. انظر ترجمته في: (الكامل أحداث سنة 364) .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 414) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 108) .
[4] في ل: «أبوه» .
[5] في الأصل: «مليك» .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/241)
الحسن بن الفرات قال: توفي محمد بن بدر الحمامي فِي رجب [1] سنة أربع وستين وثلاثمائة، وكان ثقة إن شاء الله فيما علمته [2] ولم يكن من أهل هذا الشأن يعني الحديث ولا يحسنه، وكان له مذهب في الرفض. قال أحمد: وببغداد كانت وفاته.
2722- محمد بن ثابت، بن أحمد أبو بكر الواسطي.
قدم بغداد وحدث بها عن عباس الدوري وغيره روى عنه ابن شاهين والكتاني، وكان ثقة.
__________
[1] في ل، في الأصل: «سنة سبع وستين» .
وما بين المعقوفتين سقط من ص، ل.
[2] في الأصل، ل: «ما علمته» .(14/242)
ثم دخلت سنة خمس وستين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أن ركن الدولة أبا علي كتب إلى ولده عضد الدولة أبي شجاع يعرفه أنه قد كبرت سنه، وقرب منه ما يتوقعه أمر الله تعالى، وأنه يؤثر مشاهدته، واجتمعوا فقسم ركن الدولة الممالك بين أولاده، فجعل لعضد الدولة فارس وكرمان، وأرجان/ ولمؤيد الدولة الري وأصبهان ولفخر الدولة همذان والدينور وجعل ولده أبا العباس في كنف عضد الدولة وأوصاه به.
وفي يوم الثلاثاء سادس عشر رجب: جلس قاضي القضاة أبو محمد بن معروف في دار عز الدولة ونظر في الأحكام لأن عز الدولة اقترح ذلك عليه ليشاهد مجلس حكمه.
وفي ذي القعدة: خلع على أبي عبد الله أحمد بن محمد بن عبيد الله العلوي لإمارة الحاج من دار عز الدولة وحج بالناس علوي من جهة العزيز صاحب مصر وأقيمت الدعوة له بمكة والمدينة على رسم المعز أبيه، بعد أن حوصر أهل مكة فمنعوا الميرة، وقاسوا شدة شديدة.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر.
2723- أحمد بن جعفر بن مسلم [1] بن راشد، أبو بكر الختّليّ
[2] .
__________
[1] في كل النسخ: «ابن مسلم» أما في تاريخ بغداد: «أحمد بن محمد بن سلم» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 71، والبداية والنهاية 11/ 283) .(14/243)
ولد سنة ثمان وسبعين ومائتين، سمع أبا مسلم الكجي، وعبد الله [1] بن أحمد بن حنبل وخلقا كثيرًا، وكتب من التفاسير والقراءات [2] شيئا كثيرًا، وكان صالحًا دينًا مكثرًا ثقة ثبتًا، كتب عنه الدارقطني، وروى عنه ابن رزقويه، والبرقاني، وأبو نعيم [الأصبهاني] . [3] أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب حدثنا أبو القاسم الحسين [4] بن أحمد بن عثمان بن شيطا قال: حضرنا عند أبي بكر بن مسلم لنسلم عليه فقال له بعض الحاضرين: أبقاك الله، فقال: ما أحب البقاء لأني منذ سنة لم أحضر الجمعة، وهذه الصيفة كلها لم أنم بالليل على/ السطح [5] ، ومنذ [6] شهر لم آكل الخبز إنما أسف الفتيت، فلست أحب الحياة وهذه حالي قال: فانصرفنا من عنده فلم يلبث إلا يسيرًا حتى مات. توفي في ربيع الأول [7] من هذه السنة، ودفن في [باب] [8] مقبرة الخيزران إلى جانب ابن المنادي.
2724- الحسين بن محمد بن أحمد أبو علي الماسرجسي الحافظ
[9] .
رحل وسمع وكتب الكثير وفي بيته وسلفه بضع عشر محدثا، وصنف المسند الكبير في ألف وثلاثمائة جزء مهذبا بعلله، وجمع حديث الزهري جمعا لم يسبق إليه، وصنف المغازي، والقبائل، وأكثر المشايخ والأبواب، وخرَّج على كتاب البخاري ومسلم، وكان ثبتًا، وتوفي يوم الثلاثاء تاسع رجب من هذه السنة.
2725- عَبْد اللَّه بْن عَدِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَبُو أَحْمَد الجرجاني الحافظ
[10] .
__________
[1] في الأصل: «عبيد الله» .
[2] في الأصل: «القرآن» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] في الأصل: «أبو نعيم الحسن» .
[5] في الأصل: «سطح» .
[6] في ص، ل: «مذ» .
[7] في ل كتبت «ربيع الأول» ثم شطب على الأول فكتب «الآخر» .
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[9] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 283) .
[10] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 283) .(14/244)
وُلِدَ يَوْم السبت غرة ذي القعدة سنة سبْعٍ وستِّين، وهي السَّنَة الَّتِي مات فِيهَا أَبُو حاتم الرّازيّ، وكان أَبُو أَحْمَد عالما بالحديث، غاية فِيهِ، وله كتاب «الكامل فِي الجرح والتعديل» . قال حمزة السهمي: سألت الدارقطنيّ أن يصنف فِي ضعفاء المحدثين، فَقَالَ: أليس لي عندك كتاب ابن عَدِيّ؟ قلتُ: بلى. قَالَ: فِيهِ كفاية، لا يزاد عَلَيْهِ.
تُوُفّي ابن عَدِيّ غرة جُمَادَى الآخِرَة من هَذِهِ السَّنَة.
2726- معد بن [1] إسماعيل بن عبيد الله، أبو تميم صاحب [2] مصر.
وهو أول من ظهر منهم بالمغرب، ويلقب [3] المعز لدين الله، وتقلد الأمر في يوم الجمعة تاسع عشرين شوال سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، فأقام ناظرًا ثلاثًا وعشرين سنة، وخمسة أشهر، وستة وعشرين يومًا، منها بمصر ثلاث سنين، وكان جوهر قد دخل مصر سنة ثمان وخمسين فوطد الأمور [4] بمصر لمعد وبنى له القاهرة وأقام له الخطبة فدخل إلى مصر سنة اثنتين وستين، وكان بطاشا، أحضر يوما أبا بكر النابلسي الزاهد، وكان ينزل الأكواخ [5] من أرض دمشق، فقال له: بلغنا أنك قلت: إذا كان مع الرجل المسلم عشرة أسهم وجب أن يرمي في الروم سهمًا واحدًا، وفينا تسعة. فقال: ما قلت/ [هكذا فظن أنه رجع عن قوله، فقال: كيف قلت؟] [6] قال: قلت إذا كان معه عشرة وجب أن يرميكم بتسعة ويرمي العاشر فيكم أيضا، فإنكم غيرتم الملة، وقتلتم الصالحين ادعيتم [7] نور الألهية، فأمر حينئذ أن يشهر، فشهر في اليوم الأول، وضرب بالسياط في اليوم الثاني، وأخرج في اليوم الثالث فسلخ، سلخه رجل يهودي، وكان يقرأ القرآن ولا يتأوه. قال اليهودي: أيداخلني له رحمة فطعنت بالسكين في فؤاده حتى مات عاجلًا.
حكى صاحب النابلسي قال: مضيت مستخفيا أول يوم فتراءيت له وهو يشهر،
__________
[1] في ت: «معبد بن إسماعيل» .
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 283، 284) .
[3] في ص، ل: «وتلقب» .
[4] في ص، ل: «الأمر» .
[5] في الأصل: «الأركاخ» .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] في ص، ل: «ادعيت» .(14/245)
فقلت: ما هذا؟ فقال: امتحان، فلما كان اليوم الثاني رأيته يضرب فقلت: ما هذا؟
فقال: كفارات. فلما أخرج في اليوم الثالث يسلخ، قلت: ما هذا؟ قال: أرجو أن تكون درجات.
وكان كافور الأخشيدي قد بعث إلى هذا النابلسي بمال فرده وقال للرسول: قل له قال الله (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) 1: 5 والاستعانة به تكفي. فرد كافور الرسول إليه وقال له: اقرأ (لَهُ ما في السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى) 20: 6 [1] فأين ذكر كافور ها هنا، وهل المال إلا له فقال أبو بكر: كافور صوفي لا نحن، فقبله.
وكان المعز مغرى بالنجوم، فحكم له، فاستشار منجميه، فأشير عليه أن يعمل سردابًا تحت الأرض ويتوارى فيه إلى أن يجوز الوقت، فعمل على ذلك، وأحضر قواده، وقال: قد جعلت ولدي نزارًا خليفتي مدة غيبتي، ووصى إلى ولده، وجعل جوهر يدبره، ونزل إلى السرداب، فأقام فيه سنة، وكانت المغاربة إذا رأت غمامًا ساريًا ترجل الفارس منهم إلى الأرض، وأومأ بالسلام تقديرا/ أن المعز فيه، ثم خرج بعد ذلك وجلس للناس، وأقام مديدة، ثم توفي في هذه السنة [وأقام بَعْدَه ابنه ويلقب بالعزيز] [2] .
__________
[1] سورة: طه، الآية: 6.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، وأثبتناها من ت.(14/246)
ثم دخلت سنة ست وستين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه توفي أبو علي بن بويه في المحرم، فوجد عضد الدولة طريقًا إلى ما كان يخفيه من قصد العراق.
وفي ليلة الثلاثاء، لست بقين من جمادى الأولي: نقلت بنت عز الدولة زوجة الطائع إليه.
وبلغت زيادة دجلة في رمضان، وهو الخامس والعشرين من نيسان: أحد وعشرين ذراعا، وانفجر بالزاهر بثق وبباب التبن آخر.
وفي شوال: ورد أبو بكر محمد بن علي بن شاهويه صاحب القرامطة إلى الكوفة ومعه ألف رجل منهم، وأقام الدعوة بها وبسوراء والنيل [1] للطائع للَّه ولعضد الدولة، وكانت وقعة بين عضد الدولة وعز الدولة، فأسر فيها غلام تركي لعز الدولة لم يكن من قبل بأحظى غلمانه، ولا بأقربهم منه، فجن عليه جنونًا، وحزن عليه حزنا شديدًا، وتسلى عن كل شيء إلا عنه، وزال تماسكه، واطرح القرار، وامتنع من المطعم والمشرب، وانقطع إلى البكاء، واحتجب عن الناس، وكان إذا وصل إليه وزيره أو قواده قطعهم بالشكوى، لما حل به، وحرم على نفسه الجلوس في الفرش والمخاد، وكتب إلى عضد الدولة يسأله رد الغلام [إليه] [2] وكتب إلى خواصه المطيفين به يسألهم
__________
[1] في ص: «والنيل الطاعة للطائع» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/247)
معونته [1] على ما رغب إليه فيه، فصار ضحكة بين الناس، وعاتبه الخلق، فما ارعوى، وأنفذ الشريف أبا أحمد الحسين بن موسى رسولًا إليه في هذا الأمر، وبذل له [على يده] [2] فدية الغلام جاريتين عوادتين لم يكن لهما نظير، وكان [3] قد بذل له في إحداهما مائة ألف، فأبي أن يبيعها، وقال له: إن وقف عليك هذا الأمر في الفداء فزد ما ترى، ولا تفكر فيما بيني وبين عضد الدولة إلا في هذا الغلام، فقد رضيت أن آخذه وأمضي إلى أقصى الأرض. فلما أدى الرسالة أمر عضد الدولة برد الغلام.
في هذه السنة: حج بالناس [4] أبو عبد الله أحمد بن أبي الحسين محمد بن عبيد الله [5] العلويّ، وكذلك إلى سنة ثمانين وثلاثمائة.
وفي هذه السنة [6] خطب للمغاربة في مدينة سيدنا [7] رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان في حاج هذه السنة جميلة بنت ناصر الدولة أبي محمد بن حمدان، وكان معها أخواها إبراهيم [8] ، وهبة الله، فضرب بحجها المثل، فإنها استصحبت أربعمائة جمل عليها محامل عدة، ولم يعلم في أيها كانت، ونثرت على الكعبة حين شاهدتها عشرة آلاف دينار من ضرب أبيها، وكست المجاورين بالحرمين، وأنفقت الأموال الجزيلة، وقتل أخوها في الطريق، فتصدقت بدمه.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2727- إسماعيل بن نجيد بن أحمد بن يوسف بن سالم، أبو عمر السلمي
[9] .
__________
[1] في الأصل: «مؤنته» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] «وكان» سقطت من ص، ل.
[4] «وحج بالناس» زيادة في الأصل والتصحيح من: ص، ل، ت.
[5] في الأصل: «عبد الله» .
[6] في ص، ل، ت: «وفيها» .
[7] «سيدنا» سقطت من ص، ل.
[8] في المطبوعة: «إبراهيم» .
[9] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 288) .(14/248)
صحب أبا عثمان ولقي الجنيد، وسمع الحديث، ورواه وكان ثقة، وتوفي في هذه السنة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن ناصر، أنبأنا أبو بكر بن خلف أخبرنا أحمد بن ثابت [1] أَخْبَرَنَا أبو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي قَالَ: سمعت جدي إسماعيل بن نجيد يقول: من تهذبك رؤيته فاعلم أنه غير مهذب.
أنبأنا زاهر بْن طاهر، أَخْبَرَنَا أحمد بْن الحسين البيهقي، حدثنا أبو عبد الله الحاكم، قَالَ: سمعت أبا سعيد بْن أبي بكر بْن أبي عثمان يقول: كان جدي طلب شيئًا لبعض الثغور، وتأخر ذلك عنه، وضاق به ذرعًا وبكى على رءوس الناس، فجاءه أبو عمرو/ بن نجيد بعد العتمة، ومعه كيس فيه ألفا درهم، فقال: تجعل هذا في الوجه الذي تأخر، ففرح أبو عثمان بذلك ودعا له فلما جلس أبو عثمان قال: أيها الناس، قد رجوت لأبي عمرو مما فعل، فإنه ناب عن الجماعة في ذلك الأمر، وحمل كذا وكذا فجزاه الله عني خيرًا، فقام أبو عمرو على رءوس الناس فقال: إنما جعلت ذلك من مال أمي، وهي غير راضية، فينبغي أن يرد عليَّ لأرده [2] إليها، فأمر أبو عثمان بذلك الكيس، فأخرج ورده إليه على رءوس الناس، وتفرق الخلق، فلما جن عليه الليل جاء إلى أبي عثمان في مثل ذلك الوقت، وقال: يمكن أن يجعل هذا في ذلك الوجه من حيث لا يعلم به غيرنا، فبكى أبو عثمان، وكان بعد ذلك يقول: أنا أخشى من همر أبي عمرو.
2728- الحسن [3] بن بويه أبو علي ركن الدولة.
[قال المؤلف] [4] : قد ذكرنا أنه قسم الممالك [5] بين أولاده الثلاثة، توفي عن قولنج عرض له في ليلة السبت ثامن عشرين محرم هذه السنة، وكانت إمارته أربعا
__________
[1] «أخبرنا أحمد بن ثابت» سقطت من ص، ل.
[2] في الأصل: «غير راضية وأنا أحب أن ترد عليّ أرده إليها» .
[3] في كل النسخ: «الحسين» . انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 284، 285، 288) .
[4] ما بين المعقوفتين من ت فقط.
[5] في ص، ل: «المملكة» .(14/249)
وأربعين سنة، وشهر وتسعة أيام، ومدة عمره ثمانًا وسبعين سنة.
2729- الحسين بن أبي النجم بدر بن هلال المؤدب
[1] .
روى عن أبي مزاحم الخاقاني. روى عنه أبو العلاء الواسطي، وكان مؤدب [2] الطائع للَّه، خرج معه إلى الأهواز، فتوفي في هذه السنة، وكان ثقة، جميل الأمر.
2730- محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن أفلح بن رافع بن إبراهيم بن أفلح بن عبد الرحمن بن عبيد بن رفاعة بن رافع أبو الحسن الأنصاري الزرقي
[3] .
وكان رفاعة بْن رافع [4] أحد النقباء عقبّيًا شهد أحدًا [5] مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم وكان/ محمد بن إسحاق نقيب الأنصار ببغداد، وحدث عن البغوي وغيره. قال محمد ابن أبي الفوارس: كان ثقة.
وعن أبي الحسن بن الفرات قال: كان محمد بن إسحاق الزرقي ثقة، جميل الأمر، حافظًا لأمور الأنصار ومناقبهم ومشاهدهم، وقد كتبت عنه شيئًا يسيرًا، وذكر لي أن كتبه تلفت، وتوفي في جمادى الآخرة سنة ست وستين وثلاثمائة، ودفن في مقابر الأنصار عند أبيه.
2731- محمد بن جعفر بن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ بن كنانة، أبو بكر، المؤدب
[6] .
حدّث عن أبي مسلم الكجي، وأبي العباس الكديمي.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْقَزَّازِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بكر الخطيب قَالَ: أخبرني أَحْمَد بن علي بن المحتسب، أخبرنا محمد بن أبي الفوارس قال: محمد بن المؤدب لم يكن عندي بذاك، كان فيه تساهل.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 25) .
[2] في ص، ل، ت: «يؤدب» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 259، والبداية والنهاية 11/ 288) .
[4] «بن رافع» سقطت من ص، ل.
[5] في الأصل: «شهد العقبة» .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 151) .(14/250)
قال الخطيب: وحدثت عن أبي الحسن بن الفرات قال: توفي أبو بكر بن المؤدب في جمادى الأولى سنة ست وستين وثلاثمائة، وكان قريب الأمر.
2732- محمد بن الحسن بن أحمد بن إسماعيل أبو الحسن [1] السراج
[2] .
سمع يوسف بن يعقوب القاضي، وأبا شعيب الحراني، وأبا جعفر الحضرمي، وغيرهم، وكان شديد الاجتهاد في العبادة وكان يشبه بأبي يونس البغوي [3] صلى حتى أقعد، ثم بكى حتى عَمِيَ، وتوفي يوم عاشوراء من هذه السنة [4] .
__________
[1] في الأصل: «أبو الحسين» .
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 288) .
[3] في ص، ل، والمطبوعة: «القوى» .
[4] في ص، ل: «في هذه السنة» .(14/251)
ثم دخلت سنة سبع وستين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
[وفاة القرمطي صاحب هجر]
أنه ورد الخبر في صفر إلى الكوفة بوفاة. أبي يعقوب يوسف بن الحسن الجنابي [القرمطي] [1] صاحب هجر، فأغلقت أسواق الكوفة ثلاثة أيام.
وفي ربيع الأول: زلزلت بغداد.
وفي ربيع الآخر: عبر عز الدولة إلى الجانب الغربي على جسر عقده، ودخل [2] إلى قطربُّل، وتفرق عنه ديلمته [3] ، ودخل أوائل أصحاب عضد الدولة، ثم نزل عضد الدولة بالخيم في الشفيعي، وخرج الطائع متلقيا له، وضربت القباب/ المزينة، ودخل البلد، ثم خرج عضد الدولة ومعه الطائع، ليقاتل عز الدولة بختيار، فلما أراد الخروج دخل عليه أبو علي الفارسي فقال له: ما رأيك في صحبتنا؟ فقال: أنا من رجال الدعاء لا اللقاء فخار الله للملك في عزيمته وأنجح قصده في نهضته، وجعل العافية زاده والظفر تجاهه، والملائكة أنصاره، ثم إنه أنشأ يَقُولُ [4] :
ودعته حيث لا تودعه ... نفس ولكنها تسير معه
ثم تولي وفي الفؤاد له ... ضيق محل وفي الدموع سعه
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل: «ورحل» .
[3] في ص: «ديلمه» .
[4] في ص، ل: «ثم أنشد» .(14/252)
فقال: لَهُ [1] عضد الدولة: بارك الله فيك، فأني أثق بطاعتك، وأتيقن صفاء طويتك، وقد أنشدنا بعض أشياخنا بفارس:
قالوا له إذ سار جانبه [2] ... فبدلوه البعد بالقرب
والله ما شطت نوى ظاعن ... سار من العين إلى القلب
فدعا له أبو علي، وقال: ائذن [3] مولانا في نقل هذين البيتين، فأذن له فاستملاهما منه، فلما خرج للقتال التقوا فأخذ عز الدولة أسيرًا، وقتل، ثم ركب بعد ذلك عضد الدولة إلى دار الطائع للَّه في يوم الأحد لتسع خلون من جمادى الأولي، ومعه أصناف الجند، والأشراف والقضاة والشهود والأماثل، والوجوه، فخلع عليه الخلع السلطانية، وتوجه بتاج مرصع بالجوهر، وطوقه وسوره وقلده/ سيفًا وعقد له لوائين بيده أحدهما مفضفض على رسم الأمراء، والآخر مذهب على رسم ولاة العهود، ولم يعقد هذا اللواء الثاني لغيره قبله، ممن يجري مجراه، ولقبه: تاج الملة، مضافا إلى عضد الدولة، وكتب له عهدًا، وقرئ العهد بحضرته، ولم تجر العادة بذلك، وإنما كانت العهود تدفع إلى الولاة بحضرة الخلفاء، فإذا أخذه الرجل منهم قال له: هذا عهدي إليك، فاعمل [به] [4] وحمله على فرس بمركب ذهب، وقاد بين يديه آخر بمركب مثله، فخرج وجلس في الطيار إلى داره، وجلس من الغد بالخلع والتاج على السرير للهناء، وتقدم بإخراج عشرين ألف درهم في الصدقات، ففرقت على سائر الملل، وبعث إليه الطائع هدايا كثيرة طريفة، فبعث هو خمسمائة جمل، وحمل خمسين ألف ألف دينار، وألف ألف درهم، وخمسمائة ثوب أنواعًا وثلاثين صينية فضة فيها العنبر والمسك والنوافح.
وفي شهر رمضان: وردت المدود العظيمة بسامراء [5] فقلعت سكر السهلية، وتناهت زيادة دجلة حتى انتهت إلى إحدى وعشرين ذراعا، وانفجر بالزاهر من الجانب
__________
[1] «له» سقطت من ص، ل.
[2] في الأصل، ص: «أحبابه» وفي ل: «حبابة» .
[3] في ل: «أيأذن» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في ص، ل: «بتامرا» .(14/253)
الشرقي بثق غرق الدور والشوارع، وانفجر بثق من الخندق غرق مقابر باب التبن، وقطيعة أم جعفر، وخرج سكان الدور الشارعة على دجلة منها، وغار الماء من آبارها وبلاليعها، وأنقم [1] الناس نفوسهم خوفًا من غرق البلد كله، ثم نقص الماء/.
وفي يوم الأحد سابع ذي القعدة كانت بسيراف زلزلة هدمت المنازل، وأتت على ما فيها من الأموال، وهلك بها أكثر من مائتي إنسان.
وفي هذه السنة. جرت لأبي الحسين بن سمعون قصة عجيبة مع عضد الدولة.
أخبرنا بها أبو الحسن [2] علي بن المعافى الفقيه قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْبَزَّازُ قال: أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن سلامة القضاعي أجازة قال:
حدثنا أبو الحسن علي بن نصر بن الصباح قال: حدثنا أبو الثناء شكر العضدي قال:
دخل عضد الدولة إلى بغداد، وقد هلك أهلها قتلًا وحرقًا وجوعًا للفتن التي اتصلت فيها بين الشيعة والسنة، فقال: آفة هؤلاء القصاص يغرون بعضهم ببعض ويحرضونهم على سفك دمائهم، وأخذ أموالهم، فنادى في البلد لا يقص أحد في جامع ولا طريق، ولا يتوسل متوسل بأحد من أصحاب رسول الله صلَّى اللَّه عليه وسلم ومن أحب التوسل قرأ القرآن، فمن خالف فقد أباح دمه. فرفع إليه في الخبر أن أبا الحسين بن سمعون الواعظ جلس على كرسيه يوم الجمعة في جامع المنصور، وتكلم على الناس، فأمرني أن أنفذ إليه من يحصله عندي، ففعلت فدخل على رجل له هيبة، وعلى وجهه نور، فلم أملك أن قمت إليه، وأجلسته إلى جانبي، فلم ينكر ذلك وجلس غير مكترث، وأشفقت والله أن يجري عليه مكروه على يدي، فقلت: أيها الشيخ، إن هذا الملك جلد عظيم، وما كنت أوثر مخالفة أمره، وتجاوز رسمه، والآن فأنا موصلك إليه، فكما تقع عينك عليه، فقبل التراب وتلطف في/ الجواب، إذا سألك واستعن الله عليه [3] فعساه يخلصك منه.
فقال: الخلق والأمر للَّه عزَّ وجل، فمضيت به إلى حجرة في آخر الدار قد جلس فيها الملك منفردًا خيفة أن يجري من أبي الحسين بادرة بكلام فيه غلظ، فتسير به
__________
[1] في ل، ص: «وانهمّ» .
[2] في الأصل: «أبو الحسين» .
[3] في الأصل: «واستغفر فعساه» .(14/254)
الركبان [1] ، فلما دنوت من الحجرة وقفته وقلت له: إياك أن تبرح من مكانك حتى أعود إليك [2] ، وإذا سلمت فليكن بخشوع وخضوع.
ودخلت لأستأذن له، فالتفت فإذا هو واقف إلى جانبي [3] ، قد حول وجهه نحو دار بختيار، واستفتح وقرأ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) 11: 102 [4] . ثم حول وجهه نحو الملك، وقال «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ من بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) 10: 14 [5] وأخذ في وعظه فأتى بالعجب فدمعت عين الملك، وما رأيت ذلك منه قط، وترك كمه على وجهه، وتراجع أبو الحسين، فخرج ومضى إلى حجرتي فقال الملك: امض إلى بيت المال، وخذ ثلاثة آلاف درهم، وإلى خزانة الكسوة وخذ منها عشرة أثواب، وادفع الجميع إليه، فإن امتنع فقل له: فرقها في فقراء [6] أصحابك، فإن قبلها فجئني برأسه، فاشتد جزعي وخشيت أن يكون هلاكه على يدي، ففعلت وجئته بما أمر، وقلت له:
مولانا يقرئك السلام، وقال لك: استعن بهذه الدراهم في نفقتك، والبس هذه الثياب، فقال لي: إن هذه الثياب التي عليَّ مما قطعه لي أبي منذ أربعين سنة، ألبسها يوم [خروجي إلى الناس، وأطويها عند انصرافي عنهم] [7] وفيها [متعة] [8] وبقية ما بقيت، ونفقتي من أجرة دار خلفها أبي، فما أصنع بهذا؟ قلت: هو يأمرك بأن تصرفه في فقراء [9] . أصحابك. فقال: ما في أصحابي فقير، وأصحابه إلى هذا أفقر من أصحابي، فليفرقه عليهم. فعدت فأخبرته، فقال: الحمد للَّه الذي سلمه منا، وسلمنا منه.
__________
[1] في الأصل: «الركاب» .
[2] «إليك» سقطت من ص، ل.
[3] في الأصل: «إلى جانبي واقف» .
[4] سورة هود، الآية: 102.
[5] سورة: يونس، الآية: 14.
[6] في الأصل: «فرقها على أصحابك» .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/255)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2733- إبراهيم/ بن محمد بن أحمد بن محمويه، أبو القاسم النّصرآباذي أباذي [1] النيسابورىّ
[2] :
منسوب إلى نصرآباذ بنيسابور، وهي محلة من محالها، وكذلك أبو نصر [3] النّصرآباذي أباذي [4] الفقيه وجماعة.
وثم آخر يقال له أبو عمرو محمد بن عبد الله النّصرآباذي أباذي منسوب إلى نصرآباذ [من] [5] الري، كبير القدر يروي الحديث، فأما أبو القاسم، فإنه سمع الحديث الكثير من جماعة منهم: مكحول البيروتي، وكان ثقة عالمًا بالحديث، روى عنه أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو العلاء الواسطي، وصحب الشبلي، وجاور بمكة، وتوفي بها في هذه السنة.
2734- بختيار أبو منصور الملك عز الدولة بن معز الدولة أبي الحسين [أحمد] [6] بن بويه
[7] .
ملك بعد موت أبيه، وكان أحسن الناس وأشدهم جسمًا وقلبًا، وكان يصرع الثور الجلد بيديه من غير أعوان ولا حبال، يقبض على قوائمه ويطرحه إلى الأرض حتى يذبح، وكان من قوة القلب على جانب [8] عظيم يبارز الأسود في متصيداته، وخلع المطيع عليه وطوقه وسوره، وكتب عهده، فطمع ابن عمه عضد الدولة في مملكة بغداد، فخاصمه فقتل بختيار، وكان سنه يومئذ ستا وثلاثين سنة، وكانت مدة إمارته إحدى عشرة سنة وشهورا.
__________
[1] في الأصل: «البصرآبادي» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 169) .
[3] في ص: «أبو الحسين» .
[4] في الأصل: «البصراباذي» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 291) .
[8] في ص، ل: «على أمر» .(14/256)
2735- عبيد الله [1] بن عبد الله بن محمد بن أبي سمرة، أبو محمد [2] البندار، بغوي الأصل
[3] .
سمع الباغندي، روى عنه البرقاني وقال: ثقة أمين، له معرفة وحفظ، وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة.
2736- عثمان بن الحسن بن علي بن محمد، أبو يعلى الوراق، ويعرف بالطوسي
[4] .
سمع البغوي، وابن أبي داود، روى عنه البرقاني، وقال: كان ذا معرفة وفضل له تخريجات وجموع، وهو ثقة، توفي في ربيع الآخر من هذه السنة.
2737- محمد [5] بن أحمد بن عبد الله [بن نصر بن بجير] [6] أبو طاهر الذهلي القاضي
[7] .
ولد سنة تسع وتسعين ومائتين/، وسمع أبا شعيب الحراني، ويوسف بن يعقوب، وثعلبًا، وغيرهم، وولي القضاء بواسط، ثم بمدينة المنصور وبالشرقية، وكان على مذهب مالك، حدَّث ببغداد، وسمع منه الدارقطني، وكان ثقة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي [بن ثابت] [8] الحافظ أنبأنا إبراهيم بن مخلد، أنبأنا إسماعيل بن علي الخطبي قال: صرف الحسين بن عمر بن محمد القاضي عن قضاء مدينة المنصور، وولي مكانه أبو طاهر، فشهد عند قاضي القضاة عمر بن محمد، وله خاصة به، ثم ولاه القضاء بواسط إلى أن توفي عمر وأقام على حاله مدة، ثم عزله بجكم عند دخوله الى [9] واسط ونكبه وصار إلى بغداد، وأقام
__________
[1] في ت: «عبد الله» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 358) .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 307) .
[5] في الأصل: «محمد بن نصر» خطأ.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 313) .
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، و «الحافظ» سقطت من ص، ل، ت.
[9] «إلى» سقط من ص، ل، ت.(14/257)
في منزله، ثم ولي قضاء المدينة وأعمالها، وكان حسن الستر، جميل الأمر.
وقال الصوري: كان أبو طاهر قاضيًا بمصر، وبها توفي سنة سبع وستين وثلاثمائة استعفى من القضاء قبل موته.
2738- محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن عيسى بن يقطين، أبو جعفر البزاز
[1] .
سمع أبا خليفة الفضل بن الحباب، وأبا يعلى الموصلي، والباغندي، والبغوي، وسافر وكتب بالجزيرة والشام وغيرهما من البلدان، فأكثر وكان صدوقا فهما، روى عنه أبو نعيم الأصبهاني وغيره، قال أبو الحسن بن الفرات: كان أبو جعفر ثقة وانتقى عليه من الحفاظ عمر البصري، وابن المظفر، والدارقطني، وتوفي يوم الأربعاء/ ودفن يوم الخميس رابع عشرين ربيع الآخر من هذه السنة.
2739- محمد بن عبد الرحمن، أبو بكر القاضي، المعروف بابن قريعة
[2] .
روى عن أبي بكر ابن الأنباري، ولا يعرف له مسند من الحديث، وكان حسن الخاطر، يأتي الكلام مسجوعا مطبوعًا من غير تعمد، ولاه أبو السائب عتبة بن عبيد الله القاضي قضاء السندية وغيرها من أعمال الفرات، ومشى يومًا مع ابن معروف القاضي فدخلا دربا فتأخر، ثم قال لابن معروف: إن تقدمت فحاجب، وإن تأخرت فواجب، وزحمه يومًا حمار عليه راكب فقال:
يا خالق الليل والنهار ... صبرًا على الذل والصغار
كم من جواد بلا حمار ... وكم من [3] حمار على حمار
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت قال: حدثني منصور بن ربيعة الزهري قال: سمعت أبا طاهر العطار قاضي الدينور يقول: سمعت أبا سعيد السمرقندي يقول: كان ببغداد قائد يلقب بالكينا كنيته أبو إسحاق، وكان يخاطب ابن قريعة بالقاضي، فندر منه يومًا في المخاطبة أن قال لابن قريعة: يا أبا بكر. فقال له
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 211) .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 317، والبداية والنهاية 11/ 292) .
[3] في ص، ل: «ومن حمار» .(14/258)
ابن قريعة: لبيك يا أبا إسحاق! فقال القائد: يا هذا إنما بكركتك إذا قضيتنا فإذا بكركتنا فسحقناك [1] فقال القائد: ويلاه، هذا أفضح من الأول.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ مُحَمَّدٍ] أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ بن علي قَالَ: حدثني مُحَمَّد بن أبي الحسن قال: أنشدني أبو العباس] [2] أحمد بن علي النحوي قال سمعت ابن قريعة ينشد:
لي حيلة فيمن ينم ... وليس في الكذاب حيله
من كان يخلق ما يقول ... فحيلتي فيه قليلة/
توفي ابن قريعة [ليلة السبت] [3] لعشر بقين من جمادى الآخرة من هَذِهِ السنة، عن خمس وستين سنة.
__________
[1] في تاريخ بغداد 2/ 320: «إنما يكون بكورك إذا قضيتنا، فإذا بكرتنا تسحقناك» .
وفي ص، ل، ت: «تسحقناك» وفي الأصل: «إنما بكوكتك» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/259)
ثم دخلت سنة ثمان وستين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
[تقدم الطائع بأن تقام الخطبة لعضد الدولة]
أن الطائع تقدم في شعبان بأن تقام الخطبة لعضد الدولة على منابر الحضرة تالية للخطبة له، فوقع الابتداء بذلك في يوم الجمعة لتسع بقين منه، وبأن تضرب على بابه ببغداد الدبادب في أوقات الصلوات الثلاث: الغداة، والمغرب، والعشاء وهذان الأمران [1] لم يكونا من قبل ولا أطلقا لولاة العهود، ولا خطب [2] بحضرة السلطان إلا له، ولا ضربت الدبادب إلا على بابه، وقد كان معز الدولة أحب أن تضرب له الدبادب بمدينة السلام، وسأل المطيع للَّه ذاك، فلم يأذن له، ودخل عضد الدولة داره بمدينة السلام عائدًا من الموصل، وتلقاه الطائع بقطربل.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر.
2740- أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك بن شبيب بن عبد الله، أبو بكر القطيعي
[3] .
ولد في محرم سنة أربع وسبعين ومائتين، وأبوه يكنى: أبا الفضل، وحمدان لقب، وإنما اسمه أحمد، وكان يسكن قطيعة الدقيق فنسب إليها، سمع أبو بكر من
__________
[1] في ص، ل، ت: «أمران» .
[2] في الأصل: «ولا للخلفاء ولاة العهود ولا خطب» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 73، والبداية والنهاية 11/ 293) .(14/260)
إبراهيم بن إسحاق، وإسحاق بن الحسن الحربيين، وبشر بن موسى، والكديمي، والكجي، وعبد الله بن أحمد، وغيرهم، وكان كثير الحديث ثقة، روى عن عبد الله بن أحمد «المسند» و «الزهد» و «التاريخ» ، و «المسائل» وغير ذلك.
أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب، أخبرنا أبو طالب محمد بن الحسين [1] بن بكير/ قال: سمعت أبا بكر بن مالك القطيعي يقول: كانت والدتي بنت أخي [أبي] [2] عبد الله بن الجصاص، وكان عبد الله بن أحمد يجيئنا فيقرأ علينا ما نريد، وكان يقعدني [3] في حجره حتى يقال له: يؤلمك؟ فيقول: إني أحبه.
قال المصنف رحمه الله: لما غرقت القطيعة بالماء الأسود غرق بعض كتبه فاستحدث عوضها، فتكلم فيه بعضهم، وقال: كتب من كتاب ليس فيه سماعه، ومثل هذا لا يطعن به عليه، لأنه لا يجوز أن تكون تلك الكتب قد قرئت عليه، وعورض بها [4] أصله.
وقد روى عنه الأئمة كالدارقطني، وابن شاهين، والبرقاني، وأبي نعيم، والحاكم، ولم يمتنع أحد من الرواية عنه، ولا ترك الاحتجاج به.
أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب قال: لما اجتمعت بأبي عبد الله الحاكم ذكرت ابن مالك ولينته، فأنكر علي وقال: ذلك [5] شيخي، وحَسَّنَ حاله.
وقد حكى عن أبي الحسن بن الفرات أنه قال: تغير ابن مالك في آخر عمره، فكان لا يعرف شيئا مما قرئ عليه، وتوفي في هذه السنة، ودفن فِي مقابر باب حرب قريبًا من قبر الإمام أحمد [بن حنبل]
[6] .
__________
[1] في ص: «بن الحسن» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في الأصل: «وكانت والدتي» .
[4] في الأصل: «ويجوز برمها» .
[5] في الأصل: «ذاك» .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/261)
2741- تميم بن المعز
[1] قد ذكرنا أن المعز أول من ظهر من المغرب [2] [على ديار مصر] [3] وكان له أولاد منهم تميم [هذا] [4] وكان في تميم فضل، ووفاء، [5] وكرم، وفصاحة، وله شعر حسن.
أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي، قال: حدثني أبو محمد علي بن أبي عمر اليزيدي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الواحد الزبيري قال: حدثني أبو علي الحسن بن الأشكري المصري قال: كنت من جلاس [6] الأمير تميم بن المعز، وممن غلب عليه جدًا، فبعث [بي] [7] إلى بغداد فاشتريت له جارية رائعة من أفضل ما وجد في الحسن والغناء، فلما وصلت إليه أقام دعوة لجلسائه وأنا فيهم، ثم وضعت الستارة وأمرها بالغناء فغنت/:
وبدا له من بعد ما اندمل الهوى ... برق تألق موهنا لمعانه
يبدو كحاشية الرداء ودونه ... صعب الذرى متمنع أركانه
وفي غير هذه الرواية زيادة:
فبدا لينظر كيف لاح فلم يطق ... نظرًا إليه وصده سجانه
فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه ... والماء ما سمحت به أجفانه
قال: أحسنتِ، وطرب تميم، وكل من حضر، ثم غنت.
سَيُسْلِيكَ عما فات أول مفضل ... أوائله محمودة وأواخِرُهْ
ثنى الله عطفيه وألف شخصه ... على البِرِّ مُذْ شدت عليه مآزره
__________
[1] في المطبوعة: «المغز» . انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 293) .
[2] في الأصل: «بالمغرب» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في الأصل: «وقار» .
[6] في الأصل: «ممن جالس» .
[7] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.(14/262)
فطرب الأمير تميم، ومن حضر طربا شديدًا، ثم غنت:
أستودع الله في بغداد لي قمرًا ... بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه
فاشتد طرب تميم، وأفرط جدًا ثم قال لها: تَمَنَّيْ ما شئت فلك مناك. فقالت:
أتمنى عافية الأمير وبقاءه، فقال: وو الله لا بد لك أن تتمني. فقالت: علي الوفاء أيها الأمير بما أتمنى؟ فقال: نعم. فقالت: أتمنى أن أغني هذه النوبة ببغداد. فاستنقع لون تميم، وتغير لونه، وتكدر المجلس، وقام وقمنا كلنا.
قال ابن الأشكري فلحقني بعض خدمه وقال لي: ارجع، فالأمير يدعوك.
فرجعت فوجدته جالسًا ينتظرني، فسلمت وجلست بين يديه، فقال: [ويحك] [1] أرأيت ما امتحنا به. قلت: نعم أيها [2] الأمير. قال: لا بد من الوفاء لها وما أثق في هذا بغيرك، فتأهب لتحملها إلى بغداد، فإذا غنت هناك/ فاصرفها فقلت: سمعًا وطاعة، قال: ثم قمت وتأهبت، وأمرها [3] بالتأهب، وأصحبها جارية له سوداء تعاد لها وتخدمها، وأمر بناقة ومحمل فأدخلت فيه، وحملها معي، ثم سرت إلى مكة مع القافلة، فقضينا حجنا [4] ثم دخلنا في قافلة العراق، وسرنا فلما وردنا القادسية أتتني السوداء عنها فقالت: تقول لك سيدتي أين نحن، فقلت لها: نحن نزول بالقادسية. فانصرفت إليها فأخبرتها، فلم أنشب أن سمعت صوتها قد تدافع [5] بالغناء:
لما وردنا القادسية ... حيث مجتمع الرفاق
وشممت من أرض الحجاز ... نسيم أرواح العراق
أيقنت لي ولمن أحب ... بجمع شمل واتفاق
وضحكت من فرح اللقاء ... كما بكيت من الفراق
فتصايح الناس من أقطار القافلة: أعيذي باللَّه، أعيذي باللَّه. قال: فما سمع لها كلمة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في الأصل: «إيه» .
[3] في الأصل: «وأمر لها» .
[4] في الأصل: «الحج» .
[5] في ل، ت: «تدافع بالغناء» .(14/263)
قال: ثم نزلنا بالياسرية، وبينها وبين بغداد قرب في بساتين متصلة، ينزلها الناس فيبيتون ليلتهم، ثم يبكرون لدخول بغداد فلما كان قريب [1] الصباح إذا بالسوداء قد أتتني [2] مذعورة فقلت: مالك؟ فقالت: إن سيدتي ليست حاضرة، فقلت: وأين هي؟
قالت: والله ما أدري. قال: فلم أحس لها أثرًا بعد، ودخلت بغداد وقضيت حوائجي منها، وانصرفت إليه، فأخبرته الخبر، فعظم ذلك عليه، واغتم له، ثم ما زال بعد ذلك ذاكرا لها واجمًا عليها.
2742- الحسن بن عبد الله بن المرزبان، أبو سعيد السيرافي النحوي القاضي
[3] .
سكن بغداد، وولي القضاء بها، وحدث بها عن جماعة [4] عن عبد الله بن محمد [5] بن زياد، وأبي بكر بن دريد/ وغيرهما، وكان أبوه مجوسيا واسمه بهزاد [6] ، فسماه أبو سعيد عبد الله.
أخبرنا القزاز، أخبرنا الخطيب قال: سمعت رئيس الرؤساء أبا القاسم علي بن الحسن يذكر أن أبا سعيد السيرافي النحوي [7] كان يدرس القرآن، والقراءات وعلوم القرآن، والنحو، واللغة، والفقه، والفرائض، والكلام، والشعر، والعروض، والقوافي، والحساب، وذكر علومًا سوى هذه، وكان من أعلم الناس بنحو البصريين، وينتحل مذهب أهل العراق في الفقه، وقرأ على أبي بكر بن مجاهد القرآن، وعلى ابن دريد اللغة ودرسا جميعًا عليه النحو، وقرأ على أبي بكر بن السراج، وعلى أبي بكر المبرمان [8] النحو، وقرأ أحدهما عليه القرآن، ودرس الآخر عليه الحساب، وكان زاهدًا لا يأكل إلا من كسب يده- فذكر جدي أبو الفرج عنه أنه كان لا يخرج إلى مجلس
__________
[1] في الأصل: «قرب» .
[2] في ص، ل، ت: «بالسوداء أتتني» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 341، والبداية والنهاية 11/ 294) .
[4] «عن جماعة» سقطت من ص، ل، ت.
[5] في الأصل: «محمد بن عبد الله» .
[6] في الأصل: «بهزاد» .
[7] «النحويّ» سقطت من ص، ل، ت.
[8] في الأصل: «البرمان» .(14/264)