وفيها: أسر مَازيار فضرب خمسمَائة سوط، فمَات من يومه، وَكَانَ خلع بطبرستان [1]- وصلب إِلَى جانب بابك بسامراء.
وحج بالناس/ في هذه السنة مُحَمَّد بْن داود.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1280- إبراهيم بْن مهدي [2] .
بغدادي نزل المصيصه، فقيل لَهُ: المصيصي، حدث عن إبراهيم بْن سعد، وحمَاد بْن زيد، وغيرهمَا. رَوَى عنه: أحمد بْن حنبل، وأبو داود، وعباس الدوري.
وَكَانَ ثقة.
وتوفي في هذه السنة.
1281- إبراهيم بْن أبي محمد يحيى بْن المبارك بْن المغيرة، أبو إسحاق العدوي، المعروف بابن اليزيدي البصري [3] .
سكن بغداد، وله فضل وافر، وحظ من الأدب زائد [4] ، سمع من أبي زيد والأصمعي، وجالس المأمون، وَكَانَ شاعرا مجيدا، وله كتاب مصنّف يفتخر به اليزيدون، وَهُوَ مَا اتفق لفظه واختلف معناه نحو من سبعمَائة ورقة، وذكر أنه بدأ بتصنيفه وَهُوَ ابْن سبع عشرة سنة، ولم يزل يعمله إِلَى أن أتت [5] عَلَيْهِ ستون سنة، وله كتاب «معادن القرآن» [6] وكتاب « [فِي] [7] بناء الكعبة وأخبارها» .
__________
[1] في ت: «أسر مازيار وكان خلع بطبرستان فضرب خمسمائة ... » .
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 178.
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 209.
[4] «زائد» ساقطة من ت.
[5] «أتت» ساقطة من ت.
[6] في ت: «مصادر القرآن» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/100)
1282- سعيد بْن سليمَان، أبو عثمَان الواسطي، المعروف بسعدويه البزار [1] .
سكن بغداد، وحدث بِهَا عن الليث بْن سعد، وزهير بْن معاوية، وحمَاد بْن سلمة وغيرهم. روى عَنْهُ: يحيى بْن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وغيرهم، وَكَانَ ثقة مأمونا، حج ستين حجه، إلا أنه كَانَ يصحف، وامتحن فأجاب.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي، أخبرنا محمد بْن عبد الواحد/، أَخْبَرَنَا الْوَلِيد بْن بكر، حَدَّثَنَا علي بْن أحمد بْن زكريا [2] الهاشمي، 46/ ب حَدَّثَنَا أبو مسلم صالح بْن أحمد العِجْليّ قَالَ: حدثني أبي قَالَ: سعيد بْن سليمَان ويعرف بسعدويه ثقة، قيل له بعد ما انصرف من المحنة مَا فعلتم؟ قَالَ: كفرنا ورجعنا [3] .
توفي سعدويه [4] ببغداد في هذه السنة فِي ذي الحجة [5] ، وله مَائة سنة.
1283- صالح بْن إسحاق بْن عمرو الجرمي النحوي [6] .
صاحب الكتاب «المختصر فِي النحو» وإنمَا قيل لَهُ الجرمي لأنه كَانَ ينزل فِي جرم [وقيل: بل كَانَ مولى لجرم] [7] ، وجرم من قبائل اليمن، وأخذ النحو عن الأخفش وغيره، ولقي يونس بْن حبيب وَلَم يلق سيبويه، وأخذ اللغة عن أبي عبيدة، وأبي زيد، والأصمعي، وطبقتهم، وأسند الحديث عَنْ يزيد بْن زريع وغيره، وَكَانَ حسن الاعتقاد، غزير العلم، وناظر الفراء فأفحم الفراء.
توفي في هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 84.
[2] في ت: «بن بكر» .
[3] تاريخ بغداد 9/ 86.
[4] في ت: «سعيد» .
[5] في ت: «في ذي الحجة من هذه السنة» .
[6] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 313- 315.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/101)
1284- عبيد بْن غاضرة بْن فرقد، أبو عثمَان العبدي [1] .
قدم مصر وحدث بِهَا، وتوفي فِي شوال هَذِهِ السنة.
1285- عَلي بْن رزين [2] ، أبو الحسن الخراساني.
كَانَ أستاذ أبي عبد الله المغربي.
أَخْبَرَنَا عمر بْن ظفر، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو جعفر بْن أحمد بْن عبد الواحد [3] ، أخبرنا عبد العزيز بْن عَلي، أَخْبَرَنَا ابن جهضم، حَدَّثَنَا أحمد بْن محمد بْن علي بْن هارون قَالَ: سمعت إبراهيم بْن شَيْبَان قَالَ: كَانَ علي بْن رزين قد شاع عنه [4] فِي الناس أنه يشرب فِي كل أربعة أشهر شربة مَاء، فسأله رجل من أهل قرميسين [5] عن هَذَا، فَقَالَ:
نعم، وأي شيء فِي هَذَا؟! سألت الله عز وجل أن يكفيني مئونة بطني فكفاني.
عاش علي بْن رزين مَائة وعشرين سنة. وتوفي في هذه السنة، ودفن على جبل الطور.
47/ أ
1286- القاسم بْن عيسى بْن إدريس بْن معقل، أبو دلف/ العجلي أمير الكرج [6] .
كَانَ سمحا جوادا، وبطلا شجاعا، وأديبا شاعرا.
أَخْبَرَنَا [أبو منصور بْن عَبْد الرَّحْمَنِ] القزاز، أَخْبَرَنَا [أبو بكر] [7] الخطيب، أَخْبَرَنَا الأزهري، أَخْبَرَنَا أحمد بْن إبراهيم بْن الحسن، حَدَّثَنَا أحمد بْن مروان المكي، حَدَّثَنَا المبرد، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ الثوري قَالَ: استهدى المعتصم من أبي دلف كلبا أبيض [كان عنده] [8] فجعل في عنقه قلادة كيمخت أقصر [9] ، وكتب عليها:
__________
[1] العبديّ: هذه النسبة إلى عبد قيس في ربيعة بن نزار، وهو عبد القيس بن أفص بن دعمس بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار، (الأنساب 8/ 355) .
[2] في ت: «زرين» .
[3] «بن عبد الواحد» ساقطة من ت.
[4] «عنه» ساقطة من ت.
[5] في ت: «قنسرين» .
[6] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 12/ 416- 423 وفي الهامش عنوان: «الأمير أبو دلف» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في ت: «أخضر» .(11/102)
أوصيك خيرا به فإن لَهُ ... خلائقا لا أزال أحمدها [1]
يدل ضيفي علي فِي ظلم الليل ... إذا النار نام موقدها
قَالَ الأزهري: وفي كتابي عن سهل الديباجي، حَدَّثَنَا أحمد بْن محمد بْن الفضل الأهوازي قَالَ: أنشد بكر بْن النطاح أبا دلف:
مثال أبي دلف أمة ... وخلق أبي دلف عسكر
وإن المنايا إلى الدار عين ... بعيني أبي دلف تنظر
[قَالَ] [2] : فأمر لَهُ بعشرة آلاف درهم، فمضى فاشترى بِهَا بستانا بنهر الأبلة، ثم عاد من قابل فأنشده:
[بك] [3] ابتعت فِي نهر الأبلة جنة ... عَلَيْهَا قصير بالرخام مشيد
إِلَى لزقها [4] أخت لها يعرضونها ... وعندك مَال للهبات [5] عتيد
فَقَالَ أبو دلف: بكم الأخرى؟ قَالَ: بعشرة آلاف فَقَالَ: ادفعوها إليه، ثم قال له:
لا تجيني قابل، فتقول بلزقها [6] أخرى، فإنك تعلم أن [7] لزق أخرى إِلَى أخرى اتصل [8] إِلَى مَا لا نهاية لَهُ [9] .
/ أَخْبَرَنَا [أبو منصور] عَبْد الرحمن بن محمد قال: [أخبرنا أبو بكر] [10] بن ثابت، 47/ ب أخبرنا الحسن بن محمد الخلال، حَدَّثَنَا أحمد بْن إبراهيم البزار، أَخْبَرَنَا أحمد بْن مروان المَالكي، حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن علي الربعي، حَدَّثَنَا أبي قَالَ: سمعت العتابي [11] يقول: اجتمعنا عَلَى باب أبي دلف جمَاعة، فكان يعدنا بأمواله من الكرج وغيرها، فأتته الأموال، فبسطها على الأنطاع، وجلسنا حوله، ثم اتكأ عَلَى قائم سيفه وأنشأ يقول:
ألا أيها الزوار لا يد عندكم ... أياديكم عندي أجل وأكبر
فإن كنتم أفردتموني بالرجاء [12] ... فشكري لكم من شكركم لي أكثر
__________
[1] في ت: «خصايلا» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «إلى جنبها» .
[5] في ت: «للزمان» .
[6] في الأصل: «بجنبها» .
[7] في الأصل: «تعلم لو» .
[8] في ت: «كل إلى أخرى تصل إلى..» .
[9] تاريخ بغداد 12/ 417، 418.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] في الأصل: «العتاني» .
[12] في ت: «فإنكم أفردتموني بلدها للرخاء» .(11/103)
كفاني من مَالي دلاص وسابح ... وأبيض من صافي الحديد مغفر
ثم أمر بنهب تلك الأموال، فأخذ كل واحد منا [1] عَلَى قدر قوته [2] .
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بَكْر [أَحْمَد بْن عَلِي] [3] بْن ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا أحمد بن عمر بن روح، أخبرنا المعافى بْن زكريا، حَدَّثَنَا الحسين بْن القاسم الكوكبي، حَدَّثَنَا أبو الْفَضْل الربعي، عن أبيه قَالَ: قَالَ المأمون يومَا- وَهُوَ مقطب- لأبي دلف:
أنت الذي يقول فيك الشاعر:
إنمَا الدنيا أبو دلف ... بين باديه [4] ومحتضره
فإذا ولى أبو دلف ... ولت الدنيا على أثره
فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، شهادة زور، وقول غرور، وملق معتف [5] ، وطالب عرف، وأصدق منه قول [6] ابْن أخت لي حيث يقول:
دعيني أجوب الأرض ألتمس الغنى ... فلا الكرج الدنيا ولا الناس قاسم
إذا كانت الأرزاق فِي كف قاسم ... فلا كانت الدنيا ولا كَانَ قاسم
48/ أ/ فضحك المأمون وسكن غضبه [7] .
توفي أبو دلف ببغداد في هذه السنة [8] .
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا [أبو بكر] [9] أحمد بن علي، أَخْبَرَنَا الحسن بْن أبي طَالِب، حَدَّثَنَا يوسف بْن عمر القواس، حَدَّثَنَا الحسين بْن إسمَاعيل، حَدَّثَنَا عبد الله بْن أبي سعد، حَدَّثَنَا محمد بْن سلمة البلخي، حَدَّثَنَا محمد بن علي
__________
[1] «منا» ساقطة من ت.
[2] تاريخ بغداد 12/ 418، 419.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «عند مفراه» .
[5] «وملق معتف» ساقطة من ت.
[6] «قوله» ساقطة من ت.
[7] تاريخ بغداد 12/ 421، 422.
[8] «فضحك المأمون وسكن غضبه. توفي أبو دلف بغداد في هذه السنة» ساقطة من ت.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/104)
القوهستاني حَدَّثَنَا دلف بْن أبي دلف قَالَ: رأيت كأن آتيا أتاني بعد موت أبي دلف فَقَالَ:
أجب الأمير، فقمت معه، فأدخلني دارا وحشة، وعرة سود الحيطان مقلعة السقوف والأبواب، ثم أصعدني درجا فيها، ثم أدخلني غرفة فإذا فِي حيطانها أثر النيران، وإذا فِي أرضها أثر الرمَاد، وإذا أبي عريان واضع رأسه بين ركبتيه، فَقَالَ لي كالمستفهم:
دلف؟ قلت: نعم، أصلح اللَّه الأمير. فأنشأ يقول:
أبلغن أهلنا ولا تخف عنهم ... مَا لقينا فِي البرزخ الخناق
قد سئلنا عن كل مَا قد فعلنا ... فارحموا وحشتي ومَا قد ألاقي
أفهمت؟ قلت: نعم، فأنشأ يقول:
فلو كنا [1] إذا متنا تركنا ... لكان الموت راحة كل حي
ولكنا إذا متنا بعثنا ... ونسأل بعد ذا عن كل شيء
انصرف، قَالَ: فانتبهت [2] .
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قَالَ أَخْبَرَنَا [أبو بكر] الخطيب أَخْبَرَنَا [أبو يعلي أَحْمَد بْن] [3] عبد الواحد الوكيل، أَخْبَرَنَا محمد بْن جعفر التميمي، أَخْبَرَنَا الصولي قَالَ: تذاكرنا يومَا عند المبرد الحظوظ وأرزاق الناس من حيث [4] لا يحتسبون، فَقَالَ:
هَذَا يقع كثيرا فمنه قول ابْن أَبِي فنن فِي أبيات عملها المعنى أراده: / 48/ ب
مَا لي ومَا لك قد كلفتني شططا ... حمل السلاح وقول الدارعين قف
أمن رجال المنايا خلتني رجلا ... أمسى وأصبح مشتاقا إِلَى التلف
تمشي المنون إِلَى غيري فأكرهها ... فكيف أمشي [5] إليها بارز الكتف
أم هل حسبت سواد الليل شجعني ... أو أن قلبي فِي جنبي أبي دلف
فبلغ هَذَا الشعر أبا دلف فوجه إليه أربعة آلاف درهم جاءته على غفلة [6] .
__________
[1] في ت: «فلو أنا» .
[2] هذا الخبر مذكور في ت في نهاية الترجمة. انظر الخبر في: تاريخ بغداد 12/ 423.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «الحظوط والأرزاق من حيث» .
[5] في ت: «فكيف أسعى» .
[6] تاريخ بغداد 12/ 419.(11/105)
بلغني عن الفضل بْن محمد بْن أبي محمد اليزيدي وَكَانَ من العلمَاء الأدباء الفضلاء [1] ، قَالَ: كَانَ لرجل حجازي جارية مغنية شاعرة، وَكَانَ مشغوفا بِهَا، فأملق فِي بلده، فسافر بِهَا طلبا للرزق، فقصد [2] بغداد فسمع به جمَاعة من أهلها فقصدوه للمعاشرة، فلم يحظ منهم بطائل، ورآهم يلاحظون الجارية ويولعون بِهَا، فقطعهم عنه [3] ، فاشتدت فاقته [4] ، فقصد أبا دلف العجلي بالكرج، فمدحه ولم يك شعره بالطائل [5] بحيث يقتضي كثرة الجائزة، فاضطر إِلَى بيع الجارية، فابتاعها منه أبو دلف بثلاثة آلاف دينار، وكساه ووصله وحمله، فانصرف وَهُوَ باك حزين، فوصل إِلَى بغداد، وَكَانَ يحضر عندي دائمَا ويشكو شوقه إِلَى الجارية شكوى تؤلمني [6] ، فانصرف من عندي يومَا، ثم بعث إلي برقعة يقول فيها: إنه وصل إِلَى منزله فوجد الجارية وقد أهداها لَهُ أبو دلف، فتطلعت نفسي إِلَى معرفة الحال، فمضيت إليه فوجدت الجارية 49/ أجالسة، وامرأة كهلة وخادمَا، فسألتها عن أمرها [7] ، فقالت: إني لمَا فارقت/ مولاي عظم استيحاشي وحزني، حَتَّى امتنعت من الطعام والنوم، فاستدعاني أبو دلف، وطيّب نفسي بكل وعد جميل، وسامني الغنى، فكنت إذا هممت بإجابته خنقتني العبرة، فلم أستطع الكلام، وفعل ذلك دفعات، وأنا عَلَى حالي، فجفاني وبقيت [8] فِي حجرة أفردت لي، لا أرى [9] إلا خادمَا [ربمَا] [10] كَانَ برسم حفظي، وجارية وكلت بخدمتي، وكنت قلت أبياتا وعلقتها فِي رقعة، أنظر فيها وقت خلوتي، [وهي:] [11]
لو يعلم القاسم العجلي مَا فعلا ... لعاد معتذرا أو مطرقا خجلا
مَاذا دعاه إِلَى هجر المروة فِي ... تفريق إلفين كانا فِي الهوى مثلا
فإن مولاي أصمته الخطوب بمَا ... لو مر بالطفل عاد الطفل مكتهلا
فباعني بيع مضطر وصيره ... فرط الندامة بعد البين مختبلا
وبت [12] عادمة للصبر باكية ... كأنني مدنف قد شارف الأجلا
__________
[1] في ت: «الفصحاء» .
[2] في ت: «فدخل» .
[3] في ت: «فانقطع عنهم» .
[4] في ت: «فاشتدت ناقته» .
[5] «بالطائل» ساقطة من ت.
[6] في ت: «تؤملني» .
[7] في ت: «عن حالها» .
[8] في ت: «وجعلني» .
[9] في ت: «ثم لا أرى» .
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] في ت: «وتب» .(11/106)
بين الضرائر أدعى بالغريبة إن ... هفوت لم ألق [1] لي فِي الناس محتملا
فمَا تبدلت إلفا بعد فرقته ... ولا تعوض مني غادر بدلا
فاتفق أنه اجتاز بباب الحجرة، فدخل لينظر هل خف مَا أجده، فجلس يعاتبني، ويرفق بي ويومئ فِي كلامه إِلَى تهديدي، فوجدني على حالتي الأولى، ولا حظ الرقعة، فأخذها فتأملها وقَالَ: الآن يئست [2] منك، وإن رددتك عَلَى مولاك [3] فمن يرد المَال علي؟ قلت: قانصه يرده عليك أو مَا [4] بقي منه وَهُوَ الأكثر بلا شك والله [5] عز وجل/ يخلف عليك باقيه. فأطرق ساعة ثم قَالَ: بل اللَّه عز وجل يخلف [6] 49/ ب علي الأصل، وقد رددتك عَلَى مولاك، ووهبت لك مَا بقي عنده من ثمنك لحسن عهدك ورعايتك حق الصحبة، ومَا أفارق موضعي إلا وأنت عَلَى الطريق فاستتري مني [7] ، فلست الآن فِي ملكي. فدخلت بيتا فِي الحجرة، فاستدعى كرسيا فجلس [عَلَيْهِ] [8] ، وأحضر هَذِهِ العجوز وهي قهرمَانة داره، وهذا الخادم، وأوصاهمَا بحفظي حَتَّى يسلمَاني إِلَى صاحبي، وأزاح العلة فِي جميع مَا احتجت إليه من النفقة والكسوة والكراع، وحمل [9] معي جميع مَا كَانَ جعله فِي داره من الأثاث والفرش، ومَا فارق الكرسي إلا وقد [10] خرجنا من بين يديه. فقلت: يَا مولاي، قد حضرني بيتان أسألك أن تأذن لي فِي إنشادهمَا. فأذن لي، فقلت:
لم يخلق الله خلقا صيغ من كرم ... إلا أمير الندى المكنى أبا دلف
رثى لمحزونة بالبين مدنفة ... فردها طالبا أجرا عَلَى دنف
فدمعت عيناه وقال: أحسنت، وأمر لي بخلعة ومَائة [11] دينار، فحمل ذلك إلي وسرت قَالَ اليزيدي: فعجبت من ذلك، وكانت ليلة نوبتي فِي السمر عند المأمون، فقلت لَهُ: يَا أمير الْمُؤْمِنِين، عندي حديث مستطرف نادر [12] ، فقال: هات يا فضل.
__________
[1] في ت: «بالغربية إن هوت لم آلف» .
[2] في ت: «ماست» .
[3] في ت: «إلى مولاك» .
[4] في ت: «عليك ما بقي» .
[5] في ت: «بلا شك الرزاق» .
[6] في ت: «بل يخلف الله عز وجل» .
[7] في ت: «فاشترى مني» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في ت: «وجمع معي» .
[10] في ت: «وما فارق الكرسي حتى وقد ... » .
[11] في ت: «وأمر لي بثوب ومائة» .
[12] في ت: «نادر مستطرف» .(11/107)
فأعدت عَلَيْهِ الحديث [1] عن آخره، فاستحسنه وعجب منه وقال: ما قصرت الجارية في 50/ أحفظ عهد من رباها، ومَا قصر [2] القاسم فِي فعله، ونحتاج أن/ نقوي عزمه فِي مثل هَذَا الفعل الجميل الذي هُوَ معدود فِي مفاخر أيامنا، فإذا أصبحت فاغد إِلَى أحمد بن أبي طاهر، وقل له احتسب للقاسم العجلي بثلاثة آلاف دينار من معاملاته وأنفذ لَهُ درزا يقبض المَال [3] لذلك، واكتب أَنْت إليه وعرفه [4] انتهاء الحال إلينا وإحمَادنا لمَا اعتمد ليزداد حرصا عَلَى انتهاز الفرص فِي مثل هَذِهِ المكرمة، فبادرت لمَا أمر به [5] وتنجزت الدرز بالمَال وجعلته درج كتابي [6] ، وسلمته إِلَى صاحب الحرس لينفده عَلَى البريد، فلم تمض [إلا] [7] أيام حَتَّى عاد جوابه يشكرني، وَيَقُولُ: أمَا ثمن الجارية فوصل، واغتبطت بنعمة أَمِير الْمُؤْمِنِينَ فِي تعويضي إلا أنه مَال أخرجته من فضل إحسانه، ومَا أحب ارتجاعه، لكني قبلته طاعة وحملت إليك منه ألفا لقضاء حقك [8] ، وتقدمت بتفريق الباقي منه عَلَى من بهذه الديار من بني هاشم، وأعلمتهم أن كتاب [9] أَمِير الْمُؤْمِنِينَ ورد بأنه انتهى إليه اختلال أحوالهم، فأمر بتعهدهم بذلك، فأكثروا الشكر والدعاء.
قَالَ اليزيدي: فأنهيت ذلك إِلَى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، فتهلل وجهه وقال: إنه ليسرني أن يكون مِمَّنِ [10] اتسع حظه من خير أيامي جمَاعة منهم [11] القاسم بْن عيسى.
1287- منصور بْن عمَار بْن كثير، أبو السري الواعظ [12] .
من أهل خراسان. وقيل: من أهل البصرة، سكن بغداد، وحدث بِهَا عن ليث بْن سعد، وابن لهيعة وغيرهما، روى عنه: أبو بكر بن علي بن حزم [13] .
50/ ب أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ [14] ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أحمد بن علي [15] ، / أخبرنا محمد بن
__________
[1] في الأصل: «له الحديث» .
[2] في ت: «ولا قصر» .
[3] في ت: «وانفذ له روزرونا» .
[4] «وعرفه» ساقطة من ت.
[5] «به» ساقطة من ت.
[6] في ت: «في كتابه» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ت: «قضا لحقك» .
[9] في ت: «إن كانت» .
[10] في ت: «فيمن» .
[11] في ت: «مثل» .
[12] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 13/ 71- 79.
[13] في ت: «روى عنه ابنه حزم» .
[14] «القزاز» ساقطة من ت.
[15] في ت: «أبو بكر محمد بن علي» .(11/108)
عَلِيّ الصوري، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ الأزدي، حَدَّثَنَا عبد الواحد بْن مُحَمَّد بْن مسرور، حَدَّثَنَا أَبُو سعيد [1] بْن يونس قَالَ: منصور بْن عمَار يكنى أبا السري، قدم مصر وجلس يقص عَلَى النّاس، فسمع كلامه الليث بْن سعد، فاستحسن قصصه وفصاحته، فذكر أن الليث قَالَ لَهُ: مَا الذي أقدمك إِلَى بلدنا؟ [2] قَالَ: طلبت أن أكسب بِهَا ألف دينار فَقَالَ [لَهُ] [3] الليث: فهي لك علي وصن كلامك هَذَا الحسن، ولا تتبذل. فأقام بمصر فِي جملة الليث بْن سعد فِي جرايته، إِلَى أن خرج عن مصر فدفع إليه الليث بْن سعد [4] ألف دينار، ودفع إليه بنو الليث [أيضا] [5] ألف دينار، فخرج وسكن بغداد [وتوفي بِهَا. وَكَانَ فِي قصصه وكلامه شيئا عجبا لم يقص عَلَى الناس مثله.
أَخْبَرَنَا أبو منصور، أَخْبَرَنَا أبو بكر] [6] أخبرنا الأزهري، أنبأنا ابن بطة، أَخْبَرَنَا إبراهيم بْن جَعْفَر التستري قَالَ: سمعت أبا الحسن علي بْن الحسن الواعظ يقول:
سمعت أبا بكر الصَّيْدلانيّ يقول: سمعت سليم بْن منصور بْن عمَار يقول: رأيت أبي منصورا فِي المنام فقلت: مَا فعل بك ربك؟ فَقَالَ: إن الرب قربني وأدناني وقال [لي] [7] : يَا شيخ السوء، تدري لم غفرت لك؟ قال: فقلت: لا يَا إلهي، قَالَ: إنك جلست للناس مجلسا فبكيتهم، فبكى فيهم عبد من عبادي لم يبك من خشيتي [8] قط.
فغفرت لَهُ، ووهبت أهل المجلس كلهم لَهُ [9] ، ووهبتك فيمن وهبت لَهُ [10] .
أَخْبَرَنَا محمد بْن [أبي] [11] القاسم، أنبأنا رزق الله بْن عبد الوهاب عن أبي عَبْد الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ قَالَ: سمعت أبا بكر الرازي يقول [سمعت أبا العباس القاضي يقول:] [12] سمعت أبا الحسين [13] يَقُولُ: رأيت منصور بْن عمَار فِي المنام، فقلت لَهُ: مَا فعل الله بك؟ قَالَ: وقفت بين يديه فَقَالَ لي: أنت الذي كنت تزهد الناس فِي الدنيا وترغب عنها [14] ، قلت: قد كَانَ ذلك، ولكن مَا اتخذت مجلسا إلا وبدأت بالثناء عليك
__________
[1] في ت: «أبو سعد» .
[2] في ت: «إلى بلادنا» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «بن سعد» ساقطة من ت.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في الأصل: «من خير قط» .
[9] في الأصل: «كله له» .
[10] تاريخ بغداد 13/ 79.
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] ما بين المعقوفتين من هامش الأصل.
[13] في ت: «أبا الحسن السعداني» .
[14] في ت: «وترغب فيها» .(11/109)
51/ أو [ثنيت] [1] بالصلاة عَلَى نبيك وثلثت/ بالنصيحة لعبادك. فَقَالَ: صدق، ضعوا [2] لَهُ كرسيا فِي سمَائي فمجدني فِي سمَائي بين ملائكتي كمَا مجدتني فِي أرضي بين عبادي.
توفي منصور في هذه السنة ببغداد، وقبره ظاهر بمقبرة باب حرب قريبا من بشر الحافي.
1288- مخة أخت بشر الحافي [3] .
وَكَانَ لبشر ثلاث أخوات مخة، ومضغة وزبدة، والمشهور بذكر الورع [4] مخة.
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا [أبو بكر] [5] أحمد بن علي بن ثابت قال: حَدَّثَنِي [6] عبد العزيز بْن أحمد الكتاني، حَدَّثَنَا عبد الوهاب بْن عبد الله المزني قَالَ: سمعت أبا بكر الأحنف يقول: سمعت عبد الله بْن أحمد يقول:
جاءت مخة أخت بشر الحافي إِلَى أبي فقالت لَهُ: إني امرأة رأس مَالي دانقين [7] ، أشتري القطن فأغزله [8] وأبيعه بنصف درهم وأتقوت بدانق من الجمعة إِلَى الجمعة، فمر ابْن طاهر الطائف ومعه مشعل، فوقف يكلم أصحاب المسالح فاستغنمت ضوء المشعل فغزلت طاقات، ثم غاب عني المشعل فعلمت أن للَّه فِي مطالبة [9] ، فخلصني خلصك الله، فَقَالَ لها: تخرجين الدانقين ثم تبقين بلا رأس مَال حَتَّى [10] يعوضك اللَّه خيرا منه. قَالَ عبد الله: فقلت لأبي يَا أبه لو قلت لها: لو أخرجت [11] الغزل [12] الذي فيه الطاقات، فَقَالَ: يَا بني، سؤالها لا يحتمل التأويل. ثم قَالَ: من هَذِهِ؟ قلت: مخة أخت بشر الحافي فقال: من هاهنا أتيت [13] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «دعوا له» .
[3] انظر ترجمتها في: تاريخ بغداد 14/ 436- 438.
[4] في ت: «والمشهور بالورع» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] «أحمد بن علي بن ثابت قال» ساقطة من ت.
[7] في ت: «دافقين» .
[8] في ت، وتاريخ بغداد: «فأردنه وأبيعه» .
[9] في ت: «مهل عليّ فيه مطالبة» .
[10] «حتى» ساقطة من ت.
[11] في الأصل: «أحرقت» .
[12] «الغزل» ساقطة من ت.
[13] تاريخ بغداد 14/ 437.(11/110)
ثُمّ دخلت سنة ست وعشرين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
مَا ذكر ابْن حبيب الهاشمي فِي ليلة الاثنين النصف من جمَادى الآخرة/ مطر [1] 51/ ب أهل تيماء مطرا وبردا كالبيض، فقتل بها [2] ثلاثمائة وسبعين [3] إنسانا، وهدم دورا، وسمع فِي ذلك صوت يقول: ارحم عبادك، اعف عن عبادك، ونظروا إِلَى أثر قدم طولها ذراع بلا أصابع وعرضها شبرين [4] ، من [5] الخطوة إِلَى الخطوة خمسة أذرع أو ست، فاتبعوا الصوت، فجعلوا يسمعون صوتا ولا يرون شخصا.
وحج بالناس في هذه السنة مُحَمَّد بْن داود [بْن عيسى] [6] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1289- الأفشين الأمير الكبير، واسمه حيدر بْن ساووس [7] .
وقد سبقت أخباره، وأنه اتهم بدين المجوسية، واتهم بأنه أراد قتل المعتصم،
__________
[1] «مطر» ساقطة من ت.
[2] «بها» ساقطة من ت.
[3] في ت: «وتسعين» .
[4] في الأصل: «وعرضها شبر» .
[5] «من» ساقطة من ت.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في ت: «حبله بن كاروس» .(11/111)
وأن ينقل الملك إِلَى الأعاجم، وأن المعتصم غضب عَلَيْهِ، وحبسه وقيده، فبقي مدة ثم مات في هذه السنة.
وقيل: بل قتله وصلبه بإزاء بابك، وذلك فِي شوال هَذِهِ السنة.
وقال أبو بكر الصولي: مَات فِي الحبس، وصلب بعد ذلك [1] بباب العامة فِي شعبان [2] ، وأحضرت أصنام كانت حملت إليه من أشروسنة، فضربت بالنار، وطرح الأفشين فيها، فأحرق وذرى [وذلك في [3] شعبان] .
1290- عبد الجبار بْن سعيد بْن سليمَان بْن نوفل [4] بْن مَاحق [5] .
ولي إمرة المدينة مرة بعد مرة، وولي قضاءها للمَامون، وَكَانَ أجمل قرشي وأحسنه وجها، وأجوده لسانا، وتوفي [6] وَهُوَ شيخ قريش في هذه السنة. وَكَانَ [7] قد بلغ ثلاثا وثمَانين سنة، وَكَانَ آخر ولد سعيد لأنهم انقرضوا.
1291- علي بْن الحكم [أبو الحسن] [8] المروزي [9] .
سمع أبا عوانة، وابن المبارك، والمبارك بْن فضالة/، وغيرهم، روى عنه أحمد بْن حنبل، والبخاري فِي الصحيح.
وتوفي في هذه السنة.
1292- عنان.
مولدة من مولدات اليمَامة، وبها نشأت وتأدبت، واشتراها النطاف ورباها، وكانت صفراء جميلة الوجه شكلة، سريعة البديهة فِي الشعر، تجاوب فحول الشعراء، جاءها رجل فَقَالَ أجيزي [10] :
ومَا زال يشكو الحب حَتَّى حسبته ... تنفس من أحشائه أو تكلما
__________
[1] «بعد ذلك» ساقطة من ت.
[2] «في شعبان» ساقطة من ت.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «بن نوفل» ساقطة من ت.
[5] في ت: «مساحق» .
[6] في الأصل: «وقرى» .
[7] «وكان» ساقطة من ت.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] انظر ترجمته في: تقريب التهذيب 2/ 35.
[10] «أجيزي» ساقطة من ت.(11/112)
فقالت [1] :
ويبكي فأبكي رحمة لبكائه ... إذا مَا بكى دمعا بكيت لَهُ دمَا
وَكَانَ الرشيد قد طلبها من مولاها، فَقَالَ: لا أبيعها بأقل من مائة ألف، فبعث الرشيد فأحضرها، ثم ردها، فتصدق الناطفي لمَا رجعت [2] بثلاثين ألف درهم، فلما مات مولاها أخرجت إلى السوق، فبلغ بِهَا مسرور مَائتي ألف درهم [3] ، فزاد رجل واشتراها، وأخرجها إِلَى خراسان، فمَاتت هناك.
1293- غسان بْن الربيع بْن منصور، أبو محمد الغساني الأزدي [4] .
من أهل الموصل، سمع حمَاد بْن سلمة، روى عنه أبو يعلى الموصلي [5] .
وأحمد بْن حنبل، ويحيى بْن إِبْرَاهِيم الحربي، وَكَانَ نبيلا فاضلا ورعا.
توفي بالموصل في هذه السنة.
1294- يحيى بْن يحيى بْن بكير بْن عَبْد الرَّحْمَنِ، أبو زكريا التميمي المنقري [6] .
من ولد قيس بْن عاصم المنقري. وقال البخاري: ويقال: هُوَ مولى بني منقر من بني سعد.
سمع من مَالك، والليث بْن سعد، وابن لهيعة وغيرهم، وَكَانَ عالمَا خيرا ورعا [7] ، وَكَانَ ابْن رَاهَوَيْه يقول: مَا رأيت مثل يحيى بْن يحيى، ومَا رأى مثل نفسه.
/ أنبأنا إسمَاعيل بْن أحمد قَالَ: أنبأنا أبو القاسم يوسف بْن الحسن التفكري 52/ ب قَالَ: سمعت أبا علي الحسن بْن علي بْن بندار الريحاني يقول: كَانَ يحيى بْن يحيى يحضر مجلس مالك، فانكسر قلمه، فناوله المأمون قلمَا من ذهب- أو مقلمة من ذهب-
__________
[1] في ت: «فقال لها أجيزي» .
[2] «لما رجعت» ساقطة من ت.
[3] «درهم» ساقطة من ت.
[4] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 12/ 329- 330.
[5] «سمع حمَاد بْن سلمة، روى عنه أبو يعلى الموصلي» ساقطة من ت.
[6] انظر ترجمته في: تقريب التهذيب 2/ 360.
[7] «وكان عالما خيرا ورعا» ساقطة من ت.(11/113)
فلم يقبل [1] ، فَقَالَ لَهُ المأمون: مَا اسمك؟ قَالَ: يحيى بْن يحيى النيسابوري قَالَ:
تعرفني؟ قَالَ: نعم، أَنْت المأمون ابْن أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، قال: فكتب المأمون على ظهر جزوة [2] : ناولت يحيى بْن يحيى النَّيْسابوريّ [3] قلمَا فِي مجلس مَالك فلم يقبله، فلمَا أفضت الخلافة إليه بعث [4] إِلَى عامله [5] بنَيْسابور يأمره [6] أن يولي يحيى بْن يحيى القضاء، فبعث إليه يستدعيه، فقال بعض الناس له [7] : تمتنع من الحضور، وليته أذن للرسول، فأنفذ إليه كتاب المأمون، فقرئ عَلَيْهِ، فامتنع من القضاء، فرد إليه ثانيا، وقال: إن أَمِير الْمُؤْمِنِينَ يأمرك بشيء وأنت من رعيته، وتأبى عَلَيْهِ، فَقَالَ: قل لأَمِير الْمُؤْمِنِينَ ناولتني قلمَا وأنا شاب فلم أقبله، أفتجبرني [الآن] [8] عَلَى القضاء وأنا شيخ.
فرفع الخبر إِلَى المأمون، فَقَالَ: قد علمت امتناعه، ولكن ول القضاء رجلا يختاره [9] ، فبعث إليه العامل فِي ذلك [10] ، فاختار رجلا [11] فولي القضاء، ودخل عَلَى يحيى وعليه سواد فضم يَحْيَى فرشا كَانَ جالسا عَلَيْهِ كراهية أن يجمعه وإياه، فقال: أيها الشيخ، ألم تخترني [12] ؟ قال: إنما قلت اختاروه، ومَا قلت لك تقلد القضاء.
أَخْبَرَنَا [13] زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن الحسين البيهقي، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال: سمعت أبا سعيد بْن أبي بكر بْن أبي عثمَان يقول:
سمعت فاطمة بِنْت إبراهيم بْن عبد الله السعدية تقول: سمعت فاطمة امرأة يحيى بن 53/ أيحيى تقول: قام يحيى [14] مرة لورده، فلمَا فرغ منه/ قعد يقرأ، إذ سمعت جلبة فَقَالَ لي: تعرفوا مَا هذه الجلبة؟ فنظرنا فإذا العسكر والمشاعل وهم يقولون: الأمير عبد الله بْن طاهر يزور أبا زكريا. فعرفناه الخبر، وَكَانَ ابْن طاهر يشتهي أن يراه، فمَا كَانَ بأسرع من أن استأذنوا عَلَيْهِ [15] ففتحنا [16] ، فدخل الأمير عبد الله بْن طاهر وحده، فلمَا قرب من أبي زكريا وسلم، قام إليه والمصحف فِي يده، ثم رجع إلى قراءته حتى ختم السورة
__________
[1] في ت: «فامتنع من قبوله» .
[2] في ت: «حزة» .
[3] «النيسابورىّ» ساقطة من ت.
[4] في ت: «فلما أفضت إليه الخلافة كتب» .
[5] في ت: «إلى الوالي» .
[6] في ت: «أمره» .
[7] في ت: «بعض الناس أنه» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في ت: «ولكن ول القضاء من يختاره» .
[10] «فبعث إليه العامل في ذلك» ساقطة من ت.
[11] في ت: «فلما اختار شخصا» .
[12] في ت: «ألم تحبرني» .
[13] في ت: «أنبأنا» .
[14] في ت: «قام ليلة» .
[15] «عليه» ساقطة من ت.
[16] في ت: «ففتحا» .(11/114)
التي كَانَ افتتحها، ثم وضع المصحف، واعتذر إِلَى الأمير وقال: لم أشتغل [عنه] [1] تهاونا بحقه، إِنَّمَا كنت افتتحت سورة فختمتها، فقعد عبد الله ساعة يحدثه، ثم قَالَ لَهُ:
ارفع إلينا حوائجك، فَقَالَ: قد [والله] [2] وقعت لي حاجة فِي الوقت، فَقَالَ: مقضية [3] مَا كانت. فَقَالَ: قد كنت أسمع محاسن [4] وجه الأمير ولا أعاينها [5] إلا ساعتي هَذِهِ، وحاجتي إليك أن لا ترتكب مَا يحرق هَذِهِ المحاسن بالنار. فأخذ الأمير عبد الله بْن طاهر فِي البكاء حَتَّى قام وَهُوَ يبكي.
توفي يحيى بْن يحيى [6] فِي [صفر] [7] هَذِهِ السنة وَهُوَ ابْن أربع وثمَانين سنة.
أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بْن طَاهِرٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا [8] أَبُو بكر البيهقي، أنبأنا [9] الحاكم أبو عبد الله [النيسابوري] [10] قال: سمعت أبا الحسن محمد بْن الحسن [11] السراج الزاهد- وَكَانَ شديد العبادة- قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِي المنام كأنه قد أقبل، إِلَى أن وقف عَلَى قبر يحيى بْن يحيى وتقدم، وصف خلفه جمَاعة من أصحابه، فصلى عَلَيْهِ، ثم التفت إِلَى أصحابه فَقَالَ: / هَذَا القبر لأمان [12] لأهل هذه المدينة. 53/ ب وقد روى عن يحيى بْن يحيى خمس طبقات من كبار العلمَاء.
فالطبقة الأولى: إسحاق بْن راهويه، ومحمد بْن رافع، وعلي بْن غنام، ومحمد بن أسلم، ومحمد بن يحيى الذهلي، ونظراؤهم.
والطبقة الثانية: أحمد بْن الأزهر العبدي [13] ، وإبراهيم بْن عبد الله السعدي، ويحيى بن محمد الذهلي ونظراؤهم.
والطبقة الثالثة: مسلم بْن الحجاج، وسليمَان بْن داود، وإسمَاعيل بْن قتيبة السلمي، ونظراؤهم.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ت: «مقصية» .
[4] في ت: «بمحاسن» .
[5] في ت: «ولم أعاينها» .
[6] «يحيى بن يحيى» ساقطة من ت.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ت: «أخبرنا» .
[9] في ت: «أخبرنا» .
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] «الحسن» ساقطة من ت.
[12] في ت: «أمان» .
[13] «العبديّ» ساقطة من ت.(11/115)
والطبقة الرابعة: زكريا بْن داود الخفاف، وعصمة بن إبراهيم الزاهد، وإبراهيم بن علي الذهلي، ونظراؤهم.
والطبقة الخامسة: إسمَاعيل بْن الحجاج الميداني، ويحيى بْن عبد الله بْن سليمَان، والحسن [1] بْن معاذ، ونظراؤهم.
وقد روى عنه أئمة البلدان، منهم: إبراهيم بْن إسمَاعيل العنبري إمَام عصره بطرسوس [2] ، ومُحَمَّد بْن مشكان إمَام عصره بسرخس، وعبد المجيد بْن إبراهيم القاضي [3] إمَام عصره ببوشنج، وعثمَان بْن سعيد الدارمي إمَام عصره بهراة، ومحمد بْن الفضل البلخي إمَام عصره ببلخ، ومُحَمَّد بْن نصر المروروذي إمَام عصره بسمرقند، ومحمد بْن إسمَاعيل البخاري إمَام عصره ببخارى، ومحمد بْن عبد الله بْن أبي عرابة إمَام عصره بالشاش، ومحمد بْن إسحاق الشافعيّ إمام عصره بأبيورد، وحميد بْن زنجويه [4] إمَام عصره بنسا/.
__________
[1] في ت: «الحسين بن معاذ» .
[2] في ت: «بطوس» .
[3] «القاضي» ساقطة من ت.
[4] في ت: «ومحمد بن ريحونة» .(11/116)
ثم دخلت سنة سبع وعشرين ومائتين
[خروج أبي حرب المبرقع اليمانيّ بفلسطين]
فمن الحوادث فيها:
خروج أبي حرب المبرقع اليمَاني بفلسطين وخلافه للسلطان [1] .
وسبب ذلك [2] : أن بعض الجند أراد النزول فِي داره وَهُوَ غائب عنها، وفيها إمَا زوجته وإمَا أخته فمَانعته فضربها، فلمَا رجع أبو حرب بكت وشكت مَا فعل بِهَا، وأرته أثر الضرب، فأخذ سيفه ومشى إِلَى الجندي وَهُوَ غار، فضربه [به حَتَّى] [3] قتله، ثم هرب وألبس وجهه برقعا كي لا يعرف، فصار الرجل [4] إِلَى جبل [من] جبال الأردن [5] ، فطلبه السلطان فلم يعرف لَهُ خبر، وَكَانَ يظهر بالنهار فيقعد عَلَى الجبل الذي أوى إليه متبرقعا، فيراه الرائي فيأتيه، فيذكره ويحرضه عَلَى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويذكر السلطان ويعيبه، فاستجاب لَهُ خلق [من حراثي تلك الناحية وأهل القرى، وَكَانَ يزعم أنه أموي، فَقَالَ الذين استجابوا لَهُ:] [6] هَذَا هُوَ السفياني، فلمَا كثرت غاشيته وأتباعه دعا أهل البيوتات من أهل تلك الناحية، فاستجاب لَهُ جمَاعة منهم حتى
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 116- 118.
[2] في ت: «وسبب خروجه» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «الرجل» ساقطة من ت.
[5] في الأصل: «إلى خلف جبال الأردن» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي الأصل: «فاستجاب إليه خلق كثير وقالوا:....» .(11/117)
صاروا فِي زهاء مَائة ألف، فوجه إليه المعتصم جندا عليهم رجاء بْن أيوب فطاوله رجاء [1] حَتَّى إذا جاء أوان عمَارة الأرض، انصرف الحراثون، وبقي فِي نحو من ألف أو ألفين فناجزه الحرب، وأسره وجاء به إِلَى المعتصم.
وقيل كَانَ خروج هَذَا فِي سنة ست وعشرين.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور/ القزاز قَالَ أَخْبَرَنَا الخطيب [2] أبو بكر، أَخْبَرَنَا الأزهري، حَدَّثَنَا علي بن عمر الْحَافِظ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْبَغَوِيُّ، أَخْبَرَنَا الحارث بْن أبي أسامة قال: سنة سبع وعشرين ومَائتين فيها وثب قوم يوم الجمعة لثلاث بقين من جمَادى الآخرة [3] فِي مسجد الرصافة عَلَى رجلين من الجهمية فضربوهمَا وأذلوهمَا، ثم مضوا إِلَى مسجد شعيب بْن سهل القاضي يريدون محو كتاب كَانَ كتبه عَلَى مسجده، يذكر فيه أن القرآن مخلوق، فأشرف عليهم خادم شعيب، فرمَاهم بالنشاب، فوثبوا فأحرقوا باب شعيب، وانتهب ناس منزله، وأرادوا نفسه، فهرب منهم [4] .
وَهُوَ أول قاض حرق بابه ونهب منزله فيمَا بلغنا، وَكَانَ يقول: جهم بْن صفوان مبغضا [5] لأهل السنة، متحاملا عليهم، منتقصا لهم [6] .
[وفاة المعتصم]
وفي هذه السنة: توفي المعتصم، وبويع الواثق.
__________
[1] «رجاء» ساقطة من ت.
[2] «الخطيب» ساقطة من ت.
[3] في ت: «من ربيع الآخر» .
[4] في ت: «فهرب منه» .
[5] في ت: «جهم مبغضنا» .
[6] «عليهم منتقصا لهم» ساقطة من ت.(11/118)
باب ذكر خلافة الواثق
اسمه هارون بْن المعتصم، ويكنى أبا جعفر، ولد بطريق مكة سنة تسعين ومَائة، وأمه أم ولد [رومية] تسمى [1] قراطيس، وَكَانَ أبيض يعلوه صفرة، وقيل: كَانَ مشربا بحمرة [2] ، جميلا ربعة، حسن الجسم، قاتم العين، فيها نكتة بياض.
بويع الواثق بسامراء يوم توفي المعتصم، وذلك يوم الأربعاء لثمَان ليال خلون من ربيع الأول سنة سبع وعشرين.
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز [3] قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بكر بْن أحمد بْن علي، حَدَّثَنَا [4] أحمد بْن علي المقرئ، أَخْبَرَنَا علي بْن أبي قيس قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر بْن أبي الدنيا قَالَ: بويع هارون بْن محمد فِي اليوم الذي توفي فيه أبوه [5] المعتصم بسامراء، وَهُوَ يومئذ ابْن تسع وعشرين سنة، وورد رسوله بغداد يوم الجمعة [6] / عَلَى إسحاق بن 55/ أإبراهيم، فلم يظهر ذلك، ودعا للمعتصم عَلَى منبري بغداد وَهُوَ ميت، فلمَا كَانَ من الغد يوم السبت، أمر إسحاق بن إبراهيم الهاشمي والقواد والناس [7] بحضور دار أمير
__________
[1] في ت: «ولد رومية يقال لها» .
وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «مشربا حمرة» .
[3] «القزاز» ساقطة من ت.
[4] في ت: «أخبرنا أبو بكر قال أخبرنا أحمد بن علي ... » .
[5] «أبوه» ساقطة من ت.
[6] «يوم الجمعة» ساقطة من ت.
[7] «والناس» ساقطة من ت.(11/119)
الْمُؤْمِنِين فحضروا، فقرأ كتابه [1] عَلَى الناس بنعي أبيه، وأخذ البيعة، فبايع الناس [2] .
ذكر طرف من أخباره وسيرته
أنبأنا [أَبُو مَنْصُورٍ] عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ [3] قَالَ أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت [4] قال: حدثني [5] الحسن بْن أبي طالب، حدثني [6] أحمد بْن محمد بْن عروة حَدَّثَنَا محمد بْن يحيى قَالَ: حدثني عَلي بْن مُحَمَّد قَالَ: سمعت خالي أحمد بْن حمدون يقول: دخل هارون بْن زياد- مؤدب الواثق- عَلَى الواثق، فأكرمه وأظهر من بره مَا شهر به، فقيل لَهُ: من هَذَا يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ الذي فعلت بِهِ مَا فعلت؟ قَالَ: هَذَا أول من فتق لساني بذكر الله، وأدناني من رحمة الله عز وجل [7] .
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] عبد الرحمن بن محمد [القزاز] قال أخبرنا أحمد بن على بن ثابت [8] قال أخبرنا أبو منصور بْن أبي جعفر الجيلي أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمران قال: أخبرنا مُحَمَّد بْن يحيى قَالَ: سمعت الحسين بْن فهم يقول: سمعت يحيى بْن أكثم يقول: مَا أحسن أحد إِلَى آل أبي طالب من خلفاء بني العباس، مَا أحسن إليهم الواثق، مَا مَات وفيهم فقير [9] .
قَالَ محمد بْن يحيى: وحدثني عنه عبد الله [10] بْن المعتز، حَدَّثَنَا عبد الله بْن هارون النحوي، عَنْ محمد بْن عطية قَالَ: قَالَ محمد بن المهتدي: كنت أمشي مع
__________
[1] في ت: «فحضروا الفقراء كتابه» .
[2] تاريخ بغداد 14/ 15، 16.
[3] في ت: «أخبرنا أبو منصور» .
[4] في ت: «أخبرنا أبو بكر» .
[5] في ت: «أخبرنا» .
[6] في ت: «قال أخبرنا» .
[7] تاريخ بغداد 15/ 17.
[8] في ت: «أخبرنا أبو منصور القزاز قال أخبرنا أبو بكر بن ثابت» .
[9] تاريخ بغداد: 15/ 19.
[10] في الأصل: «أبو عبد الله» .(11/120)
الواثق فِي صحن داره فَقَالَ لي/: يَا محمد، ادع [لي] بدواة [1] وقرطاس، فدعوت له، 55/ ب فقال: اكتب. فكتبت:
تنح عن القبيح ولا ترده ... ومن أوليته حسنا [2] فزده
ستكفي من عدوك كل كيد ... إذا كاد [3] العدو ولم تكده
ثم قَالَ: اكتب:
هي المقادير تجري فِي أعنتها ... فاصبر فليس لها صبر عَلَى حال
ثم فكر طويلا، فلم يأته شيء [آخر] [4] فَقَالَ: حسبك [5] .
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] عَبْد الرحمن بن محمد قال: [أخبرنا أبو بكر] أحمد بن علي [6] قال: أخبرني علي بن أيوب القمي [أَخْبَرَنَا أبو عبد الله المرزباني، أخبرني محمد بْن يحيى حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن محمد بْن نصر بْن بسام، حدثني خالي أحمد بْن حمدون قَالَ:] [7] كَانَ بين الواثق وبين بعض جواريه شيء، فخرج كسلان، فلم أزل أنا والفتح [بْن خاقان] نحتال لنشاطه [8] ، فرآني أضاحك [9] الفتح بْن خاقان، فَقَالَ: قاتل الله العباس بْن الأحنف حيث يقول:
عدل من الله أبكاني وأضحككم ... فالحمد للَّه عدل كل مَا صنعا
اليوم أبكي عَلَى قلبي وأندبه ... قلب ألح عليه الحب [10] فانصدعا
__________
[1] في ت: «فقال لي: ادع بدوات» .
وفي الأصل: «فقال لي: يا محمد ادع بدواة» .
[2] في الأصل: «أولينا حسانا» .
[3] في الأصل: «إذا وافى» .
وفي ت: «إذا كان» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] تاريخ بغداد 14/ 18.
[6] في ت: «أخبرنا أبو منصور محمد قال أخبرنا أبو بكر قال» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ت: «فلم أزل أنا والفتح بن خاقان على إنشاط» وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في الأصل: «فرآني أقاتل» .
[10] في ت: «الصد» .(11/121)
للحب فِي كل عضو لي عَلَى حدة ... نوع تفرق عنه الصبر واجتمعا
فَقَالَ الفتح: أنت والله يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ فِي وضع التمثل موضعه أشعر منه [وأعلم] [1] وأظرف [2] .
قَالَ المصنف: كَانَ الواثق قد أعاد الامتحان فِي القرآن، وحمله ابن أبي دواد عَلَى التشدد فِي ذلك، وقد قيل إن الواثق تاب من القول بخلق القرآن قبل موته، والله أعلم.
[أَخْبَرَنَا أبو منصور، أَخْبَرَنَا أبو بكر، أخبرني عبيد الله بْن أبي الفتح، أَخْبَرَنَا أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن الحسن، حَدَّثَنَا إبراهيم بْن الحسن بْن محمد بْن عرفة، حدثني حامد بْن العباس، عن رَجُل، عن المهتدي، أن الواثق مَات وقد تاب من القول بخلق القرآن] [3] .
وحج بالناس في هذه السنة جعفر بْن المعتصم.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1295-/ بشر بْن [الحارث بْن] [4] عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عطاء بن هلال بن ماهان، أبو 56/ أنصر، المعروف بالحافي [5] .
مروزي ولد بمرو، وسكن بغداد، وفاق أهل عصره فِي الورع والزهد وحسن الطريقة، وسمع إِبْرَاهِيم بْن سعد، ومَالك، وحمَاد بْن زيد، وابن المبارك، وخلقا كثيرا، وشغله التعبد عن الرواية، فلم يتنصب لها.
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي، قال
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] تاريخ بغداد 14/ 18، 19.
[3] هذا الخبر ساقط بأكمله من الأصل.
انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 18.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 67- 80.(11/122)
أخبرنا [1] عبد العزيز بن علي قال: حدثنا علي بْن عبد الله الهمداني، حَدَّثَنَا القاسم بن الحسن بْن جرير، حَدَّثَنَا محمد بْن أبي عتاب [2] ، عن محمد بْن المثنى قَالَ: قلت لأحمد بْن حنبل مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرجل؟ فَقَالَ: أي الرجال؟ فقلت: بشر، قَالَ: سألتني عن رابع سبعة من الأبدال، ما مثله عندي إلا مثل رجل ركز [3] رمحا فِي الأرض، ثم قعد منه عَلَى السنان، فهل ترك لأحد موضعا يقعد فيه؟ [4] .
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] عَبْد الرَّحْمَنِ بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي، أَخْبَرَنَا [5] الأزهري قَالَ: أَخْبَرَنَا عبيد الله بْن إبراهيم القزاز قَالَ: حَدَّثَنَا جعفر الخالدي، حدثني أبو حامد بْن خَالِد الحذاء قَالَ: سمعت إبراهيم الحربي يقول: مَا أخرجت بغداد أتم عقلا ولا أحفظ للسانه [من بشر بْن الحارث] ، كَانَ فِي كل شعرة منه عقل، وطئ الناس عقبه خمسين سنة، مَا عرف له غيبة لمسلم، لو قسم عقله عَلَى أهل بغداد صاروا عقلاء، ومَا نقص من عقله شيء [6] .
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قَالَ: [أَخْبَرَنَا أبو بكر] الخطيب أحمد قَالَ: أَخْبَرَنَا علي بْن محمد بْن عبد الله المقرئ، أَخْبَرَنَا أحمد بن جعفر بن محمد بن محمد بن مسلم [7] / 56/ ب الختلي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عبد الخالق، حَدَّثَنَا أبو بكر المروزي قَالَ: سمعت أبا عمران الوركاني يقول: تخرق إزار بشر، فقالت لَهُ أخته: يَا أخي، قد تخرق إزارك، وهذا البرد، فلو جئت بقطن حَتَّى أغزل لك، قَالَ: فكان يجيء بالأستارين والثلاثة فقالت لَهُ: إن الغزل قد اجتمع، أفلا تسلم إزارك إن أردت السرعة؟ فَقَالَ لها هاتيه، فأخرجته إليه، فوزنه وأخرج ألواحه وجعل يحسب الأساتير، فلمَا رآها قد زادت فيه قَالَ: كمَا أفسدتيه فخذيه.
قَالَ المروزي: وسمعت بعض القطانين يقول: أهدى إلي أستاذ لي رطبا وكان بشر
__________
[1] في ت: «أخبرنا أبو منصور قال: أخبرنا أبو بكر قال» .
[2] في الأصل: «محمد بن أبي غياث» .
[3] في ت: «غرز» .
[4] تاريخ بغداد 7/ 72، 73.
[5] في ت: «أخبرنا أبو منصور بْن مُحَمَّد قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو بكر بْن علي قال أخبرني» .
[6] تاريخ بغداد 7/ 73.
[7] في ت: «أخبرنا أبو منصور قال أخبرنا أبو بكر قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْن سلم» .(11/123)
يقيل [1] فِي دكاننا فِي الصيف [2] ، فَقَالَ لَهُ أستاذي: يَا أبا نصر، هَذَا من وجه طيب، فإن رأيت أن تأكله، قَالَ: فجعل يمسه بيده، ثم ضرب بيده إِلَى لحيته، وقال: ينبغي أن أستحي من الله، إني [عِنْد الناس] [3] تارك لهذا وآكله فِي السر [4] .
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز، قال: أخبرنا أبو بكر بن علي [بن ثابت] قال: [5] أخبرني عبد الله بن يحيى السكري، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الصواف، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حدثني أبو حفص عمر ابْن أخت بشر الحافي قَالَ:
حدثتني أمي قالت: جاء رجل إلى الباب فدقه فأجابه بشر: من هَذَا؟ قَالَ: أريد بشرا، فخرج إليه فَقَالَ لَهُ: حاجتك. قَالَ: عافاك الله، أنت بشر؟ قَالَ: نعم، حاجتك [6] ، قَالَ: إني رأيت رب العزة [تعالى] فِي المنام وَهُوَ يقول: اذهب إِلَى بشر فقل لَهُ: يَا بشر، لو سجدت عَلَى الجمر مَا أديت [7] شكري فيمَا قد بثثت لك-[أو نشرت لك] [8]- في 57/ أالناس/. فَقَالَ لَهُ: أنت رأيت ذلك [9] ؟ قَالَ: نعم رأيته مرتين [10] ، ليلتين متواليتين [11] فَقَالَ: لا تخبر به أحدا، ثم دخل وولي وجهه إِلَى القبلة، وجعل يبكي ويضطرب، وجعل [12] يقول: اللَّهمّ إن كُنْت شهرتني فِي الدنيا، ونوهت باسمي، ورفعتني فوق قدري عَلَى أن تفضحني [13] فِي القيامة، فعجّل الآن عقوبتي [14] ، خذ مني بمقدار ما يقوى عليه بدني [15] .
__________
[1] «يقيل» ساقطة من ت.
[2] «في الصيف» ساقطة من ت.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] تاريخ بغداد 7/ 74.
[5] في ت: «أخبرنا أبو منصور قال أخبرنا يحيى بن علي بن ثابت» .
[6] «عافاك الله أنت بشر؟ قَالَ: نعم، حاجتك» هذه العبارة ساقطة من ت، وتاريخ بغداد.
[7] في ت: «أريت» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في ت: «رأيت هذا» .
[10] «مرتين» ساقطة من ت.
[11] في ت، وتاريخ بغداد: «متوالية» .
[12] «وجعل» ساقطة من ت.
[13] في ت: «فلا تفضحني» .
[14] في ت: «الآن فعجل عقوبتي» .
[15] تاريخ بغداد 7/ 78.(11/124)
قَالَ المصنف: [1] وقد جمعت كتابا فيه فضائل بشر الحافي وأخباره، فلهذا اقتصرت [2] عَلَى مَا ذكرت ها هنا كراهية للإعادة [والتطويل] [3] .
توفي بشر في هذه السنة [4] عشية الأربعاء لعشر بقين من ربيع الأول من سنة سبع وعشرين، قبل موت المعتصم بستة أيام، وقد بلغ من السن خمسا [5] وستين سنة.
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا [أبو بكر] أحمد بن علي [6] ، أخبرنا الفاضي أبو الْعَلاء الواسطي، أَخْبَرَنَا محمد بْن يوسف [7] بْن يعقوب، حَدَّثَنَا أبو الفتح محمد بْن أحمد النحوي قَالَ: سمعت الحسين [8] بْن أحمد بْن صدقة يقول: سمعت أحمد بْن زهير يقول: سمعت يحيى بن عبد الحميد الحمَاني [9] يقول: رأيت أبا نصر التمَار، وعلي بْن المديني فِي جنازة بشر بْن الحارث [10] يصيحان فِي الجنازة: هَذَا شرف والله شرف الدنيا قبل شرف الآخرة، وذلك أن بشر بْن الحارث [11] [وَقَدْ] [12] أخرجت جنازته بعد صلاة الصبح، ولم يجعل فِي قبره إلا فِي الليل، وَكَانَ نهارا صائفا، ولم يستقر فِي القبر إِلَى العتمة [13] .
1296- توفيل ملك الروم.
ملك اثنتي عشرة سنة، / وهلك في هذه السنة، وملكت بعده امرأة اسمها [14] 57/ ب
__________
[1] «قال المصنف» ساقطة من الأصل.
[2] في ت: «اختصرت» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «في هذه السنة» ساقطة من ت.
[5] في ت: «من العمر خمس» .
[6] في ت: «أخبرنا أبو منصور قال أخبرنا أبو بكر» .
[7] في الأصل: «أحمد بن يوسف» .
[8] في ت: «الحسن بن أحمد» .
[9] في الأصل: «الحافي» .
[10] في ت: «الحافي» .
[11] «يصيحان في الجنازة هذا والله شرف الدين قبل شرف الآخرة وذلك أن بشر بْن الحارث» ساقط من ت.
[12] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[13] تاريخ بغداد 7/ 79، 80.
[14] في ت: «واسمها» .(11/125)
بدور، وابنها ميخائيل بْن توفيل [صبي] [1] .
1297- عريب [2]
ولدت فِي سنة إحدى وثلاثين ومَائة، وكانت أمها تسمى فاطمة، وكانت يتيمة، فتزوجها جعفر بْن يحيى بْن خالد، فأنكر عَلَيْهِ أبوه وقال [لَهُ:] [3] أتتزوج من لا يعرف لَهُ أب ولا أم [4] ، اشتر مكانها ألف جارية، فأخرجها وأسكنها دارا فِي ناحية الأنبار سرا من أبيه، ووكل بِهَا من يحفظها، وَكَانَ يتردد إليها، فولدت عريب، ومَاتت أم عريب فِي حياة جعفر، فدفعها إِلَى امرأة نصرانية وجعلها داية لها، فلمَا [5] حدثت بالبرامكة تلك الحادثة باعتها من سنبس النخاس، فباعها، فاشتراها الأمين وافتضها ولم يوف الثمن، حَتَّى قتل [6] ، فرجعت إِلَى سيدها، ثم اشتراها المأمون، فمَات الذي اشتريت منه عشقا لها، ثم بيعت فِي ميراث المأمون، فاشتراها المعتصم بمَائة ألف وأعتقها فهي مولاته، وكانوا إذا نظروا إِلَى قدمي عريب شبهوها [7] بقدم جعفر بْن يَحْيَى، وكانت عريب شاعرة، ومليحة الخط، وغاية فِي الجمَال والظرف [8] ، ثم كانت [9] مغنية محسنة، صنعت ألف صوت، وكانت شديدة الفطنة والذكاء، كتبت إِلَى بعض الناس: أردت، ولولا، ولعل.
58/ أفكتب تحت أردت: ليت، وتحت لولا: مَاذا، وتحت لعل: أرجو، / فقامت ومضت إليه.
توفيت عريب في هذه السنة.
1298-[قراطيس، أم الواثق.
خرجت إِلَى الحج، فمَاتت بالحيرة، لأربع خلون من ذي القعدة، ودفنت بالكوفة فِي دار داود بن عيسى] [10] .
1299- محمد بْن حيان، أبو الأحوص البغوي [11] .
حدث عن إسمَاعيل بْن علية، وهشيم، وغيرهمَا وروى عنه: أحمد بن حنبل
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «غريب» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «أم ولا أب» .
[5] «لها فلما» ساقطة من ت.
[6] «حتى قتل» ساقطة من ت.
[7] في ت: «شهوها» .
[8] في ت: «الطرف» .
[9] في ت: «وكانت» .
[10] هذه الترجمة ساقطة من الأصل.
[11] في ت: «البصري» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 294، 295.(11/126)
وغيره، وآخر من روى عنه عبد الله بْن محمد البغوي، وَكَانَ ثقة.
توفي في هذه السنة فِي ذي الحجة [1] .
1300- محمد بْن الصباح، أبو جعفر البزاز، ويعرف بالدولابي [2] .
سمع إبراهيم بْن سعد، وهشيم بْن بشير، وغيرهمَا، روى عنه: أحمد بْن حنبل ووثقه، ولم يختلفوا فِي ذلك.
وتوفي يوم الأربعاء لأربع عشرة ليلة خلت [3] من شهر الله [4] المحرم من هذه السنة، وقد جاوز السبعين.
1301- محمد المعتصم بْن الرشيد [5] .
كَانَ بدو مرضه أنه احتجم أول يوم من المحرم [6] من هَذِهِ السنة [7] ، واعتل.
أَخْبَرَنَا [أَبُو مَنْصُورٍ] الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا [أَبُو بَكْرٍ] أحمد بن علي [8] ، أَخْبَرَنَا الأزهري، أَخْبَرَنَا [محمد] بْن العباس الخزاز، أَخْبَرَنَا علان بْن أحمد الرزاز، حَدَّثَنَا علي بْن أحمد بْن العباس، حَدَّثَنَا أَبُو الحسن الطويل قَالَ: سمعت عيسى بْن أبان بْن صدقة، عن علي بْن يحيى المنجم قَالَ: لمَا استتم المعتصم عدة غلمَانه الأتراك بضعة عشر [9] ألفا، وعلق لَهُ خمسون ألف مخلاة [10] على فرس، وبرذون، وبغل، وذلل العدو [11] بكل النواحي، أتته المنية، عَلَى غفلة، فقيل لي إنه قَالَ فِي حمّاه التي مات فيها حَتَّى إِذا 6: 44
__________
[1] في ت: «توفي في ذي الحجة من هذه السنة» .
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 5/ 365- 367.
[3] في ت: «مضت» .
[4] «شهر الله» ساقطة من ت.
[5] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 3/ 342- 346.
[6] في ت: «من محرم» .
[7] «من هذه السنة» ساقطة من ت.
[8] في ت: «أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ» .
[9] في الأصل: «سبعة عشر» .
[10] في ت: «محلاة» .
[11] في الأصل: «وذلك العدو» .(11/127)
68/ ب فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً/ فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ 6: 44 [1] .
أَخْبَرَنَا محمد بْن ناصر، أَخْبَرَنَا عبد المحسن بْن محمد بْن علي، أَخْبَرَنَا أحمد بْن عمر بْن روح النهرواني، أَخْبَرَنَا المعافى بْن زكريا، حَدَّثَنَا الحسين بْن القاسم الكوكبي قَالَ: سمعت القاسم بْن زرزور [2] يقول: حدثني زنام الزامر [3] قَالَ: لمَا اعتل [4] المعتصم علته التي مَات فيها [5] وجد يومَا إفاقة، فَقَالَ هيئوا لي الزلال حَتَّى أركب فهيئ لَهُ، فركب وأنا معه، فمر بدجلة بإزاء منازلة [6] فَقَالَ: [يَا] زنام [7] . قلت:
لبيك يا أمير المؤمنين [8] ، قال: أزمر:
يَا منزلا لم تبل أطلاله ... حاشى لأطلالك أن تبلى
والعيش أولى مَا بكاه الفتى ... لا بد للمحزون أن يسلى
لم أبك أطلالك لكنني ... بكيت عيشي فيك إذ ولى
قال: فزمرته ومَا زلت أردده وَهُوَ [9] ينتحب ويبكي، إِلَى أن خرج من الزلال [10] ، ثم توفي بعد خمسة أيام.
قَالَ علمَاء السير: لمَا احتضر [11] جعل يقول: ذهبت الحيل ولا حيلة، ولو علمت أن عمري قصير هكذا مَا فعلت.
توفي يوم الخميس لثمَان عشرة ليلة مضت [12] من ربيع الأول، لساعتين مضتا من النهار، وقيل: لأربع، ودفن بسامراء، فكانت خلافته ثمَان سنين وثمَانية أشهر، وقيل:
ويومين، وكان [13] عمره ستا وأربعين سنة وسبعة أشهر وثمَانية عشر يومَا. وقيل: سبعا وأربعين وشهرين [14] وثمَانية عشر يومَا.
__________
[1] سورة: الأنعام، الآية: 44.
انظر الخبر في تاريخ بغداد 3/ 346.
[2] في ت: «رزروز» .
[3] في ت: «الزمار» .
[4] في ت: «لما مرض» .
[5] «فيها» ساقطة من ت.
[6] في ت: «منزله» .
[7] في ت: «يا زمار» .
[8] «يا أمير المؤمنين» ساقطة من ت.
[9] في الأصل: «وهي» .
[10] «من الزلال» ساقطة من ت.
[11] في ت: «لما اختصر» .
[12] في ت: «خلت» .
[13] «وكان» ساقطة من ت.
[14] «وشهرين» ساقطة من ت.(11/128)
ثُمّ دخلت سنة ثمَان وعشرين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
أن الواثق توج أشناس، وألبسه وشاحين/ بالجواهر وذلك في رمضان [1] . 59/ أوفيها: غلا السعر بطريق مكة، فبلغ رطل [خبز] [2] بدرهم، وراوية [مَاء] [3] بأربعين درهم، وأصاب النّاس بالموقف حر شديد، ثم مطر شديد فيه برد، فأصابهم الحر [4] ، ثم أضر بهم البرد، وذلك كله فِي ساعة، ومطروا بمنى مطرا شديدا لم يروا [5] مثله، وسقطت قطعه من الجبل عند جمرة العقبة فقتلت عدة من الحاج [6] .
وحج بالناس في هذه السنة: مُحَمَّد بْن داود [7] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1302- إسحاق بن بشر بن مقاتل، أبو يعقوب الكاهلي [8] .
من أهل الكوفة، ويروي عن [9] مَالك، وأبي معشر، وكامل أبي العلاء، وغيرهم أحاديث منكرة.
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 124.
[2] في الأصل: «فبلغ الرطل» .
وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «البرد» .
[4] في ت: «فأحر بالناس الحر» .
[5] في ت: «لم ير» .
[6] تاريخ الطبري 9/ 124.
[7] تاريخ الطبري 9/ 124.
[8] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 328.
[9] «عن» ساقطة من ت.(11/129)
قَالَ أبو بكر بْن أبي شيبة: هُوَ كذاب. وتوفي في هذه السنة.
1303- بشار بْن موسى، أبو عثمَان العجلي الخفاف [1] .
بصري الأصل، حدث عن: أبي عوانة، وشريك بْن عبد الله، روى عنه:
أحمد بْن حنبل، وقال [2] : كَانَ صاحب سنة.
وقال ابْن المديني: مَا كَانَ ببغداد أصلب منه فِي السنة. وَكَانَ يحسن القول فيه.
فأمَا يحيى بْن معين فإنه لم يوثقه. وقال الفلاس: هُوَ ضعيف الحديث. وقال البخاري: منكر الْحَدِيث.
قَالَ ابْن عدي: قول من وثقه أقرب إِلَى الصواب ممن ضعفه، وأرجو أنه لا بأس به.
توفي فِي رمضان هَذِهِ السنة.
1304- حاجب [3] بْن الوليد بن ميمون، أبو أحمد الأعور [4] .
59/ ب سمع جعفر بْن ميسرة [5] /، وبقية، وغيرهمَا، روى عنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، والبغوي، وَكَانَ ثقة، توفي ببغداد فِي رمضان هَذِهِ السنة [وَكَانَ أعور] [6] .
1305- حبيب بْن أوس بْن الحارث بْن قيس، أبو تمَام الطائي الشاعر [7] .
ولد سنة تسعين ومَائة، شامي الأصل، كَانَ بمصر فِي حداثته يسقي المَاء فِي المسجد [8] الجامع، ثُمّ جالس الأدباء، وأخذ عنهم، وَكَانَ فطنا، وكان يحب الشعر،
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 118- 123.
[2] «وقال» ساقطة من ت.
[3] في ت: «عاجم» .
[4] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 270.
[5] في ت: «سمع حفص بن ميسرة» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 248- 252 وفي هامش الأصل عنوان: «أبو تمام الطائي» .
[8] في ت: «في مسجد» .(11/130)
فلم يزل يعانيه حتى قَالَ الشعر فأجاد، وبلغ المعتصم خبره، فحمله إليه وَهُوَ بسامراء، فمدحه فأجازه وقدمه عَلَى الشعراء، وقدم بغداد وجالس بِهَا الأدباء، وَكَانَ ظريفا، حسن الأخلاق، كريم النفس، فأقر لَهُ الشعراء بالتقدم.
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد قَالَ: [أَخْبَرَنَا أبو بكر] عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ [1] ، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عمر بن روح النهرواني قال أخبرنا المعافى بن زكريا، حَدَّثَنَا محمد بْن محمود الخزاعي، حَدَّثَنَا علي بْن الجهم قَالَ: كَانَ الشعراء يجتمعون كل جمعة فِي القبة المعروفة بهم من جامع المدينة، فيتناشدون الشعر، ويعرض كل واحد منهم عَلَى صاحبه [2] مَا أحدث من القول بعد مفارقتهم فِي الجمعة [3] التي قبلها، فبينا [4] أنا فِي جمعة من تلك الجمع، ودعبل، وأبو الشيص. وابن أبي فنن [5] ، والناس يستمعون إنشاد بعضنا بعضا، أبصرت شابا فِي أخريات الناس، جالسا فِي زي [6] الأعراب وهيئتهم، فلمَا قطعنا الإنشاد قَالَ لنا: قد سمعت إنشادكم منذ اليوم/ 60/ أفاسمعوا إنشادي، قلنا: هات، فأنشدنا:
فحواك عين عَلَى نجواك يَا مذل [7] ... حتام لا يتقضى قولك الخطل
وإن أسمع من نشكو إليه جوى [8] ... من كَانَ أحسن شيء عنده العذل
مَا أقبلت أوجه اللذات سافرة ... مذ أدبرت باللوى أيامنا الأول
إن شئت أن لا ترى صبر اليقين بِهَا [9] ... فانظر عَلَى أي حال أصبح الطلل
كأنمَا جاد مغناه فغيره ... دموعنا يوم بانوا وهي تنهمل
__________
[1] في ت: «أخبرنا أبو منصور بن محمد أخبرنا أبو بكر» .
[2] في ت: «أصحابه» .
[3] في الأصل: «من الجمعة» .
[4] في ت: «قال بينما» .
[5] في ت: «فتن» .
[6] في ت: «في بزي» .
[7] في ت: «نحراك على نحراك يا رجل» .
وفي تاريخ بغداد: «فحواك دل» .
[8] في ت: «وأن أسمع من يشكو إليه هوى» .
[9] في ديوانه: «أن لا ترى صبرا لمصطبر» .(11/131)
ولو ترانا وإياهم وموقفنا ... فِي موقف اليأس لاستهلالنا زجل
[من حرقة أطلقتها فرقة أسرت ... قلبا ومن غزل فِي نحره عذل]
ثم مر [1] فيها حَتَّى انتهى إِلَى قوله فِي مدح المعتصم:
تغاير الشعر فيه إذ سهرت لَهُ ... حَتَّى ظننت قوافيه ستقتتل
ثم مر فيها إِلَى آخرها. قلنا لَهُ [2] : زدنا. فأنشدنا:
ومن ألم بِهَا فَقَالَ سلام ... كم حل عقدة صبره الإلمام
60/ ب حَتَّى أتى عَلَى آخرها وَهُوَ يمدح المأمون، فاستزدناه [3] فأنشدنا/ قصيدته التي أولها:
قدك اتئد أربيت [4] فِي الغلواء ... كم تعذلون وأنتم سجرائي [5]
حَتَّى انتهى إِلَى آخرها، فقلنا لَهُ [6] : لمن هَذَا الشعر؟ فَقَالَ: لمن أنشدكموه، قلنا: ومن تكون؟ قال: أنا أبو تمَام حبيب بْن أوس الطائي، فَقَالَ لَهُ أبو الشيص: تزعم أن هَذَا الشعر لك تقول:
تغاير الشعر فيه إذ سهرت لَهُ ... حَتَّى ظننت قوافيه ستقتتل
قَالَ: نعم، لأني سهرت فِي مدح ملك، ولم أسهر فِي مدح سوقة، فقربناه حَتَّى صار معنا [فِي موضعنا] [7] ، ولم نزل نتهاداه بيننا وجعلناه كأحدنا، واشتد إعجابنا به لدمَاثته [8] وظرفه وكرمه، وحسن طبعه، وجودة شعره، وَكَانَ ذلك اليوم أول يوم عرفناه فيه، ثم ترافعت [9] حاله حتى كان من أمره ما كان [10] .
__________
[1] في الأصل: «ومر» والبيت السابق بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «فقلنا» ، و «له» ساقطة من ت.
[3] «حَتَّى أتى عَلَى آخرها وَهُوَ يمدح المأمون فاستزدناه» . ساقطة من ت.
[4] في ت: «ارتبت» .
[5] في ت: «شحراي» .
[6] «له» ساقطة من ت.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ت: «لدمائة» .
[9] في تاريخ بغداد: «ثم ترقت» .
[10] تاريخ بغداد 8/ 249- 250.(11/132)
أَخْبَرَنَا [أَبُو مَنْصُورٍ] الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا [أَبُو بَكْرٍ] [1] أحمد بن علي بن ثابت، أخبرني علي بن أيوب القمي، أخبرنا محمد بن عمران [2] الكاتب قَالَ: أخبرني الصولي قَالَ:
حدثني الحسين بْن إسحاق قَالَ: قلت للبحتري: الناس يزعمون أنك أشعر من أبي تمَام، فَقَالَ: والله مَا ينفعني هَذَا القول ولا يضير أبا تمَام، والله مَا أكلت الخبز إلا به، ولوددت أن الأمر كمَا قالوا، ولكني والله تابع لَهُ، لائذ به، أجد نسيمي يركد [3] عند [هوائه] [4] ، وأرضى تنخفض عن سمَائه [5] .
ومن شعر أبي تمَام المستحسن:
يَا طالبا مسعاتهم لينالها ... هيهات منك غبار ذاك الموكب
يعطي عطاء المحسن الخضل الندى ... عفوا ويعتذر اعتذار المذنب
/ سجر يطم عَلَى العفاة وإن تهج ... ريح السّؤال بمدحه يغلولب 61/ أ
أولى المديح بأن يكون مهذبا ... مَا كَانَ منه فِي أغر مهذب
غربت خلائقه وأغرب شاعر ... فيه وأحسن مغرب فِي مغرب
[لمَا كرمت نطقت فيك بمنطق ... حق فلم أنم ولم الحزب] [6]
وله:
فسواء أجابني غير داع ... ودعائي بالقاع غير مهيب
رب خفض تحت الشرى وعناء ... من عناء ونصرة من شحوب
لست أدلي بحرمة لي مزيدا ... فِي وداد منكم ولا فِي نصيب
غير أن العليل ليس بمذموم ... عَلَى شرح حاله للطبيب
لو رأينا التثويب خطة عجزها ... مَا شفعنا الأذان بالتثويب [7]
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «أحمد بن عمران» .
[3] في ت: «كما قالوا والله أن نسيمي يدكر» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] تاريخ بغداد 8/ 250.
[6] هذا البيت ساقط من الأصل.
[7] ن أول: «وله: فسواء أجابني غير داع ... » حتى نهاية الأبيات جاء في ت بعد الأبيات التي أولها:
«ستصبح العيس والليل عند ... » .(11/133)
وله:
ستصبح العيس بي والليل عند فتى ... كثير ذكر الرضا فِي ساعة الغضب
صدفت عنه فلم تصدف مودته ... عني وعاوده ظني فلم يخب
كالغيث إن جئته وافاك ريقه ... وإن تحملت عنه كَانَ فِي الطلب
كأنمَا هُوَ فِي أخلاقه أبدا ... وإن ثوى وحده فِي عسكر لجب
[وله فِي أخرى: [1]
وكأن قسا فِي عكاظ يخطب ... وكأن ليلى الأخيلية تندب
وكثير عزة يوم بين ينسب ... وابن المقفع فِي اليتيمة سهب
وله أيضا:
أأيامنا مَا كنت إلا مواهبا ... وكنت بإسعاف الحبيب حبابئا
سيغرب تجديد لعهدك فِي الهوى ... فمَا كنت فِي الأيام إلا غرائبا
كواعب زادت فِي ليال قصيرة ... تخيلن لي من حسنهن كواعبا
سلبن غطاء الحسن عن حر أوجه ... تظل للب السالبيها سوالبا
وجوه لو أن الأرض فيها كواكب ... توقد للساري لكن كواكبا
سلي هل عمرت النفر وَهُوَ سباسب ... وغادرت ربعي من ركابي سباسبا
وغربت حَتَّى لم أجد ذكر مشرق ... وشرقت حَتَّى قد نسيت المغاربا
خطوب إذا لاقيتهن رددنني ... جريحا كأني قد لقيت الكتائبا
وقد يكهن السيف المسمى منية ... وقد يرجع المرء المظفر خائبا
وآفة ذا أن لا يصادف مضربا ... وآفة ذا أن لا يصادف ضاربا
وملآن من ضغن كواه توقلي ... إِلَى الهمة العليا سنامَا وغاربا
شهدت جسيمَات العلى وَهُوَ غائب ... ولو كَانَ أيضا شاهدا كَانَ غائبا
وكنت آمرا ألقى الزمَان مسالمَا ... تعاليت لا ألقاه إلا محاربا
ثوى مَاله نهب المعالي فأوجبت ... عَلَيْهِ زكاة الجود مَا ليس واجبا
وتحسن فِي عينيه إن جئت زائرا ... ويزداد حسنا كلمَا جئت طالبا
خدين العلى أبقى لَهُ البذل والتقى ... عواقب من عرف كفته العواقبا
__________
[1] من هنا ساقط من الأصل وأثبتناه من النسخة ت. وهو ما بين المعقوفتين.(11/134)
تطول استشارات التجارب رايه ... إذا مَا ذوو الرأي استشاروا التجاربا
وله أيضا:
إذا أمه العافون ألفوا حياضه ... ملاء وألفوا ربعه غير محدب
أخو عرفات بذله بذل محسن ... إلينا ولكن عذره عذر مذنب
وله أيضا:
بين البين فقدها قل مَا ... تعرف قعدا للشمس حَتَّى تعبا
كل داء يرجى الدواء لَهُ ... إلا القطيعين مسته وشيا
وله:
إذا المرء لم يستخلص الحزم نفسه ... فذروته للحادثات وغاربه
أعاذلتي مَا أخشن الليل مركبا ... وأخشن منه فِي الملمَات راكبه
ذريني وأهوال الزمَان أنالها ... فأهواله العظمى تلتها رغائبه
ألم تعلمي أن الزمَاع عَلَى السرى ... أخو النجح عند النائبات وصاحبه] [1]
/ وله: 61/ ب
وإذا أراد الله نشر فضيلة ... طويت أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار فيمَا جاورت ... مَا كَانَ يعرف طيب عرف العود
وله:
وطول مقام المرء فِي الحي مخلق ... لديباجتيه فاغترب تتجدد
فإني رأيت الشمس زيدت محبة ... إِلَى الناس إذ ليست عليهم بسرمد
[محاسن أصناف المغنين جمة ... ومَا قصبات السبق إلا لمعبد
وله:
وأنجدتم من بعد اتهام داركم ... فيا دمع أنجدني عَلَى ساكني نجد
لعمري قد أخلقتم جدة البكا ... علي وجددتم به خلق الوجد
كريم متى أمدحه أمدحه والورى ... معي ومتى مَا لمته لمته وحدي] [2]
__________
[1] إلى هنا الساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/135)
وأيضا لَهُ:
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ... مَا الحب إلا للحبيب الأول
كم منزل فِي الأرض يألفه الفتى ... وحنينه أبدا لأول منزل [1]
وله أيضا:
هُوَ البحر من أي النواحي أتيته ... فلجته المعروف والجود ساحله
تعود بسط الكف حَتَّى لو أنه ... ثناها لقبض لم تطعه أنامله
ولو لم يكن فِي كفه غير نفسه ... لجاد بِهَا فليتق الله سائله
[وله:
إذا آمل رجاه قرطس في المنى ... بأسهمه حتى لؤمل آمله
وله:
إذا أحسن الأقوام أن يتطاولوا ... بلا منة أحسنت أن تتطولا
تعظمت عن ذاك التعظم بينهم ... وأوصاك قل القدر أن لا تنبلا] [2]
وله:
أنت فِي حل فزدني سقمَا ... أفن صبري واجعل الدمع دمَا
ليس منا من شكا علته ... من شكى ظلم حبيب ظلمَا
[وله أيضا:
ذاك السؤال شجى فِي الخلق مقبوض ... من دونه شرق من خلفه حوض
مروءة ذهبت أثمَارها شبه ... وهمية جوهر أثمَارها عرض
وله أيضا:
أرى ألفات قد كتبن عَلَى رأسي ... بأقلام شيب فِي مفارق قرطاس
فإن تسأليني من يخط حروفها ... فكف الليالي تستمد بأنفاسي
جرت فِي قلوب الغانيات لهبتني ... قشعريرة من يعدلن دانياس
__________
[1] هذان البيتان في النسخة ت جاءا بعد ثلاث أبيات.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/136)
وقد كنت أجري من حشاهن مرة ... مجاري جاري المَاء فِي غصن الآس
فإن أمس من وصل الكواعب أيسا ... فاخرا مَال العباد إِلَى اليأس] [1]
وله:
ليس الغبي بسيد فِي قومه ... لكن سيد قومه المتغابي
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] قَالَ: [أَخْبَرَنَا أبو بكر] [2] الخطيب قَالَ: أخبرنا الأزهري قال:
أخبرنا أحمد بن إبراهيم، أَخْبَرَنَا إبراهيم بْن عرفة قَالَ: سنة ثمَان وعشرين فيها مات أبو تمام [الطائي] [3] . وقيل: سنة إحدى وثلاثين. وقيل سنة اثنتين [4] وثلاثين [5] .
1306- داود بْن عمرو/ بْن زهير، أبو سليمَان الضبي [6] .
62/ أسمع حمَاد بْن زيد، وابن عيينة، سمع منه: يحيى، وأحمد، وابن أبي الدنيا، والبغوي، وَكَانَ ثقة.
وتوفي فِي صفر هَذِهِ السنة.
1307- سلم بْن قادم، أبو الليث [7] .
سمع سفيان بْن عيينة، وبقية، روى عنه: عباس الدوري، وكان ثقة.
وتوفي في هذه السنة في ذي القعدة [8] .
1308- عبيد الله بْن مُحَمَّد بْن حفص [بْن عمر] [9] بْن موسى بن عبيد الله [10] بن معمر،
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «حدثنا إبراهيم بن عرفة قال: مات أبو تمام الطائي سنة ثمان وعشرين ومائتين» .
[5] تاريخ بغداد 8/ 252.
[6] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 363- 365.
[7] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 145.
[8] في ت: «وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة» .
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في ت: «عبد الله» .(11/137)
أبو عبد الرحمن التيمي، ويعرف بابن عائشة، لأنه من ولد عائشة بنت طلحة ابن عبيد الله التيمي [1] .
سمع حمَاد بْن سلمة، وسفيان بْن عيينة، وخلقا كثيرا، روى عنه: أحمد بْن حنبل، والبرجلاني، وإبراهيم الحربي، والبغوي، وَكَانَ من أهل البصرة فقدم بغداد، وحدث بِهَا، ثم عاد إِلَى البصرة، وَكَانَ فصيحا أديبا سخيا، حسن الخلق، عارفا بأيام الناس، صدوقا. وقال إبراهيم الحربي: مَا رأت عيني مثل ابْن عائشة.
[أَخْبَرَنَا أبو منصور قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بكر قَالَ:] [2] أَخْبَرَنَا الحسين بْن مُحَمَّد [3] أخو الخلال، أَخْبَرَنَا إبراهيم بْن عبد الله الشطي، حَدَّثَنَا أبو القاسم الكريزي، حَدَّثَنَا محمد بْن زكريا الغَلَّابِي [4] قَالَ: كنت عند ابْن عائشة فسأله رجل أن [5] يهب لَهُ شيئا، فنزع جبة [سعيدية] [6] كانت عليه تساوي ستة دنانير أو سبعة، فدفعها إليه، فَقَالَ لَهُ وكيله مَا أخوفني عليك أن تموت فقيرا، فَقَالَ: كيف؟ قَالَ: كانت لك ست جباب فوهبتها، وبقيت لك هَذِهِ الجبة، فوهبتها [7] وهذا الشِّتَاء مقبل. فَقَالَ: إليك عني، فإني أريد أن أكون كمَا قَالَ الأول:
62/ ب
/ وفتى خلا من مَاله ... ومن المروة غير خالي
أعطاك قبل سؤاله ... فكفاك مكروه السؤال
وإذا رأى لك موعدا ... كَانَ الفعال مَعَ المقال
للَّه درك من فتى ... مَا فيك من كرم الخصال [8]
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] عَبْد الرَّحْمَنِ قَالَ: [أَخْبَرَنَا أبو بكر] أحمد بْن علي [9] قال:
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 10/ 314.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «عبد الرحمن بن محمد» .
[4] «الغلابي» ساقطة من ت.
[5] في ت: «فجاءه رجل فسأله» .
[6] ما بين المعقوفتين زيادة من تاريخ بغداد.
[7] «وبقيت لك هذه الجبة فوهبتها» ساقطة من ت.
[8] تاريخ بغداد 10/ 315- 316.
[9] في ت: «أخبرنا أبو منصور قال: أخبرنا أبو بكر بن علي» .(11/138)
أَخْبَرَنَا الأزهري، حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عمر الخلال، أَخْبَرَنَا أبو بكر بْن أبي شيبة، قَالَ: قَالَ جدي: أنفق ابْن عائشة عَلَى إخوانه أربعمَائة ألف دينار [فِي الله] [1] حَتَّى التجأ إِلَى أن باع سقف بيته.
قَالَ المصنف: كَانَ ابْن عائشة مَعَ معانيه الكاملة شديد القوة فِي اليدين [2] ، فكان يمسك بيمينه ويساره شاتين إِلَى أن يسلخا.
ولمَا حدث بواسط وشخص إِلَى البصرة فات بعض من سمع منه الحديث بعض مَا سمع [3] ، فأخذ جرة جديدة، فملأها مَاء وغطاها، ومضى يتبعه، فلمَا صار إِلَى البطائح وعدم المَاء العذب أتاه بِهَا، فسر بذلك وفرقها [4] بين أصحابه، ثم قَالَ لَهُ: مَا حاجتك [5] ؟ فَقَالَ: فاتني شيء من حديثك، فقرأه عَلَيْهِ، وأعطاه خمسين دينارا، ثم أعطاه دراهم وقال: أنفق هَذِهِ فِي طريقك حَتَّى تخلص لك الخمسون.
توفي في رمضان هذه السنة.
1309- عبد الملك بن عبد العزيز، أبو نصر التمَار [6] .
سمع مَالك بْن أنس، والحمَادين، وغيرهم، روى عنه: مسلم بْن الحجاج فِي صحيحه، وَكَانَ عالمَا ثقة زاهدا، يعد فِي الأبدال، وَكَانَ ممن أجاب في المحنة [7] ، وكان أحمد ينهى عن الكتابة عنه وَلَم/ يخرج للصلاة عَلَيْهِ، كل ذلك ليعظم أمر 63/ أالقرآن [8] عند الناس.
توفي أبو نصر فِي أول يوم من محرم هَذِهِ السنة، وقد جاوز [9] التسعين سنة، وكان بصره قد ذهب.
__________
[1] ما بين المعقوفتين زيادة من تاريخ بغداد 10/ 316.
[2] في ت: «في البدن» .
[3] في ت: «من سمع الحديث بعض الحديث» .
[4] في ت: «ووزعها» .
[5] في ت: «ما جاء بك» .
[6] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 10/ 420- 423.
[7] في ت: «في المحنة بقية» .
[8] في الأصل: «أمر القولين» .
[9] في الأصل: «وقد حاصر» .(11/139)
1310- علي بْن غنام [1] بْن علي، أبو الحسن العامري [2] الكوفي.
كَانَ أديبا فقيها حافظا زاهدا، سمع من مَالك بْن أنس، وحمَاد بْن زيد [3] ، وابن عيينة، وغيرهم، سكن نيسابور، فورد عبد الله بْن طاهر، فبعث إليه يسأله حضور [4] مجالسه، فأبى عَلَيْهِ، وتشفع بإسحاق بْن راهويه حَتَّى أعفاه، ثم خرج من نيسابور فحج، ثم سكن السوس [5] إِلَى أن توفي بها في هَذِهِ السنة.
وَكَانَ لا يحدث إلا بعد الجهد، ويقول: ليس علي إلا أن أعلم رجلا يهتم بأمر دينه، فحينئذ لا يسعني أن أمنعه، وَكَانَ يقول: يفرح الرجل لدرهم يستفيده ولا يعلم أنه يحاسب عَلَيْهِ، وَكَانَ يقول العلم [6] الخشية، فأمَا معرفة الحديث، فإنمَا هي معرفة، وقال: اتقوا سؤال الليل. يعني أصحاب التعفف والتستر.
1311- محمد بْن أبي بلال [7] .
حدث عن مَالك بْن أنس. قَالَ يحيى بْن معين: ليس به بأس [8] .
وتوفي ببغداد هَذِهِ السنة.
1312- محمد بْن جعفر بْن زياد بْن أبي هاشم، أبو عمران الوركاني [9] .
من أهل خراسان، سكن بغداد، وحدث بِهَا عن إبراهيم بْن سعد الزهري، وأيوب بْن جابر الحنفي، ومَالك بْن أنس، وفضيل بْن عياض، وغيرهم روى عنه:
يحيى بْن معين ووثقه، وعباس الدوري، والبغوي، وَكَانَ أحمد بْن حنبل يكتب عنه ويوثقه.
__________
[1] في ت: «عتام» .
[2] في ت: «المعافري» .
[3] في ت: «بن مريد» .
[4] في الأصل: «يسأله الحضور» والتصحيح من: ت.
[5] في ت: «سكن طرسوس» .
[6] في ت: «يقول: إنما العمل» .
[7] لم أقف على ترجمته.
[8] في ت: «ليس به شيء» .
[9] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 116- 118.(11/140)
وتوفي لسبع بقين من رمضان/ هَذِهِ السنة. 63/ ب
1313- محمد بْن جعفر بْن أبي مؤاتية [1] الكلبي [2] .
بغدادي سكن فيد، وتوفي بِهَا [3] ، وحدث عن محمد بْن فضيل، ووكيع، وغيرهمَا، أخرج عنه البخاري فِي صحيحه.
1314- محمد بْن حسان بْن خالد، أبو جعفر السمتي [4] .
سمع أبا يوسف بْن يعقوب المَاجشون، وهشيم بْن بشير، وغيرهمَا. قَالَ يحيى بْن معين: ليس به بأس. وقال الدار الدارقطني: ثقة يحدث عن الضعفي [5] .
وتوفي فِي ذي الحجة من هذه السنة.
1315- محمد بن عبيد الله بْن عمرو بْن معاوية بْن عمرو بْن عتبة بْن أبي سفيان بْن حرب، أبو عَبْد الرَّحْمَنِ العتبي [6] .
بصري صاحب أخبار وروايات للأدب، حدث عن سفيان بْن عيينة وغيره، وَكَانَ فصيحا، وروى عنه أَبُو حاتم، والرياشي، والكديمي، وغيرهم.
وتوفي في هذه السنة.
1316- محمد بْن مصعب، أبو جعفر [الدعاء] [7] .
كَانَ أحد العباد المذكورين، والقراء المعروفين [8] أثنى عَلَيْهِ أحمد بْن حنبل، ووصفه بالسنة، وَقَدْ حدث عن ابْن المبارك وغيره، وَكَانَ يقص ويدعو قائمَا، وكان مجاب الدعوة، وأمر به المأمون إِلَى الحبس، فلمَا دخله رفع رأسه إِلَى السمَاء، وقال:
أقسمت عليك أن حبستني عندهم الليلة، فأخرج فِي جوف الليل [9] ، فصلى الغداة في منزله.
__________
[1] في ت: «أبي مرابية» .
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 118.
[3] في ت: «ومات بها» .
[4] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 274.
[5] في ت: «عن الضعفاء» .
[6] انظر ترجمته في: الأنساب 8/ 380.
[7] ما بين المعقوفتين زيادة من تاريخ بغداد.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 3/ 279- 281.
[8] في الأصل: «والقراء الكوفيين» .
[9] «فأخرج في جوف الليل» ساقطة من ت.(11/141)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، أخبرنا محمد بن 64/ أأحمد بْن زُرَيْق، أَخْبَرَنَا إسمَاعيل بْن علي الخطبي قَالَ: سمعت حسين بْن الفهم/ يقول- وذكر محمد بْن مصعب- فَقَالَ: استسقى مَاء فحطت برادة، فسمع صوتها فشهق وصاح [1] : يَا محمد بْن مصعب [2] ، من أين لك فِي النار برادة؟ ثم رفع [3] صوته، فقرأ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ 18: 29 [4] .
توفي ابْن مصعب فِي ذي الحجة [5] من هَذِهِ السنة.
1317- مسدد بْن مسرهد [6] بْن مسربل بْن مغربل بْن مطربل، أبو الحسن البصري.
روى ابْن مَاكولا، عن أبي علي الخالدي: أنه مسدد بْن مسرهد بْن مسربل بْن مغربل بْن [مرعبل] [7] بْن أرندل بْن سرندل بْن عرندل بْن مَاشك بْن المستورد الأسدي.
قَالَ أحمد بْن يونس الرقي [8] : جئت إِلَى أبي نعيم بالكوفة فَقَالَ لي: [9] من محدث البصرة؟ قلت: مسدد بْن مسرهد بْن مسربل الأسدي، فَقَالَ: لو كانت [فِي] [10] هَذِهِ التسمية بسم الله الرحمن الرحيم لكانت رقية العقرب [11] .
سمع مسدد من أبي عوانة، وحمَاد بْن زيد. ومَات فِي سنة ثمان وعشرين ومائتين وكان مرضيا.
__________
[1] في الأصل: «وقال» .
[2] في الأصل: «يا محمد بن منصور» .
[3] «رفع» ساقطة من ت.
[4] سورة: الكهف، الآية: 29.
انظر الخبر في: تاريخ بغداد 3/ 280.
[5] في ت: «ذي القعدة» .
[6] في الأصل: «مسهر» .
انظر ترجمته في: تقريب التهذيب 2/ 242.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] «الرقي» ساقطة من ت.
[9] «لي» ساقطة من ت.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] في الأصل: «رقية عقرب» .(11/142)
1318- نعيم بْن الهيصم، أبو محمد الهروي [1] .
سكن بغداد، وحدث بِهَا عن فرج [2] بْن فضالة، وأبي عوانة، روى عنه:
البغوي، وكان ثقة.
توفي في شوال هذه السنة.
1319- يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن ميمون بن عبد الرحمن- وميمون يلقب بسمين- ويكنى يحيى: أبا زكريا، الحماني الكوفي [3] .
قدم بغداد وحدث بِهَا عن إبراهيم بْن سعد، وشريك، وحمَاد بْن زيد، وسفيان بْن عيينة، وأبي بَكْر بْن عياش، روى عنه: ابن أبي الدنيا، والبغوي. وَكَانَ ثقة/ توفي في رمضان هذه السنة [4] . 64/ ب قَالَ يحيى: هُوَ صدوق مشهور بالكوفة مثله لا يقال فيه إلا من حسد [5] . وفي رواية عنه قَالَ: هُوَ ثقة وأبوه ثقة.
وقال أحمد بْن حنبل: كَانَ يكذب جهارا.
[توفي بسر من رأى فِي رمضان هَذِهِ السنة] [6] .
__________
[1] في الأصل: «نعيم أبو الهيثم أبو محمد الهيثم» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 13/ 305- 306.
[2] في ت: «عن خرج بن فضالة» .
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 14/ 167.
[4] «وَكَانَ ثقة. توفي في رمضان هذه السنة» ساقطة من ت.
[5] في ت: «مثله ما يقال فيه إلا من حسد» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/143)
ثم دخلت سنة تسع وعشرين ومائتين
[حبس الواثق الكتّاب، وإلزامهم أموالا]
فمن الحوادث فيها:
حبس الواثق الكتاب، وإلزامهم أموالا، فدفع أحمد بْن أبي إسرائيل إِلَى إسحاق بْن يحيى بْن معاذ صاحب الحرس، فضربه، فأدى ثمَانين ألف دينار، وأخذ من سليمَان بْن وهب كاتب إيتاخ أربعمَائة ألف دينار، ومن أحمد بْن الخصيب وكتابه ألف ألف دينار، وأخذ من نجاح ستين ألف دينار [1] ، ومن الحسن بْن وهب أربعة عشر ألف دينار، ومن أبي الوزير صالح [2] مَائة ألف [دينار] [3] وأربعين ألف دينار، سوى مَا أخذ من العمَال بسبب عمَالاتهم، ونصب محمد بْن عبد الملك لابن أبي دواد وسائر أصحاب المظالم العداوة، فكشفوا وحبسوا، وأجلس إسحاق بْن إِبْرَاهِيم، فنظر فِي أمورهم وأقيموا للناس، ولقوا كل جهد [4] .
وفيها: ولي محمد بْن صالح بْن العباس المدينة.
وحج بالناس في هذه السنة مُحَمَّد بن داود [5] .
__________
[1] «أحمد بْن الخصيب وكتابه ألف ألف دينار وأخذ من نجاح ستين ألف دينار» ساقط من ت.
[2] تاريخ الطبري: «أبي الوزير صلحا» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] تاريخ الطبري 9/ 125.
[5] تاريخ الطبري 9/ 128.(11/144)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1320- إسمَاعيل بْن عبد الله بْن زرارة، أبو الحسن السكري الرقي [1] .
حدث عن حمَاد بْن زيد وغيره، روى عنه: ابْن أبي الدنيا، وعبد الله بْن أحمد، وَكَانَ ثقة.
وتوفي بالبصرة في هذه السنة.
1321- خلف بْن هشام بْن ثعلب- ويقال: خلف بْن هشام بن طالب-/ بن غراب، 65/ أأبو محمد البزار المقرئ [2] .
سمع مَالك بْن أنس، وحمَاد بْن زيد، وأبا عوانة، وخلقا كثيرا، روى عنه: عباس الدوري، وإبراهيم الحربي، وأبو بكر بْن أبي الدنيا، والبغوي، وَكَانَ آخر [3] من حدث عنه.
وَكَانَ ثقة فاضلا عابدا، وَكَانَ يشرب النبيذ عَلَى رأي الكوفيين [4] ، ثم تركه وصام الدهر، وأعاد صلاة أربعين سنة كَانَ يشرب فيها.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ [الْقَزَّازُ] ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أحمد بن علي [بن ثابت] [5] ، أَخْبَرَنَا محمد بْن أحمد بْن رزق، حَدَّثَنَا محمد بْن الحسن [بْن زياد] [6] النقاش قَالَ: سمعت إدريس بْن عبد الكريم [7] يقول: كَانَ خلف بْن هشام يشرب [من الشراب] [8] عَلَى التأويل، وَكَانَ ابْن أخته [9] يومَا يقرأ عَلَيْهِ سورة الأنفال حَتَّى بلغ لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ 8: 37
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 261- 262.
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 322- 328.
[3] في ت: «وهو آخر» .
[4] في ت: «على مذهب الكوفيين» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في الأصل: «إدريس بن عبد السلام» .
[8] ما بين المعقوفتين زيادة من تاريخ بغداد.
[9] في ت: «وكان ابن أخيه» .(11/145)
الطَّيِّبِ 8: 37 [1] فَقَالَ: يَا خال، إذا ميز الله الخبيث من الطيب، أين يكون الشراب؟ قَالَ:
فنكس رأسه طويلا، ثم قَالَ: مَعَ الخبيث، قَالَ: أفترضى أن تكون مَعَ أصحاب الخبيث؟ قَالَ: يَا بني امض إِلَى المنزل فاصبب كل شيء فيه، وتركه فأعقبه الله الصوم، فكان يصوم الدهر إِلَى أن مَات [2] .
توفي خلف فِي جمَادى الآخرة من هَذِهِ السنة.
1322- رابعة بنت إسمَاعيل [3] .
زوج [4] أحمد بْن أبي الحواري.
أَخْبَرَنَا أبو بكر بْن حبيب، أَخْبَرَنَا أبو بكر [5] بْن أبي صادق، أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله بْن باكويه، حَدَّثَنَا عبد الواحد بْن بكر، حَدَّثَنَا إسحاق بْن أحمد بْن علي [حَدَّثَنَا] إبراهيم بْن يوسف [6] ، حَدَّثَنَا أحمد بْن أبي الحواري قَالَ: قلت لرابعة- وهي امرأتي وقامت بليل- قد رأينا أبا سُلَيْمَان وتعبدنا معه مَا رأينا من يقوم من أول الليل، فقالت: سبحان الله، مثلك لا يتكلم، إِنَّمَا أقوم [7] إذا نوديت.
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ: أَخْبَرَنَا رزق الله بْن عبد الوهاب قال: أخبرنا أبو 65/ ب عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي، حَدَّثَنَا محمد بْن أحمد [8] /، حَدَّثَنَا العباس بْن حمزة، حَدَّثَنَا أحمد بْن أبي الحواري قَالَ: سمعت رابعة تقول: ربمَا رأيت الحور [9] يذهبون ويجيئون، وربمَا رأيت الحور العين يستترون [10] مني بأكمَامهن، وقالت بيدها عَلَى رأسها.
__________
[1] سورة: الأنفال، الآية: 37.
[2] تاريخ بغداد 8/ 325، 326.
[3] انظر ترجمتها في طبقات الصوفية للسلمي.
[4] «زوج» ساقطة من ت.
[5] في ت: «أبو سعد» .
[6] في الأصل: «أحمد بن علي بن إبراهيم بن يوسف» .
[7] في ت: «مثلك يتكلم بهذا، أنا أقوم» .
[8] في ت: «محمد بن سعيد» .
[9] في ت: «الحر» .
[10] في ت: «يستبرق» .(11/146)
1323- عبد الله [1] بن محمد بن عبد الله بْن جعفر بْن اليمَان، أبو جعفر البخاري المسندي [2] .
وَهُوَ مولى محمد بْن إسمَاعيل البخاري من فوق.
سمع سفيان بْن عيينة، وفضيل بن [عياض، و] [3] عبد الرزاق، وخلقا كثيرا، وإنمَا قيل لَهُ: المسندي لأنه كان يطلب الأحاديث المسندة [4] ، ويرغب عن المقاطيع والمراسيل، وروى عنه: البخاري فِي صحيحه، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وغيرهم.
توفي في ذي القعدة من هذه السنة، وقيل: فِي ذي الحجة.
1324- عباد بْن موسى، أبو محمد الختّليّ [5] .
سكن بغداد، وحدث بِهَا عن إبراهيم بْن سعد، وإسمَاعيل بْن عياش [6] ، روى عنه: البخاري والدوري، وكان ثقة.
وتوفي بالثغر في هذه السنة، خرج إلى طرسوس فمات [بها] [7] .
وقال هبة الله الطبري: روى عباد هَذَا عن سفيان الثوري، وإسرائيل، وهذا غلط منه، إنمَا الراوي عنهمَا عباد بْن [8] موسى أبو عقبة [9] الأزرق، فإنه يروي عنهمَا، وعن إبراهيم بْن طهمَان، وحمَاد بْن سلمة، وعبد العزيز بْن أبي دواد، وهو أقدم من الختّليّ.
__________
[1] في الأصل: «عبيد الله» .
[2] في الأصل: «المسند» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 10/ 64، 65.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وكتب على الهامش: «فضيل بن عباس» خطأ.
[4] في الأصل: «المرسلة» .
[5] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 11/ 107.
[6] في الأصل: «إسماعيل بن عباس» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ت: «عباس بن موسى» .
[9] في الأصل: «بن عشبة» .(11/147)
1325- علي بْن صالح، صاحب المصلى [1] .
حدث عن القاسم بْن معين [2] المسعودي.
أَخْبَرَنَا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا التنوخي قَالَ: سمعت أبا الفرج [3] محمد بْن جعفر بْن الحسن [4] بْن سليمَان بْن علي بْن صالح صاحب المصلى وسأله [5] أبي عن سبب تسمية جده بصاحب المصلى، فَقَالَ: إن صالحا [6] [جدنا كَانَ ممن جاء مَعَ أبي مُسْلِم إِلَى السفاح، وَكَانَ من أولاد ملوك خراسان من أهل بلخ، فلمَا أراد المنصور إنفاذ أَبِي مسلم لحرب عبد الله بْن علي سأله أن يخلفه وجمَاعة من أولاد ملوك خراسان بحضرته، منهم الخرسي وغيره، فخلفهم، واستخدمهم المنصور، فلمَا أنفذ أبو مسلم خزائن عبيد الله بْن علي عَلَى يد يقطين بْن موسى، عرضها المنصور عَلَى صالح والخرسي وشبيب وغيرهم ممن كان اتخذهم [7] من جنبة أبي مسلم واستخلصهم لنفسه وقال: من أراد من هَذِهِ الخزائن شيئا فليأخذه [8] ، فقد وهبته لَهُ. فاختار كل واحد منهم شيئا جليلا، فاختار صالح حصيرا للصلاة من عمل مصر، ذكر أنه كَانَ فِي خزائن بني أمية، وأنهم ذكروا أنه كَانَ للنّبيّ صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ المَنْصُور: إن هَذَا لا يصلح أن يكون إلا فِي خزائن الخلفاء، فقال: قلت إنك قد وهبت لكل إنسان مَا اختاره، ولست أختار إلا هَذَا. فَقَالَ: خذه عَلَى شرط أن تحمله فِي الأعياد والجمع فتفرشه حَتَّى أصلي عَلَيْهِ. فَقَالَ: نعم، وَكَانَ المنصور إذا أراد الركوب إِلَى المصلى أو الجمعة أعلم صالحا، فأنفذ صالح الحصير ففرشه لَهُ [9] ، فإذا صلى عَلَيْهِ أمر به فحمل إِلَى داره، فسمّي لهذا صاحب المصلى، فلم تزل الحصير
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 11/ 437.
[2] في ت: «بن معن» .
[3] في الأصل: «أبا السرح» .
[4] في الأصل: «بن أبي الحسن» .
[5] في الأصل: «برسالة» .
[6] الورقة رقم 66 من مخطوطة أحمد الثالث مفقودة وأكملنا النقص من ت.
[7] في تاريخ بغداد: «اجتذبهم» .
[8] في ت: «فيأخذ» .
[9] في ت: «ففرش له» .(11/148)
عندنا إِلَى أن انتهى إِلَى سليمَان جدي، وكان يخرجه كمَا كَانَ أبوه وجده يخرجانه للخلفاء، فَلَمَّا مَات سليمَان فِي أيام المعتصم ارتجع المعتصم الحصير إِلَى خزائنه [1] .
1326- نعيم بْن حمَاد بْن معاويه بْن الحارث بْن همَام، أبو عبد الله الخزاعي المروزي [2] .
سمع من إبراهيم بْن طهمَان حديثا واحدا، وسمع الكثير من إبراهيم بْن سعد، وسفيان بْن عُيَيْنة، وابن المبارك، روى عنه: يحيى بْن معين، ووثقه البخاري وجمَاعة أحدهم حمزة بْن محمد بْن عيسى الكاتب وهذا أول من جمع المسند.
قال الدار الدارقطني: هُوَ كثير الوهم. وَكَانَ قد سكن مصر، فلم يزل مقيمَا بِهَا حَتَّى أشخص للمحنة فِي القرآن إِلَى سامراء فِي أيام المعتصم، فسئل عن القرآن فأبى أن يجيبهم، فسجن فمَات فِي السجن في هذه السنة، وأوصى أن يدفن فِي قيوده وقال: إني مخاصم.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أخبرني الأزهري، أخبرنا أَحْمَد بْن إبراهيم، حَدَّثَنَا إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن عرفة [3] قَالَ: سنة تسع وعشرين، فيها مات نعيم بن حماد وكان مقيدا محبوسا لامتناعه من القول بخلق القرآن، فجر بأقياده فألقي في حفرة ولم يكفن، ولم يصل عليه، فعل ذلك به صاحب ابْن أبي دؤاد [4] .
1327- يحيى بْن يوسف بْن أبي كريمة، أبو يوسف الزمي من قرية بخراسان [5] يقال لها: زم [6] .
سكن بغداد وحدث بِهَا عن شريك بْن عبد الله، وابن عيينة. روى الحاوي، وكان ثقة صدوقا. توفي في رجب هذه السنة.
__________
[1] تاريخ بغداد 11/ 438، 439.
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 13/ 306- 313.
[3] في ت: «بن عنقة» .
[4] تاريخ بغداد 13/ 313.
[5] في الأصل: «خراسان» .
[6] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 14/ 167.(11/149)
ثم دخلت سنة ثلاثين ومائتين
[توجيه الواثق بغا الكبير التركي- إلى الأعراب]
فمن الحوادث فيها:
توجيه الواثق بغا الكبير التركي- ويكنى أبا موسى- إلى الأعراب وكانوا قد عاثوا بالمدينة وما حولها، وكان بدو [1] ذلك أن بني سليم كانت تتطول عَلَى الناس حول المدينة بالشر، وأوقعوا بالقوم وقتلوا، فوجه إليهم محمد بْن صالح بن العباس 67/ أالهاشمي، وَهُوَ يومئذ] [2] / عامل المدينة حمَاد بْن جرير الطبري، وَكَانَ الواثق، قد وجه حمَادا مسلحة للمدينة لئلا يتطرّقها الأعراب فِي مَائتي فارس، فتوجه إليهم [3] حمَاد فِي جمَاعة فقاتلهم فغلبوه، وقوي أمر بني [4] سليم، فاستباحت القرى [5] والمناهل، فيمَا بينها [6] وبين مكة والمدينة، فوجه إليهم الواثق بغا، فشخص إِلَى حرة بني [7] سليم فِي شعبان، فواقعهم وراء السوارقية [8] ، وهي قريتهم التي كانوا يأوون إليها، وبالسوارقية حصون- فقتل منهم نحو خمسين [وانهزم الباقون] [9] ودعاهم إِلَى الأمَان عَلَى حكم
__________
[1] في ت: «بدوا» .
[2] من الأصل المشار إليه سابقا.
[3] «إليهم» سقط من ت.
[4] «بني» ساقطة من ت.
[5] في ت: «القوى» .
[6] في الأصل: «فما بيننا» .
[7] «بني» ساقطة من ت.
[8] في ت: «السوء لوقته» .
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/150)
الواثق، وهربت خفاف بني سليم، وحبس [1] عنده من أهل الشر منهم جمَاعة نحو ألف [2] رجل، وقدم بأساراهم، ثم شخص إِلَى مكة حاجا، ثم انصرف إِلَى بني هلال، فعرض عليهم مثل الذي عرض عَلَى بني سليم، وأخذ من مردتهم [3] نحوا من ثلاثمائة رجل [4] .
وفي هذه السنة: مَات عبد الله بْن طاهر، فولي الواثق مكانه ابنه طاهرا، وَكَانَ الواثق قد فكر فيمن يولي، فَقَالَ لَهُ ابْن أبي دؤاد: ول طاهرا، واربح إنفاق المَال، وإنفار الجيوش يتحدث الناس بوفائك [فعقد] [5] .
وظهر في هذه السنة فِي بعض قرى خوارزم عجب من امرأة رأت منامَا، فكانت لا تأكل ولا تشرب، وقد ذكر قصتها أبو عبد الله الحاكم فِي «تاريخ نيسابور» .
أَخْبَرَنَا زاهر بْن طاهر قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بكر البَيْهَقيّ، أَخْبَرَنَا الحاكم أبو عَبْد الله محمد بن عبد الله النيسابوري قال: سمعت أبا زكريا يحيى بْن محمد العنبري يقول:
سمعت أبا الْعَبَّاس [6] عيسى بْن محمد المروزي يقول: وردت فِي سنة ثمَان وثلاثين مدينة من مدائن/ خوارزم تدعى هزارسف، فأخبرت أن بِهَا امرأة من نساء الشهداء رأت 67/ ب رؤيا: كأنها أطعمت فِي منامها شيئًا، فهي لا تأكل ولا تشرب منذ عهد عبد الله بْن طاهر والي خراسان، وَكَانَ [قد] [7] توفي قبل ذلك بثمَاني سنين، فمررت [8] بِهَا وحدثتني حديثها، فلم أستعص عَلَيْهَا لحداثة سني، ثم إني عدت إِلَى خوارزم فِي آخر سنة اثنين وخمسين ومَائتين، فرأيتها باقية، ووجدت حديثها شائعا مستفيضا، فطلبتها [9] فوجدتها
__________
[1] في ت: «وجيش» .
[2] في ت: «أهل الشر منهما نحو ألف» .
[3] في ت: «وأخذ منهم» .
[4] تاريخ الطبري 9/ 129- 131.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل. وفي الهامش عنوان «حكاية غريبة» .
وفي ت بعد ذلك: «وحج بالناس هذه السنة محمد بن داود» وقد ذكر ذلك في الأصل بعد الخبر التالي.
[6] «أبا العباس» ساقطة من ت.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ت: «فروت» .
[9] «فطلبتها» ساقطة من ت.(11/151)
غائبة عَلَى عدة فراسخ، فمضيت فِي أثرها، فأدركتها بين قريتين تمشي مشية [قوية] [1] وإذا هي امرأة نصف جيدة القامة، حسنة البنية، ظاهرة [2] الدم، متوردة الخدين، فسايرتني وأنا راكب، وعرضت عَلَيْهَا الركوب فلم تركب، وحضر مجلسي أقوام، فسألتهم عنها، فأحسنوا [3] القول فيها وقالوا: أمرها عندنا ظاهر [4] ، فليس فينا من يختلف فيها، وذكر لي بعضهم أنهم لم يعثروا [5] منها [6] عَلَى كذب ولا حيلة فِي التلبيس، وأنه قد كَانَ من يلي خوارزم من العمَال [7] يحضرونها ويوكلون بِهَا من يراعيها، فلا يرونها تأكل شيئا ولا [8] تشرب، ولا يجدون لها أثر غائط ولا بول، فيبرونها ويكسونها، فلمَا تواطأ أهل الناحية عَلَى تصديقها، سألتها عن اسمها، فقالت: رحمة بنت إبراهيم، وذكرت أنه كَانَ لها زوج نجار فقير يأتيه رزقه يومَا بيوم، وأنها ولدت منه عدة أولاد، وأن ملك الترك عبر عَلَى النهر [إليهم] [9] وقتل من المسلمين خلقا كثيرا، 68/ أقالت: ووضع زوجي بين يدي قتيلا، فأدركني الجزع، وجاء/ الجيران يسعدونني [10] عَلَى البكاء، وجاء الأطفال يطلبون الخبز وليس عندي شيء [11] ، فصليت وتضرعت إِلَى الله تعالى [أسأله الصبر، و] [12] أن يجبر بهم، فذهب بي النوم فِي سجودي، فرأيت فِي منامي كأني فِي أرض خشناء ذات حجارة وشوك، وأنا أهيم فيها وألزم خبري أطلب [13] زوجي، فناداني رجل [14] : إِلَى أين أيتها الحرة؟ قلت: أطلب زوجي، قَالَ: خذي [15] ذات اليمين، فأخذت ذات اليمين، فوقفت عَلَى أرض [16] سهلة طيبة الثرى، ظاهرة العشب، فإذا قصور وأبنية لا أحسن أصفها، وإذا أنهار تجري على وجه الأرض من غير أخاديد، وانتهيت إِلَى قوم جلوس حلقا حلقا، عليهم ثياب خضر، قد علاهم النور، فإذا هم القوم الذين قتلوا فِي المعركة يأكلون عَلَى موائد بين أيديهم، فجعلت أتخللهم وأتصفح وجوههم أبغي زوجي، لكنه بصرني فناداني: يَا رحمة يَا رحمة، فتحققت
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «ظاهر» .
[3] «فأحسنوا» ساقطة من ت.
[4] في الأصل: «أمرها عبد الله بن طاهر» .
[5] في ت: «إنه لم يعبر» .
[6] «منها» ساقطة من ت.
[7] في الأصل: «من يلي من العمال خوارزم» .
[8] «شيئا ولا» ساقط من ت.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في ت: «يسعدنني» .
[11] «شيء» ساقطة من ت.
[12] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[13] في ت: «والهة حيرى لطلب» .
[14] في الأصل: «فناداني زوجي» .
[15] في ت: «فخذي» .
[16] في ت: «إلى أرض» .(11/152)
الصوت، فإذا أنا به فِي مثل حالة من رأيت من الشهداء، وجهه مثل القمر ليلة البدر، وَهُوَ يأكل مَعَ رفقة لَهُ قتلوا يومئذ معه، فَقَالَ لأصحابه: إن هَذِهِ البائسة جائعة منذ اليوم، أفتأذنون [لي] [1] أن أناولها شيئا تأكله؟ فأذنوا لَهُ، فناولني كسرة خبز، وأنا أعلم حينئذ أَنَّهُ خبز، ولكن لا أدري كأي [2] خبز هُوَ؟! أشد بياضا من الثلج واللبن [3] ، وأحلى من العسل والسكر، وألين من الزبد والسمن، فأكلته فلمَا استقر فِي معدتي قَالَ: اذهبي، فقد كفاك الله مئونة الطعام والشراب مَا بقيت فِي الدنيا، فانتبهت من نومي وأنا شبعى ريا [4] ، لا أحتاج إِلَى طعام وشراب ومَا ذقته منذ ذلك اليوم [5] إلى يومي/ هذا [ولا شيئا 68/ ب ممَا [6] يأكله الناس. قَالَ أبو الْعَبَّاس: وكنا نأكل فتتنحى وتأخذ عَلَى أنفها، تزعم أنها تتأذى برائحة الطعام] [7] ، فسألتها: هَلْ تتغذى بشيء غير الخبز أو تشرب شيئا غير المَاء؟ فقالت: لا، فسألتها هل يخرج منها ريح؟ قالت: لا [8] ، أو أذى؟ قالت: لا، قلت: فالحيض؟ أظنها قالت: انقطع بانقطاع الطعم، قلت: فهل تحتاجين حاجة النساء إِلَى الرجال؟ قالت: لا، قلت: فتنامين؟ قالت: نعم أطيب نوم، قلت: فمَا ترين فِي منامك؟ قالت: مَا ترون [9] ، قلت: فهل يدركك اللغوب [10] والإعياء إذا مشيت؟
قالت: نعم [11] . وذكرت لي أن بطنها لاصقة بظهرها، فأمرت امرأة [12] من نسائنا فنظرت، فإذا بطنها لاصقة بظهرها، وَإِذَا هي قد اتخذت كيسا فضمنته قطنا وشدته على بطنها [13] ليستقيم ظهرها إذا مشيت، فأجرينا ذكرها لأبي العباس أحمد بْن محمد بْن
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «أي» .
[3] في ت: «وألين» .
[4] في ت: «ربّى» .
[5] في ت: «الوقت» .
[6] «مما» زيادة ليستقيم المعنى.
[7] ما بين المعقوفتين جاء في نسخة الأصل في نهاية الخبر مع اختلاف بسيط في اللفظ.
[8] «قالت: لا» ساقطة من ت.
[9] في ت: «مثل ترون» .
[10] «اللغوب» ساقطة من ت.
[11] في ت: «قالت: لا نعم» .
[12] «امرأة» ساقطة من ت.
[13] «لاصقة بظهرها ... » حتى « ... وشدته على بطنها» ساقط من ت.(11/153)
طَلْحَة بْن طاهر والي خوارزم، فأنكر، وأشخصها [إليه] [1] ، ووكل أمه بِهَا، فبقيت عنده [2] نحوا من شهرين فِي بيت، فلم يروها تأكل ولا تشرب، ولا رأوا لها [3] أثر من يأكل ويشرب، فكثر تعجبه وقَالَ: لا تنكر [4] للَّه قدرة، وبرها وصرفها، فلم يأت عَلَيْهَا إلا القليل حَتَّى مَاتت رحمها الله.
وكانت لا تأكل شيئا ممَا يأكله الناس البتة، وإذا قرب الطعام تنحت ووضعت يدها عَلَى أنفها تزعم أنها تتأذى برائحته.
وحج بالناس في هذه السنة مُحَمَّد بْن داود.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
69/ أ 1328/- أحمد بْن أبي الحواري، يكنى أبا الحسن واسم أبي الحواري [5] ميمون [6] .
كَانَ الجنيد يقول: هُوَ [7] ريحانة الشام، وقال يحيى بْن معين: أظن أهل الشام يسقيهم الله به الغيث [8] .
أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلي بْن خلف، أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي أَخْبَرَنَا محمد بْن أحمد بْن سعيد الرازي، حَدَّثَنَا العباس بْن حمزة قَالَ: قَالَ أحمد بْن أبي الحواري [9] : كلمَا ارتفعت منزلة القلب كانت العقوبة إليه أسرع.
أسند أحمد عن حفص [10] بْن غياث، وأبي معاوية، ووكيع.
وتوفي في هذه السنة.
1329- أحمد بن محمد بن شبويه مولى بديل بن ورقاء الخزاعي، يكنى أبا الحسن [11] .
قدم مصر، وكتب عنه، وتوفي بطرسوس في هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «عندها» .
[3] في ت: «راوها» .
[4] في ت: «لا ينكر» .
[5] في الأصل: «أبي الحسن» .
[6] انظر ترجمته في: تقريب التهذيب 1/ 18.
[7] «هو» ساقطة من ت.
[8] في ت: «الغيث به» .
[9] في ت: «الجواري» .
[10] في الأصل: «أحمد بن حفص» .
[11] انظر ترجمته في: تقريب التهذيب 1/ 24.(11/154)
1330- إسماعيل بن سعيد، أبو إسحاق الكسائي الطبري، يعرف بالشالنجي [1] .
يروي [2] عن سفيان بْن عيينة، ويحيى بْن سعيد القطان، وعيسى بن يونس وغيرهم، وكان [فقيها] [3] فاضلا ثقة.
توفي في هذه السنة، وقيل: السنة ست وأربعين، [والله أعلم] [4] .
1331- أشناس التركي، أبو جعفر [5] .
كان من كبار الأمراء، وقد ذكرنا له أفعالا كثيرة.
1332- إسحاق بن إسماعيل، أبو يعقوب الطالقاني [6] .
سمع جرير بْن عبد الحميد، ومحمد بْن فضيل، ووكيعا، وسفيان بْن عيينة، وغيرهم، روى عنه: الحربي، والبغوي.
قَالَ يحيى: هُوَ صدوق، وقال أبو داود والدار الدّارقطنيّ: هو ثقة. قَالَ البغوي: قطع الحديث قبل أن يموت بخمس سنين.
وتوفي في هذه السنة، وَهُوَ [7] أول شيخ كتب عنه البغوي.
1333-/ الحسن بْن عمر بْن شقيق بْن أسمَاء [8] الجرمي البصري [9] .
69/ ب كَانَ يتجر إِلَى بلخ فعرف بالبلخي [10] ، وقدم بغداد فحدث عن جعفر بْن سليمَان وغيره، روى عنه: أَبُو حاتم الرازي، وقال: صدوق، توفي هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: الأنساب 7/ 259.
[2] في ت: «روى» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ت: «أشناس أبو جعفر التركي» .
[6] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 334- 337.
[7] في ت: «وقيل» .
[8] في الأصل: «الحسن بن عمر بن سفيان بن إسماعيل» .
[9] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 355.
[10] في الأصل: «ببلخ» .(11/155)
1334- سعيد بْن يحيى بْن مهدي، أبو سفيان الحميري [1] .
من أهل واسط، سمع حصين بْن عَبْد الرَّحْمَنِ، ومعمر بْن راشد، روى عنه ابن راهويه. توفي فِي هذه السنة.
1335- عَبْد اللَّهِ بن طاهر بن الحسين بن مصعب، أبو العباس الخزاعي [2] .
كان المأمون قد ولاه الشام حربا وخراجا، وكان أحد الأجواد، فخرج من بغداد إليها، وكان قد سوغه خراج مصر سنة [3] ، فافتتحها وصعد المنبر، فلم ينزل حتى أجاز بذلك كله وهو ثلاثة آلاف [4] ألف دينار أو نحوها، وأقام بالشام حتى مات.
أَخْبَرَنَا القزاز قَالَ: أَخْبَرَنَا [أبو بكر الخطيب] [5] أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عمر الغَفَّاري [6] ، أَخْبَرَنَا جعفر بْن محمد الخلدي [7] ، أَخْبَرَنَا أحمد بْن محمد بْن مسروق قال: حدثني عبد الله بْن الربيع قَالَ: وحدثني محلم بْن أبي محلم الشاعر، عن أبيه قَالَ: شخصت مَعَ عبد الله بن طاهر إِلَى خراسان فِي الوقت الذي شخص فيه، وكنت أعادله وأسامره، فلمَا صرنا إِلَى الري مررنا بِهَا سحرا، فسمعت أصوات [8] الأطيار من القمَاري وغيرها، فَقَالَ لي عبد الله: للَّه در أبى كثير الهذلي حيث يقول:
ألا يَا حمَام الأيك إلفك حاضر ... وغصنك مياد ففيم تنوح
70/ أثم قَالَ: يَا أبا محلم، هل يحضرك فِي هَذَا شيء؟ فقلت: أصلح الله الأمير/ كبرت سني، وفسد ذهني، ولعل شيئا أن يحضرني، ثم حضر شيء فقلت: أصلح الله الأمير، قد حضر شيء، هل تسمعه؟ قَالَ: هات. فقلت:
أفي كل عام غربة وتروح [9] ... أمَا للنوى من ونية [10] فنريح
لقد طلح البين المشت [11] ركائبي ... فهل يبلغني البين [12] وَهُوَ طليح
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 75- 76.
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 483- 489.
[3] «سنة» ساقطة من ت.
[4] في ت: «ثلاثة ألف» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ت: «القصاري» .
[7] في الأصل: «الحلواني» .
[8] في الأصل: «صوت» .
[9] في ت: «وتزوج» .
[10] في ت: «من فتر» .
[11] في الأصل: «المشتت» .
[12] في الأصل: «اللبن» .(11/156)
وذكرني بالري نوح حمَامة ... فنحت وذو الشجو الحزين ينوح [1]
عَلَى أنها ناحت [2] ولم تذر دمعة [3] ... ونحت وأسراب [4] الدموع سفوح [5]
وناحت وفرخاها بحيث تراهما ... ومن دون أفراخي مهامه فيح
عسى جود عبد الله أن يعكس النوى ... فنلقي عصى التطواف وهي طريح
[قَالَ] : فَقَالَ: يَا غلام أنخ، لا والله لا أجزت معي [6] حافرا ولا خفا [7] حَتَّى ترجع إِلَى أفراخك، كم الأبيات؟ فقلت: ستة، فَقَالَ: يَا غلام أعطه ستين ألفا، ومركبا وكسوة. وودعته وانصرفت [8] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أحمد بْن علي قَالَ: حدثني الجوهري، حَدَّثَنَا محمد بْن العباس الخزاز، أَخْبَرَنَا أبو الحسين [9] عبيد الله [10] بْن أحمد بْن [أبي] [11] طاهر قَالَ: حدثني أبي: أن عبد اللَّه [12] بْن طاهر لمَا [13] خرج إِلَى المغرب كَانَ معه كاتبه أحمد بْن نهيك، فلمَا نزل دمشق أهديت إِلَى أحمد بْن نهيك [14] هدايا كثيرة فِي طريقه وبدمشق، فكان يثبت كل مَا [15] يهدي إليه في قرطاس، ويدفعه [16] إِلَى خازن لَهُ، فلمَا نزل عبد الله بْن طاهر/ دمشق أمر أحمد بْن نهيك أن يغدو عليه [17] بعمل كان يعمله، 70/ ب فأمر خازنه أن يخرج إليه قرطاسا فيه العمل الّذي أمر بإخراجه ويضعه في المحراب بين يديه لئلا ينساه وقت ركوبه فِي السحر، فغلط الخازن، فأخرج إليه القرطاس الذي فيه ثبت مَا أهدي إليه، فوضعه فِي المحراب، فلمَا صلى أحمد بْن نهيك الفجر، أَخَذَ القرطاس من المحراب، ووضعه فِي خفه، فلمَا دخل عَلَى عبد الله بْن طاهر وسأله عمَا تقدم إليه من إخراجه العمل الذي أمره به، فأخرج الدرج من خفه، فدفعه إليه فقرأه
__________
[1] في ت: «سنوح الشجوي» .
[2] في ت: «إنها ناحيت» .
[3] في ت: «دمعها» .
[4] في الأصل: «أسرار» .
[5] في ت: «تفوح» .
[6] في ت: «لا أزور من كان» .
[7] «حافرا ولا خفّا» ساقطة من ت.
[8] تاريخ بغداد 9/ 486، 487.
[9] في الأصل: «أبو الحسن» .
[10] في ت: «عبد الله» .
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] في الأصل: «بن عبد الله» .
[13] في الأصل: «قال: لما خرج» .
[14] فلمَا نزل دمشق أهديت إِلَى أحمد بْن نهيك ساقطة من ت.
[15] في ت: «كلما» .
[16] في ت: «يرفعه» .
[17] في تاريخ بغداد: «يعود إليه» .(11/157)
عَبْد الله [بْن طاهر] [1] من أوله إِلَى آخره، وتأمله، ثم أدرجه ودفعه إِلَى أحمد بْن نهيك وقال: لَيْسَ هَذَا الذي أردت، فلمَا نظر أحمد بْن نهيك [2] فيه أسقط فِي يديه، فلمَا انصرف إِلَى مضربه وجه إليه عبد الله بْن طاهر [يعلمه] [3] : أني قد وقفت عَلَى مَا فِي القرطاس، فوجدته سبعين ألف دينار، واعلم أنه قد لزمتك مئونة عظيمة فِي خروجك، ومعك زوار [وغيرهم] [4] وأنك محتاج إِلَى برهم، وليس مقدار مَا وصل [5] إليك يفي بمئونتك، وقد وجهت إليك بمائة ألف [6] دينار [7] لتصرفها [8] في الوجوه التي ذكرتها [9] .
أَخْبَرَنَا [أَبُو مَنْصُورٍ] الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا [أَبُو بَكْرٍ] [10] أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ [قَالَ:] حَدَّثَنِي الأزهري قَالَ: وجدت فِي كتابي [11] عن أبي نصر محمد بْن أحمد الملاحمي 71/ أقال: / سمعت عمرو بْن إسحاق يقول: سَمِعْتُ سهل بْن مبشر [12] يقول: لمَا رجع عبد الله بْن طاهر من الشام، صعد [13] فوق سطح قصره، فنظر إلى دخان يرتفع فِي جواره [14] ، فَقَالَ: مَا هَذَا [الدخان؟] [15] فقيل: لعل القوم [16] يخبزون، فَقَالَ: ويحتاج
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «وقال: لَيْسَ هَذَا الذي أردت، فلمَا نظر أحمد بن نهيك» ساقطة من ت.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ت: «ما يصل» .
[6] في الأصل: «إليك مائة ألف» .
[7] «دينار» ساقطة من ت.
[8] في الأصل: «تصرفها» .
[9] تاريخ بغداد 9/ 484- 485.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] في ت: «في كتاب» .
[12] في تاريخ بغداد: «بن مرة» .
[13] في ت: «ارتفع» .
[14] في ت: «جداره» .
[15] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[16] في ت: «نظن قوما» .(11/158)
جيراننا أن يتكلفوا ذلك؟! ثم دعا حاجبه وقال: امض ومعك كاتب فأحص جيراننا ممن لا يقطعهم عنا شارع. فمضى فأحصاهم، فبلغ عددهم أربعة آلاف نفس، فأمر لكل واحد منهم [كل يوم] [1] بمنوين خبزا ومنا لحم، ومن التوابل فِي كل شهر عشرة دراهم، والكسوة فِي الشتاء مَائة وخمسين [درهمَا] [2] وفي الصيف مَائة درهم، وَكَانَ ذلك دأبه مدة مقامه ببغداد، فلمَا خرج انقطعت الوظائف إلا الكسوة مَا عاش أبو العباس [3] .
أَخْبَرَنَا القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أَخْبَرَنَا أبو يعلي أَحْمَد بن عبد الواحد الوكيل، أَخْبَرَنَا إسمَاعيل بْن سعيد [4] المعدل، أَخْبَرَنَا الحسين بْن القاسم [5] الكوكبي قَالَ: حدثني أَبُو الفضل الربعي قَالَ: حدثني أبي قَالَ: قَالَ المأمون لعبد الله بْن طاهر: أيمَا أطيب مجلسي أو منزلك؟ قَالَ: مَا عدلت بك يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ [شيئا] [6] . فَقَالَ: ليس إِلَى هَذَا ذهبت، إنما ذهبت إِلَى الموافقة فِي العيش واللذة، قَالَ: منزلي يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: ولم ذلك [7] ؟ قَالَ: لأني هنالك [8] مَالك وأنا هنا مملوك [9] .
أَخْبَرَنَا أبو المعمر [المبارك] [10] بْن أحمد قَالَ: أَخْبَرَنَا صاعد بْن سيار الهروي، أَخْبَرَنَا أبو بَكْر بْن أحمد بْن أبي [11] سهل الفورجي، حَدَّثَنَا إسحاق بْن إبراهيم الحافظ إجازة، أَخْبَرَنَا أبو الْعَبَّاس/ بْن محمد القرشي، أَخْبَرَنَا محمد بْن أبي جعفر المنذري 71/ ب قَالَ: سمعت الحسين بْن فهم يَقُولُ: كَانَ عبد الله بْن طاهر لا يدخل خصيا داره ويقول:
هم مَعَ النساء رجال، ومع الرجال نساء.
توفي عبد الله بْن طاهر بمرو، وقيل: بنيسابور، وقيل: بالشام من مرض أصابه فِي حلقه، فِي ربيع الأول من هَذِهِ السنة، وَهُوَ ابْن ثمَان وأربعين سنة [وأياما] [12] ، وكان قبل موته قد أظهر التوبة وكسر آلات الملاهي، وعمر رباطات خراسان [13] ، ووقف بها
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] تاريخ بغداد 9/ 485، 486.
[4] في الأصل: «أسد بن سعد» .
[5] في الأصل: «بن العم» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في ت: «ذاك» .
[8] في ت: «لأني فيه» .
[9] تاريخ بغداد 9/ 483.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] «أبي» ساقطة من ت.
[12] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[13] في ت: «رباط بخراسان» .(11/159)
الوقوف، وأظهر الصدقات، ووجه أموالا عظيمة إِلَى الحرمين، وفك أسرى [1] المسلمين من الترك، وبلغ مَا أنفقه عَلَى الأسرى ألفي ألف درهم، [وخلف أموالا كثيرة] [2] ، وَكَانَ يوصف بالإنصاف.
1336- علي بْن الجعد بْن عبيد، أبو الحسن الجوهري، مولى بني هاشم [3] .
سمع سفيان الثوري، ومَالك بْن أنس، وشعبة، وابن أبي ذئب، وغيرهم، وكتب عنه: أحمد بْن حنبل، ويحيى، والبخاري، وأبو زرعة، وإبراهيم الحربي، وغيرهم [4] ، والبغوي، وَكَانَ ثقة.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ [5] عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ محمد [6] قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا عبيد الله بن أبي الْفَتْحِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ الْمُقْرِئُ [7] [قَالَ:] حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي عَلِيَّ بْنَ الْجَعْدِ [8] يَقُولُ: لَمَّا أَحَضْرَ الْمَأْمُونُ أَصْحَابَ الْجَوْهَرِ، فَنَاظَرَهُمْ عَلَى مَتَاعٍ كَانَ مَعَهُمْ، ثُمَّ نَهَضَ الْمَأْمُونُ [9] لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَامَ لَهُ كُلُّ مَنْ كَانَ فِي الْمَجْلِسِ إِلا ابْنَ الْجَعْدِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُمْ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ كَهَيْئَةِ الْمُغْضَبِ، ثُمَّ اسْتَخْلاهُ، فَقَالَ [لَهُ:] [10] يَا شَيْخُ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُومَ [لِي] [11] كَمَا قَامَ أَصْحَابُكَ؟ قَالَ: أَجْلَلْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لِلْحَدِيثِ الَّذِي نَأْثِرُهُ عَنِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، قَالَ: ومَا هُوَ؟ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ [12] :
سَمِعْتُ الْمُبَارَكَ بْنَ فَضَالَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ [13] قياما فليتبوَّأ مقعده من النار» . 72/ أقال: فأطرق [المأمون] [14] / مفكرا فِي الحديث، ثم رفع رأسه [15] ، فقال: لا
__________
[1] في ت: «وأفك أسرى» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 11/ 360- 366.
[4] «وغيرهم» ساقطة من ت.
[5] في ت: «أبو عبد الرحمن» .
[6] «بن محمد» ساقطة من ت.
[7] في الأصل: «المري» .
[8] «علي بن الجعد» ساقطة من ت.
[9] «المأمون» ساقطة من ت.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] في ت: «بن الجلد» .
[13] في الأصل: «أن يتمثل الرجال له» .
[14] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[15] في ت: «ثم قال لما رفع نفسه» .(11/160)
يشترى إلا من هَذَا الشيخ. قَالَ: فاشترى منه ذلك اليوم بقيمة [1] ثلاثين ألف دينار [2] .
قَالَ المصنف: وَكَانَ أحمد قد نهى ابنه عبد الله أن يسمع من علي بْن الجعد، وذلك أنه بلغه [عنه] [3] أنه يتناول بعض الصحابة، وأنه قَالَ: من قَالَ إن القرآن مخلوق لم أعنفه.
توفي ابْن الجعد فِي رجب هَذِهِ السنة، وقيل: سنة ثلاث وقيل: سنة أربع، وقد استكمل ستا وتسعين سنة، ودفن بباب حرب [4] .
1337- علي بْن جعفر بْن زياد الأحمر، [أبو الحسن] [5] التميمي الكوفي [6] .
قدم بغداد، وحدث بِهَا عن عبد الله بْن إدريس، وحفص بْن غياث، وأبي بكر بن عياش، و [7] روى عنه: مُحَمَّد بْن عبد الله المنادي، وعبد الله بْن أحمد، وأبو حاتم الرازي، وقال [8] : كَانَ ثقة صدوقا. وتوفي في هذه السنة.
1338- محمد بْن إسمَاعيل بْن أبي سمينة، أبو عبد الله البصري [9] .
سمع إسمَاعيل بْن علية، ومعتمر بْن سليمَان، ويزيد بْن زريع، وغيرهم، وحدث ببغداد فروى عنه: أَبُو بكر بْن أبي الدنيا وغيره [10] ، وَكَانَ ثقة.
توفي فِي ربيع الأول من هَذِهِ السنة، وَهُوَ متوجه إِلَى طرسوس [11] .
1339- محمد بْن سعد بْن منيع، أبو عبد الله مولى بني هاشم، كاتب الواقدي [12] .
__________
[1] في ت: «بعتمة» .
[2] تاريخ بغداد 11/ 360، 361.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] تاريخ بغداد 11/ 366.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 11/ 366.
[7] «و» ساقطة من ت.
[8] «وقال» ساقطة من ت.
[9] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 3.
[10] «وغيره» ساقطة من ت.
[11] في ت: «توفي وهو متوجه إلى طرسوس في ربيع الأول من هذه السنة» .
[12] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 5/ 321- 322.(11/161)
سمع سفيان بن عيينة، وإسماعيل بن عليه ويزيد بْن هارون، وخلقا كثيرا [1] ، وصنف كتاب «الطبقات» فذكر الصحابة والتابعين ومن بعدهم إِلَى زمَانه، وَكَانَ كثير العلم، كثير الحديث، كثير الرواية، كثير الكتب، من الثقات.
وتوفي في هذه السنة، ودفن فِي مقبرة باب الشام، وَهُوَ ابْن اثنتين وستين سنة.
1340- مرة بْن عبد الواحد الكلاعي [2] ، ويعرف بعبد الأعلى، وله اسمَان، ويكنى أبا يزيد [3] .
يروي عن ضمَام بْن إسمَاعيل [4] ، توفي بالبرلس [5] في هذه السنة/.
__________
[1] في ت: «وخلقا كثيرا ويزيد بن هارون» .
[2] «الكلاعي» ساقطة من ت.
[3] في ت: «أبا زيد» .
[4] في ت: «روى عن ضمام بن الجعيل» .
[5] «بالبرلس ساقطة من ت.(11/162)
ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين ومائتين
72/ ب فمن الحوادث فيها:
أن بغا الأمير كَانَ قد حبس بالمدينة نحوا من ألف وستمَائة من بني سليم، فنقبوا الدار ليخرجوا، فإذا قد وثب عليهم من يتوكل بهم فقتلوا من الموكلين [1] بهم رجلا أو رجلين، وخرج عامتهم، وأخذوا سلاح الموكلين بهم واجتمع أهل المدينة فمنعوهم من الخروج [2] ، فقاتلوا فظهر عليهم أهل المدينة [3] ، فقتلوهم أجمعين [4] .
وفي هذه السنة: أخذ أحمد بْن نصر الخزاعي، وسنذكر قصته عند وفاته إن شاء الله تعالى [5] .
وفيها: أراد الواثق الحج واستعد لَهُ [6] ، فأخبر بقلة المَاء فِي الطريق فبدا لَهُ [7] .
وفيها: ولي الواثق جعفر بْن دينار اليمن، فشخص إليها في شعبان في ستة آلاف [8] .
__________
[1] في ت: «من يوكل بهم فقتلوا من المتوكلين» .
[2] «من الخروج» ساقطة من ت.
[3] في ت: «فظهر أهل المدينة عليهم» .
[4] تاريخ الطبري 9/ 132، 133.
[5] تاريخ الطبري 9/ 135- 139.
[6] في ت: «لهم» .
[7] تاريخ الطبري 9/ 140.
[8] تاريخ الطبري 9/ 140.(11/163)
وعقد محمد بْن عبد الملك الزيات [1] لإسحاق بْن إبراهيم بْن أبي خميصة مولى بني قشير عَلَى اليمَامة والبحرين وطريق مكة، ممَا يلي البصرة فِي دار الخلافة، ولم يعرف أحد عقد لأحد [2] فِي دار الخلافة غير محمد بن عبد الملك [3] .
[نقبت اللصوص بيت المَال الذي فِي دار العامة]
وفيها: نقبت [4] اللصوص بيت المَال الذي فِي دار العامة فِي جوف القصر، وأخذوا اثنين وأربعين ألف درهم وشيئا من الدنانير، فتتبعوا وأخذوا، أخذهم يزيد بن الحلواني صاحب الشرطة خليفة إيتاخ [5] .
[خروج محمد بن عمرو الخارجيّ]
وفيها: خرج محمد بْن عمرو الخارجي فِي ثلاثة عشر رجلا فِي ديار ربيعة، فخرج إليه غانم بن أبي مسلم الطوسي، وَكَانَ عَلَى حرب الموصل، فقتل من أصحابه أربعة، وأخذ محمد بْن عمرو أسيرا فبعث به إِلَى سامراء، فبعث به إلى حبس بغداد، 73/ أونصبت [6] رءوس أصحابه/ عند خشبة بابك [7] .
[قدوم وصيف التركيّ]
وفيها: قدم وصيف التركي من ناحية أصبهان والجبال وفارس، وَكَانَ قد شخص فِي طلب الأكراد [8] ، لأنهم كانوا قد تطرقوا إِلَى هَذِهِ النواحي، وقدم معه بنحو خمس مَائة نفس في قيود، فحبسوا، وأجيز وصيف [9] بخمسة وسبعين ألف دينار وقلّد سيفا وكسي [10] .
[جرى الفداء بين المسلمين وصاحب الرّوم]
وفيها: جرى الفداء بين المسلمين وصاحب الروم. وجه الواثق فِي الفداء فِي آخر سنة ثلاثين، فالتقوا فِي يوم عاشوراء سنة إحدى وثلاثين، وأمر بامتحان المسلمين، فمن قَالَ: القرآن مخلوق وأن الله لا يرى فِي الآخرة [11] فودي، ومن أبى ترك مَعَ الروم، وأمر من يعطي من يقول القرآن مخلوق دينارين، فكان الذين فودوا ثلاثة آلاف رجل وخمسمَائة امرأة، وقيل: أربعة آلاف وستمَائة وفيهم من أهل الذمة أقل من خمسمائة [12] .
__________
[1] في الأصل: «الزايات» .
[2] في ت: «ولم يعرف عقد لأحد أنه» .
[3] تاريخ الطبري 9/ 140.
[4] في ت: «نقب» .
[5] تاريخ الطبري 9/ 140.
[6] في ت: «ونضبت» .
[7] تاريخ الطبري 9/ 140.
[8] في ت: «الإكراه» .
[9] في ت: «وأجازوا» .
وفي الأصل: «وأجيز الوصيف» .
[10] تاريخ الطبري 9/ 141.
[11] «وأن الله لا يرى في الآخرة» ساقطة من ت.
[12] تاريخ الطبري 9/ 141- 144.(11/164)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1341- أحمد بْن نصر بْن مَالك بْن الهيثم بْن عوف بْن وهب بْن عميرة، من ولد عمرو بْن لحي [الخُزَاعيّ] [1] .
الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلّم: «رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ يَجُرُّ قَصْبَهُ فِي النَّارِ» لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ بَحَّرَ الْبَحِيرَةَ، وَسَيَّبَ السائبة [2] ..
ومالك بن الهيثم كان أحد نقباء بني العباس فِي ابتداء دولتهم، وسويقة نصر ببغداد تنسب إِلَى أبيه نصر.
وَكَانَ أحمد بْن نصر من كبار العلمَاء، أمَارا [3] بالمعروف، فعالا للخير [4] ، قوالا للحق [5] ، سمع مَالِك بْن أنس، وحمَاد بْن زيد، وهشيم بْن بشير [6] ، وغيرهم، روى عنه: يحيى بْن معين، وغيره [7] .
وأخبرنا أَبُو منصور القزاز [8] قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر بْن ثابت، حدثني القاضي أبو عبد الله الصيمري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عمران المرزباني قَالَ: أخبرني محمد بْن يحيى الصولي/ قَالَ: كَانَ أَحْمَد بْن نصر وسهل بْن سلامة- حين كَانَ المأمون بخراسان- بايعا 73/ ب للناس عَلَى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إِلَى أن دخل المأمون بغداد فرفق بسهل حَتَّى لبس السواد، وأخذ الأرزاق، ولزم أحمد بيته، ثم إن أمره تحرك ببغداد فِي آخر أيام الواثق، فاجتمع إليه خلق من الناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر [9] إِلَى أن ملكوا بغداد، وتعدى رجلان من أصحابه يقال لأحدهمَا: طالب فِي الجانب الغربي،
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 5/ 173- 180.
وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] تاريخ بغداد 5/ 173.
[3] في ت: «أمراء» .
[4] «فعالا للخير» ساقطة من ت.
[5] في ت، وتاريخ بغداد: «قوالا بالحق» .
[6] في ت: «بن بشر» .
[7] تاريخ بغداد 5/ 174.
[8] في ت: «أخبرنا القزاز» .
[9] «وينهون عن المنكر» ساقطة من ت.(11/165)
ويقال للآخر: أبو هارون فِي الجانب الشرقي، وكانا موسرين فبذلا مَالا [1] وعزمَا عَلَى الوثوب ببغداد فِي آخر أيام الواثق فِي [2] شعبان سنة إحدى وثلاثين ومَائتين، فنم عليهم قوم إِلَى إِسْحَاق بْن إبراهيم، فأخذ جمَاعة منهم فيهم أحمد بْن نصر وصاحباه طالب وأبو هارون طالبا وأبا هارون فقيدهمَا [3] ، ووجد فِي منزل أحدهمَا أعلامَا، وضرب خادمَا لأحمد بْن نصر، فأقر أن هؤلاء كانوا يصيرون إليه ليلا فيعرفونه مَا عملوا، فحملهم [4] إسحاق مقيدين إِلَى سامراء، فجلس لهم الواثق وقال لأحمد ابن نصر: دع مَا أخذت لَهُ، مَا تقول فِي القرآن؟ قَالَ: هُوَ كلام الله، قَالَ: أفمخلوق هُوَ؟ قَالَ: هُوَ كلام الله، قَالَ: [5] أفترى ربك فِي القيامة؟ قَالَ: كذا جاءت الرواية. قَالَ: ويحك [6] ، يرى كمَا يرى أفمخلوق هُوَ؟ قَالَ: هُوَ كلام الله، قَالَ المحدود المجسوم، ويحويه مكان ويحصره الناظر، أنا أكفر برب هَذِهِ صفته، مَا تقولون فِيهِ؟ فَقَالَ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن إسحاق- وَكَانَ قاضيا عَلَى الجانب الغربي ببغداد وعزل- هُوَ حلال الدم، وقال جمَاعة الفقهاء: كمَا قَالَ، فأظهر ابْن أبي دؤاد أنه كاره لقتله [7] فَقَالَ للواثق: [8] يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، شيخ مختل، لعل به عاهة أو تغير عقله، يؤخر أمره ويستتاب، فقال الواثق: [8] يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، شيخ مختل، لعل به عاهة أو تغير عقله، يؤخر أمره ويستتاب، فَقَالَ الواثق: مَا أراه إلا مؤذنا بالكفر [9] ، قائمَا بمَا يعتقده منه. ودعا بالصمصامة وقال: إذا قمت [إليه] [10] فلا يقومن أحد معي فإنّي أحتسب خطاي إلى هذا الكافر الّذي يعبد ربا لا نعبده ولا نعرفه بالصفة التي وصفه بِهَا، ثم أمر بالنطع فأجلس 74/ أعليه [وهو مقيد] [11] ، وأمر بشد رأسه بحبل، وأمرهم أن يمدوه. / ومشى إليه حتى
__________
[1] «مالا» ساقطة من ت.
[2] «في آخر أيام الواثق» ساقطة من ت.
[3] في الأصل: «صاحبيه طالبا وأبا هارون» وفي ت: «فقررهما» .
[4] في ت: «فبعثهم» .
[5] «أفمخلوق هُوَ؟ قَالَ: هُوَ كلام الله قَالَ» ساقطة من ت.
[6] «ويحك» ساقطة من ت.
[7] في ت: «أنه كان كارها» .
[8] «للواثق» ساقطة من ت.
[9] في تاريخ بغداد: «لكفره» .
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/166)
ضرب عنقه وأمر بحمل رأسه إِلَى بغداد، فنصبت فِي الجانب الشرقي أيامَا، وفي الجانب الغربي أيامَا، وتتبع رؤساء أصحابه [1] ، فوضعوا فِي الحبوس [2] .
وفي رواية أخرى: أن طالبا وأبا هارون السراج [3] فرقا عَلَى قوم [4] مَالا، ووعدوهم ليلة يضربون فيها الطبل فيجتمعون [5] فِي صبيحتها بالوثوب [6] على السلطان [7] ، وكان الوعد ليلة الخميس لثلاث خلون [8] من شعبان، وأعطيا رجلين من بني أشرس [العابد] [9] دنانير يفرقانها فِي جيرانهم، فاجتمع قوم منهم عَلَى نبيذ، فثملوا فضربوا الطبل ليلة الأربعاء وهم يحسبونها ليلة الخميس، فأكثروا الضرب، فلم يجتمع إليهم أحد [10] ، فوجّه إليهم صاحب الشرطة، وقررهم فأقروا، وأخذ أحمد بْن نصر [11] ، فقيد وبعث [به] [12] إِلَى الواثق، فلم يذكر لَهُ مَا قيل عنه فِي الخروج [عَلَيْهِ] [13] ، لكنه قَالَ: مَا تقول فِي القرآن؟ وهل ترى ربك؟ فذكر نحو مَا تقدم إِلَى أن قَالَ: فدعا [14] الواثق بسيف عمرو بن معديكرب، ومشى إليه وضربه ضربة وقعت [15] عَلَى حبل العاتق، ثم ضربه أخرى عَلَى رأسه، ثم انتضى سيمَا [16] الدمشقي سيفه فضرب عنقه، وجز رأسه، ثم صلب فِي الحظيرة التي فيها بابك، وفي رجليه قيود، وعليه سراويل وقميص، وحمل رأسه إِلَى مدينة السَّلَام، فنصب فِي الجانب الشرقي أيامَا وفي [الجانب] [17] الغربي أيامَا، ثم حول إِلَى الشرقي، وحظر عَلَى الرأس حظيرة، وضرب عَلَيْهِ فسطاط، وأقيم عَلَيْهِ الحرس [18] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرحمن بن محمد قال أخبرنا [أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْخَطِيبُ] [19] أَخْبَرَنَا
__________
[1] في ت: «وتتبع رؤساء من بني الرس القائد» .
[2] تاريخ بغداد 5/ 176- 177.
[3] «السراج» ساقطة من ت.
[4] في ت: «قومهم» .
[5] في ت: «ليجتمعوا» .
[6] في ت: «الوثوب» .
[7] في ت: «بالسلطان» .
[8] في ت: «يخلوا» .
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في ت: «فلم يجبهم أحد» .
[11] في الأصل وت: «أحمد بن يوسف» .
[12] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[13] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[14] في ت: «فدعاه» .
[15] في ت: «فوقعت» .
[16] «سيما» ساقطة من ت.
[17] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[18] في ت: «وأقيم على الحرس» .
[19] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/167)
مُحَمَّد بْن علي بْن يعقوب [1] ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن نعيم الضبي قَالَ: سمعت أبا العباس السياري يقول: سمعت أبا العباس بْن سعيد [2] المروزي قال: ضربت عنق أحمد بن 74/ ب نصر/، وهذه نسخة الرقعة معلقة فِي أذنه [3] :
بسم الله الرحمن الرحيم: هَذَا رأس أحمد بْن نصر بْن مَالك، دعاه عبد الله الإمَام هارون [4] الواثق باللَّه أَمِير الْمُؤْمِنِينَ إِلَى القول بخلق القرآن ونفي التشبيه فأبى إلا المعاندة [5] فعجله الله إِلَى ناره، وكتب محمد بْن عبد الملك [6] .
فلمَا جلس المتوكل فدخل عَلَيْهِ عبد العزيز بْن يحيى المكي، فَقَالَ: يا أمير المؤمنين، ما رئي أعجب من أمر الواثق، قتل أحمد بْن نصر، وَكَانَ لسانه يقرأ القرآن إِلَى أن دفن. قَالَ: فوجد المتوكل من ذلك، وساءه مَا سمعه فِي أخيه، إذ دخل عَلَيْهِ محمد بْن عبد الملك الزيات فَقَالَ لَهُ: يَا ابْن عبد الملك، فِي قلبي [شيء] [7] من قتل أحمد بْن نصر، فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، أحرقني اللَّه بالنار إن كَانَ [8] قتله أَمِير الْمُؤْمِنِينَ الواثق إلا كافرا، قَالَ: ودخل هرثمة فَقَالَ: يَا هرثمة، فِي نفسي [شيء] [9] من قتل أحمد ابن نصر [10] فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، قطعني الله إربا إربا إن كَانَ [11] قتله أَمِير الْمُؤْمِنِينَ الواثق إلا كافرا، قَالَ: ودخل عَلَيْهِ أحمد بْن أبي دؤاد، فَقَالَ: يَا أحمد، فِي قلبي من قتل أحمد بْن نصر [شيء] [12] فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، ضربني الله بالفالج إن كان [13] قتله
__________
[1] في تاريخ بغداد: «محمد بن علي بن أحمد بن يعقوب» .
[2] في ت: «بن سعد» .
[3] في ت: «المعلقة في عنقه» .
[4] «هارون» ساقطة من ت.
[5] في ت: «المائدة» .
[6] في ت: «بن عبد الله» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] «كان» ساقطة من ت.
[9] في الأصل: «من قتل أحمد بن نصر شيء» .
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] «كان» ساقط من ت.
[12] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[13] «كان» ساقطة من ت.(11/168)
أَمِير الْمُؤْمِنِينَ الواثق [1] إلا كافرا، قَالَ المتوكل: أمَا [ابْن] [2] الزيات فأنا أحرقته بالنار، وأمّا هرثمة فإنه هرب، فاجتاز بقبيلة من خزاعة [3] فقطعوه إربا إربا، وأمَا ابْن أبي دؤاد فقد [4] سجنه الله فِي جلده [5] .
أَخْبَرَنَا [عَبْد الرحمن] القزاز قَالَ: أَخْبَرَنَا الخطيب [أَحْمَد بْن عَلي بْن ثابت] [6] أَخْبَرَنَا إبراهيم بْن هبة الله الجرباذقاني، أَخْبَرَنَا معمر بْن أحمد الأصبهاني قَالَ: أخبرني أبو عمرو عُثْمَان بْن محمد العثمَاني إجازة قَالَ: حدثني علي بْن محمد بْن إبراهيم [حَدَّثَنَا إبراهيم] [7] بْن إِسْمَاعِيل بْن خلف قَالَ: كَانَ أحمد بْن نصر خلي/، فلما قتل 75/ أفي المحنة وصلب رأسه، أخبرت أن الرأس يقرأ القرآن، فمضيت فبت بقرب من الرأس مشرفا عَلَيْهِ، وَكَانَ عنده رجالة وفرسان يحفظونه، فلمَا هدأت العيون سمعت الرأس يقرأ: الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ 29: 1- 2 [8] الآية، فاقشعر جلدي، ثم رأيته بعد ذلك فِي المنام وعليه السندس والإستبرق وعلى رأسه تاج، فقلت: مَا فعل الله بك يَا أخي؟ قَالَ: غفر لي وأدخلني الجنة، إلا أني كنت مغمومَا ثلاثة أيام، فقلت: ولم؟ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مر بي، فلمَا بلغ خشبتي [9] حول وجهه عني، فقلت لَهُ بعد ذلك: يَا رَسُول اللَّهِ، قتلت عَلَى الحق أم عَلَى الباطل؟ قَالَ: أنت عَلَى الحق، ولكن قتلك رجل من أهل بيتي، فإذا بلغت إليك أستحي منك [10] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد، أَخْبَرَنَا الخطيب قَالَ: قرأت عَلَى أبي بكر البرقاني، عن أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَكِّي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسحاق السراج قال: سمعت أبا بكر المطوعي قَالَ: لمَا جيء برأس أحمد بْن نصر صلبوه عَلَى الجسر، فكانت الريح تديره قبل القبلة، فأقعدوا لَهُ رجلا معه قصبة أو رمح، فكان إذا دار نحو القبلة أداره إِلَى خلاف القبلة [11] .
قَالَ السراج: قتل أحمد بْن نصر يوم السبت غرة رمضان سنة إحدى وثلاثين،
__________
[1] «الواثق» ساقطة من ت.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ت: «بقبيلة خزاعة» .
[4] «فقد» ساقطة من ت.
[5] تاريخ بغداد 5/ 177- 178.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] سورة: العنكبوت، الآيتان: 1 و 2.
[9] في ت: «فلما بلغ فإذا جاء إلى خشبتي» .
[10] تاريخ بغداد 5/ 179.
[11] تاريخ بغداد 5/ 179.(11/169)
وأنزل رأسه وأنا حاضر ببغداد يوم الثلاثاء لثلاث خلون من شوال سنة سبع وثلاثين [1] .
أَخْبَرَنَا القزاز قَالَ: أَخْبَرَنَا الخطيب [أحمد بْن علي قَالَ:] [2] لم يزل رأس أحمد بْن نصر منصوبا ببغداد وجسده مصلوبا بسامراء ست سنين [3] إِلَى أن حط، وجمع بين رأسه وبدنه، ودفن فِي [4] الجانب الشرقي فِي المقبرة المعروفة بالمَالكية [5] .
1342- إبراهيم بْن محمد بْن عرعرة بن اليزيد، أبو إسحاق الشامي البصري [6] .
7/ ب سكن بغداد، وحدث بِهَا/ عن يحيى بْن سعيد القطان، وابن مهدي، وغندر، وغيرهم. قَالَ أبو حاتم الرَّازيّ: هُوَ صدوق، وقال يحيى: هُوَ [7] ثقة.
توفي فِي رمضان هَذِهِ السنة.
1343- إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ مولى بني مخزوم [8] .
دمشقي [9] ، ولي أمر إفريقية لعمر بْن عبد العزيز [10] توفي في هذه السنة.
1344- خالد بْن مرداس، أبو الهيثم السراج [11] .
حدث عن إسمَاعيل بْن عياش، وابن المبارك، روى عنه: البغوي، وكان ثقة.
توفي في شعبان هَذِهِ السنة.
1345- خلف بْن سالم، أبو محمد المخرمي مولى المهالبة [12] .
وَكَانَ سنديا، سمع أبا بكر بْن عياش وهشيمَا، وابن مهدي، وابن علية، وأبا
__________
[1] تاريخ بغداد 5/ 180.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «ست سنين» ساقطة من ت.
[4] في ت: «وجسده وقربا بالجانب» .
[5] تاريخ بغداد 5/ 180.
[6] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 148.
[7] «هو» ساقطة من ت.
[8] في الأصل: «محروم» .
[9] دمشقي» ساقطة من ت.
[10] «لعمر بن عبد العزيز» ساقطة من ت.
[11] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 307، 308.
[12] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 328- 330.(11/170)
نُعَيم، ويزيد بْن هارون، روى عنه: يعقوب بْن شيبة، وأحمد بْن خيثمة. وقال أحمد بن حنبل: [1] لا نشك فِي صدقه.
توفي فِي رمضان هَذِهِ السنة.
1346- سليمَان بْن داود بْن الرشيد، أبو الربيع الأحول الختلي البغدادي [2] .
وليس هَذَا داود بْن رشيد المشهور [3] ، هَذَا آخر، حدث عنه مسلم بْن الحجاج، وأبو زرعة الرازي، وأَبُو يعلى الموصلي، وَكَانَ ثقة.
توفي يوم السبت أول يوم من رمضان هَذِهِ السنة.
ولمسلم شيخ آخر حدث عنه فِي صحيحه، يقال لَهُ: سليمَان بْن داود أبو الربيع الزهراني توفي فِي سنة أربع، وسيأتي ذكره، فلا تظن أنهمَا واحد، فقد ادعى هَذَا أبو بكر أحمد بْن عَلِيّ الأصفهاني الحافظ، فإنه خرج شيوخ مسلم وجعلهما واحدا، وخطأ أبا يعلى الموصلي، لأنه حدَّث عنهمَا فِي معجم مشايخه، وفرق بينهمَا، وأورد لكل واحد حديثا منفردا [4] ، وأبو يعلى أعلم بمشايخه.
يدل عَلَى صحة هَذَا أن أبا القاسم هبة الله/ بْن أحمد الحريري [5] أنبأنا عن 76/ أالعشاري، عن الدار الدارَقُطْنيّ أنه ذكر مشايخ مسلم الذين أخرج عنهم فِي الصحيح، فَقَالَ:
سليمَان بْن داود أبو الرَّبِيع الزهراني، وسليمَان بْن داود أبو الربيع الأحوال البغدادي.
وقال البغوي: مَات سليمَان بْن داود [أبو الربيع] [6] سنة إحدى وثلاثين ومَائتين، [ومَات سليمَان بْن داود أبو الربيع الزهراني سنة أربع وثلاثين ومَائتين] [7] فبان وهم أبي بكر الأصبهاني.
__________
[1] في ت: «ابن خيثمة وأحمد: لا نشك ... » .
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 37.
و «البغدادي» ساقطة من ت.
[3] في ت: «المذكور» .
[4] «منفردا» ساقطة من ت.
[5] «الحريري» ساقطة من ت.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/171)
1347- سليمَان بْن داود أبو داود المباركي [1] .
سمع يحيى بْن أبي زائدة، روى عنه: مسلم بْن الحجاج، وأبو زرعة، وقال: هُوَ ثقة.
وتوفي في ذي القعدة [2] من هذه السنة.
1348- محمد بْن زياد، أبو عبد الله، مولى بني هاشم، ويعرف بابن الأعرابي [3] .
كَانَ الغاية فِي علم اللغة [4] ، ومعرفة الأنساب والأيام، وحدث عن أبي معاوية الضرير، رَوَى عَنْهُ: إبراهيم الحربي، وثعلب، وغيرهمَا، وَكَانَ ثقة، وَكَانَ ليله أحسن ليل.
وتوفي بسامراء في هذه السنة، وَهُوَ ابْن ثمَانين سنة، وقيل: توفي سنة ثلاثين، والأول أصح.
1349- محمد بْن سعدان، أبو جعفر النحوي الضرير [5] .
كَانَ أحد القراء، وله كتاب فِي القراءات، وَكَانَ ثقة، وله كتاب فِي النحو أيضا.
توفي يوم عرفة في هذه السنة.
1350- محمد بْن سلام [6] بْن عبيد الله، أبو عبد الله البصري، مولى قدامة بْن مظعون [7] .
كَانَ من أهل الأدب، وصنف كتابا فِي طبقات الشعراء، وحدث عن حمَاد بن
__________
[1] في ت: «النساري» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 38.
[2] في ت: «في ذي الحجة» .
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 5/ 282- 285.
[4] في ت: «في علم العربية» .
[5] هذه الترجمة ساقطة من ت.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 5/ 324.
[6] في جميع المواضع من النسخة ت: «سلامة» .
[7] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 5/ 327- 330.(11/172)
سَلَمَة وغيره، وروى عنه: عبد الله بْن أحمد [1] ، وثعلب، قَالَ صالح جزرة الحافظ:
كَانَ محمد بْن سلام صدوقا. وقال أبو خيثمة: يرمى بالقدر، لا نكتب عنه الحديث، إنمَا نكتب عنه الشعر [2] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد، قال: أخبرنا أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أحمد بن [بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن] يعقوب [قَالَ:] [3] حدثني جدي محمد بن عبيد الله بن الفضل، حدثنا محمد/ بن يحيى النديم قَالَ أَخْبَرَنَا حسين [4] بْن الفهم: كَانَ 76/ ب قدم علينا [5] محمد بْن سلام سنة اثنتين وعشرين ومَائتين، فاعتل علة شديدة، فمَا تخلف عنه أحد، وأهدى إليه الأجلاء أطباءهم، وَكَانَ ابْن مَاسويه ممن أهدي إليه، فلمَا جسه ونظر إليه قَالَ لَهُ: مَا أرى بك [6] من العلة مثل مَا أرى بك [7] من الجزع فَقَالَ: والله مَا ذاك لحرص عَلَى الدنيا مع اثنتين وثمانين سنة، ولكن الإنسان فِي غفلة حَتَّى يوقظ بعلة [8] ، ولو وقفت [9] بعرفات وقفة وزرت قبر رَسُول اللَّهِ صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ زورة، وقضيت أشياء فِي نفسي، لرأيت [10] مَا اشتد علي من هَذَا الجزع [11] قد سهل، فَقَالَ [لَهُ] [12] ابْن مَاسويه فلا تجزع فقد رأيت فِي عرقك من الحرارة الغريزية وقوتها، مَا إن سلمك الله من العوارض بلغك عشر سنين أخرى، قَالَ حسين [بْن الفهم] : [13] فوافق كلامه قدرا، فعاش محمد عشر سنين بعد ذَلِكَ، ومَات سنة اثنتين وثلاثين ومائتين [14] .
__________
[1] في الأصل: «عبد الله بن علي» .
[2] في ت: «لا نكتب عنه إنما نكتب عنه الشعراء» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «أخبرنا حسين» ساقطة من ت.
[5] «علينا» ساقطة من ت.
[6] «بك» ساقطة من ت.
[7] «بك» ساقطة من ت.
[8] «بعلة» ساقطة من ت.
[9] في ت: «ولقد وقفت» .
[10] في ت: «فرأيت» .
[11] «الجزع» ساقطة من ت.
[12] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[13] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[14] تاريخ بغداد 5/ 329.(11/173)
قَالَ النديم: وأخبرنا الفضل بْن الحباب قَالَ: ابيضت لحية محمد بْن سلام ورأسه وله سبع وعشرون سنة، وسمعته يقول: أفنيت ثلاثة أهلين تزوجت وأطفلت [1] فمَاتوا، ثم فعلت مثل ذلك فمَاتوا، ثم فعلت الثالثة فمَاتوا، وها أنا ذا فِي الرابعة [2] ولي أولاد [3] .
توفي [محمد بْن سلام] [4] في هذه السنة ببغداد.
1351- هارون بْن معروف، أبو علي المروزي [5] .
سكن بغداد، وحدث بِهَا عن عبد العزيز الدراوَرْديّ، وابن عيينة، وهشيم، روى عنه: أحمد بْن حنبل، والبغوي، وكان ثقة.
وتوفي في رمضان هذه السنة.
1352- يوسف بْن يحيى، أبو يعقوب البويطي [6] .
منسوب إِلَى قرية يقال لها: بويط، وَكَانَ الشافعي رضي الله عنه يقرّبه ويؤثره [7] ، 77/ أوجلس بعده فِي مكانه وَكَانَ فقيها/ ثقة، وَكَانَ متعبدا [8] زاهدا، وحمل فِي أيام المحنة إِلَى بغداد فلم يجب، فحبس فمَات فِي الحبس في هذه السنة [9] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، قال: أخبرنا أحمد بْن إِسْمَاعِيل بْن علي الأستراباذي، أَخْبَرَنَا أبو الحسن علي بْن محمد الطيبي [10] ، حَدَّثَنَا أبو نعيم عَبْد الملك بْن محمد [قَالَ: سمعت الربيع] [11] قَالَ: سمعت أبا الوليد بْن أبي الجارود يقول: كان أبو يعقوب البويطي جاري، فمَا كنت أنتبه [12] ساعة من الليل إلا وأسمعه [13] يقرأ ويصلي. قَالَ الرَّبِيع: كَانَ أبو يعقوب أبدا يحرك شفتيه بذكر الله تعالى- أو نحو مَا قَالَ [14] .
__________
[1] «وأطفلت» ساقطة من ت.
[2] في ت: «وها أنا في الرابعة» .
[3] في تاريخ بغداد: «ولا أولاد» .
انظر: تاريخ بغداد 5/ 329.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 14/ 14.
[6] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 14/ 299.
[7] «ويؤثر» ساقطة من ت.
[8] في الأصل: «مقتدرا» .
[9] تاريخ بغداد 14/ 300.
[10] في ت: «الخطيبيّ» .
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] في ت: «كنت رأيته» .
[13] في ت: «وسمعته» .
[14] تاريخ بغداد 14/ 300.(11/174)
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو منصور مُحَمَّد بْن عيسى [1] بْن عبد العزيز، حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أحمد [2] الأنمَاطي، حَدَّثَنَا محمد بْن حمدان الطرائقي، حَدَّثَنَا الربيع بْن سليمَان قَالَ: رأيت البويطي عَلَى بغل، وفي عنقه غل، وفي رجليه قيد، وبين الغل والقيد [3] سلسلة حديد، وفيها طوبة [4] وزنها أربعون رطلا، وَهُوَ يقول: إنمَا خلق اللَّه الخلق بكن، فإذا كانت كن مخلوقة، فكان مخلوقا [5] خلق مخلوقا [6] ، فو الله لأموتن [7] فِي حديدي هَذَا حَتَّى يأتي من بعدي قوم يعلمون أنه قد مَات فِي هَذَا الشأن قوم فِي حديدهم، ولئن أدخلت إليه لأصدقنه- يعني الواثق- قَالَ الربيع: وكتب إلي من [8] السجن [يقول:] [9] إنه ليأتي علي أوقات لا أحس بالحديد أنه عَلَى بدني حَتَّى تمسه يدي فإذا [10] قرأت كتابي هَذَا فأحسن خلقك مَعَ أهل حلقتك، واستوص بالغرباء خاصة خيرا، فكثيرا [11] مَا كنت أسمع الشافعي رحمه اللَّه [12] يتمثل بهذا البيت:
أهين لهم نفسي لكي يكرمونها ... ولا تكرم النفس التي لا تهينها [13]
توفي البويطي فِي رجب هَذِهِ السنة. وقيل: سنة اثنتين وثلاثين ومائتين [14] ، / 77/ ب والأول أصح.
__________
[1] في ت: «بن يحيى» .
[2] في الأصل: «بن محمد» .
[3] في ت: «القيد والغل» .
[4] «وفيها طوبة» ساقطة من ت.
[5] في ت: «فكان القرآن مخلوقا» .
[6] «خلق مخلوقا» ساقطة من ت.
[7] في ت: «لأن أموت» .
[8] في ت: «إليه في السجن» .
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في ت: «قال: فإذا» .
[11] في ت: «لشراء ما كنت» .
[12] «رحمه الله» ساقطة من ت.
[13] تاريخ بغداد 12/ 302.
[14] «ومائتين» ساقطة من ت.(11/175)
ثُمّ دخلت سنة اثنتين وثلاثين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
[مسير بغا الكبير إِلَى بني نمير]
مسير بغا الكبير إِلَى بني نمير حَتَّى أوقع بهم.
وسببه: أنهم كانوا يعيثون [1] فِي الأرض، وَكَانَ قد انكشف عسكر بغا، ثم اجتمع فكشفوا بني نُمَيْر، ثم طلبوا الأمَان فأعطاهم، ثم قيدهم وساربهم [2] .
[جاء السودان إلى البصرة]
[وفيها: جاء السودان إِلَى البصرة.
وفيها: ولي محمد بْن إبراهيم بْن مصعب فارس] [3] .
وفيها: أمر الواثق بترك جباية أعشار البحر [4] .
وفيها: اشتد البرد فِي نيسان حَتَّى جمد المَاء لخمس خلون منه [5] .
[كثرة الزلازل في المغرب]
وكثرت الزلازل فِي المغرب، وكانت زلزلة بدمشق هدمت [6] منها المنازل [والدور] [7] ، ومَات خلق من النّاس، وكذلك بحمص، وعظم ذلك فِي قرى أنطاكية
__________
[1] في ت: «يعثون» .
[2] تاريخ الطبري 9/ 146- 150.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] تاريخ الطبري 9/ 150.
[5] تاريخ الطبري 9/ 150.
[6] في ت: «تهدمت» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/176)
والموصل، ويقال: إنه مَات فيها [1] عشرون ألفا.
وفيها: أصاب الحاج فِي العود عطش شديد فِي أربعة منازل إِلَى الربذة [2] ، فبلغت الشربة دنانير كثيرة [3] ، ومَات خلق كثير من العطش [4] .
[موت الواثق]
وفيها: مات الواثق، وبويع للمتوكل [5] .
__________
[1] في ت: «بها» .
[2] «إلى الرَّبَذَة» ساقطة من ت.
[3] في الطبري «عدة دنانير» .
[4] تاريخ الطبري 9/ 150.
[5] تاريخ الطبري 9/ 150- 155.(11/177)
باب خلافة المتوكل [1]
واسمه: جعفر بْن محمد بْن هارون الرشيد، ويكنى أبا الفضل، وأمه أم ولد، اسمها شجاع، ولد سنة سبع ومَائتين بفم الصلح، ونزل سامراء، وَكَانَ أسمر حسن العينين، خفيف العارضين، نحيفا إلى القصر، ولا تعرف امرأة رأت ابنها خليفة وَهُوَ جد وله ثلاثة أولاد ولاة عهود إلا أم المتوكل، وَكَانَ المتوكل جدا ومَا كمل لَهُ ثلاثون سنة.
وسلم عَلَى المتوكل بالخلافة ثمَانية كلهم ابْن خليفة: محمد بْن الواثق، وأحمد بن 78/ أالمعتصم، وموسى بْن المأمون، وعبد اللَّه بْن الأمين، / وأبو أحمد بْن الرشيد، والعباس بْن الهادي، ومنصور بْن المهدي، والمنصور بْن المتوكل.
ذكر بيعة المتوكل [وشيء من سيرته] [2]
أَخْبَرَنَا عَبْد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي الحسن بن عَلِيّ الصيمري، حَدَّثَنَا محمد بْن عمران بْن موسى قَالَ: حدثني أبو عبد الله الحكيمي قَالَ: حَدَّثَنِي ميمون عن جمَاعة [3] سمَاهم، أن الواثق لمَا مَات اجتمع وصيف التركي، وأحمد بْن أبي دؤاد، ومحمد بْن عبد الملك، وأحمد بْن خالد المعروف بأبي الوزير وعمر بْن فرج [4] ، فعزم أكثرهم عَلَى تولية محمد بْن الواثق، فأحضروه وَهُوَ غلام أمرد قصير، فَقَالَ [أحمد] [5] بْن أبي دؤاد: أمَا تتقون الله، كيف
__________
[1] تاريخ بغداد 7/ 165- 172.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «ميمون بن جماعة» .
[4] في الأصل: «بن نوح» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/178)
[تولون مثل] [1] هَذَا الخلافة؟ فأرسلوا بغا الشرابي إِلَى جعفر بْن المعتصم فأحضروه، فقام ابْن أَبِي دؤاد فألبسه الطويلة ودراعة، وعممه بيده عَلَى الطويلة، وقبل بين عينيه، وقال: السَّلَام عليكم يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ. ثم غسل الواثق، وصلى عَلَيْهِ المتوكل ودفن.
قَالَ ميمون: فحدثني سعيد [2] الصغير قَالَ: كَانَ المتوكل قد رأى فِي منامه [3] كأن سكرا [4] سليمَانيا قَدْ نزل [5] عَلَيْهِ من السمَاء مكتوب عَلَيْهِ: «جعفر المتوكل عَلَى الله» .
قَالَ ميمون: فلمَا صلى عَلَى الواثق قَالَ محمد بْن عبد الملك: نسميه المنتصر، وخاض الناس فِي ذلك، فحدث المتوكل أحمد بْن أبي دؤاد بمَا رأى [فِي منامه] [6] فوجده موافقا، فأمضى وكتب [به] [7] إِلَى الآفاق [8] .
وفي رواية أخرى: أنهم بعد ذلك صاروا إِلَى دار العامة [9] فبايعوا حين زالت الشمس يومئذ/ وذلك يوم الأربعاء لست بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين، وكتب/ 78/ ب لَهُ بالبيعة محمد بْن عبد الملك الزيات وَهُوَ إذ ذاك عَلَى ديوان الرسائل، وسنه إذ ذاك ستة [10] وعشرون سنة.
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا أبو بَكْرٍ [أَحْمَدُ] بْنُ عَلِيِّ [بْنِ ثَابِتٍ قَالَ] أخبرني [الحسن] [11] بْن شهاب العكبري فِي كتابه إلي قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد الله بْن عبد الله بْن أبي سمرة البُنْدار، أَخْبَرَنَا معاوية بْن عثمَان، حَدَّثَنَا علي بْن حاتم، حَدَّثَنَا علي الجهم [12] قَالَ: وجه إلي أَمِير الْمُؤْمِنِينَ المتوكل، فأتيته فَقَالَ لي: يَا علي، رأيت النَّبِيّ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فِي المنام فقمت إليه، فَقَالَ لي: تقوم إلي وأنت خليفة؟ فقلت لَهُ: أبشر يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ أمَا قيامك إليه فقيامك بالسنة، وقد عدك من الخلفاء. فسر بذلك [13] .
أخبرنا القزاز قال أخبرنا أحمد بن علي قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو منصور محمد بْن علي بْن إسحاق الخازن، أَخْبَرَنَا أحمد بْن بشر بْن سعيد الخرقي [14] ، حَدَّثَنَا أبو روق الهزاني
__________
[1] في الأصل: «كيف يلي هذا» .
[2] في ت: «نصيف الصغير» .
[3] في ت: «النوم» .
[4] في ت: «خاتما» .
[5] في ت: «قد سقط» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] تاريخ بغداد 7/ 165.
[9] في ت: «دار القصيعة» .
[10] في ت: «يومئذ ست وعشرون» .
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] في ت: «المنجم» .
[13] تاريخ بغداد 7/ 170.
[14] في الأصل: «سعيد الجرمي» .(11/179)
قَالَ: سمعت محمد بْن خلف يقول: كَانَ إبراهيم بْن محمد التيمي قاضي البصرة [1] يقول: الخلفاء ثلاثة، أبو بكر الصديق قاتل أهل الردة حَتَّى استجابوا، وعمر بْن عبد العزيز رد مظالم بني أمية، والمتوكل محا البدع [وأظهر السنة] [2] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي [بن ثابت] قال: حدثني القاضي أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْن الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي أبو الفتح بْن أحمد بْن علي بن هارون المنجم، عن أبيه وعمه، عن أبيهمَا أبي القاسم علي بْن يحيى: أنه كانت عنده 79/ أ [كل] [3] نوبة/ من نوب الفراشين فِي دار المتوكل عَلَى [الله] [4] أربعة آلاف فراش قالا: فذهب عنا [5] أن نسأله كم نوبة كانوا.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا [أبو بكر] أحمد بن علي بن ثابت، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الجازري [6] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا المعافى بْن زكريا الجريري، حَدَّثَنَا أبو النضر العُقَيْليّ، حَدَّثَنَا أبو أحمد يحيى بْن علي المنجم [قَالَ:] حدثني أبي قَالَ: خرجنا [7] مَعَ المتوكل إِلَى دمشق فلحقنا ضيقة بسبب المؤن والنفقات التي كانت تلزمنا، قَالَ: فبعثت إِلَى بختيشوع وَكَانَ [لي] صديقا [أسأله] [8] أن يقرضني عشرين ألف درهم، قَالَ: فأقرضنيها، فلمَا كَانَ بعد يوم أو يومين دخلت مَعَ الجلساء إِلَى المتوكل، فلمَا جلسنا بين يديه قَالَ: يَا علي، لك عندي ذنب وَهُوَ عظيم، قلت: يَا سيدي، ومَا هُوَ، فإني لا أعرف لي ذنبا ولا جناية [9] ؟ قال: بلى، أضقت [10] فاستقرضت
__________
[1] «يقول: كَانَ إبراهيم بْن محمد التيمي قاضي البصرة» ساقطة من ت.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
انظر الخبر في: تاريخ بغداد 7/ 170.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ت: «فذهب علينا» .
[6] في الأصل: «الحسن الخازن» .
[7] في ت: «خرجت» .
[8] في الأصل: «وكان صديقي أن يقرضني» .
وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] تاريخ بغداد «ولا خيانة» .
[10] في ت: «بلى أضفت» .(11/180)
من بختيشوع عشرين ألف درهم، أفلا أعلمتني؟ قلت: يَا مولاي، صلات [1] أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عندي متواترة، وأرزاقه وأنزاله علي دارة، فاستحييت مَعَ مَا قد أنعم الله به علينا من [هذا] [2] التفضل أن أسأله، قَالَ: ولم؟ إياك أن تستحي فِي مسألتي أو الطلب مني، وأن [3] تعاود مثل [4] مَا كَانَ منك [5] ، ثم قَالَ: مَائة ألف درهم- بغير صروف- فأحضرت عشر بدر، فَقَالَ: خذها واتسع بِهَا [6] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا أحمد بن عبد الواحد [7] الوكيل قال: حدثنا إسماعيل بن سعيد [8] المعدل، أخبرنا الحسين بن القاسم الكوكبي، أَخْبَرَنَا محرز الكاتب قَالَ: اعتل عبيد الله بْن يحيى بْن خاقان فأمر المتوكل الفتح أن يعوده، فأتاه فَقَالَ: أَمِير الْمُؤْمِنِينَ يسأل عن علتك، فَقَالَ عبيد الله:
عليل من مكانين ... من الأسقام والدين
وفي هذين لي شغل ... وحسبي شغل هذين
/ فأمر لَهُ المتوكل بألف درهم [9] . 79/ ب أخبرنا عبد الرحمن بن محمد [قال: أخبرنا] أَحْمَدُ بْنُ على [بْن ثابت] [10] قَالَ:
حَدَّثَنَا عبد الله بن على بن حمويه، أخبرنا أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ الشيرازي، أَخْبَرَنَا أبو الحسين محمد بْن علي شاه التميمي، أَخْبَرَنَا أحمد بْن عبد الله العبسي [11] قَالَ:
حدثني أبو بكر محمد بن إسحاق قال: حدثني الأعثم قَالَ: دخل علي بْن الجهم عَلَى جعفر المتوكل [12] وبيده درتان يقلبهمَا، فأنشده قصيدته التي يقول فيها:
وإذا مررت ببئر عروة ... فاسقني من مَائها
قَالَ: فدحا بالدرة التي فِي يمينه، فقلبتها فَقَالَ [لي] [13] : تستنقص بِهَا؟ هي والله
__________
[1] في ت: «صلاة» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «وان» ساقطة من ت.
[4] في ت: «بعد ما كان» .
[5] في الأصل: «منكم» .
[6] تاريخ بغداد 7/ 168.
[7] في الأصل: «أحمد بن عبد الوهاب» .
[8] في الأصل: «بن سعد» .
[9] تاريخ بغداد 7/ 166، 167.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] في ت: «العنسيّ» .
[12] «المتوكل» ساقطة من ت.
[13] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/181)
خير من مَائة ألف، قلت: لا والله مَا استنقصت بِهَا، ولكن فكرت فِي أبيات أعملها لآخذ التي في يسارك، فَقَالَ: قل. فأنشأت أقول:
بسر من رأى إمَام عدل ... تغرف من بحره البحار
يرجى ويخشى لكل خطب ... كأنه جنة ونار
الملك فيه وفي بنيه ... مَا اختلف الليل والنهار
يداه فِي الجود ضرتان ... عَلَيْهِ كلتاهمَا تغار
لم تأت منه اليمين شيئا ... إلا أتت مثلها اليسار
قَالَ: فدحا [إليه] بالتي فِي يساره [وقال: خذها لا بارك الله لك فيها] [1] .
[قَالَ المصنف] [2] : وقد رويت هَذِهِ الأبيات للبحتري فِي المتوكل.
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا محمد بن جعفر بن علان قال: حَدَّثَنَا أبو الفتح محمد بْن الحسين الأزدي، حَدَّثَنَا محمد بْن إبراهيم الأنطاكي، أَخْبَرَنَا الْحَارِث بْن أحمد العبدي، حَدَّثَنَا أحمد بْن يزيد [3] المؤدب قَالَ: سمعت الفتح بْن خاقان يقول: دخلت يومَا عَلَى المتوكل فرأيته مطرقا [4] يتفكر فقلت له: ما هذا الكفر يا أمير المؤمنين؟ فو الله مَا عَلَى الأرض أطيب منك عيشا ولا أنعم 80/ أمنك بالا، فَقَالَ: / يَا فتح، أطيب عيشا مني رجل لَهُ دار واسعة [5] ، وزوجة صالحة، ومعيشة حاضرة، لا يعرفنا [6] فنؤذيه، ولا يحتاج إلينا فنزدريه [7] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1353- إسمَاعيل بْن عيسى [8] العطار [9] .
سمع إسمَاعيل بْن زكريا الخلقاني، والمسيب بْن شريك، وغيرهمَا، وروى عن
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
انظر: تاريخ بغداد 7/ 167.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ت: «أحمد بن أيوب» .
[4] «مطرقا» ساقطة من ت.
[5] في ت: «وأمتعة» .
[6] في ت: «لا يعرفه» .
[7] تاريخ بغداد 7/ 169.
[8] في ت: «بن يحيى» .
[9] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 262.(11/182)
أَبِي حذيفة إسحاق بْن بشر كتاب «المبتدأ» و «الفتوح» ، وَكَانَ ثقة.
توفي في رمضان هذه السنة.
1354- الحكم بْن موسى بْن أبي زهير [1] ، أبو صالح القنطري [2] .
نسائي الأصل، رأى مَالك بْن أنس، وسمع من [إسمَاعيل] [3] بْن عياش، وابن المبارك، روى عنه: أحمد بْن حنبل، وعلي بْن المديني، وابن أبي الدنيا، والبغوي قَالَ يحيى: هُوَ ثقة. وقال ابْن المَدِينيّ: الشيخ الصالح.
توفي فِي شوال [4] هَذِهِ السنة.
1355- عبد الله بْن عون الخراز [5] .
سمع مَالك بْن أنس، وشريك بْن عبد الله، وإبراهيم بْن سعيد وغيرهم، روى عنه، خلق كثير منهم البغوي، وكان ثقة.
قَالَ البغوي [6] : حَدَّثَنَا عبد الله بْن عون قَالَ- وَكَانَ من الأبدال.
توفي في هذه السنة.
1356- عَبْد الرَّحْمَنِ بْن إسحاق بْن إبراهيم [7] بْن سلمة، الضبي مولاهم [8] .
كَانَ عَلَى رأي أبي حنيفة، وتقلد القضاء [عَلَى الرقة، ثم ولي القضاء] [9] بمدينة المنصور وبالشرقية، كَانَ جمَاعا للمَال، ثم عزل فِي صفر سنة ثمَان وعشرين ومَائتين [10] ، وتوجه إِلَى [11] مكة من سنة اثنتين وثلاثين، فمَات بفيد فِي ذي القعدة وبها دفن [12] .
1357- عيسى بْن سالم الشاشي [13] .
قدم بغداد، وحدث بِهَا عن ابْن المبارك، روى عنه: البغوي، وكان ثقة.
__________
[1] في الأصل: «أبي زهر» .
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 226- 229.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «في شعبان» .
[5] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 10/ 34.
[6] «وكان ثقة. قال البغوي» ساقطة من ت.
[7] «إبراهيم» ساقطة من ت.
[8] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 10/ 260- 261.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في الأصل: «ومائة» .
[11] في ت: «وتوفي جه» .
[12] في ت: «ودفن بها» .
[13] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 11/ 161.(11/183)
وتوفي بطريق حلوان في هذه السنة، [وَكَانَ من المحدثين الفقهاء] [1] .
1358- عمر بْن محمد بْن بكير، أبو عثمان الناقد [2] .
(8/ ب/ سمع سفيان بْن عيينة، وهشيمَا، وروى عنه: البغوي، وَكَانَ من المحدثين الفقهاء الحفاظ، وقال أَحْمَد بْن حنبل: هُوَ يتحرى الصدق [3] .
توفي فِي ذي الحجة من [4] هَذِهِ السنة.
1359- مغيرة بْن عبد الله [بْن المغيرة بْن عبد الله] [5] الفزاري.
كَانَ أمير مصر لمروان بْن محمد الجعدي، وَكَانَ حسن السيرة [6] .
توفي فِي رمضان [7] هَذِهِ السنة.
1360- هارون بْن عبد الله بْن محمد بْن كثير، أبو يحيى الزهري [8] .
قدم مصر واليا عَلَى القضاء [9] سنة سبع عشرة ومَائتين، فأقام قاضيا، ثم [10] خرج إِلَى العراق، فتوفي بسامراء فِي رمضان [11] هَذِهِ السنة.
1361- هارون الواثق باللَّه ابْن المعتصم [12] .
ولي الخلافة سنة سبع وعشرين ومَائتين، وتوفي في هذه السنة.
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «عمر بن محمد بن بكر» .
[3] «وروى عنه البغوي ... » حتى « ... يتحرى الصدق» ساقطة من ت.
[4] «ذي الحجة من» ساقطة من ت.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] «وكان حسن السيرة» ساقطة من ت.
[7] «رمضان» ساقطة من ت.
[8] انظر ترجمته في: تاريخ الطبري 14/ 13- 14.
[9] في ت: «واليا عليها الحكم فقضى بين الناس» .
[10] في ت: «فأقام بها وكتب عنه» .
[11] في ت: «في شعبان» .
[12] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 14/ 15- 21.(11/184)
أَبُو حاتم أحمد بْن الحسين بْن محمد الرازي فِي كتابه إلينا بخطه، حَدَّثَنَا محمد بْن عبد الواحد بْن محمد المعدل، أَخْبَرَنَا محمد بْن أحمد بْن علي أبو الحسن الحافظ، حدثنا الحسين بن عبد الله بْن يحيى البرمكي، أَخْبَرَنَا زرقان بْن أبي داود قَالَ: لمَا احتضر الواثق جعل يردد هذين البيتين:
الموت فيه جميع الخلق مشترك ... لا سوقة منهم يبقى ولا ملك
مَا ضر أهل قليل فِي تفاقرهم ... وليس يغني عن الأملاك مَا ملكوا
ثم أمر بالبسط فطويت، وألصق خده بالأرض، وجعل يقول: يَا من لا يزول ملكه ارحم من قد زال ملكه [1] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ [بْنِ ثَابِتٍ] ، أَخْبَرَنَا التنوخي قَالَ:
أَخْبَرَنَا أبي، حَدَّثَنِي الحسين بْن الحسن [2] / بْن محمد الواثقي قَالَ: حدثني أبي [3] / 81/ أأحمد بْن محمد أمير البصرة قَالَ: حدثني أبي قَالَ: كنت أحد من مرض الواثق فِي علته التي مَات فيها، فكنت قائمَا بين يدي الواثق أنا وجمَاعة من الأولياء والموالي والخدم، إذ لحقته غشية، فمَا شككنا أنه قَدْ مَات، فَقَالَ بعضنا لبعض: تقدموا فاعرفوا خبره، فمَا جسر أحد منا [4] يتقدم، فتقدمت أنا، فَلَمَّا صرت عند رأسه وأردت أن أضع يدي عَلَى أنفه أعتبر نفسه، لحقته إفاقة، ففتح عينيه، فكدت أموت فرقا [5] من أن يراني قد مشيت فِي مجلسه إِلَى غير رتبتي، فتراجعت إِلَى خلف، وتعلقت [6] قبيعة سيفي بعتبة المجلس، وعثرت به، فاتكأت عَلَيْهِ فاندق سيفي وكاد يدخل فِي لحمي ويجرحني، فسلمت ثم خرجت، فاستدعيت سيفا ومنطقة أخرى فلبستهمَا، وجئت حَتَّى وقفت فِي مرتبتي ساعة، فتلف الواثق تلفا لم يشك جمَاعتنا فيه [أنه مَات] [7] فتقدمت فشددت
__________
[1] تاريخ بغداد 14/ 19. والكامل 6/ 91.
[2] في الأصل: «بن الحسين» .
[3] في الأصل: «حدثني أبي قال حدثني أحمد» و «قال حدثني أبي» ساقطة من ت.
[4] في ت: «منهم» .
[5] في تاريخ بغداد: «فرعا» .
[6] في ت: «فتعلق» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/185)
لحييه، وغمضته، وسجيته، ووجهته إِلَى القبلة، وجاء الفراشون فأخذوا مَا تحته فِي المجلس ليردوه إِلَى الخزائن، لأن جميعه مثبت عليهم، وترك وحده فِي البيت، وقال لي ابْن أبي دؤاد القاضي: إنا نريد أن نتشاغل بعقد البيعة، ولا بد أن يكون أحدنا يحفظ الميت إِلَى أن يدفن، فأحب أن تكون أنت ذلك الرجل، وقد كنت [من] [1] أخصهم به في حياته، وذلك أنه اختصني واصطنعني حَتَّى لقبني الواثقي باسمه، فحزنت عَلَيْهِ حزنا شديدا، وقلت: دعوني وامضوا، فرددت باب المجلس وجلست فِي الصحن عند الباب أحفظه، وَكَانَ المجلس فِي بستان عظيم أجربة [2] ، وَهُوَ بين بساتين، فأحسست بعد 81/ ب ساعة فِي البيت بحركة أفزعتني، فدخلت أنظر ما هي، وإذا بجرذون [3] من دواب/ البستان قد جاء حَتَّى استل عين الواثق فأكلها فقلت: لا إله إلا الله، هَذِهِ العين التي فتحها منذ ساعة فاندق سيفي لها هيبة [4] صارت طعمة لدابة ضعيفة!! قَالَ:
وجاءوا فغسلوه بعد ساعة، فسألني ابْن أبي دؤاد عن سبب عينه، فأخبرته. قَالَ:
والجرذون دابة أكبر من اليربوع [قليلا] [5] .
وقد روي فِي سبب موته خبر طريف:
أَخْبَرَنَا عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي قال: أخبرنا عبد الله بن محمد الأنصاري، حدثنا أبو يعقوب الحافظ، أَخْبَرَنَا أبو العباس أحمد بْن محمد بْن الحسن الرازي، حَدَّثَنَا أبو الْحُسَيْن أحمد بْن محمد بْن معاوية الرازي، حَدَّثَنَا بكر بْن عبد الله بْن حبيب قَالَ: سمعت مِسْعَر [6] بْن محمد بْن وهب يحدث أبي عن المتوكل قَالَ: كَانَ الواثق يحب النساء وكثرة الجمَاع، فوجه يومَا إِلَى ميخائيل الطبيب، فدعا به [7] ، فدخل عَلَيْهِ وَهُوَ نائم [8] فِي مشرفة لَهُ [9] وعليه قطيفة خز، فوقف بين يديه، فَقَالَ:
يَا ميخائيل، أبغني دواء للباه، فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، بدنك، فلا تهده [بالجمَاع] [10] ، فإن كثرة الجمَاع تهد [11] البدن ولا سيمَا إذا تكلف الرجل ذلك، فاتق الله في بدنك وأبق
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «أحدثه» .
[3] في ت: «بجرذ» .
[4] في ت: «لهيبته» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 19- 20 والكامل 6/ 92.
[6] في ت: «مسعود» .
[7] في ت: «فدعاه» .
[8] في ت: «قائم» .
[9] «في مشرفة له» ساقطة من ت.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] في ت: «يهدم» .(11/186)
عليك، فليس لك من بدنك عوض، فَقَالَ لَهُ: لا بد منه، ثم رفع القطيفة عنه، فإذا بين فخذيه وصيفة [قد] [1] ضمها إليه، ذكر من جمَالها وهيئتها أمرا عجيبا، فَقَالَ: من يصبر عن مثل هَذِهِ؟ قَالَ: فَإِن كَانَ ولا بد فعليك بلحم السبع، وأمر أن يؤخذ لك منه [2] رطل فيغلى سبع غليات بخل خمر عتيق، فإذا جلست عَلَى شرابك أمرت أن يضرب [3] لك منه ثلاثة دراهم فانتقلت به عَلَى شرابك في ثلاث ليال، فإنك تجد فيه بغيتك، واتق الله فِي نفسك ولا تسرف فيها [4] ، ولا تجاوز مَا أمرتك به. فلهى عنه أيامَا، فبينا هو ذات/ 82/ أليلة جالس قَالَ: علي بلحم السبع الساعة، فأخرج لَهُ سبع من الجب وذبح من ساعته، وأمر فكبب [5] لَهُ منه، ثم أمر فأغلي لَهُ منه بالخل، ثم قدم لَهُ منه، فأخذ يتنقل منه عَلَى شرابه، وأتت عَلَيْهِ الأيام والليالي، فسقى بطنه، فجمع لَهُ الأطباء، فأجمع رأيهم عَلَى أنه لا دواء لَهُ إلا أن يسجر تنور بحطب الزيتون ويسخن حَتَّى يمتلئ جمرا، فإذا امتلأ كسح مَا فِي جوفه فألقي عَلَى ظهره، وحشي جوفه بالرطبة، ويقعد فيه ثلاث ساعات من النهار، فإذا استسقى ماء [6] لم يسق، فإذا مضت ثلاث ساعات كوامل أخرج وأجلس جلسة مقتضبة [7] عَلَى نحو [8] مَا أمروا به، فإذا أصابه الروح وجد لذلك وجعا شديدا، وطلب أن يرد إِلَى التنور [فترك عَلَى تلك الحال، ولا يرد إِلَى تلك التنور] [9] ، حَتَّى تمضي ساعات من النهار، فإنه إذا مضت ساعات [10] من النهار جرى ذلك المَاء، وخرج من مخارج البول وإن سقي ماء أو رد إِلَى التنور كَانَ تلفه فيه، فأمر بتنور فسجر بحطب الزيتون حَتَّى امتلأ جمرا أخرج مَا فيه وجعل عَلَى ظهره، ثم حشي بالرطبة [11] وعري وأجلس فيه، فأقبل يصيح ويستغيث وَيَقُولُ: أحرقتموني اسقوني مَاء، وقد [12] وكل به من يمنعه المَاء ولا يدعه أن يقوم من موضعه الّذي أقعد فيه [، ولا يحرك] [13] فسقط بدنه كله، وصار فيه مفاجآت مثل أكبر البطيخ [14] وأعظمه، فترك عَلَى حالته حَتَّى مضت لَهُ ثلاث
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «منه» ساقطة من ت.
[3] في ت: «يوزن» .
[4] في ت: «عنها» .
[5] في ت: «وأمر أن يكب» .
[6] «ماء» ساقطة من ت.
[7] في ت: «منصته» .
[8] «نحو» ساقطة من ت.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من ت.
[10] في ت: «ساعتان» .
[11] «بالرطبة» ساقطة من ت.
[12] «قد» ساقطة من ت.
[13] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[14] في ت: «البطح» .(11/187)
ساعات من النهار، ثم أخرج وقد كاد يحترق، أو يقول القائل فِي رأي العين قد احترق، فأجلسه الأطباء [1] ، فلمَا وجد روح الهواء اشتد به الوجع والألم، وأقبل يصيح ويخور 82/ ب خوران الثور، ويقول: ردوني إِلَى التنور/، فإني إن لم أرد مت، فاجتمع نساؤه وخواصه لمَا رأوا [مَا] [2] بِهِ من شدة الألم والوجع [3] ، وكثرة الصياح، فرجوا أن يكون فرجه فِي أن يرد إِلَى التنور، [فردوه إِلَى التنور] [4] ، فلمَا وجد مس النار سكن صياحه وتقطرت النفاخات التي كانت خرجت ببدنه وخمدت، وبرد فِي [جوف] [5] التنور فأخرج من التنور وقد احترق وصار أسود كالفحم، فلم تمض ساعة حَتَّى قضى.
توفي الواثق بسامراء يوم الأربعاء لست بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومَائتين، وَكَانَ عمره اثنتين وثلاثين سنة، [وكانت] [6] خلافته خمس سنين وسبعة أشهر وخمسة أيام، وقيل: خمس سنين وشهرين وأحد وعشرين يوما، وصلى عليه جعفر.
__________
[1] في ت: «المتطببون» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «والوجع» ساقطة من ت.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/188)
ثُمّ دخلت سنة ثلاث وثلاثين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
[غضب المتوكل على محمد ابن عبد الملك الزيات]
غضب المتوكل عَلَى محمد بْن عبد الملك الزيات [1] وحبسه إياه، وسنذكر قصته عند وفاته إن شاء الله.
[رجفت دمشق رجفة شديدة]
وفي ربيع الآخر: رجفت [2] دمشق رجفة شديدة لارتفاع الضحى [3] ، وانتقضت منها البيوت، وتزايلت الحجارة العظيمة، وسقطت عدة منازل وطاقات فِي الأسواق عَلَى من فيها، فقتلت خلقا كثيرا من الرجال والنساء والصبيان، وسقط [4] بعض شرافات [5] المسجد الجامع، وتصدعت طاقات القبة التي فِي وسط الجامع ممَا يلي المحراب، وانقطع ربع منارة الجامع، فهرب [6] الناس بالنساء والصبيان، وهرب أهل الأسواق إِلَى مصلى العيد يبكون ويتضرعون ويصلون ويستغفرون إِلَى وقت المغرب، ثم سكن ذلك، فرجعوا، فأخذوا [7] فِي إخراج الموتى/ من تحت الهدم. 83/ أ
__________
[1] «الزيات» ساقطة من ح.
[2] الرجفة: الزلازل.
[3] في ح: «من ارتفاع الضحى» .
[4] في ح، ت: «وسقطت» .
[5] الشرفة: ما يوضع على أعالي القصور والمدن.
[6] في ح: «وهرب» وكذلك في ت.
[7] «فأخذوا» ساقطة من ح.(11/189)
وذكر بعض من كَانَ فِي دير مران [1] أنه كَانَ يرى [مدينة] [2] دمشق وهي ترتفع وتستقل مرارا، وأصاب أهل قرية من عمل الغوطة [3] من الرجفة أنها انكفأت عليهم، فلم ينج منهم إلا رجل واحد عَلَى فرسه، فأتى أهل دمشق فأخبرهم [4] .
وأصاب أهل البلقاء مثل مَا أصاب [5] أهل دمشق، من هدم المنازل فِي ذلك اليوم، وذلك الوقت، وتزايلت [6] الحجارة من سور مدينتها، وسقط حائط لها عرضه ذراع [7] فِي ستة عشر ذراعا، وخرج أهلها بنسائهم وصبيانهم، فلم يزالوا فِي دعاء وضجيج حَتَّى كف [8] الله عنهم برحمته.
[عظمت الزلازل بأنطاكيّة]
وعظمت [9] الزلازل بأنطاكية [10] ، ومَات [من أهلها خلق كثير، وكذلك الموصل، ويقال: إنه مَات] [11] من أهلها عشرون ألفا [12] .
[مطر أهل الموصل مطرا شديدا]
وفي رجب: مطر أهل الموصل [13] مطرا شديدا، وسقط برد مختم كالسكر وبعضه كبيض الحمَام، فسد مجاري المَاء، ثم سال واد من ناحية البرية [14] ذكروا أنه
__________
[1] في ت: «دير مروان» .
ودير مران يقع بالقرب من دمشق (معجم البلدان 2/ 533) .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ح: «من أهل الغوطة» .
وفي ت: «من عمل الغواطة» .
[4] انظر: شذرات الذهب 2/ 77. والنجوم الزاهرة 2/ 271.
[5] في ت: «أصاب أهل البلقاء ما أصاب» .
[6] في ح: «وتزاملت» .
[7] في ح: «عرضه سبعة أذرع» .
[8] في ت، ح: «حتى كشف الله» .
[9] في ت: «وهدمت» .
[10] في ت: «وهدمت الزلازل بأنطاكيّة دورا كثيرة» .
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ت، وزدناه من ح.
[12] انظر: شذرات الذهب 2/ 77 والنجوم الزاهرة 2/ 270.
[13] «مطر أهل الموصل» ساقطة من ت.
[14] في ح: «من ناحية وادي البرية» .(11/190)
لَمْ يسل [1] قط، فمَا زالوا كذلك فِي ضجة حَتَّى أتى ربع [2] الليل، وحمل المَاء قومَا فغرقتهم ووقعت الدور عَلَى بعضهم فقتلتهم، وكان ما سقط ونهدم [3] أكثر من ألفي دار.
وقطع [4] المَاء رحى كانت مبنية من رصاص، فجري [المَاء] فيها، ولولا ذلك لغرق أهل [5] الموصل أجمعين.
وفقد فِي بستان أكثر من مَائتي نخلة بأصولها فلم يبن [6] لها أثر، وكانت معها زلزلة شديدة وصواعق دفن أكثر من عشرة آلاف والذين غرقوا أكثر.
[غضب المتوكل على عمر بن الفرج]
وفي هذه السنة: غضب المتوكل عَلَى عمر بْن الفرج [7] وذلك فِي رمضان، فوجد فِي منزله خمسة عشر ألف درهم [8] ، وقبض جواريه وفرشه [9] ، وقيد بثلاثين رطلا من الحديد، وأحضر مولاه نصر، فحمل ثلاثين ألف دينار، وحمل نصر من/ مَال نفسه 83/ ب أربعة عشر ألف دينار، وأصيب لَهُ فِي الأهواز أربعون ألف دينار، ولأخيه محمد بْن الفرج مَائة ألف دينار وخمسون ألف دينار، وحمل من داره من المتاع عَلَى ستة عشر [10] بعيرا فرش فاخرة، ومن الجوهر مَا قيمته أربعون ألف دينار، وألبس جبة صوف وقيد، وأخذ عياله ففتشوا فكن [11] مَائة جارية، ثم صولح عَلَى أحد عشر ألف ألف، على أن يرد عَلَيْهِ [12] مَا أخذ منه من ضياع الأهواز، وتنزع [13] عنه القيود [فِي شوال [14] .]
__________
[1] في ت: «لم يسيل» .
[2] «ربع» ساقطة من ح.
[3] في ح: «وهدم» .
[4] في ت: «وقلع» .
[5] في ح: «ولولا ذلك أغرق» .
[6] في ت: «فلم يبق» .
[7] في ح: «عمر بن أبي الفرج» .
[8] في ت: «خمسة عشر ألف ألف درهم» .
وفي ح: «خمسة آلاف درهم» .
[9] «وفرشه» ساقطة من ت.
[10] في ت، ح: «وحمل من داره المتاع ستة عشر ... » .
[11] في ح: «فكن» وكذلك في ت.
[12] في ح: «يرد إليه» .
[13] في ح، ت: «ونزعت عنه» .
[14] انظر: تاريخ الطبري 9/ 161. والكامل 6/ 98.(11/191)
وقد] [1] أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ البزار، أنبأنا علي بْن المحسن [التنوخي] [2] قَالَ: حَدَّثَنِي أبي أن بعض المعمرين من الشهود بالأهواز حدثه عن أبيه- أو بعض أهله [3]- قال: كان محمد بْن منصور يتقلد القضاء بكور الأهواز وعمر بْن فرج الرخجي يتقلد [الخراج] [4] بِهَا، وكانا يتوازيان المرتبة السلطانية، فلا [5] يركب القاضي إِلَى الرخجي إلا بعد أن [6] يجيبه ويتشاحان على التعظيم [7] ، وتولدت بينهمَا عداوة من ذلك، وَكَانَ الرخجي يكتب فِي القاضي إِلَى المتوكل، فلا يلتفت إِلَى كتبه لعظم محله عند المتوكل، ويبلغ ذلك القاضي فلا يحفل به، فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الأوقات ورد كتاب المتوكل عَلَى الرخجي [8] يأمره بأمر فِي معنى الخراج، وأن يجتمع مَعَ محمد بْن منصور القاضي ولا ينفرد دونه، وورد بالكتاب خادم كبير من خدم السّلطان، فأنفذ الرخجي إِلَى القاضي، فأعلمه الخبر وقال:
تصير إِلَى ديوان الخراج لنجتمع فيه عَلَى امتثال الأمر، فَقَالَ القاضي: لا، ولكن 84/ أتصير أنت إِلَى الجامع فتجتمع فيه، وتردد الكلام/ بينهمَا إِلَى أن قَالَ الرخجي للخادم:
ارجع إِلَى حضرة أَمِير الْمُؤْمِنِينَ واذكر القصة وأن قاضيه يريد إيقاف مَا أمر به [أَمِير الْمُؤْمِنِينَ] [9] ، فبلغه الخبر، فركب محمد بْن منصور إِلَى الديوان ومعه شهوده، فدخله والرخجي فيه فِي دست وكتابه بين يديه، فلمَا بصروا به قاموا، إلا الرخجي فعدل إِلَى آخر البساط، بعد أن أمر غلامه فطوى البساط [10] وجلس على البوري، وحف به
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي ت: «علي بن المحسن التنوخي. عن أبيه المحسن» .
[3] في ت: «عن أبيه وعن بعض أهله» .
وفي ح: «حدثه أن بعض أهله قال» . في الأصل: «يقلد» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ت، ح: «ولا» .
[6] «أن» ساقطة من ح.
[7] في ح: «ويتشاكان على المعتصم» .
[8] في ح: «إلى الرخجي» .
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] «بعد أن أمر غلامه فطوى البساط» ساقطة من ت، ح.(11/192)
الشهود [1] ، وجاء الخادم، فجلس عند القاضي وأراه الكتاب، فلم يزل الرخجي يخاطب القاضي وبينهمَا مسافة [2] حَتَّى فرغا [3] من الأمر، فلمَا فرغا [4] قَالَ الرخجي للقاضي: يَا أبا جعفر، مَا هَذِهِ الجبرية! لا تزال تتولع بي وتقدر أنك عند الخليفة مثلي، أو أن [5] محلك يوازي محلي، والخليفة لا يضرب عَلَى يدي فِي أمواله التي بِهَا قوام دولته، ولقد أخذت من مَاله ألف ألف دينار، وألف ألف دينار، وألف ألف دينار [6] فمَا سألني عنها، وإنمَا أنت لك أن تحلف منكرًا عَلَى حق، وأن تفرض لامرأة [7] عَلَى زوجها وتحبس ممتنعا من أداء حق، وأبو جعفر [ساكت] [8] ، فَلَمَّا [9] ذكر الرخجي ألف ألف دينار وثنى القول يعدد بإصبعه [10] ، وقد كشفها ليراها الناس، فَلَمَّا أمسك عمر [ابْن الفرج] [11] لم يجبه القاضي بشيء، وقال لوكيل: يَا فلان، قد سمعت ما جرى؟
فقال: قد وكلتك لأَمِير الْمُؤْمِنِينَ [وللمسلمين] [12] عَلَى [هَذَا] [13] الرجل [14] فِي المطالبة لهم [15] بهذا المَال [16] . فَقَالَ لَهُ الوكيل: إن رأى القاضي أن يحكم بهذا المَال للمسلمين، قَالَ والرخجي يسمع، فَقَالَ/ القاضي: دواة. وكتب القاضي 84/ ب سجلا بخطه بذلك المَال [17] ، ورمى به إِلَى الشهود وقال: اشهدوا على إنفاذي الحكم
__________
[1] في ت: «شهوده» .
[2] «وأراه الكتاب، فلم يزل الرخجي يخاطب القاضي وبينهما مسافة» ساقطة من ت.
[3] في ت: «حتى فرغوا» .
[4] في ت: «فلما فرغوا» .
[5] في ت: «وأن» .
[6] «ألف ألف دينار وألف ألف دينار وألف ألف دينار» ساقطة من ت، ح.
[7] في ت: «لمسامرة» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في الأصل: «لما» .
[10] في ت: «بأصابعه» .
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[13] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[14] في الأصل: «الرجال» .
[15] في الأصل: «له» .
[16] «المال» ساقطة من ت.
[17] في الأصل: «دواه سجلا بخطه بذلك المال» .(11/193)
بمَا فِي هَذَا الكتاب، وإلزام فلان ابْن فلان هَذَا [وأومَا إِلَى الرخجي] [1] بمَا أقر به عندي من المال المذكور مبلغه فِي هَذَا الكتاب للمسلمين. فكتب الشهود خطوطهم، وأخذ القاضي الكتاب ومضى [2] ، وأخذ الرخجي يهزأ به ويقول: يَا أبا جعفر لقد بالغت فِي عقوبتي، قتلتني [3] ! قَالَ: إي والله!.
فكتب صاحب الخبر إِلَى المتوكل بمَا جرى، فأحضر وزيره وقال: أنا منذ زمَان أقول لك حاسب هَذَا الخائن، وأنت تدافع حَتَّى حفظ الله علينا أموالنا بقاضينا محمد بْن منصور، ورمى إِلَيْهِ بكتاب صاحب الخبر [قَالَ] : [4] اكتب الساعة بالقبض عَلَى الرخجي، فخرج الوزير وَهُوَ قلق لعنايته بالرخجي، وقال لكاتبه:
اكتب إليه: [يَا مسكين] [5] يَا مشئوم. مَا دعاك إِلَى معاداة القضاة وأنت مقتول إن لم تتلاف أمرك مَعَ القاضي.
فركب الرخجي إِلَى القاضي فحجبه، فرجع خجلا، فاحتال فدخل مَعَ بعض خواص القاضي بالليل، فصاح عَلَيْهِ [6] : اخرج عن داري فأكب عَلَى رأسه وبكى، فقام القاضي فاعتنقه وبكى [7] وقال: عزيز [8] علي ولا حيلة لي فقد نفذ الحكم! فنهض ونفذ بمن قبض عَلَيْهِ، ونصب القاضي من باع أملاك الرخجي وحمل ثمنها إِلَى بيت المال.
[أمر المتوكل سليمان بن إبراهيم بن الجنيد]
وفي هذه السنة: أمر المتوكل بسليمَان بْن إبراهيم بن الجنيد [9] فضرب بالأعمدة 85/ أحتى أقر بتسعين ألف دينار، فوجه/ معه مباركا المغربي إِلَى بغداد حَتَّى استخرجها من منزله، وجيء به فحبس [10] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «ونهض» .
[3] «قتلتني» ساقطة من ت.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ت: «فصاح به» .
[7] «وبكى» ساقطة من ت.
[8] «عزيز» ساقطة من ت.
[9] في الطبري «أمر المتوكل بإبراهيم بن الجنيد النصراني» .
[10] تاريخ الطبري 9/ 162.(11/194)
وفيها: غضب المتوكل عَلَى أبي الوزير أحمد بْن أبي خالد، وأمر بمحاسبته فحمل نحوا من ستين [1] ومَائة ألف دينار، وبدرتين [2] دراهم وحليا، وأخذ لَهُ من متاع مصر اثنين وستين [3] سفطا واثنين وثلاثين غلامَا وفرشا كثيرة، وأخذ أصحابه فصالحوا عَلَى سبعين ألف دينار [4] .
وفلج أحمد بْن أبي دؤاد لست خلوت من جمَادى الآخرة [5] .
وولى المتوكل ابنه محمد المنتصر الحرمين واليمن والطائف، وعقد لَهُ يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من رمضان [6] .
وفي يوم الأربعاء لثلاث عشرة بقيت من رمضان عزل المتوكل الفضل بْن مروان عن ديوان الخراج، وولاه يحيى بْن خاقان [7] .
وولي إبراهيم بْن العباس بْن محمد بْن صول في هذا ديوان زمام النفقات [8] .
[قدوم يحيى بن هرثمة]
وفي هذه السنة: قدم يحيى بْن هرثمة. وَكَانَ والي طريق مكة بعلي بْن محمد بْن علي الرضا [9] بْن موسى بْن جعفر من المدينة [10] .
[وثوب ميخائيل بن توفيل على أمه بدور]
وفيها: وثب ميخائيل بْن توفيل عَلَى أمه بدور [11] فشمسها وألزمها الدير، وقتل رجلا اتهمها به، و [كان ملكها ست سنين] [12] .
وحج بالناس في هذه السنة مُحَمَّد بْن داود بْن موسى بْن عيسى [13] .
__________
[1] في ت: «سبعين» .
[2] في ت: «وبدوار من» .
[3] في ت: «اشنيق» .
[4] تاريخ الطبري 9/ 162.
[5] تاريخ الطبري 9/ 162- 163.
[6] تاريخ الطبري 9/ 163.
[7] تاريخ الطبري 9/ 162.
[8] تاريخ الطبري 9/ 162.
[9] «الرضى» ساقطة من ت.
[10] تاريخ الطبري 9/ 163.
[11] في الطبري: «على أمه تذروة» .
وفي ت: «على أمه تدور» .
[12] تاريخ الطبري 9/ 163.
وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[13] في ت: «بن عيسى بن موسى» .
انظر تاريخ الطبري 9/ 163.(11/195)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأعيان
1362- إسحاق بْن إبراهيم، أبو موسى [1] .
هروي الأصل، سمع هشيمَا، وابن عيينة.
روى عن: البغوي، أثنى عَلَيْهِ أحمد، وقال يحيى: هُوَ ثقة.
وتوفي في هذه السنة.
1363- بهلول بْن صالح بْن عمر بْن عبيدة، أبو الحسن التجيبي، ثم العرزمي [2] .
حدث عن مَالك بن أنس وغيره/.
85/ ب وروى عنه أبو عبد الله بْن فروخ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ عن أبيه قَالَ:
قلت لعبد الله بْن عباس [يَا] [3] معشر قريش أخبروني عن هَذَا الكتاب العربي، هل كنتم [4] تكتبونه قبل أن يبعث محمد صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ؟.
قَالَ: نعم. قلت: وممن أخذتموه؟
قَالَ: من حرب بْن أمية، قلت: وممن أخذه حرب [بْن أمية؟] [5] قَالَ: من عبد الله بْن جدعان، قلت: وممن أخذه عبد الله بْن جدعان؟ قَالَ: من أهل الأنبار؟
قلت: وممن أخذه أهل الأنبار؟ قَالَ: من طارئ طرأ عليهم من أهل اليمن، من كندة، قلت: وممن أخذه ذلك الطارئ؟ قَالَ: من الخلجان بْن الوهم [6] كاتب الوحي لهود النَّبِيّ عَلَيْهِ السلام [7] ، وَهُوَ الذي يقول:
أفي كل عام سنة تحدثونها ... ورأي عَلَى غير الطريق يغيّر
__________
[1] في الأصل: «إسحاق بن إبراهيم بن موسى» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 337- 338.
[2] في ت: «العري» وفي الأصل: «العرري» . انظر ترجمته في: النجوم الزاهرة 2/ 271.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «الّذي كنتم» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ت: «بن إبراهيم» .
[7] في ت: «صلّى الله عليه وآله وسلّم» .(11/196)
وللموت خير من حياة تسبنا [1] ... بِهَا جرهم فيمن تسب وحمير
توفي بهلول في هذه السنة.
1364- عبد الجبار بْن عاصم، أبو طالب النسائي [2] .
سكن بغداد، وحدث بِهَا عن إسمَاعيل بْن عياش، وغيره. وروى عنه: حنبل والبغوي وغيره [3] ، وَكَانَ ثقة صدوقا. توفي فِي ربيع الآخر من هَذِهِ السنة.
1365- محمد بْن سمَاعة بْن عبيد الله بْن هلال بْن وكيع بن بشر، أبو عبد الله التميمي. كان أحد أصحاب [4] الرأي [5] .
وولي القضاء بمدينة المنصور [6] [إلى أن] [7] عزله المأمون.
وحدث عن الليث [بْن سعد] [8] ، وأبي يوسف القاضي، ومحمد بْن الحسن، وَهُوَ من الحفاظ الثقات.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ [بْنُ عَلِيِّ] [9] بْنِ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو العلاء الواسطي، أَخْبَرَنَا أبو الطيب محمد بْن زيد التميمي، أَخْبَرَنَا أبو زيد المقرئ، أخبرنا [أبو] [10] الحسين زيد [11] بْن محمد، حَدَّثَنَا جعفر بْن دهقان، حَدَّثَنَا محمد بْن عمران الضبي [12] ، قَالَ: / سمعت محمد بن سماعة القاضي قال: مكثت 86/ أأربعين سنة لم تفتني التكبيرة الأولى إلا يومَا واحدا مَاتت فيه أمي، ففاتني [فيه] [13] صلاة
__________
[1] في ت: «هريرة» .
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 11/ 111- 112.
[3] في الأصل: «وغيره والبغوي» .
[4] في ت: «من أصحاب الرأي» .
[5] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 5/ 342. وأخبار القضاة 3/ 282. والتهذيب 9/ 204.
[6] في ت: «مدينة السلام» .
[7] في ت: «وعزله المأمون» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] في الأصل: «بن زيد» .
[12] في الأصل: «الطبي» .
[13] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/197)
واحدة فِي جمَاعة، فقمت فصليت خمسا وعشرين صلاة أريد بذلك التضعيف فغلبتني عيني، فأتاني آت فَقَالَ: يَا محمد قد صليت خمسا وعشرين صلاة ولكن كيف [لك] [1] بتأمين الملائكة؟ [2] .
قَالَ المصنف: كَانَ ابْن سمَاعة يصلي كل يوم مَائتي ركعة.
توفي فِي شعبان هَذِهِ السنة عن مَائة وثلاث سنين.
1366- محمد بْن عبد الملك بْن أبان بْن أبي حمزة، أبو يعقوب [3] ويعرف بابن الزيات [4]
أصله من جبل، وَكَانَ أبوه تاجرا من تجار الكرخ المياسير، وَكَانَ يحثه عَلَى التجارة فيأبى إِلَّا الكتابة وطلبها، ثم شخص إِلَى الحسن بْن سهل، فمدحه بقصيدة، فأعطاه عشرة آلاف درهم، ثُمّ اتصل بالمعتصم فرفع من قدره ووسمه بالوزارة، ثم استوزره الواثق [5] ، وكان أديبا فاضلا عالما بالنحو واللغة وله شعر مليح.
وقد وصف بلاغته البحتري، فأخبرنا أبو منصور الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أبو الحسن محمد بْن محمد بْن المظفر الدقاق، أَخْبَرَنَا محمد بْن عمران المرزباني، حَدَّثَنِي أبو الحسن علي بن هارون قال: أخبرني أبي قال: من بارع مديح البحتري قوله يصف بلاغة محمد بْن عبد الملك الزيات:
فِي نظام من البلاغة مَا شك ... امرؤ أنه نظام فريد
ومعان لو فصلتها القوافي ... لهجت شعر جرول ولبيد
حزن مستعمل الكلام اختيارا ... وتجنبن ظلمة التعقيد
86/ ب/ وركبن اللفظ القريب فأدركن ... به غاية المراد البعيد
ونرى الخلق مجمعين عَلَى فضلك ... من بين سيد ومسود
عرف العالمون فضلك بالعلم ... وقال الجهال بالتقليد
صارم العزم حاضر الحزم ساري ... الفكر ثبت المقام صلب العود
دق فهمَا وجل علمَا فأرضى الله ... فينا والواثق بن الرشيد
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 5/ 341- 343.
وأخبار القضاة 3/ 282.
[3] في ت: «أبو جعفر» .
[4] انظر ترجمته في: 2/ 342.
[5] انظر: تاريخ الطبري 9/ 150- 151.(11/198)
لا يميل الهوى به حيث يمضي ... الأمر بين المقل والممدود
سؤدد يصطفي ونيل يتوخى ... وثناء يحيى ومَال تؤدي
قد تلقيت كل يوم جديد ... يَا أبا جعفر بمجد جديد
وإذا استطرقت سيادة قوم ... بنت بالسؤدد الطريف التليد [1]
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي الحافظ قال: أخبرني أبو القاسم الأزهري، أَخْبَرَنَا عثمَان بْن عمرو المقرئ، حَدَّثَنَا جعفر بْن محمد الخواص، حدثني أحمد بْن مُحَمَّد الطوسي، حدثني محمد بْن علي الربيعي قَالَ: سمعت صالح بْن سليمَان العبدي يقول: كَانَ مُحَمَّد بْن عبد الملك الزيات يتعشق جارية من جواري القيان، فبيعت من رجل من أهل خراسان، فأخرجها، قَالَ: فذهل عقل محمد بْن عبد الملك حَتَّى خشي عَلَيْهِ، فَقَالَ:
يَا طول ساعات [2] ليل العاشق الدنف ... وطول رعيته للنجم فِي السدف
مَاذا تواري ثيابي من أخي حرق ... كأنمَا الجسم منه دفه الألف
مَا قَالَ يَا أسفي يعقوب من كمد ... إلا لطول الذي لاقى من الأسف
/ من سره أن يرى ميت الهوى دنفا ... فليستدل على الزيات وليقف [3] 87/ أ
قَالَ المصنف: اتفقت أسباب لهلاك [ابْن] [4] الزيات، فمنها: أن الواثق كَانَ قد استوزره وفوض الأمور إليه [5] وَكَانَ الواثق قد غضب عَلَى أخيه جعفر المتوكل فِي بعض الأمور، فوكل به عمر بْن فرج الرخجي، ومحمد بْن العلاء [6] الخادم يحفظانه ويكتبان بأخباره فِي كل وقت، فصار جَعْفَر إِلَى محمد بْن عبد الملك يسأله أن يكلم أخاه الواثق
__________
[1] الخبر في تاريخ بغداد 2/ 342- 343. وانظر كذلك: ديوان البحتري 2/ 328- 329.
[2] في الأصل: «يا طول ساعة ليل» .
[3] هذا البيت ساقط من ح.
انظر الخبر في: تاريخ بغداد 2/ 343. وشذرات الذهب 2/ 79.
[4] في ت: «أسباب لابن الزيات» .
[5] في الأصل: «الأمر» .
[6] «بن العلاء» ساقطة من ت.
وفي ح: «محمد بن المعلى» .(11/199)
ليرضى عنه، فلمَا دخل عَلَيْهِ مكث واقفا بين يديه مليا لا يكلمه، ثم أشار إليه أن اقعد فقعد، فلمَا فرغ من نظره فِي الكتب، التفت إليه كالمتهدد لَهُ، فَقَالَ لَهُ: مَا جاء بك؟
قَالَ: جئت أسأل [1] أَمِير الْمُؤْمِنِينَ الرضا عني، فَقَالَ لمن حوله: انظروا إِلَى هَذَا، يغضب أخاه، ويسألني أن أسترضيه! اذهب فإنك إذا صلحت رضي عنك، فقام جعفر كئيبا لمَا لقيه به، فخرج، فأتى عمر بْن فرج يسأله أن يختم لَهُ صكه ليقبض [2] أرزاقه، فلقيه عمر بالخيبة، وأخذ الصك، فرمى به إِلَى صحن المسجد.
وَكَانَ أحمد بْن أبي خالد حاضرا، فقام لينصرف، فانصرف معه جعفر، فَقَالَ لَهُ:
رأيت مَا صنع بي عُمَر؟ فَقَالَ [لَهُ] [3] : جعلت فداك! أنا [4] زمَام عَلَيْهِ، وليس يختم صكي بأرزاقي إلا بعد الرفق والطلب، فابعث إلي وكيلك، فبعث إليه جعفر وكيله فدفع إليه عشرين ألف درهم، وقال: أنفق هَذِهِ حَتَّى يهيئ الله أمرك، ثم صار جعفر من فوره إِلَى أحمد بْن أبي دؤاد، فدخل عَلَيْهِ، فقام أحمد واستقبله عَلَى باب البيت [وقبله] [5] والتزمه، وقال: مَا حاجتك، جعلت فداك؟! قَالَ: جئت لتسترضي أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عني، 87/ ب فَقَالَ: أفعل وكرامة، فكلمه فوعده، فلمَا كَانَ/ يوم الحلبة [6] أعاد الكلام عَلَيْهِ، وقال فيه: بحق المعتصم يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ إلا رضيت عنه! فرضي عنه وكساه.
وَكَانَ محمد بْن عبد الملك قد كتب إِلَى الواثق: أتاني جعفر بْن المعتصم يسألني أن أسأل أَمِير الْمُؤْمِنِينَ الرضا عنه فِي زي المخنثين لَهُ شعر [قفا] [7] . فكتب إليه الواثق:
ابعث إليه وأحضره، ومر من يجز شعره، واضرب به وجهه، ففعل ذلك.
ثم لمَا ثقل الواثق أشار ابْن عبد الملك بابن الواثق، ثم كَانَ بين ابْن الزيات وأحمد بْن أبي دؤاد عداوة شديدة، فلمَا ولي المتوكل أغراه [8] به ابن أبي دؤاد مع
__________
[1] في الأصل ت: «أسألك» وفي ح: «لتسأل» .
[2] في الأصل: «ليقض» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «إني زمام عليه» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في الأصل: «يوم الحكمة» . وفي ت: «اليوم الثاني» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ت: «أغرى» .(11/200)
الأحقاد القديمة فتقدم إِلَى إيتاخ بالقبض عَلَيْهِ، فأرسل إليه إيتاخ، فلمَا دخل عَلَيْهِ أخذ سيفه وقلنسوته ودراعته [1] ، فدفعها إِلَى غلمَانه، وقال: انصرفوا.
وبعث إِلَى داره، فأخذ جميع مَا فيها من متاع وجوار وغلمَان ودواب، وأمر أحمد بْن أبي خَالِد بقبض ضياعه وضياع أهل بيته، فكان الذي أخذ منه قيمته تسعون ألف دينار.
ثم قيد، فامتنع [2] عن الطعام وكثر بكاؤه، ثم سوهر، ومنع من النوم بمسلة ينخس بِهَا، ثم أمر بتنور من حديد فيه مسامير إِلَى داخله، فأدخل فيه، وَهُوَ الذي كَانَ صنعه ليعذب به من يطالب بأمر.
فجعل [3] يقول لنفسه: يَا محمد بْن عبد الملك، لم تقنعك النعمة والدواب الفارهة والدار النظيفة، وأنت فِي عافية حَتَّى طلبت الوزارة، ذق مَا عملت بنفسك! وَكَانَ لا يزيد عَلَى التشهد/ وذكر الله تعالى [4] . 88/ أوقد روينا أنه كَانَ يقول: الرحمة خور فِي [5] الطبيعة مَا رحمت شيئا قط. فلمَا وضع فِي التنور قَالَ: ارحموني، قالوا لَهُ: وهل رحمت شيئا قط [6] ؟.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عبد الواحد بْن محمد، أَخْبَرَنَا محمد بْن عبد الرحيم المَازني، حَدَّثَنَا الحسين بْن القاسم الكوكبي قال: سمعت القاسم بن ثابت الكاتب يقول: حدثني أبي قَالَ: قَالَ لي أحمد الأحول: لمَا قبض عَلَى محمد بن عبد الملك، تلطفت فِي أن وصلت إليه، فرأيته فِي حديد ثقيل [7] ، فقلت: يعز علي مَا أرى، فَقَالَ:
سل ديار الحي مَا غيرها ... وعفاها ومحا منظرها
__________
[1] في ت: «وعمامته» .
[2] في ح: «وامتنع» .
[3] في ت: «ثم يقول» .
[4] انظر تاريخ الطبري 9/ 156- 160. والبداية والنهاية 10/ 311. والكامل 5/ 279- 280.
[5] «في» ساقطة من ت.
[6] انظر: وفيات الأعيان 5/ 102. وتاريخ اليعقوبي 2/ 484.
[7] في ت: «حديد مقيد» .(11/201)
وهي الدنيا إذا مَا انقلبت ... صيرت معروفها منكرها
إنمَا الدنيا كظل زائل ... نحمد الله كذا قدرها [1]
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد، أخبرنا أبو بكر [أحمد بن علي] [2] بن ثابت، أخبرني الحسن [3] بْن أَبِي بكر، أخبرني أبي، أَخْبَرَنَا أبو الطيب محمد بْن الحسين اللخمي، حدثني أبي قَالَ: حدثني بعض أصحابه [4] قَالَ: لمَا حمل ابْن الزيات فِي التنور الذي مَات فيه، كتب هَذِهِ الأبيات بفحمة:
من لَهُ عهد بنوم ... يرشد الصب إليه
رحم الله رحيمَا ... دل عيني عَلَيْهِ
سهرت عيني ونامت ... عين من هنت عليه [5]
88/ ب/ قَالَ المصنف: ومَات فِي التنور، وقيل: إنه أخرج فضرب فمَات تحت الضرب، والأول أثبت.
ولمَا مَات طرح عَلَى باب، فغسل عَلَيْهِ، وحفر لَهُ، ولم يعمق، فذكر أن الكلاب نبشته، فأكلت لحمه.
1367- يحيى بْن معين بْن عون بْن زياد بْن بسطام، وقيل: يحيى بن معين بن غياث [6] بن زياد بن عون بْن بسطام، أبو زكريا [7] المري [8] من غطفان، مولى لهم [9] .
ولد سنة ثمَان وخمسين، وكان من أهل الأنبار.
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 2/ 343- 344. ووفيات الأعيان 5/ 101.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «الحسين» .
[4] في ت: «أصحابنا» .
[5] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 2/ 344. ووفيات الأعيان 5/ 100- 101.
[6] في الأصل: «عنان» .
[7] في الأصل: «بن زكريا» .
[8] في ت: «المروزي» .
[9] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 14/ 177.(11/202)
سمع ابْن المبارك، وهشيمَا، وعيسى بْن يونس، وسفيان بْن عيينة، وغيرهم.
روى عنه: أحمد بْن حنبل، وأبو خيثمة، ومحمد بْن سعد، والبخاري وغيرهم.
وَكَانَ حافظا ثقة ثبتا متقنا. قَالَ [علي] [1] بْن المديني: انتهى علم الناس إِلَى يحيى بْن معين.
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو سعيد المَاليني، أَخْبَرَنَا عبد الله بْن عدي [2] قَالَ أخبرني شيخ كاتب [3] ببغداد فِي حلقة [4] أبي عمران الأشيب ذكر أنه ابْن عم ليحيى بْن معين قَالَ: كَانَ معين عَلَى خراج الري، فمَات، فخلف لابنه يحيى ألف ألف درهم وخمسين ألف درهم، فأنفقه كله عَلَى الحديث [5] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قَالَ: أَخْبَرَنَا التنوخي قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو نصر أحمد بْن محمد بْن إبراهيم البخاري، حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد بْن حُرَيْث قَالَ: سمعت أحمد بْن سلمة يقول: سمعت أحمد بْن رافع قَالَ: سمعت أحمد بْن حنبل يقول: كل حديث لا يعرفه يحيى بْن معين فليس هُوَ [6] بحديث [7] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، أخبرنا أبو سعيد الماليني، أخبرنا عبد الله بْن عدي، حَدَّثَنَا يحيى بْن زكريا، [حَدَّثَنَا العباس] [8] بْن إسحاق قَالَ: سمعت هارون بْن معروف يقول: قدم علينا بعض/ الشيوخ من الشام 89/ أ
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل. ووفيات الأعيان 6/ 139. وطبقات الحنابلة 1/ 402، والمعجم لابن عساكر ص 322. وتهذيب التهذيب 11/ 287.
[2] في الأصل: «أبو عبد الله بن علي» .
[3] في ت: «كان ببغداد» .
[4] في الأصل: «في حلة» .
[5] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 178. والكامل لابن عدي.
[6] «هو» ساقطة من ت.
[7] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 180.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/203)
فكنت أول من بكر [1] عَلَيْهِ، فدخلت عَلَيْهِ فسألته أن يملي علي شيئا، فأخذ الكتاب يملي علي [2] فإذا أنا بإنسان يدق الباب، فَقَالَ الشيخ: من هَذَا؟ قَالَ: أحمد بْن حنبل.
فأذن لَهُ والشيخ عَلَى حاله والكتاب فِي يده ولم يتحرك، فإذا بآخر يدق الباب، فَقَالَ الشيخ: من هَذَا؟ قَالَ: أحمد الدورقي، فأذن لَهُ والشيخ عَلَى حاله [3] والكتاب فِي يده لا يتحرك، وإذا بداق [4] يدق الباب، فَقَالَ الشيخ: من هَذَا؟ قَالَ عبد الله بْن الرومي، فأذن لَهُ والشيخ عَلَى حاله والكتاب فِي يده لا يتحرك، فإذا بآخر يدق الباب، فَقَالَ الشيخ من هَذَا؟ قَالَ: أبو خيثمة زهير بْن حرب، فأذن لَهُ والشيخ عَلَى حاله والكتاب فِي يده لا يتحرك، فإذا بآخر يدق الباب، فَقَالَ الشيخ: من هَذَا؟ قَالَ يحيى بْن معين.
قَالَ: فرأيت الشيخ ارتعدت يده وسقط الكتاب [5] منها [6] .
توفي يحيى بْن معين بالمدينة [7] فِي ذي القعدة من هَذِهِ السنة وَهُوَ ذاهب إِلَى الحج.
وروي أنه خرج من المدينة، فرأى فِي المنام قائلا يقول: أترغب عن جواري [8] ؟
فرجع، فأقام ثلاثا، ومَات وحمل [9] عَلَى سرير رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ [10] ، ونودي بين يديه: هَذَا الذي ينفي الكذب عن حديث رَسُول اللَّهِ صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ، ودفن بالبقيع، وَكَانَ قد بلغ ستا [11] وسبعين سنة إلا أياما [12] .
__________
[1] في ت، والأصل: «من بكى عليه» .
[2] «فأخذ الكتاب يملي علي» ساقط من ت.
[3] في ت: «على هذا» .
[4] في ت: «وإذا بآخر» .
[5] في ت: «وسقط الكتاب من يده» .
[6] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 181. وتهذيب التهذيب 11/ 284.
[7] «بن معين بالمدينة» ساقطة من ت.
[8] في ت: «عن أترجع» .
[9] في ت: «فمات فحمل» .
[10] «عَلَى سرير رَسُول اللَّهِ صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ» ساقطة من ت.
[11] في ت: «سبعا وسبعين» وكذا في ح.
[12] انظر: تاريخ بغداد 14/ 187.(11/204)
ورثاه بعض المحدثين فَقَالَ:
ذهب العليم بعيب كل محدث ... وبكل مختلف من الإسناد
/ وبكل وهم فِي الحديث ومشكل ... يعيى به علمَاء كل بلا [1]
89/ ب أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ بْن علي] [2] الخطيب قَالَ:
سمعت [3] الأزهري قَالَ: سمعت [4] مُحَمَّد بْن الحسن الصيرفي قَالَ حَدَّثَنَا أبو أحمد بْن المهتدي باللَّه قَالَ: حدثني الحسين بْن الخصيب قَالَ: حدثني حبيش بْن مبشر. قَالَ:
رأيت يحيى بْن معين فِي النوم فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: أدخلني عَلَيْهِ فِي داره، وزوجني ثلاثمَائة حورية، ثم قَالَ للملائكة: انظروا إِلَى عبدي كيف تطرى وحسن [5] ؟.
أَخْبَرَنَا أبو منصور [عَبْد الرَّحْمَنِ بن محمد] [6] القزاز، أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، أخبرنا أَبُو منصور مُحَمَّد بْن عيسى بْن عبد العزيز [7] حَدَّثَنَا صالح بْن أحمد الحافظ قَالَ: سمعت أبا عبد اللَّه محمد بْن عبد الله [8] يقول: سمعت أبي يقول: خلف يحيى من الكتب مَائة قمطر، وأربعة عشر قمطرا، وأربعة حباب شرابية مملوءة [كتبا] [9] .
1368-[أم عيسى بنت موسى الهادي. زوجة المأمون. ماتت في هذه السنة] [10] .
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 186. وتهذيب التهذيب 6/ 141.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي الأصل: «حدثنا الخطيب» .
[3] في ت: «أخبرني» .
[4] في ت: «حدثنا» .
[5] انظر الخبر في: تاريخ بغداد، 14/ 187.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في ت: «بن عبد الله بن الضرير» .
[8] في ت: «بن أحمد» .
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
انظر الخبر في: تهذيب التهذيب 11/ 282.
[10] هذه الترجمة ساقطة من الأصل ت، وح.(11/205)
ثُمّ دخلت سنة أربع وثلاثين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
[مرض المتوكل]
أن المتوكل مرض في هذه السنة، فأرجف عَلَيْهِ، فقيل لابن البعيث [1] : إنه قد توفي، فهرب إِلَى [2] قلعة لَهُ حصينة.
وقيل: بل كَانَ فِي الحبس، فأفلت إِلَى تلك [3] القلعة، وأتاه من يريد الفتنة، فاجتمع إليه جمَاعات [4] كثيرة، وبعث إليه المتوكل جيشا بعد جيش، فلم يقدروا عَلَيْهِ، حَتَّى كتب بالأمَان [5] لأصحابه، فنزل كثير منهم، وخرج هُوَ مستخفيا، فأسر وجيء به فحبس [6] .
[إظهار المتوكل السنة ونشر الحديث]
[وفي هذه السنة: أظهر المتوكل السنة ونشر الحديث] [7] .
أَخْبَرَنَا [أَبُو مَنْصُورٍ] [8] الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا [أَبُو بَكْرٍ بن ثابت] [9] الخطيب قال:
90/ أأخبرني الأزهري، أخبرنا أحمد بن إبراهيم/، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ قَالَ:
__________
[1] في الأصل: «ابن الأشعث» .
[2] في ت: «فهرب بعض الأمراء إلى ... » .
[3] في ت: «إلى بلد» .
[4] في ت: «فاجتمع معه جماعة» .
[5] في الأصل: «حتى كتب بالإمارة» .
[6] «فحبس» ساقطة من ت.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/206)
سنة أربع وثلاثين ومَائتين، فيها: أشخص المتوكل الفقهاء والمحدثين، وكان فيهم مصعب الزبيري [1] ، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وإبراهيم بن عبد الله الهروي، وعبد الله وعثمان ابنا محمد بن [2] أبي شيبة وكانا من حفاظ الناس، فقسمت بينهم الجوائز، وأجريت عليهم الأرزاق، وأمرهم المتوكل أن يجلسوا للناس، وأن يحدثوا بالأحاديث التي فيها الرد عَلَى المعتزلة والجهمية وأن يحدثوا بالأحاديث فِي الرؤية، فجلس عثمَان بْن أبي شيبة فِي مدينة المنصور، ووضع لَهُ منبر، فاجتمع عَلَيْهِ نحو من ثلاثين ألفا. وجلس أبو بكر بْن أبي شيبة فِي مجلس الرصافة، فاجتمع عَلَيْهِ نحو من ثلاثين ألفا [3] .
أخبرنا [عبد الرحمن بن محمد] [4] القزاز أخبرنا [أحمد بْن علي بْن ثابت] [5] الخطيب قَالَ: قرأت في كتاب عمر بن محمد بن الحسن البصري [6] ، عن [محمد بْن يحيى] [7] الصولي. قَالَ: فِي سنة أربع وثلاثين ومَائتين، نهى المتوكل عن الكلام فِي القرآن، وأشخص الفقهاء والمحدثين إِلَى سامراء، منهم: مُحَمَّد بْن عبد الملك بْن أبي الشوارب، وابنا أبي شيبة، ومصعب الزبيري، وأمرهم أن يحدثوا ووصلهم.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ مُحَمَّدٍ] [8] ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي قَالَ: حدثني الحسن بْن محمد الخلال، حَدَّثَنَا عبد الواحد بْن علي قَالَ: قَالَ أبو صالح عَبْد الرَّحْمَنِ بْن سعيد الأصبهاني قَالَ أبو إِسْمَاعِيل محمد بْن إسمَاعيل: سمعت محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب يقول: استأذنت المتوكل أن أرجع إِلَى البصرة، ولوددت أني لم أكن أستأذنه كنت أكون فِي جواره. [قلت: وكيف؟] [9] قَالَ: اشهد عَلَى
__________
[1] في ت: «الزبيدي» .
[2] «محمد بن» ساقطة من ت.
[3] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 10/ 67.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في الأصل: «الحسن البصير» وفي ت: «الحسين البصري» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/207)
أني جعلت دعائي فِي المشاهد كلها للمتوكل، وذلك أن صاحبنا [1] عمر بْن عبد العزيز جاء اللَّه به فرد المظالم، وجاء الله بالمتوكل فرد الدين [2] .
[عزل عبيد الله بْن أحمد عن القضاء]
90/ ب وفي هذه السنة: عزل عبيد الله/ بْن أحمد عن القضاء وولي الوابصي.
أَخْبَرَنَا عَبْد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا علي بن المحسن، أَخْبَرَنَا طلحة بْن محمد بْن جعفر قَالَ: عزل المتوكل عبيد الله بْن أحمد بن غالب في سنة أربع وثلاثين واستقضى عبد السلام بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن صخر [3] ، ويعرف بالوابصي، وذلك أَنَّهُ من ولد وابصة بْن معبد، وَكَانَ قبل ذلك عَلَى قضاء الرقة، وَكَانَ أهل بغداد قد ضجوا من أصحاب ابن أبي دؤاد وقالوا: لا يلي علينا إلا من نرضى به، فكتب المتوكل العهد مطلقا ليس عَلَيْهِ اسم أحد، وأنفذه من سامراء مَعَ يعقوب قوصرة أحد الحجاب الكبار، وقال: احضر عبد السلام والشيوخ، واقرأ العهد، فإذا رضوا به قاضيا وقع [4] عَلَى العهد اسمه، فقدم ففعل ذَلِكَ، فَقَالَ الناس: مَا نريد إلا [5] الوابصي، فوقع عَلَى الكتاب اسمه، وحكم فِي وقته بالرصافة [6] .
وفي هذه السنة: حج إيتاخ، وَكَانَ هُوَ والي مكة والمدينة والموسم، ودعي لَهُ عَلَى المنبر [7] .
وَكَانَ إيتاخ طباخا لرجل، فاشتراه منه المعتصم، فرفعه ومن بعده الواثق، حَتَّى ضم إليه أعمَالا من أعمَال السلطان.
وَكَانَ من أراد المعتصم أو الواثق قتله سلمة إلى إيتاخ [8] ، فلما ولي [9] المتوكل
__________
[1] «صاحبنا» ساقطة من ت.
[2] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 2/ 344.
والعبارة في ت كذلك: «جار الله له برد المظالم، وجار الله بالمتوكل برد الدين» .
[3] في ت: «بن محمد» .
[4] في ت: «فوقع» .
[5] في ت: «ما نرضى غير» .
[6] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 11/ 52.
[7] البداية والنهاية 10/ 312. وتاريخ اليعقوبي.
[8] «فرفعه ومن بعده الواثق حَتَّى ضم إليه أعمَالا من أعمَال السلطان. وَكَانَ من أراد المعتصم أو الواثق قتله سلمة إِلَى إيتاخ» ساقطة من ت..
[9] في ت: «وتولى» .(11/208)
كَانَ فِي تلك الرتبة [1] ، وإليه الجيش والأتراك والموالي والحجابة ودار الخلافة.
ثم س إليه المتوكل من يشير عَلَيْهِ بالاستئذان فِي الحج، ففعل فأذن لَهُ، وصيره أمير كل بلد يدخلها، فحين خرج صيرت الحجابة إِلَى وصيف، وذلك/ يوم السبت 91/ ألاثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة فلمَا رجع من الحج استصفى مَاله وحبس وضرب ومَات فِي الحبس. [وقيل: هَذِهِ القصة كانت في سنة ثلاث وثلاثين] [2] .
[ابتدئ ببناء الجامع بسامراء]
وفي هذه السنة: ابتدئ ببناء الجامع بسامراء.
[هبوب ريح شديدة وسموم لم يعهد بمثلها]
وفيها: هبت ريح شديدة وسموم لم يعهد بمثلها [3] ، فاتصل ذلك نيفا وخمسين يومَا، وشمل [4] ذلك البصرة والكوفة وبغداد وواسط وعبادان والأهواز، وقتلت المَارة والقوافل، ثم مضت إِلَى هَمَذَان، وركدت عَلَيْهَا عشرين يومَا، فأحرقت الزرع، ثم مضت إِلَى الموصل فخرجت عليهم من قرية سِنْجار، فأهلكت مَا مرت به، ثم ركدت بالموصل فمنعت الناس من الانتشار وعطلت الأسواق، وزلزلت هراة ومطرت مطرا شديدا، حَتَّى سقطت الدور، وَكَانَ ذلك من أول الليل إِلَى الصباح [5] .
[خلع المتوكل على إسحاق ابن إبراهيم]
وفيها: خلع المتوكل عَلَى إسحاق بْن إبراهيم وعقد لَهُ اللواء، فسار فِي موكب عظيم. قَالَ إِبْرَاهِيم بْن عرفة: فزعموا أنه مر فِي موكبه، فَقَالَ قائل: من هَذَا؟ فقالت امرأة هناك: هَذَا رَجُل سقط من عين الله فبلغ به مَا ترون! فسئل عنها، فقالوا: هي أخت بشر بْن الحارث [6] ، أو امْرَأَة من أهله.
وحج بالناس في هذه السنة مُحَمَّد بْن داود بْن عيسى [بْن موسى] [7] .
__________
[1] في ت: «المرتبة» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «لم يعهد بمثلها» ساقط من ت.
[4] في ت: «ومثل» .
[5] انظر: النجوم الزاهرة 2/ 275. وشذرات الذهب 2/ 80.
[6] في ت: «الحافي» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
انظر: تاريخ الطبري 9/ 167. والكامل 5/ 282 والبداية والنهاية 10/ 312.(11/209)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1369- أحمد بْن حرب بْن عبد الله بْن سهل بْن فيروز [1] ، أبو عبد الله الزاهد النيسابورىّ، وقيل: المروزي [2] .
91/ ب سمع سفيان بْن عيينة، وأبا عامر العقدي، وأبا داود الطيالسي في خلق كثير. / [و] [3] كان عالمَا ورعا متعبدا، والكرامية تنتحله، وورد بغداد أيام أحمد بْن حنبل، وحدث بِهَا.
قَالَ يحيى بْن معين: إن لم يكن أحمد بْن حرب من الأبدال فلا أدري من هم [4] .
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بَكْرِ [5] بْنُ ثَابِتٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمٍ الضَّبِّيُّ، أَخْبَرَنَا عبد الله بْن محمد الكعبي قال: أخبرنا إسماعيل بْن قتيبة قَالَ: دخلت عَلَى أحمد بْن حنبل وقد قدم أحمد بْن حرب من مكة، فَقَالَ لي أَحْمَد: من هَذَا الخراساني الذي قدم؟ قلت: من زهده كذا وكذا، ومن ورعه كذا وكذا [6] ، فَقَالَ: لا ينبغي لمن يدعي مَا يدعيه أن يدخل نفسه فِي الفتيا [7] .
أَخْبَرَنَا [8] زاهر بْن طاهر، أَخْبَرَنَا أحمد بن الحسين البيهقي، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال: حدثني أبو العباس عبيد الله [9] بْن أحمد الصوفي قَالَ:
حدثني أبو عَمْرو محمد بْن يحيى قَالَ: مر أحمد بْن حرب بصبيان يلعبون، فَقَالَ أحدهم: أمسكوا فإن هَذَا أَحْمَد بْن حرب الذي لا ينام الليل قَالَ: فقبض أحمد عَلَى لحيته، وقال: الصبيان يهابونك بأنك لا تنام وأنت تنام. قَالَ: فأحيا الليل بعد ذلك إِلَى أن توفي لم ينم الليل.
وبلغنا عن أحمد بْن حرب أنه قَالَ: المنازل أربعة، فثلاثه منها مجاز، والرابع
__________
[1] في الأصل: «بن مروان» .
[2] انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد 4/ 118.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] تاريخ بغداد 4/ 119.
[5] في ت: «أحمد بن ثابت» .
[6] «ومن ورعه كذا وكذا» ساقطة من ت.
[7] في ت: «في القضاء» .
انظر الخبر في: «تاريخ بغداد 4/ 219.
[8] في ت، ح: «أنبأنا» .
[9] في ت: «عبد الله» .(11/210)
الحقيقة [1] : عمرنا فِي الدنيا، ومكثنا فِي القبور، ومقامنا فِي الحشر، ومنصرفنا إِلَى الأبد [2] الَّذِي خلقنا لَهُ، فمثل عمرنا فِي الدنيا كالمتعشى للحاج لا يطمئنون ولا يحلون الأثقال عَنِ الدواب لسرعة الارتحال، ومكثنا فِي القبور مثل أحد المنازل [3] للحاج يضعون الأثقال ويستريحون/ يومَا وليلة ثم يرتحلون، ومثل مقامنا فِي الحشر كمقدمهم 92/ أمكة يوفون النذور [4] ويقضون النسك، ثم يتفرقون، وكذلك القيامة يفترق فيها الناس إِلَى الجنة أو السعير [5] .
أَخْبَرَنَا [6] زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن الحسين البيهقي [7] أخبرنا [8] أبو عبد الله الحاكم قَالَ: سمعت أبا العباس محمد بْن أحمد القاضي [9] يقول: سمعت أبا عبد الله مُحَمَّد بْن جعفر الزاهد يقول: سمعت زكريا بْن أبي دلويه يقول: رأيت أحمد بْن حرب بعد وفاته بشهر فِي المنام، فقلت: مَا فعل بك ربك؟ قَالَ: غفر لي وفوق المغفرة. قلت: ومَا فوق المغفرة؟ قال: أكرمني بأن يستجيب دعوات المسلمين إذا توسلوا بقبري.
توفي أحمد بْن حرب فِي رجب هَذِهِ السنة وَهُوَ ابْن ثمَان وخمسين سنة وأشهر.
1370- جعفر بْن مبشر [10] [بْن أحمد] [11] بْن محمد، أبو محمد الثقفي المتكلم [12] .
أحد المعتزلة البغداديين، لَهُ كتب مصنفة فِي الكلام، توفي في هذه السنة.
1371- زهير [13] بْن حرب بْن شداد، أبو خيثمة النسائي [14] .
ولد سنة ستين ومَائة.
وحدث عن سفيان بْن عيينة، وهشيم، وابن علية، وجرير بْن عبد الحميد، ويحيى بْن سعيد، وخلق كثير.
__________
[1] في ت: «حقيقة» .
[2] «الأبد» ساقطة من ت.
[3] في ت: «أحد منازل» .
[4] في ت: «نذورهم» .
[5] في ح: «إلى الجنة وإلى السعير» .
[6] في ت: «أنبأنا» .
[7] «البيهقي» ساقطة من ت.
[8] في ت: «أنبأنا» .
[9] في الأصل: «الفاهي» .
[10] في الأصل: «بن ميسر» .
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 162.
[13] في الأصل: «إبراهيم» .
[14] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 483.(11/211)
روى عنه: البخاري، ومسلم، وابن أبي الدنيا، وغيرهم.
وَكَانَ ثقة ثبتا حافظا متقنا. وتوفي فِي شعبان هَذِهِ السنة وَهُوَ ابْن أربع وسبعين سنة، وقد قِيلَ: إنه توفي سنة اثنتين وثلاثين [1] وَهُوَ غلط.
1372- سليمَان بْن داود، أبو الربيع الزهراني العتكي [2] .
سمع مَالك بْن أنس، وحماد بن زيد.
92/ ب روى عنه أحمد بن حنبل، وابن المديني/ والبغوي [3] ، وَكَانَ ثقة.
توفي في رمضان هذه السنة بالبصرة.
1373- سليمان بن داود بن بشر بن زياد [4] ، أبو أيوب المنقري البصري، المعروف بالشاذكوني [5] .
حدث عن حمَاد بْن زيد وغيره.
وَكَانَ حافظا مكثرا، قدم بغداد، فجالس الحفاظ وذاكرهم، ثم خرج إِلَى أصبهان فسكنها.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ [بْنِ ثَابِتٍ قَالَ:] [6] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن عمرو بن روح، أَخْبَرَنَا طلحة بْن أحمد بْن الحسن الصوفي [7] ، أَخْبَرَنَا أبو الحسن محمد بْن أحمد بْن أبي مهزول قَالَ: سمعت محمد بْن حفص يقول: سمعت عمرو الناقد يقول: مَا كَانَ فِي أصحابنا أحفظ للأبواب من أحمد بن حنبل، ولا أسرد
__________
[1] في ت: «وستين» .
[2] في ح: «سالم بن داود» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 39.
[3] في ت: «العقدي» .
[4] في الأصل: «سليمان بن بشر بن داود» .
وفي ت: «محمد بن داود بن بشر» .
[5] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 40، والجرح والتعديل 4/ 114.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في ت: «بن الحسين الصوفي» .(11/212)
للحديث من ابْن الشاذكوني، ولا أعلم بالإسناد من يحيى مَا قدر أحد أن يقلب عليه إسنادا قط [1] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد [2] قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بْن علي، أَخْبَرَنَا ابْن رزق، أخبرنا عثمان بن أحمد، حَدَّثَنَا حنبل بْن إسحاق قَالَ: سمعت أبا عبد الله يقول: كَانَ أعلمنا بالرجال يحيى بْن معين، وأحفظنا للأبواب سليمَان الشاذكوني، وَكَانَ أحفظنا للطوال علي [3] .
قَالَ المصنف: قد طعن فِي الشاذكوني [رحمه الله] [4] جمَاعة من العلمَاء ونسبوه إِلَى الكذب، وقلة الدين، فذهبت [5] بتخليطه بركات علمه.
فَقَالَ أحمد بْن حنبل: قد جالس الشاذكوني حمَاد بْن زيد، وبشر بْن المفضل [6] ، ويزيد بْن زريع فَمَا نفعه الله بواحد منهم.
وقال يحيى: كَانَ الشاذكوني يكذب ويضع الحديث وقد جربت [7] عَلَيْهِ الكذب.
وقال البخاري: هُوَ عندي أضعف من كل ضعيف، وقال النسائي: ليس بثقة [8] .
وَكَانَ عبدان الأهوازي يقول: لا يتهم [9] شاذكوني بالكذب، وإنمَا كتبه كانت قد ذهبت، / فكان [10] يحدّث فيغلط. 93/ أ
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 9/ 41.
[2] «بن محمد» ساقطة من ت.
[3] «علي» ساقطة من ت.
وفي ح: «وكان علي أحفظنا للطوال» وكذلك في تاريخ بغداد.
انظر الخبر في: تاريخ بغداد 9/ 41.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ت: «ونسبوه إلى الكذب الّذي يذهب ... » .
[6] في الأصل: «وبشر بن الفضل» .
[7] في ت: «وقد جرب» .
[8] انظر: تاريخ بغداد 9/ 47.
[9] في الأصل: «لا نتهم» .
[10] في الأصل: «وكان» .(11/213)
توفي الشاذكوني فِي جمَادى الآخرة من هَذِهِ السنة بأصبهان [1] .
أنبأنا إسمَاعيل بْن أحمد قَالَ: سمعت أبا القاسم يوسف بْن الحسن الزنجاني [2] يقول: سمعت أبا نعيم أحمد بْن عبد الله الحافظ يقول: سمعت أبا الحسين بْن قانع [3] يقول: سمعت إسمَاعيل بْن طاهر البلخي يقول: رأيت سليمَان الشاذكوني فِي النوم، فقلت: مَا فعل الله بك يَا أبا أَيُّوب؟ فَقَالَ: غفر [الله] [4] لي. قلت: بمَاذا؟ قَالَ: كنت فِي طريق أصبهان [أمر إليها] [4] فأخذتني مطرة، وكانت [5] معي كتب، ولم أكن تحت سقف ولا شيء، فانكببت عَلَى كتبي حَتَّى أصبحت [6] وهدأ المطر، فغفر لي الله بذلك [7] .
1374- علي بْن بحر بْن بري، أبو الحسن القطان [8] . فارسي الأصل.
سمع هشام بْن يوسف، وجرير بْن عبد الحميد.
روى عنه أحمد بن حنبل، وقال: هُوَ ثقة. توفي بالبصرة في هذه السنة.
ودون هَذَا رجل يقال لَهُ: علي بْن بري، وليس فيه: «بحر» .
حدث ببغداد أيضا عن سلمة بْن شبيب، وروى عنه: أبو بكر الشافعي.
1375- علي بْن عبد الله بْن جعفر بْن يحيى بْن بكر بْن سعد، أبو الحسن السعدي مولاهم، ويعرف بابن المديني [9] .
بصري المولد [10] ، كوفي المنشأ [11] ، ولد سنة إحدى وستين ومَائة.
وسمع حمَاد بْن زيد، وهشام بْن بشير، وسفيان بْن عيينة، وخلقا كثيرا.
وَكَانَ المقدم عَلَى حفاظ وقته، وَكَانَ سفيان بْن عيينة يقول: والله إني أتعلم من
__________
[1] «بأصبهان» ساقطة من ت.
[2] في الأصل: «ابن الحسين الزنجاني» .
[3] في الأصل: «أبا الحسين بن نافع» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من ت، ح.
[5] في ت: «وكان» .
[6] في ت: «أصبحنا» .
[7] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 9/ 48.
[8] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 11/ 353.
[9] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 11/ 458.
[10] في ت، ح: «بصري الدار» .
[11] كوفي المنشأ» ساقطة من ت.(11/214)
ابْن المديني أكثر ممَا [1] يتعلم مني، ولولاه مَا جلست وكذلك كَانَ يحيى [2] بْن سعيد يقول: الناس يلوموني [3] فِي قعودي مَعَ علي، وأنا أتعلم من علي أكثر ممَا يتعلم مني/.
وَكَانَ أحمد بْن حنبل لا يسميه، وإنمَا يكنيه تبجيلا لَهُ، وقال البخاري: مَا 93/ ب استصغرت نفسي عِنْد أحد إلا عند علي بْن المديني [4] .
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أَخْبَرَنَا أبو سعيد المَاليني قَالَ: أَخْبَرَنَا عبد الله بْن عدي قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بْن أحمد القرميسيني [5] قَالَ:
سمعت مُحَمَّد بْن يزداد [6] يقول: سمعت أحمد [7] بْن يوسف البحيري يقول: سمعت الأعين يقول: رأيت علي بْن المَدِينيّ مستلقيا، وأحمد بْن حنبل عن يمينه، ويحيى بْن معين عن يساره، وَهُوَ يملي عليهمَا [8] .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت قال:] [9] أخبرنا البرقاني قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بكر الإسمَاعيلي قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن سيار قَالَ: سمعت عباسًا العنبري يقول: كَانَ [10] علي بْن المَدِينيّ بلغ مَا لو قضي [11] لَهُ أن يتم على ذلك، لعله كان يقدم عَلَى الحسن البصري، كَانَ الناس يكتبون قيامه وقعوده، ولباسه، وكل شيء يقول ويفعل، أَوْ نحو هَذَا [12] .
قَالَ المصنف: والذي منع ابْن المديني من [13] التمَام إجابته فِي خلق القرآن وميله إِلَى ابْن أَبِي دؤاد لأجل حطام الدنيا، فلم يكفه أن أجاب فكان يعتذر للتقية [14] ، وصار يتردد إِلَى ابْن أَبِي دؤاد ويظهر لَهُ الموافقة.
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بَكْرٍ [أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ] [15] بْنِ ثَابِتٍ قَالَ:
__________
[1] في ت: «بما» .
[2] في ت: «قال يحيى» .
[3] في ت: «يلوموني الناس» .
[4] انظر: تاريخ بغداد 11/ 459.
[5] في الأصل: «القرمسي» .
[6] في الأصل: «ابن داود» .
[7] في ت: «سمعت محمد بن يوسف» .
[8] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 11/ 463.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في ت: «لو كان» .
[11] في ت: «بلغ ما يرتضي له» .
[12] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 11/ 462.
[13] في ت: «والّذي منعه من» .
[14] في ح: «بالتقية حتى صار» .
[15] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/215)
أخبرنا الحسين بن علي الصيمري [1] قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عمران المرزباني قَالَ:
أخبرنا محمد بْن يحيى قَالَ: أَخْبَرَنَا الحسين بْن فهم قَالَ: حَدَّثَنَا أبي قَالَ: قَالَ ابْن أبي دؤاد للمعتصم: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، هَذَا يزعم- يعني أحمد بْن حنبل [2]- أن الله تعالى يرى فِي الآخرة، والعين لا تقع إلا عَلَى محدود، والله لا يحد. فَقَالَ المعتصم: مَا عندك فِي هَذَا؟ فَقَالَ: يَا أمير الْمُؤْمِنِين، عندي مَا قاله رَسُول اللَّهِ صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ. قَالَ: ومَا قَالَ عَلَيْهِ السلام؟ قَالَ: حدثنا محمد بن جعفر غُنْدُرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خالد 94/ أعن قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ/ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنَ الشَّهْرِ [3] ، فَنَظَرَ إِلَى الْبَدْرِ، فَقَالَ: «أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ [4] رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْبَدْرَ، لا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ» [5] . فَقَالَ لأَحْمَدَ بْنِ أَبِي دُؤَادٍ: مَا عِنْدَكَ فِي هَذَا؟ قَالَ:
أَنْظُرُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ. وَكَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ، [ثُمَّ انْصَرَفَ] [6] ، فوجه ابْن أبي دؤاد إِلَى علي بْن المديني، وَهُوَ مملق لا يقدر على درهم، فأحضره فما كلمه بشيء حَتَّى وصله بعشرة آلاف درهم، وقال لَهُ: هَذِهِ وصلك بِهَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، وأمر أن يدفع إِلَيْهِ جميع مَا استحق من أرزاقه، وَكَانَ لَهُ رزق سنتين، ثم قَالَ: يَا أبا الحسن حديث جرير بْن عَبْد الله فِي الرؤية مَا هُوَ؟ قَالَ: صحيح، قَالَ: فهل عندك فيه شيء؟ قَالَ:
يعفيني القاضي من هَذَا. فَقَالَ: يَا أبا الحسن هُوَ حاجة الدهر ثم أمر لَهُ بثياب وطيب ومركب بسرجه ولجامه ولم يزل بِهِ [7] حَتَّى قَالَ لَهُ: فِي هَذَا الإسناد من لا يعتمد عَلَيْهِ ولا عَلَى مَا يرويه، وَهُوَ قيس بْن أبي حَازِم، إنمَا كَانَ أعرابيا بوالا عَلَى قدميه [8] . فقام ابْن أبي دؤاد إِلَى ابْن المديني فاعتنقه، فلمَا كَانَ من الغد، وحضروا [9] قَالَ ابْن أبي دؤاد: يَا أمير
__________
[1] في ت: «الصوري» .
[2] في ت: «يعني أمير المؤمنين أحمد بن حنبل» .
[3] في ت: «لأربع عشرة فنظر» .
[4] في ت: «لترون» .
[5] الحديث أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 145. ومسلم في صحيحه 1/ 439. انظر: اللؤلؤ والمرجان 1/ 46.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] «به» ساقطة من ت.
[8] في الأصل: «على قدميه» .
[9] في ت: «وحضر» .(11/216)
الْمُؤْمِنِين، هَذَا [1] يحتج فِي الرؤية [2] بحديث جرير، وإنمَا رواه عنه قيس بْن أبي حازم [3] وهو أعرابي بوال عَلَى عقبيه.
قَالَ أحمد بعد ذلك: فعلمت أنه من عمل ابْن المديني [4] .
قَالَ المصنف [5] : وهذا إن صح عن علي [بْن المديني] [6] فإنه إقدام عظيم عَلَى الشرع، فإن قيسا روى عَنْ تسعة من العشرة فإنه لم يرو عن عَبْد الرَّحْمَنِ وَهُوَ من العلمَاء الثقات الذين لم يطعن فيهم، خرج عنه البخاري، ومسلم فِي الصحيحين [7] .
وكذلك روى لهم ابْن المديني فِي حديث عمر «وكلوه إِلَى خالقه» وَكَانَ قد أخطأ فِي هَذَا الحديث الوليد بْن مسلم/، وإنمَا هُوَ «وكلوه إِلَى عالمه» فقال أحمد بن حنبل: 94/ ب علي يعلم أن الْوَلِيد أخطأ فلم روى لهم الخطأ حَتَّى يحتجون به؟! [8] وَكَانَ علي إذا جاء حديث عن أحمد بْن حنبل يقول: اضرب عن هَذَا ليرضى ابْن أبي دؤاد، وكان قد سمع من أحمد [9] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قَالَ: أَخْبَرَنَا البرقاني قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بن محمد [10] الأدمي قال: حدثنا محمد بن علي الأيادي قال: حدثنا زكريا بن يحيى الساجي قَالَ: قدم علي بْن المديني البصرة [11] ، فصار إليه بندار، فجعل يقول: قَالَ أبو عبد الله، فقال له بندار- على رءوس
__________
[1] «هذا» ساقطة من ت.
[2] في الأصل: «الرواية» .
[3] «بن أبي حازم» ساقطة من ت.
[4] في ت: «قال المؤلف» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] انظر: تاريخ بغداد 11/ 467.
[7] انظر كلام المصنف في «مناقب الإمام أحمد» ص 476. وانظر: تاريخ بغداد 11/ 468.
[8] في ح: «على ذا» .
[9] انظر تاريخ بغداد 11/ 470.
[10] في ت: «محمد بن محمد بن أحمد» .
[11] «البصرة» ساقطة من ت.(11/217)
الملأ- من أبو عبد الله أحمد بْن حنبل؟ [قَالَ: لا،] [1] أبو عبد الله أحمد بْن أبي دؤاد.
قَالَ بندار: عند الله احتسب خطئي، شبه علي هَذَا، وغضب وقام [2] .
أخبرنا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا [أبو بكر] [3] بْن ثَابِت قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلي بْن أَحْمَدَ الرَّزَّازُ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إبراهيم [4] الشافعي قَالَ: كَانَ عند إبراهيم الحربي قمطر من حديث علي بْن المديني، ومَا كَانَ يحدث به، فقيل لَهُ: لم لا تحدث عنه؟ قَالَ: لقيته يومَا وبيده نعله وثيابه فِي فمه، فقلت: إِلَى أين؟ قَالَ: ألحق الصلاة خلف أبي عبد اللَّه، فظننت أنه يعني أحمد بْن حنبل فقلت: من أبو عبد الله؟
قَالَ: أبو عبد الله بْن أبي دؤاد، فقلت: والله لا حدثت عنك بحرف [5] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ [6] بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي قَالَ: أَخْبَرَنَا الحسين بْن علي الصيمري وأحمد بْن علي التوزي قالا: حَدَّثَنَا محمد بْن عمران بْن موسى قَالَ: حَدَّثَنَا أبو بكر الجرجاني قَالَ: حَدَّثَنَا أبو العيناء قَالَ: دخل علي بن المديني 95/ أعلي أحمد بْن أبي دؤاد بعد أن جرى من محنة أحمد بْن حنبل مَا جرى، فناوله/ رقعة وقال: هَذِهِ طرحت فِي داري، [فقرأها] فإذا فيها:
يَا ابْن المديني الذي شرعت لَهُ ... دنيا فجاد بدينه لينالها
مَاذا دعاك إِلَى اعتقاد مقالة ... قد كَانَ عندك كافر من قالها
أمر بدا لك رشده فقبلته ... أم زهرة الدنيا أردت نوالها
فلقد عهدتك لا أبا لك مرة ... صعب المقالة للتي تدعى لها
إن الحريب لمن [7] يصاب بدينه ... لا من يرزئ ناقة وفصالها
__________
[1] في الأصل: «ليس أبو عبد الله» وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ت.
[2] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 11/ 470.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «محمد بن إبراهيم بن عبد الله» .
[5] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 11/ 470.
[6] في الأصل: «قال عبد الرحمن» .
[7] في ت: «إن المزار من يصاب» .(11/218)
فَقَالَ لَهُ أحمد: قد هجا خيار الناس، وقد قمت وقمنا [1] من حق الله تعالى بمَا يصغر لَهُ [2] قدر الدُّنْيَا عند كثير ثوابه، ثم دعا لَهُ بخمسة آلاف درهم، وقال: اصرف هَذِهِ فِي نفقاتك [3] .
قَالَ المصنف: وقد روى جمَاعة عن علي بْن المديني أنه قَالَ: إنمَا أجبت تقية، وخفت السيف، وَقَدْ حبست فِي بيت مظلم ثمَانية أشهر، وفي رجلي قيد [فيه] [4] ثمَانية أمنان حَتَّى خفت عَلَى بصري.
توفي ابْن المديني بسامراء في ذي القعدة من هذه السنة، وقيل: فِي سنة خمس وثلاثين، ولا يَصِّح.
1376- يحيى بْن أيوب، أبو زكريا العابد، المعروف بالمقابري [5] .
ولد سنة سبعة وخمسين ومَائة. سمع شريكا، وإسمَاعيل بْن جعفر، وابن علية وغيرهم.
روى عنه: / أحمد بْن حنبل، ومسلم بْن الحجاج، والبغوي، وكان ثقة ورعا من 95/ ب خيار عباد الله.
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ [6] بْن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أَخْبَرَنَا الحسن [7] بْن أَبِي طالب قَالَ: حَدَّثَنَا عمر بْن أحمد الواعظ قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن مخلد قال: حدثنا العباس بن محمد بن عبد الرحمن الأشهلي قال: حدثني أبي قَالَ: مررت بالمقابر فسمعت همهمة، فاتبعت الأثر، فإذا يحيى بْن أيوب فِي حفرة من تلك الحفر، وإذا هُوَ يدعو ويبكي ويقول: يَا قرة عين المطيعين! ويا قرة عين العاصين! ولم لا تكون
__________
[1] «وقمنا» ساقطة من ت.
[2] «له» ساقطة من ت.
[3] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 11/ 469- 470.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 14/ 188.
[6] في الأصل: «أخبرنا أحمد بن محمد» .
[7] في ت: «الحسين» .(11/219)
قُرَّةَ عين المطيعين وأنت مننت عليهم بالطاعة، ولم لا تكون قرة عين العاصين وأنت سترت عليهم الذنوب. قَالَ: ويعاود البكاء، قَالَ: فغلبني البكاء، ففطن بي، فَقَالَ لي:
تعال لعل الله تَعَالَى إنمَا بعث بك الخير [1] .
توفي يحيى فِي ربيع الأول من هَذِهِ السنة.
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 188- 189.(11/220)
ثُمّ دخلت سنة خمس وثلاثين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
قتل إيتاخ. وقد ذكرنا أنه استأذن فِي الحج فأذن لَهُ، ولمَا رجع من الحج إِلَى العراق، وجه إِلَيْهِ المتوكل سعيد بْن صالح الحاجب [1] بكسوة وألطاف، وأمره أن يتلقاه ببعض الطريق، وقد تقدم المتوكل إِلَى عامله عَلَى الشرطة ببغداد إسحاق بْن إبراهيم بأمره فيه [2] .
فلمَا خرج إسحاق وقرب إيتاخ من بغداد، أراد أن يأخذ طريق الفرات إِلَى الأنبار، ثم يَخْرُج إِلَى سامراء، فكتب إليه إسحاق: إن أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، قد أمر أن تدخل بغداد، وأن يتلقاك بنو هاشم ووجوه الناس، وأن تعقد لهم فِي دار خزيمة/ بن خازم، فتأمر لهم 96/ أبجوائز [3] .
وشحن إسحاق الجسر بالجند والشاكرية، وخرج فِي خاصته، فاستقبله [4] ، فلمَا نظر إليه أهوى إِسْحَاق لينزل، فحلف عَلَيْهِ إيتاخ أن لا يفعل.
وَكَانَ إيتاخ فِي ثلاثمَائة من أصحابه وغلمَانه، فسارا جميعا حَتَّى إذا صار عند الجسر تقدمه إسحاق، فعبر حَتَّى وقف عَلَى باب خزيمة بن خازم، وقال لإيتاخ يدخل [5] .
__________
[1] «والحاجب» ساقطة من ت.
[2] انظر: تاريخ الطبري 9/ 168.
[3] تاريخ الطبري 9/ 168.
[4] «فاستقبله» ساقطة من ت.
[5] انظر: تاريخ الطبري 9/ 168.(11/221)
وَكَانَ الموكلون بالجسر كلمَا مر بهم غلام من غلمَان إيتاخ [1] قدموه، حَتَّى بقي فِي خاصة غلمَانه [2] ، فدخل، وقد فرشت لَهُ دار خزيمة، وتأخر إسحاق، وأمر أن لا يدخل الدار من غلمَانه إِلَّا ثلاثة أو أربعة، وأخذت عَلَيْهِ الأبواب وأمر بحراسته من ناحية الشط، وقطعت [3] كل درجة فِي قصر خزيمة، فحين دخل أغلق الباب [خلفه] [4] ، فنظر فدخل، فإذا ليس معه إلا ثلاثة غلمَان، فَقَالَ: قد فعلوها [5] .
فمكث يومين أو ثلاثة، ثم ركب إسحاق حراقة وأعد لإيتاخ أخرى، ثم أرسل إليه أن يصير إلى الحراقة، وأمر بأخذ سيفه، وصاعدا إِلَى دار إسحاق، فأدخل ناحية منها، ثم قيد فصير فِي عنقه ثمَانين رطلا، فمَات ليلة الأربعاء لخمس خلون من جمَادى الآخرة، وأشهد إسحاق عَلَى موته أبا الحسن [6] محمد بْن ثابت صاحب البريد ببغداد والقضاة، وأراهم إياه لا ضرب به وَلَا أثر، فقيل إن هلاكه كَانَ بالعطش، وحبس ابناه معه، فبقيا إِلَى أن ولي المنتصر فأخرجهما [7] .
[قدوم بغا]
وفي هذه السنة: قدم [بغا] [8] بابن البعيث، فأمر المتوكل بقتله ثم عفا عنه [9] .
[أمر المتوكل بأخذ أهل الذمة]
وفيها: أمر المتوكل بأخذ أهل الذمة بلبس الطيالس [10] العسلية والزنانير، وركوب السروج بركب الخشب، وأن يلبسوا العسلي [11] نساءهم، وأمر بهدم بيعهم [12] 96/ ب المحدثة، ونهى أن يستعان بهم فِي الدواوين وأعمال/ السلطان التي يجري أحكامهم
__________
[1] في ت: «من غلمانه» .
[2] «قدموه حتى بقي خاصة غلمانه» ساقطة من ت.
[3] في ت: «وكسر» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] انظر: تاريخ الطبري 9/ 169.
[6] في ت: «أبا الحسين» .
[7] انظر: تاريخ الطبري 9/ 170.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ت، ح. وأضفناه من الطبري.
[9] انظر: تاريخ الطبري 9/ 170.
[10] في ت: «الطيالسة» .
[11] في ت: «العسلية» .
[12] في الأصل: «بيوتهم» .
وفي ت: «صعهم» .(11/222)
فيها عَلَى المسلمين، ونهى أن يتعلم أولادهم فِي كتاتيب المسلمين [ولا يعلمهم مسلم] [1] ، ونهى أن يظهروا فِي شعانينهم صلبانا، وأن يشعلوا فِي طريق، وكتب إِلَى عمَاله أن تأخذهم بذلك في شوال [2] .
[احتراق سجن باب الشام]
وفي هَذَا الشهر [3] : احترق سجن باب الشام، واحترق فيه مَائة وثلاثون رجلا، وذلك عند رواح الناس إلى الجمعة.
[ظهور رجل بسامراء]
وفي هذه السنة: ظهر رجل بسامراء [4] يقال لَهُ: محمود بْن الفرج، فزعم [5] أنه ذو القرنين، ومعه سبعة عشر رجلا من [عند] [6] خشبة بابك، وخرج من أصحابه بباب العامة رجلان، وببغداد فِي مسجد مدينتها آخران [7] ، وزعم أنه نبي، فأتي به وبأصحابه المتوكل [8] ، فأمر بضربه بالسياط، فضرب [9] ضربا شديدا، وحبس أصحابه وكانوا قدموا من نيسابور، ومعهم شيء يقرءونه، ومعهم عيالاتهم، وفيهم [10] شيخ يشهد لَهُ بالنبوة، ويزعم أنه يوحى إليه، وأن جبريل يأتيه بالوحي، فضرب محمود مَائة سوط، فلم ينكر نبوته حين ضرب، وضرب الشيخ الذي كَانَ يشهد لَهُ بالنبوة أربعين سوطا، فأنكر نبوته حين ضرب. وحمل محمود إِلَى باب العامة، فأكذب نفسه، وقال الشيخ: قد اختدعني هَذَا، وأمر أصحابه أن يصفعوه فصفعه كل واحد عشر صفعات، وأخذ لَهُ مصحف فيه كلام قد جمعه ذكر أنه قرآنه، وأن جبريل كَانَ يأتيه به [11] ، ثم مات
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
و «مسلم» ساقطة من ت، و «ولا يعلمهم» ساقطة من ح.
[2] انظر: تاريخ الطبري 9/ 171- 172. والبداية والنهاية 10/ 313.
[3] في ت: «وفيها» .
[4] في الأصل: «بنيسابور» والتصحيح من ح، والطبري، وابن كثير، والكامل.
[5] في ت: «فذكر» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في ت: «إخوان» .
[8] «فأتي به وبأصحابه المتوكل» ساقطة من ت.
[9] «فضرب» ساقطة من ت.
[10] في ت: «ومعهم» .
[11] «به» ساقطة من ت.(11/223)
يوم الأربعاء لثلاث خلون من ذي الحجة [ودفن] [1] فِي الجزيرة [2] .
وقام رجلان ببغداد فِي ذي القعدة والإمَام فِي الصلاة، فصاحا وأفسدا عَلَى الناس صلاتهم، حَتَّى قرأ الإمَام فِي الركعة الثانية: قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ 112: 1 وذكرا أنهما نبيان وكان 97/ أهذا في مسجد غربي بغداد، وقام/ آخران بسامراء [فِي هذا اليوم] [3] ففعلا ذلك.
[عقد المتوكل البيعة لبنيه الثلاثة]
وفي هذه السنة [4] : عقد المتوكل البيعة لبنيه الثلاثة: لمحمد المنتصر، ولأبي عبد الله الزبير وقيل: اسمه محمد ولقبه: المعتز باللَّه، ولإبراهيم وسمَاه: المؤيد باللَّه، وذلك يوم السبت لثلاث بقين من ذي الحجة، وقيل: لليلتين.
وعقد لكل منهم لواءين، فضم إِلَى المنتصر: إفريقية والمغرب كله وقنسرين، والعواصم، والثغور، وديار مضر، وديار ربيعة، والموصل، وهيت، وعانة، وتكريت، وكور دجلة، وطساسيج السواد، والحرمين، واليمن، وعك، وحضرموت، واليمَامة، والبحرين، والسند، ومكران، وقندابيل، وكور الأهواز، والمستغلات بسامراء فِي مواضع كثيرة.
وضم إِلَى المعتز: كور خراسان، ومَا يضاف إليها، وطبرستان والري، وكور فارس، وأرمينية، وأذربيجان، ودور الضرب، وأمر بضرب اسمه عَلَى الدراهم.
وضم إِلَى ابنه المؤيد: جند دمشق، وجند حمص، وجند الأردن، وجند فلسطين.
وكتب بذلك [5] كتابا عَلَى نفسه بولاية العهد لهم، ومَا سلم إليهم من الأعمال [6] .
[تغير ماء دجلة إلى الصفرة]
وفي ذي الحجة من هَذِهِ السنة: تغير مَاء دجلة إِلَى الصفرة، فبقي ثلاثة أيام، ففزع الناس لذلك، ثم صار فِي لون المورد [7] . حكاه أبو جعفر الطبري [8] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] انظر الخبر في: تاريخ الطبري 9/ 175. والكامل 6/ 284.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «وفيها» .
[5] «بذلك» ساقطة من ت.
[6] انظر: تاريخ الطبري 9/ 175- 176. والبداية والنهاية 10/ 314.
[7] في ت: «الورد» .
[8] انظر تاريخ الطبري 9/ 181- 182.(11/224)
وفيها: أتى المتوكل بيحيى بْن محمد بْن يحيى بْن زيد بْن علي بْن الحسين، وَكَانَ قد جمع قومَا، فحبس وضربه عمر بْن فرج [1] ثمَان عشرة مقرعة، وحبس ببغداد [2] .
وحج بالناس في هذه السنة مُحَمَّد بن داود [3] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1377- إسحاق بْن إبراهيم المصعبي [4] .
كَانَ يتولى الشرطة من أيام المأمون/ إِلَى أيام المتوكل، فتوفي في هذه السنة، 97/ ب وسنه ثمَان وخمسون سنة وثمَانية أشهر وأحد عشر يومَا.
وبلغنا أنه دخل يومَا عَلَى المتوكل وعنده الفتح بْن خاقان، وهمَا ينظران فِي أخلاط الكيمياء ويتراجعان القول فيه، فلم يخض معهمَا فِي ذلك، فَقَالَ لَهُ المتوكل: يا أبا إسحاق مالك لا تتكلم معنا فِي هَذَا الباب؟ فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ الكيمياء شيء لم يتعرض إِلَيْهِ الملوك قبلك، ولا نظر فيه آباؤك، ولكن أدلك عَلَى كيمياء هُوَ الحق الصحيح، قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: تسلفني خمسين ألف دينار [من بيت المَال] [5] أنفقها عَلَى مصالح السواد، ثم تنظر ما يرتفع لك من الزيادة فِي العمَارة، قَالَ: فأمر [6] أن يحمل لَهُ من بيت المَال [خمسون ألف دينار] [7] ، فحملت، فانصرف إسحاق إِلَى مدينة السلام، وكتب فِي إشخاص وجوه أهل السواد. فحضروا، فقلدهم النفقة عَلَى كري الأنهار [8] وحلف إن ضاع من المَال درهم قبض الذي يجري التضييع فِي ناحيته، ثم أحلفهم على
__________
[1] في الأصل: «عمر بن نوح» .
[2] انظر الخبر في: تاريخ الطبري 9/ 182. والبداية والنهاية 10/ 314.
[3] انظر: الطبري 9/ 182. والبداية والنهاية 10/ 314.
[4] انظر ترجمته في: تاريخ الطبري 9/ 181. والبداية والنهاية 10/ 314، ومروج الذهب 4/ 95.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ح.
[6] في ت: «فأمر له أن ... » .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في الأصل: «الأنهار» .(11/225)
استعمَال العدل، وزاد فِي الحمَاية [1] وفي المعونة، وأنفق عَلَى المصالح من الجملة تسعة عشر ألف دينار، فلمَا كَانَ آخر السنة عمل الحساب، فحصل من السواد ثلاثمَائة ألف كر، وأربعة آلاف كر، واثنا عشر ألف ألف درهم، فنظروا، وإذا به قد رد كل دينار اثنين وثلاثين دينارا، فحمل ذلك، ورد باقي الخمسين ألف، وكتب بذلك إِلَى المتوكل، وقال: هذا الكيمياء الّذي يجب عَلَى الخلفاء [2] النظر فيه.
1378- إسحاق بْن إبراهيم بْن ميمون، أبو محمد التميمي المعروف ولده بالموصلي [3] .
قيل إنه ولد سنة خمسين ومَائة، وكتب الحديث عن سفيان بْن عيينة، وهشيم، وأبي معاوية الضرير، وغيرهم.
98/ أوأخذ الأدب عن الأصمعي، وأبي عبيدة [4] ، وبرع فِي علم الغناء، / فغلب عَلَيْهِ، ونسب إليه، وَكَانَ مليح المحاضرة، حلو النادرة، جيد الشعر، مذكورا بالسخاء، معظمَا عند الخلفاء.
صنف كتاب «الأغاني» فرواه عنه ابنه حمَاد، ورواه عنه الزبير بْن بكار، وأبو العيناء وَغَيْرُهُمْ.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بَكْرٍ [أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ] [5] بْنِ ثَابِتٍ قَالَ:
أخبرني أحمد بْن محمد بْن يعقوب الكاتب قَالَ: حدثني جدي محمد بن عبيد الله [6] بن قفرجل قال: حدثنا مُحَمَّد بن يحيى قَالَ: حَدَّثَنَا أبو العيناء قَالَ: حَدَّثَنَا إسحاق بْن إبراهيم الموصلي، قَالَ: جئت أبا مُعَاوِيَة الضرير ومعي مَائة حديث أريد أن أقرأها عَلَيْهِ، فوجدت فِي دهليزه رجلا ضريرا، فَقَالَ لي: إنه قد جعل الإذن [لي] [7]
__________
[1] في ت: «الحمية» .
[2] «الخلفاء» ساقطة من ت.
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 175- 177. ووفيات الأعيان 1/ 42- 43. والأغاني 5/ 154- 156.
[4] في الأصل: «وأبي عميدة» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في الأصل: «محمد بن عبد الله» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ح.(11/226)
عَلَيْهِ اليوم إلي لينفعني، وأنت رجل جليل، فقلت لَهُ: معي مَائة حديث، وأنا أهب لك عنها [1] مَائة درهم. فَقَالَ: قد رضيت، ودخل فاستأذن لي فدخلت، وقرأت المَائة [2] ، فقال لي أبو معاوية: الّذي ضمنته لهذا يأخذه من أذناب الناس، وأنت من رؤسائهم، وَهُوَ ضعيف معتل، وأنا أحب منفعته [3] .
قلت [لَهُ] : [4] قد جعلتها [5] مَائة دينار. فَقَالَ: أحسن الله جزاءك، فدفعتها إليه فأغنيته.
توفي إسحاق ببغداد في هذه السنة، وَكَانَ يسأل الله تعالى أن لا يبتليه بالقولنج لما رأى من صعوبته عَلَى أبيه، لأن أباه مَات به، فأري فِي منامه قد أجيبت دعوتك، ولست تموت بالقولنج، بل بضده، فأخذه ذرب فِي رمضان هَذِهِ السنة فتوفي.
1379- إيتاخ الأمير.
وقد سبق ذكر هلاكه [6] .
1380- سليمَان بْن أيوب صاحب البصري [7] .
حدث عن حمَاد بْن زيد. روى عن البغوي. قَالَ يحيى: صدوق ثقة [8] حافظ.
توفي في هذه السنة. / 98/ ب
1381- سريج [9] بْن يونس بْن إبراهيم، أبو الحارث المروزي.
حدث عن سفيان [بْن عيينة] [10] ، وهشيم، وابن علية وغيرهم.
روى عنه: مسلم بْن الحجاج، والبغوي، وأبو زرعة وغيرهم. وَكَانَ ثقة صالحا له كرامات [11] ، وكان قد جعل عَلَى نفسه أن لا يشبع، ولا يغضب، ولا يسأل أحدا حاجة [12] .
__________
[1] «عنها» ساقطة من ت.
[2] «المائة» ساقطة من ت.
[3] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 6/ 338.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ت: «حملتها» .
[6] انظر أحداث سنة 235 هـ.
[7] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 48.
[8] «ثقة» ساقطة من ت.
[9] في الأصل: «شريح» وكذلك في كافة المواضع.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] «له كرامات» ساقطة من ت.
[12] في ت: «إجابة» .(11/227)
أخبرنا عبد الرحمن [بن محمد] [1] قال: أخبرنا أحمد بن [علي بن] [2] ثابت قال: أخبرنا أبو بكر مُحَمَّد بْن عبد الله [الهيتي] [3] قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو سعيد الحسين [4] بْن عبد الله بْن روح قَالَ: حدثني هَارُون بْن رضا قَالَ: سمعت أحمد بْن محمد بْن عبد العزيز بْن الجعد يقول: حدثني بقال سريج بْن يونس، قَالَ:
جاءني سريج ليلا وقد ولد لَهُ ولد [5] ، فأعطاني ثلاثة دراهم، فَقَالَ: أعطني بدرهم عسلا، وبدرهم سمنا، وبدرهم سويقا، ولم يكن عندي وكنت [6] قد عزلت الظروف لأبكر فأشتري، فَقَالَ لي: أنظر قليلا إيش مَا كَانَ أمسح البراني، فوجدت البراني والجرار [7] ملأى، فأعطيته شيئا كثيرا. فقال لي: [8] ما هذا؟ أليس قلت مَا عندي شيء؟
فقلت [9] : خذ واسكت. فقال: ما آخذ أو تصدقني، فخبرته بالقصة، فَقَالَ: لا تحدث به أحدا مَا دمت حيا [10] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ [القزاز] [11] أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت قَالَ:] [12] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله المعدل، حَدَّثَنَا عثمَان بْن أحمد الدقاق قَالَ: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الختّليّ. قال سمعت [13] سريج بْن يونس يقول: رأيت فيمَا يرى النائم أن [14] الناس وقوف بين يدي الله تعالى، وأنا فِي أول صف، ونحن ننظر إِلَى رب العزة تعالى، فقال: أي شيء تريدون أن أصنع بكم؟ فسكت الناس، فقلت أنا فِي نفسي: ويحهم قد أعطاهم كل ذا من نفسه وهم سكوت. فقنعت رأسي بملحفتي، وأبرزت عينا وجعلت أمشي، وجزت الصف الأول [بخطى] ، فَقَالَ لي: أي شيء تريد؟.
99/ أ/ فقلت: رحمة سر بسر، إن أردت أن تعذبنا فلم خلقتنا؟ قَالَ: قد خلقتكم ولا أعذبكم أبدا، ثم غاب في السماء [15] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي ت: «الهيي» .
[4] في ت: «الحسن» .
[5] في ح، ت «مولود» .
[6] في الأصل: «وقلت» .
[7] في الأصل: «الحراب» .
[8] «لي» ساقطة من ت.
[9] في ت: «قال: قلت» .
[10] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 9/ 220- 221.
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[13] «سمعت» ساقطة من ت.
[14] في ت: «كان الناس» .
[15] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 9/ 221.(11/228)
وروى محمد بْن أحمد بْن سفيان الترمذي قَالَ: سمعت سريج بْن يونس يقول:
مكثت أيامَا لم [1] آكل أنا ولا صبياني شيئا، وكنت يومَا قاعدا فِي الدهليز فخرج الصبيان يشكون إلي، فمر جار لي، فسمع كلامهم [2] فرمي إلي كيس [3] . فقلت: يَا فلان، متى [جرت] [4] عادتك بذا، خذ كيسك عافاك الله!! فَقَالَ الصبيان: هُوَ ذا، كبة غزل فبعها حَتَّى تأكل بِهَا خبزا. فخرجت فبعتها واشتريت لهم [5] خبزا، وعلمت انه لا يكفيهم، فلم آكل معهم، ثم وضعت رأسي فنمت، فجاء ملك فَقَالَ لي: قم فكأني قد جاءني بصحفة من ذهب فيها خبز لم أر مثله فِي الدنيا [6] وشهد وزبد، فَقَالَ لي: كل، فأكلت ومكثت أيامَا لا أشتهي الطعام [7] .
توفي سريج فِي ربيع الأول من هَذِهِ السنة.
1382- شجاع بن مخلد، أبو الفضل البغوي [8] .
ولد سنة خمسين ومَائة، وحدث عن هشيم، وابن علية، وابن عيينة.
وروى عنه أبو القاسم البغوي وغيره [9] ، وَكَانَ صدوقا. توفي في هذه السنة، ودفن فِي مقابر باب التين.
1383- عبد الله محمد بْن إبراهيم، أبو بكر العبسي، المعروف بابن أبي شيبة [10] .
ولد سنة تسع وخمسين ومَائة [11] ، وسمع شريك [12] بْن عبد الله، وسفيان بن
__________
[1] في ت: «لا آكل» .
[2] «كلامهم» ساقطة من ت.
[3] في ت: «بكيس» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ت.
[5] في ت: «بها» .
[6] في ت: «لم أر في الدنيا مثله» .
[7] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 9/ 221.
[8] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 252. وطبقات الحنابلة 1/ 172.
[9] «وغيره» ساقطة من ت.
[10] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 10/ 66.
[11] في ت: «خمس وتسعين» .
[12] في ت: «روى عنه شريك» .(11/229)
عيينه، وهشيمَا، وعبد الله بْن المبارك وغيرهم.
روى عنه: أحمد بْن حنبل، وابنه عبد الله، وعباس الدوري، والبغوي وغيرهم.
وَكَانَ حافظا متقنا صدوقا مكثرا، صنّف «المسند» و «التفسير» وغير ذلك.
أَخْبَرَنَا [عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ] [1] الْقَزَّازُ أخبرنا [احمد بن علي] [2] الخطيب، 99/ ب أخبرني أَبُو الحَسَن مُحَمَّد بْن عبد الواحد قال: / حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد الشيبانيّ قال: حدثنا الحسن بن محمد بْن شعبة قَالَ: حدثني محمد بْن إبراهيم مربع قَالَ: قدم علينا أبو بكر بْن أبي شَيْبَة فانقلبت به بغداد، ونصب لَهُ المنبر فِي مسجد الرصافة، فجلس عَلَيْهِ فَقَالَ من حفظه: حَدَّثَنَا شريك ثم قَالَ: هي بغداد، وأخاف أن تزل قدم بعد ثبوتها، يَا أبا شيبة هات الكتاب [3] .
قَالَ أحمد: أبو شيبة ابنه واسمه إبراهيم.
أَخْبَرَنَا القزاز [عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ] أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ بْنُ علي بن ثابت] [4] الخطيب أخبرنا أبو سعيد الماليني أخبرنا عبد الله بن عدي الحافظ قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بْن أسامة الكلبي قَالَ: أَخْبَرَنَا [عبد الله] بْن أبي زياد، عن أبي عبيد الْقَاسِم بْن سلام قَالَ: انتهى الحديث إِلَى أربعة: أبي بكر بْن أبي شيبة، وأحمد بْن حنبل، ويحيى بْن معين، [وعلي بْن المديني] [5] ، فأبو بكر أسردهم للحديث، وأحمد أفقههم فيه [6] ، ويحيى أجمعهم لَهُ، وعلي بْن المديني [7] أعلمهم به [8] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ [الْقَزَّازِ قَالَ:] أخبرنا أحمد بن علي [الخطيب] [9]
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 10/ 67- 68.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وأضيف على الهامش.
[6] «فيه» ساقطة من ت.
[7] «بن المديني» ساقطة من ت.
[8] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 10/ 69.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/230)
أَخْبَرَنَا ابْنُ رِزْقٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أحمد بْن إسحاق بْن وهب، أَخْبَرَنَا أبو غالب علي بْن أَحْمَد بْن النضر قَالَ: قَالَ علي بْن المديني: قدم علينا أبو بكر بْن أبي شيبة ويحيى وعَبْد الرَّحْمَنِ باقيين [1] ، فأراد الخائب- يعني سليمَان الشاذكوني- أن يذاكره، فاجتمع الناس فِي المسجد الجامع عند الأسطوانة وأبو بكر وأخوه، ومشكدانة، وعبد الله بن البراء وغيرهم وكلهم سكوت إلا أبو بكر فإنه يهدر [2] .
قَالَ ابْن عدي: والأسطوانة هي التي يجلس إليها ابْن سعيد.
[قَالَ ابْن [3] سعيد: هي أسطوانة [عبد الله] [4] بْن مسعود، وجلس إليها بعده علقمة، وبعده إبراهيم، [وبعده منصور] [5] ، وبعده الثوري، وبعده وكيع، وبعده [أبو بكر] [6] بْن أبي شيبة، وبعده مطين، وبعده ابْن سعيد] .
توفي أبو بكر فِي محرم هَذِهِ السنة.
1384- عبيد الله بْن عمر بْن ميسرة، أبو سعيد الجشمي مولاهم، المعروف بالقواريري [7] .
بصري سكن بغداد، وحدث بِهَا عن حمَاد بْن زيد، وأبي عوانة، وسفيان، وهشيم، وغيرهم. / 100/ أروى عنه: أحمد [8] ، ويحيى، وأبو داود السجستاني، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وإبراهيم الحربي، والبغوي، وَكَانَ ثقة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ.
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالا: أَخْبَرَنَا محمد بن رزق
__________
[1] «باقيين» ساقطة من ت.
[2] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 10/ 69- 70. والكامل لابن عدي 207.
[3] من هنا حتى نهاية الفقرة ساقطة من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ت.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ت.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ت.
[7] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 10/ 321.
[8] «أحمد» ساقطة من ت.(11/231)
قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ عَلِيَّ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ زَكَرِيَّا الْقَطِيعِيَّ يَقُولُ: [سَمِعْتُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ:] [1] سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيَّ يَقُولُ: لَمْ تكن تكاد [2] تفوتني صلاة العتمة فِي جَمَاعَةٍ فَنَزَلَ بِي ضَيْفٌ فَشُغِلْتُ بِهِ، فَخَرَجْتُ أَطْلُبُ الصَّلاةَ فِي قَبَائِلَ الْبَصْرَةِ، فَإِذَا الناس قَدْ صَلَّوْا.
فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: قَدْ [3] رُوِيَ عن النبي صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «صَلاةُ الْجَمْعِ تَفْضُلُ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ إِحْدَى وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» وَرُوِيَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ، وَرُوِيَ سَبْعًا وَعِشْرِينَ.
فَانْصَرَفْتُ [4] إِلَى مَنْزِلِي فصليْتُ الْعَتَمَةَ سَبْعًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً ثُمَّ رَقَدْتُ، فَرَأَيْتُنِي مَعَ قَوْمٍ رَاكِبِي [5] أَفْرَاس وَأَنَا رَاكِبٌ فَرَسًا كَأَفْرَاسِهِمْ، وَنَحْنُ نَتَجَارَى وَأَفْرَاسُهُمْ تَسْبِقُ فَرَسِي، فَجَعَلْتُ أَضْرِبُهُ لأَلْحَقَهُمْ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ أَحَدُهُمْ فَقَالَ: لا تُجْهِدْ نَفْسَكَ، فَلَسْتَ تُلاحِقُنَا، قُلْتُ: [6] وَلِمَ [ذَاكَ] ؟ [7] قَالَ: لأَنَّا صَلَّيْنَا الْعَتَمَةَ فِي جَمَاعَةٍ [8] .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد [9] قال: أخبرنا أحمد [بن علي] [10] بن ثابت قال:
أخبرنا أبو الغنائم محمد بْن الفراء البصري قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بْن الحسين بْن جعفر العطار قَالَ حَدَّثَنَا عبد الحميد بْن أحمد الوراق قال حدثنا عبد الله بن جعفر بن الورد قال: حدثنا إسماعيل بْن أبي اليمَان الحارثي قَالَ: سمعت حفص بْن عمرو الربالي يقول: رأيت عبيد الله بْن عمر القواريري فِي منامي بعد موته، فقلت: مَا صنع الله بك؟
قَالَ: غفر لي وعاتبني، وقال: يَا عبيد الله، أخذت من هؤلاء القوم؟ قلت: يا رب 100/ ب أنت أحوجتني إليهم، ولو لم تحوجني لم آخذ، / قَالَ: إذا قدموا علينا كافأناهم عنك،
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «تكاد» ساقطة من ت.
[3] «قد» ساقطة من ت.
[4] في ت: «فانقلبت» .
[5] في الأصل: «بين قوم ركاب» .
[6] في ت: «قال: فقلت» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 10/ 321.
[9] «بن محمد» ساقطة من ت.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/232)
ثُمّ قَالَ لي: أمَا ترضى أن أكتبك فِي أم الكتاب سعيدا [1] ! توفي القواريري فِي ذي الحجة من هَذِهِ السنة.
1385- عبد الصمد بْن يزيد، أبو عبد الله الصائغ، ويعرف بمردويه [2] :
سمع الفضيل بْن عياض، وسفيان بْن عيينة، ووكيعا، وَكَانَ ثقة من أهل السنة والورع، وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة.
1386- محمد بْن حاتم بْن ميمون، أبو عبد الله، ويعرف بالسمين [3] :
روى عن سفيان بْن عيينة، وابن مهدي، ووكيع وغيرهم، واختلفوا في تعديله.
أَخْبَرَنَا أبو منصور [عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد] [4] القزاز أخبرنا أبو بكر [5] أحمد بن علي الحافظ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن الحسين القطان قَالَ: أَخْبَرَنَا عثمَان بْن أحمد [6] الدقاق قَالَ: حَدَّثَنَا سهل بْن أحمد الواسطي، حَدَّثَنَا أبو حفص عمرو بْن علي قَالَ:
محمد بْن حاتم ليس بشيء [7] .
أَخْبَرَنَا القزاز قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي قال: قرأت على أبي بكر البرقاني، عن أبي إِسْحَاق [إبراهيم بْن محمد] المزكي قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بْن إسحاق [8] الثقفي قال:
سمعت أحمد بن محمد الجعفي يقول: سمعت يحيى بْن معين يقول: محمد ابن حاتم كذاب [9] .
وأخبرنا البرقاني قَالَ: قَالَ لنا الدار الدّارقطنيّ: محمد بن حاتم السمين بغدادي [10]
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 10/ 323.
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 11/ 40.
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 267.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «أبو بكر» ساقطة من ت.
[6] في الأصل: «أحمد بن عثمان» .
[7] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 2/ 267.
[8] «قال أخبرنا محمد بن إسحاق» ساقطة من ت.
[9] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 2/ 267.
[10] في الأصل: «البغدادي» .(11/233)
ثقة. وقال ابْن قانع: محمد بْن حاتم صالح [1] .
توفي فِي ذي الحجة [2] من هَذِهِ السنة.
[1387- محمد بْن الهزيل بْن عبد الله [3] بْن مكحول، أبو الهذيل العلاف العبدي البصري، مَوْلَى عبد القيس [4] .]
وَكَانَ شيخ المعتزلة ومصنف الكتب فِي مذاهبهم. ولد سنة خمس وثلاثين ومَائة، وَكَانَ يقول: علم الله هُوَ الله، وقدرة الله هي الله، ونعيم الجنة يفنى، وأهل الجنة تنقطع 101/ أحركاتهم فيها حَتَّى لا ينطقون بكلمة. / وَكَانَ فاسقا فِي باب الدين.
وقد روى أحاديث عن سليمَان بْن قرم، وغياث بْن إبراهيم، وهمَا كذابان مثله [5] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد قَالَ: أخبرنا أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي الصيمري قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عمران المرزباني قَالَ: حدثني أبو الطيب إبراهيم بْن محمد بْن شهاب العَطَّار قَالَ: روى أبو يعقوب الشحام قَالَ: قَالَ لي أبو الهذيل: أول مَا تكلمت كَانَ لي أقل من خمس عشرة سنة، وكنت أختلف إِلَى عثمَان الطويل صاحب واصل بْن عطاء، فبلغني أن رجلا يهوديا قدم البصرة وقد قطع عامة متكلميهم، فقلت لعمي: يَا عم، امض بي إِلَى هَذَا اليهودي أكلمه، فَقَالَ لي: يَا بني، هَذَا اليهودي قد غلب جمَاعة متكلمي أهل البصرة، أفمن جدك [6] أن تكلم من لا طاقة لك بكلامه. فقلت: لا بد من [7] أن تمضي بي إليه، ومَا عليك مني غلبني أو غلبته، فأخذ بيدي ودخلنا عَلَى اليهودي، فوجدته يقرر الناس الذين يكلمونه بنبوة موسى، ثُمّ يجحد نبوة نبينا صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فيقول: نحن عَلَى مَا اتفقنا عَلَيْهِ من صحة نبوة موسى إِلَى أن نتفق على نبوة غيره فنقر به.
قَالَ: فدخلت عَلَيْهِ، فقلت لَهُ: أسألك أو تسألني [8] ؟ فَقَالَ لي: يا بني أو ما ترى
__________
[1] انظر الخبر في: «تاريخ بغداد 2/ 267.
[2] في ت: «ذي القعدة» .
[3] في الأصل: «عبد الله» .
[4] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 3/ 366.
[5] «مثله» ساقطة من ت.
[6] في ت: «فمن حصر له» .
[7] «ومن» ساقطة من ت.
[8] في الأصل: «وتسألن» .(11/234)
مَا أفعله بمشايخك؟ فقلت لَهُ: دع عنك هَذَا واختر، إمَا أن تسألني، أو أسألك. فَقَالَ:
بل أسأل.
أخبرني، أليس موسى نبي من أنبياء الله تعالى قد صحت نبوته، وثبت دليله، تقر بهذا أو تجحده فتخالف صاحبك؟
فقلت [لَهُ] : [1] إن الذي سألتني عنه من أمر موسى عندي عَلَى أمرين، أحدهمَا:
أني أقر بنبوة موسى الذي أخبر بصحة نبوة نبينا [محمد صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ] [2] وأمر باتباعه، وبشر به وبنبوته، فإن كان عن هَذَا تسألني فأنا مقر بنبوته، وإن كَانَ موسى الذي سألتني عنه/ لا 101/ ب يقر بنبوة نبينا محمد صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، ولم يأمرنا باتباعه، ولا بشر به، فلست أعرفه ولا أقر بنبوته، بل هُوَ عندي شيطان مخزى.
فتحير لمَا ورد عَلَيْهِ مَا قتله [3] لَهُ [4] وقال لي: فمَا تقول فِي التوراة؟ قلت [5] : أمر التوراة عندي أيضا [6] عَلَى وجهين، إن كانت التوراة التي أنزلت عَلَى موسى النَّبِيّ الذي أقر بنبوة نبينا محمد صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فهي التوراة الحق، وإن كانت أنزلت عَلَى الذي تدعيه فهي باطل غير حق، وأنا غير مصدق بِهَا.
فَقَالَ لي: أحتاج أن أقول لك شيئا بيني وبينك، فظننت أنه يقول شيئا من الخير، فتقدمت إليه، فسارني وقال: أمك كذا وكذا، وأم من علمك، لا يكنى. وقدر أني أثب به فيقول: قد وثبوا بي وشغبوا علي، فأقبلت عَلَى من كَانَ فِي المجلس فقلت: أليس قد عرفتم مسألته إياي، وجوابي لَهُ [7] ؟ فقالوا: نعم. فقلت: أليس عَلَيْهِ أن يرد جوابي؟
قالوا: نعم [8] . قلت: إنه لمَا سارني شتمني الشتم الذي يوجب الحد، وشتم من علمني، وإنمَا قدر أني أقوم [9] أثب به [10] ، فيدعي أنا واثبناه وشغبنا عَلَيْهِ، وقد عرفتكم شأنه بعد انقطاعه. فأخذته الأيدي والأكف بالنعال، فخرج هاربا من البصرة وقد كان له بهادين كثير، فتركه وخرج لمَا لحقه من الانقطاع [11] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ت: «بما قتله» .
[4] «له» ساقطة من ت.
[5] في ت: «فقلت» .
[6] في ت: «أيضا عندي» .
[7] «له» ساقطة من ت.
[8] «أليس عليه أن يراد جوابي؟ قالوا: نعم» ساقطة من ت.
[9] «أقوم» ساقطة من ت.
[10] في ت: «أثب عليه» .
[11] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 3/ 367.(11/235)
أخبرنا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا أحمد بْنُ عَلِيِّ [بْنِ ثَابِتٍ] قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْن أيوب القمي قَالَ: أخبرني محمد بْن عمران الكاتب قَالَ: أخبرني محمد بْن العباس قال: حدثنا محمد بن يزيد النحوي، عن الجاحظ، قَالَ: لقي اللصوص قومَا فيهم أبو الهذيل فصاحوا وقالوا: ذهبت ثيابنا. قال: ولم؟ كلوا الحجة إلي، فو الله لا أخذوها أبدا، وظنوا أنهم خوارج يأخذون بمناظرة، فقالوا: إنهم لصوص يأخذون الثياب بلا حجة، فقال: ذهبت الثياب والله [1] .
102/ أأخبرنا القزاز قال: أخبرنا/ أحمد بن علي [الخطيب قَالَ:] [2] أَخْبَرَنَا أبو منصور أحمد بْن عيسى [3] بْن عبد العزيز قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بْن جعفر بْن هارون التميمي، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو الحسن الواقصي قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن يحيى المنجم قَالَ: أخبرني أبي قَالَ: لقي أبا الهذيل مسقف، فَقَالَ لَهُ: انزع ثيابك وأخذ بمجامع جيبه فَقَالَ أبو الهذيل:
استحالت المسألة. قَالَ: ولم؟ قَالَ: تمسك موضع النزع وتقول: انزع، أبن لي، أنزع القميص من ذيله أو من جيبه؟ فقال له: أنت أبو الهذيل؟ قَالَ: نعم! قَالَ: فانصرف راشدا [4] .
توفي أبو الهذيل فِي سنة خمس وثلاثين ومَائتين وقد تم له مائة سنة.
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 3/ 368.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «محمد بن عيسى» .
[4] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 3/ 368.(11/236)
ثُمّ دخلت سنة ست وثلاثين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
أن علي بْن يحيى الأرمني غزا الصائفة، فلاقى صاحب الروم فِي ثلاثين ألفا من الروم، وَكَانَ هُوَ فِي نحو ثلاثة آلاف فارس [1] ، فهزم الرومي، وقتل من الروم [2] أكثر من عشرين ألفا، ثم مضى إِلَى عمورية، فافتتحها وغنم مَا فيها، وأخرج منها أسارى من المسلمين، وكانوا خلقا كثيرًا، وضرب كنائسها، وفتح أيضا حصنا يقال لَهُ:
الفطس [3] ، فأخرج منه عشرين ألف رأس من السبى، وغنم غنيمة بلغت مَائة ألف وعشرين ألف دينار [4] .
[أمر المتوكل بهدم قبر الحسين بْن علي عليهمَا السلام]
ومن الحوادث [5] : أن المتوكل أمر بهدم قبر الحسين بْن علي عليهمَا السلام [6] ، وهدم مَا حوله من المنازل والدور، وأن يبذر ويسقي موضع قبره، وأن يمنع الناس من إتيانه، فنادى صاحب الشرطة فِي الناحية: من وجدناه عند قبره بعد ثالثة [7] بعثنا به إِلَى المطبق، فهرب، وامتنعوا من المصير إليه، وحرث ذلك [الموضع] [8] وزرع مَا حوله [9] .
وقيل: كَانَ ذلك سنة ثمَان وثلاثين.
وفيها: استكتب/ المتوكل عبيد الله [10] بن يحيى بن خاقان. 102/ ب
__________
[1] «فارس» ساقطة من ت.
[2] «من الروم» ساقطة من ت.
[3] في ت: «الفرطس» .
[4] في الأصل: «ألف صار» .
[5] في ت: «وفي هذه السنة» .
[6] في ت: «عليها سلام الله» .
[7] في ت: «بعد ثلاثة» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] «ما حوله» ساقطة من ت.
[10] في ت: «عبد الله» .(11/237)
وفيها: أخرج النصارى عن الدواوين [1] ونهى أن يستعان بهم، وعزلهم عن الولايات [ونهى أن يستخدموا فِي] [2] شيء من أمور المسلمين [3] .
وفيها: حج محمد المنتصر، وأقام للناس الحج [4] ، وحجت معه جدته شجاع أم المتوكل، فشيعها المتوكل إِلَى النجف.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1388- إبراهيم بْن المنذر بْن عبد الله، أبو إسحاق الأدمي القرشي [5] الحراني المدني.
سمع مَالك بْن أنس، وسفيان بْن عيينة وخلقا [كثيرا] .
روى عنه: البخاري، وابن أبي خيثمة، وثعلب، وَكَانَ ثقة.
وَكَانَ أحمد بن حنبل لا يكلمه لأجل كلام تكلم به فِي القرآن حين صدر من الحج. توفي في هذه السنة بالمدينة [6] .
1389- إسمَاعيل بْن إبراهيم بْن بسام، أبو إبراهيم الترجمَاني [7] .
سمع إسمَاعيل بْن عياش، وبقية، وهشيم بْن بشير، وغيرهم. سمع منه أحمد بْن حنبل، وقال: ليس بِهِ بأس.
توفي في محرم هذه السنة.
__________
[1] في ت: «عن الدواوين» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «من أمور المسلمين» ساقطة من ت.
[4] في ت: «وأقام الحج للناس» .
انظر: تاريخ الطبري 9/ 185.
[5] في الأصل، ت، ح: «أبو إسحاق الأدمي» . و «القرشي» ساقطة من ت.
وفي تاريخ بغداد: «أبو إسحاق الحزامي القرشي المدني» انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 179. وطبقات الشافعية 1/ 232. والجرح 2/ 139.
[6] في ت: «في هذه السنة فتوفي بالمدينة» .
[7] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 265. وتاريخ ابن عساكر 3/ 13.(11/238)
1390- إسمَاعيل بْن إبراهيم بْن معمر بْن الحسن، أبو معمر الهذلي [1] .
هروي الأصل، أقام ببغداد، وسمع إبراهيم بْن سعد، وإسمَاعيل بْن عياش، وهشيم بن بشير، وابن المبارك، وابن عيينة.
روى عنه: البخاري، ومسلم، والدوري، والحربي، وقال يحيى [بْن معين] [2] هُوَ ثقة مَأمون.
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ [3] قَالَ:
حدثني عبيد الله [4] بن أبي الفتح قال: حدثنا عمر بْن إبراهيم المقرئ قَالَ: سمعت أحمد بْن علي الديباجي يقول: سمعت عبيد بْن شريك [5] يقول: كَانَ أبو معمر القطيعي من شدة إدلاله بالسنة يقول: لو تكلمت بغلتي لقالت إنها [6] سنية! [قَالَ] [7] :
فأخذ فِي المحنة فأجاب، فلما خرج/ قال: كفرنا وخرجنا [8] . 103/ أتوفي أبو معمر فِي جمَادى الأولى من هَذِهِ السنة.
1391- جعفر بْن حرب الهمداني [9] .
معتزلي بغدادي، درس الكلام بالبصرة عَلَى أبي الهذيل العلاف، وكان لجعفر اختصاص بالواثق، وصنف كتبا معروفة عند المتكلمين. توفي في هذه السنة.
1392- الحسن بْن سهل بْن عبد الله، أبو أحمد [10] .
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي [أبو بكر الخطيب] [11] قال:
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 266.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «أخبرنا أحمد بن علي» .
[4] في الأصل: «عبد الله» .
[5] في ت: «عبيد الله بن شريك» . وفي تاريخ بغداد: «عبيد بن عبد الواحد بن شريك» .
[6] في ت: «أنا» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 6/ 271.
[9] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 162، 163.
[10] في الأصل: «الحسن بن سهل بن عبيدة أبو محمد» . وفي ت: «الحسن بن سهل بن عبد الله» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 319.
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/239)
هو أخو ذي الرئاستين الفضل بْن سهل. وكانا من أهل بيت الرئاسة فِي المجوس، فأسلمَا وأبوهمَا أيام الرشيد، واتصلوا بالبرامكة، وَكَانَ سهل مضمومَا ليحيى بْن خالد، وضم يحيى الْحَسَن والفضل [ابني سهل] إِلَى ابنيه: الفضل وجعفر [يكونان معهمَا] ، فضم جعفر الفضل بن سهل إلى المأمون، وهو ولي عهد، فغلب عَلَيْهِ [1] ولم يزل معه إِلَى أن قتل الفضل بخراسان، فكتب المأمون إِلَى الحسن بْن سهل وَهُوَ ببغداد يعزيه بأخيه، ويعلمه أنه قد استوزره، فلم يكن أحد من بني هاشم ولا من سائر القواد يخالف للحسن بْن سهل أمرا، ولا يخرج له عن طاعة، إلى أن بايع المأمون لعلي بْن موسى الرضا بالعهد، فغضب بنو العباس وخلعوا المأمون وبايعوا إبراهيم بْن المهدي، فلمَا جاء المأمون إِلَى بغداد زاد في إكرام الحسن وتزوج بابنته بوران [2] .
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قَالَ: أَخْبَرَنَا [أبو بكر] [3] أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أبي جَعْفَر القطيعي قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ محمد بن همَام [الشيباني] [4] حَدَّثَنَا أبو مُزَاحِم موسى بْن عُبَيْد اللَّهِ [5] بْن يحيى بْن خاقان قَالَ: [6] حدثني أبي، عن أبيه، قَالَ: حضرت الحسن بْن سهل وقد [7] جاءه رجل يستشفع به فِي حاجة فقضاها، فأقبل الرجل يشكره، فَقَالَ له الحسن: علام تشكرنا ونحن نرى أن للجاه زكاة، كمَا أن للمَال زكاة؟ ثم أنشأ الحسن يقول:
103/ ب/
فرضت علي زكاة مَا ملكت يدي ... وزكاة جاهي أن أعين وأشفعا
فإذا ملكت فجد وإن لم تستطع ... فاجهد بوسعك كله أن تنفعا [8]
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الخطيب قَالَ: أخبرني الأزهري قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن إبراهيم بْن الحسن قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن عرفة قَالَ: حدثني بعض ولد الحسن بن سهل أنه رأى سقاء يمر فِي داره، فَقَالَ لَهُ: مَا حالك؟ فشكى إليه ضيقه، وذكر أن لَهُ بنتا يريد زفافها، فأخذ ليوقع لَهُ بألف درهم، فأخطأ فوقع لَهُ بألف ألف درهم، فأتى بِهَا السقاء وكيله فأنكر ذلك، وتعجب أهله منه وهابوا [9] أن يراجعوه، فأتوا غسان بن عباد، وكان
__________
[1] «فغلب عليه» ساقطة من ت.
[2] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 7/ 319.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في الأصل: «عبد الله» .
[6] في الأصل «قال» مكررة.
[7] «وقد» ساقطة من ت.
[8] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 7/ 322.
[9] في ت: «ورهبوا» .(11/240)
من الكرمَاء، فأخبروه، فأتاه فَقَالَ لَهُ: أيها الأمير، إن الله لا يحب المسرفين، فَقَالَ لَهُ الْحَسَن: ليس فِي الخير إسراف، ثم ذكر لَهُ السقاء فَقَالَ: والله لا رجعت عن شيء خطته يدي، فصولح السقاء عَلَى جملة منها ودفعت إليه [1] .
توفي الحسن بْن سهل يوم الْخَمِيسِ لِخَمْسِ لَيَالٍ خَلَوْنُ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ من هَذِهِ السنة [2] ، وَكَانَ سبب وفاته أنه شرب [من صبيحة هَذَا اليوم] [3] دواء فأفرط عمله فمَات وقت الظهر وله سبعون سنة.
1393- الحسن بْن عليل بْن الحسين [4] بْن علي بْن حبيش، أبو علي العنزي [5] .
حدث عن أبي نصر التمَار، ويحيى بْن معين، وهدبة، وأبي خيثمة، وَكَانَ صدوقا صاحب أدب وأخبار، واسم أبيه علي، ولقبه: عليل [6] ، وهو الغالب عليه.
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا الحسن بن الحسين النعالي قال: أخبرنا أحمد بن نصر الذراع قال: أنشدنا/ 104/ أ [الحسن بْن عليل وذكر أنها لَهُ:] [7] .
كل المحبين قد ذموا السهاد وقد ... قالوا بأجمعهم طوبى لمن رقدا
فقلت يَا رب لا أبغي الرقاد ولا ... ألهوه بشيء سوى ذكري لَهُ أبدا [8]
إن نمت نام فؤادي عن تذكره ... وإن سهرت شكى قلبي الذي وجدا [9]
توفي الحسن [في هذه السنة] [10] بسامراء.
1394- عبد الله بْن محمد، أبو محمد اليمَامي، ويعرف بابن الرومي [11] .
سكن بغداد، وحدث بِهَا عن: الدراوَرْديّ، وعبد الرزاق، وأبي معاوية.
روى عنه: أبو حاتم الرازي، وقال: هُوَ صدوق. توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 7/ 323.
[2] «من هذه السنة» ساقطة من ت.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «بن الحسن» .
[5] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 398.
[6] في ت: «عليك» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في الأصل: «أبغي» .
[9] نظر الخبر في: تاريخ بغداد 7/ 398- 399.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] في ح: «عبيد الله بن محمد» .
انظر ترجمته في: 10/ 72.(11/241)
1395- عبد الله بْن محمد بْن هانئ، أبو عَبْد الرَّحْمَنِ النيسابوري [1] .
سمع غندرا، ويحيى بْن سعيد القطان، وأخذ عن الأخفش [2] وروى عنه: ابْن أبي الدنيا، وَكَانَ ثقة.
توفي في هذه السنة فِي جمَادى الآخرة.
1396- عبد السلام بْن صالح بْن سليمَان بْن أيوب، أبو الصلت الهروي [3] .
رحل فِي الحديث إِلَى الكوفة، والبصرة، والحجاز، واليمن. وسمع حمَاد بْن زيد، ومَالك بْن أنس، وأبا معاوية، وسفيان بْن عيينة. وقدم بغداد فحدث بِهَا عن من سمع [4] . فروى عنه عباس الدوري.
وَكَانَ لمَا قدم مرو يريد التوجه إِلَى الغزو أدخل عَلَى المأمون، فلمَا سمع كلامه جعله من [5] الخاصة، فلم يزل مكرمَا عنده إِلَى أن أراد أن يظهر [6] كلام جهم، ويقول: القرآن مخلوق، وجمع بينه وبين بشر المريسي، وَكَانَ عبد السلام يرد [7] عَلَى أهل الأهواء، وكلم بشر المريسي غير مرة بين يدي المأمون، فكان [8] الظفر له، وكان ينسب إلى 104/ ب التشيع، إلا أنه كَانَ يقدم أبا بكر، وعمر، ويترحم عَلَى/ عثمَان، وعلي، ولا يذكر الصحابة إلا بالجميل [9] .
وقد أنكروا عَلَيْهِ أحاديث، وضعفوه [10] .
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 10/ 72.
وفي ح: «عبيد الله» .
[2] في الأصل: «الأعمش» .
[3] انظر ترجمته في: تقريب التهذيب 1/ 506.
[4] «عمن سمع» ساقطة من ت.
[5] في الأصل: «أدخل على» .
[6] في ت: «أراد إظهار» .
[7] «يرد» ساقطة من ت.
[8] في الأصل: «وكان» .
[9] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 11/ 47- 48.
[10] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 11/ 48- 49.(11/242)
مِنْهَا: حَدِيثُ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [قَالَ:] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ «أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا» [1] . وسئل عنه يحيى بْن معين فَقَالَ: مَا سمعت به قط، ومَا بلغني إلا عنه [2] .
وَاتَّهَمُوهُ بِوَضْعِ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عن النبي صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ «الإِيمَانُ إِقْرَارٌ بِالْقَوْلِ [3] وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ» [4] . توفي فِي شوال هَذِهِ السنة.
1397- محمد بْن إسحاق بْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ، ويعرف بالمسيبي [5] .
كَانَ أبوه أحد القراء بمدينة الرسول [6] صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ. قرأ عَلَى نافع، فأمَا محمد فإنه سكن بغداد وحدّث بها عن أبيه وغيره، وَهُوَ ثقة [7] .
وروى عنه: مسلم بْن الحجاج وغيره. وَكَانَ مصعب الزبيري يقول: لا أعلم فِي قريش كلها أفضل من المسيبي [8] .
أَخْبَرَنَا القزاز قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بن علي [بن ثابت] الحافظ قال: أخبرنا أحمد بْن جعفر [9] القَطِيعيّ قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بْن المظفر قَالَ: قَالَ البغوي: مَات المسيبي ليومين بقيا من ربيع الأول سنة ست وثلاثين [10] ومائتين.
__________
[1] الحديث أخرجه الطبراني في الكبير 11/ 65- 66. والحاكم في المستدرك 3/ 126، 127 وصححه، وعارضه الذهبي في التلخيص وقال: «بل موضوع، وأبو الصلت لا والله لا ثقة ولا مأمون» .
[2] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 11/ 49.
[3] في ت: «إقرار بالقلب» .
[4] أخرجه ابن ماجة في سننه 1/ 25، والخطيب في تاريخه. 11/ 51.
[5] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 1/ 237.
[6] في ت: «رسول الله» .
[7] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 1/ 237.
[8] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 1/ 236.
[9] في الأصل: «أحمد بن أبي جعفر» .
[10] في الأصل: «وثمانين» .(11/243)
1398- محمد بْن إسحاق السلمي [1] .
غريب مجهول، حدث عن ابْن المبارك حديثا منكرا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت قال:] [2] أخبرنا عَلي بْن أَبِي عَلِيٍّ الْمُعَدَّلُ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَوَشِيُّ [3] قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ السُّكَّرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَحْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السلمي قال: حدثنا ابن الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ [الثَّوْرِيِّ] [4] ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: «خِيَارُ أُمَّتِي عُلَمَاؤُهَا، وَخِيَارُ عُلَمَائِهَا رُحَمَاؤُهَا أَلا وَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لِلْجَاهِلِ أَرْبَعِينَ ذَنْبًا قبل أن يغفر للعالم ذنبا واحدا، 105/ أألا وَإِنَّ الْعَالِمَ الرَّحِيمَ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ/ وَإِنَّ نُورَهُ قَدْ أَضَاءَ يَمْشِي فِيهِ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ كَمَا يَسْرِي الْكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ» [5] .
1399- محمد [بْن إسحاق] [6] بْن يزيد، أبو عبد الله، يعرف بالصيني [7] .
حدث عن عبد الله بْن داود الحربي، وروح بْن عبادة وغيرهمَا.
روى عنه: أبو بكر بن أبي الدنيا وغيره.
قَالَ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أبي حاتم: كتبت عنه بمكة وسألت عنه أبا عون، فَقَالَ هُوَ كذاب فتركت حديثه.
1400- محمد بْن أحمد بْن أبي خلف، مولى بني سليم. واسم أبي خلف: محمد، يكنى أبا عبد اللَّه [8] .
سمع سفيان بْن عيينة وغيره. قَالَ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أبي حاتم: سألت عنه أبي فقال: ثقة صدوق.
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 1/ 237.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «الجوشني» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 1/ 237- 238.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 1/ 239.
[8] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 1/ 336.(11/244)
1401- محمد بْن بشر بْن مروان بْن عطاف [1] ، أبو جعفر الكندي الواعظ يعرف بالدعاء [2] .
حدث عن إسمَاعيل بْن علية، وسفيان بْن عيينة، وابن المبارك وغيرهم.
روى عنه ابْن أبي الدنيا وغيره. واختلفوا فيه.
فأَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّد قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد [بن علي] [3] بن ثابت قال:
أخبرنا البرقاني قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَكِّي قَالَ: أخبرنا أبو العباس مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّدً قَالَ: محمد بْن بشر صدوق [4] .
وأخبرنا عَبْد الرَّحْمَنِ [بْن محمد قال:] [5] أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا الجوهري قال: أَخْبَرَنَا محمد بن العباس [الخراز] [6] الكوكبي قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الجنيد قَالَ: سمعت يحيى بْن معين يقول: محمد بْن بشر القاضي ليس بثقة [7] .
أخبرنا عبد الرحمن [بن محمد قال:] [8] أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن عمر البجلي قال. قال لنا أبو الحسن الدار الدّارقطنيّ: / محمد بن بشر 105/ ب [الكندي] الدعاء ليس بالقوي فِي حديثه [9] .
توفي فِي بغداد يوم الثلاثاء لثلاث مضين من جمَادى الآخرة من هَذِهِ السنة.
1402- منصور ابْن أَمِير الْمُؤْمِنِينَ المهدي [10] .
[قَالَ المصنف] [11] قد ذكرنا أنه عسكر بكلواذي سنة إحدى ومَائتين، وسمي
__________
[1] في الأصل: «عطا» .
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 99.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 99.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] انظر الخبر في: «تاريخ بغداد 2/ 99.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 2/ 99.
[10] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 12/ 463، 13/ 82.
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/245)
المرتضى، ودعي له على المنابر، وسلم عليه بالخلافة، فأبى ذلك وقال: أنا خليفة أمير الْمُؤْمِنِين المأمون حَتَّى يقدم.
وقد تولى أعمَالا كثيرة منها مصر، والبصرة، وَكَانَ يحب العلم ويقرب أهل الحديث، ويبر أهله ويبعث إِلَى يزيد بْن هارون أموالا كثيرة يفرقها عَلَى المحدثين.
وتوفي في هذه السنة.
1403- مصعب بْن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بْن الزبير، أبو عبد الله الزُّبَيْريّ. عم الزبير بْن بكار [1] .
حدث عن مَالك بْن أنس، والدراوَرْديّ، وإبراهيم بْن سعد وغيرهم.
[كتب عنه يحيى بْن معين، وأبو خيثمة وإبراهيم الحربي، والبغوي، وَكَانَ ثقة وَكَانَ عالمَا بالنسب، عارفا لأيام العرب، وتوفي ببغداد فِي شوال هَذِهِ السنة، وَهُوَ ابْن ثمَانين سنة.
1404- نصر بْن زياد بْن نهيك، أبو محمد النيسابوري القاضي [2] .
سمع ابْن المبارك، وجرير بْن عبد الحميد، وخارجة بْن مصعب وغيرهم] [3] .
وتفقه عَلَى محمد بْن الْحَسَن، وأخذ الأدب عن النضر بْن شميل، وولي قضاء نيسابور بضع عشرة سنة، ولم يزل محمودا عِنْد السلطان والرعية، وكانت كتب المأمون [4] إليه متواترة.
أَخْبَرَنَا زاهر بْن طاهر، أَخْبَرَنَا [5] أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُونِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ قَالا:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قَالَ: سمعت أبا زكريا يحيى بْن محمد العنبري يقول: سَمِعْتُ أبا العباس أحمد بْن محمد البالوي [6] يقول: كَانَ نصر بْن زياد
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 13/ 114.
[2] انظر ترجمته في: النجوم الزاهرة 2/ 287.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل. ويبدأ السقط من منتصف الترجمة السابقة تقريبا.
[4] في ت: «السلطان» .
[5] في ت: «أنبأنا» وكذلك في الموضع السابق والتالي.
[6] في ت: «الباكوني» . و «بن محمد» ساقطة من ت.(11/246)
القاضي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويقول: لولا هذا لم أتلبس لهم بعمل/ 106/ ألكني إذا لَمْ ألي القضاء لم أقدر [عَلَيْهِ] [1] ، وَكَانَ يحيي الليل، ويصوم الاثنين، والخميس، والجمعة، ولا يرضى من العمَال حَتَّى يؤدوا حقوق الناس إليهم، فدخل عَلَيْهِ أحمد بْن حرب يوما فوعظه، وأشار في موعظته بأن يستعفي ممَا هُوَ فيه، فَقَالَ: يَا أبا عبد الله، مَا يحملني عَلَى مَا أنا فِيهِ إلا نصرة الملهوفين، والقدرة عَلَى الانتصار للمظلومين من الظالمين، ولعل الله عز وجل قد عرف لي ذلك.
قَالَ الحاكم: وحدثني محمد بْن حامد قَالَ: حَدَّثَنَا الحسن بْن منصور قال: حدثنا محمد بن عبد الوهاب قال: قَالَ لي [2] نصر بْن زياد القاضي: يَا أبا أحمد [3] ، أعلمت [4] أن أبا بكر الصديق سم عَلَى العدل، وأن عمر بْن الخطاب قتل عَلَى العدل، وأن عثمَان بْن عفان قتل على العدل، وأن علي بن أبي طالب قتل عَلَى العدل، وأن عمر بْن عبد العزيز سم عَلَى العدل، يأبى الناس أن يحتملوا العدل.
قَالَ الحاكم: وسمعت [أبا حامد] [5] أحمد بْن محمد المقرئ الواعظ يقول:
سمعت غير واحد من مشايخنا يذكر أن رجلا ورد هراة فرفع قصة إِلَى عبد الله بْن طاهر، فلمَا قدم بين يديه قَالَ: من خصمك؟ قَالَ: الأمير أيده الله، قَالَ: مَا الذي تدعي علي؟
قَالَ: ضيعة لي بهراة غصبنيها والد الأمير وهي اليوم في يده. قَالَ: ألك بينة؟ قَالَ: إنمَا تقام البينة بعد الحكومة إِلَى القاضي، فإن رأى الأمير [أن] [6] يحملني وإياه عَلَى حكم الإسلام. قَالَ: فدعى عبد الله بْن طاهر بالقاضي نصر بْن زياد، ثم قَالَ للرجل: ادعي.
قَالَ [7] : فادعى الرجل مرة بعد مرة، فلم يلتفت إليه نصر بن زياد، ولم يسمع دعواه، / 106/ ب فعلم الأمير أنه قد امتنع من سمَاع [8] الدعوى قال: حتى يجلس الخصم والمدعي، فقام عبد الله بْن طاهر من مجلسه، حَتَّى بلغ مَعَ خصمه بين يديه، فقال نصر للمدعي:
ادعي، فَقَالَ: أيد الله القاضي إن ضيعة لي بهراة، وذكرها بحدودها وحقوقها، هي لي فِي يد الأمير، فَقَالَ لَهُ الأمير عبد الله بْن طاهر: أيها الرجل، قد غيّرت الدعوى، إنما
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «نادى رجل» .
[3] في الأصل: «يا أبا محمد» .
[4] في ت: «اعلم» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] «قال» ساقطة من ت.
[8] في ت: «استماع» .(11/247)
ادعيت أولا عَلَى أبي [1] ، فَقَالَ لَهُ [2] الرجل: لم أشته أن أفضح والد [3] الأمير فِي مجلس الحكم، وأقول [4] والد الأمير غصبني عَلَيْهَا، وأنها اليوم فِي يد الأمير، فسأل نصر بن زياد عبد الله بْن طاهر عن دعواه، فأنكر، فالتفت إِلَى الرجل وقال: ألك بينة [5] ؟ قَالَ: لا. قَالَ: فمَا الذي تريده؟ قَالَ: يمين الأمير باللَّه الذي لا إله إلا هُوَ. قَالَ:
فقام الأمير إلى مكانه وأمر الكاتب ليكتب [6] إِلَى هراة برد الضيعة عَلَيْهِ.
توفي نصر الدين بْن زياد لسبع بقين من صفر هَذِهِ السنة، وَهُوَ ابْن ستة وتسعين سنة.
1405- أبو عبيدة بْن الفضيل بْن عياض [7] .
كوفي سكن مكة، وقدم إِلَى مصر فِي وكالة توكل بِهَا، فحدث بمصر، وكتب عنه ورجع إلى مكة، فتوفي بها في صفر [8] هذه السنة.
__________
[1] في ت: «ولدي» .
[2] «له» ساقطة من ت.
[3] في ت: «ولد» .
[4] في ت: «فادعى» .
[5] في ح: «فقال: لك بينة» .
[6] في ح: «أن يكتب» .
[7] في الأصل: «بن عباس» .
[8] «صفر» ساقطة من ت.(11/248)
ثُمّ دخلت سنة سبع وثلاثين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
غزاة علي بْن يحيى الأرمني الصائفة [1] .
[وثوب أهل أرمينية بيوسف بن محمد]
وفيها: وثب أهل أرمينية بيوسف بْن محمد وهو عامل أرمينية، وكان قد خرج/ 107/ أبطريق فطلب الأمَان، فأخذه يوسف، فقيده، وبعث به إِلَى المتوكل [2] فأسلم، فاجتمع بطارقة أرمينية، فقاتلوا يُوسُف، فقتلوه، فوجه المتوكل إليهم [3] من قتل منهم ثلاثين ألفا [4] .
[عزل المتوكل محمد بن أحمد]
وفيها عزل المتوكل محمد بْن أحمد بْن أبي دؤاد عن المظالم لعشر بقين من صفر [وولاها محمد بْن يعقوب، وغضب عَلَى أحمد بْن أبي دؤاد لخمس بقين من صفر] [5] وأمر المتوكل بقبض متاعه وحبس [6] ابنه أبي الوليد محمد بْن أحمد بْن أبي دؤاد فِي ديوان الخراج يوم السبت لثلاث خلون من ربيع الآخر، وحبس أخوته عبيد الله بْن السري خليفة صاحب الشرطة، فلمَا كَانَ يوم الاثنين حمل أبو الوليد مَائة ألف دينار وعشرين ألف دينار [7] وجوهرا قيمته عشرين ألف دينار، ثم صولح بعد ذلك عَلَى ستة عشر ألف
__________
[1] انظر: تاريخ الطبري 9/ 191.
[2] في ت: «إلى الخليفة» .
[3] «إليهم» ساقطة من ت.
[4] انظر: تاريخ الطبري 9/ 188.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ت: «أمر المتوكل بأخذ قطائعه» .
[7] «وعشرين ألف دينار» ساقطة من ت.(11/249)
ألف [1] درهم، وأشهد عليهم جميعا ببيع كل ضيعة لهم، وَكَانَ أحمد قد فلج، فلمَا كَانَ يوم الأربعاء لسبع [2] خلون من شعبان [3] أمر المتوكل بولد أحمد بْن أبي دؤاد، فحدروا إِلَى بغداد [4] .
وفي هذه السنة: رضي عن يحيى بْن أكثم، وَكَانَ ببغداد فحدر [5] إِلَى سامراء، فولي القضاء عَلَى القضاة، ثم ولي المظالم فولي حيان بْن بشر قضاء الشرقية، وولى سوار بن عبد الله العنبري قضاء الجانب الغربي [6] ، وكلاهمَا أعور، فَقَالَ الجمَاز:
رأيت من الكبائر قاضيين [7] ... همَا أحدوثة فِي الخافقين
همَا اقتسمَا العمى نصفين عدلا ... كمَا اقتسما قضاء الجانبين
107/ ب همَا فأل الزمَان بهلك يحيى ... إذ افتتح القضاء بأعورين [8] /
أَخْبَرَنَا [عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ] الْقَزَّازِ قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت قَالَ:] [9] أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن الحسن قَالَ: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر قال: أخبرني محمد بن جرير الطبري إجازة: أن المتوكل أشخص يحيى بْن أكثم من بغداد إِلَى سامراء بعد القبض عَلَى ابْن أبي دؤاد، فولاه قضاء القضاة فِي سنة سبع وثلاثين، فعزل عبد السلام- يعني الوابصي [10] وولي مكانه سَوَّار بْن عبد الله العنبري عَلَى الجانب الشرقي، وقلد حيان بْن بشر الأسدي الشرقية، وخلع عليهما في يوم واحد، وكانا
__________
[1] «ألف» ساقطة من ت.
[2] في ت: «لتسع» .
[3] في ح: «من رمضان» .
[4] انظر: تاريخ الطبري 9/ 188- 189.
[5] في ت: «فأشخص» .
[6] في ت: «الشرقي» .
[7] في ت: «القاضيين» .
[8] انظر: تاريخ الطبري 8/ 188- 189. وتاريخ بغداد 8/ 284، 9/ 210.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في الأصل: «الواصبي» .(11/250)
أعورين، فأنشدني عبد الله بْن محمد الكاتب لدعبل:
رأيت من الكبائر قاضيين ... همَا أحدوثة فِي الخافقين
همَا اقتسمَا العمى نصفين فذا ... كمَا اقتسمَا قضاء الجانبين
وتحسب منهمَا [من هز] رأسا ... لينظر فِي مواريث ودين
كأنك قد جعلت عَلَيْهِ دنا ... فتحت بذاله من فرد عين
همَا فأل الزمَان بهلك يحيى ... إذ افتتح القضاء بأعورين [1]
قَالَ طلحة: وذكر ابْن جرير الأبيات ولم يذكر الثالث ولا الرابع [2] ، والشعر للجمَاز، والذي أنشدني قَالَ: هُوَ لدعبل.
[أمر المتوكل بإنزال جثة أحمد بْن نصر]
وفي [يوم] [3] عيد الفطر من هَذِهِ السنة: أمر المتوكل بإنزال جثة أحمد بْن نصر الخزاعي، ودفعه إِلَى أوليائه، فحمله [4] ابْن أخيه موسى إِلَى بغداد، فغسل ودفن، وضم رأسه إِلَى جسده [5] فاجتمع العوام يتمسحون بجنازته وبخشبة رأسه، فكتب صاحب البريد [6] بذلك [7] ، فنهى المتوكل عن اجتماع العامة [8] .
[كتاب المتوكل بتخلية كل من كَانَ حبسه الواثق في خلق القرآن]
وفي هذه السنة: قرئ [9] كتاب [المتوكل] [10] بتخلية كل من كَانَ حبسه الواثق فِي خلق القرآن في الأمصار والكور [11] .
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 8/ 285- 286.
[2] وردت الأبيات كاملة في تاريخ الطبري 9/ 189.
ولعل الراويّ قد وقف على نسخة ناقصة. والله أعلم.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «فأخذ» .
[5] في ت: «إلى بدنه» .
[6] في ت: «صاحب الخبر» .
[7] «بذلك» ساقطة من ت.
[8] انظر: تاريخ الطبري 9/ 190.
[9] في ت: «ورد» .
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] انظر: البداية والنهاية 10/ 316.(11/251)
[طلوع شيء مستطيل من ناحية المغرب]
وفيها [1] : طلع شيء مستطيل من ناحية المغرب دقيق الطرفين، عريض الوسط، من بعد وقت المغرب إلى وقت العشاء، ليس بكوكب الذنب، ولا بضوء كوكب أبيض، 108/ أفلم يزل/ يطلع فِي ذلك الوقت خمس ليال.
[ظهور نار في بعض كور عسقلان]
وفيها: ظهرت نار فِي بعض كور عسقلان تحرق [2] المنازل والمساجد والبيادر، فهرب الناس، فلم تزل تحرق حَتَّى مضى [3] ثلث الليل ثم كفت [4] .
وفيها: [5] سقط بالبصرة بردكبار، فكسر [6] ثمانية آلاف نخلة.
[اكتمال بناء جامع سامراء]
وفيها: كمل [7] بناء جامع سامراء، [كَانَ] [8] وقد ابتدئ فِي بنائه فِي سنة أربع وثلاثين، وفرغ منه وصلى فيه المتوكل فِي رمضان [9] سنة سبع وثلاثين [10] وبلغت النفقة عَلَيْهِ ثلاثمَائة ألف [11] وثمَانية آلاف ومَائتين واثني عشر دينارا وربع وسدس دينار، واستعمل فيه آجر النجف وأنقاضه من السقوف والأبواب وغيرها، ونقوض حملت من بغداد، وإنما هذه النفقة على البناءين والنجارين والصناع، ومَا شاكل ذلك، وحملت القصعة والحجارة التي في الفوارة من باب الحرة فِي الهاروني عَلَى عجل، ومر بِهَا الفيلة [الثلاثة] [12] التي كانت للمتوكل، وأنفق مع ذلك فِي حمولتها إِلَى [13] أن دخلت المسجد ألف وخمسمائة دينار، ولولا الفيلة [14] لأنفق عليها ضعف ذلك، واستعمل الطوابيق الزجاج التي فِي المقصورة، وهي ألفان وأربعمَائة طابق بألفين وأربعمَائة دينار، وأنفق [المتوكل] [15] عَلَى الأطواق الستة التي جعلت زيجات لها ألفين وأربعمَائة دينار [16] .
وأنفق المتوكل عَلَى القصر المعروف بالعروس [17] ثلاثين ألف درهم.
__________
[1] في ت: «وفي هذه السنة» .
[2] في ت: «فأحرقت» .
[3] في ت: «إلى أن مضى» .
[4] انظر: النجوم الزاهرة 2/ 290.
[5] «وفيها» ساقطة من ت.
[6] في ت: «فكسرت» .
[7] في ت: «ثم كمل» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] «ورمضان» ساقطة من ت.
[10] «وثلاثين» ساقطة من ت.
[11] في ت: «ثمانمائة ألف» .
[12] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[13] في ت: «وأنفق عليها إلى أن ... » .
[14] في ت: «الفيل» .
[15] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[16] انظر: شذرات الذهب 2/ 82.
[17] في الأصل: «الفردوس» .(11/252)
وأنفق عَلَى مواضع سوى [النفقة عَلَى] [1] المدينة المعروفة بالمتوكلية مَائة ألف ألف واثنين وثمَانين ألف ألف درهم [2] .
وحج بالناس في هذه السنة عيسى بْن جعفر بْن المنصور، وَهُوَ والي مكة يومئذ [3] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
/ 108/ ب
1406- حاتم الأصم، وَهُوَ: حاتم بْن عنوان [4] . وقيل: حاتم بْن يوسف، أبو عَبْد [5] الرَّحْمَنِ البلخي [6] .
وَهُوَ مولى المثنى بْن يحيى المحاربي. أسند الحديث عن شقيق بْن إبراهيم، وشداد بْن حكيم، وعبد الله بْن المقدام، ورجاء بْن محمد الصاغاني.
روى عنه: حمدان بن ذي النون، ومحمد بن فارس البلخيان، ومحمد بن مكرم [7] الصفار.
فأما تسمية الأصم: فأَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّد قَالَ: أَخْبَرَنَا [أحمد بْن علي بْن ثابت] [8] الْخَطِيب قَالَ: أَخْبَرَنَا عبد الكريم بْن هوازن القشيري قَالَ: سمعت أبا علي الحسن بْن علي الدقاق يقول: جاءت امرأة فسألت حاتمَا [9] عن مسألة، فاتفق أن خرج منها ريح لها صوت [10] فخجلت، فَقَالَ لها حاتم: ارفعي من صوتك، فأرى من نفسه أنه أصم، فسرت المرأة بذلك وقالت: إنه لم يسمع الصوت، فغلب عَلَيْهِ الأصم [11] .
أخبرنا القزاز قال: أخبرنا [أحمد بن علي] [12] الخطيب قَالَ: أَخْبَرَنَا عبد العزيز بْن علي الوراق قَالَ: حَدَّثَنَا علي بن عبد الله الهمذاني قال: حدثنا إبراهيم
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] انظر: مروج الذهب 4/ 122.
[3] انظر: تاريخ الطبري 9/ 191.
[4] في ت: «عيراز» .
[5] في ت: «بن عبد الرحمن» .
[6] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 242.
وطبقات الصوفية 91
[7] في ت: «محمد بن مسلم» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في ت: «حاتم الأصم» .
[10] في ت: «منها في تلك الحال صوت ريح» .
[11] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 8/ 244.
[12] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/253)
ابْن أبي حصين قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بْن غنام قَالَ: حَدَّثَنَا الحسن بْن محمد بْن جعفر الْحُلْوَانِيّ قَالَ: حدثني أبو عبد الله الخواص- وَكَانَ من [علية] أصحاب حاتم- قَالَ:
لمَا دخل حاتم بغداد اجتمع إليه أهلها فقالوا لَهُ: أنت رجل أعجمي، ليس يكلمك أحد إلا قطعته لأي معنى؟
قَالَ حاتم: معي ثلاث خصال، أظهر بِهَا عَلَى خصمي، قالوا [1] : مَا هي [2] ؟
قَالَ: أفرح إذا أصاب خصمي، وأحزن إذا أخطأ، وأحفظ نفسي لأتجاهل عَلَيْهِ، فبلغ ذلك أحمد بْن حنبل فَقَالَ: سبحان الله مَا كَانَ أعقله من رجل [3] .
أَخْبَرَنَا القزاز قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن ثَابِت قَالَ: أخبرنا عبد العزيز بن علي [الوراق قَالَ: حَدَّثَنَا علي] [4] بن عبد الله الهمذاني قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن عبيد الله بْن حفص، عن علي بْن الموفق قَالَ: سمعت حاتمَا الأصم يقول: لقينا الترك، وَكَانَ بيننا جولة، فرمَاني تركي بوهق فقلبني عن فرسي، ونزل عن دابته فقعد عَلَى صدري، وأخذ بلحيتي هَذِهِ الوافرة، وأخرج من خفه سكينا ليذبحني [به] [5] ، فو حقّ سيدي ما كان قلبي/ عنده 109/ أولا عند سكينه، إنمَا كَانَ قلبي عند سيدي، أنظر مَاذا ينزل به القضاء [منه] [6] ! فقلت:
يَا سيدي، إن قضيت عَلَى أن يذبحني هَذَا فعلى الرأس والعين، إنمَا أنا لك وملكك [7] ، فبينا أنا أخاطب سيدي وَهُوَ قاعد عَلَى صدري آخذ بلحيتي ليذبحني، إذ رمَاه بعض المسلمين [بسهم] فمَا أخطأ حلقه، فسقط عني، فقمت أنا إليه فأخذت السكين من يده فذبحته! فمَا هُوَ إلا أن تكون قلوبكم عند السيد حَتَّى تروا من عجائب لطفه مَا لم تروا من الآباء والأمهات [8] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ [الْقَزَّازِ قَالَ:] أَخْبَرَنَا أحمد بْن ثابت [الخطيب قَالَ:] [9] أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحمد الأصبهاني قَالَ: أَخْبَرَنَا جعفر بْن محمد الخلدي قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ قال: حَدَّثَنَا سعدون الرازي قَالَ: كنت مَعَ حاتم وَكَانَ يتكلم، فقل كلامه فَقِيل لَهُ فِي ذلك [10] ، فقال: قد كنت تتكلم فينتفع
__________
[1] في ت: «قيل» .
[2] في ت: «أي شيء هي» .
[3] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 8/ 242.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ت.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في ت: «مملوك» .
[8] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 8/ 244- 245.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] «في ذلك» ساقطة من ت.(11/254)
بك [1] الناس؟ قَالَ: إني لا أحب أن أتكلم بكلمة [2] قبل أن أستعد جوابها للَّه، فإذا قَالَ الله [تَعَالَى لي] [3] يوم القيامة: لم قلت كذا؟ قلت: يَا رب لكذا [4] .
توفي حاتم الأصم [عَلَى جبل واشجرد] [5] في هذه السنة.
1407- حيان بْن بشر بْن المخارق الأسدي الأصبهاني [6] .
سمع هشيم بْن بشير، وأبا يوسف القاضي، وأبا معاوية وغيرهم.
روى عنه: أبو القاسم البغوي، وَكَانَ من أصحاب الرأي، قد ولي القضاء بأصبهان فِي أيام المأمون، ثم عاد إلى بغداد، فأقام بها إلى أن ولاه المتوكل قضاء الشرقية [7] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ [الْقَزَّازِ قَالَ:] [8] أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا محمد بْن الحسن بْن أحمد الأهوازي قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو أحمد الحسن بْن عبد الله العسكري [9] قَالَ: حدثني شيخ من شيوخ بغداد قَالَ: كَانَ حيان بْن بشر [10] قد ولي قضاء بغداد، وقضاء أصبهان، وَكَانَ من جلة أصحاب الحديث، فروى يومَا أن عرفجة قطع أنفه يوم الكلاب، وَكَانَ مستمليه رَجُلًا يقال لَهُ: كجة [11] ، فَقَالَ: أيها القاضي، إنمَا هُوَ يوم/ الكلاب، فأمر بحبسه، فدخل الناس إليه [12] ، وقالوا: ما دهاك؟ 109/ ب فَقَالَ: قطع أنف عرفجة فِي الجاهلية، وامتحنت أنا به في الإسلام [13] .
__________
[1] «بك» ساقطة من ت.
[2] في الأصل ت: «كلمة» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 8/ 245.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 284.
[7] انظر: تاريخ بغداد 8/ 284.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في ت: «العكبريّ» .
[10] في الأصل: «حمدان بن بشر» .
[11] في الأصل: «كلجة» .
[12] في الأصل: «فيه» .
[13] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 8/ 285.(11/255)
توفي حيان في هذه السنة، وقيل: سنة ثمَان.
1408- عبد الله [1] بْن مطيع بْن راشد البكري [2] .
سمع هشيمَا، وابن المبارك.
روى عنه: البغوي، وَكَانَ ثقة. توفي فِي ذي الحجة من هَذِهِ السنة.
1409- عبد الأعلى بْن حمَاد، أبو يحيى الباهلي، المعروف بالنرسي [3] .
ونرس لقب لجده، لقبته النبط [4] ، وَكَانَ اسمه نصرا فقالوا: نرس.
سكن [عبد الأعلى] بغداد، وحدث بِهَا عن مَالك، والحمَادين.
روى عنه: البخاري، ومسلم فِي صحيحيهمَا.
أَخْبَرَنَا [عَبْد الرَّحْمَنِ بن محمد] القزاز أخبرنا أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ [بْنِ ثَابِتٍ قَالَ:] [5] أَخْبَرَنِي الأزهري قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْن يعقوب المقرئ ومحمد بْن عبد الله الشيباني قالا: حَدَّثَنَا الحسن بْن علي بْن زكريا قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ:
قدمت عَلَى المتوكل بسامراء، فدخلت عَلَيْهِ يومَا فَقَالَ: يَا أبا يحيى، قد كنا هممنا لك بأمر، فتدافعت الأيام [به] [6] ، فقلت: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، سمعت مسلم بْن خالد الزنجي [7] يقول: سمعت جعفر بْن محمد يقول: من لَمْ [يشكر] [8] الهمة لم يشكر النعمة، فأنشدته:
لأشكرنك معروفا هممت به ... إن اهتمَامك بالمعروف معروف
ولا أذمك [9] إن لم يمضه قدر ... فالشيء بالقدر المحتوم معروف
__________
[1] في الأصل: «عبيد الله» .
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 10/ 178.
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 11/ 75.
[4] في الأصل: «القبط» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في الأصل: «المكيّ» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في ت: «ولا ألومك» .(11/256)
فجذب الدواة فكتبها، ثم قَالَ: ينجز لأبي يحيى مَا كنا هممنا لَهُ به وَهُوَ كذا وكذا، ويضعف لخبره هَذَا [1] .
توفي عبد الأعلى بالبصرة في هذه السنة.
1410- معمر بْن منصور، أبو مسلم [2] الإفريقي الكندي [3] .
قاضي المغرب [4] ، وله كتب مصنفة فِي الفقه، توفي في هذه السنة.
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 11/ 76.
[2] في ت: «أبو سليمان» .
[3] انظر ترجمته في: طبقات علماء إفريقية 3/ 112.
[4] في ت: «توفي في هذه السنة وهو قاضي المغرب» .(11/257)
ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين ومائتين
110/ أفمن الحوادث فيها: /
[مجيء الروم في ثلاثمائة مركب]
أن الروم جاءت فِي ثلاثمَائة مركب، فأحرقوا من ديار المسلمين، وسبوا نساء مسلمَات، وانتهبوا متاعا [1] كثيرا، وأحرقوا المسجد الجامع بدمياط، وأحرقوا كنائس [2] .
وفيها: غزا علي [3] بْن يحيى الأرمني الصائفة [4] .
قَالَ ابْن حبيب: وفي صفر [5] وجه طاهر بْن عبد الله إِلَى المتوكل بحجر سقط بناحية طبرستان وزنه ثمَانمَائة وأربعين درهمَا أبيض فيه صدع، وذكروا أنه سمع لسقوطه هذه أربع فراسخ في مثلها، وأنه ساخ فِي الأرض خمسة أذرع [6] .
وحج بالناس في هذه السنة علي بن عيسى بن جعفر [7] .
__________
[1] في ت: «وانتهبوا ضياعا» .
[2] انظر الخبر في: تاريخ الطبري 9/ 193- 194.
[3] في ت: «غزا في هذه السنة علي بن يحيى ... » .
[4] انظر الخبر في: تاريخ الطبري 9/ 195.
[5] في ت: «وفي رجب» .
[6] انظر الخبر في: شذرات الذهب 2/ 89.
[7] انظر الخبر في: تاريخ الطبري 9/ 195.(11/258)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1411- إسحاق بْن إبراهيم بْن [مخلد بْن إبراهيم، أبو] [1] يعقوب الحنظلي، المعروف بابن رَاهَوَيْه [2] .
ولد سنة إحدى وستين ومَائة، وقيل سنة ست وستين ومَائة.
وولد مثقوب [3] الأذنين فَقَالَ لَهُ الفضل بْن موسى الشيباني: يكون هَذَا رأسا فِي الخير أو فِي الشر.
وقال لَهُ عبد الله بْن طاهر: لم قيل لك ابْن راهويه؟ فَقَالَ: ولد أبي فِي الطريق فقيل رَاهَوَيْه [4] .
رحل إسحاق فِي طلب العلم إِلَى العراق، والحجاز، واليمن، والشام، وسمع من جرير بْن عبد الْحَمِيد [5] ، وإسمَاعيل بْن علية، وسفيان بْن عيينة، ووكيع [بْن الجراح] [6] ، وأبا معاوية، وعبد الرزاق، والنضر بْن شميل، وعيسى بْن يونس، وأبا بكر بْن عياش، وغيرهم [7] .
روى عنه: البخاري، ومسلم، وخلق كثير. واجتمع لَهُ الحديث والفقه، والحفظ والصدق، والورع والزهد [8] .
وَكَانَ أحمد بْن حنبل يقول: لا أعلم لإسحاق بالعراق نظيرا وقال مرة: لم نر مثله [9] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: التاريخ الكبير 1/ 379. وتاريخ بغداد 6/ 347.
[3] في ت: «مشقوق» .
[4] «فَقَالَ: ولد أبي فِي الطريق فقيل رَاهَوَيْه» . ساقطة من ت.
انظر: تاريخ بغداد 6/ 347.
[5] في الأصل: «بن عبد الله» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] انظر: طبقات الشافعية 1/ 233.
[8] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 6/ 345.
[9] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 6/ 349.(11/259)
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت قال:] [1] أخبرنا ابْن يعقوب قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بْن نعيم قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بْن صالح بْن هانئ قَالَ: حَدَّثَنَا أبو سعيد الْحَسَن بْن عبد الصمد قَالَ: سمعت إسحاق بْن إبراهيم يقول:
أحفظ سبعين ألف حديث كأنها نصب عيني [2] .
أخبرنا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا [أحمد بن علي] [3] الخطيب قال: أخبرنا 110/ ب مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مَخْلَد قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد/ بْن مُحَمَّد بْن عمران قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن كامل قَالَ: قَالَ عبد اللَّه بْن طاهر لإسحاق بْن راهويه: قيل لي إنك تحفظ مَائة ألف حديث؟ قَالَ: مَائة ألف حديث مَا أدري مَا هُوَ، ولكني مَا سمعت شيئا قط إلا حفظته، ولا حفظت شيئا قط فنسيته [4] .
توفي [إسحاق] [5] بْن راهويه ليلة الخميس للنصف من شعبان هَذِهِ السنة بنيسابور [6] .
قَالَ البخاري: توفي وَهُوَ ابْن سبع وسبعين سنة [7] .
1412- بشر بْن الوليد بْن خالد، أبو الوليد الكندي [8] .
سمع مَالك بْن أنس، وصالحا المري، وشريك بن عبد الله، وأبا يوسف، ومنه أخذ الفقه.
روى عنه جماعة منهم: البغوي [9] ، وكان عالما دينا [10] فقيها ثقة، جميل
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 6/ 352.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 6/ 354.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] انظر: تاريخ بغداد 6/ 355.
[7] انظر: التاريخ الكبير 1/ 379. وتاريخ بغداد 6/ 355.
[8] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 81.
[9] «روى عنه جماعة منهم البغوي» ساقطة من ت.
[10] «دينا» ساقطة من ت.(11/260)
المذهب، حسن الطريقة، وولي القضاء بعسكر المهدي من جانب بغداد الشرقي لما عزل عنه محمد بن عبد الرحمن المخزومي، وذلك سنة ثمان ومائتين [1] ، وأقام على ولايته سنتين، وعزل وولي قضاء مدينة المنصور في سنة عشر [2] ، فلم يزل يتولاه إلى أن صرف عنه في سنة ثلاث عشرة ومائتين [3] .
أخبرنا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا أبو بكر [أَحْمَد بْن عَلي بْن ثَابِت] [4] الحافظ قَالَ: أَخْبَرَنَا علي بْن المحسن وقال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر قال: لمَا عزل المأمون إِسْمَاعِيل بْن حمَاد بْن أبي حنيفة استقضى عَلَى مدينة المنصور بشر بْن الوليد الكندي، وَكَانَ عالمًا دينا خشنا فِي باب الحكم، واسع الفقه، وَهُوَ صاحب أبي يوسف وحمل الناس عنه من الفقه والمسائل ما لا يمكن جمعها.
قَالَ طلحة: وحدثني عبد الباقي بْن قانع عن بعض شيوخه: أن يحيى بْن أكثم شكى بشر بْن الْوَلِيد إِلَى المأمون وقال: إنه لا ينفذ قضائي، وَكَانَ يحيى قد غلب عَلَى المأمون حَتَّى كَانَ أكثر من ولده، فأقعده المأمون معه عَلَى سريره، ودعا بشر بْن الوليد فَقَالَ لَهُ: مَا ليحيى [5] يشكوك ويقول إنك لا تنفذ أحكامه؟ فَقَالَ: يَا أَمِير المؤمنين، سألت عنه بخراسان فلم يحمد في بلده، ولا فِي جواره، فصاح به المأمون وقال: اخرج فخرج/ [بشر] فَقَالَ يحيى يَا أمير المؤمنين، قد سمعت فاصرفه، فقال: ويحك [6] ، هذا 111/ ألم يراقبني، فكيف أصرفه؟ ولم يفعل [7] .
قَالَ المصنف [8] : كَانَ بشر مَعَ ميله إِلَى أصحاب الرأي لا يعين عَلَى أحمد بْن حنبل، وسعى به رجل إِلَى المعتصم فَقَالَ: إنه لا يقول القرآن مخلوق، فحبسه في بيته
__________
[1] في الأصل: «سنة ثلاث ومائتين» .
وفي ت: «سنة ثمان عشر» .
[2] «وأقام على ولايته سنتين وعزل وولي قضاء مدينة المنصور في سنة عشر» ساقطة من ت.
[3] انظر: تاريخ بغداد 7/ 81.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ح: «أن يحيى» .
[6] «ويحك» ساقطة من ت.
[7] انظر: تاريخ بغداد 7/ 81.
[8] «قال المصنف» ساقطة من ت.(11/261)
ونهاه أن يفتي، فلمَا ولي المتوكل أطلقه، وأمره أن يفتي ويحدث وأشكل عَلَيْهِ أمر القرآن، فَقَالَ بالوقف، فذمه أصحاب الحديث وتركوه. وتغير بالكبر حَتَّى قالوا: قد خرف [1] .
وتوفي في هذه السنة عن سبع وتسعين سنة، ودفن فِي مقبرة [2] باب الشام.
1413- الربيع بْن ثعلب، أبو الفضل المروزي [3] .
ولد بمرو، وسكن بغداد، وحدث بِهَا عن الفرج بْن فضالة.
روى عنه البغوي، وَكَانَ رجلا صالحا من خيار المسلمين، صدوقا.
توفي فِي شوال هَذِهِ السنة ببغداد.
1414- محمد بْن بكار بْن الريان [4] ، أبو عبد الله الرصافي، مولى بني هاشم [5] .
سمع الفرج بْن فضالة وخلقا كثيرا.
روى عنه: الصاغاني، وأحمد بْن أبي خيثمة، وإبراهيم بن هاشم البغوي وغيرهم. ووثقه يحيى، والدار الدّارقطنيّ، وقال صالح جزرة: هُوَ صدوق يحدث عن الضعفاء [6] .
توفي فِي ربيع الآخر سنة ثمَان وثلاثين ومَائتين، وَهُوَ ابْن ثلاث وتسعين سنة.
1415- محمد بْن الحسين [البرجلاني] [7] أبو جعفر، ويعرف بابن أبي شيخ البرجلاني [8] .
نسب إِلَى محلة البرجلانية، وهو صاحب كتب الزهد والرقائق.
سمع الحسين بْن علي الجعفي، وزيد بْن الحباب، وخلقا كثيرا.
__________
[1] انظر: تاريخ بغداد 6/ 83- 84.
[2] في ت: «من مقابر» .
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 418.
[4] في الأصل: «بن الزيات» .
[5] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 100.
[6] انظر: تاريخ بغداد 2/ 100، والتهذيب 9/ 76.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 223.(11/262)
روى عنه ابْن أبي الدنيا فأكثر، وأبو العباس بْن مسروق وغيرهمَا.
وسأل رجل أحمد بْن حنبل عن شيء من حديث الزهد فَقَالَ: عليك بمحمد بْن الحسين البرجلاني [1] وقال ابْن أبي الدنيا: مَات في هذه السنة.
1416- محمد بْن خالد بْن يزيد بْن غزوان، أبو عبد الله البراثي [2] .
[كَانَ من أهل الدين والفضل، وَكَانَ ذا مَال وثروة.
روى عن هشيم، وسفيان بْن عيينة، وَكَانَ بشر بْن الحارث يأنس إليه فِي أموره.
أَخْبَرَنَا القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن العباس قَالَ: حَدَّثَنَا أبو محمد الزهري. قَالَ: سمعت إبراهيم الحربي يقول: مَالك؟ يقع عَلَى أحد شيء من السمَاء؟ ولكن كَانَ لبشر صديق. قَالَ أبو محمد الزهري: كَانَ أبو عبد الله البراثي] [3] صديقا لبشر/ [4] . 111/ ب وَكَانَ يجهز إِلَى الثغر، وَكَانَ موسرا ذا مَال، قَالَ: فكان إبراهيم الحربي يومئ إِلَى أن بشرا كان يأنس بأبي عبد الله البراثي ويقبل منه الصلة.
1417- يحيى بْن عمَار، أبو زكريا الحر [5] .
سمع إسمَاعيل بْن عياش، وبقية بْن الوليد. كتب عنه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وقال: هُوَ ثقة.
توفي في هذه السنة.
1418- أبو عبيدة البسري [6] .
وبسر قرية فوق دمشق.
__________
[1] انظر: تاريخ بغداد 2/ 223.
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 5/ 240.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ويبدأ من أول الترجمة.
[4] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 5/ 240.
[5] في الأصل: «يحيى بن عمار، أبو زكريا، حدثنا الحربي» . والتصحيح من ت، ح.
[6] انظر ترجمته في: طبقات الصوفية ص 176.(11/263)
أَخْبَرَنَا أبو بكر العامري [1] قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو سعد [2] بْن أبي صادق قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْن باكويه قال: حدثنا عبد الواحد بن بكر الورثاني [3] قَالَ: سمعت محمد بْن داود الدينَوَريّ يقول: سمعت أبا بكر بْن معمر يقول: سمعت ابْن أبي عبيدة البسري يحدث عن أبيه [4] : أنه غزا سنة من السنين، فخرج فِي السرية فمَات المهر الذي كَانَ تحته وَهُوَ فِي السرية، فَقَالَ: أي رب! أعرنا إياه حَتَّى نرجع إِلَى بسرى- يعني قريته- فإذا المهر قائم، فلمَا غزا ورجع إِلَى بسرى قَالَ: يَا بني خذ السرج عن المهر. قَالَ: قلت: يَا أبة إنه عرق، فَقَالَ: يَا بني، هُوَ عارية، فحين أخذت السرج وقع المهر ميتا [5] .
__________
[1] في الأصل: «العاري» .
[2] في الأصل: «أبو سعيد» .
[3] في ت: «البرساغي» .
[4] في الأصل: «سمعت أبي عبيدة يقول يحدث عن أبيه.
[5] انظر: طبقات الشافعية 2/ 74. وصفة الصفوة 4/ 215.(11/264)
ثُمّ دخلت سنة تسع وثلاثين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
أخذ المتوكل أهل الذمة بلبس رقعتين عسليتين عَلَى الأقبية والدراريع، وَكَانَ ذلك فِي المحرم، وأن تصنع النساء مقانعهن عسليات، ثم أمر فِي صفر بأن يقتصروا فِي مراكبهم عَلَى ركوب البغال والحمير دون الخيل والبراذين [1] .
وفيها [2] : غزا الصائفة علي بْن يحيى الأرمني، فوغل فِي بلاد الروم، فقتل عشرة آلاف علج، وسبى سبعة عشر ألف رأس، ومن الدواب سبعة آلاف دابة، وأحرق أكثر من ألف قرية [3] .
وذكر محمد بْن حبيب: أن شقفة [4] وجدت فِي نخلة بالكديد عَلَيْهَا [5] مكتوب.
غافلون وأنتم مغيبون، لاهون وأنتم/ مطلوبون: سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ 26: 227 112/ أيَنْقَلِبُونَ 26: 227 [6] إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ 36: 53 [7] وجاء الكتاب بهذا في هذه [8] السنة.
__________
[1] انظر: تاريخ الطبري 9/ 196. والبداية والنهاية 10/ 317.
[2] «وفيها» ساقطة من ت.
[3] انظر: شذرات الذهب 2/ 92.
[4] في ت: «شعفة» .
[5] في ت: «فيها» .
[6] سورة: الشعراء، الآية: 227.
[7] سورة: يس، الآية: 53.
[8] في ح: «في آخر السنة» .(11/265)
[عزل يحيى بن أكثم عن القضاء]
وفي هذه السنة [1] : عزل يحيى بْن أكثم عن القضاء، وولي قضاء البصرة إبراهيم بْن محمد التَّيْميّ [2] .
وقدم يعقوب بْن قوصرة، فأخذ من منزله خمسة وسبعين ألف دينار [وصولح] [3] على أن يؤدي تمام مائة ألف وعشرين ألف دينار، وولي مكانه جعفر بْن عبد الواحد [4] .
ورجفت طبرية فِي جمَادى الأولى فِي ربع الليل الأول، حَتَّى مَادت الأرض واصطكت الجبال، ثُمّ رجفت وانقطع من الجبل المطل عَلَيْهَا قطعة ثمَانين ذراعا طولا وعرضا فِي خمسين ذراعا فتقطع، فمَات تحته بشر كثير وهدم دورا [5] .
واتفق شعانين [6] النصارى ويوم النيروز ذلك يوم الأحد لعشر خلت [7] من ذي القعدة [8] ، فزعمت النَّصارى أنهمَا [9] لم يجتمعا [10] فِي الإسلام قط [11] .
وفيها [12] حج [جعفر] [13] بْن دينار، وَكَانَ والي طريق مكة ممَا يلي [14] الكوفة، فولي أحداث الموسم [15] .
__________
[1] في ت: «وفي صفر» .
[2] انظر: أخبار القضاة 2/ 179.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] انظر: تاريخ الطبري 9/ 197.
[5] انظر: شذرات الذهب 2/ 91. والنجوم الزاهرة 2/ 300.
[6] في ت: «واتفق في شعانين» .
[7] في ت: «خلون» .
[8] في الأصل: «ذي قعدة» .
[9] في الأصل: «أنهم» .
[10] في ت: «يجتمع» .
وفي الأصل: «يجتمعوا» .
[11] انظر: تاريخ الطبري 9/ 196. والبداية والنهاية 10/ 317.
[12] «وفيها» ساقطة من ت.
[13] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[14] في ت: «من يلي» .
[15] انظر: تاريخ الطبري 9/ 196.(11/266)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1419- إبراهيم بْن حبان بْن إبراهيم، أبو إسحاق المرادي [1] .
حدث عن عمرو بْن حكام، وَكَانَ حفاظا ثقة [صالحا] [2] . توفي فِي [محرم] [3] هَذِهِ السنة.
1420- داود بْن [4] رشيد، أبو الفضل مولى بني هاشم [5] .
خوارزمي الأصل بغدادي الدار [6] . سمع أبا المليح الرقي، وهشيمَا، وابن علية.
روى عنه: ابن أبي الدنيا، [والبغوي] [7] ، وكان يحيى يوثقه.
توفي في هذه السنة.
1421- صالح بْن عبد الله، أبو عبد الله الترمذي [8] .
سكن بغداد، وحدث بِهَا عن مَالك بْن أنس، وشريك بْن عبد الله، وجعفر بْن سليمَان، وفرج بْن فَضَالَة.
روى عنه: عباس الدوري، وابن أبي الدنيا، وأبو حاتم الرازي وقال: هُوَ صدوق [9] .
وتوفي في هذه السنة، وقيل: في سنة/ إحدى وثلاثين. 112/ ب
__________
[1] في ت: «المراري» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «بن» ساقطة من ت.
[5] انظر ترجمته في: تقريب التهذيب 1/ 231.
[6] «مولى بني هاشم، خوارزمي الأصل بغدادي الدار» . ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 315.
[9] انظر: تاريخ بغداد 9/ 315، 316.(11/267)
1422- الصلت بْن مسعود الجحدري [1] .
بصري ثقة، ولي القضاء بسامراء فِي سنة ست وثلاثين ومَائتين، ولم يزل قاضيا بِهَا إِلَى سنة تسع وثلاثين [2] .
وحدث بِهَا عن: حمَاد بْن زيد، وجعفر بْن سليمَان، وسفيان بْن عيينة.
روى عنه: الباغندي، وتوفي في هذه السنة.
1423- عثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان، أبو الحسن العبسيّ الكوفي، المعروف بابن أبي شيبة [3] . أخو أبي بكر، وهو الأكبر.
وقال يعقوب بْن شيبة: عثمَان [4] بْن أبي شيبة من ولد أبي سعدة الذي دعا عَلَيْهِ سعد بْن أبي وَقَّاص.
رحل عثمَان إِلَى البلاد وكتب الكثير، وصنّف «المسند» و «التفسير» ، وحدث عن شريك بْن عبد الله، وسفيان بْن عيينة، وهشيم وخلق كثير.
روى عنه: الباغندي، والبغوي وغيرهمَا، وَكَانَ ثقة.
توفي فِي [محرم] [5] هَذِهِ السنة.
1424- محمد بْن أحمد بْن أبي دؤاد، أبو الوليد [6] الإيادي القاضي [7] .
ولاه المتوكل القضاء، ومظالم العسكر بعد أن فلج أبوه وَكَانَ بخيلا عَلَى ضد مَا كَانَ عليه أبوه.
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 341- 343.
[2] ومَائتين ولم يزل قاضيا بِهَا إِلَى سنة تسع وثلاثين» . ساقطة من ت.
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 11/ 283.
[4] في ت: «أبو بكر عثمان ... » .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] «أبو الوليد» ساقطة من ت.
[7] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 1/ 298. ووفيات الأعيان 1/ 88.(11/268)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [1] بْنُ مُحَمَّدِ [الْقَزَّازِ قَالَ:] [2] أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرني الحسين [3] بن علي الصيمري قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عمران المرزباني قَالَ: أخبرني علي بن هارون قال: أخبرني عبيد الله [4] بن أحمد بْن طاهر، عن أبيه. قَالَ: عزل المتوكل أبا الوليد محمد بن أبي دؤاد عن مظالم العسكر سنة سبع وثلاثين ومَائتين، وولاها محمد بْن إبراهيم بْن الرَّبِيع الأنباري. ثم صرف أبو الوليد فِي يوم الخميس لخمس خلون من شهر ربيع الأول عن قضاء القضاة، وولي يحيى بْن أكثم قضاء القضاة، ثم عزل ابْن الربيع عن المظالم وولاها يَحْيَى بْن أكثم [5] سنة سبع وثلاثين ومَائتين. وصرف أبو الوليد يوم الأربعاء لعشر بقين من صَفَر، وحبس يوم السبت لثلاث خلون من ربيع الآخر فِي ديوان الخراج/ وحبس إخوته عبيد الله [6] بن السري 113/ أصاحب الشرطة، فلمَا كَانَ يوم الاثنين من هَذَا الشهر حمل أبو الوليد مَائة ألف دينار وعشرين ألف دينار [7] ، وجوهرا قيمته عشرون ألف دينار، ثم صولح بعد ذلك عَلَى ستة عشر ألف ألف درهم [8] ، وأشهد عليهم جميعا ببيع كل ضيعه لهم، وَكَانَ أحمد بْن أبي دؤاد قد فلج، فلمَا كَانَ يوم الأربعاء لسبع خلون من رمضان أمر المتوكل بولد أحمد بْن أبي دؤاد جميعًا فحدروا إِلَى بغداد [9] .
ومَات أبو الوليد فِي آخر سنة تسع [10] وثلاثين ومَائتين، ومَات أبوه بعده بعشرين يومَا [ببغداد] مفلوجا.
1425- وهب بْن بقية، أبو محمد الواسطي، المعروف بوهبان [11] .
سمع حمَاد بْن زيد، وهشيمَا. روى عنه: البخاري، ومسلم، وَكَانَ ثقة.
توفي في هذه السنة.
__________
[1] في ت: «أبو عبد الرحمن» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «الحسن» .
[4] في الأصل: «عبد الله» .
[5] «قضاء القضاة، ثم عزل ابْن الربيع عن المظالم وولاها يحيى بن أكثم» ساقط من ت.
[6] في الأصل: «عبد الله» .
[7] «وعشرين ألف دينار» ساقط من ت.
[8] في ت: «دينار» .
[9] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 1/ 299.
[10] في الأصل: «سنة سبع وثلاثين» .
[11] انظر: تاريخ بغداد 13/ 457.(11/269)
ثُمّ دخلت سنة أربعين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
أنه أخذ أهل الذمة بتعليم أولادهم السريانية [1] والعبرانية، ومنعوا من العربية، ونادى المنادي بذلك، فأسلم منهم خلق كثير [2] .
[سمع أهل خلاط صيحة من السماء]
وفي هذه السنة [3] : سمع أهل خلاط صيحة من السمَاء، فمَات خلق كثير، وكانت ثلاثة أيام، وخسف بثلاث عشرة قرية من قرى إفريقية.
وخرجت ريح من بلاد الترك، فمرت بمرو فقتلت بشرا كثيرا بالزكام، ثم صارت إِلَى نيسابور، وإلى الري، ثم إِلَى همذان وحلوان، ثم صارت إِلَى العراق فأصاب أهل سامراء ومدينة السلام حمى وسعال وزكام وأشار المتطببون بالحجامة.
وقال محمد بْن حبيب الهاشمي: كتب تجار المغرب أن ثلاث عشرة قرية من قرى القيروان خسف بِهَا [4] ، فلم ينج من أهلها [5] / إلا اثنان وأربعون رجلا سود الوجوه، 113/ ب فأتوا القيروان فأخرجهم أهلها، وقالوا: أنتم مسخوط عليكم. فبنى لهم العامل حظيرة خارج [باب] [6] المدينة فنزلوها.
[وقوع الجراد على بريد من البصرة]
وفي ذي القعدة: وقع الجراد عَلَى بريد من البصرة [7] ، فخرج الناس فِي طلبه فأصابهم من الليل [8] ظلمة ومطر وريح، فمَات منهم ألف وثلاثمَائة إنسان، مَا بين رجل وامرأة وصبي [9] .
__________
[1] «السريانية» ساقطة من ت.
[2] انظر: شذرات الذهب 2/ 92.
[3] في ت: «وفيها» .
[4] في ت: «بأهلها» .
[5] في ت: «فلم ينج منهم» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في ت: «وقع الجراد بالبصرة» .
[8] «من الليل» ساقطة من ت.
[9] «وصبي» ساقطة من ت.(11/270)
وفي هَذَا الشهر [1] : وقع ببغداد برد أعظم من الجوز، مثل بيض الحمَام، مَعَ مطر شديد، وسقط يومئذ بسامراء برد مثل بيض الدجاج [2] .
وحج بالناس في هذه السنة عبد الله بن محمد بْن داود، وحج جعفر بْن دينار وَهُوَ والي الموسم [3] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1426- إبراهيم بْن خالد بْن أبي اليمَان، أبو ثور الكلبي الفقيه الشافعي [4] .
سمع سفيان بن عيينة، وإسماعيل بن عليه، ووكيعا، وأبا معاوية، ويزيد بْن هارون، والشافعي، وغيرهم.
روى عنه: أبو داود السجستاني، ومسلم بْن الحجاج، وغيرهمَا.
وَكَانَ يميل إِلَى الرأي، فلمَا قدم الشافعي بغداد اختلف إليه، وترك قول أهل الرأي.
وَكَانَ من الفقهاء الأخيار، والثقات الأعلام، وصنف كتبا فِي الأحكام جمع فيها بين الْحَدِيث والفقه [5] .
وَكَانَ أحمد بْن حنبل يثني عَلَيْهِ ويقول: أعرفه بالسنة منذ خمسين سنة، وسئل عن مسألة فَقَالَ: سل الفقهاء، سل أبا ثور [6] .
أَخْبَرَنَا [عَبْدُ الرَّحْمَنِ] الْقَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا [أحمد بن على بن ثابت] [7] الخطيب قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ قال: أخبرنا أحمد بن إسحاق النهاوندي
__________
[1] في ت: «وفي هذه السنة» .
[2] في ح: «النعام» انظر: النجوم الزاهرة 2/ 301.
[3] انظر: تاريخ الطبري 9/ 198.
[4] «الشافعيّ» ساقطة من ت. انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 67.
[5] انظر: تاريخ بغداد 6/ 65.
[6] انظر: تاريخ بغداد 6/ 66.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/271)
قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خلادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُهَيْلٍ قَالَ: وَحَدَّثَنِي رَجُلٌ ذَكَرَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ- قَالَ ابْنُ خَلادٍ: وَأُنْسِيتُ أنا اسمه- قال:
114/ أوقفت امْرَأَةٌ عَلَى مَجْلِسٍ فِيهِ يَحْيَى/ بْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَخَلَفُ بْنُ سَالِمٍ فِي جَمَاعَةٍ يَتَذَاكَرُونَ الْحَدِيثَ، فَسَمِعَتْهِمْ يَقُولُونَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ، وَرَوَاهُ [فُلانٌ] ، وَحَدَّثَ بِهِ فُلانٌ، فَسَأَلَتْهُمْ عَنِ الْحَائِضِ تُغَسِّلُ الْمَوْتَى. فَلَمْ يُجِبْهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ- وَكَانَتْ غَاسِلَةً- وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَنْظُرُ إِلَى بَعْضٍ، فَأَقْبَلَ أَبُو ثَوْرٍ فَقَالُوا لَهَا: عَلَيْكِ بِالْمُقْبِلِ، فَسَأَلَتْهُ فَقَالَ: نَعَمْ تُغَسِّلُ الْمَوْتَى، لِحَدِيثِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: «أَمَا إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكَ» . وَلِقَوْلِهَا: كُنْتُ أَفْرِقُ رَأْسَ رَسُولِ الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ بالماء وَأَنَا حَائُضٌ.
قَالَ أبو ثور: فإذا فرقت رأس الحي فالميت أولى به.
فقالوا: نعم رواه فلان، وحَدَّثَنَا به فلان، ونعرفه من طريق كذا، وخاضوا فِي الطرق والروايات. فقالت المرأة: فأين كنتم إِلَى الآن [1] .
أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عبد الجبار أَخْبَرَنَا أبو الحسن القزويني وأَبُو إسحاق البرمكي قالا: أَخْبَرَنَا أبو عمرو بْن حيوية قَالَ: حَدَّثَنَا أبو عمر البغوي قَالَ:
حَدَّثَنَا أبو القاسم عثمَان بْن سعيد الأنمَاطي قَالَ: قَالَ المزني: قَالَ لي الشافعي: رأيت ببغداد ثلاث أعجوبات! قلت: مَا هن؟ قَالَ: رأيت نبطيا ينحو حَتَّى كأني أنا نبطي وَهُوَ غلامي، ورأيت أعرابيا قحا يلحن حَتَّى كأنه نبطي وَهُوَ غلامي [2] . قلت: من الأول؟
قَالَ: الزعفراني، [وَهُوَ غلامي] [3] . قلت. فمن العربي القح؟ قَالَ: أبو ثور [وَهُوَ غلامي] [4] .
قلت: فالأخرى؟ قَالَ: رأيت ببغداد شابا أسود الرأس واللحية إذا قَالَ حَدَّثَنَا قَالَ الناس كلهم: صدق، قلت: من هو؟ قال: أحمد بن حنبل [5] .
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 6/ 66، 67.
[2] «ورأيت أعرابيا قحا يلحن حَتَّى كأنه نبطي وهو غلامي» ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] انظر الخبر في: مناقب أحمد لابن الجوزي 145- 146.(11/272)
توفي أبو ثور فِي صفر هَذِهِ السنة ببغداد، ودفن فِي مقبرة باب الكنائس.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قَالَ لي أبي: أين كنت؟ قلت: فِي جنازة أبي ثور، فَقَالَ: رحمه اللَّه إنه كَانَ/ فقيها [1] . 114/ ب
1427- أحمد بْن أبي دؤاد بْن جرير، أبو عبد الله القاضي [2] .
واسم أبي دؤاد الفرج، ويقال: دعمي [3] ، ويقال اسمه كنيته.
ولي أحمد قضاء القضاة للمعتصم، ثم للواثق، وَكَانَ موصوفا [4] بالسخاء [5] ، غير أنه عَلَى مذهب الجهمية، وحمل السلطان عَلَى امتحان الناس بخلق القرآن. لولا مَا فعل من ذلك لاجتمعت الألسن عَلَى مدحه، فإنه كَانَ قد ضم إِلَى علمه الكرم الواسع، فلم يكن لَهُ أخ من إخوانه إلا بنى لَهُ دارا، ثم وقف عَلَى ولده مَا يغنيهم أبدا، ولم يكن لأخ من إخوانه ولد إلا من جَارِية [هُوَ] [6] وهبها لَهُ وناوله رجل شسعا وقد انقطع شسع نعله فأعطاه خمسمَائة دينار [7] .
أَخْبَرَنَا [عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ] الْقَزَّازِ قَالَ: أخبرنا أحمد بن [علي بن] [8] ثابت قال: أخبرني محمد بن علي الصوري قَالَ: أَخْبَرَنَا الحسن بْن حامد الأديب قَالَ: حَدَّثَنَا علي بْن محمد بْن سَعِيد الموصلي قَالَ: حَدَّثَنَا الحسن بْن عليل قَالَ: حَدَّثَنَا يحيى بْن السري الكاتب قَالَ: حدثني محمد بْن عبد الملك الزيات قَالَ: كَانَ رجل من ولد عمر بْن الخطاب لا يلقى ابْن أبي دؤاد وحده ولا [9] فِي محفل إلا لعنه ودعا عَلَيْهِ، وابن أبي دؤاد [10] لا يرد عَلَيْهِ شيئا، قَالَ محمد: فعرضت لذلك الرجل حاجة إلى
__________
[1] انظر: تاريخ بغداد 6/ 69.
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 4/ 142- 156.
[3] في الأصل: «دغمي» .
[4] في ت: «معروفا» .
[5] في الأصل: «بالشجاعة» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] انظر: تاريخ بغداد 4/ 142- 144.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] «ولا» ساقطة من ت.
[10] «إلا لعنه ودعا عَلَيْهِ وابن أبي دؤاد» . ساقطة من ت.(11/273)
المعتصم، فسألني أن أرفع قصته إليه، فمطلته واتقيت ابْن أبي دؤاد، فلمَا ألح علي عزمت على أن أوصل قصته [إليه] [1] ، فدخلت يومَا عَلَى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ وقصته معي واغتنمت غيبة ابْن أبي دؤاد فدفعت [2] القصة فِي يد أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، فلمَا قرأها دفعها إِلَى ابْن أبي دؤاد، فلمَا نظر إليها واسم الرجل فِي أولها قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عمر بْن الخطاب [3] ، يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عمر بْن الخطاب، يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عمر بْن الخطاب ينبغي أن نقضي لولده كل حاجة لَهُ، فوقع [لَهُ] [4] أمير المؤمنين بقضاء الحاجة.
115/ أقال محمد بْن عبد الملك: / فخرجت والرجل جالس، فدفعت لَهُ [5] القصة وقلت: تشكر لأبي عبد الله القاضي، فهو الذي اعتنق قصتك، وسأل أَمِير الْمُؤْمِنِينَ فِي قضاء حاجتك، قَالَ فوقف ذلك الرجل حَتَّى خرج ابْن أبي دؤاد فجعل يدعو لَهُ ويتشكر لَهُ، فَقَالَ لَهُ: اذهب [6] عافاك الله، فإني إنمَا [7] فعلت ذلك لعمر بْن الخطاب، لا لك [8] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرحمن [بن محمد قال:] أخبرنا [أحمد بْن علي بْن ثابت] [9] الخطيب قَالَ: أخبرنا الحسين [10] بْن عثمَان الشيرازي قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو علي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ [11] قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن الحسن بْن الحسين [12] القاضي قَالَ: حدثني الحسن [13] بْن منصور قَالَ: حَدَّثَنَا الحسن بْن ثواب قَالَ: سألت أحمد بْن حنبل [14] عمن يقول القرآن [المجيد] [15] مخلوق؟ قَالَ: كافر. قلت: فابن أبي دؤاد؟ قَالَ: كافر باللَّه العظيم [16] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن علي [الخطيب] قال: أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن نعيم الضبي قَالَ: سمعت أبا الحسين بْن أبي القاسم يقول: سمعت أَبِي يقول: سمعت أبا الحسين بْن الفضل يقول: سمعت
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «فرفعت» .
[3] في ت: «فكرر اسمه» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ت: «إليه» .
[6] «اذهب» ساقطة من ت.
[7] «إنما» ساقطة من ت.
[8] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 4/ 148- 149.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في ت: «الحسن» .
[11] في ت: والأصل: «أحمد بن عبد الله» .
[12] في الأصل: «محمد بن الحسين القاضي» .
[13] في الأصل: «الحسين بن منصور» .
[14] في الأصل: «أحمد بن محمد» .
[15] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[16] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 4/ 153.(11/274)
عَبْد العزيز بْن علي المكي يقول: دخلت عَلَى ابْن أبي دؤاد وَهُوَ مفلوج، فقلت: إني لم آتك عائدا، وإنمَا جئتك لأحمد الله عَلَى أنه سجنك فِي جلدك [1] .
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن علي [الخطيب] قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن بْن بِشْرَان [المعدل] قال [حدثنا عثمان بن أحمد قال] [2] حدثنا إسحاق بْن إبراهيم الختلي قَالَ: حَدَّثَنَا أبو يُوسُف يعقوب بْن موسى بْن الفيرزان ابْن أخي معروف الكرخي قَالَ: رأيت فِي المنام كأني وأخا لي نمر عَلَى نهر عيسى عَلَى الشط، فبينمَا نحن نمشي إذ امرأة تقول: مَا تدري مَا حدث الليلة؟ أهلك الله ابْن أبي دؤاد، فقلت لها: ومَا كَانَ سبب إهلاكه؟ قالت: أغضب الله فغضب الله عليه من فوق سبع سماوات [3] .
[قَالَ المؤلف:] [4] فلج ابْن أبي دؤاد. ثم مَات فِي محرم هَذِهِ السنة.
1428- أحمد بْن الخضر، وَهُوَ المعروف بابن خضرويه البلخي، يكنى أبا حامد [5] .
صحب أبا تراب [النخشبي] [6] وحاتمَا، ورحل إِلَى أبي يزيد، وأبي حفص.
أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلي بْن خلف قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي قَالَ: سمعت منصور بْن عبد الله يقول: سمعت محمد بْن حامد الترمذي يقول: قَالَ رجل لأحمد/ بْن خضرويه: أوصني فَقَالَ: أمت نفسك حتى 115/ ب تحييها، وقال: لا نوم أثقل من الغفلة، ولا رق أملك من الشهوة، ولولا ثقل الغفلة لم نظفر بك الشهوة [7] .
أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أحمد قال: أخبرنا أبو نعيم الأصبهاني
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 4/ 155.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 4/ 156.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ت: «أبا محمد» .
انظر ترجمته في: طبقات الصوفية 105، 106.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] انظر الخبر في: طبقات الصوفية للسلمي 105، 106.(11/275)
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الحسين قَالَ: سمعت منصور بْن عبد الله يقول: سمعت محمد بْن حامد يقول: كُنْت جالسا عند أحمد بْن خضرويه وَهُوَ فِي النزع، وَكَانَ قد أتى عَلَيْهِ خمس وتسعون سنة فسئل عن مسألة، فدمعت عيناه وقال: يَا بني، باب كنت أدقه خمسا وتسعين سنة هُوَ ذا يفتح لي الساعة، لا أدري أيفتح لي بالسعادة أو بالشقاوة، آن لي أوان الجواب. وَكَانَ ركبه من الدين سبعمَائة دينار، وحضره [1] غرمَاؤه فنظر إليهم وقال: اللَّهمّ إنك جعلت الرهون وثيقة لأرباب الأموال وأنت تأخذ عنهم وثيقتهم، فأد عني. قَالَ: فدق داق الباب، وقال: هَذِهِ دار أَحْمَد بْن خضرويه؟ فقالوا: نعم. قَالَ:
أين غرمَاؤه؟ قَالَ: فخرجوا فقضى عنه، ثم خرجت روحه [2] .
أسند ابْن خضرويه الحديث، وتوفي هذه السنة.
1429- إسمَاعيل بْن عبيد بْن أبي كريمة، أبو أحمد مولى عثمَان بْن عفان [3]
وَهُوَ من أهل حران.
حدث عن يزيد بْن هارون وغيره [4] ، وَكَانَ ثقة، توفي بالعراق في هذه السنة.
1430- الحسن بن عيسى بن ما سرجس، أبو علي النيسابوري [5] .
كَانَ نصرانيا من أهل بيت الثروة، فأسلم عَلَى يد ابْن المبارك.
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قَالَ: أخبرني [أحمد بْن علي بْن ثابت] [6] الخطيب قَالَ: أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب قال: أخبرنا محمد بْن نعيم الضبي قَالَ:
سمعت أبا علي الحسين بْن محمد بْن أحمد بْن الحسين المَاسرجسي يحكي عن جده وغيره من أهل بيته قال: كان الحسن والحسين ابنا عيسى بن ماسرجس يركبان معا، 116/ أفيتحير الناس في حسنهما وبزتهما، فاتفقا على أن يسلمَا/ فقصدا حفص بْن عَبْد الرَّحْمَنِ ليسلمَا عَلَى يده [7] ، فَقَالَ لهمَا حفص: أنتمَا من أجلّ النصارى،
__________
[1] «وحضره غرماؤه ... » حتى « ... هذه دار أحمد بن خضرويه» ساقط من ت.
[2] انظر الخبر في: حلية الأولياء 10/ 42.
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 273. والجرح والتعديل 2/ 188.
[4] في الأصل: «وعروة» .
[5] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 351.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] «ليسلما على يده» ساقطة من ت.(11/276)
وعبد الله بْن المبارك خارج في هذه السنة إِلَى الحج، فإذا أسلمتمَا عَلَى يده كَانَ ذلك أعظم عند المسلمين وأرفع لكمَا فِي عزكمَا وجاهكمَا، فإنه شيخ أهل المشرق والمغرب، فانصرفا عنه فمرض الحسين بْن عيسى، فمَات عَلَى نصرانيته قبل قدوم ابْن المبارك، فلمَا قدم [1] أسلم الحسن عَلَى يده [2] .
قَالَ المصنف رحمه الله [3] : انظروا مَا يعمل الجهل بأهله، فإنه لولا جهل حفص بْن عَبْد الرَّحْمَنِ وقلة علمه لمَا أمرهمَا بتأخير الإسلام، لأنه لا يحل تأخيره، لكن الجهل يردي أصحابه.
ولمَا أسلم الحسن سمع من ابْن المبارك ورحل فِي طلب العلم، وقدم بغداد حاجا، فحدث بِهَا، فسمع منه أحمد بْن حنبل، والبخاري، ومسلم، وابن أبي الدنيا، وعد فِي مجلسه بباب الطاق اثنتا عشرة ألف محبرة [4] .
وَكَانَ ثقة دينا ورعا، ولم يزل بنيسابور فِي عقبه فقهاء ومحدثون [5] .
وتوفي فِي منصرفه من مكة بالثعلبية في هذه السنة، وَكَانَ قبره ظاهرا بِهَا وعليه مكتوب وَمن يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى الله 4: 100 [6] هذا قبر الحسن [7] بْن عيسى، وَكَانَ أنفق فِي تلك الحجة ثلاثمَائة ألف دِرْهَمٍ [8] .
أَخْبَرَنَا [أَبُو مَنْصُورٍ] الْقَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا [أحمد بن علي] [9] بن ثابت قال: أخبرني
__________
[1] في ت: «وقدم» .
[2] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 7/ 352.
[3] «رحمه الله» ساقطة من ت.
[4] انظر: تاريخ بغداد 7/ 353. فيه بضع عشرة ألف.
[5] انظر: تاريخ بغداد 7/ 352.
[6] سورة: النساء، الآية: 100.
[7] «هذا قبر ... » إلى آخر الفقرة، ساقط من ت.
[8] انظر: تاريخ بغداد 7/ 353- 354.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/277)
مُحَمَّد بن أَحْمَد بن يعقوب [1] قَال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن نعيم [الضبي] [2] قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن الحسن بْن المؤمل بْن عيسى- ونحن في البادية [3] عند منصرفنا من زيارة/ 116/ ب قبر الحسن [بْن عيسى]- قَالَ: سمعت أبا يحيى البزاز يقول: كنت فيمن حج مَعَ الحسن بْن عيسى وقت وفاته بالثعلبية، ودفن بِهَا، فاشتغلت بحفظ محملي وآلاتي [4] عن حضور جنازته والصلاة عَلَيْهِ، لغيبة عديلي عني، فحرمت الصَّلَاة عَلَيْهِ، فأريته بعد ذلك فِي منامي [5] فقلت لَهُ: يَا أبا علي، مَا فعل بك ربك؟ قال: غفر لي ربي، قلت:
غفر لك ربك؟ كالمستخبر. قَالَ: نعم [6] ، غفر لي ربي ولكل من صلى علي. قلت:
فإني فاتتني الصَّلَاة عليك لغيبة العديل عن الرحل. فَقَالَ: لا تجزع فقد غفر لي [ولمن صلى علي] [7] ولكل من ترحم علي [8] .
1431- سويد بْن سعيد بْن سهل بْن شهريار، أبو محمد الهروي [9] .
سكن الحديثة عَلَى فراسخ من الأنبار، وقدم بغداد وحدث بِهَا، عن مَالك، وشريك، وإبراهيم بْن سَعْد، وسفيان بْن عيينة [10] ، [وروى عنه الباغندي] [11] والبغوي، وَكَانَ قد كفّ بصره في آخر عمره [12] .
__________
[1] في ت: «أخبرنا ابن ثابت قال: أخبرني أبو بكر بن مالك قال: أخبرني أحمد بن يعقوب» .
[2] في الأصل: «محمد بن نعيمها» .
وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «في السمارية» .
[4] في ت: «حملي وألهاني» .
[5] في ت: «في نومي» .
[6] «نعم» ساقطة من ت.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 7/ 354.
[9] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 228.
[10] في الأصل: «وسعد بن عيينة» .
وفي ت: «سعد وسفيان ابنا عيينة» .
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] انظر: تاريخ بغداد 9/ 228- 229.(11/278)
قَالَ أحمد: أرجو أن يكون صدوقا أو لا بأس به.
وقال يحيى: مَا حدثك به فاكتب عنه، ومَا حدث به تلقينًا فلا [1] .
توفي بالحديثة فِي شوال هَذِهِ السنة، وَكَانَ قد بلغ مَائة سنة.
1432- عبد الواحد بْن غياث، أبو محمد [2] البصري [3] .
سمع الحمَادين. روى عنه: البغوي، وَكَانَ ثقة. توفي بالبصرة [4] .
1433- قتيبة بْن سعيد بْن جميل بْن طريف، أبو رجاء الثقفي مولاهم [5] .
من أهل بغلان وهي قرية من قرى بلخ.
ولد سنة خمسين [6] ومَائة. قَالَ أبوه: رأيت رَسُول اللَّهِ صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ فِي المنام بيده صحيفة، فقلت: يَا رَسُول اللَّهِ مَا هَذِهِ الصحيفة؟ قَالَ: «فيها أسمَاء العلمَاء» ، قلت: ناولني أنظر فيها اسم ابني، فنظرت فإذا فيها اسمه [7] .
[قَالَ المصنف:] [8] وقتيبة لقب غلب عَلَيْهِ، وفي اسمه/ قولان، أحدهما: 117/ أيحيى. قاله أبو أحمد بْن عدي الجرجاني. والثاني: علي. قاله [أبو] [9] عبد الله بْن منده [10] .
رحل قتيبة إِلَى [11] العراق، ومكة، والمدينة، والشام، ومصر.
__________
[1] انظر: تاريخ بغداد 9/ 230.
[2] في ت: «أبو مجر» .
وفي تاريخ ابن عساكر: أبو بحر» .
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 11/ 5.
[4] في ت: «توفي في هذه السنة» .
[5] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 12/ 464.
[6] في الأصل: «سنة خمس ومائة» .
[7] في ت: «فنظرت فيها فإذا فيها اسم ابني» .
انظر الخبر في: تاريخ بغداد 12/ 467- 468.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 12/ 464.
[11] في الأصل: «رحل معه إلى» .(11/279)
وسمع من مَالك، والليث، وابن لهيعة، وحمَاد بْن زيد، وغيرهم.
روى عنه الأئمة: أحمد، ويحيى، وأبو خيثمة، وأبو بكر بْن أبي شيبة، وأبو زرعة، والبخاري، ومسلم بْن الحجاج، وَكَانَ ثقة مأمونا كثير الحديث.
أَخْبَرَنَا عَبْد الرحمن بن محمد [قال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ] [1] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْن محمد بْن رزق قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد بْن متويه البلخي [2] حَدَّثَنَا موسى بْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ المكتب قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بْن قتيبة بْن سعيد قَالَ:
سَمِعْتُ عصام بْن العلاء يقول: سَمِعْتُ قتيبة [بْن سعيد] [3] يقول:
لولا القضاء الذي لا بد مدركه ... فالرزق يأكله الإنسان بالقدر
مَا كَانَ مثلي فِي بغلان مسكنه ... ولا يمر بِهَا إلا عَلَى سفر [4]
[توفي بِهَا في هذه السنة] [5] .
1434- محمد بْن أبي عتاب، أبو بكر الأعين [6] .
واسم أبي عتاب: الحسن. كذا قَالَ مسلم وابن أبي حاتم.
وقال البغوي: اسم أبي [عتاب] [7] : طريف، وكذا قَالَ محمد بْن عبد الله الحضرمي، ومحمد بْن إسحاق السراج.
حدث أبو بكر عن: روح بْن عبادة، ووهب بْن جرير، وأسود بْن عامر، وغيرهم.
روى عنه: عباس الدوري، وَكَانَ ثقة.
وقال يحيى بْن معين: ليس هُوَ من أصحاب الحديث- وإنمَا أعني أنه ليس من الحفاظ بعلل الْحَدِيث والنقاد لطرقه- وأمَا الضبط والصدق فليس بمدفوع عنه [8] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «السلمي» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 12/ 469- 470.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 182 وقد ورد في الأصل: «محمد بن عتاب» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 2/ 183.(11/280)
وتوفي ببغداد يوم الثلاثاء لثلاث عشرة بقيت [من جمَادى الآخرة] [1] من هَذِهِ السنة.
1435- محمد بْن الصباح بْن سفيان، أبو جعفر الجرجرائي [2] .
حدث عن سفيان بْن عيينة، وهشيم بْن بشير وغيرهمَا.
قَالَ يحيى بْن معين: ليس به بأس. وقال ابْن عقدة/: هُوَ ثقة [3] . 117/ ب قَالَ البغوي [4] : توفي بجرجرايا في هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 5/ 367.
[3] انظر: تاريخ بغداد 5/ 368.
[4] «قال البغوي» ساقطة من ت.(11/281)
ثُمّ دخلت سنة إحدى وأربعين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
[إغارة الروم عَلَى عين زربة]
إغارة الروم عَلَى عين زربة، فأسرت من كَانَ بِهَا من رجال الزط، وذراريهم ونسائهم [1] [وجواميسهم] [2] وبقرهم، فأخذتهم إِلَى بلاد الروم [3] .
ومن الحوادث: أن أهل حمص وثبوا فِي جمَادى الآخرة من هَذِهِ السنة بمحمد بْن عبدويه عاملهم، وأعانهم عَلَيْهِ قوم من نصارى أهل حمص، فكتب بذلك إِلَى المتوكل [4] ، وكتب إليه بمناهضتهم، وأمده بجند من راتبة دمشق، مَعَ صالح العباسي التركي، وَهُوَ عامل دمشق، وأمره أن يأخذ من رؤسائهم ثلاثة [نفر] فيضربهم [5] [بالسياط] [6] ضرب التلف، فإذا مَاتوا صلبهم عَلَى أبوابهم، وأن يأخذ بعد ذلك من وجوههم عشرين إنسانا، فيضربهم بالسياط ثلاثمَائة سوط، ويحملهم فِي الحديد إِلَى باب أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، وأن يخرب مَا بِهَا من الكنائس والبيع [7] ، وأن يدخل البيع التي إِلَى جانب مسجدها فِي المسجد، وأن لا يترك فِي المدينة نصرانيا إلا أخرجه منها، وينادي
__________
[1] «ونسائهم» ساقطة من ت.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] انظر: تاريخ الطبري 9/ 201.
[4] «بذلك إلى المتوكل» ساقطة من الأصل.
[5] في الأصل: «فيضربونهم» وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في الأصل: «البدع» .(11/282)
فيهم قبل ذلك، فمن وجد فيها بعد ثالثة أحسن أدبه. وأمر لمحمد بْن عبدويه بخمسين ألف دِرْهَم [1] ، وأمر لقواده ووجوه أصحابه بصلات، وأمر لخليفته علي بْن الحسين بخمسة عشر ألف دِرْهَم [1] ، ولقواده [2] بخمسة آلاف درهم [3] وبخلع [4] .
[ماجت النجوم في السماء]
وفي هَذَا الشهر: مَاجت النجوم فِي السمَاء، وجعلت/ تتطاير شرقا وغربا ويتناثر 118/ أبعضها خلف بعض كالجراد من قبل غروب الشفق إِلَى قريب من الفجر، ولم يكن مثل هَذَا إلا لظهور رَسُول اللَّه صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ [5] .
وفي هذه السنة [6] : ولي أبو حسان الزيادي قضاء الشرقية في المحرم.
[مطر الناس بسامراء مطرا جودا]
وفيها: مطر الناس بسامراء مطرا جودا فِي آب [7] .
وفيها: ضرب عيسى بْن جعفر بْن محمد بْن عاصم ألف سوط، وَكَانَ السبب فِي ذلك: أنه شهد عَلَيْهِ أكثر من [8] سبعة عشر رجلا بشتم أبي بكر وعمر وعائشة وحفصة، وأنهي ذلك إِلَى المتوكل، فأمر المتوكل أن يكتب إِلَى محمد بْن عبد الله بْن طاهر يأمره بضرب عيسى هَذَا بالسياط، فإذا مات رمي به فِي دجلة، ولم تدفع جيفته إِلَى أهله، فضرب، ثم ترك فِي الشمس حتى مات، ثم رمي به في دجلة [9] .
أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلي بْن المحسن قَالَ: أَخْبَرَنَا طلحة بْن محمد بْن جعفر قَالَ: حدثني أبو الحسين عمر ابن الحسن، حَدَّثَنَا ابْن أبي الدنيا قَالَ: كنت فِي الجسر واقفا وقد حضر أبو حسان الزيادي القاضي، وقد وجه إليه المتوكل من سامراء بسياط جدد فِي منديل دبيقي مختومة، وأمره
__________
[1] في ت: «دينار» .
[2] في ت: «وقواده» .
[3] «درهم» ساقطة من ت.
[4] انظر: تاريخ الطبري 9/ 199.
[5] انظر: تاريخ الطبري 9/ 201. ومروج الذهب 4/ 103. والبداية والنهاية 10/ 324.
[6] في ت: «وفيها» .
[7] انظر: تاريخ الطبري 9/ 200.
[8] «أكثر من» ساقطة من ت.
[9] انظر: تاريخ الطبري 9/ 200- 201.(11/283)
أن يضرب عيسى بْن جعفر بْن محمد [1] بْن عاصم- وقيل أحمد بْن محمد بْن عاصم صاحب خان عاصم- ألف سوط، لأنه شهد عَلَيْهِ الثقات وأهل الستر أنه شتم أبا بكر 118/ ب وعمر وقذف عائشة، فلم ينكر ذلك ولم يتب، وكانت السياط بثمَارها/، فجعل يضرب بحضرة القاضي وأصحاب الشرط قيام، فَقَالَ: أيها القاضي قتلتني. فَقَالَ لَهُ القاضي:
قتلك الحق لقذفك زوجة رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ، وشتمك الخلفاء الراشدين المهديين. قَالَ طلحة: وقيل لمَا ضرب ترك فِي الشمس حَتَّى مات، ثم رمي به في دجلة [2] .
[نفقت الدواب والبقر]
وفي هَذِهِ السنه [3] : نفقت الدواب والبقر [4] .
وفيها: كان الفداء بين المسلمين والروم، و [كان] [5] السبب فِي ذلك: أن تذورة ملكة الروم أم ميخائيل، كانت قد بعثت تطلب الفداء لمن فِي أيدي [الروم من] [6] المسلمين، وَكَانَ المسلمون قد قاربوا عشرين ألفا، فوجه المتوكل رجلا يقال لَهُ:
نصر [7] بْن الأزهر، ليعرف تقدير عدد المَاسورين [8] ، فأقام عندهم حينا، ثم خرج، فأمرت الملكة بعرض الأسارى عَلَى النصرانية، فمن تنصر منهم كَانَ لَهُ أسوة بالنصارى، ومن أبى قتلته، فقتلت من الأسارى اثني عشر ألفا ثم أمرت بالفداء، ففودي من المسلمين سبعمَائة وخمسة وسبعون [9] رجلا، ومن النساء مَائة وخمس وعشرون [10] وفيها: أغارت البجه عَلَى حرس من أهل مصر، فوجه المتوكل لحربهم محمد بْن عبد الله القمي.
وَكَانَ مَا بين البجه والمسلمين هدنة، والبجه جنس من أجناس الحبش
__________
[1] «بن محمد» ساقطة من ت.
[2] انظر: تاريخ الطبري 9/ 200- 201.
[3] في ت: «وفيها» .
[4] انظر: تاريخ الطبري 9/ 201.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في الأصل: «مصمت» .
[8] في ت: «العدد وكم الأسرى» .
[9] في ت: «وستون» .
[10] انظر: تاريخ الطبري 9/ 202- 203.(11/284)
بالمغرب، وفي بلادهم معادن من الذهب، كانوا يقاسمون من يعمل فيها، ويؤدون إِلَى عمَال مصر فِي كل سنة شيئا من معادنهم، فامتنعوا من أداء الخراج، فعلم المتوكل، فشاور فِي أمرهم، فقيل لَهُ: إنهم أصحاب إبل والوصول [إليهم و] [1] إلى بلادهم صعب، وبينها وبين أرض الْإِسْلَام مسيرة شهر، فِي أرض مقفرة وجبال وعرة، لا مَاء فيها ولا زرع [2] .
فأمسك المتوكل عنهم [3] ، ثم تفاقم أمرهم، حَتَّى خاف أهل مصر عَلَى أنفسهم منهم، فولي المتوكل مُحَمَّد بْن عبد الله القمي/ محاربتهم، وتقدم إليه أن يكاتب 119/ أعنبسة بْن إسحاق الضبي [4] العامل عَلَى حرب مصر، وكتب إِلَى عنبسة بإعطائه جميع مَا يحتاج إليه من الجند، فأزاح عنبسة علته فِي ذلك، فخرج إِلَى أرض البجه فِي عشرين [5] ألفا، وحمل فِي البحر سبع مراكب موقرة بالدقيق والسويق والتمر والزيت عشرين [5] ألفا، وحمل فِي البحر سبع مراكب موقرة بالدقيق والسويق والتمر والزيت والشعير، وأمر قومَا من أصحابه أن يوافوه بِهَا فِي ساحل أرض البجة [6] .
فلمَا صار إِلَى حضرتهم [7] خرج إليه ملكهم، فجعل يطاوله الأيام ولا يقاتله [8] .
فلمَا ظن أن الأزواد قد فنت، أقبلت المراكب السبعة، فلمَا رأى أمير البجه ذلك حاربهم، واقتتلوا قتالا شديدا، وكانت الإبل التي يحاربون عَلَيْهَا زعرة تفزع من كل شيء، فجمع مُحَمَّد بْن عبد الله جميع أجراس الإبل والخيل التي كانت [9] فِي عسكره، فجعلها فِي أعناق الخيل، ثم حمل عليهم فتفرقت إبلهم لأصوات الأجراس، واشتد رعبها، فحملتهم عَلَى الجبال والأودية، ومزقتهم كل ممزق [10] ، واتبعهم القمي قتلا وأسرا، وذلك فِي أول سنة إحدى وأربعين، ثم رجع إِلَى عسكره [11] ، فوجدهم قد صاروا إِلَى موضع يأمنون فيه، فوافاهم بالخيل، فهرب ملكهم، فأخذ تاجه ومتاعه، فطلب ملكهم الأمَان عَلَى نفسه عَلَى أن يرد إِلَى ملكه، فأعطاه القمي ذلك، فأدى إليه
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] انظر: تاريخ الطبري 9/ 204.
[3] «فأمسك المتوكل عنهم» ساقطة من ت.
[4] «الضبي» ساقطة من ت.
[5] في ت: «في عشرة» .
[6] انظر: النجوم الزاهرة 2/ 297.
[7] في ت: «إلى حصونهم» .
[8] انظر: تاريخ الطبري 9/ 205.
[9] «كانت» ساقطة من ت.
[10] «ممزق» ساقطة من ت.
[11] في ت: «إلى معسكره» .(11/285)
الخراج للمدة التي كَانَ منعها. وانصرف القمي بملكهم إِلَى المتوكل [1] فكساه [2] .
وفيها: جعل المتوكل كور شمشاط عشرا، ونفلهم من الخراج إِلَى العشر.
وفي هذه السنة [3] : وقع بسامراء حريق احترق فيه ألف وثلاثمائة حانوت.
119/ ب وحج بالناس في هذه السنة جعفر بن دينار وَهُوَ والي [طريق] [4] مكة وأحداث/ الموسم [5] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1436- الإمَام أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حنبل، أَبُو عبد الله الشيباني [6] .
قدمت أمه بغداد وهي حامل به، فولدته ونشأ بِهَا، وسمع شيوخها، ثم رحل إِلَى الكوفة، والبصرة، ومكة، والمدينة، واليمن، والشام، والجزيرة وسمع من خلق كثير.
وجمع حفظ الحديث والفقه والزهد والورع، وكانت مخايل النجابة تبين عَلَيْهِ [7] من زمن الصغر، وَكَانَ أشياخه يعظمونه.
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا أحمد [بن علي بن ثابت] [8] الحافظ قَالَ:
أَخْبَرَنَا أبو عقيل أحمد بْن عيسى أَخْبَرَنَا عبد العزيز بْن الحارث التميمي قال: حدثنا إبراهيم بن محمد النسّاج قَالَ: سمعت إبراهيم الحربي يقول: رأيت أحمد بن حنبل
__________
[1] في ت: «إلى باب المتوكل» .
[2] انظر: تاريخ الطبري 9/ 206.
[3] في ت: «وفيها» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ت.
[5] انظر: تاريخ الطبري 9/ 206.
[6] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 4/ 412- 423، ومناقب أحمد لابن الجوزي. وصفة الصفوة 2/ 90.
والمعجم لابن عساكر ص 58.
[7] في ت: «بين عينيه» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/286)
كَأَنّ الله [قد] [1] جمع لَهُ علم الأولين والآخرين من كل صنف يقول مَا شاء ويمسك عمَا شاء [2] .
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا أحمد بْنُ عَلِيِّ [بْنِ ثَابِتٍ قَالَ:] [3] أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن عُمَر الفقيه قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن حمدان [العكبري] ، حَدَّثَنَا أبو حفص [عمر بْن مُحَمَّد] بْن رجاء قَالَ: سمعت عبد الله بْن أحمد بْن حنبل [يقول:
سمعت أبا زرعة الرازي يقول: كَانَ أحمد بْن حنبل] [4] يحفظ ألف ألف حديث، فقيل لَهُ: ومَا يدريك؟ قَالَ: ذاكرته فأخذت عَلَيْهِ الأبواب [5] .
أَخْبَرَنَا إسمَاعيل بْن أحمد قال: أخبرنا حمد بْنُ أحمد [الحداد] قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم أحمد بن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن محمد القاضي قَالَ: سمعت أبا دَاوُد السجستاني يقول: لم يكن أحمد بْن حنبل يخوض فِي شيء ممَا يخوض فيه الناس من أمر الدُّنْيَا، فإذا ذكر العلم تكلم [6] .
قَالَ سليمَان: وأخبرنا عبد الله بْن أحمد قَالَ: وَكَانَ أبي يصلي كل يوم وليلة ثلاثمَائة ركعة، فلمَا مرض من تلك الأصوات أضعفته، فكان يصلي فِي كل يوم وليلة مَائة وخمسين/ ركعة، وَكَانَ فِي زمن الثمَانين وَكَانَ يقرأ فِي كل يوم سبعا، وكانت له 120/ أختمة فِي كل سبع ليال سوى صلاة النهار، وَكَانَ ساعة يصلي ويدعو عشاء الآخرة ينام نومة خفيفة ثم يقوم إِلَى الصباح يصلى، وحج خمس حجات ثلاث [حجج] [7] مَاشيا، واثنتين راكبا [8] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، عَنْ أَبِي إسحاق البرمكي، عن عبد العزيز بْن جعفر
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] انظر الخبر في: مناقب أحمد لابن الجوزي ص 89 وهذا الخبر ساقط من تاريخ بغداد وقد جاء في نسخة الأصل بعد الخبر التالي.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 4/ 419- 420.
وهذا الخبر ساقط من ت.
[6] انظر الخبر في: حلية الأولياء 9/ 164.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] انظر الخبر في: حلية الأولياء 9/ 181.(11/287)
قَالَ: حَدَّثَنَا أبو بكر الخلال قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن محمد البراثي قَالَ: أخبرني أحمد بْن عبثر قَالَ: لمَا مَاتت أم صالح قَالَ أحمد لامرأة عندهم: اذهبي إِلَى فلانة ابنة عمي فاخطبيها لي من نفسها. قَالَ: فأتيتها فأجابته [1] ، فلمَا رجعت إليه قَالَ: كانت أختها تسمع كلامك. قَالَ: وكانت بعين واحدة؟ قالت: نعم، قَالَ: فاذهبي واخطبي تلك التي بعين واحدة فأتتها فأجابته وهي أم عَبْد الله [2] .
[قَالَ المؤلف:] [3] وقد ذكرنا كيف امتحن أحمد وضرب فِي زمن المعتصم، وأنه جعل المعتصم فِي حل [4] .
ولمَا ولي المتوكل أكرمه وبعث إليه مَالا كثيرا فتصدق به، واستزاره ليحدث أولاده [5] ، فحلف أن لا يحدث، فلم يحدث حَتَّى مَات.
ومرض أحمد ليلة الأربعاء لليلتين خلتا من ربيع الأول من هَذِهِ السنة واشتد [6] مرضه تسعة أيام وتوفي [7] .
وَكَانَ قد أعطاه بعض أولاد الفضل بْن الربيع [وَهُوَ فِي الحبس] [8] ثلاث شعرات من شعر رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ، فأوصى عند موته أن تجعل كل شعرة عَلَى عينه والثالثة عَلَى لسانه [9] .
وَكَانَ يصبر فِي مرضه صبرا عظيمَا [10] فمَا أن إلا فِي الليلة التي توفي فيها [11] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ خَيْرُونٍ، وابن ناصر قالا: أخبرنا أحمد بن
__________
[1] في ت: «فأتيتها فأجابته، وهي أم عبد الله» وباقي الخبر ساقط من ت.
[2] انظر الخبر في: مناقب أحمد لابن الجوزي ص 374.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «وأنه جعل المعتصم في حل» ساقطة من ت.
[5] في ت: «ولده» .
[6] في ت: «وامتد» .
[7] انظر الخبر في: مناقب أحمد ص 490.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] انظر الخبر في: مناقب أحمد ص 493.
[10] في ت: «صبرا عظيما كثيرا» .
[11] انظر الخبر في: مناقب أحمد ص 493.(11/288)
الْحَسَن المعدل قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو علي بْن شاذان قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن عبد بْن عمرويه [1] / قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدُ اللَّهِ بْن أَحْمَدَ بْن حَنْبَلٍ قَالَ: لمَا حضرت أبي الوفاة 120/ ب جلست عنده وبيدي الخرقة لأشد بِهَا لحيته، فجعل يغرق ثم يفيق، ثم يفتح عينيه ويقرأ بيده هكذا، لا بعد لا بعد، ففعل هَذَا مرة وثانية، فلمَا كَانَ فِي الثالثة قلت لَهُ: يَا أبه! أي شيء هذا [2] ، قد لهجت به في هذا الوقت تغرق حَتَّى نقول: قد قضيت، ثم تعود فتقول لا بعد؟ فَقَالَ لي: يَا بني! مَا تدري؟ قلت: لا، قَالَ: إبليس لعنه الله قائم حذائي عاض عَلَى أنامله يقول: يَا أحمد فتني! فأقول لَهُ: لا بعد حَتَّى أموت [3] .
قَالَ المصنف [4] : فضائل أحمد رضي الله عنه كثيرة، وإنمَا اقتصرنا ها هنا عَلَى هَذِهِ النبذة لأني قد جمعت فضائله فِي كتاب كبير جعلته مَائة باب، ثم مثل هذا التاريخ لا يحتمل أكثر ممَا ذكرت، [والله الموفق] [5] .
1437- الحسن بْن حمَاد بْن كسيب، أبو علي الحضرمي، المعروف بسجادة [6]
سمع أبا بكر بْن عياش، وعطاء بْن مسلم الخفاف، وأبا خالد وغيرهم.
وروى عنه: ابْن أبي الدنيا. وَكَانَ صاحب سنة.
توفي في هذه السنة.
1438- محمد ابْن الإمَام الشافعي أبي عبد الله محمد بْن إدريس، يكنى أبا عثمان [7] .
سمع سفيان بْن عيينة، وأباه، وولي القضاء بالجزيرة، وحدث هناك، واجتمع بأحمد بْن حنبل ببغداد، فَقَالَ لَهُ أحمد: أبوك أحد الستة الذين أدعو لهم فِي السحر.
وللشافعي ولد [8] آخر يسمى محمد أيضا. إلا أن ذلك توفي صغيرا وَهُوَ بمصر سنة إحدى وثلاثين، ذكره أبو سعيد بْن يونس الحافظ.
__________
[1] في الأصل: «عبد الله بن عبد عروية» .
[2] «هذا» ساقط من ت.
[3] «حتى أموت» ساقطة من ت.
انظر الخبر في: مناقب أحمد ص 494.
[4] في ت: «قال المؤلف» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في الأصل: «المعروف بسحالة» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 295.
[7] في الأصل: «أبا عباس» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 3/ 197.
[8] في ت: «وللشافعي ابن» .(11/289)
1439- محمد بْن عبد العزيز بْن أبي رزمة، مولى بني يشكر- واسم أبي رزمة: غزوان، ويكنى أبا محمد- أبو عمرو المروزي [1] .
121/ أحدّث عن سفيان بْن عيينة، والنضر بْن شميل/ وغيرهمَا.
روى عنه: إبراهيم الحربي وغيره، وَكَانَ ثقة.
1440- أبو غياث المكي، مولى جعفر بْن محمد [2] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ أَحْمَدَ بْن سليمَان قَالَ: أَخْبَرَنَا رزق الله بْن عبد الوهاب قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو الحسن بْن علي بْن أحمد بْن الباد قَالَ: أخبرنا أَبُو بكر أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن شَاذَان قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو حازم المعلى بْن سعيد البغدادي قَالَ: سمعت أبا جعفر محمد بْن جرير الطبري فِي سنة ثلاثمَائة يقول:
كنت بمكة فِي سنة أربعين ومَائتين فرأيت خراسانيا ينادي:
معاشر الحاج من وجد هميانا فيه ألف دينار فرده علي [3] أضعف [4] الله لَهُ الثواب، قَالَ: فقام إِلَيْهِ شيخ من أهل مكة كبير من موالي جعفر بْن محمد، فَقَالَ لَهُ:
يَا خراساني، بلدنا فقير أهله، شديد حاله، أيامه معدودة، ومواسمه منتظرة، فلعله بيد [5] رجل مؤمن يرغب فيمَا تبذله لَهُ حلالا يأخذه ويرده عليك [6] ، قَالَ الخراساني: وكم يريد؟ قَالَ العشر مَائة دينار، قَالَ: [لا واللَّه] [7] ، لا أفعل ولكن أحيله عَلَى الله عز وجل.
قَالَ: وافترقا.
قَالَ ابْن جرير: فوقع لي أن الشيخ صاحب القريحة والواجد للهميان فاتبعته، فكان كمَا ظننت، فنزل إِلَى دار خلقة الباب والمدخل [8] ، فسمعته يقول: يَا لبابة! قالت لَهُ: لبيك يَا أبا غياث. قَالَ: وجدت صاحب الهميان ينادي عَلَيْهِ مطلقا فقلت لَهُ: قيده بأن تجعل لواجده شيئا، فَقَالَ: كم؟ فقلت: عشرة، فَقَالَ: لا، ولكنا نحيله 121/ ب عَلَى الله عز وجل، فأي شيء نعمل، ولا بد لي من رده، فقالت لَهُ: [9] نقاسي/ الفقر
__________
[1] «أبو عمرو المروزي» ساقطة من ت.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 351.
[2] انظر ترجمته في: صفة الصفوة 2/ 147- 150.
[3] «على» ساقطة من ت.
[4] في ت: «ضاعف» .
[5] في ت: «في يد» .
[6] «عليك» ساقطة من ت.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] «إلى دار خلقة الباب، مستقلة والمدخل» .
ساقطة من الأصل.
[9] في ت: «فقال» .(11/290)
معك منذ [1] خمسين سنة ولك أربع بنات وأختان وأنا [2] وأمي وأنت تاسع القوم، استنفقه واكسنا [3] ، ولعل الله يغنيك فتعطيه أو يكافئه عنك ويقضيه، فَقَالَ لها [4] : لست أفعل ولا أحرق حشاشي بعد ست وثمَانين سنة، قَالَ: ثم سكت القوم وانصرفت.
فلمَا كَانَ من الغد عَلَى ساعات من النهار سمعت الخراساني يقول: يَا معشر [5] الحاج! وفد اللَّه من الحاضر والبادي، من وجد هميانا فيه ألف دينار فرده أضعف الله لَهُ الثواب، قَالَ [6] : فقام إليه الشيخ وقال: يَا خراساني! قد قلت لك بالأمس ونصحتك وبلدنا والله فقير قليل الزرع والضرع، وقد قلت لك أن [7] تدفع إِلَى واجده مَائة دينار، فلعله أن يقع بيد رجل مؤمن يخاف الله عز وجل فامتنعت [8] ، فقل لَهُ عشرة دنانير منها، فيرده عليك ويكون لَهُ فِي العشرة دنانير ستر وصيانة، قَالَ: فَقَالَ لَهُ الخراساني: لا نفعل ولكن [9] نحيله عَلَى الله عز وجل، قَالَ: ثُمّ افترقا.
فلمَا كَانَ من الغد سمعت الخراساني ينادي ذلك النداء بعينه، فقام الشيخ فَقَالَ له: يا خراساني، قلت أول أمس العشر منه، وقلت لك عشر العشر أمس، واليوم أقول لك [10] عشر العشر يشترى بنصف دينار قربة يستقي عَلَيْهَا للمقيمين بمكة بالأجرة وبالنصف الآخر [11] شاة يحلبها ويجعل ذلك لعياله غذاء، قَالَ: لا نفعل، ولكن نحيله عَلَى الله عز وجل، قَالَ: فجذبه الشَّيْخ [جذبة] [12] وقال: تعال خذ هميانك، ودعني أنام الليل، وأرحني من محاسبتك، فَقَالَ لَهُ: امش بين يدي.
فمشى الشيخ [13] وتبعه الخراساني وتبعهمَا، فدخل الشيخ فمَا لبث أن خرج وقال: ادخل يا خراساني، فدخل ودخلت فنبش [14] تحت درجة/ لَهُ مزبلة، 122/ أفنبش وأخرج منها الهميان أسود من خرق بخارية غلاظ وقال: هَذَا هميانك؟
فنظر إليه وقال: هَذَا همياني، قَالَ: ثم حل رأسه من شد وثيق، ثم صب المال في
__________
[1] «منذ» ساقطة من ت.
[2] «وأنا» ساقطة من ت.
[3] «واكسنا» ساقطة من ت.
[4] «لها» ساقطة من ت.
[5] في الأصل: «معاشر» .
[6] «قال» ساقطة من ت.
[7] في الأصل: «لذلك» .
[8] في الأصل: «فأشفقت» .
[9] «ولكن» ساقطة من ت.
[10] في ت: «لك عشر العشر أعطه دينارا عشر العشر» .
[11] في ت: «وبنصف دينار» .
[12] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[13] «الشيخ» ساقطة من ت.
[14] «فنبش» ساقطة من ت.(11/291)
حجر نفسه وقلبه مرارا، وقال: هَذِهِ دنانيرنا، وأمسك فم الهميان بيده الشمَال ورد المَال بيده اليمين فيه، وشده [1] شدا سهلا ووضعه عَلَى كتفه، ثم أراد الخروج، فلمَا بلغ باب الدار رجع، وقال للشيخ: يَا شيخ! مَات أبي رحمه الله [2] وترك من هَذَا ثلاثة آلاف دينار، فَقَالَ لي أخرج ثلثها ففرقه عَلَى أحق الناس عندك، وبع رحلي، واجعله نفقة لحجك! ففعلت ذلك وأخرجت ثلثها ألف دينار وشددتها فِي هَذَا الهميان، ومَا رأيت منذ خرجت من خراسان إِلَى ها هنا رجلا [3] أحق به منك، خذه بارك الله لك فيه، قَالَ [4] :
ثم ولى وتركه.
قَالَ: فوليت خلف الخراساني فعدا أبو غياث فلحقني وردني، وَكَانَ شيخا مشدود الوسط بشريط معصب الحاجبين، ذكر أن لَهُ ستا وثمَانين سنة، فَقَالَ لي:
اجلس، فقد رأيتك تتبعني فِي أول يوم وعرفت خبرنا بالأمس واليوم، فَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ يُونُسَ [5] الْيَرْبُوعِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: سَمِعْتُ نَافِعًا يَقُولُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلّم قال لعمر وعلي: «إذا أتاكما بهداه بِلا مَسْأَلَةٍ وَلا اسْتِشْرَافِ نَفْسٍ فَاقْبَلاهَا وَلا تَرُدَّاهَا فَتَرُدَّاهَا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» [6] وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ مِنَ اللَّهِ وَالْهَدِيَّةُ لِمَنْ حَضَرَ، ثُمَّ قَالَ: يَا لُبَابَةُ، الْهِمْيَان وَادْعِي فُلانَةَ وَفُلانَةَ وصاح ببناته وأخواته، وقال: ابسطوا 122/ ب حُجُورَكُمْ. فَبَسَطْتُ حِجْرِي/، وَمَا كَانَ لَهُنَّ قَمِيصٌ لَهُ حِجْرٌ يَبْسُطُونَهُ فَمَدُّوا أَيْدِيَهُمْ، وَأَقْبَلَ يَعُدُّ دِينَارًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْعَاشِرَ إِلَيَّ قَالَ: ولك دينارا [7] .
حَتَّى فَرَغَ الْهِمْيَانُ، وَكَانَتْ أَلْفًا، فَأَصَابَنِي مِائَةُ دِينَارٍ، فَتَدَاخَلَنِي مِنْ سُرُورِ غِنَاهُمْ أَشَدَّ مِمَّا داخلني مِنْ سُرُورٍ [8] أَصَابَنِي بِالْمِائَةِ دِينَارٍ، فَلَمَّا أَرَدْتُ الخروج قال لي: يا
__________
[1] في ت: «ثم شده» .
[2] «رحمه الله» ساقطة من ت.
[3] «رجلا» ساقطة من ت.
[4] «قال» ساقطة من ت.
[5] «بن يونس» ساقطة من ت.
[6] أخرجه البخاري في صحيحه 13/ 150، ومسلم 2/ 723.
[7] «إذا بلغ العاشر إلى قال: ولك دينارا» ساقط من ت.
[8] «غناهم أشد مما داخلني من سروري» ساقط من ت.(11/292)
فَتَى [1] ، إِنَّكَ لَمُبَارَكٌ وَلا [2] رَأَيْتُ هَذَا الْمَالَ قَطُّ، وَلا أَمَلْتُهُ [وَأَنِّي لأَنْصَحُكَ أَنَّهُ حَلالٌ،] [3] فَاحْتَفِظْ بِهِ، وَاعْلَمْ أَنِّي كُنْتُ أَقُومُ وَأُصَلِّي الْغَدَاةَ فِي هَذَا الْقَمِيصِ الْخَلِقِ، ثُمَّ أَنْزِعُهُ فَتُصَلِّي وَاحِدَةٌ [4] وَاحِدَةٌ، ثُمَّ أَكْتَسِبُ إِلَى مَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، ثُمَّ أَعُودُ فِي آخِرِ النَّهَارِ بِمَا قَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لي من أقط وتمر وكرات، وَمِنْ بُقُولٍ نُبِذَتْ، ثُمَّ أَنْزِعُهُ فَيَتَدَاوَلْنَهُ فَيُصَلِّينَ فِيهِ الْمَغْرِبَ وَعِشَاءَ الآخِرَةِ، فَنَفَعَهُنَّ اللَّهُ بِمَا أَخَذْنَ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكَ بِمَا أَخَذْنَا، وَرَحِمَ [اللَّهُ] [5] صَاحِبَ الْمَالِ فِي قَبْرِهِ [6] ، وَأَضْعَفَ ثَوَابَ الْحَامِلِ لِلْمَالِ وَشَكَرَ لَهُ.
قَالَ ابْن جرير [7] : فودعته وكتبت بِهَا العلم سنين أتقوت بِهَا، وأشتري منها الورق، وأسافر وأعطي الأجرة، فلمَا كَانَ بعد سنة ست وخمسين سألت عن الشيخ بمكة فقيل إنه [قد] [8] مَات بعد ذَلِكَ بشهور، ووجدت بناته ملوكا تحت ملوك، ومَاتت الأختان وأمهن، وكنت أنزل عَلَى أزواجهن [وأولادهن] [9] فأحدثهم بذلك، فيستأنسون [10] بي ويكرموني، ولقد حدثني محمد بْن حيان الْبَجَلِيّ [11] فِي سنة تسعين ومَائتين أنه لم يبق منهم أحد.
فبارك الله لهم فيمَا صاروا إليه ورحمة الله عليهم أجمعين [12] . /
__________
[1] في ت: «بني» .
[2] في ت: «وما» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «فيصلين فيه واحدة» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] «قبره» ساقط من ت.
[7] «قال ابن جرير» ساقطة من ت.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في ت: «ويأنسون» .
[11] «البجلي» ساقطة من ت.
[12] «ورحمة الله عليهم أجمعين» ساقطة من ت. انظر الخبر في: صفة الصفوة 2/ 147- 150.(11/293)
ثُمّ دخلت سنة اثنتين وأربعين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
[وقوع اضطراب بفارس والروم وخراسان]
أنه وقع اضطراب بفارس، والروم [1] ، وخراسان، والشام، وخرج [2] الروم بعد خروج علي بْن يحيى الأرمني من الصائفة حَتَّى قاربوا آمد، ثم خرجوا من الثغور الجزرية، فانتهبوا عدة قرى [3] ، ثُمّ رجعوا إِلَى بلادهم [4] .
وفي ربيع الأول: احترق بالكرخ مَائتا حانوت ونيف، واحترق بالكرخ [5] رجال ونساء وصبيان.
قَالَ ابْن حبيب الهاشمي: وفي شعبان زلزلت الدامغان، فسقط نصفها عَلَى أهلها وعلى الوالي فقتله، ويقال [6] إن الهالكين كانوا خمسة وأربعين ألفا [7] .
وكانت بقومس ورساتيقها فِي هَذَا الشهر زلازل، فهدمت منها الدور، وسقطت بدس كلها عَلَى أهلها وسقطت بلدان كثيرة عَلَى أهلها، وسقط نحو من ثلثي بسطام وزلزلت الري، وجرجان، وطبرستان، ونيسابور، وأصبهان، وقم، وقاشان، وذلك كله
__________
[1] «والروم» ساقط من ت.
[2] في الأصل: «وخروج» .
[3] في ت: «من القرى» .
[4] انظر الخبر في: تاريخ الطبري 9/ 207.
[5] «بالكرخ» ساقطة من ت.
[6] في ت: «ويذكر» .
[7] انظر: تاريخ الطبري 9/ 207.(11/294)
فِي وقت واحد، وسقطت جبال ودنا بعضها من بعض، ونبع المَاء مكان الجبال، ورجفت استراباذ [1] رجفة أصيب الناس كلهم وسمع بين السمَاء والأرض [2] أصوات عالية، وانشقت الأرض [3] بقدر مَا يدخل الرجل فيه [4] .
قَالَ: ورجمت قرية يقال لها: السويداء ناحية مصر بخمسة أحجار، فوقع منها حجر عَلَى خيمة أعرابي، فاحترقت ووزن منها حجر، فكان خمسة أرطال، فحمل منها أربعة إِلَى الفسطاط وواحد إِلَى تنيس [5] .
قَالَ [6] : وذكر أن/ جبلا [7] باليمن عَلَيْهِ مزارع لأهله [8] سار [9] حتى أتى مزارع 123/ ب قوم فصار فيها، فكتب بِذَلِك إِلَى المتوكل [10] .
[سقوط صاعقة بالبردان]
وسقطت [11] صاعقة بالبردان، فأحرقت رجلين، وأصابت ظهر الرجل الثالث، فاسود منها، [وسقطت فِي المَاء] [12] .
قَالَ ابْن حبيب: وذكر علي بْن أبي الوضاح أن طائرا دون الرخمة وفوق الغراب أبيض وقع عَلَى دابة بحلب لسبع بقين من رمضان، فصاح: [يَا معشر الناس،] [13] اتقوا
__________
[1] في الأصل: «أسد باد» .
[2] في الأصل: «للسماء والأرض.
[3] «أصواتا عالية وانشقت الأرض» ساقطة من ت.
[4] في ت: «منه» .
انظر: تاريخ الطبري 9/ 207. والشذرات 2/ 99.
[5] انظر: الشذرات 2/ 99. والنجوم الزاهرة 2/ 307.
[6] «قال» ساقطة من ت.
[7] في ت: «أن رجلا» .
وفي الأصل: «أن جبالا» .
[8] «لأهله» ساقطة من ت.
[9] في ت: «فسار» .
[10] انظر: شذرات الذهب 2/ 99.
[11] في ت: «ووقعت» .
[12] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[13] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/295)
الله الله اللَّه حَتَّى صاح أربعين مرة، ثم طار وجاء من الغد، فصاح أربعين [1] صوتا، وكتب بِذَلِك صاحب البريد وأشهد خمسمَائة إنسان سمعوه [2] .
ومَات رجل فِي [بعض] [3] كور الأهواز فِي شوال، فسقط طائر أبيض عَلَى جنازته، فصاح بالفارسية وبالخوزية: إن الله قد غفر لهذا [4] الميت ولمن شهده [5] .
ولليلتين خلتا من شوال قتل المتوكل رجلا عطارا كَانَ نصرانيا وأسلم، فمكث مسلمَا سنين كثيرة ثم ارتد، فاستتيب، فأبى أن يرجع إِلَى الإسلام، فضربت عنقه وأحرق بباب العامة [6] .
وحج بالناس في هذه السنة عبد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم الإمَام وَهُوَ والي مكة [7] .
وخرج بالحاج فيها جعفر بْن دينار وَهُوَ والي طريق مكة وأحداث الموسم [8] .
وحج إبراهيم بْن مظهر بْن سعيد الكاتب الأنباري من البصرة عَلَى عجلة تجرها الإبل عَلَيْهَا كنيسة ومخرج وقباب [9] [وسلك طريق المدينة] [10] فكان أعجب مَا رآه الناس في الموسم [11] .
__________
[1] «ثم طار وجاء من الغد فصاح أربعين» ساقطة من ت.
[2] انظر: شذرات الذهب 2/ 100.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «قد غفر الله لهذا» .
[5] انظر: شذرات الذهب 2/ 100.
[6] انظر: تاريخ الطبري 9/ 207- 208.
[7] انظر: تاريخ الطبري 9/ 208.
[8] في ت: «وخرج بالحاج» .
انظر: تاريخ الطبري 9/ 208.
[9] في ت: «وقبتان» .
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] انظر: تاريخ الطبري 9/ 208.(11/296)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
124/ أ
1441- الحسن بْن عَلي بْن الجعد بْن عبيد الجوهري [1] ، مولى أم سلمة المخزومية زوجة السفاح.
ولي قضاء المدينة المنصورية بعد عَبْد الرَّحْمَنِ بْن إسحاق الضبي.
عزل الواثق الضبي فِي سنة ثمَان وعشرين ومَائتين، واستقضى الحسن بْن علي وأبوه حي، وَكَانَ ذا مروءة.
وتوفي فِي رجب هَذِهِ السنة.
1442- الحسن بْن عثمَان بْن حمَاد بْن حسان [2] بْن يزيد، أبو حسان [3] الزيادي [4] .
سمع من إبراهيم بْن سعد، وهشيم بْن بشير [5] ، وابن علية، وخلقا كثيرا.
روى عنه: الكديمي، والباغندي. وَكَانَ من العلمَاء الأفاضل، صالحا دينا كريمَا مصنفا [6] ، وله تاريخ حسن، وولي قضاء الشرقية.
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا [أبو بكر] [7] الخطيب قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عمران المرزباني قَالَ: أَخْبَرَنَا عبد الواحد بْن محمد الخصيبي قَالَ: حَدَّثَنَا أبو حازم القاضي وأبو علي أحمد بْن إسمَاعيل قالا: حَدَّثَنَا أبو سهل الرَّازيّ قَالَ: حدثني أبو حسان الزيادي قَالَ: ضقت ضيقة بلغت فيها إِلَى الغاية، حَتَّى ألح علي القصاب، والبقال، والخباز، وسائر المعاملين، ولم تبق لي حيلة، فإني ليومَا عَلَى تلك الحال، وأنا مفكر في الحيلة، إذ
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 364.
[2] في ت: «بن حيان» .
[3] في ت: «أبو حيان» .
[4] «الزيادي» ساقطة من ت.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 356.
[5] «بن بشير» ساقط من ت.
[6] في الأصل: «منصفا» وفي ت: «وله مصنفات» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/297)
دخل علي الغلام فَقَالَ: حاجي بالباب يستأذن؟
فقلت لَهُ: ائذن لَهُ، فدخل الخراساني فسلم، وقال: ألست أبا حسان؟ قلت:
بلى، فمَا حاجتك؟ قَالَ: أَنَا رجل غريب أريد الحج، ومعي عشرة آلاف درهم، واحتجت أن تكون قبلك حتى أقضي حجي وأرجع، فقلت هاتها، فأحضرها وخرج بعد أن وزنها وختمها، فلما خرج فككت الخاتم [1] على المكان، ثم أحضرت المعاملين فقضيت كل دين كان علي، واتسعت وأنفقت، وقلت: أضمن هذا المال للخراساني، 124/ ب وإلى أن يجيء يكون قد أتى الله بفرج من عنده، فكنت يومي ذلك فِي/ سعة وأنا لا أشك فِي خروج الخراساني، فلمَا أصبحت من غد ذلك اليوم دخل عليّ الغلام فقال:
الخراساني الحاج بالباب يستأذن فقلت: ائذن لَهُ، فدخل فَقَالَ: إني كنت عازمَا عَلَى مَا أعلمتك، ثم ورد علي الخبر بوفاة والدي، وقد عزمت عَلَى الرجوع إِلَى بلدي، فتأمر لي بالمَال الذي أعطيتك أمس.
قَالَ: فورد علي أمر لم يرد علي مثله قط [2] ، وتحيرت فلم أدر مَا أقول لَهُ، ولا [3] بمَا أجيبه، وفكرت فقلت: مَاذا أقول للرجل؟ ثم قلت: نعم، عافاك الله [تعالى] ، منزلي هَذَا ليس بحريز، ولمَا أخذت مَالك وجهت به إِلَى من هُوَ قبله، فتعود فِي غد لتأخذه، فانصرف وبقيت [4] متحيرا مَا أعمل؟ إن جحدته قدمني فاستحلفني، وكانت الفضيحة فِي الدنيا والآخرة، وإن دافعته صاح وهتكني وغلظ الأمر علي جدا، وأدركني الليل وفكرت في بكور الخراساني إليّ، فلم يأخذني النوم ولا قدرت على الغمض، فقمت إلى الغلام فقلت له: أسرج البغلة، فقال: يا مولاي، هذه العتمة بعد [5] ، وما مضى من الليل شيء، فإلى أين تمضي؟
فرجعت إلى فراشي، فإذا النوم ممتنع، فلم أزل أقوم إلى الغلام وهو يردّني حتى فعلت ذلك ثلاث مرات، وأنا لا يأخذني القرار، وطلع الفجر، فأسرج البغلة وركبت، وأنا لا أدري أَيْنَ أتوجه، وطرحت عنان البغلة، وأقبلت أفكر وهي تسير بي [6] حَتَّى بلغت الجسر فعدلت بي فتركتها فعبرت، ثم قلت: إِلَى أين أعبر، وإلى أين أمضي؟
__________
[1] في ت: «الختم» .
[2] «قط» ساقطة من ت.
[3] «ما أقول له ولا» ساقطة من ت.
[4] «وبقيت» ساقطة من ت.
[5] «بعد» ساقطة من ت.
[6] «بي» ساقطة من ت.(11/298)
وَلَكِن إن رجعت وجدت الخراساني عَلَى بابي، دعها تمضي إِلَى حيث شاءت، ومضت البغلة، فلمَا عبرت الجسر/ أخذت بي يمنة إِلَى [ناحية] [1] دار المأمون، 125/ أفتركتها إِلَى أن قاربت باب المأمون، والدنيا بعد [2] مظلمة، فإذا بفارس قد تلقاني، فنظر فِي وجهي، ثم سار وتركني، ثم رجع إلي فَقَالَ: ألست بأبي حسان الزيادي؟ قلت:
بلى. قَالَ: أجب الأمير الحسن بْن سهل، فقلت فِي نفسي: ومَا يريد الحسن بْن سهل مني؟ ثم سرت معه حَتَّى صرنا إِلَى بابه فاستأذن لي عَلَيْهِ [فأذن لي] [3] ، فَقَالَ: أبا حسان، مَا خبرك؟ وكيف حالك؟ ولم انقطعت عنا؟ فقلت: لأسباب وذهبت لأعتذر.
فَقَالَ: دع عنك هَذَا، أنت فِي لوثة أو فِي أمر، فإني [4] رأيتك البارحة فِي النوم فِي تخليط [5] كثير، فابتدأت فشرحت لَهُ قصتي من أولها إِلَى آخرها إِلَى [6] أن لقيني صاحبه [ودخلت عَلَيْهِ] [7] ، فَقَالَ: لا يغمك [8] يَا أبا حسان، قد فرج الله عنك هَذِهِ بدرة للخراساني مكان بدرته، وبدرة أخرى لك تتسع بها، وإذا نفذت أعلمنا. فرجعت من مكاني فقضيت الخراساني، واتسعت، وفرج الله وله الحمد [9] .
توفي أبو حسان [10] فِي رجب هَذِهِ السنة، وله تسع وثمَانون سنة وأشهر، ومَات هُوَ والحسن بْن الْجَعْد فِي وقت واحد، وأبو حسان [11] عَلَى الشرقية [12] ، والحسن بْن علي عَلَى مدينة المنصور.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من ت.
[2] «بعد» ساقطة من ت.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «كما هو» .
[5] في ت: «تحيط» .
[6] «آخرها إلى» ساقطة من ت.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ت: «لأنعمك الله» .
[9] «فرجعت من مكاني فقضيت الخراساني واتسعت وفرج الله وله الحمد» ساقطة من ت.
انظر الخبر في: تاريخ بغداد 7/ 358- 359.
[10] في ت: «أبو حيان» .
[11] في ت: «أبو حيان» .
[12] في ت: «على الشرطة» .(11/299)
1443- الخليل بْن عمرو [، أبو عمرو] [1] البغوي [2]
سكن بغداد، وحدث بِهَا عن وكيع بْن الجراح، وعيسى بْن يونس.
روى عنه: البغوي، وكان ثقة. وتوفي [بها في صفر] [3] في هذه السنة.
1444- زكريا [بن يحيى] [4] بن صالح بن يعقوب، أبو يحيى القضاعي الحرسي [5] .
روى عن المفضل بْن فضالة، ورشدين بْن سعد [6] ، وعبد الله بْن وهب.
كانت القضاة تقبله، وتوفي في شعبان هذه السنة.
125/ ب 1445- الطيب بن إسماعيل/ بن إبراهيم، أبو محمد الذهلي. ويعرف بأبي حمدون القصاص، واللآل [7] ، [والثقاب] [8] .
روى حروف القرآن عن الثقات: الكسائي، ويعقوب الحضرمي.
وحدث عن سفيان بْن عيينة وشعيب بْن حرب.
روى عنه: أبو العباس بْن مسروق وغيره، وَكَانَ من الزهاد المخلصين.
أخبرنا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت قال: أخبرنا الجوهري قال:
حَدَّثَنَا محمد بْن الحسين قَالَ: حَدَّثَنَا أبو الحسين بْن المنادي قَالَ: أبو حمدون الطيب [ابْن إِسْمَاعِيل] [9] من الأخيار [10] الزهاد، المشهورين بالقراءات، وكان يقصد [11]
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 335- 336.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وقد ورد: «وتوفي في مصر هذه السنة» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 3/ 336. والمعجم لابن عساكر ص 113.
[6] «بن سعد» ساقطة من ت.
[7] في الأصل: «الدلال» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 360- 362.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في تاريخ بغداد: «الخيار» .
[11] في ت: «وكان يلتقط المنبوذ وكان يقصد» .(11/300)
المواضع التي ليس فيها أحد يقرئ الناس فيقرئهم حَتَّى إذا حفظوا انتقل إِلَى آخرين بِهَذَا النعت، وَكَانَ يلتقط المنبوذ كثيرا [1] .
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا [أحمد بن علي] [2] الخطيب قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بْن عبيد اللَّه الجبائي قَالَ: حَدَّثَنَا جعفر بْن محمد بْن نصير [الخلدي] [3] قَالَ:
حدثني أبو العباس أحمد بْن مَسْرُوق قَالَ: سمعت أبا حمدون المقرئ يقول: صليت ليلة فقرأت فأدغمت حرفا، فحملتني عيناي، فرأيت كأن نورا قد تلبب بي وَهُوَ يقول:
الله بيني وبينك. قلت: من أنت؟ قَالَ: أنا الحرف الَّذِي [4] أدغمت [5] ، قَالَ قلت: لا أعود، فانتبهت، فمَا عدت أدغم حرفا [6] .
أَخْبَرَنَا القزاز أَخْبَرَنَا [أحمد بْن علي] [7] الخطيب قَالَ: أَخْبَرَنَا رضوان بْن محمد بْن الحسن الدينَوَريّ قَالَ: سمعت أبا محمد الحسن [بْن علي] بْن صليح [8] يقول: إن أبا حمدون الطيب بْن إِسْمَاعِيل كف بصره، فقاده قائد لَهُ ليدخله المسجد [فلمَا بلغ إِلَى المسجد] [9] قَالَ لَهُ قائده: يَا أستاذ، اخلع نعلك [10] . قَالَ: [لم] [11] يَا بني أخلعها؟ قَالَ: لأن فيها [12] أذى، فاغتم أبو حمدون، وكان من عباد الله الصالحين، فرفع يده [13] ودعا بدعوات ومسح بِهَا/ وجهه فرد الله عَلَيْهِ بصره ومشى [14] . 126/ أ
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 9/ 362.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «الّذي» ساقطة من ت.
[5] في الأصل: «أدغمتني» .
[6] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 9/ 361.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وفي ت: «بن صالح» .
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في ت: «نعليك» .
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] في ت: «فيهما» .
[13] في ت: «فرفع بصره» .
[14] انظر الخبر في تاريخ بغداد: 9/ 361.(11/301)
1446- القاسم بْن عثمَان الجوعي [1] .
أسند عن سفيان بْن عيينة وغيره.
أَخْبَرَنَا ابْن ناصر قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ [قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم الحافظ قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جعفر قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أحمد حَدَّثَنَا] [2] يوسف بْن أحمد الْبَغْدَادِيّ قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت القاسم الجوعي يقول: شبع الأولياء بالمحبة عن الجوع ففقدوا لذاذة الطعام والشراب والشهوات، لأنهم تلذذوا بلذة ليس فوقها لذة، فقطعتهم عن كل لذة [3] وإنمَا سميت قاسمَا الجوعي لأن الله تعالى قواني عَلَى الجوع، فلو تركت مَا تركت ولم أوت بالطعام لم أبال، رضت نفسي حَتَّى [4] لو تركت شهرا ومَا زاد لم تأكل ولم تشرب ولم تبال، وأنا عنها راض أسوقها حيث شئت، اللَّهمّ أنت فعلت بي ذلك فأتمه علي [5] .
1447- محمد بْن أسلم [6] بْن سالم بْن يزيد، أبو الحسن الكندي الطوسي [7] .
سمع عبدان بْن عثمَان، وسعيد [8] بْن منصور والحميدي، وقبيصة [9] ، ويزيد بْن هارون في خلق كثير، وكان من الصالحين.
قَالَ محمد بْن رافع: دخلت عَلَى محمد بْن أسلم فمَا شبهته إلا بأصحاب النبي صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وَكَانَ محمد بْن أسلم يخدم نفسه وعياله [10] ويستقي المَاء من النهر بالجرار فِي اليوم البارد، وَكَانَ إذا اعتل لم يخبر أحدا بعلّته ولم يتداو.
__________
[1] انظر ترجمته في: حلية الأولياء 9/ 323 وصفة الصفوة 4/ 210.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «والشراب والشهوات لأنهم تلذذوا بلذة ليس فوقها لذة، فقطعتهم عن كل لذة» ساقطة من ت.
[4] «حتى» ساقطة من ت.
[5] انظر الخبر في: «حلية الأولياء 9/ 323 وصفة الصفوة 4/ 210
[6] في الأصل: «علي بن محمد بن أسلم» .
[7] انظر ترجمته في: النجوم الزاهرة 2/ 308. وحلية الأولياء 9/ 238- 243.
[8] في الأصل: «وسعد بن منصور» .
[9] في ت: «وقتيبة» .
[10] «وعياله» ساقطة من ت.(11/302)
أخبرنا [محمد] بن ناصر الحافظ قال: أخبرنا حمد بْنُ أحمد الحداد [1] قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم [2] أحمد بن عبد الله قال: حدثنا أبي قَالَ: حَدَّثَنَا خالي أحمد بْن محمد بْن يوسف قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا أبو عبد الله محمد بْن القاسم قَالَ: سمعت إسحاق بْن راهويه يقول: لم أسمع بعالم منذ خمسين سنة [3] كَانَ أشد تمسكا بأثر رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ من محمد بْن أسلم.
قَالَ أبو عبد الله: وقال لي محمد بْن أسلم يا أبا/ عبد الله ما لي ولهذا الخلق كنت فِي صلب أبي وحدي، ثم صرت فِي بطن أمي وحدي، ثم دخلت إِلَى [4] الدنيا وحدي، ثم تقبض روحي وحدي، فأدخل فِي قبري وحدي، فيأتيني منكر ونكير فيسألاني وحدي، فأصير إِلَى حيث صرت [5] وحدي، وتوضع عملي وذنوبي فِي الميزان وحدي، وإن بعثت إِلَى الجنة بعثت وحدي، وإن بعثت إِلَى النار بعثت وحدي، فمَا لي والناس! قَالَ [6] : وصحبته نيفا وعشرين سنة لم أره يصلي ركعتي [7] التطوع إلا يوم الجمعة، ولا يسبح وَلَا يقرأ حيث أراه، ولم يكن أحد أعلم بسره وعلانيته مني. وسمعته يحلف مرارا: لو قدرت أن تطوع حيث لا يراني ملكاي فعلت، وَكَانَ يدخل بيتا ويغلق بابه ويدخل معه كوزا من مَاء، فلم أدر مَا يصنع، حَتَّى سمعت ابنا لَهُ صغيرا يحكي بكاءه، فنهته أمه، فقلت لها: مَا هَذَا البكاء؟ فقالت: إن أبا الحسن [8] يدخل هَذَا البيت فيقرأ القرآن ويبكي فيسمعه الصبي فيحكيه، وَكَانَ إذا أراد أن يخرج غسل وجهه واكتحل، فلا يرى عَلَيْهِ أثر البكاء، وكان يصل قوما فيعطيهم ويبرهم ويكسوهم [9] ، فيبعث إليهم ويقول للرسول: انظر لا يعلمون من بعثه إليهم، ويأتيهم هُوَ بالليل فيذهب به إليهم ويخفي نفسه، فربمَا بليت ثيابهم ونفد مَا عندهم ولا يدرون من الذي أعطاهم.
قَالَ: ودخلت عَلَيْهِ يومَا [10] قبل موته بأربعة أيام فَقَالَ لي: يَا أبا عبد الله، تعال أبشرك بمَا صنع الله بأخيك من الخير. قد [11] نزل بي الموت وقد من الله علي أنه ليس
__________
[1] «الحداد» ساقطة من ت.
وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «أبو نعيم» ساقطة من ت.
[3] في ت: «عاما» .
[4] «إلى» ساقطة من ت.
[5] في ت: «فإن صرت إلى خير صرت» .
[6] «قال» ساقطة من ت.
[7] في ت: «ركعتين من» .
[8] في ت: «أن أباه» .
[9] «ويكسوهم» ساقطة من ت.
[10] «يوما» ساقطة من ت.
[11] «قد» ساقطة من ت.(11/303)
عندي درهم يحاسبني الله عَلَيْهِ وقد علم ضعفي، وأني لا أطيق الحساب [فلم يدع لي شيئا يحاسبني عَلَيْهِ] [1] ثم قَالَ: أغلق الباب ولا تأذن لأحد علي حَتَّى أموت/، واعلم أني أخرج من الدُّنْيَا وليس عندي ميراث غير كسائي ولبدي وإنائي الذي أتوضأ فيه وكتبي، وكانت معه صرة فيها نحو ثلاثين درهمَا فَقَالَ: هَذَا لابني، أهداه إليه [2] قريب لَهُ، ولا أعلم شيئا أحل لي منه، لأن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ «أنت ومَالك لأبيك» فكفنوني منها، فإن أصبتم [لي] بعشرة [دراهم] [3] مَا يستر عورتي فلا تشتروا لي [4] بخمسة عشر، وابسطوا عَلَى جنازتي لبدي، وغطوا عَلَيْهَا بكسائي، وتصدقوا بإنائي، أعطوه مسكينا يتوضأ فيه، ثم مَات فِي اليوم الرابع وصلى عَلَيْهِ نحو من ألف ألف تقريبا [5] .
توفي ابْن أسلم في هذه السنة، ودفن إِلَى جنب إسحاق بْن راهويه.
1448- محمد بْن رمح بْن المهاجر، أبو عبد الله التجيبي [6] .
حكى عن مَالك بْن أنس، وروى عنه: الليث، وابن لهيعة، وَهُوَ ثقة ثبت.
توفي فِي شوال هَذِهِ السنة.
1449- هانئ بْن المتوكل بْن إسحاق بْن إبراهيم بن حرملة، أبو هاشم الإسكندراني [7] .
يروي عن حيوة بْن شريح، ومعاوية بْن صالح. جاوز المائة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «أهداه له» . وفي ت: «أهداه منه» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «لي» ساقطة من ت.
[5] انظر الخبر في: حلية الأولياء 9/ 238- 243 وصفة الصفوة 4/ 101- 103.
[6] انظر ترجمته في: حلية الأولياء 9/ 238- 243 وصفة الصفوة 4/ 101- 103 والجرح والتعديل 7/ 254. والتهذيب 9/ 165.
[7] الأنساب للسمعاني 1/ 247.(11/304)
ثُمّ دخلت سنة ثلاث وأربعين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
شخوص المتوكل إِلَى دمشق لعشر بقين من ذي القعدة، فضحى ببلد، فَقَالَ يزيد بْن محمد المهلبي حين خرج المتوكل:
أظن الشام تشمت بالعراق ... إذا عزم الإمَام عَلَى انطلاق
فإن تدع العراق وساكنيها ... فقد تبلى المليحة بالطلاق [1]
وحج بالناس [في هذه السنة] [2] عبد الصمد بْن موسى. وحج جعفر بْن دينار وَهُوَ والي طريق مكة وأحداث الموسم/ [3] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
127/ ب
1450- إبراهيم بْن العباس [4] .
متولي ديوان الضياع. توفي فتولاه الحسن بن مخلد بن الجراح.
__________
[1] انظر الخبر في: «تاريخ الطبري 9/ 209. والبداية والنهاية 10/ 344. والنجوم الزاهرة 4/ 114.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] انظر: تاريخ الطبري 9/ 209.
[4] في ت: «عباس» .(11/305)
1451- أحمد بْن سعيد، أبو عبد الله الرباطي [1] .
من أهل مرو، سمع وكيع بْن الجراح، وعبد الرزاق بْن همَام وخلقا [كثيرا] [2] .
روى عنه البخاري ومسلم فِي الصحيحين، وَكَانَ ثقة فاضلا فهمَا عالمَا [من أهل السنة] [3] ، وتوفي في هذه السنة.
أَخْبَرَنَا [عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ] الْقَزَّازِ قَالَ: أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ بْن عَلِيِّ بْن ثَابِتٍ] [4] الْخَطِيبُ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ قال: أخبرنا محمد بن عبد الله النيسابوري قال: سمعت أبا عبد الله محمد بْن يعقوب الحافظ يقول: سمعت إبراهيم بْن أبي طالب [5] يقول: سمعت أحمد بْن سعيد الرباطي يقول: قدمت عَلَى أحمد بْن حنبل فجعل لا يرفع رأسه إلي، فقلت: يَا أبا عَبْد الله، إنه يكتب عني بخراسان، فإن عاملتني بهذه المعاملة رموا بحديثي، فَقَالَ لي: يَا أَحْمَد، هل بد يوم [6] القيامة [من أن يقال: أين عبد الله بْن طاهر وأتباعه؟ انظر أين تكون أَنْت منه؟ قَالَ:
قلت: يَا أبا عبد الله، إنمَا هُوَ ولاني أمر الرباط لذلك دخلت فيه. قَالَ: فجعل يكرر علي: يَا أحمد هل بد يوم القيامة من أن يقال] [7] أين عبد الله [بْن طاهر] [8] وأتباعه؟
فانظر أين تكون أنت فيه [9] .
1452- إبراهيم بْن العباس بْن محمد [بْن صول] [10] ، مولى يزيد بْن الملهب، أبو إسحاق، أصله من خراسان [11] .
روى عن علي بْن موسى الرضا. وَكَانَ من أشعر الكتاب وأرقهم لسانا [12] .
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 4/ 165- 166. وتهذيب التهذيب 1/ 30 وطبقات الحنابلة 1/ 45.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «يقول سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول» ساقطة من ت.
[6] في ت: «يا أحمد، تقدم يوم» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين من هامش الأصل.
[9] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 4/ 166 وقد ورد الخبر في الأصل: «يا أحمد تقدم يوم القيامة اين عبد الله بن طاهر فانظر اين تكون منهم» .
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 117. ووفيات الأعيان 1/ 44.
[12] «لسانا» ساقطة من ت.(11/306)
وَكَانَ صول جد أبيه وفيروز أخوين تركيين ملكين بجرجان يدينان بالمجوسية، فلمّا دخل يزيد بْن المهلب جرجان أمنهمَا، فأسلم صول عَلَى يده ولم يزل معه.
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن مُحَمَّد بن عبد الواحد المروزي قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بْن محمد المقرئ، حَدَّثَنَا أبو بكر محمد بْن يَحْيَى الصولي قَالَ: أنشدنا أحمد بْن يحيى ثعلب قَالَ: أنشدنا إبراهيم بْن العباس الكاتب لنفسه: /
كم قد تجرعت من حزن ومن غصص [1] ... إذا تجدّد [2] حزن هون الماضي 128/ أ
وكم غضبت فمَا باليتم غضبي ... حَتَّى رجعت بقلب ساخط راضي
قَالَ الصولي: كأنه أخذه من قول خاله العباس بْن الأحنف:
تعلمت ألوان الرضى خوف عتبها ... وعلمها حبي لها كيف تغضب [3]
ولي غير وجه [4] قد عرفت طريقه ... ولكن بلا قلب إِلَى أين أذهب [5]
توفي إبراهيم فِي شعبان هَذِهِ السنة بسامراء.
1453- أحمد بْن عيسى، أبو عبد الله المصري [6] .
حدث عن المفضل بْن فضالة، ورشدين بْن سعد، وعبد الله بْن وهب.
وَكَانَ يتجر إِلَى العراق فتجر إِلَى [7] تستر، فقيل لَهُ: التستري، وسكن العراق، وتوفي ببغداد [في هذه السنة] [8] .
__________
[1] في ت: «ومن تجدد» .
[2] «إذا تجدد» ساقطة من ت.
[3] في ت: «أغضب» .
[4] في الأصل: «ولي ألف وجه» .
[5] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 6/ 117
[6] في ت: «البصري» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 4/ 272- 275.
[7] «العراق فتجر إلى» ساقطة من ت.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/307)
1454- حرملة بْن يحيى بْن عبد الله بْن حرملة بْن عمران، أبو حفص [1] .
ولد سنة ست وستين ومَائة، وتوفي فِي شوال هَذِهِ السنة.
1455- الحارث بْن أسد، أبو عبد الله المحاسبي [2] .
حدث عن يزيد بْن هارون، وله كتب فِي الزهد والمعاملة.
أَخْبَرَنَا [عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ] الْقَزَّازِ قَالَ: أخبرنا [أحمد بن علي الحافظ] [3] الخطيب قَالَ: أَخْبَرَنَا العتيقي وأحمد [بْن عمر بْن روح] النهرواني، وعلي بن أبي علي [ابن صادق] البصري، والحسن [بن علي] [4] الجوهري قالوا:
أَخْبَرَنَا الحسين بْن مُحَمَّد بْن عبيد [5] الدقاق قَالَ: سمعت أبا العباس أحمد بْن محمد بْن مسروق يقول: سمعت حارثا المحاسبي يقول: ثلاثة أشياء عزيزة أو معدومة:
حسن الوجه مَعَ الصيانة، وحسن الخلق مَعَ الديانة، وحسن الإخاء مَعَ الأمَانة [6] .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي أَخْبَرَنَا أبو نعيم الحافظ] [7] [أخبرني جَعْفَر الخلدي فِي كتابه: سمعت الجنيد يقول] [8] : مَات أبو الحارث المحاسبي يوم مَات وأن الحارث لمحتاج إِلَى دانق فضة، وخلف مَالا كثيرا، وما أخذ منه حبة واحدة، 128/ ب وقال: / أهل ملتين لا يتوارثان، وَكَانَ أبوه واقفيا [9] .
__________
[1] انظر ترجمته في: طبقات الشافعية 1/ 257. وتهذيب التهذيب 2/ 230.
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 211. ووفيات الأعيان 2/ 58. وطبقات الشافعية 2/ 37. ومقدمة كتاب «الرعاية لحقوق الله» وكتاب «آداب النفوس» وكتاب «الوصايا» وكتاب «بدء من أناب إلى الله» وكتاب «التوهم» للمؤلف بتحقيق الأستاذ عبد القادر أحمد عطا. فقد أخرج الأستاذ عبد القادر عطا معظم كتب الإمام المحاسبي وكان له السبق في نشرها وخدمتها.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ت: «عبيد الله» .
[6] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 8/ 212.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من جميع الأصول وأضفناه من تاريخ بغداد.
[9] في ت: «رافضيا» .
انظر الخبر في: تاريخ بغداد 8/ 214.(11/308)
قَالَ المصنف: كَانَ الإمَام أحمد بْن حنبل ينكر عَلَى الحارث المحاسبي خوضه فِي الكلام، ويصد الناس عنه، فهجره أحمد فاختفى فِي داره ببغداد، ومَات فيها، ولم يصل عَلَيْهِ إلا [1] أربعة نفر، وتوفي في هذه السنة.
1456- عبد الصمد بْن الفضل بْن خالد، أبو بكر الربعي البصري [2] .
يعرف بالمراوحي، لأنه أول من أحدث عمل المراوح بمصر.
وحدث عن عبد الله بْن وهب، وسفيان بْن عيينة، ووكيع.
وَكَانَ رجلا صالحا، توفي بمصر فِي جمَادى الآخرة من هَذِهِ السنة.
1457-[عقبة بْن مكرم، أبو عبد الملك العمي البصري [3] .
قدم بغداد، وحدث بِهَا عن غندر.
روى عنه: مسلم فِي صحيحه، والبغوي، وابن صاعد، وَكَانَ ثقة، توفي بالبصرة في هذه السنة] .
1458- الوليد بْن شجاع بْن الوليد بْن قيس، أبو همَام [4] السكوني البغدادي، كوفي الأصل [5] .
سمع علي بْن مسهر، وشريك بْن عبد الله، وعبد الله بْن المبارك، وغيرهم.
روى عنه: أبو حاتم الرازي، وعباس الدوري، والبغوي.
توفي في هذه السنة ببغداد.
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا أبو بكر [أَحْمَد بْن عَلي الحافظ قَالَ:] أَخْبَرَنَا أبو نُعَيم الحافظ [الأصبهاني حَدَّثَنَا إبراهيم بْن عبد الله العدل] [6] الأصبهاني قَالَ: حَدَّثَنَا السراج- يعني أبا العباس الثقفي [7]- قَالَ: سمعت محمد بْن أحمد ابْن بنت
__________
[1] في ت: «غير» .
[2] انظر ترجمته في: اللباب 3/ 191.
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 12/ 267 وهي ساقطة من الأصل.
[4] في ت: «أبو تمام» .
[5] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 13/ 446.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في الأصل «العقبي» وفي ت: «القيس» .(11/309)
مُعَاوِيَة بْن عمرو يقول: سمعت أبا يحيى مستملي أبا همَام يقول: رأيت أبا همَام فِي المنام وعلى رأسه قناديل معلقة فقلت: يَا أبا همَام، بمَا نلت هَذِهِ القناديل؟ قَالَ: هَذَا بحديث الحوض، وهذا بحديث الشفاعة، وهذا بحديث كذا، وهذا بحديث كذا [1] .
1459- هارون بْن عبد الله بْن مروان، أبو موسى البزاز، المعروف بالحمَال [2] .
سمع سفيان بْن عيينة، وسيار بْن حاتم [3] ، وروح بْن عبادة وغيرهم [4] .
روى عنه: مسلم بْن الحجاج، وإبراهيم الحربي، والبغوي، وابن صاعد، وَكَانَ حافظا صدوقا.
أَخْبَرَنَا [عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ] الْقَزَّازِ قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت قال:] [5] أخبرني عبد الغفار بن محمد المؤدب قال: حدثنا عمر بن أحمد الواعظ حدثنا 129/ أأحمد بْن محمد بْن الفضل المؤذن قَالَ: سمعت هارون بْن عبد الله/ الحمَال يقول:
جاءني أحمد بن حنبل بالليل فدق الباب علي، فقلت: من هَذَا؟ فَقَالَ: أنا أحمد، فبادرت إليه فمساني ومسيته، وقلت: حاجة يَا أبا عَبْد الله؟ قَالَ: نعم، شغلت اليوم قلبي، قلت: بمَاذا يَا أبا عبد الله؟ قَالَ: جزت عليك اليوم وأنت قاعد تحدث الناس فِي الفيء، والناس فِي الشمس بأيديهم الأقلام والدفاتر، لا تفعل ذَلِكَ [6] مرة أخرى. إذا قعدت فاقعد مَعَ الناس [7] .
توفي هارون فِي شوال هَذِهِ السنة، وقيل: سنة ثمَان وأربعين، ولا يصح.
1460- هناد بْن السري، أبو السري الدارمي الكوفي [8] .
سمع أبا الأحوص، ووكيعا وخلقا كثيرا.
أخبرنا زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قَالَ: أَخْبَرَنَا الحاكم أبو عبد الله قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن إبراهيم الهاشمي قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن سلمة قَالَ: كَانَ هناد بن
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 13/ 446.
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 14/ 22.
[3] في الأصل: «وسنان» .
[4] «وغيرهم» ساقطة من ت.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ت: «لا تفعل هذا» .
[7] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 22.
[8] انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 11/ 71.
والمعجم لابن عساكر ص 313.(11/310)
السري كثير البكاء، وكنت عنده ذات يوم فِي مسجده، فلمَا فرغ من القراءة عاد إِلَى منزله فتوضأ وانصرف إِلَى المسجد، وقام عَلَى رجليه فصلى إِلَى الزوال، ثم رجع إِلَى منزله فتوضأ وانصرف إِلَى المسجد، فصلى بنا الظهر، ثم قام عَلَى رجليه يصلي إِلَى العصر [1] يرفع صوته بالقرآن ويبكي كثيرا ويصلي إِلَى العصر، ثم صلى [بنا] [2] العصر، وجاء إِلَى المسجد فجعل يقرأ القرآن إِلَى الليل، فصليت معه صلاة المغرب، وقلت لبعض جيرانه: مَا أصبره عَلَى العبادة فقالوا: هَذِهِ عبادته بالنهار منذ سبعين عامَا، فكيف لو رأيت عبادته بالليل؟! ومَا [3] تزوج قط، ولا تسرى [قط] [4] ، وَكَانَ يقال لَهُ: عابد [5] الكوفة.
أخبرنا ابن ناصر قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن علي بْن ميمون قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو أحمد/ عبد الوهاب بْن محمد الغندجاني، أَخْبَرَنَا ابْن عبدان، حدثنا محمد سهل، حدثنا 129/ ب البخاري قَالَ: مَات هناد [بْن السري] [6] يوم الأربعاء آخر يوم من [شهر] [7] ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين ومَائتين.
1461- يعقوب بْن إسحاق السكيت، أبو يوسف النحوي اللغوي [8] .
صاحب كتاب «إصلاح المنطق» ، وأبوه هُوَ المعروف بالسكيت.
كَانَ من أهل الفضل والدين والثقة [9] ، وَكَانَ يؤدب الصبيان فِي أول أمره، ثم ترقى إِلَى أن صار يؤدب ولد المتوكل على الله.
وروى عن أبي عمرو الشيباني [10] ، وحدث عنه: أبو سعيد السكري.
وَكَانَ المبرد يقول: مَا رأيت للبغداديين [11] كتابا أحسن من كتاب يعقوب [12] بْن السكيت في المنطق.
__________
[1] في ت: «ثم قام على رحله يرفع صوته بالقرآن» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ت: «ولا تزوج» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ح: «راهب الكوفة» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 14/ 273.
ووفيات الأعيان 6/ 398.
[9] في ت: «الفقه» .
[10] «الشيبانيّ» ساقطة من ت.
[11] «للبغدايين» ساقطة من ت.
[12] «يعقوب» ساقطة من ت.(11/311)
أَخْبَرَنَا [عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ] الْقَزَّازِ قَالَ: أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ] [1] الْخَطِيبُ حَدَّثَنَا أَبُو القاسم عبيد الله بْن علي الرقي، حَدَّثَنَا أبو أحمد بْن عبد الله بْن محمد بْن أحمد المقرئ [2] ، حَدَّثَنَا أبو بكر الصولي، حَدَّثَنَا الحسن بْن الحسين الأزدي قَالَ: حدثني أبو الحسن الطُّوسيّ قَالَ: كنا فِي مجلس اللحياني [3] . فَقَالَ يومَا: تقول العرب «مثقل استعان بذقنه» [يريدون الجمل] [4] ، فقام إليه ابْن السكيت، - وَهُوَ حدث- فَقَالَ: يَا أبا الحسين إنما [5] هو تقول العرب: «مثقل استعان بدفيه» ، يريدون الجمل إذا نهض بالحمل [استعان بجنبيه] [6] ، فقطع الإملاء، فلمَا كَانَ فِي المجلس الثاني أملى فَقَالَ:
تقول العرب «هُوَ جاري مكاشري» ، فقام إليه ابْن السكيت فَقَالَ: أعزك الله، ومَا معنى مكاشري؟ إنمَا هُوَ مكاسري، كسر بيتي إِلَى كسر بيته. قَالَ [7] : فقطع اللحياني الإملاء، فمَا أملى بعد ذلك شيئا [8] .
توفي يعقوب [بْن السكيت] [9] فِي رجب [10] هَذِهِ السنة، وقيل: فِي سنة أربع [11] .
وقيل: سنة ست وأربعين ومائتين، وقد بلغ ثمَانيا وخمسين.
هذان [12] البيتان لابن السكيت:
ومن الناس من يحبك حبا ... ظاهر الحب ليس بالتقصير
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «المنقري» .
[3] في الأصل: «الجبائي» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «إنما هو» ساقطة من ت.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي ت: «استعان بمنكبيه» .
[7] «قال» ساقطة من ت.
[8] «شيئا» ساقطة من ت.
انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 273- 274.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] «رجب» ساقطة من ت.
[11] «في سنة أربع» ساقطة من ت.
[12] «هذان البيتان ... » إلى آخر الترجمة ساقط من ت.(11/312)
فإذا مَا سألته عشر فلس ... الحق الحب باللطيف الخبير/ 130/ أ
1462- يحيى بْن أكثم بْن محمد بْن قطن بْن سمعان التميمي، من ولد أكثم بْن صيفي، يكنى أبا محمد [1] .
سمع عبد الله بْن المبارك، والفضل بْن موسى الشيباني [2] ، وجرير بن عبد الحميد، وابن إدريس، وابن عيينة، والدراوَرْديّ، وعيسى بن يونس [3] ، ووكيع بن الجراح في آخرين.
وروى عنه: علي بن المديني، والبخاري وغيرهما. وكان عالما بالفقه بصيرا بالأحكام، ذا فنون من العلوم [4] ، فعرف المأمون فضله، فلم يتقدمه عنده أحد، فولاه القضاء ببغداد، وقلده قضاء [القضاة] [5] وتدبير أهل مملكته، فكانت الوزراء لا تعمل فِي تدبير الملك شيئا إلا بعد مطالعة يحيى بْن أكثم [لا يعلم أحد غلب عَلَى سلطانه فِي زمانه إلا يحيى بن أكثم] [6] وابن أبي دؤاد. أَخْبَرَنَا [عَبْد الرَّحْمَنِ] القزاز قَالَ: أَخْبَرَنَا [أحمد بن على] [7] بن ثابت قال: أخبرنا الجوهري قَالَ: أَخْبَرَنَا طلحة بْن محمد [8] الشاهد قال: حدثنا أبو بكر الصولي قال: حدثنا الكديمي قَالَ: حَدَّثَنَا علي بْن المديني.
قَالَ: خرج سفيان بْن عيينة إِلَى أصحاب الحديث وَهُوَ ضجر. فَقَالَ أليس من الشقاء أن أكون جالست ضمرة بْن سعيد، وجالس ضمرة أبا سعيد الخدري، وجالست عمرو بْن دينار [9] ، وجالس جابر بْن عبد الله، وجالست عبد الله بْن دينار [10] ، وجالس ابْن عُمَر، وجالست الزهري، وجالس أنس بْن مَالك. وعدد جمَاعة، ثم أنا أجالسكم! فقال له
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 14/ 191- 204.
[2] في الأصل: «السينتاني» .
[3] «بن يونس» ساقطة من ت.
[4] في ت: «من العلم» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وانظر الخبر في تاريخ بغداد 14/ 198.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في الأصل: «طلحة بن أحمد» .
[9] «بن دينار» ساقطة من ت.
[10] في ت: «عمرو بن دينار» .(11/313)
حدَّث فِي المجلس: أتتصف يَا أبا محمد؟ قال: إن شاء الله. قال له: والله لشقاء من جالس أصحاب رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ بك أشد شقاء منك بنا، فأطرق، وتمثل بشعر [1] أبي نواس:
خل جنبيك لزام ... وامض عنه بسلام
مت بداء الصمت خير ... لك من داء الكلام
فسأل من الحدث؟ فقالوا [2] : يحيى بْن أكثم. فَقَالَ [سفيان] [3] : هَذَا الغلام 130/ ب يصلح/ لصحبة هؤلاء- يعني السّلطان [4] .
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز أَخْبَرَنَا [أحمد بْن ثابت] [5] الخطيب أَخْبَرَنَا الحسن [6] بْن [محمد] أبي بَكْر قَالَ: ذكر أبو علي عيسى بْن محمد الطومَاري: أنه سمع أبا حازم، القاضي يقول: سمعت أبي يَقُولُ: ولي يحيى بْن أكثم القاضي البصرة وسنه عشرون [سنة] [7] أو نحوها- قَالَ: فاستصغره أهل البصرة، فَقَالَ لَهُ أحدهم: كم سن القاضي؟ قَالَ: فعلم أنه قد استصغره، فَقَالَ لَهُ: أنا أكبر من عتاب بْن أسيد الذي وجه [8] به النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ قاضيا عَلَى مكة يوم الفتح، وأنا أكبر من معاذ بْن جبل حين بعثه النبي صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ قاضيا عَلَى أهل اليمن، وأنا أكبر من كعب بْن سور [9] الذي وجه به عُمَر بْن الخطاب قاضيا عَلَى أهل [10] البصرة.
قَالَ: وبقي سنة لا يقبل بِهَا شاهدا، قَالَ: فتقدم إليه أبي، [وَكَانَ أحد الأمناء] [11] ، وقال لَهُ: أيها القاضي، قد وقفت الأمور وتريثت، قَالَ: ومَا السبب فِي ذلك [12] ؟ قَالَ: فِي ترك القاضي قبول الشهود، قَالَ: فأجاز في ذلك اليوم شهادة سبعين شاهدا [13] .
__________
[1] في الأصل: «بقول» .
[2] في ت: «فسأل عن الحدث فقيل» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «السلاطين» وكذلك في ح.
انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 192- 193.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ت: «الحسين بن محمد» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ت: «الّذي بعثه» .
[9] في الأصل: «كعب بن سعد» .
[10] «أهل» ساقطة من ت.
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] «في ذلك» ساقطة من ت.
[13] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 199.(11/314)
أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي [الحافظ قَالَ: أَخْبَرَنَا القاضي أبو عبد الله الْحُسَيْن بْن علي] [1] أخبرني الصيمري، حَدَّثَنَا المرزباني، أخبرني الصولي، أَخْبَرَنَا أبو العيناء حَدَّثَنَا أحمد بْن أبي دؤاد.
قَالَ الصولي: وحَدَّثَنَا محمد بْن موسى بْن داود، حَدَّثَنَا المشرق بْن سعيد حَدَّثَنَا محمد بْن مَنْصُور- واللفظ لأبي العيناء- قَالَ: كنا مَعَ المأمون فِي طريق الشام، فأمر فنودي بتحليل المتعة، فَقَالَ لنا يحيى بْن أكثم: بكرا غدا عَلَيْهِ [2] ، فإن رأيتمَا للقول وجها فقولا، وإلا فأمسكا إِلَى أن أدخل. قَالَ: فدخلنا إليه وَهُوَ يستاك- وَهُوَ مغتاظ- ويقول: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وعلى عهد أبي بكر، وأنا أنهى عنهمَا، ومن أنت يَا أحول حَتَّى تنهى عما فعله النبي صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ؟ فأمسكنا وجاء [3] / يحيى، فجلس وجلسنا، فَقَالَ المأمون ليحيى: ما لي أراك متغيرا؟ قَالَ: هُوَ غم يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ لمَا حدث فِي الإسلام، قَالَ: ومَا حدث فِي الإسلام؟ قَالَ النداء بتحليل الزنا، قَالَ: الزنا؟ قَالَ: نعم، المتعة زنا، قَالَ: ومن أين قلت هَذَا؟ قَالَ: من كتاب الله عز وجل، وحديث رسوله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ. قَالَ اللَّه تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ في صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ 23: 1- 2 إِلَى قوله: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ، إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ 23: 5- 7 [4] .
يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ زوجة المتعة ملك يمين؟ قَالَ: لا! قَالَ: فهي الزوجة التي عند الله ترث وتورث ويلحق الولد [ولها شرائطها؟] [5] قَالَ: لا: قَالَ: فقد صار متجاوز هذين [6] من العادين.
وَهَذَا الزُّهْرِيُّ يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ [7] رَوَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَالْحُسَيْنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ ابن الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِيهِمَا مُحَمَّدِ بْنِ [8] عَلِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ أَنْ أُنَادِيَ بِالنَّهْيِ عَنِ الْمُتْعَةِ وَتَحْرِيمِهَا، بَعْدَ أَنْ كَانَ أَمَرَ بِهَا، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «غدا إليه» .
[3] في ت: «حتى جاء» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] سورة: المؤمنون، الآية: 1- 6.
[6] في الأصل: «هذا» .
[7] «يا أمير المؤمنين» ساقطة من ت.
[8] في الأصل: «عن أبيهما عن أبيه» .(11/315)
الْمَأْمُونُ، قَالَ: أَتَحْفَظُونَ [1] هَذَا مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، رَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مَالِكٌ.
فَقَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، نَادَوْا بِتَحْرِيمِ الْمُتْعَةِ، فَنَادوا بِتَحْرِيمِهَا [2] .
قَالَ الصولي: فسمعت إسمَاعيل بْن إسحاق يقول- وقد ذكر يحيى بْن أكثم- فعظم أمره وقال: كَانَ لَهُ يوم [3] فِي الإسلام لم يكن لأحد مثله، وذكر مثل [4] هَذَا اليوم، فَقَالَ لَهُ رجل: فمَا كَانَ يقال؟ قَالَ: معاذ الله أن تزول عدالة مثله بتكذيب باغ وحاسد، وكانت كتبه فِي الفقه أجل كتب، فتركها الناس لطولها [5] .
قَالَ المصنف رحمه الله: لمَا استخلف المتوكل صير يحيى في مرتبة أحمد بن 131/ ب أبي دؤاد وخلع عَلَيْهِ خمس خلع، ثم عزل/ بجعفر بْن عبد الواحد، وغضب عَلَيْهِ المتوكل، فأمر بقبض أملاكه، ثُمّ دخل [6] مدينة السلام، وأمره [7] بأن يلزم [8] منزله [9] .
أَخْبَرَنَا القزاز قال: أخبرنا أحمد بْنِ عَلِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أبي الفتح الفارسي قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن الحسن بْنِ [10] الْمَأْمُونِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَنْبَارِيُّ قَالَ:
حدثني محمد بْن الْمَرْزُبَان قَالَ: حدثني علي بْن مسلم الكاتب قَالَ: دخل عَلَى يحيى بْن أكثم ابنا مسعدة- وكانا عَلَى نهاية من الجمَال- فلمَا رآهمَا يمشيان فِي الصحن أنشأ يقول:
يَا زائرينا من الخيام ... حياكمَا الله بالسلام
لم تأتياني وبي نهوض ... إِلَى حلال ولا حرام
يحزنني أن وقفتمَا بي ... وليس عندي سوى الكلام [11]
ثم أجلسهمَا بين يديه، وجعل يمازحهما حتى انصرفا.
__________
[1] في ت: «محفوظ» .
[2] في ت: «فنادوا بها» .
[3] «يوم» ساقطة من ت.
[4] «مثل» ساقطة من ت.
[5] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 199- 200.
[6] في ت: «ثم أورد» .
[7] «وأمره» ساقطة من ت.
[8] في ت: «وألزمه» .
[9] انظر: تاريخ بغداد 14/ 200- 201.
[10] في الأصل: «محمد بن أبي الحسن» .
[11] في ت: «القيام» .(11/316)
قَالَ أبو بكر بْن الأنباري: وسمعت غير واحد [1] من شيوخنا يحكي أن يحيى عزل عن الحكم بسبب هَذِهِ الأبيات التي أنشدها لمَا دخل [عَلَيْهِ] [2] ابنا [3] مسعدة [4] .
قَالَ المصنف: وقد كَانَ يعرف بهذا الفن، وشاع عنه، ولعله قد كَانَ يرى النظر فحسب، وإن كان حراما قبيحا.
وقد ذكر ذلك للإمَام أحمد رضي الله، فقال: سبحان الله، من يقول هَذَا!!؟
وأنكره أشد إنكار [5] .
أَخْبَرَنَا القزاز قال: أخبرنا [أحمد بن علي] [6] الخطيب قال: أَخْبَرَنَا الحسين بْن محمد بْن الحسن [7] أخو الخلال قَالَ: أَخْبَرَنَا إبراهيم بْن عبد الله المَالكي قَالَ: حَدَّثَنَا أبو إسحاق الهجيمي قَالَ: سمعت أبا العيناء يقول: تولى يحيى بْن أكثم ديوان الصدقات عَلَى الأضراء فلم يعطهم شيئًا فطالبوه وطالبوه، فلم يعطهم، فانصرفوا، ثم اجتمعوا وطالبوه فلم يعطهم [8] ، فلمَا انصرف من جامع الرصافة من مجلس القضاء سألوه وطالبوه فَقَالَ: [ليس] لكم [عندي ولا] [9] عند أمير المؤمنين/ شيء فقالوا: إن 132/ أوقفنا معك إِلَى غد [ألا] [10] تزيدنا عَلَى هَذَا القول؟ قَالَ: لا. فقالوا: لا تفعل يَا أبا سعيد! فَقَالَ: الحبس الحبس. فأمر بهم [11] فحبسوا جميعا، فلمَا كَانَ الليل ضجوا، فَقَالَ المأمون: مَا هَذَا؟ فقالوا الأضراء حبسهم يحيى بن أكثم. فقال: لم حبسهم؟
__________
[1] في ت: «وسمعت ابن المرزباني» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «ابنا» ساقطة من ت.
[4] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 195.
[5] في ت: «إنكارا شديدا» .
انظر: تاريخ بغداد 14/ 199.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] «ابن الحسن» ساقطة من ت.
[8] «فانصرفوا ثم اجتمعوا وطالبوه فلم يعطهم» ساقطة من ت.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ت.
[11] في الأصل: «فأمرهم» .(11/317)
فقالوا: كنوه فحبسهم فدعاه فَقَالَ لَهُ: [الأضراء] [1] حبستهم عَلَى أن كنوك! فَقَالَ: [يَا أمير الْمُؤْمِنِين] [2] لم أحبسهم عَلَى ذلك، إنمَا حبستهم عَلَى التعريض، قالوا لي [3] يَا أبا سعيد يعرضون بشيخ لائط فِي الخريبة [4] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرحمن [بن محمد] [5] قال: أخبرنا أحمد بن علي الحافظ، أخبرني الأزهري، حدثني مُحَمَّد بْن العباس، حَدَّثَنَا محمد بْن خلف بْن المرزبان قَالَ: حدثني أبو العباس أحمد بْن يعقوب قَالَ: كَانَ يحيى بْن أكثم يحسد حسدا شديدا، وَكَانَ مفتنا، وَكَانَ إذا نظر إِلَى رجل يحفظ الفقه سأله عن الحديث، وإذا رآه يحفظ الحديث سأله عن النحو، وإذا رآه يعلم النحو سأله عن الكلام، ليقطعه ويخجله، فدخل إليه رجل من أهل خراسان ذكي حافظ، فناظره فرآه مفتنا، فَقَالَ لَهُ: نظرت فِي الحديث؟
قَالَ: نعم! قَالَ: فمَا تحفظ من الأصول؟ قَالَ: أحفظ [عن] [6] ، شريك، عن أبي إِسْحَاق، عن الحارث: أن عليا رضي الله عنه رجم لوطيا، فأمسك فلم يكلمه [7] .
أَخْبَرَنَا محمد بْن أبي طاهر البزاز [أَخْبَرَنَا أبو الحسين بْن المهتدي أَخْبَرَنَا أبو الفضل مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمَأْمُونِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَنْبَارِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المرزبان حَدَّثَنَا أَبُو الحسن بْن المقدام قَالَ: استعدى ابْن أبي عمَار بْن أبي] [8] الخصيب يحيى بْن أكثم عَلَى ورثة أبيه، وَكَانَ بارع الجمَال، فَقَالَ: أيها القاضي أعدني عليهم، قَالَ: فمن يعديني [أنا] [9] عَلَى عينيك؟ قَالَ: فهربت به أمه إِلَى بغداد، فَقَالَ لها وقد 132/ ب تقدمت إليه: والله لا أنفذت لكم [10] حكما أو ترديه فهو أولى بالمطالبة/ منك.
قَالَ ابْن المرزبان: وحدثني محمد بْن نصر قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن يونس الضبي قَالَ: كَانَ زيدان الكاتب يكتب بين يدي يحيى بْن أكثم القاضي، وَكَانَ جميلا متناهي [الجمَال،] [11] فقرص القاضي خده، فخجل واستحيى، فطرح القلم من يده، فَقَالَ لَهُ يحيى: اكتب مَا أملي عليك، ثم قال:
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ت: «فقال: بلى» .
[4] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 194- 195.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 195.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في ت: «لك» .
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/318)
أيا قمرا جمشته فتغضبا ... وأصبح لي من تيهه متجنبا
إذا كنت للتجميش والعشق كارها ... فكن أبدا يَا سيدي متنقبا
ولا تظهر الأصداغ للناس فتنة ... وتجعل منها فوق خديك عقربا
فتقتل مشتاقا وتفتن ناسكا ... وتترك قاضي المسلمين معذبا [1]
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أَخْبَرَنَا أبو يعلي أَحْمَد بن عبد الواحد الوكيل قال: أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدل قَالَ: حَدَّثَنَا الحسين بْن القاسم الكوكبي قَالَ: حدثني أبو الحسن بْن المأمون قَالَ: قَالَ المأمون [2] ليحيى بْن أكثم: من الذي يَقُولُ:
قاض يرى الحد فِي الزنا ولا ... يرى عَلَى من يلوط من بأس
قَالَ: أو مَا يعرف أَمِير الْمُؤْمِنِينَ من قاله؟ قَالَ: لا، قَالَ: يقوله الفاجر أحمد بْن أبي نعيم الذي يقول:
أميرنا يرتشي وحاكمنا ... يلوط والرأس شر مَا رأس
/ لا أحسب الجور ينقضي وعلى ... الأمة وال من آل عباس 133/ أ
قال: فأفحم المأمون وسكت خجلا، وقال: ينبغي أن ينفى أحمد بْن أبي نعيم إِلَى السند [3] .
[قَالَ المصنف] [4] : وقد تكلم المحدثون فِي يحيى بْن أكثم، فَقَالَ أبو عاصم، ويحيى بْن معين: يحيى بْن أكثم كذّاب.
وقال إسحاق بْن راهويه: [هُوَ] [5] دجال.
وقال أبو علي صالح بْن محمد البغدادي: كَانَ يحدث عن عبد الله بْن إدريس أحاديث لم نسمعها.
__________
[1] انظر الخبر في: وفيات الأعيان 6/ 152.
[2] «قال المأمون» ساقطة من ت.
[3] «ينبغي أن ينفى أحمد بْن أبي نعيم إلى السند» . ساقط من ت.
انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 196.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/319)
وقال أبو الفتح الأزدي: روى عن الثقات عجائب لا يتابع عَلَيْهَا.
قَالَ المصنف: كَانَ يحيى بْن أكثم قد خرج إِلَى مكة وعزم على المجاورة، فبلغه [1] أن المتوكل قد صلح قلبه لَهُ [2] ، فرجع يريد العراق، فلمَا وصل إِلَى الرَّبَذَة توفي بِهَا، ودفن هناك [3] في هذه السنة. وقيل: سنة اثنتين، وَهُوَ ابْن ثلاث وثمَانين سنة.
أَخْبَرَنَا القزاز قَالَ: أخبرنا أَحْمَد [بْن علي] الحافظ قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن سليمان [4] المعدل قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو الفضل الزهري قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن محمد الزعفراني قَالَ: حَدَّثَنَا أبو العباس بْن واصل قَالَ: سمعت محمد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ الصيرفي قَالَ: رأى جار لنا يحيى بْن أكثم بعد موته فِي منامه، فَقَالَ لَهُ: مَا فعل الله بك؟
فَقَالَ: وقفت بين يديه فَقَالَ لي سوءة لك يَا شيخ، فقلت: يَا رب، إن رسولك صَلَّى الله عليه وآله وسلّم قال: «إنك لتستحي من أبناء الثمَانين أن تعذبهم» وأنا ابْن ثمَانين أسير الله فِي الأرض، فَقَالَ لي [5] : صدق رسولي، قد عفوت عنك [6] .
أَخْبَرَنَا القزاز قَالَ: أخبرنا أحمد [بن علي] [7] الخطيب قَالَ: أَخْبَرَنَا القاضي أَبُو العلاء الواسطي قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ المفيد قال: حدثنا عمر بْن سعد بْن سنان [8] قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن سلم الخواص قَالَ: رأيت يحيى بن أكثم القاضي في 133/ ب المنام، فقلت له [9] : ما فعل الله بك؟ فَقَالَ لي: وقفني بين يديه وقال لي/: يَا شيخ السوء، لولا شيبتك لأحرقنك بالنار، فأخذني مَا يأخذ العبد بين يدي مولاه، فلمَا أفقت قَالَ لي: يَا شيخ السوء [10] لولا شيبتك لأحرقنك [بالنار] ، فأخذني مَا يأخذ العبد بين يدي مولاه، فلمَا أفقت قَالَ لي: يَا شيخ السوء [11] ، لولا شيبتك لأحرقنك بالنار، فلمَا أفقت قلت: يَا رب، مَا هكذا حدثت عنك، فَقَالَ الله تعالى: ومَا حدثت عني- وهو أعلم بذلك- قلت:
__________
[1] في ت: «فبلغ» .
[2] «له» ساقطة من ت.
[3] في ت: «بها» .
[4] في الأصل: «ابن أبي سليمان» .
[5] في ت: «قال: صدق ... » .
[6] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 203.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ت: «يسار» .
[9] «له» . ساقطة من ت.
[10] «السوء» ساقطة من ت.
[11] «السوء» ساقطة من ت.(11/320)
حدثني عبد الرازق بْنُ هَمَّامٍ، حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عن نبيك صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، عَنْ جِبْرِيلَ عَنْكَ يَا عَظِيمُ أَنَّكَ قُلْتَ: «مَا شَابَ لِي عَبْدٌ فِي الإِسْلَامِ شَيْبَةً إِلا اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ أَنْ أُعَذِّبَهُ بِالنَّارِ» . فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: صَدَقَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَصَدَقَ مَعْمَرٌ، وَصَدَقَ الزُّهْرِيُّ، وَصَدَقَ أَنَسٌ، وَصَدَقَ نَبِيِّي، وَصَدَقَ جِبْرِيلُ، وَأَنَا قُلْتُ ذَلِكَ انْطَلِقُوا به إلى الجنة [1] .
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 14/ 203.(11/321)
ثُمّ دخلت سنة أربع وأربعين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
[دخول المتوكل دمشق]
دخول المتوكل دمشق فِي صفر، وعزم عَلَى المقام بِهَا، ونقل دواوين الملك إليها، فأمر بالبناء بِهَا فتحرك الأتراك فِي أرزاقهم وعيالاتهم، فأمر لهم بمَا أرضاهم [1] .
ثم استوبأ البلد، وذلك أن الهواء فيها [2] بارد ندي والمَاء ثقيل، والريح تهب فيها مَعَ العصر، ولا يزال يشتد حَتَّى يمضي عامة الليل، وهي كثيرة البراغيث، ثم غلت بها 134/ أالأسعار، وحالت/ الثلوج [3] بين السابلة والميرة فأقام شهرين وأيامَا، ورجع [4] إِلَى سامراء، فدخلها يوم الاثنين لسبع بقين من جمادى الآخرة [5] .
[توجيه المتوكل بغا من دمشق إِلَى غزو الروم]
وفيها: وجه المتوكل بغا من دمشق إِلَى غزو الروم فِي ربيع الآخر، فغزا الصائفة وافتتح صملّة [6] .
[أتي المتوكل بحربة كانت للنبي صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلّم]
وفيها: أتي المتوكل بحربة كانت للنبي صَلَّى الله عليه وآله وسلّم تسمى العنزة. ذكر أنها كانت
__________
[1] انظر الخبر في: مروج الذهب 4/ 115.
[2] في ت: «بها» .
[3] في ت: «السيول» .
[4] في ت: «ثم رجع» .
[5] انظر الخبر في: تاريخ الطبري 9/ 210.
[6] في الأصل: «دهمله» .
وفي ت: «مملة» .
انظر الخبر في: تاريخ الطبري 9/ 210.(11/322)
للنجاشي ملك الحبشة، فوهبها للزبير بْن العوام، فأهداها الزبير لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فكان يمشي بِهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِي العيدين وتركز بين يديه فِي الفضاء فيصلي إليها، فأمر المتوكل صاحب الشرطة بحملها بين يديه، وأمر خليفه صاحب الشرطة أن يحمل حربته [1] .
[غضب المتوكل على بختيشوع]
وفيها: غضب المتوكل عَلَى بختيشوع وقبض مَاله ونفاه إِلَى البحرين، لأجل سعاية كانت منه [2] .
[اتفاق عيد الأضحى والشعانين]
وفيها: اتفق عيد الأضحى، وعيد الشعانين [3] ، وعيد الفطر لليهود [4] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1463- إبراهيم بن عبد الله بْن حاتم، [أبو إسحاق] [5] الهروي [6] .
سمع عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أبي الزناد، وعبد العزيز الدراوَرْديّ، وإسمَاعيل بْن علية، وهشيم بْن بَشِير، وغيرهم [7] .
روى عنه ابْن أبي الدنيا، والمعمري، وجعفر [8] الفريابي.
قال الدار الدارقطني: هُوَ ثقة ثبت.
وقال إبراهيم الحربي: كَانَ حافظا متقنا ثقة، مَا كَانَ ها هنا أحد مثله، وَكَانَ يديم الصِّيَام إِلَى أن يأتيه أحد يدعوه إِلَى طعامه فيفطره، وَكَانَ أكولا، يقال: إنه كَانَ [9] يأكل حملا وحده.
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ الطبري 9/ 210، 211.
[2] انظر: تاريخ الطبري 9/ 211.
[3] في ت: «وعيد شعانين النصارى» .
[4] انظر: تاريخ الطبري 9/ 211.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 118.
[7] «وغيرهم» ساقطة من ت.
[8] في الأصل: «حفص» والتصحيح من تاريخ بغداد.
[9] «ويقال إنه كان» ساقطة من ت.(11/323)
توفي فِي رمضان هَذِهِ السنة [بسامراء] [1] .
1464- أحمد بْن منيع بْن عَبْد الرَّحْمَنِ، أبو جعفر الأصم، [مروزي الأصل] [2] ، وَهُوَ جد أبي القاسم البغوي لأمه [3] .
134/ ب ولد سنة/ ستين ومَائة. وسمع من هشيم بْن بشير، وعبد الله بْن المبارك، وسفيان بْن عيينة، ويزيد بْن هارون وغيرهم.
وَكَانَ ثقة، روى عنه: البخاري، ومسلم، وَكَانَ يختم القرآن فِي كل ثلاث.
وتوفي فِي [شوال] [4] هَذِهِ السنة.
1465- إسحاق بْن موسى بْن عبد الله. أَبُو موسى الأنصاري الخطمي [5] .
مديني الأصل كوفي الدار [6] .
حدث عن سفيان بْن عيينة، وَكَانَ ثقة، توفي بحمص في هذه السنة.
1466- الحسن بْن حريث بْن الحسن بْن ثابت، أبو عمَار [7] .
مولى عمران بْن حصين، مروزي [8] ، قدم بغداد، وحدث بِهَا عن عبد العزيز بْن أبي حازم، وابن الْمُبَارَك.
وروى عنه: البخاري، ومسلم، والبغوي، وابن صاعد. قَالَ النسائي: هُوَ ثقة.
توفي فِي منصرفه من الحج في هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 5/ 161.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «الخطميّ» ساقطة من ت.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 355.
[6] «الدار» ساقطة من ت.
[7] انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب 2/ 334.
[8] في ت: «المروزي» .(11/324)
1467- حمَاد بْن إسمَاعيل بْن إبراهيم الأسدي، المعروف بابن علية [1] .
حدث عن أبيه، ووهب بْن جرير، وَكَانَ ثقة. توفي في هذه السنة.
1468- سعيد بْن يعقوب، أبو بكر الطالقاني [2] .
سمع حمَاد بْن زيد، وإسمَاعيل بْن عياش، وابن المبارك، وهشيمَا والنضر بْن شميل.
روى عنه: أبو زرعة وقال: كَانَ ثقة، وَكَانَ يدخل إِلَى أحمد بْن حنبل فيذاكره الحديث. توفي في هذه السنة.
1469- عيسى بْن المساور الجوهري [3] .
حدث عن الوليد بْن مسلم، وسويد بْن عبد العزيز.
روى عنه: القاسم [4] بْن زكريا المطرز، وَكَانَ ثقة، توفي في هذه السنة.
1470- علي بْن حجر بْن إياس بْن مقاتل بْن مخادش، أبو الحسن [5] السعدي [6] .
ولد سنة أربع وخمسين ومَائة.
وسمع إسمَاعيل بْن جعفر، وفرج بْن فضالة، وشريك بْن عبد الله وعلي بن مسهر، وسفيان/ بن عيينة وغيرهم. 135/ أروى عنه: البخاري، ومسلم فِي الصحيحين، وَكَانَ يسكن بغداد قديمَا، ثم رحل إِلَى نيسابور، ثم عاد إِلَى مرو، فنزلها ونسب إليها، وانتشر حديثه بِهَا، وبها مَات فِي جمَادى الأولى من هَذِهِ السنة، وَكَانَ فاضلا حافظا متقنا ثبتا ثقة.
حَدَّثَنَا [أبو منصور] القزاز قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بكر أحمد بْن علي بن
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 157.
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 89. والجرح والتعديل 4/ 75.
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 11/ 161،
[4] في الأصل: «قاسم» .
[5] في الأصل: «أبو الحسين» .
[6] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 11/ 416.(11/325)
مُحَمَّد الأصبهاني قَالَ: سمعت أبا النضر محمد بْن أحمد بْن العباس يقول: سمعت القاسم بْن أَبِي صالح يقول: سمعت أبا حاتم الرازي يقول: سمعت ابْن أورمة الأصبهاني [الحافظ] يقول: كتب علي بْن حجر السعدي [1] إِلَى بعض إخوانه:
أحن إِلَى عتابك غير أني ... أجلك عن عتاب فِي كتاب
ونحن إذا التقينا قبل موت ... شفيت عليل صدري من عتاب
وإن سبقت بنا ذات المنايا ... فكم من عاتب تحت التراب [2]
1471- محمد بْن أبي العتاهية، أبو عبد الله الشاعر [3] .
كَانَ يلقب عتاهية، وَكَانَ ناسكا، وحذا حذو أبيه فِي الزهد.
وحدث عن هشام بْن محمد الكلبي. روى عنه: ابْن أبي الدنيا وغيره.
ومن شعره:
قد أفلح الساكت الصموت ... كلام راعي الكلام قوت
مَا كل نطق لَهُ جواب ... جواب مَا تكره السكوت
يَا عجبي لامرئ ظلوم ... مستيقن أنه يموت [4]
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا أبو بكر [أحمد] [5] بن علي قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ/ الأَزْهَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عمر بن أَحْمَد الواعظ قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بْن محمد بْن إسحاق المَرْوَزِيّ [قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن أبي الدنيا] قَالَ: أنشدني ابْن أبي العتاهية:
لربمَا غوفص ذي شرة ... أصح مَا كَانَ ولم يسقم
يَا واضع الميت فِي قبره ... خاطبك اللحد ولم تفهم [6]
__________
[1] السعدي» ساقطة من ت.
[2] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 11/ 417.
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 35.
[4] انظر: تاريخ بغداد 2/ 35.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 2/ 35.(11/326)
1472- محمد بْن إسحاق بْن حرب، أبو عبد الله اللؤلؤي السهمي، مولاهم من أهل بلخ، ويعرف بابن أبي يعقوب [1] .
كَانَ حافظا للعلوم من الحديث والأدب.
وحدث عن: مَالك، وخارجة بْن مصعب، وبشر بْن السري، وغيرهم.
روى عنه: [أبو بكر] [2] بن أبي الدنيا، وغيره، إلا أنه لم يكن يوثق فِي علمه، وَكَانَ قُتَيْبَة يذكره بأسوأ الذكر، ويقول: حدثت أنه شتم أم المؤمنين، وذاكر ابْن الشاذكوني بأشياء فَقَالَ ابْن الشاذكوني: ليس من هَذَا شيء، توفي في هذه السنة.
1473- محمد بْن أبان بْن وزير، أبو بكر البلخي مستملي وكيع [3] .
قدم بغداد، وحدث بِهَا عن: أبي بكر بن عياش، وسفيان بن عيينة، و [عبد الله] بْن إدريس، ووكيع وغيرهم.
وروى عنه: البخاري فِي صحيحه، وتوفي فِي [محرم] هَذِهِ السنة.
1474- محمد بْن أسد، أبو عبد الله الخراساني، يعرف بالخشني [4] .
نسب إِلَى قرية من قرى أسفرايين.
سمع ابْن المبارك، والفضيل بْن عياض، [وسفيان] [5] بْن عيينة، ووكيعا، وغيرهم.
روى عنه خلق كثير، إلا أن [إبراهيم] [6] الحربي سمَاه: / أحمد، وَكَانَ ثقة له 136/ أفهم.
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 1/ 234.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 81.
[4] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 82.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/327)
ثُمّ دخلت سنة خمس وأربعين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
أن المتوكل أمر ببناء المدينة التي بناها بالمَاحوزة، فأقطع أصحابه وقواده فيها، وجد فِي بنائها، وسمَاها الجعفرية، أنفق عَلَيْهَا ألفي ألف دينار، وبنى بِهَا قصرا سمَاه اللؤلؤة، لَمْ ير فِي علوه مثله، وأمر بحفر نهر يأخذه من خمس فراسخ، قدر لَهُ [1] مَائتي ألف دينار، وأقام فيه اثني عشر ألف رجل يعملون، فقتل المتوكل، وخربت الجعفرية، ولم يتم النهر [2] .
وفي هذه السنة: بعث ملك الروم ميخائيل يسأل المفاداة بمن عنده، وبعث مَعَ الرسول سبعة وسبعين أسيرا من المسلمين أهداهم إِلَى المتوكل، وَكَانَ قدومهم لخمس بقين من صفر، ولم يقع الفداء إلا فِي سنة ست وأربعين [3] .
وفي هذه السنة: زلزلت بلاد المغرب حَتَّى تهدمت الحصون والمنازل والقناطر، فأمر المتوكل بتفرقة ثلاثة آلاف ألف درهم فِي الذين أصيبوا بمنازلهم [4] .
وفيها: زلزلت المدائن [5] .
وفي شوال: كانت زلزلة ورجفة بأنطاكية، فقتلت خلقا، وسقط منها ألف وخمسمَائة دار، وسقط من سورها نيف وتسعون برجا، وسمعوا أصواتا هائلة لا يحسنون وصفها من كوى المنازل، وهرب أهلها إِلَى الصحارى، وتقطع جبلها الأقرع، وسقط
__________
[1] في ت: «وأنفق عليه» .
[2] انظر: تاريخ الطبري 9/ 212.
[3] انظر: تاريخ الطبري 9/ 213.
[4] انظر: تاريخ الطبري 9/ 212.
[5] انظر: تاريخ الطبري 9/ 9/ 213.(11/328)
فِي البحر، فهاج البحر، فارتفع منه دخان أسود مظلم [1] .
وسمع أهل تنيس من مصر ضجة هائلة/، فمات منها خلق كثير [2] . 136/ ب وزلزلت: بالس، والرقة، وحران، ورأس العين، وحمص، ودمشق، والرها، وطرطوس، والمصيصة، وأدنة، وسواحل الشام. ورجفت اللاذقية فمَا بقي فيها [3] منزل، ولا أفلت من أهلها إلا اليسير، وذهبت جبلة بأهلها [4] .
وفيها [5] : غارت مشاش عين مكة، حَتَّى بلغت القربة فيها [ثمَانين] [6] درهمَا، فبعثت أم المتوكل فأنفقت عَلَيْهَا [7] .
وفيها: هلك نجاح بْن سلمة، وذلك أنه كَانَ يتتبع [8] العمَال وكتب رقعة إِلَى المتوكل فِي الْحَسَن بْن مخلد، وموسى بْن عبد الملك أنهمَا قد خانا، وأنه يستخرج منهمَا أربعين ألف ألف [دِرْهَم] [9] فَقَالَ لَهُ المتوكل: بكر إلي غدا حَتَّى أدفعهمَا إليك، فغدا وقد رتب أصحابه، وقال: يَا فُلان [10] خذ أنت الحسن [11] ، ويا فلان خذ أنت [12] موسى، وكانا منقطعين إِلَى عبيد الله بْن يحيى بْن خاقان وزير المتوكل [13] ، فأمر عبيد الله أن يحجب نجاح عن المتوكل، فلقيه الوزير، وقال: أنا أصلح مَا بينك وبينهمَا، وتكتب رقعة تذكر فيها أنك كنت شاربا [14] ، فتكلمت بأشياء، فلم يزل يخدعه حَتَّى كتب رقعة، فأدخلها عَلَى المتوكل، وقال: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ: قد رجع نجاح عمَا قَالَ، وهذه رقعة موسى والحسن يتقابلان بمَا كتبا ويأخذان منه قريبا ممَا ضمن عنهمَا [15] .
فَقَالَ: ادفعه إليهمَا، فأخذ وابناه وكاتبه وأصحابه، فأقر نجاح وابنه بنحو مَائة وأربعين ألف دينار، وضرب فمَات، وضرب أولاده وأصحابه فأقروا بنحو تسعين ألف دينار، فقال الشاعر:
__________
[1] انظر: تاريخ الطبري 9/ 213.
[2] انظر: تاريخ الطبري 9/ 213.
[3] في ت: «منها» .
[4] انظر: تاريخ الطبري 9/ 213.
[5] «وفيها» ساقطة من ت.
[6] في ت: «حتى بلغ الثمن» .
[7] انظر الخبر في: تاريخ الطبري 9/ 213.
[8] في ت: «كان يسعى» .
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي ت: «دينار» .
[10] «يا فلان» ساقطة من ت.
[11] «الحسن» ساقطة من ت.
[12] «خذ أنت» ساقطة من ت.
[13] «وزير المتوكل» ساقطة من ت.
[14] في ت: «سكرانا» .
[15] انظر: تاريخ الطبري 9/ 215.(11/329)
مَا كَانَ يخشى نجاح صولة الزمن ... حَتَّى أديل لموسى منه والحسن
غدا عَلَى نعم الأحرار يسلبها ... فراح صفرا سليب المَال والبدن [1]
وفيها: غارت الروم عَلَى سميساط فقتلوا وسبوا نحوا من خمسمَائة [2] .
وغزا علي بْن يحيى الأرمني الصائفة [3] .
137/ أوحج بالناس في هذه السنة مُحَمَّد بْن سليمان/ بْن عبد الله بْن محمد بْن إبراهيم الإمام وهو والي مكة [4] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1475- إسحاق بن أبي إسرائيل- واسم أبي إسرائيل: إبراهيم بْن كامجر- وكنية إسحاق: أبو يَعْقُوب، مروزي الأصل [5] .
ولد سنة خمسين ومَائة، وقيل: إحدى وخمسين. وسمع من حمَاد بْن زيد، وابن عيينة وغيرهمَا.
روى عنه: البخاري، وَكَانَ حافظا ثقة مأمونا، إلا أنه كَانَ يقول: القرآن كلام الله ويقف، وَلَا يقول مخلوق ولا غير مخلوق، وَكَانَ يقول: لا أقول هَذَا عَلَى الشك، ولكن أسكت كمَا سكت القوم قبلي فذموه بسكوته [6] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا أبو القاسم الأزهري قَالَ: حَدَّثَنَا عمر بْن أَحْمَد الواعظ قَالَ: حَدَّثَنَا إسحاق بْن محمد بْن الفضل الزيات قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن محمد بْن أبي سلم الرازي قَالَ: حَدَّثَنَا حفص بْن معمر المهرواني قَالَ:
__________
[1] انظر: تاريخ الطبري 9/ 215.
[2] انظر: تاريخ الطبري 9/ 215 وقد وردت في الأصل: «شمشاط» .
[3] انظر: تاريخ الطبري 9/ 218.
[4] انظر: تاريخ الطبري 9/ 218.
[5] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 359.
[6] انظر: تاريخ بغداد 6/ 360- 361.(11/330)
رأيت النبي صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فِي النوم واقفا عَلَى إسحاق بْن أبي إسرائيل وَهُوَ يقول لَهُ: عنيتني إليك من ألف وخمسين فرسخا، أنت الذي تقف فِي القرآن [1] ؟
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن ثابت قَالَ: أخبرني الحسين بن علي الصيمري قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عمران المرزباني قَالَ: أخبرني محمد بْن يحيى الصولي قال: حدثني إبراهيم بْن المدبر الكاتب قَالَ: كنا عند المتوكل فدخل عَلَيْهِ [2] إسحاق بْن أبي إسرائيل فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، حَدَّثَنَا الفضيل بْن عياض عن هشام بْن حسان عن الحسن أنه قَالَ: المصافحة تزيد فِي المودة، فمد المتوكل يده حَتَّى صافحه [3] .
توفي إسحاق بسامراء فِي شعبان هَذِهِ السنة.
1476- الحسن بْن علي، أبو محمد- وقيل أبو علي- المعروف بالحلواني [4] .
سمع يزيد بْن هارون، وعبد الرزاق، وابن نمير، وأبا عاصم النبيل، وعفان بن مسلم، وغيرهم/ روى عنه: البخاري، ومسلم، والحربي، وأبو داود. وكان ثقة حافظا 137/ ب متقنا ثبتا.
وقال بالوقف فِي القرآن مرة فأعرض عنه الناس، فَقَالَ: القرآن كلام الله غير مخلوق.
1477- سوار بْن عبد الله بْن سوار بْن عبد الله بْن قدامة، أبو عبد الله [5] العنبري الْبَصْرِيّ.
نزل بغداد، وولي بِهَا قضاء الرصافة [فِي سنة سبع وثلاثين] [6] ، وحدث عن أبيه، وعن ابْن مهدي، ويحيى بن سعيد، وغيرهم.
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 6/ 360.
[2] «عليه» ساقطة من ت.
[3] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 6/ 358.
[4] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 366.
[5] «أبو عبد الله» ساقطة من ت. وقد ورد في هامش الأصل عنوان: «القاضي سوار» .
انظر ترجمته في: 9/ 1210.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/331)
روى عنه: عبد الله بْن أحمد، وابن صاعد وغيرهمَا. وَكَانَ فقيها فصيحا أديبا شاعرا ثقة.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عمر بْن روح قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ: أَخْبَرَنَا المظفر بْن يحيى بْن أحمد قَالَ: حَدَّثَنَا الحسين بْن الفهم قَالَ: حدثني الجرمي قَالَ: دخلت حمَامَا فِي درب الثلج، فإذا سوار بْن عَبْد الله القاضي فِي البيت الداخل، وقد استلقى وعليه المئزر، فجلست بقربه فساكتني ساعة، ثم قَالَ: قد أحشمتني يَا رجل، فإمَا أن تخرج أو أخرج.
فقلت: جئت أسألك عن مسألة. قال: ليس هَذَا موضع المسائل، فقلت: إنها من مسائل الحمَام، فضحك، وقال: هاتها. فقلت: من الَّذِي يَقُولُ:
سلبت عظامي لحمها فتركتها ... عواري ممَا نالها تتكسر
وأخليت منها مخها فكأنها ... قوارير فِي أجوافها الريح تصفر
إذا سمعت ذكر الفراق تراعدت ... مفاصلها خوفا لما تتنظّر
خذي بيدي ثم ارفعي الثوب تنظري ... بلى جسدي لكنني أتستر
فَقَالَ سوار: أنا والله قلتها، قلت: إنه يغني بِهَا ويجود، فَقَالَ: لو شهد عندي الذي يغني بِهَا لأجزت شهادته [1] .
138/ أأخبرنا محمد بْن ناصر الحافظ/ أَخْبَرَنَا أبو الغنائم محمد بْن علي الزينبي أَخْبَرَنَا أحمد بْن الحسين بْن الفضل قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد بْن عبد الله الكاتب قَالَ:
حَدَّثَنَا علي بن عَبْد اللَّهِ بن العباس بْن المغيرة الجوهري قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْن سعيد الدمشقي، حَدَّثَنَا الزُّبَير بْن بكار قَالَ: حدثني محمد بْن سلام قَالَ:
كَانَ حمَاد بْن موسى صاحب أمر [2] محمد بْن سليمَان، والغالب عَلَيْهِ، فحبس سوار القاضي رجلا فيمَا يحبس فيه القضاة، فبعث حمَاد فأخرج الرجل من الحبس، فجاء خصمه إِلَى سوار فأخبره أن حمَادا قد أخرج الرجل من الحبس، فركب سوار حَتَّى دخل عَلَى محمد بْن سليمَان وَهُوَ قاعد للناس، والناس عَلَى مراتبهم، فجلس حيث يراه محمد، ثم دعا قائدا من قوّاده فقال:
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 9/ 211.
[2] في الأصل: «أمير» .(11/332)
أسامع أنت مطيع؟ قَالَ: نعم. قَالَ: اجلس ها هنا فأقعده عن يمينه، ثم دعا آخر من نظرائه فَقَالَ لَهُ كمَا قَالَ للأول. وأجابه بمثل مَا أجاب الأول، فأقعده مَعَ صاحبه حَتَّى فعل ذلك بجمَاعة من قواد محمد، ثم قَالَ: انطلقوا إِلَى حمَاد بْن موسى فضعوه فِي الحبس، فنظروا إِلَى مُحَمَّد بْن سليمَان، فأشار عليهم أن افعلوا مَا أمركم به. فانطلقوا إِلَى حمَاد فوضعوه فِي الحبس، وانصرف سوار إِلَى منزله، فلمَا كَانَ العشي أراد محمد بْن سليمَان الركوب إليه، فجاءته الرسل فقالوا: إن الأمير [قد عزم] [1] عَلَى الركوب إليك. فَقَالَ: لا: نحن أولى بالركوب إِلَى الأمير، فركب إليه، فَقَالَ: كنت عَلَى المجيء إليك يَا أبا عبد الله، فَقَالَ: مَا كنت لأجشم الأمير ذلك، وبلغني ما/ يصنع [2] 138/ ب هَذَا الجاهل حمَاد. قَالَ: هُوَ مَا بلغ الأمير. قَالَ: فأحب أن تهب لي ذنبه. قَالَ: أفعل أيها الأمير إن رد الرجل إِلَى الحبس. قَالَ: نعم بالصغر لَهُ والقمَاء، فوجه الرجل فحبسه، وأخرج حمَادا وكتب صاحب الخبر بذلك إِلَى الرشيد، فكتب إِلَى سوار يجزيه خيرا ويحمده [عَلَى مَا صنع] [3] ، وكتب إِلَى محمد بكتاب غليظ يذكر فيه حمَادا ويقول: الرافضيّ ابن الرافضي [4] ، والله لولا أن الوعيد أمَام العقوبة مَا أدبته إلا بالسيف ليكون عظة لغيره ونكالا يفتات عَلَى قاضي المسلمين فِي رأيه، ويركب هواه لموضعه منك، ويعترض فِي الأحكام استهانة بأمر الله تعالى، وإقدامَا عَلَى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، ومَا ذاك إلا بك وبمَا أرخيت من رسنه، وباللَّه لئن عاد إِلَى مثلها لتجدني أغضب لدين الله وأنتقم لأوليائه من أعدائه [5] .
توفي سوار فِي شوال هَذِهِ السنة بعد أن كف بصره.
1478- عبيد الله بْن إدريس النرسي، مولى بني ضبة [6] .
سكن بغداد، وحدث بِهَا عن ابْن المبارك، وإسمَاعيل بْن عياش.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «ما صنع» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «ابن الرافض» ساقطة من ت.
[5] انظر الخبر في: أخبار القضاة 2/ 69- 70.
[6] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 10/ 323.(11/333)
روى عنه: الدوري، وكان ثقة، توفي في هذه السنة.
1479- عسكر بن الحصين، أبو تراب النخشبي [1] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد قَالَ: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ على بْن ثابت قَالَ: حَدَّثَنَا عبد العزيز بْن علي [2] الأزجي قَالَ: حَدَّثَنَا عَلي بْن عبد الله الهمذاني قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن داود قَالَ: سَمِعْتُ أبا عبد الله بْن الجلاء يقول: قدم أبو تراب النخشبي مرة إِلَى مكة، فقلت: يَا أستاذ، أين أكلت؟ قَالَ: جئت بفضلك [3] ، أكلت أكلة بالبصرة، وأكلة بالنباج [4] ، وأكلة عندكم [5] .
139/ أأخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: / أخبرنا عبيد الله بْن أبي الفتح وعمر بْن الحسين بْن إبراهيم الخفاف قالا: أَخْبَرَنَا أبو الفضل عبد اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [6] الزُّهْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أبو الطيب أحمد بْن جعفر الحذاء قال:
سمعت أبا علي الحسين بْن خيران الفقيه يقول: مر أبو تراب النخشبي بمزين، فَقَالَ لَهُ:
تحلق رأسي للَّه عَزَّ وَجَلّ: فَقَالَ لَهُ: اجلس. فجلس، فبينمَا يحلق رأسه مر به أمير من أهل بلده، فسأل حاشيته، فَقَالَ لهم: أليس هَذَا أبو تراب؟ قالوا: نعم! فَقَالَ: إيش معكم من الدنانير؟ فَقَالَ لَهُ الرجل من خاصته: معي خريطة فيها ألف دينار، فَقَالَ لَهُ إذا قام أعطها [7] لَهُ واعتذر إليه وقل لَهُ: لم يَكُنْ معنا غير هَذِهِ، فجاء الغلام إليه فَقَالَ لَهُ: إن الأمير يقرأ عليك السلام وقال لك: ما حضر معنا غير هَذِهِ الدنانير، فَقَالَ لَهُ: ادفعها إِلَى المزين فَقَالَ لَهُ المزين: إيش أعمل بِهَا؟ فَقَالَ: خذها فَقَالَ: والله لو أنها ألفي دينار مَا أخذتها! فَقَالَ لَهُ أبو تراب: عد إليه وقل لَهُ: إن المزين مَا أخذها، خذها أنت فاصرفها فِي مهمَاتك [8] .
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 12/ 317. وفي هامش الأصل عنوان: «أبو تراب النخشبي» .
[2] «بن علي» ساقطة من ت.
[3] في الأصل: «بفضولك» .
[4] في الأصل: «بالساح» .
[5] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 12/ 317.
[6] «ابن عبد الرحمن» ساقطة من ت.
[7] في الأصل: «فقال له إذا قمت أعطه» .
[8] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 12/ 316.(11/334)
أَخْبَرَنَا [أَبُو مَنْصُورٍ] [1] الْقَزَّازُ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخطيب قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بْن علي المحتسب، أَخْبَرَنَا أبو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي: أن أبا تراب توفي فِي البادية، قيل: نهشته السباع، سنة خمس وأربعين ومَائتين [2] .
1480- عَبْد الرَّحْمَنِ [بْن إبراهيم] [3] بْن عمرو بْن ميمون، أبو سعيد القرشي الدمشقي يعرف بدحيم [4] .
سمع الوليد بْن مسلم وخلقا كثيرا.
روى عنه: البخاري فِي صحيحه، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وَكَانَ ثقة.
ولي قضاء الرملة، وقدم بغداد فحدث بِهَا، فروى عنه: عباس الدوري، والحربي، وَكَانَ أحمد ويحيى يجلسان إليه [5] بين يديه، وتوفي فِي رمضان هَذِهِ السنة بالرملة.
1481- الفضيل [6] بْن الصباح/، أبو العباس السمسار [7] .
139/ ب سمع هشيمَا، وابن عيينة.
روى عنه: البغوي، وكان ثقة من خيار عباد الله.
توفي في رجب هذه السنة.
1482- محمد بن بكير [8] بن واصل، أبو الحسن [9] الحضرمي [10] .
سمع شريك بْن عبد الله النخعي، وخالد بْن عبد الله الواسطي، وغيرهمَا.
روى عنه: إبراهيم الحربي. وغيره، وَكَانَ ثقة صدوقا.
1483- محمد بْن حبيب [11] . صاحب كتاب «المحبر» .
بغدادي، حدث عن هشام بْن الكلبي، وروى عنه: أبو سعيد السكري.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 2/ 317.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 10/ 265.
[5] «إليه» ساقطة من ت.
[6] في الأصل: «الفضل» .
[7] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 12/ 362.
[8] في الأصل: «بن بكر» .
[9] في الأصل: «أبو الحسين» .
[10] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 96.
[11] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 277.(11/335)
ويقال: إن حبيبا اسم أمه [لا اسم أبيه] . وَكَانَ عالمَا بالنسب وأخبار العرب. موثقا فِي روايته.
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قَالَ: أخبرنا أبو بكر بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: حدثني العلاء بْن أبي المُغِيرَة الأندلسي قَالَ: حَدَّثَنَا علي بْن بقا الوراق قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الغني بْن سعيد الأزدي قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بْن عَبْد الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا أبو طاهر القاضي قَالَ:
محمد بْن حبيب صاحب كتاب «المحبر» وحبيب أمه، وَهُوَ ولد ملاعنة [1] .
[أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا الحسن بْن أبي بكر] [2] أَخْبَرَنَا محمد بْن الْحَسَن بْن مقسم قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى ثعلب قَالَ:
حضرت مجلس ابْن حبيب فلم يمل، فقلت: ويحك [3] ، أمل مَالك؟ فلم يفعل حَتَّى قمت، وَكَانَ والله حافظا صدوقا. وَكَانَ يعقوب أعلم منه، وَكَانَ هُوَ أحفظ للأنساب والأخبار منه [4] .
وتوفي يوم الاثنين لسبع بقين من ذي الحجة في هذه [السنة] [5] بسامراء.
1484- محمد بْن رافع بْن أبي زيد القشيري النيسابوري [6]
شيخ عصره بخراسان رحل [إِلَى] [7] البلاد.
وسمع سفيان بْن عيينة، ومعن بْن عيسى، وعبد الرازق، ووكيع بْن الجراح، وأبا معاوية، ويزيد بْن هارون، والنضر بن شميل وغيرهم.
140/ أأخرج عنه: البخاري، ومسلم فِي الصحيحين. وَكَانَ فوق الثقة، وكان على غاية في الزهد.
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 2/ 277.
[2] في الأصل: «وعن محمد بن الحسن ... » .
[3] في ت: «ويلك» .
[4] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 2/ 278.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 7/ 254.
وتهذيب التهذيب 9/ 161.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/336)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن ناصر قَالَ [1] : [أنبأنا أَحْمَد بْن علي بْن خلف، أَخْبَرَنَا الحاكم أبو عبد الله مُحَمَّد بْن عبد الله قَالَ: سمعت أبا الحسين أحمد بْن النضر الشافعي يقول:
سمعت] جعفر بن أحمد الحافظ يقول: كنا فِي مجلس محمد بْن رافع فِي منزله قعودا تحت شجرة، وَهُوَ مستند إليها يقرأ علينا، وَكَانَ إذا رفع أحد فِي المجلس صوته أو تبسم قام، فلم يقدر أحد منا على مراجعته. قَالَ: فوقع ذرق طائر عَلَى يدي وقلمي وكتابي، فضحك خادم من خدم طاهر بْن عبد اللَّه وأولاده معنا فِي المجلس، فنظر إليه محمد بْن رافع، فوضع الكتاب فانتهى ذلك الخبر إِلَى السلطان، فجاءني الخادم ومعه حمَال عَلَى ظهره ثلاث لفاف سامَان [2] فَقَالَ: والله مَا كنت أملك فِي الوقت شيئا أحمله إليك غير هَذَا، وَهُوَ هدية لك، فإن سئلت عني فقل لا أدري من تبسم، فقلت أفعل، فلمَا كَانَ الغداة حملت إِلَى باب السلطان، فبرأت الخادم ممَا قيل فيه [3] ، وبعت السامَان بثلاثين دينارا، واستعنت به فِي الخروج إِلَى العراق، وبارك الله لي فيه، ولقبت بالحصري، ومَا بعت الحصر، ولا باعه أحد من آبائي.
أَخْبَرَنَا زاهر بن طاهر قَالَ: أخبرنا أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُونِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ قَالا:
أَخْبَرَنَا الحاكم أبو عبد الله محمد بْن عبد الله البيع قَالَ: سمعت أبا جعفر محمد بْن سعيد المذكر [4] يقول: سمعت زكريا بْن دلويه يقول: بعث طاهر بْن عبد الله إِلَى محمد بْن رافع بخمسة آلاف درهم عَلَى يد رسوله، فدخل عَلَيْهِ بعد صلاة العصر/ وَهُوَ 140/ ب يأكل الخبز مَعَ الفجل، فوضع الكيس بين يديه فَقَالَ: بعث الأمير طاهر بهذا المَال إليك لتنفقه على أهلك، فقال: خذ خذ [5] ، لا أحتاج إليه، فإن الشمس قد طلعت وبلغت رءوس الحيطان، إنمَا تغرب بعد ساعة، وقد جاوزت الثمَانين، إِلَى متى أعيش! فرد المَال فلم يقبله [6] ، فأخذ الرسول المَال وذهب، فدخل عَلَيْهِ ابنه فِي الوقت فَقَالَ: يَا أبه، ليس لنا الليلة خبز، قَالَ: فبعث ببعض أصحابه خلف الرَّسُول ليرد المَال إلى
__________
[1] في الأصل: «أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن ناصر بإسناد لَهُ عَنْ جعفر بن أحمد ... » .
[2] في الأصل: «على ظهره بيت محمد بن رافع سامان» .
[3] في ت: «له» .
[4] «سمعت أبا جعفر محمد بْن سعيد المذكر» . ساقطة من ت.
[5] في ت: «خذه خذه» .
[6] في ت: «فلم يقبله» .(11/337)
حضرة صاحبه، فزعا من أن يذهب ابنه خلف الرسول فيأخذ المَال [1] .
قَالَ زكريا: وربمَا كَانَ يخرج إلينا محمد بْن رافع فِي الشتاء [2] الشاتي وقد لبس لحافه الّذي يلبسه بالليل.
قَالَ الحاكم: وقد دخلت عَلَيْهِ داره، وتبركت بالصلاة فِي بيته واستندت إِلَى الصنوبرة التي كَانَ يستند إليها.
وتوفي في هذه السنة وصلى عَلَيْهِ محمد بْن يحيى.
ورئي فِي المنام فقيل لَهُ: مَا فعل الله بك؟ قَالَ: بشرني بالروح والراحة.
1485- محمد بْن القاسم، أبو الحسن المعروف بمَاني الموسوس [3] .
من أهل مصر [4] . قدم بغداد فِي أيام المتوكل، وله شعر مستحسن.
[أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي بْن ثَابِت قَالَ: أَخْبَرَنَا إسمَاعيل بْن أَحْمَد بْن عبد الله النيسابوري قَالَ: أَخْبَرَنَا حمزة بْن علي الأشروسني حَدَّثَنَا] [5] الحسن بْن مُحَمَّد بْن حبيب المذكر قَالَ: أنشدني عبد العزيز بْن محمد بْن الفهري، لمَاني الموسوس:
زعموا أن من تشاغل باللذات ... عمن يحبه يتسلى
كذبوا والذي تساق لَهُ البدن ... ومن عاذ بالطواف وصلى/
141/ أأن نار الهوى أحر من الجمر ... عَلَى قلب عاشق يتقلى [6]
[قَالَ ابْن حبيب [7] : وأنشدنا يحيى بن المتمم الدوسيّ، لماني:
__________
[1] انظر الخبر في: صفة الصفوة 4/ 96.
[2] في ح، ت: «في اليوم» .
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 3/ 169- 170.
[4] «من أهل مصر» ساقطة من ت.
[5] في الأصل: «وعن الحسن بن محمد بن حبيب» .
وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في الأصل: «يتسلى» .
[7] من هنا حتى نهاية الترجمة والترجمة التالية لهذه ساقط من الأصل.(11/338)
شادن وجهه من البدر أوضا ... بعضه فِي الكمَال يعشق بعضا
بأبي من يزرفن الصدغ بالعنبر ... فِي خده المورد عرضا؟
إن للورود مثل ورد بخديك ... إذا مَا قطفته صار غضا [1]
1486- نجاح بْن سلمة.
قد ذكرنا كيفية هلاكه] [2] .
1487- هلال الرأي [3] .
كَانَ فقيها كبيرا من أهل الرأي، توفي في هذه السنة.
__________
[1] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 3/ 169- 170.
[2] انظر: حوادث هذه السنة، وتاريخ الطبري 9/ 214.
[3] انظر ترجمته في: المجروحين 3/ 87- 88.(11/339)
ثُمّ دخلت سنة ست وأربعين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
أن علي بْن يحيى الأرمني غزا الصائفة، فأخرج عشرة آلاف [1] رأس من الدواب [والرمك] [2] .
وغزا عمر بْن عبد الله [3] الأقطع الصائفة، فاخرج سبعة آلاف رأس.
وغزا الفضل بْن قارن فِي عشرين مركبا، فافتتح حصن أنطاكية [4] .
وفيها: تحول المتوكل إِلَى المدينة التي بناها بالمَاحوزة فنزلها يوم عاشوراء، وَهُوَ البناء الذي يسمى الحوزي [5] ووهب لمن تولى البناء ألفي ألف درهم [6] .
وفيها: كَانَ الفداء للمسلمين فِي صفر، وقيل فِي جمَادى الأولى عَلَى يد [علي بْن] [7] يحيى الأرمني ففودي [8] بألفين وثلاثمَائة وسبعة وستين نفسا [9] .
وفيها: مطر أهل بغداد فِي شعبان، ورمضان واحدا وعشرين يوما حتى نبت العشب فوق الأجاجير [10] .
وصلى المتوكل صلاة الفطر بالجعفرية، وصلى عبد الصمد بْن موسى فِي مسجد جامعها، ولم يصل [11] بسامرّاء أحد [12] .
__________
[1] في الطبري: «خمسة الاف» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
انظر: تاريخ الطبري 9/ 219.
[3] في ت: «محمد بن عبد الله» .
[4] انظر: تاريخ الطبري 9/ 219.
[5] في ت: «الجعفري» .
[6] انظر: تاريخ الطبري 9/ 219.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ت: «فنودي» .
[9] انظر: تاريخ الطبري 9/ 219.
[10] انظر: تاريخ الطبري 9/ 221.
[11] في الأصل: «ولم يبق» .
[12] انظر: تاريخ الطبري 9/ 221.(11/340)
وورد الخبر أن سكة ببلخ تنسب إِلَى الدهاقين مطرت دمَا عبيطا [1] .
وحج بالناس في هذه السنة مُحَمَّد بْن سليمَان [التنوخي] [2] الزينبي [3] .
وحج فيها محمد بْن عبد الله بْن طاهر، فولي أعمَال الموسم، وحمل معه ثلاثمَائة ألف دينار/: مَائة ألف لأهل مكة، ومَائة ألف لأهل المدينة، ومَائة ألف لمَا أمرت به أم المتوكل من إجراء المَاء من عرفات إِلَى مكة، وأمر المتوكل أن يقام عَلَى المشعر الحرام وسائر المشاعر، الشمع [4] مكان [5] الزيت والنفط.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1488- أحمد بن إبراهيم بن كثير بْن أفلح، أبو عبد الله العبدي، المعروف بالدورقي أخو يعقوب [6] .
وفي تسميته بالدورقي قولان: أحدهمَا: أنه كَانَ ناسكا، وَكَانَ من تنسك فِي ذلك الزمَان يسمى دورقيا، والثاني: أنه كَانَ يلبس القلانس الطوال التي تسمى دورقية.
سمع أحمد بْن إسمَاعيل بْن علية، ويزيد بْن زريع، وهشيم، وابن مهدي، وخلقا كثيرا، روى عنه: مُسْلِم بْن الحجاج، وابن أبي الدنيا، وغيرهمَا، وَكَانَ ثقة، صدوقا.
توفي بالعسكر فِي [شعبان] [7] هَذِهِ السنة.
1489- إسمَاعيل بْن سعيد، أبو إسحاق الشالنجي [8] .
كَانَ يقول بمذهب أهل الرأي، ثم تركه، وَكَانَ أحمد بْن حنبل [9] يكاتبه.
توفي بدهقان في هذه السنة.
__________
[1] انظر: تاريخ الطبري 9/ 221.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «الزينبي» ساقطة من ت.
انظر: تاريخ الطبري 9/ 221.
[4] «الشمع» ساقطة من ت.
[5] في ت: «فكان» .
[6] انظر ترجمته في: تقريب التهذيب 1/ 9.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] انظر ترجمته في: الأنساب 7/ 259.
[9] «بن حنبل» ساقطة من ت.(11/341)
1490- حفص بْن عمر بْن عبد العزيز بْن صهيب، أبو عمرو الأزدي الكوفي الضرير [1] .
سمع إسمَاعيل بْن جعفر، وأبا نميلة يحيى بْن واضح، وعفان، روى عنه: أبو بكر بْن أبي الدُّنْيَا. قَالَ أبو حاتم الرازي: هُوَ صدوق.
توفي فِي شوال هَذِهِ السنة.
1491- دعبل الخزاعي بْن علي بْن تميم بْن زيد بْن سليمَان بْن نهشل بْن خداش [2] ، أبو علي الخُزَاعيّ، وقيل: أبو جعفر/ [وقيل] [3] : اسمه عَبْد الرَّحْمَنِ، وقيل: محمد لقب دعبلا [4] .
قَالَ أبو عمر الشيباني: الدعبل البعير [5] المسن. وقال أبو زيد الأنصاري: الدعبل الناقة التي معها أولادها.
وقيل: إنمَا لقبته دايته لدعابة كانت فيه، وأرادت [6] ذعبلا فقلبت الذال دالا.
ولد سنة ثمَان وأربعين ومَائة وله شعر مطبوع لكنه كَانَ كثير الهجاء، قل أن يسلم منه أحد، وَكَانَ من الشيعة الغلاة، فَقَالَ قصيدته المعروفة [7] :
مدارس آيات خلت من تلاوة ... ومنزل وحي مقفر العرصات
وقصد بِهَا علي بْن موسى الرضى، فأعطاه عشرة آلاف درهم من الدراهم المضروبة باسمه، وخلع عَلَيْهِ خلعة من ثيابه، أعطاه [8] بِهَا أهل قم ثلاثين ألف درهم، فحلف لا يبيعها [9] ، فقطعوا عَلَيْهِ الطريق، وأفسدوها [10] فَقَالَ لهم [11] : إنها تراد للَّه [12]
__________
[1] انظر ترجمته في: تقريب التهذيب 1/ 187.
[2] في ت: «دعبل بن علي بن سليمان بن تميم بن نهشل بن خراسان» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 382- 385.
[5] في ت: «البصير» .
[6] في ت: «وازادت» .
[7] في ت: «معروفة» .
[8] في ت: «وأعطاه» .
[9] في ت: «فلم يبعها» .
[10] في ت: «وأخذوها» .
[11] «لهم» ساقطة من ت.
[12] في ت: «إنما تراد والله» .(11/342)
تَعَالَى وهي محرمة عليكم [1] ، فدفعوا إليه ثلاثين ألف درهم، فحلف لا يبيعها أو يعطوه بعضها ليكون فِي كفنه، فأعطوه، فكان فِي أكفانه، وكتب هَذِهِ القصيدة: مدارس آيات عَلَى ثوب وأحرم فِيهِ، وأمر أن يجعل فِي أكفانه.
وَكَانَ أكثر زمَانه مستترا لكثرة هجائه، وَكَانَ يقول: أنا أحمل خشبتي منذ خمسين سنة، لا أجد أحدا يصلبني عَلَيْهَا.
وقدم العراق بالمَال الذي أعطاه الرضى، فاشترى منه الشيعة كل درهم بعشرة دراهم، فصارت [2] معه مَائة ألف درهم.
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أَخْبَرَنَا أَبُو الطيب الطبري قَالَ: حدثني مُحَمَّد بْن يحيى الحنفي قَالَ:] [3] قَالَ أبو كعب الخزاعي: وفد دعبل عَلَى عبد اللَّه بْن طاهر، فلمَا وصل [إليه قام] [4] تلقاء وجهه وقال:
أتيت [5] مستشفعا بلا نسب [6] ... إليك لا بحرمة [7] الأدب
فاقض [8] ذمَامي فإنني رجل ... غير ملح عليك فِي الطلب/
فانفعل [9] عبد الله، ودخل [10] ووجه إليه برقعة معها ستون ألف درهم [وفي الرقعة بيتان:
أعجلتنا فأتاك أول برنا قلا ولو أخرته لم يقلل فخذ القليل وكن كمن لم يقبل ونكون نحن كأننا لم نفعل [11]
__________
[1] «عليكم» ساقطة من ت.
[2] في ت: «فصار» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ت: «جئتك» .
[6] في تاريخ بغداد: «بلا سبب» .
[7] في الأصل: «لحرمة» .
[8] في ت: «فاقبل» .
[9] في ت: «فدخل» . وفي تاريخ بغداد «فانتعل» .
[10] «ودخل» ساقطة من ت.
[11] انظر الخبر في تاريخ بغداد.(11/343)
أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا الحسن بْن أبي بَكْر قَالَ] [1] قَالَ أبو جعفر أحمد بْن يعقوب الأصفهاني، أنشدنا أبو طالب الدعبلي [2] قَالَ: انشدنا علي بْن الجهم [وليست لَهُ- وجعل يعيدها ويستحسنها] :
لمَا رأت شيئا يلوح بمفرقي ... صدت صدود مفارق متجمل
فظللت أطلب وصلها بتذلل [3] ... والشيب يغمزها بأن لا تفعلي
قَالَ أبو طالب: ومن أحسن مَا قيل فِي مثل هَذَا المعنى قول جدي:
لا تعجبي يا سلم من رجل ... ضحك المشيب برأسه فبكى
أين الشباب وأية سلكا ... لا أين يطلب ظل بل هلكا
لا تأخذي بظلامتي [4] أحدا ... طرفي وقلبي فِي دمي اشتركا [5]
توفي دعبل بالطيب [6] في هذه السنة، وقد عاش سبعا وستين سنة.
1492- ذو النون المصري [7] ابْن إبراهيم، أبو الفيض المصري وقيل اسمه: ثوبان وذو النون لقب، وقيل: اسمه الفيض [8] .
أصله من النوبة من قرية من قرى صعيد مصر، يقال لها: أخميم، فنزل مصر، وَكَانَ حكيمَا زاهدا واعظا، وجه إليه المتوكل، فحمل إِلَى حضرته بسامراء، حَتَّى رآه وسمع كلامه، ثم انحدر إِلَى بغداد، وأقام بِهَا مديدة، ثم انحدر إِلَى مصر، وأكثر الأسفار.
أسند الحديث عن مَالك، والليث بْن سعد، وسفيان بْن عُيَيْنة، والفضيل، وغيرهم.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ابتداء من الأبيات السابقة ساقطة من ت.
[2] في ت: «الرعلي» .
[3] في ت: «يتملق» .
[4] في ت: «بظلامة» .
[5] انظر: تاريخ بغداد 8/ 384.
[6] «بالطيب» ساقطة من ت.
[7] «المصري» ساقطة من ت.
[8] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 393- 397 وفي هامش الأصل عنوان «ذو النون المصري» .(11/344)
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ محمد [1] بْن عبد الله بْن حبيب الصيرفي قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو سعد علي بْن أبي صادق قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله بْن مَاكويه [2] [قَالَ: حَدَّثَنَا] [3] ابْن محمد بْن دادويه قال: سمعت الحسن بْن علويه يقول: سمعت يوسف بْن الحسين [4] يقول: لمَا استأنست بذي النون المصري قلت: أيها الشيخ، مَا كَانَ بدو شأنك؟ قَالَ: كنت شابا صاحب لهو ولعب، ثم تبت وتركت/ ذاك [5] وخرجت حاجا إلى بيت الله الحرام، ومعي بضيعة، فركبت [6] في المركب مع تجار من مصر، وركب معنا شاب صبيح الوجه، كأن وجهه يشرق، فلما توسطنا البحر [7] فقد صاحب المركب كيسا فيه مَال، فأمر بحبس المركب، ففتش من فيه وأمتعتهم، فلمَا وصلوا إِلَى الشاب ليفتشوه، وثب وثبة من المركب حَتَّى جلس عَلَى أمواج البحر، وقام لَهُ الموج عَلَى مثال سرير، ونحن ننظر إليه من المركب، ثم قَالَ: يَا مولاي إن هؤلاء [8] اتهموني، وإني أقسم يَا حبيب قلبي أن تأمر كل دابة من هَذَا المكان أن تخرج رأسها وفي أفواهها جوهر، قَالَ ذو النون:
فمَا تم كلامه حَتَّى رأينا دواب البحر أمَام المركب وحواليه، وقد أخرجت [كل] [9] رءوسها، وفي فم كل واحدة فيها جوهرة [10] مضيئة تتلألأ، ثم وثب الشاب من الموج إِلَى البحر وجعل يتبختر عَلَى متن المَاء وَيَقُولُ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، 1: 5 حَتَّى غاب عن بصري، فهذا هُوَ الذي حملني عَلَى السياحة.
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد قال: [أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت] [11] الخطيب قال أخبرنا أبو سعد [12] المَاليني إجازة قَالَ: حَدَّثَنَا الحسين [13] بْن رشيق، حَدَّثَنَا أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ الأخميمي قَالَ: سمعت حيان بْن أحمد السهمي [14] يقول: مَات ذو النون المصري بالجيزة، وحمل فِي مركب حَتَّى عبر [15] به إِلَى الفسطاط خوفا عَلَيْهِ من زحمة الناس عَلَى الجسر، ودفن فِي جانب [16] مقابر أهل المعافر، وذلك فِي يوم الإثنين
__________
[1] «محمد» ساقطة من ت.
[2] في ت: «راكويه» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «الحسن» .
[5] في ت: «ذلك» .
[6] في ت: «فركبت» .
[7] «البحر» ساقطة من ت.
[8] «إن هؤلاء» ساقطة من ت.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في ت: «كل واحدة منها جوهر» .
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] في الأصل: «أبو سعيد» .
[13] في الأصل: «الحسين» .
[14] في ت: «البهقي» .
[15] في الأصل: «عدي» .
[16] «جانب» ساقطة من ت.(11/345)
لليلتين [1] خلتا من ذي القعدة سنة ست وأربعين ومَائتين، وَكَانَ والده [يقال لَهُ:] [2] إبراهيم مَوْلَى لإسحاق بْن محمد الأنصاري، وَكَانَ لَهُ أربع بنين/ ذو النون، وذو الكفل، والهميسع، وعبد الباري، ولم يكن أحد منهم عَلَى طريقة ذي النون، وقيل:
توفي ذو النون سنة خمس، وقيل: سنة ثمَان [3] .
1493- سليمَان بْن أبي شيخ [4] ، واسم أبي شيخ: منصور بْن سليمَان، يكنى أبا أيوب الواسطي [5] .
ولد سنة إحدى وخمسين ومَائة، وسكن بغداد فِي بركة زلزل [6] ، وحدث عن:
سفيان بْن عيينة، وعبد اللَّه بْن إدريس [7] ، وَكَانَ عالمَا بالنسب، والتواريخ، وأيام الناس وأخبارهم، وَكَانَ صدوقا ثقة، رَوَى عنه: أحمد أبي خيثمة.
وتوفي في هذه السنة، وَكَانَ عمره خمسا وتسعين سنة.
1494- شعيب بْن سهل بْن كثير، أبو صالح الرازي، ويعرف بشعبوبة [8] .
حدث عن الصباح بْن محارب، وولاه المعتصم القضاء وجعل إليه الصلاة بالناس فِي مسجد الرصافة يوم الجمع [9] والأعياد، وعلى قضاء القضاة يومئذ أحمد بْن أبي دؤاد، وَكَانَ شعيب قد كتب عَلَى مسجده: القرآن مخلوق وعزل عن القضاء سنة ثمَان وعشرين ومَائتين، وتوفي في هذه السنة.
1495- شجاع أم المتوكل [10]
قَالَ ابْن عرفة: كانت من سروات النساء [11] سخاء، وكرمَا.
أَخْبَرَنَا محمد بْن ناصر الحافظ قَالَ أَخْبَرَنَا محفوظ بْن أحمد الفقيه قال: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلي مُحَمَّد بْن الحسين الجازري قال حدثنا المعافى بن زكريا حدثنا محمد بن عمر بن علي [12] الكاتب قَالَ: حدثني حفص بْن محمد الكاتب قَالَ: حدثني أحمد بن الخصيب
__________
[1] «لليلتين» ساقطة من ت.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 8/ 397.
[4] في ت: «سنح» .
[5] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 50- 51.
[6] في ت: «سكة زلزل» .
[7] في الأصل: «بن الزبير» .
[8] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 243- 244.
[9] في الأصل: «يوم الجمعة» .
[10] ورد في هامش الأصل عنوان «شجاع أم المتوكل» .
[11] في ت: «الناس» .
[12] «بن علي» ساقطة من ت.(11/346)
/ قبل وزارته قَالَ: كنت كاتبا للسيدة شجاع أم المتوكل، فإني ذات يوم قاعد فِي مجلسي فِي ديواني إذ خرج إلي خادم ومعه كيس، فَقَالَ لي: يَا أحمد، إن السيدة أم أَمِير الْمُؤْمِنِينَ تقرئك السلام، وتقول لك: هَذِهِ ألف دينار من طيب مَالي، خذها وادفعها إِلَى قوم [مستحقين] [1] تكتب لي أنسابهم وأسمَاءهم ومنازلهم، وكلمَا [2] جاءنا من هَذِهِ الناحية شيء صرفناه إليهم، فأخذت الكيس وصرت إِلَى منزلي، ووجهت خلف من أثق به، فعرفتهم مَا أمرت به، وسألتهم أن يسموا لي من يعرفون من أهل الستور [3] والحاجة، فأسموا لي جمَاعة، ففرقت فيهم ثلاث مَائة دينار، وجاء الليل، وبقية المَال بين يدي، لا أبقيت مستحقا، وأنا أفكر فِي سامراء وبعد أقطارها وتكافؤ [4] أهلها ليس بِهَا مستحق، فمضى من الليل ساعة، وبين يدي بعض حرمي، وغلقت الدروب، وطاف العسس، وأنا مفكر فِي أمر الدنانير إذ سمعت باب الدرب يدق، وسمعت البواب يكلم رجلا من ورائه، فقلت لبعض من بين يدي: اعرف الخبر، فعاد إلي وقال لي: بالباب فلان ابْن فلان العلوي يسأل [5] الإذن عليك. فقلت: مره بالدخول، وقلت لمن بين يدي من الحرم:
كونوا وراء هَذَا [6] الستر، فمَا قصدنا هَذَا الرجل فِي هَذَا الوقت إلا لحاجة، فلمَا دخل سلم وجلس، وقال لي: طرقني فِي هَذَا الوقت طارق لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به اتصال، والله ما عندنا ولا أعددنا مَا يعد الناس [7] ، فلم يكن فِي جواري من أفزع إليه غيرك قَالَ:
فدفعت إليه من الدنانير دينارا، فشكر وانصرف.
قَالَ: فخرجت ربة المنزل فقالت: يَا هَذَا/، تدفع إليك السيدة ألف دينار لتدفعها إِلَى مستحق، فترى من أحق من ابْن بنت رَسُول اللَّهِ صَلى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ مَعَ مَا شكاه إليك؟ قلت لها:
إيش السبيل؟ قالت: تدفع الكيس لَهُ. فقلت: يَا غلام رده. فرده فحدثته بالحديث، ودفعت الكيس [إليه] [8] فأخذه وشكر وانصرف، فلمَا ولى عني جاءني إبليس فَقَالَ: المتوكل وانحرافه عن أهل البيت يدفع إليك ألف دينار حَتَّى تدفعها إِلَى مستحقها، وتكتب أسمَاءهم وأنسابهم ومنازلهم، فبأي شيء تحتج عليه [9] وقد [10] دفعت إلى
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «وكلما» ساقطة من ت.
[3] في ت: «الستر» .
[4] في ت: «وتكاتف» .
[5] في ت: «يطلب» .
[6] «هذا» ساقطة من ت.
[7] «يعد الناس» ساقطة من ت.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في ت: «تحتج إليه» .
[10] في الأصل: «إذا» .(11/347)
علوي سبعمَائة دينار؟ وقلت لربة المنزل: أوقعتيني فيمَا أكره، فإمَا سبعمَائة دينار، وإمَا زوال [1] النعمة، وعرفتها مَا خطر بقلبي، فقالت: اتكل عَلَى جدهم فقلت: دعي هَذَا عنك، فقالت: تتكل عَلَى جدهم [2] ، فمَا زالت تردد هَذَا القول حَتَّى سكت، وقمت إِلَى فراشي، فمَا استثقلت نوما، إلا وصوت بالباب، فقلت لبعض من يقرب مني: من عَلَى الباب، فمضى وعاد وقال: رسول السيدة يأمرك بالركوب [إليها] [3] الساعة فخرجت إِلَى صحن الدار، والليل بحاله، والنجوم بحالها، وجاء ثان، وثالث، فأدخلتهم وقلت: فِي الليل؟! فقالوا: لا بد من ذلك [4] ، فركبت فلم أصل [إلى] [5] الجوسق إلا وأنا فِي موكب من الرسل، فدخلت الدار، فقبض الخادم عَلَى يدي، فأدخلني [إِلَى] [6] الموضع الَّذِي كنت أصل [إليه] [7] ، فوقفني وخرج خادم خاص من داخل، فأخذ بيدي وقال [لي] : [8] يَا أحمد، إنك [9] تكلم السيدة أم أَمِير الْمُؤْمِنِينَ فقف [10] حيث توقف ولا تتكلم حَتَّى تسأل، فأدخلني فِي دار لطيفة فيها بيوت عَلَيْهَا ستور مسبلة وشمعة [11] وسط الدار، فوقفني عَلَى باب منها ووقفت لا أتكلم، / فصاح بي صائح: يَا أحمد، قلت: لبيك يَا أم أَمِير الْمُؤْمِنِينَ. فقالت: حساب ألف دينار، بل حساب سبعمَائة دينار وبكت فقلت فِي نفسي: بلية العلوي أخذ المَال ومضى، ففتح دكاكين المعاملين [12] وغيرهم، فاشترى حوائجه، وتحدث، وكتب به أصحاب الأخبار، وقد أمر المتوكل [13] بقتلي وهذه تبكي رحمة لي، ثم أمسكت عن الكلام، وعادت
__________
[1] في ت: «أو زوال» .
[2] «فقلت: دعي هَذَا عنك. فقالت: تتكل عَلَى جدهم» ساقطة من ت.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «لا بد أن تركب» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في ت: «تكلمك» .
[10] في ت: «قد حضرت فقف» .
[11] في ت: «وسمع» .
[12] في ت: «الفامين» .
[13] في ت: «فقد همّ المتوكل» .(11/348)
فقالت: يَا أحمد حساب ألف دينار، بل حساب سبعمَائة دينار، ثم بكت. فعلت ذلك ثلاث مرات، ثم أمسكت وسألتني عن الحساب فصدقتها، فلمَا بلغت إِلَى ذكر العلوي بكت، وقالت: يَا أحمد جزاك اللَّه خيرا وجزى من فِي منزلك خيرا، تدري مَا كَانَ خبري الليلة؟ فقلت: لا، قالت: كنت نائمة فِي فراشي، فرأيت النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يقول لي: جزاك الله خيرا، وجزى أحمد بْن الخصيب خيرا [وجزى] [1] من فِي منزله خيرا فقد فرجتم فِي هَذِهِ الليلة عن ثلاثة من ولدي، مَا كَانَ لهم شيء، خذ هَذَا الحلي مَعَ هَذِهِ الثياب، وخذ [2] هَذِهِ الدنانير فادفعها إِلَى العلوي، وقل لَهُ: نحن نصرف إليك كل مَا جاءنا من هَذِهِ الناحية، وخذ هَذَا الحلي، وهذه الثياب، وهذا المَال فادفعه إِلَى زوجتك وقل: يَا مباركة، جزاك الله خيرا فهذه دلالتك، وهذا خذه أنت [يَا أحمد لك] [3] ودفعت إلي مَالا وثيابا [4] وخرجت، فحمل ذلك بين يدي، فركبت [5] منصرفا إِلَى منزلي، وَكَانَ طريقي عَلَى باب العلوي. فقلت: أبدأ به إذ كَانَ الله تعالى رزقنا هَذَا عَلَى يديه/، فدققت الباب، فقيل [لي] : [6] من هَذَا؟ فقلت: أحمد بْن الخصيب، فخرج إلي، فَقَالَ لي [7] : يَا أحمد، هات مَا معك. فقلت: [بأبي أنت وأمي] [8] ، ومَا يدريك مَا معي؟
فَقَالَ لي [9] : انصرفت من عندك بمَا أخذته منك، ولم يكن عندنا شيء، فعدت إِلَى بِنْت عمي فعرفتها، ودفعت إليها المَال، ففرحت وقالت: مَا أريد أن تشتري لنا شيئا ولا آكل أَنَا شيئا، ولكن قم فصل أنت، وادع حَتَّى أؤمن عَلَى دعائك، فقمت وصليت ودعوت وأمنت عَلَى دعائي، ووضعت رأسي ونمت، فرأيت جدي عَلَيْهِ السلام فِي النوم وهو يقول لي: قد شكرتهم على ما كَانَ منهم إليك وهم باروك بشيء آخر فاقبله. قَالَ: فدفعت إليه مَا كَانَ معي وانصرفت إِلَى منزلي، فإذا ربة البيت قلقة قائمة تصلي وتدعو، فعرفت أني قد جئت معافى، فخرجت إليّ فسألتني [10] عن خبري، فحدثتها الحديث عَلَى وجهه. فقالت: ألم أقل لك: اتكل عَلَى جدهم، فكيف رَأَيْت مَا فعل؟ فدفعت إليها مَا كَانَ لها فأخذته.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «وخذ» ساقطة من ت.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «وثيابا» ساقطة من ت.
[5] في ت: «ورجعت» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] «لي» ساقطة من ت.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] «لي» ساقطة من ت.
[10] في ت: «تسألني» .(11/349)
[قَالَ المصنف: قد ذكرنا فِي سنة ست وثلاثين أن أم المتوكل حجت فشيعها المتوكل إِلَى النجف، وفرقت مَالا كثيرا، وكانت امرأة وافرة السمَاح، شديدة الرغبة فِي فعل الخير] [1] .
توفيت شجاع بالجعفرية [2] لست خلون من ربيع الآخر من هَذِهِ السنة، وصلى عَلَيْهَا المنتصر، ودفنت عند الجامع، وخلفت من العين خمسة آلاف ألف دينار وخمسين ألف دينار، ومن الجوهر مَا [3] قيمته ألف ألف دينار.
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قال [أخبرنا أبو بكر بْن ثابت] [4] الخطيب، أَخْبَرَنَا باي بْن جعفر [5] ، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمران، أَخْبَرَنَا محمد بْن يحيى قَالَ:
حدثني عبد الله بْن المعتز [حَدَّثَنِي الحسن بْن عليل العنزي] [6] قَالَ: حدثني بعض أصحابنا عن جعفر بْن عبد الواحد الهاشمي قَالَ: دخلت عَلَى المتوكل لمَا توفيت/ أمه، فعزيته، فَقَالَ: يَا جعفر، ربمَا قلت البيت الواحد فإذا جاوزته خلطت وقد قلت [بيتًا] [7] :
تذكرت لمَا فرق الدهر بيننا ... فعزيت نفسي بالنبي محمد
فأجازه بعض من حضر المجلس.
وقلت لها: إن المنايا سبيلنا ... فمن لم يمت فِي يومه مَات فِي غد [8]
1496- العباس بْن عبد العظيم بْن إسمَاعيل بْن كيسان، أبو الفضل العنبري [9] .
من أهل البصرة، سمع يحيى بْن سعيد القطان، وابن مهدي، وجالس أحمد بْن حنبل، روى عنه: مُسْلِم، وأبو داود، وَكَانَ ثقة مأمونا.
توفي في هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «توفيت في الجعفرية» .
[3] «ما» ساقطة من ت.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ت: «أبو جعفر» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 7/ 169.
[9] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 12/ 137.(11/350)
1497- محمد بْن حاتم بْن سليمَان، أبو جعفر، وقيل: أبو عبد الله، الزمي [1] .
سمع هشيم بْن بشير، وجرير بْن عبد الحميد، وغيرهمَا، روى عنه: أبو حاتم، وأبو عيسى التِّرمِذيّ، وغيرهما، ووثقه الدار الدارقطني.
1498- محمد بْن سليمَان بْن حبيب بْن جبير، أبو جعفر الأسدي، المعروف بلوين [2] .
سمع مَالك بْن أنس، وحمَاد بْن زيد، وسفيان بْن عيينة، وغيرهم، روى عنه:
عبد الله بْن أحمد والباغندي، والبغوي فِي آخرين، وآخر من روى عنه من البغداديين: ابْن صاعد.
وفي سبب تلقيبه بلوين قولان:
أحدهما: أنه لقب [3] لقبته به أمه، قاله محمد بْن القاسم الأزدي.
والثاني: أنه كَانَ يبيع الدواب فيقول: هَذَا الفرس لَهُ لوين، فلقب لوين. / قَالَ ابْن جرير: ولوين من الثقات عند المحدثين [4] ، إلا أن الإمَام أحمد أنكر عَلَيْهِ أنه رفع حديثًا موقوفا، ولعل ذلك من سوء الحفظ، ولا يظن به أنه قصد، وعاش مَائة وثلاث عشرة سنة.
وتوفي بأدنة، فحمل إِلَى المصيصة، فدفن [5] بِهَا في هذه السنة، وقيل: فِي سنة خمس وأربعين.
1499- يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بْن درهم، أبو يوسف [6] المصري، مولى جرير بن حازم الأزدي [7] .
__________
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 268.
[2] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 5/ 292- 296.
[3] «لقب» ساقطة من ت.
[4] في ت: «ولوين عند المحدثين من الثقات» .
[5] في الأصل: «فتوفي» ، والتصحيح من: ت.
[6] في ت: «بن يوسف» .
[7] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 14/ 275- 276.(11/351)
ولي القضاء بمدينة النَّبِيّ [1] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقدم بغداد فحدث بِهَا عن سفيان بْن عيينة، ويحيى بْن سعيد القطان، وابن مهدي، روى عنه: أبو بكر بْن أبي الدنيا، وعبد الله بْن أحمد. وقال أبو حاتم الرَّازيّ: هُوَ صدوق.
وتوفي ببلد فارس، وَهُوَ يتولى القضاء عَلَيْهِ في هذه السنة.
__________
[1] في ت: «الرسول صلى الله عليه وسلم» .(11/352)
ثُمّ دخلت سنة سبع وأربعين ومَائتين
فمن الحوادث فيها:
قتل المتوكل وسيأتي ذكره، وخلافة المنتصر باللَّه.
باب خلافة المنتصر باللَّه
واسمه محمد بْن المتوكل، وقيل: اسمه الزبير، وفي كنيته ثلاثة أقوال: أبو جعفر، وأبو عبد اللَّه، وأبو العباس [1] .
ولد بسامراء فِي ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين ومَائتين، وَكَانَ أعين، قصيرا، أقنى، أسمر [2] ، ضخم الهامة، عظيم البطن، جسيمَا، مليح الوجه، مهيبا، عَلَى عينه اليمنى أثر وقع/ أصابه وَهُوَ صغير، وأمه أم ولد، رومية، يقال لها: حبشية.
بويع المنتصر باللَّه محمد بْن جعفر بالخلافة فِي صبيحة الليلة التي قتل فيها المتوكل أبوه، وذلك يوم الأربعاء لأربع خلون من شوال بالجعفرية، وَهُوَ ابْن خمس وعشرين سنة، وقيل: أربع وعشرين.
__________
[1] انظر: تاريخ الطبري 9/ 234- 239. وتاريخ بغداد 2/ 119- 121.
[2] في ت: «أعين أقنى أسمر قصير» .(11/353)
وَكَانَ أبوه ولاه العهد [بعده] [1] فتقدم [2] قبل أخوته المعتز، والمؤيد، وشاع بين الجند والناس مَا جرى من قتل المتوكل، فاجتمع الخلق وتكلموا فِي أمر البيعة [3] ، فخرج إليهم بعض أصحاب المنتصر، فأبلغهم عن المنتصر مَا يحبون، فأسمعوه، فدخل إِلَى المنتصر فأبلغه، فخرج بين يديه جمَاعة من المغاربة، فصاح بهم: يَا كلاب خذوهم، فحملوا عَلَى الناس، فدفعوهم [4] ، فمَات جمَاعة، وصالح المنتصر أخويه عن إرثهم من أبيهم [5] على أربعة عشر ألف ألف درهم، وأشهد عليهم بذلك.
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد قَالَ: [أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ] [6] الْخَطِيبُ، أَخْبَرَنَا علي بْن أَبِي علي المعدل، أَخْبَرَنَا محمد بْن العباس الخزاز قَالَ:
أَخْبَرَنَا محمد بن خلف بن المرزبان قال: حدثني أحمد بْن حبيب قَالَ: حدثني علي بْن يحيى المنجم قَالَ: جلس المنتصر فِي مجلس كَانَ أمر أن يفرش لَهُ، وَكَانَ فِي بعض البسط [7] دائرة كبيرة فيها مثال فرس وعليه راكب، وعلى رأسه تاج وحول الدائرة كتابة بالفارسية، فلمَا جلس المنتصر وجلس الندمَاء، ووقف بين يديه [8] وجوه الموالي [والقواد] [9] ، نظر إِلَى تلك الدائرة وإلى الكتابة التي حولها [10] ، فَقَالَ لبغا: إيش هَذِهِ الكتابة [11] ؟ فَقَالَ: لا أعلم يَا سيدي، فسأل من حضر من الندمَاء، فلم يحسن أحد أن يقرأه، فالتفت إِلَى وصيف/ وقال: أحضر لي من يقرأ هذا الكتاب [12] ، فأحضر رجلا فقرأ الكتابة فقطب، فَقَالَ لَهُ المنتصر: مَا هُوَ؟ فَقَالَ: يَا أَمِير المؤمنين، بعض حماقات
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «فتقدم» ساقطة من ت.
[3] في ت: «البيع» .
[4] في ت: «فازدحموا» .
[5] في ت: «عن أبيهم» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في ت: «البساط» .
[8] في ت، وتاريخ بغداد: «ووقف على رأسه» .
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في ت: «وإلى الكتاب الّذي حولها» .
[11] في ت، وتاريخ بغداد: «أيش هذا الكتاب» .
[12] «فالتفت إِلَى وصيف وقال: أحضر لي من يقرأ هذا الكتاب» ساقطة من ت.(11/354)
الفرس. قَالَ: أخبرني مَا هُوَ؟ قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ ليس لَهُ معنى، فألح عَلَيْهِ، وغضب قَالَ: يقول: [أَنَا] [1] شيرويه بْن كسرى بْن هرمز، قتلت أبي فلم أمتع بالملك إلا ستة أشهر، فتغير وجه المنتصر، وقام عن مجلسه إِلَى النساء، فلم يملك إلا ستة أشهر [2] .
وفي ذي الحجة من هَذِهِ السنة أخرج المنتصر علي بْن المعتصم من سامراء إِلَى بغداد، ووكل بِهِ.
وحج بالناس في هذه السنة مُحَمَّد بن سليمان الزينبي [3] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1500- جعفر المتوكل [عَلَى الله] [4] .
كَانَ السبب فِي قتله: أنه أمر بإنشاء كتب بقبض ضياع وصيف بأصبهان والجبل وإقطاعها الفتح بْن خاقان، فكتب الكتب بذلك، وصارت إِلَى الخاتم، عَلَى أن تنفذ يوم الخميس لخمس خلون من شوال، فبلغ ذلك وصيفا، وَكَانَ المتوكل أراد أن يصلي بالناس آخر جمعة بقيت من رمضان، فاجتمع الناس واحتشدوا، وخرج بنو هاشم من بغداد لرفع القصص وتكليمه [5] إذا ركب، فَلَمَّا أراد الركوب قَالَ لَهُ عبيد الله بْن يحيى والفتح [6] بْن خاقان: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، قد اجتمع الناس [7] وكثروا، فبعض متظلم، وبعض طالب حاجة، فإن رأيت أن تأمر بعض ولاة العهد بالصلاة، فعلت، فأمر المنتصر، فلمَا نهض المنتصر ليركب قالا: يَا أمير المؤمنين، قد رأينا أن تأمر المعتز باللَّه لتشرفه بذلك، فقد اجتمع أهل بيته.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 2/ 120- 121.
[3] انظر: تاريخ الطبري 9/ 239.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 165- 172.
[5] في ت: «وان تكلم» .
[6] «بن الفتح» ساقطة من ت.
[7] في ت: «واجتمعوا» .(11/355)
فأمر المعتز فركب، وأقام المنتصر فِي منزله [1] ، فلمَا فرغ المعتز من خطبته قام إليه/ عبيد الله بْن يحيى والفتح بْن خاقان فقبلا يديه ورجليه، ثم رجع فِي الموكب فدخل عَلَى أبيه، فَقَالَ داود بْن محمد الطوسي: قد والله رأيت الأمين والمأمون والمعتصم والواثق، فما رأيت رجلا عَلَى المنبر [2] أحسن قوامَا [وبديهة] [3] من المعتز باللَّه.
وخرج المتوكل يوم الفطر وقد ضرب لَهُ المصاف [4] نحو من أربعة أميال، وترجل الناس بين يديه، فصلى ورجع [5] ، فأخذ حفنة من تراب، فوضعها [6] عَلَى رأسه، فقيل له في ذلك، فقال: إنّي رأيت [كثرة] [7] هَذَا الجمع فأحببت أن أتواضع للَّه عز وجل [8] .
وأهدت إليه [9] أم ولده ثوبا فقطعه نصفين ورده [10] إليها، وقال: أذكرتني به، فو الله إن نفسي تحدثني أني لا ألبسه، ولا أحب أن يلبسه أحد بعدي، ولذلك شققته، ثم جعل [11] يقول لندمائه: أنا والله مفارقكم عن قليل، وكثر عبثه بابنه المنتصر تارة يشتمه، وتارة يتهدده بالقتل، والتفت إِلَى الفتح فَقَالَ: برئت من الله [12] ومن قرابتي من رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لم تلطمه- يعني المنتصر- فقام إليه [13] الفتح، فلطمه [14] لطمتين وقال [15] :
اشهدوا أني قد خلعته. فانصرف على غضب، فواعد الأتراك على قتل المتوكل إذا
__________
[1] في ت: «بيته» .
[2] في ت: «على منبر» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «المضرب» . وفي الأصل: «المصيف» .
[5] «ورجع» ساقطة من ت.
[6] في ت: «فركها» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] انظر: تاريخ الطبري 9/ 222- 224.
[9] في ت: «له» .
[10] في ت: «ثم رده» .
[11] في ت: «وجعل» .
[12] في الأصل: «إلى الله» .
[13] «إليه» ساقطة من ت.
[14] في ت: «ولطمه» .
[15] في ت: «ثم قال» .(11/356)
ثمل، فمَا كانت إلا ساعة حَتَّى دخل الأتراك عَلَيْهِ [1] فقتلوه وقتلوا معه الفتح بْن خاقان [2] .
وذلك ليلة الأربعاء، وقيل: ليلة الخميس بعد العتمة بساعة، لأربع ليال [3] خلون من شوال [4] ، وكانت خلافته أربع عشرة سنة وعشرة أشهر وثلاثة أيام، وَهُوَ ابْن أربعين سنة [5] .
وقد حكى إبراهيم بْن عرفة أن جارية من جواري المتوكل قالت: أصابه هم [6] ، وعرض/ لَهُ فكر، فجلس وحده ثم قَالَ: جئيني ببرنية فيها غالية، فجئته بِهَا، فجعل يبندقها ويرمي بِهَا [7] ، ثم جلس [يقرأ القرآن عَلَى] [8] الشراب، فمَا شعر إلا وقد دخل عَلَيْهِ جمَاعة من القواد يتقدمهم غلام [9] ابنه المنتصر الذي يسمى باغر [10] ، فدنا منه، فضربه، وتتابع القواد بالضرب، وألقى الفتح بْن خاقان نفسه عَلَيْهِ فقتل معه، وَكَانَ باغر [قد] [11] قَالَ للقواد: إني أتقدمكم، فإن خفتم عَلَى أنفسكم فقعوا [12] علي فاقتلوني وقولوا: دخل مكانا لم يكن لَهُ [13] دخوله.
وذكر ابْن عرفة أنه حضر مغنيا فغناه، [فَقَالَ لَهُ أحمد بْن أبي العلاء] [14] :
يَا عاذلي من الملام دعاني ... أن البلية فوق مَا تصفان
[زعمت بثينة أن رحلتنا غدا ... لا مرحبا بغد فقد أبكاني] [15]
__________
[1] «عَلَى قتل المتوكل إذا ثمل، فمَا كانت إلا ساعة حتى دخل الأتراك عليه» . ساقطة من ت.
[2] انظر تاريخ الطبري 9/ 224- 226.
[3] «ليال» ساقطة من ت.
[4] في ت: «من شعبان» .
[5] انظر: تاريخ الطبري 9/ 230.
[6] في ت: «أصابه غم» .
[7] في ت: «فجعل يتبدقها ثم جلس» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في ت: «يقدمهم ما غير وهو غلام» .
[10] «الّذي يسمى باغر» ساقطة من ت.
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] في ت: «فقفوا عليه» .
[13] «له» ساقطة من ت.
[14] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[15] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/357)
فتطير المتوكل من هَذَا وقال: ويحك كيف وقع لك أن تغني بمثل هَذَا [1] ، فذهب ليغنيه بغيره، فأعاده، فقالوا [2] : اصرفوا [3] المهين، ثم عاد فدعا المغني فغنى الصوت، واغتم المتوكل وَكَانَ [قد] [4] وصف لَهُ سيف لم ير مثله فابتاعه فاختار باغر فوهبه [5] لَهُ، فيقال: إنه قتله به.
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْقَزَّازِ قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي الخطيب الحافظ قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد الله بْن عمر الواعظ قَالَ: حدثني أبي، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الواحد قال: أخبرني أبو أيوب جعفر بْن أبي عثمَان] [6] الطيالسي قَالَ: أخبرني بعض الزمَازمة الذي يحفظون زمزم قَالَ: غارت زمزم ليلة من الليالي فأرخناها، فجاءنا [7] الخبر أنها الليلة التي قتل فيها المتوكل [8] .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْقَزَّازِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْخَطِيبُ الحافظ قال: أَخْبَرَنَا الأزهري قَالَ: أَخْبَرَنَا عبيد الله بْن محمد العكبري، حَدَّثَنَا أبو الفضل محمد بْن أحمد النيسابوري قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد بْن عثمَان الحناط قَالَ:
حَدَّثَنَا] [9] علي بْن إسمَاعيل قَالَ: رأيت جعفر المتوكل فِي النوم وَهُوَ فِي النور جالس قلت: المتوكل؟ فَقَالَ: المتوكل قلت: مَا فعل الله بك؟ قَالَ: غفر لي. قلت: بمَاذا؟
قَالَ: بقليل من السنة أحييتها [10] .
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قال أخبرنا أحمد بن علي الخطيب قال أخبرنا محمد بن
__________
[1] في ت: «أن تغني بهذا» .
[2] في ت: «فقال» .
[3] في الأصل: «اصرفه» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ت: «فواهبه» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي الأصل: «أخبرنا القزاز قال الخطيب باسناد له عن الطيالسي» .
[7] في ت: «فحفظناها فجاء» .
[8] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 7/ 172.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي الأصل: «أخبرنا القزاز أنا الخطيب بإسناد له عن علي بن ... » .
[10] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 7/ 170.(11/358)
أحمد بْن رزق قَالَ أَخْبَرَنَا محمد بْن يوسف بْن حمدان الهمذاني قَالَ: [حَدَّثَنَا أبو علي الحسن بْن يزيد الدقاق قَالَ: حَدَّثَنَا عبد العزيز بْن محمد الحارثي، حَدَّثَنَا عمر بْن عبد الله الأسدي قَالَ: سمعت أبا عبد الله أحمد بْن العلاء] [1] قَالَ: قَالَ لي عمرو بْن شيبان الحلبي: / رأيت فِي الليلة التي قتل فيها المتوكل فِي النوم [2] حين أخذت مضجعي، كأن آتيا أتاني فَقَالَ لي:
يَا نائم الليل [3] فِي أقطار جثمَاني ... أفض [4] دموعك يَا عمرو بْن شيبان
أمَا ترى الفتية الأرجاس مَا فعلت ... بالهاشمي وبالفتح بْن خاقان
وافى إِلَى الله مظلومَا فضج لَهُ ... أهل السموات من مثنى ووحدان
وسوف تأتيكم أخرى مسومة ... توقعوها لها شأن من الشان
فابكوا عَلَى جعفر وابكوا [5] خليفتكم ... فقد بكاه جميع الإنس والجان
قَالَ: فأصبحت وإذا الناس يقولون [6] إن جعفرا قد قتل في هذه الليلة.
قال أبو عبد الله: ثم رأيت المتوكل بعدها [7] بأشهر [8] كأنه بين يدي الله تعالى [9] ، فقلت له [10] : ما فعل بك ربك؟ قَالَ: غفر لي. قلت: بمَاذا؟ قَالَ: بقليل من السنة تمسكت بِهَا. قلت: فمَا تصنع ها هنا؟ قَالَ: أنتظر ابني محمدا أخاصمه إِلَى الله الحليم [11] ، العظيم، الكريم [12] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل ومكانه: «الهمذاني قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ العلاء. قال» .
[2] في ت: «فيما يرى النائم» .
[3] في ت: «العين» .
[4] في ت: «أقصى» .
[5] في ت: «وارثوا» .
[6] في ت: «يخبرون» .
[7] في ت: «بعد هذا» .
[8] «بأشهر» ساقطة من ت.
[9] في ت: «عز وجل» .
[10] «له» ساقطة من ت.
[11] في ت: «الحكيم» و «الكريم» ساقطة من ت.
[12] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 7/ 171.(11/359)
[أَخْبَرَنَا محمد بْن ناصر الحافظ] [1] أَخْبَرَنَا ناصر بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ:
أَخْبَرَنَا الجوهري قال: أخبرنا ابن حيوية قال: أخبرنا محمد بْن خلف قَالَ: أخبرني أبو العباس المروزي قَالَ: أخبرني بعض أهل الأدب أنه كَانَ للمتوكل جارية يقال لها محبوبة، وكانت من الجمَال [2] والإحسان عَلَى غاية [3] ، ومن الغناء [4] عَلَى غاية، وَكَانَ المتوكل يجد بِهَا [5] وجدا شديدا، وكانت لَهُ عَلَى مثل ذلك، فلمَا كَانَ من المتوكل مَا كَانَ ففرق الجواري إِلَى القواد، فصارت محبوبة إِلَى وصيف، وَكَانَ لباسها البياض الحسن [6] ، وكانت تذكره فتشهق وتنتحب، فجلس وصيف يوما للشراب وجلس الجواري اللائي كن للمتوكل فِي الحلي والحلل، وجاءت محبوبة فِي معجر أبيض فَقَالَ وصيف/: غنين فمَا بقيت واحدة منهن إلا غنت وطربت وضحكت [إِلَى أن] [7] أومَا إِلَى محبوبة بالغناء، فقالت: إن رأى الأمير أن يعفيني، فأبى، فقلن لها الجواري: لو كَانَ فِي الحزن فرج لحزنا معك، وجيء بعود، فوضع فِي حجرها فسوته وأنشأت تقول:
أي عيش يطيب لي لا أرى فيه جعفرا ... ملك [8] قد رأته عيني جريحا معفرا
كل من كَانَ سالمَا وسقيمَا [9] فقد برا ... غير محبوبة التي لو ترى الموت يشترا
لاشترته [10] بمَا حوته جميعا لتقبرا.
فاشتد ذلك عَلَى وصيف، فأمر بإخراجها، فصارت إِلَى قبيحة، فلمَا كَانَ بعد هنية سأل عنها وصيف فقيل لَهُ [11] : صارت إِلَى قبيحة، فبعث إليها فقالت [12] : تمسحت ومضت، فو الله مَا أدري إلام صارت [13] .
1501- الحسن بْن الجنيد [بْن] [14] أبي جعفر، [البلخي] [15] .
بلخي الأصل، حدث عن وكيع وغيره، روى عنه ابْن أبي الدنيا [16] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «من الأدب» .
[3] «على غاية من» ساقطة من ت.
[4] في ت: «وفي الغناء» .
[5] في ت: «تجد بها» .
[6] في ت: «الحسن» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ت: «بعد ما» .
[9] في ت: «كان مدنفا وعليلا» .
[10] في ت: «اشتريه» .
[11] «له» ساقطة من ت.
[12] في ت: «فقيل» .
[13] في ت: «إلى أين صارت» .
[14] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[15] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[16] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 292.(11/360)
وتوفي في هذه السنة.
1502- عَبْد اللَّه [1] بن محمد بن إسحاق [2] ، أبو عبد الرحمن الأذرمي [3] .
سمع سفيان بْن عيينة، وغندر، وهشيم بْن بشير، و [إسماعيل] [4] بْن علية وغيرهم، روى عنه: أبو حاتم الرازي، وقال: كَانَ ثقة، وأبو داود السجستاني [5] وابنه، وابن صاعد وغيرهم.
وقد كَانَ الواثق استحضر [6] رجلا من أهل أدنة [7] للمحنة [8] ، فناظر ابن أبي دؤاد بحضرته، فظهر على ابْن أبي دؤاد، فيقال: إنه هَذَا الرجل.
وقد رويت لنا [هَذِهِ] [9] القصة مختصرة ومطوله، فأمَا المختصرة:
فأخبرنا [أبو منصور] القزاز قَالَ: أخبرنا [أحمد بن عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ] [10] الْخَطِيبُ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْن الفرج بْن علي البزار قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بْن إبراهيم بْن موسى [11] ، قَالَ حَدَّثَنَا جعفر بْن شعيب قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن يوسف الشاسي [12] / قَالَ:
حدثني إبراهيم بْن منبه قَالَ: سمعت طاهر بْن خلف يقول: سمعت المهتدي باللَّه ابْن الواثق يقول: كَانَ أبي إذا أراد أن يقتل رجلا أحضرنا ذلك المجلس فأتي بشيخ مخضوب مقيد، فَقَالَ أبي: ائذنوا لأبي عبد الله وأصحابه [13] يعني ابْن أبي دؤاد، فأدخل [14] الشيخ فَقَالَ: السلام عليك يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: لا سلام الله عليك. فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ بئس مَا أدبك به مؤدبك، قَالَ الله تعالى: وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها 4: 86 [15] والله مَا حييتني بِهَا ولا بأحسن منها. فقال ابن أبي دؤاد: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، الرجل متكلم فَقَالَ لَهُ كلمة. فَقَالَ لَهُ: يَا شيخ، ما تقول في القرآن. فَقَالَ لَهُ الشيخ: لم تنصفني- يعني ولني السؤال- فَقَالَ: قل، فَقَالَ [لَهُ] [16] الشيخ: ما تقول في القرآن؟
__________
[1] في ت: «عبيد الله» .
[2] في ت: «عبيد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن إسحاق» .
[3] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 10/ 74- 79.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «السجستاني» ساقطة من ت.
[6] في ت: «أشخص» .
[7] في الأصل: «أدنه» .
[8] «للمحنة» ساقطة من ت.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] في ت: «ماسي» .
[12] في ت: «الشاشي» .
[13] «وأصحابه» ساقطة من ت.
[14] في ت: «قال: فادخل» .
[15] سورة: النساء، الآية: 86.
[16] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/361)
فَقَالَ: مخلوق. فَقَالَ: هَذَا شيء علمه النَّبِي [1] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبو بَكْر، وعمر، وعثمان، وعلي، والخلفاء الراشدون أم شيء لم يعلموه؟ فَقَالَ: [شيء لم يعلموه. فَقَالَ:] [2] سبحان الله، شيء لم يعلمه النَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وسلم، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمَان، ولا علي، ولا الخلفاء الراشدون، علمته أنت؟! قَالَ: فخجل، فَقَالَ: أقلني. فقلت [3] والمسألة بحالها. قَالَ: نعم. قلت [4] : مَا تقول فِي القرآن؟ فَقَالَ: مخلوق. قال: هَذَا شيء علمه النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبو بَكْر، وعمر، وعثمَان، وعلي، والخلفاء الراشدون، أم لم يعلموه فَقَالَ: شيء [5] علموه ولم يدعوا الناس إليه، فَقَالَ: أفلا وسعك [6] مَا وسعهم؟ قَالَ [7] :
ثم قام أبي فدخل مجلس [8] الخلوة واستلقى عَلَى قفاه، ووضع إحدى رجليه عَلَى الأخرى/ وَهُوَ يقول [9] : هَذَا شيء لم يعلمه النَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وسلم، ولا أبو بكر، ولا عمر ولا عثمَان، ولا علي، ولا الخلفاء الراشدون علمته أنت، سبحان الله، شيء علمه النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبو بَكْر، وعمر، وعثمان، وعلي، والخلفاء الراشدون، ولم يدعوا الناس إليه أفلا وسعك مَا وسعهم، ثم دعى عمَار [10] الحاجب، وأمر أن ترفع عنه القيود، وأن يعطى [11] أربعمَائة دينار، ويؤذن لَهُ فِي الرجوع، وسقط من عينه [12] ابْن أبي دؤاد ولم يمتحن بعد ذلك أحدا.
وأمَا القصة المطولة: فأخبرنا [أبو منصور] [13] القزاز قال: أخبرنا الخطيب
__________
[1] في ت: «رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ت: «قال: ابقى» .
[4] في ت: «وقلت» .
[5] «شيء» ساقطة من ت.
[6] في ت: «أفلا يسعك» .
[7] «قال» ساقطة من ت.
[8] في ت: «فدخل المجلس» .
[9] «هذا شيء لم يعلمه ... » حتى: «علمت أنت» . ساقط من ت.
[10] في ت: «ثم دعي عليا» .
[11] في ت: «أن يعطيه» .
[12] «من عينه» ساقطة من ت.
[13] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(11/362)
[أحمد بن علي] قال: أخبرنا محمد بن أحمد بْن رزق قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بْن سندي الحداد قَالَ: قرئ عَلَى أحمد بْن الممتنع وأنا أسمع، قيل لَهُ: أخبركم صالح بن علي بن يعقوب بن المنصور الهاشمي قَالَ: حضرت المهتدي باللَّه أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، وقد جلس للنظر فِي أمور المتظلمين فِي دار العامة، فنظرت فِي بعض قصص [1] الناس تقرأ عليه من أولها إلى آخرها، فيأمر [2] بالتوقيع فيها، وينشأ الكتاب عَلَيْهَا، ويحرر [ويختم] [3] وتدفع إِلَى صاحبها [4] بين يديه، فسرني ذلك واستحسنت مَا رأيت، فجعلت أنظر [إليه] [5] ففطن ونظر إلي، فغضضت عنه حَتَّى كَانَ ذلك مني ومنه مرارا ثلاثة، إذا نظر إلي [6] غضضت، وإذا شغل نظرت، فَقَالَ لي: يَا [7] صالح قلت: لبيك يا أمير المؤمنين، وقمت قائمَا. فَقَالَ: فِي نفسك [مني] [8] شيء تريد أن تقوله؟ قلت:
نعم يَا سيدي، فَقَالَ لي: عد إِلَى موضعك، [فعدت] [9] وعاد إِلَى النظر حَتَّى إذا قام قَالَ للحاجب: لا يبرح صالح/، وانصرف الناس، ثم أذن لي، وأهمتني نفسي، فدخلت فدعوت لَهُ، فَقَالَ: اجلس فجلست فَقَالَ لي: يَا صالح تقول لي مَا دار فِي نفسك وأقول أنا، مَا دار فِي نفسي [10] [قلت:] [11] يَا أمير المؤمنين، ما تعزم عَلَيْهِ، وتأمر به، فَقَالَ أقول أنا إنه دار فِي نفسي [12] أنك استحسنت مَا رأيت منا، فقلت:
أي خليفة خليفتنا إن لم يكن [13] يقول [14] إن [15] القرآن مخلوق فورد على [قلبي] [16] مر عظيم، ثم قلت: يَا نفس، هل تموتين قبل أجلك، وهل تموتين إلا مرة، وهل يجوز الكذب فِي جد أو هزل؟ فقلت: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، مَا دار فِي نفسي إلا مَا قلت. فأطرق مليا، ثم قَالَ: ويحك، اسمع مني ما أقول؟ فو الله لتسمعن الحق، فسري عني. ثم قلت [17] : يَا سيدي، ومن أولى بقول الحق منك وأنت خليفة رب العالمين، وابن عم
__________
[1] في ت: «إلى قصص» .
[2] في ت: «فأمر» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «إلى صاحب» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] «إلي» ساقطة من ت.
[7] «يا» ساقطة من ت.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] «وأقول أنا ما دار في نفسي» ساقطة من ت.
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] في ت: «في نفسك» .
[13] «يكن» ساقطة من ت.
[14] في ت: «تقل» .
[15] «إن» ساقطة من ت.
[16] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[17] في ت: «فقلت» .(11/363)
سيد المرسلين؟ فَقَالَ: مَا زلت أقول إن القرآن مخلوق صدرا من أيام الواثق، حَتَّى أقدم أحمد بن أبي دؤاد علينا شيخا من أهل [1] الشام من أهل أدنة، فأدخل الشيخ عَلَى الواثق مقيدا، وَهُوَ جميل الوجه، تام القامة، حسن الشيبة، فرأيت الواثق قد استحيى منه، ورق لَهُ، فمَا زال يدنيه ويقربه حَتَّى قرب منه، فسلم الشيخ فأحسن، ودعا فأبلغ وأوجز، فقال له الواثق: اجلس [2] . فجلس، فَقَالَ [لَهُ] [3] : ناظر ابْن أبي دؤاد عَلَى مَا يناظرك عَلَيْهِ.
فَقَالَ لَهُ الشيخ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، ابْن أبي دؤاد يصبو ويضعف عن المناظرة. فغضب الواثق وعاد إِلَى مكان الرقة لَهُ غضبا عَلَيْهِ وقال: أبو عبد الله بْن أبي دؤاد يصبو ويضعف عن مناظرتك أنت [4] !؟ فَقَالَ الشيخ [5] : هون عليك يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ مَا بك، وأذن فِي [6] مناظرته. فَقَالَ الواثق: / مَا دعوتك إلا للمناظرة. فَقَالَ الشيخ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، إن رأيت [7] أن تحفظ علي وعليه مَا نقول [قَالَ: أفعل] [8] قَالَ الشيخ: يَا أحمد، أخبرني [9] عن مقالتك هَذِهِ هي مقالة واجبة داخلة فِي عقد الدين [10] ، فلا يكون الدين كاملا [11] حَتَّى يقال فيه بمَا قلت. قَالَ: نعم. قَالَ الشيخ: يَا أحمد، أخبرني عن رَسُول اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وسلم حين بعثه الله إِلَى عباده، هل ستر [رَسُول اللَّهِ] [12] شيئا ممَا أمره الله به فِي أمر دينهم؟ فَقَالَ: لا. قَالَ الشيخ: فدعا رَسُول اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وسلم [الأمة] [13] إِلَى مقالتك هَذِهِ؟ فسكت أحمد [14] بْن أبي دؤاد. فَقَالَ الشيخ: تكلم. فسكت، فالتفت الشيخ إِلَى الواثق فَقَالَ: يا أمير المؤمنين واحدة، فقال الواثق: واحدة. فَقَالَ الشيخ: يَا أحمد، أخبرني عن الله تعالى [15] حين أنزل القرآن عَلَى رسوله صلّى الله عليه وسلّم، فَقَالَ: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً 5: 3 [16] هل كَانَ الله الصادق فِي إكمَال [17] دينه، وأنت الصادق فِي نقصانه حَتَّى يقال فيه بمقالتك، فيتم [18] ؟ فسكت ابْن أبي دؤاد. فَقَالَ
__________
[1] «أهل» ساقطة من ت.
[2] «اجلس» ساقطة من ت.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «أنت» ساقطة من ت.
[5] «الشيخ» ساقطة من ت.
[6] في ت: «وايذن له في» .
[7] «إن رأيت» ساقطة من ت.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من ت.
[9] في ت: «أسألك» .
[10] في ت: «في باب الدين» .
[11] «كاملا» ساقطة من ت.
[12] ما بين المعقوفتين من تاريخ بغداد.
[13] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[14] «أحمد» ساقطة من ت.
[15] في ت: «عز وجل» .
[16] سورة: المائدة، الآية: 3.
[17] في ت: «إتمام» .
[18] في ت: «هذه» .(11/364)
الشيخ: أجب يَا أحمد. فلم يجب، فَقَالَ للشيخ [1] : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، اثنتان. فَقَالَ الواثق: نعم اثنتان. فَقَالَ الشيخ [2] : يَا أحمد، أخبرني عن مقالتك هَذِهِ، علمها رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ جهلها؟ قال ابن أبي دؤاد: علمها. قَالَ: فدعا الناس إليها؟ فسكت. قَالَ الشيخ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، ثلاث. فقال الواثق: ثلاث [3] . قَالَ الشيخ: يَا أحمد، فاتسع لرَسُول اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وسلم أن علمها وسكت [4] / عنها كمَا زعمت، ولم يطالب أمته بِهَا؟ قَالَ:
نعم. قَالَ الشيخ: أو اتسع لأبي بكر الصديق، وعمر بْن الخطاب، وعثمَان، وعلي رضي الله عنهم؟ قَالَ ابْن أبي دؤاد: نعم. فأعرض الشيخ عنه، وأقبل عَلَى الواثق فَقَالَ:
يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، قد قدمت القول بأن أحمد يصبو ويضعف عن المناظرة، يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ [5] إن لم يتسع لنا الإمساك عن هَذِهِ المقالة كمَا زعم هَذَا [6] أنه [7] اتسع لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولأبي بكر، وعمر، وعثمَان، وعلي، فلا وسع الله عَلَى من لم يتسع [8] له ما [9] اتسع [10] . فقال الواثق: نعم، إن لم يتسع لنا من الإمساك عن هَذِهِ المقالة مَا اتسع لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولأبي بكر، وعمر، وعثمَان، وعلي، فلا وسع الله علينا [11] ، اقطعوا قيد الشيخ. فلمَا قطع القيد ضرب الشيخ [12] بيده إِلَى القيد حَتَّى يأخذه [13] ، فجاذبه الحداد عَلَيْهِ، فَقَالَ الواثق: دع الشيخ يأخذه. فأخذه فوضعه فِي كمه. فَقَالَ لَهُ الواثق: يَا شيخ، لم جاذبت الحداد عَلَيْهِ؟ قَالَ: لأني نويت أن أتقدم إِلَى من أوصي إليه إذا أنا مت أن يجعله بيني وبين كفني حَتَّى أخاصم به هَذَا الظالم عند الله يوم [14] القيامة، وأقول: يا
__________
[1] في ت: «فقال الشيخ» .
[2] «الشيخ» ساقطة من ت.
[3] «فقال الواثق ثلاث» ساقطة من ت.
[4] في ت: «فأمسك» .
[5] في ت: «فقال الواثق» .
[6] «كما زعم هذا» ساقطة من ت.
[7] في ت: «ما» .
[8] «على من لم يتسع» ساقطة من ت.
[9] في ت: «علينا» .
[10] «اتسع» ساقطة من ت.
[11] «نعم إن لم يتسع ... » حتى « ... فلا وسع الله علينا» ساقطة من ت.
[12] «الشيخ» ساقطة من ت.
[13] في ت: «ليأخذه» .
[14] في ت: «الظالم بين يدي عند الله عز وجل يوم ... » .(11/365)
رب، سل عبدك هَذَا لم قيدني! وروع أهلي وولدي وإخواني [من غير شيء] [1] أوجب ذلك علي؟ وبكى الشيخ، وبكى الواثق، وبكينا، ثم سأله الواثق أن يجعله فِي حل وسعة ممَا ناله [2] ، فَقَالَ لَهُ الشيخ: / والله يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ لقد جعلتك فِي حل وسعة من أول يوم [3] إكرامَا لرَسُول اللَّهِ [4] صلى الله عَلَيْهِ وسلم، إذ كنت رجلا [5] من أهله. فَقَالَ الواثق: لي إليك حاجة. فَقَالَ الشيخ: إن كانت ممكنة فعلت، فَقَالَ: تقيم قبلنا، فننتفع بك وينتفع [بك فتياننا] [6] فَقَالَ الشيخ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، إن ردك إياي إلي الموضع الذي أخرجني عنه هَذَا الظالم أنفع [7] لك من مقامي [عندك] [8] ، وأخبرك بمَا فِي ذلك: أصير إِلَى أهلي وولدي، وأكف دعاءهم عليك، فقد خلفتهم عَلَى ذلك. فَقَالَ لَهُ الواثق: فتقبل منا صلة تستعين بِهَا عَلَى رجوعك [9] ودهرك؟ فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، لا تحل لي، أنا عنها غني، وذو مرة سوي. فَقَالَ: سل حاجة [10] . قَالَ: أو تقضيها؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فأذن لي [11] أن يخلى سبيلي [12] الساعة إِلَى الثغر. قَالَ: إني قد أذنت لك. فسلم وانصرف [13] . قَالَ [صالح بْن علي قَالَ] [14] المهتدي [15] : فرجعت عن هَذِهِ المقالة، وأظن أن الواثق قد كَانَ رجع عنها [منذ ذلك الوقت] [16] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «مما قاله» .
[3] «وسعة من أول يوم» ساقطة من ت.
[4] في ت: «للرسول صلّى الله عليه وسلّم» .
[5] «رجلا» ساقطة من ت.
[6] في الأصل وتنتفع بنا.
[7] في ت: «منه أنفع» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] «رجوعك» ساقطة من ت.
[10] في ت: «سل حاجتك» .
[11] في ت: «فأذن الى» .
[12] في ت: «يخلى لي السبيل» .
[13] في ت: «وانصرف» .
[14] ما بين المعقوفتين من تاريخ بغداد.
[15] في الأصل: «المقتدي» .
[16] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل. انظر الخبر في: تاريخ بغداد 10/ 75- 78.(11/366)
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ قَالَ أَخْبَرَنَا [أَبُو بَكْرِ بْنُ علي] [1] الخطيب قَالَ أَخْبَرَنَا عبد الله بْن على بْن حمويه قَالَ: سمعت أبا بكر أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ الشيرازي الحافظ يحدث [2] الشيخ الأدنى [3] ومناظرته مَعَ ابْن أبي دؤاد بحضرة الواثق، فَقَالَ: الشيخ هُوَ أبو عَبْد الرحمن عبد الله بن محمد بْن إسحاق الأدرمي [4] .
1503- عبد السلام بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن صخر بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن وابصة بن معبد، أبو الفضل الأسدي الرقي [5] .
سمع أباه، روى عنه أبو عروبة الحراني، وَكَانَ قاضي الرقة، ولي القضاء ببغداد/ فِي أيام المتوكل، وَكَانَ عفيفا، فصرفه يحيى بْن أكثم، فبعث المتوكل [6] عهدا إِلَى بغداد، ولم يسم القاضي، وقال: إن رضوا به فليدفع العهد إليه. فرضوا به. فظاهر هَذَا أنه ولي قضاء [7] بغداد مرتين.
وسئل الإمَام أحمد عن [8] الوابصي فأحسن القول فيه، وقال: مَا بلغني عنه [9] إلا خير.
توفي في هذه السنة بالرقة، وقيل: فِي سنة تسع، والله أعلم.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «الحافظ قال أخبرنا يحدث» .
[3] «الشيخ الأذني ومناظرته مَعَ ابْن أبي دؤاد بحضرة الواثق فقال» ساقطة من ت.
[4] انظر الخبر في: تاريخ بغداد 10/ 78- 79.
[5] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 11/ 52.
[6] «وَكَانَ عفيفا فصرفه يحيى بْن أكثم فبعث المتوكل» ساقطة من ت.
[7] «قضاء» ساقطة من ت.
[8] في ت: «وسئل أحمد بن حنبل» .
[9] «عنه» ساقطة من ت.(11/367)
خاتمة الناسخ
تم الجزء بحمد الله وعونه وحسن توفيقه في ذي الحجة الحرام سنة أربع وثمانمائة. أحسن الله عاقبتها بخير في عافية بمنه وكرمه، غفر الله لمن استكتب وكتب، ولمن نظر ودعا لهما بالمغفرة والرحمة والرضوان ودخول الجنان برحمة الرحيم الرحمن. آمين، والحمد للَّه رب العالمين، وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلامه، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
يتلوه في الجزء الّذي بعده [1] : «ثم دخلت سنة ثمان وأربعين ومائتين» .
__________
[1] وهو الجزء الثاني عشر بتجزئة الناسخ.(11/368)
[المجلد الثاني عشر]
ثم دخلت سنة ثمان وأربعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن المنتصر أغزى وصيفا التركي الصائفة- أرض الروم- وسبب ذلك أنه كان قد وقع بين وصيف وبين أَحْمَد بن الخصيب [1] وزير المنتصر فأشار على المنتصر أن يخرج وصيفا من العسكر غازيا، فأمره بالغزو، وَقَالَ له: إن طاغية الروم قد تحرك، ولست آمنه على بلاد الإسلام، فإما أن تخرج أنت أو أنا. فقال: بل أنا أخرج، فخرج في عشرة آلاف [2] .
وفي هذه السنة: خلع المعتز والمؤيد أنفسهما، وسبب ذلك: أن المنتصر لما استقامت له الأمور، قَالَ أَحْمَد بن الخصيب لوصيف وبغا: إنا لا نأمن [3] الحدثان، وأن يموت أمير المؤمنين [4] فيلي الأمر المعتز، [5] فلا يبقي منا باقية، والرأي أن نعمل في خلع هذين الغلامين قبل أن يظفرا بنا، فجد [6] الأتراك في ذلك، وألحّوا على المنتصر،
__________
[1] في ت: «أحمد الخصيب» .
[2] الكامل لابن الأثير (حوادث سنة 248) . 6/ 146. والبداية والنهاية 10/ 353. وتاريخ الطبري 9/ 240.
[3] في الأصل: «إنا لا نأمن من الحدثان» .
[4] في ت: «وأن يتولى المعتز» .
[5] «فيلي الأمر المعتز» سقطت من ت.
[6] في الأصل: «فحشد» .(12/3)
وقَالُوا: تخلعهما وتبايع لابنك [هذا عبد الوهاب] [1] فاحضرهما وجعلا [2] في دار [3] ، فقال المعتز للمؤيد: يا أخي، لم ترى [4] أحضرنا، فقال المؤيد: يا شقي، للخلع، قَالَ: ما أظنه يفعل. فجاءتهم الرسل بالخلع، فقال المؤيد: السمع والطاعة، فقال المعتز: ما كنت لأفعل، فإن أردتم قتلي فشأنكم. فرجعوا ثم عادوا بغلظة شديدة، فأخذوا المعتز بعنف وأدخلوه إلى بيت وأغلقوا عَلَيْهِ الباب. فقال له المؤيد: يا جاهل تراهم قد نالوا من أبيك ما نالوا ثم [5] تمتنع عليهم! اخلع ويلك ولا تراجعهم، فقال:
أفعل، فقال لهم المؤيد: قد أجاب.
فكتبا خطوطهما بالخلع، وأنهما [6] عجزة عن الخلافة: وقد خلعناها من أعناقنا.
ثم دخلا [7] عَلَيْهِ، فقال: أترياني [8] خلعتكما طمعا في أن أعيش حتى يكبر ولدي وأبايع له! والله ما طمعت فِي ذلك، ولأن [9] يليها بنو أبي أحب إلي من أن يليها بنو عمي، ولكن هؤلاء- وأومأ [10] إلى الموالي- ألحوا علي في خلعكما، فخفت إن لم أفعل أن يعترضكما بعضهم بحديدة، فيأتي عليكما، فلو قتلته ما كان دمه يفي [11] دماءكما. فقبلا يده ثم انصرفا. وكان خلعهما في يوم السبت لسبع بقين من صفر [هذه السنة] [12] [13] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «فحصلا» . وما أثبتناه من ت، والطبري.
[3] في الأصل: «في داره» وما أثبتناه من ت، والطبري.
[4] في الأصل: «يا أخي لما ترى» .
وفي ت: «لماذا يا أخي أحضرنا» . وما أثبتناه من الطبري 9/ 244
[5] «ثم» ساقطة من ت.
[6] في ت: «وأنا» .
[7] في ت: «وأدخلا عليه» .
[8] في ت: «أتراني» .
[9] في الأصل: «لئن» .
[10] في ت: «وأشار» .
[11] في ت: «يوفى» .
[12] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[13] تاريخ الطبري 9/ 244- 246. والكامل لابن الأثير (أحداث سنة 248) 6/ 146- 148. والبداية والنهاية 10/ 353.(12/4)
وفي هذه السنة: خرج مُحَمَّد بن عمر الشاري بناحية [1] الموصل، فوجه إليه المنتصر إسحاق بن ثابت الفرغاني، فأخذه أسيرا مع عدة [من] [2] أصحابه فقتلوا وصلبوا [3] .
وفيها: تحرك يعقوب من سجستان فصار إلى هراة [4] .
وفيها: توفي المنتصر واستخلف المستعين.
__________
[1] في ت: «ناحية» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ت: «فقتلوه وصلبوه» .
انظر: تاريخ الطبري 9/ 255. والكامل لابن الأثير (أحداث سنة 248) 6/ 151.
[4] تاريخ الطبري 9/ 255. والكامل لابن الأثير. [أحداث سنة 248) 6/ 151.(12/5)
باب خلافة المستعين
واسمه أَحْمَد بن مُحَمَّد بن المعتصم، ويكنى: أبا العباس، وقيل: أبا عبد الله، وكان ينزل سرمن رأى، ثم ورد بغداد فأقام بها إلى أن خلع، وأمه أم ولد اسمها مخارق، وكان أبيض حسن الوجه، ظاهر الدم، بوجهه أثر جدري، وسبب بيعته لما توفي المنتصر اجتمع الموالي وفيهم بغا الصغير وبغا الكبير فاستحلفوا قواد الأتراك والمغاربة على أن يرضوا بمن يرضى به بغا الكبير، وبغا الصغير، وذلك بتدبير ابن الخصيب فحلفوا وهم كارهين أن يتولى الخلافة [1] أحد من أولاد المتوكل لقتلهم أباه، فأجمعوا على أَحْمَد بن مُحَمَّد بن المعتصم فدعوه ليبايع له بالخلافة، فقال: استعين باللَّه وافعل. فسمي المستعين، فبايعوه بعد عشاء الآخرة من ليلة الاثنين لست خلون من ربيع الآخر، وحضر يوم الثلاثاء في دار العامة، وجاء الناس على طبقاتهم، فبينا هم على ذلك جاءت صيحة من ناحية السوق، وإذا خيل ورجالة وعامة قد شهروا السلاح وهم ينادون: معتز يا منصور، فشدوا على الناس، واقتتلوا، فوقع بينهم جماعة من القتلى إلى أن مضى من النهار ثلاث ساعات، ثم انصرف الأتراك وقد بايعوا المستعين ودخل الغوغاء والمنتهبة دار العامة، فانتهبوا خزانة السلاح، فجاء بغا وجماعة من الأتراك فأجلوهم عن الخزانة وقتلوا منهم عدة، وتحرك أهل السجون بسامراء في هذا اليوم، فهرب منهم جماعة [2] .
ولما توفي [3] المنتصر كان في بيت المال تسعون ألف ألف درهم فأمر المستعين
__________
[1] تكررت في الأصل الجملة: «أن يتولى الخلافة» .
[2] تاريخ الطبري 9/ 256- 258. والكامل لابن الأثير (أحداث سنة 248 هـ) 6/ 149، 150. والبداية والنهاية 11/ 2.
[3] هنا في النسخة ت وضع الخبر الّذي سيأتي بالإسناد إلى أترجة.(12/6)
للجند برزق خمسة أشهر وكان ألفي ألف دينار، وللعابد ألف واثنين وتسعين دينارا.
وفي هذه السنة: توفي طاهر بن عَبْد اللَّهِ بن طاهر، فعقد المستعين لابنه مُحَمَّد بن طاهر عَلَى خراسان والعراق، وجعل إليه الحرس والشرطة ومعالم من السواد.
ومرض بغا الكبير فعاده المستعين، وذلك للنصف من جمادى الآخرة، ومات بغا من يومه فعقد لابنه موسى على أعمال أبيه، وولي ديوان البريد، ووهب المستعين لأحمد بن الخصيب فرش الجعفري، فحملت عَلَى نحو من مائتين وخمسين بعيرا، وقيل: كانت قيمتها ألف ألف درهم، ووهب له دار ختيشوع وأقطعه غلة مائتي ألف وخمسين ألفا، وأمر له بألف قطعة من فرش أم المتوكل، ثم سخط عَلَيْهِ المستعين فقبضت أمواله، ونفي إلى أقريطش [1] .
وفي ربيع الآخر [2] من هذه السنة ابتاع المستعين من المعتز والمؤيد جميع ما لهما من المنازل والقصور والمتاع سوى أشياء استثناها المعتز، وأشهد عليهما بذلك، وترك لأبي عَبْد الله ما تبلغ عليه في السنة عشرين ألف دينار، وكان الذي ابتيع من أبي عَبْد اللَّهِ بعشرة آلاف ألف [درهم] وعشر حبات لؤلؤ. ومن إبراهيم بثلاثة آلاف ألف درهم وثلاث حبات لؤلؤ، وكان الشراء [3] باسم الحسن بن مخلد للمستعين، وحبسا في حجرة، ووكل بهما، وجعل أمرهما إلى بغا الصغير، وكان الأتراك حين شغب الغوغاء أرادوا قتلهما فمنعهم [4] من ذلك أَحْمَد بن الخصيب، وَقَالَ: ليس لهما ذنب، ولا هذا الشغب من أصحابهما، وإنما الشغب من أصحاب ابن طاهر [5] .
[أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أخبرني الأزهري قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمَد المقرئ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يحيى النديم، وحدثنا عون بن مُحَمَّد الكندي قَالَ: حدثني عَبْد اللَّهِ] [6] بن مُحَمَّد بن داود المعروف
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 258. والكامل لابن الأثير (أحداث سنة 248 هـ) 6/ 150، 151.
[2] في الطبري: «في جمادى الأولى» .
[3] في الأصل: «السري» .
[4] في الأصل: «فمنع» .
[5] تاريخ الطبري 9/ 258، 259.
[6] في الأصل: «أخبرنا القزاز بإسناده إلى عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن داود المعروف بأترجة» . وسقط باقي السند.(12/7)
بأترجة قَالَ: دخلت على المستعين باللَّه فأنشدته:
غدوت بسعد غدوة لك باكرة ... فلا زالت الدنيا بملكك عامره
ونال مواليك الغنى بك ما بقوا ... وعزوا وعزت دولة لك ناصره
بعثت علينا غيث جود ورحمة ... فنلنا بدنيا منك فضلا وآخره
فلا خائف إلا بسطت أمانه ... ولا معدم إلا سددت مفاقره
تيقن بفضل المستعين بفضله ... علي غيره- نعماء في الناس ظاهره
قَالَ: فدفع إلي خريطة كانت في يده مملوءة دنانير، ودعى بغالية فجعل يغلفني بيده [1] .
وفيها: صرف علي بن يحيى عن الثغور الشامية، وعقد له على أرمينية، وأذربيجان في رمضان [2] .
وفيها: شغب أهل حمص على عامل [3] المستعين عليها فأخرجوه [منها] [4] فوجه إليهم الفضل [5] بن قارون فمكر بهم [6] حتى أخذهم فقتل منهم خلقا كثيرا، وحمل مائة رجل من عياريهم [7] إلى سامراء [8] وهدم سورهم [9] .
وفيها: غزا الصائفة وصيف، وعقد المستعين لأوتامش على مصر والمغرب، واتخذه وزيرا وجعله على جميع الناس [10] .
وفيها: عقد لبغا الشرابي على حلوان، وماسبذان، ومهرجان، وأقطع بغا وأوتامش كل واحد منهما غلة ألف ألف درهم، وأقطع وصيفا التركي غلة ألف ألف،
__________
[1] تاريخ بغداد 5/ 85.
[2] تاريخ الطبري 9/ 259.
[3] واسمه: «كيدر بن عبيد الله» كما في الطبري 9/ 259.
[4] ما بين المعقوفتين من الطبري.
[5] في ت: «أحمد بن قارون» .
[6] في ت: «فمكرهم» .
[7] في الطبري: «مائة رجل من عيونهم» .
وفي الكامل: «أعيانهم» .
[8] في ت: إلى سرمن رأى» .
[9] تاريخ الطبري 9/ 259.
[10] تاريخ الطبري 9/ 259.(12/8)
وصير المستعين شاهك الخادم على داره وحرمه وخزانته وكراعه وخاص أموره [1] .
وحج بالناس في هذه السنة مُحَمَّد بن سليمان الزينبي [2] ، وخرج عبيد الله بن يحيى بن خاقان إلى الحج فوجه المستعين رسولا ينفيه إلى برقة ويمنعه من الحج.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1504- أَحْمَد بن صالح، أبو جعفر المصري [3] :
طبري الأصل، كان أبوه صالح جنديا من أهل طبرستان من العجم، ولد أَحْمَد سنة سبعين ومائة، وكَانَ أحد الحفاظ، يعرف الحديث والفقه والنحو، ورد بغداد وجرت بينه وبين أَحْمَد بن حنبل مذاكرات، وكان أَحْمَد يثني عليه.
وحدث عنه: مُحَمَّد بن يحيى الذهلي، والبخاري، وأبو زرعة، وأبو داود، ويعقوب بن سفيان، وَقَالَ يعقوب: كتبت عن ألف شيخ حجتي فيما بيني وبين الله رجلان: أَحْمَد بن حنبل، وأحمد بن صالح.
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّد، أَخْبَرَنَا الخطيب قَالَ: احتج سائر الأئمة بحديث أَحْمَد بن صَالح سوى أبي عَبْد الرَّحْمَنِ النسائي، فإنه أطلق لسانه فيه وَقَالَ: ليس بثقة، وليس الأمر عَلَى ما ذكر النسائي. ويقال إنه كانت آفة أَحْمَد بن صالح الكبر وشراسة الخلق، فقال النَّسائيُّ فيه، فإنه طرده من مجلسه، فلذلك فسد الحال بينهما، وتكلم فيه. توفي أَحْمَد في ذي القعدة من هذه السنة.
1505- أَحْمَد بن أبي فنن [4] .
وصالح اسم أبي فنن [5] ، ويكنى أَحْمَد: أبا عَبْد الله، شاعر، مجوّد، أكثر المدح
__________
[1] الكامل في التاريخ لابن الأثير. (أحداث سنة 248 هـ) 6/ 151. وتاريخ الطبري 9/ 260.
[2] تاريخ الطبري 9/ 260. والكامل في التاريخ لابن الأثير. (أحداث سنة 248 هـ) 6/ 151.
[3] ميزان الاعتدال 1/ 104. وتهذيب الكمال للمزي ترجمة 49 (1/ 340- 354) . والعقد الثمين 3/ 48. تاريخ بغداد 4/ 201.
[4] تاريخ بغداد 4/ 202.
[5] في ت: «واسم أبي فنن: صالح» .(12/9)
للفتح بن خاقان، وكان أحمر اللون [1] .
أَخْبَرَنَا القزاز، أَخْبَرَنَا الخطيب قَالَ: أخبرني علي بن عَبْد اللَّهِ اللغوي قَالَ:
أنشدنا مُحَمَّد بن الحسن بن الفضل بن المأمون قَالَ: أنشدنا أبو بكر بن الأنباري قَالَ:
أنشدني أبي لأحمد بن أبي فنن:
صحيح ود لو يمسي [2] عليلا ... ليكتب هل يرى منكم رسولا
أراك تسومه الهجران حتى ... إذا ما اعتل [3] كنت له وصولا
يود [4] ضنى الحياة بوصل يوم ... يكون على رضاك له دليلا [5]
هما موتان موت ضنى وهجر ... وموت الهجر شرهما سبيلا
قَالَ: أنشدني أبي لأحمد بن أبي الفنن [6] :
صب بحب متيم صب ... حبيه فوق نهاية الحب [7]
أشكو إليه طول جفوته ... فيقول: مت بتأثر الخطب [8]
وإذا نظرت إلى محاسنه ... أخرجته عطلا من الذنب
أدميت باللحظات [9] وجنته ... فاقتص ناظره من القلب
قَالَ المصنف: هذا البيت أخذه من إبراهيم بن المهدي:
يا من لقلب صيغ من صخرة ... في جسد من لؤلؤ رطب
__________
[1] في تاريخ بغداد 4/ 202: «وكان أسود اللون» .
[2] في تاريخ بغداد: «صحيح الود» .
وفي الأصل: «لو يمشي» .
[3] في الأصل: «إذا ما عيل» .
[4] في تاريخ بغداد: «فردّ» .
[5] في الأصل: «ذليلا» .
[6] في الأصل: «وله: من لقب صنيع من حجر في جسد من لؤلؤ رطب» .
وباقي الأبيات حتى نهاية الترجمة ساقط من الأصل، وأضفناه من ت.
[7] في ت: «هن بالحب مقيم صب حبه وفوق نهاية الحب» والتصحيح من تاريخ بغداد 4/ 203.
[8] في ت: أشكو إليه طول سحرته فيقول مت بأمير الحب» والتصحيح من تاريخ بغداد.
[9] في ت: «بالخطاب» .(12/10)
جرحت خديه بلحظي فما ... برحت حتى اقتص من قلبي
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قَالَ: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال: أخبرني الأزهري قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو الفضل مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ الشيباني قَالَ: حدثني قريب بن يعقوب أبو القاسم الكاتب قَالَ: حدثني يعلى بن يعقوب الكاتب قَالَ: حدثني أَحْمَد بن صالح بن أبي الفنن قَالَ: كان مُحَمَّد بن يزيد الشيباني أجود بني آدم في عصره، وكان لا يرد طالبا، فإن لم يحضر مال يعد ثم يستدين وينجز، وكان بين وعده وإنجازه كعطف لام على ألف.
وأنشدني ابن أبي الفن مما يمدحه به:
عشق المكارم فهو مشتغل بها ... والمكرمات قليلة العشاق
وأقام سوقا للثناء ولم تكن ... سوق الثناء [1] تعد في الأسواق
بث الصنائع في البلاد فأصبحت ... بحبي إليه مجامد الآفاق [2]
قبل أنامله فلسن [3] أناملا ... لكنهن مفاتح الأرزاق
واذكر صنائعه فلسن صنائعا ... لكنهن قلائد الأعناق] [4]
1506- بغا الكبير [5] .
كان أميرا جليلا، توفي في جمادى الآخرة، وصلى عليه المستعين، وبنو هاشم، والقواد، وكان يوما مشهودا [6] .
__________
[1] في الأصل: «سوقا تعد» والتصحيح من تاريخ بغداد 12/ 479.
[2] في الأصل: «بحبي إليه مجاهد الآفاق» ، وأظن الخطأ من الناسخ عن المخطوطة.
وإلى هنا ينتهي الشعر في تاريخ بغداد 12/ 479.
[3] في الأصل: «فلست هن» ولا معنى لها ولا يستقيم الوزن بها.
[4] إلى هنا الساقط من الأصل.
[5] الكامل في التاريخ (أحداث سنة 248) 6/ 151.
ومروج الذهب للمسعوديّ 4/ 160- 162.
[6] في ت: «مذكورا» .(12/11)
1507- بكر بن مُحَمَّد بن بقية وقيل: ابن مُحَمَّد بن عدي، أبو عثمان المازني النحوي [1] .
وهذه النسبة إلى مازن شيبان، ويقال: المازني أيضا فينسب إلى مازن الأنصار منهم: عبد اللَّه بن زيد، وعباد بن تيم، ويقال: المازني فينسب إلى مازن قيس، وهو مازن بن منصور أخو سليم، وهوازن، منهم: عتبة بن غزوان، وعبد الله بن بشير، وأخوه عطية. ويقال المازني وينسب إلى مازن تيم.
وروى أبو عثمان عن أبي عبيدة، والأصمعي، وأبي عبيدة وله تصانيف/ وهو أستاذ المبرد [2] ، وكان يشبه الفقهاء.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ [الْقَزَّازِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْن عَلِيِّ بْن ثَابِتٍ] [3] الْخَطِيبُ قَالَ: حدثني علي بن الخضر القرشي، أَخْبَرَنَا رشأ بن عَبْد اللَّهِ المقرئ، أَخْبَرَنَا إسماعيل بن الحَسَن بن الفرات، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن مروان المالكي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن يزيد، حَدَّثَنَا أبو عُثْمَان المازني قَالَ: دخلت على الواثق فقال لي يا مازني، ألك ولد؟ قلت: لا، ولكن لي أخت بمنزلة الولد، قَالَ: فما قالت لك؟ قلت: ما قالت بنت الأعشى للأعشى:
فيا أب لا تنسنا غائبا ... فإنا بخير إذا لم ترم
أرانا إذا أضمرتك البلاد ... تجفى وتقطع منا الرحم
قَالَ: فما قلت لها؟ قَالَ: قلت لها ما قَالَ جرير:
ثقي باللَّه ليس له شريك ... ومن عند الخليفة بالنجاح
فقال: أحسنت، اعطه خمس مائة دينار [4] .
قَالَ المصنف: وقد رويت لنا هذه الحكاية على وجه آخر: وأن أبا العباس المبرد قَالَ: قصد بَعْض أهل الذمة أبا عثمان المازني ليقرأ عليه كتاب سيبويه، وبذل له مائة
__________
[1] تاريخ بغداد 7/ 93، 94.
[2] تكررت جمله: «وهو أستاذ المبرد» في الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] تاريخ بغداد 7/ 93، 94.(12/12)
دينار على تدريسه إياه، فامتنع أبو عثمان من ذلك. قَالَ: فقلت له: جعلت فداك، أترد هذه النفقة مع فاقتك وشدة إضاقتك؟ فقال: إن هذا الكتاب يشتمل على ثلاثمائة وكذا وكذا آية من كتاب الله تعالى، ولست أرى إن أمكن منها ذميا غيرة على كتاب الله عز وجل وحمية له. قَالَ: فاتفق أن غنت جارية بحضرة الواثق بقول العرجي:
أظلوم إن مصابكم رجلا ... أهدى السلام تحية ظلم
فاختلف من بالحضرة في إعراب «رجل» فمنهم من نصبه، ومنهم من رفعه، والجارية مصرة على أن شيخها أبا عثمان المازني لقنها إياه بالنصب، فأمر الواثق بإشخاصه. قَالَ أبو عثمان: فلما مثلت بين يديه سألني عن البيت، فقلت: الوجه النصب. قَالَ: ولم ذلك؟ فقلت: إن «مصابكم» مصدر بمعنى إصابتكم، «فالرجل» مفعول «مصابكم» ومنصوب به. فقال: هل لك من ولد؟ قلت: بنية. قَالَ: ما قالت لك عند مسيرك؟ قلت: قول بنت الأعشى- على ما سبق- فأمر لي بألف دينار وردني مكرما.
قَالَ أبو العباس: فلما عاد إلى البصرة قَالَ: كيف رأيت يا أبا العباس رددنا مائة فعوضنا الله ألفا.
توفي المازني في هذه السنة، وقيل سنة سبع وأربعين.
1508- جعفر بن علي بن السري بن عَبْد الرَّحْمَنِ أبو الفضل [1] ، المعروف: بجعيفران الشاعر [2] .
ولد ببغداد ونشأ بها وأبوه من أبناء خراسان، وكان جعفر من أهل الفضل والأدب، ووسوس فِي أثناء عمره.
أَخْبَرَنَا منصور، أَخْبَرَنَا الخطيب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الحسين الجازري، حَدَّثَنَا المعافي بْن زكريا، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد الواحد أبو عمر اللغوي قَالَ: سمعت أَحْمَد بن سليمان العبدي [3] قَالَ: حدثني خالد الكاتب قَالَ: ارتج علي وعلى دعبل وآخر من
__________
[1] في ت: «ابن الفضل» .
[2] تاريخ بغداد 7/ 163- 165.
[3] تكررت «العبديّ في الأصل.
وفي تاريخ بغداد: «المقيدي» .(12/13)
الشُّعراء نصف بيت قلناه جميعا، وهو قولنا: يا [1] بديع الحسن، فقلنا: ليس لنا إلا جعيفران الموسوس فجئناه فقال: ما تبغون؟ قَالَ خالد: جئناك في حاجة. قَالَ: لا تؤذوني فإني جائع. فبعثنا فاشترينا له خبزا ومالحا، وبطيخا ورطبا، فأكل وشبع، ثم قَالَ لنا: هاتوا حاجتكم. قُلْنَا له: قد اختلفنا في بيت وهو:
يا بديع الحسن حاشى ... لك من هجر بديع
قَالَ: نعم.
وبحسن الوجه عوذ ... تك من سوء الصنيع
قَالَ له دعبل: فزدني أنا بيتا آخر، فقال: نعم:
ومن النخوة يستعفيك ... لي ذل الخضوع
فقمنا وقلنا: نستودعك الله. فقال: انتظروا حتى أزودكم، لي بيتا آخر:
لا يعب بعضك بعضا ... كن جميلا في الجميع [2]
1509- الحسين بن علي بن يزيد، أبو علي الكرابيسي [3] :
سمع من الشافعي، ويزيد بن هارون وجماعة. وصنف في الفروع والأصول، إلا أنه تكلم في اللفظ، وَقَالَ: لفظي بالقرآن مخلوق. فتكلم فيه أَحْمَد ونهى عن كلامه، وَقَالَ: هذا مبتدع فحذره. وأخذ هو يتكلم في أَحْمَد فقوي إعراض الناس عنه.
وقيل ليحيى بن معين: أن حسينا يتكلم في أَحْمَد. فقال: ومن حسين، إنما يتكلم في الناس أشكالهم [4] .
توفي حسين في هذه السنة.
1510- الحسين بن علي بن يزيد بن سليم الصدائي [5] :
__________
[1] سقطت أداة النداء من الأصل وأضفناها من تاريخ بغداد.
[2] تاريخ بغداد 7/ 163، 164.
[3] تاريخ بغداد 8/ 64- 67.
[4] في الأصل: «إنما يتكلم الناس في أشكالهم» . وانظر قول ابن معين في تاريخ بغداد 8/ 64، 65.
[5] تاريخ بغداد 8/ 67، 68.(12/14)
روى عن حسين الجعفري، والخريبي، روى عنه ابن أبي الدنيا، وابن صاعد، والمحاملي، وكان ثقة، وكان حجاج بن الشاعر يمدحه ويقول: هو من الأبدال.
توفي في رمضان هذه السنة.
1511- عيسى بن حماد- زغبة- بن مسلم بن عَبْد اللَّهِ، أبو موسى [1] :
آخر من روى عن الليث بن سعد، [وهو] [2] من الثقات. جاز تسعين سنة.
وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة.
1512- مُحَمَّد بن حميد بن حيان، أبو عَبْد اللَّهِ الرازي [3] :
روى عن ابن المبارك، وجرير بن عبد الحميد، وحكام بن سلم، وغيرهم. روى عنه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، والبغوي، والباغندي، وغيرهم.
وَقَالَ يحيى: ليس به بأس. وَقَالَ يعقوب بن شيبة: هو كثير المناكير وَقَالَ البخاري: في حديثه نظر. وكان أبو حاتم الرازي في آخرين يقولون: هو ضعيف جدا، يحدث بما لم يسمعه، ويأخذ أحاديث البصرة والكوفة فيحدث بها عن الرازيين. فقال صالح بن مُحَمَّد الملقب جزرة: ما رأيت أجرأ على الله منه، كان يأخذ أحاديث الناس فيقلب بعضها على بعض. وَقَالَ إبراهيم بْن يعقوب الجوزجاني: هو رديء المذهب، غير ثقة، وَقَالَ إسحاق بن منصور: أشهد بين يدي الله أَنَّهُ كذاب. وَقَالَ أبو زرعة: كان كذابا يتعمد. وَقَالَ النسائي: ليس بثقة. وتوفي في هذه السنة.
1513- مُحَمَّد المنتصر بن المتوكل على الله [4] :
اختلفوا في سبب موته على خمسة أقوال: أحدها: أنه أخذته الذبحة في حلقه
__________
[1] مروج الذهب للمسعوديّ 4/ 167.
وتقريب التهذيب 2/ 97، وفيه: «عيسى بن حماد بن مسلم، التجيبي، أبو موسى الأنصاري. لقبه «زغبة» وهو لقب أبيه أيضا. من العاشرة، مات سنة ثمان وأربعين وقد جاوز التسعين (م. د. س. ق) .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي التقريب: «وهو آخر من حدّث عن الليث من الثقات» .
[3] تاريخ بغداد 2/ 259- 264.
[4] تاريخ الطبري 9/ 251- 255. والكامل لابن الأثير (أحداث سنة 248 هـ) 6/ 148، 149. والأغاني(12/15)
يَوْم الخميس لخمس بقين [1] من ربيع الأول. [فمات مع صلاة العصر يوم الأحد لخمس خلون من ربيع الآخر] [2] . وقيل يوم السبت لأربع خلون منه فمات مع صلاة العصر [3] .
والثاني: أنه أصابه ورم في معدته فصعد إلى فؤاده، فمات، وكان مرضه ذلك ثلاثة أيام [4] .
والثالث: أنه وجد حرارة فأمر بعض الأطباء أن يفصده، ففصده بمبضع [5] مسموم فكانت فيه منيته، وأن الطبيب رجع إلى منزله فوجد حرارة فأمر [6] تلميذا له بفصده فأعطاه [7] مباضعه وفيها المبضع المسموم ونسي [8] أن يخرجه منها، ففصده به، فهلك الطبيب.
والرابع: أنه احتجم فسمه الحجام في محاجمه، وسبب ذلك أنه كان يكثر ذكر المتوكل ويقول: هؤلاء الأتراك قتلة الخلفاء. فخافوا منه فجعلوا لخادم له ثلاثين [9] ألف دينار على أن يحتال في سمه، وجعلوا للطبيب جملة، وكان المنتصر يحب الكمثرى، فعمد الطبيب إلى كمثراة كبيرة نضيجة فأدخل في رأسها خلالا ثقبها به [10] إلى ذنبها، ثم سقاها سما، وجعلها الخادم في أعلى الكمثرى الذي قدمها له، فلما رآها أمره أن يقشرها له ويطعمه إياها، فأطعمه إياها [11] ، فوجد فترة [12] ، فقال للطبيب: أجد حرارة،
__________
[ () ] 9/ 300. وتاريخ الخميس 2/ 339. وتاريخ بغداد 2/ 119- 121. وتاريخ المسعودي (المروج) 2/ 311- 319. وفوات الوفيات 2/ 184.
[1] في الأصل: «خلون» وما أثبتناه من ب والطبري.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، وأضفناه من ت.
[3] «فمات مع صلاة العصر» ساقطة من ت.
[4] «أيام» ساقطة من ت.
[5] في ت: «بمضع» .
[6] في ت: «فدعا» .
[7] في ت: «وأعطاه» .
[8] في ت: «وأنسي» .
[9] في ت: «فجعلوا الخادم ثلاثين» .
[10] في ت: «وأخذ خلالا أدخل في رأسها ثقبها به» .
[11] «فأطعمه إياها» ساقطة من ت.
[12] في ت: «فوجد حرارة مسيرة فترة» .(12/16)
فقال: احتجم، فهذا من غلبة الدم. وقدر أنه إذا احتجم قوي عليه السم، فحجم فحم [1] وقويت عَلَيْهِ، فخافوا أن يطول مرضه، فقال الطبيب: يحتاج إلى الفصد، ففصده بمبضع مسموم، ثم ألقاه الطبيب في مباضعه واحتاج الطبيب إلى الفصد ففصد به. فمات.
والخامس: أنه وجد في رأسه علة فقطر الطبيب في أذنه [2] دهنا فورم رأسه، فعولج [3] فمات. وما زال الناس يقولون كانت خلافته ستة أشهر، مدة شيرويه بن كسرى قاتل أبيه، وكان يقول عَنْد موته: ذهبت الدنيا والآخرة.
وتوفي وهو ابن خمس وعشرين سنة وستة أشهر، وقيل: ابن أربع وعشرين بسامراء ودفن بها [4] .
[أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بن محمد قال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العزيز بن عليّ قال: حدّثنا مُحَمَّد بن أَحْمَد المفيد، حَدَّثَنَا أبو بشر الدولابي قَالَ:
أخبرني علي بن الحَسَين بن علي، عن عمر بن شبة قَالَ: أخبرني أَحْمَد بن الخصيب قَالَ: أخبرني] [5] جعفر بن عبد الواحد قَالَ: دخلت على المنتصر [باللَّه] [6] فقال لي: يا جعفر، لقد عوجلت، فما أسمع بأذني، ولا أبصر بعيني، وكان في مرضه الذي مات فيه [7] .
1514- مهنى بن يحيى، أبو عَبْد اللَّهِ [8] .
شامي الأصل، من كبار أصحاب أبي عَبْد اللَّهِ أَحْمَد بن حنبل، صحبه ثلاثا وأربعين سنة، رحل [9] في صحبته إلى عبد الرزاق. وسمع من عبد الرزاق.
وجماعة [10] ، وكان يجترئ على أحمد ما لا يجترئ عليه غيره [11] ، ويضجره بالمسائل،
__________
[1] «فحم» ساقطة من ت.
[2] في ت: «في رأسه» .
[3] في الطبري 9/ 252: «فعوجل» .
[4] في ت: «وقيل ابن أربع وعشرين ودفن بسر من رأى» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقطة من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] تاريخ بغداد 2/ 121.
[8] تاريخ بغداد 13/ 266.
[9] «رحل» ساقطة من ت، وكتبت على الهامش.
[10] «وسمع من عبد الرزاق» ساقطة من ب.
[11] «غيره» ساقطة من ت.(12/17)
وَهُوَ يحتمله، وكتب عنه عَبْد اللَّهِ بن أَحْمَد بضعة عشر جزءا من مسائله [1] لأبيه لم تكن عند غيره.
قَالَ الدارقطني: مهنى ثقة ضابطا ثبتا [2] . وقد حكى أبو بكر الخطيب [أن أبا الفتح الأزدي] [3] قَالَ: مهنى منكر الحديث.
قَالَ المصنف: وينبغي أن يتشاغل الأزدي بنفسه عن الجرح لغيره، فإنه مجروح عند الكل [4] ، فكيف يحتج بقوله، فيمن اتفق على مدحه الثقات، والعجب أن الخطيب يذكر أن أبا الفتح [5] وضع حديثا، ثم يذكر طعنه فيمن قد [6] وثقه الدارقطني، ولكن دسائس الخطيب الباردة التي لا تخفى في أصحاب أَحْمَد معروفة.
1515- هارون بن موسى [7] بن ميمون، أبو موسى الكوفي:
كان فقيها على مذهب أبي حنيفة وكان يعرف: بالجبل [8] ، وكانت له بمصر حلقة في جامعها. وكتب عنه.
توفي بمصر في هذه السنة [9] .
1516- عابد العباداني [10]
أَخْبَرَنَا إسماعيل بن أَحْمَد السمرقندي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن هبة الله الطبري، أخبرنا
__________
[1] «من مسائله» ساقطة من ت.
[2] في ت: «مهنى ثقة نبيل» .
وكذلك في تاريخ بغداد نقلا عن الدارقطنيّ، في سؤال أبي عبد الرحمن السلمي له.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وأضفناه من ب.
[4] في الأصل: «عن الكل» .
[5] في الأصل: «أنه الخطيب» .
[6] «قد» ساقطة من ت.
[7] في ت «هارون بن عيسى» .
[8] في ت: «بالجبل» .
[9] تكرر في الأصل ذكر «في هذه السنة» .
[10] العبّادانيّ: بفتح العين المهملة وتشديد الباء المنقوطة بواحدة، والدال المهملة بين الألفين، وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى «عبّادان» وهي بليدة بنواحي البصرة في وسط البحر، وكان يسكنها جماعة من العلماء والزهاد للعبادة والخلوة. (الأنساب للسمعاني 8/ 335) .(12/18)
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ [1] بْنِ بِشْرَانَ [قَالَ:] [2] أَخْبَرَنَا الحسين بن صفوان.
وحدثنا عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد القرشي قَالَ: حَدَّثَنِي أبو عَبْد اللَّهِ التميمي [قَالَ] [3] حَدَّثَنَا مسلم بْن زرعة بن حماد أبو المرضي- شيخ بعبادان له عبادة وفضل- قَالَ: ملح الماء [عندنا] [4] منذ نيف وستين سنة، وكان ها هنا رجل من أهل الساحل له فضل، قَالَ: ولم يكن في الصهاريج شيء فحضرت المغرب فهبطت لأتوضأ للصلاة من النهر، وذلك في رمضان، وحر شديد، فإذا أنا به وَهُوَ يقول: سيدي رضيت عملي حتى أتمنى عليك أم رضيت طاعتي حتى أسألك سيدي غسالة الحمام لمن عصاك كثيرة [5] سيدي لولا أني أخاف غضبك لم أذق [6] الماء، ولقد أجهدني العطش. قَالَ: ثم أخذ بكفه فشرب شربا صالحا، فعجبت من صبره على ملوحته، فأخذت من الموضع الذي أخذ فإذا هو بمنزلة السكر، فشربت حتى رويت.
قَالَ أبو المرضي: فقال لي هذا الشيخ يوما: رأيت فيما يرى النائم كأن رجلا يقول لي: قد فرغنا من بناء دارك لو رأيتها لقرت [7] عيناك، وقد أمرنا بتخدها والفراغ منها إلى سبعة أيام، واسمها السرور، فأبشر بخير. فلما كان يوم السابع وهو يوم الجمعة بكر للوضوء، فنزل في النهر وقد مد فزلق فغرق، فأخرجناه بعد الصلاة، فدفناه.
قَالَ أبو المرضي: فرأيته بعد ثالثة في النوم وهو يجيء إلى القنطرة وهو يكبر وعليه حلل خضر، فقال لي: يا أبا المرضي، أنزلني الكريم في دار السرور، فماذا أعد لي فيها؟ فقلت له: صف لي. فقال: هيهات يعجز الواصفون عن أن تنطق ألسنتهم بما فيها، فاكتسب مثل الَّذِي اكتسبت، فليت عيالي يعلمون أن قد هيئ لهم منازل معي، فيها كل ما اشتهت أنفسهم نعم [وإخواني] [8] وأنت معهم إن شاء الله. ثم انتبهت.
__________
[1] «أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن هبة الله الطبري، أَخْبَرَنَا علي بن محمد» ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في الأصل: «كثير» .
[6] في ت: «لما ذقت» .
[7] في ت: «قرت» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، وأضفناه من ت.(12/19)
ثم دخلت سنة تسع وأربعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن الجند والشاكرية ببغداد شغبوا في أول يوم من صفر، وكان سبب ذلك استفظاعهم أفعال الأتراك من قبل المتوكل، واستيلاءهم على أمور المسلمين، واستخلافهم من أحبوا من غير نظر في ذلك للمسلمين. فاجتمعت إليه [1] العامة ببغداد بالصراخ، ونادوا النفير، وانضمت إليهم [2] الأبناء والشاكرية، تظهر أنها [3] تطلب لأرزاق، ففتحوا سجن [نصر] [4] بن مالك، وأخرجوا من فِيهِ، وقطعوا أحد الجسرين، وضربوا الآخر بالنار، وانحدرت سفنه، وانتهب ديوان قصص [المحبسين] [5] وقطعت الدفاتر، وألقيت في الماء، وانتهبوا دار بشر وإبراهيم ابني هارون النصرانيين، وذلك كله بالجانب الشرقي من بغداد، وكان والي الجانب الشرقي أَحْمَد بن مُحَمَّد بن حاتم بن هرثمة، ثم أخرج أهل اليسار من أهل [6] بغداد وسامراء أموالا كثيرة فقووا بها من خف للنهوض للثغور [7] لحرب الروم، وأقبلت العامة من
__________
[1] «إليه» ساقطة من ت، وكذلك من الطبري.
[2] في الأصل: «إليه» .
[3] في ت: «والشاكرية ببغداد وكأنها تطلب» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] «اليسار من أهل» ساقط من ت.
[7] في الأصل: «لنهوض الثغور» .(12/20)
نواحي الجبال، وفارس، والأهواز وغيرها لغزو [1] الروم [2] .
ولتسع بقين من شهر ربيع الأول وثب نفر من الناس لا يدرى من هم يوم الجمعة [3] بسامراء، ففتحوا السجن، وأخرجوا من فيه، فوجه بعض القواد فوثبت [به] العامة [4] فهزموه، فركب بغا وعَامَّة الأتراك، فقتلوا من العامة جماعة، ورمي وصيف بحجر، فأمر النفاطين فأحرقوا منازل النَّاس وحوانيت التجار هنالك [5] .
وفي يوم السبت لأربع عشرة خلت من ربيع الآخر [6] قتل أوتامش وكاتبه شجاع بن القاسم، وكان السبب في ذلك [7] : أن المستعين كان قد أطلق يد أوتامش وشاهك الخادم في بيوت الأموال، وأطلقها في الأفعال فعمد أوتامش إلى ما في بيوت الأموال فاكتسحه [8] وجعلت [9] الموالي ترى الأموال تؤخذ وهي في ضيقة، وجعل أوتامش ينفذ [10] أمور الخلافة ووصيف وبغا من ذلك بمعزل، فأغريا الموالي به، ولم يزالا يدبران عليه حتى أحكما التدبير، فتذمرت الأتراك والفراغنة على أوتامش، وخرج إليه منهم يوم الخميس لاثنتي عشرة [ليلة] [11] خلت من ربيع الآخر من هذه السنة [12] أهل
__________
[1] في ت: «لحرب الروم» .
[2] تاريخ الطبري 9/ 261، 262. والكامل في التاريخ (أحداث سنة 249 هـ) 6/ 154. والبداية والنهاية 11/ 3.
[3] «يوم الجمعة» ساقطة من ت.
[4] في الأصل: «فوثبت العامة» .
وفي ت: «فوثب به العامة» . وفي الطبري: «فوثبت بهم العامة فهزموهم» .
[5] تاريخ الطبري 9/ 262، 263. والكامل في التاريخ (أحداث سنة 249) 6/ 154. والبداية والنهاية 11/ 3.
[6] في الأصل: «ربيع الأول» .
[7] في ت: «وسبب ذلك» .
[8] في الأصل: «فاكتسحها» .
وفي ت: «فأخذه» وما أثبتناه من الطبري.
[9] في ت: «وجعل» .
[10] في ت: «يستبد بأمور» .
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] «من هذه السنة» ساقط من ت.(12/21)
الدور والكرخ، فعسكروا ورجعوا إليه وهو في الجوسق مع المستعين.
وبلغه الخبر فأراد الهرب [1] فلم يمكنه، واستجار [2] بالمستعين فلم يجره [3] ، فأقاموا كذلك يوم الخميس والجمعة.
فلما كان يوم السبت دخلوا [الجوسق] [4] فاستخرجوه، فقتل [5] وانتهبت [6] داره، فأخذت منها أموال [7] كثيرة [8] جليلة، وقتل كاتبه شجاع.
فلما قتل أوتامش استوزر المستعين أبا صالح عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن يزداد، وعزل الفضل بْن مروان عن ديوان الخراج، وولاه عيسى بن فرّخان شاه، وولي وصيف [9] الأهواز وبغا الصغير فلسطين، ثم غضب بغا الصغير على أبي صالح فهرب أبو صالح إلى بغداد في شعبان، وصير المستعين مكانه مُحَمَّد بن الفضل [10] الجرجرائي [11] .
ومطر أهل سامراء [12] يوم الجمعة لخمس [ليال] [13] بقين من جمادى الأولى
__________
[1] في ت: «وبلغه الهرب فأراد الهرب» .
[2] في الأصل: «فاستجار» .
[3] «يجره» ساقطة من ت.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] «فقتل» ساقطة من ت.
[6] في ت: «ونهبت» .
[7] في الأصل: «فأخذت له» .
وفي ت: «وأخذت منه» .
وما أثبتناه من الطبري.
[8] «كثيرة» ساقطة من ت.
[9] في الأصل: «وصيفا» .
[10] في الأصل: «محمد بن الفضل الجرجاني» .
وما أثبتناه من ت، والطبري.
[11] تاريخ الطبري 9/ 263، 264. والكامل في التاريخ (أحداث سنة 249) 6/ 154. والبداية والنهاية 11/ 3، 4.
[12] في ت: «أهل الشام» .
[13] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/22)
مطرا جودا سائلا إلى اصفرار الشمس، وكان ذلك يوم سادس عشر تموز [1] .
وتحركت المغاربة يوم الخميس لثلاث خلون من جمادى الأولى، وكانوا قد تجمعوا ثم تفرقوا يوم الجمعة [2] .
وفي هذه السنة، غزا جعفر بن دينار الصائفة، فافتتح حصنا، ومطامير، واستأذنه عمر بن عَبْد الله الأقطع في المصير [3] إلى ناحية من بلاد الروم ومعه خلق كثير من أهل ملطية فلقيه ملك الروم في خمسين ألفا، فاقتتلوا فقتل عمرو ألف رجل من المسلمين، وذلك في يوم الجمعة للنصف من رجب [4] .
وفيها: قتل علي بن يحيى الأرمني، وذلك أن الروم لما قتلت عمر خرجت [5] إلى الثغور الجزرية [6] وكلبوا [7] عليها وعلى حرم المسلمين، فبلغ ذلك علي بن يحيى، وهو قافل من أرمينية إلى ميافارقين، فنفر إليهم في جماعة فقتل في نحو أربعمائة رجل، وذلك في رمضان [8] .
وحج بالناس في هذه السنة عبد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم الإمام، وهو والي مكة [9] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1517- إبراهيم بْن مطرف بْن مُحَمَّد بْن عَلي بن حميد أبو إسحاق الأستراباذي [10] .
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 265.
[2] تاريخ الطبري 9/ 265.
[3] في ت: «المسير» .
[4] تاريخ الطبري 9/ 261.
[5] في ت: «خرجوا» .
[6] الجزرية» ساقطة من ت.
[7] في الأصل: «وغلبوا» .
وفي ت: «وتكالبوا» .
[8] تاريخ الطبري 9/ 261. والكامل في التاريخ (أحداث سنة 249) ، 6/ 153.
[9] تاريخ الطبري 9/ 265. والكامل في التاريخ (أحداث سنة 249) ، 6/ 155.
[10] الأستراباذي: بكسر الألف، وسكون السين المهملة، وكسر التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وفتح الراء(12/23)
كَانَ من كبار الفقهاء الأفاضل ومن أصحاب الحديث الثقات، سمع من [1] إبراهيم بن موسى الفراء وغيره، وتقدم إليه بالقضاء في الأيام الظاهرية فأبى أن يقبل [وردها] ورد إليه مائة دينار [2] .
توفي في هذه السنة.
1518- إبراهيم بن عيسى، أبو إسحاق الأصفهاني [3] .
صحب معروفا الكرخي، وكانت عبادته تشبه [4] عبادة الملائكة، فليلة يقوم إلى قريب [5] الفجر، ثم يركع ويتمها ركعتين، وليلة يركع إلى قريب الفجر، ثم يسجد ويتمها ركعتين، وليلة يسجد إلى قريب الفجر، ثم يرفع ويتمها ركعتين، ثم يدعو في آخر الليل لجميع الناس، ولجميع الحيوان البهائم والوحش، ويقول في اليهود والنصارى [6] : اللَّهمّ اهدهم، ويقول للتجار: اللَّهمّ سلم تجارتهم.
توفي في [شوال] [7] هذه السنة.
1519- أوتامش التركي [الأمير] [8]
قدمه المستعين على الكل، واستوزره فحسد [9] على ذلك، فقتل في هذه السنة.
__________
[ () ] والباء الموحدة بين الألفين، وفي آخرها الذال المعجمة.
هذه النسبة إلى أستراباذ، وهي بلدة من بلاد مازندران بين سارية وجرجان (الأنساب للسمعاني 1/ 214.)
[1] «من» سقطت من ت.
[2] في ت: «فأبى أن يقبل وردها. وتوفي ... » .
وفي الأصل: «فأبى أن يقبل ورد إليه ... » .
[3] حلية الأولياء 2/ 133، 10/ 393.
[4] في ت: «وكانت له عبادة تشبه» .
[5] في جميع المواضع التالية من ت: «قرب الفجر» .
[6] في ت: «ثم اليهود والنصارى ثم يقول ... » .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في ت: «فحسدوه» .(12/24)
1520- حميد بن هشام بن حميد، أبو خليفة الرعيني [1] :
حدث عن الليث، وابن لهيعة، وعمر طويلا. وكان مستجاب الدعوة.
وتوفي في شوال هذه السنة.
1521- الحسن بن الصباح بن مُحَمَّد، أبو علي البزاز [2] :
سمع سفيان بن عيينة، وأبا معاوية، وشبابة، وغيرهم. روى عنه البخاري، والحربي، وابن أبي الدُّنَيا، والبغوي، وابن صاعد، وآخر من حدث عنه القاضي المحاملي.
وَقَالَ أبو حاتم الرازي: هو صدوق. وكان أَحْمَد بن حنبل يرفع [من] [3] قدره ويجله [4] . وكان ثقة صاحب سنة.
أَخْبَرَنَا [أَبُو مَنْصُورٍ] [قَالَ] : أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ بْنُ علي بن ثابت] [5] الخطيب قَالَ:
قرأت على البرقاني، عن أبي إسحاق المزكي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد [6] بن إسحاق السراج قَالَ: سمعت الحسن بن الصباح يَقُولُ: أدخلت على المأمون ثلاث مرات رفع إليه أول مرة أني آمر بالمعروف- وكان نهى أن يأمر أحد بمعروف- فأخذت فأدخلت عليه، فقال لي: أنت الحسن البزاز؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين. قَالَ: وتأمر بالمعروف؟ قلت:
لا، ولكني أنهى عن المنكر. فرفعني على ظهر رجل وضربني خمس درر، وخلى سبيلي، وأدخلت عليه [7] المرة الثانية، رفع إليه أني أشتم علي بن أبي طالب، فلما
__________
[1] الرعينيّ: بضم الراء وفتح العين المهملة وبعدها ياء منقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها نون.
هذه النسبة إلى ذي رعين من اليمن، وكان من الأقيال، وهو قبيل من اليمن، نزلت جماعة منهم مصر (الأنساب 6/ 139) .
[2] تاريخ بغداد 7/ 330- 332.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «ومجله» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ت: «عن أبي إسحاق أن محمد بن إسحاق ... » .
[7] في ت: «إليه» .(12/25)
قمت بين يديه قَالَ لي: أنت الحسن؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين. قَالَ: وتشتم علي بن أبي طَالِب؟ فقلت: صلى الله على مولاي وسيدي علي، يا أمير المؤمنين [1] أنا لا أشتم يزيد بن معاوية، لأنه [2] ابن عمك، فكيف أشتم مولاي وسيدي؟! قَالَ: خلّوا سبيله.
وذهبت مرة إلى أرض الروم إلى بدندون [3] في المحنة، فدفعت إلى أشناس، فلما مات خلى سبيلي [4] .
توفي الحسن [5] في ربيع الأول من هذه السنة.
1522- علي بن الجهم بن بدر السامي [6] :
من ولد سامة بن لؤي بن غالب، وكان شاعرا وكان له اختصاص بالمتوكل [7] ، وكان فاضلا متدينا ذا شعر جيد مستحسن، إلا أنه كان يتكلم عند المتوكل [على أصحابه] [8] فحبسه المتوكل، ثم نفاه إلى خراسان.
أَخْبَرَنَا أبو منصور [9] القزاز [قال] : أخبرنا [أبو بكر] [10] بْن ثَابِت أَخْبَرَنَا [11] مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ [12] الحنائي [قَالَ:] [13] حَدَّثَنَا أَبُو الحسين عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بن جعفر بن شاذان قَالَ: سمعت إبراهيم الحَرْبيّ يقول: قَالَ لي علي بن الجهم: وجه بي المتوكل
__________
[1] في ت: «علي بن أبي طالب، أنا لا ... » .
[2] في ت: «وهو» .
[3] في الأصل: «إلى أرض الروم لكي يريدوني ... » . وما أثبتناه من ت، وتاريخ بغداد.
[4] الخبر في تاريخ بغداد 7/ 331.
[5] في ت: «الحسين» .
[6] تاريخ بغداد 11/ 367- 369.
[7] في ت: «وله اختصاص عند المتوكل» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، وأثبتناه من ت.
[9] «أبو منصور» ساقطة من ت.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] في ت: «حدثنا» .
[12] في الأصل: «محمد بن الحسين الحنائي» خطأ.
[13] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/26)
فِي حاجة له إلى بغداد، فلما كان يوم جمعة [1] صليت في الصحن، فإذا سائل قد وقف يسأل، فحدث أحاديث صحاحا، وأنشد شعرا مستويا، وتكلم بكلام حسن، فأخذ من [2] قلوب الناس، ثم قَالَ [لهم] : [3] يا قوم، إني لم أوت من عجر، وإني افتتنت [4] في علوم كثيرة ولقد خرجت إلى الجعفري إلى المتوكل، فحملت والتراب على رأسي فخرج يوما المتوكل [5] على حمار له يدور في القصر فطرحت [6] التراب على رأسي وأنشدته القصيدة الفلانية، وأنشدها [7] فجود [8] إنشادها، فأمر لي بعشرة آلاف درهم، فقال له علي بن الجهم: الساعة يفتح عليك أهل الخلد فلا تكفيك [9] بيوت الأموال، فلم أعط شيئا، فلم يبق أحد إلا لعنني وذمني، فقلت للخادم: علي بالسائل. فأتاني بِهِ، فقلت له [10] : تعرف علي بن الجهم؟ فقال: لا. فقلت للخادم: من أنا؟ قَالَ: علي بن الجهم [11] فقلت لشيوخ [12] بالقرب مني: من أنا؟ قالوا: [13] علي بن الجهم. فقال: ما تنكر من هذا هات عشرة دراهم أخرجك وأدخل غيرك. فأعطيته عشرة دراهم، وأخذت عليه أن لا يذكرني [14] .
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز [قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بكر بْن ثَابِت قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلي بْن أيوب
__________
[1] في ت: «يوم الجمعة» .
[2] في ت: «فاجتلب قلوب الناس» .
وفي تاريخ بغداد: «فأخذ في قلوب الناس» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وأثبتناه من ت.
[4] في الأصل: «أفتيت» وما أثبتناه من ت، وتاريخ بغداد.
[5] في ت: «فخرج المتوكل يوما» .
[6] في ت: «وطرحت» .
[7] في ت: «فأنشدها» .
[8] في ت: «وجوّد» .
[9] في ت: «فقال له علي بن الجهم: تفتح عليك هذا الباب فلا تكفيك» .
[10] «له» ساقطة من ت.
[11] «من أنا؟ قال: علي بن الجهم» ساقط من ت.
[12] في الأصل: «للشيوخ» .
[13] في ت: «قال» .
[14] تاريخ بغداد 11/ 367، 368.(12/27)
القمي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عمران الكاتب قَالَ: أخبرني] مُحَمَّد بن يحيى قَالَ: قَالَ علي بن الجهم [1] :
نوب الزمان كثيرة وأشدها ... شمل تحكم فيه يوم فراق
يا قلب لم عرّضت نفسك للهوى ... أو ما رأيت [2] مصارع العشاق [3]
أَخْبَرَنَا القزاز [قَالَ:] أَخْبَرَنَا [أَحْمَد بن علي بن ثابت] [4] الخطيب وَقَالَ: قرأت في كتاب عمر بن محمد بن الحسن [5] عن أبي بكر الصولي قَالَ حَدَّثَنَا علي بن مُحَمَّد بن نصر قَالَ: قَالَ [6] أَحْمَد بن حمدون: ورد على المستعين في شعبان سنة [7] تسع وأربعين كتاب صاحب البريد بحلب أن علي بن الجهم خرج من حلب متوجها إلى الغزو، فخرجت عليه [وعلى] جماعة [معه خيل] [8] من كلب، فقاتلهم قتالا شديدا فلحقه الناس وهو جريح [9] بآخر رمق [فكان مما قَالَ] [10] :
أسال بالصبح سيل ... أم زيد في الليل ليل
يا إخوتي بدجيل ... وأين مني دجيل
[وكان منزله ببغداد في شارع دجيل] [11] ، وأنه مات فوجدت معه رقعة حين نزعت ثيابه بعد موته فيها:
يا رحمتا للغريب في البلد ... النازح ماذا بنفسه صنعا
__________
[1] في الأصل: «أخبرنا القزاز بإسناد له عن محمد بن مُحَمَّد بن يحيى قَالَ: قَالَ علي بن الجهم» .
[2] في الأصل: «ما سمعت» .
[3] تاريخ بغداد 11/ 368.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في الأصل: «الحسين» .
[6] في ت: «حدثنا أحمد بن حمدون» .
[7] «سنة» ساقطة من ت.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] «جريح» ساقطة من ت.
[10] في الأصل: «بآخر رمق فقال» .
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/28)
فارق أحبابه مما انتفعوا ... بالعيش من بعده ولا انتفعا [1]
ومات في ذلك المنزل على يوم من حلب، ومن شعره المستحسن:
عيون المها بين الرصافة والجسر ... جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
أعدن لي الشوق القديم ولم أكن ... سلوت ولكن زدن حمرا على حمر
[سلمن وأسلمن القلوب كأنما ... تشك بأطراف المثقفة السمر
وقلن لها نحن الأهلة إنما ... نضيء لمن يسري بليل ولا يغري
ولا بذل إلا ما تزود ناظر ... ولا وصل إلا بالخيال الذي يسري
خليلي ما أحلى الهوى وأمره ... وأعلمني بالحلو فيه وبالمر] [2]
كفى بالهوى شغلا وبالشيب زاجرا ... لو أن الهوى ما ينهنه بالزجر
بما بيننا من حرمة هل رأيتما ... أرق من [3] الشكوى وأقسى من الهجر
وأفضح من عين المحب لسره ... ولا سيما أن طلعت عبرة تجري
وإنا لممن سار بالثغر ذكره ... ولكن أشعاري يسير بها ذكري
وما كل [4] من قاد الجياد يسوسها ... ولا كل من أجرى يُقَالُ له مجري
ولكن إحسان الخليفة جعفر ... دعاني إلى ما قلت فيه من الشعر
وفرق شمل المال جود يمينه ... على أنه أبقى له أجمل الذكر
إذا ما أمال الرأي أدرك فكره ... غرائب لم تخطر ببال [5] ولا فكر
ولا يجمع الأموال إلا لبذلها ... كما لا يساق الهدي إلا إلى النحر
ومن قَالَ إن القطر والبحر أشبها ... فقد أثنى على البحر والقطر
أغير كتاب الله تبغون شاهدا ... لكم يا بني العباس بالمجد والفخر
كفاكم بأن الله فوض أمره ... إليكم وأوحى أن أطيعوا أولي الأمر
__________
[1] تاريخ بغداد 11/ 369.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «بين الشكوى» .
[4] في ت: «ولا كل» .
[5] في ت: «برأي ولا فكر» .(12/29)
وهل يقبل الإيمان إلا بحبكم ... وهل يقبل الله الصلاة بلا طهر
ومن كان مجهول المكان فإنما ... منازلكم بين الحجون إلى الحجر
1523- خلاد بن أسلم، أبو بكر. [1]
سمع هشيما، وابن عيينة، والنضر بن شميل. روى عنه إبراهيم الحربي، والبغوي، وابن صاعد، والمحاملي. وَقَالَ الدارقطني: فقيه [2] ، ثقة.
أَخْبَرَنَا [أَبُو منصور] القزاز [قَالَ:] أَخْبَرَنَا [أحمد بن علي بن ثابت] [3] الخطيب قَالَ: حدثني الأزهري، عن عبيد الله بن عثمان بن يحيى، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن جعفر المنادي إجازة قَالَ: حَدَّثَنِي أبو عيسى مُحَمَّد بن إبراهيم القرشي قَالَ: سمعت أبا جعفر مُحَمَّد [4] بن عَبْد الرَّحْمَنِ الصِّيرَفِيّ يقول [5] : بعث إلي الحكم بن موسى في أيام عيد أنه يحتاج إلى نفقة، ولم يكن عندي إلا ثلاثة آلاف درهم، فوجهت إليه بها، فلما صارت في قبضته وجه إليه خلاد بن أسلم أنه يحتاج إلى نفقة، فوجه بها كلها إليه، واحتجت أنا [6] إلى نفقة فوجّهت إلى خلّاد أني أحتاج إلى نفقة، فوجه بها كلها إلي، فلما رأيتها مصرورة في خرقتها وهي الدراهم بعينها، أنكرت ذلك، فبعثت إلى خلاد: حدثني بقصة هذه الدراهم، فأخبرني أن الحكم بن موسى بعث بها إليه فوجهت [7] إلى الحكم منها بألف ووجهت إلى خلاد بألف، وأخذت منها [8] أنا ألف [9] .
توفي خلاد [10] في جمادى الآخرة من هذه السنة.
__________
[1] «أبو بكر» ساقطة من ت. تاريخ بغداد 8/ 342.
[2] و «فقيه» ساقطة من ت.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «أبا جعفر بن عبد الرحمن» .
[5] في ت: سمعت أحمد بن جعفر الصيرفي يقول» .
[6] «أنا» ساقطة من ت.
[7] «فوجهت» ساقطة من ت.
[8] «منها» ساقطة من ت.
[9] تاريخ بغداد 8/ 343.
[10] «خلاد» ساقطة من ت.(12/30)
1524- رجاء بن أبي رجاء، واسم أبي رجاء مرجى بن رافع، أبو مُحَمَّد المروزي [1] .
سكن بغداد، وحدث بها، عن النضر بن شميل، وأبي نعيم، وقبيصة. روى عنه ابن أبي الدنيا، وابن صاعد، والمحاملي، وكان ثقة ثبتا إماما في الحديث وحفظه، والمعرفة به، قَالَ أبو حاتم الرازي [2] : هو صدوق.
توفي في [جمادى الأولى من] [3] هذه السنة.
1525- سعيد بن يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص، أبو عثمان الأموي [4] .
سمع ابن المبارك، وعيسى بن يونس، روى عنه البخاري، ومسلم، والبغوي، وابن صاعد، وآخر من روى عنه القاضي المحاملي، وكان ثقة.
توفي في ذي القعدة من هذه السنة، ودفن في مقبرة باب البردان.
1526- عمرو [بن علي] [5] بن بحر بن كثير، أبو حفص الصيرفي الفلاس البصري
سمع سفيان بن عيينة، وبشر بن المفضل، وغندرا، والمعتمر بن سليمان، وابن مهدي، وخلقا كثيرا. روى عنه عفان بن مسلم، والبخاري، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو داود، والترمذي، وآخر من روى عنه من أهل الدنيا: أبو روق الهزاني، وكان الفلاس إماما حافظا صدوقا ثقة [6] ، ومدحه رجل فقال:
يرم الحديث بإسناده ... ويمسك عنه إذا ما وهم [7]
__________
[1] تاريخ بغداد 8/ 410، 411.
[2] «الرازيّ» ساقطة من ت.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] تهذيب الكمال 507. وتهذيب التهذيب 4/ 97. والتقريب 1/ 308. والتاريخ الكبير 3/ 521. والجرح والتعديل 4/ 74.
قال ابن حجر: ثقة ربما أخطأ.
[5] في الأصل: «عمرو بن بحر بن كثير» بسقوط «علي» .
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال 1044. وتهذيب التهذيب 8/ 80. والتقريب 2/ 75. والتاريخ الكبير 6/ 355. والجرح والتعديل 6/ 249. والمعرفة والتاريخ 1/ 640.
[6] في ت: «ثقة صدوقا» .
[7] جاء البيت الأول مكان الثاني وبالعكس في النسخة ت.(12/31)
ولو شاء قَالَ ولكنه ... يخاف التزيد فيما علم
قَالَ أبو زرعة: ولم ير بالبصرة أحفظ من هؤلاء الثلاثة: علي بن المديني، وابن الشاذكوني، وعمرو بن علي. قدم الفلاس يقصد الخليفة فتلقاه أصحاب الحديث في الزواريق إلى المدائن، فدخل بغداد فحدثهم.
ثم توفي بسر من رأى في ذي القعدة من هذه السنة.
1527- مُحَمَّد بن بكر بن خالد، أبو جعفر القصير [1] :
كاتب أبي يوسف القاضي. سمع عبد العزيز الدراوَرْديّ، وفضيل بن عياض، وغيرهما، وكان ثقة.
توفي في هذه السنة [2] لتسع خلون من ذي القعدة.
1528- مُحَمَّد بن حاتم بن بزيع، أبو سعيد، ويقال: أبو بكر [3] .
ثقة، أخرج عنه البخاري في صحيحه.
وتوفي في رمضان هذه السنة [4] .
__________
[1] تاريخ بغداد 2/ 94. والجواهر المضية 1251. والأنساب للسمعاني 10/ 178.
[2] «في هذه السنة» جاءت في نهاية الجملة.
[3] تقريب التهذيب 2/ 151. والجمع بين رجال الصحيحين ص 458.
[4] في ت: «وتوفي في هذه السنة في رمضان» .(12/32)
ثم دخلت سنة خمسين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
ظهور أبي الحسين يحيى بن عمر بن يحيى بن حسين [1] بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بالكوفة، وسبب خروجه أنه نالته ضيقة شديدة ولزمه دين ضاق به ذرعا، فلقي عمر بْن فرح، وكان يتولى أمر الطالبيين عند مقدمه من خراسان أيام المتوكل فكلمه [2] في صلة [3] فأغلظ له عمر في القول، فسبه يحيى، فحبسه فلم يزل محبوسا إلى أن كفله [4] أهله، فأطلق فشخص إلى مدينة السلام، فأقام بها بحال سيئة، ثم سار إلى سامراء فلقي وصيفا في رزق يجري عليه، فأغلظ له وصيف في الرد، وَقَالَ: لأي شيء يجري على مثلك؟ فانصرف [عنه] [5] ، فخرج إلى الكوفة فجمع جمعا كبيرا من الأعراب وأهل الكوفة، وأتى الفلوجة، فكتب صاحب البريد بخبره فكتب مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ بن طاهر إلى أيوب بن الحسن، وعبد الله بن محمود السَّرَخْسيّ يأمرهما بالاجتماع على محاربته، فدخل يحيى بن عمر إلى بيت المال بالكوفة، فوجد فيه ألفي دينار وسبعين ألف درهم، فأخذها وظهر أمره بالكوفة، وفتح السجنين فأخرج جميع من كان فيها، وأخرج عمالهما عنها، فلقيه عَبْد اللَّهِ بن محمود فضربه يحيى ضربة أثخنته،
__________
[1] في ت: «حسن» .
[2] «فكلمه» ساقطة من ب.
[3] في ت: «في صلة الموكل» .
[4] في ت: «فكفل به» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/33)
فانهزم وحوى يحيى [1] جميع ما [كان] [2] معه من الدواب والمال، ثم خرج يحيى من الكوفة إلى سوادها، وتبعه جماعة من الزيدية وغيرهم وكثر جمعه ووجه ابن طاهر إلى محاربته جمعا كثيرا.
ثم دخل يحيى الكوفة ودعى إلى الرضى من آل مُحَمَّد وكثف أمره وتابعه خلق كثير لهم بصائر [وتدين] [3] ، ثم لقي أصحاب ابن طاهر فانهزم أصحاب يحيى، وذبح هو، ووجه برأسه إلى مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ [4] بن طاهر فبعث به إلى المستعين [من الغد] [5] فنصبه بباب العامة بسامراء.
ودخل الناس يهنئون عَبْد اللَّهِ [6] بن طاهر، فدخل رجل فقال: أيها الأمير، إنك لتهنأ بقتل رَجُل لو كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا لعزي به، فما رد عليه شيئا [7] .
ثم خرج من بعده الحسن بن زيد بن إسماعيل بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين ابن عليّ بن أبي طالب [رضوان الله عليهم] [8] في شهر رمضان. وذلك لما جرى على يحيى بن عمر [9] ما جرى على يد ابن طاهر أقطعه المستعين قطائع بطبرستان، فبعث وكيله فحازها وحاز معها الموات [10] ، فنفر من ذلك أهل تلك الناحية، واستعدوا لمنعه، وذهبوا إلى علوي يُقَالُ له: مُحَمَّد بن إبراهيم بدعوته [11] إلى البيعة، فأبى وَقَالَ: أدلكم على من هو أقوم مني بذلك: الحسن بن زيد. ودلهم على مسكنه بالري، فوجهوا [12]
__________
[1] «يحيى» ساقطة من ت.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «محمد بن عبد الله» ساقطة من ت.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] «عبد الله ساقطة من ت.
[7] تاريخ الطبري 9/ 266- 271.
[8] «رضوان الله عليهم» ساقطة من الأصل.
[9] «بن عمر» ساقطة من ت.
[10] في ت: «المواريث» .
[11] في ت: «فدعوا به» .
[12] في ت: «على مسكنهم بالري فوجه» .(12/34)
إِلَيْهِ عن رسالة مُحَمَّد بن إبراهيم من يدعوه إلى طبرستان، فشخص معه [1] إليهم فبايعوه، ثم ناهضوا [2] العمال فطردوهم، ثم زحف بمن معه إلى آمل وهي أول مدائن طبرستان، فدخلها وقام فيها أياما حتى جبى الخراج من أهلها، واستعد، وخرج أصحاب ابن طاهر [واقتتلوا، وهرب أصحاب ابن طاهر] [3] واجتمعت للحسن بن زيد [4] مع طبرستان الري إلى حد همذان، وورد الخبر إلى [5] المستعين فبعث إليه جنودا [6] .
وفي هذه السنة: غضب المستعين على جعفر بن عبد الواحد لأن وصيفا زعم أنه قد أفسد الشاكرية فنفي إلى البصرة لسبع [7] بقين من ربيع الأول.
وفيها أسقطت مرتبة من كانت [له] [8] مرتبة في دار العامة من بني أمية كابن أبي الشوارب، والعثمانيين.
وأخرج من الحبس الحسن بن الأفشين [9] .
وفيها وثب أهل حمص على الفضل بن قارون وهو عامل السلطان عليها [10] فقتلوه في رجب، فوجه إليهم المستعين موسى بن بغا الكبير، فشخص من سامراء يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من رمضان، فلما قرب من حمص تلقاه أهلها فحاربهم، وافتتحها وقتل من أهلها مقتلة عظيمة وحرقها، وأسر جماعة من رؤساء أهلها [11] .
__________
[1] «معه» ساقطة من ت.
[2] في ت: «نهضوا» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «بن زيد» ساقط من ت.
[5] في الأصل: «علي» .
[6] تاريخ الطبري 9/ 271- 76.
[7] في ت: «لتسع» .
والخبر في الطبري 9/ 277.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من ت.
[9] في ت: «الحسين بن أفشين» .
والخبر في الطبري 9/ 277.
[10] «عليها» ساقطة من ت.
[11] تاريخ الطبري 9/ 276.(12/35)
وفيها: وثبت الجند والشاكرية ببلد فارس [1] بعبد الله بن إسحاق بن إبراهيم فانتهبوا داره، فهرب، وقتلوا مُحَمَّد بن الحسن بن قارون [2] .
وفيها: وجه مُحَمَّد بن طاهر من خراسان بفيلين كان قد وجه بهما إليه من كابل وأصنام [3] .
وحج بالناس في هذه السنة جعفر بن الفضل وهو والي مكة [4] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1529- أَحْمَد بن يحيى بن الوزير، أبو عَبْد اللَّهِ [5] .
كان فقيها من جلساء ابن وهب، وكان عالما بالشعر، والأدب، وأيام الناس، والأنساب، ولد سنة إحدى وسبعين ومائة.
وتوفي في شوال هذه السنة في الحبس لخراج كان عليه.
1530- أَحْمَد بن عمرو بن عَبْد اللَّهِ بن عمرو السرح [6] ، أبو طاهر [7] .
كان فقيها. وحدث عن رشدين [8] بن سعد، وسفيان بن عيينة، وابن وهب.
توفي في ذي القعدة من هذه السنة، وكان من الصالحين الأثبات.
1531- إبراهيم بن مُحَمَّد، أبو إسحاق التيمي [9] .
قاضي البصرة، أشخصه المتوكل إلى بغداد لتوليه القضاء.
__________
[1] «ببلد فارس» ساقطة من ت.
[2] تاريخ الطبري 9/ 277.
[3] تاريخ الطبري 9/ 277.
[4] تاريخ الطبري 9/ 277.
[5] «أبو عبد الله» ساقطة من ت.
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال 1/ 519 (ترجمة رقم 126. والأنساب 7/ 303.
[6] في الأصل: «السراج» وفي ت: «الفرج» والتصحيح من تهذيب الكمال للمزي، وغيره.
[7] تهذيب الكمال 1/ 415 (ترجمة 86) . وتهذيب التهذيب 1/ 64. والتقريب 2/ 255.
[8] في الأصل: «رشد بن سعد» .
[9] تاريخ بغداد 6/ 150- 152.(12/36)
أخبرنا أبو منصور القزاز [قال:] أخبرنا [أبو بكر أحمد بْن علي بْن ثابت] [1] الخطيب قَالَ أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح، أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عرفة قَالَ: أشخص [2] إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد التيمي، ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب [فلما حضرا دار المتوكل أمر بإدخال ابن أبي الشوارب] [3] فلما أدخل عليه قَالَ: إني أريدك للقضاء [4] . فقال: يا أمير المؤمنين لا أصلح له. قَالَ: تأبون يا بني أمية إلا كبرا. فقال: والله يا أمير المؤمنين ما بي كبر، ولكني لا أصلح للحكم. فأمر بإخراجه وكان هو وإبراهيم التيمي قد تعاقدا عَلَى أن [5] لا يتولى أحد منهما [6] القضاء، فدعي إبراهيم فقال له المتوكل: إني أريدك للقضاء. فقال [7] : على شريطة يا أمير المؤمنين.
قَالَ: وما هي؟ قَالَ: على [8] أن تدعو لي دعوة، فإن دعوة الإمام العادل مستجابة.
فولاه. وخرج على ابن أبي الشوارب في الخلع [9] .
حدث إبراهيم عن سفيان بن عيينة، ويحيى بن سعيد [10] .
وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة [وكان ثقة] [11] .
1532- الحارث بن مسكين بن مُحَمَّد بن يوسف، أبو عمر المصري [12] :
ولد سنة أربع وخمسين ومائة، وكان ثقة صدوقا فقيها على مذهب مالك، ورأى
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «ابن محمد بن عرفة قال: «أشخص» ساقط من ت، وفيها: «أخبرنا أَحْمَد بْن إبراهيم حَدَّثَنَا إبراهيم بْن مُحَمَّد التيمي ... » .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «أريد القضاء» .
[5] في الأصل: «تعاقدوا على أن لا» . وفي ت: «تعاقدا ألا يتولى ... » .
[6] في الأصل: «منهم» .
[7] «إني أريدك للقضاء» . فقال: ساقطة من ت.
[8] «على» ساقطة من ت.
[9] تاريخ بغداد 6/ 151.
[10] في ت: «ولحي بن سعد» .
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] في ت: «البصري» . وفي الأصل: «أبو عمر» . انظر: تاريخ بغداد 8/ 216- 218.(12/37)
الليث بن سعد، وكان يجالس برد بن نجيح صاحب مالك بن أنس، وقعد بعد موت [1] برد في حلقته، وحمله المأمون مع من حمل من مصر إلى بغداد في محنة القرآن، فسجن فأقام في السجن إلى أن ولي المتوكل، فأطلق المسجونين في ذلك، وأطلقه وولاه قضاء مصر فتولاه من سنة سبع وثلاثين إلى سنة خمس وأربعين [2] ، ثم صرف عن ذلك.
وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة وصلى عليه أمير مصر وكبر [عليه] [3] خمسا.
1533- نصر بن علي بن نصر بن صهبان بن أبي، أبو عمرو [4] ، الجهضمي البصري [5]
سَمِعَ مُعْتَمِرَ [6] بْنَ سُلَيْمَانَ وَسُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، وَابْنَ مَهْدِيٍّ وَغَيْرَهُمْ. رَوَى عَنْهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، وَالْبَاغَنْدِيُّ، وَالْبَغَوِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً. وَقَدِمَ بَغْدَادَ فَحَدَّثَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ فَقَالَ: «مَنْ أَحَبَّنِي وَأَحَبَّ هَذَيْنِ وَأُمَّهُمَا كَانَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَأَمَرَ الْمُتَوَكِّلُ أَنْ يُضْرَبَ أَلْفَ سَوْطٍ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّه رَافِضِيٌّ فَقَالَ لَهُ [7] جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ [8] : هَذَا الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ فَتَرَكَهُ [9] .
أَنْبَأَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْمَلِكِ بْن خَيْرُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْخَطِيبُ [10] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ فَضَالَةَ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بن
__________
[1] «موت» ساقطة من ت.
[2] في ت: «وأطلقه وبقي في السجن من سنة سبع وثلاثين إلى سنة خمس وأربعين، وولاه قضاء مصر، ثم صرف عن ذلك» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «بن صهبان بن أبو عمر» .
[5] في الأصل: «الجهنمي النصري» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 13/ 287- 289.
[6] في الأصل: «عثمان» .
[7] في ت: «فكلمه» .
[8] في ت زيادة: «وجعل يقول له» .
[9] تاريخ بغداد/ 287، 288.
[10] في الأصل: «أخبرنا ابن خيرون، أخبرنا الخطيب» .(12/38)
جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ [قَالَ:] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ السَّيَّارِيُّ، حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ قَالَ: كَانَ فِي جِيرَانِي رَجُلٌ طُفَيْلِيٌّ، فَكُنْتُ إِذَا دُعِيتُ إِلَى مَدْعَاةٍ [1] رَكِبَ لِركُوبِي فَإِذَا دَخَلْنَا الْمَوْضِعَ أُكْرِمَ مِنْ أَجْلِي، فَاتَّخَذَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ دَعْوَةً، فَدُعِيتُ فِيهَا، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: وَاللَّهِ إِنْ جَاءَ هَذَا الرَّجُلُ مَعِي لأَخْزِيَنَّهُ.
فَلَمَّا رَكِبْتُ رَكِبَ لِرُكُوبِي وَدَخَلْتُ الدَّارَ فَدَخَلَ مَعِي وَأُكْرِمَ مِنْ أَجْلِي، فَلَمَّا حَضَرْتُ [2] الْمَائِدَةَ قُلْتُ: حَدَّثَنَا درستُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ طَارِقٍ، عَنْ نَافِعٍ، عِنِ ابْنِ عمران [3] [عَنِ] النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ مَشَى إِلَى طَعَامٍ لَمْ يُدْعَ إِلَيْهِ مَشَى فَأُسْقِيَ وَأَكَلَ حَرَامًا» قَالَ: فَقَالَ الطُّفَيْلِيُّ: اسْتَحْيَيْتُ لَكَ يَا أَبَا عَمْرٍو، مِثْلُكَ يَتَكَلَّمُ بِهَذَا الْكَلامِ عَلَى مَائِدَةِ الأَمِيرِ ثُمَّ مَا هَا هُنَا [4] أَحَدٌ إِلا وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّكَ رَمَيْتَهُ بِهَذَا الكَلامِ، ثُمَّ لا تَسْتَحِي أن تحدث عن درستُ وَدرستُ كَذَّابٌ لا يُحْتَجُّ [5] بِحَدِيثِهِ عَنْ أَبَانِ بْنِ طَارِقٍ، وَأَبَانٌ كَانَ صِبْيَانُ الْمَدِينَةِ يَلْعَبُونَ بِهِ، وَلَكِنْ أَيْنَ أَنْتَ مِمَّا [6] حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الاثْنَيْنِ، وَطَعَامُ الاثْنَيْنِ يَكْفِي الأَرْبَعَةَ» . قَالَ نصر بن علي: فكأني ألقمت حجرا فلما خرجنا من الدار أنشأ الطفيلي يقول:
ومن ظن ممن يلاقي الحروب ... بأن لا يصاب لقد ظن عجزا
[أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن الْحَسَن الأهوازي قَالَ: سمعت العسكري يقول: سمعت الزينبي- يعني
__________
[1] في ت: «دعوة» .
[2] في ت: «وأكرم لأجلي، فلما أن حضرت» .
[3] في ت: «عن إبراهيم» .
[4] في ت: «وليس هاهنا» .
[5] في ت: «كذاب لا يحدث بحديثه» .
[6] في الأصل: «أين أنت على ما» .(12/39)
إبراهيم بن عَبْد اللَّهِ يقول: سمعت نصر بن علي يقول] [1] : دخلت على المتوكل فإذا هو يمدح الرفق فأكثر، فقلت: يا أمير المؤمنين أنشدني الأصمعي:
لم أر مثل الرفق في لينه ... أخرج للعذراء من خدرها
من يستعين بالرفق في أمره ... يستخرج الحية من جحرها
فقال: يا غلام، الدواة والقرطاس فكتبهما [2] .
أخبرنا عبد الرحمن [قال] : أخبرنا أحمد بن علي [قَالَ:] أَخْبَرَنَا أبو عمرو الحسن بن عثمان الواعظ [قَالَ:] أَخْبَرَنَا [3] جعفر بن مُحَمَّد بن أَحْمَد الواسطي قَالَ:
سمعت أبا بكر بْن أبي داود يَقُولُ: كان المستعين باللَّه بعث إلى نصر بن علي يشخصه للقضاء، فدعاه عبد الملك أمير البصرة فأمره [4] بذلك، فقال: ارجع فأستخير الله فرجع إلى بيته نصف النهار، فصلى ركعتين وقَالَ: اللَّهمّ إن كان لي عندك خير فاقبضني إليك.
فنام فأنبهوه، فإذا هو ميت [5] .
توفي نصر في أحد الربيعين من هذه السنة.
1534- عباد بن يعقوب الرواجي [6] .
سمع الوليد بن أبي ثور، وعلي بن هاشم [7] ، وغيرهما، وكان غاليا في التشيع، وقد أخرج عنه البخاري وربما لم يعلم أنه كان متشيعا [8] . [توفي في هذه السنة] [9] .
__________
[1] في الأصل: «قال نصر بن علي» : وسقط باقي السند وأضفناه من ت.
[2] تاريخ بغداد 13/ 288.
[3] في ت: «قال: أنبأنا» وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «بأمره» .
[5] تاريخ بغداد 13/ 289.
[6] جاءت هذه الترجمة في النسخة ت قبل ترجمة «نصر بن علي» وهو مكانها الصحيح من حيث الترتيب الأبجدي. وجاءت في الأصل كما أثبتناها هنا.
[7] «وعلي بن هاشم» ساقطة من ت.
[8] «وربما لم يعلم أنه كان متشيعا» ساقط من ت.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/40)
أخبرنا محمد بن ناصر [1] الحافظ [قال:] أخبرنا أَحْمَد بن الحسين أبو طاهر الباقلاوي [قَالَ:] أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الله الأصفهاني قَالَ: حدثني مُحَمَّد بن المظفر قَالَ: سمعت قَاسِم بن زكريا المطرز يقول: وردت الكوفة فكتبت عن شيوخها كلهم غير عباد بن يعقوب، فلما فرغت ممن [2] سواه، دخلت عليه وكان يمتحن من سمع منه [3] ، فقال، لي: من حفر البحر؟ فقلت: اللَّه خلق البحر. فقال: هو كذلك، ولكن من حفره؟ فقلت: يذكر الشيخ. فقال: حفره علي بن أبي طَالِب، ثم قَالَ: ومن أجراه؟ فقلت: الله مجري الأنهار ومنبع العيون. فقال: هو كذلك، ولكن من أجرى البحر؟ فقلت: يفيدني الشيخ. فقال: أجراه الحسين بن علي.
قَالَ: وكان عباد مكفوفا فرأيت في داره سيفا معلقا وحجفة، فقلت: أيها الشيخ، لمن هذا السيف؟ فقال: لي أعددته لأقاتل به مع المهدي. فلما فرغت من سماع ما أردت أن أسمعه منه، وعزمت على الخروج عن البلد دخلت عليه فسألني كما كان يسألني فقال: من حفر البحر؟ قلت: حفره معاوية وأجراه عمرو بن العاص، ثم وثبت من بين يديه وجعلت أعدو وجعل يصيح [4] : أدركوا الفاسق عدو الله فاقتلوه.
قَالَ المصنف: ومثل هذا جرى لصالح جزرة، فإنه جاء إلى عَبْد اللَّهِ بن عمر بن أبان وكان غاليا في التشيع، وكان يمتحن من يسمع منه، فقال له: من حفر بئر زمزم؟
فقال صالح: حفرها معاوية بن أبي سفيان. فقال: من نقل ترابها؟ قَالَ: عمرو بن العاص فزبره ودخل منزله.
__________
[1] في الأصل: «ناصر بن محمد» .
[2] في الأصل: «مما سواه» .
[3] في ت: «من سمع عليه» .
[4] في الأصل: «يقول» .(12/41)
ثم دخلت سنة إحدى وخمسين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أنه وثب بغا الصغير ووصيف على باغر التركي فقتلاه فشغبت الأتراك عند مقتله، وذلك لخمس خلون من المحرم، وهموا بقتل بغا ووصيف، فانحدر المستعين إلى بغداد لأجل الشغب، واختلف جند بغداد وجند سامراء، وبايع أهل سامراء [1] المعتز، وأقام أهل بغداد على الوفاء ببيعة المستعين، ثم صار الجند إلى المستعين، فرموا أنفسهم [2] بين يديه وسألوه الصفح عَنْهُمْ، فقال لهم: أنتم أهل بغي وبطر وفساد، واستقلال للنعم ألم [3] ترفعوا إلي في أولادكم فألحقتهم بكم وهم نحو من ألفي غلام، وفي بناتكم فأمرت بتصييرهن [4] في عدد المتزوجات وهن نحو من أربعة آلاف امرأة، وأدررت عليكم الأرزاق حتى سبكت لكم آنية الذهب والفضة [5] ؟ قَالُوا: أخطأنا، ونحن نسأل العفو. قَالَ: قد عفوت عنكم، فقال أحدهم: إن كنت قد صفحت فاركب معنا إلى سامراء فقال: اذهبوا أنتم وأنا أنظر في أمري، فانصرفوا وأجمعوا على إخراج المعتز، والبيعة له، وكان المعتز والمؤيد في حبس في الجوسق، فخلعوا المستعين، وأخرجوا المعتز فبايعوه بالخلافة [6] .
__________
[1] «وبايع أهل سامراء» ساقطة من ت.
[2] في ت: «فرموا أيديهم» .
[3] «واستقلال للنعم» ساقطة من ت.
وفي ت: «ولم ترفعوا» .
[4] في ت: «وفي بناتكم فصيرتهم» .
[5] في الأصل: «حتى سبكت آنية الذهب والفضة لكم» .
[6] تاريخ الطبري 9/ 278- 284.(12/42)
باب ذكر خلافة المعتز باللَّه [1]
واسمه: مُحَمَّد بن المتوكل، وقيل اسمه: الزبير ويكنى: أبا عَبْد اللَّهِ، وكان طويلا، أبيض، أسود الشعر [2] كثيفه، حسن الوجه والعينين والجسم، ضيق الجبهة، أحمر الوجنتين، ولد بسامراء وبقي منذ بويع أربع سنين وبعض أخرى [3] ، ولما بويع المعتز أمر للناس برزق عشرة أشهر فلم يتم المال، فأعطوا رزق شهرين، وكان المستعين خلف بسامراء مالا قدم عليه به [4] نحوا من خمس مائة ألف، وكان في بيت مال المستعين ألف ألف دينار، وفي بيت مال العباس بن المستعين ستمائة ألف، وأحضر للبيعة أبو أَحْمَد بن الرشيد محمولا في محفة وبه نقرس، فأمر بالبيعة، فامتنع وَقَالَ للمعتز: خرجت [5] إلينا خروج طائع فخلعتها وزعمت أنك لا تقوم بها. فقال المعتز: أكرهت على ذلك، وخفت السيف. فقال أبو أَحْمَد: ما علمنا أنك أكرهت، وقد بايعنا هذا الرجل، أفتريد أن نطلق نساءنا، ونخرج من أموالنا، ولا ندري ما يكون إن تركتني [6] على أمري حتى يجتمع الناس، وإلا فهذا السيف، فقال المعتز: اتركوه.
فرد إلى منزله وبايع جماعة، ثم صار إلى بغداد، وولى المعتز العمال.
وبلغ الخبر المستعين، فأمر مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ بن طاهر بتحصين بغداد، فأدير عليها السور من دجلة إلى باب الشماسية، ثم سوق الثلاثاء، ورتب على كل باب قائد،
__________
[1] «باللَّه» ساقطة من ت.
[2] في ت: «ذا شعر أسود» .
[3] «وبقي منذ بويع أربع سنين وبعض أخرى» ساقطة من ت.
[4] في ت: «به عليه» .
[5] في ت: «خرجت إلينا طائعا» .
[6] في ت: «تركني» .(12/43)
وأمر بحفر الخنادق، فبلغت النفقة ثلاثمائة ألف دينار وثلاثين ألف دينار، ونصبت المجانيق والعرادات، وفرض لقوم من العيارين [1] فروضا، وجعل [2] عليهم عريفا، وعمل لهم تراسا من البواري المقيرة ومخالي يملؤها حجارة [3] ، وأنفق على [تلك] البواري مائة [ألف] [4] دينار، وأمر بقطع الميرة عن سامراء، وكتب إلى العمال أن يحملوا الأموال إلى بغداد، ثم أمر المستعين أن يكتب إلى [5] الأتراك، والجند الذين بسامراء يأمرهم بنقض بيعة المعتز، ومراجعة الوفاء له ببيعتهم، ثم جرت بين المعتز وبين ابن طاهر مراسلات، يدعوه المعتز إلى خلع المستعين ومبايعته، وكتب المعتز والمستعين [6] إلى موسى بن بغا وهو مقيم بأطراف الشام كل يدعوه إلى نفسه، فانصرف إلى المعتز وكان معه وقدم عَبْد اللَّهِ بن بغا الصغير إلى بغداد على أبيه وكان [7] قد تخلف بسامراء حين خرج أبوه منها مع المستعين، فصار إلى المستعين واعتذر إليه وَقَالَ لأبيه: إنما قدمت إليك لأموت تحت ركابك، فأقام ببغداد أياما.
ثم إنه [8] استأذن ليخرج إلى قرية بقرب بغداد على طريق الأنبار، فأذن له، فأقام فيها إلى الليل، ثم هرب من تحت الليل، فمضى في الجانب الغربي إلى سامراء مجانبا لأبيه، واعتذر إلى المعتز من مصيره إلى بغداد فأخبر المعتز [أنه] [9] إنما صار إليها ليعرف أخبارهم فيخبره بها، فقبل ذلك منه ورده إلى خدمته [10] .
وورد الحسن بن الأفشين [11] إلى بغداد فخلع عليه المستعين وضم إليه جماعة
__________
[1] في ت: «وفرض للعيارين» .
[2] في ت: «وصير» .
[3] في ت: «من البواري المعيرة ومخال تملى للحجارة» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «إلى» ساقطة من الأصل.
[6] في ت: «وكتب المستعين والمعتز» .
[7] في ت: «وقدم عبد الله بن بغا الصغير بغداد وكان» .
[8] «أنه» ساقطة من ت.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] تاريخ الطبري 9/ 286- 290.
[11] في ت: «إفشين» .(12/44)
كثيرة، وزاد في رزقه ستة عشر ألف درهم من كل شهر، ولم يزل أسد بن داود مقيما بسامراء إلى أن عمل على الهرب منها، فدخل على ابن طاهر فضم إليه مائة فارس ومائتي راجل، ووكله بباب الأنبار مع عبيد الله بن موسى بن خالد [1] .
وعقد المعتز لأخيه أبي أَحْمَد بن المتوكل يوم السبت لسبع بقين من المحرم في هذه السنة على حرب المستعين وابن طاهر وولاه ذلك، وضم إليه الجيش وجعل إليه الأمر والنهي [2] ، فوافى حسن بن الأفشين مدينة [بغداد] ، [3] ثم وافى أبو أَحْمَد وعسكر بالشماسية ليلة الأحد لسبع خلون من صفر، وجاء جاسوس إلى ابن طاهر لثلاث عشرة ليلة [4] خلت من صفر، فأخبره أن أبا أَحْمَد قد عبأ قوما يحرقون طلال الأسواق من جانبي بغداد فكشطت في ذلك اليوم، فلما كان في ليلة الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة خلت من صفر عزم مُحَمَّد بن عبد الله بن طاهر على توجيه الجيوش إلى القفص لمعرضهم هناك [5] فذهب به الأتراك، فركب وركب معه وصيف وبغا، وخرج معه الفقهاء والقضاة، وعزم على دعائهم إلى الرجوع إلى الحق، وبعث يبدلهم الأمان على أن يكون أبو عَبْد اللَّهِ ولي العهد بعد المستعين، فإن قبلوا وإلا باكرهم القتال يوم الأربعاء.
فمضى نحو باب قطربُّل فنزل على شاطئ دجلة هو ووصيف وبغا، ثم رجع وجاء الأتراك إلى باب الشماسية فرموا بالسهام والمجانيق والعرادات، وكان بينهم قتلى وجرحى، وانهزم عَامَّة أهل بغداد، وثبت أهل البواري، ثم انصرف الفريقان وقد نسا ووافى للقتل والجراح [6] .
ثم وجه المعتز عسكرا كبيرا فضربوا بين قطربُّل وقطيعة أم جعفر، وذلك عشية [7] الثلاثاء لاثنتي عشرة بقيت من صفر فلما أصبحوا وجه ابن طاهر جيشا فالتقوا فاقتتلوا،
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 290.
[2] في الأصل: «الأمور» وما أثبتناه من ت، وتاريخ بغداد.
[3] «مدينة» ساقطة من ت، وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «ليلة» ساقطة من ت.
[5] في ت: «هنالك» .
[6] تاريخ الطبري 9/ 291.
[7] في ت: «ليلة» .(12/45)
فوضعوا في أصحاب أبي أَحْمَد السيوف [1] فلم ينج إلا أقلهم وانتهبوا عسكرهم وأمر ابن طاهر لمن أبلى في هذا اليوم بالأسورة، وأعطى [2] من جاءه برأس تركي خمسين درهما، وطلبت المنهزمة فبلغ بعضهم أوانا وبعضهم سامراء.
وكان عسكر الأتراك يومئذ أربعة آلاف فقتل بينهم ألفان، ووضع فيهم السيف من باب القطيعة إلى القفص وغرق جماعة وأسر جماعة.
ووافى عيارو [3] بغداد قطربُّل، فانتهبوا ما تركه الأتراك من متاع وأشير على ابن طاهر أن يتبعهم بعسكر فأبى أن يتبع موليا، ولم يأمر أن يجهز على جريح، وقبل أمان من أستأمن، وأمر أن يكتب كتابا يذكر [4] فيه هذه الوقعة فقرئ [على أهل] [5] بغداد في الجوامع [6] .
وركب مُحَمَّد [7] بن عَبْد اللَّهِ بن طاهر يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من صفر إلى الشماسية فأمر بهدم ما وراء سور بغداد من الدور والحوانيت والبساتين، وقطع النخل والشجر من باب الشماسية لتتسع الناحية على من حارب فيها [8] ، ووجه من ناحية فارس والأهواز مالا إلى بغداد [على] نيف [9] وسبعين حمارا، فوجّه أبو أحمد بن بابك في ثلاثمائة فارس ليأخذ ذلك المال، فوجه ابن طاهر من عدل به عن الطريق، ففات ابن بابك فعدل ابن بابك حين فاته المال إلى النهروان، فأوقع بمن كان فيها من الجند، وأحرق السفن، وانصرف إلى سامراء، ورأى العوام بسامراء [10] ضعف المعتز، فانتهبوا
__________
[1] في ت: «السيف» .
[2] «وأعطى» ساقطة من ت.
[3] في ت: «عيارون» وفي الأصل: «عياروا»
[4] في الأصل: «فيذكر» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل. وبدلا منه: «فقري في بغداد» .
[6] تاريخ الطبري 9/ 292- 296.
[7] «محمد بن» ساقطة من ت.
[8] في ت: «لبها» .
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] «بسامراء» ساقطة من ت.(12/46)
سوق الحلي والسيوف والصيارفة [1] .
ولليلة بقيت من صفر صار الأتراك والمغاربة أصحاب المعتز إلى أبواب بغداد من الجانب الشرقي، فأغلقت الأبواب في وجوههم ورموا بالسهام والمجانيق، فقتل [2] وجرح من الفريقين جماعة [3] .
وجاء عسكر من سامراء، فركب مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ ومعه أربعة عشر قائدا من قواده [4] فسار حتى جاز عسكر أبي أَحْمَد وقتل من عسكر أبي أَحْمَد [5] ، أكثر من خمسين، وخرج غلام لم يبلغ الحلم بيده مقلاع ومخلاة فيها حجارة، وكان يرمي فلا يخطئ وجوه الأتراك ووجوه دوابّهم، وكان الأتراك يرمونه فلا يصيبونه، فجاء أربعة بالرماح فحملوا عليه فرمى نفسه إلى الماء [6] فنجا.
وحمل إلى سامراء سبعون أسيرا ومائة وأربعون رأسا، وأمر المعتز بالرءوس فدفنت، وأعطى كل أسير دينارين، ونهاهم عن العود إلى القتال [7] .
وبعث ابن طاهر إلى المدائن من حصنها، وحفر خندق كسرى، وإلى الأنبار من ضبطها، فجاءت الأتراك إلى الأنبار، فهرب واليها فدخلوا فانتهبوا ما فيها.
وفي النصف من رجب اجتمع بنو هاشم ببغداد، فوقفوا بإزاء مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ فتناولوه بالشتم القبيح، وقالوا [8] وصاحوا بالمستعين: قد منعنا أرزاقنا والأموال تدفع إلى من لا يستحقها، ونحن نموت جوعا، فإن وقع لنا بها وإلا فتحنا الأبواب وأدخلنا الأتراك. فبعث إليهم من رفق بهم [فأبوا] [9] .
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 303- 305.
[2] «فقتل» ساقطة من ت.
[3] تاريخ الطبري 9/ 307.
[4] «من قواده» ساقطة من ت.
[5] «وقتل من عسكر أبي أحمد» ساقطة من ت.
[6] تاريخ الطبري 9/ 312، 313.
[7] تاريخ الطبري 9/ 313، 314.
[8] «وقالوا» ساقطة من ت.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل. انظر: تاريخ الطبري 9/ 327.(12/47)
وفي يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة خلت من شعبان كانت وقعة بين الأتراك وبين ابن طاهر، وذلك أن الأتراك نقبوا السور ووافوا باب الأنبار فأحرقوه بالنار، وأحرقوا ما كَانَ بقي [1] من المجانيق والعرادات، ودخلوا بغداد [2] حتى صاروا إلى باب الحديد [3] ، فركب ابن طاهر ووجه القواد، وشحن الأبواب بالرجال، وركب وصيف وبغا [4] والتقوا بالأتراك، فهزموا الأتراك وسد باب الأنبار بآجر وجص، وكان في هذا اليوم حرب شديدة بباب الشماسية [5] .
وفي ذي القعدة: كانت وقعة شديدة لأهل بغداد، وهزموا فيها الأتراك، وانتهبوا عسكرهم، فراسل ابن طاهر المعتز في الصلح، فقال الناس: إنما تريد أن تخلع المستعين وتبايع [6] المعتز. فشتموه، ولقي منهم شدة حتى أشرف عليهم المستعين ومعه ابن طاهر، وحلف لهم إني ما أتهمه، فكان المستعين مقيما في دار ابن طاهر، فانتقل إلى دار رزق الخادم بالرصافة من أجل أن العوام أرادوا إحراق دار ابن طاهر، وأغلقت أبواب بغداد على أهلها، فصاحوا [7] : الجوع، ولم يزل مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ بن طاهر [8] جادا في نصرة المستعين إلى أن قَالَ له جماعة: إن [9] هذا الذي تنصره أمر وصيفا وبغا بقتلك فلم يفعلا. فتنكر [10] له [11] .
ثم ركب إليه في ذي الحجة فناظره في الخلع، فامتنع، وظن المستعين أن بغا ووصيفا معه، فكاشفاه، فقال المستعين: هذه عنقي والسيف والنطع. ثم انصرف ابن
__________
[1] «بقي» ساقطة من ت.
[2] «وبغداد» ساقطة من ت.
[3] في الأصل: «الباب الجديد» .
[4] في ت: «بغا ووصيف» .
[5] تاريخ الطبري 9/ 330، 331.
[6] «المستعين وتبايع» ساقطة من ت.
[7] «فصاحوا» ساقطة من ت.
[8] في ت: «وما زال ابن طاهر» .
[9] «إن» ساقطة من ت.
[10] في ت: «فلم يفعلا فيك له ثم صار إليه» .
[11] تاريخ الطبري 9/ 334- 342.(12/48)
طاهر، فبعث إليه المستعين يقول [1] : اتق الله، فإن لم تدفع عني فكف عني. فقال: أما أنا فأقعد في بيتي، ولكن لا بد من خلعها طائعا أو مكرها [2] .
فلما رأى المستعين ضعف أمره أجاب إلى الخلع فوجه ابن طاهر إلى أبي أَحْمَد كتابا بأشياء [3] سألها المستعين حتى يجيب إلى الخلع، فأجابه إلى ما سأل، وكان في سؤاله [4] : أن ينزل إلى [5] مدينة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويكون مضطربه فيما بين مكة والمدينة، فأجيب وذلك لإحدى عشرة ليلة بقيت [6] من ذي الحجة [7] .
فلما كَانَ يوم السبت لعشر بقين من ذي الحجة ركب مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ إلى الرصافة، وجمع القُضَاة، فأدخلهم على المستعين فوجا فوجا، وأشهدهم عليه أنه قد صير أمره إلى مُحَمَّد بن عبد الله وأعد للخروج [8] إلى المعتز في الشروط التي اشترطها للمستعين ولنفسه ولقواده [9] ، فخرجوا إلى المعتز فوقع على ذلك بخطه [10] .
وفي هذه السنة: تحركت العلوية في النواحي فخرج [11] الحسين بن زيد بن مُحَمَّد على طبرستان [12] ، وخرج بالري علي بن جعفر بن حسين بن علي بن عمر، وخرج الحسن بن أحمد الكوكبي فسار إلى الديلم [13] .
وخرج بالكوفة رجل من الطالبيين يُقَالُ له: الحسين بن مُحَمَّد بن حمزة بن
__________
[1] «يقول» ساقطة من ت.
[2] تاريخ الطبري 9/ 344.
[3] في الأصل: «باسيا» .
[4] «وكان في سؤاله» ساقطة من ت.
[5] «إلى» ساقطة من ت.
[6] في الأصل: «خلت» .
[7] تاريخ الطبري 9/ 344.
[8] في الأصل: «وأعد إلى الخروج» .
[9] في الأصل: «وللقواد» .
[10] تاريخ الطبري 9/ 345.
[11] في الأصل: «فغلب» .
[12] في ت: «بطبرستان» .
[13] تاريخ الطبري 9/ 346.(12/49)
عَبْد الله بن حسين بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب، وتبعه [1] جماعة كثيرة فبعث إليه قائدا فأسره وحبسه وأحرق بالكوفة ألف دار [2] .
وظهر إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم بن عَبْد اللَّهِ بن حسن بن حسين بن علي ابن أبي طالب بمكة، فهرب جعفر بن الفضل بن عيسى بن موسى العامل على مكة، فانتهب إسماعيل منزل جعفر ومنازل أصحاب السلطان، وقتل الجند وجماعة من أهل مكة، وأخذ ما في الكعبة من المال، وما في خزائنها من الطيب والكسوة، وما حمل لإصلاح القبر [3] من المال، وأخذ من الناس نحوا من مائتي ألف دينار، وانتهب مكة، وأحرق بعضها.
ثم خرج بعد خمسين يوما إلى المدينة، فتوارى عاملها علي بن الحسين بن إسماعيل ثم رجع إسماعيل إلى مكة في رجب، فحاصرها حتى مات أهلها جوعا وعطشا، وبلغ الخبز ثلاث أواق بدرهم، واللحم رطل بأربعة دراهم، وشربة ماء ثلاثة دراهم، ولقي أهل مكة كل بلاء.
ثم رحل بعد سبعة وخمسين يوما إلى جدة، فحبس عن [4] الناس الطعام، وأخذ أموال التجار وأصحاب المراكب، وحمل إلى مكة الحنطة والذرة من اليمن، ثم وافى الموقف يوم عرفة، وهناك ولاه المستعين، فقتل نحو ألف ومائة من الحاج [5] وسلب الناس، فهربوا [6] إلى مكة ولم يقفوا بعرفة ليلا ولا نهارا، ووقف هو وأصحابه، ثم رجعوا [7] إلى جدة فأفنى أموالها [8] .
__________
[1] في ت: «وتبع» .
[2] الكامل لابن الأثير (أحداث سنة 251 هـ) 6/ 180.
[3] في ت: «لإصلاح الحرم» .
وفي الطبري: «لإصلاح العين» .
[4] في ت: «عنهم» .
[5] في الأصل: «الناس» .
[6] في ت: «وصلوا» .
[7] في ت: «ثم رجع» .
[8] تاريخ الطبري (أحداث سنة 251) الكامل في التاريخ (أحداث سنة 251 هـ) 6/ 181.(12/50)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1535- إسحاق بن منصور بن بهرام [1] الكوسج المروزي [2] .
ولد بمرو ورحل إلى العراق، والحجاز، والشام. فسمع سفيان بن عيينة، ويحيى بن سعيد، وابن مهدي، ووكيع بن جراح، والنضر بن شميل.
وحدث ببغداد فسمع منه إبراهيم الحربي، وعبد الله بن أَحْمَد، وكان عالما ثقة مأمونا فقيها دون عن أَحْمَد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه المسائل، وكان أحمد لا يؤثر أن يكتب كلامه فقال يوما: بلغني أن الكوسج روى عني مسائل بخراسان اشهدوا أني رجعت عن ذلك كله. ثم قدم الكوسج، فدخل على أَحْمَد، فما ذكر له شيئا من ذلك.
وفي رواية: أنه جاء بتلك المسائل إلى بغداد وعرضها على أَحْمَد فأقر له بها، وعجب من ذَلِكَ.
استوطن الكوسج نيسابور، وتوفي بها في جمادى الأولى من هذه السنة.
1536- حميد بن زنجويه، أبو أَحْمَد الأزدي [3]
وزنجويه لقب، واسمه: مخلد بن قتيبة بن عَبْد الرَّحْمَنِ. خراساني من أهل نسا، كثير الحديث قديم الرحلة فيه إلى العراق، والحجاز، والشام، ومصر.
سمع النضر بن شميل، وإسماعيل بن أبي أويس، ومحمد بن يوسف الفريابي.
روى عنه: البخاري، ومُسْلِم [في الصحيحين] [4] وحدث ببغداد، فسمع منه الحربي، وابن صاعد، والمحاملي، وكان ثقة، ثبتا، حجة. قدم مصر فحدث بها، وخرج عنها، فتوفي في هذه السنة.
__________
[1] في الأصل: «بن إبراهيم» وما أثبتناه من تاريخ بغداد.
وكتب الاسم في ت: «إسحاق الكوسج» .
[2] تاريخ بغداد 6/ 362- 364.
[3] تاريخ بغداد 8/ 160.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/51)
1537- زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ بْنِ حُصَيْنٍ بن حميد، أبو السكين الطائي [1]
قدم بغداد، فحدث بها عن أبي بكر بن عياش. روى عنه: البخاري [وأبو بكر] [2] بن أبي الدنيا وابن صاعد [3] ، وَكَانَ ثقة [مأمونا] [4] توفي في هذه السنة.
- عبد الوهاب بن عبد الحكم، ويقال: ابن الحكم، [5] بن نافع، أبو الحسن الوراق [6] . [7]
سمع يحيى بن سليم، ومعاذ بن معاذ العنبري، روى عنه أبو داود، وابن أبي الدنيا، والبغوي، وكان ثقة ورعا زاهدا، كان أَحْمَد يقول: عبد الوهاب رجل صالح، مثله يوفق لأصحابه الحق، ومن يقوى على ما يقوى عليه عبد الوهاب.
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ [بن محمد قال:] [8] أخبرنا أَحْمَد بْن عَلِي بْن ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا الأَزْهَرِيُّ، حدثنا [9] محمد بن العباس، حَدَّثَنَا أبو مزاحم موسى بن عَبْد الله بن يحيى بن [10] خاقان قال: حدثني أبو بَكْر الحسن [11] بن عبد الوهاب الوراق قَالَ: ما رأيت أبي ضاحكا قط [12] إلا تبسما، وما رأيته مازحا قط. ولقد رآني مرة وأنا أضحك مع
__________
[1] تاريخ بغداد 8/ 456، 457.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «ابن صاعد» ساقطة من ت.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «ويقال ابن الحكم» ساقطة من ب.
[6] جاء ترتيب التراجم في الأصل كما يلي:
زكريا بن يحيى، ثم: علي بن الحسن بن عبد الرحمن الأفطس، ثم: محمد بن هشام، ثم: عبد الوهاب بن عبد الحكم.
وجاء الترتيب في النسخة ت كما أثبتناه وهو موافق للترتيب الأبجدي.
[7] تاريخ بغداد 11/ 25- 28.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] «الأزهري» حدثنا، ساقط من ت.
[10] بن يحيى» ساقطة من ت.
[11] في ت: «الحسين» .
[12] في ت: «قط ضاحكا» .(12/52)
أمي فجعل يقول لي: صاحب قرآن يضحك هذا الضحك؟ وإنما كنت مع أمي [1] .
توفي عبد الوهاب في ذي القعدة من هذه السنة، قاله البغوي، وَقَالَ غيره: توفي سنة خمسين.
1538- علي بن الحسن بن عَبْد الرَّحْمَنِ بن يزيد، أبو الحسن الذهلي النيسابوري، المعروف: بالأفطس [2] .
شيخ عصره بنيسابور، له مسند مخرج على الرجال في الصحابة. سمع من النضر بن شميل، وسفيان بن عيينة، وابن أبي داود، ووكيع، وابن إدريس، وحفص بن غياث، وأبي بكر بن عياش، وإسماعيل بن علية، وجرير بن عبد الحميد وغيرهم.
توفي في هذه السنة.
1539- مُحَمَّد بن هشام بن شبيب بن أبي خيرة، أبو عَبْد اللَّهِ السدوسي البصري [3] .
حدث عن عبد الوهاب الثقفي، ومن في طبقته، وكان ثقة ثبتا، حسن الحديث، توفي بمصر في هذه السنة.
1540- يعقوب بن إسحاق البهلول بن حسان بن سنان، أبو يوسف التنوخي الأنباري [4] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ [بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: حَدَّثَنِي علي بن المحسن القاضي، عن أبي الحسن أَحْمَد بْن] [5] يُوسُف بْن يعقوب بْن إسحاق البهلول، عن أبيه قَالَ: يعقوب بن إسحاق بن البهلول [6] التنوخي، يكنى: أبا يوسف، وكان من [7] حفاظ القرآن العالمين بعدده وقراآته، وكان حجاجا متنسكا [8] ، وحدّث
__________
[1] تاريخ بغداد 11/ 26، 27.
[2] تذكرة الحفاظ 2/ 100. ولسان الميزان 4/ 218.
[3] تهذيب الكمال ت 1281. وتهذيب التهذيب 9/ 496. والتقريب 2/ 214. والجرح والتعديل 8/ 117.
[4] تاريخ بغداد 14/ 276، 277.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] «بن البهلول التنوخي» ساقطة من ت.
[7] «من» ساقطة من ت.
[8] في ت: «حاجا متنسكا حجاجا» .(12/53)
حديثا كثيرا عن جماعة من مشايخ أبيه [إسحاق، ولم ينتشر حديثه] [1] . ولد بالأنبار سنة سبع وثمانين ومائة [2] ، ومات ببغداد لتسع ليال بقين من رمضان سنة إحدى وخمسين ومائتين، ومات [3] فِي حياة أبيه، فوجد عليه وجدا شديدا، ودفن في مقابر باب التبن، وخلف يوسف الأزرق، وإبراهيم يتيمين، ومات وزوجته حامل، فولدت بعد موته ولدا [4] سمي إسماعيل، فرباهم جدهم إسحاق بن بهلول، وكان يؤثرهم ويحبهم جدا.
قَالَ أبو الحسن: وحدثني عمي إسماعيل بن يعقوب قَالَ: أخبرني أبي [5] عن جدي [إسحاق بن بهلول] أَنَّهُ [كان] [6] يقول: بودي أن لي ابنا آخر مثل يعقوب في مذهبه، وإني لم أرزق سواه. وأنه لما توفي يعقوب أغمي على إسحاق وفاتته صلوات [فأعادها] [7] بعد ذلك لما لحقه من مضض المصيبة، وإنه كان يقول: ابني يعقوب أكمل مني [8] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «ومائة» ساقطة من ت.
[3] «ببغداد لتسع ... ومائتين ومات» ساقطة من ت.
[4] في ت: «ابنا» .
[5] في الأصل: «قال أخبرت عن جدي» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] تاريخ بغداد 14/ 277.(12/54)
ثم دخلت سنة اثنتين وخمسين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
ما كان من خلع المستعين نفسه من الخلافة [1] ، وبيعته المعتز على منبري بغداد ومسجدي جانبيها [2] الشرقي والغربي، يوم الجمعة لأربع خلون من المحرم، وأخذ البيعة له بها [3] على من كان بها يومئذ من الجند، وأشهد عليه بذلك الشهود من بني هاشم، والقضاة، والفقهاء، ونقل [المستعين] [4] من الموضع الذي كان فيه من الرصافة إلى قصر الحسن بن سهل [بالمخرم] [5] هو وعياله وولده وجواريه، وأخذ منه القضيب والبردة والخاتم، ومنع من الخروج إلى مكة، فاختار البصرة، فقيل [له] : [6] إنها وبية، فقال: أهي أوبى [7] أو ترك الخلافة؟! وبعث إليه المعتز يسأله النزول عن ثلاث جوار تزوجهن من جواري المتوكل، فنزل عنهن وجعل أمرهن إليهن [8] .
وفي رجب [9] : خلع المعتز المؤيد أخاه [10] من ولاية العهد [11] .
__________
[1] «من الخلافة» ساقطة من ت.
[2] في الأصل: «جامعها» والتصحيح من الطبري 9/ 348.
[3] في الأصل: «فيها» وقد سقطت من ت، والتصحيح من الطبري.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] ما ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[7] في ت: «فقال له: أوبي أو ترك ... » .
[8] تاريخ الطبري 9/ 348، 349.
[9] وفي «رجب» ساقطة من ت.
[10] في ت: «وخلع المعتز أخاه المؤيد» .
[11] تاريخ الطبري 9/ 361.(12/55)
وفي هذه السنة: ولي الحسن بن أبي الشوارب قضاء القضاة، وكان قد سمي للقضاء جماعة فقدح فيهم، وقيل هم رافضة قدرية جهمية من أصحاب ابن أبي دؤاد، فأمر المعتز بطردهم من [1] العسكر وإخراجهم إلى بغداد [2] .
وفيها: قتل المستعين [3] .
وحج بالناس في هذه السنة: مُحَمَّد بن أَحْمَد بن عيسى بن المنصور من قبل المعتز [4] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1541- أَحْمَد المستعين باللَّه [5] : أمير المؤمنين [6]
كان الجند [قد] [7] اختلفوا عليه فانحدر من سامراء إلى بغداد، فسألوه الرجوع، فأبى عليهم، فخلعوه وبايعوا المعتز، فجرت بينهما حروب كثيرة، إلى أن اضطر المستعين إلى خلع نفسه، وبايع المعتز، ومضى المستعين إلى واسط فكتب المعتز أن يسلم إلى عامل واسط فهلك [8] .
ويختلفون في كيفية هلاكه، فبعضهم يقول: غرق في الماء [9] ، وبعضهم يقول:
عذب حتى مات، وبعضهم يقول: قتل وكان عمره أربعا وعشرين سنة.
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز [قال:] أخبرنا [أحمد بن علي بن ثابت] الخطيب
__________
[1] «من» ساقطة من ت.
[2] تاريخ الطبري 9/ 371.
[3] تاريخ الطبري 9/ 362- 266.
[4] تاريخ الطبري 9/ 372.
[5] «المستعين باللَّه» ساقطة من ت.
[6] تاريخ بغداد 5/ 84- 85.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] «فهلك» ساقطة من ت.
[9] «غرق في الماء» ساقطة من ت.(12/56)
[قَالَ] : [1] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ المقرئ [قَالَ] : أَخْبَرَنَا علي بن أَحْمَد بن أبي قيس [قَالَ] : [2] أَخْبَرَنَا أَبُو بكر بْن أبي الدنيا قَالَ: قتل المستعين بموضع يُقَالُ له:
«القادسية» في طريق سامراء في شوال سنة اثنتين وخمسين ومائتين [3] .
1542- إسماعيل بن يوسف الطالبي [4] :
الذي فعل بمكة ما قد ذكرناه، ذكر أنه مات في هذه السنة.
1543- إسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان، أبو يعقوب التنوخي [5] .
من أهل الأنبار، ولد بها سنة أربع وستين ومائة، وسمع من وكيع وأبي [6] معاوية، وابن علية، ويحيى بن سعيد، وابن مهدي [7] ، وغيرهم. وصنف «المسند» ، وكان ثقة. حدث عنه إبراهيم الحربي، وابن أبي الدنيا، والزناتي [8] ، وابن صاعد، وغيرهم، [9] ورحل إلى البلاد في طلب العلم، ثم أقام بالأنبار [10] .
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا [أحمد بْن علي بْن ثابت] [11] الخطيب قَالَ: أَخْبَرَنَا علي بن أبي علي [12] [قَالَ:] أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن يوسف الأزرق قَالَ: أخبرني عمي إسماعيل بن يعقوب قَالَ: حدثني [13] عمي البهلول بن إسحاق قَالَ: استدعى
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] تاريخ بغداد 5/ 85.
[4] تاريخ ابن خلدون 4/ 98. والأعلام 1/ 329.
[5] تاريخ بغداد 6/ 366- 369.
[6] في ت: «وابن معاوية» .
[7] «وابن مهدي» ساقطة من ت.
[8] «وابن أبي الدنيا والزكاتي» ساقطة من ت.
[9] في ت: «وغيرهم، صنف المسند، وكان ثقة، حدث عنه إبراهيم الحربي، وابن صاعد، وغيرهم، فرحل» . وهو كلام قد سبق ذكره.
[10] «ثم أقام بالأنبار» ساقطة من ت.
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] في ت: «أخبرني علي قال:» .
[13] في ت: «أخبرني» .(12/57)
المتوكل أبي إلى سرمن رأى حتى حدثه، وسمع منه، وقرأ عليه حديثا كثيرا، ثم أمر فنصب لَهُ منبر، وكان يحدث عليه، وحدث في المسجد الجامع بسامراء، وفي رحبة زيرك وأقطعه [1] أقطاعا في كل سنة مبلغه اثنا عشر ألفا، ورسم له صلة خمسة آلاف درهم في السنة، فكان يأخذها، وأقام إلى أن قدم المستعين بغداد، فخاف أبي أن تكبس الأتراك [2] الأنبار، فانحدر إلى بغداد عجلا ولم يحمل معه شيئا من كتبه، وطالبه مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ بن طاهر أن يحدث فحدث ببغداد من حفظه بخمسين [3] ألف حديث لم يخطئ في شيء منها، وخرج من عنده [4] أصحاب الحديث يوما وهم يقولون: قد حدث بالحديث الفلاني عن سفيان بن عيينة فأخطأ فيه، فبلغه فقال:
ردوهم. فلما رجعوا قَالَ: حدثني سفيان بن عيينة بهذا الحديث كما حدثتكم به، وحدثني به مرة أخرى بكيت وكيت، فذكر الوجه الذي ذكروه، ثم قَالَ: وأنا بما حدثتكم به أثبت من يدي على زندي [5] .
توفي في ذي الحجة [من هذه السنة بالأنبار] [6] .
1544- الحسن بْن أَحْمَد بْن أبي شعيب [7] .
واسم أبي شعيب [8] : عَبْد اللَّهِ بن مسلم الأموي، مولى [عمر] [9] بن عبد العزيز ويكنى الحسن: أبا مُسْلِم، وهو من أهل حران، سكن بغداد، وحدث بها فروى عنه ابن أبي الدنيا، وابن أبي داود، وابن صاعد، والمحاملي، وكان ثقة مأمونا.
وتوفي بسامراء في هذه السنة.
__________
[1] في ت: «وقطعه» .
[2] في ت: «فخاف من الأتراك أن يكسبوا» .
ووقع في تاريخ بغداد المطبوع: «فخاف أبي الأتراك أن يكسبوا الأنبار» .
[3] في ت: «بالخمسين» .
[4] في ت: «وخرج يوما من عنده» .
[5] تاريخ بغداد 6/ 368.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] تاريخ بغداد 7/ 266، 267.
[8] «واسم أبي شعيب» ساقطة من ت.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.(12/58)
1545- زياد بن أيوب بن زياد، [1] أبو هاشم [2] .
طوسي الأصيل، يعرف بدلويه، ولد سنة سبع وستين ومائة، سمع هشيما، وأبا بكر بن عياش، وإسماعيل بن علية، وكان ثقة، روى عنه أَحْمَد بن حنبل وَقَالَ: اكتبوا عنه فإنه شعبة الصغير.
وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة.
1546- علي بن سلمة بن عقبة، أبو الحسن القرشي اللبقي النيسابوري [3] .
سمع حفص بن غياث، ومحمد بن فضيل، ووكيع [بن] [4] الجراح، وابن علية، وغيرهم، وروى عنه الْبُخَارِيّ، ومسلم.
وتوفي في جمادي الأولى من [5] هذه السنة.
أَخْبَرَنَا [6] زاهر بن طاهر [قَالَ] : أخبرنا أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُونِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ قَالا:
أنبأنا [7] أبو عَبْد اللَّهِ الحاكم قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن صالح بن هانئ يقول: سمعت داود بن الحسين البيهقي [8] يقول: سمعت علي بن سلمة اللبقي يقول: رأيت فيما يرى النائم كأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أقبل عن يمينه موسى بن عمران وعن يساره عيسى ابن مريم، فقلت: يا رسول الله، ما تقول في القرآن؟ فقال: «أنا أشهد أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وموسى بن عمران يشهد، وهذا أخي عيسى بن مريم يشهد أن القرآن كلام الله غير مخلوق» وهذا في أيام المحنة، قَالَ اللبقي: وسمعت محمد بن جعفر بن محمد
__________
[1] في ت: «وابن» .
[2] التقريب 1/ 265. وتهذيب الكمال ت 2025.
وعلل أحمد 1/ 389. والتاريخ الكبير ت 1168. والجرح والتعديل 2373. وتاريخ بغداد 8/ 479.
وتذكرة الحفاظ 2/ 508. والكاشف 1/ 328.
[3] التقريب 2/ 37.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «جمادى الأولى من» ساقطة من ت.
[6] في ت: «أنبأنا» .
[7] في ت: «أخبرنا» .
[8] «البيهقي» ساقطة من ت.(12/59)
الصناديقي [1] يقول: سمعت أبي يقول [2] : بريء الله ممن تبرأ من أبي بكر وعمر [رضي الله عنهما] [3] .
1547- مُحَمَّد بن بشار بن عثمان بن كيسان، أبو بكر البصري [4] .
يعرف ببندار، ولد سنة سبع وستين ومائة سمع غندرا، ومحمد بن أبي عدي، ووكيع بن الجراح، وابن مهدي، ويحيى [5] بن سعيد القطان، وروح بن عبادة، وغيرهم [6] .
روى عنه إبراهيم الحربي، وأبو بكر بن أبي الدنيا، والبغوي، وغيرهم [7] .
قَالَ مُحَمَّد بن بشار: قد [8] كتب عني خمسة قرون وسألوني الحديث وأنا ابن ثماني عشرة سنة، فاستحييت أن أحدثهم في المدينة، فأخرجتهم إلى البستان [9] وأطعمتهم الرطب وحدثتهم [10] .
قَالَ المصنف رحمه الله: وبندار ثقة، قد أخرج عنه في الصحيحين إلا أنه كانت [11] تغلب عليه العجمة [12] وسلامة [الصدر] [13] .
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْجَوْهَرِيُّ، حدّثنا محمد بن
__________
[1] في ت: «الصادق رضي الله عنهم» .
[2] «سمعت أبي يقول» ساقطة من ت.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] تاريخ بغداد 2/ 101- 105.
[5] في الأصل: «ووكيع» .
[6] «وروح بن عبادة وغيرهم» ساقطة من ت.
[7] في الأصل: «وعنهم» .
[8] «قد» ساقطة من ت.
[9] في الأصل: «إلى بستان» .
[10] تاريخ بغداد 2/ 102.
[11] «كانت» ساقطة من ت.
[12] في الأصل: «عجمة» .
[13] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.(12/60)
الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الصُّولِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ [1] الْقَزَّازُ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ بُنْدَارٍ فَقَالَ فِي حَدِيثٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَتْ [2] رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم، فقال لَهُ رَجُلٌ يَسْخَرُ مِنْهُ:
أُعِيذُكَ باللَّه، مَا أَفْصَحَكَ. قَالَ: كُنَّا إِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَوْحٍ نَرُوحُ [3] إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ.
فَقَالَ: قَدْ بَانَ ذَاكَ عَلَيْكَ [4] .
توفي بندار في رجب هذه السنة.
1548- مُحَمَّد بن بحر بن مطر، أبو بكر البزار [5] :
سمع يزيد بن هارون [6] ، وشجاع بن الوليد، وأبا النضر، وغيرهم. روى [عنه] أبو جعفر الطحاوي [وغيره] [7] .
1549- مفضل بن فَضَالَة بن المفضل بن فَضَالَة بن [8] عبيد بن إبراهيم [9] ، أبو مُحَمَّد القباني [10] .
روى عن أبيه عن [11] جده. توفي في رجب هذه السنة.
1550- يعقوب بن إبراهيم بن كثير بن زيد بن أفلح بن منصور بن مزاحم أبو يوسف العبديّ، المعروف بالدورقي [12] .
__________
[1] في ت: «أخبرنا القزاز بإسناده عن إسحاق بن إبراهيم» .
[2] في الأصل، ت: «قالت: قال» والصحيح ما أثبتناه، وهو موافق لما في تاريخ بغداد.
[3] في ت، تاريخ بغداد: «دخلنا» .
[4] تاريخ بغداد 2/ 103.
[5] البزّار: اسم لمن يخرج الدهن من البزر أو يبيعه. (الأنساب للسمعاني 2/ 82) .
[6] في ت: «زيد بن هارون» .
[7] في ت: «رواه عنه أبو بكر المحادي وغيره» .
وفي الأصل: «روى أبو جعفر الطحاوي» .
[8] «بن المفضل بن فضالة» ساقطة من ت.
[9] «بن إبراهيم» ساقطة من ت.
[10] القتباني: قتبان: موضع بعدن، من بلاد اليمن. هكذا ذكره أبو حاتم بن حبان البستي (الأنساب 10/ 58) .
[11] تكررت «عن أبيه» في ت.
[12] تاريخ بغداد 14/ 277- 280.(12/61)
وهو أخو أَحْمَد بن إبراهيم- كان الأكبر- رأى الليث بن سعد، وسمع إبراهيم بن سعد الزهري، والدراوَرْديّ، وسفيان بن عيينة، وغيرهم. روى عنه البخاري، ومسلم، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وَأَبُو داود، والنسائي، وآخر من حدث عنه: مُحَمَّد بن مخلد، وكان حافظا متقنا ثقة، صنف «المسند» [1] .
وتوفي في هذه السنة.
__________
[1] في ت: «التفسير» وما أثبتناه من الأصل، تاريخ بغداد.(12/62)
ثم دخلت سنة ثلاث وخمسين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن المعتز عقد في اليوم الرابع من رجب لموسى بن بغا الكبير على الخيل [1] ومعه من الجيش يومئذ ألفان وأربع مائة وثلاثة وأربعون.
وفيها: خلع المعتز على بغا الشرابي في رمضان [2] ، وألبسه التاج [3] والوشاحين، فخرج بها إلى منزله.
وفيها: استقضي ابن أبي العنبس على مدينة السلام، وصرف أَحْمَد بن مُحَمَّد بن سماعة.
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قال: [أخبرنا أبو بكر بن ثابت، أَخْبَرَنَا علي بن المحسن قَالَ: أَخْبَرَنَا] [4] طلحة بن مُحَمَّد [5] بن جعفر قَالَ: صرف أَحْمَد بن مُحَمَّد بن سماعة واستقضي مكانه إبراهيم بن إسحاق بن أبي العنبس في هذه السنة، وكان يتقلد قضاء الكوفة، وهذا رجل جليل القدر، حسن الدين، وكان سبب صرفه أن الموفق أراد منه [6]
__________
[1] «على الخيل» ساقطة من ت.
[2] «في رمضان» ساقطة من ت.
[3] «التاج» ساقطة من ت.
[4] في الأصل: «أخبرنا أبو منصور القزاز بإسناده عن طلحة بن محمد ... » .
[5] «بن محمد» ساقطة من ت.
[6] «منه» ساقطة من ت.(12/63)
أن يدفع إليه أموال اليتامى [1] على سبيل القرض، فأبى أن يدفعها [إليه] [2] وَقَالَ: لا والله ولا حبة منها، فصرفه عن الحكم، فرد إلى قضاء الكوفة.
وقيل إن [3] هذا كان في سنة أربع وخمسين.
وفيها: نفى المعتز أبا أَحْمَد بن المتوكل إلى واسط، ثم إلى البصرة، ثم رد إلى بغداد، وأنزل الجانب الشرقي في قصر دينار بن عَبْد اللَّهِ.
ونفى علي بن المعتصم إلى واسط، ثم رد إلى بغداد، فأنزل بالجانب الشرقي.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1551- أَحْمَد بن سعيد بن صخر بن سليمان، أبو جعفر الدارمي [4] :
ولد بسرخس، وتولى القضاء بها [5] ، ونشأ بنيسابور، وبها مات. رحل في سماع الحديث، فسمع خلقا كثيرا، وكان ثقة حافظا متقنا، [6] عارفا بالحديث والفقه. روى عنه: البخاري، ومسلم في الصحيحين، وقدم على طاهر بن الحسين متعرضا لنائله فوصله بأربعة آلاف درهم.
1552- إبراهيم بن سعيد، أبو إسحاق الجوهري [7] .
سمع سفيان بن عيينة، وأبا معاوية الضرير [8] ، وخلقا كثيرا. روى عنه: أبو حاتم الرازي، والنَّسائيُّ، وابن أبي الدنيا، وغيرهم، وكان مكثرا ثقة ثبتا [9] صنّف «المسند»
__________
[1] في ت: «الأيتام» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقطة من الأصل.
[3] «وقيل أن» ساقطة من ت.
[4] تاريخ بغداد 4/ 166- 169.
[5] في ت: «تولى قضاءها» .
[6] تكررت كلمة: «حافظا» في هذا الموضع من الأصل.
[7] تاريخ بغداد 6/ 193- 195.
[8] «الضرير» ساقطة من ت.
[9] «ثبتا» ساقطة من ت.(12/64)
وكان لأبيه دنيا واسعة، وأفضال على العلماء، فلذلك تمكن إبراهيم من السماع، وقدر على الإكثار [1] .
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز [قَالَ:] أَخْبَرَنَا [أحمد بْن علي بْن ثابت] الخطيب [قَالَ:] أَخْبَرَنَا [أبو] عبد الله أحمد بن محمد الكاتب [قَالَ:] أَخْبَرَنَا إبراهيم بن مُحَمَّد بن يحيى المزكي [قال:] حدّثنا مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَنِ الدغولي [قَالَ:] [2] حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ بن جعفر بن خاقان السلمي قَالَ:
سألت إبراهيم بن سعيد الجوهري عن حديث لأبي بكر الصديق [رضي الله عنه] فقال لجاريته: أخرجي إلي [3] الجزء الثالث والعشرين من «مسند أبي [4] بكر» . فقلت له: لا يصح لأبي بكر خمسون حديثا، فمن أين ثلاثة وعشرون جزءا؟ فقال: كل حديث لم يكن عندي من مائة وجه فأنا فيه يتيم [5] .
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ [قَالَ: أَخْبَرَنَا] [6] الخطيب [قَالَ:] أَخْبَرَنَا أبو عمرو الحسن [7] بن عُثْمَان الواعظ [قَالَ:] حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن الحكم المؤدب، حَدَّثَنَا جعفر بن مُحَمَّد الفريابي قَالَ: سمعت إبراهيم الهروي يقول: حج سعيد الجوهري فحمل معه أربع مائة رجل من الزوار سوى حشمه يحج بهم! وكان منهم إسماعيل بن عياش، وهشيم بن بشير، وكنت أنا معهم في إمارة [هارون] الرشيد [8] .
انتقل إبراهيم عن بغداد، فسكن عين زربة مرابطا بها إلى [9] أن توفي في هذه السنة.
__________
[1] في ت: «تمكن إبراهيم وقدر على السماع» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقطة من الأصل.
[3] في الأصل: «لي» . وهي ساقطة من النسخة ت.
[4] في ت: «من أسند» .
[5] تاريخ بغداد 6/ 94.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في ت: «الحسين» .
[8] تاريخ بغداد 6/ 94.
[9] في ت: «من أبطا بهما إلى ... » .(12/65)
1553- إسحاق بن حنبل بن هلال بن أسد بن يعقوب الشيباني [1]
وهو عم أبي عَبْد اللَّهِ أَحْمَد بن حنبل، ولد سنة إحدى وستين ومائة، وسمع يزيد بن هارون، وروى [عنه] [2] ابنه حنبل وكان ثقة [3] .
وتوفي في هذه السنة وله اثنتان وتسعون سنة [4] .
1554- سعيد بن بحر، أبو عثمان، وقيل: أبو عمر، القراطيسي [5] .
سمع حسينا الجعفي، وأبا نعيم، روى عنه: ابن صاعد، والمحاملي. وَكَانَ ثقة. توفي في رمضان هذه السنة.
1555- السري بن المغلس، أبو الحسن السقطي [6] .
صحب معروفا الكرخي، وحدث عن هشيم، وأبي بكر بن عياش، ويزيد بن هارون، وكان من العباد [7] المجتهدين.
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ [بن مُحَمَّد قال:] أخبرنا أحمد بن علي [قال] أخبرنا ابن زريق، حَدَّثَنَا عثمان بن أَحْمَد، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسماعيل بن عامر قَالَ: سمعت حسنا المسوحي [8] يقول:
دفع إلي السري [9] قطعة فقال: اشتر لي باقلاء [ولا تشتر إلا من] [10] رجل قدره
__________
[1] تاريخ بغداد 6/ 369.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «وكان ثقة» ساقطة من ت.
[4] «وله اثنتان وتسعون سنة» ساقطة من ت.
[5] تاريخ بغداد 9/ 93.
[6] تاريخ بغداد 9/ 187.
وفي الأصل: «أبو عبد الله السقطي» .
[7] في ت: «وكان من العلماء» .
[8] في الأصل: «حسينا التنوخي» .
وفي ت: «حسينا المسوحي» .
[9] في ت: «سري» .
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/66)
داخل الباب، فطفت الكرخ كله، فلم أجد إلا من قدره خارج الباب، فرجعت إليه وقلت له: خذ قطعتك، فإني لا أجد إلا من قدره خارج الباب [1] .
[أَخْبَرَنَا عَبْد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت الخطيب. وحدثنا مُحَمَّد بن عيسى بن عَبْد العزيز. وحدثنا علي بن الحسن الطفيلي قَالَ سمعت الفرجاني يقول] : سمعت [2] الجنيد يقول: ما رأيت أعبد من السري السقطي، أتت عليه ثمانية وتسعون سنة ما رئي مضطجعا إلا في علة الموت [3] .
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ [قَالَ:] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ علي [الخطيب] [4] أخبرنا أبو نعيم، أَخْبَرَنَا جعفر الخالدي [5] في كتابه قَالَ سمعت الجنيد يقول:
كنت يوما عند السري بن المغلس وكنا خاليين [6] وهو مؤتزر بمئزر، فنظرت إلى جسده كأنه جسد سقيم دنف مضني، كأجهد ما يكون، فقال: انظر إلى جسدي هذا لو شئت أن أقول إن ما بي من المحبة لكان كما أقول، وكان وجهه أصفر [7] ثم أشرب [8] حمرة حتى تورد، ثم اعتل فدخلت عليه أعوده، فقلت له [9] : كيف تجدك؟ فقال:
كيف أشكو إلى طبيبي ما بي ... والذي بي أصابني من طبيبي؟
فأخذت المروحة أروحه، فقال: كيف يجد ريح المروحة من جوفه يحترق من داخل، ثم أنشأ يَقُولُ:
القلب محترق والدمع مستبق ... والكرب مجتمع والصبر مفترق
كيف القرار على من لا قرار له ... مما جناه الهوى والشوق والقلق
__________
[1] «الباب» ساقطة من ت.
والحكاية في تاريخ بغداد 9/ 191.
[2] في الأصل: «قال الجنيد» وسقط باقي السند.
[3] تاريخ بغداد 9/ 192.
[4] في ت: «أخبرنا الخطيب» .
[5] في تاريخ بغداد: «الخلدي» .
[6] في ت: «جالسين» .
[7] في الأصل: «أشقر» .
[8] في ت: «أشرق» .
[9] «له» ساقطة من ت.(12/67)
يا رب إن كان شيء فيه لي فرج ... فامنن علي به ما دام لي رمق [1]
توفي السري يوم الثلاثاء لست خلون من رمضان هذه السنة بعد آذان [2] الفجر، ودفن بعد العصر [3] وقبره ظاهر بالشونيزية. ورئي في المنام بعد موته، فقيل له: ما فعل الله بك؟ قَالَ: غفر لي ولمن حضر جنازتي [4] .
1556- علي بن شعيب بن عدي بن همام، أبو الحسن السمسار [5] .
طوسي الأصل، سمع هشيما، وابن عيينة، وروى عنه البغوي وابن صاعد، وكان ثقة، توفي في شوال هذه السنة.
1557- محمد بْن عبد الله بْن طاهر بْن الحسين بن مصعب، أبو العباس [6] الخزاعي [7] .
ولي إمارة بغداد في أيام المتوكل، وأبوه أمير، وجده أمير، وكان مألفا لأهل العلم والأدب، وقد أسند الحديث.
أَخْبَرَنَا عَبْد الرحمن بن محمد [قال:] أخبرنا [أحمد بن علي بن ثابت] الخطيب حَدَّثَنَا [8] مُحَمَّد بن علي بن مخلد، أخبرنا أحمد بن محمد بن عمران [قال:] حدثنا محمد بن يحيى [قال:] [9] حدّثنا محمد بن موسى قَالَ: كان الحسن بن وهب عند مُحَمَّد [10] بن عَبْد اللَّهِ بن طاهر فعرضت سحابة فرعدت وبرقت ومطرت [11] ، فقال كل من حضر فيها شيئا، فقال الحسن:
__________
[1] تاريخ بغداد 9/ 191.
[2] في ت: «بعد طلوع الفجر» .
[3] تاريخ بغداد 9/ 192.
[4] تاريخ بغداد 9/ 192.
[5] تاريخ بغداد 11/ 435، 436.
[6] «أبو العباس» ساقطة من ت.
[7] تاريخ بغداد 5/ 418- 422.
[8] في ت: «أخبرنا» .
[9] ما بين المعقوفتين في السند ساقط من الأصل.
[10] «محمد بن» ساقطة من ت.
[11] في ت: «وأبرقت ومطرت» . وفي الأصل: «وبرقت وأمصرت» .(12/68)
هطلتنا السماء هطلا دراكا ... عارض المرزبان فيها السماكا
قلت للبرق إذ توقد فيها ... يا زناد السماء من أوراكا
أحبيب نأيته [1] فجفاكا ... فهو العارض الذي استبكاكا
أم تشبهت بالأمير أبي العباس ... في جوده فلست هناكا [2]
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن محمد [قال] أخبرنا أبو بكر [أحمد] بن علي [بن ثابت] الحافظ [قال:] أَخْبَرَنَا أبو يعلي أَحْمَد بن عبد الواحد الوكيل [قال:] حدثنا إسماعيل بن سعيد المعدل [قَالَ:] حَدَّثَنَا [3] الحسين بْن القاسم الكوكبي، قَالَ: حدثني مُحَمَّد بن غيلان قَالَ: أخبرني ابن السكيت أن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ بن طاهر عزم على الحج، فخرجت إليه جارية شاعرة، فبكت لما رأت آلة السفر، فقال مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ:
دمعة كاللؤلؤ الرطب ... على الخد الأسيل
هطلت في ساعة البين ... من الطرف الكحيل
ثم قَالَ لها: أجيزيني فقالت:
حين هم القمر الزاهر ... [4] عنا بالأفول
إنما تفتضح العشاق ... في يوم الرحيل [5]
[أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن العباس الخزاز، حَدَّثَنَا عبيد الله بن أَحْمَد، حَدَّثَنَا أبي قَالَ] [6] : كتب مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ [7] بن طاهر إلى جارية له [8] :
__________
[1] في ت: «واصلته» .
[2] في الأصل: «إذ تشبهت بجود الأمير أبي العباس فلست هناكا» .
انظر: تاريخ بغداد 5/ 419.
[3] ما بين المعقوفتين في السند ساقط من الأصل.
[4] في ت: «الطالع» .
[5] تاريخ بغداد 5/ 421.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[7] في ت: «محمد بن العباس» .
[8] «له» ساقطة من ت. وفي تاريخ بغداد زيادة: «كان يحبها» .(12/69)
ماذا تقولين فيمن شفه سقم ... من جهد حبك حتى صار حيرانا؟
فأجابته:
إذا رأينا محبا قد أضر به ... جهد الصبابة أوليناه إحسانا [1]
[أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن علي قال: أخبرني الأزهري قال:
أخبرنا أَحْمَد بن إِبْرَاهِيم قَالَ: حَدَّثَنَا] [2] ابن عرفة [قَالَ:] وفي سنة ثلاث وخمسين ومائتين [3] لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة انكسف القمر في أول الليل حتى ذهب أكثره، فلما انتصف الليل مات مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بن طاهر، وكان به خراج في حلقه، فاشتد حتى عولج بالفتائل ودفن في مقابر قريش [4] .
1558- وصيف التركي [5] .
كان أميرا كبيرا، وخدم جماعة من الخلفاء، وفي هذه السنة طلب الجند منه أرزاقهم، فقال: ما عندنا مال. فقتلوه، فجعل المعتز ما كان إليه إلى بغا الشرابي.
وقد روى هلال بن المحسن الصابي: أن بعض مشايخ قم قَالَ: ورد علينا وصيف التركي أميرا على بلدتنا، فلقيناه، فرأيناه عاقلا راجحا، فسألنا عن أمر بلدتنا وأهله [6] سؤال عالم به، وسألنا عن شيوخ البلد، إلى أن انتهى إلى ذكر رجل لم يكن مذكورا، فلم يعرفه [منّا] [7] إلا رجل كان معنا، ثم أتبع ذكره بتعظيم أمره، وتعرف خبر ولده، وحاله في معيشته، وأطال في ذلك إطالة حتى [8] استجهلناه فيها، ثم قَالَ: أحضرونيه إحضارا رفيقا، فإنّي أكره أن أنفذ إليه فينزعج. فأحضرناه، فلما وقعت عينه عليه قام إليه
__________
[1] تاريخ بغداد 5/ 421.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، وبدله: «قال ابن عرفة ... » .
[3] «ومائتين» ساقطة من ت.
[4] تاريخ بغداد 5/ 422.
[5] الكامل في التاريخ لابن الأثير (حوادث سنة 253) 6/ 189.
[6] «وأهله» ساقطة من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[8] «حتى» ساقطة من ت.(12/70)
وأجلسه معه في دسته، ثم أقبل يسأله عن زوجته وولده، والشيخ يجيبه جواب دهش، ثم قال له: أحسبك [1] قد نسيتني وأنكرت معرفتي. قَالَ: كيف أنكر الأمير مع جلالة قدره.
فقال: دع ذا، أتعرفني جيدا؟ قَالَ: لا. قَالَ: أنا وصيف مملوكك. ثم التفت إلينا فقال:
يا مشايخ [2] ، أنا رجل من الديلم، شببت وقت كذا وكذا، وحملت إلى قزوين وسني نحو العشر سنين، واشتراني هذا الشيخ وأسلمني مع ابنه في المكتب، وأحسن تربيتي، فإذا وقع في يدي شيء تركته عند فلان البقال [3] في المحلة [يعرف بفلان] [4] أهو باق؟
قالوا: نعم [قَالَ:] فأحببت بعد [5] بلوغي العمل [بحمل] [6] السلاح، فرآني بعض الجند فقال: هل لك أن تجيء معي إلى خراسان فأركبك الدواب وأعطيك السلاح؟
فقلت: أفعل على أن لا أكون لك مملوكا، بل غلاما تابعا، فإن رأيت منك ما أؤثر لم أفارقك، وإن لم يكن [7] ذلك فلا سلطان لك علي فقال: ذلك لك [8] . فجئت إلى البقال فحاسبته، وأخذت ما بقي لي عنده، وابتعت ما أحتاج إليه [9] وهربت من مولاي هذا مع الجندي إلى خراسان، وتدرجت بي الأمور حتى بلغت إلى هذه المنزلة، وأنا تحت رق مولاي هذا، وأسألكم أن تسألوه أن يبيعني نفسي، فقال الرجل: الأمير حر لوجه الله، وأنا عبده ومتحمل بولائه ومفتخر به. فقال وصيف: يا غلام، هات ثلاث بدر. فأحضرت فسلمها إلى الشيخ، ثم استدعى له من الطيب والثياب والدواب [10] مثل
__________
[1] في ت: «أحسبه» .
[2] في ت: «أي مشايخ» .
[3] في ت: «عند بقال في المحلة» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[5] في ت: «فأحببت مع بلوغي» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي الأصل: «بلوغي العمل بالسلاح» .
وفي ت: «بلوغي بحمل السلاح» .
[7] في ت: «فإن لم أر» .
[8] في ت: «فقال: لك ذلك» .
[9] في ت: «ما احتجت إليه» .
[10] «الطيب» . و «الدواب» ساقطة من الأصل.(12/71)
قدر المال، وطلب ابنه فأكرمه، وأعطاه عشرة آلاف درهم وثيابا ودوابا، واستدعى البقال فوهب [1] له خمس مائة دينار، ثم بعث إلى زوجة الشيخ وبناته مالا، وَقَالَ له [2] :
انبسط في سلطاننا انبساط من صاحبه مولاك، فإني لا أردك عن مطلب تطلبه، ولا أعترض عليك في شيء تعمله، ثم قَالَ: يا مشايخ قم، أنتم شيوخي ما على الأرض أوجب حقا [3] علي منكم إلا أني أخالفكم في الرفض فإني درت [4] الآفاق، وعرفت المذاهب، فما وجدت على اعتقادكم أحد، ومن المحال وقوع الإجماع على ضلال وانفرادكم من بين الناس بالحق. وصار الشيخ وابنه رئيسي البلدة [5] .
1559- هارون بن سعيد بن الهيثم، أبو جعفر [6]
مولى لبني سعد بن بكر، ولد سنة سبعين ومائة، وحدث عن ابن عيينة، وابن وهب، وكان ثقة، وعلت سنه فضعف، فلزم بيته، وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة.
__________
[1] في ت: «فوزن» .
[2] في ت: «وقال لي» .
[3] «حقا» ساقطة من ت.
[4] في ت: «فإنّي قد طفت» .
[5] في الأصل: «البلد» .
[6] هارون بن سعيد بن الهيثم بن محمد التميمي الأيلي.
تهذيب الكمال 1429. وتهذيب التهذيب 11/ 6. والتقريب 2/ 312. والجرح والتعديل 9/ 91.(12/72)
ثم دخلت سنة أربع وخمسين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أنه ولي أَحْمَد بن طولون من قبل المعتز.
وحج بالناس في هذه السنة علي بن الحسن بن إسماعيل بن العباس بن مُحَمَّد بن علي [1] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1560- بغا الشرابي [2]
كان قد طغى وخالف أمر [3] المعتز، واستبد بالأموال والأمر، فركب المعتز ليلا وقد تشاغل بغا [4] بتزويجه صالح بن يوسف ابنته، فوثب بغا على مال السلطان ومال أمه، فأوقر منه عشرين بغلا فوقعوا به فقتلوه، وجاءوا برأسه إلى المعتز، فنصبه بسامراء، وأعطى الذي جاء برأسه [5] عشرة آلاف دينار، ثم حدر برأسه إلى مدينة السلام، وأمر بإحراق جسده وحبس جماعة من ولده، ونفى خمسة من صغارهم إلى عمان والبحرين، ونجا يونس بن بغا إلى بختيشوع.
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 381.
[2] الكامل في التاريخ لابن الأثير (حوادث سنة 253) 6/ 194، 195.
[3] في ت: «أوامر» .
[4] «بغا» ساقطة من ت.
[5] في ت: «جاء به» .(12/73)
1561- سلم بن جنادة بن سلم بن خالد بن جابر [1] بن سمرة، أبو السائب السوائي الكوفي [2] .
ولد سنة أربع وسبعين ومائة، فقدم بغداد وحدث بها عن ابن إدريس، وابن فضيل، ووكيع، وأبي معاوية، وحفص بن غياث، ومعاوية [3] ، وأبي نعيم. روى عنه:
ابن صاعد، والمحاملي، وابن مخلد قَالَ: البرقاني [4] : هو ثقة [5] حجة، لا يشك فيه يصلح للصحيح.
توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة، وله ثمانون سنة.
1562- علي بن مُحَمَّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين [6] بن علي بن أبي طالب، أبو الحسن الهاشمي [7] .
أحد من يعتقد فيه الشيعة الإمامة أشخصه المتوكل في مدينة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى بغداد، ثم إلى سامراء فقدمها، وأقام بها في هذه السنة [ودفن] [8] في داره فلإقامته [9] بالعسكر عرف بأبي الحسن [10] العسكري، وصلى عليه أبو أَحْمَد بن المتوكل [11] .
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز [قال:] أخبرنا [أبو بكر أحمد بْن علي بْن ثابت] الخطيب [قَالَ:] أَخْبَرَنَا الأزهري، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ المقرئ حدّثنا محمد بن
__________
[1] «بن جابر» ساقطة من ت.
[2] تاريخ بغداد 9/ 147، 148.
[3] «ومعاوية» ساقطة من ت.
[4] في ت: «البركاني» .
[5] «ثقة» ساقطة من ت.
[6] في الأصل: «بن الحسن» .
[7] تاريخ بغداد 12/ 56.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في ت: «فياء قامته» .
[10] في ت: «عرف بالعسكري» .
[11] تاريخ بغداد 12/ 56.(12/74)
يحيى النديم [قَالَ:] [1] حَدَّثَنَا الحسين [2] بن يحيى قَالَ:
اعتل المتوكل في أول خلافته، فقال لئن برئت [3] لأتصدقن بدنانير كثيرة، فلما بريء جمع الفقهاء فسألهم عن ذلك، فاختلفوا، فبعث إلى علي بن مُحَمَّد بن علي بن موسى، فقال: تتصدق بثلاثة وثمانين دينارا. فعجب قوم من ذلك وتعصب قوم عليه وقالوا: تسأله [4] يا أمير المؤمنين من أين له هذا فردّ الرسول إليه.
فقال: قل لأمير المؤمنين في هذا الوفاء بالنذر لأن الله تعالى قَالَ: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ في مَواطِنَ كَثِيرَةٍ 9: 25 [5] فروى أهلنا جميعا أن المواطن في الوقائع والسرايا والغزوات [6] كانت ثلاثة وثمانين موطنا، وأن يوم حنين كان الرابع والثمانون وكلما زاد أمير المؤمنين في فعل [7] الخير كان أنفع له وأجدى عليه في الدُّنَيا والآخرة [8] .
1563- مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ بن المبارك، أبو جعفر المخرمي [9] .
قاضي حلوان، سمع يحيى بْن سعيد القطان، وابن مهدي، ووكيعا، وغيرهم.
[روى عنه البخاري فِي صحيحه، وإبراهيم الحربي، والنسائي، والباغندي، وابن صاعد] [10] . وكان ثقة عالما بالحديث متقنا مبرزا على الحفاظ [11] .
1564- مُحَمَّد بن منصور بن داود بن إبراهيم، أبو جعفر العابد الطوسي [12] .
سمع إسماعيل بن علية، وسفيان بن عيينة، وعفان بن مسلم في آخرين. روى
__________
[1] ما بين المعقوفتين في السند ساقط من الأصل.
[2] في ت: «الحسن» .
[3] في الأصل: «برأت» .
[4] في ت: «وسألوا أسئلة» .
[5] سورة: التوبة، الآية: 25.
[6] «والغزوات» ساقطة من ت.
[7] في ت: «في قصد الخير» .
[8] تاريخ بغداد 12/ 56، 57.
[9] تاريخ بغداد 5/ 423- 425.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] تاريخ بغداد 5/ 423.
[12] تاريخ بغداد 3/ 247- 250.(12/75)
عنه: البغوي [1] ، وابن صاعد، والمحاملي، وغيرهم. وكان ثقة خيرا صالحا.
أَخْبَرَنَا [أَبُو منصور] القزاز [قَالَ:] أَخْبَرَنَا [أحمد بن علي] [2] الخطيب قال:
أخبرني الحسين بن علي الطناجيري، حَدَّثَنَا عمر بن أحمد الواعظ، حدثنا أحمد بن محمد بن الفضل قال: سمعت محمد بن منصور الطوسي وحواليه قوم [3] فقالوا له: يا أبا جعفر، إيش اليوم عندك قد شك [4] الناس فيه يَوْم عرفة هو أو غيره؟ فقال: اصبروا.
فدخل البيت ثم خرج فقال: هو عندي يوم عرفة. فاستحيوا أن يقولوا له من أين لك ذلك؟ فعدوا الأيام والليالي، فكان اليوم الذي قَالَ مُحَمَّد بن منصور يوم عرفة. قَالَ أبو العباس: [وكنت أصغر القوم] [5] ، فجاء إليه أبو بكر بن سلام الوراق مع جماعة فسمعت ابن سلام يقول: من أين علمت أنه يوم عرفة؟ قَالَ: دخلت البيت فسألت ربي تعالى فأراني الناس في الموقف [6] .
توفي الطوسي يوم الجمعة لست بقين من شوال من هذه السنة، وله ثمان وثمانون سنة [7] .
1565- المؤمل بن أهاب بن عبد العزيز، أبو عَبْد الرَّحْمَنِ [8] الربعي [9] .
كوفي قدم بغداد وحدث بها عن أبي داود الطيالسي، ويزيد بن هارون، وعبد الرزاق، وغيرهم. روى عنه ابن أبي الدنيا، والنسائي، والباغندي، وكان صدوقا.
وله مع أصحاب الحديث قصة: أَخْبَرَنَا بها أبو منصور القزاز [قَالَ:] أَخْبَرَنَا [أبو
__________
[1] «في آخرين. روى عنه البغوي» ساقطة من ت.
[2] ما بين المعقوفتين في السند ساقط من الأصل.
[3] في ت: «وأصحابه حواليه» .
[4] في ت: «وقد يشك» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقطة من الأصل.
[6] تاريخ بغداد 3/ 249.
[7] تاريخ بغداد 3/ 250.
[8] «أبو عبد الرحمن» ساقطة من ت.
[9] تاريخ بغداد 13/ 181- 183.(12/76)
بكر أحمد بْن علي بْن ثابت] الخطيب [1] قَالَ: حدثني الصوري، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الحاج، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن مُحَمَّد بن الحسين بن السندي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عمر بن الحسين [2] قَالَ: حَدَّثَنِي علي بن مُحَمَّد بن سليمان قَالَ:
قدم مؤمل بن إهاب الرملة، فاجتمع عليه أصحاب الحديث، وكان ذعرا متمنعا، فألحوا عليه فأمتنع أن يحدثهم فمضوا [3] بأجمعهم، وألفوا منهم فئتين فتقدموا إلى القاضي، وقالوا: إن [4] لَنَا عبدا خلاسيا [5] له علينا حق صحبة وتربية، وقد كان أدبنا فأحسن التأديب، وآلت بنا الحال إلى الإضاقة بحمل المحبرة [لطلب الحديث وإنا] [6] قد أردنا بيعه فامتنع علينا. فقال لهم السلطان: وكيف أعلم صحة ما ذكرتم؟ قالوا:
إن [7] معنا بالباب جماعة من جملة الأرباب، وطلاب [8] العلم، وثقات الناس. نكتفي بالنظر إليهم دون السؤال عنهم، وهم يعلمون ذلك فتأذن بوصولهم [إليك] [9] لتسمع منهم. فأدخلهم وسمع منهم مقالتهم ووجه خلف المؤمل بالشرط والأعوان يدعونه إلى السلطان فتعزز فجذبوه وجروه، فلما دخل عليه قال له: ما يكفيك [10] ما أنت فيه من الأباق، حتى تتعزز على السلطان [11] ، امضوا به إلى الحبس. فحبس مؤمل، وكان من
__________
[1] في الأصل: «أخبرنا الخطيب» .
[2] في الأصل: «حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الحسن السندي، حدثنا أحمد بن محمد بن عمر بن الحسين» .
وفي ت: «حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الحجاج قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عمر بن الحسن قال» .
[3] في ت: «فاجتمعوا» .
[4] «إن» ساقطة من ت.
[5] «خلاسيا» ساقطة من ت.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] «إن» ساقطة من ت.
[8] في ت: «من جملة الآثار وطلبة العلم» .
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في ت: «كفاك» .
[11] في ت: «سلطانك» .(12/77)
هيئته أنه أصفر طوال [1] ، خفيف اللحية، يشبه عبيد [أهل] [2] الحجاز، فلم يزل في حبسه أياما حتى علم جماعة من إخوانه، فصاروا إلى السلطان وقالوا: إن هذا مؤمل بن إهاب في حبسك مظلوم. فقال لهم [3] : ومن ظلمه؟ قالوا: أنت. قَالَ: ما أعرف من هذا شيئا، من مؤمل هذا [4] ؟ قالوا: الشيخ الَّذِي اجتمع عليه الجماعة [5] . قَالَ: ذاك العبد الآبق؟ فقالوا: ما هو بعبد أبق بل [6] هو إمام [7] من أئمة المسلمين في الحديث.
فأمر بإخراجه وسأله عن حاله، وصرفه وسأله أن يحله فلم ير مؤمل بعد ذلك متمنعا امتناعه الأول حتى لحق باللَّه تعالى [8] .
توفي مؤمل بالرملة في رجب هذه السنة.
__________
[1] في ت: «طويل» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «لهم» ساقطة من ت.
[4] «هذا» ساقطة من ت.
[5] في الأصل: «جماعة» .
[6] في الأصل: «ما هو بآبق» .
وفي ت: «إنما هو» .
[7] «إمام» ساقطة من ت.
[8] في ت: «باللَّه عز وجل» .(12/78)
ثم دخلت سنة خمس وخمسين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن المعتز جلس في دار العامة للمظالم، فعزل وولى وأمضى الأمور، وولى موسى بن بغا ديوان الجيش.
وولى سليمان بن عَبْد اللَّهِ بن طاهر شرطة بغداد والسواد، وذلك لست خلون من ربيع الآخر.
وفيها: أخذ صالح بن وصيف أَحْمَد بن إسرائيل، والحسن بن مخلد، وأبا نوح، وعيسى بن إبراهيم، فقيدهم [1] وطالبهم بأموال، وقبضت أملاكهم وضياعهم [2] ودورهم.
ولليلتين خلتا من رجب: ظهر عيسى بن جعفر، وعلي بن زيد الحسنيان بالمدينة، فقتلا بها عَبْد الله بن مُحَمَّد بن داود بن علي.
ولثلاث بقين من رجب خلع المعتز، وكان [3] السبب [أن الكتاب] [4] الذي ذكرنا أن صالح بن وصيف أخذهم لم يقروا [5] بشيء، فصار الأتراك إلى المعتز، وقالوا له:
__________
[1] في ت: «فقتلهم» .
[2] «وضياعهم» ساقطة من ت.
وانظر: تاريخ الطبري 9/ 387.
[3] «وكان» ساقطة من ت.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ت: «لم يعترفوا» .(12/79)
أعطنا أرزاقنا لنقتل لك صالح بن وصيف) فأرسل المعتز إلى أمه يسألها أن تعطيه مالا، فقالت: ما عندي شيء. ثم وجدوا بعد ذلك [1] في خزانتها ما يزيد على ألف ألف دينار، فلما لم يعطهم، ولا وجدوا في بيت المال شيئا اجتمعوا على خلع المعتز، فصاروا إليه [لثلاث بقين من رجب] [2] ثم بعثوا إليه: أخرج إلينا فبعث إليهم: إني [3] قد أخذت الدواء [4] وقد أضعفني، ولا أقدر على الكلام، فإن كان أمر لا بد منه، فليدخل إلي بعضكم، فليعلمني، فدخل إليه منهم جماعة فجروا برجله وقميصه مخرق، وآثار الدم على منكبيه، فأقاموه في الشمس في شدة الحر، فجعل يرفع قدما ويحط قدما من شدة الحر [5] ، ثم جعل بعضهم يلطمه ويقول: اخلعها. ثم أدخلوه حجرة وبعثوا إلى ابن أبي الشوارب فأحضروه [6] مع جماعة من أصحابه فقال صالح وأصحابه: اكتبوا عليه كتاب خلع. فكتب وشهدوا عليه وخرجوا.
ثم دفع بعد الخلع إلى من يعذبه، فمنعه الطعام والشراب ثلاثة أيام، ثم جصصوا سردابا بالجص الثخين، وأدخلوه فيه وأطبقوا عليه بابه، فأصبح ميتا، وولوا بعده المهتدي باللَّه [7] .
__________
[1] «بعد ذلك» ساقطة من ت.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «وإني» ساقطة من ت.
[4] في الأصل: «دواء» .
[5] «من شدة الحر» ساقطة من ت.
[6] «فأحضروه» ساقطة من ت.
[7] تاريخ الطبري 9/ 389، 390.(12/80)
باب خلافة المهتدي باللَّه
واسمه: مُحَمَّد بن هارون الواثق بن المعتصم، ويكنى: أبا إسحاق، ويقال: أبا عَبْد اللَّهِ.
ولد بالقاطول في ربيع الأول سنة تسع عشرة ومائتين [وكان منزله بسامراء] [1] وأمه أم ولد، يُقَالُ لها: قرب [2] .
وكان أسمر رقيقا أجلى، رحب الوجه، حسن اللحية، أشهل [3] العينين، عظيم البطن، عريض المنكبين، قصيرا، طويل اللحية، أشيب. بويع بعد المعتز، ولم يقبل المهتدي بيعة أحد حتى جيء بالمعتز فخلع نفسه وأخبر [4] عن عجزه عن القيام بما أسندوا [5] إليه من أمر الخلافة [6] ، ورغبته في تسليمها إلى المهتدي، ومد المعتز يده فبايع المهتدي، ثم بايعه خاصة الموالي.
وكان خلع المعتز نفسه يوم الاثنين لثلاث بقين من رجب سنة خمس وخمسين ومائتين، وبويع [7] المهتدي ليوم بقي من رجب، ودعي للمهتدي يوم الجمعة أول يوم من شعبان ولم يدع له ببغداد حتى قتل المعتز يوم السبت ليومين من شعبان [8] .
وكان المهتدي من أحسن الخلفاء [9] مذهبا، وأجملهم طريقة، وأظهرهم ورعا، وأكثرهم عبادة، وأسند الحديث [10] .
__________
[1] «وكان منزله بسامراء» ساقطة من الأصل.
[2] تاريخ الطبري 9/ 391) وتاريخ بغداد 3/ 349.
[3] في ت: «رقيقا أحنى حسن الوجه، أشهل» .
[4] في ت: «أخبره» .
[5] في ت: و «أسند» .
[6] «من أمر الخلافة» ساقطة من ت.
[7] في الأصل: «وبايع» .
[8] تاريخ بغداد 3/ 348.
[9] في الأصل: «الناس» .
[10] تاريخ بغداد 3/ 348.(12/81)
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد [قال:] أخبرنا [أحمد بْن علي بْن ثابت] [1] الخطيب قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ رِزْقٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ [2] بْنُ عَمْرِو بْنِ الْقَاضِي الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدَانَ الْمَرْوَزِيُّ [قَالَ:] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ [3] السَّرَخْسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُهْتَدِي باللَّه قَالَ [4] حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ [5] بْنِ طِبْرَاخٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْفَقِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ دَاوُدَ، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ [6] ، مَا لَنَا فِي هَذَا الأَمْرِ شَيْءٌ [7] ؟ قَالَ: «لِيَ النُّبُوَّةُ وَلَكُمُ الْخِلَافَةُ، بِكُمْ يُفْتَحُ هَذَا الأَمْرُ، وَبِكُمْ يُخْتَمُ» .
قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلّم لِلْعَبَّاسِ: «مَنْ أَحَبَّكَ نَالَتْهُ شَفَاعَتِي وَمَنْ أَبْغَضَكَ فَلا نَالَتْهُ شَفَاعَتِي» [8] .
ذكر طرف من سيرته [وأحواله] [9]
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّد [قَالَ:] أخبرنا أبو بكر [أحمد بن علي بن ثابت] [10] الخطيب قال: أخبرنا أحمد بن عمر بن روح [11] النهرواني [قال:] أخبرنا المعافى بن زكريا قال: حدثني بعض الشيوخ- ممن شاهد جماعة من العلماء وخالط كثيرا من الرؤساء- أن هاشم بن القاسم الهاشمي قَالَ: كنت جالسا [12] بحضرة المهتدي عشية من العشايا، فلما كادت الشمس تغرب وثبت [13] لأنصرف، وذلك في شهر رمضان، فقال لي: اجلس. فجلست فأذن المؤذن، وأقام [فتقدم] [14] وصلى المهتدي بنا [15] ، ثم ركع
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «أخبرنا أحمد بن عمرو) ..» .
[3] في ت: «عبد الله» .
[4] في ت: «المهتدي» بدون لفظ الجلالة.
[5] في الأصل بعد «المهتدي باللَّه» كتب:
«قدم علينا» زائدة.
[6] في ت: «ما لنا يا رسول الله» .
[7] «شيء» ساقطة من ت.
[8] تاريخ بغداد 3/ 348، 349.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] في الأصل: «بن نوح» .
[12] «جالسا» ساقطة من ت، وتاريخ بغداد.
[13] في ت: «قمت» .
[14] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[15] في ت: «فتقدم المهتدي وصلى بنا» .(12/82)
وركعنا. ودعى بالطعام، فأحضر طبق خلاف [1] عليه رغيف من الخبز النقي، وفيه آنية في بعضها [2] ملح، وفي بعضها خل، وفي بعضها زيت، فدعاني إلى الأكل فابتدأت [3] آكل معذرا ظانا أنه سيؤتى بطعام له نيقة، وفيه سعة. فنظر إلي وَقَالَ: ألم تكن صائما؟
قلت: بلى. قَالَ: أفلست عازما على صوم غد؟ قلت: كيف لا وهو شهر رمضان؟ فقال:
كل واستوف غداءك، فليس ها هنا من الطعام غير ما ترى. فعجبت من قوله، ثم قلت [والله لأخاطبنه في هذا المعنى، فقلت:] [4] ولم يا أمير المؤمنين، وقد أسبغ الله نعمته، وبسط قدرته [5] ورزقه؟ فقال: [إن] [6] الأمر لعلى ما وصفت والحمد للَّه، ولكني فكرت في [7] أنه كان في بني أمية عمر بن عبد العزيز، وكان من التقلل والتقشف على ما بلغك، فغرت على بني هاشم أن لا يكون في خلفائهم مثله، فأخذت نفسي بما رأيت [8] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ [بن محمد قال:] أخبرنا أَحْمَد بْن عَلي [قَالَ:] أَخْبَرَنَا عُبَيْد اللَّهِ بن أبي الفتح [قَالَ:] [9] أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن إبراهيم البزاز، حَدَّثَنَا إبراهيم بن مُحَمَّد بن عرفة، وذكر المهتدي فقال: حدثني بعض الهاشميين أنه وجد له سفط فيه جبة صوف، وكساء، وبرنس كان يلبسه بالليل ويصلي فيه، ويقول: أما يستحي [10] بنو العباس أن لا يكون فيهم مثل عمر بن عبد العزيز [11] ؟
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أَحْمَد أنه [12] كان قد اطّرح الملاهي، [وحرّم] [13] الغناء
__________
[1] الخلاف: نوع من الصفصاف تعمل من عيدانه الأطباق.
[2] في ت: «آنية حليف وعليه ملح» .
[3] في ت: «فبدأت» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «قدرته» ساقطة من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] «في» ساقطة من ت.
[8] تاريخ بغداد 3/ 349، 350.
[9] ما بين المعقوفتين بالسند ساقط من الأصل.
[10] في ت: «ألا يستحي» .
[11] تاريخ بغداد 3/ 350.
[12] «أخبرنا محمد بن أحمد أنه» ساقطة من ت، وكذلك غير موجودة في تاريخ بغداد.
[13] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/83)
والشرب، وحسم أصحاب السلطان عن الظلم، وكان شديد الإشراف على أمر الدواوين والخراج، فحبس نفسه في الحسبانات لا يخل [1] بالجلوس يوم الاثنين والخميس [والكتاب بين يديه] [2] .
[أَخْبَرَنَا عَبْد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال:] [3] أخبرنا عبد العزيز بن علي أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أَحْمَد [4] المفيد [5] ، حَدَّثَنَا أبو بشر الدولابي قَالَ:
أخبرني أبو موسى العباسي قَالَ: لم يزل المهتدي صائما منذ جلس للخلافة إلى أن قتل [6] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ [قال:] أخبرنا أحمد بن عَلِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الفتح [قَالَ:] أخبرني علي بن الحسن الجراحي [قَالَ:] حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أَحْمَد القراريطي قَالَ: قَالَ لي عمي عبد الله بن إبراهيم الإسكافي قَالَ: حضرت مجلس المهتدي باللَّه، وقد جلس للمظالم، فاستعداه رجل على ابن له، فأمر بإحضاره، فأحضر [7] وأقامه إلى جنب الرجل، فسأله عما ادعاه عليه فأقر بِهِ، فأمره بالخروج إليه من حقه، فكتب له بذلك كتابا، فلما فرغ قَالَ له الرجل: والله يا أمير المؤمنين ما أنت إلا كما قَالَ الشاعر:
حكمتموه فقضى بينكم ... أبلج مثل القمر الزاهر
لا يقبل الرشوة في حكمه ... ولا يبالي غبن الخاسر
فقال له المهتدي: أما أنت أيها الرجل فجزاك الله خيرا [8] ، وأما أنا فما جلست هذا المجلس حتى قرأت في المصحف وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ 21: 47
__________
[1] في الأصل: «لا يخليه» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «أحمد بن محمد» .
[5] «المفيد» ساقطة من ت.
[6] تاريخ بغداد 3/ 349.
[7] «فاحضر» ساقطة من ت.
[8] في ت: «فأحسن الله جزاءك على مقالتك» ) .(12/84)
نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ 21: 47 [1] فما رأيت باكيا أكثر من بكائه ذلك اليوم [2]
وفي هذه السنة: في سلخ رجب كان ببغداد شغب، ووثبت العامة بسليمان [3] بن عَبْد اللَّهِ بن طاهر صاحب الشرطة، وكان [4] السبب في ذلك [5] أن المهتدي كتب إلى [صاحب الشرطة] [6] سليمان أن يأخذ البيعة له ببغداد، فأحضر أبا أَحْمَد بن المتوكل فهجم العامة وهتفوا باسم أبي أَحْمَد، ودعوا إلى بيعته، وكانت فتنة قتل فيها قوم ثم سكنوا [7] .
وللنصف [8] من شوال [هذه السنة] : [9] ظهر في نواحي البصرة رجل زعم أنه علي بن مُحَمَّد بن أَحْمَد بْن على بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وكان يقول إن جده لأمه خرج مع زيد بن علي على هشام بن عبد الملك، وكان من أهل ورزنين، وكان عبادا يتكلم في علم النجوم، فربما كتب العوذ، فخرج في نفر [10] من الزنج، فأخذه مُحَمَّد بن أبي عون، فحبسه ثم أطلقه، فخرج في قراب [11] البصرة في مكان يُقَالُ له: برنجل، وجمع الزنج الذين كانوا يكتسحون السباخ فاستغواهم، ثم عبر دجلة ونزل الديناري، وكان هذا الرجل متصلا بقوم من أصحاب السلطان يمدحهم ويستميحهم بشعره، ثم خرج من سامراء سنة تسع وأربعين ومائتين
__________
[1] سورة: الأنبياء، الآية: 47.
[2] تاريخ بغداد 3/ 349.
[3] في ت: «على سليمان» .
[4] «وكان» ساقطة من ت.
[5] «في ذلك» ساقطة من ت.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] تاريخ الطبري 9/ 392، 393.
[8] في ت: «وفي النصف» .
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في ت: «في جماعة» .
[11] في ت: «قرأت» .(12/85)
إلى البحرين، وادعى أنه من ولد [1] علي بن أبي طالب، ودعا الناس إلى طاعته فتبعه جماعة، وأباه جماعة، فوقع بينهم قتال على ذلك، فانتقل عنهم إلى الإحساء فضوى [2] إلى حي من بني تميم وصحبه جماعة من أهل البحرين، ثم كان [3] ينتقل في البادية من حي إلى حي، ولم يزل أمره يقوى إلى سنة سبعين، وكان يقول: أوتيت آيات من آيات القرآن [4] إمامتي [5] منها، لقيت سورًا من القرآن لا أحفظها، فجرى بها لساني في ساعة واحدة، منها: سبحان، والكهف، وص [6] ، وألقيت نفسي على فراشي فجعلت أفكر [7] في الموضع الذي أقصد له، وأقيم فيه إذ نبت [8] بي البادية فأظلتني سحابة فبرقت ورعدت [9] ، وقيل لي: اقصد للبصرة فمضى إليها فقدمها في سنة أربع وخمسين [10] .
ونزل في بني ضبيعة، فاتبعه جماعة منهم علي بن أبان المهلبي، ووافق ذلك فتنة البصرة بالبلالية والسعدية، فرجا أن يتبعه منهم أحد فلم يتبعه، فهرب، وطلبه مُحَمَّد بن رجاء عامل السلطان بها، فلم يقدر عليه، فأتى بغداد فأقام بها، فاستمال [11] جماعة، فلما عزل مُحَمَّد بْن رجاء عن البصرة وثب رءوس [12] الفتنة من البلالية والسعدية، ففتحوا الحبوس [13] ، وأطلقوا من كان فيها فبلغه ذلك، فخرج إلى البصرة في رمضان سنة خمس وخمسين وأخذ حريرة [14] وكتب عليها: إِنَّ الله اشْتَرى من الْمُؤْمِنِينَ 9: 111
__________
[1] في ت: «أولاد» .
[2] «عنهم إلى الإحساء فضوى» ساقطة من ت.
[3] «كان» ساقطة من ت.
[4] «القرآن» ساقطة من ت.
[5] في ت: «أمانتي» .
[6] في ت: «والكهف وصار منها إني ... » .
[7] «أفكر» ساقطة من ت.
[8] في ت: «وكنت» .
[9] في ت: «فرعدت وبرقت» .
[10] تاريخ الطبري 9/ 410، 411.
[11] في ت: «واشمال» .
[12] في ت: «رؤساء» .
[13] في ت: «المحابس» .
[14] في ت: «جريرة» . وفي الأصل: «جريرة» .(12/86)
أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ 9: 111 [1] وكتب [اسمه و] [2] اسم أبيه وعلقها على [رأس] [3] مردي [4] ، وخرج [5] في السحر من ليلة السبت لليلتين بقيتا من شهر رمضان، فلقيه غلمان، فأمر بأخذهم، وكانوا خمسين غلاما، ثم صار إلى مكان آخر فأخذ منه خمس مائة غلام، ثم [صار] [6] إلى موضع آخر فأخذ منه مائة وخمسين غلاما، وجمع من الغلمان خلقا كثيرا، وقام فيهم خطيبا فمناهم ووعدهم أن يقودهم ويرأسهم ويملكهم، وَلَا يدع من الإحسان شيئا [7] إلا فعله لهم [8] ثم دعا مواليهم فقال: قد أردت ضرب أعناقكم لما كنتم تأتون إلى [9] هؤلاء الغلمان الذين استضعفتموهم وقهرتموهم وحملتوهم [10] ما لا يطيقون، فكلمني أصحابي فيكم [فرأيت إطلاقكم] [11] فقالوا: إن هؤلاء الغلمان أباق، فهم يتهربون منك، فخذ منا مالا وأطلقهم لنا. فأمر بهم فبطح كل قوم مولاهم، وضرب كل واحد خمسين سوطا وأحلفهم بطلاق نسائهم أن لا يعلموا أحدا بموضعه، وأطلقهم [12] .
ثم خرج حتى عبر دجيلا، واجتمع إليه السودان، فلما حضر [13] العيد ركز المردي الذي عليه لواؤه [14] وصلى بهم، وخطب للعيد، وذكر ما كانوا فيه من الشقاء، وأن الله
__________
[1] سورة: التوبة، الآية: 111.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] المردي: خشبة يدفع بها الملاح السفينة.
[5] في ت: «ثم خرج» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في ت: «لا يدع شيئا من الإحسان» .
[8] في ت: «معهم» .
[9] في ت: «ضرب أرقابكم بما آتيتم إلي» .
[10] في ت: «وكلفتموهم» .
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] تاريخ الطبري 9/ 413، 414.
[13] في ت: «فلما كان العيد» .
[14] في ت: «لواء» .
وفي الأصل: «لولوه» .(12/87)
سبحانه استنقذهم من ذلك، وأنه يريد أن يرفع أقدارهم ويملكهم العبيد والأموال والمنازل، ويبلغ بهم أعلى الأمر، ثم حلف لهم على ذلك، وكانوا جمعا كبيرا، وليس لهم إلا [1] ثلاثة أسياف وأهدي له فرس فلم يجد له سرجا ولا لجاما، فركبه بحبل وسنفه بليف [2] .
وما زال ينتقل من مكان إلى مكان ويأخذ ما يقدر عليه، وينتهب السلاح وغيره حتى صار لَهُ قوة، وخاف الموالي منه أن يردهم إلى مواليهم، فحلف لهم ويوثق من نفسه، وَقَالَ: ليحط بي منكم جماعة، فإن أحسوا مني غدرا فليقتلوني [3] . وأعلمهم أنه لم يخرج لعرض الدنيا بل غضبا للَّه عز وجل، ولما رأى من فساد الدين [4] .
وجاءه يهودي فسجد له وزعم أنه يجد صفته في التوراة.
ومر على قرية [5] فخالفوه، فانتهب منها مالا عظيما، وجوهرا كثيرا، وغلمانا ونسوة، وذلك أول سبي سباه، وما زال يعيث وينتهب فجاءه رجل [6] من أهل البصرة فسأله عن البلالية والسعدية، فقال: إنما جئت إليك برسالتهم يسألونك شروطا، فإن أعطيتهم إياها سمعوا لك وأطاعوا. فأعطاهم ما سألوا، وكان يحارب فله وعليه، إلى أن اجتمع عليه خلق [7] كثير من أهل البصرة، فقال اللَّهمّ إن هذه ساعة النصرة [8] فأعني.
فزعموا [9] أنه رأى طيورا بيضاء فأظلتهم [10] .
__________
[1] في ت: «إلا» .
[2] في الأصل: «وشقه بحبل ليف» .
والسناف: حبل يشد من التصدير إلى خلف الكركرة حتى يثبت التصدير.
[3] في ت: «فليفتكوا بي» وكذلك في الطبري.
[4] تاريخ الطبري 9/ 416- 419.
[5] في ت: «بقرية» .
[6] في ت: «فقدم عليه رجل» .
[7] في ت: «جمع» .
[8] في ت: «العسرة» .
[9] في ت: «فزعم» .
[10] في ت: «قد أظلت بجمع» .(12/88)
وكان سبب هزيمة أعدائه وقتلهم [1] ، فقوي عدو الله، ودخل رعبه في قلوب أهل البصرة، وكتبوا إلى السلطان يخبرونه خبره، فوجه جعلان التركي، ونزل الخبيث سبخة وأمر [2] أصحابه باتخاذ الأكواخ وبثهم في القرى يغيرون [3] .
وحج بالناس في هذه السنة علي بن الحسن بن إسماعيل بْن العباس بْن مُحَمَّد [4] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1566- أحمد بن عَبْد اللَّهِ بن أبي الغمر [5] عمر بن عَبْد الرَّحْمَنِ.
مولى بني سهم، يكنى: أبا جعفر، وكان ثقة، مقبولا عند القضاء.
توفي في ربيع الأول من هذه السنة.
1567- إبراهيم بن الحسين [6] بن ديزيل الهمداني [7] .
سمع من عفان [بن مسلم] [8] ، وكان كثير الطلب للحديث، منهمكا في كتابته.
قَالَ عَبْد اللَّهِ بن وهب الدينَوَريّ: كنا نذاكر إبراهيم بن الحسين بالحديث فيذاكرنا بالقمطر، وكان يذاكر بالحديث الواحد [9] فيقول عندي منه قمطر.
أَخْبَرَنَا إسماعيل بن أَحْمَد السمرقندي قَالَ: سمعت أبا القاسم يوسف بن الحسن
__________
[1] «وقتلهم» ساقطة من ت.
[2] في ت: «وأخذ» .
[3] في ت: «يفرون» .
وانظر الطبري 9/ 437.
[4] تاريخ الطبري 9/ 437.
[5] في ت: «بن أبي العمر» .
[6] في ت: «بن الحسن» .
[7] تذكرة الحفاظ 2/ 608- 610. ترجمة رقم 633.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في ت: «بحديث واحد» .(12/89)
اليفكري يقول: سمعت أبا علي الحسن بن علي بن بندار الزنجاني يقول: قَالَ إبراهيم بن الحسين بن ديزيل الهمذاني: كتبت في بعض الليالي الحديث، فجلست كثيرا، وكتبت ما لا أحصيه حتى أعييت، ثم خرجت أتأمل السماء، فكان أول الليل، فأتممت حزبي، وأصبحت وصلينا الصبح، ثم حضرت باب حانوت تاجر، وكان هو ذا [1] يكتب حسابا، ويؤرخه بيوم السبت، فقلت: سبحان اللَّه، أليس اليوم يوم الجمعة؟ فضحك وَقَالَ: لعلك لم تحضر أمس الجامع، فراجعت نفسي، فإذا أَنَا قد كتبت ليلتين ويوما.
1568- إسماعيل بن يوسف، أبو علي الديلمي [2]
كان أحد العباد الورعين والزهاد [المتقللين] [3] ، وكان حافظا للحديث بصيرا [به] [4] ، ثقة في روايته. جالس أَحْمَد بن حنبل ومن بعده من الحفاظ، وحدث عن مجاهد بن موسى. روى عنه: الْعَبَّاس بن يوسف الشكلي.
أَخْبَرَنَا القزاز [قَالَ:] أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن علي أبو بكر بن ثابت قَالَ: أخبرني الجوهري [قَالَ:] أخبرني مُحَمَّد بن العباس [قَالَ:] حَدَّثَنَا أبو الحسين بن المنادي قَالَ:
وإسماعيل الديلمي كان من خيار الناس وذكر [لي] أنه [كان] [5] يحفظ أربعين ألف حديث، قالوا: وكان يعبر إلى الجانب الشرقي قاصدا مُحَمَّد [6] بن أشكاب [الْحَافِظ] [7] فيذاكره بالمسند، وكان إسماعيل من أشهر الناس [8] بالزهد والورع والتميز
__________
[1] «هو ذا» ساقطة من ت.
[2] تاريخ بغداد 6/ 274- 276.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ت: «الجانب الشرقي يذاكر أحمد ... » .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] بعد هذا في الأصل زيادة: «وكان من» .(12/90)
بالصون، وأما مكسبه [1] فكان من المساهرة في الأرجاء [2] .
أَخْبَرَنَا القزاز [قَالَ:] أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن علي [قَالَ:] أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن عمر النهرواني [قال:] حدثنا المعافى بن زكريا [قال:] حدثنا مُحَمَّد بن مخلد العطار [قَالَ:] حَدَّثَنَا حامد بن مُحَمَّد بن الحَكَم [قَالَ] [3] حَدَّثَنَا كردان قَالَ: قَالَ إسماعيل الديلمي:
اشتهيت حلواء وأبلغت شهوته [4] إلي، فخرجت من المسجد بالليل لأبول [5] فإذا [على] جنبتي الطريق أخاذين حلواء، فنوديت: يا إسماعيل، هذا الذي اشتهيت، وإن تركته خير [6] لك. فتركته [7] :
قال ابن مخلد: قد كتبت أنا [8] عن كردان: كان يكون بقنطرة بني زريق، وقد [9] رأيت إسماعيل الدَّيْلَميّ هذا من خيار المسلمين [، وكان ما شئت من رجل، رأيته عند أبي جعفر بن إشكاب. قَالَ المعافى إسماعيل الديلمي كان من خيار المسلمين] [10] والناس يزورون قبره وراء قبر معروف الكَرْخي، بينهما قبور يسيرة، وحدثني بعض شيوخنا أنه كان حافظا للحديث كثير السماع، وإنه كان يذاكر بسبعين ألف حديث [11] .
1569- سهل بن مُحَمَّد أبو حاتم السجستاني [12] .
كان عالما باللغة والشعر، كثير الرواية عن أبي زيد، وأبي عبيدة، قرأ كتاب
__________
[1] في الأصل، ت: «مسكنه» .
[2] تاريخ بغداد 6/ 275.
[3] ما بين المعقوفتين في السند ساقط من الأصل.
[4] في ت: «شهرته» .
[5] في ت: «لا يزال» .
[6] في ت: «وإن تركته كان خيرا لك» .
[7] تاريخ بغداد 6/ 275، 276.
[8] في ت: «لنا» .
[9] في ت: «وقال» .
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] تاريخ بغداد 6/ 276.
[12] تهذيب الكمال ترجمة 556. وتهذيب التهذيب 4/ 257. والتقريب 1/ 337 والجرح والتعديل 4/ 204. والأنساب 7/ 86.(12/91)
سيبويه على الأخفش مرتين، وكان حسن العلم بالفروض، وإخراج المعمى [1] ، وله شعر جيد، وعليه يعتمد ابن دريد في اللغة.
توفي فِي هذه السنة.
1570- عَبْد اللَّهِ [2] بن عَبْد الرَّحْمَنِ بن الفضل بن بهرام بن عبد الصمد، أبو مُحَمَّد السَّمَرْقَنْديّ الدارمي [3] .
من بني دارم بن مالك بن حنظلة، ولد سنة إحدى وثمانين ومائة، رحل في طلب الحديث، وسمع من أبي نعيم [4] ، والحميدي، وأبي اليمان، وغيرهم. [وبرع في علم الحديث] [5] وحفظ وأتقن، وجمع الثقة، والصدق [6] ، والورع، والعفاف، والزهد، والعقل الكامل. وألح عليه السلطان في قضاء سمرقند فتقلده، وقضى قضية واحدة ثم استعفى فأعفي. وصنف «المسند» و «التفسير» و «الجامع» . وحدث عَنْهُ: بندار، ومسلم بن الحجاج، والترمذي وغيرهم.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ [قَالَ] أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ [أَحْمَدُ بْنُ علي] الخطيب قال: أخبرني محمد بن أَحْمَد بن يعقوب [ح] .
وأنبأنا زاهر بْن طاهر [قَالَ:] أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن الحسين البيهقي [قَالَ] [7] أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد اللَّهِ النيسابوري، قَالَ: سمعت أبا بكر مُحَمَّد بن مُحَمَّد [8] بن يوسف الفقيه يقول:
__________
[1] في ت: «المعنى» .
[2] في ت: «عبيد الله» .
[3] تاريخ بغداد 10/ 29- 32.
[4] في الأصل: «ابن أبي نعيم» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في الأصل: «الفقه والصدق» .
وفي ت: «الثقة والحذق» .
[7] ما بين المعقوفتين في السند ساقط من الأصل.
[8] «بن محمد» ساقطة من ت.(12/92)
سَمِعْتُ أبا القاسم عمرو بن مُحَمَّد الأنصاري يقول: سمعت أبا الفضل مُحَمَّد بن إبراهيم يقول [1] :
كنت عند أَحْمَد بن حنبل فذكر عَبْد اللَّهِ [2] بن عَبْد الرَّحْمَنِ، فقال: ذلك السيد [ثم قَالَ أَحْمَد:] [3] عرض علي الكفر فلم أقبل [4] وعرضت [5] عليه الدنيا فلم يقبل [6] .
توفي يوم عرفة وكان يوم الجمعة من هذه السنة، وهو ابن خمس وسبعين [7] سنة، وقيل توفي سنة خمسين، ولا يصح [8] .
1571- عبيد بن [9] مُحَمَّد بن القاسم [أبو مُحَمَّد الوراق] [10] النيسابوري [11] .
سكن بغداد [12] وحدث بها عن أبي النفر هاشم [13] بن القاسم، وبشر الحافي.
روى عنه: ابن أبي الدُّنَيا، والباغندي. وكان ثقة. وتوفي في هذه السنة.
1572- عمرو بن بحر بن محبوب، أبو عثمان الجاحظ البصري [14] .
كان جده أسود جمالا، وكان هو من متكلمي المعتزلة، وهو تلميذ أبي إسحاق
__________
[1] «سَمِعْتُ أبا القاسم عمرو بن مُحَمَّد الأنصاري يقول: سمعت أبا الفضل مُحَمَّد بن إبراهيم يقول:» ساقطة من ت.
[2] في ت: «فذكروا عبد الرحمن» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في الأصل، ت: «فلم يقبل» .
[5] في تاريخ بغداد «وعرض» .
[6] تاريخ بغداد 10/ 30، 31.
[7] في ت: «وتسعين» .
[8] انظر تاريخ بغداد 10/ 32.
[9] في ت: «عبيد الله» .
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] تاريخ بغداد 11/ 97.
[12] «بغداد» ساقطة من ت.
[13] في الأصل: «النظر بن هشام» .
[14] تاريخ بغداد 12/ 212- 220.(12/93)
النظام، والناس يعجبون بتصانيفه زائدا في الحد، وليس الأمر كذلك، بل له جيد ورديء.
حَدَّثَنَا أبو منصور عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّد [1] أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي [الخطيب قال:] [2] أخبرنا الحسن [3] بن محمد الخلال [قَالَ:] حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد [4] بْن عمران [قال:] حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يحيى النديم، حَدَّثَنَا [5] يموت بن المزرع [6] قَالَ:
قَالَ لنا عمرو بن بحر الجاحظ: ما غلبني قط إلا رجل وامرأة.
فأما الرجل: فإني كنت مجتازا في بعض الطرق [7] ، فإذا أنا برجل قصير بطين [8] . كبير الهامة، طويل اللحية، متزر بمئزر، وبيده مشط يسقي [به] [9] شقه ويمشطها به، فقلت في نفسي: رجل قصير بطين ألحى فاستزريته [10] ، فقلت: [أيها] [11] الشيخ، قد قلت فيك شعرا. فترك المشط من يده، وَقَالَ: قل. فقلت:
كأنك صعوة في أصل حش ... أصاب الحش طش بعد رش
فقال لي: اسمع جواب ما قلت. فقلت: هات. فقال [12] :
كأنك كندب في ذنب كبش ... مدلدلة وذاك الكبش يمشي [13] .
__________
[1] في ت: «أخبرنا القزاز قال» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقطة من الأصل.
[3] في الأصل: «الحسين» .
[4] في الأصل: «محمد بن أحمد» .
[5] في ت: «وحدثنا» .
[6] في الأصل: «طوق بن المزروع» .
[7] في ت: «في بعض الطريق» .
[8] «بطين» ساقطة من ت.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] كتبت في الأصل بدون نقط.
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] «فقال» ساقطة من ت.
[13] في تاريخ بغداد: «تدلدل هكذا والكبش يمشي» .(12/94)
وأما المرأة: فإني كنت مجتازا في بعض الطرقات، فإذا أنا بامرأتين، وكنت راكبا على حمارة، فضرطت الحمارة، فقالت إحداهما للأخرى: وي، حمارة الشيخ تضرط. فغاظني قولها فأعننت [1] ثم قلت لهما: إنه ما حملتني أنثى قط [2] إلا وضرطت. فضربت يدها على كتف الأخرى وقالت: [لقد] [3] كانت أم هذا منه في جهد جهيد [4] تسعة أشهر [5] .
أَخْبَرَنَا [أَبُو] مَنْصُورٍ [6] الْقَزَّازُ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أحمد بن علي [بن ثابت] [7] قَالَ:
أَخْبَرَنَا الصيمري [قَالَ:] أَخْبَرَنَا المرزباني [قَالَ:] أَخْبَرَنَا [أبو بكر] [8] الجرجاني، حَدَّثَنَا المبرد قَالَ: دخلت على الجاحظ في آخر أيامه [9] ، وهو عليل، فقلت له [10] :
كيف أنت؟ قَالَ: [11] كيف يكون من نصفه مفلوج، فلو نشر بالمناشير ما أحس به، ونصفه الآخر منقرس، فلو طارت الذبابة [12] بقربه لآلمته، والآفة فِي جميع هذا أني جزت التسعين [13] ، ثم أنشدنا [يقول] [14] :
أترجو أن تكون وأنت شيخ ... كما قد كنت أيام الشباب
__________
[1] «فأعننت» ساقطة من ت.
[2] «قط» ساقطة من ت.
[3] ما بين المعقوفتين ساقطة من الأصل.
[4] في ت: «تسعة أشهر في جهد جهيد» .
[5] تاريخ بغداد 12/ 216.
[6] في ت: «أخبرنا القزاز» .
وفي الأصل: «أخبرنا منصور القزاز» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي ت: «أخبرنا أبو بكر بن ثابت» .
[8] ما بين المعقوفتين في السند ساقط من الأصل.
[9] «في آخر أيامه» ساقطة من ت.
[10] «له» ساقطة من ت.
[11] في ت: «كيف نجدك فقال» .
[12] في ت وتاريخ بغداد: «فلو طار الذباب بقربة لآلمه» .
[13] في ت: «السبعين» .
[14] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/95)
لقد كذبتك نفسك لبس ثوب ... دريس كالجديد [1] من الثياب [2]
توفي الجاحظ في محرم هذه السنة.
1573-[مُحَمَّد] [3] المعتز باللَّه بن المتوكل على الله [4] :
خلعوه وحبسوه [5] ومنعوه الطعام [والشراب] [6] حتى مات على ما سبق في الحوادث، وذلك لليلتين خلتا من شعبان هذه السنة، فبقي في الولاية أربع سنين وثمانية [7] أشهر وثلاثة وعشرين يوما. وقيل: ثلاث سنين وستة أشهر، وثلاثة عشر يوما [8] . وكان عمره أربعة وعشرين سنة.
1574- الفضل بن سهل بن إبراهيم بن العباس الأعرج [9] .
مولى بني هاشم، سمع حسينا الجعفي، وشبابة. روى عنه: البخاري، ومسلم في الصحيحين، وكان شديد الذكاء والفطنة، من الثقات الأخيار.
توفي في صفر من [10] هذه السنة.
1575- مُحَمَّد بن عبد الرحيم بن أبي زهير، أبو يحيى البزار [11] .
يعرف بصاعقة، وإنما سمي صاعقة لأنه كان جيد الحفظ. [ولد سنة خمس وثمانين ومائة، وأصله فارسي] [12] .
__________
[1] في الأصل: «ثوب جديد كالدريس» .
[2] تاريخ بغداد 12/ 219.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] الكامل لابن الأثير 7/ 32، 37. والطبري 11/ 69- 81. وتاريخ اليعقوبي 3/ 217. والأغاني 9/ 300. وتاريخ بغداد 2/ 119. ومروج الذهب 2/ 311- 319. وفوات الوفيات 2/ 184.
[5] «وحبسوه» ساقطة من ت.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في ت: «وستة» .
[8] «وقيل: ثلاث سنين وستة أشهر وثلاثة عشر يوما» . ساقطة من ت.
[9] تاريخ بغداد 12/ 364، 365.
[10] «صفر من» ساقطة من ت.
[11] تاريخ بغداد 2/ 363، 364.
[12] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/96)
سمع عَبْد اللَّهِ بن موسى وعبد الوهاب بن عطاء [1] وأسود بن عامر، وقبيصة، وغيرهم. وكان عالما حافظا متقنا ضابطا [ثقة] [2] حدث عنه البخاري في صحيحه وغيره. وتوفي في شعبان هذه السنة وله سبعون سنة.
1576- مُحَمَّد بن كرام، أبو عَبْد اللَّهِ السجزي [3] .
ولد بقرية من قرى [4] زريح، ونشأ بسجستان، ثم دخل بلاد خراسان، وسمع الحديث، وأكثر الرواية عن أحمد بن عبد الله الجويباري، ومحمد بن تميم الفاريابي، وكانا كذابين، وقد صرح في كتبه بأن الله جسم [تعالى عن ذلك] [5] ومن مذهب الكرامية: أن الله سبحانه مماس لعرشه، وأن ذاته محل للحوادث، [في هذيانات] [6] ، فلا هو سكت سكوت الزاهدين، ولا تفلق بكلام المتكلمين.
وذكره أبو حاتم بن حبان الْحَافِظ [7] في كتاب «المجروحين» فقال: كأنه خذل حتى التقط من المذاهب أردأها، ومن الأحاديث أوهاها [8] ثم جالس الجويباري، ومحمد بن تميم [9] ، ولعلهما [قد] [10] وضعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى [11] الصحابة والتابعين مائة ألف حديث، ثم جالس أَحْمَد [12] بن حرب الأصفهاني بنيسابور، فأخذ عنه التقشف، ولم يكن يحسن العلم، ولا الأدب، أكثر كتبه المصنفة صنّفها له
__________
[1] في ت: «سمع عبد الوهاب بن عطاء، وعبد الله بن موسى» .
وفي الأصل: «سمع عبد الله بن موسى وعبد الله به عطاء» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ميزان الاعتدال 4/ 21.
[4] في ت: «من قرية من قرى» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] «الحافظ» ساقطة من ت.
[8] الميزان 4/ 21.
[9] في ت: «نعيم» .
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] «وعلى» ساقطة من ت.
[12] في ت: «محمد بن حرب» .(12/97)
مأمون بن أَحْمَد السلمي، وكان تلميذه.
وذكره أبو عَبْد اللَّهِ الحاكم فقال: جاور بمكة خمس سنين، ثم انصرف إلى سجستان، فباع ما كَانَ يملكه بمال وانصرف إلى نيسابور، فحبسه [مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ بن] طاهر [1] ، فلما أطلقه خرج إلى ثغور الشام، ثم عاد إلى نيسابور فحبسه مُحَمَّد بن [عَبْد اللَّهِ بن] [2] طاهر، وطالت محنته، وكان يغتسل كل جمعة، ويتأهب للخروج إلى الجامع، ثم يقول: للسجان: أتأذن لي في الخروج؟ فيقول: لا، فيقول:
اللَّهمّ إنك تعلم أني بذلت مجهودي، والمنع من غيري. ومكث بنيسابور أربع عشرة سنة، ثمانية منها في السجن، وكان يلبس في أول أمره [3] مسك ضان مدبوغ غير مخيط، وكان [4] عَلَى رأسه قلنسوة بيضاء، ويجلس فيعظ ويذكر.
خرج من نيسابور في شوال سنة إحدى وخمسين [ومائتين] [5] ، وتوفي ببيت المقدس في صفر سنة خمس وخمسين [6] ودفن بباب أريحاء بقرب يحيى بن زكريا عليهما السلام وكان [7] أصحابه ببيت المقدس نحو عشرين ألفا.
1577- مُحَمَّد بن عمران بن زياد [8] بن كثير أبو جعفر الضبي النحوي الكوفي [9] .
مؤدب عَبْد اللَّهِ بن المعتز، حدث عن أبي نعيم، وأحمد بن حنبل، وغيرهما.
وكان الغالب عليه الأخبار وما يتعلق بالأدب، وكان ثقة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ [الْقَزَّازِ قَالَ:] أخبرنا أبو بكر [10] بن علي بن ثابت
__________
[1] في الأصل: «طاهر بن عبد الله» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ت: «وكان في أول أمره يلبس» .
[4] «وكان» ساقطة من ت.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] «وتوفي ببيت المقدس في صفر سنة خمس وخمسين» ، ساقطة من ت.
[7] في ت: «وتوفي» .
[8] في الأصل: «محمد بن زياد بن عمران» .
[9] تاريخ بغداد 3/ 132، 133.
[10] في ت: «أبو أحمد» .(12/98)
[قَالَ:] أَخْبَرَنَا علي بن المحسن القاضي، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن عَبْد اللَّهِ الدوري، حَدَّثَنَا [1] أَحْمَد بن عبد العزيز الجوهري قَالَ: كان مُحَمَّد بن عمران الضبي على اختيار [2] القضاة للمعتز فاجتمع إليه القضاة والفقهاء، وكان الضبي قبل ذلك معلما، فنعس، ثم رفع رأسه فقال: تهجوا [3] . قَالَ الجوهري: وكان شيخا طوالا [4] يحفظ حديثا عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان يحفظ الأخبار والملح [5] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ مُحَمَّدٍ] [6] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي أخبرنا محمد بن [7] علي بن يعقوب القاضي [قَالَ:] أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن جعفر التميمي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن أبي السري [8] قَالَ: قَالَ لي ابن عرابة المؤدب: حكى لي مُحَمَّد بن عمر الضبي أنه حفظ ابن المعتز- وهو يؤدبه- النازعات، وقَالَ له: إذا سألك أمير المؤمنين أبوك: في أي شيء أنت؟ فقل: أنا في السورة التي تلي عبس، ولا تقل أنا في [9] النازعات. فسأله أبوه: في أي شيء أنت؟ فقال: أنا [10] في السورة التي تلي عبس. فقال له: من علمك هذا؟ قَالَ:
مؤدبي. فأمر له بعشرة آلاف درهم [11] .
__________
[1] في ت: «أخبرنا» .
[2] في الأصل بدون نقط.
[3] في ت: «يهجوا» .
[4] في الأصل: «حلوا» .
[5] تاريخ بغداد 3/ 133.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] «محمد بن» ساقطة من ت.
[8] في تاريخ بغداد: «بن السري» .
[9] «أنا» ساقطة من ت.
[10] «أنا» ساقطة من ت.
[11] تاريخ بغداد 3/ 133.(12/99)
ثم دخلت سنة ست وخمسين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن موسى بن بغا دخل سامراء يوم الاثنين لإحدى عشرة ليلة خلت من المحرم، والمهتدي [يومئذ] [1] قد جلس للمظالم، فأقاموه عن مكانه وحملوه على دابة من دواب الشاكرية، وانتهبوا ما كان في الجوسق من دواب الخاصة، فأدخلوه دارا، فجعل المهتدي يقول لموسى: ما تريد؟ ويحك [2] ، اتق الله عز وجل [3] ، فإنك تركب أمرا عظيما. فقال موسى: ما نريد إلا خيرا. فأخذوا عَلَيْهِ العهود والمواثيق أنه لا يمالي صالحا عليهم، ولا يضمر لهم إلا مثل ما يظهر ففعل ذلك، فجددوا له البيعة ليلة الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة خلت من المحرم. وأصبحوا يَوْم الثلاثاء، فوجهوا إلى صالح أن يحضرهم، فوعدهم أن يحضر [4] ، ثم استتر، فأظهر النداء عَلَيْهِ [5] ، ثم قتل لثمان بقين من صفر [6] .
وولى [7] سليمان بن عَبْد اللَّهِ بن طاهر بغداد والسواد، ووجّه إليه بخلع
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «ويحك، ما تريد» .
[3] «عز وجل» ساقطة من ت.
[4] «أن يحضر» ساقطة من ت.
[5] «عليه» ساقطة من ت.
[6] تاريخ الطبري 9/ 438، 439.
[7] في الأصل: «وولى عليهم» .(12/100)
كثيرة، وكان الأتراك قد تحدثوا بخلع المهتدي [فبلغه] [1] ، فخرج إليهم متقلدا سيفا وَقَالَ: قد بلغني ما أنتم عليه من أمر، والله ما خرجت إليكم إلا وأنا متخبط وقد أوصيت لإخوتي [2] بولدي، وهذا سيفي، والله لأضربن به [3] ما استمسك قائمه في يدي، ما هذا الإقدام على الخلفاء والجرأة على الله عز وجل، سواء عندكم من أراد صلاحكم ومن إذا سمع عنكم بشيء دعا بأرطال من الشراب فشربها، ثم تقولون إني أعلم علم صالح وما أعلم علمه [4] . قالوا: فأحلف لنا على ذلك. قَالَ: نعم. فورد [5] مال فارس والأهواز ومبلغه تسعة عشر ألف [ألف] [6] درهم وخمس مائة ألف درهم، فانتشر في العامة [أن القوم قد عرفوا] [7] أن يخلعوا المهتدي ويقتلونه، فبعث المهتدي [8] إلى العسكر ووعدهم الجميل، وكان المهتدي قد كسر جميع ما في القصر من الملاهي وآلات اللعب.
وفي هذه السنة: وافى جعلان لحرب صاحب الزنج، فزحف بعسكره، فبقي بينه وبين صاحب الزنج فرسخ فخندق [9] على نفسه، فأقام ستة أشهر، ولم يجد إلى لقائه سبيلا لضيق الموضع بما فيه من النخل والدغل عن محال الخيل، فكانوا إذا التقوا لم يكن بينهم إلا الرمي [10] بالنشاب والحجارة، فجاء الزنج فبيتوا عسكر جعلان فقتلوا جماعة، فترك جعلان عسكره، وانضم إلى البصرة، فظهر للسلطان عجزه، فصرف [11] ، وأمر سعيد الحاجب بالشخوص لحرب الزنج.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «إلى إخوتي» .
[3] «به» ساقطة من ت.
[4] في ت: «عليه» .
[5] في ت: «وورد» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] «ويقتلونه، فبعث المهتدي» ساقطة من ت.
[9] في ت: «فحقدق» .
[10] في ت: «رمي» .
[11] في الأصل: «وانصرف» .(12/101)
وفي هذه السنة: تحول صاحب الزنج من السبخة التي كان نزلها [1] إلى الجانب الغربي من النهر المعروف [بأبي] الخصيب، وأخذ أربعة وعشرين مركبا من مراكب البحر كانت قد اجتمعت تريد البصرة، وكان يقول لأصحابه: لما بلغني قرب المراكب مني [2] نهضت للصلاة [3] ، وأخذت في الدُّعَاء والتضرع، فخوطبت بأن قيل لي: قد أظلك فتح عظيم. فالتفت فطلعت المراكب، فحواها أصحابي، وقتلوا مقاتليها وسبوا ما فيها من الرقيق، وغنموا منها أموالا عظيمة [4] .
وفي هذه السنة: خلع المهتدي باللَّه لأربع عشرة خلت من رجب، وقتل، وفي سبب خلعه [5] قولان:
أحدهما: أنه كتب إلى بعض الأتراك أن يقتل بعضهم فأطلع المأمور ذلك الرجل على هذا، وقَالَ له: إذا قتلتك اليوم قتلت أنا غدا. قَالَ: فما نصنع؟ قَالَ: ندير على المهتدي [6] ، فقدم [7] ذلك المأمور على المهتدي، فقال له: ألم آمرك بقتل من أمرتك بقتله؟ فتعلل [عليه] [8] فأمر بقتله فقتل ورمى رأسه إلى أصحابه، ووقع القتال بين الناس، وخرج المهتدي يقاتل ويقول: يا معشر الناس، انصروا خليفتكم. فآل الأمر إلى أن قتلوه.
والقول الثاني: أنه كان قد كتب رقعة بخطه: أنه متى غدر بهم أو اغتالهم فهم في حل من بيعته، ولما كتب إلى بعضهم أن يقتل بعضا استحلوا نقض بيعته، ودعوه إلى خلع نفسه، فأبى، فخلعوا أصابع يديه من كفيه، وأصابع رجليه من قدميه، فورم ومات.
ويقال: [9] عذبوه بفنون العذاب، وأشهدوا على موته، وبايعوا المعتمد [10] .
__________
[1] في ت: «تولها» .
[2] «مني» ساقطة من ت.
[3] في ت: «إلى الصلاة» .
[4] تاريخ الطبري 9/ 470، 471.
[5] في ت: «وسبب ذلك فيه» .
[6] «قَالَ: فما نصنع؟ قَالَ: ندير على المهتدي» ساقطة من ت.
[7] في ت: «فدخل» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في ت: «وقيل» .
[10] تاريخ الطبري 9/ 456- 469.(12/102)
باب ذكر خلافة المعتمد على الله عز وجل [1]
واسمه: أَحْمَد بن جعفر المتوكل [على الله] [2] بن المعتصم بن الرشيد، ويكنى أبا العباس. ولد بسامراء سنة تسع وعشرين ومائتين [في أولها] [3] ، وأمه أم ولد رومية، يُقَالُ لها: فتيان، وكان أسمر رقيق اللون أعين خفيفا، لطيف [4] اللحية جميلا، بويع يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة بقيت من رجب هذه السنة، فولى الوزارة عَبْد اللَّهِ بن يحيى بن خاقان.
وللمعتمد أشعار حسان منها قوله [5] .
طال والله عذابي واهتمامي واكتئابي ... بغزال من بني الأصفر لا يغنيه ما بي
أنا مغرى بهواه وهو مغرى بعذابي ... فإذا ما قلت صلني كان لا منه جوابي
وله:
عجل الحب بفرقه فبقلبي منه حرقة ... ما لك بالحب رقي وأنا أملك رقه
إنما يستروح الصبّ إذا أظهر عشقه
__________
[1] «عز وجل» ساقطة من ت.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «لطيف» ساقطة من ت.
[5] في ت: «فمنها» ، و «قوله» ساقطة من ت.(12/103)
ذكر طرف من سيرته
أَخْبَرَنَا [مُحَمَّدُ] بْنُ نَاصِرٍ [قَالَ:] [1] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبُسَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شِهَابٍ [2] ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ [قَالَ:] حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَسْكَرِيُّ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ الْمُعْتَمِدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِسَامَرَّاءَ فِي رَمَضَانَ، فلما أمسينا دَعَا بِتَمْرٍ فَأَفْطَرَ عَلَى تَمْرَةٍ، ثُمَّ نَاوَلَ مَنْ حَضَرَ تَمْرَةً تَمْرَةً، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَني أَبِي [قَالَ:] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رُطَبَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَتَمَرَاتٌ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ تَمَرَاتٍ [3] حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ. ثم قَالَ: سمعت أبي يقول: سمعت أَحْمَد بن حنبل يقول: حَدَّثَنَا عبد الرزاق، عن معمر، عن وهب بن منبه قَالَ: إن الصائم يزيغ بصره، فإذا أفطر على الحلاوة رجع إليه بصره.
وروى أبو بكر الصولي قَالَ: حدثني أَحْمَد بن يزيد المهلبي قَالَ: حدثني أبي قَالَ: كنا مرة [4] بين يدي المعتمد، فجعل يخفق نعاسا، وَقَالَ: لا يبرحن أحد. ثم نام مقدار نصف ساعة، [5] وانتبه فقال: احضروني من الحبس رجلا يعرف بمنصور الحمال، فأحضر، فقال: منذ [6] كم أنت محبوس؟ فقال: منذ ثلاث سنين. قَالَ:
فأصدقني عن خبرك؟ قَالَ: أنا رجل من أهل الموصل، كان لي جمل أحمل عَلَيْهِ وأعود بكراه على عائلتي، فضاق بالموصل المكسب [7] ، فقلت: أخرج إلى سامراء، فإن العمل فيها [8] كثير، فخرجت، فلما قربت منها إذا جماعة من الجند قد ظفروا بقوم
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ت: «بن شاهين» .
[3] «تمرات» ساقطة من ت.
[4] في ت: «ليلة» .
[5] في ت: «ثم انتبه» .
[6] في ت: «من كم» .
[7] في ت: «فضاق المكسب بالموصل» .
[8] في ت: «العمل ثم كثير» .(12/104)
يقطعون الطريق قد كتب صاحب البريد بعددهم، وكانوا عشرة، فأعطاهم واحد من العشرة مالا على أن يطلقوه، فأطلقوه وأخذوني مكانه، وأخذوا جملي، فسألتهم باللَّه وعرفتهم خبري، فأبوا وحبسوني، فمات بعض القوم، وأطلق بعضهم، وبقيت وحدي.
فقال المعتمد: أحضروني خمس مائة دينار. فجاءوا بها. فقال: ادفعوها [1] إليه [قَالَ:] فأخذها، وأجرى عليه ثلاثين دينارا في كُلّ شهر، وَقَالَ: اجعلوا أمر جمالنا [2] إليه، ثم أقبل علينا، وَقَالَ: رأيت الساعة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي: يَا أَحْمَد، وجه الساعة إلى الحبس فأخرج منصور الجمال وأحسن إليه فإنه مظلوم [3] . ففعلت ما رأيتم، ثم نام من وقته فانصرفنا.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي [قَالَ:] أَخْبَرَنَا أبو القاسم عَلِي بْن المحسن التنوخي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ، حدثني أبو مُحَمَّد الصلحي قَالَ: حَدَّثَنَا أبو علي الكاتب الأترحي قَالَ: حدثني أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّهِ بن أَحْمَد بن حمدان قَالَ:
انصرف جلساء المعتمد على الله ليلة [4] عنه وانصرفت إلى حجرة مرسومة لي [5] في الدار اختص بِهَا، فلما انتصف الليل وأنا نائم إذا أنا بالخدم [6] يدقون باب حجرتي ويوقظونني بشدة، فانزعجت فقالوا [7] : أجب أمير المؤمنين. فأجبت وأنا مذعور، وقلت: إنا للَّه بلاء تجدد، فلما صرت بحضرته قائما لم يستجلسني وَقَالَ: يا غلام صاحب الشرطة، الساعة قمت فزعا. فحضر فقال لَهُ: في حبسك رجل يُقَالُ له [8] فلان بن فلان الجمال. فقال له: نعم. قَالَ [9] : أحضره. فحضر. فقال له المعتمد:
__________
[1] في ت: «ادفعوها بها» .
[2] في ت: «من جمالنا» .
[3] في ت: «فإنه مظلوم وأحسن إليه» .
[4] «على الله ليلة» ساقطة من ت.
[5] في الأصل: «ربي» .
[6] في ت: «فإذا بالخدم» .
[7] في ت: «وقال» .
[8] «رجل يقال له» ساقطة من ت.
[9] «فقال له: نعم. قَالَ: أحضره، فحضر. فقال له المعتمد: بأي شيء تعرف؟ قَالَ أنا فلان بن فلان الجمال قال» . ساقطة من ت وكتب بعضه على الهامش.(12/105)
بأي شيء تعرف؟ قَالَ: أنا فلان بن فلان الجمال. قَالَ [1] : منذ كم حبست؟ قَالَ: منذ كذا وكذا. قَالَ: فِي أي شيء؟ قَالَ: مظلوم. قَالَ: فاشرح لي قصتك. قَالَ: أنا رجل من أهل الجبل، وكان يتقلدنا فلان بن فلان إلى الأمير فاستدعى إلى الحضرة يسخر جمالي، فتظلمت إليه فلم ينفع، فخرجت أمشي وراء [2] الجمال إلى أن قربنا من حلوان، فسل الأكراد منها جملا محملا، فضربني مقارع كثيرة وقيدني، فقلت: ما ذنبي؟ قَالَ: أنت سرقت جملك [3] وأخذت ما كان عليه. فقلت: غلمانك يعلمون أن الأكراد سلوه فقال الأكراد ما جاءوا [4] إلا بمواطأتك ثم أمر [بي] [5] فحملت على بَعْض الجمال مقيدا، فلما وردت هذا البلد طرحني في الحبس وملك الجمال، فقال: يا فلان، فحضر بعض الخدم فقال امض الساعة إلى الأمير فلان [6] واقعد على دماغه، ولا تبرح أو يرد جمال هذا عليه أو قيمتها على ما يقوله الجمال، وادفع ذلك إليه [7] وَقَالَ للخادم ادفع إلى هذا الجمال كذا وكذا دينار أو كسوة، وأدخله الحمام، وأطعمه واسقه [8] ، ثم قَالَ لصاحب الشرطة: لا تعرض له. ثم قَالَ له [9] : في حبسك فلان بن فلان الحداد؟ قَالَ: نعم. قَالَ: هاته [10] . فأحضره، فقال: ما قصتك؟ قَالَ: أنا رجل حبست ظلما منذ كذا وكذا سنة. قَالَ: وما كان سبب حبسك؟ فقص قصة طويلة. فقال لصاحب الشرطة: خل عنه، وَقَالَ للخادم: خذه فغير من حاله وأطعمه وأسقه، وأدخله الحمام واكسه، وادفع إليه كذا وكذا دينارا [11] . وَقَالَ للشرطي: انصرف، ثم [12] رفع
__________
[1] «قمت فزعا فحضر..... فقال له المعتمد» مكان النقط ساقط من الأصل وكتب على الهامش.
[2] في ت: «خلف» .
[3] في ت: «جمال» .
[4] في ت: «أخذوه» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ت: «فلان الأمير» .
[7] في ت: «وادفع إليه ذلك» .
[8] «واسقه» ساقطة من ت.
[9] «لصاحب الشرطة: لا تعرض له. ثم قَالَ له» ساقطة من ت.
[10] «هاته» ساقطة من ت.
[11] «وأدخله الحمام واكسه، وادفع إليه كذا وكذا دينار» ساقطة من ت.
[12] في ت: «ورفع» .(12/106)
رأسه وَقَالَ: الحمد للَّه الذي وفقني لهذا الفعل [1] يا ابن حمدان [2] . فقلت: كيف تكلف أمير الْمُؤْمِنِين النظر في هذا الأمر بنفسه [3] في مثل هذا الوقت، وانزعج من نومه؟
فقال: ويحك جاءني [4] رجل الساعة في النوم صفته كيت وكيت، [5] فقال: في حبسك رجلان مظلومان يُقَالُ لأحدهما [6] فلان بن فلان الجمال، والآخر فلان بن فلان الحداد، فأطلقهما وأنصفهما من خصومهما [7] ، وأحسن إليهما. فانتبهت مذعورا، ولعنت إبليس، وصليت على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتحولت إلى الجانب الآخر وقمت فرأيت الشخص [8] بعينه، فقال لي [9] : ويلك، آمرك أن تطلق رجلين محبوسين [10] مظلومين من حبسك قد [11] طال حبسهما، وأن تنصفهما من خصومهما ولا تفعل، وترجع إلى نومك؟ [لقد] [12] هممت أن أفعل بك. قَالَ: وكاد يمد يده إلي. فقلت: يا هذا، أرفق بي وقل لي من أنت. قَالَ: [أنا] [13] مُحَمَّد رسول الله [قَالَ:] فكأني [قد] [14] قبلت يده، وقلت: يا رسول الله، ما عرفتك. ولو كنت عرفتك ما تجاسرت على مخالفتك. قَالَ:
فقم [15] فعجل في أمرهما الساعة كما أمرتك [16] . فانتبهت فاستدعيتك لتشاهد ما يجري،
__________
[1] في ت: «لهذا العمل» .
[2] في ت: «يا ابن حمدون» .
[3] «هذا الأمر بنفسه» ساقطة من ت.
[4] في ت: «رأيت» .
[5] في ت: «رأيت الساعة رجل من صفته كيت. وكيت قد جاءني» .
[6] «أحدهما» ساقطة من ت.
[7] «من خصومهما» ساقطة من ت.
[8] في ت: «الشيخ» .
[9] «لي» ساقطة من ت.
[10] «محبوسين» ساقطة من ت.
[11] في ت: «فقد:.
[12] ما بين المعقوفتين ساقطة من الأصل.
[13] ما بين المعقوفتين ساقطة من الأصل.
[14] ما بين المعقوفتين ساقطة من الأصل.
[15] في ت: «قم» .
[16] «كما أمرتك» ساقطة من ت.(12/107)
وطلبت صاحب الشرطة، فجرى ما رأيت. فدعوت له [1] وعظمت في نفسه ما جرى، وقلت: هذه عناية من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يا أمير المؤمنين، ومنة من الله عليه، فليشكر الله.
فقال: امض فقد أزعجتك. فمضيت إلى حجرتي.
ولخمس بقين من رجب: دخل الزنج إلى الأبلة، فقتلوا فيها خلقا كثيرا، منهم:
عَبْد اللَّهِ بن حُمَيْد الطوسي، وأحرقوها.
وفي هذا الشهر: قدم سعيد بن صالح المعروف [بالحاجب] [2] من قبل السلطان لحرب الزنج، واستسلم أهل عبادان لصاحب الزنج، فسلموا إليه حصنهم، وذلك أنهم رأوا ما فعل بأهل الأبلة، فضعفت قلوبهم، وخافوا على أنفسهم، فأعطوا بأيديهم، فدخلها أصحابه فأخذوا من كَانَ فيها [3] من العبيد والسلاح، ودخلوا الأهواز، فهرب أهلها، فدخلوا فأحرقوا وقتلوا [4] ، ونهبوا وأخربوا، وذلك يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من رمضان، فانزعج أهل البصرة لذلك، ورعبوا رعبا شديدا، وانتقل أكثر أهلها عنها.
وفي هذه السنة: ظهر بالكوفة علي بن زيد الطالبي، فبعث إليه [الشاه بن ميكال في] [5] عسكر كثيف، فهزمهم، ووثب [6] مُحَمَّد بن واصل بن إبراهيم التيمي من أهل فارس ورجل من أكرادها يُقَالُ له: أَحْمَد [7] بن الليث بعامل فارس فقتلاه.
وفيها: شخص موسى بن بغا لإحدى عشرة ليلة خلت من شوال من سامراء إلى الري، وشيعه المعتمد.
[وحج بالناس في هذه السنة أَحْمَد بن عيسى بن المنصور] [8] .
__________
[1] «له» ساقطة من ت.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «من كان بها» .
[4] في ت: «فقتلوا وأحرقوا» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل والزيادة من تاريخ الطبري.
[6] في ت: «ووصب» .
[7] في ت: «محمد بن الليث» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/108)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1578- إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق التميمي [1] .
خراساني جوزجاني [2] ، قدم مصر، فكتب عنه.
وتوفي بدمشق في [3] هذه السنة.
1579- أيوب بن نصر بن موسى، أبو أَحْمَد العصفري [4]
بغدادي قدم مصر، وحدث بها [5] ، وتوفي في شعبان [6] هذه السنة.
1580- إدريس [7] بن عيسى، أبو مُحَمَّد القطان المخرمي [8]
حدث عن زيد بن الحباب، وأبي داود الجعفري. روى عنه ابن صاعد، والباغندي، ولم يكن به بأس، وتوفي في هذه السنة.
1581- الحسن بن علي، أبو علي المسوحي [9]
حكى عن بشر الحافي. روى عنه الجنيد. ولم يكن له منزل يأوي إليه إنما كان يأوي إلى مسجد [10] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْقَزَّازِ [قَالَ:] أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ بْن عَلِيِّ بْن ثَابِتٍ] الْخَطِيبُ [قَالَ: أخبرنا] [11] ابن رزق [12] إجازة [قَالَ:] أَخْبَرَنَا جعفر الخلدي قَالَ:
__________
[1] تهذيب الكمال ترجمة 68. وتهذيب التهذيب 1/ 181. والتقريب 1/ 46. والجرح والتعديل 2/ 148.
[2] «جوزجاني» ساقطة من ت.
[3] «بدمشق في» ساقطة من ت.
[4] تاريخ بغداد 7/ 9.
[5] «وحدث بها» ساقطة من ت.
[6] «شعبان» ساقطة من ت.
[7] في الأصل: «الريس» .
[8] في الأصل: «المخزومي» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 12، 13.
[9] تاريخ بغداد 7/ 366، 367.
[10] في ت: «إلى المسجد» .
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] في الأصل: «ابن روق» .(12/109)
حدّثني [1] الجنيد وابن مسروق وأبو أحمد المغازلي، وَأَبُو مُحَمَّد الجريري [2] قالوا:
سمعنا حسنا المسوحي يقول: كنت أوي إلى باب الكنائس [3] كثيرا، وكنت أقرب من مسجد، ثم أتفيأ فيه [4] من الحر وأستكن من البرد فدخلت يوما وقد كظني الحر واشتد علي فحملتني عيني فنمت، فرأيت كأن سقف المسجد قد انشق، وكأن جارية قد نزلت علي من السقف عليها قميص فضة يتخشخش، ولها ذؤابتان، فجلست عند رجلي فقبضت رجلي عنها، فمدت يدها فنالت رجلي. فقلت لها: يا جارية، لمن أنت؟
قالت: لمن دام على ما أنت عليه [5] .
1582- رزق الله بن موسى، أبو الفضل الإسكافي [6] .
حدث عن يحيى بن سعيد القطان، وسفيان بن عيينة، وشبابة. روى عنه:
الباغندي، وابن صاعد، والقاضي المحاملي، وكان ثقة.
وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة.
1583- الزبير بن بكار بن عَبْد اللَّهِ [7] بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام، أبو عَبْد اللَّهِ الأسدي المديني [8] [العلامة] [9] .
سمع سفيان بن عيينة، والنضر بن شميل، وأبا الحسن المدائني وخلقا كثيرا.
روى عنه ثعلب، وابن البراء [10] ، وابن أبي الدنيا، والبغوي، وابن صاعد، وغيرهم.
__________
[1] في ت: «أخبرنا» .
[2] «وأبو محمد الجريريّ» ساقطة من ت.
[3] في ت: «الكنائس» .
[4] في ت: «وأقرب مسجد وكنت آوي فيه» .
[5] تاريخ بغداد 7/ 367.
[6] تاريخ بغداد 8/ 437.
[7] «بن عبد الله» ساقطة من ت.
[8] في ت: «المدني» .
ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] تاريخ بغداد 8/ 467.
[10] في الأصل: «ابن البرار» والتصحيح من تاريخ بغداد. وهي ساقطة من ت.(12/110)
وكان ثقة ثبتا عالما بالنسب، عارفا بأخبار المتقدمين، وله «كتاب النسب» . ولي القضاء بمكة، وورد بغداد، فلما أراد أن يحدث بها قال: أعرضوا عليّ [1] مستمليكم. فعرضوا عليه، فأتاهم [2] ، فلما حضر أبو حامد [3] المستملي قَالَ له: من أنت؟ قَالَ: من [4] ذكرت يا ابن حواري رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فأعجبه، واستملى عليه [5] .
أَخْبَرَنَا [عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ] الْقَزَّازِ [قَالَ:] أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ بْن عَلِيِّ بْن ثَابِتٍ] [6] الْخَطِيبُ قَالَ: أخبرنا أحمد بن عبد الواحد [7] الوكيل، أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدل [قَالَ:] حَدَّثَنَا الحسين [8] بْن القاسم الكوكبي [قَالَ:] حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن موسى المارستاني، حَدَّثَنَا الزبير بن بكار قَالَ: قَالَتِ [ابنة] [9] أختي لأهلها: خالي خير رجل لأهله، لا يتخذ ضرة، ولا يشتري جارية. قَالَ: تقول المرأة: والله لهذه الكتب أشد علي من ثلاث ضرائر [10] .
أَخْبَرَنَا [عَبْد الرَّحْمَنِ] القزاز [قَالَ:] أَخْبَرَنَا [أحمد بن علي] الخطيب، أخبرنا أحمد بن الفرج [11] النهرواني [قَالَ:] أَخْبَرَنَا الحسين [12] بْن مُحَمَّد بْن عبيد [13] الدقاق قَالَ: سمعت أبا العباس محمد بن إسحاق الصيرفي يقول:
__________
[1] في ت: «أروني» .
[2] «فعرضوا عليه، فأتاهم» ساقطة من ت.
[3] في ت: «أبو حامل» .
[4] «من أنت؟ قال» ساقطة من ت.
[5] تاريخ بغداد 8/ 468.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في الأصل: «عبد الوهاب» .
[8] في ت: «إسماعيل بن القاسم» .
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] تاريخ بغداد 8/ 470، 471.
[11] في تاريخ بغداد: «بن روح» .
[12] في ت: «الحسن» .
وما بين المعقوفتين في السند ساقط من الأصل.
[13] «عبيد» ساقطة من ت.(12/111)
سألت الزبير بن بكار- وقد جرى حديث [النساء] [1]- منذ كم زوجتك معك؟
قَالَ: لا تسألني ليس يرد الْقِيَامَة أكثر كباشا منها، ضحيت عنها بسبعين كبشا [2] .
أَخْبَرَنَا [عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ] الْقَزَّازِ قَالَ: أخبرني [أَحْمَد بن علي، أخبرني] [3] مُحَمَّد بن عبد الواحد، وعلي بن أبي علي قالا: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن إبراهيم بن شاذان قَالَ: قَالَ لنا أبو عبد اللَّه أَحْمَد بن سليمان الطوسي: توفي أبو عَبْد اللَّهِ [4] الزبير [بن بكار] [5] قاضي مكة ليلة الأحد لتسع ليال بقين من ذي القعدة سنة ست وخمسين ومائتين، وقد بلغ أربعا وثمانين سنة، ودفن بمكة، وحضرت جنازته، وصلى عليه ابنه مصعب، وكان سبب وفاته [6] : أنه وقع من فوق سطحه، فمكث [7] يومين لا يتكلم، وتوفي [8] بعد فراغنا من قراءة «كتاب النسب» عليه بثلاثة أيام [9] .
1584- عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن المهاجر، أبو مُحَمَّد [10] .
ويعرف بفوزان [11] ، كان من أخص أصحاب أَحْمَد بن حنبل به، وكان يتقدمه [12] ، ويكرمه، ويأنس إليه، ويستقرض منه، ومات أَحْمَد وله عنده [13] خمسون دينارا، وأوصى أن تعطى من غلته، فلم يأخذها فوزان، وأحله منها. وبعث إليه [14] يوما، فقال: قد وهب
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] تاريخ بغداد 8/ 471.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «أبو عبد الله» ساقطة من ت.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ت: «موته» .
[7] في ت: «فبقي» .
[8] في الأصل: «ومات وتوفي» .
[9] تاريخ بغداد 8/ 471.
[10] تاريخ بغداد 10/ 79، 80.
[11] في الأصل: «بقوران» .
[12] في ت: «مقدمه» .
[13] في ت: «عليه» .
[14] في الأصل: «وجاءه» .(12/112)
اللَّه لنا ولدا فإيش ترى أن أسميه [1] ؟
وحدث فوزان عن وكيع، وشعيب بن حرب، وأبي معاوية، وغيرهم. روى عنه:
جماعة منهم: البغوي، وابن صاعد: وَقَالَ الدارقطني: فوزان نبيل جليل.
توفي في رجب هذه السنة.
1585- عثمان بن صالح بن سعيد بن يحيى، أبو القاسم الخياط الخلقاني [2] .
حدث عن يزيد بن هارون، ووهب بن جرير. روى عنه: ابن مخلد، وكان ثقة.
وتوفي في هذه السنة.
1586- مُحَمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة [3] ، أبو عَبْد اللَّهِ الجعفي البخاري [4] .
صاحب «الجامع الصحيح» و «التاريخ» ولد يوم الجمعة بعد الصلاة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة. وإنما قيل [5] له: الجعفي، لأن أبا جده أسلم- وكان مجوسيا- على يدي يمان الجعفي [، وكان يمان] [6] والي بخاري، فنسب إليه. ورحل مُحَمَّد بن إسماعيل في طلب العلم، وكتب بخراسان، والجبال، ومدن العراق، والحجاز، والشام، ومصر، وسمع بكر بن إبراهيم، وعبدان، ومحمد بن عَبْد اللَّهِ الأنصاري، وأبا نعيم، وعفان، وأبا الوليد الطيالسي، والقعنبي، والحميدي، وعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وخلقا يطول ذكرهم.
وورد إلى بغداد دفعات. وحدث بها فروى عنه من أهلها: إبراهيم الحربي، والباغندي، وابن صاعد، وغيرهم، وآخر من حدث عنه بها: الحسين بن إسماعيل المحاملي.
__________
[1] في ت: «نسميه» .
[2] تقريب التهذيب 2/ 10.
[3] «بن المغيرة» ساقطة من ت.
[4] تاريخ بغداد 2/ 4- 34.
[5] في ت: «وإنما يقول» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/113)
ومهر البخاري في علم الحديث، ورزق الحفظ له والمعرفة له [1] .
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز [قال:] أخبرنا [أحمد بن علي بن ثابت] [2] الخطيب قَالَ: حدثني عبد الغفار بن عبد الواحد [3] الأرموي [4] قَالَ: حدثني مُحَمَّد بن إبراهيم بن أحمد الأصبهاني قال: أخبرني أَحْمَد بن علي الفارسي حَدَّثَنَا [5] أَحْمَد بن عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد قَالَ: سمعت جدي مُحَمَّد بن يوسُف [الفربري] [6] يقول [7] : حَدَّثَنَا أبو جعفر مُحَمَّد بن أبي حاتم الوراق النحوي قَالَ: قلت لأبي عَبْد الله مُحَمَّد بن إسماعيل البخاري: كيف كان بدء [8] أمرك في طلب الحديث؟ قَالَ: ألهمت حفظ الحَدِيث وأنا في الكتاب، قلت: وكم أتى عليك إذ ذاك؟ فقال: عشر سنين أو أقل، ثم خرجت من الكتاب بعد العشر [9] فجعلت أختلف إلى الداخلي [10] وغيره. فقال يوما فيما كان يقرأ للناس: سُفْيَان، عن أبي الزبير، عن إبراهيم. فقلت [أنا] له: يا أبا [11] فلان، إن [12] أبا الزبير لم يرو عن إِبْرَاهِيم. فانتهرني. فقلت له: ارجع إلى الأصل إن كان عندك [13] . فدخل ونظر فيه، ثم خرج فقال لِي: كيف هو يا غلام؟ قلت: هو الزبير بن عدي، عن إبراهيم. فأخذ القلم [14] مني وأحكم كتابه، وقَالَ: صدقت. فقال له بعض
__________
[1] «له» ساقطة من ت.
انظر تاريخ بغداد 2/ 4، 5.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «عبد الوهاب» .
[4] في ت: «الأرمني» .
[5] في ت: «وحدثنا» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في ت: «قال» .
[8] في ت: «بدو» .
[9] في ت: «العشر سنين» .
[10] في ت: «الداجلي» .
[11] في ت: «قلت أنا: أبا فلان» .
[12] في ت: «أنا» .
[13] في الأصل: «معك» .
[14] في الأصل، «العلم» .(12/114)
أصحابه: ابن كم كنت إذ رددت عليه؟ قَالَ: ابن إحدى عشرة سنة، فلما طعنت في ست عشرة حفظت كتب ابن المبارك، ووكيع، ثم خرجت مع أمي [1] وأخي [أَحْمَد] [2] إلى مكة، فلما حججت رجع أخي، وتخلفت بِهَا في طلب الحديث، فلما طعنت في ثمانية عشرة سنة جعلت أصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم، وصنفت كتاب «التاريخ» [3] ذاك عند قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الليالي المقمرة، وقل اسم في «التاريخ» إلا وله عندي قصة [4] ، إلا أني كرهت تطويل الكتاب [5] .
وفي رواية ابن البخاري: كتب تراجم جامعة بين قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومنبره [6] ، وكان يصلي لكل ترجمة ركعتين. وَقَالَ: كتبت عن ألف شيخ. قال: وأخرجت هذا الكتاب من زهاء ستمائة ألف حديث [7] ، وما وضعت [في كتاب الصحيح] حديثا إلا اغتسلت [قبل ذلك] [8] وصليت ركعتين [9] .
قَالَ الفربري: سمع هذا الكتاب تسعون ألف رجل ما بقي أحد يرويه غيري [10] .
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن القزاز [قَالَ:] أَخْبَرَنَا الخطيب أَحْمَدُ [بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ] قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصُّورِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أَحْمَد بن جميع الغساني [قَالَ:] حَدَّثَنَا أَحْمَد بن مُحَمَّد بن آدم [قَالَ:] [11] حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يوسف قَالَ: كنت عند
__________
[1] في ت: «مع أبي» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «عند ذاك» .
[4] في الأصل: «قضية» .
[5] تاريخ بغداد 2/ 6، 7.
[6] في ت: «وخبره» .
[7] «حديث» ساقطة من ت.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] تاريخ بغداد 2/ 8، 9.
[10] تاريخ بغداد 2/ 9.
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/115)
مُحَمَّد بن إسماعيل البخاري في منزله ذات ليلة، فأحصيت أنه قد قام وأسرج يستذكر أشياء يعلقها في ليلة ثماني عشرة مرة [1] .
وروي عنه بعض رفقائه أنه كان يختلف معهم إلى مشايخ البصرة وهو غلام، ولا يكتب فسألوه بعد أيام: لم لا [2] تكتب. فقرأ عليهم جميع ما سمعوه من حفظه [3] ، وكان يزيد على خمسة عشر ألف حديث، وكان بندار يقول: ما قدم علينا مثل مُحَمَّد بن إسماعيل [4] .
ودخل مرة إلى مجلس بندار فما عرفه، فقيل له: هذا أبو عَبْد اللَّهِ. فقام فأخذ بيده وعانقه، وَقَالَ: مرحبا بمن أفتخر به منذ سنين.
وَقَالَ أبو بكر [5] بن أبي شيبة، ومحمد بن عَبْد اللَّهِ [6] بن نمير: ما رأينا مثل مُحَمَّد بن إسماعيل.
وَقَالَ أبو بكر الأعين: كتبنا عن مُحَمَّد بن إسماعيل [7] على باب مُحَمَّد بن يوسف الفريابي وما فِي وجهه شعرة [8] .
وَقَالَ أَحْمَد بن حنبل: ما أخرجت خراسان مثل مُحَمَّد بن إسماعيل البخاري [9] .
وَقَالَ إِسْحَاق بن راهويه، وعنده البخاري: يا معشر [10] أصحاب الحديث، انظروا إلى هذا الشاب، واكتبوا عنه، فإنه [11] لو كان في زمن الحسن لاحتاج إليه الناس لمعرفته بالحديث وفهمه.
__________
[1] تاريخ بغداد 2/ 14.
[2] في ت: «بعد أيام ألا تكتب» .
[3] تكررت في الأصل «من حفظه» .
[4] تاريخ بغداد 2/ 14، 15.
[5] في ت: «محمد» .
[6] «بن عبد الله» ساقطة من ت.
[7] «وَقَالَ أبو بكر الأعين: كتبنا عن مُحَمَّد بن إسماعيل» ساقطة من ت ومكانها: «رأيناه» .
[8] ) تاريخ بغداد 2/ 19.
[9] تاريخ بغداد 2/ 21.
[10] «يا معشر» ساقطة من ت.
[11] «فإنه» ساقطة من ت.(12/116)
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد [قال:] أخبرنا [أَحْمَد بن علي الْحَافِظ] [1] الخطيب قَالَ: حدثني عَبْد اللَّهِ بن أَحْمَد الصيرفي قَالَ: سمعت الدارقطني يقول: لولا البخاري ما ذهب مسلم ولا جاء.
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ [قَالَ:] أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن علي قَالَ: حدثني مُحَمَّد بن [أبي] الحسن الساحلي قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن الحسن الرازي قَالَ: سمعت أبا أَحْمَد بن عدي الْحَافِظ [2] يقول: سمعت عدة مشايخ يحكون أن [3] مُحَمَّد بن إسماعيل البخاري قدم إلى بغداد [4] فسمع به أصحاب الحديث فاجتمعوا وعمدوا إلى مائة حديث [5] قلبوا [6] أسانيدها [7] ومتونها [8] وجعلوا متن هذا لإسناد آخر [9] وإسناد هذا لمتن [10] آخر [11] ، ودفعوها إلى عشرة أنفس إلى كل رجل عشرة [12] أحاديث، وأمروهم إذا حضروا المجلس يلقون ذلك على البخاري، فحضروا فانتدب رجل من العشرة فسأله عن حديث من تِلْكَ الأحاديث، فقال: لا أعرفه. فسأله عن آخر، فقال: لا أعرفه. فما زال يلقي عليه واحدا بعد واحد، حتى فرغ من العشرة، والبخاري يقول: لا أعرفه. فكان بعض الفهماء يقول: الرجل فهم. وبعضهم يقضي عليه بالعجز. ثم انتدب رجل آخر فسأله عن [حديث من] [13] الأحاديث وهو يقول فِي الحديث [14] : لا أعرفه حتى فرغ من عشرته،
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «بن عدي الحافظ» ساقطة من ت وأثبتت من الهامش.
[3] في ت: «عن محمد» .
[4] في ت: «ببغداد» .
[5] «حديث» ساقطة من ت.
[6] في ت: «فقبلوا» .
[7] «أسانيدها» ساقطة من ت.
[8] في ت: «ومتونها وغيروا أسانيدها» .
[9] في ت: «ولا» .
[10] «هذا لمتن» ساقطة من ت.
[11] في ت: «آخر وإسناد هذا المتن لمتن آخر» .
[12] في ت: «كل رجل واحد عشرة» .
[13] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[14] «في الحديث» ساقطة من ت.(12/117)
ثم الثالث، ثم الرابع، إلى تمام العشرة، والبخاري لا يزيدهم على: لا أعرفه، فلما فرغوا التفت البخاري إلى الأول وَقَالَ: أما حديثك الأول فهو [1] كذا، والحديث [2] الثاني كذا، والثالث [3] كذا، حتى أتى على [4] تمام العشرة، فرد كل متن إلى [5] إسناده، وكل إسناد إلى متنه، وفعل بالآخرين مثل ذلك فأقر له الناس [6] بالحفظ، وأذعنوا له بالفضل. وكان ابن صاعد إذا ذكره يَقُولُ: الكبش النطاح [7] !.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد [قال:] أخبرنا الخطيب [أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ] [8] قَالَ: أَخْبَرَنِي الحَسَن بن مُحَمَّد البلخي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أبي بكر الْحَافِظ، أَخْبَرَنَا [9] أبو عمرو أحمد بن محمد بن عمر المقرئ، حَدَّثَنَا أبو سعيد بكر بن منير قَالَ: كان حمل [10] إلى مُحَمَّد بن إسماعيل بضاعة أنفذها إليه فلان، فاجتمع التجار بالعشية فطلبوها منه بربح خمسة آلاف درهم، فقال لهم: انصرفوا الليلة. فجاءه من الغد تجار آخرون فطلبوا منه تلك البضاعة بربح عشرة آلاف درهم، فردهم وَقَالَ: إني نويت البارحة أن أدفع إلى أولئك، ولا أحب أن أنقض نيتي. فدفعها إليهم [11] .
أَخْبَرَنَا [عَبْد الرحمن] القزاز [قَالَ] أَخْبَرَنَا الخطيب [أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ] أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بن مُحَمَّد الأشقر [قَالَ] : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أبي بكر البخاري الْحَافِظ [قَالَ:] حَدَّثَنَا أبو عمرو أَحْمَد بْن مُحَمَّد المقرئ قَالَ: سمعت بكر بن منير يقول:
__________
[1] «فهو» ساقطة من ت.
[2] «والحديث» ساقطة من ت.
[3] في ت: «والرابع» .
[4] في ت: «إلى تمام العشرة» .
[5] في ت: «على إسناده» .
[6] في الأصل: «فأقر الناس له» .
[7] تاريخ بغداد 2/ 20، 21.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] «أخبرنا» ساقطة من ت.
[10] في ت: «كان قد حمل» .
[11] تاريخ بغداد 2/ 11.(12/118)
سَمِعْتُ مُحَمَّد بن إسماعيل يقول: أرجو أن ألقى الله [سبحانه] [1] ولا يحاسبني أن اغتبت أحدا [2] .
كان البخاري قد قَالَ: أفعال العباد مخلوقة. فقلت له: قد قلت لفظي بالقرآن مخلوق. فقال: أنا لا أقول هذا، وإنما أقول أفعال العباد مخلوقة. فهجره مُحَمَّد بن يحيى الذهلي، ومنع النَّاس من الحضور عنده، واتفق أن خالد بن أَحْمَد الذهلي والي بخارى سأله أن يحضر عنده ليسمع منه «الكتاب الصحيح» [ «والتاريخ» ] [3] فقال: أنا لا أذل [4] العلم، إن أراد سماع ذلك فليحضر عندي. فاحتال عليه حتى نفاه من البلد، فمضى إلى «خرتنك» وهي قرية من قرى سمرقند على فرسخين منها [5] ، فتوفي هناك [6] .
أَخْبَرَنَا [عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ] الْقَزَّازِ قَالَ: أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ] [7] الْخَطِيبُ أخبرنا أبو سعد الماليني، أخبرنا عبد الله بن عدي [8] قَالَ: سمعت الحسن بن الحسين التمار [9] يقول: رأيت مُحَمَّد بن إسماعيل شيخا نحيف الجسم، ليس بالطويل ولا بالقصير، توفي ليلة السبت عند صلاة العشاء، وكانت ليلة الفطر، ودفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر لغرة شوال سنة ست وخمسين ومائتين، وعاش اثنتين وستين [10] سنة إلا ثلاثة عشر يوما [11] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين فيما سبق ساقط من الأصل.
[2] تاريخ بغداد 2/ 13.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «فقال: إني لا أذن» .
[5] «منها» ساقطة من ت.
[6] تاريخ بغداد 2/ 33.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في الأصل، ت: «عبد الله بن علي» .
[9] في ت: «الحسن بن الحسن البزاز» .
[10] في ت: «وسبعين» .
[11] تاريخ بغداد 2/ 6.(12/119)
1587- مُحَمَّد المهتدي باللَّه أمير المؤمنين [1] .
قد ذكرنا سبب خلعه وقتله فيما تقدم، وكان هلاكه يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة بقين من رجب هذه السنة، وكانت خلافته أحد عشر شهرا، وخمسة عشر يوما. وقيل:
وسبعة عشر يوما، وبلغ من العمر ثمانيا وثلاثين سنة، وقيل سبعا وثلاثين، وأربعة أشهر، وعشرة أيام. وقيل: إحدى وأربعين سنة.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد [قال:] أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ [عَلِيِّ بْنِ] ثَابِتٍ [قَالَ:
حَدَّثَنِي الحسن بن أبي بكر قَالَ: حَدَّثَنَا عيسى بن المتوكل على الله، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن خلف بن المرزبان] [2] ، حدثني الْعَبَّاس بن يعقوب، حدثني أَحْمَد بن سعيد الأموي قَالَ:
كانت لي حلقة وأنا بمكة [3] أجلس فيها في المسجد الحرام، ويجتمع إلي فيها أهل الأدب، وإنا [يوما] [4] لنتناظر في شيء من النحو والعروض، وقد علت أصواتنا وذلك في خلافة المهتدي، إذ وقف علينا مجنون، فنظر إلينا ثم قَالَ:
أما تستحون [5] الله يا معدن الجهل ... شغلتم بذا والناس في أعظم الشغل
أمامكم أضحى قتيلا مجدلا ... وقد أصبح الإسلام مفترق الشمل.
وأنتم على الأشعار والنحو عكف ... تصيحون بالأصوات فلستم بذي [6] عقل
ثم انصرف المجنون، وتفرقنا، وقد أفزعنا ما ذكره المجنون، وحفظنا الأبيات، فخبرت بذلك إسماعيل بن المتوكل، فحدث به قبيحة أم [7] المعتز باللَّه فقالت: إن لهذا لنبأ فاكتبوا هذه الأبيات، وأرخوا هذا اليوم، واطووا هذا الخبر عن العامة. ففعلنا، فلما كان يوم الخامس عشر ورد الخبر من مدينة السلام بقتل المهتدي [8] .
__________
[1] تاريخ بغداد 3/ 347- 351.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ت: «كان لي حلقة بمكة» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ت: «أما تتقون الله» .
[6] في تاريخ بغداد: «في أست أم ذا عقل!» .
[7] في الأصل: «ابن المعتز» .
[8] تاريخ بغداد 3/ 350، 351.(12/120)
1588- مُحَمَّد بن إبراهيم بن جعفر الأنماطي [1] .
المعروف بمربع، صاحب يحيى بن معين. كان أحد الحفاظ الفهماء، وحدث عن أبي سلمة التبوذكي [2] وأبي حذيفة النهدي، وأبي الوليد الطيالسي، وغيرهم.
أخبرنا عبد الرحمن [قال] أخبرنا أحمد [بن علي بن ثابت] قَالَ: سمعت أبا نعيم الْحَافِظ يقول: بلغني عن جعفر بن مُحَمَّد بن كزال قَالَ: كان يحيى بن معين يلقب أصحابه، فلقب مُحَمَّد بن إبراهيم بمربع، والحسين [3] بن مُحَمَّد بعبيد العجل، وصالح بن محمد جزرة [4] ، ومحمد بن صالح [5] بكيلجة، وهؤلاء من كبار أصحابه [6] .
أَخْبَرَنَا [عَبْد الرَّحْمَنِ] القزاز [قَالَ] أخبرنا [أحمد بن علي الخطيب [قال] ، حدثنا عَبْد اللَّهِ بن أَبِي الفتح [قَالَ] أَخْبَرَنَا [أبو الحسن] [7] الدارقطني قَالَ: مُحَمَّد بن إبراهيم الأنماطي المعروف بمربع كان حافظا بغداديا، له تصنيف وتاريخ، حدث عنه: أبو مُحَمَّد بن صاعد وغيره [8] .
أَخْبَرَنَا [عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ] [9] الْقَزَّازِ قَالَ: أخبرنا [أحمد بن علي الخطيب [قَالَ] ، أَخْبَرَنَا علي بن مُحَمَّد السمسار، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بن عثمان الصفار [10] قَالَ:
أَخْبَرَنَا عبد الباقي بن قانع: أن مُحَمَّد بن إبراهيم مربعا مات في سنة ست وخمسين ومائتين [11] .
__________
[1] تاريخ بغداد 1/ 388.
[2] في الأصل: «التبوذنجي» .
[3] في ت: «الحسن» .
[4] في الأصل: «كزره» .
[5] «صالح» ساقطة من ت.
[6] تاريخ بغداد 3/ 388.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] تاريخ بغداد 3/ 388.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] «الصفار» ساقطة من ت.
[11] تاريخ بغداد 3/ 389.(12/121)
وَقَالَ [1] ابن مخلد: مات في ستة وثمانين. وهذا غلط [2] لا يصح [3] .
1589- مُحَمَّد بن أبي فروة، أبو عَبْد اللَّهِ الشعباني [4] :
من بني شعبان، وبنو شعبان بن عمرو بن قيس من حمير، وأهل مصر إذا نسبوا إليه يقولون: الأشعبوني، وأهل الكوفة يقولون: الشعبي، وأهل الشام يقولون الشعباني، وأهل اليمن يقولون: ذي الشعين، وكلهم يريد شعبان [5] بن عمرو.
روى محمد الحديث، وتوفي في هذه السنة.
__________
[1] في ت: «وقد قال» .
[2] في ت: «ولا يصح، هذا غلط» .
[3] تاريخ بغداد 3/ 388.
[4] الأنساب للسمعاني 7/ 340، 341.
وقد ذكر السمعاني ترجمة حفيده (7/ 341) .
[5] في الأصل: «سفيان» .(12/122)
ثم دخلت سنة سبع وخمسين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أنه في أولها: ظفر صاحب الزنج بالأبلة، وأحرقها وقتل من الناس في ثلاثة [1] أيام ثلاثين ألفا.
وأنه قدم رسول يعقوب بن الليث [في ربيع الآخر] [2] بأصنام من كابل، وأن المعتمد عقد لأخيه أبي أَحْمَد على الكوفة، والبصرة، وبغداد، والسواد، وفارس، والأهواز، وطريق مكة، والحرمين، وبلاد [3] اليمن، لاثنتي عشرة خلت من صفر، ثم عقد له لسبع خلون من رمضان على بغداد، والسواد، وواسط، وكور دجلة، والبصرة [والأهواز وفارس] [4] .
وفيها: أمر بغراج [5] باستحثاث سعيد الحاجب أن ينيخ بإزاء عسكر صاحب [6] الزنج، فمضى وأوقع بهم وهزمهم، واستنقذ ما في أيديهم من النساء والنهب، وأصابته جراحات [7] .
__________
[1] في ت: «وقتل في الناس من ثلاثة أيام» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «وبلاد» ساقطة من ت.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
تاريخ الطبري 9/ 476.
[5] «بفراج» ساقطة من ت.
[6] «صاحب» ساقطة من ت.
[7] تاريخ الطبري 9/ 476، 477.(12/123)
ثم عاد إلى حرب الخبيث فعبر [إلى] غربي دجلة فأوقع به وقعات في أيام متوالية، ثم لم يزل يحاربه باقي رجب [1] وعامة شعبان [2] .
ثم أوقع الخبيث بسعيد [3] وأصحابه فقتلهم [4] .
وفيها: ظهر ببغداد في «بركة زلزل» علي خناق، قد قتل خلقا [كثيرا من الرجال و] [5] النساء في دار كان ساكنها، فحمل إلى المعتمد، وأمر بضربه فضرب ألفي سوط وأربع مائة سوط [6] فلم يمت حتى ضرب الجلادون أنثييه بخشب العقابين، فمات، وصلب ببغداد، ثم أحرقت جثته [7] .
وفي يوم الجمعة لثلاث عشرة بقيت من شوال: غارت [8] خيل الزنج على البصرة، فعاثوا وأحرقوا [ونهبوا] [9] ، وأخذ الناس السيف، فلا تسمع إلا ضجيج الناس وتشهدهم وهم يقتلون [10] ، فقتلوا عشرين ألفا، أحرقوا المسجد الجامع [11] .
وكان صاحب الزنج ينظر في حساب النجوم، فعرف انخساف [12] القمر، فقال للناس: اجتهدت في الدعاء على أهل البصرة وابتهلت إلى الله تعالى في تعجيل خرابها، فخوطبت وقيل لي: إنما أهل البصرة خبزة أكلها من جوانبها، فإذا انكسر نصف
__________
[1] في ت: «في رجب» .
[2] تاريخ الطبري 9/ 477.
[3] «وعامة رجب، ثم أوقع الخبيث بسعيد» ساقطة من ت.
[4] تاريخ الطبري 9/ 478.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ت: «مائة بغداد» .
[7] «جثته» ساقطة من ت.
تاريخ الطبري 9/ 479.
[8] في ت: «أغارت» .
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] «وهم يقتلون» ساقطة من ت.
[11] تاريخ الطبري 9/ 481.
[12] في ت: «انكساف القمر» .(12/124)
الرغيف خربت البصرة، فأولت انكسار الرغيف انكساف القمر [1] فعقب هذا إغارة أصحابه على أهَلِ البصرة [2] . وكان الخبيث قد بعث من يأخذ أموال الأغنياء، ويقتل من لا شيء له، فهرب النَّاس على وجوههم، فكان الخبيث يقول: دعوت على أهل البصرة في غداة اليوم الذي دخلها فِيهِ أصحابي، واجتهدت في الدعاء [وسجدت] [3] فرفعت إلي البصرة، فرأيتها، ورأيت أصحابي يقاتلون فيها، فعلمت أن الملائكة تولت إخرابها [4] تعين أصحابي [5] ، وأن الملائكة لتنصرن أصحابي [6] ، وتثبت من ضعف قلبه من أصحابي. ولقد عرضت علي النبوة فأبيتها، لأن لها أعباء خفت أن لا أطيق حملها.
فلما انتهى الخبر إلى السلطان بعث محمدا المولد من سامراء لحرب صاحب الزنج يوم الجمعة لليلة خلت من ذي القعدة [7] .
وفيها: وثب بسيل الصقلبي على ميخائيل بن توفيل ملك الروم، فقتله، وكان ميخائيل قد تَفَرَّدَ بالمملكة أربعا وعشرين سنة، وتملك الصقلبي بعده على الروم [8] .
وحج بالناس في هذه السنة الفضل بْن إسحاق بن إسماعيل بن العباس بن مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ العباس [9] .
__________
[1] في ت: «انكسار نصف الرغيف انكساف نصف القمر.
[2] في ت: «عليها» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ت: «خرابها» .
[5] «تعين أصحابي» ساقطة من ت.
[6] في الأصل: «لتعين أصحابي» .
[7] تاريخ الطبري 9/ 488.
[8] تاريخ الطبري 9/ 489.
[9] تاريخ الطبري 9/ 489.(12/125)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1590- أَحْمَد بن إبراهيم بن أيوب، أبو علي المسوحي [1]
[وهو غير] [2] الذي ذكرناه في السنة المتقدمة [3] ، صحب سريا السقطي [4] ، وسمع ذا النون، وحدث عن مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الكريم، وروى عنه الخالدي.
أَخْبَرَنَا [عَبْد الرحمن] القزاز، أخبرنا [أحمد بن على] الخطيب قَالَ: أَخْبَرَنَا إسماعيل بن أَحْمَد الحِيرِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن الحسين السلمي قَالَ: أَحْمَد بن إبراهيم المسوحي من جلة مشايخ بغداد وظرافهم ومتوكليهم [5] .
سمعت الحسين بن يحيى يقول: سمعت جعفرا- يعني الخواص- يقول: كان أَحْمَد بن إبراهيم المسوحي يحج بقميص ورداء ونعل طاق، ولا يحمل معه شيئا لا ركوة، ولا كوز، إلا كوز يكون [6] فِيهِ تفاح شامي يشمه من جوف بغداد [7] إلى مكة، وكان من أفاضل الناس [8] .
1591- إبراهيم بن أَحْمَد بن عَبْد اللَّهِ بن يعيش، أبو إسحاق [9] .
سمع يزيد بن هارون، وأنفق على بابه نحو [10] عشرة آلاف درهم، وسمع عن الوليد بن عطاء والواقدي وخلقا كثيرا، وكان ثقة فهما. صنف «المسند» ، وكان قد
__________
[1] في الأصل: «التنوخي» خطأ.
انظر ترجمته في، تاريخ بغداد 4/ 11، 12.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] وهو: الحسن بن علي، أبو علي المسوحي.
[4] «السقطي» ساقطة من ت.
[5] تاريخ بغداد 4/ 12.
[6] «يكون» ساقطة من ت.
[7] «يشمه من جوف بغداد» ساقطة من ت.
[8] «وكان من أفاضل الناس» ساقطة من ت.
[9] تاريخ بغداد 6/ 3- 5.
[10] في ت: «وأنفق على مائة عشرة آلاف» .(12/126)
انتقل [1] إلى همذان فسكنها، وتوفي في هذه السنة.
1592- إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد البصري [2] .
حدث عن أبيه، ومعتمر، ومحمد بن فضيل، وأبي معاوية.
روى عنه أبو بكر بن أبي داود، وابن صاعد، وكان ثقة مأمونا [3] .
وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
[أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر علي بن ثابت، أخبرنا أَحْمَد بن أبي جعفر القطيعي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن العباس الخزاز، أَخْبَرَنَا أبو أيوب سليمان بن إسحاق الجلاب قال:] قَالَ إبراهيم الحربي [4] : كان بالبصرة يغسل مُحَمَّد بن سيرين، ثم كان بعده أيوب، ثم كان بعد أيوب حماد بن زيد، ثم كان بعد حماد سليمان بن حرب، ثم افترق بعد ذلك [فصار] [5] إلى الشهيدي، وحسن بن المثنى، فمات الشهيدي ها هنا وبقي حسن بالبصرة، فهو يغسل على [6] ذلك [7] .
1593- الحسن بن عبد العزيز، أبو علي الجذامي، ويعرف [8] بالجروي [9] .
من أهل مصر [10] قدم بغداد وحدث بها، فروى عنه ابن أبي الدنيا، والحربي، وابن صاعد [ومحمد بن عبدوس بن كامل] [11] وجماعة آخرهم المحاملي [12] ، وكان من
__________
[1] في ت: «أقبل» .
[2] تاريخ بغداد 6/ 370.
[3] «مأمونا» ساقطة من ت.
[4] في الأصل: «قال إبراهيم الحربي» وسقط السند كله.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ت: «إلى ذلك» .
[7] تاريخ بغداد 6/ 370.
[8] «الجذامي، ويعرف» ساقطة من ك.
[9] تاريخ بغداد 7/ 337- 339.
[10] «من أهل مصر» ساقطة من ك.
[11] «ومحمد بن عبدوس بن كامل وجماعة» ساقطة من ك. وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] «آخرهم المحاملي» ساقط من ك.(12/127)
أهل الفضل والدين والورع والثقة والعبادة. قَالَ الدارقطني لم ير مثله فضلا وزهدا [1] .
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا [أَبُو بَكْرٍ بن ثابت] الخطيب [2] ، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن أبي جعفر، حدثنا أبو العباس [3] محمد بن أحمد بن إبراهيم الحداد، حَدَّثَنَا جعفر بن مُحَمَّد بن الحسن بن عبد العزيز الجروي قَالَ: [4] سمعت جدي يقول: من لم يردعه القرآن والموت، ثم تناطحت الجبال بين يديه لم يرتدع [5] .
توفي [6] الجروي [7] في رجب هذه السنة.
1594- الحسن بن عرفة بن يزيد، أبو علي العبدي [8] .
ولد فِي سنة ثمان [9] وخمسين ومائة، وفيها ولد يحيى بن معين، وقيل: بل ولد [10] سنة خمسين ومائة. وسمع إسماعيل [11] بن عياش، وعبد الله بن المبارك، وعيسى بن يونس، وهشيم بن بشير، وإسماعيل بن علية، ويزيد [12] بن هارون، وأبا بكر بْن عياش وغيرهم. روى عنه: عَبْد اللَّهِ بن أَحْمَد، والبغوي، وابن صاعد، وغيرهم.
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز، أَخْبَرَنَا [أَحْمَد بن علي بن ثابت] [13] الخطيب قال:
__________
[1] «ولم ير مثله فضلا وزهدا» ساقط من ك.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
و «الخطيب» ساقطة من ك، ت.
[3] «حدثنا أبو العباس» ساقطة من ك.
[4] «الجروي قال» ساقطة من ك.
وفي ت: «حدثنا الحسن بن عبد العزيز، حدثنا الجروي» خطأ من الناسخ.
[5] تاريخ بغداد 7/ 338.
[6] «لم يرتدع. توفي» ساقطة من ك.
[7] في ك: «ابن الجروي» .
[8] تاريخ بغداد 7/ 394- 396.
[9] «ولد في سنة ثمان» ساقطة من ك.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] «إسماعيل» ساقطة من ك.
[12] «ويزيد» ساقطة من ك.
[13] ما بين المعقوفتين بالسند ساقط من الأصل.(12/128)
أجاز لي مُحَمَّد بن علي [1] المصري وحدثني [2] عنه نصر بن إبراهيم الفقيه قال:
حَدَّثَنَا أَحْمَد [3] بن عَبْد اللَّهِ المخزومي [4] قَالَ: حَدَّثَنَا ابن رشيق قَالَ: حَدَّثَنَا [5] أَحْمَد بن مُحَمَّد بن حكيم قَالَ: سمعت الحسن بن عرفة وقد [6] سئل كم تعد من السنين؟ قَالَ: مائة سنة وعشر [7] سنين، لم يبلغ أحد من أهل العلم هذا السن غيري.
أخبرنا القزاز، أخبرنا أحمد بن علي الخطيب قَالَ: سمعت هبة الله بْن الحسن الطبري يقول: سمعت علي بن مُحَمَّد بن يعقوب يقول: سمعت عَبْد الرَّحْمَنِ بن أبي [8] حاتم يقول: عاش الحسن بن عرفة مائة وعشر سنين، وكان له عشرة أولاد سماهم بأسامي الصحابة: أبو بكر [9] ، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد، وعبد الرحمن، وأبو عبيدة [10] .
أخبرنا القزاز أخبرنا [11] [أبو بكر] بن ثابت، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ [12] بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فضالة قال: سمعت أبا أَحْمَد [13] يوسف بن مُحَمَّد الطوسي يَقُولُ:
سمعت محمد بن المسيب يَقُولُ: سمعت الحسن بن عرفة يقول: قد كتب عني [14] خمسة قرون [15] . توفي الحسن بن عرفة في هذه السنة.
__________
[1] في الأصل: «بن مكي» .
[2] «وحدثني» ساقطة من ك.
[3] في ت: «محمد بن عبد الله» .
[4] في ك: «المحرى» .
[5] «حدثنا» ساقطة من ك.
[6] «وقد» ساقطة من ك، ت.
[7] «وعشر» ساقطة من ك.
[8] «ابن أبي» ساقطة من ك.
[9] «أبو بكر» ساقطة من ك.
[10] تاريخ بغداد 7/ 395.
[11] «أخبرنا» ساقطة من ك.
[12] في ك: «أبو علي عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أحمد بن فضالة» .
[13] «أبا أحمد» ساقطة من ك.
[14] في ك: «يقول: عن خمسة قرون» .
[15] تاريخ بغداد 7/ 395.(12/129)
1595- زيد بن أخرم [1] ، أبو طالب (الطائي) [2] البصري [3] .
حدّث عن عَبْد الرَّحْمَنِ بن مهدي، وسلم بن قتيبة، ووهب بن جرير، وغيرهم.
روى عنه: البغوي، وابن صاعد، والمحاملي، وغيرهم. وكان ثقة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ [بْنُ عَلِيِّ] بْنِ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا الأزهري حدثنا محمد بن العباس قَالَ: قَالَ لنا أبو إسحاق إبراهيم بن مُحَمَّد الكندي:
زيد [4] بن أخرم ذبحه الزنج ذبحا بعد دخولهم البصرة سنة سبع وخمسين ومائتين [5] .
1596- زهير بن عُمَر [6] بْن محمد [7] ابن قمير بن شعبة، أبو حمد [8] .
مروزي [9] الأصل. سمع يعلى بن عبيد، والقعنبي وعبد الرزاق وغيرهم. روى عنه البغوى وابن صاعد وكان ثقة ورعا زاهدا.
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الأَزْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحسن الصيرفي] [10] حَدَّثَنَا البغوي: ما رأيت بعد [11] أَحْمَد بن حنبل أفضل من زهير، سمعته يقول: اشتهى لحما منذ [12] أربعين سنة ولا آكله [13] حتى أدخل الروم فآكله من مغانم الروم [14] .
__________
[1] في تاريخ بغداد: «أخزم» وكذا في المطبوعة.
[2] «الطائي» ساقطة من ك.
[3] تاريخ بغداد 8/ 446، 447.
[4] «زيد بن» ساقطة من ك.
وفي الأصل: «يزيد بن أخرم» .
[5] تاريخ بغداد 8/ 447.
[6] «بن عمر» ساقطة من ك، ت وتاريخ بغداد.
[7] «بن محمد» ساقطة من ك.
[8] في ك: «أبو أحمد» وما أثبتناه من الأصل، ت، وتاريخ بغداد.
[9] في الأصل: «مروى» .
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، وبدله كتب: «قال البغوي» .
[11] «وبعد» ساقطة من ك.
[12] في الأصل: «من أربعين» .
[13] «ولا آكله» ساقطة من ك.
[14] تاريخ بغداد 8/ 485.(12/130)
[أخبرنا عبد الرحمن، أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرني الحسن بن علي التميمي، أَخْبَرَنَا عمر بن أَحْمَد الواعظ، حَدَّثَنَا] [1] عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد [2] ، حدثني مُحَمَّد بن زهير بن قمير قَالَ: كان أبي يجمعنا في وقت ختمة القرآن في شهر رمضان في كل يوم وليلة ثلاث مرات تسعين ختمة في شهر رمضان [3] .
سكن زهير بغداد ثم انتقل إلى طرسوس [4] فرابط بها إلى أن مات، فدفن بها في أواخر هذه السنة، وقيل في سنة ثمان وخمسين [ومائتين] [5] وَقَالَ أبو الحسين بن المنادى: انه دفن في مقابر باب حرب. قَالَ الخطيب وَهُوَ وهم [6] . والصحيح الأول.
1597- سليمان بن معبد، أبو داود النحويّ السنجي المروزي [7] .
سمع [8] النضر بن شميل والهيثم بن عدي [9] ، وعبد الرزاق، والأصمعي، ورحل في العلم إلى العراق، والحجاز ومصر واليمن، وقدم بغداد [10] فذاكر الحفاظ بها. روى عنه: مسلم بن الحجاج، وأبو بكر بن أبي داود، وكَانَ ثقة.
توفي في ذي [11] الحجة من هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «بن محمد» ساقطة من ك.
[3] تاريخ بغداد 8/ 485.
[4] «انتقل إلى طرسوس» ساقطة من ك.
[5] في ك: «وقيل: ستة وخمسين» .
وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] «وهم» ساقطة من ك.
[7] في الأصل: «المروي» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 51.
[8] في المطبوعة: «روى عن» .
و «المروزي» روى عن النضر» ساقطة من ك.
[9] «والهيثم بن عدي» ساقطة من ك.
[10] «وقدم بغداد» ساقطة من ك.
[11] في ك: «وقال أنه توفي في ذي الحجة» .
«توفي في ذي» استكملها مصحح المطبوعة من تاريخ بغداد.(12/131)
1598- العباس بن الفرج، أبو الفضل الرياشي، مولى محمد بن سليمان [1] [بن علي ابن عَبْد اللَّهِ بن العباس] [2] ، من أهل البصرة.
ورياش: رجل من جذام، وكان أبو العباس عبدا لَهُ [3] ، فبقى عليه نسبه، وكان الرياشي من الأدب بمحل. قَالَ: [4] وكان من الثقات الحفاظ يحفظ كتب [5] أبي زيد، وكتب الأصمعي كلها، وقد سمع منه، وقرأ على أبي عثمان المازني «كتاب سيبويه» فكان [6] المازني يقول: قرأ على الرياشي الكتاب [7] ، وهو أعلم به منى.
وتوفي في هذه السنة قتله الزنج.
أخبرنا [أبو منصور] القزاز، أخبرنا [أحمد بن علي بن ثابت] [8] الخطيب أَخْبَرَنَا [ابن] الأزهري، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن إبراهيم، حَدَّثَنَا أبو القاسم الطيب بن علي التميمي أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن جعفر [9] النوفلي، عن الأصمعي قَالَ: خطبنا الرياشي بالبادية فحمد الله واثنى عليه ووحده واستغفره وصلى على نبيه فبلغ [10] فِي الإيجاز ثم قَالَ:
أيها الناس، إن الدنيا دار بلاء والآخرة دار قرار، فخذوا لمقركم من ممركم، ولا تهتكوا أستاركم عند من لا يخفى عليه أسراركم، في الدنيا أنتم، ولغيرها خلقتم، أقول قولي هذا وأستغفر الله والمصلى عليه: رسول الله، والمدعو له الخليفة، والأمير جعفر بن سليمان. [11]
__________
[1] «مولى محمد بن سليمان» ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «أبو العباس عبدا له» ساقطة من ك.
[4] في ك: «وكان للرياش من الأدب حظ عال» .
[5] «ويحفظ كتب» ساقط من ك.
[6] «فكان» ساقطة من ك.
[7] في الأصل: «قرأ الرياشي علي» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في الأصل: «أحمد بن جعفر» .
[10] بياض في ك مكان «فبلغ» .
[11] في ك: «بن سرايا» .(12/132)
أخبرنا [أبو منصور] القزاز، [أخبرنا أحمد بن علي] [1] أَخْبَرَنَا أبو الحسين بن النقور، أَخْبَرَنَا القاضي أبو عَبْد اللَّهِ الحسين بن هارون [2] الضبي قَالَ: وجدت في كتاب أبي: أنشدني أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن عمر الكاتب قَالَ: أنشدني المبرد، عن الرياشي:
فلو أن لحمي إذ [3] وهي لعبت به ... أسود كرام أو ضباع وأذؤب،
لهون من وجدي وسلي مصيبتي ... ولكنما أودى بلحمي أكلب
قَالَ أحْمَد بن محمد الأسدي [4] : وفي كتابه قَالَ: وأنشدني أبو عَبْد اللَّهِ قَالَ:
أنشدني أبي قَالَ: أنشدني الرياشي:
وتجزع نفس المرء من سب [مرة] [5] ... وتسمع عشرا بعدها ثم تسكت
[أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ، أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الجبار، أَخْبَرَنَا الشريف أبو بكر المكندري، أَخْبَرَنَا أبو الْحَسَن [6] بن الصلت قَالَ: أنشدنا مُحَمَّد بن القاسم الأنباري] [7] قَالَ: [أنشدنا] أَحْمَد بن مُحَمَّد الأسدي قَالَ: أنشدنا الرياشي:
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت ... ولا يلين إذا قومته الخشب
قد ينفع الأدب الأحداث في مهل ... وليس ينفع في ذي الشيبة الأدب
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي [بن ثابت] ، أخبرنا الحسن ابن شهاب إجازة، أَخْبَرَنَا عبيد الله بن مُحَمَّد بن بطة، حَدَّثَنَا أبو بكر بن الأنباري، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن مُحَمَّد الأسدي، حَدَّثَنَا على [8] بن أبي أمية قَالَ: لما كان من دخول
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «يعقوب» .
[3] «لحمي إذ» مكانها بياض في ك.
[4] «قال أحمد بن محمد الأسدي» ساقط من ك، ت.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] بياض في ك مكان «الحسن» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] «علي» ساقطة من ك.(12/133)
الزنج البصرة ما كان، وقتلوا بها [1] من قتلوا، وذلك في شوال سنة سبع وخمسين ومائتين، بلغنا أنهم دخلوا على الرياشي المسجد بأسيافهم والرياشي قائم يصلى [2] الضحى، فضربوه بالأسياف، وقالوا: هات المال! فجعل الرياشي يقول: أي مال؟ حتى مات فلما خرج الزنج عن البصرة دخلناها فمررنا ببني مازن وهناك كَانَ ينزل الرياشي فدخلنا [3] مسجده فإذا به ملقى مستقبل القبلة كأنما وجه إليها، واذا شملة تحركها الريح، وقد تمزقت، واذا جميع خلقه صحيح سوى لم ينشق له بطن، ولم يتغير له حال، إلا أن جلده قد لصق بأعظمه ويبس، وذلك بعد مقتله [4] بسنتين [5] رحمه الله.
1599- فضل الشاعرة.
كانت من مولدات البصرة، وأمها من مولدات اليمامة، وبها ولدت، ونشأت في دار رجل من بني عبد القيس فأدبها وخرجها وباعها فكانت [فصيحة أديبة] ولم يَكُنْ [فِي زمانها] [6] امرأة أشعر منها فاشتراها مُحَمَّد بن المفرج الرخجي فأهداها إلى المتوكل، فلما أدخلت عليه قَالَ لها: أشاعرة أنت؟ قالت: كذا يزعم من باعني ومن اشتراني [7] فقال: أنشديني من شعرك فقالت:
استقبل الملك إمام الهدى ... عام ثلاث وثلاثينا
خلافة أفضت إلى جعفر ... وهو ابن سبع بعد عشرينا
إنا لنرجو يا إمام الهدى ... أن تملك الأمر ثمانينا
لا قدس الله امرأ لم ... يقل عند دعائي لك آمينا
فقال المتوكل لعلي بن الجهم: قل بيتا وطالب فضل الشاعرة بأن تجيزه، فقال [علي] [8] أجيزي يا فضل.
__________
[1] في الأصل: «وقتلهم من قتلوا» .
[2] في ك: «قد صلّى» .
[3] «دخلناها فمررنا ببني مازن، وهناك كَانَ ينزل الرياشي، فدخلنا» ساقطة من ك.
[4] في ك: «قتله» .
[5] تاريخ بغداد 12/ 140.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في ك: «اشترى» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/134)
لاذ بها يشتكي إليها ... فلم يجد عندها ملاذا
فأطرقت هنيهة ثم قالت:
ولم يزل ضارعا إليها ... تهطل أجفانه رذاذا
فعاتبوه فزاد عشقا ... فمات وجدا فكان ماذا
فطرب المتوكل، فقال: أحسنت وحياتي يا فضل، وأمر لها بألفي دينار.
وألقى عليها يوما أبو دلف العجلي:
قالوا عشقت صغيرة فأجبتهم ... أشهى المطي إلى ما لم يركب
كم بين حبة لؤلؤ مثقوبة ... لبست وحبة لؤلؤ لم تثقب
فقالت:
إن المطية لا يلذ ركوبها ... ما لم [1] تذلل بالزمام وتركب
والحب ليس بنافع أصحابه ... ما لم يؤلف للنظام ويثقب
وكتبت [فضل] [2] إلى بنان:
يا نفس صبرا إنها ميتة ... يجرعها الكاذب والصادق
ظن بنان أنني خنته ... روحي إذا من جسدي [3] طالق
1600 [- مُحَمَّد بن حسان بن فيروز، أبو جعفر الأزرق مولى معن بن زائدة [4] .
سمع سفيان بن عيينة، وابن مهدي، ووكيعا، وغيرهم. وكان صدوقا.
وتوفي في ذي القعدة] [5] .
__________
[1] في ك: «حتى ذلك» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ك: «بدني» .
[4] تاريخ بغداد 2/ 276.
[5] هذه الترجمة ساقطة من الأصل.(12/135)
ثم دخلت سنة ثمان وخمسين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أنه وصل مُحَمَّد المولد إلى البصرة لقتال الزنج، فنزل الأبلة واجتمع إليه خلق كثير [1] ، فبعث إِلَيْهِ [2] صاحب الزنج بعض أصحابه لقتاله، وأمره أن يبيته، ففعل وقاتله نهارا، فولى المولد منهزما، وغنم الزنج عسكره، وأسر أربعة عشر رجلا من الزنج، وأخذ قاضي الزنج فضرب أعناقهم بباب العامة بسامراء.
وعقد المعتمد يوم الاثنين لعشر بقين من ربيع الأول لأخيه أَبِي أَحْمَد [3] على ديار [مضر] [4] وقنسرين والعواصم.
وجلس يوم الخميس مستهل ربيع الآخر فخلع عليه، وركب طاهر فشيعه، وظهر بالأهواز، والعراق وباء، وانتشر ذلك إلى حدود فيد، وكان كل يوم يموت ببغداد خمسمائة إلى ستمائة، وكانت هدات كثيرة بالبصرة تساقط منها أكثر المدينة، ومات مَنْهَا أكثر من عشرين ألف إنسان.
وضرب في يوم الخميس لسبع بقين [5] من رمضان رجل يعرف بأبي فقعس قامت عليه البينة أنه يشتم السلف ألفا وخمسين سوطا فمات.
__________
[1] «كثير» ساقطة من ك.
[2] «إليه» ساقطة من ك.
[3] في ك: «لأبي أحمد أخيه» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ك: «خلون» .(12/136)
وقدم في هذه السنة بسعيد بن أَحْمَد بن مسلم [1] الباهلي، وكان متقدم الباهليين، وكانوا قد طمعوا في البطائح بعد إخراج الزنج [2] منها، وأظهروا فيها الفساد، فقبض على متقدمهم هذا، ونفذ به إلى بغداد فأمر به المعتمد [على الله] أن يضرب سبعمائة سوط، فضرب وصلب في ربيع الآخر من هذه السنة، فانضم باقي رؤسائهم إلى صاحب [3] الزنج.
وحج بالناس في هذه السنة فضل بن إسحاق بن الحسن.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1601- أحمد بن بديل، بن قريش بن الحارث، أبو جعفر اليامي الكوفي [4] .
سمع أبا بكر بن عياش [5] ، وعبد الله بن إدريس، وحفص [6] بن غياث، ومحمد بن فضيل، ووكيعا، وأبا معاوية، وغيرهم. وكان من أهل العلم والفضل، ولي القضاء بالكوفة وكان يسمي راهب الكوفة [7] وكان يقول حين قلد: خذلت على كبر سني. وتقلد أيضا قضاء همذان، وورد بغداد فحدث بِهَا، روى عنه ابن صاعد [8] وغيره، وتوفي في هذه السنة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ بن علي بن ثابت] [9] الخطيب أخبرنا علي بن أبي علي [10] ، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا القاضي أبو الحسن [11] محمد بن صالح
__________
[1] في المطبوعة: «سعيد بن أحمد بن سعيد بن سلم» .
[2] «الزنج» ساقطة من ك.
[3] «صاحب» ساقطة من ك.
[4] تاريخ بغداد 4/ 49- 52.
[5] «عياش» ساقطة من ك.
[6] في الأصل: «منصور» .
[7] «وكان يسمى راهب الكوفة» ساقطة من ك.
[8] في ك: فحدث عنه ابن ... وغيره» .
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] «علي بن أبي علي» ساقطة من ك.
[11] «أبو الحسن» ساقطة من ك.(12/137)
الهاشمي قَالَ: حدثني القاضي أبو عمر- يعني مُحَمَّد بن يوسف- وأبو عَبْد اللَّهِ المحاملي القاضي، وأبو الحسن علي بن العباس النوبختي قالوا: حَدَّثَنَا أبو القاسم عبيد الله بن سليمان قَالَ: كنت اكتب لموسى بن بغا، وكنا بالري، و [كان] [1] قاضيها إذ ذاك أَحْمَد بن بديل الكوفي، فاحتاج موسى أن يجمع ضيعة هناك كان له فيها سهام ويعمرها، وكان فيها سهم ليتيم، فصرت إلى أَحْمَد بن بديل- أو قَالَ: فاستحضرت أَحْمَد بن بديل- وخاطبته في أن يبيع [2] علينا حصة اليتيم، ويأخذ الثمن فامتنع، وَقَالَ: ما باليتيم حاجة إلى البيع، ولا آمن أن أبيع ما له وهو مستغن عنه فيحدث على المال [3] حادثة، فأكون قد ضيعته عليه. فقلت: أنا أعطيك في ثمن حصته ضعف قيمتها. فقال: ما هذا لي بعذر في البيع، والصورة في المال إذا كثر مثلها إذا قل. قَالَ:
فأدرته بكل لون وهو يمتنع، فأضجرني فقلت له: أيها القاضي ألا تفعل؟ فإنه موسى بن بغا! فقال لي: أعزك الله، إنه الله تبارك وتعالى!! قَالَ: فاستحييت من الله تَعَالَى أن أعاوده بعد ذلك وفارقته. ودخلت على موسى بْن بغا فقال: ما عملت في الضيعة؟ فقصصت عليه الحديث فلما سمع «انه الله تبارك وتعالى» [4] بكى وما زال يكررها ثم قَالَ: لا تعرض لهذه الضيعة، وانظر في أمر هذا الشيخ الصالح، فان كانت له حاجة فاقضها.
قَالَ: فأحضرته وقلت له: إن الأمير قد أعفاك من أمر الضيعة وذلك أني شرحت له ما جرى بيننا وهو يعرض عليك [قضاء] [5] حوائجك. قَالَ: فدعا له وَقَالَ: هذا الفعل أحفظ لنعمتك وما لي حاجة إلا إدرار رزقي، فقد تأخر منذ شهور و [قد] أضر بي ذلك [6] فأطلقت له جارية [7] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «يجمع» .
[3] في الأصل: «على ماله» .
[4] «تبارك وتعالى» ساقطة من ك.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ك: «وقد أضرني» وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] تاريخ بغداد 4/ 50، 51.(12/138)
أخبرنا [أبو منصور] القزاز، أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت] [1] الْحَافِظ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عيسى الهمذاني، حَدَّثَنَا صالح بن أَحْمَد الْحَافِظ، حَدَّثَنَا أَبُو إسحاق [2] إبراهيم بن عمروس قَالَ: سمعت أَحْمَد بن بديل الكوفي [وكان قاضيا] [3] يقول: بعث إلى المعتز رسولا بعد رسول، فلبست كمتي ولبست نعلا طاقا، فأتيت بابه فقال الحاجب: يا شيخ، نعليك! فلم ألتفت إليه ودخلت الباب الثاني فقال الحاجب:
نعليك! فلم ألتفت إليه فدخلت الباب [4] الثالث، فقال [الحاجب] [5] : يا شيخ نعليك! [فلم ألتفت إليه ثم] [6] قلت: أبالوادي المقدس أنا فأخلع نعلي؟ فدخلت بنعلي [7] فرفع مجلسي وجلست على مصلاه، فقال: أتعبناك أبا جعفر؟ فقلت: أتعبتني وذعرتني [8] فكيف بك إذا سئلت عني؟ فقال: ما أردنا إلا الخير، أردنا [أن] نسمع العلم. قلت: وتسمع العلم أيضا؟ ألا جئتني؟ فإن العلم يؤتى ولا يأتي. قَالَ نعتب [9] أبا جعفر فقلت: له خلبتني بحسن أدبك أكتب [ما شئت] [10] . قال: فأخذ الكتاب والدواة والقرطاس، فقلت: أتكتب حَدِيث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قرطاس بمداد؟ قَالَ: فيم أكتب؟ قلت: في رق بحبر فجاءوا برق وحبر فأخذ الكاتب يريد أن يكتب. فقلت:
أكتب بخطك! فأومى إلى أنه لَا يحسن [11] فأمليت عليه حديثين أسخن الله بهما عينيه. فسئل أي حديثين؟ [فَقَالَ] [12] : قُلْتُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من استرعى رعية
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ك: «إسحاق بن إبراهيم» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «الباب» ساقطة من ك.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] «فدخلت بنعلي» ساقطة من ك.
[8] في ك: «روعتني» .
[9] في ك: «فتغير» .
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] في ك: «أنه يكتب» .
[12] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/139)
فَلَمْ يُحِطْهَا بِالنَّصِيحَةِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» . وَالثَّانِي: «مَا مِنْ أَمِيرٍ يَأْمُرُ [1] عَشَرَةً إِلا يُؤْتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولا» [2] .
1602- أَحْمَد بن محمد بن سوادة، أبو العباس، ويعرف بخشيش [3] .
كوفي الأصل نزل بغداد [4] ، وحدث بها: عن عبيدة بن حميد [5] ، وزيد بن الحباب، وغيرهما. روى عنه: وكيع القاضي، وقاسم المطرز، وغيرهما.
وكان الدارقطني يقول: يعتبر بحديثه، ولا يحتج به.
قَالَ الخطيب: ما رأيت أحاديثة إلا مستقيمة.
أَخْبَرَنَا القزاز، أَخْبَرَنَا [أَحْمَد بن علي بن ثابت] الخطيب أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا عمر بن مُحَمَّد بن سيف [6] ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن العباس اليزيدي [قَالَ: أنشدني عمي عبيد الله] [7] قَالَ: أنشدني أَحْمَد بن مُحَمَّد بن سوادة لنفسه:
كن بذكر الله مشتغلا ... لجميع الناس معتزلا
قدك منهم قد عرفتهم ... ليس ذو العلم كمن جهلا
لا ترد من مشرب كدرا ... ابدأ علا ولا نهلا
ودع الدنيا لطالبها ... فكأن قد مات أو قتلا [8]
[توفي ابن سوادة في هذه السنة] [9] .
__________
[1] «يأمر» ساقطة من ك.
[2] تاريخ بغداد 4/ 51، 52.
[3] تاريخ بغداد 5/ 10، 11.
[4] «بغداد» ساقطة من ك.
[5] في الأصل: «عبيد الله بن حميد» .
[6] في ك: «بن يوسف» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] تاريخ بغداد 5/ 11.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/140)
1603- إسماعيل بن أسد بن شاهين، أبو إسحاق [1] .
سمع يزيد بن هارون، وروح بن عبادة، وخلقا. روى عنه: إبراهيم الحربي، وابن أبي الدنيا، [وأبو بكر بن أبي داود] وغيرهم. وكان ثقة [فاضلا] [2] ، صدوقا، صالحا، ورعا، وتوفي في جمادي الأولى من هذه السنة.
1604- جعفر بن عبد الواحد بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس ابن عبد المطلب [3] .
ولي قضاء القضاة بسر من رأى في سنة أربعين ومائتين. وحدث بها عن أبي عاصم النبيل وغيره. روى عنه: الباغندي في جماعة، وكان له وقار، وسكينة، وبلاغة، وحفظ للحديث. ورقي [4] إلى المستعين باللَّه عنه كلام فصرفه عن قضاء القضاء، ونفاه إلى البصرة. وأما أصحاب الحديث فجرحوه. وَقَالَ عَبْد اللَّهِ بن عدي الْحَافِظ: هُوَ منكر الحديث عن الثقات كَانَ متهما بوضع الحَدِيث [5] وَقَالَ الدارقطني: [هو] [6] كذاب يضع الحديث. وتوفي في هذه السنة.
1605- الحسين [7] بن السكن بن أبي السكن القرشي [8] .
روى عنه ابن أبي الدنيا. وتوفي في هذه السنة.
1606- حميد [9] بن الربيع بْن حميد [10] بن مالك أبو الحسن [11] اللخمي الكوفي [12] .
__________
[1] تاريخ بغداد 6/ 276- 279.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] تاريخ بغداد 7/ 173- 175.
[4] في الأصل: «وروى» .
[5] «هُوَ منكر الحديث عن الثقات كَانَ متهما بوضع الحديث» ساقطة من ك.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في ك: «الحسن» .
[8] تاريخ بغداد 8/ 46.
[9] في الأصل: «حجيل» .
[10] «بن حميد» ساقطة من ك.
[11] في ك: «ابن الحسن» .
[12] تاريخ بغداد. 162- 165.(12/141)
قدم بغداد وحدث بها عن هشيم، وابن عيينه، وابن إدريس، وحفص بن غياث، وغيرهم. روى عنه: الباغندي، والمحاملي، وابن مخلد [1] .
قَالَ البرقاني: كان الدارقطني يحسن القول فيه، وأنا أقول: ليس بحجة، لأني رأيت عامة شيوخنا يقولون: هو ذاهب الحديث.
قَالَ ابن أبي حاتم: كان أَحْمَد بن حنبل [لا] يقول فيه [إلا] [2] خيرا، وكذلك أبي، وأبو زرعة.
وَقَالَ عثمان بن أبي شيبة: أنا أعلم الناس به، هو ثقة ولكنه شره فدلس [3] .
وتوفي في هذه السنة بسر من رأى [4] .
1607- حفص بن عمر بن ربال بن إبراهيم بن عجلان، أبو عمر الرقاشي، المعروف: بالربالي [5] .
سمع يحيى بن سعيد القطان، وأبا عاصم الشيباني، وغيرهما. روى عنه:
إبراهيم الحربي، وابن صاعد، وهو صدوق توفي في هذه السنة.
1608- حبيش بن مبشر بن أَحْمَد الثقفي [6] .
طوسي الأصل، سمع يونس بن مُحَمَّد المؤدب [7] ، ووهب بن جرير روى عنه:
__________
[ () ] هذا وقد جاءت هذه الترجمة وما بعدها من تراجم في غير موضعها من الترتيب الأبجدي، وذلك في الأصل فقط.
[1] في ك: «ابن محمد» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «يدلس» .
[4] في الأصل: «بسامراء» .
[5] تهذيب الكمال ترجمة 306. وتهذيب التهذيب 2/ 414. والتقريب 1/ 188. والجرح والتعديل 3/ 185.
[6] تهذيب الكمال ترجمة 1110. وتهذيب التهذيب 2/ 195. والتقريب 1/ 152. وخلاصة الخزرجي 1230. وتذهيب الذهبي 1/ ق 122. وتاريخ بغداد 8/ 272.
[7] في الأصل: «المهذب» .(12/142)
الباغندي، [وابن مخلد] [1] وكان فاضلا فقيها من العقلاء المعدودين. توفي في رمضان هذه السنة.
1609- روح بن عَبْد الرَّحْمَنِ بن فروخ، أبو حاتم [2] البوسنجي [3] .
حدث عن سفيان بن عيينة. روى عنه: محمد بن مخلد، وكان ثقة أمينا- توفي في جمادى الأولى من هذه السنة.
1610- روح بن الفرج، أبو الحسن البزار [4] ، مولى مُحَمَّد بن سابق.
حدث عن قبيصه [5] ، وأبي عبد الرحمن المقرئ روى عنه: ابن أبي الدنيا، وابن صاعد، والمحاملي، وابن مخلد. وكان ثقة. توفي في رجب هذه السنة.
1611- عبد الله [بن محمد] بن سورة [6] ، أبو محمد البلخي، يعرف بمت [7] .
سكن بغداد، وحدث بها عن جماعة روي عنه: ابن أبي الدنيا، وابن مخلد، وكان ثقة. توفي في جمادى الآخرة [8] من هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «أبو عبد الرحمن أبو حاتم» .
[3] في الأصل البوشنجي، وكذا في ك.
أما في ت، تاريخ بغداد: «البوسنجي» .
والبوشنجي: قال السمعاني في الأنساب: بضم الباء وفتح الشين المعجمة وسكون النون وفي آخرها الجيم. هذه النسبة إلى بوشنج وهي بلدة على سبعة فراسخ من هراة يقال لها: بوشنك. (الأنساب 2/ 332، 333) .
وفي معجم البلدان: «بوسنج بالضم ثم السكون وسين مهملة والنون الساكنة وجيم، من قرى ترمذ» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 407، 408.
[4] تاريخ بغداد 8/ 408.
[5] في الأصل: «أبي قبيصة» خطأ.
[6] في الأصل: «عبد الله بن شقيرة» .
وفي ك: «عبد الرحمن بن سورة» .
وما أثبتناه من ت، تاريخ بغداد.
[7] في ك: «يعرف بموت» .
انظر ترجمته في تاريخ بغداد 10/ 80.
[8] في ت: «الأولى» .(12/143)
1612- علي بن أَحْمَد بن عَبْد اللَّهِ، أبو الحسن الجواربي [1] الواسطي [2] .
قدم بغداد، وحدث بها عن يزيد بن هارون، روى عنه: الباغندي، والمحاملي.
وكان ثقة، توفي في هذه السنة.
1613- عقيل بن [3] يحيى، أبو صالح الطهراني [4] .
حدث عن سفيان بن عيينة، ويحيى القطان، وكان ثقة. توفي في هذه السنة.
وطهران: قرية من قرى أصبهان، وثم من ينسب إلى طهران وهي قرية [أخرى] [5] من قرى الري. سنذكره إن شاء الله في سنة إحدى وسبعين [6] .
1614- الفضل بن يعقوب بن إبراهيم، أبو العباس الرخامي [7] .
روى عنه: البخاري في صحيحه، وكان من الثقات الحفاظ.
توفي في جمادى الأولى [من هذه السنة] [8] .
1615- مُحَمَّد بن إبراهيم [بن مُحَمَّد] [9] بن الحسن بن قحطبة، أبو عبد الله المؤدب، ويعرف: بالقحطبي [10] .
__________
[1] في الأصل: «الجزاولي» .
وفي ت: «الجواري» .
وفي ك: «الجوازي» .
وما أثبتناه هو الصحيح، قال السمعاني في الأنساب: «الجواربيّ: بفتح الجيم والواو وكسر الراء وفي آخرها الباء الموحدة. هذه النسبة إلى الجوارب وعملها» ثم ذكر ترجمة علي بن أحمد هذا.
[2] تاريخ بغداد 11/ 314، 315. والأنساب 3/ 331، 332.
[3] في الأصل: «علي بن يحيى، أبو صالح الظهراني» خطأ.
[4] الأنساب للسمعاني: 272. وتاريخ أصبهان لأبي نعيم 2/ 144.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في الأصل: «إحدى وستين» .
[7] تقريب التهذيب 2/ 112. وتذكرة الحفاظ صفحة 562.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] تاريخ بغداد 1/ 389. والأنساب 10/ 71. والجرح والتعديل 3/ 2/ 187.(12/144)
سمع إسحاق بن إبراهيم الحنيني [1] وغيره. قَالَ عَبْد الرَّحْمَنِ بن أبي حاتم:
مُحَمَّد بن إبراهيم القحطبي بغدادي كتبت عنه مَعَ [2] أبي، وهو صدوق.
أخبرنا القزاز، أَخْبَرَنَا الخطيب قَالَ: بلغني أن القحطبي مات في سنة ثمان وخمسين ومائتين، وكان يلقب جهوش [3] .
1616- مُحَمَّد بن إسماعيل بن البختري، أبو عَبْد اللَّهِ الواسطي، يعرف: بالحساني [4] .
سكن بغداد، وحدث بها: عن وكيع، وأبي معاوية، ويزيد بن هارون، وغيرهم.
روى عنه: الباغندي، وابن صاعد، ومحمد بن مخلد، وغيرهم.
قَالَ الدارقطني كان ثقة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ بن علي] الخطيب قَالَ: أخبرني الأزهري، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن العباس، حَدَّثَنَا الباغندي قَالَ: كان مُحَمَّد بن إسماعيل الحساني خيرا مرضيا صدوقا [5] .
1617- مُحَمَّد بن جوان بن سعيد، ويقال: مُحَمَّد بن سعيد بن جوان، أبو علي [6] .
حدث عن مؤمل بن إسماعيل، وأبي عاصم النبيل، وأبي داود الطيالسي، وغيرهم. روى عنه: ابن صاعد وله مسند مصنف، وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة.
1618- مُحَمَّد بن الجارود بن دينار، أبو جعفر القطان [7] .
__________
[1] في ك: «الجندي» خطأ.
[2] في ك: «كتب عنه أبي» .
[3] تاريخ بغداد 1/ 389. وفيه: «وكان يلقب: حموس» . وفي ت: «حبوس» . وفي الأصل: «جهرش» .
[4] في ك: «الحسابي» .
وفي الأصل: «الحسباني» .
وفي ت: «الحسابي» بدون نقط.
وما أثبتناه من تاريخ بغداد.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 36، 37.
[5] تاريخ بغداد 2/ 36، 37.
[6] تاريخ بغداد 2/ 160.
[7] تاريخ بغداد 2/ 160، 161.(12/145)
سمع أبا نعيم الفضل بن دكين. روى عنه ابن صاعد، وَكَانَ ثقة [توفي في هذه السنة] [1] .
1619- مُحَمَّد بن سنجر الجرجاني [2] .
رحل في طلب العلم [3] ، وسكن قرية من قرى مصر، وصنّف مسندا. وقال [4] :
خرجت إلى الرحلة وأخرجت معي إسحاق الكوسج [5] يورق لي، وأخرجت معي تسعة آلاف دينار، وكان إسحاق يتزوج [في كل بلد] [6] فأؤدي أنا [7] عنه المهر.
توفي مُحَمَّد بْن سنجر [8] في ربيع الأول من هذه السنة.
1620- مُحَمَّد بن داود بن يزيد، أبو جعفر القنطري [9] .
سمع آدم بن أبي إياس العسقلاني، وغيره. روى عنه: مُحَمَّد بْن مخلد، وذكر أنه لم يره يضحك ولا يبتسم تورعا وديانة. وقد تفرد بأحاديث لم تعرف إلا من طريقه.
وتوفي في [رجب] [10] هذه السنة.
1621- مُحَمَّد بن عبد الملك بن زنجويه، أبو بكر [11] .
سمع عبد الرزاق، ويزيد بن هارون، وخلقا كثيرا. روى عنه: إبراهيم الحربي،
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] تذكرة الحفاظ صفحة 578.
[3] في الأصل: «ترحل في طلب الحديث» .
[4] «وقال» ساقطة من ك.
[5] في الأصل: «يعلى بن الكوسج» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] «أنا» ساقطة من ك.
[8] «بن سنجر» ساقطة من ك.
[9] زاد السمعاني في نسبه: «التميمي» .
انظر ترجمته في: الأنساب 10/ 245. وتهذيب التهذيب 8/ 314.
والقنطري: نسبة إلى القنطرة، وإلى رأس القنطرة.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] تقريب التهذيب 2/ 186.(12/146)
وابن صاعد، والمحاملي، وغيرهم، وهو ثقة.
وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة، وقيل: في سنة سبع، والأول أصح.
1622- مُحَمَّد بن هارون بن إبراهيم، أبو جعفر، ويعرف: بأبي نشيط الربعي [1] .
سمع روح بن عبادة، ونعيم بن حماد، وغيرهما. روى عنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، [والبغوي، وابن صاعد] [2] وغيرهم، وهو صدوق ثقة.
توفي في شوال هذه السنة.
1623- مُحَمَّد بن يحيى بن عَبْد اللَّهِ بن خالد بن فارس بن ذؤيب، أبو عَبْد اللَّهِ النيسابوري الذهلي مولاهم [3] .
إمام أهل الحديث [في زمنه] [4] سمع عَبْد الرَّحْمَنِ بن مهدي، وعبيد الله بن موسى، وروح بن عبادة، وهاشم بن القاسم، والواقدي، وعفان بن مسلم، وعبد الرزاق، وخلقا كثيرا من أهل العراق، والحجاز، والشام، ومصر، والجزيرة.
ورحل إلى اليمن مرتين، والى البصرة ثماني عشرة مرة، وكان أحد الأئمة [5] العارفين، والحفاظ المتقنين [6] ، والثقات المأمونين، وكان أَحْمَد بن حنبل يثني عليه وينشر فضله، ودخل على أَحْمَد فقام أَحْمَد إليه وَقَالَ لأصحابه: اكتبوا عنه.
وروى عنه: البخاري، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو داود، وغيرهم.
وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة وهو ابن ست وثمانين سنة.
وكانت جارية تقول: خدمته ثلاثين سنة فما رأيت ساقه، وأنا ملك له.
__________
[1] تاريخ بغداد 3/ 352.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] تاريخ بغداد 3/ 415.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ك: «أحد العلماء العارفين» .
وفي تاريخ بغداد: «أحد العراقيين» .
[6] في ك: «وحفاظ المتقنين» .
وفي الأصل: «والمتقنين الحفاظ» .(12/147)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي [بن ثابت] [1] ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الطَّبَرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن علي النيسابوري، أَخْبَرَنَا أبو حامد [ابن] الشرقي [2] قال: سمعت أبا عمرو الخفاف يقول: رأيت مُحَمَّد بن يحيى في النوم فقلت: يا أبا عَبْد اللَّهِ، ما فعل الله لك؟ فقال: غفر لي. قلت: فما فعل علمك؟ قَالَ:
كتب بماء الذهب ورفع إلى عليين [3] .
1624- يحيى بن معاذ، أبو زكريا الرازي الواعظ [4] .
سمع إسحاق بن سليمان الرازي، ومكي بن إبراهيم البلخي، وعلى بن مُحَمَّد الطنافسي، روى عنه: أبو عثمان الزاهد، وأبو العباس الماسرجسي، ويحيى بن زكريا المقابري. دخل بلاد خراسان، ثم انصرف إلى نيسابور، فسكنها إلى أن توفي بها.
أنبأنا أبو بكر بن مُحَمَّد بن عبد الباقي، أَخْبَرَنَا إبراهيم بن مُحَمَّد بْن على الجوزي قَالَ: سمعت عبد الجبار بن عبد العزيز المصري يقول: سمعت أبا عليّ [5] الحسن بن العباس الكرماني يقول: سمعت عبد الواحد بن مُحَمَّد يقول: جاء إلى شيراز يحيى بن معاذ الرازيّ وله شيبة [6] حسنة وقد [7] لبس دست ثياب أسود، فكان أحسن شيء، فصعد الكرسي فاجتمع إليه الناس، وأول ما بدأ به أنشا يقول:
مواعظ الواعظ لن تقبلا ... حتى يعيها تلبه أولا
يا قوم من أظلم من واعظ ... خالف ما قد قاله في الملا
أظهر بين الناس إحسانه ... وبارز الرحمان لما خلا
وسقط عن الكرسي، وغشي عليه ولم يتكلم في ذلك اليوم، ثم أنه ملك قلوب
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «أبو حامد الشرقي» .
وفي ك: «أبو حامد ابن الشرقي» .
[3] تاريخ بغداد 3/ 419، 420.
[4] تذكرة الحفاظ صفحة 532.
[5] في ك: «أبا الحسن بن العباس» .
[6] في ك: «وله عيبة» .
[7] «قد» ساقطة من ك.(12/148)
أهل شيراز بعد ذلك، حتى إذا أراد أن يضحكهم أضحكهم، وإذا أراد أن يبكيهم أبكاهم، وأخذ سبعة آلاف دينار من البلد.
أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، أَخْبَرَنَا أبو حازم عمر بن أحمد العبديّ [1] قَالَ: سمعت منصور بن عبد الوهاب يقول: قَالَ أبو عمرو مُحَمَّد بن أَحْمَد الصرام: دخل يحيى بن معاذ الرازي [2] على علوي ببلخ زائرا له، فسلم عليه [3] فقال العلوي ليحيى: أيد الله الأستاذ، ما تقول فينا أهل البيت؟ فقال: ما أقول في طين عجن بماء الوحي وغرس بماء الرسالة فهل يفوح منهما إلا مسك الهدى وعنبر التقى؟
قال: فحشا العلويّ فاه بالدرّ [4] ثم زاره من الغد فقال له يحيى بن معاذ: إن زرتنا فبفضلك، وإن زرناك فلفضلك، فلك الفضل زائرا ومزورا [5] .
أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ، أَنْبَأَنَا [أَبُو بَكْرٍ] [6] البَيْهَقيّ، أَخْبَرَنَا الحاكم أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن عبد اللَّهِ النيسابوري قَالَ: سمعت على بن بندار يقول: سمعت مُحَمَّد بن جعفر بن علكان يقول: سمعت يحيى بن معاذ يقول: من خان الله في السر هتك ستره في العلانية.
توفي يحيى بن معاذ بنيسابور في جمادى الأولي من هذه السنة، وكتب على قبره:
مات حكيم الزمان يحيى بن معاذ.
1625- يحيى بن [عَبْد اللَّهِ] [7] الجلاء.
صحب بشر بن الحارث، وكان رجلا صالحا، قيل لابنه أبي عَبْد اللَّهِ: لم سمي أبوك الجلاء؟ فقال: ما جلا أبي قط شيئا، وما كان له صنعة قط، كان يتكلم على الناس فيجلو القلوب، فسمّي الجلاء.
__________
[1] في المطبوعة وك: «العبدوي» وكذلك في تاريخ بغداد.
[2] في الأصل: «يحيى بن معاذ إلى الري» .
[3] في الأصل، وتاريخ بغداد: «ومسلما عليه» .
[4] في ك: «بالدراهم» .
[5] تاريخ بغداد 14/ 211.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ت.(12/149)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحسين النيسابوري [1] قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن عبد العزيز الطبري يقول: سمعت أبا عمرو الدمشقي يقول: سمعت ابن الجلاء يقول: قلت لأبي وأمي:
أحب أن تهباني للَّه تعالى فقالا: قد وهبناك للَّه، فغبت عنهما مدة فرجعت [2] من غيبتي، وكانت ليلة مطيرة فدققت عليهما الباب، فقالا: من؟ فقلت: ولدكما. قالا: كَانَ لنا ولد فوهبناه للَّه، ونحن من العرب لا نرجع فيما وهبنا. وما فتحا لي الباب [3] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي، أَخْبَرَنَا عبد العزيز بن على الأزجي، حَدَّثَنَا عَلي بْن عَبْد اللَّهِ الهمذاني، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن داود، حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللَّهِ أَحْمَد بن يحيى الجلاء قَالَ: مات أبي فلما وضع في المغتسل رأيناه يضحك فالتبس على الناس أمره فجاءوا بطبيب وغطوا وجهه فأخذ مجسة [4] فقال: هذا ميت، فكشفوا عن وجهه الثوب فرآه يضحك فقال الطبيب: ما أدري حي هو أم ميت؟ وكان إذا جاء إنسان ليغسله لبسته منه هيبة ولا يقدر على غسله، حتى جاء رجل من إخوانه فغسله وكفن وصلى عليه ودفن.
1626- مُحَمَّد بن عمرو [5] بن حماد بن عطاء، ويقال: مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ [بن عمرو بن حماد بن عَبْد اللَّهِ] [6] مولى أبي بكر الصديق ويعرف بالجماز [7] .
من أهل البصرة، كان شاعرا أديبا ماجنا، وكان يقول: أنا أكبر سنا من أبي نواس.
دخل بغداد في أيام الرشيد وفي أيام المتوكل.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْقَزَّازِ قَالَ: أَنْبَأَنَا أحْمَد بْن عليّ [الخطيب] قَالَ:
__________
[1] في الأصل: «البيضاوي» .
[2] في الأصل: «ثم رجعت» .
[3] تاريخ بغداد 14/ 211.
[4] «فأخذ مجسة» ساقطة من ك.
[5] في الأصل: «عمر» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] تاريخ بغداد 3/ 125- 126.(12/150)
أَنْبَأَنَا أَحْمَد بن مُحَمَّد الكاتب قَالَ: حدثني جدي [1] محمد بن عبيد الله بن الفضل بن قفرجل قال: أنبأنا محمد بن يحيى الصولي [قَالَ] : أَنْبَأَنَا يموت بن المزرع قَالَ: جلس الجماز يأكل على مائدة بين يدي جعفر بن القاسم، وجعفر يأكل على مائدة أخرى مَعَ [2] القوم، وكانت الصحفة ترفع من بين يدي جَعْفَر [3] وتوضع بين يدي الجماز، ومن معه، فربما جاء قليل وربما لم يجئ شيء فقال الجماز: أصلح الله الأمير، ما نحن اليوم إلا عصبة، وربما فضل [4] لنا بعض المال، وربما أخذ أهل السهام فلم يبق لنا شيء [5] .
قَالَ: وأنبأنا يموت قَالَ: كان أبي والجماز يمشيان وأنا خلفهما بالعشي، فمررنا بإمام وهو ينتظر من يمر به فيصلي معه، فلما رآنا أقام الصلاة مبادرا فقال له الجماز: دع عنك هذا فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يتلقى الجلب [6] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ [قَالَ] : أنبأنا أحمد بن علي الخطيب أنبأنا علي بن أيوب القمي، أخبرنا محمد بن عمران المرزباني، أَنْبَأَنَا الصولي، أَنْبَأَنَا عون بن مُحَمَّد الكندي، أَنْبَأَنَا عافية [7] بن شبيب التميمي قَالَ: كنا نكثر الحديث عن الجماز عند المتوكل، فأحب أن يراه، وكنت فيمن حمله، فلما دخل عليه لم يقع الموقع الذي أردناه فتعصبنا [8] كلنا له، فقال له المتوكل: تكلم، فإني أريد أن أستبرئك. فقال الجماز:
بحيضة أو بحيضتين؟ فضحك الجماعة فقال له الفتح قد كلمت أمير المؤمنين فيك حتى ولاك جزيرة القرود، فقال له الجماز: ألست فِي [9] السمع والطاعة أصلحك الله؟ فحصر الفتح وسكت وأمر له المتوكل بعشرة آلاف درهم فأخذها، فمات فرحا بها [10] .
__________
[1] «جدي» ساقطة من ك.
[2] في ك: «من القوم» .
[3] في ك: «من بين يديه» .
[4] في ك: «وربما دخل» .
[5] تاريخ بغداد 3/ 125، 126.
[6] تاريخ بغداد 3/ 126.
[7] في ك: «عالية» . وفي ت: «دعامة» . وفي الأصل: «عائصة» . وفي تاريخ بغداد: «عافية» .
[8] في الأصل: «فتغضبنا» .
[9] في ك: «أنت على السمع» .
[10] في ك: «من الفرح» .(12/151)
ثم دخلت سنة تسع وخمسين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أنه رجع الموفق من حرب الزنج متعللا بالمرض، فبعث المعتمد موسى بن بغا فشخص من سامراء نحو الزنج وذلك في ذي القعدة، وشيعه المعتمد، وخلع عليه في الطريق، وقامت بينه وبينهم حروب يطول ذكرها في بضعة عشر شهرا، ثم انصرف موسى عن الحرب، ووجّه في هذه السنة بجماعة من الزنج أسرى إلى سامرا، فوثبت بهم العامة فقتلوا أكثرهم، ودخل الزنج الأهواز في هذه السنة فقتلوا زهاء خمسين ألفا.
وحج بالناس في هذه السنة إبراهيم بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن سليمان بن علي.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1627- أَحْمَد بن عمرو بن يونس، أبو جعفر السوسي الكوفي [1] .
روي عنه أبو علي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الأشعث الكوفي أنه كان معه بعد انصرافه من الحج وهو يريد مصر، وأنه قَالَ له: انظر إلى الهلال يعني هلال المحرم. قَالَ:
فنظرت إليه فقال لي استوفيت مائة سنة. ثم نزل فقال [2] وضئني للصلاة، يعني المغرب
__________
[1] السوسي: هذه النسبة إلى السّوس، فهي بلدة من كور الأهواز من بلاد خوزستان.
والسوسة: بلدة بالمغرب.
[2] في ك: «ثم قال: وضئني» .(12/152)
فوضأته ودخل فيها، فسجد سجدة وطال على أمره فيها فوجدته ميتا فدفناه هنالك.
1628- إسحاق بن إبراهيم بن عَبْد الرَّحْمَنِ، أبو يعقوب، المعروف بالبغوي ويلقّب: لؤلؤا [1] .
سمع إسماعيل ابن علية، ووكيع بن الجراح، وغيرهما. وكان صدوقا ثقة مأمونا.
وتوفي في شعبان هذه السنة.
1629- بشر بن مطر بن ثابت، أبو أحمد الدقاق الواسطي [2] .
نزل سامراء وحدث بها: عن سفيان بن عيينة، ويزيد بن هارون، وإسحاق الأزرق [3] . روى عنه: ابن صاعد.
قَالَ أبو حاتم الرازي: هو صدوق.
قَالَ ابن قانع [4] : وتوفي في هذه السنة، وَقَالَ غيره: فِي سنة اثنتين وستين ومائتين.
1630- جعفر بن مُحَمَّد بن جعفر الثَّقَفِيّ المدائني [5] .
سمع أباه، وعباد بن العوام، وأبا بكر بن عياش، وهشيما، وغيرهم. ونزل الموصل فحدث بها، وتوفي في هذه السنة.
1631- حجاج بن يوسف [بن حجاج] [6] ، أبو مُحَمَّد الثَّقَفِيّ، يعرف: بابن الشاعر [7] .
وكان أبوه شاعرا صحب أبا نواس وأخذ عنه، ويلقب يوسف لقوة، وكان منشؤه بالكوفة، وأما حجاج فبغدادي المولد والمنشأ [8] سمع يعقوب بن إبراهيم بن سعد، وأبا
__________
[1] تاريخ بغداد 6/ 370، 371.
[2] تاريخ بغداد 7/ 84، 85.
[3] في الأصل: «بشر بن الأزرق» .
[4] في الأصل: «ابن نافع» .
[5] «المدائني» ساقطة من ك.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 175، 176.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] تاريخ بغداد 8/ 240، 241.
[8] «والمنشأ» ساقطة من ك.(12/153)
أَحْمَد الزبيري، وشبابه، وعبد الرزاق. روى عنه: أبو داود، ومسلم، وآخر من روى عنه: الحسين بن إسماعيل المحاملي، وكان ثقة فهما، حافظا، صدوقا. قال أبو حاتم الرازي: هو صدوق، وقال النسائي: هو [1] ثقة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن على بن ثابت قَالَ: أخبرني الأزهري، أَخْبَرَنَا أبو سعد الإدريسي أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن أحيد البخاري قال: حدّثنا صالح [ابن مُحَمَّد الْحَافِظ] [2] قَالَ: سمعت حجاج بن الشاعر يقول: جمعت لي أمي مائة رغيف فجعلتها في جراب، وانحدرت إلى شبابة [3] بالمدائن، وأقمت ببابه مائة يوم، كل يوم أجيء برغيف فأغمسه في دجلة فآكله، فلما نفد خرجت.
توفي [حجاج] [4] في رجب [5] هذه السنة.
1632- عَبْد اللَّهِ بن هاشم، بن حيان، أبو عَبْد الرَّحْمَنِ الطوسي [6] .
سمع سفيان بن عيينة، ويحيى بن سعيد، وابن مهدي. روى عنه: مسلم في صحيحه، وابن صاعد، وكان قديما يتكلم بالرأي، ثم مال إلى الحديث وترك ذلك.
وتوفي في هذه السنة، وقيل: في التي قبلها.
1633- مُحَمَّد بن الحسن بن سعيد، أبو جعفر الأصبهاني [7] .
سكن بغداد، وحدث بها عن بكر بن بكار وغيره، روى عنه: ابن صاعد، وأبو الحسين بن المنادي، وغيرهما. وكان ثقة.
__________
[1] «هو» ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل. ومكانه: «عن أحمد بن أحيد البخاري قال: نا صالح قال سمعت حجاج بن الشاعر ... » .
[3] في ك: «وانحدرت إلى شبابة إلى المدائن» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «رجب» ساقطة من ك.
[6] جاءت هذه الترجمة في الأصل قبل آخر ترجمة من تراجم هذه السنة.
انظر ترجمة عبد الله بن هاشم في: تاريخ بغداد 10/ 193، 194.
[7] تاريخ بغداد 2/ 183.
وفي الأصل: «محمد بن محمد بن الحسن بن الحسن» .(12/154)
1634- مُحَمَّد بن الحسن [1] بن نافع، أبو عروبة [2] الباهلي البصري [3] .
قدم بغداد، وحدث بها عن سلم بن سليمان الضبي وغيره. روى عنه: ابن مخلد، وإسماعيل الصفار أحاديث مستقيمة.
1635- مُحَمَّد بن تَميم بن واقد العنبري الأفريقي [4] .
يروى عن أنس بن عياض توفي بقفصة [5] في هذه السنة.
قال أبو سعيد بن يونس: ويقال إن هذه المدينة لا تمطر أصلا وإنما تجيئها الميرة من غير أهلها [6] وفي أهلها جفاء عظيم.
__________
[1] في الأصل: «محمد بن الحسين» .
[2] في تاريخ بغداد: «أبو عوانة» .
[3] تاريخ بغداد 2/ 184.
[4] العنبري: هذه النسبة إلى «بني العنبر» وهم جماعة من بني تميم ينسبون إلى بني العنبر بن عمرو بن تميم بن مر بن أدد. (الأنساب 9/ 67) .
[5] في ك: «بعقصة» .
[6] في ك: «من غيرها» .(12/155)
ثم دخلت سنة ستين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن قائد الزنج قتل على بن زيد العلوي صاحب الكوفة.
وفيها: اشتد الغلاء في عَامَّة بلاد الإسلام [1] فأجلى عن مكة من كان مجاورا بها من شدة الغلاء إلى المدينة وغيرها من البلدان، ورحل عنها العامل الّذي كان بها، وبلغ كر الحنطة ببغداد خمسين ومائة دينار، ودام ذلك شهورا.
وفيها: أمر مفلح التركي أن تزاد في جامع المنصور الدار المسماة [2] بدار القطان، وكان قديما ديوانا للمنصور فتقدم مفلح إلى صاحبه القطان ببنائها، وجعلها في الجامع ليصلي فيها، فنسبت إلى القطان.
وحج بالناس في هذه السنة: إبراهيم بن مُحَمَّد الذي حج بهم في التي قبلها.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1636- إبراهيم بن عيسى، أبو إسحاق.
كان كاتب الحارث بن مسكين، وهارون بن عَبْد اللَّهِ [3] ، وعيسى بن المنكدر، وكلهم ولي قضاء مصر، وروى عن ابن وهب، والشافعيّ.
وتوفي في هذه السنة.
__________
[1] في الأصل: «البلاد الإسلامية» .
[2] في الأصل: «الدار التي تسمى» .
[3] في ت: «عبيد الله» .(12/156)
1637- أيوب بن إِسْحَاق بن إبراهيم بن سافري، أبو سليمان [1] .
سمع من مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ الأنصاري وخلق كثير [2] وكان صدوقا، سكن الرملة، وحدث بها وبمصر.
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بن محمد [القزاز] ، أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، حَدَّثَنَا الصوري [3] ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا ابْن مسرور [4] ، أَخْبَرَنَا أبو سعيد بن يونس قَالَ: أيوب بن إسحاق بن سافري، قدم مصر وحدث بها، وكان إخباريا يقال أنه بغدادي [5] ، ويقال إنه مروزي سكن بغداد، وقدم إلى دمشق فأقام بها، وقدم من دمشق إلى مصر وكان في خلقه زعارة وسأله أبو حميد في شيء يكتبه عَنْهُ من الأخبار فمطله وكان شاعرا فكتب إليه.
الحمد للَّه لا نحصي له عددا ... ما زال أحسانه فينا له مددا
إذ لم أخط حديثا عنك أعلمه ... ولا كتبت لغيري عنك [6] مجتهدا
إلا أحاديث خوات [7] وقصته ... عن البعير ولما قَالَ: قد شردا
فسوف أخرجها إن شئت من كتبي ... ولا أعود لشيء بعدها أبدا [8]
توفي بدمشق في ربيع الآخر من هذه السنة.
1638- أيوب بن الوليد [9] ، أبو سليمان الضرير [10] .
__________
[1] تاريخ بغداد 7/ 9، 10.
[2] «كثير» ساقطة من ك.
[3] في الأصل: «الصفدي» .
[4] «حدثنا ابن مسرور» ساقطة من ك.
[5] «يقال أنه بغدادي» ساقطة من ك.
[6] في ك: «منك» .
[7] في الأصل: «حوّار» .
[8] تاريخ بغداد 7/ 10.
[9] في ك: «أيوب بن أبي الوليد» .
وما أثبتناه من الأصل، ت، وتاريخ بغداد.
[10] تاريخ بغداد 7/ 10، 11.(12/157)
حدث عن أبي معاوية الضرير [1] ، وإسحاق الأزرق، وغيرهم. روى عنه: ابن صاعد، والمحاملي، وابن مخلد، وتوفي في محرم هذه السنة.
1639- الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر، أبو محمد العسكري [2] .
ولد سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وكان يسكن [3] بسر من رأي، وبها مات، وهو أحد من تعتقد فيه الشيعة الإمامة.
وتوفي فِي ربيع الأول [4] من هذه السنة ودفن إلى جانب أبيه.
1640- الحسن الفلاس [5] .
أحد المتعبدين البغداديين، عاصر سريا السقطي، وكان السري [6] يفخم أمره ويقول: يعجبني طريقته، وكان حسن لا يأكل إلا القمام.
أخبرنا مُحَمَّد بن أبي منصور، أَخْبَرَنَا عبد القادر بن مُحَمَّد، أَخْبَرَنَا إبراهيم بن عمر البرمكي، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بن عَبْد الرَّحْمَنِ الزهري، قَالَ: حدثني أبي، حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن العباس بن الفضل قَالَ: سمعت وهب بن نعيم بْن الهيصم يقول:
جاء حسن الفلاس إلى بشر بن الحارث يزوره مرة ومرتين وثلاثا، يتردد إليه في مسألة ليكون الحجة فيما بينه وبين الله تعالى، فتركه بشر وقام مرة ومرتين وثلاثا، فلما كان بعد ذلك تبعه إلى المقابر، فلما صار إلى المقابر وقف بشر فقال له: يا حسن، أيود هؤلاء أن يردوا فيصلحوا ما أفسدوا؟ ألا فاعلم يا حسن أنه من فرح قلبه بشيء من الدنيا أخطأ الحكمة قلبه، ومن جعل شهوات الدنيا تحت قدميه فرق الشيطان من ظله، ومن غلب هواه فهو الصابر الغالب، ألا فأعلم إن البلاء كله في هواك، والشفاء كله في مخالفتك إياه، فإذا لقيته فقل [له] [7] قال لي.
__________
[1] «حدث عن أبي معاوية الضرير» ساقطة من ك.
[2] تاريخ بغداد 7/ 366.
[3] في ك: «وكان في سرمن رأى» .
[4] في ك: «ربيع الآخر» .
وما أثبتناه من الأصل، ت، وتاريخ بغداد.
[5] تاريخ بغداد 7/ 400.
[6] «السري» ساقطة من ك.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/158)
فرجع الحسن فعاهد الله تعالى إن لا يأكل ما يباع، ولا ما يشتري، ولا يلبس ما يباع ولا ما يشترى، ولا يمسك بيده ذهبا ولا فضة، ولا يضحك أبدا [1] ، وكان يأوي ستة أشهر في العباسية، وستة أشهر حول دار البطيخ، ويلبس ما في المزابل ولقيه رجل بالبذندون منصرفا على هذه الصورة، فقال: يا حسن، من ترك شيئا للَّه عوضه الله [ما هو] [2] خير منه فما عوضك؟ فقال الحسن: الرضا بما ترى. فلما رجع من غزاته [3] خرج به خراج فكانت [فيه] [4] منيته، فلما اشتد به أمره [5] قَالَ لمولاة: لا تسقيني ماء حتى اطلبه منك. فلما قرب منه الأمر طلب منها الماء، فشرب وَقَالَ: لقد أعطاني ما يتنافس فيه المتنافسون.
1641- الحسن بن مُحَمَّد بن الصباح، أبو علي الزعفراني [6] .
من قرية يُقَالُ لها: الزعفرانية. سمع سفيان بن عيينة، [وإسماعيل بن علية] [7] ووكيعا، ويزيد بن هارون، وعفان بن مسلم. وروى عن الشافعي كتابه القديم وقرأ عليه. حدث عنه: البخاري في صحيحه، وابن صاعد، والمحاملي، وكان ثقة.
ودرب الزعفراني المسلوك فيه من باب الشعير إلى الكرخ إليه ينسب.
أَخْبَرَنَا [أَبُو مَنْصُورٍ] الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا [أَبُو بَكْرٍ بن ثابت] [8] الخطيب قال: أخبرني علي بن أيوب القمي، أخبرنا مُحَمَّد بن عمران الكاتب قَالَ: حدثني إبراهيم بن شهاب، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن مُحَمَّد الشطوي، وعبد اللَّه بن محمد [9] بن علي بن شهاب
__________
[1] «أبدا» ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين ساقطة من الأصل.
[3] في الأصل: «غزوته» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقطة من الأصل.
[5] في الأصل: «اشتد به الأمر» .
[6] تاريخ بغداد 7/ 407- 410.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ك: «إبراهيم بن سهل» .
[9] في ك: «وعبد بن محمد» .(12/159)
قالا: [1] سمعت أبا علي الحسن بن مُحَمَّد بن الصباح ينشد وقد اجتمع إليه الناس ليحدثهم:
لا والّذي تسجد الجباه له ... ما لي بما دون ثوبها خبر
ولا بفيها ولا هممت بها ... ما كان إلا الحديث والنظر [2]
فقال له رجل: يا أبا علي، [إن] [3] هذا يغنى به! فقال له [4] : ثكلتك أمك، وهل يغنى إلا بالشعر الجيد؟
توفي الزعفراني بالجانب الغربي في هذه السنة.
1642- حنين بن إسحاق الطبيب [5] .
بلغ غاية في علم الطب، وتوفي في هذه السنة.
1643- حمزة بن العباس، أبو علي المروزي [6] .
قدم بغداد حاجا، وحدث بها عن عبدان بن عثمان، وعلي بن الحسن بن شقيق. روى عنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، وابن صاعد، وابن مخلد.
وتوفي في هذه السنة حاجا.
1644- رجاء بن الجارود [7] ، أبو المنذر الزيات [8] .
سمع الواقدي، وأبا عاصم النبيل، والأصمعي، والقعنبي. روى عنه: ابن صاعد، والمحاملي، وكان ثقة.
توفي في رجب هذه السنة.
__________
[1] في ك: «قال» .
[2] تاريخ بغداد 7/ 409.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «له» ساقطة من ك.
[5] وفيات الأعيان 1/ 167. وطبقات الأطباء 1/ 184. وتاريخ حكماء الإسلام 16. وأخبار الحكماء 117.
[6] تاريخ بغداد 8/ 179.
[7] في الأصل: «رجاء بن أبي الجارود» .
[8] تاريخ بغداد 8/ 412.(12/160)
1645- عبيد الله بن سعد [1] بن إبراهيم، أبو الفضل الزهري [2] .
سمع عمه يعقوب، وروح بن عبادة روى عنه: البخاري في الصحيح، والباغندي، والبغوي، وابن صاعد، وكان ثقة.
توفي في ذي الحجة من هذه السنة.
1646- عَبْد الرَّحْمَنِ بن بشر بن الحكم، أبو مُحَمَّد العبدي النيسابوري [3] .
سمع سفيان بن عيينة، ويحيى بن سعيد، وابن مهدي، روى عنه البخاري، ومسلم في صحيحيهما.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا [أَبُو بَكْرٍ بْنِ ثَابِتٍ] الْخَطِيبُ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ علي المقرئ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ النيسابوري قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن صالح [بن هانئ] يقول: سمعت إبراهيم بن أبي طالب يقول: سمعت عَبْد الرَّحْمَنِ بن بشر [بن الحكم] [4] يقول: حملني بشر بن الحكم [5] على عاتقه في مجلس سفيان بن عيينة يقول: يا معشر أصحاب الحديث، أنا بشر بن الحكم النيسابورىّ، سمع أبي الحكم بن حبيب من سفيان بن عيينة، وقد سمعت أنا منه، وحدثت أَنَا [6] عنه بخراسان، وهذا ابني [7] عَبْد الرَّحْمَنِ قد سمع منه.
توفي عبد الرحمن في هذه السنة.
__________
[1] في تاريخ بغداد: «عبيد الله بن سعد» . وفي الأصل: «عبد الله بن سعيد» .
وفي ت: «عبيد الله بن سعيد» وكذا في ك.
[2] في ك والمطبوعة وتاريخ بغداد: «الزهري» .
وفي الأصل، ت: «الهروي» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 10/ 323، 324. والجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسراني 1/ 306.
[3] في الأصل «ابن محمد العبديّ النيسابورىّ» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 10/ 271، 272.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «يقول حملني بشر بن الحكم» ساقطة من ك.
[6] «أنا» ساقطة من ك.
[7] في الأصل: «وهذا ابن ابني» .(12/161)
1647- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن سفيان، أبو عَبْد اللَّهِ البزاز الترمذي [1] .
سكن بغداد، وحدث بها عن عُبَيْد اللَّهِ [بن عمر] [2] القواريري، وغيره. وكان ثقة.
1648- مُحَمَّد بن بيان بن مسلم، أبو العباس الثقفي [3] .
حدّث عن الحسن بن عرفة، عن ابن مهدي، عن مالك، عن الزهري عن أنس [4] بحديث لا أصل [5] له، فليست العلة إلا من جهته، وقد أغنى أهل العلم أن ينظروا في حاله.
1649- مُحَمَّد بن مسلم بن عَبْد الرَّحْمَنِ، أبو بكر القنطري الزاهد [6] .
كان ينزل قنطرة البردان، وكان يشبه في الزهد ببشر الحافي، وكان يكتب جامع سفيان لقوم لا يشك في صلاحهم ويتقوت بالأجرة.
أخبرنا [عَبْد الرحمن بن محمد] القزاز [7] ، أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت الخطيب [8] حَدَّثَنَا عبد العزيز بْن أبي الحسن القرميسيني قَالَ: سمعت علي بن عَبْد اللَّهِ الهمداني يقول: سمعت مظفر بن سهل المقرئ [9] يقول: قَالَ أبو بكر أَحْمَد بن مُحَمَّد المروذي: دخلت على أبي بكر بن مسلم صاحب قنطرة البردان يوم عيد فوجدته وعليه قميص مرقوع نظيف مطبق وقدامه قليل خرنوب يقرضه فقلت: يا أبا بكر، اليوم عيد الفطر وتأكل خرنوبا! فقال لي: لا تنظر إلى هذا و [لكن] [10] انظر إن سألتني من أين هو إيش أقول [11] .
توفي أبو بكر بن مسلم يوم الثلاثاء لخمس بقين من ذي الحجة من هذه السنة.
__________
[1] تاريخ بغداد 1/ 305، 306.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] تاريخ بغداد 2/ 97، 98.
[4] «عن أنس» ساقطة من ك.
[5] انظر الحديث في تاريخ بغداد 2/ 97.
[6] تاريخ بغداد 3/ 256.
[7] «القزاز» ساقطة من ك.
وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] «الخطيب» ساقطة من ك.
[9] في الأصل: «مظفر بن إسماعيل المقري» .
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] تاريخ بغداد 3/ 256.(12/162)
ثم دخلت سنة إحدى وستين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن المعتمد جلس في دار العامة لاثنتي عشرة ليلة [1] مضت من شوال فولى جعفر ابنه العهد وسماه المفوض إلى الله [تعالى] وولاه المغرب وضم إليه موسى بن بغا وولاه إفريقية، ومصر، والشام، والجزائر، والموصل، وأرمينية، وطريق خراسان، ومهرجان قذق، وحلوان. وولى أبا أَحْمَد أخاه العهد بعد جعفر، وولاه المشرق. وضم إليه مسرور البلخي، وولاه بغداد، والسواد، والكوفة، وطريق مكة والمدينة، واليمن، وكسكر، وكور دجلة، والأهواز، وفارس، [2] وأصبهان، وقم، والكرخ، والدينور، والري، وزنجان، وقزوين، وخراسان، وجُرْجَان، [3] وطبرستان، وكرمان، وسجستان، والسند. وعقد لكل واحد منهما لوائين أسود وأبيض، وشرط أن حدث به حدث [4] الموت وجعفر لم يكمل للأمر أن يكون الأمر لأبي [5] أَحْمَد، ثم لجعفر، وأخذت البيعة على الناس بذلك، وفرقت نسخ الكتاب بذلك وبعثت [6] نسخة مع الحسن بن مُحَمَّد بن أبي الشوارب ليعلقها في الكعبة فعقد جعفر المفوض [7] لموسى بن بغا على
__________
[1] «ليلة» ساقطة من ك.
[2] «وفارس» ساقطة من ك.
[3] «وجرجان» ساقطة من ك.
[4] في الأصل: «حادث» .
[5] في الأصل: «إلى أحمد» .
[6] في ك: «وبعث» .
[7] في الأصل: «المفوض إليه» .(12/163)
المغرب في شوال، وسار مسرور البلخي مقدمه لأبي أحمد من سامرا لسبع بقين [1] من ذي الحجة.
وحج بالناس في هذه السنة الذي حج بهم في التي قبلها.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1650- الحسن بن مُحَمَّد بن عبد الملك بن أبي الشوارب القرشي [2] .
ولي القضاء بسر من رأى، وولاه قاضي القضاة جعفر بن عبد الواحد بن سليمان بن علي فولى في أيام المتوكل وبعده، وكان فقيها سخيا ذا مروءة وكرم عظيم، ولم تزل في بيته إمارة ورياسة، منهم: عتاب بن أسيد ولاه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة، وخالد بن أسيد وهو جد [آل ابن] [3] أبي الشوارب.
أخبرنا القزاز، أخبرنا [أحمد بن علي] [4] الخطيب قال: أخبرني الأزهري، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن إبراهيم، حَدَّثَنَا ابن عرفة قَالَ: أخبرني من حضر مُحَمَّد بن عبد الملك بن أبي الشوارب وقد ورد عليه كتاب ابنه الحسن بولاية القضاء، فكتب إليه:
وصل إلى كتابك بتوليتك القضاء وحاشى لوجهك الحسن يا حسن من النار [5] .
[أَخْبَرَنَا القزاز، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن علي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عبد الواحد، حدثنا] [6] محمد بن العباس قال: قرئ على ابن المنادى وأنا أسمع، قال: دخل إلى مدينة السلام
__________
[1] في ك: «لسبع خلون» .
[2] تاريخ بغداد 7/ 410.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
و «الخطيب» ساقطة من ك.
[5] تاريخ بغداد 7/ 410.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ت.
وسقط من ك: «أخبرنا القزاز» .
وكتب في الأصل، ت: «قال محمد بن العباس» .(12/164)
الحسن بن مُحَمَّد بن أبي الشوارب قاضي القضاة للمعتمد، فتوفي بمدينة السلام لثمان عشرة خلت من ذي الحجة سنة إحدى وستين، وصلى عليه يوسف بن يعقوب [1] .
وذكر ابن جرير الطبري أنه توفي بمكة.
1651- الحسين بن بحر بن يزيد أَبُو عَبْد اللَّه [2] البيروذي [3] .
من نواحي الأهواز، قدم بغداد، وحدث عن حجاج بن نصير، وجبارة بن مغلس، وغيرهما. روى عنه: ابن صاعد، وابن أبي داود، وابن مخلد، وكان ثقة، وخرج إلى الغزو فأدركه أجله بملطية، وتوفي في رمضان هذه السنة.
1652- الحسين بن نصر بن المعارك، أبو علي [4] .
سكن مصر، وحدث بها عن أبي نعيم الفضل بن دكين، ونعيم بن حماد، وكان ثقة ثبتا. وتوفي بمصر في شعبان هذه السنة.
1653- سليمان بن توبة بن زياد، أبو داود النهرواني [5] .
سمع يزيد بن هارون، وروح بن عبادة، وشبابة [6] روى عنه: ابن مخلد. وَقَالَ عبد الرحمن بن أبي حاتم: كتبت عنه وكان صدوقا. وَقَالَ الدارقطني: ثقة.
توفي بمصر [7] في صفر هذه السنة.
1654- سليمان بن خلاد، [أبو خلّاد] [8] المؤدب [9] .
__________
[1] تاريخ بغداد 7/ 410، 411.
[2] «أبو عبد الله» ساقطة من ك.
[3] تاريخ بغداد 8/ 23.
[4] انظر الجرح والتعديل 3/ 66.
[5] في جميع الأصول: «سليمان» . وفي تاريخ بغداد «سلمان» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 207، 208.
[6] في ك والمطبوعة: «وأسامة» .
[7] «بمصر» ساقطة من ك، ت.
[8] «أبو خلاد» ساقطة من الأصل.
[9] تاريخ بغداد 9/ 53، 54.(12/165)
سكن سرمن رأى، وحدث بها عن يزيد بن هارون، وشبابه. روى عنه: ابن أبي داود، وابن مخلد. وَقَالَ ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي، وهو صدوق.
وتوفى بسر من رأى في هذه السنة.
1655- شعيب بن أيوب بن زريق بن معبد بن شيطا، أبو بكر الصريفيني [1] .
من أهل واسط. سمع يحيى بن آدم، وأبا داود الجفري. روى عنه: ابن صاعد، وابن مخلد، والمحاملي، ولي قضاء جنديسابور. قَالَ الدارقطني: هو ثقة.
توفي في هذه السنة.
1656- طيفور بن عيسى بن سروشان، أبو يزيد البسطامي [2] .
وكان سروشان مجوسيا فأسلم، وكان لعيسى ثلاثة أولاد: آدم وهو أكبرهم، وأبو يزيد أوسطهم، وعلى أصغرهم، وكانوا كلهم عبادا زهادا.
أخبرنا أبو بكر العامري، أَخْبَرَنَا على بن أبي صادق، أَخْبَرَنَا ابن باكويه قَالَ:
سمعت أَحْمَد بن الحسن القومسي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ قَالَ: سمعت العباس بن حمزة يقول: صليت خلف أبي يزيد البسطامي الظهر فلما أراد أن يرفع يديه ليكبر لم يقدر إجلالا لاسم الله [تعالى] وارتعدت فرائصه، حتى كنت أسمع تقعقع عظامه، فهالني ذلك.
أَخْبَرَنَا ابن ناصر، أَخْبَرَنَا أبو الفضل مُحَمَّد بن علي السهلكي قَالَ: حدثني أبو الحسن علي بن مُحَمَّد القوهي، حَدَّثَنَا عيسى بن مُحَمَّد، عن أبيه مُحَمَّد بن عيسى، حَدَّثَنَا موسى بن عيسى قَالَ: حدثني أبو عيسى بن آدم ابن أخي أبي يزيد قَالَ: كان أبو يزيد يزجر [3] نفسه فيصيح عليها ويقول: يا مأوى كل سوء، المرأة إذا حاضت طهرت في ثلاثة أيام وأكثره لعشرة، وأنت يا نفس قاعدة منذ عشرين وثلاثين سنة بعد ما طهرت،
__________
[1] في ك والمطبوعة: «الصيرفي» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 244، 245.
[2] طبقات الصوفية 67- 74. ووفيات الأعيان 1/ 240. وميزان الاعتدال 1/ 481. وحلية الأولياء 10/ 33. والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 65.
[3] في الأصل: «يعظ» .(12/166)
فمتى تطهرين؟ إن وقوفك بين يدي الله [عز وجل] طاهر فينبغي أن تكوني طاهرة.
توفي أبو يزيد في هذه السنة، وله ثلاث وسبعون سنة.
1657- عَبْد اللَّهِ بن الهيثم بن عثمان، أبو مُحَمَّد العبدي [1] .
من أهل البصرة، قدم بغداد، وحدث بها عن أبي عامر العقدي، وأبي داود الطيالسي- روى عنه: البغوي، والمحاملي. وكان ثقة. توفي بالشام في هذه السنة.
1658- عَبْد الرَّحْمَنِ المتطبب [2] .
كان أَحْمَد بن حنبل يثني عليه، وكان يدخل عليه وعلى بشر.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا [أَبُو بَكْرٍ أحمد بْن علي بْن ثابت] الخطيب [3] قَالَ: اخبرني أَبُو الفضل عبد الصمد بْن مُحَمَّد الخطيب، حَدَّثَنَا الحسن بن الحسين الفقيه [الهمذاني] قَالَ: حدثني أبو مُحَمَّد الحسن بن عثمان بن عبدويه، حَدَّثَنَا أبي قَالَ: سمعت عَبْد الرَّحْمَنِ الطبيب [4]- هو طبيب أَحْمَد بن حنبل وبشر الحافي- قَالَ:
اعتلا جميعا في مكان واحد. فكنت أدخل إلى بشر فأقول لَهُ: كيف تجدك يا أبا نصر؟ قَالَ:
فيحمد الله تعالى، ثم خبرني فيقول: أَحْمَد الله إليك، أجد كذا وكذا. وأدخل على أبي عَبْد اللَّهِ فأقول: كيف تجدك يا أبا عَبْد اللَّهِ؟ فيقول: بخير. فقلت له يوما: إن أخاك بشرا عليل وأسأله [بحاله] فيخبرني [5] ، فيبدأ بحمد الله تعالى ثم يخبرني. فقال لِي [6] : سله عمن أخذ هذا؟ فقلت لَهُ [7] : إني أهابه أن [8] أسأله فقال: قل له [9] : قال لك أخوك أبو
__________
[1] تاريخ بغداد 10/ 195.
[2] في تاريخ بغداد: «عبد الرحمن الطبيب» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 10/ 276- 278.
[3] «والخطيب» ساقطة من ك. وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «المتطبب» .
[5] «فيخبرني» ساقطة من ك. وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] «لي» ساقطة من ك.
[7] «له» ساقطة من ك.
[8] في ك: «أني» .
[9] «له» ساقطة من ك.(12/167)
عَبْد اللَّهِ: عمن أخذت هذا؟ قَالَ: فدخلت عليه فعرفته ما قَالَ. فقال لي: أبو عَبْد اللَّهِ لا يريد الشيء إلا بالإسناد: أزهر [1] عن ابن عون، عن ابن سيرين: إذا حمد الله [تعالى] العبد قبل الشكوى لم تكن شكوى، إنما أقول لك أجد [2] كذا أعرف قدرة الله تعالى في.
قَالَ: فخرجت من عنده [فمضيت إلى أبي عَبْد اللَّهِ] [3] فعرفته. ما قَالَ [4] .
فكنت بعد ذلك إذا دخلت عليه يقول: أَحْمَد الله إليك، ثم يذكر ما يجد [5] .
1659- عثمان بن معبد بن نوح المقري [6] .
سمع أبا نعيم الفضل بن دكين. روى عنه: ابن أبي الدنيا، وابن صاعد، وكان ثقة.
وتوفي بالجانب الغربي من بغداد في صفر هذه السنة.
1660-[علي بن] [7] الحسين بن إبراهيم بن الحر، ويعرف: بابن إشكاب [8] .
سمع إسماعيل بن علية، وأبا معاوية. روى عنه: أبو داود، وابن صاعد، وكان ثقة صدوقا. توفي في شوال [9] هذه السنة.
1661- قطن بن إبراهيم، أبو سعيد القشيري النيسابورىّ [10] .
__________
[1] في الأصل: «إلا بإسناد» .
و «أزهر» ساقطة من ك.
[2] «أجد» ساقطة من ك.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «ما قال» ساقطة من ك.
[5] تاريخ بغداد 10/ 277.
[6] تاريخ بغداد 11/ 290.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] تهذيب الكمال 961. وتهذيب التهذيب 7/ 302. وتقريب التهذيب 2/ 34.
[9] في ك: «شعبان» .
[10] تاريخ بغداد 12/ 476- 478.(12/168)
وَلِدُ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَسَمِعَ مِنْ عَبْدَانَ [1] ، وَقِبيصَةَ، وَغَيْرِهِمَا. رَوَى عَنْهُ: أَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيَّانِ، وَغَيْرُهُمَا. وَكَانَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ قَدْ كَتَبَ عَنْهُ فَازْدَحَمَ النَّاسُ عَلَيْهِ حَتَّى حَدَّثَ بِحَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ: عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» [2] . فَطَالَبُوهُ بِالأَصْلِ فَأَخْرَجَهُ، وقد كتبه على الحاشية فتركه مسلم.
وكان قد سأل مُحَمَّد بن عقيل عن هذا الحديث فقال ابن عقيل: حَدَّثَنَا حفص، عن ابن طهمان، فخرج هو [3] إلى الناس فقال: حَدَّثَنَا حفص فاتضع لهذا.
وتوفي قطن في هذه السنة.
1662- مُحَمَّد بن الحسين بن إبراهيم بن الحر، أبو جعفر العامري، ويعرف بابن إشكاب [4] .
ولد في سنة إحدى وثمانين ومائة، وسمع أبا النضر وغيره، وأخرج عنه البخاري في صحيحه، وكان حافظا صدوقا ثقة من أهل العلم والأمانة.
وتوفي في محرم هذه السنة وله ثمانون سنة.
1663- مُحَمَّد بن خلف، أبو بكر المقري، ويعرف بالحدادي [5] .
سمع حسينا الجعفي وغيره- روى عنه: البخاري في صحيحه. قَالَ الدارقطني:
كان فاضلا ثقة. توفي في ربيع الأول هذه السنة.
1664- مُحَمَّد بن علي بن محرز، أبو عَبْد اللَّهِ البغدادي [6] .
كان محدثا ثقة فهما وفي أخلاقه زعارة، حدّث بالكثير [7] .
وتوفي بمصر فِي ربيع الآخر [من هَذِهِ السنة] [8] .
__________
[1] في الأصل: «ابن عبدان» .
[2] تاريخ بغداد 12/ 477.
[3] في ك: «فخرج هذا» .
[4] تقريب التهذيب 2/ 155.
[5] تاريخ بغداد 5/ 234، 235.
[6] تاريخ بغداد 3/ 57، 58.
[7] في الأصل: «بالكبيرة» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/169)
1665- مُحَمَّد السمين [1] .
كان أستاذ الجنيد وله منازلات [2] في التوكل والشوق.
أَخْبَرَنَا عمر بن ظفر، أخبرنا جعفر بن أحمد، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ الأَزَجِيُّ، أَخْبَرَنَا علي بن عبد الله بن جهضم، حَدَّثَنَا الخلدي قَالَ: قَالَ الجنيد: قَالَ لي مُحَمَّد بْن [3] السمين: كنت في وقت من الأوقات أعمل على الشوق، وكنت أجد من ذلك شيئا أنا به مستقبل، فخرجت إلى الغزو وهذه الحالة حالتي [4] ، وغزا الناس وغزوت معهم، وكثر العدو على المسلمين، وتقاربوا والتقوا، ولزم المسلمين من ذلك خوف لكثرة الروم.
قَالَ مُحَمَّد: فرأيت نفسي في ذلك الموطن وقد لحقها روع فاشتد ذلك علي، فجعلت أوبخ نفسي وألومها وأؤنبها وأقول لها: يا كذابة، قد عين الشوق فلما جاء الموطن الذي يؤمل في مثله [5] الخروج اضطربت وتغيرت. فأنا أوبخها إذ وقع علي أن أنزل إلى النهر فأغتسل، فخلعت ثيابي واتزرت، ودخلت [6] النهر واغتسلت، وخرجت وقد اشتدت لي عزيمة لا أدري ما هي، فخرجت بقوة تلك العزيمة، ولبست ثيابي، وأخذت سلاحي، ودنوت من الصفوف، وحملت بقوة تلك العزيمة حملة، وأنا لا أدري كيف أنا، فمزقت صفوف المسلمين، وصفوف الروم حتى صرت من ورائهم، ثم كبرت تكبيرة، فسمع الروم تكبيرا وظنوا أن كمينا قد خرج عليهم من ورائهم، فولوا، وحمل عليهم المسلمون فقتل من الروم بسبب تكبيرتي تلك نحو أربعة آلاف، وجعل الله عز وجل ذلك سبب النصر والفتح.
1666- مُحَمَّد بن حماد، أبو عبد الله الطهراني [7] .
__________
[1] تاريخ بغداد 5/ 348.
[2] في الأصل: «مناولات» .
[3] «محمد بن» ساقطة من ك.
[4] في ك: «بهذه الحال» .
[5] في ك: «يؤمل فيه» .
[6] في الأصل: «ونزلت» .
[7] تاريخ بغداد 2/ 271، 272.(12/170)
رحل في طلب الحديث، فسمع من عبد الرزاق، وغيره. وكان له فهم [وهو] [1] منسوب إلى طهران قرية أخرى [2] من قرى [الري، وثم من ينسب إلى طهران، وهي قرية أخرى من قرى خراسان إلا أن] [3] طهران الري أشهر من تلك.
توفي ابن حماد بعسقلان في ربيع الأول [4] من هذه السنة.
1667- مسلم بن الحجاج بن مسلم، أبو الحسين [5] القشيري النيسابوري [6] .
سمع بنَيْسابور: يحيى بن يحيى، وقتيبة بن سعيد، وإسحاق بن راهويه، وغيرهم، وبالري: مُحَمَّد بن مهران، وغيره، وببغداد: أَحْمَد بن حنبل، وغيره.
وبالبصرة: القعنبي، وغيره. وبالكوفة عمر بن [7] حفص بن غياث، وغيره.
وبالمدينة: إسماعيل بن أبي أويس، وغيره، وبمكة: سعيد بن منصور، وغيره.
وبمصر: حرملة بن يحيى، وغيره.
وكان تام القامة، أبيض الرأس واللحية، وكان من كبار العلماء وأوعية العلم، وله مصنفات كثيرة منها: «المسند الكبير على الرجال» وما نظن أنه سمعه منه أحد، و «كتاب الجامع الكبير على الأبواب» ، و «كتاب الأسامي والكنى» ، و «كتاب المسند الصحيح» ، وقال: صنفته من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة، و «كتاب التمييز» ، و «كتاب العلل» ، و «كتاب الوحدان» ، و «كتاب الأفراد» ، و «كتاب الأقران» ، و «كتاب سؤالات أحمد بن حنبل» ، و «كتاب الانتفاع بأهب السباع» ، و «كتاب عمرو بن شعيب بذكر من لم يحتج بحديثه وما أخطأ فيه» . و «كتاب مشايخ مالك بن أنس» ، و «كتاب مشايخ
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «أخرى» ساقطة من ك.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي الأصل كتب النص هكذا: «قرية أخرى من قرى أحبها وقد سبق أن ظهران الري أشهر ... » .
[4] في ك: «ربيع الآخر» .
[5] في الأصل: «أبو الخير» .
[6] تاريخ بغداد 13/ 100- 104. وتذكرة الحفاظ 2/ 150. وتهذيب التهذيب 10/ 126. ووفيات الأعيان 2/ 91. وطبقات الحنابلة 1/ 337. والبداية والنهاية 11/ 33.
[7] «عمر بن» ساقطة من ك.(12/171)
الثوري» ، و «كتاب مشايخ شعبة» ، و «كتاب ذكر من ليس له إِلَّا راو واحد من رواة الحديث» ، و «كتاب المخضرمين» و «كتاب أولاد الصحابة فمن بعدهم من المحدثين» ، و «كتاب ذكر أوهام المحدثين» ، و «كتاب تفضيل السنن» [1] و «كتاب طبقات التابعين» ، و «كتاب أفراد الشاميين من الحديث» و «كتاب المعرفة» [2] .
قدم بغداد مرارا فآخر قدومه كان في سنة تسع وخمسين ومائتين سمع منه:
يحيى بن صاعد، ومحمد بن مخلد.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت قال: أخبرنا محمد بن عليّ [3] المقرئ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ النيسابوري قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن أَبِي [4] يعقوب يقول: سمعت أَحْمَد بن سلمة يقول: عقد لمسلم مجلس للمذاكرة، فذكر له حديث لم يعرفه فانصرف إلى منزله، وأوقد السراج، وَقَالَ لمن في الدار: لا يدخلن أحد منكم إلى [5] هذا البيت! فقيل له: أهديت لنا سلة فيها تمر فقال: قدموها إلى فقدموها إليه فكان يطلب الحديث ويأكل تمرة تمرة، فأصبح وقد فني التمر ووجد الحديث.
قَالَ مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ: أخبرني الثقة من أصحابنا أنه [مات منها] [6] . توفي مسلم في رجب هذه السنة.
__________
[1] في ك: «تفضيل سنن» .
[2] في ك: «معرفة» .
[3] «علي» ساقطة من ك.
[4] «أبي» ساقطة من ك.
[5] «إلى» ساقطة من ك.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي ت: «أنه منها مات» .
انظر تاريخ بغداد 13/ 103.(12/172)
ثم دخلت سنة اثنتين وستين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
خروج المعتمد إلى حرب يعقوب بن الليث الصفار، وكان يعقوب قد عصى وتجبر، فعسكر المعتمد يوم السبت لثلاث خلون من جمادي الآخرة، واستخلف على سامراء ابنه جعفرا، ثم سار وقدم أخاه أبا أَحْمَد لحربه فجعل أبو أَحْمَد على ميمنته موسى بن بغا، وعلى ميسرته مسرورا، والتقى العسكران يوم الأحد العاشر من [رجب مع] [1] الظهر، فشدت ميسرة يعقوب على ميمنة أبي أَحْمَد فهزمتها وقتلت منها جماعة [2] وقتل من أصحاب يعقوب جماعة وكره أصحابه القتال إذ رأوا [3] السلطان قد حضر لقتاله [4] فحملوا على يعقوب، فانهزم أصحابه [أقبح هزيمة. وقرئ على الناس كتاب فِيهِ] [5] «ولم يزل المارق المسمى يعقوب [بن الليث الصفار] [6] ينتحل الطاعة حتى أحدث الأحداث المنكرة من مصيره إلى فارس مرة بعد مرة واستيلائه على أموالها وإقباله إلى باب أمير المؤمنين مظهر المسألة أمور أجابه أمير المؤمنين فيها إلى ما لم يكن ليستحقه استصلاحا له فولاه خراسان، والري، وفارس، وقزوين، وزنجان، والشرطة ببغداد، وأمر أن يكنى في كتابه، وأقطعه الضياع النفيسة، فما زاده ذلك إلا طغيانا
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «وقتل من أصحاب يعقوب جماعة» ساقطة من ك.
[3] في ك: «لما علموا أن السلطان» .
[4] في ك: «القتال» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/173)
وبغيا، وأمره بالرجوع فأبى، فنهض أمير المؤمنين لدفع الصفار، ثم غلب يعقوب بن الليث على فارس ثم رجع المعتمد إلى معسكره وعاد إلى المدائن.
وفي هذه السنة: ولى القضاء على بن مُحَمَّد بن أبي الشوارب، وولى إسماعيل بن إسحاق قضاء الجانب الشرقي من بغداد، وجمع له الجانبان.
ومن الحوادث في هذه السنة: ما أَنْبَأَنَا به أبو بكر بن مُحَمَّد بن أبي طاهر البزار، عن أبي الحسين بن المهتدي قَالَ: رأيت بخط ابن الفرات: حَدَّثَنَا القاضي أبو الحسن الجراحي قال: [1] حدثني عبد الخالق بن الحسن قَالَ: سمعت أبا عون الفرائضي يقول: خرجت إلى مجلس أَحْمَد بن منصور الزيادي سنة اثنتين وستين ومائتين، فلما صرت بطاق الحراني رأيت رجلا قد أمر بالقبض على امرأة وأمر بجرها، فقالت له: اتق الله. فأمر أن تجر، فلم تزل تناشده الله وهو يأمر بجرها إلى أن بلغت [2] باب القنطرة، فلما يئست من نفسها رفعت رأسها إلى السماء ثم قالت: قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ في ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ 39: 46 [3] إن كان هذا الرجل يظلمني فخذه. قَالَ أبو عون: فوقع الرجل على ظهره ميتا وأنا أراه، فحمل على جنازة، وانصرفت المرأة.
وحج بالناس في هذه السنة الذي حج بهم قبلها.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1668- أَحْمَد بن الحسن بن القاسم، أبو الحسن الكوفي، يعرف برسول نفسه [4] .
حدث عن ابن عيينة، وغيره. قَالَ الدارقطني: هو متروك الحديث. قَالَ ابن حبان: يضع الحديث على الثقات. توفي بمصر في هذه السنة.
__________
[1] «قال» ساقطة من ك.
[2] «أن بلغت» ساقطة من ك.
[3] سورة: الزمر، الآية: 46.
[4] ميزان الاعتدال 1/ 90.(12/174)
1669- إسحاق بن إبراهيم بن مُحَمَّد، أبو يعقوب الصفار [1] .
روى عن عبد الوهاب بْن عَطَاء [2] والواقدي. روى عنه: ابن صاعد، والمحاملي [3] ، و [الباغندي، وغيرهما. وآخر من روى عنه] [4] ابن مخلد، وكان [ثبتا] [5] ثقة [متقنا حافظا] [6] . توفي في هذه السنة.
1670- حاتم [7] بن الليث، وبعض الرواة يقول: ابن أبي الليث بن الحارث بن عَبْد الرَّحْمَنِ، أبو الفضل الجوهري [8] .
روى عن إسماعيل بن أبي أويس، وغيره، روى عنه: الباغندي، وغيره، وأخر من روى عنه: ابن مخلد، وكان ثقة ثبتا متقنا [9] حافظا. توفي في هذه السنة.
1671-[حمدون بن عمارة، أبو جعفر البزار [10] .
سمع من جماعة، وروى عنه: ابن صاعد، وابن مخلد، وكان ثقة، واسمه:
مُحَمَّد، ولقبه: حمدون، وهو الغالب عليه، وتوفي في جمادي الأولى من هذه السنة] .
1672- خلف بن ربيعة بن الوليد، أبو سليمان [11] الحضرمي [12] .
روى عن أبيه، وابن وهب، وكان عالما بأخبار مصر. توفي في هذه السنة.
__________
[1] تاريخ بغداد 6/ 374، 375.
[2] «بن عطاء» ساقطة من ك.
[3] «والمحاملي» ساقطة من ك.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في الأصل: «سالم» .
[8] تاريخ بغداد 8/ 245، 246.
[9] «متقنا» ساقطة من ك.
[10] هذه الترجمة ساقطة من الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 177.
[11] «بن الوليد أبو سليمان» ساقطة من ت. وفي الأصل: «أبو الوليد أبو سليمان» .
[12] الحضرميّ: هذه النسبة إلى حضرموت، وهي من بلاد اليمن من أقصاها (الأنساب 4/ 159) .(12/175)
1673- خالد بن يزيد، أبو الهيثم التميمي [1] .
خراساني الأصل، كان أحد كتاب الجيش ببغداد، وله شعر مدون [2] ، وعاش دهرا طويلا واختلط في آخر عمره، فقيل: إن السوداء غلبت عليه، وقيل: بل كان يهوى جارية لبعض الملوك، ولم يقدر عليها، فسمع يوما منشدا ينشد:
من كان ذا شجن بالشام يطلبه ... ففي سوى الشام أمسى الأهل والشجن
فبكى حتى سقط على وجهه، ثم أفاق مختلطا، واتصل ذلك بِهِ [3] حتى وسوس، وكان قبل ذلك ينادم على بن هشام [4] ، وسبب ذلك أنه أنشده يوما:
يا تارك الجسم بلا قلب ... إن كنت أهواك فما ذنبي
يا مفردا بالحسن أفردتني ... منك بطول الهجر والعتب
إن تك عيني أبصرت فتنة ... فهل عَلَى قلبي من ذنب [5]
حسيبك الله لما بي كما ... ألقى [6] في فعلك بي حسبي
فجعله في ندمائه إلى أن قتل. ثم صحب الفضل بن مروان، فذكره للمعتصم وهو بالماحوزة [7] قبل أن تبنى سرمن رأى، فأمر بإحضاره واستنشده فأعجب به. ولما بنيت سامرا قَالَ خالد:
عزم السرور على المقام ... بسر من رأى للإمام
[بلد المسرة والفتوح ... المستنيرات العظام] [8]
وتراه أشبه منزل ... في الأرض بالبلد الحرام
__________
[1] تاريخ بغداد 8/ 316، 317.
[2] في ت، ك: «مروي» .
[3] في ك: «ذلك به» .
[4] في الأصل: «هاشم» .
[5] هذا البيت ساقط من ك.
[6] في ك: «كما أنك» .
[7] في ك: «ماحورة» .
[8] هذا البيت ساقط من الأصل.(12/176)
فاللَّه يعمره بمن [1] ... أضحى به عز الأنام
فاستحسنها الفضل، وأوصلها إلى المعتصم قبل أن يقال في سرمن رأى شيء [2] فأمر لخالد بخمسة آلاف درهم. ودخل على إبراهيم بن المهدي فأنشده:
عاتبت قلبي في هواك ... فلم أجده يقبل
فأطعت داعية إليك ... ولم أطع من يعذل [3]
لا والذي جعل الوجوه ... لحسن وجهك تمثل
لا قلت إن الصبر عنك ... من التصابي أجمل
فأعطاه ثلاثمائة وخمسين دينارا.
قَالَ خالد: وَقَالَ لي علي بن الجهم هب لي بيتك:
ليت ما اصبح من رقة ... خديك بقلبك
فقلت: يا جاهل، هل رأيت أحدا يهب ولده.
أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أحمد بن علي أَنْبَأَنَا علي [4] بن طلحة المقرئ، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عمران، حَدَّثَنَا صالح بن مُحَمَّد، حَدَّثَنَا القعنبي قَالَ: مر خالد الكاتب يوما بصبيان فجعلوا يرجمونه ويقولون: يا خالد، يا بارد. فقال لهم:
ويلكم أنا بارد وأنا الذي أقول:
سيدي أنت لم أقل سيدي أنت ... لخلق سواك والصب عبد
خذ فؤادي فقد أتاك بود ... وهو بكر ما افتضه قط وجد
كبد رطبة يفتتها الوجد ... وخد فيه من الدمع خد
أخبرنا القزاز، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن علي، أَخْبَرَنَا القاضي أبو حامد الكلواذاني فيما
__________
[1] في ك: «فقد أضحى» .
[2] «شيء» ساقطة من ك.
[3] في ك: «يعذل» .
[4] «أنبا علي» ساقطة من ك. والأصل.(12/177)
أذن أن نرويه عنه] [1] قَالَ: [أَخْبَرَنَا] أبو عمر الزاهد، أَخْبَرَنَا ثعلب قَالَ: ما أحد من الشعراء تكلم في الليل إلا قارب إلا خالد الكاتب، فإنه أبدع في قوله:
وليل المحب بلا آخر
فإنه لم يجعل لليل [2] آخر.
وأنشدنا:
رقدت ولم ترث للساهر ... وليل المحب بلا آخر
ولم تدر بعد ذهاب الرقاد ... ما فعل الدمع بالناظر
أيا من تعبدني طرفه ... أجرني من طرفك الجائر
وخذ للفؤاد فداك الفؤاد ... من طرفك الفاتن الفاتر
[أخبرنا [3] أبو منصور القزاز، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن علي، أَخْبَرَنَا القاضي أَحْمَد بن مُحَمَّد الدلوي، أَخْبَرَنَا أبو القاسم الحسن بن مُحَمَّد بن حبيب قَالَ: سمعت عَبْد الرَّحْمَنِ بن مظفر الأنباري يقول: سمعت أبا القاسم بن أبي حسنة يقول: سمعت خالد بن يزيد الكاتب يقول: بينا أنا مار بباب الطاق إذا براكب خلفي على بغلة، فلما لحقني نخسني بسوطه وَقَالَ لي: أنت القائل «ليل المحب بلا آخر» قلت: نعم. قَالَ:
للَّه أبوك وصف امرؤ القيس الليل الطويل في ثلاثة أبيات، ووصفه النابغة في ثلاثة أبيات، ووصفه بشار بن برد في ثلاثة أبيات، وبرزت عليهم بشطر كلمة للَّه أبوك. قلت:
بم وصفه امرؤ القيس: فقال: بقوله:
وليل كموج البحر أرخى سدوله ... على بأنواع الهموم ليبتلي
فقلت له لما تمطى بصلبه ... وأردف أعجازا وناء بكلكل
ألا أيها الليل الطويل ألا انجل ... بصبح وما الإصباح منك بأمثل
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ك: «فإنه لم يجعل له آخر» .
[3] من هنا حتى نهاية المعقوفة بقوله: «فإن جد الأدب وهزله جد أنشدني. فأنشدته» ساقط من الأصل.
وسنشير إلى ذلك في مكانه.(12/178)
قلت: وبما وصفه النابغة؟ فقال: بقوله:
كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب
تقاعس حتى قلت ليس بمنقض ... وليس الذي يهدي النجوم بآئب [1]
وصدر أراح الليل عازب همه ... تضاعف فيه الهم من كل جانب
قلت: وبما وصفه بشار؟ فقال: بقوله:
خليلي ما بال الدجى لا تزحزح ... وما بال ضوء الصبح لا يتوضح
أظن الدجى طالت وما طالت الدجى ... ولكن أطال الليل سقم مبرح
أضل النهار المستنير طريقه ... أم الدهر ليل كله ليس يبرح
قلت له: يا مولاي، هل لك في شعر قلته لم أسبق إليه؟
كلما اشتد خضوعي ... بجوى بين ضلوعي
ركضت في حلبتي خدي ... خيل من دموعي
قال: فثنى رجله عن بغلته وَقَالَ: هاكها فاركبها، فأنت أحق بها مني. فلما مضى سألت عنه فقالوا: هو حبيب بن أوس الطائي.
وفي حديث آخر: أنه قيل له: من أين تأخذ قولك «وليل المحب بلا آخر» فقال:
وقفت على باب وعليه سائل مكفوف يقول: الليل والنهار على سواء. فأخذت هذا منه.
أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أحمد بن علي، أخبرنا علي بن أبي علي، حَدَّثَنَا الحسين بْن مُحَمَّد بْن سليمان الكاتب قَالَ: حدثني أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد المعروف بابن السقا قَالَ: حدثني جحظة قَالَ: قَالَ لي خالد الكاتب: أضقت حتى عدمت القوت أياما، فلما كان في بعض الأيام بين المغرب وعشاء الآخرة إذا بابي يدق فقلت: من ذا؟ فقال: من إذا خرجت إليه عرفته. فخرجت فرأيت رجلا راكبا عَلَى حمار، عليه طيلسان أسود، وعلى رأسه قلنسوة طويلة، ومعه خادم، فقال لي: أنت الذي تقول:
أقول للسقم عد إلى بدني ... حبا لشيء يكون من سببك
__________
[1] في ت جاء هذا البيت مكان (الّذي يليه، وبالعكس» .(12/179)
قال: قلت: نعم. قَالَ: أحب أن تنزل عنه. فقلت: وهل ينزل الرجل عن ولده؟
فتبسم وَقَالَ: يا غلام، أعطه ما معك. فرمى إلى صرة في ديباجة سوداء مختومة، فقلت: إني لا أقبل عطاء من لا أعرفه، فمن أنت؟ قَالَ: أنا إبراهيم بن المهدي.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ أَخْبَرَنَا أحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَيُّوبَ الْقُمِّيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن عمران المرزباني قَالَ: أخبرني محمد بن يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْهَيْثَمِ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْكَاتِبُ قَالَ: لَمَّا بُويِعَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمَهْدِيِّ بِالْخِلافَةِ طَلَبَنِي، وَقَدْ كَانَ يَعْرِفُنِي، وَكُنْتُ مُتَّصِلا بِبَعْضِ أَسْبَابِهِ، فَأُدْخِلْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ لِي:
يَا خَالِدُ، أَنْشِدْنِي مِنْ شِعْرِكَ. فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَيْسَ شِعْرِي مِنَ الشِّعْرِ الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ من الشعر حكما» . وإنما أمزح وَأَهْزِلُ، وَلَيْسَ مَا يُنْشَدُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: لا أدع هذا يا خالد، فإن جد الأدب وهزله جد، أنشدني.
فأنشدته] [1] .
عش فحبيك سريعا قاتلي ... والضنى إن لم تصلني واصلي
ظفر الشوق بقلب كمد [2] ... فيك والسقم بجسم ناحل
فهما بين اكتئاب وضنى ... تركاني كالقضيب الذابل
وبكى العاذل لِي من رحمة ... وبكائي لبكاء العاذل
1674- سعدان بن يزيد، أبو مُحَمَّد البزاز [3] .
حدث عن إسماعيل ابن علية، ويزيد بن هارون، وغيرهما، وكان صدوقا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ بن علي بن ثابت] الخطيب [4] ،
__________
[1] إلى هنا النقص في الأصل.
[2] في ك: «مكمد» .
[3] في الأصل: «البزار» .
وفي ت: «البراز» .
وما أثبتناه من تاريخ بغداد، ك.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 204، 205.
[4] «الخطيب» ساقطة من ك. وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/180)
أخبرنا الحسين بن أبي طالب، حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن الحسن [1] الجراحي قَالَ: حدثني أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ [2] بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هارون قَالَ: قَالَ لي مُحَمَّد بن نصر الصائغ: نظر إلى سعدان بن يزيد البزاز فقال لي: يا مُحَمَّد بن نصر، أحدثك بشيء لا تحدث عني به حتى الموت. فقلت: نعم. فقال [لي] : كنت في بعض أسفاري، فنزلت في بعض الخانات، وكانت ليلة مطيرة ورعد وبرق، فنام أهل الخان، وجلست أفكر في عظمة الله تَعَالَى فنمت، فإذا ابن لي قد كنت أقصيته وبعدته، وإذا هو يخضع لِي [3] ويقرب مني، وأنا أقصيه وأبعده، ثم انتبهت، فصاح بي صائح [من جانب الخان] [4] : يا سعدان بن يزيد، قد رأيت عظمته [5] فافهم، هكذا يغضب عليك إذا عصيته، ويتحنن عليك إذا أرضيته [6] .
أخبرنا عبد الرحمن، أخبرنا أحمد بن علي، أَخْبَرَنَا الحسن بن مُحَمَّد الخلال، حَدَّثَنَا عمر بن أَحْمَد بن عثمان، حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي معمر قَالَ: سمعت سعدان بن يزيد يقول:
ألا في سبيل الله عمر رزئته ... وفقد ليال فات [7] منها نعيمها
أأغبن أيامي ولا أستقيلها ... وتذهب عنى ليلة لا أقومها
وتنقطع الدنيا ويذهب غنمها ... ويغتنم الخيرات منها حكيمها [8]
توفي سعدان في رجب هذه السنة.
1675-[سليمان بن الحسن، أبو أيوب، يعرف بأخي المقتصد [9] .
__________
[1] «الحسن» ساقطة من ك.
[2] في ك: «أبو محمد بن عبد الله» .
[3] «لي» ساقطة من ك.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في الأصل: «عظة» .
[6] تاريخ بغداد 9/ 204.
[7] في ك: «بان» .
[8] تاريخ بغداد 9/ 204، 205.
[9] هذه الترجمة ساقطة من الأصل، ت.
وفي المطبوعة: «يعرف بأخي المعتضد» . انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 54.(12/181)
حدث عن: عَبْد اللَّهِ بن نمير، ويزيد بن هارون، روى عنه: محمد بن مخلد، وكان ثقة، وتوفي في رمضان هذه السنة] .
1676- عَبْد اللَّهِ بن المنير المروزي [1] .
أَخْبَرَنَا سعد [الله] بن علي البزاز، ومحمد بن عبد الباقي [قالا:] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الطُّرَيْثِيثِيُّ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ الله بن الحسن الطبري، حدّثنا أحمد بن محمد بن الخليل [2] ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أَحْمَد بن سلمة، حَدَّثَنَا أبو شجاع الفضل بن العباس التميمي، حَدَّثَنَا يعقوب بن إسحاق بن محمود الهروي قَالَ: سمعت يحيى بن بدر القريشي يقول: كان عَبْد اللَّهِ بن منير يوم الجمعة قبل الصلاة [يكون] [3] بقزوين، فإذا كان في وقت صلاة الجمعة يرونه في مسجد آمد، وكان الناس يقولون: إنه يمشي على الماء، فقيل له: يا أبا محمد، إنك تمشي على الماء. فقال: أما المشي على الماء فلا أدري، ولكن إذا أراد الله عز وجل جمع حافتي النهر حتى يعبر الإنسان.
قَالَ: وكان عَبْد اللَّهِ بن منير إذا قام من المجلس خرج إلى البرية مع قوم من أصحابه يجمع شيئا مثل الأشنان وغيره، فيدخل السوق فيبيع ذلك، فيتعيش به. قَالَ:
فخرج يوما مع أصحابه، فإذا هو بالأسد رابض على الطريق فقيل له: هذا الأسد. فقال لأصحابه؟ قفوا. ثم تقدم [هو وحده] [4] إلى الأسد ولا يدري ما قاله، فمر الأسد. فقال لأصحابه: مروا.
1677- عبيد الله [5] بن جرير بن جبلة بن أبي داود العتكي البصري [6] .
روى عن مسدد، وغيره، روى عنه: ابن أبي الدنيا، وابن صاعد.
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، أخبرنا البرقاني،
__________
[1] في الأصل: «المروي» .
[2] في ك: «محمد الخليل» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في الأصل: «عبد الله» وتكررت «عبد الله بن جرير» في المطبوعة.
[6] تاريخ بغداد 10/ 325.(12/182)
أخبرنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، أَخْبَرَنَا] [1] مُحَمَّد بن إسحاق السراج.
قَالَ: أنشدني عبيد الله بن جرير:
ما لا يكون فلا يكون بحيلة ... أبدا وما هو كائن سيكون
سيكون [2] ما هو كائن في وقته ... وأخو الجهالة متعب محزون
توفي [العتكي] [3] في رجب هذه السنة بواسط.
1678- عَبْد الرَّحْمَنِ [بن يحيى] [4] بن خاقان، أبو علي، عم أبي مزاحم موسى بن عبيد الله [5] .
روى أبو مزاحم عنه مسائل عن [6] أَحْمَد بن حنبل.
[أَنْبَأَنَا أبو منصور القزاز، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي علي بن طلحة المقرئ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن العباس الخزاز] [7] قَالَ: [سمعت] أبا مزاحم [بن عبيد الله يقول:] كان عمي عَبْد الرَّحْمَنِ بن يحيى كثير الجماع، وكان قد رزق من الولد لصلبه مائة وستة، وكان قد أنحله كثرة الجماع [8] .
1679- عباد بن الوليد بن خالد [9] ، أبو بدر الغبري [10] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «وله: سيكون.. 0» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] تاريخ بغداد 10/ 278.
[6] في ك: «من أحمد بن حنبل» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] تاريخ بغداد 10/ 278.
[9] في ك: «ابن الوليد بن الوليد» .
[10] في ك: «الغنوي» .
وفي تاريخ بغداد: «الغبّري» .
وفي ت: «العنبري» .
وفي الأصل: «الغزي» .
والصحيح هو ما أثبتناه من «الأنساب للسمعاني» .(12/183)
سمع من أبي داود الطيالسي، روى عنه: ابن أبي الدنيا، وابن صاعد، وكان صدوقا. وتوفي في هذه السنة، وقيل: في سنة ثمان وخمسين.
1680- عمر بن شبة بن عبيدة بن زيد [1] ، أبو زيد النميري البَصْريّ [2] .
واسم أَبِيهِ زيد [3] ، وإنما لقب شبة لأن أمه كانت ترقصه وتقول:
يا بأبي وشبا ... وعاش حتى دبا
ولد عمر سنة ثلاث وسبعين [4] ومائة، وحدث عن: غندر، وابن مهدي، ويزيد بن هارون وغيرهم. روى عنه: ابن أبي الدنيا، والبغوي [5] ، وابن صاعد، وكان ثقة عالما بالسير وأيام الناس، وله تصانيف كثيرة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ علي بن الحسين الثوري [6] ، أَخْبَرَنَا يوسف بن عمر القواس، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سهل الكاتب، حَدَّثَنَا عمر بن شبة قَالَ: قدم وكيع بن الجراح عبادان، فمنعت من الخروج إليه لحداثتي، فرأيته في النوم يتوضأ على شاطئ دجلة من كور، فقلت: يا أبا سفيان، حدثني بحديث. فقال: حَدَّثَنَا إسماعيل، عن قيس [قَالَ:] قَالَ عَبْد اللَّهِ: كان خير المشركين إسلاما للمسلمين عمر، قَالَ: فحفظته في النوم [7] .
توفي عمر بسر من رأى في جمادى الآخرة من هذه السنة، عن تسع وثمانين سنة إلا أربعة أيام.
__________
[ () ] قال السمعاني: الغبري: بضم الغين المعجمة، وفتح الباء الموحدة، وفي آخرها راء. هذه النسبة إلى بني غبر وهم بطن من يشكر (9/ 122، 123) .
وانظر ترجمة عباد بن الوليد أبو بدر في: تاريخ بغداد 11/ 108، 109. والأنساب للسمعاني 9/ 125.
[1] في الأصل: «بن يزيد» .
[2] «البصري» ساقطة من ك.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 11/ 208- 210.
[3] في ك: «واسمه زيد» .
[4] في ك: «وخمسين» وصححت في الهامش إلى «سبعين» .
[5] في الأصل: «البصري» .
[6] في الأصل: «التوذي» .
[7] تاريخ بغداد 11/ 208، 209.(12/184)
1681- مُحَمَّد بن إبراهيم بن إسحاق، أبو أحْمَد الأستراباذيّ [1] .
كتب عنه [2] جماعة، وكان شيخا فاضلا ثقة كثير الصلاة والتلاوة.
وتوفي فجأة في الكوفة هذه السنة [3] وكان [4] قد نيف على تسعين.
1682- مُحَمَّد بن الحسين، أبو جعفر البندار [5] .
حدث عن أبي الربيع الزهراني. روى عنه: ابن مخلد.
وتوفي في رمضان هذه السنة.
1683- مُحَمَّد بن الحجاج بن جعفر بن إياس، أبو الفضل الضبي [6] .
حدث عن أبي بكر بن عياش، ومحمد بن فضيل، وسفيان بن عيينة، وغيرهم.
روى عنه: ابن صاعد، وأبو عمر القاضي، وابن مخلد، وغيرهم. وَقَالَ ابْن عقدة: في أمره نظر. توفي في هذه السنة عن سبع وتسعين سنة [7] .
1684- مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ بن ميمون، أبو بكر البغدادي [8] .
حدث عن الوليد بن مسلم، وغيره، وكان ثقة.
وتوفي بالإسكندرية في ربيع الأول من هذه السنة.
1685- مُحَمَّد بن مُحَمَّد، أبو الحسن المعروف بحبش بن أبي الورد الزاهد [9] .
وهو مُحَمَّد [بن مُحَمَّد] [10] بن عيسى بن عَبْد الرَّحْمَنِ بن عبد الصمد بن أبي
__________
[1] في ك: «أبو زيد الخسراباذي» .
[2] في ك: «كتب عن جماعة» .
[3] في ك: «وتوفي فجأة في الكوفة سنة» .
[4] «وكان» ساقطة من ك.
[5] البندار: هذه النسبة إلى من يكون مكثرا من شيء يشتري منه من هو أسفل أو أخف حالا وأقل مالا منه ثم يبيع ما يشتري منه من غيره. وهي لفظة أعجمية (الأنساب 2/ 311) .
[6] تاريخ بغداد 2/ 284. والأنساب للسمعاني 8/ 145، 146.
[7] «عن سبع وتسعين سنة» ساقطة من ك.
[8] تاريخ بغداد 5/ 426، 427.
[9] حلية الأولياء 10/ 315.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/185)
الورد مَوْلَى سَعِيد بْن أَبِي العاص [1] عتاقة، وإنما سمي حبشًا لسمرته، وجَدّه عيسى هو المعروف بأبي الورد [2] . وكان من صحابة المنصور، وإليه تنسب سويقة أبي الورد، ولمحمد أخ أصغر مِنْهُ: اسمه أَحْمَد، ويكنى أَبَا الحَسَن أيضا، صحب بشرا وسريا، ولَهُ كلام حسن، وتوفي قبل أخيه.
فأما حبش فإنه صحب بشر بن الحارث، وغيره، وأسند أحاديث عن هاشم بْن القاسم وغيره. حدث عَنْهُ: البَغَويّ، وغيره.
وتوفي في رجب هذه السنة، وقيل: في سنة ثلاث وستين.
أَخْبَرَنَا عمر بن ظفر، أَخْبَرَنَا جعفر بن أحمد السراج، أخبرنا عبد العزيز بن علي، أَخْبَرَنَا أبو الحسن بن جهضم، حَدَّثَنَا [3] أَحْمَد بن علي الحبال، حَدَّثَنَا علي بن عبد الحميد قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن أبي الورد يقول: هلاك [4] الناس في حرفين: من اشتغال بنافلة، وتضييع فريضة، وعمل بالجوارح بلا مواطأة القلب، وإنما منعوا الوصول لتضييع الأصول.
1686- يعقوب بن شيبة، بن الصلت بن عصفور، أبو يوسف السدوسي بصري [5] .
سمع علي بن عاصم، ويزيد بن هارون، وعفان بن مسلم، وخلقا كثيرا، وكان ثقة، وصنف مسندا معللا، إلا إنه لم يتمه، وكان فقيها على مذهب مالك، ولا يختلف الناس في ثقته، وإنما وقف في القرآن فلم يقل بمخلوق ولا غير مخلوق، فقال أَحْمَد:
هو مبتدع صاحب هوى. [وتوفي في هذه السنة] [6] .
أخبرنا القزاز، أخبرنا [أبو بكر] بن ثابت قَالَ: حَدَّثَنِي الأزهري قَالَ: بلغني أن يعقوب كان في منزله أربعون لحافا أعدها لمن كان يبيت [7] عنده من الوراقين لتبييض
__________
[1] في ت: «بن القاضي» وسقطت من ت: «عتاقة» .
[2] «مولى سعيد بن أبي العاص ... بأبي الورد» . ساقط من ك.
[3] في الأصل: «أخبرنا» .
[4] في ك: «إخلال» .
[5] تاريخ بغداد 14/ 281- 283.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] «يبيت» ساقطة من ك.(12/186)
المسند، ونقله، ولزمه على ما خرج من المسند عشرة آلاف دينار، قال: وقيل لي: إن نسخة مسند أبي هريرة شوهدت بمصر فكانت [1] مائتي جزء [2] .
1687- يحيى بن مسلم بن عبد ربه، أبو زكريا العابد [3] .
سمع وهب بن جرير، روى عنه: ابن مخلد، وكان ثقة زاهدا.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بن ثابت قال: أخبرني الأزهري، حَدَّثَنَا عبيد الله بن عثمان، حَدَّثَنَا ابن مخلد قَالَ: حدثني أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الحميد قَالَ: سمعت يحيى بن مسلم يقول: كان في جيراننا فتى يتنسك، ولزم بشر بن الحارث حتى أنس به. قَالَ: فقال لي الفتى يوما: قَالَ لي بشر بن الحارث: أين تنزل؟ قلت: ذلك الجانب يا أبا نصر! قَالَ: أين من [4] ذلك الجانب؟ قلت: موضعا يُقَالُ له درب البقر. فقال: أين أنت من منزل ذلك العابد يحيى بن مسلم؟ قلت: يا أبا نصر، أنا جاره. قَالَ: فأقرأ عليه السلام إذا رأيته. قَالَ يحيى: وكان يجيئني الفتى من عنده بالسلام وأرد إليه [5] السلام. قَالَ يحيى بن مسلم: فعبرت يوما إلى ذاك [6] الجانب في حاجة، فاستقبلت ابن الحارث كفه لكفه، فما كلمته، فلما جاوزني [7] التفت أنظر [8] إليه، فإذا هو قائم [ملتفت] [9] ينظر إلى [10] .
توفي يحيى في جمادي الأخرة من هذه السنة.
__________
[1] «فكانت» ساقطة من ك.
[2] تاريخ بغداد 14/ 281.
[3] تاريخ بغداد 14/ 214، 215.
[4] «من» ساقطة من ك.
[5] في الأصل: «عليه» .
[6] في ك: «ذلك» .
[7] في ك: «جاوزت» .
[8] «انظر» ساقطة من ك.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] تاريخ بغداد 14/ 215.(12/187)
1688- يحيى بن محمد بن أعين ابن الوزير، أبو عبد الرحمن المروزي [1] .
سكن بغداد، وحدث بها، عن النضر بن شميل، وأبي عاصم النبيل. روى عنه:
مُحَمَّد بن مخلد، وكان ثقة وجده أعين كان وصى عَبْد اللَّهِ بن المبارك.
وتوفي يحيى في رمضان هذه السنة.
__________
[1] تاريخ بغداد 14/ 215.(12/188)
ثم دخلت سنة ثلاث وستين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن عبيد الله بن يحيى بن خاقان هلك، فاستوزر من الغد الحسين بن مخلد، فقدم موسى بن بغا، فهرب الحسين بن مخلد إلى بغداد، واستوزر مكانه سليمان بن وهب لست خلون من ذي الحجة.
وحج بالناس في هذه السنة: الفضل الذي حج بهم في التي قبلها [1] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1689- أَحْمَد بن عَبْد اللَّهِ بن سالم، أبو طاهر الحيرى [2] .
كان مقبولا عند القضاة، وتوفي بالحيرة [3] في صفر هذه السنة.
1690- الحسن بن سعيد بن عَبْد اللَّهِ، أبو مُحَمَّد الفارسي البزار، ويعرف بابن البستنبان [4] .
__________
[1] في الأصل: «الّذي فيما قبلها» .
[2] في الأصل، ت: «بن طاهر الحيريّ» .
والحيريّ: هذه النسبة إلى الحيرة وهي بالعراق عند الكوفة، وبخراسان بنيسابور.
[3] في الأصل: «بالجيزة» .
[4] في ك: «البستبان» .
وفي الأصل: «المستنبان» . وفي ت: «النسبتان» .
والبستنبان: بضم الباء الموحدة وسكون السين المهملة، وفتح التاء المنقوطة من فوقها باثنتين وسكون النون وفتح الباء الموحدة، وفي آخرها النون بعد الألف. هذه الكلمة إنما يقال بوستان بان، يغنى:
الّذي يحفظ البستان والكرم (الأنساب 2/ 206) .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 324.(12/189)
سمع سفيان بن عيينة، وابن علية، وداود بن المحبر. روى عنه: المحاملي، وابن مخلد. قَالَ ابن أبي حاتم: هو صدوق. وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة.
1691- الحسن بن أبي الربيع، واسم أبي الربيع، يحيى بن الجعد بن نشيط [1] .
حدث عن عبد الرزاق ويزيد، وشبابة، والعقدي، وغيرهم. روى عنه: البغوي، وابن صاعد، والمحاملي. وَقَالَ ابن أبي حاتم: هو صدوق، وتوفي بالكرخ من مدينة السلام في جمادى الأولى من هذه السنة، وله خمس وثمانون سنة.
1692- طلحة بن خالد بن نزار بن المغيرة، أبو الطيب الغساني الأبلي [2] .
نزل سرمن رأى، وحدث بها عن أبيه، وآدم بن [أبي] [3] إياس. روى عنه: ابن صاعد، والكوكبي، وهو ثقة صدوق. وتوفي في شعبان هذه السنة.
1693- عبيد الله بن يحيى بن خاقان، وزير المعتمد [4] .
صدمه في الميدان خادم له يُقَالُ له: رشيق، يوم الجمعة لعشر خلون من ذي القعدة من هذه السنة، فسقط عن دابته، فسال من [5] منخره وأذنه دم، فمات بعد ثلاث ساعات، فصلى عليه [أبو] [6] أَحْمَد بن المتوكل، ومشى في جنازته.
1694- وليد بن مُحَمَّد النحوي، ويعرف: بولاد [7] .
روى عن القعنبي، وغيره. وكان نحويا مجودا. وروى كتب النحو واللغة، [وكان ثقة] [8] . توفي في رجب هذه السنة.
__________
[1] تاريخ بغداد 7/ 453، 454.
[2] الابليّ: هذه النسبة إلى الأبلّة، بلدة قديمة على أربعة فراسخ من البصرة وهي أقدم من البصرة.
(الأنساب 1/ 120) .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] دول الإسلام للذهبي 1/ 125. وتاريخ الطبري 11/ 246. ودائرة المعارف الإسلامية 1/ 146.
[5] في ك: «عن منخره» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في الأصل: «فولاذ» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/190)
ثم دخلت سنة أربع وستين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن سليمان بن وهب خرج من بغداد إلى سامراء ومعه الحسن بن وهب، فشيعه عامة [1] القواد، فلما صار بسامراء غضب عليه المعتمد، وحبسه وقيده، وانتهب [2] داره ودار ابنيه: وهب، وإبراهيم، واستوزر الحسن بن مخلد.
وفيها: ولى أبو عمر القاضي قضاء مدينة المنصور، والأعمال المتصلة بها، وجلس في الجامع.
وفيها: دخل الزنج واسطا، فخلى الناس البلد، وخرجوا عنه حفاة على وجوههم، وكانوا يدخلون المنازل فيجدونها مفروشة، ومضى الناس [وكان] [3] يأخذ أحدهم عمامته أو رداءه فيشد بها رجليه ويمشي، وضربت واسط بالنار.
وحج بالناس في هذه السنة: هارون بن مُحَمَّد بن إسحاق الكوفي الهاشمي.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1695- إبراهيم بن راشد بن سليمان، أبو إسحاق [الآدمي] [4] .
__________
[1] «عامة» ساقطة من ك.
[2] في ك: «وأنهب» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل. انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 74، 75.(12/191)
سمع خلقا كثيرا، وروى [عنه] [1] : ابن أبي الدنيا، وغيره. وَكَانَ ثقة.
وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة، وكان قد بلغ الثمانين.
1696- إبراهيم بن مالك بن بهبوذ أبو إسحاق البزاز [2] .
سمع حماد بن أسامة، وزيد بن الحباب، ويزيد بن هارون في، آخرين [3] .
روى عنه: ابن أبي الدنيا، وابن صاعد، وكان ثقة من خيار المسلمين.
وتوفي في رجب هذه السنة وقد بلغ الثمانين.
1697- إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمر بن مسلم وهو إبراهيم المزني [4] .
صاحب الشافعي [رحمه الله] وكان فقيها حاذقا، ثقة في الحديث، وله عبادة وفضل، وكان من خيار خلق الله عز وجل ملازما للرباط. توفي يوم الأربعاء لأربع وعشرين ليلة خلت من ربيع الأول هذه السنة، وصلى عليه الربيع بن سليمان.
1698- بنان بن يحيى بن زياد، أبو الحسن المغازلي [5] .
حدث عن عاصم بن علي، ويحيى بْن معين، وغيرهما. روى عنه: ابن مسروق [6] ، وابن مخلد، وَكَانَ ثقة، وتوفي في رجب هذه السنة.
1699- جعفر بن مكرم بن يعقوب بن إبراهيم، أبو الفضل الدوري التاجر [7] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في المطبوعة: «إبراهيم بن مالك بن يهوذا بن إسحاق البزار» .
وفي ت: «بن يهوذا» والباقي مثل الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 186.
[3] في ك والمطبوعة: «وآخرين» .
[4] في المطبوعة: «بن إبراهيم المرني» .
وفي الأصل: «بن عمرو بن مسلم» .
انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ صفحة 558.
[5] في ك، والمطبوعة: «بناف بن يحيى بن زياد ... » .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 99، 100.
[6] في الأصل: «ابن مرزوق وابن مخلد» .
[7] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 178، 179.(12/192)
سمع أبا عامر العقدي، وروح بن عبادة، وأبا داود الطيالسي في خلق كثير. روى عنه: ابن صاعد، وغيره، وهو ثقة صدوق. وتوفي في جمادي الأولى من هذه السنة.
1700- حماد بن المؤمل بن مطر، أبو جعفر الكلبي [1] .
حدث عن كامل بن طلحة، روى عنه: ابن مخلد، وكان ثقة.
توفي في هذه السنة.
1701- عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ [2] ، أبو زرعة الرازي، مولى عياش [3] بن مطرف القرشي [4] .
ولد سنة مائتين [5] ، وسمع أبا نعيم، وقبيصة، والقعنبي، وخلقا كثيرا. وكان إماما حافظا متقنا مكثرا صدوقا. وجالس أَحْمَد بن حنبل وذاكره، وكان أَحْمَد يقول: اعتضت بمذاكرته عن نوافلي، وما جاوز الجسر أحفظ من أبي زرعة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن يوسف القطان، أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد حمدويه قَالَ: سمعت أبا جعفر مُحَمَّد بن أَحْمَد الرازي يقول: سمعت أبا عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن [6] وارة يقول:
كنت عند إسحاق بن إبراهيم [7] بنيسابور، فقال رجل من أهل العراق: سمعت أَحْمَد بن حنبل يقول: صح من [8] الحديث سبع مائة ألف حديث وكسر، و [9] هذا الفتى- يعني أبا زرعة- قد حفظ ستمائة ألف [10] .
__________
[1] تاريخ بغداد 8/ 158.
[2] في الأصل: «بن مزوّخ» .
[3] في ك: «العباس» .
[4] تاريخ بغداد 10/ 326- 337.
[5] في الأصل، ت: «ولد سنة ثمانين» . وفي ك، وتاريخ بغداد كما أثبتناه.
[6] في ك: «بن سليمان وارة» .
[7] في ك: «إبراهيم بن إسحاق» .
[8] في ك: «في الحديث» .
[9] «وكسر، و» ساقطة من ك.
[10] تاريخ بغداد 10/ 332.(12/193)
قال المصنف: وَقَالَ أبو بكر بن أبي شيبة: ما رأيت أحفظ من أبي زرعة.
وَقَالَ ابن راهويه: كل حديث لا يعرفه أبو زرعة فليس له أصل.
وَقَالَ أبو يعلى الموصلي: ما سمعنا يذكر أحمد في الحفظ إلا كان اسمه أكثر من رؤيته إلا أبا زرعة، فإن مشاهدته كانت أعظم من اسمه.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت قالَ: حَدَّثَنِي عَبْد اللَّهِ بن أَحْمَد بن علي السوذرجاني قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن إسحاق بن منده [1] يقول: سمعت أبا العباس مُحَمَّد بن جعفر بن حمكويه الرازي يقول: سئل أبو زرعة [الرازي] [2] عن رجل حلف بالطلاق أن أبا زرعة يحفظ مائتي ألف حديث هل حنث؟
قَالَ: لا. ثم قَالَ أبو زرعة: احفظ مائتي ألف حديث كما يحفظ الانسان قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 112: 1 وفي المذاكرة ثلاثمائة ألف حديث [3] .
أخبرنا عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّد قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن علي قَالَ: كتب إلى أبو حاتم أَحْمَد بن الحسن بن مُحَمَّد بن خاموش الواعظ بخطه [4] قَالَ: سمعت أحمد بن الحسن بن مُحَمَّد العطار [5] يذكر عن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن جعفر الصيرفي قَالَ: حَدَّثَنَا أبو جعفر أَحْمَد بن مُحَمَّد بن سليمان التستري قَالَ: سمعت أبا زرعة يقول: إن في بيتي ما كتبته منذ [6] خمسين سنة، ولم أطالعه منذ كتبته، وإني أعلم في أي كتاب هو، وفي أي ورقة هو، في أي صفحة [7] هو، في أي سطر هو، وما سمعت أذني شيئا من العلم إلا وعاه قلبي، وإني أمشي في سوق بغداد فأسمع من الغرف صوت المغنيات فأضع أصبعي في أذني مخافة أن يعيه قلبي [8] .
__________
[1] في ك والمطبوعة: «بن مندوية» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] تاريخ بغداد 10/ 335.
[4] في ك: «بحفظه» .
[5] في الأصل: «القطان» .
وفي المطبوعة: «الحسن بن محمد العطار» .
[6] في ك: «في خمسين» .
[7] في ك: «في أي صفح» .
[8] تاريخ بغداد 10/ 331، 332.(12/194)
أَخْبَرَنَا [أَبُو مَنْصُورٍ] الْقَزَّازُ أَخْبَرَنَا [أَبُو بَكْرٍ بْنُ ثَابِتٍ] الْخَطِيبُ [1] أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ [2] بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فضالة النَّيْسَابُورِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَاذَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ التُّسْتَرِيَّ يَقُولُ: حَضَرْنَا أَبَا زُرْعَةَ وَكَانَ فِي السُّوقِ، وَعِنْدَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَالْمُنْذِرُ بْنُ شَاذَانَ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، فَذَكَرُوا حَدِيثَ التَّلْقِينِ، وَقَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَقِنُّوا مَوْتَاكُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ» . قَالَ: فَاسْتَحْيَوْا مِنْ أَبِي زُرْعَةَ، وَهَابُوا أَنْ يُلَقِّنُوهُ، فَقَالُوا: تَعَالَوْا نَذكر الْحَدِيثَ. فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحٍ. وَلَمْ يُجَاوِزْ، وَالْبَاقُونَ سَكَتُوا.
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَهُوَ فِي السُّوقِ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي غَرِيبٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلامِهِ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» وَتُوُفِّيَ رَحِمَهُ [3] اللَّهُ.
[تُوُفِّيَ أَبُو زُرْعَةَ بِالريِّ فِي آخِرِ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السنة] [4] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ مُحَمَّدٍ] ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنِ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الفتح عبد الواحد بن أبي أَحْمَد الإستراباذي، أَخْبَرَنَا [أَحْمَد بن] [5] إبراهيم الهمداني، أَخْبَرَنَا أبو العباس الفضل بن الفضل الكندي، حَدَّثَنَا الحسن بن عثمان، حَدَّثَنَا أبو العباس أَحْمَد بن مُحَمَّد المرادي قَالَ: رأيت أبا زرعة في المنام فقلت: يا أبا زرعة، ما فعل الله بك؟ قَالَ: لقيت ربي تعالى فقال لي: يا أبا زرعة، إني أوتي بالطفل فآمر به إلى الجنة، فكيف من حفظ السنن على عبادي، تبوأ من الجنة حيث شئت [6] .
__________
[1] «الخطيب» ساقطة من ك. وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في المطبوعة: «أبو علي بن عبد الرحمن» .
[3] تاريخ بغداد 10/ 335.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] تاريخ بغداد 10/ 336، 337.(12/195)
1702- قبيحة أم المعتز [1] .
توفيت في هذه السنة.
1703- موسى بن بغا [2] .
توفي في محرم هذه السنة ودفن بسامراء.
1704- مُحَمَّد بن علي بن داود، أبو بكر البغدادي، ويعرف: بابن أخت غزال [3] .
كان يحفظ ويفهم، وحدث/ كثيرا وكان ثقة.
وتوفي بقرية من قرى مصر في ربيع الأول من هذه السنة.
1705- مُحَمَّد بن هلال بن جعفر بن عَبْد الرَّحْمَنِ، أبو الفضل [4] .
عامل خراج مصر، كان صدوقا في الحديث، كريما، وله آثار في الخير.
توفي في هذه السنة.
1706- يونس بن عبد الأعلى بن موسى بن ميسرة، أبو موسى الصدفي [5] .
ولد سنة إحدى وسبعين ومائة، وكان له علم وافر، وعقل رزين، حتى قَالَ الشافعي [رحمه الله] : ما دخل من هذا الباب- يعني باب الجامع- أحد أعقل من يونس بن عبد الأعلى، وتوفي بمصر في هذه السنة وَهُوَ ابن ثلاث وتسعين سنة [6] .
1707- يزيد بن سنان بن يزيد بن الذيال، أبو خالد، مولى عثمان بن عفان [7] .
مصري قدم مصر تاجرا، فوطنها وكتب بها الحديث، وحدث، وكان ثقة نبيلا.
وخرج مسند حديثه، وكان كثير الفائدة.
وتوفي بمصر في [أول يوم من] [8] جمادي الأولى من هذه السنة [9] .
__________
[1] البداية والنهاية 11/ 37.
[2] البداية والنهاية 11/ 36.
[3] تاريخ بغداد 3/ 59، 60.
[4] في ت: «أبو الفضيل» .
[5] تذكرة الحفاظ صفحة 527.
[6] «وهو ابن ثلاث وتسعين سنة» ساقطة من ك.
[7] تقريب التهذيب 2/ 365.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] «أول يوم من جمادي الأولى من هذه السنة» ساقطة من ك.(12/196)
ثم دخلت سنة خمس وستين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن الزنج جاءوا في ثلاثين سميرية إلى جبل، فأخذوا منها أربع سفن فيها طعام، ثم انصرفوا، ثم دخلوا النعمانية فأحرقوا سوقها، وأكثر منازل أهلها، وسبوا، وصاروا إلى جرجرايا، فدخل أهل السواد بغداد.
وفيها: ولي أبو أَحْمَد عمرو بن الليث خراسان، وفارس، وأصبهان، وسجستان، وكرمان، والسند، وأشهد له بذلك، ووجه كتابه إليه بتوليته مع الخلع [1] .
وحج بالناس في هذه السنة: هارون بن مُحَمَّد بن إسحاق بن موسى بن عيسى الهاشمي.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1708- إبراهيم بن هانئ، أبو إسحاق النيسابوري [2]
رحل في طلب العلم إلى الشام و [3] [بغداد] ، ومصر، ومكة، واستوطن بغداد، وحدث عن قبيصة وخلق كثير. وروى عنه: عَبْد اللَّهِ بن أحمد، والبغوي، وابن صاعد،
__________
[1] في ك: «مع الحلف» . في الأصل: «والخلع» .
[2] تاريخ بغداد 6/ 204- 206.
[3] «الشام» ساقطة من ك. وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/197)
وغيرهم. وكان ثقة صالحا، واختفى أَحْمَد بن حنبل في بيتهم في زمن المحنة، فقال لابنه إسحاق: أنا لا أطيق ما يطيق أبوك من العبادة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن على بن ثابت قَالَ: أخبرني مُحَمَّد بن عبد الواحد، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن العباس الخزاز، حَدَّثَنَا أبو بكر عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد النيسابوري قَالَ: حدثني أبو موسى الطوسي قَالَ: سمعت ابن زنجويه يقول: قَالَ أَحْمَد بن حنبل: إن كان ببغداد رجل من الأبدال فأبو إسحاق النيسابوري [1] .
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَد بْنِ عَلِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ [أبي] الفتح [2] ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن العباس الخزاز، حَدَّثَنَا أبو بكر النيسابوري قَالَ:
حضرت إبراهيم بن هانئ عند وفاته، فقال لابنه إسحاق: أنا عطشان، فجاءه بماء، فقال: غابت الشمس؟ قَالَ: لا. قَالَ: فرده. ثم قَالَ: لمثل هذا فليعمل العاملون، ثم خرجت روحه [3] . توفي إبراهيم [4] في ربيع الآخر من هذه السنة.
1709- إبراهيم بن القعقاع، أبو إسحاق [5] .
بغوي الأصل، حدث عن عبيد بن إسحاق العطار، وغيره، روى عنه: قاسم المطرز، والقاضي المحاملي، وكان ثقة [6] . توفي في ذي الحجة من هذه السنة.
1710- إبراهيم بن مُحَمَّد بن يونس بن مروان بن عبد الملك، مولى عثمان بن عفان، أبو إسحاق [7] .
بصرى قدم بغداد، فتوفي بها في رمضان هذه السنة [8] .
__________
[1] تاريخ بغداد 6/ 205.
[2] في الأصل: «عبيد الله بن الفتح» وكذا في ت.
وفي ك: «عبد الله بن أبي الفتح» .
[3] تاريخ بغداد 6/ 205، 206.
[4] في المطبوعة، ك: «أبو زهير» .
[5] تاريخ بغداد 6/ 140، 141.
[6] في الأصل: «وهو ثقة» .
[7] لم أقف عليه في تاريخ بغداد المطبوع.
[8] في الأصل: «وتوفي بها في هذه السنة في رمضان» .(12/198)
1711-[جعفر بن الوراق، الواسطي المفلوج] [1] .
سكن بغداد، وحدث بها عن: يعلي بن عبيد الطنافسي وغيره. روى عنه: ابن أبي داود، والمحاملي، ونفطويه، وغيرهم. وكان ثقة.
وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة.
1712- سعدان بن نصر بن منصور، أبو عثمان الثقفي البزاز، اسمه: سعيد، وغلب عليه سعدان [2] .
سمع سفيان بن عيينة، ووكيعا، وأبا معاوية. روى عنه: ابن أبي الدنيا، وأبن صاعد، والمحاملي، وابن مخلد قال أبو حاتم الرازي: هو صدوق.
توفي في ذي القعدة من هذه السنة، وقد جاز التسعين] .
1713- صالح بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حنبل، [أَبُو الفضل] الشيباني [3] .
ولد في سنة ثلاث ومائتين، وسمع أباه، وأبا الوليد الطيالسي، وعلى بن المديني. روى عنه: ابنه زهير، والبغوي، وكان صدوقا ثقة كريما. ولى قضاء أصبهان، فخرج إليها، فلما دخلها بدأ بالجامع، فصلى فيه ركعتين، واجتمع الناس والشيوخ، وقرئ عليهم عهده، فجعل يبكي بكاء شديدا، ويقول: ذكرت أبي أن يراني في مثل هذه الحالة. وكان عليه الثياب السود، وَقَالَ: كان أبي إذا جاءه رجل زاهد متقشف يبعث خلفي لانظر إليه يحب أن أكون مثله. وكان إذا انصرف من مجلس الحكم يخلع سواده، ويقول: ترى أموت وأنا علي هذا.
فتوفي بأصبهان في رمضان هذه السنة، وقيل: في سنة ست وستين، وله حينئذ ثلاث وستون [4] سنة.
__________
[1] هذه الترجمة ساقطة من الأصل، وكذلك التي بعدها.
انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ صفحة 565.
[2] تاريخ بغداد 9/ 205، 206.
[3] في الأصل: «صالح بن أحمد بن محمد جد الشيبانيّ» .
وفي ت: «صالح بن أحمد بن محمد بن حسن حنبل الشيبانيّ» .
وفي ك: «صالح بن أحمد بن حنبل، أبو الفضل الشيبانيّ» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 9/ 317- 319.
[4] في الأصل: «ثلاث وسبعون» .(12/199)
1714- عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن أيوب بن صبيح [1] أبو مُحَمَّد المخرمي [2] .
سمع سفيان بن عيينة، وغيره. روى عنه: عَبْد الرَّحْمَنِ بن أبي حاتم، وَقَالَ: هو صدوق.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا أبو بكر [أحمد بن علي] بن ثابت، حدثنا علي بن أبي علي، حَدَّثَنَا القاضي أَبُو القاسم [3] عمر بن مُحَمَّد بن إبراهيم البجلي قَالَ: حدثني مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سليمان الباغندي قَالَ: كنت بسر من رأى، وكان عبد الله بن أيوب [4] المخرمي يقرب إلي، فخرج توقيع الخليفة [5] بتقليده القضاء، فانحدرت في الحال من سرمن رأى إلى بغداد حتى دققت على عَبْد اللَّهِ بن أيوب بابه، فخرج إلى، فقلت: البشرى. فقال: بشرك الله بخير، ما هي؟ فقلت: خرج توقيع الخليفة بتقليدك القضاء [6] لأحد البلدين: إما/ بغداد، أو سرمن رأى- البجلي [7] يشك- قَالَ: فأطبق الباب، وَقَالَ: بشرك الله بالنار. وجاء أصحاب السلطان إليه فلم يظهرهم، فانصرفوا.
فتوفي المخرمي في [جمادي الأولى من] [8] هذه السنة، وقد جاز السبعين.
1715- علي بن حرب بن مُحَمَّد بن علي، أبو الحسن الطائي الموصلي [9] .
ولد في شعبان سنة خمس وسبعين ومائة، ورحل في طلب الحديث [10] إلى
__________
[1] في المطبوعة: «بن صبح» .
[2] تاريخ بغداد 10/ 81، 82.
[3] في ك: «ابن أبي القاسم» .
[4] في المطبوعة «عبد الله بن محمد» .
[5] في الأصل: «فخرج تقليد الخليفة بتوقيعه بتقليده القضاء» .
وفي ك: «يتقلد القضاء فخرج توقيع الخليفة ... » . وما أثبتناه من ت.
[6] في الأصل: «خرج السلطان بتوليتك القضاء» .
[7] في الأصل: «إما سامراء أو بغداد» .
و «البجلي» ساقطة من ك.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] تاريخ بغداد 11/ 418- 420.
[10] في الأصل: «في طلبه العلم» .(12/200)
البلاد، وسمع سفيان بن عيينة، ووكيعا، وابن فضيل، ويزيد بن هارون، وأحمد بن حنبل، وغيرهم. وروى عنه: البغوي، وابن صاعد، والمحاملي، وكان صدوقا [1] ثقة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ [بن علي] بن ثابت قَالَ: كتب إلى مُحَمَّد بن إدريس بن مُحَمَّد الموصلي يذكر أن المظفر بن مُحَمَّد الطوسي حدثهم قَالَ:
حَدَّثَنَا أبو زكريا يزيد بن مُحَمَّد بن إياس الأزدي [2] قَالَ: علي بن حرب، سمع وصنف حديثه، وأخرج المسند، وكان عالما بأخبار العرب وأنسابها، أديبا شاعرا، ووفد على المعتز بسر من رأى في سنة أربع وخمسين ومائتين، فكتب المعتز عنه بخطه، ودقق الكتاب فقال على: أخذت يا أمير المؤمنين في شؤم أصحاب الحديث. فضحك المعتز أو نحوه [3] .
أخبرنا بهذا غير واحد من شيوخنا، وأحضره المعتز للطعام فأكل [4] بحضرته، وأوغر [5] لَهُ بضياع حَرْب [6] كلها فلم يزل ذلك جاريا عليه [7] إلى أيام المعتضد.
وتوفي في شوال سنة خمس وستين ومائتين.
قَالَ المصنف رحمه اللَّه: وبسامراء مات، وقد جاوز التسعين. وقيل: مات فِي سنة ست وستين، والأول أصح [8] .
__________
[1] «صدوقا» ساقطة من ك، ت.
[2] «الأزدي» ساقطة من ك.
[3] تاريخ بغداد 11/ 419.
[4] في ك: «وأمر المعتز بالطعام» .
[5] في ك، والأصل: «وأوعز» والصحيح: أوغر «بغين وراء» أي: جعلها له من غير خراج.
[6] في ك والمطبوعة: «جرت» .
وفي الأصل: «جرب» .
[7] «عليه» ساقطة من ك.
انظر الخبر في: تاريخ بغداد 11/ 419.
[8] من أول «قال المصنف ... » إلى هنا ساقطة من ك.(12/201)
1716- علي بن الموفق العابد [1] .
حدث عن منصور بن عمار، وأحمد بن أبي الحواري، وكان ثقة.
أَخْبَرَنَا [أَبُو مَنْصُورٍ] الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بن ثابت، أَخْبَرَنَا مكي بن علي، حَدَّثَنَا أبو إسحاق المزكي/ قَالَ: سمعت أبا الحسن [علي بن الحسن] [2] بن أَحْمَد البلخي يقول: سمعت عَبْد الرَّحْمَنِ بن عبد الباقي قَالَ: سمعت بعض مشايخنا يقول: قَالَ علي بن الموفق: لما تم لي ستون حجة خرجت من الطواف، وجلست بحذاء الميزاب، وجعلت أتفكر لا أدري كيف حالي [3] عند الله تعالى وقد كثر ترددي إلى هذا المكان؟ قَالَ: فغلبتني عيني، وكأن قائلا يقول: يا علي، أتدعو إلى بيتك إلا من تحب؟
فانتبهت وقد سرى عني ما كنت فيه [4] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ مُحَمَّدٍ] ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ [بن علي] أَخْبَرَنَا علي بن أَحْمَد الرزاز [5] ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد بن المهدي قَالَ:
سمعت علي بن الموفق يقول: خرجت يوما لأؤذن، فأصبت قرطاسا فأخذته، فوضعته في كمي، فأقمت وصليت، فلما صليت قرأته، فإذا فيه مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم: يا علي بن الموفق، تخاف الفقر وأنا ربك [6] .
وسمعت على بن الموفق ما لا أحصيه يقول: اللَّهمّ إن كنت تعلم أني أعبدك خوفا من نارك فعذبني بها، وإن كنت تعلم أني أعبدك حبا مني [7] لجنتك وشوقا مني إليها فاحرمنيها، وإن كنت تعلم أني أعبدك حبا مني لك، وشوقا إلى وجهك الكريم، فأبحنيه واصنع بي ما شئت [8] .
__________
[1] تاريخ بغداد 12/ 110- 112.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «أيش حالي» .
[4] تاريخ بغداد 12/ 111.
[5] «أخبرنا علي بن أحمد الرزاز» ساقطة من ك. وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] تاريخ بغداد 12/ 112.
[7] في ك: «حبا لجنتك» .
[8] تاريخ بغداد 12/ 112.(12/202)
توفي ابن الموفق في هذه السنة.
1717- عمرو بن مسلم [1] ، أبو حفص الزاهد النيسابوري، ويقال: [عمرو بن سلمة] [2] .
أنبأنا زاهر بن طاهر قَالَ: أَنْبَأَنَا البَيْهَقيّ أَنْبَأَنَا الحاكم أَبُو عَبْد اللَّه [3] قَالَ: سمعت أبا الحسن بن أبي إسحاق المزكي يقول: سمعت جعفر الحِيرِي [4] يقول: سمعت أبا عثمان سعيد بن إسماعيل يقول: قَالَ لي أبو حفص: اذهب فاستقرض من بعض إخواننا ألف درهم إلى شهر، فذهبت واستقرضت، وحملت إلى حضرته، فوضع [5] لعياله قوت سنة، ثم شد الثياب [6] وخرج إلى الحج، فتحيرت في أمري، وجعلت أعد الأيام وأقول: قد قرب الأجل فمن أَيْنَ أؤدي هذه الألف [7] ، فلما كان يوم التاسع والعشرين خرجت لصلاة الصبح، فرأيت السكة من أولها إلى آخرها جوالقات سود مطروحة والحمالون عليها قعود، فقلت: ترى لمن هذا؟ فلما فرغت من صلاة الصبح دخل علي حمال منهم [8] فقال: هذه الحنطة بعث بها فلان وفلان: تستعين بها في بعض حوائجك [9] . فأمر ببيعها، وقضيت الألف درهم [10] عن أبي حفص، وفضل، فلما انصرف أبو حفص من الحج كان أول كلمة كلمني بها أن قَالَ: إيش كان الفكر الذي شغلك شهرا، أما جاز لك أن تثق بربك!؟.
[أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا أبو عبيد مُحَمَّد بْن عَلي النيسابوري قَالَ: سمعت أبا عمرو بن حمدون يقول: سمعت] أبا عثمان سعيد بن
__________
[1] في الأصل: «عمر بن مسلم» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 12/ 220- 222.
[3] «أنبأنا الحاكم أبو عبد الله» ساقطة من ك.
[4] في ك: «الخلدي» .
[5] في الأصل: «فرضخ» .
[6] في ك: «ثم سدّ الباب» .
[7] في ك: «فمن يزاودني هذه الألف» .
[8] «منهم» ساقطة من ك.
[9] في الأصل: «بها على حوائجك» .
[10] في ك: «الدرهم» .(12/203)
إسماعيل [1] يقول: دخلت مع أبي حفص على مريض، فقال المريض: آه [فقال:
ممن؟] [2] فسكت فقال: مع من [3] ؟
توفي أبو حفص يوم الجمعة لاثْنَتَيْ عَشَرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ من هذه السنة، وقيل: بل توفي في سنة سبع وستين، وقيل: سنة أربع وستين، وقيل: سنة سبعين، والأول أصح.
1718- مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَنِ، أبو جعفر الصيرفي [4] .
ولد سنة خمس وسبعين ومائة، وحدث عن سفيان بن عيينة، ويزيد بن هارون، وشبابه بن سوار [5] ، وغيرهم. روى عنه: مُحَمَّد بن خلف، ووكيع، [و] القاضي [6] المحاملي، وغيرهم، وكان ثقة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي الحافظ، أخبرنا الجوهري، أخبرنا محمد بن العباس، حدثنا أبو الحسن أَحْمَد بن جعفر بن مُحَمَّد قَالَ:
كان أبو جعفر مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَنِ الصيرفي يعد من العقلاء، وكان مذهبه في بذل الحديث: أن كان يسأل من يقصده عن مدينة بعد مدينة هل بقي فيها أحد يحدث، فإذا قيل له: ما بقي بها محدث خرج إليها في سر، ثم حدثهم ورجع، وكان/ من الديانة على نهاية [7] . وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة.
1719- محمد بن مسلم بن عثمان بن عَبْد اللَّهِ، أبو عَبْد اللَّهِ الرازي، المعروف: بابن واره [8] .
سمع خلقا كثيرا، وحدث عنه: محمد بن يحيى الذهلي، والبخاري، وابن
__________
[1] سقط السند من الأصل، وكتب بدلا منه: «عن عثمان بن سعيد بن إسماعيل» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] تاريخ بغداد 12/ 221.
[4] تاريخ بغداد 2/ 312، 313.
[5] في الأصل: «وشبابة وسوار» .
[6] في الأصل: «ووكيع القاضي» .
[7] تاريخ بغداد 2/ 312، 313.
[8] تاريخ بغداد 3/ 256- 260.(12/204)
صاعد، وكان عالما حافظا [1] متقنا فهما ثقة، بعيد النظر [2] ، غير أنه كان معجبا بنفسه متكبرا على أبناء جنسه.
أخبرنا القزاز، أَخْبَرَنَا [أبو بكر] الخطيب، أَخْبَرَنَا أبو سعيد المَاليني [قَالَ:] أَخْبَرَنَا عبد اللَّهِ بْن عدي قَالَ: سمعت عبد المؤمن بن أَحْمَد حوثرة [3] يقول: كان أبو زرعة الرازي لا يقوم لأحد ولا يجلس أحد في مكانه [4] إلا ابن واره، فإني رأيته يفعل ذلك [5] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ] بْنِ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سعد الماليني، أخبرنا عبد الله بن عدي الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ صَفْوَانَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ خَرزَاذَ قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ الشَّاذَكُونُيَّ يَقُولُ: جَاءَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ وَارَهٍ فَقَعَدَ يَتَقَعَّرُ فِي كَلامِهِ. قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مِنْ أَيِّ بَلَدٍ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ الرَّيِّ، [ثم قال] : [6] أو لم يأتك خبري، أو لم تَسْمَعْ [7] بِنَبَئِي؟ أَنَا ذُو الرِّحْلَتَيْنِ، قُلْتُ: مَنْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً، وَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا» . قَالَ: فقال: حدثني بعض أصحابنا قَالَ:
قلت: من أصحابك؟. قَالَ: أبو نعيم، وقبيصة. قَالَ: قلت: يا غلام، ائتني بالدرة، قَالَ: فأتاني الغلام بالدرة [8] فأمرته فضربه خمسين، فقلت: أَنْت تخرج من عندي ما آمن تقول حَدَّثَنَا بعض غلماننا [9] .
توفي ابن واره بالري في هذه السنة وقد [10] وقيل: سنة سبعين.
__________
[1] «حافظا» ساقطة من ك.
[2] في ك: «النظير» .
[3] في الأصل: «بن جويرية» .
[4] في ك: «أحد مكانه» .
[5] تاريخ بغداد 3/ 259.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في الأصل: «ألم يأتك» .
[8] «قال: فأتاني الغلام بالدرة» ساقطة من ك.
[9] في ك، ت: «حدثني بعض أصحابنا» .
انظر: تاريخ بغداد 3/ 258، 259.
[10] «وقد» ساقطة من ك.(12/205)
1720- مُحَمَّد بن هارون، أبو جعفر الفلاس، يلقب: شيطا [1] .
من أهل الحفظ/ والمعرفة بالحديث الثقات. سمع أبا نعيم الفضل بن دكين، ويحيى بن معين، وغيرهما.
توفي بالنهروان في محرم هذه السنة.
1721- يعقوب بن الليث الخارجي، المعروف: بالصفار [2] .
الذي ذكرنا له الوقعات، توفي بالأهواز في هذه السنة، فحمل تابوته إلى جنديسابور، وخلف في بيت ماله خمسين ألف ألف درهم، وألف ألف دينار، وكتب على قبره: هذا قبر يعقوب المسكين. وكتب على قبره:
أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ... ولم تخف سوء ما يأتي به القدر
وسالمتك الليالي فاغتررت بها ... وعند صفو الليالي يحدث الكدر
__________
[1] الفلاس: هذه النسبة إلى بيع الفلوس، وكان صيرفيا. (الأنساب 9/ 354) .
[2] وفيات الأعيان 2/ 312. والكامل لابن الأثير 6/ 283، 284. والطبري 11/ 253. والنجوم الزاهرة 3/ 40. وتاريخ ابن خلدون 4/ 321.(12/206)
ثم دخلت سنة ست وستين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن عمرو بن الليث ولي عَبْد اللَّهِ بن طاهر خلافته على الشرط، ببغداد، وسامرا في صفر.
وفيها: وردت سرية من سرايا الروم ديار ربيعة، فقتلت من المسلمين، وأسرت نحوا من مائتين وخمسين إنسانا وعادت.
وفيها: مات أبو الساج، فولى ابنه مُحَمَّد الحرمين وطريق مكة.
وفيها: وثب الأعراب على كسوة الكعبة فانتهبوها، وصار بعضهم إلى صاحب الزنج، وأصاب الحاج شدة شديدة، ودخل الزنج رامهرمز، فأحرقوا مسجدها، وقتلوا وسبوا، ثم تتابعت الأخبار، فأقبل الموفق باللَّه لقتال الزنج.
وحج بالناس في هذه السنة [هارون] [1] الذي حج بهم [2] في [السنة] [3] التي قبلها.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «بهم» ساقطة من ك.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/207)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1722- إبراهيم بن أورمة بن سياوش بن فروخ، أبو إسحاق الأصبهاني [1] .
سكن بغداد، وكان ينتقي على شيوخها، وأصيب بكتبه في أيام فتنة البصرة [2] ، ولم يخرج له [3] كثير حديث، وقد روى عنه ابن أبي الدنيا، وغيره، وكان ثقة/ [نبيلا] ثبتا [4] حافظا.
أخبرنا أبو منصور، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ: أخبرني أبو نصر أَحْمَد بن الحسين القاضي قَالَ: سمعت أبا بكر أَحْمَد بن مُحَمَّد بن إسحاق السني يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ بن محمد القزويني قَالَ: سمعت أبا علي القهستاني يقول لإسماعيل بن إسحاق القاضي: أيها القاضي، قد رأيت شيوخنا أَحْمَد، ويحيى، وعليا، وابن أبي شيبة، [وزهيرا، وخلقا] [5] ، وإني لم أكن استكثر [6] منهم، فلو أن إبراهيم الأصبهاني كان في عصرهم لكان كأحدهم، أو تقدمهم. فقال له إسماعيل: صدقت ما أبعدت، ما أبعدت [7] .
أَخْبَرَنَا القزاز، أخبرنا [أبو بكر] أحمد بن علي بن ثابت أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عبد الواحد، حدثنا محمد بن العباس قال: قرئ على ابن المنادي- وأنا أسمع- قَالَ:
أَبُو إسحاق إبراهيم بن أورمة الأصبهاني أصابه مطر في آخر مجلس انتخب فيه على
__________
[1] في ك، ت، والأصل: «إرمة» .
وفي الأصل: «بن سيارس» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 42- 44.
[2] في ك: «في أيام سنة.
وفي الأصل: «في أيام فتنة» .
وفي ت: «في أيام الفتن» .
[3] «له» ساقطة من ك.
[4] «ثبتا» ساقطة من ك. وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ك: «استكبر» .
[7] تاريخ بغداد 6/ 43.(12/208)
العباس بن مُحَمَّد الدوري، وذلك يوم الاثنين لثلاث بقين من شعبان سنة ست وستين، وكان مطرا شديدا، فاعتل لذلك، ثم توفي فِي يَوْم السبت صلاة المغرب، ودفن يوم الأحد بالكناس إلى جنب قبر أبي جعفر مُحَمَّد بن عبد الملك الدقيقي، وذلك لأربع خلون من ذي الحجة، وله حينئذ خمس وخمسون سنة، وما رأينا في معناه مثله [1] .
1723- حماد بن الحسن بن عنبسة، أبو عبيد الله النهشلي الوراق البصري [2] .
سكن سرمن رأى، وحدث بها عن أزهر السمان، وأبي داود الطيالسي، وروح بن عبادة. روى عنه: ابن صاعد، وابن مخلد، قَالَ أبو حاتم الرازي: هو صدوق. وَقَالَ الدارقطني: ثقة. توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
1724- مُحَمَّد بن شجاع، أبو عَبْد اللَّهِ، ويعرف: بالثلجي [3] .
حدث عن يحيى بن آدم، وابن علية، ووكيع، وصحب الحسن بن زياد [4] اللؤلؤي، إلا أنه كان رديء المذهب في القرآن.
قَالَ أَحْمَد بن حنبل: الثلجي [5] مبتدع، صاحب هوى.
وبعث المتوكل إلى أَحْمَد يسأله في توليه ابن الثلجي القضاء/ فقال: لا، ولا على حارس.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ قَالَ: أخبرني البرقاني [6] قَالَ:
حدثني مُحَمَّد بن أَحْمَد بن عبد الملك الآدمي قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن علي بن أبي داود البصري، حَدَّثَنَا زكريا الساجي قَالَ: كان مُحَمَّد بن شجاع الثلجي [7] كذّابا، احتال في
__________
[1] تاريخ بغداد 6/ 44.
[2] تاريخ بغداد 8/ 158، 159.
[3] في الأصل: «البلخي» .
والثلجي: بنو ثلج بن عمرو بن مالك بن عبد مناه بن هبل (الأنساب 3/ 38) .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 5/ 350. والأنساب للسمعاني 3/ 38، 39.
[4] في الأصل: «أحمد بن زياد» .
[5] في الأصل: «ابن البلخي» . وكذا في المواضع التالية.
[6] «قال: أخبرني البرقاني» ساقطة من ك.
[7] في الأصل: «البلخي» .(12/209)
إبطال الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورده نصرة لأبي حنيفة ورأيه [1] .
[أخبرنا القزاز، أَخْبَرَنَا أبو بكر الخطيب قَالَ: حدثني أَحْمَد بن مُحَمَّد المستملي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن جعفر الوراق أَخْبَرَنَا] [2] أبو الفتح الأزدي الحافظ قال: محمد بن شجاع [الثلجي] [3] كذّاب، لا يحل الرواية عنه [4] لسوء مذهبه وزيغه في الدِّين [5] .
قَالَ ابن عدي: كان يضع الأحاديث في التشبيه، ينسبها إلى أصحاب الحديث يثلبهم بها.
[توفي فجاءة في ذي الحجة من هذه السنة] [6] .
1725- مُحَمَّد بن عبد الملك بن مروان، أبو جعفر الدقيقي [7] .
سمع يزيد بن هارون، وغيره. روى عنه: أبو داود، إبراهيم الحربي، وغيرهما، وكان ثقة. توفي في [شوال] [8] هذه السنة، عن إحدى وثمانين سنة.
__________
[1] تاريخ بغداد 5/ 351.
[2] في الأصل: «قال أبو الفتح الأزدي الحافظ» وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «أبو محمد بن شجاع» .
[4] في ك: «لا يحل الرواية عنه كذاب» .
[5] في ك: «وزيغه في الدنيا» .
انظر تاريخ بغداد 5/ 351.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] تذكرة الحفاظ صفحة 629.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/210)
ثم دخلت سنة سبع وستين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن الزنج دخلوا واسطا، واتصل الخبر بأبي أحمد الموفق، فندب ولده أبا العباس لحربهم، فخرج في عشرة آلاف فبالغ [1] في حربهم، وغنم من أموالهم شيئا كثيرا، واستنقذ من النساء اللواتي كن في أيدي الزنج خلقا كثيرا، فردهن إلى أهلهن، وأقام حتى وافاه أبوه أبو أحمد لحرب الزنج، فحاربهم واستنقذ من المسلمات زهاء خمسة عشر ألف امرأة، فأمر بحملهن إلى واسط ليدفعهن إلى أوليائهن، ثم اجتمع أبو أحمد وولده على قتالهم، وألجئوهم إلى مدينة قد بنوها وحصنوها، وحفروا حولها الخنادق، ثم أجلوهم عن المدينة، واحتوى أبو أحمد وأصحابه على كل [2] ما كان فيها من الذخائر والأموال/ والأطعمة والمواشي، وبعث جندا في طلبهم حتى جاوزوا البطائح، ثم ارتحل أبو أَحْمَد إلى الأهواز، وكتب إلى رئيس الزنج كتابا يدعوه فيه إلى التوبة والإنابة إلى الله عز وجل، مما ركب من سفك الدماء، وانتهاك المحارم، وإخراب البلدان، واستحلال الفروج والأموال، [وانتحال ما لم يجعله الله عز وجل له أهلا من النبوة والرسالة، وان هو نزع عما هو عليه من الأمور التي] [3] يسخطها الله عز وجل، ودخل في جماعة المسلمين، يمحي [4] ذلك ما سلف من عظيم جرائمه، وكان له به الحظ الجزيل في دنياه.
__________
[1] «فبالغ» ساقطة من ك.
[2] «كلى» ساقطة من ك.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ك: «فجاء ذلك ما سلف» .(12/211)
فلما وصل الكتاب إليه لم يزده ذلك إلا نفورا وإصرارا، ولم يجب عنه بشيء [1] فسار أبو أحمد بأصحابه، وهم زهاء ثلاثمائة ألف إلى مدينته التي سماها المختارة من نهر أبي الخصيب [2] ، فرأى من تحصينها بالسور والخنادق، وما قد عور عن الطريق المؤدية إليها، وإعداد المجانيق والعرادات ما لم ير مثله، فأمر أبو أَحْمَد ابنه بالتقدم إلى السور، ورمي [3] من عليه بالسهام، ففعل، ثم نادى بالأمان، ورمى بذلك رقاعا [4] إلى عسكر القوم، فمالت قلوبهم، فجاء منهم كثير، وعلم أبو أَحْمَد أنه لا بد من المصابرة، فعسكر بالمدينة التي سماها الموفقية، وجهز التجار إليها، واتخذت بها الأسواق.
وقد كانت هذه المدينة انقطعت سبلها بأولئك الاعداء، وبنى أبو أَحْمَد مسجد الجامع، واتخذ دور الضرب، فضربت الدنانير والدراهم، وأدر للناس العطاء.
وفي ذي الحجة لست بقين منه: عبر أبو أَحْمَد بنفسه إلى مدينة القوم لحربهم، وكان السبب أن الرؤساء من أصحاب الفاسق لما رأوا ما قد حل بهم من القتل [5] والحصار، مالوا إلى الأمان، وجعلوا يهربون في كل وجه، فوكل الخبيث بطريق الهرب أحراسا، فأرسل جماعة من قواده إلى الموفق يسألونه الأمان، وأن يوجه لمحاربتهم جيشا ليجدوا إلى المصير إليهم سبيلا، فأمر أبا العباس بالمصير في جماعة إلى أناحيتهم، / فالتقوا فاحتربوا، وظفر أبو العباس وصار إلى القواد الذين طلبوا الأمان، وعبر الموفق بجيشه للمحاربة يوم الأربعاء لست بقين من ذي الحجة، وقصد ركنا من أركان المدينة، فغلبوا عليه، ونصبوا عليه علما، وأحرقوا ما كان على سورهم من منجنيق وعرادة، ثم ثلموا في السور عدة ثلم، ومد جسرا على خندقهم، فعبر الناس [فحملوا على] الزنج [6] فكشفوهم.
__________
[1] «بشيء» ساقطة من ك.
[2] في الأصل: «الخطيب»
[3] في الأصل: «ورشق»
[4] في الأصل: «ورقا»
[5] في الأصل: «ما حل بهم من القتل» .
وفي ك: «ما قد حل من القتل» .
[6] في الأصل: «فعبر الناس إلى الزنج» .(12/212)
وفي هذه السنة: وثب أَحْمَد بن طولون بأحمد بن المدبر، وكان يتولى خراج دمشق، والأردن، وفلسطين، فحبسه وأخذ أمواله، وصالحه على ستمائة ألف دينار.
وحج بالناس في هذه السنة: هارون بن مُحَمَّد.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1726- أحمد بن عبد المؤمن المروزي، يكنى أبا عَبْد [1] اللَّهِ.
حدث وكان ثقة، وتوفي بمصر في هذه السنة.
1727- بكر بن إدريس بن الحجاج بن هارون، أبو القاسم [2] .
روى عن أبي عَبْد الرَّحْمَنِ المقري، وآدم بن أبي إياس، وغيرهما، وكان فقيها.
توفي في شعبان هذه السنة.
1728- حماد بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد الأزدي [3] .
ولد سنة سبع وتسعين [4] ومائة، وولى القضاء ببغداد، وحدث بها عن القعنبي.
روى عنه: الحسين المحاملي، وكان ثقة فصيحا، يعرف مذهب مالك، جيد [5] كثير التصانيف في فنون، وتوفي بالسوس [6] في هذه السنة.
1729- علي بن الحسن بن موسى بن ميسرة الهلالي النيسابورىّ الدرابجردي [7] .
__________
[1] في ت: «أبا عبيد الله» .
[2] في ت: «بن القاسم» .
[3] في الأصل: «حماد بن إسحاق بن أبي إسماعيل» .
وفي تاريخ بغداد: «حماد بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم،. أبو إسماعيل الأزدي» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 159.
[4] في ك: «ولد سنة تسع وتسعين» .
وفي تاريخ بغداد: «سنة ثمان وتسعين ومائة» .
[5] «جيد» ساقطة من ك.
[6] في الأصل: «بالشوش» .
[7] تقريب التهذيب 2/ 34.(12/213)
و «درابجرد» محلة متصلة بالصحراء في أعلى البلد.
من أكابر علماء نيسابور، وابن عالمهم، وكان له مسجد بدارابجرد مذكور، ويتبرك بالصلاة فيه. سمع أبا عاصم النبيل، وسليمان بن حرب، ويعلي بن عبيد، وأبا نعيم وخلقا كثيرا. روى عنه: البخاري، ومسلم، وابن خزيمة، وغيرهم.
وتوفي في هذه السنة، واختلفوا في موته، فقيل: وجد ميتا بعد أسبوع من وفاته في مسجده، وقيل: إنه زبر العامل، فلما جن الليل أمر به فأدخل بيته، وأوقد النار في التبن فمات من الدخان [1] ، ثم وجد ميتا قد أكلت النمل عينيه، وقيل: أكله الذئب فلم يوجد سوى رأسه ورجليه.
1730- عيسى بن موسى بن أبي حرب، أبو يحيى الصفار البصري [2] .
قدم بغداد، وحدّث بها عن مشايخه [3] ، فروى عنه: أبو الحسين بن المنادي، وغيره. وكان ثقة، وتوفي في صفر هذه السنة.
1731- العباس بن عَبْد اللَّهِ، أبو مُحَمَّد الترقفي [4] .
سكن بغداد [5] وحدث عن جماعة، روى عنه: ابن أبي الدنيا، وابن صاعد، وابن مخلد، وكان ثقة صدوقا دينا [6] صالحا. قَالَ ابن مخلد: ما رأيته ضحك ولا تبسم.
توفي يسر من رأى في هذه السنة، وقيل: سنة ثمان وستين.
1732- عمار بن رجاء، أبو نصر الأستراباذي [7] .
رحل إلى العراق، وسمع من أبي داود الحفري، ويزيد بن هارون، وأبي نعيم،
__________
[1] في الأصل: «في الدخان» .
[2] في ك: «عيسى بن موسى بن أبي جوب» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 11/ 165، 166.
[3] «عن مشايخه» ساقطة من ك.
[4] تاريخ بغداد 12/ 143، 144.
[5] في الأصل: «سكن بها» .
[6] «دينا» ساقطة من ك.
[7] تذكرة الحفاظ صفحة 561.(12/214)
وغيرهم. وكان عابدا زاهدا ورعا ثقة [1] وتوفي في هذه السنة، وقبره يزار ويتبرك به.
1733- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن الجنيد، أبو جعفر الدقاق [2] .
سمع أبا عاصم النبيل، وأسود بن عامر، ويونس بن مُحَمَّد المؤدب، وغيرهم.
روى عنه: البغوي، وابن صاعد، والمحاملي، وغيرهم. وكان ثقة.
توفي في هذه السنة، وقيل: في السنة التي قبلها.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ] [3] بن علي بن ثابت، أخبرنا محمد بن عبد الواحد، حدثنا [محمد] [4] بن العباس الخزاز قال: قرئ على أبي الحسين بن المنادى، وأنا أسمع قَالَ: توفي ابن الجنيد الدقاق يوم الثلاثاء لعشر خلون من جمادي الأولى [5] سنة سبع وستين ومائتين [6] ، ودفن في مقبرة باب حرب/، وقد قارب التسعين.
1734- مُحَمَّد بن حماد بن بكر، أَبُو بكر المقرئ صاحب خلف بن هشام [7] .
سمع يزيد بن هارون، وغيره. وكان أحد القراء المجودين، ومن العباد الصالحين، وكان أَحْمَد بن حنبل يجله ويكرمه ويصلى خلفه شهر رمضان وغيره.
وتوفي يوم الجمعة لأربع خلون من ربيع الآخر في هذه السنة.
1735- يحيى بْن مُحَمَّد بْن يحيى [بن يحيى بن عبد الله بن فارس] [8] أبو زكريا الذهلي، يلقب: حيكان [9] .
__________
[1] «ثقة» ساقطة من ك.
[2] تاريخ بغداد 1/ 285، 286.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في الأصل: «جمادى الآخرة» .
[6] «ومائتين» ساقطة من ك.
[7] تاريخ بغداد 2/ 270، 271.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في الأصل، ت: «حيكال» .
وفي ك وتاريخ بغداد: «حيكان» . انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 14/ 217، 218.(12/215)
إمام نيسابور في الفتوى والرئاسة، وابن إمامها. سمع: يحيى بن يحيى، وابن راهويه، وعلى بن الجعد، وأحمد بن حنبل، وأبا الوليد الطيالسي، ومسدد بن مسرهد [1] ، وخلقا كثيرا. روى عنه: أبوه مُحَمَّد بن يحيى الإمام، وكان يقول: أبو زكريا والد، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، وخلق كثير، وكان قد اختلف هو وأبوه في مسألة، فحكما مُحَمَّد بن إسحاق بن خزيمة، فحكم ليحيى على أبيه، وكان أَحْمَد بن عَبْد اللَّهِ الخجستاني قد خرج، فغلب على نيسابور، وكان خارجيا ظالما، فخرج عن نيسابور، واستخلف إبراهيم بن نصر فتهوس [2] البلد، فنهض يحيى بْن مُحَمَّد [3] في خلق كثير، وحاربوا القواد الذين خلفهم، فلما عاد أَحْمَد طلب يحيى بن مُحَمَّد، فجيء به فقتله في جمادى الآخرة من هذه السنة، وقيل: إنه غلبه.
أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بْن طَاهِرٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُونِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال: سمعت الحسن بن يعقوب المعدل يقول:
سمعت أبا عمرو أَحْمَد بن المبارك المستملي يقول: رأيت يحيى بن مُحَمَّد [4] في المنام فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي. قلت: فما فعل الخجستاني؟ قَالَ: هو في تابوت من نار [5] والمفتاح بيدي.
1736- العابدة اليمنية.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن ناصر، أَخْبَرَنَا أبو الفتح مُحَمَّد بن علي المصري [6] ، أَخْبَرَنَا الموفق بن أبي الحسن [التمار، وأبو الحسن مُحَمَّد بن الحسن] [7] المزني قالا: أَخْبَرَنَا أبو عثمان سعيد بن العباس بن مُحَمَّد القرشي [قَالَ: أَخْبَرَنَا [أبو] منصور بن الحسن البوشنجي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن المنذر، حَدَّثَنَا علي بن الحسن الفلسطيني، حدّثنا أبو بكر
__________
[1] في الأصل: «مزهد» .
[2] في الأصل: «فهرش»
[3] في ك: «محمد بن يحيى»
[4] في الأصل: «محمد بن يحيى» .
[5] في ك: «هو في تابون من والمفتاح» .
[6] في ك: «المعري» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/216)
التيمي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سليمان القرشي] [1] قَالَ: بينا أنا أسير في طريق اليمن إذا أنا بغلام واقف/ في الطريق في أذنيه قرطان، في كل قرط جوهرة يضيء وجهه من ضوء تلك الجوهرة، وهو يمجد ربه [بثناء] [2] بأبيات من الشعر، فسمعته يقول:
مليك في السماء به افتخاري ... عزيز القدر ليس به خفاء
فدنوت منه، فسلمت عليه، فقال: ما أنا براد عليك حتى تؤدي من حقي الذي يجب لي عليك. قلت: وما حقك؟ قَالَ: أنا غلام على مذهب إبراهيم الخليل صلى الله عليه، لا أتغدى، ولا أتعشى [كل يوم] [3] حتى أسير الميل والميلين في طلب الضيف، فأجبته إلى ذلك، فرحب بي، وسرت معه حَتَّى [4] قربنا من خيمة شعر، فلما قربنا من الخيمة صاح: يا أختاه! فأجابته جارية من الخيمة، يا لبيكاه. قَالَ: قومي إلى ضيفنا.
فقالت الجارية: حتى أبدأ بشكر المولى الذي سبب لنا هذا الضيف، وقامت فصلت ركعتين شكرا للَّه قَالَ: فأدخلني الخيمة، وأجلسني، وأخذ [الغلام] [5] الشفرة، وأخذ عناقا فذبحها، فلما جلست في الخيمة نظرت إلى أحسن الناس وجها، فكنت أسارقها النظر، ففطنت لبعض لحظاتي، فقالت [لي] [6] مه، أما علمت أنه قد نقل إلينا عن صاحب يثرب «أن زناء العينين النظر» أما إني ما أردت [7] بهذا أن أوبخك، ولكن أردت أن أؤدبك لكي لا تعود لمثل هذا. فلما كان [وقت] [8] النوم بت أنا والغلام خارجا، وباتت الجارية في الخيمة، فكنت أسمع دوي القرآن الليل كله، بأحسن صوت يكون وأرقه، فلما [أن] [9] أصبحت، فقلت للغلام: صوت من كان ذلك؟ قَالَ: تلك أختي
__________
[1] «العباس بن محمد القرشي ... حدثنا محمد بن سليمان القرشي» مكان النقط ساقط من الأصل وكتب على الهامش.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «حتى» ساقطة من ك.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] «ما أردت» ساقطة من ك.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/217)
تحيي الليل كله إلى الصباح، فقلت: يا غلام، أنت أحق بهذا العمل من أختك [أنت رجل] [1] وهي امرأة، قَالَ: فتبسم ثم قَالَ لي: ويحك يا فتى، أما علمت أنه موفق ومخذول/.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/218)
ثم دخلت سنة ثمان وستين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
استئمان جعفر بن أَحْمَد السجان إلى الموفق في يوم الثلاثاء غرة المحرم، وكان هذا السجان أحد ثقات الخبيث الزنجي، فأمر له أبو أَحْمَد بخلع وصلات، فكلم أصحاب الزنجي وَقَالَ: إنكم في غرور، وإني [قد] [1] وقفت على كذب هذا الرجل وفجوره. فاستأمن يومئذ خلق كثير، وما زال الموفق ينظر في كل يَوْم [2] موضعا يجلب مِنْهُ الميرة [3] إلى بلد القوم فيمنعها، حتى ضاق الأمر بهم، حتى أكلوا لحوم الناس، ونبشوا القبور فأكلوا لحوم الموتى، وكان المستأمن منهم يسأل: كم عهدكم بالخبز؟ فيقول:
سنة وسنتان، فلما رأى الموفق ما قد [4] جرى عليهم، رأى أن يتابع الإيقاع بهم ليزيدهم بذلك ضرا وجهدا. فخرج إلى الموفق في هذا الوقت في الأمان خلق كثير، واحتاج من كان مقيما مع أولئك إلى الاحتيال في القوت، فتفرقوا عن معسكرهم إلى القرى والأنهار النائية، فأمر الموفق جماعة من قواده وغلمانه السودان أن يقصدوا القوم، ويستميلوهم، فمن أبى قتلوه، فواظبوا على ذلك فحصلوا جماعة كثيرة.
واتفق في هذه السنة: انه كان أول يوم من رمضان يوم الأحد، وكان الأحد
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «يوم» ساقطة من ك.
[3] «منه الميرة» ساقطة من ك.
[4] «قد» ساقطة من ك.(12/219)
الثاني منه الشعانين، وكان الأحد الثالث الفصح، وكان الأحد الرابع النيروز، وكان الأحد الخامس انسلاخ الشهر.
وحج بالناس في هذه السنة: هارون بن مُحَمَّد بن إسحاق الهاشمي، وكان ابن أبي الساج على الأحداث.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1737- أحمد بن الحسن، أبو عَبْد اللَّهِ السكري البغدادي [1] .
كان حافظا للحديث، توفي بمصر في ذي القعدة من هذه السنة.
1738- أنس بن خالد بن عَبْد اللَّهِ/ بن أبي طلحة بن موسى بن أنس بن مالك [2] .
حدث عن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ الأنصاري، وروى عنه: المحاملي، وابن مخلد.
وتوفي في جمادي الأولى من هذه السنة.
1739- الحسن بن ثواب، أبو علي التغلبي [3] .
سمع يزيد بن هارون، وغيره. قَالَ أبو بكر الخلال: كان شيخا كبيرا جليل القدر.
وقال الدارقطني: ثقة.
وتوفي في جمادي الأولى من هذه السنة.
1740- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن عبد الحكم بن أعين، أبو عَبْد اللَّهِ [4] .
ولد سنة اثنتين وثمانين ومائة، وروى عن ابن وهب، وغيره، وكان المفتي بمصر في أيامه.
__________
[1] في الأصل، ت: «اليشكري» .
وفي ك وتاريخ بغداد «السكري» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 4/ 80.
[2] تاريخ بغداد 7/ 49.
[3] تاريخ بغداد 7/ 291.
[4] تذكرة الحفاظ صفحة 546، 547 (ترجمة رقم 566) .(12/220)
وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة، وصلى عليه بكار بن قتيبة.
1741- مُحَمَّد بن عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد، أبو عمرو [1] .
يروى عن أبيه، وعن أبي صالح كاتب اليث، وكان ثقة [2] فاضلا.
وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة.
1742- يحيى بن إسحاق بن إبراهيم بن سافري [3] .
سمع على بن قادم. روى عنه: القاضي المحاملي، وكان ثقة.
توفي في ربيع الآخر من هذه السنة.
__________
[1] في ت: «أبو عمر» .
[2] «ثقة» ساقطة من ك.
[3] تاريخ بغداد 14/ 219.
وهذه الترجمة تكررت في الأصل، وكتب في تاريخ وفاته مرة «في ربيع الأول» ومرة «في ربيع الآخر» .
وباقي الترجمة سواء.(12/221)
ثم دخلت سنة تسع وستين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن الأعراب قطعوا على قافلة الحاج قريبا من سميراء، فاستاقوا نحوا من خمسة آلاف بعير مع أحمالها.
واجتمع في المحرم من هذه السنة كسوف الشمس والقمر، وغابت الشمس منكسفة.
ويوم السبت النصف من جمادي الأولى: شخص المعتمد يريد اللحاق بمصر، فأقام يتصيد بالكحيل، فلما صار المعتمد إلى عمل إسحاق بن كنداج، وكان العامل على الموصل وعامة الجزيرة، وكان قد كتب إليه أبو أَحْمَد بالقبض على المعتمد، وعلى قواده، فأظهر أنه معهم، وقد كان قواد المعتمد حذروا المعتمد من المرور به، فأبى وَقَالَ: إنما هو غلامي. فلما صار في عمله لقيهم/، وصار معهم حتى نزل المعتمد منزلا قبل وصوله إلى عمل ابن طولون، فلما أصبح ارتحل الأتباع والغلمان الذين مع المعتمد [والعسكر] ، وبقي معه القواد فقال لهم: إنكم قد قربتم من عمل ابن طولون والمقيمين بالرقة من قواد، وأنتم إذا صرتم إلى ابن طولون فالأمر أمره، وانتم [1] من تحت يده، أفترضون بذلك وقد علمتم إنما هو كواحد منكم.
وجرت بينهم وبينه في ذلك مناظرة حتى تعالى النهار، ولم يرتحل المعتمد لاشتغال القواد بالمناظرة بينهم، ولم يجتمع رأيهم على شيء. فقال لهم ابن كنداج:
__________
[1] «إذا صرتم إلى ابن طولون فالأمر أمره وأنتم» . ساقطة من ك.(12/222)
قوموا بنا حتى نتناظر في غير هذا الموضع، وأكرموا [1] مجلس أمير المؤمنين عن ارتفاع الأصوات فيه. فأخذ بأيديهم وأخرجهم من مضرب المعتمد، وأدخلهم مضرب نفسه، لأنه لم يكن بقي مضرب غير مضربه، فلما دخلوا حضر بالقيود، فشد غلمانه عليهم، فقيدوهم ثم مضى إلى المعتمد فعدله [2] في شخوصه عن دار ملكه وملك آبائه، وفراقه أخاه [3] على الحال التي هو بها، ثم رده إلى سامراء في شعبان، فخلع على ابن كنداج، وسمى ذا السيفين.
وخرج الأمر في هذه السنة بتكنية صاعد بالعلاء في الكتب [4] ، وعقد له على بلاد، وانحدر صاعد إلى الموفق، واستخلف ابنه العلاء، وسمى صاعد: ذا الوزارتين، وكانوا قد [5] عزموا أن يسموه: ذا التدبيرين. فقال لهم أبو عبيد الله: لا تسموه بشيء ينفرد به، ولكن سموه: ذا الوزارتين، أو ذا الكفايتين، ليكون مضافا إليكم. فسموه ذا الوزارتين.
وروى أبو بكر الصولي قَالَ: حدثني المعلي بن صاعد قَالَ: سعوا إلى الموفق بصاعد، وضمنوه بمال عظيم، وجعلوا الرقعة تحت ذنب طائر، وأطلقوه، وكان أبي قد أنكر من الموفق شيئا، فعزم أن يحمل إليه مائتي ألف درهم كانت عنده، ثم قَالَ: والله لا فعلت، ولأتصدقن بمائة ألف درهم منها. ففعل ذلك في غداة ذلك اليوم الذي ركب/ فيه زورق، فبينا هو يسير إذ سقط في زورقه طائر، فأخذ فوجدت فيه رقعة فقرأها صاعد، فإذا هي سعاية به، فعلم أن الله تعالى كفاه لأجل صدقته، ودخل إلى الموفق فأراه الطائر، وأراه الرقعة، وعرفه ما عمل، فعظم في عينه، وجلت مكانته [6] عنده، وَقَالَ: ما فعل الله بك هذا إلا لخير خصك به.
وفي هذا الشهر: أحرق أصحاب الموفق قصر ملك الزنج، وانتهبوا ما فيه، وذلك
__________
[1] في ك: «الزموا» .
[2] «فعدله» ساقطة من ك.
[3] في ك: «وقد أقر أخاه»
[4] في ك: «في الكنية» .
[5] «قد» ساقطة من ك.
[6] في ك: «وجلت حاله» .(12/223)
أن الموفق عاود الخصومة، فدخل أصحابه إلى قصر من تلك القصور، فانتهبوا وأحرقوا واستنقذوا نسوة كن فيه، وقصدوا إحراق دار الزنجي، فتعذر عليهم [1] لكثرة الحماة عنها، يرمون من فوق السور بالنشاب والحجارة، واستأمن إلى أبي أَحْمَد مُحَمَّد بن سمعان كاتب الخبيث ووزيره، فاجتمع أصحاب الموفق، وحملوا فأحرقوا الدار، فخرج الخبيث هاربا، وترك جميع أمواله، فانتهب ما لم يأت عليه النار، وأصاب الموفق سهم في ثندوته اليسرى، فشارف الموت، فتصدقت عنه [2] أمه بوزنه ورقا، فكان ثلاثين ألف درهم حين سلم، ثم مرض الموفق مدة، فاشتغل الخبيث بإصلاح [3] ما تشعث، فلما عوفي [الموفق] [4] عاود القتال، فقتل منهم خلقا كثيرا، واستخرج نساء وأطفالا كن بأيديهم.
فسأل ولد الخبيث الأمان فأجابه أبو أَحْمَد، فعلم الأب، فرد الولد عن ذلك العزم، فعاد إلى القتال، واستأمن خلق كثير فأمنهم، وخلع عليهم، وصار قواده يقاتلون، فاستوحشوا من ذلك، وتجاسروا وتخافوا [5] ، فجمع الموفق جنده وهم يزيدون على خمسين ألفا، والسفن الكثيرة يزيد ملاحوها على عشرة آلاف، وتأجج القتال، فتلقاهم العدو، واشتد القتال، فهزم العدو، وقتل منهم مقتله عظيمة، وأسر جماعة كثيرة، ونجا الخبيث/ إلى داره، وجمع أصحابه للمدافعة عنها، فلم يقدروا، فدخلها أصحاب أبي أَحْمَد [6] وأحرقوها، وما بقي فيها من متاع، وأمر الموفق بنساء الخبيث وأولاده، فحملوا إلى الموفقية والتوكيل بهم، وكان قد تغلب على حرم المسلمين، وجاءه منهن الأولاد.
وحج بالناس في هذه السنة: هارون بن مُحَمَّد الهاشمي.
__________
[1] «عليهم» ساقطة من ك.
[2] «عنه» ساقطة من ك.
[3] في الأصل: «بترميم» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في الأصل: «وخافوا وتجارسوا» .
[6] في الأصل: «أبى الموفق» .(12/224)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1743- إبراهيم بن نصر بن مُحَمَّد بن نصر، أبو إسحاق الكندي [1] .
سمع عفان بن مسلم، وقبيصة في آخرين، وكان ثقة، وتوفي في هذه السنة
. 1744- إبراهيم بن منقذ بن إبراهيم، [أبو إسحاق] العصفري [2] .
من أصحاب ابن وهب، وروى عن المنقري وإدريس بن يحيى، وكانت كتبه قد احترقت، وبقي منها بقية، فحدث بما بقي مَنْهَا وهو ثقة رضي.
توفي [3] في ربيع الآخر من هذه السنة.
1745- خالد بن أحمد بن خالد بن عمرو بن مجالد بن مالك، أبو الهيثم الذهلي الأمير [4] .
ولي إمارة مرو، وهراة، وغيرهما من بلاد خراسان، ثم ولي إمارة بخارى، وسكنها، وله آثار مشهورة وأمور محمودة، وكان يحب الحديث ويقول: انفقت في طلب العلم أكثر من ألف ألف درهم وكان قد [5] سمع من ابن راهويه، وعلى بن حجر، وخلق كثير، فلما استوطن بخارى أقدم إلى حضرته حفاظ الحديث، مثل: مُحَمَّد بن نصر المروزي، وصالح جزرة [6] ، ونصر بن أَحْمَد البغداديين، وغيرهم، وصنف له نصر مسندا، وكان يختلف مع هؤلاء المسمين إلى المحدثين [7] ، وكان يمشي برداء ونعل، يتواضع بذلك، وبسط يديه بالإحسان إلى أهل العلم فغشوه، وقدموا عليه من الآفاق،
__________
[1] تاريخ بغداد 6/ 196- 197.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
انظر ترجمته في: الأنساب للسمعاني 8/ 468. والعصفري: هذه النسبة إلى العصفر وبيعه وشرائه.
وهو شيء تصبغ به الثياب.
[3] في الأصل: «بما بقي منها وهو ثقة توفي ... » .
و «منها» ساقطة من ك.
[4] تاريخ بغداد 8/ 314.
وفي ت، ك: «ابن عمر بن مجالد بن مالك» .
[5] «وكان قد» ساقطة من ك.
[6] في ك: «صالح بن جور» .
[7] في الأصل: «وكان يختلف إلى المحدثين مع هؤلاء» .(12/225)
وأراد من مُحَمَّد بن إسماعيل البخاري أن يصير إلى حضرته فامتنع، فاعتل عليه باللفظ، فأخرجه [من بخارى] [1] فمات بقرية، وكأنه عوقب بما فعل بالبخاري، فزال ملكه، وكان قد ورد بغداد فحدث، فسمع منه وكيع القاضي، وأبو طالب/ الْحَافِظ وابن عقدة [2] ، ثم اعتقله السلطان فحبسه ببغداد، فمات بالحبس في هذه السنة، وكان السبب أنه اشتد على [3] الظاهرية، ومال إلى يعقوب بن الليث القائم بسجستان، وكان ذلك سبب حبسه.
1746- ذو الكفل الزاهد [4] .
رجل من ولد مسكين بن الحارث، يكنى أبا القاسم. يروى عنه: أَحْمَد بن مُحَمَّد بن حجاج بن رشدين، وغيره. توفي بمصر في جمادى الآخرة من هذه السنة.
1747- مُحَمَّد بن إبراهيم، أبو حمزة الصوفي بغدادي [5] .
مولى عيسى بن أبان [6] القاضي من كبار شيوخ الصوفية، كان يتكلم في جامع الرصافة، ثم انتقل [7] إلى جامع المدينة، وكان عالما بالقراءات خصوصا قراءة أبي عمرو، وجالس أَحْمَد بن حنبل، وكان أَحْمَد إذا عرضت مسألة يقول: ما تقول فيها يا صوفي؟
وجالس بشر بن الحارث، وأبا نصر التمار، وسريا السقطي، وسافر مع أبي تراب النخشبي إلا أنه انغمس في مذاهب الصوفية، حتى روينا أنه وقع في بئر فجاز قوم، فأخذوا يطمونها، فرأى من التوكل أن لا ينطق [8] ، وسكوته في مثل هذا يخالف الشرع.
وقد قيل إن الواقع في البئر أبو حمزة الخراساني لا البغدادي، والله أعلم.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «وابن جعدة» .
[3] في ك: «إلى الظاهرية» .
[4] انظر: صفة الصفوة.
[5] تاريخ بغداد 1/ 390.
[6] في ك: «بن أياز» .
[7] «انتقل» ساقطة من ك.
[8] خبر وقوعه في البئر في تاريخ بغداد 1/ 391، 392.(12/226)
أَخْبَرَنَا [أَبُو مَنْصُورٍ] الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا [أَبُو بَكْرٍ أَحْمَد بن علي] الخطيب قَالَ:
أخبرني الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، حَدَّثَنَا إبراهيم بن أَحْمَد بن مُحَمَّد الطبري، حَدَّثَنَا معروف بن مُحَمَّد بن معروف الواعظ، [حَدَّثَنَا] [1] أبو سعيد الزيادي قَالَ: كان أبو حمزة أستاذ البغداديين، وهو أول من تكلم ببغداد في هذه المذاهب من صفاء الذكر، وجمع الهم، والمحبة، والشوق، والقرب، والأنس، ولم يسبقه إلى الكلام على رءوس الناس ببغداد أحد، وما زال حسن المنزلة عند الناس إلى أن توفي سنة تسع [وستين ومائتين، ودفن بباب الكوفة [2] ، وقد ذكر السلمي أنه توفي في سنة تسع] [3] / وثمانين والأول أصح.
1748- مُحَمَّد بن الخليل بن عيسى، أبو جعفر المخرمي [4] .
سمع عبيد الله بن موسى، وروح بن عبادة [5] ، وحجاج بن مُحَمَّد، وغيرهم. روى عنه: وكيع القاضي، ومحمد بن مخلد، وغيرهما، وكان ثقة من خيار الناس.
وتوفي في شعبان هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين في السند ساقط من الأصل.
[2] تاريخ بغداد 1/ 393.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] تاريخ بغداد 5/ 250.
[5] في الأصل: «روح بن عبد الله» .(12/227)
ثم دخلت سنة سبعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
وقعة كانت بين أبي أَحْمَد وصاحب الزنج في المحرم، أضعفت أركان صاحب الزنج، واسمه بهبوذ وفي صفر قتل، وشرح القصة: أن أبا أَحْمَد ألح على حربه، ورغب الناس في جهاد العدو، وصار معه جماعة من المطوعة، ورتب الناس وأمرهم أن يزحف جميعهم مرة واحدة، وعبر يوم الأثنين لثلاث بقين من المحرم سنة سبعين، فنصر ومنح أكتاف القوم، فولوا منهزمين، واتبعهم الناس يقتلون ويأسرون، فقتل ما لا يحصى وخربت [1] مدينة الخبيث بأسرها، واستنقذوا ما كان فيها من الأسارى من الرجال والنساء والصبيان، وهرب الخبيث وخواصه إلى موضع قد كان وطأه لنفسه ملجأ إذا غلب على مدينته، فتبعه الناس، فانهزم أصحابه، وغدا أبو أَحْمَد يوم السبت لليلتين خلتا من صفر، فسار إلى الفاسق، وكان قد عاد إلى المدينة بعد انصراف الناس، فلقي الناس قواد الفاسق فأسروهم، وجاء البشير بقتل الفاسق، ثم جاء رجل معه رأس الفاسق، فسجد الناس شكرا للَّه تَعَالَى، وأمر أَحْمَد فرفع عَلَى قناة فارتفعت أصوات النَّاس بحمد اللَّه تَعَالَى وشكره، [2] وأمر أبو أَحْمَد أن يكتب إلى أمصار المسلمين بالنداء في أهل البصرة، والأبلة، وكور دجلة، والأهواز وكورها، وأهل واسط، وما حولها مما دخله/ الزنج بقتل الفاسق [3] ، وان يؤمروا بالرجوع إلى أوطانهم.
__________
[1] في ك: «وحويت» .
[2] «فسجد الناس شكرا ... وأمر أبو أحمد» .
مكان النقط ساقط من ك.
[3] في ك: «يقتل الناس» .(12/228)
وولى البصرة، والأبلة، وكور دجلة رجلا من قواد مواليه، وولى قضاء هذه الأماكن مُحَمَّد بن حماد، وقدم ابنه العباس إلى بغداد، ومعه رأس الخبيث ليراه الناس، فيسروا، فوافى بغداد يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادي الأولى في هذه السنة، والرأس بين يديه على قناة، فأكثر الناس التكبير والشكر للَّه تعالى والمدح لابن الموفق وأبيه، ودخل [أَحْمَد] [1] بن الموفق بغداد برأس الخبيث، وركب في جيش لم ير مثله من سوق الثلاثاء إلى المخرم، وباب الطاق، وسوق يحيى، حتى هبط إلى الجزيرة [2] ثم انحدر في دجلة إلى قصر الخلافة في جمادي هذه السنة، وضربت القباب، وزينت الحيطان.
وفي هذه السنة في ربيع الأول منها: ورد الخبر إلى بغداد بأن الروم نزلت ناحية باب تلمية [3] على ستة أميال من طرسوس، وهم زهاء مائة ألف، يرأسهم بطريق البطارقة أندرياس، فخرج إليهم يا زمان الخادم ليلا فبيتهم فقتل رئيسهم وخلقا كثيرا من أصحابه، يُقَالُ إنهم بلغوا سبعين ألفا، وأخذ لهم سبعة صلبان من ذهب وفضة، فيها صليبهم الأعظم من ذهب مكلل بالجوهر، وأخذ خمسة عشر ألف دابة وبغل، ومن السروج مثل ذلك، وسيوفا محلاة بذهب وفضة، ومناطق، وأربع كراسي من ذهب، ومائتي طوق من ذهب، وآنية كثيرة نحوا من عشرة آلاف علم، وكان النفير إلى أندرياس يوم الثلاثاء لسبع خلون من ربيع الأول.
وفي هذه السنة/ قتل ملك الروم الصقلبي.
وفيها: بنى أَحْمَد بن طولون أربعة أروقة على قبر معاوية بن أبي سفيان، وأمر أن يسرج هناك، وأجلس أقواما معهم المصاحف يقرءون القرآن.
وحج بالناس في هذه السنة: هارون بن محمد الهاشمي.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ك: «الحربية»
[3] في الأصل: «ملطية» .(12/229)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1749- أَحْمَد بن عَبْد اللَّهِ بن عبد الرحيم بن سعيد بن أبي زرعة، أبو بكر البرقي، من أهل برقة [1] .
حدث وكان ثقة ثبتا. قيل إن أخاه محمدا كان قد صنف التاريخ ولم يتمه، فأتمه هو، وحدّث به، وكان إسنادهما واحدا، وكان أَحْمَد يمشي في سوق الدواب فضربته دابة فمات من يومه، وذلك في رمضان هذه السنة.
1750-[أَحْمَد بن عبد العزيز بن داود بن مهران الحرابي [2] .
رحل وكتب الحديث، وحفظ، وروى، وعاد إلى حران، فتوفي بها في هذه السنة] .
1751- أَحْمَد بن طولون [3] .
وطولون تركي، انفذه نوح بن أسد عامل بخارى إلى المأمون سنة مائتين، وتوفي سنة أربعين ومائتين، وولد له [4] أَحْمَد ببغداد سنة عشرين ومائتين، ونشأ بعيد الهمة، وكان يستقل عقول الأتراك وأديانهم، ويقول: إن حرمة الدين عندهم منهوكة [5] وكانوا يهابونه، ويتقوون به على الأموال، وتمكنت له المحبة في قلوب الناس، ونشأ على الخير والصلاح، وحفظ القرآن، وطلب الحديث، فلقى الشيوخ وسمع منهم، ثم سأل الوزير عبيد الله بن يحيى بن خاقان أن يوقع له برزقه على الثغر ليكون في جهاد متصل وثواب دائم، ففعل، وكانت ولايته ما بين رحبة [مالك] [6] بن طوق إلى المغرب،
__________
[1] في الأصل: «أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن ... » .
[2] هذه الترجمة ساقطة من الأصل. الحرّاني: «حران» بلدة من الجزيرة كان بها ومنها جماعة من الفضلاء والعلماء في كل من (الأنساب 4/ 96) .
[3] الولاة والقضاة 212- 232. والنجوم الزاهرة 3/ 1. وبدائع الزهور 1/ 37. ووفيات الأعيان 1/ 55.
وتاريخ ابن خلدون 4/ 297. والكامل لابن الأثير (أحداث سنة 270 هـ) .
[4] «له» ساقطة من ك.
[5] في الأصل: «بينهم مهتوكة» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/230)
وكانت أمه بسر من رأى، فبلغه انها تبكيه [1] لبعده، فرجع إليها فخرج على الرفقة الذين صحبهم أعراب، فقاتلهم أشد قتال، ونصر عليهم، وخلص من أيديهم أموالا قد حملت إلى المستعين، فحسن مكانه عنده، وبعث إليه المستعين/ سرا ألف دينار، وَقَالَ للرسول: عرفه [2] محبتي له، وإيثاري [3] لاصطناعه غير أني [4] أخاف أن أظهر له ما في قلبي فيقتله الأتراك.
ثم استدام الإنعام عليه، ووهب له جارية اسمها: مياس، فولدت له ابنه خمارويه في محرم سنة خمسين ومائتين، ولما تنكر الأتراك للمستعين وخلعوه وولوا المعتز احدروه إلى واسط وفالوا: من تختار أن يكون في صحبتك؟ فقال: أَحْمَد بن طولون.
فبعثوه معه، فأحسن صحبته، ثم خاف غلمان المتوكل من كيد المستعين، فكتبوا إلى أَحْمَد بن طولون أن [أقتله فان] [5] قتلته وليناك واسطا.
فكتب إليهم: والله لا رآني الله قتلت خليفة بايعت [6] له أبدا. فأنفذوا إليه سعيدا الحاجب، فلما رآه المستعين قَالَ: قد جاء جزار بني العباس، فتسلمه، وضرب خيمة على بعد، فأدخله [7] إليها، ثم خرج والقاها على ما فيها ورحل. فلما بعد [8] نظروا، فإذا هو قد حمل رأس المستعين معه، فغسل أَحْمَد بن طولون الجثة وكفنها وواراها، وعاد إلى سرمن رأى، فزاد محله عند الأتراك، ووصفوه بحسن المذهب، فولوه مصر نيابة عن أميرها في سنة أربع وخمسين، فقال حين دخلها: غاية ما وعدت بِهِ [9] في قتل المستعين ولاية واسط، فتركت ذلك لاجل الله تعالى فعوضني الله ولاية مصر والشام.
__________
[1] في الأصل: «باكية» .
[2] في الأصل: «قل له» .
[3] في ك: «وإشارتي»
[4] في ك: «ولكن» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ك: «بايعته»
[7] في الأصل: «فأخرجه» .
[8] «بعد» ساقطة من ك.
[9] «به» ساقطة من ك.(12/231)
ثم قتل والى مصر في أيام المهتدي، فصار مستبدا بنفسه في أيام المعتمد، وركب يوما إلى الصيد فلما طعن في البرية غاضت [1] يد دابة بعض أصحابه في وسط الرمل، فكشف المكان فرآى مطلبا واسعا، فأمر أن يعمل فيه، فوجد فيه من المال ما قيمته ألف ألف دينار، فأنفق معظم ذلك في البر والصدقة وبناء الجامع [2] ، وَقَالَ له وكيله يوما: ربما امتدت/ إلى الكف المطوقة، والمعصم فيه السوار، والكف [3] الناعم، أفامنع هذه الطبقة [4] ؟ فقال له: ويحك، هؤلاء المستورون الذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، احذر أن ترديدا أمتدت إليك.
وحسن له بعض التجار التجارة، فدفع إليه خمسين ألف دينار، فرآى فيما يرى النائم كأنه يمشمش عظما، فدعى المعبر فقص عليه ما رأى، فقال: قد سمت عمة الأمير إلى مكسب لا يشبه خطره. فاستدعى صاحب صدقاته، وَقَالَ له: امض إلى التاجر، وخذ [منه] [5] الخمسين ألف دينار، وتصدق بها.
ولما اشتد مرضه في علة الموت فخرج المسلمون بالمصاحف، واليهود بالتوراة، والنصارى بالأناجيل، والمعلمون بالصبيان، وكثر الدعاء في الصحراء والمساجد، فلما أحسن بالموت رفع يده وَقَالَ: يا رب، ارحم من جهل مقدار نفسه وابطره حكمك عنه [6] . ثم تشهد وقضى في ذي القعدة من هذه السنة، وقيل: في التي قبلها.
وكان عمره خمسين سنة، وخلف ثلاثة وثلاثين ولدا منهم سبعة عشر ذكرا، وترك عشرة آلاف ألف دينار، وكان له من المماليك سبعة آلاف، ومن الخيل على مربطه سبعة آلاف فرس، ومن الجمال والبغال ستة آلاف رأس، ومن المراكب [7] الخاصة ثلاثمائة، ومن المراكب الحربية مائة مركب، ومن الغلمان أربعة وعشرون ألفا، وكان خراج مصر
__________
[1] في الأصل: «جاست» .
[2] في الأصل: «في البر والصدقات وبنى الجامع» .
[3] في ك: «والكم الناعم» وكذا في ت.
[4] في الأصل: «الوظيفة» وكذا في ت.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في الأصل: «حلمك» .
[7] في الأصل: «الدواب» .(12/232)
في أيامه أربعة آلاف ألف دينار [1] وثلاثمائة ألف دينار، [وأنفق على المصالح أموالا كثيرة منها على الجامع مائة وعشرين ألف دينار] [2] وكان يتصدق في كل شهر [3] بثلاثة آلاف دينار شاذة سوى الراتب، وكان راتب مطبخه في كل يوم ألف دينار، وكان يجري على أهل المساجد كل شهر ألف دينار، وعلى فقراء الثغر كذلك، وحمل إلى بغداد في أيامه [4] ما فرق على الصالحين والعلماء ألفي ألف دينار [5] ومائتي ألف دينار. / ورآه بعض المتزهدين في المنام بحال حسنة، فقال له: ما ينبغي لمن سكن الدنيا أن يحتقر حسنة فيدعها، ولا سيئة فيأتيها، عدل بي عن النار إلى الجنة بتثبتي على متظلم عيي اللسان، شديد التهيب، فسمعت منه وصبرت عليه حتى قامت حجته، وتقدمت بإنصافه، وما في الآخرة على رؤساء الدنيا أشد من الحجاب الملتمسي الإنصاف.
ورآه آخر في المنام فقال له: إنما البلاء من ظلم من لا ناصر له.
أَخْبَرَنَا [عَبْد الرحمن بن محمد] القزاز، أخبرنا [أبو بكر بن ثابت] الخطيب أَخْبَرَنَا الحسين بن مُحَمَّد بن المؤدب، أَخْبَرَنَا إبراهيم بن عَبْد اللَّهِ المالكي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن علي بن سيف قَالَ: سمعت الحسين بن أَحْمَد النديم قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن علي المادرائي قَالَ: كنت اجتاز بتربة أَحْمَد بن طولون، فأرى شيخا يقرئ عند قبره ملازما للقبر، ثم أني لم أره مدة، ثم رأيته بعد ذلك، فقلت له: ألست الذي كنت أراك عند قبر ابن طولون تقرأ عليه؟ قَالَ: بلى. قد [6] كان والينا في هذا البلد، وكان له علينا بعض العدل، وإن [7] لم يكن الكل، فأحببت أن أصله بالقرآن. قلت له: [8] فلم انقطعت
__________
[1] في ك: «أربعة آلاف ألف درهم» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «في كل شهر» ساقطة من ك.
[4] في ك: «ما فرق على الصالحين والعلماء في أيامه» .
[5] «دينار» ساقطة من ك.
[6] «قد» ساقطة من ك.
[7] إن» ساقطة من ك.
[8] «له» ساقطة من ك.(12/233)
عنه [1] ؟ قال لي [2] : رأيته في النوم، وهو يقول لي: أحب أن لا تقرأ عندي، فكأني أقول له: لأي سبب؟ فقال: ما يمر بي آية إلا قرعت بها وقيل لي: أما سمعت هذه؟!.
1752-[إبراهيم بن مرزوق بن دينار، أَبُو إسحاق البصرى [3] .]
قدم مصر، وكان ثقة ثبتا، وذهب بصره قبل موته.
وتوفي بمصر في جمادى الآخرة من هذه السنة] .
1753- إسماعيل [بن عَبْد اللَّهِ] [4] بن ميمون بن عبد الحميد بن أبي الرجال، أبو النضر [5] العجلي.
مروزي الأصل، وهو ابن أخي نوح بن ميمون المضروب. سمع خلقا كثيرا وروى عنه: مُحَمَّد بن مخلد الدوري، وأبو الحسين بن المنادي.
أخبرنا [أبو منصور] القزاز، أخبرنا [أحمد بن علي بن ثابت] الخطيب [6] أَخْبَرَنَا أبو بكر البرقاني، أخبرنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَكِّي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسحاق الثقفي قَالَ: أنشدني أبو النضر العجلي لنفسه:
تخبرني الآمال أني معمر ... وأن الذي أخشاه عني مؤخر
فكيف ومر الأربعين قضيته ... على بحكم قاطع لا يغير/
[إذا المرء جاز الأربعين فإنه ... أسير لأسباب المنايا ومعثر] [7]
__________
[1] في الأصل: «فلم قطعته» .
[2] «لي» ساقطة من ك.
[3] هذه الترجمة ساقطة من الأصل.
انظر ترجمته في: التقريب 1/ 43.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] تاريخ بغداد 6/ 282.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
و «الخطيب» ساقطة من ك.
[7] هذا البيت ساقطة من الأصل.
انظر الخبر في تاريخ بغداد 6/ 282.(12/234)
أخبرنا القزاز، أخبرنا [أحمد بن علي] الخطيب أخبرنا محمد [بن عبد الواحد] حدثنا محمد بن العباس قال: قرئ على ابن المنادى وأنا أسمع قَالَ: توفي أبو النضر المروزي ليلة الأثنين لثلاث وعشرين خلت من شعبان سنة سبعين، وقد بلغ أربعا وثمانين [سنة] فيما ذكر [1] ، وكان يخضب بالوسمة [2] .
1754- بهبوذ صاحب الزنج [3] .
قد ذكرنا أحواله، وكان خروجه يوم الأربعاء لأربع بقين من رمضان سنة خمس وخمسين وقتل يوم السبت لليلتين خلتا من صفر سنة سبعين، وكانت أيامه أربع عشرة سنة وأربعة أشهر وستة أيام.
وحكى أبو بكر الصولي أن مبلغ من قتل في هذه المدة من الناس ألف ألف وخمسمائة ألف [رجل] [4] واستأمن من أصحابه خمسة عشر ألف رجل.
1755- حمدون بن عباد، أبو جعفر [5] البزاز، المعروف: بالفرغاني [6] .
سمع يزيد بن هارون، وعلى بن عاصم. روى عنه: البغوي، وكان اسمه أَحْمَد، ولقبه: حمدون، وهو الغالب عليه. قَالَ الخطيب: محله عندنا الصدق والأمانه. روى أحاديث بواطل فالحمل فيها على غيره. توفي في محرم هذه السنة.
1756- داود بن علي بن خلف، أبو سليمان الفقيه الظاهري [7] .
ولد سنة مائتين [8] ، وسمع سليمان بن حرب، والقعنبي، ومسددا، وغيرهم.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي الأصل: «فيما ذكرنا» .
[2] تاريخ بغداد 6/ 282.
[3] البداية والنهاية 11/ 43- 45.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في الأصل: «بن جعفر» .
[6] تاريخ بغداد 8/ 177، 178.
[7] تاريخ بغداد 8/ 369- 375.
[8] في الأصل: «ولد سنة ثمانين» .(12/235)
ورحل إلى نيسابور، فسمع من إسحاق بن راهويه «المسند» و «التفسير» ، وكان يرد إلى إسحاق وما كَانَ أحد يتجاسر عَلَيْهِ [1] يرد عليه غيره، ثم قدم بغداد فسكنها، وصنف كتبه بها، وهو إمام أصحاب الظاهر، وكان ورعا ناسكا زاهدا [2] إلا أن مذهبه طريف يدعى الجمود على النقل، ويخالف كثيرا من الأحاديث، ويلتفت على مفهوم الحديث [3] إلى صورة لفظه، و [في] هذا تغفيل. / أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّد أخبرنا [أبو بكر] أَحْمَد بْن [عَلي بْن] ثَابِت، حَدَّثَنَا عبد العزيز بْن عَلي الوراق، حَدَّثَنَا عَلي بن عبد الله الهمذاني قال: حدثني أَحْمَد بن الحسين قَالَ: سمعت أبا عَبْد اللَّهِ المحاملي يقول: صليت صلاة العيد فِي يوم فطر في جامع المدينة، فلما انصرفت قلت في نفسي: أدخل على داود بن على أهنئه؟ وكان ينزل قطيعة الربيع، فجئته وقرعت عليه [4] الباب، فأذن لي، فدخلت عليه، وإذا بين يديه طبق فيه أوراق هندباء وعصارة فيها نخالة، وهو يأكل، فهنأ به [5] ، وتعجبت من حاله، فرأيت أن جميع ما نحن فيه من الدنيا ليس بشيء وخرجت من عنده، فدخلت على رجل من مكثري [6] القطيعة، يعرف: بالجرجاني، فلما علم بمجيئي [إليه] خرج إلي [7] حاسر الرأس، حافي القدمين وَقَالَ: ما عني القاضي أيده الله؟ قلت: مهم.
قَالَ: وما هو؟ قلت: في جوارك داود بن علي، ومكانه [8] من العلم ما تعلم [9] وأنت كثير البر والرغبة في الخير تغفل عنه، وحدثته حديثه وما [10] رأيت مِنْهُ [11] فقال لي: داود شرس
__________
[1] في ك: «وما تجاسر أحد يرد عليه» .
[2] «زاهدا» ساقطة من ك.
[3] في الأصل: «عن مفهومه» .
[4] في ك: «وقرعت على الباب» .
[5] في الأصل: «فهنئته» .
[6] في الأصل: «من مجهري» .
[7] «إليّ» ساقطة من ك. وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في الأصل: «ومحله من» .
[9] في ك: «من العلم وأنت» .
[10] في ك: «وحدثته بما» .
[11] «منه» ساقطة من ك.(12/236)
الأخلاق، أعلم أيها القاضي! أني وجهت إليه البارحة ألف درهم مع غلامي ليستعين بها في بعض أموره فردها مع الغلام، وَقَالَ للغلام: وقل له بأي عين رأيتني، وما الذي بلغك من حاجتي وخلتي [1] حتى وجهت [2] بهذا. فتعجبت من ذلك وقلت له: هات الدراهم، فإني أحملها إليه أنا. فدعا بها ودفعها إلى وَقَالَ: ناولني الكيس الأخير، فجاءه بكيس فوزن ألفا أخرى فقال: تيك لنا، وهذه لموضع القاضي وعنايته. فأخذت الألفين وجئت إليه، فقرعت بابه، فخرج وكلمني من وراء الباب وَقَالَ: ما رد القاضي؟
قلت: حاجة أكلمك فيها، فدخلت وجلست ساعة، ثم أخرجت الدراهم وجعلتها بين يديه، فقال: هذا جزاء من ائتمنك على سره إنما بأمانة [3] العلم أدخلتك إلي، ارجع فلا حاجة لي فيما معك.
قَالَ المحاملي: فرجعت وقد صغرت الدنيا في عيني، ودخلت على الجرجاني وأخبرته بما رأيت [4] . فقال: أما أنا [فقد] [5] أخرجت هذه الدراهم للَّه تعالى، فلا ترجع في مالي [أبدا] فليتول القاضي [في] [6] إخراجها في أهل الستر [7] والعفاف من المتجملين بالستر والصيانة على ما يراه، فقد أخرجتها عن قلبي [8] .
أخبرنا [عَبْد الرَّحْمَنِ بن محمد] القزاز أخبرنا [أحمد بن علي] الخطيب حَدَّثَنَا [أبو طالب علي بن] [9] يحيى بْن عَلي الدسكري، أَخْبَرَنَا أَبُو بكر بن المقرئ قَالَ:
سمعت علي بن حمزة. قَالَ: سمعت أبا بكر بن داود يقول: سمعت أبي يقول خير الكلام ما دخل الأذن بلا إذن [10] .
__________
[1] «وخلتي» ساقطة من ك.
[2] في ك: «تهدي إليّ بهذا» .
[3] في ك: «إنها امانة» .
[4] في الأصل: «بما كان» .
[5] في الأصل: «اما إنه أخرجت» .
[6] في ك: «فليقل القاضي» وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في الأصل: «أهل البر» .
[8] تاريخ بغداد 8/ 371، 372.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] تاريخ بغداد 8/ 372.(12/237)
قال المصنف: قدم داود بغداد فسأل صالح بن أحمد بن حنبل أن يتلطف له في الاستئذان على أبيه، فاستأذن له، فقال [أَحْمَد] قد كتب إلى مُحَمَّد بن يحيى النيسابوري في أمره أنه زعم أن القرآن محدث فلا يقربني- وفي رواية عنه: انه قَالَ الذي في اللوح المحفوظ غير مخلوق، والذي يقرأ [1] الناس مخلوق.
أَخْبَرَنَا [أَبُو مَنْصُورٍ] الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا [أَبُو بَكْرٍ] بن ثابت، أَخْبَرَنَا الحسن بْن أبي بكر، عن أَحْمَد بن كامل القاضي قَالَ: وفي رمضان سنة سبعين ومائتين مات داود بن علي الأصبهاني، وهو أول من أظهر انتحال [2] الظاهر، ونفي القياس في الأحكام قولا، واضطر إليه فعلا، فسماه دليلا. وفي رواية: أنه توفي في ذي القعدة [3] .
1757- الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل الجيزي [4] ، صاحب الشافعي مولى مراد، يكنى: أبا مُحَمَّد [5] .
وكان فقيها سيدا [6] ، يروى عن عَبْد اللَّهِ بن وهب وغيره.
توفي في شعبان هذه السنة، وصلى عليه خمارويه بن أَحْمَد بن طولون.
1758-[زكريا بن يحيى بن أسد، أبو يحيى المروزي، يعرف بزكرويه [7] .]
سكن بغداد بباب خراسان، وحدث عن سفيان بن عيينة، وأبي معاوية، ومعروف الكرخي، روى عنه المحاملي، وابن مخلد، وأبو العباس الأصم.
وتوفي في هذه السنة] .
1759- عَبْد اللَّه بن محمد بن شاكر أبو البختري العنبري [8] .
__________
[1] في ك: «الّذي بين الناس» .
[2] في ك: «من انتحل الظاهر» .
[3] تاريخ بغداد 8/ 374.
[4] «الجيزي» ساقطة من ك.
[5] التقريب 1/ 245.
[6] «سيدا» ساقطة من ك.
[7] هذه الترجمة ساقطة من الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 460، 461.
[8] تاريخ بغداد 10/ 82، 83.(12/238)
سمع حسينا الجعفي، وأبا داود الخفري، وغيرهما. وروى عنه: ابن صاعد، وابن أبي حاتم، وَقَالَ: هو صدوق.
أَخْبَرَنَا/ [عَبْد الرَّحْمَن بن محمد] القزاز أخبرنا [أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ] بْنِ ثَابِتٍ أَخْبَرَنَا [أَبُو بَكْر] البرقاني، أَخْبَرَنَا [إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد] المزكي، أَخْبَرَنَا [أبو العباس مُحَمَّد بن إسحاق] [1] السراج قَالَ: أنشدني أبو البختري:
يمنعني من عيب غيري الذي ... أعرفه فِي من العيب
وكيف شغلي بسوى مهجتي ... أم كيف لا أنظر في جيبي
إن كان عيبي غاب عنهم فقد ... أحصى ذنوبي عالم الغيب
عيبي لهم بالظن مني لهم ... ولست من عيبي في ريب
لو أنني أقبل من واعظ ... إذا كفاني واعظ الشيب
توفي أبو البختري في ذي الحجة من هذه السنة.
1760- الفضل بن العباس، أبو بكر، المعروف: بفضلك الرازي [2] .
سمع هدبة، وقتيبة، وابن راهويه. حدث عنه: مُحَمَّد بن مخلد، وكان ثقة ثبتا حافظا [3] إمام عصره في معرفة الحديث.
توفي ببراثا من غربي بغداد في صفر هذه السنة، ودفن هناك.
1761- الفضل بن العباس بن موسى، أبو نعيم العدوى الإستراباذي [4] .
روى عن أبي نعيم [5] الفضل بن دكين، وأبي حذيفة النهدي، وسهل بن بكار، وسليمان بن حرب، وغيرهم، وكان فقيها فاضلا ثقة، مقبول القول عند الخاص والعام، وهو الذي تقدم إلى أحمد بن عبد الله الطائي لما أراد أن يغير على استراباذ، فأشترى منه
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] تاريخ بغداد 12/ 367.
[3] «حافظا» ساقطة من ك.
[4] في ت: «الأستراباديّ»
[5] في الأصل: «إبراهيم» .(12/239)
البلد وأهله ستمائة ألف درهم ووزعها على الناس، ويقال: إنه قتله مُحَمَّد بن زيد العلوي، في سر، وأخفاه وذلك في هذه السنة.
1762- مُحَمَّد بن إبراهيم بن مُحَمَّد بن فرخان الفرخاني [1] .
روى عنه: البغوي، وغيره. وكان فقيها، فاضلا، ورعا، متقنا، ثبتا، زاهدا.
توفي في هذه السنة بسمرقند وله ست وثمانون سنة.
1763- مُحَمَّد [بن إسحاق] [2] ، بن جعفر، وقيل: ابن إسحاق بن مُحَمَّد، أبو بكر الصاغاني [3] .
كان أحد/ الأثبات المتقنين مع صلابة في الدين، واشتهار بالسنة، واتساع في الرواية، ورحل في طلب العلم إلى البلاد، وسمع من يعلي بن عبيد الطنافسي، ويزيد بن هارون، وروح، وخلق كثير. روى عنه: ابن أبي الدنيا، والنسائي، وابن خزيمة.
وقال الدار الدارقطني: كان ثقة فوق الثقة.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عبد الواحد بن مُحَمَّد البزار، حَدَّثَنَا محمد بن العباس الخزاز قال: قرئ على أبي الحسين بن المنادي: مات الصاغاني لسبع خلون من صفر سنة سبعين ومائتين يوم الخميس [4] .
1764- مُحَمَّد بن الحسين بن المبارك، أبو جعفر، يعرف بالأعرابي [5] .
سمع أسود بن عامر، ويونس بن مُحَمَّد، وغيرهما. روى عنه: ابن صاعد،
__________
[1] في الأصل: «بن محمد بن جرجان الفرخاني الجرجاني» وكذا في ت.
انظر ترجمته في:
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] تاريخ بغداد 1/ 240، 241.
[4] تاريخ بغداد 1/ 241.
[5] الأنساب للسمعاني 1/ 309.
وهذه النسبة معروفة إلى الأعراب.(12/240)
وغيره. وكان ثقة [كثير السماع] [1] توفي له ولد نفيس يحفظ الحديث فتغير لذلك إلى أن مات لعشر بقين من رمضان [هذه السنة] [2] .
1765- مصعب بن أَحْمَد بن مصعب، أبو أَحْمَد القلانسي [3] .
بغدادي المولد والمنشأ، أصله من مرو، وهو من زهاد المتصوفة من قران الجنيد، ورويم، وإليه ينتمي أبو سعيد [ابن] الأعرابي.
أَخْبَرَنَا [عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّد] القزاز أخبرنا [أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ] بْنِ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم الْحَافِظ قَالَ: أخبرني جعفر الخلدي في كتابه قَالَ: قَالَ لِي أَبُو أحْمَد [4] القلانسي: فرق رجل من الفقراء ببغداد أربعين ألف درهم، فقال لي سمنون: يا [أبا] أَحْمَد، ما ترى ما أنفق هذا وما قد عمله [5] ونحن ما نرجع إلى شيء ننفقه، فامض بنا [6] إلى موضع نصلي [فيه] بكل درهم ركعة. قَالَ: فذهبنا إلى المدائن، فصلينا أربعين ألف ركعة وزرنا قبر سلمان وانصرفنا [7] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي، حَدَّثَنَا عبد العزيز بن عليّ الخياط، حَدَّثَنَا عَلي بْن [8] عَبْد اللَّهِ الهمذاني/ قَالَ: حدثني عبد السلام بن مُحَمَّد بن أبي موسى قَالَ: حدثني أَحْمَد بن مُحَمَّد الزيادي قَالَ: كان سبب تزويج أبي أَحْمَد القلانسي بعد تفرده ولزومه المساجد والصحاري أَنَّهُ كان يصحبه شاب يعرف بمحمد الغلام، وَهُوَ مُحَمَّد بْن يعقوب المالكي، وكان حدث السن، فقال: أنا أحب أن أتزوج، فسأل [أبا] أَحْمَد بريهة [9] أن يطلب له زوجة. [قَالَ] : فكلمت إنسانا يُقَالُ له
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] تاريخ بغداد 13/ 114، 115.
[4] «لي أبو أحمد» ساقطة من ك.
[5] في ك: «ما فعل هذا ما لا يقدر عليه» .
[6] «بنا» ساقطة من ك.
[7] تاريخ بغداد 13/ 115.
[8] «الخياط، حدثنا علي بن» ساقطة من ك.
[9] بريهة» ساقطة من ك.(12/241)
ابن المطبخي من النساك في بنت له، فأجاب، واتعدوا منزل بريهة ليعقد أَبُو أَحْمَد النكاح، ومعنا رويم، والقطيعي، وجماعة، فحضر أبو الصبية، فلما عزموا على النكاح جزع [1] مُحَمَّد الغلام وقال: قد [2] بدا لي. فغضب أبو أَحْمَد، وَقَالَ: تخطب إلى رجل كريمته، ثم تأبى؟ لا يتزوجها غيري، فتزوجها في ذلك اليوم، فلما عقدنا النكاح قام أبوها فقبل رأس أبي أَحْمَد، وَقَالَ: ما كنت أظن أن قدري عند الله عز وجل أن أصاهرك، ولا قدر ابنتي أن تكون أنت [3] زوجها. وكانت عنده حتى مات عنها [4] .
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْن عَلي، أَخْبَرَنَا إسماعيل بْن أَحْمَد الحيري، أخبرنا] محمد بن الحسين السلمي [قَالَ] [5] حج أبو أَحْمَد سنة سبعين ومائتين فمات بمكة بعد انصراف الحاج بقليل، [ودفن بأجياد عند الهدف] [6] .
__________
[1] في ك: «خرج» .
[2] «قد» ساقطة من ك.
[3] «أنت» ساقطة من ك.
[4] تاريخ بغداد 13/ 115.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] تاريخ بغداد 13/ 115. وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/242)
ثم دخلت سنة إحدى وسبعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
ورود الخبر في غرة صفر بدخول مُحَمَّد وعلي ابني الحسن بن جعفر بن موسى بن محمد بن علي بن الحسين المدينة، وقتلهما جماعة من أهلها، ومطالبتهما أهلها بمال، وأن أهل المدينة لم يصلوا في مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربع جمع لا جمعة ولا جماعة.
ولثمان بقين من شعبان: شخص صاعد من عسكر أبي أَحْمَد بواسط/ إلى فارس لحرب عمرو بن الليث.
ولعشر خلون من رمضان: عقد لأحمد بن مُحَمَّد الطائي على المدينة وطريق مكة.
وفي سادس عشر شوال: كانت وقعة بين أبي العباس وبين خمارويه [بن أَحْمَد بن طولون، فهزمه أبو العباس، فخرج خمارويه هاربا على حمار] [1] ووقع أصحاب أبي العباس في النهب، ونزل أبو العباس [في] مضرب خمارويه، وهو لا يرى أنه بقي له طالب، فخرج كمين لخمارويه كان أكمنه لهم [2] فشد على أصحاب أبي العباس، فانهزموا وذهب ما كان في العسكرين بالنهب.
ولأربع بقين من شوال: دخل على المعتمد جماعة من حجاج خراسان، فأعلمهم
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «لهم» ساقطة من ك.(12/243)
أنه قد عزل عمرو بن الليث عما كان قلده ولعنه بحضرتهم، واعلمه أنه قد قلد خراسان مُحَمَّد بن طاهر، وأمر بلعن عمرو على المنابر فلعن.
وفي هذه السنة: وثب يوسف بن أبي الساج وكان والي مكة على غلام الطائي يُقَالُ له: بدر، خرج علي الحاج فقيده، فحارب ابن أبي الساج أصحاب بدر، وأعانهم الحاج حتى استنقذوا غلام الطائي، وأسروا ابن أبي الساج فقيدوه، وحمل إلى بغداد، وكانت الحرب بينهم على أبواب المسجد الحرام.
أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التنوخي، عن أبيه قال: حدثني أبو السري عمر بن مُحَمَّد القاري [قَالَ] حدثني أبو بكر الآدمي قَالَ: لما أدخل مؤنس أبا القاسم بن أبي الساج أسيرا خرجت إلى تلقيته على فراسخ، ودخلت بغداد معه، فقال لي لما قربنا: إذا كان غدا فإني سأركب ابن أبي الساج وأشهره فاركب بين يديه، واقرأ، فقلت: السمع والطاعة.
فلما كان من الغد شهر ابن أبي الساج ببرنس، فبدأت فقرأت وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ [إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ 11: 102] [1] واتبعتها بكل ما في القرآن من هذا الجنس/ قَالَ: وحانت مني [2] التفاتة، فرأيت ابن أبي الساج يبكي. ومضى ذلك اليوم، فلما كان بعد أيام [3] رضي عنه السلطان بشفاعة مؤنس، فأطلقه إلى داره، فأنا [كنت] [4] يوما بحضرة مؤنس أقرأ، إذ استدعاني وَقَالَ لي: قد طلبك اليوم ابن أبي الساج، فامض إليه. فقلت له: أيها الأستاذ الله الله في لعله وجد في نفسه من قراءتي ذلك اليوم.
فضحك وَقَالَ: امض إليه. فمضيت إليه، فرفعني واجلسني وَقَالَ: أحب أن تقرأ تلك الآيات التي قرأتها بين يدي يوم كذا. فقلت: أيها الأمير، تلك حالة اقتضت ذلك، وليس مثلك بأخذ مثلي عليها، وقد كشفها الله الآن، ولكن اقرأ لك غيرها. قَالَ: لا إلا تلك، فانه تداخلني لها خشوع وخوف أحب أن أكسر بها نفسي، فردد سماعها علي
__________
[1] سورة: هود، الآية: 102.
[2] في ك: «منه» .
[3] في الأصل: «بعد دهر» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/244)
قَالَ: فاستفتحت فقرأتها لَهُ [1] ، فما زال يبكي وينتحب إلى أن قطعت القراءة، ثم قَالَ:
تقدم إلى قَالَ: فخفته والله أن يبطش بي [ثم] [2] قلت في نفسي هذا محال: فتقدمت فأخرج من تحت مصلاه دنانير كثيرة وَقَالَ: افتح فاك. ففتحته بكل ما استطعته، فما زال يملأه حتى لم يبق في فمي موضع، ثم قَالَ للغلام: هات. فجاء بكيس فيه ألفا درهم فجعلها في كمي، ثم خرجت فقدمت إلى بغلة فارهة مسرجة، فحملت عليها واصحبني ثيابا وَقَالَ: إذا شئت فعد إلينا ولا تنقطع عنا ما دمنا مقيمين، فكنت أجيئه في كل أسبوع اقرأ في داره فيعطيني في كل شهر مائة دينار، إلى أن خرج من مدينة السلام.
وفيها: وثب العامة على النصارى، وخربوا الدير العتيق الذي وراء نهر عيسى، وانتهبوا كل ما كان فيه من متاع، وقلعوا الأبواب والخشب، وهدموا بعض حيطانه وسقوفه، ونبشوا الموتى، فصار إليهم الحسين بن إسماعيل/ صاحب شرطة [3] بغداد من قبل مُحَمَّد بن طاهر، فمنعهم من هدم ما بقي منه، وكان يتردد إليه أياما والعامة تجتمع في تلك الأيام حتى كاد [4] يكون بينهم قتال، ثم بنى ما كانت العامة هدمته، وكانت إعادة بنائه فيما ذكر [5] بقوة عبدون بن مخلد النصراني أخي صاعد بن مخلد.
وفي ذي القعدة: قدم المعتمد إلى بغداد، فصلى بالناس في المصلى صلاة الأضحى، وراءه الناس، وعليه البردة، وذلك يوم السبت.
وحج بالناس في هذه السنة: هارون بن مُحَمَّد بن إسحاق.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1766- بوران بنت الحسن بن سهل [6] .
وكان لها الفطنة والذكاء، تزوجها المأمون، وقد ذكرنا ذلك في تلك الحوادث.
__________
[1] «له» ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ك: «شرط» .
[4] «كاد» ساقطة من ك.
[5] «فيما ذكر» ساقطة من ك.
[6] البداية والنهاية 11/ 49.(12/245)
وتوفيت في ربيع الأول من هذه السنة، وقد بلغت ثمانين سنة.
1767- حمدون بن [أَحْمَد بن] عمارة، أبو صالح القصار [1] .
صحب أبا تراب النخشبي [وغيره.
أخبرنا مُحَمَّد بن الْقَاسِمِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم الأصبهاني قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن الحسين يقول: سمعت] [2] مُحَمَّد بن أَحْمَد الفراء يقول:
سمعت عَبْد اللَّهِ بن مبارك يقول: سفه رجل على حمدون فسكت حمدون، ثم قَالَ: يا أخي! لو نقصتني كل شيء ما نقصتني كنقصي عندي. ثم قَالَ: سفه رجل على إسحاق الحنظلي فاحتمله، وَقَالَ: لأي شيء تعلمنا العلم؟
[أخبرنا ابن ناصر، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلي بْن خلف، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد الرَّحْمَن السلمي قَالَ: سَمِعْتُ] مُحَمَّد بْن أَحْمَد الفراء [يقول] [3] سمعت عبد اللَّه بن الحجام يقول: قَالَ حمدون: إذا رأيت سكران فتمايل لئلا تبغي عليه فتبتلى بمثل ذلك.
قَالَ السلمي: وكان أبو صالح حمدون يميل إلى مذهب سفيان الثوري، وكتب الحديث يذهب مذهب الملامة، كان أستاذ الجماعة فيه.
[توفي حمدون في هذه السنة بنيسابور، ودفن في مقبرة الحيرة] [4] .
1768-[سهل بن مهران بن سهل، أبو بشر الدقاق [5] .]
نزل نيسابور، وحدث بها عن أبي عَبْد الرَّحْمَنِ المقرئ وعاصم بن علي وكان ثقة وتوفي في هذه السنة] .
__________
[1] في الأنساب للسمعاني: «حمدون بن أحمد بن عمارة بن رستم القصّار النيسابورىّ: من أهل نيسابور» انظر ترجمته في الأنساب للسمعاني 10/ 164، 165، وطبقات الصوفية للسلمي 123.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] تاريخ بغداد 9/ 118 وهذه الترجمة ساقطة من الأصل.(12/246)
1769-[عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن حبيب، أبو رفاعة العدوي البصري [1] .]
حدث عن إبراهيم بن بشار الرمادي. روى عنه: عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن ناجية، وكان ثقة، وولي القضاء، وتوفي بشمشاط في هذه السنة] .
1770- علي بن سهل بن المغيرة، أبو الحسن البزاز [2] .
سمع شجاع بن الوليد، وأبا نعيم، وعفان بن مسلم. روى عنه: أبو الحسين بن المنادي، وكان صدوقا. وتوفي في هذه السنة [وقيل: في سنة سبعين] [3] .
1771- العباس بن مُحَمَّد بن حاتم بن واقد، أبو الفضل [4] الدوري.
مولى بني هاشم، / ولد سنة خمس وثمانين ومائة. سمع شبابة، وأبا النضر، وعفان بن مسلم، ويحيى بن معين. روى عنه: عَبْد اللَّهِ بن أَحْمَد، وجعفر الفريابي، والبغوي، وابن صاعد، وكان ثقة.
توفي في صفر هذه السنة، وقد بلغ ثماني وثمانين سنة.
1772-[مُحَمَّد بن حماد، أبو عَبْد اللَّهِ الرازي الطهراني] [5] .
سمع عبد الرزاق وغيره، وكان جوالا، حدث بالري، وبغداد، والشام. روى عنه: ابن أبي الدنيا، وغيره. وهو صدوق ثقة.
توفي بعسقلان ليلة الجمعة لثمان بقين من ربيع الآخر من هذه السنة] .
1773-[مُحَمَّد بن صالح بن عَبْد الرَّحْمَنِ أبو بكر الأنماطي، ويعرف: بكيلجة [6] .
سمع عفان بن مسلم، وتوفي في هذه السنة، وقيل: سنة اثنتين، والأول أصح] .
__________
[1] وهذه الترجمة ساقطة من الأصل.
[2] تاريخ بغداد 11/ 429.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] تاريخ بغداد 12/ 144.
[5] هذه الترجمة ساقطة من الأصل.
انظر ترجمته في تاريخ بغداد 2/ 271
[6] وهذه الترجمة أيضا ساقطة من الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 5/ 358.(12/247)
1774- مُحَمَّد بن يعقوب بن الفرج أبو جعفر، المعروف: بابن الفرخي [1] .
كان من أبناء الدنيا، وكان له مال كثير، فأنفق الكل في طلب العلم، وعلى الفقراء، وكان له موضع من العلم والفقه ومعرفة الحديث، لزم على بن المديني، فأكثر عنه، وصحب أبا تراب النخشبي، وذا النون [المصري] [2] ونحوهما، وكان يعظ في جامع الرملة.
أَخْبَرَنَا أبو بكر [بن] مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ بن حبيب، أَخْبَرَنَا أبو سعد عَلي بْن عَبْد اللَّهِ بْن أبي صادق، أَخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ بن باكويه قَالَ: سمعت أبا عمر تلميذ الرقي يقول: سمعت مُحَمَّد بن داود الدينَوَريّ يقول: سمعت بنان بن أَحْمَد المصري يقول: قدم ابن الفرخي إلى فقصدته، فإذا هو في بيت مملوء كتبا فقلت [له] :
رحمك الله اختصر لي من هذه الكتب كلمتين أنتفع بهما. فقال لي [3] : ليكن همك مجموعا فيما يرضى الله، فإن اعترض عليك شيء فتب من وقتك.
1775- مطروح بن مُحَمَّد بن شاكر، أبو نصر القضاعي [4] .
ولد سنة تسعين ومائة، وكان ثقة. توفي في هذه السنة بالإسكندرية.
1776- يعقوب بن إسحاق بن زياد أبو يوسف البصري، المعروف بالفلوسي [5] .
سمع أبا عاصم النبيل، ومحمد بن عَبْد اللَّهِ الأنصاري، وكان حافظا ثقة، ضابطا، ولي قضاء نصيبين، فخرج إليها ودخل بغداد/ في طريقه، وحدث بها، فروى عنه ابن أبي الدنيا، وابن أبي داود، والمحاملي، وابن مخلد.
وتوفي بنصيبين في جمادى الأولى من هذه السنة.
__________
[1] تاريخ بغداد 3/ 387.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «لي» ساقطة من ك.
[4] القضاعي: هذه النسبة إلى قضاعة، ويقال أن قضاعة هو بن معد بن عدنان، ويقال لغير ذلك (انظر الأنساب للسمعاني 10/ 179) .
[5] تاريخ بغداد 14/ 285.(12/248)
ثم دخلت سنة اثنتين وسبعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن العامة تجمعوا في ربيع الآخر فهدموا ما كان بني من البيعة التي ذكرنا خرابهم إياها في السنة الخالية، وانتهبوا مالا عظيما منها، لأنهم أنكروا عليهم ركوب الدواب.
وورد الخبر في جمادى الآخرة [1] أن مصر زلزلت زلازل أخرجت الدور ومسجد الجامع، وأنه أحصي بها في يوم واحد ألف جنازة.
وفيها: تحركت الزنج بواسط، وكان رؤساؤهم في حبس [2] ابن طاهر، فقتل رؤساءهم وصلبوا.
وفيها: قدم المعتمد بغداد لخمس بقين من شوال، فنزل الزعفرانية، ومحمد بن عَبْد اللَّهِ بن طاهر بين يديه بالحربة.
وحج بالناس في هذه السنة هارون بن مُحَمَّد الهاشمي.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1777- أَحْمَد بن مُحَمَّد بن الحجاج بن رشيدين المصري، يكنى: أبا جعفر [3] .
__________
[1] في ك: «جمادى الأولى» .
[2] في الأصل: «جيش ابن طاهر» .
[3] في الأصل: «بن رشد بن المهدي» وفي ك: «المهري» انظر ترجمته في: الجرح والتعديل 2/ 75 والميزان 1/ 133. ولسان الميزان 1/ 257.(12/249)
كان أحد حفاظ [1] الحديث، وأهل الصنعة.
توفي في ليلة الأربعاء، ودفن يوم عاشوراء من هذه السنة.
1778-[إبراهيم بن سليمان بن داود الأسدي، أسد خزيمة يكنى: أبا إسحاق، ويعرف: بابن أبي داود [2] البرلسي.]
لأنه كان لزم البرلس ماحوزا من مواحيز مصر. ولد بصور، وأبوه أبو داود: كوفي، وكان ثقة من حفاظ الحديث، توفي بمصر في شعبان هذه السنة] .
1779-[إبراهيم بن الوليد بن أيوب، وأبو إسحاق الجشاس [3]] .
سمع أبا نعيم، والقعنبي، وعفان، وغيرهم، وكان ثقة.
توفي في محرم هذه السنة] .
1780-[جعفر بن مُحَمَّد بن عامر، أبو الفضل البزاز [4] .]
من أهل سرمن رأى، حدث عن أبي نعيم، وقبيصة، وعفان. روى عنه: ابن صاعد، وابن أبي داود، وغيرهما، وكان أحد الشهود المعدلين. قَالَ ابن أبي حاتم:
سمعت منه مع أبي، وهو صدوق، غرق بطريق البصرة في هذه السنة] .
1781- الحسن بن إسحاق بن يزيد، أبو علي العطار [5] .
حدث عن زيد بن الحباب، وقبيصة، وأبي نعيم، وغيرهم. روى عنه: ابن مخلد، وأبو العباس الأصم، وغيرهما. وكان ثقة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ] الْخَطِيبُ [6]
__________
[1] في الأصل: «كان من حفاظ الحديث» .
[2] هذه الترجمة ساقطة من الأصل.
انظر ترجمته في: الأنساب للسمعاني 2/ 167، 168.
[3] تاريخ بغداد 6/ 199.
وهذه الترجمة ساقطة من الأصل.
[4] تاريخ بغداد 7/ 181. وهذه أيضا ساقطة من الأصل.
[5] تاريخ بغداد 7/ 286.
[6] «الخطيب» ساقطة من ك. وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/250)
أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، حَدَّثَنَا الحسن بن إسحاق العطار قَالَ: سمعت عَبْد الرَّحْمَنِ بن/ هارون يقول: كنا في البحر سائرين إلى إفريقية، فركدت علينا الريح، فأرسينا إلى موضع يُقَالُ له «البرطون» وكان معنا صبي صقلبيّ يُقَالُ له: أيمن، وكان معه شص يصطاد به السمك. قَالَ: فاصطاد سمكة [1] نحوا من شبر أو أقل. قَالَ: وكان على صنيفة [2] أذنها اليمنى مكتوب: «لا اله إلا الله» وعلى قذلها، وعلى صنيفة أذنها اليسرى مكتوب:
«مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . قَالَ: وكان أبين من نقش على حجر، وكانت السمكة بيضاء، والكتابة سوداء، كأنه كتب [بحبر] [3] قَالَ: فقذفناها في البحر، ومنع الناس أن يصيدوا [4] من ذلك الموضع [حتى أوغلنا] [5] .
توفي أبو علي العطار في صفر [6] هذه السنة.
1782-[سليمان بن وهب [7] .
توفي في الحبس في صفر هذه السنة، فرثاه العبشمي فقال:
كأن الأرض لما قيل أودي ... سليمان بن وهب بي تميد
أبا أيوب كنت لنا غياثا ... وركنا إن عدا دهر شديد
فلو قبلت منيته بديلا ... لأعطينا المنية ما تريد
لأن عطلت دواوين المعالي ... وأضحت لا يعد لها عديد
لقد أبقى محاسن خالدات ... تبيد الراسيات ولا تبيد]
__________
[1] في ك: «سمكا نحوا»
[2] في ك: «ضيفة» وكذلك في الموضع التالي.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ك: «يصطاد» وفي ت: «يصطادوا» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وانظر الخبر في تاريخ بغداد 7/ 286.
[6] «صفر» ساقطة من ك.
[7] هذه الترجمة ساقطة من الأصل.
انظر ترجمته في: البداية والنهاية 11/ 50 والكامل في التاريخ (أحداث سنة 272 هـ) 6/ 345.(12/251)
1783-[عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن إسماعيل بن لاحق البزاز [1] .]
سمع يزيد بن هارون، وروح بن عبادة، وسعيد بن منصور. روى عنه: ابن صاعد، وأبو عمر القاضي، وكان ثقة. توفي في جمادى الأولى من هذه السنة] .
1784-[علي بن داود، أبو الحسين التميمي القنطري [2] .]
سمع نعيم بن حماد، وغيره. روى عنه: الحربي، والبغوي، وأبو الحسين بن المنادي. وكان ثقة. توفي في ذي الحجة من هذه السنة] .
1785- الْعَلاءُ بْنُ صَاعِدٍ، أَبُو عِيسَى [3] .
كَانَ يَتَعَاطَى النُّجُومَ، فَرَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ. قَالَ: فَجِئْتُهُ عَنْ يَمِينِهِ، فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ بِأَنْ يَهَبَ لِيَ الْعَافِيَةَ. فَأَعْرَضَ عَنِّي فَدُرْتُ عَنْ شماله فقلت [مِثْلَ مَا قُلْتُ] [4] ، فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَجِئْتُهُ مُوَاجِهًا لَهُ. فَقُلْتُ [لَهُ] [5] مِثْلَ مَا قُلْتُ، فَقَالَ: «لا أَفْعَلُ» . قُلْتُ: وَلِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لأَنَّ الْوَاحِدَ مِنْكُمْ يَقُولُ: عَلَّنِي الْمَرِّيخُ وَأَبْرَأَنِي الْمُشْتَرَى» .
حمل العلاء إلى دار الموفق [في محفة] [6] فحبس، فقال عند حمله إلى ثلاثة عشر يوما أخلص أخرج من الحبس وأعود إلى منزلي.
فتوفي في الحبس بعد ثلاثة عشر يوما، وأخرج ميتا.
1786- مُحَمَّد بن عبد الوهاب بن حبيب بن مهران، أبو أَحْمَد العبدي [7] .
جمع الحديث والفقه والأدب والثروة، وروى عن خلق كثير منهم: يحيى بن
__________
[1] وهذه الترجمة ساقطة من الأصل.
[2] وهذه الترجمة أيضا ساقطة من الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 11/ 424، 425.
[3] في ك: «بن عيسى» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] تقريب التهذيب 2/ 187(12/252)
يحيى، وإسماعيل بن أبي أويس، والواقدي، والأصمعي، وعفان، والقعنبي، [وأبو عبيد] [1] وغيرهم. وأخذ الأدب عن الأصمعي، وابن الأعرابي، وأبي عبيد، والحديث عن أَحْمَد بْن حنبل، ويحيى بْن معين، وعلي [2] بن المديني. والفقه عن أبيه، وكان يفتي في هذه العلوم [وكان ثقة] [3] وتوفي في هذه السنة.
1787- مُحَمَّد بن [أبي] داود واسم أَبِي دَاوُد: عبيد الله/ بن يزيد [4] ، أبو جعفر المنادي [5] .
سمع شجاع بن الوليد، وحفص بن غياث، [ويزيد بن هارون، وغيرهم. روى عنه: البخاري، وأبو داود، والبغوي، وغيرهم] [6] وكان صدوقا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن [علي بن] [7] ثابت، أخبرنا محمد بن عبد الواحد [8] ، حدثنا محمد بن العباس قال: قرئ على ابن المنادى وأنا أسمع قَالَ: توفي جدي أبو جعفر مُحَمَّد بن عبيد الله المنادي ليلة الثلاثاء في السحر، ودفن يوم الثلاثاء لثلاث بقين من شهر رمضان سنة اثنتين وسبعين ومائتين، وصام فيما قَالَ لنا: اثنين وتسعين رمضانا واثني عشر يوما من الشهر الذي مات فيه، وله حينئذ [9] مائة سنة وسنة واحدة، وأربعة أشهر، واثنا عشر يوما من الشهر الَّذِي مات فِيهِ [10] لأنه ولد فيما قَالَ لنا: للنصف من جمادى الأولى سنة إحدى وسبعين ومائة [11] . قال: وكان
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «علي» ساقطة من ك.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ك: «محمد بن أبي داود عبيد الله بن يزيد» . وفي الأصل: «محمد بن داود. واسم أَبِي دَاوُد عبيد الله بن يزيد» وفي ت: «محمد أبي داود» 220.
[5] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 326- 329.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ك: «محمد بن زكريا» .
[9] في ك: «يومئذ» .
[10] في ك: «واثنا عشر يوما وليلة» .
[11] في ك: «إحدى وتسعين» .(12/253)
أَحْمَد بن حنبل أكبر مني بسبع سنين، وكان يحيى بن معين [1] أكبر مني بسبع سنين.
1788- يعقوب بن سواك بن يوسف الختلي [2] .
سكن بغداد، وصحب بشر بن الحارث، ولما احتضر قَالَ له ابنه مُحَمَّد: يا أبت! إذا قضيت نحبك أدفنك عند أخيك بشر؟ فقال: إذا مت فادفني عند أبي وأمي، فإني أحب أن يجمعنا الله في القيامة فسيجمعنا. قَالَ: قلت: يا أبت [3] فأكفر عنك بشيء.
قال: لا، فإنّي ما حلفت باللَّه عز وجل [4] على حق ولا على باطل.
توفي في هذه السنة وقيل في سنة ثمان وسبعين [5] .
__________
[1] في ك: «يحيى بن معاذ» .
[2] تاريخ بغداد 14/ 284، 285.
[3] في المطبوعة: «يابة» .
[4] في ك: «ما حلفت عند رجل» .
[5] في الأصل: «ثمان وستين» .(12/254)
ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن ثلاثة بنين كانوا لطاغية الروم وثبوا عَلَيْهِ [1] فقتلوه وملكوا أحدهم.
وحج بالناس في هذه السنة هارون بن مُحَمَّد الهاشمي، وهذه السنة العاشرة من حجة بالناس، ولم يحج بالناس [2] بعد/ عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] عشر سنين متتابعة سواه.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1789- أَحْمَد بن سعد بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أبو إبراهيم الزهري [3]
سمع على بن الجعد، وعلي بن يحيى، وغيرهما. روى عنه: البغوي، وابن صاعد، والمحاملي، وابن المنادي، وغيرهم. وكان مذكورا بالعلم والفضل، موصوفا بالصلاح والزهد، ومن أهل بيت كلهم علماء محدثون.
أخبرنا [عَبْد الرحمن بن محمد] القزاز، أخبرنا [أبو بكر] أحْمَد بن ثابت، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن عمر بن روح، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ قَالَ: سمعت أبي
__________
[1] في ك: «دسوا به» .
وفي الأصل: «وثبوا به» .
[2] في ك: «ولم يحج من بعد عمر ... »
[3] تاريخ بغداد 4/ 181- 183.(12/255)
يقول: مضى عمي [يعني] [1] أبا إبراهيم الزهري [2]- إلى أَحْمَد بن حنبل يسلم عليه، فلما رآه قام إليه قائما وأكرمه، فلما مضى قَالَ له ابنه عَبْد اللَّهِ: يا أبت! أبو إبراهيم شاب، وتعمل به هذا العمل، وتقوم إليه؟ فقال له: يا بني! لا تعارضني في مثل هذا إلا أقوم إلى ابن عَبْد الرَّحْمَنِ بن عوف؟ [3] .
توفي أبو إبراهيم في محرم هذه السنة، وقد بلغ خمسا وسبعين سنة، ودفن في مقبرة التبانين.
1790- حنبل بن إسحاق بن حنبل بن هلال بن أسد، أبو علي الشيباني، ابن عم أَحْمَد بن حنبل [4] .
سمع أبا نعيم، وعاصم بن علي، وعارم بن الفضل، ومسددا، والحميدي، وابن المديني، وخلقا كثيرا، وله كتاب مصنف في التاريخ. روى عنه: البغوى، وابن صاعد، وكان ثقة ثبتا صدوقا.
خرج إلى واسط، وتوفي بها في جمادى الأولى من هذه السنة.
1791- الفتح بن شخرف بن داود بن مزاحم، أبو نصر الكشي [5] .
حدث عن رجاء بن مرجي، وأبي بكر بن زنجويه [6] ، وغيرهما. روى عنه: أبو عمرو بن السماك، والنجاد، وكان من كبار الزهاد المتورعين. وَقَالَ أَحْمَد بن حنبل: ما أخرجت خراسان/ مثل فتح بن شخرف.
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفضل الزهري قَالَ: سمعت أبا الطيب المعلم يقول: سمعت البربهاري يقول: سمعت فتح بن شخرف] [7] يقول: رأيت رب العزة
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «الزهري» ساقطة من ك.
[3] تاريخ بغداد 4/ 183.
[4] تاريخ بغداد 8/ 286، 287.
[5] تاريخ بغداد.
[6] في الأصل: «رعونة» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/256)
تَعَالَى في النوم فقال [لِي] [1] . يا فتح! احذر لا آخذك على غرة. قَالَ: فتهت في الجبال سبع سنين [2] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ مُحَمَّدٍ] ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي، أخبرنا الأزهري، حَدَّثَنَا عبيد الله بن إبراهيم القزاز، حَدَّثَنَا جعفر بن مُحَمَّد الخواص، حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الجريري قَالَ: قَالَ لي فتح بْن شخرف: من إعجابي بكل شيء [جيد] عندي [3] قلم كتبت به أربعين سنة، كنت أكتب بِهِ [4] بالنهار وبالليل، وكانت دارنا واسعة فكنت أكتب بِهِ [5] في القمر حتى يرتفع، وأقعد [6] على سلم في دارنا أرتقي [7] عليه مرقاة مرقاة، حتى ينتهي السلم، فإذا تشعث رأس القلم قططته وهو عندي. فأخرج إلى أنبوبة صفر وأخرج القلم منها فأرانيه [8] .
توفي فتح بن شخرف في شوال هذه السنة، وقبره ظاهر في مقبرة أَحْمَد بن حنبل، وصلى عليه ثلاثا وثلاثين مرة، وأقل قوم كانوا يصلون عليه خمسة وعشرون ألفا.
وكان يقول في حياته: أعرف رجلا على عضو من أعضائه مكتوب «للَّه وإليه» [9] ما كتبها كاتب. فلما مات رآها غاسله.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بن ثابت، أخبرنا أَحْمَد بن علي التوزي، حَدَّثَنَا الحسن بْن الحسين الفقيه قَالَ [10] . سمعت جعفر الخلدي يقول: سمعت أبا محمد
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ك: «تسع سنين» .
انظر الخبر في تاريخ بغداد 12/ 387.
[3] في ك: «من اعجازي بكل شيء عندي» .
وفي الأصل: «من إعجابي بكل شيء عندي» .
[4] «به» ساقطة من ك.
[5] «به» ساقطة من ك.
[6] في ك: «واكتب على سلم» .
[7] في المطبوعة: «ارتقاء» .
[8] تاريخ بغداد 12/ 385، 386.
[9] في ك: «مكتوب خلقه الله، والله ما كتبها كاتب» . وفي ت كذلك.
[10] في الأصل: «الحسن بن الحسين بن الحنفية» .(12/257)
[الحريري] [1] يقول: غسلت الفتح بن شخرف فقلبته على يمينه، فإذا على فخذه الأيمن مكتوب: «خلقه الله» كتابة بينة [2] .
1792- مُحَمَّد بن يزيد، أبو عَبْد اللَّهِ بن ماجة مولى ربيعة [3] .
ولد سنة تسع ومائتين، ورحل إلى مكة، والبصرة، والكوفة، وبغداد، والشام، ومصر، والري، وسمع الكثير، وصنف: السنن، والتاريخ، والتفسير، وكان عارفا بهذا الشأن. توفي [في] يوم الاثنين. ودفن يوم الثلاثاء لثمان بقين من رمضان هذه السنة، وهو ابن أربع وستين سنة.
1793- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن رزين، أبو عَبْد اللَّهِ [4] .
حدث عن شبابة سوار [5] ، وعلي بن عاصم، ويزيد بن هارون، وغيرهم. ومات في هذه السنة.
1794- مُحَمَّد بن إبراهيم بن مسلم بن سالم، أبو أمية [6] .
بغدادي سكن طرسوس، فقيل له: الطرسوسي، وكان من أهل الرحلة في طلب الحديث، وكان له فيه حسن فهم، سمع [عمر بن] [7] يونس اليمامي، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي، وأبا عاصم النبيل، وأبا نعيم، وقبيصة، وغيرهم. روى عنه: أبو حاتم الرازي، ووكيع القاضي، وابن صاعد، والمحاملي، وغيرهم. وكان أبو داود السجستاني يقول: أبو أمية ثقة. وَقَالَ أبو بكر الخلال: كان رجلا رفيع القدر جدا، إماما في الحديث، مقدما في زمانه، توفي [بطرسوس] [8] في جمادى الآخرة من هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] تاريخ بغداد 12/ 388.
[3] وفيات الأعيان 1/ 484. وتهذيب التهذيب 9/ 530 وتذكرة الحفاظ 2/ 189.
[4] تاريخ بغداد 1/ 301، 302.
[5] «سوار» ساقطة من ك.
[6] تاريخ بغداد 1/ 394- 396.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/258)
1795- مُحَمَّد بن أبي عمران، أبو يزيد الأستراباذي، كنيته أبو [1] يزيد.
كان فاضلا، خيرا، ورعا ثقة، ولما جاءت الديالمة إلى استراباذ باع أبو يزيد هذا أملاكه [باستراباذ] [2] وتحول [منها] [3] إلى نيسابور، وَقَالَ: قد اختلط القوت واشتبه، فأقام فيها إلى أن مات في هذه السنة.
1796- أبو يعقوب الشريطي، البصري الصُّوفيّ [4] .
كان عالما بالحديث، حافظا لعلوم جمة، وصحب أبا تراب النخشبي، وكان معظما عند الناس.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بن ثَابِتٍ قَالَ: أَجَازَ لَنَا [5] أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا النَّسَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أبو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ عَطَاءٍ الرُّوذْبَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْكَثِيرِيُّ قَالَ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الزِّيَادِيُّ: دَخَلَ أَبُو يَعْقُوبَ الشّريطِيُّ- وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ- مَجْلِسَ دَاوُدَ الأَصْبَهَانِيِّ وَعَلَيْهِ خِرْقَتَانِ، فَتَصَدَّرَ لِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْفَعَهُ أَحَدٌ، وَجَلَسَ إِلَى جَنْبِ دَاوُدَ، فَقَالَ دَاوُدُ: سَلْ يَا فَتَى! فَقَالَ أَبُو يَعْقُوبَ:
يَسْأَلُ الشَّيْخُ عَمَّا أَحَبَّ. فَحَرَّدَ دَاوُدُ فَقَالَ: عَمَّا أَسْأَلُكَ؟ عَنِ الْحُجَامَةِ أَسْأَلُكَ؟ قَالَ:
فَبَرَكَ أَبُو يَعْقُوبَ، ثُمَّ رَوَى طُرُق «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» وَمَنْ أَرْسَلَهُ، / وَمَنْ أَسْنَدَهُ، وَمَنْ وَقَفَهُ، وَمَنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ، وَرَوَى [اخْتَلَافَ] [6] طُرُقٍ: «احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم (وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ» ، ولو كان حراما لم يعطه، ثم روى طرق: «إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّمَ احْتَجَمَ بقرن» ، وذكر أحاديث صحيحة في الحجامة، ثم ذكر الأحاديث المتوسطة، مثل [قوله] [7] : «ما مررت بملأ من الملائكة» ، ومثل: «شفاء أمتي» وما أشبه ذلك، وذكر
__________
[1] في ت: «أبو زيد» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ك: «الصيرفي» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 14/ 408، 409.
[5] في ك: «حدثنا» .
[6] في الأصل: «وروى طرق» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/259)
أحاديث ضعيفة مثل قوله: «لا يحتجم يوم كذا ولا ساعة كذا» ثم ذكر ما ذهب إليه أهل الطب من الحجامة في كل زمان، وذكر ما ذكره الأطباء في الحجامة، ثم قَالَ في آخر كلامه وأول ما خرجت الحجامة من أصبهان. فقال داود [والله] [1] لا حقرت [2] أحدا بعدك.
__________
[ () ] وفي ك العبارة هكذا: «احتجم النبي صلى الله عليه وسلّم بقرن، وذكر أحاديث صحاح حراما لم يعطه. ثم روى الطرق أن النبي صلى الله عليه وسلّم أعطى الحجام أجره، ولو كان في الحجامة، ثم ذكر الأحاديث الضعيفة مثل قوله» .
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ك: «لا جفوت» .(12/260)
ثم دخلت سنة أربع وسبعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
شخوص أبي أَحْمَد لحرب عمرو بن الليث في ربيع الأول.
وفيها: غزا يا زمان في رمضان وأسر، وغنم، وسلم.
وحج بالناس في هذه السنة هارون بن مُحَمَّد الهاشمي.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1797- إبراهيم بن أَحْمَد بن يحيى بن الأصم، أبو إسحاق [1] .
سمع من حرملة بن يحيى، وغيره، وكان حافظا فاضلا، توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
1798-[إسحاق بن إبراهيم بن زياد، أبو يعقوب المقرئ [2] .
حدث عن هدبة بن خالد، روى عنه: ابن خالد.
توفي في ربيع الأول من هذه السنة] .
__________
[1] في ك: «إبراهيم بن أحمد بن يحيى بن إبراهيم» وفي الأصل: «إبراهيم بن أحمد بن يحيى بن الأحم» .
و «أبو إسحاق» ساقطة من ت.
انظر ترجمته في: البداية والنهاية 11/ 53.
[2] هذه الترجمة ساقطة من الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 384.(12/261)
1799- أيوب بن سليمان بن داود، المعروف بالصغدي [1] .
حدث عن أبي اليمان الحكم بن نافع، وآدم بن أبي إياس، وعلي بن الجعد، وغيرهم. روى عنه: ابن صاعد، وأبو عمرو بن السماك، وَكَانَ ثقة.
توفي في رمضان هذه السنة.
1800- الحسن بن مكرم بن حسان، أبو عليّ البزاز [2] .
ولد سنة اثنتين وثمانين ومائة، وسمع على بن عاصم، وأبا النضر هاشم بن القاسم، ويزيد بن هارون، وشبابة [بن سوار] [3] ، وعفان/ بن مسلم روى عنه:
المحاملي، وابن مخلد، والنجاد، وَكَانَ ثقة.
توفي في رمضان هذه السنة وقد بلغ ثلاثا وتسعين سنة.
1801- خلف بن مُحَمَّد بن عيسى، أبو الحسين الواسطي، الملقب: بكردوس [4] .
قدم بغداد، وحدث عن يزيد بْن هارون، وروح، وعاصم بن علي. روى عنه:
المحاملي، وابن مخلد. قَالَ ابن أبي حاتم: هو صدوق، وَقَالَ الدارقطني: ثقة.
توفي بواسط في ذي الحجة من هذه السنة، وقد نيف على الثمانين.
1802- عَبْد اللَّهِ بن روح بن عَبْد اللَّهِ، أبو مُحَمَّد المدائني، المعروف: بعبدوس
[5] .
__________
[1] في ك: «بالصعدي» .
وفي الأصل: «بالصغدي» .
وفي ت: «بالمصعدي» .
والصّغديّ: بضم الصاد المهملة، وسكون الغين المعجمة، وفي آخرها الدال المهملة، منسوبا إلى «سغد» سمرقند، وأبدلوا الصاد بالسين، وعرّبوه. وجعلوا الدال المهملة ذالا معجمة.
(الأنساب للسمعاني 8/ 70، 171) .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 11. والأنساب للسمعاني 8/ 71.
[2] في ك والمطبوعة: «أبو العلاء» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 432، 433.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] تاريخ بغداد 8/ 330.
[5] تاريخ بغداد 9/ 454.(12/262)
سمع يزيد بن هارون، وشبابة. وروى عنه: المحاملي، وابن السماك، وكان ثقة صدوقا.
وتوفي بالمدائن في جمادى الآخرة من هذه السنة.
1803- عَبْد اللَّهِ بن أبي سعد [1] ، أبو مُحَمَّد الوراق، وهو عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بن بشر بن هلال الأنصاري [2] .
بلخي الأصل، ولد سنة تسع وتسعين ومائة، وسكن بغداد، وحدث بها عن عفان، وسريج بن يونس [3] ، وعلي بن الجعد، وغيرهم. وروى عنه: ابن أبي الدنيا، والبغوي، وابن المرزبان، والكوكبي، والمحاملي. وكان ثقة صاحب أخبار وآداب وملح.
توفي بواسط في جمادى الآخرة من هذه السنة، ودفن بالجانب الشرقي من واسط، وقد بلغ [4] سبعا وسبعين سنة.
1804- مُحَمَّد بن إسماعيل بن زياد، أبو عَبْد اللَّهِ، وقيل: أبو بكر، الدولابي [5] .
سمع أبا النضر الهاشم بن القاسم، وأبا اليمان، وأبا مسهر، وغيرهم، وروى عنه: مُحَمَّد بن مخلد، وأبو الحسين [بن] المنادي [6] ، وكنياه: أبا عبد الله. وحدث عنه أبو بكر مُحَمَّد بن عبد الملك التاريخي، وأبو عمرو بن السماك: وكنياه أبا بكر. وكان ثقة.
توفي/ في هذه السنة.
__________
[1] في ك: والمطبوعة: «بن أبي سعيد» .
[2] تاريخ بغداد 10/ 25، 26
[3] في تاريخ بغداد «سريج بن النعمان» .
[4] في الأصل: «عن سبع» .
[5] تاريخ بغداد 2/ 38.
[6] في الأصل: «أبو الحسن المنادي» .(12/263)
ثم دخلت سنة خمس وسبعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن يازمان غزا في البحر، فأخذ للروم أربعة مراكب.
وفيها: حبس أبو أَحْمَد ابنه [أبا] [1] العباس، فشغب أصحابه، وحملوا السلاح، وركب غلمانه، واضطربت بغداد لذاك، فركب أبو أَحْمَد حتى بلغ الرصافة، وَقَالَ لأصحاب أبي العباس وغلمانه: ما شأنكم، أترونكم أشفق على ابني مني؟ هو ولدي وقد احتجت [2] إلى تقويمه. فانصرفوا وكان ذلك [في] [3] يوم الثلاثاء لست خلون [4] من شوال.
وحج بالناس في هذه السنة هارون بن مُحَمَّد [5] الهاشمي.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1805- أَحْمَد بن مُحَمَّد بن الحجاج، أبو بكر المروزي صاحب الإمام أحمد [6] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «هو ابني وقد احتجت» .
وفي ك: «هو ولدي واحتجت» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «بقين» .
[5] «محمد» ساقطة من ك.
[6] تاريخ بغداد 4/ 423- 425.(12/264)
كانت أمه مروزية، وأبوه خوارزميا، وكان أَحْمَد يقدمه على جميع أصحابه، ويأنس به، ويبسط إليه [إذا بعثه في حاجة] [1] ويقول له: قل فما قلت فهو على لساني وأنا قلته. وهو الذي تولى إغماض أَحْمَد وغسله، ونقل عنه مسائل كثيرة.
أنبأنا مُحَمَّد بن عبد الباقي، أنبأنا إبراهيم بن عمر البرمكي، عن عبد العزيز بن جعفر قَالَ: سمعت الخلال يقول: خرج أبو بكر المروزي إلى العدو، فشيعه الناس إلى سامراء، فجعل يردهم ولا يرجعون، فحزروا، فإذا هم بسامراء سوى من رجع نحو خمسين ألف إنسان، فقيل: يا أبا بكر! أَحْمَد الله، فهذا علم قد نشر لك. فبكى ثم قَالَ: ليس هذا العلم لي [إنما] [2] هذا علم أَحْمَد بن حنبل.
توفي أبو بكر لست خلون من جمادى الأولى من هذه السنة [ودفن قريبا من قبر أحْمَد بْن حنبل] [3] ورئي/ أحْمَد بْن حنبل فِي المنام وَهُوَ راكب، فقيل لَهُ: إلى أين؟
فقال: إلى شجرة طوبى [4] ، نلحق أبا بكر المروزي.
1806- أَحْمَد بن مُحَمَّد بن غالب بن خالد بن مرداس، أبو عَبْد اللَّهِ الباهلي البصري، المعروف: بغلام الخليل [5] .
سكن بغداد، وحدث عن قرة بن حبيب، وشيبان بن فروخ، والشاذكوني، وغيرهم. وروى عنه: مُحَمَّد بن مخلد، وأبو عمرو بن السماك، وأحمد بن كامل القاضي.
وسئل عنه أبو حاتم الرازي فقال: روى أحاديث مناكير عن شيوخ مجهولة، ولم يكن محله عندي ممن يفتعل الحديث كان رجلا [6] صالحا.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «ورئي أحمد بن حنبل ... » حتى «.. شجرة طوبى» . ساقطة من ك.
[5] تاريخ بغداد 5/ 78- 80.
[6] «كان رجلا» ساقطة من ك.(12/265)
أخبرنا [عبد الرحمن بن محمد] القزاز، أخبرنا [أَحْمَد بن علي] [1] الخطيب قَالَ: حدثني الحسن بن علي التميمي قَالَ: قرأت على مُحَمَّد بن الحسين القطان، عن أبي بكر مُحَمَّد بن الحسن بن زياد المقرئ قَالَ: قَالَ أبو جعفر بن الشعيري: لما حدث غلام الخليل عن بكر بن عيسى، عن أبي عوانة [عن أبي مالك الأشجعي، عن أبيه] [2] قلت: يا أبا عَبْد اللَّهِ، هذا الرجل حدث عنه إبراهيم بن عرعرة، وأحمد بن حنبل، وهو قديم الوفاة، ولم تلحقه أنت ولا من في سنك، ففكر في هذا. قَالَ: ثم خفته فقلت:
أحسبك [3] سمعت من رجل يُقَالُ له بكر بن عيسى غير بكر [4] بن عيسى هذا. فسكت وافترقنا، فلما كان من الغد قَالَ: يا أبا جعفر، علمت أني نظرت البارحة فيمن سمعت منه بالبصرة يُقَالُ له بكر بن عيسى، فوجدتهم ستين رجلا [5] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا ابن ثابت قَالَ: حدثني أَحْمَد بن سليمان بن علي المقرئ، أَخْبَرَنَا أبو سعد أَحْمَد بن مُحَمَّد الماليني، أَخْبَرَنَا عبيد الله بْن عدي الْحَافِظ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا [6] عَبْد اللَّهِ النهاوندي في مجلس أبي عروبة يقول: قُلْت لغلام الخليل: هذه/ الأحاديث الرقائق التي تحدث بها. قَالَ: وضعناها لنرقق بها قلوب العامة [7] .
وكان أبو داود السجستاني يكذب غلام خليل، ويقول: أخشى أن يكون دجال بغداد. وقد عرض علي من حديثه فنظرت في [8] أربعمائة حديث أسانيدها ومتونها كذب كلها [9] . قَالَ الدارقطني: غلام خليل متروك.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من كل الأصول، وأضفناها من تاريخ من بغداد.
[3] في الأصل: «لعلك» .
[4] في ك: «يقال له بكر بن عيسى حدثك عن بكر بن» .
[5] تاريخ بغداد 5/ 78، 79.
[6] في ك: «قال أخبرنا» .
[7] تاريخ بغداد 5/ 79.
[8] في الأصل: «فوجدت له أربعمائة» .
[9] «كلها. قال» ساقطة من ك.
وانظر كلام أبي داود في تاريخ بغداد 5/ 79.(12/266)
أخبرنا [أبو منصور] القزاز، أخبرنا أحمد بن عَلِيِّ [بْنِ ثَابِتٍ] الْخَطِيبُ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أبي بكر، عن أَحْمَد بن كامل القاضي قَالَ: سنة خمس وسبعين ومائتين توفي [أبو عَبْد اللَّهِ أَحْمَد بن مُحَمَّد] [1] غلام الخليل في رجب [2] ، وحمل في تابوت إلى البصرة وغلقت أسواق مدينة السَّلَام وخرج النساء والصبيان للصلاة عَلَيْهِ، ودفن بالبصرة [3] ، وبنيت عليه قبة وكان فصيحا يحفظ علما كثيرا [4] ويقتات الباقلى صرفا [5] .
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا الْخَطِيبُ [6] ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن عبد الواحد [7] ، حدثنا محمد بن العباس [قَالَ] : قَالَ أبو الحسين بن المنادي: توفي غلام الخليل في رجب، وصلى عليه في الدار التي كان ينزلها وحمل في تابوت فأحدر إلى البصرة، وأكثر من صلى عليه، إنما صلى على شاطئ دجلة، وانحدر الناس ركبانا ومشاة، وفي الزواريق إلى كلواذى، ودونها، وأسفل منها، ودفن بالبصرة [8] .
1807- إسحاق بن إبراهيم بن هانئ، أبو يعقوب النيسابوري [9] .
كان له اختصاص بأحمد بن حنبل، وعنده أقام أَحْمَد مدة [عند] [10] اختفائه، وحدث عنه بقطعة من مسائله، وكان صالحا.
توفي في هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «في رجب» ساقطة من ك.
[3] «وغلقت أسواق مدينة السَّلَام وخرج النساء والصبيان للصلاة عليه ودفن بالبصرة» هذه العبارة ساقطة من ك في هذا الموضع، وقد أخطأ الناسخ فأضافها في الخبر التالي بعد «في الدار التي ينزلها» وهي نفس العبارة في هذا الخبر.
[4] في الأصل: «عظيما» .
[5] تاريخ بغداد 5/ 79.
[6] في الأصل، ت: «قال الخطيب» .
[7] في الأصل: «وأما محمد بن عبد الواحد» .
وفي ت: «أخبرنا أحمد بن عبد الواحد» .
[8] تاريخ بغداد 5/ 79.
[9] البداية والنهاية 11/ 54.
[10] «عند» ساقطة من الأصل.(12/267)
1808- جعفر بن مُحَمَّد بن القعقاع، أبو مُحَمَّد البغوي [1] .
سكن سرمن رأى، وحدث بها عن سعيد بن منصور، وغيره. روى عنه:
البغوي، وغيره وَكَانَ ثقة. توفي في رمضان هذه السنة.
1809- الحسن بن جعفر بن مُحَمَّد بن الوضاح، أبو سعيد السمسار الحربي، المعروف: بالحرفي [2] .
حدث عن جعفر الفريابي، وغيره. روى عنه: التنوخي.
وتوفي في رجب هذه السنة. قَالَ العتيقي: كان فيه تساهل. /
1810- الحسن بن الحسين بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ العلاء بن أبي صفرة، أبو سعيد السكري النَّحْويّ [3] .
ولد سنة اثنتي عشرة [4] ومائتين، وسمع يحيى بن معين، وأبا حاتم، والرياشي، ومحمد بن حبيب، وعمر بن شبة [5] ، وغيرهم، وكان ثقة دينا [صالحا] [6] صادقا وأنتشر عَنْهُ [7] كثير من كتب الأدب وحدث عنه أبو سهل بن زياد وتوفي في هذه السنة.
1811- سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو، أبو داود الأزدي السجستاني [8] .
ولد سنة ستين ومائتين، وهو أحد من رحل [وطوف] [9] ، وجمع وصنف، وكتب
__________
[1] البغوي: هذه السنة إلى بلدة من بلاد خراسان بين مرو وهراة، يقال لها: «بغ» كان بها جماعة من الأئمة والعلماء قديما وحديثا (الأنساب 2/ 254)
[2] تاريخ بغداد 7/ 292، 293.
[3] «النحويّ» ساقطة من ك.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 296، 297.
[4] في الأصل: «ثلاث عشرة» .
[5] في الأصل: «عمر بن شيبة» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في ك: «وانشر كثير من كتب» .
[8] تاريخ بغداد 9/ 55- 59.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/268)
عن العراقيين، والخراسانيين، والشاميين، والبصريين والجزريين [1] وروى عنه خلق كثير منهم: أبو بكر الخلال، والنجاد، وسمع منه أَحْمَد بن خليل حديثا وأحدا، وصنف كتاب «السنن» وعرضه على أَحْمَد بن حنبل فاستجاده له واستحسنه، و [كان إبراهيم الحربي يقول: ألين الحديث لأبي داود كما ألين الحديد لداود] [2] كان عالما حافظا عارفا بعلل الحديث، ذا عفاف وورع، وكان يشبه بأحمد بن حنبل.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثَابِتٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدينَوَريّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْفَرْضِيَّ [3] قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ دَاسَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُولُ: كَتَبْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَ مِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ انْتَخَبْتُ مِنْهَا مَا ضَمَّنْتُ هَذَا الْكِتَابَ- يَعْنِي كِتَابَ السُّنَنِ- جَمَعْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ آلافٍ وَثَمَانِ مِائَةِ حَدِيثٍ، ذَكَرْتُ الصَّحِيحَ وَمَا يُشْبِهُهُ وَيُقَارِبُهُ، وَيَكْفِي الإِنْسَانَ لِدِينِهِ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ، أَحَدُّهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» . وَالثَّانِي قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: «مِنْ حسن إسلام المرء تركه ما لا يَعْنِيهِ» . وَالثَّالِثُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: «لا يَكُونُ الْمُؤْمِنُ مُؤْمِنًا حَتَّى يَرْضَى/ لأَخِيهِ مَا يَرْضَى لِنَفْسِهِ» . وَالرَّابِعُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: «الْحَلالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ» [4] . أَخْبَرَنَا عبد الرحمن، أخبرنا أحمد بن علي، أَخْبَرَنَا أحْمَد بْن مُحَمَّد [5] العتيقي قَالَ: سمعت عبيد الله [6] بن عَبْد الرَّحْمَنِ الزهري يقول: سمعت أبا بكر بْن أبي داود يقول: [سمعت أبي يقول] [7] : الشهوة الخفية حب الرئاسة [8] .
__________
[1] «والجزريين» ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «الحسن القرمي» .
[4] في الأصل: «وبينهما مشتبهات» . انظر الخبر في تاريخ بغداد 9/ 57.
[5] «أخبرنا أحمد بن محمد» ساقطة من ك.
[6] في ك: «عبد الله» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] تاريخ بغداد 9/ 58.(12/269)
توفي أبو داود بالبصرة في شوال هذه السنة، وقيل: في سنة [ست و] [1] سبعين، وكانت وفاته يوم الجمعة ودفن إلى جانب قبر سفيان الثوري، وبلغ ثلاثا وسبعين سنة.
1812- عَبْد اللَّهِ بن أَحْمَد بن مُحَمَّد بن ثابت، أبو عبد الرحمن المروزي مولى [2] بديل بن ورقاء الخزاعي. ويعرف: بابن شبويه [3] .
من أئمة الحديث الفضلاء الراسخين [4] الراحلين في طلب العلم، سمع خلقا كثيرا مثل: عبدان، وآدم، وابن راهويه، وعلي بن حجر، وأبي كريب، وقدم بغداد فحدث بها، وروى عنه: ابن أبي الدنيا، وابن صاعد. وتوفي في هذه السنة.
1813- عَبْد اللَّه بن محمد بن زيد، أبو مُحَمَّد الحنفي المروزي [5] .
حدث عن عبدان. روي عنه: مُحَمَّد بن مخلد، وكان ثقة.
وتوفي في رمضان [من] [6] هذه السنة.
1814- عبد الله بن عبيد الله بن داود، أبو القاسم الهاشمي الداودي [7] .
وكان فقيه الداودية في عصره بخراسان. سمع أبا جعفر الطحاوي، وأبا العباس بن عقدة، والحسين بن إسماعيل المحاملي، وطبقتهم. وانتخب عليه الحاكم أبو عبد الله، وتوفي ببخارى في هذه السنة.
1815- عَبْد الرَّحْمَنِ بْن مرزوق بْن عطية، أَبُو عوف البزوري [8] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في المطبوعة «من نسل» وقد وضعت بين قوسين.
[3] تاريخ بغداد 9/ 371.
[4] «الراسخين» ساقطة من ك.
[5] تاريخ بغداد 10/ 85، 86.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] الدّاودي: هذه النسبة إلى مذهب داود، وإلى اسم داود. (الأنساب 5/ 262)
[8] تاريخ بغداد 10/ 274، 275.
وفي الأصل: «ابن عوف البزوري» .(12/270)
سمع روح بن عبادة، وشبابة، وأبا نعيم. روى عنه: ابن صاعد، وابن السماك، وكان ثقة. توفي في رجب هذه السنة/ [وقد بلغ ثلاثا وتسعين سنة] [1] .
1816- عبد العزيز بن عَبْد اللَّهِ بْن عُبَيْد اللَّه أبو القاسم الهاشمي [2] .
سمع الحميدي. روى عنه: المحاملي القاضي، وكان ثقة. وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة، وبلغ ستا وثمانين سنة، وكان جميلا وسيما بهيا.
1817- القاسم بن عَبْد اللَّهِ بن المغيرة، أبو مُحَمَّد الجوهري، مولى لأم عيسى بنت علي بن عَبْد اللَّهِ بن عباس [3] .
ولد سنة خمس وتسعين ومائة. سمع من إسماعيل [4] بن أبي أويس، وعفان بن مسلم، وأبي نعيم. روى عنه: أبو مسلم الكجي، وكان ثقة مأمونا.
توفي في محرم هذه السنة.
1818- مُحَمَّد بن إسحاق بن إبراهيم بن أبي العنبس بن المغيرة، أبو العنبس الصيمري الشاعر [5] .
وكان أحد الأدباء الملحاء، إلا أنه هاجى أكثر شعراء زمانه، [وقدم بغداد] [6] ونادم المتوكل.
أَخْبَرَنَا القزاز، أَخْبَرَنَا [أَحْمَد بن علي] الخطيب. أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بن على بن حمويه، أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي قال: أنشدنا لاحق بن الحسين قَالَ:
أنشدنا علي بن عاذل القطان لأبي العنبس:
__________
[1] تكررت هذه الترجمة في الأصل بزيادة ما بين المعقوفتين في المرة الثانية.
[2] في ك: «عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد الله أبو القاسم الهاشمي» .
هذا وقد سقطت هذه الترجمة من ت. وما أثبتناه من الأصل وتاريخ بغداد. انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 10/ 451، 452.
[3] تاريخ بغداد 12/ 433.
[4] «إسماعيل» ساقطة من ك.
[5] تاريخ بغداد 1/ 238.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل. وكتبت على الهامش.(12/271)
كم مريض قد
عاش من بعد يأس ... بعد موت الطبيب والعواد
قد يصاد القطا فتنجو سليما ... ويحل القضاء بالصياد [1]
توفي أبو العنبس في هذه السنة، وحمل إلى الكوفة فدفن بها.
1819- مُحَمَّد بن إسحاق البغوي [2] .
حدث عن أبي الوليد الطيالسي، وخالد بن خداش في آخرين، وكان ثقة [3] .
__________
[1] تاريخ بغداد 1/ 238.
[2] تاريخ بغداد 1/ 242.
[3] في ت: «تم المجلد السادس عشر، بسم الله الرحمن الرحيم. ثم دخلت سنة ست وسبعين» .(12/272)
ثم دخلت سنة ست وسبعين ومائتين
فمن الحوادث [1] فيها:
ضم الشرطة في بغداد إلى عمرو بن الليث، وكتب فيها على الأعلام والمطارد والترسة التي تكون في مجلس الشرطه اسمه، وذلك في المحرم ثم طرح ذلك في شوال وأسقط ذكره.
وفيها: ورد الخبر بانفراج تل بنهر الصراة، ويعرف بتل بني شقيق عن شبه [2] حوض من حجر في لوح المسن، عليه كتابة لا يدرى ما هي، وفيه سبعة أقبر فيها سبعة أبدان صحيحة، عليها أكفان جدد لينة، لها أهداب تفوح منها رائحة، وفيها رائحة المسك [3] ، أحدهم شاب له جمة وجبهته وأذناه وأنفه وشفتاه [4] ورقبته وأشفار عينيه [5] صحاح، وعلى شفته بلل كأنه شرب ماء، وكأنه قد كحل، وبه [6] ضربة في خاصرته، فردت عليه أكفانه، وجذب بعض الحاضرين من شعر بعضهم فوجده قوي الأصل كنحو شعر الحي.
وحج بالناس في هذه السنة هارون بن مُحَمَّد، وكان واليا على مكة، والمدينة، والطائف.
__________
[1] الورقة 97 من نسخة الأصل مفقودة وغير موجودة في النسخة الميكروفيلمية لدينا.
[2] في ك: «عن سعة حوض» .
[3] في ت: «الملك» .
[4] «وأنفه» ساقطة من ت. وفي ك: «وأنفه وضفتاه» .
[5] في الأصل وك: «عليه» .
[6] «وبه» ساقطة من ك.(12/273)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1820- بقى بن مخلد، أبو عَبْد الرَّحْمَنِ الأندلسي [1] .
كانت له رحلة مشهورة [2] ، وطلب مشهور. سمع من أَحْمَد بن حنبل وغيره من الأئمة، وله تصانيف كثيرة منها «مسنده» . روى فيه عن ألف وستمائة صحابي، بل يزيدون على هذا العدد، وشيوخه أعلام، فإنه روى عن مائتي رجل وأربعة وثلاثين، جمهورهم مشاهير، وجمع إلى العلم الصلاح والتقوى.
أَخْبَرَنَا أبو بكر أَحْمَد بن خلف، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ [3] بْنِ علي البناء، أَخْبَرَنَا عبد الكريم بْن هوازن قَالَ: سمعت حمزة بن يوسف السهمي يقول:
سمعت نصر بن أَحْمَد بن عبد الملك يقول: سمعت عَبْد الرَّحْمَنِ بن أَحْمَد يقول:
سمعت أبي يقول: جاءت امرأة إلى ابن مخلد فقال: إن ابني قد أسره الروم، ولا أقدر على مال أكثر من دويرة، ولا أقدر على بيعها، فلو أشرت إلى من يفديه بشيء، فليس لي ليل ولا نهار، ولا نوم ولا قرار. فقال: انصرفي حتى أنظر في أمره إن شاء الله تعالى.
قال: وأطرق الشيخ وحرك شفتيه. قَالَ: فلبثنا مدة فجاءت المرأة مع ابنها، وأخذت تدعو له وتقول: قد رجع سالما وله حديث يحدثك به. فقال الشاب: كنت في يدي بعض ملوك الروم مع جماعة من الأساري، وكان له إنسان يستخدمنا كل يوم، نخرج إلى الصحراء، ثم يردنا وعلينا قيودنا [4] فبينا نحن نجيء من العمل بعد المغرب، انفتح القيد من رجلي، ووقع على الأرض، ووصف اليوم والساعة فوافق الوَقْت [5] الذي جاءت المرأة ودعا الشيخ. قَالَ: فنهض إلى الذي كان يحفظني صاح عليّ [6] وَقَالَ: قد كسرت القيد. قلت: لا أنه سقط من رجلي. فتحير وأخبر صاحبه، وأحضر الحداد وقيدني،
__________
[1] تذكرة الحفاظ 2/ 184. وتاريخ ابن عساكر 3/ 277. ونفح الطيب 1/ 589. وطبقات الحنابلة 79 وبغية الملتمس 229. وتاريخ علماء الأندلس 1/ 81.
[2] «مشهورة» ساقطة من ت.
[3] «بن أحمد» ساقطة من ك.
[4] في ك: «قيود» .
[5] في ك: «اليوم» .
[6] «صاح علي» ساقطة من ك.(12/274)
فلما مشيت خطوات سقط القيد من رجلي، فتحيروا في أمري، فدعوا رهبانهم فقالوا لي: ألك/ والدة؟ قلت: نعم. قالوا: قد وافق [1] دعاءها الإجابة. وقالوا: أطلقك الله لا يمكننا نقيدك. فردوني، وأصحبوني إلى ناحية المسلمين.
وتوفي بقي بن مخلد بالأندلس في هذه السنة.
1821- جعفر بن أَحْمَد بن العباس، أبو الفضل [2] .
سمع من جماعة، وروى عنه: مُحَمَّد بن مخلد، وأحمد بن كامل القاضي. قَالَ الدارقطني: ثقة مأمون. توفي بالبصرة قاضيا في ربيع الأول من هذه السنة.
1822- صاعد بن مخلد [3] .
من عمال السلطان، كان كثير التعبد والصدقة، وكان ينفرد فيصلي ويدعو [4] وأصحابه يرون أنه في عمل السلطان، وكان لا يركب حتى ينفذ صدقاته من الدراهم والدنانير والثياب والدقيق في كل يوم.
وَقَالَ نصر الحاجب: رأيت ليلة مات صاعد في المنام [5] كأن قائلا يَقُولُ [6] : صر إلى شط دجلة إلى مكان كذا وكذا إلى مسجد هناك، حتى عرفت الموضع، فأقم حتى تصلي على رجل من أهل الجنة. فصرت إلى [7] الموضع، فإذا خدم سود قد عبروا من دار ابن طاهر بعد العصر، ومعهم جنازة، فصعدوا بها إلى المسجد، فصليت على الرجل، وسألت عنه فقالوا: هذا صاعد بن مخلد.
1823- عَبْد اللَّهِ بن أَحْمَد بن إبراهيم بن كثير، أبو العباس الدورقي [8] .
__________
[1] في ك: «رافق» .
[2] تاريخ بغداد 7/ 182.
[3] والكامل لابن الأثير (حوادث سنة 265، 272 هـ) . وثمار القلوب 233. والديارات 54، 175.
[4] «ويدعو» ساقطة من ك.
[5] في ت: «في النوم» .
[6] في ك: «قائلا يقول» .
[7] «إلى» ساقطة من ك.
[8] تاريخ بغداد 9/ 371، 372.(12/275)
سمع من عفان وغيره، روى عنه: ابن صاعد، وابن مخلد، والمحاملي، وكان يسكن سرمن رأى، وقدم بغداد فحدث بِهَا [1] . وَقَالَ الدارقطني: هو ثقة. / [أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي، أخبرنا محمد بن مُحَمَّد بن عبد الواحد، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن العباس قال: قرئ على ابن المنادى وأنا أسمع قَالَ:] [2] قدم علينا [عَبْد اللَّهِ بن أَحْمَد بن إبراهيم] [3] فسمعنا منه. ثم [قَالَ:
قرئ أنه] [4] زلق من الدرجة فِي [5] الدار التي نزلها، فمات، وذلك في ربيع الأول من هذه السنة [6] .
1824- عَبْد اللَّهِ بن مسلم بن قتيبة، [أبو محمد] [7] الكاتب المروزي، وقيل: الدينَوَريّ لأنه أقام بالدينور مدة [8] .
سكن بغداد، وحدث بها عن إسحاق بن راهويه، وأبي حاتم وغيرهما. وكان عالما، ثقة، دينا، فاضلا وله التصانيف المشهورة، منها: «غريب القرآن» و «غريب الحديث» و «مشكل القرآن» و «ومشكل الحديث» و «المعارف» و «أدب الكاتب» و «عيون الأخبار» وغير ذلك.
أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت [أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عبد الواحد،] [9] أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن العباس قال: قرئ على ابن المنادى وأنا أسمع قَالَ: مات [10] عَبْد اللَّهِ بن مسلم بن قتيبة الدينَوَريّ صاحب التصانيف فجأة، فصاح
__________
[1] «بها» ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ك: «إلى الدار» .
[6] تاريخ بغداد 9/ 372.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] تاريخ بغداد 10/ 170، 171.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في الأصل: «أن عَبْد اللَّهِ بن مسلم بن قتيبة الدينَوَريّ صاحب التصانيف مات» .(12/276)
صيحة سمعت من بعد، ثم أغمي عليه فمات.
قَالَ ابن المنادي: ثم أن أبا القاسم إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن أيوب بْن بشير الصائغ أخبرني أن ابن قتيبة أكل هريسة، فأصابه حرارة، فصاح صيحة شديدة، ثم أغمي عليه إلى وقت صلاة الظهر، ثم اضطرب [ساعة] [1] ثم هدأ، فما زال يتشهد إلى وقت السحر، ثم مات وذلك أول ليلة من رجب سنة ست وسبعين [2] .
وقد روي [3] أنه مات سنة سبعين، والأول أصح. وذكر [بعض] [4] أهل العِلْم [5] بالنقل أنه مات بالكوفة، ودفن إلى جنب قبر أبي حازم القاضي.
1825- عبد الملك بن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ، أبو قلابة الرقاشي [6] .
ولد سنة تسعين ومائة، وكان يكنى أَبَا مُحَمَّد، فكني بأبي قلابة [7] ، وغلبت عليه. سمع يزيد بن هارون، وأبا داود الطيالسي، وروح بن عبادة/، وخلقا كثيرا.
روى عنه: ابن صاعد، والمحاملي، والنجاد، وأبو بكر الشافعي، وكان صدوقا من أهل الخير، وكان يصلي كل يوم أربع مائة ركعة، وحدث من حفظه بستين ألف حديث، فوقع في بعضها الخطأ.
توفي في [شوال] [8] هذه السنة.
1826- مُحَمَّد بن أبي العوام وأسمه: أَحْمَد بن يزيد بن دينار، أبو بكر الرياحي التميمي [9] .
سمع يزيد بن هارون، وعبد الوهاب بن عطاء، وأبا عامر العقدي، وغيرهم.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] تاريخ بغداد 10/ 170، 171.
[3] في الأصل: «وقيل» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ك: «أهل النقل» .
وفي الأصل: «أهل العلم» وما أثبتناه من ت.
[6] تاريخ بغداد 10/ 425- 427.
[7] «الرقاشي. ولد سنة تسعين ومائة وكان يكنى أبا محمد، فكني بأبي قلابة» ساقطة من ك.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] «التميمي» ساقطة من ك. انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 10/ 372.(12/277)
روى عنه: المحاملي، وابن عقدة، وابن السماك، والنجاد، وَأَبُو بكر الشافعي، ومحمد بن جعفر بن الهيثم البندار [1] وهو آخر من روى عنه. قَالَ الدارقطني: هو صدوق. توفى لأيام خلت من رمضان هذه السنة.
1827- مُحَمَّد بن إبراهيم بن يحيى بن إسحاق بن جناد، أبو بكر المنقري [2] .
سمع أبا الوليد الطيالسي، وغيره، وروى عنه: البغوي، وغيره.
[أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخطيب، أَخْبَرَنَا علي بن مُحَمَّد الدقاق، أَخْبَرَنَا الحسين بن هارون الضبي، عن أبي العباس بن سعيد قَالَ: سمعت عَبْد الرَّحْمَنِ بن يوسف بن خراش] [3] يقول: أبو بكر بن جناد عدل، ثقة، مأمون [4] .
[أَخْبَرَنَا القزاز، أَخْبَرَنَا الخطيب، أَخْبَرَنَا السمسار، أَخْبَرَنَا الصفار] [5] ، حَدَّثَنَا ابن قانع أن أبا بكر بن جناد مات في طريق مكة في ذي الحجة [من] [6] سنة ست وسبعين ومائتين [7] .
1828-[مُحَمَّد بن إبراهيم بن يوسف، أبو حمزة المروزي [8] .
سكن بغداد، وانتخب عليه عبيد العجلي وحدث عن عبدان بن عثمان، وروي عنه: أبو عمرو بن السماك، وغيره، وكان ثقة] .
__________
[1] في الأصل: «محمد بن جعفر أبو الهيثم البزار» .
[2] في ك: «المقرئ» وكذلك في ت.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 1/ 397، 398.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي الأصل: «قال عبد الرحمن: سمعت خراش ... » .
[4] تاريخ بغداد 1/ 397.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] تاريخ بغداد 10/ 398.
[8] هذه الترجمة ساقطة من الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 1/ 398.(12/278)
1829-[مُحَمَّد بن إبراهيم بن عبد الحميد، أبو بكر الحلواني [1] .
قاضي بلخ، سكن بغداد، وحدث بها عن أبي جعفر النفيلي، وغيره.
وروى عنه: أبو عمرو بن السماك، وغيره، وكان ثقة] .
1830-[مُحَمَّد بن إسماعيل بن سالم، أبو جعفر الصائغ [2] .
سكن مكة، وحدث بها عن حجاج الأعور، وشبابة بن سوار، وروح بن عبادة.
قَالَ عَبْد الرَّحْمَنِ بن أبي حاتم: سمعت منه بمكة، وهو صدوق.
أَخْبَرَنَا عَبْد الرحمن بْن مُحَمَّد، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن ثَابِت قَالَ: [3] أَخْبَرَنَا عَلي بن مُحَمَّد الدقاق قَالَ: قرأنا علي الحسين بن هارون، عن أبي العباس بن سعيد قَالَ:
سمعت عَبْد الرَّحْمَنِ بن يوسف بن خراش يقول: مُحَمَّد بن إسماعيل الصائغ من أهل الفهم والأمانة] [4] .
1831- مُحَمَّد بن جعفر بن راشد، أبو جعفر الفارسي يلقب لقلوق واصله بلخ [5] .
سمع منصور بن عثمان، وغيره، وكان ثقة.
1832- مُحَمَّد بن جعفر بن مُحَمَّد بن إسماعيل بْن أَبِي سيرين [6] بن [علي أبو العباس الهاشمي.
__________
[1] تاريخ بغداد 1/ 398، 399.
وهذه الترجمة أيضا ساقطة من الأصل.
[2] تاريخ بغداد 2/ 38، 39.
وهذه الترجمة أيضا ساقطة من الأصل.
[3] «أخبرنا عبد الرحمن بن محمد. أخبرنا أبو بكر بن ثابت قال» ساقطة من ك.
[4] تاريخ بغداد 2/ 39.
[5] في الأصل: «يلقب أقلوب وأصله من بلخ» . وفي ك: «وأصله بصري» .
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 1/ 126.
[6] «ابن أبي سيرين» انفرد الأصل بإيرادها.(12/279)
حدث عن إبراهيم الترجماني] [1] . روى عنه: ابن مخلد [2] .
[توفي في هذه السنة في ذي الحجة] [3] . وكان ثقة [4] .
1833-[مُحَمَّد بن الحسين بن معدان، أبو جعفر البلخي الوراق [5] .
حدث عن إسماعيل بن أبي موسى. روى عنه: ابن صاعد، وكان ثقة] .
1834- مُحَمَّد بن خليفة بن صدقة، أبو جعفر، يلقب: بعنبر، من أهل دير العاقول
[6] .
[روى عن عفان، وأبي نعيم، وسعيد بن منصور، وغيرهم، وكان صدوقا.
وتوفي بدير العاقول] [7] في هذه السنة.
1835- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحسن بن عطية العوفي [8] .
حدث [9] عن يزيد بن هارون، وروح بن عبادة، وغيرهما. [10] كان لينا في الحديث. قَالَ الدارقطني: لا بأس به.
وتوفي في ربيع الآخر [11] من هذه السنة. /
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 2/ 126.
[2] في ك: «ابن خالد» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «وكان ثقة» ساقطة من ك.
[5] هذه الترجمة ساقطة من الأصل.
[6] تاريخ بغداد 5/ 251.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في الأنساب للسمعاني 9/ 89: «أبو جعفر محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية بن سعد بن جنادة العوفيّ» .
[9] في المطبوعة: «روى» .
[10] في الأصل: «وقال غيرهما» .
[11] في الأصل: «ربيع الأول» .(12/280)
ثم دخلت سنة سبع وسبعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أَنَّهُ [1] ولي أبو مُحَمَّد يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد المظالم بمدينة السلام، فقويت يده، فنادى: من كانت له مظلمة [من] [2] قبل الأمير الناصر فمن [3] دونه من الناس فليحضر، وظهر من صرامته وقيامه بالأمر ما لم ير مثله.
وحج بالناس في هذه السنة هارون بن مُحَمَّد الهاشمي.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1836- أَحْمَد بن عيسى، أبو سعيد الخراز [4] .
وكان من المذكورين بالمجاهدة والورع والمراقبة. حدث عن إبراهيم بن بشار صاحب ابن أدهم وغيره. روى عنه علي بن مُحَمَّد المصري.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بن ثابت أخبرنا أبو سعد الماليني [قَالَ] :
حَدَّثَنَا ثقف بن عَبْد اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن أَحْمَد المقري، حَدَّثَنَا أبو بكر الشقاق قال: قال أبو
__________
[1] «أن» ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ك: «فما دونه» .
[4] شذرات الذهب 2/ 192. واللباب 1/ 351 والعبر 2/ 77. والعروسي على شرح القشيرية 1/ 167، 168. والبداية والنهاية 11/ 58.(12/281)
سعيد [1] الخراز: إذا بكت أعين الخائفين فقد كاتبوا الله بدموعهم.
أَخْبَرَنَا عمر بن خلف، أَخْبَرَنَا جعفر بن أَحْمَد، أَخْبَرَنَا عبد العزيز بْن عَلي، أَخْبَرَنَا ابن جهضم قَالَ: حدثني أَحْمَد بن مُحَمَّد الرمادي قَالَ: سمعت أبا سعيد الخراز يقول: العافية سترت البر والفاجر، فإذا جاءت البلوى يتبين عندها الرجال.
توفي أبو سعيد في هذه السنة، وقيل: في سنة ست وثمانين، وقيل: فيما بين ذلك، ولا يصح. /
1837- إبراهيم بن إسحاق بن أبي العنبس، أبو إسحاق الزهري القاضي الكوفي [2] .
سمع يعلي بن عبيد الطنافسي وغيره. وروى عنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، وعامة الكوفيين، ولي قضاء مدينة المنصور بعد أن صرف أَحْمَد بن مُحَمَّد بن سماعة، وكان ثقة خيرا فاضلا دينا صالحا.
توفي في ربيع الآخر من هذه السنة، فقد بلغ ثلاثا وتسعين سنة.
1838- إسحاق بن يعقوب، أبو العباس العطار الأحول [3] .
سمع خلف بن هشام البزاز في خلق كثير، روى عنه: مُحَمَّد بن مخلد، وأبو عمرو بن السماك، وَقَالَ الدارقطني: كان ثقة. وتوفي في هذه السنة.
1839- جعفر بن أَحْمَد. وقيل: جعفر بن المبارك، أبو مُحَمَّد المعروف بكردان الخلقاني [4] .
حدث عن [أبي كامل] [5] الجحدري، وشيبان بن فروخ. روى عنه ابن مخلد، وكان ثقة، ينزل نهر طابق.
وتوفي في هذه السنة.
1840- جعفر بن مُحَمَّد بن عبيد الله بن يزيد المنادي [6] .
__________
[1] في ك: «أحمد بن عبد الله قال: قال» .
[2] تاريخ بغداد 6/ 25، 26.
[3] تاريخ بغداد 6/ 376، 377.
[4] تاريخ بغداد 7/ 184.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ك: «بن عبد الله بن يزيد المنادي» وكذا في تاريخ بغداد.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 183، 184.(12/282)
سمع عاصم بن علي، وأحمد بن حنبل، وابني [1] أبي شيبة، وكريبا [2] وغيرهم، روى عنه: ابنه أبو الحسين، وكان ثقة.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخطيب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عبد الواحد، حَدَّثَنَا محمد بن العباس قال: قرئ على ابن المنادى وأنا أسمع قَالَ: توفي أبي جعفر بن مُحَمَّد المنادي [3] يوم السبت بين الظهر والعصر، ودفن يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة سبع وسبعين يعني ومائتين- كتب الناس عنه في حياة جدي وبعد ذلك.
1841- جعفر بن هاشم أبو يحيى العسكري [4] .
سكن بغداد، وحدث/ عن أبي الوليد الطيالسي، والقعنبي. روى عنه: ابن مخلد، وابن السماك، وكان ثقة. توفي في ربيع الأول من هذه السنة.
1842- الحسن بن سلام بن حماد بن أبان، أبو علي السواق [5] .
سمع أبا نعيم، وقبيصة، وعفان بن مسلم. روى عنه: ابن صاعد، والنجاد. قَالَ الدارقطني: [هو] [6] صدوق.
توفي في صفر هذه السنة.
1843-[الحسين بن معاذ بن حرب، أبو عَبْد اللَّهِ الأخفش [7] .
من أهل البصرة، قدم بغداد محدثا بها عن سلمة بن حبيب، وغيره، وحدث بسر من رأى، روى عنه: أبو بكر النجاد، والكوكبي. توفي في هذه السنة] .
__________
[1] في ك: «وابن أبي شيبة» .
[2] في ك، وتاريخ بغداد: «لوينا» .
[3] في ك: «توفي جعفر بن محمد» .
[4] في ك: «جعفر بن هشام. أبو يحيى. العسكري.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 183.
[5] «السواق» ساقطة من ك.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 326.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] هذه الترجمة ساقطة من الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 141.(12/283)
1844- عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن إسماعيل بن علي بْن عَبْد اللَّهِ بْن العباس، أبو العباس الهاشمي [1] .
من أهل سرمن رأى، حدث عن يزيد بن هارون، وشبابة، وروح، وعفان. روى عنه: أَحْمَد بن عيسى الخواص، وكان ثقة. توفي بسر من رأى في هذه السنة.
1845- عيسى بن عَبْد اللَّهِ بن سنان بن دلويه، أبو موسى الطيالسي، يلقب: رغاث [2] .
ولد سنة ثلاث وتسعين ومائة، وسمع من عفان، وأبي نعيم، وكان يعد من الحفاظ. روى عنه: أَحْمَد بن كامل القاضي، وأبو بكر الشافعي، قَالَ الدارقطني: كان ثقة. توفي في شوال هذه السنة.
1846- علي بن الحسن بن عبدويه، أبو الحسن الخزاز [3] .
سمع أبا النضر، وأسود بن عامر. روى عنه: ابن مجاهد، والنجاد. وكان ثقة.
توفي في ذي الحجة من هذه السنة.
1847- محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران، أبو حاتم الحنظلي الرازي [4] .
كان/ أحد الأئمة الحفاظ، والأثبات العارفين بعلل الحديث، والجرح والتعديل. سمع مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ الأنصاري، وأبا زيد النحوي، وعبيد الله بن موسى، وأبا مسهر الدمشقي، وأبا اليمان [5] ، وخلقا كثيرا. روى عنه يونس بن عبد الأعلى، والربيع بن سليمان المصريان، وهما أكبر سنا منه، وأقدم سماعا. قدم بغداد فحدث بها. روى عنه من أهلها إبراهيم الحربي، وابن أبي الدنيا، والمحاملي، وغيرهم.
أَخْبَرَنَا [أَبُو مَنْصُورٍ] الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا [أَبُو بَكْرٍ أحمد بْن علي بْن ثابت] [6] الخطيب قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو زرعة روح بن مُحَمَّد الرازي إجازة أَخْبَرَنَا علي بن محمد بن عمر
__________
[1] في ت: «الهاشم» .
[2] تاريخ بغداد 11/ 170.
[3] البداية والنهاية 11/ 59.
[4] تاريخ بغداد 2/ 73- 77.
[5] في الأصل: «أبا النجاد» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/284)
الفقيه، حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بن أبي حاتم قَالَ: سمعت أبي يقول: خرجت في طلب الحديث فأحصيت أني مشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ، فلما زاد على الأمر تركت [1] ، وبقيت بالبصرة فِي سنة أربع [عشرة] [2] ومائتين ثمانية أشهر، فانقطعت نفقتي، فعجلت أبيع ثيابي، حتى بقيت بلا نفقة، ومضيت أطوف مع صديق لي إلى المشيخة، وأسمع منهم إلى المساء، فانصرف رفيقي، ورجعت إلى بيت خال، فجعلت أشرب الماء من الجوع، ثم أصبحت من الغد، وغدا على رفيقي، فجعلت أطوف معه في سماع الحديث على جوع شديد، فانصرف عني، وانصرفت جائعا، فلما كان من الغد، غدا علي رفيقي [3] وَقَالَ: سر بنا إلى المشايخ/. فقلت: أنا ضعيف لا يمكنني. فقال: ما ضعفك؟ قلت: لا أكتمك أمري قد مضى [علي] [4] يومان ما طعمت. فقال: معي دينار، فأنا أواسيك بنصفه، ونجعل النصف الآخر في الكراء.
فخرجنا من البصرة، وقبضت منه نصف الدينار قَالَ: [5] وقلت على باب أبي الوليد الطيالسي [6] من أغرب على حديثا غريبا مسندا صحيحا [لم أسمع به] [7] فله على درهم يتصدق به، وقد حضر على باب أبي الوليد خلق من الناس [8] [منهم] أبو زرعة فمن دونه، وإنما كان مرادي أن يلقى علي ما لم أسمع ليقولوا: هو عند فلان فأذهب فأسمع.
فكان مرادي أن أستخرج منهم ما ليس عندي فما تهيأ لأحد أن يغرب على حديثا [9] .
توفي أبو حاتم في شعبان هذه السنة.
1848- مُحَمَّد بن الجهم بن هارون، أبو عبد الله السمري الكاتب [10] .
__________
[1] في الأصل: «فلما زاد على الألف تركت» .
[2] في الأصل: «بالبصرة سنة أربع ومائتين» .
[3] «رفيقي» ساقطة من ك.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «قال» ساقطة من ك.
[6] في ك: «على باب أبي داود الطيالسي» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ك: «الحلق» . ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] تاريخ بغداد 2/ 74، 75.
[10] تاريخ بغداد 2/ 161.(12/285)
سمع يعلي بن عبيد الطنافسي، وعبد الوهاب بن عطاء، ويزيد بن هارون، وغيرهم. روى عن الفراء تصانيفه، وهذا آخر من بقي من أصحاب الفراء، روى عنه:
ابن مجاهد، ونفطويه، وأبو بكر الشافعي، وغيرهم. قَالَ الدارقطني: وهو ثقة صدوق.
توفي في يوم الأحد سلخ جمادى الآخرة من هذه السنة وله تسع وثمانون سنة.
1849- مُحَمَّد بن الحسين بن الحسن بن [1] موسى بن أبي الحنين، أبو جعفر الخزاز، المعروف: بالحنيني [2] .
كوفي قدم بغداد، وحدث بِهَا عن عبيد الله بن موسى العبسي، وأبي نعيم، والقعنبي، وغيرهم. روى عنه: ابن صاعد، والمحاملي، وابن السماك، وغيرهم.
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، أَخْبَرَنَا الأزهري، حَدَّثَنَا] [3] علي بن عمر الْحَافِظ/ قَالَ: مُحَمَّد [4] بن الحسين بن موسى الكوفي صنف مسندا، وحدث به، وَكَانَ ثقة صدوقا.
توفي فِي جمَادى الآخرة من هذه السنة بالكوفة [5] .
1850- مُحَمَّد [بن] [6] سعدان، أبو جعفر البزاز [7] .
حدث عن أبي جعفر النفيلي، وفيض بن وثيق، وغيرهما، وكان قد سمع من نحو من خمسمائة شيخ لم يحدث إلا باليسير، وتوفي في شعبان هذه السنة.
وثم آخر يُقَالُ له: مُحَمَّد بن سعدان البزاز، إلا أنه شيخ غير مشهور، روى عن القعنبي.
وثالث يُقَالُ له: محمد بن سعدان النحوي، هو مشهور، قد ذكرناه في سنة إحدى وثلاثين.
__________
[1] في ت: «بن الحصين» .
وقد سقطت من ك. وهي غير موجودة في تاريخ بغداد المطبوع.
[2] تاريخ بغداد 2/ 225، 226.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «قال علي بن عمر الحافظ قال موسى بن ... » .
[5] تاريخ بغداد 2/ 226.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] تاريخ بغداد 5/ 325.(12/286)
ثم دخلت سنة ثمان وسبعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أنه في المحرم وافى أبو أَحْمَد الموفق من الجبل إلى العراق، فتلقاه الناس بالنهروان، فركب في الماء وسار [في النهروان، ثم] [1] في نهر ديالي، ثم في دجلة، وكان مريضا بالنقرس، ودخل داره في أوائل صفر، ثم توفي بعد أيام، وطلع لليلتين بقيتا من المحرم كوكب ذو جمة، ثم صارت الجمة ذؤابة، وخلع على عبد الله بن سليمان بن وهب وولي الوزارة.
وفي هذه السنة: غار ماء النيل، وكان ذلك شيئا لم يعهد مثله، ولا [بلغ] [2] في الأخبار السالفة.
وحج بالناس في هذه السنة هارون بن مُحَمَّد الهاشمي.
وفيها: وردت الأخبار/ بحركة قوم يعرفون بالقرامطة وهم الباطنية، وهؤلاء قوم تبعوا طريق الملحدين، وجحدوا الشرائع، وأنا أشير إلى البدايات التي بنوا عليها، ثم إلى الباعث لهم على ما فعلوا من نصب دعوتهم، [ثم إلى ألقابهم، ثم] [3] إلى مذاهبهم وعلومهم.
فأما البدايات التي بنوا عليها:
فإنه لما كان مقصودهم الإلحاد تعلقوا بمذاهب الملحدين مثل: زرادشت،
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وكتب على الهامش: «خروج القرامطة» .(12/287)
ومزدك، فإنهما كانا ينتحلان المحظورات، وقد سبق في أوائل هذا الكتاب شرح حالهما، وما زال أكثر الناس مع إعراضهم لا يدخلون في حجر يمنعهم إياها، فلما جاء نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقهر الملل وقمع [1] الإلحاد، أجمع جماعة من الثنوية، والمجوس، والملحدين، ومن دان بدين الفلاسفة المتقدمين، فأعملوا آراءهم وقالوا: قد ثبت عندنا أن جميع الأنبياء كذبوا وتخرقوا على أممهم، وأعظم كل بلية علينا مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه تبع من العرب الطغام فخدعهم بناموسه، فبذلوا أموالهم وأنفسهم، ونصروه وأخذوا ممالكنا، وقد طالت مدتهم، والآن قد تشاغل أتباعه، فمنهم مقبل على كسب الأموال، ومنهم على تشييد البنيان، ومنهم على الملاهي، وعلماؤهم يتلاعبون، ويكفر بعضهم بعضا، وقد ضعفت بصائرهم، فنحن نطمع في إبطال دينهم، إلا أنا لا يمكننا محاربتهم لكثرتهم، فليس الطريق إلّا إنشاء دعوة في الدين [2] والانتماء إلى فرقة منهم، وليس فيهم فرقة أضعف عقولا من الرافضة فندخل/ عليهم، نذكر ظلم سلفهم الأشراف من آل نبيهم [3] ، ودفعهم عن حقهم، وقتلهم، وما جرى عليهم من الذل لنستعين بها، ولا على إبطال دينهم، فتناصروا وتكاتفوا وتوافقوا وانتسبوا إلى إسماعيل بن جعفر [بن مُحَمَّد] الصادق [4] ، وكان لجعفر أولاد منهم: إسماعيل هذا، وكان يُقَالُ له: إسماعيل الأعرج.
ثم سول لهم الشيطان آراء ومذاهب أخذوا بعضها من المجوس [5] ، و [أخذوا] [6] بعضها من الفلاسفة وتخرقوا على أتباعهم، وإنما قصدهم الجحد المطلق، لكنهم لما لم يمكنهم، توسلوا إليه فقد بان لك بما ذكرت. [ومن] [7] البدايات التي بنوا عليها، والباعث لهم على ما فعلوا من نصب الدعوة.
__________
[1] في ك: «الملك ومنع الإلحاد» .
[2] في الأصل: «دعوة منهم في الدين» .
[3] في الأصل: «آل بيتهم» .
[4] في الأصل: «إسماعيل بن محمد بن جعفر الصادق» .
[5] في الأصل: «الفرس» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/288)
وأما ألقابهم:
فإنهم يسمون الإسماعيلية، والباطنية، والقرامطة، والخرمية، والبابكية، والمحمرة، والسبعية، والتعليمية.
فأما تسميتهم بالإسماعيلية: فانتسابهم إلى إسماعيل بن جعفر على ما ذكرناه.
وأما تسميتهم بالباطنية: فإنهم ادعوا أن لظواهر القرآن والأخبار بواطن، تجري مجرى اللب من القشر، وأنها توهم الأغبياء صورا، وتفهم الفطناء رموزا، وإشارات إلى حقائق خفية، وأن من تقاعد [1] عن العرض على الخفايا والبواطن متعثر، ومن ارتقى إلى علم الباطن انحط عنه التكلف، واستراح من إعيائه، واستشهدوا بقوله تعالى:
وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ 7: 157 [2] قالوا: والجهال بذلك هم المرادون بقول تعالى: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ 57: 13 [3] وغرضهم فيما وضعوا من ذلك: إبطال الشرائع، لأنهم إذا صرفوا العقائد عن غير موجب [4] / الظاهر فحكموا بدعوى الباطن على ما يوجب الانسلاخ [5] من الدين.
وأما تسميتهم بالقرامطة: ففي سبب ذلك ستة أقوال [6] : أحدها: أنهم سموا بذلك، لأن أول من أسس لهم هذه المحنة [7] مُحَمَّد الوراق المقرمط، وكان كوفيا.
والثاني: أن لهم رئيسا من السواد من الأنباط، يلقب: بقرمطويه [8] فنسبوا إليه.
والثالث: أن قرمطا كان غلاما [9] لإسماعيل بن جعفر فنسبوا إليه، لأنه أحدث لهم مقالاتهم.
__________
[1] في ك: «تعاقد» .
[2] سورة: الأعراف، الآية: 157.
[3] سورة: الحديد، الآية: 13.
[4] في الأصل، ت: «غير موجب» .
[5] في ك: «على يوجب الانسلاخ» . وفي ت: «على ما يوجب انسلاخا» .
[6] في الأصل: «ثلاثة أقوال» .
[7] في ك: «من أشير لهم ذلك المحبة» .
[8] في الأصل: «بقرمط» .
[9] في الأصل: «عاملا» .(12/289)
والرابع: أن بعض دعاتهم نزل برجل يُقَالُ له: كرمية، فلما رحل تسمى قرمط بن الأشعب، ثم أدخله في مذهبه.
الخامس: أن بعض دعاتهم رجل يُقَالُ له: كرمية، فلما رحل تسمى باسم ذلك الرجل، ثم خفف الاسم فقيل: قرمط، قَالَ أهل السير: كان ذلك الرجل الداعي من ناحية خوزستان، وكان يظهر الزهد والتقشف، ويسف الخوص، ويأكل من كسبه، ويحفظ القوم ما صرموا من نخلهم في حظيرة، ويصلي أكثر الناس، ويصوم، ويأخذ عند إفطاره من البقال رطلا من التمر فيفطر عليه، ويجمع نواه فيدفعه إلى البقال، ثم يحاسبه على ما أخذ منه، ويحط من ذلك ثمن النوى. فسمع التجار الذين صرموا نخلهم فوثبوا عليه وضربوه، وقالوا: لم ترض بأن أكلت التمر حتى بعت النوى.
فأخبرهم البقال في الحال، فندموا على ضربه، وسألوه الإحلال، فازداد بذلك نبلا عند أهل القرية، وكان إذا قعد/ إليه إنسان ذاكره أمر الدين وزهده في الدنيا، وأعلمه أن الصلاة المفروضة على الناس خمسون صلاة في كل يوم وليلة، ثم أعلم الناس أنه يدعو إلى إمام من أهل بيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم مرض ومكث مطروحا على الطريق، وكان في القرية رجل يحمل على أثوار له، وكان أحمر العينين، وكان أهل القرية يسمونه كرميته لحمرة عينيه، وهو بالنبطية: حار العين، فكلم البقال كرميته هذا في أن يحمل هذا العليل إلى منزله، ويوصى أهله الإشراف عليه والعناية به، ففعل، فأقام عنده حتى بريء، ثم كان يأوي إلى منزله ودعا أهل القرية إلى أمره فأجابوه، وكان يأخذ من الرجل إذا دخل في دينه دينارا، ويزعم انه يأخذ ذلك الإمام، فمكث يدعو أهل القرى فيجيبونه، واتخذ منهم اثني عشر نقيبا، وأمرهم أن يدعوا الناس إلى دينه، وَقَالَ لهم:
انتم كحواري عيسى بن مريم عليهما السلام، فشغل أكرة تلك الناحية على أعمالهم بما رسمه لهم من الخمسين صلاة التي ذكر أنها فرضت عليهم.
وكان للهيصم في تلك الناحية ضياع، فوقف على تقصير أكرته في العمارة، فسأل عن ذلك، فأخبر أن رجلا قدم عليهم فأظهر لهم مذهبا من الدين، وأعلمهم أن الله عز وجل قد افترض عليهم خمسين صلاة في اليوم والليلة، وقد اشتغلوا بها فوجه [1] إليه/
__________
[1] في الأصل: «فوجد إليه» .(12/290)
فجيء به، فسأله عن أمره، فأخبره بقصته، فحبسه في بيت، وحلف بقتله، وأقفل عليه، وترك المفتاح تحت وسادته، ونام، فرقت له جارية، فأخذت المفتاح، وفتحت وأخرجته، ثم أعادت [1] المفتاح إلى موضعه، فلما أصبح الهيصم فتح الباب، فلم يجده فشاع ذلك الخبر، فعبر به أهل تلك الناحية وقالوا: قد رفع.
ثم ظهر في موضع آخر ولقي جماعة من أصحابه فسألوه عن قصته، فقال: ليس يمكن أحدا أن يؤذيني. ثم خاف على نفسه، وخرج إلى الشام، وتسمى باسم الرجل الذي كان في منزله كرميته، ثم خفف فقيل: قرمط، وفشا أمره وأمر أصحابه، وكان قد لقي صاحب الزنج فقال له: أنا على مذهب ورائي مائة ألف سيف، فناظرني، فإن اتفقنا ملت بمن معي إليك، وإن تكن الأخرى انصرفت، فناظره فاختلفا ففارقه.
السادس: أنهم لقبوا بهذا نسبة إلى رجل من دعاتهم يُقَالُ له: حمدان بن قرمط، وكان حمدان هذا [2] من أهل الكوفة يميل إلى الزهد، فصادفه أحد دعاة الباطنية في [3] طريق، وهو متوجه إلى قرية، وبين يديه بقر يسوقها، فقال حمدان لذلك الداعي وهو لا يعرفه: أين تقصد؟ فسمى قرية حمدان، فقال له: اركب بقرة من هذه البقر لتستريح من المشي [4] . فقال: إني لم أؤمر بذلك: قَالَ كأنك لا تعمل إلا بأمر؟ قَالَ: نعم! فقال حمدان: وبأمر من تعمل؟ قَالَ: بأمر مالكي ومالكك، ومالك الدنيا والآخرة، فقال:
ذلك الله عز وجل، قَالَ: صدقت قَالَ: [5] وما غرضك في هذه البقعة؟ قَالَ: / أمرت أن أدعو أهلها من الجهل إلى العلم، ومن الضلال إلى الهدى، ومن الشقاوة إلى السعادة، وأستنقذهم من ورطات الذل والفقر، وأملكهم مالا يستغنون به من التعب [6] والكد، فقال له حمدان: أنقذني أنقذك الله، وأفض على من العلم ما تحييني به، فما أشد
__________
[1] في ك: «ثم عادت» .
[2] «هذا» ساقطة من ك.
[3] في الأصل: «القرامطة» .
[4] في الأصل: «لتستريح عليها» .
[5] «قال» ساقطة من ك.
[6] في الأصل: عن التعب» .(12/291)
حاجتي إلى ذلك، فقال: ما أمرت أن أخرج السر المكنون إلى [كل] [1] أحد إلا بعد الثقة به، والعهد إليه، فقال لَهُ: [2] فاذكر عهدك، فإني ملتزم له. فقال: أن تجعل لي وللإمام على نفسك عهد الله وميثاقه أن لا تخرج سر الإمام الذي ألقيه إليك ولا تفشي سري أيضا. فالتزم حمدان عهده، ثم اندفع الداعي في تعليمه فنون جهل، حتى استدرجه واستغواه واستجاب له في جميع ما دعاه إليه، ثم انتدب [3] للدعوة، وصار أصلا من أصول هذه البدعة فسمى أتباعه القرمطية.
وأما تسميتهم بالخرمية: فإن خرم لفظ أعجمي ينبئ عن الشيء المستلذ الذي يشتهيه الآدمي، وكان هذا لقبا للمزدكية [4] وهم أهل الإباحة من المجوس الذين نبغوا في أيام قباذ على ما ذكرنا، فأباحوا المحظورات فلقب هؤلاء بلقب أولئك لمشابهتهم إياهم في اعتقادهم ومذهبهم.
وأما تسميتهم بالبابكية: فإن طائفة منهم تبعوا بابك الخرمي، وكان قد خرج في ناحية آذربيجان في أيام المعتصم واستفحل، [5] فبعث إليه المعتصم الأفشين فتخاذل عن قتاله، وأضمر موافقته في ضلاله، فاشتدت وطأة البابكية على المسلمين، إلى أن أخذ بابك وقتل على ما سبق شرحه.
وقد بقي من البابكية/ جماعة يُقَالُ إن لهم في كل سنة [ليلة] [6] يجتمع فيها رجالهم ونساؤهم، فيطفئون المصابيح، ويتناهبون النساء، ويزعمون أن من أخذ امرأة استحلها بالاصطياد.
فأما تسميتهم بالمحمرة: فيذكر عنهم أنهم صبغوا الثياب بالحمرة أيام بابك، وكانت شعارهم.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ك: «فقال» .
[3] في الأصل: «ثم امتدت» .
[4] في ك: «للمزدلفة» .
[5] في ك: «فاستحل» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/292)
وأما تسميتهم بالسبعية: فإنهم زعموا أن الكواكب السبعة مدبرة للعالم السفلي.
وأما تسميتهم بالتعليمية: فإن مبدأ مذاهبهم إبطال الرأي، وإفساد تصرف العقل، ودعوة الخلق إلى التعليم من الإمام المعصوم، وأنه لا مدرك للعلوم إلا بالتعليم.
فصل وأما الإشارة إلى مذاهبهم:
فإن مقصودهم الإلحاد، وتعطيل الشرائع، وهم يستدرجون الخلق إلى مذاهبهم بما يقدرون عليه، فيميلون إلى كل قوم بسبب [1] يوافقهم ويميزون من يمكن أن ينخدع [2] ممن لا يمكن، فيوصون دعاتهم فيقولون للداعي: إذا وجدت من تدعوه فاجعل التشيع دينك، ادخل عليه من جهة ظلم الأمة لعلي بْن أبي طَالِب [3] [عليه السلام] ، وقتلهم الحسين، وسبيهم لأهله، والتبري من تيم وعدي وبني أمية وبني العباس، وقل بالرجعة [4] ، وأن عليا يعلم الغيب، فإذا تمكنت منه أوقفته على مثالب علي وولده، وبينت له بطلان ما عليه أهل ملة مُحَمَّد [عليه السلام] وغيره من الرسل [عليهم السلام] ، وإن كان يهوديا فادخل عليه من جهة انتظار المسيح، وأن المسيح هو مُحَمَّد بن إسماعيل بن جعفر، وهو المهدي، واطعن في النصارى والمسلمين، وإن كان نصرانيا فاعكس، [وإن كان صابئيا فتعظيم الكواكب، وإن كان مجوسيا فتعظيم النار والنور] [5] ، وإن وجدت [6] فيلوسوفيا فهم عمدتنا لأنا نتفق وهم على إبطال نواميس الأنبياء [7] وعلى/ قدم العالم، ومن أظهرت له التشيع فاظهر له بغض أبي بكر وعمر، ثم أظهر له العفاف والتقشف وترك الدنيا والإعراض عن الشهوات، ومر بالصدق والأمانة، والأمر بالمعروف، فإذا استقر عنده ذلك فاذكر له
__________
[1] في الأصل: «إلى كل قوة بسبب» .
[2] في ك: «يخدعهم» .
[3] «بن أبي طالب» ساقطة من ك، ت.
[4] على هامش ك ما نصه: «يعني أن عليا يرجع إلى الدنيا، لأن المراد من دابة الأرض علي رضي الله عنه كما هو مذهب جابر الجعفي الرافضيّ الشيعي» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في الأصل: «وإن كان» .
[7] في المطبوعة: «النواميس والأنبياء» .(12/293)
زلل [1] أبي بكر وعمر، وإن كان سنيا فاعكس، وإن كان مائلا إلى المجون والخلاعة، فقرر عنده أن العبادة بله، والورع حماقة، وإنما الفطنة في اتباع اللذة، وقضاء الوطر من الدنيا الفانية. وقد يستصحبون [2] من له صوت طيب بالقرآن، فإذا قرأ تكلم داعيهم، ووعظ وقدح في السلاطين، وعلماء الزمان، وجهال العامة، ويقول: الفرج منتظر ببركة آل الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وربما قَالَ: إن للَّه عز وجل في كلماته أسرارا لا يطلع عليها إلا من اجتباه اللَّه [3] .
ومن مذاهبهم أنهم لا يتكلمون مع عالم، بل مع الجهال، ويجتهدون في تزلزل العقائد بإلقاء المتشابه، وكل ما لا يظهر للعقول معناه فيقولون: ما معنى الاغتسال من المني دون البول؟ ولم كانت أبواب الجنة ثمانية، وأبواب النار سبعة؟ وقوله: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ 74: 30 [4] أترى [5] ضاقت القافية ما نظن [6] هذا إلا لفائدة لا يفهمها كثير من الناس، ويقولون: لم كانت السموات سبعا؟ ثم يشوقون إلى جواب هذه الأشياء، فإن سكت السائل سكتوا، وإن ألح قالوا: عليك بالعهد والميثاق على كتمان هذا السر، فإنه الدر الثمين، فيأخذون عليه العهود والميثاق على كتمان هذا، ويقولون في الأيمان «وكل مالك صدقة وكل امرأة لك طالق ثلاثا إن أخبرت بذلك» ثم يخبرونه ببعض الشيء، ويقولون: هذا لا يعلمه إلا آل رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ. ويقولون: هذا الظاهر له باطن، وفلان يعتقد ما نقول، ولكنه يستره ويذكرون له بعض الأفاضل/، ولكنه ببلد بعيد.
فصل
واعلم أن مذهبهم ظاهره الرفض، وباطنه الكفر، ومفتتحه حصر مدارك العلوم في قول الإمام المعصوم، وعزل العقول أن تكون مدركة للحق، لما يعترضها من الشبهات،
__________
[1] في ك: «ثلب» .
[2] في ك: «يستحبون» .
[3] لفظ الجلالة غير موجود في ك.
[4] سورة: المدثر، الآية: 30.
[5] «أترى» ساقطة من ك.
[6] في ك: «ما بطن» .(12/294)
والمعصوم يطلع من جهة الله تعالى على جميع أسرار الشرائع، ولا بد في كل زمان من إمام معصوم يرجع إليه. هذا مبدأ دعوتهم.
ثم يبين أن غاية مقصدهم نقض الشرائع، لأن سبيل دعوتهم ليس متعينا في واحد، بل يخاطبون كل فريق بما يوافق رأيه [1] ، لأن غرضهم الاستتباع. وقد ثبت عنهم أنهم يقولون بإلهين قديمين لا أول لوجودهما [2] من حيث الزمان، إلا أن أحدهما علة لوجود الثاني، واسم العلة السابق، واسم المعلول التالي، وأن السابق خلق العالم بواسطة التالي، لا بنفسه، وقد يسمون الأول عقلا، والثاني نفسا، والأول تاما، والثاني ناقصا، والأول لا يوصف بوجود، ولا عدم، ولا موصوف، ولا غير موصوف. فهم يومئون إلى النفي، لأنهم لو قالوا معدوم ما قبل منهم، وقد سموا هذا النفي تنزيها، ومذهبهم في النبوات قريب من مذهب الفلاسفة، وهو أن النبي عبارة عن شخص فاضت عليه من العقل السابق بواسطة الثاني [3] قوة قدسية صافية، وأن جبريل عبارة عن العقل الفائض عليه، لا أنه [4] شخص، وأن القرآن هو تعبير مُحَمَّد عن المعارف التي فاضت عليه من العقل، فسمي كلام الله مجازا، لأنه مركب من جهته، وهذه القوة الفائضة على النبي، لا تفيض عليه في أول أمره، وإنما تتربى كنطفة.
واتفقوا على أنه لا بد في كل عصر/ من [5] أمام معصوم قائم بالحق، يرجع إليه في تأويل الظواهر، وحل الإشكال في القرآن والأخبار، وأنه يساوي النبي في العصمة، ولا يتصور في زمان واحد إمامان، بل يستظهر الإمام بالدعاة، وهم الحجج، ولا بد للإمام من اثني عشر حجة، أربعة منهم لا يفارقونه.
وكلهم أنكر القيامة، وقالوا: هذا النظام وتعاقب الليل والنهار، وتولد الحيوانات لا ينقضي أبدا، وأولوا القيامة بأنها رمز إلى خروج الإمام، ولم يثبتوا الحشر ولا النشر،
__________
[1] في ك: «رأيهم» .
[2] في الأصل: «لواحد منهما» .
[3] في ك: «عليه من السابق بقوة التالي» .
[4] في ك: «إلا أنه» .
[5] في ك: «كل عصر على إمام» .(12/295)
ولا الجنة ولا النار، ومعنى المعاد عندهم عود كل شيء إلى أصله، قالوا: فجسم الآدمي يبلى، والروح إن صفت بمجانبة الهوى، والمواظبة على العبادات، وغذيت بالعلم سعدت [1] بالعود إلى وطنها الأصلي، وكمالها بموتها، إذ به خلاصها من ضيق الجسد.
وأما النفوس المنكوسة [2] المغموسة في عالم الطبيعة المعرضة عن طلب رشدها من الأئمة [3] المعصومين، فإنها أبدا في النار على معنى أنها تتناسخ في الأبدان الجسمانية، وكلما فارقت جسدا تلقاها آخر، واستدلوا بقوله تعالى: كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها 4: 56 [4] وأكثر مذاهبهم يوافق الثنوية والفلاسفة في الباطن، والروافض في الظاهر، وغرضهم بهذه التأويلات انتزاع المعتقدات الظاهرة، من نفوس الناس [5] ، حتى تبطل الرغبة والرهبة.
ثم إنهم يعتقدون استباحة المحظورات، ورفع الحجر، ولو ذكر لهم هذا لأنكروه، وقالوا: لا بد من الانقياد للشرع على ما يفعله [6] الإمام، فإذا أحاطوا بحقائق الأمور انحلت عنهم القيود والتكاليف العملية [7] / إذ المقصود عندهم [8] من أعمال الجوارح تنبيه القلب، وإنما تكليف الجوارح للخمر [9] الذين لا يراضون إلا بالسياقة.
وغرضهم هدم قوانين الشرع.
قالوا: وكل ما ذكر من التكاليف فرموز إلى باطن، فمعنى الجنابة مبادرة المستجيب [10] بإنشاء سر إليه، قبل أن ينال رتبة الاستحقاق لذلك، ومعنى الغسل تجديد
__________
[1] في ك: «استعدت» .
[2] في الأصل: «وأما النفوس المعكوسة» .
[3] في ك: «والأئمة» .
[4] سورة: النساء، الآية: 56.
[5] في الأصل: «الخلق» .
[6] في الأصل: «يفصله» .
[7] في ك: «العلمية» .
[8] في الأصل: «المقصود منها أي» .
[9] في ك: «للغمر» .
[10] في ك: «المستحب» .(12/296)
العهد على من فعل ذلك. والزنا: إلقاء نطفة العلم [الباطن] [1] إلى نفس من لم يسبق معه عقد العهد، والاحتلام [2] أن يسبق الإنسان إلى إفشاء السر في غير محله، والصيام: الإمساك عن كشف السر.
والمحرمات عبارة عن ذوى السر [3] ، والبعث عندهم الاهتداء إلى مذاهبهم.
ويقولون لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ 4: 11 [4] الذكر الإمام، والحجة الأنثى.
وقالوا: يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ 7: 53 [5] أي يظهر [6] مُحَمَّد بن إسماعيل.
وفي قوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ 5: 3 [7] . قالوا: الميتة الجامد [على الظاهر] [8] الذي لا يلتفت إلى التأويل.
وقالوا: إن الشاء والبقر الّتي تذبح [9] هم الذين حضروا محاربة الأنبياء والأئمة، يترددون في هذه الصور، ويجب على الذابح أن يقول عند الذبح اللَّهمّ إني أبرأ إليك من روحه وبدنه، وأشهد له بالضلالة اللَّهمّ لا تجعلني من المذبوحين.
ولهم من هذا الهذيان ما ينبغي تنزيه الوقت عن ذكره، وإنما علمت [10] هذه الفضائح من أقوام تدينوا بدينهم، ثم بانت لهم قبائحهم فتركوا مذهبهم.
فإن قَالَ قائل مثل هذه الاعتقادات الركيكة، والحديث الفارغ، كيف يخفى على من يتبعهم، ونحن نرى أتباعهم خلقا كثيرا، فالجواب أن أتباعهم أصناف فمنهم قوم ضعفت عقولهم، وقلت بصائرهم وغلبت عليهم البلادة والبله، ولم يعرفوا شيئا من
__________
[1] ما بين المعقوفتين من الأصل وكتب على الهامش.
[2] في ك: «والاختلاف» .
[3] في الأصل: «ذوي الشر» .
[4] سورة: النساء، الآية: 11.
[5] سورة الأعراف، الآية 53.
[6] في الأصل: «يأتي» .
[7] سورة المائدة، الآية: 3.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] «التي تذبح» ساقطة من ك.
[10] في ك: «وإنما عملت» .(12/297)
العلوم كأهل السواد/ والأكراد، وجفاة الأعاجم، وسفهاء الأحداث، فلا يستبعد ضلال هؤلاء، فقد كان خلق ينحتون الأصنام، ويعبدونها.
ومن أتباعهم طائفة انقطعت دولة أسلافهم بدولة الإسلام كأبناء الأكاسرة والدهاقين، وأولاد المجوس، فهؤلاء موتورون، قد استكن الحقد في صدروهم، فهو كالداء الدفين، فإذا حركته تخائيل [1] المبطلين اشتعلت نيرانه.
ومن أتباعهم قوم [لهم] [2] تطلع إلى التسلط والاستيلاء، ولكن الزمان لا يساعدهم، فإذا رأوا طريق الظفر بمقاصدهم سارعوا.
ومن أتباعهم قوم جبلوا على حب التميز عن العوام، فزعموا أنهم يطلبون الحقائق، وأن أكثر الخلق كالبهائم، وكل ذلك لحب النادر الغريب.
ومن أتباعهم ملحدة [3] الفلاسفة والثنوية الذين اعتقدوا الشرائع نواميس مؤلفة، والمعجزات مخاريق مزخرفة، فإذا رأوا من يعطيهم [4] شيئا من أغراضهم مالوا إليه.
ومن أتباعهم قوم مالوا إلى عاجل اللذات، ولم يكن [لهم] [5] علم ولا دين، فإذا صادفوا [6] من يرفع عنهم الحجر مالوا إليه. على أن هؤلاء القوم لا يكشفون أمرهم إلا بالتدريج على قدر طمعهم في الشخص.
وإنما مددنا النفس في شرح حالهم، وأن كنا إنما ذكرنا بيتا من قصيدة لعظم ضررهم على الدين، وشياع كلمتهم المسمومة [7] ، وإنما اجتمعت الأسباب التي ذكرناها في وسط أيامهم، وإلا فمعاندوا الشرائع منذ كانت [8] خلق كثير.
__________
[1] في ك: «مخائيل» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ك: «المخلدة» .
[4] في ك: «تعطيلهم» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في الأصل: «هادنوا» .
[7] في ك: «المشوية» .
[8] «منذ كانت» ساقطة من ك.(12/298)
وقد نبغ منهم قوم فأظهروا إمامة مُحَمَّد ابن الحنفية، وقالوا: إن روح مُحَمَّد انتقلت إليه، ثم انتقلت [منه] [1] إلى أبي مسلم صاحب الدعوة، ثم إلى/ المهدي، ثم إلى رجل يعرف بابن القصري [2] ، ثم خمدت نارهم ثم نبغ منهم [3] في أيام المأمون رجل فاحتال، فلم تنفذ حيلته، ثم تناصروا في أيام المعتصم، وكاتبوا الأفشين، وهو رئيس الأعاجم، فمال إليهم، واجتمعوا مع بابك، ثم زاد جمعهم على ثلاثمائة ألف، فقتل المعتصم منهم ستين ألفا، وقتل الأفشين أيضا، ثم ركدت دولتهم، ثم نبغ منهم جماعة وفيهم رجل من ولد بهرام جور، وقصدوا إبطال الإسلام، ورد الدولة الفارسية، وأخذوا يحتالون في تضعيف قلوب المؤمنين، وأظهروا مذهب الإمامية، وبعضهم مذهب الفلاسفة، وجعل لهم رأس يعرف بعبد الله [4] بن ميمون بن عمرو، ويقال: ابن ديصان القداح الأهوازي، وكان مشعبذا [5] ممخرقا، وكان معظم مخرقته بإظهار الزهد والورع، وأن الأرض تطوى له، وكان يبعث خواص أصحابه إلى الأطراف معهم طيور [6] ، ويأمرهم أن يكتبوا إليه الأخبار [7] عن الأباعد، ثم يحدث الناس بذلك، فيقوى شبههم.
وكانوا يقولون: إن المتقدمين منهم يستخلفون عند الموت، وكلهم خلفاء مُحَمَّد بن إسماعيل [بن جعفر] [8] الطالبي، وأن من الدعاة إلى الإمام معدا أبا تميم [9] ، وإسماعيل أَبَاهُ [10] ، وهم المتغلبون على بلاد المغرب، ومن استجاب لهم عرفوه أنه إن
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «يعرف بالقصري» .
[3] في ك: «نبغ لهم في أيام» .
وفي ت: «ثم نبغ في أيام المأمون رجل لهم» .
[4] في ك: «بعبيد الله» .
[5] في ك: «مشيدا» .
[6] في ك: «طير» .
[7] في ك: «إليه بالأخبار» . وفي ت: «له الأخبار» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في ك: «معد بن تميم» .
[10] في ك: «وابنه إسماعيل» .(12/299)
عمل ما يرضيهم صار إماما ونبيا [1] ، وأنه يرتقي المبتدئ منهم إلى الدعوة، ثم إلى أن يكون حجة، ثم إلى الإمامة، ثم يلحق مرتبة الرسل، ثم يتحد بالرب فيصير ربا ولا يجوز لأحد أن يحجب امرأته عن إخوانه.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1851- إبراهيم بن الهيثم بن المهلب، أبو إسحاق البلدي [2] .
سمع من جماعة، وروى عنه [3] النجاد، وأبو بكر الشافعي، وكان ثقة ثبتا.
توفي في جمادى الآخرة [4] من هذه السنة.
1852- إبراهيم بن شبابة، مولى بني هاشم وكان شاعرا مليح النادرة.
أنبأنا مُحَمَّد بن عبد الباقي البزاز، عن عَلِي بْن المحسن التنوخي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
أخبرني أبو الفرج الأصبهاني قَالَ: حدثني حبيب بن نصر المهلبي، حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ بن [أبي سعد قَالَ: حدثني عَبْد اللَّهِ بن أبي] [5] نصر المروزي قَالَ: حدثني مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ الطلحي قَالَ: حدثني سليمان بن يحيى بن معاذ قَالَ: قدم على نيسابور إبراهيم بن شبابة الشاعر البصري، فأنزلته على، فجاء ليلة من الليالي وهو مكروب، قد هاج، فجعل يصيح بي: يا أبا أيوب، فخشيت أن يكون [6] قد غشيته بلية. فقلت: ما تشاء؟ فقال:
أعياني الشادن الربيب
فقلت: بماذا؟ فقال:
إليه أشكو فلا يجيب
__________
[1] في الأصل: «إماما ورئيسا» .
[2] تاريخ بغداد 6/ 206- 209.
[3] في الأصل: «سمع عن» .
[4] في الأصل: «جمادى الأولى» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي ك: «عبد الله بن سعد «وعبد الله بن نصر» وكذلك في ت.
[6] «أن يكون» ساقطة من ك.(12/300)
فقلت داره [وداوه] [1] فقال:
من أين أبغي دواء دائي ... (وإنما دائي [2] ) الطبيب
فقلت: إذا يفرج الله عز وجل. فقال:
يا رب فرج إذن [3] وعجل ... فإنك السامع المجيب
[قَالَ] : [4] ثم انصرف.
1853- الحسن بن علي بن مالك بن أشرس بن عَبْد اللَّهِ بن منجاب، أبو مُحَمَّد الشيباني [5] ، المعروف بالأشناني [6] .
حدث عن يحيى بن معين وغيره. روى عنه: ابن مخلد.
وتوفي في شعبان هذه السنة، وصلى عليه أبو بكر بْن أبي الدُّنْيَا.
[قَالَ أبو الحسين بن المنادي] [7] : كتب الناس عنه، وكان به أدنى لين.
1854- عبد الكريم بن الهيثم بن زياد، أبو يحيى القطان [8] .
سافر وجال، وسمع سليمان بن حرب، وأبا نعيم، وأبا الوليد/ الطيالسي في خلق كثير. روى عنه: البغوى، وابن صاعد، وكان ثقة ثبتا مأمونا.
توفي فِي شعبان هذه السنة.
1855- عبدة بن عبد الرحيم [9] .
كان من أهل الدين والجهاد.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «وإنما دائي» ساقطة من ك.
[3] في ك: «إذا» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «الشيبانيّ» ساقطة من ك.
[6] تاريخ بغداد 7/ 367، 368.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] تاريخ بغداد 11/ 78، 79.
[9] تقريب التهذيب 1/ 530.(12/301)
أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بْن طَاهِرٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو بكر البَيْهَقيّ، أَخْبَرَنَا الحاكم أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن عبد الله قَالَ: سمعت أبا الحسين بن أبي القاسم المذكر يقول: سمعت عمر بن أَحْمَد [بن علي] الجوهري [1] يقول: أخبرني أبو العباس أَحْمَد بن علي قَالَ:
قَالَ عبدة بن عبد الرحيم: خرجنا في سرية إلى أرض الروم، فصحبنا شاب لم يكن فينا أقرأ للقرآن منه، ولا أفقه ولا أفرض، صائم النهار، قائم الليل، فمررنا بحصن فمال عنه العسكر، ونزل بقرب الحصن، فظننا أنه يبول، فنظر إلى امرأة من النصارى تنظر من وراء الحصن، فعشقها فقال لها بالرومية: كيف السبيل إليك؟ قالت: حين تنصر ويفتح لك الباب وأنا لك. قَالَ: ففعل فأدخل الحصن، قَالَ: فقضينا غزاتنا في أشد ما يكون من الغم، كأن كل رجل منا يرى ذلك بولده من صلبه [2] ، ثم عدنا في سرية أخرى، فمررنا به ينظر من فوق الحصن مع النصارى، فقلنا: يا فلان، ما فعلت قراءتك؟ ما فعل علمك؟ ما فعلت صلواتك وصيامك قَالَ اعلموا أني نسيت القرآن كله ما اذكر منه إلا هذه الآية: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ 15: 2- 3 [3] /.
1856- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن الوليد بن مُحَمَّد بن [برد بن يزيد بن] [4] سخت، أبو الوليد الأنطاكي [5] .
سمع رواد بن الجراح، ومحمد بن كثير الصنعاني، ومحمد بن عيسى الطباع، وغيرهم. قدم بغداد فحدث بها، فروى عنه: أبو عَبْد اللَّهِ المحاملي، وأبو الحسين بن المنادي، وأبو بكر الشافعي، وغيرهم. قَالَ النسائي: هو أنطاكي صالح، وَقَالَ الدارقطني: هو ثقة. توفي [في هذه السنة] [6] راجعا من مكة.
__________
[1] في الأصل: «أحمد الجوهري» .
[2] في الأصل: «يرى ذلك أشد ما من عليه، ثم عدنا» .
[3] سورة: الحجر، الآية: 2، 3.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] تاريخ بغداد 1/ 311. والأنساب للسمعاني 1/ 370.
[6] في الأصل: «توفي عبد الله راجعا» .
وفي ك: «توفي في هذه السنة» .(12/302)
1857- مُحَمَّد بن جعفر المتوكل على الله، يكنى: أبا أَحْمَد [1] .
ولد في ربيع الأول يوم الأربعاء لليلتين خلتا منه، سنة سبع وعشرين [2] ومائتين [وأمه أم ولد] [3] ولقب الموفق باللَّه، وكان أخوه المعتمد قد عقد له ولاية العهد بعد ابنه جعفر، فمات الموفق قبل موت المعتمد بسنة وأشهر وقيل: اسمه طلحة، وقد ذكرنا وقائعه وحروبه فيما مضى، وما فعل بصاحب الزنج بالبصرة، وكان له الجيش تحت يده والأمر كله إليه [4] وما جرى له مع عمرو بن الليث، ومع ابن طولون، وتسمى بعد قتل صاحب الزنج: بالناصر لدين الله، مضافا إلى الموفق باللَّه فكان يخطب له على المنابر بلقبين: «اللَّهمّ أصلح الأمير الناصر لدين الله أبا أَحْمَد الموفق باللَّه، ولي عهد المسلمين أخا أمير المؤمنين» . وكان غزير العقل [5] ، حسن التدبير كريما. قَالَ يوما: إن جدي عَبْد اللَّهِ بن العباس [رضي الله عنهما كان] [6] يقول: إن الذباب ليقع على جليسي فيغمني ذلك. وهذا نهاية الكرم، أنا والله أرى جلسائي بالعين التي أرى إخوتي [7] والله لو تهيأ لي نقلت أسماءهم من الجلساء والندماء إلى الإخوان والأصدقاء. / وفي هذه السنة: قدم أبو أَحْمَد من الجبل إلى العراق، وقد اشتد به وجع النقرس، حتى لم يقدر على الركوب، فاتخذ له سرير عليه قبة، فكان يقعد عليه، ومعه خادم يبرد رجله بالأشياء الباردة، حتى بلغ من أمره أنه كان يضع عليها الثلج، ثم صارت علة رجله «داء الفيل» وكان يحمل سريره أربعون حمالا، يتناوب عليه عشرون عشرون، وربما اشتد به أحيانا فيأمرهم أن يضعوه، فقال لهم يوما: قد ضجرتم، وبودي أني واحد منكم أحمل على رأسي، وآكل، وأني في عافية، قد أطبق دفتري على مائة ألف مرتزق أسوأ ما فيهم أقبح [8] حالا مني.
__________
[1] تاريخ بغداد 2/ 127، 128.
[2] في الأصل: «سنة سبع وعشرين» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] قد حدث تداخل في العبارات في النسخة ك. وأصلحناه على ما في الأصل.
[5] في ك: «غزير العلم» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ك، ت وأضفناه من تاريخ بغداد.
[7] في الأصل: «بالعين الّذي بها إخواني» .
[8] في الأصل: «أسوأ» .(12/303)
وتوفي بالقصر الحسني ليلة الخميس لثمان بقين من صفر هذه السنة، وله تسع [1] وأربعون سنة تنقص شهرا وأياما.
قَالَ [أبو بكر] [2] الصولي: حدثني عَبْد اللَّهِ بن المعتز قَالَ: لما مات الموفق كتب إلى عبيد الله بن عَبْد اللَّهِ بن طاهر يعزيني عنه، فقال: إنما أعزيك بالمنصور الثاني، لأني لا أعرف في ولده أشبه به منه.
__________
[1] في ت، ك: «سبع» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/304)
ثم دخلت سنة تسع وسبعين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن السلطان أمر [أن ينادي] [1] ببغداد أن لا يقعد على الطريق، ولا في مسجد الجامع قاص، ولا صاحب النجوم [2] ، ولا زاجر، وحلف الوراقون أن لا يبيعوا كتب الكلام والجدل والفلسفة.
وفي هذه السنة: خلع جعفر المفوض [3] من العهد لثمان بقين/ من المحرم، وفي ذلك اليوم بويع المعتضد بولاية العهد بأنه ولي العهد من بعد المعتمد، وانتشرت الكتب بخلع جعفر، وتولية المعتضد، ونفذت إلى البلدان، وخطب للمعتضد بولاية العهد، وأنشئت عن المعتضد كتب إلى العمال، بأن أمير المؤمنين ولاه العهد، وجعل إليه ما كان الموفق يليه من الأمر والنهي والولاية والعزل.
وفي هذه السنة توفي المعتمد وبويع المعتضد.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «صاحب عزم» .
[3] في الأصل: «خلع جعفر أن يفوض إليه» .(12/305)
باب ذكر خلافة المعتضد باللَّه [1]
واسمه: أَحْمَد بن أبي أَحْمَد الموفق باللَّه، واسم أبي أَحْمَد: مُحَمَّد وقيل:
طلحة بن جعفر المتوكل على الله بن المعتصم بن الرشيد، ويكنى: أبا العباس، وأمه أم ولد 1 [قَالَ الصولي] : [2] كان اسمها ضرار، ثم سميت: تحقين، وتوفيت قبل خلافته بيسير، وكان مولده بسر من رأى سنة ثلاث وأربعين ومائتين [3] . وقيل: اثنتين وأربعين ومائتين وكان أسمر، نحيف الجسم، معتدل الخلق، قد وخطه الشيب، في مقدم لحيته طول، وفي [مقدم] [4] رأسه شامة بيضاء، وكان نقش خاتمه «حامده [5] أَحْمَد يؤمن باللَّه الواحد» وكان له من الولد علي المكتفي، ومحمد القاهر، وجعفر المقتدر [6] .
بويع المعتضد في صبيحة الأثنين لإحدى عشرة ليلة بقيت من رجب سنة تسع وسبعين، وهو ابن سبع وثلاثين سنة [7] ، فولي عبيد الله بن سليمان بن وهب الوزارة، ومحمد بن [شاه بن] [8] ميكال الحرس، وصالحا الحجابة، ثم وزر له القاسم بن عبيد الله، وقضاءه إسماعيل بن إسحاق، ويوسف بن [يعقوب] ، [9] وابن أبي الشوارب.
وكان المعتضد من رجالات بني العباس، [ومن أكلهم وأكثرهم تجربة] [10] وكان أمر الخلافة قد ضعف، وبيوت الأموال فارغة/، ودبر وساس، فقال ابن المعتز:
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
انظر ترجمة المعتضد باللَّه في:
تاريخ بغداد 4/ 403- 407.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «ومائتين» ساقطة من ك.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «حامد» ساقطة من ك، ت.
[6] في الأصل: «وعلى القاهر وجعفر المعتضد» .
[7] «سنة» ساقطة من ك.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وكتب على الهامش.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/306)
يا أمير المؤمنين المرجى ... قد أقر الله فيك العيونا
إذ دعينا [1] لك بيعة حق ... فسعينا نحوها مسرعينا
بنفوس أملتك زمانا ... سبقت أيدينا طائعينا
أنت أقررت حشا كل نفس ... وفرشت [2] الأمن للخائفينا
ذكر طرف من سيرته وأخباره
[3] أَنْبَأَنَا مُحَمَّد بْن أبي طاهر البزاز قَالَ: أَنْبَأَنَا عَلِي بْن المحسن التنوخي، عن أبيه قَالَ: حدثني عَبْد الله بن عمر الحارثي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو محمد عَبْد اللَّهِ بن حمدون [4] قَالَ: كان المعتضد في بعض متصيداته فجاز [5] بعسكره، وأنا معه، فصاح ناطور في قراح [6] قثاء، فاستدعاه وسأله عن سبب صياحه، فقال: أخذ بعض الجيش من القثاء شيئا. فقال: أطلبوهم فجاءوا بثلاثة أنفس، فقال: هؤلاء الذين أخذوا القثاء؟ فقال الناطور: نعم، فقيدهم في الحال، وأمر بحبسهم، فلما كان من الغد أنفذهم إلى القراح، فضرب أعناقهم فيه، وسار، فأنكر الناس ذلك وتحدثوا به، ومضت على ذلك مدة طويلة، فجلست أحادثه ليلة فقال لي: يا أبا عَبْد اللَّهِ، هل يعيب الناس شيئا عرفني حتى أزيله؟ قلت: كلا يا أمير المؤمنين! فقال: أقسمت عليك بحياتي إلا [ما] صدقتني. قلت: يا أمير المؤمنين، وأنا آمن؟ قَالَ: نعم. قلت: إسراعك إلى سفك الدماء/ قَالَ: والله ما هرقت دما منذ وليت [الخلافة] [7] إلا بحقه قَالَ: [8] فأمسكت إمساك من ينكر عليه. فقال: بحياتي ما يقولون؟ قلت: يقولون إنك قتلت أَحْمَد بن الطيب، وكان خادمك، ولم يكن له جناية ظاهرة. قَالَ: دعاني إلى الألحاد فقلت [له] [9] يا هذا، أنا ابن عم صاحب الشريعة صلوات الله عليه وسلامه، وأنا
__________
[1] في ك: «ودعينا» .
وفي ت: «إذ دعينا» .
[2] في الأصل: «نشرت» .
[3] «وأخباره» ساقطة من ك، ت.
[4] في ك: «أبو محمد عبد الله بن أحمد» .
[5] في ك: «مجتازا» .
[6] في الأصل: «نزاح» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] «قال» ساقطة من ك.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/307)
[الآن] [1] منتصب منصبه، فألحد حتى أكون من؟ فسكت سكوت من يريد الكلام فقال [لي] [2] في وجهك كلام! فقلت: الناس ينقمون عليك أمر الثلاثة [الأنفس] [3] الذين قتلتهم في القراح. [فقال: والله ما كان أولئك الذين أخذوا القثاء] [4] وإنما كانوا لصوصا حملوا من موضع كذا وكذا، ووافق ذلك أمر القثاء فأردت أن أصول [5] على الجيش بأن من عاث من عسكري وأفسد في هذا القدر كانت هذه عقوبتي له، ليكفوا عما فوقه، ولو أردت قتلهم لقتلتهم في الحال، وإنما حبستهم وأمرت بإخراج اللصوص من غد مغطين الوجوه ليقال إنهم أصحاب القثاء [6] فقلت: كيف تعلم العامة هذا؟ قَالَ: بإخراج القوم الذين أخذوا القثاء وإطلاقي لهم في هذه الساعة، ثم قَالَ: هاتوا القوم! فجاءوا بهم وقد تغيرت حالهم من الحبس والضرب، فقال: ما قصتكم؟ فقصوا عليه قصتهم، فقال:
أتتوبون من مثل هذه الفعل حتى أطلقكم؟ قالوا: نعم! فأخذ عليهم التوبة، وخلع عليهم، وأمر بإطلاقهم، ورد أرزاقهم [عليهم] [7] فانتشرت الحكاية وزالت [8] عنه التهمة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ [بن علي] [9] بن ثابت، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أَحْمَد بْن يعقوب، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن نعيم الضبي قال: سمعت أبا الوليد/ حسان بن محمد الفقيه يقول: سمعت أبا العباس بن سريج يقول: سمعت إسماعيل بن إسحاق القاضي يقول: دخلت على المعتضد وعلى رأسه أحداث روم صباح الوجوه، فنظرت إليهم، فرآني المعتضد وأنا أتأملهم، فلما أردت القيام أشار إلي فمكثت ساعة
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في الأصل: «أن أهول» .
[6] في ك: «أنهم أصحابي» .
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] في ك: «ما زال» .
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/308)
فلما خلا قَالَ لي [1] : أيها القاضي، والله ما حللت سراويلي علي حرام قط [2] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي، [عن] [3] علي بن المحسن قَالَ: حدثني أبي، عن أبي مُحَمَّد عَبْد اللَّهِ بن حمدون قَالَ: قَالَ لي المعتضد ليلة وقد قدم إليه العشاء: لقمني، وكان الذي قدم دراريج وفراريج، فلقمته من صدر فروج، فقال: لا لقمني من فخذه، فلقمته لقما، ثم قَالَ: هات من الدراريج فلقمته من أفخاذها. فقال: ويلك [4] ، هو ذا تتنادر على هات من صدورهن! فقلت: يا مولاي ركبت القياس، فضحك. فقلت: [أنا] [5] إلى كم أضحكك ولا تضحكني؟ قَالَ: شل المطرح وخذ ما تحته، فأشلته فإذا دينار واحد! فقلت: آخذ هذا؟ قَالَ: نعم، فقلت:
باللَّه هو ذا تتنادر عليّ [6] أنت الساعة علي! خليفة يجيز نديمه بدينار. قَالَ: ويلك [7] لا أجد لك في بيت المال حقا أكثر من هذا، ولا تسمح نفسي أن أعطيك شيئا من مالي، ولكن هو ذا أحتال لك بحيلة تأخذ فيها خمسة آلاف دينار! فقبلت يده، فقال: إذا [كان] [8] غدا وجاء القاسم [يعني] [9] ابن عبيد الله، فهو ذا أسارك حين تقع عيني عليه [10] سرارا طويلا ألتفت فيه [11] [إليه كالمغضب، وانظر أنت] [12] إليه في خلال ذلك كالمخالس لي نظر الترثي له، فإذا انقطع السرار، فأخرج ولا تبرح من الدهليز أو
__________
[1] «لي» ساقطة من ك.
[2] تاريخ بغداد 4/ 404.
[3] في ك: «أحمد بن علي بن المحسن» .
وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «ويحك» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] «عليّ» ساقطة من ك.
[7] في الأصل: «ويحك» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] في ك: «تقع عيني عليك» .
[11] «فيه» ساقطة من ك.
[12] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/309)
يخرج، فإذا خرج خاطبك بجميل، وأخذك إلى دعوته، وسألك عن حالك فأشك الفقر والخلة [1] ، وقلة حظك مني، وثقل ظهرك بالدين والعيال، وخذ ما يعطيك، واطلب كل ما تقع عليه عينك، فإنه لا يمنعك حتى تستوفي الخمسة آلاف دينار، فإذا أخذتها فسيسألك عما جرى لَنَا [2] فأصدقه، وإياك أن تكذبه، وعرفه أن ذلك حيلة مني عليه حتى وصل إليك هذا، وحدثه بالحديث [كله] [3] على شرحه، وليكن إخبارك إياه [بذلك] [4] بعد امتناع شديد وإحلاف مِنْهُ لك [5] بالطلاق والعتاق أن تصدقه، وبعد أن تخرج من داره [تأخذ] [6] كل ما يعطيك إياه، وتجعله [7] في بيتك، فلما كان من غد حضر القاسم فحين رآه بدأ يسارني وجرت [8] القصة على ما وضعني عَلَيْهِ [9] .
فخرجت، فإذا القاسم في الدهليز ينتظرني فقال [لي] [10] : يا أبا مُحَمَّد، ما هذا الجفاء ما تجيئني وَلَا تزورني ولا تسألني حاجة؟ فاعتذرت إليه باتصال الخدمة [علي] [11] فقال:
ما تقنعني هذا [12] إلا أن تزورني اليوم وتتفرج، فقلت: أنا خادم الوزير، فأخذني إلى طياره، وجعل يسألني عن حالي وأخباري، وأشكو إليه الخلة، والإضافة، والدين، [والبنات] [13] وجفاء الخليفة، وإمساك يده، فيتوجع ويقول: يا هذا، ما لي لك ولن يضيق عليك ما يتوسع علي أو تتجاوزك نعمة تحصلت لِي [14] أو يتخطاك حظ نازل في
__________
[1] في ك والمطبوعة: «والحاجة» .
[2] «لنا» ساقطة من ك.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ك: «إحلاف لك منه» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في ك: «وتحصله» .
[8] من أول: «تأخذ كل ما يعطيك» ... إلى هنا ساقط من ك.
[9] «عليه» ساقطة من ك.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] «هذا» ساقطة من ك.
[13] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[14] في ك: «تخلصت إلى» .(12/310)
فنائي، ولو عرفتني لعاونتك على إزالة هذا كله عنك، فشكرته وبلغنا داره، فصعد ولم ينظر في شيء، وَقَالَ: هذا يوم أحتاج أن أختص فيه بالسرور بأبي مُحَمَّد فلا يقطعني أحد عنه، فأمر كتابه بالتشاغل بالأعمال، وخلا بي في داره الخلوة، وجعل يحادثني ويبسطني، وقدمت الفاكهة، فجعل يلقمني بيده، وجاء الطعام، وكانت هذه سبيله [وهو يستزيدني فلما جلس للشرب] [1] وقع لي بثلاثة آلاف دينار، فأخذتها في الوقت، وأحضرني ثيابا وطيبا ومركبا، فأخذت ذلك، وكانت بين يدي صينية فضة/ فيها مغسل فضة، وخردا ذي بلور وكوز [2] وقدح بلور، فأمر بحمله إلى الطيارة، وأقبلت كل ما رأيت شيئا حسنا له قيمة وافرة طلبته، وحمل إلي فرشا نفيسا أو قَالَ: هذا للبنات! فلما تقوص أهل [3] المجلس خلا بي، وَقَالَ: يا أبا مُحَمَّد! أنت عالم بحقوق أبي عليك، ومودتي لك! فقلت: أنا خادم الوزير فقال: أريد أن أسألك عن شيء، وتحلف أنك تصدقني عنه! فقلت: السمع والطاعة! فحلفني باللَّه وبالطلاق والعتاق على الصدق، ثم قَالَ لي: بأي شيء سارك الخليفة اليوم في أمري؟ فصدقته عن كل ما جرى حرفا بحرف [4] فقال: فرجت عني، وان يكون هذا هكذا مع سلامة نيته لي أسهل [عنه كل ما جرى] [5] عليّ.
فشكرته وودعته، وانصرفت إلى بيتي فلما كان بالغد باكرت [6] المعتضد فقال:
هات حديثك! فنسقته عليه، فقال: احفظ الدنانير، ولا يقع لك أني أعمل مثلها معك بسرعة [7] .
أنبأنا أبو بكر بن عبد الباقي قَالَ: أَنْبَأَنَا علي بن المحسن، عن أبيه، [عن
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ت ك. وأضفناه من تاريخ بغداد.
[2] «وكوز» ساقطة من ك.
[3] في ك: «فلما انقرض المجلس» .
[4] «بحرف» ساقطة من ك.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ك: «بادرت» .
[7] انظر الخبر في تاريخ بغداد 4/ 405، 406.(12/311)
جده] [1] قَالَ: حدثني أبو مُحَمَّد [2] الحسن بن مُحَمَّد الطلحي قَالَ: حدثني [3] أحد خدم المعتضد المختصين بخدمته قَالَ: كنا حول سرير المعتضد ذات يوم نصف النهار، وقد نام بعد أن أكل، وكان رسمنا أن نكون حول [4] سريره إذا نام [منامه] [5] من ليل أو نهار، فانتبه منزعجا قَالَ: يا خدم يا خدم، فأسرعنا الجواب. فقال: ويلكم أغيثوني، والحقوا! الشط فأول ملاح [6] ترونه منحدرا في سفينة فارغة، فاقبضوا عليه، وجيئوني به، ووكلوا بسفينته. فأسرعنا فوجدنا ملاحا في سمرية منحدرا وهي فارغة فقبضنا عَلَيْهِ ووكلنا بالسميرية [7] فأصعدناه إِلَيْهِ [8] فحين رآه الملاح كاد يتلف، فصاح عليه صيحة واحدة عظيمة كادت روحه تخرج معها، فقال: أصدقني يا ملعون عن قصتك مع المرأة التي قتلتها وسلبتها اليوم وإلا ضربت عنقك. قَالَ: فتلعثم، وَقَالَ: نعم كنت اليوم/ سحرا في مشرعتي الفلانية، فنزلت امرأة لم أر مثلها، وعليها ثياب فاخرة، وحلى كثير وجوهر [9] ، فطمعت فيها، واحتلت عليها حتى سددت فاها وغرقتها، وأخذت جميع ما كان عليها، ولم أجترئ على حمل سلبها إلى بيتي لئلا يفشو الخبر على، فعملت على الهرب، وانحدرت الساعة لأمضي إلى واسط، فعوقني هؤلاء الخدم وحملوني. فقال: وأين الحلي والسلب. فقال: في صدر السفينة تحت البواري. فقال المعتضد للخدم جيئوني به، فمضوا واحضروه وَقَالَ: خذوا الملاح فغرقوه! ففعلوا ثم أمر أن ينادى ببغداد كلها على امرأة خرجت إلى المشرعة الفلانية سحرا وعليها ثياب وحلي يحضر من يعرفها، ويعطي صفة ما كان عليها ويأخذه، فقد تلفت المرأة، فحضر في اليوم الثاني أو الثالث أهل المرأة فأعطوه صفة ما كان عليها، فسلم ذلك إليهم
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «محمد» ساقطة من ك.
[3] في ك: «حدث» .
[4] في ك: «أوقات» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ك: «فأول من ترونه» .
[7] «منحدرا وهي فارغة فقبضنا عَلَيْهِ ووكلنا بالسميرية» . ساقطة من ك.
[8] «إليه» ساقطة من ك.
[9] «وجوهر» ساقطة من ك.(12/312)
قَالَ [1] : فقلنا: يا مولاي، أوحي إليك؟ فقال: رأيت في منامي كأن شيخا أبيض الرأس واللحية والثياب، وهو ينادي: يا أَحْمَد! خذ أول ملاح ينحدر الساعة فاقبض عليه، وقرره خبر المرأة التي قتلها اليوم وسلبها، وأقم عليه الحد فكان ما شهدتم.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْبَزَّازُ [قَالَ:] أَنْبَأَنَا علي بْن المحسن، عن أبيه قَالَ:
حدثني مُحَمَّد بن أَحْمَد بن عثمان الزيات قَالَ: حدثني أبو بكر بن حوري وكان يصحب أبا عَبْد اللَّهِ بن أبي عوف [قَالَ: كنت ألزم ابن أبي عوف] [2] سنين لجوار بيننا ومودة، وكان رسمي أن أجيء كل ليلة بعد العتمة، فحين يراني يمد رجله في حجري فأغمزها وأحادثه، ويسألني عن الحوادث ببغداد، فكنت أستقرئها له، فإذا أراد أن ينام قبض رجله، فقمت إلى بيتي وقد مضى ثلث الليل أو نصفه/ أو أقل [أو أكثر] [3] ، على هذا سنين، فلما كان ذات يوم جاءني رجل كان يعاملني، فقال: قد دفعت إلى أمر إن تم على افتقرت. قلت: ما هو؟ قَالَ رجل: كنت أعامله فاجتمع لي عليه ألف دينار، فطالبته، فوهبني عقد جوهر قوم بألف دينار إلى أن يفتكه بعد الشهور أو أبيعه، فأذن لي في ذلك، فلما كان أمس وجه مؤنس صاحب الشرطة من كبس دكاني، وفتح صندوقي، وأخذ العقد، فقلت: أنا أخاطب ابن أبي عوف، فيلزمه برده، فقال: وأنا مدل بابن أبي عوف لمكاني منه، ومكانه من المعتضد، فلما كان تلك الليلة جئت وحادثته على رسمي، وذكرت له في جملة حديثي العقد، فلما سمع نحي رجله من حجري، وَقَالَ:
ما أنا وهذا؟ أعادي صاحب شرطة خليفة! فورد على أمر عظيم، فخرجت [من بيته] [4] بنية أن لا أعود، فلما صليت العتمة من الليلة المقبلة جاءني خادم لابن أبي عوف وَقَالَ:
لم تأخرت الليلة [5] ؟ إن كنت متشكيا جئناك. فاستحييت وقلت: أمضي الليلة، فلما رآني مد رجله، وأقبلت أحدثه بحديث متكلف، فصبر على ذلك ساعة، ثم قبض
__________
[1] «قال» ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «الليلة» ساقطة من ك.(12/313)
رجله، فقمت، فقال: يا أبا بكر، انظر إيش تحت المصلى فخذه، فرفعت المصلى [1] فإذا برقعة، فأخذتها وتقدمت إلى الشمعة، فإذا فيها يا مؤنس! جسرت [2] على قصد دكان رجل تاجر، وفتحت صندوقه، وأخذت منه عقد جواهر، وأنا في الدنيا! والله لولا أنها أول غلطة غلطتها ما جرى في ذلك مناظرة! اركب بنفسك إلى دكان [3] الرجل حتى ترد العقد بيدك في الصندوق ظاهرا. فقلت لأبي عَبْد اللَّهِ: ما هذا! فقال: هذا خط المعتضد، مثلت بين وجدك وبين مؤنس، فاخترتك عليه، فأخذت خط أمير المؤمنين بما تراه، فامض وأوصله/ إليه [4] فقبلت رأسه، وجئت إلى الرجل، فأخذت بيده ومضينا إلى مؤنس، فسلمت التوقيع إليه، فلما رآه اسود وجهه، وارتعد حتى سقطت الرقعة من يده، ثم قَالَ: يا هذا [الله] [5] بيني وبينك! هذا شيء ما علمت به فالا تظلمته إلي [6] وإن لم أنصفكم فإلي الوزير، بلغتم الأمر إلى أمير المؤمنين من أول وهلة! قَالَ:
فقلت بعلمك [7] جرى والعقد معك فأحضره، فقال: خذ الألف دينار التي عليه الساعة، واكتبوا على الرجل ببطلان ما ادعاه فقلت: لا نفعل! فقال: ألف وخمسمائة دينار [8] قلت: والله لا نرضى حتى تركب بنفسك إلى الدكان، فترد العقد، فركب ورد العقد إلى مكانه.
قال المحسن: وبه [9] حدثنا أبو أَحْمَد الحسين بن مُحَمَّد المدلجي قَالَ: بلغني عن خفيف السمرقندي قَالَ: كنت مع مولاي المعتضد في بعض متصيداته، وقد انقطع عن العسكر، وليس معه [أحد] [10] غيري، فخرج علينا [11] أسد، فقصدنا فقال لي المعتضد:
__________
[1] «المصلى» ساقطة من ك.
[2] في الأصل: «تجاسرت» .
[3] في ك: «إلى مكان» .
[4] في الأصل: «وأصله الرقعة» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ك: «فالا تظلمتم» .
[7] في ك: «بعملك» .
[8] «دينار» ساقطة من ك.
[9] «به» ساقطة من ك.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] في المطبوعة: «علينا» .(12/314)
يا خفيف، أفيك خير؟ قلت: لا يا مولاي! فقال: ولا حتى تمسك فرسي وأنزل أنا إلى الأسد؟ فقلت: بلى! فنزل وأعطاني فرسه، وشد أطراف ثيابه في منطقته، واستل سيفه، ورمى القراب إلى فأخذته، وأقبل يمشي إلى الأسد، فطلبه الأسد، فحين قرب منه وثب الأسد عليه، فتلقاه المعتضد بضربة، فإذا يده قد طارت فتشاغل الأسد بالضربة، فثناه بأخرى، ففلق هامته فخر صريعا، ودنا منه وقد تلف، فمسح السيف في صوفة ورجع إلى، وغمد السيف، وركب، ثم عدنا إلى/ العسكر وصحبته إلى [1] أن مات ما سمعته يحدث بحديث الأسد، ولا علمت أنه لفظ فيه بلفظة، فلم أدر من أي شيء أعجب من شجاعته وشدته! أم قلة احتفاله بما صنع حتى كتمه! أو من عفوه عني، فما عاتبني على ضني بنفسي.
قال المحسن: وحدثني أبو الحسين [2] مُحَمَّد بن عبد الواحد الهاشمي قَالَ:
حدثني القاضي أبو علي الحسن بن إسماعيل بن إسحاق- وكان ينادم المعتضد باللَّه- قَالَ: بينا المعتضد في مجلس سرور، إذ دخل بدر فقال: يا مولاي، قد أحضرنا القطان الذي من بركة زلزل، فنهض من مجلسه ولبس قباء، وأخذ بيده حربة، وقعد في مجلس قريب منا، وقد مدت بيننا وبينه ستارة، نشاهد من ورائها، فأدخل عليه شيخ ضعيف، فقال له بصوت شديد [3] ووجه مقطب ونظر مغضب: أنت القطان الذي قلت أمس ما قلت [4] ؟ فأغمي عليه لما تداخله من الخوف والروع [5] ونحي [عنه] [6] ساعة حتى سكن، ثم أعيد إلى حضرته، فقال له: ويلك، تقول في سوقك ليس للمسلمين من ينظر في أمورهم فأين أَنَا [7] وما شغلي غير ذلك. قَالَ: يا أمير المؤمنين! أنا رجل عامي،
__________
[1] في ك: «فإلى» .
[2] في الأصل: «أبو الحسن» .
[3] في الأصل: «بصوت عال» .
[4] «ما قلت» ساقطة من ك.
[5] «والروع» ساقطة من ك.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] «فأين أنا» ساقطة من ك.(12/315)
ومعيشتي من القطن الذي أعامل فيه النساء وأهل الجهل [1] ولا تمييز عند مثلي فيما يلفظ به، وإنما اجتاز بي رجل ابتعت منه، وكان ميزانه ووزنه تطفيفا [2] ، فقلت ما قلت، وإنما أعني به المحتسب علينا. فقال له المعتضد: باللَّه إنك أردت [به] [3] المحتسب؟ قَالَ:
أي والله، وأنا تائب [من] [4] أن أقول مثل ما قلته أبدا، فأمر بأن يحضر المحتسب وينكر عليه [في] [5] ترك النظر في هذه الأمور، ورسم له اعتبار الصنج/ والموازين على السوقة [6] والطوافين، ومراعاتهم حتى لا يبخسوا، ثم قَالَ للشيخ: انصرف فلا بأس عليك! وعاد إلينا فضحك وانبسط، ورجع إلى ما كان عليه من قبل، فقلت له: يا مولاي! أنت تعرف فضولي فتأذن لي أن أورد ما في نفسي؟ فقال: قل! قلت: مولانا كان على أكمل مسرة، فترك ذاك وتشاغل بخطاب كلب من السوقة، قد كان يكفيه أن يصيح عليه رجل من رجال المعونة، ثم لم [7] تقنع بإيصاله إلى مجلسه [8] حتى غير لباسه [9] ، وأخذت سلاحه [10] ، واستقبحت [11] مناظرته بنفسه [12] لأجل كلمة تقولها العامة دائما ولا يميزون ما فيها [13] ، فقال: يا حسن! أنت تعلم ما يجره هذا القول إذا تداولته الألسن، ووعته الأسماع، وحصل في القلوب، لأنه متى ألف ولقنه هذا عن هذا لم يؤمن
__________
[1] في الأصل: «وأهل الجميل» .
وفي ك: «وأهل الجهل ولا الجهل» .
[2] في ك: «طفيفا» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ك: «التسوية» .
[7] «لم» ساقطة من ك.
[8] في ك: «مجلسك» .
[9] في ك: «لباسك» .
[10] في ك: «سلاحك» .
[11] في ك: «استفتحت» .
وفي الأصل: «استقص» .
[12] في ك: «بنفسه» .
[13] «ما فيها» ساقطة من ك.(12/316)
أن يولد لهم في نفوسهم [1] امتعاضا للدين أو السياسة، يخرجون فيه إلى إثارة الفتن، وإفساد النظام، وليس شيء أبلغ في [هذا من] [2] قطع هذه الأسباب، وحسم موادها من إزالة دواعيها وموجباتها، وقد طارت روح هذا القطان بما شاهد وسمعه، وسيحدث به، ويزيد فيه، ويعظم الأمر ويفخمه، وسمع ما تقدمنا به في أمر المحتسب، وما نحن عليه من مراعاة الكبير والصغير، وينشر بين العامة بما يكف ألسنتها، ويقيم الهيبة في نفوسها، وليكون ما تكلفت من هذا [التعب] [3] القليل قد كفاني التعب الكثير، فأقبلنا ندعو له.
قال المحسن: وحدثنا القاضي أبو الحسن مُحَمَّد بن عبد الواحد الهاشمي أن شيخا/ من التجار كان له على أحد القواد في أيام المعتضد باللَّه مال، قَالَ التاجر:
فماطلني به وسلك معي سبيل الألطاط [4] فيه، وكان يحجبني إذا حضرت بابه، ويضع غلمانه على الاستخفاف بي، والاستطالة على إذا رمت لقاءه وخطابه، وتظلمت إلى عبيد الله بن سليمان منه، فما نفعني ذلك، وعملت على الظلامة إلى المعتضد باللَّه، وبينا أنا مرو في أمري قَالَ لي بعض أصدقائي: على أن آخذ لك مَالِك [5] من غير حاجة إلى ظلامة، فاستبعدت هذا وقمت معه، فجئنا إلى خياط شيخ في سوق الثلاثاء يقرئ القرآن في مسجد هناك، ويخيط بأجرة فقص عليه قصتي، وشرح له صورتي [6] ، وسأله أن يقصد القائد ويخاطبه في الخروج إلى من حقي، وكانت دار القائد قريبة من مسجد الخياط، فنهض معنا ومشينا فخفت [7] بادرة القائد وسطوته، وتصورت أن قول الخياط لا ينفع مع مثله مع محله وبسطته [8] ، وقلت لصديقي: قد عرضنا هذا
__________
[1] في الأصل: «في القلوب» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] الإلطاط: الجحد.
[5] في ك: «آخذ لك المال» .
[6] في الأصل: «حاجتي» .
[7] في الأصل: «فنهض معنا فلما مشى» .
[8] في الأصل: «وسطوته» .(12/317)
الشيخ ونفوسنا لمكروه عظيم، وما هو إلا أن يراه غلمانه، وقد أوقعوا به، وإذا كان لا يقبل قول [1] الوزير عبيد الله بن سليمان فبالأولى أن لا يقبل منه ولا يفكر فيه، فضحك وَقَالَ: لا عليك! وجئنا إلى باب القائد، فحين رأى غلمانه الخياط تلقوه وأعظموه، وأهووا ليقبلوا يده فمنعهم مَنْهَا [2] وقالوا: ما جاء بك أيها الشيخ؟ فإن قاعدنا راكب، فإن كان لك أمر نقوم [3] بذكره له، وتنتجزه إياه فعلنا، وإن أردت [4] الجلوس والانتظار فالدار بين يديك! فلما سمعت ذلك قويت نفسي، ودخلنا وجلست، ورآني القائد، فلما رآه أكرمه إكراما شديدا وَقَالَ له: لست أنزع ثيابي حتى تأمر بأمرك، فخاطبه في شأني، فقال: والله ما معي إلا خمسة آلاف درهم، فتسأله أن يأخذها ويأخذ/ رهونا من مراكبي الذهب والفضة بقيمة ما يبقى من ماله لأعطيه إياه بعد شهر، فبادرت أنا إلى إجابته وأحضرت الدراهم والمراكب بقيمة الباقي، فقبضتها وأشهدت الخياط وصديقي عليه بأن الرهن عندي إلى مدة شهر، فإن جاز كنت وكيله في بيعه، وآخذ مالي من ثمنه، وخرجنا فلما بلغنا مسجد الخياط ودخلنا طرحت الدراهم بين يديه وقلت [له] [5] : قد رد الله مالي بك وعلى يديك، فخذ ما تريد منه على طيب قلب مني! فقال: يا هذا، ما اسرع ما قابلتني بالقبيح على الجميل، انصرف بمالك بارك الله لك فيه. قلت: قد بقيت لي حاجة، قَالَ: قل! قلت: أحب أن تخبرني عن سبب طاعة هذا القائد لك مع إقلاله الفكر بأكابر الدولة. فقال: قد بلغت غرضك، فلا تقطعني عن شغلي بحديث لا فائدة [لك] [6] فيه. فألححت عليه.
فقال: أنا رجل أقرئ [وأؤم بالناس] [7] في هذا المسجد منذ أربعين سنة، لا أعرف كسبا إلا من الخياطة، وكنت صليت المغرب منذ مدة، وخرجت أريد منزلي،
__________
[1] في ك: «لا يقبل من الوزير» .
[2] «منها» ساقطة من ك.
[3] من ك: «أمر تقدم» .
[4] في ك: «وإن كان الجلوس» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/318)
فاجتزت على تركي كان في هذه الدار، وأومأ إلى دار بالقرب منه، وإذا امرأة جميلة الوجه قد اجتازت عليه، فعلق بها وهو سكران، فطالبها بالدخول إلى داره، وهي تمتنع وتستغيث وتقول في كلامها: إن زوجي قد حلف بطلاقي أن لا أبيت عنه وإن [1] أخذني هذا وغصبني نفسي وبيتني عنده [2] خرب بيتي، ولحقني من العار ما لا تدحضه الأيام عني! وما أحد يعينها ولا يمنعه منها، فجئت إلى التركي، ورفقت به في أن يخلي عنها، فلم يفعل وضرب رأسي بدبوس كان في يده فشجه، وأدخل المرأة فصرت إلى منزلي وغسلت الدم عن وجهي، وشددت رأسي وخرجت لصلاة العشاء الآخرة، فلما فرغنا من الصَّلاة [3] قلت لمن حضر قوموا/ معي إلى هذا التركي عدو الله لننكر عليه، ونخرج المرأة من عنده، فقاموا، وجئنا فضججنا [4] على بابه، فخرج إلينا في عدة من غلمانه، فأوقع بنا وقصدني من بين الجماعة [5] بالضرب الشديد الذي يكاد يتلفني، فحملت إلى منزلي وأنا لا [6] أعقل أمري، ونمت قليلا للوجع، فطار النوم من عيني، وسهرت مستلقيا على فراشي مفكرا في أمر [7] المرآة وأنها متى أصبحت طلقت، ثم قلت: هذا رجل قد شرب طول ليلته ولا يعرف الأوقات، فلو أذنت لوقع له أن الفجر قد طلع، فربما أخرج المرأة، فمضت إلى بيتها و [تبيت] [8] ، وبقيت في حبال زوجها، فتكون قد خلصت من أحد [9] المكروهين، فخرجت متحاملا إلى المسجد، وصعدت المنارة وأذنت، وجلست أطلع إلى الطريق أرتقب خروج المرآة من الدار، واعتقدت أن أقيم إن تراخي الأمر في ذلك لئلا يشك في الصباح، فما مضت ساعة حَتَّى امتلأ الشارع [10]
__________
[1] «إن» ساقطة من ك.
[2] في الأصل: «عنده» .
[3] في ك: «فلما فرغت منها» .
[4] في الأصل: «فصحنا» .
[5] في ك: «من بينهم» .
[6] «لا» ساقطة من ك.
[7] «أمر» ساقطة من ك.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في ك: «أحدى» .
[10] في ك: «فما مضت ساعة إلا الدرب» . وفي المطبوعة: «فما مضت ساعة إلا وقد امتلأ الدرب» .(12/319)
خيلا ورجالا ومشاعل، وهم يقولون: من الذي أذن الساعة، ففزعت وسكت، ثم قلت أخاطبهم وأصدقهم عن أمري لعلهم يعينونني على خروج المرأة، فصحت [1] من المنارة: أنا أذنت! قالوا: انزل وأجب أمير المؤمنين! فنزلت ومضيت معهم، فإذا [هم] [2] غلمان بدر، فأدخلني إلى [3] المعتضد باللَّه، فلما رأيته هبته وأخذتني رعدة شديدة، فقال لي: اسكن، ما حملك على الآذان في غير وقته وأن تغر الناس فيخرج ذو الحاجة في غير حينه، ويمسك المريد الصوم في وقت قد أبيح له فِيهِ [4] الأكل والشرب؟
فقلت: يؤمنني أمير المؤمنين لأصدقه، قَالَ: أنت آمن! فقصصت عليه قصة التركي، وأريته الآثار [التي] [5] في رأسي ووجهي، فقال: يا بدر! على بالغلام والمرأة [فأحضرا] [6] فسألها/ المعتضد عن أمرها، فذكرت له مثل ما ذكرته، فأمر بإنفاذها إلى زوجها مع ثقة يدخلها دارها، ويشرح لزوجها [7] خبرها، ويأمره عنه [8] بالتمسك بها، والإحسان إليها، ثم استدعاني، ووقفت فجعل يخاطب الغلام ويسمعني، ويقول: كم رزقك؟ فيقول: كذا وكذا. وكم عطاؤك؟ فيقول: كذا. وكم وظيفتك؟ فيقول: كذا.
وكم كسوتك؟ فيقول: كذا. إلى أن عدد شيئًا كثيرا، ثم قَالَ: كم لك؟ [9] جارية. قَالَ:
كذا فقال: فما كَانَ [10] لك في هذه النعمة، وفي هؤلاء الجواري ما يكفيك ويكفك عن محارم الله تعالى، وخرق سياسة السلطان، والجراءة عليه؟ وما كان عذرك في الوثوب على من أمرك بالمعروف ونهاك عن المنكر؟ فأسقط في يد الغلام ولم يكن له جواب
__________
[1] في الأصل: «فقلت» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «فأدخلني على المعتضد» .
[4] «فيه» ساقطة من ك.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط.
[7] في ت: «ويشرحها لزوجها» .
وفي الأصل: «ويشرح له» .
[8] «عنه» ساقطة من ك.
[9] «كم عطاؤك فيقول ... كذا فقال فما كان لك» مكان النقط ساقط من ك. وكتب على هامش ت.
[10] في ك: «فقال أفما لك» .(12/320)
يورده، ثم قَالَ: يحضر جوالق ومداق [1] الجص، وقيود وغل. فأحضر جميع ذلك فقيده وغله وأدخله الجوالق، وأمر الفراشين فدقوه بمداق الجص وهو يصيح، إلى أن خفت صوته وانقطع حسه، وأمر به وطرح إلى دجلة [2] . وتقدم إلى بدر [بتحويل] [3] ما في داره، ثم قَالَ لي: قد شاهدت ذلك كله! متى رأيت [4] [يا شيخ] [5] منكرا كبيرا أو صغيرا، فأنكره ولو على هذا- وأومأ إلى بدر- ومن تقاعس عن القبول منك فالعلامة بيننا أن تؤذن في مثل هذا الوقت لأسمع صوتك فأستدعيك.
قال الشيخ: فدعوت له وانصرفت، وشاع الخبر في [الجند و] [6] الغلمان، فما سألت أحدا منهم بعدها إنصافا أو كفا عن قبيح إلا أطاعني [7] كما رأيت، خوفا من المعتضد باللَّه، وما احتجت أن أؤذن في مثل ذلك الوقت إلى الآن.
أنبأنا محمد بن أبي طاهر قَالَ: أنبأنا علي بْن المحسن، عن أبيه قال: حدثنا القاضي أبو الحسن/ محمد بن عبد الواحد الهاشمي قَالَ: سمعت العباس بن عمرو الغنوي [8] يقول: لما أسرني أبو سعيد القرمطي، وكسر [9] العسكر الذي كان بعثه معي المعتضد إلى قتاله، وحصلت في يده يئست من الحياة، فأنا يومًا على تلك الصورة، إذ جاءني رسوله، فأخذ قيودي، وغير ثيابي، وأدخلني إليه، فسلمت عليه وجلست، فقال: أتدري لم استدعيتك؟ قلت: لا! قَالَ: إنك رجل عربي، ومن المحال إذا استودعتك أمانة أن تخفيها، ولا سيما مع مني عليك بنفسك. قلت: هو كذلك. فقال:
إني فكرت، فإذا لا طائل في قتلك، وفي نفسي رسالة إلى المعتضد، لا يجوز أن يؤديها
__________
[1] «ومداق» ساقطة من ك.
[2] في الأصل: «في دجلة» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وكتب على الهامش.
[4] في الأصل: «ذلك مني ما رأيت» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] في الأصل: «إلا بادر إليه وأطاع» .
[8] في ك: «عمر الغنوي» .
[9] في ك: «وأسر» .(12/321)
غيرك، فرأيت إطلاقك وتحميلك إياها إن حلفت أنك إن سيرتك [1] إليه تؤديها، فحلفت له، فقال: قل للمعتضد يا هذا، لم تخرق هيبتك، وتقتل رجالك، وتطمع أعداءك في نفسك، وتبعث في طلبي الجيوش، وأنا رجل مقيم في فلاة، لا زرع فيها ولا ضرع، وقد رضيت لنفسي بخشونة العيش، والعز بأطراف هذه الرماح، ولا اغتصبتك بلدا، ولا أزلت سلطانك عن عملك، ومع هذا فو الله لو أنفذت إلى جيشك كله ما جاز يظفر بي، لأني رجل نشأت في القشف [2] ، فاعتدته أنا ورجالي، ولا مشقة علينا فيه، وأنت تنفذ جيوشك من الجيوش والثلج والريحان، فيجيئون من المسافة البعيدة الشاقة، وقد قتلهم السفر قبل قتالنا، وإنما غرضهم أن يبلغوا غرضا من مواقفتنا ساعة، ثم يهربون، وإن هم هزموني بعدت عشرين فرسخا، أو ثلاثين، وجلت في الصحراء شهرا أو شهرين، ثم كبستهم على غرة فقتلتهم، وإن كانوا محتزبين فما يمكنهم أن يطوفوا خلفي في الصحارى، ولا تحملهم الإقامة في/ أماكنهم، فأنت تنفق الأموال، وتكلف الرجال الأخطار، وأنا سليم من ذلك وهيبتك تتخرق في الأطراف، كلما جرى عليك هذا فإن اخترت بعد محاربتي فاستخرت الله، وإن أمسكت فذلك إليك.
ثم سيرني وأنفذ معي عدة إلى الكوفة وسرت منها إلى الحضرة، ودخلت إلى المعتضد، فأخبرته بما قَالَ في خلوة فرأيته يتمعط في جلده غيضا حتى ظننت أنه سيسير إليه بنفسه، وخرجت فما رأيته بعد ذلك ذكره. قَالَ القاضي: كأنه عرف صدق قوله فكف عنه.
أنبأنا محمد بن أبي طاهر قَالَ أنبأنا علي بْن المحسن، عن أبيه قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الحسين عَلِيّ بْن هشام قَالَ: حَدَّثَنَا الفضل بن سليمان قَالَ [3] : حدثني خفيف السمرقندي [4] حاجب المعتضد قَالَ: كنت واقفا بحضرة المعتضد إذ دخل بدر، وهو يبكي وقد ارتفع الصراخ من دار عبيد الله بن سليمان عند موته، فأعلم المعتضد الخبر،
__________
[1] في ك: «إن سيرت» .
[2] في ك: «العسف» .
[3] «أنبأنا علي بْن المحسن. عن أبيه قَالَ: حدثني أَبُو الحسين عَلِيّ بْن هِشَام قَالَ: حَدَّثَنَا الفضل بن سليمان قال» ساقطة من ك.
[4] في الأصل: «خفيف القيم» .(12/322)
فقال: أو قد صح الخبر أو هي غشية؟ قَالَ: بل قد توفي وشد لحيته [1] فرأيت المعتضد قد سجد، فأطال السجود، فلما رفع رأسه قَالَ له بدر: والله يا أمير المؤمنين لقد كان صحيح الموالاة، مجتهدا في خدمتك، عفيفا عن الأموال! قَالَ: أفظننت يا بدر أني سجدت سرورا بموته؟ إنما سجدت شكرا للَّه تعالى، إذ وفقني فلم أصرفه ولم أوحشه، ولي في جنب [2] ورثته ما خلفه عليهم من كسبه معي، ما لعله قيمة ألفي ألف دينار، وقد عملت على أخذ ذلك منهم، وأن أستوزر أحد الرجلين: إما جرادة وهو أقوى الرجلين في نفسي لهيبته في قلوب الجيش، والآخر أَحْمَد بن مُحَمَّد بن الفرات، وهو أعرف بمواقع المال.
فقال له بدر: يا مولاي، غرست غرسا حتى إذا ما أثمر قلعته! أنت ربيت القاسم وقد [3] ألف خدمتك عشر سنين، وعرف ما يرضى حاشيتك، وجرادة/ رجل منكر، ويخرج من الحبس جائعا، وابن الفرات لا هيبة له في النفوس، وإنما يصلح أن يكون بحضرة وزير يمشي [4] له أمر المال، ومال القاسم، وورثته لك. أي وقت أردته أخذته.
فراجعه المعتضد وبين له فساد هذا الرأي، فعدل عن المناظرة إلى تقبيل الأرض مرات، فقال له المعتضد: قد أجبتك فامض إلى القاسم فعزه ثانية، وبشره بتقرير رأيي على استوزاره لتسله [5] عن مصابه، ومره بالبكور إلى الجامع [6] ، فولى بدر فخرجت معه، فدعاني المعتضد فعدت، فقال: أرأيت ما جرى؟ قلت: نعم! فقال: والله لا يقتل بدرا غير القاسم! فما تم للقاسم التدبير مع المكتفي حتى قتل بدرا!.
قال خفيف [7] : رحم الله المعتضد! كأنه نظر هذا من وراء ستر.
قال المصنف: وسيأتي كيفية قتل بدر في ولاية المكتفي باللَّه.
__________
[1] في ك: «لحياه» .
[2] في ك: «في حب» .
[3] في ك: «بدر» .
[4] في الأصل: «بنشيء» .
[5] في ك: «استبرائه ليسلو» .
[6] في ك: «الخلع» .
[7] في الأصل: «قال خصيف» .(12/323)
وقال عبيد الله بن سليمان: كنت يوما بحضرة المعتضد وخادم من خدمه بيده المذبة، فبينا هو يذب إذ ضرب بالمذبة قلنسوة المعتضد، فسقطت فكدت أختلط إعظاما للحال، والمعتضد على حاله لم يتغير ولم ينكر شيئا، ثم دعا غلاما فقال له: هذا الغلام قد نعس فزد في عدد خدم المذبة ولا تنكر عليه بفعله، قَالَ عبيد الله: فقبلت الأرض، وقلت: والله يا أمير المؤمنين ما سمعت بمثل هذا، ولا ظننت أن حلما يسع مثله. ثم دعوت له. فقال: هل يجوز غير هذا؟ أنا أعلم أن هذا البائس [1] لو دار في خلده ما جرى لذهب عقله وتلف، وإنما ينبغي أن يلحق الإنكار بالمتعمد لا بالساهي والغالط.
وذكر مُحَمَّد بن عبد الملك الهمذاني/ أن المعتضد أراد تجهيز جيش، فعجز عن ذلك بيت مال العامة، فأخبر بمجوسي له مال عظيم [2] ، فاستدعاه يستقرض منه، وَقَالَ: إنا نعيد العوض، فقال: مالي بين يدي أمير المؤمنين، فليأخذ ما يشاء. فقال:
من أين وقعت بنا أننا نرد [العوض؟] [3] فقال: يا أمير المؤمنين، يأتمنك الله تعالى على عباده وبلاده فتؤدي الأمانة، وتفيض العدل، وتحكم بالحق، وأخافك على جزء من مالي؟ فدمعت عيناه، فقال: انصرف قد وفر الله عز وجل مالك وأغنانا عن القرض منك، ومتى كانت لك حاجة فحجابنا مرفوع عنك، ولم يستقرض منه شيئا.
فلما ولي المعتضد لم يكن في بيت المال إلا قراريط والحضرة مضطربة والأعراب عابثون [4] فأصلح الأمور، وحمي البيضة، وبالغ في العمارة، وأنصف في المعاملة، وأقتصد في النفقة، فمات وفي بيت المال بضعة عشر ألف ألف دينار.
وخرج يوما فعسكر بباب الشماسية، ونهى [أحدا] [5] أن يأخذ من بستان أحد شيئا، فأتى بأسود قد أخذ عذقا من بسر، فتأمله فأمر بضرب عنقه، ثم التفت إلى أصحابه فقال: ويلكم تدرون ما تقول العامة؟ قالوا: لا! قَالَ: يَقُولُونَ مَا فِي الدُّنْيَا أقسى قلبا
__________
[1] في ك: «الناعس» .
[2] في الأصل: «له حال عظيمة» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ك: «عائثة» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/324)
مِنْ هَذَا الْخَلِيفَةِ، وَلا أَقَلَّ دِينًا مِنْهُ، لأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلا كَثَرٍ» ، وَالْكَثَرُ: الجمار، فما رضي أن يقطع في هذا حتى قتل، والله ما قتلت الأسود بسبب هذا! ولكن لي معه خبر طريف، أستأمن هذا من عسكر/ الزنج إلى أبي الموفق، فخلع عليه ووصله، فرأيته يوما وقد نازع رجلا في شيء، فضربه بفأس، فقطع يده فمات الرجل، فحمله الناس إلى أبي [الموفق] [1] فأهدر دم المقطوع اليد، وأطلق الأسود ليتألف الزنج بذلك الفعل، فاغتظت، وقلت: ترى أتمكن من قتل هذا الأسود وأنفذ حكم [2] الله [عز وجل] فيه، فو الله ما وقعت عيني عليه إلا في هذه الساعة، فقتلته بذلك الرجل.
ورفع إلى المعتضد أن قوما يجتمعون ويرجفون [3] ويخوضون في الفضول، وقد تفاقم فسادهم، فرمى بالرقعة إلى وزيره عبيد الله بن سليمان فقال: الرأي صلب بعضهم وإحراق بعضهم! فقال: والله لقد بردت لهيب غضبي بقسوتك هذه، ونقلتني إلى اللين من حيث أشرت بالحرق، وما علمت أنك تستجيز هذا في دينك، أما علمت أن الرعية وديعة الله عند سلطانها، وأن الله تعالى سائله عنها؟ أما تدرى [4] أن أحدا من الرعية لا يقول ما يقول إلا لظلم قد لحقه أو لحق جاره أو داهية قد [5] نالته أو نالت صاحبه؟ ثمّ قَالَ: سل عن القوم، فمن كان سيّئ الحال فصله من بيت المال، ومن كان يخرجه هذا إلى البطر [6] فخوّفه، ففعل فصلحت الأحوال.
وكان للمعتضد جارية يحبها وتحبه غاية المحبة، فماتت، فجزع عليها جزعا منعه من الطعام والشراب فقال: [7]
يا حبيبا لم يكن يعد ... له عندي حبيب
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ك: «حد الله» .
[3] في ك: «يحتمون ويرجعون» .
[4] في ك: «أما ترى» .
[5] «قد» ساقطة من ك.
[6] «البطر» ساقطة من ك.
[7] في النسخة ك اختلاف في ترتيب الأبيات أثبتناه على ما في الأصل، ت.(12/325)
أنت عن عيني بعيد ... ومن القلب قريب/
ليس لي بعدك في شيء ... من اللهو نصيب
لك من قلبي على قلبي ... وإن بنت رقيب
وخيالي منك مذ غببت ... خيال ما يغيب
لو تراني كيف لي ... بعدك عول ونحيب
وفؤادي حشوة من ... حرق الحزن لهيب
لتيقنت بأني ... بك محزون كئيب
ما أرى نفسي وإن ... وطئتها عنك تطيب
لي دمع ليس يعصيني ... وصبر ما يجيب
وله:
لم أبك للدار ولكن لمن ... قد كان فيها مرة ساكنا
فخانني الدهر بفقدانه ... وكنت من قبل له آمنا
ودعت صبري عند توديعه ... وسار قلبي معه ظاعنا
فقال له عبيد الله بن سليمان: مثلك يا أمير المؤمنين تهون عليه المصائب، لأنه يجد من كل فقيد خلفا، ويقدر على ما يريد، والعوض منك لا يوجد، ولا ابتلى الله [عز وجل] الإسلام بفقدك، وعمره ببقائك، فقد قَالَ الشاعر في المعنى الذي ذكره:
يبكي علينا ولا نبكي على أحد ... أنا لأغلظ أكبادا من الإبل
فضحك المعتضد، وعاد إلى عاداته.
قَالَ أبو عبيدة [1] الإبل توصف بغلظ الأكباد.
وقال ثعلب [2] : الناس في أمر الإبل على ضد هذا، لأنهم يصفونها بالرقة والحنين.
وَقَالَ عَبْد اللَّهِ بن المعتز يعزي المعتضد في هذه الجارية. /
يا إمام الهدى بنا لا بك ... الغم افنيتنا وعشت سليما
__________
[1] في ك: «أبو عبد الله» .
[2] في الأصل: «وقد يغلب» .(12/326)
أنت علمتنا على النعم الشكر ... وعند المصائب التسليما
فاسل عما مضى فإن التي ... كانت سرورا صارت ثوابا عظيما
قد رضينا بأن نموت وتحيا ... إن عندي في ذاك حظا جسيما
من يمت طائعا لديك فقد أعطي ... نورا ومات موتا كريما
ولليلتين خلتا من شعبان [في] هذه السنة قدم على المعتضد رسول عمرو بن الليث بهدايا، وسأل ولاية خراسان، فوجه المعتضد عيسى النوشري مع الرسول، ومعه خلع ولواء عقده له على خراسان، فوصلوا إليه في رمضان، وخلع عليه، ونصب اللواء في صحن داره ثلاثة أيام.
وفي شوال: قدم الحسين بن عَبْد اللَّهِ الجصاص من مصر رسولا لخمارويه، ومعه هدايا من العين عشرين حملا على بغال، وعشرة من الخدم، وصندوقان فيهما طرائف، وعشرون رجلا على عشرين نجيبا بالسروج المحلاة، ومعهم جراب [1] فضة، وعليهم أقبية الديباج والمناطق المحلاة، وسبع عشرة دابة بسروج ولجم، منها خمسة بذهب والباقي بفضة، وسبعة وثلاثون دابة بجلال مشهرة، وخمسة أبغل وزرافة، فخلع المعتضد على ابن الجصاص، وعلى سبعة نفر معه وسعى ابن الجصاص في تزويج ابنة خمارويه من على بن المعتضد، فقال المعتضد: أنا أتزوجها! [فتزوجها] [2] .
وحج بالناس في هذه السنة: هارون بن مُحَمَّد/ [الهاشمي] [3] وهي آخر حجة حجها فإنه [4] حج بالناس ست عشرة سنة [من سنة أربع وستين إلى هذه السنة] [5] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1858- أَحْمَد المعتمد على الله أمير المؤمنين ابن المتوكل [6] .
__________
[1] في ك: «جرار» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «فإنه» ساقطة من ك.
[5] من أول: «في هذه السنة هارون ... إلى هنا ساقط من ك. ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] تاريخ ابن الأثير 6/ 370. والطبري 11/ 214- 341. وتاريخ بغداد 4/ 60. ومروج الذهب 2/ 345.
وتاريخ الخميس 2/ 342.(12/327)
توفي ليلة الاثنين لإحدى عشرة ليلة بقيت من رجب هذه السنة، فجأة، وكانت خلافته ثلاثا وعشرين سنة وثلاثة أيام.
1859- أَحْمَد بن أبي خيثمة، [بن] زهير بن حرب بن شداد، أبو بكر [1] .
نسائي الأصل، سمع عفان بن مسلم، وأبا نعيم، وخلقا كثيرا. وكان ثقة عالما متقنا حافظا. أخذ علم الحديث عن يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وعلم النسب عن مصعب الزبيري [2] ، وأيام الناس عن أبي الحسن المدائني، والأدب عن مُحَمَّد بن سلام الجمحي، وصنف تاريخا مستوفي كثير الفوائد. روى عنه: البغوي، وابن صاعد، وابن أبي داود، وابن المنادي.
وتوفي في جمادي الأولى من هذه السنة وهو ابن أربع وتسعين سنة.
1860- إبراهيم بن عبد الرحيم بن عمر [3] ، أبو إسحاق، ويعرف: بابن دنوقا [4] .
سمع مُحَمَّد بن سابق، وأبا معمر الهذلي، وغيرهما. روى عنه: ابن صاعد، وأبو الحسين بن المنادي. وَقَالَ الدارقطني: هو ثقة.
أخبرنا القزاز، أَخْبَرَنَا [أبو بكر] [5] الخطيب، أَخْبَرَنَا موسى بن عبد الواحد، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن العباس قال: قرئ على ابن المنادى وأنا أسمع قَالَ: إبراهيم بن عبد الرحيم محيي السنة صدوق في الرواية، كتب الناس عنه فأكثروا.
مات يوم الخميس لسبع [6] خلون من جمادى الأولى من هذه السنة.
__________
[1] تاريخ بغداد 4/ 162- 164.
[2] في ك: «مصعب بن الزبير» .
[3] في ك: «بن عمرو» .
[4] في الأصل: «دبّوقا» .
وفي ت: «ديوقا» .
انظر ترجمته في تاريخ بغداد 6/ 135، 136.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في الأصل: «لتسع» وكذا في ت.
وفي ك وتاريخ بغداد كما أثبتناه.(12/328)
1861- جعفر بن مُحَمَّد بن الحسن [1] بن زياد، أبو يحيى [2] الزعفراني [3] .
من أهل الري، قدم بغداد، وحدث بها عن إبراهيم بن المنذر الحزامي، وسريج [4] بن يونس، وغيرهما. روى عنه: ابن مخلد، وابن قانع، وأبو بكر الشافعي/ قَالَ الدارقطني: هو ثقة صدوق. توفي بالري في ربيع الآخر [5] من هذه السنة.
1862- جعفر بن مُحَمَّد [بن] شاكر، أبو مُحَمَّد الصائغ [6] .
سمع من عفان، وقبيصة، وأبي نعيم، وغيرهم. روى عنه: ابن صاعد، وابن مخلد، وأبو الحسين بن المنادي، والنجاد، وأبو بكر الشافعي، وكان عابدا، زاهدا، ثقة صدوقا، متقنا، ضابطا. وانتفع به خلق كثير، وأكثر الناس عنه لثقته وصلاحه، بلغ تسعين سنة غير أشهر يسيرة.
وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة، ودفن في مقابر باب الكوفة [7] [ببغداد] [8] .
1863- خاقان، أبو بكر عَبْد اللَّهِ الصوفي [9] .
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا [أَبُو بَكْرٍ أَحْمَد بْن عَلِي] [10] بْن ثابت قَالَ: ذكر لي [11] أبو نعيم الْحَافِظ أنه كان من كبار الصوفية البغداديين، وَقَالَ لي: سمعت أبي يقول: سمعت جعفر الحذاء الشيرازي- وذكر خاقان- فقال: كان صاحب [12] كرامات،
__________
[1] في ك: «الحسين» .
[2] في ك: «أبو الحسين» .
[3] تاريخ بغداد 7/ 184، 185.
[4] في الأصل: «شريح» .
[5] في ك: «ربيع الأول» .
[6] تاريخ بغداد 7/ 185.
[7] في المطبوعة: «باب التوبة» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] تاريخ بغداد 8/ 344، 345.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] «لي» ساقطة من ك.
[12] في ك: «كان ذا كرامات» .(12/329)
وذكر أن ابن فضلان [1] الرازي قَالَ: كان أبي أحد الباعة ببغداد، وكنت على سرير حانوته جالسا، فمر إنسان ظننت أنه من فقراء البغداديين، وأنا حينئذ لم أبلغ الحلم، فجذب قلبي، فقمت وسلمت عليه ومعي دينار، فدفعته إليه، فتناوله ومضى ولم يقبل علي، فقلت في نفسي: ضيعت الدينار [2] ، فتبعته حتى انتهى إلى مسجد الشونيزية، فرأى فيه ثلاثة من الفقراء، فدفع الدينار إلى أحدهم [3] ، واستقبل هو القبلة يصلي، فخرج الذي أخذ الدينار وأنا أتبعه وراءه أرقبه، فاشترى طعاما، فحمله يأكله الثلاثة، والشيخ مقبل على صلاته يصلي، فلما فرغوا أقبل عليهم الشَّيْخ فقال: أتدرون ما حبسني عنكم؟ قالوا: لا يا أستاذ. قَالَ: شاب ناولني الدينار، فكنت أسأل الله تعالى أن يعتقه من رق الدنيا وقد فعل فلم أتمالك أن قعدت بين يديه وقلت: صدقت يا أستاذ، وكان هذا الشيخ خاقان.
1864- عَبْد الرَّحْمَنِ/ بن أزهر [4] بن خالد، أبو الحسن [5] الأعور [6] .
هروي الأصل، حدث عن أبي نعيم الفضل بن دكين، روى عنه ابن مخلد، وإسماعيل الصفار، وكان ثقة. وتوفي في هذه السنة.
1865- مُحَمَّد بن أزهر، أبو جعفر الكاتب [7] .
سمع أبا نعيم، وأبا الوليد الطيالسي، ومسددا، والشاذكوني، وغيرهم، روى عنه: أبو بكر الشافعي، وغيره.
وتوفي في جمادي الأولى من هذه السنة وكان [8] قد بلغ الثمانين، وكان عند الناس مقبولا.
__________
[1] «أن» ساقطة من ك.
[2] «الدينار» ساقطة من ك.
[3] في ك: «إليهم» .
[4] في ك: «بن زاهر» .
[5] في ك: «أبو الحسين» .
[6] تاريخ بغداد 10/ 276.
[7] تاريخ بغداد 2/ 83، 84.
[8] «وكان» ساقطة من ك.(12/330)
1866- مُحَمَّد بن إسرائيل بن يعقوب، أبو بكر الجوهري [1] .
سمع مُحَمَّد بن سابق، ومعاوية بن عمرو، وعمرو بن حكام، وغيرهم. روى عنه: القاضي المحاملي، وأحمد بن كامل، وأبو بكر الشافعي، وغيرهم، وكان ثقة.
وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة [وقيل: في سنة ثمانين] [2] .
1867- نصر [بن أَحْمَد] [3] بن أسد بن سامان [4] .
وكان سامان مع أبي مسلم صاحب الدعوة، وهو جد السامانية، وكان ينتسب إلى الأكاسرة، ويقول إنه من ولد بهرام بن أردشير بن سابور، توفي وخلف ابنه أسدا، وكان ابنه أسد في حملة علي بن عيسى بن ماهان حين ولاه الرشيد خراسان، وتوفي أسد في ولايته وخلف نوحا، وأحمد، ويحيى، وإلياس فولي أحْمَد بْن أسد فرغانة، ونوح سمرقند، ويحيى [5] بْن أسد الشاش وأشر وسنة، وإلياس هراة، وكان أَحْمَد أحسنهم سيرة. تولى في ولاية عَبْد اللَّهِ بن طاهر فتوفي، وخلف سبعة بنين، وأوصى إلى ابنه نصر فولي ابنه نصر [6] بن أَحْمَد ما كان إلى أبيه من سمرقند والشاش وفرغانة، وولي أخاه إسماعيل بخارى وأعمالها، هؤلاء يسمون السامانية. / وتوفي نصر بن أَحْمَد في جمادى الآخرة من هذه السنة بسمرقند، وكان أديبا فاضلا.
__________
[1] تاريخ بغداد 2/ 87.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] الكامل لابن الأثير 6/ 371.
[5] في ك: «وتوفي أسد في ولايته وترك خراسان ونوحا وأحمد وبحر بن أسد الشاش» .
[6] «فولى ابنه نصر» ساقطة من ك.(12/331)
ثم دخلت سنة ثمانين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن المعتضد أخذ مُحَمَّد بن الحسن [1] بن سهل المعروف بشيلمة، وكان شيلمة مع صاحب الزنج إلى آخر أيامه، ثم لحق بأبي أَحْمَد في الأمان، فرفع عنه إلى المعتضد أنه يدعو [2] إلى رجل لم يوقف على اسمه [3] ، وأنه قد أفسد جماعة، فأخذه المعتضد فقرره، فلم يقر، وسأله عن الرجل الذي يدعو إليه فقال: لو كَانَ تحت قدمي مَا رفعتها عنه، فقتله وصلبه لسبع خلون من المحرم.
ولليلة خلت من صفر شخص المعتضد من بغداد يريد بني شيبان، فقصد الموضع الذي كانوا يتخذونه معقلا، فأوقع بهم، وقتل وسبى وعاد [4] ، وكان معه دليل طيب الصوت، وكان يأمره أن يحدو به، فأشرف [5] على جبل يُقَالُ له: نوباذ، فأنشد الأعرابي:
وأجهشت للتوباذ حين [6] رأيته ... وهلل [7] للرحمن حين رآني
__________
[1] في الأصل، ت: «بن الحسن» .
[2] «أنه يدعو» ساقطة من ك.
[3] في الأصل «إلى رجل لم يعرف، وأنه ... » .
وفي ك: «إلى رجل لم يوقف اسمه، وأنه» .
[4] «وعاد» ساقطة من ك.
[5] في ك: «فأشرفوا» .
[6] في ك: «لما» .
[7] في الأصل: «وهللت» .(12/332)
وقلت له أين الذين عهدتهم ... بظلك في خفض وأمن [1] زمان؟
فقال: مضوا واستخلفوني مكانهم ... ومن ذا الذي يبقى على الحدثان؟
فتغرغرت عين المعتضد وَقَالَ: ما سلم أحد من الحدثان [2] ! ودخل بيوت الأعراب في عدة قليلة، فلحقه بدر فقال: لو عرفك الأعراب وأقدموا عليك كيف كانت تكون حالك؟ فقال: لو عرفوني تفرقوا [3] أما علمت أن الرصافية وحدها عشرون ألفا.
واصطفى المعتضد من الأعراب [4] عجوزا فصيحة، فجاءت يوما فجلست فقال لها الحاجب: قومي إلى أن نأمرك [5] تجلسين بين يدي أمير المؤمنين! فقالت: أنت لم تعرفني [6] ما أعمل؟ ثم قامت فتغافل عنها المعتضد، فقالت: أقيام إلى الأبد فمتى ينقضي [7] الأمد! فضحك، وأمرها بالجلوس.
وفي هذه السنة: وجه يوسف بن أبي الساج اثنين وثلاثين نفسا من الخوارج من طريق الموصل، فضربت أعناق [8] خمسة وعشرين منهم، وصلبوا وحبس باقيهم.
وفيها: ورد الخبر بغزو إسماعيل بن أَحْمَد بلاد الترك [وقتله [9] خلقا كثيرا من الترك] [10] وافتتاحه مدينة ملكهم، وأسره إياه وامرأته خاتون، ونحو عشرة آلاف، وقتل
__________
[1] في الأصل: «وأين زمان» .
وفي ت: «ولين زمان» .
[2] في الأصل: «على الحدثان» .
[3] في ك: «يقرفوا» .
[4] في الأصل: «الأموال» .
وفي ت: «الموالي» .
[5] في ت: «فقال لها الحاجب: «أتجلسين ... » .
وفي الأصل: «فقال لها الحاجب الحافي: كان يجب أن لا تجلسين ... » .
[6] في ك: «إن لم تعرفني ... » .
وفي ت: «أنت أولى أن تعرفني ... » . وفي الأصل: «أنت تعرفني ... » .
[7] في ك: «فمن ينقص» .
[8] في ك: «أعناقهم» .
[9] «بن أحمد بلاد الترك وقتله» ساقطة من ك.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/333)
منهم خلقا كثيرا [1] ، وغنم دواب كثيرة، وأصاب الفارس [من المسلمين من الغنيمة في القسم] [2] ألف درهم.
وفي ذي الحجة: ورد كتاب من دبيل أن القمر قد انكسف في شهر شوال لأربع عشرة خلت منه، ثم تجلى في آخر الليل فأصبحوا صبيحة تلك الليلة والدنيا مظلمة، ودامت الظلمة عليهم، فلما كان عند العصر هبت ريح سوداء شديدة، فدامت إلى ثلث الليل، فلما كان ثلث الليل زلزلوا، فأصبحوا وقد ذهبت المدينة، فلم ينج من منازلها إلا اليسير قدر مائة دار، وأنهم دفنوا إلى حين كتبوا الكتاب ثلاثين ألف نفس، يخرجون من تحت الهدم ويدفنون، وأنهم زلزلوا بعد الهدم خمس مرات، وقيل إنه أخرج من تحت الهدم خمسون ومائة ألف إنسان ميت.
وأمر المعتضد بتسهيل عقبة حلوان، فسهلت وغرم عليها عشرون ألف دينار، وكان الناس يلقون منها مشقة شديدة.
وفي هذه السنة: زاد المعتضد في جامع المنصور، ودار المنصور، وفتح بينهما سبعة عشر طاقا، وحول المنبر والمحراب والمقصورة إلى المسجد الجديد، وتولى ذلك يوسف بن يعقوب القاضي، فبلغت النفقة عشرين ألف دينار.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قَالَ: أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيم بن مخلد قَالَ: أَخْبَرَنَا إسماعيل بن علي قَالَ: أخبرنَا المعتضد باللَّه بضيق المسجد الجامع بالجانب الغربي في مدينة المنصور/ وأن الناس يضطرهم الضيق [3] إلى أن يصلوا في المواضع التي لا تجوز في مثلها الصلاة، فأمر بالزيادة فيه من قصر المنصور، فبنى مسجدا على مثال المسجد الأول في مقداره أو نحوه، ثم فتح صدر المسجد العتيق، ووصل به، فاتسع به الناس، وكان الفراغ منه في هذه السنة.
قَالَ الخطيب: [وزاد] [4] بدر مولى المعتضد من قصر المنصور المسقطات المعروفة بالبدرية في ذلك الوقت.
__________
[1] «خلقا كثيرا» ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «يضطرون من الضيق» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وكتب في الهامش.(12/334)
وفي هذه السنة: أمر المعتضد ببناء القصر الحسني، وهو دار الخلافة اليوم [1] ، وهو أول من سكنها من الخلفاء.
أخبرنا أبو منصور [2] عبد الرحمن بن محمد القزاز، أخبرنا أبو بكر [أحمد بن علي بن ثابت] الخطيب قال: حدثني هلال بن المحسن قال: كانت دار الخلافة التي على شاطئ دجلة تحت نهر معلى قديما للحسن بن سهل، ويسمى القصر الحسني، فلما توفي صار لبوران ابنته، فاستنزلها المعتضد باللَّه عنها فاستنظرته أياما في تفريغها وتسليمها، ثم رمتها وعمرتها، وجصصتها وبيضتها، وفرشتها بأجل الفرش وأحسنه، وعلقت أصناف الستور على أبوابها، وملأت خزائنها بكل ما يخدم الخلفاء به، ورتبت فيها من الخدم والجواري ما تدعو الحاجة إليه، فلما فرغت من ذلك انتقلت وراسلته بالانتقال، فانتقل المعتضد إلى الدار، فوجد ما استكثره واستحسنه، ثم استضاف المعتضد إلى الدار مما جاورها كل ما وسعها به وكبرها، وعمل عليها سورا جمعها به وحصنها، وقام المكتفي باللَّه [بعده] [3] ببناء التاج على دجلة، وعمل وراءه من القباب والمجالس ما تباهي في توسعته وتعليته، ووافى المقتدر باللَّه، وزاد في ذلك وأوفى مما أنشأه واستحدثه، وكان الميدان والثريا، وحير الوحش [4] متصلا بالدار.
قال الخطيب: كذا ذكر لي هلال بن المحسن: أن بوران/ أسلمت الدار إلى المعتضد، وذلك غير صحيح، لأن بوران لم تعش إلى وقت المعتضد، ويشبه أن يكون سلمت الدار إلى المعتمد، والله أعلم.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت [5] قَالَ: حدثني هلال بن المحسن قَالَ: حدثني أبو نصر أخو اشاذه [6] خازن عضد الدولة
__________
[1] في ك: «الآن» .
[2] «أبو منصور» ساقطة من ك. وما بين المعقوفتين في السند ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
«وبعده ببناء» ساقطة من ك.
[4] في ك: «الوحوش» .
[5] «بن ثابت» سقط من ك.
[6] في ك: «حدثني نصر خواشاذه» . وفي الأصل: «أبو نصر أخو أستاذه» .(12/335)
قَالَ: طفت دار الخلافة عامرها وخرابها، وحريمها، وما يجاورها ويتاخمها، فكان ذلك مثل مدينة شيراز.
قال هلال بن المحسن: وسمعت هذا من جماعة عمار مستبصرين [1] ثم أن المعتضد استوبأ بغداد وكان يرى دخان الأسواق [يرتفع] [2] فيقول: كيف يفلح بلد يخالط هواه هذا. فأمر أن لا يزرع الأرز حول بغداد، ولا يغرس النخل، ثم خط الثريا وبناها، ووصلها بقصر الحسني، وانتقل إليها وأمر أن تنقل إليه سوق، فضج الناس من هذا، فأعفاهم وَقَالَ: من أراد ربحا فسيجيء طائعا، وكان يمدح الثريا ويقول: أنا على سريري أخاطب وزيري، وصيد البر والبحر يصاد بين يدي.
وبنى أبنية جليلة ببرازالرّوز، فلما اعتل في آخر أيامه طلب صحة الهواء، فأمر أن يبنى له قصر فوق الشماسية، فابتيع ما للناس هناك من الدور، ومات قبل أن يستتم البناء، فقال الناس: ما أحدث المعتضد شيئا قط يخالف الحق إلا أخذ دور الشماسية وإجبار أهلها على البيع.
وفي سنة ثمانين: أمر المعتضد ببناء مطامير في قصر الحسني رسمها هو للصناع [3] فبنيت محكمة، وجعلها محابس الأعداء، وكان الناس يصلون الجمعة في الدار، وليس هناك رسم مسجد، إنما يؤذن للناس في الدخول وقت الصلاة، ويخرجون عند انقضائها.
وورد في ذي الحجة كتاب أَحْمَد بن عبد العزيز علي المعتضد [باللَّه] أنه هزم رافع بن هرثمة/ وأخذ منه ثمانين ألف دابة وبغل.
وحج بالناس في هذه السنة أبو بكر محمد بن هارون المعروف بابن ترنجة [4] .
__________
[1] في ك: «عارفين خيرين» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ك: «رسمها للصنع فبنيت» .
[4] في ت: «بأترجة» خطأ وفي الأصل: «بأبي ترحبة» خطأ أيضا.(12/336)
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1868- أَحْمَد بن مُحَمَّد بن عيسى بن الأزهر، أبو العباس البرتي القاضي [1] .
حدث عن مسلم [2] بن إبراهيم، وأبي الوليد الطيالسي، وأبي سلمة التبوذكي [3] ، وأبي نعيم الفضل بن دكين في خلق كثير من البغداديين والكوفيين والبصريين، وكان ثقة، وصنّف المسند، وأخذ الفقه عن أبي سليمان الجوزجاني [4] صاحب مُحَمَّد بن الحسن، وولي القضاء بواسط، وقطعة من أعمال السواد، ثم ولي القضاء بالشرقية في أيام المعتمد، فبعث إليه الموفق والى إسماعيل بن إسحاق، وقد عزم على الانحدار إلى البصرة أن يقتضياه [5] ما في أيديهما من الوقوف، فحمل إليه إسماعيل ما كان من قبله، واستنظر أبو العباس البرتي ثلاثة أيام ليجمع المال، وعمد إلى ما كان في يده، فدفعه إلى من آنس [6] منه رشدا ممن هوله، وإلى الأمناء الذين يثق بهم، فلما طولب بالمال قال: سلمته إلى أربابه [7] وما بقي عندي منه شيء، فصرف عن القضاء بهذا السبب.
وحكى العلاء [8] بن صاعد قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام ودخل عليه أبو العباس، فقام إليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصافحه، وقبل بين عينيه، وَقَالَ/: «مرحبا بالذي يعمل بسنتي وأثري» .
ثم لزم البرتي بيته، واشتغل بالتعبد.
وتوفي بالجانب الغربي من مدينة السلام، في ذي الحجة من هذه السنة.
__________
[1] تاريخ بغداد 5/ 61- 63.
[2] في الأصل: «سلم» .
[3] في الأصل: «البردكي» .
[4] في الأصل: «الجوجرائي» .
[5] في ك: «يعرضاه» .
[6] في ك: «أمن» .
[7] في ك: «أهله» .
[8] «العلاء» ساقطة من ك.(12/337)
1869- أَحْمَد بن أبي عمران، واسمه: موسى بن عيسى، أبو جعفر الفقيه البغدادي [1] .
أحد أصحاب الرأي. أخذ الفقه عن مُحَمَّد بن سماعة وأضرابه [ونزل مصر] [2] ، وحدث [بها] [3] عن عاصم بن علي، وعلي بن الجعد، ومحمد بن الصباح، وغيرهم.
وكان أستاذ أبي جعفر الطحاوي، وكان ضريرا قَالَ أبو سعيد بن يونس: حدث بحديث كثير من حفظه، وكان ثقة، وتوفي في محرم هذه السنة بمصر [4] .
1870-[إبراهيم بن منصور، أبو يعقوب الصوري [5] .
خراساني قدم مصر، وحدث بها، وتوفي في هذه السنة] .
1871-[جعفر بن أَحْمَد بن معبد الوراق [6] .
حدث عن عاصم بن علي، ومسدد، وروى عنه ابن مخلد، وابن السماك، وأبو بكر الشافعي، وتوفي في هذه السنة] .
1872- حامد بن سهل بن سالم، أبو جعفر، يعرف بالثغري [7] .
سمع معاذ بن فضالة، وخالد بن خداش، روى عنه: ابن صاعد، وابن مخلد، وابن السماك، و [أبو بكر الشافعيّ. قال الدارقطنيّ:] [8] كان ثقة.
وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
1873-[زكريا بن أيوب، أبو يحيى [9] .
من أهل أنطاكية. قدم مصر، وحدث بها.
وتوفي في رمضان هذه السنة، وكان ثقة ثبتا صالحا] .
__________
[1] تاريخ بغداد 5/ 141، 142.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «بمصر» ساقطة من ك.
[5] هذه الترجمة ساقطة من الأصل. وفي ت بياض مكان «إبراهيم» .
الصوري: «صور» بلدة كبيرة من بلاد ساحل الشام (الأنساب للسمعاني 8/ 104) .
[6] وهذه الترجمة أيضا ساقطة من الأصل. وفي ت بياض مكان «جعفر» انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 187
[7] تاريخ بغداد 8/ 167.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] هذه الترجمة ساقطة من الأصل وفي ت بياض مكان «زكريا» انظر ترجمته في:.(12/338)
ثم دخلت سنة إحدى وثمانين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن المسلمين دخلوا بلاد الروم، ففتحوا بعضها، ثم عادوا فغزوهم فغنموا وظفروا.
وفيها [1] : غارت المياه بالري، وطبرستان، وأصاب الناس بعد ذلك جهد جهيد، وقحط حتى أكل الناس بعضهم بعضا، وأكل إنسان منهم ابنته.
ولليلتين خلتا من رجب شخص المعتضد إلى الجبل، فقصد ناحية الدينور، وولي [2] أبا مُحَمَّد علي بن المعتضد الري، وقزوين، وزنجان، وأبهر، وقم، وهمذان، والدينور، وقلد عمر بن عبد العزيز بن أبي دلف أصبهان، ونهاوند، والكرج، وتعجل المعتضد الانصراف من أجل غلاء الأسعار، وقلة الميرة، وفوافى المعتضد باللَّه بغداد يوم الأربعاء لست خلون من رمضان.
ولست بقين من ذي القعدة: خرج المعتضد إلى الموصل عامدا لحمدان بن حمدون، وذلك أنه بلغه أنه مال إلى هارون الشاري، ودعا له فلما صار [3] المعتضد باللَّه [4] بنواحي الموصل [5] كتب إلى إسحاق بن أيوب وإلى حمدان [أن] [6] يتلقياه
__________
[1] بياض في ت مكان: «وفيها» .
[2] في ك: «وقلد» .
[3] «فلما صار» ساقطة من ك.
[4] «باللَّه» ساقطة من ك.
[5] في ك: «بنواحي صل» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/339)
فأسرع إسحاق، وتحصن حمدان في قلاعه. وورد كتاب المعتضد يذكر أن الله نصره على الأكراد، والأعراب، فقتل منهم خلقا كثيرا.
ثم خرج المعتضد عامدا لقلعة ماردين، وكانت في يد حمدان، فهرب وخلف ابنه بِهَا [1] فنزل المعتضد عليها، وحاربهم من فيها يومهم، فلما كان من الغد ركب المعتضد وصعد القلعة، حتى قرب من الباب ثم [2] صاح: يا ابن [3] حمدان فأجابه فقال: افتح الباب. ففتحه فقعد المعتضد في الباب، ونقل ما في القلعة، ثم أمر بهدمها فهدمت.
وحمل خمارويه بن أَحْمَد ابنته إلى المعتضد، وقد كان المعتضد تزوجها في آخر رمضان هذه السنة، بعثها مع ابن الجصاص، وبعث معه بعد كل شيء عمله مائة ألف دينار، وَقَالَ: لعل بالعراق ما نحتاج إليه مما ليس [4] عندنا فاشتر شيئا إن أردت بهذه فأخذها إليه [5] فما اشترى منها [6] شيئا.
وحج بالناس في هذه السنة/ مُحَمَّد بن هارون، وأصاب [الحاج] [7] بالأجفر مطر [8] عظيم، فمات منهم بشر كثير، وكان الرجل يغرق في الرمل ما [9] يقدر أحد على إخراجه.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1874-[أَحْمَد بن سهل بن الربيع بن سليمان الأخميمي [10] .]
كان مقبولا عند القضاة، وحدث عن يحيى بن بكير، وغيره.
وتوفي في هذه السنة] .
__________
[1] «بها» ساقطة من ك.
[2] في ك: «حتى صاح» .
[3] «ابن» ساقطة من ك.
[4] في الأصل: «ما نحتاج إليه مما ليس ... » .
[5] «فأخذها إليه» ساقطة من ك.
[6] «منها» ساقطة من ك.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] «مطر» ساقطة من ك.
[9] في ك: «في الوحل فلا يقدر» .
[10] هذه الترجمة ساقطة من الأصل.
وفي ت بياض مكان «أحمد» .
انظر ترجمته في: الأنساب 1/ 155.(12/340)
1875- إسحاق بن إبراهيم، المعروف: بابن الجبلي [1] يكنى أبا القاسم.
ولد سنة اثنتي عشرة ومائتين، وسمع منصور بن أبي مزاحم، وطبقته، ولم يحدث إلا بشيء يسير، وكان يذكر بالفهم، ويوصف بالحفظ، ويفتي الناس بالحديث، ويذاكر. وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة، وصلى عليه إبراهيم الحربي.
1876- عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن عبيد بن سفيان بن قيس، أبو بكر القرشي، المعروف: بابن أبي الدنيا مولى بني أمية [2] .
ولد سنة ثمان ومائتين، وسمع إبراهيم بن المنذر الحزامي، وخالد بن خداش، وعلي بن الجعد، وخلقا كثيرا، وقد أدب غير واحد من أولاد الخلفاء منهم: المعتضد، وعلي بن المعتضد، وكان يجري له [في] [3] كل شهر خمسة عشر دينارا، وكان يقصد أحاديث [4] الزهد والرقائق، وكان لأجلها يكتب عن البرجلاني، ويترك عفان [5] بن مسلم، وكان ذا مروءة ثقة صدوقا، صنف أكثر من مائة مصنف في الزهد.
قال أبو علي صالح بن مُحَمَّد الْحَافِظ: إلا أنه كان يسمع من إنسان يُقَالُ له مُحَمَّد بن إسحاق البلخي، وكان ذلك كذابا [6] يضع للكلام إسنادا، ويروي أحاديث مناكير.
[قال المصنف [7] : قد روى ابن أبي الدنيا عن مُحَمَّد بن إسحاق بن يزيد بن عبيد الله الضبي، وقد ذكره ابن أبي حاتم في الكذابين، وقد ذكرنا وفاته في سنة ست وثلاثين ومائتين، وروى ابن أبي الدنيا عن مُحَمَّد بن إسحاق اللؤلؤي البلخي، ولم يكن بثقة، وقد ذكرنا وفاته في سنة أربع وأربعين ومائتين] .
__________
[1] تاريخ بغداد 6/ 378.
[2] تاريخ بغداد 10/ 89- 91.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] في ك: «حديث» .
[5] في ك: «غفار» .
[6] «كذابا» ساقطة من ك.
[7] من أول «قال المصنف» حتى نهاية الفقرة وردت في الأصل في نهاية الترجمة.(12/341)
أخبرنا ابن ناصر، أَخْبَرَنَا أبو غالب مُحَمَّد بن إبراهيم بن مُحَمَّد الصقلي، حَدَّثَنَا واقد بن الخليل الخليلي، أَخْبَرَنَا أبي قَالَ: حدثني مُحَمَّد بن عبد الواحد، حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ بن مُحَمَّد الخطيب قَالَ: حدثني علي بن إبراهيم قَالَ حَدَّثَنَا عمر بن سعد القراطيسي قَالَ: كنا على باب ابن أبي الدنيا ننتظر خروجه/، فجاءت السماء بمطر، فأتتنا جارية برقعة فقرأتها، فإذا فيها [مكتوب] [1] :
أنا مشتاق إلى رؤيتكم ... يا أخلائي وسمعي والبصر
كيف أنساكم وقلبي عندكم ... حال فيما بيننا هذا المطر
توفي في جمادى الأولى [2] من هذه السنة، وصلى عليه يوسف بن يعقوب، ودفن في الشونيزية، وبلغ من العمر [نيفا و] [3] سبعين سنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ك: «جمادى الآخرة» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/342)
ثم دخلت سنة اثنتين وثمانين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
أن المعتضد أمر بإنشاء الكتب إلى العمال فِي النواحي [1] بترك افتتاح الخراج في النيروز الذي هو نيروز العجم، وتأخير ذلك إلى اليوم الحادي عشر من حزيران [2] ، وسمي ذلك النيروز المعتضدي، فأنشئت الكتب بذلك من الموصل، والمعتضد بها، وإنما أراد الترفيه على الناس والرفق [3] بهم.
وفي هذه السنة: قدم ابن الجصاص من مصر ببنت أبي الجيش خمارويه بن أَحْمَد التي تزوجها المعتضد، ومعها أحد عمومتها، وكان دخوله بغداد يوم الأحد لليلتين خلتا من المحرم، وأدخلت الحرة ليلة الأحد، فنزلت [في] [4] دار صاعد، وكان المعتضد غائبا بالموصل، ثم نقلت إلى المعتضد لأربع خلون من ربيع الأول، فنودي في جانبي بغداد أن لا يعبر أحد دجلة في يوم الأحد/، وغلقت أبواب الدروب التي يلين
__________
[1] «في النواحي» ساقطة من ك.
[2] على هامش ك ما نصه: «وسبب ذلك على ما روى المعنيون بأخبارهم: أن المتوكل على الله ركب في بعض متصيداته فرأى زرعا خضرا، فقال العجم: قد استأذن في جمع الخراج والزرع بعد لم يحصد ومن أين يؤتون الخراج؟ فقالوا: إن نيروز العجم قد تعطل بتغيير الكبيسة، فقال: كيف ذلك مع اجتهاد ملوك الأكاسرة في إقامة العدل؟ فقالوا: وقع ذلك لاختلاف حكامهم. فأمر بتعيين النيروز، فولى منجما أمرها فقتل المتوكل قبل استتمام أمر النيروز، فلما ولى المعتضد كان أول مهمة بعد قهر المتغلبين أمر الكبيسة، فأخر النيروز إلى اليوم الحادي عشر من حزيران» .
[3] في ك: «الترفق» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/343)
الشط، ومد على الشوارع النافذة إلى دجلة [1] شراع، ووكل بحافتي دجلة من يمنع [الناس] [2] أن يظهروا في دورهم على الشط، فلما صليت العتمة وافت سفينة من دار المعتضد فيها خدم، معهم الشمع، فوقفت بإزاء دار صاعد، وكانت قد أعدت أربع حراقات شدت مَعَ دار صاعد، فلما جاءت تلك السفينة أحدرت الحراقات [3] وصارت تِلْكَ السفينة بين أيديهم، وأقامت الحرة يوم الاثنين في دار المعتضد، وجليت عليه يوم الثلاثاء لخمس خلون من ربيع الأول.
وفي هذه السنة منع المعتضد النَّاس من عمل ما كانوا يعملون بِهِ من نيروز العجم من صب الماء وإيقاد النيران وغير ذَلِكَ، وكان هذا من أحسن ما اعتمده المعتضد [4] .
وفيها: شخص المعتضد إلى الجبل فبلغ الكرج، وأخذ أموال لأبي دلف، وكتب إلى عمر بن عبد العزيز بن أبي دلف يطلب منه جوهرا كان عنده، فوجه به إليه، وتنحى من بين يديه.
وفيها: وجه مُحَمَّد بن زيد العلوي من طبرستان إلى مُحَمَّد بن ورد العطار [5] اثنين وثلاثين ألف دينار ليفرقها على العلوية بالحرمين والكوفة، و [على من في] [6] بغداد، فسعى به، فأحضر دار [7] بدر، وسئل عن ذلك، فذكر أنه يوجه إليه في كل سنة بمثل هذا المال فيفرقه على من يأمر بالتفرقة عليه من العلويين، فأعلم بدر المعتضد بذلك، وأخبره أن الرجل والمال عندنا، فما ترى وما تأمر؟ فقال: أما تذكر الرؤيا التي خبرتك بها؟ فقال: لا يا أمير المؤمنين! فقال: إن الناصر دعاني فقال: أعلم أن هذا الأمر سيصير إليك، فانظر كيف تكون مع آل علي بن أبي طالب [عليه السلام] ثم قال: رأيت في
__________
[1] في ك: «الشوارع التي تلين دجلة النافذة إليها» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «أربع حراقات ... وصارت تلك السفينة» .
مكان النقط ساقط من ك.
[4] «وفي هذه السنة ... » إلى نهاية الفقرة ساقط من ك.
[5] في ك: «القطان» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] «دار» ساقطة من ك.(12/344)
النوم/ كأني خارج من بغداد أريد ناحية النهروان، إذ مررت برجل واقف على تل يصلي لا يلتفت إلى، فعجبت منه، ومن قلة اكتراثه بعسكري، مع تشوف الناس إلى العسكر، فاقبلت إليه حتى وقفت بين يديه، فلما فرغ من صلاته قَالَ لي: أقبل! فأقبلت إليه.
فقال: أتعرفني؟ قلت: لا. قَالَ: أنا علي بن أبي طالب، خذ هذه المسحاة فاضرب بها في الأرض، فأخذتها فضربت بِهَا [1] ضربات، فقال: إنه سيلي [من] [2] ولدك هذا الأمر بقدر ما ضربت، فأوصهم بولدي خيرا. قَالَ بدر: فقلت: بلى يا أمير المؤمنين قد ذكرت! قَالَ: فأطلق الرجل، وأطلق المال، وتقدم إليه أن يكتب إلى صاحبه بطبرستان [أن] [3] يوجه إليه ما يوجهه ظاهرا، ويفرقه ظاهرا، وتقدم بمعونة هذا على ما يريد من ذلك.
وفيها: قدم إبراهيم بن أَحْمَد الماذرائي لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ من دمشق، على طريق البر، فوافى بغداد في أحد عشر يوما فأخبر المعتضد أن خمارويه ذبحه بعض خدمه على فراشه، وكان قد بعث [مع] [4] ابن الجصاص إلى خمارويه هدايا، فأرسل إليه فرده من الطريق، وولي بعد خمارويه ابنه جيشا فقتلوه، وانتهبوا داره، وأجلسوا أخاه هارون بن خمارويه، فتقرر أنه يحمل إلى خزانة المعتضد في كل سنة ألف ألف دينار، وخمسمائة ألف دينار، فلما ولي المكتفي عزله، وولى مكانه [5] مُحَمَّد بن سليمان الواثقي، فأخذ أموال آل طولون، وكان هذا آخر أمرهم.
وحج بالناس في/ هذه السنة المتقدم ذكره.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1877- أَحْمَد بن داود بن موسى، أبو عَبْد الله السدوسي، بصري [6] ، ويعرف بالمكي [7] .
__________
[1] «بها» ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «مكانه» ساقطة من ك.
[6] «بصرى» ساقطة من ك.
[7] في ك: «ويعرف بالمالكي» .(12/345)
وكان ثقة. أقام بمصر وتوفي بها في صفر هذه السنة.
1878- إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد [1] بن زيد بن درهم [أبو إسحاق] [2] الأزدي، مولى جرير بن حازم من أهل البصرة [3] .
ولد سنة تسع وتسعين ومائة، وقيل: سنة مائتين، ونشأ بالبصرة [وامتد عمره، فحملت عنه علوم كثيرة] [4] وسمع مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ الأنصاري، ومسلم بن إبراهيم الفراهيدي، والقعنبي، وابن المديني، وغيرهم، وروى عنه: البغوي، وابن صاعد، وابن الأنباري، وغيرهم، وكان فاضلا متقنا فقيها على مذهب مالك، وشرح مذهبه ولخصه، واحتج [5] له، وصنف «المسند» وكتبا عدة في علوم القرآن، وجمع حديث مالك ويحيى بن سعيد الأنصاري [6] وأيوب السختياني.
وولى القضاء في خلافة المتوكل لما مات سوار بن عَبْد اللَّهِ، وكان قاضي القضاة حينئذ بسر من رأى [أبو] جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، فأمره المتوكل أن يولى إسماعيل قضاء الجانب الشرقي من بغداد، فولاه سنة ست وأربعين ومائتين، وجمع له قضاء الجانبين بعد ذلك بسبع [7] عشرة سنة، ولم يزل قاضيا على عسكر المهتدي إلى سنة خمس وخمسين ومائتين، فإن المهتدي قبض على حماد بن إسحاق أخي إسماعيل، / وضرب بالسياط وأطاف به على بغل بسر من رأى، لشيء بلغه عنه، وصرف إسماعيل بن إسحاق، عن الحكم، واستتر وكان قاضي القضاة بسر من رأى الحسن بن مُحَمَّد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، ثم صرف عن القضاء في هذه
__________
[ () ] انظر ترجمته في: العقد الثمين 3/ 38. وروى عنه الطبراني في المعجم الصغير 1/ 22. وكذلك في كتاب الدعاء له في عدة مواضع منها (313، 316، 667، 758) وغيره.
[1] «بن حماد» ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] تاريخ بغداد 6/ 284.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في الأصل: «واصح» .
[6] «الأنصاري» ساقطة من ك.
[7] في الأصل: «لتسع» .(12/346)
السنة، وولى القضاء عَبْد اللَّهِ بن نائل بن نجيح، ثم رد الحسن بن مُحَمَّد في هذه السنة إلى القضاء، ثم استقضى المهتدي على الجانب الشرقي القاسم بن منصور التميمي نحو سبعة أشهر [1] ، ثم قتل المهتدى فأعاد المعتمد إسماعيل بن إسحاق على الجانب الشرقي ببغداد، فِي سنة ست وخمسين، فلم يزل إلى سنة ثمان وخمسين، ثم سأل الموفق أن ينقله إلى الجانب الغربي، وكان على قضاء الجانب الغربي بالشرقية، وهي الكرخ البرتي، وعلى مدينة المنصور أَحْمَد بن يحيى، فأجابه إلى ذلك، وكره ذلك قاضي القضاة ابن أبي الشوارب، واجتهد في رد ذلك، فما أمكنه لتمكن إسماعيل من الموفق باللَّه، فأجيب إسماعيل إلى ما سأل، ونقل البرتي إلى قضاء الشرقية إلى الجانب الشرقي وإسماعيل على الغربي بأسره إلى سنة اثنتين وستين ومائتين، ثم جمعت بغداد بأسرها لإسماعيل بن إسحاق، وصرف البرتي، وقلد المدائن، والنهروانات [2] وقطعة من أعمال السواد، وكان ابن أبي الشوارب قد توفي فِي سنة إحدى وستين [3] فولى أخوه على بن مُحَمَّد مكانه، وكان يدعى بقاضي القضاة، وصار إسماعيل المقدم [ذكره] [4] على سائر القضاة، ولم يقلد قضاء القضاة [5] إلى أن توفي. / أخبرنا القزاز، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي محمد بن أَحْمَد بن يعقوب قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن نعيم [6] الضبي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن الفضل النحوي يقول:
سمعت أبا الطيب عَبْد اللَّهِ بن شاذان يقول: سمعت يوسف بن يعقوب يقول: قرأت توقيع المعتضد إلى عبيد الله بن سليمان بن وهب الوزير: (واستوص بالشيخين الخيرين الفاضلين [7] إسماعيل بن إسحاق الأزدي، وموسى بن إسحاق الخطمي خيرا، فإنهما ممن إذا أراد الله بأهل الأرض سوءا دفع عنهما بدعائهما) [8] .
__________
[1] في الأصل: «نحو عشرة أشهر» .
[2] في ك: «النهروان» .
[3] «في سنة إحدى وستين، ساقطة من ك.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] في ك: «قاضي القضاة» .
[6] «نعيم» ساقطة من ك.
[7] في ك، وتاريخ بغداد: «القاضيين» .
[8] تاريخ بغداد 6/ 288.(12/347)
[أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عبيد الله بن أبي الفتح، أَخْبَرَنَا إسماعيل بن سعيد العدل، أَخْبَرَنَا] [1] الحسين بن القاسم الكوكبي [قَالَ:] سمعت أبا العباس المبرد يقول: لما توفيت والدة إسماعيل بن إسحاق القاضي ركبت إليه أعزيه، وأتوجع له، وألفيت عنده الجلة من بني هاشم، والفقهاء والعدول، ومستورى مدينة السَّلَام [2] ، فرأيت من ولهه ما أبداه ولم يقدر على ستره، وكل [3] يعزيه، وقد كاد لا يسلو، فلما رأيت ذلك منه ابتدأت بعد التسليم فأنشدته:
لعمري لئن غال ريب الزمان ... فينا لقد غال نفسا حبيبة
ولكن علمي بما في الثواب ... عند المصيبة ينسي المصيبة.
فتفهم كلامي واستحسنه، ودعا بدواة وكتبه، ورأيته بعد قد انبسط وجهه، وزال عنه ما كان فيه من تلك الكآبة، وشدة الجزع [4] .
توفي إسماعيل ليلة الأربعاء لثمان بقين من ذي الحجة من هذه السنة وقت صلاة العشاء الآخرة فجأة.
1879- إسماعيل [5] بن مُحَمَّد بن أبي كثير، أبو يعقوب الفارسيّ الفسوي [6] .
سكن بغداد، وحدّث بها [7] عن قتيبة، وابن راهويه، وغيرهما. روى عنه: أبو بكر الشافعي، وكان ثقة صدوقا. وكان على قضاء/ المدائن.
وتوفي في شعبان هذه السنة.
1880-[بدر بن المنذر بن بدر، أبو بكر المغازلي، واسمه: أَحْمَد لكنه، لقب ببدر فغلب عليه [8] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في ك: «مستوري المدينة» .
[3] في الأصل: «وكلّا» والتصحيح من «ك» .
[4] تاريخ بغداد 6/ 288، 289.
[5] في الأصل: «إسحاق» . وفي ت بياض مكان «إسماعيل» .
[6] تاريخ بغداد 6/ 283.
[7] «بها» ساقطة من ك.
[8] هذه الترجمة ساقطة من الأصل. تاريخ بغداد 7/ 103.(12/348)
روى عنه النجاد، وغيره وكان ثقة، ويعد من الأولياء، وكان صبورا، وكان أَحْمَد بن حنبل يكرمه ويقول: من مثل بدر؟ بدر قد ملك لسانه! توفي بدر في جمادى الأولى من هذه السنة بالجانب الغربي.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أحمد بن علي بن ثابت، أخبرنا إسماعيل بن أحمد الحيري، أخبرنا محمد بن الحسين السلمي قَالَ: قَالَ أبو مُحَمَّد الحربي كنت عند بدر المغازلي، وكانت امرأته باعت دارا لها بثلاثين دينارا. فقال لها بدر: نفرق هذه الدنانير في إخواننا، ونأكل رزق يوم بيوم، فأجابته إلى ذلك فقالت:
تزهد أنت ونرغب نحن؟ هذا ما لا يكون] [1] .
1881-[جعفر بن مُحَمَّد بن أبي عثمان، أبو الفضل الطيالسي [2] .]
سمع من عفان، وعارم، ومسدد، ويحيى بن معين، وغيرهم. روى عنه: ابن صاعد، وابن مخلد، والنجاد. وكان ثقة ثبتا صدوقا، حسن الحفظ، صعب الأخذ.
توفي ليلة الجمعة للنصف من رمضان هذه السنة] .
1882-[جعفر بن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ بن بشر بن كزال، أبو الفضل السمسار [3] .
حدث عن عفان، وأحمد بن حنبل، وغيرهما. روى عنه: أبو بكر الشافعي.
قَالَ: الدارقطني ليس بالقوي. وتوفي في شوال هذه السنة] .
1883-[الحسين بن حميد بن الربيع بْن حميد بن مالك بن سحيم، أبو عَبْد اللَّهِ اللخمي الخزاز الكوفي [4] .
قدم بغداد، وحدث بها عن أبي نعيم الفضل بن دكين، وغيره. روى عنه: أبو
__________
[1] تاريخ بغداد 7/ 104.
[2] هذه الترجمة ساقطة من الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 188.
[3] وهذه الترجمة ساقطة من الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 189.
[4] وهذه الترجمة ساقطة من الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 38.(12/349)
عمرو بن السماك. وكان فهما عارفا، له كتاب مصنف في التاريخ.
توفي في ذي الحجة من هذه السنة] .
1884-[الحسين بن محمد بن عَبْد الرَّحْمَنِ، أبو علي الخياط [1] .
صاحب بشر الحافي، كتب الناس [2] عنه شيئا من الحكايات، وأطرافا من الحديث، وتوفي فِي شوال هَذِهِ السنة.
1885-[الحارث بْن مُحَمَّد بن أبي أسامة، أبو مُحَمَّد التميمي [3] .
ولد في شوال سنة ست وثمانين ومائة، وسمع علي بن عاصم، ويزيد بن هارون، وروح بن عبادة، وعفان بن مسلم. روى عنه: أبو بكر بن أبي الدنيا، وابن جرير، وابن مخلد، والنجاد، وأبو بكر الشافعي، والخلدي، وكان صدوقا ثقة.
وتوفي يوم عرفة من هذه السنة وقد بلغ ستا وتسعين سنة] .
1886-[خالد بن يزيد بن وهب بن جرير بن حازم، أبو الهيثم الأزدي [4] .
حدث عن أبيه. روى عنه: مُحَمَّد بن خلف بن المرزبان، كان [5] ينزل في مدينة المنصور، ثم خرج إلى البصرة. فتوفي بها في هذه السنة] .
1887- خمارويه بن أَحْمَد بن طولون [6] .
عقدت له الولاية على مصر وأعمال أبيه بعد [7] موته، فأنفذ الموفق ابنه المعتضد لمحاربته، فالتقيا في شوال سنة إحدى وسبعين ومائتين بالصعيد، فانكسر خمارويه، وركب حمارا هاربا إلى مصر [8] ووضع أصحاب المعتضد باللَّه السلاح، وهم يظنون
__________
[1] وهذه أيضا ساقطة من الأصل. انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 8/ 92.
[2] «كتب الناس» ساقطة من ك.
[3] تاريخ بغداد 8/ 218.
[4] تاريخ بغداد 8/ 316.
[5] «كان» ساقطة من ك.
[6] وفيات الأعيان 1/ 174، والولاة والقضاة 233. وتاريخ ابن خلدون 4/ 305.
[7] «بعد» ساقطة من ك.
[8] «إلى مصر» ساقطة من.(12/350)
أنهم لا طالب لهم، فخرج كمين لخمارويه عليهم، فانهزموا، وذهب ما كان في العسكر من الأموال والسلاح، ثم أن المعتضد تزوج بابنة خمارويه، وجاء بها ابن الجصاص، فوجه المعتضد معه إلى خمارويه هدايا، وأودعه رسالة، فشخص بها ابن الجصاص، فلما وصل [1] سامرا وصل الخبر إلى المعتضد أن بعض خدم خمارويه ذبحه على فراشه في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين، وكان عمره اثنتين وثلاثين سنة، وقتل من أصحابه الذين اتهموا بقتله نيف [2] وعشرون خادما.
1888- الفضل بن مُحَمَّد بن المسيب بن موسى بن زهير [3] بن يزيد بن كيسان بن باذان- وهو ملك اليمن الذي أسلم بكتاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبو مُحَمَّد الشعراني [4] .
كان أديبا فقيها عابدا، كثير الرحلة في طلب الحديث، فهما عارفا بالرجال. سمع بمصر، والحجاز، والشام، والكوفة، والبصرة، وواسط، والجزيرة، وخراسان، وسأل يحيى بن معين عن الرجال، وسأل على بن المديني، وأحمد بن حنبل عن العلل [5] وأخذ اللغة عن ابن الأعرابي، وقرأ القرآن على خلف بن هشام، وكان ثقة صدوقا.
1889- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن حميد بن نعيم بن شماس [6] .
مروزي الأصل، سمع عفان بن مسلم، وسليمان بن حرب، وعبد الصمد [7] بن حسان، وغيرهم.
[أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي] [8] الخطيب قَالَ: كان ثقة [9] وذكره الدارقطني فقال/: لا بأس به، وتوفي في هذه السنة.
__________
[1] في الأصل: «فلما بلغ» .
[2] في الأصل: «اثنين وعشرون» .
[3] «بن زهير» ساقطة من ك.
[4] في جميع الأصول: «الفضيل بن محمد ... » والتصحيح من كتب الرجال، انظر ترجمته في: الأنساب للسمعاني 7/ 343. وتذكرة الحفاظ صفحة 627.
[5] «عن العلل» ساقطة من ك.
[6] تاريخ بغداد 1/ 292.
[7] في الأصل، ت: «عبد الله بن حسان» .
[8] في الأصل: «قال الخطيب ... » وحذف باقي السند.
[9] تاريخ بغداد 1/ 292.(12/351)
1890- مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّد [1] ، بن عمارة بن القعقاع، أبو قبيصة الضبي [2] .
روى عنه: ابن السماك، وأبو بكر الشافعي، وكان ثقة، وذكره الدارقطني فقال:
لا بأس به.
أخبرنا [عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّد] أَبُو مَنْصور القزاز [3] أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: حدثني الحسن بْن أبي طَالِب، حَدَّثَنَا يوسف بْن عمر القواس، قَالَ: حَدَّثَنَا إسماعيل بن علي قَالَ: قَالَ [لنا] أبو قبيصة: تزوجت أم أولادي هؤلاء، فلما كان بعد الأملاك بأيام قصدتهم للسلام، فاطلعت من شق الباب فرأيتها فأبغضتها، وهي معى منذ ستين سنة، قَالَ إسماعيل: كان هذا الشيخ [4] من أدرس من [5] رأيناه للقرآن، سألته عن أكثر ما قرأه في يوم [من أيام الصيف الطوال] [6] وكان يوصف بكثرة الدرس، وسرعته [7] ، فامتنع فلم يخبرني، فلم أزل حتى قَالَ: إنه قرأ في يوم من أيام الصيف الطوال أربع ختمات، وبلغ في الخامسة إلى براءة، وأذن المؤذن العصر، وكان من أهل الصدق. توفي في ربيع الأول [من هذه السنة] [8] .
1891- مُحَمَّد بن القاسم بن خلاد [بن ياسر بن سليمان] [9] أبو عَبْد اللَّهِ الضرير [مولى أبي جعفر المنصور، فله ولاؤه] [10] ، ويعرف: بأبي العيناء [11] .
وسبب ذلك أنه قَالَ لأبي زيد: كيف تصغر عينا؟ فقال: عيينا يا أبا العيناء [12] .
__________
[1] في الأصل: «أبو محمد» .
[2] تاريخ بغداد 2/ 314. 315.
[3] «أبو منصور القزاز» ساقطة من ك، وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «الشيخ» ساقطة من ك.
[5] في ك: «ما رأيناه» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] «وسرعته» ساقطة من ك.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] تاريخ بغداد 3/ 170- 179.
[12] في الأصل: «فقال: عيينا يا أبا العيناء مولى أبي جعفر المنصور وله ولاءه» وكذلك في النسخة ت.(12/352)
ولد بالأهواز في أول سنة إحدى وتسعين ومائة، ونشأ بالبصرة، وقد سمع من أبي عاصم النبيل، وأبي عبيدة، والأصمعي، وأبي زيد، وعمي بعد أربعين سنة، وكان من أفصح الناس وأحفظهم وأسرعهم جوابا، ومسنداته قليلة، والغالب/ على روايته الحكايات.
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز، أخبرنا أحمد بن على بن ثابت، حدثنا أبو الفرج أَحْمَد بن مُحَمَّد بن عمر المعدل، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن [كامل] [1] القاضي، حَدَّثَنَا أبو العيناء مُحَمَّد بْن القاسم [2] قَالَ: أتيت عَبْد اللَّهِ بن داود الخريبي فقال: ما جاء بك؟
قلت: الحديث. قَالَ: اذهب فتحفظ القرآن قلت: قد حفظت [3] القرآن. قَالَ: اقرأ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ 10: 71 [4] فقرأت عليه العشر حتى أنفذته قال: فقال: [5] اذهب الآن [6] فتعلم الفرائض قَالَ: قلت: قد تعلمت الجد والصلب والكبر قَالَ: فأيما أقرب إليك، ابن أخيك أو ابن عمك؟ قَالَ: قلت: ابن أخي. قَالَ: ولم؟ قلت: لأن أخي من أبي وابن عمي [7] من جدي، قال: اذهب الآن فتعلم العربية قال: قلت: [قد] [8] علمتها قبل هذين قَالَ: لم قال عمر بن الخطاب حين طعن (يال الله يال المسلمين، لم فتح تلك وكسر هذه؟) قَالَ: قلت: فتح تلك اللام على الدعاء، وكسر هذه على [الدعاء] [9] والاستغاثة والاستنصار فقال: لو حدثت أحدا حدثتك! [10] .
أَخْبَرَنَا القزاز قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن علي قَالَ: أخبرني علي بن أيوب القمي قال:
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] «محمد بن القاسم» ساقطة من ك.
[3] في ك: «قرأت» .
[4] سورة: يونس، الآية: 71.
[5] «فقال» ساقطة من ك.
[6] «الآن» ساقطة من ك.
[7] في ك: «لأن ابن أخي ابن أبي وابن عمي ... » .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] تاريخ بغداد 3/ 172، 173.(12/353)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عمران المرزباني قَالَ: أخبرني مُحَمَّد بْن يحيى قَالَ: حَدَّثَنَا أبو العيناء قَالَ: قَالَ لي المتوكل: قد اخترتك لمجالستي! قلت: لا أطيق ذلك، ولا أقول ذلك جهلا بما لي في هذا [المجلس] [1] من الشرف، ولكني رجل محجوب، والمحجوب تختلف إشارته، ويخفي عليه الإيماء، ويجوز على أن تتكلم بكلام غضبان، ووجهك راض، وبكلام راض ووجهك غضبان، ومتى لم أميز هذين هلكت! فقال صدقت، ولكن أتلزمنا. فقلت: لزوم/ الفرض [الواجب] [2] فوصلني [3] بعشرة آلاف (درهم) [4] قَالَ: وقد روى أن المتوكل قَالَ: أشتهي أن أنادم أبا العيناء لولا أنه ضرير. فقال أبو العيناء: إن أعفاني أمير المؤمنين من رؤية الأهلة [5] ونقش الخواتيم [6] فإني أصلح [7] .
أخبرنا القزاز، أَخْبَرَنَا [أبو بكر] الخطيب قَالَ: أخبرني أَحْمَد بْن مُحَمَّد [بْن أَحْمَد] [8] بْن يعقوب قَالَ: حدثني جدي مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ بن ترنحل [9] ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يحيى، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن القاسم بن خلاد أبو العيناء قَالَ: دعا المنصور جدي خلادا وكان مولاه فقال [له] [10] أريدك لأمر قد أهمني، و [قد] [11] اخترتك له، وأنت عندي.
كما قَالَ أبو ذؤيب الهذلي [12] :
ألكني إليها وخير الرسول ... أعلمهم بنواحي الخبر
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «فأمر لي» .
[4] «درهم» ساقطة من ك.
[5] في ك: «الهلال» .
[6] في ك: «الجواهر» .
[7] تاريخ بغداد 3/ 174.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] في الأصل: «قفرجل» .
وقد ضبطه السمعاني في الأنساب: القرنجلي» وقال: هذه النسبة إلى قرنجل وظني أنها من قرى الأنبار» .
[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[12] «الهذلي» ساقطة من ك.(12/354)
فقال له: أرجو أن أبلغ رضا أمير المؤمنين، فقال: صر إلى المدينة على إنك من شيعة عَبْد اللَّهِ بن حسن، وأبذل له الأموال، وأكتب إلي بأنفاسه وأخبار ولده فأرضاه. ثم علم عَبْد اللَّهِ بن حسن أنه أتي من قبله قَالَ: فدعا عليه، وعلى نسله بالعمى، قال:
فنحن نتوارث ذلك إلى الساعة [1] .
ورويت [2] أن أبا العيناء تأخر رزقه فشكا إلى عبيد الله بن سليمان قَالَ: ألم نكن كتبنا لك إلى ابن المدبر، فما فعل في أمرك؟ قَالَ: جرني على [3] شوك المطل، وحرمني ثمرة الوعد! فقال: أنت اخترته! فقال: ما علي؟ فقد أختار موسى [من] قومه [4] سبعين رجلا، فما كان فيهم رجل رشيد، فأخذتهم الرجفة، واختار النبي صلى الله عليه وسلم ابن أبي سرح كاتبا فلحق بالكفار [مرتدا،] [5] واختار علي أبا موسى فحكم عليه/.
قَالَ المصنف: خرج أبو العيناء من البصرة، فقدم [6] بغداد، وكان السبب في خروجه من البصرة ما أَخْبَرَنَا به أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، أَخْبَرَنَا أبو القاسم الأزهري، وأحمد [7] بن عبد الواحد الوكيل قالا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن جعفر التميمي أَخْبَرَنَا أبو بكر الصولي، عن أبي العيناء قَالَ: كان سبب خروجي من البصرة وانتقالي عنها: أني مررت بسوق النخاسين [يوما] [8] فرأيت غلاما ينادي عليه، وقد بلغ ثلاثين دينارا وهو يساوي ثلاثمائة دينار [9] فاشتريته وكنت، أبني دارا فدفعت إليه عشرين دينارا على أن ينفقها على الصناع، فجاءني بعد أيام يسيرة فقال: قد نفدت النفقة! فقلت: هات حسابك! فرفع حسابا بعشرة دنانير! قلت: أين الباقي؟
__________
[1] تاريخ بغداد 3/ 171.
[2] في ك: «وبلغنا» .
[3] «ألم نكن كتبنا لك إلى ابن المدبر فما فعل في أمرك قَالَ: جرني على» ساقطة من ك.
[4] «قومه» ساقطة من ك.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في ك: «واستوطن» .
[7] في الأصل: «أحمد بن علي بن عبد الواحد» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] «وهو يساوي ثلاثمائة دينار» ساقطة من ك.(12/355)
قَالَ: [قد] [1] اشتريت به ثوبا مصمتا وقطعته قلت: من أمرك بهذا؟ قَالَ: لا تعجل يا مولاي، فإن أهل المروءة والأقدار لا يعيبون علي غلمانهم إذا فعلوا فعلا يعود بالزين على مواليهم [2] ! فقلت في نفسي: أنا اشتريت الأصمعي ولم أعلم.
قَالَ: وكانت في نفسي أمرأة أردت أن أتزوجها سرا من أبنة عمي، فقلت له يوما:
أفيك خير؟ قَالَ: أي لعمري! فأطلعته على الخبر، فقال: إنا نعم العون لك! فتزوجت المرأة، ودفعت إليه دينارا وقلت [له] [3] اشتر لنا كذا وكذا، يكون فيما تشتريه سمك هازبي، فمضى ورجع وقد اشترى ما أردت، إلا أنه اشترى سمك مارماهي، فغاظني ذلك، قلت: أليس أمرتك/ أن تشتري هازبي؟ قَالَ: بلى ولكن رأيت بقراط يقول: إن الهازبي يولد السوداء، ويصف المارماهي ويقول: إنه أقل غائلة، فقلت: يا ابن الفاعلة! أنا لم أعلم أني اشتريت جالينوس، وقمت إليه فضربته عشر مقارع، فلما فرغت من ضربه أخذني وأخذ المقرعة، وضربني سبع مقارع، وَقَالَ: يا مولاي، الأدب ثلاث، والسبع [فضل وذلك] [4] قصاص، فضربتك هذه السبع مقارع [5] خوفا من القصاص يوم القيامة. فغاظني جدا [6] فرميته فشججته، فمضى من وقته إلى ابنة عمي، فقال لها: يا مولاتي، إن الدين النصيحة، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» وأنا أعلمك أن مولاي قد تزوج [7] فأستكتمني، فلما قلت له لا بد من تعريف مولاتي [الخبر] [8] ضربني بالمقارع وشجني، فمنعتني بنت عمي من دخول الدار، وحالت بيني وبين ما فيها، ووقعنا في تخبيط، فلم أر الأمر يصلح إلا بأن طلقت المرأة التي تزوجتها! فصلح أمري مع ابنة عمي، وسمعت الغلام الناصح، ولم يتهيأ لي أن أكلمه،
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «على مواليهم إذ فعلوا فعلا يعود بالزين عليهم» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «مقارع» ساقطة من ك.
[6] في ك: «هذا» .
[7] «قد تزوج» ساقطة من ك.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/356)
فقلت: أعتقه واستريح، فلعله يمضى عني، فلما عتقته لزمني وَقَالَ: الآن وجب حقك علي [1] ثم إنه أراد الحج فجهزته وزودته، وخرج فغاب عني عشرين يوما ورجع، فقلت له: لم رجعت؟ فقال: قطع الطريق [بي] [2] وفكرت، فإذا الله تعالى يقول: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ من اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا 3: 97 [3] وكنت غير مستطيع، وفكرت فإذا حقك أوجب فرجعت. ثم إنه أراد الغزو [3] فجهزته/، فلما غاب عني بعت كل ما أملك بالبصرة [من عقار وغيره] [4] وخرجت عنها خوفا من [5] إن يرجع.
[قَالَ الدارقطني أبو العيناء ليس بقوي في الحديث] [6] .
أَخْبَرَنَا يحيى بن علي المدبر، أَخْبَرَنَا أبو بكر علي بن مُحَمَّد الخياط، أَخْبَرَنَا الحسين بن الحسن بن حمكان قَالَ: حدثني أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن إبراهيم البصري قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يحيى الصولي قَالَ: دخلت على أبي العيناء في آخر عمره، وقد كف بصره، فسمع صرير قلمي على الدفتر قَالَ: من هذا؟ قلت: عبدك وابن عبدك مُحَمَّد بن يحيى الصولي! قَالَ: بل ولدي وابن أخي قَالَ: ما تكتب؟ فقلت: جعلني الله فداءك أكتب [7] شيئا من النحو والتصريف، فقال: النحو في الكلام كالملح في الطعام [8] ، فإذا أكثرت منه صارت القدر زعاقا، يا بني إذا أردت أن تكون صدرا في المجالس فعليك بالفقه ومعاني القرآن، وإذا أردت أن تكون منادما للخلفاء وذوي المروءة [والأدباء] [9] فعليك بنتف الأشعار وملح الأخبار.
قَالَ المصنف: [10] أقام أبو العيناء ببغداد مدة طويلة، ثم خرج يريد البصرة،
__________
[1] في ك: «حقي عليك» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «العود» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] «من» ساقط من ك.
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] «أكتب» ساقطة من ك.
[8] في الأصل: «النحو في العلوم كالملح في القدر» .
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] قول المصنف حتى نهاية الترجمة وضع في الأصل قبل الخبر السابق.(12/357)
فركب في سفينة فيها ثمانون نفسا، فغرقت فلم [1] يسلم منهم غيره، فلما وصل إلى البصرة مات.
1892- مطلب بن شعيب بن حيان، أبو مُحَمَّد [2] .
ولد بمصر، وحدث عن أبي صالح كاتب الليث، وغيره. وكان ثقة.
وتوفي في محرم هذه السنة.
1893- مطرف بن عَبْد الرَّحْمَنِ بن إبراهيم بن مُحَمَّد بن قيس، مولى عَبْد الرَّحْمَنِ بن معاوية بن هشام، أبو سعيد الأندلسي القرطبي [3] .
يروي عن يحيى بن يحيى بن كثير، وسحنون [4] بن سعيد، وكان له زهد وفضل.
توفي بالأندلس في هذه السنة.
1894- يحيى بن عثمان بن صالح بن صفوان، مولى آل قيس بن [أبي] [5] العاص السهمي، يكنى أبا زكريا [6] .
كان عالما بأخبار مصر، وبوفيات العلماء، وكان حافظا للحديث، وحدث بما لم يكن [7] يوجد عند غيره.
توفي [في هذه السنة] [8] في ذي القعدة. /
__________
[1] «فلم» ساقطة من ك.
[2] في الأصل: «مطلب بن شعيب بن شعيب ... » . انظر ترجمته في:
[3] هذه النسبة إلى «قرطبة» وهي بلدة كبيرة من بلاد المغرب من الأندلس الأنساب للسمعاني 10/ 98.
[4] في ك: «وسحبويه» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] تهذيب الكمال ترجمة 1512. وتهذيب الكمال 11/ 257. والتقريب 2/ 354. والجرح والتعديل 9/ 175.
[7] «يكن» ساقط من ك.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/358)
ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
شخوص المعتضد لثلاث عشرة بقيت من المحرم بسبب هارون الشاري إلى ناحية الموصل، فظفر به، وكان سبب ظفره: أنه [وجه] [1] الحسين بن حمدان إليه في جماعة، فقال الحسين: إن أنا جئت به يا أمير المؤمنين فلي ثلاث حوائج. قَالَ:
اذكرها! قَالَ: أولها إطلاق أبي، وحاجتان أسألهما بعد مجيئي به إليك. فقال المعتضد:
لك ذلك فامض [2] ! فمضى فجاء به، فخلع المعتضد عليه وطوقه بطوق من ذهب، وأمر بحل قيود أبيه إلى أن يقدم فيطلقه، وكتب المعتضد إلى بغداد بالظفر.
وفي هذه السنة: خرج عمرو بن الليث من نيسابور فخالفه [3] رافع بن هرثمة إليها، فدخلها وخطب بها لمحمد بن زيد الطالبي، وأبيه، فقال: اللَّهمّ أصلح الداعي إلى الحق. فرجع عمرو إلى نيسابور فعسكر خارج المدينة وخندق عَلَى عسكره لعشر خلون من ربيع الآخر، فناظر أهل نيسابور [4] ثم تواقعا فهزم رافعا ثم جاء الخبر بقتله.
ولعشر بقين من جمادي الأولى أمر المعتضد بالكتاب إلى جميع النواحي برد الفاضل من سهام المواريث على ذوي الأرحام، فنفذت [5] الكتب بذلك، وقرئت
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وكتب على الهامش.
[2] «فامض» ساقطة من ك.
[3] «فخالفه» ساقطة من ك.
[4] «فعسكر خارج المدينة وخندق عَلَى عسكره لعشر خلون من ربيع الآخر فناظر أهل نيسابور» ساقط من ك.
[5] في الأصل: «فصدرت» .(12/359)
النَّاس [1] ، وكان السبب [في ذلك] [2] أنه استفتى القضاة في ذلك، فكتب أبو خازم القاضي، وعلى بن مُحَمَّد بن أبي الشوارب بردها على ذوي الأرحام فصدرت الكتب بذلك [3] وذكرا أنه اتفاق الصحابة عمر وعلي وابن مسعود وغيرهم، وإنما خالفهم زيد بن ثابت، فإنه رأى ردها إلى بيت المال، ولم يتابعه أحد [4] على ذلك، وأفتى يوسف بن يعقوب بقول زيد/، فأمر المعتضد بالعمل بما كتب به أبو خازم والإعراض [5] عن فتيا يوسف، وكتب بذلك إلى الآفاق.
وفي يوم السبت لأربع عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة شخص الوزير عبيد الله بن سليمان بن وهب إلى الجبل لحرب ابن [أبي] [6] دلف بأصبهان فاستأمنه، فأمنه [7] فصار إليه [فقدم به] [8] فجلس له المعتضد، وخلع عليه.
وفي رجب: أمر المعتضد بكري دجيل والاستقصاء عليه، وقلع صخر كان في فوهته يمنع الماء، فجبي لذلك من أرباب الإقطاعات والضياع أربعة آلاف دينار وكسرا [9] وأنفقت عليه.
وفي شعبان هذه السنة: كان الفداء بين المسلمين والروم، ففودي من المسلمين ألفان وخمسمائة وأربعة أنفس، فأطلقت المسلمون وأطلق الروم.
وفي هذه السنة: خلع على يوسف بن يعقوب القاضي، وقلد قضاء الجانب الشرقي من بغداد، وكلواذى، ونهر بين، والنهروانات، وكور دجلة والخط، وخلع عَلَى أبي حازم القاضي، وولي قضاء الشرقية من بغداد، ونادرويا، وشقي الفرات، وشاطئ
__________
[1] في المطبوعة: «المنابر» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] «فصدرت الكتب بذلك» ساقطة من ك.
[4] في ك: «آخر» .
[5] في ك: «الإخراب» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[7] «فأمنه» ساقطة من ك.
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] «وكسرا» ساقطة من ك.(12/360)
دجلة إلى حد عمل [1] واسط مضافا إلى ما تولاه من القضاء بالكوفة وأعمالها، وذلك بعد أن مكثت بغداد ثلاثة أشهر وثمانية عشر يوما بعد وفاة إسماعيل بن إسحاق بغير قاض، ثم خلع على علي بن مُحَمَّد بن عبد الملك [2] بن أبي الشوارب لقضاء مدينة المنصور، وقطربُّل، مضافا إلى ما كان يتولاه من الحكم بسر من رأى، وتكريت، وطريق الموصل، وقعدت الجماعة في مساجد مدينة السلام بالرصافة، والشرقية، والغربية فقرءوا، عهدهم.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1895- إبراهيم بن إسحاق بْن إِبْرَاهِيم [3] بن مهران، أبو إسحاق الثقفي السراج النيسابوري [4] .
سمع أَحْمَد بن حنبل، وغيره، وكان احمد يحضره ويفطر عنده، وينبسط في منزله، وكان ثقة ينزل الجانب الغربي من نواحي قطيعة الربيع.
وتوفي في صفر هذه السنة.
1896- إسحاق بن إبراهيم بن مُحَمَّد بن حازم بن سنين، أبو القاسم الختلي [5] .
سمع داود بن عمرو الضبي، وعلي بن الجعد، وخلقا كثيرا. روى عنه الباغندي. وأبو سهل بن زياد، وأبو بكر الشافعي، وذكره الدارقطني فقال: ليس بالقوى، وتوفي في هذه السنة وقد بلغ ثمانين سنة، وقد ذكرنا قبل هذا بسنتين [6] إسحاق بن إبراهيم الجبلي، وربما ظن من لا يعلم أنهما واحد، وأن إعجام الحروف اختلط، وليس هما [7] كذلك بل [8] هما غيران.
__________
[1] من أول «الخط وخلع ... » حتى «إلى حد عمل» . ساقطة من ك.
[2] «بن عبد الملك» ساقط من الأصل.
[3] «بن إبراهيم» ساقطة من ك.
[4] السرّاج: هذا منسوب إلى عمل السرج، وهو الّذي يوضع على الفرس (الأنساب 7/ 65) .
[5] تاريخ بغداد 6/ 381.
[6] في الأصل: «هذه السنين» .
[7] «هما» ساقطة من ك.
[8] «بل» ساقطة من ك.(12/361)
1897- جعفر بن مُحَمَّد بن علي، أبو القاسم الوراق المؤدب البلخي [1] .
سكن بغداد، وحدث بها، فروى عنه ابن مخلد. وتوفي في رمضان هذه السنة.
1898- سهل بن عَبْد اللَّهِ بن يونس [2] ، [أبو محمد] [3] التستري [4] .
لقي ذا النون [المصري] [5] وكان من أهل [6] الزهادة وله كلام حسن.
أخبرنا عمر بن ظفر، أَخْبَرَنَا جعفر بن أَحْمَد، أَخْبَرَنَا عبد العزيز بن علي، حَدَّثَنَا ابن جهضم، حَدَّثَنَا المفيد، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحسن بن الصباح قَالَ: سمعت سهل بن عَبْد اللَّهِ يقول: أمس قد مات، واليوم في النزع، وغدا لم يولد.
توفي سهل في هذه السنة، وقيل: في سنة ثلاث وسبعين ومائتين.
1899- صالح بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الرحمن، أبو الفضل الشيرازي [7] .
كان يسكن الجانب الشرقي ببغداد، وحدث عن عفان، وعلي بن الجعد، وخالد بن خداش. روى عنه: أبو عمرو بن السماك، وأبو بكر الشافعي، وكان ثقة مأمونا قارئا للقرآن، يقول: قد ختمت أربعة آلاف ختمة. وتوفي في شوال هذه السنة.
1900- عبد الرحمن بن يوسف/ بن سعيد بن خراش، أبو مُحَمَّد الْحَافِظ [8] .
مروزي الأصل. سمع نصر بن علي الجهضمي، [و] الدورقي، وعلي بن خشرم، وكان أحد الرحالين في الحديث إلى الأمصار، وممن يوصف بالحفظ والمعرفة، إلا أنه ينبز بالرفض. روى عنه: أبو العباس بن عقدة.
أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت قال: أخبرني محمد بن
__________
[1] تاريخ بغداد 7/ 190.
[2] في الأصل: «سهل بن يونس بن عبد الله» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] تذكرة الحفاظ صفحة 685.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] «أهل» ساقطة من ك، ت.
[7] تاريخ بغداد 9/ 320، وفيه: «الرازيّ» بدلا من «الشيرازي» .
[8] تاريخ بغداد 10/ 280.(12/362)
أَحْمَد بن يعقوب [القزاز] أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن نعيم الضبي قَالَ: سمعت بكر بن مُحَمَّد بن حمدان يقول: سمعت عَبْد الرَّحْمَنِ بن يوسف يقول: شربت بولي في هذا الشأن- يعني في [1] الحديث- خمس مرات.
قَالَ المصنف: يشير إلى اضطراره في السفر. توفي في رمضان هذه السنة.
1901- علي بن مُحَمَّد بن أبي الشوارب، واسم أبي الشوارب: عبد الملك، ويكنى علي أَبَا الحسن الأموي البصري قاضي سرمن رأى [وبغداد] [2] .
سمع أبا الوليد الطيالسي، وأبا عمر الحوضي [3] ، وغيرهما. روى عنه: ابن صاعد، والنجاد، وابن قانع، وكان ثقة.
أَخْبَرَنَا القزاز، أَخْبَرَنَا [أبو بكر] أَحْمَد بن علي، أَخْبَرَنَا علي بْن المحسن، أَخْبَرَنَا طلحة بْن محمد بن جعفر قَالَ: لما مات إسماعيل بن إسحاق مكثت بغداد بغير قاض ثلاثة أشهر وستة عشر يوما، فاستقضى في يوم الخميس لعشر خلون من ربيع الآخر [4] سنة ثلاث وثمانين علي بن مُحَمَّد بن عبد الملك على قضاء المدينة، مضافا إلى ما كان يتقلده من القضاء بسر من رأى وأعمالها. قَالَ: وقبل هذا كان علي قضاء القضاة بسر من رأى في أيام المعتز والمهتدي، فلما توفي الحسن وجه المعتمد بعبيد الله بن يحيى بن خاقان إلى علي بن مُحَمَّد فعزاه بأخيه [5] ، وهنأه بالقضاء، فامتنع من قبول ذلك، فلم يبرح الوزير عبيد الله من عنده حتى قبل، وتقلد قضاء [6] القضاة، ومكث يدعي بذلك إلى أن توفي. وهو رجل صالح ضيق الستر [7] ، عظيم الخطر، / ثقة أمين على طريق [الشيوخ] [8] المتقدمين، حمل الناس عنه حدثنا كثيرا.
__________
[1] «في» ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 12/ 59، 60.
[3] في الأصل: «أبا عمرو الجزمي» .
[4] في الأصل: «ربيع الأول» .
[5] في الأصل: «فعزله إلى علي بن محمد فعزله» .
[6] في الأصل: «ونقله إلى» .
[7] في الأصل: «صفيق السير» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/363)
وتوفي في شوال هذه السنة ببغداد، وحمل إلى سرمن رأى، ودفن هناك.
1902- علي بن العباس بن جريج، [أبو الحسن] ، مولى عبيد الله بن [عيسى بن] جعفر، يعرف: [بابن] [1] الرومي أحد الشعراء المكثرين [2] .
أخبرنا ابن ناصر قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّهِ الحُمَيْدِي قَالَ: أنشدنا أبو غالب بن بشران، أَخْبَرَنَا أبو الحسين بن دينار [3] قَالَ: أنشدنا أبو طالب الأنباري قَالَ: أنشدنا الناجم قَالَ: أنشدنا ابن الرومي لنفسه:
إذا ما مدحت الباخلين فإنما ... تذكرهم ما في سواهم من الفضل
وتهدي لهم غما طويلا وحسرة ... فان منعوا منك النوال فبالعدل
ومن أبياته المستحسنة ما قَالَ [4] :
وما الحسب الموروث [5] لا در دره ... بمحتسب إلا بآخر مكتسب
فلا تتكل إلا على ما فعلته ... ولا تحسبن المجد يورث بالنسب
فليس يسود المرء إلا بنفسه ... وان عد آباء كراما ذوي حسب
إذا الغصن لم يثمر وإن كان شعبة ... من المثمرات اعتده الناس في الحطب
وللمجد قوم ساوروه بأنفس ... كرام ولم يعبوا بأم ولا بأب
وله [أيضا] [6]
عدوك من صديقك مستفاد ... فلا تستكثرن من الصحاب
فإن الداء أكثر ما تراه ... يكون من الطعام أو الشراب
إذا انقلب الصديق غدا عدوا ... مبينا والأمور إلى انقلاب
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
وفي ت: «علي بن علي بن العباس بن جريج أبو الحسن مولى عبيد الله بن جعفر، يعرف بابن الرومي أحد الشعراء المكثرين» .
[2] تاريخ بغداد 12/ 23- 29.
[3] في الأصل: «أبو الحسين مولى عبيد الله بن جعفر، يعرف بابن الرومي» .
[4] في الأصل: «وله» .
[5] في الأصل: «المعروف» .
[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/364)
ولو كان الكثير يطيب كانت ... مصاحبة الكثير من الصواب
ولكن قلما استكثرت إلا ... وقعت على ذئاب في ثياب
فدع عنك الكثير فكم كثير ... يعاف وكم قليل مستطاب
وما اللجج الملاح بمرويات ... وتلقي الري في النطف العذاب/
[وله أيضا:
إذا دام للمرء السواد وأخلقت ... محاسنة ظن السواد خضابا
وكيف يظن الشيخ أن خضابه ... يظن سوادا أو يخال شبابا] [1]
وله أيضا [2] :
إذا ما كساك الدهر سربال صحة ... ولم تخل من قوت يحل [3] ويعذب
فلا تغبطن المترفين فانه ... على قدر ما يكسوهم الدهر يسلب
[وله أيضا: [4]
وفي أربع منى خلت منك أربع ... فلست بدار أيها هاج لي كربي
أوجهك في عيني أم الريق في فمي ... أم النطق في سمعي أم الحب في قلبي
وله أيضا:
إن للمجد سبيلا وعرا ... ضيقا مسلكها فيه صعود
ليس تثنى بالأباطيل الطلي ... لا ولا توطأ بالهزل الخدود
بل بأن ينصب حر نفسه ... وبأن يسهر والناس رقود
وبأن يلقى بضاحي وجهه ... أوجها فيها عبوس وصدود
كلما عددت أثمان العلى ... ولما يبتاع منهن نقود
وله أيضا في مديحه:
تحكي المكارم عنكم وهي شاهدة ... ليست بغيب ولن تحصى بتعديد
__________
[1] من أول: «وله أيضا: إذا دام ... » حتى هنا ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «يلدّ» .
[4] من هنا حتى: «وقال أيضا: تخذتكم درعا حصينا» ساقط من الأصل» وسنشير إلى ذلك في موضعه.(12/365)
وما حكاية شيء لا خفاء به ... جاء القياس فألوي بالأسانيد
لا تحسبوني لشيء غير أنفسكم ... مغري بتجديد مدح بعد تجديد
لكن كما راقت القمري جنته ... فظل يتبع تغريدا بتغريد
أحبكم لخلال لا لنعمتكم ... عندي وإن أصبحت عون المجاهيد
أفسدتموني لا إفساد تنحية ... للخير عني بل إفساد تعويد
وزهدتني أياديكم وفضلكم ... في كل شيء سواها أي تزهيد
وله أيضا في مديحه:
وفي الرقاب وسوم من صنائعكم ... أن أنكرتها رجال بعد إقرار
تستعبدون بها الأحرار دهركم ... فكم عبيد لكم في الناس أحرار
تخادعون عن الدنيا مساترة ... كأن معروفكم إيداع أسرار
إن كان أورق أقوام فإنكم ... مفضلون بتنوير وأثمار
كأنما الناس في الدنيا بظلكم ... قد خيموا بين جنات وأنهار
لكم خلائق لو تحظى السماء بها ... لما الاحت نجوما غير أقمار
ومستخف بقدر الشعر قلت له ... لن ينفق العطر إلا عند عطار
ابني البديع واهديه إلى ملك ... يبني الرفيع وما يبني بأحجار
يكسى المديح ولم يعور تجرده ... ككعبة الله لا تكسى لا عوار
وقال أيضا:
ولي وطن آليت أن لا أبيعه ... بشيء ولا ألفي له الدهر مالكا
عهدت به شرخ الشباب ونعمة ... كنعمة قوم أصبحوا في ظلالكا
فقد ألفته النفس حتى كأنه ... لها جسد إن بان غودرت هالكا
وحبب أوطان الرجال إليهم ... مآرب قضاها الشباب هنالكا
إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم ... عهود الصبا فيها فحنوا لذالكا
وقال أيضا:] [1]
تخذتكم درعا حصينا [2] لتدفعوا ... نبال العدى عني فكنتم نصالها [3]
__________
[1] إلى هنا الساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «حصنا منيعا» .
[3] في الأصل: «نبالها» .(12/366)
وقد كنت أرجو منكم خير ناصر ... على حين خذلان اليمين شمالها
فان انتم لم تحفظوا لمودتي ... ذماما فكونوا لا عليها ولا لها
قفوا موقف المعذور عني بمعزل ... وخلوا نبالي للعدى ونبالها
وقال أيضا: [1]
قلبي من الطرف السقيم سقيم ... لو أن من أشكو إليه رحيم
من وجهها ابدا نهار واضح ... من فرعها ليل عليه بهيم
إن أقبلت فالبدر لاح وإن مشت ... فالغصن راح وإن رنت فالريم
نعمت بها عيني وطال عذابها ... ولكم عذاب قد جناه نعيم
نظرت فأقصدت الفواد بسهمها ... ثم انثنت نحوي فكدت أهيم
ويلاه إن نظرت وإن هي أعرضت ... وقع السهام ونزعهن أليم
يا مستحل دمي محرم رحمتي ... ما انصف التحليل والتحريم
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، / أَخْبَرَنَا أبو يعلي أَحْمَد بن عبد الواحد، أَخْبَرَنَا أحْمَد بْن مُحَمَّد [2] بن عمران، حَدَّثَنَا الحسن بن أَحْمَد [3] بن السري، حَدَّثَنَا علي بن العباس النوبختي قَالَ: بلغني أن أبا الحسن علي بن العباس بن جريج الرومي عليل، فمضيت إليه أعوده، فقلت له: أي شيء خبرك؟ قَالَ: أي شيء خبر من يموت! فقلت: ما أرى سحنتك إلا صافية حسنة، قَالَ:
هكذا من يموت يكون قبل ذلك [بيوم] [4] حسن الوجه! فقلت: يعافى الله فقال:
خذ حديثي، فإن لم يقطع أن أموت في هذه [العلة] [5] فاصنع ما شئت! أحببت أن أسكن في مدينة أبي جعفر، فشاورت صديقا لي يكنى أبا الفضل وهو مشتق من الإفضال، فقال لي: إذا عبرت القنطرة فخذ عن يدك اليمنى- وهو مشتق من اليمن- وسل عن سكة النعيمية- وهو مشتق من النعيم- وسل عن دار أبي المعافى- وهو مشتق
__________
[1] في الأصل: «وله» .
[2] في ك: «محمد بن أحمد» .
[3] «بن أحمد» ساقطة من ك.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل في هذا المكان، وفي الأصل: «قبل ذلك حسن الوجه بيوم» .
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/367)
من العافية- فخالفت لشؤمي، واقتراب أجلي، فشاورت صديقا يُقَالُ له جعفر- وهو مشتق من الجوع [1] والفرار- فقال لي: إذا عبرت القنطرة فخذ يسرة- وهو مشتق من اليسر [2]- وسل عن سكة العباس- وهو مشتق من العبوس- وأسكن في دار أبي قليب- وهو مشتق من الانقلاب- وقد انقلبت بي الدنيا كما ترى! وأعظم ما على يجتمع في هذه السدرة في داري [في] كل يوم عصافير، فيصيحون في وجهي سيق سيق، فأنا في السياق فعاودته من الغد، فإذا هو قد مات [3] .
توفي ابن الرومي في هذه السنة وقيل: في سنة أربع وثمانين.
1903- العباس بن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ بن زياد بن عبد الرَّحْمَن [4] بن شبيب/، أبو الفضل البزاز، ويعرف: بدبيس [5] .
مروزي الأصل، سمع سريج بن النعمان، وعفان [6] بن مسلم، وسليمان بن حرب. روى عنه: أبو عمرو بن السماك، وكان ثقة يشهد [7] عند الحكام.
[أخبرنا القزاز، أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، أخبرنا محمد بن عبد الواحد، حدثنا محمد بن العباس قال:] [8] قرئ على ابن المنادي وأنا أسمع قَالَ: العباس بن مُحَمَّد [أبو الفضل] [9] المعروف بدبيس أحد الشهود من الجانب الغربي، وكان الغم قد غلب [10] على قلبه لحوادث لحقته، فركب ذات يوم فأخذ به الحمار إلى طريق خارج السور، فسقط فثبتت اليسرى من رجليه في الركاب، فإلى أن لحق مشى به الحمار
__________
[1] في الأصل: «الجزع» .
[2] في الأصل: «العسر» .
[3] تاريخ بغداد 12/ 25، 26.
[4] في ك: «عبد الملك» .
[5] تاريخ بغداد 12/ 148.
[6] في الأصل: «جفان» .
[7] في المطبوعة: «مقبولا» مضافة من تاريخ بغداد.
[8] في الأصل: «فروى ابن المنادي» وحذف باقي السند.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، ك.
[10] في الأصل: «الجانب الشرقي، وكان الغم قد عاد ... » .(12/368)
مجرورا، فمات على ذلك، وحمل إلى منزله فدفن ليومين خليا [1] من رجب سنة ثلاث وثمانين.
1904- مُحَمَّد بن سليمان بن الحارث، [أبو بكر] [2] الواسطي، المعروف بالباغندي [3] .
حدث عن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ الأنصاري، وأبي نعيم، وقبيصة، وغيرهم. روى عنه: القاضي المحاملي، وأبو عمرو بن السماك، وأحمد بن سلمان النجاد، وغيرهم، وكان أبو داود السجستاني يسأل الباغندي عن الحديث.
أَخْبَرَنَا القزاز قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن علي [الخطيب] قَالَ: سمعت أبا الفتح بن أبي الفوارس، وسأله أبو مُحَمَّد الخلال عن الباغندي، فقال: ضعيف الحديث. وَقَالَ الدارقطني لا بأس به. قَالَ الخطيب: لا أعلم لأية علة ضعف [4] ، فإن رواياته كلها مستقيمة، ولا أعلم في حديثه [5] منكرا، وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة.
1905- مُحَمَّد بن غالب بن حرب، أبو جعفر الضبي التمار، المعروف بتمتام [6] .
ولد سنة ثلاث وتسعين ومائة، وسكن بغداد فحدث [بها] [7] عن عفان، والقعنبي، وقبيصة في خلق كثير، وكان صدوقا حافظا. قَالَ الدارقطني: هو ثقة مأمون، إلا أنه كان يخطئ، توفي في رمضان هذه السنة. /
1906-[يحيى بن المختار بن منصور بن إسماعيل بن زكريا النيسابوري [8] .
سكن بغداد، وحدث بها عن جماعة، روي عنه: ابن مخلد، وابن المنادي، وكان صدوقا توفي في صفر هذه السنة] .
__________
[1] «خليا» ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] تاريخ بغداد 5/ 298، 299.
[4] في الأصل: «لا أعلم لا أثبت عليه ضعفا» .
وفي ك: «لا أعلم به علة» وما أثبتناه من تاريخ بغداد 5/ 298.
[5] في الأصل: «من حديثه» .
[6] تاريخ بغداد 3/ 143.
[7] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[8] هذه الترجمة ساقطة من الأصل انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 14/ 223.(12/369)
ثم دخلت سنة أربع وثمانين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
قدوم رسول عمرو بن الليث برأس رافع بن هرثمة في يوم الخميس لأربع بقين من المحرم علي المعتضد، فأمر بنصبه في الجانب الشرقي إلي الظهر، ثم أمر بتحويله إلى الجانب الغربي، ونصبه هناك إلي الليل.
وفي يوم الخميس لأربع عشرة خلت من ربيع الأول: خلع علي أبي عمر مُحَمَّد [1] بن يوسف بن يعقوب، وقلد قضاء مدينة أبي جعفر، مكان علي بن مُحَمَّد بن أبي الشوارب، وقعد للخصوم [2] في الجامع، ومكثت مدينة المنصور من لدن مات ابن أبي الشوارب، إلي أن وليها أبو عمر بغير قاض، وذلك خمسة [أشهر وأربعة] [3] أيام.
وفي هذه السنة [4] : أخذ نصراني فشهد عليه أنه قد شتم النبي صلي الله عليه وسلم، فحبس ثم اجتمع من الغد العوام بسبب النصراني، فصاحوا بالقاسم بن عبيد الله، وطالبوه بإقامة الحد على النصراني [5] ، فلما كان يوم الأحد لثلاث عشرة بقيت من الشهر اجتمع أهل باب الطاق، وما يليها من الأسواق، ومضوا إلي دار السلطان، فلقيهم أبو الحسين ابن الوزير، فصاحوا به، فأعلمهم أنه قد أنهى خبره إلي المعتضد، فكذبوه وأسمعوه ما كره،
__________
[1] في الأصل: «أبي عمرو بن محمد» .
[2] في ك: «للحضور» .
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وكتب على الهامش.
[4] في الأصل: «في هذا الشهر» .
[5] في ك: «الحد عليه» .(12/370)
ووثبوا بأعوانه حتي هربوا منهم، ومضوا إلى دار [1] المعتضد، فدخلوا من الباب الأول والثاني، فمنعوا فوثبوا علي من منعهم، فخرج إليهم من سألهم عن خبرهم، فأخبروه فكتب به إلى المعتضد، فأدخل إليه جماعة [منهم] [2] وسألهم عن الخبر، فذكر له، فأرسل إلى يوسف القاضي لينظر في الأمور، فمضي معهم الرسول/ إلي القاضي، فكادوا يقتلونه ويقتلون القاضي من كثرة الزحام، حتي دخل القاضي بابا وأغلق دونهم.
وفي يوم الخميس لثلاث بقين من ربيع الآخر [3] : ظهرت ظلمة بمصر، وحمرة في السماء شديدة، حتي كان الرجل ينظر إلي وجه الآخر فيراه أحمر، وكذلك الحيطان وغيرها، فمكثوا كذلك من العصر إلى العشاء، وخرج الناس يدعون الله عز وجل ويتضرعون إليه.
وفي يوم الأربعاء، لثلاث خلون من جمادى الأولى: نودي في [الأرباع] [4] والأسواق ببغداد بالنهي عن وقود النار ليلة النيروز، وعن صب الماء [في] [5] يومه، ونودي بمثل ذلك في يوم الخميس، فلما كانت عشية الخميس نودي على باب صاحب الشرطة بالجانب الشرقي بأن أمير [6] المؤمنين قد أطلق الناس في وقود النيران، وصب الماء، ففعلت العامة في ذلك ما جاوز الحد، حتى صبوا على أصحاب الشرطة، فكان ذلك من أعظم الفتن.
وفي هذه السنة: أولعت العوام بأن يقولوا لمن رأوه من الخدم السود: يا عقعق [7] ، فبالغوا في أذى الخدم، فتقدم بأخذ جماعة [وضربهم] [8] .
وفيها [9] : عزم المعتضد على لعن معاوية بن أبي سفيان على المنابر، وأمر بإنشاء
__________
[1] في ك: «باب المعتضد» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «وفي يوم الاثنين لثلاث بقين من ربيع الأول» .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في الأصل: «في باب أمير ... » .
[7] في الأصل: «يا عقيق» .
[8] في الأصل: «بأخذ جماعة منهم» .
[9] «وفيها» ساقطة من ك.(12/371)
كتاب يقرأ [على الناس بذلك] [1] ، فخوفه عبيد الله بن سليمان اضطراب العامة، وحذره الفتنة، فلم يلتفت إلى قوله، وعملت النسخ، وقرئت بالجانبين في يوم الأربعاء لست بقين [2] من جمادى الأولى وتقدم إلى العوام بترك العصبية، ومنع القصاص من [3] القعود في الجامع، [وفي الطرقات] [4] ، ومنعت الباعة من القعود في رحابها، [ومنع أهل الحلق في الفتيا وغيرهم من القعود في المسجد] [5] ، ونودي يوم الجمعة بنهي الناس عن الاجتماع على قاص أو غيره، وأنه قد برئت الذمة ممن اجتمع من الناس على/ مناظرة أو جدل، فمن فعل ذلك أحل بنفسه الضرب، وتقدم إلى الذين يسقون الماء في الجامع [6] أن لا يترحموا [7] على معاوية، ولا يذكروه، وخرج مكتوب فيه: قد انتهى إلى أمير المؤمنين ما عليه جماعة من العامة من شبهة قد دخلتهم في أديانهم، وفساد قد لحقهم في معتقدهم، وعصبية قد غلبت عليهم قلدوا [فيها] [8] قادة الضلال بلا بينة، وخالفوا السنن المتبعة إلى الأهواء المبتدعة، فأعظم أمير المؤمنين ذلك، ورأى ترك إنكاره حرجا عليه في الدين.
وفي شعبان ظهر شخص إنسان في يده سيف في دار المعتضد بالثريا، فمضى إليه بعض الخدم لينظر من هو فضربه الشخص بالسيف ضربة قطع بها منطقته، وبلغ السيف إلى بدن الخادم، وهرب الخادم، ودخل الشخص في زرع في البستان [فتواري فيه] [9] فطلب فلم يعرف لَهُ خبر، ولم [10] يوقف له على أثر، فاستوحش المعتضد من ذلك، ورجم الناس الظنون حتى قالوا: إنه من الجن، ثم عاد الشخص للظهور مرارا كثيرة
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «لست مضين» .
[3] «من» ساقطة من ك.
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[6] في الأصل: «الجامعين.
[7] في ك: «لا يرحموا» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] «يعرف له، ولم» ساقطة من ك.(12/372)
حتى وكل المعتضد بسور داره، وأحكم عمارة السور [وجيء] [1] في يوم السبت لسبع خلون من رمضان بالمعزمين بسبب ذلك الشخص، وجيء معهم بالمجانين وكانوا [قد] [2] قالوا: نحن نعزم على بعض المجانين، فإذا أسقط سأل الجني [عن خبر ذلك الشخص] [3] ، فصرعت امرأة، فأمر بصرفهم.
وذكر أبو يوسف القزويني أنه لم يوقف لَهُ على أثر ولا عرفت [4] حقيقة ذلك إلا في أيام المقتدر، وأن ذلك الشخص كان خادما أبيض يميل إلى بعض الجواري اللواتي في دواخل دور الخدم، وكان قد اتخذ لحي على ألوان/ مختلفة، وكان إذا لبس بعض اللحى لا يشك من رآه أنها لحية [5] ، فكان يلبس في الوقت الذي يريده لحية منها، ويظهر في ذلك الموضع وفي يده سيف أو غيره من السلاح، فإذا طلب دخل بين الشجر، وفي بعض الممرات والعطفات ونزع اللحية، وجعلها في كمه وبقي معه السلاح، كأنه بعض الخدم الطالبين للشخص، فلا يرتاب به أحد وسأل [6] : هل رأيتم أحدا؟ وكان إذا وقع مثل هذا خرج الجواري من داخل [7] الدور، فيرى هو تلك الجارية، ويخاطبها بما يريد، وإنما كان غرضه مخاطبة الجارية، ومشاهدتها وكلامها، ثم خرج من الدار في أيام المقتدر، ومضى إلى طوس، فأقام بها إلى أن مات، وتحدثت الجارية بعد ذلك بحديثه.
وفي هذه السنة: وعد المنجمون الناس بغرق أكثر الأقاليم، وقالوا لا يسلم من إقليم بابل إلا اليسير، وأن ذلك يكون لكثرة الأمطار، وزيادة [المياه في] [8] الأنهار، وقحط الناس في تلك السنة، ولم يروا من الأمطار إلا اليسير، وغارت المياه في الأنهار
__________
[1] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] «له على أثر ولا عرفت» ساقطة من ك.
[5] في الأصل: «لا يشك أحدا أنها لحيته» .
[6] في الأصل: «ويسأل ويسأل» .
[7] في ك: «من تلك» .
[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.(12/373)
والآبار، حتى احتاج الناس إلى الاستسقاء، فاستسقوا ببغداد مرارا [1] ، وكذب الله عز وجل خبر المنجمين.
وحج بالناس فِي هذه السنة مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ بن داود الهاشمي، المعروف بأترجة.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1907- أَحْمَد بن المبارك، أبو عمرو المستملي، الزاهد النيسابوري، ويلقب، بحكمويه العابد [2] .
سمع قتيبة بن سعيد، وإسحاق بن راهويه، وأحمد بن حنبل، وسريج بن يونس في خلق كثير، وكان راهب أهل عصره، يصوم النهار، ويحيى الليل، واستملى على المشايخ ستا وخمسين سنة وحدث [3] .
أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بْن طَاهِرٍ [قَالَ:] أَنْبَأَنَا أَبُو بكر البيهقي، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عَبْد اللَّهِ الحاكم قَالَ: سمعت الحسن بن علي بن مُحَمَّد القاضي يقول: حضرت مجلس أبي عثمان سعيد بن إسماعيل ودخل أبو عمرو المستملي وعليه أثواب رثة، فبكى أبو عثمان، فلما كان يَوْم [4] مجلس الذكر بكى أبو عثمان في آخر مجلسه، ثم قَالَ: دخل على شيخ من مشايخ أهل العلم، فاشتغل قلبي برثاثة حاله، ولولا أني أجله عن تسميته في هذا الموضع لسميته، فجعل الناس يرمون بالخواتيم والدراهم والكسوة بين يديه وتجمع بين يديه [5] ، فقام أبو عمرو المستملي على رءوس الناس، وَقَالَ: أنا الذي ذكرني أبو عثمان [6] برثاثة الحال، ولولا أني كرهت أن يتهم في غيري فيأثم فيه
__________
[1] «مرارا» ساقطة من ك.
[2] تذكرة الحفاظ صفحة 644. والبداية والنهاية 11/ 77، 78.
[3] «وحدث» ساقطة من ك.
[4] «يوم» ساقطة من ك.
[5] «وتجمع بين يديه» ساقطة من ك.
[6] في الأصل: «ذكرني الشيخ» .(12/374)
لسترت ما ستر الله على، فتعجب أبو عثمان من إخلاصه، وأخذ جميع [1] ما جمع له، وحمله معه [وخرج نحو الجامع] [2] فبلغ باب الجامع، وقد وهب الفقراء [كل] [3] ما جمع له. وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
1908-[إبراهيم بن جعفر بن مسعر، أبو إسحاق الكرماني [4] .
قدم مصر وحدث بها وتوفي في هذه السنة] .
1909-[إبراهيم بن عبد العزيز بن صالح، أبو إسحاق الصالحي [5] .
حدث عن أبي سعيد الأشج وغيره وروى عنه الباغندي في جماعة.
أخبرنا القزاز، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن علي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عبد العزيز قَالَ:
الصالحي من ولد صالح صاحب المصلى، كان يعرف بالطلب والصلاح، كتب الناس عنه، ووثقوه، وكان ينزل درب سليمان بالرصافة [6] ، مات في جمادى الأولى سنة أربع وثمانين] .
1910- إسحاق بن الحسن بن ميمون بن سعد، أبو يعقوب الحربي [7] .
سمع عفان، وهوذة بن خليفة، والقعنبي، وأبا نعيم في آخرين. روى عنه: ابن صاعد، والنجاد، وأبو بكر [8] والشافعي، وابن الصواف، وكان أكبر من إبراهيم الحربي بثلاث سنين، ووثقه إبراهيم، والدارقطني، وتوفي لأربع عشرة ليلة بقيت من شوال، ونودي عليه في أكناف مدينة السلام، واجتمع خلق من الناس/ لحضور جنازته، وغلط قوم فقصدوا منزل إبراهيم الحربي، فقال لهم إبراهيم: ليس إلى [9] هذا الموضع
__________
[1] «جميع» ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[4] هذه الترجمة ساقطة من الأصل الكرماني: هذه النسبة إلى بلدان شتى (الأنساب 10/ 401) .
[5] وهذه أيضا ساقطة من الأصل انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 6/ 136.
[6] تاريخ بغداد 6/ 136.
[7] تاريخ بغداد 6/ 382.
[8] «أبو بكر» ساقطة من ك.
[9] «إلى» ساقطة من ك.(12/375)
قصدتم، وغدا تأتونه أيضا! وعاش إبراهيم الحربي بعده سنة دون [1] شهرين.
1911- إسحاق بن مُحَمَّد، أبو يعقوب مولى بني سدوس [2] .
ولد بالبصرة سنة أربع وتسعين ومائة، وكان صالحا يتجر في الجوهر.
وتوفي بمصر في ذي الحجة من هذه السنة.
1912-[عبد الله بن محمد بن يحيى بن المبارك، أبو القاسم العدوي، المعروف بابن اليزيدي [3] .
سمع مُحَمَّد بن منصور، وعبد الرحمن بن يحيى، والأصمعي، وكان ثقة.
وتوفي فِي محرم هَذِهِ السنة.]
1913- عبيد الله بْن علي بن الحسن بن إسماعيل، أبو العباس الهاشمي [4] .
كان الإمام في جامع الرصافة، وإليه الحسبة ببغداد، وحدث عن نصر الجهضمي، روى عنه: أبو الحسن بن المنادي، وتوفي في صفر هذه السنة.
1914- عبد العزيز بن معاوية بن عَبْد اللَّهِ بن أمية بن خالد [5] بن عَبْد الرَّحْمَنِ بن سعيد ابن عَبْد الرَّحْمَنِ بن عباد بن أسيد، أبو خالد القرشي الأموي البصري [6] .
قدم بغداد، وحدث بها عن أزهر السمان، وأبي عاصم النبيل. روى عنه: أبو عمرو بن السماك. توفي في ربيع الآخر من هذه السنة.
1915- يزيد بن الهيثم بن طهمان، أبو خالد الدقاق، يعرف بالباد [7] .
كذا يقول المحدثون وصوابه: البادي بكسر الدال لانه ولد هو وأخ له توأمان فكان هو البادي في الولادة. سمع عاصم بن علي، ويحيى بن معين روى عنه: ابن صاعد، وغيره. وكان ثقة. وتوفي في شوال هذه السنة.
__________
[1] في الأصل: «سنة تخريد دون شهرين» .
[2] البداية والنهاية 11/ 78.
[3] هذه الترجمة ساقطة من الأصل.
[4] في تاريخ بغداد: «عبيد الله بن علي بن الحسين» انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 10/ 339.
[5] في الأصل: «أبو حامد» .
[6] تاريخ بغداد 10/ 452- 453.
[7] تاريخ بغداد 14/ 349.(12/376)
ثم دخلت سنة خمس وثمانين ومائتين
فمن الحوادث فيها:
خروج صالح بن مدرك الطائي [1] على الحاج بالأجفر يوم الأربعاء لاثنتي عشرة [2] ليلة بقيت من المحرم، فأخذ الأموال والتجارات والنساء والحرائر والمماليك [3] ، وذكر أنه أخذ من الناس ألفى ألف دينار [4] .
ولسبع بقين من المحرم قرئ على جماعة من حاج خراسان في دار المعتضد كتاب بتولية [5] عمرو بن الليث الصفار ما وراء النهر- نهر بلخ- وعزل أَحْمَد بن إسماعيل.
وفي هذه السنة: كتب صاحب البريد [6] من الكوفة، يذكر أن ريحا صفراء ارتفعت بنواحي الكوفة في ليلة الأحد لعشر بقين من ربيع الأول، فلم تزل إلى وقت المغرب، ثم استحالت سوداء [7] ، فلم يزل الناس في تضرع إلى الله عز وجل، ثم مطرت السماء بعقب ذلك مطرا شديدا برعود هائلة، وبروق متصلة، ومطرت قرية تعرف بأحمدآباذ [8] .
__________
[1] في ك: «ولد هو وأخ له يوما وكان هو ... » .
[2] في ت: «لاثني عشرة» وما أوردناه من باقي النسخ والطبري.
[3] في ك: «والنساء والمماليك» بسقوط: «الحرائر» .
[4] في ك: «ألفي دينار» بسقوط: «ألف» .
[5] في ك: «في دار المعتضد بتولية» ، بسقوط: «كتاب» .
[6] في ص الأصل: «وكتب صاحب البريد» . بسقوط: «في هذه السنة» .
[7] في ت، ص: «ثم استحالت سوادا» وما أوردناه من باقي النسخ، والطبري.
[8] في ك: «بأجهاباذ» ، وما أوردناه من باقي النسخ، والطبري، وفي الأصل: «بأحمديا» .(12/377)
حجارة بيضاء وسوداء، مختلفة الألوان، وانفذ منها حجرا، فأخرج إلى الدواوين حتى رأوه، ثم ورد الخبر من البصرة أن ريحا ارتفعت بها [1] بعد صلاة الجمعة لخمس [بقين] [2] من ربيع الأول صفراء [3] [ثم استحالت خضراء، ثم سوداء] [4] ثم تتابعت الأمطار بما لم يروا مثلها [5] قط، ثم وقع برد [كبار] [6] ، وزن البردة الواحدة مائة وخمسون درهما، وأن الريح اقتلعت من نهر الحسن [7] خمسمائة [نخلة] [8] أو أكثر، ومن نهر معقل مائة نخلة عددا، وزادت دجلة زيادة مفرطة، لم ير مثلها، فتهدمت أبنية كثيرة [9] حولها، وخيف على الجانبين.
وورد الخبر لثلاث خلون من شعبان أن راغبا الخادم مولى الموفق غزا في البحر، فأظفره الله تعالى بمراكب كثيرة، وبجميع ما فيها [10] من الروم، فضرب أعناق ثلاثة آلاف منهم، وأحرق المراكب، وفتح حصونا كثيرة من حصون الروم.
وفي عشر من ذي الحجة [11] دخل علي بن المعتضد من الري، فتلقاه [12] الناس، ودخل إلى/ المعتضد، فقال له: «يا بنى خرجت ولدا ورجعت أخا» ! فقال: «يا أمير المؤمنين أبقاني الله تعالى لخدمتك، ولا أبقاني بعدك» .
فأمر أن يخلع عليه بين يديه [13] .
__________
[1] في الأصل، ص والمطبوعة: «ارتفعت فيها» وما أوردناه من ت، ك، والطبري.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت،
[3] في ك: «من ربيع الأول» بسقوط: «صفراء» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في الأصل، والمطبوعة: «لم يروا مثله» وما أوردناه من الطبري.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في المطبوعة، ك، ص: «نهر الحسن» وفي ت، والأصل، «نهر الجسر» وفي الطبري: «نهر الحسين» .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ص.
[9] في ت: «فهدمت أبنية كثيرة» .
[10] في ك: «وبجمع فيها» .
[11] في المطبوعة، ص: «وفي عشرين من ذي الحجة» . وفي ك: «وفي ذي الحجة» . وفي ت: «وفي عشر ذي الحجة» .
[12] في ت، «فلقاه الناس» .
[13] في ت: «فما زال يخلع عليه بين يديه» وما أوردناه من باقي النسخ.(12/378)
وفى ذي الحجة [1] خرج المعتضد من بغداد قاصدا إلى [2] آمد واستخلف ببغداد صالحا الحاجب، وصلى بالناس العيد ابنه علي، وانصرف إلى الدار، فعمل بها سماطا للناس.
وحج بالناس فِي هذه السنة [3] مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ بن داود الهاشمي.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1916- أحمد بن أصرم بن خزيمة بن عباد بن عَبْد اللَّهِ بن حسان بن عَبْد اللَّهِ بن مغفل، أبو العباس المزني [4] :
سمع أَحْمَد بن حنبل، ويحيى، وغيرهما. روى عنه أبو بكر النجاد والحزمي وغيرهما [5] وكان ثقة كبير الشأن [6] .
توفي [في جمادى الأولى من هذه السنة] [7] بدمشق.
1917- إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن بشير بن عَبْد اللَّهِ بن ديسم، أبو إسحاق الحربي [8] :
أصله من مرو، ولد سنة ثمان وتسعين ومائة، وسمع أبا نعيم [9] ، وعفان بن
__________
[1] في الطبري: «ولإحدى عشرة بقيت من ذي الحجة» .
[2] في المطبوعة، ك، ص: «قاصدا آمد» بسقوط: «إلى» .
[3] في المطبوعة، ص: «وفيها حج بالناس» . وما أوردناه من ت، ك.
[4] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 4/ 44- 45.
[5] في ك، ص، والمطبوعة: «أبو بكر النجاد، وكان ثقة» بسقوط «والجزمي وغيرهما» .
[6] في ت: «كثير الشأن» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص.
[8] انظر ترجمته في: (تذكرة الحفاظ 2/ 584، وإرشاد الأريب 1/ 37، وصفة الصفوة 2/ 228، وطبقات أبي وعلي 1/ 86، وتاريخ بغداد 6/ 27، واللباب في تهذيب الأنساب لابن الأثير، 1/ 290، وفوات الوفيات لابن شاكر 1/ 3. ونزهة الألباء، في طبقات الأدباء للأنباري 276. والأعلام 1/ 32. الأنساب للسمعاني 4/ 99. وشذرات الذهب 2/ 190 وطبقات الشافعية 121/ 4.
[9] هو: الفضل بن دكين، كما في تاريخ بغداد 6/ 27.(12/379)
مسلم، [وعلي بن الجعد] [1] ، وأحمد بن حنبل وخلقا كثيرا. روى عنه: ابن صاعد [2] ، وابن أبي داود [3] ، وابن الأنباري [4] ، وغيرهم.
وكان إماما في العلم، غاية في الزهد [5] ، عارفا بالفقه، بصيرا بالأحكام، ماهرا في علم الحديث، قيما بالأدب واللغة. وصنف كتبا كثيرة.
وَقَالَ [6] الدارقطني: إبراهيم الحَرْبيّ إمام مصنف [7] ، عالم بكل شيء بارع في كل علم، صدوق، كان يقاس بأحمد بن حنبل في زهده وعلمه وورعه.
وَقَالَ إبراهيم الحربي: كان أخوالي نصارى، وأمي تغلبية، وصحبت قوما من الكرخ [8] على سماع الحديث، فسموني الحربي، لأن عندهم من جاز القنطرة العتيقة [9] من الحربية.
أخبرنا أبو منصور القزاز قال [10] : أخبرنا أحمد بن على بن ثابت، قَالَ: أخبرني الجوهري [11] / قَالَ: [12] أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن العباس الخزاز، قَالَ: سمعت أبا عمر
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت،
[2] هو: يحي بن صاعد كما في تاريخ بغداد 6/ 28.
[3] هو: أبو بكر بن أبي داود.
[4] هو: أبو بكر بن الأنباري النحويّ.
[5] في تاريخ بغداد 6/ 28: رأسا في الزهد.
[6] في المطبوعة: «قال» بإسقاط الواو.
[7] في ك: «إبراهيم إمام مصنف» . بإسقاط: «الحربي» . وفي تاريخ بغداد 6/ 40: «إبراهيم الحربي ثقة.
ذكر أبو عبد الرحمن السلمي أنه سأل الدارقطنيّ عن إبراهيم الحربي، فقال: كان إماما، وكان يقاس بأحمد بن حنبل في زهده وعلمه وورعه» . ثم ذكر الخطيب أنه قال: «أبو إسحاق: إبراهيم بن إسحاق الحَرْبيّ، إمام مصنف، عالم بكل شيء، بارع في كل علم. صدوق ... » .
[8] في ت: «وصحب قوما من الكرخ» . وما أوردناه من باقي النسخ والمطبوعة. وفي تاريخ بغداد 6/ 28:
أنه سئل: لم سميت إبراهيم الحربي؟ فقال: صحبت قوما من الكرخ ... » .
[9] كذا في كل النسخ ما عدا الأصل، وفي تاريخ بغداد 6/ 28: «وعندهم ما جاز قنطرة العتيقة....» .
[10] في ك: «أخبرنا عبد الرحمن بن محمد» . دون ذكر: «قال» . وعبد الرحمن المذكور، هو أبو منصور القزاز، وفي المطبوعة، ص: «أخبرنا أبو منصور القزاز» . دون ذكر: «قال» وما أوردناه من ت.
[11] في المطبوعة، ك، ص: «أخبرنا الجوهري» . وما أوردناه من ت، وفي تاريخ بغداد 6/ 33: «أخبرني الحسن بن علي الجوهري» .
[12] سقطت لفظة: «قال» من المطبوعة، ص، ك. ويلاحظ أنه غالبا ما تسقط هذه اللفظة من السند في(12/380)
اللغوي يقول: سمعت ثعلبا، يقول: ما فقدت إبراهيم الحربي من مجلس نحو أو لغة خمسين سنة.
[أنبأنا القزاز، أَنْبَأَنَا الخطيب، قَالَ: حدثني الأزهري، قَالَ: سمعت أبا سعد عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّد] [1] الإستراباذي يقول: سمعت أبا أَحْمَد بن عدي، يقول: سمعت أبا عمران الأشيب، يقول: قَالَ رجل لإبراهيم الحربي: كيف قويت على جمع [2] هذه الكتب؟ فغضب وقَالَ: بلحمي ودمي، بلحمي [3] ودمي!! أخبرنا أبو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو بكر بْن ثابت، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد العزيز بْن علي الوراق، قَالَ: حَدَّثَنَا علي بن عَبْد اللَّهِ بن جهضم، قَالَ: حَدَّثَنَا الخلدي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بن عَبْد اللَّهِ بن خالد بن ماهان، قَالَ: سمعت إبراهيم بن إسحاق يقول: أجمع عقلاء كل أمة أنه من لم يجر مع القدر لم يتهنأ بعيشة، كأن يكون قميصي أنظف قميص، وإزاري أوسخ إزار، ما حدثت نفسي أنهما يستويان قط، وفرد عقبي مقطوع، والآخر صحيح [4] ، أمشي بهما [5] وادور بغداد كلها، هذا الجانب، وذاك الجانب [6] ، لا أحدث نفسي أن أصلحها [7] . وما شكوت إلى أمي، ولا إلى أختي [8] ، ولا إلى امرأتي، ولا إلى بناتي قط حمى وجدتها.
[وكان يَقُولُ] [9] : الرجل [هو] [10] الذي يدخل غمه على نفسه ولا يغم عياله.
وكان بي [11] شقيقة خمسا وأربعين سنة ما أخبرت بها أحدا قط، ولي عشر سنين أبصر
__________
[ () ] المطبوعة، ص، ك، ونظرا لتكرار هذا السقط، في النسخ المذكورة سنعرض عن التنبيه عليه لكثرته.
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ت، ص. وفيهم: «وقال أبو محمد الأستراباذي» .
[2] في ك، والأصل، وتاريخ بغداد 6/ 33: «كيف قويت على جميع ... » وما أوردناه من: ت، ص.
[3] في تاريخ بغداد 6/ 33: دون تكرار لفظة: «بلحمي ودمي» .
[4] في تاريخ بغداد 6/ 30: «وفرد عقبي الآخر صحيح» .
[5] «أمشي بهما» : ساقطة من ص. ومثبتة في تاريخ بغداد، ت،
[6] في ك، ص، والمطبوعة، وتاريخ بغداد: «هذا الجانب وذلك الجانب» . وما أوردناه من ت.
[7] في تاريخ بغداد 6/ 31: «أني أصلحها» .
[8] في ك، ص، والمطبوعة: «ولا إلى أخي» . وفي تاريخ بغداد: «ولا إلى إخوتي» . وما أوردناه من ت.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وك، ومثبت في ص. وساقط أيضا من تاريخ بغداد.
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ت.
[11] كذا في جميع النسخ، وتاريخ بغداد 6/ 31.(12/381)
بفرد عين ما أخبرت بها أحدا [1] قط، [2] وأفنيت من عمرى ثلاثين سنة برغيفين، إن جاءتني بهما أمي أو أختي أكلت، وإلا بقيت جائعا عطشان إلى الليلة الثانية، وأفنيت ثلاثين سنة من عمري برغيف في اليوم والليلة، إن جاءتني امرأتي أو إحدى بناتي به أكلت [3] والا بقيت جائعا عطشان إلى الليلة الأخرى، والآن آكل نصف/ رغيف وأربع عشرة تمرة إن كانت برنيا، أو نيفا وعشرين إن كانت دقلا، ومرضت ابنتي فمضت امرأتي [فأقامت] [4] عندها شهرا، فقام إفطاري في هذا الشهر بدرهم ودانقين ونصف، ودخلت الحمام واشتريت لهم صابونا بدانقين [5] ، وكانت نفقة رمضان [6] [كله] [7] بدرهم وأربعة دوانيق ونصف.
أخبرنا عَبْد الرحمن بن محمد، قال [8] : أخبرنا أحمد بْنِ عَلِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أبي الفتح، قَالَ: أَخْبَرَنَا عمر بن أَحْمَد بن هارون المقرئ، أن أبا القاسم [بن بكير] [9] حدثه، قَالَ: سمعت إبراهيم الحربي يقول: ما كنا نعرف من هذه الأطبخة شيئا [10] ، كنت أجيء من عشي إلى عشي، وقد هيأت لي أمي باذنجانة مشوية، أو لعقة بن [11] ، أو باقة فجل.
قال عمر: سمعت أبا على الخراط قَالَ [12] : كنت يوما جالسا [13] مع إبراهيم
__________
[1] في ك، والأصل، وتاريخ بغداد: «ما أخبرت به أحدا» . وما أوردناه من ت، والمطبوعة.
[2] لفظة: «قط» ساقطة من كل النسخ. وأثبتناه من ت.
[3] في تاريخ بغداد 6/ 31: «أو أحد بناتي به أكلته» .
[4] في الأصل: «فلما قامت امرأتي عندها شهر» .
[5] العبارة: «ودخلت الحمام واشتريت لهم صابونا بدانقين» . ساقطة من ص.
[6] في تاريخ بغداد: «فقام نفقة شهر رمضان» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] في ص، ك، والمطبوعة: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أخبرنا» . وذلك بإسقاط «قال» وقد تكرر إسقاط هذه اللفظة في أسانيد الواردة في الكتاب وسنضيفها دون الإشارة إليها وذلك لكثرتها.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وأضيفت عن ص، ك، وتاريخ بغداد، والمطبوعة.
[10] في ك: «هذه الأطعمة شيئا» وفي ص، والأصل، «هذه الطبائخ شيئا» وكذا المطبوعة. وما أوردناه من ت، وتاريخ بغداد 6/ 31.
[11] البن بالكسر: الطرق- بكسر الطاء- من الشحم والسمن.
[12] في تاريخ بغداد 6/ 31: «وقال عمر: سمعت أبا علي الخياط المعروف بالميت يقول» .
[13] في ك، ص، والمطبوعة: «كنت جالسا يوما: وما أوردناه من ت، وتاريخ بغداد.(12/382)
[الحربي] [1] على باب داره، فلما أن أصبحنا قَالَ لي: يا أبا علي، قم إلى شغلك فإن عندي فجلة قد أكلت البارحة حضرتها أقوم أتغذى بجزرتها.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ مُحَمَّدِ] [2] الْقَزَّازِ [3] ، قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، قَالَ: أخبرني أبو نصر: أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ القاضي [4] ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو بكر: أَحْمَد بن مُحَمَّد بن إسحاق السني، قَالَ: سمعت أبا عثمان الرازي يقول: جاء رجل من أصحاب المعتضد إلى إبراهيم الحربي بعشرة آلاف درهم من عند المعتضد، يسأله عن أمر أمير المؤمنين [5] تفرقة ذلك، فرده فانصرف الرسول، ثم عاد فقال [6] [له] : إن أمير المؤمنين يسألك أن تفرقه في جيرانك، فقال: عافاك الله، هذا مال لم نشغل أنفسنا بجمعه، فلا نشغلها بتفرقته، قل لأمير المؤمنين إن تركتنا والا تحولنا من جوارك.
أخبرنا/ عَبْد الرحمن [بن محمد] [7] ، قال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الأزهري، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن إبراهيم بن الحسن، قَالَ: حدّثنا أحمد بن مروان، قال: أخبرنا [8] أبو القاسم بن الجبلى، قَالَ: اعتل إبراهيم الحربي علة حتى أشرف على الموت، فدخلت إليه يوما، فقال لي: يا أبا القاسم، أنا في أمر عظيم [9] مع ابنتي، ثم قَالَ لها: قومى اخرجي إلى عمك، فخرجت فألقت على وجهها خمارها، فقال: إبراهيم هذا عمك فكلميه، فقالت [لِي] [10] : يا عم نحن في أمر عظيم، لا في الدنيا ولا في الآخرة، الشهر والدهر ما لنا طعام إلا كسر يابسة وملح، وربما عدمنا
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] «القزاز» ساقطة من المطبوعة، ك. ص.
[4] في تاريخ بغداد 6/ 32: «القاضي بالدينور» .
[5] في ك، ص، والمطبوعة: يسأله عن أمير المؤمنين» . بإسقاط «أمر» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل ت.، وتاريخ بغداد.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ت.
[8] في ك، ص، والمطبوعة: «أحمد بن مروان. حدثنا» .
[9] في ك: «إني في أمر عظيم» .
[10] «لي» ساقطة من ص والأصل.(12/383)
الملح، وبالأمس [قد] [1] وجه إليه المعتضد مع بدر ألف دينار فلم يأخذها، ووجه إليه فلان وفلان فلم يأخذ منهما شيئا وهو عليل. فالتفت الحربي إليها وتبسم [2] وَقَالَ: يا بنية إنما خفت الفقر؟ قالت: نعم! قَالَ: انظري إلى تلك الزاوية، فنظرت [3] فإذا كتب، فقال: هناك اثنا عشر ألف جزء لغة وغريب كتبتها بخطي، إذا مت فوجهي كل يوم بجزء فبيعيه بدرهم، فمن كان عنده اثنا عشر ألف درهم ليس بفقير.
قال مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ الكاتب: كنت يوما عند المبرد فأنشد [4] :
جسمي معي غير أن الروح عندكم ... فالجسم في غربة والروح في وطن
فليعجب الناس منى أن لي بدنا ... لا روح فيه ولى روح بلا بدن
وأنشد ثعلب [5] :
غابوا فصار الجسم من بعدهم ... لا تنظر العين [6] له فيا
بأي وجه أتلقاهم ... إذا رأوني بعدهم حيا؟
يا خجلتي منهم ومن قولهم [7] ... ما ضرك الفقد لنا شيئا
/ قال: فأتيت [إبراهيم] [8] الحربي فأنشدته، فقال: ألا أنشدته:
يا حيائي ممن أحب إذا ما ... قَالَ بعد الفراق [9] أنى حييت
وقال الحسن بن زكريا العدوى: أنشدني إِبْرَاهِيم الحربي:
أنكرت ذلي فأي شيء ... أحسن من ذلة المحب؟
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ك: «فالتفت إليها الحربي وهو يتبسم» .
[3] «فنظرت» : ساقطة من ك.
[4] في تاريخ بغداد 6/ 37: «محمد بن عبيد الله الكاتب، قال: كنت يوما عند محمد بن يزيد المبرد، فأنشدني هذين البيتين» .
[5] راجع تاريخ بغداد 6/ 38.
[6] في تاريخ بغداد: «ما تنظر العين» .
[7] في تاريخ بغداد: «يا خجلتي منه ومن قوله» .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ت، ك.
[9] في ص، والمطبوعة: «قيل بعد الفراق» .(12/384)
أليس شوقي وفيض دمعي ... وضعف جسمي شهود حبي؟
أخبرنا القزاز، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن عَلِيّ بْن ثابت [1] ، قَالَ: حدثني عبد الغفار بن عبد الواحد الأرموي، قَالَ: سمعت أبا يعلى الْحَافِظ [2] ، يقول: سمعت [حمزة] [3] بن مُحَمَّد العلوي، يقول: سمعت عيسى بن مُحَمَّد الطوماري، يقول:
دخلنا على إبراهيم الحربي- وهو مريض- وقد كان يحمل ماؤه إلى الطبيب وكان يجيء إليه ويعالجه، فجاءت الجارية فردت الماء وقالت: مات الطبيب [4] ، فبكى وأنشأ يقول:
إذا مات المعالج من سقام ... فيوشك للمعالج أن يموتا
أخبرنا القزاز، قال: أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت] [5] قال: حدثني الحسن بن أبي طالب، قَالَ: حَدَّثَنَا عمر بْن أَحْمَد الواعظ، قَالَ: حَدَّثَنَا على بن الحسن البزاز، قَالَ: سمعت إبراهيم الحربي يقول وقد دخل عليه قوم يعودونه، فقالوا: كيف تجدك؟
فقال: أجدني كما قَالَ الشاعر:
دب في البلاء علوا وسفلا [6] ... واراني أموت عضوا فعضوا [7]
ذهبت [8] جدتي بطاعة نفسي ... فتذكرت طاعة الله نضوا
توفى إبراهيم الحربي يوم الأثنين لتسع [ليال] بقين من ذي [9] الحجة، ودفن يوم
__________
[1] «بن ثابت» ساقطة من المطبوعة، وك.
[2] في تاريخ بغداد 6/ 39: «أبا يعلى الحافظ القزويني» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] «وكان يجيء.... وقالت: مات الطبيب» هذه العبارة ساقطة من ك.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ت، ص.
[6] في المطبوعة، ص: «دب في السقام سفلا وعلوا» . وفي ك: «دب في الفناء سفلا وعلوا» .
وفي تاريخ بغداد 6/ 39: «دب في البلاء سفلا وعلوا» . وما أوردناه من ت.
[7] في تاريخ بغداد: «وأجدني أذوب عضوا وعضوا» .
[8] في تاريخ بغداد: «بليت» .
[9] في ص، ت: «لسبع ليال بقين من ذي الحجة» .
وما أوردناه من ك. وتاريخ بغداد 6/ 40. وما بين المعقوفتين: ساقط من ت، والأصل.(12/385)
الثلاثاء لثمان بقين من ذي الحجة سنة خمس وثمانين/ [ومائتين] وصلى عليه يوسف بن يعقوب القاضي في شارع باب الأنبار، وكان الجمع كثيرا جدا ودفن في بيته.
1918- إسحاق بن المأمون بن إسحاق بن إبراهيم، أبو سهل الطالقاني: [1] .
حدث عن الكوسج [2] ، والربيع بن سليمان. روى عنه ابن مخلد، وكتب الناس عنه كتاب الشافعي بروايته عن الربيع، ومن الحديث شيئا صالحا.
وتوفي في جمادي الأولى من هذه السنة.
1919- بدر بن عَبْد اللَّهِ، أبو الحسن الجصاص [3] الرومي:
حدث عن عاصم بن على، وخليفة بن خياط. روى عنه الخطبي، والنقاش.
وتوفي في محرم هذه السنة.
1920- زكريا بن يحيى بن عبد الملك بن مروان، أبو يحيى [4] الناقد:
سمع خالد بن خداش، وأحمد بن حنبل، وغيرهما. روى عنه أبو الخلال، ومحمد بن مخلد، وأبو سهل بن زياد، وغيرهم.
وكان أحد العباد المجتهدين، ومن أثبات المحدثين. قَالَ فيه أَحْمَد بن حنبل:
هذا رجل صالح. وَقَالَ الدارقطني: هو فاضل ثقة.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ علي بْن ثابت، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو نصر إِبْرَاهِيم بن هبة الله الجرباذقاني [5] ، قَالَ: حَدَّثَنَا معمر بن أَحْمَد بن مُحَمَّد بن زياد الأصبهاني، قَالَ: قَالَ أبو زرعة الطبري: قَالَ أبو يحيى الناقد: اشتريت من الله تعالى حوراء بأربعة آلاف ختمة، فلما كان آخر ختمة سمعت الخطاب من الحوراء وهي
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 383)
[2] هو: إسحاق بن منصور الكوسج، كما في تاريخ بغداد 6/ 383.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 104)
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 461) .
[5] في المطبوعة: الجردباذقاني، وما أوردناه من ت، وهو موافق لما في تاريخ بغداد 8/ 462.(12/386)
تقول: وفيت بعهدك فها أنا التي [قد] اشتريتني [1] ! فيقال: إنه مات.
توفي أبو يحيى الناقد ليلة الجمعة، [ودفن يوم الجمعة] [2] لثمان بقين من ربيع الآخر من هذه السنة.
1921- سعيد بن محمد بن سعيد، أبو عثمان الأنجداني [3] :
سمع أبا عمر الحوضي روى عنه أبو بكر الشافعي، وكان صدوقا.
توفي فِي/ شوال هَذِهِ السنة.
1922- عَبْد اللَّهِ بن أَحْمَد بن سوادة أبو طالب مولى [4] بني هاشم:
حدث عن مجاهد بن موسى، وطالوت في جماعة. روى عنه أبو بكر بن مجاهد، وابن مخلد [5] ، وابن عقدة [6] ، وكان صدوقا.
وتوفي في هذه السنة بطرسوس.
1923- عبيد اللَّه بن عبد الواحد بن شريك أبو مُحَمَّد البزار [7] :
حدث عن آدم بن أبي إياس، ونعيم بن حماد. روى عنه النجاد [8] ، والمحاملي، وقال الدارقطنيّ: هو صدوق.
__________
[1] في المطبوعة، ك، ص: «أنا التي قد اشتريتني» . وفي ت: «أنا الّذي اشتريتني» بإسقاط «قد» . وما أوردناه موافق لما في تاريخ بغداد.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ومثبت في جميع النسخ.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 96، 97) . وفي الأصل: «أبو سعيد الأنجداني» .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 373. وشذرات الذهب 2/ 193) .
[5] هو: محمد بن مخلد الدوري، كما في تاريخ بغداد.
[6] هو: أبو العباس بن عقدة، كما في تاريخ بغداد.
[7] في ك: «عبد الله بن عبد الواحد ... » وفي الأصل، ص، ت: «عبيد الله بن عبد الواحد ... » وفي تاريخ بغداد، والمطبوعة: «عبيد بن عبد الواحد ... » . وفي ت: «البراز» .
انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 99) .
[8] هو: أحمد بن سلمان، النجاد، كما في تاريخ بغداد 12/ 99.(12/387)
وتوفي في رجب هذه السنة، ودفن عند قبر أَحْمَد [1] .
1924- مُحَمَّد بن بشر بن مطر، أبو بكر الوراق، أخو خطاب بن بشر المذكر [2] :
سمع عاصم بن على، ومحمد بن عَبْد اللَّهِ بن نمير، ويحيى بن يوسف الزمي، وغيرهم. [روى عنه ابن صاعد، وأبو جعفر بن بريه [3] ، وأبو بكر الشافعي، وغيرهم.
و] [4] قال إبراهيم الحربي: أخو خطاب صدوق لا يكذب، وَقَالَ الدارقطني: ثقة.
وتوفي في رمضان هذه السنة.
1925- مُحَمَّد بن حماد بن ماهان بن زياد، أبو جعفر [5] الدباغ:
سمع على بن المديني، وغيره. وكان ثقة.
وتوفي في جمادى الآخرة [6] من هذه السنة [7] .
1926- مُحَمَّد بن يزيد بن عبد الأكبر، أبو العباس الأزدي [8] الثمالي- وثمالة قبيلة من الأزد- المعروف [9] بالمبرد.
__________
[1] في تاريخ بغداد 11/ 100: «أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق، ومحمد بن عمر النرسي، قالا: قال لنا أبو بكر الشافعيّ: وتوفي عبيد بن شريك البزار يوم الأحد في رجب سنة ثمان وثمانين ومائتين» .
وصحح الخطيب تاريخ وفاته في سنة خمس وثمانين ومائتين.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 90) .
[3] هو: عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ت.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 273) . وهذه الترجمة ساقطة من الأصل.
[6] في ك، ص: «جمادى الأولى» وكذا في المطبوعة، وما أوردناه من ت، وهو يوافق ما في تاريخ بغداد 2/ 273.
[7] العبارة من: «ابن ماهان بن زياد ... من هذه السنة» . ساقطة من ك.
[8] انظر ترجمته في: (بغية الوعاة 116. ووفيات الأعيان 3/ 441. وسمط اللآلئ 340. وآداب اللغة 2/ 186. ولسان الميزان 5/ 430. ونزهة الألباء 279. وطبقات النحويين 108- 120.
والأعلام 7/ 144. وتاريخ بغداد 3/ 380 وشذرات الذهب 2/ 190، 191)
[9] في الأصل، ك، ص: «وثمالة من الأزد المعروف «كذا بإسقاط: «قبيلة» .(12/388)
[له المعرفة التامة باللغة، وكان في نحو البصريين آية] [1] ولد سنة عشر ومائتين، وقيل: سنة ست ومائتين [2] وذكر ابن المرزبان أنه سئل: لم سميت المبرد؟ فقال: كان سبب ذلك أن صاحب الشرطة طلبني للمنادمة فكرهت الذهاب إليه، فدخلت على أَبِي حاتم السجستاني، فجاء رسول صاحب الشرطة [3] يطلبني [4] ، فقال لي أبو حاتم:
ادخل [في هذا] [5] يعنى غلاف المزملة فارغ، فدخلت فيه وغطى رأسه ثم خرج إلى الرسول، فقال أبو حاتم للرسول: ليس هو عندي، فقال: أخبرت أنه دخل إليك، فقال:
فأدخل الدار ففتشها. فدخل فطاف كل موضع من الدار ولم يفطن بغلاف المزملة، ثم خرج فجعل أبو حاتم/ يصفق بيديه وينادي على المزملة: المبرد المبرد، وتسامع الناس ذلك فلهجوا به. وللمبرد المعرفة التامة باللغة، وهو أوحد في نحو البصريين.
و [6] روى عن المازني، وأبى حاتم، وغيرهما. وكان موثوقا به في الرواية، وكان بينه وبين ثعلب مفارقة [7] .
أخبرنا عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّد، قَالَ: أخبرنا أَحْمَد بْن عَلِيّ الخطيب [8] ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا الجوهري، قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن العباس، قَالَ: أنشدنا مُحَمَّد بن المرزبان لبعض أصحاب المبرد يمدحه:
بنفسي أنت يا ابن يزيد من ذا ... يساوى ثعلبا بك غير قين [9]
إذا مازتكما العلماء يوما ... رأت شأويكما متفاوتين [10]
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] «وقيل: سنة ست ومائتين» ساقطة من ك.
[3] في ك، ص، والمطبوعة: «فجاء رسول الوالي» .
[4] «يطلبني» ساقطة من ك. وفي ت: «فطلبني» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] «وللمبرد المعرفة التامة باللغة، وَهُوَ أوحد فِي نحو البصريين و» . هذه العبارة ساقطة من المطبوعة، وص، والأصل.
[7] في المطبوعة: «مقارفة» .
[8] في ص، والمطبوعة: «أخبرنا الخطيب» .
[9] في ص: «غير ابن قين» .
[10] في ت: «شأويكما متساويين» . وفي الأصل: «متقاربين» وما أوردناه من باقي النسخ، وهو موافق لما في تاريخ بغداد 3/ 382.(12/389)
تفسر كل معضلة [1] بحذق ... ويستر [2] كل واضحة بعين
كأن الشمس ما تمليه شرحا ... وما يمليه همزة بين بين
توفى المبرد في هذه السنة.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد العتيقي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الحسين بن عمر التميمي [3] ، قَالَ: أنشدنا أَحْمَد بن مروان المالكي، قَالَ: أنشدني بعض أصحابنا لثعلب بن المبرد حين مات:
مات المبرد وانقضت أيامه ... وسينقضي [4] بعد المبرد ثعلب
بيت من الآداب أصبح نصفه ... خربا وباقي نصفه فسيخرب [5]
قَالَ المصنف [6] : هذا [قدر] ما روى لنا من هذه الطريق، وأنها لثعلب، وقد روى لنا من طريق آخر أنها للحسين بن علي المعروف بابن العلاف، قالها يرثي المبرد [ويمدح ثعلبا، وهي] [7] :
مات المبرد وانقضت أيامه ... وليذهبن مع المبرد ثعلب
بيت من الآداب أصبح نصفه ... خربا وباقى بيته فسيخرب
فابكوا لما سلب الزمان ووطنوا ... للدهر أنفسكم على ما يسلب
غاب المبرد حيث لا ترجونه ... أبدا ومن ترجونه فمغيب/
شملتكم أيدي الردى بمصيبة ... وتوعّدت بمصيبة تترقب [8]
__________
[1] في ك: «كل مغلقة» وفي تاريخ بغداد: «كل مقفلة» وما أوردناه من ت، ص.
[2] في ت: «وتستر» وكذا في ص، ك، الأصل وما أوردناه من تاريخ بغداد.
[3] في تاريخ بغداد 3/ 387: «محمد بن الحسين بن عمر اليمني» وما أوردناه عن باقي النسخ.
[4] في ص: «وليذهبن» . وما أوردناه يوافق ما في تاريخ بغداد 3/ 387.
وفي الأصل: «وليذهبن مع المبرد» .
[5] في ك: «وباقي نصفه سيخرب» . وفيت: «وباقي بيته فسيخرب» . وفي الأصل: «يستخرب» .
[6] «قال المصنف» : ساقطة من ك.
وفي الأصل: «قال المصنف هذا ما روي لنا ... » .
[7] ويمدح ثعلبا، وهي: ساقطة من ص، والأصل،
[8] في ت: «يترقب» .(12/390)
فتزودوا من ثعلب فبكاس ما ... شرب المبرد عن قليل يشرب
وأرى لكم أن تكتبوا [1] أنفاسه ... إن كانت الأنفاس [2] مما يكتب
فليلحقن بمن مضى متخلف ... من بعده وليذهبن ونذهب [3]
قال المبرد: خرجت ومعي أصحاب لي نحو الرقة، فإذا نحن بدير كبير، فأقبل إلي بعض أصحابي [فقال] : مل بنا إلى هذا الدير لننظر من فيه، ونحمد الله سبحانه وتعالى على ما رزقنا من السلامة، فلما دخلنا الدير رأينا مجانين مغللين [4] ، [وهم] في نهاية القذارة وإذا بينهم شاب [عليه بقية ثياب] [5] ناعمة، فلما بصر بنا قَالَ: من أين أنتم يا فتيان حياكم الله؟ فقلنا: من العراق، فقال: يا بأبي العراق وأهلها! باللَّه أنشدوني- أو أنشدكم- فقال المبرد: والله إن الشعر من هذا لظريف، فقلنا: أنشدنا، فأنشأ يقول:
الله يعلم أنني كمد ... لا استطيع أبث ما أجد
روحان لي روح تضمنها ... بلد [6] وأخرى حازها بلد
وأرى المقيمة ليس ينفعها ... صبر ولا يقوى لها جلد
وأظن غائبتي كشاهدتي ... بمكانها تجد الذي أجد
قَالَ المبرد [والله] إن هذا لظريف، باللَّه زدنا، فأنشأ يقول:
لما أناخوا قبيل الصبح عيرهم ... ورحلوها فثارت بالهوى الابل
وأبرزت من خلال السجف ناظرها ... ترنو إلى ودمع العين منهمل [7]
وودعت ببنان عقدها عنم ... ناديت لا حملت رجلاك يا جمل
ويلي من البين ماذا حل بي وبهم ... من نازل البين حان البين وارتحلوا [8]
__________
[1] في ص: «وأراكم أن تكتبوا» .
[2] في الأصل، ت: «تكتبوا ألفاظه إن كانت الألفاظ» .
[3] في الأصل ت: «وليذهبن ويذهب» .
[4] في الأصل ص: «مجانين مغلبين» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ك، ص، والمطبوعة: «بدن» .
[7] في ك: «ينهمل» .
[8] في ت: «حان البين وإلا حل» .(12/391)
يا راحل العيس عجل كي أودعهم ... يا راحل العيس في ترحالك الأجل
إنى على العهد لم أنقض مودتهم [1] ... فليت شعري لطول [2] العهد ما فعلوا
[قَالَ المبرد] [3] فقال رجل من البغضاء الذين معى: ماتوا! قَالَ: إذن فأموت؟
فقال له: إن شئت [فمت] [4] فتمطى واستند إلى السارية التي كان مشدودا فيها [ومات] [5] ، فما برحنا حتى دفناه.
[وتوفي المبرد في هذه السنة] [6] .
1927- الوليد بن عبيد بن يحيى، أبو عبادة الطائي، البحتري [7] :
من أهل منبج، بها ولد سنة ست ومائتين [8] ، وبها نشأ وتأدب، وخرج إلى العراق فمدح المتوكل وخلقا من الرؤساء والأكابر، وأقام ببغداد زمانا طويلا، ثم رجع إلى بلده فمات به، وكان فصيحا نقي الكلام، وقد روى عنه [من] [9] شعره المبرد [10] ، وابن المرزبان [11] ، وابن درستويه [12] ، وكان [ينحو نحو أبى تمام] [13] ويقول أبو تمام الأستاذ، وقيل له: إن الناس يزعمون أنك أشعر من أبي تمَام، [فقال] والله ما ينفعني
__________
[1] في ك: «عهودكم» . وفي ص والمطبوعة: مودتكم» وكذلك في الأصل.
[2] في الأصل ك، ص: «فليت شعري أطال» وما أوردناه من ت.
[3] «قال المبرد» : ساقطة من ك. ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ت، ك.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ك، ص، والمطبوعة.
[7] في المطبوعة: «وليد بن عبيد» .
انظر ترجمته في: (وفيات الأعيان 5/ 74 وتاريخ بغداد 13/ 476. ومفتاح السعادة 1/ 193. ودائرة المعارف الإسلامية 3/ 365- 368. والأعلام 8/ 121 وشذرات الذهب 2/ 186: 190)
[8] في ت: «ولد سنة ثمانين» خطأ.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، «ومن شعره» ساقطة من الأصل.
[10] هو: محمد بن يزيد المبرد.
[11] في ت: «المرزباني. وهو: محمد بن خلف بن المرزبان.
[12] هو: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دَرَسْتَوَيْهِ النَّحْوِيُّ.
[13] ما بين المعقوفتين: ساقط من ك، ت.(12/392)
هذا ولا يضر أبا تمَام] [1] والله مَا أكلت الخبز إلا به.
ولما سمع أبو تمام شعره، قَالَ: نعيت إلى نفسي [2] ، فإنه ليس يطول عمري وقد نشأ لطيّئ مثلك [3] فمات [أبو تمام] [4] بعد سنة، وكان شعر البحتري في المديح أجود من المراثي، فسئل عن سبب ذلك، فقال: كنا نقول للرجاء ونحن الآن نعمل للوفاء، وبينهما بعد.
أخبرنا أبو منصور القزاز [5] ، قال: أخبرنا أحمد بْنِ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو يعلى: أَحْمَد بن عبد الواحد الوكيل، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو الحسن مُحَمَّد بن جعفر التميمي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بكر الصولي، عن ابن البحتري، قَالَ: دخل أبي على بعض العمال قد ذكره في حبس المتوكل [وهو] [6] يطالب بما [7] لا يقدر عليه من الأموال فأنشأ يقول:
جعلت فداك الدهر ليس بمنفك ... من الحادث المشكو والنازل المشكي
وما هذه الأيام إلا منازل ... فمن منزل رحب ومن منزل ضنك
وقد هذبتك الحادثات وإنما ... صفا الذهب الإبريز قبلك [8] [بالسبك] [9]
أما في نبي الله يوسف أسوة ... لمثلك مسجونا على الزور والإفك
أقام جميل الصبر في السجن برهة ... فأسلمه الصبر الجميل إلى الملك
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: «نفيت إلى نفسي» وما أوردناه من باقي النسخ وهو موافق لما في تاريخ بغداد 13/ 478.
[3] في الأصل ت: «مثلك لطيّئ» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ص: أخبرنا عبد الرحمن.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ت: «حبس المتوكل مطالب بما» .
[8] في ت: «مثلك» وما أوردناه من باقي الأصول. وهو موافق لما في تاريخ بغداد 13/ 479.
[9] ما بين المعقوفتين: مطموس في ت.(12/393)
ومن شعره أيضا [1] :
ألا لا تذكرني الحمى [2] إن ذكره ... جوى للمشوق المستهام المعذب [3]
أَتَتْ دون ذاك العهد أيام جرهم ... فطارت بذاك العيش عنقاء مغرب
ويا لائمي في عبرة قد سفحتها ... لبين وأخرى قبلها للتجنب
تحاول مني شيمة غير شيمتي ... وتطلب عندي مذهبا غير مذهبي
ولما تزايلنا من الجزع وانتأى ... مشرق ركب [4] مصعد من مغرب
تبينت أن لا دار من بعد عالج ... تسر، وأن لا خلة بعد زينب
وَقَالَ أيضا: [5]
سلام عليكم لا وفاء ولا عهد [6] ... أما لكم من هجر خلانكم بد؟
أأحبابنا قد أنجز الدهر [7] وعده ... وشيكا ولم ينجز لنا منكم وعد
أأطلال دار العامرية باللوى ... سقت ربعك الأنواء ما فعلت هند؟
بنفسي من عذبت نفسي بحبه ... وان لم يكن منه وصال ولا ود [8]
حبيب من الأحباب شطت به النوى ... وأي حبيب ما أتى دونه البعد
إذا جزت صحراء الغوير مغربا ... وجازتك بطحاء السواجير [9] يا سعد
فقل لبني الضحاك مهلا فإنني ... أنا الأفعوان الصل والضيغم الورد [10]
__________
[1] في ك، ص: ومن شعره المستحسن قوله. وقد جاءت هذه الأبيات بعد الأبيات التالية في ت، هذا وقد سقطت هذه الأبيات من الأصل.
[2] في ت: «ألا لا تذكرني الحي» .
[3] في ت: «جوى للمشق» .
[4] في ت: «مسرف ركب» .
[5] «وقال أيضا» ساقطة من الأصل.
[6] في ت: «لا وفاء لعهدكم» .
[7] في الأصل: ت: «قد انجن البين» .
[8] البيتان ساقطان من ص، والأصل.
[9] في ت: السواحين، والسواجير نهر بالشام.
[10] البيتان ساقطان من ص، والأصل.(12/394)
وله [أيضا] : [1]
إن جرى بيننا وبينك عتب ... أو تناءت منا ومنك الديار
فالغليل الذي علمت مقيم [2] ... والدموع التي عهدت غزار
[وَقَالَ أيضا:] [3]
أقول له عند [4] توديعنا ... وكل بعبرته مبلس
لئن قعدت عنك أجسامنا ... لقد سافرت معك الأنفس
وله أيضا: [5]
ترون بلوغ المجد أن ثيابكم ... يلوح عليها حسنها وبصيصها
وليس العلى دراعة ورداؤها ... ولا جبة موشية وقميصها
وله [أيضا] [6]
تنكر العيش [7] حتى صار اكدره ... يأتى نظاما ويأتي صفوه لمعا
فقد الشقيق غرام ما يرام وفي ... فقد التجمل [8] وهن يعقب الظلعا [9]
كلاهما عبء مكروه إذا افترقا ... فكيف [10] يقلهما الواهي إذا اجتمعا
ليس المصيبة في الثاوي مضى قدرا ... بل المصيبة في الباقي هوى جزعا [11]
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفي ك: «وقال أيضا» .
[2] في ك: «عهدت مقيم» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. ومن هنا حتى نهاية جميع الأبيات في هذه الترجمة ساقط من الأصل.
[4] في ت: «وله أقول» .
[5] في ص، ك: وقال أيضا.
[6] في ص، ك: وقال أيضا. وفي ت: «وله» بإسقاط ما بين المعقوفتين.
[7] في ص، ك: «تنكد العيش» . وما أوردناه من ت، وهو يوافق ما في ديوانه.
[8] في ت: «فقد التحمل» .
[9] في ص، ك: «يعقب الصلحا. وأوردناه من ت، وهو يوافق ما في الديوان.
[10] في ك، ص: «متى» .
[11] في ت، والديوان: «هنا جزعا» .(12/395)
إن البكاء على الماضين مكرمة ... لو كان ماض إذا بكيته رجعا [1]
صعوبة الرزء تلفى في توقعه ... مستقبلا وانقضاء الرزء إن يقعا
هم ونحن سواء غير أنهم ... أضحوا لنا سلفا نمشي لهم تبعا
ولَهُ:
عجب الناس لاغترابى وفى الأطراف ... تغشى منازل [2] الأشراف
وجلوسي عن التصرف والأرض ... لمثلي رحيبة الأطراف [3]
ليس لي ثروة [4] بلغت مداها ... غير أنى امرؤ كفاني كفافي
قد رأى الأصيد [5] المنكب عني ... صيدي عن فنائه وانصرافي
وغبي الأقوام [6] من بات يرجو ... فضل من لا يجود بالإنصاف [7]
إن تنل قدرة فقد نلت صونا ... والتغاني بين الرجال تكافى
ولَهُ [8] :
مضى أهلك الأخيار إلا أقلهم ... وبادوا كما بادت أوائل [جرهم] [9]
وله [10] :
قبور بأطراف الثغور كأنما ... مواقعها منها مواقع انجم
ولما رأوا أن الحياة مذلة ... عليهم وعز الموت غير مجرم
أبوا أن يذوقوا العيش والذم واقع ... عليه وماتوا ميتة لم تذمم
__________
[1] في ت: «لو كان ماض وانقضى الرزان نفعا» .
[2] في ت: «يغشى منازل» .
[3] في ت: «رحيبة الأكناف» .
[4] في ص، ك: «ليس لي ثروة» .
[5] في ت: «قد روى الأصيد» .
[6] في ت: «وغبي الأقوام» .
[7] في ت: «فضل من لا يجوز بالإنصاف» .
[8] في ك، ص: «وقال أيضا» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] «وله» : ساقط من ك، ص، والمطبوعة.(12/396)
مساع عظام ليس يبلى جديدها ... وإن بليت منها رمائم أعظم
سلام على تلك الخلائق أنها ... مسلمة من كل عار ومأثم [1]
ولا عجب للأسد إذ ظفرت [2] بها ... كلاب الأعادي من فصيح وأعجم
فحربة وحشى سقت حمزة الردى ... وحتف على في حسام ابن ملجم [3]
توفى البحتري في هذه السنة، وقيل في سنة ثلاث وثمانين [4] ، وقد بلغ ثمانين سنة.
1928- هارون بن عيسى بن يحيى، أبو مُحَمَّد الصيرفي [5] :
روى عن أَبِي عَبْد الرَّحْمَنِ المقري، وعبد الله بن عبد الحكم.
وكان من عقلاء الناس ثقة في الحديث.
وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة.
__________
[1] في ت: «من كل عاب ومأثم» .
[2] في ت: «إن ظفرت» .
[3] إلى هنا الساقط من الأصل.
[4] في ك: «وقيل في سنة ثمان وثمانين» .
وأرخ ابن العماد وفاته بسنة 284 هـ وحكى الخلاف في ذلك.
[5] هذه الترجمة ساقطة كلها من الأصل ص.(12/397)
ثم دخلت سنة ست وثمانين ومائتين
147/ أفمن الحوادث فيها: / ورود الخبر في ربيع الآخر أن المعتضد وصل إلى آمد، فأناخ بجنده عليها، وحاصرها، ونصب المجانيق [عليها] [1] واقتتلوا، فبعث رئيسها يطلب الأمان فأمنه، فخرج إليه [فخلع عَلَيْهِ] [2] ، ووصل رسول من هارون بن خمارويه إلى المعتضد وهو بآمد يخبره أنه قد بذل أنه أن سلمت إليه أعمال [3] قنسرين والعواصم حمل إلى بيت المال في كل سنة أربعمائة ألف دينار [وخمسين ألف دينار] [4] وأنه يسأل أن يجدد له ولاية مصر والشام، فأجيب إلى ذلك، فأقام المعتضد بآمد بقية جمادى الأولى وعشرين يوما من جمادى الآخرة، ثم ارتحل عنها، وأمر بهدم سورها، فهدم بعضه ولم يقدر على هدم الباقي.
فقال ابن المعتز يهنئه بفتح آمد:
اسلم أمير المؤمنين ودم ... في غبطة وليهنك النصر [5]
فلرب حادثة نهضت لها ... متقدما فتأخر الدهر
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ك، ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ك، ت.
[3] في ك: «إن ضم إليه أعمال» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ك، ص: «فليهنك النصر» وما أوردناه من ت، وهو يوافق ما في البداية والنهاية 11/ 80.(12/398)
ليث فرائسه الليوث [1] فما ... يبيض من دمها له ظفر
وحكى أبو بكر الصولي [2] : انه كان مع المعتضد أعرابي فصيح يُقَالُ له شعلة بن شهاب اليشكري، وكان يأنس به، فأرسله إلى مُحَمَّد بن عيسى بن شيخ ليرغبه في الطاعة ويحذره العصيان، قَالَ: فصرت إليه فخاطبته فلم يجبني، فوجهت إلى عمته فصرت إليها، فقالت: يا أبا [شهاب] [3] كيف خلفت أمير المؤمنين؟ فقلت: خلفته أمارا [4] بالمعروف فعالا للخير.
فقالت: أهل ذلك ومستحقه، وكيف لا يكون كذلك وهو ظل [5] الله [تعالى] [6] الممدود [7] على بلاده، [وخليفته المؤتمن على عباده] ، فكيف رأيت صاحبنا؟ قلت:
رأيت/ غلاما حدثا معجبا قد استحوذ عليه السفهاء واستبد [8] بآرائهم يزخرفون له 147/ ب الكذب، فقالت: هل لك أن ترجع إليه بكتابي قبل لقاء أمير المؤمنين؟ قلت: أفعل.
فكتبت إليه كتابا لطيفا أجزلت فيه الموعظة، وكتبت في آخره:
اقبل نصيحة أم قلبها وجل [9] ... خوفا [عليك] [10] وإشفاقا وقل سددا
واستعمل الفكر في قولي فانك إن ... فكرت ألفيت في قولي لك الرشدا
ولا تثق برجال في قلوبهم ... ضغائن تبعث الشنآن والحسدا
__________
[1] في ص: «فرائسه الأسود» . وما أوردناه يوافق ما في ك، ت، والبداية والنهاية 11/ 80، وفي ديوانه:
«فرائسه اللصوص» .
وفي الأصل: «ليث فرائسه الملوك» .
[2] «اللسان» : ساقطة من الأصل، ك، ص، والمطبوعة،
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ك: «خلفته آمرا» .
[5] في الأصل، ك، ص، والمطبوعة: «وكيف لا وهو ظل» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] «الممدود» : ساقط من ك، وفي الأصل: «الممدود على عباده» . ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[8] في ص: «استحوذ عليه واستبد» .
[9] في ص، ك، والمطبوعة: «أم قلبها وجع» .
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(12/399)
مثل النعاج خمولا في بيوتهم ... حتى إذا آمنوا ألفيتهم أسدا
وداو داءك والأدواء ممكنة ... وإذ طبيبك قد ألقى عَلَيْكَ يدا [1]
وأعط الخليفة ما يرضيه منك ولا ... تمنعه مالا ولا أهلا ولا ولدا
واردد أخا يشكر ردا يكون له ... ردا من السوء لا تشمت به أحدا
قَالَ: فأخذت الكتاب وصرت إليه، فلما نظر فيه رمى به إلى، ثم قَالَ: يا أخا بني يشكر [2] ، ما بآراء النساء تتم الدول [3] ، ولا بعقولهن يساس الملك، ارجع إلى صاحبك.
فرجعت إلى المعتضد فأخبرته الخبر، فأخذ الكتاب فقرأه فأعجبه شعرها وعقلها، ثم قَالَ: إني لأرجو أن اشفعها في كثير من القوم.
فلما كان من فتح آمد ما كان أرسل إلى المعتضد فقال: هل عندك علم من تلك المرأة؟ قلت: لا! قَالَ: فامض مع هذا الخادم فانك ستجدها في جملة نسائها، فمضيت فلما بصرت بي من بعد أسفرت عن وجهها، وجعلت تقول:
148/
أريب الزمان وصرفه ... وعناده كشف القناعا/
واذل بعد العز منا ... الصعب والبطل الشجاعا
ولكم نصحت فما أطعت ... وكم حرصت بأن أطاعا
فأبى بنا المقدور [4] إلا ... أن نقسم أو نباعا
يا ليت شعري هل نرى ... من بعد فرقتنا [5] اجتماعا
ثم بكت حتى علا صوتها، وضربت بيدها على الأخرى، وقالت: إنا للَّه وإنا إليه راجعون، كأني والله كنت أرى ما أنا فيه [6] ، فقلت لها إن أمير المؤمنين وجه بي إليك وما
__________
[1] في الأصل، ص، ك: «قد ألقى إليك يدا» .
[2] في الأصل، ص، ك: «يا أخا يشكر» . بإسقاط. «بني» .
[3] في ك: «تتم الدولة» .
[4] في ت: «فأبى بنا المقدار» ، وكذا في ك، وما أوردناه من ص.
[5] في ص، ك، والمطبوعة: «أبدا لفرقتنا» .
[6] في ك: «كنت أرى ما أرى» . وكذا في ت، والأصل.(12/400)
ذاك إلا لجميل رأيه فيك، قالت: فهل لك أن توصل لي رقعة إليه؟ [قلت: نعم] [1] ، فدفعت إلى رقعة فيها [مكتوب] [2] :
قل للخليفة والإمام المرتضى ... وابن الخلائف من قريش الأبطح
علم الهدى ومناره وسراجه ... مفتاح كل عظيمة لم تفتح
بك اصلح الله البلاد وأهلها ... بعد الفساد وطال ما لم تصلح
فتزحزحت بك هضبة العرب التي ... لولاك بعد الله لم تتزحزح [3]
أعطاك ربك ما تحب فأعطه ... ما قد يحب وجد بعفوك [4] واصفح
يا بهجة الدنيا وبدر ملوكها ... هب ظالمي ومفسدي لمصلح
قَالَ: فصرت بها إلى المعتضد، فلما قرأها ضحك، وَقَالَ: لقد نصحت لو قبل منها، وأمر أن يحمل إليها خمسون ألف درهم، وخمسون تختا من الثياب، وأمر أن يحمل مثل ذلك إلى ابن عيسى.
ووردت الأخبار يوم الخميس لثمان بقين من جمادى الآخرة هدية عمرو بن الليث من نيسابور، وكان مبلغ المال الّذي وجه [به] [5] أربعة آلاف ألف درهم، وعشرين من الدواب، بسروج ولجم محلاة، ومائة وخمسين [6] دابة بجلال مشهورة [7] ، وكسوة حسنة، وطيبا [8] وبزاة [وطرف] [9] .
وفى هذه السنة: عبر إسماعيل/ بن أَحْمَد نهر بلخ، يريد عمرو بن الليث الصفار، 148/ ب فظفر به، وذلك أن أهل بلخ ملوه وضجروا [منه و] [10] من نزول أصحابه في منازلهم،
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ص: «لم تترجح» .
[4] في الأصل ص، ك: «وجد بعفو» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ص، والمطبوعة: «مائة وعشرين» . وما أوردناه من، ك، ت، وتارخ الطبري، 10/ 71.
[7] في باقي النسخ: «بجلال مشهرة» .
[8] في الأصل، ت، ص: «وطيب وبزاة» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ص، ت.(12/401)
ومد يده إلى أموالهم، وكان أصحاب عمرو قد خرجوا يوما من بلخ فحمل عليهم أصحاب إسماعيل [فانهزموا] [1] فانهزم عمرو، فأخذ وجيء به إلى إسماعيل، فقام إليه، وقبل [بين] [2] عينيه، وَقَالَ: عزيز على يا أخي ما نالك، وغسل وجهه وخلع عليه وحلف له انه [3] لا يؤذيه ولا يسلمه، فجاءه كتاب المعتضد بأن يسلم عمرو بن الليث، فسلمه.
وكان عمرو يقول: لو أردت أن اعمل جسرا من ذهب على نهر بلخ لفعلت، وكان يحمل فرشه، ومطبخه [4] على ستمائة جمل، فآل به الأمر إلى القيد والذل.
وفى هذه السنة ظهر رجل من القرامطة يكنى أبا سعيد، فاجتمع إليه جماعة منهم ومن الأعراب، وكثر أصحابه [وذلك] [5] في جمادى الآخرة، وقوى أمره، فقتل من حوله من أهل القرى، ثم صار إلى موضع يُقَالُ له: القطيف، بينه وبين البصرة مراحل، وقيل:
انه يريد البصرة، فكتب أَحْمَد بن مُحَمَّد الواثقي، وكان يتقلد معادن البصرة وكور دجلة إلى السلطان [بما] [6] قد عزم عليه القرامطة، فكتب إليه في عمل سور على البصرة فقدرت النفقة [عليه] [7] أربعة عشر ألف دينار، فبنى، وغلب أبو سعيد على هجر وأمن أهلها.
ومن الحوادث العجيبة فيها [8] .
ما أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْقَزَّازِ، قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، 149/ أقال: / أخبرني مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن نعيم الضبي، قَالَ:
سمعت أبا عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن أَحْمَد بن موسى القاضي، يقول: حضرت مجلس
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ص، ت، والأصل.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، والأصل.
[3] من، ص، ك: «وحلف أنه» بإسقاط «له» وفي الأصل: «وحلف له أن» .
[4] «ومطبخه» ساقطة من ك.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص.
[8] في ك، ص، والمطبوعة: «ومن الحوادث العجيبة في هذه السنة» .(12/402)
موسى بن إسحاق القاضي بالري سنة ست وثمانين ومائتين [1] ، فتقدمت امرأة فادعى وليها على زوجها خمسمائة دينار مهرا، فأنكر، فقال القاضي: شهودك، قَالَ: قد أحضرتهم، فاستدعى بعض الشهود أن ينظر إلى المرأة ليشير إليها في شهادته، فقام الشاهد وَقَالَ للمرأة. قومى! فقال الزوج: تفعلون ماذا؟ قَالَ [الوكيل] : ينظرون إلى امرأتك وهى مسفرة لتصح عندهم [2] معرفتها، فقال الزوج: فإني أشهد القاضي أن لها علي هذا المهر الّذي تدعيه ولا يسفر عن وجهها، فأخبرت المرأة بما كان من زوجها، فقالت: فاني أشهد القاضي أني قد وهبت له [3] هذا المهر، وأبرأته منه في الدنيا والآخرة! فقال القاضي: يكتب هذا في مكارم الأخلاق. [4]
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
1929- إسماعيل بن الفضل بن موسى بن مسمار بن هانئ، أبو بكر البلخي
[5] :
سكن بغداد، وحدث بها عن أبي كريب [6] وغيره، روى عنه أبو عمرو بن السماك، وأبو بكر الشافعي، وابن مخلد [7] وغيرهم. وكان ثقة.
توفي في رجب هذه السنة.
1930- إسماعيل بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران، أبو بكر السراج، النيسابورىّ، مولى ثقيف [8] :
__________
[1] «ومائتين» ساقطة من ك.
[2] في ت: «ليصح عندهم» .
[3] في ص، ك، والمطبوعة: «إني قد وهبته» .
[4] هذا العنوان ساقط من ك.
[5] في ص: «أبو بكر البجلي» . وفي ت: «أبو بكر العجليّ «. وكلاهما خطأ.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 290) .
[6] أبو كريب، هو: محمد بن العلاء الكوفي.
[7] هو: محمد بن مخلد.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 292) .(12/403)
149/ ب سمع إسحاق بن راهويه، وأحمد/ بن حنبل، وكان له به اختصاص، وكان ثقة.
توفى في هذه السنة.
أخبرنا أبو منصور [1] القزاز، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن ثابت [الخطيب] [2] قال:
أخبرني محمد بن علي المقرئ، قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ الْحَافِظ، قَالَ:
سمعت أبا الوليد: حسان بن مُحَمَّد الفقيه، يقول: سمعت أبا العباس مُحَمَّد بن إسحاق السراج، يقول: وا أسفا على بغداد! فقيل [له] [3] : ما الذي حملك على الخروج منها؟ قَالَ: أقام بها أخي إسماعيل خمسين سنة فلما توفي ورفعت جنازته سمعت رجلا على باب الدرب [4] ، يقول لآخر: من هذا الميت؟ قَالَ: غريب كان ها هنا قلت: أنا للَّه! بعد طول مقام أخي بها واشتهاره بالعلم والتجارة يقال غريب كان ها هنا! فحملتني هذه الكلمة على الانصراف إلى الوطن.
1931- إسحاق بن مُحَمَّد بن [أَحْمَد] [5] بن أبان [6] ، أبو يعقوب النخعي وَهُوَ إسحاق الأحمر [7] :
حدث عن عبيد الله [8] بن مُحَمَّد بن عائشة، وإبراهيم بن بشار الرمادي، وأبى عثمان المازني وغيرهم. والغالب على رواياته الأخبار والحكايات. روى عنه مُحَمَّد بن خلف [9] وكيع.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بْن مُحَمَّد [10] الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ
__________
[1] «أبو منصور» ساقطة من ص.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك، وفي ص: «أخبرنا الخطيب» بإسقاط «أبو بكر بن ثابت» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ك: «سمعت رجلا من باب الدرب» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في المطبوعة: «ربان» خطأ.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 378. والبداية والنهاية 11/ 83) .
[8] في جميع الأصول المخطوطة: «عبد الله «وهو خطأ، والتصحيح من تاريخ بغداد 6/ 378.
[9] في الأصل، ص، ك: «محمد بن خلف ووكيع» . وهو خطأ فوكيع لقب لمحمد بن خلف.
[10] في ص: «أبو منصور» بإسقاط، «عبد الرحمن بن محمد» .(12/404)
علي بن ثابت الخطيب [1] قال: سمعت أبا القاسم عبد الواحد بن علي بن برهان [الأسدى] ، يقول: إسحاق بن مُحَمَّد بن أبان النخعي الأحمر كان خبيث المذهب، رديء الاعتقاد، يقول: إن عليا هو الله عز وجل [قَالَ] : وكان أبرص فكان يطلي البرص بما يغير لونه فسمي الأحمر لذلك [2] . قَالَ: وبالمدائن جماعة من الغلاة يعرفون/ 150/ أبالإسحاقية ينتسبون [3] إليه.
قَالَ الخطيب: سألت بعض الشيعة ممن يعرف مذاهبهم ويخبر أحوال شيوخهم عن إسحاق، فقال لي مثل مقالة عبد الواحد بن على سواء، وَقَالَ: لإسحاق مصنفات في المقالة المنسوبة إليه التي يعتقدها الإسحاقية.
قَالَ الخطيب: ثم وقع إلي كتاب لابى مُحَمَّد الحسن بن يحيى النوبختي [4] من تصنيفه في الرد على الغلاة وكان النوبختي هذا من متكلمي الشيعة الإمامية، فذكر أصناف مقالات الغلاة [5] إلى أن قَالَ: (و [قد] [6] كان ممن جرد الجور في الغلو في عصرنا [7] إسحاق بن مُحَمَّد المعروف بالأحمر، وكان ممن يزعم أن عليا هو الله [عز وجل] [8] ، وأنه يظهر في وقت هو الحسن، وفي وقت هُوَ الحسين. وهو الذي بعث بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) .
وَقَالَ في كتاب له: لو كانوا ألفا لكانوا واحدا. وعمل كتابا ذكر أنه كتاب التوحيد، فجاء فيه بجنون وتخليط لا يتوهمان، فضلا عن أن يدل عليهما.
وكان يقول: باطن صلاة الظهر محمد صلى الله عليه وسلّم لإظهاره الدعوة، قال: ولو كان باطنها
__________
[1] «الخطيب» ساقط من ص.
[2] في ت: «بذلك» .
[3] في ت: «من الغلاة يسمون الإسحاقية منسوبون إليه» . وما أوردناه من ص، ك، وتاريخ بغداد 6/ 380.
[4] في ص: «ابن علي النوبختيّ» . وما أوردناه من الأصل، ت، ك، وتاريخ بغداد 6/ 380.
[5] العبارة: «وكان النوبختيّ ... مقالات الغلام» . ساقطة من ص.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ك: «كان ممن جند الجنود في عصرنا» . وفي ص: «وكان ممن جرد الجور في الغلو في عصرنا» .
وفي تاريخ بغداد 6/ 380. «وقد كان ممن جود الجنون في الغلو في عصرنا» . وما أوردناه من ت.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.(12/405)
هو هذه التي هي الركوع [والسجود] لم يكن لقوله: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ 29: 45 [1] معنى، لأن النهي لا يكون إلا من حي قادر. وقد أورد النوبختي عن إسحاق أشياء كان يحتج بها على مقالته أقلها يوجب الخروج عن الملة، نعوذ باللَّه من الخذلان.
1932- الحسين بن بشار بن موسى، أبو علي [2] الخياط.
150/ ب سمع أبا بلال/ الأشعري [3] ، وروى عنه أبو بكر الشافعي، وكان ثقة [صدوقا] [4] .
أخبرنا أبو منصور القزاز، قَالَ: أخبرنا أبو بَكْرٍ: أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ [بْنِ ثَابِتٍ] [5] ، قَالَ: أخبرنا أحمد بن مُحَمَّد بن أَبِي جعفر [6] الأخرم، قَالَ: حَدَّثَنَا عيسى بن مُحَمَّد الطوماري، قَالَ: سمعت أبا عمر: مُحَمَّد بن يوسف القاضي، يقول: اعتل أَبِي علة شهورا، فأتيته ذات يوم فدعا بي وبأخوي: أَبِي بكر، وأبي عَبْد اللَّهِ، فقال لنا: رأيت في النوم كأن قائلا يقول: كل لا، واشرب لا، فإنك تبرأ، فقال له أخي أبو بكر: إن [7] لا كلمة وليست بجسم وما ندري ما معنى [8] ذلك، وكان بباب الشام رجل يعرف بأبي على الخياط، حسن المعرفة بعبارة الرؤيا، فجئناه به، فقص عليه المنام فقال: ما أعرف تفسير ذلك، ولكني أقرأ في كل ليلة نصف القرآن [9] ، فأخلوني [10] الليلة حتى أقرأ رسمي من القرآن وأفكر في ذلك.
__________
[1] سورة: العنكبوت، الآية: 45.
[2] في ت: «الحسن بن بشار ... » .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 24. والبداية والنهاية 11/ 82) .
[3] في ك: «سمع بلال الأشعري» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ت، ك.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ت، ص.
[6] في ك: محمد بن أحمد بن أبي جعفر.
[7] «إن» ساقطة من ك.
[8] «معنى» ساقطة من ك.
[9] في ت: «ولكني في كل ليلة أقرأ نصف القرآن» .
[10] في ك: «فأمهلوني» .(12/406)
فلما كان من الغد جاءنا، فقال: مررت البارحة وأنا اقرأ على هذه الآية: مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ 24: 35 [1] فنظرت إلى لا وهي تتردد فيها وهي شجرة الزيتون اسقوه زيتا وأطعموه [2] زيتا، قَالَ: ففعلنا ذلك، فكان سبب عافيته.
1933- زكريا بن داود بن بكر، أبو يحيى الخفاف، النيسابوري [3] :
قدم بغداد، وحدث بها، فروى عنه ابن مخلد، وأبو سهل بن زياد [4] . وكان ثقة.
وتوفى بنيسابور في جمادى الآخرة من هذه السنة.
1934- زياد بن الخليل، أبو سهل التستري [5] :
قدم بغداد، وحدث بها عن إبراهيم بن المنذر الحزامي، ومسدد، وإبراهيم بن بشار الرمادي. روى عنه أبو بكر الشافعيّ/. 151/ أثم صار إلى البصرة، وتوفى بعسفان في طريق المدينة قبل أن يدخل مكة، في ذي القعدة من هذه السنة.
1935- مُحَمَّد بن الحسين بن إبراهيم بن زياد بن عجلان، أبو الشيخ الأصبهاني:
سكن بغداد، وحدث بها عن أَبِي بكر الأثرم، والحسن بن مُحَمَّد الزعفراني.
روى عنه أبو بكر الشافعي، وكان ثقة.
وتوفى ببغداد في هذه السنة.
__________
[1] سورة: النور، الآية: 35.
[2] في تاريخ بغداد 8/ 25: «اسقوه زيتا وأطعموه زيتونا» .
[3] في ص: «زكريا بن داود بن أبي بكر» . وفي ك، ت: «زكريا بن داود بن زكريا» . وما أوردناه عن تاريخ بغداد، وتذكرة الحفاظ. وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 462. وتذكرة الحفاظ 2/ 22.
والأعلام 3/ 46) .
[4] في ص: «وسهل بن زياد» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 481) وفي الأصل: «القشيري» .(12/407)