روى عنه: الدُّبَيْثِيّ، والبِرْزالِيُّ، وغيرُهما.
وتُوُفّي في جُمادي الآخرة [1] .
682- عُثْمَان بْن مُحَمَّد [2] بْن أَبِي عليّ.
القاضي، الإمام عماد الدّين أَبُو عَمْرو، الكُرْديُّ، الحُمَيديُّ، الشّافعيُّ.
تفقّه بالمَوْصل عَلَى غير واحدٍ، ثُمَّ رَحل إِلى الإمام أَبِي سَعْد بْن أَبِي عَصْرون، واشتغلَ عَلَيْهِ مُدَّةً.
وقَدِمَ مصر، فَوَلِيَ قضاء دِمْياط، ثُمَّ قدِم ونابَ بالقاهرة عَنْ قاضي القضاة أَبِي القَاسِم عَبْد المَلِك المارانيّ. ودَرَّسَ بالمدرسة السَّيفيَّة، وبالجامع الأقْمَر، ثُمَّ حَجّ، وجاورَ إِلى أن مات في ربيع الْأوّل.
وكان فاضلَا، وقورا، حَسَنَ السمْت.
683- علي بْن إِبْرَاهيم [3] بْن تُرَيْك بْن عَبْد المحسن بْن تُرَيْك.
أَبُو القَاسِم الأزَجِيُّ، البَيِّع.
ولد سنة خمسين وخمسمائة [4] .
وسَمِعَ من عَمّه أَبِي الفضل عَبْد المُحسن.
ومات في ذي القعدة [5] .
684- علي بن أبي السعادات [6] المبارك بن عليّ بن فارس.
__________
[1] وقال ابن النجار: كتبت عنه، وكان شيخا لا بأس به. (ذيل تاريخ بغداد) .
[2] انظر عن (عثمان بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 97 رقم 1924، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 356، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 293، والعقد المذهب لابن الملقن ورقة 165، 166، والعقد الثمين 3/ ورقة 111، وحسن المحاضرة 1/ 191.
[3] انظر عن (علي بن إبراهيم) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 3 رقم 511، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 110 رقم 1953.
[4] وقع في ذيل تاريخ بغداد 3/ 3 «ذكر أن مولده في سنة خمس وخمسمائة» وهو خطأ.
[5] وقال ابن النجار: حدّث باليسير، ولم يتفق لي أن أكتب عنه شيئا، وقد أجاز لي مروياته في ليلة الإثنين سلخ ذي القعدة سنة عشرين وستمائة.
[6] انظر عن (علي بن أبي السعادات) في: تاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 165، 166، والتكملة.(44/505)
أبو الحسن ابن الوارث، البَغْداديُّ.
وُلِد سنة تسعٍ وأربعين.
سَمِعَ من: يَحْيَى بْن ثابت بْن بُنْدار، وسُلَيْمَان بن فيروز العيشونيّ، وأبي محمد ابن الخشّاب، وعبد الله بن منصور ابن الموصليّ، وأحمد بن المبارك المرقّعاتيّ، وأبي محمد ابن الخَشّاب، وخلقٍ كثير.
وكتبَ الكثير من الكُتب والْأجزاء، ولازمَ السِّماع مُدَّةً طويلة. وكان محدِّثًا صدوقا.
توفّي في رمضان.
[حرف القاف]
685- القَاسِم بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن دحمان.
أَبُو مُحَمَّد الأنصاريّ، المالقيّ.
أخذ عن: عَمِّه القَاسِم بْن عَبْد الرَّحْمَن، وأبي مروان بْن قَزْمان.
بقيَ إِلى حُدود هذه السنة.
686- قريش بْن سُبَيعِ [1] بْن مُهنا بْن سُبَيع.
الشريف أَبُو مُحَمَّد العَلَويُّ الحُسَينِيُّ المَدَنِيُّ، نزيلُ بغداد.
ولد بالمدينة في رأس الأربعين وخمسمائة.
وقَدِمَ بغداد، وطَلَب، وسَمِعَ الكثير، وحَصَّل، وعُني بالحديث.
وسَمِعَ من: أَبِي الفتح بْن البطِّي، وأبي زرعة، وأبي بكر ابن النَّقُور، والمبارك بْن خُضَير، وطبقتهم.
روى عَنْهُ: الدُّبَيْثِيّ، وابن النجّار، وأهلُ بغدادَ، وغيرهم.
تُوُفّي في ذي الحجّة.
__________
[ () ] لوفيات النقلة 3/ 105، 106 رقم 1941، والمختصر المحتاج إليه 3/ 142 رقم 1057.
[1] انظر عن (قريش بن سبيع) في: التكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 318، 319 رقم 319، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 111، 112 رقم 1958، والمختصر المحتاج إليه 3/ 161 رقم 1109، وشرح نهج البلاغة 2/ 472.(44/506)
[حرف الكاف]
687- كامِليَّة بنت مُحَمَّد [1] بْن أَحْمَد بْن عُمَر العَلَويُّ.
سمَّعَها عَمُّها المحدِّث عليّ بْن أَحْمَد الزَّيْدِيّ من أَبِي الفتح بْن البَطِّي.
وماتت فِي المُحرّم.
[حرف الميم]
688- مُحَمَّد بْن أَحْمَد [2] بْن مُحَمَّد بْن أَبِي الفوارس.
أَبُو عَبْد اللَّه البَغْداديُّ المالكيُّ، ويعرف بابن العريّسة [3] .
ولد سنة أربعين وخمسمائة.
وسَمِعَ من: أَبِي الوَقْت، وأبي الفتح بْن البَطِّي. وأجازَ لَهُ ابنُ ناصر.
روى عَنْهُ: الدُّبَيْثِيّ، وابنُ النجّار، وغيرهما.
وحَدَّث ب «البخاري» و «الدّارميّ» عَنْ أَبِي الوَقْت.
وكان شيخا مَطْبُوعًا، متودِّدًا، حسنَ الْأخْلاق. من جُملة حُجّاب الخلافة.
وجدّه مُحَمَّد بْن أَبِي الفوارس هُوَ الملقّب بالعُرَيِّسة.
تُوُفّي في سادس شَعْبان [4] .
ونسبته بالمالكيّ، لأنّه كان يذكر أَنَّهُ من وَلَد مالك بْن أنس.
ويقال لَهُ: الحَمَاميّ- بالتّخفيف- كَانَ يلعب بها.
__________
[1] انظر عن (كاملية بنت محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 94، 95 رقم 1918، والمختصر المحتاج إليه 271 رقم 1432.
[2] انظر عن (محمد بن أحمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (شهيد علي) ورقة 19، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 103، 104 رقم 1937، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 2324، والمختصر المحتاج إليه 1/ 20، 21.
[3] العريّسة: بضم العين المهملة وفتح الراء، وسكون الياء المثناة المشدّدة، وفتح السين المهملة.
(المنذري) .
[4] هكذا في أصل المؤلف- رحمه الله- وقد سها عن إثبات كلمة «عشرين» ، كما في: تاريخ ابن الدبيثي، وتكملة المنذري.(44/507)
689- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم [1] بْن مُحَمَّد بْن عَبْد البرّ.
أَبُو عَبْد اللَّه الخولانيُّ، الْأندلسيُّ.
سَمِعَ من: أبي القاسم بْن بُشْكوال، وأبي بَكْر بْن خَيْر، وأبي القَاسِم بْن غالب، وأخذَ عنه القراءات والعربيّة، ولازم ابن بَشْكُوال أعواما.
وحدَّث.
قَالَ الْأبّار: كَانَ فاضلا، سُنّيًا، مُعَدَّلًا. تُوفّي سنة عشرين، وقيل: في المحرّم سنة إحدى.
690- مُحَمَّد بْن إسْمَاعيل الإخْمِيميُّ، الفقيه.
ولد سنة خمسين وخمسمائة.
وحدَّث عَن السِّلَفِيّ.
روى عَنْهُ الشِّهاب القُوصيّ في «مُعْجَمه» .
691- مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن أَحْمَد بْن يوسف.
أَبُو عَبْد اللَّه المَغْرِبيّ، السَّبْتِيُّ، التُّجِيبِيُّ.
سَمِعَ من: أَبِي القَاسِم بْن حُبَيْش، وأبي عَبْد اللَّه بْن حَمِيد، وأكثر عَنْ أَبِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه الحَجْريّ.
وكان بارعا في الشُّروط. سكن إشبيلية، وحَدَّث بها.
692- محمد بن سليمان بْن قترمش [2] .
أَبُو منصور السَّمَرْقَنْديُّ، ثُمَّ البغداديُّ، حاجبُ الحُجّاب.
كَانَ من أولاد الْأمراء، ولي الحجابة الكبرى سنة خمس عشرة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 613.
[2] انظر عن (محمد بن سليمان) في: معجم الأدباء 18/ 205، 206 رقم 58 وفيه «قطرمش» ، وعقود الجمان لابن الشعار 6/ ورقة 81- 83، وذيل الروضتين 135 وفيه: «محمد بن سليمان بن قتلمش» ، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 2358، والوافي بالوفيات 3/ 125- 127 رقم 2068 وفيه: «فتلمش» ، وفوات الوفيات 2/ 419، 420، والبداية والنهاية 13/ 102، 103 وفيه «قتلمش» ، وعقد الجمان 17/ ورقة 440، 441، وبغية الوعاة 1/ 115، 116.(44/508)
وكان أديبا، فاضلا، أخباريا علّامة، لغويا، متفنّنا، مليح الكتابة، إلّا أنّه كان قليل الدّين لَا يعتقد شيئا. قاله ابن النجّار، وقال: حُكِيَ لي عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُفطِر في رمضان، ولا يصلّي، ويرتكب المحرَّمات، ويذهب مذهب الفلاسفة. كتبت عَنْهُ منْ شِعره. وعاش سبْعًا وسبعين سنة [1] .
693- مُحَمَّد بْن عبد الجليل.
الإمام تاج الدّين الخُواريّ، الحنفيّ.
لَهُ شِعر متوسّط.
روى عَنْهُ القُوصِيُّ، وقال: كَانَ مُنَاظِرًا، متفنّنا.
تُوُفّي بدمشق.
694- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن غيّاث [2] .
أَبُو عَمْرو الْجُذاميُّ، الشَّرِيشيُّ. الْأديبُ الشَّاعر.
روى عَنْ: ابن الْجَدّ، وابن بَشْكُوال.
وعاش أربعا وثمانين سنة [3] .
__________
[1] وقال ياقوت: أحد أدباء عصرنا، وأعيان أولي الفضل بمصرنا، تجمّعت فيه أشتات الفضائل، وقد أخذ من كل فنّ من العلم بنصيب وافر، وهو من بيت الإمارة، وكانت له اليد الباسطة في حلّ إقليدس وعلم الهندسة مع اختصاصه التام بالنحو واللغة وأخبار الأمم والأشعار، خلّف له والده أموالا كثيرة فضيّعها في القمار واللعب بالنرد حتى احتاج إلى الوراقة فكان يورّق بأجرة بخطّه المليح الصحيح المعتبر، فكتب كثيرا من الكتب حتى ذكر للإمام الناصر فولّاه حاجب الحجّاب، فلم يزل بها إلى أن مات في ربيع الآخر سنة عشرين وستمائة، ومولده في ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة، وله شعر رائق، فمن ذلك:
لا والّذي سخّر قلبي لها ... عبدا كما سخّرني قلبها
ما فرحي في حبّها غير أن ... زيّن عندي هجرها قلبها
(معجم الأدباء) .
[2] انظر عن (محمد بن عبيد الله) في: الوافي بالوفيات 4/ 10، 11 رقم 1468 و «غيّاث» بالغين المعجمة والياء المثنّاة من تحت المشدّدة وبعد الألف ثاء مثلّثة. هكذا قيّده الصفدي.
[3] في الوافي: توفي سنة تسع عشرة وستمائة.
وقال من أبيات:
وكوثريّ الريق إلّا أنه ... فوق العقيق درّه قد نظما(44/509)
695- مُحَمَّد بْن عُروة [1] .
شرف الدّين المَوْصِليُّ.
المنسوب إِلَيْهِ مشهد ابن عُروة من جامع دمشق، وإنَّما نُسِبَ إِلَيْهِ لأنّه كَانَ مخزنا فيه آلات تتعلّق بالجامع، فَعَزَّلَهُ، وبَيَّضَهُ، وعَمِلَ لَهُ المحراب والخِزانتين ووقفَ فيهما كُتُبًا، وجعله دار حديث.
قَالَ أَبُو المظفّر الجوزيّ [2] : كَانَ ابن عُروة مُقيمًا بالقُدس. وكان يداخل المُعَظَّم وأصحابه ويعاملهم، ويؤذي الفُقراء خصوصا الشيخ عَبْد اللَّه الأرمنيّ، فإنّه انتقل عَن القدس بسببه. فلمّا خرّب المعظّم القدس انتقل إِلى دمشق.
696- مُحَمَّد بْن عليّ [3] بْن إِبْرَاهِيم بْن خَلَف.
أَبُو عَبْد اللَّه الْأسَدِيّ، السَّبْتِيّ، شيخُ القُرّاء بغَرناطة.
ظاهر الجلالة، بارز العدالة، وله الإسناد العالي.
وُلِد قبل الثّلاثين وخمسمائة.
__________
[ () ]
أسكرني ولم أذق رحيقه ... إلا بثغر خاطري توهّما
منها:
إن لم تكن معرفة تقدّمت ... فودّنا بالغيب قد تقدّما
يا وقفة بالشوق فيما بيننا ... أتعب منه البين شخصا كرما
أهدت لنا منه الربا مع الصبا ... عرفا تذكّرت به عهد الحمى
وقال في الشيب وأجاد:
صبوت وهل عار على الحرّ إن صبا ... وقيد بعشر الأربعين إلى الصبى
يرى أنّ حبّ الحسن في الله قربة ... لمن شاء بالأعمال أن يتقرّبا
وقالوا مشيب قلت وا عجبا لكم ... أينكر بدر قد تخلّل غيهبا
وليس بشيب ما ترون وإنّما ... كميت الصبى مما جرى عاد أشهبا
[1] انظر عن (محمد بن عروة) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 632، وذيل الروضتين 136، والوافي بالوفيات 4/ 94 رقم 1570، والبداية والنهاية 13/ 101 رقم 102.
[2] في المرآة ج 8 ق 2/ 632.
[3] انظر عن (محمد بن علي) في: غاية النهاية 2/ 189 رقم 3237.(44/510)
وتلا بالسبْع عَلَى القَاسِم بْن مُحَمَّد بْن ابن الزَّقاق [1] ، صاحب منصور بْن الخَيِّر، وتصدَّر للإقراء.
تلا عليه بالروايات أبو بكر ابن مَسْدي، وأثَنى عَلَيْهِ، وقال: مات سنة عشرين.
697- مُحَمَّد بْن عيسى [2] بْن مُحَمَّد بْن أصْبَغ.
الإمام أَبُو عَبْد اللَّه، ابن المناصف، الْأزْدِيُّ القُرطُبيُّ، نزيلُ إفريقية.
تفقّه عَلَى قاضي تونس أَبِي الحَجّاج المَخْزوميّ، وسَمِعَ بها من أَبِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي دَرقة.
قَالَ الْأبّار: كَانَ عالما، متقنا، مُدَقّقًا، نظّارا، واقفا عَلَى الاتّفاق والاختلاف، معلّا مُرَجِّحًا، مَعَ الحَظِّ الوافر من اللّغة والآداب والشعر. سَمِعْتُ منه كثيرا، ولم يكن لَهُ عِلم بالحديث. وألّف كتابا في الجهاد، وكتابا في الْأحكام، واستدرك عَلَى القاضي عَبْد الوهّاب في «التّلقين» بَابُ السَّلَم لإغفاله ذَلِكَ. وولي قضاء بَلَنْسية، ثُمَّ قضاء مُرسِية. وكان ذا سيرةٍ عادلة، وشارة جميلة، صُلْبًا، في الحقّ. وكانت فيه حِدَّةً مفرطة فصُرِف لذلك، ثُمَّ لِحق بمَرَّاكُش. وتُوُفّي في ربيع الآخر أو جُمادى الْأولى، وله سبْعٌ وخمسون سنة، رحمه اللَّه تَعَالَى.
698- مُحَمَّد بْن مُحَمَّدِ [3] بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بن أَحْمَد الغَزَّال.
أَبُو جَعْفَر بْن أَبِي بَكْر، الْأصبَهانيُّ، المقرئ، أخو الحافظ أَبِي رشيد، وكان أَبُو جَعْفَر أكبر بسَنتين.
وُلد في المُحرّم سنة سبع وستّين وخمسمائة بأصبهان.
__________
[1] وكانت تلاوته عليه قبل الستين وخمسمائة. (غاية النهاية) .
[2] انظر عن (محمد بن عيسى) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 611، 612، ونيل الابتهاج للتنبكتي 228، 229، وكشف الظنون 74، ومعجم المؤلفين 11/ 107، 108.
[3] انظر عن (محمد بن محمد) في: الوافي بالوفيات 1/ 162، 163 رقم 91.(44/511)
وسَمِعَ الكثير بإفادة والده ومؤدّبه. وقرأ القراءات، وصَحِبَ العُلماء والْأولياء، وانقبضَ عَن النّاس، ولزِم منزله لا يخرج إلّا الصلاة. وله مُلْك يسير يكفيه، ولا يأخذ من أحد شيئا.
قدِم بغداد سنة ثمانٍ وتسعين، فحدَّث بها.
قَالَ ابنُ النّجّار: سَمِعنا منه. وكان صدوقا. أحد عباد اللَّه الصّالحين، حَمِيد الْأخلاق، كامل الْأوصاف، سَخِيًّا، نَزهًا. روى لنا عَنْ إسْمَاعيل بْن غانم بْن خالد. وسمعتُ منه أيضا بأصبهان. تُوُفّي في رمضان سنة عشرين.
699- مُحَمَّد بْن مكّيّ [1] بْن بَكْر بْن كخينا.
أَبُو منصور الواسطيُّ البَزَّاز.
سَكَن دمشق، وسَمِعَ بها الكثير من: الخُشُوعِيّ، والقاسم بْن عَسَاكر، وطبقتهما.
وكتبَ، وحَصَّل الْأصول، وعُنِيَ بالرواية. ورحل إلى بغداد سنة سبع عشرة وستمائة، وحدَّث بها.
وكان مولده سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة بسواد واسِط تقريبا.
قَالَ ابن النجّار: رأيته بدمشق، ولم أكتب عَنْهُ شيئا. وكان صدوقا. وتوفّي بحلب سنة عشرين.
قلت: هو الّذي انفرد بنقل سماع كريمة الجزء «الرافقيّ» ولم يكن متقنا، رحمه اللَّه [2] .
700- مُحَمَّد بْن أَبِي الحسن [3] بن أبي نصر.
__________
[1] انظر عن (محمد بن مكي) في: لسان الميزان 5/ 389 رقم 1265.
[2] كتب المؤلف- رحمه الله- ترجمة أخرى لمحمد بن مكي هذا في جذاذة طيّارة ولكنها مختصرة وكناه: أبا بكر. وهي: «محمد بن مكي بن أبي بكر بن كخينا، أبو بكر الواسطي البزاز. سكن دمشق. وسمع من الخشوعي. قال ابن النجار: كان صدوقا. مات بحلب سنة عشرين وله ثمان وستون سنة» .
[3] انظر عن (محمد بن أبي الحسن) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 181، والتكملة.(44/512)
الشيخ أَبُو الفضل المُقرئ البَغْداديُّ الضَّرير، المعروف بالخَطيب.
قرأ بالروايات عَلَى أَبِي الحَسَن عَلِيّ بن عساكر، وسعد الله بن نصر ابن الدَّجاجيّ، صاحب الزَّاهد أَبِي منصور الخَيّاط، وسَمِعَ منهما ومن ابن البَطِّي، وأبي زُرْعة، وجماعة.
وحدَّث.
وأقرأ النَّاسَ، وكان عالي الإسناد فِي القراءات.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِيّ، وغيرُه.
وتُوُفّي في سابع عشر المحرّم.
ولم يكن خطيبا، وإنّما لُقِّبَ بِهِ.
701- مُحَمَّد بْن أَبِي المظفَّر بْن شتّانة [1] .
بمثنّاة لَا بموحَّدَة، يُكْنى: أبا البركات.
سَمِعَ: أبا الحُسين عبدَ الحقّ، وابنَ شاتيل.
كتب عَنْهُ بعضُ الطّلبة.
تُوُفّي في شعبان.
702- مُحَمَّد بْن أَبِي المعالي [2] بْن مُحَمَّد بْن غَريب.
أَبُو جَعْفَر البَغْداديّ، أحد القُراء بتُرَب الخلفاء.
روى عن أبي جعفر ابن البَطِّيّ.
روى عَنْهُ ابن النّجّار، وقال: صدوقٌ. توفّي في ربيع الأوّل.
__________
[ () ] لوفيات النقلة 3/ 94 رقم 1916، والمختصر المحتاج إليه 1/ 167، ومعرفة القراء الكبار 2/ 608 رقم 573، وغاية النهاية 2/ 127 رقم 2955.
[1] انظر عن (محمد بن أبي المظفر بن شتّانة) في: المشتبه 1/ 387، وتوضيح المشتبه 5/ 272، والقاموس المحيط 4/ 238، وتبصير المنتبه 2/ 767 وفيه «شتّانة» بفتح الشين المعجمة، وبمثنّاتين، الأولى ثقيلة.
وقد ضبطه الفيروزآبادي فقال: شتانة كرمّانة، وقال بن ناصر الدين بتخفيف التاء المثنّاة.
[2] انظر عن (محمد بن أبي المعالي) في: الوافي بالوفيات 5/ 40 رقم 2018.(44/513)
703- محمود بْن كيْ رَسلان [1] .
أَبُو الثناء المَوْصليُّ التُّركيُّ الْجُنْدِيّ.
من أجناد صاحب المَوْصل نور الدّين رَسْلان شاه، وابنه مسعود.
مات في صَفَر عَنْ أربعٍ وسبعين سنة.
وكان رافضيّا غاليا [2] . لَهُ ديوان شعر.
روى عَنْهُ المبارك ابن الشَّعّار، فمن شِعره:
ألَا مَا لِقَلبي لَا يُبْك عَلِيلُه ... وما لِفؤادي لَا يُبَلَّ غليلُ
بروحيَ من أصبحت عَبْد جمالِه ... فهذا الجميلُ الوَجْهِ أين جَمِيلُه؟
يُحَمّلني عبئا عَلَى القُرب والنَّوى ... يَهُدُّ قُوى العُشَّاق منه ثقيلُه
704- مُسَافر بْن يَعْمَر [3] بْن مُسافر.
أَبُو الغنائم المِصْرِيُّ، الْجِيزِيُّ، الحنبليُّ، المؤدِّب، الصُّوفيّ. الرَّجلُ الصالح.
سَمِعَ من عَشِير بْن عليّ، وغيره. وصَحِبَ الصّالحين، ولَبِسَ الخِرْقَة من عيسى ابْن الشيخ عَبْد القادر.
وكان خَيِّرًا مُتعَبّدًا، عَمّالًا مُبَالِغًا في الإيثار مَعَ الإقتار.
سَمِعَ منه الزكيُّ المنذريُّ، وقال: تُوُفّي فِي ربيع الْأوّل.
705- المظفّر بْن أسعد [4] بن حمزة ابن القَلانِسيّ.
التَّمِيميُّ الدِّمشقِيُّ، الرئيس عزّ الدّين.
كَانَ كَيّسًا، مُتَواضعًا، مُحْتَشِمًا. لزِم التّاج الكِنْدي مدَّةً وتأدَّب بِهِ.
سَمِعَ من أَبِي القَاسِم بْن عساكر.
__________
[1] انظر عن (محمود بن كي رسلان) في: تاريخ إربل 1/ 304 (في ترجمة أخيه «مودود» رقم 207) .
[2] لم يذكره السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة.
[3] انظر عن (مسافر بن يعمر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 96، 97 رقم 1923.
[4] انظر عن (المظفر بن أسعد) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 631، وذيل الروضتين 135، والبداية والنهاية 13/ 102.(44/514)
وتُوُفّي في رمضان.
706- منصور بْن سيّد الْأهل [1] بْن ناصر.
أَبُو عليّ المِصْرِيُّ، الكُتُبِيُّ، الواعظ، المعروف بالقَزْوينيّ، لأنّه كَانَ يَسلُك في الوعظ طريقة الواعظ المشهور أَبِي القَاسِم محمود بْن مُحَمَّد القَزْوينيّ.
سَمِعَ من السِّلَفيّ.
روى عَنْهُ: الزّكيّ عَبْد العظيم، وغيرُه.
ومات فِي ربيع الآخر.
[حرف الياء]
707- يَحْيَى بْن سعيد [2] بْن أَبِي نصر مُحَمَّد بْن أبي تمّام.
القاضي أَبُو المجد التَّكْريتيُّ، ثُمَّ المارِدينيُّ.
تفقَّه ببغداد، وسَمِعَ شُهْدَة، وخطيب المَوْصل أبي الفضل.
وحدّث بدمشق، وبغداد.
وولي قضاء ماردين.
ومات في ذي القعدة.
708- يحيى ابن الشيخ أبي الفتوح [3] محمد بن عليّ بن المبارك ابن الجلاجليّ.
أبو عليّ البغداديّ.
توفّي ببغداد كهلا، وقد سَمِعَ من وفاء بْن البَهيّ، وابن شاتيل.
وله شِعر جيّد.
__________
[1] انظر عن (منصور بن سيد الأهل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 98 رقم 928.
[2] انظر عن (يحيى بن سعيد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 109 رقم 1950، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي ورقة 106.
[3] انظر عن (يحيى بن أبي الفتوح) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 104، 105 رقم 1939، والمختصر المحتاج إليه 3/ 250 رقم 1361، والبداية والنهاية 13/ 103، وعقد الجمان 17/ ورقة 439.(44/515)
709- يوسف بْن أَحْمَد بْن طحلوس [1] .
أَبُو الحَجّاج الْأندلسيّ، من جزيرة شَقْر.
صحِب أبا الوليد بْن رُشْد، وأخذ عَنْهُ من علومِه.
وسَمِعَ من: أَبِي عَبْد اللَّه بْن حَميد، وأبي القَاسِم بْن وضّاح.
وكان آخر الْأطبّاء بشرق الْأندَلسُ، مَعَ التَّصَوّن، ولين الجانب، والتّحقُّق بالفلسفة، ومعرفة النحْو، وغير ذَلِكَ.
710- يوسف بْن مُحَمَّد بن يعقوب [2] بن يوسف بن عبد المؤمن بْن علي، السلطان المستنصر باللَّه.
الملقّب بأمير المؤمنين أَبِي يعقوب، القَيْسيّ المَغْربيّ، صاحبُ المغرب.
لم يكن في بني عَبْد المؤمن أحسن منه صورة، ولا أبلغ خطابا ولكنّه كَانَ مشغوفا باللَّذّات. ومات وهو شابٌّ، في هذه السنة. ولم يخلف ولدا. فاتّفق أهل دولته عَلَى تولية الْأمر لأبي مُحَمَّد عَبْد الواحد بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي، فلم يُحسن التّدبير ولا المُداراة.
وُلِد يوسف في سنة أربع وتسعين وخمسمائة. وأمّه أمّ وُلَد، رُومِيَّة اسمها قَمَر.
وكان صافي السُّمْرَة، شديدَ الكُحل، يُشَبّهونه كثيرا بجَدّه. وكانت دولته عشر سنين وشهرين. وَزَرَ لَهُ أبو يحيى الهزرجيّ، وحجبه مبشّر الخصيّ، ثمّ
__________
[1] انظر عن (يوسف بن أحمد بن طحلوس) في: بغية الوعاة 2/ 354 رقم 2170، ومعجم المؤلفين 12/ 271 وفيهما «طاوس» بدلا من «طحلوس» . ووقع في (معجم المؤلفين) أن وفاته سنة 720 هـ/ 1320 م وهذا وهم.
[2] انظر عن (يوسف بن محمد بن يعقوب) في: المعجب لعبد الواحد المراكشي 323- 329، وآثار البلاد وأخبار العباد للقزويني 204، ونهاية الأرب 24/ 345، والمختصر في أخبار البشر 3/ 33، والمختار من تاريخ ابن الجزري 117، ودول الإسلام 2/ 124، والعبر 5/ 81، وسير أعلام النبلاء 22/ 339، 340 رقم 207، 344، والأنيس المطرب 172، ومآثر الإنافة 2/ 73، والعسجد المسبوك 2/ 397، وصبح الأعشى 5/ 192، والنجوم الزاهرة 6/ 256، وتاريخ ابن سباط 1/ 283، وشذرات الذهب 5/ 94 وفيه: «عبد الواحد بن يوسف بن عبد المؤمن» .(44/516)
فارج الخصِيّ. وقضى لَهُ قاضي أبيه أَبُو عِمران موسى بْن عيسى. وكتب لَهُ الإنشاء أَبُو عَبْد اللَّه بْن عيّاش، كاتب أَبِيهِ وجدّه، ثُمَّ أَبُو الحَسَن بْن عيّاش. ثُمَّ تُوفِّيا سنة بضع عشرة، فأحضَر من مُرْسية قاضيها أبا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن يخْلَفْتَن الغازازيّ، فولّاه الكتابة.
وكان الّذين قاموا ببيعته عمُّ جدّه أَبُو موسى عيسى بْن عَبْد المؤمن. وكان عيسى آخر أولاد عَبْد المؤمن وفاة تأخر إلى حدود العشرين وستمائة، ويحيى بْن عُمَر بْن عَبْد المؤمن، وكانا قائمين عَلَى رأسه يوم البَيْعَة، يأذَنان للنّاس.
قَالَ عَبْد الواحد بْن عليّ التَّمِيمِيُّ [1] : حضرتُ يوم البيعة فبايعه القرابة، ثُمَّ أشياخ الموحّدين، وأَبُو عَبْد اللَّه بْن عيّاش قائم يَقُولُ للنّاس: تُبايعون أمير المؤمنين ابن أمراء المؤمنين على ما بايع عليه أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ السمع والطّاعة في المَنْشَطِ والمَكْرَه واليُسر والعُسْر، والنُّصح لَهُ [2] ولعامَّة المسلمين، ولكم عَلَيْهِ أن لَا يُجَمِّر بعوثَكُم، وأن لَا يدّخر عنكم شيئا ممّا تعمّكم مصلحته، وأن يُعَجّل لكم العطاء [3] . أعانكم اللَّه عَلَى الوفاء، وأعانه عَلَى ما قلّده من أموركم.
ولأربعة أشهر من ولايته قُبِضَ عَلَى رجلٍ خارجيّ يدَّعي أنّه من بني عُبَيْد، وأنّه وَلَدُ العاضد لصُلْبِه اسمه عَبْد الرَّحْمَن. قدِمَ البلاد في دولة أَبِي يوسف، وطلب الاجتماع بِهِ، فلم يأذن لَهُ، فأقام بالبلاد مُطَّرحًا إِلى أن حَبَسَهُ أَبُو عَبْد اللَّه في سنة ستٍّ وتسعين، فحبسه خمس سنين، ثُمَّ أطلقه بعد أن ضمنه يَحْيَى بْن أَبِي إِبْرَاهيم الهَزْرَجيّ، فنزح من مرّاكش إلى صنهاجة، فاجتمع عليه طائفة وعظّموه، لأنّه كَانَ كثير الصَّمت والإطراق، حسنَ السَّمْت، عَلَيْهِ سِيماء الصّالحين. رأيته [4] مرّتين. ثُمَّ قصد سِجِلْماسة في جَمْعٍ كبير، فخرجَ إليه متولّيها
__________
[1] في المعجب 323.
[2] زاد في المعجب: «ولولاته» .
[3] في المعجب: « ... لكم عطاءكم، وألّا يحتجب دونكم» .
[4] الكلام لعبد الواحد المراكشي.(44/517)
سُلَيْمَان بْن عُمَر بْن عَبْد المؤمن، فهزمه العُبَيْديُّ. فردّ سُلَيْمَان إِلى سِجِلْماسة بأسوإ عَوْد. ولم يزل العُبيديّ ينتقل في قبائل البربر، ولا يتمّ لَهُ أمر لغُربة بلده ولسانه ولكونه عديم العشيرة. فقبضَ عَلَيْهِ متولّي فاس إِبْرَاهيم بْن يوسف بْن عَبْد المؤمن، ثُمَّ صلَبهُ، ووجّه برأسه إِلى مرَّاكُش، فهو معلَّق هناك مَعَ عدَّة أرؤس من الثوّار.
وكان أَبُو يعقوب هذا شهْمًا، فَطِنًا، لقِيتهُ وجلست بين يديه، فرأيت من حِدَّة نفسه وسؤاله عَنْ جُزئيات لَا يعرفها أكثر السُّوقة، ما قضيت منه العجب.
تُوُفّي في شوَّال أو ذي القَعْدة. فاضطرب الْأمر، واشرأبّ النّاس للخلاف بعده.
[الكنى]
711- أَبُو الحَسَن الرّوزبهاريّ [1] .
المدفون بالبُرج الّذي عَنْ يمين بَابُ الفراديس، بالخانكاه الرُّوزبهاريَّة [2] .
تُوُفّي في هذه السنة، رحمه اللَّه.
[وفيها ولد]
قاضي نابلس الجمال محمد بن مُحَمَّد بْن سالم بْن صاعد.
والمُحيي عَبْد اللَّه بْن عَبْد الظّاهر بْن نَشْوان، الموَقّع.
والمكين عَبْد الحميد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد ابن الزَّجّاج البَغداديّ.
والنّجيب عُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر ابْن خطيب بيت الْأبّار.
والبَدْر عبد اللطيف بن محمد ابن المغيزل، الخطيب.
__________
[1] وقع في المطبوع من تاريخ الإسلام، الطبقة 62 ص 467 «الأزنهاري» ، وهو تصحيف، والمثبت عن الأصل، والبداية والنهاية 13/ 102، وذيل الروضتين 136، والدارس في تاريخ المدارس 2/ 118 ووقع فيه «الروزنهارية» بالنون بدل الباء الموحّدة، وكذا في: منادمة الأطلال 276.
[2] في الدارس: «الروزنهارية» وهو تصحيف، ومثله في: منادمة الأطلال. والله أعلم.(44/518)
وجِبريل بْن إسْمَاعيل الصَّيْدلانيّ الشَّارعيُّ، بخلُفٍ فيه.
والصّاحب التقيّ تَوْبة بْن عليّ بْن مُهاجر التَّكريتيّ، يوم عَرفة، بعَرفة.
وسونج بْن مُحَمَّد بْن سونج التّركمانيّ.
والفقيه عَبْد الوليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن، خطيب يُونين.
وعلاء الدّين مُحَمَّد بن عبد القادر ابن الصّائغ.
والبُرهان إِبْرَاهيم بْن عَبْد العزيز، خطيب أرْزونا.
والكمال أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن رافع الدَّمراويّ.
والمفتي عَلَم الدّين أَحْمَد بْن إِبْرَاهيم القمنيّ.
وأحمد بْن عَبْد اللَّه بْن عزيز اليونينيّ.
والشّهاب أحمد ابن النّصير الدَّقوقيّ، في رمضان.(44/519)
المتوفون عَلَى التقريب
[حرف العين]
712- الجمال عُثْمَان بْن هبة اللَّه [1] بْن أَحْمَد بْن أَبِي الحوافر.
القَيْسيُّ الدِّمشقيُّ، رئيسُ الْأطباء.
ذكره ابن أَبِي أصَيْبِعة، فَقَالَ [2] : أفضل الْأطبّاء، وسيِّد العُلماء، وأوْحَد العصر. أتقن الصناعة، وتميّز في أقسامها العلمية والعملية. وله عناية بعلم الْأدب وشعر كثير. وكان رئيسا، كريمًا، تامَّ المروءة. أخذ الطّبّ عن المهذّب ابن النقّاش. والرضيّ الرَّحَبيّ. وخدمَ المَلِك العزيز عُثْمَان بْن صلاح الدّين، وأقامَ معه بمصر، فولّاه رئاسة الطّبّ، ثُمَّ خدم بعده المَلِك الكامل سنين إِلى أن تُوُفّي بالقاهرة. واشتغل عَلَيْهِ جماعة، وتميّزوا، أجلُّهم عمّي رشيد الدّين عليّ.
[حرف الميم]
713- مُحَمَّد بْن علوان [3] بْن مهاجر.
الفقيه، الإمام العالم، أَبُو المظفّر.
سَمِعَ من الحُسَين بْن المؤمّل صاحب ابن ودعان، ومن مُحَمَّد بْن عليّ بْن ياسر الجيّانيّ.
وبرع في مذهب الشافعيّ، وكان من فضلاء المواصلة، ومتميّز بهم.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ البِرْزَاليّ، والتّقيّ اليَلْدَانِيّ. وبالإجازة الشّهاب القوصيّ.
وهو ابن عمّ الصّاحب كمال الدّين مُحَمَّد بْن عليّ، نزيل دمشق.
__________
[1] تقدّمت ترجمته في وفيات سنة 619 هـ برقم 614، ولم يتنبّه المؤلف- رحمه الله- إلى ذلك.
[2] عيون الأنباء 2/ 119.
[3] تقدّمت ترجمته ومصادرها في وفيات سنة 615 هـ برقم 326، وقد تنبّه المؤلف- رحمه الله- فكتب فوق هذه الترجمة: «مر سنة خمس عشرة» .(44/520)
714- مُحَمَّد بْن الفضل [1] .
أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الزَّنجانيُّ، الشاعر.
قَالَ ابن النّجّار: أنشدني أَبُو البقاء، خالد بْن يوسف النابُلُسيّ، بدمشق، أنشدنا أَبُو عبد الرحمن محمد بن الفضل ابن الزَّنجاني البغدادي، لنفسه، بالنظاميَّة:
قَسَمًا بأيّام الصّفا وَوِصالِكم ... والجمع في جَمْعٍ وذاكَ المُلُتَزَمْ
ما اخترتُ بعدَكمُ بديلا لَا ولا ... نادمتُ بعدَ فراقِكم إِلَّا النَّدَمْ [2]
715- مسعود بْن الحُسَيْن [3] بْن أَبِي زَيْد.
أَبُو الفتح المَوْصليّ الشاعر، المعروف بالنَّقاش.
وهو غير النّقاش الحَلَبي، سَمِيّه، فإنّ الحَلَبيّ مرَّ في سنة ثلاث عشرة [4] .
ذكرهما ابن الشّعّار، ولم يؤرِّخ موت هذا، وقال فيه: كان مكثرا من الشعر في المديح، والهجاء، والغزل. مدح أصحاب الموصل وأمراءها. وقيل: إنّه أدرك أيام الأتابك زنكي، والد نور الدّين، وعاش إلى أيام القاهر مسعود بن أرسلان.
وهو القائل في قصيدة:
يا من أودّ النوم أرقب طيفه ... أنا ضيفه أفما لضيفكم قرى؟
أنا كنت أوّل عاشق لكنّني ... غفل الزمان بمولدي فتأخّرا
[انتهت الطبقة الثانية والستون، ويليها: حوادث ووفيات الطبقة الثالثة والستين]
__________
[1] انظر عن (محمد بن الفضل) في: الوافي بالوفيات 4/ 325، 326 رقم 1886.
[2] كتب المؤلف- رحمه الله- بعد الشعر ما نصّه: «وقد انقضى ما انتهى إليّ علمه من هؤلاء الذين انتقلوا إلى الله في هذه العشرين سنة، فلنشرع فيما وقع الاختيار عليه من حوادث هذه العشرين سنة إن شاء الله والحمد الله على كل حال» . ثم أثبت المؤلف- رحمه الله- في آخر الورقة الترجمة التالية.
[3] ترجمته في الجزء المفقود من (عقود الجمان) لابن الشعار.
[4] تقدّم برقم 184.(44/521)
«بعون الله وتوفيقه، تمّ تحقيق هذه الطبقة من كتاب «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام» للحافظ الإمام، مؤرّخ الإسلام، شمس الدّين أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عثمان بن قايماز الذهبي، المتوفى بدمشق سنة 748 هـ.
رحمه الله تعالى، وذلك على يد طالب العلم وخادمه، والراجي عفو ربّه ومغفرته، «أبي غازي عمر بن عبد السلام تدمري» ، الحاج، الأستاذ الدكتور، أستاذ التاريخ الإسلامي في الجامعة اللبنانية، ممثّل لبنان في الهيئة العربية العليا لإعادة كتابة تاريخ الأمة في اتحاد المؤرّخين العرب، الطرابلسيّ مولدا وموطنا، الحنفيّ مذهبا. وقام بضبط نصّه، وتخريج أحاديثه وأشعاره، وأحال إلى مصادره، وعلّق عليه، وصنع فهارسه، ووثّق مادّته، على قدر طاقته وما فتح الله عليه من فضله.
وكان الفراغ من ذلك بعد عشاء يوم الأربعاء الواقع في الواحد والعشرين من شهر شوّال لسنة 1415 هـ. الموافق للثاني والعشرين من شهر آذار (مارس) 1995 م. في منزله بساحة السلطان الأشرف خليل بن قلاوون- النجمة سابقا- من مدينة طرابلس الشام المحروسة، حماها الله ورعاها وجعلها بلدا رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين، والحمد للَّه ربّ العالمين» .(44/522)
[المجلد الخامس والأربعون (سنة 621- 630) ]
[الطبقة الثالثة والستون]
بسم الله الرّحمن الرّحيم
ومن الحوادث سنة إحدى وعشرين وستّمائة
استرداد الأشرف خلاط
فيها استردّ الأشرفُ خِلاطَ من أخيه شهاب الدّين غازي، وأبقى عليه ميَّافَارْقِينَ [1] .
ظهور السُّلطان جلال الدِّين
وفيها ظهر السّلطان جلال الدّين ابن خوارزم شاه- بعد ما انفصل عن بلاد الهند وكِرمان- على أَذْرَبَيْجَان، وحكم عليها، وراسله الملكُ المعظُّمُ لِيُعينه على قتال أخيه الأشرف، وكتب المعظُّمُ إلى صاحب إرْبِلَ في هذا المعنى، وبعث ولدَه النّاصر داودَ إليه رهينة [2] .
استيلاء لؤلؤ على الموصل
وفيها استولى بدرُ الدِّين لؤلؤٌ على المَوْصِل، وأظهر أنّ محمود ابن المَلِك القاهر قد توفّي، وكان قد أمر بخنقه [3] .
__________
[1] الخبر في: ذيل الروضتين 142، والكامل في التاريخ 12/ 421، ومفرّج الكروب 4/ 138- 139، وزبدة الحلب 3/ 195- 196، والمختصر في أخبار البشر 3/ 134، والبداية والنهاية 13/ 104، والعسجد المسبوك 2/ 399.
[2] انظر خبر (جلال الدين) في: ذيل الروضتين 142، وتاريخ الخميس 2/ 412، وسير أعلام النبلاء 22/ 241، والبداية والنهاية 13/ 104.
[3] انظر خبر (لؤلؤ) في: ذيل الروضتين 142، وسير أعلام النبلاء 22/ 241، والمختار من تاريخ ابن الجزري 117، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 632.(45/5)
بناء الكاملية
وفيها بنيت دار الحديث الكامليَّة بينَ القَصْرَيْن، وجُعِلَ أبو الخطّاب ابنُ دِحية شيخَها [1] .
قدوم الأقسيس من اليمن
وفيها قَدِمَ الملكُ المسعود أقسيس على أبيه الكامل، من اليمن، طامعا في أخْذ الشّام من عمّه المعظُّم. وقدَّم لأبيه أشياءَ عظيمة منها: ثلاثةُ فَيِلة، ومائتا خادم [2] .
عودة التتار من القفجاق
قال ابن الأثير [3] : وفيها عادت التّتارُ من بلاد القَفْجَاق، ووصلت إلى الرَّيّ، وكان من سَلِمَ من أهله قد عمَّروها، فلم يشعروا إلّا بالتّتر بغتة، فوضعوا فيهم السّيفَ، وسَبَوْا، ونهبُوا، وساروا إلى سَاوَةَ، ففعلوا بها كذلك، ثمّ ساروا إلى قُمَّ وقاشان، وكانت عامرة، فأخذوها، ثمّ وصلوا إلى هَمَذَانَ فقتلوا أهلَها، ثمّ ساروا إلى تِبريز، فوقع بينهم وبين الخُوارزميَّة مَصَافٌّ [4] .
استيلاء غِياث الدِّين على شيراز
وفيها سار غياث الدّين محمد بن السُّلطان علاء الدِّين محمد خُوارزم شاه إلى بلاد فارس، فلم يشعر صاحبُها أتابِك سعدٌ إلّا بوصوله، فلم يتمكّن من الامتناع، واحتمى بقلعة إصْطَخْرَ، فملك غياثُ الدِّين شيراز بلا تعب، وأقام بها، واستولى على أكثر بلاد فارس، وبقي لسعد بعض الحصون،
__________
[1] انظر خبر (الكاملية) في: ذيل الروضتين 142، وسير أعلام النبلاء 22/ 241، والبداية والنهاية 13/ 104.
[2] انظر خبر (الأقسيس) في: ذيل الروضتين 142، وفيه: «أطسيس» ، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 633، وسير أعلام النبلاء 22/ 241.
[3] في الكامل 12/ 419- 420.
[4] وانظر خبر (عودة التتار) في: المختصر لأبي الفداء 3/ 133، وتاريخ ابن الوردي 2/ 145، وتاريخ الخميس 2/ 412 وفيه تصحّفت «تبريز» إلى «تورين» ، وتاريخ ابن سباط 1/ 283، والمختار من تاريخ ابن الجزري 118، والعسجد المسبوك 2/ 398، والبداية والنهاية 13/ 103، والسلوك ج 1 ق 1/ 215.(45/6)
وتصالحا على ذلك [1] .
تملُّك امرأة على الكُرْج
وفيها أو قبلَها بيسير جرت واقعةٌ قبيحة، وهي أنّ الكُرْج- لَعَنَهم الله تعالى- لم يبق فيهم من بيت المُلك أحدٌ سوى امرأةٍ، فملَّكوها عليهم.
قال ابن الأثير [2] : طلبوا لها رجلا يتزوَّجُها، وينوبُ عنها في المُلْك، ويكون من بيت مملكة. وكان صاحب أرزن الرّوم مغيثُ الدِّين طُغريل شاه ابن قَلِيج أَرْسَلَان بْن مَسْعُود بْن قَلِيج أرسلان، وهو من الملوك السّلجوقية، وله ولد كبير، فأرسل إلى الكُرْج يَخْطُبُ الملكةَ لولده، فامتنعوا، وقالوا: لا يملكنا مُسْلمٌ، فقال لهم: إنَّ ابني يتنصَّرَ ويتزوّجها، فأجابوه، فتنصَّر، وتزوَّج بها، وأقام عندها حاكما في بلادهم، نعوذُ باللَّه من الخذلان. وكانت تهوى مملوكا لها، وكان هذا الزّوجُ يسمع عنها القبائحَ، ولا يُمكنه الكلام لعجزه، فدخل يوما، فرآها مع المملوكِ، فأنكر ذلك، فَقالَتْ: إنْ رضيتَ بهذا، وإلّا أنتَ أخبرُ، ثمّ نقلته إلى بلد، ووكَّلَتْ به، وحَجَرتْ عليه. وأحضرت رجلين وُصِفَا لها بِحُسْنِ الصورة فتزوّجت أحدهما، وبقي معها يسيرا، ثمّ فارقتْه، وأحضرت آخر من كَنْجَة [3] وهو مُسْلم، فطلبت منه أن يتنصَّر ليتزوّجها، فلم يفعل، فأرادت أنْ تَتَزَوّجَهُ، فقام عليها الأمراءُ ومعهم إيواني مقدَّمهم، فقالوا لها:
فضَحْتِنا بينَ الملوك بما تفعلين. قال: والأمرُ بينهم متردّد، والرجل الكنجيّ عندهم، وهي تهواه [4] .
__________
[1] خبر (غياث الدين) في: الكامل في التاريخ 12/ 420- 421، والمختصر في أخبار البشر 3/ 134، وتاريخ ابن الوردي 2/ 145، ومفرّج الكروب 4/ 136، والمختار من تاريخ ابن الجزري 118، وسير أعلام النبلاء 22/ 242، والبداية والنهاية 13/ 103- 104، والعسجد المسبوك 2/ 399، وتاريخ الخميس 2/ 412.
[2] في الكامل 12/ 416- 417 (حوادث سنة 620 هـ-) .
[3] يقال لها «كنجة» و «جنزة» ، وهي قصبة بلاد أرّان.
[4] انظر الخبر باختصار في: دول الإسلام 2/ 126.(45/7)
سنة اثنتين وعشرين وستّمائة
إيقاع جلال الدِّين بالكرْج
في ربيع الأوّل وصل السُّلطان جلال الدِّين إلى دَقُوقا، فافتتحها بالسِّيفِ، وسَبَى، ونَهبَ، وفعلَ مثلَ ما تفعلُ الكُفّارُ، وأحرقَ البلدَ، لكونهم شتموه، ولعنوه على الأسوار، ثمّ عَزَمَ على قصد بغداد، فانزعج الخليفة، ونصب المجانيقَ، وحصَّن بغداد، وفرّق العُدد والأهراء، وأنفق ألفَ ألفِ دينار [1] .
قال أبو المُظَّفْر [2] : قال لي الملكُ المعظَّمُ: كتب إليَّ جلال الدِّين يقول: تَحْضُرُ أنت ومَنْ عاهدني واتّفق معي حَتّى نَقْصُد الخليفة، فإنَّه كَانَ السّببَ في هلاك أبي، وفي مجيء الكُفَّار إلى البلاد، وجدنا كتبه إلى الخطا وتواقيعه لهم بالبلاد، والخِلع، والخيل. قال المعظَّمُ: فكتبتُ إليه، أنا معك على كلّ حال، إلّا على الخليفة، فإنَّه إمامُ المسلمين. قال: فبينا هو على قَصْدِ بغداد- وكان قد جَهَّزَ جيشا إلى الكُرج إلى تفليسَ- فكتبوا إليه: أدركنا، فما لنا بالكُرْج طاقة، فسار إليهم، وخرج إليه الكُرْجُ، فَعَمِلَ معهم مَصَافًّا، فَظَفِرَ بهم، فقتل منهم سبعين ألفا، قاله أبو شامة [3] ، وأخذ تفليسَ بالسّيف، وقتل بها ثلاثين [4] ألفا أيضا، وذلك في سلخ ذي الحجّة.
__________
[1] في مرآة الزمان: «وفرق في العساكر ألف دينار» ! ووقع في: المختار من تاريخ ابن الجزري ص 119: «وفرض على العساكر ألف ألف دينار» وهو غلط، والصواب: «فرّق» .
[2] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 634.
[3] في ذيل الروضتين 144 وما قاله أبو شامة هو ما قاله سبط ابن الجوزي في مرآته حيث ينقل عنه.
[4] جاء في الكامل لابن الأثير 12/ 435: «فالذي تحقّقناه أنه قتل منهم عشرون ألفا، وقيل أكثر من ذلك» . وانظر المختار من تاريخ ابن الجزري 121، والبداية والنهاية 13/ 105،(45/8)
ملْك جلال الدِّين مراغة
وقال ابن الأثير [1] : سار جلالُ الدِّين من دَقوقا فقصد مَرَاغَة فَمَلَكَها، وأقام بها، وأعجبته، وشرَعَ في عِمارتها، فأتاه الخبرُ أن إيغان طائي [2] ، خال أخيه غياث الدِّين، قد جمع عسكرا نحو خمسين ألفا [3] ، ونَهَبَ بعض أَذْرَبَيْجَان، وسار إلى البحر من بلاد أَرّان فشتَّى هناك، فلمّا عاد، نهب أَذْرَبَيْجَان مرَّة ثانية، وسار إلى هَمَذَانَ بمراسلة الخليفة، وإقطاعه إياها. فسمع جلالُ الدِّين بذلك فسار جَرِيدةً [4] ، ودهمه، فبيَّته في اللّيل، وهو نازل في غنائم كثيرة، ومواشي أخذها من أَذْرَبَيْجَان، فأحاط بالغنائم، وطلع الضّوءُ، فرأى جيشُ إيغان السّلطان جلال الدّين والچتر [5] على رأسه، فسُقِطَ في أيديهم، وأُرعبوا.
فأرسل إيغان زوجته وهي أختُ جلال الدِّين تطلبُ لزوجها الأمان، فأمَّنه، وحضر إليه، وانضاف عسكرُه إلى جلال الدِّين، وبقي إيغان وحده، إلى أن أضاف إليه جلال الدِّين عسكرا غيرَ عسكره، وعاد إلى مراغة [6] .
ملك جلال الدِّين تبريز
وكان أُوزْبك [7] بن البهلوان صاحب أَذْرَبَيْجَان قد سارَ من تبريز إلى كنجة
__________
[ () ] والعسجد المسبوك 2/ 405.
[1] في الكامل 12/ 432 وما بعدها.
[2] هكذا في الأصل، وفي المطبوع من «الكامل» : «طائيسي» ومثله في «المختار من تاريخ ابن الجزري» بخط المؤلّف- رحمه الله-، وفي مفرّج الكروب 4/ 148: «طايسي» ، وفي العسجد المسبوك 2/ 403: «طانسي» .
[3] وقع في المطبوع من الكامل: «خمسة آلاف» .
[4] الجريدة: جيش من الخيالة لا رجالة فيهم.
[5] الچتر: مظلة أو قبة من حرير أصفر مزركش بالذهب على أعلاها طائر من فضة، كان يحمل على رأس السلطان في المناسبات، ومنها الخروج لصلاة العيدين (انظر صبح الأعشى: 4/ 7- 8) .
[6] انظر خبر (مراغة) أيضا في: المختار من تاريخ ابن الجزري 119- 120، ومفرّج الكروب 4/ 148- 149، والعسجد المسبوك 2/ 403.
[7] في المختصر لأبي الفداء: «أزبك» ، ومثله في مفرّج الكروب.(45/9)
خوفا من جلالُ الدِّين، فأرسل جلالُ الدِّين إلى الكبار بتبريز يطلب منهم أن يتردّد عسكرُه إليهم، ليمتاروا، فأجابُوه إلى ذلك. فتردّد العسكر، وباعوا، واشترَوْا، ثمّ مدُّوا أعينهم إلى أموال النّاس، فصاروا يأخذون الشّيء بأبخسِ ثمن، فأرسل جلالُ الدِّين لذلك شِحنة [1] إلى تبريز. وكانت زوجة أوزبك ابنةُ السُّلطان طُغْرُل بن أرسلان شاه بن محمد بن ملك شاه، مقيمة بالبلد، وكانت الحاكمةَ في بلاد زوجها، وهو مُنْهَمِكٌ في اللّذّات والخمور، ثمّ شكى أهل تبريز من الشِّحنة فأنصفهم جلال الدِّين منه، ثمّ قَدِمَ تبريز، فلم يُمكّنوه من دخولها، فحاصرها خمسة أيّام، وقاتله أهلُها أشدّ قتال، ثمّ طلبوا الأمان، وكان جلال الدِّين يَذمُّهُم ويقول: هؤلاء قتلوا أصحابَنا المسلمين، وبعثوا برءوسهم إلى التّتار، فلهذا خافوا منه، فلمّا طلبوا الأمان، ذكر لهم فِعلهم هذا، فاعتذروا بأنّه إنّما فعل ذلك ملكُهم، فقبِل عُذْرهم، وآمنهم، وأخذ البلد، وآمن ابنةَ طُغْرل، وذلك في رجب. وبعث ابنة طُغْريل إلى خُوَيّ مخفرة محترمة، وبثّ العَدْل في تِبريز، ونزل يومَ الجمعة إلى الجامع، فلمّا دعا الخطيبُ للخليفة، قام قائما حَتّى فرغ مِن الدُّعَاء. ثمّ سيَّر جيشا إلى بلاد الكُرْج- لعنهم الله- ثمّ سارَ هو وعمل معهم مصافّا هائلا.
قال ابن الأثير [2] : فالّذي تحقّقناه أنَّه قُتِلَ من الكُرْج عشرون ألفا، وانهزم مقدّمُهم إيواني.
وجهّز جلال الدِّين عسكرا لحصار القلعة الّتي لجأ إليها إيواني، وفرَّق باقي جيوشه في بلاد الكُرج، يقتلون، ويسبُون، مع أخيه غياث الدِّين. ثمّ تزوَّج جلال الدِّين بابنة السُّلطان طُغريل، لأنّه ثبتَ عنده أنّ أُزبك حلف بطلاقها على أمرٍ وفعله. وأقام بتبريزَ مُدَّة، وجهّزَ جيشا إلى كَنْجة، فأخذوها، وتحصَّن أُزبك بقلعتها، ثمّ أرسل يخضع لجلال الدِّين، ففتر عنه [3] .
__________
[1] الشحنة: هو بمثابة المحافظ أو الحاكم العسكري.
[2] في الكامل 12/ 435.
[3] وانظر خبر (تبريز) أيضا في: مفرّج الكروب 4/ 149- 155، والمختصر في أخبار البشر 3/ 135، والمختار من تاريخ ابن الجزري 120- 121، والعسجد المسبوك 2/ 403- 404.(45/10)
وفاة الناصر لدين الله
وفي سَلْخ رمضان تُوُفّي النّاصر لدين الله [1] .
بيعة الظاهر بأمر الله
قال أبو المظفّر سِبْطُ الجوزيّ [2] : وفيها حججتُ راكبا في المَحْمَلِ السُّلطانيّ المعظَّميّ، فجاءنا الخبرُ بموت الخليفة بعَرَفَة، فلمّا دخلنا للطّواف، إذا الكعبةُ قد أُلْبِسَتْ كِسوةَ الخليفة، فوجدتُ اسم النّاصر في الطّراز في جانبين، واسم الخليفة الظّاهر في جانبين [3] .
وهو أبو نصر مُحَمَّد، بويع بالخلافة وكان جميلا، أبيض مُشْرَبًا حمرة، حلو الشمائل، شديد القوى، بويع وهو ابن اثنتين وخمسين سنة، فقيل له: ألا تتفسّح؟ قال: قد لَقِسَ [4] الزَّرْع، فقيل: يُبارِكُ الله في عمرك، قال: من فتح دكانا بعد العصر أيش يكسب؟ ثم إنه أحسن إلى الرّعيّة، وأبطلَ المكوسَ، وأزال المظالِمَ، وفَرَّق الأموال. وغسَّل النّاصر محيي الدِّين يوسُف ابن الجوزي، وصلى عليه ولده الظاهر بأمر الله بعد أن بُويع بالخِلافة.
قال ابن السّاعي [5] : بايعه أولا أهلُه وأقاربُه من أولاد الخلفاء، ثمّ مؤيّد الدِّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد القُمّيّ نائب الوزارة، وعَضُدُ الدَّولة أبو نصر ابن الضّحّاك أستاذُ الدّار، وقاضي القُضاة محيي الدِّين بن فَضْلان الشّافعيّ، والنّقيبُ الطّاهر قِوامُ الدِّين الحَسَنُ بن مَعَدّ المُوسويّ، ثمّ بُويع يوم عيد الفِطْر البيعةَ العامَّة، وجلس بثياب بيض، وعليه الطّرحةُ وعلى كتِفه بُردةُ النبيِّ صَلَّى الله عليه وسلّم في
__________
[1] انظر ترجمته ومصادرها في الوفيات برقم (67) .
[2] قول سبط الجوزي ليس في المطبوع من مرآة الزمان، وهو في: ذيل الروضتين 144- 145.
[3] زاد أبو شامة نقلا عن السبط: «فعلمت أنهم كانوا قد فرغوا من نسج الجانبين عند وفاة الناصر، ثم استأنفوا ما بقي باسم الظاهر» ص 145.
[4] يقال: لقست نفسه: إذا غثت وخبثت.
[5] هو تاج الدين أبو طالب علي بن أنجب خازن كتب المدرسة المستنصرية المتوفى سنة 674 هـ-، له كتاب مشهور على السنين لم يصل إلينا، ذكره الإربلي في خلاصة الذهب 282 فقال إن ابن الساعي جمع كتابا في مناقب وفضائل الإمام الناصر في خمس مجلّدات سمّاه «الروض الناضر في أخبار الإمام الناصر» .(45/11)
شبّاك القبّة الّتي بالتّاج [1] ، فكان الوزير قائما بين يدي الشُّبّاك على مِنبر، وأستاذُ الدّار دونه بمرقاة، وهو الّذي يأخذ البيعةَ على النّاس، ولفظُ المبايعة: «أُبايع سيِّدَنا ومولانا الإمامَ المفترضَ الطّاعة على جميع الأنام، أبا نصر مُحَمَّدًا الظّاهر بأمر الله على كتاب الله، وسنّة نبيّه، واجتهاد أمير المؤمنين، وأنْ لا خليفة سواه» .
ولمّا أُسْبِلَتِ السِّتارة، توجّه الوزير وأرباب الدّولة، وجلسوا للعزاء، ووعظ محيي الدِّين ابن الجوزيّ، ثمّ دعا الخطيبُ أبو طالب الحسين ابن المهتدي باللَّه [2] .
قضاء القضاة ببغداد
وبعد أيّام عُزِلَ ابن فَضْلان عن قضاء القضاة، وولِّي أبو صالح نصرُ بْن عَبْدِ الرزّاق ابْن الشَّيْخ عَبْد القادر، وخُلِعَ عليه [3] .
اشتداد الغلاء بالموصل والجزيرة
قال ابن الأَثير [4] : فيها اشتدَّ الغلاءُ بالموصل والجزيرةِ جميعها، فأكل النّاسُ الميتة والسَّنانير والكلابَ، ففُقِدَ الكلابُ والسّنانير. ولقد دخلتُ يوما إلى داري، فرأيت الجواري يُقطّعن اللّحْمَ، فرأيتُ حواليه اثني عشر سِنَّورًا، ورأيت اللّحم في هذا الغلاء في الدّار وليس عنده مَنْ يحفظه مِن السّنانير لعدمها، وليس بينَ المدّتين كثير. ومع هذا فكانت الأمطار متتابعة إلى آخر الربيع، وكلّما جاء المطرُ غَلَت الأسعار، وهذا ما لم يُسمع بمثله. إلى أن قال: واشتدّ الوباءُ، وكثُر المَوْتُ والمرضُ، فكان يحمل على النّعش الواحد عدّة من الموتى [5] .
__________
[1] التاج: قصر مشهور بدار الخلافة ببغداد، كان أول من وضع أساسه، وسمّاه بهذه التسمية الخليفة المعتضد، ولم يتم في أيامه، فأتمّه ابنه المكتفي، وجرت عليه تطورات ذكرها ياقوت مفصلة في «معجم البلدان» . والقبة المشار إليها هي التي كان يجلس فيها الخلفاء للمبايعة في شباك كبير إلى صحن كبير يجتمع فيه الناس لذلك.
[2] انظر خبر (البيعة) أيضا في: المختار من تاريخ ابن الجزري 123- 124.
[3] المختار من تاريخ ابن الجزري 124.
[4] في «الكامل» : 12/ 447- 448.
[5] الخبر أيضا في: العسجد المسبوك 2/ 413.(45/12)
سنة ثلاث وعشرين وستّمائة
وصول الخِلع من الظاهر بأمر الله إلى أولاد العادل بمصر
فيها قَدِمَ محيي الدِّين يوسف ابن الجوزيّ بالخِلَعِ والتّقاليد من الظّاهر بأمر الله إلى المُعَظَّمِ، والكاملِ، والأشرف.
قال أبو المُظَّفْر سِبْطُ الجوزي [1] : قال لي المعظَّم: قال لي خالُك:
المصلحةُ رجوعُك عن هذا الخارجيّ- يعني جلال الدِّين- إلى إخوتك، ونُصْلِحُ بينكم. وكان المعظّم قد بعث مملوكه أيدكين إلى السُّلطان جلال الدِّين، فرحَّلَه من تفليس وأنزله على خلاط، والأشرف حينئذ بحرَّان، قال:
فقلتُ لخالك: إذا رجعتُ عن جلال الدِّين، وقصدني إخوتي تُنجدوني؟ قال:
نعم. قلتُ: ما لكم عادة تُنْجِدُون أحدا، هذه كتبُ الخليفة عندنا ونحن على دِمياط، ونحن نكتب إليه نستصرخ به ونقول: أنجِدونا، فيجيء الجوابُ بأنْ قد كتبنا إلى ملوك الجزيرة، ولم يفعلوا. وقد اتّفق إخوتي عليّ، وقد أنزلت الخُوارِزْميّ على خلاط، إنْ قصَدني الأشرف منعه الخُوارِزْميّ، وإنْ قصدني الكاملُ كَانَ فيَّ له.
تقديم الأشرف الطاعة للمعظّم
وفيها قَدِمَ الأشرف دمشق، وأطاع المعظَّم، وسأله أن يسأل جلالَ الدِّين أن يرحل عن خِلَاطَ، وكان قد أقام عليها أربعين يوما، فبعث المعظَّمُ، فرحل
__________
[1] لا يوجد سوى خبر مقتضب في المطبوع من مرآة الزمان، وهو في: ذيل الروضتين 147- 148، وتاريخ ابن سباط 1/ 287، ومفرّج الكروب 4/ 175، ونهاية الأرب 29/ 135- 136.(45/13)
الخُوارزْميّ عن خِلَاط. وكان المعظّم يَلْبَسُ خِلعَة الخُوارزْميّ، ويركب فرسَه، وإذا حادث الأشرف، حلف برأس خُوارزم شاه جلال الدِّين، فيتألّم الأشرفُ [1] .
سفر خال ابن الجوزي إلى الكامل في مصر
وتوجّه خالي إلى الملك الكامل [2] .
عصيان نائب كرمان على جلال الدِّين
وقال ابن الأَثير [3] : في جُمَادَى الآخر جاء جلال الدِّين الخبرُ أن نائبة بكِرْمان قد عصى عليه، وطَمِعَ في تملُّك ناحيته، لاشتغال السُّلطان بحرب الكُرْج وبُعْدِه، فسار السُّلطان جلال الدِّين يطْوي الأرض إلى كرمان، وقدَّم بين يديه رسولا إلى متولّي كرمان بالخلع ليطمّنه، فلمّا جاءه الرسولُ، علم أنّ ذلك مكيدةٌ لخبرته بجلال الدِّين، فتحوَّل إلى قلعةٍ منيعةٍ، وتحصّن، وأرسل يقول:
أنا العبدُ المملوك، ولمّا سمعتُ بمسيرك إلى البلاد أخليتُها لك، ولو علمتُ أنّك تُبقي عليَّ، لحضرتُ إلى الخِدمة. فلمّا عرف جلالُ الدِّين، عَلِمَ أنَّه لا يُمكنه أخذُ ما بيده من الحصون، لأنّه يحتاج إلى تعبٍ وحصار، فنزل بقرب إصبَهان، وأرسل إليه الخِلَعَ، وأقرَّه على ولايته. فبينما هو كذلك، إذ وصل الخبرُ من تفليسَ بأنّ عسكر الأشرف الّذي بخلاطَ قد هَزَمُوا بعضَ عسكره، فساق كعادته يطوي المراحِلَ حَتّى نازل مدينة مَنَازْكَرْد في آخر السّنة، ثمّ رحل من جُمعته، فنازل خِلاط، فقاتل أهلَها قتالا شديدا، ووصل عسكَرُهُ إلى السور، وقُتِلَ خلْق من الفريقين، ثمّ زحف ثانيا وثالثا، وعَظُمَتْ نِكايةُ عسكره في أهل خِلاطَ، ودخلوا الرَّبَضَ، وشرعوا في السَّبْي والنَّهْب، فلمّا رأى ذلك أهل خلاط تناخوا، وأخرجوهم، ثمّ أقام يحاصرها، حتّى كثر البرد والثّلج، فرحل عند ما بلغه إفسادُ التُّركمان في بلاد أَذْرَبَيْجَان، وجدَّ في السّير، فلم
__________
[1] الخبر في: ذيل الروضتين 148، وانظر: المختصر في أخبار البشر 3/ 136، وزبدة الحلب 3/ 198- 199، ومفرّج الكروب 4/ 179- 180، ونهاية الأرب 29/ 137.
[2] الخبر في: ذيل الروضتين 148، ومفرّج الكروب 4/ 176.
[3] في «الكامل» : 12/ 454- 455.(45/14)
يَرْعَهُمْ إلّا والجيوشُ قد أحاطت بهم، فأخذتهم السّيوفُ، وكثُر فيهم النَّهبُ والسَّبْي [1] .
أخذ ملك الروم عِدَّة حصون لصاحب آمد
وفي شعبان سار علاء الدِّين كَيْقُبَاذ ملك الرّوم، فأخذ عدّة حصون للملك المسعود صاحب آمد [2] .
موت ملك الأرمن
وفيها جمع البرِنْسُ صاحبُ أنطاكية جموعَه، وقصد الأرمن، فمات ملكُ الأرمن قبلَ وصوله، ولم يُخلف ولدا ذكرا، فملّك الأرمنُ بنته عليهم، وزوَّجوها بابن البرِنْسِ، وسكن عندهم، ثمّ ندمت الأرمنُ، وخافوا أن تستوليَ الفرنج على قِلاعهم وبلادهم، فقبضوا على ابن البِرِنْس وسجنُوه، فسارَ أبوهُ لحربهم، فلم يَحْصُلْ له غرضٌ فرجع [3] .
الأرنبة العجيبة
قال ابنُ الأَثير [4] : وفيها اصطاد صديقٌ لنا أرنبا ولها أُنثيان وذَكَر، وله فَرْج أنثى، فلمّا شقُّوا بطنه رأوا فيه جروين [5] ، سمعت هذا منه ومن جماعة
__________
[1] انظر الخبر باختصار في: المختصر في أخبار البشر 3/ 136، والمختار من تاريخ ابن الجزري 128- 129، وزبدة الحلب 3/ 199، ومفرّج الكروب 4/ 186- 188، والعسجد المسبوك 2/ 418.
[2] خبر (ملك الروم) في: الكامل 12/ 458- 459، والمختصر في أخبار البشر 3/ 137، ومفرّج الكروب 4/ 202- 204، والمختار من تاريخ ابن الجزري 129، وتاريخ الخميس 2/ 412، والعسجد المسبوك 2/ 421.
[3] انظر خبر (الأرمن) في: الكامل 12/ 464- 465، والمختار من تاريخ ابن الجزري 129، والبداية والنهاية 13/ 112.
[4] في الكامل 12/ 467.
[5] هكذا في الأصل، وقد كتب المؤلّف على هامش الأصل: «خ: خرقين» . وفي المطبوع من الكامل: «حريفين» ، ومثله في: المختار من تاريخ ابن الجزري بخط المؤلّف- رحمه الله-.
وفي تاريخ ابن سباط: «في بطنها جوفان» ، وفي تاريخ الخميس: «جروان» وهو الأشبه، كما في: دول الإسلام 2/ 128.(45/15)
كانوا معه، وقالوا: ما زلنا نَسْمَعُ أن الأرنبَ تكون سنة ذكرا، وسنة أنثى، ولا نُصَدِّقُ، فلمّا رأينا هذا، علِمنا أنَّه قد حَمَل وهو أنثى، وانقضت السّنةُ فصار ذَكَرًا، ويُحتمل أن يكون خُنثى [1] .
تحوّل بنت إلى رجل
قال ابن الأَثير [2] : وكنتُ بالجزيرة ولنا جارٌ له بنتُ، اسمُها صَفيَّة، فبقيت كذلك نحو خمس عشرة سنة، وإذا قد طلع لها ذَكَرُ رَجلٍ، ونبتت لحيتُه، فكان له فَرْج امرأة وذَكَر رجل [3] .
غنم مُرّ
قال: وفيها ذبح إنسانٌ بالمَوْصِل رأسَ غنم، فإذا لحمُه ورأسُه ومعلاقه مرٌّ [4] شديد المرارة، وهذا شيء لم يُسْمَعْ بمثله [5] .
زلزلة الموصل وشهرزور
وفي ذي الحِجَّة زُلْزِلت المَوْصِل، وغيرُها، وخُرِبَ أكثر شَهْرَزُورَ، لا سيما القلعة، فإنّها أجحفت بها، وبقيت الزّلزلةُ تتردّد عليهم نَيْفًا وثلاثين يوما، وخرب أكثر قرى تلك النّاحية [6] .
__________
[1] وانظر خبر (الأرنبة) في: المختار من تاريخ ابن الجزري 129- 130، وتاريخ الخميس 12/ 412- 413، وتاريخ ابن سباط 287- 288، ودول الإسلام 2/ 128، والعسجد المسبوك 2/ 424 وفيه: «حريفين» مثل الكامل: «خمسة آلاف» .
[2] في الكامل 12/ 467.
[3] انظر الخبر أيضا في: المختار من تاريخ ابن الجزري 130، والعسجد المسبوك 2/ 424.
[4] في الأصل: «مرا» ، وهو غلط.
[5] الخبر في: الكامل 12/ 467 وقد أضاف: «وأكارعه» ، والمختار من تاريخ ابن الجزري 130، والعسجد المسبوك 2/ 424، والبداية والنهاية 13/ 114.
[6] انظر خبر (الزلزلة) في: الكامل 12/ 467، ودول الإسلام 2/ 128، والمختار من تاريخ ابن الجزري 130، والعسجد المسبوك 2/ 424، وتاريخ الخميس 2/ 413، والبداية والنهاية 13/ 114، وكشف الصلصلة للسيوطي 198.(45/16)
انخساف القمر
وفي هذه السّنة انخسف القمر مرّتين [1] .
برْد ماء عين القيّارة
وفيها برد ماء عينِ القيَّارة [2] حَتّى كَانَ السّابح يجد البرد، فتركوها، وهي معروفةٌ بحرارة الماء، بحيث إنّ السّابح فيها يجد الكرْبَ. وكان بردها في هذه السّنة من العجائب [3] .
كثرة الحيوانات
وفيها كثرت الذّئابُ، والخنازيرُ، والحيّات، وقُتِلَ كثير منها [4] .
القحط والجراد بالموصل
وفيها كَانَ قحطٌ وجراد كثير بالمَوْصِل.
وجاء بَرَدٌ كِبار أفْسد الزّرعَ والمواشي، قيل: كَانَ وزنُ البَرَدَة مائتي درهم، وقيل: رطلا بالمَوْصِليّ [5] .
وفاة الظاهر بأمر الله
وفي رجب تُوُفّي أميرُ المؤمنين الظّاهر بأمر الله، وكانت خلافته تسعةَ أشهر ونصفًا [6] .
__________
[1] انظر خبر (الخسوف) في: الكامل 12/ 466، والمختار من تاريخ ابن الجزري 130، والعسجد المسبوك 2/ 424، وتاريخ الخميس 2/ 413.
[2] عين القيّارة: تحت الموصل، وماؤها معدنيّ حارّ، يستحمّ فيه الناس للشفاء من أمراض المفاصل حتى الآن. (معجم البلدان 4/ 419) .
[3] الخبر في: الكامل 12/ 466، المختار من تاريخ ابن الجزري 130، والعسجد المسبوك 2/ 424.
[4] خبر (الحيوانات) في: الكامل 12/ 466، والمختار من تاريخ ابن الجزري 130، والعسجد المسبوك 2/ 424.
[5] خبر (القحط والبرد) في: الكامل 12/ 466، والمختار من تاريخ ابن الجزري 131.
[6] ستأتي ترجمة الظاهر بأمر الله ومصادرها في الوفيات برقم (200) .(45/17)
بيعة المستنصر باللَّه
وبويع ابنه الأكبر أبو جعفر المستنصر باللَّه، فبايعه جميع إخوته وبنو عمّه.
قال ابن السّاعي: حضرتُ بيعته العامَّة، فلمّا رفعت السّتارة، شاهدته وقد كمّل الله صورتَه ومعناه، وعمرُه إذ ذاك خمسٌ وثلاثون سنة، وكان أبيضَ مُشْربًا حُمْرة، أزجَّ الحاجبين، أدعجَ العينين، سهلَ الخدَّين، أقنى، رَحْبَ الصدرِ، عليه قميص [1] أبيضُ، وبقيار [2] أبيض مسكّن [3] ، وعليه طرحةُ قصب بيضاء، ولم يزل جالسا إلى أنْ أُذِّنَ الظُّهْر، ثمّ جلس كذلك يومَ الأحد ويومَ الإثنين، وأُحْضِر بين يدي الشبّاك شمس الدّين أحمد ابن النّاقد، وقاضي القضاة أبو صالح الْجِيليّ، فرقيا المنبرَ، فقال الوزير مؤيّد الدِّين القُمِّيّ لقاضي القضاة: أميرُ المؤمنين قد وكَّلَ أبا الأزهر أحمد هذا وكالة جامعة في كُلّ ما يتجدَّد من بيعٍ وإقرار وعِتْق وابتياع.
فقال القاضي: أهكذا يا أميرَ المؤمنين؟ فقال: نعم، فقال القاضي:
ولَّيتني يا أميرَ المؤمنين ما ولّاني والدُك رحمة الله عليه؟ فقال: نعم، ولّيتُك ما ولّاك والدي. فنزلا، وأثبت القاضي الوكالةَ بعلمه.
رسليَّة ابنُ الأَثير
وفي شعبان قَدِمَ الصَّاحبُ ضياءُ الدِّين نصرُ الله ابنُ الأَثير [4] رسولا عن صاحب المَوْصل بدر الدِّين، فأورد الرسالة وهذه نسختها:
«ما لِلّيل والنّهارِ لا يعتذِرَانِ وقد عَظُمَ حادثهما، وما لِلشّمس والقمرِ لا ينكسِفان وقد فُقِدَ ثالثُهما.
فيا وحشة الدُّنيا وكانت أنيسة ... ووحدة من فيها لمصرع واحِدِ
وهو سيِّدنا، ومولانا، الإمامُ الظّاهر أمير المؤمنين، الّذي جعلت ولايته
__________
[1] في تاريخ الخميس 2/ 413: «عليه ثوب» .
[2] في تاريخ الخميس 2/ 413: «ومئزر» .
[3] هذا اللفظ ليس في تاريخ الخميس.
[4] هو صاحب كتاب «المثل السائر» ، وغيره. توفي سنة 637 هـ.(45/18)
رحمة للعالمين، واختير من أرومةِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الّذي هو سيّد ولدِ آدم» ، ثمّ ذكر فصلا [1] .
قال ابن السّاعي: وخُلِعَتِ الخِلع، فبلغني أنّ عِدّتها ثلاثة آلاف خلعة وخمسُمائة ونيّف وسبعون خِلعة، وركب الخليفة ظاهرا لِصلاة الجمعة بجامع القصر، وركب ظاهرا يوم الإثنين الآتي في دِجلة بأبَّهَةِ الخلافة، ثمّ ركب والنّاس كافَّةً مُشاة، ووراءه الشَّمْسَةُ [2] ، والألوية المُذهّبة، والقِصَعُ تضرب وراء السّلاحيَّة، فقصد السُرادقَ الّذي ضُرِبَ له، ونزله به ساعة، ثمّ ركب وعاد في طريقه [3] .
كسْر جلال الدِّين للكرْج
وفيها التقى جلالُ الدِّين ملكُ الخُوارزْميَّة الكُرْجَ، وكانوا في جمْع عظيم إلى الغاية، فكسرهم، وأمر عسكره، أن لا يُبقوا على أحدٍ، فتتبَّعُوا المنهزمين، ولم يزالوا يستقصون في طلب الكُرج إلى أن كادوا يُفنونهم. ثمّ نازل تفليسَ وأخذها عَنوةً، وكانت دارَ مَلِكِ الكُرج، وقد أخذوها من المسلمين من سنة خمس عشرة وخمسمائة، وخرّبوا البلاد، وقهروا العباد، فاستأصلهم الله في هذا الوقت، «ولكلّ أجل كتاب» [4] .
__________
[1] النص في المختار من تاريخ ابن الجزري 135، ومفرّج الكروب 4/ 198.
[2] الشمسة: المظلّة التي يحتمي بها من الشمس.
[3] انظر الخبر أيضا في: المختار من تاريخ ابن الجزري 135- 136، وتاريخ الخميس 2/ 413.
[4] انظر: المختصر في أخبار البشر 3/ 136، والعسجد المسبوك 2/ 417، وسيرة جلال الدّين 210، والبداية والنهاية 13/ 112.(45/19)
سنة أربع وعشرين وستّمائة
الوقعة بين جلال الدِّين والتتار
فيها جرت وقعةُ بين جلال الدِّين الخُوارزْميّ وبين التتار، وكان بتوريز [1] فجاءه الخبرُ أنّ التّتار قد قصدوا أصبهان، فجمع عسكره، وتهيَّأ للملتقى، لكون أولاده وحُرَمِهِ فيها، فلمّا وصلها، وأزاح عِلل الجند بما احتاجوا، جرَّد منهم أربعة آلاف صوب الرَّيّ ودامغان يَزَكًا، فكانتِ الأخبار تَرِدُ من جهتهم وهم يتقهقرون، والتّتار يتقدَّمون، إلى أن جاءه اليَزَكُ [2] ، وأخبروه بما في عسكر التّتار من الأبطال المذكورين مثل باجي نوين [3] ، وباقونوين [4] ، وأَسَر طَغَان، ووصلت التّتار، فنزلوا شرقيّ إصْبَهان. وكان المنجّمون أشاروا على السُّلطان جلال الدِّين بمصابرتهم ثلاثة أيّام، والتقائهم في اليوم الرابع، فلزِم المكان مرتقبَ اليوم الموعود، وكان أمراؤه وجيشه قد انزعجوا من التّتار، والسُّلطان يتجلَّدُ، ويظهر قوَّة، ويشجّع أصحابَه، ويُسهل الخطب، ثمّ استحلفهم أن لا يهربوا، وحَلَفَ هو، وأحضر قاضي إصْبَهانَ ورئيسها وأمرهما بعرض الرّجّالة في السِّلاح. فلمّا رأى التّتارُ تأخّرَ السُّلطان عن الخروج إليهم، ظنُّوا أنَّه امتلأ خوفا، فجرّدوا ألفي فارس إلى الجبال يغارون [5] ويجمعون ما
__________
[1] يرد في المصادر: «توريز» و «تبريز» وهما واحد.
[2] اليزك: طليعة العسكر.
[3] في المطبوع من «تاريخ الإسلام» - الطبقة الثالثة والستون- (طبعة مؤسسة الرسالة) ، ص 18 «نوبل» باللام، وقد تكرّرت، وهو غلط. والصحيح ما أثبتناه، وهو لفظ مغوليّ معناه أمير.
(صبح الأعشى 4/ 425) .
[4] المراد: «يغيرون» .
[5] يعني: يغيرون.(45/20)
يقوتهم مُدَّة الحصار، فدخلوا الجبال وتوسَّطوها، فجهّز السُّلطانُ وراءهم ثلاثةَ آلاف فارس، فأخذوا عليهم المضايق والمسالك، وواقعوهم، وقتلوا فيهم وأسروا.
ثمّ خرج في اليوم الموعود، وعبَّى جيشه للمصافّ، فلمّا تراءى الجمعان، خذله أخوه غياث الدِّين وفارقه بعسكره، فتبِعه جَهان بهلوان، لِوحْشَهٍ حدثت له ذلك الوَقْت، وتغافلَ السُّلطان عنه، ووقف التّتار كراديس متفرّقة مترادفة، فلمّا حاذاهم جلالُ الدِّين أمر رجَّاله إصْبَهان بالعَوْدِ، ورأى عسكره كثيرا، وتباعدَ ما بين ميمنة السُّلطان وميسرته حَتّى لم تعرف الواحدة منهما ما حالُ الأخرى، فحملت ميمنته على مسيرة التّتار هزمتها، وفعلت ميسرتُه. فلمّا أمسى السُّلطانُ، ورأى انهزامَ التّتار نزل، فأتاه أحدُ أمرائه وقال له: قد تمنّينا دهرا نُرزق فيه يوما نفرحُ فيه، فما حصل لنا مثلُ هذا اليوم وأنت جالسٌ، فلم يزل به حَتّى رَكِبَ وعَبَرَ الْجُرف، وكان آخِرَ النهار، فلمّا شاهد التّتار السّواد الأعظم، تجرّد جماعةٌ من شجعانهم، وكَمَنُوا لهم، وخرجوا وقت المغرب على مَيْسَرة السُّلطان كالسَّيل وحملوا حملة واحدة، فزالت الأقدام، وانهزموا، وقتل من الأمراء ألب خان، وأُرتق خان، وكوج خان، وبولق خان، وماج الفريقان، وحمي الوطيسُ واشتدّ القتال، وأُسر علاءُ الدَّولة آناخان صاحب يزد، ووقف السُّلطان في القلب وقد تبدَّد نظامُه، وتفرّقت أعلامُه، وأحاط به التّتار، وصار المخلص من شدَّة الاختلاط أضيقَ من سَمِّ الخِياط، ولم يبق معه إلّا أربعة عشر نفسا من خواصّ مماليكه، فانهزم على حمِيَّة، فطعن طعنة لولا الأجلُ، لهلك. ثمّ أفرج له الطّريق، وخَلُصَ من المضيق، ثمّ إنّ القلب والميسرة تمزّقت في الأقطار، فمنهم من وقع إلى فارس، ومنهم من وصل كِرمان، ومنهم من قصد تبريز.
وعادت الميمنة بعد يومين، فلم نسمع بمثله مصافّا لانهزام كِلا الفريقين، وذلك في الثّاني والعشرين من رمضان. ثمّ لجأ السُّلطانُ إلى إصْبَهان، وتحصَّن بها، فلم تصل التّتار إليه، وحاصروا إصْبَهان، ورَدّوا إلى خُراسان [1] .
__________
[1] انظر خبر (الموقعة) في: الكامل لابن الأثير 12/ 470 (باختصار) ، وسيرة جلال الدين ص 232، ودول الإسلام 2/ 97- 98، والعبر 5/ 97، والمختار من تاريخ ابن الجزري(45/21)
انتقام جلال الدِّين من الإسماعيلية
قال ابنُ الأَثير [1] : وفي هذه السّنةِ قتل الإسماعيليةُ أميرا كَانَ جلالُ الدِّين خُوارزم شاه قد أقطعه مدينة كَنْجَة، وكان نِعْمَ الأميرُ يُنكر على جلال الدِّين ما يفعلُه عسكرُه من النَّهب والشَّر، فَعَظُمَ قَتلُه على جلال الدِّين واشتدّ عليه، فسار بعساكره إلى بلاد الإسماعيليَّة من حدود الألموت إلى كردكوه بخُراسان، فخرّب الجميعَ، وقتل أهلَها، وسبى، ونهبَ، واسترقّ الأولادَ، وقتل الرجالَ وكان قد عظُم شرُّهم، وزاد ضررُهم، فكفّ عادِيتَهم، ولقّاهم الله بما عَمِلُوا بالمسلمين [2] .
ثمّ سار إلى التّتار وحاربهم وهزمهم، وقَتَلَ وأسر، ثمّ تجمَّعوا له وقصدوه.
فتح خُوَيّ ومَرَند
وفيها سارت عساكر الملك الأشرف مع الحاجب حُسام الدِّين عليّ إلى خُوَيّ بمكاتبة من أهلها، فافتتحها، ثمّ افتتح مَرَند، وقويت شوكتُه.
قال ابن الأثير [3] : لو داموا لملكوا تلك النّاحية، إنّما عادوا إلى خِلَاط، واستصحبوا معهم زوجة جلال الدِّين خُوارزم شاه، وهي ابنةُ السُّلطان طُغريل بن أرسلان السُّلجوقيّ، وكان قد تزوّج بها بعد أزبك بن البهلوان، فأهملها، ولم يلتفت إليها، فخافته مع ما حُرمَتُهُ من الأمر والنَّهي، وكاتبتِ الحسامَ عليّا المذكور تَطْلُبُه لِتسلّم إليه البلاد [4] .
القضاة بدمشق
وكان بدمشق في سنة أربع: أربعُ قضاةٍ. شافعيّان وحنفيّان: الخوييّ
__________
[ () ] 137- 139، والبداية والنهاية 13/ 117، وتاريخ الخميس 2/ 414.
[1] في الكامل 12/ 470.
[2] والخبر باختصار في: دول الإسلام 2/ 130، وهو في: العسجد المسبوك 2/ 427.
[3] في الكامل 12/ 471.
[4] والخبر باختصار في: البداية والنهاية 13/ 117، وهو في العسجد المسبوك 2/ 427، ودول الإسلام 2/ 131.(45/22)
قاضي القضاة، ونائبة نجم الدّين ابن خَلَف، وشرف الدِّين عبد الوهَّاب الحنفيّ، والعزيز ابن السّنْجاريّ.
شنق ابن السقلاطوني
وشنقَ ابن السَّقلاطونيّ العَدْل نفسَهُ بسبب مالٍ عليه للدّولة، طُولِبَ به، وكان عدلا مِن نيّف وأربعين سنة من شهودِ شرفِ الدِّين بن عَصْرون.
ترتيب مُسْند أحمد
وفيها أحضر البكريُّ المحتسب، الجمال ابن الحافظ، والشَّرف الإرْبِلِّيّ، والبِرْزَاليُّ، وقرّر معهم أن يُرتّبوا «مُسْند» أحمد على الأبواب، وقرّر للجمال في الشّهر خمسين دِرهمًا، وللآخرين ستّين درهما، وبذل لهم الوَرَق وأجرة النّسّاخ، فما أظنّة تمّ هذا.
مرض المعظّم وموته
ومرض الملك المعظّم، فتصدّق وأخرج المسجونين، وأعطى الأشرافَ ألف غِرارة، وفرَّقوا على الفقهاء والصّوفيَّة وغيرهم ثمانين ألفا وخمسمائة غِرارة. وحَلَفَ مَنْ بالحضرة لولده النّاصر. واشترى ابن زُويزان حصانا أصفر للمعظَّم بألف دينار مصريَّة، وأحضرها، فأمر بالتّصدُّق بها بالمُصلَّى، فازدحم الخلْق لذلك، فمات ثمانية أنفُس. ثمّ مات المعظّمُ في آخر ذي القعدة عن تسع وأربعين سنة. وأوصى أنْ يغسّله الحَصِيريّ. مات قبلَ صلاة الجمعة.
ورمى ابنُه الكَلْوتة والمماليكُ، ولَطَمُوا في الأسواق، وقرأ النَّجيبُ في العزاء:
يَا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ 38: 26 [1] فضجّ النّاسُ [2] .
قدوم رسول ملك الفرنج
وقال أبو شامة [3] : فيها قَدِمَ رسول الأَنْبُرور ملك الفرنج من البحر، على
__________
[1] سورة ص، الآية 26.
[2] انظر ترجمة (المعظّم) ومصادرها في الوفيات، برقم (257) .
[3] في ذيل الروضتين 151، والخبر في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 643.(45/23)
المعظَّم- بعد اجتماعه بأخيه الكاملِ- يطلب البلادَ الّتي فتحها السُّلطان صلاح الدِّين، فأغلظ له وقال له: قُلْ لصاحبك ما أنا مثل الغَيْر، ما له عندي إلّا السَّيفُ.
الحجّ الشاميّ
وفيها حجّ بالشّاميّين شجاع الدّين عليّ ابن السّلَّار، وهي آخرُ إمرته على الرّكب، وانقطع بعدَها ركبُ الشّام مُدَّة بسبب الفِتَن. وكان قد جاء من مَيَّافَارْقِين سلطانُها شهابُ الدِّين غازي ابن العادل، لِيحجَّ أيضا [1] .
قال أبو المُظفَّر [2] : كَانَ ثَقَلُه على ستّمائةِ جَمَل، ومعه خمسون هَجينًا عليها خمسون مملوكا، وسار على الرَّحْبَة وعَانَة وكُبَيْسات [3] إلى كَرْبلاء إلى الكُوفة. فبعث الخليفة له فَرَسَيْن وبغلة وألفي دينار، فلما عاد لم يصل الكوفة، بل صار غربيَّ الطريق فكاد يَهْلَكُ هو ومَنْ معه عطشا حَتّى وصل إلى حرَّان [4] .
وتُوُفّي الملك المعظّم وقام بعده ابنه النّاصر داود.
__________
[1] خبر (الحج) في: ذيل الروضتين 151.
[2] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 644.
[3] كبيسات: بلدة قريبة من عانة على الفرات. وقد تصحفت في المرآة إلى: «كيسان» .
[4] والخبر في: ذيل الروضتين 151.(45/24)
سنة خمس وعشرين وستّمائة
المنشور بولاية الناصر
في صَفَر جاء منشورُ الولاية من الملكِ الكامل لابن أخيه الملك النّاصر داود [1] .
تحرّك الفرنج بالسواحل
وتَحَرَّكَت الفرنج وانبثّوا في السَّواحلِ، لأنَّ الهُدنة فَرَغت [2] .
غارة المسلمين على صور
وفيها أغارَ المسلمونَ على أعمال صور، وغنِموا كثيرا من المواشي [3] .
نزول الملك العزيز على بعلبكّ
وفيها نَزَلَ الملكُ العزيز عثمانُ ابن العادل على بَعْلَبَكّ ليأخذها من الملك الأَمْجَد، فأرسلَ إليه النّاصر داودُ يأمرُه بالرَّحيل عنها، فرحلَ، وقد حَقَد على النّاصر، فقالوا: إنَّه كاتبَ الملكَ الكاملَ، وحَثَّهُ على قَصْدِ دمشق، وإنّها في يده. فَقَدِمَ الكامل وانضاف إليه العزيزُ، وجاءه الملك المجاهد أسدُ الدِّين شيركوه من حمص، وكانت عنده ضَغِينة على المُعَظَّم، لكونِهِ نازلَ حِمْص وشعث ظاهرَها. فاستنجَدَ الملكُ النّاصر بعمّه الملكِ الأشرف، فجاء وأكرمه
__________
[1] خبر (المنشور) في: ذيل الروضتين 152.
[2] المصدر نفسه، والكامل 12/ 477.
[3] نفسه، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 652.(45/25)
غاية الإكرام، ونزل بالنَّيْرب. وكانَ رسوله إلى الأشرف فخرَ الدِّين ابن بُصَاقة.
ولَمّا وصل الكاملُ إلى الغَوْر، بلغَهُ قدوم الأشرف، فرجَعَ إلى غَزَّة، وقال: أنا ما خرجت على أنْ أقاتلَ أخي. فبلغَ ذلك الأشرف، فقال لابن أخيه النّاصر: إنّ أخي قد رَجَع حَرْدان [1] ، والمَصْلَحة أنّني ألحقه وأسترضيه. فنزل الكاملُ غَزَّة، وأرسل إليه ملك الفرنج يطلب منه القُدس، وقال: أنا قد حضرت أُنجدك بمقتضى مراسلتك، ومعي عساكر عظيمة، فكيفَ أرجع بلا شيء؟ فأعطاه بعض القدس.
وسار الأشرف إلى الكامل واجتمعَ به في القدس، فكان نجدة على النّاصر لا له. واتّفق الأَخَوان على أخذ البلاد من النّاصر، وأنَّ دمشق تكون للأشرف، وانضاف إليهما من عسكر النّاصر أخوهُما الملك الصّالح إسماعيل، وابنُ عمّ النّاصر شهاب الدّين محمود بن المُغيث، وعزّ الدِّين أيدمر، وكريم الدِّين الخِلاطيّ. وجاء المظفَّر شهاب الدِّين غازي ابن العادل، فاجتمع الكلّ بفلسطين.
وقد كان النّاصر خرج ليتلقّى عَمّه الكامل، واعتقد أنّ الأشرف قد أصلح أمره عنده، فسارَ إلى الغَوْر، فلمّا سمع باجتماع أَعمامه عليه ليمسكوه رجَع إلى دمشق فَحَصَّنها، واستعدَّ للحصار [2] .
المشيخة والحسبة بدمشق
وفيها عُزِلَ الصَّدر البكري [3] عن مشيخة الشيوخ وعن حِسْبَة دمشق، فولِي المشيخةَ عمادُ الدِّين ابن حمويه، والحسبة رشيد الدّين ابن الهادي.
__________
[1] هكذا بالعامية، والصحيح: «حردانا» ، يعني غضبانا.
[2] الخبر في: ذيل الروضتين 153، والكامل في التاريخ 12/ 479- 480، والتاريخ المنصوري 161- 162، وزبدة الحلب 3/ 202، وأخبار الزمان 272- 273، ومفرّج الكروب 4/ 225- 231، ونهاية الأرب 29/ 150 (حوادث سنة 626 هـ-) ، والمختصر لأبي الفداء 3/ 140- 141، وتاريخ المسلمين لابن العميد 137، والدرّ المطلوب 289، ودول الإسلام 2/ 132، والعبر 5/ 201، والبداية والنهاية 13/ 123، والعسجد المسبوك 433- 434، وتاريخ ابن خلدون 5/ 351، والسلوك ج 1 ق 1/ 255- 227، وشفاء القلوب 310- 311، وتاريخ ابن سباط 1/ 292- 293.
[3] في البداية والنهاية 13/ 123: «التكريتي» ...(45/26)
نزول جلال الدِّين على خِلاط ثانية
وفيها نزل جلال الدِّين ابن خُوارزم شاه مرَّة ثانية على خِلاط، ثمّ هَجَم عليه الشّتاءُ، فَتَرَحَّل إلى أَذْرَبَيْجَان. وخرجَ الحاجب عليٌّ من خِلاط فاستولى على خُوَيّ وسَلَماس وتلك النَّاحية، وساقَ فأخذَ خزائن جلال الدِّين وعائلته وعاد إلى خِلاط، فقيل له: أيشٍ فعلت؟ تَحَرَّشت به ليُهلِكَ البلاد فلم تفكّر [1] .
جَرْيُ الكُوَيْزِ الساعي
وفيها جرى الكُوَيْز [2] السّاعي من واسط إلى بغداد في يومٍ وليلة، ووصل إلى باب سور البَصَليَّة قبل الغُروب بساعة، ورُزِقَ قَبولًا عظيما، وأُعْطِي خِلَعًا وأموالا من الدَّولة والتّجّار. ومن جملة ما حَصَل له نَيّف وعشرون فرسا، وقماش بألف وسبعمائة دينار، ومن الذّهب خمسة آلاف وأربعمائة دينار، واسمُه معتوق المَوْصِليّ. ولازم خدمة الشَّرابيّ [3] . ذكر هذا ابن السّاعي [4] .
تأسيس المستنصريَّة
وفيها شرعوا في أساس المُستنصريَّة ببغداد، وكان مكانَها إصطبلاتٌ وأبنيةٌ، وتولّى عِمَارَتُها أستاذُ دارِ الخلافة [5] .
موقعة الرَّيّ بين جلال الدِّين والتتار
وفيها- وقيل: في التي قبلها كما تقدم بعبارةٍ أخرى- عادت التّتار إلى
__________
[1] الخبر في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 652 وقد تصحّفت فيه: «سلماس» إلى «سلمان» ، وسيرة جلال الدين منكبرتي 299- 319، والمختصر في أخبار البشر 3/ 141، والمختار من تاريخ ابن الجزري 140، وتاريخ ابن الوردي 2/ 216، والعسجد المسبوك 2/ 434.
[2] في المختار من تاريخ ابن الجزري «الكوثر» ، ومثله في: العسجد المسبوك، والمثبت يتفق مع: دول الإسلام.
[3] يعني إقبالا.
[4] خبر (الساعي) في: دول الإسلام 2/ 132، والمختار من تاريخ ابن الجزري 141، والعسجد المسبوك 2/ 435.
[5] المختار من تاريخ ابن الجزري 141.(45/27)
الرَّيّ، وجرى بينَهم وبينَ جلال الدِّين حروبٌ. وكان هؤلاء التّتار قد سخط عليهم جِنكزخان وأبعدَهم، وطرد مقدَّمهم، فقصد خُراسانَ، فرآها خرابا، فقصد الرَّيّ ليتغلَّبَ على تلك النّواحي، فالتقى هو وجلال الدِّين، فاقتتلوا قتالا شديدا، ثمّ انهزم جلالُ الدِّين، ثمّ عاود بمن انهزم، وقصد إصْبَهان، وأقام بينَها وبينَ الرَّيّ، وجمع جيشه، وأتاه ابن أتابَك سعدٍ بعد وفاة والده. ثمّ عاد جلال الدِّين، فضرب مع التّتار رأسا، فبينما هُمْ مصطفّون انفرد غياثُ الدِّين أخو السُّلطان، وقصد ناحية، فظنّهم التّتار يُريدون أن يأتوهم مِن ورائهم، فانهزموا، وتبِعهم صاحبُ بلاد فارس.
وأمّا جلالُ الدِّين، فإنَّه لَمّا رأى مفارقة أخيه له، ظنَّ أنّ التّتر قد رجعوا خديعة ليستدرجوه، فانهزم أيضا، ولم يجسر أن يدخل إصْبَهان خوفا من الحصار، فمضى إلى شُبرم.
وأمّا صاحب فارس، فلمّا ساق وراء التّتار، وأبعد ولم يَرَ جلال الدِّين، خاف ورَدّ عن التّتار، ورأى التّترُ أنَّه لا يطلُبهم أحدٌ فوقفوا، وردُّوا إلى إصْبَهَان وحاصروها، وظنُّوا أنّ جلال الدِّين قد عُدِمَ، فبينما هُم كذلك، إذ وصل إليهم قاصدٌ من جلال الدِّين يُعرِّفهم بأنَّه سالم، وأنّه يجمع، ويُنجد أهل إصْبَهان، ففرح أهلُ البلد، وقويت نفوسهم، وفيهم شجاعة طبيعيّة، فقَدِمَ عليهم، ودخل إليهم، ثمّ خَرَج بهم، فالتقوا التّتارَ، فانهزم التّتارَ أقبح هزيمةٍ، فساق جلال الدِّين وراءَهم إلى الرَّيّ قتلا وأسرا، وأقام بالرَّيّ، فأتته رُسُل ابن جنكزخان يقول: إنّ هؤلاء ليسوا من أصحابي، وإنّما نحن أبعدناهم، فاطمأنّ جلالُ الدِّين من جانب ابن جنكزخان، وعاد إلى أَذْرَبَيْجَان..
وأمّا غياث الدِّين أخوه، فقصد خوزستان، فلم يُمكّنْهُ نائبُ الخليفةِ من دخولها، فقصد بلادَ الإسماعيليَّة، والتجأ إليهم، واستجارَ بهم. فقصد جلالُ الدِّين بلاد الإسماعيليّة لِينهبها إنْ لمْ يُسلّموا إليه أخاه، فأرسل مقدَّمُهم يقول:
لا يجوز لنا أن نُسلِّمه إليك، لكن نحن نُنزله عندنا، ولا نمكِّنه أنْ يقصِدَ شيئا من بلادك، والضّمان علينا. فأجابهم إلى ذلك، وعاد فنازل خلاط [1] .
__________
[1] انظر خبر (الموقعة) في: الكامل في التاريخ 12/ 476- 477، وسيرة جلال الدين منكبرتي(45/28)
تملُّك كَيْقُباذ مدينة أرزَن
وفيها تملَّك علاء الدِّين كيقُباذ صاحبُ الروم مدينة أرزنكان، وكان صاحبُها بِهرام شاه قد طال ملكُه لها، وجاز ستّين سنة، فمات، ولم يزل في طاعة قَلِج أرسلان وأولادِه، فملك بعدَه ولدُه علاء الدِّين داود شاه، فأرسل إليه كيقُباذ يطلب منه عسكرا ليسير معه إلى مدينة أرزن الروم، ليحاصرها، وأن يكون معهم، فأتاه في عسكره، فقبض عليه، وأخذ بلده. وكان له حصن كماخ، وله فيه والٍ، فتهدّده إن لم يُسلّم الحصن أيضا، فأرسل إلى نائبة، فسلَّم الحصن، فلمّا سمع صاحبُ أرزن، وهو ابن عمّ كيّقُباذ أنَّه يقصِدُه، استنجدَ بالأمير حُسام الدِّين عليّ الحاجب نائب الملك الأشرف على خِلاط، فسار الحسامُ ونجده، فردَّ كَيقُباذ لذلك، ولأنّ العدوَّ أخذوا له حصن صمصون [1] وهو مُطِلٌّ على البحر عَاصٍ، فأتاه واستعاده منهم، ثمّ أتى أنطاكِية يُشتِّي بها [2] .
ظهور محضر للعناكيّين
وفيها ظهر محضر للعناكيّين أثبت على نجم الدِّين مُهنَّا قاضي المدينة أنّ حَكَّام بن حَكم بن يوسُف بن جعفر بن إبراهيم بن مُحَمَّد الممدوح بن عبد الله الجواد بن جعفر الطّيّار سكن بقريةٍ بالشّام تُعرف بالأعناك، وأولد بها، وعَقِبُه بها، وبالشّام، ومن نسله فُلان، وساق نسبه إلى حكّام.
تدريس المسمارية
وتقرّر بالمسماريّة بنو المنجّا للتدريس بحكم أنّ نظرها إليهم.
__________
[241] وما بعدها، ومفرّج الكروب 4/ 231- 233، والدرر المطلوب 2889، ودول الإسلام 2/ 132- 133، والعبر 5/ 101، والمختار من تاريخ ابن الجزري 141- 143، والبداية والنهاية 13/ 123، والعسجد المسبوك 2/ 432- 433، والسلوك ج 1 ق 1/ 228، وتاريخ الخميس 2/ 414.
[1] في الكامل: «صنوب» . وفي المختار من تاريخ ابن الجزري: «صمنوب» ،
[2] انظر خبر (أرزن) في: الكامل 12/ 478- 479، والمختار من تاريخ ابن الجزري 143.(45/29)
تقييد الفتوى
وتقدّم الخُوَيّي إلى المُفتين بأن لا يكتبوا فتوى إلّا بإذنه.
طلوع الفرنج إلى صيدا
وفيها طلع الفِرنجُ من البحر وعكّا إلى صيدا، وكانت مناصفة لهم وللمسلمين، فاستولَوْا عليها وحصَّنُوها، وتمَّ لهم ذلك، وقويت شوكتُهم، وجاءهم الأنبرور ملكُ الألمان ومعناه: ملك الأمراء، وكان قُبيل مجيئه قد استولى على قبرص، وقَدِمَ عكَّة [1] ، وارتاع المسلمون لذلك. وقَدِمَ الكامل كما مرَّ مِن مصر، وأقام على تَلِّ العجول، ثمّ كاتبَ الأنبرور، واتّفق معه على النّاصر داود ابن المعظَّم، ونشب الكامل بالكلام، ولم تكن عساكر الأنبرور وصلت إليه من البحر، وخافه المسلمون، وملوكُ الفرنج بالسّاحل، فكاتبوا الكاملَ إذا حصل مصافُّ نمسك الأنبرور، فسيَّر إلى الأنبرور كتبهم، وأوقفه عليها، فعرف الأنبرور ذلك للكامل، وأجابه إلى كُلّ ما يُريد، وقدِمت رسُلُه على الكامل يتشكَّرَ لِما أَوْلاه، وتردَّدت بينهم المراسلاتُ.
وسيَّر الأنبرور إلى الكامل يتلطَّف معه، ويقول: أنا عتيقُك وأسيرُك، وأنت تعلم أنّي أكبرُ ملوك البحر، وأنت كاتبتني بالمجيء، وقد علم البابا وسائرُ ملوك البحر باهتمامي وطلوعي، فإنْ أنا رجعت خائبا، انكسرت حرمتي بينهم، وهذه القدس فهي أصل اعتقادهم وحجِّهم، والمسلمون قد أخربوها، وليس لها دَخْلٌ طائل، فإن رأى السُّلطانُ- أعزَّه الله- أن يُنْعِمَ عليَّ بقصبةِ البلدِ، والزيادة تكون صَدَقَة منه، وترتفعُ رأسي بين الملوك، وإن شاء السُّلطان أن يكشِفَ عن محصولها، وأحمل أنا مقدارَه إلى خزانته فعلتُ. فلما سَمِعَ الكاملُ ذلك، مالت نفسُه وجاوبه أجوبة مغلّظة، والمعنى فيها نعم [2] .
__________
[1] هكذا في الأصل: «قبرص» و «عكّة» ، وهما: «قبرس» و «عكّا» .
[2] انظر خبر (صيدا) في: الكامل 12/ 477- 478، والتاريخ المنصوري 156، ومفرّج الكروب 4/ 233، ودول الإسلام 2/ 133، والمختار من تاريخ ابن الجزري 144، والبداية والنهاية 13/ 123، والسلوك ج 1 ق 1/ 229، وشفاء القلوب 311، وتاريخ ابن سباط 294، والإعلام والتبيين 54.(45/30)
خلعة الزعامة
أنبأني ابن البزُوريّ، قال: وفي المحرّم منها استُدْعِي الأمير علاءُ الدِّين الدُّويدارُ الظاهريّ أبو شجاع ألْطَبْرَسْ، وخُلِعَتْ عليه خِلعةُ الزَعامة وهي: قُباء أطلس نفطيّ، وشَرَبوشُ كبير، وفَرَس بعُدَّة كاملة، وأُلحِقَ بالزّعماء.
رسول جلال الدِّين
قال: وفيها وصل قاضي الرَّيّ رسولا مِن عند جلال الدِّين منكوبريّ بن خُوارزم شاه.
العقد على ابنة صاحب الموصل
وفيها عقد عُقِدَ علاءِ الدِّين الدّويدار المذكور على ابنة بدر الدِّين صاحب المَوْصِل، على صداقٍ مبلغُه عشرون ألفَ دينار.
قدوم الحجّاج إلى بغداد
وفيها قَدِمَ بغداد من الحُجّاج أختُ السُّلطان صلاح الدِّين يوسُف، زوجة مظفّر الدِّين صاحب إِرْبِل، وابنُ أخيها الملك المُحسن أحمد، فَخُلِعَ على المُحسن.
قدوم الحجّاج على الدويدار
وفي رمضان خُلِعَ على علاء الدِّين الدُّوَيدار خِلعة عظيمة، وأُعطي تسعة أحمال كُوسات.
تغلّب ابن هود على الأندلس
وفيها تغلّب ابن هود على معظم الأندلسِ، فكان مُلْكه تسعةَ أعوام.(45/31)
سنة ستّ وعشرين وستّمائة
دخول الفرنج بيت المقدس
في ربيع الأوّل أخلى الكاملُ البيت المُقدَّسَ من المسلمين، وسلَّمه إلى الأنبرور، وصالحه على ذلك، وعلى تسليم جُملةٍ من القُرى فدخلته الفرنجُ مع الأنبرور. وكانت هذه من الوَصَمات الّتي دخلت على المسلمين، وتوغَّرت القلوبُ على الكامل- فإنّا للَّه وإنّا إليه راجعون [1] .
حصار الكامل دمشق
ثمّ أتبعها بحصار دمشق وأذِيَّة المسلمين، فنزل جيشه على الجسورة، وقطعُوا عن دمشق بأناس والقنوات، ثمّ قطعوا يزيد وثورا [2] ، ونهبوا البساتين، وأحرقوا الجواسِق.
ثمّ جرت بين عسكر النّاصر داود، وبين عسكر عمِّه الكامل وقعاتٌ، وقُتِلَ جماعةٌ وجُرِحَ جماعة، وأُخْرِبت حواضرُ البلد. فلمّا كان يوم رابع
__________
[1] خبر (بيت المقدس) في: الكامل 12/ 482- 483، والتاريخ المنصوري 176، وذيل الروضتين 154- 155، وزبدة الحلب 3/ 205، وتاريخ مختصر الدول 244، وتاريخ الزمان 272- 273، ومفرّج الكروب 4/ 241- 251، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 431- 432، والمختصر في أخبار البشر 3/ 141، وتاريخ المسلمين 138، والدرّ المطلوب 292، ونهاية الأرب 29/ 151، والعبر 5/ 104- 105، وتاريخ ابن الوردي 2/ 150، ومرآة الجنان 4/ 59، والبداية والنهاية 13/ 123- 124، ومآثر الإنافة 2/ 79، والعسجد المسبوك 2/ 436، والسلوك ج 1 ق 1/ 230- 231، والنجوم الزاهرة 6/ 271، وشفاء القلوب 311، وتاريخ ابن سباط 1/ 295.
[2] بأناس والقنوات ويزيد وثورا من أنهار دمشق المتفرّعة من نهر بردي.(45/32)
جُمَادَى الأولى وقعت بينهم وقعةٌ عظيمة [1] .
قال أبو شامة [2] : قُتِلَ فيها خلْق كثير، ونُهِبَ قصر حَجَّاج والشّاغور، وأطلق فيها النّيران، وتسلَّموا حصن عزّتا صلحا مع متولّيه.
دخول الكامل دمشق
وفي تاسع جُمَادَى الآخرة وصل الكاملُ، فنزل عند مسجد القَدَم، فأنفذ النّاصرُ إليه جماعةُ من الكُبراء: الدَّولعيّ، والقاضي شمس الدِّين الخُوَيّيّ، والقاضي شمس الدِّين ابن الشّيرازيّ، والشّيخ جمال الدِّين الحَصِيريّ، نيابة عنه في السّلام والخدمة. ثمّ خرج من الغدِ عزُّ الدِّين أيبك أستاذ الدّار باستدعاءٍ من الكامل فتحدَّثا في الصُّلْحِ، فلمّا كَانَ يوم منتصف الشّهر، كَانَ بينهم وقعةٌ تلقاء باب الحديد وفي الميدان، وانتصر الدّمشقيّون. ثمّ أصبح من الغدِ النَّهبُ والحريق بظاهِرِ باب تُوما، وبدَّعوا في الغُوطة، وخرَّبوها، وغلت الأسعارُ، وصار اللّحْم بستَّة دراهم، والْجُبْن بستَّة دراهم أيضا. واشتدّ الحصار، ثمّ إنّهم زحفوا على دمشق من غربيّها مرارا، وتكون الكرَّة عليهم، واتّخذوا مسجد خاتون، ومسجد الشّيخ إسماعيل، وخانقاه الطّاحون، وجَوسق الميدان، حصونا وظَهرًا لهم. وأحرق النّاصرُ لأجلِ ذلك مدرسةَ أسَدِ الدِّين، وخانقاه خاتون، وخانقاه الطّواويس، وتلك الخانات. وجرت أمور.
ثمّ زحفوا في تاسع رجب إلى أنْ قاربوا باب الحديد، ثمّ كَانَ انتظام الصّلح في أوّلِ شعبان، وذلك أنّ الملك النّاصر داود خرج ليلةَ رابع عشر رجب إلى الكامل واجتمع به، ثمّ اجتمع به مرّات، وتقرَّر الصّلح، أنّ النّاصر رضي بالكَرَك ونابلس وبعضَ الغور والبلقاء. ثمّ دخل الملكُ الكامل القلعةَ، ونزل إلى قُبة والده، ووجّه العسكر، فنازلوا حماة، وحاصرُوها.
__________
[1] انظر عن (محاصرة دمشق) في: ذيل الروضتين 154، والكامل في التاريخ 12/ 484، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 654، ومفرّج الكروب 4/ 252- 253، والمختصر في أخبار البشر 3/ 142، ونهاية الأرب 29/ 153- 155، وتاريخ المسلمين 138، والبداية والنهاية 13/ 124، ومرآة الجنان 4/ 59، وتاريخ ابن الوردي 2/ 150، والسلوك ج 1 ق 1/ 234، وتاريخ ابن سباط 1/ 295.
[2] في ذيل الروضتين 155.(45/33)
وفي أواخر شعبان سلَّم الكامل دمشق لأخيه الملك الأشرف، وأعطاه الأشرفُ عِوَضها حرَّان والرُّها، ورأس عين والرَّقة، ثمّ توجّه إلى الشّرق ليتسلّم هذه البلاد، فسار في تاسع رمضان فلمّا نزل على حماة، خرج إلى خِدمته صاحبُها صلاح الدِّين قلِج أرسلان ابن الملك المنصور مُحَمَّد بن عُمَر، وسلَّم إلى الكامل حماة، فأعطاها لأخي صاحبها لكونه أكبر سِنًّا، ولأنّ العهد من أبيه كَانَ إليه. ثمّ سار إلى حرَّان، ونزل عسكرُه على بَعْلَبَكّ، وجاء إليها الأشرفُ من دمشق، فحاصر الملكَ الأمجدَ، ثمّ تسلّموا البلدَ، وبقي الحصارُ على القلعة، ورجع الأشرفُ [1] .
الاشتغال بعلوم الأوائل
قال أبو شامة [2] : وكان في آخر دولة المعظم قد كثر الاشتغالُ بعلوم الأوائل، فأخمده الله بدولة الملك الأشرف.
خروج الأمجد من بَعْلَبَكّ
قال أبو المظفّر [3] : بعث الأشرفُ أخاه الملكَ الصّالح إسماعيل، فحاصر بَعْلَبَكّ، وضربها بالمجانيق، وضايقها، ثمّ توجَّه إليها الأشرفُ، فدخل ابن مرزوق بينه وبينَ صاحبها الملك الأمجد، فأُخَذَتْ منه، وجاء إلى دمشق، فأقام بداره [4] .
حصار جلال الدِّين خلاط
وفيها نازل جلال الدِّين خِلاط وضايقها بأوباشه، فأغاروا، ونهبوا، وهجموا حينة [5] ، وقتلوا أهلَها قتلا ذريعا، والكاملُ على حرَّانَ، فأقام اليَزَكَ على الطُّرق خوفا من هجمتهم، وتوجّهت طائفة منهم إلى ميّافارقين، فالتقاهم
__________
[1] خبر (دخول دمشق) في: الكامل 12/ 484، والمصادر السابقة.
[2] في: ذيل الروضتين 156.
[3] في مرآة الزمان 8/ 659 (في حوادث سنة 627 هـ-) .
[4] وخبر بعلبكّ أيضا في: مفرّج الكروب 4/ 280.
[5] كتب المؤلّف في حاشية نسخته بخطه (حاني) ، وهي كذلك في معجم البلدان ويقال لها:
حيني أيضا كما ذكر ياقوت.(45/34)
المظفَّرُ غازي، فكُسِرَ وجُرِحَ، وهو أشجعُ أولاد العادل.
ولم يزل جلالُ الدِّين يَجِدّ في حصار خِلاط حَتّى افتتحها في آخر العام [1] .
__________
[1] انظر عن (حصار خلاط) في: الكامل في التاريخ 12/ 487- 488، مفرّج الكروب 4/ 280- 281، والتاريخ المنصوري 183- 186، وزبدة الحلب 3/ 208، وتاريخ مختصر الدول 245، وتاريخ الزمان 275، والمختصر لأبي الفداء 3/ 145، ونهاية الأرب 29/ 285، والعبر 5/ 105، ودول الإسلام 2/ 133، وتاريخ ابن الوردي 2/ 151، والعسجد المسبوك 2/ 437، وتاريخ الخميس 2/ 414، والسلوك ج 1 ق 1/ 236، وتاريخ ابن سباط 1/ 298.(45/35)
سنة سبع وعشرين وستّمائة
كسرة الخوارزمية أمام الأشرف
قال أبو شامة [1] : أُخِذَتْ بَعْلَبَكَّ من الأمجد في ربيع الآخر، ورحل الأشرف إلى الشرق واستعملَ على دمشق أخاه إسماعيل، فلمّا كَانَ في شَوَّال جاءنا الخبرُ: بأنّ السُّلطانَ الملكَ الأشرفَ التقى الخُوارزْميّ- يعني جلال الدِّين- وأنّ الأشرف كسره في أواخر رمضان. وقد كَانَ الخُوارزْميّ استولى على خِلَاطَ، وأخذها من نوّاب الأشرف بعد أن أكلوا الْجِيَفَ والكلابَ، وزاد فيهم الوباءُ، وثبتوا ثباتا لم يسمع بمثله، لعلمهم بجور خوارزم شاه، ولم يَقْدر عليها إلّا بمخامرة إسماعيل الإِيوانيّ، تدنَّى إليه، واستوثق منه، ثمّ أطلع الخوارزميّة بالجبال ليلا، واستباحوها، فإنّا للَّه. فسار الأشرفُ لحربه، واتّفق هو وصاحب الرّوم على لِقائه، فَكَسَرَا الخوارزميّة، وقع منهم خلْقٌ في وادٍ، فهلكوا، ونُهبوا، وتُتِّبعوا أيّاما، وضربت البشائر في البلاد [2] .
__________
[1] في ذيل الروضتين 158- 159.
[2] انظر خبر (الخوارزميّة) أيضا في: الكامل في التاريخ 12/ 489- 490، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 659- 661، ومفرّج الكروب 4/ 297- 299، والتاريخ المنصوري 201، وتاريخ مختصر الدول 245- 246، وتاريخ الزمان 275، والمختصر في أخبار البشر 3/ 146، وتاريخ المسلمين 139، والدرّ المطلوب 299، ودول الإسلام 2/ 124، والعبر 5/ 107- 108، وتاريخ ابن الوردي 2/ 153، ومرآة الجنان 4/ 64، والبداية والنهاية 13/ 127، والعسجد المسبوك 2/ 441، والسلوك ج 1 ق 1/ 239، وتاريخ ابن سباط 1/ 299، ونهاية الأرب 29/ 162- 163.(45/36)
انكسار الخُوارزْميّ في رواية سبط ابن الجوزيّ
وقال أبو المظفّر ابن الجوزيّ [1] : أخذ خُوارزم شاه جلالُ الدِّين مدينة خِلاط في جُمَادَى الأولى بعدَ حِصار عشرة أشهر، وكان فيها مجير الدّين ابن العادل، وأخوه تقيّ الدِّين، وزوجةُ الأشرف بنتُ ملك الكُرْج، فأَسَرَهُمْ جلالُ الدِّين. فأرسل صاحب الروم إلى الأشرف يأمرُه بالمسير، فإنَّه يُنْجِدُه، فشاور أخاه الملك الكامل فقال: نَعَم مصلحة، فجمع جيشَه وسار إلى صاحب الروم، وكان معه أخواه شهابُ الدِّين غازي، والملكُ العزيز عثمان، وابن أخيه الملك الجواد. وجمع ملكُ الروم جيوشهَ أيضا واجتمعا، والتقاهم الخُوارزْميّ، فانكسر كسرة عظيمة، وأخذ الأشرفُ خِلاطَ، وأرسل إلى الخُوارزْميّ يطلب إخوته، فأرسلهم ولم يرسل المرأة.
قال عبد اللّطيف بن يوسُف: كسر اللهُ الخُوارزْميّين بأخفَّ مؤنة بأمرٍ لم يكن في الحساب، فسبحانَ من هَدم ذاك الجبلَ الراسي في لمحةِ ناظرٍ.
رجوع رسل الخليفة
وفيها رجعت رُسُلُ الخليفة من عند جلال الدِّين منكوبريّ [2] ملك الخُوارزْميَّة، وخُلِعَ على رسوله الّذي قَدِمَ معهم [3] .
الخطبة للمستنصر باللَّه في المغرب
وفيها خرج الموكبُ الشّريف لتلقّي رسول الملك مُحَمَّدِ بن يوسُف بن هود المغربيّ، صُحْبَةَ رسولِ الملك الكامل زعيمِ مصر، فأخبر أنّ ابن هود استولى على أكثر بلاد المغرب التي بيد بني عبد المؤمن، وأنّه خَطَبَ بها للمستنصر باللَّه، فحُمد فِعله، وكُتِبَ له منشور متضمّن شكر همّته العالية [4] .
__________
[1] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 659- 662.
[2] هكذا هنا. وقد كتبها المؤلّف- رحمه الله- سابقا: «منكوبرتي» .
[3] خبر الرسول في: الحوادث الجامعة لابن الفوطي 13.
[4] خبر (الخطبة للمستنصر باللَّه) في: العسجد المسبوك 442، والحوادث الجامعة 14.(45/37)
تسيير ملابس الفتوّة للخُوارزْميّ
وفيها سيَّر جلالُ الدِّين الخُوارزْميّ إلى المُستنصر، وطلب منه سراويلَ الفُتُوَّة ليتشرَّفَ بذلك، فسيّره إليه مع تُحَفٍ ونِعَم لا تُحْصَى، وفَرَس النّوبة، ففرح بذلك وسُرَّ وقبَّلَ الأرضَ مرّات [1] .
الخطبة للمستنصر باللَّه في تلمسان
وفيها ملك المَايَرْقي تِلِمْسَان، وخطب فيها للمستنصر باللَّه.
رواية الموفّق البَغْداديُّ عن كسرة الخُوارِزْميَّة
وأمّا أمرُ الخُوارِزْميَّة وكَسْرتهم، قال المُوفّقُ [2] : فتح بعضُ الأمراءِ بابَ خِلاط للخُوارزْميَّة في جُمَادَى الآخرة، لا ركونا إلى دينهم ويمينهم، بل إيثارا للموت على شِدَّة القحط، فدخلوا، وقَتَلُوا، وسَبَوْا، واستحلُّوا سائرَ المحرَّمات، دخلوا نصفَ اللّيل فبَقُوا كذلك إلى آخر صبيحته، ثمّ رفعوا السَّيفَ، وشرعوا في المصادراتِ والعذاب. وكانوا يتعمَّدون الفقهاء والأخيارَ بالقتل والتّعذيب أكثر من غيرهم.
وأمّا الكاملُ، فانصرف إلى مصر بغتة، فضعُف النّاس، وأيقنوا أنّ الخُوارزْميّ إنّ ملك الشّامَ والرومَ عفى آثارَها وأباد سُكانها.
ثمّ اصطلح الأشرفُ وعلاء الدِّين صاحب الرّوم صلحا تامّا بعد عداوةٍ أكيدة، وجيَّشوا الجيوش، والقلوبُ مع ذلك مشحونةٌ خوفا، ولم يزل على وَجَلٍ مُفْرط مِن التقاء الجيشين، حَتّى أتاح الله كسرةَ الخُوارزْميّين بأهونِ مؤنة.
فقرأتُ في كتاب بعض الأجناد: إنّا رحلنا من سيواس، وطلبنا منزلة يقال لها ياصي جُمان في طرف أعمال أَرْزَنْجان، إذ بها عشْب ومياه، فلمّا سمع العدوّ بمجيء العسكرين، ساق سَوقًا حثيثا في ثلاثةِ أيّام، ونزل المَرْجَ المذكورَ وبه جماعة من عسكر، فكبسهم بُكْرَة الرابع والعشرين من رمضان، وضرب
__________
[1] انظر خبر (ملابس الفتوّة) في: الحوادث الجامعة 13.
[2] هو عبد اللطيف بن يوسف البغداديّ.(45/38)
الأشرفُ المَصَافَّ مع الخُوارزْميّ، وقامت الحرب على ساق إلى قُرب الظُّهر، ثمّ نصر الله، وكُسر العدوَّ شرّ كسرة. وكان معه خلْق لا يُحصون. والمَصافّ في اليوم التّاسع والعشرين من رمضان.
قال الموفَّق: ثمّ تواصل النّاسُ ومعهم السّبي والأخائذ من المماليك والدّوابّ والأسلحة، والكُلُّ رديء، يباع الجوشنُ بثلاثة دراهم، والفَرَس هناك بخمسة دراهم، وفي حلب بعشرين درهما وثلاثين في غاية الرداءة. وكذا قِسيّهم وسائرُ أسلحتهم. ووصل منهم أسرى فيهم رجل، حكى لمن أَنِسَ به من الفقهاء العجم، قال: إنّ صاحبنا دُهِشَ وتحيَّر لَمّا شارف عسكرَ الشّام، فلمّا رأيناه كذلك، انقطعت قلوبُنَا، ولولا عسكرُ الشّام، أبَدْنا عسكرَ الروم، أنا بنفسي قتلت منهم خمسين فارسا.
وحكى نسيب لنا [1] جنديٌّ، قال: وصلنا إلى مرج ياصي جُمان، ونحن متوجّهون إلى خِلاط على أنّ العدوَّ بها، فإذا بعسكر الخُوارِزْميّ محيطٌ بنا، فوقع على طائفة من عسكر الروم، فقتل منهم مائتين، ونهب، وأسر. ثمّ من الغد وقع جيشُ الخُوارزْميّ على عسكر الروم ونحن نرى الغبرة، فأباد فيهم قتلا وأسرا. وقد كثر القول بأنّهم قتلوا من عسكر الروم سبعة آلاف من خيارهم، وقيل: أكثر وأقلّ.
وقال لي رجل من أهل أرزنجان: إنّ جميع عسكر الروم كَانَ بها، وعِدَّتُهُم اثنا عشر ألفا، فلم يَخْلُصْ منهم إلّا جريحٌ، أو هارب توقَّلَ الجبلَ، وإنّ صاحب الروم بقي في ضَعفة من أصحابه نحو خمسة آلاف، وأصبحنا يومَ الخميس على تعبئة، ووقعت مناوشات. فكان أصحابُنا أبدا يربحون عليهم، وعرفنا قتالَهم، ونشّابهم، وضعْف خيلهم، وقلَّة فُروسيتهم، فتبدَّل خوفُنا منهم بالطَّمع، واحتقرناهم، وتعجبَّنا كيف غلب هؤلاء أُممًا كثيرين؟ وبِتْنَا ليلةَ الجمعة على تعبئة، وكان الرجُل قد عَزَمَ على الهرب، فَفَرَّ إليه مملوكان، فشجّعاه، فثبت لِشقاوته. وأصبح النّاسُ، ففرّ من عنده اثنان إلى الملك الأشرف، فسألهما عن عِدَّة أصحابهم، قالا: هم ثلاثون ألفا. وبقي الأشرف
__________
[1] الكلام للموفق.(45/39)
يجولُ بينَ الصُفوف، ويُشجعُ النّاسَ، ويحقر العدوَّ. وأصبح النّاسُ يوم السّبت على تعبئة تامَّةٍ، فسأل الأشرف المملوكَيْن عن موضع الخُوارزْميّ، قالا: هو على ذلك التّلِّ، وشَعْرُهُ في كيس أطلس، وعلى رأس كتفه بَرجمٌ صغير مخيَّط بقبائه، فَحَمَلَ طائفة من الخُوارزْميَّة على عسكر الروم، فثبتُوا، فتقدّم الأشرف إلى سابِق الدّين ومعه من عسكر مصر ألف وخمسمائة فارس، وإلى عسكر حمص وحلب وحماة، فانتقى ألف فارس، ونَدَبَ بعض أمراءِ العرب في ألف فارس من العرب، فحملوا على التَّلِّ الّذي عليه الخُوارزْميّ، فلمّا عاين الموتَ الأحمر مقبلا، انهزم، فلمّا رأى جيشُه فِراره انهزموا. وأمّا الذّين حملُوا على عسكر الرُّوم، فبقُوا في الوسط، فلم يَفْلِتْ منهم أحد. ثمّ إنَّ الخُوارزْميّين لِشدَّة رُعبهم لم يَقْدِروا على الهرب، ولم يهتدوا سَبيلًا، وأكثرُهم نزلوا عن خيولهم، وانجحروا في بطون الأَودية والبيوت الخَرِبة، فتحكَّم فيهم الفلَّاحون والغِلْمان، وقَتَلهُم أَضْعَفُ النَّاس. وانحرف منهم ثلاثةُ آلاف على بلاد جانيت، فخرج إليهم فلّاحو الرُّوم والنَّصارى فقتلوهم عن آخرهم. وفلّق الخُوارزْميّ عند هربه نحو مائتي حصان، ووصلَ خِلاط في سبعة أنفس، فأخذ حُرَمه وما خَفَّ من الأَموال، واجتاز على منازجرد [1] وكانت محصورة بوزيره، ووصل جائعا فأطعمه وزيرُهُ. ثمّ دخلَ أَذْرَبَيْجَان بالخِزْي والصِّغار، فصادر أهل خُوَيّ، ومات منهم جماعة تحتَ العُقوبة.
وأمّا الأَشرفُ فلو ساقَ بعسكره وراءهم لأتى عليه قتلا وأسرا. وتسلّم أرزن الرّوم، وسلّمها إلى علاء الدِّين كَيُقْباذ، فأخذ مُلكًا خيرا من جميعِ مملكته.
وأمّا صاحبُها ابن مغيث الدِّين ابن عمّ علاء الدِّين فإنَّه رُمِيَ بالخِذْلان، والتجأَ إلى كهفٍ حَتّى أخذوه أَخْذَ النِّساء. ثمّ نزلَ الأشرفُ على منازجرد، وصَمَّمَ على أن يدخلَ وراءَ الخُوارزْميّ، وأقَامَ شهورا، ثمّ تراسلا في الصّلح، فاصطلحا على ما يؤثر الملك الأشرف. فَرَجَع وَفَرَّقَ العسكر، وأمنت خلاط، وشرعت تعمر.
__________
[1] وتكتب منازكرد، وملازكرد أيضا، وهي معروفة.(45/40)
وحكى أميرٌ قال: حملنا على الخُوارزْميّ فوقع عسكره في وادٍ وهَلَكوا، زحمناهم على سفْح يُفضي إلى وادٍ عميق، فَتَكَرْدَسوا بخيولهم، فتقطّعوا إرْبًا إرْبًا. وأشرفنا على الوادي ثاني يوم فرأيناهُ مملوءا بالهَلْكى لم نجد فيهم حيّا إلّا خادَم الخُوارزْميّ مكسورَ الرِّجل، وأقمنا أيّاما نُقَلِّب القتلى لعلّ أن يكون فيهم جلال الدِّين الخُوارزْميّ. وأُسر خلْق من خواصّه وأَعلامه وسَناجقه. وذكروا أنَّ العربَ أخذوا من خيمته باطية ذهبٍ وزنها خمسةٌ وعشرون رطلا، فنفلَهُم إيّاها الملكُ الأشرف.
والعجبُ أنّ هذه الوقعة لم يُقتل فيها من عسكر الشّام أحد، ولا جُرح فَرَس إلّا رَجل مِن عسكر حمص جُرِح بسَهْم. وزالت هيبةُ الخُوارزْميَّة من القلوب، وزال سعدهم.(45/41)
سنة ثمان وعشرين وستّمائة
ذِكْر أحداث في المغرب
في رَجَب وصل رجل من المغرب وأَخْبَر أنّ بعض بني عبد المؤمن صَعِدَ الجبلَ، وجمع من أمم البربر نحو مائتي ألف، ونزلَ بهم، وهاجم مَرّاكُش وقتل عَمَّهُ، وكان قد ولي الأمرَ دُونه، وقَتلَ من أصحابه نحوا من خمسة عشر ألفا. وسَيَّر إلى الأندلس يُهدّد ابن هود، فأطاعه بشرط أن لا يكون عنده أحد من المُوَحِّدين إلّا إذا احتاج إليهم للغَزاة.
اضمحلال أمر الخُوارزْميّ
وفي رجب وصل قزوينيٌّ إلى الشّام فأخبرَ أن التّتر خرجوا إلى الخُوارزْميّ، وأنّهم كَسَروه أَقبح كَسْرة. وأنَّ الكفّار الّذين كانوا في جُملة عسكره غدروا به، وعادوا إلى أصحابهم، وأنّ المُجَمَعة كلّهم تفرّقوا عنه، وبقي في ضَعْفَةٍ من أَصحابه وهم قليلون لا سَبد لهم ولا لَبَد [1] ، وهكذا كلُّ مُلك يُؤسَّس على الظُّلم يكون سريع الهَدْم.
وقال ابنُ الأَثير [2]- وهذه السّنة هي آخر كتابه- قال: في أَوّلها وصل التّتار من بلاد ما وراء النّهر، وقد كانوا يعبرون كلَّ قليل، ينهبون ما يرونه، فالبلاد خاوية على عُرُوشها. فلمّا انهزم جلالُ الدِّين خُوارزم شاه في العام الماضي أَرسل مُقَدَّم الإِسماعيلية يعرّف التّتار ضَعْف جلال الدّين، فبادرت
__________
[1] يقال: ما له سبد ولا لبد، أي: لا قليل ولا كثير.
[2] في الكامل 12/ 495 وما بعدها.(45/42)
طائفة وقصدوا أَذْرَبَيْجَان، فلم يُقْدِم جلال الدِّين على لقائهم، فملكوا مَرَاغة وعاثوا بأَذْرَبَيْجَان، فسار هو إلى آمِد، وتَفَرَّقَ جُنده، فَبَيَّتَه التّتار ليلة، فنجا وتَفَرَّقَ أصحابُه في كلّ وجه. فقصد طائفةٌ منهم حَرَّان، فأوقع بهم الأمير صواب، مُقَدَّم الملك الكامل بحرّان، وقصد طائفة منهم سنجار والمَوْصِل وغير ذلك. وتخطَّفتهم الملوك والرَّعيَّة، وطمعَ فيهم كلّ أحدٍ حَتّى الفلّاحون والأَكراد، وانتقم الله منهم.
ودخل التّتار ديار بكر في طلب جلال الدِّين، لا يعلمون أين سلك؟
فسبحانَ مَنْ بَدَّل عِزّهم ذُلًّا، وكَثرتَهم قِلَّة، وأخذت التّتار أسَعَرْدَ بالأمان، ثمّ غَدَرُوا بهم، وبذلُوا فيهم السَّيْفَ. ثمّ ساروا منها إلى مدينة طَنزَة، ففعلُوا فيها كذلك. ثمّ ساروا في البلاد يُخرّبونها إلى أن وصلوا إلى ماردين، وإلى نَصيبين، إلى أن قال: وخرجت هذه السّنة ولم يتحقّق لجلال الدِّين خبر، ولا يُعْلم هَلْ قُتِلَ؟ أو اخْتَفَى؟ والله أعلم [1] .
الاحتفال بقدوم صاحب إربل في بغداد
قلت: وفي المحرَّم وصل الملك مُظَفَّر الدِّين صاحب إربل إلى بغداد، واحتُفِلَ بقدومه، وجلس المستنصر باللَّه له، وحضر أربابُ الدَّولة كُلُّهم، ورُفِعَ السِّتر عن الشّبّاك، فإذا المستنصِرُ جالس، فقبَّل الجميعُ الأرضَ. ورقي نائب الوزارة مؤيَّدُ الدِّين، وأستاذُ الدّار مراقيَ مِن الكرسيّ المنصوب بينَ يدي الشُّبّاك. واستُدْعِي مُظَفَّر الدِّين، فطلع، وأشار بيده بالسَّلام على المستنصر، ثمّ قرأ: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ 5: 3 [2] الآية، فردَّ المستنصِرُ عليه السَّلام، فقبّل الأرضَ عِدَّة مرار، فقال له: إنَّك اليوم لَدَيْنَا مكينٌ أمين، في كلام مضمونُه:
ثَبَت عندنا إخلاصُك في العبوديَّة. فقبَّل الأرض، وأُذِنَ له في الانكفاء،
__________
[1] وانظر خبر (الخوارزمي) أيضا في: أخبار الزمان 277- 278، وسيرة جلال الدين 384، ومفرّج الكروب 4/ 314- 318، والمختصر لأبي الفداء 3/ 147، وتاريخ المسلمين 139، ونهاية الأرب 27/ 289- 290 و 295- 297، والدرّ المطلوب 302، والعبر 5/ 110، ودول الإسلام 2/ 134 (باختصار شديد) ، وتاريخ ابن الوردي 2/ 153، ومرآة الجنان 4/ 65، والبداية والنهاية 13/ 128، والعسجد المسبوك 2/ 443، وتاريخ الخميس 2/ 414، وتاريخ ابن سباط 1/ 300- 301.
[2] سورة المائدة، الآية 3.(45/43)
وأسلبت الْأَستارُ، وأُدْخِلَ حُجْرَة، فَخُلِعَ عَلَيْه فَرجيَّة ممزج، وَمِن تحتها قَباء أطلسُ أسودُ، وعِمامة قصب كحليّة بطرز ذهب، وقلّد سيفين محلّيين بالذّهب، وأمطي فرسا بسرج ذهب، وكُنبوش ومَشَدَّة حرير، ورُفع وراءه سنجقان مذهّبَانِ. ثمّ اجتمع بالخليفة يوما آخر، وخُلِعَ عليه أيضا، وأعطي رايات وكوسات وستّين ألف دينار، وخُلِعَ على جماعة من أصحابه [1] .
إمام مشهد أبي بكر
وفيها جُدِّد لمشهد أبي بكر من جامع دمشق إمامٌ راتب [2] .
الغلاء بمصر
وفيها كَانَ الغلاء بمصر لِنقص النّيل [3] .
حبس الحريري
وفيها قَدِمَ الملك الأشرف دمشق، وحبس الحريريَّ بقلعة عَزَّتا، وأفتى جماعةٌ بقتله وزندقته، فأحجم السّلطان عن القتل [4] .
الشروع ببناء الدار الأشرفيَّة
وأمر السُّلطانُ بشراء دارِ الأمير قيماز النّجميّ، لتُعْمَل دارَ حديث، فهي الدّار الأشرفيَّة، وأن يكون للشّيخ سبعون درهما، وهو الجمالُ أبو موسى ابن الحافظ، فمات أبو موسى قبلَ أن يَكْمُلَ بناؤها [5] .
التدريس بالتقوية والشامية الجوّانية
وفيها درَّس بالتَّقوية العمادُ الحَرَستانيّ، وبالشّاميَّة الجوّانيَّة ابن
__________
[1] خبر (الاحتفال بصاحب إربل) في: الحوادث الجامعة 16- 17، والبداية والنهاية 13/ 129.
[2] خبر (الإمام) في: ذيل الروضتين 159، والبداية والنهاية 13/ 128.
[3] خبر (الغلاء) في: ذيل الروضتين 159، والبداية والنهاية 13/ 128، والعسجد المسبوك 2/ 446.
[4] خبر (الحريري) في: العسجد المسبوك 2/ 446، والبداية والنهاية 13/ 128.
[5] خبر (الدار الأشرفية) في: العسجد المسبوك 2/ 446، والدارس في تاريخ المدارس 1/ 15، ومنادمة الأطلال 24.(45/44)
الصّلاح [1] . وحضر الملكُ الصَّالح الدَّرسَ، وتكلّموا في هذه المدرسة، وأرادوا إبطالَها، وقالُوا: هي وقف على الحنفيَّة، وعَمِلُوا محضرا أنّ سودكين المعروفة به أوّلا وقَفَها على الحنفيَّة، وشهد ثلاثة بذلك بالاستفاضة، فلم ينهض ذلك.
صُلِبَ التكريتي الكَحّال
وفيها صُلِبَ التّاجُ التّكريتيّ الكَحّال، لأنّه قتل جماعة ختلا في بيته، ودفنهم، ففاحت الرائحةُ، وعُدِمَتِ امرأةٌ عنده، فصُلِبَ، وسَمَّروه.
التدريس بالصاحبية
ودرَّس بالصّاحِبيَّة- مدرسة ربيعة خاتون- النّاصحُ ابن الحَنْبَليّ، وكان يوما مشهودا، حَضَرَت الواقِفَةُ وراء السّتر [2] .
__________
[1] انظر عن (التدريس بالشامية الجوانية) في: البداية والنهاية 13/ 128.
وانظر عن (المدرسة التقوية) في: الدارس 1/ 162 وما بعدها، رقم 37، وعن الشامية الجوانية 1/ 227 رقم 50
[2] انظر عن (المدرسة الصاحبية) في: الدارس 2/ 62 وما بعدها، رقم 147.(45/45)
ستة تسع وعشرين وستّمائة
خروج العسكر للتصدّي للتّتار
فيها أُنْهي إلى الديوان العزيز أنّ التتر قصدوا أَذْرَبَيْجَان وعاثُوا بها، لأنّ صاحبَها جلال الدِّين ابن خُوارزم شاه قتل، قتله كرديّ بحربة، وكان قد انهزم من التّتار لَمّا بيَّتوه، وساقُوا وراءَه حَتّى بَقِيَ وحدَه، وقتلَ فارسين من التّتار، ولجأ إلى جبلٍ به أَكْرادٌ، فقتله هذا الكرديُّ بأخٍ له كما زعم [1] ، فعاثُوا وأفسدوا، ووصلُوا إلى شَهْرَزُور. فبذل المستنصِرُ باللَّه الأموالَ في الجيوش، وسأل مُظَفَّر الدِّين صاحبُ إربل إعانتَه بجيش بغداد ليلتقي التّتار، فجاءته العساكر مع جمال الدِّين قشتمر النّاصِريّ، وشمس الدِّين قيران، وعلاء الدِّين ألْدكُز، وفلكِ الدِّين، وسار الكُلّ نحو شَهْرَزُور. فبلغ ذلك التّتار، فهربوا.
وتمرَّض مُظَفَّر الدِّين، وعاد إلى بلده [2] .
القبض على نائب الوزارة القُمّي
وفي شَوَّال تقدّم إلى أستاذ دارِ الخلافة شمسِ الدِّين أبي الأزهر أحمد بن مُحَمَّد بن النّاقد، وإلى مؤيّدِ الدِّين أبي طالب محمد بن أحمد بن العَلَقْميّ مُشْرِف دار التّشريفات، بالقبضِ على نائب الوزارة القُمّيّ، وعلى ولده فخر الدِّين أحمد، وعلى أخيه وأصحابه، فهُيِّئ جماعةٌ بسيوف مجرّدة، ودخلوا دار
__________
[1] انظر ترجمة خوارزم شاه ومصادرها في الوفيات، برقم 452.
[2] انظر عن (التتار) في: مفرّج الكروب 4/ 324- 330، ودول الإسلام 2/ 135 (باختصار شديد) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 673، والبداية والنهاية 13/ 132، والسلوك ج 1 ق 1/ 242- 243، والحوادث الجامعة 19- 21، وتاريخ الخميس 2/ 414.(45/46)
الوزارة، وقبضوا على مؤيَّد الدِّين القُمّيّ، ثمّ على ولده وأخيه، وحُبِسُوا.
وكانت مُدَّةُ ولايته الوزارةَ بصورةِ النّيابة- لا الوزارةِ المحضةِ- ثلاثا وعشرين سنة. ثمّ ولى نيابةَ الوزارة ابن النّاقد المذكور، ثمّ وَلِي الأستاذُ داريّة مؤيّد الدّين ابن العلقميّ الرّافضيّ [1] .
__________
[1] العلقميّ هذا هو الخائن الّذي كاتب المغول، وكان سببا في سقوط الخلافة العباسية، لعنه الله. وخبر نائب الوزارة القمّي في: الحوادث الجامعة لابن الفوطي 23 و 24.(45/47)
سنة ثلاثين وستّمائة
فتح الكامل مدينة آمد
فيها افتتح الملكُ الكاملُ ثغرَ آمِد بعد أن ضربها بالمجانيق، فَسَلَّمها صاحبُها الملكُ المسعود مودودُ ابن الصّالح الأتابَكيّ، وخرج وفي رقبته منديلٌ فرسم عليه، واستولى على أمواله وقلاعه، وبقي حصنُ كيفا عاصيا، فسيَّر أخويه الأشرفَ والمظفّر غازيا، ومعهما المسعود تحت الحَوْطةِ، فعذَّبَهُ الأشرفُ عذابا عظيما، لكونه لم يُسَلِّم حصن كيفا، ولأنّه كَانَ يُبْغضه [1] .
قال أبو المظفّر ابن الجوزيّ [2] : فقال لي الملك الأشرف: وجدنا في قصره خمسمَائة حُرَّةٍ من بنات النّاس للفِراش. ثمّ سُلِّمت القلعةُ في صفر، وعاد الأشرف إلى دمشق [3] .
قال أبو شامة [4] : سَمِعْتُ الصّاحب بدرَ الدِّين جعفرا الآمِديّ يحكي عن عظمة يوم دخول الكامل إلى آمد شيئا ما نُحْسِنُ نُعَبِّرُ عنه، قال: وأخذ جميعَ رؤساء آمِد إلى مصر، فكنت أنا، وابنُ أختي الشّمس، وأخي الموفّق فيهم.
فلمّا وصلنا الفرات قال أخي: اسمعُوا منّي، لا شَكَّ أنا نعبر إلى بلاد ليس فيها
__________
[1] انظر خبر (آمد) في: الحوادث الجامعة 27، وتاريخ الخميس 2/ 414، والمسجد المسبوك 2/ 452.
[2] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 676.
[3] والخبر في تاريخ الخميس 2/ 414، والمختار من تاريخ ابن الجزري 145، والبداية والنهاية 13/ 135، ودول الإسلام 2/ 135.
[4] هكذا في الأصل بخط المؤلّف، وقد وهم، فليس في ذيل الروضتين شيء من قول أبي شامة. وهو يقصد أبا المظفّر ابن الجوزيّ، ويتّضح ذلك في كتابه: «المختار من تاريخ ابن الجزري» ص 145، فبعد أن نقل عن ابن الجوزي، قال: قال مؤلّفه.(45/48)
أحدٌ يعرفنا، ولا يعضُدُنا، ولا معنا مال نَتَّجِرُ فيه، فعاهِدوني على أداء الأمانة في خِدَمنا، فعاهدناه، فرزقنا الله بالأمانة أنَّا خدمنا في أجلّ المناصب بمصر والشّام، ورأيتُ جماعة ممّن كانوا أكبرَ منّا ببلدنا في مصر، يستعطونَ بالأوراق. وافتقر أهل آمِد، وتمزّقوا [1] .
ونقل الصّلاح الإرْبِلِّيّ في أمرِ الملك المسعود أنَّه كَثُرَت عنه الأقاويلُ، واشتهر أنّ عينَه كانت ممتدة إلى حُرَم رعيّته، فَوَكَّلَ نساء يطفْن في آمِد، ويكشفن عن كُلّ مليحة، فإذا تحقّق ذلك سيّر من يحضرها قهرا، ويخلو بها الأيّام ويردُّها. وكان ظالما. ولَمّا كلموه [2] في تسليم بلاده، وأنّ الكامل يُعطيه خُبْزًا [3] جليلا بمصر، قال: بشرط أن لا يُحجر عليّ، فإنّي ما أصبر عن المغاني والنّساء. فلمّا أَدَّى الصّلاحُ الرسالةَ إلى الكاملِ، تضاحكوا.
وعمل الصلاحُ، وكان شاعرا:
ولَمّا أَخَذْنَا آمِدًا بسُيوفِنَا ... ولَمْ يَبْقَ [4] لِلمَخْذُولِ صَاحِبِهَا حِسُّ
غَدَا طَالِبًا مِنَّا أمانا مؤكّدا ... وقال مُنَايَ [5] ما تَطَيِبُ بِهِ النَّفْسُ
سَلامةُ أَيْرِي ثمّ كُسّ أَنِيكُه [6] ... فَقُلْنَا لَهُ خُذْ مَا تَمَنَّيْتَ يا نَحْسُ
[7] ثمّ سلَّم الكامل جميعَ ذلك لولده الصّالح نجم الدِّين أيّوب [8] .
تقليد الخليفة بسلطنة الكامل
وتوجّه القاضي الأشرف أحمد ابن القاضي الفاضل رسولا من الكامل [9] ، ثمّ مع رسول الخلافة الصّاحبِ محيي الدِّين ابن الجوزيّ [10] إلى
__________
[1] في المختار من تاريخ ابن الجزري زيادة عمّا هنا.
[2] في المختار 146: «وما جاءوه في تسليم» . والمثبت هنا هو الصحيح.
[3] في المختار: «خيرا» والمثبت هو الصحيح. والخبز هو الأعطيات والمخصّصات المرتّبة.
[4] في المختار 146: «نبق» .
[5] في المختار: «مقال» .
[6] في المختار 146: «سلامة أيدي ثم كيس أتيت به» .
[7] في المختار 146: «يا نجس» .
[8] الخبر أيضا في: تاريخ الخميس 2/ 414.
[9] زاد في المختار: «إلى العراق» .
[10] في المختار: «محيي الدين يوسف ابن الجوزي» .(45/49)
الكامل، ومعه تقليدٌ من المستنصر باللَّه بسلطنة الكامل، من إنشاء الوزير أبي الأَزهر أحمد ابن النّاقد، وبخطّ العدل ناصر بن رشيد، وفي أعلاه بخطِّ الوزير: «للآراء المقدّسة زادها الله جلالا وتعظيما مزيد شرفها في تتويجه» .
وتحت البسملة علامة المستنصر بخطّه: «الله القاهر فوقَ عباده» [1] .
وأوَّله خطبة وإسراف في تعظيم الخليفة [2] ، وفيه: «وآمرُه بتقوى الله، وبكذا، وبكذا» .
وفي أوائله: «ولَمّا وَفَّقَ الله تعالى نصيرَ الدِّين مُحَمَّد بن سيف الدِّين أبي بكر بن أيّوب [3] من الطّاعة المشهورة [4] ، والخِدَم المشكورة» ، إلى أن قال:
«وَوَسَمهُ- يعني الخليفة- بالمَلكِ الأجل، السيَّد الكامل، المجاهِد، المُرابطِ، نصير الدِّين، ركنِ الإسلام، أثير الإمام، جمالِ الأنام [5] ، سند الخلافة، تاجِ الملوك والسّلاطين، قامعِ الكفرة والمشركين، ألب غازي بن [6] مُحَمَّد بن أبي بكر، مُعِين أمير المؤمنين، رعاية لسوابق خدمه [7] ، وخدم أسلافه» [8] .
ظ
الغلاء ببغداد
وفيها كَانَ الغلاء ببغداد، وأبيع كُرُّ القمح بنيّفٍ وثمانين دينارا [9] .
الواقعة بين صاحب ماردين وصاحب الروم والأشرف
وفيها وقَعَ بينَ صاحب ماردين، وبين صاحب الروم، والملك الأشرف، فنزل صاحبُ ماردين، وجاءته عساكرُ الروم فحاصروا حرّان والرّها والرّقة،
__________
[1] وقع في المطبوع من: «المختار» : «عبارة» بالراء.
[2] في المختار زيادة: «وهو مائتا سطر، أسطر طوال جدا من كتابة الشمس الجزري، وفيه يأمره بكذا وأمره بكذا ونحو ذلك من الوصية بالتقوى والكتاب والسّنة والعلم والجهاد والنظر في الولاة والقضاة» .
[3] في المطبوع من المختار 147: «أبي بكر أيوب» .
[4] في المطبوع من المختار 147: «المشهودة» .
[5] زاد في المختار: «جلال الدولة، فخر الملّة، عزّ الأمة» .
[6] في المطبوع من تاريخ الإسلام (الطبقة الثالثة والستون) ص 40: «ألب غازي بك» .
[7] في المطبوع من تاريخ الإسلام: «خدمة» .
[8] انظر نص التقليد بكاملة في: نهاية الأرب 29/ 174- 189.
[9] خبر الغلاء في: المختار 146.(45/50)
فاستولَوْا على الجزيرة. وفعلت الروم في هذه البلاد كما تفعل التّتار [1] .
دخول مَكَّة
وفيها جمع راجح بن قَتَادَة جمعا، وقدم مَكَّة، فدخلها، وطرد عنها عسكر صاحب مصر الملك الكامل [2] .
رسليَّة الجيليّ
وفي ربيع الأوّل نُفِّذ أَبُو صالح نَصْر بن عَبْد الرَّزَّاق الجِّيليّ رسولا إلى مظفّر الدِّين صاحب إربل، وبدر الدِّين صاحب المَوْصِل.
وفاة صاحب إربل
وفي رمضان تُوُفّي صاحب إِرْبِل، فتُقُدِّمَ إلى شرف الدِّين إقبال الخاصّ الشّرابيّ بالتّوجّه إلى إِرْبِل، فتوجَّه بالعساكر، وجعل مُقَدَّمَها جمالَ الدِّين قشتمر. وكان بقلعة إربل خادمان: برنقش [3] ، وخالص، فكاتبا عِمَاد الدِّين زنكي، صهر مظفّر الدِّين، يَحُثَّانِهِ على المجيء ليُعطياه البلَد. فلمّا وصل عسكرُ الخليفة، عصيا وتمرَّدا. فشرعوا في محاصرتهم، وتفاقم الشَّرُّ، ثمّ زحف العسكرُ على البلد، وحمي القتال، ثمّ ظهروا على إربل، وألقوا النّارَ في أبوابها، ودخلُوها، ونهب الأوباشُ بعض الدُّور، وسُلِّمَتِ القلعةُ، ورتّب بها نواب للخليفة، وضُرِبَتِ البشائرُ ببغداد. وأُمِّرَ على إرْبل شمس الدِّين باتكين [4] أمير البصرة، فسار إليها ورتَّب بها عارِضَ الجيش تاجَ الدِّين محمد بن صلايا العلويّ [5] .
__________
[1] خبر (الواقعة) في: المختار 147، والبداية والنهاية 13/ 135، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 677.
[2] انظر خبر (قتادة) في: الحوادث الجامعة 27، ونهاية الأرب 29/ 190، والسلوك ج 1 ق 1/ 245، والعسجد المسبوك 2/ 452.
[3] في المختار من تاريخ ابن الجزري 147: «برتقش» ، والمثبت يتفق مع: الحوادث الجامعة.
[4] في المطبوع من المختار: «تابكين» وهو تصحيف، والمثبت يتفق مع: الحوادث الجامعة 30.
[5] خبر (إربل) في: الحوادث الجامعة 28- 29، والمختار من تاريخ ابن الجزري 147- 148، والعسجد المسبوك 2/ 454.(45/51)
استيلاء عسكر الكامل على مَكَّة
وفيها جاء مِن جهة الكامل عسكرٌ استولَوْا على مَكَّة، وهَرَبَ راجحُ بن قَتَادَة [1] .
فراغ دار الحديث الأشرفية
وفيها فراغ دار الحديث الأشرفيّة، وفتحت ليلة نصف شعبان، وقرئ بها «البخاريّ» على ابن الزُّبَيْديّ، وسمعه خلائق. وكانت أوّلا تُعرف بدار قايماز النّجميّ مولى نجم الدّين أيّوب [2] .
__________
[1] خبر مكة في: الحوادث الجامعة 27، والعسجد المسبوك 2/ 455.
[2] انظر عن (دار الحديث الأشرفية) في: ذيل الروضتين 161، ونهاية الأرب 29/ 189- 190، والبداية والنهاية 13/ 135.(45/52)
ذكر من توفي فيها
سنة إحدى وعشرين وستمائة
حرف الألف
1- أَحْمَد بْن عَلِيّ [1] بْن أَحْمَد. أبو العباس، البَرَدانيّ [2] ، الضّريرُ.
قَدِمَ بغدادَ، وَحَفِظَ القرآن، وقرأ بالرواياتِ، وَرَحَلَ، فقرأَ بالعَشرة على ابن الباقِلّانيَ، وَبَرَعَ في التَّجويد، وَحَفِظَ الحروف. وكان يقرأ في التراويح بالشَّواذِّ رَغْبَةً في الشُّهرة.
قال ابن النّجّار: لم يكن في دينهِ بذاك، سَمِعْتُ قراءَته وكانت في غاية الحُسْن، لم أسمع قارئا أَشَدَّ صَوْتًا منه. أنشدني أحمد بن عليّ، أنشدنا ابن المُعَلِّم لنفسه بواسطَ:
وَقَفتُ أشكو اشتياقي والسّحاب به ... فانْهلّ دمعي وما انهلَّت عَزَالِيه
النّارُ من زفراتي لا بَوارِقِهِ ... والماءُ من عَبَراتي لا عَوَادِيهِ
يُوهي قُوَى جَلَدِي مَنْ لا أبوحُ بِهِ ... ويَسْتَحِلُّ دمي مَنْ لا أُسَمِّيه
لم أَدْرِ حينَ بدا والكأسُ في يَدِهِ ... مِن رِيقِهِ الخمرُ أم عَيْنَيهِ أم فيهِ
فما المُدَامَة إلا من ثَنِيَّتِهِ ... ولا التّظلّم إلّا من تثنّيه
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 121 رقم 1978، ونكت الهميان 114، والوافي بالوفيات 7/ 188 رقم 2132.
[2] البرداني: نسبة إلى البردان قرية من قرى بغداد.(45/53)
حَكَتَ جواهِرَه أيامُه فَصَفَتْ ... وحَدَّثَتْ عن لَيالِيه لآلِيه
فيه مِنَ النَّاس ما في النّاسِ مِنْ حَسَن ... وليس في الخَلْقِ مَعْنًى من مَعَانِيهِ
2- أحمدُ بْن مُحَمَّد بْن علي [1] أَبُو الْعَبَّاس، القادسيّ، ثمّ البغداديّ، الضّرير، الحنبليّ، المقرئ، والدُ- المؤرّخ الّذي ذيّل على «المنتَظَم» لابن الجوزيّ- أبي عبد الله مُحَمَّد.
وُلِدَ في حدود سنةِ ثمانٍ وأربعين وخمسمائة. وقرأ القرآن على عبد الله ابن أحمد الدَّاهِريّ. وسمع من: يحيى بْن ثابت، وَأَبِي الْحُسَيْن عبدِ الحقّ، وغيرهما.
وهو من أهل القادسيّة: قرية بين سَامَرَّاء وبغداد، لا قَادِسية الكُوفة المشهورة، وَمِن أعمال جزيرة ابنِ عُمَر قريةُ القادِسية، ومن نواحي إربل، أخرى. تُوُفّي في شَوَّال. وكان صالحا خيِّرًا.
3- أحمد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن [2] بْن مُفَرِّج بْن حاتم بن الحَسَن بن جعفر. القاضي، أبو المعالي، المقدسيُّ، ثمّ الإسكندرانيُّ، المنعوت بالصَّفيّ ابن الواعظ. هو ابن عَمّ الحافظ عليّ بن المُفَضَّل.
سَمِعَ من: السِّلَفيّ، وعبدِ الواحد بن عسكر، ومحمدِ بن عليّ ابن العريف.
روى عنه الزكي المنذري، وقال: توفي في المحرَّم.
4- أحمد بن مُطيع [3] بن أحمد بن مُطيع. أبو العبّاس، البَاجِسْرَائِيّ.
صَحِبَ الشيخ عبدَ القادر، وقرأ عليه كتاب «الغُنية» تصنيفَه. وحَدَّث.
وكان مقيما بقرية باجسرى من نواحي بغداد، وبها مَاتَ في المحرَّم.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد بن علي) في: معجم البلدان 4/ 9، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 224، وذيل الروضتين 143- 144، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 130 رقم 1999، والمشتبه 2/ 492، والبداية والنهاية 13/ 104، وتوضيح المشتبه 7/ 11، وشذرات الذهب 5/ 94.
[2] انظر عن (أحمد بن محمد بن الحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 115 رقم 1964.
[3] انظر عن (أحمد بن مطيع) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 116 رقم 1966.(45/54)
روى لنا عنه بالإجازة الشّهاب الأبَرْقُوهيّ، وبالسَّماع أبو الفضل محمّد بن محمد بن الدَّبَّاب.
5- أحمد بن يوسُف [1] ابن الشيخ أبي الحَسَن مُحَمَّد بن أحمد بن صِرْمَا. أبو العبّاس، ابن أبي الفَتْح البَغْداديُّ، الأَزَجيّ، المُشْتري. وُلِدَ ظنّا في سنةِ سِتٍّ وثلاثين.
وسمع الكثير من: أبي الفضل الأموي، وابن الطَّلَّايَة، وابنِ ناصر، وعبدِ الخالق اليُوسُفيّ، وسعيدِ بن البَنَّاء، وأبي الوَقْت، وغيرهم. وقد تقدَّم أخوه مُحَمَّد.
روى عنه: الدُبيثيّ، والضّياء، والفقيهُ أبو الحَرَم مكيُّ بن بِشْر، وشُهْدَة، وزينب، ومحمد أولادُ القاضي أبي صالح الجيليّ، والكمالُ عبد الرحمن الفُوَيْرَة، والجمالُ مُحَمَّد بن الدَّبَّاب، البغادِدة، والشهابُ الأبَرْقُوهيّ.
ونقلت من خطّ أبي العلاء الفَرَضيّ، أنَّه سَمِعَ من الأُرْمَويّ كتاب «المصاحف» لابن أبي داود، و «المهروانيّات الخمسة» ، و «صفة المنافق» ، و «جزء» أَبِي بَكْر الصَّيْدلانيّ، والتّاسع من «فضائل الصحابة» للدَّارَقُطْنيّ، والأوّل من «صحيح [2] الدَّارَقُطْنيّ، والثالث من «البرّ والصّلة» لابن المبارك، و «جزء» ابن شاهين، والثالث من «الحربيات» وأنّ ذلك كُلُّه سَمِعَه من ابن صِرْما الجمالُ ابن الدَّبَّاب.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ، وَالْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ النّقور، أخبرنا عليّ بن عمر الحربيّ، حدّثنا أحمد بن الحسن الصوفيّ، حدّثنا يحيى بن معين في شعبان سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أيّوب،
__________
[1] انظر عن (أحمد بن يوسف) في: التقييد لابن نقطة 185 رقم 208، وذيل تاريخ بغداد 15/ 129، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 124 رقم 1988، والإعلام بوفيات الأعلام 255، وسير أعلام النبلاء 22/ 147 دون ترجمة، والإشارة إلى وفيات الأعيان 326، والمعين في طبقات المحدّثين 191 رقم 2030، والعبر 5/ 94، والمختصر المحتاج إليه 1/ 226، والوافي بالوفيات 8/ 291 رقم 3710، والنجوم الزاهرة 6/ 260، وشذرات الذهب 5/ 94.
[2] كذا في الأصل، وأعتقد أن المراد هو: «السّنن» .(45/55)
عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «الْمَيِّتُ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ [1] ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ. تُوُفِّيَ ابْنُ صِرْمَا في سادس عشر شعبان.
6- إبراهيم بن عيسى [2] بن أَصْبَغ. الإمام، أبو إسحاق الأزْديُّ، القُرْطُبيّ، المعروف بابن المُنَاصِف.
شيخُ العربية، وأوحدُ زمانه بإفريقية. وكان جدّه أبو القاسم أَصْبَغ من كبار المالكية بقُرطبة. لأبي إسحاق تصانيف تشهد بالبراعة.
قال ابن مسْدي: أملى علينا بدانية على قول سِيبَويْه: «هذا باب ما الكلِم من العربية» [3] ، نحو عشرين كرّاسا، بسط القول فيها في مائة وثلاثين وجها.
مات على قضاء سجلماسة بعد سنة عشرين وستمائة [4] .
7- إبراهيم بن مجاهد بن مُحَمَّد. أبو إسحاق، اللَّخْمِيّ، الأندلسيُّ، المعروف بابن صاحب الصَّلاة، من أهل حصن ألماشة عمل شاطبة.
__________
[1] رقم (3114) في الجنائز: باب ما يستحب من تطهير ثياب الميت عند الموت، وصححه الحاكم 1/ 34، ووافقه الذهبي في تلخيصه. ورواه ابن حبان في «صحيحه» (2575) ، عن أحمد بن الحسن الصوفي بهذا الإسناد.
[2] انظر عن (إبراهيم بن عيسى) في: تحفة القادم لابن الأبار رقم 84، والمغرب في حلى المغرب 1/ 106- 107، وتاريخ إربل 1/ 204، والوافي بالوفيات 6/ 76- 77 رقم 2513، ونفح الطيب 2/ 517 رقم 41، وبغية الوعاة 1/ 421 رقم 849، وذيل تاريخ الأدب العربيّ 1/ 910.
[3] هو الباب الأول من كتاب سيبويه 1/ 2.
[4] من شعره:
يا محرقا قلبي بنار الأسى ... وماحيا عيني بماء الدموع
رفقا فإنّي بالجوى ذاهب ... كيف يبقى من جفاه الهجوع
وأبصر الغصن لوى عطفه ... والبدر محجوبا أو ان الطلوع
وقوله في المجبّنات:
هات التي إن قرّبت جمرة ... فهي على الأحشاء كالماء
وكلّما عضّ بها لائم ... تبسّمت عن ثغر حسناء
تبريّة الظاهر فضّيّة ... الباطن لم تصنع بصنعاء
(المغرب 1/ 107) .(45/56)
روى عن أبي الحَسَن بن هُذَيْل، وغيرِه. وأقرأ القرآنَ، وحَدَّث. كَانَ حيّا في رمضانِ هذه السنة.
8- أَمَةُ الرحيم بنتُ عفيف [1] بن المبارك بن حُسَيْن. سيِّدة العلماء، البغداديّةُ، الأَزَجيّة. كَانَ أبوها حنبليا، ناسخا، فسمَّعها مِن أبي الوَقْت السِّجْزِيّ. وكانت صالحة خيِّرة، روت «المائة الشُّرَيحيَّة» . وأجازت للِكمال الفُوَيْرِه. وماتت في شَوَّال. روى عنها ابن النَّجَّار.
حرف الحاء
9- الحَسَن بن عَرِيب [2] بن عِمران، الحَرَشيّ. من أُمراء العرب بالعِراق. كَانَ شاعرا، سَمْحًا، جوادا، كريما، رُبّما وَهَبَ المائة من الإِبل.
ومن شِعْره، وأجاد:
صَحَا قلبُه لَا مِن مَلام المُؤَنِّب ... وَلَا مِن سُلُوِّ عَنْ سُلَيْمَى وَزَيْنَبِ
سِوى زاجرات الحلم إذا وَضَحَتْ لَهُ ... حَوَاشِي صُبْحٍ في دَيَاجر [3] غَيْهَبِ
وَطَارَ غُرابُ الْجَهْلِ عَنْ رَوْضِ رَأْسِهِ [4] ... وَكَلَّتْ قَلُوصُ الرَّاكِبِ المُتَحَوِّبِ [5]
وَقَضَّيْتُ أَوْطَارَ الشَّبِيبَةَ والصِّبَا ... سِوى رَشْفَةٍ من بارد الظَّلْمِ أَشْنَبِ
10- الحَسَنُ بن محمود [6] . العَدْلُ، نبيه الدِّين، أبو عليّ، القُرَشيّ،
المِصْريّ، الشافعيّ، الشُّرُوطيُّ، الكاتب. مِنْ كبارِ العُدُول، وَلِيَ العقودَ، والفروضَ، والحِسبةَ بالقاهرة مُدَّةً، وولي الوَكالة السُّلطانية بالقاهرة ومصر.
وسَمِعَ من يوسف بن الطّفيل.
__________
[1] انظر عن (أمة الرحيم بنت عفيف) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 131 رقم 2001.
[2] انظر عن (الحسن بن عريب) في: وفيات الأعيان 7/ 140 (في ترجمة السلطان صلاح الدين الأيوبي) ، وفيه: «غريب» بالغين المعجمة، ومثله في: المختار من تاريخ ابن الجزري 118- 119، وفي الوافي بالوفيات 12/ 104 رقم 90 كما هنا بالعين المهملة.
[3] في الأصل: «ياجي» والمثبت عن الوافي.
[4] علّق الصفدي على ذلك بقوله: «ولكن الغراب ما هو من طيور الروض» .
[5] في الأصل: «والمتجوب» بالجيم، والمثبت عن الوافي.
[6] انظر عن (الحسن بن محمود) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 131 رقم 2000، وحسن المحاضرة 1/ 271.(45/57)
11- الحَسَن بن محمود بن عَلون [1] البَعقوبيّ، المُعَدَّل. حَدَّث عن أبي المعالي مُحَمَّد بن اللّحّاس. ومات في رجب ببعَقُوبا [2] . أخذ عنه عبدُ اللّطيف ابن بُوَرْنداز.
12- حُلَلُ بنتُ الشيخ أبي المكارم [3] محمود بن مُحَمَّد بن محمد بن السَّكَن. البغداديّة، وتُدعى ستَّ المُلوكِ. روت بالإِجازة عن أبي الوَقْت.
حرف الخاء
13- خديجةُ بنتُ عليّ [4] بن الحَسَن بن أبي الأسود ابن البَلّ [5] . روت أيضا بالإِجازة عن أبي الوَقْت. وماتت في رجب، بعد حُلَلٍ بشهرٍ.
حرف الدال
14- داودُ بن سليمان [6] بن داود بن عبد الرحمن بن سُلَيْمان بن عُمَر بن خَلَف بن عبد الله بن عبد الرؤوف، بن حوط الله. المحدّث، أبو سليمان،
__________
[1] انظر عن (الحسن بن محمود بن علّون) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 123 رقم 1986.
[2] ومولده سنة 542 هـ-.
[3] انظر عن (حلل بنت أبي المكارم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 121- 122 قم 1980، وقد ذكر الدكتور بشار عوّاد معروف في تحقيقه لكتاب التكملة بالحاشية (3) أن لها ترجمة في «المختصر المحتاج إليه» للذهبي. وأقول: لقد وهم في ذلك، إذ أن «حلل» التي في «المختصر» غير هذه تماما، فتلك هي: «حلل بنت محمد بن أحمد بن أبان المشهدي» ، سمعت بإفادة ابن خالتها أحمد بن طارق بن سعيد بن البنّاء. توفيت سنة ثلاث عشرة وستمائة. (المختصر المحتاج إليه 3/ 260 رقم 1395) .
[4] انظر عن (خديجة بنت علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 122 رقم 1983، وتوضيح المشتبه 2/ 55.
[5] البلّ: بالباء الموحّدة المفتوحة وبعدها لام مشدّدة.
[6] انظر عن (داود بن سليمان) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 316- 318 رقم 205، وبرنامج شيوخ الرعينيّ 56، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 119- 120 رقم 1975، والعبر 5/ 82، وسير أعلام النبلاء 22/ 184- 185 رقم 125، وتذكرة الحفاظ 4/ 1398، والوافي بالوفيات 13/ 466 رقم 565، والوفيات لابن قنفذ 309 رقم 621، والإحاطة بأخبار غرناطة 1/ 511، وشذرات الذهب 5/ 94، وطبقات الحفاظ 492 رقم 1091، وفهرس الفهارس للكتّاني 1/ 360 رقم 164، ومعجم المؤلفين 4/ 137، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 86 رقم 1089.(45/58)
الأنصاريّ، الحارثيّ، الأُنْدِيّ، وأُنْدَةُ: من عمل بلنسية.
سكن مَالقَة، وأخذ عن أبيه، وأخيه أبي مُحَمَّد عبد الله الحافظ، ورَحَل في نواحي الأندلس، فسمع بِبَلَنْسِيَةَ من أَبِي عَبْد اللَّه بن نوح، وأَبِي بكر بن مُغَاور بشاطبة، ومن أَبِي القاسم بن حُبيش، وأَبِي عَبْد الله بن حَميد بمُرسية، ومن أبي القاسم بن بَشْكُوال بقُرطبة- وأكثر عنه-، ومن أبي عبد الله بن زَرْقُون بإشبيليّة، ومن أبي عبد الله بن الفخّار بمالِقة، ومن عبد الحق بن بونه بالمُنكِّب، ومن أبي عبد الله بن عروس بغَرناطة، ومن أبي مُحَمَّد بن عُبَيْد الله بسبتة، ومن خلق كثير. وأجاز له أبو الطّاهر بن عَوْف، وغيرُه من الإسكندرية.
قال الأبّار [1] : وشيوخُه يزيدون على المائتين. وكانت الروايةُ أغلب عليه من الدِّراية. وكان هو، وأخوه أوسعَ أهل الأندلس رواية في وقتهما، مع الجلالة والعدالةِ. وكان أبو سُلَيْمان وَرِعًا، منقبِضًا، وَلِيَ قضاءَ الجزيرة الخضراء، ثمّ قضاء بَلَنْسِيَة، وبها لقِيتُه. وتُوُفّي على قضاء مَالِقَة في سادس ربيع الآخر، وله تسعٌ وستّون سنة. وأخذ عنه ابن مَسْدي وقال: لم أرَ أكثرَ باكيا مِن جنازته، وحُمِلَ نعشُه على الأكُفِّ.
حرف الراء
15- رُقَيَّةُ بنتُ الزّاهد أحمد [2] بن مُحَمَّد بن قُدامة، أخت الشيخ الموفَّق، أمّ الحافظ الضّياء، والمفتي شمس الدِّين أحمد المعروف بالبخاريّ، وكان حيّا في هذا العام [3] .
روت بالإجازة عن أبي الفَتْح بن البَطِّي، وأحمد بن المقرّب، وشُهْدَة.
روى عنها ابنُها الضّياء، وحفيدُها الفخر عليّ، وابن أخيها شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر. قال الضّياء: كانت امرأة صالحة، تُنْكِرُ المنكرَ، يخافُها الرجالُ والنّساء، وتَفْصِل بين النّاسِ في القضايا. وكانت تاريخا للمقادسة في المواليدِ والوَفياتِ.
__________
[1] في تكملة الصلة 1/ 317.
[2] انظر عن (رقيّة بنت أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 124- 125 رقم 1989.
[3] ستأتي ترجمته في وفيات سنة 623 هـ-.(45/59)
وتُوفِّيت في شعبان، وَوُلِدَتْ في حدود سنة سِتٍّ وثلاثين.
حرف الزاي
16- زيدُ بن أبي المعمر [1] يحيى بن أحمد بن عبيد الله. أبو بكر، الأَزَجيّ، البَيِّع. وُلِدَ في حدود سنة سبْعٍ وأربعين. وسمع من: أبي الوَقْت، وأبي بكر ابن الزاغونيّ، وهبة الله ابن الشِّبليّ، وأحمد بن قَفَرْجَل، وابن البَطِّي. وعُمَر، وتفرَّد بأشياء.
روى عنه: الدُبيثيّ [2] ، والبِرْزَاليُّ، والضِّياء، والشهابُ الأبَرْقُوهيّ، وآخرون. وقرأت مولده بخطِّ الضّياء في سنة إحدى وأربعين [3] وخمسمائة.
وقيل: إنَّه سمَّع لنفسه فيما لم يَسْمَعْهُ.
وقرأتُ بخطِّ ابن نُقْطَة قال [4] : سَمِعَ من أبي الوقت «صحيح» البخاريّ، و «مسند» الدّارميّ، و «منتخب» عبد [5] . وسمع من أبي القاسم ابن قفرجل، وأبي القاسم ابن الشِّبليّ، وسماعُه صحيح كثيرٌ ممّن ذكرنا، وغيرهم. وألحق اسمه في «نسخة» محمد بن السّريريّ التّمّار، في طبقة، عن ابن الزاغونيّ، وفي «جزء» لُوَيْن على فُورجة، وما أعلم أنَّه حَدَّث بشيءٍ من ذلك الملحق ألبَتَّةَ، ولا قرأه عليه أحدٌ [6] . وتُوُفّي في نصف رمضان.
وهو أخو أحمدَ [7] ، وعبدِ المنعم [8] ، ووالدهم يروي عن ابن الحصين،
__________
[1] انظر عن (زيد بن أبي المعمّر) في: التقييد لابن نقطة 275- 276 رقم 342، وذيل تاريخ بغداد 15/ 186، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 129 رقم 1996، وتلخيص مجمع الآداب 4/ 183 رقم 2406، والمختصر المحتاج إليه 2/ 73 رقم 670، وسير أعلام النبلاء 22/ 176- 177 رقم 116، وميزان الاعتدال 2/ 107 رقم 3033، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 120 رقم 79، وتوضيح المشتبه 1/ 347، ولسان الميزان 2/ 512 رقم 2054.
[2] في ذيل تاريخ بغداد 15/ 186.
[3] وقال ابن نقطة: «ذكر لي أن مولده سنة ست أو سبع وأربعين وخمسمائة، الشك منه» .
(التقييد 276) ، وفي (المستفاد 120) مولده سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.
[4] في التقييد 276.
[5] في التقييد: «المنتخب من مسند عبد بن حميد من عبد الأول» .
[6] زاد ابن نقطة: «ولكن حمله على ذلك الشره وحب الرواية» .
[7] توفي سنة 603 هـ-.
[8] توفي سنة 600 هـ-.(45/60)
وعمّهم يونس: هو والِدُ الوزير جلال الدِّين بن يونس.
أَخْبَرَنَا أبو المعالي الهَمَذَانيّ، أَخْبَرَنَا زيد بن يحيى، أَخْبَرَنَا أحمد بن عبد الباقي، أَخْبَرَنَا عاصم، أَخْبَرَنَا أبو عُمَر بن مَهْديّ، فذكر أحاديث [1] .
حرف السين
17- سَعيدُ بن أبي طاهر [2] هاشم بن هاشم. الإمام، أمين الدِّين، أبو البركات، الحَلَبيُّ، الخطيب.
سَمِعَ من محمد بن عليّ بن ياسر الحنّائيّ. روى عنه: عبيد الله بن مريم، وشمس الدّين ابن خليل. تُوُفّي في ربيع الأوّل.
حرف الشين
18- شهابُ بنُ محمد. أبو الحسين، الكَلْبِيّ، الأندلسيّ.
أجاز له السِّلَفيّ. كَانَ يُقْرِئ، ويكتبُ المصاحِفَ. وكان حَيًّا في هذا العام.
حرف الطاء
19- طالبُ بنُ أبي طاهر [3] بن أبي الغَنَائم بن مِيشا [4] البَغْداديُّ.
النّجّار.
روى عن يحيى بن ثابت. ومات فِي ربيع الأوّل.
حرف العين
20- عَبْدِ اللَّهِ بنُ حامد [5] . أبو محمد، المُعَافِريُّ.
__________
[1] وقال ابن النجار: كتبت عنه من سماعه «الصحيح» لأنه كان يكشط اسم أخيه عبد المنعم من طباق السماع ويكتب اسمه موضعه بقلم غليظ ودواة رديّة. فعل ذلك على عدّة أجزاء من أصول أخيه أحمد. (المستفاد) . وأقول: وقع في: لسان الميزان 2/ 512: «مات سنة إحدى واثنتين وستمائة» ! وهذا غلط. والصواب: سنة إحدى وعشرين وستمائة.
[2] ترجمته في الجزء الضائع من (بغية الطلب) .
[3] هكذا في الأصل، وسيعيده في الكنى برقم (66) وهو الصحيح، فانظره هناك.
[4] ميشا: بكسر الميم وسكون الياء آخر الحروف وشين معجمة مفتوحة.
[5] انظر عن (عبد الله بن حامد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 891- 892، والذيل والتكملة(45/61)
رئيس مُرْسِيَةَ ومحتشمُها. ذكره الأبّار، فقال [1] : سَمِعَ، وصَحِبَ الأُدباء.
وكان أحد رجالات الأندلس وجاهة وجلالة مع التّحقيق بالكتابة والنّظم، وإليه كانت رئاسة بلده [2] .
21- عبد الله بن الحسن [3] بن عبد الله. أبو الفتوح، ابن رئيس الرّؤساء في ديوان واسط.
وهو من بيت وزارة وحشمة. روى عن ابن البَطِّي، ويحيى بن ثابت.
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى، بواسط.
22- عبدُ الله بنُ حمّاد [4] بن ثعلب أبو المحاسن، البَغْداديُّ، الضّرير.
روى عن: شُهْدَةَ، وعبد الحقِّ اليُوسُفيّ. ومات في جُمَادَى الآخرة.
23- عَبْد اللَّه بْن عبد المحسن [5] بن عبد الأحد، أبو محمد، ابن الرّبيب [6] ، الإسكندرانيّ، المقرئ.
سمع السّلفيّ، وعبد الواحد بن عسكر. روى عنه الحافظ عبد العظيم [7] ، وغيره. ومات في ربيع الآخر. وكان رجلا صالحا، خيّرا.
24- عبد الله بن المبارك [8] بن سعد الله بن وهب البغداديّ، الخبّاز.
روى عن شُهْدَةَ، وغيرِ واحد. ومات في سلخ محرّم.
__________
[ () ] لكتابي الموصول والصلة 4/ 190 رقم 356.
[1] في تكملة الصلة.
[2] وقال ابن عبد الملك المراكشي: «وكان كاتبا بليغا مشاركا في قرض الشعر» (الذيل والتكملة) .
[3] انظر عن (عبد الله بن الحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 121 رقم 1977، واكتفى بذكر وفاته.
[4] انظر عن (عبد الله بن حمّاد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 122 رقم 1981، والمشتبه 1/ 144، وتوضيح المشتبه 2/ 42.
[5] انظر عن (عبد الله بن عبد المحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 119 رقم 1974، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 180، وتوضيح المشتبه 4/ 269.
[6] الرّبيب: بفتح الراء المهملة وكسر الباء الموحّدة وسكون الياء آخر الحروف وبعدها باء موحّدة (المنذري) .
[7] التكملة 3/ 119.
[8] انظر عن (عبد الله بن المبارك) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 115- 116 رقم 1965.(45/62)
25- عبدُ الله بْن أَبِي البركات [1] بْن هِبة اللَّه. أَبُو بكر، البَغْداديُّ، المعروف بابن السَّمين.
سَمِعَ من: عليّ بن عساكر، وعبد الحقّ اليُوسُفيّ. ومات في رمضان.
26- عبد الخالق بن عليّ [2] . أبو عليّ، القَطِيعيّ، ويُعرف بابن البازِبازِيّ [3] .
عمّر تسعين سنة. وروى بالإجازة عن أبي بكر ابن الزاغونيّ، وسعيد بن البَنَّاء، وجماعة.
27- عبدُ الرحمن بْن أبي سَعْد عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّد بْنِ أَبِي عَصْرون.
القاضي، نجم الدِّين، التَّميميّ، ابن شيخ الشام شرف الدِّين.
مات بحماة في ثامن عشرَ رمضان.
28- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد السّميع [4] بْن أبي تمام عَبْد اللَّه بْن عَبْد السّميع. الإمام، أبو طالب، القرشيّ، الهاشميّ، الواسطيّ، المقرئ، المعدّل.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن أبي البركات) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 128 رقم 1994.
[2] انظر عن (عبد الخالق بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 130 رقم 1997، وتوضيح المشتبه 1/ 324 و 8/ 288.
[3] في المطبوع من (تاريخ الإسلام) الطبقة 63 ص 55: «البازباري» بالراء في آخره، وهو غلط، والصواب كما أثبتناه بالزاي المكرّرة. وقد قيّده المنذري فقال: البازبازي: بالباء المكرّرة الموحّدة المفتوحة والزاي المكرّرة المكسورة. ومثله في توضيح المشتبه.
[4] انظر عَنْ (عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد السّميع) في: التقييد لابن نقطة 345 رقم 426، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 243، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 14 رقم 1962، وتاريخ إربل 1/ 399، وتلخيص مجمع الآداب 1/ رقم 305 و 2/ رقم 1109 و 3/ 12 و 4/ 1/ 109، وعقود الجمان لابن الشعار 3/ ورقة 176 أ، ومعجم شيوخ الأبرقوهي ورقة 73- 74، ومعرفة القراء الكبار 2/ 611- 612 رقم 578، وسير أعلام النبلاء 22/ 185- 187 رقم 126، والمختصر المحتاج إليه 3/ 16- 17 رقم 770، والمعين في طبقات المحدّثين 191 رقم 2037، والإشارة إلى وفيات الأعيان 325، والإعلام بوفيات الأعلام 255، والعبر 5/ 83، والوافي بالوفيات 18/ 238 رقم 288، وغاية النهاية 1/ 377، والنجوم الزاهرة 6/ 260، وتاريخ ابن الفرات 10 ورقة 43، وشذرات الذهب 5/ 94- 95، ومعجم المؤلفين 5/ 180.(45/63)
ولد سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. وقرأ القرآن على أبي السّعادات أحمد ابن عليّ بن خليفة، وأبي حُمَيْد عبد العزيز بن عليّ السُّمَاتيّ- قَدِمَ عليهم-.
وسَمِعَ من: جدّه، ومن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي زَنْبَقة، وأبي يَعْلَى حَيْدَرة الرَّشيديّ، وخلْقٍ بواسطَ. وسمع ببغداد من أَبِي المظفَّر هبةِ اللَّه بْن الشِّبليّ، وسَعْد الله بن حمدي، وابن البَطِّي، وابن تاج القرّاء، والشيخ عبد القادر، وأبي بكر بن المقرّب، وطائفة.
وكتب الكثيرَ لنفسه، ولِغيره، وصنَّف أشياء حسنة. وروى الكثيرَ بواسط. وكان مِن أكابر أهل بَلَده وعُلمَائِهم، ومن بيت العِلْم والدّين. وكان ثقة، حسنَ النقل. روى عنه: الدّبيثيّ، وأبو الطاهر ابن الأنماطيّ، وجماعة.
وروى عنه بالإِجازة أبو المعالي الأبَرْقُوهيّ. ومات في سادس المحرَّم [1] .
29- عبدُ الرشيد بنُ مُحَمَّد [2] بْن عَبْد الرشيد بن ناصِر بن عليّ. أبو مُحَمَّد، السَّرخسيّ، الرَّجائيّ. ورجاء: مِن قُرى سرخس.
إمامٌ فَاضِلٌ، ديِّن، واعِظٌ، مُذَكِّر، رُزِقَ القبولَ التَّام بأصبهان. مولِدُه في ذي القعدة سنة خمسين وخمسمائة. سافر به والده، وحجَّ به، وأسمعه مِن هبة الله بن أحمد الشِّبليّ، وهِبة الله الدّقّاق، وابن البَطِّي، وبالكُوفة من ابن ناقة. وسَمِعَ بأصبهان من محمود بن أبي القاسم، وأحمدَ بن التُّرْك، وطائفة.
وحَدَّث ببغداد. ولَمّا حجَّ سنةَ سبْعٍ وستمائة، روى عنه الحافِظَان الضّياء، وابن النّجّار [3] . وقد أجاز لِمن أدرك حياتَه. وذكر ذلك أبو رشيد الغَزّال في كتابه «الجمع المبارك والنفع المشارك» [4] . مَوْلِدُه بأصبهان، وبها مات في ذي القعدة
__________
[1] وقال المؤلف- رحمه الله- في: سير أعلام النبلاء 22/ 186: وله أرجوزة في الاعتقاد يتطرّق إليها الانتقاد، ويلقّب بالشيناتي- كما نظم فيه:
شرف الدين شيخنا شافعيّ ... شاعر شاهد شريف شروطيّ
وله كتاب: «لباب المنقول في فضائل الرسول» ، وكتاب: «فضائل الأيام والشهور» ، وكتاب:
«تعبير الرؤيا» و «النّخب في الخطب» وأشياء.
[2] انظر عن (عبد الرشيد بن محمد) في: المختصر المحتاج إليه 3/ 86 رقم 912.
[3] وقد جاءت هذه الترجمة في حاشية الأصل بخط المؤلّف رحمه الله. وقال: كتبت عنه وكان صالحا متميّزا ساكنا.
[4] انظر: تلخيص مجمع الآداب ج 4 ق 1/ 691 و 824 و 100 وج 2/ 119.(45/64)
من سَنةَ إحدى. وذكر الشيخ [1] أيضا موته في سنة اثنتين، عند ما بَلَغَه.
30- عبدُ العزيز بن عليّ [2] . أبو الأَصْبَغ، اللّخميّ، الإشبيليّ، الظّاهريّ، ويعرف بابن صاحب الرّد. كان ممّن برع في فِقْه الظّاهريّة.
ذكره ابن مَسْدِي، فقال: كَانَ ذاكرا ل- «صحيح» مُسلم، متظاهِرًا بمذهب أهل الظّاهر، رافعا رايةَ تلك المظاهر، مع الثقةِ، والأصالة. سَمِعَ ابن الجدِّ، وأبا عبد الله بن زَرْقُون. سَمِعْتُ منه. ومات في عاشر شعبان عن ثمانٍ وخمسين سَنةَ.
31- عبدُ الغنيّ بن أبي القاسم [3] عَبْد الْعَزِيز بْن أَبِي البقاء هبة اللَّه بن القاسم بن منصور بن البُنْدَار. أبو الفَتْح، البَغْداديُّ، الحَرِيميّ، العَدْلُ.
وُلِدَ سَنةَ أربعٍ وأربعين وخمسمائة. وسَمِعَ من أبي الوَقْت السِّجْزِيّ، وأبي جعفر مُحَمَّد بن محمد الطّائي، وابن اللَّحّاس. وهو مِن بَيْتِ الحديثِ.
روى عنه: الدُبيثيّ، والبِرْزَاليُّ، والجمالُ مُحَمَّد بن أبي الفَرَج ابن الدَّبَّاب، وغيرُهم. ومات في صفر.
32- عبدُ القَوِيّ ابن القاضي الجليس أبي المعالي عَبْد العزيز [4] بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن. القاضي الأسعد، أبو البركات، ابن الْجَبَّاب [5] ، التَّميميّ، السَّعْديّ، الأغلبيّ، المصريّ، المالكيّ، المعدّل.
__________
[1] هو الحافظ الضياء، كما في: المختصر 3/ 86.
[2] انظر عن (عبد العزيز بن علي) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 633، والوافي بالوفيات 18/ 530 رقم 534.
[3] انظر عن (عبد الغني بن أبي القاسم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 116- 117 رقم 1968، والمختصر المحتاج إليه 3/ 83- 84 رقم 905.
[4] انظر عن (عبد القويّ بن عبد العزيز) في: إكمال الإكمال لابن نقطة، مادّة «الجبّاب» ، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 131- 132 رقم 2002، والمعين في طبقات المحدّثين 191 رقم 2029، والإشارة إلى وفيات الأعيان 326، والإعلام بوفيات الأعلام 255، والمشتبه 1/ 205، والعبر 5/ 83، وسير أعلام النبلاء 22/ 244- 246 رقم 133، ونهاية الأرب 29/ 130، ومرآة الجنان 4/ 48، وذيل التقييد 2/ 143 رقم 1313، والعسجد المسبوك 2/ 400- 401، ولسان الميزان 4/ 48، والنجوم الزاهرة 6/ 259، وتاريخ ابن الفرات 1/ 42، وحسن المحاضرة 1/ 176- 177، وشذرات الذهب 5/ 95، وتوضيح المشتبه 2/ 42- 43.
[5] تصحّفت إلى «الحباب» بالحاء المهملة في: الإعلام بوفيات الأعلام 255.(45/65)
ولد سنة ستّ وثلاثين وخمسمائة. وسَمِعَ من الشريف أَبِي الفُتُوح الخطيبِ، وأَبِي محمد بن رِفاعة، وابن العِرْقيّ، وأبي طاهِر السِّلَفيّ، وأبي البقاء عُمَرَ ابن المقدسيّ.
روى عنه عمر ابن الحاجب، وأبو الطّاهر ابن الأنماطيّ، والزَّكيُّ المُنذريّ، والفخر عليّ ابن البُخاريّ، وشرفُ القضاة محمد بن أحمد بن محمد بن الْجَبَّاب، والنَّجيبُ محمد بن أحمد بن محمد الهَمَذَانيّ، والشهابُ أحمد بن إسحاق الأبَرْقُوهيّ، وأحمد بن عبد الكريم الأَغْلَاقيّ، وطائفةٌ سواهم.
ذكره ابن الحاجب في «مُعْجمه» فقال: من بيت السُّؤْدُد، والكَرَم، والفضل، والتّقدُّم، ذو كِياسة ورئاسة، ولَهُ مِن الوقار والهيبة ما لم يُعْرَفْ لِغيره. وكان ذا حلم، وأناةٍ، وصَمْت، وَلِيَ من أمور المملكة ولاياتٍ أبان فيها عن أمانة ونزاهة، كثير اللّطف بالقريب والغريب. وأصلهم من القيروان. وتفرّد «بالسيرة» عن ابن رفاعة.
قال: وقد كنتُ سَمِعْتُ بدمشق من بعض الطَّلبة: أنّ في سماعٍ شيخنا- هذا- كلاما، فلمّا قَدِمْتُ مصر، بحثتُ عن سماعه، فوجدتُ أصلَ سماعه «بالسِّيرة» بيد القاضي فخرِ القُضاة ابن أخيه في عشر مجلّدات، وقد سَمِعَها على ابن رفاعة، وكَمُلَتْ في المحرَّم سَنةَ سِتٍّ وخمسين بقراءة يحيى بن عليّ القَيْسيّ. وتحت الطّبقة الأمرُ على ما ذُكِرَ وَوُصِفَ، وكتب عبدُ الله بن رِفاعة.
وأوقفتُ بعضَ أصحابنا الطّلبة على هذه النسخة، ونقلها إليَّ صاحبُنا الرفيع إسحاق بن المؤيِّد الهَمَذَانيّ، والنسخة موجودةٌ الآن، وإنّما رأيتُهم يقولون: ما وُجِدَ سماعُه «للغريبين» إلّا في بعض الأجزاء، وأنّه قال: جميعُ الكتاب سماعي، فكان الكلام في هذا دونَ غيره. وكان شيخنا- هذا- ثقة ثَبْتًا، عارفا بما سَمِعَ، لا يُنْسَبُ في ذلك إلى غرض.
قال: ورأيتُ خطَّ تقيّ الدِّين الأنماطيّ، وهُوَ يُثني على شيخنا- هذا- ثناء جميلا، ويَذْكُرُ من جملة مسموعاته «السيرة» على ابن رفاعة. وكان قد صارت «السيرة» على ذكرِ الشيخ بمنزلةِ الفاتحة يسابق القارئ إلى قراءتها.
وكان قيِّمًا بها وبمُشْكِلِها.(45/66)
وهُوَ أنبلُ شيخٍ وجدته بالدِّيار المصرية، رواية ودراية.
وكان لا يقرأ عليه القارئُ إلّا واصله بيده، ولا يدعُ القارئ يُدْغِمُ. وكان أبوه جليسا لخليفة مصر.
قال: وحضرتُه يوما وقد أهدى لَهُ بعضُ السّامعين هَدِيّة، فردَّها وأثابه عليها، وقال: ماذا وقت هديةٍ، ذا وقتُ سماع.
وكان طويلَ الروح على السَّماع مع مرضٍ كَانَ يجده. كنّا نسمعُ عليه من الصُّبح إلى العصر، إلى أن قرأنا عليه «السيرة» وعِدّة أجزاء في أيام.
ثمّ قال: أَخْبَرَنَا الإمامُ الأوحد الأسعد صفيُّ المُلْك أبو البركات- أحسن الله إليه، وما رأيتُ في رحلتي شيخنا ابن خمسٍ وثمانين سَنةَ أحسنَ هدْيًا وسَمْتًا واستقامة منه، ولا أحسنَ كلاما، ولا أظرفَ إيرادا منه، رحمه الله، فلقد كَانَ جمالا للدِّيار المصرية- في صفر سَنةَ إحدى وعشرين، قال: أَخْبَرَنَا ابن رفاعة.
وقال ابن الحاجب أيضا: قال لي ابن نُقْطَة: أبو البركات عبد القويّ ابن الْجَبَّاب، حَدَّثَنَا عن السِّلَفيّ، وسَمِعْتُ الحافظ عبد العظيم يَتَكَلَّم في سماعه «للسيرة» ويقول: إنَّه بقراءة يحيى بن عليّ، إمام مسجد العيثم، وكان كذّابًا.
ثمّ قَدِمْتُ دمشقَ فذكرتُ ذلك لأبي الطّاهر ابن الأنماطيّ، فرأيتُه يثبِّت سماعَه ويُصحّحه.
قلت: قرأتُ «السيرة» بكمالها في سِتَّةِ أيام على الشهاب الأبَرْقُوهيّ، بسماعه لجميعها من أبي البركات في صفر سنةَ إحدى وعشرين. ومات في سَلْخِ شَوَّال مِن السنة. وقد روى كتاب «العُنوان» عن الشريف الخطيب، حَدَّثَ به عن سَنةَ نَيِّفٍ وثمانين الشيخ أبو [1] .
33- عبد الكريم بن عَلي [2] بْن الْحَسَن بْن الْحَسَن بْن أحمد بن الفرج.
__________
[1] كذا في الأصل، وكأنّ المؤلّف- رحمه الله- تركها هكذا على أن يعود فيذكر اسم الشيخ، ولكنه لم يتذكّره، وحين صنّف «سير أعلام النبلاء» قال: «رواه عنه شيخ» (22/ 246) .
[2] انظر عن (عبد الكريم بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 115 رقم 1963، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 10 رقم 5، وسير أعلام النبلاء 22/ 247، والوافي بالوفيات 19/ 82 رقم 81، والعسجد المسبوك 2/ 401.(45/67)
الرئيس الأثير، القاضي، أبو القاسم، اللّخميّ، البيسانيّ، ثمّ العسقلانيّ المولد، المصريّ الدّار، الشافعيّ، أخو القاضي الفاضل.
ولد سنة سبع وثلاثين وخمسمائة. وسَمِعَ بالإسكندرية من السِّلَفيّ، وأبي مُحَمَّد العثمانيّ، وأخيه أبي الطّاهِر إسماعيل بن عبد الرحمن العثمانيّ.
روى عنه الحافظُ المُنذريّ، وغيرُ واحد من المِصْريّين. وكان كثيرَ الرغبة في تحصيل الكُتب، مبالغا في ذلك إلى الغاية، وملك منها جُمْلَةً عظيمة، بحيث لم يَبْلُغْنَا أن أحدا من الرؤساء جَمَعَ منها ما جمع هو، اللَّهمّ إلّا أن يكونَ ملكا أو وزيرا. وقال الموفّق عبدُ اللّطيف: كَانَ له هَوَسٌ مُفْرِط فِي تحصيل الكُتُب، وكان عنده زهاء مائتي ألف كتاب، من كل كتاب نُسَخ. وقال المنذريُّ [1] : تُوُفّي في ثالث عشر المحرَّم.
34- عبدُ اللّطيف بن مُعَمَّر [2] بن عسكر بن القاسم بن مُحَمَّد.
أبو مُحَمَّد، الأَزَجيّ، المؤدِّب، المُخرِّميّ.
وُلِدَ في المحرَّم سَنةَ ثلاثٍ وأربعين وخمسمائة. وسَمِعَ من: أبي الوَقْت، وَمِنْ أبيه، وأحمد بن المقرّب، وغيرهم. قال الدّبيثيّ [3]- وقد روى عنه في «تاريخه» -: كان صَاحِبَ لَهْوٍ وخَلاعةٍ. وذكره أيضا في الشيوخ الذين أجازوا له [4] . وأخبرنا عنه الشِّهَابُ الأبَرْقُوهيّ. وتُوُفّي في ذِي القعدة.
35- عبدُ المحسنُ بن نصرِ الله [5] بن كثير، الفقيه. زين الدِّين، ابن البيّاع، الشاميُّ الأصلِ، المِصْريّ، الشافعيّ.
__________
[1] في التكملة 3/ 115.
[2] انظر عن (عبد اللطيف بن معمّر) في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 112، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 132- 133 رقم 2004، والمختصر المحتاج إليه 3/ 65 رقم 860، وسير أعلام النبلاء 22/ 247.
[3] في ذيل تاريخ بغداد ورقة 112.
[4] وقال المنذري: ولنا منه إجازة كتب بها إلينا من بغداد غير مرة منها ما هو في شهر ربيع الآخر سنة 619.
[5] انظر عن (عبد المحسن بن نصر الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 118 رقم 1971 أو طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 112 (8/ 313، 314) ، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 250، وتاريخ ابن الفرات 1/ ورقة 42.(45/68)
تفقَّه على أبي القاسم عبد الرحمن بن سلامة. وكان طلقَ العِبارةِ، جَيِّدَ القريحَةِ، مِن أعيان الشافعية. خطب بقلعةِ الجبل، وناب في الحُكْمِ بأعمالِ مصر، وتقلَّب في الخدم الدّيوانيّة.
36- عبد الواحد بن عبد العزيز [1] بن عُلْوان. أبو محمد، الحربيّ، السَّقْلاطونيّ.
سَمِعَ من: هِبة الله ابن الشِّبليّ، وأبي الفَتْح بن البَطِّي، وأحمدَ بن عبد الله اليُوسُفيّ، وعبد الرحمن بن زيد الورّاق.
روى عن ابن البَطِّي، جميعَ «حلية الأولياء» بسماعه من حمْدٍ، عنه.
ومات في ذي الحِجّة. روى لنا عنه بالإِجازة الأبَرْقُوهيّ [2] .
37- عبد الواحدُ بن يوسُف [3] بْن عَبْد المؤمن بْن علي.
السُّلطان، أبو محمد، القَيْسيّ، صاحبُ المغرب.
ولي الأمرَ في ذي القعدة سَنةَ عشرين بعدَ أبيه يوسُف بن مُحَمَّد. وكان كبيرَ السنّ، عاقلا، لكن لم يُدَارِ [4] الدَّولة ولا أَحْسَن التّدبيرَ، فخلعوه وخنقُوه في حدود شعبان. وكانت ولايتُه تسعةَ أشهر. ولَمّا بُويع كَانَ بالأندلس ابن أخيه عبدُ الله بن يعقوب، فامتنع، ورأى أنَّه أحقُّ بالأمر واستولى على الأندلس بلا كلفة، وتلقَّب بالعادل. فلمّا خُنِقَ أبو محمد، ثارت الفرنج بالأندلس، فالتقاهم العادلُ، فانهزم جيشُه، وطلب هو مُرَّاكِشَ، وتركَ بإشبيليّة أخاه إدريسَ، فأتى مُرّاكِش في أسوأ حالٍ، فقبضُوا عليه، ثمّ بايعوا أبا زكريا يحيى بن مُحَمَّد بن يعقوب بن يوسُف، أخا يوسُف، وهو لَمّا بَقَل وجهُهُ، فلم
__________
[1] انظر عن (عبد الواحد بن عبد العزيز) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 247، 248 رقم 137، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 133 رقم 2005.
[2] وقال ابن النجار: كتبت عنه وكان شيخا لا بأس به.
[3] انظر عن (عبد الواحد بن يوسف) في: العبر 5/ 83، 84، وسير أعلام النبلاء 22/ 341 رقم 208، والوافي بالوفيات 19/ 281، 282 رقم 259، والاستقصاء 2/ 229، والحلل الموشية 123، والإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام 8/ 512- 514، ونفح الطيب 4/ 383- 385، وشرح رقم الحلل 203، وشذرات الذهب 5/ 95.
[4] في الأصل: «لم يداري» وهو غلط نحوي.(45/69)
يَلْبَثْ أن جاءت الأخبارُ بأن إدريس أدَّعى الخلافةَ بإشبيليّة، وبايعوه، ثمّ آل أمرُ يحيى إلى أن حَصَره العربُ بمرَّاكِش حَتّى ضَجِرَ أهلُ مُراكِش منه، وأخرجُوه، فهرب إلى جبل دَرَن، ثمّ تعصَّب له طائفة، وعاد، وقَتَل من بمرَّاكِش من أعوان إدريس، وهرب إدريس من الأندلس، وقد توثَّبَ عليه بها الأميرُ مُحَمَّد بن يوسُف بن هود الْجُذاميّ، ودعي إلى بني العباس، فمال إليه النّاسُ، وخرجوا على إدريس، فانتهى إلى مُراكش بجيشه، فواقع يحيى، فانهزم يحيى إلى الجبل.
38- عبدُ الوهّاب بن أبي المظفّر [1] بن عبد الوهّاب ابن السَّبَّاك.
تُوُفّي ببغدادَ في ذي الحِجَّة. عنده «جُزْءُ» البانياسيّ، عن ابن البَطِّي.
روى عنه ابن النّجّار [2] .
39- عِزُّ النّساءِ بنتُ أحمد [3] بن أحمد بن كَرَم البَنْدَنيجيّ، أخت تميم [4] .
سَمِعَتْ من وجيه ابن السَّقطيّ، وأبي الحُسَيْن عبد الحقّ. وتُوفّيت في ذِي الحجَّة.
40- عليُّ بن عبد الله [5] بن سَلْمان بن حُسَيْن.
قاضي الحِلَّة، أبو الحَسَن، الحنفيّ.
قَدِمَ بغداد، وعَظُمَ شَأنه، حَتّى وَلِيَ قضاء القضاة في سَنةَ ثمانٍ وتسعين.
وكان قليل الفقه، فَعُزِلَ بعد عامين لجهله وإرشائه، فرُسِمَ عليه، ونَزَح إلى بلده. تُوُفّي في ذي الحِجَّةِ، وقد جاوز الثّمانين.
41- عليّ بْن عَبْد الرّشيد [6] بْن عليّ بْن بُنَيْمان بن مكّيّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الوهاب بن أبي المظفّر) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 338، 339، رقم 206 وفيه: «عبد الوهاب بن عبد الله» .
[2] وقال: كتبنا عنه ولم يكن به بأس.
[3] انظر عن (عز النساء بنت أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 133، 134 رقم 207.
[4] توفي سنة 597 هـ-.
[5] انظر عن (علي بن عبد الله) في: الجواهر المضيّة 2/ 575، 576 رقم 980، والطبقات السنية، رقم 1562.
[6] انظر عن (علي بن عبد الرشيد) في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 145، 146، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 117، 118 رقم 1970، وسير أعلام النبلاء 22/ 247(45/70)
القاضي، أبو الحَسَن، الهَمَذَانيّ، الحدَّاد، المقرئ.
وُلِدَ سنة ثمان وأربعين وخمسمائة. وقرأ القرآنَ ببعض الروايات على جدِّه الحافظِ أبي العلاء العطَّار، وسَمِعَ منه ومِن أبي الخير مُحَمَّد بن أحمد الباغبان. وحَضَرَ على أبي الوَقْت في الرابعة، وقَدِمَ بغداد، فتفقَّه بها مُدَّة على أبي الخير القزوينيّ، واستملى عليه بالنِّظاميّة. وخرج إلى الشام ومِصْر، ثمّ عاد إلى همذان، فولي قضاءها، ثمّ قدم بغداد، وولي قضاءَ الجانب الغربيّ، ثمّ وَلِيَ قضاء تُسْتَر، واستوطنها.
وروى الكثير ببغدادَ، وسَمِعَ بها من: أبي الفَرَج مُحَمَّد بن أحمد بن يحيى بن نبهان، وابن شاتيل. روى عنه: الدُبيثيّ، والنّجيبُ عبدُ اللّطيف، وجماعة. وقد ذَكَرَ ابن أنجب مَوْلِدُه في سَنةِ تسعٍ وأربعين. تُوُفّي بِتُسْتَرَ في صفر. وكان يرتشي، قاله ابن النجّار.
42- عليّ بن محمد ابن النّبيه [1] ، الأديب صاحب الدّيوان.
قيل: تُوُفّي بها، وقد تقدَّم في سَنةِ تسع عشرة، مات بنصيبين.
43- عليّ بن يوسُف [2] بن أبي الكَرَم. أبو القاسم، البَغْداديُّ، الظَّفَرِيُّ، الحمَّاميّ [3] ، ابن أخت أبي الكَرَم بن صَبُوخا [4] .
كَانَ شيخا فاضلا، يَرْجِعُ إلى تمييزٍ، ونباهةٍ، ومعرفةٍ، وجلالةٍ، وأخلاقٍ جميلة. وكان ثقة.
__________
[ () ] دون ترجمة، والعبر 5/ 84، والمختصر المحتاج إليه 3/ 128، 129 رقم 1014، وتاريخ ابن الفرات 1/ ورقة 44، وشذرات الذهب 5/ 95.
[1] انظر عن (علي بن محمد بن النبيه) في: عقود الجمان لابن الشعار 4/ ورقة 153- 169، والعبر 5/ 84، وسير أعلام النبلاء 22/ 178 رقم 118، وفوات الوفيات 3/ 66- 73، والنجوم الزاهرة 6/ 243، وحسن المحاضرة 1/ 566، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 259، 260. وانظر مقدّمة ديوانه بتحقيق الدكتور عمر أسعد، طبعة بيروت 1969.
[2] انظر عن (علي بن يوسف) في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 174، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار (باريس) ورقة 78، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 123 رقم 1985، والمختصر المحتاج إليه 3/ 148.
[3] قيده المنذري بفتح الحاء المهملة وتشديد الميم.
[4] قال المنذري: بفتح الصاد المهملة وضم الباء الموحدة وسكون الواو وفتح الخاء المعجمة وهو مقصور.(45/71)
سَمِعَ من: أبي الوَقْت، والوزير يحيى بن هُبَيْرةَ، ويحيى بن ثابت، وأبي زُرْعة، وجماعة.
روى عنه: ابن النّجّار، والدُبيثيّ، والأبَرْقُوهيّ، وجماعة. ومَوْلِدُه في شَوَّال سَنةَ ثمانٍ وأربعين، وتُوُفّي في السَّادس والعشرين من رجب.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي الأبَرْقُوهيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ يُوسُفَ بِبَغْدَادَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الْكِسَائِيُّ حُضُورًا بأَبَرْقُوهَ، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَخْبَرَنَا الدَّاوُدِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ حَمُّوَيْهِ، أَخْبَرَنَا الْفَرْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الأَعْمَشِ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقُولُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيُنَادِي [1] بِصَوْتٍ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ» . .. الْحَدِيثَ [2] .
44- عليُّ بْنُ أبي سعد [3] بن أحمد. أبو الحسن، ابن تُميرة، الحربيُّ.
وُلِدَ تقريبا فِي سَنةِ ثلاثٍ وَخَمْسِينَ. وسَمِعَ مِنْ هِبَة اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الشِّبليّ.
وحَدَّث. وَهُوَ أَخُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ [4] . تُوُفّي فِي رَجَبٍ.
45- عليٌّ الفَرْنَثِي [5] .
الرجلُّ الصالحُ، كبيرُ الْقَدْرِ، صاحبُ كَرَامَاتٍ، وَرِيَاضَاتٍ، وَسِيَاحَاتٍ وَلَهُ أصحابٌ ومريدون. وله زاوية بسفح قاسيون [6] .
__________
[1] ضبطه المؤلف- رحمه الله- بالبناء للفاعل، وهو رواية الأكثر، ورواية أبي ذر بالبناء للمفعول: فينادي.
[2] أخرجه البخاري (7483) في التوحيد، وهو عنده أيضا برقم (3345) و (4741) و (6530) .
[3] انظر عن (علي بن أبي سعد) في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 176، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 122، 123 رقم 1984.
[4] تقدم في وفيات سنة 615.
[5] انظر عن (علي الفرنثي) في: العبر 5/ 84، والمشتبه 2/ 506، ومرآة الجنان 4/ 49 وفيه «الفريثي» وهو غلط، وتوضيح المشتبه 7/ 89.
[6] و «الفرنثي» : بفتح أوله، وسكون الراء، تليها نون مفتوحة، ثم مثلّثة مكسورة. نسبة إلى «فرنث» من قرى دجيل. وقد أخطأ محقّق «العبر» فقيّده «الفرنثي» بفتح الفاء والراء وسكون النون.(45/72)
حَكَى الشيُخ الضِّيَاءُ فِي سِيرَةِ الشَّيْخِ أَبِي عُمَر، قَالَ: سَمِعْتُ الشيخَ مُحَمَّد بْنَ حَسَنٍ العِرَاقي، خادِم الشَّيْخِ عَلِيٍّ الفَرْنَثِي، قَالَ: جئتُ بِالشَّيْخِ عليُّ إِلَى قَبْرِ الشَّيْخِ أَبِي عُمَر، فَقَالَ: صاحبُ هَذَا الْقَبْرِ حيٌّ فِي قَبْرِهِ.
وحكى الشيخ تقيّ الدين ابن الْوَاسِطِيُّ: أنَّه حَضَرَ عِنْدَ الشَّيْخِ عَلِيٍّ فِي مَكَانٍ عَلَى الشَّرَفِ الأَعْلَى، فَبَيْنَا هُوَ قَاعِدٌ والنّاسُ حولَه، إِذْ صَفَّقَ، فَخَرَجَ فقيرٌ، فَإِذَا أناسٌ مَعَهُمْ نعاير [1] لَبَنٍ وَغَيْرِهَا، وَكَانَ إِذَا صفَّق عَلِمُوا أنَّه قَدْ جَاءَ فُتُوحٌ، أَوْ مَا هَذَا مَعْنَاهُ.
وَذَكَرَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ أبي الفضل، قال: شاهدت الشيخ عليّ الفَرَنَثِي، والحَجَرُ ينزِل مِنَ الْمُقَطَّعِ، فيُشير إِلَيْهِ: يَا مُبَارَكُ يَمِينٌ، فينزِلُ يمينا، وَيَقُولُ: يَا مُبَارَكُ شِمَالٌ، فَيَنْزِلُ شمالا. تُوُفّي الشَّيْخُ عليٌّ، فِي شَهْرِ جُمَادَى الآخِرَةِ بِقَاسِيُونَ، وَبَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ قُبَّةً.
46- عُمَر بْنُ مُحَمَّد [2] بن عُمَر بن بَرَكَة بن سَلامة بن أحمد بن أبي القاسم بن أبي الرَّيَّان. أبو حفص، بن أبي بكر، الدّاراقزّي، الكاغَدِيّ.
وُلِدَ سَنةَ خمسٍ وأربعين، وقال مرّة: سنة سبع وأربعين وخمسمائة.
وسَمِعَ من أبي الوَقْت، وابن البَطِّي. وكان شيخا فهما، حَسَنَ الأخلاقِ.
روى عنه الدُبيثيّ، وابن النّجار. وَحَدَّثَنَا عنه الأبَرْقُوهيّ. ومات في ذي الحجة.
حرف الميم
47- مُحَمَّد بْن أَحْمَد [3] بْن مُحَمَّد بن عبد الله. أبو عبد الله، الأنصاري
__________
[1] نعاير: مفردها نعارة، وهي القدر الصغير من الفخار، ولا تزال هذه التسمية إلى الآن عند أهل الشام.
[2] انظر عن (عمر بن محمد) في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 203، والتكملة لوفيات النقلة (3/ 133 رقم 2006، والمختصر المحتاج إليه 3/ 109 رقم 959 وفيه: «عمر بن محمد بن محمد بن أبي الريان» .
[3] انظر عن (محمد بن أحمد الأندلسي) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 613، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 134، 135 رقم 2009، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 334،(45/73)
الأندلسي، المعروف بابن اليتيم، وبابن البَلَنْسِيِّ، وبالأَنْدَرْشِيّ، من أهل المَرِيَّة. سَمِعَ أباه، ولازَمَ أبا مُحَمَّد بن عُبيد الله.
ورحل إلى بَلَنْسِيَةَ، فسَمِعَ من أبي الحَسَن بن هُذَيْل، وابن النِّعمة، وَبِمُرْسِيَة من أبي القاسم بن حُبيش، وغيرِه، وبمالِقَة أبا إسحاق بن قَرْقُول.
وسَمِعَ بأشُبُونَةَ- مِن عمل قُرْطُبَة- من أبي مروان بن قَزمان، سَمِعَ منه بعض «الموطأ» ، وسَمِعَ بقُرْطُبَة من ابن بَشْكُوالَ، وبغَرْنَاطَةَ من أبي خالد بن رِفاعة.
ولقي بفاس أبا الحَسَن بن حُنين. وحجَّ، فسمِعَ بِبِجَايَةَ من الحافظ عبد الحق الإِشْبِيليّ، وسَمِعَ بالإسكندرية من أبي طاهر السلفي، وأبي محمد العثماني، وبالقاهرة من عثمان بن فَرَج، وببغدادَ من شُهْدَةَ الكاتبة، وبالمَوْصِل من الخطيب أبي الفضل الطُّوسيّ، وبدمشقَ من أبي القاسم بن عساكر الحافظ، وبمكّة من عُمَر الميانشيّ، وسَمِعَ من غيرهم ببلاد شتَّى. ووَلِيَ خطابَة المَرِيَّة.
قال ابن مَسْدِيّ: لم يكن سليما من التَّركيب حَتّى كَثُرَتْ سَقَطَاتُه، وقد تَتبَّعَ عثراتِه أبو الربيع بن سالم، وقد سمعتُ منه كثيرا.
وقال أبو جعفر ابن الزُّبَيْر: قد رأيتُ بخطّه إسنادَ «صحيح» البخاريّ، عن السِّلَفيّ، عن ابن البَطِرِ، عن ابن البَيِّع، عن المحامِليّ عنه.
قلتُ: ما عندَ هؤلاء عن المَحَامِليّ سوى حديثٍ واهٍ في الدُّعَاء لَهُ. وقد وَثّقَهُ جماعةٌ لفضله، وحملُوا عنه، وليس بمتقن.
وقال الأبّار [4] : كَانَ مكثرا، رحّالة. نسبه بعضُ شيوخنا إلى الاضطراب، ومع ذلك انتابه النّاسُ، ورحلوا إليه، وأخذ عنه أبو سُلَيْمان بن حَوْطِ اللهِ، وأكابرُ أصحابنا. وأجاز لي. وولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة، وأوّل رحلته في سنة اثنتين وستّين وخمسمائة، وتُوُفيّ فِي الثامن والعشرين من ربيع الأول على ظهر البحر قاصدا مَالِقَةَ، رحمه الله.
__________
[ () ] والعبر 5/ 84، 85، وسير أعلام النبلاء 22/ 250- 252 رقم 138، والوافي بالوفيات 2/ 116، 117 رقم 454، وذيل التقييد 1/ 77، 78 رقم 65، والعسجد المسبوك 2/ 401، والمقفى الكبير 5/ 267، 268 رقم 1829، ولسان الميزان 5/ 50، وشذرات الذهب 5/ 95، 96.
[4] في «التكملة» : 2/ 614- 616.(45/74)
وقال ابن الزُّبَيْر: سَمِعَ «المُوَطّأ» من ابن حُنين بفاس، عن ابن الكلّاع.
48- مُحَمَّد بن أحمد بن محمد بن خَمِيس. أبو عبد الله، المغربيُّ الأصل، ثمّ المَوْصِليّ، الحَلَبيّ.
وُلِدَ سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. وسَمِعَ من أبي الفضل خطيب المَوْصِل. روى عنه مجدُ الدِّين العَديميّ. وهو والدُ هديةَ بنتِ خميس.
49- مُحَمَّد بن عبدان [1] بن عبد الواحد. الطّبيبُ، العلامةُ، البارعُ، المصنِّف، شمسُ الدِّين، ابن اللّبُوديّ، الدّمشقيّ.
قال فيه ابن أبي أُصيبعة [2] : علّامَة وقته، وأفضلُ أهل زمانه في العلوم الحَكَمِيَّة، وفي عِلْمِ الطِّبّ. سافر إلى العجم، واشتغل على النّجيب أسعد الهَمَذَانيّ، وغيره. وكان له دلٌ مُفْرِطٌ، وحِرْصٌ بَليغٌ. وكان له مجلس للإشغال. وخدم بحلبَ المَلِكَ الظّاهر، ثمّ بعدَ موته قَدِمَ إلى بلده، إلى أن تُوُفّي في رابع ذي القعدة، وله إحدى وخمسون سَنةَ.
50- مُحَمَّد بْن عَبْد الرشيدِ [3] بْن عَلِيّ بْن بُنَيْمَانَ. أبو أحمد، الهَمَذَانيّ، المقرئ، التّاجرُ، سِبْط أبي العلاء العطّار، وأمُّه هي عاتكة.
روى عن أبي الخير الباغْبان، وعن جدِّه. وتُوُفّي في التّجارةِ بأقْسَرا [4] مِن بلاد الروم في صَفر. كما تُوُفّي أخوه في صَفَر بِتُسْتَرَ.
ويقال: إنَّ أبا العلاء أحضر أبا الخير من إصْبَهان بالقصد الأوَّل لأجلِ مُحَمَّد، هذا. وقيل: بل تُوُفّي بقُوِنَية. وكان إماما في القراءات والحديث [5] .
51- محمد ابن الفقيه أبي المنصور فتح [6] بن مُحَمَّد بن خلف
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبدان) في: عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة، والعبر 5/ 85، وسير أعلام النبلاء 22/ 247.
[2] في عيون الأنباء.
[3] انظر عن (محمد بن عبد الرشيد) في: تاريخ إربل 1/ 199 رقم 101، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 117 رقم 1969، وتاريخ ابن الفرات 1/ ورقة 44.
[4] هي المعروفة التي بآقسراي، أي: السراي البيضاء، مدينة بين أنطاكية وأنقرة.
[5] وقال ابن المستوفي: قدم إربل في شهر ربيع الأول من سنة ثلاث عشرة وستمائة.
[6] انظر عن (محمد بن فتح) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 116 رقم 1967، والوافي بالوفيات 4/ 314 رقم 1858، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 172، وتاريخ ابن الفرات 1/ ورقة 44.(45/75)
السَّعْديّ، الفقيه. زين الدِّين، أبو عبد الله، الدِّمْياطيّ، الشافعيّ، الكاتب.
سمّعه أبوه من: السِّلَفيّ، وبدر الخُدَاداذيّ، وإسماعيل بن قاسم الزّيّات، وأبي المفاخر سَعيد المأمونيّ، وجماعة. وكتب على فخر الكُتاب، وفاق الأقرانَ في حسن الخطِّ حَتّى فضَّلُوه على أستاذه. وكتب في ديوان الإِنشاء مُدَّة. وترسَّل عن الكامل. وحَدَّث بدمشق أيضا. وكان حَسَنَ الأخلاقِ، فيه دين وخَيْرٌ. وُلِدَ في أواخر سنة ستّ وستين وخمسمائة. ومات في رابع صفر.
روى عنه: الزَّكِيُّ المنذريّ، وابن الأنماطيّ، والزَّكيُّ البِرْزَاليُّ.
52- مُحَمَّد ابن الشيخ أبي عبد الله محمد بن سَعيد [1] بن أحمد بن زَرْقُون [2] . العلّامة، أبو الحُسَيْن، الأنصاريّ، الإِشبيليّ.
قال الأبّارُ [3] : سَمِعَ من أبيه، وأبي بكر بن الجدِّ، وتفقَّه بِهِما، وسَمِعَ من أبي جعفر بن مَضاء. وأجاز له السِّلَفيُّ، وغيرُه. وكان فقيها، حافظا لمذهب مالك، إماما مبرْزًا، متعصّبا للمذهب، حَتّى امتْحِنَ بالسُّلطان من أجله، وحُبِسَ مُدَّة. وَمِن تصانيفه كتاب «المُعَلَّى في الرّدِّ على المُجَلّى والمُحَلَّى» وله كتاب «قُطْب الشريعة في الجمع بَيْنَ الصّحيحين» . (وكان أهلُ بلده يعيبون مقاصِدَه فيها، ويغضّون من أسجاعه في أثنائها) [4] . ولم يكن له بَصَرٌ بالحديث، وسَمِعَ النّاسُ منه. وتُوُفّي في شَوَّال، ودُفِنَ بداخل إشبيلية، وله ثلاثٌ وثمانونَ سنة. تفقَّه به جماعة.
53- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد [5] .
الفقيه، أبو الفُتُوح، السَّمَرْقَنْديّ، ثمّ البغداديّ، الحنفيّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد بن سعيد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 616، 617، والعبر 5/ 85، وسير أعلام النبلاء 22/ 311، 312 رقم 187، وذكره المؤلّف- رحمه الله- في وفيات سنة 622 هـ، دون ترجمة. انظر 22/ 288، ومرآة الجنان 4/ 49، وشذرات الذهب 5/ 96، ومعجم المؤلفين 11/ 219.
[2] قال ابن الأبّار: وسعيد بن عبد البر هو الملقب بذلك لحمرة وجهه.
[3] في «التكملة» 2/ 616- 617.
[4] ما بين القوسين ليس في: تكملة الصلة.
[5] انظر عن (محمد بن محمد بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 119 رقم 1973، والمختصر المحتاج إليه 1/ 131، والطبقات السنية 3/ ورقة 622- 633.(45/76)
ولد سنة إحدى وأربعين. وسمع من أبي الفَتْح بن البَطِّي، وغيره. ومات في ربيع الآخر.
روى عنه: ابن الدُبيثيّ، وابن النجّار.
54- محمد بن محمد بن أبي الفَتْح [1] . أبو عبد الله، المَقْدِسيُّ.
حدَّث ب- «نسخة» أبي مُسْهِر.
55- مُحَمَّد بن هِبَةَ الله [2] بن المكرِّم [3] بن عبد الله. أبو جعفر، البَغْداديُّ، الصُّوفيّ.
ولد في حدود سنة سبع وثلاثين [4] وخمسمائة. وسَمِعَ من: أبيه أبي نصر، وأبي الفضل الأُرْمَويّ، وابن ناصر، وأبي الوَقْت، وأبي المُعَمَّر بن أحمد الأنصاريّ، والمُظَفَّر بن أرْدَشِير العباديّ، وغيرهم. وكان أبوه يروي عن نصر بن البَطِرِ. وأخوه المكرِّم بن هبة الله، من شيوخ الضّياء، وابن عبد الدّائم. وهو فحدَّث ب- «صحيح» البخاريّ، بإربل [5] .
روى عنه: الدُبيثيّ، وابن النّجار، والبِرْزَاليُّ، والجمال محمد ابن الدّبّاب
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد بن أبي الفتح) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 125 رقم 1991.
[2] انظر عن (محمد بن هبة الله) في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 171، 172، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 113 رقم 1961، وتاريخ إربل 1/ 344- 346 رقم 241، ووفيات الأعيان 2/ 392، 393، وتلخيص مجمع الآداب 1/ 465، 466، و 2/ 713 و 3/ 168، والمعين في طبقات المحدّثين 191 رقم 2028، والإعلام بوفيات الأعلام 255، والإشارة إلى وفيات الأعيان 325، وسير أعلام النبلاء 22/ 346، 347 رقم 134، والمختصر المحتاج إليه 1/ 158، والعبر 5/ 85، 86، والمشتبه 2/ 500، والوافي بالوفيات 5/ 155، 156 رقم 2183، وتوضيح المشتبه 8/ 254، والنجوم الزاهرة.
[3] قيّده المنذري بتشديد الراء.
[4] وقال ابن المستوفي: سألته عن مولده فقال: في سنة ست وثلاثين وخمسمائة، وأخرج لي ابن أخيه علي بن المكرّم جزءا في آخره بخط والده أبي نصر هبة الله بن المكرّم- على ما ذكره لي- «ولد النجيب أبو جعفر محمد ليلة الأحد وقت صلاة العشاء، ثامن عشر من شهر رمضان من سنة ست وثلاثين وخمسمائة. أنبته الله نباتا حسنا، ونشأه نشأة الصالحين» . وذكر ابن الدبيثي أنه سأله عن مولده، فقال: ولدت في سابع عشري رمضان سنة سبع وثلاثين وخمسمائة. (تاريخ إربل 1/ 344) .
[5] قال ابن المستوفي: قدم إربل في العشر الأولى من شهر ربيع الأول من سنة عشرين وستمائة.(45/77)
الواعظ، والقاضي شمس الدِّين ابن خَلِّكَان، وأخوه البهاءُ مُحَمَّد قاضي بَعْلَبَكّ [1] . وكان صوفيّا، ديِّنًا. تُوُفّي في خامس المحرَّم ببغداد.
56- محمدُ بن يحيى [2] بن يحيى الأنصاريّ.
أبو عبد الله، الأندلسيُّ، المقرئ المحقّق.
أخذ القراءات عن يحيى، وأخذ بعضَ السَّبْعِ عن ابن خَيْرٍ. وعاش نَيّفًا وسبعينَ سَنةَ. أقرأ النّاسَ بِسَبْتَةَ. لقيه ابن مَسْدِي.
57- مُحَمَّد بن يَخْلفْتن [3] بن أحمد بن تَنْفِليت.
أبو عبد الله، اليجفثيّ البربريّ، الفازازيّ، التِّلمْسانيّ، الفقيه.
قال الأبَّار [4] : سَمِعَ من أبي عبد الله التُّجِيبيّ. وكان فقيها، أديبا، مقدِّمًا في الكتابة والشِّعر. ولي قضاءَ مُرْسِيَةَ، ثمّ قضاء قُرْطُبة. وكان حميدَ السيرة، جميلَ الهيئة، شديدا الهيبة. حُدِّثْتُ: أنَّه كَانَ يحفظ «صحيح» البخاريّ، أو مُعْظَمه. وتُوُفّي بقُرْطُبَةِ.
58- مُحَمَّد بن أبي الفَرَج [5] بن أبي المعالي معالي. الشيخ فخر الدّين،
__________
[1] ولد بإربل سنة 603 وتوفي سنة 683 ببعلبكّ وهو قاض بها، وتوفي أخوه القاضي شمس الدين قبله سنة 681 هـ. (انظر: الوافي بالوفيات 1/ 203، 204، وكتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي، القسم الثاني- ج 4/ 134 رقم 1141) .
[2] انظر عن (محمد بن يحيى) في: غاية النهاية 2/ 278 رقم 3523.
[3] انظر عن (محمد بن يخلفتن) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 618، والعبر 5/ 86 وفيه:
«يخلقتن» بالقاف، وهو تصحيف، والوافي بالوفيات 5/ 213 رقم 2277.
[4] في التكملة 2/ 618.
[5] انظر عن (محمد بن أبي الفرج) في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 182، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 128- 129 رقم 1995، وتلخيص مجمع الآداب 4/ 2406، والإشارة إلى وفيات الأعيان 326، ومعرفة القراء الكبار 2/ 613، 614 رقم 582، والعبر 5/ 86، والمختصر المحتاج إليه 1/ 168، وسير أعلام النبلاء 22/ 247 دون ترجمة، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 446، 447، والوافي بالوفيات 4/ 319 رقم 1861، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 46 (8/ 114، 115) ، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 164 أ، والبداية والنهاية 13/ 105، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 172، وغاية النهاية 2/ 248، وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة، ورقة 51، 52، والنجوم الزاهرة 6/ 259، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي، ورقة 69، وشذرات الذهب 5/ 96.(45/78)
أبو المعالي، المَوْصِليّ، المُقرئ، الشّافعي، معيدُ النِّظامِيَّة.
قرأ القراءاتِ على الإِمام يحيى بْن سَعْدون القُرْطُبيّ، وسَمِعَ منه ومن خطيب الموصل أبي الفضل. وقَدِمَ بغدادَ سَنةَ اثنتين وسبعين وخمسمائة، فتفقَّه بها. وقرأ العربية على الكمال عبد الرحمن الأنباريّ. وأعاد بالنِّظامِيَّة. وأقرأ القِراءاتِ. وحَدَّث.
وولد سنة تسع وثلاثين وخمسمائة. قرأ عليه القراءاتِ الشيخُ عبد الصَّمَد ابن أبي الجيش، والكمال عبد الرحمن المُكَبِّر، وطائفة.
قال ابن النّجّار: لَهُ معرفةٌ تامَّة بوجوه القراءات وعِللها وطُرقها، ولَهُ في ذلك مصنّفات. وكان فقيها، فاضلا، حَسَنَ الكلام في مسائل الخلاف.
ويَعْرِفُ النَّحْو معرفة حسنة. وكان كيِّسًا، متودِّدًا، متواضِعًا، لطيفَ العِشرة، صدوقا. تُوُفّي في سادس رمضان.
59- المُظَفَّر بن المبارك [1] بن أحمد بن محمد.
القاضي، أبو الكَرَم، الحنفيّ، البَغْداديُّ، العَدْل.
عرف والده بِحَرّكْهَا [2] . وُلِدَ سَنةَ ستٍّ وأربعين. وسَمِعَ من أبيه، ومن أبي الوقت، وابن البَطِّي. وَوَلِيَ الحِسْبَةَ ببغداد، والقضاءَ برُبع الثلاثاء [3] .
وكانت لَهُ حلقةُ إشغال بجامع القصر. وكان أبوه أبو السّعادات من كبار الحنفية. تُوُفّي أبو الكَرَم في حادي عشر جُمَادَى الآخرة.
وروى «المائة الشُّريحية» . أخذ عنه الطَّلَبَةُ [4] .
60- المُظَفَّرُ بن أبي الخير [5] بن إسماعيل بن عليّ.
__________
[1] انظر عن (المظفر بن المبارك) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 121 رقم 1979، والجواهر المضيّة 2/ 176، والبداية والنهاية 13/ 104، 105، والطبقات السنية ج 3/ ورقة 970.
[2] التكملة للمنذري 3/ 21.
[3] يعني: سوق الثلاثاء ببغداد وهو موضع مشهور.
[4] أورد ابن كثير بعض شعره في: البداية والنهاية.
[5] انظر عن (المظفر بن أبي الخير) في: معجم البلدان 5/ 347، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 134 رقم 2008، وطبقات الشافعية للإسنويّ، رقم 288، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 165، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 78، 79، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة(45/79)
الإمام، أمين الدِّين، أبو الأسعد، التّبريزيّ، الوارانيّ، الشّافعيّ.
تَفَقَّه ببغداد عَلَى أَبِي القاسم بْن فَضْلان، وغيره. وأعاد بالنِّظامِية مُدَّة.
وتخرَّج به جماعةٌ. وسَمِعَ من ابن كُلَيب، ثُمّ حجّ، وقَدِمَ مصر، ودرَّس بها بالمدرسة النّاصريَّة المجاورة للجامع العتيق. ثمّ توجَّه إلى العراق، ثمّ إلى شيراز، وأقام بها إلى حين وفاته. وحدَّث بالبصرةِ ومصرَ.
روى عنه: الزَّكِيُّ المنذريُّ، وغيرُه.
61- مِقْدامٌ الوزير [1] فخر الدِّين أبو الفوارس، ابن القاضي الأجلّ أبي العبّاس أحمد بن شُكْرٍ المِصْريُّ.
وُلِدَ سَنةَ إحدى وستين. وتَفَقَّه على مذهب مالكٍ. وسَمِعَ من أبي يعقوب بن الطّفيل، وغيره. وكان فيه بِرٍّ وإيثارٍ. وهُوَ عمُّ الشيخ أبي الحَسَن علي بن شُكْرٍ المُحدِّث، الّذي مات سَنةَ ستٍّ عشرَة.
62- موسى بن عيسى [2] بن خليفة. أبو عِمران، اللَّخْمِيّ، القُرْطُبيّ، ويُعرف بابن الفخَّار، النّاسخ، المقرئ.
أخذ القراءات عن أبي إسحاق بن طلحة، وأبي القاسم الشَّراط. وسَمِعَ من أبي القاسم بن بَشْكُوالَ، وغيرهِ. وصَحِبَ الصَّالِحينَ. وأقرأ القرآنَ. وكان يكتبُ المصاحِفَ.
قال الأبّار: توفّي في رجب.
__________
[ () ] 2/ 422، 423 رقم 393، وتاريخ ابن الفرات 1/ ورقة 45، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي، ورقة 84، وحسن المحاضرة 1/ 191، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 264، وكشف الظنون 996 وغيرها، وهدية العارفين 2/ 463، وديوان الإسلام 2/ 13، 14 رقم 579، والأعلام 7/ 257، ومعجم المؤلفين 12/ 298.
[1] انظر عن (مقدام الوزير) في: نهاية الأرب 29/ 129، وسير الأولياء لصفيّ الدين الخزرجي 68 وفيه: الصاحب الأعز بن شكر، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 125، 126، رقم 1992، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 221، 222، وتاريخ ابن الفرات 1/ ورقة 45.
[2] انظر عن (موسى بن عيسى) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 688.(45/80)
حرف الهاء
63- هارون بن أبي الحَسَن بن بَرَكة [1] الصَّحْراويُّ [2] .
سَمِعَ من: أَبِي الحُسَيْن عَبْد الحقّ اليُوسُفيّ. وحدَّث. ودُفِنَ بمقبرة معروف.
حرف الياء
64- يحيى بن أبي نصر [3] عُمَر.
أبو زَكَريّا، البَغْداديُّ، المُشَا، المعروف بالصَّحْراويّ.
سَمِعَ من: أَبِي الفَتْح بن البَطِّي، وأَبِي القاسم بن هلال الدَّقَّاق، وأبي المعالي بن حنيفة. وحَدَّث. والمُشا: بضمّ الميم وتخفيف الشّين [4] .
65- يوسُف بن أحمد [5] بن عيَّاد. أبو الحَكَم، التَّميميّ، المَلْيَانِيُّ [6] .
تجوَّل في الأقاليم، ولقي السُّهَرَوَرْدِيّ الفيلسوف بِمَلَطْيَةَ، وأخذ عنه.
وسكن دَانِيَةَ، ونُوظِرَ عليه بها. قال الأبّار: أخذ عنه أبو إسحاق ابن المناصف، وأبو عبد الرحيم [7] بن غالب. ورايتُه مرارا. وكان شاعرا، مجوّدا، غاليا في التشيُّع. توفّي بدانية ليلةَ عاشورا. قلتُ: لَهُ عقيدة خبيثة، وفيه اتّحادٌ ظاهر.
[الكنى] 66- أبو طالب بن أبي طاهر [8] بن أبي الغنائم النّجّار.
__________
[1] انظر عن (هارون بن أبي الحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 132 رقم 2004 وفيه:
«هارون بن أبي الحسن بركة» .
[2] هذه النسبة لمن يخدم في البساتين.
[3] انظر عن (يحيى بن أبي نصر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 1225 رقم 1990.
[4] وهو مقصور، كما في تكملة المنذري 3/ 125.
[5] انظر عن (يوسف بن أحمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 3/ ورقة 146 (نسخة الأزهر) .
[6] الملياني: بفتح الميم وسكون اللام، نسبة إلى مليانة من العدوة.
[7] في التكملة: «أبو عبد الرحمن» .
[8] سها المؤلّف- رحمه الله- فذكره قبل قليل باسم «طالب بن أبي طاهر» ، رقم (19) ثم أعاده هنا على الصحيح، وهو في: التكملة لوفيات النقلة للمنذري 3/ 118، 119 رقم 1972 وفيه: «أبو طالب بن أبي ظافر بن أبي الغنائم بن أبي طاهر بن ميشا» .(45/81)
سَمِعَ من يحيى بن ثابت جزءا. مات في ربيع الأول.
وفيها وُلِدَ رضيُّ الدِّين جعفر بن القاسم الرَّبَعِيّ، ابن دَبوقا المقرئ، بحرَّان.
والعزُّ عُمَرُ بن مُحَمَّد ابن الأستاذ بحلب.
وقاضي حماة الكمال عبد الوهّاب ابن المُحيي حمزة البَهْرانيّ.
والشمسُ مُحَمَّد ابن المُحَدِّث الشاهد ولد عزّ الدِّين عبد الرزّاق الرَّسْعَنِيّ.
والجمال محمد بن حسن ابن البونيّ، بالإسكندرية.
والعماد إسماعيل بن عليّ ابن الطّبّال، في صفر.
والبهاءُ عُمَر بن مُحَمَّد بن عبد العزيز بن باقا، روى عن جدّه.
والركن يونُس بن عليّ بن أَفْتَكِينَ.
والعِمادُ المَوْصِليّ، صاحب «التّجويد» عليّ بن أبي زهران.
وسُلَيْمان بن قايماز النُّوريّ الحَلَبيّ.
ويونُس بن خليل الحمويّ الشاهد، نزيل مصر.
والمؤيَّد عليُّ ابن خطيب عَقْربا إبراهيم بن يحيى.
والتّقيّ أحمد بن عبد الرحمن ابن العُنَيْقَة العطّار.
وشيخنا أبو الحُسَيْن عليُّ بن الفقيه اليُونينيّ.
والبدرُ أحمدُ بن عبد الله بن عبد الملك المَقْدِسيُّ.
والنّفيسُ عبد الرحمن بن سليمان بن طرخان المشهديّ المِصْريّ.
وفي حدودها وُلِدَ الشيخ المعمَّر أبو العبّاس احمدُ بن أبي طالب ابن الشِّحنة الحجّار الصّالحيّ، أو بعدَها بعام.(45/82)
سنة اثنتين وعشرين وستمائة
حرف الألف
67- أحمدُ أمير المؤمنين الإمام الناصر لدين الله [1] . أبو العبّاس ابن
__________
[1] انظر عن (الناصر لدين الله) في: التلقيح لابن الجوزي، ورقة 26 فما بعدها، ورحلة ابن جبير 206، والكامل في التاريخ 12/ 438- 440، والنبراس لابن دحية 164، 165، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 168- 170، والتاريخ المظفري لابن أبي الدم، ورقة 211 وما بعدها، وتاريخ بغداد للبنداري، ورقة 28، 29، والتاريخ المنصوري 116، ومضمار الحقائق 11، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 635، 636، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 160، 161 رقم 2070، وتاريخ الزمان لابن العبري 269، وتاريخ مختصر الدول، له 237، ومفرّج الكروب 4/ 158- 171، وإنسان العيون لابن أبي عذيبة، ورقة 2- 4، وذيل الروضتين 145، وتاريخ گزيدة 336- 367، ووفيات الأعيان 1/ 66- 68، والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 190، والفخري في الآداب السلطانية 322، 323، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 242- 253، وتاريخ المسلمين لابن العميد 135، ومحاضرة الأبرار ومسامرة الأخبار لابن عربي 1/ 34، 35، وخلاصة الذهب المسبوك للإربلي 280- 284، والدر المطلوب 271، 272، والمختصر في أخبار البشر 3/ 135، 136، والعبر 5/ 87، 88، والإعلام بوفيات الأعلام 256، والإشارة إلى وفيات الأعيان 326، 327، والمختار من تاريخ ابن الجزري 121- 123، ودول الإسلام 2/ 88، والمختصر المحتاج إليه 1/ 179، 180، وسير أعلام النبلاء 22/ 192- 243 رقم 131، وتاريخ ابن الوردي 2/ 147، ومرآة الجنان 4/ 50، والوافي بالوفيات 6/ 310- 316 رقم 2817، ونكت الهميان 93- 96، وفوات الوفيات 1- 62، والاكتفاء لابن نباتة، ورقة 99 وما بعدها، والبداية والنهاية 13/ 106، 107، والجوهر الثمين لابن دقماق 214، 215، والعقد الثمين 2/ ورقة 6، ومآثر الإنافة 2/ 56- 73، والعسجد المسبوك 2/ 407- 411، وتاريخ الخميس 2/ 412، والسلوك ج 1 ق 1/ 217- 219، والنجوم الزاهرة 6/ 261، 262، والمنهل الصافي 1/ 264 رقم 142، وتاريخ الخلفاء 480- 490، ومختصر تاريخ الخلفاء لعبد الواحد المراكشي 108- 122، وشرح رقم الحلل 108، 121، وسلّم الوصول لحاجّي خليفة، ورقة 76، وكشف الظنون، له 915، وتحفة الناظرين 133 ووقع فيه أن وفاته سنة 922(45/83)
الإمام المستضيء بأمر الله أبي محمد الحَسَن ابن الإمام المستنجد باللَّه أبي المُظَفَّر يوسُف ابن الإمام المقتفي [1] لأمر الله أبي عبد الله محمد ابن الإمام المستظهر باللَّه أحمد، ابن المقتدي بأمر الله أبي القاسم الهاشميّ، العبّاسيُّ، البَغْداديُّ.
وُلِدَ يوم الاثنين عاشر رجب سَنةَ ثلاثٍ وخمسين وخمسمائة. وبويع أوّل ذي القعدة سَنةَ خمسٍ وسبعين. وكان أبيضَ اللّون، تُركيّ الوجه، مليحَ العَيْنَيْنِ، أنورَ الجبهة، أقنى الأنف، خفيفَ العارِضين، أشقرَ اللّحية، مليحَ المحاسن. نَقْشُ خاتمه «رجائي مِن الله عفوُه» .
أجاز لَهُ أبو الحُسَيْن عبد الحقّ اليُوسُفيّ، وأبو الحَسَن عليُّ بن عساكر البَطائحيّ، وشُهْدَة، وجماعة. وأجاز هُوَ لجماعةٍ من الكبار، فكانوا يُحدِّثون عنه في حياته، ويتنافسُون في ذلك، وما غَرَضهُم العلوّ ولا الإِسْنَاد، بل غرضُهم التّفاخُرُ، وإقامة الشعار والوَهْم.
ولم تكن الخلافةُ لأحد أطولَ مُدَّة منه، إلّا ما ذُكِرَ عن الخوارج العُبيديّين، فإنَّه بقي في الأمر بديار مصر المُسْتَنْصِرُ نحوا من ستّين سَنةَ. وكذا بقي الأميرُ عبدُ الرحمن صاحبُ الأندلس خمسين سنة. وكان المستضيء أبوه قد تخوّف منه، فاعتقله، ومال إلى أخيه أبي منصور. وكان ابن العطّار، وأكثر الدّولة مع أبي منصور وحظيّة المستضيء بنفشا، والمجد ابن الصّاحبِ، ونفرٌ يسير مع أبي العبّاس. فلمّا بويع أبو العبّاس، قَبَضَ على ابن العطّار وسَلَّمه إلى المماليك. وكان قد أساء إليهم، فأُخْرِجَ بَعْدَ أيَّام ميتا، وسُحِبَ في شوارع بغدادَ. وتمكَّن المجدُ ابن الصّاحب فوق الحدّ وطغا، وآلت به الحالُ إلى أن قُتِلَ.
قال الموفّق عبد اللّطيف: وكان النّاصِرُ لدين الله، شابّا، مرِحًا، عنده مَيْعَة الشباب. يَشُقُّ الدُّروبَ والأسواق أكثرَ اللّيل والنّاسُ يتهيّبون لقاءه. وظهر
__________
[ () ] وهذا خطأ من الطباعة، وتاريخ الأزمنة للدويهي 213، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 285، 286، وشذرات الذهب 5/ 101، وتحفة الأحباب للسخاوي 19، وأخبار الدول للقرماني 177، 178، والأعلام 1/ 106.
[1] وقع في المطبوع من: تاريخ الإسلام- ص 75 «المقتضي» وهو تصحيف.(45/84)
التَشيّعُ بسبب ابن الصّاحب، ثمّ انطفى بهلاكه. وظهر التَّسنُّنُ المُفْرِطُ ثمّ زال.
وَظَهَرتِ الفُتُوةُ والبُنْدق والحَمَام الهادي، وتفنَّن النّاسُ في ذلك. ودخل فيه الأجِلّاءُ ثمّ الملوك، فألبسوا الملك العادِلَ وأولادَه سراويلَ الفُتُوَّة، وكذا ألبسوا شهاب الدِّين الغوريّ ملك غَزْنة والهند، وصاحب كميش، وأتابَك سَعْد صاحب شيراز، والملكَ الظّاهر صاحب حلب، وتخوَّفوا من السُّلطان طُغْريل.
وجرت بينهم حروب. وفي الآخر استدعوا تِكش لحربه، وهُوَ خُوارِزم شاه، فخرج في جحْفَلٍ لَجِبٍ، والتقى معه على الرَّيّ، واحتزَّ رأسَه، وسيَّره إلى بغداد. ثمّ تقدَّم تِكش نحو بغداد يلتمسُ رسومَ السلطنة، فتحرَّكت عليه أُمَّةُ الخَطَا، فَرَجَعَ إلى خُوارزم، وما لَبِثَ أن مات.
وكان النّاصرُ لدين الله قد خطب لولده الأكبر أبي نصر بولاية العهد، ثُمّ ضيَّق عليه لمّا استشعر منه، وعيَّن أخاه، ثمّ ألزم أبا نصر بأن أشهدَ على نفسه أنَّه لا يَصْلُح، وأنّه قد نزل عن الأمر. وأكبر الأسباب في نفور الناصر من ولده هو الوزير نصير الدّين ابن مهديّ العلويّ، فإنَّه خَيَّلَ إلى الخليفة فساد نيَّة ولده بوجوهٍ كثيرة. وهذا الوزيرُ أفسد على الخليفة قلوبَ الرعية والْجُند، وبَغَّضَهُ إليهم وإلى ملوكِ الأطراف، وكاد يُخلي بغداد عن أهلها، بالإرهاب تارة وبالقتل أخرى، ولا يَقْدِرُ أحد أن يكشِفَ للخليفة حالَ الوزير، حَتّى تمكّن الفسادُ وظهر، فقبض عليه برِفق.
وفي أثناء ذلك، ظهر بخُراسان وما وراءَ النهر خُوارزم شاه محمد بن تكش وتَجَبَّر وطوى البلادَ، واستعبد الملوكَ الكِبَارَ وفَتَكَ بكثيرٍ منهم، وأباد أمما كثيرة من التُّرْك، فأباد أُمَّة الخَطا، وأُمَّة التُّرْك، وأساء إلى باقي الأمم الّذين لم يصل إليهم سَيْفُه. ورَهِبَه النّاسُ كُلُّهم. وقَطَعَ خطبة بني العبَّاس من بلاده، وصرَّح بالوقيعة فيهم. وقَصَدَ بغداد فوصل إلى هَمَذَانَ وبوادِرُه إلى حُلوان فوقع عليهم ثلج عظيمٌ عشرين يوما، فغطّاهم في غير إبَّانِهِ، فأشعره بعضُ خواصِّه أنّ ذلك غضبٌ مِن الله، حيث نقصِدُ بيتَ النُّبُوّة. والخليفة مع ذلك قد جَمَعَ الجموعَ، وأنفق النفقاتِ، واستعدَّ بكُلِّ ما تصل المُكنةُ إليه، لكنّ الله وقَى شرَّه وردَّه على عقبه. وسَمِعَ أنَّ أمم التُّرْك قد تألَّبوا عليه وطَمِعُوا في البلاد لِبُعده عنها، فقصدهم، فقصدُوه، ثمّ كايدوه، وكاثروه إلى أن مزَّقوه في كلّ وِجْهة،(45/85)
وبَلْبَلوا لُبَّه، وشتَّتوا شملَهُ، وملكوا عليه أقطارَ الأرض، حَتّى ضاقت عليه بما رَحُبَتْ، وصار أين توجَّه، وَجَدَ سيوفَهم متحكّمة فيه، فتقاذفت به البلادُ حَتّى لم يجد موضعا يحويه، ولا صديقا يُؤويه، فشرَّق وغرَّب، وأنجد وأسهل، وأصحرَ وأجبل، والرُّعْبُ قد ملك لُبّه، فعند ذلك قضى نحبه.
قال: وكان الشيخ شهاب الدِّين [1] لَمّا جاء في الرسالة خاطبه بِكُلِّ قولٍ ولاطفهُ، ولا يزدادُ إلّا طغيانا وعُتوًّا، ولم يزل الإمامُ النّاصر مُدَّة حياته في عِزٍّ وجلالةٍ، وقمْع للأعداء، واستظهارٍ على الملوك، لم يجد ضَيْمًا، ولا خرج عليه خارجيّ إلّا قمعه، ولا مخالفٌ إلّا دَمَغه، وكلّ مَنْ أَضْمر لَهُ سوءا رماه الله بالخِذلان، وأبادَه. وكان مع سعادة جَدِّه شديدُ الاهتمام بمصالح المُلك، لا يخفى عليه شيء من أحوال رعيّة كبارِهم وصغارِهم. وأصحابُ أخباره في أقطار البلاد يُوصلون إليه أحوال الملوك الظاهرة- والباطنة حَتّى يُشاهد جميعَ البلادِ دفعة واحدة.
وكانت لَهُ حِيَلٌ لطيفة، ومكايدُ غامضة، وخِدعٌ لا يَفْطَنُ لها أحد. يُوقِعُ الصداقةَ بين ملوك متعادين وهم لا يشعرون، ويُوقع العداوة بين ملوكٍ متّفقين وهم لا يَفْطَنُونَ. قال: ولو أخذنا في نوادِر حكاياته، لاحتاجت إلى صُحُفٍ كثيرة.
ولمّا دخل رسول صاحب مازندران بغدادَ، كانت تأتيه ورقةٌ كُلّ صباح بما عمل في اللّيل، فصار يبالغ في التّكلّم، والورقة تأتيه، فاختلى ليلة بامرأةٍ دخلت من باب السِّرِّ، فصبّحته الورقة بذلك، وفيها: كَانَ عليكم دواجٌ فيه صُورة الأفْيلة. فتحيَّر، وخرج من بغداد وهُوَ لا يشكّ أنّ الخليفة يَعْلَمُ الغيب، لأنّ الإمامية يعتقدون أنّ الإمام المعصوم يعلم ما في بطن الحامل، وما وراء الجدار. وقيل: إنَّ الناصر كَانَ مخدوما من الجنّ.
وأتى رسولُ خُوارزم شاه برسالةٍ مَخْفيّة وكتابٍ مختوم، فقيل: ارجع، فقد عرفنا ما جئتَ به، فرجع وهُوَ يظنّ أنّهم يعلمون الغيب.
ووصل رسول آخر فقال: الرسالة معي مشافهة إلى الخليفة، فحبس،
__________
[1] يعني: عمر السّهروردي المتوفى سنة 632 هـ-.(45/86)
ونُسِيَ ثمانية أشهر، ثمّ أُخْرج وأُعطي عشرة آلاف دينار، فذهب إلى خُوارزم شاه، وصار صاحبَ خبرٍ لهم، وسيَّر جاسوسا يُطْلِعُه على أخبار عسكر خُوارزم شاه لَمّا وجَّه إلى بغداد، وكان لا يقدِرُ أحدٌ أن يَدْخُلَ بينهم إلّا قتلوه، فابتدأ الجاسوسُ وشوَّه خِلقته وأظهر الجنونَ، وأنّه قد ضاع لَهُ حمار فأنِسُوا به، وضَحِكُوا منه، وتردّد بينهم أربعين يوما، ثمّ عاد إلى بغداد، فقال: هم مائة وتسعون ألفا إلّا أن يزيدوا ألفا أو يَنْقُصُوا ألفا.
وكان النّاصرُ إذا أَطعم، أشبع، وإذا ضَرَبَ، أوجع، ولَهُ مَوَاطِنُ يُعطي فيها عطاء من لا يخاف الفقر. ووصلَ رجلٌ معه بَبّغاء تَقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 112: 1 تُحفةً للخليفة من الهند، فأصبحت ميتة، وأصبح حيرانَ، فجاءه فرّاش يطلب منه الببّغاء، فبكى، وقال: اللّيلة ماتت فقال: قد عرفنا هاتِها ميتة، وقال: كم كَانَ في ظَنِّكَ أن يعطيك الخليفة؟ قال: خمسمائة دينار، فقال: هذه خمسمائة دينار خُذها، فقد أرسلها إليك أميرُ المؤمنين، فإنَّه علم بحالك مذ خرجت من الهند! وكان صدر جهان قد صار إلى بغداد ومعه جمعٌ من الفقهاء، وواحد منهم لَمّا خرج من داره من سمرقند على فَرَسٍ جميلة، فقال لَهُ أهلُه: لو تركتَها عندنا لئلا تُؤْخَذَ منك في بغداد؟ فقال: الخَليفةُ لا يقدر أن يأخذها منّي، فأمر بعض الوقّادين أنَّه حين يَدْخُلُ بغداد يَضْرِبُه، ويأخُذُ الفرس ويَهْرُبُ في الزَّحمة، ففعل، فجاء الفقِيهُ يستغيثُ فلا يُغاث، فلمّا رجعوا من الحجِّ خُلِعَ على صَدْرِ جهان وأصحابه سوى ذلك الفقيه، وبعدَ الفراغ منهم، خُلِعَ عليه، وأُخرج إلى الباب وقُدِّمَتْ لَهُ فرسُه وعليها سرجٌ من ذهب وطوق، وقيل لَهُ:
لم يأخذ فَرَسَك الخليفةُ، إنّما أخذها أتونيٌّ، فخرَّ مَغْشِيًّا عليه، وأسجل بكراماتهم.
قلت: يجوز أن يكون للخليفة أو لبعضِ خواصُه رَئِيٌّ من الجنّ، فيخبره بأضعاف هذا، والخطبُ في هذا سهل، فقد رأينا أنموذجَ هذا في زماننا بل وأكثر منه.
قال الموفقُ عبدُ اللّطيف: وفي وسط ولايته اشتغل برواية الحديث، واستنابَ نُوابًا في ذلك، وأجرى عليهم جِراياتٍ، وكتبَ للملوك والعلماءِ(45/87)
إجازات. وجمع كتابا سبعينَ حديثا ووصل على يدِ شهاب الدِّين إلى حَلَب، وسمعه الملكُ الظَّاهر وجماهيرُ الدَّولة، وشرحتُهُ شرحا حسنا، وسيَّرتُه صُحبة شهاب الدِّين.
وسبب انعكافه على الحديث أنّ الشريفَ العباسيّ قاضي القضاة نُسِبَ إليه تزوير، فأحضر القاضي وثلاثة شهود، فَعُزِّرَ القاضي بأن حُرّكت عِمامته فقط، وَعُزِّرَ الثلاثة بأنْ أُرْكِبوا جِمالًا وَطِيفَ بهم المدينة يُضربون بالدِّرَّةِ، فمات واحد تلك اللّيلة، وآخر لبس لُبْسَ الفُسَّاق ودخل بيوتهم، والثالث لَزِمَ بيتَه واختفى وهُوَ البَنْدنيجيّ المُحدِّث رفيقنا. فَبَعْدَ مُدَّةٍ احتاج، وأراد بيع كُتُبه، ففتّش الْجُزازَ، فوجد فيه إجازة للخليفة من مشايخ بغداد، فرفعها، فَخُلِعَ عليه، وأُعطِيَ مائة دينار، وجُعِلَ وكيلا عن أمير المؤمنين في الإِجازة والتّسميع.
قلت: أجاز النّاصرُ لجماعةٍ من الأعيان فحدّثوا عنه منهم: أبو أحمد ابن سكينة، وأبو محمد ابن الأخضر، وقاضي القضاة أبو القاسم ابن الدَّامغانيّ، وولده الظاهر بأمرِ الله، والملك العادلُ، وبنوه المعظَّم والكامِلُ والأشرفُ.
قال ابن النجّار: شرّفني بالإِجازة، فرويتُ عنه بالحَرَمَين، وبيتِ المقدس، ودمشقَ، وحلبَ، وبغدادَ، وأصبَهَان، ونَيْسَابُور، ومَرْوَ، وهَمَذَانَ.
ثمّ روى عنه حديثا بالإجازة الّتي أذِن لَهُ بخطِّه.
وقال الموفّق عبد اللّطيف: وأقام سنين يُراسِلُ جلالَ الدِّين حسن صاحب أَلَموت يُراوِدُه أن يُعيد شعارَ الْإِسْلَام منَ الصلاة والصيام وغير ذلك ممّا رفعوه في زمان سِنَان، ويقول: إنّكم إذا فعلتم ذلك كنّا يدا واحدة، ولم يتغيَّرْ عليكم مِن أحوالكم شيءٌ، ومَنْ يروم هذا مِن هؤلاء، فقد رام منال العَيُّوق [1] ، واتّفق أنّ رسول خُوارزم شاه بن تِكش ورد في أمرٍ من الأُمور، فزُوِّر على لسانه كُتُبٌ في حقِّ الملاحِدَةِ تشتمل على الوعيدِ، وعَزْمِ الإيقاع بهم، وأنه سيُخَرِّبُ قِلاعَهم، ويطلبُ من الخليفة المعونةَ في ذلك، وأُحْضِرَ رجل منهم كَانَ قاطنا ببغدادَ، ووُقِّفَ على الكتب، وأُخْرِجَ بها وبكُتب أخرى على وجه النصيحةِ نصفَ اللّيلِ على البريد، فلمّا وصل أَلَمُوتَ، أرهبهم، فما وجدوا مخلصا إلّا
__________
[1] العيّوق: نجم أحمر في طرف المجمرة الأيمن يتلو الثريا لا يتقدمها.(45/88)
التَّظَاهُرَ بالإسلام، وإقامة شِعاره. وسيَّروا إلى بغداد رسولا ومعه مائتا شابّ منهم، ودنانيرَ كبارا في مخانق، وعليها «لا إله إلا الله مُحَمَّد رَسُول اللَّه» ، وطافُوا بها في بغداد، وجميعُ من حولها يُعلِنُ بالشهادتين.
وكان النّاصرُ لدين للَّه قد ملأ القلوبَ هيبة وخيفة. فكان يَرْهَبُه أهلُ الهند ومصر كما يَرْهَبُهُ أهلُ بغدادَ، فأحيا هيبةَ الخِلافة وكانت قد ماتت بموت المعتصم، ثمّ ماتت بموته. ولقد كُنْتُ بمصر والشام في خلواتِ الملوكِ والأكابرِ، فإذا جرى ذكره، خفضوا أصواتهم هيبة وإجلالا.
وورد بغدادَ تاجرٌ معه متاع دِمياط المُذهب، فسألوه عنه، فأنكر، فأُعطي علاماتٍ فيه مِن عدده وألوانه وأصنافه، فازداد إنكارُه، فقيل لَهُ: مِن العلامات أنَّك نَقَمْتَ على مملوكك التّركيّ فلان، فأخذْتَه إلى سَيفِ [1] بَحْرِ دمياط خلوة، وقتلتَه ودفنتَه هناك، ولم يشعر بذلك أحد.
قال ابن النجار في ترجمة النّاصر: دانت لَهُ السلاطينُ، ودخل تحتَ طاعته مَنْ كَانَ من المخالفين، وذَلَّتْ لَهُ العُتاة والطُّغاة، وانقهرت بسيفه الجبابرة والبُغاة، واندحضَ أضدادُه وأعداؤه، وكَثُرَ أنصارُه وأولياؤُه، وفَتَحَ البلادَ العديدة، وملك مِن الممالك ما لم يملِكُه مَنْ تقدَّمه مِن الخلفاء والملوك أحد، وخُطِبَ لَهُ ببلادِ الأندلس وبلاد الصّين، وكان أسدَ بني العباس، تتصدَّع لهيبته الجبال، وتذِلُ لسطوته الأقيال. وكان حَسَنَ الخَلْقِ، لَطِيفُ الخُلُق، كامل الظَّرْفِ، فصيحَ اللّسان، بليغَ البيان، لَهُ التّوقيعاتُ المسدَّدة، والكلماتُ المؤيَّدة، كانت أيّامُه غُرَّةً في وجه الدّهر، ودُرَّةً في تاج الفخر.
وقد حدَّثني الحاجب أبو طالب عليُّ بن مُحَمَّد بن جعفر قال: برز توقيعٌ من الناصر لدين الله إلى جلال الدّين ابن يونس صدر المخزن: «لا ينبغي لأرباب هذا المقام أن يُقَدِمُوا على أمر لم ينظروا في عاقبته، فإنّ النظرَ قبل الإقدام خيرٌ من الندم بعد الفوات، ولا يؤخذ البرآء بقول الأعداء، فلكلِّ ناصح كاشح، ولا يُطالب بالأموال من لم يَخُنْ في الأعمال، فإنّ المصادرة مكافأة للظالمين، وليكن العفاف والتقى رقيبان عليك» .
__________
[1] السّيف: شاطئ البحر.(45/89)
قال الحاجبُ أبو طالب: وبرز توقيعٌ آخر منه إلى ابن يونس: «قد تكرر تَقَدُّمنا إليك مِمّا افترضه الله علينا، ويلزمنا القيامُ به، كيف يُهْمَلُ حال الناس حَتّى تمَّ عليهم ما قد بُيّن في باطنها، فتنصف الرجل، وتقابل العامل إن لم يُفلج بحجّة شرعية» .
وقال القاضي ابن واصل [1] : كَانَ النّاصرُ شَهمًا، شُجاعًا، ذا فكرةٍ صائبةٍ وعقلٍ رصينٍ، ومَكْرٍ ودَهاءٍ، وكانت هيبتُه عظيمة جِدًّا، ولَهُ أصحابُ أخبار في العِراق وسائر الأطراف، يُطالعونه بجزئيات الأمورِ [2] ، حَتّى ذُكِرَ أنّ رجلا ببغداد عمل دعوة، وغسّل يَده قبل أضيافه، فطالع صاحبُ الخبر الناصر بذلك. فكتب في جواب ذلك: «سوءُ أَدَبٍ من صاحب الدّار، وفضولٍ من كاتب المطالعة» .
قال [3] : وكان مع ذلك رديءَ السِّيرة في الرعية، مائلا إلى الظُّلم والعَسْفِ، فخِربَتْ في أيامه العِراق، وتفرَّق أهلُها في البلاد، وأخذ أموالَهم وأملاكَهم، وكان يفعل أفعالا متضادّة، إلى أن قال [4] : وكان يتشيَّعُ، ويميل إلى مذهب الإِمامية بخلاف آبائه، إلى أن قال: وبلغني أنّ شخصا كَانَ يرى صحّة خلافةِ يزيد، فأحضره الخليفةُ لِيعاقبه، فقيل لَهُ: أتقولُ بصحّة خلافة يزيد؟ فقال: أنا أقولُ: إن الإمام لا ينعزِلُ بارتكاب الفِسْقِ، فأعرض النّاصرُ عنه، وأمر بإطلاقه، وخاف المحاققة.
قال [5] : وسئل ابن الجوزيّ- والخليفة يسمع-: مَن أفضلُ النّاس بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: أفضلُهم بعده من كانت ابنتُه تحته. وهذا جوابٌ محتمل لأبي بكر وعليّ رَضِيَ اللَّهُ عنهما.
وكتب إلى الناصر خادمٌ لَهُ اسمه يُمن ورقة فيها يعتب، فوقع فيها: «بِمَن يَمُنُّ يُمْن، ثمنُ يُمنٍ ثمن» [6] .
__________
[1] في «مفرج الكروب» : 4/ 163 بتصرف.
[2] «وكلياتها» كما في «مفرج الكروب» .
[3] في «مفرج الكروب» : 4/ 163.
[4] في «مفرج الكروب» : 4/ 166.
[5] في «مفرج الكروب» : 4/ 166- 167.
[6] أثبت محقق مفرج الكروب العبارة: «بمن يمنّ يمن [؟] ثمن يمن ثمن ثمن» وقد بدا فيها الاضطراب، وهي غير منقوطة في الأساس. ووردت مصحّحة في: الوافي بالوفيات 6/ 315.(45/90)
وقال أبو المُظَفَّر الجوزيّ [1] : قلّ بَصَرُ الخليفة في الآخر، قيل: ذهب جملة. وكان خادمُه رشيقٌ قد استولى على الخلافة، وأقام مُدَّة يُوقِعُ منه شدّة وشَقَّ ذَكره مرارا، وما زال يعتريه حَتّى قتله. وغسّله خالي محيي الدِّين يوسُف.
وقال الموفّق: أمّا مرضُ موته، فسهْوٌ ونسيان، بقي به ستّةَ أشهر ولم يشعر أحد من الرعية بكُنْه حاله، حَتّى خَفِيَ على الوزير وأهلِ الدّار. وكان لَهُ جاريةٌ قد علّمها الخطِّ بنفسه، فكانت تكتب مثل خطّه، فتكتب على التّواقيع بمشهورة قَهْرَمَانَةِ الدّار. وفي أثناء ذلك نزل جلال الدِّين محمد خُوارزم شاه على ضواحي بغداد هاربا مُنَفَّضًا مِن المال والرجال والدّوابُ، فَأَفْسَدَ بقدر ما كانت تَصِلُ يدُه إليه. وكانوا يُدارونه ولا يُمضون فيه أمرا لِغيبة رأي الخليفة عنهم، إلى أن راح إلى أَذْرَبَيْجَان، ونهب في ذهابه دَقُوقًا واستباحها.
وكانت خلافتُه سبعا وأربعين سَنةَ. تُوُفّي في سَلْخ رمضان، وبُويَع لِولده أبي نصر ولُقِّبَ بالظَّاهر بأمر الله، فكانت خلافتُه تسعة أشهر.
وذكر العَدْلُ شمس الدِّين مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أبي بَكْرٍ الْجَزَرِيُّ قَالَ [2] :
حَدَّثَنِي وَالِدِي قَالَ: سَمِعْتُ الوزير مؤيّد الدين ابن الْعَلْقَمِيِّ لَمَّا كَانَ عَلَى الأُسْتَاذِ دَاريَّة [3] ، يَقُولُ: إِنَّ الْمَاءَ الَّذِي يَشْرَبُهُ الإِمَامُ النَّاصِرُ كَانَتْ تَجِيءُ بِهِ الدَّوَابُ مِنْ بَغْدَادَ بِسَبْعَةِ فَرَاسِخَ، وَيُغْلِى سَبْعَ غَلْوَاتٍ، كُلَّ يَوْمٍ غَلْوَةٌ، ثُمَّ يُحْبَسُ فِي الأَوْعِيَةِ سَبْعَةَ أيََّامٍ، ثُمَّ يَشْرَبُ مِنْهُ، وَبَعْدَ هَذَا [الاحْتِرَازِ] [4] مَا مَاتَ حَتّى سُقِيَ الْمُرَقِّدَ [5] ثَلاثَ مِرَارٍ وَشُقَّ ذَكَرُهُ وَأُخْرِجَ منه الحصى [6] .
__________
[1] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 635.
[2] في كتاب «حوادث الزمان وأنبائه ووفيات الأكابر والأعيان من أبنائه» ص 122، وقد اختصر الذهبي هذا القسم من تاريخه، ووصل إلينا هذا المختصر بخطه، وقام بتحقيقه السيد خضير عباس محمد خليفة المنشداوي، من بغداد، وكنت وسيطا بينه وبين دار الكتاب العربيّ في بيروت حيث قامت بطباعته ونشره سنة 1408 هـ-/ 1988 م، باسم: «المختار من تاريخ ابن الجزري» .
[3] انظر عن هذا المنصب في: صبح الأعشى للقلقشندي 4/ 20.
[4] إضافة من المختار من تاريخ ابن الجزري 122.
[5] المرقّد: دواء يرقّد شاربه وينوّمه. (تاج العروس- مرقد) . وانظر الجامع لمفردات الأدوية والأغذية لابن البيطار 2/ 175، 186.
[6] زاد ابن الجزري: «وبنادق رمل» .(45/91)
وقال ابن الساعي: فأصبح النّاسُ يوم الأحد- يعني يوم الثلاثين من رمضان- وقد أغلقت أبوابُ دارِ الخلافة، وتولّى غسْلَه محيي الدِّين ابن الجوزيّ، وصَلَّى عليه ولدُه الظاهر بأمر الله بعد أن بُويع، بايعه أولا أقاربه، ثم نائب الوزارة مؤيّد الدِّين محمد القُمي وولدُه فخر الدِّين أحمد، والأستاذ دار عَضُدِ الدّولة أبو نصر ابن الضّحّاك، وقاضي القضاة محيي الدّين ابن فَضْلان الشافعيّ، والنقيبُ قِوام الدِّين أبو عليّ الموسويّ. ودُفِنَ بصحن الدَّار، ثمّ نُقِلَ بعد شهرين إلى التُّرَبِ [1] ، ومشى الخلقُ بَيْنَ يدي جنازته. وأمّا بيعةُ الظاهر، فهي في سَنَةِ اثنتين [2] في الحوادث.
وقال ابن الأَثير [3] : بقي النّاصرُ ثلاثَ سنين عاطلا عن الحركة بالكُلِّية وقد ذهبت إحدى عينيه، وفي الآخر أصابه دُوسنطاريا عشرين يوما، ومات ولم يُطلِقْ في طول مرضه شيئا ممّا كَانَ أحدثه من الرسوم. وكان سيئَ السِّيرة خَرِبَ في أيَّامه العراقُ، وتفرَّق أهلُه في البلاد، وأخذ أموالَهم وأملاكَهم.
قال: وكان يفعلُ الشيءَ وضِدَّه، جعل همَّه في رمي البُنْدِق والطُّيور المناسيب، وسراويلات الفُتُوّة.
ونقل الظّهير الكازرونيّ في «تاريخه» [4] وأجازه لي أنّ الناصر في وسط خلافته هَمَّ بترك الخِلافة، والانقطاع إلى التَّعبّد. وكتب عنه ابن الضّحّاك توقيعا [5] فقُرِئَ على الأعيان، وبنى رباطا للفقراء [6] ، وأتَّخذ إلى جانب الرِّباط دارا لنفسه كَانَ يتردَّدُ إليها، ويحادث الصوفية وعمل له ثيابا كبيرة بزيّ الصوفية.
__________
[1] في المختار من تاريخ ابن الجزري 123 «قرب الرصافة» .
[2] أي سنة 622 هـ-.
[3] في الكامل 12/ 440.
[4] أي في تاريخه الكبير، وهو غير «مختصر التاريخ» الّذي حقّقه الدكتور مصطفى جواد- رحمه الله- ونشر في بغداد 1970.
[5] نشره الدكتور بشار عوّاد معروف في مجلّة «المورد» العراقية، العدد 3، من السنة الثالثة، 1974.
[6] هو رباط المرزبانية.(45/92)
قلت: ثمّ تركَ ذلك، ومَلَّ، الله تعالى يُسامِحُه ويَرْحَمُهُ.
68- أَحْمَد بْن عَبْد القادر [1] بْن أبي الجيش القُطُفْتيّ. والد الشيخ عبد الصَّمَد المقرئ.
مات في رجب. وقد روى عن أحمد بن طارق الكَرْكِيّ [2] .
69- أحمد بن مُحَمَّد بن طُغَان [3] بن بدر بن أبي الوفاء.
الفقيهُ، أبو العباس، المِصْريُّ.
سَمِعَ من: عبد الله بَرِّي النَّحْويّ، وعبد الرحمن بن مُحَمَّد السِّبْيي.
وأمَّ بمسجدِ سوق وردان مُدَّة.
وتُوُفّي بمدينة سَمَنُّود [4] مِن الغربية في المحرَّم.
70- أحمدُ بن مُحَمَّد بن إسماعيل [5] .
أبو القاسم، الأمي [6] الطَّرَسُونيُّ [7] ، ثمّ المُرْسيّ.
سَمِعَ: أبا القاسم بن حُبيش، وأبا عبد الله بن حميد.
وأجاز له من مصر عبد الله بن بَرِّيّ النَّحْويّ.
قال الأبّارُ [8] : كَانَ فقيها، مدرّسا. حدَّث، واستُشْهِدَ في وقعة بنوط [9] من أعمال مُرسية، مقبلا غيرَ مدبر، في رجب ولَهُ بضعٌ وسِتُّون سنة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد القادر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 155، 156 رقم 2057.
[2] الكركي: بسكون الراء المهملة نسبة إلى بلدة الكرك بالبقاع من لبنان. وهي كرّاك نوح.
[3] انظر عن (أحمد بن محمد بن طغان) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 137 رقم 2012.
[4] انظر عن «سمنّود» في: معجم البلدان 3/ 145.
[5] انظر عن (أحمد بن محمد بن إسماعيل) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 113، وبرنامج شيوخ الرعينيّ 163، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1 ق 1/ 391، و 392 رقم 55 (أحمد بن محمد بن أحمد) و 400 رقم 580 (أحمد بن محمد بن إسماعيل) ، وبغية الوعاة 1/ 363 رقم 704.
[6] في المطبوع من: تاريخ الإسلام- ص 87 «الأميني» ، والتصحيح من المصادر.
[7] الطرسوني: بفتح الطاء والراء وضم السين المهملة، ثم واو ونون. نسبة إلى: طرسونة:
مدينة بالأندلس بينها وبين تطيلة أربعة فراسخ: (معجم البلدان 4/ 29، الروض المعطار للحميري 389) .
[8] في تكملة الصلة 1/ 113.
[9] في المطبوع من التكملة «نبوط» بتقديم النون، وهو تصحيف.(45/93)
وقال ابن مَسْدِيّ: كَانَ بارعا في فنون نقليةٍ وعقليةٍ، وغَلَبَ عليه الفقهُ على طريقة السَّلَفِ فاجتهدَ وللقياس اعتمد، فكثيرا ما كَانَ يميلُ إلى رأي الكوفيّين. ولَهُ يدٌ في الطِّبِّ، ومعرفةٌ بالحديث، ومجلس عامٌ للعامَّة.
وقال ابن فرتون: هُوَ أديبٌ بارع، روى عن ابن هُذَيْل، وابن النِّعمة.
قال: وأجاز لي [1] .
71- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد [2] بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن رُشْد.
أبو القاسم، القُرْطُبيّ.
روى عن: جدّه أبي القاسم، وأبيه أبي الوليد، وأبي القاسم بن بَشْكُوال [3] . وتُوُفّي في رمضان [4] .
72- أحمد ابن الشيخ كمال الدِّين أبي الفَتْح موسى [5] ابن الشيخ رضيّ
__________
[1] وانظر ما ذكره ابن عبد الملك المراكشي حول اسمه في: الذيل والتكملة ج 1 ق 1/ 391 ونقل السيوطي عن ابن الزبير قوله: كان يدرس ببلده الفقه والعربية والأدب، مع مشاركته في غير ذلك.. وكان فاضلا، سريّ الأخلاق، له صيت كبير.
ولد بمرسية سنة خمسين وخمسمائة. ومن شعره:
زهدت في الخلق طرّا بعد تجربة ... وما عليّ بزهدي فيهم درك
إنّي لأعجب من قوم يقودهم ... حرص إلى بر أو ملك لمن ملكوا
أو أن يذلّوا لمخلوق على طمع ... وفي خزائن ربّ العزّة اشتركوا
أما وحقّك لو دانوا بمعرفة ... لقد أصابوا بها المرغوب لو سلكوا
من ذا تمدّ إليه اليد في طلب ... بما عليها وأنت المالك الملك
(بقية الوعاة 1/ 363) .
[2] انظر عن (أحمد بن محمد بن أحمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 113، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1 ق 1/ 375 رقم 527، والديباج المذهب 53.
[3] قال ابن عبد الملك المراكشي: وكان من بيت علم وجلالة ونباهة وحسب في بلده فقيها حافظا بعيدا بالأحكام يقظا ذكيّ الذهن، سريّ الهمّة، كريم الطبع، حسن الخلق. ولي القضاء ببعض بلاد الأندلس فحمدت سيرته.
[4] في «التكملة» لابن الأبار (1/ 113) : والذيل والتكملة 1/ 375 «في عقب رمضان» .
[5] انظر عن (أحمد بن موسى) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 145، 146، رقم 2033، ووفيات الأعيان 1/ 108، 109، ودول الإسلام 2/ 127، والعبر 5/ 88، 89، وسير أعلام النبلاء 22/ 248، 249 رقم 136، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ رقم 1273، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 17، والبداية والنهاية 13/ 111، 112، ومرآة الجنان 4/ 50- 52، والعسجد المسبوك 2/ 414، 415، والعقد المذهب لابن الملقّن، ورقة 78، وتاريخ(45/94)
الدِّين أبي الفضل يونس بْن مُحَمَّد بْن مَنْعة بْن مالك بن محمد بن سَعْد بن سعيد بن عاصم. الإمام شرف الدِّين، أبو الفضل، ابن يونس، الإِرْبَليّ الأصل، المَوْصِليّ، الفقيه الشّافعيّ.
وُلِد سنة خمسٍ وسبعين وخمسمائة.
وتَفَقَّه على والده، وبَرَعَ في المذهب. وكان إماما فقيها، مفتيا، مصنّفا، عاقلا، حسَنَ السَّمْت. شرحَ كتاب «التّنبيه» فأجاد، واختصر كتابَ «الإحياء» للغزاليّ مرّتين. وكان يُلقي «الإحياء» دروسا من حفظه.
قال ابن خَلِّكان [1] : كَانَ إماما، كثيرَ المحفوظات، غزيرَ المادّة، من بيت الرئاسة والفضل. نسج على منوال والده في التّفنّن في العلوم، وتخرّج عليه جماعةٌ كبيرة، وَوَلِي التدريسَ بمدرسةِ الملك المعظَّم مُظَفَّر الدِّين ابن صاحب إربل بإربل- بعد والدي- في سَنة عشر بعدَ موت والدي، وكنت أَحْضُرُ دروسَه، وأنا صغير، وما سَمِعْتُ أحدا يُلقي الدّروس مثلَه. ثمّ حجَّ وقَدِمَ، وأقام قليلا، وانتقل إلى المَوْصِل سَنةَ سبْعَ عشرةَ، وفُوِّضَتْ إليه المدرسةُ القاهرية إِلَى أن تُوُفّي فِي الرّابع والعشرين من ربيع الآخر. ولقد كَانَ من محاسن الوجودِ، وما أذكُرُه إلّا وتَصْغُرُ الدُّنيا في عيني، ولقد فكّرت فيه مرَّةً فقلت: هذا الرجل عاش مُدَّة خلافة الإمام النّاصر لدين الله.
قلت: شرحه «للتّنبيه» يَدُلُّ على توسّطه في الفقه- رحمه الله-.
73- أحمدُ بن يونس بن حسن. أبو العبّاس، المَقْدِسيُّ، المَرْداويّ.
هاجر مِن مردَا إلى دمشق بأولاده.
وسَمِعَ من: أبي المعالي بن صابر، وغيره.
روى عنه الضّياء، وقال: كَانَ ممّن يُضرب به المثل في الأمانة، والخير،
__________
[ () ] ابن الفرات 1/ ورقة 61، وسلم الوصول لحاجّي خليفة، ورقة 154، وكشف الظنون، له 24، 489، وشذرات الذهب 5/ 99، وهدية العارفين 1/ 91، وديوان الإسلام 4/ 413 رقم 2231، والأعلام 1/ 261، ومعجم المؤلفين 2/ 190.
[1] في وفيات الأعيان 1/ 108، 109.(45/95)
والمروءة، والدِّين، والعقل، والصَّلاح. تولَّى عِمارة الجامعِ بالجبلِ، فأحسن فيها. تُوُفّي في سابع عشر ذي الحِجَّة.
74- أحمدُ بن أبي المكارم [1] .
الخطيب أبو العبّاس المَقْدِسيُّ المَرْدَاويُّ تُوُفّي بمَرْدا في شعبانَ.
وقد رحل، وروى عن: أبي الفَتْح بن شَاتِيل، وغيرِه.
75- إبراهيم بن إسماعيل بن خليفة [2] الحَرْبيّ.
روى عن يحيى بن ثابت، وغيره.
ومات في رجب.
رَوَى عَنْهُ ابن النجّار، وقال: لا بأس به.
76- إبراهيم بن إسماعيل بن غازي [3] .
أبو إسحاق، الحَرّانيّ، الكَحَّال، الصَّائغ، الشَّاعر، المعروف بالنَّقيب.
لَهُ معرفةٌ حسنة بالطِّبِّ والكُحْلِ. وكان طريفا، كيِّسًا، مطبوعَ العِشْرَةِ.
ذكره الصّاحِبُ أبو القاسم في «تاريخ حلب» [4] وقال: دخل حلب غيرَ مرَّةٍ، وروى عن أبيه يسيرا. روى لنا عنه أبو محمد بن شُحانه الحَرّانيّ، وسُلَيْمان بن بُنيمان. وأنشدني أبو مُحَمَّد عبد الرحمن بن عُمَر بن شُحانه بحرّان، أنشدني إبراهيمُ النقيب لنفسه:
خيالٌ لِسَلْمي زَارَ وَهْنًا فَسَلَّما ... فَشَفَ ولَمْ يَشْفِ الغَليلَ مِنَ الظَّما
وما زَارَني إلا خِدَاعًا وعاتبا ... على نعسة كانت للقياه سلّما
__________
[1] انظر عن (أحمد بن أبي المكارم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 159، 160 رقم 2067، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 163، 164، والمنهج الأحمد 359، ومختصر طبقات الحنابلة 61، والمقصد الأرشد، رقم 115، وشذرات الذهب 5/ 99، والدرّ المنضد 1/ 353، 354 رقم 993.
[2] انظر عن (إبراهيم بن إسماعيل بن خليفة) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 154 رقم 2054.
[3] انظر عن (إبراهيم بن إسماعيل بن غازي) في: التذكرة لابن العديم (مخطوط بدار الكتب المصرية، رقم 2042 أدب) ، وعقود الجمان لابن الشعار 1/ ورقة 15- 17.
[4] هو الكتاب المعروف ب- «بغية الطلب في تاريخ حلب» ، والجزء الّذي فيه ترجمة «إبراهيم بن إسماعيل بن غازي» مفقود حتى الآن.(45/96)
وأعجبُ ما في الأَمْرِ أَنِّي أهْتَدِي لَهُ ... خَيَالٌ إلى مِثْلِ الخَيَالِ وأَسْقَما
أَظُنُّ أَنِيني دَلَّة أيْنَ مَضْجَعِي ... ودَلَّهَهُ حَرُّ الهَوى [1] فَتَضَرَّمَا
ولَوْلا انطِبَاقُ الْجَفْنِ بالْجَفْنِ لَمْ يَزُرْ [2] ... وَلَكِنَّني وَهَّمْتُه فَتَوهَّما
أَيا رَاكِبًا يَطْوي [3] الفَلا لِشِمِلَة ... أَمُونٍ [4] تُبارِي الرِّيحُ في أُفُقِ السَّمَا
لَكَ اللهُ إنْ جُزْتَ العَقِيقَ وَبَابَه [5] ... وشَارَفْتَ أَعْلَى الوَادِيَيْنِ مُسَلِّما
فَقِفْ بِرُبَى نَجْدٍ لَعَلَّكَ مُنْجِدِي ... وَرُمَ رَامةً ثُمّ الوِهَا بلوى الحِمَى
وسَلِّم وَسَلْ لِمَ حَلَّلُوا قَتْلَ عَاشِقٍ ... عَلى جَفْنِه أَضْحَى الرُّقَادُ مُحَرَّمَا
أَيَجْمُلُ أَنْ أَقْضِي ولَمْ يقض لي شفا ... وأظلم لا ظُلْمًا رَشَفْتُ ولا لَما [6]
لَئِن كَانَ هذا في رِضَى الحُبِّ أَوْ قَضَى ... بِهِ الحُبُّ صَبْرًا لِلقَضَاءَ ونعْمَ مَا
قال لي ابن شحانة: تُوُفّي إبراهيم النقيب بحرَّان في سَنَةِ إحدى وعشرين.
وقرأتُ في «تاريخ» أبي المحاسن بن سلامة المكشوف: وفي سابع جُمَادَى الآخرة مات الحكيمُ الأجلّ، الشاعرُ، الكحَّال، الصّائغ للذَّهب والفضّة والكلام، أبو إسحاق إبراهيم ابن الحكيم إسماعيل بن غازي النقيب، وكان رجلا كريما، سخيّا، شجاعا ذكيّا، طَيِّبَ الأخلاق، حسن العِشرة، مليحَ الشمائل، لَهُ شعر رقيق يُغَنَّى به.
77- إبراهيمُ بْن عَبْد الرَّحْمَن [7] بْن الحُسَيْن بْن أبي ياسر. أبو إسحاق، القَطِيعيّ، المواقيتي، الخيّاط، الأَزَجيُّ. من أهل قطيعة العجم بباب الأزج.
__________
[1] في التذكرة 312 «حرّ الجوى» .
[2] في المطبوع «من تاريخ الإسلام- ص 90 «يذر» بالذال المعجمة، والتصحيح من: التذكرة.
[3] في التذكرة: «يقري» .
[4] في التذكرة: «بشملّة» والشّملة: الناقة الخفيفة السريعة. والأمون: الأمينة الوثيقة الخلق.
[5] في التذكرة: «وبأنه» .
[6] الظّلم: الماء الّذي يجري ويظهر على الأسنان من صفاء اللون. واللّمى: سمرة الشفتين واللثات، تستحسن.
[7] انظر عن (إبراهيم بن عبد الرحمن) في: التقييد لابن نقطة 193، 194 رقم 224، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 260، 261، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 156، 157 رقم 2060، والمختصر المحتاج إليه 1/ 231، والعبر 5/ 89، وسير أعلام النبلاء 22/ 288 دون ترجمة، وشذرات الذهب 5/ 99.(45/97)
سَمِعَ: أبا الوَقْت السِّجْزِيّ، وأبا المكارم البَاذْرَائي، وغيرهما.
روى عنه: ابن نُقْطَة [1] ، والدُبيثيّ، وابن النجّار، ومحمد بن أبي الفرج ابن الدَّبَّاب، وأبو المعالي الأبَرْقُوهيّ، وغيرهم.
وكان ثقة، صالحا، فاضلا، عارفا بالمواقيت والمنازلِ. وحَدَّث ب- «صحيح» البخاريّ مرّاتٍ. ومات في خامس شعبانَ.
سَمِعْتُ من طريقه «الدُّعَاء» للمَحَامِلّيّ.
78- إبراهيم بن عثمان [2] بن عيسى بن دِرباس المَارَانيّ [3] .
الفقيه، المُحدِّث، جلال الدِّين، أبو إسحاق.
وُلِدَ سَنةَ إحدى وسبعين وخمسمائة.
وأجاز لَهُ السِّلَفيّ. وتَفَقَّه على مذهب الشافعيّ، ثمّ أحبَّ الحديثَ.
وسَمِعَ فاطمةَ بنت سَعْد الخَيْر، والأَرْتاحِيّ، وطبقتهما. ورحل رحلة كبيرة، فسمعَ بدمشق من ابن طَبَرْزَد، والكِنْديّ، والطّبقة. وسَمِعَ بنيسابور من المؤيَّد، وزينب الشِّعرية، وَبِهَرَاة من أَبِي رَوْح. وكتب الكثيرَ. ولَهُ شِعر حَسَنٌ.
رَوَى عَنْهُ الزَّكِيُّ المُنذريّ، وغيرُه. وتُوُفّي في هذه السنة فيما بينَ الهندِ واليمن.
وكان مائلا إلى الآخِرة، متقلّلا من الدُّنيا جِدًّا، صالحا، زاهدا- رحمه الله-.
__________
[1] وقال: سمع صحيح البخاري ومسند عبد الله بن عبد الرحمن الدارميّ من عبد الأول وحدّث بهما، وكان شيخا ثقة، صحيح السماع، صالحا ... سمعت منه أحاديث. (التقييد 194) .
[2] انظر عن (إبراهيم بن عثمان) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 165، 166، رقم 2081، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 153 (بالحاشية) ، وتاريخ إربل لابن المستوفي 1/ 215، 216 رقم 117، ووفيات الأعيان 2/ 407، والبداية والنهاية 13/ 110 وفيه وهم حيث ترجم لأبيه «عثمان» ، وسير أعلام النبلاء 22/ 290 رقم 166، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 169، والعسجد المسبوك 2/ 415، والمقفى الكبير 1/ 192، 193 رقم 195، وشذرات الذهب 5/ 7، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 60.
[3] تصحّفت النسبة إلى «لحاراني» بالحاء في: شذرات الذهب 5/ 7.(45/98)
وكان أبوه [1] من كبار الشافعية، وعمُّه [2] كَانَ قاضي ديارِ مصر [3] .
79- إبراهيم بن المُظَفَّر [4] بن إبراهيم بن محمد بن عليّ، الواعظُ.
الإِمامُ، أبو إسحاق، ابن البَرّنيّ [5] ، البَغْداديُّ الأصل، المَوْصِليّ.
ولد سنة ستّ وأربعين وخمسمائة.
وتَفَقَّه على مذهب أحمدَ ببغداد، وسَمِعَ من: ابن البَطِّي، وأبي عليّ بن الرَّحَبيّ، وشُهْدَةَ، وأحمد بن عليّ العلويّ، وأبي بكر ابن النّقور. وأخذ الوعظ عن أبي الفرج ابن الجوزيّ.
__________
[1] مرت ترجمته في وفيات سنة 602.
[2] صدر الدين أبو القاسم عبد الملك، ومرت ترجمته في وفيات سنة 605.
[3] وقال ابن المستوفي: كتب الكثير وسمع الكثير، شافعيّ المذهب، إلا أنه- على ما قيل عنه- يطعن على أبي الحسن علي بن إسماعيل بن أبي الحسن الأشعري- رضي الله عنه- ويقع فيه، سمعته من غير واحد. له من أبي طاهر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد السلفي إجازة معيّنة باسمه في شهر ربيع الآخر من سنة أربع وسبعين وخمسمائة، كتبها له بخطه، حدّثني بذلك.
ورد إربل غير مرة وأقام بها. سألته عن مولده فقال: في شوال سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة بالقاهرة، ونشأ بمصر، وكان فيما بلغني عمّه قاضيها.
أنشدني لنفسه في حادي عشر جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وستمائة، ورحل في اليوم التالي إلى خراسان، قال: وكتبتها إلى صديق لي بدمياط من حمص:
حكمت يا دهر أمري بإفراط ... وما عدلت إلى عدل وإقساط
أنسى وقد طرحت أيدي النوى حنقا ... جسمي بحمص وروحي ثغر دمياط
(تاريخ إربل) .
[4] انظر عن (إبراهيم بن المظفّر) في: إكمال الإكمال لابن نقطة 1/ 376، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 136 رقم 2010، وتاريخ إربل 1/ 155- 157 رقم 62، وعقود الجمان لابن الشعار 1/ ورقة 26، 27، ومعجم شيوخ الأبرقوهي، ورقة 21، والمشتبه 1/ 58، والإشارة إلى وفيات الأعيان 326، والإعلام بوفيات الأعلام 256، والمعين في طبقات المحدّثين 192 رقم 2042، والعبر 5/ 89، والمختصر المحتاج إليه 1/ 136، والبداية والنهاية 13/ 109، 110، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 149- 151، والوافي بالوفيات 6/ 147 رقم 2591، ومختصر طبقات الحنابلة 59، والمنهج الأحمد 354، 355، وتوضيح المشتبه 1/ 417، وتبصير المنتبه 1/ 134، ولسان الميزان 1/ 111، والنجوم الزاهرة 6/ 262، وتاريخ ابن الفرات 10/ 60، وشذرات الذهب 5/ 99، والدر المنضد 1/ 351 رقم 989.
[5] تصحفت النسبة في: البداية والنهاية 13/ 109 «البذي» .(45/99)
وحدّث بالموصل وسنجار. ووعظ. وولي مشيخة دار الحديث الّتي لابن مهاجر بالموصل. وكان صالحا، فاضلا.
روى عنه: الدّبيثيّ، والزّين ابن عبد الدّائم، وإبراهيم بن عليّ العسقلانيّ، ومحمد بن منصور بن دبيس الموصليّ، والشيخ عبد الرحيم بن الزّجّاج- فيما أرى-.
ورَوَى لنا عَنْهُ بالإجازة أَبُو المعالي الْأبَرْقُوهيّ.
وتوفّي في غرّة المحرّم. وقد قرأ عليه بالروايات ركنُ الدِّين إلياس بن عُلوان.
قال ابن نُقْطَة [1] : كَانَ فيه تساهلٌ في الرواية، يُحَدِّث من غير أصوله، سمعت منه بالموصل [2] .
__________
[1] في: إكمال الإكمال 1/ 376.
[2] وقال ابن المستوفي: ورد إربل بأخرة وذلك- فيما بلغني- أنه شهد في كتاب شهادة وأرادوه على الرجوع عنها، فأبى أن يرجع عنها، فأخرجوه من الموصل، فأتى إربل ووعظ بها بالقلعة، وحضر مجلس وعظه الفقير إلى الله تعالى أبو سعيد كوكبوري بن علي بن بكتكين، وأحسن إليه منعما عليه. ثم سافر فهو الآن مقيم بسنجار.
وبنى أبو القاسم علي بن المهاجر بن علي دار حديث بالموصل وردّ أمرها إليه ليسمع فيها، فكان يسمع فيها الحديث. لقيته وسمعت عليه بإربل والموصل. وكان عنده بعض اللطف والدماثة.
ولما عمل ابن مهاجر دار الحديث وسكنها ابن البرني أماله عن مذهبه- وكان شافعيا- فعمل فيه طاهر بن محمد بن قريش العتّابيّ البغدادي يخاطبه ويشير إليه وإلى ميله إلى ابن البرني:
بالحرف والصوت القديم ... ومن يشبّه بالمثال
وبحرمة الجهة التي ... اختصت بموضع ذي الجلال
وبحقّ من منع الحسين ... بكربلاء شرب الزلال
وبحق مولانا يزيد ... أخي المناقب والمعالي
وبكلّ مطويّ الضمير ... على التبرصص والمحال
وبكل من أفنى جميع ... العمر في قيل وقال
وبمن ثناك عن التمشعر ... والتعمّق في الجدال
وأراك أن الحقّ يؤخذ ... من حنابلة الرجال
من كل من سمع الحديث ... وكلّ محقوق السبال
وبحرمة الشيخ الحديد ... مزيل أغطية الضلال(45/100)
80- أسعد بن عليّ [1] بن عليّ بن مُحَمَّد بن صُعْلُوك.
أبو القاسم، البَغْداديُّ.
وُلِدَ سَنةَ سبع وثلاثين وخمسمائة.
وسَمِعَ من: أبي الوَقْت، وأبي الكَرَم المبارك بن الحَسَن الشُّهْرَزُوريّ، وابن البّطِّي.
روى عنه: الدُّبَيْثيّ، وابن النّجّار، وغيرهُما، وأورداه في «تاريخيهما» .
تُوُفّي في المحرَّم.
81- أسعد بن يحيى [2] بن موسى، الشيخ بهاء الدّين.
__________
[ () ]
لا تنس خادمك الموالي ... بالدعاء على التوالي
المستجير بجود عدل ... يديك من جور العيال
وله فيه وكان ابن مهاجر قد سدّ باب سقاية دار الحديث التي بناها، وعملها حجرة يكتب فيها ابن البرني شروطا:
قل للبريني الّذي ... ببياض حجرته يتيه
لا تعجبنّ فكم خرى ... فيها وما امتلأت فقيه
وأنشدنا أبو العباس أحمد بن أبي القاسم الإسكندري قال: أنشدني إبراهيم ابن المظفّر البرني لنفسه:
كنت خلوا من الهموم زمانا ... فسقاني الزمان جرعة مرّ
حيث سوّى في الحكم لبا بقشر ... وتجاري لديه ودع بدرّ
درّ درّ امرئ تقدّم قبلي ... ساليا أهل دهره لا يورّي
خاب من يحسب السراب شرابا ... لا يرى الفرق بين مدّ وكرّ
يا عليما بما يجنّ ضميري ... لست أبغي سواك يكشف ضرّي
أتمنّى على الزمان محالا ... أن ترى مقلتاي طلعة حرّ
وجدت إجازة مكتوبة بخط ابنته عائشة في سادس عشر رمضان سنة عشرين لأبي المعالي محمد بن أبي شجاع أحمد بن أبي القاسم البصري وأولاده، فسألته عن ذلك، فقال: عمي فكتبت عنه. (تاريخ إربل) .
[1] انظر عن (أسعد بن علي) في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 256، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 138 رقم 2015، والمختصر المحتاج إليه 1/ 252، 253.
[2] انظر عن (أسعد بن يحيى) في: خريدة القصر (قسم شعراء الشام) 2/ 401- 403، ومعجم البلدان 3/ 159، 160، ووفيات الأعيان 1/ 214- 217، وبغية الطلب (المصوّر) 4/ 78 رقم 471، وعقود الجمان لابن الشعار 1/ ورقة 254، والمختار من تاريخ ابن الجزري 125(45/101)
أبو السَّعادات السُّلَميّ، السِّنْجاريُّ، الفقيهُ الشافعيّ، الشاعِرُ.
طَوَّفَ البلادَ، ومدحَ الكِبارَ والملوكَ، وأخذَ جوائزهم، وطال عُمُرُهُ، وعاش بضعا وثمانين سَنةَ.
ذكره العماد في «الخريدة» [1] . وَمِنْ شِعره:
وَهَواكَ ما خَطَر السُّلُوُّ بِبَاله ... ولأَنْتَ أَدْرَى في الغَرامِ بِحَالِهِ
وفتَى وَشَى شخْصٌ إِلَيْكَ بأنَّه ... سَالٍ هواك فذاك من عذّاله
أو ليس لِلْكَلِف المُعَنِّي شَاهِدٌ ... مِنْ حَالِه يُغْنِيك عَنْ تَسْآلِهِ
جَدَّدْتَ ثَوْبَ سَقَامِهِ وهَتَكْتَ سَتْرَ ... غَرَامِهِ وصَرَمْتَ حَبْلَ وِصَالِهِ
يا لِلعَجائِبِ مِنْ أَسِيرِ دَأبُه ... يَفْدي الطَّلِيقَ بِنَفْسِهِ وَبِمَالِهِ
ريّان مِنْ مَاءِ الشَّبِيبة والصِّبرَ ... شَرِقَتْ مَعَاطِفُه بطيف [2] زُلالِهِ
وقد تَفَقَّه على المجير البَغْداديُّ، ويحيى بن فضلان.
قال ابن الساعي: تُوُفّي في أول سَنةَ أربعٍ وعشرين بسِنجار. وقال آخر:
تُوُفّي سَنةَ ثلاثٍ وعشرين في ربيع الآخر [3] .
وديوانه مجلّد كبير. وقد ولي قضاء دُنَيْسر. وخَدَمَ تقيّ الدِّين عُمَر صاحب حماة، ولَهُ مَدْح في السُّلطان صلاح الدِّين.
حرف التاء
82- تَوْبَة بن أبي البركات [4] التّكريتيّ، الزّاهد.
__________
[ () ] وفيه: «أسعد بن محمد بن يحيى» و 139، 140 (وفيات 624 هـ-) ، وسير أعلام النبلاء 22/ 302، 303 رقم 180، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 67، 68، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 129، 130، والوافي بالوفيات 9/ 32- 34 رقم 3941، والبداية والنهاية 13/ 110 وشذرات الذهب 5/ 104، 105.
[1] قسم الشام 2/ 401.
[2] كذا في الأصل، وفي وفيات الأعيان 1/ 215 «بطيب» .
[3] وسيعيده المؤلف- رحمه الله- في وفيات سنة 624 هـ-. (رقم 224) .
[4] انظر عن (توبة بن أبي البركات) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 162 رقم 2073، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 631، وذيل مرآة الزمان لليونيني 4/ 41، 259، 282، والوافي بالوفيات 10/ 440 رقم 4931، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (تأليفنا) القسم(45/102)
صاحبُ الشيخ عبد الله اليُونينيّ. فقيرُ، صالحٌ، كبيرُ القدر. حَدَّث عن ابن طَبَرْزَد. وتُوُفّي في شوّال.
قال السيف ابن المجد: كَانَ أحد مَن يُشارُ إليه بالزُّهد، صَحِبَ الشيخَ عبد الله ولازمه، وكان يُكْرِمُه ويأنَسُ به، ويَنْزِلُ- إذا قَدِمَ- في مغارته على جبل الصّوّان بقاسِيون.
وقال ابن العزِّ عمر الخطيب: حدَّثتني فاطمةُ بنتُ أحمد بن يحيى بن أبي الحُسَيْن الزّاهد، حدّثتني أمّي ربيعةُ بنت الشيخ تَوْبَة أنّها كانت تقعُد في اللّيل فَتَجِدُ والدها قاعدا وهُوَ يقول: يا سيّدي اغفر لعُبَيْدِك تَوْبَة. قالت: وكانت أمّي ربيعةُ تَرْجُفُ. وقالت: كنت أحكي للنّاس كراماتِ الشيخ فرأيتُه في المنام وهُوَ يقول: كم تهتكيني؟ وسَلَّ عليَّ سيفا، فبقيت أَرْجُفُ وما عدت أَجْسُرُ أن أحكيَ عنه شيئا.
حرف الجيم
83- جعفر ابن شمس الخلافة [1] ، هُوَ الأميرُ الكبيرُ، مجدُ المُلك، أبو الفضل، ابن شمس الخلافة أبي عبد الله مُحَمَّد بن مختار الأفضليّ، المِصْريّ، القوصيّ، الشاعرُ، الأديبُ.
وُلِدَ في المُحرَّم سَنةَ ثلاثٍ وأربعين وخمسمائة.
ولقي الأُدباء، وكتب الخطَّ المنسوبَ. وكان مِن الأذكياء. ولَهُ تصانيفُ تَدُلُّ على فضله. وحدَّث بديوانه، وامتدح جماعة من الأعيان.
روى عنه: الزّكيّ المنذريّ، والشهاب القوصيّ.
__________
[ () ] الثاني- ج 2/ 13، 14 رقم 303.
[1] انظر عن (جعفر ابن شمس الخلافة) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 138 رقم 2014، والمغرب في حلى المغرب 229- 233، والمرقّصات 69، والغصون اليانعة 22، ووفيات الأعيان 1/ 362 رقم 139، ومسالك الأبصار ج 12 ق 1/ 19، والدرّ المطلوب 276- 278، والعبر 5/ 89، وسير أعلام النبلاء 22/ 300 رقم 177، والمقفى الكبير 3/ 94، 95 رقم 1084، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 22، وحسن المحاضرة 1/ 271، وشذرات الذهب 5/ 100، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 260، والأعلام 2/ 124.(45/103)
وذكره ابن الشعار في «تاريخه» [1] فقال: هُوَ جعفرُ بن إبراهيم بن عليّ، مِن كُبراء بلده. خَدَمَ مع السُّلطانِ صلاح الدِّين أميرا، ومع ابنه العزيز، ثمّ قَدِمَ حلب، وخدم مع صاحبها غازي، ثمّ رَجَعَ إلى مصر. وكان شاعرا، فاضلا، ذكيّا، لَهُ هَجْوٌ مُقْذِع في الملكِ العادلِ، وفي القاضي الفاضل. تُوُفّي بمصر سَنةَ عشر.
قلت: غَلِطَ في وفاته وفي اسمه.
قال المنذري في «الوَفَيَات» [2] وفي «مُعجمه» [3] : تُوُفّي في ثاني عشر المحرَّم.
ومن شعره:
دَعْ جَاهِلًا غَرَّه تَمكُّنُهُ ... وَضَنَّ بالْجُودِ وَهُوَ مُقْتَدِرُ
فَكَمْ غَنِيٍّ للنَّاسِ عَنْهُ غِنَى ... وَكَم فَقِيرٍ إِلَيْهِ يُفْتَقَرُ
حرف الحاء
84- الحَسَنُ بْن عليّ [4] بْن الحَسَن [5] ، محيي الدِّين، المَوْصِليّ، الخطيبُ، المعروف بابن عمَّار.
شيخٌ واعظ، حلوُ الوعظِ. لَهُ تصانيفُ، وشِعرٌ جيِّد، فمنه:
مَا بَيْنَ مُنْعرَجِ اللَّوى والأَبْرَقِ ... رِيمٌ رَمَاني في الغَرَام المُوثق [6]
أَسَرَ الفُؤَادَ المُسْتَهَامَ بِحُسْنِهِ ... وَوَقَعْتُ مِنْه في العَذَابِ المُطْلَقِ
يُصمي القُلُوبَ بِطَرْفِهِ السَّاجي الَّذِي ... يَرْنُو بِهِ وإذا رَمَى لَا يَتَّقِي
بَانَتْ صَبابَاتي بِبَانَاتِ اللِّوَى ... في حُبَّه ورثت لشجوي أينقي
__________
[1] لم يصلنا الجزء المتضمّن لهذه الترجمة من كتاب «عقود الجمان» لابن الشعار.
[2] التكملة لوفيات النقلة 3/ 138.
[3] لا يعرف أن للمنذري كتابا بهذا الاسم.
[4] انظر عن (الحسن بن علي) في: المختار من تاريخ ابن الجزري 125، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 65، والوافي بالوفيات 12/ 168 رقم 149، والبداية والنهاية 13/ 111.
[5] في المختار من تاريخ ابن الجزري: «الحسين» .
[6] في الوافي 12/ 168 «الموفق» .(45/104)
وأَنَا الّذِي لا أَسْتَفِيقُ مِن الهَوى ... طِفْلًا وها قد شاب فيه مَفْرِقي
تُوُفّي في سادس جُمَادَى الأولى بالموصل.
85- الحَسَنُ بن المرتضى [1] بن مُحَمَّد بن زيد.
النقيب. السيَّد بهاءُ الدِّين، العَلَويُّ، الحُسَيْنيُّ، نقيبُ المَوْصِل.
كَانَ مِن أكابر البلد رئاسة، ودينا، وعقلا، وكرما، وأدبا.
ومن شعره:
لَوْ كُنْتَ شَاهِدَ عَبْرَتي ... وصَبَابَتِي عِنْدَ التَّلاقِي
لَرَحِمَتْنَا مِمّا بِنَا ... وَعَجِبْتَ مِنْ ضِيقِ العِنَاقِ
[2] 86- الحُسَيْن بن عُمَر [3] بن نصر بن حسن بن سَعْد بن عبد الله بن بَاز.
أبو عبد الله، المَوْصِليّ.
وُلِدَ سَنةَ اثنتين وخمسين وخمسمائة.
وسَمِعَ من خطيب المَوْصِل أبي الفضل، وببغداد من شهدة، وأبي الحسين عبد الحقّ، ولا حق بن كارَه، وعيسى الدُّوشابيّ، وطائفةٍ. ودخل الشام ومصر ولم يَسْمَعْ، وكأنَّه قَدِمَ تاجرا.
وحدَّث بالمَوْصِل وإربل [4] . وولي مشيخةَ دارِ الحديث المظفَّرية بالمَوْصِل. وقد كتب بخطِّه، ولَهُ فهم ومعرفةٌ ما.
__________
[1] انظر عن (الحسن بن المرتضى) في: المختار من تاريخ ابن الجزري 126، والوافي بالوفيات 12/ 269 رقم 240.
[2] البيتان في: الوافي بالوفيات 12/ 269.
[3] انظر عن (الحسين بن عمر) في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 26، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 143، 144 رقم 20207، وتاريخ إربل 1/ 183، 184 رقم 87، وسير أعلام النبلاء 22/ 228، 229 رقم 143، والعبر 5/ 89، 90، والمشتبه 1/ 20، والمختصر المحتاج إليه 2/ 36 رقم 612، والمقفى الكبير 3/ 631 رقم 1255، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 64، وشذرات الذهب 5/ 100، وتاج العروس 4/ 10، وتوضيح المشتبه 1/ 308 و 321.
[4] وقال ابن المستوفي: ورد إربل غير مرة، وسمع عليه بها تاريخ البخاري الكبير (تاريخ إربل 1/ 184) .(45/105)
روى عنه: الدّبيثي، والبرازليّ، والضّياء، وآخرون. وَحَدَّثَنَا عنه الأبَرْقُوهيّ. ومات في ثاني ربيع الآخر، رحمه الله.
حرف الراء
87- رَاجِية الأرمنية [1] . أمُّ محمد، عتيقة عبد اللّطيف ابن الشيخ أبي النَّجيب السُّهَرَوَرْدِيّ.
سَمِعْت من: أبي الوَقْت، وابن البَطِّي، وجماعةٍ. وروت ببغداد وإِرْبل.
وكانت امرأة صالحةٌ. تُوُفّيت بإِرْبل في جُمَادَى الأولى.
حرف السين
88- سَعَادَةُ بنتُ الإمام عَبْدِ الرزّاق [2] ابْن الشَّيْخ عَبْد القادر بْن أبي صالح الْجِيليّ.
روت عن: أبي الحُسَيْن عبد الحقّ، والحَسَن بن عليّ بن شيرويه.
تُوُفّيت في جُمَادَى الآخرة، وَصَلَّى عليها أخوها القاضي أبو صالح.
حرف الشين
89- شاكرُ بن مكّي [3] بن أبي البركات.
أبو البركات، البَغْداديُّ، النجّاد.
وُلِدَ فِي حدودِ سَنة خمسٍ [4] وأربعين.
وسَمِعَ من أبي زُرْعة المَقْدِسيُّ. وتُوُفّي في ذي الحَجَّة.
روى لنا عنه الأبَرْقُوهيّ بالإِجَازَةِ.
__________
[1] انظر عن (راجية الأرمنية) في: تاريخ إربل 1/ 238، 239 رقم 137، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 147 رقم 2039 وفيه قال المنذري: وربما قيل فيها: الروميّة. وقال ابن المستوفي:
وربما قيل رومية أرمنية.
[2] انظر عن (سعادة بنت عبد الرزاق) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 150، 151 رقم 2047.
[3] انظر عن (شاكر بن مكي) في: التقييد لابن نقطة 295، 296 رقم 359، وفيه قال محققه بالحاشية: «لم نعثر عليه» ، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 163 رقم 2076، وسيعاد في الكنى.
[4] في التقييد: مولده سنة أربع وأربعين وخمسمائة.(45/106)
[حرف الصاد]
90- صَدَقَة بن منصور [1] بن صَدَقَة القَطِيعيّ، البَقَّال.
سَمِعَ من أبي المكارم المبارك البَاذرَائيّ، وحدَّث. ومات في صفر.
حرف الطاء
91- طغرل بْن قِلج [2] أرسلان بْن مَسْعُود بْن قِلج أَرْسَلان بن سُلَيْمان بن قُتلمش السُّلجوقيّ، الرُّوميّ، الملك مغيث الدِّين، صاحب أرزَن الروم.
تُوُفّي في هذه السنة، وتملَّك بعدَه ولدُه، وقد كَانَ بعث ولدَه الآخر من سنتين إلى الكُرج فتنصَّر، وتزوَّج بملكة الكُرج.
حرف الظاء
92- ظَفَرُ بن سالمِ [3] بْن عَلِيّ بْن سلامة ابْن البَيْطار.
أبو القاسم، البَغْداديُّ، الحَرِيميُّ، أخو شجاع وياسمين.
سَمَّعه أبوه مِن: أبي الوَقْت، وابنِ البنّاء، وهبة الله ابن الشِّبليّ. ومَوْلِدُه في حدود سَنةَ ثمانٍ وأربعين [4] .
روى عنه: الدُّبَيْثيّ، والرفيعُ الهَمَذَانيّ. وَحَدَّثَنَا عنه الأبرقوهيّ. وتوفّي
__________
[1] انظر عن (صدقة بن منصور) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 140 رقم 2019.
[2] انظر عن (طغرل بن قلج) في: الكامل في التاريخ 12/ 429، والوافي بالوفيات 16/ 455، 456 رقم 490.
و «قلج» بفتح القاف وكسر اللازم، ويرد «قليج» ، وهو بالتركية: «السيف» .
[3] انظر عن (ظفر بن سالم) في: التقييد لابن نقطة 306 رقم 373، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 207، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 149 رقم 2044، وسير أعلام النبلاء 22/ 288.
[4] وقال ابن نقطة: «سئل عن مولده فذكر أنه لا يعرفه، ويكتب بخطه في الإجازات «مظفر» وهو في أصول سماعه بغير ميم» . (التقييد) .
وقال المنذري: «وسئل عن مولده فلم يحقّقه، وذكر ما يدلّ على أنه في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة تقريبا. وقد ذكر غير واحد من الثقات أنه سمع من أبي القاسم سعيد بن أحمد ابن البناء، وهذا يدلّ على أنه غلط في تقريبه في مولده، فإن سعيد ابن البنّاء توفي في ذي الحجة سنة خمسين وخمسمائة» .(45/107)
في جمادى الآخرة. قال ابن النجّار: لم يكن به بأسٌ.
حرف العين
93- عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم [1] بْن مُحَمَّد بْن عليّ.
الفقيهُ الصَّالِحُ، أبو مُحَمَّد، الهَمَذانيّ، الخطيب.
وُلِدَ بهَمَذَان في سَنةٍ خمسٍ وأربعين.
وسَمِعَ من: أبي الوَقْت، ومِن أبي الفضل أحمدَ بن سَعدٍ البَيِّع.
وقَدِمَ بغداد، وتَفَقَّه بالنِّظاميَّة على أبي الخير القَزويني، وأعاد بالنظاميَّة للشيخ أبي طالب صاحب ابن الخَلِّ، وغيرِه. وحدَّث.
وكان فقيها، ورعا، عفيفا، إماما، عارفا بالمذهب والأصُولِ والخلاف.
قال الدُّبَيْثيّ: أَخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد، أَخْبَرَنَا أحمدُ بن سَعْد، أَخْبَرَنَا الإِمام أبو إسحاق الشيرازيّ- فذكر حديثا.
وقال ابن النجّار: قدم بغداد سنة سبعين وخمسمائة، فسكنها، وتفقّه علي أبي طالب ابن الكَرْخيّ، وأبي الخير القَزوينيّ. وبرعَ في المَذْهب، وأفتى.
وكان متقشّفا على منهاج السَّلَفِ.
قلت: روى عن ابن النجّار، وعليّ ابن الأخضر، والجمال يحيى ابن الصِّيرفيّ، سمعوا منه «جزءَ» العَبَّادانيّ، وقد خطب بأعمال هَمَذَان.
تُوُفّي في حادي عشر شعبان.
94- عبد الله بن باديس [2] . أبو مُحَمَّد، اليَحْصُبيّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن إبراهيم) في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 89، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 158 رقم 2062، وسير أعلام النبلاء 22/ 263، 294 رقم 171، والمختصر المحتاج إليه 1/ 138، 139، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 533، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 58 (8/ 155) ، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 162 أ، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 171.
[2] انظر عن (عبد الله بن باديس) في: تكملة الصلة لابن الأبار 893، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 4/ 184، 185 رقم 343.(45/108)
سكن بلنسية، وتفقّه بأبي عبد الله بن بنوح. وتعلَّم العربية، وتحقّق بالعلوم النظرية. ونُوظِرَ عليه في «المستصفى» للغزاليّ. وتعبَّد في آخر عمره.
تُوُفّي في شعبان.
95- عبد الله بن صَدَقَة [1] . أبو البركات، البَغْداديُّ، البَزّاز، ويعرف بابن أبي قِرْبَة: بكسر القاف وسكون الراء ثمّ باء موحّدة.
سَمِعَ من أَبِي الحُسَيْن عَبْد الحقَ، وحدَّث. ومات في شعبان.
96- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ [2] بْن الحُسَيْن بن عبد الخالق بن الحُسَيْن بن الحَسَن بن منصور. الصاحبُ الوزير الكبير، صفيُّ الدِّين، أبو مُحَمَّد، الشَّيْبيّ، المِصْريّ، الدَّمِيري، المالكيّ، المعروف بابن شُكْر.
وُلِدَ سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.
وتَفَقَّه على الفقيه أبي بكر عتيق البِجائي وبه تخرَّج. ورحل إلى الإِسكندرية، وتَفَقَّه بها على شمس الإسلام أبي القاسم مخلوف بن جَارة، وسَمِعَ منه ومن السِّلَفيّ إنشادا، وأجازَ لَهُ. وسَمِعَ من أَبِي الطّاهِر إِسْمَاعِيل بْن عَوْف، وأبي الطّيّب عبدِ المنعم بن يحيى بن الخلوف.
وأجاز لَهُ أبو محمد بن بريّ، وأبو الحسين أحمد بن حمزة ابن الموازينيّ، وجماعة.
وَحَدَّثَ بدمشقَ وَمِصْر، رَوَى عَنْهُ الزَّكيّ المُنْذِريّ، والشهاب القوصيّ،
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن صدقة) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 158 رقم 2063.
[2] انظر عن (عبد الله بن علي) في: معجم البلدان 2/ 602، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 157، 158 رقم 2061، وذيل الروضتين 147، والتاريخ المنصوري 114، وتاريخ المسلمين لابن العميد 127، 131، 135، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 677 (في وفيات 630 هـ-) ، والغصون اليانعة 23- 25، والمغرب في حلى المغرب 291- 298، ونهاية الأرب 29/ 130 (وفيات 621 هـ-) ، ودول الإسلام 2/ 127، والإشارة إلى وفيات الأعيان 326، وسير أعلام النبلاء 22/ 294، 295 رقم 172، والمشتبه 1/ 267، والعبر 5/ 90، وفوات الوفيات 1/ 463- 466، والوافي بالوفيات 17/ 327 رقم 281، والبداية والنهاية 13/ 109 و 13/ 136 (وفيات 630 هـ-) ، والمواعظ والاعتبار 4/ 205، والمقفى الكبير 4/ 595- 602 رقم 1545، والسلوك ج 1 ق 1/ 219، والنجوم الزاهرة 6/ 263، وتحفة الأحباب للسخاوي 66، 67، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 63، وشذرات الذهب 5/ 100- 105، والأعلام 4/ 243.(45/109)
وأثنيا عليه، فقال الزَّكيّ [1] : كَانَ مُؤثرًا للعلماء والصّالحين، كثيرَ البِرِّ بهم، والتفقّدِ لهم، لا يشغله ما هو فيه من كثرة الأشغال عن مجالستهم ومباحثتهم، وأنشأ مدرسة قُبالة دارِه بالقاهرة.
وقال أبو المُظَفَّر الجوزيّ [2] : كَانَ الملكُ العادل قد نفاه، فلما مات قَدِمَ من آمِدَ بَطَلبٍ من السُّلطان الملك الكامل.
قال أبو شامة [3] : وكان خليقا لِلوزارة لم يتولَّها بعدَه مثلُه، كَانَ متواضعا، يُسَلّم على النّاس وهُوَ راكب، ويُكرِمُ العلماءَ ويُدِرُّ عليهم، فمضى إلى مصر.
وقال القُّوصيّ: هُوَ الّذي كَانَ السببَ فيما وليتُه وأوليته فِي الدَّولة الأيوبيّة من الأنعام، وهُوَ الَّذِي أنشأني وأنساني الأوطانَ، ولقد أحسنَ إلى الفقهاء والعُلماء مُدَّة ولايته، وبنى مُصلَّى العيد بدمشق، وبَلَّط الجامع، وأنشأ الفَوَّارة، وعَمَّر جامع المِزَّة وجامع حَرَستا. ومَوْلِدُه بالدَّميرة سَنَة أربعين.
وكذا قال ابن الجوزيّ [4] في مَوْلِدُه، وقول المُنذريّ أصحُّ، فإنَّه قال [5] :
سمعتُه يقول: وُلدت في تاسع صفر سَنَة ثمانٍ وأربعين. قال: وتُوُفّي بمصر في ثامن شعبان.
وقال المُوفَّق عبد اللّطيف: هُوَ رجل طُوال، تامُّ القَصَب فَعْمُها، دُرِّيُّ اللَّون، مشرب بحُمرة، لَهُ طلاقَةُ مُحيَّا، وحلاوةُ لسان، وحُسْنُ هيئة، وصِحَةُ بِنْيَة، ذُو دهاء في هَوَجِ، وخبثٌ في طَيْشٍ مع رُعونةٍ مُفْرِطَةٍ، وحقد لا تخبُو نارُه، ينتقم ويظنّ أنَّه لم ينتقِم، فيعود ينتقم، لا يَنَامُ عن عدوّه، ولا يقبل منه معذرة ولا إنابة، ويجعل الرؤساء كلّهم أعداءَه، ولا يرضى لِعدوّه بدون الإهلاك، ولا تأخذُه في نقماته رَحْمَةٌ، ولا يتفكَّرُ في آخره.
وهُوَ مِن دَمِيرة- ضيعةٍ بديار مصر- واستولى على العادل ظاهرا وباطنا،
__________
[1] في التكملة 3/ 157.
[2] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 598 في حوادث سنة 615 هـ-.
[3] في ذيل الروضتين: 147.
[4] لم نجد قوله.
[5] في التكملة 3/ 157.(45/110)
ولم يُمكن أحدا من الوصول إليه حَتّى الطّبيب والحاجب والفَرّاش، عليهم عيونٌ، فلا يَتَكَلَّم أحدٌ منهم فضلَ كلمة خَوْفًا منه، ولَمّا عُزِلَ، دخل الطّبيب والوكيل وغيرُهما، فانبسطوا، وحَكَوْا، وضَحِكُوا، فأُعِجبَ السُّلطانُ بذلك وقال: ما منعكم أن تفعلوا هذا فيما مضى؟ قالوا: خوفا مِن ابن شُكْر، قال:
فإذا قد كنتُ في حبسٍ، وأنا لا أشعُرُ.
وكان غرضه إبادَةَ أربابِ البيوتات، ويقرّب الأراذِلَ وشرارَ الفقهاء مثل الجمال المِصْريُّ، الّذي صار قاضيَ دمشق، ومثل ابن كسا البليسيّ، والمجد البَهْنسيّ، الّذي وَزر للأشرف. وكان هؤلاء يجتمعون حولَه، ويُوهِمونه أنَّه أكتبُ من القاضي الفاضل، بل ومِنَ ابن العَمِيد والصَّابي، وفي الفقه أفضلَ من مالك، وفي الشعر أكملَ مِن المتنبّي وأبي تمّام، ويحلفونَ على ذلك بالطَّلاق وأغلظِ الأَيْمان.
وكان لا يأكل مِن الدَّولة ولا فلْسًا، ويُظهر أمانة مفرطة، فإذا لاح لَهُ مالٌ عظيم احتجنه، وعُمِلَتْ لَهُ قبسة العَجلان [1] ، فأمر كاتبَه أن يكتُبَها ويردَّها وقال:
لا نستحلّ أن نأخُذَ منك ورقا. وكان لَهُ في كُلِّ بلدٍ من بلاد السُّلطان ضيعة أو أكثر في مصر والشام إلى خِلاط، وبلغ مجموعُ ذلك مائة ألف دينار وعشرين ألف دينار يعني مُغلَّة. وكان يُكثر الإِدلال على العادل، ويُسخِطُ أولادَه وخواصَّه، والعادلُ يترضّاه بكُلِّ ما يقِدر عليه، وتكرَّر ذلك منه، إلى أن غضب منه على حَرَّان، فلمّا صار إلى مصر وغاضبه على عادته، فأقرّه العادلُ على الغضب، وأعرضَ عنه. ثمّ ظهر منه فسادٌ، وكثرةُ كلام، فأمر بنفْيه عن مصرَ والشام، فسكن آمِدَ، وأحسن إليه صاحبُها، فلمّا مات العادلُ عاد إلى مصر، وَوَزَرَ للكامل، وأخذ في المصادرات، وكان قد عَمِيَ، ورأيتُ منه جَلَدًا عظيما أنَّه كَانَ لا يستكين للنوائب، ولا يخضع للنكبات، فمات أخوه ولم يتغيَّر، ومات أولادُه وهُوَ على ذلك. وكان يُحمُّ حُمَّى قوية، ويأخذه النافِضُ [2] ، وهو في
__________
[1] أي: ورقة صغيرة. تشبيها بالقبسة- وهي الجذوة من النار يأخذها العجلان- وفي «الأساس» : ما أنت إلا كالقابس العجلان، أي: كالمقتبس، وما زورتك إلا كقبسة العجلان.
[2] أي: الرعدة. والنافض: حمى الرعدة، يقال: أخذته حمّى نافض، وحمّى نافض وحمى بنافض.(45/111)
مجلس السلطان ينفّذ الأشغال، ولا يُلقي جنبه إلى الأرض، وكان يقول: ما في قلبي حسرةٌ إلّا أنّ ابن البَيْانيّ ما تمرَّغ على عتباتي- يعني القاضيَ الفاضلَ- وكان يَشْتِمُه وابنُه حاضر فلا يظهر منه تغير، وداراه أحسنَ مُداراة، وبذل لَهُ أموالا جمَّةً في السِّرِّ.
وعرض لَهُ إسهالٌ دمويٌ وزَحير، وأنهكه حَتّى انقطعَ، ويَئِسَ منه الأطباءُ، فاستدعى من حَبْسِه عشرة من شيوخ الكُتَّاب، فقال: أنتم تَشْمَتُون بي، وركَّب عليهم المعاصير وهُوَ يَزْحَرُ وهُمْ يَصيحون إلى أن أصبح وقد خفَّ ما به، ورَكِبَ في ثالث يوم، وكان يقف الرؤساء والنّاسُ على بابه مِن نصف اللّيل، ومعهم المشاعلُ والشمع، ويركبُ عند الصّباح، فلا يراهم ولا يَرَوْنَه، لأنّه إمّا أن يرفعَ رأسَه إلى السماء تيها، وإمّا أن يُعْرجَ على طريقٍ أخرى، والجنادرة [1] تَطْرُدُ النّاسَ.
وكان لَهُ بوابٌ اسمه سالم يأخُذُ مِن الناس أموالا عظيمة، ويُهينهم إهانة مفرطة، واقتنى عقارًا وقرى [2] .
97- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ [3] بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أبي الفرج ابن الزَّيْتُونيّ [4] .
البَوازيجيُّ [5] .
سَمِعَ من: يحيى بن ثابت، ومعمر ابن الفاخر، وأبي عليّ ابن الرّحبيّ.
وتوفّي في ربيع الآخر.
__________
[1] جمع: الجندرمة، وهم الشرطة أو الدرك.
[2] وقال ابن نظيف الحموي: كان جبّارا ظالما جبّاها منتهكا للناس، متعصّبا للأراذل ومتعصّبا على الأماثل، فأخذ السلطان الكامل أولاده، واستخرجه منهم ما كان أكله أبوهم، وعصروا وضربوا ووجدوا بعض ما عملوا. (التاريخ المنصوري 114) .
[3] انظر عن (عبد الله بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 142 رقم 2025، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 162، ومختصره (6) والبداية والنهاية 13/ 111، والمنهج الأحمد 359، والمقصد الأرشد، رقم 495، وشذرات الذهب 5/ 103، والدرر المنضد 1/ 353 رقم 991 وفيه: «عبد الله بن أحمد بن الزيتوني البوازيجي، أبو محمد، وقيل: هو عبد الله بن علي بن أحمد..» .
[4] تصحّفت في: البداية والنهاية إلى: «الرسوي» .
[5] تصحّفت في: البداية والنهاية إلى: «البداريجي» .(45/112)
98- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز [1] .
أبو مُحَمَّد، ابن سَعْدُون، الأزْديّ، البَلَنْسِيّ.
أخذ العربيَة عن الأستاذ عَبْدون، ومَهَرَ في فنون العربية. وأجاز لَهُ مِن الإسكندريَّةِ أبو الطّاهر بن عَوْف، وغيره. وكان بديعَ الخطِّ، أنيقَ الوِرَاقة.
ذكره الأبَّار.
99- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن محمد [2] ابن اليازوريّ، البَغْداديُّ.
حدَّث عن عبد الحقّ اليُوسُفيّ. وتُوُفّي في رجب.
100- عبد الله بْن نصر اللَّه [3] بْن هبة اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن محمد. الشريف أبو جعفر، ابن أبي الفَتْح، الهاشميّ، البَغْداديُّ، المعروف بابن شريف الرَّحَبَةِ.
ولد سنة أربعين وخمسمائة. وسَمِعَ «الصحيح» من أبي الوَقْت، وسَمِعَ من شُهْدَةَ.
قال ابن النّجّار: كتبتُ عنه، ولم يكن مَرْضيًّا في سيرته، ولا محمودَ الطّريقة. وكان أبوه مِن ذوي الثروة الواسِعة. ثم روى عنه، وقال: مات في رابعِ رمضان.
قلت: روى لنا الأبَرْقُوهيّ عنه من «البخاريّ» .
101- عبد الحقّ بن الحَسَن [4] ابن الشيخ سَعْدِ الله بن نصر ابن الدَّجاجيّ.
وُلِدَ سَنةَ سبْعٍ وخمسين ظنّا. وروى عن جدّه.
روى عنه: ابن النجّار، وأبو الفضل ابن الدّبّاب، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 893، 894، وبغية الوعاة 2/ 58 رقم 1428.
[2] انظر عن (عبد الله بن محمد بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 151 رقم 2058.
[3] انظر عن (عبد الله بن نصر الله) في: التقييد لابن نقطة 329 رقم 397، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 160 رقم 2068، سير أعلام النبلاء 22/ 288.
[4] انظر عن (عبد الحق بن الحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 152 رقم 2052، والمشتبه 1/ 335، وتوضيح المشتبه 3/ 498، وتاريخ إربل 1/ 284، 285 رقم 183.(45/113)
توفّي في رجب [1] .
102- عبد الحقّ ابن الفقيه الزّاهد أبي الغنائم عبد الرحمن [2] بن جامع ابن غنيمة. أبو عبد الله، البَغْداديُّ.
روى عن: عبد الحقّ اليُوسُفيّ، وغيره.
103- عبد الحقّ بْن مُحَمَّد [3] بْن عَلِيّ بْن عَبْد الرَّحْمَن.
__________
[1] وقال ابن المستوفي: ورد إربل في أول سنة سبع عشرة وستمائة، وعلى يده شفاعة إلى الملك المعظم أبي سعيد كوكبوري ابن علي- رحمه الله- من أبي نصر عمر بن محمد بن عبد الله السهروردي، على أعلى قصيدة عملها فيه- أدام الله سلطانه- إن عثرت بها أثبتّ منها ما هو غرضي.
حدّثني أبو المعالي صاعد بن علي الواعظ شيخنا، أنه أنفذ له أبياتا من شعره، وأنفذها إليّ فكتبتها من خط ابن الدجاجيّ، وهي:
تحيّة الله بإرشاد ... على أخي فضل وإسعاد
السيد الصدر خدين التقى ... أبي المعالي نسل أجواد
أعنيك صدر الدين من ربعه ... كعبة أضياف وقصّاد
وماله المبذول مع عرضه ... المصون للرائح والغادي
وذكره الطيّب بين الوردي ... يعطّر المحفل والنادي
يؤثر بالموجود من ماله ... ويشبع الجائع بالزاد
تقبّل الرحمن أعماله ... ودام في عزّ وإسعاد
حتى يحوز الأجر من ربّه ... في بائس الحاضر والبادي
ما لاح برق وشدا طائر ... وما حدا في مهمه حادي
واجتمع بي بعد ذلك وأنشدني لنفسه يمدح الإمام الناصر لدين الله:
أنار الخلاقة إذ حلّها ... فكم عقدة بالتّقى حلّها
تحمّل أعباءها صابرا ... فما حاد عنها ولا حلّها
شجاع بعزم يذلّ السباع ... فكم من حروب بها فلّها
وكم أجدبت أرض آمالنا ... فعمّر بثّ الندى فلّها
دعته الخلافة حتى أجاب ... قلما غدا حاملا كلّها
أنال الجزيل وقال الجميل ... وحاز مفاخرها كلّها
ونادى العلا بلسان النهى ... ببيت ينبه من قالها
«أتته الوزارة منقادة ... إليه تجرّر أذيالها»
فلم تك تصلح إلّا له ... ولم يك يصلح إلّا لها»
(تاريخ إربل) .
[2] انظر عن (عبد الحق بن عبد الرحمن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 144 رقم 2030.
[3] انظر عن (عبد الحق بن محمد) في: صلة الصلة لابن الزبير 10، 11 وتكملة الصلة لابن(45/114)
أبو مُحَمَّد الزُّهْريّ، الأُنّدِيّ، نزيل بَلَنْسِيَةَ.
وُلِدَ سَنةَ سبْعٍ أو ثمانٍ وثلاثين، وحجَّ عام اثنتين وسبعين.
وسمع من السّلفيّ «الأربعين» و «المحامليات» . وكان عدلا، تاجرا.
قال الأبّار [1] : سَمِعْتُ منه «الأربعين» ، وقد سَمِعَها منه أبو مُحَمَّد، وأبو سُلَيْمان ابنا ابن حَوط الله. وعُمَر، وأسنَّ، حَتّى ألحق الصّغارَ بالكبار. وتُوُفّي في ربيع الآخر.
104- عبد الخالق بن أبي الفَضْل [2] بن أبي المعالي المُحَوَّلي.
سَمِعَ من عبد الرحمن بن زيد الورَّاق. وأجاز لَهُ أبو الوَقْت. وتُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى.
105- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد [3] بن المبارك. أبو سعيد، ابن المُرَقَّعاتِيّ.
وُلِدَ في حدود سَنةِ ثلاثٍ وخمسين.
وسَمِعَ من: أبيه، ويحيى بن ثابت، والمبارك بن خُضَيْر. وحدَّث.
ومات في رجب.
106- عبدُ الرحمن ابن العلّامة أبي سَعْد عبدِ اللَّهِ بْنِ [4] مُحَمَّد بْنِ أَبِي عَصُرْون التَّميميّ، قاضي القضاة، نجمُ الدِّين.
أحدُ الأكابر والأعيان. حدَّث عن والده. روى عنه الشهابُ القُوصيّ، وقال: تُوُفّي بحماة في رمضانَ سَنةَ اثنتين وعشرين.
107- عَبْد السّلام بْن يوسُف [5] بْن مُحَمَّد بْن عبد السلام.
__________
[ () ] الأبار 3/ ورقة 39، والمغرب في حلى المغرب (قسم الأندلس) 1/ 130، والوافي بالوفيات 18/ 58 رقم 53.
[1] في «التكملة» : 3/ الورقة 39 (نسخة الأزهر) .
[2] انظر عن (عبد الخالق بن أبي الفضل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 148 رقم 2042، والمشتبه 2/ 457، وتوضيح المشتبه 6/ 255.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 152 رقم 2051.
[4] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد الله) في: الأعلاق الخطيرة ج 1 ق 1/ 99، والوافي بالوفيات 18/ 164 رقم 209.
[5] انظر عن (عبد السلام بن يوسف) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 137 رقم 2013، وسير(45/115)
أبو مُحَمَّد العَبَرْتيّ، الكَرْخيّ، الضّرير، المقرئ، الخطيب.
ولد في حدود الأربعين وخمسمائة.
وقَدِمَ بغداد في شبيبته، وسَمِعَ من: ابن ناصر، وأبي الكرم الشّهرزوريّ، وأبي بكر ابن الزّاغونيّ، وأبي المعالي ابن اللّحّاس، وابن البَطِّي. وتولَّى الخطابةَ بعَبَرْتا [1] . وتُوُفّي بكَرْخ عَبَرْتا في سابعِ المحرَّم.
روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النجّار.
108- عبد العزيز بن النّفيس [2] بن هِبَةَ الله بن وهبان السُّلَميّ، ويُعْرَف بشمسِ العرب، البَغْداديُّ، الأديب، الشاعر.
نزيل دِمشق، أخو المُحدِّث عبد الرحيم. كَانَ مقيما بالمدرسة العزيزية، ومدح جماعة من ملوكِ بني أيّوب. وكان متجمّلا، متعفّفا، قنوعا، يَخْضِبُ شيبَه. تُوُفّي في حادي عشر ذي الحِجَّة.
ومن شِعره:
وقالُوا لِمَ تَرَكْتَ مَديحَ قَوْمٍ ... أَقَمْتَ عَلَى مَدِيحِهِم سِنينا
فَقُلْتَ تَغيَّروا عَمَّا عَهِدْنَا ... وصَارُوا كُلَّ عَام يَنْقُصُونَا
وكانُوا يُنْعِمونَ بِغَيْرِ وَعْدٍ ... فَصَاروا يُوعِدُوّن ويَمْطُلُونَا
109- عبدُ القادر بن إبراهيم [3] بن شجاع بن عَرْفَجَةَ.
أبو محمد، البَغْداديُّ، الحنفيّ.
سَمِعَ: شُهْدَةَ، وعبد الحقّ، وحَضَرَ يحيى بن ثابت. ومات في رجب.
110- عبدُ القادِر بن معالي [4] بن غنيمة.
أبو مُحَمَّد، البَغْداديُّ، الحلاوي.
__________
[ () ] أعلام النبلاء 22/ 288 دون ترجمة.
[1] عبرتا: قرية من أعمال النهروان. (التكملة 3/ 137) .
[2] انظر عن (عبد العزيز بن النفيس) في: عقود الجمان لابن الشعار 3/ ورقة 285 ب، والوافي بالوفيات 18/ 564 رقم 563.
[3] انظر عن (عبد القادر بن إبراهيم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 154 رقم 2053، والجواهر المضيّة 1/ 304، والطبقات السنية 2/ 529.
[4] انظر عن (عبد القادر بن معالي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 159 رقم 2066.(45/116)
سمع من أبي طالب بن خضير. ومات في شعبان.
111- عبدُ القادر بن منصور [1] بن مسعود ابن المُشْتري. القَطِيعيُّ، الخيَّاط.
سَمِعَ من: ابن البَطِّي، وأبي المكارم البادرائي. وكان شيخا صالحا.
تُوُفّي في رجب.
112- عبدُ المُحسن ابْن خطيب المَوْصِل [2] ، أبي الفضل عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد. أَبُو القاسم، ابن الطُّوسيّ، المَوْصِليّ.
خطيبُ الجامعِ العتيق بالمَوْصِل هُوَ، وأبوه، وجدُّه أبو نصر.
سَمِعَ: أباه، وعمَّه عبد الرحمن، وأبا عَبْد اللَّه الْحُسَيْن بْن نصر بْن خميس. وببغداد أبا الكرم ابن الشَّهْرَزُوري، وجدَّه.
ووُلِدَ في سَنَةِ ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة بالمَوْصِل، وبها مات في ربيع الأول. وكان ذا دينٍ، وصلاحٍ، وأخلاقٍ حسنة.
روى عنه الدُّبَيْثيّ، وقال [3] : نِعْمَ الشَّيْخُ كَانَ، والضياءُ المَقْدِسيُّ، والزّينُ عبد الله بن النّاصح. وأجاز لجماعة. وروى لنا عنه بالإجازة الشهابُ الأبَرْقُوهيّ وقال: يَغْلِبُ على ظنّي أنّني سَمِعْتُ منه «جزء» ابن كرامة [4] .
__________
[1] انظر عن (عبد القادر بن منصور) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 155 رقم 2056.
[2] انظر عن (عبد المحسن ابن خطيب الموصل) في: الكامل في التاريخ 12/ 448، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 141، 142 رقم 2023، وعقود الجمان لابن الشعار (استنبول) 4/ ورقة 45، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (باريس 552) ورقة 183، 184، و (كمبرج) ورقة 98، وتاريخ إربل 1/ 181 رقم 85، والمختصر المحتاج إليه 3/ 88 رقم 919، والمعين في طبقات المحدّثين 191 رقم 2033، والإعلام بوفيات الأعلام 256، ولسان الميزان 4/ 56، والنجوم الزاهر 6/ 263، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 64.
[3] في ذيل تاريخ بغداد (باريس) ورقة 184 و (كمبرج) ورقة 89.
[4] وقال ابن المستوفي: حدّث بالموصل، وكل طالب يرد إليها فلا بدّ له من السماع عليه. رجل صالح عليه وقار وفيه لطف من أكبر عدول الموصل ... قرأت عليه وأجاز لي غير مرة.
وأنشدني عنه أبو العباس أحمد بن أبي القاسم القيسي قال: أنشدني الإمام أبو القاسم عبد المحسن بن عبد الله لنفسه، ونقلته من خطه- أعني الخطيب- وفي أوله: «لعبد المحسن بن الطوسي» ، وحدّثني القيسي أنه أوردها في صفة دار ابتناها:(45/117)
113- عبدُ الملك بْن عَبْد الملك [1] بْن يوسُف بْن مُحَمَّد بن قُدامة، ابن الفقيه. أبو مُحَمَّد، المَقْدِسيُّ.
روى عن يحيى الثَّقَفيّ.
ومات كهلا في ذي القعدة.
وهُوَ والد المُسْنِدِ كمال الدِّينِ عبد الرحيم.
114- عبدُ المنعم بن عليّ [2] بن عبد الغنيّ.
أبو مُحَمَّد، القُرَشيّ، الصَّقَلِّي، أخو الزّين [3] عليّ الضرير.
قال أبو شامة: كَانَ صالحا، خيِّرًا، مقرئا. قرأ على الكِنْديّ، وعلى شيخنا السَّخاويّ.
115- عُبَيْد الله بن علي [4] بْن أَبِي السَّعادات الْمُبَارَك بْن الْحُسَيْن بْن نَغُوبَا. أبو المعالي، الواسِطيّ، الصُّوفيّ.
وُلِدَ سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.
وسَمِعَ من: أبيه، وأحمد بن عُبَيْد الله الآمِديّ، وصالحِ بن سَعْد الله بن الجوَّاني، ومُحَمَّدِ بن مُحَمَّد بن أبي زَنْبَقَة. وقَدِمَ بغدادَ مع والده، وسَمِعَ من هِبَةَ الله ابن الشِّبليّ، وابن البَطِّي، والنّقيب أحمد بن عليّ، وشهدة.
__________
[ () ]
دارك دار الملك مذ لم تزل ... مفتوحة بالعدل أبوابها
محفوفة بالنصر أرجاؤها ... مشدودة بالعزّ أطنابها
داخلها من فزع آمن ... كأنّما رضوان بوّابها
يا ملكا من بأسه بصبصت ... أسد الفلا تحرسها غابها
تهنّه من مجلس جمعت ... فيه من الخيرات أسبابها
لا زال سلطانك في رفعة ... ما دار في الأفلاك أقطابها
(تاريخ إربل) .
[1] انظر عن (عبد الملك بن عبد الملك) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 162 رقم 2074.
[2] انظر عن (عبد المنعم بن علي) في: ذيل الروضتين 146.
[3] في المطبوع من تاريخ الإسلام- ص 108 «الذين» وهو خطأ من الطباعة.
[4] انظر عن (عبيد الله بن علي) في: التقييد لابن نقطة 362 رقم 460، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 231، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 2/ 89- 92 رقم 337، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 148، 149 رقم 2043، والمختصر المحتاج إليه 2/ 189 رقم 832.(45/118)
روى عنه الدبيثي، والبرزالي، وجماعة. وتوفي في العشرين من جُمَادَى الأولى. وقد حدَّث من بيته جماعة: فجدُّه من شيوخ الكِنْديّ، وأبوه من شيوخ الشيخ الموفِّق، ولَهُ أَخَوانِ رويا، عبد الله، وعليّ مضيا قبلَه. وكان لا بأسَ به [1] .
116- عطاء الله بن منصور [2] بن نَصَر.
القاضي، الفقيه، أبو مُحَمَّد، الَّلِّكيّ، الإِسكندرانيّ، المالكيّ.
وُلِدَ سَنةَ ثلاثٍ وخمسين. وناب في الحَكَم ببلده مُدَّة. وكان ديّنا، خيِّرًا، مقبلا على شأنه. وجدُّ نَصَر بالتّحريك [3] . ولم يسمع من السِّلَفيّ، إنّما روى عنه بالإجازة.
117- عليّ ابن عَلَم الدِّين [4] سليمان بن جَنْدر، الأَميرُ سيف الدِّين.
مِن أمراء حَلَب الأَعيان، بنَى بحلب مدرستينِ، وبنى الخانات في الطَّريق. ولَهُ المواقفُ المشهورة، والصَّدقات.
مات بحلبَ فِي جُمَادَى الأولى.
118- عليُّ بْن مُحَمَّد بْن أحمد [5] بن حَرِيق.
أبو الحسن، المخزوميّ، البلنسيّ، الشّاعر.
__________
[1] ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 2/ 90.
[2] انظر عن (عطاء الله بن منصور) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 151 رقم 2048، والمشتبه 2/ 642، وتوضيح المشتبه 9/ 84.
[3] قيّده المنذري، والمؤلّف- رحمه الله- وابن ناصر الدين.
[4] انظر عن (علي بن علم الدين) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 637، وذيل الروضتين 145، 146، والبداية والنهاية 13/ 108.
[5] انظر عن (علي بن محمد بن أحمد) في: صلة الصلة لابن الزبير 129، وتكملة الصلة لابن الأبار 3/ ورقة 73، 74 (نسخة الأزهر) ، والمطبوع، رقم 1895، وزاد المسافر 22- 27، وإنباه الرواة 2/ 310، والذيل والتكملة على كتابي الموصول والصلة 5/ 275- 277 رقم 553، ورايات المبرّزين 86، وسير أعلام النبلاء 22/ 295، 296 رقم 173، وفوات الوفيات 2/ 70، والوافي بالوفيات 12/ 145، والمغرب في حلى المغرب 2/ 318، والعسجد المسبوك 2/ 415، ونفح الطيب (في مواضع كثيرة) ، وبغية الوعاة 2/ 186، ومعجم المؤلفين 7/ 179، 180.(45/119)
قال الأبّار: شاعر بَلَنسية الفَحْل المستبحر في الآداب واللُّغات. روى عن أبي عبد الله بن حميد. وكان عالما بفنون الآداب، حافظا لأشعارِ العرب وأيامها، شاعرا مُفْلقًا، اعترف لَهُ بالسّبق بُلَغَاءُ وقتِه، ودَوَّن شِعره في مجلَّدتين.
ولَهُ مقصورة كالدُرَيْدِيَّة سمعتُها منه، وصحبتُه مُدَّة، وأخذ عنه أصحابُنا. وُلِدَ سَنةَ إحدى وخمسين. وتُوُفّي في ثامن عشر شعبان.
قال ابن مَسْدِيّ: كَانَ إنْ نَظَم أعجزَ وأَبْدع، وإنْ نَثَرَ أَوْجَزَ وأَبْلَغَ، سَحَبَ ذَيْلَ الفصاحةِ على سُحْبَانِها، ونبغ بإحسان على نابغتها وحسَّانها. سَمِعْتُ من تواليفه، فمن ذلك:
يا صَاحِبَيَّ ومَا البَخِيلُ بِصَاحِبي ... هذِي الخِيَامُ فأين تِلْكَ الأَدْمُعُ
أَتَمُرُّ بالعَرصَاتِ لا تبكي بها ... وهي المعاهد منهم والأربع
يا سَعْدُ مَا هذَا المُقَامُ وَقْد نَأَوْا ... أَتُقِيمُ مِن بَعْدِ القُلُوبِ الأَضْلُعُ
وأَبَى الهَوى إلا الحُلُولَ بلَعْلَعٍ ... وَيْحَ المَطَايَا أَيْنَ مِنْهَا لَعْلَعُ
لَمْ أَدْرِ أَيْنَ ثَوَوْا فَلَمْ أَسْأَلْ بِهِمْ ... رِيحًا تَهُبُّ ولا بَرِيقًا يَلْمَعُ
119- عليُ بن منصور [1] بن عبد الله. أبو الحَسَن، اللُّغَويّ.
كَانَ علَّامةً في اللّغة، بصيرا بالعربيَّةِ، فقيها في مذهب الشافعيّ.
أخذ عن الكمال الأنباريّ، إلّا أنَّه كَانَ ضَجُورًا يأبى التَّصَدُّر والتّصدير للإشغال، ولم يتأهَّلْ قَطُّ. وكان مقيما بالنظامِيَّةِ، وكان أحدَ الأذكياء، حفظ «المُجْمَل» لابن فارس، كلَّ يوم كرّاسا، وحفظ «إصلاح المنطق» وأشياء كثيرة، وكان سريع الحفظ. وعاش بضعا وسبعين سنة [2] .
__________
[1] انظر عن (علي بن منصور) في: معجم الأدباء 15/ 81- 83، والمختار من تاريخ ابن الجزري 126، 127، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 349، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 163 ب، وبغية الوعاة 2/ 207، 208.
[2] وقال ياقوت الحموي: ولا أعلم له في زمانه نظيرا في علم اللغة، فإنه حدّثني أنه كان في صباه يكتب كل يوم نصف جزء خمس قوائم من كتاب «مجمل اللغة» لابن فارس ويحفظه ويقرأه على عليّ بن عبد الرحيم السلمي المعروف بابن القصّار، حتى أنهى الكتاب حفظا وكتابة، وحفظ إصلاح المنطق في أيسر مدّة، وحفظ غير ذلك من كتب اللّغة والفقه والنحو، وطالع أكثر كتب الأدب، وهو حفظة لكثير من الأشعار والأخبار، ممتع المحاضرة إلا أنه(45/120)
120- عليّ بن أبي الكَرَم نصرُ [1] بن المبارك بن أبي السَّيِّد بن مُحَمَّد.
أبو الحَسَن، الواسطيّ، ثمّ البَغْداديُّ، ثمّ المكّيّ المَوْلِد والدَّار، الخلّال، المعروف بابن البَنَّاء.
راوي «جامع» التِّرْمِذِيّ عن أبي الفَتْح الكَرُوخيّ.
حدَّث بمكّة، والإسكندرية، ومصرَ، ودمياط، وقوص، وسَمِعَ منه هذا الكتابَ خلْقٌ كثير. وهُوَ آخِرُ من رواه عن الكَرُوخيّ، وسماعه صحيح.
قال ابن نُقْطَة [2] : ذَكَرَ لي أنَّه وقعَ لَهُ نحوا من ثلثه بخطِّ الكَرُوخيّ. وهُوَ شيخٌ فقير عامّيّ، سألتُه أن أقرأ عليه، فقال: اقرأ ما شئتَ، وقد أجزتُ لك ولِولدك لكن لا أكتب لك خطِّي، فقرأتُ عليه في سَنَةِ خمس عشرة حديثا
__________
[ () ] كان لا يتصدّى للإقراء، ولقد سألته في ذلك، وخضعت إليه بكل وجه فلم ينقد لذلك، ولا يكاد أحد يراه جالسا وإنما هو في جميع أوقاته قائم على رجله في النظامية، ولو جلس للإقراء لأحياء علوم الأدب ولضربت إليه آباط الإبل في الطلب.
بلغني أن مولده سنة سبع وأربعين وخمسمائة.
من شعره:
فؤاد معنّى بالعيون الفواتر ... وصبوة باد مغرم بالحواضر
سميران ذادا عن جفون متيّم ... كراها وباتا عنده شرّ سامر
وله:
لمن غزال بأعلى رامة سنحا ... فعاود القلب سكر كان منه صحا
مقسّم بين أضداد فطرّته ... جنح وغرّته في الجنح ضوء ضحا
(معجم الأدباء) .
[1] انظر عن (علي بن أبي الكرم نصر) في: التقييد لابن نقطة 417 رقم 557، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 140، 141 رقم 2021، وإنباه الرواة 2/ 323، والمعين في طبقات المحدّثين 192 رقم 2043، والإشارة إلى وفيات الأعيان 326، والإعلام بوفيات الأعلام 256، ودول الإسلام 2/ 127، والعبر 5/ 90، وسير أعلام النبلاء 22/ 247، 248 رقم 135، والعقد الثمين 6/ 271، والوافي بالوفيات 22/ 272، والنجوم الزاهرة 6/ 63، وحسن المحاضرة 1/ 177، وشذرات الذهب 5/ 101.
[2] العبارة في (التقييد 417) تختلف عمّا هنا، وهي:
«وسألته فأخرج إليّ خط أبي الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي، وقد أثبت له أنه سمع منه جميع كتاب الجامع لأبي عيسى الترمذي، وكتاب العلل الّذي في آخره، وهو ثبت صحيح، وسمعت منه حديثا واحدا وسألته الإجازة لي ولابني أبي موسى ولأخته، فتلفّظ لنا بها، ثم عدت في سنة عشرين وستمائة وهو في الأحياء، وقرئ عليه بمكة الكتاب في هذه السنة فسمعه منه جماعة، وقرأت لهم بعضه، وسماعه صحيح» .(45/121)
واحدا، ثمّ سَمِعْتُ منه بعد ذلك بعض «الجامع» .
روى عنه: ابن نُقْطَة، والزَّكيّ المُنذريّ، ومُحَمَّد بن صالح التِّنِّيسيُّ، ومحمد بن عبد العزيز الإسكندرانيّ، وزين الدّين محمد ابن الموفّق الإسكندرانيّ الخطيب، والضّياء مُحَمَّد بن عُمَر التّوزريّ، ومحمد بن منصور ابن أحمد الحَضْرَميّ الإسكندرانيّ، والحَسَنُ بن عثمان القابسيّ المحتسِب، وذاكرُ بن عبد المؤمن مؤذّن الحَرَم، والبهاءُ زُهَير بن مُحَمَّد المُهَلَّبيّ الكاتب، وعبد المُحسن بن ظافر الحَجْرِيّ، وعبد المُحسن بن يحيى البجائي، وإسحاق ابن إبراهيم بن قريش المَخْزُوميّ، والقُطبُ مُحَمَّد بن أحمد ابن القَسْطَلَّانيّ، ومُحَمَّد بن عبد الخالق بن طَرخان الأُمَويّ، وعليّ بن صالح الحُسَيْنيّ، ويوسُف بن إسحاق الطّبريُّ المَكِّيَّان، وآخرُ من روى عنه مُحَمَّد بن تَرْجَم بالقاهرة.
تُوُفّي في ربيع الأول، وقيل [1] : في صفر بمكّة عَنْ سِنٍّ عَالِيَةٍ.
121- عليَّ بْن يوسُف [2] بْن عَبْد اللَّه بْن بُنْدار. قاضي القضاة بالدِّيارِ المصرية، زين الدِّين، أبو الحَسَن، ابن العَلَّامة أبي المحاسن، الدّمشقيّ، ثمّ البَغْداديُّ.
روى «مُسْنَد» الشافعيّ عن أبي زُرْعة المَقْدِسيُّ.
ووُلِدَ في سَنَةِ خمسين وخمسمائة ببغداد، وتفقّه بها على والده، وسافر
__________
[1] القول للمنذري في (التكملة) على سبيل التمريض. وقد جزم ابن مسدي، والرشيد العطار بوفاته في شهر صفر. (انظر: العقد الثمين 6/ 271) .
[2] انظر عن (علي بن يوسف) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار (باريس) ورقة 78، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 149، 150 رقم 2046، ودول الإسلام 2/ 127، والعبر 5/ 91، وسير أعلام النبلاء 22/ 296، 297 رقم 174، والمعين في طبقات المحدّثين 194 رقم 2057، والإشارة إلى وفيات الأعيان 326، والإعلام بوفيات الأعلام 256، والعبر 5/ 91، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 541، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 129 (8/ 304) ، والوافي بالوفيات 22/ 335، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 163 ب، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 172، وذيل التقييد للقاضي الفاسي 2/ 228 رقم 1496، والعسجد المسبوك 2/ 415، والنجوم الزاهر 6/ 263، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 64، وحسن المحاضرة 1918، 192، وشذرات الذهب 5/ 101.(45/122)
عن بغداد في سَنَةِ سبْعٍ وسبعين. وكان فقيها، إماما، محتشِمًا، متواضِعًا، خيَّرًا، حسنَ الأخلاق، مُحِبًّا لأهل العِلْم.
روى عن: البِرْزَاليُّ، والحافظُ عبد العظيم، وابنُه أبو العباس أحمدُ بن عليّ، وجماعة. وَحَدَّثَنَا عنه الأبَرْقُوهيّ. وتُوُفّي في ثالث عشر جُمَادَى الآخرة بالقاهرة.
122- عليّ بن يوسف بن أيوب [1] بن شاذي. السلطان، الملك الأفضل، نور الدِّين، ابن السُّلطان الملك النّاصر صلاح الدِّين.
وُلِدَ يوم عيد الفِطْر سَنةَ خمسٍ وستّين بالقاهِرَةِ، وقيل: سَنةَ ستٍّ وستّين. وسمع من عَبْد اللَّه بْن بَرّيّ النَّحْويّ، وأبي الطّاهر إسماعيل بن عَوْف الزُّهْريّ، وأجاز لَهُ جماعة. ولَهُ شِعرٌ حَسَنٌ، وتَرَسُّلٌ، وخطٌّ مَليح.
وكان أسنَّ الإِخوة، وإليه كانت ولايةُ عهدِ أبيه. ولَمّا مات أبوه، كَانَ معه بدمشق، فاستقلّ بسلطنتها، وأستقلَّ أخوه الملك العزيز بمصر، وأخوهما الظّاهر بحلب.
ثمّ جرت للأفضل والعزيز فِتَنٌ وحروب، ثمّ اتَّفق العزيزُ وعمُّه الملكُ العادل على الأفضل، وقصدا دمشقَ، وحاصراه، وأخذاها منه، فالتجأ إلى
__________
[1] انظر عن (علي بن يوسف بن أيوب) في: الكامل في التاريخ 12/ 428، 429، والتاريخ المنصوري لابن نظيف الحموي 111، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 637، 638، وذيل الروضتين 145، وزبدة الحلب 3/ 196، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 237، وتاريخ الزمان، له 268، 269، ومفرّج الكروب 4/ 155- 158، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 140 رقم 2020، وعقود الجمان لابن الشعار 4/ ورقة 486، وعقود الزركشي، ورقة 34 ب، والمغرب في حلى المغرب 199- 203، ووفيات الأعيان 3/ 419، والمختصر في أخبار البشر 3/ 135، والدرّ المطلوب 275، 276، ونهاية الأرب 29/ 137، ودول الإسلام 2/ 128، والعبر 5/ 91، وسير أعلام النبلاء 21/ 294- 296 رقم 153، تاريخ ابن الوردي 2/ 146، 147، ومرآة الجنان 4/ 52، 53، والإشارة إلى وفيات الأعيان 326، وأمراء دمشق في الإسلام 58، والوافي بالوفيات 22/ 342- 347 رقم 243، والبداية والنهاية 13/ 108، والعسجد المسبوك 2/ 414، والعقد الثمين 6/ 275، وثمرات الأوراق لابن حجة 22، والسلوك ج 1 ق 1/ 116، والنجوم الزاهرة 6/ 262، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 285، وشفاء القلوب 256 رقم 78، وشذرات الذهب 5/ 101، وترويج القلوب 47 رقم 47.(45/123)
صَرْخَدَ، وأقام بها قليلا. فمات العزيزُ بمصر، وقام ولدُه المنصور مُحَمَّد وهُوَ صبيٌّ، فطلبوا لَهُ المَلِكَ الأفضلَ ليكون أتابَكَه، فَقَدِمَ مصر، ومشى في ركاب الصبيّ.
ثمّ إنّ العادل عَمِلَ على الأفضل، وقَدِمَ مصر وأخذها، ودفع إلى الأفضل ثلاثة مدائن بالشرق، فسار إليها، فلم يحصل لَهُ سوى سُمَيْسَاطَ، فأقام بها مُدَّة. وما أحسن ما قال القاضي الفاضل [1] : أمّا هذا البيت، فإنّ الآباء منه اتفقوا، فملكوا، والأبناءَ منه اختلفوا، فَهَلَكُوا. وقيل: كَانَ فيه تشيُّعٌ. ولَمّا عَمِلَ عمُّه العادل أبو بكر قال:
ذي سُنَّةٌ بَيْنَ الأَنَامِ قَدِيمَةٌ ... أَبَدًا أبو بكرٍ يَجُورُ عَلَى عَلِي
وكتب إلى الخليفة:
مَوْلاي إنَّ أبا بَكْرٍ وصَاحِبَه ... عُثْمَانَ قَدْ غَصَبَا بالسِّيفِ حَقَّ عَليّ
وهُوَ الَّذِي كَانَ قَدْ وَلَّاهُ والِدُه ... عَلَيْهِما واسْتَقَامَ الأَمْرُ حِينَ وَلِي
فَحَالَفَاهُ وَحلَّا عَقْدَ بَيْعَتِهِ ... والأَمْرُ بَيْنَهُمَا والفصُّ فيه جَلِيّ
فأنْظُر إلى خَطِّ هذا الاسمِ كَيْفَ لَقِي ... مِنْهُ الأَوَاخِرُ مَا لاقى مِنَ الأُوَلِ [2]
فجاءه في جواب النّاصر لدين الله:
وَافي كِتَابُك يا بن يوسُف مُعْلِنًا ... بالوُدِّ يُخْبِرُ أنَّ أصْلَكَ طَاهِرُ
غَصَبُوا عليا حَقَّه إذْ لَمْ يَكُنْ ... بَعْدَ النَّبيِّ لَهُ بِطَيْبَةَ نَاصِرُ
فابْشِرْ فإنَّ غدا عليه حِسَابُهم ... واصْبِرْ فَنَاصِرُك الإِمامُ النّاصرُ [3]
وقيل- ولم يَصحّ- إنَّه جَرَّدَ سبعين ألفا لِنصرته. فجاءه الخبرُ أنَّ الأمر قد فات، فَبَطَل التّجريدُ.
قال ابن الأثير في «تاريخه» [4] : ولم يملك الأفضلُ مملكة قَطُّ إلا وأخذها منه عمُّه العادل، فأوَّل ذلك أنّ أباه أقطعه حَرَّان ومَيَّافَارْقِينَ سَنَة ستّ وثمانين وخمسمائة، فسار إليها، فأرسل إليه أبوه، وردَّه مِن حلب، وأعطى
__________
[1] «وفيات الأعيان» : 3/ 420.
[2] الأبيات في: المغرب في حلى المغرب.
[3] الأبيات في: تاريخ مختصر الدول لابن العبري، والمغرب في حلى المغرب.
[4] الكامل في التاريخ 12/ 428.(45/124)
حَرَّان ومَيَّافَارْقِينَ لأخيه الملكِ العادلِ. ثمّ مَلَك الأفضلُ دمشقَ بعدَ والده، فأخذها منه عمُّه العادِلُ في شعبان سَنَة اثنتين وتسعين، ثمّ مَلَكَ مصر بعد أخيه العزيز، فأخذها منه. ثمّ ملك صَرْخَد، فأخذها منه.
قال [1] : وكان مِن محاسن الدُّنيا لم يكن في الملوك مثلُه. كَانَ خيِّرًا، عادلا، فاضلا، حليما، كريما، قلَّ أنْ عاقب على ذنب. إلى أن قال:
وبالجملة اجتمعِ فيه مِن الفضائل والمناقب ما تفرَّق في كثيرِ مِن الملوك. لا جرم حرم الملك والدّنيا، وعاداه الدّهرُ، ومات بموته كُلُّ خُلُقٍ جميل وفِعلٍ حميد. ولَمّا مات اختلف أولادُه وعَمُّهم قُطْبُ الدِّين.
وقال صاحبُ كتاب «جَني النَّحْل» : حضرتُ يوما بسُمَيْسَاطَ، وصاحبُها يومئذٍ الأفضل، فنظر إلى صبيّ تُركي لابسٍ زَرَدِيَّة، فقال على البَدِية:
وَذِي قَلْبٍِ جَلِيدٍ [2] لَيْسَ يَقْوَى ... عَلَى هِجْرَانِهِ القَلْبُ الْجَلِيدُ
تَدَرَّعَ للوَغَى [3] دِرْعًا فَأَضْحَى ... وَظَاهِرُه وبَاطِنُه حَدِيدُ
ثمّ أنشدني لنفسه:
أمَا آن للحظِّ الّذي أَنَا طَالِب ... مِنَ الدَّهْرِ يوما أَن أَُرَى وَهْوَ طَالِبي
وهَلْ يُرِيَنِّي الدَّهْرُ أيدي شيعتي ... تحكّم قَهْرًا في نَوَاصِي النَّوَاصِبِ
ولَهُ:
يَا مَنْ يُسوِّد شَعْرَهُ بِخِضَابِهِ ... لَعَسَاهُ في أَهْلِ الشَّبِيبَةَ يَحْصُلُ
ها فَاخْتَضِبْ بِسَوَادِ خَطِّي مَرَّةً [4] ... ولَكَ الأمان بأنّه لا ينصل [5]
مات فجاءة في صفر بسُمَيْسَاط: وهي قلعةٌ على الفرات بينَ قلعة الروم ومَلْطيَة، ونُقِلَ إلى حلب، فدفن بتربة له بقرب مشهد الهرويّ.
__________
[1] «الكامل» : 12/ 428- 429.
[2] في الدر المطلوب: «حديد» .
[3] في الدر المطلوب: «للورى» .
[4] في الدر المطلوب، والمختصر في أخبار البشر، وتاريخ ابن الوردي: «لحظة» .
[5] البيتان في: المغرب في حلى المغرب، والدر المطلوب، والمختصر في أخبار البشر، وتاريخ ابن الوردي.(45/125)
123- عليّ بن أبي القاسم [1] بن أبي بكر الحَرِيميّ، الدَّلّال.
سَمِعَ من: يحيى بن ثابت، وأحمد بن بُنيمان الحَرِيميّ. ومات في ربيع الأول.
124- عليّ المُوَلَّه [2] الكُرديّ، بدمشق.
وكان يكون بظاهر باب الجابية. وللعوامّ فيه اعتقاد، ويقولُون: لَهُ كَرامات. وكان لا يصومُ ولا يُصلّي، ويدوسُ النّجاسةَ. قاله أبو شامة [3] .
125- عُمَر بن بدر [4] بن سعيد.
المُحدِّث، أبو حفص، الكُرديّ، المَوْصِليّ، الحنفيّ.
لَهُ تصانيفُ ومجاميعُ، ولم يزل يَسْمَعُ إلى أن مات. لَقَبُه ضِيَاءُ الدِّين.
سمع: ابن كليب، ومحمد بن المبارك ابن الحَلَاوِيّ، وابن الجوزيّ، وطبقتهم. وحدَّث بحلبَ ودمشق.
روى عنه: مجد الدّين ابن العديم، وأخته شهدة، والفخر عليّ ابن البخاريّ، وقبلَهم الشهابُ القُوصيّ، وغيره. وسماعُ الفخر منه بالقدس.
وتُوُفّي في شَوَّال بدمشق بالبَيْمَارسْتَان النّوريّ، وله بضع وستّون سنة [5] .
__________
[1] انظر عن (علي بن أبي القاسم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 141 رقم 2022.
[2] انظر عن (علي الموله) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 638، 639، وذيل الروضتين 146، والبداية والنهاية 13/ 108، 109.
[3] في ذيل الروضتين 146.
[4] انظر عن (عمر بن بدر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 162 رقم 2072، وتاريخ علماء بغداد 158، وتاريخ إربل 1/ 237، 238 رقم 136، وعقود الجمان لابن الشعار (استنبول) 5/ ورقة 100، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 96، وسير أعلام النبلاء 22/ 287، 288 رقم 164، والعبر 5/ 91، والجواهر المضية للقرشي 1/ 387، ومنتخب المختار للفاسي 158، 159، والوافي بالوفيات 22/ 430 رقم 311، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 65، وتاج التراجم لابن قطلوبغا 64، والطبقات السنية 2/ ورقة 925، 926، وكشف الظنون 80، 173، 1158، وشذرات الذهب 5/ 101، وهدية العارفين 1/ 785، والرسالة المستطرفة 114، وتاريخ الأدب العربيّ 1/ 440، وملحقه 1/ 610، والأعلام 5/ 199، ومعجم المؤلفين 7/ 278.
[5] وقال ابن المستوفي: أنشدنا لنفسه ملغّزا «لؤلؤ» في ثاني رمضان سنة خمس عشرة وستمائة:(45/126)
126- عُمَر بن القاسم [1] بن مُفَرِّج بن درع. أبو عبد الله، التَّكريتيّ، الفقيه الشافعيّ، أخو القاضي يحيى قاضي تكريت.
مات في جُمَادَى الآخرة عَن اثنتين وثمانين سَنةَ. إمامٌ، مفتٍ، حسنُ النظْم. ذُكر في «قلائد الْجُمان» .
حرف الغين
127- غالب بن أبي سَعْد [2] بن غالب بن أحمد.
أبو غالب، الحَرْبيّ، الغزَّال.
سَمِعَ من أبي الفَتْح بن البَطِّي. روى لنا عنه بالإِجازة الشهاب الأبَرْقُوهيّ. وتُوُفّي في ربيع الآخر.
حرف الميم
128- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد [3] بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عبد الجبّار.
أبو الغنائم، الواسطيّ، الشاعر.
تُوُفّي في ذي القعدة، وله بضع وثمانون سنة.
__________
[ () ]
عصّيت اسم حبيبي ... إلّا على أهل البراءة
من الولاية يوما ... من مرتين جماعة
وأنشدنا لنفسه، والاسم «حسن» :
وقائل ما اسم من تجنّى ... عليك قد شفّك السقام
فقلت: اعكس سلمت يا ذا ... عليك من ربّك السلام
وعنده أخا الأحاجي ... مصحّف يحصل المرام
وجدت في إجازته بإزاء خطه فيها: «توفي عمر بن بدر بن سعيد إلى رحمة الله تعالى في يوم الجمعة الثامن والعشرين من شهر رمضان من سنة اثنتين وعشرين وستمائة بدمشق» . ونقلت من خط عمر بن بدر من إجازة: «ومولدي في جمادى الآخر من سنة سبع وخمسين وخمسمائة» . (تاريخ إربل) .
[1] انظر عن (عمر بن القاسم) في: عقود الجمان لابن الشعار 5/ ورقة 101.
[2] انظر عن (غالب بن أبي سعد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 146 رقم 2035.
[3] انظر عن (محمد بن أحمد بن محمد) في: تلخيص مجمع الآداب 4 ق 4/ 685، 686، والمختار من تاريخ ابن الجزري 126.(45/127)
ومن شعره:
أيا شجراتٍ بالمُصَلَّى قديمة ... سَلامٌ عَلَيْكُنَّ الغَدَاةَ سَلامُ
ويا بَانَ كُثْبَانِ الجنيبة هَلْ لَنَا ... بِظِلِّك مِنْ بَعْدِ البِعَادِ مُقَامُ
- مُحَمَّد بن أحمد بن مسعود [1] الشاطبيّ.
سيأتي سَنةً خمس، لكنْ ورّخه ابن مَسْدِيّ في عام اثنتين، فاللَّه أعلم.
129- مُحَمَّد بن إبراهيم [2] بن أحمد بن طاهر. الشيخ فخر الدِّين، أبو عبد الله، الفارسيُّ، الشيرازيُّ، الخَبْريُّ [3] ، الفيروزآبادِيّ، الصُّوفيّ، الشّافعيّ.
قَدِمَ دمشقَ سَنةَ ستٍّ وستّين وخمسمائة، وعمرُه سبْعٍ وثلاثون سَنةَ، فسمع من الحافظ أبي القاسم بن عساكر، وسافر إلى الإسكندرية في شعبان، فسمع من السِّلَفيّ، وسَمِعَ من أبي الغنائم المطهَّر بن خَلَف بن عبد الكريم النَّيْسَابوريّ، وأبي القاسم محمود بن محمد القَزْوينيّ، وجماعة من المتأخّرين.
وعلى تقدير عمره كَانَ يُمكنه السماعُ مِن القاضي أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي الأنصاري، وطبقته.
__________
[1] ستأتي ترجمة «محمد بن أحمد بن مسعود» برقم (310) .
[2] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 164، 165 رقم 2080، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 2307، وسير الأولياء 121- 123، وسير أعلام النبلاء 22/ 179- 181 رقم 120، والعبر 5/ 91، والمشتبه 1/ 183، وميزان الاعتدال 3/ 14، والإشارة إلى وفيات الأعيان 327، ونهاية الأرب 29/ 134، ومرآة الجنان 4/ 53، والوافي بالوفيات 2/ 9 رقم 262، والإعلام بوفيات الأعلام 256، والعقد المذهب لابن الملقن، 466 رقم 151، وذيل التقييد للقاضي الفاسي 1/ 85 رقم 86، والعقد الثمين 1/ 393، والفلاكة والمفلوكون للدلجي 78، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 414، 415 رقم 383، والعسجد المسبوك 2/ 416، والمقفى الكبير 5/ 49- 51 رقم 1576، ولسان الميزان 5/ 29، والنجوم الزاهرة 6/ 263، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 66، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي، ورقة 28، وحسن المحاضرة 1/ 259، وشذرات الذهب 5/ 101، والأعلام 6/ 187، ومعجم المؤلفين 8/ 192.
[3] الخبري: بفتح الخاء المعجمة، وسكون الموحّدة وراء نسبة إلى: خبر سروشين، وهي إقليم من عمل شيراز من جبل الدينار. (تكملة المنذري) .(45/128)
قال المُنذريّ [1] : صنَّف في الطّريقة كتابا مشهورا، وحدَّث بالكثير، وجاور بمكّة زمانا، وانقطع في آخر عمره بمعبد ذي النّون بالقَرَافَةِ.
قلتُ: روى عنه هُوَ، والرشيدُ عبد الله، والجلالُ عيسى ابْنَا حسنٍ القاهريّ، والضّياء عليّ ومحمد ابنا عيسى بن سُلَيْمان الطّائي، والشهاب الأبَرْقُوهيّ، وطائفة. وأراني شيخُنا العِمَادُ الحزّاميّ لَهُ خطبةَ كتاب، فيها أشياءُ مُنْكَرة تدلّ على انحرافه في تصوُّفه، والله أعلم بحقيقة أمره. وقال للزَّكيّ المُنذريّ: نحن من خَبْر سروشين، وهي من أعمال شِيراز.
وتُوُفّي في سادس عشر ذي الحجّة.
وقد مدحه عمر ابن الحاجب: بالحقيقة، والأحوالِ، والجلالة، وأنّه فصيحُ العبارة، كثير المحفوظ. ثمّ قال: إلّا أنَّه كَانَ كثيرَ الوقيعة في الناس لمن يَعْرِفُ ولمن لا يَعْرِفُ، لا يفكّر في عاقبة ما يقول. وكان عنده دُعابة في غالبِ الوَقْت، وكان صاحبَ أصول يُحَدِّثُ منها، وعنده أَنَسةٌ بما يُقرأ عليه.
وقال ابن نقطة: قرأت عليه يوما حكاية عن ابن مَعِين، فسبَّه ونال منه، فأنكرت عليه بلُطف.
قلت: أول كتابه «برق النَّقا شمس اللّقا» : الحمدُ للَّه الّذي أودعَ الحدودَ والقُدودَ الحُسْنَ، واللّمحات الحوريّة السّالبة بها إليها أرواح الأحرار المفتونة بأسرار الصَّباحة، المكنونة في أرجاء سَرْحَةِ العِذار، والنّامية تحتَ أغطية السُّبحانية، وخِباءِ القيوميةِ، المفتونة بغررها قلوبُ أولي الأيدي والأبصار بنشقة عبقة الخُزام الفائحة عن أرجاءِ الدّار، وأكنافِ الدّيار، الدّالّةِ على الأشِعَّةِ الجمالية، الموجبة خلعَ العِذار، وكشف الأستار بالبراقع المسبلة على سيماء الحُسْنِ الّذي هُوَ صُبح الصَّباحة على ذُري الجمالِ المصونِ وراءَ سُحُب الملاحةِ المُذهبة بالعقول إلى بيع العَقار وشُرب العُقار، وشدِّ الزّنّار على دِمن الأوكار، المذهلة بلطافةِ الوصلة عن هبوبِ الرياح المثيرة نيرانَ الاشتياق إلى ثورةِ الحُسن المسحبة عليها أذيالَ العشق، والافتنان من سَوْرَةِ الإِسكار، ومن لواعج الخُمار، المزعجة أرواح الطّائفة، الطّائفة حول هالة المشاهدة، والكعبة
__________
[1] في التكملة 3/ 165.(45/129)
العيانية لاختلاس المكالمة، وطيب الدّلال في السرار [1] .
130- مُحَمَّد بن إسماعيل [2] بن محمود بن أحمد. القاضي، صفيّ الدِّين أبو عبد الله، ابن الفقيه، أبي الطّاهر، الأنصاريُّ، الدّمشقيّ الأصل، المَحَلِّيّ، الشافعيّ، الصَّفيّ، الكاتِبُ.
تَفَقَّه بمصر على الفقيه أبي إسحاق بن مُزَيْبل ولازَمَهُ مُدَّة. وسَمِعَ من
__________
[1] وقال صفي الدين الخزرجي: ورأيت الشيخ الإمام الصوفي فخر الدين الفارسيّ، كان من أكابر المشهورين، تزوره الملوك والأعيان. صحب جماعة من مشايخ العجم وخدمهم، آخر من خدم من الشيوخ الشيخ العارف الكبير روزبهان رضي الله عنه.
وعمّر الشيخ فخر الدين زاوية بالقرافة محتوية على معبد الإمام العارف الكبير ذي النون المصري. وكان الشيخ فخر الدين متضلّعا بالعلم والحديث، صنّف في علم الطريق وأحواله مصنّفا حسنا وانتسب له جمع كبير. وشهرته عظيمة غنيّة عن كثرة الإيضاح.
ورأيت له حكاية عجيبة وهي أن رجلا من صلحاء القرافة مات فعمل له أصحابه عرسا واجتمع إليه عالم كثير في زاوية تعرف بزاوية مسعود الغرابيلي. وأحضروا قوّالا كان قد انفرد بالغناء في وقته يقال له الفصيح. فلما اجتمعوا قالوا: من المصلحة أن نعلم الشيخ فخر الدين بهذه الصورة قبل أن نفعلها، فمضوا إليه وأعلموه فقام معهم، وحضر بحرمته العظيمة، وهيئته المحترمة، وأصحابه حوله وبين يديه. فلما جلس والناس بأسرهم قد اجتمعوا لأجل الفصيح. وكان في أول شهرته وقبول الناس عليه. وهو شاب حسن الصورة. واجتمع الناس محدقين بالشيخ فخر الدين الفارسيّ يتأملون ما يصدر عنه. فأشار بتبطيل الفصيح، وأنكر صورة الاجتماع لأجله، فسمع الفصيح بذلك فهرب خوفا من الشيخ. وكفرت نفوس النفوس بسبب فوتهم الأمر الّذي اجتمعوا بسببه، وزهقت أرواحهم. فعلم الشيخ منهم ذلك فتكلّم بكلام كثير ثم قال: ضمان السّماع عليّ. ثم أشار إلى فقير مزمزم يقال له علي ابن الزرزور، يجلس بين الخلق، وكان الجمع كثيرا. فغنّى إلى أن قال دو بيت مضمومة:
كررت في مذهب العشق زمان ... حتى ظهرت أدلّة الحق وبان
لا زلت أوحّد الّذي أعشقه ... حتى ارتحل الشرك عن القلب ديان
فقام الشيخ فخر الدين الفارسيّ ووضع عمامته على الأرض، وحجل بهيئته وحرمته واستغراق وجده في سماعه. فما بقي على الأرض إلّا من طاب. وكشف الخلائق رءوسهم صارخين وقتا متّسعا. وحمدت الخلائق الله إذ عوّضهم من الشيخ وسماعه وبجلالة قدره ما فاتهم من قوّال كانوا يفتنون به.
ووفى الشيخ فخر الدين لهم بضمانه. وأنا كنت حاضرا هذه القضية رضي الله عنه، (سير الأولياء) .
[2] انظر عن (محمد بن إسماعيل) في: عقود الجمان لابن الشعار 6/ ورقة 179- 185، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 166 رقم 2082، والتاريخ المنصوري لابن نظيف الحموي 112، وذيل مرآة الزمان لليونيني (في ترجمة شرف الدين عبد العزيز الأنصاري) ، والوافي بالوفيات 2/ 220- 224 رقم 617، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 65.(45/130)
أبيه، ومن عَشِيرِ بن عليّ المُزَارع. وكتبَ في ديوان الإنشاء العادليّ مدّة [1] .
ومات بحلب. وكان لأبيه قبولٌ تامّ بالمحلَّة.
131- مُحَمَّد بن أبي الوليد إسماعيل بن محمد. أبو بكر، الحَضْرَميّ.
إمام جامع مُرْسِيَة. كَانَ ينسخ «تفسير» أبي محمد بن عطيّة، ولَهُ به عنايةٌ ورواية، كرَّرَ نسخه إلى الممات، ومنه كَانَ يقتات. أخذ عن أبي بكر بن خَيْر، وابن بَشْكُوالَ.
قال ابن مَسْدِيّ: أكثرتُ عنه، وكان مولده سنة أربع وخمسين وخمسمائة.
132- محمد بن جعفر [2] . أبو الخطّاب، الرَّبعِيّ.
شاعر مات بالرِّقة شابّا، فمِن نظْمه:
مَتَى لَاح دُونَ الوَردِ آسُ عِذَارِه ... فجنَّتُه خفَّتْ بأهوالِ نَارِه
غَريرٌ جرى ماءُ النعيمِ بخدِّه ... فَزَادَ اتِّقَادُ النَّارِ في جُلّنَارِه
133- مُحَمَّد بن الحُسَيْن بن أبي المكارم [3] أحمد بن الحسين بن بهرام. القاضي الصّالح، العالم مجدُ الدِّين، أبو المجد، القَزْوينيُّ، الصُّوفيّ.
وُلِدَ في صفر سَنةَ أربع وخمسين وخمسمائة بقزوين.
وسمع: أباه، ومحمد بن أسعد حَفَدَة العطاريّ، وأحمد بن ينال التُّرْك، وأبا الخير أحمد بن إسماعيل القَزوينيّ، وعُمَر الميانشيّ، وأبا الفَرَج ثابت بن مُحَمَّد المَدينيّ، وجماعة.
__________
[1] له شعر في الوافي بالوفيات، وعقود الجمان. وقال ابن نظيف: وكان مجيدا. (التاريخ المنصوري) .
[2] انظر عن (محمد بن جعفر) في: المختار من تاريخ ابن الجزري 126.
[3] انظر عن (محمد بن الحسين بن أبي المكارم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 159 رقم 2065، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 17، وتاريخ إربل 1/ 300 رقم 203، والتدوين في أخبار قزوين 1/ 264، والمعين في طبقات المحدّثين 191 رقم 2034، والإعلام بوفيات الأعلام 256، والإشارة إلى وفيات الأعيان 326، وسير أعلام النبلاء 2/ 249، 250 رقم 137، والعبر 5/ 92، ودول الإسلام 2/ 128، والعسجد المسبوك 2/ 416، والنجوم الزاهرة 6/ 263، والمقفى الكبير 5/ 573 رقم 2112، وشذرات الذهب 5/ 101.(45/131)
وحدّث بأذربيجان، وبغداد، والموصل، ورأس العين، ودمشق، وبَعْلَبَكّ، والقاهرة. ونزل بخانقاه سعيدِ السعداء.
قال المُنذريّ [1] : كَانَ شيخا صالحا، حَصَلَ لَهُ بمصر قبولٌ. ووالده قَدِمَ مصر وحدَّث- وقد تقدّم-.
وقال ابن الحاجب: كَانَ شيخا بهيّ المنظرِ، كريمَ الأخلاق، طويلَ الروح، صاحبَ أُصول.
قلتُ: سَمِعَ منه «شرح السُّنّة» و «معالم التّنزيل» خلقٌ كثير. ونسخته وقفٌ بدارِ الحديث الأشرفية بدمشق.
روى عنه: الضّياء المَقْدِسيُّ، والزَّكيّ المنذريّ، وعزّ الدّين عبد الرزّاق ابن رزق الله الرسْعَنيّ، والسيفُ عبد الرحمن بن محفُوظ الرسْعَنيّ، وعبدُ القاهر بن تيمية، وأبو الغنائم بن محاسن الكفّرابي [2] ، والتاجُ عبد الخالق قاضي بَعْلَبَكّ [3] ، والبهاءُ عبد الله بن الحَسَن بن محبُوب، والفقيه عباس بن عُمَر بن عَبْدان، وأمينُ الدِّين عبدُ الصَّمد بْن عساكر، وابنُ عمه الشرف أحمد ابن هبة الله، والنّجم أحمد ابن الشهاب القُّوصيّ، وأبوه، والمُحيي يحيى بن عليّ ابن القَلانسيّ، وعليُّ بن الحَسَن بن صبَّاح المَخْزوميّ، والجمال عمر ابن العَقيميّ، والكمالُ عبد الله بن قِوام، والعزُّ إسماعيل ابن الفرّاء، والعزّ أحمد ابن العماد، والشمس محمد ابن الكمال، والتّقيّ إبراهيم ابن الواسطيّ، وأخوه محمد، والتّقيّ أحمد بن مُؤمن، وإبراهيم بن أبي الحَسَن الفَرَّاء، ومُحَمَّدُ بن عليّ بن شمام الذّهبيّ، والعمادُ أحمد بن مُحَمَّد بن سَعْد، والفخرُ عبد الرحمن ابن يوسُف الحَنْبَليّ، والشمسُ خَضِرُ بن عَبْدَان الأزْديّ، والشهاب الأبَرْقُوهيّ، وأبو الفَرَج عبدُ الرحمن بن عبد الوهّاب السُّلَميّ خطيب بَعْلَبَكّ [4] ، وهُوَ آخر من حدّث عنه بالسماع.
__________
[1] في التكملة 3/ 159.
[2] لعله منسوب إلى كفرية من قرى الشام.
[3] ولد سنة 603 وتوفي سنة 696 هـ-.
[4] ولد سنة 614 وتوفي سنة 703 هـ-.(45/132)
تُوُفّي بالمَوْصِل في ثالث عشر شعبان، وقيل: في الثالث والعشرين منه [1] .
134- محمد بن أبي القاسم الخَضِرُ [2] بن مُحَمَّد بن الخَضِر بن عَلِيّ بن عبد الله. الإمام فخر الدِّين، أبو عبد الله، ابن تيمية [3] ، الحَرّانيّ، الفقيه الحَنْبَليّ، الواعظ، المُفَسّر، صاحب الخُطَب.
شيخ حرَّان وعالمُها. وُلِدَ في شعبان سَنةَ اثنتين وأربعين وخمسمائة بحَرّان.
وتَفَقَّه بحَرّان على الفقيه أبي الفَتْح أحمد بن أبي الوفاء، وأبي الفضل حامد بن أبي الحجر، وتَفَقَّه ببغداد على الإمام أبي الفَتْح نصر بن المَنِّيّ، وأبي العباس أحمد بن بَكْرُوس.
وسَمِعَ من أبي الفتح بن البطي، ويحيى بن ثابت، وأبي بكر بن النَّقُّور، وأبي طالب بن خُضَير، وسعدِ الله بن نصر الدَّجاجيّ، وأبي منصور جعفر ابن
__________
[1] وقال ابن النجار: حدّث بأماكن، وحصل له شيء من الدنيا صالح، وهو شيخ متيقّظ حسن الوجه، طلب وكتب وحصّل، وهو من بيت مشهور بالعلم والرواية. وسمع من جده أبي المكارم. حدّث سنة عشرين ببغداد ب- «أربعين» من جمعه. (سير أعلام النبلاء 22/ 250) .
[2] انظر عن (محمد بن أبي القاسم خضر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 138، 139 رقم 2017، وعقود الجمان لابن الشعار 6/ ورقة 267- 269، ووفيات الأعيان 4/ 386- 388، وتاريخ إربل 1/ 96- 100 رقم 33، وذيل الروضتين 146 وفيه: «محمد بن القاسم ابن محمد» ، والتاريخ المنصوري 108، وتلخيص مجمع الآداب 4/ ق 3/ 321 رقم 2350، ودول الإسلام 2/ 128، والمعين في طبقات المحدّثين 191 رقم 2032، والإشارة إلى وفيات الأعيان 326، والإعلام بوفيات الأعلام 256، والمختصر المحتاج إليه 1/ 47، والعبر 5/ 92، وسير أعلام النبلاء 22/ 288- 290 رقم 165، والوافي بالوفيات 3/ 37، 38، والبداية والنهاية 13/ 109، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 151، ومختصره 54، 55، والعسجد المسبوك 2/ 416، 417، والنجوم الزاهرة 6/ 362، 363، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 65، وطبقات المفسرين للسيوطي 32، وشذرات الذهب 5/ 102، 103، ومفتاح السعادة 2/ 115، 116، والتاج المكلّل للقنوجي 124- 129، وإيضاح المكنون 1/ 193، 270، 282، ومعجم المؤلفين 9/ 280، 281، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 275 رقم 485، والمنهج الأحمد 356، والمقصد الأرشد، رقم 937، والدر المنضد 1/ 352، 353 رقم 990.
[3] تصحّف في (المعين في طبقات المحدّثين 191) إلى: «تميمية» .(45/133)
الدّامَغانيّ، وشُهْدَةَ، وخلقٍ. وقرأ العربيةَ على أبي مُحَمَّد بن الخَشّاب.
ولَهُ مُصَنَّف مختصر في مذهب أحمد، وشِعْرٌ حسن [1] .
حجَّ جدُّه ولَهُ امرأة حامل، فلما كَانَ بتَيْمَاءَ، رأى طِفلةً قد خرجت من خِباء، فلمّا رجع إلى حَرَّان، وجد امرأته قد وَلَدَتْ بنتا، فلمّا رآها قال: يا تيميّة يا تيميّة فلُقِّبَ به [2] .
وأمّا ابن النّجّار فقال: ذَكَرَ لنا أنّ جدَّه محمدا، كانت أمُّه تُسمَّى تيميَّة، وكانت واعظة، فنُسِبَ إليها، وعُرِفَ بها.
قلت: وكان فخرُ الدِّين إماما في التّفسير، إماما في الفقه، إماما في اللّغة.
وَلِيَ خَطابة بلده، ودرّس، ووعظ، وأفتى. وقد سمع بحَرَّان من الشيخ أبي النجيب السُّهَرَوَرْدِيّ، قَدِمَ عليهم.
قال الشهابُ القُّوصيّ: قرأتُ عليه ديوانَ خُطبة بحَرَّان. وروى عنه: الإمامُ مجد الدِّين عبدُ السلام ابن أخيه، والجمال يحيى بن الصّيرفيّ، وعبد الله ابن أبي العزِّ بن صَدَقَة، والفقيه أبو بكر بن إلياس الرَّسعنيّ نزيل القاهرة، والسيف عبدُ الرحمن بن محفوظ، والشهابُ الأبَرْقُوهيّ، والرشيدُ عُمَر بن إسماعيل الفارقيّ، سَمِعَ منه «جزءَ» البانياسيّ وإنّما ظهر بعد موته. مات في صفر.
أخبرنا الأبرقوهيّ، أخبرنا أبو عبد الله ابن تَيْمِيَّةَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْبَطِّيِّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ مَهْدِيٍّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَكَّامٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عن
__________
[1] أورد العليمي أسماء بعض مؤلّفاته، وهي: التفسير الكبير، في مجلّدات كثيرة، وقال: هو تفسير حسن جدا، وثلاث مصنّفات في المذهب على طريقة «البسيط» و «الوسيط» و «الوجيز» للغزالي أكبرها «تخليص المطلب في تلخيص المذهب، وأوسطها «ترغيب القاصد في تقريب المقاصد» ، وأصغرها: «بلغة المتاعب وبغية الراغب» ، وله «شرح الهداية» لأبي الخطاب ولم يتمّه، وله «ديوان الخطب الجمعية» ، وهو مشهور. ومصنّفات في الوعظ، و «الموضح» في الفرائض، وغير ذلك. (الدر المنضّد) .
[2] تكملة المنذري 3/ 139، تاريخ إربل 1/ 97.(45/134)
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ رَأَى هِلالَ ذِي الْحَجَّةِ، فَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلا يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ، وَلا مِنْ أَظْفَارِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ [1] . تُوُفّي في حادي عشر صفر بحَرَّان. وقَدِمَ دمشق رسولا سَنَة ستمائة، فحدَّث بها [2] .
135- محمد بن صَدَقَة [3] .
أبو عليّ، الخطَّاط، المعروف بالخَفَاجيّ، الشاعر.
مدح النّاصرَ لدين الله، وغيرَه. وعاش إحدى وخمسين سَنةَ. ومات في شَوَّال ببغداد.
فمن شِعره:
ضَعُفَ الشَّقيُّ بِكُم لِقُوَّة دائِه ... وأَذَلَّه في الحُبِّ عِزُّ دَوائِه
أضحى يُعَالِجُ دُونَ رَمْلَيْ عَالِج ... حُرَقًا مِنَ الأشواقِ حَشْوَ حَشَائِه
لَمْ يَقْضِ مِنْ دُنياه بَعْضَ دُيونه ... وغَرامه في العَذْلِ من غرمائه
لم أنسه إذ زار زوارا والدُّجى ... مُتَلَفِّتٌ والصُّبْحُ مِن رُقَبائِه
رَشْأ إذَا حَاوَلْتَ مِنْه نَظْرَةً ... وَدِّعْ فُؤَادَكَ قَبْلَ يَوْمِ لِقَائِه
قَسَم الزّمانُ على البَرِيَّةِ حُبَّه ... شَطْرَيْنِ بين رجاله وَنِسَائِه
يا عَاذِلَ المُشْتَاقِ كُفَّ ولا تَلُمْ ... مَنْ بَاعَ فِيهِ نَعِيمَه بِشَقَائِه
فَالصَّبْرُ يَغْدِرُ بِالمُحِبِّ وشوقه ... أبدا يقومُ لَهُ بِحُسْنِ وَفَائِهِ
136- محمدُ بْن ظافر [4] بْن عَلِيّ بْن فتوح بْن حسين. أبو عبد الله، ابن
__________
[1] في صحيحه (1977) (41) وأخرجه من طريق شعبة النسائي 7/ 211، والترمذي (1523) وابن ماجة (3150) ، وأخرجه مسلم (1977) (42) وأبو داود (2791) والنسائي 7/ 212 من طريق عمرو بن مسلم به، وأخرجه أيضا مسلم (1977) (39) و (40) والشافعيّ في مسندة، 1/ 395، وابن ماجة (3149) والنسائي 7/ 212، والبغوي في «شرح السنة» (1127) من طريق سعيد بن المسيب به.
[2] أورد له ابن المستوفي أبياتا مع رسالة نثرية بعث بهما إلى صاحب إربل أبي سعيد كوكبوري ابن علي بن بكتكين، وأبياتا أخرى أنشدها لنفسه. (تاريخ إربل) .
[3] انظر عن (محمد بن صدقة) في: عقود الجمان لابن الشعار 6/ ورقة 83، والوافي بالوفيات 3/ 159، 160 رقم 1121.
[4] انظر عن (محمد بن ظافر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 166، 167 رقم 2083، وتاريخ(45/135)
رواج، الأزْديّ، الإِسْكندَرانيّ، أخو المُحدِّث عبد الوهّاب.
روى عن السلفي، روى عنه الزكي المنذري، وغيرُه.
137- مُحَمَّد بن عبد الجليل بن عثمان.
أبو عبد الله، المِيهَنِيّ، الصُّوفيّ.
روى عن حَفَدَةَ العَطَّارِيّ، وعنه مجدُ الدِّين العَدِيميُّ. تُوُفّي بحلب في سَلْخِ جُمَادَى الأولى.
138- مُحَمَّد بن عليّ [1] بن موسى.
أبو بكر، الأنصاريّ، الشَّريشيّ، ويُعرف بابن الغزال.
أخذ القراءاتِ عن أبي الحَسَن بن ناصر القُرْطُبيّ، وأبي الحَسَن بن لَبَال، وسَمِعَ منهما ومن أبي بكر بن الجدّ. وأقرأ، ودرّس الفقه.
وحدّث. وكان فقيها، إماما مشاوِرًا، زاهِدًا. روى عنه: ابنُه يوسف، وأبو إسحاق بن الكمّاد. بقي إلى هذا العام، ولا أعلم وفاته.
139- مُحَمَّد بن معالي [2] بن مُحَمَّد البَغْداديُّ.
سَمِعَ من أبي الفَتْح بن البَطِّي. ومات بواقِصَة راجعا مِن الحجِّ في المحرَّم. وواقصة: قريبة من الكُوفة [3] .
140- مُحَمَّد بن يعقوب [4] بن عبد الله المارسْتَانيّ.
أبو بكر، أخو أحمد.
سَمِعَ من: لاحق بن كارِه، وغيرِه.
وحدَّث.
__________
[ () ] ابن الفرات 10/ ورقة 66.
[1] انظر عن (محمد بن علي) في: غاية النهاية 2/ 210، 211 رقم 3286، وديوان الإسلام 3/ 373 رقم 1552، وسيعاد في وفيات سنة 628 هـ-. برقم (477) .
[2] انظر عن (محمد بن معالي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 138 رقم 2016، والوافي بالوفيات 5/ 40، 41 رقم 2019.
[3] انظر معجم البلدان: 4/ 892.
[4] انظر عن (محمد بن يعقوب) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 158، 159 رقم 2064.(45/136)
141- مُحَمَّد بن أبي سَعيد بن أبي طاهر.
أبو عبد الله، الحَنْبَليّ، الأصبهانيّ.
روى عن: عبد الله بن علي الطَامِذَيّ، وأبي المُطَهَّر الصَّيْدلانيّ، وجماعة.
روى عنه: البِرْزَاليُّ، والضّياء، وبالإِجازة الشيخ شمس الدِّين عبد الرحمن، وغيرُه.
142- مَخْلَد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أحمد.
أبو الحُسَيْن، أخو القاضي أبي القاسم أحمد بن بَقِيّ القُرْطُبيّ.
سَمِعَ من: أبيه، ومن جدِّه أبي الحُسَيْن عبد الرحمن، وأبي يحيى الجزائريّ الصُّوفيّ. وأجاز لَهُ أبو مروان بن قَزْمان. وولِي الأَنْكحةَ مُدَّة. وكان متصوِّنًا، منقبِضًا. تُوُفّي في المحرَّم، ولَهُ سبعون إلّا سنة.
143- مُظَفَّر بن القاسم [1] بن المُظَفَّر بن سَابان.
أبو القاسم، الحَرْبيّ، التّاجرُ.
حدّث عن أبي الفَتْح بن البَطِّي. وتُوُفّي في ربيع الآخر. روى عن ابن النجّار.
حرف النون
144- النّجيبُ بن هِبَةَ الله [2] القُوصِيُّ، التّاجر.
مات بمصرَ في ذي الحِجَّة. وكان من كبار المتموّلين، ولَهُ مدرسةٌ مشهورةٌ بقُوص.
145- النّفيسُ بن كَرَم [3] بن جبارة.
أبو محمد، البغداديّ، المقرئ، المكاريّ [4] .
__________
[1] انظر عن (مظفر بن القاسم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 143 رقم 2026.
[2] انظر عن (النجيب بن هبة الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 163 رقم 2075.
[3] انظر عن (النفيس بن كرم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 147 رقم 2038، والمختصر المحتاج إليه 3/ 216 رقم 1266، وسير أعلام النبلاء 22/ 288 دون ترجمة.
[4] المكاري: نسبة إلى كري الدواب. وذكر المنذري أنّه كان نقالا- بالنون- والتكملة» 3/ 163.(45/137)
سَمِعَ من: أبي الوَقْت، وهِبَةَ الله بن أحمد الشِّبليّ، وجعفر بن أحمد المَحَلِّيّ. وكان شيخا صالحا، مقرئا.
روى عنه: الدُّبَيْثيّ، وابن النجّار، وروى عنه الأبَرْقُوهيّ «جزء» أبي الْجَهْم. وكان مِن أبناء الثّمانينَ، تُوُفّي في رابع جُمَادَى الأولى.
حرف الهاء
146- هاجرُ بنتُ إسماعيل [1] بن مُحَمَّد بن يحيى الزُّبَيْديّ.
أمّ الخيرِ، البَغْداديّةُ، الواعظةَ، العالمة.
ختم عليها القرآن جماعةٌ. وكانت صالحة، عابدة، من بيت علم ورِواية.
سَمِعَتْ من أبي المكارم مُحَمَّد بن أحمد الطّاهريّ الراويّ عن أبي عبد الله ابن البسريّ، ومن أحمد ويحيى ابني موهوب بن السّدنك. وحدّثت.
ومات أبوها شابّا، وماتت في الحادي والعشرين من رجب.
147- هبة الله ابن العدل [2] أبي المكارم إسماعيل بن هبة الله.
عزّ القضاة، أبو القاسم، المليجيّ، ثمّ المصريّ.
ولد سنة اثنتين وستّين وخمسمائة. وسَمِعَ من عبد الله بن بَرِّيّ، وغيره.
وحدَّث. ومَلِيج: من أعمال الغربيَّة.
148- هِبَةُ الله بن محمد [3] بن عبد الواحد بن رَواحة.
زكيّ الدّين، الأنصاريّ، الحمويّ، التّاجر، المعدّل.
__________
[1] انظر عن (هاجر بنت إسماعيل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 154، 155 رقم 2055.
[2] انظر عن (هبة الله بن العدل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 149 رقم 2045، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 66.
[3] انظر عن (هبة الله بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 149 رقم 2050، وذيل الروضتين 149 (في وفيات 623 هـ-) ، وإنسان العيون لابن أبي عذيبة، ورقة 119، والمختار من تاريخ ابن الجزري 127، وفيه: «هبة الله بن عبد الواحد» بإسقاط اسم أبيه «محمد» ، والعبر 5/ 92، وتاريخ ابن الوردي 2/ 209، والبداية والنهاية 13/ 116 (في وفيات 623 هـ-) ، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 164 ب، والدارس في تاريخ المدارس 1/ 265- 267، وشذرات الذهب 5/ 104 وقد ذكره المؤلف- رحمه الله- في: سير أعلام النبلاء 22/ 288 ولم يترجم له.(45/138)
كَانَ كثير الأموال، محتشما، أنشأ مدرسة بدمشق، وأُخرى بحلب.
حدَّث عن أبي الفَرَج بن كليب. وإنّما قيل لَهُ: ابن رواحة، لأنَّه ابن أختِ أبي عبد الله الحُسَيْن بن عبد الله بن رَواحة.
تُوُفّي في سابع رجب. وغلط من قال: إنَّه مات في سَنَةِ ثلاثٍ.
وكان أوصى أن يُدفن في مدرسته بدمشق [1] في البيت القبو، فما مكّنهم المدرِّس وهُوَ الشيخ تقيّ الدّين ابن الصلاح. وشرط على الفقهاء والمدرّس شروطا صعبة لا يُمْكِنُ القيام ببعضها، وشرط أن لا يُدْخِلَ مدرسته يهوديا ولا نصرانيا، ولا حنبليا حَشَويًا.
حرف الياء
149- ياقوت، مهذَّبُ الدِّين، الرُّوميّ [2] ، ثمّ البَغْداديُّ، الشَّاعر، مولى أبي نصر الجيليّ التّاجر.
كَانَ مكثرا من الأدب، مليحَ القول، لطيفَ المعاني. وكان لَهُ بيت بالمدرسة النِظّاميَّة، فوُجد فيه ميتا في جُمَادَى الأولى. ومن شِعْره:
إن غَاضَ دَمعُك والأحبابُ قد بَانُوا [3] ... فَكُلُّ ما تَدَّعِي زُورٌ وبُهْتَانُ
وكَيْفَ تَأْنَسُ أَوْ تَنْسَى خَيَالَهُمُ ... وَقَدْ خَلا مِنْهُمُ رَبْعٌ وَأَوْطَانُ
لا أَوْحَشَ الله مِنْ قَوْم نَأَوْا فَنَأَى ... عَنِ النَّواظِرِ أَقْمَارٌ وأَغْصَانُ
سَارُوا فَسَارَ فؤادي إثر ظعنهم ... وبان جيش اصطباري عند ما بَانُوا
يَا مَنْ تَملَّكَ رِقّي حُسْنُ بَهْجَتِهِ ... سلطان حسنك ما لي مِنْهُ إحْسَانُ
كُنْ كَيْفَ شِئْتُ فَمَا لي عَنْكَ مِنْ بَدَلٍ ... أَنْتَ الزُّلالُ لِقَلْبِي وَهُوَ ظمآن [4]
__________
[1] وهي المدرسة الرواهية. انظر: الدارس 1/ 265- 267، ومنادمة الأطلال 100- 103.
[2] انظر عن (ياقوت الرومي) في: معجم الأدباء 19/ 311، 312 رقم 119، وعقود الجمان لابن الشعار 9/ ورقة 75، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 148 رقم 2041، ووفيات الأعيان 6/ 122- 126، وسير أعلام النبلاء 22/ 308، 309 رقم 185، ومرآة الجنان 4/ 49، 50، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 66، وشذرات الذهب 5/ 105، 106.
[3] في مرآة الجنان: «ماتوا» .
[4] الأبيات وغيرها في: وفيات الأعيان 6/ 123، وفي مرآة الجنان 4/ 49 الثلاثة الأولى.(45/139)
150- يحيى بن أَبِي طاهرِ [1] بن أَبِي العزِّ بن حَمْدُون الطيبي، الخيَّاط.
روى عن أبي طالب بن خُضَيْر. ومات في شعبان.
151- يعيش بن رَيْحَان [2] بن مالك، الفقيه.
أبو المكارم، الأنباريّ، ثمّ البَغْداديُّ، الحنبليّ.
وُلِدَ بُعَيْدَ الأربعين وخمسمائة. وكان صالحا، زاهدا، منقبِضًا عن النَّاس، مِن كبار الحنابلة.
سَمِعَ من: أبي زُرْعة المَقْدِسيُّ، وأبي حامد مُحَمَّد بن أَبِي الربيع الغَرْنَاطَيّ، وسعد الله بن نصر ابن الدَّجَاجيّ، وشُهْدَةَ الكاتبة، وجماعة.
روى عنه: الدُّبَيْثيّ، والضُّياءُ، والكمالُ عبد الرحمن شيخُ المستنصرية، وآخرون. وتُوُفّي في منتصف ذي الحِجَّة [3] .
[الكنى] 152- أبو البركات بن مكّيّ النَجّاد [4] .
شيخٌ صالح. سَمِعَ من أبي زُرْعة بعض «مُسْنَد» الشافعيّ. مات في ذي الحجّة.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن أبي طاهر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 156 رقم 2059.
[2] انظر عن (يعيش بن ريحان) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 163، 164 رقم 2078، والمختصر المحتاج إليه 3/ 255 رقم 1378، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 164- 166 رقم 279، والمنهج الأحمد 360، ومختصر طبقات الحنابلة 62، والمقصد الأرشد، رقم 1255، والدر المنضد 1/ 354 رقم 995.
وقد ذكره المؤلف- رحمه الله- في: سير أعلام انبلاء 22/ 288 دون ترجمة.
[3] وذكر ابن حمدان الفقيه أن أبا الفضل حامد بن أبي الحجر لما ولّاه السلطان نور الدين التدريس والخطابة بحرّان، كتب إليه يعيش هذا من بغداد أبياتا هي:
ظعن الذين عهدتهم ... ولتظعننّ كمن ظعن
يا غاسلن ثيابه ... اغسل هواك من الدرن
ما صحّ ظاهر مبطن ... حتى يصحّح ما بطن
ولربّما احتلبت يداك ... دما وتحسبه لبن
وكان ابن أبي الحجر يتوسوس في طهارته وغسل ثيابه كثيرا.
(الذيل على طبقات الحنابلة 2/ 165) .
[4] تقدّمت ترجمته باسم «شاكر» برقم (89) .(45/140)
153- أبو عبد الله بن عبد الكريم [1] بن سعيد بن كُليب الحَرَّانيّ الأصل، المِصْريّ، الحدَّاد، السَّكاكينيّ.
سَمِعَ من قريبه أبي الفَرَج عبد المنعم بن كُليب ببغداد، وسَمِعَ بالإِسكندرية من السِّلَفيّ.
روى عنه الزَّكيّ المُنذريّ، وقال: مات في رمضان.
وفيها وُلِدَ القاضي شرفُ الدِّين أحمدُ بن أحمد المَقْدِسيُّ.
والمُحدِّث تقيُّ الدِّين عُبَيْد بن محمد الإسْعِرْدِيّ.
والجمالُ إبراهيمُ بن داود الفاضليّ.
والنورُ أحمدُ بن إبراهيم بن مُصْعَب.
والعزُّ مُحَمَّدُ بن أحمد بن أبي الفهم ابن البقّال.
والمحيي يحيى بن محمد ابن العَدْلِ الزَّبَدانيّ.
وشريفُ بن مكتوم الزَّرَعيّ.
والشمسُ مُحَمَّدُ بن محمود بن سيما.
والشهابُ محمودُ بن مُحَمَّد بن عبد الله القُرَشيّ الشاهد.
والمُعينُ مُحَمَّد بن أحمد بن عبد العزيز ابن الصوّاف الإِسْكندَرانيّ.
ووجيهة بنتُ عُمَر الهواريّ.
والخطيبُ موفَّق الدِّين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن حُبَيش الحمويّ الشافعيّ.
وأبو الحَسَن عليُّ بن نصر الله بن عُمَر، ابن الصوّاف، صاحب ابن بَاقَا.
ومريمُ بنتُ أحمد بن حاتِم ببَعْلَبَكّ.
والسديدُ أحمد بن مُحَمَّد بن فيل الكِنانيّ بدمياط.
__________
[1] انظر عن (أبي عبد الله بن عبد الكريم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 161، 162 رقم 2071.(45/141)
والنَّجمُ راجحُ بن عليّ الأزْديّ بمصر.
والملك القاهر عبد الملك ابن الملك المعظَّم.
والقاضي جمالُ الدِّين أبو بكر بن عبد العظيم ابن السَّقَطيّ بمصر.
وتاجُ العرب بنت المسلَّم بن علّان.
والشرف أحمد بن عبد الكريم ابن الكُبْلج، سَمِعَ ابن رَواج.(45/142)
سنة ثلاث وعشرين وستمائة
حرف الألف
154- أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بن أحمد بن عبد الرحمن. الإِمام فقيهُ المغرب، أبو العبّاس، الرَّبعِيّ، التُّونسيّ، المالكيّ، نزيل غَرناطة.
قال ابن مَسْدِيّ: هُوَ أحفظُ مَنْ لقيتُ لمذهب مالك. تَفَقَّه على أبيه أبي القاسم المعروف بالفقيه دُمْدُم. وسَمِعَ من الحافظ عبد الحقّ، وجماعة. وُلِدَ في حدود سَنةَ أربعين وخمسمائة.
155- أَحْمَد بْن عَبْد الواحد [1] بْن أَحْمَد بْن عبد الرحمن بن إسماعيل ابن منصور. العلَّامة، شمس الدِّين، أبو العبّاس، المَقْدِسيّ، المعروفُ بالبخاريّ.
والِدُ الفخر عليّ، وأخو الحافظ الضّياء. وُلِدَ في شَوَّال سَنةَ أربعٍ وستّين.
ورحل إلى بغداد وهُوَ ابن بِضع عشرة مع أقاربه، فسمع من: أبي الفتح ابن شاتِيل، ونصرِ اللَّه القَزّاز، وعبدِ المُغيث بْن زُهَير، وجماعة. وكان قد سمع
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الواحد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 177 رقم 2104، وبغية الطلب لابن العديم (مصوّر) 1/ ورقة 246- 248، والمعين في طبقات المحدثين 193 رقم 2047، والإعلام بوفيات الأعلام 256، والإشارة إلى وفيات الأعيان 327، والعبر 5/ 93، 94، وسير أعلام النبلاء 22/ 255، 256 رقم 140، والوافي بالوفيات 7/ 159 رقم 3088، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 168- 170 رقم 284، ومختصره 62، والمنهج الأحمد 361، والمقصد الأرشد، رقم 87، والدرّ المنضد 1/ 356 رقم 1000، وشذرات الذهب 5/ 107.(45/143)
بدمشق من: أبي نصر عبد الرحيم اليُوسُفيّ، وأبي المعالي بن صابر، وأبي المجد البانياسيّ، وأبي الفَهْم بن أبي العجائز، والخَضِر بن هبة الله بن طاووس، وجماعة. ودخل نَيْسَابُور، فَسَمِعَ من عبد المنعم بن عبد الله بن الفُرَاويّ، وَبِهَمَذَان من عليّ بن عبد الكريم الهَمَذَانيّ، ودخل بُخارى، فأقام بها مُدَّة، فلقّب بالبُخاريّ، وأخذ بها الخِلافَ عن الشرف أبي الخطّاب، واشتغل بالخلاف على الرضيِّ النَّيْسَابوريّ.
روى عنه: أخوه، وابنه، وابن أخيه الشمس محمد ابن الكمال، وابن خاله شمسُ الدِّين بن أبي عمر، والشهاب القوصيّ. وحدّثنا عنه العزّ ابن الفرّاء، والعزّ ابن العماد، والشمس محمد ابن الواسطيّ، وخديجةُ بنت الرضيّ.
وكان إماما، عالما، مفتيا، مناظرا، ذا سَمْت ووقار. وكان كثيرَ المحفوظ، كثيرَ الخيرِ، حُجَّة، صدوقا، كثيرَ الاحتمالِ، تَامَّ المروءة، فصيحا، مفوَّهًا، لم يكن في المقادسة أفصحُ منه. اتَّفقت الألسِنةُ على شكره. وقد أدرك أبا الفَتْح بن المَنِّيّ وتَفَقَّه عليه.
قال عمر ابن الحاجب: سألت أخاه الضّياء عنه، فقال: كَانَ فقيها، ورعا، ثقة.
وقرأتُ أنا بخطِّ الضّياء: في ليلة الجمعة خامس عشر جُمَادَى الآخرة تُوُفّي أخي الإمام العالم أبو العباس- رحمة الله عليه ورضوانُه-، وشهرتُه وفضلُه، وما كَانَ عليه يُغني عن الإِطناب في ذِكره. ودُفِنَ إلى جانب خاله الإِمام مُوفَّق الدِّين.
قلتُ: وقد أقامَ بحمص مُدَّة [1] ، وبها سَمِعَ عليه ولدُه، والحافظ ابن نُقْطَه، وغيرهما.
156- أحمد بن أبي المُظَفَّر [2] مُحَمَّد بن عبد الله بن محمد، ابن المُعَمَّر.
الرئيس أبو العزّ.
__________
[1] توهم المنذري، فذكر أنه تولى قضاء حمص، ونقل عنه ابن رجب. وتعقبه ابن العديم، وقال: وليس كذلك إنما ولي التحديث بحمص في أيام الملك المجاهد شركوه ابن محمد ... وكان قاضي حمص صالح بن أبي الشبل (بغية الطلب 1/ الورقة 247) .
[2] انظر عن (أحمد بن أبي المظفر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 178، 179 رقم 2107.(45/144)
حدَّث عن أبي طالب بن خُضَير. وتُوُفّي في جمادى الآخرة.
وولي أبوه دِيوان الزِّمام، وعمُّه أبو الفضائل يحيى نابَ في الوزارة.
157- أحمدُ بن مُحَمَّد بن يحيى [1] .
أبو العباس، ابن الهَمَذَانيّ، البَغْداديُّ، المؤدِّب.
سمَّعَهُ أبوه من مُسلم بن ثابت النَّحَّاس، وجماعة.
روى عنه ابن النجّار في «تاريخه» .
158- أحمد بن محمود [2] بن أحمد بن ناصر.
الفقيه، أبو العباس، الحَرِيميّ، الحَنْبَليّ، الإِسكاف.
تَفَقَّه على والده الشيخ أبي البركات. وسَمِعَ من: أبي الفَتْح بن البَطِّي، ويحيى بن ثابت، وسعد الله ابن الدَّجاجيّ. وحدَّث.
وعاش ثمانين سَنةَ، ومات في رابع عشر جُمَادَى الأولى.
- أحمدُ بن ناصر [3] . الشيخ أبو العباس، الإِسكاف، الحَرْبيّ.
تَفَقَّه على والده أبي البركات الحَنْبَليّ. وسَمِعَ من: ابن البطّي، ويحيى ابن ثابت.
روى عنه ابن النجّار وقال: كَانَ شيخا حسنا، متيقّظا. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
159- إبراهيم ابن الحافظ عزّ الدِّين مُحَمَّد [4] ابن الحافظ عبد الغنيّ المقدسيّ.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد بن يحيى) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 173 رقم 2096.
[2] انظر عن (أحمد بن محمود) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 174، 175 رقم 2100، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 167 و 168 رقم 282 و 283، ومختصره 62، والمنهج الأحمد 361، والمقصد الأرشد، رقم 161 و 177، والدرّ المنضد 1/ 355 رقم 998 و 1/ 356 رقم 999، وشذرات الذهب 4/ 315.
[3] هو الّذي قبله. وقد تكرّر ولم يفطن إلى ذلك المؤلف- رحمه الله- وكذلك تابعه ابن رجب في ذيله، والمقصد الأرشد، وقد سقط هنا اسم أبيه وجدّه، وتغيّرت نسبته من: «الحريمي» إلى «الحربي» ، وخالف ابن الساعي فجعل وفاته في يوم الأربعاء حادي عشرين جمادى الأولى حسبما نقل عنه ابن النجار في الذيل 2/ 168.
[4] انظر عن (إبراهيم بن عز الدين محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 189 رقم 2125.(45/145)
حدَّث في طريق الحجّ عن ابن طَبَرْزَد. وكان شابا، ساكنا، فيه حياء.
تُوُفّي في شَوَّال.
160- إبراهيم بن موسى [1] ، الأميرُ مبارز الدِّين العادليّ، المعروف بالمعتمدِ، والي دمشق.
وُلِدَ بالمَوْصِل، وقدم الشام، فخدم نائبها فرّخ شاه بن شَاهِنْشَاه، وتقلّبت به الأحوال، ثمّ ولّاه الملك العادل شِحْنَكِيةِ دمشق استقلالا، فأحسن السيرةَ.
قال أبو شامة [2] : كَانَ ديِّنًا، وَرِعًا، عفيفا، نزها، اصطنع عالَمًا عظيما، وكانت دمشق وأعمالُها في ولايته لها حُرْمَةٌ ظاهرة، وهي حُرَّة طاهرة.
قال أبو المُظَفَّر الجوزيّ [3] : ومما جرى في ولايته، أنّ رجلا خَنَقَ صبيّا لِحَلَقٍ في أُذْنيه، وأخرجه في قُفَّةٍ فدفنه، وكان جارَهم، فاتّهمته أُمُّ الصبيّ به، فعذَّبه المبارزُ، فلم يقرّ، فأطلقه وفي قلبها النّارُ فطلّقت زوجها، وتزوّجت بالقاتِل، وأقامت معه مُدَّة، فَقالَتْ يوما وهي تُداعبه- وقد بلغها موتُ زوجها-: راح الابن وأبوه، وكان منهما ما كَانَ، أأنت قتلتَ الصبيّ؟ قال: نعم، قالت: فأرِني قبرَه، فخرج بها إلى مقابر باب الصّغير، وحفر القبرَ، فرأت ولدَها، فلم تَمْلِكْ نفسها أن ضربت الرَّجل بسكّينٍ معها شَقَّتْ بطنه، ودفعته فوقع في الحُفْرة. وجاءت إلى المُبارز، فحدَّثته، فقام وخرج معها إلى القبر، وقال لها: أحسنتِ والله ينبغي لنا كُلِّنا أن نشربَ لكِ فُتُوَّة.
قال أبو المظفّر: وحكى لي المبارزة قال: لَمّا أبطل العادلُ الخمرَ، ركبتُ يوما وإذا عند باب الفَرَج رجل في رقبته طَبْلٌ، فقلتُ: شُقُّوا الطّبل فشقُّوه، فإذا فيه زُكْرَة [4] خَمْر فبدّدتُها، وضربتُه. فقلتُ: من أين علمتَ؟ قال: رأيت رِجليه وهي تلعب، فعلمت أنّه حامل شيئا ثقيلا.
وطالت ولايته.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن موسى) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 639- 642، والتاريخ المنصوري 129، وذيل الروضتين 150، 151 وفيه: «المبارك بن إبراهيم» ، والوافي بالوفيات 6/ 151، 152 رقم 2197، والبداية والنهاية 13/ 115.
[2] في ذيل الروضتين 150، 151 وهو ينقل عن: مرآة الزمان.
[3] في «مرآة الزمان» : 8/ 640- 641.
[4] الزكرة: وعاء من أدم، وفي «المحكم» : زق يجعل فيه شراب أو خل.(45/146)
وكان في قلب المعظَّم منه، لأنّ الملكَ العادل كَانَ يأمُره أن يتتبَّعه ويحفظه، فكان المُعَظَّم وهُوَ شابٌّ يدخل إلى دمشق في اللّيل، فيأمر المبارزُ غلمانَه أن يتبعوه. فلمّا مات العادلُ، حبسه المعظّم مُدَّة، فلم يظهر عليه أنَّه أخذ من أحدٍ شيئا، فأنزله إلى داره، وحَجَرَ عليه، وبالغ في التّشديد عليه.
ومات عن ثمانينَ سَنَة. ولم يُؤخذ عليه شيء إلّا أنَّه كَانَ يَحِبسُ وينسى، فَعُوقِبَ بمثل فعله.
161- إسحاق بن مُحَمَّد [1] بن المؤيِّد بن علي بن إسماعيل. القاضي، المُحدِّث، رفيع الدِّين، الهَمَذَانيّ الأصل، المِصْريّ، الوَبَرِيُّ، الشافعيّ.
ولد تقديرا في سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة بمصر.
وسَمِعَ من: أبيه، ومن الأَرْتَاحِيّ، وأبي الفضل الغَزْنَويّ، وفاطمة بنت سَعْد الخير، وجماعة. ورحل سَنَةَ ثلاثٍ وستمائة، فَسَمِعَ بدمشق من عمر بن طبرزد، وغيره. وببغداد من أصحاب قاضي المارسْتان، وبَاسِطَ من أبي الفَتْح المَنْدَائي، وبأصبهان من عفيفة الفَارْقَانِيَّة، وجماعة، وبشيراز، وهمذان، وجال في تلك الناحية.
وتَفَقَّه في مذهب الشافعيّ، وتزوَّج. وولي قضاء أَبَرْقُوه مُدَّة، ثمّ فارقها.
ورحل بولديه محمد وشيخنا الشهاب، وسَمَّعَهُما بأَبَرْقُوه، وشِيرازَ، وبغداد، والمَوْصِل، وحَرَّان، ودمشق، ومصر، وأماكنَ أُخر، وأستقرَّ بالقاهرة.
حَدَّثَنَا عنه ابنُه الشهاب.
قال عمر ابن الحاجب في «مُعجمه» : هُوَ أحدُ الرَّحَّالين، عارِفٌ بما سَمِعَ، إمام مقرئ، حَسَنُ السيرة، لَهُ سَمْتٌ ووقار، على مذهب السَّلَفِ، كريمُ النفس، حسن القراءة. ولي قضاء بُلَيْدَة اسمُها أَبَرْقُوه، فلمّا جرى على البلاد من الكفّار يعني التّترَ ما جرى، رجع إلى وطنه ومَسْقَطِ رأسه. وكان
__________
[1] انظر عن (إسحاق بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 175، 176 رقم 1201، وتاريخ إربل 1/ 248 رقم 146 وص 357 رقم 252، وبغية الطلب (المصوّر) 3/ 576 رقم 433، وسير أعلام النبلاء 22/ 281، 282 رقم 161، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 161 أ، في الوافي بالوفيات 8/ 424 رقم 3894، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 29، والمقفى الكبير 2/ 56 رقم 719.(45/147)
معروفا بالإِقراء. وكان والده يقال له: الوَبَرِيّ.
قال المُنذريّ [1] : تُوُفّي في ليلةِ سابعَ عشر جُمَادَى الأولى [2] .
162- أسعدُ بن بقاء [3] الأَزَجيّ، النجّار.
سمع من أبي طالب بن خضير. ومات في جمادي الأولى.
روى عنه ابن النجار، وقال: كَانَ صالحا، ملازما لمجالسِ الحديث.
163- إسماعيلُ بن ظافر [4] بن عبد الله.
الإمامُ، أبو الطّاهر، العقيليّ، المقرئ، المالكيّ.
__________
[1] في التكملة 3/ 175.
[2] ذكره ابن المستوفي مرتين في (تاريخ إربل 1/ 248 و 357 رقم 146 و 252) ولم يفطن إلى ذلك.
قال في الترجمة الأولى- بعد أن ذكر اسمه ونسبته-: من أصحاب الحديث. وجدته يروي كتاب «المدخل إلى كتاب الإكليل» لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم، بحق سماعه على أبي نزار ربيعة اليماني، عن أبي القاسم الصيدلاني، عن أبي بكر بن خلف الشيرازي، عن المصنّف إجازة ...
وقال في الترجمة الثانية:
قدم إربل سنة عشرين وستمائة، وأظنّه- إن شاء الله تعالى- في شهر رمضان، ونزل بزاوية بناها الفقير إلى الله تعالى أبو سعيد كوكبوري بن علي، يسكنها ابن الكريدي، ينزلها جماعة ممن يرد إربل في طلب معرفة. وكان لما ورد إربل في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة وستمائة أردت الاجتماع به فعاقني عن ذلك عائق منعني من أهل الدين والفقه والأصول. كما بلغني وجدت بخطه سماعه عدّة كتب من كتب الأدب وغيره، على أبي الفتح محمد بن أحمد المندائي الواسطي، وسمع كتاب «مسند» أبي عبد الله أحمد بن حنبل، وسمع أبا الفضل عبد الرحمن بن أبي الفضائل عبد الوهاب بن صالح بن المعزّم الهمذاني، وأبا حفص عمر بن محمد بن طبرزد، وأبا اليمن زيد بن الحسن، وفاطمة ابنة سعد الخير الأندلسي. وكتب في آخر جزء إجازة بخطه:
«وذكر سماعاتي يطول جدا، والزمان عليّ ضيّق. وما كل ما سمعت يحضرني إسناده، فمشايخي- بحمد الله- قد جاوزوا الألف، فلو شرعت أذكر عن كل شيخ ولو جزءا واحدا لملّ الناظر فيه. نسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياك، ويجعل ما تعلّمناه يقرّبناه لديه، بمنّه وطوله، إنه سميع مجيب. كتبه إسحاق بن محمد بن المؤيّد ابن علي الهمذاني ثم المصري، بخطه بالموصل، سلخ شعبان سنة عشرين وستمائة.
[3] انظر عن (أسعد بن بقاء) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 176 رقم 2103.
[4] انظر عن (إسماعيل بن ظافر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 184 رقم 2113، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 10 أوتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 82، وبغية الوعاة 1/ 448.(45/148)
قرأ القراءاتِ والعربيةَ، ونظر في التّفسير، ودرَّسَ، وأَفَادَ. وكان وَرِعًا، صالحا، كثيرَ الفضائل، يعيشُ من كسبه. ولد سنة أربع وخمسين وخمسمائة.
وسمع من: علي بن هبة الله الكاملي، ومحمد بن عليّ الرّحبيّ، وعبد الله ابن بَرِّيّ النَّحْويّ، وأبي المفاخر سَعيد المأمونيّ، وطائفة.
روى عنه الحافظُ المُنذريُّ، وغيره. وتُوُفّي في رجب. وقد تصدَّرَ بالجامع الظّافريّ بالقاهرة مُدَّةً.
حرف الجيم
164- جعفر بن الحَسَن [1] بن إبراهيم.
الفقيه، تاج الدِّين، أبو الفضل، الدَّمِيريّ، المِصْريّ، الحنفيّ، المُعَدَّل.
قرأ القراءاتِ عَلَى أَبِي الْجُيوشِ عساكرِ بن عليّ. وتَفَقَّه على الجمال عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سَعْد اللَّه، والبدرِ عبد الوهَّاب بن يوسُف.
وسَمِعَ من: عَبْد اللَّه بْن بَرِّيّ، وَأَبِي الفضل الغَزْنَويّ، وجماعةٍ.
ودَرَّس بمدرسة السُّيوفيين مُدَّةً، ونسخ بخطِّه المليحِ كثيرا، وكان حَسَنَ السمت، مُنْجَمِعًا عن الناس. وُلِدَ في حدود سَنةَ خمسٍ وخمسين.
روى عنه المُنذريُّ، وقال [2] : تُوُفّي في ذي القِعْدَة.
__________
[1] انظر عن (جعفر بن الحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 190، 191 رقم 2127، والجواهر المضية 2/ 13، 14 رقم 399 و 2/ 270، 271 رقم 664 باسم «صقر» ، وهو تصحيف، والوافي بالوفيات 11/ 101 رقم 166، والمقفى الكبير 3/ 16 رقم 1061، والمنهل الصافي 4/ 267، 268 رقم 844، والطبقات السنية، رقم 607 و 1001 (صقر) وهو تصحيف.
وقد نبّه الدكتور بشار عوّاد معروف إلى التصحيف الّذي وقع في اسم صاحب الترجمة من جعفر إلى «صقر» عند القرشي في: الجواهر المضية، وعند التميمي في: الطبقات السنية، وهو ينقل عن القرشي. (تكملة المنذري 3/ 190 بالحاشية 1) وورد في بقية المصادر مرة واحدة على الصحيح.
[2] في التكملة 3/ 190.(45/149)
حرف الحاء
165- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم.
الفقيه، أبو عليّ، الكَرْكَنْتِيّ، الصَّقلِّيّ، الشافعيّ، الشُّرُوطيُّ، الشاهد.
ولد سنة ستّ وثلاثين وخمسمائة. وسَمِعَ: أبا الفهم عبد الرحمن بن أبي العجائز، وعبد الرزّاق النّجّار. وذكر أنَّه سَمِعَ من الصائن هِبَةَ الله بن عساكر.
كتب عنه عمر ابن الحاجب، والطلبة. وحدّث عنه الزَّكيّ البِرْزَاليُّ.
ومات في شعبان.
166- الحُسَيْنُ بْن إِبْرَاهِيم [1] بْن أبي بَكْر بْن خلكان.
الفقيه، ركن الدِّين، أبو يحيى، الإرْبِلِّيّ، الشافعيّ.
دَرَّس بِعدَّةِ مدارس. وكان عارفا بالمذهب، صالحا، كثيرَ التلاوة. سَمِعَ مِن يحيى الثَّقَفيّ. وحدَّث بإرْبِل. ومات في ذي القِعدة [2] .
167- الحُسَيْن بن أبي الوفاء [3] صادق بن عبد الله بن نصر بن عليّ.
القاضي، الأنجب، أبو عبد الله، المَقْدِسيُّ، ثمّ المِصْريّ، الشافعيّ، المعروف بابن الأنجب.
روى عن السلفي، روى عنه الزكي المنذري، والمصريّون. وعاش ثمانينَ سَنةَ. ومات في سادس رمضان.
168- الْحُسَيْن بْن علي [4] بْن مُحَمَّد بْن علي.
أبو عليّ، الَّليْثيّ، الزَّمانيّ- بزاي مفتوحة وميم مخفّفة-.
سَمِعَ من السِّلَفيّ. وحدَّث. ومات في شوّال.
__________
[1] انظر عن (الحسين بن إبراهيم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 191 رقم 2128، وتاريخ إربل 1/ 332 رقم 229، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 495، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 162 أ، والعقد المذهب، لابن الملقن، ورقة 170، 171.
[2] ورّخ ابن المستوفي وفاته بسنة 622 هـ-. (تاريخ إربل 1/ 332) .
[3] انظر عن (الحسين بن أبي الوفاء) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 186، 187 رقم 2119، والمقفى الكبير 3/ 512 رقم 1234، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 83.
[4] انظر عن (الحسين بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 189، 190 رقم 2126.(45/150)
169- الحسين ابن القاضي المرتضى [1] محمد ابن القاضي الجليس أبي المعالي عبد العزيز بن الحسين ابن الْجَبَّاب. التَّميميّ، السَّعْديّ، المِصْريّ، عزّ القضاة، أبو عليّ.
سَمِعَ من: أبيه، وأبي المفاخر المأمونيّ، وعثمانَ بن فَرَج العَبْدرَيّ.
وكان أديبا، شاعِرًا، فاضلا، محتشما.
وُلِدَ سَنةَ ثمانٍ وخمسين، ومات في سادس عشر ذي القعدة.
روى عنه المنذريّ.
170- الحسين بن يوسف [2] بن الحسين ابن العبديّ، البغداديّ.
حدّث عن شُهْدَةَ. ومات في ربيع الأول.
حرف الخاء
171- خديجة بنت الحافظ أبي طاهر السِّلَفيّ [3] .
سَمِعْت من والدها، وحدَّثت.
قال المنذريُّ: وقَدِمَتْ مصر بعد وفاة والدها، واحتُرِمَتُ احتراما كثيرا، وبُوِلغَ في إكرامها، وعادت إلى الإِسكندرية، ثمّ تُوفّيت في رمضان.
172- خديجةُ بنتُ حسّان بن ماجد الصَّحْراويّ أبوها من أهل جبل الصّالحية.
روت بالإجازة عن هبة الله بن يحيى ابن البُوقيّ، وغيره.
سَمِعَ منها الشيخ الضّياء، وعُمَرُ ابن الحاجب.
وماتت في رجب.
__________
[1] انظر عن (الحسين ابن القاضي المرتضى) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 191 رقم 2129، والمقفى الكبير 3/ 640 رقم 1262، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 83.
[2] انظر عن (الحسين بن يوسف) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 172 رقم 2093، والوافي بالوفيات 13/ 84، 85 رقم 78.
[3] انظر عن (خديجة بنت السلفي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 187 رقم 2120.(45/151)
173- خَزْعَلُ بن عسكر [1] بن خليل. العَلَّامة، تقيّ الدِّين، أبو المجد، الشَّنائيّ، المِصْريّ، المقرئ، النَّحْويّ، اللُّغَوِيُّ، نزيل دمشق.
ذكر أنّه سَمِعَ من السِّلَفيّ، وأنَّه دخل بغدادَ، وقرأ على الكمال عبد الرحمن الأَنباريّ أكثرَ تصانيفه، وعند عَوْدِه أخذ في الطّريق، وراحت كُتُبُه.
أقرأ القرآن بالقدس مُدَّة، ثمّ سَكَنَ دمشق، وصار إمامَ مشهدِ عليّ. وكان يَعْقِدُ الأنكحة، ويُشغل في العزيزية.
قال أبو شامة [2] : قرأتُ عليه عروض النَّاصح ابن الدّهّان، أخبرني به عن مصنِّفه. وكان يحثُّني على حفظِ الحديث، والتَفقّه فيه خصوصا «صحيح مُسْلم» . ويقول: إنَّه أسهلُ من حفظ كتب الفقه وأنفع- وصَدَقَ-، ويحثّ على مسح جميع الرأسِ احتياطا، وقد بحث فيه، فأعجبني، واستقرّ في نفسي، فما أعلمُ أنّي تركته بَعْد. وكان لا يَرُدُّ سائلا أصلا، ورُبّما جاءه فيقولُ: اقعد، فما جاء، فهو لك.
وكان عندَ الطّلاق لا يأخذ مِن أحد شيئا. وكان ذا مُروءةٍ تامّة، رحمه الله.
وقال ابن الحاجب: أُقْعِدَ في آخر عمره، وتمرَّض، وازدحمت عليه الطّلبة. وقال لي: وُلِدْتُ فيما أظنّ سَنةَ سبْعٍ وأربعين بالإِسكندرية. وكان أعلمَ النّاس بكلام العرب [3] .
__________
[1] انظر عن (خزعل بن عسكر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 184، 185 رقم 2114، وذيل الروضتين 149، وإنباه الرواة 1/ 353 رقم 241 وفيه وفاته 620 هـ-) ، وبغية الطلب (المصوّر) 7/ 285 رقم 1021، وتاريخ إربل 1/ 337، والإشارة إلى وفيات الأعيان 327، وسير أعلام النبلاء 22/ 181 رقم 121، والوافي بالوفيات 13/ 309 رقم 379، والمقفى الكبير 3/ 786 رقم 1390، والنجوم الزاهرة 6/ 266، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 83، وبغية الوعاة 1/ 550.
[2] في ذيل الروضتين 149.
[3] من شعره:
يقولون أنشدنا من الشعر قطعة ... فقلت: أمثلي ينشد السادة الشعرا؟
ومن كان مثلي في الحضيض محلّه ... أينشد شعرا من علا قدره الشعرى؟
(تاريخ إربل 1/ 337) .(45/152)
حرف السين
174- سُلَيْمان بن مُحَمَّود [1] ، بن محفوظ ابن الصَّيْقَلِ.
أبو السعود، القُرَشيّ، الأَزَجيّ.
حدَّث عن عيسى بْن أَحْمَد الدُّوشابيّ. وماتَ في المحرَّم. ولَهُ شِعر.
175- سُلَيْمان بن يونس البَغْداديُّ، الفرَّاش.
حدَّث عن أبي طالب بن خُضَيْر.
حرف الصاد
176- صَدَقَة بن عبد العزيز [2] بن هِبَةَ الله بن حديد الأَزَجيّ، الدَّقَّاق.
سَمِعَ من عليّ بن أبي سَعْد الخبّاز. وأجاز لَهُ الشيخ عبد القادر، وجماعة. وكان رجلا صالحا. مات في رجب.
حرف الظاء
177- ظَفَرُ بن أحمد [3] بن غنيمة بن أحمد. أبو البدر، البَغْداديُّ، الصُّوفيّ، الخَرَّاط، الخَيَّاط، المعروف بابن زَعْرُورَة [4] .
ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة.
وسَمِعَ من: مسلم بن ثابت النخّاس، وعبد الله بن عبد الصّمد السّلميّ.
وكان شيخا صالحا، مشتغلا بالعبادة، ملازما لمسجده.
__________
[1] انظر عن (سليمان بن محمود) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 169 رقم 2088، والوافي بالوفيات 15/ 427 رقم 578.
[2] انظر عن (صدقة بن عبد العزيز) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 185 رقم 2115.
[3] انظر عن (ظفر بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 170، 171 رقم 2091.
[4] في الأصل مجوّدة بخط المؤلّف- رحمه الله- «زعزورة» بزايين بينهما عين مهملة ثم واو وراء وهاء. وهو سبق قلم منه، نبّه إليه الدكتور بشار عواد معروف في تحقيقه لتكملة المنذري 3/ 170 بالحاشية رقم (4) .(45/153)
حرف العين
178- عامرُ بن هشام [1] . أبو القاسم، القُرْطُبيّ، الأَزْدِيّ.
سَمِعَ من أبيه أبي الوليد، ومن أبي القاسم بن بَشْكُوالَ. وقرأ «المُلَخَّص» للقابسيّ على أبي مُحَمَّد بن مُغيث.
وكان أديبا، كاتبا، شاعرا، مطبوعا. صنَّف شرحا لغريب «المُلَخَّص» [2] .
وصَلَحَتْ حالُه بأَخِره، وأقبل على النُّسُكِ والعِبادة، فحُمِلَ عنه الحديث.
ورَّخه الأبَّار [3] .
179- عبدُ الله بْن أحمد [4] بْن أَبِي بَكْر.
أبو بَكْر، البَغْداديُّ، العجَّان، الخبّاز.
روى عن: شُهْدَةَ، وعبد الحقّ اليُوسُفيّ، وأبي شاكر السّقلاطونيّ، وطبقتهم. وأكثر جدّا عن أصحاب ابن الحُصين حَتّى عن أصحابِ أبي الوَقْت.
وجمع لنفسه «مشيخة» كبيرة، وقرأ القراءاتِ على أبي بكر ابن الباقِلّانيَ، وغيره.
قال ابن النّجّار: لا يُعْتَمَدُ عليه لِكثرة وهمه وتسامُحه.
ومات في ربيع الأول. وكان صالحا، متعفّفا.
__________
[1] انظر عن (عامر بن هشام) في: تكملة الصلة لابن الأبار (نسخة الأزهر) 3/ ورقة 89، والمطبوع، رقم 1944، وبرنامج شيوخ الرعينيّ 197، والمغرب في حلى المغرب 10/ 75، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 5/ 106- 110 رقم 202، وسير أعلام النبلاء 22/ 268 رقم 152، والوافي بالوفيات 19/ 594 رقم 640.
ولم يذكره «كحّالة» في (معجم المؤلفين) مع أنه من شرطه.
[2] واسمه: «المخصص في شرح غريب الملخّص» .
[3] في تكملته 3/ ورقة 89 (المطبوع) رقم 1944، ومن مؤلفاته غير «المخصص» : «مثبط العجلان ومنشط الكسلان في الأدب» يقرب حجمه من ثلثي أمالي البغدادي، و «المقصورة» المشار إليها جعلها ثلاثة أقسام: الأول في الزهد وتأنيب النفس والتندّم في تضييع أيام الشباب ... (الذيل والتكملة) .
[4] انظر عن (عبد الله بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 172 رقم 2094، والمختصر المحتاج إليه 2/ 138، ولسان الميزان 2/ 138.(45/154)
180- عبد الله بن عبد العظيم. أبو مُحَمَّد، الزّهريّ، المالقيّ.
تلميذ أبي عبد الله ابن الفخَّار، مكثرٌ عنه. وأجاز لَهُ السِّلَفيّ، وجماعة.
حدّث عنه أبو عبد الله بن عَسْكر. وكان ذا عنايةٍ بالحديث. ولَهُ كتابٌ في رجال «المُوَطّأ» .
تُوُفّي في شعبان.
181- عبدُ الله بن يوسُف [1] بن عبد الرحمن بن عبد العزيز.
أبو محمد، التَّميميّ، القابِسيّ.
نزيلُ الإِسكندرية، قَدِمَها وهُوَ شابّ، فَسَمِعَ من السِّلَفيّ، وتَفَقَّه لمالك، وجاورَ مُدَيدَةً، وكان شيخا صالحا، فاضلا.
تُوُفّي بِثَغْرِ الإسكندريَّة في ذي الحِجَّة، وقد ناهز التّسعين.
182- عبدُ الخالق بن تقى [2] بن إبراهيم. الفقيه، أبو محمد، الشّافعيّ.
تَفَقَّه على أبي إسحاق بن مزيل، وتخرَّج به.
وسَمِعَ من أبي القبائل عَشير بن عليّ، وجماعة.
183- عبدُ الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن علوان [3] بن عبد الله.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن يوسف) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 193، 194 رقم 2134، والعقد الثمين 3/ ورقة 49.
[2] انظر عن (عبد الخالق بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 894 رقم 2135، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 40، وتوضيح المشتبه 1/ 573، 574 وفيه: «تقا» بالألف الممدودة. ووقع في المطبوع من: تاريخ الإسلام- ص 141 «تقي» بالياء آخر الحروف، وهو خطأ.
[3] انظر عَنْ (عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ علوان) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 177، 178 رقم 2105، وذيل الروضتين 148، والمعين في طبقات المحدّثين 192 رقم 2040، والإشارة إلى وفيات الأعيان 327، والإعلام بوفيات الأعلام 256، والعبر 5/ 94، وسير أعلام النبلاء 22/ 303، 304 رقم 181، والمختصر المحتاج إليه 2/ 201 رقم 854، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 146، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 153، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 162 أ، والبداية والنهاية 13/ 114، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 171، والنجوم الزاهرة 6/ 266، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 83، وشذرات الذهب 5/ 108، والعسجد المسبوك 2/ 425.(45/155)
أبو مُحَمَّد، الأَسَديّ، الحلبيُّ، الزّاهِدُ، المعروف بابن الأستاذ.
وُلِدَ في ربيع الآخر سَنةَ أربعٍ وثلاثين وخمسمائة.
وسَمِعَ بحلبَ من: أبي مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد الأَشِيريّ، وأبي بكر بن ياسر الْجِيَّانيّ، وأبي بَكْر عَبْد الله بْن مُحَمَّد بْن أَبِي العبّاس النُّوقَانيّ، وأَبِي عَلِيّ الحَسَن بْن عَلِيّ البَطَلْيُوسيّ، وأَبِي حامد محمد بن عبد الرحيم الغَرْنَاطيّ، وأبي طالب عبد الرحمن بن الحسن ابن العَجَميّ، وأبي الأَصْبغ عبد العزيز بن عليّ السُّمَاتيّ، ومُحَمَّد بن بركة الصِّلْحِيّ، وجماعة.
وسَمِعَ ببغداد من أبي جعفر أحمد بن مُحَمَّد العبّاسيّ، وهُوَ أكبرُ شيخٍ لَهُ. وبدمشقَ من أبي المكارم بن هلال، وأبي القاسم بن عساكر، وأبي الغنائم هبة الله ابن صصريّ.
وأجاز لَهُ خلْق من خُراسان وأصبهان، ومصر.
وكان له فَهمٌ وعناية بالحديث، وفيه ديانة، وصلاح، وخير. تَفَقَّه في مذهب الشّافعيّ، وسَمَّعَ أولادَه.
روى عنه: البِرْزَاليُّ، والضَّياء، والسيفُ ابن المجد، والصّاحب كمال الدّين عمر ابن العديم، وابنه مجد الدّين، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس ابن الزّين، والأمين ابن الأشتريّ، والكمال أحمد ابن النَّصِيبيّ، والشمس الخَابُوريّ، وطائفة سواهم.
وهُوَ والد قاضي القُضاة زَين الدّين عَبْد الله ابن الأستاذ، وقاضي القضاة جمال الدِّين مُحَمَّد.
تُوُفّي في عاشرِ جُمَادَى الآخرة، ولَهُ تسعون سَنةَ.
وإنّما سَمِعَ ببغداد اتّفاقا، لأنّه سار ليحجّ منها.
184- عبد الرحمن بن أبي العزّ [1] المبارك بن محمد بن أبي العزّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن أبي العز) في: التقييد لابن نقطة 346 رقم 428، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 247، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 169، 170 رقم 2089، والإعلام بوفيات الأعلام 257، والمختصر المحتاج إليه 3/ 53 رقم 783، والعسجد المسبوك 2/(45/156)
أبو محمد، البَغْداديُّ، المعروف بابن الخَبّازة، المقرئ، الخَيَّاط، البَزَّاز، ويعرف أيضا بابن الدُّوَيك.
شيخٌ صالح، قرأ قرآن على دُلَف بن كَرَم العُكْبَرِيّ [1] .
وسَمِعَ من: أبي الوَقْت، وأبي القاسم بن قَفَرْجَل، وغيرهما.
روى عنه: الدُّبَيْثيّ، وابن النّجّار، وجماعة. وأثنى عليه ابن النجّار.
وقال ابن نُقْطَة [2] : سَمِعَ من أبي الوقت «صحيح» البخاريّ، و «عبد» ، وسماعه صحيح. تُوُفّي في المحرَّم ببغداد.
عبد العزيز السّمائي في سَنَةِ أربعٍ سيأتي [3] .
185- عبد القويّ بن عبد الباقي [4] بن أبي اليقظان.
أبو مُحَمَّد، الكُتُبِيُّ، ضياءُ الدِّين، المَعَرِّي.
حدَّث عن السِّلَفِيّ بدمشق، وبها مات في جُمَادَى الأولى.
186- عبد الكريم بن مُحَمَّد [5] بن عبد الكريم بن الفضل.
__________
[425،) ] وذكره المؤلف- رحمه الله- في: سير أعلام النبلاء 22/ 298 دون ترجمة.
[1] كتب المؤلف- رحمه الله- بخطه تعليقا في حاشية الأصل: «قرأ دلف بعد الثلاثين وخمسمائة» .
[2] في التقييد 346.
[3] برقم 252.
[4] انظر عن (عبد القوي بن عبد الباقي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 178 رقم 2106، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 84.
[5] انظر عن (عبد الكريم بن محمد) في: تهذيب الأسماء واللغات للنووي 2/ 264، 265 رقم 405، والمعين في طبقات المحدثين 194 رقم 2058، والإشارة إلى وفيات الأعيان 327، ودول الإسلام 2/ 129، والعبر 5/ 94، وسير أعلام النبلاء 22/ 252- 255 رقم 139، وتاريخ ابن الوردي 2/ 148، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 571- 573 رقم 524، وفوات الوفيات، 2/ 7، 8، ومرآة الجنان 4/ 56، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 119 (8/ 281- 293) وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 162 أ، والوافي بالوفيات 19/ 92، 93 رقم 89، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 407- 409 رقم 377، وتاريخ الخميس 2/ 413، والعسجد المسبوك 2/ 426، والنجوم الزاهر 6/ 211، وتاريخ الخلفاء 463، وطبقات المفسرين للسيوطي 21، وطبقات المفسرين للداوديّ 2/ 335، 336، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 218- 220، ومفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 1/ 443، و 2/(45/157)
العَلَّامة، إمام الدِّين، أبو القاسم، الرافعيّ، القَزْوينيُّ، الشافعيّ [1] .
صاحب «الشرح الكبير» .
ذكره الشيخ تقيّ الدّين ابن الصَّلاح، فقال: أظنُ أنّي لم أرَ في بلاد العَجَم مثله. كَانَ ذا فنون. حَسَن السِّيرة، جميلَ الأَمرِ. صَنَّفَ «شرح الوجيز» في بضعة عشر مُجَلَّدًا، لم يُشرح «الوجيزُ» بمثله.
وقال الشيخ محيي الدِّين النَّواويّ [2] : الرَّافعيّ من الصالحين المُتَمكّنين، كانت لَهُ كراماتٌ كثيرة ظاهرة.
وقال أبو عبد الله محمد بن محمد الإِسفَرايينيّ في «الأربعين» تأليفه: هُوَ شيخُنا، أمامُ الدِّين وناصر السُّنَّة صِدقًا. كَانَ أوحدَ عصره في العُلوم الدِّينية، أصولا وفُروعًا، ومجتهدَ زَمانِه في المذهب، وفريدَ وقتِه في التَّفسير. كَانَ لَهُ مجلسٌ بقزوين للتّفسير، ولتسميع الحديث، صنَّف شرحا لمُسْنَد الشافعيّ وأسمعه سَنةَ تسع عشرة وستمائة، وصنّف شرحا للوجيز، ثمّ صنّف أوجز منه.
وكان زاهدا، وَرِعًا، متواضعا. سَمِعَ الكثير، وتُوُفّي في حدود سَنةَ ثلاثٍ وعشرين بقَزْوين.
وقال ابن الصَّلاح: كانت وفاته في أواخر سَنةَ ثلاثٍ أو أوائل سَنةَ أربع.
قلت: وكان والده أبو الفضل قد سمع الكثير بنيسابور وقزوين، وروى عن ملكداذ بن عليّ القَزْوينيّ، وعبد الخالق الشَّحَّاميّ، وعُمر بن أحمد الصَّفَّار، وطبقتهم. ومات بعد الثّمانين [3] .
قلتُ: وقد روى أبو القاسم عن أبي زُرْعة بالإجازة. لقيه الحافظ زكيّ
__________
[ () ] 213، وكشف الظنون 164 وغيرها، وشذرات الذهب 5/ 108، وهدية العارفين 1/ 609، وديوان الإسلام 2/ 329، 330 رقم 994، والأعلام 4/ 179، ومعجم المؤلفين 6/ 3، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 250 رقم 300.
[1] وهو صاحب كتاب «التدوين في أخبار قزوين» ، حقّه الشيخ عزيز الله العطاردي، نشرته دار الكتب العلمية، بيروت 1408 هـ-/ 1987 م.
[2] في: تهذيب الأسماء واللغات 2/ 264.
[3] كذا، وقد وضع صاحب الترجمة «عبد الكريم» لوالده «محمد» ترجمة حافلة في كتابه «التدوين في أخبار قزوين» 1/ 328- 422، وقال في وفاته إنها كانت: «سحر ليلة الأربعاء السابع من شهر رمضان سنة ثمانين وخمسمائة» - ص 415.(45/158)
[الدّين] [1] المنذريّ، في الحجّ وسَمِعَ منه بالمَدينة.
ويظهر عليه اعتناء قويّ بالحديث ومُتونه في شرح «المُسْند» .
وقيل: إنَّه لم يجد وقتا للمُطالعة في قريةٍ بات بها فتألَّم، ثمّ أضاء لَهُ عرِق كَرْمه، فجلسَ يطالع ويكتب عليها.
187- عبد اللّطيف بن المبارك [2] بن أحمد النَّرْسيّ.
قد ذكرته في 618 [3] .
قال ابن مَسْدِيّ: سَمِعَ من أبي الوَقْت، ورأيت ثَبْتَهُ وعليه خطّ أبي الوَقْت. وسَمِعَ من ابن البَطِّي وليسَ من الشيخ عبد القادر. قَدِمَ علينا غَرناطة مرارا، ثمّ سَمِعْتُ منه بِسَبْتة، وأَدخل البلادَ كثيرا من تواليف ابن الجوزيّ.
مولده قبل الأربعين وخمسمائة. تحامل عليه ابن الرُّوميّة. وليس لأبي مُحَمَّد عبد اللّطيف في باب الرواية كبير عناية حَتّى يُنْسَب إليه تخليط، وإنّما كَانَ كثير الحكايات- يعني يجازف- ومات بمَرّاكِش سَنةَ 623.
188- عبد المجيد بن هِبَةَ الله بن عبد الله.
الفقيه، أبو المجد، المِصْريّ، الشافعيّ، الخطيب.
تَفَقَّه على أبي العبّاس أحمد بن المُظَفَّر الدّمشقيّ المعروف بابن زين التّجّار، وعلى التّاج مُحَمَّد بن هِبَةَ الله الحَمَويّ. وصَلَّى، وخطب بالقَرَافة، وأعَاد، وأفاد.
ومات في شَوَّال.
189- عبد المنعم بن عليّ [4] بن صَدَقَة بن عليّ.
أبو الفضل، الحرّانيّ، ثمّ الدّمشقيّ، العدل.
__________
[1] إضافة على الأصل.
[2] انظر عن (عبد اللطيف بن المبارك) في: سير أعلام النبلاء 22/ 292 رقم 170.
[3] انظر الطبقة السابقة، رقم (302) وهو هناك: «عبد اللطيف بن أحمد بن محمد بن هبة الله، أبو محمد الهاشمي النرسي البغدادي الصوفي» .
[4] انظر عن (عبد المنعم بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 172، 173 رقم 2095، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 83.(45/159)
حدَّث عن: أَبِي القاسم بن عساكر، وأَبِي الفَهْم عبد الرحمن بن أبي العجائز.
ومات في عَشْر السبعين.
روى عنه: الزَّكيّ البِرْزَاليُّ، وغيره.
190- عُبَيْد الله بن أحمد [1] بن أبي سَعيد بن حمُّويْه.
أبو القاسم، الْجُوَينيّ الأصل، المصريّ الدّار، الصّوفيّ.
روى عن يحيى الثَّقَفيّ، وعنه الزَّكيُّ المُنذريّ، وغيره.
وهُوَ مشهور بكنيته، ولهذا سَمَّاهُ بعضُهم عليّا، وبعضهم عبد الرحمن.
191- عليّ بن إسماعيل [2] بن مظفّر ابن السَّواديّ، الحَرْبيّ.
حدَّث عن جدِّه لأُمِّه عَتِيق بن عبد العزيز بن صِيلا.
ومات فِي ربيع الأوّل.
192- عليّ بْن مُحَمَّدُ [3] بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن عليّ.
أبو الحَسَن، البَلَنْسِيّ، البَلَويّ، الفقيه.
سَمِعَ: أبا بكر بن خير، وأبا عَمْرو بن عظيمة. وأخذ القراءاتِ عَن أَبِي بَكْر بْن صافٍ، وأبي عبد الله ابن المجاهد، وغيرهما.
ولقي بإشبيليّة القاسِمَ بن بَشْكُوالَ، وأبا زيد السُّهيليّ، وسَمِعَ منهما.
وأجاز لَهُ السِّلَفيُّ، وجماعة.
قال الأبّار [4] : في روايته سَعَةٌ، إلّا أنَّه كَانَ يتحرَّجُ فيها. وكان فَرَضِيًّا،
__________
[1] انظر عن (عبيد الله بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 186 رقم 2118، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 85.
[2] انظر عن (علي بن إسماعيل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 174 رقم 2099.
[3] انظر عن (علي بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار (نسخة الأزهر) 3/ ورقة 74، و (المطبوع) رقم 1896، وصلة الصلة لابن الزبير 130، وبرنامج شيوخ الرعينيّ 112، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 5/ 309- 311 رقم 611.
[4] في تكملة الصلة 3/ ورقة 74 (المطبوع) رقم 1896.(45/160)
متقدَّمًا، فقيها، حافظا. سَمِعَ منه بعض أصحابنا. وتُوُفّي في ربيع الآخر عن سبعين سَنةَ [1] .
193- عليّ بن مُحَمَّد بن دَيْسَم [2] . أبو الحَسَن، المُرسي.
روى عن: أبي القاسم بن حُبيش، وأبي عبد الله بن حَميد.
وأقرأ القرآنَ وعلّم العربية. وكان مَرْضيَّ الجملة، يعيش مِن النَّسْخِ، وخطُّه فائق.
مات فيها ظنّا [3] .
194- عليُّ بن مُحَمَّد بن أبي نصر [4] عبد الله بن الحسين ابن السَّكَن.
الحاجِب الأَجَلّ، أبو الحَسَن، ابن المعوِّج، البَغْداديُّ.
سَمِعَ مِن عمّ أبيه محمد بن محمد ابن السَّكَن.
وتُوُفّي في ربيع الأول.
195- عليُّ بن أبي المظفر [5] محمد بن عبد الله بن محمد ابن المعمّر.
__________
[1] وقال ابن عبد الملك المراكشي: وكان كبير عاقدي الشروط بإشبيليّة وصدر المبرّزين من عدولها، أثبت الناس على شهادة وإن طال أمرها، وقورا مهيبا، سريّ الهمّة، خيّرا فاضلا حليما، سالم الصدر، حسن الخلق على شدة انقباض كانت فيه وقلّة انبساط مع الناس وكثرة نفار منهم وحذر من مخالطتهم، أول ما يلقاه قاصده، فإذا خبر منه سلامة الجانب وصحة القصد والمعاملة بالجدّ قابله من حسن القبول وجميل العشرة بما لا يزيد عليه، محرجا في إسماعه الحديث، ضابطا، راوية، ثقة في نقله، كامل المعرفة بالفقه وفرائض المواريث والحساب والعروض، ولد يوم الخميس لثمان بقين من ربيع الأول عام أربعة وخمسين وخمسمائة. (الذيل والتكملة) .
[2] انظر عن (علي بن محمد بن ديسم) في: تكملة الصلة لابن الأبار، رقم 1898، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 5/ 304، 305 رقم 590.
[3] وقال ابن عبد الملك المراكشي في (الذيل والتكملة 5/ 305) ، وتوفي سنة ثلاث أو أربع وعشرين وستمائة.
وجاء في هامش إحدى نسخ (الذيل) : أخذ عنه أبو بكر بن مسدي وقال: أخبرني أن مولده على رأس الستين أو قبلها بيسير.
[4] انظر عن (علي بن محمد بن أبي نصر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 173 رقم 2097، وتلخيص مجمع الآداب 2/ رقم 1763.
[5] انظر عن (علي بن أبي المظفر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 188 رقم 2122.(45/161)
الحاجبُ الأَجَلُّ، أبو طالب، البَغْداديُّ.
سَمِعَ من: أَبِي الفتح بن البَطِّيّ، وأَبِي المعالي الباجسرائيّ، وأبي محمد ابن الخَشّاب، وجماعة. وهُوَ من بيت حِشْمة.
تُوُفّي في شَوَّال.
196- علي بن النَّفيس [1] بن بُورنداز بن حُسام.
الحاجب، أبو الحَسَن، البَغْداديُّ.
وُلِدَ سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.
وسمع من: أبي الوقت، وأبي محمد ابن المادح، وأبي المُظَفَّر بن التّريكيّ، وأبي المعالي ابن اللَّحَّاس، والشيخ عبد القادر، ومحمود بن عبد الكريم فورجة، وعُمَر بن عليّ الصَّيْرَفيّ، وابن البطّي.
روى عنه: البرزاليّ، والسيف ابن المجد، وجماعة، ومن المتأخّرين:
التّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس ابن الزّين، والشيخ عبد الرحيم ابن الزَّجَّاج، ومحمد بن المَرَيْخ النَّجَّار. وبالإِجازة العزُّ ابن الفرّاء، والشمس ابن الواسطيُّ، والشهاب الأبَرْقُوهيّ.
وخرَّج لَهُ ابنه المُحدِّث عبد اللّطيف «مشيخة» صغيرة. وتُوُفّي فِي السّابع والعشرين من ذي القعدة.
197- عُمَر بن عليّ [2] بن مُحَمَّد بن قُشام. أبو حفص، الحَلَبِيُّ،
__________
[1] انظر عن (علي بن النفيس) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 170، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار (باريس) ورقة 59، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 191، 192 رقم 2130، والمعين في طبقات المحدّثين 192 رقم 2041، والإشارة إلى وفيات الأعيان 327، والعبر 5/ 94، 95، والمختصر المحتاج إليه 3/ 145 رقم 1063، وسير أعلام النبلاء 22/ 297، 298 رقم 175، والمختار من تاريخ بغداد للفاسي 195، وشذرات الذهب 5/ 109.
[2] انظر عن (عمر بن علي) في: المشترك وضعا والمفترق صقعا لياقوت الحموي 168، 169، وإكمال الإكمال لابن نقطة: «قسام وقشام» والتكملة لوفيات النقلة 3/ 176 رقم 2102، والأعلاق الخطيرة ج 1 ق 1/ 115، والمشتبه 2/ 529 وفيه: «علي بن عمر بن قشام» ، وتوضيح المشتبه 7/ 217 وفيه عقّب على ما ذكره المؤلف- رحمه الله- في «المشتبه» وقال:
وقد انقلبت عليه.(45/162)
الدّارقطنيّ. من دار القطن: محلّة بحلب.
عاش ثمانين سنة.
وحدّث عن أبي بكر مُحَمَّد بن ياسر الْجِيّانيّ، وحدَّث، ودَرَّسَ، وأفادَ ببلده. وكان من كبار الحنيفة. وروى أيضا عن عبد الله بن مُحَمَّد الأَشِيريّ.
وروى عنه كمال الدِّين ابن العَدِيم، وابنه مجد الدِّين، وغيرهما.
ومات في جُمَادَى الآخرة [1] .
تفقّه على الكاسانيّ، وأبي الفَتْح عبد الرحمن بن محمود الغَزْنَويّ.
وسَمِعَ من أبي مُحَمَّد عبد الله بْن محمد الأَشِيريّ، وأجاز لَهُ من إصبهَان مسعود الثَّقَفيّ، ومحمود فورجة، وطائفة.
وَلِيَ تدريس الْجُوردَكِية [2] . وصنَّف في الفقه تصانيف لم تكن بالمفيدة، قاله ابن العديم.
وقال ياقوت في «المتّفق» [3] لَهُ: رحل إلى إصْبَهان [4] ، وصَنَّف تصانيفَ في التّفسير والمَذْهب والكلام [5] على غاية [6] ما يكون من السَّقَط وعدمِ التَّحصيل [7] . وكان إذا سُئِلَ عن مُخْتَلَ كلام [8] يُفَكّر، ثمّ يقول: لا أدري، كذا نقلتُه من كتاب كذا، فإذا رُوجِعَ الكتاب لم ير ما قاله.
__________
[1] في الأصل: «الآخر» .
وقال ياقوت: مات في أول جمادى الآخر أو في آخر جمادى الأولى. (المشترك وضعا 169) .
[2] في الأعلاق الخطيرة ج 1 ق 1/ 115 «الجرديكية» .
[3] هو كتاب «المشترك وضعا والمفترق صقعا» ، نشره فرديناند ويستنفيلد- طبعة غوتنكن 1864- ص 168، 169.
[4] زاد ياقوت بعدها: «في صباه وقال: كنت أحضر مجلس العجليّ وهم يقرءون عليه الحديث وغيره، ورجع إلى حلب» .
[5] زاد ياقوت بعدها: «رأيت أهل حلب يسخرون منها» .
[6] تصحّفت في «المشترك» إلى: «نمائه» .
[7] زاد ياقوت: «وسقم النقل» .
[8] في المشترك 169 «كلامها» .(45/163)
حرف الكاف
198- كافور [1] ، الطواشيّ الكبير، شبلُ الدَّولة، الحُسَاميّ.
خادمُ الأمير حسام الدِّين مُحَمَّد بن لاجين، ولد الخاتون ستّ الشام، أخت السُّلطان الملك العادل.
يقال: إنَّه كَانَ من خدَّام القصر بالقاهرة. وكان ديِّنًا، صالحا، عاقلا، مَهِيبًا، ذا حُرمةٍ وافرة، ومنزلةٍ عند الملوك، وعليه اعتمدت مولاته في بناء الشاميَّة البَرَّانية.
وقد سَمِعَ من الخشُوعِيِّ، والكِنْديّ. روى عنه البِرْزَاليُّ، وغيره. وَحَدَّثَنَا عنه الأبَرْقُوهيّ.
قال أبو شامة [2] : كان حنيفا، فبنى المدرسة، والخانقاه، والتربةَ الّتي دُفِنَ فيها عند جسر كحيل. وفتح للنّاسِ طريقا إلى الجبل من عند المقبرة الّتي غربيّ الشامية [3] تُفضي إلى عين الكرش، ولم يكن لعين الكرش طريقٌ إلّا من جهة مسجد الصّفى الّذي عند مخازن الفاكهة. تُوُفّي فِي رجب.
حرف الميم
199- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن إسماعيل بن يوسف [4] . الإمام أبو المناقب،
__________
[1] انظر عن (كافور) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 642، وذيل الروضتين 150، والتاريخ المنصوري 128، ونهاية الأرب 29/ 117، 138، والعبر 5/ 95، والبداية والنهاية 13/ 116، والنجوم الزاهرة 6/ 264، وشذرات الذهب 5/ 109، وديوان الإسلام 3/ 147، 148 رقم 248.
وقد ذكره المؤلف- رحمه الله- في: سير أعلام النبلاء 22/ 298 دون ترجمة.
[2] في ذيل الروضتين 150.
[3] وهي «الشامية البرانية» . (منادمة الأطلال 104) .
[4] انظر عن (محمد بن أحمد بن إسماعيل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 194، 195 رقم 2138، والتدوين في أخبار قزوين 1/ 171، وذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (شهيد علي) ورقة 19، وتاريخ إربل 1/ 173- 175 رقم 80، وفيه وفاته سنة 620 هـ-، والمختصر المحتاج إليه 3/ 239، 240 رقم 27، وميزان الاعتدال 3/ 464 رقم 7174، والمغني في الضعفاء 2/ 548 رقم 5237، وسير أعلام النبلاء 22/ 182، 183 رقم 123، والمقفى الكبير 5/ 140- 142 رقم 1682، ولسان الميزان 5/ 55، 56 رقم 185.(45/164)
وأبو حامد ابن العَلَّامة الواعظ أبي الخير، القَزْوينيّ، الطالقانيّ، الشافعيّ.
وُلِدَ بقزوين يوم عاشوراء سَنةَ ثمانٍ وأربعين، وبها نشأ وقَدِمَ بغداد مع والده وسكنها معه. وسَمِعَ منه ومن شدة. وقَدِمَ الشام ومصر.
وسَمِعَ منه الشهاب القوصيّ وغيره بدمشق. وحدَّث عن أبي الوَقْت فتكلّموا فيه لذلك.
قال المنذريّ [1] : في هذه السنة أو في سَنَةِ اثنتين وعشرين، بدمشق.
وقال ابن النّجّار: سَمِعَ وعاد إلى قزوين. وبعد موت أبيه تزهّد وتصوّف، وساح في البلاد، ودخل مصر والروم، ورزق القبول عند الملوك.
وقَدِمَ بغداد فأخرج إلينا شيئا سمعناه منه، ثمّ بان كذبه، وكان ادّعى أنَّه سَمِعَ من أبي الوَقْت، ومن رجل من أصحاب أبي صالح المؤذّن فمزّقنا ما كتبنا عنه في صفر سَنة عشرين.
قلت: الرجل هُوَ أبو عليّ الحَسَن بن أحمد الموسياباذيّ.
قلت: كَانَ زوكاريّا نصّابا على الأمراء ثمّ كسدت سوقه، وساءت عقائدهم فيه.
وتُوُفّي أخوه مُحَمَّد سَنةَ أربع عشرة [2] .
200- مُحَمَّد، أمير المؤمنين، الظاهر [3] بأمر الله. أبو نصر، ابن أمير
__________
[1] في التكملة 3/ 194.
[2] التدوين في أخبار قزوين 1/ 71، 172.
[3] انظر عن (الخليفة الظاهر بأمر الله) في: الكامل في التاريخ 12/ 456، 457، وذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 1/ 148، 149، والتاريخ المنصوري لابن نظيف الحموي 116، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 642، 643، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 182، 183 رقم 2111، وذيل الروضتين 149، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 242، 243، وتاريخ الزمان، له 271، ومفرّج الكروب 4/ 191- 196، وتاريخ المسلمين (أخبار الأيوبيين) لابن العميد 136، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 254- 257، ومختصر أخبار الخلفاء لعبد الواحد المراكشي 122، 123، والفخري لابن طباطبا 329، وخلاصة الذهب المسبوك للإربلي 284، 285، والمختصر في أخبار البشر 3/ 136، 137، ونهاية الأرب 23/ 318- 321، والدر المطلوب لابن أيبك 281، والإشارة إلى وفيات الأعيان 327، 328، والإعلام بوفيات الأعلام 256، 257، ودول الإسلام 2/ 129، والعبر 5/ 95، 96،(45/165)
المؤمنين النّاصر لدين الله أحمد ابن المستضيء بأمر الله الحَسَن بن يوسُف الهاشميّ، العبّاسيّ، البغداديّ.
ولد سنة إحدى وسبعين وخمسمائة.
وبايع لَهُ أبوه بولاية العهد في سَنَةِ خمسٍ وثمانين، وخُطب لَهُ على المنابر، ونُثر عند ذِكره الدّنانير وعليها اسمه. ولم يَزَلِ الأمرُ على ذلك حَتّى قطع ذلك أبوه في سَنَةِ إحدى وستمائة [1] وخلعه وأكرهه، وزوى الأمر عنه إلى ولده الآخر. فلمّا مات ذلك الولد، اضطرّ أبوه إلى إعادته، فبايع لَهُ وخطب لَهُ في شَوَّال سَنَة ثمانٍ عشرة. واستخلف عند موت والده، فكانت خلافته تسعة أشهر ونصفا.
وقد روى عن والده بالإجازة قبل أن يستخلف.
قال ابن النجّار: تَقَدَّمَ أبوهُ بجلوسِهِ بالتّاج الشريف في كلّ جُمُعة، ويقعد في خدمته أستاذ الدّار، ليُقْرأ عليه «مُسْند» أحمد بن حنبل بإجازته من والده.
ثمّ قال: أَخْبَرَنَا أبو صالح الجيليّ، أَخْبَرَنَا الظّاهرُ بأمر الله أبو نصر بقراءتي، أنبأنا أبي، أنبأنا عبدُ المُغيث بن زُهَير، وغيره، أَخْبَرَنَا ابن الحُصَيْن، فذكر حديثا بهذا السَّنَد النَّازل- كما ترى-.
قال ابن الأثير في «كامله» [2] : ولَمّا ولي الظّاهر أظهر من العَدْل والإِحسان ما أعاد به سَنَة العمرين، فإنَّه لو قيل: ما وَلِيَ الْخِلافَةَ بَعْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مثلَهُ لكان القائل صادقا، فإنَّه أعادَ من الأموال المَغْصُوبة، والأملاك
__________
[ () ] والمختصر المحتاج إليه 1/ 19، والمختار من تاريخ ابن الجزري 131- 134، وسير أعلام النبلاء 22/ 264- 268 رقم 151، وتاريخ ابن الوردي 2/ 148، ومرآة الجنان 4/ 56، والوافي بالوفيات 2/ 95- 97 رقم 416، ونكت الهميان 238، 239، والبداية والنهاية 13/ 112، 113، والعسجد المسبوك 2/ 418، 419، والجوهر الثمين لابن دقماق 216، 217، ومآثر الإنافة 2/ 74- 77، وتاريخ الخميس للدياربكري 2/ 413، والسلوك للمقريزي ج 1 ق 1/ 220، والنجوم الزاهرة 6/ 265، وتاريخ الخلفاء للسيوطي 458- 460، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 289، وشذرات الذهب 5/ 109، 110، وتاريخ الأزمنة للدويهي 213، وأخبار الدول للقرماني 179، 180، وتحفة الناظرين 133، 134.
[1] كتب المؤلف- رحمه الله- أولا: «إحدى عشرة» ثم شطب على «عشرة» ، وهو الصواب.
[2] الكامل في التاريخ 12/ 456.(45/166)
المأخوذة في أيام أبيه وقبلها وشيئا كثيرا، وأطلقَ المكوس في البلاد جميعها، وأمرَ بإعادة الخراج القديم في جميع العراق، وبإسقاطِ جميع ما جدَّدَهُ أبوه، وكان ذلك كثيرا، لا يُحصى، فمن ذلك: بعقوبا، كان يحصل منها قديما عشرة آلاف دينار، فلمّا استخلف النّاصرُ كَانَ يُؤخذ منها في السنة ثمانون ألف دينار، فاستغاث أهلُها، وذكروا أنّ أملاكهم أُخِذَتْ، فأعادها الظّاهرُ إلى الخراج الأَوَّل. ولَمّا أعاد الخراج الأصليّ على البلاد حضرَ خلقٌ، وذكروا أنّ أملاكهم قد يَبِسَتْ أكثر أَشجارها وخَرِبَتْ، فأمر أن لا يُؤخذ إلّا من كلّ شجرةٍ سالمة، وهذا عظيمٌ جِدًّا. ومن عدله أنّ سَنْجَة [1] المخزن كانت راجحة نصفَ قِيراط في المِثقال يقبضون بها، ويُعطون بِسَنْجَة البلد، فخرج خطّه إلى الوزير وأوّله:
وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ 83: 1 [2] الآيات، وفيه: قد بَلَغَنَا كذا وكذا فتعاد سَنْجَة الخِزانة إلى ما يتعامل به الناس. فكتبوا إليه: إنّ هذا فيه تفاوت كثير، وقد حسبناه في العام الماضي، فكان خمسة وثلاثين ألف دينار. فأعاد الجواب يُنكر على القائل ويقول: يبطل ولو أنّه ثلاثمائة ألف وخمسون ألف دينار.
ومِن عدله: أنّ صاحب الدِّيوان قَدِمَ من واسط ومعه أزيد من مائة ألف دينار من ظُلْمٍ، فردَّها على أربابها، وأخرجَ المُحبسين، وأرسل إلى القاضي عشرة آلاف دينار ليوفيها عمَّن أَعْسَر. وقيل لَهُ: في هذا الّذي تخرجه من الأموال لا تسمحُ نفسٌ ببعضها، فقال: أنا فتحت الدُّكان بعد العصر، فاتركوني أفعل الخير، فكم بقيت أعيش؟
قال: وتصدَّقَ ليلةَ النَّحْر بشيءٍ كثير.
قلت: ولم يأت عليه عيدٌ سواه، فإنّ عيدَ الفِطْر كَانَ يومَ مبايعته.
قال: تصدّق وفرَّق في العلماء والصلحاء مائة ألف دينار.
وكان [3] نِعْمَ الخليفة، جمع الخشوعَ مع الخضوع لربّه والعَدْلَ والإِحسان إلى رعيَّته، ولم يَزَلْ كلّ يوم يزدادُ من الخير والإِحسان. وكان قبل موته قد أخرج توقيعا بخطِّه إلى الوزير ليقرأه على الأكابر، فقال رسولُه: أمير المؤمنين
__________
[1] السّنجة: عيار السكة.
[2] سورة المطففين الآية 1.
[3] انظر «الكامل» : 12/ 456- 457.(45/167)
يقول: ليس غرضُنا أن يقال: برزَ مرسومٌ أو نفذ مِثال [1] ، ثمّ لا يبين لَهُ أثرٌ، بل أنتُم إلى إمام فَعَّالٍ أحوجُ منكم إلى إمام قَوَّال، فقرأَهُ الوزيرُ، فإذا في أوله:
اعلموا أنَّه ليسَ إمهالُنا إهمالا، ولا إغضاؤُنا إغفالا، ولكن لِنَبْلُوَكُم أيُّكم أحسنُ أعمالا، وقد عفونا لكم عمّا سَلَف من أخرابِ البلاد، وتشريدِ الرعايا، وتقبيح السُّمْعَة، وإظهارِ الباطل الجليِّ، في صورة الحقّ الخَفِيّ حيلة ومَكِيدةٍ، وتسميةِ الاستئصال والاجتياح استيفاء واستدراكا لأغراض انتهزتم فرصتها مختلسة من براثن ليث باسلٍ وأنياب أسدٍ مَهيب، تتّفقون بألفاظٍ مختلفة على معنى واحدٍ وأنتم أُمناؤه وثقاتُه، فتُميلون رأيَه إلى هواكم، فَيُطيعكم وأنتم لَهُ عاصون.
والآن فقد بَدَّل اللهُ بخوفكم أمنا، وَبِفقركم غِنًى، وبباطلكم حقّا، ورزقكم سُلطانًا يُقِيلُ العَثْرَةَ، ولا يُؤاخذ [2] [1] إلّا مَنْ أَصَرَّ، ولا ينتقِمُ إلّا ممّن استمرَّ، يأمُرُكم بالعَدْلِ وهُوَ يُريده منكم، وينهاكُم عن الْجَوْرِ ويكرهُه لكم، يخافُ الله ويخوِّفكم مَكْرَهُ، ويرجو الله ويرغَّبكم في طاعتِه. فإن سلكتُم مسالك نواب خلفاءِ الله في أرضه وأمنائِهِ على خَلْقه، وإلّا هلكتُم، والسلام.
قال: ولَمّا تُوُفّي وُجِد في بيتٍ من داره ألوفُ رقاعٍ كلّها مختومة لم [يفتحها] [3] فقيل لَهُ: لِم لا تفتحها؟ قال: لا حاجةَ لنا فيها، كلّها سعايات.
وقال أبو شامة في «تاريخه» [4] : وكان أميرُ المؤمنين أبو نصر، جميلَ الصورة، أبيضَ مُشْربًا حُمرة، حُلْوَ الشَّمائِل، شديد القوى، بويع وهو ابن اثنتين وخمسين سنة. فقيل له: ألا تتفسّح؟ قال: قد لقس [5] الزرع، فقيل:
يبارك الله في عمرك، قال: من فتح دكانا بعد العصر أيش يكسب؟ ثمّ إنَّه أحسن إلى الناس، وفرَّق الأَموال، وأبطلَ المكوس، وأزالَ المظالم.
وقال أبو المظفّر الجوزيّ [6] : حُكي لي عنه: أنَّه دخل إلى الخزائن،
__________
[1] في المطبوع من «الكامل» : «مناك» ولا معنى لها، فهي تصحيف.
[2] كتب أولا: «يؤاخذكم» ثم ضرب على الكاف والميم.
[3] إضافة من «الكامل» سها عنها المؤلف- رحمه الله-.
[4] في ترجمة أبيه الناصر من «ذيل الروضتين» : 145.
[5] اللقس: الجرب. وفي «ذيل الروضتين» : «قد فات الزرع» .
[6] في «مرآة الزمان» : 8/ 643.(45/168)
فقال لَهُ خادم: في أيامك تمتلئُ، فقال: ما فُعِلَتِ الخزائنُ لتُملأ، بل لِتُفرغ، وتُنْفَق في سبيل الله تعالى، فإنَّ الجمعَ شُغْلُ التّجّار! وقال ابن واصل [1] : أظهرَ العَدْل، وأزال المَكْسَ، وظَهَرَ للناس، وكان أبوه لا يظهر إلّا نادرا.
قلت: تُوُفّي في ثالث عشر رجب، وبُويعَ بعدَه ولدُه المستنصر باللَّه [2] .
201- محمد بن أبي عليّ الحَسَن [3] بن إبراهيم بن منصور الفرغانيّ.
ثمّ البَغْداديُّ. أبو عبد الله، ابن أُشْنانة [4] .
سَمِعَ من: شُهْدَةَ، وعبد الحقّ اليُوسُفيّ، وغيرهما.
روى عنه الكمال عبد الرحمن المُكَبِّر، وغيرُهُ. وأبوه من أصحاب هِبَةَ الله ابن الحُصَيْن [5] .
تُوُفّي مُحَمَّد في ذي الحِجَّة.
202- مُحَمَّد بن أبي الفضل السّيد [6] بن فارس بن سَعْد بن حمزة. أبو المحاسن، الأنصاريّ، الدمشقيّ، الصَّفَّار، النّحّاس، المعروف بابن أبي لقمة.
__________
[1] في «مفرج الكروب» : 4/ 193.
[2] هنا وردت ترجمة مُحَمَّد بْن أحمد بن إسماعيل بن يوسُف القزويني الطالكاني الشافعيّ وقد حوّلتها إلى وفيات سنة 619 بناء على رغبة المؤلف- رحمه الله-.
[3] انظر عن (محمد بن أبي علي الحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 192، 193 رقم 2131.
[4] أشنانة: بضم الهمزة وبعدها شين معجمة ساكنة ونون مفتوحة بعد الألف نون مفتوحة أيضا وتاء تأنيث. (المنذري 3/ 193) .
[5] توفي سنة 599 هـ-.
[6] انظر عن (محمد بن أبي الفضل السيد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 171 رقم 2092، والإعلام بوفيات الأعلام 256، والإشارة إلى وفيات الأعيان 327، والمعين في طبقات المحدّثين 189 رقم 2015، وسير أعلام النبلاء 22/ 298، 299 رقم 176، والعبر 5/ 96، والعسجد المسبوك 2/ 424، 425، والنجوم الزاهرة 6/ 266، وشذرات الذهب 5/ 110، وديوان الإسلام 4/ 102، 103 رقم 1795.
و «السيّد» : بكسر السين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وبعدها دال مهملة. (المنذري 3/ 171) .(45/169)
ولد في شعبان سنة تسع وعشرين وخمسمائة.
وسَمَّعُوه من: أبي الفَتْح نصر الله المِصِّيصيّ، وهبة الله بن طاووس، وعَبْدَان بن زرِّين [1] الدُّوَينيّ [2] ، والقاضي المُنْتَجَبِ أبي المعالي مُحَمَّد بن عليّ القُرَشيّ، وبهجة المُلْك عليّ بن عبد الرحمن الصُّوري [3] ، وأبي القاسم الخضر ابن عَبْدان، ونصر بن مقاتل السُّوسيّ. وتَفَرَّدَ بالرواية عن جماعةٍ.
وأجاز لَهُ سَنةَ أربعين من بغداد: أبو عبد الله ابن السّلّال، وأحمد ابن الآبنوسيّ، وعليّ بن عبد السيّد ابن الصّبّاغ، وأبو محمد سِبْطُ الخَيَّاط، وأبو بكر أحمد بن الأَشْقر، وأبو الفَتْح كَرْوخِيّ، ومحمد بن أحمد الطَّرَائِفيُّ، وأبو الفضل الأُرْمَوِيّ، وغيرُهم.
وكان أَسْنَدَ من بقي بالشام، رَوَى عَنْهُ: البَهَاء عَبْد الرَّحْمَن، والضياء مُحَمَّد، والبرزاليّ، والسيف ابن المجد، والتّاج ابن زين الأُمناء، وأحمدُ بن يوسُف الفاضليّ، وعبدُ الله بن محمد العامريّ، والشمس محمد ابن الكمال، والتّقيّ ابن الواسطيّ، وأخوه مُحَمَّد، والعزُّ ابن الفَرّاء، والعزُّ ابن العماد، والتّقيّ ابن مؤمن، والشهاب الأبَرْقُوهيّ، وآخرون. وظهر للخَضِر بن عَبْدان الكاتب سَمَاعٌ منه بَعدَ موته.
وقال عمر ابن الحاجب: كَانَ رجلا صالحا، كثيرَ الخير، والتِّلاوة.
وكان لِسانه رطبا بذكرِ الله، مُحبًا للغرباءِ وطَلَبة العِلْم، كريمَ النفس. عُمِّر حَتّى تفرَّد عن جماعة، مُمَتَّعًا بسَمْعه وبَصَره وقوَّته إلى أن تُوُفّي قبلَه وَلَدُهُ بقليل، فوجدَ عليه وَجْدًا عظيما، فانحطمَ لذلك، وأُقْعِدَ في بيته، واستولت عليه زمانة، وثقلَ سمعه قبل موته بقليل، في الشتاء، وكان ينصلح في الصيف، ولم يسمع على قدر سِنّه، وكانت سماعاته في أصول الناس، ومات في ثالث ربيع
__________
[1] زرّين: بتقديم الزاي على الراء المشدّدة المكسورة. (المنذري 3/ 171) .
[2] الدّويني: بضم الدال المهملة وفتحها. نسبة إلى: دوين، مدينة مشهورة بأذربيجان.
[3] هو واحد من أحفاد بني أبي عقيل قضاة صور والذين استقلّوا بإمارتها في حقبة من عهد العبيديين (الفاطميين) ، وتوفي بدمشق سنة 537 هـ-. انظر كتابنا: لبنان من السيادة الفاطمية حتى السقوط بيد الصليبيين- طبعة دار الإيمان بطرابلس 1414 هـ-/ 1994 م- (القسم السياسي) - ص 132- 136.(45/170)
الأول. وسمعوا عليه بالمِزَّة.
203- مُحَمَّد بن عبد الحقّ [1] بن سليمان.
الشيخ أبو عبد الله، التِّلِمْسانيّ.
حدَّث ببلده عن: أبيه، وأبي عليّ ابن الخَرَّاز. وأخذَ بالعَدْوة عن: ابن الرَّمّامة، وابن حبَيْش، وأبي عبد الله بن خليل القَيْسيّ، وأبي الحسين مجاهد.
وحَظِيَ عند أَهل الأندلس. وأجازَ لَهُ ابن هذيل.
وقيل: مات سنة 25.
وكان من أهل التّقشّف والتّصنيفِ، فصيحا، لَسِنًا. وسيُعاد [2] .
204- محمد ابن الإمام عَلَم الدِّين عليّ بن محمد السَّخَاويّ، شمس الدِّين.
تُوُفّي شابا، وحَزِنَ عليه والده.
205- مُحَمَّد بن عُمَر [3] بن عليّ بن خَلِيفة ابن الطّيِّب.
أبو الفَضْل، الواسطيّ، الحَرْبيّ، الرُّوباني، العَطَّار.
سَمِعَ من: أبيه، وأبي الوَقْت، وأبي المُظَفَّر هِبَةَ الله الشِّبليّ، وابن البَطِّي، وكمال بنت عبد الله ابن السَّمَرْقَنْديّ، وغيرهم.
وأجازَ لَهُ ابن ناصر، وأبو بكر ابن الزّاغونيّ.
روى عنه: الدُّبَيْثيّ [4] ، وابن نُقْطَة، وجماعةٌ. وَحَدَّثَنَا عنه الشّهاب الأبرقوهيّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الحق) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 623 رقم 1628، وبغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد الواد 1/ 45، وسير أعلام النبلاء 22/ 261 رقم 146، وغاية النهاية 2/ 195، والوفيات لابن قنفذ 310 رقم 625، والأعلام 7/ 57، ومعجم المؤلفين 10/ 128.
[2] في وفيات سنة 625 هـ-. رقم (316) .
[3] انظر عن (محمد بن عمر) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 101، 102 رقم 314، ومعجم البلدان 3/ 75، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 179، 180 رقم 2108، والمختصر المحتاج إليه 1/ 85، 86، والمشتبه 1/ 326، وسير أعلام النبلاء 22/ 298 دون ترجمة، وتوضيح المشتبه 4/ 238، وتبصير المنتبه 2/ 635.
[4] في ذيل تاريخ مدينة السلام 2/ 101، 102.(45/171)
وُلِدَ في جُمَادَى الآخرة سَنةَ سبْعٍ وأربعين، وتوفي في السابع والعشرين من جمادى الآخرة. وهو من واسِط: قرية بدُجيل.
والرُّوباني: بضم الراء وبالباء الموحّدة والنّون [1] . يشتبه بالرُّويانيّ. وهُوَ من رُوبا: قرية من قرى دُجيل أيضا.
تُوُفّي ببغداد.
206- مُحَمَّد بن المؤيِّد بن عبد المؤمن بن عليِّ.
أبو بكر، الهَمَذَانيّ، التّاجر.
رئيس مُتَموِّل. سَمِعَ «البخاري» من أبي الوَقْت.
كتب عنه: ابن الدّبيثي، وابن النجّار.
وتوفّي في شعبان بِهَمَذَان.
207- مُحَمَّد بن أبي الفَرَج [2] هِبَة الله بن أبي حامد عبد العزيز بن عليّ ابن مُحَمَّد بن عُمَر بن محمد بن حُسَيْن بن عُمَر بن إبراهيم بن سَعيد بن إبراهيم بن مُحَمَّد بن نجا بن موسى بن سَعْد بن أبي وقَاص. أبو المحاسن، القُرَشيّ، الزُّهْريّ، السَّعْديّ، الدَّيْنَوَرِيُّ الأصل، ثمّ البَغْداديُّ، المراتِبِيُّ، المعروف بابن أبي حامد، البَيِّع.
وُلِدَ سنة ثلاثين وخمسمائة.
__________
[1] هكذا هنا وتكملة المنذري 3/ 180، أما في: معجم البلدان، والمشتبه، والتوضيح:
«الروبائي» : بضم أوله، وسكون الواو، وفتح الموحّدة، وبعد الألف الممدودة همزة مكسورة، نسبة إلى: روبا: قرية من قرى دجيل.
قال ابن ناصر الدين: وجعل ابن نقطة بعد الألف نونا، وأسقطها المصنّف (أي الذهبي- رحمه الله- في «المشتبه» ) تبعا لأبي العلاء الفرضيّ. (توضيح المشتبه 4/ 238، 239) .
وقد تصحّفت النسبة في: تبصير المنتبه إلى: «الرويائي» بالمثنّاة من تحت بدل الموحّدة.
التبصير 2/ 635) .
[2] انظر عن (محمد بن أبي الفرج) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 131، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 187، 188 رقم 2121، والمختصر المحتاج إليه 1/ 158، والإعلام بوفيات الأعلام 257، والعبر 5/ 96، وسير أعلام النبلاء 22/ 262، 263 رقم 148، والوافي بالوفيات 5/ 152، 151، رقم 2177، وشذرات الذهب 5/ 110.(45/172)
وسَمِعَ من: عمّه أبي بكر مُحَمَّد بن أبي حامد، ومُحَمَّد بن طراد الزَّيْنَبِيّ، وعبد الخالق بن أحمد بن يوسُف، وانفرد بالرواية عنهم، وأبي الوَقْت السِّجْزِيّ.
روى عنه: الدُّبَيْثيّ [1] ، وابن النجّار، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس عبد الرحمن ابن الزّين، والشهاب الأبَرْقُوهيّ، وجماعة.
وكانَ شيخا صالحا مَرْضيَّ الطّريقة، حَسَنَ الأخلاق، من بيت الرواية والثروة. وقد دخل دِمشق غَيْرَ مرّةٍ للتجارة، وأضرَّ في أواخر عُمُره.
وتُوُفّي في سادس عشر شَوَّال. وكان أبوه قد ولي الحُجُوبية [2] .
208- المُبارك بن أبي الحَسَن [3] عليّ بن أبي القاسم المبارك بن عليّ ابن أبي الجود. الشيخُ الصالح، أبو القاسم، البَغْداديُّ، العَتَّابِيُّ، الورّاق.
آخر مَنْ حَدَّث في الدُّنيا عن أبي العباس ابن الطَّلَّايَة.
وهُوَ من أهل محلّة العثّابيين [4] . وقد مرّ جدُّه في سَنَةِ إحدى وثلاثين وخمسمائة [5] .
روى عنه: الدُّبَيْثيّ، والجمالُ مُحَمَّد بن أبي الفَرَج الدَّبَّاب، وجماعة آخرهم موتا شيخنا الأبَرْقُوهيّ.
وتُوُفّي في ليلة الجمعة سَلْخ المحرَّم. وحدَّث ببغداد، والمَوْصِل.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي الأَبَرْقُوهِيُّ، أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ بِقِرَاءَةِ أَبِي، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي غَالِبٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عليّ، أخبرنا أبو طاهر المخلّص،
__________
[1] في ذيل تاريخ مدينة السلام، ورقة 131.
[2] كتب المؤلف- رحمه الله- على حاشية الأصل هنا ترجمة: «محمد بن محمد بن أحمد المقرئ ابن عبد الله الفرّيشي المتوفى سنة 633» ثم أشار بتحويلها، وهو قد ترجم له هناك، فحذفت الترجمة هنا بناء لرغبته.
[3] انظر عن (المبارك بن أبي الحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 170 رقم 2090، والإعلام بوفيات الأعلام 256، والعبر 5/ 96، 97، والمختصر المحتاج إليه 3/ 173، 174 رقم 1143، وسير أعلام النبلاء 22/ 263 رقم 149، وشذرات الذهب 5/ 110.
[4] بالجانب الغربي من بغداد.
[5] انظر الجزء الخاص بحوادث ووفيات (521- 540 هـ-) ص 255 رقم 48.(45/173)
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ إِمْلاءً، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ ابن زُرَيْعٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، قَالُوا:
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ [1] عَنِ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ وَحْدَهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ. وَفِي الْحَدِيثِ: ثُمَّ نَسِيَ الْحَسَنُ هَذَا، وَقَالَ: هُوَ مُؤْتَمَنٌ لا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
209- مُظَفَّر بن إبراهيم [2] بن جَمَاعة بن عليّ بن شاميّ بن أحمد بن ناهِض. الأديبُ، موفّقُ الدِّين، العَيْلَانيّ [3]- بالعين المهملة- المِصْريّ، الحَنْبَليّ، الشاعر، الأعمى، العَرُوضيّ، من فُحول الشُّعراء.
ولَهُ مصنّفات في العَرُوض، وشِعرٌ كثير. مدح الملوكَ والأكابر.
وسَمِعَ من: عبد الرحمن بن مُحَمَّد السِّبْيي، ومحمود بن أحمد الصَّابونيّ، والبُوصيريّ، وجماعة.
روى عنه: الزَّكيّ المنذريّ [4] ، والشهاب القوصيّ، وطائفة.
__________
[1] هو في العارية من سننه الكبرى كما في «التحفة» 4/ 66، وأخرجه أبو داود (3561) وأحمد 5/ 13 من طريق يحيى بن سعيد، والدارميّ 2/ 264 من طريق يزيد بن زريع، والترمذي (1266) وابن ماجة (2400) من طريق ابن أبي عدي، ثلاثتهم عن سعيد به. وأخرجه أحمد 5/ 8، وابن ماجة (2400) والبيهقي 6/ 90 من طرق عن سعيد بن أبي عروبة به، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم 2/ 47 على شرط البخاري، ووافقه الذهبي مع أن فيه الحسن البصري وهو مدلس، ولم يصرح بالسماع في هذا الحديث من سمرة. (تخريج الشيخ شعيب الأرنئوط في المطبوع من تاريخ الإسلام 157) .
[2] انظر عن (مظفر بن إبراهيم) في: معجم الأدباء 19/ 148، 151 رقم 48، وتاريخ إربل 1/ 166، و 337، ووفيات الأعيان 5/ 213- 217 رقم 724، ومرآة الجنان 4/ 54- 56، ونكت الهميان 290، والمنهج الأحمد 360، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 166، ومختصره 62، والمقصد الأرشد، رقم 1149، والدر المنضد 1/ 355 رقم 997، وكشف الظنون 877، وشذرات الذهب 5/ 110، وهدية العارفين 2/ 464، وبغية الوعاة 2/ 289، 290 رقم 2002، وديوان الإسلام 4/ 118، 119 رقم 1816، والأعلام 7/ 255، ومعجم المؤلفين 12/ 297، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 168، 169 رقم 2086.
[3] نسبة إلى قيس عيلان.
[4] في التكملة 3/ 168.(45/174)
وتُوُفّي في المحرَّم [1] . وما أحَسَنَ قولَه في الشَّمْعة:
جَاءَتْ [2] بِجِسْمٍ لِسَانُهُ ذَهَبٌ [3] ... تَبْكِي وَتَشْكُو الهَوَى وَتَلْتَهِبُ
كأَنَّها في يَمِينِ حَامِلِهَا ... رُمْحٌ مِنَ العَاجِ رَأْسُه ذَهَبُ
[4] ولَهُ الأبياتُ السائرة:
قالُوا عَشِقْتَ وأَنْتَ أَعْمَى ... أَحْوي [5] كَحِيلَ الطَّرْفِ أَلْمي
وحُلاه [6] مَا عَايَنْتَها ... فَتَقُولُ قد شَغَفَتْكَ [7] وَهْما [8]
وخيالُه بِكَ في المَنَامِ ... فَما أطَافَ ولا أَلَمَّا [9]
فَأَجَبْتُ أنِّي مُوسَوي ... العِشْق إنْصاتًا [10] وفهما
أهوى بجار حتى السّماع ... ولا أرى ذات المسمّى
[11]
__________
[1] ومولده في سنة 544 هـ-.
[2] في معجم الأدباء: «جادت» .
[3] في معجم الأدباء: «ذرب» .
[4] في معجم الأدباء: «رمح لجين سنانه ذهب» (19/ 150) .
[5] في معجم الأدباء، ووفيات الأعيان، ومرآة الجنان، وبغية الوعاة: «ظبيا» .
[6] في معجم الأدباء: «والله» .
[7] في معجم الأدباء: «فكأنّها شغفتك» .
[8] في وفيات الأعيان: «همّا» .
[9] في معجم الأدباء، ووفيات الأعيان، وبغية الوعاة أبيات أخرى بعد هذا البيت:
من أين أرسل للفؤاد ... وأنت لم تبصره سهما
ومتى رأيت جماله ... حتى كساك هواه سقما
وبأيّ جارحة وصلت ... لوصفه نثرا ونظما
والعين راعية الهوى ... وبها يتمّ إذا استتمّا
[10] في مرآة الجنان: «إنسانا» وهو تحريف.
[11] الأبيات في: معجم الأدباء، ووفيات الأعيان، ومرآة الجنان، وبغية الوعاة.
ومن شعره أيضا:
وروضات بنفسجها ... بصبغة صنعة الباري
كخرّم لازوردي ... على ألفات زنجار
وله:
هويت هلالا سرى في الدّجى ... وهاروت من جند أجفانه
فلا تعجبوا إن بدا وجهه ... نهارا وعظّمت من شانه
فإنّ الهلال يرى طالعا ... مع الشمس في بعض أحيانه
وله أيضا:(45/175)
210- مُظَفَّر بن عَبْد القاهر [1] بن الحَسَن بن عليّ بن القاسم. القاضي، حجّة الدِّين، أبو منصور، ابن القاضي أبي عليّ، الشَّهْرَزُوري، الشّافعيّ، قاضي المَوْصِل.
كَانَ رئيسا مُحتشمًا، سَرِيًّا. وُلِدَ سنة ثمان وخمسين وخمسمائة.
ووَلِيَ قضاء المَوْصِل مُدَّةً، وسار رسُولًا إلى الخليفة، وإلى الشام وكان الثناء عليه جَمِيلًا.
سَمِعَ من أبي أحمد عبد الوهاب بن سُكَيْنَة، وابن الأَخْضَر. وأصابَهُ فالج، وأَضَرَّ قبل موته.
وتوفّي في رجب ببلده [2] .
__________
[ () ]
وزهرة لونها من العجب ... بيضاء فيها اصفرار مكتتب
كأنها درهم وقد جعلت ... في وسطه نقطة من الذهب
(معجم الأدباء) وقال ابن خلّكان: وكان الوزير صفيّ الدين أبو محمد عبد الله بن علي، عرف بابن شكر، قد عاد من الشام إلى مصر، فخرج أصحابه للقائه إلى الخشبي المنزلة المجاورة للعباسة، فكتب مظفر المذكور إليه هذه الأبيات يعتذر من تأخره عن الخروج إليه، وهي:
قالوا إلى الخشبي سرنا على عجل ... نلقى الوزير جميعا من ذوي الرتب
ولم تسر أيها الأعمى، فقلت لهم: ... لم أخش من تعب ألقى ولا نصب
وإنما النار في قلبي لوحشته ... فخفت أجمع بين النار والخشب
وذكر له أبياتا أخرى. (وفيات الأعيان) وأنشد العيلاني بمصر لنفسه:
ومورّد الوجنات أخفى حبّه ... عنه ولا يخفى عليه تموّهي
في خدّه لعذاره ولخاله ... حرفان من يقرأهما يتأوّه
(تاريخ إربل 1/ 166) .
وقال أيضا:
لا تحسبنّ في حلاه شامة طبعت ... على نضارة ورد راق منظره
وإنما خدّه الصافي تخال به ... سواد عينيك خالا حين تنظره
(تاريخ إربل 1/ 337) .
[1] انظر عن (مظفر بن عبد القاهر) في: الكامل في التاريخ 12/ 468، ومعجم البلدان 3/ 35، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 183، 184 رقم 2112، والمختار من تاريخ ابن الجزري 137، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 173، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 85.
[2] وقال ابن الأثير: وكان قد أضرّ قبل وفاته بنحو سنتين، وكان عالما بالقضاء، عفيفا، نزها، ذا(45/176)
حرف الياء
211- يحيى بْن عَبْد اللَّه [1] بْن محمد بن حفص.
أبو الحُسَيْن، الأنصاريُّ، الدَّاني، الكاتب.
سَمِعَ أبا القاسم بن حُبَيْشٍ، وعبد المنعم بْن الفَرَس.
وكتبَ الإِنشاء لأُمراءِ الأَنْدلسِ، وخطب بدانية، وكان جوادا، مضيافا، معتنيا بالآداب.
لقيه الأبَّارُ وسَمِعَ منه وقال: تُوُفّي بدانية في شَوَّال، ولَهُ سِتّون سَنةَ.
212- يحيى بن عبد الله بن يحيى [2] . الإمام، أبو الحُسَيْن، الأنصاريّ، الشافعيّ، المِصْريّ، النَّحْويّ.
تلميذ العَلَّامة عبد الله بن بَرِّيّ، لزِمه مُدَّة طويلة. وَبَرَع في لسانِ العرب.
وتصدَّر بالجامع العتيق مُدَّة، وتخرَّجَ به جماعةٌ. وكانَ مشهورا بحُسْن التَّعْليم.
روى عن ابن بَرِّيّ. روى عنه الزَّكيّ المُنذريّ، وغيرُه.
ومات في ذي الحِجَّة [3] .
213- يحيى بن أبي الحَسَن [4] بن عبد الله. أبو الحُسَيْن، ابن ياقوت، الفقيه، الإِسكندرانيّ، المالكيّ، المُعَدَّل، والد أبي الحَسَن مُحَمَّد.
وُلِدَ سَنةَ أربعين وخمسمائة.
وكان عَدْلًا، نَبِيلًا، صالحا، عفيفا، مُتحرّيًا في الشّهادة.
__________
[ () ] رئاسة كبيرة، وله صلات دارّة للمقيم والوارد، رحمه الله، فلقد كان من محاسن الدنيا، ولم يخلّف غير بنت توفّيت بعده بثلاثة أشهر. (الكامل في التاريخ) .
[1] انظر عن (يحيى بن عبد الله) في: تكملة الصلة لابن الأبار (نسخة الأزهر) 3/ ورقة 135.
[2] انظر عن (يحيى بن عبد الله بن يحيى) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 193 رقم 2133، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 165 أ، والعقد المذهب، ورقة 173، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 265، 266، وبغية الوعاة 2/ 336 رقم 2125.
[3] وقع في (بغية الوعاة 2/ 336) أنه مات سنة ثلاث وثلاثين وستمائة» ، وهذا غلط.
[4] انظر عن (يحيى بن أبي الحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 188، 189 رقم 2123.(45/177)
وحدَّث عن السِّلَفيّ.
روى عنه المُنذريّ، وقال: مات في ثامن عشر شَوَّال.
214- يحيى بن أبي القاسم [1] البَغْداديُّ، الأَزَجيّ.
حدَّث عن خُزيفة بن الهاطِر.
215- يُرْنُقش، أبو الحَسَن، الرُّوميّ، الْجَهيريُّ [2] .
سَمِعَ من أحمد بن مُحَمَّد العَبّاسيّ المكّيّ.
كتبَ عنه ابن النجّار، وقال: خَيِّرٌ لا بأس به. مات في رجب سَنةَ 23.
216- يونُس بن بَدْران [3] بن فَيْروز بن صاعد بن عالي بن مُحَمَّد بن عليّ، قاضي القُضاة بالشام. جمالُ الدِّين، أبو محمد وأبو الوليد وأبو الفضائل، وأبو الفَرَج، القُرَشيّ، الشَّيْبيّ، الحِجازيُّ الأَصل، المَلِيجيُّ المولد، الشافعيّ، المشهورُ بالجمال المِصْريّ.
ولد تقريبا سنة خمسين وخمسمائة.
وسمع من: السلفي، وعلي بن هبة الله الكامليّ، وغيرهما.
وتَرّسَّلَ إلى الدّيوان العزيز، وَوَلِيَ الوكالة بالشام مُدَّة، والتّدريس، ثمّ القضاء. ودَرَّسَ بالأمينية بعد التّقيّ الضرير، وتَرَسَّلَ عن الملك العادل إقامة ونَوَّهَ باسمه الصاحبُ ابن شُكْر. ووَلِيَ تدريسَ العادِلية في دولة المُعَظَّم، فألقى
__________
[1] انظر عن (يحيى بن أبي القاسم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 194 رقم 2137.
[2] انظر عن (يرنقش الرومي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 182 رقم 2110.
[3] انظر عن (يونس بن بدران) في: التاريخ المنصوري 121، 122، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 643، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 173، 174 رقم 2098، وذيل الروضتين 148، ونهاية الأرب 29/ 138، والإعلام بوفيات الأعلام 256، والإشارة إلى وفيات الأعيان 327، والعبر 5/ 97، وسير أعلام النبلاء 22/ 257، 258 رقم 142، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 447، 448، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 133 (8/ 366) ، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 165 أ، والبداية والنهاية 13/ 114، 115، والعقد المذهب، ورقة 86، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 428، 429 رقم 399، والعسجد المسبوك 2/ 425، والنجوم الزاهرة 6/ 266، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 86، وحسن المحاضرة 1/ 191، والقضاة الشافعية بدمشق للنعيمي 64، 65، وشذرات الذهب 5/ 112، وهدية العارفين 2/ 572، ومعجم المؤلفين 13/ 346، 347.(45/178)
بها دروسا جميعَ تفسيرِ القرآن. وقد اختصر كتاب «الأُمّ» للشافعيّ. وصَنَّفَ في الفرائض.
قال أبو شامة [1] : كَانَ في ولايته عفيفا في نَفْسِه نَزهًا، مُهيبًا، مُلازمًا لمجلس الحُكم بالجامع، وغيره. وكان يُنْقَمُ عليه أنَّه إذا ثبتَ عنده وراثة شخص وقد وضع بيتُ المال أيديهم عليها، يأمره بالمصالحة لبيت المال.
ونُقِمَ عليه استنابتُه في القضاء لابنه التّاج مُحَمَّد، ولم تكن طريقتُه مستقيمة.
قال: وكان يذكر أنَّه قُرَشِيٌّ شَيْبِيٌّ، فتكلّمَ النّاس في ذلك، وَوَلِيَ بَعْدَهُ القضاءَ وتدريسَ العادلية شمسُ الدِّين الخُوَييّ.
ونقلتُ من خطِّ الضّياء: تُوُفّي القاضي يُونُس بن بَدْران المِصْريّ، بدمشق، وقليل من الخَلْقِ مَن كَانَ يَتَرحَّم عليه.
قلت: روى عنه البرزاليّ، والشهاب القوصيّ، وعمر ابن الحاجب وقال: كَانَ يُشارِكُ في علومٍ كثيرة، وصارَ وكيلا لبيت المال، فلم يُحسن السيرة قبل القضاء.
قال ابن واصل [2] : كَانَ شديدَ السُّمرة، يَلْثَغُ بالقاف همزة، صلَّى ليلة بالملك المعظّم فقرأ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ 5: 27 [3] فضحك منه السُّلطانُ [4] ، وقطع الصّلاةَ.
وقال القوصيّ: أنشدنا الجمالُ المِصْريّ، قال: أنشدنا السِّلَفيّ لنفسه: -
قَدْ كُنْتُ أَخْطُو فَصِرْتُ أَعْدُو ... وكُنْتُ أَغْدُو فَصِرْتُ أَخْطُو
خَانَ مَشِيبي يَديَ وَرِجْلِي ... فَلَيْسَ خَطْوٌ وَلَيْسَ خَطُّ
تُوُفّي في أواخر ربيع الأول، ودُفِنَ في مجلس بقاعته شرقيّ القليجية من قبليّ الخضراء.
__________
[1] في ذيل الروضتين 148.
[2] مفرج الكروب 4/ 172 (وفيات سنة 622) .
[3] سورة المائدة، الآية 27، وقد وقع في المطبوع من: تاريخ الإسلام، بتحقيق الدكتور بشّار- ص 162 «آدم» بضم الميم، وهو غلط.
[4] لأنه أبدل كل قاف فيها همزة.(45/179)
[الكنى]
217- أبو بكر بن أحمد بن منخّل بن مُشرَف. الشَّاطبيُّ، المقرئ، الصّالح، الزّاهد، المُعَمَّر.
عاشَ ثمانيا وتسعين سَنةً.
سَمِعَ من إبراهيم بن خليفة في سنة خمس وثلاثين وخمسمائة، كتاب «التّفسير» بسماعه من ابن الدُّشّ، بسماعه من الدَّاني. وسَمِعَ من عاشر بن محمد، وعُليم بن عبد العزيز، وتفرَّد عنهم.
سَمِعَ منه ابن مَسْدِيّ ووَرَّخُهُ.
أبو القاسم بن حمُّويه الْجُوَينيّ، اسمه عُبَيْد الله، تقدَّم [1] .
وفيها وُلِدَ شيخ المستنصرية الرشيدُ محمد بن أبي القاسم.
والزّين إبراهيم بن أحمد ابن القوّاس.
والرشيد إسماعيل بن عثمان ابن المُعَلِّم، شيخ الحنفية.
والفتحُ عبد الله بن محمد ابن القَيْسرانيّ.
والشرفُ عبد الوَهَّاب بن فضل الله، صاحب ديوان الإِنشاء.
والصَّدْرُ إسماعيل بن مكتوم.
والنّجمُ عبد العالي بن عبد الملك بن عبد الكافي الشَّاهد.
والتَّقيُّ إسحاقُ بن عبد الرحيم بن دِرْباس المِصْريّ.
وعَبْدُ الرحمن بن أحمد سِبْط أبي الوَقْت الركبدار.
وحَسّانُ بن سلطان اليُونينيّ، خطيبُ زَحْلَة.
والحاجُ مُحَمَّد بن رنطار الأشرفيّ.
والتّاج عبد القادر بن محمد السِّنجاريّ الحنفيّ.
والشهابُ سُلَيْمان بن إبراهيم الحنفيّ ابن الشّركسيّ.
__________
[1] برقم (190) .(45/180)
سنة أربع وعشرين وستمائة
حرف الألف
218- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم [1] بْن فَرْقَد.
أبو جعفر، القُرَشيّ، الأَنْدَلسِيُّ، نزيلُ إشبيلية.
وحدّث عن أبيه، وعمّه.
وولي قضاء غرناطة، وسلا، فلم تحمد سيرته.
روى عنه الأبّار، وقال: تُوُفّي في ربيع الآخر عن ثمانٍ وسبعين سَنَة.
219- أحمد [2] بن سُلَيْمان بن طالب.
أبو الثناء، القُرَشيّ، الفاسيُّ، الزّاهد.
أَحدُ الأَعلام، ويُعْرَفُ بابن ناهِض.
سَمِعَ وقرأَ في الأُصول، وصَنَّفَ في علم الكَلام، والطَّريق.
قال ابن مَسْدِيّ: ولَهُ كلامٌ على الخواطر وكَشْفٌ. بِتُّ عِنْدَه، وكاشفني بأشياءَ ما أخرمت.
220- أحمد بن عبد المجيد [3] بن سالم بن تمام.
أبو العبّاس، الحجريّ، المالقيّ، المعروف بابن الجيّار.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن إبراهيم) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 114.
[2] وردت هذه الترجمة في حاشية الأصل.
[3] انظر عن (أحمد بن عبد المجيد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 114، وبرنامج شيوخ الرعينيّ 135، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1 ق 1/ 258- 261 رقم 330.(45/181)
أكثر عن أبي عبد الله ابن الفخّار، وأبي زيد السّهيليّ، وأبي القاسم ابن بَشْكُوالَ.
وأجاز لَهُ أبو مروان بن قَزمان، والسّلفيّ، وجماعة.
قال الأبّار [1] : وكان ذا عناية بالرواية أخذتُ عنه، مع ورع وصلاح، وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وقد خانقَ الثمانين [2] .
221- أحمد بن عليّ [3] بن يوسُف القُرْطُبيّ. أبو العبّاس الأنصاريّ.
روى عن: أبي خالد بن رفاعة، وابن حَميد.
وولي خَطابة لُوشة [4] . وقد أُسِرَ، ثم خلَّصه الله، وسكن مَالَقَة. مات في شهر ربيع الآخر.
222- أحمد بْن مُحَمَّد [5] بْن أحمد. أبو جعفر، ابن الأصلع [6] ، الأَنْدَلسِيّ، العَكّيُّ، مِن أهل لُوشة.
أخذ القراءاتِ عن أبي العباس بن اليتيم، ولقي بمالَقة أبا بحر بن جامع، وأبا محمد بن دحمان، فأخذ عنهما «كتاب» سِيبَويْه.
وبَرَعَ في العربية وتصدّر لإقرائها.
__________
[1] في تكملة الصلة 1/ 114.
[2] من شعره:
رضيت سقمي حالا ... حقيقة لا محالا
وصار لي منه أنس ... إن دام لي توالى
فحلّ في القلب نور ... من الرضا يتلالأ
فالحمد للَّه ربّي ... سبحانه وتعالى
ثم الصلاة على من ... بذّ الأنام كمالا
(الذيل والتكملة ج 1 ق 1/ 261) .
[3] انظر عن (أحمد بن علي) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 114، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1 ق 1/ 345 رقم 434.
[4] لوشة: من عمل قرطبة.
[5] انظر عن (أحمد بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 115، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1 ق 1/ 388، 389 رقم 546.
[6] في الذيل والتكملة ج 1 ق 1/ 388 «الأصبغ» ، وقال محقّقه محمد بنشريفة بالحاشية (2) في نسخة أخرى: «الأضلع» .(45/182)
وسَمِعَ من أبي القاسم بن بَشْكُوالَ، والسُّهَيْليّ. وأجاز له أبو الحسن ابن النِّعمة، وجماعة. وأقرأ القراءاتِ، والنَّحْو، وروى الحديثَ.
وتُوُفّي في الأسر في آخر هذه السنة، ولَهُ ثمانون سَنَة [1] .
223- إبراهيم بن عبد الرحمن [2] بن إبراهيم. أبو إسحاق، النَّقَّاش، البَغْداديُّ الأَصل، الدمشقيّ المولد، الصُّوفيّ، الشَّاعِر.
نشأ بدمشق ثمّ دخل بغداد- بلد آبائه- فاستوطنَها.
وكان شيخا حسنا يَنْقُش في النّحاس. فَمِنْ شِعره، ورواه عنه ابن النّجّار:
وكم مِن هَوَى لَيْلَى قَتيلِ صَبَابَةٍ ... ومجنونُها المُضْنَى بها العَلَم الفَرْدُ
وما كُلُّ مَنْ ذَاقَ الهَوى تَاهَ صَبْوَةٍ ... ولا كُلُّ من رام اللِّقَا حَثَّهُ الوَجْدُ
[3] تُوُفّي يوم عَرَفَة.
224- أسعدُ بن يحيى [4] بن موسى بن منصور بن عبد العزيز السُّلَميّ.
السِّنْجاريُّ، الفقيه، شهابُ الدِّين، الشافعيّ، الشاعر.
لَهُ ديوان مشهور.
وتُوُفّي في أوائل المحرَّم سَنَة أربعٍ، وفي موته خلاف. وقد مرّ في عام اثنتين وعشرين.
__________
[1] وكان مولده في سنة 544 هـ-.
[2] انظر عن (إبراهيم بن عبد الرحمن) في: الوافي بالوفيات 6/ 44، 45 رقم 2481.
[3] ولهما بيت ثالث:
وللحب في البلوى شروط عزيزة ... يقوم بها في حلبة الوله الأسد
وقال الصفدي: وله كلام على لسان أهل الحقيقة، وصنّف كتابا كبيرا فيما نظمه.
وقال ابن النجار: كتبت عنه شيئا من شعره، وكان شيخا حسن السمت، طيّب الأخلاق، محمود الأفعال، يرجع إلى صلاح وديانة.
وقال: أنشدني لنفسه:
ومن لم يبت والدمع مسهر جفنه ... إذا ضحك الباكون أصبح باكيا
وكيف ينام الليل من طعم الهوى ... وما انفكّ مهجورا فما كان ساليا
وعن وجده تروي بلابل قلبه ... أحاديث من أمسى لظى الحب صاليا
[4] تقدّم في وفيات سنة 622 هـ-. برقم (81) .(45/183)
ومن شِعره في مملوك:
أَصْبَحتَ سُلْطَانَ القُلُوبِ مَلَاحَةً ... وجَمالُ وَجْهكَ في البريَّة عَسْكَرُ
طَلَعَتْ طَلائِعُ عَارِضَيْكَ مُغِيرَةً ... بالنَّصر يَقْدُمُها لِواءٌ أَخْضَرُ
وتَسَرْبَلَتْ سِرْبَ القُلُوبِ وأَقْبَلَتْ ... تَبْغِي الإِمَامَ ومثلُ جَيْشِكَ يُنْصَرُ
فَلأَنْتَ أعلى رُتْبَةً مِن سنجرٍ ... أبدا يَدِينُ لَكَ الوَرَى يا سنجرُ
ولَهُ:
للَّه أيَّامي على رَامَةٍ ... وَطِيبُ أوقاتي على حَاجِرِ
تكَادُ لِلسُّرعَةِ في مرِّها ... أَوَّلُها يَعْثُرُ بالآخِرِ
ويقال: بلغ تسعين سَنَة. وَوَزَرَ لصاحب حماة. ونفذ رسولا.
225- إسماعيل بن إبراهيم [1] بن مُحَمَّد. أبو مُحَمَّد، الشّهرستانِيُّ، ثمّ البَغْداديُّ، الصُّوفيّ، المقرئ.
سمع من: أبي الفتح بن البطي، ويحيى بن ثابت، وأبي بكر بن النقور، وجماعة.
وحدَّث ببغداد والمَوْصِل وإرْبِل. تُوُفّي ليلة عاشوراء [2] .
وقد سمع منه الجمال محمد ابن الدّبّاب «جزء» أخبار وحكايات للزّبير ابن بكّار.
أَخْبَرَنَا يحيى بن ثابت، عن أبيه، عن ابن رِزْمَة، عن السِّيرافيّ، عن ابن أبي الأزهر، عنه. وسَمِعَ منه ابن الدَّبَّاب السابع من «فَوائد» الخِرَقيّ، بسماعه من ابن البَطِّي، عن حمزة الزُّبَيْريّ، عنه.
226- إسماعيل بن الحُسَيْن. أبو منصور، الدَّلال، ابن النَّرْسيّ.
روى عن جدّه عبد الله بن أحمد بن النّرسيّ.
__________
[1] انظر عن (إسماعيل بن إبراهيم) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 270، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 196 رقم 2140، وتاريخ إربل 1/ 225، 226 رقم 125، والمختصر المحتاج إليه 1/ 238.
[2] وقال ابن المستوفي: سألت إسماعيل بن إبراهيم عن مولده سنة إحدى عشرة وستمائة، فقال:
أنا في عشر السبعين تقريبا، ولم يعرف تاريخ مولده. (تاريخ إربل 1/ 226) .(45/184)
روى عنه ابن النّجّار.
227- إسماعيل ابن قاضي القُضاة أبي القاسم عبد الملك [1] بن عيسى ابن دِرْباس. القاضي، عمادُ الدِّين، المارانيُّ، الشّافعيُّ.
وُلِدَ بالقاهرة سنة سبعين وخمسمائة. وتَفَقَّه مُدَّة، وسَمِعَ من البُوصِيريّ، وجماعة. وحدَّث.
ونابَ عن والده في القضاء. ودَرَّسَ بالسَّيفية بالقاهرة. وأقبلَ على صُحبة أهل الآخِرة، ولزوم طريقتِهم. وتُوُفّي في رمضان.
حرف الجيم
228- جعفر بن أحمد [2] بن عبد الرحيم بن تُركي.
أبو الفضائل، الإِسْكندَرانيّ، العَدْل.
حدَّث عن السِّلَفيّ. ومات في رجب.
229- جعفر بن عبد الله بن [3] محمد بن سيد بُونه.
أبو أحمد، الخزاعيّ، الأندلسيّ، الزاهد.
من أهل قسطنطنية عمل دانية.
ذكره الأبَّارُ فقال [4] : أَخَذَ القراءاتِ عَنْ أَبِي الْحَسَن بْن هُذَيْل، وسَمِع منه ومن أَبِي الْحَسَن بْن النعمة بِبَلنْسِيَة. وحجَّ في حياة السِّلَفِيّ، ورجع مائلا إلى الزُّهْد والتَّخَلّي، وكان شيخَ الصوفية في زمانه. علا ذكره وبعد صيته في
__________
[1] انظر عن (إسماعيل بن عبد الملك) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 208، 209 رقم 2164، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 993، والوافي بالوفيات 9/ 153 رقم 4058، والمقفى الكبير 2/ 120، 121 رقم 772، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 99.
[2] انظر عن (جعفر بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 205 رقم 2160.
[3] انظر عن (جعفر بن عبد الله) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 244، وأهل المائة فصاعدا (مجلّة المورد) مجلّد 2، عدد 4/ 136، ومعرفة القراء الكبار 2/ 608، 609 رقم 574، وسير أعلام النبلاء 22/ 271 دون ترجمة، وغاية النهاية 1/ 192 رقم 887، والإحاطة في أخبار غرناطة 1/ 461- 463، والمقفى الكبير 2/ 35، 36 رقم 1071.
[4] في تكملة الصلة 1/ 244.(45/185)
العبادة، إلّا أنَّه كانت فيه غَفْلَة، وقد رأيتُه. وتُوُفّي في ذي القِعْدَة عن عُلُوّ سنٍّ نحو المائة سَنَة، وقد شيعَهُ بَشَرٌ كثيرٌ، وانتاب النّاسُ زيارة قَبْرِهِ.
وقال ابن مَسْدِيّ في «معجمه» : غلّق المائة إلّا ما يسقط أو يزيد من شهرِ. وأخذ القراءاتِ عن خاله يحيى، وابن هُذَيْل، وابن غادة، وابن النِّعمة.
وسَمِعَ بمكَّة من عليّ بن عمّار وليس من ابن الرفاعيّ، احتَلْتُ في السماع منه، فإنَّه كَانَ قد خرجَ عن هذا الفنّ.
قلتُ: وقد سَمِعَ «التّيْسير» من ابن هُذَيْل في ذي القِعْدَة سَنَة ستّين وخمسمائة بقراءة خاله الحَسَن بن أحمد بن سيد بونه الخُزَاعيّ.
230- جِنْكِزخان [1] ، طاغية التّتار وملكهم الأوّل.
الّذي خرب البلاد، وأبادَ العباد. وليس للتّتار ذِكرٌ قبلَه، وإنّما كانوا ببادية الصّين، فمَلَّكُوه عليهم، وأطاعُوه طاعة أصحاب نبيٍّ لنبيّ، بل طاعة العِباد المُخلصين لِربّ العالمين.
وكان مبدأ مُلْكِهِ في سَنَة تسع وتسعين وخمسمائة، واستولَى على بُخارى وسمرقَنْد في سَنَة ستٍّ عشرة، واستولى عَلَى مُدُنِ خُراسان في سنة ثمان عشرة وآخر سنة سبعَ عشرة. ولَمّا رجع من حرب السُّلطان جلال الدِّين خُوارزم شاه على نهر السِّنْد وصل إلى مدينة تنكُت من بلاد الخطا، فمرض بها، ومات في رابع رمضان من سَنَة أربعٍ وعشرين. وكانت أيامُه خمسا وعشرين سَنَة. وكان اسمُه قبل أن يلي المُلك تمرجين. ومات على دينهم وكُفرهم.
وبَلَغَنَا أنَّه خلّف من الأولاد الّذين يصلحون للسلطنة ستة، وفوض الأمرَ إلى أوكتابي أحدهم بعد ما استشارَ الخَمْسة الآخرين في ذلك، فأجابوه. فلمّا هلك جنكزخان، امتنع أوكتابي من الملك وقال: في إخوتي وأعمامي من هو
__________
[1] انظر عن (جنكزخان) في: الكامل في التاريخ (انظر فهرس الأعلام) 13/ 81، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 243، وتاريخ الزمان، له 272، وتلخيص مجمع الآداب 556، وذيل مرآة الزمان 1/ 86، وسير أعلام النبلاء 22/ 243، 244 رقم 132، والإشارة إلى وفيات الأعيان 328، والوافي بالوفيات 11/ 197- 199 رقم 295، والبداية والنهاية 13/ 117، والسلوك ج 1 ق 1/ 227، والعسجد المسبوك 2/ 430، والنجوم الزاهرة 6/ 268، وشذرات الذهب 5/ 113، ودائرة المعارف الإسلامية (جنكيزخان) ، وأخبار الدول 2/ 516.(45/186)
أكبر منّي، فلم يزالوا به نحوا من أربعين يوما حَتّى تملّك، وحكم على الملوك، ولقّبوه قاآن الأعظم- ومعناه: الخليفة فيما قيل- وبثّ جيوشَهُ، وفتح فتوحاتِ، وطالت أيامُه. وولي بعده الأمر مَوْنكُوكا [1] وهُوَ القاآن الّذي كَانَ أخوه هولاوو من جُملةِ مُقدَّميه ونُوّابِه على خُراسان. وَوَلِيَ بعد مونكوكا أخوه قُبلاي وقد طالت خلافة قُبلاي، وبقي في الأمر نَيِّفًا وأربعين سَنَة كأخيه، وعاش إلى سَنَة ثلاثٍ وتسعين وستمائة، ومات سَنَة خمسٍ بمدينة خان بالق الّتي هي كرسيُّ المملكة، وهي أُمُّ الخطا.
وأمّا تنكُتْ: فهو اسم جبلٍ بتلك الدِّيار، وهُوَ حدٌّ بين بلاد الهند وبين بلاد الخطا.
فقُبلاي هذا ومونكوكا وهولاوو إخوة، وهم أولاد تُولي بن جنكزخان.
وقد قُتِلَ تُولي في مصافٍّ عظيم بينَهُ وبين السُّلطان جلال الدِّين خوارزم شاه سَنَةَ ثماني عشرة وستمائة بخُراسان من ناحية غَزْنَة.
حرف الحاء
231- حسن ابن الوزير أبي العباس أحمد بن مُحَمَّد بن موسى الأنصاريّ، البَلَنسيّ.
صَحِبَ وَهْب بن نذير، وتَفَقَّه به، وأخذ القراءات عن أبي عليّ بن زلال، وعالْجَ الشُّرُوط. عاش نَيِّفًا وسبعين سَنَة.
232- حمّاد بن أحمد [2] بن محمد بن صديق. أبو الثناء، الحرّانيّ.
سَمِعَ من أَبِي الفتح أَحْمَد بْن أَبِي الوفاء. وحدّث. وهو أخو محمد.
مات في شوّال.
__________
[1] جوّده المؤلف- رحمه الله- هكذا، وورد «مونكوقا» بالقاف في: سير أعلام النبلاء 22/ 243.
[2] انظر عن (حمّاد بن أحمد) في: التقييد لابن نقطة 266 رقم 328، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 181، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 209، 210 رقم 2166(45/187)
حرف الدال
233- داود بن مَعْمَر [1] بن عبد الواحد بن الفاخر.
أبو الفتوح، القُرَشيّ، الأصبهانيّ.
ولد في رمضان سنة أربع وثلاثين وخمسمائة.
وسَمِعَ من: غانم بن خالد البَيِّع، وغانم بن أحمد الْجُلُوديِّ، وفاطمَة بنت محمد بن أحمد البَغْداديُّ، ونصر بن المُظَفَّر البرمكيّ، وإسماعيل بن علي الحَماميّ، وأبي الخير مُحَمَّد بن أحمد البَاغَبَان، وأبي الحَسَن بن غَبْرَة، وابن البَطِّي، وجماعة.
قرأت بخطِّ ابن نُقْطَة، قال [2] : ذكَر لي غيرُ واحدٍ من الطَّلَبة أنَّه سَمِعَ «صحيح» البُخاريّ من غانم الْجُلُودي، وفاطمة بنت البَغْداديُّ، قالا: أَخْبَرَنَا سعيد بن أبي سَعيد العَيَّار، ومن أبي الوَقْت عن أبي الحَسَن الداوديّ. وسَمِعَ بالكوفة من ابن غَبرة كتاب «الدُّعَاء» لمحمد بن فُضَيْل. سَمِعْتُ منه بأصبهَان، وحكى لي عن شيخه أبي مُحَمَّد عبد القادر الجيليّ، وغيره. قال: وهُوَ شيخُ الناس بأصبهان، واسعُ الجاه، رفيعُ المنزلة، مُكْرِمٌ لأهلِ العِلْم وغيرهم.
بَلَغَنَا أنَّه تُوُفّي بأصبهان سَنَة أربعٍ وعشرين [3] .
قلت: وسَمِعَ منه الزَّكيّ البِرْزَاليُّ، والصدر البكريّ «جزء» البيتوتة، بسماعه من فاطمة بنت مُحَمَّد البَغْداديُّ، بسماعها من العَيَّار، وهُوَ بسماع عليّ ابن المُظَفَّر الكاتب من البَكْريّ، وسماعه من بنت البَغْداديُّ حضور [4] ، فإنَّه في سَنَة سبْعٍ وثلاثين، لهذا «الجزء» وكذا روايته عنها «للبخاريّ» حضور، فإنَّه في سَنَة ستٍّ وثلاثين. وسماعه من ابن غانم في الخامسة.
__________
[1] انظر عن (داود بن معمر) في: التكملة لوفيات النفلة 3/ 206 رقم 2162، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 1945، والمعين في طبقات المحدثين 191 رقم 2035، والإشارة إلى وفيات الأعيان 328، والإعلام بوفيات الأعلام 257، ودول الإسلام 2/ 131، والمختصر المحتاج إليه 2/ 62 رقم 654 وسير أعلام النبلاء 22/ 268، 269 رقم 153، والنجوم الزاهرة 65/ 269.
[2] في التقييد 266.
[3] هذه العبارة لم ترد في المطبوع من (التقييد) .
[4] أي: كان طفلا، فأحضر إلى مجلس السماع، وأدرج اسمه في الطبقة.(45/188)
وروى عنه أيضا الحافِظُ الضياء، وقال: تُوُفّي في رجب أو شعبان. وكذا قال المُنذريّ [1] . وروى عنه ابن النجار، وآخرون.
حرف الصاد
234- صَدَقَة بْن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ [2] أَبِي بَكْرِ بْنِ فتوح. أبو القاسم، اللَّخْمِيّ، الْجَرِيريُّ، الحُسَينيّ. وبنو حُسَيْن: بَطْن من بني جرير اللَّخْميّين، ويُعْرَفُ هذا بابن الكَيّال، الإِسْكندَرانيّ.
وُلِدَ سَنَة سبع وثلاثين وخمسمائة.
وسمع من: السلفي، وأبي محمد العثماني، وأبي طالب اللَّخْمِيّ.
وحدَّث. ولَهُ شعر، وفَضِيلة، ومروءة.
تُوُفّي في سَلْخ المحرَّم.
235- صفية بنت أبي طاهر [3] عبد الجبّار بن أبي البقاء هِبَه الله بن القاسم ابن البُنْدار الحَرِيميّ. أمُّ الخَيْر.
سَمِعْتُ من ابن البَطِّي، وكَرَم بن أحمد بن قُنَيَّة [4] . وكانت صالحة قانِتَةً، عابِدة. سَمِعوا منها مرّاتِ، وروى عنها الدُّبَيْثيّ، وابن نُقْطَة، وروى لنا عنها الأبَرْقُوهيّ «جزء» البانياسيّ.
وماتت في سابع صَفَر.
وكَرَم: فمن طلبة الحديث، يَرْوي عن أبي غالب ابن البَنَّاء.
حرف العين
236- عبد الله بْن أحمد [5] بْن أبي بكر. أبو القاسم. الهَمَذَانيّ، ثمّ
__________
[1] في التكملة 3/ 206.
[2] انظر عن (صدقة بن عبد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 198، 199 رقم 2145.
[3] انظر عن (صفية بنت أبي طاهر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 200، 201 رقم 2148، والمختصر المحتاج إليه 3/ 265 رقم 1411.
[4] قنيّة: بضم القاف وفتح النون وتشديد الياء آخر الحروف وفتحها وبعدها تاء تأنيث.
(المنذري) .
[5] انظر عن (عبد الله بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 213 رقم 2174.(45/189)
البَغْداديُّ، الظَّفَرِيُّ، الخَيَّاط، المقري.
سَمِعَ من أبي الفتح بن البطّي. وحدّث. ومات في ذي الحِجَّة.
237- عبد الله بن جميل [1] بن أحمد بن محمد. أبو إبراهيم وأبو موسى، البَرَدانيّ [2] ، الفِيجِيُّ [3] .
مات بالفِيَجَة.
وحدَّث عن أبي نصر عبد الرحيم اليوسفيّ ب- «جزء» ابن عَرَفَة. وكان صالحا، خيِّرًا.
روى عنه الضّياء، وأثنى عليه، وعمر ابن الحاجب. وحدّثنا عنه العزّ أحمد ابن العماد، والشمس محمد ابن الواسطيّ. قرأتُ وفاتَه بخطِّ الضّياء: في ربيع الأول. وقال المُنذريّ: في رابع جُمَادَى الأولى.
238- عَبْدُ الله بن عُثمان [4] بن يوسُف المَقْدِسيُّ.
قال الضّياء: كَانَ فيما علِمنا من عباد الله الصّالحين، لم تُعرف لَهُ صَبْوةُ ولا زلّة. وكان صابرا على الفَقْر والقِلَّة مُتَوَرِّعًا، يقرأ القرآن قراءة حَسَنة، وقرأ عليه جماعةٌ. وحدَّثني إبراهيمُ بن أبي الفَرَج جارُهُ قال: لم يترك القراءة إلّا ليلة واحدة، وكان يقرأ اللّيل والنّهار رَضِيَ اللَّهُ عنه.
مات في خامس عشر المحرَّم بالْجَبَل.
239- عبد الله بن نصر [5] بن أبي بكر بن مُحَمَّد الحَرّانيّ.
قاضي حرّان، أبو بكر، الفقيه الحنبليّ، المقرئ.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن جميل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 204 رقم 2156.
[2] وهو منسوب إلى وادي بردي الموضع المعروف بدمشق.
[3] وهو منسوب إلى الفيجة، من قرى وادي بردي الغوطة الغربية.
[4] انظر عن (عبد الله بن عثمان) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 197 رقم 2141.
[5] انظر عن (عبد الله بن نصر) في: الإعلام بوفيات الأعلام 257، والإشارة إلى وفيات الأعيان 328، والعبر 5/ 98، 99، والمختصر المحتاج إليه 2/ 175 رقم 816، وسير أعلام النبلاء 22/ 272 دون ترجمة، والمنهج الأحمد 362، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 171، ومختصره 63، والمقصد الأرشد، رقم 548، والدر المنضد 1/ 357 رقم 1002.(45/190)
دخل إلى بغدادَ وفقَّه بها على غيرِ واحدٍ.
وسَمِعَ من: شُهْدَةَ الكاتبة، وعبدِ الحقّ اليُوسُفيّ، وعيسى بْن أَحْمَد الدُّوشابيّ، وتَجَنّي الوَهْبانية. وانحدرَ إلى واسطَ، فقرأ بها القراءات على أبي طالب الكَتَّانِيّ، وأبي بكر الباقِلّانيَ، وابن قُشام القاضي.
وَوَلِيَ القضاءَ ببلده، وأقرأ القراءاتِ، وحُمِدَتْ سيرتُهُ. وفي ذُرّيته قضاةٌ وفُضلاء. وقد صَنَّفَ في القراءات، وسَمِعَ منه جماعةٌ.
ووُلِدَ سنة تسع وأربعين وخمسمائة.
روى عنه الضّياء، وابن الحاجب. وَأَخْبَرَنَا عنه سِبْطُه أبو الغنائم بن محاسن، والشهاب الأبَرْقُوهيّ. وقال الضّياء: أخبرني بعضُ أقاربه أنَّه تُوُفّي سنة أربعٍ وعشرين.
240- عبدُ الله بن يحيى [1] بن أبي البركات.
أبو مُحَمَّد، القُرَشيّ، المَهْدَوِيُّ، ثمّ الإِسْكندَرانيّ.
شيخٌ صالحٌ، عابدٌ. وُلِدَ بعد الأربعين. وقَدِمَ الإسكندرية، وسكنَها، وسَمِعَ بها من السِّلَفيّ. ومات في صفر.
241- عبد الله بن يعقوب [2] بن يوسُف بن عبد المؤمن.
السُّلطان، أبو محمد، المُلَقَّب بالعادل.
بويع بالمغرب إثر خَلْع ابن عَمِّهم عبد الواحد سَنَةَ إحدى وعشرين. ولم يستقِلَّ بالمملكة، بل كَانَ أخوه المأمون أبو العُلى منازِعًا لَهُ، ثمّ قويَ المأمون ودخلَ قصر الإمارة بمرَّاكِش، وقَبَض على العادل في عام أربعة هذا وأحسبه قُتِلَ. فكانت دولتُه أقلَّ من أربعٍ سنين، آخرها في شوّال.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن يحيى) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 201 رقم 2150.
[2] انظر عن (عبد الله بن يعقوب) في: المختصر في أخبار البشر 3/ 138، والمعجب لعبد الواحد المراكشي 416، وسير أعلام النبلاء 22/ 341، 342 رقم 209، وتاريخ ابن الوردي 2/ 149، والاستقصاء 1/ 196، والوافي بالوفيات 17/ 681 رقم 579، ومآثر الإنافة 2/ 87، والحلل الموشية 124، وشرح رقم الحلل 203، 204، وتاريخ الدولتين الموحّدية والحفصية 15.(45/191)
242- عبد البرّ ابن الحافظ أَبِي العلاء [1] الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن الحَسَن الهَمَذَانيّ، العَطّار. أبو محمد.
سَمِعَ: أباه، وعليّ بن مُحَمَّد المُشْكاني راوي «تاريخ» البُخاريّ الصَّغير، ونصر بن مُظَفَّر البَرْمكيّ، وأبا الخير الباغبان، وأبا الوَقْت السِّجْزِيّ، وجماعة.
روى عنه: الضّياء، والصَّدْر البَكْريّ، والزَّكيّ البِرْزَاليُّ، وسائر الرَّحّالة.
وقرأت بخطّ ابن نُقْطَة [2] : أنَّه سَمِعَ من عليّ بن مُحَمَّد المُشْكانيّ «تاريخ» البخاريّ الصَّغير. قال: وذكر لي إسحاق بن مُحَمَّد بن المؤيِّد المِصْريّ: أنّ شيخنا عبد البرّ بن أبي العَلاء تَغَيَّر بَعْدَ سَنَة عشر وستمائة، (وبَلَغَنا أنَّه ثابَ إليه عقلُهُ قبل وفاته بقليل، وحدَّث، وأنّه تُوُفّي بِرُوذْرَاوَر في شعبان من سَنَة أربعٍ وعشرين) [3] .
قلت: وَسَمِعْنَا بإجازته من الشَّرَف أحمد بن عَسَاكر.
243- عبد الجبَّار بن عبد الغنيّ [4] بن عليّ بن أبي الفضل بْن عليّ بْن عبد الواحد بْن عَبْد الضّيف الأنصاريّ. ابن الحَرَستانيَ، الشافعيّ، الفقيه المُفْتِي، كمال الدِّين، أبو محمد.
نقلتُ ذلك كلّه من خطّ ابن الدُّخْمَيْسِيّ.
سَمِعَ: أبا القاسم الحافظ، وأبا سَعْد بن أبي عَصْرون. وأجاز لَهُ خطيب المَوْصِل أبو الفضل، والحافظ أبو موسى المَدِينيّ.
سَمِعَ منه: الزَّكيّ البِرْزَاليُّ، وخَرَّج لَهُ «جزءا» ، وأبو حامد ابن الصابونيّ، وابن الدُّخْمَيْسي، والفخر محمد بن مُحَمَّد ابن التّبني.
__________
[1] انظر عن (عبد البر بن أبي العلاء) في: التقييد لابن نقطة 391 رقم 509، والمعين في طبقات المحدّثين 192 رقم 2038، والإشارة إلى وفيات الأعيان 328، والإعلام بوفيات الأعلام 257، والعبر 5/ 99، وسير أعلام النبلاء 22/ 263، 264 رقم 150، والوافي بالوفيات 18/ 29 رقم 23، ولسان الميزان 3/ 385، 3016 رقم 1538.
[2] في التقييد 391.
[3] ما بين القوسين لم يرد في المطبوع من التقييد.
[4] انظر عن (عبد الجبار بن عبد الغني) في: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 160، وسير أعلام النبلاء 22/ 272 دون ترجمة، والوافي بالوفيات 18/ 40 رقم 40.(45/192)
وَأَخْبَرَنَا عنه أبو الفضل بن عساكر.
تُوُفّي في شعبان سَنَة أربعٍ وعشرين وستمائة.
وقال ابن الحاجب: مولده سنة تسع وأربعين وخمسمائة، ودرَّس بالكلَّاسَةِ، والأَكزيَّة، وهُوَ مِن بيت ابن طُلَيْس.
244- عبد الرحمن بن إِبْرَاهِيم [1] بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْمَاعِيل بن منصور. الإمام، بهاء الدِّين أبو محمد المَقْدِسيُّ، الحَنْبَليّ.
وُلِدَ بقرية السَّاويا من الأرض المُقدَّسَةِ في سنة خمس أو ستّ وخمسين وخمسمائة. وكان أبوهُ يَؤُمُّ بأهلها، وهي من عَمَل نابلس. وأُمُّه ستُّ النّظر بنت أبي المكارم. هاجَرَ به أبوه نحوَ دمشق سِرًّا وخِفْيه من الفِرَنْج والبلادُ لهم، ثمّ سافَرَ أبوه إلى مصرَ تاجرا، فماتت أُمُّهُ وكَفِلَتْهُ عَمَّتُه فاطمة زوجةُ الشيخ أبي عُمَر. ولَمّا قَدِمَ الحافظُ عبدُ الغنيّ من الإِسكندرية دَرَّبَهُ على الكِتابة، وأعطاه رِزْقًا، وخَتَمَ القرآن في نحو سَنَة سبعين. ثمّ رَحَلَ في سَنَةِ اثنتين وسبعين في حلبة الشيخ العِماد، فسَمِعَ بحرَّان من أحمد ابن أبي الوفاء، وكان بحرَّان سُلَيْمانُ بن أبي عطاف، وغيرُه من المقادسة.
قال البهاءُ: فألِفْتُهم وأُشِيرَ عليَّ بالمَقام بها لأُجَوِّد حفظَ الخَتْمةِ، فقعدتُ بها في دار ابن عَبْدوس فأحسن إليَّ، وقرأت القرآن على جماعةٍ في ستّة أشهر، وصلّيت التّراويح بهم وكنتُ أستحي كثيرا فَأَفْرُغُ وقد ابتلَّ ثوبي من العَرَق في البَرْد، فجمعوا لي شيئا من الفِطْرة من حيثُ لا أعلم، واشترى لي ابن عَبْدوس دابَّةً وجَهَّزني، وسافرتُ مع حُجَّاج حَرَّان إلى بغدادَ، وقد سبقني
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن إبراهيم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 212 رقم 2173، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 234، والإشارة إلى وفيات الأعيان 328، والإعلام بوفيات الأعلام 257، والمعين في طبقات المحدّثين 193 رقم 2048، والعبر 5/ 99، والمختصر المحتاج إليه 2/ 194 رقم 842، وسير أعلام النبلاء 22/ 269- 271 رقم 154، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 170- 172، ومختصره 62، والمنهج الأحمد 361، وتاريخ علماء بغداد للسلامي 780، والوافي بالوفيات 18/ 96 رقم 106، وذيل التقييد 2/ 81 رقم 1190، والمقصد الأرشد، رقم 564، والنجوم الزاهرة 6/ 269، والدر المنضد 1/ 356 رقم 1001، والتذكرة لابن عبد الهادي، ورقة 27، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 99، وشذرات الذهب 5/ 114، ومعجم المؤلفين 5/ 112.(45/193)
العمادُ ومعه ابن أخته عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن أَبِي بَكْر، والشهابُ مُحَمَّد بن خَلَف، فسمعتُ بالمَوْصِل على خطيبها «جزءا» . ثمّ دخلتُ بغدادَ وقد ماتَ الشيخُ عليّ البطائحيّ فَحَزِنْتُ كثيرا، لأنّني كنتُ أُريد أن أقرأ عليه الخَتْمَة. ثمّ سَمِعَنا الحديثَ، فأوَّل جزء كتبته «جزء» من حديث مالك على شُهْدَةَ ولم نُدْرِكْ أعلى سندا منها، وسمعنا عليها «معاني القرآن» للزجّاج، و «مصارع العشّاق» للسّرّاج، و «موطّأ» القَعْنَبيّ. وسمعت على عبد الحقّ بن يوسُف كثيرا، وكان من بيت الحديث فإنَّه رَوَى عَن أبيه، عن أبيه، عن أبيه، وكان صالحا فقيرا، وكان عَسِرًا فِي السَّماع جِدًّا. وسمعنا عليه «الإِبانة» للسِّجْزِيّ بقراءة الحافظ عبد الغنيّ، ومرضتُ ففاتني مجلسٌ، وكان يمشي معي مِن بيته إلى مكّيّ الغَرّاد فيُعيد فُوتِي [1] ، ورزُقت منه حظّا، لأَنَّه كَانَ يراني مُنْكَسرًا مُواظبًا، وكان يُعيرني الأجزاءَ، فأكتبها، وألهِمَ فِي آخر عِمره القرآن فكان يقرأ كُلَّ يوم عشرين جزءا أو أكثر.
وسمعت على أبي هاشم الدُّوشابيّ، وكان هَرَّاسًا يُربّي الحَمَام، فقلتُ لرفيقي عبد الله بن عُمَر: أريدُ أفاتحه في الطّيور عسى يَلْتَفِتُ علينا، فنقرأ عليه هذين الجزءين فقال: لا تَفْعَل. فقلتُ: لا بُدَّ من ذلك، فقلت: يا سيّدي إنْ كَانَ عندكَ من الطُّيور الجياد تُعطينا وتُفيدنا، فالتفتَ إليَّ قال: يا بُنيّ عندي الطَّيرة الفُلانية بنت الطَّيرة الفُلانية، ولي قَنْصٌ من فُلان، وانبسط، فسمعنا عليه الْجُزءين ولم نَعُدْ إليه.
وسمعنا على ابن صِيلا، وأبي شاكر السّقلاطونيّ، وتجنّي، وابن يلدرك، ومنوجهر، وابن شاتيل- وكان لَهُ ابنٌ شيخٌ إذا جَلَسنا تبيَّنَ كأنَّه الأبُ، وعَمِيَ على كِبَرٍ، وبقي سبعين يوما أعمى، ثمّ بريء وعادَ بصرُهُ- يعني الابن- فسألنا الشيخَ عن السبب فذكر لنا: أنَّه ذهب به إلى قبر الإِمام أحمد وأنّه دَعا وابتهلَ، وقلتُ: يا أمام أحمد أسألُكَ إلّا شفعت فيه إلى ربِّك، يا ربِّ شَفِّعه في وَلَدي، وولدي يُؤمِّن، ثمّ مضينا. فلمّا كَانَ اللّيلُ استيقظ وقد أبصر. ثمّ أخذنا في سماع الدَّرْس على ناصح الإِسلام أبي الفَتْح [2] ، وكنتُ قليل الفهم لضيق
__________
[1] يعني: ما فاته من السماع.
[2] ابن المنّي الفقيه الحنبلي المشهور، وسيسمّيه.(45/194)
صَدْري، وكنت أحبّ كتابةَ الحديث فلو كتبتُ النّهارَ كُلُّهُ لم أضجر، ورُبّما سَهرْتُ من أول اللّيل، فما أشعر إلّا بالصّباح. وأشارَ عليّ الحافظ عبد الغنيّ بالسَّفرِ معه إلى إصْبَهان، فاتّفق سفره وأنا مريض. ثمّ تُوُفّي أبي سَنَةَ خمسٍ وسبعين. ثمّ اشتغلتُ في مسائل الخِلاف على الشيخ أبي الفَتْح اشتغالًا جيّدا، وكنت إذ ذاك فقيرا ليس لي بُلْغَةٌ إلّا من الشيخ أبي الفَتْح- يعني ابن المَنِّيّ- واتّفق غلاءٌ كثير فأحسنَ إليَّ، ثمّ وقعَ المرضُ، فخاف عليَّ فجهّزني وأعطاني، واتّفقت أنا، وعليّ ابن الطّالبانيّ، ويحيى ابن الطَّبَّاخ، فترافقنا إلى المَوْصِل، ثمّ ذهبنا إلى مَرَاغَةَ في طلب علم الخِلاف، فاكتريتُ إلى حَرَّان وصبرَ عليَّ الْجَمَّالُ بالأُجرة إلى حَرَّان، وكنتُ أقترِضُ من التّجَار ما أتبلَّغُ به. ثمّ أقمتُ بحرَّان نحو سَنَة أقرأ على شمس الدّين ابن عَبْدوس كتاب «الهِداية» لأبي الخطّاب، ثمّ مضيتُ إلى دمشق، وتزوجتُ ببنت عَمِّي زينب بنت عبد الواحد، وأنفقَ عليّ عَمى، وساعدني الشيخ أبو عُمَر، فكنتُ في أرغد عَيْشٍ إلى أن سافرت إلى بغداد سَنَة تسعِ وسبعين ومعي أخي أبو بكر، وابن عمّي أحمد- يعني: الشمس البُخاريّ- وصُمنا رمضان، وسافرنا مع الحُجّاج، وجَهَّزَنا ابن عَبْدُوس بالكَرى والنّفقة، ولم تكن لي هِمَّةٌ إلّا عِلْمَ الخِلاف. فشرعتُ في الاشتغال على الشيخ أبي الفَتْح، وكان معيدُه الفخر إسماعيل الرَّقَّاء، ثمّ سافرتُ سَنَة ثلاثٍ وثمانين، وخلّفت ببغداد أخي، وابن عَمّي. فسافر ابن عمّي إلى بُخارى، ولحِقني أخي.
نقلت هذا كلّه من خطّ السيف ابن المجد.
وقد سَمِعَ البهاء بدمشق- قبل أن يرحلَ- من عبد الله بن الواحد المِكنَانيّ في سَنَةِ سبْعٍ وستّين، ومن القاضي كمال الدِّين محمد بْن عَبْد الله الشَّهرزوريِّ، ومُحَمَّد بن بَرَكة الصِّلْحِيِّ، وأبي الفَهْم عبد الرحمن بن أبي العَجَائز، وجماعة. وسَمِعَ ببغداد أيضا من أحمد بن مسعود الهاشميّ، وأحمد ابن أحمد بن حَمْدي العَدْل، وأبي بكر أحمد ابن النّاعم، وأحمد بن الحَسَن بن سلامة المِنْبِجِيّ، والحَسَن بن عليّ بن شيرويه، وسعدِ الله ابن الوادي [1] ،
__________
[1] سعد اللَّه بْن نجا بْن مُحَمَّد بْن فهد، أبو صالح ابن الوادي، كان دلالا في الدور، وتوفي في ذي الحجة سنة 574 كما في تاريخ ابن الدبيثي وغيره.(45/195)
وعبد المُحسن بن تُرَيك، وعبد المُغيث بن زُهَير، ومُحَمَّد بن نَسيم العَيْشُونيّ، ونصرِ الله القَزّاز، وأبي العزّ مُحَمَّد بن مواهب، وأبي الثناء محمد بن محمد الزَّيْتُونيّ، ومسعود بن عليّ بن النَّادر، والمُبارك بن المبارك بن الحَكيم، وسَمِعَ من خلْق بدمشق، وبغداد.
وأجازَ له طائفة كبيرة، وروى الكثيرَ. وكان ينفق حديثه، فحدَّث بقطعةٍ كبيرةٍ منه ببَعْلَبَكَّ [1] ، وبنابلس، وبجامع دمشق.
وكان إماما في الفقه، لا بأسَ به في الحديث.
قال الضّياء في البهاء: كَانَ إماما فقيها، مُناظرًا، اشتغل على ابن المَنِّيّ، وسَمِعَ الكثير، وكتبَ الكثيرَ بخَطِّهِ، وأقامَ بنابلس سنين كثيرة- بعد الفُتُوح [2]- يؤمُّ بالجامع الغربيّ منها، وانتفع به خلْقٌ كثيرٌ من أهل نابلس وأهل القَرَايا.
وكان كريما جوادا سَخِيًّا، حَسَنَ الأَخلاف، مُتواضعًا. ورَجَع إلى دمشق قبلَ وفاته بيسير، واجتهدَ في كتابة الحديث وتسميعه، وشرحَ كتاب «المُقْنِع» وكتاب «العُمْدة» لشيخنا مُوفَّق الدِّين، ووقف من كتبه ما هُوَ مسموع.
وقال أبو الفَتْح عُمَر بن الحاجب: كَانَ أكثر مقامه بنابلُس، وكان مليحَ المَنْظَر، مُطرحًا للتّكلُّف، كثيرَ الفائدة، ذا دين وخَيْر، قَوَّالًا بالحقّ لا يخافُ في الله لومة لائم، راغبا في التّحديث. كَانَ يدخل من الْجَبَل قاصدا لمن يسمع عليه، ورُبّما أتى بغدائه فيطعمه لمن يقرأ عليه. تفرَّدَ بعدَّةِ كتب وأَجزاء، وانقطعَ بموته حديثٌ كثير- يعني بدمشق-. وأمّا رفقاؤه ببغداد، فتأخّروا، ثمّ قال: وُلِدَ سَنَة ستٍّ وخمسين، وتُوُفّي في سابع ذي الحِجَّة سَنَةَ أربع.
__________
[1] حضر عليه ببعلبكّ عدة أجزاء: الفقيه المحدّث أبو الحسين عليّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه اليونيني المتوفى سنة 701، والزكي المعرّي إبراهيم بن عبد الرحمن بن أحمد بن المغربي البعلبكي المتوفى بعلبكّ سنة 691 هـ-، وأحمد بن محسن بن ملي البعلبكي، وأحمد ابن عبد الله بن عبد العزيز اليونيني المتوفى سنة 699 هـ-. روى عنه: عبد الخالق بن عبد السلام البعلبكي، وست الأهل بنت الناصح البعلبكية.
انظر كتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي- القسم الثاني ج 2/ 165، 66 رقم 482.
[2] أي فتح بيت المقدس سنة 583 هـ. على يد السلطان المجاهد صلاح الدين الأيوبي رضي الله عنه وأرضاه.(45/196)
قلتُ: روى عنه الضّياء، والبِرْزَاليُّ، والسَّيفُ [1] ، والشَّرَف ابن النابلسيّ، والجمال ابن الصّابونيّ، والشمس ابن الكَمَال، وخلْقٌ كثيرٌ.
وَحَدَّثَنَا عنه ببَعْلَبَكّ: التاجُ عبد الخالق، وعبدُ الكريم بن زيد، ومُحَمَّد ابن بلغزا، وأبو الحُسَيْن شيخُنا، وستُّ الأهل بنت عُلْوان، وداودُ بن محفوظ.
وبدمشق: العزُّ إسماعيل ابن الفرّاء، والعزّ ابن العماد، والشمس ابن الواسطيّ، والتَّقيُّ أحمد بن مُؤمن، وأبو جعفر محمد ابن الموازينيّ، وإسحاق ابن سُلْطان. وبنابلس العِمادُ عبد الحافظ، وغير هؤلاء. وخُتِمَ حديثُهُ بموت ابن الموازينيّ، وبَيْنَ موتهما أربعٌ وثمانون سَنَة.
245- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله بْن [2] مُحَمَّد.
أبو عَمْرو، الكُتاميّ، الإِشْبِيليّ، الفقيه.
سَمِعَ أبا عبد الله بن زَرْقُون، وتَفَقَّه به، ولازَمَه، وأبا محمد بن جُمهور، وأبا عبد الله ابن المُجاهد الزَّاهد. وتَفَقَّه قديما بأبي محمد بن موْجوال، وأخذ القراءات عَن أَبِي بَكْر بْن صاف.
قال الأبَّار: وكان حافظا لمذهب مالك، بعيدا عن الانقيادِ للسماع منه.
وتُوُفّي في شَوَّال ولَهُ ثلاثٌ وثمانون سَنَة.
246- عبد الرحمن بن عبد العليَّ [3] بن عليّ. قاضي القُضاة، عمادُ الدِّين، أبو القاسم، المِصْريّ، الشافعيّ، المعروف بابن السُّكَّريّ.
جدّ شيخنا عمادِ الدِّين عليّ بن عبد العزيز.
وُلِدَ سَنَة ثلاثٍ وخمسين وخمسمائة.
__________
[1] يعني: ابن المجد.
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد الله) في: تكملة الصلة لابن الأبار (نسخة الأزهر) 3/ ورقة 15.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد العليّ) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 210، 211 رقم 2168، وسير الأولياء لصفي الدين الخزرجي 43، 45، ونهاية الأرب 29/ 142، والعبر 5/ 99، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 67، ومرآة الجنان 4/ 57، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 10، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 63 (8/ 170- 172) ، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 174، 175، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 405 رقم 374، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 99، وحسن المحاضرة 1/ 192، وشذرات الذهب 5/ 114.(45/197)
سَمِعَ: إبراهيم بن سَماقا، وعليَّ بن خَلَف بن مَعْزوز. وصَحِبَ الصَّالحين، وتَفَقَّه على الشهاب مُحَمَّد الطُّوسيّ، وبرعَ في العِلْم، وولي قضاء القاهرة وخطابتها. وحدَّثَ، وأفتى، ودَرَّسَ [1] .
تُوُفّي في ثامن عشر شَوَّال، ولَهُ إحدى وسبعون سَنَة.
247- عبد الرحمن بن عُمَر [2] بن سَلْمان.
أبو الفَرَج، الأَزَجيّ، المعروف بابن حَدِيد.
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى عن نحوٍ من ثمانين سَنَة. وحَدَّث عن عليّ بن أبي سَعْد الخَبَّاز.
248- عبد الرحمن بن مُحَمَّد [3] بن حَمْدان.
الفقيه، صائنُ الدِّين، أبو القاسم، الطَّيْبِيُّ.
مُصَنِّف «شرحَ التّنبيه» ، ومُعيد النظاميَّة. كَانَ شديدَ الفتوى، مُتْقِنًا، فَرَضِيًّا، حاسِبًا، فاضلا.
249- عبدُ السَّلام بن أبي بكر [4] بن عبد الملك بن ثابت.
أبو مُحَمَّد، البَغْداديُّ، الْجَمَاجميّ، كَانَ يعمل الْجَمَاجِم [5] .
وهُوَ رجل صالح. حدَّث عن أبي طالب بن خُضَيْر.
250- عبد الصَّمَد بن الحَسَن [6] بن يوسُف بن أحمد. أبو محمد،
__________
[1] وقال النوبري: ولي الخطابة بالجامع الحاكمي بالقاهرة، والتدريس بمدرسة منازل العز بمصر، ثم صرف عن القضاء والخطابة، وكان هيوبا، وصحب جماعة من المشايخ، وله معهم أحوال ومكاشفات. (نهاية الأرب 29، 142) .
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن عمر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 204، 205 رقم 2157.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: الوافي بالوفيات 18/ 239 رقم 289، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 65 (8/ 175) ، والبداية والنهاية 13/ 122، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 405، 406 رقم 375، وهدية العارفين 1/ 524.
ولم يذكره «كحّالة» في (معجم المؤلفين) مع أنه من شرطه.
[4] انظر عن (عبد السلام بن أبي بكر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 196 رقم 2139، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 178، والمختار من تاريخ ابن الجزري 140.
[5] وهي الأقداح من الخشب.
[6] انظر عن (عبد الصمد بن الحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 218 رقم 2163، والوافي(45/198)
الأَصْبَحيّ، المِصْريّ، الشافعيّ، المعروف بالمقاماتيّ، لأنّه حفظ «مقامات» الحريريّ.
ولد سنة أربع وخمسين وخمسمائة.
سَمِعَ من السِّلَفيّ أبيات شِعْر وحدَّث بها، وكتبَ الكثير بعد ذلك. وسَمِعَ من الأَرْتَاحِيّ، وأبي يعقوب بن الطُّفَيْل، وجماعة. وكان أخباريا كثيرَ المحفوظ.
تُوُفّي في رمضان. روى عنه المُنذريّ [1] .
251- عبد العزيز بن سحنون [2] بن عليّ.
بَرهانُ الدِّين، أبو مُحَمَّد، الغُمَاريُّ، النَّابيُّ، النَّحْويّ، العَدْل.
وُلِدَ سَنَة أربعٍ وخمسين.
وقَدِمَ مصر سَنَة ثمانٍ وستّين، وحدَّث عن السِّلَفيّ، وعبد الله بن بَرِّيّ، وجماعة بعدهما. وتصدَّر لإقراء العَرَبية بجامع مِصْرَ، وانتفعَ النّاسُ به. روى عنه الزَّكيُّ المُنذريّ، وغيره.
وتُوُفّي في ثامن عشر ذي الحِجَّة.
252- عبد العزيز بن علي [3] بن عبد العزيز بن زَيْدان.
أبو محمد وأبو بكر، السُّماتيُّ [4] ، القُرْطُبيّ، نزيلُ فاس.
روى عن أبي إسحاق بن قَرْقُول، ونَجَبَة بن يحيى، وأخذ بفاس عن أبي الحَسَن بن حُنَين، وهو أكبر شيوخه.
__________
[ () ] بالوفيات 18/ 444 رقم 466.
[1] في التكملة 3/ 208.
[2] انظر عن (عبد العزيز بن سحنون) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 213، 214 رقم 2175، وغاية النهاية 1/ 393، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 187، وتوضيح المشتبه 2/ 8 و 6/ 351، وبغية الوعاة 2/ 100.
[3] انظر عن (عبد العزيز بن علي) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 633- 635، وسير أعلام النبلاء 22/ 272، «دون ترجمة، والوافي بالوفيات 18/ 530، 531 رقم 535، وبغية الوعاة 2/ 101، 102.
[4] هكذا جوّده المؤلف- رحمه الله- بضم السين المهملة. ووقع في (تكملة الصلة) «السّمّاتي» بالتشديد والفتح.(45/199)
قال الأبار [1] : سَمِعَ منه «المُوَطّأ» في سَنَة خمس وستّين وخمسمائة، عن ابن الطّلّاع محمد، و «الشّهاب» للقُضَاعيّ، عن أبي الحَسَن العَبْسيّ سماعا.
وأجازَ لَهُ جماعةٌ. وكان مِن أهل الفقه، والحديث، والنَّحْو، واللّغة، والتّاريخ، والأخبار، وأسماءِ الرجال، متصرّفا في فنون كثيرة، أديبا، نحْويًا، شاعرا، معلّما بالعربية، متقدِّمًا في صناعتها. سَمِعَ منه جِلَّةٌ، وسماه التُّجِيبيّ في «مشيخته» وقال: سَمِعْتُ منه وسَمِعَ عليّ.
قال الأبّار: مولد ابن زَيْدان بقرطبة سنة تسع وأربعين وخمسمائة، وتُوُفّي بفاس في خامس رجب سَنَة أربعٍ وعشرين.
وقال ابن مَسْدِيّ: أخبرني ابنه يحيى أنَّه مات في سَنَة ثلاثٍ وعشرين في ثالث رجب.
قال ابن مَسْدِيّ: هُوَ عَلَّامة زمانه، ورئيسُ أَقرانه، كَانَ آخر من حدَّث بفاس عن الكِنانيّ. وذكر لي أنَّه سَمِعَ بعضَ كتاب الجنابة من «المُوَطّأ» من أبي عبد الله ابن الرَّمّامة. خَرَّج لنفسه «مشيخة» ولم يكن بفاس أنبلُ منه، قَدِمَها وهُوَ ابن ثماني سنين، وعاش أربعا وسبعين سَنَة.
قلت: هذا مِن أعيان الرّواة بالمغرب، ومن طبقة شيوخه سَمِيُّه عبد العزيز بن عليّ بن محمد السُّمَاتي المقرئ من أهل إشبيلية. وقد مَرَّ.
253- عبد المُحسن بن أبي العَمِيد [2] بن خالد بن عبد الغَفَّار بن إسماعيل. الإِمامُ، حجَّة الدِّين، أبو طالب، الخَفِيفِيُّ [3] ، الأَبْهرِيُّ، الشافعيّ، الصُّوفيّ.
__________
[1] في تكملة الصلة.
[2] انظر عن (عبد المحسن بن أبي العميد) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 84 أ، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 199، 200 رقم 2147، والمختصر المحتاج إليه 3/ 88، 89 رقم 920، وسير أعلام النبلاء 22/ 259، 260 رقم 144، والإعلام بوفيات الأعلام 257، والعبر 5/ 99، 100، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 498، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 132 (8/ 314) ، والعقد المذهب، ورقة 250، والعقد الثمين للفاسي 5/ 493- 495، وشذرات الذهب 5/ 115.
[3] الخفيفي: بفتح الخاء المعجمة ثم فاء. وقد ضبطها الدكتور بشار بضم الخاء في (التكملة لوفيات النقلة 3/ 199) وعاد ونبّه إلى وهمه فصحّحه في (سير أعلام النبلاء 22/ 259 بالحاشية 2) .(45/200)
ولد في رجب سنة ستّ وخمسين وخمسمائة.
وتَفَقَّه بهَمَذَان على أبي القاسم بن حيدر القَزْوينيّ، وعَلَّق «التّعليقة» عن الفَخْر النُّوقانيّ.
وسَمِعَ بأصبهان من الحافظ مُحَمَّد بن عبد الجليل كوتاه، وأحمد بن ينال التّرك، وأبي موسى المَدِينيّ، وببغداد من أَبِي الفَتْح بن شاتيل، وأبي السّعادات القَزّاز، وبأَبْهَر من أبي الفتوح عبد الكافي الخطيب، وبهَمَذَان من أبي المحاسن عبد الرزّاق بن إسماعيل القُومسانيّ، وعبد المنعم الفُرَاويّ. وبدمشق من عبد الرحمن بن عليّ اللَّخْمِيّ، وإسماعيل الجنزويّ، وبمصر مِن هِبَة الله البُوصيريّ، وبالإسكندرية من القاضي مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحَضْرَميّ، وبمكّة من محمود بن عبد المنعم القَلَانسيّ الدّمشقيّ، وبواسط من أبي بكر ابن الباقِلّانيَ.
وكانَ كثيرَ الأسفار والحجّ، وصاحِبَ صلاة، وتَهَجُّد، وصيام، وعِبادةٍ.
ولَهُ قَدَمٌ في الفقه، والتَّصُّوف، وجاور مُدَّة، وحَضَر حِصار عَكّا مع السُّلطان صلاح الدِّين، ثمّ أقامَ ببغداد، وأَمَّ بالصوفية برباط الخَلِيفة.
وسَمِعَ الكثير بقراءته على بن كُلَيب، ويحيى بن بَوْش، وطبقتهما. وكان يحجّ كلّ سَنَة على السَّبيل الّذي للِجهة [1] .
قال ابن النجّار: كَانَ كثيرَ المُجاهدة، والعِبادة، دائمَ الصّيام سَفَرًا وحَضَرًا، عارفا بكلام المشايخ، وأحوال القَوْمِ. وكانت لَهُ معرفةٌ، وحِفْظٌ، وإتقانٌ. كتبنا عنه، وكانَ ثِقَةً صَدُوقًا، ثمّ حَجَّ، وجاوَرَ، وصارَ إمام المَقَام إلى أن تُوُفّي في ثامن صفر.
قلت: روى عنه ابن النجّار، والضّياء، وابن الحاجب، وأبو عبد الله الدُّبَيْثيّ، وأبو الفَرَج بن أبي عُمَر، وقُطْب الدّين القسطانيّ، وغيرُهم.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْمَعَالِي بِمِصْرَ: حَدَّثَكُمْ أبو طالب عبد المحسن بن
__________
[ () ] ووقع في (العبر 5/ 99) : «الحقيقي» ، بالحاء المهملة وقافين. وهو غلط.
[1] أي كان يحج نيابة عن زوجة الخليفة، وهي التي يعبّر عنها ب- «الجهة» .(45/201)
فرامرزَ الْخَفِيفِيُّ، وَأَخْبَرَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالا: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَنَالَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيرٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِصَامٍ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ: «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ ذَرَّةً» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ [1] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنَّى، عَنْ مُعَاذٍ مِثْلَهُ. وَأَخْبَرَنَا أبو المجد العُقَيْليّ إجازة، أَخْبَرَنَا عبد المُحسن الخَفِيفيّ بمنى، أَخْبَرَنَا عبد المنعم- فذكر حديثا.
254- علي بْن عَبْد الوهاب [2] بْن مُحَمَّد بْن أبي الفَرَج. الرئيس موفّقُ الدِّين، أبو الحَسَن، الْجُذامي، الإِسْكندَرانيُّ، المالكيُّ.
صَدْرُ الِإسكندرية وعينها.
ولد سنة سبع وثلاثين وخمسمائة. وحَدَّث عن السِّلَفيّ، وعن أبي الفتوح نصرِ بن قَلاقس الأَزْهَري.
تُوُفّي في سادس ربيع الآخر.
255- عليّ بن يونس [3] بن أحمد بن عُبَيْد الله.
الأجلّ، عماد الدِّين، أبو الحَسَن، البَغْداديُّ.
حدَّث عن أبي الفَتْح بن البَطِّي، وخديجة النَّهْروانيَّة.
ومات في شهر ذي الحجّة. وهو أخو الوزير عبيد الله بن يونس.
256- عمر بن أبي الحارث [4] أعزّ بن عمر بن محمد بن عمّويه.
__________
[1] في صحيحه (193) و (325) ، والبخاري (44) والطيالسي (1966) والترمذي (2593) من طريق هشام، به.
[2] انظر عن (علي بن عبد الوهاب) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 203، 204 رقم 2155.
[3] انظر عن (علي بن يونس) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار (باريس) ورقة 79، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 214 رقم 2176، وتلخيص مجمع الأدباء 2/ رقم 1158.
[4] انظر عن (عمر بن أبي الحارث) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار (باريس) ورقة 93، 94، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 202 رقم 2152، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 99.(45/202)
أبو حفص، القرشيّ، التّيميّ، السّهرورديّ، ثمّ البغداديّ، الصّوفيّ.
ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. وسمع من أبي الوَقْت «المائة الشُّريحيّة» .
وهُوَ أخو مُحَمَّد وقد ذُكِرَ [1] ، وكذا أبوهما تقدَّم يروي عن أبي عليّ بن نبهان.
توفّي هذا، في ثالث عشر ربيع الأول.
257- عيسى، السّلطان الملك المعظّم [2] . شرف الدّين، ابن السّلطان الملك العادل سيف الدّين أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أيّوب بْن شاذي، صاحب دمشق، الفقيهُ الحنفيُّ، الأديب.
ولد بالقاهرة في سنة ستّ وسبعين وخمسمائة.
ونشأ بالشام، وحَفِظَ القرآنَ، وتَفَقَّه وَبَرَعَ في المَذْهَبِ، واعتني «بالجامع الكبير» فشرَحَهُ في عِدّة مُجَلَّدات بمعاونة غيرِه. ولازمَ تاجَ الدِّين الكِنْديّ مدّة،
__________
[1] في وفيات سنة 606 هـ-.
[2] انظر عن (عيسى السلطان المعظم) في: الكامل في التاريخ 12/ 471، 472، والتاريخ المنصوري 153، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 644- 652، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 212 رقم 2171، وذيل الروضتين 25، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 243، 244، وتاريخ الزمان، له 262، ووفيات الأعيان 3/ 494- 496 رقم 488، ومفرّج الكروب 4/ 208- 224، وزبدة الحلب 3/ 201، وأخبار الأيوبيين لابن العميد 137، والدر المطلوب 287، 288، ونهاية الأرب 29/ 143- 147، والمختصر في أخبار البشر 3/ 138، والإشارة إلى وفيات الأعيان 328، والإعلام بوفيات الأعلام 257، ودول الإسلام 2/ 138، والعبر 5/ 100، وسير أعلام النبلاء 22/ 120- 122 رقم 83، وتاريخ ابن الوردي 2/ 148، والجواهر المضية 1/ 402، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 4- 6، والبداية والنهاية 13/ 121، 122، ومرآة الجنان 4/ 57، 58، والعسجد المسبوك 2/ 427- 429، ومآثر الإنافة 2/ 75، 81، 84، وتاريخ ابن خلدون 5/ 351، وأمراء دمشق في الإسلام 62 رقم 198 وص 150، وثمرات الأوراق لابن حجة الحموي 332 و 334، والذهب المسبوك للمقريزي 73- 76، والسلوك، له ج 1 ق 1/ 224، والنجوم الزاهرة 6/ 267، 268، وحسن المحاضرة 1/ 219، وتاج التراجم لابن قطلوبغا 49، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 291، والطبقات السنية 2/ ورقة 983- 984، وشذرات الذهب 5/ 115، 116، وطبقات الحنيفية للزيله لي، ورقة 23، والفوائد البهية للكنوي 151- 153، وشفاء القلوب 276- 290، وترويح القلوب 58، وتاريخ ابن الفرات 5/ ورقة 197 ب.(45/203)
وكان ينزل إلى داره بدرب العَجَم من القَلْعة والكتابُ تحت إبطهِ، فأخذ عنه «كتابَ» سِيبَويْه، وشَرَحَهُ للسِّيرافيّ، وأخذ عنه «الحُجَّة في القراءات» لأبي عليّ الفارسيّ، و «الحماسة» وغير ذلك من الكتب المُطوَّلَة، وحفظَ «الإِيضاحَ» في النَّحْو، وسَمِعَ «المُسْند» من حَنْبَل المُكَبِّر، وسَمِعَ من عُمَر بْن طَبَرْزَد، وغيرِه.
ولَهُ «ديوان» شِعْر.
قال القُّوصيّ: سَمِعْتُ منه ديوانهُ، وصَنَّف في العَرُوض ومع ذلك فما يُقيم الوزن في بعض الأَوْقات. وكان مُحِبًّا لمذهبِهِ، متغاليا فيه، كثيرَ الاشتغال مع كثرة الأشغال، وكان مُحِبًّا للفضيلة، قد جعل لمن يعرض «المُفَصَّل» للزمخشريّ مائة دينار، ولمن يحفظ «الجامع الكبير» مائتي دينارٍ، ولمن يحفظ «الإيضاحَ» ثلاثين دينارا، سوى الخِلَع. وقد حجَّ في أيام والده سَنَةَ إحدى عشرة وستمائة. وجَدَّد البرك والمَصَانِع، وأحسن إلى الحُجّاج كثيرا. وبنى سُورَ دمشق، والطّارمة الّتي على باب الحَدِيد، والخان الّذي على باب الجابية، وبنى بالقُدس مدرسة، وبنى عند جعفر الطَّيَّار- رَضِيَ اللَّهُ عنه- مسجدا [1] .
وعمل بمُعان دارَ مَضيف وحَمَّامين. وكانَ قد عزم على تسهيل طريق الحاجّ وأن يبني في كلّ منزلة. وكان يَتَكَلَّم مع العُلماء، ويُناظر، ويبحث. وكان مَلِكًا حازِمًا، وافرَ الحُرمةِ، مشهورا بالشَّجاعَة والإِقدام، وفيه تواضع، وكَرَمٌ، وحياء، وقد ساقَ على فَرَس واحدٍ من دمشق إلى الإِسكندرية في ثمانية أيام في حدود سنة سبع وستمائة إلى أخيه الملك الكامل محمد، فلمّا التقيا، قال لَهُ الكامل بعد أن اعتنقه والتزمَهُ: اطلع اركب، فقال:
وإذا المَطِيّ بنا بَلَغْنَ مُحَمَّدًا ... فَظُهورُهُنَ على الرِّكابِ حَرَامُ
فطرِب الكامل وأَعجبه.
وكان قد أعدَّ الجواسيس والقُصَّاد، فإنَّ الفِرنج كانوا على كتفه، فلذلك كَانَ يَظْلِمُ، ويَعْسِفُ، ويُصادِر. وأخربَ القدس، لعجزه عن حِفْظه من الفِرنج، وأدار الخُمور، وكان يَمْلِكُ مِن العَرِيش إلى حِمْص، والكَرَك، والشّوبك، وإلى العلى.
__________
[1] يعني: بمؤتة، وهي تقع جنوب عمان.(45/204)
وكان عديمَ الالتفات إلى ما يرغبُ فيه المُلوكُ من الأُبَّهَة والتَّعْظيم، وينهى نوابَه عن مُزَاحمة الملوك في طلوع العَلَم على جبل عرفات. وكان يركب وحدَه مِرارًا عديدة، ثمّ يتبعه غِلْمانُه يتطاردون خلفه. وكان مُكرمًا لأصحابه كأَنَّهُ واحدٌ منهم، ويُصلِّي الْجُمُعة في تربة عَمِّه صلاح الدِّين ويمشي منها إلى تُربة أبيه.
تُوُفّي في سَلْخ ذي القِعْدَة سَنَةَ أربعٍ، ودفن بالقلعة، ثمّ نقل إلى تربته ومدرسته بقاسيون، سامحه الله.
ونقلت من خطِّ الضّياء قال: كَانَ شُجاعًا، فَقِيهًا، وكان يشرب المُسْكِرَ [1] ويجوِّزَ شُرْبَهُ!، وكان ربّما أعطى العَطاء الكثير لمن لا يشرب حَتّى يشربه. وأَسَّسَ ظُلمًا كثيرا ببلاد الشام، وأَمَرَ بخراب بيت المقدس، وغيرها من الحُصون.
وقال ابن الأثير [2] : كَانَ عالما بعدَّة علومِ، فاضلا فيها، منها: الفقه، ومنها علمُ النَّحْو، وكذلك اللّغة. نَفَق العِلْمُ في سُوقِهِ وقصدَهُ العُلماء من الآفاق فأكرَمَهُم وأعطاهم، إلى أن قال: لم يسمع أحدٌ منه ممّن يصحبه كلمة نزقة. وكان يقول كثيرا: اعتقادي في الأُصول ما سطَّره أبو جعفر الطّحاويّ.
وأوصى أن يُدفن في لحدٍ، وأن لا يُبنَى عليه بناءٌ، بل يكون قبره تحتَ السماء، وكان يقول في مرضه: لي عند اللِه في أمر دمياط ما أرجو أن يرحمني به.
وقال ابن واصل [3] : كَانَ جُند المعظّم ثلاثة آلاف فارس لم يكن عند أحد من إخوته جُند مثلهم في فرط تَجَمُّلِهم، وحُسنِ زَيِّهم، فكان بِهذا العَسْكر القليل يُقاوم إخوتَهُ، فكان الكاملُ يخافه لِما يتوهَّمهُ من مَيْل عَسْكر مِصْرَ إليه لِما يعلمونه من اعتنائه بأمر أَجناده. وكان المُعَظَّمُ يخطب لأخيه الكامل في بلاده، ويضرب السكّةَ باسمه، ولا يذكر اسمَه مع الكامل. وكان مع شهامته، وعِظَم هيبته قليل التّكلّف جِدًّا، لا يَرْكَبُ في السَّنَاجق السلطانية في غالب
__________
[1] يعني المختلف فيه، لا المتفق على تحريمه.
[2] في «الكامل» : 12/ 472.
[3] في «مفرج الكروب» : 4/ 209- 210 بتصرف.(45/205)
أوقاته، بل في جَمْع قليل وعلى رأسه كَلَوْتة صفراء بلا شاش [1] ، ويَتَخَرَّق الطُّرَق، ولا يُطَرِّق لَهُ أحدٌ. ولقد رأيتُه بالبيت المُقَدَّس في سَنَةِ ثلاثٍ وعشرين والرجالُ والنِّساءُ يُزاحمونه ولا يردُّهم. ولَمّا كَثُر هذا منه، ضُرِبَ به المَثَلُ، فمن فعلَ فِعْلًا لا تَكَلُّف فيه قيل: «فعله بالمُعَظَّميّ» . وكان شيخُه في الفقه جمال الدّين الحصيريّ، تردّد إليه وإلى الكِنْديّ كثيرا. وكان قد بحث «كتابَ» سِيبَويْه وطالعة مرّات. بلغني أنّ أباه قال لَهُ: كيف خالفتَ أهلك وصِرت حنفيا؟ قال: يا خَوَنْد ألا تَرْضَوْنَ أن يكونَ منّا واحِدٌ مُسلم؟ قاله على سبيل المُداعبة [2] .
حرف الفاء
258- فاطمة بنت يونس [3] .
وأخوها هُوَ الوزيرُ أبو المُظَفَّر عُبَيْد الله بن يُونُس.
روت بالإِجازة عن أبي الحَسَن بن غَبْرَة.
259- الفَتْح بْنُ عَبْدِ اللَّهِ [4] بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْن هبة اللَّه بْن عبد السلام ابن يحيى. عميد الدِّين، أبو الفَرَج، بْن أبي مَنْصُور بْن أبي الفَتْح بْن أبي الحَسَن، البَغْداديُّ، الكاتب.
وُلِدَ يوم عاشوراء سَنَة سبْعٍ وثلاثين وخمسمائة.
وسَمِعَ من: جدّه أبي الفَتْح، ومُحَمَّد بن أحمد الطّرائِفِيّ، ومُحَمَّد بن عُمَر الأُرْمَويّ، وأبي غالب محمد بن عليّ ابن الدّاية، وأحمد بن طاهر
__________
[1] يعني بلا عمامة. وانظر «صبح الأعشى» : 4/ 5.
[2] مدحه الشاعر ابن عنين في ديوانه- ص 15- 17 و 822.
[3] انظر عن (فاطمة بنت يونس) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 205 رقم 2158.
[4] انظر عن (الفتح بن عبد الله) في: عقود الجمان لابن الشعار 5/ ورقة 252- 255، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 197، 198 رقم 2143، وتلخيص مجمع الآداب ج 4 ق 2/ 936 رقم 1396، والمعين في طبقات المحدّثين 191 رقم 2031، والإشارة إلى وفيات الأعيان 328، والإعلام بوفيات الأعلام 257، ودول الإسلام 2/ 131، والعبر 5/ 100، 101، والمختصر المحتاج إليه 3/ 157- 159 رقم 1101، وسير أعلام النبلاء 22/ 272- 274 رقم 155، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 10، 11، والعسجد المسبوك 2/ 430، 431، والنجوم الزاهرة 6/ 269، وشذرات الذهب 5/ 116.(45/206)
الميهنيّ، وقاضي القضاة عليّ بن الحسين الزَّيْنَبِيّ، وهِبَةَ الله بن أبي شَرِيك الحاسِب، وأبي الكرم الشّهرزوريّ، وسعيد ابن البَنَّاء، وأبي الوَقْت، ونُوشتكين الرَّضْواني، وأبي بكر ابن الزَّاغونيِّ، وأحمد بن مُحَمَّد ابن الإِخوة المخلّطيّ، وجماعة.
روى عنه خلق كثير منهم: البرزاليّ، وعمر ابن الحاجب، والسيف ابن المجد، والقاضي شمس الدّين ابن العماد، وتقيّ الدّين ابن الواسطيّ، والشمس ابن الزّين، والكمال عبد الرحمن المكبّر، والجمال محمد ابن الدَّبَّاب، والشهابُ الأبَرْقُوهيّ. وكان أسندَ من بقي بالعِراق.
قال المُنذريّ [1] : كَانَ شيخا حسنا، كاتبا، أديبا، لَهُ شِعْرٌ، وتصرَّفَ في الأعمال الدِّيوانية، وأضرَّ في آخر عُمُره، وانفردَ بأكثر شيوخه ومَرْوياتِهِ. وهُوَ مِن بيت الحديث، هُوَ، وأبوه، وجدُّه، وجدُّ أبيه.
قال ابن الحاجب: هُوَ مِن محلّة الدِّينارية بباب الأَزَجِ، وكان قديما يسكن بمنزل أَسلافه بدار الخلافة. وهُوَ بقيةُ بيتهِ صارت الرِّحلَة إليه من البلاد وتكاثرَ عليه الطَّلبةُ، واشتهرَ اسمُهُ. وكان مِنْ ذَوي المناصب والولايات، فَهمًا بصنعته، ترك الخِدمة وبقي قانعا بالكَفَاف، وأضَرَّ بأَخَرَةٍ وكان كثيرَ الأمراض حَتّى أُقْعِدَ. وكانَ مجلسه مجلس هيبةٍ ووقار، لا يكاد يَشِذُّ عنه حَرْف، محقّق لسماعاته إلّا أنَّه لم يكن يُحبّ الرِّواية لمرضه واشتغاله بنفسه. وكان كثيرَ الذِّكْر ذا هيبةٍ ووقارٍ، وكان يتوالى [2] ولم يظهر لنا ما تُنكره عليه، بل كَانَ يترحمُ على الصّحابة، ويلعن من يسبُّهم. وكان يَنْظِمُ الشعر في الزُّهْد والنَّدَم على ما فات، وكان ثقة صحيحَ السَّماع، ولم يكن مُكثرًا، لكنَّه تَفَرَّد بعدة أَجزاء- ثمّ سمّى الأجزاءَ الّتي تفرَّدَ بها-، وقال: تُوُفّي في الرابع والعشرين من المحرّم.
وروى عنه الدُّبَيْثيّ وقال: هُوَ من أهل بيت حديثٍ، وكلّهم ثقات [3] .
قلت: وآخرُ من روى عنه بالإجازة فاطمة بنت سليمان الأنصارية.
__________
[1] في التكملة 3/ 197.
[2] أي: بتشيع.
[3] نقل ابن الفوطي في «تلخيص مجمع الآداب» ج 4 ق 2/ 936 رقم 1396 هذا القول عن (ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي) وهو من الأجزاء المفقودة.(45/207)
وَأَخْبَرَنَا أحمد بن إسحاق، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بن عبد السَّلام، أَخْبَرَنَا محمدُ بن عليّ ابن الدَّاية، ومُحَمَّد بن عُمَر القاضي. وَأَخْبَرَنَا حضورا محمد بن أحمد الطّرائِفِيّ.
(ح) ، وأنبأنا يحيى بن أبي منصور الحنبليّ، أخبرنا عمر بن محمد المؤدّب ببغداد، أخبرنا أبو غالب ابن البنّاء، ويحيى ابن الطّرّاح، وأبو منصور ابن خيرون، وعبد الخالق ابن البَدِن، قالوا- سَبْعتُهم-: أَخْبَرَنَا أبو جعفر بن المُسْلِمَة، أَخْبَرَنَا عُبَيْد الله بن عبد الرحمن، أَخْبَرَنَا جعفر الفِرْيَابيّ، حَدَّثَنَا محمد بن الحَسَن البَلْخيّ، أَخْبَرَنَا عبد الله بن المُبارك، أَخْبَرَنَا سُفْيان الثَّوريّ، قال: كَانَ يُقَالُ إذا عَرَفْتَ نَفْسَكَ لم يضرَّك ما قِيل فيك.
قال المبارك ابن الشّعار المَوْصِليّ في «قلائد الجمان» [1] : كَانَ الفَتْحُ يرجع إلى أَدَب، وسَلَامة قريحة في الشعر. قال: وكان مشتهرا بالتَّشيع والغُلُوّ فيه على مذهب الإِمامية. كتب من قوله إلى النّاصر لدين الله:
مولايَ عَبْدُكَ قَدْ أَضَرَّ وَقَدَ غَدَا ... في قَعْرِ مَنْزِلِه طَرِيحًا كالحَجَرْ
لا يَسْتَطِيع السَّعْيَ فيما نَابَهُ ... لمُصَابهِ بالعَيْنِ مَعَ وَهْنِ الكِبَرْ
حرف القاف
260- قُرَّة العَين [2] بنت المقرئ يعقوب بن يوسُف الحَرْبيّ.
روت عن أبي بكر عَتِيق بن صِيلا. وماتت فِي صفر.
حرف الميم
261- مُحَمَّد بْن أَحْمَد [3] بن محمد بن إسماعيل بن سَلْمون.
أبو الحَسَن، البَلَنسيّ.
قرأ لِورش عَلَى أَبِي الْحَسَن بْن هُذَيْل، وسَمِع منه «الموطّأ» و «البخاريّ» و «التّيسير» .
__________
[1] هو «عقود الجمان» ، أو «قلائد الجمان» : 5/ الورقة 252.
[2] انظر عن (قرة العين) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 199 رقم 2146.
[3] انظر عن (محمد بن أحمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 621.(45/208)
قال الأبَّار: وكان عَدْلًا مَرْضِيًّا. سَمِعْتُ منه، ولَهُ دُكّان بالعطَّارين يجلس فيها، ولم يكن له علم بالحديث ولا بغيره. أخذ عنه أصحابُنا. وتُوُفّي في ربيع الآخر، ووُلِدَ سَنَةَ سبع وأربعين وخمسمائة.
قلت: وروى عنه رضيُّ الدِّين الشَّاطِبيُّ اللُّغويُّ، وقاضي تُونس أبو العبّاس بن الغماز، وابن مسديّ وقال: سَمِعَ من ابن هُذَيْل سَنَة 555.
262- مُحَمَّد بن حاتم [1] بن مُتَوَكّل.
أبو بكر، التَّميميّ، القُرْطُبيّ، الأَصل، الإِشْبِيليّ.
ولي القضاء. وحدَّث عن: أَبِي عَبْد اللَّه بن زَرْقون، وأَبِي بَكْر ابن الجدّ.
قال الأَبَّار: تُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
263- مُحَمَّد بن الحُسَيْن بن حرب [2] .
أبو البركات، الدَّارَقَزِّيُّ، المُقرئ.
قرأ القرآنَ على أَبِي الفضل أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن شُنَيف بالقراءات.
وأقرأ، وكان عالي الإِسناد في القراءات فإنَّ شيخَهُ من أصحاب أبي طاهر ابن سِوَار، وثابت بن بُنْدار.
وسَمِعَ من ابن شُنَيف، ولاحِق ودَهْبَل ابني عليِّ بن كارَه. وحدَّث.
وماتَ في شَوَّال.
264- محمد بن حمزة بن مُحَمَّد بن أبي سَلَمَة. أبو الوفاء، الحَلَبِيُّ.
سَمِعَ عبد الله بن محمد الأشِيريَّ، وعنه مجد الدّين ابن العَدِيم.
265- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عليّ ابن المُعَمَّر.
أبو الفضل، العَلَويّ، الحُسينيّ، النَّقيب.
وَلِيَ نِقابةَ العَلويّين بالعِراق بَعْدَ وفاة أبيه سَنَةَ إحدى وثمانين وخمسمائة، ثمّ عُزِلَ سَنَة سبْعٍ وثمانين، وجَلَسَ في بيته خاملا إلى هذا الوقت.
__________
[1] انظر عن (محمد بن حاتم) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 621.
[2] انظر عن (محمد بن الحسين بن حرب) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 210 رقم 2167، ومعرفة القراء الكبار 2/ 612 رقم 579، وغاية النهاية 2/ 130.(45/209)
تُوُفّي في سادسِ صفر. وأحسبه روى عن جده.
266- محمدُ بن عبد المعيد [1] ابن الشيخ عبد المغيث بن زُهَير.
سَمِعَ من جدِّه، ومن فارس الحَفَّار. وحدَّث.
ومات كَهْلًا فِي ذِي القِعْدَة.
267- مُحَمَّد بْن عَلِيّ [2] بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بن يحيى.
الشيخ أبو عبد الله، الغافِقيُّ، المُرسِيُّ، الشَّارِيُّ.
وشارَّة: من عَمَل مُرسية.
قال الأبَّار [3] : أخذ القراءاتِ عن أبي نصر فتح بن يوسُف صاحِب أبي داود المقرئ. وسكنَ سَبْتَةَ. وقد سَمِعَ من أبي العباس بن إدريس، وتَفَقَّه على أبي مُحَمَّد بن عاشر.
روى عنه ابنه أبو الحَسَن، وعاشَ نَيِّفًا وثمانينَ سَنَة.
268- مُحَمَّد بن القاسم [4] بن هِبَةَ الله التَّكْريتيُّ. الفقيه، أبو عبد الله [5] .
فقيه، إمام، مُفْتٍ، صالحٌ، أعادَ بالنِّظامية ببغدادَ، ثمّ دَرَّسَ بالقَيْصَرِية [6] ببغداد.
وكان حَمِقًا، تَيَّاهًا، يَحُطُّ رتبتَه بكثرة دعاويه، وقد أُخْرِجَ مرة من بغداد، وجَرَت لَهُ أُمور.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد المعيد) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 93 رقم 304، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 211 رقم 2170.
[2] انظر عن (محمد بن علي) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 621، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 6/ 492، ومعرفة القراء الكبار 2/ 609، 610 رقم 576، وغاية النهاية 2/ 509.
[3] في تكملة الصلة 2/ 621.
[4] انظر عن (محمد بن القاسم) في: المختار من تاريخ ابن الجزري 139، والوافي بالوفيات 4/ 339، 340 رقم 1895، والبداية والنهاية 13/ 122.
[5] في البداية والنهاية: «أبو النجم» .
[6] وهي مدرسة كانت بالقرب من مدرسة الشيخ أبي النجيب السهروردي. انظر عنها في كتاب «حضارة العراق» ج/ 8/ 100، 101 للدكتور بشار عواد معروف، وبحثه بعنوان: التربية والثقافة والعلوم- طبعة بغداد 1985.(45/210)
269- مُحَمَّد بن أبي الفتوح [1] الَّليْث بن شجاع بن سعود. أبو هريرة ابن الوَسْطَانيُّ، البَغْداديُّ، الأَزَجيُّ، الدِّينارِيُّ، اللبَّان، الضّرير.
سَمِعَ من: أبي الوَقْت السِّجْزِيّ، وأبي القاسم أحمد بن قفرجل، وهبة الله ابن هلال الدَّقَّاق، والشيخ عبد القادر، وأبي الفَتْح بن البَطِّي، وجماعة.
وهُوَ من محلّة الدِّينارِيّة.
روى عنه: الدّبيثيّ، وعمر ابن الحاجب، والتّقيّ ابن الواسطيّ. وَأَخْبَرَنَا عنه الأبَرْقُوهيّ. وأضَرَّ بأَخَرَةَ، وَرَقَّ حالُهُ. وتُوُفّي في التّاسع والعشرين من ربيع الأَوَّل.
أَخْبَرَنِي الأَبَرْقُوهِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، وَزَيْدُ بْنُ يَحْيَى، قَالا: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَفَرْجَلٍ، أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا الْمَحَامِليُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ رَبِيعَةَ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الزُّرْقِيِّ، أنَّهُ سَأَلَ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ فَقَالَ: نَهَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ. فَقُلْتُ: أَبِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ [2] ؟ قَالَ: «أَمَّا الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ فَلا بَأْسَ بِهِ» .
رواه مسلم [3] . 270- محمد [4] ابن الإمام أبي الوليد المعروف بالحَفِيد مُحَمَّد بن أحمد ابن الإمام مُحَمَّد بْن أحمد بْن أحمد بْن رُشْد. القاضي، أبو الحَسَن، القُرْطُبيّ.
بقية بيته نُبْلًا وجلالا. ناب في الحَكَم وما استَقَلَّ.
سَمِعَ من جدّه أبي القاسم، ومن ابن بَشْكُوالَ.
كتب عنه ابن مَسْدِيّ، وأرّخ وفاته في رمضان هذا العام.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبي الفتوح) في: ذيل تاريخ مدينة السّلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 173 رقم 415، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 202، 203 رقم 2153، والمختصر المحتاج إليه 1/ 109، وسير أعلام النبلاء 22/ 272 دون ترجمة.
[2] الورق: الفضة.
[3] في صحيحه (1547) (115) وهو في «الموطأ» 2/ 711، ومن طريقه أخرجه النسائي 7/ 43- 44، وأبو داود (3393) والبغوي (2184) والطبراني في «الكبير» (4329) .
[4] سيعيده المؤلف- رحمه الله- في وفيات السنة الآتية، رقم (318) .(45/211)
271- مُحَمَّد بن موسى [1] بن هِشام المُرْسِي.
سَمِعَ من أبي القاسم بن حُبَيْش وطبقِته. وَوَلِي قضاء بَسْطَة. ورَّخَهُ الأبَّار.
272- مُحَمَّد بن أبي البركات [2] بن عليّ. أبو البَدْر، الأَزَجيّ، الدَّقَّاق.
حدَّث بالإِجازة عن الشيخ عبد القادر، وغيره. ومات في ربيع الآخر.
273- مالك بن يَدُّو [3] المَغْربيّ، الزّاهدُ، نزيلُ الإِسكندرية.
صالحٌ، قانِتٌ، عابدٌ، صَحِبَ المشايخ، وانتفعَ به جماعةٌ.
قال الزَّكِيُّ المُنذريُّ: قيل: إنَّه سألَ الله تعالى أن يُخْمِلَ ذكره، فلم تكن شُهرته بحسب ما تقتضيه رُتْبَتُه.
274- مُطَّلب بن بَدْر [4] بن المُطَّلِب بن زَهْمان.
أبو مُحَمَّد، الكُرْديُّ، الْجُنْديُّ، البَشِيريُّ، البَغْداديُّ.
وُلِدَ سَنَة سبْعٍ وأربعين.
وسَمِعَ من أبي الفَتْح بن البَطِّي، ومعمر ابن الفاخر. وحدَّث.
والبَشِيريّ: - بفتح الباء- نسبة إلى جدِّهم بِشير.
تُوُفّي في سادس ذي القِعْدَة.
حرف الياء
275- يعقوب، الملك المعزُّ [5] ، ويقال: الملك الأعزّ، شرف الدّين،
__________
[1] انظر عن (محمد بن موسى) في: ذيل تاريخ مدينة السلام 2/ 620.
[2] انظر عن (محمد بن أبي البركات) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 203 رقم 2154.
[3] انظر عن (مالك بن يدّو) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 197، رقم 2142 وفيه: «يدّوا» بالياء آخر الحروف والدال المهملة المشدّدة وواو ساكنة وألف.
[4] انظر عن (عن (مطّلب بن بدر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 211 رقم 2169.
[5] انظر عن (يعقوب الملك المعز) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 275 رقم 2318 (في وفيات سنة 627 هـ-) ، وشفاء القلوب 270 رقم 25، والدارس في تاريخ المدارس 2/ 187، وترويح القلوب 94 وسيعاد في وفيات سنة 627 هـ برقم 439.(45/212)
أبو يوسُف، ابن السُّلطان صلاح الدِّين يوسُف بن أيّوب.
ولد سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة.
وسمع من: عَبْد اللَّه بْن بَرّيّ النَّحْويّ، وابن أَسْعَد الجوانيّ. وقرأ القرآن على الأَرْتَاحِيّ.
وكان متواضعا، كثيرَ التّلاوة، دَيِّنًا. حَدَّث بالحَرَمَيْنِ، ودمشق، وكان صَدُوقًا.
سَمِعَ منه: الزَّكيّ البِرْزَاليُّ، وابن الحاجب، وعبدُ الله بن محمد بن حَسَّان الخطيب. وتُوُفّي بحلب.
يعيش. سيأتي في 626 [1] .
276- يوسُف بن إبراهيم [2] بن تُرَيك بن عبد المُحسن.
أبو المُظَفَّر، البَيِّع.
مِن بيت الحديث. سَمِعَ من عمّه عبد المُحسن بن تُرَيك.
ومات في رجب.
277- المُهَذَّبُ يوسُف بن أبي سَعيد السَّامِريُّ [3] . الطّبيبُ، الصّاحبُ.
برع في الطّبّ، وقرأ على مُهَذَّبِ الدِّين ابن النقاش، وجماعة.
وخَدَمَ الملك الأمجدَ صاحب بَعْلَبَكّ، وحَظِيَ لديه، ونالَ الأموال، ثمّ وَزَرَ لَهُ، واستحوذَ عليه. وما أحلَى ما قال فِتيان الشَّاغُوريّ في الأَمجد:
أَصْبَح السَّامِريُّ معتقِدًا ... مُعْتَقَدَ السَّامِريُّ في العِجْلِ [4]
ولم يزل أمرُه مستقيما حَتّى كثرت الشكاوى من أقاربه ببَعْلَبَكّ، فإنّهم قصدوه من دمشق، واستخدمهم في الجهات، فنكبه الأمجد ونكبهم،
__________
[1] برقم (382) .
[2] انظر عن (يوسف بن إبراهيم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 205 رقم 2159.
[3] انظر عن (يوسف السامري) في: التاريخ المنصوري 132، 133، وعيون الأنباء 3/ 380.
[4] وقبله بيت آخر:
الملك الأمجد الّذي شهدت ... له جميع الملوك بالفضل
(التاريخ المنصوري 133) .(45/213)
واستصفى أموالَهم، وسجَنَهُ، ثمّ أطلقَهُ، فجاءَ إلى دمشق.
ومات في صفر. وهُوَ عمّ الموفّق أمين الدَّولة.
278- يوسُف بن المُظَفَّر [1] بن شجاع. أبو مُحَمَّد، العَاقُوليّ، ثمّ البَغْداديُّ، الأَزَجيّ، الصَّفَّار، الزاهد.
تلميذُ الشيخ عبد القادر ومريدُه. سَمِعَ من: أحمد بن قَفَرْجَل، وابن البَطِّي، وأحمد بن المُقَرَّب، وجماعة. وحدَّث.
ولَهُ كلام حَسَن في التّصوّف والحقيقة. وكان صالحا، زاهدا، عابدا، يُتَبَرَّك به. وهُوَ آخِرُ من لَبِسَ الخِرْقَةَ من الشيخ.
وُلِدَ في رجب سَنَة خمسٍ وثلاثين، وتُوُفّي في المحرَّم.
وأَخَذَ عنه السيفُ ابن المجد. وسمع منه الجمال محمد ابن الدّبّاب، سمع منه الأوّل والثاني من «حديث» أبي عليّ بن خُزَيْمة البَغْدَاديُّ. وأجازَ لفاطمة بنت سُلَيْمان.
[الكنى] 279- أبو العبّاس ابن البَقَّال.
أحدُ الكبار المتكلّمين العالمين بالأُصول بالمغرب. أخذ عنه أبو الحَسَن البَصْريّ.
وَرَّخه ابن عمران السّبتيّ في هذا العام، سَمِعْتُ ذلك منه.
280- أبو عبد الله بن حَمّاد [2] العَسْقَلانيّ، ثم الصَّالحيّ.
روى عن يحيى الثَّقَفيّ. وهُوَ والد المُسْند إسماعيلُ بن أبي عبد الله.
ورَّخَهُ الضّياء فقال: تُوُفّي في صفر. وكان محافظا على الجماعة وسألتُه عن مَوْلِدُه فقال: سَنَةَ أَخْذِ عَسْقلان، وأُخِذَ في سنة ثمان وأربعين.
__________
[1] انظر عن (يوسف بن المظفر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 198 رقم 2144.
[2] انظر عن (أبي عبد الله بن حمّاد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 201 رقم 2151.(45/214)
وفيها وُلِدَ الشيخُ تاج الدِّين عبد الرحمن بن إبراهيم الفَزَاريُّ، شيخ الشافعية.
والقاضي عماد الدِّين عبد الرحمن بن سالم بن واصل الحَمَويّ.
والمُحيي أبو بكر بن عبد الله ابن خطيب الأَبَّار.
والنَّجمُ عبد الغفار بن مُحَمَّد بن المُغَيْزل الحَمَويّ.
والزّين مُحَمَّد بْن عَبْد الوَهَّاب بْن أَحْمَد بْن الْجَبَّاب السَّعْديّ.
والعزُّ أحمد ابن شمس الدِّين المُسْلم [1] بن عَلَّان.
والشمسُ محمد بن يوسُف الإرْبِلِّيّ الذَّهبيّ.
والبَدْرُ حسنُ بن أحمد بن عطاء الأَذرعي، بحلب.
والزّين مُحَمَّد بن أحمد العُقَيْليّ، ابن القَلانِسيّ، والد الشيخ الجلال.
والشرفُ إبراهيم بن أبي الحَسَن بن صَدَقَة المُخرِّميّ.
والتقيُّ عبد الملك بن أيبك المَعَرِّي، الفقيه.
والشمس مُحَمَّد بن مكّي بن أبي الذّكر الصّقلّيّ.
والشمس مُحَمَّد بن مكّي بن أبي الذَّكر الصَّقِلّي.
والشمسُ مُحَمَّد بن أحمد بن نوال الرُّصَافيّ.
وأبو الحرم بن مُحَمَّد الأبار، نزيل عَجْلون.
والفخرُ عُثمان بن يوسُف بن مَكْتوم.
وفي حدودها وُلِدَ الشيخُ شعبان الإرْبِلِّيّ.
والشيخُ أبو الحسن عليّ بن أحمد ابن البقّال.
والشيخة ستّ الوزراء بنت عمر ابن المُنَجّي.
وشمسُ الدِّين مُحَمَّد بن إبراهيم بن العيش الأنصاريّ.
__________
[1] وقع في المطبوع من (تاريخ الإسلام) ص 198 «المسيلم» وضبطه بضم الميم وفتح السين المهملة. وهو غلط.(45/215)
سنة خمس وعشرين وستمائة
حرف الألف
281- أحمد بن تَمِيم [1] بن هِشام بن أحمد بن عبد الله بن حَيُّون.
المُحدِّث، محبّ الدِّين، أبو العباس، البَهْرانيُّ، اللَّبْلِيُّ.
وُلِدَ ببُلَيْدَة لَبْلَةَ: من الأندلس، في سَنَة ثلاث وسبعين وخمسمائة.
أحدُ الرحّالين إلى الآفاق في الحديث، سَمِعَ ببغدادَ من ابن طَبَرْزَد، وطبقتِه، وبمصر من أبي نِزار ربيعة اليَمَنيّ، وغيرِه، وبخُراسان من: المؤيِّد الطُّوسيّ، وأبي رَوْح الهَرَويّ، وزينب الشَّعْريَّة، وعبد الرحيم بن أبي سَعْد السَّمْعاني.
ذكره ابن الأبَّار [2] : روى عن أبيه، وابن الجدِّ، وأبي عبد الله بن زَرْقُون.
وقال ابن نُقْطَة: ثِقَةٌ، صالح.
ذكره ابن الحاجب فقال: أحد الأَئمة المعروفين بطلب الحديث، حسنُ الخطِّ، صحيحُ النَّقل، ثِقةٌ، شافعيُّ المذهب- وقيل: إنَّه كان حزميا- كريم
__________
[1] انظر عن (أحمد بن تميم) في: معجم البلدان 5/ 10، 11، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 224، 225 رقم 2199، وذيل الروضتين 153، وتكملة الصلة لابن الأبار 1/ 112، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1 ق 1/ 76، 77 رقم 83، وذيل مرآة الزمان 3/ 307، وتاريخ إربل 1/ 280 رقم 179، والعبر 5/ 1022، والإشارة إلى وفيات الأعيان 328، وسير أعلام النبلاء 22/ 301 رقم 178، ومرآة الجنان 4/ 58، والوافي بالوفيات 6/ 281 رقم 2776، والمقفى الكبير 1/ 355، 356 رقم 415، ونفح الطيب 3/ 359، والنجوم الزاهرة 6/ 427، وشذرات الذهب 5/ 116، وتوضيح المشتبه 7/ 353.
[2] في تكملة الصلة 1/ 112.(45/216)
النفس، حُلْوُ المفاكهة. وكان من وجوه أهل بلده وهي قريبة من إشبيلية.
قلتُ: روى عنه مجد الدّين عبد الرحمن ابن العَدِيم، والتّاجُ عبد الخالق البَعْلَبَكّيّ، وغيرهما.
وتُوُفّي في منتصف رجب بدمشق [1] .
282- أحمد بن الخضِر [2] بْن هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن طاووس. أبو المعالي، الدِّمشقيُّ، الصُّوفيُّ، أخو هِبَة الله.
ولد بعد الأربعين وخمسمائة. وسَمِعَ من أبيه، وحمزة بن كَرَوَّس، وأبي القاسم الحافِظ [3] . وهُوَ مِن بيت العِلْم والرِّواية. وكان صُوفيًا، عامِّيًا، قليل الفَضِيلة.
روى عنه: البرزاليّ، والضّياء، وابن العديم، والجمال محمد ابن الصابونيّ، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والسيف عليّ ابن الرَّضيّ، وابن المُجاور، وسعد الخَيْر النابلسيُّ، والعماد عبد الحافظ.
روى لنا عنه العماد «الأربعين» لنصر المَقْدِسيّ.
وتُوُفّي في رمضان [4] .
283- أحمد بن شِيرويه [5] بن شهردار بن شيرويه.
أبو مسلم، الدّيلميّ، الهمذانيّ.
__________
[1] هكذا هنا. وقال المنذري: «وفي السابع عشر من رجب توفي رفيقنا الشيخ الصالح أبو العباس أحمد بن تميم- بدمشق [ودفن] بمقابر الصوفية بالشوف» . (التكملة 3/ 224) أما ابن الأبار فقال: «توفي قبل العشرين وستمائة» ، وتابعه ابن عبد الملك في الذيل ج 1 ق 1/ 77) .
[2] انظر عن (أحمد بن الخضر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 229 رقم 2210، وبغية الطلب لابن العديم (المصور) 2/ 136 رقم 59، والإشارة إلى وفيات الأعيان 328، والعبر 5/ 102، وسير أعلام النبلاء 22/ 152 رقم 101، ومرآة الجنان 4/ 58.
[3] هو المؤرّخ ابن عساكر صاحب «تاريخ دمشق» .
[4] في الرابع منه، كما قال ابن العديم في (بغية الطلب 2/ 136) .
[5] انظر عن (أحمد بن شيرويه) في: التقييد لابن نقطة 143 رقم 162، والعبر 5/ 103، وسير أعلام النبلاء 22/ 260، 261 رقم 145، والعسجد المسبوك، 436، وشذرات الذهب 5/ 116.(45/217)
سَمِعَ من جدّه، ومن: نصر بن المُظَفَّر البَرْمَكِيّ، وأبي الوَقْت السِّجْزِيّ، وأبي الخير الباغبان، وأبي زُرْعة المَقْدِسيِّ، وسَمِعَ «صحيح» البخاري من أبي الوَقْت.
قال ابن نُقْطَة [1] : وهُوَ شيخ مُكثر، ثقةٌ، صحيحُ السَّماع، سَمِعْتُ منه بهَمَذَان. (وبلغنا أنَّه تُوُفّي بها في ثاني عشر شعبان من سَنَة خمسٍ وعشرين) [2] .
قلت: وروى عنه أيضا الزَّكيّ البِرْزَاليُّ، والضّياء المَقْدِسيُّ، وقال: هُوَ ابن شيخنا، ووُلِدَ في سَنَةِ ستٍّ وأربعين.
قلت: وأجاز للفخر عليٍّ، وجماعة.
284- أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن [3] بْن أحمد بْن عَبْد الرحمن بْن ربيع الْأَشْعَرِيِّ. القُرْطُبيّ، أَبُو جعفر.
روى عن: أبيه، وأبي القاسم بن بَشْكُوالَ، وأبي مُحَمَّد عبد المُنعم بن الفرس، وأبي بكر ابن الجدّ، وغيرهم.
وتولَّى خطابة قُرْطُبَة إلى أن مات في جُمَادَى الآخرة أو رجب من السنة [4] .
روى عنه ابن أخيه القاضي أبو الحُسَيْن مُحَمَّد بن أبي عامر يحيى.
285- أحمد بن عثمان [5] بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَسَن بْن أحمد بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن عثمان بن الحَكَم بن الوليد بن سُلَيْمان بن أبي الحديد السُّلَميّ. النَّظَّام، أبو العباس.
__________
[1] في التقييد 143.
[2] العبارة التي بين القوسين لم ترد في المطبوع من (التقييد) .
[3] انظر عن (أحمد بن عبد الرحمن) في: الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1 ق 1/ 203 رقم 277.
[4] قال ابن عبد الملك: «كان بقرطبة حيا سنة ست عشرة وستمائة» .
[5] انظر عن (أحمد بن عثمان) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 22، 223 رقم 2194، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 52، 53 رقم 36، والوافي بالوفيات 2/ 127 رقم 3115، والمقفى الكبير 1/ 526، 527 رقم 514.(45/218)
ولد بدمشق في جمادى الآخرة سنة سبعين وخمسمائة.
من بيتٍ مشهورٍ، روى منهم جماعةٌ الحديث، وفيهم علماءُ وخطباء.
سَمِعَ: الكِنْديّ، والخُشُوعِيَّ، وابن طَبَرْزَد. وبمصر البُوصيريَّ، وابن ياسين، وببغدادَ أصحاب ابن الحُصَيْن، وبأصبهان عينَ الشمس الثَّقَفية.
وَسَكَنَ حلب مُدَّةً في صباه، وكان مَلِيحًا، ولَمّا سافَرَ عنها عَمِلَ المُهَذَّب ماجد بن مُحَمَّد بن نصر ابن القَيْسَرانيّ فيه:
لا لِلصَّفي صَافَى ولا للرَّضِي ... رَاضَى ولا رَقَّ لِخَطْبِ الخَطِيب
وحَصَّل جملة من الكُتُب النَّفيسة، وخُطوط الشيوخ، واتَّصلَ بخدمة الملك الأَشرف ابن العادل. وكان معه فَرْدَةُ نَعْلِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرِثَهُ عن آبائه، والأمرُ معروف فيه، فإنَّ الحافظ ابن السَّمْعاني ذكر: أنَّه رأى هذا النَّعْل لَمّا قَدِمَ دمشق عند الشيخ عبد الرحمن بن أبي الحديد في سَنَةِ ستٍّ وثلاثين وخمسمائة. وكان الأشرف يُقَرِّبُهُ لأَجله، ويُؤثِرُ أن يشتريَه منه، ويقفه في مكان يُزَار فيه، فلم يَسْمَحْ بذلك، ولعلَّه سمح بأن يقطع لَهُ منه قِطْعَةً، ففكّر الأَشرفُ أنّ الباب ينفتح في ذلك فامتنع من ذلك. ثمّ رتَّبه الملكُ الأَشرفُ بمشهد الخليل المعروف بالذَّهبانيّ بين حَرَّان والرَّقَة، وقَرَّرَ لَهُ مَعْلُومًا، فأقامَ هناك حَتّى تُوُفّي، وأوصى بالنَّعل للأشرفِ، فَفَرِحَ به، وأقرَّه بدارِ الحديث بدمشق.
تُوُفّي بالمشهد المذكور في ربيع الأول [1] سَنَة خمسٍ وعشرين وستمائة.
وكان دَمِثَ الأخلاق، لطيفا، حَسَنَ المعاشرة.
روى عنه ابن الدُّبَيْثيّ، وابن النجّار أناشيدَ [2] .
286- أحمد بن يحيى [3] بن أَحْمَد بن عَلَى. أَبُو منصور، ابن البرّاج،
__________
[1] قال المنذري، وابن النجار: توفي في أحد الربيعين.
[2] منها ما أنشده ابن أبي الحديد عن أبي العباس أحمد بن ناصر قال: أنشدنا محمد بن الحراني لنفسه في غلام اسمه سهم وقد التحى:
قالوا التحى السهم قلت حصّن ... حشاك فالآن لا تطيش
السهم لا ينفذ الرمايا ... إلا إذا كان فيه ريش
(المستفاد 53) .
[3] انظر عن (أحمد بن يحيى) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 216 رقم 2179، والمعين في(45/219)
البَغْداديُّ، الصُّوفيّ، الوَكِيل.
شيخٌ صالحٌ، خَيِّر. سَمِعَ «سُنن» النَّسائيّ من أبي زُرْعة، وسَمِعَ من ابن البَطِّي «جزءَ» البانياسيّ، وسَمِعَ من أحمد بن المُقَرَّب «أخبارَ مَكّة» للأَزرقيّ.
روى عنه ابن الحاجب فقال: رجلٌ صالح، كثيرُ التِّلاوة، كثيرُ الصمت، لا يكاد يتكلم إلّا جوابا، سَمِعْتُ عليه مُعْظَمَ «النَّسائيّ» وهُوَ كلّه بسماعه من أبي زُرْعة.
قلت: روى عنه السيف ابن المجد، والتقيّ ابن الواسطي، والشّمس ابن الزّين، وأبو الفضل محمد ابن الدَّبَّاب. وروى لنا عنه بالإِجازة فاطمةُ بنت سليمان.
وتُوُفّي في رابع المحرَّم [1] .
287- أحمدُ بن أبي الوليد [2] يزيد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد ابن أحمد بن مَخْلَد بن عبد الرحمن بن أحمد بْن الإمام بَقِيّ بن مَخْلَد. قاضي الجماعة، العَلَّامةُ، أبو القاسم، الأُمَويّ، القُرْطُبيّ، البَقَوِيُّ.
سَمِعَ: أباه، وجدّه أبا الحَسَن، ومحمد بن عبد الحقّ الخزرجيّ، وأبوي القاسم ابن بَشْكُوالَ والسُّهَيْليّ.
وأجاز لَهُ أبو الحَسَن شُرَيحُ بن محمد، وعبدُ الملك بن مَسَرّة، وَتَفَرَّدَ
__________
[ () ] طبقات المحدّثين 193 رقم 2049، والإعلام بوفيات الأعلام 258، والإشارة إلى وفيات الأعيان 328، والعبر 5/ 103، وسير أعلام النبلاء 22/ 277، 278 رقم 157، وذيل التقييد للفاسي 2/ 407، 408 رقم 799، والنجوم الزاهرة 6/ 270، وشذرات الذهب 5/ 116.
[1] التكملة 3/ 216.
[2] انظر عن (أحمد بن أبي الوليد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 115، 116، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 228، 229 رقم 2208، وملء العيبة للفهري 2/ 44، 145، 152، والإشارة إلى وفيات الأعيان 329، والإعلام بوفيات الأعلام 258، والعبر 5/ 103، والمشتبه 1/ 116، وسير أعلام النبلاء 22/ 274- 277 رقم 156، والوافي بالوفيات 8/ 275 رقم 3697، والمرقبة العليا للنباهي 117، 118، وذيل التقييد للفاسي 1/ 408، 409 رقم 801، والعسجد المسبوك 2/ 435، 436، والنجوم الزاهرة 6/ 270، 271، وبغية الوعاة 1/ 399، وسلّم الوصول لحاجي خليفة، ورقة 159، 160، وشذرات الذهب 5/ 116، 117.(45/220)
بالرواية عن جماعة. وهُوَ آخِرُ من حدَّث في الدُّنيا عن شُرَيح، وآخِرُ من روى «المُوَطّأ» عن ابن عبد الحقّ، سمعه منه بسماعه من ابن الطَّلَاع.
قال ابن مَسْدِيّ: رأس شيخنا هذا بالمغربين، وَوَلِيَ القضاء بالعُدْوَتَين.
ولَمّا أسنَّ، استعفَى ورجع إلى بَلَده، فأقامَ قاضيا بها إلى أن غلب عليه الكِبَرُ، فَلَزِمَ منزله، وكان عارفا بالإجماع والخلاف، مائلا إلى التّرجيح والإِنصاف.
قلتُ: وحدَّث هُوَ، وجميعُ آبائه.
ذكره الأبّار، فقال [1] : هو من رجالات الأندلس جلالا، وكمالا، ولا نعلم بها بيتا أعرق من بيته في العلم والنّباهة إلّا بيت بني مغيث بقرطبة، وبيت بني الباجي بإشبيليّة، وله التّقدّم على هؤلاء. وولي قضاء الجماعة بمرّاكش مضافا إلى خطّتي المظالم والكتابة العليا فحمدت سيرته، ولم تزده الرّفعة إلّا تواضعا. ثمّ صرف عن ذلك كُلِّه، وأقام بمراكِش زَمَانًا إلى أن قُلِّدَ قضاءَ بلده وذهبَ إليه، ثمّ صُرِفَ عنه قبل وفاته بيسير، فازدحمَ الطّلبةُ عليه، وكان أهلا لذلك.
وقال ابن الزُّبَيْر أو غيرُه: كَانَ لأبي القاسم باعٌ مديد في علم النَّحْو، والأدب. تنافسَ الناسُ في الأخذِ عنه. وقرأ جميعَ «سِيبَويْه» على الإمام أبي العباس أحمد بن عبد الرحمن بن مَضَاء، وقرأ عليه «المقامات» .
قلت: ومِن المتأخّرين الّذين رَوَوْا عنه بالإِجَازَةِ محمد بن عيّاش بن مُحَمَّد الخَزْرَجيّ، والخطيب أبو القاسم بن يوسُف بن الأيسر الْجُذَاميّ، وأبو الحَكَم مالك بن عبد الرحمن بن المرحّل المالقيّ، وأبو محمد عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّد بْنِ هارون الطّائيّ الكاتب، وقد سَمِعَ منه ابن هارون هذا «المُوَطّأ» سَنَة عشرين وستمائة وحدَّث به سَنَة سبعمائة، وفيها أجاز لنا مَرّوياتّه ثمّ اختلط بعد ذلك، ووقع في الهرم.
فَكَتَبَ إِلَيْنَا ابْنُ هَارُونَ مِنْ تُونُسَ- وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّمِائَةٍ-: أَنَّ أَبَا الْقَاسِمِ أَحْمَدَ بْنَ يَزِيدَ الْحَاكِمَ أَجَازَ لَهُمْ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ، قال: أنبأنا
__________
[1] في تكملة الصلة 1/ 115، 116.(45/221)
أَبُو الْحَسَنِ شُرَيْحُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّعَيْنيُّ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ، عَنِ الْحَافِظِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ وَهُوَ آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْسِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ» [1] . وكان أبو القاسم يَغْلِبُ عليه النُّزوعُ إلى مذهبِ أهلِ الحديث والظّاهر في أحكامه وأُمورِه.
وتُوُفّي إثر صلاة الْجُمْعَة الخامس عشر من رمضان. وكان مَوْلِدُه في سَنَةِ سبع وثلاثين وخمسمائة، وتجاوز ثمانيا وثمانين سَنَة- رحمه الله-.
وممّن تأخَّر من أصحابه الإِمامُ أبو الحُسَيْن بن أبي الرَّبيع. وأجاز لمالك ابن المُرَحَّل، وابن عيّاش المالقيّ، ومحمد بن محمد المؤمنانيّ الفاسي.
288- أرسلان [2] ، أبو سعيد، السَّيِّديُّ. مولى السيدة بنت أمير المؤمنين المقتفي.
عاش نيِّفًا وتسعين سَنَة. وحدَّث عن أبي المعالي البَاجِسْرَائِيّ.
وتُوُفّي في ذي الحِجَّة ببغداد.
289- إسحاق، الملك المعزُّ [3] .
أبو يعقوب، ابن السُّلطان صلاح الدِّين يوسُف بن أيّوب.
سَمِعَ من عبد الله بن بَرِّيّ النَّحْويّ. وحدَّث.
وكان فاضلا، حسنَ المُذاكرة. نزلَ بحلب عند أخيه في حُرْمَةٍ وتجمُّل.
تقنطرَ به فرسُهُ في الصّيد، فمات فِي ذي الحجَّة، ولَهُ ستٌّ وخمسون سَنَة.
__________
[1] أخرجه أحمد: 2/ 273، والبخاري (1904) و (7492) ، ومسلم (1151) (163) والبغوي (1710) .
[2] انظر عن (أرسلان) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 236 رقم 2220.
[3] انظر عن (الملك المعزّ إسحاق) في: الأعلاق الخطيرة لابن شداد ج 3 ق 2/ 452، وبغية الطلب لابن العديم (المصوّر) 4/ 34 رقم 444، والوافي بالوفيات 8/ 431، والسلوك للمقريزي ج 1 ق 1/ 154. وشفاء القلوب 265، 266، وترويح القلوب 95.(45/222)
290- أسعدُ بن حَسَن [1] بن أسعد بن عبد الرحمن ابن العَجَمِيّ.
الحَلَبِيُّ، العَلَّامة، أبو المعالي.
تَفَقَّه على أبي الحُسَيْن عبد الملك بن نصر الله، وبالموصل على أبي حامد بن يونُس.
ودخلَ خُراسان، فسكنها مُدَّة، ثمّ عادَ إلى حلب، ودَرَّس بالظّاهرية، وأفتَى، وأفادَ.
تُوُفِّي بدمشق بعد قُدومه من الحجّ في شهر ربيع الأوّل، وحمل فدفن بحلب، وعاشَ إحدى وستّين سَنَة.
أنبأني بذلك أبو العلاء الفَرَضِيُّ.
291- إسفنديار بن المُوفَّق [2] بن مُحَمَّد بن يحيى. أبو الفضل، البُوشَنْجِيُّ الأَصل، الواسطيُّ المولد، البَغْداديُّ الدَّار، الكاتبُ، الواعظُ.
قرأ القراءاتِ بواسطَ على أبي الفَتْح المبارك بن أحمد بن زُرَيْق، وغيرِه، وبالمَوْصِل على القُرْطُبيّ، وقرأ العربيةَ ببغدادَ بعد ذلك على أبي محمد ابن الخَشَّاب، والكمال الأَنباريّ.
وسَمِعَ من: أبي الفَتْح بن البَطِّي، وروح بن أحمد الحَدِيثيّ، وعُمَر بن بُنَيْمان، وأبي الأزهر محمد بن محمود.
وكان وَافِرَ الفَضْلِ، مليحَ الخَطِّ، جَيِّدَ النَّظْمِ، والنَّثْرِ، والإِنشاءِ، وَلِيَ ديوانَ الرسائل، وكان شيعيا غاليا.
روى عنه أبو عبد الله الدُّبَيْثيّ [3] .
__________
[1] انظر عن (أسعد بن الحسن) في: بغية الطلب لابن العديم (المصوّر) 4/ 52 رقم 462 وفيه:
«أسعد بن الحسين» .
[2] انظر عن (إسفنديار بن الموفق) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 276، 277، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 672، وبغية الطلب لابن العديم (المصوّر) 4/ 83، وتاريخ إربل 1/ 209، والجامع المختصر لابن الساعي 29، وذيل مرآة الزمان لليونيني 3/ 277، والمختصر المحتاج إليه 1/ 253، والوافي بالوفيات 9/ 47، 48 رقم 3952، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 161 أوب، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 170، وتوضيح المشتبه 1/ 649.
[3] في ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد (باريس 5921) ورقة 276، 277.(45/223)
وهُوَ جدُّ الواعظ نجم الدِّين عليّ بن عليّ بن إسفنديار [1] .
قال ابن النّجّار: وُلِدَ في سَنَةِ أربعٍ وأربعين ببغداد، وجَوَّدَ القُرآن، وأحكمَ التَّفْسِير، وقرأ الفقه على مَذْهَب الشافعيّ، والأَدَبَ، حَتّى برعَ فيه.
وصَحِبَ صَدَقَة بن وزير الواعظ، وَوَعَظَ، ثمّ تركَ ذلك واشتغل بالإِنشاء والبَلَاغَةِ. ثمّ رُتِّبَ بالدّيوان سَنَةَ أربعٍ وثمانين، ثمّ عزل بَعْدَ أشهر، فبطل مُدَّة، ثمّ رُتِّبَ شيخا برباط [2] ، ثمّ عُزِلَ بعد مُدَّة. وكان يَتَشَيَّعُ. كتبتُ عنه، وكان ظريفَ الأخلاق، غزير الفضل، متواضعا، عابدا، متهجّدا، كثير التّلاوة.
وقال ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي «دُرَّةِ الإِكْلِيلِ» : عُزِلَ إِسْفِنْدِيَارَ الْوَاعِظِ مِنْ كِتَابَةِ الإِنْشَاءِ. حَكَى عَنْهُ بَعْضُ عُدُولِ بَغْدَادَ، أَنَّهُ حَضَرَ مَجْلِسَهُ بِالْكُوفَةِ، فَقَالَ: لَمَّا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ» تَغَيَّرَ وَجْهُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا 67: 27 [3] قَالَ: وَلَمَّا وَلِيَ، لَبِسَ الْحَرِيرَ وَالذَّهَبَ [4] ! تُوُفّي في تاسع ربيع الأَوَّل ولَهُ سبْعٌ وثمانون سَنَة وأشهر، تُوُفّي ببغداد.
292- إسماعيل بن أحمد [5] بن عبد الرحمن. أبو الوليد، ابن السَّرّاج، الأنصاريُّ، الإِشْبِيليُّ.
سَمِعَ من أَبِي عَبْد اللَّه بْن زَرْقُون، وغيره. وأخذ القراءاتِ عن أبي عمرو ابن عظيمة، والعربية عن أبي إسحاق ابن مَلْكُون.
وكان عارفا بالشُّروط. وَلِيَ قضاءَ بعض الكُوَرِ.
قال ابن الأَبَّار: ما أظنّه حدَّث. مات في حدود سنة خمس وعشرين.
__________
[1] في الأصل بخط المؤلّف- رحمه الله- «اسمنديار» بالميم، وهو تحريف.
[2] وهو الرباط الأرجواني ببغداد، سلّم إليه في ذي الحجة من سنة 596 هـ كما في «الجامع المختصر» 9/ 23 لابن الساعي.
[3] سورة الملك: آية 37.
[4] وانظر «لسان الميزان» : 1/ 387.
[5] انظر عن (إسماعيل بن أحمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 187.(45/224)
حرف الباء
293- بشارة بن طلائِع [1] . أبو الحَسَن، المَكينيُّ، المِصْريّ.
شيخٌ دَيّنٌ. سَمِعَ من السِّلَفيّ، وحدَّث.
294- البهاء، الشريف العبّاسيُّ [2] ، الدّمشقيُّ.
كاتب الحُكْم. فيها ذكره أبو شامة [3] ، واسْمُهُ عبدُ القاهر بن عَقِيل.
كَانَ رأسا في كتابة السِّجِلّات، والشُّرُوط.
حرف الثاء
295- ثابتُ بن الحَسَن [4] بن خَلِيفة. أبو الحَسَن، النَّحْويُّ.
وُلِدَ سَنَة ثلاثٍ وخمسين.
وسَمِعَ من السِّلَفِيّ. ومات في جُمَادَى الأُولى.
حرف الحاء
296- حَبَشُ بن أبي مُحَمَّد [5] بن عمر ابن الطّبقيّ.
أبو عليّ، البغداديّ قطّاع الآجرّ.
__________
[1] انظر عن (بشارة بن طلائع) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 237 رقم 2226.
[2] انظر عن (البهاء الشريف العباسي) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 653، وذيل الروضتين 153.
[3] في ذيل الروضتين 153.
[4] انظر عن (ثابت بن الحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 223 رقم 2195، وبغية الوعاة 1/ 480، 481 رقم 988.
من شعره:
العلم يمنع أهله أن يمنعا ... فاسمح به تنل المحلّ الأرفعا
واجعله عن المستحقّ وديعة ... فهو الّذي من حقّه أن يودعا
والمستحقّ هو الّذي إن حازه ... يعمل به وإذا تلقّفه وعى
[5] انظر عن (حبش بن أبي محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 236 رقم 2222، وتوضيح المشتبه 3/ 360.
وهو في الأصل بخط المؤلف- رحمه الله- «جيش» بالجيم والياء آخر الحروف، وهو وهم، والتصحيح من المصدرين المذكورين، وقال المنذري: بفتح الحاء المهملة وبعدها باء موحّدة وشين معجمة.(45/225)
سَمِعَ أبا طالب بن خُضَيْر. ومات في ذي الحِجَّة.
297- الحَسَن بن إِسْحَاق [1] بْن مَوْهُوب بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد ابن الجواليقيّ. أبو عليّ، ابن أبي طاهر، ابن العَلَّامة أبي منصور.
سَمِعَ: ابن ناصر، وأَبَا بكر ابن الزّاغونيّ، ونصر بن نصر، وأَبَا الوَقْت، والعَوْن بْن هبيرة، وابن البَطِّي، وأبا زُرْعة، وطائفة سواهم.
ووُلِدَ سَنَة أربعٍ وأربعين وخمسمائة [2] .
وكان من أهل العِلْم والدِّين، لَهُ سَمْتٌ، ووقار، وسماعُهُ صحيح. تَفَرَّدَ بالعاشر من «المُخَلِّصيات» وبالثالث الصغير منها، والنّصف الأول من السادس منها وببعض الثاني. وب- «ديوان» المُتَنَبيّ. وسَمِعَ «الصّحيح» من أبي الوَقْت.
قال ابن النجّار: كَتَبْتُ عنه. وكان مَرْضِيَّ الطّريقة، متديّنا.
قلت: روى عنه البِرْزَاليُّ، والدُّبَيْثيّ، وابن النجّار، والسيف، وابن الحاجب، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس ابن الزّين، والشهاب الأبرقوهيّ، والمجد عبد العزيز ابن الخليليّ والد الوزير، وآخرون. وبالإِجازة العزُّ أحمد ابن العماد، والشمس محمد ابن الواسطيّ، وأبو الحُسَيْن اليُونينيّ، وفاطمة بنت سُلَيْمان وهي آخر من روى عنه.
وتُوُفّي في ثامن شعبان ببغداد، ودُفِنَ بمقبرة باب حَرْب.
298- الحَسَن بن عليّ [3] بن أبي القاسم الحُسَيْن بن الحسن. الشيخ
__________
[1] انظر عن (الحسن بن إسحاق) في: التقييد لابن نقطة 243 رقم 289، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 157، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 226 رقم 2203، والعبر 5/ 103، والمختصر المحتاج إليه 1/ 277، وسير أعلام النبلاء 22/ 278 رقم 158، والإشارة إلى وفيات الأعيان 29 ب، والإعلام بوفيات الأعلام 258، والمعين في طبقات المحدثين 193 رقم 2050، ومرآة الجنان 4/ 58، والوافي بالوفيات 11/ 401 رقم 578، والنجوم الزاهرة 6/ 271، وشذرات الذهب 5/ 117.
[2] وقال ابن نقطة: سألته عن مولده، فقال: لا أحقّقه. (التقييد 243) .
[3] انظر عن (الحسن بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 227 رقم 2205، وذيل الروضتين 154، والإشارة إلى وفيات الأعيان 329، والإعلام بوفيات الأعلام 258، والمعين في طبقات المحدّثين 193 رقم 2044، والعبر 5/ 104، وسير أعلام النبلاء 22/ 278، 279 رقم 159، وذيل التقييد للفاسي 1/ 505، 506 رقم 986، وتوضيح المشتبه 1/ 618 و 9/(45/226)
نفيس الدّين، أبو محمد، ابن البنّ [1] ، الأسديّ، الدّمشقيّ.
ولد في حدود سنة سبْعٍ وثلاثين.
وسَمِعَ الكثيرَ من جدَّه أبي القاسم، وتَفَرَّدَ عنه بأشياءَ. وصَحِبَ الأميرَ محمودَ بن نعمة الشيزَرِيّ زمانا وتأَدَّب عليه، وسَمِعَ منه ولَهُ أصول يُحَدِّث منها.
قال ابن الحاجب: كَانَ دائم السُّكوت لا يكادَ يَتَكَلَّم، وإذا نَفَرَ من شيء لا يعودُ إليه. وكان ثقة، ثبتا سألت العدل عليّ ابن الشَّيْرَجيّ عنه فقال: كَانَ على خيرٍ، كثيرَ الصدقةِ والإِحسان إلى النّاس.
وقال الضّياءُ: هُوَ شيخٌ حسن، قليلُ الكلام، موصوفٌ بالخَيْرِ وقِلَّةِ الفُضول.
وقال ابن الحاجب: أجازَ لَهُ أبو بكر ابن الزَّاغُونيّ، ونصرُ بن نصر العُكْبَرِيّ.
قلت: وكانَ يسكن بالكشك، وأحسبه كَانَ خَشَّابًا.
روى عنه: الضّياء، والبرزاليّ، وابن خليل، والشرف ابن النابلسيّ، والجمال محمد ابن الصَّابونيّ، ومُحَمَّد بن داود بن الياس البَعْلَبَكّيّ، ومحمد ابن سالم النابلسيُّ، وبَلَدياهُ: سَعْد الخير ونَصْرٌ، والفخرُ ابن البخاريّ، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس ابن الكمال، والعزّ ابن الفرّاء، والشمس ابن الواسطيّ، والشهاب الأبَرْقُوهيّ، والشمسُ بن عَبْدان، وجماعةٌ سواهم.
توفّي في ثامن عشر شعبان، ودُفِنَ بباب الفراديس، وشيَّعه ابن الصَّلَاح.
حرف الدال
299- داود بن رُسْتُم [2] بن محمد. أبو الفضل، الحرّانيّ، نزيل بغداد.
__________
[ () ] 126، والنجوم الزاهرة 6/ 271، وشذرات الذهب 5/ 117.
[1] تصحفت في ذيل الروضتين إلى: «ابن اللبن» .
[2] انظر عن (داود بن رستم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 224 رقم 2197، والمنهج الأحمد 362، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 172، ومختصره 63، والمقصد الأرشد، رقم 413،(45/227)
روى عن: نصر الله القَزَّاز، والكمال الأَنباريّ النَّحْويّ.
كتب عنه ابن الحاجب وقال: مات في 13 جُمَادَى الاخرة ببغداد.
300- دِرْعُ بن فارس [1] بن حَيْدَرة. حِصْنُ الدَّولة، ابو المَنِيع، العَسْقَلانِيُّ، نزيلُ دمشق.
حدَّث عن السِّلَفيّ.
روى عنه: البِرْزَاليُّ، والقُّوصيُّ، وجماعةٌ والرشيدُ العطار، وفاطمة بنتُ عساكر، ومحمدُ بن مُحَمَّد بن مناقب المُنْقِذِيُّ، وعبد الصَّمَد بن عَساكر.
تُوُفّي في سادس المحرَّم بدمشق.
حرف الراء
301- رَسَن بن يحيى [2] بن رَسَن. ابو إبراهيم، النِّيليُّ، ثم البَغْداديُّ.
سَمِعَ: من ابن البَطِّي وغيره.
ومات في صَفَر.
حرف الصاد
302- صاعِد بن على [3] بن محمد بن عُمَر. الشيخ صدرُ الدِّين، ابو المعالي، الواسطي، الواعِظ، نزيل إِرْبِل.
سَمِعَ من: ابى الفَتْح بن البَطِّي، وشُهْدَةَ الكاتبة، والحَيْصَ بيص الشاعر.
__________
[ () ] والدر المنضد 1/ 157، 358 رقم 1004، وشذرات الذهب 5/ 117.
[1] انظر عن (درع بن فارس) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 216، 217 رقم 2180.
[2] انظر عن (رسن بن يحيى) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 218 رقم 2185، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 689، وتوضيح المشتبه 1/ 686 و 4/ 254 و 6/ 445.
و «رسن» : بفتح الراء وفتح السين المهملتين وآخره نون. (المنذري) .
[3] انظر عن (صاعد بن على) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 220، 221 رقم 2190، وعقود الجمان لابن الشعار 2/ ورقة 174، وتلخيص مجمع الآداب 2/ رقم 1021 وفيه وفاته (655 هـ) وهو وهم، والمختصر المحتاج اليه 2/ 113، 114 رقم 732، وتارخ اربل 1/ 33.(45/228)
وقيل: إنَّه سَمِعَ من أبي الوَقْت، ولم يصحّ. ولد سنة سبع وثلاثين وخمسمائة.
وكان حَسَنَ الوعظِ، مَلِيحَ الشَّكْلِ، وَافِرَ الحُرْمةِ عند صاحب إرْبِل، رُزِقَ القبولَ التَّامّ. وكان قد صحب صداقة بن وزير الوعظ وتَخرَّجَ به، وسكنَ إِرْبِل نحوا من خمسين سَنَة.
روى عنه: الدُّبَيْثيّ، والظّهيرُ محمود بن عُبَيْد الله الزَّنجانيّ، وجماعة.
وتُوُفّي في تاسع ربيع الآخر.
303- صَفْوَانُ بن مُرتَفع [1] بن طُغَان [2] . الشيخ أبو الوفاء، الأُرْسُوفيّ، ثمّ المِصْريّ، المُقرئ.
قرأ القراءات عَلَى أَبِي الْجُيوشِ عساكرِ بن عليّ، وسَمِعَ منه ومن غيره.
وتَفَقَّه. ومات في رابع عشر صَفَر، وقد قاربَ السبعين.
حرف العين
304- عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن [3] بْن أبي عبد الله الحُسَيْن بن أبي السَّنان.
أبو مُحَمَّد، المَوْصِليُّ، الأديب، الشُّرُوطيُّ.
وُلِدَ بالمَوْصِل سَنَة اثنتين وثلاثين.
وروى عن: يحيى بن سَعْدُون القُرْطُبيّ، وغيرِه.
ومات في رابع عشر ربيع الآخر.
وكان بصيرا بكتابة الشُّرُوط مشهورا بها.
قال ابن النجّار: سَمِعَ من أبي سَعْد عبد اللّطيف بن أحمد بن مُحَمَّد البَغْداديُّ، وعُمِّرَ طويلا على أحسن طريقة [4] .
__________
[1] انظر عن (صفوان بن مرتفع) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 218، 219 رقم 2186.
[2] طغان: بضم الطاء المهملة وفتح الغين المعجمة وبعد الألف نون.
[3] انظر عن (عبد الله بن الحسن) في: تاريخ إربل 1/ 56- 63 رقم 13، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 221 رقم 2191، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 699.
[4] وقال ابن المستوفي: الشاهد العدل، من أكابر أهل الموصل المشهورين، فيه فضل، وعنده أدب، مشهور بكتابة الشروط وجودة عبارتها. سمع الحديث وقرأ القرآن ولقي المشايخ..(45/229)
305- عَبْد الرَّحْمَن بْن إسماعيل [1] بْن عَبْد الرَّحْمَن.
أبو القاسم، الأزْديّ، ابن الحدّاد، التُونسيُّ.
شارح «الشاطبية» ، وكان قد رحل وسمعها من النّاظم، وتلا عليه بالسّبْع.
وسَمِعَ من: ابن بَرِّيّ النّحويّ، وجماعة.
__________
[ () ] ورد إربل رسولا من أتابك أبي الحارث أرسلان شاه بن مَسْعُود بن مودود بن زنكي صاحب الموصل إلى الفقير إلى الله تعالى أبي سعيد كوكبوري بن علي بن بكتكين، وورد إربل- إن شاء الله- قبل ذلك.
وأنشدنا أبو محمد:
أغلا القرطاس أم قد أصبحت ... بعد سعدى أحبل الوصل جذاذا
فليس إلّا عن قلى أو ملل ... قطع أخبارك وإلّا فلماذا؟
وكان أبو محمد بن أبي السنان يدعى «ابن الحدوس» ، وبهذا الاسم يعرفون. وهو خفيف العارضين، صغير اللحية. وله أخ كثّ العارضين كثير اللحية، يسمّى: أبا البركات عليّا.
فكان إذا سمع أخاه أبا محمد كتب في نسبه «ابن أبي السنان» يقول: والله ما أعرف في نسبنا هذا الاسم. ومما أنشدني غير واحد من المواصلة عن أخيه يذكر ذلك قوله:
أنا ذقني ذقن العوام ولكن ... أخي الشيخ ذقنه ذقن تركي
ما كان في أصلنا سنان ... كلّا، ولا صارم يمان
أنا أخوك الكبير قل لي ... من كان هذا «أبو السنان» ؟
أنشدني الشيخ أبو محمد عبد الله بن الحسن الشاهد بالموصل بديهة:
ما كان تركي ضمّه وعناقه ... عند اللقاء تجنّبا وملالا
لكنّني أعظمته لما بدا ... فتركت ذاك لقدره إجلالا
وأنشدني- أيده الله- لنفسه بديهة في النقيب شرف الدين محمد بن زيد، وكان مريضا ودخل عليه يعوده:
مولاي يا شرف الدين الّذي شهدت ... بفضله محكم الآيات والسّور
ويا ابن بنت رسول الله ما أحد ... أحقّ منك بتفضيل على البشر
ومن سحائب كفّيه إذا هطلت ... تنوب في الجدب عن مثعنجر المطر
ومن إذا رمت إحصاء مناقبه ... أدّى بي الأمر عن عجز إلى حصر
حاشى لمجدك من شكوى تعادلها ... يا من تشكّيه في سمعي وفي بصري
وأنشدني لنفسه، وعمله ارتجالا:
كيف يهنّى يوم عيد ... من هو عيد لكل يوم
(تاريخ إربل) .
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن إسماعيل) في: الوافي بالوفيات 18/ 113 رقم 127، وبغية الوعاة 2/ 78.(45/230)
ودخل الأَنْدلسَ وبها لقيه ابن مَسْدِيّ، وقال: مات في حدود سَنَة 25 ووُلِدَ بعد الخمسين.
306- عبد الرحيم بن عليّ [1] بن الحُسَيْن بن شِيث [2] . القاضي، الرئيس، جمالُ الدِّين، الأُمَويّ، القُرَشيّ، الإِسْناويُّ [3] ، القُّوصيُّ.
صاحبُ ديوان الإِنشاء للملك المُعَظَّم.
ولد بإسنا في سنة سبع وخمسين وخمسمائة.
ونشأ بقُوص، وتفنَّن بها، وبَرَعَ في الآداب والعِلْم. وكان دَيِّنًا، خيِّرًا، وَرِعًا، حسنَ النَّظْم، والنثْر، مُنشئًا بليغا. وَلِيَ الدّيوانَ بقُوص، ثمّ بالإِسكندرية ثمّ بالقُدس، ثمّ ولي كتابة الإِنشاء للمُعَظَّم.
وقال الشهاب القُّوصيّ: إنَّه ولي الوزارة للمعظّم.
وقال الضّياءُ: كَانَ يُوصَفُ بالمروءة، وقضاءِ حوائج الناس. تُوُفّي في سابع المحرَّم، ودُفِنَ في تربةٍ لَهُ بقاسيون.
أنشدنا رشيدُ بن كامل الأديب، أنشدنا أبو العرب القُّوصيّ، أنشدنا الوزيرُ جمال الدِّين أبو القاسم عبد الرحيم بن عليّ بن شِيث لنفسه:
كُنْ مَعَ الدَّهْرِ كَيْفَ قَلَّبَكَ الدَّهرُ ... بقلب رَاضٍ وصَدْرٍ رحيبِ
وتَيَقَّن أَنَّ اللَّيالي سَتَأْتي ... كُلَّ يَوْمٍ وليلة بعجيب
وله:
__________
[1] انظر عن (عبد الرحيم بن علي) في: عقود الجمان لابن الشعار 3/ ورقة 259، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 652، 653، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 217 رقم 2181، وذيل الروضتين 153، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 252، وذيل مرآة الزمان لليونيني 3/ 125 و 130، والطالع السعيد للأدفوي 305- 3308 رقم 336، والإشارة إلى وفيات الأعيان 329، والعبر 5/ 111، وسير أعلام النبلاء 22/ 301، 302 رقم 179، وفوات الوفيات 1/ 560- 563، ومرآة الجنان 4/ 95، والوافي بالوفيات 18/ 379- 383 رقم 395، والبداية والنهاية 13/ 130، وصبح الأعشى 6/ 352، والنجوم الزاهرة 6/ 270، والدارس في تاريخ المدارس 2/ 127، وشذرات الذهب 5/ 117، والقلائد الجوهرية 217، والإعلام 4/ 121، ومعجم المؤلفين 5/ 209.
[2] تصحّف في مرآة الزمان إلى: «شبت» . وقد قيّده المنذري كما هو مثبت.
[3] تصحفت في: سير أعلام النبلاء 22/ 301 إلى «الأشنائي» بالشين المعجمة.(45/231)
أَنْتَ كالبَدْرِ كُلَّمَا حَلَّ في أَرْضٍ ... أَضَاءَتْ بِنُورِهِ آفاقُه
غَابَ قَلْبِي وَأَنْتَ فِيهِ فَمَا أعظمَ ... مَا بَرَّحَتْ بِنَا أَشْوَاقُه
فَعَسَى الْقرْبُ أَنْ يُبَاحَ وأن ينحلَّ ... مِن رِبْقَةِ الغَرَامِ وَثَاقُه
307- عليّ بن أبي هاشم [1] أفضل بن أشرف. الشَّرِيف، أبو القاسم، الهاشِميُّ، البَغْداديُّ.
سَمِعَ من شُهْدَةَ، وغيرِ واحدٍ. وقُتِلَ- رحمه الله- بطرِيق مَكّة.
حرف اللام
308- لُبَابَة بنت أحمد بن أبي الفضل بن أحمد بن مَزْرُوع.
أم الفضل، الحَرْبِيّة، بنت الثَّلّاجيّ [2] .
سَمِعْتُ: عُمَر بن بُنَيْمان، ودهْبَل بن كارِه.
كانت امرأة صالحة.
سَمِعَ منها الحافظُ ابن نُقْطَة، وغيرُه، وحدّثنا عنها الشَّهابُ الأبَرْقُوهيّ.
وماتت في ثاني ذي الحجة.
حرف الميم
309- محمد بْن أحمد بْن مُسْعُود [3] بن عبد الرحمن. أبو عبد الله، الأزْديّ، الشاطبِيُّ، المقرئ، المعروفُ بابن صاحب الصَّلَاة.
قرأ برواية نافع عَلَى أَبِي الْحَسَن بْن هُذَيْل، وسَمِع منه كثيرا من تصانيف أبي عَمْرو الدَّاني، وأجازَ لَهُ في سَنَةِ ثلاثٍ وستّين.
وَكَتَبَ بخطِّه عِلْمًا كثيرا، واحتيجَ إليه، وعمّر.
__________
[1] انظر عن (علي بن أبي هاشم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 230 رقم 2214.
[2] انظر عن (لبابة بنت أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 321 رقم 2215، والمختصر المحتاج إليه 3/ 272 رقم 1434.
[3] انظر عن (محمد بن أحمد بن مسعود) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 622، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 6/ 67، ومعرفة القراء الكبار 2/ 612، 613 رقم 581، والوافي بالوفيات 2/ 117 رقم 455، وغاية النهاية 2/ 88.(45/232)
قال الأَبَّار [1] : لم آخذ عنه لِتسمُّحه في الإِقراء والإِسماع- سمح الله لَهُ- وُلِدَ بشاطبة سنة اثنتين وأربعين، وتُوُفّي بِبَلنْسِيَةَ.
قلت: أنا رأيتُ خطَّه لشخصٍ أنَّه قرأ عليه القرآنَ برواية نافع في يومٍ وليلةٍ، وهُوَ من بقايا أصحاب ابن هذيل، حدّث عنه ب- «التّيسير» وغيره.
قرأ عليه مُحَمَّد بن مُحَمَّد الفَصَّال نزيل منية بني خَصِيب، ورضيُّ الدِّين محمد بن عليّ الشاطبيُّ اللُّغَويّ، والقاضي أبو العباس بن الغمّاز، وابن مَسْدِيّ وقال فيه: المُكْتِب، كَانَ عاكفا على التلاوة، واقفا مع الصلاح، خَلَف أباه في الإِقراء، قال لي: أنا الّذي لقْنتُ القرآن لأبي القاسم صاحب «الشاطبية» بين يدي والدي، وبي تَدَرَّبَ، ومعي رَحَلَ إلى بَلَنْسية فقرأنا معا على ابن هُذَيْل، ورجعتُ قبله.
قال ابن مَسْدِيّ: هُوَ آخِرُ من تلا على ابن هُذَيْل من الثّقات، وكان مُقبلًا على تعليم القُرآن، ونسخَ بالأُجرَة كثيرا. وكانت لَهُ إجازةٌ من عليّ بن النقرات الفاسي.
310- مُحَمَّدُ بن أحمد بن إسماعيل [2] بن أبي عطاف.
أبو أحمد، المَقْدِسيُّ، الصَّالِحيُّ.
ولد سنة ستّ وأربعين وخمسمائة. وسَمِعَ من: مُحَمَّد بن بركة الصِّلْحِيّ، وابن صدقة الحرّانيّ.
وكان من فُقهاء الحنابلة وأعيانهم. روى عنه: الضّياءُ محمد، وغيره.
وتُوُفّي في تاسع عشر رجب.
311- مُحَمَّد بن أحمد بن حمزة.
أبو الفضل، ابن البِرْفطيَّ، الكاتب، الأديب.
كَانَ بارعا في الكتابة والشعر.
__________
[1] في تكملة الصلة 2/ 622 وليس فيه قوله: «لتسمحه في الإقراء والأسماع» .
[2] انظر عن (محمد بن أحمد بن إسماعيل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 225، 226 رقم 2201.(45/233)
تُوُفّي في رجب. جَوَّدَ عليه خلْقٌ بالعِراق والشام. وبرفطا: من قرى نهر المَلَك [1] .
312- مُحَمَّد بن إسماعيل [2] بن مُحَمَّد.
أبو عبد الله الحَضْرَميّ، المَغْرِبيّ، المتيجي.
ومتيشة [3] : من ناحية بجاية.
دخلَ الأندلسَ، وسكنَ مُرْسِيَة، وولي خطابتها.
وكان مكثرا عن ابن بَشْكُوالَ، وأبي بكر بن خَيْرٍ.
وكان مَلِيحَ الخَطِّ والضَّبْطِ، مُشاركًا في عِلْم الحديث، فاضِلًا، زاهِدًا، شاعرا. كتبَ عِلْمَا كثيرا، وحَمَلَ النّاس عنه.
وتُوُفّي في ربيع الأَوَّل عن نحو سبعين سنة.
أكثر عنه ابن بُرطلَة.
313- مُحَمَّد بن بركة [4] بن مُحَمَّد بن سُنْبُلة.
أبو عبد الله، البَغْداديُّ، السِّدْريُّ.
حدَّث عن دَهْبَل ولاحق ابني كاره.
ومات في ذي الحجة.
314- محمد بن الحسين [5] بن محمد بن يوسف. معين الدّين، أبو عبد الله ابن الشيخ الصالح المجاور أبي عليّ الشّيرازيّ، الفارسيّ، الصوفيّ.
نسيب الوزير نجم الدّين.
__________
[1] لم يذكرها ياقوت في «معجم البلدان» .
[2] انظر عن (محمد بن إسماعيل) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 622 رقم 2136، والوافي بالوفيات 2/ 218 رقم 610.
[3] كتبها المؤلف- رحمه الله- هكذا، ووضع تحت الشين حرف (ج) إشارة إلى جواز الوجهين، أي: الشين أو السين المهملة.
[4] انظر عن (محمد بن بركة) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 236 رقم 2220.
[5] انظر عن (محمد بن الحسين) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 227، 228 رقم 2207، والمقفى الكبير 5/ 599 رقم 2150.(45/234)
ولد سنة ستّ وأربعين وخمسمائة بدمشق، وسَمِعَ بها من الوزير أبي المُظَفَّر الفَلَكيّ، وعليّ بن أحمد بن مُقاتل، وأبي القاسم الحافظ.
ودخل مصر في شبيبته وسَمِعَ من عَبْد اللَّه بْن بَرِّيّ النَّحْويّ، والتّاج المَسْعُوديّ. وحسُنت في الآخِر حالُه، ولازمَ الصّلواتِ.
روى عنه: الزَّكيّ المُنذريُّ، والشرفُ بن عساكر شيخنا. وبالإجازة الشهاب الأبرقوهيّ.
وتوفّي في أول رمضان.
315- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن المبارك [1] بْن كَرَم. أبو منصور، البَنْدَنِيجيُّ- نسبة إلى البندنيجين: بليدة من العراق [2]- البَغْداديُّ، البَيِّع، أبو منصور، المعروف بابن عُفَيْجَة، الحَمَاميُّ.
شيخ مُسْندٌ، مُعَمَّر، من بيتِ حديث، وعدالة.
سمع: الحافظ ابن ناصر، وأبا طالب بن خُضَيْر.
وأجازَ لَهُ في سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة جماعة منهم: أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن خَيْرون، وأبو محمد عبد الله بن علي سِبْط الخيَّاط، وأحمدُ بن عبد الله ابن الآبنوسِيّ. وخَرَّج لَهُ ابن النَّجَّار «جُزءًا» عنهم، وكذا خرَّج لَهُ ابن الخَيِّر.
وثَقُلَ سمعُه في آخر عمر. وعُفَيْجَة: لقبُ أبيه عبد الله.
وُلِدَ سَنَة سبْعٍ وثلاثين تقريبا [3] ، وتُوُفّي في ثاني عشر ذي الحجّة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الله بن المبارك) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 27، 28 رقم 235، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 234، 235 رقم 2217، والمعين في طبقات المحدّثين 193 رقم 2051، والإعلام بوفيات الأعلام 258، والإشارة إلى وفيات الأعيان 329، والمختصر المحتاج إليه 1/ 62، 263، والعبر 5/ 104، وسير أعلام النبلاء 22/ 280، 281 رقم 160، والنجوم الزاهرة 6/ 271، وشذرات الذهب 5/ 117.
[2] تسمّى اليوم: مندلي» .
[3] وقال ابن الدبيثي: سألت أبا منصور هذا عن مولده فلم يحقّقه، وذكر ما يدلّ أنه في سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. (ذيل تاريخ مدينة السلام 2/ 28) .(45/235)
كَانَ قد رَقَّتْ حالُه واحتاج، واستولت عليه الأَمراضُ.
قال ابن الحاجب: فكان يأوي إلى بعض أقاربه، وكنّا نُقاسي مَشقَّةً في الوُصول إليه ويمنعونا في أكثر الأوقات.
قلت: ولم يكن عنده عن ابن ناصر إلّا شيء من «حديث» أبي نعيم الحافظ.
روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النجّار، والسيف أحمد بن عيسى، والتّقيّ ابن الواسطيّ.
وسمعنا بإجازته على شرف الدِّين اليُونينيّ، وفاطمة بنت سليمان. وكان العماد إسماعيل ابن الطّبَّال شيخ المستنصرية حَضَرَ عليه في الرابعة «مشيخته» ، وهُوَ آخِرُ من روى عَنْهُ.
316- مُحَمَّد بْن عَبْد الحقّ [1] بن سُلَيْمان الكُوميُّ.
أبو عبد الله، قاضي تِلْمسان.
تَفَقَّه على أبيه، وأخذَ القراءاتِ، والفقه، والنَّحْوَ في سَنَةِ إحدى وخمسين عن أبي عليّ ابن الخَرّاز النَّحْويّ.
وسَمِعَ من أبي الحَسَن بن حُنين، وأبي عبد الله بن خَليل. وأجازَ لَهُ السِّلَفيُّ، وابن هُذَيْل.
وكان مُعَظَّمًا عند الخاصّةِ والعامّةِ، فاضِلًا، كثيرَ التّصانيف. نَيَّفَ على الثّمانين. ولَهُ تأليفٌ في غريب «المُوَطّأ» ، ولَهُ كتاب «المختار في الجمع بين المنتقى والاستذكار» نحو ثلاثة آلاف ورقة.
317- مُحَمَّد بن أبي زيد [2] عبد الرحمن بن عبد الله بن حسّان بن
__________
[1] تقدّمت ترجمته في وفيات سنة 623 برقم (203) ، وقد ذكر المؤلف- رحمه الله- هناك أنه سيعيده في هذه السنة.
ويضاف إلى مصادر ترجمته المذكورة هناك: كشف الظنون 404، وإيضاح المكنون 1/ 57 م و 2/ 659، وهدية العارفين 12/ 112.
[2] انظر عن (محمد بن أبي زيد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 219، 220 رقم 2188، والمقفى الكبير 6/ 256، 29 رقم 2412.(45/236)
ثابت. أبو عبد الله، القَيْسيّ، السَّبْتِيُّ، التّاجِرُ، نزيلُ الإِسكندرية.
شيخٌ صالح، محتشمٌ، كثير المعروف والبِرِّ.
دَخَلَ على السِّلَفيّ ورآه في سَنَةِ خمسٍ وستّين، ثم سَمِعَ بعدَ موته من عبد المجيد بن دُلَيل. ودخلَ العِراقَ، ورجعَ إلى المَغْرب، ثم قَدِمَ الإِسكندرية وسكنها.
ومات في ربيع الأَوّل. روى عنه الزَّكيّ المُنذريُّ.
318- مُحَمَّد بْن أَبِي الْوَلِيد [1] مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أحمد بن رُشد. القاضي، أبو الحَسَن، القُرْطُبيّ، المالكيُّ.
نائب الحَكَم بقُرْطُبَة، ورُبّما استقلّ بالحكم بها. كَانَ آخرَ أهلِ بيته جلالا، وفضيلة.
سَمِعَ من: جدّه أبي القاسم، وابن بَشْكُوالَ.
روى عنه ابن مَسْدِيّ وقال: مات في رمضان. ولجدّه إجازة من ابن الطّلّاع.
319- محمد بن مُحَمَّد ابن أخت جميل، الأَزَجيّ، الزّاهد.
رجلٌ صالحٌ، عابدٌ، منقبضٌ عن الناس، كبيرُ القَدْر، قانعٌ باليسير، مُسدَّدٌ في أقواله وأفعاله. ولَمّا استخلف الظّاهر باللَّه، فَرَّق أموالا عظيمة على الفقراء، فقيل: إنّه نفّذ إليه خمسمائة دينار، فلم يقبلها، فقيل لَهُ: فَرِّقها على من تعرف، قال: لا أعرفُ أحدا. فاشتهر، وقصدَهُ النّاسُ للتبرّك والزّيارة. فكان يَتَكَلَّم بكلام حَسَن. ولم يتغيّر عليه شيء من حاله ولا لباسه.
تُوُفّي فِي الخامس والعشرين من ذي القِعْدَة، وازدحم الخلقُ عليه، وبَنَوْا على قبره مشهدا. وقد ناطحَ السَّبْعين.
320- محمدُ بن المبارك [2] بن أبي بكر بن منصور بن المستعمل.
أبو بكر، الحريميّ.
__________
[1] تقدّم برقم (270) .
[2] انظر عن (محمد بن المبارك) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد (شهيد علي) ورقة 142، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 22 رقم 2193.(45/237)
سمع: أبا الوقت، وأبا علي أحمد ابن الخزّاز، وأبا المعالي ابن اللّماس.
وولد في سنة سبع وأربعين وخمسمائة.
سمع منه: عمر ابن الحاجب، والرَّفيعُ الهَمَذَانيّ، وولداه: أحمد، ومُحَمَّد، وابن نُقْطَة، وجماعة.
ومات في ربيع الآخر، في أواخره.
321- مُحَمَّد بن أبي المعالي النَّفيس [1] بن مُحَمَّد بن إسماعيل بن عطاء. أبو الفَتْح، البَغْداديُّ، الصُّوفيّ.
شيخٌ صالحٌ من أهل رباط المأمونية، مليحُ الشَّكل.
وُلِدَ سَنَة اثنتين وأربعين وخمسمائة، وقيل: وُلِدَ سَنَة تسعٍ وثلاثين.
ولَبِسَ الخِرْقَة من الشيخ أبي الوَقْت، وسَمِعَ منه «الصحيح» بقراءة ابن الأَخْضَر.
روى عنه: ابن الحاجب، وابن النجّار، والسيف ابن المجد، وابن نُقْطَة، والرفيعُ قاضي أَبَرْقُوه، وولداه.
وتُوُفّي في رابع عشر ذي القِعْدَة.
أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَرَافِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ النَّفِيسِ، وَعَلِيُّ بْنُ يُوسُفَ الظَّفَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَطِيعِيُّ بِبَغْدَادَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ حُضُورًا بِأَبَرْقُوهَ فِي سَنَةِ سَبْعَ عشر وَسِتِّمِائَةٍ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَقْتِ، أَخْبَرَنَا الدَّاوُدِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ حَمُّوَيْهِ، أَخْبَرَنَا الْفَرَبْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ» [2] رَوَاهُ النَّسَائِيُّ [3] عَنْ
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبي المعالي النفيس) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 153، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 230 رقم 2213، والمختصر المحتاج إليه 1/ 151، 152، والعبر 5/ 104، وسير أعلام النبلاء 22/ 261، 262 رقم 147، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 43، والوافي بالوفيات 5/ 133 رقم 2144، وشذرات الذهب 5/ 117.
[2] رواه البخاري، برقم (1938) و (1939) و (5694) ، وأبو داود (2372) والترمذي (775) من طريق أيوب، بالإسناد المذكور.
[3] في كتاب الصيام من «السنن الكبرى» له، كما في: تحفة الأشراف للمزّي 5/ 110.(45/238)
محمد بن حاتم، عن حبّان بن مُوسَى، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، فَوَقَعَ لَنَا عَالِيًّا. 322- محاسنُ بن عُمَر [1] بن رُضْوان.
أبو الوَقْت، الأَزَجيُّ، الخَزَائِنيُّ غُلام الخِزانة.
شيخ مُسِنٌّ، فقير. سَمِعَ من: أبي بكر ابن الزَّاغونيّ، وأبي طالب بن خُضَير.
قَالَ ابن نُقْطَة: سَمِعْتُ منه، وسماعُه صحيح. وقال ابن الحاجب:
عرضتُ عليه قليلا من الذَّهَب، فَرَدَّهُ، وامتنع مع حاجته.
روى عنه: الشمس عبد الرحمن ابن الزَّين، والكمالُ أحمد بن يوسُف الفاضل، والتّقيّ ابن الواسطيّ، وبالإجازة الأبرقوهيّ، وفاطمة بن سُلَيْمان.
وتُوُفّي في ربيع الأوّل.
323- مَسْعُودُ بن عبد الله [2] بن سَعْد.
أبو يحيى، الطَّبريّ، ثمّ البَغْداديُّ، الخَيَّاط.
وُلِدَ سَنَة سبْعٍ وأربعين وخمسمائة.
وسَمِعَ من عَبْد الملك بن عليّ الهَمَذَانيّ [3] . وحدَّث.
324- منصورُ بن عبد الرحمن [4] بن أبي السّعادات.
أبو محمد، ابن اللّبّان، البغداديّ.
__________
[1] انظر عن (محاسن بن عمر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 220 رقم 2189، والمختصر المحتاج إليه 3/ 200 رقم 1228.
[2] انظر عن (مسعود بن عبد الله) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار (كمبرج) ورقة 49، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 234 رقم 2216، وتاريخ إربل 1/ 298، 299 رقم 199، وفيه:
«أبو عبد الله مسعود بن عبد الله ربيب سعيد غلام بن عطا» ، وتلخيص مجمع الآداب 1/ 533.
[3] وحدّث عنه بإربل في كتابه «الأربعين» عن شيوخه.
وقال ابن المستوفي: شيخ صالح مقرئ صوفي، نزل برباط الجنينة. (تاريخ إربل) .
[4] انظر عن (منصور بن عبد الرحمن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 229 رقم 2209.(45/239)
روى عن أبي طالب بن خضير. ومات في رمضان.
325- المُوفَّقُ النَّصرانيّ الطّبيبُ، يعقوبُ بن سقلاب القدسيّ.
أقامَ بالقُدس مُدَّةً، ولازمَ بها راهبا، فيلسوفا، بارِعًا في الهيئة والنّجوم.
واشتغل على أبي منصور النَّصرانيّ الطّبيب.
وكان- الملعونُ- عاقلا، رزينا، ساكنا، مُتقنًا للّسان الرُّوميّ، خَبِيرًا بنقله إلى العربيّ، وكان مِن أَعْلَمِ أهل زمانه بكتب جالينوس حَتّى لعلّه يكادُ يستحضِرُها كُلَّها.
قرأ عليه المُوفَّق بن أبي أُصَيبعة، وغيرُه.
وكان ماهرا بالعلاج. وكان الملك المعظَّم يشكر طبَّه، ويصفه، فأصاب الحكيمَ يعقوبَ نِقْرسٌ، فَكان يحملُ في مَحَفَّةٍ مع الملك المعظّم إذا سافر وقال له: يا حكيم ما لك لا تُداوي مرضك؟ فقال: يا مولانا الخَشَب إذا سَوَّس ما يبقى في إصلاحه حيلة.
مات في ربيع الآخر.
حرف النون
326- نصر ابن الأديب أَبِي عَبْد الله مُحَمَّد [1] بن نصر بن صغير.
أبو الفَتْح القَيْسرانيُّ.
تُوُفّي بحلب في عَشْرِ التّسعين. ولَهُ شِعْر لا بأسَ به.
327- نِعمةُ بن عبد العزيز [2] بن هِبَة الله.
أبو الفضل، العَسْقَلَانيّ، العَدْلُ، التّاجر.
سَمِعَ بدمشق من أبي القاسم بن عساكر. وحدَّث بمصر، وبغداد.
وتوفّي في المحرّم، [و] له بضع وثمانون سَنَةً.
روى عنه: الرشيدُ العطّار، والزّكيّ المنذريّ.
__________
[1] انظر عن (نصر بن محمد) في: نهاية الأرب للنويري 29/ 149.
[2] انظر عن (نعمة بن عبد العزيز) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 217 رقم 2182.(45/240)
حرف الواو
328- وَجْهُ السبعِ، الأميرُ مظفّر الدِّين سنقر، صاحبُ بلاد خُوزستان.
كَانَ أحدَ الشّجعان المذكورين.
حجَّ بالناس سَنَةَ اثنتين وستمائة. ففارق الرَّكب، وقَفَزَ إلى صاحب الشام الملك العادل لمنافرةٍ جرت بينَه وبينَ الخادم الّذي على سَبِيل الوزير ناصر بن مهديّ، وكان بينَه وبينَ الوزير وحشة أيضا، فخاف منه، فالتقاه العادلُ، وأكرمه، وأقامَ عنده ستٍّ سنين. وكان من كبار الدَّولة، فلمّا عُزِلَ الوزير، سار إلى العراق، وبقي إلى هذه السنة.
حرف الهاء
329- هندولة بن خليفة [1] . أبو القاسم، الزّنجانيُّ، الصُّوفيّ.
شيخ صالح، نزل دمشق. وحدَّث عن: أبي الفَتْح بن شاتيل، ويحيى الثَّقَفيّ.
حرف الياء
330- يحيى بن المُظَفَّر [2] بن الحَسَن. أبو زَكَريّا، البَغْداديُّ، الحَنَفِيّ.
روى عن: أبي المظفّر بن التّريكيّ، وأبي المعالي ابن اللّحّاس.
وكان مُفتيًا، مدرِّسًا، مناظرا. وقد صَنَّف في المَذْهب.
سَمِعَ «الناسخ والمنسوخ» لِهبة الدِّين المفسّر، من التّركيّ، وسلامة بن الصَّدر معا، عن رزق الله، عنه.
وتُوُفّي في ثالث عشر ذي الحِجَّة.
__________
[1] انظر عن (هندولة بن خليفة) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 221، 222 رقم 2192، وذيل الروضتين 153 وفيه: «هندولا» .
[2] انظر عن (يحيى بن المظفر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 235 رقم 2219، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 923، والمختصر المحتاج إليه 3/ 251 رقم 1366، والجواهر المضية 2/ 218، وتاج التراجم لابن قطلوبغا 84، وطبقات الشافعية للزيله لي، ورقة 36، 37، ولسان الميزان 6/ 277 رقم 977.(45/241)
قال ابن الحاجب: كَانَ يُرْمَى بالاعتزالِ [1] .
331- يوسُف بن عُمَر [2] بن أبي بكر بن سُبَيع.
أبو بكر، الباقِلّانيَ، الشُّرُوطيُّ.
سَمِعَ من: عبد الحقّ اليُوسُفيّ، وشُهْدَةَ. وكان فَرَضيًّا.
تُوُفّي في رجب.
332- يوسُف بن مَعْزُوز [3] .
إمامُ النَّحْو، أبو الحَجّاج، القَيْسيُّ، المُرْسي.
وصَنَّف كتاب «شَرْح الإِيضاح» للفارسيّ. ولَهُ «ردٌّ» على الزَّمَخْشريّ في «مُفَصَّله» .
أخذ عن أبي إسحاق بن مَلْكون، والسُّهيليِّ. تخرَّجَ به أئمةٌ.
مات في حدود هذه السنة.
وفيها وُلِدَ العَلَّامة تقيُّ الدِّين مُحَمَّد بن عليّ ابن دَقيق العيد.
والعفيفُ عبدُ السلام بن محمد بن مَزْروع.
والشرفُ عيسى بن أبي محمد المغاريّ.
ورشيد بن كامل الرَّقّيّ.
والنَّجمُ أحمد بن محمد بن حسن بن صصريّ.
__________
[1] سمع منه ابن النجار، وقال في المشيخة المنذرية لم تكن طريقته مرضية. مات في سنة خمس وعشرين وستمائة عن نحو من تسعين سنة. وقال في «الذيل» : كان يدرس بالموفقية وغيرها وله حلقة للمناظرة، وكان ذا لسان وعبارة ونظم، وليس له سمت حسن ولا عليه ضوء.
(لسان الميزان 6/ 277) .
[2] انظر عن (يوسف بن عمر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 225 رقم 2200.
[3] انظر عن (يوسف بن معزوز) في: تاريخ الخلفاء 437، وبغية الوعاة 2/ رقم 2197، وكشف الظنون 212، 1776، وهدية العارفين 2/ 553، وديوان الإسلام 4/ 273، 284 رقم 2048، والأعلام 8/ 254، ومعجم المؤلفين 13/ 336.(45/242)
وفاطمةُ بنتُ إبراهيم بن جوهر البَعْلَبَكّية، في رجب.
والشرفُ عبد المنعم بن عبد اللّطيف ابن زين الأُمناء.
وقاضي حلب شمسُ الدِّين مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن بَهْرام الدّمشقيّ.
والزّين مُحَمَّد بْن عَبْد الغني بْن عَبْد الكافي ابن الحَرَستانيّ الذّهبيّ، في رجب.
والزَّكيُّ عبد المُحْسِن بن زيْن الكِنانيّ، يروي عن جعفر.
وسيفُ الدِّين بلاشو بن عيسى بن بلاشو.
والشيخُ عُمَر بن أبي القاسم السّلاويّ.
والشرفُ شيرزاد بن ممدود بن شيرزاد.
والغَرْسُ محمود بن عبد المنعم الحَرّانيّ.
والعزُّ عبد العزيز بن محمد بن عبد الحقّ العدل، في شعبان.
والمحبُّ صَدَقَة بن عليّ بن هلالة، بإشبيليّة.
ومحيي الدّين يحيى بن عليّ بن أبي طالب الموسويّ.
والملك الظّاهر شاذي ابن الناصر داود.
والأمينُ عبد الله بن إسماعيل الحلبيّ المَسْلمانيّ الكاتب، أسلم ولَهُ ثلاثون سَنَة، وطال عمره.(45/243)
سنة ست وعشرين وستمائة
حرف الألف
333- أحمد بن حَسّان [1] بن حسّان. أبو القاسم، الكَلْبِيُّ، الإِشبيليُّ.
سَمِعَ من أبي بكر ابن الجدِّ فأكثرَ، ومن أبي محمد بن بُونَة. وكان رئيسا، مُحتشمًا، جَوادًا، أديبا، أخباريا.
قال الأَبَّار [2] : سَمِعْتُ منه، وتُوُفّي في ثالث عشر جُمَادَى الأولى، ولَهُ أحد وستّون عاما.
334- أحمدُ بن الحُسَيْن [3] بن مُحَمَّد بن جَمِيل.
أَبُو العبّاس، البَنْدَنِيجيُّ، الحَفَّارُ.
روى عن: أَبِي الحُسَيْن عَبْدِ الحقّ.
وماتَ فِي ربيع الأَوَّل.
335- أحمدُ بن زكريا [4] بن مسعود.
أبو جعفر، الأنصاريُّ، الأَنْدَلسِيُّ، القبذاقيُّ [5] ، المقرئ.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن حسان) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 116، 117، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1 ق 1/ 86، 87 رقم 102.
[2] في تكملة الصلة 1/ 116، 117.
[3] انظر عن (أحمد بن الحسين) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 242 رقم 2236.
[4] انظر عن (أحمد بن زكريا) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 117، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1/ ق 1/ 117، 118 رقم 157، ولسان الميزان 1/ 173، 174 رقم 555، وبغية الوعاة 1/ 307 رقم 570.
[5] في تكملة الصلة لابن الأبار: «وأصله من الفنداق عملها» ، وهذا تصحيف، والصحيح كما(45/244)
أخذ القراءاتِ عن الحَسَن بن عبد الله السَّعْديّ، ومن أبي بكر بن أبي حَمْزَة [1] .
أخذ عنه ابن مَسْدِيّ، ورماه بالاختلاق، وقال: اجتمعَ طلبةٌ، فوضعوا لفظة، وسَمَّوا بها كتابا [2] ، وسألوه عنه، فقال: أدريه وأرويه. وكان يُسْقِطُ من الأسانيد رجالا لِيُوهِمَ العُلُوّ. عاش بضعا وستّين سَنَة [3] .
336- أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن [4] بْن أحمد بْن عبد الرحمن بْن ربيع الأشْعريّ. أبو جعفر، القرطبيّ.
روى عن: أبيه أبي الحسين، وأبي بكر ابن الجدِّ، وابن بَشْكُوالَ، وجماعة. وَوَلِيَ خَطابة قُرْطُبَة مُدَّة.
مات في وسط العام.
روى عنه ابن أخيه أبو الحُسَيْن محمد بن الأَشْعَريُّ. وهُمْ بَيْتُ علمٍ ورواية.
337- أحمدُ بن نجم [5] ابن شرف الإسلام عبد الوهّاب ابن الحَنْبَليّ.
بهاءُ الدِّين، أبو العبّاس، أخو النَّاصح.
__________
[ () ] أثبتناها «القبذاق» بالقاف والباء الموحّدة والذال المعجمة ثم قاف. هكذا جوّدها المؤلّف- رحمه الله- بخطه، كذلك ابن عبد الملك في (الذيل والتكملة) . وقد تصحفت أيضا في:
بغية الوعاة 1/ 307 إلى: «الغيداقي» بالغين المعجمة والياء آخر الحروف ودال مهملة.
[1] تصحف في (لسان الميزان 1/ 173) إلى: «حيزة» .
[2] وقع تصحيف في (لسان الميزان 1/ 307) ففيه: «ورماه بالاختلاف ... فوضعوا لقطة سمّوا لها» .
[3] وقال ابن عبد الملك: وكان مقرئا مجوّدا راوية للحديث متحقّقا بالعربية تصدّر لإقراء كتاب الله وإسماع الحديث وتدريس النحو والآداب. مولده عام أحد وخمسين وخمسمائة. (الذيل والتكملة ج 1 ق 1/ 118) .
[4] انظر عن (أحمد بن عبد الرحمن) في: الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1 ق 1/ 193، 194 رقم 263 وفيه: «توفي سنة عشر وستمائة» !.
[5] انظر عن (أحمد بن نجم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 253 رقم 2266، وذيل الروضتين 158، والمنهج الأحمد 362، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 174، ومختصره 63، والدرّ المنضد 1/ 358، 359 رقم 1006، وشذرات الذهب 5/ 119.(45/245)
وُلِدَ سَنَة تسع وأربعين.
وسَمِعَ من القاضي كمال الدِّين أبي الفضل الشَّهْرَزُوريّ.
وحدَّث. وسَمِعَ من أبي الفوارس الحَيْص بَيْص شعرا.
ومات في ذي القِعْدَة.
وسَمِعَ من سَلْمان الرَّحْبِيُّ أيضا. روى عنه: الضّياءُ، والشِّهَابُ القُّوصيّ.
338- إسماعيلُ بن سيف الدَّولة [1] الْمُبَارَك بْن كامل بْن مقلّد بْن عَلِيّ ابن مُنقذ، الأميرُ جمال الدِّين. أبو الطّاهر، الكِنانيُّ، المِصْريّ المولد.
سَمِعَ السِّلَفِيّ ووالَده.
وولي نيابة حَرَّان، وبها تُوُفّي في رمضان. ولَهُ شِعْر، وفضائل.
روى عنه الشهابُ القُّوصيّ، والزَّكيّ المُنذريّ.
- أقسيس، يأتي في حرف الياء [2] .
339- أَمَةُ الله بنتُ أحمد [3] بْن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عليِّ ابن الآبنوسيّ.
شرفُ النساء، البَغْداديّة [4] .
كانت آخرَ مَنْ روى عن أبيها أبي الحَسَن، وسَمِعَتْ منه في سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، وحَضَرَتْ عليه في سَنَةِ أربعين. وتفردَّت بالرابع من «المُخَلِّصيات» ، وبجزءٍ مُنتقى من السادس من «المُخَلِّصيات» ، وبالتّاسع من «المحامليات» ، وبالمجلّد الأول وهُوَ خُمْسُ «الكامل» لابن عَدِيّ، ولها فيه فَوْت، بروايته عن إسماعيل بن مسعدة الإسماعيليّ.
__________
[1] انظر عن (إسماعيل بن سيف الدولة) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 250 رقم 2257، وبغية الطلب (المصور) 4/ 342 رقم 535، والوافي بالوفيات 9/ 195 رقم 410، والمقفى الكبير 2/ 110، 111 رقم 759.
[2] برقم (384) .
[3] انظر عن (أمة الله بنت أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 239، 240 رقم 2230، والعبر 5/ 106، والمختصر المحتاج إليه 3/ 257 رقم 1385، والإشارة إلى وفيات الأعيان 329، ومرآة الجنان 4/ 59، والنجوم الزاهرة 6/ 273، وشذرات الذهب 5/ 119.
[4] ويقال لها: «آمنة» (التكملة للمنذري) .(45/246)
قال ابن الحاجب: هي من بيت فقه، وزُهدٍ، كثيرةُ العبادة، لا يكاد لسانها يَفْتُرُ مِن ذكر الله.
قلتُ: روى عنها ابن الحاجب، والسيف ابن المجد، والدّبيثيّ، وآخرون. وسمعنا بإجازتها على فاطمةَ بنتِ سُلَيْمان.
340- إلياسُ بن مُحَمَّد [1] بن عليِّ. أبو البركات، الأَنصاريُّ.
أحدُ عُدولَ دمشق. كَانَ مطبوعا، صاحبَ نوادر.
قال [2] : قرأ القراءاتِ السبعَ على يحيى بن سعدون القُرْطُبيّ.
كتب عنه ابن الحاجب وقال: تُوُفّي في رجب. وكان يشهد تحت السَّاعاتِ.
حرف الجيم
341- جبريل بن زُطينا [3] . الكاتب البَغْداديُّ.
كَانَ نصرانيا، فأسلمَ، وحَسُن إسلامُه، وتزهَّد. ولَهُ كلامٌ في الحقيقة ساقَ منه ابن النجّار، وكان يتولَّى كتابةَ ديوان المَجْلس.
مات في شعبان، ولَهُ خمسٌ وسبعون سَنَة.
روى عنه من شِعره أبو طالب عليُّ بن أنجب، وغيرُه [4] .
__________
[1] انظر عن (إلياس بن محمد) في: معرفة القراء الكبار 2/ 612 رقم 580، وغاية النهاية 1/ 171، 172.
[2] زادها المؤلف- رحمه الله- سهوا.
[3] انظر عن (جبريل بن زطينا) في: الحوادث الجامعة 12، والبداية والنهاية 13/ 126، 127.
[4] ومن شعره:
إن سهرت عينك في طاعة ... فذاك خير لك من نوم
أمسك قد فات بعلّاته ... فاستدرك الفائت في اليوم
وإن قسا القلب لإكداره ... فصنه بالذكر والصوم
وله:
إذا أعيا عليك الأمر فارجع ... إلى رب عوائده جميلة
فكم من مسلك مع ضيق سلك ... تجلّى واستبان بغير حيله(45/247)
حرف الحاء
342- الحُسَيْن بن أبي الغنائم هِبَةُ اللَّه [1] بْن محفوظ بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن أحمد بْن الحُسَيْن بن صَصْرى. القاضي، شمس الدِّين، أبو القاسم، ابن الشيخ الرئيس، التَّغْلبيُّ، البَلَديُّ الأصل، الدِّمشقيُّ، أخو الحافظ أبي المواهب.
ولد قبل الأربعين وخمسمائة.
وسَمِعَ: جدَّه، وأباه، وجدّه لأُمِّه أبا المكارم عبد الواحد بن هلال، وعَبْدان بن زَرِّين، وأبا القاسم ابن البُنّ، ونصر بن أحمد بن مُقاتل، وأبا طالب عليَّ بن حَيْدرة، وأبا يَعْلَى حمزة ابن الحُبُوبيّ، وأبا يَعْلَى حمزة بن كَرَوَّس، وعليّ بن أحمد الحرستاني، وعبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني، وسعيد بن سهل الفلكي، والصائن هِبَة الله بن عساكر، وحَسّان بن تميم، وعبد الرحمن ابن أبي العَجَائز، وعليَّ بن عساكر المَقْدِسيُّ- لا البطائحيّ ولا الحافظ الدّمشقيُّ-، والقاضي الزَّكيَّ عليَّ بن محمد بن يحيى القُرَشيّ، وأبا النّجيب السُّهَرَوَرْدِيّ، وجمالَ الأئمّة عليّ بن الحَسَن الماسِح، وعليَّ بن أحمد بن مُقاتل، أخا نصر، وإبراهيم بن موهوب ابن المقصّص، وأبا يعلى حمزة بن
__________
[ () ] وله:
أريد من نفسي نشاط الشباب ... ودون ما أبغيه شيب الغراب
فكيف والسبعون جاوزتها ... ومذهب العمر رمي بالذهاب
ومطلبي عز وما دونها ... تأباه نفسي وأموري صعاب
وقد تحيّرت ولا غرو أن ... يحار من يطلب ما لا يصاب
(الحوادث الجامعة) .
[1] انظر عن (الحسين بن هبة الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 240، 241 رقم 2231، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 36 رقم 65، وبغية الطلب لابن العديم (المصوّر) 6/ 364 رقم 881، والمعين في طبقات المحدّثين 193 رقم 2045 وفيه: «الحسن» ، والإعلام بوفيات الأعلام 238، و 193 رقم 2045 وفيه: «الحسن» ، والإعلام بوفيات الأعلام 238، والإشارة إلى وفيات الأعيان 329، والعبر 5/ 105، 106، وفيه: «شمس الدين بن الحسين ابن هبة الله» ، والمشتبه 1/ 90، وسير أعلام النبلاء 22/ 282- 284 رقم 162، وتاريخ ابن الوردي 2/ 273، ومرآة الجنان 4/ 59، والوافي بالوفيات 13/ 80 رقم 69، والنجوم الزاهرة 6/ 272 وفيه: «الحسن» ، وشذرات الذهب 5/ 118، 119، والرسالة المستطرفة للكتاني 99.(45/248)
أسد، والْخَضِرَ بن شِبْل الحارثيّ، والمباركَ بن عليّ بن عبد الباقي، وأسعدَ بن حُسَيْن الشَّهرستانيّ، والخَضِرَ بن عليّ السِّمْسار، وعبدَ الواحد بن إبراهيم بن قزّة، وإبراهيمَ بن الحَسَن الحِصْنيّ، وعليَّ بن مَهْديّ الهِلاليّ، ووَهَب بن الزَّنْف الفقيه، وهؤلاء الثلاثون ذكرهم الحافظ أبو القاسم في «تاريخ دمشق» .
وروى عنهم كلّهم سوى أبيه، والخضر. وقد سَمِعَ من خلْق سواهم، وسَمِعَ بحلب من أبي طالب عبد الرحمن ابن العَجَميّ، ويحيى بن إبراهيم السَّلَماسيّ.
وبمكّة من مُحَمَّد بن عُبَيْد الله الخطيب الأصبهانيّ، حدَّثه عن أبي مُطيع.
وروى بالإِجازة عن طائفةٍ تفرَّد بالرواية عنهم، كما تفرَّد بكثيرٍ ممّن سَمِعَ منهم.
أجازَ لَهُ: عليُّ بن عبد السّيد ابن الصّبّاغ، ومحمد ابن السَّلّال، وَأَبُو مُحَمَّد سِبْط الخياط، وأحمدُ بْن عبد الله ابن الآبنوسيّ، والخصيبُ بن المُؤَمَّل، وإبراهيمُ بن مُحَمَّد بن نَبْهان الغَنَويُّ، ومُحَمَّد بن طِرَاد الزَّيْنَبِيّ، وعبدُ الخالق بن أحمد اليُوسفيّ، ومُحَمَّد بن عُمَر الأرموي، وأبو الفَتْح نصرُ الله بن مُحَمَّد المِصِّيصيُّ الفقيه، ومسعود بن الحَسَن الثَّقَفيّ، وغيرهم.
وخَرَّجَ لَهُ البِرْزَاليُّ «مشيخة» في سبعة عشر جزءا بالسَّماع والإِجازة.
وروى عنه: هُوَ، والضّياء، والقوصيّ، والمنذريّ، والشرف النابلسيّ، والجمال ابن الصَّابونيّ، والزَّينُ خالد، وحفيدُه إسماعيلُ بن إسحاق بن صَصْرى، وسَعْدُ الخير النابلسيّ، وأخوه نصر، والشمس محمد ابن الكمال، وأبو بكر بن طَرخان، وإبراهيم بن اللَّمْتُونيّ، والشرف أحمد بن أحمد الفَرَضيّ، والكمال مُحَمَّد بن أحمد ابن النّجار، والجمال أحمد بن أبي محمد المغاريّ، والشمسُ محمد بن شمَّام الذَّهَبيُّ، والتّقيُّ إبراهيم ابن الواسطيّ، وأخوه الشمس محمد، والعزّ إسماعيل ابن الفرّاء، والشهابُ الأبَرْقُوهيّ، والشمسُ مُحَمَّد بن حازم، ونصرُ الله بن عيّاش، والتّقيُّ أَحْمَد بْن مؤمن، وعبدُ الحميد بْن خَوْلان، وخلْقٌ آخرهم أبو جعفر ابن الموازينيّ.
وكان عَدْلًا، جليلا، فاضلا، صحيحَ الرواية. قرأ شيئا من الفقه على أبي سَعْد بن أبي عَصْرون. ورحلَ مع أخيه. ثمّ إنَّه ردَّ من حلب لأجل قلب والده. وكان خَلِيًّا من المعرفة بالحديث.(45/249)
قال الزَّكيُّ البِرْزَاليُّ: هُوَ مُسْند الشام في زمانه. وقال: كَانَ يسأل من غير حاجة. وقال أبو الفتح ابن الحاجب: ربّما كَانَ يأخذُ من آحاد الأَغنياء الشيءَ على التَّسميع.
وقال مُحَمَّد بن الحَسَن بن سِلَّام: كَانَ فيه شُحٍّ بالتّسميع إلّا بِعَرَضٍ من الدُّنيا. وهُوَ من بيت حديث، وأمانة، وصِيانة. كَانَ أخوه من علماء الحديث.
وقرأت عليه «علوم الحديث» للحاكم في ميعادين. وكان متموِّلًا لَهُ مال وأملاك، رُزِئ في ماله مرّات.
وقال ابن الحاجب: كَانَ صاحبَ أصولٍ، لَيِّن الجانب، بهيّا، سَهْلَ الانقياد، مواظبا على أوقات الصلاة، متجنّبا لمخالطة النّاس. وهُوَ رِبْعِيٌّ: من ربيعة الفَرَس. تُوُفّي في ثالث وعشرين المحرَّم، وصَلَّى عليه الخطيب الدّولعيّ بالجامع، والقاضي شمس الدِّين الخُوَيي بظاهر البلد، وتاج الدِّين ابن أبي جعفر بمقبرته بقاسيون.
حرف السين
343- سُلَيْمان بن الحُسَيْن [1] بن سليمان.
أبو الربيع، الكتبيّ، المليجيّ، الإسكندرانيّ.
وُلِدَ سَنَة تسعٍ وأربعين. وحدَّث عن السِّلَفِيّ.
حرف الشين
- شَرَفُ النّساءِ، اسمُها أمةُ الله [2] .
حرف العين
344- عائشةُ بنت عَرَفَة [3] بن عليّ ابن البَقْليِّ البَغْداديِّ. أمةُ الجبّار.
تروي عن أبيها [4] .
__________
[1] انظر عن (سليمان بن الحسين) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 250 رقم 2258.
[2] تقدّمت برقم (339) .
[3] انظر عن (عائشة بنت عرفة) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 241 رقم 2232.
[4] المتوفى سنة 588 هـ-.(45/250)
ماتت في المحرَّم.
345- عبّاسُ بن بَهْرام بن مُحَمَّد بن بختيار.
أبو الفضل، ابن السَّلار، الأَتابكيُّ.
حدَّث هُوَ، وأبوه، وأخوه. وأصلُهم من حِمص.
سَمِعَ الحافظ عليَّ بن عساكر، وغيرَهُ.
روى عنه الجمال ابن الصابونيّ، وغيرُه.
وتُوُفّي في ذي الحِجَّة.
346- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [1] بْن محمد بن محمد بن محمد بن عبد اللَّه بن مَسْلَمة. أبو جعفر، القُرْطُبيّ.
سَمِعَ من أبيه، ومن ابن بَشْكُوالَ. وأخذ القراءاتِ عن أبي الأصبغ عبد العزيز ابن الطَّحّان.
وَوَلِيَ خطابة قُرْطُبَة، وتمنَّع من القضاء، واعتذَر، وتغيَّب أياما فلم يُقْبَل منه، فتولّى أشهرا مُكْرَهًا.
وتُوُفّي في رمضان، وقد جاوز السَّبعين.
قاله الأَبَّار.
347- عبد الله بن عبد الوهّاب [2] ابن الإمام صدر الإسلام أبي الطّاهر ابن عَوْف الزُّهْريّ. الإِسكندرانيُّ، عمادُ الدِّين، أبو البركات، المالكيُّ.
سَمِعَ من جدّه، ودَرَّس، وأفتَى. وكان مولده في سنة خمس وستّين وخمسمائة.
وتُوُفّي في ثامن عشر رجب.
348- عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ [3] بْن أَحْمَد بْن عليّ. الفقيه، أبو محمد،
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن عبد الرحمن) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 895.
[2] انظر عن (عبد الله بن عبد الوهاب) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 247، 248 رقم 2250.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن علي) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 40، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 246 رقم 2247، وتاريخ إربل 1/ 317- 319 رقم(45/251)
البَغْداديُّ، الحَنْبَليّ، الواعظُ، المعروفُ بابن التانرايا [1] .
تَفَقَّه على أبي الفَتْح بن المَنِّي.
وسَمِعَ من: عبد الحقّ اليُوسُفيّ، وغيرِه.
ونابَ فِي القضاءِ عن أَبِي صالح الجيليُّ. وولي مشيخة رباط الزَّوْزَنيّ.
وكتب عنه ابن النّجّار، وغيرُه.
مات فجاءة في 25 جمادى الآخرة [2] .
__________
[ () ] 222، والوافي بالوفيات 18/ 197 رقم 238، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 173 رقم 289، ومختصره 63، والمنهج الأحمد 362، والمقصد الأرشد، رقم 580، والدر المنضد 1/ 358 رقم 1005، وشذرات الذهب 5/ 119.
[1] وقع في المطبوع من: تاريخ الإسلام (الطبقة الثالثة والستون) ص 232: «التانزاي» بالزاي والياء آخر الحروف. وأحال الدكتور بشار عوّاد معروف في الحاشية رقم (1) إلى كتاب:
«التكملة لوفيات النقلة» للمنذري، بتحقيقه، وقال: «وفيه «التانزايا» ونقل الحافظ ابن رجب عن عبد الصمد بن أبي الجيش قوله: وكان أصله في العجم. وسبب هذا اللقب أن بعض أجداده كان يقول: إن بيتنا في الثاني زايا، فلقب هذا اللقب» .
ويقول خادم العلم وطالبه محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :
إن في عبارة الحاشية للدكتور بشار عدّة أوهام، هي:
1- الموجود في تكملة المنذري 3/ 246 رقم 2247 «التانرايا» (بالراء وليس بالزاي) .
2- النص عند ابن رجب: «من العجم» وليس: «في» .
3- النص عند ابن رجب: «إن بيتا في التاني رايا» وليس: «في الثاني زايا» ! وقد جوّد الصفدي تقييده بالتاء المثنّاة، وألف ونون وراء ثم ألف ثانية وياء آخر الحروف وألف ممدودة. (الوافي بالوفيات 18/ 197) .
وتصحّف في (شذرات الذهب 5/ 119) إلى: «البابرايا» بالباء الموحّدة المكرّرة.
[2] وقال ابن المستوفي: وجدت بخطه في جزء سمّاه «سيرة العبد المقبل والملك الغازي، سلطان إربل» ، كتبها في محرم سنة إحدى وعشرين وستمائة. ذكر في أثنائها أنه ورد إربل في شعبان سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. قال: وكان نزل يوسف بن أيوب على الموصل، وله وعظ بالجنينة التي هي اليوم برباط الصوفية، وأن أبا منصور يوسف بن علي أكرمه وصفده هذه اللقطة وأثنى عليه ثناء حسنا.
سمع الحديث ورواه، ومن شعره ما نقلته من الجزء المذكور، وأجاز لي رواية ما يجوز لي روايته عنه، وهو قوله:
فهذا وليّ الله حقّا بأرضه ... وصاحب سرّ في الخلائق ظاهر
يوالي بلا قهر موالي إمامه ... ويسطو بسيف على أعاديه قاهر
وفي الجزء أشعار أخرى ذكرها ابن المستوفي في (تاريخ إربل) .(45/252)
349- عبد الرحمن بن أَبِي السّعادات [1] الحَسَن بن عليّ بن بُصْلا [2] .
أبو الفَرَج، البَنْدَنيجِيُّ، الصُّوفيّ.
شيخٌ صالحٌ، سَدِيدُ السِّيرة.
ووُلِدَ سَنَة خمسٍ وأربعين وخمسمائة بالبندنيجين. وقَدِمَ بغدادَ فسمعَ من يحيى بن ثابت، وأحمد بن المُقَرَّب.
ومات في رابع عشر ذي الحجّة.
روى عنه مجد الدّين ابن العَدِيم، لقِيهُ بحلب [3] .
350- عَبْدُ الصَّمَد بن أحمد [4] بن محفوظ بن زَقِير [5] .
أبو مُحَمَّد، البَزَّاز.
شيخ بغداديّ.
روى عنه فوارس ابن الشباكية [6] .
وتُوُفّي في ذي الحِجَّة.
351- عَبْد الكريم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعْد الله بن عبد الله بن أبي القاسم. أبو محمد، الأنصاريُّ، الدّمشقيُّ.
والد الفقيه سليمان، وجدُّ شيختنا فاطمة بنت سُلَيْمان.
سَمِعَ: أبا القاسم بن عساكر، وأبا طاهر الخُشُوعِيّ. وسَمِعَ من جماعة من الشّعراء.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن أبي السعادات) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 254، 255 رقم 2269، وعقود الجمان لابن الشعار 3/ ورقة 182 أ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 63 (8/ 169) ، والوافي بالوفيات 18/ 132 رقم 153، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 244.
[2] بصلا: قيّده المنذري بضم الباء الموحّدة وسكون الصاد ولام ألف.
[3] له شعر في (الوافي بالوفيات 18/ 132) .
[4] انظر عن (عبد الصمد بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 254 رقم 2268.
[5] زقير: بالزاي المفتوحة وقاف مكسورة وياء آخر الحروف ساكنة وراء. (المنذري) .
[6] هو أبو محمد فوارس بن موهوب بن عبد الله الخفّاف.(45/253)
ودخل الدّيارَ المِصْريّة، ولَهُ شِعْرٌ وفَضِيلة.
كتب عنه: ابنه، والسّراج بن شحانة، والنّجيب ابن الشُّقَيْشقة.
تُوُفّي في ثامن وعشرين رجب بدمشق.
352- عبد المُحسن بن إِبْرَاهِيم [1] بن عَبْد الله بن عليّ الخَزْرجيُّ.
المِصْريّ الشّافعيُّ، الرجلُ الصالحُ.
ولد سنة تسع وأربعين وخمسمائة.
وسَمِعَ بالثَّغر من السِّلَفِيّ، وبدر الخُداداذيّ. وبمصرَ مِنْ: عَلِيّ بن هبِه اللَّه الكامليّ، وإسماعيل بن قاسم الزّيات، وأبي المفاخر المأمونيّ، وجماعة.
قال الزَّكيّ المُنذريُّ [2] ، وروى عنه: كَانَ كثيرَ الصلاة والصوم، مقبلا على العِلْم مع رِقّة حاله. تُوُفّي فُجَاءَةً في ثاني عشر شوَّال- رحمه الله-.
353- عبدُ المولى بن عبد الوَهّاب [3] بن يوسُف. أبو مُحَمَّد، القَطِيعيُّ.
سَمِعَ: أبا الفَتْح بن البَطِّي، وأبا المكارم البادَرَائيّ.
ومات في ربيع الأول.
354- عبد الوَهَّاب بن عَتِيق [4] بْن هِبَة الله بْن ميمون بْن عَتِيق بن وَرْدان. الحافظُ، المُحدِّث المُفِيدُ، والمقرئ المُجيد، أبو الميمون، العامرِيُّ، المِصْريّ، المالكيُّ.
قرأ القراءات على جماعةٍ كثيرة.
وسَمِعَ من: العَلَّامة عَبْد الله بْن بَرِّيّ، وعبد الرحمن بن مُحَمَّد السِّبْيي، وقاسم بن إبراهيم المَقْدِسيِّ، ومُنجب بن عبد الله المُرشديِّ والبُوصيريِّ، والأَرْتَاحِيِّ، وطبقتهم ومن بعدهم فأكثر.
__________
[1] انظر عن (عبد المحسن بن إبراهيم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 251، 252 رقم 2260، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 191.
[2] في التكملة 3/ 252.
[3] انظر عن (عبد المولى بن عبد الوهاب) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 243 رقم 2238.
[4] انظر عن (عبد الوهاب بن عتيق) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 245 رقم 2245، وسير أعلام النبلاء 22/ 314 رقم 190.(45/254)
وكتبَ الكثيرَ، واستنسخَ، وأقرأ القراءات. وحدَّث، وأَفَاد.
وولد في سنة أربع وخمسين وخمسمائة.
روى عنه الحافظُ المُنذريّ وقال: كَانَ كثير الإِفادة جِدًّا. وأنفق في التّحْصيلِ جُملةٌ. وكان بيتُه غالبا مجمعَ أصحاب الحديث- رحمه الله-. توفّي تاسعٍ عشر جُمَادَى الآخرة.
قال ابن مَسْدِيّ: ربّما غَلِطَ وأَوْهَم، ولهذا لم يتعرّض لتجريحٍ. وقد كتب عمّن أقبل وأدبر حتّى كتب عن الشّبّان. لم أُكْثِر عنه.
355- عليّ بن بكمُش [1] ، فخرُ الدِّين.
أبو الحَسَن، التُّركيُّ، البَغْداديُّ، النَّحْويّ.
وُلِدَ سَنَة ثلاث وستّين وخمسمائة. وسمع من: أبي الفتح بن شاتيل، وجماعة. وحدَّث.
وتُوُفّي بدمشق في شعبان.
وكان مِن تلامذة التّاج الكنديّ [2] .
__________
[1] انظر عن (علي بن بكمش) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 22- 224 رقم 704، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 248، 249 رقم 2253، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 57- 59، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 2216، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 206، وبغية الوعاة 2/ 151، 152.
[2] وقال ابن النجار: كان والده من موالي العزيز بن نظام الملك، وكان من الأجناد البغدادية، ولد عليّ هذا ببغداد في العاشر من شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وستين وخمسمائة. وقرأ القرآن وجوّده، وقرأ النحو على شيخنا الوجيه أبي بكر الواسطي. ثم سافر إلى الشام ونزل دمشق، وصحب شيخنا أبا اليمن الكندي، وقرأ عليه الأدب حتى برع فيه وصار من الأدباء المذكورين بالفضل ومعرفة العربية، وقرأ عليه الناس، وأثرى وكثر ماله، وقدم علينا بغداد في سنة تسع وستمائة ورأيته بها. وقد كنت رأيته قبل ذلك بدمشق وأذكره قديما قبل سفره إلى الشام في مسجد يقرأ عليه الصبيان القرآن، وكان كيّسا حسن الأخلاق متودّدا.
أنشدني ياقوت بن عبد الله الأديب بحلب أنشدني أبو الحسن علي بن بكمش التركي النحويّ لنفسه:
وقائلة: بغداد منشؤك الّذي ... نشأت به طفلا عليك التمائم
فما بالها تشكو جفاءك معرضا ... أما آن أن يقضى إليها الغرائم
فقلت لها: إني الفريد وإنها ... أوال مغاص الدر والحرو (؟) عايم(45/255)
356- عليّ بن حمّاد [1] . الحاجب، الأمير، حسام الدِّين، متولّي خِلاط نيابة للأشرف.
كَانَ بَطلًا، شُجاعًا، خيِّرًا، سائِسًا.
قال ابن الأثير [2] : أرسلَ الأشرفُ مملوكَهُ عزّ الدِّين أيبك إلى خِلاط وأمَرهُ بالقبض على الحاجب عليّ، ولم نعلم سببا يُوجِبُ القبضَ عليه، لأَنَّه كَانَ مُستقيمًا عليه ناصحا لَهُ، حسنَ السيرة. لقد وقف هذه المدّة الطويلة في وجه جلال الدِّين خُوارزم شاه، وحفظ خلاطَ حفظا يَعْجزُ عنه غيرُه. وكان كثيرَ الخَيْرِ لا يُمَكِّن أحدا من ظُلْم، وعمل كثيرا من أعمال البِرِّ: من الخانات، والمساجد، وبَنى بخِلاط جامعا، وبيمارستانا. قبض عليه أَيْبَك، ثمّ قتله غِيلَةَ، فلم يُمْهِل اللهُ أيبك، ونازلَهُ خُوارزم شاه وأخذ خِلَاطَ، وأسر أيبك وغيره من الأمراء. فلمّا اتّفق هُوَ والأشرفُ أطلق الجميعَ، وقيل: بل قتل أيبك.
357- عليّ بن ثابت [3] بن طاهر البَغْداديُّ. أبو الحَسَن، النعَّال.
سَمِعَ «العُزّلة» للآجُريُّ من المبارك بن محمد البادرائيّ.
وكان صالحا، حافظا للقرآن.
مات في جُمَادَى الأولى [4] .
358- عليُّ بن صالح [5] . أبو الحسن، المصريّ، المقرئ.
__________
[ () ]
وقد جرت العادات في الدر أنه ... إذا فارق الأصداف لاقاه ناظم
[1] انظر عن (علي بن حماد) في: الكامل في التاريخ 12/ 485- 488، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 660، والأعلاق الخطيرة لابن شداد ج 3 ق 1/ 58، 64، 142، والعبر 5/ 106 وفيه:
«علي بن حسام الدين» ، والوافي بالوفيات 21/ 64، 65 رقم 29، وتاريخ ابن خلدون 5/ 152، 153، و 155.
[2] في الكامل 1/ 485، 486.
[3] انظر عن (علي بن ثابت) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 225، 226 رقم 706، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 244 رقم 2241، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 2218.
وكان ينبغي أن تتقدّم هذه الترجمة على التي قبلها.
[4] وقال ابن النجار: كتبت عنه يسيرا، وكان شيخا صالحا سليم القلب ساكنا حافظا لكتاب الله عز وجل، حسن الطريقة. (ذيل تاريخ بغداد) .
[5] انظر عن (علي بن صالح) في: ذيل الروضتين 158.(45/256)
صاحب أبي القاسم الشاطبيُّ.
كَانَ مِن قرية بمصر اسمها قلين [1] . ورَّخه أبو شامة.
359- عليّ بن مُحَمَّد بن أبي العافية [2] .
أبو الحَسَن، اللَّخْمِيّ، المُرْسيّ، القَسْطَلِيُّ.
سَمِعَ من: أبي عَبْد اللَّه بن سعادة، وأَبِي عَبْد اللَّه بن عبد الرحيم، وصهره أبي القاسم عبد الرحمن بن حُبَيْش.
قال ابن مَسْدِيّ: رأسُ بلده ورئيسُها، ونَفُسْها ونَفِيسُها، قَدَّمَتْهُ الأيامُ فقامَ بِعَيْنها، واستخرجَ الله به مكنونَ خَبْئِها. وكان عَدْلًا في أحكامه، عدلا لأيامه، سديدَ القَوْلَةِ، شديدَ الصَّوْلَة قُتِلَ صَبْرًا.
قال الأَبَّار [3] : وَلِيَ قَضاءَ مُرسية، وبَلَنْسِيَةَ، وشاطِبة. وكان جَزْلًا مَهِيبًا، وكانَ بالرؤساء أشبَهَ منه بالقُضاة والفُقهاء، وأَضَرَّ بأَخَرةٍ. وعلى ذلك فكان يتولَّى الأعمالَ، ويتعسَّف الطُّرُقَ، وأثارَ فتنة جَرَّت هلاكَهُ، فقُتِلَ بمُرسية في جُمَادَى الأولى عن اثنتين وسبعين سَنَة [4] .
360- عليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرحمن [5] .
القاضي، الأَكمل، أبو المناقب، الأَنصاريُّ. الكاتب.
من كِبار الكُتّاب بالدِّيار المصرية. روى عن الخُشُوعِيِّ، وغيرِهِ.
وتُوُفّي في شعبان عن نحو ثمانين سنة [6] .
__________
[1] لم يذكرها ياقوت في «معجم البلدان» ، وذكرها ابن دقماق في «الانتصار لواسطة عقد الأمصار 2/ 95 ولكنه لم يعرّف بموقعها.
[2] انظر عن (علي بن محمد بن أبي العافية) في: تكملة الصلة لابن الأبار (نسخة الأزهر) 3/ ورقة 74، وصلة الصلة لابن الزبير 131، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 5 ق 1/ 387، 388 رقم 654.
[3] في تكملة الصلة 3/ ورقة 74.
[4] ومولده في سنة 554 هـ-.
[5] انظر عن (علي بن محمد بن عبد الرحمن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 248 رقم 2252.
[6] وقال المنذري: وحدّثنا عن الأديب عمارة بن أبي الحسن اليمني بشيء من شعره، وكتب للأمير سيف الدين بازكوج بن عبد الله التركي الأسدي مدة طويلة، واشتهر به وتقدم عنده.(45/257)
361- عليّ بن مظفّر [1] بن عليّ بن نُعَيْم. أبو الحُسَيْن، ابن الحُبَيْر [2] ، البَغْداديُّ، التاجر، الرجلُ الصالحُ.
وُلِدَ سَنَة ستٍّ وأربعين.
وحدَّث عن أبي الفَتْح بن البَطِّي. وَلِيَ نظر الحَرَمِ الشريف.
وتُوُفّي بمكّة في صَفَر.
362- عليّ بن أبي بكر [3] بن محمد.
أبو الحَسَن، التُّجِيبيُّ، الشَّاطِبِيُّ، المقرئ.
اشتغلَ بالقراءات والعربية بالمَغْرب. وصَحِبَ بمصر أبا القاسم بن فِيرة الشَّاطِبِيَّ.
وتُوُفّي بدمشق في رمضان.
ذكره أبو شامة [4] وقال: كَانَ كثيرَ التّغفّل [5] .
قلت: هُوَ جَدُّ شيخنا عليّ بن يحيى، وشيخُ الإمام أبي عبد الله الفاسي في سَمَاع «الرائية» .
وقد قرأ بالسبع على الشَّاطِبِيِّ. وكان يَدْري القراءاتِ والعربيةَ.
أثنى عليه الكِنْديّ، والمشايخُ الكبار بدمشق، وكتبوا بكمال أهليتهِ في مَحْضَر. وكان شيخ حلّة ابن طاووس.
سَمِعَ منه ولده يحيى «التَّيْسير» في سَنَةِ ثمان عشرة وستمائة.
__________
[ () ] وكتب في الديوان السلطاني مدة، وكتب للأمير عماد الدين أبي العباس أحمد بن علي بن أحمد الكردي المعروف بابن المشطوب مدة.
وكان مشهورا بجودة الخط.
[1] انظر عن (علي بن مظفر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 241، 242 رقم 2233، والعقد الثمين 3/ ورقة 106، وتوضيح المشتبه 1/ 439.
[2] قيّده المنذري.
[3] انظر عن (علي بن أبي بكر) في: ذيل الروضتين 157، وتكملة الصلة لابن الأبار، رقم 1900، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 5 ق 1/ 193 رقم 381.
[4] في ذيل الروضتين 157.
[5] في ذيل الروضتين «التعبد» وهو تصحيف.(45/258)
قال البِرْزَاليُّ: رأيتُ محضرا كُتِبَ للشيخ جمال الدِّين فيه خطُّ جماعة، فكتب لَهُ الكِنْديّ: هُوَ حافظٌ، أديبٌ فاضلٌ، قارئ مُتْقِنٌ مُجَوِّد، يَضْرِبُ في هذين الفنّين بسَهْمٍ وافٍ، وحظّ وافر.
حرف الفاء
363- فاضل بن نجا [1] بن منصور. أبو المجد، المَخِيليُّ.
ومَخِيل [2] : بقرب بَرْقَة. روى عن السِّلَفِيّ.
ومات بالإِسكندرية يومَ عَرَفَة.
364- فرحة بنت سلطان [3] بن مُسلم. أم يُونُس، الحربيّة.
روت عن: عبد الرحمن بن زيد الوَرّاق.
وماتت في رمضان.
روى عنها: ابن النجّار.
365- الفضل بن عَقِيل [4] بْن عُثمان بْن عَبْد القاهر بْن الربيع.
الشريف، بهاءُ الدِّين، أبو المحاسن، الهاشميُّ، العبّاسيّ، الدّمشقيُّ، الشُّرُوطيُّ، الفَرَضيُّ، المعدّل.
ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.
وسَمِعَ من: حَسّان بن تميم الزّيّات، وأبي القاسم بن عساكر.
وكان بصيرا بكتابة السِّجِلات، مليح الخطّ، كثير المحفوظ، حُلْوَ الكلام.
تَفَقَّه على أبي الحَسَن عليّ ابن الماسِح، وأبي سَعْد بن أبي عَصْرون.
وكتب الكثير في الشّروط. وسمع منه جماعة.
__________
[1] انظر عن (فاضل بن نجا) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 253، 254 رقم 2267.
[2] مخيل: بفتح الميم وكسر الخاء المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وبعدها لام.
[3] انظر عن (فرحة بنت سلطان) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 249 رقم 2255.
[4] انظر عن (الفضل بن عقيل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 252، 253 رقم 2264.(45/259)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَاشِمٍ الْعَبَّاسِيُّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي لأمّي أبو المحاسن الفضل ابن عَقِيلٍ، أَخْبَرَنَا حَسَّانُ بْنُ تَمِيمٍ، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بن إبراهيم الفقيه، أخبرنا سليم ابن أَيُّوبَ [1] الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْريِّ، أَخْبَرَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ:
مَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ جِبْرِيلُ جَالِسٌ بِالْمَقَاعِدِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، وَاجْتَزْتُ، فَلَمَّا رَجَعْتُ، وَانْصَرَفَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِي: «هَلْ رَأَيْتَ الَّذِي كَانَ مَعِي؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ، وَقَدْ رَدَّ عَلَيْكَ السَّلامَ» [2] .
تُوُفّي البهاء في سادس ذي القِعْدَة.
حرف القاف
366- القاسمُ بن القاسم [3] بن عُمَرَ بن منصور.
العَلَّامة، أبو محمد، الواسطي.
قرأ القراءات على أبي بكر ابن الباقِلّانيَ.
وسَمِعَ الكثير من كتب اللّغة، وَبَرَعَ في عِلم اللِّسان، وألَّفَ كُتبًا مفيدة في ذلك.
وسكن حلب زمانا إلى أن تُوُفّي في ربيع الأوّل سَنَة سِتٍّ.
ذكره المُوقاني [4] في تعاليقه [5] .
__________
[1] أقام سليم بن أيوب الرازيّ في مدينة صور، وأخذ عنه بها نصر بن إبراهيم الفقيه.
[2] إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه أحمد 5/ 433، والطبراني في «الكبير» (3226) من طريق عبد الرزاق بهذا الإسناد، وأورده الهيثمي في «المجمع» 9/ 313، ونسبه إلى أحمد والطبراني، وقال: ورجاله رجال الصحيح.
[3] انظر عن (القاسم بن القاسم) في: بغية الوعاة 2/ 260، 261 رقم 1930، ومعجم الأدباء 16/ 296- 316، وفوات الوفيات 2/ 128- 130، وكشف الظنون 412، 1563، 1789، وهدية العارفين 1/ 829، ومعجم المؤلفين 8/ 111.
[4] هو محمد بن عبد الجليل الموقاني الآتية ترجمته في وفيات سنة 664 من هذا الكتاب. وكان صاحب مجاميع مفيدة، وليس له كتاب معين. وانظر ما كتبه عنه الدكتور بشار عواد معروف في كتابه: «الذهبي ومنهجه» : 390- 391 (من طبعة القاهرة) .
[5] له ترجمة حافلة في (معجم الأدباء) ، وقد توفي ياقوت الحموي بعده بخمسة أشهر ونيّف،(45/260)
حرف اللام
367- لُبَابَةُ بنت أحمد [1] بن صالح بن شافع. أم الفضل، البَغْداديّة.
من أولاد الشيوخ. روت عن المبارك بن المبارك بن الحَكَم.
وماتت في ربيع الآخر.
حرف الميم
368- مُحَمَّد [2] بن إبراهيم بن صلتان. أبو عبد الله، الأَنصاريّ، الْجَيّانِيُّ، البَلَنْسِيُّ [3] ، المُقرئ.
سَمِعَ من ابن بَشْكُوالَ. وقرأ بالسبْع على ابن حَمِيد بمُرسية.
أخذَ عنه ابن مَسْدِيّ في سَنَةِ خمسٍ وعشرين، ولم يذكر وفاته.
وُلِدَ سَنَة 555.
369- مُحَمَّد بن إبراهيم بن معالي [4] . أبو عبد الله، البَغْداديُّ، القَزَّاز، المعروف بابن المَغازِليّ.
سَمِعَ من: ابن البَطِّي.
روى لنا عنه: الأبَرْقُوهيّ «جُزْء» البانياسيّ. وروى عنه: الدُّبَيْثيّ [5] ، وابن النجّار. وكان شيخا صالحا.
توفّي في منتصف المحرّم.
__________
[ () ] فأثبت ترجمته وفيها أسماء مؤلّفاته، ونص رسالة مقامية، وذكر جملة موفورة من شعره. وقال إنه ولد بواسط في ذي الحجة سنة 550 هـ-.
[1] انظر عن (لبابة بنت أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 243 رقم 2239.
[2] وردت هذه الترجمة في حاشية النسخة، فوضعتها هنا مراعاة للترتيب- ولكن المؤلف- رحمه الله- سيعيده في وفيات سنة 630 هـ برقم (608) .
[3] في المطبوع من تاريخ الإسلام- ص 240- «البالسي» ، والتصحيح من ترجمته الآتية.
[4] انظر عن (محمد بن إبراهيم بن معالي) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (شهيد علي) ورقة 22، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 239 رقم 2229، والمختصر المحتاج إليه 1/ 22، 23.
[5] في تاريخه، ورقة 22.(45/261)
370- مُحَمَّد بن إسماعيل [1] بن أبي البقاء بن عبد القويّ بن عمّار.
عزُّ القضاة، أبو البركات، القُرَشيُّ، المِصْريُّ، المعروف بابن الْجُمَيْل.
سَمِعَ من عبد الله بن محمد بن المُجَلِّي، وغيره. ونسخ كثيرا.
وتُوُفّي في المحرَّم.
371- مُحَمَّد بن الحُسَيْن [2] بن مُوَفَّق. أبو عبد الله، الأَنْدَلسِيّ.
وَلِيَ خَطابة جزيرة مَيْورْقَةَ مُدَيْدَة. وروى الحديثَ.
قال الأَبَّار: وكان فقيها مُشاورًا، يَعْرِفُ العربية. ولَهُ كتاب في القراءات سمّاه «المُيَسَّر» . وتُوُفّي في شعبان قبل الكائنة العظمى من قبل الروم على مَيُورْقَةَ بنحوٍ من ستّة أشهر.
372- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ بْن زُهرة بن عليّ.
أبو حامد، العَلَويّ، الحُسَيْني، الإِسحاقيُّ، الحلبيّ، الشِّيعيُّ.
روى عن: عمِّه أبي المكارم حَمْزَةَ بن عليٍّ، وعنه مجد الدِّين العَدِيميُّ، وقال: مات في جُمَادَى الأولى ولَهُ ستّون سَنَة.
وكان فقيها يُعَدُّ من علمائهم.
373- محمد بن مُحَمَّد [3] بن أبي حرب بن عبد الصَّمَد.
أبو الحَسَن، ابن النَّرْسيّ، البَغْداديُّ، الكاتبُ، الشَّاعرُ.
وُلِدَ سَنَة أربعٍ وأربعين وخمسمائة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن إسماعيل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 239 رقم 2228، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 89.
[2] انظر عن (محمد بن الحسين) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 624 ولم يذكره كحالة.
[3] انظر عن (محمد بن محمد) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد (شهيد علي) ورقة 133، 134، وعقود الجمان لابن الشعار 6/ ورقة 139، 140، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 245، 246 رقم 2246، والإعلام بوفيات الأعلام 258، والإشارة إلى وفيات الأعيان 329، والعبر 5/ 106، وسير أعلام النبلاء 22/ 291، 292 رقم 169، والمختصر المحتاج إليه 1/ 131، والوافي بالوفيات 1/ 146 رقم 55، وذيل التقييد للفاسي 1/ 223، 224 رقم 432، والنجوم الزاهرة 6/ 273، وشذرات الذهب 5/ 119.(45/262)
وسمع: من أبي محمد ابن المادح، وأبي المظفّر هبة الله ابن الشِّبليّ، وابن البَطِّي، وأحمد بن المُقَرَّب، وغيرهم.
ولَهُ «ديوان» شِعْر [1] . وكان مِن ظَرفاء بغداد. ولَهُ النظْم والنَّثْر والنَّوادر السائرة. ثمّ شاخَ وأَقْعَدَهُ الزَّمَانُ، ومَسَّهُ الفَقْرُ، وكسد سوقُه.
روى عنه: الدّبيثيّ [2] ، والسيف ابن المجد، وابن الحاجب، والجمال يحيى ابن الصّيرفيّ، والتّقيّ ابن الواسطيّ، وآخرون.
وسمعنا بإجازته على شرف الدِّين اليُونينيّ، وفاطمة بنت سُلَيْمان. ومِن جملة ما عنده: الثاني من «مُسْند» ابن مَسْعود لابن صاعد، سمعه من ابن المادح، والأَوَّل من «حديث» ابن زنبور عن التّمّار، و «مسند حُمَيْد عن أَنَس» لأبي بكر الشافعيّ سَمِعَهُ من ابن البطّي، و «جزء» البانياسيّ سَمِعَهُ من ابن البَطِّي، وسَمِعَ منه كتاب «الاستيعاب» لابن عبد البرّ بفَوْتٍ وأشياء.
أنشدنا أبو الحُسَيْن اليُونينيّ عن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي حرب، لنفسه:
إن كَانَ مِيثاقُ عهدي بالصريم وَهَى ... وحَالَ مِنْ دُونِه يَا مَيُّ أعْذَارُ
فَهَلْ حُداةُ مَطاياهُمْ تُخبِّرُنِي ... أَأَنْجَدُوا أَمْ تَرى مِنْ بَعْدِنَا غَارُوا
وَأحَرَّ قَلْبَاهُ مِنِّي يَوْمَ بَيْنِهمُ ... إذَا خَلَتْ مِنْ أُنْسِهَا الدَّارُ
فَلَا تَثَنَّى قَضِيبُ البَانِ بَعْدَهُمُ ... ولا تَمَتَّعَ مِنْ قَرْبِ الحِمَى جَارُ
ولَا صَبَا قَلْبُ ذِي وَجْدٍ بغانية ... ولا تَحَّرك في المَزمُومِ أَوْتَارُ
حَتّى أَبُثَّهُمُ الشَّكّوى وَتْكُنُفنَا ... دَارٌ بِنَجْدٍ وعُذَّالٌ وسُمَّارُ
وتُوُفّي في تاسع عشر جُمَادَى الآخرة [3] .
قال ابن النّجّار: كَانَ ناظرا على عقار الخليفة مُدَّة، ثمّ عُزِلَ واعتُقِلَ مُدَّةً، ثمّ خدم في قلعة تَكْريت، ثمّ حُبِسَ مُدَّةً طويلة ولم يُستخدم بعدها لسوء عشيرته وظُلمه وتَعدّيه، وخُبثِ طويَّته. وكان يطلب من الناس، ويأخذ الصّدقة.
__________
[1] انظر عقود الجمان لابن الشعار 6/ ورقة 139، 140.
[2] في تاريخه، ورقة 133، 134.
[3] المنذري 3/ 245.(45/263)
374- مُحَمَّد بن أبي المعالي [1] بن أبي الكَرَم.
أبو عبد الله، ابن البُورِيّ [2] .
شيخٌ بَغْداديٌّ. حدَّث عن عبد الحقّ اليُوسُفيّ.
ومات في شوَّال.
روى عنه ابن النجّار بالإِجازة.
375- مُحَمَّد بن أبي نصر [3] بن جِيلشيْر [4] .
أبو عبد الله، الهمذانيّ، المقرئ.
من كبار القُرَّاء وحُذَّاقهم. أقرأ، وحدَّث عن أبي الفَتْح بن شاتيل.
ومات في ذي القِعْدَة.
376- مسعود بن أحمد [5] بن مسعود بن الحُسَيْن.
أبو المُظَفَّر، البَغْداديُّ، ابن الحِلّي.
يروي عن ظاعن الزُّبَيْريّ. تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.
أجاز لِفاطمة بنت سليمان.
377- مسعود بن أبي بكر [6] بن شكر بن عَلَّان المَقْدِسيُّ، الصَّالحيُّ.
حدَّث عن يحيى الثَّقَفيّ. وتُوُفّي في ربيع الآخر.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبي المعالي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 251 رقم 2259، وتوضيح المشتبه 1/ 633.
[2] البوري: بضم الباء الموحدة وسكون الواو وبعدها راء مهملة وياء النسب. (المنذري) .
[3] انظر عن (محمد بن أبي نصر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 253 رقم 2265، والوافي بالوفيات 5/ 130 رقم 2138، وتوضيح المشتبه 2/ 191.
[4] هكذا في الأصل بخط المؤلف- رحمه الله-، وتابعه الصفدي في (الوافي) . أما المنذري فقيّده «جيل مير» ، وقال وجيل: بكسر الجيم وسكون الياء آخر الحروف وبعدها. لام.
ومير: بكسر الميم وسكون الياء آخر الحروف وبعدها راء مهملة. (التكملة) وقيّده ابن ناصر الدين مثله أيضا ولكن بإضافة ألف مهموزة على «مير» فأثبتها «أمير» . (التوضيح) .
[5] انظر عن (مسعود بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 245 رقم 2244.
[6] انظر عن (مسعود بن أبي بكر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 255 رقم 2272، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 223.(45/264)
روى عنه الشمس ابن الكَمَال.
378- المهذّبُ بن عليّ [1] بن أبي نصر هِبَة الله بن عبد الله. الشيخ الصالح، أبو نصر، الأَزَجيّ، الخيَّاطُ، المقرئ، المعروف بابن قُنَيْدَة [2] .
سَمِعَ: أبا الوَقْت، وابن البَطِّي، وأبا زُرْعة، وابن هُبَيْرةَ الوزير.
روى عنه: الدُّبَيْثيّ، والسّيف، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس ابن الزَّين. وآخر مَنْ روى عنه العمادُ إسماعيل ابن الطَّبَّال شيخُ المستنصرية.
وقرأتُ بخطّ ابن نُقْطَة [3] : أن ابن قنيدة سمع «صحيح» البخاريّ، و «مسند» الدّارميّ، و «منتخب» عبد بن حميد، و «مسند» الشافعيّ. وكان سماعه صحيحا.
وتُوُفّي في الثالث والعشرين من شوَّال، وقد جاوزَ الثمانين.
379- موسى ابن الفقيه عليّ [4] بن فَيَّاض بن عليّ.
الإمام أبو عِمران، الأزْديّ، الإِسكندرانيُّ، المالكيُّ.
دَرَّسَ، وأفتَى. وحدَّث عن السِّلَفيّ.
وكان أبوه من أصحاب أبي بكر الطَّرطُوشِيُّ.
تُوُفّي في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة.
__________
[1] انظر عن (المهذب بن علي) في: التقييد لابن نقطة 462 رقم 619، والتكملة لوفيات النقلة 22/ 313، 314 رقم 2262، وسير أعلام النبلاء 22/ 313، 314 رقم 189، والعبر 5/ 106، والمعين في طبقات المحدّثين 193 رقم 2052، والإشارة إلى وفيات الأعيان 329، والإعلام بوفيات الأعلام 258، والمشتبه 2/ 536، والمختصر المحتاج إليه 3/ 206 رقم 1243، وذيل التقييد للفاسي 2/ 291 رقم 1652، والنجوم الزاهرة 6/ 273، وشذرات الذهب 5/ 121، وتوضيح المشتبه 7/ 254.
[2] قنيدة: بضم القاف وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف وبعدها دال مهملة مفتوحة وتاء تأنيث. (المنذري) .
[3] في التقييد 462.
[4] انظر عن (موسى بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 246، 247 رقم 2248.(45/265)
حرف الياء
380- ياقوت بن عبد الله، شهاب الدِّين، الرُّوميّ [1] . الحمويّ، البَغْداديُّ.
ابتاعه- وهُوَ صغير- عسكرٌ الحمويُّ التّاجر ببغداد، وعَلَّمَهُ الخطَّ. فلما كَبِرَ قرأ النَّحْو واللّغة، وشَغَّلَهُ مولاه بالأسفار في التّجارة، ثمّ جرت بينه وبينَ مولاه أمور أوجبت عِتقهِ، وإبعادَه عنه. فاشتغل بالنَّسخ بالأجرة، فحصَل لَهُ إطّلاعٌ ومعرفة. وكان من الأَذكياء. ثمّ أعطاه مولاه بضاعة فسافرَ لَهُ إلى كيش.
ثمّ ماتَ مولاه، وحَصَّل شيئا كَانَ يسافر به. وكان مُنْحَرِفًا [2] فإنَّه طالع كتب الخوارج، فوقر في ذهنه شيء. ودخل دمشق سنة ثلاث عشرة، فتناظر هو وإنسان، فبدا منه تنقُّصٌ لعليّ رَضِيَ اللَّهُ عنه، فثارَ الناس عليه وكادوا يقتلونه، فهرب إلى حَلَب ثمّ إلى المَوْصِل وإِرْبِل ودخلَ خُراسان، واستوطن مَرْوَ يَتَّجِرُ، ثمّ دخل خُوارزم، فصادفه خروجُ التّتار فانهزمَ بنفسه، وقاسي الشّدائد، وتوصَّل إلى المَوْصِل وهُوَ فقير دائر، ثمّ قَدِمَ حلبَ فأقام في خان بظاهرها.
وقد ذكرَهُ شرف الدِّين أبو البركات ابن المستوفي [3] فقال: صَنَّف كتابا سَمَّاه «إرشاد الألِبّاء إلى معرفة الأُدباء» في أربع مجلّداتِ كبار، وكتابا في أخبار الشعراء المتأخّرين [4] ، وكتاب «مُعجم البلدان» ، وكتاب «معجم الأدباء» وكتاب
__________
[1] انظر عن (ياقوت الرومي) في: عقود الجمان لابن الشعار 9/ ورقة 170، وإنباه الرواة 4/ 74- 92 رقم 840، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 249، 250 رقم 2256، والجامع المختصر لابن الساعي 307، وتاريخ إربل 1/ 319- 324 رقم 223، وإنسان العيون لابن أبي عذيبة، ورقة 265، ووفيات الأعيان 6/ 127- 139، وسير أعلام النبلاء 22/ 312، 313 رقم 188، والعبر 5/ 106، 107، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 253، 254 رقم 196، ومرآة الجنان 4/ 59- 63، والعسجد المسبوك 2/ 439، والفلاكة والمفلوكين للدلجي 92، 93، ولسان الميزان 6/ 239، والنجوم الزاهرة 6/ 187، وكشف الظنون 64 وغيرها، وشذرات الذهب 5/ 121، 122، وهدية العارفين 2/ 513، وديوان الإسلام 4/ 387، 388 رقم 2193، والأعلام 8/ 131، ومعجم المؤلفين 13/ 187.
[2] أي متحرفا عن التشيّع لأمير المؤمنين عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه.
[3] في تاريخ إربل المعروف ب- «نباهة البلد الخامل بمن ورده من العلماء الأماثل» ج 1/ 319- 324 بتصرف.
[4] قال ابن المستوفي: وكان قد سمّاه قبل «إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب» وغيره. (تاريخ(45/266)
«معجم الشعراء» ، وكتاب «المشترك وضعا والمختلف صقعا» ، وكتاب «المبدإ والمآل في التّاريخ» ، وكتاب «الدّول» [1] ، وكتاب «المقتضب في النَّسَب» [2] .
وكان أديبا شاعرا، مؤرّخا، أخباريا، متَفنِّنًا.
ذكره القاضي جمالُ الدِّين عليّ بن يوسُف القِفْطيّ الوزير في «تاريخ النُّحاة» [3] لَهُ، وأنَّه كتب إليه رسالة من المَوْصِل شرحا لِما تمَّ على خُراسان منها:
«وقد كَانَ المملوكُ لَمّا فارق مولاه أراد استعتاب الدَّهر الكافح [4] ، واستدرار خِلْف [5] الزّمان الجامح [6] ، اغترارا بأنّ في الحركة بَرَكَة، والاغترابُ داعيةُ الاكتساب [7] ، فامتطى غارِبَ الأمل إلى الغُرْبة، وركب ركوب [8] التّطواف مع كلّ صُحْبة، قاطِعَ الأغوارِ والأنجاد حَتّى بلغ السَّدّ [9] أو كاد، فلم يُصْحَب لَهُ دَهْرُهُ الحَرُونُ [10] ، ولا رقَّ لَهُ زمانُه المفتون.
إنَّ الليالِي والأيَّام لوْ سُئِلَتْ ... عَنْ عَتْبِ [11] أَنْفُسِهَا لم تَكْتُمِ الخَبَرا
[12] وهيهات مع حِرفة الأدب، بلوغُ وطرٍ أو إدراكُ أَرَب، ومع عُبُوس الحظِّ، ابتسامُ الدّهر الفَظِّ. ولم أزل مع الدّهر [13] في تَنْفيدٍ وعتاب، حتّى
__________
[ () ] إربل 1/ 322) .
[1] ذكر ابن المستوفي بعده: «مجموع كلام أبي علي الفارسيّ» ، و «عنوان كتاب الأغاني» (1/ 324) .
[2] اقتضبه من كتاب «النسب الكبير» لابن الكلبي.
[3] هو «أنبأه الرواة على أنباه النحاة» 4/ 84 وما بعدها.
[4] في أنبأه الرواة: «الكالح» .
[5] خلف: بكسر الخاء المعجمة: حلمة ضرع الناقة.
[6] في (الإنباه) : «الزمن الغشوم الجامح» .
[7] في (الإنباه) : زيادة بعدها فيها شعر.
[8] في (الإنباه) : «ركب» .
[9] أي سدّ يأجوج ومأجوج في الصين.
[10] في وفيات الأعيان: «الخئون» والمثبت يتفق مع (الإنباه) .
[11] في (الإنباه 4/ 85) «عن عيب» .
[12] في (الإنباه) : زيادة.
[13] في (الإنباه) : «الزمان» .(45/267)
رضيتُ من الغنيمة بالإِياب [1] . وكان المقام بمَروَ الشَّاهِجَان [2] إلى أن حدث بخُراسان ما حدث من الخرابِ، والويل المُبير واليباب [3] . وكانت- لعَمرُ الله- بلادا مونقة الأَرجاء رائقةَ الأَنحاء، ذَات رياض أَريضة [4] ، وأهوية صحيحة مَرِيضة، قد تَغَنَّت أطيارُها، فتمايلت أَشْجارُها [5] ، وبكت أنهارُها، فتضاحكت أزهارُها، وطاب رَوْحُ نَسِيمها، فَصَحَّ مِزاجُ إقليمها.
إلى أن قال [6] : جملةٌ أمرها أنّها كانت أنموذج الجنَّة لا مَيْنٍ، فيها ما تشتهي الأَنْفُس، وتَلَذُ العيْن.
إلى أن قال في وصف أهلها [7] : أطفالُه رِجال، وشبّانهم أبطال وشيوخهم [8] أبدال [9] . ومن العجب العجاب أنْ سلطانَهم المالك، هان عليه تركُ تِلْكَ الممالك، وقال: يا نفس الهوى لك [10] ، وإلّا فأنتِ في الهَوالك، فأجفل إجفال الرَّال [11] ، وطَفِقَ إذا رأى غيرَ شيء ظنّه رجلا بل رجال [12] ، فجاسَ خلالَ تلك الدّيار أهلُ الكفر والإلحاد، وتَحَكَّم في تلك الأَبْشَارِ أولو الزَّيْغِ والعِناد، فأصبحت تلك القُصُورُ، كالمَمْحُو من السُّطور، وآضت تلك الأَوطان، مأوى للأَصْداءِ والغِرْبان [13] يستوحِشُ فيها الأنيسُ، ويُرثِي لمُصابها إبليسُ [14] ، ف- إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 2: 156 من حادثة تقصم الظّهر، وتهدم
__________
[1] في (الإنباه) : زيادة فيها شعر.
[2] في (الإنباه) : زيادة فيها شعر.
[3] في الإنباه: «التباب» .
[4] أريضة: «معجبة للعين» .
[5] في الإنباه: «فتمايلت طربا أشجارها» .
[6] في الإنباه 4/ 88.
[7] في الإنباه 4/ 88، 89.
[8] في الإنباه: «ومشايخهم» .
[9] في الإنباه زيادة.
[10] في الإنباه: «وقال لنفسه اله وآلك» .
[11] الرال: ولد النعام.
[12] في الإنباه زيادة.
[13] في الإنباه زيادة.
[14] في الإنباه بعد ذلك شعر.(45/268)
العُمْرَ [1] ، وتُوهي الْجَلَدَ، وتُضاعف الكَمَدَ [2] ، فحينئذٍ تقهقر المملوك على عقبه ناكسا [3] ، ومن الأَوْبة إلى حيث تستقرّ فيه النفس آيسا [4] بقلبٍ واجب [5] ، ودمع ساكب، ولُبٍّ عازِب وحلمٍ غائب، وتَوَصَّلَ، وما كاد حتّى استقرّ بالمَوْصِل بعد مقاساة أخطار، وابتلاءٍ واصطبار، وتمحيص أَوزار [6] ، وإشراف غير مرّة على البَوار [والتبار] [7] ، لأنّه مرّ بين سيوفٍ مَسْلُولة، وعساكر مَغْلُولة، ونظام عقود محلولة [8] ودماءٍ مسكوبةٍ مطلولة. وكانَ شِعارُه كلّما علا قَتَبًا، أو قطع سِبْسبا لَقَدْ لَقِينا من سَفَرِنا هذا نَصَباً 18: 62 [9] فالحمد للَّه الّذي أقدَرَنَا على الحمد، وأولانا [نعماءَ] [10] تفوتُ الحَصْر والعَدّ. ولولا فُسحةُ الأجل لعزَّ أن يُقال: سلم البائس أو وصَل [11] ولصفَّق عليه أهلُ الوِداد صفقةَ المغبون، وأُلحِق بألف ألف [12] هالك بأيدي الكفّار أو يزيدون [13] .
وبعد [14] ، فليسَ للمملوك ما يُسلِّي به خاطرَهُ، ويَعِدُ [15] به قلبَه وناظرَه إلّا التعليلُ بإزاحة العِلل، إذا هُوَ بالحضرة الشريفة مَثَلَ [16] .
وُلِدَ ياقوت سنة أربع أو خمس وسبعين وخمسمائة [17] .
__________
[1] في الإنباه بعدها: «وتفتّ في العضد» .
[2] في الإنباه زيادة بعدها.
[3] في الإنباه: «على عقبيه ناكصا» .
[4] في الإنباه: «النفس بالأمن آيسا» .
[5] واجب: مضطرب.
[6] في الإنباه: «الأوزار» .
[7] إضافة من الإنباه 4/ 90 يقتضيها السجع.
[8] في الإنباه: «ونظم محلولة» .
[9] سورة الكهف- الآية 62.
[10] إضافة من إنباه الرواة، ووفيات الأعيان 6/ 136.
[11] في الإنباه: «سلم من البأس أوصل» .
[12] في الإنباه والوفيات: «بألف ألف ألف ألف» . وكان المؤلف- رحمه الله- قد ذكر «بألف ألف ألف» (ثلاث مرات) ثم شطب الأخيرة.
[13] بعدها زيادة فيها شعر (4/ 90) .
[14] الإنباه 4/ 91.
[15] في الإنباه: «ويعزّي» ، ومثله في وفيات الأعيان.
[16] انظر بقية الرسالة في الإنباه، ووفيات الأعيان.
[17] تكملة المنذري 3/ 250، المستفاد 253 نقلا عن ابن النجار الّذي سمعه.(45/269)
ومات في العشرين من رمضان سَنَة ستٍّ هذه.
وكان قد سَمَّى نفسَهُ يعقوب. ووقفَ كتبه ببغداد على مشهد الزَّيْديّ.
قال ابن النّجّار: أنشدني ياقوت الحَمَويُّ لنفسه:
أَقولُ لِقَلْبي وَهُوَ في الغيِّ جَامِحٌ ... أَمَا آنَ لِلجَهْلِ القَدِيم يَزُولُ
أَطَعْتَ مَهَاةً في الحِذار [1] خَريدَة ... وَأَنْتَ [2] عَلَى أُسْدِ الفَلاةِ تَصُولُ
ولَمّا رأيتُ الوَصْلَ قَدْ حِيلَ دُونَه ... وَأَن لِقَاكُمْ مَا إِلَيْهِ وُصُولُ [3]
لَبِسْتُ رِدَاءَ الصَّبْرِ لا عَنْ ملالة ... ولكنّني للضّيم فيك حمول
[4]
__________
[1] في المطبوع من المستفاد 253 «الجدار» وهو تصحيف.
[2] في المستفاد: «وكنت» .
[3] في المستفاد: «سبيل» .
[4] وقال ابن الشعار: «أخبر عن نفسه بما ذكره في كتابه (معجم الأدباء) ما هذا معناه ولفظه:
إنه حمل إلى مدينة السلام طفلا عمره 5 سنين أو 6، وملكه رجل تاجر من حماه يعرف بعسكر بن أبي نصر بن إبراهيم الحموي. ونشّأه في حجره وعلّمه الكتابة واتخذه مأخذ الولد، إلّا أنه كان قليل الرغبة في العلم أمّيّا لا يعرف الخط ولا شيئا من العلوم، وكان همّته في طلب المعاش والدنيا. فعلّمه الخط وظهر منه شفقة عليه وحبّب إليه العلم منذ كان في المكتب فما يعلم أنه منذ كان عمره 7 سنين إلى أن توفي ما خلت يده من كتاب يستفيد منه أو يطالعه، أو يكتب منه شيئا أو ينسخه، ثم سافر في بضائع مولاه برا وبحرا، إلى كيش أربع مرات وإلى مصر عدة مرات وإلى دمشق نوبا لا تحصى، إن كان في حكم مولاه وبعده.
وغاضب مولاه في سنة 596 وأعتقه فكانت حرفته النسخ، فكتب بيده في مدة 7 سنين 300 مجلّد. ثم عاود صلح مولاه وسافر إلى أن توفي مولاه في سنة 606 وانفرد بنفسه وسافر إلى بلاد خراسان، ثم رجع إلى ديار مصر والشام، ولقي مشايخها وعلماءها وشاهد أدباءها وفضلاءها وجالس صدورها وكبراءها. وأخذ عنهم الآداب الكثيرة، واستفاد منهم الفوائد الغزيرة، ثم نزل حلب وسكنها إلى أن توفي بها في 20 رمضان سنة 626 وكان مولده- فيما ذكره- سنة 574 لا زيادة على ذلك. وألّف كتبا منها «معجم البلدان» أجاد تأليفه، و «معجم البلدان» أجاد تأليفه، و «معجم أئمّة الأدب» ولم يقصّر في جمعه، و «معجم الشعراء» وكتاب «ضرورات الشعر» و «مختصر تاريخ بغداد» للخطيب البغدادي، و «منتخب كتاب الأغاني» ، وكتاب في «النسب» ، و «كتاب الأبنية» ، و «مختصر معجم البلدان» على غر ذلك الترتيب الّذي رتّبه. إلى غير ذلك من التأليفات. وكان ضنينا بما يجمعه لا يحبّ اطلاع أحد على ما يؤلّف، شديد الحرص عليه، لا يفيد لمخلوق فائدة البتة. وكان ربما سئل عن شيء وهو به عارف لم يجب عنه، شحّا وجفاء طبع. هكذا كانت شيمته مع الناس، وخلّف كتبا وأوصى أن توقف ببغداد بدرب دينار بمسجد الشريف الزيدي. شاهدته بالموصل، وهو كهل أشقر أحمر اللون. أزرق العينين.
وكانت بينه وبين أخي صداقة وأنس تام، واقتضيته شيئا من شعره، فأجاب إلى ذلك وجعل يماطلني ويعدني هكذا مدة من الزمان، ثم سافر إلى الشام فما عدت رأيته بعد ذلك» . (عقود(45/270)
381- يعقوبُ بن صابر [1] بن بركات. الأَديبُ، أبو يوسُف، القُرَشيُّ، الحَرّانيُّ، ثمّ البَغْداديُّ، المَنْجَنِيقيُّ، الشَّاعر.
لَهُ «ديوان» . وكان مِن فحول الشعراء بالعِراق.
ولد سنة أربع وخمسين وخمسمائة.
وسَمِعَ من هِبَة الله بن عبد الله ابن السَّمَرْقَنْديّ. وحدَّث.
كتب عنه ابن الحاجب، وغيرُه.
ومن شِعره:
شَكَوْتُ مِنْه إِلَيْهِ جَوْرَه فَبَكَى ... واحْمَرَّ مِنْ خَجَلٍ واصْفَرَّ مِنْ وَجَلِ
فالوَرْدُ والياسَمِين الغَضّ منغمِسٌ ... في الطَّلِّ بَيْنَ البُكَا والعُذْر والعَذْلِ
[2] تُوُفّي في صفر.
وكان مُقَدَّم المَنجّنيقيّين ببغداد. وما زال مُغْرًى بآداب السيف والقَلَم وصناعة السلاح والرياضة. اشتهر بذلك فلم يلحقْه أحدٌ في عصره، في دِرايته وفَهْمه، لذلك صَنَّف كتابا سمّاه «عُمْدة المسالك في سياسة الممالك» يتضمّن أحوالَ الحُروب وتعبئتها وفتح الثغور وبناء الحصون وأحوال الفروسية والهندسة إلى أشباه ذلك.
وكان شيخا لطيفا، كثيرَ التّواضع والتَّودَد، شريفَ النَّفْس، طيّبَ المُحاورة، بديعَ النَّظْم. وكان ذا منزلةٍ عظيمة عند الإمام الناصر.
روى عنه العفيفُ عليُّ بن عَدْلان المترجم المَوْصِليّ.
وقد طَوَّل ابن خَلّكان ترجمَتَهُ في خمس ورقات [3] وقال: لقبه نجم
__________
[ () ] الجمان- نسخة إسطنبول ج 9/ ورقة 170) .
[1] انظر عن (يعقوب بن صابر) في: عقود الجمان لابن الشعار 10/ ورقة 144، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 242 رقم 2235، ووفيات الأعيان 7/ 35- 46، والحوادث الجامعة 8- 11، وسير أعلام النبلاء 22/ 309، 310 رقم 186، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 262، 263 رقم 204، والبداية والنهاية 13/ 125، والعسجد المسبوك 2/ 439، 440، وشذرات الذهب 5/ 120، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 262.
[2] البيتان في: المستفاد 263.
[3] في وفيات الأعيان 7/ 35- 64.(45/271)
الدِّين بن صابر. ومن شِعْره في جاريته السوداء.
وجَارِيةٍ مِنْ بَنَاتِ الحُبُوش ... بذَاتِ جُفُون صِحَاحٍ مِرَاض
تَعشَّقْتُها للتَّصابي فَشِبْتُ ... غَرَامًا ولم أَكُ بالشَّيْبِ راض
وكُنْتُ أُعِّيرُهَا بالسَّواد ... فَصَارَت تُعَيِّرُني بالبَيَاض
[1] 382- يعيش بن عليّ [2] بن يَعيش بن مسعود بن القَديم الأَنصاري.
الشَّلْبيُّ، الأَنْدَلسِيّ، أبو البقاء وأبو مُحَمَّد وأبو الحَسَن.
روى عن: أبي القاسم القِنْطريّ، وأبي الحَسَن عَقِيل، وموسى بن قاسم، وأبي عبد الله بن زرقون، وجماعة.
وأجاز لَهُ أَبُو القاسم بْن بَشْكُوالَ، وَأَبُو الحَسَن الزُّهْريّ.
وفي مشايخه كثرة. وقد سَمِعَ بفاس من أبي عبد الله بن الرّمّامة، وعليّ ابن الحسين اللّواتيّ، وأبي عبد الله بن خليل الإِشْبِيليّ.
وكان من أهل المعرفة بالقراءات، والإِكثار من الحديث مع الضَّبْطِ والعدالة. وأَلّفَ «فضائل مالك» ، وكتابا في القراءات.
حدَّث عنه: أبو الحَسَن ابن القَطّان، وأبو العباس النَّباتيّ، وأبو بكر بن غَلْبون، وجماعة. ومن المُكثرين عنه ابن فرتون، وقال: عاش سبعا وتسعين سَنَة.
وقال ابن مَسْدِيّ: شيخُنا أبو البقاء نزيلُ فاس، أعذبُ مَنْ لقينا بالقرآن لِسانًا، كتب بخطّه نيّفا على خمسمائة مجلّد. أخذ القراءات عن عَقيل بن العقل الخَوْلانيّ، وعن موسى بن القاسم. وسَمِعَ من جماعة، تفرَّد عنهم، ولم يزل يسمع إلى حين وفاته.
__________
[1] ومن شعره:
كيف يسخو العاشق بوصال ... باخل في الكرى بطيف الخيال
علق القرط حين بلبل صدغيه ... بداج من فرعه كالليالي
فرأينا الدّجى وقد سحب البدر إليه ... من قرطه بهلال
[2] انظر عن (يعيش بن علي) في: تكملة الصلة لابن الأبار (نسخة الأزهر) 3/ ورقة 149، وغاية النهاية 2/ 391، 392 رقم 3904، ولم يذكره كحّالة في معجم المؤلفين ولا في المستدرك مع أنه من شرطه.(45/272)
إلى أن قال ابن مَسْدِيّ: ذكرتُ لشيخنا ابن القَديم يوما إجازة الفقيه أبي الوليد بن رُشْد لِكلّ من شاءَ الرواية عنه، فقال: ذَكّرتني، وأنا أُحِبُّ الرواية عنه، اشْهَدْ عليّ أنّي قد قَبلتُ هذه الإِجازة. فقلتُ أنا: فافعل أنت مثلَه.
فقال: واشهد عليَّ أنّي قد أجزتُ لِكل من أحبَّ الروايةَ عنّي. وهذا في رمضان سنة 621 وقد وقفت على إجازة لَهُ بالقراءات في سَنَة 534. قرأتُ عليه بالعَشْر. وأخبرنا أنّ مَوْلِدُه سَنَة سبْع عشرة وخمسمائة بشِلْب، ومات على ما بلغني سَنَةَ أربعٍ وعشرين وستمائة [1] .
وقَالَ الأبَّار [2] : مات سنة 626.
383- يوسُف بن أبي بكر [3] بن محمد بن عليّ.
أبو يعقوب السَّكَّاكيُّ، سراجُ الدِّين، الخُوارزْميّ.
إمام في النَّحْو والتّصريف وعلمِي المعاني والبَيان، والاستدلال، والعَرُوض، والشِّعر. ولَهُ النصيبُ الوافر في علم الكلام، وسائر فنون العلوم.
من رأى مصنَّفه، عَلِمَ تبحُّرَهُ ونُبْلَهُ وفَضْلَهُ [4] .
تُوُفّي في هذه السنة بخُوارزم.
384- أبو يوسُف، السُّلطان الملك المسعود ويدعى آقسيس [5] . ابن
__________
[1] وقال ابن الجزري: وقد نيّف على المائة بنحو من سبع سنين. قلت: الحجار أدرك حياته.
(غاية النهاية 2/ 392) .
[2] القول لابن فرتون في الأصل، نقله عنه ابن الأبار في التكملة 3/ ورقة 149.
[3] وردت ترجمة (يوسف بن أبي بكر) في حاشية الأصل، فوضعتها هنا مراعاة للترتيب.
وانظر عنه في: تاج التراجم لابن قطلوبغا 60، وبغية الوعاة 2/ 364 رقم 2204، ومفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 1/ 163، وكشف الظنون 1762، وهدية العارفين 2/ 553، وديوان الإسلام 3/ 89، 90 رقم 1169، وروضات الجنات 4/ 238، والأعلام 8/ 222، ومعجم المؤلفين 13/ 282، وذكره ابن فضل الله العمري في «مسالك الأبصار في ممالك الأمصار» كما يقول السيوطي في (البغية) .
[4] وقال ابن فضل الله العمري: ذو علوم سعى إليها، فحصّل طرائقها، وحفر تحت جناحه طوابقها، واهتز للمعاني اهتزاز الغصن البارح، ولزّ من تقدّمه في الزمان لزّ الجذع القارح، فأضحى الفضل كله يزمّ بعنانه، ويزمّ السيف ونصله بسنانه.
وقال السيوطي: وله كتاب «مفتاح العلوم» فيه اثنا عشر علما من علوم العربية، ذكر في جمع الجوامع. (بغية الوعاة) .
[5] انظر عن (الملك المسعود آقسيس) في: الكامل في التاريخ 12/ 413، ومرآة الزمان ج 8(45/273)
السلطان الملك الكامل محمد ابن العادل.
صاحب اليمن ومَكّة. مَلَكَها تسع عشرة سَنَة. وكان أبوه وجَدُّه قد جَهَّزا معه جيشا، فدخلَ اليمنَ وتملَّكَها. وكانَ فارسا، شُجاعًا، مَهِيبًا، ذا سطوة، وزَعَارَّةٍ، وعَسْفٍ، وظُلْمٍ. لكنّه قمع الخوارجَ باليمن، وطرد الزَّيدية عن مَكّة، وأمَّنَ الحاجّ بها.
قال أبو المظفّر الجوزيّ [1] : لمّا بلغ آقسيس موت عمّه الملك المعظّم تجهّز ليأخذ الشام، وكان ثقله في خمسمائة مركب [2] ، ومعه ألف خادم، ومائة قنطار عنبر وعود، ومائة ألف ثوب، ومائة صندوق أموال وجواهر. وسار إلى مكّة- يعني من اليمن- فدخلها وقد أصابه فالج، ويبست يداه ورجلاه. ولمّا احتضر قال: والله ما أرضى من مالي كَفَنًا. وبعث إلى فَقيرٍ مغربيّ فقال:
تصدَّقَ عليّ بكَفَن، ودُفِنَ بالمَعْلَى. وبلغني أنّ والده سُرَّ بموته، ولَمّا جاءه موتُه مع خَزْنَداره ما سأله: كيف مات؟ بل قال لَهُ: كم معك من المال؟.
وكان المَسْعُودُ سيّئ السيرة مع التُّجّار، يرتكب المعاصي ولا يهابُ مَكّة، بل يشربُ الخمرَ، ويَرْمي بالبُنْدُق، فربّما علا البندق على البيت.
__________
[ () ] ق 2/ 658، والحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المائة السابعة المنسوب لابن الفوطي 12، 13، ومفرّج الكروب 4/ 259- 263، وذيل الروضتين 158، وفيه: «آطسيس» ، ووفيات الأعيان 5/ 82 في ترجمة في ترجمة أبيه «الكامل» ، والدرّ المطلوب لابن أيبك الدواداريّ 297، 298، والمختصر في أخبار البشر 3/ 142، ونهاية الأرب 29/ 157- 160، وأخبار الأيوبيين لابن العميد 138، 139، ودول الإسلام 2/ 133، 134، وسير أعلام النبلاء 22/ 331، 332 رقم 201، وتاريخ ابن الوردي 2/ 151، ومرآة الجنان 4/ 63، 64، والوافي بالوفيات 9/ 315، والبداية والنهاية 13/ 124، وصبح الأعشى 7/ 339 وفيه «آطسز» ، ومآثر الإنافة 2/ 67، 68، 70، 85، وشفاء الغرام بأخبار البلد الحرام للفاسي (بتحقيقنا) 2/ 375- 337، والعقد الثمين، له 4/ 168، 169، والإشارة إلى وفيات الأعيان 329، والإعلام بوفيات الأعلام 258، والعسجد المسبوك 2/ 438، 439، والذهب المسبوك في سير الملوك للمقريزي 76- 79، والسلوك، له ج 1 ق 1/ 237، والنجوم الزاهرة 6/ 262، وفيه: «أضسيس» ، وعقد الجمان لبدر الدين العيني (حوادث 611- 615 هـ-) ، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 298، وشذرات الذهب 5/ 120.
و «أتسز» و «أطسز» و «أطسيس» و «أضسس» ، ومعناه بالتركية (بلا اسم) .
[1] في مرآة الزمان 8/ 659.
[2] كتب الذهبي في حاشية نسخته معلّقا: «قوله خمسمائة مركب مجازفة ومحال» .(45/274)
وقال ابن الأثير [1] : سارَ الملك المسعود آتسِز إلى مَكّة وصاحبُها- حينئذٍ- حَسَنُ بن قَتَادَة بن إدريس العَلَويّ كَانَ قد ملكها بعد أبيه، فأَساء إلى الأشراف والعبيد، فلقِيه آتسِز فتقاتلا ببطن مَكّة، فانهزم حسن وأصحابُه، ونهب آتسِز مَكّة. فحدَّثني بعضُ المُجاورين أنّهم نهبوها حَتّى أخذوا الثِّيابَ عن النّاس وأفقروهم. وأمر آتسِز أن يُنبش قبرُ قَتَادَة ويحرق. فظهر التابوتُ، فلم يروا فيه شيئا فعلموا حينئذٍ أنّ الحَسَن دفن أباه سِرًّا.
قلت: تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. وخَلَّف ابنا وهُوَ الصالحُ يوسُف بقي إلى سَنَة بضعٍ وأربعين.
وفيها ولد شيخنا جمال الدّين أحمد ابن الظّاهريّ، في شوَّال بحلب.
والفخرُ محمد بن يحيى ابن الصِّيرفيّ الحَرّانيّ بها.
والعمادُ يحيى بن أحمد الحَسَنيّ الشريف البُصْرَوي، بدمشق.
وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن الأنجب ابن الكَسّار، ببغداد.
والأمينُ أحمد بن أبي بكر بن رسلان البَعْلَبَكّيّ، بدمشق.
وقاضي القضاة شهابُ الدّين محمد بن أحمد بن الخليل ابن الخُوَييّ الشافعيّ، في شوَّال.
والنَّجمُ أحمد بن أبي بكر بن حمزة الهمذانيّ ابن الحنيبليّ.
والفخرُ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحُسَيْن بن عَبْد السّلام السَّفَاقسيّ، بالإِسكندرية.
والجمال إبراهيم بن عليّ ابن الحبوبيّ، بدمشق.
وأبو بكر ابن الزّين بن عبد الدّائم، بكفربطنا.
وإبراهيم بن عنبر الحبشيّ، قيّم الماردانية.
__________
[1] في الكامل: 12/ 413 في حوادث سنة 620، وراجع «العقد الثمين» للتقي الفاسي في ترجمة حسن (4/ 168 فما بعدها) ، وشفاء الغرام، له (بتحقيقنا) 2/ 375- 377.(45/275)
وعيسى بن عبد الرحمن المُطَعِّم.
وهَدِيَّةُ بنت عليِّ بن عَسْكر الهَرّاس.
وفاطمة بنتُ عبد الرحمن أخت ابن الفَرَّاء.
وأبو المحاسن بن أبي الحرم ابن الخِرَقيّ.
وداود بن يحيى الفَقِير الحَرِيريّ.
والكمالُ عليّ بن مُحَمَّد بن حُسَيْن الفرنثيّ.
والعَفِيفُ عبد القويّ بن عبد الكريم أخي الحافظ زكيّ الدِّين المُنذريّ.
وأحمد بن عبد الرحيم بن عازر اللّحّام الصالحيّ.
والشيخ عليُّ بن مُحَمَّد بن هارون الثَّعْلَبِيّ، بدمشق.
وكمال الدِّين أحمد بن أبي الفتح ابن العَطّار الكاتب، بدمشق. وقيل:
بل وُلِدَ سَنَة سبع.(45/276)
سنة سبع وعشرين وستمائة
حرف الألف
385- أحمد بن أبي الفَتْح [1] أحمد بن موسى.
الشريف، أبو العباس، الْجَعْفَريُّ، البَغْداديُّ، النقيب.
حدّث عن أبي طالب بن خُضَيْر، وغيره.
وتُوُفّي في شوَّال.
قال ابن الحاجب: كَانَ مُغفّلًا، كنّا نقرأ عليه حكايات أشعب فيبكي.
286- أحمدُ بْن إبراهيم بْن أبي العلاء [2] بْن أَحْمَد بْن حَسَّان.
أبو العبّاس، الأزْديّ، الحمصيّ، ثم الدّمشقيُّ.
سَمِعَ من: أَبِي سَعْد بن أَبِي عصرون، ويحيى الثّقفيّ، وجماعة. وسَمِعَ بمصر من البُوصيريّ. وحدَّث.
ومات في المحرّم.
روى عنه الأبَرْقُوهيّ بالإِجازة.
387- أحمد بن إبراهيم بن عبد الملك [3] بن مطرّف.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن أبي الفتح) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 271 رقم 2308.
[2] انظر عن (أحمد بن إبراهيم بن أبي العلاء) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 257، 258 رقم 2275.
[3] انظر عن (أحمد بن إبراهيم بن عبد الملك) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 117، 7118 وبرنامج شيوخ الرعينيّ 154- 158، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1 ق 1/ 46- 58 رقم 34، والعقد الثمين للفاسي 3/ 6- 8.(45/277)
أبو جعفر، التَّمِيميّ، الأَنْدَلسِيّ.
رحل إلى المشرق أربع مرّات أولها سنة سبعين وخمسمائة.
وسَمِعَ من الفقيه أبي الطّاهر بن عَوْف بالإسكندرية، ومن عمر الميانشيّ والمبارك ابن الطَّبَّاخ بمكّة.
وكان رئيسا وأصلا عندَ ملوك المغرب، فجرت على يديه قُرَبٌ كثيرة.
ولَهُ بالحرمين أوقاف وبرٍّ. وتُوُفّي بسَبْتة في صفر. وقد حدَّث. قاله الأَبَّار [1] .
وقال ابن مَسْدِيّ عنه: دخلتُ الإسكندرية سَنَة تسع وستّين، وفُتِحَتْ لَهُ الدُّنيا فصارَ يلبس الثياب الثَّمينة، وعلى جلده جُبّة مُرَقَّعةً، ذكر: أنّ أبا مَدْين أعطاه إيَّاها. وكان لَهُ أورادٌ. وكان كثير الحكايات لكنّه أغَرَبَ بأشياء، فأبهمت أمره، وأشكلت عُرفه ونُكره. وُلِدَ على رأس الأربعين، وقال لي: إنَّه سَمِعَ من السِّلَفيّ، وبِبِجَاية من عبد الحقّ [2] .
388- أحمد بن أبي المسعود [3] بن حسّان.
أبو الفضل، البَغْداديُّ، الرَّصافِيُّ، الكاتب المجوّد.
كَانَ فائقَ الخطِّ، كتبَ الكثيرَ وجَوَّدَ عليه جماعةٌ ببغدادَ [4] .
وكَانَ مُتَديِّنًا، حَسَنَ الأخلاق، متودِّدًا، لديه فَضْلٌ، وأدبٌ. حجَّ فأدركه الأجلُ بمكّة بعد قضاء نسكه في ذي الحِجَّة.
__________
[1] في تكملة الصلة 1/ 117.
[2] طوّل ابن عبد الملك بترجمته.
[3] انظر عن (أحمد بن أبي السعود) في: الحوادث الجامعة 15، 16، والوافي بالوفيات 6/ 384 رقم 2892.
[4] وقال صاحب الحوادث الجامعة: كان يخدم وليّ العهد أبا نصر محمد بن الخليفة الناصر لدين الله وكان يكتب له أنساب الطير والحمام، وكان يكتب خطا مليحا على طريقة ابن البواب، وكان معجبا بخطه. كتب نهج البلاغة بخطه ونادى عليه فدفع فيه خمسة دنانير فلم يبعه، ثم نودي في الحال على قوائم بخط ابن البواب خمسة عشر دينارا، فاستشاط وقال:
يدفع في نهج البلاغة بخطّي خمسة دنانير ويدفع في قوائم بخط ابن البواب خمسة عشر دينارا، وليس بين الخطيب كبير فرق ولا سيما هذا التفاوت. ثم ذكر قصة ابن حيّوس لما أجيز على قصيدة عملها، ألف دينار وتسامع الشعراء فحضر منهم جماعة وعرض كل منهم قصيدة، فلم يعط أحد منهم شيئا.(45/278)
روى عنه ابن النّجّار أبياتا من شِعره.
389- أحمد بن فَهْد [1] العَلْثيّ. أبو العبّاس الفقيه.
تُوُفّي ببغداد في شعبان.
390- أحمد بن محمد بن جابر. قاضي قضاة إفريقية، أبو العباس، الهُواريّ، المالكيُّ.
سَمِعَ من: مُحَمَّد بن إبراهيم ابن الفَخّار، ونَجَبَة بن يحيى لَمّا قَدِمَا تونُس، ومن جماعة. وعاش سبعين سَنَة.
أخذ عنه ابن مَسْدِيّ.
391- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه [2] بْن مَنْتال [3] .
أبو القاسم، الأَزْديّ، المرسيّ.
سَمِعَ: أبا القاسم عبد الرحمن بن حبيش، وأبا عبد الله بن حَمِيد.
وحدَّث.
تُوُفّي في ربيع الأوّل [4] .
392- إسماعيل بن أبي الفتوح محمد ابن البوَّاب. أبو العزِّ، البَغْداديُّ.
تُوُفّي في شوَّال.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن فهد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 267، 268 رقم 2298، والجواهر المضية 1/ 89، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 177 وفيه: «أحمد بن نصر» ، والمنهج الأحمد 363، والمقصد الأرشد، رقم 116، والدر المنضد 1/ 359 رقم 1009، والطبقات السنية 1/ ورقة 411، 412.
[2] انظر عن (أحمد بن محمد بن عبد الله) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 118، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1 ق 2/ 449 رقم 661.
[3] جوّده ابن عبد الملك فقال: منتال: بميم مفتوح ونون ساكن وتاء معلوّ وألف ولام. (الذيل والتكملة 1 ق 2/ 449) .
[4] وقال بن عبد الملك: وكان من نبهاء بلده وذوي النزاهة فيهم ذا مشاركة في العربية والأدب وانقباض عن خلطة الناس متشدّدا في الأخذ عنه والسماع منه، واستقضي بجزيرة شقر ثم بدانية.
ووقع في الذيل أنه توفي سنة سبع وعشرين وخمسمائة! وهو وهم.(45/279)
سَمِعَ مسلم بن ثابت. قال ابن النجّار: كَتَبَ عنه، ولا بأسَ به.
393- أفضلُ [1] ، واسمُه مُحَمَّد، بن أبي البركات المُبارك بن عبد الجليل بن أبي تمّام. الشريف، أبو الفضل، الهاشميّ، الحَرِيميّ، الخطيب، المعروف بابن الشَّنْكاتيّ.
وُلِدَ سنة أربعين وخمسمائة.
وسمع من: أبي المعالي محمد ابن اللّحّاس، وأحمد بن عليّ النَّقيب، وأبي المكارم مُحَمَّد بن أحمد الطَّاهري، وعُمَرَ بن بُنَيْمان، وشُهْدَةَ، وطائفة.
وشهد عند القضاة، وولي خطابةَ جامعِ المنصور، ثمّ خطابة جامع القَصْر. وحدَّث.
والشِّنكاتيّ: بشين معجمة ونون وتاء مثنّاة.
حرف الحاء
394- الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بن تُرْكي.
أبو عليّ، الإِسكندرانيُّ، العَدْلُ.
وُلِدَ سَنَة خمسين وخمسمائة. وحدَّث عن السِّلَفيّ. وهُوَ مِن بيت عدالة وجلالة.
ومات في أول ذي الحِجَّة.
395- الحَسَن بْن مُحَمَّد [2] بْن الْحَسَن بْن هبة اللَّه بْن عَبْد الله.
__________
[1] انظر عن (أفضل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 261، 262 رقم 2283 وسيعيده المؤلف- رحمه الله- باسم «محمد» . انظر رقم 423.
[2] انظر عن (الحسن بن محمد) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 663، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 258، 259 رقم 2277، وذيل الروضتين 158، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 219- 220، وتلخيص مجمع الآداب 4/ 662، وسير أعلام النبلاء 22/ 284- 286 رقم 163، والعبر 5/ 108، والإشارة إلى وفيات الأعيان 330، والإعلام بوفيات الأعلام 259، والوافي بالوفيات 12/ 253، 254، ومرآة الجنان 4/ 64، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 220، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 161 ب، 162 أ، والبداية والنهاية 13/ 127، 128 وفيه: «أبو البركات بن الحسن» ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 45، 55 (8/ 141، 142) ، والعسجد المسبوك 2/ 442، 443، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة(45/280)
زين الأمناء، أبو البركات، ابن عساكر، الدّمشقيُّ، الشّافعيُّ.
وُلِدَ في سَلْخ ربيع الأول سَنَة أربع وأربعين وخمسمائة.
وسمع من: عبد الرحمن بن أبي الحسن الدّرانيّ، وأبي العشائر محمد ابن خليل، وأبي المُظَفَّر سعيد الفَلَكَيّ، وأبي المكارم بن هلال، وعَمَّيْهِ الصّائن هِبَة الله، وأبي القاسم الحافظ، وأبي القاسم الحسن بن الحسين ابن البُنّ، وعبدِ الواحد بن إبراهيم بن القُّزَّة، والخَضِر بن شِبْل الحارثيّ، وإبراهيم بن الحَسَن الحِصْنِيّ، ومحمد بن أسعد العِراقيّ، وعليّ بن أحمد بن مُقاتل السُّوسيّ، وأبي النّجيب عبد القاهر السُّهَرَوَرْدِيّ، وأبي مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ البطليوسيّ، ومحمد بن حمزة ابن الموازينيّ، وحسّان بن تميم الزّيّات، وعليّ ابن مهديّ الهِلالي، والمبارك بن عليّ، ومُحَمَّد بن محمد الكُشْمِيهَنِيّ، وأخيه محمود، وعبد الرشيد بن عبد الجبّار بن مُحَمَّد الخُواريّ، ومُحَمَّد بن بَرَكة الصِّلْحِيّ، وداود بن مُحَمَّد الخالديّ، وطائفة.
روى عنه: البِرْزَاليُّ، وعزُّ الدِّين عليُّ بن مُحَمَّد بن الأثير، والزّكيّ المنذريّ، والكمال ابن العَدِيم، وابنُه أبو المجد، والزّينُ خالد، والشرف النابلسيّ، والجمال ابن الصَّابونيّ، والشهابُ القُّوصيُّ- وقال: سَمِعْتُ منه «سُنَن» الدّارقطنيّ- والشمس محمد ابن الكَمالُ، وسَعْدُ الخير بن أبي القاسم، وأخوه نصرُ الله، وحفيدُه أمينُ الدِّين عَبْد الصَّمَد بْن عَبْد الوهّاب.
وَحَدَّثَنَا عنه: الشرفُ أحمد بن هبة الله، والعماد عبد الحافظ بن بَدْران، والشهاب الأبَرْقُوهيّ، وغيرُهم.
وكان شيخا جليلا، نَبِيلًا، صالحا، خَيِّرًا، مُتَعَبِّدًا، حَسَنَ الهَدْي، والسَّمْتِ، مليحَ التّواضع، كَيِّس المُحاضرة، من سروات البلد.
تَفَقَّه على جمال الأئمّة أبي القاسم عليّ بن الحسن ابن الماسح.
وقرأ برواية ابن عامر على أبي القاسم العُمَريّ، وتأدَّب على عليّ بن عثمان السّلميّ.
__________
[ () ] 76، والنجوم الزاهرة 6/ 273، وشذرات الذهب 5/ 123، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (تأليفنا) القسم الثاني- ج 2/ 54 رقم 351، وله سماع من حديث خيثمة الأطرابلسي (بتحقيقنا) ص 80 و 81 (طبعة دار الكتاب العربيّ، بيروت 1980) .(45/281)
وولي نظرَ الخِزانة، ونظرَ الأَوقات، ثمّ تركَ ذلك، وأقبلَ على شأنه وعبادته، وكانَ كثير الصَّلاةِ حَتّى أنَّه لُقِّبَ بالسَّجَّاد. ولقد بالغَ في وصفه عُمَر ابن الحاجب بأشياءَ لم أكتبها، وقد ضرب على بعضها السَّيفُ. وقال السيف:
سمعنا منه إلّا أنَّه كَانَ كثيرَ الالتفات في الصلاة.
ويقال: أنَّه كَانَ يُشارِي في الصلاة، ويشيرُ بيده لمن يبتاع منه! وقال ابن الحاجب: حجَّ شيخُنا وزار القُدس. وسألتُ عنه البِرْزَاليَّ فقال: ثقةٌ، نَبيلٌ، كريمٌ، صَيِّنٌ. تُوُفّي في سحَرَ يوم الْجُمْعَة سادس عشر صَفَر. وكان الْجَمْع كثيرا، ودُفِنَ بجنب أخيه المفتي فخر الدِّين عبد الرحمن.
ورأيت الألسنةَ مجتمعة على شُكره، ووصفِ محاسنه- رحمه الله-.
وقال أبو شامة [1] : كان شيخنا صالحا، كثيرَ الصَّلاة، والذِّكر. أُقْعِدَ في آخر عُمُره، فكان يُحْملُ في مِحَفَّةٍ إلى الجامع وإلى دارِ الحديث النُّورية، ليُسْمَعَ عليه، وحضرَهُ خَلْق كثيرٌ. وعاشَ ثلاثا وثمانين سَنَة.
قلت: آخر من روى عنه بالإجازة تاج العرب بنتُ أبي الغنائم بن عَلَّان.
حرف الخاء
396- الخَضِرُ، الملك الظافِرُ [2] .
مظفرُ الدِّين، أبو الدَّوام [3] .
ويُعْرَف بالمُشَمِّر، ابن السُّلطان صلاح الدِّين.
وإنّما عُرِفَ بالمُشَمِّر، لأنَّ أباه لمَّا قَسَم البلادَ بين أولاده الكبار، قال هُوَ: وأنا مُشَمِّر.
ولد بالقاهرة سنة ثمان وستّين.
__________
[1] في ذيل الروضتين: 158.
[2] انظر عن (الخضر الملك الظافر) في: التاريخ المنصوري 199، 200، وذيل الروضتين 276، ووفيات الأعيان 4/ 204، 205، ومفرّج الكروب 4/ 421- 423، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 732، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 305، 306، وبغية الطلب لابن العديم (المصور) 7/ 391 رقم 1041، والوافي بالوفيات 13/ 329- 331- رقم 410، والسلوك للمقريزي ج 1 ق 1/ 240، والنجوم الزاهرة 6/ 49، 62، 208، والدارس في تاريخ المدارس 2/ 187، وشفاء القلوب 266، وترويج القلوب 94 رقم 147، والأعلام 2/ 308.
[3] في بغية الطلب 7/ 391 «الرواح» وهو تصحيف.(45/282)
وهُوَ شقيقُ الملك الأفضل.
تُوُفّي بحرَّان- عند ابن عمّه الملك الأشرف موسى- في جُمَادَى الأولى.
والأشرف قد مرَّ بها لحرب الخُوارزمية [1] .
حرف الراء
397- راجحُ بن إسماعيل [2] بن أبي القاسم.
أبو الوفاء الأَسَدِيُّ، الحُلِيُّ، الشَّاعرُ المشهور، شرفُ الدِّين.
صَدْرٌ نبيلٌ، مدحَ الملوكَ بالشام ومصر والجزيرة. وكان شاعرا أخباريا.
ولد سنة سبعين وخمسمائة بالحِلَّة.
ومات في السابع والعشرين من شعبان.
وروى شيئا من نظمه بحلَب وحَرَّان. وشعرُه كثير.
حرف الزاي
398- زَكَريّا بن يحيى [3] القُطُفْتيُّ.
حدَّث عن: أبي نصر يحيى بْن السَّدَنْك.
ومات فِي جُمَادَى الأولى.
__________
[1] له شعر في الوافي بالوفيات.
[2] انظر عن (راجح بن إسماعيل) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 665، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 268 رقم 2299، وإنسان العيون لابن أبي عذيبة، ورقة 305، وبغية الطلب لابن العديم (المصور) 8/ 2 رقم 1125، والإعلام بوفيات الأعلام 229، والعبر 5/ 108، والإشارة إلى وفيات الأعيان 330، والوافي بالوفيات 14/ 53- 58 رقم 53، والعسجد المسبوك 2/ 443، والإعلان بالتوبيخ للسخاوي 228، والنجوم الزاهرية 6/ 275، وشذرات الذهب 5/ 123.
[3] انظر عن (زكريا بن يحيى) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 263 رقم 2289، وشذرات الذهب 5/ 215.(45/283)
حرف السين
399- سلامة بن صَدَقَة [1] بن سلامة.
الفقيهُ البَارعُ، أبو الخيْر، ابن الصَّوْليّ، الحَرصانيُّ.
حدّث عن أبي السعادات نصر الله ابن القَزَّاز.
والصَّوْليُّ- بالفتح-: الإِسكاف بلُغة الحَرَّانيين [2] .
وأمّا مُحَمَّد بن جعفر الصَّوْليّ، فمنسوب إلى صَوْل: قرية بالصَّعيد [3] ، سيأتي [4] .
400- سُلَيْمان بن أحمد [5] بن إسماعيل بن أبي عَطَّاف. المَقْدِسيُّ، الفقيه الحَنْبَليُّ، نزيل حَرَّان.
روى عن أحمد بن أبي الوفاء الصّائغ «جزء» ابن عَرَفَة، رواه لنا عنه ابنُه أبو العباس أحمد.
وحدَّث عنه الشيخ الضّياء، وغيرُه.
ووُلِدَ تقديرا سَنَةَ اثنتين وخمسين. وكان مِن أَعيان الحنابلة وعلمائهم.
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
__________
[1] انظر عن (سلامة بن صدقة) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 258 رقم 2276، والمنهج الأحمد 363، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 174، ومختصره 63، والمقصد الأرشد، رقم 447، والدر المنضد 1/ 359 رقم 1007، وشذرات الذهب 5/ 123، 124.
[2] هذا قول المنذري في تكملته، وقال الحافظ ابن رجب بعد أن أورد تقييد المنذري هذا:
«قلت: ورأيت على مقدمة الفرائض من تصنيفه «ابن الصولية» ولم يضبط الصاد بشيء» الذيل: 2/ 174.
[3] معجم البلدان: 3/ 435، وهي قرية بالقرب من إطفيح بالصعيد الأدنى من مصر «معجم البلدان» : 1/ 311.
[4] جاء في حاشية النسخة تعليق لأحدهم نصه: «هو موفق الدين الحنبلي الحراني، مات بها في محرم. وكان مشهورا بالعلم والصلاح، له لطائف» .
[5] انظر عن (سليمان بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 263 رقم 2288، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 175، وشذرات الذهب 5/ 104.(45/284)
حرف الطاء
401- طاهر بن عليّ [1] بن طاهر. أبو الحَسَن، الطَّاهِريُّ.
يقال: إنَّه مِن وَلَدِ طاهر بن الحُسَيْن.
تُوُفّي في شوَّال بحَرَّان.
وحدَّث عن أحمد بن أبي الوَفاء.
حرف العين
402- عَبْدُ اللهِ بن معالي [2] بن أحمد.
الفقيه، الإِمام، أبو بكر، الرَّيّانِيُّ، البَغْداديُّ، الحَنْبَليّ.
تَفَقَّه على أبي الفَتْح بن المَنِّيّ، وغيرِه. وسمع من شُهْدَةَ.
والرَّيَّان: محلّة بشرقيّ بغداد. أمّا مُحَمَّد بن أحمد الرَّيَّانِي النَّسائيّ، فنسبة إلى قرية من قُرى نَسَا، يروي عن أبي مُصْعَب.
تُوُفّي أبو بكر في 5 جُمَادَى الأولى ببغداد.
403- عبد الرحمن بن دَحْمَان [3] . أبو بكر، الأنصاريُّ، المالَقيُّ.
أخذ القراءات عن عمِّه القاسم بن عبد الرحمن، وسَمِعَ منه ومن السُّهَيْلِيّ، وأبي عبد الله ابن الفخّار.
وذكره الأبّار فقال: كان من أهل الإتقان للقراءات والعربيّة [4] .
404- عبد الرحمن بن عبد الملك [5] بن بقاء بن طنطنة.
أبو محمد، الحريميّ.
__________
[1] انظر عن (طاهر بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 272 رقم 2310.
[2] انظر عن (عبد الله بن معالي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 262، 263 رقم 2286، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 174، 175، وشذرات الذهب 5/ 124.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن دحمان) في: تكملة الصلة لابن الأبار نسخة الأزهر) 3/ ورقة 230، وغاية النهاية 2/ 368 رقم 1566.
[4] وكان مولده سنة 550 هـ-.
[5] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد الملك) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 270 رقم 2304.(45/285)
سمع من أحمد بن علي ابن المعمّر النّقيب.
ومات في شوّال.
405- عبد الرحمن بن أبي بكر [1] عتيق بْن عَبْد العزيز بْن عليّ بْن صيلا. أبو محمد، الحربيّ، المؤدّب.
ولد سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة.
وروى عن: أبيه، وأبي الوَقْت، وعبد الرحمن بن زيد الوَرَّاق.
روى عنه: السَّيف، والتّقيّ ابن الواسطيِّ، والأبَرْقُوهيّ، وجماعةٌ.
وتُوُفّي في السادس والعشرين من ربيع الأَوَّل.
سَمِعَ منه: ابن الواسطيّ، وابن الر [2] ... كتاب «ذَمّ الكلام» .
406- عَبْدُ الرحمن بن يَخْلَفْتَن [3] بن أحمد.
أبو زيد، الفازازيُّ، القُرْطُبيّ، نزيلُ تِلِمْسان.
روى عن: أبي القاسم السُّهَيْلِيّ، وأبي الوليد بن بَقِيُّ، وابن الفَخّار، وطبقتهم.
وكان شاعرا مُحْسنًا، بَليغًا، فقيها، متكلِّمًا، لُغويًا، كاتبا، كتب للأُمراء زمانا. ومال إلى التّصوّف. وكان شديدا على المُبْتَدِعة.
مات بِمُرَّاكِش في ذي القِعْدَة- رحمه الله-.
أخذ عنه ابن مَسْدِيّ وذكر: أنّ مَوْلِدُه بعد الخمسين. وقال: أنشدني لنفسه:
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن أبي بكر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 262 رقم 2285، وسير أعلام النبلاء 22/ 332 رقم 202، والإعلام بوفيات الأعلام 259، والإشارة إلى وفيات الأعيان 330، والعبر 5/ 108، والنجوم الزاهرة 6/ 275، وشذرات الذهب 5/ 124.
[2] هكذا بخط المؤلف، وقد ترك فراغا ليعود إليه، فلم يعد، فبقي على حاله، ولذلك قال في «السير» 22/ 332 «ومن سماع ابن الواسطي منه كتاب «ذم الكلام» .
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن يخلفتن) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 585، وتحفة القادم 132- 134، وعقود الجمان لابن الشعار 3/ ورقة 181 أ، ومقتضب التحفة 133، وتاريخ إربل 1/ 312، والوافي بالوفيات 18/ 302- 304، والإحاطة بأخبار غرناطة 3/ 519- 522، وبغية الوعاة 2/ 91، ونفح الطيب 4/ 468، والأعلام 4/ 118، وسيعاد في الكنى برقم 442.(45/286)
عِلْمُ الحَدِيثِ لِكُلِّ عِلْمٍ حُجَّةٌ ... فَاشْدُدْ يَدَيْكَ بِهِ عَلى التَّعْيينِ
وَتَوَخَّ أَعْدَلَ طُرُقِهِ واعْمَلْ بِهَا ... تَعْمَلْ بِعِلْمِ بَصِيرَةٍ وَيقِين
في أبيات منها:
في كُلِّ عصرٍ للحديثِ أَئِمَّةٌ ... نَابتْ عَنِ القَطَّان وابن مَعِينِ
خَلَفٌ عن السّلف الكرام ورايةٌ ... مَوْعُودةُ البُقْيَا ليوم الدّين
407- عبد الرّزاق بن حسن [1] بن بالان.
أبو محمد، المصموديّ، المغربيّ، ثمّ الدّمشقيّ.
عاش خمسا وثمانين سنة. وحدَّث عن أبي المعالي بن صَابِر.
وتُوُفّي في ربيع الأَوّل.
408- عبدُ السّلام بن عبد الرحمن [2] بْنُ أَبِي منصور عليّ بن عليّ بن عُبَيْد الله. علاءُ الدِّين، أبو الحُسَيْن، البَغْداديُّ، الصُّوفيّ، ابن سُكَيْنَة.
من بيت مَشْيَخة ورواية. وُلِدَ في صَفَر سَنَة ثمانٍ وأربعين.
وسَمِعَ: أبا الوَقْت، وأبا المُظَفَّر محمد بن أحمد التُّرَيكيّ، ومحمود فُورجة، وأحمد بن قَفَرْجَل، ويحيى بن عبد الرحمن ابن تاج القُرَّاء، والوزير الفَلَكيَّ أبا المُظَفَّر، وابن البَطِّي، وجماعة.
كتبَ عنه: ابن النجّار، وابن الحاجب، والدّبيثيّ، والسّيف، والشرف ابن النابلسيّ، والتّقيّ ابن الواسطيّ، وجماعة.
وسمع حضورا من سعيد ابن البَنّاء، ونصر العُكْبَرِيّ.
وتُوُفّي في الحادي والعشرين من صفر.
__________
[1] انظر عن (عبد الرزاق بن حسن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 262 رقم 2284.
[2] انظر عن (عبد السلام بن عبد الرحمن) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 143، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 259، 260 رقم 2278، وتلخيص مجمع الآداب ج 4 ق 2/ 1027 رقم 1521، وسير أعلام النبلاء 22/ 333 رقم 203، والعبر 5/ 109، والإشارة إلى وفيات الأعيان 330، والإعلام بوفيات الأعلام 259، والمختصر المحتاج إليه 3/ 43 رقم 815، ومرآة الجنان 4/ 65، والنجوم الزاهرة 6/ 275، وشذرات الذهب 5/ 124.(45/287)
وآخر من روى عنه بالإجازة فاطمة بنت سُلَيْمان. وكان متواضعا، نسخَ الكثيرَ.
وروى عنه المجد عبد العزيز الخليليّ أيضا، والشمس ابن الزَّين. وكان عنده «جُزء» لُوَيْن عن فُورجة. وَثّقَهُ ابن النّجار.
409- عبد السَّلام بن عبد الرحمن [1] ابن الشيخ العارف أبي الحكم عبد السَّلام بن عبد الرحمن بْنُ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اللَّخْمِيّ، الإِفريقيُّ، المَغْرِبيُّ. ثمّ الإِشْبِيليّ، المعروف بابن بَرَّجان، وهُوَ مخفّف من ابن أبي الرَّجّال.
أخذَ القراءاتِ عن: أبي الحَسَن سُلَيْمان بن أحمد، وأبي القاسم أحمد ابن محمد بن أبي هارون. وأخذ العربيةَ واللُّغة عن أبي إسحاق بن مَلْكون، ولازَمهُ كثيرا، وسَمِعَ منهم.
قال الأَبَّارُ: وكان مِن أحفظ أهل زمانه لِلُّغة، مُسلَّمًا ذلك لَهُ، ثقة، صَدُوقًا. ولَهُ رَدٌّ على أبي الحَسَن بن سِيده. رأيته بإشبيليّة. وأخذَ عنه بعض أصحابِنا. وكان رجلا صالحا مُنْقَبِضًا عن الناس، مُقبلًا على شأنه. تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى.
410- عبدُ العزيز بن محمود [2] بن عبد الرحمن.
الفقيه، أبو مُحَمَّد، المالكيُّ، المعروف بالعَصَّار.
مِن فُضلاء المصريّين.
قال المُنذريّ: تَفَقَّه، واشتغلَ بعلم الحديث، وأقبلَ عليه إقبالا كثيرا، وجاور بمكة مُدَّة. وكان على طريقة حَسَنة، يُؤْثِر الانفرادَ وتَرْكَ ما لَا يَعْنِيه، ويَصْحَبُ الصالحينَ. وكتب بخطّه كثيرا. واختصر «الجمع بين الصحيحين» للحميدي.
__________
[1] انظر عن (عبد السلام بن عبد الرحمن اللخمي) في: سير أعلام النبلاء 22/ 334 رقم 204، والعبر 5/ 109، ومرآة الجنان 4/ 65، وغاية النهاية 1/ 385، وبغية الوعاة 2/ 95، وشذرات الذهب 5/ 124، وديوان الإسلام 1/ 345 رقم 539.
[2] انظر عن (عبد العزيز بن محمود) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 264 رقم 2291، والعقد الثمين 3/ ورقة 84.(45/288)
411- عبد الغنيّ بن محمد [1] بن عبد الغنيّ بن سلمة.
أبو محمد، الغرناطيّ، الصّيدلانيّ.
سمع أبا محمد بن الفرس، ولازمه نحوا من عشرين سنة، وسَمِعَ: أبا زيد السُّهَيْلِيَّ، وأبا عبد الله بن زَرْقون.
وأجازَ لَهُ أبو طاهر السِّلَفِيُّ، وغيره.
قال الأَبَّار: في روايته عن ابن بَشْكُوالَ نَظَرٌ. وَلِيَ قضاء مَيُورْقَةَ بعناية بعض الكُتَّاب. وكان لا يُحْسِنُ الأَحكامَ، ولم يكن مَرْضيّ الْجُملة، ولا صادقا. وتُوُفّي في المحرَّم قبل دخولِ الروم- لعنهم الله- مَيُورْقَةَ عَنْوةً بأيّام.
412- عَبْدُ الملك بن عبد الله بن محمد. أبو مروان، الفَحْصُبليّ، المَغْربيُّ، البُونيّ، الصَّيّاد، السَّمَّاك، الزَّاهد.
رَحَلَ، وتَفَقَّه بأبي الطّاهر بن عَوْف. ودَرَّس ببُونة.
أخذ عنه ابن مَسْدِيّ وقال: مات في شعبان سَنَةَ سبْعٍ.
413- عثمانُ بن عبد الرحمن بن حَجَّاج.
القاضي، أبو عَمْرو، التُّوَّزَريُّ.
حجَّ، وسَمِعَ من السِّلَفِيّ، وابن عَوْف. ذكره ابن مَسْدِيّ وأَرَّخَهُ.
414- عليُّ بن إبراهيم [2] بن أحمد بن حَسَّان.
أبو الحَسَن، البَغْداديُّ، البَزَّاز.
حدَّث عن أبي الفَتْح بن شاتيل. ومات في شعبان [3] .
415- عُمَر بن أحمد [4] بن عُمَر. أبو حفص، البَغْداديُّ، الصَّحْراويّ.
حدَّث عن أَبِي الحُسَيْن عَبْدِ الحقّ.
وماتَ في صفر.
__________
[1] انظر عن (عبد الغني بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار (نسخة الأزهر) 3/ ورقة 43.
[2] انظر عن (علي بن إبراهيم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 268 رقم 2300، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 2 رقم 508.
[3] وقال ابن النجار: كان من أعيان التجار ووجوه البزازين ببغداد، وتولى النظر بدار الاستعمال بدار الخلافة ... وذكر أن مولده في أول سنة تسع وخمسين وخمسمائة.
[4] انظر عن (عمر بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 260، 261 رقم 2281.(45/289)
حرف القاف
416- القاسم بن عليّ [1] بن شريف. القاضي، أبو المنصور، المِصْريّ، البِلْبِيسيُّ، الشّافعيُّ، شَرَفُ الدِّين، قاضي المَحَلّة.
وُلِدَ سَنَة ستٍّ وستّين وخمسمائة بالقاهرة.
وسمع من: الأرتاحيّ، والقاسم بن عساكر، والغزنويّ.
وتفقّه على السّيف عليّ بن أبي عليّ الآمديّ لمّا كان بمصر، وهو من قدماء أصحابه.
وأعاد بمدرسة الشافعيّ، وبالمدرسة الفاضلية.
روى عنه الزّكيّ المنذريّ وقال: شُرَيف: بالضُم.
حرف الميم
417- مُحَمَّد بن أحمد بْن صالحُ [2] بْن شافع بْن صالح بن حاتِم.
أبو المعالي، الْجِيليّ، ثمّ البَغْداديُّ.
ولد سنة أربع وستّين وخمسمائة.
سَمِعَهُ خالُه: أبو بكر مُحَمَّد بن مَشِّق من صالح ابن الرِّخْلَة، وشُهْدَةَ، وظَفَرُ بن مُحَمَّد بن السَّدَنك، وَعَبْد الحقّ اليُوسُفيّ، وَأَبِي شاكر يحيى السَّقْلَاطُونيّ، وخلْقٍ كثير. ثمّ طَلَبَ هُوَ بنفسه وسَمِعَ الكثير، وعُنِيَ بالحديثِ عناية جيّدة، وعُدَّ في أعيان الطَّلبة.
وكان ثقة، مأمونا، كثيرَ الإِفادة، دَيِّنًا، وَقُورًا، حَسَنَ السَّمْتِ، عارفا بمذهب أحمد. من بيت العِلْم والدِّيانة. أثنى عليه ابن نقطة، وابن النجّار، والدّبيثيّ. وأخذوا عنه.
__________
[1] انظر عن (القاسم بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 271 رقم 2307.
[2] انظر عن (محمد بن أحمد بن صالح) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (شهيد علي) ورقة 20، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 264، 265 رقم 2293، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 2317، والمختصر المحتاج إليه 1/ 21، والإشارة إلى وفيات الأعيان 330، والمنهج الأحمد 2/ 363، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 175- 177 رقم 294، والمقصد الأرشد، رقم 877، والنجوم الزاهرة 6/ 275، والدر المنضد 1/ 359 رقم 1008، وشذرات الذهب 5/ 126، والتاج المكلل للقنوجي 232.(45/290)
وروى عنه من المتأخّرين: أبو إسحاق ابن الواسطيّ، وأبو المعالي الأبَرْقُوهيُّ.
ومات في رابع رجب.
وكان أبوه من كبار المحدِّثين، وجدُّه الفقيه أبو محمد شافع هُوَ الّذي قَدِمَ من جَيلان وسكن بغداد إلى أن مات بها في سَنَةِ ثلاثٍ وأربعين، وروى عن أبي الحسين ابن الطُّيُورِيّ.
قال ابن نُقْطَة: أبو المعالي سَمِعَ من خلْق كثيرٍ، وهُوَ ثقة مأمون، مُكثر، حسنُ السمت.
قال عليّ بن أنجب ابن الخازن: ختمتُ عليه القرآن تلقينا، وسَمِعْتُ بقراءته على جماعة. وكان صالحا، وقورا، خَيِّرًا، يَحْضُرُ عنده خَلْقٌ كثير لميعاده.
قَرَأْتُ عَلَى الأَبَرْقُوهِيِّ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو الْمَعَالِي بْنُ شَافِعٍ سَنَةَ عِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ أَنَّ شُهْدَةَ الْكَاتِبَةَ أَخْبَرَتْهُمْ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ طَلْحَةَ، أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْفَرَجِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو هشام، حدّثنا ابن فُضَيْلٌ، حَدَّثَنَا عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا، فَإِنْ شَاءَ فَلْيُقِلَّ، وَإِنْ شَاءَ فَلْيُكْثِرْ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ [1] . 418- مُحَمَّد بن أحمد بن حبّون [2] .
أبو بكر، المعَافِريُّ، المُرسيُّ، الشَّاعرُ.
سَمِعَ: أبا القاسم بن حُبَيْش، وأبا عبد الله بن حَميد.
قال الأَبَّار [3] : أقرأ العربيةَ. وكان لَهُ حظٌّ من قرض الشعر. وتوفّي في ذي الحجّة.
__________
[1] هو في «صحيحه» (1041) ، وهو في «مصنف ابن أبي شيبة» 3/ 208- 209، و «مسند أحمد» ، 2/ 231، و «سنن ابن ماجة» (1838) من طريق محمد بن فضيل بهذا الإسناد.
[2] انظر عن (محمد بن أحمد بن حبّون) في: الوافي بالوفيات 2/ 117 رقم 456، وبغية الوعاة 1/ 17، وتكملة الصلة لابن الأبار 2/ 627.
[3] في تكملة الصلة 2/ 627.(45/291)
419- محمد بن أحمد بن عبد الودود [1] البَكّرِيُّ.
أبو عبد الله، قاضي مَيْورْقَةَ.
كَانَ فقيها ذا فنونٍ. عُدِمَ في دخول الرومِ مَيُورْقَةَ في صفر.
420- محمد بن أحمد بن عليّ [2] بن الزُّبَيْر. أبو عبد الله، القُضاعِيُّ، قاضي مدينة مُرْبَيْطَر [3] .
نحويٌّ، شاعِر مُحْسِنٌ. يروي عن أبي الحَسَن بن النِّعمة. وأجازَ لَهُ السِّلَفِيّ.
421- محمد بن إبراهيم [4] بن محمد، الفقيه.
أبو عبد الله، المُراديّ، السَّبْتيّ، نزيل دمشق.
اشتغل بفاس بعلم الأصولِ، وكان عارفا به. ونسخَ بخطّه شيئا كثيرا.
وكان يؤمُّ بمسجد الْجَوْزَة [5] . وكتب ممّا كتب مائة مجلَّدة.
ومات في شعبان [6] .
سَمِعَ بِمُرَّاكِش من: أبي مُحَمَّد بن حَوْط الله، وأبي الحَسَن عليّ ابن الحَصَّار. وبمكّة من يونُس الهاشميّ، وابن الحُصْريِّ. وبمصر من ابن المُفَضَّل الحافظ. وبدمشق من: الكِنْديّ، وابن الحَرَستانيّ، وابن مَنْدويه، وخلْقٍ كثير.
وعُنِيَ بالحديث أَتَمَّ عناية.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى سنة سبع وعشرين وستمائة [7] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الودود) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 624.
[2] انظر عن (محمد بن أحمد بن علي) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 624، وسيعاد برقم (426) .
[3] مربيطر: بالقرب من بلنسية.
[4] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 267 رقم 2297، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 169- 174 رقم 134، والمشتبه 1/ 322، والمقفى الكبير للمقريزي 5/ 52 رقم 1579، وتوضيح المشتبه 4/ 214.
[5] كان بالعقيبة من دمشق، كما قال المنذري في تكملته 3/ 267.
[6] عند المنذري في التكملة 3/ 267، وابن الصابوني 172 «الثالث من شعبان» .
[7] هذا التاريخ يخالف ما جاء عند المنذري، وابن الصابوني.(45/292)
422- مُحَمَّد بن بَهْرام بن محمود بن بختيار الأَتابكيُّ.
أبو عبد الله، ابن السَّلار.
مِنْ بَيْتِ إمرةٍ وولاية. انْقَطَعَ وتَرَكَ الخِدْمَة، ولازمَ الخَمْسَ في جماعةٍ.
وكان كثير الصَّمْت.
حدَّث هُوَ، وأبوه، وأخوه عبّاس. ووُلِدَ بدمشق سَنَةَ ستّ أو سبع وأربعين وخمسمائة.
وسَمِعَ: عليَّ بن أحمد الحَرَستانيّ، وأبا المُظَفَّر الفَلَكيَّ، والحافظ أبا القاسم، وعبدَ الخالق بن أسد الحَنَفيّ.
واختلطَ ذهنُهُ من سَنَة ستٍّ وعشرين مِنْ مرضٍ لحِقه. قاله ابن الحاجب وخرَّجَ عنه أحاديث من «جزء» الرَّافقيّ في «مُعجمه» .
وروى عنه الزَّكيّ البِرْزَاليُّ.
423- محمد [1] بن الحَسَن بن عبد الجليل بن أبي تَمَّام. أبو عبد الله، الهاشميُّ، البَغْداديُّ، الخطيب، ويُعرف بابن الشَّنْكاتِيّ.
سَمِعَ: أبا المعالي ابن اللّحّاس، وأحمد بن مُحَمَّد بن شُنَيف، وعُمَر بن بُنَيْمان، وأحمد بن عليّ بن المُعَمَّر النقيب، وطائفة. وكان شحيحا، وسخا، دنيئا، يُرابي ولا يُزكّي.
مات في ربيع الأَوَّل. قاله ابن النجّار.
424- مُحَمَّد بن عامر [2] بن فَرْقَد بن خَلَف بن محمد بن فَرْقَد.
أبو القاسم، القرشيّ، الفهريّ، الأندلسيّ، نزيل إشبيلية.
__________
[ () ] وقال ابن الصابوني- بعد أن ذكر أسماء جماعة من الشيوخ الذين أخذ عنهم-: «صحبته دهرا طويلا وسمعت معه كثيرا، وكتب بخطه من الكتب الكبار والأجزاء الصغار، جملة صالحة.
وكانت أخلاقه حسنة، وخصائله جميلة مستحسنة، توفي بدمشق ليلة الأربعاء الثالث من شعبان سنة سبع وعشرين وستمائة، ودفن صبيحته بسفح جبل قاسيون- رحمه الله- ولم يزل يكتب ويسمع إلى حين وفاته» .
[1] تقدّمت ترجمته باسم (أفضل) برقم (393) ولم يتنبّه المؤلّف- رحمه الله- إلى ذلك.
[2] انظر عن (محمد بن عامر) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 636، وبرنامج شيوخ الرعينيّ 134، والوفيات لابن قنفذ 310 رقم 627.(45/293)
روى عن عمّ أبيه أبي إسحاق بن فرقد، وأَبِي بَكْر بن الجدّ، وأَبِي عبدِ اللَّه بن زرقون.
قال الأبار [1] : كَانَ ثقة. تُوُفّي في شوَّال، ولَهُ خمسٌ وستّون سَنَة.
425- مُحَمَّد بْن أَبِي الفَهْم [2] عَبْد الوَهّاب بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ. فخرُ الدِّين، أبو بكر، الأَنصاريُّ، الدّمشقيُّ، العَدْل، المعروف بابن الشّيرجيّ.
ولد سنة تسع وأربعين وخمسمائة بدمشق، وسَمِعَ بها: من أبي القاسم ابن عساكر، وأبي عبد الله بن أبي الصَّقْر. وتفقّه قليلا على الإمام أبي سعد ابن أبي عَصْرون.
ورحلَ، وسَمِعَ من أبي طاهر السِّلَفِيّ، وأبي مُحَمَّد العُثْمانيّ. وحَصَّل، سماعاته.
روى عنه الزّكيّان: البِرْزَاليُّ والمُنذريّ، والشّهابان: القُّوصيّ والأبَرْقُوهيّ، والشَّرَف عُمَر بن خواجا إمام، والشرفُ بن عَسَاكر، والشَّرَف ابن النابلسيّ، وآخرون.
وكان عَدْلًا، رئيسا، جليلا، من سَرَواتِ الدِّمشقيّين. وكبارهم. مليحَ الخلق والخلق، ظريفا، حلوا النَّادرة، حُفَظَةً للأَخبار والتّواريخ، صَدُوقًا فيما ينقله، وجيها عند الدَّولة، مليحَ الخطِّ.
حدَّث بدمشق ومصر. وَوَلِيَ ولايات ثُمَّ تركها. وكان لَهُ مُضاربون في التّجارة.
تُوُفّي يومَ عيدِ النَّحْر، ودُفِنَ بمقبرة باب الصغير.
426- مُحَمَّدُ بن علي بن الزُّبَيْر [3] القُضَاعِيُّ. أبو عبد الله، الأُنْديُّ.
__________
[1] في تكملة الصلة 2/ 636.
[2] انظر عن (محمد بن أبي الفهم) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 670، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 273 رقم 2313، والعبر 5/ 109، والبداية والنهاية 13/ 123، والمقفى الكبير للمقريزي 6/ 157 رقم 2622، والنجوم الزاهرة 6/ 275، وشذرات الذهب 5/ 125.
[3] المرجّح أن (محمد بن على بن الزبير) هو: «محمد بن أحمد بن عليّ بن الزُّبَيْر القضاعي»(45/294)
سَمِعَ أبا الحَسَن بن النّعمة فأكثرَ. وأجازَ له السّلفيّ، وأبو عبد الله بن سعيد الدَّاني ابن غلام الفَرَس.
روى عنه الأَبَّارُ، والحافظُ ابن مَسْدِيّ. حدَّث فِي هَذِهِ السّنة، ولا أعلمُ مَتَى مات؟ وكان في نَيِّفٍ وثمانين سَنَة.
وقال ابن الغَمَّاز في «مشيخته» : الخطيبُ، الفقيهُ، المُحدِّثُ، القُضاعيُّ المُرْبَيْطَرِيُّ. أخذ عن جدِّه لأُمِّه ابن النِّعمة كثيرا، وقرأ عليه «برنامجه» . إلى أن قال: وَوَلِيَ الصلاة، والخطبة ببلده. سَمِعْتُ عليه بعضَ «المُوَطّأ» . وأجازَ لي.
ومات في سادس عشر جُمَادَى الآخرة سَنَة سبْعٍ وعشرين. قال: ومَوْلِدُه في جُمَادَى الأولى سنة أربع وأربعين وخمسمائة.
427- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه [1] .
أَبُو عَبْد الله، البغداديّ، الفوطيّ [2] ، المقرئ.
شيخٌ صالح، خَيِّرٌ، مشهورٌ بالأَمانة والدِّين. حَدَّثَ عن: أبي الحُسَيْن عبد الحقّ، وابن شَاتيل.
وتُوُفّي في رمضان.
428- مُحَمَّدُ بن عُمَر بن إبراهيم [3] .
أبو عبد الله، ابن الذَّهَبِيِّ، البَغْداديُّ، التّاجِرُ، الوَرّاق.
وُلِدَ سَنَة خمسٍ وأربعين.
وسَمِعَ من: أبي القاسم هِبَةَ الله الدَّقَّاق، وشُهْدَةَ. وكان صالحا، مُنْقَبِضًا عن الناس. يَسْكُن بمحلة الظّفريّة.
__________
[ () ] الّذي تقدّمت ترجمته برقم (420) .
[1] انظر عن (محمد بن علي بن عبد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 269 رقم 2302، والمشتبه 2/ 525، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 465.
[2] الفوطيّ: بضم الفاء وفتح الواو وكسر الطاء المهملة.
[3] انظر عن (محمد بن عمر بن إبراهيم) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 100، 101 رقم 313، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 260 رقم 2279، والمشتبه 1/ 289، وتوضيح المشتبه 4/ 50، والمختصر المحتاج إليه 1/ 85.(45/295)
تُوُفّي في صفر في الثامن والعشرين منه [1] .
ونَسَخَ الكثيرَ بالأجرة. روى عنه ابن النجّار «الغُرباء» للآجُرِّيِّ.
429- مُحَمَّد بن عُمَر بن مُحَمَّد [2] بن عُمَر بن جعفر. الإمام، شرف الدِّين، أبو عبد الله، الأَزْدِيُّ، الغَسَّانيُّ، المِصْريّ، المالكيُّ، المعروف بابن اللَّهِيب.
وُلِدَ سَنَة إحدى وسبعين وخمسمائة.
وأخذ المذهب عن الإِمام ظافرِ بن الحُسَيْن الأَزْدِيّ، وأبي البركات هبة الله ابن عبد المُحسن. وناظَرَ عند الظَّهير الفارسيّ الحَنَفيّ.
وسمع من أبي الجود المقرئ، وجماعة.
وتصدَّر بالجامع العتيق. وكان بَصِيرًا بالمَذْهب. وَلِيَ الوكالة السُّلطانية ونَظَر دِمْياط. ثمّ دَرَّسَ بالصاحبيَّة بالقاهرة. وكان من الأَذكياء الموصوفين. ولَهُ شِعْرٌ، وفَضائل، وتَفَنُّن.
تُوُفّي في ثامن عشر رجب.
وفي بيته جماعةٌ فُضلاء.
430- مُحَمَّدُ بن عطاء الله [3] بن خَلَف بن مُحَمَّد بن غَنيٍّ.
أبو عبد الله، الكِلابيُّ، البَدَويُّ، الزَّاهِدُ، نَزِيلُ سفح قاسيون.
سَمِعَ من: أبي عبد الله بن صدقة، ويحيى الثّقفيّ، وأحمد ابن الموازينيّ. ولازمَ أبا الخير سلامة الحَدَّاد، وأكثرَ عنه. وصارَ ينوب في مِحْراب الحنابلة.
وُلِدَ في حدود سنة ستّ وخمسين وخمسمائة.
وكان مَعْدودًا من العُبَّاد الأَخْيارِ المُسابقين إلى الطّاعات. وكان يكرّر على «مختصر» الخرقيّ.
__________
[1] وقال ابن الدبيثي، والمنذري: توفي في الثالث والعشرين منه.
[2] انظر عن (محمد بن عمر بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 266، 267 رقم 2295، ونهاية الأرب للنويري 29/ 165، والوافي بالوفيات 3/ 260، 261 رقم 1791، والمقفى الكبير للمقريزي 6/ 430 رقم 2920.
[3] انظر عن (محمد بن عطاء الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 261 رقم 2282.(45/296)
كتب عنه: ابن الحاجب، وابن سَلَّام، وغيرهُما.
وتُوُفّي بدمشق في ربيع الأَوَّل، وحُمِلَ إلى الْجَبَل، وشَيَّعُه خلْق.
431- مُحَمَّد بن مقبل [1] بن قاسم. أبو عبد الله، الياسريُّ، البَغْداديُّ.
والياسرية: قرية منسوبة إلى ياسر مولى زُبيدة.
روى عن: أبي شاكر السَّقْلَاطُونيّ، ونصرِ الله القَزَّاز.
ومات في جُمَادَى الآخرة.
432- مُحَمَّد بن النفيس [2] بن مُنْجِب بن أبي بكر، العَدْلُ، العالِمُ، أبو عبد الله، البَغْداديُّ، ابن الرَّزّاز [3] .
وُلِدَ سنة ستّ وستّين وخمسمائة.
وسَمِعَ من: مُحَمَّد بن المبارك الحَلاوي، ويحيى بن بَوْش، وابن كُلَيْب، وذاكر بن كامل، وجماعة.
وقرأ القراءاتِ، وتَفَقَّه على مذهب أحمد على أبي إسحاق ابن الصَّقَّال.
وتكلَّم في مسائلَ، وناظرَ، وطلبَ الحديثَ، وقرأ، وحَصَّلَ الأُصولَ.
وكان ثِقَةً، نبيلا. روى عنه ابن النجّار، وغيرُه. وبالإِجازةِ أبو المعالي الأبَرْقُوهيّ.
قال ابن النجّار: ما رأيتُ في الطّلبة أَمْيَزَ منه. كَانَ ثقة، ثبتا.
433- مُحَمَّد بْن هبة اللَّه [4] بْن مُحَمَّد بْن هبة الله بن أحمد. القاضي، الزَّاهد، أبو غانم، ابن القاضي أبي المجد عبدِ الله بن محمد.
__________
[1] انظر عن (محمد بن مقبل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 264 رقم 2292.
[2] انظر عن (محمد بن النفيس) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 265، 266 رقم 2294، والوافي بالوفيات 5/ 133، 134 رقم 2146.
[3] نسبة إلى بيع الرز أو عمله. (المنذري) .
[4] انظر عن (محمد بن هبة الله) في: الكامل في التاريخ 12/ 505، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 271، 272 رقم 2309، والوافي بالوفيات 5/ 158 رقم 188، والبداية والنهاية 13/ 130، والجواهر المضية 2/ 140، والطبقات السنية 3/ ورقة 714، وإعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء 4/ 377.(45/297)
وتَفَقَّه على مذهب أبي حَنِيفة. وتَعَبَّدَ وانقطعَ إلى الصّلاة والصِّيام والتِّلاوة والمَسْجد. وعُرِضَ عليه قضاءُ حلب، فامتنعَ. وهُوَ عَمُّ الصاحِب كمالِ الدِّين عُمَر.
روى عنه هُوَ، وولدُه القاضي أبو المجد. وكتب عنه عمر ابن الحاجب الأَميني، وجماعةٌ.
وتُوُفّي في الخامس والعشرين من شوَّال.
وقال ابن الأَثير في آخر «الكامل» [1] : فلو قال قائل: إنَّه لم يكن في زمانه أعبدَ منه، لكان صادقا، رَضِيَ اللَّهُ عنه وأرضاه، فإنَّه من جُملة شيوخنا، سمعنا عليه الحديثَ.
وقال شيخُنا ابن الظّاهريّ: لَقَبُه عَمْرو الدِّين.
434- مسعودُ بن صَدَقَة [2] بن عليّ بن مسعود.
أبو المُظَفَّر، الأَنصاريُّ، الأَوْسِيُّ، البَغْداديُّ، الكاتبُ.
حدَّث عن شُهْدَةَ.
وتُوُفّي في رجب.
حرف النون
435- نصر بن جزو [3] بن عنان بن محفوظ.
أبو الفَتْح، السَّعْديُّ، المِصْريُّ، الفقيهُ الحَنَفيُّ.
وُلِدَ قبلَ الخمسين.
وتَفَقَّه على الجمال عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سعد اللَّه ابن الوزَّان.
وسَمِعَ بالإِسكندريَّة من: السِّلَفِيّ، وأبي طاهر بْن عَوْف، وَأَبِي طَالِب أحمدَ بْن المُسلَّم، وجماعة، وبمصر من: منجب المرشديّ، وإسماعيل الزّيّات، وأبي المفاخر المأمونيّ، وجماعة.
__________
[1] 12/ 505.
[2] انظر عن (مسعود بن صدقة) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 267 رقم 2296.
[3] انظر عن (نصر بن جرو) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 274 رقم 2315، والجواهر المضية 2/ 193، والطبقات السنيّة 3/ ورقة 143.(45/298)
وسكن طُوخ [1] مُدَّة. وقَدِمَ مصر في آخر عمره. وحدَّث، روى عنه الزَّكيّ المُنذريّ [2] ، وغيرُه.
وَحَدَّثَنَا عنه أحمد بن عبد الكريم الأَغلاقي، وكان شيخا صالحا، فاضلا.
436- نصر بْن عَبْد اللَّه [3] بْن عَبْد العزيز.
أبو عمرو، الغافقي، الفرغليطيّ [4] ، القيجاطيّ.
سَمِعَ من جدِّه لأُمِّه نصر بْن عَلِيّ عن أبي عليّ الصَّدَفِيُّ. وسَمِعَ بقُرْطُبَة من عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن بَقِيّ، وابن بَشْكُوالَ. وأجازَ لَهُ ابن هُذَيْل، والسِّلَفيّ.
وتصدَّر بقيحاطة للإِقراء. وكان مُجاب الدَّعوة، مُعَمَّرًا.
وُلِدَ سنة خمس وثلاثين وخمسمائة.
وأجاز في هذا العام لابن فَرْقد. وأمّا ابن فرتون، فقال: تُوُفّي سَنَة ثلاثٍ وثلاثين وستمائة، فسأعيدُه فيها إن شاء الله.
حرف الهاء
437- هِبَةُ الله بن وجيه بن هِبَة الله بن المبارك.
أبو البركات، ابن السَّقْطِيّ.
شيخٌ حَسَن. سَمِعَ: ابن البَطِّي، ومُحَمَّدَ بن مسعود بن السَّدَنْك. وعنه ابن النجّار.
حرف الياء
438- يحيى بن أحمد [5] بن خليل.
أبو بكر، السّكونيّ، اللّبليّ، نزيل إشبيلية.
__________
[1] قرية من صعيد مصر على غربي النيل «معجم البلدان: 3/ 556» .
[2] انظر «تكملة» المنذري 3/ 267.
[3] انظر عن (نصر بن عبد الله) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 749.
[4] فرغليط: قيّدها ابن ياقوت وقال إنها قرية من نواحي شقورة بالأندلس.
[5] انظر عن (يحيى بن أحمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار (نسخة الأزهر) 3/ ورقة 135.(45/299)
سَمِعَ: أباه، وأبا بكر بن الجدّ، وغيرهما.
قال الأبّار: كَانَ عالما بأصول الفقه، وصناعة الكلام متقدِّمًا فيها. لَهُ النّظْمُ والنَّثر والبلاغةُ. وَلِيَ قضاءَ الجزيرةِ الخَضْراء، ثمّ وَلِيَ قضاءَ شَرِيش، وأقبلَ على التَّدريسِ، وأخذَ عنه جماعةٌ. وغمزَهُ بعضُهم بعدم التنزُّه في أحكامه. وتُوُفّي فِي ربيع الأَوّل، وقد نَيَّفَ على السبعين.
439- يعقوبُ، المَلِكُ الأعزُّ [1] ، شرفُ الدِّين. أبو يوسُف، ابن السُّلطان الملك الناصر صلاح الدِّين يوسُف بن أيوب.
وُلِدَ بمصر سَنَةَ اثنتين وسبعين.
وسَمِعَ من العلّامة عَبْد الله بْن برِّي. وأجازَ لَهُ جماعة. وحدَّث بعرَفَة وبدمشق.
وكأنَّه تُوُفّي بحلب.
وقد مَرَّ في سَنَةِ أربعٍ [2] ، فتُحقَّق السَّنَة.
440- يونسُ بن أحمد [3] بن غَنِيمة بن أحمد. أبو نصر، البَغْداديُّ، البَوَّابُ، الخَرَّاطُ، المعروف بابن زَعْرُورَة.
سَمِعَ من: عبد الله بن هبة الله ابن النَّرْسِيّ، وعبدِ الله بن عبد الصَّمَد السُّلَمِيّ، ووفاء الرُّكيِّ.
[الكنى] 441- أبو الحَسَن المزاليّ، المَغْربيّ، الأُصوليُّ، المُتكلِّم، الزَّاهد.
كَانَ مع تَقَدُّمه في الكلام تؤثّر عنه كرامات، وكان لا يأكل إلّا من كَسْبِ يمينه، كَانَ نَسَّاخًا، وكان يردّ جوائزَ الدَّولة مع فَقْره.
توفّي بمدينة فاس، وقبره يزار.
__________
[1] تقدّمت ترجمته في وفيات سنة 623 هـ-. برقم (275) .
[2] أرّخه فيها المنذري 3/ 275.
[3] انظر عن (يونس بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 270 رقم 2306.(45/300)
أخذ عنه المتكلمُ أبو الحَسَن البَصْريّ.
442- أبو زيد الفازازي [1] ، المغربيّ، الأَديب.
صاحبُ «العشرينيات» النبويّة. هُوَ عبدُ الرحمن.
تُوُفّي فيها وهُوَ في عَشْرِ السبعين بمراكِش.
443- أبو القاسم بن جعفر [2] بن أحمد بن عليّ بن عَمَّارة [3] ، الحَرْبيُّ، النَّجّار.
سَمِعَ من: يحيى بن ثابت، ولاحق بن كاره. وحدَّثَ.
وأجازَ لأبي الفَرَج مُحَمَّد ابن الدَّبَّاب، وغيرِه.
ومات في ذي القِعْدَة.
وفيها وُلِدَ شِهابُ الدِّين عبد الحليم بن عبد السّلام بن تَيْمية.
وبهاءُ الدِّين مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن النَّحْاس النَّحْويّ.
وشمسُ الدِّين محمد بن أحمد بن نِعمة، مُدَرِّس الشامية.
والفخر عثمانُ بن إبراهيم الحِمْصيّ النَّسّاج.
وعليُّ بن مكّيّ القَلانسِيّ، والد السِّرّاج.
والشهابُ أحمد بن سليمان بن مروان ابن البَعْلَبَكّيّ.
ومُحَمَّد بن دِرْباس بن باساك الجاكي.
ومُحَمَّد بن عليّ بن ساعد الحَلَبِيّ.
وأبو مُحَمَّد ظافر بن أبي القاسم النابلسيّ.
وأحمد بن أبي العزِّ بن مشرّف الأَنصاريّ.
وأبو القاسم بن سُلَيمان بن عزاز المؤدِّب.
والكمالُ محمد بن محمد المغازي، بالثغر.
__________
[1] تقدّم باسم «عبد الرحمن بن يخلفتن بن أحمد» برقم 406.
[2] انظر عن (أبي القاسم بن جعفر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 272 رقم 2311، والمشتبه 2/ 471، وتوضيح المشتبه 6/ 346.
[3] عمّارة: بفتح العين المهملة وتشديد الميم وفتحها.(45/301)
سنة ثمان وعشرين وستمائة
[1]
حرف الألف
444- أحمد بْن الحُسَيْن [2] بْن عبد الله ابن الشيخ أبي نصر أَحْمَد بْن هِبَة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن حَسْنُونَ.
أبو نصر، النَّرْسيُّ، البَغْداديُّ، البَيِّع.
وُلِدَ ظَنًّا سَنَة خمسٍ وأربعين وخمسمائة.
وسَمِعَ من: جدّه أبي مُحَمَّد عبد الله بن أحمد ابن النَّرْسيّ عن الطُّرَيْثِيثيّ، وغيره، ومن أبي الوَقْت.
وكان شيخا صالحا، مُنْقطعًا في بيته. وهُوَ من بيت الحديث والعدالة.
أَضَرَّ بأَخَرَةٍ.
روى عنه: الدّبيثيّ [3] ، وابن نقطة [4] ، وجماعة، وتقيّ الدّين ابن الواسطيّ، وأبو عبد الله مُحَمَّد بن أبي منصور بن مُعَلّى الدَّباهيّ. وروى عنه بالإجازة وأبو عبد الله محمد بن أبي القاسم شيخ المستنصرية، وفاطمة بنت سليمان.
__________
[1] ما بين الحاصرتين إضافة منا.
[2] انظر عن (أحمد بن الحسين) في: التقييد 139 رقم 158، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 103، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 286 رقم 2339، والإعلام بوفيات الأعلام 259، والإشارة إلى وفيات الأعيان 330، والعبر 5/ 110، وسير أعلام النبلاء 22/ 307، 308 رقم 184، والمختصر المحتاج إليه 1/ 180، والنجوم الزاهرة 6/ 277، وشذرات الذهب 5/ 136.
[3] في ذيل تاريخ بغداد 15/ 103.
[4] في التقييد 139.(45/302)
والنَّرْس: نهر بين الحلّة والكوفة. وممّن ينسب إليه أيضا أُبَيّ النَّرْسيّ، بخلاف العَبّاس النَّرْسيّ فإنَّه يُنْسَب إلى جدّه.
مات أبو نصر في ثالث رجب.
445- أحمدُ بن عبد الغنيّ [1] بن أحمد النّفيس اللَّخْمِيُّ.
القُطْرُسِيُّ، الأديب.
لَهُ «ديوان» مشهورٌ أجادَ فيه. وذكره العمادُ في «الخريدة» [2] .
روى عنه الشهابُ القُّوصيّ وَوَهِمَ في وفاته قال: في سَنَةِ ثلاثٍ وستمائة.
ومن شِعْره:
يَا رَاحِلًا وجَمِيلُ الصَّبْرِ يَتْبَعُهُ ... هَلْ مِنْ سَبيلٍ إلى رُؤياك [3] يتَّفِقُ
ما أَنْصَفَتْكَ جُفْوني وَهيَ دَامِيةٌ ... ولا وَفِي لَكَ قَلْبِي وهُوَ يَحْتَرِقُ
[4] تُوُفّي في شعبانَ بالقاهِرَة، وقد قارب الثّمانين.
446- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عيّاش [5] .
أبو جعفر، الكتّانيّ، المُرْسِيُّ.
سَمِعَ «المُوَطّأ» من أبي القاسم بن بَشْكُوالَ. وحَجَّ وقَدِمَ دمشقَ فسمِعَ «المقامات الحريرية» من الخُشُوعِيّ. وسَمِعَ من عُمَر المَيانشِيّ بمكّة.
وكان أديبا عارفا بالتَّعبير، وكُفَّ بصرُه بأَخَرةٍ. ذكره الأبّار [6] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الغنيّ) في: بغية الطلب لابن العديم (المصور) 2/ 440 رقم 164 وفيه وفاته سنة 603 هـ-، ووفيات الأعيان 1/ 164- 167 رقم 66، والوافي بالوفيات 7/ 72- 74 رقم 3013، وسيأتي في ترجمة «جلدك الأمير» برقم (453) .
[2] سقطت ترجمته من القسم المصري المطبوع.
[3] في وفيات الأعيان، والوافي بالوفيات: «لقياك» .
[4] في وفيات الأعيان 1/ 165 «محترق» ، والمثبت يتفق مع الوافي بالوفيات 7/ 74.
[5] انظر عن (أحمد بن محمد بن عياش) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 118، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1 ق 1/ 373، 374 رقم 523، ونفح الطيب 3/ 360.
[6] في تكملة الصلة 1/ 118، 119، وقال ابن عبد الملك: وكان حافظا للقرآن العظيم مثابرا على تلاوته حسن القيام على تجويده ذا عناية برواية الحديث معروفا بالثقة فيما يرويه والعدالة واستقامة الحال، له إدراك وحظ وافر من علم عبارة الرؤيا. ومن فوائده زيادة في آخر قول(45/303)
447- أحمد بن هِبَة الله [1] بن سَعْد الله بن سعيد. أبو القاسم، الطَّائِيُّ، ابن الْجَبْرانيِّ، الحَلَبيُّ، المقرئ، النَّحْويّ، الحَنَفِيُّ.
وُلِدَ سَنَة إحدى وستّين وخمسمائة.
وروى عن: أبيه ويحيى الثَّقَفيّ. روى عنه: مجد الدِّين عبد الرحمن العَدِيميّ، وسُنْقر القَضائيّ.
وكان بصيرا باللّغة والعربية.
والْجَبْرَانيُّ: بفتح الجيم [2] ، وشَكَّله بعضهم بضمّها [3] .
تُوُفّي في سابع عشر رجب.
وكانت لَهُ حلقةُ إشغال بحلب.
وقد ذكره ابن نُقْطَة [4] . وذكره الفَرَضيّ فقال: هُوَ تاجُ الدِّين أحمد بن هِبَة الله بن سَعْد الله بن سَعيد بن سعد بن مُقَلَّد بن صالح بن مُقَلَّد بن عليّ بن يحيى بن أبي جعفر أحمد بن عبيد أخي أبي عبادة الوليد بن عبيد البختريّ، الشَّاعر، النَّحْويُّ، المقرئ. إمامٌ، شاعر، لَهُ حَلقة بجامع حلب يقرئ بها
__________
[ () ] الحريري:
إذا ما حويت جنى نحاة ... فلا تقربنها إلى قابل
الأبيات قوله:
ولا تأسفن على خارج ... إذا ما لمحت سنا الداخل
ولا تكثر الصمت في معشر ... وإن زدت عيا على باقل
وكفّ بصره- نفعه الله- سنة ثمان وعشرين أو نحوها وستمائة. وتوفي على أثر ذلك وقيل توفي في حدود الثلاثين وستمائة. ومولده سنة ثنتين وخمسين وخمسمائة. (الذيل والتكملة) .
[1] انظر عن (أحمد بن هبة الله) في: معجم البلدان 2/ 101، وإكمال الإكمال لابن نقطة (الجبراني) ، وبغية الطلب لابن العديم (المصور) 3/ 205 رقم 302، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 287 رقم 2341، والجواهر المضية 1/ 130، والوافي بالوفيات 8/ 227 رقم 3663، وتوضيح المشتبه 1/ 359 و 2/ 569، وبغية الوعاة 1/ 394 رقم 782، والطبقات السنية 1/ ورقة 516، 517، وسلم الوصول لحاجي خليفة، ورقة 156.
[2] وسكون الباء الموحّدة وبعدها راء مهملة مفتوحة وبعد الألف نون وياء النسب. (المنذري) .
[3] هكذا فعل ياقوت في (معجم البلدان 2/ 101) وهو منسوب إلى جبرين قورسطايا من قرى حلب من ناحية عزاز، وتعرف أيضا بجبرين الشمالية وينسب إليها جبراني على غير قياس.
[4] في إكمال الإكمال «الجبراني» .(45/304)
العِلْم والقرآن. قرأ النَّحْو على فِتيان الحَلَبيّ، وأبي الرجاء مُحَمَّد بن حَرْب.
وقرأ القرآن على الدَّقَّاق المغربيّ.
448- أحمد بن أبي الفَتْح بن أبي غالب.
أبو حامد [1] ، القَطِيعيُّ، المعروف بالمسدّي [2] .
حدّث عن: أبي شاكر يحيى السَّقْلَاطُونيّ.
وحجَّ وانقطَعَ بالمدينة لِمرضه، فتُوفّي بعد أيَّام في صَفَر.
449- إسفنديار بن سُنْقر [3] . أبو مُحَمَّد، المَرَاتِبيُّ، ويُدعى صُهَيْبًا الرُّوميَّ.
روى عن أبي طالب المبارك بن خُضَير.
ومات في شعبان.
حرف الباء
450- بُهْرامُ شاه [4] بن فرّوخ شاه بن شاهنشاه بن أيّوب بن شادي بن
__________
[1] هكذا سمّاه المؤلف- رحمه الله- هنا. والصواب كما سمّاه المنذري: «أبو أحمد محمد بن أبي حامد أحمد بن أبي الفتح بن أبي غالب» . (التكملة 3/ 282، 283 رقم 2330) .
أما «أحمد» المذكور هنا فهو والد صاحب الترجمة، ووالده لم يرو عن أبي شاكر يحيى السقلاطوني، بل يروي عن أبي المعالي أحمد بن منصور ابن الغزّال، كما سيأتي في وفيات هذه السنة باسم «محمد بن أحمد بن أبي الفتح» برقم (474) وقد وهم المؤلف- رحمه الله- في إثبات الترجمة هنا باسم «أحمد» ، ولم يفطن إلى أنه هو «محمد» . وقد نبّه إلى هذا الوهم الدكتور بشار عواد معروف في تحقيقه لتاريخ الإسلام (وفيات 628 هـ-) ص 280.
[2] المسدّي: بضم الميم وفتح السين المهملة وتشديد الدال المهملة وكسرها. (المنذري) .
[3] انظر عن (إسفنديار بن سنقر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 288 رقم 2344.
[4] انظر عن (بهرام شاه) في: الأعلاق الخطيرة 2/ 49، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 66- 668، وديوان ابن عنين 55- 58، وذيل الروضتين 160، والفتح القسي 237، والحوادث الجامعة 19، ومفرّج الكروب 4/ 284- 293، ووفيات الأعيان 2/ 453، ونهاية الأرب 29/ 166- 168، والإشارة إلى وفيات الأعيان 330، والعبر 5/ 110، 111، وسير أعلام النبلاء 22/ 330 رقم 200، وفوات الوفيات 1/ 226- 228، والوافي بالوفيات 10/ 304- 307 رقم 4816، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 161 ب، والبداية والنهاية 13/ 131، 132، ومرآة الجنان 4/ 65، ومآثر الإنافة 2/ 84، والسلوك ج 1 ق 1/ 240 (توفي 627 هـ-) ، والعسجد المسبوك 2/ 446، 447، وشفاء الغرام 333- 337، والنجوم الزاهرة 6/ 275- 277، والدارس في تاريخ المدارس 1/ 169، وشذرات الذهب 5/ 126، وترويج القلوب(45/305)
مروان. السُّلطانُ الملك الأَمجد، مجدُ الدِّين، أبو المُظَفَّر، صاحب بَعْلَبَكّ.
ولي إمرةَ بَعْلَبَكّ خمسين سَنَةً بعد والده. وكان أديبا، فاضلا، شاعرا مُحْسنًا، جَوادًا مُمَدحًا، لَهُ «ديوان» شِعْر.
أُخِذَتْ منه بَعْلَبَكّ في سَنَةِ سبْعٍ وعشرين وتَمَلَّكَها الملكُ الأشرف موسى، وسَلَّمها إلى أخيه الصالح، فَقَدِمَ هُوَ دمشق، وأقام بها قليلا، وقتلَهُ مملوك لَهُ مليح، ودُفِنَ بتُربة والده الّتي على الشرف الشماليّ في شهر شوَّال.
ومن شِعره:
لَكُم في فؤادي شَاهِدٌ لَيْسَ يَكْذبُ ... وَمِنْ دَمْعِ عيني صَامِتٌ وَهُوَ مُعْربُ
وَلِيَ مِنْ شُهُود الوَجْدِ [1] خَدٌّ مُخَدَّد ... وَقْلبٌ على نَارِ الغَرَام يُقَلَّبُ
وَلِيَ بالرُّسُوم الخُرْسِ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا ... غَرَامٌ عَلَيْه ما أَزَالُ أُؤَنَّبُ
وإنْ عنَّ ذِكْر الرَّاحِلين عَن الحِمَى ... وَقَفْتُ فلا أَدْرِي إلى أَيْن أَذْهَبُ
فَرَبْعٌ أُنَاجِيهِ وقَدْ ظَلّ خَالِيًا ... وَدَمْعٌ أُعَانِيهِ وقَدْ بَاتَ يُسْكبُ
ومنها:
حَنينٌ إذَا جَدَّ الرَّحِيلُ رَأيتُه ... بنفسي في أثْر الظَّعَائنِ يَلْعَبُ
وشَوْقٌ إلى أهل الدّيار يحثّه ... غرام إلى العذريّ يعزى ويُنْسَبُ
وَمَا مُزْنَةٌ أَرْخَتْ عَلَى الدَّار وَبْلَهَا ... فَفِي كُلِّ أَرْضٍ جَدْوَلٌ مِنْهُ يَثْعَبُ
بِأَغْزَرَ مِنْ دَمْعِي وقَد أَحْفَزَ السُّرى ... وأَمْسَتْ نِياقُ الظّاعنين تقرّب
[2] حصره الملك الأشرف، وأعانه عليه صاحب حمس أسد الدّين شيركوه، فأخذت منه بَعْلَبَكّ، فَقَدِمَ إلى دمشق، واتَّفق أنَّه كَانَ له غلام محبوس في خزانة في الدّار، فجلس ليلة يلهو بالنّردِ فولع الغلامُ برزّة الباب ففكَّها، وهجم على الأمجد، فقتله ليلة ثاني عشر شوَّال. ثمّ هرب الغلامُ، ورمى نفسه من السطح فمات.
__________
[ () ] 49، ومنادمة الأطلال 84، 85.
[1] في ديوانه 399 «الحبّ» .
[2] الأبيات في ديوان الملك الأمجد- دراسة وتحقيق د. ناظم رشيد- طبعة وزارة الأوقاف العراقية 1403 هـ-/ 1983 م. ص 396- 398 رقم 133.(45/306)
وقيل لحِقه المماليكُ عند وقعته فقطَّعوه [1] .
وقيل: إنّ الأمجد رآه بعضُ أصحابه فِي النّومِ، فَقَالَ لَهُ: ما فعل اللَّه بك؟ فقال:
كُنْتُ مِنْ ذَنبي عَلَى وَجَلٍ ... زَالَ عنِّي ذَلِكَ الوَجَلُ
أَمِنَتْ نَفْسِي بَوَائِقَها ... عِشْتُ لَمّا مِتُّ يا رَجُلُ
[2]
حرف الثاء
451- ثابت بن مُحَمَّد [3] بن يوسُف بن خيار. أبو الحَسَن، الكلَاعيّ، الأَنْدَلسِيُّ، اللَّبْلِيُّ المُلَقَّب بأبي رَزِين، نزيلُ غَرناطة.
أخذ القراءات عن أبي العباس أحمد بن نوّار، وحمل عنه تصانيفَ أبي عَمْرو الداني.
وسمع بقرطبة من ابن بشكوال، وأبي خالد بن رفاعة، وأبي بكر القشائشي، وجماعة. وقرأ كتاب «سيبويه» على أبي عبد الله بن مالك المرشانيّ. وحمل «جامع» التّرمذيّ عن أبي الحَسَن بن كَوْثر. وأخذ بوادي آش عن أبي تَمّام العَوْفيّ. وأجازَ لَهُ السِّلَفيّ، وغيرُه.
وأقرأ القرآنَ والنَّحْو بجيَّان وغَرناطة.
قال الأَبَّار: روى عنه أبو العبّاس النَّباتيّ، وغيره.
حرف الجيم
452- خوارزم شاه [4] ، السُّلطان جلال الدِّين مَنْكُوبْرِي ابن السُّلطان علاء
__________
[1] انظر التفاصيل في «مرآة الزمان: 8/ 667.
[2] البيتان في مرآة الزمان: 8/ 668.
[3] انظر عن (ثابت بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 237.
[4] كانت هذه الترجمة في وفيات سنة 629 وقد طلب المؤلف تحويلها إلى هذه السنة حينما كتب في هذا الموضع: «جلال الدين خوارزم شاه يحوّل من سنة تسع وعشرين إلى هنا» فحولناه وكتبنا الترجمة التي ذكرها في وفيات تلك السنة بتمامها، وقد بدأها هناك بتقديم لفظة «خوارزم شاه» فرتبها في حرف الخاء المعجمة، وكتب هنا «جلال الدّين» فرتب الترجمة في حرف الجيم، وقد آثرنا نقل الترجمة كاملة كما وردت في وفيات سنة (629) ولم نشأ تغيير(45/307)
الدِّين مُحَمَّد بن تُكش بن أرسلان بن آتسِز بن مُحَمَّد بن نُوشْتَكين، الخُوارزْميّ.
لَمّا قصد جنكزخان بجيوشه بلاد ما وراء النّهر لخلُوّها من العساكر إذْ هُم مع السُّلطان علاء الدِّين بهَمَذَان، رَجَعَ علاءُ الدِّين مُسْرعًا وسيَّر ولده جلالَ الدِّين هذا في خمسة عشر ألفا بين يديه، فتوغَّل في البلاد، فأحاطَ به جنكزخان بجيوشه، فطَحَنُوه، وتخلَّص بعد الْجُهْد، وتَوَصَّل إلى أبيه.
ولَمّا زَال مُلْكُ أبيه وماتَ غريبا تقاذفت بجلال الدِّين البلاد، فرمته بالهِند، ثمّ أَلقتهُ الهندُ إلى كِرمان، ثمّ إلى سَوَادِ العراق. وساقته المقاديرُ إلى بلاد أَذْرَبَيْجَان وأرَّان، وغَدَرَ بأتابكَ أزْبك، وأخرجَهُ من بلاده، وأخذَ زوجتَهُ بنت السُّلطان طُغْرِيل وتزوّجَ بها، وعَمِلَ مَصَافًا مع الكُرْج، فَكَسَرَهُم كسرة لا انجبارَ معها، وقتلَ مُلوكَهُم، وقوي أمرُه وكثُرت جموعُه، وافتتح تَفْليس، وتقلّبت به الأَحوال.
حكى الشهاب النَّسَويّ في «سيرة خُوارزم شاه» [1] قال: كَانَ جلالُ الدِّين أسمرَ قصيرا، تركيَّ الجسارة والعبارة. وكان يَتَكَلَّمُ بالفارسية أيضا. وأمّا شجاعتُه، فحسْبُكَ منها ما أوردتُه من وقعاته، فكان أسدا ضِرغامًا، أشجعَ فرسانه إقداما. وكان حليما لا غَضُوبًا ولا شَتَّامًا، وقورا، لا يَضْحَكُ إلّا تَبَسُّمًا، ولا يُكثر كلاما. وكان يختار العَدْلُ غير أنّه صادف أيام الفتنة فغلب.
__________
[ () ] الموضع الّذي أشار إليه المؤلف في الترتيب، كما لم نعد صياغة الاسم- كما فعل بعض النساخ- حينما قدموا «جلال الدين» على «خوارزم شاه» ليتسق الترتيب المعجمي في وفيات السنة. وراجع «سير أعلام النبلاء» : 22/ 326 فما بعد. (عن الدكتور بشار عواد معروف في تحقيقه لتاريخ الإسلام- الطبقة الثالثة والستون- ص 283) . وانظر عن (خوارزم شاه) في:
سيرة جلال الدين للنسوي 382، والكامل في التاريخ 12/ انظر فهرس الأعلام 13/ 79، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 668- 671، والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 142، ق 2/ 456- 464، 520، 539، 540، ومفرّج الكروب 4/ 320- 324، وأخبار الأيوبيين لابن العميد 139، والفخري 325، والمختصر في أخبار البشر 3/ 147، وسير أعلام النبلاء 22/ 326- 329 رقم 198، ودول الإسلام 2/ 134، وتاريخ ابن الوردي 2/ 153- 157، ومرآة الجنان 4/ 67، 68، والبداية والنهاية 13/ 132، وتاريخ الخميس 2/ 414، والسلوك ج 1 ق 1/ 241، والعسجد المسبوك 2/ 447، 448، والنجوم الزاهرة 6/ 278، وشذرات الذهب 5/ 130.
[1] نشرها حافظ حمدي بالقاهرة سنة 1953.(45/308)
وهذه السيرة في مجلّد فيها عجائبُ لَهُ من ارتفاع وانخفاض وفرطِ شجاعة. وفي الآخر تلاشى أمرُه، وكبسهُ التّتارُ في اللّيل، فنجا في نحوِ مائة فارس، ثمّ تَفَرَّقوا عنه إلى أن بقيَ وحده وساقَ خلفه خمسة عشر من التّتار وألحُّوا في طلبه، فثبت لهم، وقَتَل منهم اثنين، فوقفوا. وطلَع إلى جبلٍ بنواحي آمِد به أكراد، فأَجَاره رجلٌ كبيرٌ منهم، فعرَّفَه أنَّه السُّلطان ووعده بكلِّ جميل، ففرح الكرديُّ، ومضى ليُحضر خيلَه، ويُعلم بني عمَّه، وينهض بأمره، وتركه عند أمّه، فجاء كرديٌ جريء فقال: أيش هذا الخُوارزْميّ تخلُّونه عندكم؟
فقيل لَهُ: اسْكُتْ، ذا هُوَ السُّلطانُ. فقال: إن كَانَ هكذا، فذا قد قَتَل- بخِلاط- أخي، ثمّ شَدَّ عليه بحربةٍ معه، فقتله في الحال.
وقال المُوفَّقُ عبدُ اللّطيف: كَانَ أسمرَ أصفرَ نحيفا، سَمْجًا، لأنّ أمَّه هندية. وكان يلبس طَرْطُورًا فيه من شَعْر الخَيْل، مصبغا بألوان. وكان أَخوه غياثُ الدِّين أجملَ الناس صورة وأرقَّهم بَشَرَة لكنّه ظلومٌ غَشُوم وهُوَ ابن تركية.
قال: والزِّنا فيهم- يعني في الخوارزميّة- فاش، واللّواط ليسَ بقبيح ولا مَعْذوقًا [1] بشرط الكِبَرَ والصِّغَر. والغَدْرُ خُلُقٌ لا يُزايلُهم، أخذوا قلعة عند تَفْلِيس بالأمان، فلمّا نزل أهلُها، وبَعُدوا يسيرا، عادوا عليهم، فقتلوا من كَانَ يَصْلُحُ للقتل، وسَبَوْا من كَانَ يصلح للسبي. وَرَدَّ عليَّ رجلٌ من تَفْليس كَانَ يقرأ عليَّ الطِّبَّ، فذكر لي ذلك كُلَّه، وأنّه أقام بتَفْليس ستّ سنين، واكتسب مالا جمّا بالطّبّ. فلمّا قرب الخُوارزميون جاء رسولُهم إلى الملكة بكلام لَيِّن، فبينا هُوَ في مجلسها وقد وصل قاصدٌ يُخبر بأنّ القومَ في أطراف البلاد يعيثون، فَقالَتْ للرسول: أهكذا تكونُ الملوكُ يرسلون رسولا بكلام، ويفعلون خلافه؟
وأمرت بإخراجه. وبعد خمسة عشر يوما وصلوا، فخرج إليهم جيش الكُرْج، فقال إيواني: نُرتِّبُ العَسْكَر قَلْبًا وميمنة ومَيْسَرة، فقال شلوه: هؤلاء أحقرُ من هذا، أنا أكفي أمرهم. فنزل في قدر سبعة آلاف أكثرهم تُركمان بتَهَوُّر، وكان في رأسه سُكْرٌ، فتَقَدَّم فصارَ في وسطهم، وأحاطوا به، ووقع عَلَمُهُ. فقال إيواني: هذا شلوه قد كُسِرَ، رُدُّوا بنا، وأخذ في مَضِيقٍ، وتبِعه المُنهزمون، فتحطّموا في مضيقٍ عَمِيق حَتّى هلك أكثرهم، وتحصَّن إيواني بمن معه في
__________
[1] معذوق: معلّق، أخذه من العذق، وهو عذق النخلة ويشمل العرجون بما فيه من الشماريخ.(45/309)
القلاع. فبقي الخوارزميّون يعيثون، ويفسدون أيّ شيءٍ وجدوه، واعتصمت الملكةُ بقلاع في مضايق. ثمّ إنّ ابن السَّديد التَّفْلِيسيّ قصدَ الإصلاح ظَنًّا منه أنّهم يشبهون النّاسَ، وأنَّ لهم قَوْلًا وعَهْدًا، فخرجَ يَطْلُبُ الأمان لأهل المدينة أجمعين المسلمين والكُرْج واليهود، فأخذ خطَّ جلال الدِّين وأخيه غِياث الدِّين وحَمِيّهِ وختومهم، ولوحا من فِضّة مكتوبا بالذَّهب يُسمّى بايزة، وتوثَّق. فساعة دخلوا، نهبوا مماليك ابن السَّديد ونعمته ونَدِمَ، وعملوا بجميع الناس كذلك، وسَمّوا المسلمين مُرْتدّين، واستحلّوا أموالَهم وحريمَهُم، وصاروا لَا يتركون زوجة حسناء، ولا ولدا حَسنًا، ويَهْجُمُ الواحدُ منهم على قوم، فيستدعي بطعام وشَراب، ويؤاخي زوجةَ صاحب الدَّار، ويطلبُها للفراش ويقول: هكذا أخوَّتنا، ثمّ يُصبح، فإنْ وجدَ لهم ولدا يُعْجِبُه، أخذَهُ معه، وإن كان عنده أحد سلعة فأراد بيعها، فنادى عليها بخمسين دينارا، أخذها بخمسة دنانير، فإن تكلَّم صاحبُها ضربه بمقرعةٍ معه، رأسها مطرقة، فربّما مات، ورُبّما غشي عليه.
قال: وعددهم لا يبلغ مائة ألف، ربّما كَانَ ستّين ألفا، كلّهم جِياع، مُجَمَّعة ليس لهم مَدَد، وكلّهم عليهم أقبية القُطن، وسلاحهم النّشّابُ القليلُ الصنعة يرمون عن قسِيّ ضِعاف لا تؤثّر في الدُّروع. وليسَ لهم ديوان ولا عَطاء، إنّما لهم نَهْبُ ما وجدوه، ولا يُمكنه أن يكفّهم عن شيء.
قال لي: وجميعُ من جَرَّب التّتر يَشْهَدُ أنّ سيرتَهُم خيرٌ من سيرة الخُوارزميّين.
ثمّ قال المُوفَّق: ولَمّا توجَّه جلالُ الدِّين إلى غَزْنَةَ والهند فارّا من جنكزخان واستنجدَ بملكها، فأرسل معه جيشا، فأقاموا في قتال التّتر أياما كثيرة، ثمّ انهزم وحيدا فقيدا، وتوجَّه نحو كِرمان، وكان هناك ملكانِ كبيران، فأحسنا إليه، فلمّا قوي شيئا، غدرَ بهما، وقتلَ أحدَهُما، وفرَّ فأتى شيراز على بقر وحَمِير، وأكثر مَنْ معه رجاله، فدفع به صاحبُها نحو بغداد، فأفسد في شهرابان وتلك النّواحي. وكان أخوه غياثُ الدِّين قد انفرد في ثلاثين رجلا هاربا، ومعه صوفيّ يصلّي به، فلمّا نامَ توامَرَ الجماعةُ على قَتْله، والتَّقَرّب برأسه إلى التّتر، فأحسَّ بذلك الصُّوفيُّ، فتركهم حَتّى ناموا وأيقظه وأَعْلَمَهُ، فعاجَلُهم فذبحهم، وترك منهم قوما يشهدون بما عزموا عليه. ثمّ دخل إصْبَهان(45/310)
فقيرا وحيدا، فأحسنوا إليه، واجتمع إليه شُذَّاذُ عسكر أبيه، وجاءته خِلَعٌ من بغداد وتشريف، ووُعِدَ بالسلطنة، فسمعَ بوصول أخيه فقال: لا تصل إلّا بأمرِ الدّيوان، فاستأذن، فأُذن لَهُ، فلمّا وصل جلالُ الدِّين خاف من أخيه، فاعتقله، وقيَّده مُدَّة حَتّى قوي واستظهر، ثمّ أطلقه. وفي الآخر ضعف دَسْتُ جلال الدِّين، ومقتَهُ الناس لقُبْح سيرته، ولم يترك لَهُ صديقا من الملوك بل عادى الكُلَّ، ثمّ اختلف عليه جيشُهُ لَمّا فسد عقله بحبّ مملوكٍ، فمات المملوكُ فأسرف في الحزن عليه، وأمر أهلَ توريز بالنَّوح واللّطْم، وما دفنه، بل بقي يستصحبُه، ويصرخ عليه، والويل لمن يقول: إنَّه مَيْت، فاستخفَّ به الأمراء وأَنِفُوا منه، وطمعت فيه التّتارُ لانهزامه من الأَشْرَفِ واستولوا على مَرَاغة وغيرها.
قلتُ: وفي الحوادث على السنين قطعة من أخباره. ولقد كان سدّا بين التّتر وبين المسلمين، والتقاهم غير مرَّة. وقد ذهب إليه في الرُّسْلِيّة الصاحبُ محيي الدّين يوسف ابن الجوزيّ، فدخل إليه، فرآه يقرأ في المصحف ويبكي، واعتذر عمّا يفعلُه جُنْدُه لكثرتهم وعدم طاعتهم. وفي آخر أمره كَسَرِهُ الملكُ الأَشرفُ، وصاحب الروم، فراحَ رواحا بَخْسًا، ثمّ بعدَ أيام اغتاله كُردي، وطعنه بحَربةٍ، فقتله في أوائل سَنَة تسع وعشرين بأخٍ لَهُ كَانَ قد قُتِلَ على يد الخُوارزمية. وتفرّق جيشُه من بعده وذُلُّوا [1] .
قلتُ: لم يشتهر موتُه إلا في سَنَةِ تسع، وإنما كَانَ في نصف شوَّال سَنَة ثمانٍ.
453- جَلْدَك [2] ، الأميرُ الكبير، شجاع الدّين.
أبو المنصور، المظفّريّ، التّقويّ.
__________
[1] انظر: تاريخ الخميس 2/ 414.
[2] انظر عن (جلدك) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 287، 288 رقم 2343، ووفيات الأعيان 1/ 167 رقم (7) ، ونهاية الأرب للنويري 29/ 168، 169، والعبر 5/ 111، وفوات الوفيات 1/ 300 رقم 1008، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 26، والوافي بالوفيات 11/ 174 رقم 258، والعسجد المسبوك 2/ 446، والمقفى الكبير للمقريزي 3/ 67، 68 رقم 1088.(45/311)
سَمِعَ من السِّلَفيّ، وروى عنه وعن مولاه الملك تقيّ الدِّين عُمَر بن شاهنشاه بشيءٍ من شِعره.
وَوَلِيَ نيابَةَ الإِسكندرية، ودِمْياط، وشَدَّ [1] الدّيار المِصْريّة. وكان فاضلا، لَهُ أدب، وشِعْر جَيّد وخطٌّ مَليح. ذكر أنَّه نسخَ بيده أربعا وعشرين ختمة.
وكان سَمْحًا جوادا، مُكرِمًا للعلماء، مُساعدًا لهم بماله وجاهه. ولَهُ غزواتٌ مشهودة ومواقف بالساحل، ومُدِحَ بالشعر.
روى عنه: الشهاب القُّوصيّ، والزَّكيّ المُنذريُّ، والرشيد العَطّار، والْجَمَال ابن الصَّابونيّ.
واستفك مائة وثلاثين أسيرا من المغاربة- عند موته- بمبلغ من الذَّهب- والله يرحمه ويغْفِرُ لَهُ- وبنى بحماة مدرسة.
وتُوُفّي في الثامن والعشرين من شعبان.
وللنفيس أحمد القُطْرُسِيّ [2] فيه قصيدةٌ منها:
أَحْرَقتُ يَا ثَغْرَ الحَبِيبِ ... حَشَاي لَمّا ذُقْتُ بَرْدَكْ
أَتَظُنُّ غُصْنَ البَان يُعجبني ... وَقَدْ عَايَنْتُ قَدَّكْ
أَمْ خِلْتَ آسَ عِذَارِكَ ... المَنْشُوقِ يَحْمِي مِنْكَ وَرْدَكْ
يا قلب من لانت معاطفة ... علينا ما أشدّك
أَتَظنُّني جَلْدَ القُوى ... أَوْ أَنَّ لي عَزَمَاتِ جَلْدَكْ
[3]
__________
[1] شدّ أو شادّ الديار المصرية، بمعنى ناظر أو مشرف.
[2] هو الّذي تقدّمت ترجمته قبل قليل برقم (445) .
[3] ومن شعر جلدك:
المرء مع الزمان في حالاته ... ينقاد لحكمه على علّاته
فاقصد في السعي إنّ في أوقاته ... يأتيك الرزق مسرعا من ذاته
وقوله:
قبّلت فمّ الحبيب والشرب نيام ... سرّا وفت من ثناياه ختام
أحببت بأن أبلّ باللثم أوام ... فازداد قلى وازددت هيام
وقوله:
هذا قريضي حين حرزته ... علمت أنّي لست من أهله(45/312)
حرف الحاء
454- الحارث، القاضي الجليل، مجدُ الدِّين [1] . أبو الأشبال، ابن الرئيس العالِم النَّحْويّ مهذّب الدِّين أبي المحاسن المُهَلَّب بن حَسن بن بركات ابن عليّ بن غِياث المُهَلَّبيّ، المِصْريّ، الشّافعيُّ، المجد البَهْنَسِيُّ.
اتّصل بالصاحب صفيِّ الدِّين ابن شُكْر، وسافرَ معه إلى الشام وغيرها، وتَرَسَّلَ إلى الدِّيوان العزيز، وإلى ملوك النواحي. ووقف وقفا بمصر على الزاوية الّتي كَانَ والده يُقرئ بها بالجامع العتيق.
وقد تقدَّم ذَكرُ أخيه موفّق الدِّين عَقيل. وكان المجدُ ذا يد طولى في اللّغة، ولَهُ شِعْر حَسَن [2] .
تُوُفّي بدمشق في صفر، وقد جاوز السبعين.
كتب عنه القُّوصيُّ، وغيرُه شعرا. وقد وزر بحرَّان للأشراف، ثمّ نكبه وصادره وحبسه مدّة.
__________
[ () ]
وكتبته لا لغرامي به ... لكن عسى أذكر من أجله
(المقفى الكبير 3/ 68) .
وقوله في غلام يتعلّم علم الهندسة والهيئة:
وذي هيئة يزهى بوجه مهندس ... أموت به في كل يوم وأبعث
محيط بأشكال الملاحة وجهه ... كأنّ به إقليدسا يتحدّث
فعارضه خطّ استواء، وخاله ... به نقطة، والصدغ شكل مثلّث
(وفيات الأعيان 1/ 167، والمقفى الكبير 3/ 68) .
[1] انظر عن (الحارث مجد الدين) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 282 رقم 2329، وذيل الروضتين 160، والوافي بالوفيات 11/ 265 رقم 386، والبداية والنهاية 13/ 130، والمقفى الكبير للمقريزي 3/ 141، 142 رقم 1115، والقلائد الجوهرية لابن طولون 121، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 121، والدارس في تاريخ المدارس 1/ 215، والأعلام 2/ 161.
[2] ومنه في رجل سلب أعراض الناس:
طغى بن فلان على ربّه ... وما منه في الخلق من سالم
وذاك قليل وإن ضوعفوا ... دعوه يسبّ إلى آدم
كنوز المعايب في عرضه ... يفرّق منها على العالم
(المقفى الكبير 3/ 141) .(45/313)
455- الحُسَيْن بن أحمد [1] بن أبي الفَرَج بن حفاظ البُغْداديُّ، اللَّبَّان [2] .
شيخ ديِّن، صالح. حدَّث عن محمد بن نَسِيم العَيْشُونيّ.
ومات في ذي الحجّة.
حرف الخاء
456- خاموش [3] ابن الأتابك أُزْبك صاحب أَذْرَبَيْجَان.
وُلِدَ هذا أصمَّ أبكمَ، فكان يُفهِّمهُ ويَفْهم عنه رجلٌ رَبَّاه. ولَمّا استولى خُوارزم شاه على بلاد خاموش جاءَ خاموش إلى خدمته بكَنْجة خاضعا، فَقَدَّم تُحفًا من جُملتها حِياصة [4] كيكاوس ملك الفُرس في الزَّمن القديم، فيها عِدّة جواهر لا تقوّم منها قطعة بَذْخَشانيّ مَمْسوح طولانيّ في قدر كَف، أفخر ما يكون، قد نُقِرَ فيها اسمُ كيكاوس، فكان السُّلطانُ خُوارزم شاه يَشُدُّهَا في الأعياد إلى أن كبسه التّتارُ بآمِدَ، فظفِرُوا بهذه الحياصة ونفذوها إلى القان جنكزخان.
وأقامَ الملكُ خاموش مُدَيدةً في الخِدْمة، فلم يَحْظَ بعناية إلى أن رَقَّت حالُه، ففارق خُوارزم شاه، ودخل إلى حصن الأَلَموت [5] ، فأدركه الموت بعد شهر. ذكر ذلك الشهابُ النَّسويُّ في «سيرة خُوارزم شاه» .
457- خليل بن إسماعيل [6] بن عليّ بن علوان بن زُوَيزان. المولى جمالُ الدَّولة، رئيس قصر حَجَّاج، وإليه تُنْسب قطائع ابن زويزان.
__________
[1] انظر عن (الحسين بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 294 رقم 2361.
[2] قيّده المنذري.
[3] كتب المؤلف- رحمه الله- ترجمة خاموش هذا ملحقة بحاشية نسخته في غير هذا الموضع، وكتب عند هذا الموضع: «خاموش يرتب هنا» فرتبنا ترجمته حيث أراد.
وانظر عن (خاموش) في: الوافي بالوفيات 13/ 286 رقم 347، وقاموس الرجال للتستري 3/ 2089 (طبعة طهران 1379 هـ-) .
[4] الحياصة: نطاق عريض يلفّ فوق السروال، ويعلّق بها الخنجر. (انظر المعجم المفصل لدوزي- ص 145- 147) .
[5] هو حصن الإسماعيلية.
[6] انظر عن (خليل بن إسماعيل) في: الوافي بالوفيات 13/ 394 رقم 492، والدارس في تاريخ المدارس 2/ 247.(45/314)
مات في شهر ربيع الأَوَّل.
وخَلّف عقارا وَعَيْنًا بما يزيد على مائتي ألف دينار، وتَصَدَّق بثُلث ماله، ووقّفَ من ذلك على القُرَّاء والعُلماء بتُربته بميدان الحَصَى [1] . والّذي تُرِكَ من الذَّهب أحدٌ وعشرون ألف دينار.
حرف الزاي
458- زُبيدة بنت إسماعيل [2] بن الحَسَن البَغْداديّة.
أجازَ لها أبو الوَقْت.
459- الزَّين الكُرْديُّ [3] ، المقرئ المُجَوِّدُ، نزيلُ دِمشق، أبو عبد الله، محمد بن عُمَر بن حُسَيْن.
كَانَ ممن أخذ القراءات عن الشَّاطبيُّ، وتصدَّر للإِقراء بدمشق. وجلسَ في حلقته بعده بمعلومه أبو عمرو ابن الحاجب.
حرف الصاد
460- صالح بْن عَبْد الرَّحْمَن [4] بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّدِ.
أَبُو البَقاء، الأَنصاريُّ، الخَزْرَجيُّ، القَلْيُوبِيُّ، المِصْريّ، المالكيُّ.
ولد في حدود الخمسين وخمسمائة.
وذكر أنَّه سَمِعَ بدمشق من ابن عَساكر. وحدَّث عن أبي المفاخر المأَمونيِّ.
وكان فَقيهًا، عالما، صالحا، خيِّرًا، مُتَعففًا، مُقبلًا على ما يعنيه.
روى عنه الزَّكيّ المُنذِرِيُّ وقال: مات في رابع عشر ذي الحجّة.
__________
[1] يعرف اليوم بالميدان، محلّة في جنوب دمشق.
[2] انظر عن (زبيدة بنت إسماعيل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 293 رقم 2358، وتاج العروس 2/ 363.
[3] انظر عن (الزين الكردي) في: العبر 5/ 111.
[4] انظر عن (صالح بن عبد الرحمن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 294 رقم 2360.(45/315)
حرف العين
461- عائشةُ بنت الإِمام الحافظ عَبْد الرّزَّاق [1] ابن الشَّيْخ عَبْد القادر الْجِيليِّ. أمُّ مُحَمَّد.
روت عن أبي الحُسَين عبد الحقّ. وماتت في ربيع الأَوَّل.
462- عبد الله بن ثابت [2] بن عبد الخالق بن عبد الله بن رُومي.
الخَطيبُ، الشَّاعرُ، الأديب، أبو ثابت، التّجيبيّ، الشّنهوريّ.
خطيب شنهور- بالمعجمة- وهي بلدةٌ بقرب قُوص، قَيَّده الحافظ عبد العظيم [3] وقال: سمعت منه من شِعره. وتُوُفّي في رمضان، ولَهُ بضعٌ وخمسون سَنَة.
463- عبد الحقُ بن إسماعيل [4] . أبو سونج [5] ، الفيَّالي، الصَّالحيّ.
روى عن: أبي نصر عبد الرحيم بن يوسُف، وَأَبِي الفَتْح عُمَر بْن عَلِيّ الْجُوَيْنيّ.
روى عنه: الزّكيّ البرزاليّ، والشمس ابن الكمال، والشمس محمد ابن الواسطيّ، وجماعة.
وتوفّي في صفر.
464- عبد الخالق بْن أَبِي عَبْدِ اللَّهِ [6] بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ هلال القطفتيّ، البوّاب.
شيخ صالح. حدَّث عن أبي نصر يحيى بن السّدنك.
ومات في أوّل رمضان.
__________
[1] انظر عن (عائشة بنت عبد الرزاق) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 284 رقم 2333.
[2] انظر عن (عبد الله بن ثابت) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 289، 290 رقم 2348، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 237 رقم 212، والطالع السعيد للأدفوي 276 رقم 197، والوافي بالوفيات 17/ 98، والمقفى الكبير 4/ 461 رقم 1522.
[3] في التكملة 3/ 288.
[4] انظر عن (عبد الحق بن إسماعيل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 279، 280 رقم 2327.
[5] هكذا هنا. وفي التكملة: «سويج» .
[6] انظر عن (عبد الخالق بن أبي عبد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 288 رقم 2345.(45/316)
465- عبد الرحمن بن محمد [1] بن بدر بن جامع.
الفقيه، أبو القاسم، الواسطيُّ، البَرْجُونِيُّ، الشّافِعيُّ.
وُلِدَ في حدود الستّين.
وسَمِعَ من أبي طالب الكَتَّانِيّ.
وتَفَقَّه بواسط على القاضي أبي على يحيى بن الرَّبيع، وببغدادَ على أبي القاسم يحيى بن فَضْلان.
وأعادَ لأَبي الحَسَن عليّ بن عليّ الفَارِقِيِّ، وغيرِه. ودَرَّس، وأَفَاد.
وسَمِعَ من ابن شاتيل، وغيره. ويُعرف بابن المُعَلِّم [2] .
466- عبدُ الرحيم بن عليّ [3] بن حامد. الشيخ مهذْبُ الدِّين، الطَّبيب، المعروف بالدَّخوار.
شيخُ الأطبّاءِ ورئيسُهم بدمشق.
وقفَ دارَهُ بالصَّاغَةِ العتيقةِ مدرسة للطّبِّ. وكان مَوْلِدُه في سَنَةِ خمسٍ وستّين وخمسمائة.
وتُوُفّي في صَفَر، ودُفِنَ في تُربة لَهُ بقاسيون فوق المَيْطور.
روى عنه الشهابُ القُّوصيّ، وغيره شعرا.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 295 رقم 2364، والجامع المختصر لابن الساعي 9/ 217، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 398، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 66 (8/ 136) والمختصر المحتاج إليه 3/ 17، 18 رقم 771، والوافي بالوفيات 18/ 246 رقم 297.
[2] في تكملة المنذري: «وكان والده يعرف بابن المعلّم» وهو الصحيح.
[3] انظر عن (عبد الرحيم بن علي) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 672، وذيل الروضتين 159، 160، وعيون الأنباء لابن أبي أصيبعة 2/ 239- 246، ونهاية الأرب 29/ 168، والعبر 5/ 111، 112، وسير أعلام النبلاء 22/ 316، 317 رقم 193، وفوات الوفيات 2/ 315- 318، والوافي بالوفيات 18/ 383- 386 رقم 396، والبداية والنهاية 13/ 130، ومرآة الجنان 4/ 65، 66، والإشارة إلى وفيات الأعيان 330، والنجوم الزاهرة 6/ 277، وكشف الظنون 1410، وشذرات الذهب 5/ 127، 128، وهدية العارفين 1/ 560، والقلائد الجوهرية لابن طولون 231، وديوان الإسلام 2/ 264، 265 رقم 914، والأعلام 3/ 247، ومعجم المؤلفين 5/ 209.(45/317)
وتخرَّجَ به جماعةٌ كبيرة من الأطبّاء. وصَنَّف في الصنعة كتبا، منها:
كتاب «الْجُنينة» [1] واختصار «الحاوي» لابن زكريّا الرّازيّ، و «مقالة في الاستفراغ» [2] وغير ذلك.
وقد أطنب ابن أبي أُصيبعة في وصفه، وقال [3] : كَانَ أوحدَ عصره، وفريدَ دَهْره، وعَلَّامة زمانه، وإليه رئاسةُ صناعة الطّبِّ- على ما ينبغي- أتعب نفسَه في الاشتغال حَتّى فاقَ أهلَ زمانه، وحظيَ عند الملوك ونال المال والجاه. وكان أبوه كحّالا مشهورا، وكذلك أخوه حامد بن عليِّ. وكان هُوَ في أول أمره يُكحّل. وقد نسخ كُتبًا كثيرة بخطّه المَنْسوب [4] أكثَر من مائة مجلّد في الطّبِّ وغيره. وأخذ العربيةَ عن الكِنْديّ، وقرأ على الرَّضِيّ الرَّحَبِيّ، ثمّ لازمَ المُوفَّق ابن المطران مُدَّةً حَتّى مَهَرَ، ثمّ أخذَ عن الفَخْر الماردينيِّ لَمّا قَدِمَ دمشق في أيام صلاح الدِّين. ثمّ خَدَمَ الملك العادل، ولازم خدمة صفيّ الدّين ابن شُكْر بعدَ الحكيم المُوفَّق عبد العزيز، ونزل على جامكيَّة [5] مائة دينارٍ في الشهر من الذّهب الصّوريّ [6] . ثمّ حظي عند العادل بحيث إنَّه حصل لَهُ منه في مرضة صعبةٍ سَنَة عشر وستمائة سبعة آلاف دينار مصرية. ومرض الملك الكامل بمصر، فعالجه الدّخوار، فحصل لَهُ من جهته أموال.
قال ابن أبي أصيبعة: فكان مبلغُ ما وصل إليه من الذّهب نوبة الكامل نحو اثني عشر ألف دينار، وأربع عشرة بغلة بأطواق ذهب والخلع الأطلس وغيرها وذلك في سَنَةِ اثنتي عشرة وستمائة.
قال: وولّاه السُّلطان الكبير في ذلك الوَقْت رئاسة أطبّاء مصر والشام.
وكان خبيرا بكلّ ما يُقرأ عليه. وقرأت عليه مُدَّة، وكان في كبره يلازم
__________
[1] قال فيه ابن أصيبعة إنه «تعاليق ومسائل في الطب وشكوك طيبة وردّ أجوبتها» . (عيون الأنباء 2/ 246) .
[2] ألّفها بدمشق في شهر ربيع الأول سنة 622 كما قال ابن أبي أصيبعة (2/ 246) .
[3] في عيون الأنباء 2/ 239 وما بعدها.
[4] أي المنسوب إلى قاعدة من قواعد الخط المعروفة.
[5] الجامكية: الراتب.
[6] الصّوري: الدنانير التي نقش عليها صورة. أو «الصّوريّ» بسكون الواو، نسبة إلى مدينة صور بساحل الشام.(45/318)
الإِشغال [1] ، ويجتمع كثيرا بالسَّيف الآمِديّ، وحفظ شيئا من كُتبه وحَصَّل مُعظمَ مصنّفاته. ثمّ نظر في الهيئة والنّجوم، ثمّ طلبه الأشرف فتوجّه إليه سَنَةَ اثنتين وعشرين وستمائة. فذكر لي أنَّه لحِقه في هذه السفرة من شري بغلات وخِيَم ورخت [2] عشرون ألف درهم، فأكرمه الأشرفُ، وأقطعه ما يغلّ في السنة نحوَ ألف وخمسمائة دينار. ثمّ عرض لَهُ ثِقَلٌ في لسانه واسترخاء، فجاء إلى دمشق لَمّا ملكها الأشرف سَنَة ستٍّ وعشرين، فولّاه رئاسة الطّبِّ، وجعل لَهُ مَجلسًا لتدريس الصَّنْعة، ثمّ زاد به ثِقَلُ لسانه حَتّى بقي لا يكاد يُفْهَمُ كلامُه، فكان الجماعةُ يبحثون قُدّامه، ويجيب هُوَ ورُبّما كتب لهم ما يُشكل في اللّوح.
واجتهد في عِلاج نفسه، واستفرغ بَدَنُه مَرَّات، واستعمل المعاجينَ الحارّة فعرضت لَهُ حُمَّى قويّة، فأضعفت قوّته، وتوالت عليه أمراضٌ كثيرة. وتُوُفّي في منتصف صفر، ولم يخلِّف ولدا.
قرأتُ بخطّ الناصح ابن الحنبليّ: وفاة الدّخوار بعد ما أُسكت أشهرا وظهر فيه عِبَرٌ من الأمراض، وسالت عينُه، ودُفِنَ في الْجَبَل.
467- عبدُ السّلام ابن العالم الفاضل عبد الله [3] أحمد بن بَكْران.
أبو الفضل، الدَّاهريُّ [4] ، الخِفاف، الخَرَّاز.
كَانَ يَخْرُزُ في الخِفاف بالحرير. وُلِدَ في حدود سَنَة ستٍّ وأربعين.
وسَمِعَ من: أبي بكر بن الزَّاغونِيِّ، ونصر بن نصر العُكْبَرِيّ، وأبي الوَقْت السِّجْزِيّ، وأبي القاسم بن قَفَرْجَل، والعَوْن بن هبيرة، وأحمد بن ناقة،
__________
[1] الإشغال، التعليم والتدريس.
[2] في عيون الأنباء: «بغلات وخيم وآلات لا بد منها» .
[3] انظر عن (عبد السلام بن عبد الله) في: معجم البلدان 2/ 542، والتقييد لابن نقطة 353، 354 رقم 442، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 254، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 283، 284 رقم 2332، والعبر 5/ 112، وسير أعلام النبلاء 22/ 304، 305 رقم 182، والمختصر المحتاج إليه 3/ 41- 43 رقم 813، وتذكرة الحفاظ 4/ 1474، والإعلام بوفيات الأعلام 259، والمعين في طبقات المحدّثين 194 رقم 2053، والإشارة إلى وفيات الأعيان 330، ذيل التقييد 2/ 121 رقم 1274، وغاية النهاية 1/ 387، والنجوم الزاهرة 6/ 277، بغية الوعاة 2/ 96، وشذرات الذهب 5/ 128.
[4] الداهري: نسبة إلى الداهرية قرية من سواد بغداد. (معجم البلدان 2/ 542) .(45/319)
وأبي المظفّر هبة الله ابن الشّبليّ، وهبة الله الدّقّاق، وابن البَطِّي، وجماعة.
روى عنه: البِرْزَاليُّ، والدُّبَيْثيّ، وابن نُقْطَة، والسيف بن قُدامة، وابن الحاجب، والشرفُ النابلسيّ، والشمس ابن الزّين، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والمجد عبد العزيز الخليليّ، والعماد أحمد ابن العماد، والفخر ابن البُخاريّ، ومحمد بن مؤمن الصُّوريُّ، ومحفوظ بن عِمران الحامض.
وكان شيخا حَسَنًا، أُمِّيًّا لا يكتب، سَهْلَ القياد، مُحبًّا للرواية.
ومن مسموعاته: «صحيح» البخاري رواه مرّات، و «مسند» الدّارميّ، و «المنتخب» لعبد بن حميد، و «اللّمع» للسّراج، و «شمائل الزّهّاد» سَمِعَ ذلك من أبي الوَقْت، والجزء الأول من «المُخَلِّصيات» ، وبعض الخامس والنصف الثاني من السادس من «المُخَلِّصيات» ، وبعض الخامس والنصف الثاني وغير ذلك.
وتُوُفّي في تاسع [1] ربيع الأَوَّل، قرأته بخطّ عمر ابن الحاجب.
وآخِر من روى عنه بالإِجازة فاطمةُ بنت سُلَيْمان.
468- عبدُ العزيز بْنُ عَلِيِّ [2] بْنِ عَبْد اللَّه بْن عَليّ بن مُفَرّج. أَبُو محمد، القُرَشيُّ، الأُمَويُّ، النابلسِيُّ، ثمّ المِصْريّ، المالكِيُّ، العَطارُ.
كَانَ أبوه من الصّالحين فوُلِدَ لَهُ هذا بمكّة في سَنَةِ ثمانٍ وخمسين. وأجازَ لَهُ السِّلَفِيّ، وأبو مُحَمَّد العُثْمَانِيّ، وجماعةٌ.
وسَمِعَ من البُوصيريّ.
قال المُنذريّ سَمِعْتُ منه، وكان شيخا صالحا، مُقْبلًا على ما يعنيه، عفيفا، وأُقْعِدَ سنينَ. ومات في صفر.
469- عَتِيقُ بن حسن [3] بن رَمْلي بن عبد اللَّه بن عمر.
أبو بكر، الأنصاريّ، الإسكندرانيّ.
__________
[1] وذكر المنذري أنّه توفي في ليلة الخامس من ربيع الأول (3/ 283) .
[2] انظر عن (عبد العزيز بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 279 رقم 2326.
[3] انظر عن (عتيق بن حسن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 293، 294 رقم 2359.(45/320)
سَمِعَ من: السِّلَفِيّ، وَأَبِي الطّاهر بْن عَوْف، ومخلوف بن جارة. وحدَّث بالإِسكندرية ومصر.
روى عنه الزَّكيُّ عبد العظيم [1] . وكان مشهورا بالأمانة محمودَ السيرة فيما يتولّاه.
وُلِدَ سَنَة أربعٍ وخمسين.
470- عثمانُ بن محمد [2] بن أحمد بن الفَرَج.
أبو عبد الله، ابن الدَّقَّاق، البَغْداديُّ [3] .
وُلِدَ سَنَةَ اثنتين وستّين.
وسَمِعَ من: أبيه أبي منصور، وشُهْدَةَ، وابن شاتِيل. وهُوَ من بيتِ حديثٍ ورواية.
كتب عنه جماعةٌ. وأجازَ لفاطمة بنتِ سُلَيْمان.
ومات في سادس المُحرَّم.
471- عليُّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك [4] بْن يحيى بن إبراهيم الكُتَّامِيُّ [5] ، الحِمْيَريُّ، المَغْربيُّ، الفاسِيُّ، الحافظُ، أبو الحَسَن، ابن القَطَّان.
سَمِعَ: أبا عبد الله ابن الفَخَّار فأكثر عنه، وأبا الحَسَن بن النقرات، وأبا
__________
[1] في الأصل نحو نصف سطر فراغ تركه المؤلّف- رحمه الله- على أمل أن يذكر من روى عنه غير المنذري، ولم يعد إليه.
[2] انظر عن (عثمان بن محمد) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 2/ 226، 227 رقم 453، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 277 رقم 2321.
[3] وقال ابن النجار: «المعروف بابن العنشنبقي» .
[4] انظر عن (علي بن محمد بن عبد الملك) في: تكملة الصلة لابن الأبار (نسخة الأزهر) 3/ ورقة 80، والعبر 5/ 110، والمعين في طبقات المحدّثين 194 رقم 2060، وسير أعلام النبلاء 22/ 306، 307 رقم 183، وجذوة الاقتباس لابن القاضي 298، وتذكرة الحفاظ 4/ 1407، والتبيان لابن ناصر الدين، ورقة 152، والنجوم الزاهرة 6/ 277، وكشف الظنون 262، وشذرات الذهب 5/ 128، وإيضاح المكنون 1/ 52، وهدية العارفين 1/ 706، وديوان الإسلام 4/ 49، 50 رقم 1727، والرسالة المستطرفة 133، وعلم التأريخ عند المسلمين 718، والأعلام 4/ 331، ومعجم المؤلفين 7/ 213.
[5] تصحّفت هذه النسبة في (المعين في طبقات المحدّثين 194) إلى: «الكناني» .(45/321)
جعفر بن يحيى الخَطِيب، وأبا ذر الخُشَنِيّ، وطائفة.
قال الأَبَّار [1] : كَانَ من أبصر الناس بصناعةِ الحديث، وأحفظهم لأَسماء رجاله، وأشدَّهم عناية بالرِّواية، رأَسَ طلبةِ العِلْم بِمرّاكِش، ونالَ بخدمة السُّلطان دنيا عَرِيضةً. ولَهُ تواليف. دَرَّسَ، وحدَّث.
وقال ابن مَسْدِيّ: معروفٌ بالحِفْظِ والإِتقان، إمامٌ من أئمّة هذا الشأن، مصريّ الأَصل، مُرَّاكِشيّ الدَّار. كَانَ شيخَ شيوخِ أهلِ العِلْم في الدّولة المؤمنية فتمكّن من الكُتب، وبلغ غاية الأُمنية. وولي قضاءَ الجماعة في أثناء تقلُّب تلك الدّول، فنسخت أواخره الأُوّل، ونقمت عليه أغراض انتُهِكت فيها أعراض.
سَمِعَ أبا عَبْد اللَّه بْن زَرْقون، وأبا بَكْر بْن الجدّ، وخلقا. عاقت الفِتَن المُدْلَهِمَّة عن لقائه. وأجاز لي.
قلت: طالعت جميع كتابه «الوهم والإيهام» الّذي علمه على تبيّن ما وقع في ذلك لعبد الحقّ في «الأحكام» [2] يدلّ على تبحُّره في فنون الحديث، وسَيَلانِ ذهنه، لكنّه تَعَنَّت وتكَلَّم في حالِ رجالٍ فما أنصف، بحيث إنَّه زعم أنّ هِشام بن عُرْوَة، وسُهَيْل بن أبي صالح ممّن تغيَّر واختلط. وهنا فاتته سكتة، ولكنّ محاسنه جمَّة.
وتُوُفّي في ربيع الأَوَّل، وهُوَ على قضاء سِجِلْماسة.
472- عليُّ بن مُحَمَّد بن يحيى [3] بن الحُسَيْن بن عليّ بن رحّال [4] .
العَدْل، الأجلّ، نظامُ الدِّين، أبو الحَسَن.
وُلِدَ في رمضان سنة ستّ وأربعين وخمسمائة.
وسمع من: السلفي، وعلي بن هبة الله الكامليّ، والقاسم بن عساكر،
__________
[1] في تكملة الصلة 3/ ورقة 80.
[2] «الأحكام الشرعية الكبرى» لأبي محمد عَبْد الحق بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله الأزدي الإشبيلي المعروف بابن الخراط المتوفى سنة 581 هـ-، وانظر كتاب الدكتور بشار: الذهبي ومنهجه: 173- 175 (ط. القاهرة 1976) .
[3] انظر عن (علي بن محمد بن يحيى) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 290، 291 رقم 2351، والعبر 5/ 112، وسير أعلام النبلاء 22/ 305 دون ترجمة، وحسن المحاضرة 1/ 177.
[4] رحّال: بالحاء المهملة المشدّدة. (المنذري) .(45/322)
وغيرهم. وكان أخوه أبو المُفَضَّل عبد المجيد مدرِّسَ القُطْبِيّة [1] ، سَمِعَ أيضا من السِّلْفِيِّ، وتَفَقَّه بالعراق.
روى عن النِّظام: زكيُّ الدِّين المُنذريُّ، والشهاب الأبرقوهيّ، والجمال أبو حامد ابن الصَّابونيّ.
وُلِدَ بالإسكندرية، ومات بالقاهرة، ودُفِنَ عند أخيه في الخامس والعشرين من شوَّال.
وَمِنْ حَدِيثِهِ: أَخْبَرَنَا الأَبَرْقُوهِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ رَحَّالٍ، أَخْبَرَنَا السَّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الْهُجَيْمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبِ بْنِ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ الْيَمَامِيُّ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «نَحْنُ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَادَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، أَنَا وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ» [2] .
رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ هَدِيَّةَ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ سَعْدٍ نَحْوَهُ، فَوَقَعَ بَدَلا عَالِيًّا.
حرف الميم
473- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم [3] بْن أسد بْن نصر الدِّمشقيُّ.
أبو طالب.
عَمّ والد الشرف بن أسيدة صاحبنا. يروي عن الحافظ ابن عساكر.
توفّي في ذي القعدة.
__________
[1] إحدى مدارس مصر.
[2] إسناده ضعيف. عبد الله بن زياد ذكره البخاري في «التاريخ الكبير» 5/ 95، فقال: منكر الحديث، وعكرمة بن عمار قال ابن عدي: مستقيم الحديث إذا روى عنه ثقة. وقال الحافظ في «التقريب» : صدوق يغلط. ورواه ابن ماجة (4087) من طريق هدية بن عبد الوهاب كما قال الذهبي إلا أنه قال فيه عن «علي بن زياد» وهو خطأ صوابه «عبد الله بن زياد» نبه عليه في «التهذيب» 7/ 321 وفي «تحفة الأشراف» 1/ 86. (المطبوع من تاريخ الإسلام- الطبقة 63- ص 298- بتخريج الشيخ شعيب الأرنئوط) .
[3] انظر عن (محمد بن أحمد بن إبراهيم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 292 رقم 2355.(45/323)
474- مُحَمَّدُ [1] بْن أَحْمَد بْن أبي الفَتْح بن أبي غالب.
أبو أحمد، ابن القَطِيعيّ، ويعرف بالمُسدِّي.
روى عن: أبي شاكر السَّقْلَاطُونيّ.
مات بطريق مَكّة، وقد قارب السبعينَ سَنَة.
475- مُحَمَّد بن عليّ بن حَمَادُو [2] بن عيسى:
أبو عبد الله، الصَّنهاجيُّ، القَلَعِيُّ، نزيلُ بِجَاية.
من أهل قلعة حَمّاد [3] .
روى عن: أبي الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد التَّميميّ المُعَمَّر، والحافظ عبد الحقّ بن عبد الرحمن الإِشْبِيليّ، ومُحَمَّد بن عليّ بن مَخْلوف الجزائريّ.
ودخل الأندلسَ، فسَمِعَ بها.
وولي قضاءَ الجزيرة الخضراء، ثمّ صُرِفَ، ووليَ قضاء مدينة سَلا.
قال الأَبَّار [4] مترسّلًا: وكان شاعرا، كاتبا مترسِّلًا، ولَهُ «ديوان» شِعْر.
ولَهُ كتابُ «الإعلام بفوائد الأحكام» لعبد الحقّ، ولَهُ شرح «مقصورة» ابن دُريد. وقد أخذوا عنه.
قلت: روى عنه ابن مسدي [5] .
__________
[1] تقدّم باسم «أحمد بن أبي الفتح» برقم (448) وهو وهم، والمثبت هنا هو الصواب.
[2] انظر عن (محمد بن علي بن حمادو) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 628 رقم 1637، وعنوان الدراية (تحقيق عادل نويهض) 218، والوفيات لابن قنفذ 311 رقم 628، والوافي بالوفيات 4/ 857، 158 رقم 1692، وديوان الإسلام 3/ 209- 210 رقم 133، وفهرس الفهارس 2/ 114، والأعلام 1/ 280، ومعجم المؤلفين 11/ 4.
وقد ورد بخط المؤلّف- رحمه الله- في الأصل: «حماد» . والمثبت عن (الوافي بالوفيات) حيث قيّده بالحروف فقال: «حمادو، بالحاء المهملة وبعد الدال المهملة واو» . وقيّده ابن قنفذ: «حمادة» بتخفيف الميم. (الوفيات) وقد قيّده الدكتور بشار في المطبوع من تاريخ الإسلام 298 «حمّاد» بتشديد الميم.
[3] انظر: الروض المعطار 469، 470.
[4] في التكملة 2/ 628.
[5] وأورد له ابن الأبار:
أبا عبد الإله إليك أشكو ... لواعج بين جانحتيّ تذكو(45/324)
476- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن موسى [1] . الإِمام، أبو بكر، الأَنصاريُّ، الشَّريشيُّ، المقرئ، المعروف بالغَزَّال.
مِن كبار القُرَّاء المُعَمَّرين، عاش تسعين سَنَةً.
وهُوَ آخِرُ من حدَّث عن عليّ بن محمد بن ناصر المُقرئ.
وسَمِعَ من يحيى بن أَزْهر، وجماعةٍ، وانفردَ بإجازة إبراهيم بن خلف ابن فَرْقد.
قال ابن مَسْدِيّ: سَمِعْتُ منه بشريش، وقال لي: ولدت سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. وبلغني موتُه في حدود سَنَة ثمانٍ وعشرين. أنشدنا لنفسه:
يا أيُّها المُدْمنُ في غيِّه ... لا يَرْهَبُ المَوْتَ ولا يَرْتَدِعْ
قَدْ تخِذَ الشَّهْوَةَ مَعْبودَه ... فما سِوى شَهْوتِهِ يَتَّبِعْ
يَجُرُّ في اللذات أذْيالَه ... وباتَ في خلوتِه ما مُتِعْ
أَنْذَرَكَ الشَّيْبُ فَلَمْ تَتَّعِظْ ... خَاطبَكَ القَبْرُ فَلَمْ تَسْتَمِعْ
فَتُب إلى رَبضكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ ... تَفْجَأَك الصَّرْعَةُ فيمن صُرِعْ
477- مُحَمَّد بن عُمَر [2] بن مالك.
أبو عبد الله، المُعَافِريّ، المغربيّ، المقرئ.
__________
[ () ]
بعدت عن الديار وساكنيها ... وفرّق بيننا فلك وفلك
ولم يعدل لعمر الله عندي ... فراق أحبّة ملك وملك
وقال يهنّئ باسترجاع بلاد إفريقية والظهور على يحيى بن إسحاق:
فتوح لها في كل يوم تلاحق ... كما استبقت يوم الرهان السوابق
تجيء وما بين الزمانين مهلة ... كما نسق المعطوف بالواو ناسق
بشائر تعلوها تباشير مثلما ... تبلّج صبح أو تألّق بارق
وراقت بلاد الله فهي نضارة ... خمائل يندى زهرها وحدائق
كذا فليكن فتح وإلّا فإنّنا ... جميع فتوح العالمين مخالق
إذا أقرأ القرآن في غسق الدجى ... أبيّ بن كعب لم يغنّ مخارق
ووقع في (الوافي) أنه توفي سنة 627 هـ-.
[1] تقدّمت ترجمته مختصرة في وفيات سنة 622 هـ-. برقم (138) ، ثم عاد المؤلف- رحمه الله- وألحقه في حاشية الأصل هنا، وزاد في ترجمته. وقد ذكرت مصادر ترجمته هناك.
[2] انظر عن (محمد بن عمر) في: غاية النهاية 2/ 218 رقم 3319.(45/325)
روى عنه أَبِي عَبْد الله مُحَمَّد بْن عليّ ابن الرَّمّامة.
وماتَ في شعبان [1] .
478- مُحَمَّد بن أبي الفَتْح [2] المبارك بن عبد الرحمن بن عليّ بن عَصيّة [3] . أبو الرضا [4] ، الكِنْديّ، البَغْداديُّ، الحَرْبيُّ.
ولد سنة خمس وأربعين وخمسمائة.
وحدَّث عن: أبي الوَقْت، وعبد الرحمن بن زيد الوَرّاق.
وكان شيخا حسنا، مُتَيقظًا.
روى عنه: الدُّبَيْثيّ في «تاريخه» [5] ، والسيفُ ابن المجد، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشهاب الأبرقوهيّ، وجماعة [6] .
__________
[1] وقال ابن الجزريّ: ولد سنة تسع وأربعين وخمسمائة.. وسمع منه ابن مسدي وقال: كان ذاكرا للقراءات عارفا بالروايات، كان بالإسكندرية. وقال الذهبي: روى عنه «التيسير» زين الدين علي ابن القلّال الجزائري سماعا عن أبي نصر فتح بن محمد عن ابن الدوش وأبي داود عن المؤلف، وهذا خطأ فإن فتح بن محمد قال الأبار مات سنة أربع وسبعين وخمسمائة فما لحق أصحاب الداني أبدا، وقد ذكرته على الصواب في ترجمة «فتح» .
انظر ترجمة «فتح بن محمد بن فتح» في: غاية النهاية 2/ 6، 7 رقم 2548 ففيها ذكر لمحمد ابن عمر المعافري.
[2] انظر عن (محمد بن أبي الفتح) في: الاستدراك لابن نقطة (عصيّة وعصيّة) ، والتقييد، له 114 رقم 131، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 80، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 378 رقم 2324، والمختصر المحتاج إليه 1/ 140، والإشارة إلى وفيات الأعيان 330، والإعلام بوفيات الأعلام 259، والعبر 5/ 112، وسير أعلام النبلاء 22/ 305، 306، والمشتبه 2/ 463، 464، وتوضيح المشتبه 6/ 289، 290، ولسان الميزان 5/ 358 رقم 1268، والنجوم الزاهرة 6/ 277، وشذرات الذهب 5/ 129.
وقد أضاف محقق «التقييد» إلى مصادره: الوافي بالوفيات للصفدي، وهو ليس فيه، فليصحح.
[3] ضبطه الدكتور بشار في المطبوع من تاريخ الإسلام- ص 300 بفتح العين والصاد المهملتين.
وفي تكملة المنذري ضبطه بضم العين وفتح الصاد (3/ 278) .
[4] وهكذا كناه ابن نقطة في (التقييد 114) . وكناه في «إكمال الإكمال» بأبي عبد الله، قال ابن ناصر الدين: والأول معروف. (توضيح المشتبه 6/ 290) .
[5] ذيل تاريخ بغداد 15/ 80.
[6] وقال ابن نقطة في (التقييد 114) : «سمع من عبد الأول «مسند» الدارميّ، «ومنتخب المسند» لعبد بن حميد، وكتاب «ذم الكلام» تصنيف عبد الله الهروي، وحدّث. وسماعه صحيح فيما ذكرنا» .(45/326)
وعُصَيَّة: مختَلَفٌ فيه، وكان أبو الرضا يقول: إنّما هُوَ بالضّمّ.
تُوُفّي في الثالث والعشرين من المحرَّم.
وقال ابن نُقْطَة: من قال: عصيّة- بالضمّ- أخطأ [1] .
__________
[ () ] وقال في «الإكمال» : «لا تعجبني طريقته، ذكر لي أشياء لم أجد لها أصلا، منها أن أباه حدّث عن أبي الحسين بن الطيوري، وغير ذلك ما» . (توضيح المشتبه 6/ 290) .
[1] وقال ابن نقطة: «وكان يقول: هو عصية، بالضم، ولا يتابعه على ذلك أحد البتّة، رأيته بفتح العين، وكسر الصاد بخط محمد بن طبرزد الأكبر، وبخط عبد الله بن جرير القرشي في مواضع كثيرة كذلك، وهكذا سمعته من جميع من أدركته من ثقات الطلبة المتقدمين المعتبر ضبطهم، ومن قال بضم العين فقد صحّف.
وابنه أبو بكر مواهب بن أبي الرضا محمد، ذكره أبو محمد المنذري في كتابه «التكملة» ، وقال فيه: ابن عصية، بفتح العين، وكسر الصاد المهملتين، هذا هو الصحيح فيه، وقد قيل فيه: عصية بضم العين، وفتح الصاد، وقيل: إن الضم فيه تصحيف» . (توضيح المشتبه 6/ 290) .
وعلّق الدكتور بشّار عواد معروف في تحقيقه لكتاب «التكملة» للمنذري 3/ 278 بالحاشية 5 فقال:
الّذي وجدته بخط الإمام الذهبي فتح الصاد (تاريخ الإسلام: ورقة 73 (أياصوفيا) ، وفي العبر 5/ 112 ضم المحقق الصاد من (عصية) ، وقال الذهبي في نهاية ترجمته من تاريخ الإسلام «وعصية مختلف فيه. وكان أبو الرضا يقول: إنما هو بالضم. وقال ابن نقطة: من قال عصية- بالضم- أخطأ» . وقال في (عصية) - بالفتح- عن المشتبه ص 463- 464:
«ومحمد بن أبي الفتح بن عبد الرحمن بن عصية، عن أبي الوقت. وكان هو يقول: عصية- بالضم- والفتح أصح، وادّعى ابن ناصر الدين أن المنذري قيّده بفتح العين وأنه قال: إن هذا هو الصحيح فيه (انظر تعليق ابن ناصر الدين على المشتبه) . ومن هنا يتضح أن ابن ناصر الدين لم يكن دقيقا في النقل عن المنذري، وأن الذهبي كان يرى أن يقيّد بالفتح، وأن محقّق العبر قيّده بالضم من غير علم برأي الذهبي» . (انتهى) .
وعاد الدكتور بشار فعلّق ثانية في تحقيقه لتاريخ الإسلام، طبعة مؤسسة الرسالة- الطبقة 63- ص 300 بالحاشية 2، على قول أبي الرضا: «إنما هو بالضم» فقال:
وبه أخذ المنذري في «التكملة» 3/ الترجمة 2324، وقيّده بقول صاحب الترجمة ثم قال:
«وغيره يقول: هو بفتح العين وكسر الصاد ويقول: هو الصواب» . (انتهى) .
ثم كرّر الدكتور بشار التعليق نفسه في «التكملة» للمنذري، عند ترجمة «مواهب ابن أبي الرضا» وللصاحب هذه الترجمة، (3/ 555 بالحاشية 1) .
وقد تنبّه إلى ذلك السيد «محمد نعيم العرقسوسي» في تحقيقه لكتاب «توضيح المشتبه» لابن ناصر الدين ج 6/ 290 بالحاشية 3، فقال:
«لم ير الدكتور بشار عواد معروف هذا النص الّذي ذكره المنذري في «التكملة» في الترجمة (2971) ، فذكر في تعليقه على الترجمة رقم (2324) أن ابن ناصر الدين لم يكن دقيقا في(45/327)
وعُصَيّة بالضمّ: محمد بن طالب [1] بن عُصَيَّة الفاروثيّ، مُقَدَّم الباطنية [2] .
479- مُحَمَّدُ بن مُحَمَّد بن عَبْد الكريم [3] بن الفضل. المُحدِّث، أبو الفضائل، الرَّافعيّ، القَزْوينيّ، نزيل بغداد.
وأخو العَلَّامة إمام الدِّين عبد الكريم صاحب «الشرح الكبير» .
وُلِدَ في حدود السّتين وخمسمائة.
وأجاز لَهُ ابن البَطِّي.
وسَمِعَ من أبيه. ورحل إلى إصْبَهان، والرَّيّ، وأَذْرَبَيْجَان، والعِراق.
وسَمِعَ من: أبي السعادات نصر الله القَزَّاز، ويحيى بن بَوْش، وابن الْجَوْزيّ.
وتَفَقَّه على أبي القاسم بن فَضْلان.
وولي مُشارفَةَ النِّظامية وأوقافَها، ونفذ رسولا من الديوان إلى بعض النواحي. وقد كتب الكثيرَ بخطّه من الفقه والحديث والتّفسير والأدب، وكان ضعيفَ الخطّ جِدًّا. وكان صَدُوقًا، فاضِلًا، ديِّنًا، متودِّدًا، طَيّبَ الأَخْلاقِ. لَهُ معرفة حَسَنة بالحديث.
قال ابن النّجار: كَانَ يُذاكرني بأشياء، ولَهُ فَهْم حَسَن ومعرفةٌ. تُوُفِّي في الثامن والعشرين من جُمَادَى الأولى، وقد قاربَ السبعينَ- رحمه الله-.
480- مُحَمَّدُ بن محمود [4] بن أبي نصر بن فَرَج. الأمير، مُعِين الدّين،
__________
[ () ] نقله عن المنذري، وأنه قوّله ما لم يقله، وهذه الدعوى غير صحيحة، فابن ناصر الدين نقل عن المنذري نصّه بحروفه بدقة تامة. والمنذري لم يجزم بتصحيح فتح العين وكسر الصاد فيما ذكره في ترجمة أبي الرضا محمد برقم (2324) .
[1] في الأصل والمطبوع: «محمد بن عبد الله» ، والتصحيح من: المشتبه 2/ 464، وتوضيح المشتبه 4/ 291، وتبصير المنتبه 3/ 956.
[2] هو مقدّم الباطنية الذين قتلوا بواسط سنة 600 وكانوا 40- انظر المصادر السابقة.
[3] انظر عن (محمد بن محمد بن عبد الكريم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 311 رقم 2394 (في وفيات 629 هـ-) ، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 573 رقم 525، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 164 أوب، والوافي بالوفيات 1/ 147 رقم 156، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 172، 173، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي، ورقة 55. وسيعاد في وفيات سنة 629 هـ- برقم (554) .
[4] انظر عن (محمد بن محمود) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 291، 292 رقم 2353، وتكملة(45/328)
أبو عبد الله، الدُّوينيُّ، الْجُنْديُّ.
وُلِدَ بالدُّوين في سنة أربع وأربعين وخمسمائة.
وسَمِعَ من السِّلَفِيّ بالثّغر، ومن مُحَمَّد بن عبد الرحمن المَسْعُوديّ، وجماعة بمصر.
وقد نشأ بدمشق، ودخل مصر صحبة شمس الدّين توران شاه بن أيوب في سَنَةِ أربعٍ وستّين. وكان من كِبارِ الأجناد، ولَهُ غزوات عديدة. وانقطع في آخر عمره في بيته فكان لا يَخْرُجُ إلّا إلى الْجُمُعة.
روى عنه المُنذريُّ [1] ، وقال: تُوُفّي في ذي القِعْدَة.
481- مُحَمَّد بن أبي البركات [2] بن أبي السعادات بن أبي القاسم.
أبو السعادات وأبو بكر، الحَرِيميُّ، الطَّارِيّ الصَّيَّاد، عُرِفَ بابن صَعْنِين [3] .
سَمِعَ من: أَبِي الفتح بن البَطِّيّ، وأَبِي المعالي محمد ابن اللَّحَّاس، وأحمد بن عليّ النَّقيب، ولاحق بن كارِه. وكان شيخا صالحا، عابدا.
روى عنه: الدّبيثيّ [4] ، ومحمد بن أبي الفرج ابن الدّبّاب، وأبو إسحاق ابن الواسطيّ، وجماعة.
وتُوُفّي في سابع ذي الحِجَّة.
وهُوَ من بيت حديثٍ ورواية. وكان يتعفَّفُ بصيدِ السمك.
482- مُحَمَّد بن أبي الحَسَن [5] بن يمن. أبو عبد الله، الأنصاريّ،
__________
[ () ] إكمال الإكمال لابن الصابوني 139، والمقفى الكبير للمقريزي 7/ 145 رقم 3240.
[1] في التكملة 3/ 291.
[2] انظر عن (محمد بن أبي البركات) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 182، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 293، 294 رقم 2359، والمختصر المحتاج إليه 1/ 169، وسيعاد سهوا في وفيات سنة 629 هـ-.
[3] قيّده المنذري بفتح الصاد وسكون العين المهملتين وكسر النون وبعدها ياء آخر الحروف ساكنة ونون. (التكملة 3/ 294) .
[4] في ذيل تاريخ مدينة السلام، ورقة 182.
[5] انظر عن (محمد بن أبي الحسن) في: وفيات الأعيان 4/ 418، وفوات الوفيات 2/ 378، والوافي بالوفيات 2/ 358- 360 رقم 831، وإيضاح المكنون 1/ 484، وهدية العارفين 2/ 126، والأعلام 6/ 316، ومعجم المؤلفين 9/ 228.(45/329)
المَوْصِليّ، ويُعرف بابن الأَردخل [1] ، الشَّاعر.
نديمُ صاحب ميّافارقين غازي.
مات في رمضان عن إحدى وخمسين.
وكان من فحول الشعراء [2] ، مدح الأَشرفَ موسى، وغيرَهُ.
483- محمودُ بن مُحَمَّد [3] بن إبراهيم بن مُحَمَّد، الشريف.
أبو القاسم، العَلَويُّ، الحُسَيْنيُّ، الدّمشقيّ، نقيبُ الأشراف.
وُلِدَ سَنَة أربعٍ وسبعين وخمسمائة. وسمع من: عبد الرّزّاق النّجّار، وأحمد ابن الموازينيِّ، ويحيى الثَّقَفيّ، وغيرهم.
وتُوُفّي في ثاني عشر المحرَّم.
484- مُظَفَّر بن عَقيل [4] بن حمزة بن عليّ. أبو العزّ، الشيبانيّ، الدّمشقيّ، الصَّفَّار، والد المحدّث نجيب الدّين ابن الشقشقية.
ولد سنة سبع وخمسين وخمسمائة.
وسَمِعَ من الحافظ أبي القاسم بن عساكر. روى عنه ابنُهُ.
485- موسى بن عبد الرحمن [5] .
أبو عِمران، الغَرْنَاطيّ، ابن السخّان [6] .
روى عن: أبي القاسم بن بشكوال، وأبي القاسم بن حُبَيْش، وطبقتهما.
قال الأَبَّار: كَانَ مقرئا، نحْويًّا، مُعلّمًا بذلك. تُوُفّي لعلّ في أواخرِ سَنَة ثمان هذه.
__________
[1] الأردخل: البنّاء بلغة أبناء الموصل.
[2] له شعر في: الوافي بالوفيات.
[3] انظر عن (محمود بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 277، 278 رقم 2322.
[4] انظر عن (مظفر بن عقيل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 285 رقم 2337، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 265، 266.
[5] انظر عن (موسى بن عبد الرحمن) في: غاية النهاية 2/ 320 رقم 3686.
[6] السخان: بالخاء المعجمة.(45/330)
وقال ابن مسدي: أَخْبَرَنَا السخّان سَنَة أربع عشرة وستمائة- فذكر أحاديث.
حرف الياء
486- يحيى بن عبد المُعطي [1] بن عبد النور. الشيخ زين الدِّين، أبو الحُسَيْن، الزّواويُّ، المغربيّ، النَّحْويّ، الفقيه، الحنفيّ.
ولد سنة أربع وستّين وخمسمائة.
وسَمِعَ بدمشق من: القاسم بن عساكر، وغيره.
وصنّف التّصانيف الأدبية ك- «الفصول» و «الألفية» [2] . وأقرأ النّحو بدمشق مدّة، ثمّ بمصر. وتصدَّر بالجامع العتيق، وحمل الناس عنه.
وكان إماما مُبرّزًا في عِلم اللّسان، شاعرا مُحسنًا. وكان أحدَ الشهود بدمشق وما لَهُ ما يقوم بكفايته فحضر مع العلماء عند الملك الكامل، وكان الكامل على ذهنه مسائلَ من العربية، فسألهم فقال: زيد ذُهِبَ به يجوز في «زيدٍ» النصْب؟ فقالوا: لا، فقال ابن مُعط: يجوز النصبُ على أن يكون به
__________
[1] انظر عن (يحيى بن عبد المعطي) في: معجم الأدباء 20/ 35، 36 رقم 17، وعقود الجمان لابن الشعار 10/ ورقة 86، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 292، 293 رقم 2357، وذيل الروضتين 160 وفيه: «يحيى بن معطي» ، ووفيات الأعيان 6/ 197، والمختصر في أخبار البشر 3/ 151، وسير أعلام النبلاء 22/ 306 وفيه: «يحيى بن معطي» و 22/ 324 رقم 196، والإعلام بوفيات الأعلام 259، والإشارة إلى وفيات الأعيان 331، والعبر 5/ 112، ودول الإسلام 2/ 134، وتاريخ ابن الوردي 2/ 157، ومرآة الجنان 4/ 66، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 43، والبداية والنهاية 13/ 129 و 134، والجواهر المضية 2/ 214، والفلاكة والمفلوكون 93، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 269، والعسجد المسبوك 2/ 447، والنجوم الزاهرة 6/ 277، ونزهة الأنام لابن دقماق، ورقة 4، وتحفة الأحباب للسخاوي 212، وحسن المحاضرة 1/ 255، وتاريخ الخلفاء 463، وبغية الوعاة 2/ 344، وتاج التراجم لابن قطلوبغا 83، والطبقات السنية 3/ ورقة 1152- 1154، وكشف الظنون 155 وغيرها، وشذرات الذهب 5/ 129، وطبقات الزيله لي، ورقة 360، وهدية العارفين 2/ 523، ومفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 1/ 296، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 259 وفيه: «يحيى بن معط» ووفاته 620 هـ-، وديوان الإسلام 4/ 289 رقم 2056، والأعلام 8/ 155، ومعجم المؤلفين 13/ 209.
[2] انظر أسماء مؤلفاته في معجم الأدباء 20/ 35.(45/331)
المرتفع يُذهب المصدر الّذي دلّ عليه ذهَب وهُوَ الذّهاب. وعلى هذا فموضعُ الجار والمجرور الّذي هُوَ به النّصْب، فيجيء من باب: زيد مررت به إذ يجوز في زيد النصب وكذلك ها هنا. فاستحسن السُّلطان جوابه وأمره بالسفر إلى مصر، فسافر إليها، وقرّر لَهُ معلوما جيّدا، لكنّه لم تطل حياته بعد.
قال القاضي ابن خَلّكان [1] : هُوَ أحد أئمّة عَصره في النَّحْو واللّغة. أقرأ بدمشق خَلْقًا كثيرا، وصَنَّف. ثمّ أَرْغَبَهُ الملكُ الكاملُ فانتقل إلى مصرَ، وأشغل بها.
وزواوة: قبيلة كبيرةٌ بظاهرِ بجاية من عمل إفريقية.
قلتُ: وهُوَ من أهل الجزائر.
قرأ العربيّة على أبي موسى عيسى بن يَلَلْبَخت الْجُزولي. وورد دمشق، وخدم في مواضع جليلة. وكانت لَهُ حَلَقةُ إشغال بالتُّربة العادلية. ولَمّا حضرَ الملك الكامل إلى دمشق تكلَّم عنده، فأعجبه كلامُه، وخلع عليه.
ولَهُ مُصَنَّف في عِلم العَرُوض.
ومن آخر من قرأ عليه العربيَّة شيخُنا رضيّ الدِّين أبو بكر القُسَنْطِينيّ النَّحْويّ.
ولَهُ قصيدة طَنَّانة في الملك الأَمجد صاحب بَعْلَبَكّ، وهي طويلة منها:
ذَهَبَ الشَّبابُ ورَوْنَقُ العُمْرِ الشَّهِي ... وأَتَى المَشِيبُ ورَوْنَقُ النّورِ البَهِي
وجَلَا بِهِ لَيْلُ الذُّؤابَة فجره ... وأتى بناه من نُهاه مُمَوَّهِ
وأَطَارَ نَسرُ الشيبِ غِرْبَانَ الصِّبا ... فَنَعيْنَ في إثر الشَّبابِ المُنتهي
وَوَهَتْ قُوى الآمالِ مِنْهُ ومَا وَهَتْ ... هِمَمٌ أَبَيْنَ على الحَوادِثِ أنْ تَهِي
ما أَنْسَ لا أَنْسَ اللَّوى وتَنَعُّمي ... فِيه بِخُرَّدِهِ الحِسانِ الأَوْجُهِ
[2] تُوُفّي في سَلْخ ذي القِعْدَة، ودُفن بالقَرَافة، ولَهُ أربع وستّون سنة.
__________
[1] في «وفيات الأعيان» : 6/ 197.
[2] وله شعر في: معجم الأدباء 20/ 36.(45/332)
478- يحيى بن أبي غالب [1] بن حامد البَغْداديُّ، الحَمّاميّ.
سَمِعَ من عبد الحقّ اليُوسُفيُّ.
ومات في رجب.
488- يونسُ بن مُحَمَّد [2] بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد. الخطيبُ، العالمُ، بدر الدِّين، أبو منصور، الفَارقِيُّ، ثمّ الدّمشقيُّ، وأصله من بُخارى.
وسَمِعَ من: أبي عليِّ الحَسَن بن عليّ البَطَلْيَوْسِي، والحافظِ أبي القاسم الدّمشقيُّ، والقاضي أبي سَعْد بن أبي عَصْرون، ومحمد بن أبي الصَّقْر، والسُّلطانِ صلاح الدِّين، ويحيى الثَّقَفيّ، وجماعة.
وولي خطابة المِزَّة مُدَّة. وكان فقيها، فاضلا، حَسَنَ الأخلاق، ديِّنًا.
تَفَقَّه على ابن أبي عصرون، واختص بصحبته.
وولد تقريبا بمَيَّافارقين سَنَةَ ثلاثٍ وخمسين.
روى عنه: البِرْزَاليُّ، والقُّوصيّ، وأبو المجد العَدِيميُّ، وسِبْطُهُ الجمال ابن الصَّابونيّ.
وَحَدَّثَنَا عنه الْجَمَالُ عَبْدُ الصَّمَد ابن الحَرَستانيّ.
ومات في ليلةٍ شريفةٍ ليلةِ السابع والعشرين من رمضان.
وفيها وُلِدَ القاضي تقيُّ الدِّين سليمان بن حمزة، في رجب.
والشهابُ أحمد بن عبد الرحمن النابلسيّ العابر، في شعبان.
والزّينُ مُحَمَّد بن رشيق، قاضي الإسكندرية.
والملك الأوحد يوسف ابن النّاصر داود ابن المُعَظَّم.
والعِمادُ إبراهيم بن أحمد بن مُحَمَّد الماسِح.
وداود بن أحمد بن سُنْقر المُقَدَّميّ.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن أبي غالب) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 286 رقم 2340.
[2] انظر عن (يونس بن محمد) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 675، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 289 رقم 2347، وسير أعلام النبلاء 306 دون ترجمة.(45/333)
وعزُّ الدِّين موسى بن عليّ بن أبي طالب الموسويّ.
وناصر الدّين محمد بن عبد الرحمن بن نوح ابن المَقْدِسيُّ.
ونجمُ الدِّين أحمد بن يحيى بن طي البَعْلَبَكّي.
وواقف النّفيسية النفيسُ إسماعيل بن مُحَمَّد بن صَدَقَة.
ونجمُ الدِّين عبد الله بن أبي السعادات، شيخ المستنصرية.
وعليُّ بن عثمان بن عِنان الطِّيبيّ.
والشيخُ تاجُ الدِّين موسى بن مُحَمَّد المَرَاغي، بها، ويُعرف بالحَيوان.
والفخرُ يوسُف بن أحمد بن عيسى المشهديّ، الصُّوفيّ.
وتاجُ الدِّين عليّ بن أحمد العَلَويّ الغرّافيّ، في أولها.(45/334)
سنة تسع وعشرين وستمائة
حرف الألف
489- أحمدُ بْن أَحْمَد [1] بْن أَبِي غالب. أَبُو القاسم بن أبي الفضل، البَغْداديُّ، الكاتب، الدَّقَّاق، ابن السِّمْذيّ، ويُعْرَفُ أيضا بالشَّاماتي.
سَمِعَ «جزء» أبي الْجَهْم من أبي الوقت. وولد سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة.
روى عنه الدُّبَيْثيّ [2] ، وابن النجّار. وكان يطلع أمينا في البرِّ.
وأجازَ للزَّكيِّ المُنذريّ [3] ، وقال: تُوُفّي في سَلْخ المحرَّم. وهُوَ معروف بكُنيته. وقد سمّاه بعضُهم عليا، وبعضهم لاحِقًا. وإنّما قيل لَهُ الشاماتي، لأنَّه كَانَ في وجهه شامة.
وكان شيخا متيقّظا لا بأسَ به. روى لنا عنه بالإِجازة فاطمةُ بنتُ سُلَيْمان.
490- أحمدُ بْن إِسْمَاعِيل [4] بْن حَمْزة بْن أَبِي البركات الأزجيّ، ابن الطّبّال، أبو العباس.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن أحمد) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 162، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 298، 299 رقم 2369، والمختصر المحتاج إليه 1/ 133، والعبر 5/ 113، والإشارة إلى وفيات الأعيان 331، والنجوم الزاهرة 6/ 279، وشذرات الذهب 5/ 129، وتاج العروس 2/ 595.
[2] في تاريخه، ورقة 162.
[3] في التكملة 3/ 298.
[4] انظر عن (أحمد بن إسماعيل) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 164، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 320 رقم 2419، والوافي بالوفيات 6/ 251 رقم 2732.(45/335)
ولد سنة خمس أو ستّ وخمسين وخمسمائة. كَانَ مُقَدَّم الطَّبَّالين بدار الخلافة.
وسَمِعَ- وهُوَ كبير- من ابن شاتيل، ونصرِ الله القَزَّاز، وجماعة ويقال:
إنَّه سَمِعَ من أبي طالب بن خُضَير.
وهُوَ جدُّ العماد إسماعيل بن عليّ شيخ المستنصرية.
تُوُفّي في الرابع والعشرين من شوَّال.
وروى لنا عنه بالإِجازة (فاطمة) [1] بنت سُلَيْمان.
491- أحمد بن عليّ [2] بن أبي مُحَمَّد. الأَديب، نجيبُ الدِّين، الشَّيْبانيّ، النَّحْويُّ، الكاتب.
خال النّجيب الصَّفَّار.
روى عنه القُّوصيُّ، وقال: تُوُفّي بدمشق [3] . لَهُ شِعْر حَسَن.
492- أحمد بن عُمَر [4] بن أبي المعالي أحمد بْن الحَسَن بن عليّ بْن عليِّ بْن عُمَر بن أحمد بن الهيثم بن بَكْرون. المُعَدَّل، الرئيس، أبو المعالي، النَّهْرَوانيُّ، ثم البَغْداديُّ.
إمام النِّظامية. وُلِدَ في ربيع الآخر سنة اثنتين وستّين وخمسمائة.
وسَمَّعَهُ أبوه في صِغره من: النقيب أحمدَ بن عليِّ العَلَويِّ، والمُبارك بن محمد البادَرَائيّ، ويحيى بْن ثابتٍ، وأحمد بْن المبارك المُرَقَّعَاتِيّ، وشُهْدَةَ، وتَجَنِّي الوَهْبَانِية، وخَلْقٍ سواهم.
وكان ثقة، مُتَحرّيًا في الشَّهادة والرِّواية. روى عنه ابن النّجار، وجماعة.
توفّي في ذي القعدة.
__________
[1] إضافة على الأصل.
[2] انظر عن (أحمد بن علي) في: المقفى الكبير 1/ 530 رقم 517.
[3] وقال المقريزي: ولد بمصر سنة تسع وستين وخمسمائة.
[4] انظر عن (أحمد بن عمر) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 199، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 321، 322 رقم 2423، والمختصر المحتاج إليه 1/ 194.(45/336)
493- إبراهيم بن رَيْحان بن رَبيع. أبو إسحاق، الدّيْريُّ، الرَّقّيُّ، الضّرير، المُقرئ.
سَمِعَ الحافظَ ابن عساكر. وعنه أبو المجد العَدِيميُّ.
وتُوُفّي في شوَّال بحلب، وقد قارب الثّمانين أو جاوزها.
وكان يُلقَّنُ بجامع حَلَب.
وسَمِعَ أيضا من أبي سعد بن أبي عَصْرون.
494- إبراهيمُ بن مُحَمَّد [1] بن إِبْرَاهِيم، أَبُو إِسْحَاق. الحَرْبيُّ، النَّسَّاج، ويعرف جدُّه بِبَرْهان [2] .
سَمِعَ من: عبد الرحمن بن زيد الوَرَّاق، وغيره.
وتُوُفّي في سَلْخ جُمَادَى الأولى.
روى عنه ابن النجّار في «تاريخه» وقال: دُفِنَ بباب حرب، وقد جاوزَ السَّبعين.
495- إدريسُ بن يعقوب [3] بن يوسف بن عَبْد المؤمن بن عليِّ.
صاحب المغرب، المأمون، أبو العلى.
لم يخلص إليَّ من أخباره.
مات في سَلْخ هذه السنة.
وتملّك أعواما، وبُويع بعده ابنُه عبد الواحد ولُقِّبَ بالرشيد مع خلاف ابن عمِّه يحيى لَهُ.
وكان أبو العُلَى قد عصى عليه أهل سبتة مع أبي العباس الينشتيّ وأخذوا منه طَنْجَة وقَصْر عبد الكريم، فجاءَ بجيشه، ونازل سَبْتَة وبالغَ في حَصْرها.
فَخَرَج أهلُ سَبْتَة قِبَله فَبَيَّتُوا الجيش فهزموهم. وركب بعض الأوباش مركبا في
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 311 رقم 2395.
[2] برهان: بفتح الباء الموحّدة. قيّدها المنذي.
[3] انظر عن (إدريس بن يعقوب) في: المعجب للمراكشي 416، والحلل الموشية 123، والإحاطة 1/ 147، والاستقصاء 1/ 197، ودول الإسلام 2/ 135، وسير أعلام النبلاء 22/ 342، وشرح رقم الحلل 204، 218، وشذرات الذهب 5/ 135.(45/337)
البحر، وساروا إلى أن حاذوا الملك أبا العُلَى، فصيّحوا به، فوقف لهم، فقالوا: يا أمير المؤمنين أصبح أهلُ سبتة فيك فرقتين، فلمّا سَمِعَ هذا، أنصتَ ورَجَا خَيْرًا، فقال: ما يقولون؟ قالوا: قوم يقولون أميرُ المؤمنين أقرعُ، وقومٌ يقولون أصلَعُ، فباللَّه أعلِمْنا حَتّى نخبرهم، فغضب وتبرَّم مِنْ هذا. ومات بعد يَسير.
[كَانَ [1] بطلا شُجاعًا، ذا رأي ودهاء وسعادة. كَانَ بالأَندلس مع أخيه العادل عبد الله، فلمّا ثارت الفِرنجُ عليه- كما ذكرنا في ترجمة عبد الواحد المتوفّى سَنَة إحدى وعشرين- نزحَ من الأَندلس واستخلف على إشبيلية أبا العُلَى هذا، وجرت أمور. ثمّ إنّ أبا العُلَى أدَّعى الخلافة بالأندلس- كما قدّمنا- ثمّ جاءَ وملكَ مَرَّاكِش، وانتزع المغربَ من الملك يحيى بن مُحَمَّد- وهُوَ نسيبُه- وحاربه مرارا، ويُهزَمُ يحيى، فاستجار يحيى بقومٍ في حِصْن بنواحي تِلِمْسان فقُتِلَ غِيلَة. واستقلّ المأمون بالأمر.
وكان صارما، سَفَّاكًا للدِّماء. مات في الغزو في هذه السنة [2] .
وكان قد أزال ذكرَ ابن تُومرت من خطبة الْجُمُعة. وتملَّك بعده ابنُه عبدُ الواحد الرشيد عشرةَ أعوام] .
496- إسماعيل بن إبراهيم [3] بن أحمد، القاضي. شرفُ الدين، أبو
__________
[1] الّذي بين الحاصرتين ذكره المؤلف- رحمه الله- في وفيات سنة 630 هـ-. ولكنه كتب في هذا الموضع: «يضم باقي أخباره من العام الآتي» ، فضممتها بناء لرغبته.
[2] كان المؤلّف- رحمه الله- يقصد سنة 630 قبل أن يطلب التحويل إلى هذه السنة 629 هـ-.
وقد عاد في سير أعلام النبلاء 22/ 343» فقال إنه مات في الغزو في سنة ثلاثين وستمائة.
علما بأن «السير» مستخرج من «تاريخ الإسلام» ، فكأنه يؤكّد على وفاة «إدريس صاحب المغرب» في سنة 630 هـ- والله أعلم.
[3] انظر عن (إسماعيل بن إبراهيم) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 674، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 309 رقم 2389، وذيل الروضتين 161، وبغية الطلب لابن العديم (المصوّر) 4/ 105 رقم 479، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 40، 41، والجوهر المضية 1/ 144، والوافي بالوفيات 9/ 70 رقم 3989، والبداية والنهاية 13/ 136، والنجوم الزاهرة 6/ 278، وتاج التراجم لابن قطلوبغا 17، والطبقات السنية 1/ ورقة 573، 574، وشذرات الذهب 5/ 129، وطبقات الحنفية للزيله لي، ورقة 10.(45/338)
الفضل، ابن المَوْصِليّ، الشَّيْبانيُّ، الدّمشقيُّ، الفقيه، الحنفيُ.
كَانَ شيخا، دَيِّنًا، خَيِّرًا، لطيفا. وُلِدَ سَنَة أربع وأربعين وخمسمائة.
وكان ينوبُ في الحكم بدمشق بالمدرسة الطَّرْخانية [1] بجيرون.
وحدَّث عن: يوسُف بن معالي البَزَّاز، وهبة الله بن محمد ابن الشِّيرازيّ.
روى عنه: الزَّكيُّ البِرْزَاليُّ، والشهابُ القُّوصيُّ، والمجد ابن الحُلْوانية، وجماعةٌ سواهم.
وكان مَوْلِدُه ببصرى، وتُوُفّي بدمشق في ثامن جُمَادَى الأولى.
وكان جدُّه شيرازيّا، سكنَ المَوْصِل مُدَّة، وَوَلِيَ قضاءَ الرُّها، وقَدِمَ أبوه القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم، وَوَلِيَ قضاءَ دِمشق نيابة.
وطلعَ أبو الفضل- هذا- من أَعيان الحنفية. دَرَّسَ بالطَّرْخانية مُدَّة، ثم تركَ القضاء والتّدريسَ، ولزم بيته مع حاجته، وذلك لأنّ المُعَظَّم بعث إليه يأمره بإظهار إباحةَ الأَنْبِذة، فأبى وقال: لا أفتح على أبي حنيفة- رحمه الله- هذا البابَ، وأنا على مذهب مُحَمَّد في تحريمها، وقد صحَّ عنه أنَّه ما شربها قطّ، وحديثُ ابن مسعود لا يَصِحُّ، وما روي فيه عن عُمَر لا يثبت. فغضب عليه المُعَظَّمُ، وأخرجه من الطَّرْخانية، فأقامَ في بيته، وأقبل على التّحديث والفتوى الإِفادة.
وأجازَ لتاج العرب بنت عَلَّان، وهي آخِرُ من روى عنه.
497- إسماعيلُ بن حسن [2] بن أحمد بن أحمد بن الحَسَن بن عبد الكريم. أبو السعود، النَّهْرَواني، ويعرف بابن الغُبَيْري [3] .
وُلِدَ سَنَة إحدى وخمسين.
وحدّث عن عمَّة أبيه خديجة النَّهْروانية. وهُوَ من بيت رئاسة ببغداد.
توفّي في حادي عشر شعبان.
__________
[1] انظر: الدارس 1/ 415.
[2] انظر عن (إسماعيل بن حسن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 317، 318 رقم 6411.
[3] الغبيري: بضم الغين المعجمة وفتح الباء الموحّدة وسكون الياء آخر الحروف وراء مهملة وياء النسب. (المنذري) .(45/339)
498- أَكمل بن مسعود [1] بن عُمَر بن عَمّار.
الشريف، أبو هاشم، الهاشِميُّ، البَغْداديُّ.
حدَّث بشيءٍ من كلام الشيخ عبد القادر- عليه السلام-.
حرف الحاء
499- حُسامُ بن غَزِّي [2] بن يونُس. الفقيه، عمادُ الدِّين، أبو المناقب، المِصْريّ، المَحَلِّيُّ، الشافعيّ، الأديب.
تَفَقَّه على الإِمام شهاب الدِّين محمد بن محمود الطُّوسِيّ.
وسَمِعَ من: البُوصيريّ، وغيره.
وأقامَ بدمشق مُدَّة، بها تُوُفّي في ربيع الأَوَّل. وكان ذا فضلٍ، ودين، وتفنّن، وفضائل [3] .
روى عنه: الشهابُ القُّوصيّ، وغيرُه.
ومن شِعره:
قِيلَ لي مَنْ تُحِبُّه عَبَثَ الشَّعرُ ... بِخَدَّيْه قُلْتُ ما ذَاكَ عَارُه
جَمْرُ خَدَّيْهِ أَحْرَقَتْ عَنْبَرَ ... الخَالِ فَمِنْ ذَلِكَ الدُّخَانِ عِذَارُه
[4] 500- الحَسَنُ بن الحُسَيْن [5] بن مُحَمَّد بن المُفَرّج. سديد الدّين، أبو
__________
[1] انظر عن (أكمل بن مسعود) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 299 رقم 2370.
[2] انظر عن (حسان بن غزّي) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 672، 673، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 303 رقم 2380، وبغية الطلب لابن العديم (المصور) 5/ 236 رقم 648، وذيل الروضتين 160، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 45، ووفيات الأعيان 6/ 253، 254 رقم (329) ، والوافي بالوفيات 11/ 349 رقم 515، والبداية والنهاية 3/ 133، 134، والمقفى الكبير 3/ 271، 272 رقم 1135.
و «غزّي» : جوّده المؤلف- رحمه الله- بضم الغين المعجمة والزاي المكسورة المشدّدة.
[3] وقال ابن خلّكان: كان أديبا لطيفا على ما يحكى عنه من النوادر وله نظم مليح في المقطعات دون القصائد، وكان يحفظ المقامات وشرحها ... وولد في سنة ستين وخمسمائة تقديرا بقوص، ونشأ بالمحلّة، فنسب إليها.
[4] البيتان في: المقفى الكبير 3/ 271، 272.
[5] انظر عن (الحسن بن الحسين) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 300 رقم 2372، والوافي(45/340)
مُحَمَّد، القَيْسرانيُّ، ثمّ المِصْريّ، المعروف بابن الذَّهبي.
كَانَ فاضلا، شاعرا، مليحَ الخطِّ. وجمعَ لنفسه مجموعا هائلا ذُكِر أنَّه يكون خمسين مجلّدا.
روى عنه الزَّكيّ المُنذريّ شعرا [1] .
وتُوُفّي في صفر، ولَهُ ثمانون سَنَة [2] .
501- الحَسَن بن عليّ [3] ابن العلّامة أبي الفرج ابن الْجَوزيّ. أبو عليّ.
حدَّث عن أبي الفَتْح بن شاتيل.
ومات قبل أبيه. تُوُفّي في سادس ذي الحِجَّة.
502- الحَسَنُ بن أبي بكر المبارك [4] بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن عليِّ بْن
__________
[ () ] بالوفيات 11/ 426 رقم 610، والمقفى الكبير للمقريزي 3/ 360، 361 رقم 1181، وديوان الإسلام 2/ 317 رقم 975 وفيه قال محقّقه بالحاشية: «لم أوفق في العثور له على ترجمة» !.
[1] ولم يذكر شيئا من شعره في «التكملة» .
[2] وقال المقريزي: مولده بمصر سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، ووجد ميتا في داره بالقاهرة.
ومن شعره:
صادفني مخبر فخبّرني ... يا وهب أني خرجت عن سنني
وغير خاف عنكم محافظتي ... وصون أسراركم عن العلن
فلا تظنّوا بأنني سكنت ... نفسي من بعدكم إلى سكن
واستوضحوا ذاك قبل عتبكم ... ظلما لذي لوعة وذي شجن
قلبي لكم لا يزال منزله ... لأجل هذا خلا من الحزن
أغفر للدهر كلّ حادثة ... إن سرّ طرفي بوجهك الحسن
(المقفّى الكبير) .
[3] انظر عن (الحسن بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 323 رقم 2427.
[4] انظر عن (الحسن بن أبي بكر المبارك) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 18، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 303، 304 رقم 2381، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 1925، وتاريخ إربل 1/ 456، والعبر 5/ 113، والإعلام بوفيات الأعلام 260، والمعين في طبقات المحدّثين 194، رقم 2061، وتذكرة الحفاظ 4/ 1413، والمختصر المحتاج إليه 2/ 25 رقم 595، وسير أعلام النبلاء 22/ 315، 316 رقم 192 ووقع فيه: «توفي في سلخ ربيع الأول سنة تسع وستمائة» ، والوافي بالوفيات 12/ 212 رقم 187، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 41، والبداية والنهاية 13/ 133 وفيه: «الحسين»(45/341)
المُسلَّم. الفقيهُ الصالح. أبو عليِّ، ابن الزُّبَيْديّ [1] ، البَغْداديُّ، الحَنَفيّ.
أخو سراج الدِّين الحُسَيْن [2] .
وُلِدَ سَنَة ثلاثٍ وأربعين وقيل: سَنَةَ اثنتين وأربعين.
وسَمِعَ من: أبي الوَقْت السِّجْزِيّ، وأبي عليّ أحمد بن الخَرَّاز [3] ، وأبي جعفر الطّائيّ، وأبي زرعة، ومعمر ابن الفاخر، وجماعة.
وحدَّث ببغداد ومَكّة.
وكان حنبليا، ثمّ تحوّل شافعيا، ثمّ استقر حنفيا. وكان فقيها جليلا، نَبيلًا، غزيرَ الفَضْلِ، ذا دينٍ ووَرَع. ولَهُ معرفةٌ تامّة بالعربية.
سَمِعَ «صحيحَ» البُخاريّ قَبْلَ أخيه من أبي الوَقْت.
روى عنه: الدّبيثي [4] ، والسيف ابن المجد، وعبد الله بن محمد العامرِيّ، وعَبْدُ العزيز بن الحُسَيْن الخَليليّ، والضّياء عليّ ابن البالسيّ، والعزُّ أحمد بن إبراهيم الفاروثيّ [5] ، والشهاب الأبَرْقُوهيّ، وآخرون.
وأجاز لفاطمة بنت سُلَيْمان.
وتُوُفّي في سَلْخ ربيع الأوّل [6] .
وقد ترجمه ابن الحاجب وكتب: رأيتُهم يرمونه بالاعتزال. وقد كتبَ السَّيف تحته: قَصَّرَ- يعني ابن الحاجب- في وصف شيخنا- هذا- فإنَّه كَانَ إماما عالما لم نَرَ في المشايخ إلّا يسيرا مثله.
__________
[ () ] وهو غلط، والجواهر المضية 2/ 78، 79 رقم 472، وأعاده في «ابن الزبيدي» من الأبناء، وذيل التقييد للفاسي 1/ 509 رقم 995، وبغية الوعاة 1/ 517، 518، والطبقات السنية 1/ 805، 806 رقم 717، وشذرات الذهب 5/ 130 وفيه: «الحسين» وهو غلط، وديوان الإسلام 2/ 405 رقم 1091.
[1] الزّبيديّ: بفتح الزاي المشدّدة وكسر الموحّدة. نسبة إلى زبيد مدينة باليمن.
[2] توفي سنة 631 هـ-. وكنيته: «أبو عبد الله» . سيأتي في الطبقة التالية.
[3] الخرّاز: بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الراء المهملة وفتحها، وبعد الألف زاي. (المنذري) .
[4] في تاريخه، ورقة 18.
[5] الفاروثيّ: بالتاء المثلّثة.
[6] وقع في «سير أعلام النبلاء 22/ 316» أنه توفي سنة تسع وستمائة!.(45/342)
وقال ابن النجّار: كَانَ عالما، متديّنا، حسنَ الطَّريقة، لَهُ معرفة بالنَّحْو.
كتب كثيرا مِن التّفاسير والحديث والتّواريخ. كانت أوقاته محفوظة.
503- الحَسَن بن يوسُف [1] بن الحَسَن بن عَبْد الحقّ.
أبو مُحَمَّد الصّنهاجيُّ، الشَّاطبِيُّ.
أخو الحُسَيْن وأخو عَبْد اللَّه بن عَبْد الجبّار العُثماني لأُمِّه.
وُلِدَ بالإِسكندرية فِي المُحرَّم سَنَة إحدى وستّين وخمسمائة.
وروى عن السِّلَفِيّ. روى عنه [2] .
وتُوُفّي في السنة.
حرف الذال
504- ذَاكِرُ بن مَكّيّ [3] بن أبي البركات. أبو القاسم، النَّجّاد.
شيخٌ صالحٌ.
حدَّث عن أَبِي الحُسَيْن عَبْد الحقّ، وغيرِه.
وماتَ فِي المحرَّم.
حرف الراء
505- رافع بن عليِّ [4] بن رافع.
أبو البَدْر، الحُسينيُّ، الموسويُّ، البَغْداديُّ.
شيخٌ صالحٌ، لَهُ شِعْر.
وحدَّث عن أبي عليّ الرّحبيّ.
__________
[1] انظر عن (الحسن بن يوسف) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 324، 325 رقم 2433.
[2] في الأصل بياض مقداره نصف سطر، تركه المؤلف- رحمه الله- ليذكر من روى عنه، ولم يعد إليه.
[3] انظر عن (ذاكر بن مكي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 297 رقم 2366.
[4] انظر عن (رافع بن علي) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 53، التكملة لوفيات النقلة 3/ 318 رقم 2413.(45/343)
روى لنا عنه أبو المعالي الأبَرْقُوهيّ بالإِجازة في «مُعجمه» . والدُّبَيْثيُّ في «تاريخه» وقال: مات في شعبان، وقد جاوز المائة.
حرف الزاي
506- زيادة بن عِمران [1] بن زيادة، الفقيه، أبو النما، المِصْريُّ، المالكيُّ، المقرئ، الضرير.
قرأ بالروايات على أبي الجود. وتَفَقَّه على أبي المنصور ظافر بن الحسين، وأبي محمد عبد الله بن شاس. وقرأ العربيةَ على أبي محمد عبد الله ابن عبد العزيز العَطَّار، وسَمِعَ من الأَرْتَاحِيّ، وغيره.
وتصدَّر للإِقراء بالجامع العتيق، وبالمدرسة الفاضلية، وتخرَّجَ به جماعة.
قرأ عليه من شيوخنا سِبْطُهُ أبو محمد الحسن بن عبد الكريم، والنِّظامُ مُحَمَّد التَّبريزيُّ.
وتُوُفّي في مستهلِّ شعبان.
حرف الطاء
507- طاهِرُ بن سَلُّوم [2] بن طاهر بن أحمد بن طاهر الأَزَجيُّ، البَيِّع، ابن الشِّيرَجِيّ.
روى عن وجيه بن هِبَة الله السَّقَطِيّ. ومات في صفر، وقد شاخ.
حرف العين
508- عبد الله بن عبد الرحمن [3] بن طلحة.
أبو العلاء، البَصْريُّ، المالكيّ.
__________
[1] انظر عن (زيادة بن عمران) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 315 رقم 2406، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 190، ومعرفة القراء الكبار 2/ 639 رقم 603، وغاية النهاية 1/ 295، 296، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 142، وحسن المحاضرة 1/ 499، 500.
[2] انظر عن (طاهر بن سلّوم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 301 رقم 2375.
[3] انظر عن (عبد الله بن عبد الرحمن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 319، 320 رقم 1417.(45/344)
سمع من عبد الله بن عمر بن سَليخ. روى عنه بالإِجازة أبو المعالي الأبَرْقُوهيّ.
وتُوُفّي بالبصرة في شوَّال.
509- عبد الله بن عَبْد الغني [1] بْن عَبْد الواحد بْن عَلِيّ بْن سرور.
الحافظ، المُحدِّث، جمال الدِّين، أبو موسى، ابن الحافظ الأوحد أبي مُحَمَّد، المَقْدِسيُّ، ثمّ الدّمشقيُّ، الصَالحيُّ، الحَنْبَليُّ.
وُلِدَ في شوَّال سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.
وسمع من: عبد الرحمن بن عليّ ابن الخِرَقيّ، وإسماعيل الْجَنْزَويّ، والخُشُوعيّ. ورحل به أخوه عزّ الدِّين مُحَمَّد، فَسَمِعَ ببغداد من ابن كليب، والمبارك ابن المَعْطُوش، وابن الْجَوْزيّ، وطائفة من أصحاب ابن الحُصَيْن.
وسَمِعَ «المُسْند» من عبد الله بن أبي المجد بالحَرْبيّة. ورحلا إلى إصْبَهان فسمعا سَنَةَ أربعٍ وتسعين من: مسعود الْجَمَّال، وخليل بن أبي الرجاء، وأبي جعفر الطَّرَسُوسيّ، وأبي المكارم اللَّبَّان، وأبي جعفر الصَّيْدلانيّ، وطائفة. فلمّا رجعا رحلا إلى مصرَ، وسَمِعَ عند والِدِه من فاطمة بنت سَعْد الخير، وأبي عبد الله الأَرْتَاحِيّ، وابن نَجا، وجماعة. ثمّ ارتحلَ مرَّةً ثانية إلى العراق، فدخل إلى واسط، وسَمِعَ من أبي الفَتْح المَنْدائي، ورحلَ إلى نَيْسابور فَسَمِعَ من منصور الفُرَاوي، والمؤيِّد الطُّوسيّ، وجماعة. وسمع بالحجاز، والموصل، وإربل.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن عبد الغني) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 674، 675، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 319 رقم 2416، وذيل الروضتين 161، والإشارة إلى وفيات الأعيان 331، والإعلام بوفيات الأعلام 260، والمعين في طبقات المحدّثين 194 رقم 2062، وتذكرة الحفاظ 4/ 1408- 1410، وسير أعلام النبلاء 22/ 317- 319 رقم 194، والعبر 5/ 114، 115، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 43، ومرآة الجنان 4/ 68، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 185- 187 رقم 303، والوافي بالوفيات 17/ 293، 294 رقم 244، والبداية والنهاية 13/ 133، والمنهج الأحمد 365، ومختصر ذيل طبقات الحنابلة 64، والمقصد الأرشد، رقم 520، وذيل التقييد للفاسي 2/ 39 رقم 1123، والمقفى الكبير للمقريزي 4/ 421، 422 رقم 1502، والنجوم الزاهرة 6/ 279، والدرّ المنضد 1/ 1763 رقم 1016، والدارس في تاريخ المدارس 1/ 47، 48، وشذرات الذهب 5/ 131، والقلائد الجوهرية لابن طولون 1/ 95، 96.(45/345)
وعُني بالحديث، وكتبَ الكثيرَ بخطه، وخَرَّج، وأَفاد.
وقرأ القرآن على عمِّه الشيخ العماد. وتَفَقَّه على الشيخ المُوفَّق. وقرأ العربيةَ ببغداد على الشيخ أبي البقاء.
قال ابن الحاجب: سألتُ عنه الحافظ الضياء، فقال: حافظٌ، مُتْقِنٌ، دَيِّنٌ، ثقة. وسألت عن الزَّكيَّ البِرْزَاليَّ، فقال: حافظ، ديِّنٌ، مُتَمَيّز.
وقال الضياء: كانت قراءتُه سريعةٌ صحيحة مَلِيحة.
وقال عمر ابن الحاجب: لم يكن في عصره مثلُه في الحفظ والمعرفة والأمانة. قال: وكان كثيرَ الفضل، وافرَ العقل، متواضعا، مهيبا، وقورا، جَوادًا، سَخِيًّا. لَهُ القبولُ التّامَّ مع العِبادة والورع والمُجاهدة.
ونقلتُ من خطِّ الضياء: كَانَ- رحمه الله- اشتغل بالفقه والحديث وصار عَلَمًا في وقته. ورحلَ إلى إصْبَهان ثانيا، ومشى على رِجليه كثيرا. وصارَ قُدوةً، وانتفعَ الناسُ بمجالسه الّتي لم يُسبق إلى مثلها. وكان جوادا كريما، واسعَ النَّفس، وعَوَّد النّاسَ شيئا لم نره من أحد من أصحابنا، وذلك أنّ أصحابنا من الْجَبَل والبَلَدِ كلّ من احتاج إلى قَرْض أو شراء غلَّة أو ثوب أو غيرِ ذلك يمضي إليه، فيحتال لَهُ حَتّى يحصل لَهُ ما يطلب، حَتّى كنتُ يضيقُ صدري عليه ممّا يصير عليه من الدّيون، وكثيرٌ من الناس لا يرجع يوفّيه حَتّى سمعته مرّة يقول: عليّ نحو ثلاثة ألف درهم.
سَمِعْتُ الْحَافِظَ أَبَا إِسْحَاقَ الصَّرِيفِينِيَّ قَالَ: مَضَيْتُ إِلَى الْحَافِظِ أَبِي مُوسَى فَذَكَرْتُ لَهُ مَرَضَ ابْنِي، وَأَنَّنَا فِي شِدَّةٍ مِنْ مَرَضِهِ فَقَالَ لِي: هَذِهِ اللَّيْلَةُ تُخْلِيهِ الْحُمَّى. قَالَ: فَخَلَتْهُ الْحُمَّى تِلْكَ اللَّيْلَةَ. سَمِعْتُ الإِمَامَ أَبَا إبراهيم حسن ابن عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: رَأَيْتُ وَالِدِي بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَيَّامٍ وَهُوَ فِي حَالٍ حَسَنَةٍ فَقُلْتُ: مَا لَقِيتَ مِنْ رَبِّكَ؟ فَقَالَ: لَقِيتُ خَيْرًا. فَقُلْتُ: فَكَيْفَ النَّاسُ؟ قَالَ: مُتَفَاوِتُونَ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ. وَسَمِعْتُ الإِمَامَ أَبَا عُمَرَ أَحْمَدَ بْنَ عُمَرَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ الْجَمَّالَ عَبْدَ اللَّهِ فَقُلْتُ: أَيْشْ عَمِلَ مَعَكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: أَسْكَنَنِي عَلَى بِرْكَةِ الرِّضْوَانِ. سَمِعْتُ الْفَقِيهَ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُثْمَانَ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّ يُوسُفَ بْنَ عُثْمَانَ الْقُرَيْرِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ: رَأَيْتُ الْجَمَالَ عَبْدَ اللَّهِ فِي النَّوْمِ فِي سَطْحِ جَامِعِ دِمَشْقَ، وَوَجْهُهُ مِثْلُ الْقَمَرِ، وَعَلَيْهِ ثِيابٌ مَا رَأَيْتُ مِثْلَهَا فَقُلْتُ: يَا جَمَالَ(45/346)
الدِّينِ مَا هَذِهِ الثِّيَابُ؟ مَا رَأَيْتُكَ تَلْبَسُ مِثْلَ هَذِهِ؟ فَقَالَ: هَذِهِ ثِيَابُ الرِّضَا.
فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ قَالَ: نَظَرَ إِلَيَّ وَتَفَضَّلَ عَلِيَّ، أَوْ مَا هَذَا مَعْنَاهُ. سَمِعْتُ الملك الصالح إسماعيل ابن الْعَادِلِ يَقُولُ: قَالَ: رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي اسْمُهُ أحمد البرد دار وفيه خير، وكان يَتَرَدَّدُ إِلَى الْجَمَالِ- رَحِمَهُ اللَّهُ- وَكَانَ يَكْتُبُ لَهُ أَحَادِيثَ، فَرَأَى الْجَمَالَ فِي النَّوْمِ فَقَالَ: أُوصِيكَ بِالدُّعَاءِ الَّذِي حَفَّظْتُكَ إِيَّاهُ، فَقَالَ: مَا بَقِيتُ أَحْفَظُهُ، فَقَالَ: هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الْوَرَقَةِ الَّتِي كَتَبْتُهَا لَكَ، وَسَلِّمْ عَلَى فُلَانٍ- يَعْنِينِي- وَقُلْ لَهُ: يَحْفَظُ هَذَا الدُّعَاءَ، فَمَا نَفْعَنِي مِثْلُهُ، وَهُوَ:
«اللَّهمّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ» ... الْحَدِيثَ [1] .
قلت: روى عنه الضياء، والشيخ شمس الدِّين عبد الرحمن، والفَخْر عليٌّ، ونصر الله بن عَيّاش، والشمس محمد بن حازم، ونصر الله بن أبي الفرج النابلسيّ، والشمس محمد ابن الواسطيّ، وآخرون. وتفرّد القاضي تقيّ الدِّين بإجازته من سنوات.
وقرأت بخطّ الضياء: قال الإمام أبو عبد الله يوسُف بن عبد المنعم بن نعمة يرثي الحافظ أبا موسى:
لَهْفِي على مَيِّتٍ مَاتَ السُّرُورُ بِهِ ... لَوْ كَانَ حيّا لأحيى الدِّينَ والسُّنَنَا
فلو كُنْتُ أُعْطَى بِه الدُّنيا مُعَاوَضَةٌ ... إذا لَمَا كَانَتِ الدُّنيا لَهُ ثَمَنَا
يا سَيِّدِي ومكان الرُّوحِ من جسدي ... هَلَّا دَنَا المَوْتُ مِني حين مِنْكَ دَنَا
وقال فيه الإِمام أبو محمد عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد المنعم بْن نِعمة المَقْدِسيُّ- أخو المذكور-:
هَذَا المُصَابُ قَدِيمًا المَحْذُورُ ... قَدْ شَاطَ مِنْهُ أَضْلُعٌ وصُدُورُ
وتَقَلَّبَتْ مِنْهُ القُلُوبُ حَرَارَةً ... والدَّمْعُ منه ساجم موفور
__________
[1] نصّه بالكامل في «صحيح البخاري» 11/ 82- 83 في الدعوات، باب أفضل الاستغفار من حديث شداد بن أوس، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سيّد الاستغفار أن يقول: اللَّهمّ أَنْتَ رَبِّي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرّ ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنّه لا يغفر الذنوب إلا أنت» قال: ومن قالها من النهار موقنا بها، فمات من يومه قبل أن يمسي، فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل، وهو موقن بها، فمات قبل أن يصبح، فهو من أهل الجنة» .(45/347)
حمدا فَكَمْ بَلْوى بِفَقْدِ أَحِبَّةٍ ... كَادَتْ لِفَقْدِهِم السَّماءُ تَمُورُ
كَانُوا نُجُومًا يَهْتَدِي السَّاري بِهِم ... بَلْ هُمْ عَلى مَرِّ الزَّمَانِ بُدُورُ
فَقَدَتْ جَمَالَ الدِّين سُنَّةُ أَحْمَدٍ ... ومَساجِدٌ ومَجَالِسٌ وصُدُورُ
مَنْ ذَا يَقُومُ بِوعْظِهِ فِي قَلْبِ مَنْ ... غَطَّى عَلَيْه غَفْلَةٌ وَغُرُورُ
حَتَّى تَلِينَ قُلُوبُهم مِنْ بَعْدِ مَا ... حَاكَى قَسَاوَتَها صَفًا وصُخُورُ
مِنْ لِلحَدِيثِ وأَهْلِه يا خَيْرَ مَنْ ... قَرَأَ الأَحَادِيثَ الَّتي هِيَ نُورُ
مَنْ لِليتَامَى والأَرَامِلِ مَنْ لذي ... الحَاجَاتِ إنْ ضَاقَتْ عَلَيْهِ أُمُورُ
أَمَّا القُبُورُ فَلَا تَزَالُ أَنيسَة ... بِمَكَانِ قَبْرِكَ وَالدِّيار قُبُورُ
جَلَّتْ صَنائِعُهُ فَعمَّ مُصَابُه ... فَالنَّاس فِيهِ كُلُّهُم مَأْجُورُ
في أبيات أُخَر.
وقرأت بخطِّ محمد بن سَلَّام في ترجمة الجمال أبي موسى قال: وعَقَدَ مجلسَ التّذكير وقراءة الْجُمَع، ورغب النّاسُ في حُضوره. وكان جمَّ الفوائد.
كَانَ يُطرّز مجلسه بالخُشوع والبُكاء، وإظهار الجزع. قال: وسمعت أبا الفتح ابن الحاجب يقول: لو اشتغل أبو موسى حقَّ الاشتغال ما سبقه أحد، ولكنّه تارك. قال: وسمعتُ أبا الفَرَج بن أبي العلاء الحَنْبَليّ الفقيه يقول: الجمالُ كثير المَيْل إليهم- يعني السلاطين-. وسمعتُ أبا عبد الله الحافظ مذاكرة يَصفُ ما قاسي أبو موسى من الشدائد والجوع والعُري في رحلته إلى إصْبَهان وإلى نَيْسابور.
وقال أبو المُظَفَّر الْجَوْزيّ [1] : كَانَ الجمالُ ابن الحافظ، أحوالُه مستقيمة حَتّى خالَطَ الصالح إسماعيلَ وأبناءَ الدُّنيا، فتغيَّرت أحوالُه، وآل أمرُه إلى أن مرض في بستان الصالح على ثورا [2] وماتَ فيه، فكفّنه الصالح وصَلَّى عليه.
وقال غيرُه: وقفَ الملك الأشرفُ دار الحديث بدمشق، وجعل للجمال أبي موسى وذرّيته رِزْقًا معلوما، ومسكنا بعلوّ دار الحديث.
__________
[1] في «مرآة الزمان» : 8/ 674- 675.
[2] هو أحد أنهار دمشق السبعة، كان يسقي عدة قرى من الغوطة الشرقية وينتهي إلى قرية حرستا.(45/348)
وقال الضياء: تُوُفّي يوم الجمعة خامسَ رمضان.
510- عبدُ الله بن قَيْصَر [1] . أبو بكر، المَوْصلائيّ، الحاجب.
روى عن: أبي الفَتْح بن شاتيل.
ومات في رجب.
511- عبدُ الرحمن بن عبد الخالق. أبو القاسم، الكِنانيُّ، الفاسِيُّ.
قال ابن مسدي في «معجمه» : ولد قبل الخمسين وخمسمائة. سَمِعَ من القاضي أبي القاسم بن عيسى الفاسِيّ، وعليّ بن الحُسَيْن اللّواتيِّ، وجماعة.
وبمصر البُوصيريّ. لقيتُه بفاس. مات بعيذابَ في أول السنة.
512- عبد الرحمن بن عبد المحسن [2] ابن الخطيب أبي الفضل عبد الله ابن أحمد الطُّوسيُّ. ثمّ المَوْصِليُّ، تاج الدِّين.
خطيب المَوْصِل وابن خطبائها. وُلِدَ في رمضان سَنَة ثلاثٍ وسبعين.
وسَمِعَ من جدّه، وتَفَقَّه.
وكان ورعا، صالحا، متواضعا، شاعرا. ولَهُ:
مَا لَاح بَارِقُ مُقْلَتَيهِ ... لِنَاظِرِ إلّا وَشَامَهْ [3]
لِلصُّبْحِ يُشْبِهُ والظّلا ... م إذا بَدَا خَدًّا وَشَامَهْ [4]
فَاقَتْ مَحَاسِنُه الحِسانَ ... عِرَاقَه فينا وشَامَهْ [5]
يَا لَيْتَهُ مِثْلي يَقُولُ ... لِمنُ إلَيه بي وَشى مَهْ
[6] 513- عبد الرحمن بن عليّ [7] بن أبي مطر. أبو القاسم، العسقلانيّ، السّكريّ، المعروف بابن المحتسب.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن قيصر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 313 رقم 2401.
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد المحسن) في: طبقات الشافعية للمطري، ورقة 203 أ، وعقود الجمان لابن الشعار 3/ ورقة 220- 222.
[3] شام البرق.
[4] الشامة التي على الخدّ.
[5] الشام البلد المعروف.
[6] وشي: من الوشاية. ومه: اكفف.
[7] انظر عن (عبد الرحمن بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 304 رقم 2382.(45/349)
ولد سنة ست وثلاثين وخمسمائة. وكان شيخا صالحا، مُقبلًا على شأنه.
سَمِعَ ببغداد في الكُهولة. وحدَّث بمصر عن ذاكر بن كامل الخَفّاف.
وتُوُفي فِي ربيع الآخر.
514- عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد [1] ابن الفقيه أبي مُحَمَّد بن رسلان بن عبد الله بن شعبان. أبو القاسم، المقرئ، الفقيه، الشّافعيُّ، الشَّارِعيُّ.
قرأ القراءات وسَمِعَ من القاسم بن إبراهيم المَقْدِسيِّ، ومُحَمَّد بن عُمَر ابن جامع البنّاء، وجماعة.
وأمَّ بالمسجد المعروف بأبيه وجدّه بالشارع بظاهر القاهرة.
وكان مشهورا بالخير والعَفاف والسَّعي في قضاء حوائج النّاس ومساعدتهم. وعاش ستّا وخمسين سَنَة.
515- عبد السلام بن عبد الرحمن [2] بن طُلَيس.
أبو مُحَمَّد، الحَرَستانيُّ.
تُوُفّي بحَرَستا في ذي القِعْدَة.
روى عن أبي القاسم الحافظ.
516- عبد الصَّمَد بن داود [3] بنِ مُحَمَّد بن يوسُف.
أَبُو مُحَمَّد، الأَنصاريُّ، المِصْريُّ، الغَضاريُّ، المقرئ الجنائزيُّ.
وُلِدَ بمصر في سَنَةِ أربعٍ وستّين.
ورُحِلَ به، فسَمِعَ من: السِّلَفِيّ، ومُحَمَّد بن عبد الرحمن الحَضْرَميّ.
وبمصر من: مُحَمَّد بن عليّ الرَّحَبِيّ، وإسماعيل بن قاسم الزَّيّات، وعبد الله
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 310 رقم 2393، وتحفة الأحباب للسخاوي 348.
[2] انظر عن (عبد السلام بن عبد الرحمن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 321 رقم 2422.
[3] انظر عن (عبد الصمد بن داود) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 317 رقم 2410، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 269، 270، والمشتبه 2/ 463، وتوضيح المشتبه 6/ 286.(45/350)
ابن بَرِّيّ، وسَعيد بن الحُسَيْن المأمونيّ، وعبد الرحمن بن مُحَمَّد السَّبْيي، وجماعةٍ كثيرة.
وروى عنه: الزَّكيّ المُنذريّ [1] ، ويحيى بن عبد الرحيم بن مسلمة، وعمر ابن الحاجب، والجمال محمد ابن الصابونيّ، وجماعة.
وتُوُفّي في عاشر شعبان، ودُفِنَ بقرب كافور الإخشيد.
517- عبدُ الغفّار بن أبي الفوارس [2] شجاع بن عبد الله بن نوشتكين.
أبو مُحَمَّد، التُّرْكمانيُّ، الدنوشريُّ، المَحَلِّي.
استوطنَ المَحَلَّةَ، وكان عَدْلًا، شُرُوطيًا.
سَمِعَ: السِّلَفِيّ، والفقيه أبا الطّاهر بن عوف، ومحمد بن محمد الكِرْكَنْتِي.
وُلِدَ بدنوشر: قريةٍ بقرب المَحَلَّة، في سَنَةِ ثلاثٍ وخمسين.
ومات في السادس والعشرين من شوَّال.
روى عنه: الزَّكيّ المُنذريُّ، وجماعةٌ.
وَحَدَّثَنَا عنه: عيسى بن شهاب المُؤَدِّب، وأبو العباس أحمد ابن الأَغْلَاقيّ.
518- عَبْد الغنيّ بْن عَبْد الكريم [3] بن نِعمة.
أبو القاسم، الثَّوريُّ، السُّفيانيُّ.
كَانَ يذكر أنَّه من وَلد سُفْيان. وكان أديبا، فاضلا، لَهُ شِعْرٌ، وفضيلةٌ.
سَمِعَ من عبد الله بن برّي، وعنه الزّكيّ المنذريّ.
__________
[1] في التكملة 3/ 317.
[2] انظر عن (عبد الغفار بن أبي الفوارس) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 320، 321 رقم 2420، والعبر 5/ 115، وتوضيح المشتبه 8/ 60، وحسن المحاضرة 1/ 177، وشذرات الذهب 5/ 131، 132.
[3] انظر عن (عبد الغني بن عبد الكريم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 321 رقم 2421، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 72.(45/351)
ومات في عشر السبعين في ذي القِعْدَة.
519- عبد الغنيّ بن المبارك [1] بن المبارك بن أبي السعادات بن عُبَيْد الله. أبو القاسم، البَغْداديُّ.
من بيتِ عدالةٍ ورواية. سَمِعَ من: تَجَنِّي الوهْبَانِيَّة، وعُبَيْد اللَّه بن شاتِيل، وغيرهما. ومات في شعبان.
520- عبدُ الكريم بن عليّ [2] بن شَمْخ [3] . العَدْلُ، عفيفُ الدِّين، الشّافعيُّ.
أمينُ الحَكَم لقاضي القضاة أبي القاسم عبد الرحمن ابن السُّكَّريّ.
كَانَ ديِّنًا، كثيرَ التلاوة. مات في ذي الحِجَّة.
521- عبد اللطيف بن أبي جعفر [4] عَبْد الْوَهاب بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الغنيّ. أبو محمد، الطَّبريّ، البَغْداديُّ.
سَمَّعَهُ أبوه من: أبي المظفر ابن الشّبليّ، وأبي محمد ابن المادِح، وأبي الفَتْح بْن البَطِّي، وأبي بَكْر بْن النَّقُّور.
ووُلِدَ في سَنَةِ إحدى وخمسين تقريبا.
روى عنه: الدّبيثيّ، والبرزاليّ، وعمر ابن الحاجب، والسّيف ابن المجد، والشّرف ابن النابلسيّ، وجماعة. وأجازَ لفاطمة بنت سُلَيْمان.
وكان يقرأ بالأَلْحان، ويُؤَذِّن بالحُجرة الشَّريفة.
وتُوُفّي في رابع شعبان.
سَمِعَ ما رَوى الزَّيْنَبِيُّ عن المُخَلِّص من الأَوّل الكبير [5] على هِبَة الله
__________
[1] انظر عن (عبد الغني بن المبارك) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 180، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 316 رقم 2408.
[2] انظر عن (عبد الكريم بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 323 رقم 2426.
[3] قيّده المنذري.
[4] انظر عن (عبد اللطيف بن أبي جعفر) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 163، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 315، 316 رقم 2407، والمختصر المحتاج إليه 3/ 65 رقم 861، والإشارة إلى وفيات الأعيان 311، والعبر 5/ 115، والنجوم الزاهرة 6/ 279، وشذرات الذهب 5/ 132.
[5] يعني: الجزء الأول الكبير من «المخلّصيات» .(45/352)
الشِّبليّ. وسَمِعَ من ابن البَطِّي جميع «مُسْنَد» الطَّيَالسيّ.
522- عبد اللّطيف ابن الفقيه أبي العزّ [1] يوسُف بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن أَبِي سَعْد. العَلَّامة، مُوفَّق الدِّين، أبو مُحَمَّد، المَوْصِليّ الأصل، البَغْداديُّ، الفقيه، الشّافعيُّ، النَّحْويُّ، اللُّغَويُّ، المُتَكلِّم، الطّبيبُ، الفَيْلسوفُ، المعروفُ قديما بابن اللّبّاد.
وُلِدَ ببغدادَ في أحد الربيعين سَنَة سبْعٍ وخمسين وخمسمائة.
وسَمَّعَهُ أبوه من: ابن البَطِّي، وأبي زُرْعَة المقدسيّ، وأبي عليّ الحسن ابن عليّ البَطَلْيُوسيّ، ويحيى بن ثابت، وشُهْدَةَ، وأبي الحُسَيْن عبد الحقّ، وجماعة كثيرة.
روى عنه الزَّكيّان: البِرْزَاليُّ والمُنذريّ، والضّياءُ، وابن النجّار، والشهابُ القُّوصيّ، والتّاج عبد الوَهَّاب ابن زين الأُمناء، والكمالُ العَدِيميّ، وابنه أبو المجد الحاكم، والأمينُ أحمد ابن الأشتريّ، والكمال أحمد ابن النَّصِيبيّ، والجمالُ ابن الصَّابوني، والعزّ عُمَر بن محمد ابن الأستاذ، وخطلب وسنقر القضائيان، وعليّ ابن السيف بن تَيْمِيّة، ويعقوب بن فَضائل، وستّ الدّار بنت المجد بن تَيْمِيّة، وخلْقٌ سواهم.
__________
[1] انظر عن (عبد اللطيف بن أبي العز) في: التقييد لابن نقطة 382، 383 رقم 495، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 267، وإنباه الرواة للقفطي 2/ 193- 196، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 297، 298، رقم 2368، وعيون الأنباء لابن أبي أصيبعة 2/ 201- 213، وسير أعلام النبلاء 22/ 320- 323 رقم 195، والمختصر المحتاج إليه 3/ 65، 66 رقم 862، والإعلام بوفيات الأعلام 259، والإشارة إلى وفيات الأعيان 331، والمعين في طبقات المحدّثين 194 رقم 2054، وتذكرة الحفاظ 4/ 1414، والعبر 5/ 115، 116، وتلخيص ابن مكتوم، ورقة 114- 117، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 173، 174 رقم 128، وفوات الوفيات 2/ 16- 19، ومرآة الجنان 4/ 68، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 273، 274، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 132 (8/ 313 رقم 1217) ، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 171، وذيل التقييد للفاسي 2/ 150، 151 رقم 1327، والوافي بالوفيات 19/ 107- 115 رقم 99 (مكرر) ، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 163، أ، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 190، 191، وطبقات الشافعية، له 2/ 410 رقم 378، والعسجد المسبوك 2/ 450، وبغية الوعاة 2/ 311 رقم 1555، وتاريخ الظنون 30 وغيرها، وشذرات الذهب 5/ 132، وهدية العارفين 1/ 614، وديوان الإسلام 4/ 155- 157 رقم 1874، والأعلام 4/ 61، ومعجم المؤلفين 6/ 15.(45/353)
وحَدَّث بدمشق، ومِصْرَ، والقُدس، وحَرَّان، وبغداد.
وصَنَّف تصانيف كثيرة في اللّغة، والطبِّ، والتاريخ، وغير ذلك.
وكان أحدَ الأذكياء المُتَضَلّعين من الآداب والطبّ وعلم الأَوائل، إلّا أنّ دعاويه أكثر من علومه.
ذكره الوزيرُ جمال الدِّين عليّ القِفْطي في «تاريخ النُّحاة» فقال [1] : المُوفَّق النَّحْويّ الطَّبيبُ المُلَقَّب بالمَطْحن. كَانَ يَدَّعى معرفةَ النَّحْو، واللّغة، وعلم الكلام، والعلوم القديمة، والطبّ. ودخل مصر وادّعى ما ادّعاه فمشى إليه الطّلبة، فقصّر فيما ادّعاه فجفَوْهُ. ثم نفقَ على شَابَّيْن بعَيدِي الخاطر يُعرفان بولديّ إسماعيل بن أبي الحَجّاج المَقْدِسيّ الكاتب، ونقلاه إليهما، وأخذا عنه.
وكان دَميمَ الخِلْقَة نحيلَها، قليل لحمِ الوجه. ولمّا رآه التّاجُ الكِنْديّ لقّبه بالمَطْحن.
قلت: وبالغ القِفْطيّ في الحَطِّ عليه، ويظهر على كلامه فيه الهَوَى، حَتّى قال: ومن أسوأ أوصافه قلةُ الغَيْرةِ.
وقال الدُّبَيْثيّ [2] : غلبَ عليه عِلْم الطبِّ والأدب وبرعَ فيهما.
وقال ابن نُقْطَة [3] : كَانَ حسنَ الخُلُق، جميلَ الأمر، عالما بالنّحْو والغريبين، ولَهُ يَدٌ في الطّبِّ. سَمِعَ «سُنن» ابن ماجة، و «مسند» الشافعيّ من أبي زُرْعَة. وسَمِعَ «صحيح» الإسماعيلي جميعه، و «المدخل» إليه من يحيى بن ثابت بسماعه من أبيه. وسَمِعَ الكثير من ابن البَطِّي، وأبي بكر بن النَّقُّور، وانتقل إلى الشام ومصر. وكان ينتقل من دمشق إلى حلب. ومرَّة سكنَ بأَرْزَنكان وغيرها.
وقال المُوفَّق: سَمِعْتُ الكثيرَ، وكنتُ في أثناء ذلك أتعلّم الخطّ، وأتحفّظ القرآن، و «الفصيح» ، و «المقامات» ، و «ديوان» المتنبّي، ومختصرا في
__________
[1] في إنباه الرواة 2/ 93.
[2] في تاريخه الورقة 163.
[3] الموجود في المطبوع من (التقييد 382، 383) يختلف كثيرا عمّا هنا: «الشيخ الأديب الفاضل العالم، سمّعه أبوه في صغره الكثير. سَمِعَ سننَ ابْن ماجة من أَبِي زُرْعَة طاهر بن محمد بن طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي، ومسند الشافعيّ أيضا» .(45/354)
الفقه، ومختصرا في النَّحْو. فلمّا تَرَعْرَعْتُ حملني والدي إلى كمال الدِّين عبد الرحمن الأنباريّ وكان- يومئذٍ- شيخ بغداد، ولَهُ بوالدي صُحْبةٌ قديمة أيام التّفقّه بالنّظامية، فقرأت عليه خطبة «الفصيح» ، فهذّ كلاما كثيرا لم أفهمه، لكنّ التلاميذَ حوله يُعجبون منه. ثمّ قال: أنا أجفو عن تَعْليم الصّبيان احمله إلى تلميذي الوجيه الواسطيّ يقرأ عليه، فإذا تَوَسَّطَتْ حالُه قرأ عليَّ. وكان الوجيهُ عند بعض أولاد رئيس الرؤساء، وكان رَجُلًا أعمى من أهل الثَّروة والمُروءة، فأخذني بكلتا يديه، وجعل يُعَلّمني من أول النّهار إلى آخره بوجوهٍ كثيرة من التَّلَطّف. وكنتُ أحفَّظُه من كتبه، وأحفظ معه، وأَحضرُ معه حلقة كمال الدِّين إلى أن صِرتُ أسبِقُه في الحِفْظ والفَهْم، وأَصرفُ أكثرَ اللّيل في التّكرار، وأقمنا على ذلك برهة. وحفظت «اللُّمَع» في ثمانية أشهر، وكنت أطالع شَرْحَ الثّمانينيّ، وشَرْح الشريف عُمَر بن حمزة، وشرح ابن بَرهان، وأشرحُ لتلامذة يختصّون بي إلى أن صِرْتُ أَتَكَلَّمُ على كلّ باب كراريسَ، ولا يَنْفَذُ ما عندي.
ثمّ حَفِظْتُ «أدب الكاتب» لابن قُتَيْبة حفظا مُتقنًا، ثمّ حفظتُ «مشكل القرآن» له، و «غريب القرآن» لَهُ، وكلّ ذلك في مُدَّةٍ يسيرة. ثمّ انتقلتُ إلى «الإِيضاح» لأبي عليّ الفارسيّ، فحفظته في شهور كثيرة، ولازمت مُطالعة شروحه وتتبّعتُه التّتبع التّامّ حَتّى تبحّرتُ فيه. وأمّا «التَّكملة» فحفظتُها في أيّام يسيرة كُلَّ يوم كُرّاسًا. وطالعت الكتب المَبْسُوطة، وفي أثناء ذلك لا أُغْفِلُ سماع الحديث والتّفَقّه على شيخنا ابن فَضْلان.
ومن كلام المُوفَّق عبد اللّطيف- وكان فصيحا، مفوَّهًا-: «ينبغي أن تُحاسِبَ نفسك كُلَّ ليلة إذا أَوَيْتَ إلى منامك، وتَنْظُرَ ما اكتَسَبْتَ في يومِك من حَسَنة فتشكُرُ الله عليها، وما اكتسبتَ من سيئةٍ، فتستغفرَ الله منها، وتُقْلِعَ عنها.
وتُرِّتب في نفسك ما تعمله في غَدِك من الحَسَنات، وتسألَ الله الإعانة على ذلك» .
وقال: ينبغي أن تكونَ سيرتُك سيرةَ الصَّدْر الأَوَّل، فاقرأ سيرةَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتَتَبَّعْ أفعالَهُ وأحوالَهُ، واقتفِ آثارَهُ، وتَشَبَّه به ما أمكنك، وإذا وقفتَ على سيرته في مَطْعَمِهِ ومَشْرَبِهِ ومَلْبَسه ومَنامه ويَقظَتِه وتمرُّضهِ وتطبُّهِ وتَمتّعه وتطيُّبه، ومعاملته مع ربّه، ومع أزواجه وأصحابه وأعدائِه، وفعلتَ اليَسيرَ من ذلك، فأنت السعيدُ كُلّ السعيد.(45/355)
قال: ومن لم يَحْتَمِل أَلَمَ التَّعلُّم، لم يَذْق لذّة العِلْم، ومن لم يَكْدَحْ لم يُفْلِحْ، وإذا خَلَوتَ من التَّعلّم والتَّفَكّر، فَحرِّك لسانَكَ بذكر الله وتسبيحِه وخاصّة عند النوم. وإذا حَدَّثَ لك فَرَحٌ بالدّنيا، فاذكُرِ الموتَ وسُرعةَ الزَّوال، وأصناف المُنَغِّصات، وإذا حَزَبَك أمرٌ، فاسترجِعْ، وإذا اعترتكَ غَفْلةٌ فاستغفر، واجعلِ الموتَ نَصْبَ عينك، والعِلْم والتُّقَى زَادكَ إلى الآخِرَة، وإذا أردت أن تعصيَ الله، فاطلُبْ مكانا لا يراك فيه، وعليك أن تجعلَ باطنَك خَيْرًا من ظاهرك فإنَّ النّاسَ عيونُ الله على العَبْد يُريهم خيره وإن أخفاه، وشَرَّهُ وإن سَتَرَهُ، فباطنُه مكشوفٌ للَّه، والله يكشِفُه لعباده. واعلم أنّ للدّين عَبَقَةً وعَرفًا يُنادي على صاحبه ونورا وضياء يُشرق عليه ويَدُلُّ عليه، كتاجر المِسْكِ لا يخفى مكانُه.
ثمّ قال: اللَّهمّ أَعِذْنا من شموس الطبيعة، وجموح النفس الرديَّةِ، وسَلِّسْ لنا مقادَ التَّوفيق، وخُذ بنا في سواءِ الطّريق، يا هادِيَ العُمى يا مُرشِدَ الضُّلَّال يا محيي القلوب المَيِّتة بالإيمان خُذْ بأيدينا مِن مهواة الهَلَكَة، ونَجِّنا من رَدْغَةِ الطبيعةِ، وطَهِّرنا من دَرَنِ الدُّنيا الدنيَّة بالإِخلاص لك والتَّقوى، إنَّكَ مالكُ الدُّنيا والآخرة. سبحان من عَمَّ بحكمته الوجود، واستحق بِكُلِّ وجه أن يكونَ هُوَ المَعْبُود، تلألأت بنور جلالك الآفاقُ، وأشرقت شمسُ معرفتك على النفوس إشراقا وأيَّ إشراق.
ومن تصانيفه: «غريب الحديث» ، و «المجرّد» منه، «الواضحة في إعراب الفاتحة» ، كتاب «رُبَّ» ، كتاب «الألف واللّام» ، «شرح بانت سعاد» ، «ذَيْلِ الفصيح» ، «خمس مسائل نحويّة» ، «شرح مقدّمة بابشاذ» ، «شرح الخُطَب النُّبَاتِية» ، «شرح سبعين حديثا» ، «شرح أربعين حديثا طبّية» ، «الرّد على الفخر الرَازيّ في تفسير سورة الإِخلاص» ، «شرح نَقْد الشعر» لقُدامة، كتاب «قوانين البَلاغة» ، «الإنصاف بين ابن بَرِّيّ وابن الخَشَّاب في كلامهما على المقامات» ، «مسألة أنت طالق في شهر قبل ما بعد قبله رَمَضان» ، كتاب «قَبْسَة العَجْلان» في النَّحْو، «اختصار العُمدة» لابن رشيق، «مُقدّمة حساب» ، «اختصار كتاب النَّبات» ، كتاب «الفُصول» في الحكمة، «شرح فصول بُقراط» ، «شرح التّقدمة» له، «اختصار كتاب الحيوان» لأرسطوطاليس. واختصر كتبا كثيرة في الطّبّ.
كتاب «أخبار مصر الكبير» ، كتاب «الإِفادة في أخبار مصر» ، كتاب تاريخ(45/356)
يتضمّن سيرته، «مقالة في الجوهر والعَرَض» ، «مقالة في النَّفْس» «مقالة في العَطَش» ، «مقالة في السَّقَنْقُور» ، «مقالة في الردّ على اليهود والنصارى» ، كتاب «الحكمة في العلم الإلهي» . وأشياء أكثر ممّا ذكرنا.
قلت: سافر المُوفَّق من حلب ليحجّ من الدَّرب العراقيّ، فدخلَ حَرَّان وحدَّث بها، وسافر، فمرِضَ ودخل بغدادَ مريضا، فتعوَّق عن الحجّ. ثم مات ببغداد في ثاني عشر المحرَّم وصَلَّى عليه شهاب الدِّين السُّهَرَوَرْدِيّ، ودُفِنَ بالوَرْدية.
وقد ذكره المُوفَّق أحمدُ بن أبي أُصيبعة فقال [1]- بعد أن وَصَفَهُ-: كَانَ يتردَّد إليه جماعةٌ من التَّلاميذ وغيرهم من الأَطبّاء للقراءة عليه، وكان كثيرَ الاشتغال لا يُخلي وقتا من أوقاته من النظر في الكتب والتَّصنيف. والّذي رأيتُه من خطه أشياءَ كثيرة جدّا. وكان بينَه وبينَ جَدِّي صُحْبَةٌ أكيدة بمصر. وكان أبي وعمّي يشتغلان عليه. واشتغل عليه عمِّي بكتب أرسطوطاليس. وكانَ قَلمُهُ أجودَ من لفظه. وكان يتنقَّص بالفضلاء الّذين في زمانه وكثير من المُتَقَدِّمين وخصوصا الرئيس ابن سينا. ثمّ ساق من سيرته ما ذكرته أنا، ثمّ قال: وقال موفّق الدِّين: إنّ مِن مشايخه وُلِدَ أمين الدَّولة ابن التلميذ وبالغَ في وصفه وكَرَمِه. وهذا تعصُّب، وإلّا فولدُ أمين الدَّولة لم يكن بهذه المثابة، ولا قريبا منها.
ثمّ قال المُوفَّق: دخلت الموصل، فأقمت بها سَنَةً في اشتغال متواصلِ ليلا ونهارا، وزعم أهلُها أنّهم لم يروا من أحدٍ قبلي ما رأوا منّي من سِعَةِ المحفوظ، وسُرْعَة الخاطر، وسكون الطائر. وسمعت الناس يهرجون في حديث السُّهَرَوَرْدِيّ المتفلسِف، ويعتقدون أنَّه قد فاقَ الأَوَّلِين والآخرين، فطلبت من الكمال ابن يونُس شيئا من تصانيفه- وكان يعتقد فيها- فوقعتُ على «التلويحات» و «اللّمحة» و «المعارج» فصادفتُ فيها ما يدلّ على جَهْل أهل الزَّمان، ووجدت لي تعاليقَ لا أرتضيها هي خيرٌ من كلام هذا الأَنْوَك [2] . وفي أثناءِ كلامه يُثبت حروفا مقطّعة يُوهِمُ بها أنها أسرارا إلهية.
__________
[1] في عيون الأنباء 2/ 202.
[2] الأنوك: الأحمق.(45/357)
قال: وعَمِلتُ بدمشقَ تصانيف جمّة منها: «غريب الحديث الكبير» الّذي جمعت فيه «غريب» أبي عبيد، و «غريب» ابن قتيبة، و «غريب» الخَطَّابي. ثمّ عَمِلتُ لَهُ مختصرا سمّيته «المُجَرَّد» . وأعربتُ الفاتحة في نحو عشرين كرّاسا.
قلتُ: ولَهُ كتاب «الجامع الكبير» في المنطق والطّبيعي والإِلهي زُهَاءَ عشرة مجلّدات بقي يصنّف فيه مُدَّةً طويلة.
523- عبدُ الواحد بن إسماعيل [1] بن صَدَقَة، نفيس الدِّين.
أبو مُحَمَّد، الحَرّانيُّ، ثمّ الدّمشقيُّ، التَّاجِر.
حدَّث عن: أبي الحُسَيْن أحمد ابن الموازينيّ، ونسيبِه مُحَمَّد بن عليّ بن صَدَقَة.
ومات فُجَاءةً بدمشق في ربيع الآخر. كتبَ عنه ابن الحاجب، وغيرُه.
524- عبدُ الوَهَّاب بن أزهر [2] بن عبد الوهّاب بن أحمد ابن السَّبَّاك.
أبو البركات، البَغْداديُّ.
من أهل نهر القلّائين. ولد سنة سبع وخمسين وخمسمائة.
وسَمَّعَهُ أبوُه من: أَبِي الفَتْح بْن البَطِّي، وأبي عليّ ابن الرّحبيّ، ويحيى ابن ثابت، وغيرهم.
وكانَ من وُكلاء القُضَاةِ، لَهُ خبرة بالشّروط والدّعاوى. ثمّ ارتفع عن الوكالة، ولُقِّبَ بنجْم الإِسلام، وخَدَمَ في مناصبَ، وكان محمودَ السِّيرة.
سَمِعَ منه عُمَر ابن الحاجب، وابن نُقْطَة. وهُوَ أخو عبد العزيز، وأحمد.
تُوُفّي في ربيع الآخر.
ورَوَى عَنْهُ ابن النَّجَّار فِي «تاريخه» [3] وقال: عُزِلَ عن المناصب، ونفي، وحبس بواسط.
__________
[1] انظر عن (عبد الواحد بن إسماعيل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 305 رقم 2385.
[2] انظر عن (عبد الوهاب بن أزهر) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 324- 326 رقم 196، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 304، 305 رقم 2383، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 2190، وتوضيح المشتبه 1/ 623 و 5/ 6.
[3] ذيل تاريخ بغداد 1/ 625.(45/358)
525- عَتيق بن حسن بن رَملي، أبو بكر، الأنصاريُّ، الإِسكندرانيُّ.
سَمِعَ من السِّلَفِيّ، وابن عَوْفٍ. أخذَ عنه ابن مَسْدِيّ وأرَّخَهُ.
526- عُثمان بن قزل [1] ، الأميرُ الكبير.
فخر الدين، أبو الفتح، الكامليّ.
ولد بحلب سنة إحدى وستين وخمسمائة. وكان من كبار أمراء الكامل.
وقفَ المدرسة المشهورة بالقاهرة، والمسجد المقابل لها، وكُتَّاب السَّبيل، والرّباط بمكّة، والرباط بسفح المُقَطَّم. وكان مبسوط اليَدِ بالمعروف والصدقات في حياته وبعد وفاته- رحمه الله-.
تُوُفّي في ثامن عشر ذي الحِجَّة بحرَّان، ودُفِنَ بظاهرها [2] .
527- عليُّ بن أحمد [3] بن إبراهيم. أبو الحَسَن، الهاشميُّ، الواسطيُّ، عُرِفَ بابن العَطَّار، الشَّاعر، نزيلُ بغداد.
من أعيان الشعراء. مات في آخر سِنِّ الكُهولة في شهر ربيع الآخر.
ومن شعره:
أَتَرَاهُ بَعْدَ قَطِيعَةٍ يَتَعَطَّفُ ... بَدْرٌ يَميلُ بِهِ قِوَامٌ أَهْيَفُ
أَنْتَ البَريء مِنَ الإِساءَةِ كُلِّها ... يا عاذِلي وأَنَا المُحِبُّ المُدْنَفُ
لا تَلْحَنِي في حُبِّه فَتَتَيُّمِي [4] ... طَبعٌ وصَبْري عَن هَواهُ تَكلُّفُ
جَهِلُوا الّذي أَلْقَاهُ في حَمْلِ الهَوى ... فِيه ولذَّةَ عشقه لم يعرفوا
[5]
__________
[1] انظر عن (عثمان بن قزل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 324 رقم 2431، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 2203، والتاريخ المنصوري 245، والدر المطلوب 306، ونهاية الأرب 29/ 169، والوافي بالوفيات 19/ 503، 504 رقم 509، والعقد الثمين 3/ ورقة 109، والسلوك ج 1 ق 1/ 244، والدارس 1/ 431.
[2] له شعر في: الوافي بالوفيات.
[3] انظر عن (علي بن أحمد) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 23 240 رقم 531، وعقود الجمان.
[4] في ذيل تاريخ بغداد: «فتكلّفي» .
[5] قبل هذا البيت بيتان ذكرهما ابن النجار:
كيف اصطباري عنه والقلب الّذي ... هو عدّتي ... لا يتألّف
دقت معاني العشق عن أفهامهم ... واستعذبوا فيه الملام وأسرفوا(45/359)
ولَهُ:
يَا مَنْ غدا في حبِّهِ هَدْرًا دَمِي ... مَا لَذَّ لي إِلّا عَلَيْكَ تَتيُّمي
وهَواك أني في الصَّبابة وَاحِدٌ ... وإليَّ أَهلُ العشق فيها ينتمي
وعلى مرارت الصُّدُودِ وصدِّه ... ما بَاحَ بالشَّكوى إلى بَشرٍ فمي
يَا مَنْ إِذا ما حَاولَت أَفكارُنا ... إِدْرَاكَ سِرِّ جمالِه لم تَفْهَم
لَكِ عِزَّةُ المَعْشوق ذي الحُسنى وَلي ... إطراقُ ذي نَدَمٍ وَذِلَّة مُجْرِمُ
[1] 528- عليّ بن بكربسان بن جاولي الملكيُّ الأفضليُّ. الأميرُ شمس الدِّين. مِن أمراء دمشق.
قال القُّوصيُّ: كَانَ من أكابر حجّاب الدَّولة الأفضلية، ومن سادات الأمراء والفُضلاء، تُوُفّي بظاهر دمشق في جُمَادَى الأولى، ولَهُ خمسٌ وستّون سَنَة.
قلت: روى عنه شعرا.
529- عليّ بن خطَّاب [2] بن مُقلَّد، الفقيه. المقرئ، أبو الحَسَن، الواسطي، المُحَدِثِيُّ [3] ، الشّافعيُّ، الضَّرير.
والمُحدِّث، من قُري واسط، وُلِدَ بها في سَنَةِ إحدى وستّين، وحَفِظَ بها القرآن، وقَدِمَ واسطا، فقرأ بها القراءات على أبي بكر ابن الباقِلّانيَ، وسَمِعَ من أبي طالب الكتَّانّي.
ثم قَدِمَ بغداد، وتَفَقَّه على أبي القاسم يحيى فَضْلان، وغيرِه. وسَمِعَ من أبي الفَتْح بن شاتيل، وجماعةٍ.
وكان بارعا في المَذْهب، والخِلاف. درّس، وأعاد، وأفاد، وأفتى.
__________
[1] وقال ابن النجار: بلغني أن مولده في سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة بواسط.
[2] انظر عن (علي بن خطاب) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 316، 317 رقم 2409، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 554 رقم 1257، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 125 (8/ 294 رقم 1195، ونكت الهميان 211، 212، وفيه «الحطاب» باللام المهملة وهو تحريف، والوافي بالوفيات 19/ 79 رقم 42، ومعرفة القراء الكبار 2/ 628 رقم 562، والعقد المذهب، ورقة 171، 172، وغاية النهاية 1/ 541 رقم 2314.
[3] بضم الميم وسكون الهاء المهملة وبعدها دال مهملة وثاء مثلثة. (المنذري) .(45/360)
ومات في ثامن شعبان.
وكان يقرأ في رمضان تسعين ختمة، وفي باقي السنة في كلّ يومين ختمة. وكان قَيَّمًا بعلم العربية. أقبلت عليه الدُّنيا في آخر عُمره. وجالس الإِمام المستنصر باللَّه.
530- عليُّ بن عبد الله [1] بن يوسُف بن خطَّاب.
أبو الحَسَن، المُعَافِريُّ، الإِشْبِيليّ، الْمُقْرِئ.
أَخَذَ القراءات عَنْ أَبِي الْحَسَن نَجَبَة صاحب شُرَيحٍ.
وسَمِعَ من: أَبِي عَبْد اللَّه بن زَرْقون، وعبد الرحمن بن مَسْلَمَة الخطيب، وجماعة.
ذكره الأَبَّار فقال: كَانَ فقيها، محدِّثًا، يميلُ إلى الظاهر. ولَهُ النظمُ والنَّثر. وعاش ثمانين سَنَة.
531- عليُّ بن عبد الرحيم [2] بن يعقوب. الفقيه، أبو الحَسَن، البَكْريُّ، الببَانيُّ- بموحدتين مفتوحتين-.
وبَبا [3] : من أعمال البَهْنَسا، المالكيُّ، المُعَدَّل.
شَهِدَ عند قاضي القضاة أبي المكارم محمد بن عين الدّولة.
وسمع من الحافظ ابن المُفَضَّل.
وكان من أهل الدِّين والصَّلاح، والأمر بالمعروف، والتواضع.
قال المُنذريّ [4] : كَانَ مجتهدا في الأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، وكتب بخطِّه كثيرا. وتُوُفّي بالقاهرة في سابعٍ عشر رجب.
532- عليّ بن عُثمان [5] بن مُجلِّي. الوَاعظ، نظامُ الدين، الجزريّ،
__________
[1] انظر عن (علي بن عبد الله) في: الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 5 ق 1/ 238، 239 رقم 481.
[2] انظر عن (علي بن عبد الرحيم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 314، 315 رقم 2404، وتوضيح المشتبه 1/ 616.
[3] في الأصل: «ببان» . والتصحيح من التكملة والتوضيح.
[4] في التكملة 3/ 314.
[5] انظر عن (علي بن عثمان) في: عقود الجمان لابن الشعار 5/ ورقة 95.(45/361)
المعروف بابن دُنَيْنَة، الشَّاعر.
كثير التطواف والأَسفار، مَدَحَ الأُمراء والأَكابر.
وقرأ الوعظ على أبي الفرج ابن الجوزيّ، وتَفَقَّه على أبي طالب بن الخلّ، وسمع من أبي الفتح المندائيّ.
وكان طريفا، خفيف الرّوح، حلو المزاح. تُوُفّي بين قارة والنَّبْكِ [1] .
533- عليّ بن المُقَرَّب [2] بن منصور بن المُقَرَّب بن الحَسَن. الأديب، أبو الحَسَن، الرَّبعِيّ [3] ، العُيُونيّ [4] ، البَحرانيّ، الأحسائيّ، الشَّاعرُ.
وُلِدَ بالأحساء من بلاد البَحْرَين في سَنَةِ اثنتين وسبعين. وحدَّث ببغداد بشيءٍ من شعره.
ودخل المَوْصِل، ومَدَحَ صاحبها. وكان شاعرا مُحْسِنًا، بديعَ الشعر.
تُوُفّي في رجب [5] .
534- عليُّ بن يحيى [6] بن يوسُف بن أحمد. نجم الدِّين، أبو الحَسَن، المَوْصِليّ، ثمّ الدّمشقيُّ، المِزِّي، ابن خطيب المزّة، الشافعيّ، الشّروطيّ، الشّاهد.
__________
[1] النبك: بلدة تقع شمال شرق دمشق، وهي في منتصف الطريق بين دمشق وبين حمص، تبعد عن دمشق خمسين ميلا تقريبا، وقارة قريبة منها تابعة لها.
[2] انظر عن (علي بن المقرّب) في: معجم البلدان 4/ 181، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار (باريس) ورقة 44، 45، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 325، 326 رقم 2434، وعقود الجمان لابن الشعار 5/ ورقة 254، والمشتبه 1/ 388، والوافي بالوفيات 22/ 222 رقم 158، وتوضيح المشتبه 6/ 438، وتبصير المنتبه 129 و 1061، وهدية العارفين 1/ 706، وديوان الإسلام 4/ 284 رقم 2049، وتذكرة المتبحرين 490، وأعيان الشيعة 41/ 327، والأعلام 5/ 24، ومعجم المؤلفين 24، وتاريخ الأدب العربيّ 1/ 302 وفيه: «علي بن عبد الله بن المقرب» وهو غلط.
[3] الرّبعي: من ربيعة الفرس. كما قال ابن المقرّب لابن النجار. (ورقة 44) .
[4] العيوني: بضم العين المهملة والياء آخر الحروف وبعد الواو الساكنة نون، نسبة إلى العيون جمع عين وهي ناحية البحرين. (المنذري) .
[5] وقال ابن النجار: «بلغنا أنه توفي بالبحرين في محرّم سنة إحدى وثلاثين وستمائة» . وتابعه الصفدي.
[6] انظر عن (علي بن يحيى) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 308، 309 رقم 2387، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 335.(45/362)
ولد قبيل الستين وخمسمائة بمسجد الدَّيْلمي تحت الرَّبْوةِ [1] ، وكَانَ أبوه- إذ ذاك- مُقِيمًا به.
وسَمِعَ من أبي القاسم بن عَساكر. وحدَّث. سَمِعَ منه: عليّ القسطار، ونصر الله بن أبي العزَّ الصَّفَّار، ويحيى بن مسلمة، والجمال ابن الصَّابونيّ.
ومات في ربيع الآخر. وهُوَ ابن أخي المَعمَّر عبد الرحيم صاحب ابن طَبَرزَد.
535- عُمَر بن عبد الملك [2] ،. أبو مُحَمَّد، الدَّينَوَريُّ، الزَّاهد، نزيلُ سَفْحِ قاسيونَ.
كَانَ شيخا زاهدا، عابدا، قَانِتًا، مُخْبِتًا، مُنْقَطِعًا إلى عبادة الله تعالى، صاحبَ أحوالٍ ومُجاهدات. لَهُ زاويةٌ وأصحاب.
قال الضياء: اجتمعت به بالبلاد، وزُرت شيخَه، وبِدلالتي قَدِمَ إلى الشام وسكن بالْجَبَلِ [3] .
قلت: وهُوَ والدُ الخطيب جمال الدِّين محمد إمام كفربطنا [4] .
تُوُفّي في ليلة الحادي والعشرين من شعبان.
536- عُمَر بن أبي المجد [5] كرم بن أبي الحسن عليّ بن عمر.
__________
[1] الربوة: من متنزّهات دمشق.
[2] انظر عن (عمر بن عبد الملك) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 318 رقم 2414، والعبر 5/ 116، ومرآة الجنان 4/ 68، والنجوم الزاهرة 6/ 279، وشذرات الذهب 5/ 132.
[3] أي: جبل قاسيون.
[4] كفربطنا: هي قرية في غوطة دمشق الشرقية.
[5] انظر عن (عمر بن أبي المجد) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (باريس 5922) ، ورقة 198، 199، و (المطبوع) 15/ 2900، والتاريخ المجدد لابن النجار (باريس) ورقة 117، والتقييد لابن نقطة 399 رقم 526، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 313 رقم 2400، وتاريخ إربل 1/ 456، وتلخيص مجمع الآداب 1/ 430، والمختصر المحتاج إليه 3/ 103، 104، رقم 949، والعبر 5/ 116، وتذكرة الحفاظ 4/ 1414، والمعين في طبقات المحدّثين 194 رقم 1056، والإعلام بوفيات الأعلام 259، والإشارة إلى وفيات الأعيان 331، وسير أعلام النبلاء 22/ 325، 326 رقم 197، وذيل التقييد 2/ 249، 250 رقم 1550، والنجوم الزاهرة 6/ 279، وشذرات الذهب 5/ 132، وديوان الإسلام 3/ 262 رقم 1401.(45/363)
أبو حفص، الدَّينَوريُّ، ثمّ البَغْداديُّ، الحَمَّاميُّ.
وُلِدَ سنة تسع وثلاثين وخمسمائة.
وسَمِعَ من جدِّه لأُمِّه أَبِي الفَتْح عَبْد الوهَّاب بْن مُحَمَّد الصَّابونيُّ، ومن نصر بن نصر العُكْبَرِيّ، وأبي الوَقْت السِّجْزِيّ، والمبارك بن المبارك ابن التَّعاويذي السَّرّاج، وفاطمة بنت سَعْد الله الميهنيّ، وغيرهم.
وأجاز له أبو الفتح الكَرُوخي، وأبو حفص عُمَر بن أحمد الصَّفَّار الفقيه، وأبو الفَرَج عبد الخالق اليُوسُفيُّ، وأبو المعالي أحمدُ بن محمد بن المذاريّ، وجماعة. وتفرَّدَ بالإِجازة من أكثر هؤلاء.
وحدَّث بالكثير. وكان شيخا مباركا، صحيح السماع والإِجازة.
روى «صحيح» البخاري، و «الدّارميّ» ، و «عبد» [1] ، وجماعة أجزاءٍ تفرّد بها عن أبي الوَقْت. وروى «الجامع» للتِّرْمِذِيّ بالإِجازة عن أبي الفَتْح.
روى عنه: ابن نُقْطَة، والدُّبَيْثيّ، والبِرْزَاليُّ، والسيفُ بن قدامة، وأبو المظفّر ابن النابلسيّ، والفخرُ بن البُخاريّ، والشهابُ الأبَرْقُوهيّ، والتقيّ ابن الواسطيّ، والعزّ أحمد ابن الفاروثيّ، والشمس عبد الرحمن ابن الزَّين، والرشيدُ محمد بن أبي القاسم، والمجد عبد العزيز الخليليّ والعماد إسماعيل ابن الطَّبَّال وسَمِعَا [2] منه «جامع» التِّرْمِذِيّ.
وروى عنه بالإجازة: وروى عنه بالإجازة: زاهدةُ أخت الأبَرْقُوهيّ، وفاطمةُ بنت سليمان، وأبو الحسين اليونينيُّ، والعمادُ إبراهيمُ الماسِح، وطائفة آخِرَهم بقاء القاضي تقيّ الدِّين سُلَيْمان.
وتُوُفّي في سادس رجب.
ويقالُ لَهُ: الْجَعفري، لأَنَّه من محلَّة الجعفرية [3] .
وقال الأَبَرْقُوهيّ في «معجمه» : كان من أهل العبادة والعفاف، منقطعا
__________
[1] يعني: «المنتخب من مسند عبد بن حميد» .
[2] يعني: الخليلي وابن البطال.
[3] ببغداد.(45/364)
عن الناس، خَاشِعًا عند قراءة الحديث [1] .
537- عُمَر بن أبي بكر [2] بن عمر ابن الصياد. أبو محمد، الحَرْبيُّ.
سَمِعَ من: أبي جعفر أحمد بن عبد الله بن أحمد اليُوسُفيُّ، وفارس الحفَّار. ومات في صفر.
538- عيسى ابن المُحدِّث أبي محمد عَبْدِ الْعَزِيزِ [3] بْنِ عيسى بن عبد الواحد بن سُلَيْمان اللَّخْمِيّ، الأندلسيّ. الشّريشيّ، ثم الإسكندرانيّ، المقري، أبو القاسم.
سَمَّعه أبوه من السِّلَفِيّ أجزاء فيها كثيرة، وكان لَهُ بها أصول.
وكان مقرئا بصيرا بالقراءات المشهورة والشواذ. تصدَّرَ للإقراء ببلده مُدَّة، وقرأ عليه الشيخ زينُ الدِّين عبد السلام الزَّواوي، ورشيدُ الدِّين أَبُو بَكْر بْن أَبِي الدُّر، والتقيُّ يعقوبُ بن بَدْران الجرائديّ.
وحدَّث عنه: الحافظ عبدُ العظيم، والكمالُ العبّاسيّ الضرير، والحافظُ محبّ الدِّين ابن النجار، وإسحاق بن أسد، وجماعة من المحدّثين والقراء، وَحَدَّثَنَا عنه أبو محمد الحَسَن سِبْطُ زيادة.
ولد سنة خمسين وخمسمائة ظنّا. وأقرأ بمصر أيضا.
وكان غيرَ ثقة ولا صادقٍ مع جلالته وفضائله.
قرأتُ بخطّ عمر ابن الحاجب قال: كَانَ لو رأى ما رأى قال: «هذا
__________
[1] وقال ابن نقطة: سمعت منه، وسماعه صحيح، وهو شيخ صالح. (التقييد 399) .
[2] انظر (عمر بن أبي بكر) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار (باريس) ورقة 94، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 302 رقم 2377.
[3] انظر عن (عيسى بن عبد العزيز) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 312 رقم 239، وذيل الروضتين 161، وتاريخ إربل 1/ 295، والإشارة إلى وفيات الأعيان 33، والإعلام بوفيات الأعلام 260، وتذكرة الحفاظ 4/ 1414، والعبر 5/ 116، 117، ومعرفة القراء الكبار 2/ 614- 619 رقم 583، وسير أعلام النبلاء 22/ 315 رقم 191، وغاية النهاية 1/ 609، ونهاية الغاية، ورقة 179، ولسان الميزان 4/ 401، والنجوم الزاهرة 6/ 279، وبغية الوعاة 2/ 235، 236، وحسن المحاضرة 1/ 499، وشذرات الذهب 5/ 133، وروضات الجنات 1/ 308.(45/365)
سماعي، أو «لي من هذا الشيخ إجازة» . قال: وكان يقول: جمعتُ كتابا في القراءات فيه أربعةُ آلاف رواية. ولم يكن أهلُ بلده يُثنون عليه. وكان فاضلا، مقرئا، كيِّس الأخلاق، مُكْرِمًا لأهل العِلْم.
قلت: وكان قد قرأ القراءات السبع على أبي الطيِّب عبد المُنعم بن يحيى بن الخُلُوف الغَرْنَاطيّ نزيل الإسكندرية سَنَة بضعٍ وسبعين، وماتَ سَنَة سِتٍّ وثمانين. وكان قد أخذ القراءات عن والده ابن الخُلُوف وشريح. وأسند القراءات و «التّيسير» عنه في إجازته للزَّواوي في سَنَةِ ستٍّ عشرة وستمائة. ولم يذكر لَهُ شيخا سوى أبي الطيِّب، وإنما ذكر وكثّر في أواخر عُمره- نسأل الله السلامة-، ولو كَانَ قرأ على أبي القاسم بن خَلَف الله صاحب ابن الفَحّام لكان لَهُ إسنادٌ عالٍ كصاحبيه أبي الفضل الهَمْدانيّ، وجمال الدِّين الصَّفْراويّ وما جَسَرَ- مع وجودهما- أن يزعم أنَّه قرأ على شيخِهما. لكنّي بأخرةٍ قرأتُ بخطِّ ابن مَسْدِيّ: سَمِعَ من عبد الرحمن بن خَلَف الله، وقرأ عليه بالروايات، وعلى ابن سعادة الدّانيّ. وابن سعادة- هذا- من أصحاب ابن هذيل وطبقته فأغرب عنه ب- «التيسير» عن عبد القُدوس، عن أبي عَمْرو الدّانيّ. وكتب إليه مُخبرًا أبو الفتوح الخطيب، وأبو الحَسَن الأَرْتَاحِيّ، وأبو سَعْد السَّمعانيّ. وقفت على أثباته ودستور إجازاته وما ذكرته فمن ذلك، إلى أن قال: ولَهُ كتاب «الجامع الأكبر والبحر الأَزخر» في اختلاف القُرَّاء، يحتوي على سبعة آلاف رواية وطريق. ومن هذا الكتاب وقع الناسُ فيه، والله أعلم بما يخفيه. جمعت عليه ختمة بالسبع من طريق «التّجريد» ، وسمعتُ منه كثيرا. قال: وولد سنة أربع وخمسين وخمسمائة. وفي أسانيده تخليطٌ كثير، وأنواع من التَّركيب والشَّره.
في كلام نحو هذا لابن مَسْدِيّ.
وقد سألتُ عنه العَلَّامة أبا حيّان الأَنْدَلسِيّ- أبقاهُ الله- فكتب إليَّ فيما كتب: كَانَ لَهُ اعتناءٌ كثير بالقراءات، وتصانيف عِدَّة. وكان أبوه قد اعتنى به في صغره. وكان فقيها، مُفتيًا. قرأ عليه النّاسُ وأخذوا عنه، وتكلَّم بعضُهم فيه.
وقفتُ على إجازته لأبي يوسف يعقوب بن بَدْران الجرائديّ، وقد قرأ عليه بالسبع، وقراءة يعقوب، وابن القعقاع، وابن مُحَيْصن، وأشهدَ على نفسه لَهُ بها في صفر سَنَة سبع وعشرين، وأسند فيها عن أبي طاهر السِّلَفيّ. وذكر أنَّه أجازه أبو الفتوح ناصرُ بن الحَسَن الخَطيب. وأسند في هذه الإجازة عن(45/366)
رجلين، أحدهما: أبو محمد عبد الله بْن محمد بْن خلف بن سعادة الأصبحيّ الدّانيّ- وسيأتي ذكره- وأنه قرأ عليه أربعة وثلاثين كتابا، وتلا عليه بكلِّهِنَّ، منها كتاب «التّيسير» ثم ساقَ أسماءها جميعا. ثمّ سمَّى بعدها خمسة عشر كتابا ذكر أنَّه تلا بهِنّ كلِّهِنَّ على عبد الله- هذا-. وذكرَ الشيوخ الّذين روى عنهم القرآن والكتبَ المذكورة، وأسندها عنهم شيخه عبدُ الله بن مُحَمَّد بن خَلَف فذكر منهم: أبا مروان عبد الملك بن عبد القدُّوس- وأنه قرأ على أبي عَمْرو الدّانيّ- وأبا الحَسَن شُرَيح بن مُحَمَّد، وسُلَيْمان بن عبد الله بن سُلَيْمان الأنصاريّ، عن أبي معشر الطَّبريّ، وذكر أبا سَعيد رحمةَ بن موسى القُرْطُبيّ، عن مكيّ بن أبي طالب، وأبي عليّ الأَهْوازيّ، وغيرهما، وأبا عبد الله محمد بن جامع الأَنْدَلسِيّ، عن يعقوب بن حامد، عن أبي عبد الله بن سُفْيان مؤلّف «الهادي» ، وأبا عبد الله مُحَمَّد بن عبد الرحمن المُقرئ، وأبا الحَجّاج يوسُف بن علي بن حَمْدان، وأبا عبد الله الخَوْلانيّ، وأبا مُحَمَّد عبد الله بن محمد بن السّيد الطليوسيّ. وأما عبدُ الملك، ورحمة، وسُلَيْمان، وابن جامع، وابن حَمْدان، فمجاهيل أو لم يكونوا موجودينَ في الدُّنيا، بل هي أسماءٌ موضوعة لغير موجود! وأما مُحَمَّد بن عبد الرحمن، فإنَّه توفّي بعد الخمسمائة.
وذكر لَهُ شيخنا أبو حيّان ترجمة، ثمّ قال: ثمّ الّذين أَرَّخوا في علماء أهل الأندلس ذكروا أبا مُحَمَّد- هذا- شيخ ابن عيسى فلم يذكروا في شيوخه أحدا من هؤلاء، هذا مع علمهم، واطِّلاعهم على أحوال أهل بلادهم.
ثم قال: أَخْبَرَنَا الخطيبُ أبو عبد الله بن صالح الكِنانيّ الشاطبيّ إجازة، وغيرُه عن الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن أبي بكر القُضاعيّ عرف بالأبّار صاحب كتاب «التكملة» :، قال: عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن خَلَف بْن سعادة الأَصْبَحيّ من أهل دانية يُكنى أبا محمد، سَمِعَ أبا بكر بن نُمارة، ولازم بِبَلْنَسِيَةَ أبا الحَسَن بن سَعْد الخير، ثمّ رحل إلى المشرق، فسمع بالإِسكندرية من أبَوي الطّاهر السِّلَفِيّ وابن عَوْف، وغيرهما. حدَّث عنه أبو القاسم عيسى ابن الوجيه أبي محمد عبد العزيز الشَّريشيّ وحَمَّلَهُ الرواية عَن قومٍ لم يَرَهمْ وَلَا أدركهم وبعضهم لا يُعْرَفُ، وذلك من أوهام هذا الشيخ عيسى واضطرابه في روايته، وسَمِعَ أيضا من أبي عبد الله الحَضْرَميّ، وأبي القاسم عليّ بن مهديّ(45/367)
الإسكندرانيّ، وأكثر عنهم.
إلى أن قال شيخنا أبو حيّان: وأبو عبد الله الأَبَّار متى عرض لَهُ في «تاريخه» ذُكِرَ أبي القاسم بن عيسى يحذِّر منه حَتّى إنَّه ذكره في موضع وقال:
إنما أكرّر الكلام عليه ليُحْذَر منه، أو قريبا من هذا المعنى أو نحوه. وذكر أيضا أنَّه نَسَبَ دواوين شِعْر لناسٍ ما نظموا حرفا قطُّ ولا عُلِمَ ذلك منهم.
ثمّ قال أبو حيّان: فانظر إلى ابن عيسى كيف ادَّعى أنَّه قرأ على ابن سَعادة القرآنَ بنحوٍ من خمسين كتابا!! وأنه قرأ منها أربعة وثلاثين كتابا؟! ونسبته إلى الرواية عن هؤلاء المشايخ الذين ما ذكر أحدٌ أنَّه روى عن واحد منهم، بل أكثر ما ذكر لَهُ الأَبَّار رجلانِ من أهلِ الأندلس ابن نمارة، وابن سَعْد الخير- نعوذُ باللَّه من الكَذِب والخِذْلان- وآخر من روى القراءات تلاوة عن واحد عن أبي عَمْرو الدّانيّ فيما علمنا أبو الحَسَن بن هُذَيْل، وتُوُفّي سنة أربع وستين وخمسمائة، فكيف يكون ابن سعادة يُحَدِّث بالتّلاوة عن واحد عن أبي عمرو وكان حيّا في سَنَة ثلاثٍ وسبعين؟ ورُبّما عاش بعد ذلك سنين.
قال: وأما الرجل الآخر الّذي روى عنه أبو القاسم بن عيسى القراءات، فهو أبو الحَسَن مقاتل بن عبد العزيز بن يعقوب، قال: قرأتُ عليه «التّجريد» لابن الفحَّام وبما تضمّنه، حدَّثني به عن مؤلِّفه. وبهذا السند قرأتُ عليه مفرداته العَشْرَ، وقرأت عليه كتاب «تلخيص العبارات» لابن بَلّيمة، وتلوتُ عليه بما تضمّنه، حدّثني به عن مؤلّفه، وتلوتُ عليه بكتاب «العنوان» ، حدَّثني به عن الحَسَن بن خَلَف، عن مؤلّفه، وعن ابن مؤلّفه، عن أبيه. قال ابن عيسى:
وتلوت عليه وعلى غيره من المقرءين بكتب كثيرة لا تسع هذه الإجازة، وهي مذكورة في كتاب «التّبيين في ذِكر من قرأ عليه ابن عيسى من المقرءين» . ومن هذه الكتب والكتب التي بقيت ولم نذكرها التي تلوتُ بها على بقية شيوخي هي التي خرَّجت منها سبعةَ آلاف رواية التي تلوتُ بها.
قال أبو حيّان: ومقاتل بن عبد العزيز- هذا الّذي ذكره- أنَّه روى عن ابن الفحَّام، وابن بَلِّيمة لا نعمله إلّا مِن جهة ابن عيسَى فينبغي أن يبحث عن مقاتل أكان موجودا؟ وليس ذلك، لأن يَصِحَّ إسنادُ ابن عيسى عنه، فإنَّ إسنادا فيه ابن عيسى لن يصحَّ أبدا.(45/368)
قلت: أقطعُ بأنّ رجلا اسمه مُقاتل منعوتٌ بأخذ القراءات عن الأربعة المذكورين والحالة هذه لم يوجد أبدا ولا خُلِقَ قَطُّ. وقد طال الخطابُ في كَشْفِ حالِ الرَّجل. وبدونِ ما ذكرنا يُتْرَكُ الشخصُ، أما خَافَ من اللهِ إِذْ زعم أنَّه صَنَّف كتابا فيه سبعةُ آلاف رواية؟ فو الله إنَّ القرَّاء كلهم من الصحابة إلى زمانه- أعني الذين سُمُّوا من أهل الأداء في المشارق والمغارب ودُوِّنوا في التّواريخ- لا يبلغون سبعةَ آلاف بل ولا أربعة آلاف وأنا متردِّدٌ في الثلاثة آلاف هل يصلون إليها أم لا؟ هذا أبو القاسم الهُذليّ الّذي لم يَرْحَل أحَدٌ في القراءات ولا في الحديث مثلَه، ولَهُ مائة شيخ قرأ عليهم القرآنَ، جمَع في كتابه الغَثَّ والسَّمين، والمشهورَ والشاذّ، والعالي والنازلَ، وما تَحلُّ القراءةُ به وما لا تحلُّ، وأربَى على المُتقدِّمين والمتأخرين لم يُمْكِنْهُ أن يأتي في كتابه بأكثر من خمسين رواية من ألف طريق، وقد يكونُ الطريقُ مثل أن يروي مُسلم الحديث عن قُتَيْبة، عن الَّليْث، وعن عبدِ الملك بن شُعَيْب بن الَّليْث، عن أبيه، عن الَّليْث، فيسمّي ذلك طريقين.
وقد تفرَّد القاضي تقيُّ الدِّين سُلَيمان بالإجازة منه.
وتُوُفّي في سابع جُمَادَى الآخرة.
وما أنا ممّن يُتَّهم بالحَطِّ على ابن عيسى، فلو كنتُ مُداهنًا أحدا لداهنتُ في أَمْرِهِ، لأنّني قرأتُ «التَّيسيرَ» في مجلس على سِبْط زيادة بأصل سماعه منه.
قال: أَخْبَرَنَا عبد الله بن محمد بن خَلَف، أَخْبَرَنَا ابن عبد القدُّوس عن مؤلّفه، فوددتُ لو ثبت لي هذا الإسناد العالي، ولكنّه شيء لا يَصِحُّ. وأمّا إجازته من الشريف الخطيب، فصحيحة- إن شاء الله- قد سَمِعَ بها الحافظ ابن النّجّار، وغيره.
وقرأتُ كتاب «العنوان» في القراءات على سبط زيادة، بسماعه من ابن عيسى، بإجازته من الخطيب. أخبرنا أبو الحسين الخشّاب، أَخْبَرَنَا المُصنِّف.
[حرف الغين] 539- غالب بن مُحَمَّد بن غالب بن حبيش- بفتح الحاء وشين معجمة. أبو عَمْرو، اللَّخْمِيّ، الأَنْدَلسِيّ، المقرئ، نزيل دمشق.(45/369)
روى عَنْ أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن حُبيش، وعن: الخُشُوعيِّ، والقاسم بن عساكر، والقاضي محيي الدّين محمد ابن الزَّكيّ.
وتصدَّر للإِقراء بجامع دمشق. وكان رجلا صالحا.
تُوُفّي في ذي الحِجَّة.
حرف الفاء
540- فَرْحَةُ بنت أبي سَعْد [1] بن أحمد بن تُمَيْرة [2] .
أمّ علي، البَغْدادية.
قال ابن النجّار: امرأة صالحة، سمعت من هبة الله ابن الشِّبليّ. تُوفّيت في ثامن ربيع الأول.
قلت: روى عنها ابن النجّار، وإبراهيمُ بن مسعود الحُوَيْزيُّ.
حرف الميم
541- مُحَمَّد بْن أَحْمَد [3] بْن مُحَمَّد بن يوسُف بن عليّ.
مُنْتَجَبُ الدِّين، أبو عبد الله، الماكسانيّ، ثم الدّمشقيّ.
روى عن: أبي القاسم بن عساكر.
وسَمِعَ منه: عمر ابن الحاجب وقال: كَانَ لا بأسَ به.
وَحَدَّثَنَا عنه الشَّرفُ بن عساكر.
ومات في سابع جُمَادَى الآخرة.
542- مُحَمَّدُ بن أبي البركات [4] بن أبي السعادات بن صَعْنين.
أبو بكر، الحَرِيميّ، الصيَّاد.
سَمِعَ: أبا المعالي الجبَّان، وابن البَطِّي، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (فرحة بنت أبي سعد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 302 رقم 2378.
[2] تميرة: بضم التاء ثالث الحروف تصغير تمرة. (المنذري) .
[3] انظر عن (محمد بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 312 رقم 2397.
[4] تقدّمت ترجمته في وفيات سنة 628 هـ- برقم (481) وذكره المؤلف- رحمه الله- هنا سهوا.(45/370)
وقال ابن النجّار: كَتَبْتُ عنه. وكان ديِّنًا، فقيرا، يأكلُ من كسب يده.
مات في ذي الحِجَّة سَنَة 628.
543- محمد ابن قاضي القُضاة [1] أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد العلي، الفقيه. شرفُ الدِّين، الشافعيّ، المِصْريُّ.
544- محمد بن عبد الغنيّ [2] بن أبي بكر بن شُجاع بن أبي نصر بن عبد الله. الحافظ، مُعِين الدِّين، أبو بكر، ابن نُقْطَة، البَغْداديُّ، الحَنْبَليّ.
أحدُ أئمّة الحديثِ ببغداد. وُلِدَ سَنَة نيّف وسبعين وخمسمائة.
وكان أبوه من مشايخ بغداد وصُلحائها، فعُني أبو بكر بطلب الحديث.
وسَمِعَ من يحيى بن بَوشٍ وهُوَ أكبر شيخِ لَهُ. وفاتَه ابن كُليبٍ وأضرابُه.
ثمّ سَمِعَ سَنَة ستمائة أو بعدَها من: عَبْد الوهّاب بْن سُكَيْنَة، وعُمَر بْن طَبَرْزَد، وأحمد بن الحَسَن العاقُوليّ، وأبي الفَتْح المندائيّ، وابن الأخضر، والحافظ عبد الرزّاق بن عبد القادر، ومُحَمَّد بن عليّ القبَّيطيّ، وعليّ بن المبارك بن جابر، وجماعة.
ورحلَ إلى إصْبَهان فسمع بأصبهان من عفيفة الفارفانية، وزاهر بن أحمد الثّقفيّ، والمؤيّد ابن الإخوة، وأبي الفخر أسعد بن سَعيد بن روح، ومحمود بن
__________
[1] انظر عن (محمد ابن قاضي القضاة) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 319 رقم 2415، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 67 في ترجمة أبيه، والمقفى الكبير 6/ 95 رقم 2529.
[2] انظر عن (محمد بن عبد الغني) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 300، 301 رقم 2374، والحوادث الجامعة 25، وتاريخ اربل: 248، 249 رقم 147، ووفيات الأعيان 4/ 392، 393 رقم 660، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 1508، والإعلام بوفيات الأعلام 259، والإشارة إلى وفيات الأعيان 331، والمعين في طبقات المحدّثين 194 رقم 2055، وسير أعلام النبلاء 22/ 347- 349 رقم 216، وتذكرة الحفاظ 4/ 1412، والعبر 5/ 117، والمشتبه 2/ 671، والوافي بالوفيات 3/ 267، 268 رقم 1308، ومرآة الجنان 4/ 68، والبداية والنهاية 13/ 133، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 182- 184 رقم 301، والمنهج الأحمد 364، ومختصر ذيل طبقات الحنابلة 64، والمقصد الأرشد، رقم 995، وتوضيح المشتبه 9/ 249، والنجوم الزاهرة 6/ 279، وكشف الظنون 180 وغيرها، وشذرات الذهب 5/ 133، 134، وهدية العارفين 2/ 112، وديوان الإسلام 4/ 135 رقم 2122، والتاج المكلل للقنوجي 129، والمستطرف للأبشيهي 2/ 199، والأعلام 6/ 211، ومعجم المؤلفين 10/ 179، والدر المنضد 1/ 362.(45/371)
أحمد المضريّ، وعائشة بنت مَعمر، وطائفة. وسَمِعَ بِنَيْسَابور مِن: منصور الفَرَاويّ، والمؤيِّد الطُّوسيّ، وزينب الشَّعرية، وبحرّان من عبد القادر الرُّهاويّ، وبدمشق من أبي اليُمن الكِنْديّ، وأبي القاسم ابن الحرستانيّ. وبحلب من الافتخار الهاشميّ، وبمصرَ من الحُسَيْن بن أبي الفخر الكاتب، وعبد القويّ ابن الجبّاب. وبالإسكندرية من محمد بن عِماد، وجماعة. وبدَمنْهور، ودُنَيسر، ومَكّة، وغير ذلك.
ونسخَ، وحصَّل الأصول، وصَنَّف، وخرَّج. وكان إماما ضابِطًا، مُتقنًا، صَدُوقًا، ثِقَةً، حسنَ القراءة، مليحَ الكِتابة، مُتثبتًا فيما ينقلُه. لَهُ سَمتٌ ووقار، وورعٌ وصلاحٌ. وكان قانِعًا باليسير، قفا أَثَر أبيه في الزُّهْد والتَّقشف.
سُئل عنه الضّياءُ، فقال: حافظٌ، دَيِّنٌ، ثِقةٌ، صاحبُ مروءة وكَرم.
وقال فيه البرزاليّ: ثقة، ديّن، مفيد.
قلت: سمع منه السيف ابن المجد، والزَّكيّ المُنذريُّ، وعبد الكريم بن منصور الأَثريُّ، والشرفُ حُسَيْن بن إبراهيم الإِرْبليّ الأَديب، وأبو الفتح عمر ابن الحاجب، وأخوه عثمان، وأبو الفَرَج عبد الرحمن بن محمد ابن الحافظ عبد الغنيّ.
وحدَّث عنه: ابنه أبو موسى الَّليْث، وعزّ الدِّين أحمدُ بن إبراهيم الفاروثيّ. وأجاز لجماعة من شيوخنا آخرُهم فاطمةُ بنت سليمان.
وهُوَ مؤلّف كتاب «التقييد في معرفة رُواة الكتب والمَسانيد [1] وهُوَ مجلّد مُفيد. وصَنَّف «المستدرك» على «إكمال» ابن ماكولا في مجلّدين دلّ على براعته وحُفَظَته. وقال في المُباركيّ: هُوَ سليمان بن مُحَمَّد، سَمِعَ أبا شهاب الحنَّاط قال: وقال الأميرُ في «الإكمال» [2] : هُوَ سُلَيْمان بن داود، فأخطأ وأظنّ أنَّه نقله من «تاريخ» الخطيب، فإنّ الخطيب ذكره في «تاريخه» [3] على الوَهم أيضا. وقد ذكره على الصّواب في ترجمة أبي شهاب عبد ربّه الحنّاط [4] .
__________
[1] نشرته دار الكتب العلمية ببيروت 1408 هـ-. / 1988 م. بتحقيق كمال يوسف الحوت.
[2] الإكمال لابن ماكولا: 7/ 309.
[3] تاريخ بغداد 9/ 98 رقم 4624.
[4] تاريخ بغداد 11/ 128 رقم 5822.(45/372)
وقال أبو أحمد الحاكم في «الكُنى» [1] : أبو داود المباركيّ: هُوَ سليمان بن مُحَمَّد، كنَّاه وسمَّاه لنا أبو بكر عبد الله بن مُحَمَّد الأسفرايينيّ، سَمِعَ أبا شهاب عبد ربّه بن نافع.
ثمّ قال ابن نُقْطَة: روى عن المباركيّ جماعة، فسمَّوا أباه مُحَمَّدًا منهم:
خَلَف البزَّاز- وهُوَ من أقرانه-، وعبد الله بن أحمد، وموسى بن هارون، والحَسَن بن عليّ المَعمري، وإسحاق بن موسى الأَنصاريّ، وأبو يَعْلَى الْمَوْصِليّ، وَأَحْمَد بْن الْحَسَن بْن عبد الجبّار. وقد أوردنا لكلّ رجل منهم حديثا في كتابنا الموسوم ب- «الملتقط ممّا في كتب الخطيب وغيره من الوَهم والغَلَط» .
قلتُ: وسُئل عن نُقْطَة فقال: هي جارية عُرفنا بها ربَّت لجدِّ أبي.
تُوُفّي في الثاني والعشرين من صفر ببغداد وهُوَ في سنِّ الكهولة.
545- محمد بن عليّ بن عطّاف [2] . أبو عبد الله، البَغْداديُّ، الحدَّاد.
يروي عن: عبد الحقّ اليُوسُفيّ.
مات في جُمَادَى الأولى. ويُعرف بسهوة.
546- محمد بن عليّ بن محمد [3] ابن الجارود. القاضي، أبو عبد الله، المارانيّ، الكفرعَزيّ [4] . قاضي إربل [5] .
__________
[1] هو كتاب «الأسامي والكنى» ، وفي مكتبتي مصوّرة عن الجزء الأول منه عن نسخة الخزانة العالية الملكية المخدومة البيدرية بيدرا نائب السلطنة، محفوظة بخزانة الشيخ محمد عبده بدار الكتب المصرية، رقم 13 ب: تاريخ. وقد حقق هذا الجزء «يوسف بن محمد الدخيل» ونشرته مكتبة الغرباء الأثرية بالمدنية المنورة 1414 هـ-. / 1994 م. وصدر في أربعة أجزاء.
وآخر الجزء الّذي وصلنا ينتهي بحرف الخاء من الكنى: «أبو خنساء» ، ولم يصلنا من كنيته «أبو داود» .
[2] انظر عن (محمد بن علي بن عطاف) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 310 رقم 2392.
[3] انظر عن (محمد بن علي بن محمد) في: عقود الجمان لابن الشعار 7/ ورقة 32، ومعجم البلدان 4/ 470، وتاريخ إربل 1/ 88، والوافي بالوفيات 4/ 172 رقم 1710، والبداية والنهاية 13/ 134، والمقفى الكبير 6/ 331، 332 رقم 2804.
[4] الكفرعزّي: قال ياقوت: قرية من قرى إربل بينها وبين الزاب الأسفل، ينسب إليها قاضي إربل. (معجم البلدان 4/ 470) .
[5] ترجمته ساقطة من «تاريخ إربل» المطبوع، وهو مذكور فيه عرضا. وقد نقل عنه المقريزي في(45/373)
كَانَ فقيها، عالما، متصوّنا، عفيفا.
وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وقد جاوز الثمانين.
ولَهُ شِعْر جيّد فمنه:
لَا تُكْثِر اللَّومَ في عَذْلي وفي فَنَدي ... وقَلَّ عَنِّي فَما أُصْغى إِلى أَحدِ
هَلَّا نَهَضتَ إلى عَذْلي وَمَا قَدحَتْ ... نَارُ الصَّبَابةِ بالأَشْوَاقِ في كَبِدي
أَيَّام أَغْدُو خَلِيَّ القَلبِ في دعَةٍ ... مِنَ الغَرامِ وحُكمِي في الهَوَى بِيَدي [1]
547- مُحَمَّد بن عليّ بن خُليد [2] . أبو الفَرَج، الكاتب.
شيخٌ أديبٌ، أخباريٌّ، عالمٌ. اختصر كتابَ «الأغاني» .
وخَدَمَ ببغداد في عِدّة جهات. وصَنَّف في علم الدّيوان والحساب مصنَّفًا ذكر فيه جماعة من الكتَّاب [3] ، وجعل الأمثلة ثلاثة وثلاثين مثالا. وكان ابن
__________
[ () ] «المقفى الكبير» . فقال: «ولد بكفر عزّ» ، وانتقل إلى إربل، وأقام بها، وناب في الحكم بها.
ثم ولي قضاء شهرزور مدة. ثم انتقل إلى القاهرة بأهله. ثم عاد إلى إربل ومات بها ليلة السبت ثالث جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وستمائة بعد ما صلّى الجمعة، واشتكى أنه كلّف الحكم بما لا يجوز، فدعا إلى نفسه بالموت، وقام من الجامع فتوفّي العشاء الآخرة.
وكان عنده فقه وأدب. ذكره ابن المستوفي في «تاريخ إربل» وأنشد له:
مشيب أتى، وشباب رحل ... فحلّ العناء به حيث حلّ
وعمر تقضّى ولا طاعة ... فويحك يا نفس كم ذا الزلل
وذنبك جمّ ألا فارجعي ... وعودي فقد جاء وقت الأجل
وديني الإله ولا تقصري ... ولا يخدمنّك طول الأمل
فما لك غير التقى مستعد ... ولا صاحب غير حسن العمل
[1] وقال ابن المستوفي: أنشدني القاضي أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد في صفر سنة اثنتين وستمائة يرثي محمدا الزيلعي:
دعني أجد بمدامعي يا صاح ... لا تلحني جهلا فلست بصاح
وذر السلام على التلهّف والبكا ... نصحا فما أصغي إلى النصّاح
أنّى ألام وقد نعيت بماجد ... متفنّن حجر سخيّ الراح
بمحمد أكرم به وبأهله ... ذي المكرمات ونزهة الأرواح
إن محّ منزله الرحيب فقد بنى ... مجدا رفيعا ما له من ماح
(تاريخ إربل 1/ 88، 89 في ترجمة «يوسف أو سيف بن محمد الزيلعي) .
[2] انظر عن (محمد بن علي بن خليد) في: الحوادث الجامعة 25 وفيه «محمد بن علي بن خالد» ، وميزان الاعتدال 3/ 53، ولسان الميزان 5/ 159، والعسجد المسبوك 2/ 450، 451، وديوان الإسلام 2/ 244 رقم 886، والأعلام 6/ 281، ومعجم المؤلفين 11/ 8.
[3] قال صاحب «الحوادث الجامعة» : «صنّف كتابا في علم الكتابة وسمّاه جوهر اللباب في كتابة(45/374)
حَمدون قد وضع الأمثلة تسعة وثمانين مثالا، فلم يُخِلَّ ابن خُليد بشيء منها ممّا يحتاجُ إليه، فذكر صناعةَ التَّعديلات، والصياغات، والاستعمالات ثمّ ذكر الفلاحات، وعلاج الغلّات، وكيفية الشذور وغير ذلك.
تُوُفّي في شوَّال.
548- مُحَمَّد بن عليّ بن منصور البَغْداديُّ.
القاضي، أبو عبد الله، الحنفيّ.
نابَ في القضاء ببغداد عن ابن مُقْبِلٍ، ودَرَّس، وأَفاد.
أنشد لبعضهم.
وكُلُّ أَخٍ يَشكو إِليَّ خَصاصةً ... فهَلْ من أخٍ أَشكو إلِيهِ خَصَاصتي
وَمَنْ كَانَ يَشكو مَا مَضى من زمانه ... فَشَكْوَايَ من حَالٍ وآت وفائِتِ
549- مُحَمَّدُ بن عليّ بن رمضان، الفقيه. أبو عبد الله، الكرديُّ، الزَّرزاريُّ، الشافعيّ، نزيلُ حلب.
شيخٌ معمَّرٌ. وُلِدَ بدمشق في سَنَةِ سبع وأربعين وخمسمائة.
وحدَّث عن يحيى الثَّقَفيّ. روى عنه مجدُ الدِّين ابن العديم، وسُنْقر القضائي، وغيرهما. وتُوُفّي يوم عيد النحر.
وقال ابن الظَّاهريّ: تُوُفّي في حدود الأربعين وستمائة.
550- مُحَمَّدُ بن عُمَر [1] بن أحمد بن عليِّ بن عُمارة.
أبو عبد الله وأبو عُمَر، الحَرْبيُّ، النجّار.
سَمِعَ من يحيى بن ثابت. وحدَّث. روى عنه ابن النجار، وغيره.
وتُوُفّي في نصف شعبان.
551- محمد بن غازي [2] الموصليّ، ويعرف بالفقاعيّ.
شربدار [3] الست ربيعةَ خاتون أخت الملك العادِل. له شعر حسن.
__________
[ () ] الحساب» . (ص 25) .
[1] انظر عن (محمد بن عمر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 326 رقم 2435.
[2] انظر عن (محمد بن غازي) في: عقود الجمان لابن الشعار 7/ ورقة 96) .
[3] الشربدار: الساقي. ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (باريس 592) ورقة 135، والتكملة.(45/375)
552- مُحَمَّدُ بن مُحَمَّد بن يوسُف بن أحمد بن جَهوَرٍ.
أبو بكر، الأَزدِيّ، المرسيّ، الأديب.
سَمِعَ: أبا القاسم بن الْجُنَيْد، وأبا عبد الله بن حَميد. وأجازَ لَهُ السِّلَفِيّ.
ورحل إلى قُرْطُبَة، فصحب أبا الوليد بن رُشْدٍ المتكلِّم وناظر عليه.
ولقي أبا بكر بن الجدِّ، وأبا زيد السُّهيلي.
وكان شاعرا مترسِّلًا.
553- مُحَمَّد بن محمد بن جعفر [1] بن عليّ. القاضي، العالم، الزّاهد، أبو السعود، البصْريّ.
وُلِدَ سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.
وسَمِعَ من: عبد الله بن عُمَر بن سَليخ، وأبي جعفر المُبارك بن محمد المواقيتي. وتَفَقَّه على أبي القاسم يحيى بن فَضلان. وناظرَ وتكلَّم في مسائل الخِلاف. وسَمِعَ ببغداد من شهدة، وجماعة. وبواسط من أبي جعفر هِبَة الله بن البُوقي، وأبي طالب الكتَّانيّ.
وحدَّث بالبصرة، ودَرَّس بها، ونابَ في القضاء مُدَّة ثمّ تركه.
وكان ورِعًا، صالحا، محمود السيرة، أثنى عليه غيرُ واحد.
وروى عنه: القاضي شمس الدِّين محمد بن عليّ بن عتيق البصْريّ المعروف بابن الزاهد شيخٌ للفرضيّ. وروى عنه بالإجازة أبو المعالي الأبَرْقُوهيّ.
ومات في سادس جُمَادَى الآخرة.
554- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم [2] .
أبو الفضائل، القَزْوينيّ، ثم البَغْداديُّ.
تَفَقَّه ببغداد في مذهب الشافعيّ، وسَمِعَ من أبي السعادات القزّاز.
وحدّث.
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد بن جعفر) في الوفيات النقلة 3/ 311، 312 رقم 2396، ومعجم الشافعية، ورقة 53.
[2] تقدّمت ترجمته في وفيات سنة 628 هـ-. برقم (480) .(45/376)
قال ابن النجّار: أبو الفضائل الرَّافعيّ، - من بيتٍ مشهور بقَزوين- سَمِعَ أباه أبا الفضل، وسافَر إلى إصْبَهان، والرَّيّ، وزَنْجان، وأَذْرَبَيْجَان. وتَفَقَّه على ابن فَضْلان. ونفذ رسولا من الدّيوان إلى بعض النّواحي. وكان فاضلا، دَيِّنًا، لَهُ معرفةٌ بالحديث.
مات في جُمَادَى الأولى.
555- محمد بن منصور بن عبد الله بن منصور بن عبد المُحسن الأنصاريّ. شمسُ الدِّين، أبو عبد الله، النابلسيّ، الكاتب، ويُعرف بصدر البازِ.
سمع من أسعد بن حمزة ابن القلانسيّ. وكان مَوصوفًا بسلامة الصَّدرِ.
زَعم أنَّه سَمِعَ أيضا من أبي القاسم بن عساكر. مات في ذي الحِجَّة.
وقد روى عنه بالإِجازة شيخُنا قاسمُ بن عساكر.
556- محمد بن أبي جعفر منصور [1] بن فارس بْن أَحْمَد بْن هِبَة اللَّه بْن مُحَمَّد. الشريف الصالح، أبو الفضل، ابن المهتدي باللَّه، الهاشمي، الصُّوفيّ.
وُلِدَ سَنَة سبْعٍ وخمسين.
وسَمِعَ: مِن يحيى بن ثابت، وَأَحْمَد بْن المقرِّب، وَأَبِي بَكْر بْن النَّقُّور، وغيرهم. وحدَّث.
ويُعْرفُ بابن الخُطيف وهُوَ لقب لجدِّهم. تُوُفّي في حادي عشر رجب.
روى عنه ابن النجار وقال: كَانَ شيخا صالحا، مُنْقطعًا برباط بهروز.
قلت: أجاز لجماعةٍ منهم: تاجُ الدِّين إسماعيلُ بن قريش، وفاطمة بنت سليمان.
557- محمد ابن الشريف [2] الخطيب أبي الفتوح ناصر بن الحَسَن.
عزّ القضاة، أبو عبد الله، الحُسَيْنيّ، الزَّيديُّ، المِصْريّ.
سَمِعَ من والده.
ومات في جُمَادَى الأولى، وله ثمان وثمانون سنة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن منصور) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 314 رقم 2403.
[2] انظر عن (محمد ابن الشريف) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 309 رقم 2390.(45/377)
قال الحافظ عبد العظيم: ما علمتُ أحدا سَمِعَ منه لِما كَانَ عليه.
558- مُحَمَّدُ بن يوسُف [1] بن حسَّان بن الحَسَن الكِنْديُّ.
وُلِدَ بحمص في سنة أربع وخمسين وخمسمائة.
وحدَّث بالمِزَّة ظاهر دمشق عن الأديب أبي الفرج عبد الله بن أسعد ابن الدَّهان النَّحْويّ بشيءٍ من شعره. ومات بالمزَّة.
559- مسعودُ بن عثمان بن الخَضر. رفيعُ الدِّين، أبو عبد الله، الشراهي، الجنْداذيّ، الصُّوفيّ.
سَمِعَ من: خليل الرَّارانيّ، وأبي المكارم اللبَّان، والكرَّانيّ، وغيرهم بأصبهان.
وحدَّث بحلب. روى عنه: مجدُ الدّين ابن العديم، والأمين أحمد ابن الأشتري، والكمال أحمد ابن النَّصِيبيّ، وأخوه مُحَمَّد. وتُوُفّي بمَنْبِج.
560- مُضر بن أبي المَفاخر [2] أحمد بن ناصر بن عبد الله.
الشريف، أبو الفضائل، الهاشميُّ، البَغْداديُّ.
حدَّث عن أبي طالب بن خُضَير. وتُوُفّي في المحرَّم.
561- مكّي بن خالد [3] . أبو الحَرَم، المِصْريُّ، الكاتب المجوِّد المُلَقَّب بفخر الكُتَّاب.
جوَّد عليه بمصر جماعةٌ. وكان مليح الخطّ، جيّد التّوقيف.
وحدَّث بشيءٍ من شعره. وطال عُمره، وعاش سبعا وثمانين سَنَة.
ومات في صفر.
حرف النون
562- نصر الله وهِبَةَ الله [4] . أبو الفَتْح بن صالح بن عبد الله المِصْريُّ، الغضاريُّ، أعزّ الدّين، ابن أخي نقّاش السّكة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن يوسف) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 326 رقم 2436.
[2] انظر عن (مضر بن أبي المفاخر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 297 رقم 2367.
[3] انظر عن (مكي بن خالد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 299 رقم 2371.
[4] انظر عن (نصر الله وهبة الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 308 رقم 2386 وفيه قال(45/378)
روى عن السلفي. روى عنه: الزكي المنذري، وعمر ابن الحاجب.
تُوُفّي في ربيع الآخر.
563- نهاية بنتُ صَدَقَة [1] بن عليّ بن مسعود، الواعِظة، العالمة.
أَمَةُ العزيز، بنت الشيخ أبي المواهب الضرير، المقرئ المعروف بابن الأَوسيّ. سَمِعْت من شُهْدَةَ الكاتبة.
وتُوُفّيت في ذي القِعْدَة.
[الكنى]
564- أبو بكر بن يوسُف [2] بن يحيى بن عُمَر بن كامل.
عفيفُ الدِّين، المَقْدِسيُّ، الكاتب.
أخو عُمَر خطيب بيت الأَبَّار. كَانَ يتعانى الكتابة.
وروى عن يحيى الثَّقَفيّ. روى [3] ...
وتُوُفّي في ربيع الآخر.
- أبو القاسم بن أحمد السمّذيّ. مرَّ في الألِف [4] .
565- أبو القاسم بن إبراهيم بن ... [5] ، عَلَمِ الدِّين، ابن النحْاس، الدّمشقيّ.
شابٌّ، ديِّنٌ، فاضل، مُشتغل. سَمِعَ الكثير من طبقة ابن البُن، وابن أبي لُقمة. ودُفن بالجبل.
__________
[ () ] المنذري: «أبو الفتح هبة الله، ويسمى أيضا نصر الله» .
[1] انظر عن (نهاية بنت صدقة) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 322 رقم 2424.
[2] انظر عن (أبي بكر بن يوسف) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 309 رقم 2388.
[3] بيّض المصنف بعد هذا قدر كلمتين، ولم يعد إليها.
[4] هو «أحمد بن أحمد بن أبي غالب» ، رقم (489) .
[5] في الأصل بياض مقدار كلمة. وانظر عن (أبي القاسم بن إبراهيم) في: ذيل الروضتين 160 وفيه كما هنا «أبو القاسم بن إبراهيم المعروف بالعلم ابن النحاس» .(45/379)
وفيها ولد البدر حسن بن عليّ ابن الخلّال.
والفخر إسماعيل بن نصر الله بن عساكر.
وابن عمِّه البهاء أبو محمد القاسم بن محمود. ثلاثتهم في صفر بدمشق.
وأبو جعفر عبد الرحمن بن عبد الله ابن المقيِّر ببغداد.
والشمس أبو نصر محمد بن محمد بن محمد ابن الشِّيرازيّ، في شوَّال.
والنّجم إسماعيل بن إبراهيم ابن الخَبّاز.
والمجد سالم بن أبي الهيجاء، قاضي نابلس.
والعلم محمد بن نصير ابن الأصفر.
والمجدُ عبد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الطَّبريّ، إمام الصَّخرة.
وفخرُ الدِّين عثمان بن عليّ ابن بنت أبي سَعْد المِصْريّ.
والزَّين عليُّ بن مُحَمَّد بن منصور بن المنيّر الإسكندراني، أخو ناصر الدِّين.
والشيخ أحمد بن زكري بن أبي العشائر الماردينيّ، سَمِعَ ابن مَسْلَمَة.(45/380)
سنة ثلاثين وستمائة
حرف الألف
566- أَحْمَد بْن أَبِي الْحَسَن [1] بْن أحمد بن حَنظلة.
أبو العباس، البَغْداديُّ، الكُتْبِيُّ.
سَمِعَ أبا الحُسَيْن عبد الحقّ.
وعنه ابنُ النجّار وقال: لا بأسَ بِهِ. تُوُفّي في رجب.
567- أحمد بن مُحَمَّد [2] بن أحمد بن بَشير. الأستاذ، أبو جعفر، الجيّاني، المقرئ، خطيبُ جيَّان.
أخذ القراءات عَنْ أَبِي عليّ الحَسَن بْن عبد الله السَّعْديّ صاحب أبي جعفر ابن الباذش. وسَمِعَ منه «المُوَطّأ» .
أخذ عنه ابن مَسْدِيّ. عاش ستا وستين سَنَة.
568- إبراهيم بن أبي اليُسر [3] شاكر بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن سليمان. القاضي الجليل، بهاءُ الدِّين، أبو إسحاق، التَّنُوخيّ، المعرِّيُّ، ثم
__________
[1] انظر عن (أحمد بن أبي الحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 344 رقم 2476.
[2] انظر عن (أحمد بن محمد) في: غاية النهاية 1/ 101 رقم 465.
[3] انظر عن (إبراهيم بن أبي اليسر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 329 رقم 2442، والعبر 5/ 118، والإشارة إلى وفيات الأعيان 331، 332، وتذكرة الحفاظ 4/ 1456، وسير أعلام النبلاء 22/ 356 دون ترجمة، وطبقات الشافعية للإسنويّ رقم 1131، والوافي بالوفيات 6/ 19 رقم 2445، ومرآة الجنان 4/ 69، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 169، 170، والعسجد المسبوك 2/ 455، والمقفى الكبير 1/ 170، 171 رقم 162، والنجوم الزاهرة 6/ 281، وشذرات الذهب 5/ 135، وديوان الإسلام 4/ 411 رقم 2229.(45/381)
الدّمشقيُّ، الفقيه، الشّافعيُّ، الخطيب.
وُلِدَ بدمشق سَنَة خمس وستّين وخمسمائة.
وسَمِعَ من أبيه، ومن: ابن صَدَقَة الحَرَّانيّ، والخشُوعيّ. ومع ولده تقيّ الدِّين إسماعيل من جماعة. ودَرَّس، وحدَّث.
وتَفَقَّه على الخطيب ضياء الدِّين الدَّولعيّ. ولَهُ إجازة من شُهْدَةَ.
وكان صدرا فاضِلًا، محتشما، أديبا، كاتبا مترسِّلًا، شاعرا، كثير المحفوظ، مليحَ الإنشاء، مداخلا للدولة.
روى عنه: الزكيّ البرزاليّ، والمجد ابن الصاحب العديميُّ، والشهاب القُّوصيّ.
وقال القُّوصيّ: كَانَ فاضلا مكمَّلًا، وصدرا مجمَّلًا، ترسَّل عن الملك العادل، وحصَّل العلوم، واجتهد في طلبها، وحصَّل الفقه في صدْر عُمره، مع ما تحلّى به من حُسن الكتابة والبلاغة. أنشدني لنفسه- وكان قد ولي قضاء المعرَّة وهُوَ ابن خمسٍ وعشرين سَنَة، فأقام في القضاء خمسٍ سنين-.
وَليت الحُكْم خمسا هُنَّ خمْسٌ ... لعَمري والصّبا في العُنْفُوانِ [1]
فلمْ تَضعِ الأَعادي قَدْرَ شاني ... ولا قالوا فلان قدر شاني
وقال ابن الحاجب- بعد أن مَدَحه-: تركَ الفقه والحديث، واشتغل بالولاية والتَّصرف. ولم يكن محمودَ السيرة. وكان عنده بذاذة [2] وفُحْشٌ.
ومات في منتصف المحرَّم.
قلت: آخر من روى عنه بالإجازة تاجُ العرب بنتُ علَّان.
569- إبراهيم بن نصر [3] بن إبراهيم بن مُحَمَّد.
الأميرُ الأجلُ، نجم الدِّين، ابن الحمصيُّ.
وُلِدَ سَنَة سبْعٍ وخمسين. وسَمِعَ من أَبِي القاسم عليِّ بن الحَسَن الحافظ.
وحدَّث بدمشق، ثم سكن مصر، وولي شدّ الدّواوين.
__________
[1] في مرآة الجنان 4/ 69 «في عنفوان» .
[2] البذاذة: رثاثة الهيئة وسوء الحال.
[3] انظر عن (إبراهيم بن نصر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 328، 329 رقم 41/ 24.(45/382)
وتُوُفّي بآمِد في نصف المحرَّم أيضا.
570- أسماء بنت إبراهيم [1] بن سُفْيان بن مَنْدَه.
أخت أبي الوفاء محمود. ماتت في شوَّال بأصبهان.
571- إسماعيل بن سُلَيْمان [2] بن أَيْداش. الشيخُ الأجلّ، شمس الدِّين، أبو طاهر، الدّمشقيّ، الحنفيّ، ابن السَّلار [3] .
حدَّث عن: الصائن هِبَة الله بن عساكر، وأبي مُحَمَّد عبد الخالق بن أسد.
ولد في رجب سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.
وأصله من حِمص، وكان يُعرف بالرصَّاص. وكان من بيت إمرة وتقدُّم.
ثم ترك الخدمة، ولازمَ الجماعات. وكان محبّا لِفعل الخير والفُقراء، كثيرَ البرِّ.
ترجمه ابن الحاجب وكتبَ عنه. وروى عنه: أبو حامد ابن الصَّابونيّ، وأبو الفضل بن عساكر، وغيرهما.
ومات في رابع ذي القِعْدَة.
حرف الباء
572- بلَدُ بن سِنجار [4] بن بَلَد. أبو نصر، الضّرير، المقرئ، شيخُ بغداد.
حدَّث عن المبارك بن علي الحَلاوي. ومات في ذي القِعْدَة.
573- بَكْرُ بن إبراهيم بن مُجاهد. أبو عامر، الإِشْبِيليّ، الظَّاهريّ.
سَمِعَ: ابن الجدّ، وأبا عبد الله بن زرقون.
أخذ عنه ابن مَسْدِيّ، وقال: مات في ذي الحِجَّة عن بضعٍ وثمانين سنة.
__________
[1] انظر عن (أسماء بنت إبراهيم) في: ذيل التقييد للفاسي 2/ 357 رقم 1790.
[2] انظر عن (إسماعيل بن سليمان) في: العبر 5/ 115 وفيه «سلمان» : والتكملة لوفيات النقلة 3/ 351 رقم 2491.
[3] وقع في التكملة: «السلام» وهو خطأ مطبعي.
[4] انظر عن (بلد بن سنجار) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 353 رقم 2495.(45/383)
حرف الحاء
574- حسَّانُ بن رافع [1] بن سُمَيْر العامريّ. أبو النَّدى، الدّمشقيّ.
إمامُ مسجد قَصْر حجّاج.
حدّث عن أبي الحسين أحمد ابن الموازينيّ.
وكان رجلا صالحا، خيّرا وهو والد خطيب المصلّى.
مات في ثالث رجب، وشيّعه خلق كثير إلى الجبل [2] .
575- الحسن بن أحمد [3] بن يوسف.
الزّاهد، القدوة، أبو علي، الإوقيّ [4] .
منسوب إلى أوه، قاله: عبد القادر الرّهاويّ، وهي من أعمال العجم.
سَمِعَ الكثير من السِّلَفيّ، وسَمِعَ من عبد الواحد بن عَسكر، والمفضّل ابن عليّ المَقْدِسيّ، ومحمد بن عليّ بن مُحَمَّد الرّحبيّ، والمشرف بن المؤيّد الهمذانيّ.
وأقام بالقُدس أربعين سَنَةً. وكان زاهدا، عابدا، قانتا، كثير المجاهدة.
من أصحاب الأحوال والمقامات، ما لَهُ شُغلٌ إلا التلاوة والانقطاع بالمسجد الأقصى.
__________
[1] انظر عن (حسان بن رافع) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 342، 343 رقم 2472.
[2] أي جبل قاسيون.
[3] انظر عن (الحسن بن أحمد) في: معجم البلدان 1/ 408، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 334 رقم 2447، وبغية الطلب لابن العديم (المصور) 5/ 305 رقم 674، والإشارة إلى وفيات الأعيان 332، والإعلام بوفيات الأعلام 260، والمعين في طبقات المحدّثين 192 رقم 2063، والعبر 5/ 119، وسير أعلام النبلاء 22/ 349، 350 رقم 217، وتوضيح المشتبه 1/ 286، والمقفى الكبير 3/ 365- 366 رقم 1187، وشذرات الذهب 5/ 135، وديوان الإسلام 1/ 158 رقم 238.
[4] الإوقي: بكسر الهمزة، وفتح الواو، ثم قاف مكسورة، تليها ياء النسب. (توضيح المشتبه) وضبطها ياقوت بفتحتين، وقال: قرية بين زنجان وهمذان منها الشيخ ... الإوقي، سألته عن نسبه فقال: أنا من بلد يقال لها: أوه، فقال لي السلفي الحافظ: ينبغي أن تزيد فيه قافا للنسبة، فلذلك قيل لي: الإوقي. قال المعلمي: ليست بزيادة، وإنما هي إبدال الهاء الساكنة في آخر الكلمة الأعجمية قافا كنظائره. (معجم البلدان 1/ 408) .
وقد تصحفت هذه النسبة في (العبر 5/ 119) إلى: «الأوهي» .(45/384)
قال عمر ابن الحاجب: سألتُ أَبَا عَبْد اللَّه البِرْزَاليّ عَنْهُ فَقَالَ: زاهدُ أهل زمانه، كثير التلاوة والعبادة والاجتهاد، معرضٌ عن الدُّنيا، صليبٌ في دينه.
قلت: وكان لَهُ أجزاء يُحَدِّث منها.
روى عنه: الضياء، والكمال ابن الدُّخْميْسي [1] ، والكمال العَديميّ [2] وابنه أبو المجد، والقاضي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن صاعد، والرضي أبو بكر القُسَنطيني، وأبو المعالي الأبَرْقُوهيّ، وغيرهم.
تُوُفّي الإِوَقيّ- بكسر الهمزة- في عاشر صفر.
576- الحَسَن بن عبد الله [3] بن محمد بن أحمد.
أبو المعالي، الأَنباريّ، العَدلُ، المعروف بابن الخلّال.
سَمِعَ من: عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل، ونصر اللَّه القَزّاز. وكان شيخا صالحا، عابدا، متنسِّكًا [4] ، صَحِبَ الصَّالحين.
تُوُفّي في رمضان.
577- الحَسَنُ ابن الأمير السيّد [5] أبي الحسن علي ابن المرتضى أبي الحُسَيْن بن عليّ. الأمير، أبو مُحَمَّد، العلويّ، الحُسَيْني، البَغْداديّ.
روى عن الحافظ مُحَمَّد بن ناصر كتاب «الذُّرية الطاهرة» للدُّولابيّ.
وهُوَ آخر من سَمِعَ من ابن ناصر، وسَمِعَ من هِبَة الله الدَّقَّاق.
وعاش ستا وثمانين سَنَة، وتُوُفّي في الخامس والعشرين من شعبان.
وكان شريفا، سرِيًا، محتشما، كبيرَ القدر.
__________
[1] الدّخميسي: بضم أوله وسكون ثانيه وفتح الميم، ثم مثنّاة تحت ساكنة ثم سين مهملة، مكسورة. (توضيح المشتبه 4/ 28) .
[2] انظر: بغية الطلب (المصور) 5/ 305 رقم 974.
[3] انظر عن (الحسن بن عبد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 350 رقم 2488.
[4] وقع في المطبوع من (تاريخ الإسلام) ص 358 «متنكسا» وهو من غلط الطباعة.
[5] انظر عن (الحسن ابن الأمير السيد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 345، 346 رقم 2480، والإشارة إلى وفيات الأعيان 332، والمعين في طبقات المحدّثين 195 رقم 2064، والعبر 5/ 119، وسير أعلام النبلاء 22/ 344، 345، رقم 213، والوافي بالوفيات 12/ 166، 167 رقم 145، وتذكرة الحفاظ 4/ 1456، وأعيان الشيعة 22/ 447، والنجوم الزاهرة 6/ 281، وشذرات الذهب 5/ 135.(45/385)
روى عنه: أبو نصر مُحَمَّد بن المبارك المخرّمي شيخ للفرضيّ، وأبو العباس الفاروثيّ، والعماد إسماعيل ابن الطبّال- هو آخر من روى عنه بالسّماع-، والرشيد مُحَمَّد بن أبي القاسم.
وروى لنا عنه بالإجازة جماعةٌ من آخرهم القاضي تقيّ الدِّين.
وسماعهُ من ابن ناصر في السنة الخامسة من عُمره.
وهُوَ من ذرِّية جعفر بْن الحَسَن بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
وكان يسكن بالْجَوْسق، ويجيء أحيانا إلى بغداد.
578- الحَسَن بن عليّ بن ألفَكون. أبو عليّ، القُسَنطينيُّ.
رئيس الكتّاب، وعلَمُ الآداب.
قال ابن مَسْدِيّ: انقاد العِلْم إلى بنانِه، وسلَّم قُسٌّ [1] إلى بيانِه، فبذَّ أهل زمانه نَظمًا ونَثرًا، ونفث في الأسماع سِحرًا. لقيتُه بِبِجاية، ومات على رأس الثلاثين، ولَهُ نَيِّف وستون سَنَة.
579- الحَسنةُ، أمُّ الكمال [2] ، بنت القاضي عليِّ بن عثمان القُرَشيُّ المخزوميُّ.
تُوفّيت في المحرَّم عن خمسٍ وستّين سَنَة.
وروت بالإجازة عن شُهْدَةَ، وعبد الحقِّ، وغيرهما. وتوفِّيت بالقاهرة.
580- الحُسَيْن بن أبي البركات [3] مُحَمَّد بن أبي الفتوح عَبْد القاهر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن يحيى ابن الوكيل. العَدْلُ، المُحتسبُ، أبو عبد الله، الكَرخيُّ، الشَّطَويُّ.
سَمِعَ حضورا من جدِّه، وسَمِعَ من: أبيه، وأبي الفرج محمد بن أحمد ابن نَبهان. وهُوَ من بيت حديثٍ وتقدّم ببغداد. مات في شعبان.
روى عنه ابن النّجّار وقال: كَانَ أديبا، جمع «تاريخا» ذيَّل به على ابن جرير. وطلب بنفسه.
__________
[1] قس بن ساعدة المشهور.
[2] انظر عن (الحسنة أم الكمال) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 327، 328 رقم 2438.
[3] انظر عن (الحسين بن أبي البركات) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 345 رقم 2479.(45/386)
581- حُميراء بنت إِبْرَاهِيم بْن سُفْيَان بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الوهّاب ابن الحافظ ابن مَنْدَه، الأصبهانيّة.
أخت أبي الوفاء محمود، كانت أكبر من أخيها. سَمِعْتُ حضورا من أبي الوَقْت، وسماعا من غيره.
وتُوُفِّيت في جُمَادَى الأولى بأصبهان.
روى عنها بالإجازة أبو الفضل بن عساكر، والقاضي تقيّ الدِّين سُلَيْمان، وغيرُهما.
حرف الخاء
582- خَلَف بن محمد بن شمدون.
أبو سَعيد، الأنصاريُّ، خطيب تَوْزر [1] .
كَانَ من العبّاد والعلماء. رحل إلى البلاد، وسَمِعَ. وكان سريع القَلم جدا. كتب «تاريخ» ابن جرير مرّات، و «تاريخ» ابن عساكر.
سَمِعَ من السِّلَفِيّ يسيرا، ومن ابن الْجَوزيّ، ومن العماد الكاتب تواليفَه.
أخذَ عنه ابن مَسْدِيّ وأَرَّخه.
حرف الراء
583- رضوانُ بن عبد الحق بن عبد الواحد.
أبو النَّعيم، الأنصاريّ، الحَنْبَليُّ.
سَمِعَ: ابن صَدَقَة الحَرَّانيّ. وأجاز لَهُ التُّرْك [2] . كتبَ عنه ابن الحاجب.
وأجاز للبهاء بن عساكر عامّا [3] .
تُوُفّي في ربيع الأوّل عن ستّ وسبعين سنة.
__________
[1] بلدة بأقصى إفريقيا بالقرب من قفصة.
[2] الترك: هو أبو العباس أحمد بن أحمد بن ينال الأصبهاني المتوفى سنة (586) .
[3] يعني: إجازة عامة.(45/387)
حرف السين
584- سُليمان بن محمود [1] بن أبي غالب.
القاضي الأجلّ، فخرُ الدِّين، الدّمشقيُّ، الكاتبُ.
كَانَ أديبا منشئا، وقورا، حسنَ السَّمت، وافر العقل. كتب في الديوان العادِليّ والدّيوان الكامِلي كتابةَ الإنشاء مُدَّة. وله شِعْر حسن.
وتُوُفّي بظاهر حَرَّان في ربيع الأوَّل.
حرف الشين
585- شريفة بنت إبراهيم بن سُفْيان بن مَنده.
ماتت في ذي القِعْدَة بعد أختيها أسماءَ [2] وحميراء [3] .
حرف الصاد
586- صالح بن بذر [4] بن عبد الله.
الفقيه، تقيّ الدِّين، المِصْريُّ، الزّفتاويّ، الشافعيّ.
تَفَقَّه على الشهاب مُحَمَّد بن محمود الطُّوسيّ.
ودخل الثَّغر [5] وسَمِعَ من: أَبِي الطّاهِر إِسْمَاعِيل بْن عَوْف، وعبد المجيد بن دُليل، وبمصر من البوصيريّ.
وأفادَ، وأَعادَ، ونابَ في القضاء، ودَرَّس.
وزِفتا: بليدةٌ من بحريّ الفُسطاط.
تُوُفّي في ذي القِعْدَة، وهُوَ من أبناء السبعين.
__________
[1] انظر عن (سليمان بن محمود) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 336 رقم 2453، والسلوك ج 1 ق 1/ 245.
[2] تقدّمت برقم (570) .
[3] تقدمت برقم (581) .
[4] انظر عن (صالح بن بدر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 352 رقم 2493، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 11/ 12، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 57 (8/ 152) ، والوافي بالوفيات 16/ 251 رقم 275، والعقد المذهب، وحسن المحاضرة 1/ 192.
[5] أي ثغر الإسكندرية.(45/388)
حرف العين
587- عبدُ الخالق بن عُبَيْد اللَّه [1] بْن أَحْمَد بْن هِبَة اللَّه المَنصوريّ.
سَمِعَ من ابن كُلَيب. وحدَّثَ.
588- عبد الرحمن بن سَلامة [2] بن نصر بن مِقدام.
أبو محمد، المَقْدِسيُّ، المقرئ، الصَّالحيّ.
شيخٌ صالحٌ، ديِّنٌ. وُلِدَ سَنَة ثلاثٍ وخمسين.
وسَمِعَ من: أَبِي المعالي بن صابر، والفضل ابن البانياسيّ، ومُحَمَّد بن حمزة القُرَشيّ. روى عنه الضياء، والزَّكيّ البِرْزَاليُّ.
تُوُفّي في العشرين من المحرَّم.
589- عبدُ الرحمن بن أبي المجد فاضلِ [3] بن عليّ.
الفقيه، أبو القاسم، الإسكندرانيّ، المعروف بابن السُّيوري [4] .
رحَل إلى بغداد، وقرأ بواسط القراءات. وسَمِعَ ببغداد من أحمد بن علي الغزنويّ، وأبي الحسن عليّ بن محمد ابن السقّاء، وجماعة، وبدمشق من زين الأمناء أبي البركات.
وحدَّث بمصر والإسكندرية. وكان بصيرا بالقراءات واختلافها.
ماتَ في صفر.
590- عبدُ الرحمن بن محفوظ [5] بن أبي بكر بن أبي غالب بن البَزَن [6] . أبو بكر، البَغْداديّ، الحَنْبَليّ، المقرئ، الرجلُ الصالحُ.
سَمِعَ من شُهْدَةَ، وعَبْدِ الحقّ، ويحيى بن يوسُف السّقلاطوني. وحدّث.
__________
[1] انظر عن (عبد الخالق بن عبيد الله) في التكملة لوفيات النقلة 3/ 343 رقم 2473.
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن سلامة) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 330 رقم 2445.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن فاضل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 330، 331 رقم 2446.
[4] السّيوري: بضم السين المهملة وبعدها ياء آخر الحروف مضمومة وبعد الواو الساكنة راء مهملة وياء النسب. (المنذري) .
[5] انظر عن (عبد الرحمن بن محفوظ) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 343، 344 رقم 2474، وتوضيح المشتبه 1/ 395.
[6] البزن: بفتح الباء الموحدة وزاي مفتوحة ونون.(45/389)
تُوُفّي في رجَب. روى لنا عَنْهُ بالإجازة القاضي تقيّ الدِّين سُلَيْمان.
591- عَبْدُ العزيز بن أبي الفَتْح [1] أحمد بن عُمَر بن سالم بن مُحَمَّد بن باقا.
العَدْل، صفيُّ الدِّين، أبو بكر، البَغْداديُّ، الحَنْبَليّ، التّاجر، السِّيبيّ [2] الأصل.
ولد في رمضان سنة خمس وخمسين وخمسمائة.
وسَمِعَ من: أبي زُرْعة، ويحيى بن ثابت، وأبي بكر بن النَّقُّور، وعليّ بن عساكر البطائحيّ، وعليّ بن أبي سَعْد الخبَّاز، وأبي الحُسَيْن عبد الحقّ، وأحمد بن مُحَمَّد بن بَكْروس، وأخيه عليّ بن مُحَمَّد.
وسكَن مِصر وشهدَ عند قاضي القضاة عبد الملك بن دِرباس، وغيره.
وكان شيخا حسنا، كثيرَ التلاوة. حدَّث بالكثير.
روى عنه: ابن نُقْطَة [3] ، والزَّكيّ المُنذريّ، ومُحَمَّد بن عثمان الشَّارعيّ، والرشيد عُمَر الفارقيّ، وداود بن عبد القويّ، ومُحَمَّد بن إبراهيم الميدومي، ومحمد بن عبد المنعم ابن الخيميّ الشاعر، وأخوه إسماعيل، والنّجيب مُحَمَّد بن أحمد الهَمَذَانيّ، والنُّورُ عليّ بن نصر الله ابن الصوّاف الخطيب، ومُحَمَّد بن عبد المنعم بن شِهاب.
وَحَدَّثَنَا عنه: الشهابُ الأبَرْقُوهيّ، ومُحَمَّد بن عبد القويّ بن عَزُّون، وجعفرُ بن مُحَمَّد الإدريسيّ، وجبريلُ بن الخطّاب، ومُحَمَّد بن صالح الْجُهَنيّ، وغازي بن أيوب المَشْطوبيّ، والزّينُ وَهَبانُ بن عليّ المؤذّن، وإسحاق بن دِرباس المارانيّ، وأحمد بن عبد الكريم الواسطيّ، وعيسى بن عبد المنعم المؤدِّب، وأبو الحَسَن عليُّ بن عيسى ابن القيّم الكاتب. وتفرّد القاضي
__________
[1] انظر عن (عبد العزيز بن أبي الفتح) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 349، رقم 2486، والتقييد لابن نقطة 365 رقم 466، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 5/ 258، والإشارة إلى وفيات الأعيان 332، والإعلام بوفيات الأعلام 260، والمعين في طبقات المحدّثين 895 رقم 2065، وتذكرة الحفاظ 4/ 1456، والعبر 5/ 119، وسير أعلام النبلاء 22/ 351، 352 رقم 218، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 187 رقم 304، ومختصره 65، والمنهج الأحمد 366، وذيل التقييد للفاسي 2/ 124، 125 رقم 1279، والمقصد الأرشد، رقم 603، والدرّ المنضد 1/ 363 رقم 1018، وشذرات الذهب 5/ 135، 136.
[2] السّيبيّ: بكسر السين المهملة المشددة. نسبة إلى السّيب قرية من سواد بغداد.
[3] وقال: سَمِعْتُ منه بمصر أحاديث مِن مُسْند الشافعيّ بروايته عن أبي زرعة. (التقييد 365) .(45/390)
الحَنْبَليّ [1] بإجازته الآن.
وذكر ابن نُقْطَة: أنَّه سَمِعَ أيضا من أبي المعالي أحمد بن عبد الغنيّ بن حنيفة، وقال: سَمِعْتُ منه بمصر أحاديث مِن «مُسْند» الشافعيّ بروايته عن أبي زُرْعَة. وسَمِعَ منه أيضا «سنن» ابن ماجة القَزْوينيّ سوى الجزء الأول، والجزء العاشر، وأَوَّل المسموع أول أبواب الطهارة، وهُوَ أول الثاني، وأول العاشر:
«من أعتق عبدا واشترط خدمته» : آخر «فضل الرِّباط في سبيل الله» .
وقال المُنذريُّ [2] : تُوُفّي في سَحَر التاسع عشر من رمضان. وقُرِئ عليه الحديثُ في ليلة وفاته إلى قريبٍ من نصف الليل، وفارقهم. وتُوُفّي في أواخر اللّيلة.
قلت: سَمِعَ من أبي زرعة «مسند» الشافعيّ، و «سنن» ابن ماجة بفوت، و «سنن» النَّسائيّ بفَوْتٍ أيضا، وكتاب «صفوة التصوّف» لابن طاهر، وكتاب «فضائل القرآن» لأبي عُبَيْد.
وعاش خمسا وسبعين سَنَة.
وذكره ابن النجّار مختصرا وقال: قرأتُ عليه «سُنن» ابن ماجة، وكتبتها بخطّي عنه. وكان صدوقا، جليلا. قرأ في الفقه على أبي الفَتْح بن المَنِّيّ.
592- عبدُ القادر بن مُحَمَّد [3] بن سَعيد بن جَحْدر.
القاضي، أبو محمد، الأنصاريُّ، الجزري، الشافعيّ، الصُّوفيُّ.
سَمِعَ ببغداد من محمود بن نصر ابن الشعّار. وشهِد بالقاهرة، وولِي القضاء بنواحي الصَّعيد.
روى عنه الزكي المنذري وقال: توفي في ثاني المحرَّم، ووُلِدَ بجزيرة ابن عُمَر في سنة إحدى وخمسين وخمسمائة.
593- عبدُ الواحد بن المسلّم [4] بن الحُسَيْن. العَدْل، تاج الدّين، ابن
__________
[1] يعني: تقي الدين سليمان.
[2] في التكملة 3/ 349.
[3] انظر عن (عبد القادر بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 328 رقم 2439.
[4] انظر عن (عبد الواحد بن المسلّم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 336 رقم 2451.(45/391)
أبي الخوف، الحارثيّ، الدّمشقيُّ.
من بيت عدالةٍ وذكر. حدَّث عن المُحدِّث أبي الفوارس الحَسَن بن شافع.
كتب ابن الحاجب عنه، وعن أخيه مُحَمَّد.
594- عُبَيْد الله بن إبراهيم [1] بن أحمد بن عبد الملك بن عَمْرو بن عبد العزيز بن مُحَمَّد بن جعفر بن هارون بن محمد بن أحمد بن محبوب بن الوليد بن عبادة بن الصامت- رَضِيَ اللَّهُ عنه- الأنصاريّ، العباديّ، المحبوبيّ، النجاري. العَلَّامة، جمال الدِّين، أبو الفضل.
كَانَ محدّثا، مدرّسا، عارفا بمذهب أبي حنيفة، وكان ذا هيبةٍ وعبادةٍ، وإليه انتهت رئاسةُ الحنفية بما وراء النهر.
أخذ المذهب عن عماد بن أبي العلاء عمر بن بكر بن محمد الزّرنجريّ البخاريّ، عن أبيه شمس الأئمة، وبرهان الأئمّة عبد العزيز بن محمد بن مازة البخاريّ، كليهما، عن شمس الأئمّة أبي بكر محمد بن أبي سهل السّرخسيّ، عن شمس الأئمّة عبد العزيز بن أحمد الحلوائيّ البخاريّ، عَنْ القاضي أَبِي عليّ الحُسين بْن الخضر النّسفيّ، عن أبي بكر مُحَمَّد بن الفضل الكماريّ البخاريّ، عن الأستاذ أَبِي مُحَمَّد عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّد بْنِ يعقوب الحارثيّ البخاريّ السّدمونيّ، عن أبي عبد الله بن أبي حفص أحمد بن حفص البخاريّ، عن أبيه، عن مُحَمَّد بن الحَسَن الشَّيْبانيّ، عن أبي حنيفة.
وتَفَقَّه أيضا على القاضي فخر الدِّين بن أبي المحاسن الحَسَن بن منصور بن محمود الأوزجنديّ المعروف بقاضي خان. وسَمِعَ الحديث منهما ومن أبي المُظَفَّر عبد الرحيم ابن السّمعانيّ، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (عبيد الله بن إبراهيم) في: العبر 5/ 120، ودول الإسلام 2/ 135، والمشتبه 2/ 430، وسير أعلام النبلاء 24/ 345، 346 رقم 214، والجوهر المضية 2/ 490 رقم 891، والوافي بالوفيات 19/ 343، 344 رقم 320، والعسجد المسبوك 2/ 455، والطبقات السنية، رقم 1371، والفوائد البهية 108، وشذرات الذهب 5/ 137، وديوان الإسلام 4/ 199 رقم 1929.(45/392)
تفقّه عليه خلق، وسمعوا منه، منهم: سيف الدّين سعيد بن المطهّر الباخرزيّ، والقاضي شرف الدِّين مُحَمَّد بن محمد بن عُمَر العدويّ.
وقال لنا أبو العلاء الفَرَضيّ: روى لنا عنه جمال الدِّين محمد بن محمد بن إبراهيم الحسينيّ البخاريّ، والإمام شهاب الدِّين أبو منصور مُحَمَّد بْن أبي بَكْر بْن أبي الَّليْث، والإمام معزّ الدِّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد الدّيزقيّ، والعلّامة حافظ الدِّين أبو الفضل مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن نَصْر البخاريّ.
وُلِدَ في جُمَادَى الأولى سَنَة ستٍّ وأربعين وخمسمائة.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى أيضا سَنَة ثلاثين وستمائة، وصلّى عليه ابنه شمس الدِّين أحمد بكلاباذ- محلّتنا- أنبأني بذلك الفَرَضيّ.
595- عثمان، الملك العزيز [1] ، ابن العادل.
كَانَ شقيق الملك المعظّم، وهو الّذي بنى قلعة الصّبيبة، وكانت لَهُ هي وبانياس وتبنين وهونين. وكان عاقلا، قليل الكلام تبعا لأخيه المعظّم. عامل بعد موت أخيه على قلعة بَعْلَبَكّ، وأخذها من الأمجد. وكتب إليه وُلِدَ الأمجد: قد نشرت لك باب السّر، فأت إلينا سحرا، فساق من الصبيبة في أول اللّيل وفي المسافة بعد، فجاء بَعْلَبَكّ وقد أسفر [2] وفات المقصود، فنزل مقابل قلعة بَعْلَبَكّ، فبعث صاحبها يستنجد بالسلطان الملك النّاصر داود، فأرسل الغرس خليل إلى العزيز يقول: أرحل من كلّ بدّ فإن أبى، فارم الخيمة عليه.
وعلم العزيز بذلك، فردّ إلى بلاده. فلمّا قصد الكامل دمشق، كَانَ العزيز معه إلبا على الناصر، وعلم الأمجد بما فعل ولده معه، فيقال: إنَّه أهلكه [3] .
تُوُفّي العزيز ببستانه المعروف بالنّاعمة ببيت لهيا في عاشر رمضان، ودفن
__________
[1] انظر عن (عثمان الملك العزيز) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2 2/ 678، والتاريخ المنصوري 250، 251، ونهاية الأرب 19/ 190، 191، ودول الإسلام 2/ 135، والعبر 5/ 119، والإشارة إلى وفيات الأعيان 332، ومرآة الجنان 4/ 69، والبداية والنهاية 13/ 137، والعسجد المسبوك 2/ 456، والسلوك ج 1 ق 1/ 247، والنجوم الزاهرة 6/ 281، وشفاء القلوب 320، 321، وشذرات الذهب 5/ 136، والدارس 1/ 549، والقلائد الجوهرية 131.
[2] أي أسفر الصباح.
[3] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 449.(45/393)
بالتّربة المعظّميّة بقاسيون.
596- عليّ بن بركاتِ [1] بن إِبْرَاهِيم بن طاهر.
أَبُو الحَسَن، ابن الخشوعيّ، الدّمشقيُّ.
حدَّث: عن أبيه، ويحيى بن محمود الثَّقَفيّ.
ومات في المحرَّم كهلا.
597- عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [2] بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ لحسن [3] بن علّوش [4] .
أبو الحَسَن، الصّنهاجي، الفاسيُّ، المغربيُ، الخطيب بمسجد الخليل.
وُلِدَ بفاس في رجب سَنَة ثمانٍ وخمسين.
وسَمِعَ بالمغرب من جماعة، وبدمشق من الخشوعيّ، والبهاء بن عساكر، وببغداد من الحافظ ابن الجوزيّ، كتب عنه ابن الحاجب، والزَّكيّ عبد العظيم. وكان إمام بلد الخليل وخطيبه.
ومات في جُمَادَى الأولى.
598- عليّ ابن العَلَّامة الحافظ جمال الدِّين أبي الفَرَج عَبْد الرَّحْمَن [5] بْن علي بْن مُحَمَّد بْن عليّ،. بدر الدِّين، أبو الحَسَن، ابن الجوزي، البغداديّ، الناسخ.
ولد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة في شوّال أو رمضان.
__________
[1] انظر عن (علي بن بركات) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 329 رقم 2443.
[2] انظر عن (علي بن عبد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 340 رقم 2464، والمشتبه 1/ 235، وتوضيح المشتبه 3/ 234.
[3] قيّده المنذري فقال: «بفتح اللام وسكون الحاء وفتح السين المهملتين ونون» . (التكملة) .
[4] قيّده المنذري فقال: «بفتح العين المهملة وتشديد اللام وضمها وبعد الواو الساكنة شين معجمة» . (التكملة) .
[5] انظر عن (علي بن عبد الرحمن) في: التقييد لابن نقطة 413 رقم 548، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 144، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 679، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 350، 351 رقم 2489، وإنسان العيون، ورقة 265، وسير أعلام النبلاء 22/ 352، 353 رقم 219، والإعلام بوفيات الأعلام 260، والمعين في طبقات المحدّثين 195 رقم 2066، والعبر 2/ 120، والمختصر المحتاج إليه 3/ 127، 128 رقم 1011، والبداية والنهاية 13/ 136، والعسجد المسبوك 2/ 456، وشذرات الذهب 5/ 137.(45/394)
وسمع من: أبي الفتح بن البطي، وأبي زُرْعة، وأبي بكر بن المقرّب، ويحيى بن ثابت، وشُهْدَةَ، وجماعة.
وتكلَّم في الوعظ في شبيبته، ثمّ تركه. وكان كثير المحفوظ، حلو الدّعابة، لزم اللّعب والعشرة، والبطالة مُدَّة، ثم في الآخر لزم النّسخ، وكان منه عيشته. وكان مطّرح التّكلف، يخدم نفسه. وكان يَتَكَلَّم في أبيه. كتب عنه الحفّاظ.
وقال ابن نُقْطَة- ومن خطّه نقلت [6]-: سَمِعْتُ منه، وهُوَ صحيح السّماع، ثقةٌ، كثير المحفوظ، حسنُ الإيراد. سَمِعَ «صحيح» الإسماعيليّ من يحيى بن ثابت، و «مسند» الشافعيّ من أبي زُرْعة.
قلت: روى عنه السّيف، والعزّ عبد الرحمن بن محمد بن عبد الغنيّ، والشمس عبد الرحمن ابن الزّين، والتقيُّ ابن الواسطيّ، والكمال عليّ بن وضّاح، والشمس مُحَمَّد بن يحيى بن هُبَيْرةَ نزيل بلبيس، والفاروثيّ، وجماعة. وبالإجازة الفخرُ إسماعيل بن عساكر، والقاضي الحَنْبَليّ، وأبو نصر ابن الشيرازيّ. مات في سَلْخ رمضان [7] .
599- عليّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم بن عبد الواحد.
العَلَّامة، عز الدِّين، أبو الحَسَن، ابن الأثير [8] أبي الكرم، الشّيبانيّ، الجزريّ، المؤرّخ، الحافظ.
__________
[6] في التقييد 413.
[7] وقال ابن النجار: وعظ في صباه، وكان كثير الميل إلى اللهو والخلاعة، فترك الوعظ واشتغل بما لا يجوز، وصاحب المفسدين. سمعت أباه يقول: إني لأدعو عليه كل ليلة وقت السحر.
ولم يزل على طريقته إلى آخر عمره، وكان لا يقبل صلة، ويكتب في اليوم عشرة كراريس، وهو قليل المعرفة. (سير أعلام النبلاء 22/ 353) .
[8] انظر عن (ابن الأثير المؤرّخ) في: معجم البلدان 2/ 79، وإكمال الإكمال لابن نقطة (الظاهرية) ورقة 8، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 160، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 347، 348 رقم 2484، وذيل الروضتين 162، والحوادث الجامعة 88 (في وفيات سنة 632 هـ-) ، ووفيات الأعيان 3/ 348- 350، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 337، والمختصر في أخبار البشر 3/ 154، ونهاية الأرب 29/ 193، 194، وذيل مرآة الزمان 1/ 64، والإعلام بوفيات الأعلام 260، والإشارة إلى وفيات الأعيان 332، والمعين في طبقات المحدّثين 195 رقم 2067، ودول الإسلام 2/ 102، وسير أعلام النبلاء 22/(45/395)
أخو اللّغوي مجد الدّين [1] صاحب «النّهاية» و «جامع الأصول» . والوزير ضياء الدّين نصر الله [2] .
ولد بالجزيرة العمريّة سنة خمس وخمسين وخمسمائة، ونشأ بها، ثمّ تحوّل بهم والدهم إلى الموصل، فسمعوا بها، واشتغلوا.
سمع من: خطيب الموصل أبي الفضل، ويحيى الثّقفيّ، ومسلم بن عليّ الشّيخي، وغيرهم. وسمع ببغداد- لمّا سار إليها رسولا- من عبد المنعم بن كليب، ويعيش بن صدقة الفقيه، وعبد الوهّاب بن سكينة.
وكان إماما، نسّابة، مؤرّخا أخباريا، أديبا، نبيلا، محتشما. وكان بيته مأوى الطّلبة.
وأقبل في أواخر عمره على الحديث، وسمع العالي والنّازل حتّى سمع لمّا قدم دمشق من أَبِي القاسم بْن صَصْرى، وزين الأُمناء.
وصنّف التاريخ المشهور المسمّى ب- «الكامل» [3] على الحوادث والسنين في عشر مجلّدات، واختصر «الأنساب» لأبي سعد السّمعانيّ، وهذّبه، وأفاد فيه أشياء، وهو في مقدار النّصف وأقلّ. وصنّف كتابا حافلا في معرفة
__________
[ () ] 353- 356 رقم 220، والعبر 5/ 120، 121، وتذكرة الحفاظ 4/ 1399، ومرآة الجنان 4/ 70، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 132، 133، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 127 (8/ 299، 300) ، والبداية والنهاية 13/ 139، والوافي بالوفيات 22/ 136، 137 رقم 82، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 165، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 33، ونزهة الأنام لابن دقماق، ورقة 5، وتاريخ الخميس للدياربكري 2/ 414، والعسجد المسبوك 2/ 455، 456، والألقاب، لابن حجر، ورقة 3، والنجوم الزاهرة 6/ 281، 282، وتاريخ الخلفاء 464، وطبقات الحفاظ 492، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 304، 305، وتاريخ الأزمنة للدويهي 216، وشذرات الذهب 5/ 137، وديوان الإسلام 1/ 166، 167 رقم 246، والبدر السافر 20، وطبقات الشافعية للزيله لي، ورقة 198، 199، ومفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 1/ 206، والتعليقات للكنوي 14، والتاج المكلّل للقنوجي 93، والرسالة المستطرفة 125، والأعلام 5/ 153، وكشف الظنون 82، 179، 571، 1380، 1410، وهدية العارفين 1/ 706، وفهرس المخطوطات المصورة 2/ 125، وفهرس الخديوية 115- 117، 121، 225، 226، وفهرس مخطوطات الظاهرية 6، 163، ومعجم المؤلفين 7/ 228، 229.
[1] تقدّم في وفيات سنة 606 هـ-.
[2] سيأتي في وفيات سنة 637 هـ-.
[3] قمت بتحقيقه، وهو تحت الطباعة، ويصدر عن دار الكتاب العربيّ ببيروت قريبا إن شاء الله.(45/396)
الصّحابة جميع فيه بين كتاب ابن مندة، وكتاب أبي نعيم، وكتاب ابن عبد البرّ، وكتاب أبي موسى في ذلك، وزاد وأفاد. وشرع في «تاريخ» للموصل، وقدم الشام رسولا.
وحدّث بحلب ودمشق.
روى عنه: الدّبيثيّ [1] ، والشّهاب القوصيّ، والمجد بن أبي جرادة، ووالده أبو القاسم في «تاريخه» [2] ، وآخرون من أهل الشام والجزيرة.
وحدّثنا عنه الشرف بن عساكر، وسنقر القضائي.
وقال ابن خلّكان [3] : كان بيته بالموصل مجمع الفضلاء، اجتمعت به بحلب، فوجدته مكمّلا في الفضائل والتّواضع، وكرم الأخلاق، فترددت إليه.
وكان طغريل الخادم أتابك الملك العزيز قد أكرمه وأقبل عليه.
فصل في نسبته إلى جزيرة ابن عمر: نسبة إلى عبد العزيز بن عمر البرقعيديّ [4] هو الّذي بناها، فنسبت إليه، قاله ابن خلّكان وقال [5] : رأيت في «تاريخ» ابن المستوفي [6] في ترجمة أبي السعادات المبارك ابن الأثير [7] أنه من جزيرة أوس وكامل ابني عمر بن أوس التّغلبي، قال: وقيل: إنها منسوبة إلى يوسف بن عمر الثقفي أمير العراق، فاللَّه أعلم.
فصل في نسبه: كان يكتب بخطّه: عليّ بن مُحَمَّد بن عبد الكريم الجزريّ. وكذا ذكره الحافظ المنذريّ [8] ، والقوصيّ في «معجمه» ، وابن الظاهريّ في تخريجه للصاحب مجد الدّين العقيليّ، وأبو الفتح ابن الحاجب
__________
[1] في ذيل تاريخ بغداد (كمبرج) ورقة 160.
[2] هو: «بغية الطلب في تاريخ حلب» ، وهو لم ينشر محقّقا حتى الآن.
[3] في وفيات الأعيان 3/ 348، 349 بتصرّف.
[4] نسبة إلى برقعيد من أعمال الموصل.
[5] في وفيات الأعيان: 3/ 349- 350.
[6] وهو تاريخ إربل المعروف ب- «نباهة البلد الخامل بمن ورده من الأماثل» ، والنص الّذي ينقله ابن خلّكان منه ليس في المطبوع.
[7] توفي سنة 606 هـ-.
[8] في التكملة لوفيات النقلة 3/ 347، 348.(45/397)
في «معجمه» وغيرهم. وهو على سبيل الاختصار. وله أشباه ونظائر، وإنما هو: «عليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد» بلا ريب، كما هو في تسمية أخويه، وابن أخيه شرف الدّين. وكذا ذكره القاضي ابن خلّكان، وأبو المظفّر ابن الجوزيّ، وابن السّاعي، وغيرهم. ويوضّحه أنّ المنذري ذكر أخويه فقال: مُحَمَّد بن مُحَمَّد- مرّتين.
فصل في وفاته: رأيت تصحيحه على طبقة تاريخها في نصف شعبان سنة ثلاثين. ثمّ رأيت وفاته في رمضان من السنة بخطّ أبي العباس أحمد ابن الجوهريّ. وأمّا المنذريّ، وابن خلّكان، وابن الساعي، وأبو المظفّر الجوزيّ، وشيخنا ابن الظّاهريّ فقالوا: توفّي في شعبان ولم يعيّنوا اليوم. وأمّا القاضي سعد الدّين الحارثيّ، فقال: توفّي في الخامس والعشرين من شعبان.
600- عليّ بْن أَبِي الفَتْح [1] مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن بختيار بْن عليّ بْن مُحَمَّد. أبو جعفر، ابن المندائيّ، الواسطيّ.
ولد سنة تسع وخمسين وخمسمائة.
وسَمِعَ من: جَدّه لأمّه هِبَة الله بْن نصر الله بن الجلخت، وأبي مُحَمَّد الحَسَن بن عليّ ابن السَّواديّ، وأبي طَالِب مُحَمَّد بْن عليّ الكتّانيّ، وجماعة.
وحدَّث ببغداد. وهُوَ أخو أحمد. تُوُفّي ليلة عَرَفَة.
601- عليّ بن محمد بن إبراهيم [2] بن أبي العافية.
أبو الحَسَن، السّبتيّ، التاجر الأمينُ.
حجَّ مرّات. وتلا بالسبع على أبي مُحَمَّد بن عُبَيْد الله، ثمّ على مُحَمَّد بن إبراهيم الزّنجانيّ وغيره.
قال ابن مَسْدِيّ: سَمِعْتُ منه. مَوْلِدُه في حدود الستّين وخمسمائة.
وعاش نحوا من سبعين سَنَة. قال: ومات بسبتة قريبا من سنة ثلاثين وستمائة.
__________
[1] انظر عن (علي بن أبي الفتح) في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 160، 161، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 353، 354 رقم 2497.
[2] انظر عن (علي بن محمد بن إبراهيم) في: غاية النهاية 1/ 563.(45/398)
602- عليّ بن مُحَمَّد بن يبقى [1] بن جبلة.
أبو الحَسَن، الأنصاريّ، الأَنْدَلسِيّ، خطيب أوريولة.
شيخٌ عالم، حجّ سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وسَمِعَ من: السِّلَفيّ، وأحمد بْن المسلم اللَّخْمِيّ، وَأَبِي الطّاهر بْن عَوْف، وجماعة.
قال الأبّار [2] : وكان صالحا، حسن السّمت. تُوُفّي بأوريولة سَنَة ثلاثين.
وقال ابن مَسْدِيّ: كَانَ من أهل الخير والصّلاح، والبرّ والسّماح. حجَّ مع أخيه في صغره، فسمع من: السِّلَفيّ، وعليّ بن هِبَة الله الكامليّ، وعليّ بن عمار. ولم يحصّل من سماعاته شيئا، تركها مع أخيه، فسكن أخوه مصر، وبعث إليه ببعضها. قرأت عليه «صحيح» البخاري بسماعه من ابن عمّار. مات وقد قارب الثمانين.
603- عليّ ابن الإِمَام أَبِي القاسم [3] بن فِيرُّه بن خَلَف الرُّعَيْنيّ.
الشاطبيّ، ثم المِصْريّ، الشافعيّ، العدل، ضياء الدِّين.
سَمِعَ من: أبيه، وأبي القاسم البوصيريّ، والأَرْتَاحِيّ.
وكان على طريقة حسنة. توفّي جُمَادَى الآخرة.
604- عُمَر بن مُحَمَّد بن منصور [4] . الحافظ، المفيد، عزّ الدِّين، أبو حفص وأبو الفتح، ابن الحاجب، الأمينيّ، الدّمشقيّ.
__________
[1] انظر عن (علي بن محمد بن يبقى) في: صلة الصلة لابن الزبير 133، وتكملة الصلة لابن الأبار، رقم 1902، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 5 ق 1/ 394، 395 رقم 669.
[2] في تكملة الصلة، رقم 1902.
[3] انظر عن (علي بن أبي القاسم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 341، 342 رقم 2469.
[4] انظر عن (عمر بن محمد بن منصور) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 346 رقم 2481، وتاريخ إربل 1/ 409 رقم 307، والإشارة إلى وفيات الأعيان 332، والإعلام بوفيات الأعلام 260، والمعين في طبقات المحدّثين 195 رقم 2068، وتذكرة الحفاظ 4/ 1455، وسير أعلام النبلاء 22/ 370، 371 رقم 236، والعبر 5/ 121، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 39 و 153، ومرآة الجنان 4/ 70، ولسان الميزان 5/ 310، وشذرات الذهب 5/ 135، وكشف الظنون 294، 1734، وإيضاح المكنون 508، والأعلام 5/ 223، ومعجم المؤلفين 7/ 318، 319.(45/399)
عني بالحديث أتمّ عناية، وأوّل سماعه سَنَة ستٍّ عشرة بعد موت ابن ملاعب فسمع من: هبة الله بن الخضر بن طاووس- وهُوَ أقدم شيخٌ لَهُ-، وموسى بْن عَبْد القادر، والشيخ المُوفَّق، وابن أبي لُقمة، وابن البنّ، وطبقتهم بدمشق. والفتح بن عبد السلام، وطبقته ببغداد. وعبد القويّ ابن الجبّاب، وطبقته بمصر. وسَمِعَ بإربل، والمَوْصِل، والإسكندرية، والحجاز. وعمل «معجم» البقاع والبلدان التي سمع بها، و «معجم» شيوخه وهم ألف ومائة وبضعة وثمانون نفسا.
قال الحافظ زكيّ الدِّين المُنذريّ [1] : يقال إنَّه لم يبلغ الأربعين. وكان فهما، متيقّظا، محصّلا. جمع مجاميع. وكانت لَهُ همّة. وشرع في تصنيف «تاريخ» لدمشق مذيّلا على الحافظ أبي القاسم.
وقرأت بخطّ السيف ابن المجد، قال: خرّجه خالي الحافظ، ثمّ طلب وسافر، وسَمِعَ منه الزَّكيّ البِرْزَاليُّ، وأبو موسى الرّعينيّ، والجمال ابن الصّابونيّ، وغيرهم، وخرّج لَهُ وللمشايخ تخاريج كثيرة.
وقد كتب ابن الكريم على «معجمه» بالبقاع:
هذا كتاب حوى فضلا مؤلّفه ... الحافظ الخير عزّ الدِّين ذو الفطن
من فضله شاع في شامٍ وسار إلى ... أرض العراق إلى مصر إلى عدن
قال السيف: وسمعت غير واحد يحكي أنّ جماعة منهم البِرْزَاليُّ سمعوا أجزاء على شيخ، ثمّ تقاسموا أنّهم لا يُظهرون ذلك- زادني عبد الرحمن بن هارون أنّ الشيخ كَانَ عبد الرحمن بن عُمَر النسّاج- فسهّل الله ظهور عمر ابن الحاجب عليه من غير جهتهم، فجمع جماعة، وجاء فسمعه عليه، واشتهر، وحجَّ معادلا للتقيّ أحمد ابن العزّ، فكان يمشي كثيرا لطلب السماع في الأماكن من أقوامٍ في الرّكب، وكان التقيّ يتأذّى بركوبه وسط الجمل. ورأيته حين قَدِمَ بغداد صام أوّل يوم قَدِمَها، إذ قيل: إنّ الفَتْح بن عبد السلام في الأحياء. وكان يصوم كثيرا يستعين بذلك على طلب الحديث. وأقام ببغداد مُدَّة اشتهر، فما ونى ولا فتر، كان يسمع ويكتب وكان المحدّثون ببغداد يتعجّبون
__________
[1] في التكملة 3/ 346.(45/400)
منه ومن كثرة طلبه.
وقال الضياء: تُوُفّي في ثامن وعشرين شعبان صاحبُنا الشاب الحافظ أبو حفص ابن الحاجب بدمشق ولم يبلغ أربعين سَنَة. وكان ديّنا، خيّرا، ثبتا، متيقّظا، قد فهم وجمع.
قلت: وسَمِعَ منه الحافظ أبو إسحاق الصّريفينيّ، وأبو الحسن ابن البالسيّ أيضا.
وكان جدّه منصور بن مسرور حاجبا لأمين الدَّولة صاحب بصرى.
وأنبأنا الجمال أبو حامد، أَخْبَرَنَا ابن الحاجب، أَخْبَرَنَا عبد السلام بن عبد الرحمن بن سكينة، أَخْبَرَنَا فورجة، فذكر حديثا.
ثمّ قرأت مولد ابن الحاجب بخطّه سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة.
حرف الكاف
605- كامروا بن أبي [1] بكر بن عليّ بن محمد بن سَعْد الأنصاريّ، الأنسيّ [2] ، الصُّوفيّ.
شيخٌ صالحٌ، معمّر.
حدَّث بالإجازة العامّة عن سعيد بن أبي الرجاء الصّيرفيّ، وغيره.
قال المنذريّ [3] : ذكر أنّ مولده سنة ستّ وعشرين. رأيته غير مرّةٍ.
وعرف أيضا بالأثريّ: لأنه كَانَ يذكر أنّ معه أثرا من آثَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ لَهُ قبولٌ من الناس، وكان يذكر عنه- على علوّ سنه- قوة على الحركة والتصرّف والمأكل. مات في شعبان.
__________
[1] انظر عن (كامروا بن أبي بكر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 347 رقم 2482 وفيه:
«كامروى» وقد قيّده الدكتور بشار عواد معروف بالتخفيف، وقيّده في المطبوع من تاريخ الإسلام- ص 375 بتشديد الراء.
[2] الأنسي: بفتح الألف والنون.
[3] في التكملة 3/ 347.(45/401)
606- كوكبوري بن عليّ [1] بن بكتكين بن محمد، السُّلطان الملك المعظّم، مُظَفَّر الدِّين، أبو سعيد، ابن صاحب إربل الأمير زين الدِّين أبي الحَسَن عليّ كوجك التّركمانيّ.
وكوجك: لفظ أعجميّ معناه لطيف القدّ.
كَانَ شجاعا، شهما، ملك بلادا كثيرة- أعني عليّ كوجك- ثمّ فرَّقها على أولاد الملك قطب الدِّين مودود صاحب المَوْصِل. وكان موصوفا بالقوّة المفرطة، وطال عُمره، وحجَّ هُوَ والأمير أسد الدِّين شيركوه بن شاذي في سنة خمس وخمسين وخمسمائة، ومات في آخر سَنَة ثلاثٍ وستين بإربل، ولَهُ مدرسة بالمَوْصِل وأوقاف.
فلمّا مات ولي إربل مظفّر الدِّين- هذا- وهُوَ ابن أربع عشرة سَنَة. وكان أتابكَه مجاهد الدِّين قايماز، ثمّ تعصَّب عليه مجاهدُ الدِّين وكتب محضرا أنَّه لا يَصلح واعتقلَه، وشاور الخليفة في أمره. وأقام موضعه أخاه زين الدِّين يوسف بن عليّ، وطردَ مظفّر الدِّين عن البلاد فتوجّه إلى بغداد، فلم يلتفتوا عليه، فقَدِمَ المَوْصِل، وبها الملكُ سيفُ الدِّين غازي بن مودود، فأقطعه حَرَّان، فأقام بها مُدَّةً، ثمّ اتّصل بخدمة السُّلطان صلاح الدِّين، ونفقَ عليه، وتمكّن منه، وزاد في إقطاعه الرُّها سَنَة ثمانٍ وسبعين، وزوَّجه بأخته ربيعةَ خاتون وكانت قبلَه عند سَعْد الدِّين مسعود ابن الأمير مُعين الدِّين أُنر الّذي يُنسب إليه قُصير مُعين الدِّين. وتُوُفّي سعدُ الدِّين في سَنَةِ إحدى وثمانين وخمسمائة.
__________
[1] انظر عن (كوكبوري بن علي) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 680- 683، وتاريخ الزمان لابن العبري 280، وتاريخ مختصر الدول، له 249، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 354 رقم 2498، وذيل الروضتين 61، ومفرّج الكروب 4/ 48- 62، وتاريخ إربل (انظر فهرس الأعلام 2/ 928، 929) ، والحوادث الجامعة 44، ووفيات الأعيان 4/ 113- 121، وإنسان العيون، ورقة 292، وأخبار الأيوبيين لابن العميد 140، وآثار البلاد في أخبار العباد للقزويني 290، والمختصر في أخبار البشر 153، والدر المطلوب 410، والإعلام بوفيات الأعلام 260، والإشارة إلى وفيات الأعيان 332، ودول الإسلام 2/ 135، 136، والعبر 5/ 121، 122، وسير أعلام النبلاء 22/ 334- 337 رقم 205، وتاريخ ابن الوردي 2/ 159، والبداية والنهاية 13/ 136، 137، والعسجد المسبوك 2/ 452- 455، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 32، ونزهة الأنام لابن دقماق، ورقة 5، والعقد الثمين للفاسي 4/ ورقة 21، 22، والنجوم الزاهرة 6/ 282، وشذرات الذهب 5/ 138- 140.(45/402)
وشهِد مظفّر الدِّين مع السُّلطان صلاح الدِّين مواقف كثيرة أبان فيها عن نَجْدةٍ وقوَّة، وثبتَ يوم حطّين، وبيَّن. ثمّ وفد أخوه زين الدّين يوسف على صلاح الدّين نجدة، وخدمة من إربل، فمرض في العسكر على عكّا وتوفّي في رمضان سَنَة ستٍّ وثمانين. فاستنزل صلاح الدِّين مظفّر الدِّين عن حَرَّان والرُّها ففعل، وأعطاه إربل وشهرَزور فسارَ إليها وقدِمها في آخر السنة.
ذكره القاضي شمس الدِّين وأثنى عليه، وقال [1] : لم يكن شيء أحبّ إليه من الصَّدقة، وكان لَهُ كلّ يوم قناطير مُقنْطرة من الخُبز يفرِّقها، ويكسو في السنة خَلقًا ويُعطيهم الدِّينار والدِّينارين. وبنى أربع خَوانِك [2] للزُّمنى والعُميان، وملأها بهم، وكان يأتيهم بنفسه كلَّ خميس واثنين، ويدخلُ إلى كلّ واحد في بيته، ويسأله عن حاله، ويتفقّده بشيءٍ، وينتقل إلى الآخر حَتّى يدور على جميعهم، وهُوَ يُباسطهم ويمزَح معهم. وبنى دارا للنِّساء الأرامل، ودارا للضعفاء الأيتام، ودارا للملاقيط رتَّب بها جماعة من المراضع. وكان يدخل البيمارستان. ويقفُ على كل مريض ويسألُه عن حاله. وكان لَهُ دارٌ مَضيف يدخل إليها كلّ قادم من فقيرٍ أو فقيهٍ فيها الغداءُ والعشاءُ، وإذا عزمَ على السفر، أعطوه ما يليقُ به. وبنى مدرسة للشافعية والحنفية وكان يأتيها كلَّ وَقتٍ، ويعمل بها سماطا ثمّ يَعمل سماعا فإذا طاب، وخلعَ من ثيابه سيَّر للجماعة شيئا من الإنعام، ولم تكن لَهُ لذَّةً سوى السَّماع، فإنَّه كَانَ لا يتعاطى المُنكر، ولا يمكِّن من إدخاله البلد. وبنى للصّوفية خانقاتين، فيهما خلقٌ كثير، ولهما أوقافٌ كثيرة، وكان ينزل إليهم ويعمل عندهم السَّماعات. وكان يبعثُ أُمناءَه في العام مرتين بمبلغ يَفْتَكُّ به الأَسرى، فإذا وصلوا إليه أعطى كلَّ واحد شيئا. ويُقيم في كلَّ سَنَة سبيلا للحجّ، ويبعث في العام بخمسة آلاف دينارٍ للمُجاورين. وهُوَ أول من أجرى الماءَ إلى عَرفات، وعمِل آبارا بالحجاز، وبنى لَهُ هناك تُربةً.
قال: وأمَّا احتفالُه بالمَولد، فإنَّ الوَصْف يَقْصُر عن الإحاطة به، كَانَ الناسُ يقْصدُونه من المَوْصِل، وبغداد، وسِنجار، والجزيرة، وغيرها خلائق من
__________
[1] في وفيات الأعيان 4/ 116 فما بعدها.
[2] ويقال فيها: «خوانق» ومفردها: خانكاه وخانقاه.(45/403)
الفُقهاء والصُّوفية والوعّاظ والشعراء، ولا يزالون يتواصلون من المحرَّم إلى أوائل ربيع الأوّل ثمّ تُنْصب قِباب خَشب نحو العشرين، منها واحدة لَهُ، والباقي لأعيان دولته، وكلُّ قبة أربع خمسٍ طبقات ثمّ تزيَّن في أوّلِ صفر، ويقعد فيها جَوْق المغاني والمَلاهي وأَرْبابُ الخَيال [1] ، ويبطل معاشُ النَّاس للفُرجة. وكان ينزل كلَّ يومٍ العصر، ويقف على قُبَّة قُبة، ويسمع غِناءهم، ويتفرَّج على خيالاتهم، ويبيت في الخانقاه يعمل السَّماع، ويركب عَقيب الصُّبح يتصيَّدُ، ثم يرجع إلى القلعة قبل الظُّهر، هكذا يفعلُ كل يوم إلى ليلة المولد، وكان يعمله سنة في ثامنٍ الشهر وسَنةَ في ثاني عشرة للاختلاف [2] ، فيُخرجُ من الإِبل والبقَر والغنم شيئا زائدا عن الوصف مزفوفة بالطّبول والمغاني إلى الميدان، ثمّ تُنحر وتُطبخُ الألوان المختلفة، ثمّ ينزل وبين يديه الشّموع الكبيرة وفي جملتها شمعتان أو أربع- أشكّ- من الشموع الموكبية التي تحمل كلُّ واحدةٍ على بغل يسنِدُها رجل، حَتّى إذا أتى الخانقاه نزل. وإذا كَانَ صبيحةُ يومِ المولد أنزلَ الخِلع من القَلْعة على أيدي الصُّوفية في البُقَج [3] ، فينزل شيءٌ كثير، ويجتمع الرؤساء والأعيان وغيرهم، ويَتَكَلَّم الوعاظُ، وقد نُصبَ لَهُ برج خَشب لَهُ شبابيك إلى النَّاس وإلى المَيدان وهُوَ مَيدان عظيم يَعْرض الْجُند فيه- يومئذٍ- ينظر إليهم تارةٍ وإلى الوعّاظ تارة، فإذا فرغ العَرضُ، مدَّ السِّماط في المَيدان للصّعاليك وفيه من الطّعام شيء لا يُحدُ ولا يُوصَف ويمدُّ سماطا ثانيا في الخانقاه للناس المجتمعين عند الكُرسي، ولا يزالون في الأكل ولُبْس الخِلع وغير ذلك إلى العصر، ثمّ يبيتُ تلك الليلة هناك، فيعمل السّماعات إلى بُكْرة.
وقد جمع لَهُ أبو الخطّاب ابن دِحية أخبارَ المولد، فأعطاه ألف دينار.
وكان كريمَ الأخلاق، كثيرَ التّواضع، مائلا إلى أهل السُّنَّة والجماعة، لا يَنْفُقُ عنده سوى الفقهاء والمحدّثين، وكان قليلَ الإقبال على الشِّعر وأهلِه. ولم يُنقل أنّه انكسر في مصافّ.
__________
[1] أرباب الخيال: الممثّلون، أو اللاعبون بخيال الظل.
[2] يعني للاختلاف في تاريخ مولد المصطفى صلّى الله عليه وسلّم.
[3] جمع: بقجة، وهي صرّة كبيرة ملونة من القماش توضع فيها الملابس والخلع ونحوها.(45/404)
ثمّ قال: وقد طوَّلت ترجمته لِما لَهُ علينا من الحقوق التي لا نقدر على القيام بشكره، ولم أذكر عنه شيئا على سبيل المُبالغة، بل كلُّ ذلك مشاهدة وعِيان. وُلِدَ بقلعة إربل في المحرَّم سنة تسع وأربعين وخمسمائة.
وقال ابن السَّاعي: طالت على مظفّر الدِّين مراعاة أولاد العادل ولم يجد منهم إعانةَ على نوائبه كما كَانَ هُوَ لهم في حروبهم. فأخذَ مفاتيحَ إربل وقِلاعها وسارَ إلى بغداد وسلَّم ذلك إلى المستنصر باللَّه في أول سَنَة ثمانٍ وعشرين فاحتفلوا لَهُ، وجلسَ لَهُ الخليفةُ، ورُفِعَ لَهُ السَّتر عن الشُّبّاك [1] فقبَّل الكلَّ الأرضَ ثمّ طلعَ إلى كرسيَّ نُصب لَهُ وسلَّم وقرأ: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ 5: 3 [2] ... الآية. فردَّ عليه المُستنصر السّلامَ، فقبّل الارضَ مِرارًا. فقال المستنصر: إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ 12: 54 [3] . وقال ما معناه: ثبت عندنا إخلاصك في العبوديّة. ثمّ أسبلت السّتارة، ثمّ خلعوا على مظفّر الدّين وقُلِّدَ سيفين، ورُفِعَ وراءه سَنجقان مذهّبة. ثمّ اجتمع بالخليفة يوما آخر، وخُلع أيضا عليه، ثمّ أُعطي راياتٍ وكوساتٍ، وستّين ألف دينار، وخَلعوا على خواصّه.
قلتُ: وأمّا أبو المظفّر الجوزيّ فقال في «مرآة الزمان» [4]- والعُهدة عليه، فإنَّه خسَّاف مُجازف لا يتوَّع في مقاله-: كَانَ مظفّر الدِّين ابن صاحب إربل ينفق في كلّ سنة على المولد ثلاثمائة ألف دينار [5] ، وعلى الخانقاه مائتي ألف، وعلى دار المضيف مائة ألف، وعلى الأسارى مائتي ألف دينار، وفي الحرمين والسبيل ثلاثين ألف دينار.
وقال: قال من حَضَر المولد مرَّةً: عددتُ على السّماط مائة فرس قشلمش، وخمسة آلاف رأسٍ شوي، وعشرة آلاف دجاجة، ومائة ألف زُبديَّة، وثلاثين ألف صحن حلواء.
__________
[1] يعني: شباك المقصورة التي بقصر التاج حيث يجلس الخليفة في المناسبات الرسمية.
[2] سورة المائدة، الآية 3.
[3] سورة يوسف، الآية 54.
[4] المرآة 8/ 683.
[5] كتب المؤلف في الهامش: «لعله درهم» . قلنا: ولا يستبعد ذلك لما وصفه ابن خلكان وغيره.(45/405)
407- ثمّ قال ابن الجوزيّ [1] ، وأبو شامة [2] : تُوُفّي سَنَة ثلاثين.
وقال الحافظ زكيّ الدِّين [3] : تُوُفّي في هذه السنة بإربل. سَمِعَ من حنبل الرصافيّ، وغيره. وحدَّث.
وقال ابن خَلّكان [4] : تُوُفّي لية الجمعة رابعَ عشر رمضان سَنَة ثلاثين. ثمّ حُمِلَ وقتَ الحجّ بوصيّته إلى مكَّة، فاتّفق أنّ الحاجّ رجعوا تلك السنة لعدم الماء، وقاسوا شدّة فدفن بالكوفة.
وكوكبريّ [5] : كلمة تركية معناها: ذئب أزرق.
607- كوكبوريّ بن قتربا [6] بن عبد الله.
أبو الطّلائع، الجنديّ، المستنجديّ.
سَمِعَ من أحمد بن المبارك المرقّعاتيّ، وعبيد الله بن شاتيل. وحدث.
ومات في سابع عشر المحرَّم.
حرف الميم
608- مُحَمَّد بن إبراهيم [7] بن عيسى بن صلتان. أبو عبد الله، الأنصاريّ، البلنسيّ [8] ، نزيل جيّان.
روى عن: أبي القاسم بن بشكوال، وأبي القاسم بن حبيش، وأبي محمد بن الفرس.
قال الأبّار [9] : عدلٌ، مرضيُّ. كَانَ يحترف بالتّجارة. تُوُفّي سَنَة ثلاثين أو بعدها بيسير.
__________
[1] في مرآة الزمان، 8/ 680.
[2] في ذيل الروضتين، 161.
[3] في التكملة، 3/ 354.
[4] في وفيات الأعيان، 4/ 120.
[5] يكتب: كوكبري وكوكبوري.
[6] انظر عن (كوكبوري) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 329، 330 رقم 2444.
[7] تقدّمت ترجمته في وفيات سنة 626 هـ-. برقم (368) .
[8] في ترجمته السابقة تصحفت هذه النسبة إلى «البالسي» .
[9] في تكملة الصلة 2/ 631.(45/406)
609- محمد بن الحَسَن [1] بن سالم بن سلّام، المُحدِّث، المفيد، الشابّ، أبو عبد الله، الدّمشقيّ.
سَمِعَ الكثير، وعني بهذا الشأن أتمّ عناية، ونسخ، وحصّل، وخرّج، وكان ذكيا، نبيها، لَهُ حفظ وإتقان، وفيه ديانة وافرة وصلاح على صغره.
سَمِعَ من: داود بن ملاعب، وأبي مُحَمَّد بْن البُنّ، وأبي القاسم بْن صصريّ، وطائفة كبيرة. وأجزاؤه موقوفة بالضّيائية، وعدم أكثرها في نوبة غازان [2] .
رأيت الضياء ابن البالسيّ قد سمع حديثا من عمر ابن الحاجب، أَخْبَرَنَا ابن سلّام، أَخْبَرَنَا داود بن ملاعب. وأثنى عليه ابن الحاجب وقال: حفظ «علوم الحديث» لأبي عبد الله الحاكم. وكان قد حجّ، وزار البيت المقدّس، وقدم مريضا، فتوفّي إلى رحمة الله فِي الرّابع والعشرين من صفر. ووُلِدَ في سَنَةِ تسعٍ وستمائة. وفجع به والده وأصحابه.
610- محمد بن عُمَر [3] بن نصر.
أبو عبد الله، الفزاريّ، السّلاويّ، المغربيّ.
قَدِمَ الشام، وسَمِعَ من: الخشوعيّ، والقاسم بن عساكر. وحجَّ، وعاد إلى بلاده.
قال الأبّار: حدَّث عنه عُبَيْد الله بن عاصم خطيب رندة، وأجاز لَهُ في شعبان سَنَة ثلاثين.
611- مُحَمَّد بن عُمَر بن مُحَمَّد الطّوابيقيّ.
سَمِعَ وفاء بن البهيّ التّركيّ. وعنه ابن النجّار وقال: مات في العشرين من ذي الحجة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن الحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 335، 336 رقم 2450، والإعلام بوفيات الأعلام 260، والعبر 5/ 122.
[2] سنة 699 هـ- على أثر انكسار الجيوش الإسلامية في وقعة الخزندار. وستأتي أخبارها في الطبقة الأخيرة من الكتاب إن شاء الله.
[3] انظر عن (محمد بن عمر) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 631.(45/407)
612- مُحَمَّد بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي بَكْرِ [1] بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.
أبو بكر، ابن النخّال [2] ، البَغْداديُّ، المقرئ، الخيَّاط.
شيخ صالح، صاحب زهدٍ وعبادةٍ. وُلِد سنة ثلاثٍ وخمسين.
وسَمِعَ من: أَبِي الفتح بن البطّي، وأحمد بن سعود العبّاسيّ.
كتب عنه السّيف ابن المجد، وغيره.
وروى لنا عنه بالإجازة الفخر بن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، والقاضي سليمان، وأبو نصر ابن الشيرازيّ.
ومات فِي الرابع والعشرين من ذي القعدة. وهو أخو عبد الله الرّاوي عن شُهْدَةَ.
613- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْد الكريم [3] بن برز [4] .
الوزير، مؤيّد الدِّين، القمّي، أبو الحَسَن، الكاتب البليغُ.
قال ابن النجّار: قَدِمَ بغداد في صُحبة الوزير ابن القصّاب وكان خصّيصا به، فلمّا تُوُفّي، قَدِمَ القمّي بغداد، وقد سبقت لَهُ معرفة بالدّيوان. ويقال: إنّ ابن القصّاب وصفه للنّاصر لدين الله، فحصلت لَهُ مكانة بذلك. ولَمّا رتّب ابن مهدي في نيابة الوزارة، ونقابة الطّالبيّين، اختصّ به، وتقدّم عنده، وكانا جارين في قمّ، ومتصاحبين هناك. ولَمّا مات أبو طالب بن زبادة [5] كاتب الإنشاء، رتّب القمّي مكانه في سنة أربع وتسعين وخمسمائة، ولم يغيّر هيئة القميص والشربوش على قاعدة العجم. ثمّ ناب أبو البدر بن أمسينا في الوزارة وعزل
__________
[1] انظر عن (محمد بن عمر بن أبي بكر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 352، 353 رقم 2494، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 172.
[2] هكذا قيّده المنذري بالنون والخاء المعجمة.
[3] انظر عن (محمد بن محمد بن عبد الكريم) في: مختصر التاريخ لابن الكازروني 251، 257، 264، والحوادث الجامعة 19، 20، 32، 33، والفخري 153، 326، 328، وخلاصة الذهب المسبوك للإربلي 285، والمختار من تاريخ ابن الجزري 107، وسير أعلام النبلاء 22/ 346، رقم 215، والإشارة إلى وفيات الأعيان 332، والوافي بالوفيات 1/ 147، 148 رقم 57.
[4] تحرّف في الفخري 326 إلى «برر» براءين مهملتين.
[5] بالباء الموحدة.(45/408)
في سَنَةِ ستٍّ وستمائة، فرُدَّت النِّيابةُ وأمورُ الدّيوان إلى القمّي، ونُقِل إلى دار الوزارة، وحضر عنده الدَّولة. ولم يزل في عُلُوٍّ من شأنه، وقربِ وارتفاع حَتّى إنّ الناصر لدين الله كتبَ بخطّه ما قرئ في مجلس عام: «مُحَمَّد بن محمد القمّي نائبُنا في البلاد والعِباد، فمن أطاعه، فقد أطاعنا، ومن أطاعنا، فقد أطاعَ الله ومن عَصاه فقد عصانا، ومن عصانا فقد عَصى الله» . ولم يزل إلى أن وَلِيَ الظاهرُ بأمر الله، فأَقَرَّهُ على وِلايته، وزادَ في مرتبته، وكذلك المستنصر باللَّه قرَّبَهُ ورفع قَدْرَه وحكَّمَهُ في العِباد. ولم يزل في ارتقاء إلى أن كبا به جوادُ سَعْده، فعُزِلَ، وسُجِنَ بدار الخلافة وخبت نارُه، وذهبت آثارُه، وانقطعت عن الخلق أخبارُه.
قال: وكان كاتبا سديدا بليغا وحيدا، فاضلا، أديبا، عاقلا، لبيبا، كاملَ المعرفة بالإِنشاء، مقتدرا على الارتجال، متصرِّفًا في الكلام، متمكَّنًا من أدوات الكتابة، حُلْوَ الألفاظ، مَتينَ العِبارة، يكتُب بالعربيّ والعَجميّ كيف أراد، ويحلّ التّراجم المغلقة. وكان متمكّنا من السياسة وتدبير الممالك، مهيبا، وقورا، شديدَ الوطأة تخافهُ المُلوك وترهبه الجبابرةُ. وكان ظريفا لطيفا، حسنَ الأخلاق، حلوَ الكلامِ، مليحَ الوجه، محبّا للفُضلاء، ولَهُ يد باسطة في النَّحْو واللّغة، ومداخلة في جميع العلوم.
إلى أن قال: أنشدني عبد العظيم بن عبد القويّ المُنذريّ، أَخْبَرَنَا عليّ بن ظافر الأزْديّ، أنشدني الوزير مُؤيّد الدِّين القمّي النائبُ في الوزارة الناصرية، أنشدني جمال الدِّين النَّحْويّ لنفسه في قَيْنَة:
سمّيتها شجرا صدقت لأنّها ... كم أثمرت طربا لقلب الواجد
يا حسن زهرتها وطيب ثمارها ... لو أنّها تسقى بماء واحد
وبه قال: وأنشدنا لنفسه:
يشتهي الإنسان في الصّيف الشّتا ... فإذا ما جاءه أنكره
فهو لا يرضى بعيش واحد ... قتل الإنسان ما أكفره
ولد مؤيّد الدّين القمّي في سنة سبع وخمسين وخمسمائة.
وقبض عليه في شوّال سنة تسع وعشرين، وعلى ولده أحمد، وسجنا(45/409)
بدار الخلافة، فهلك الابن أوّلا، ومات أبوه بعده سنة ثلاثين [1] .
614- محمد بن محمود بن عون [2] بن فريح [3] بن جريّ [4] .
أبو عبد الله، موفّق الدّين، الرّقيّ.
سمع ببغداد من: منوجهر بن تركانشاه، وعبيد الله بن شاتيل، والكمال عبد الرحمن الأنباريّ النحويّ، ونصر الله القزّاز. وبدمشق من يحيى الثّقفيّ.
وحدّث بحلب ودمشق. حدّثنا عنه: العزّ أحمد ابن العماد، وسنقر القضائيّ.
ووُلِدَ سَنَة ثلاثٍ وخمسين وخمسمائة. وكان يتعانى التّجارة.
وروى عنه مجد الدِّين العديميّ في «مشيخته» ، وقال: فقد في رجب بدمشق، وظهر مقتولا بعد سَنَة. وقد دفن في درب الفواخير، فأظهرت عظامه وظهر أنَّه قتله أربعة فواخرة وأخذوا لَهُ نحو أربعين ألف درهم.
قال ابن النجّار: دخل بغداد، وقرأ بها العربية على الكمال عبد الرحمن، وقرأ بواسط القراءات على أبي بكر ابن الباقِلّانيَ. وتَفَقَّه ببغداد على ابن فضلان. وكان شديد الإمساك على نفسه، مقتّرا عليها، ظاهره الفقر. أتيته بالرقّة فرأيتُ منزله صغيرا وسخا، وثيابه وأثاث بيته في غاية من الضّر، فساءني ما هُوَ فيه، فأخرج لي عِدّة أجزاء، فقرأتُ عليه ثمّ أخرجت شيئا من الفضّة ودفعته إليه فأبى وقال: أنا في غني ولي دنيا، فظننته يتعفّف. ثمّ إنَّه قَدِمَ علينا بغداد، واستعمل ثيابا بنحو ثلاثة آلاف دينار أو أكثر، وإذا رأيته حسبته فقيرا.
ثمّ ذكر باقي ترجمته.
615- مُحَمَّد بن محمود بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الحسين ابن السّكن. الشيخ أبو غالب، البَغْداديُّ، الحاجب، ويعرف بابن المعوّج.
__________
[1] وقال ابن طباطبا إنه مات في سنة تسع وعشرين وستمائة. (الفخري 328) .
[2] انظر عن (محمد بن محمود بن عون) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 344 رقم 2477، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 85، والوافي بالوفيات 5/ 5 رقم 1955.
[3] فريح: بضم الفاء وفتح الراء المهملة وسكون الياء آخر الحروف، ثم حاء مهملة.
[4] جريّ: بجيم مضمومة وبعدها راء مهملة مفتوحة وياء آخر الحروف. (ابن الصابوني) .(45/410)
ولد سنة خمس وخمسين وخمسمائة. وسَمِعَ من: مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن السَّكَن.
كتب عنه ابن الحاجب، وغيره. ومات في ربيع الآخر.
وحدَّث عنه ابن النجّار.
616- مُحَمَّد بن نصر الله بن مكارم بن الحسن بن عنين [1] . الأديب، الرئيس، شرف الدِّين، أبو المحاسن، الأنصاريّ، الكوفيّ الأصل، الزرعيّ المنشأ، الدّمشقيّ، الشَّاعر.
صاحب «الديوان» المشهور. وُلِدَ بدمشق في سنة تسع وأربعين وخمسمائة.
وسَمِعَ من الحافظ أبي القاسم بن عساكر.
وكان شاعرا محسنا، رقيق الشّعر، بديع الهجو. ولم يكن في عصره آخرُ مثله بالشام. طوّف وجال في العراق، وخراسان، وما وراء النّهر، والهند، ومصر في التّجارة. ومدح الملوك والوزراء، وهجا الصّدور والكبراء، وكان
__________
[1] انظر عن (محمد بن نصر الله بن عنين) في: معجم الأدباء 19/ 81- 92 رقم 26، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 152، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 696- 698 (في وفيات 633 هـ-.) ، وعقود الجمان لابن الشعار 6/ ورقة 100- 114، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 336، 337 رقم 2454، ووفيات الأعيان 5/ 14- 19 رقم 684، والحوادث الجامعة 51، 52، وتاريخ إربل 1/ 411، والتاريخ المنصوري 124، ومفرّج الكروب 4/ 41- 48، والمختصر في أخبار البشر 3/ 165، 166، ونهاية الأرب 29/ 194- 197، والعبر 5/ 122، 123، والإشارة إلى وفيات الأعيان 332، والإعلام بوفيات الأعلام 260، والمختصر المحتاج إليه 1/ 151، وتذكرة الحفاظ 4/ 1456، ومرآة الجنان 4/ 70- 73، وسير أعلام النبلاء 22/ 363 رقم 229، والوافي بالوفيات 5/ 122- 127 رقم 2130، وتاريخ ابن الوردي 2/ 420، والبداية والنهاية 13/ 137- 139، ونزهة الأنام لابن دقماق، ورقة 6، 7، والفلاكة والمفلوكين للدلجي 94، والمقفى الكبير للمقريزي 7/ 328- 332 رقم 3420، وثمرات الأوراق لابن حجة 41، والعسجد المسبوك 2/ 456، 457، ولسان الميزان 5/ 405، والنجوم الزاهرة 6/ 282، وعمدة الطالب لابن عنبة 130، وكشف الظنون 298، 606، وشذرات الذهب 5/ 140- 143، والمعزّة لابن طولون 24، وهدية العارفين 2/ 113، وإيضاح المكنون 2/ 545، وديوان الإسلام 3/ 350، 351 رقم 1535، وتاريخ الأدب العربيّ 1/ 318، وتكملته 1/ 551، والأعلام 7/ 125، ومعجم المؤلفين 12/ 79، وفهرس مخطوطات مكتبة الأوقاف العامة بالموصل 228.
وانظر مقدّمة ديوان ابن عنين، بتحقيق خليل مردم بك.(45/411)
غزير المادّة من الأدب، مطّلعا على أشعار العرب، ومن نظمه:
وصلت منك رقعة أسأمتني ... وثنت صبري الجميل ملولا
كنهار المصيف ثقلا وكربا ... وليالي الشّتاء بردا وطولا
ولَهُ:
وما حيوان يتّقي النَّاس بطشه ... على أنَّه واهي القوى واهن البطش
إذا ضعّفوا نصف اسمه كَانَ طائرا ... وإن كرّروا ما فيه كَانَ من الوحش
[1] يعني: العقرب.
ولَهُ:
وصاحب قال في معاتبتي ... وظنّ أنّ الملال من قبلي
قلبك قد كَانَ شافعيّ أبدا ... يا مالكي كيف صرت معتزلي
فقلت إذ لجّ في معاتبتي ... ظلما وضاقت عن عذره حيلي
خدّك ذا الأشعري حنّفني ... فقال ذا أحمد الحوادث لي
قال ابن خَلّكان [2] : بَلَغني أنَّه كَانَ يستحضر «الْجَمْهرة» لابن دُريد. ولَهُ قصيدة طويلةٌ هجا فيها خَلْقًا من رؤساء دمشق وسمَّاها «مِقراض الأعراض» ونفاهُ صلاحُ الدِّين على ذلك. فقال:
فعلام أبعدتم أخا ثقة ... لم يجترم ذنبا ولا سرقا
أنفوا المؤذّن من بلادكم ... إن كَانَ ينفى كلّ من صدقا
[3] ودخلَ اليمن، ومدحَ صاحبها سيفَ الإسلام طغتكين أخا الملك صلاح الدِّين. ثمّ قَدِمَ مصر. ورأيته بإربل، وقَدِمَها رسولا من الملك المعظّم عيسى. وكان وافر الحرمة، ظريفا، من أخفّ النَّاس روحا. ولي الوزارة في آخر دولة المعظّم ومُدَّة سلطنة ولده الناصر بدمشق. ولَمّا تملّك الملك العادل، بعث إليه بقصيدة يستأذنه في الدخول إلى دمشق ويستعطفه، وهي:
ماذا على طيف الأحبّة لو سرى ... وعليهم لو سامحوني بالكرى
__________
[1] تاريخ إربل 1/ 411.
[2] في وفيات الأعيان: 5/ 14 وما بعدها.
[3] البيتان في ديوان ابن عنين 94.(45/412)
جنحوا إلى قول الوشاة وأعرضوا ... والله يعلم أنّ ذلك مفترى
يا معرضا عنّي بغير جناية ... إلّا لما اختلق الحسود [1] وزوّرا
منها:
فارقتها لا عن رضا وهجرتها ... لا عن قلى ورحلت لا متخيّرا
أشكو إليك نوى تمادى عمرها ... حَتّى حسبت اليوم منها أشهرا
ومن العجائب أن يقيل بظلّكم ... كلّ الورى ونبذت وحدي بالعرا
لا عيشتي تصفو ولا رسم الهوى ... يعفو ولا جفني يصافحه الكرا
[2] ولَهُ:
مال ابن مازة دونه لعفاته ... خرط القتادة وامتطاء الفرقد
مال لزوم الجمع يمنع صرفه ... في راحة مثل المنادي المفرد
وقال أبو حفص ابن الحاجب: اشتغل بطرف من الفقه على القطب النَّيْسَابوريّ، والكمال الشّهرزوريّ. وقرأ الأدب على أبي الثّناء محمود بن رسلان، وذكر أنَّه سَمِعَ ببغداد من منوجهر بن تركانشاه راوي «المقامات» .
واشتغل بالرَّيّ على ابن الخطيب. وكانت أدواته في الأدب كاملة. ذو نوادر للخاصّة والعامّة، وله الشعر الرّائق، كان أوحد عصره في نظمه ونثره، يخرج جدّه معرض المزح، وقّاد الخاطر على كبر السنّ. أقامه الملكُ المعظّم مقامَ نفسه في ديوانه، وكان محمود الولاية، كثير النّصفة، مكفوف اليد عن أموال النَّاس مع عظم الهيبة، إلّا أنَّه في الآخر ظهر منه سوءُ اعتقادٍ، وطعنٌ على السّلف، واستهتارٌ بالشّريعة، وكثر عسفه وظلمه، وترك الصلاة، وسبّ الأنبياء، ولم يزل يتناول الخمر إلى قبل وفاته بقليل. تُوُفّي في العشرين من ربيع الأوّل سَنَة ثلاثين.
قلت: ولَهُ ترجمةٌ فِي «تاريخ» ابن النجّار» وقال [3] : نظرَ في الدّيوان بدمشق مُدَّة ولم تحمد سيرته، فعزل ولزم بيته عاجزا عن الحركة لعلوّ سَنَة.
وهُوَ من أملح أهل زمانه شعرا، وأحلاهم قولا وأرشقهم رصفا، ظريف
__________
[1] معجم الأدباء 19/ 84.
[2] الأبيات في ديوان ابن عنين 3، ووفيات الأعيان 5/ 16، 17، ومعجم الأدباء 19/ 84- 86.
[3] قوله في القسم الضائع من تاريخه.(45/413)
العشرة، ضحوك السّنّ، طيّب الأخلاق، مقبول الشخص، من محاسن الزمان.
617- مُحَمَّد بْن أَبِي القاسم هِبَة اللَّه [1] بْن عَلِيّ بْن سعود [2] بن ثابت.
أبو عبد الله، البوصيريّ، ثمّ المِصْريّ.
سَمِعَ من أبيه. وذكر أنَّه سَمِعَ من السِّلَفيّ. رَوَى عَنْهُ الزَّكيّ المُنذريّ، وغيرُه.
ووُلِدَ سَنَة تسعٍ وخمسين، وتُوُفّي في ربيع الآخر.
618- مبارك بن أحمد [3] بن وفاء. أبو المعالي، البَغْداديُّ، الدَّقَّاق، المعروف بابن الشّيرجيّ.
روى عن عبد الله بن أحمد بن حمتيس [4] . ومات في جُمَادَى الآخرة.
619- مبارك بن يحيى [5] بن قاسم الحبّال.
شيخٌ بغداديّ يعرف بالدّويك. حدَّث عن أَبِي الحُسَيْن عَبْدِ الحقّ.
وماتَ في ربيع الآخر.
620- مسعود الأثيريّ [6] ، الشّافعيُّ، الصُّوفيُّ. أبو العزّ.
سَمِعَ من التّاج المسعوديّ. وذكر أنَّه سَمِعَ من السِّلَفيّ.
روى عنه الزَّكيّ المُنذريّ وقال: هُوَ منسوب إلى الأثير الهَمَذَانيّ. وعاش خمسا وثمانين سَنَة. تُوُفّي في رجب.
621- مظفّر بن إسماعيل [7] البغداديّ، عرف بابن السّوادي.
__________
[1] انظر عن (محمد بن هبة الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 339، 340، رقم 2462، والمقفى الكبير 7/ 398 رقم 3474.
[2] وقع في (المقفى) : «مسعود» وهو تصحيف.
[3] انظر عن (مبارك بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 342 رقم 2470.
[4] حمتيس: بفتح الحاء المهملة وسكون الميم وكسر التاء ثالث الحروف وبعدها ياء آخر الحروف ساكنة وسين مهملة. (المنذري) .
[5] انظر عن (مبارك بن يحيى) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 340 رقم 2463.
[6] انظر عن (مسعود الأثيري) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 344 رقم 2475.
[7] انظر عن (مظفر بن إسماعيل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 341 رقم 2466.(45/414)
حدَّث عن أبي بكر عتيق بن صيلا. ومات في جُمَادَى الأولى.
622- المعافى بن إسماعيل [1] بن الحُسَيْن بن أبي السّنان، الفقيه، أبو محمد، ابن الحدوس، المَوْصِلي، الشافعيّ.
سَمِعَ من أبي الربيع سُلَيْمان بن خميس، ومسلم بن عليّ الشّيحيّ.
وولد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة.
وألّف كتاب «الموجز» في الذّكر، وكتاب «أُنس المنقطعين» .
وكان فاضلا، ديّنا، عارفا بالمذهب. دَرَّس، وأفتى، وناظر. وكان مليح الشكل والبزّة.
روى عنه الزكيّ البرزاليّ، والمجد ابن العديم، والخضر بن عبدان الكاتب، وهو آخر من حدَّث عنه.
تُوُفّي في رمضان أو في شعبان بالمَوْصِل.
623- معافى بن أبي السعادات [2] بن أبي محمد، القاضي، سديد الدِّين، أبو الفضل.
سَمِعَ من مُحَمَّد بن المؤيّد الهَمَذَانيّ.
وكان يورّق بالقاهرة مُدَّة. ثمّ دخل اليمن وولي قضاء القضاة بها مُدَّة، ثمّ عاد إلى مصر، وشهد عند قاضي القضاة أبي المكارم مُحَمَّد بن عين الدّولة [3] .
__________
[1] انظر عن (المعافى بن إسماعيل) في: تذكرة الحفاظ 4/ 1457، وسير أعلام النبلاء 22/ 356 دون ترجمة، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 480، 481 رقم 1132، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 156 (8/ 274) ، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 164 ب، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 423، 424 رقم 394، وكشف الظنون 16 وغيرها، وهدية العارفين 2/ 465، وديوان الإسلام 4/ 121، 122 رقم 1820، وشذرات الذهب 5/ 143، وفهرس مخطوطات التيمورية 1/ 283، والأعلام 8/ 169، ومعجم المؤلفين 12/ 301، وفهرس مخطوطات مكتبة الأوقاف العامة بالموصل 26.
[2] انظر عن (معافى بن أبي السعادات) في: التكملة لوفيات النقلة 342 رقم 2471.
[3] كتب المؤلف- رحمه الله- بعد هذا سطرا ثم تركه جاء فيه: «الملك المغيث ابن الملك محمود بن العادل أبي بكر» .(45/415)
624- موسى ابن الأمير الكبير شمس الخلافة [1] مُحَمَّد ابن الأمير شمس الخلافة مختار، الأمير، فخر الدِّين، أبو مُحَمَّد، المِصْريّ.
من بيت الإمرة والحشمة. ولي شدّ الدّواوين بمصر مُدَّة. وعاش تسعا وثمانين سَنَة.
وتُوُفّي فِي الثاني والعشرين من جُمَادَى الأولى.
حرف النون
625- نجا بن أنجب [2] بن نجا الفرّاش.
شيخ بغداديّ.
روى عنه ابن النجّار، وقال: صحيح السّماع، سَمِعَ الكثير من أحمد بن عليّ بن المعمّر، ويحيى بن ثابت، وابن الخشّاب. وتُوُفّي في صفر.
626- نصر بن أبي نصر [3] مُحَمَّد بن المُظَفَّر بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الفنون. الأديب، جمال الدِّين، أبو الفتوح، المَوْصِليّ الأصل، البَغْداديُّ، النَّحْويّ، اللّغويّ.
سَمِعَ من أبي الفَتْح بن البَطِّي.
وذكر أنَّه قرأ الأدب على أبي محمد ابن الخشّاب، والمهذّب عليّ ابن العصّار، والكمال عبد الرحمن الأنباريّ. وقَدِمَ مصر، وسَمِعَ بها من أبي المفاخر سَعيد المأمونيّ، والبوصيريّ. وغيرهما.
وتصدّر بالجامع الأزهر بالقاهرة مُدَّة. ومدح جماعة من الملوك والوزراء.
وأقرأ، وحدَّث.
ووُلِدَ سَنَة خمسين وخمسمائة. روى عنه: الزكيّ المنذريّ، والعزّ ابن الحاجب، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (موسى ابن الأمير شمس الخلافة) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 341 رقم 2467.
[2] انظر عن (نجا بن أنجب) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 335 رقم 2449.
[3] انظر عن (نصر بن أبي نصر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 327 رقم 2437، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 258، وبغية الوعاة 2/ 315.(45/416)
ولَهُ رسالة في «الضّاد والظّاء» بديعة. تُوُفّي في مستهلّ المحرَّم بمصر.
627- النّفيس بن خطّاب [1] بن محسن.
أبو مُحَمَّد، البَغْداديُّ، الحَرِيميّ.
روى عن أبي المعالي ابن اللحّاس «جزءا» . قال ابن النجّار: سَمِعْتُ منه. وكان صالحا، معمّرا. وروى لنا عَنْهُ بالإجازة القاضي تقيُّ الدِّين سُلَيْمان.
وتُوُفّي في ذي القِعْدَة، وقد قارب المائة.
حرف الهاء
628- همام بن راجي الله [2] بن سرايا بن ناصر بن داود. الفقيه، العالم، جلال الدِّين، أبو العزائم، المصريُّ، الشّافعيُّ، الأصوليّ.
إمامُ الجامع الصّالحيّ الّذي بظاهر القاهرة وخطيبه هُوَ، وأولاده.
وُلِدَ بونا [3] من الصّعيد في ذي القِعْدَة، أو ذي الحِجَّة سَنَة تسع وخمسين وخمسمائة.
وقَدِمَ القاهرة، وقرأ العربية على العَلَّامة ابن بَرِّيّ. وارتحل إلى العراق فسمع بها من أبي سعيد عبد الواحد بن عليّ بن حمويه، وعبد المنعم بن كليب. وتَفَقَّه على الإمامين المُجير مُحَمَّود بن المبارك الواسطيّ، وأبي القاسم يحيى بن فضلان. وقرأ بمصر الأصول على أبي المنصور ظافر بن الحُسَيْن.
وصَنَّف، ودَرَّس، وأفتى، وقال الشعر الجيّد، وأمّ بالجامع المذكور إلى حين وفاته. ولَهُ كتبٌ في الأصول، والخلاف، والمذهب.
__________
[1] انظر عن (النفيس بن خطاب) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 353 رقم 2496.
[2] انظر عن (همام بن راجي الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 337، 338 رقم 2457، ونهاية الأرب 29/ 191، 192، وسير أعلام النبلاء 22/ 361 رقم 224، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 145، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 164 8/ 392، 393، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 164 ب، و 1165، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 244، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 424، 425 رقم 395، وحسن المحاضرة 1/ 192، وديوان الإسلام 4/ 347 رقم 2141، والأعلام 8/ 93، ومعجم المؤلفين 13/ 152.
[3] ونا: بفتح الواو والنون. قيّدها المنذري.(45/417)
روى عنه: المحبّ ابن النجّار، والزَّكيّ المُنذريّ، والرفيع الأبَرْقُوهيّ، وابنه أبو المعالي شيخُنا.
تُوُفّي بالشارع بظاهر القاهرة في السادس والعشرين من ربيع الأول.
وهُمام: بالضّم.
629- الهيثم بن أحمد [1] بن جعفر بن أبي غالب.
أبو المتوكّل، السّكونيّ، الإِشْبِيليّ، الشَّاعر.
ذكره الأبّار فقال [2] : هُوَ أحد فحول الشّعراء المجوّدين بديهة ورويّة.
وكان عالما بالآداب وضروبها، أخباريا، عَلَّامة. سَمِعْتُ منه كثيرا من شعره [3] ، وفقد في طريق غرناطة، ولَهُ بضعٌ وستّون سَنَة.
حرف الياء
630- يحيى بن جعفر [4] بن عبد الله ابن قاضي القُضاة أَبِي عَبْد الله محمد بْن علي. القاضي الأجلُّ، ظُهَيْر الدِّين، أبو جعفر، ابن أبي منصور، ابن الدّامغانيّ، البَغْداديُّ، الحنفيّ، الصُّوفيّ.
وُلِدَ سَنَة اثنتين وخمسين وخمسمائة. وسَمِعَ من: أبيه، وعمّته تركناز.
وقَدِمَ حلب وسكنها مُدَّة. وكان شيخا حسنا.
روى عنه: أبو القاسم ابن العديم، وابنه أبو المجد، وعمر بن محمد ابن الأستاذ، وأحمد بن عبد الله ابن الأشتريّ، وسنقر القضائيّ.
__________
[1] انظر عن (الهيثم بن أحمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 716، وتاريخ الإسلام 1/ 429، والقدح المعلّى 158، ومقتضب التحفة 118، والمغرب 1/ 258، ونفح الطيب 2/ 247.
[2] في تكملة الصلة 2/ 716.
[3] ومن شعره:
بأرض ريّة أوطاني وأوطاري ... ولي هوى فيهم عار عن العار
سميّ يحيى ولكن في لواعظه ... عصا الكليم فماذا صنع سحّار؟
(تاريخ إربل 1/ 429) .
[4] انظر عن (يحيى بن جعفر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 339 رقم 2460، والمختصر المحتاج إليه 3/ 339، 240 رقم 1338.(45/418)
ومات بحلب في ربيع الآخر.
631- يحيى بن شَبِيب [1] . أبو زَكَريّا، قاضي الملّوحة.
والملّوحة: من نقرة بني أسد [2] . حدَّث عن يحيى الثَّقَفيّ.
ومات في صفر. وعنه مجد الدِّين العديمي.
632- يحيى بْن عبد اللَّه [3] بْن عَبْد المُحسن. أَبُو زَكَريّا.
أخو الحافظ أبي الطّاهر إسماعيل ابن الأنماطيّ.
تُوُفّي في المحرَّم بمصر. حدَّث عن البوصيريّ.
633- يونس بْن سَعيد [4] بْن مسافر بْن جميل.
أَبُو مُحَمَّد، البَغْداديُّ، المقرئ، القطّان، الحلّاج.
وُلِدَ في أول سَنَة اثنتين وستّين.
وسَمِعَ من: شُهْدَةَ، وعبد الحقّ، وأبي هاشم الدّوشابيّ، وابن شاتيل، وتجنّي الوهبانية.
قَالَ ابن نُقْطَة: سَمِعْتُ منه وسماعُه صحيح. وكان حسن التلاوة للقرآن.
وقال عمر ابن الحاجب: كَانَ إمام مسجد البصليّة. وهُوَ عالم، زاهد، خيّر.
قلت: روى عنه: التّقيّ ابن الواسطيّ، والعماد إسماعيل ابن الطبال، وجماعة. وسمعنا بإجازته من القاضي الحَنْبَليّ، وفاطمة بنت سُلَيْمان، وإسماعيل بن عساكر.
وتُوُفّي في الحادي والعشرين من ذي القِعْدَة.
وهُوَ أخو يوسُف [5] . وقد ختم عليه خلْق كثير.
وسَمِعَ منه الفاروثيّ كتاب «الشمس المنيرة في التّسعة الشهيرة» بسماعه من عوض بن إبراهيم البَرَدانيّ، والمبارك بن عبد الله البَغْداديّ، بسماعهما من المؤلّف.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن شبيب) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 339 رقم 2452.
[2] نقرة بني أسد: قرية كبيرة من قرى حلب. (معجم البلدان 4/ 638) .
[3] انظر عن (يحيى بن عبد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 328 رقم 2440.
[4] انظر عن (يونس بن سعيد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 351، 352 رقم 2492
[5] توفي سنة 600 هـ-.(45/419)
وفيها وُلِدَ الخطيبُ شرف الدِّين أحمد بن إبراهيم الفزاريّ النَّحْويّ، في رمضان.
وفخر الدِّين عليّ بن عَبْد الرَّحْمَن النّابلسيّ الحَنْبَليّ.
والزاهدُ فخر الدّين إسماعيل ابن عزّ القضاة علي بن محمد.
ووجيه الدِّين مُحَمَّد بن عُثمان بن المنجي.
والمُحدِّث فخر الدِّين عُثمان بن مُحَمَّد التّوزريّ.
وشمس الدِّين محمد بن عبد القويّ النّحويّ.
والمحيي محمد بن يوسف ابن المِصْريّ النَّحْويّ.
والمحيي أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن عُقْبَة الحنفيّ.
والجمال مُحَمَّد بن مكرم المِصْريّ الموقّع.
والضياء عبد الرحمن بن عبد الكافي الرّبعيّ، كاتب الحُكم.
والنّبيه حسن بن حُسَيْن الأنصاريّ المِصْريّ.
والشهاب أحمد ابن الجمال ابن الصّابونيّ.
والشرف عبد الأحد بن تيميّة.
وفاطمة بنت شهاب الدّين أبي شامة.
والقطب حسن ابن الفلك المسيريّ.
والشيخ عليّ بن إلياس الغراديّ.
ورئيس المؤذّنين الشهاب أحمد بن مُحَمَّد الأصبهانيّ.
والحاجُ مُحَمَّد بن أيوب الكتبي ابن الأطروش.
والإمام أبو محمد عبد الله بن عبد الحقّ الدّلاصيّ المقرئ.
وقاضي نابلس فخر الدِّين عثمانُ بن أحمد بن عَمْرو الزّرعي.
وستّ الأجناس موفّقيّة بنت أحمد بن وردان.(45/420)
ذكر من توفّي بعد العشرين وستمائة [1] 634- يحيى بن أبي طي النجّار [2] بن ظافر بن عَلِيّ بن عَبْد اللَّه بن أَبِي الحَسَن ابن الأمير مُحَمَّد بن حسن الغسّانيّ، الحلبيّ، الشيعيّ، الرافضيّ.
مُصَنَّف «تاريخ الشيعة» وهُوَ مسوّدة في عدّة مجلّدات، نقلت منه كثيرا.
ومات في آخر الكهولة [3] .
فينظر في «التّاريخ» العديميّ [4] إن كَانَ لَهُ ذكر [5] .
__________
[1] لم يرتبهم المؤلّف- رحمه الله- على حروف المعجم كعادته بسبب إضافته لتراجم وقف عليها بعد تأليفه الكتاب. ولهذا لم أضع عناوين الحروف كما أفعل في تراجم السنين.
[2] هكذا في الأصل، والمشهور: «يحيى بن أبي طي حميد بن ظافر» . انظر عنه في: لسان الميزان 6/ 263، 264 رقم 924، وعلم التأريخ عند المسلمين 580، وملحق تاريخ الأدب العربيّ 1/ 170، ومعجم المؤلفين 13/ 195، 196 وفيه: «يحيى بن حميدة» ، وكشف الظنون 27، 277، 304، 306، 398، 693، 997، 1013، 1099، 1104، 1155، 1520، 1622، 1723، وإيضاح المكنون 2/ 568، وهدية العارفين 2/ 523، ومدرسة الشام التاريخية قبل ابن عساكر ومن بعده للدكتور شاكر مصطفى (بحث في مؤتمر ابن عساكر) دمشق 1979 ص 367، 368، وكتابنا: لبنان من الفتح الإسلامي حتى سقوط الدولة الأموية- طبعة جرّوس برس، طرابلس، ص 18.
[3] ولد سنة 575 هـ-.
[4] لم يصلنا الجزء المتضمّن تراجم حرف الياء من كتاب ابن العديم الحلبي «بغية الطلب في تاريخ حلب» .
[5] وقال ابن حجر: تعانى صنعة التجارة مع والده وكان مقدّما فيها، ثم نظم الشعر ومدح الظاهر بن السلطان صلاح الدين واستقر في شعرائه وأخذ في غضون ذلك الفقه عن أبي جعفر محمد بن علي بن شهرآشوب المازندراني، وكان بارعا في الفقه على مذهب الإمامية، وله مشاركة في الأصول والقراءات. وله تصانيف كما تقدم ذلك في ترجمته وأخذ عن غيره.
ثم ترك صناعته ولزم تعليم الأطفال في سنة سبع وتسعين إلى ما بعد الستمائة وتشاغل(45/421)
635- صَدَقَة السّامريّ [1] ، الطّبيب.
أحد الكبار في الطّبّ والفلسفة.
دَرَّس صناعة الطّبّ. وخدم الملك الأشرف، وبقي معه سنين عديدة بالشّرق. وكان الأشرفُ يكرمه، ويبالغ.
ومات بحرّان سَنَة نيّف وعشرين. وخَلَف أموالا، ولم يُخلف ولدا.
ومن كلامه- لا رحمه الله وأجاد-: كلّ الطاعات ترى إلّا الصوم لا يراه إلّا الله، وهُوَ ثلاثٍ درجات: صوم العموم وهُوَ كفُّ البطن والفرج عن الشهوات، وصوم الخصوص: وهو كفّ السّمع والبصر والجوارح عن الآثام، وصوم خصوص الخصوص: وهو صوم القلب عن الهمم الدّنيّة، والأفكار الدّنياوية، وكفّه عمّا سوى الله تعالى.
قال ابن أبي أصيبعة [2] : لَهُ من الكتب «شرح التّوراة» ، «كتاب النفس» ، «تعاليق في الطبّ» ، «مقالة في التّوحيد» ، «كتاب الاعتقاد» .
636- مُحَمَّد بْن عُمَر [3] بْن يوسُف بْن محمد بن بيروز- كذا هذه
__________
[ () ] بالتصنيف فاتخذ رزقه منه. قال ياقوت: كان يدّعي العلم بالأدب والفقه والأصول على مذهب الإمامية، وجعل التأليف حانوته ومنه قوته ومكسبه ولكنه كان يقطع الطريق على تصانيف الناس يأخذ الكتاب الّذي أتعب جامعه خاطره فيه فينسخه كما هو إلّا أنه يقدّم فيه ويؤخّر ويزيد وينقص ويخترع له اسما غريبا ويكتبه كتابة فائقة لمن يشبه عليه، ورزق من ذلك حظا. وذكر من تصانيفه: «معادن الذهب في تاريخ حلب» كبير، و «شرح نهج البلاغة» ، في ست مجلّدات، و «فضائل الأئمة» في أربع مجلّدات، و «خلاصة الخلاص في آداب الخواص» في عشر مجلّدات، و «الحاوي في رجال الإمامية» و «سلك النظام في أخبار الشام» إلى غير ذلك.
قلت: ووقفت على تصانيفه وهو كثير الأوهام والسقط والتصحيف، وكان سبب ذلك ما ذكره ياقوت من أخذه من الصحف.
قال ياقوت: لقيته سنة تسع عشرة بحلب.
قلت: وتأخرت وفاته بعد ذلك. (لسان الميزان) .
[1] انظر عن (صدقة السامري) في: عيون الأنباء لابن أبي أصيبعة 2/ 230- 233، وكشف الظنون 506، 1269، 1467، 1519، ومعجم المؤلفين 5/ 19.
[2] في عيون الأنباء: 2/ 230.
[3] انظر عن (محمد بن عمر) في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (شهيد علي) ورقة 75، وتوضيح المشتبه 1/ 620.(45/422)
الكلمة في «تاريخي» ابن الدُّبَيْثيّ [1] ، وابن النجّار. الفقيه، أبو بكر، ابن الشيخ أبي حفص، البَغْداديُّ، الشافعيّ، المقرئ، الخيَّاط، سبط المُحدِّث محمود بن نصر الشّعار.
سَمِعَ حضورا من صالح ابن الرّخلة، ومن جدّه محمود. وسَمِعَ من شُهْدَةَ، وعبد الحقّ، وجماعة. ووُلِدَ سَنَة ستٍّ وستين تقريبا.
روى عنه ابن النجّار- لقيه بحماة- وقال: كَانَ هنا مدرّسا وخطيبا بقلعتها، وهُوَ صَدُوقٌ متديّن. ذكر لي أنَّه تَفَقَّه على أبي طالب غلام ابن الخلّ وحفظ عنه «تعليقته» ، وقرأ عليه «المهذّب» و «تعليقة» الشريف. ثمّ تَفَقَّه على عليّ بن عليّ الفارقيّ شيخنا. وخرج من بغداد سَنَة اثنتين وتسعين وخمسمائة فوصل إلى حمص، ثمّ عاد إلى المعرّة فأقام بها عشرين سَنَة يدرّس، ثم تحوّل إلى حماة ودَرَّس بها [2] .
وقال أبو محمد البِرْزَاليّ: هُوَ ابن هرّور- براءين-.
637- محمد، الشيخ جمال الدّين، السّاوجيّ [3] ، الزّاهد.
شيخ الطائفة القلندريّة.
قَدِمَ دمشق، وقرأ القرآن والعِلْم، وسكن بجبل قاسيون بزاوية الشيخ عثمان الرُّوميّ، وصلّى بالشيخ عثمان مُدَّة. ثمّ حصل لَهُ زهد وفراغٌ عن الدُّنيا، فترك الزّاوية وانملس [4] وأقام بمقبرة باب الصغير بقرب موضع القبّة التي بنيت لأصحابه، وبقي مديدة في قبّة زينب بنت زين العابدين، فاجتمع فيها بالجلال الدّركزينيّ، والشيخ عثمان كوهي الفارسيّ الّذي دفن بالقنوات بمكان القلندرية. ثمّ إنّ السّاوجَيّ حلق وجهه ورأسه، فانطلى على أولئك حاله
__________
[1] وفي التوضيح: «بهرور» بفتح أوله وآخره راء.
[2] وقال ابن الدبيثي قبله: «ولد ببغداد ونشأ بها، وحفظ القرآن الكريم، وتفقه على مذهب الإمام الشافعيّ رضي الله عنه، وأقام بالمدرسة النظامية سنين، وحصّل طرفا صالحا من الفقه وسمع الحديث ... وسافر عن بغداد نحو الشام وسكن معرة النعمان، وأقام بها يدرّس الفقه، ويشتغل بالتعليم» (الورقة 75 شهيد علي) .
[3] انظر عن (محمد الساوجي) في: الوافي بالوفيات 5/ 292، 293 رقم 2351، والدارس 2/ 210.
[4] انملس من الأمر، إذا أفلت منه.(45/423)
الشيطانيّ فوافقوه وحلقوا. ثمّ فتّش أصحاب الشيخ عثمان الرُّوميّ على السّاوجيّ فوجدوه بالقبّة فسبّوه وقبّحوا فعله، فلم ينطق، ولا ردّ عليهم. ثمّ اشتهر وتبعه جماعةٌ، وحلقوا وذلك في حدود العشرين وستمائة- فيما أظنّ-.
ثمّ لبس دلق شَعر وسافر إلى دمياط، فأنكروا حاله وزيّه المنافي للشرع فريّق بينهم ساعة، ثم رفع رأسه، وإذا هُوَ بشيبة- فيما قيل- كبيرة بيضاء. فاعتقدوا فيه، وضلّوا به حَتّى قيل: إنّ قاضي دمياط وأولاده وجماعة حلقوا لحاهم وصحبوه- والله أعلم بصحّته ذلك-.
وتُوُفّي بدمياط، وقبره بها مشهور، ولَهُ هناك أتباع.
وذكر الأجل شمس الدِّين الجزريّ في «تاريخه» [1] : أنَّه رأى كراريس من «تفسير» القرآن العظيم للشيخ جمال الدِّين الساوجيّ وبخطّه.
وجلس في المشيخة بعده بمقبرة باب الصّغير جلال الدِّين الدّركزينيّ وبعده الشيخ محمد البَلْخيّ وهُوَ- أعني البَلْخيّ- من مشاهير القوم، وهُوَ الّذي شرع لَهُم الجولق الثقيل، وأقام الزاوية، وأنشأها، وكثر أصحابه. وكان للملك الظاهر فيه اعتقادٌ، فلمّا تسلطن، طلبه، فلم يمض إليه. فبنى لهم السُّلطان هذه القبّة من مال الجامع. وكان إذا قَدِمَ يعطيهم ألف درهم وشقتين من البسط ورتّب لهم ثلاثين غرارة قمح في السنة وعشرة دراهم في اليوم. وكان السّويداويّ منهم يحضر سماط السُّلطان الملك الظّاهر ويمازح السُّلطان. ولَمّا أنكروا في دولة الأشرف موسى على عليّ الحريريّ أنكروا على القلندرية- وتفسيرها بالعربيّ المحلّقين- ونفوهم إلى قصر الْجُنَيْد.
وذكر ابن إسرائيل الشَّاعر: أنّ هذه الطائفة ظهرت بدمشق سَنَة نيّف عشرة وستمائة. ثمّ أخذ يحسّن حالهم الملعون، وطريقتهم الخارجة عن الدِّين. فلا حول ولا قوّة إلّا باللَّه.
__________
[1] هو كتاب «حوادث الزمان وأنبائه ووفيات الأكابر والأعيان من أبنائه» ، وقد وصلنا القسم الأخير منه ويبدأ بسنة 725 هـ-. في نسخة فريدة، أقوم حاليا بتحقيقها، وأسأل الله تعالى أن يوفّقني في دفعها قريبا للطباعة.
والجزء الّذي ينقل منه المؤلّف- رحمه الله- هنا لم يصلنا، وهو- أيضا- ليس في «المختار من تاريخ ابن الجزري» المطبوع.(45/424)
(بعون الله وتوفيقه انتهى تحقيق هذه الطبقة من «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام» لمؤلّفها المؤرّخ الكبير الحافظ الإمام مؤرّخ الإسلام شمسُ الدين مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد بْن عثمان بن قايماز الذهبي الدمشقيّ المتوفى سنة 748 هـ-. وقام بضبط نصها وتصحيحها والتعليق عليها، وتوثيق مادّتها والإحالة إلى مصادرها، وصنعة فهارسها، بقدر الإمكان، خادم العلم وطالبه، وراجي عفو ربّه، الحاجّ الأستاذ الدكتور «عمر عبد السلام تدمري» أبو غازي، أستاذ التاريخ الإسلامي في الجامعة اللبنانية، ممثل لبنان في الهيئة العربية العليا لإعادة كتابة تاريخ الأمة في اتحاد المؤرخين العرب، الطرابلسي مولدا وموطنا، الحنفيّ مذهبا. وكان الفراغ من ذلك في مساء يوم الجمعة الواقع في الخامس عشر من شهر ذي القعدة سنة 1415 هـ-. الموافق للرابع عشر من شهر نيسان (أبريل) 1995 م. وذلك بمنزله بساحة السلطان الأشرف خليل بن قلاوون- النجمة سابقا- من مدينة طرابلس الشام المحروسة. حفظها الله حصنا وثغرا للإسلام والمسلمين. وله الحمد) .(45/425)
[المجلد السادس والأربعون (سنة 631- 640) ]
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الطبقة الرابعة والستون
الحوادث سنة إحدى وثلاثين وستمائة
[خروج الكامل إلى الروم ورجوعه خائبا]
فيها جاء الكاملُ، واجتمع بإخوته وبصاحب حِمْص الملك المجاهد شيركوه، وساروا ليدخلوا الروم من عند النَّهرِ الأزرق، فوجدوا عساكر الرُّوم قد حفظوا الدَّرْبَنْد ووقفوا على رءوسِ الجبال، وسدُّوا الطُّرق بالحِجارة. وكان الأشرفُ ضيِّق الصَّدر من جهة الكامل، لأنّه طلب منه الرَّقّة، فقال الكاملُ: ما يكفيه كُرسي بني أميّة؟ فاجتمع شيركوه بالأشرف، وقال: إن حَكَمَ الكاملُ عَلَى الرُّوم أخذ جميع ما بأيدينا، فوقع التّقاعد منهما. فلمّا رَأَى الكاملُ ذَلِكَ عَبَر الفرات ونزلَ السُّويداء، وجاءهُ صاحبُ خَرْتَ بِرْت [1] الأرتقيّ، فقال: عندنا طريق سهلة تدخل منها فجهَّز الكاملُ بين يديه ابنه الملك الصّالح، وابن أخيه الملكَ النّاصر دَاوُد، وصوابا الخادم، فلم يرُعْهم إلّا وعلاء الدّين صاحبُ الروم بالعساكر، وكانَ صوابٌ فِي خمسة آلاف، فاقتتلوا، وأُسِرَ صوابٌ، وطائفةٌ، منهم الملكٌ المظفّر صاحبُ حماة، وقُتِلَ طائفة وهربَ الباقون. فتقهقر الكامل ودخل آمد، ثمّ أطلق علاء الدّين صوابا والمظفّر والأمراء، مكرمين. وأعطى الكامل إذ
__________
[1] وتكتب متصلة أيضا «خرتبرت» قيّدها ياقوت بالفتح ثم السكون، وفتح التاء المثناة، وباء موحدة مكسورة، وراء ساكنة، وتاء مثناة من فوقها، وهو حصن يعرف بحصن زياد، في أقصى ديار بكر.(46/5)
ذاك ولده الصّالح حصن كيفا، واستناب صوابا بآمد، ورجع إلى الشّام خائبا [1] .
[تسلطن صاحب المَوْصِل]
وفيها تَسَمَّى لؤلؤٌ صاحبُ المَوْصِل بالسَّلْطنة، وضربَ السكّة باسمه. قاله أَبُو الْحَسَن عَلَى بن أنجب ابن السَّاعي [2] .
[اكتمال بناء المستنصريّة]
قَالَ: وفيها تكاملَ بناءُ المدرسة المستنصريّة ببغداد، ونُقِلَ إليها الكتبُ وهي مائة وستّون حِمْلًا، وعدّة فقهائها مائتان وثمانية وأربعون فقيها من المذاهب الأربعة، وأربعةٌ مدرّسون، وشيخُ حديث، وشيخ نحوٍ، وشيخُ طبّ، وشيخُ فرائض. فرُتِّب شيخُ الحديث أَبُو الْحَسَن ابن القطيعيّ [3] . ورتّب فِيهَا الخبزُ والطَبيخُ والحلاوةُ والفاكهةُ. فأنبأني محفوظ ابن البُزُوريّ، قَالَ: تكامل بناءُ المستنصرية وجاءت فِي غاية الحُسن ونهايته، وخُلِعَ عَلَى أستاذ الدّار العزيزة متولّي عمارتها، وعلى أخيه عَلَم الدّين أبي جعفر ابن العَلْقَمِيّ، وعلى حاجبه، وعلى المِعْمار، وعلى مُقَدَّم الصُّنّاع. ونُقِلَ إلى خزانَة الكتب كثيرٌ من الكتب النّفيسة، فبلَغَني أنّه حُمِلَ إليهَا ما نقله مائة وستون حمّالا، سوى ما نُقل إليها فيما بعدُ، وأُوقفت، وجُعل الشيخُ عَبْد العزيز شيخ الصُّوفيّة برباط الحريم، وخازن كُتُب دار الخلافة، هُوَ وولده ضياء الدّين أَحْمَد ينظران في ترتيبها، فرتّبا الكتب
__________
[1] انظر خبر الكامل في: مفرّج الكروب 5/ 74- 83، وزبدة الحلب 3/ 266- 268، وتاريخ المسلمين لابن العميد 141 وقال فيه إنّ عدّة من حضر إلى خدمة الكامل ثلاثة عشر ملكا جميعهم من بني أيوب، والمختصر في أخبار البشر 3/ 154، 155، والدرّ المطلوب 311، 312، والمختار من تاريخ ابن الجزري 148، 149، والعبر 5/ 123، ودول الإسلام 2/ 136، والسلوك ج 1 ق 1/ 247- 249، والنجوم الزاهرة 6/ 282، 283، وتاريخ ابن سباط 1/ 305، 306، ونهاية الأرب 29/ 198- 201.
[2] انظر خبر صاحب الموصل في: الحوادث الجامعة 32، والعبر 5/ 123، والمختار من تاريخ ابن الجزري 149، 150، والعسجد المسبوك 2/ 457، ودولة الأتابكة في الموصل بعد عماد الدّين زنكي، للدكتور رشيد الجميلي 229، 230 طبعة دار النهضة العربية، بيروت 1975.
[3] هو محمد بن أحمد بن عمر المتوفى سنة 634 هـ. انظر ترجمته ومصادرها في الوفيات برقم (281) .(46/6)
أحسنَ ترتيب. وفي بعض الأيّام اتّفق حضورُ أمير المؤمنين عندهما لينظر، فسلَّم عَلَيْهِ عَبْد العزيز وتلا قوله تعالى: تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً 25: 10 [1] فخشع المستنصرُ باللَّه أمير المؤمنين، وردَّ عَلَيْهِ السَّلام، وكلَّمه، وجَبَرَ قلبهُ. وشُرِطَ لكلّ مدرسٍ أربعةُ معيدين، واثنان وستّون فقيها، وأن يكون بالدّار المتّصلة بالمدرسة [2] ثلاثون يتيما يتلَّقنون [3] .
[وقفيّة المستنصريّة]
قلتُ [4] : رَأَيْت نُسخة كتاب وَقفَها فِي خمسة كراريس، والوَقف عليها عدّة رباع وحوانيتُ ببغداد، وعدّة قرى كبار وصغار ما قيمته تسعمائة ألف دينار فيما يُخال إليّ، ولا أعلمُ وقْفًا فِي الدُّنيا يقاربُ وقفها أصلا سوى أوقاف جامع دمشق، وقد يكون وقفُها أوسع.
فمِنْ وقفها بمعاملة دُجَيل: قصُر سُمَيْكة [5] ، وهي ثلاثة آلاف وسبعمائة جريب، والْجَمَد [6] وضياعه كلّها، ومساحتُه ستّة آلاف وأربعمائة جريب، والأجَمة [7] كلّها، وهي خمسة آلاف جريب وخمسون، ومن نهر المَلِك بَرَفْطا [8] كلّها، وهي خمسة آلاف وخمسمائة جريب، وناحية البدو، وهي ثلاثة آلاف وتسعمائة وتسعون جريبا، وقوسنيثا [9] ، وهي ثلاثة آلاف جريب ونيّف، وقريةُ يزيد كلّها، وهي أربعة آلاف جريب ومائة وثمانون جريبا، ومن ذَلِكَ ناحيةُ
__________
[1] سورة الفرقان، الآية 10.
[2] أي دار القرآن المستنصرية.
[3] انظر عن بناء المستنصرية في: الحوادث الجامعة 32- 35، والمختار من تاريخ ابن الجزري 150- 152، ودول الإسلام 2/ 136، والبداية والنهاية 13/ 139، 140، والعسجد المسبوك 2/ 458- 460.
[4] القائل هو المؤلّف- رحمه الله-.
[5] سميكة في شمالي بغداد.
[6] الجمد: من ناحية دجيل. (معجم البلدان) .
[7] تعتبر من أراضي الحلّة الآن.
[8] برفطا: بفتح الباء الموحدة والراء، وسكون الفاء. قرية من قرى نهر الملك.
[9] هكذا بخط المؤلّف- رحمه الله-.(46/7)
طَبسنى، ومساحتُها ثمانية آلاف ومائة جريب، ومن ذَلِكَ سُستا، وهي ثلاثة آلاف جَريب وزيادة، وناحيةُ الأرحاء [1] ، وهي أربعةُ آلاف جريب، ومن ذَلِكَ ناحيةُ البِسطاميّة، وهي أربعةُ آلاف جريب، والفراشة [2] ، ألفُ جريب، وقرية حد النّهرين، وهي ألفُ جريب ومائتا جريب، والخطابيّة [3] ، وهي أربعةُ آلاف وثمانمائة جريب، وناحية بزندي [4] ، وهي ستة آلاف وخمسمائة جريب، ومن ذَلِكَ الشدّاديّة ومبلغُها عشرون ألفَ جريب ومائتان وخمسون جريبا، وحصنُ بقية [5] ، وهو أربعة آلاف جريب وثمانمائة، ومن ذَلِكَ فرهاطيا [6] ، ستّة آلاف جريب، ومن ذَلِكَ حصن خُراسان، وهي خمسة آلاف جَريب وتسعمائة جريب، وما أضيف إلى ذلك، وهو سبعة آلاف جَريب ومائتا جَريب. ومن أعمال نهر عيسى قريةُ الجديدة، وهي ألفا جَريب وستّمائة جريب، والقطنية، وهي ستّة آلاف وأربعمائة جريب، وقرية المنسل، وهي خمسة آلاف وخمسمائة جريب، وميثا، وهي ألفان وخمسمائة جريب، وقرية الدّينارية، وهي أربعة آلاف وستمائة جريب، والنّاصريَّة كلّها، وهي تسعة عشر ألف جريب.
فالمرتزقةُ من أوقاف هذه المدرسة عَلَى ما بلغني نحو من خمسمائة نفس، المدرّسون فمَنْ دونَهم، وبلغني أنَّ تِبْنَ الوقف يكفي الجماعة ويبقى مُغلُّ هذه القرى مَعَ كَرْي الرِّباع فضلة، فكذا فليَكُن البِرُّ وإلا فلا.
وحدَّثني الثّقة أنّ ارتفاع وقفِها بلغَ فِي بعضِ السّنين وجاء نيِّفًا وسبعين ألف مثقال ذهب.
__________
[1] لعلّها «الأرحاء» التي بالقرب من واسط.
[2] لعلّها هي «فراشا» القرية المشهورة من أعمال نهر الملك، والتي ذكرها ياقوت.
[3] قرية على جانب الصراة، كانت في موضع المحلة التي تسمى الكبش والأسد، بالقرب من بغداد، وبها قبر إبراهيم الحربي «معجم البلدان» .
[4] وردت من غير نقط في الأصل.
[5] هكذا في الأصل، ولعله بقّة- بالفتح وتشديد القاف واحدة البق: اسم موضع، قريب من الحيرة، وقيل: حصن كان على فرسخين من هيت، كان ينزله جذيمة الأبرش- كما ذكر ياقوت في «معجم البلدان» .
[6] هكذا مجوّدة بخط المؤلّف.(46/8)
وفي خامس رجب يومَ الخميس فُتِحت، وحضر سائر الدّولَة والقُضاةُ والمدرّسون والأعيانُ، وكان يوما مشهودا.
[عودة ركب العراق]
وفيها سارَ ركبُ العراق، فبلَغَهم أنِّ العرب قد طمُّوا المياه، وعزموا عَلَى أخذِ الرَّكْبِ، فردَّ بالنّاس قيران الظّاهريّ أميرهم، ووصلَ أوائلُهم فِي ذي الحجَّة إلى بغداد، وماتَتِ الْجِمالُ والنّاسُ. وكانت سنة عجيبة. وكانَ معهم تابوتُ مظفّر الدّين صاحب إرْبل ليُدْفَنَ بمكّة، فعادوا بِهِ ودفنوه بمشهدِ عليّ رضي اللَّه عَنْهُ [1] .
[إقامة الجمعة بمسجد جرّاح]
وفيها أُقيمت بمسجد جرَّاح الْجُمعة بالشَّاغور [2] .
[تعليق حبل بباب جامع دمشق]
وفيها أمر وزيرُ دمشق، وابن جرير أن يُعلَّق ببابِ الجامع حبلٌ، فمن دخلَ من أصحابِ الحريريِّ، علّق فيه.
__________
[1] انظر خبر الركب العراقي في: الحوادث الجامعة 36، والمختار من تاريخ ابن الجزري 152.
[2] انظر عن مسجد جرّاح في: البداية والنهاية 13/ 140.(46/9)
سنة اثنتين وثلاثين وستمائة
[الشروع فِي بناء جامع العقيبة]
فيها شَرَعَ الملكُ الأشرفُ فِي بناءِ جامع العُقَيْبَة، وكان قبل ذَلِكَ خانا يقال لَهُ: خان الزّنْجاريّ، فِيهِ الخمورُ والخواطئ، فأنفقَ عَلَيْهِ أموالا كثيرة [1] .
[وصول رسول من اليمن]
وفيها فِي صفر وَصَلَ إلى الدّيوان العزيز رسولٌ من الأميرِ عمَر بْن رسول أنّه استولى عَلَى بلادِ اليَمَنِ، وأرسلَ تقادم وتُحفًا [2] .
[ختم المستعصم للقرآن]
وفيها ختم القرآن عبد الله ابن المستنصر باللَّه، وهو المستعصمُ الّذِي قتلته التّتار، ختم عَلَى مؤدِّبه أَبِي المظفّر عَلِيّ بن النَّيَّار، فعُمِلت دعوةٌ هائلة غرمَ عليها عشرة آلاف دينار، وأعطى ابن النّيّار شيئا كثيرا، من ذلك: ألف دينار، وخلع عديدة [3] .
__________
[1] انظر عن بناء جامع العقيبة في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 693، وذيل الروضتين 163، ونهاية الأرب 29/ 207، 208، والأعلاق الخطيرة 2/ 87، 88، ووفيات الأعيان 5/ 334، ودول الإسلام 2/ 103، والمختار من تاريخ ابن الجوزي 156، والعسجد المسبوك 2/ 464، والبداية والنهاية 13/ 143، وصبح الأعشى 4/ 94، والدارس 2/ 426، وشذرات الذهب 5/ 148، وتاريخ ابن سباط 1/ 308، ومنادمة الأطلال 370.
[2] انظر خبر الرسول في: المختار من تاريخ ابن الجزري 157، والعسجد المسبوك 464، والعقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية للخزرجي 1/ 154، وغاية الأماني في أخبار القطر اليماني لابن القاسم 421.
[3] انظر خبر الختم في: الحوادث الجامعة 41، والمختار من تاريخ ابن الجزري 157، والعسجد المسبوك 2/ 464.(46/10)
[ضرب دراهم بأمر المستنصر باللَّه]
وفيها جلسَ الوزيرُ نصير الدّين بْن النّاقد، واستحضرَ الوُلاة والتّجار والصّيارف، ثمّ فُرشت الأنطاع، وأُفرغَ عليها الدّراهم التي ضُرِبت بأمر المستنصر باللَّه، فقامَ الوزيرُ والدّولة خدِمةً لرؤيتها، ثمّ قَالَ: قد رسمَ مولانا أميرُ المؤمنين بمعاملتكم بهذه الدّراهم عِوَضًا عن قُراضة الذِّهَب، رِفْقًا بكم، وإنقاذا لكم من التّعامل بالحرام من الصَّرفِ الرِّبويّ، فأعلنوا بالدّعاءِ والطّاعَة. ثمّ سُعِّرت كلُّ عشرة بدينارٍ إماميّ، وأُديرت بالعراق، فقال الموفّقُ أَبُو المعالي القاسم بْن أَبِي الحديد:
لا عَدِمْنا جَميلَ رأيكَ فينا ... أنْتَ باعَدْتَنا عَنِ التّطفيف
ورَسَمْتَ اللُّجِينَ حتّى ألِفْناهُ ... ، وما كانَ قبلُ بالمألوف
ليسَ للجمعِ كانَ منعُكَ للصَّرْفِ ... ، ولكِنْ للِعَدْلِ والتِّعرِيفِ [1]
[وقعة أهل سبتة مَعَ الفرنج]
وفي ربيع الأوّل كانت وقعة أهلِ سَبْتَة مَعَ الفِرنج، وذلك أنّ متولّيها اليَنَشْتيّ [2] كَانَ قد بالغ فِي تألُفهم، فكانوا يأتون بالتّجارات، فكثروا إلى الغاية بسَبْتَة بحيث إنّهم صاروا بها أكثر من أهلها، فطمعت الفِرنجُ وراموا تملُّكَ البلدِ وأعملوا الحيلة. وكان لأبي الْعَبَّاس اليَنَشْتيّ ابنان: أحدهما قائدُ البحر، والآخر قائدُ البرّ. فخرج قائدُ البرّ نوبة بجيشه لأخذِ الخراج من القبائل، فعزَمَ الملاعينُ عَلَى أمرهم، ولَبِسُوا أسلحتهم وخرجوا، فطلبوا من سقّاءٍ ماء، فأبى، فقتلوه، وشَرَعوا فِي القتال. وثارَ المسلمون إليهم، والتحم الحرب، فقتلوا من أهل
__________
[1] انظر خبر الدراهم في: الحوادث الجامعة 40، 41 (دون ذكر الأبيات) ، والمختار من تاريخ ابن الجزري 157، 158، والعسجد المسبوك 2/ 475 وفيه البيتان: الأوّل والثالث، وتاريخ الخلفاء 425، 426، وشذرات الذهب 5/ 147- 148.
وفي المختار من تاريخ ابن الجزري، والعسجد المسبوك أبيات أخرى للقاضي محمد بن أبي الفضل الفقيه الحنفي.
[2] الينشتيّ: نسبة إلى ينشتة من أعمال بلنسية.(46/11)
الرَّبَضِ خَلْقًا، وسدَّ أَهْل البلد البابَ فِي وُجوهِهم، ورمَوْهم بالنُّشَّابِ من المرامي، وأسرعَ الصَّريخ إلى قائد البرِّ، فكرَّ بالجيشِ رَكْضًا، والإفرنجُ قد مَلَكوا الرَّبَضِ، وسدُّوا بابَهُ الواحد، وهم عَلَى أن يغلقوا الثّاني، فحملَ الجيشُ عليهم حملة صادقة، فدخلوا عَلَيْهِ، فلم يُفْلِت منهم إلّا الشّريدُ، ففرُّوا إلى البحر هاربين، وغَنِمَ المسلمون من الأموال ما لَا يوُصفُ. فذهبَ المُنهزمون واستنجدوا بالفِرنج، ثمّ أقبلوا فِي هيئةٍ ضخمة من الرجالِ والمراكب وآلاتِ الحصار والمجانيق، ونازلوا سَبْتة، واشتدَّ الأمرُ، فطلبَ المسلمون المُصالحة، فقالوا: لَا نُردُّ حتّى يَغْرَموا لنا جميع ما أُخِذَ لنا فِي العام الماضي. فأُعطَوا جميعَ ذَلِكَ، التزمَ اليَنَشْتيُّ لهم بذلك، وعجَزَ عَنِ البعضِ، فشَرَعَ فِي مُصادرَة العامّة، فتوغَّلت صدورهم عَلَيْهِ، وقال لَهُ الأعيانُ: الرأيُ يا أَبَا الْعَبَّاس أن نصالحَ صاحبَ المغرب، فكأنّه أحسَّ منهم القيامَ عَلَيْهِ، فأجاب عَلى كُرْهٍ، فكاتبوا الرّشيد عبد الواحد، فبعث أحسَّ منهم القيامَ عَلَيْهِ، فأجاب عَلى كُرْهٍ، فكاتبوا الرّشيد عَبْد الواحد، فبعثَ جيشا مَعَ وزيره، وفتح أهلُ سَبْتَة لَهُ البلدَ، وأُسِرَ اليَنَشْتيّ هُوَ وابنه الواحد ثمّ قُتِلا بالسُّمِّ بِمَرَّاكِشَ، وهربَ ابنهُ الآخر فِي البحرِ، فما استقرَّ إلّا بعدَنَ. وأمّا الفرنج فنازلوا عَلَى إثرِ ذَلِكَ بَلَنْسِية، فأخذوها.(46/12)
سنة ثلاث وثلاثين وستمائة
[دخول الناصر دَاوُد بغداد]
فِي المحرَّم دخل بغداد الناصرُ دَاوُد بْن المُعظَّم، وتلقّاه الموكبُ وخُلِعَ عَلَيْهِ قباءُ أطلس وشربوش، وأُعطيَ فَرَسًا بسَرْجِ ذَهَب، وأُقيمت لَهُ الإقامات. ولمّا مرَّ بالحِلَّة عَمِلَ لَهُ زعيمُها سماطا عظيما، فقيَلَ: إنّه غَرِمَ عَلَى الدَّعوةِ اثني عشرَ ألفَ دينار، ولمّا أرادَ التوجُّه، خُلِعَ عَلَيْهِ قباءٌ أسود، وفَرَجيَّة ممزج، وعمامةُ قصبٍ كُحْلِيَّةٌ مُذهّبَةٌ، وأُعطي فرسا بمشدّة حرير، يعني الحزام الرقبة، وأُعطي علما، وخَفْتاتين [1] ، وخِيَمًا، وكُراعًا، وآلاتٍ، وعدَّة أرؤس من الخيل، وبُقَجَ قماشٍ، وخمسة وعشرين ألف دينار، وذلك بعد الصُّلح بينه وبين عمَّيْه الكاملِ والأشرفِ. وأُرسلَ فِي حقّه رسولٌ إلى الكامل، وسافرَ فِي رمضان [2] .
[خروج التتار إلى إربل والموصل]
وفي ربيع الأوّل جاء فرِقةٌ من التّتار إلى إرْبل فواقعوا عسكرها، فقُتِلَ جماعةٌ من التتار، وقُتِلَ من الأرابِلة نفرٌ يسيرٌ. ثمّ إنّ التتارَ ساقوا إلى المَوْصِل ونهبوا وقَتلوا، فاهتمَّ المستنصر باللَّه وفرَّقَ الأموالَ والسّلاحَ. فرجعَ التّتارُ ودخلوا الدَّرْبَنْدَ، وردّ عسكر بغدادَ وكانَ عليهم جمالُ الدّين قشتمر [3] .
__________
[1] هكذا قيّدها المؤلّف هنا- رحمه الله-، وفي المختار من تاريخ ابن الجزري بخطه أيضا:
«جفتاتين» ، وفي نهاية الأرب 29/ 212 «الجفتاوات» .
[2] انظر عن دخول النّاصر بغداد في: الحوادث الجامعة 43، 44، والمختصر في أخبار البشر 3/ 157، 158، ومفرّج الكروب 5/ 100- 102، والمختار من تاريخ ابن الجزري 161، والعسجد المسبوك 2/ 470، ونهاية الأرب 29/ 211- 213.
[3] انظر عن خروج التّتار في: الحوادث الجامعة 47، ودول الإسلام 2/ 103، والعبر 5/ 132، والمختار من تاريخ ابن الجزري 162، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 699 (حوادث 634 هـ) ، والعسجد المسبوك 2/ 470، والسلوك ج 1 ق 1/ 251، وتاريخ الخميس 2/ 414، والبداية والنهاية 13/ 144.(46/13)
[قضاء القضاة والتدريس بالمستنصرية]
وفيها عُزِلَ أَبُو المعالي بْن مُقبل عن قضاءِ القُضاة، وتدريسِ المُستنصرية.
ووَلي التّدريس أَبُو المناقب محمود بْن أَحْمَد الزَّنْجانيّ الشافعيّ. ثمّ وَلِيَ قضاء القضاة أَبُو الفضل عَبْد الرَّحْمَن بْن اللَّمغانيّ [1] .
[تدريس المالكية بالمستنصرية]
وفيها وصلَ سراجُ الدّين عَبدُ اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن الشَّرْمَساحيُّ [2] المالكيُّ إلى بغداد بأهِله، فَولِيَ تدريسَ المالكيّة بالمستنصريّة، وبانَتْ فضائلُه [3] .
[التدريس الحنفي بالمستنصرية]
وفيها وَصَلَ إلى بغداد أيضا شهابُ الدّين أَحْمَد بْن يوسف ابن الأَنْصَارِيّ الحَلَبيّ الحَنَفيّ، وولِيَ تدريسَ المستنصريّة.
[تعدية الكامل والأشرف إلى الشرق وعودتهما]
وفيها عدَّى الكاملُ والأشرفُ الفرات إلى الشرق، واستعادَ الكاملُ حرَّانَ والرُّها من صاحب الروم، فأخربَ قلعة الرُّها. ثمّ نَزلَ عَلَى دُنَيْسَر فأخربها. فجاءه كتابُ صاحب المَوْصِل أنَّ التّتار قد قطعوا دجلة في مائة طلب [4] ، ووصلوا إلى سنجار، فخرج إليهم معين الدّين ابن كمال الدّين بْن مُهاجر فقتلوه. فردَّ الكاملُ والأشرف إلى الشّام. فأتت عساكر الروم والخوارزميّة إلى ماردين فنزل إليهم صاحبها، وأتوا إلى نَصيبين، فأخربوها، وبدَّعوا، وعَمِلوا فيها أعظَم ممّا فعلَ الكامل بدُنَيْسَر، فلا حولَ ولا قُوَّة إلّا باللَّه [5] .
__________
[1] انظر خبر القضاء والتدريس في: الحوادث الجامعة 47، والمختار من تاريخ ابن الجزري 162، 163، والعسجد المسبوك 2/ 472 و 473.
[2] الشرمساحي: نسبة إلى شرمساح من نواحي مكة المكرّمة.
[3] الحوادث الجامعة 50 (حوادث سنة 634 هـ) .
[4] الطلب: مجموعة من الجيش، وجمعها: أطلاب.
[5] انظر خبر التعدية في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 695، 696، والمختصر في أخبار البشر 3/ 158،(46/14)
قَالَ سعدُ الدّين ابن شيخ الشّيوخ- وأجازَهُ لنا-: فيها وصلت الأخبارُ من مصر بأنّ فيها وباء عظيما، بحيثُ إنّه مات فِي شهر نيَّفٍ وثلاثون ألف إنسان [1] .
ثمّ ساق كيفيّة حصار الكامل لحرَّان. وقُتِلَ عليها عددٌ من المسلمين.
وزَحَفَ عليها الكاملُ والأشرفُ مرّات، وجُرِحَ خلقٌ كثيرٌ. ثمّ أخذها بالأمانِ من نوّاب صاحبِ الروم وأخذَهم فِي القيودِ، وجَرَتْ أمورٌ قبيحة جدّا.
[آمرية مائة فارس بدمشق]
وفي رمضان كَانَ الملكُ الكامل بدمشق نازلا فِي دار صاحب بَعْلبكَّ الّتي داخلَ بابِ الفَراديس، فأعطى آمريَّة مائة فارس للصّاحب عمادِ الدّين عمر ابن الشَّيْخ.
[منازلة صاحب الروم حَران وآمد]
وفي آخر السّنة حَشَدَ صاحبُ الروم وجمعَ ونازلَ حرّان وآمِدَ، وتعثَّرت الرعيّة بينه وبين أولاد العادل، نسألُ اللَّه اللُّطف. ثمّ جَرَت أمورٌ [2] .
[أخذ الفرنج قُرْطُبَة]
وفيها أخذت الفرنجُ- لعَنهم اللَّه- قُرْطُبَة بالسّيف، واستباحوها، فقال لنا أَبُو حيّان [3] : توفّي ابن الربيع [4] بإشبيليّة بعد استيلاءِ النّصارى عَلَى شرقيّ قرطبة سنة ثلاث وثلاثين.
__________
[ () ] ومفرّج الكروب 5/ 109، 110، وزبدة الحلب 3/ 220، وتاريخ مختصر الدول 249، وتاريخ المسلمين لابن العميد 141، والدرّ المطلوب 315، وتاريخ ابن الوردي 2/ 161، ومرآة الجنان 4/ 84، والبداية والنهاية 13/ 144، والسلوك ج 1 ق 1/ 251، والنجوم الزاهرة 6/ 293، وتاريخ ابن سباط 1/ 309.
[1] انظر عن الوباء بمصر في: السلوك ج 1 ق 1/ 250.
[2] انظر خبر صاحب الروم في: الحوادث الجامعة 51 (حوادث سنة 634 هـ) .
[3] يعني: أثير الدين أبا حيّان الغرناطي النحويّ المفسر المشهور.
[4] هو أبو سليمان ربيع بن عبد الرحمن بن ربيع القرطبي.(46/15)
وقال ابن الأبَّار [1] : استولَتِ الرومِ عَلَى قُرْطُبَة فِي شوّال سنة ثلاث وثلاثين.
قلتُ: هِيَ أكبرُ مدائن الأندلس وما زالت دارَ إسلام من زمِن الوليد بْن عَبْد الملك إلى أن استولت النّصارى الآن عليها بالأمان.
__________
[1] في كتاب: التكملة لكتاب الصلة 1/ 323 في ترجمة «ابن الربيع» هذا.(46/16)
سنة أربع وثلاثين وستمائة
[انخساف مُشرفة بجماعة]
فِي المحرَّم قصد جماعةٌ عيادة مريضٍ ببغداد، فطلعوا وجلسوا عنده عَلَى مُشِرفةٍ، فانخَسَفَتْ بهم، فماتوا جميعا سوى المريض، وكانوا سبعة [1] .
[مصرع طير لابن صاحب المَوْصِل]
وفيها صرع الطّير الأميرُ ركنُ الدّين إِسْمَاعِيل ابن صاحب المَوْصِل، فادُّعِيَ لشرف الدّين إقبالٍ الشَّرابيّ، وبُعثَ بالطّير إلى بغداد، فقبله، وعُلِّق ببغداد، ونَثر عَلَيْهِ ألفَ دينار فالتقطها رُماةُ البُنْدُق [2] .
[امتناع الحجّ من العراق]
ولم يَحُجَّ أحدٌ هذا العام من العراق [3] .
[نكبة ركب الشام]
وجرى عَلَى ركْبِ الشامِ نكبةٌ شديدةٌ من العطش قبل ثَجْر وهي عَلَى دَرْبِ خَيْبر [4] .
__________
[1] انظر خبر الانخساف في: الحوادث الجامعة 50 ولكن من غير عدد للموتى، والمختار من تاريخ ابن الجزري 163، والعسجد المسبوك 2/ 474، وقد زاد ابن الفوطي:
كم من مريض قد تحاماه الردى ... فنجا ومات طبيبه والعوّد
[2] انظر خبر الطير في: الحوادث الجامعة 52، 53، والفتوّة لابن المعمار (توفي 642 هـ) تحقيق مصطفى جواد وغيره، بغداد 1960- ص 123، والمختار من تاريخ ابن الجزري 163.
[3] انظر عن حج العراق في: ذيل الروضتين 165، والمختار من تاريخ ابن الجزري 163.
[4] انظر خبر ركب الشام في: ذيل الروضتين 165 و «ثجر» بالفتح ثم السكون، وراء. وماء لبني القين، بين وادي القرى وتيماء. وقيل ماء لبني الحارث بن كعب قريب من نجران. والثجر في لغة العرب: معظم الشيء ووسطه، ويقال لوسط الوادي ومعظمه الثجر. (معجم البلدان 2/ 7) .(46/17)
[مصالحة الكامل وصاحب الروم]
وفيها وَقَعَ الصُّلحُ بأمر الخليفة بَيْنَ الكاملِ وبين صاحب الروم فِي شهر مُحرَّم.
[السَّيل العرِم بدمشق]
وفيها جاءَ بدمشق سيل عَرِم قدرَ قامةٍ وبَسْطَة، خرَّب الخاناتِ، والدُّورَ الَّتِي بالعُقَيْبَة من شماليِّ بابِ الفَرَج، وذهب للنّاس شيءٌ كثيرٌ.
[وفاة صاحب حلب]
وفيها مات صاحب حلب الملكُ العزيز [1] .
[وفاة صاحب الروم]
وصاحبُ الروم علاء الدّين [2] .
[عرس بِنْت صاحب المَوْصِل]
وفيها كَانَ عُرس مجاهد الدّين أيبك الدّويْدار الصغير عَلَى بِنْت بدر الدّين صاحب المَوْصِل. وكان عُرسًا ما شُهِدَ مثلُه. وخَلَعَ عَلَيْهِ الخليفةُ، وأعطاهُ، ونوَّه باسمه، ومشى فِي رِكابه الأمراء، ووراءه ألوية الملك. وأُعطيَ أنواعا كثيرة وتُحفًا، واستمرَّ دخوله إلى دار الخلافة فِي كلّ يوم [3] .
[نزول التتار عَلَى إربل]
وفيها نَزلَ التتارُ عَلَى إرْبل وحاصروها، ونقبوا السّور وأخذوها عنوة، وقتلوا
__________
[1] هو السلطان محمد بن غازي بن يوسف بن أيوب. انظر ترجمته ومصادرها في الوفيات برقم (287) .
[2] هو السلطان كيقباذ بن كيخسرو. انظر ترجمته ومصادرها في الوفيات برقم (280) .
[3] انظر عن العرس في: الحوادث الجامعة 51، والعسجد المسبوك 2/ 475- 476 وفيه تفصيل وشعر.(46/18)
وسَبَوْا، وجافَتْ إرْبل بالقتلى. وكان باتكينُ نائبَ البلد بالقلعة فقاتلهم. ثمّ إنَّ التتارَ نقبوا القلعة، وجعلوا تحتها سَرَبًا وطُرُقًا، وقلَّت المياهُ عَلَى أهلِ القلعة، وماتَ بعضهم من العطش، ولم يبقَ إلّا أخذُ القلعة، ثمّ لطفَ اللَّه بمن بَقِيَ بالقلعة، ورحلتِ التتارُ بمكاسبَ لَا تُحصى [1] .
[الخلاف بين الكامل والأشرف]
وفيها وقع بين الكامل والأشرف، لأنَّ الأشرف طَلَبَ من أخيه الرَّقَّة فامتنع، وأرسلَ إِلَيْهِ عشرة آلاف دينارٍ عِوَضها، فردَّها. فغضبَ الكاملُ وقال: يكفيه عِشْرَتُه للمغاني، فتنمَّر الأشرفُ، وبعثَ إلى حلب والشّرق، فاتفَّقوا معه. وأمّا الكاملُ فإنّه خافَ ومضى إلى مصر، فلمّا دخل باسَ الأرض شكرا، وقال: رأيتُ روحي فِي قلعتي، أنبأني بذلك سعدُ الدّين: أنّ ابن عمّه فخر الدّين حكى لَهُ ذَلِكَ [2] .
[الاحتياط عَلَى ديوان الكامل]
وفي ذي القِعْدَة احتاط الأشرفُ عَلَى ديوان الكاملِ الّذِي بدمشق، وأمر بنفي نوّابه. وختم عَلَى الحواصلِ من غير أن يتصرّف فيها.
__________
[1] انظر خبر إربل في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 699، والحوادث الجامعة 54، ودول الإسلام 2/ 137، والبداية والنهاية 13/ 145، والعسجد المسبوك 2/ 478، والسلوك ج 1 ق 1/ 255، وتاريخ الخميس 2/ 415.
[2] انظر خبر الخلاف في: زبدة الحلب 3/ 226، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 699، 700، ومفرّج الكروب 5/ 121- 124، والمختصر في أخبار البشر 3/ 158، 159، ونهاية الأرب 29/ 216، 217، والدرّ المطلوب 317، والبداية والنهاية 13/ 145، والسلوك ج 1 ق 1/ 254، وتاريخ ابن سباط 1/ 310.(46/19)
سنة خمس وثلاثين وستمائة
[اختلاف الخوارزمية عَلَى الصالح أيوب]
فيها اختلفتِ العساكُر الخُوارزميَّة الذين من جيش [1] الصّالح نجم الدّين أيّوب عَلَيْهِ، وهمُّوا بالقبضِ عَلَيْهِ، فهربَ إلى سنْجار، وتركَ خزائنه فنهبتها الخُوارزميَّة. فلمَّا صار فِي سنجار، سارَ إِلَيْهِ بدرُ الدّين صاحبُ المَوْصِل وحاصَرَه. فطلبَ منه الصُّلح فأبى. فبعثَ الملكُ الصالحُ قاضي سِنجار بدر الدّين وحلق لِحيتَهُ ودلَّاهُ من السُّورِ، فاجتمع بالخُوارزميَّةِ وشَرَطَ لهم كُلَّ ما أرادوا.
فساقوا من حرّان بسرعة فكبسوا بدر الدّين، فهربَ عَلَى فرسِ النَّوبة، وانتهبوا خزائنه وثقله، واستَغْنَوْا [2] .
[أخذ صاحب حمص عانة]
وفيها أخذ أسدُ الدّين صاحب حِمْص عانة من صاحبها صُلْحًا، واحتوى عليها، وجعل لَهُ بها واليا من البلد [3] .
[دخول عساكر الأمراء بغداد]
وفيها وصلَ إِبْرَاهِيم بْن الأمير خضِرِ بْن السُّلطان صلاح الدّين إلى بغداد في
__________
[1] في الأصل بخط المؤلّف: «حيث» والتصحيح من السياق، حيث كان نجم الدّين استمال الخوارزميّة بعد وفاة كيقباذ واستخدمهم، وقد أذن له أبوه الكامل بذلك.
[2] انظر خبر الخوارزمية في: مفرّج الكروب 5/ 190، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 704، والمختصر لأبي الفداء 3/ 162، ونهاية الأرب 29/ 232، 233، والدرّ المطلوب 330، والمختار من تاريخ ابن الجزري 166، ودول الإسلام 2/ 138، والعبر 5/ 141، وتاريخ ابن الوردي 2/ 166، ومرآة الجنان 4/ 86، 67، والبداية والنهاية 13/ 150، والسلوك ج 1 ق 2/ 270، والنجوم الزاهرة 6/ 299، 300، وتاريخ سباط 1/ 315.
[3] انظر خبر عانة في: المختار من تاريخ ابن الجزري 166، والعسجد المسبوك 2/ 481، والحوادث الجامعة 54.(46/20)
ستمائة فارس، لأنَّ الخليفة كَانَ قد سيَّر إلى الشّام مالا يستخدم بِهِ جيشا لحرب التتارِ، فدخلها فِي شوّال، ودخل بعده الملكُ المظفَّر عُمَر، والملك السّعيد غازي ابنا الملك الأمجد صاحب بَعْلَبَكَّ، ومعهما عساكر نفَّذهُم الكاملُ [1] .
[الصواعق ببغداد]
وفيها كَثُرتِ الصّواعقُ ببغداد فِي تشرين الأول، فوقَعَت صاعقةٌ عَلَى راكبِ بغلٍ ظاهر السّور فأهلكتهما وأخرى فِي بيتِ يهوديّ، وأخرى عَلَى نخلة بالمُحوَّلِ، وأخرى فِي ساحةِ المستنصريَّة، الكلُّ فِي ساعة [2] .
[رسول ملكة الهند]
وفيها قَدِمَ بغداد الرّسولُ من ملكَة الهند بنتِ السّلطان شمس الدّين ايتامش مملوك السّلطان شهاب الدّين الغُوريّ. وسببُ ملكِها أنَّ أخاها ركنَ الدّين تملَّكَ فِي السّنة الماضية بعدَ والده، فلم يَنْهَض بتدبير الرعيّة، وتفرَّقت عَلَيْهِ عساكره.
فقبَضَتْ عَلَيْهِ أخته هذه، وملكت، وأطاعها الأمراء، ولُقّبَت رضيّة الدُّنيا والدّين [3] .
[قضاء دمشق]
وفيها وَلِيَ قضاء دمشق شمسُ الدّين أَحْمَد الخُوَيّي، وهو أوّل قاضٍ رتَّبَ مراكزَ الشّهود بالبلد. وكان قبلَ ذَلِكَ يذهب النّاسُ إلى بيوت العُدول يشهِّدونهم [4] .
[امتناع الحجّ العراقيّ]
ولم يحجَّ أحدٌ أيضا فِي العام من العراق بسبب كسرة التتارِ لعسكرِ الخليفَة، وأَخْذِ إرْبِل فِي السّنة الماضية [5] .
__________
[1] انظر خبر العساكر في: الحوادث الجامعة 60، والمختار من تاريخ ابن الجزري 166، والعسجد المسبوك 2/ 481.
[2] انظر خبر الصواعق في: الحوادث الجامعة 55، والعسجد المسبوك 2/ 480.
[3] انظر خبر الهند في: الحوادث الجامعة 57، والمختار من تاريخ ابن الجزري 166، 167.
[4] انظر خبر القضاء في: المختار من تاريخ ابن الجزري 167.
[5] خبر الحج في: المختار من تاريخ 167، والعسجد المسبوك 2/ 481.(46/21)
[موت الأشرف الكامل]
وماتَ السّلطانانِ الأخوان الأشرف [1] والكامل [2] .
[سلطنة الصالح إِسْمَاعِيل]
ولمّا انقضى عزاءُ الأشرف تسلطَنَ [3] أخوه الصّالح إِسْمَاعِيل أَبُو الخِيش، ورَكِبَ، وعن يمينه صاحبُ حِمْص الملك المجاهد أسد الدّين، وحَمَلَ الغاشية عزّ الدّين أبيك المُعَظَّميّ [4] .
[وصول التّتار إلى دقوقا]
وفيها وَصَلَتِ التّتارُ إلى دَقُوقا، وقلِقَ النّاسُ، خصوصا أهلَ العراق [5] .
[مصادرة الرؤساء بدمشق]
وأخذ أَبُو الخِيش فِي مُصادرة الرُّؤساء بدمشقَ، فصادرَ العَلَمَ تعاسِيف [6] ، وأولاد ابن مُزهرٍ، وابن عُرَيف البَدَويّ [7] . وأخذَ أموالَهُم وحَبَسَهم. وأخرج الحريريَّ [8] من قلعة عزّتا [9] ، لكنّه مَنَعَه من دخول دمشق [10] .
__________
[1] انظر ترجمة (الأشرف) ومصادرها في الوفيات برقم (377) .
[2] انظر ترجمة (الكامل) ومصادرها في الوفيات برقم (364) .
[3] كتب المؤلّف- رحمه الله- فوقها: «حكم» .
[4] خبر السلطنة في: المختار من تاريخ ابن الجزري 167، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 716.
[5] خبر دقوقا في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 716، والمختار من تاريخ ابن الجزري 167.
[6] هكذا في الأصل ونهاية الأرب 29/ 223، والمختار من تاريخ ابن الجزري. وفي مرآة الزمان:
«يوسف» . وهو «قيصر بن أبي القاسم، ينعت بالعلم، ويعرف بتعاسيف الأصفوني، كان عالما بالرياضيات، وهو من مواليد أصفون بصعيد مصر» . (حسن المحاضرة 1/ 233) .
[7] وقع في المطبوع من: مرآة الزمان، والمختار من تاريخ ابن الجزري: «البدري» ، في نهاية الأرب.
[8] في المرآة: «إسماعيل علي الحريري» ، وفي نهاية الأرب «على الحريري» .
[9] في المرآة: «قلعة عزاز» .
[10] خبر المصادرة في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 716، 717، والمختار من تاريخ ابن الجزري 167، 168، ونهاية الأرب 29/ 223، 224.(46/22)
[حصار دمشق]
ثمّ جاء عسكرُ الكاملِ صاحبُ مصر إلى قريب دمشق، فحَصَّنَها أَبُو الخِيش، وقَسَم الأبرجةَ عَلَى الأمراء. وجاءَ عزُّ الدّين أيبك من صَرْخَد، فأمَرَ بفتح الأبواب. وجاءَ لأجلِ الكاملِ النّاصر دَاوُد صاحبُ الكَرَك فَنَزل المِزَّة، ونَزَل مجيرُ الدّين، وتقيّ الدّين ابنا العادل بالقَابُون، وقَدِمَ الكاملُ، فنزل عنَد مسجد القَدَم، وقُطِعَت المياهُ عَنِ المدينَة، ووقع الحصارُ، وغَلَتِ الأسعارُ، وسُدَّ أكثرُ أبواب البلدِ. ورَدَّ الكاملُ ماءَ بَرَدَى إلى ثَوْرَى وغيره. وأحرَقَ أَبُو الخِيش العُقَيْبَةَ والطّواحين لئلَّا يحتميَ المصريّون. وزَحفَ النّاصرُ دَاوُد إلى باب تُوماءَ، ووُصِلت النّقوبُ، ولم يبقَ إلّا فتحُ البلد. ثمّ تأخَّر النّاصر إلى وطاة بَرْزَة، جاءَه أمرُ الكامل بذلك لئلَّا يفتحَ البلدَ عَلَى يدهِ، وأحرق قصَر حَجّاج والشاغورَ، وتعثَّرَ النّاسُ وتمَّتْ قبائحُ.
ثمّ آلَ الأمرُ إلى أن أُعطي الصّالح إِسْمَاعِيل بَعْلَبَكَّ وبُصْرى، وأُخِذَت منه دمشقُ. ودخلَ الكاملُ القَلْعَة فِي نصف جُمَادَى الأُولى وما هَنَّأَهُ الله بها، بل ماتَ بعد شهرين بدمشقَ. فبُهِتَ الخلقُ ولم يَتَحَزَّنوا عَلَيْهِ لجبروته [1] .
[الوقعة بين النّاصر صاحب الكرك والجواد صاحب دمشق]
ثمّ اجتمع عزّ الدّين أيْبك، وسيفُ الدّين عَلِيّ بْن قلِيج، وعمادُ الدّين وفخرُ الدّين ابنا شيخ الشّيوخ، والركنُ الهَكّاريّ [2] ، وتَشَاوَرُوا، فانفصلوا عَلَى غير شيء. وكان الناصرُ دَاوُد بدار سامة، فجاءَه الركنُ الهكّاريّ فبيَّن له
__________
[1] انظر خبر الحصار في: زبدة الحلب 3/ 233- 235، ومفرّج الكروب 5/ 150- 153، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 717، وتاريخ المسلمين لابن العميد 143، والمختصر في أخبار البشر 3/ 160، والدرّ المطلوب 325، ونهاية الأرب 29/ 224- 226، ودول الإسلام 2/ 139، والمختار من تاريخ ابن الجزري 168، وتاريخ ابن الوردي 2/ 165، ومرآة الجنان 4/ 87، والبداية والنهاية 13/ 148، وتاريخ ابن خلدون 5/ 355، ومآثر الإنافة 2/ 802، والسلوك ج 1 ق 2/ 256، 257، وتاريخ ابن سباط 1/ 312، 313.
[2] في المختار من تاريخ ابن الجزري- بخط المؤلّف- رحمه الله: «الهيجاري» ، وكذا في المرآة.(46/23)
الطّريق [1] ، ونَفَذّ إليه عزَّ الدّين أيْبك يَقُولُ: أَخرجِ الأموالَ، وأنفِقْ فِي مماليك أبيك، والعوامُ معك، وتَملكُ البَلَدَ، ويَبقوا محصورينَ فِي القلعَة، فلم يَصِرْ حالٌ، فأصبحوا واجتمعوا فِي القلعة، وذكروا النّاصر وذكروا الجوادَ، فكان أضَرَّ ما على النّاصر عماد الدّين ابن الشَّيْخ، لأنَّه كَانَ يُتِمُّ فِي مجالس الكامل مباحثات، فيُخَطِّئه النّاصر ويَسْتجهلُه، فحَقَدَ عَلَيْهِ، وكان أخوه فخرُ الدّين يَميلُ إلى النّاصر، فأشارَ عماد الدّين بالجواد فوافقه الباقون. وأرسلوا أميرا إلى النّاصر دَاوُد فِي الحال، فقال: أيش قعودُك فِي بلدِ القَوْم؟ فقام ورَكِبَ وازدحمَ النّاسُ من بابه إلى القلعةِ، وما شَكُّوا أنِّه تسلطن، وساق، فلمّا تعدَّى مدرسة العماد الكاتب، وخَرَجَ من باب الزّقاق، انعطفَ إلى باب الفَرَج [2] ، فصاحتِ النّاسُ: لَا، لَا، لَا، وانقلب البَلَدُ، فذهبَ إلى القابونِ، ووقع بعضُ الأمراء فِي النّاسِ بالدّبابيسِ، فهَرَبُوا، وسَلْطَنُوا الجواد، وفتحَ الخزائن وبذل الأموال.
قال أبو المظفّر ابن الجوزيّ [3] : فبلغني أنّه فرّق ستمائة ألفِ دينار، وخلَعَ خمسة آلاف خَلْعة [4] .
[افتقار النّاصر دَاوُد]
وقال سعدُ الدّين بْن حَمُّوَيْه: بلغت النّفقة تسعمائة ألف دينار وضيّعوا الخزائنَ، وأساءوا التّدبير. وكانت النّفقةُ فِي الطّواشي عشرين دينارا، وثلاثين دينارا، وللأمير نصفُ ما لأجناده. وبُطِّلَت الخمورُ والقِحابُ والمكوس، وهمّوا
__________
[1] في المختار من تاريخ ابن الجزري- بخط المؤلّف- رحمه الله: «فجاءه الركني والهيجاري في الليل وبينا له وجه الصواب» ، ومثله في المرآة.
[2] في المختار من تاريخ ابن الجزري- بخط المؤلّف- رحمه الله: «الفرح» وهو خطأ.
[3] علّق محققو المطبوع من (تاريخ الإسلام) (الطبقة الرابعة والستون) - ص 18 في الحاشية رقم (3) بقولهم: (لم نجد هذا النص في المطبوع من «المرآة» ) .
ويقول الخادم العلم وطالبه محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :
بلى قد ذكر سبط ابن الجوزي نصّ هذا الخبر في «المرآة» وهو في المطبوع منه ج 8 ق 2/ 707، 708 وفيه: «فرّق ستة آلاف ألف دينار» .
[4] وزاد السبط: «وبطل المكوس والخمور، ونفى الخواطئ» . والخبر في: المختار من تاريخ ابن الجزري 169، 170.(46/24)
بالقبضِ عَلَى النّاصر، فراحَ من القابون، ووَصَلَ إلى عَجْلون، ثمّ نَزَلَ غَزَّة، واستولى عَلَى السّاحل، فخرج إِلَيْهِ الجواد فِي عسكر مصر والشّام، وقال للأشرفيّة: كاتُبوه وطمَّعوه. ففَعَلُوا، فاغتَرَّ، وساق إلى نابلس بخزائنه ومعه سبعمائة فارس، فأحاطت بهم الجيوشُ، فانهزمَ جريدة، وحازُوا خزائنه وجنائبه وذخائره، وكانت خزائنه على سبعمائة جَمَلٍ، واستغَنوْا غَنَاءً للأبد، وافتقر هُوَ [1] .
قَالَ أبو المظفّر [2] : فبلغني أنّ عماد الدّين ابن الشَّيْخ وقَعَ بسَفطِ جوهرٍ وفصوص [3] ، فاستوهَبَه من الجواد فأعطاه إيّاه [4] .
وتوجّه فخر الدّين ابن الشَّيْخ، وعدَّة أمراء إلى مصر [5] .
[سلطنة العادل]
وفيها سُلْطِن بمصَر الملكُ العادلُ وَلَد الملكِ الكامل، وانضَمَّ إِلَيْهِ حاشية أَبِيهِ [6] .
[وقعة التّتار والأمير بكلك]
وفي ذي القِعْدة كانت الوقعةُ بينَ التّتار وبين الأمير جمال الدّين بكلك [7] ، وعدَّة جيشهِ سبعةُ آلاف فارس. وعِدَّة العدوِّ عشرة آلاف [8] ، فانكسَر المسلمونَ من بعد أن أنْكَوْا وقَتلُوا خَلْقًا من التتارِ، وكادُوا يَنَتصرون عليهم، ووصل
__________
[1] انظر خبر الناصر في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 708، والمختصر في أخبار البشر 3/ 162، 163، ومفرّج الكروب 5/ 192، 193، وزبدة الحلب 3/ 246، ونهاية الأرب 29/ 230، 231، والمختار من تاريخ ابن الجزري 170، والبداية والنهاية 13/ 150، وتاريخ ابن الوردي 2/ 167، والسلوك ج 1 ق 2/ 272، 273.
[2] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 708.
[3] في المرآة: «وقع بسفط صغير فيه اثنتي عشرة قطعة من الجوهر وفصوص ليس لها قيمة» .
[4] المختار من تاريخ ابن الجزري 170.
[5] المختار 170.
[6] انظر عن سلطنة العادل في: مفرّج الكروب 5/ 174، ونهاية الأرب 29/ 234.
[7] هو الأمير جمال الدين بكلك الناصري. كما في: الحوادث الجامعة 60.
[8] في الحوادث الجامعة: «خمسة ألف فارس» .(46/25)
المنهزمون إلى بغداد، وهَلَكَ الأكثرُ، وعُدِمَ فِي الوقعة مُقدَّمُهم بكلك.
ويقال: إنّه قُتِلَ فِي الوقعة قريبٌ من خمسين أميرا [1]- فإنّا للَّه وإنّا إِلَيْهِ راجعون-. وكانت التتارُ يعيثون فِي الشّرق، والأمر شديد بهم [2] .
__________
[1] ذكر ابن الفوطي أسماء بعضهم في الحوادث الجامعة.
[2] انظر خبر التّتار في: الحوادث الجامعة 60، والعسجد المسبوك 2/ 481، والسلوك ج 1 ق 2/ 273 (باختصار شديد) .(46/26)
سنة ستّ وثلاثين وستمائة
[حبس الوزير ابن مرزوق]
فِي أوّلها قبض الملك الجوادُ صاحبُ دمشق عَلَى الوزير صفيّ الدّين بن مرزوق، وأخذ منه أربعمائة ألف درهم، وسُجِنَ بقلعة حِمْص، فبقي ثلاثَ سنين لَا يرى الضَّوء. وقيل: حُبِسَ اثنتي عشرة سنة، ولكنَّ أسد الدّين شيركوه. أظهرَ موته [1] .
[ضعف سلطنة الجواد بدمشق]
وفيها تمَّهن الجوادُ وضعُف عن سَلْطَنة دمشق، وقايَضَ الملك الصّالح نجم الدين أيّوب بْن الكامل بدمشق سنجار وعانة. وكان الجوادُ قد سلَّطَ عَلَى أهل دمشق خادما [2] يقال لَهُ: النّاصح، فصادَرَهُم، وضرب، وعلّق [3] .
__________
[1] انظر عن حبس الوزير في: المختار من تاريخ ابن الجزري 173، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 718، والبداية والنهاية 13/ 151، 152. وقد زاد المؤلّف- رحمه الله- في المختار حكاية فقال: «قال المصنّف شمس الدّين: حكى لي الشيخ إبراهيم المرزوقي قال: لما تولّى الجواد بقي لا يفعل شيئا إلا برأي صاحب حمص، فاستشعر الصفيّ بن مرزوق من أسد الدين بعداوة بينهما منذ استوزره الأشرف قال: فعمل صفيّ الدين تابوت خشب وترك فيه جواهر وذهب ما قيمته مائتا ألف دينار وأكثر وأظهر أن أحد سراريه ماتت، وأنه لعزّتها يريد دفنها في داره، وهي اليوم مدرسة النجيلية بقرب الخوّاصين. وفتح شبّاكا إلى الطريق، ثم أطلع التابوت على أكتاف غلمانه إلى الجامع، وحضرت النّاس للصلاة عليها، وعمل العزاء وتردّد مقرئ إلى القبر، وسلّم إليّ صلاح الدين مفتاح القبة.
وبعد أيام مسك وصودر، ثم بعد قليل تخاصم خادمان للصفيّ، فراح الواحد إلى القلعة، وقال:
«معي بصحبة» ، فوشى بذلك إلى الجواد، فبعث القاضي وأمير جندار وجماعة ليحضروا التابوت، وكنت في الجامع، فطلبت وفتحت القبة، ثم فتحوا القبر، وأطلعوا التابوت وفتحوه عند السلطان ثم أطلعت» .
[2] زاد في المختار: «لبنت كرخيّ» .
[3] الخبر في: المختار من تاريخ ابن الجزري 173.(46/27)
[1] [وأمّا عماد الدّين ابن الشيخ، فإنه سار إلى مصر، فلامَهُ الملك العادل ابن الكامل، وتوعَّده، لكونه قام فِي سلطنة الجواد، فقال: أَنَا أمضي إلى دمشق، وأنزلُ بالقلعة، وأبعث إليك بالجواد. فقَدِم دمشق، ونزلَ بالقلعة، فأمر ونَهي وقال: أَنَا نائبُ السُّلطان، وقال للجوادِ: تسيُر إلى مصر. فاتّفق الجوادُ والمجاهد شيركوه عَلَى قتلِ عماد الدّين.
قَالَ أَبُو المظفّر ابن الجوزيّ [2] : ذكر لي سعد الدّين مَسْعُود بْن تاج الدّين شيخ الشيوخ قَالَ: خَرَجنا من القاهرة فِي ربيع الأوّل، فودَّع عمادُ الدّين إخوته فقال لَهُ أخوه فخرُ الدّين: ما أرى رواحَكَ رأيا [3] ، وربّما آذاك الجوادُ [4] . فقال: أَنَا ملَّكْتُه دمشقَ فكيف يُخالفني؟ قَالَ: صَدَقْتَ، أنت فارقته أميرا، وتعود [5] وقد صار سُلطانًا [6] ، فكيفَ يسمحُ بالنّزولِ عن السّلطنة؟ وأمّا إذا أبيتَ، فانزِلْ عَلَى طَبَريَّة وكاتِبْه، فإنْ أجابَ، وإلَّا فتقيُم مكانك، وتعرِّف العادلَ. فلم يلتفت إلى قول فخر الدّين، وسار [7] .
قَالَ سعد الدّين: فنزلنا المُصَلَّى، وجاءَ الجوادُ فتلقّانا وسارَ معنا، وأنزلَ عمادَ الدّين فِي القلعةِ [8] . وقَدِمَ أسد الدّين شير كوه من حِمْص، وبعثَ الملك الجواد لعماد الدّين الذّهبَ والخِلَعَ [9] ، فما وصلني من رشاشِها مطرٌ [10] مع
__________
[1] هنا كتب المؤلّف- رحمه الله- بخطّه: «من هنا إلى آخر قصة عماد الدين ذكر في ترجمته» . وكتب في أول النص «لا» ، ثم كتب في آخره «إلى» ، وهو يعني أن هذا النص سيتكرّر في ترجمة عماد الدين «عمر بن محمد بن عمر بن حمويه الجويني» الآتية برقم (423) ويريد حذفه من هنا.
وقد أبقيت عليه لما فيه من زيادة واختلاف عما في الترجمة.
[2] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 721- 724.
[3] في الأصل: «رأي» .
[4] في المرآة: «ابن مودود» .
[5] في المرآة: «وتعود إليه» .
[6] زاد في المرآة: «فتطلب منه تسليم دمشق وتعوّضه الإسكندرية ويقيم عندكم، فكيف تسمح نفسه بهذا؟» .
[7] في المرآة: «وسار إلى دمشق» .
[8] في المرآة: «بدار المسرّة» .
[9] زاد في المرآة: «والخيل والقماش» .
[10] في المرآة: «قطرة» .(46/28)
ملازمتي لعمادِ الدّين فِي مرضِه، فإنَّه ما خَرَجَ من القاهرة إلّا فِي محفةٍ [1] .
ثم إنّ الجواد رَسمَ عَلَيْهِ فِي الباطن ومنعه الركوب، واجتمع بِهِ وقال: إذا أخذتم منّي دمشق وأعطيتموني الإسكندرية، فلا بُدَّ لكم من نائب بدمشق فاحسبوني ذَلِكَ النّائب، وإلّا فقد نفَّذتُ إلى الصالح نجم الدّين أُسَلِّم إِلَيْهِ دمشق، وأذهب إلى سنجار. فقال: إذا فعلت هذا، أصلحت بين الصالح وأخيه العادل، وتبقى أنت بغير شيءٍ. فقام مغضبا، وقصَّ عَلَى أسد الدّين ما جرى، فقال لَهُ:
والله لئن اتَّفَقَ الصّالحُ والعادلُ ليتركونا نشحذ فِي المخالي. فجاء أسدُ الدّين إلى عماد الدّين وقال: مصلحةٌ أن تكتب إلى العادل تستنزله عن هذا الأمرِ. فقال:
حتّى أروح إلى مقام بَرْزَة وأُصلّي صلاةَ الاستخارَة. فقالَ: تروحُ إلى بَرْزة وتهربُ إلى بَعْلَبَكَّ؟ فغَضبَ من هذا. ثمّ اتّفق شِيركُوه والجوادُ عَلَى قتله. وسافرَ شيركوه إلى حمص، ثمّ بعثَ الجوادُ يَقُولُ: إنْ شئْتَ أن تركَب وتتنزَّه، فاركَبْ، فاعتقد أن ذَلِكَ عن رضى، فَلَبِسَ فَرَجيَّة وبعَثَ إِلَيْهِ بحصانٍ، فلمّا خَرَجَ من باب الدّار، وقابله النصرانيُّ بيده قصَّةٌ فاستغاث، فأراد حاجبه أن يأخذها، فقالَ: لَا، لي مَعَ الصاحب شغلٌ. فقال عماد الدّين: دعوه، فتقدّم إِلَيْهِ وناوَلَه القصَّة، ثمّ ضَرَبه بسكِّينٍ عَلَى خاصرته بدَّد مصارينَه، وَوَثَب آخُر يضربه عَلَى ظهره بسكّين، فرُدّ إِلَى الدّار مَيْتًا. وأخذ الجوادُ جميعَ تَركَتِه، وعَمِلَ محضرا يتضمَّنُ أنّه ما مَالأ عَلَى قَتْلِه، وبَعَثَ إلى أَبِي، فقال: اطْلَعْ، فجهزِ ابن أخيك، فجَهَّزْناه، وأخرجناه.
وكانت له جنازة عظيمة، ودفنّاه بقاسيون في زاوية الشّيخ سعد الدّين ابن حمّويه.
وعاش ستّا وخمسين سنة.
وقد كتب مرّة عَلَى تقويم:
إذا كَانَ حُكْمُ النَّجْمِ لَا شَكَّ واقعا [2] ... فما سَعْيُنا فِي دَفْعِه بنجيحِ
وإنْ كانَ بالتّدبيرِ يُمكنُ ردُّهُ ... عَلِمْنا بأنّ الكلّ غير صحيح
__________
[1] زاد في المرآة: «كنت كما قيل:
إن يطبخوا يوسعوني من دخانهم ... وليس يبلغنا ما تنضج النار
[2] في المرآة: «واقع» وهو غلط.(46/29)
قَالَ أَبُو المظفَّر [1] : وحُبِسَ النَّصْرانيّ أيَّامًا وأطلق] [2] .
[خروج الجواد من دمشق]
وخرج الجواد عن دمشق فتسلَّمها الملكُ الصّالح، وعَبَر فِي أوّل جُمَادَى الآخرة، والملكُ الجوادُ والملكُ المظفَّر الحمويّ بين يديه يحملان الغاشية بالنَّوبة، فنزل بالقلعة. ثمّ نَدِمَ الجوادُ حيثُ لَا ينفعُه النّدمُ، وطلبَ الأمراء وحلَّف جماعة، فعَلِمَ الملكُ الصّالح فهمّ أنْ يحرِقَ عَلَيْهِ دارَه، فدخل ابن جرير فِي الصُّلح. وخَرَجَ الجوادُ إلى النَّيْرَب، ووقف الناسُ عَلَى باب النّصر يدعونَ عَلَيْهِ ويُسَمِّعونه لكونه صادَرَهُم وأساء إِلَيْهِ. فأرسل إِلَيْهِ الصّالح ليَرُدَّ إلى النّاسِ أموالهم، فما التفتَ، وسافر [3] .
[وزارة ابن جرير ووفاته]
واستوزَرَ الصّالحُ جمال الدّين عليّ بن جرير، وزير الأشرف، فماتَ بعد أيّام [4] .
[وزارة الإربليّ]
قلتُ: ثمّ وَلِيَ الوزارة بعده- عَلَى ما ذكر سعد الدّين في «جريدته» - تاج الدّين ابن الوليّ الإربليّ.
[الغلاء بدمشق]
وحصل بدمشق الغلاء، وأبيعت الغرارة بمائتين وعشرين درهما [5] .
__________
[1] في المرآة: «ج 8 ق 2/ 721.
[2] وانظر: المختار من تاريخ ابن الجزري 173، 174، ومفرّج الكروب 5/ 198- 201.
[3] انظر عن خروج الجواد في: مفرّج الكروب 5/ 204، والبداية والنهاية 13/ 152.
[4] انظر عن ابن جرير في الوفيات برقم (419) ، والخبر في: ذيل الروضتين 168 وفيه «جرير» .
[5] انظر عن الغلاء في: ذيل الروضتين 168 وفيه «ذلك مائتا درهم وخمسة وعشرون درهما» .(46/30)
[توجّه الصالح إلى مصر]
وتوجَّه الملكُ الصّالحُ قاصدا ديارَ مصرَ، وكاتبَ عمَّه عمادَ الدّين إِسْمَاعِيل صاحبَ بَعْلَبَكَّ ليسير إِلَيْهِ، فسارَ الصّالحُ نجمُ الدّين إلى نابُلُسَ، واستولى عَلَى بلاد النّاصر دَاوُد فِي شوّال، فسار الناصرُ إلى مصر، وأقام الصّالحُ ينتظر قُدومَ عمِّه الصّالح إِسْمَاعِيل. وكان ولدُ أَبِي الخيش وعسكره عند الملك الصّالح، وعمُّه فِي باطن الأمر قد كاتب ولده ناصر الدين ابن يَغْمور ليحلِّفا لَهُ الْجُنْد، والأموالُ تُفَرَّقُ بدمشق بدارِ النّجِم بْن سلام، ولم يَكُنْ أحدٌ يَجْسُرُ أن يُعرّف الملك الصالح لهيبته. وجَبَوْا أسواقَ البَلَد لأجلِ سُوقيّة العسكر، من كلِّ دُكّان عشرة دراهم [1] .
[سرقة النعل]
وفي شوَّال سُرِقَ النَّعلُ الّذِي بدار الحديث، فشدَّد أولو الأمر عَلَى القُوّامِ وأهلِ الدّار، فَرَمَوه فِي تُراب.
[استيلاء الفرنج عَلَى قُرْطُبَة]
وحدَّثني أَبُو القاسم بْن عِمران عن غير واحدٍ من مشايخ سَبْتَة: أنّ الفرِنج استولَوْا عَلَى جميع قُرْطُبَة سنة ستٍّ هذه. وذكر أنّ استيلاءهم عَلَى شرقيِّها كَانَ فِي سنة ثلاثٍ وثلاثين- كما ذكرنا-.
قَالَ الأبَّارُ: وفي صفر سنة ستٍّ أخذت الفرِنج بَلَنْسِية بعد حصار خمسة أشهر.
__________
[1] انظر خبر الصالح في: المختصر في أخبار البشر 3/ 163، 164، ومفرّج الكروب 5/ 211، 212، ونهاية الأرب 29/ 258- 260.(46/31)
سنة سبع وثلاثين وستمائة
[حصار الصالح دمشق]
فِي صفر خرج الملك الصّالح عماد الدّين إِسْمَاعِيل من بَعْلَبَكَّ وقد تهيّأت لَهُ الأمور كما يريد، وذلك بترتيب وزيره الأمين الطيّب السَّامرِيّ، بَعَث إلى دمشق الأموالَ والخِلَع ففُرِّقت. ثمّ خَرَجَ من بَعْلَبَكَّ بالفارس والراجل عَلَى أنّه متوجّه إلى نجدة ابن أخيه نجم الدّين أيّوب، إلى نابُلُسَ من طريق بانياس، فباتَ بالمَجْدَل. وسَّرحَ بطاقة إلى نجم الدّين بأنّه واصلٌ إِلَيْهِ، وساق بسحرٍ وقَصَدَ دمشق، فوصلَ إلى عقبةَ دُمَّر، ووقف. فجاءه صاحبُ حمص أسدُ الدّين من جهة مَنين، وقصدوا باب الفراديس وهجموا البلد. فنزل الصّالحُ فِي داره بدرب الشَّعَّارين، ونزلَ أسدُ الدّين بدارِه تجاه العزيزة. ثمّ أصبحوا من الغد- يوم الأربعاء- فزحفوا عَلَى القلعة، ونقبوها من عنْد باب الفَرَج- وكان بها الملكُ المغيث عمر ابن الملك الصّالح نجم الدّين- وكان الصّالحُ عمادُ الدّين يكاتب ابن أخيه ويَعِدُه بالمجيء، وسيَّر إِلَيْهِ يطلب منه ولده ليصل إلى بَعْلَبَكَّ كي يُقيم عِوَضَه فِي بَعْلَبَكَّ، فبعَثَ بِهِ إليه. وكان عزّ الدّين أيبك صاحب صَرْخَدَ قد كاتب الصّالح عماد الدّين واتَّفق معه. ثمّ إنّ الصّالح عماد الدّين ملك القلعة بالأمان، ثمّ نكثَ وقَبَضَ عَلَى المغيث عُمَر، وحبسه فِي برجٍ [1] . وخَرِبَت لذلك دارُ الحديث الأشرفيّة ودورٌ وحوانيتُ من شأن الحصارِ، ونصبَ عَلَى القلعة سبعة مجانيقَ، وأخذوا فِي النقوب، ثمّ أخذت بالأمان. وبلغ نجم الدّين ما جرى، فسيّر عمَّيْه مجير الدّين، وتقيّ الدّين، وأيدكين، وألتميش [2] وأنفق فيهم وقال: سوقوا إلى دمشق قبل أن تؤخذ القلعةُ، فساقوا، فبلغهم أخذ القلعة، فمالوا عن نجم الدّين
__________
[1] انظر نهاية الأرب 29/ 260، 261.
[2] في نهاية الأرب 29/ 261 «النّميس» ، ومثله في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 726.(46/32)
خوفا عَلَى أهليهم وأسبابهم، وانضمُّوا إلى الصّالح عماد الدّين، وتمَّ لَهُ الدَّسْت.
وبقي الصّالح نجمُ الدّين فِي مماليكه وجاريته أُمّ خليل، فطَمِعَ فِيهِ أهلُ الغور والقبائل.
واتّفق عودُ الملك النّاصر من مصر عن غير رِضى، فأخبروه بما تمَّ، فأرسل عسكره، فأحاطوا بالملك الصّالح نجم الدّين وحملوه عَلَى بغلة بلا مهماز، وأحضروه إلى النّاصر، فاعتقله مكرَّمًا بالكَرَك سبعة أشهرٍ. فطلب الملكُ العادل أخاه نجم الدّين من الملك النّاصر، وبذل فِيهِ مائة ألف دينار. وطلبه أيضا عمُّه الملك الصّالح وصاحبُ حمص، فما أجابهم النّاصر. وأتَّفق معه عَلَى أيمانٍ وعهود، ثمّ خرج بِهِ، وقصدَ مصرَ. فلمّا بلغ الملوك إخراجُه تألَّموا من النّاصر وعادَوْهُ. واختلفت عَلَى الملك العادلِ ولدِ الكاملِ عساكرُهُ، وكاتبوا الملكَ الصّالح أخاه يسألونه الإسراعَ، فوصل إلى بِلْبِيس فِي أواخر ذي القِعْدة، وبها منصوبٌ مخَيمُ الملكِ العادل، فنزلَ بِهِ.
وذكر أَبُو عَبْد اللَّه الْجَزَريّ [1] وغيره، قصَّة نجم الدّين أيّوب، قَالَ: بقي فِي غلمانه وطَمَع فِيهِ أهلُ الغور والعُشران [2] ، وكان مقدَّمَّهم شيخٌ جاهل يقال لَهُ:
تُبَل البَيْسانيّ، فما زالوا وراءه وهو يحمِلُ فيهم، وأخذوا بعض ثِقْلِه، ثمّ نزل عَلَى سَبَسْطِية [3] . وكان الوزيريّ قد عادَ إلى نابُلُسَ، فأرسل إِلَيْهِ يَقُولُ: قد مضى ما مضى وما زالت الملوك كذا، وقد جئت مستجيرا بابن عمّي. ونزل فِي الدّار الّتي للنّاصر بنابُلُس. ثمّ كُتُب الوزيريّ إلى النّاصر يُخبره الخبرَ. فبعث النّاصر عماد الدّين ابن موسك، والظّهير ابن سنقر الحلبيّ في ثلاثمائة فارس، فركب الصّالح نجم الدّين فتلقّاهم، فقالوا: طَيِّبْ قلبَكَ، إلى بيِتكَ جئتَ. فقال: لَا ينظر ابن عمّي إلى ما فعلت وقد استجرت بِهِ. فقالوا: قد جارَكَ وما عليكَ بأس.
__________
[1] هو صاحب التاريخ الّذي اختار منه المؤلّف- رحمه الله- وعرف باسم «المختار من تاريخ ابن الجزري» ، وقد حققه خضير عباس محمد خليفة المنشداوي، ونشرته دار الكتاب العربيّ ببيروت 1408 هـ/ 1988 م. أما الخبر المذكور هنا فهو ساقط من المطبوع.
[2] في المرآة: «أهل الغور والقبائل» .
[3] سبسطية: مدينة قرب نابلس.(46/33)
وأقاموا أيّاما نازلين حولَه، فلمّا كَانَ فِي بعض اللّيالي صرخ بوقُ النّفير، وقيل:
جاءت الفِرنجُ. فرَكِبَ النّاسُ والعساكُر ومماليكُ الصّالح وساقوا إلى سَبَسْطية. ثمّ جاءَ ابن موسَك وابن سُنْقُر إِلَيْهِ، فدخل ابن سُنْقُر إِلَيْهِ، وقال: تطلُعُ إلى الكَرَكِ إلى ابن عمّك، وأخذ سيفه [1] .
قال أبو المظفّر ابن الجوزيّ [2] : فبلَغني أنّ جاريته كانت حاملا فأسقطت، وأخذوه إلى الكَرَكِ، فحدَّثني بالقاهرة سنة تسعٍ وثلاثين [3] قَالَ: أخذوني عَلَى بغلةٍ بلا مِهْمازٍ ولا مِقْرَعةٍ، وساروا بي ثلاثة أيّام، واللهِ ما كلّمت أحدا منهم كلمة، وأقمت بالكركب أشهرا، ورسموا عَلَى الباب ثمانين رجلا. وحكى لي أشياء من هذه الواقعة [4] .
ثمّ إنّ الوزيريّ أطلع خزائنه وخيلَه وحواصلَه إلى الصَّلْتِ [5] ، وبقيت حاشيته بنابلس [6] . ووصل علاء الدّين ابن النابُلُسيّ من مصر من عند الملكِ العادلِ إلى النّاصرِ يطلُبُ الصّالح، ويُعطيه مائة ألف دينار، فما أجابَ. فلمّا طالَ مقامُه، استشارَ عماد الدّين ابن موُسَك وابنَ قلِيج، ثمّ أخرجه، وتحالفا واتَّفقا فِي عيِد الفِطْر. فحدَّثني الصّالح قَالَ: حَلَّفني النّاصر عَلَى أشياء ما يَقْدِرُ عليها ملوكُ الأرض [7] ، وهو أن آخذَ لَهُ دمشقَ، وحمص، وحماة، وحلب، أو الجزيرة، والمَوْصِل، وديارَ بَكْرٍ، ونصفَ ديار مُضَر [8] ، وأُعطيه نصفَ ما فِي الخزائن من المال والجواهر والخيل والثياب، فحلفت له من تحت القهر والسّيف.
__________
[1] انظر: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 725- 727، ونهاية الأرب 29/ 261- 263.
[2] في المرآة: 8/ 727 فما بعد.
[3] الّذي في المطبوع من «المرآة» : «646» وكتب في الهامش أنه سنة (636) في نسخة أخرى.
[4] انظر: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 727 وفيه حكايات أخرى أهملها المؤلّف- رحمه الله-، وكذلك نهاية الأرب 29/ 263.
[5] الصلت: بلدة في الأردن جنوب عجلون. وهي السّلط أيضا.
[6] إلى هنا الخبر في نهاية الأرب 29/ 364.
[7] انظر نهاية الأرب 29/ 266.
[8] في المطبوع من تاريخ الإسلام (الطبقة الرابعة والستون) ص 26 «ديار مصر» .(46/34)
قَالَ: وبَرَزَ العادلُ إلى بِلْبيسَ يقصِدُ الشّامَ، فاختلف عَلَيْهِ العسكرُ وقَبَضُوه، وأرسلوا إلى الصّالح نجم الدّين يُعَرَّفونه ويحثُّونه عَلى المجيء، فسار ومعه الناصرُ وابنُ موسك وجماعة أمراء فقدموا بِلْبِيسَ، فنزل الصّالحُ فِي مخيَّم أخيه، وأخوه معتقلٌ فِي خَرْكاه [1] من المخيّم. وكان محيي الدّين يوسف ابن الجوزيّ بمصر وقد خَلَعَ عَلَى الملك العادلِ، وعلى الوزيرِ الفلك المسيريّ من جهةِ الخليفَة.
وحدَّثني الصّالح نجم الدّين قَالَ: والله ما قصدتُ مجيء الملك النّاصر معي إلّا خِفْتُ أن تكون معمولة عَلِيّ، ومنذُ فارَقنا غزَّة، تغيَّر عَلِيّ، ولا شكَّ، إلا أنَّ بعض أعدائي أطمَعَهُ فِي المُلك، فذكر لي جماعة من مماليكي أنّه تحدَّث معهم فِي قتلي، ولمّا أفرج عنّي، نَدِمَ وهمَّ بحبسي ثانيا، فرميتُ روُحي عَلَى ابن قليج، فقال: ما كَانَ قصدُه إلّا انْ نتوجّه أولا إلى دمِشقَ فنأخذها، فإذا أخذناها عُدْنا إلى مصر.
قَالَ: فلمّا أتَيْنا بِلْبِيس، شَربَ الناصرُ تلكَ اللّيلة، وشَطَحَ إلى خَرْكاه العادل، فخرج من الخَرْكاه، وقبّل الأرض بين يديه فقال لَهُ: كيف رَأَيْت ما أشرتُ عليك ولم تقبلْ منّي؟ فقال: يا خوند التُّوبة. فقال: طيّب قلبك، السّاعة أطلقك. ثُمَّ جاء فدخل على الخيمة ووقف، فقلتُ: بسم اللَّه اجلس. قَالَ: ما أجلسُ حتّى تُطلقَ العادلَ. فقلتُ: اقعُدْ- وهو يكرّرُ الحديث- فسكت. ولو أطلقته لضُرِبَتْ رقابُنا كلّنا. قَالَ: فنامَ، فما صدَّقتُ بنومه، وقمتُ باقي الليل، فأخذتُ العادل فِي مِحفَّة ودخلتُ بِهِ القاهرة. ثمّ بَعَثتُ إلى النّاصر بعشرين ألف دينارٍ، فردَّها.
وذكر لي الصّالحُ نجمُ الدّين قول النّاصر لَهُ: بُسْ يدي ورِجلي- يعني ليلة بِلْبيس- فقلتُ: ما أظنُّ هذا يَبْدُو منه، هُوَ رجلٌ عاقل. فأقسم باللَّه أنّ هذا وقع [2] .
__________
[1] الخركاه: لفظ تركي بمعنى الخيمة.
[2] إلى هنا في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 728، 729، وعنه ينقل النويري في: نهاية الأرب 29/ 270.(46/35)
[الخطبة للعادل بدمشق]
وأمّا الصّالح إِسْمَاعِيل، فلمّا استقرَّ بقلعَة دمشق خَطَبَ للعادلِ ابن الكامل صاحب مصر، ثمّ لنفسه [1] . وقَدِمَ عَلَيْهِ عز الدّين أيبك من صَرْخَد.
[مرض صاحب حمص]
ثمّ قَوِيَ المرضُ بصاحب حِمصْ فسافر إليها [2] .
[حبس الشهاب القوصيّ والوزير الإربليّ]
وفي ربيع الأوّل رفعَ الشهابُ القوُصيّ إلى الصّالح أنَّه يستخلص الأموالَ من أهل دمشق، فصَفَعَه الصّالحُ وحبسه، وحبس الوزير تاج الدّين ابن الوليّ الإربليّ، وزير الصّالح أيوب.
[أخذ سنجار من الملك الجواد]
وفيها أخذ صاحبُ المَوْصِل بدر الدّين لؤلؤ سِنجْارَ من الملك الجواد بموافقةٍ من أهلها، لسوء سيرة الجوادِ فيهم، فإنّه صادَرَهُم. وخَرَجَ يتصيَّدُ ويحجُّ فِي البرية، فبعثوا إلى بدر الدّين، فجاء وفتحوا لَهُ، فمضى الجوادُ إلى عانة ولم يبقَ لَهُ سواها، ثمّ باعها للخليفة [3] .
[التدريس بالشامية البرانية]
وفيها درَّس الرفيع عَبْد العزيز الجيليّ بالشاميّة البرانيّة [4] .
__________
[1] مفرّج الكروب 5/ 229.
[2] مفرّج الكروب 5/ 254.
[3] انظر عن سنجار في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 729، والحوادث الجامعة 64، 95 و 69، ومفرّج الكروب 5/ 253، والمختصر في أخبار البشر 3/ 166، ودول الإسلام 2/ 143، والبداية والنهاية 13/ 154، والعسجد المسبوك 2/ 490، 491، وتاريخ ابن سباط 1/ 320.
[4] انظر عن تدريس الشامية في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 729، 730، ومفرّج الكروب 5/ 237، والبداية والنهاية 13/ 154.(46/36)
[إنزال الكامل في تربته]
وفيها أُنزِلَ الملكُ الكاملُ من القلعة فِي تابوته إلى ترُبته التي عُمِلتَ لَهُ، وفُتح شبَّاكُها إلى الجامع الأُمَويّ [1] .
[خطابة العزّ بْن عَبْد السلام بدمشق]
وفي ربيع الآخر وَلِيَ خطابة دمشق الشيخ عز الدين عَبْد العزيز بْن عَبْد السلام، فخَطَبَ خطبة عريَّةً من البِدَع، وأزالَ الأعلام المذهَّبة، وأقام عِوَضَها سودا بأبيض، ولم يؤذِّن قدَّامَه سوى مؤذِّنٍ واحدٍ. وعُزِل الّذِي قبله وهو أصيل الدّين الإسْعَرديّ [2] .
[الخطبة لصاحب الروم بدمشق]
وفيها أمرَ الملكُ الصّالح إِسْمَاعِيل خطباء دمشق أن يخطبوا لصاحب الرّوم معه [3] .
[زيادة الأسعار والسيل المخرّب]
وفيها كانت الزّيادةُ فِي أيّام المشمش، جاء سيلٌ عَرِم هدَّم وخرَّب [4] .
[ولاية قضاء دمشق]
وفيها وَلِيَ قضاء دمشق بعد تدريسه بالشاميّة القاضي الرفيع، وكان قاضي بعلبكّ في أيّام الصّالح بها [5] .
__________
[1] انظر عن تربة الكامل في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 730، وذيل الروضتين 169.
[2] انظر عن خطبة العزّ في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 730، وذيل الروضتين 170، والبداية والنهاية 13/ 154، والعسجد المسبوك 2/ 492، والسلوك ج 1 ق 2/ 299.
[3] انظر عن الخطبة لصاحب الروم في: البداية والنهاية 213/ 154، والسلوك ج 1 ق 2/ 299 و 308 (حوادث 638 هـ) .
[4] انظر عن الزيادة والسيل في: ذيل الروضتين 170، والبداية والنهاية 13/ 154.
[5] انظر عن قضاء دمشق في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 730، وذيل الروضتين 169، 170، ومفرّج الكروب 5/ 237، ونهاية الأرب 29/ 271، والبداية والنهاية 13/ 155.(46/37)
[مقاتلة أَبِي الكرم للتتار]
وفيها جاء الخبُر إلى بغداد أنّ رجلا ببخارى يُعرف بأبي الكَرَم لَهُ أتباع، قَالَ لأصحابه: إنّي قادرٌ عَلَى كسرِ التتار بمن يتبعُني- بقوّة اللَّه تعالى- من غير سلاح، فَتبِعَهُ طائفةٌ، ونهضوا عَلَى شحنة البلدِ ومن معه فهربوا، وقَوِيَ أمرُه، وتَبِعَهُ الخَلْق. فبلغ ذَلِكَ جرماغون ملك التتار يومئذ، فنفَّذ جيشا وشحنه. فخرج لحربهم أَبُو الكرم فِي أُلوفٍ كثيرةٍ بلا سلاح، وتقدَّم أمامهم فأحجم عنْهُم التتارُ إلّا واحدا، فأقدم ليجرّب، وحَمَلَ عَلَى أَبِي الكَرَم، فقتلَهُ، وشدَّ التتار عَلَى النّاس قَتْلًا. ويقال: إنَّ عدّة النّاس كانوا ستّين ألفا [1] .
[الاحتفال بالعيد فِي بغداد]
وقال ابن السَّاعي: فيها رَفَلَ الخلائقُ ببغداد في الخلع في العيد بحيث حرز المخلوعُ عليهم بأكثرَ من ثلاثة عشر ألفا.
[امتناع الحجّ العراقي]
ولم يحُجَّ ركبٌ من العراقِ [2] .
[حبس الحريريّ]
وفي المُحرّمِ حَبَسُوا الحريريَّ بعزَّتا لأجل صبيّ من قرائب القَيْمُريّ، حلقَ رأسَه وصَحِبه.
[قدوم رسول ملك اليمن]
وفيها قَدِمَ رسولُ الأمير الّذِي ملكَ اليمن نور الدّين عُمَر بْن عَلِيّ بْن رسول التُركمانيّ، إلى الدّيوان العزيز. وهذا وُلِدَ باليمن وخدَمَ مَعَ صاحبها الملك المسعود أقسيس ابن الكامل، فلمّا مات أقسيس عَلَت همَّةُ هذا، واستولى على
__________
[1] انظر خبر أبي الكرم في: الحوادث الجامعة 67.
[2] انظر خبر الحج في: العسجد المسبوك 2/ 492.(46/38)
البلادِ وملَكَها، وقطَعَ خطبة الملكِ الكاملِ وطردَ نُوَّابه، وخطب لنفسه، وأرسل يطلب من المستنصر باللَّه تقليدا بسلطنة اليمن. وبقي الملك فِي بنيه باليمن إلى اليوم [1] .
[موت جماعة من أمراء الكامليّة]
وفي ذي القِعْدة كَانَ الصّالح عمادُ الدّين إِسْمَاعِيل قد قبضَ عَلَى جماعة من أمراء الكامليّة، فحبَسَهُم وضيَّق عليهم فماتوا، وهم: أيبك قضيب البان، وبَلَبان [2] الدُّنَيْسريّ، وأيبك الكُرديّ، وبلَبَان المجاهديّ- رحمهم اللَّه [3]-.
[امتناع الحجّ العراقيّ]
ولم يحُجَّ ركبُ العراقِ فِي هذه السّنين للاهتمام بأمر التّتار [4] .
__________
[1] انظر خبر الرسول في: الحوادث الجامعة 65، والعسجد المسبوك 2/ 490.
[2] في السلوك: «سنقر الدنيسريّ» .
[3] انظر خبر الأمراء في: مفرّج الكروب 5/ 238، والسلوك ج 1 ق 2/ 289، والبداية والنهاية 13/ 155 وفيه «حصن سعيف أربون» .
[4] تقدّم هذا الخبر قبل قليل.(46/39)
سنة ثمان وثلاثين وستمائة
[تسليم قلعة الشقيف للفرنج]
فيها سلَّم الملكُ الصّالح أبو الخيش إِسْمَاعِيل قلعة الشَّقيف إلى الفرِنج، فتملَّكها صاحبُ صيدا، فأنكر عَلَى الصّالح الشيخان: عزُّ الدّين بن عبد السّلام، وأبو عمرو ابن الحاجب، فعُزلَ عِزُّ الدّين عن الخطابة، وحبَسَهما بالقلعة. ووَلِيَ الخطابة وتدريسَ الغزاليّة الخطيبُ العماد دَاوُد بْن عُمَر المقدسيّ خطيبُ بيتِ الأبارِ. ثمّ أطلقهما بعد مدّة، وأمرهما بلزوم بيتهما [1] .
[كتاب ملك التتار إلى صاحب ميّافارقين]
وفيها قال أبو المظفّر ابن الجوزيّ [2] : قَدِمَ رسولُ ملكِ التّتار ومعه كتابٌ إلى صاحب ميَّافارِقين شهاب الدّين غازي ابن العادل، وإلى الملوك، عنوان الكتاب: من نائب ربِّ السماء، ماسحِ وجه الأرض، ملكِ الشّرق والغرب، ويأمرهم- أعني ملوك الإِسلْام- بالدّخولَ فِي طاعة القاآن الأعظم. وقال لشهاب الدّين: قد جعلك سلحداره، وأمرَكَ أن تخرِّب أسوار بلادك. فقال: أَنَا من جُملة الملوك الّذين أُرسِلَ إليهم، فمهما فعلوا فعلت.
ثمّ قَالَ أَبُو المظفَّر: وكانَ هذا الرَّسُول شيخا لطيفا، مسلما، أصبهانيّا، حكى لشهاب الدّين عجائب منها، قَالَ: بالقرب من بلادِ قاقان، قريبا من يأجوجَ ومأجوجَ عَلَى البحر المحيطِ، أقوامٌ ليس لهم رءوس، وأعينهم [3] في مناكبهم،
__________
[1] انظر خبر الشقيف في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 732، 733، وذيل الروضتين 170، والمختصر في أخبار البشر 3/ 169، والمختار من تاريخ ابن الجزري 176، ودول الإسلام 2/ 143، 144، والسلوك ج 1 ق 2/ 303.
[2] في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 733، 734.
[3] في المختار من تاريخ ابن الجزري 178 «أعنتهم» .(46/40)
وأفواهُهم فِي الرَّقبة، وإذا رأوا النّاس هربوا، قَالَ: وعيشُهم من السّمكِ. وهناك طائفة تزرعُ فِي الأرض بزْرًا يتولدُ منه غنمٌ كما يتولَّد الدّودُ، ولا يعيشُ الخروفُ أكثرَ من شهرين أو ثلاثةِ، مثل بقاء النّبات. وإنَّ هذه الغنم لَا تتناسلُ. (وأخبر أنّ عندهم آدميُّ برِّيٌّ، وعلى جسمه شعرٌ كثير. وخيلُ بَريد لَا تُلْحق) [1] .
[قدوم ولد ملك الخوارزمية إلي بغداد]
[وَفِي [2] ذي الحجّة قَدِمَ بغداد شمسُ الدّين بْن بركات خان بْن دولة شاه، ولد ملك الخُوارَزميّة، وله عشرُ سنين، فتلقّاه الموكبُ الشريف، وخُلعِ عَلَيْهِ بشربوش، وأُرْكِبَ فرسا بسرجِ ذهب. ثمّ قَدِمَ بعدَه ابن كشلي خان أحدُ أمراء الخُوارزميّة، فخلع عَلَيْهِ.
[امتناع الحجّ من بغداد]
ولم يحُجَّ أحدٌ فِي هذا العام من بغداد.
[كسرة الناصر دَاوُد للفرنج]
وفي أوّلها وصَلَ النّاصر دَاوُد من مصر إلى غزّة، فكان بينه وبين الفرنج وقعةٌ، كسرهم فيها.
[نهْب الركب الشامي]
وفيها وَصَلَ الركب الشّاميّ منهوبين، أخذتهم العربُ بين تَيماءَ وخيبر.
[القبض عَلَى أمراء للصالح]
وفيها قَبَضَ الصّالح أَيوب عَلَى خمسة أمراء من أمراء دولة أبيه [3]] [4] .
__________
[1] ما بين القوسين ليس في مرآة الزمان. ولا شك في أن الرسول كذّاب. وقد جازف سبط ابن الجوزي فقال إنه كان شيخا لطيفا!. والخبر باختصار في: دول الإسلام 2/ 144، والعسجد المسبوك 2/ 498، 499، والبداية والنهاية 13/ 155، 156.
[2] من هنا كتب على حاشية الأصل.
[3] حتى هنا ينتهي المكتوب على حاشية الأصل.
[4] انظر خبر القبض على الأمراء في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 734، ومفرّج الكروب 5/ 274، 275،(46/41)
[انكسار الخوارزمية أمام الحلبيين]
وفيها سارَ جيشُ حلب ومعهم الملكُ المنصور إِبْرَاهِيم صاحبُ حمص إلى حرَّان، فعملوا مَعَ الخُوارزميّة مصافّا، فانكسَرَتِ الخوارزميّة، وقُتِلوا، وأُسِرُوا.
وأخذ المنصور حرَّان، وعَصَت عَلَيْهِ القلعةُ [1] .
[هياج الأمراء بمصر]
وفيها هاجت الأمراء بمصر واختلفوا، فمسَكَ منهم الملكُ الصّالح عدَّةً، فسكن الوقتُ [2] .
[تسلُّم الروم آمد]
وفيها تسلَّمَ عسكُر الرومِ آمِدَ بعد حصارٍ طويل. وقيل: إنَّهم اشتَرَوها بثلاثين ألف دينار [3] .
[ظهور البابا التركمانيّ]
وفيها ظهر بالروم الباب التُّرْكُمانيّ، وادَّعى النبُّوة، وكان يَقُولُ: لا إلهَ إلا الله، الباب وليُّ اللَّه، واجتمع عَلَيْهِ خلقٌ عظيم. فجهَّز صاحبُ الرومِ جيشا لقتاله، فالتَقَوْا، وقُتِلَ فِي الوقعة أربعةُ آلافٍ، وقتل البابا- لَا رَحِمهُ الله [4]-.
__________
[ () ] والمختصر في أخبار البشر 167، والمختار من تاريخ ابن الجزري 178، ودول الإسلام 2/ 144.
[1] انظر كسرة الخوارزمية في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 734، ومفرّج الكروب 5/ 291- 293، والمختصر في أخبار البشر 3/ 168، وزبدة الحلب 3/ 258، ودول الإسلام 2/ 144، والمختار من التاريخ ابن الجزري 176، والسلوك ج 1 ق 2/ 303، ونهاية الأرب 29/ 299، والحوادث الجامعة 79 (حوادث 640 هـ) .
[2] تقدّم الخبر قريبا جدا.
[3] انظر خبر آمد في: مرآة الزمان ج 8 ق 734، والمختار من تاريخ ابن الجزري 178، ودول الإسلام 2/ 144.
[4] انظر خبر البابا التركماني في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 733، والمختار من تاريخ ابن الجزري 177، والسلوك ج 1 ق 2/ 307، 308.(46/42)
[كسرة عسكر حلب]
وفيها جاء الملكُ الجواد والصالح بْن شيرْكُوه صاحبُ حمص ومعهم جيش من الخُوارزميّة، وقصدوا حلب، فنازلوا بُزاعة [1] فِي خمسَة آلاف فارس، فخرج إليهم عسكرُ حلب في ألف وخمسمائة فارس، فكسروا عسكر حلب، وقتلوا، وأسروا، وقربوا إلى حَيْلان [2] وقطعوا الماء عن حلب. ثم ردُّوا فنهبوا مَنْبِجَ، وقتلوا أهلَها، ولهذا عُمل المصافّ على حرّان [3] .
__________
[1] بلدة من أعمال حلب، وتكسر الباء أيضا.
[2] بالحاء المهملة المفتوحة وسكون الياء آخر الحروف، من قرى حلب أيضا. وقد تصحفت في المرآة إلى: «جيلان» بالجيم، وفي المختصر لأبي الفداء إلى «جبلان» .
[3] انظر خبر كسرة عسكر حلب في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 735، ومفرّج الكروب 5/ 283- 286، والحوادث الجامعة 75، والمختصر في أخبار البشر 3/ 167، والمختار من تاريخ ابن الجزري 176، والسلوك ج 1 ق 2/ 302، وزبدة الحلب 3/ 248- 262، والدرّ المطلوب 341، وتاريخ ابن الوردي 2/ 170، وتاريخ ابن خلدون 5/ 356، 357، والنجوم الزاهرة 6/ 321- 325، وتاريخ ابن سباط 1/ 322، 323.(46/43)
سنة تسع وثلاثين وستمائة
[التوسع التتاريّ]
استهلَّت والتتارُ فِي هذه السّنين بأيديهم من الخطا إلى قريب العراق وإربِل، وغاراتهم تُبَدِّع كلَّ وقتٍ، والنّاسُ منهم فِي رُعبٍ، وراسلهم إلى الآن المستنصر باللَّه ثلاث مرّات [1] .
[زوال دولة الخوارزميّة]
وأمّا الخوارزميّة فزالت دولتهم، وتمزَّقوا، وقُطشت أذنابُهم، وبقوا حراميّة، يقتلون ويسبون الحريم، ويفعلون كلَّ قبيحٍ [2] .
[التجاء الملك الجواد إلى الناصر بالكرك]
وفيها قَدِمَ الملكُ الجواد مُلتجئًا إلى السلطان الملك الصّالح أيّوب، فخافَ منه الصّالح، ونوى أن يُمسكه، فردَّ الجواد من الرمل والتجأ إلى الملك النّاصر بالكركِ [3] .
[حبْس الجواد]
وفيها قَدِمَ كمال الدّين ابن شيخ الشّيوخ فِي جيشٍ من المصريّين، فنزل غزَّة. فجهّز النّاصر عسكره مَعَ الجواد، فالتقَوْا، فكسرهم الجواد وأخذ كمالُ الدّين ابن الشّيخ أسيرا، وأحضر إلى بين يدي النّاصر دَاوُد، فوبَّخَه، فقال الجوادُ:
لَا توُبِّخه. ثمّ بعد قليلٍ تحيَّل النّاصر من الجوادِ فأمسَكه، وبَعثَ بِهِ إلى بغداد
__________
[1] المختار من تاريخ ابن الجزري 179.
[2] المختار من تاريخ ابن الجزري 179.
[3] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 736، المختار من تاريخ ابن الجزري 179، دول الإسلام 2/ 144، البداية والنهاية 13/ 157.(46/44)
تحت الحَوْطَةِ، فلمّا نزل بنواحي الأزرق عرفه بطنٌ من العرب فأطلقوه، فالتجأ إلى الملك الصّالح صاحب دمشق، ثمّ لم يثُبت، وقصدَ الفرِنج، وبقيَ معهم مدّة. ثمّ رجع إلى دمشق فحبسه الصّالح بحصن عزّتا، وهلك فِي سنة إحدى وأربعين [1] .
[تعمير وتخريب فِي مصر]
وفيها شرع الصّالح صاحبُ مصر فِي عِمارة المدرسة بين القصرين، وفي عِمارة قلعة الجزيرة، وأخذ أملاك النّاس، وخرَّب نيِّفًا وثلاثين مسجدا، وقطع ألف نخلة، وغرم عَلَى هذه القلعة دَخْلَ مصر عدّة سنين. ثمّ أخربها غلِمانُهُ فِي سنة إحدى وخمسين وستّمائة [2] .
[تخلّص الوزير ابن مرزوق من الحبس]
وفيها تخلَّص الوزيرُ صفيّ الدّين إِبْرَاهِيم بْن مرزوق مِنْ حَبْسِ حمْص بعد أن بقي بِهِ عدّة سنين. وكان الملك الجوادُ وصاحب حِمْص قد تعصَّبا عَلَيْهِ، وأخذا منه أموالا عظيمة، فيقال: أخذا أربعمائة ألف درهمٍ [3] .
[دخول العزّ بْن عَبْد السلام مصر]
وفيها دخل الشَّيْخ عزُّ الدّين بْن عَبْد السّلام الشافعيّ إلى ديارِ مصر، وأقبل عَلَيْهِ السلطان إقبالا عظيما، وولَّاه الخطابة والقضاء، فعزل نفسه من القضاء مرّتين وانقطع [4] .
__________
[1] انظر خبر حبس الجواد في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 736، 737، ومفرّج الكروب 5/ 300، 301، ودول الإسلام 2/ 144، والمختار من تاريخ ابن الجزري 179، والبداية والنهاية 13/ 157.
[2] انظر خبر العمارة في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 737، ودول الإسلام 2/ 144، والمختار من تاريخ ابن الجزري 179، ونهاية الأرب 29/ 281، والبداية والنهاية 13/ 157، والعسجد المسبوك 2/ 502، والسلوك ج 1 ق 2/ 308.
[3] انظر عن الوزير في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 737، والمختار من تاريخ ابن الجزري 179 و 180 وفيه «أربع مائة ألف دينار» .
[4] انظر عن العزّ في: ذيل الروضتين 171- 172، ونهاية الأرب 29/ 294- 299، والمختار من تاريخ ابن الجزري 180، والبداية والنهاية 13/ 157، والسلوك ج 1 ق 2/ 308، 309.(46/45)
[هرب السلطان غياث الدين من التتار]
وفيها دخل بايجوا وطائفةٌ من التّتار فِي بلادِ الروم فعاثوا، وسفكوا، وهرب منهم السّلطان غياث الدّين وضَعُف عن المُلْتقى [1] .
[تدريس النظامية]
وفيها وَلِيَ تدريس النظاميّة نجم الدّين عَبْد اللَّه ابن البادَرائيّ مدرّس مدرسة الْإمَام النّاصر، وخُلِعَ عَلَيْهِ بطرحه [2] .
[صلح المظفَّر غازي والخَوارزميّة]
وفيها أغارَتِ الخَوارزميّة ونَهَبَتْ وسَبَتْ نَصِيبينَ ورأسَ عين ودُنَيْسَر، وقتلوا عددا كبيرا من المسلمين. ثمّ طلبوا الصُّلح مَعَ المظفَّر غازي، فحَلَّف لهم وحَلَّفوا لَهُ، ومقدّمهم الكبيُر هُوَ بركة خان، وهم نحو خمسةِ آلاف فارس. ودونَ بركة خان فِي الرُّتبة اختيارُ الدّين بردي خان، وقد كانَ أمير حاجب السّلطان جلال الدّين، وهو شيخٌ داهيةٌ، لَهُ رأيٌ ورُواءٌ، ودونه صاروا خان، شحنة الجمال الّتي لجلال الدّين خوارَزْم شاه، وهو شيخٌ بطينٌ أبْلَهُ، ثمّ كشلوخان تربية جلال الدّين، شابٌّ عاقلٌ، وابنُ أختِ جلال الدّين، وبهادر، وبكجري، وتبلو، وغيرهم من الأمراء.
وهذا بركة خان، شابٌ مليح، أوّل ما طرَّ شاربُه. فتزوّج الملكُ المظفَّر بابنةِ عمّ بركة خان، وتسلّطت الخَوارَزميّة عَلَى بلادِ الجزيرة، وبالغوا فِي العيثِ والفسادِ، وخرَّبوا أعمال المَوْصِل حتّى أُبيعَ الثَّورُ بأربعَة دراهمَ، وقِنطارُ الحديِد بدرهمين ثلاثة، والحمارُ بثلاثَة دراهم، لكثرة الشيء ولكونه حراما. قَالَ سعد الدّين هذا كلَّه، وقال:
فِي رمضان نفوا الحريريّة من ميافارقين- وأنا بها- لكثرة إفسادهم أولاد النّاس [3] .
__________
[1] انظر عن هرب السلطان في: دول الإسلام 2/ 145، والمختار من تاريخ ابن الجزري 180 وفيه ورد «بانجو» بدل «بايجوا» .
[2] انظر عن النظامية في: الحوادث الجامعة 77.
[3] انظر خبر الصالح في: مفرّج الكروب 5/ 304- 306، والمختصر في أخبار البشر 3/ 169، والبداية والنهاية 13/ 157، وزبدة الحلب 3/ 260- 262، وتاريخ ابن الوردي 2/ 172، والدرّ المطلوب 350، وتاريخ ابن خلدون 5/ 357، والسلوك ج 1 ق 2/ 309، وتاريخ ابن سباط 1/ 326، والعسجد المسبوك 2/ 181، 182 (حوادث 640 هـ) .(46/46)
سنة أربعين وستمائة
[تجهيز جيش مصر لقصد الشام]
فيها عَزَمَ الصّالح صاحبُ مصر عَلَى قصدِ الشّام، فقيل لَهُ: البلادُ مختلفةٌ، فجهَّزَ الجيشَ وأقام [1] .
[الوقعة بين صاحب ميّافارقين وعسكر حلب]
وفيها كانت وقعةٌ هائلةٌ بين صاحب ميَّافارقين شهاب الدين وبين عسكر حلب. كانت الخَوارَزميّة قد خرَّبوا بلاد المَوْصِل وقُراها ومارِدينَ. وحَلَّفوا لصاحب ميَّافارقين وحَلَّفَ لهم، ووافقهم صاحبُ مارِدين. فجمع صاحبُ ميَّافارقين الخانات، وهم مقدَّمو الخَوارَزميّة وشاوَرَهم، فقال: لَا بُدَّ من تخريب بَلَد المَوْصِل، وقالوا هُمْ: لَا بُدَّ من اللّقاء. فلمّا كَانَ فِي المحرَّم رَكِبوا وطلَّبوا من جبلِ مارِدين إلى الخابور. وساقوا إلى المَجْدَل، ووقف الخانات مَيْمنةً ومَيْسرة، وغازي صاحب ميَّافارقين فِي القلب. وأقبلَ عسكر حلب فصَدَموا صدمة رَجُل واحد، فانهزمت الخَوارَزميّة، ورَكِبَ الحلبيون أقفيتهم أسرا وقَتْلًا، ونَهَبوا أثقالَ غازي وعساكره، وأغنام التُّركمان ونساءهم. وكانوا خَلْقًا، وأبيع الفرسُ بخمسة دراهم، والشّاةُ بدرهمٍ، ونُهِبَت نَصيبينُ وسُبِيَ أهلُها. وقد نُهَبِت قبلَها مرارا من المَوَاصِلة والخَوارَزميّة. ثمّ فعلوا كذلك برأس العين والخابور. وجرت قبائح [2] .
__________
[1] مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 738، نهاية الأرب 29/ 330، المختار من تاريخ ابن الجزري 181، البداية والنهاية 13/ 161.
[2] انظر خبر الموقعة في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 738، والمختصر في أخبار البشر 3/ 170، 171، ونهاية الأرب 29/ 300، 301، ومفرّج الكروب 5/ 310، 311، والمختار من تاريخ ابن الجزري 182، ودول الإسلام 2/ 145، والبداية والنهاية 13/ 161، والعسجد المسبوك 2/ 506، وزبدة الحلب 3/ 262- 265، وتاريخ المسلمين 154، والدرّ المطلوب 350، وتاريخ ابن خلدون 5/ 357، والسلوك ج 1 ق 2/ 311، وتاريخ ابن سباط 1/ 327.(46/47)
[ملْك خلاط]
وفيها مَلَكَ شهابُ الدّين غازي مدينة خِلاط [1] .
[تملّك الفرنج مُرْسِية]
وفي شوَّال قَدِمَ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هود مُرْسِية بجماعةٍ من وجوه الفرِنج، فملَّكَهم مُرْسية صُلْحًا.
[الوباء ببغداد]
وفيها كانَ الوباءُ ببغداد، وزادَتِ الأمراضُ [2] .
[وفاة المستنصر باللَّه]
وتُوُفّي المستنصرُ باللَّه [3] .
[بيعة المستعصم باللَّه]
وبُويع ابنه المستعصمُ باللَّه أَبُو أَحْمَد عَبْد اللَّه بْن منصور، الّذِي استُشهد عَلَى يدِ التّتار [4] .
[موت كمال الدين ابن الشَّيْخ]
وفيها سارَ من مصر الجيشُ لمحاصرة الصّالح إسماعيل، وعليهم كمال الدّين ابن الشَّيْخ، فمات بغزَّة، فقيل: إنه سُقِيَ السُّمَّ [5] .
__________
[1] انظر عن خلاط في: نهاية الأرب 29/ 301، والمختار من تاريخ ابن الجزري 182، ودول الإسلام 2/ 145.
[2] انظر عن الوباء في: الحوادث الجامعة 80، والمختار من تاريخ ابن الجزري 183، والبداية والنهاية 13/ 161.
[3] انظر ترجمة المستنصر ومصادرها في الوفيات برقم (691) .
[4] خبر البيعة للمستعصم في المصادر المذكورة آنفا.
[5] انظر عن الكمال في: دول الإسلام 2/ 145، والعسجد المسبوك 2/ 515.(46/48)
[أخذ عدّة مدن ونهبها]
قَالَ سعد الدّين الْجُوينيّ: وفي المحرَّم أخذت التتارُ أرْزَنَ الرُّوم [1] ، وقتلوا كلَّ من فيها. وانجفلَ أهلُ خِلاط، وتفرَّقوا خَوْفًا من التتّارِ. ثمّ حكى كسرة الحلبيين للمظفَّر وللخَوارَزميّة. ثمّ قَالَ: حكى شخصٌ من أهل نصيبين قَالَ:
نُهِبَت نصيبينُ فِي هذه السّنة سبع عشرة مرَّة [2] : من المَوَاصِلة والمارِدانيّة والفارِقيّة، ولولا بساتيننا هجَّينا فِي البلاد، فما شاء الله كان.
__________
[1] مفرّج الكروب 5/ 310، السلوك ج 1 ق 2/ 311.
[2] البداية والنهاية 13/ 161.(46/49)
[تراجم رجال هذه الطبقة]
سنة إحدى وثلاثين وستمائة
[حرف الألف]
1- أحمدُ بْن أَحْمَد [1] بْن إِبْرَاهِيم بْن أسد، المنتجب [2] .
أَبُو الْعَبَّاس الدّمشقيّ.
سمع: أبا القاسم الحافظ، وأبا سعد بن عَصْرون. وسمِعَ بعد ذَلِكَ بمصر من البوصيريّ.
وهو جدُّ صاحبنا شرف الدّين أَحْمَد بْن نصر اللَّه بْن أُسيدة.
كُتُب عَنْهُ جماعةٌ. وروى عَنْهُ بالإجازة فاطمةُ بِنْت سُلَيْمَان، والفخر إِسْمَاعِيل بْنُ عساكر، وعليُّ بْن هارون الثَّعلبيُّ.
وتُوُفّي فِي رابعَ عشرَ ذي الحِجَّة.
وأصلُه من صُور.
2- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم [3] بْن نصر.
أَبُو الْعَبَّاس، ابن المركب. القَيْسيُّ، الطّبيبُ.
حدَّث عن: عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ اللَّخْميّ، والقاسمِ بْن عساكر.
ومات فِي شَعْبان.
3- أَحْمَد بْن أَبِي بَكْر [4] جعْفَر بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بن عبد الله.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 375، 376، رقم 2558.
[2] في التكملة: «المنتخب» بالخاء.
[3] انظر عن (أحمد بن إبراهيم) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 118، والمقتضب من تحفة القادم 89، والوافي بالوفيات 6/ 215 رقم 2682.
[4] انظر عن (أحمد بن أبي بكر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 355، 356 رقم 2503.(46/50)
أَبُو الْعَبَّاس، الحَرْبيُّ، المعروفُ بابنِ عمَّارة.
سَمِعَ من: عُمَر بْن بُنَيْمان المُسْتَعمل، وعَبْد المُغيث بن زهير.
وحدّث.
وللفخر ابن عساكر، ولمحمد بن يوسف الإربليّ، ومحمد ابن الشيرازيّ، منه إجازةٌ.
وتُوُفّي فِي المحرَّم.
وعمَّارة: بالتّشديد، قيَّدهُ المنذريُّ.
4- أَحْمَد بْن عَبْد السيّد [1] بْن شَعْبان بْن مُحَمَّد بْن جَابرِ بْن قَحْطان.
الأمير الكبير، صلاح الدّين الإرْبِليُّ.
وُلِدَ ونَشَأَ بإرْبِل، وقَدِمَ مصر. وكان حاجبَ الملك المظفّر الدّين صاحب إرْبِل، فتغيَّر عَلَيْهِ، وسجَنَه مدّة، ثمّ أطلقَه، فقصد الشام صُحْبة الملك القاهر أيّوب ابن العادل. فخدم الملك المغيث محمود ابن العادل. فلما تُوُفّي المغيثُ، دخَلَ مصر، وخدم السلطان الملك العادل، وعظم عنده، وأحبّه.
وكان فقيها، عالما، أديبا، شاعرا مجوّدا، ظريفا، فصيحا. ثمّ إنَّ الكامل تغيَّر عَلَيْهِ وحبسَهُ سنة ثمان عشرة، فبقي فِي الحبس خمس سنين، وعَمِلَ:
ما أمرُ تجنِّيك عَلَى الصَّبِّ خَفِي ... أفنيتُ زَماني بالأسَى والأسَف
ماذا غضبٌ بقدرِ ذَنْبي فلَقَد ... بالغتَ وما أردت إلّا تلفي [2]
ثمّ أوصلهما لبعض القِيان، فغَّنت بِهِ للملك الكامل فأعجبه وقال: لِمَنْ هذا؟ قِيلَ: للصلاح الإرْبِليّ. فأطْلَقَه، وعاد إلى منزلته.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد السيد) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 692، 693، ووفيات الأعيان 1/ 184- 187 رقم 76، وبغية الطلب لابن العديم (المصوّر) 2/ ورقة 316 رقم 142، ونهاية الأرب 29/ 205، 206، والمختصر في أخبار البشر 3/ 156، وتاريخ ابن الوردي 2/ 160، والوافي بالوفيات 7/ 62- 64 رقم 2999، والمقفى الكبير 1/ 499- 501 رقم 484، وشذرات الذهب 5/ 143.
[2] نهاية الأرب 29/ 205، 206، المقفى الكبير 1/ 500، ووفيات الأعيان 1/ 185.(46/51)
وله «ديوان» ودو بيت كثيرٌ. وله:
يومَ القيامةِ فيهِ ما سَمِعْتَ بِهِ ... مِنْ كُلَّ هَوْلٍ فَكُنْ مِنْهُ عَلَى حَذَر
يَكْفيكَ مِنْ هَوْلِه أنْ لَسْتَ تبلُغُهُ ... إلَّا إذا ذُقْتَ طَعْمَ المَوْتِ بالسَّفرِ [1] .
وكان فِي خدمة الكامل حين قصد الروم، فمَرِضَ بالمُعَسكر وحُمِلَ إلى الرُّها فمات قبل دخولها، ودُفِنَ بظاهرها فِي ذي الحجّة. وعاشَ سِتِّين سنة. ثمّ نقله ابنهُ بعد أعوام إلى مصر ودفَنَهُ بتربتِه.
وكان الصاحبُ محيي الدّين ابن الْجَوْزيّ قد توجَّه رسولا إلى مصر، فانتظروه فتأخر أيّاما، فعمل الصّلاح الإرْبِليّ:
قالُوا الرسولُ أتَى وقالوا إنَّهُ ... ما رَامَ يَوْمًا عن دِمَشقَ نُزُوحًا
ذَهَبَ الزّمانُ وَمَا ظَفَرتُ بمسلمٍ ... يَرْوي الحديثَ عَنِ الرسوِل صَحِيحا
5- أَحْمَد بْن عَلِيّ [2] بْن ثَبَات [3] .
الْإمَام، أَبُو الْعَبَّاس، الواسطيُّ، الشّافعيُّ، الفَرَضِيُّ، الحاسبُ.
وُلِد فِي حدود سنة خمس وخمسين وخمسمائة. وسَمِعَ ببغداد من أَبِي طَالِب المبارك صاحب ابن الخَلّ.
وكان بصيرا بالفرائض، والحساب، وصنَّف فِيهِ. وانتفع به جماعة.
توفّي في رجب [4] .
__________
[1] وفيات الأعيان 1/ 168.
[2] انظر عن (أحمد بن علي) في: الحوادث الجامعة 37 وفيه: «أحمد بن ثبات الهمامي الواسطي» ، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 370 رقم 2538، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 552، 553، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 165 ب، والوافي بالوفيات 7/ 199، 200 رقم 313، والعقد المذهب، ورقة 174، وتوضيح المشتبه 2/ 87، والأعلام 9/ 98، ومعجم المؤلفين 1/ 181.
[3] في الأصل بضم الثاء المثلّثة، وهو خطأ، والصحيح بالفتح كما قيّده المنذري، وابن ناصر الدين فقالا: بالثاء المثلّثة المفتوحة والباء الموحّدة المخفّفة وبعد الألف تاء مثنّاة.
[4] وقال صاحب «الحوادث الجامعة» : كان أحد عدول واسط، وتولّى قضاء الهمامية مدّة ثم ترك ذلك، وقدم بغداد، وأقام بالمدرسة النظامية نحوا من أربعين سنة، يقرئ الناس علم الحساب والفرائض، وصنّف في ذلك كتبا، وكان لا يخرج من المدرسة إلا لصلاة الجمعة، مضى على(46/52)
6- أحمد ابن الموفّق [1] مُحَمَّد بْن أَبِي الفتح محمود بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عثمان.
الشرفُ، أَبُو الْعَبَّاس، ابن الصابويّ، المحموديُّ، الشّافعيُّ.
حدَّث بدمشق ومصر عن السّلفيّ، وأَبِي الفتح بْن شاتيل.
روى عَنْه: ابن عمّه الجمالُ محمد بن الصابونيّ، والمحيي محمد ابن الحَرَستانيّ الخطيبُ، وأخوه عَبْد الصَّمد، وسعدُ الخير بنُ أَبِي القاسم النابُلُسيّ، وأخوه أَبُو الفَرَج نصرٌ، وإِبْرَاهِيم بْن عثمان اللّمتونيُّ، وأخوه عليٌ، وأَبُو الْحُسَيْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد اليُونينيُّ، وجماعةٌ.
قال الحافظ المنذريّ [2] : سَمِعْتُ منه، وتُوُفّي فِي ثالث رمضان بمصر، وسألتُه عن مولده: فذكر ما يدلُّ تقريبا أنه في سنة تسع وستّين وخمسمائة.
قلتُ: وكان كريمُ النفسِ، دائمَ البِشْر.
7- أَحْمَد بْن مُحَمَّد [3] بْن عَبْد اللَّه بْن محمد.
الشريف، أبو هاشم، الهاشميّ، العباسيّ، الحَلَبيُّ، الشاعرُ، بدرُ الدّين.
من ذريةِ صالح بْن عَلِيّ الهاشميِّ الأمير عمِّ المنصور، ولم يَزَلْ آباؤه بحلب منذ وَلِيَها صالحٌ، ولهم وقفٌ عليهم.
وكان شاعرا مجوِّدًا. تُوُفّي فِي رمضان.
8- أَحْمَد بْن مُسلْمِ [4] بْن أَبِي البدر بْن عَبْد الرزّاق.
أَبُو الْعَبَّاس، الرَّاذانيّ، بغداديّ.
__________
[ () ] ذلك عمره إلى أن توفي، وكان شيخا بارد الكلام جدا، من يسمع كلامه يخاله أبله، فإذا أملى مسائل الحساب أتى بكل حسن (ص 37) .
[1] انظر عن (أحمد بن الموفق) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 371 رقم 2542، وبغية الطلب لابن العديم 3/ ورقة 3 رقم 179، والمقفى الكبير 1/ 637 رقم 613.
[2] في التكملة 3/ 371.
[3] انظر عن (أحمد بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 371 رقم 2543.
[4] انظر عن (أحمد بن مسلم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 364 رقم 2522.(46/53)
سَمِعَ من أَبِي المكارِم المباركِ بْن مُحَمَّد الباذرائيّ.
وتُوُفّي فِي ربيع الأول.
9- أَحْمَد بْن منظور [1] بْن ياسين.
أَبُو الْعَبَّاس العَسْقلانيُّ، ثمّ الْمَصْريّ، الحريريُّ، التّاجرُ، كهْلٌ.
سَمِعَ مَعَ زكيّ الدّين عَبْد العظيم من جعْفَر بْن آموسان.
وكَتَبَ عَنْهُ زكيُّ الدّين وقال: ماتَ فِي رجبٍ.
10- أَحْمَد بْن يوسف [2] بْن عَلِيّ.
أَبُو العبّاس الكرديّ، الهكّاريّ، الجنديّ.
حدَّث عن السَّلَفِيَّ.
رَوَى عَنْهُ الزّكيُّ المنذريُّ وسألَه عن مولده: فقال: بدمشق فِي سنة أربعٍ وخمسين. وله غزواتٌ ورباط. وماتَ فِي الثاني والعشرين من ربيعٍ الآخر.
وروى عَنْهُ الجمالُ مُحَمَّد بْن الصابونيّ، وغيره.
11- إِسْمَاعِيلُ بْن أَبِي جعْفَر [3] أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَبِي بَكْر.
أَبُو الْحُسَيْن، القُرْطُبيّ، ثمّ الدّمشقيُّ.
وُلِد بدمشق سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وسَمِعَ من: يحيى الثَّقفيّ، وعَبْد الرَّحْمَن بْن الخرقيّ، وإسماعيل الجنزويّ، وجماعةٍ.
كتبَ عَنْهُ ابن الحاجب، وغيرُه.
وروى عنه: الزّكيّ البرزاليّ، والمجد ابن الحُلْوانية، وغيرهما. وبالإجازة الفخرُ بنُ عساكر، وفاطمةُ بِنْت سُليْمان، والقاضي تقيُّ الدّين، وابنُ الشيرازيّ.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن منظور) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 369، 370 رقم 2537.
[2] انظر عن (أحمد بن يوسف) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 365 رقم 2526.
[3] انظر عن (إسماعيل بن أبي جعفر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 372، 373 رقم 2547، وذيل الروضتين 162.(46/54)
وكان صالحا، زاهدا، وَرِعًا، تقيَّا، منقبضا عن الناس. وكان مُقرئًا فصيحا، أمَّ بالكلاسة مدّة. وكان كثير الوَسْواسِ فِي الطهارة.
قَالَ أَبُو شامة [1] : وفي منتصفِ [2] شوَّال تُوُفّي البُرهانُ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي جعْفَر إمامُ الكلاسَة، وكانت لَهُ جنازةٌ عظيمةٌ. وكان منقطعا بالمنارَة الشَّرْقيّة.
12- إِسْمَاعِيل بْن عَلِيّ [3] بْن إِسْمَاعِيل بْن باتكين [4] .
أَبُو مُحَمَّد، الْجَوْهريّ.
شيخٌ صالحٌ بغداديٌ، مُسْنِدٌ.
وُلِد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة.
وسَمِعَ من: هبة اللَّه بْن هلال الدّقّاق، وأَبِي المعالي عُمَر بْن عَلِيّ الصَّيْرفيّ، وابن البَطِّي، وأَبِي زُرْعَة، ويحيى بْن ثابت، والقاضي أَبِي عبد الله محمد بْن عبد الله بْن البَيْضاويّ، وأَحْمَد بْن المُقرَّب، وعَبْد اللَّه بْن سَعد خُرَيْفة، وشُهْدَةَ، وجماعةٍ.
رَوَى عَنْهُ: أحمد ابن الجوهريّ، وعمر ابن الحاجب، وعزّ الدّين أحمد الفاروثيّ، والمحبّ ابن النجّار، وابن نقطة.
وأجاز للفخر ابن عساكر، وفاطمة بنتِ سُلَيْمَان، والقاضي الحنبليِّ، وغيرهم.
ومن مسموعه كتاب «المغازي» لعبد الرزّاق [5] ، سمعه من ابن البَطِّي، أخبرنا جعْفَر الحكاكُ، أخبرنا محمد بن الحسين الصّنعانيّ، عن النّقويّ، عن
__________
[1] في ذيل الروضتين 162.
[2] في المطبوع من ذيل الروضتين: «الخامس» ، وسقطت منه كلمة «عشر» .
[3] انظر عن (إسماعيل بن علي) في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 147، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 374 رقم 2554، وسير أعلام النبلاء 22/ 356، 357 رقم 221، والعبر 5/ 123، 124، والإشارة إلى وفيات الأعيان 332، 333، والمعين في طبقات المحدّثين 195 رقم 2069، والوافي بالوفيات 9/ 165 رقم 4077، والنجوم الزاهرة 6/ 286، وشذرات الذهب 5/ 844.
[4] تصحّف في (المعين) إلى: «ماتكين» .
[5] «المغازي» من كتاب «المصنّف» لعبد الرزاق بن همّام الصنعاني المتوفى سنة 211 هـ. انظر الجزء الخامس من طبعة المكتب الإسلامي، بيروت.(46/55)
الدَّبَريّ [1] ، عَنْهُ. وسَمِعَ كتاب «المغازي» لموسى بْن عُقبة، من ابن المُقرَّب:
أخبرنا أَبُو طاهر ابن الباقلانيِّ. وسَمِعَ كتاب «مُسنِد» الطَّيَالِسيّ، من ابن البطِّي:
أخبرنا حمد الحدّاد.
سَمِعَ الكتبَ الثلاثة منه أبو العبّاس ابن الْجَوْهريّ.
قَالَ ابن نُقْطة: سَمِعْتُ منه، وسماعه صَحِيح.
وقال غيره: شيخ صالح، ثقة، مسند.
تُوُفّي فِي الرابع والعشرين من ذي القِعْدة. وقد تفرّد بإجازته أبو نصر ابن الشيرازيّ.
13- إِسْمَاعِيل بْن أَبِي طَالِب [2] المبارك بْن عبد الخالق.
أبو أحمد، ابن الغضائريّ، البغداديّ.
ولد سنة ستّين وخمسمائة.
وحدّث عن شُهْدة. وكان تاجرا.
روى لنا عَنْهُ بالإجازة إِسْمَاعِيل بنُ عساكر، وابنُ عمِّه البهاء.
مات فِي ربيع الأول.
14- آمنةُ بنتُ الزَّاهد أَبِي عُمَر [3] مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُدامة.
الصالحةُ، العابدةُ، أمُّ أَحْمَد، المقرئةُ.
كَانَ البناتُ بالدّير [4] يقرأْنَ عليها. وكانت حافظة لكتابِ اللَّهِ.
رَوَتْ بالإجازة عن أَبي الفتح بْن البطيَّ، وابن المقرَّب، وسعدِ اللَّه بن الدّجاجيّ.
روى عنها: أخوها الشيخ شمس الدّين، والفخر عليّ، والشمس محمد ابن الكمال.
__________
[1] الدبري هو أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن عباد، راوي كتب عبد الرزاق عنه.
[2] انظر عن (إسماعيل بن أبي طالب) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 363 رقم 2517.
[3] انظر عن (آمنة بنت أبي عمر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 371 رقم 2544.
[4] هو دير المقادسة بجبل قاسيون.(46/56)
قال ابن الحاجب: قرأت القرآن عَلَى والدها. وقال لي الحافظُ الضياء: ما أعلمُ رأيتُ امرأة ولا رجلا في الخبر مثلها. وسافرتُ معها إلى مَكّة. وما أظنُّ كاتِبيها [1] كتبا عليها خطيئة، ولا أعرف لها سيّئة. وكانت كثيرة الصدقة.
ولدت سنة خمسٍ وخمسين بجبلِ قاسِيُون، وتُوفّيت فِي سَلْخ رمضان.
قلتُ: آخر من روى عَنْها بالإجازة القاضي تقيُّ الدّين سُلَيْمَان، وهي عمَّةُ جدِّه.
وتُوفَيت أختها خديجة بعد جُمُعة.
[حرف الباء]
15- بسَّامُ بْن أَحْمَد [2] بْن حُبَيش [3] بْن عُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن شاكر.
أَبُو الرِّضى، الغافقيُّ، الجيَّانيُّ، نزيلُ مالَقة.
سَمِع من: أَبِيهِ، وأبي عَبْد اللَّه بْن الفخّار، وأبي جعْفَر بْن مضاءٍ، ويحيى بْن نجبة بْن يحيى، وأبي القاسم بْن بَشْكُوال. وروى أيضا عن أَبِي زيد السُّهَيْلي، وأَبِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه، وجماعةٍ.
قَالَ الأبار [4] : وكان من أهلِ الفضلِ، والورع، والعنايةِ بالحديث. وله حظّ من العربية والشعر. ووَلِيَ القضاء بالمُنكَّب، وغيرها. وحدَّث. وتُوُفّي فِي عاشر شَعْبان بمالَقة. ووُلِدَ سنة سبعٍ وخمسين وخمسمائة.
[حرف الثاء]
16- ثابتُ بْن تاوان [5] بْن أَحْمَد.
__________
[1] أي الملكان الكاتبان لأعمال ابن آدم. وفي الأصل: «كاتباها» .
[2] انظر عن (بسّام بن أحمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 226، والوافي بالوفيات 10/ 128 رقم 4589.
[3] تصحّف إلى: «حبيب» في تكملة الصلة.
[4] في التكملة 1/ 226.
[5] انظر عن (ثابت بن تاوان) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 366، 367 رقم 2529، وذيل(46/57)
الْإمَام، نجم الدّين، أَبُو البقاء، التَّفليسيُّ، الصُّوفيّ.
حدّث عن أبي الفرج ابن الْجَوْزيّ، وغيره.
وكان صوفيّا جليلا، معظَّمًا، نبيلا، لَهُ معرفةٌ بالفقه، والأصول، والعربية، والأخبار، والشعر، والسُّلوك. وكان صاحب رياضات ومجاهدات. وكان من كبارِ أصحاب الشَّيْخ شهاب الدين السُّهْرَوَرْدِي وأذِنَ له أن يُصْلِح ما رَأَى فِي تصانيفه من الخللِ.
قَدِمَ دمشقَ وكان شيخ الأسدية [1] ، وشيخ المُنَيْبع. وله كلام فِي التّصوّف، وشعرٌ حَسَن.
قَالَ أَبُو شامة [2] : كَانَ كبيرَ المحلَّ، حسن الأخلاق، مشتغلا بعملي الشريعة والحقيقة.
وقال المنذريُّ [3] : قَدِمَ مصرَ رسولا من الديوان العزيز، ولم يتّفق لي الاجتماعٌ بِهِ.
قلتُ: وهو مليحُ الكتابة، نسخ الأجزاء، وعُنيّ بالرواية سنة نيَّفٍ وعشرين، وسَمَّعَ ولدهُ.
وولد سنة خمسٍ وسبعين وخمسمائة. وتُوُفّي فِي سابع جُمَادَى الأولى.
روى عَنْهُ الجمال ابن الصابونيّ، وبالإذن البهاء ابن عساكر [4] .
__________
[ () ] الروضتين 162 وفيه: «ناوان» بالنون، وتاريخ إربل 1/ 258- 270 رقم 156، والإشارة إلى وفيات الأعيان 333، والنجوم الزاهرة 6/ 286.
[1] هي الخانقاه الأسدية (الدارس 2/ 139) .
[2] في ذيل الروضتين 162.
[3] في التكملة 3/ 366.
[4] أنشد في أبي طالب المكيّ مؤلّف «قوت القلوب» في 15 ربيع الآخر سنة 612:
سقى الله ترب أبي طالب ... من السلسبيل بمزن سكوب
وجازاه بالفضل أسنى الجزاء ... على حسن تأليف «قوت القلوب»
لقاه نضرة دار النعيم ... وأسكنه في جوار الحبيب
كما ضمّن «القوت» سرّ العلوم ... وأودعه كلّ معنى عجيب
إشارته من وراء العقول ... وأسراره من مطاوي الغروب(46/58)
17- ثعلبُ بْن عَبْد اللَّه [1] بْن عَبْد الواحد، القاضي، رضيُّ الدّين.
أَبُو العبّاس، الْمَصْريّ، الشّافعيُّ، الفقيهُ، الخطيبُ، العَدْلُ.
تفقَّه عَلَى أَبِي الْحَسَن بْن حَمُّوَيْه الْجُوَينيّ شيخ الشيوخِ. وشَهِدَ عند قاضي القضاة أبي القاسم عبد الرحمن ابن السُّكّريّ، ومن بعده.
ووَلِيَ القضاء بالجيزة، والخطابة بالجامع المجاور لضريحِ الشافعيّ.
وتوفّي فِي ذي الحجة.
[حرف الحاء]
18- الْحَسَن بْن أَبِي طَالِب [2] صفيّ الدّين.
__________
[ () ]
ويكشف للمرء عن نفسه ... مكان الهوى وخفايا العيوب
متى خصّ عبد بهذا الكتاب ... وفهّمه الله فهم اللّبيب
فلا مسّه نصب بعده ... ولا مسّه أبدا من لغوب
قال ابن المستوفي: هذه الأبيات كتبها أبو البقاء هذا بخطه على جزء من كتاب «قوت القلوب» الّذي بيد شيخنا أبي الذهب أميري بن بختيار الأشنهي، قرأتها على الجزء وسألته عنها، فذكر قائلها وأنشدنيها عنه، ثم غبرت مدة طويلة فأخذتها عن ثابت نفسه. وثابت هذا شاب صوفي صحب الشيخ أبا عبد الله عمر بن محمد السهروردي وتآدى بصحبته. ورد إربل موات ونزل بخانقاه الجنينة، فيه ذكاء وله طبع مؤات في نظم الشعر. وسمع على السهروردي الحديث.
ومن شعر أبي البقاء ما أنشدته عنه ونقلته من خطه- وكان يكتب حسنا- قوله:
أعقلوا الأخبار عقل ... الرأي لا عقل الرواية
فكثير من رواها ... وقليل ذو الرعاية
وقوله، وأنشدته عنه ونقلته من خطه أيضا:
يا هادما منذ الولادة عمره ... مهلا فما المهدوم إلّا زائل
إنّ الحياة حكت بناء مائلا ... حتى متى يبقى البناء المائل
ها أنت في نفس السلامة هالك ... إذ بتّ في حال الأمانة راحل
وأنشدت عنه ونقلته من خطه من أبيات:
يشير باللين قوم ... وهم الشداد الغلاظ
لهم قلوب نيام ... وألسن أيقاظ
[1] انظر عن (ثعلب بن عبد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 376، 377 رقم 2561، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 53 (8/ 136) ، والعقد المذهب لابن الملقّن، ورقة 178.
[2] أدرج المؤلّف- رحمه الله- هذه الترجمة في وفيات سنة 632 هـ. ثم أشار بتحويلها إلى هنا.(46/59)
البغداديّ، الأديبُ.
جاوَرَ بالمدينة، وكتبَ لصاحبِ المدينة، ثمّ وَزَرَ لَهُ، واشتدَّ عَلَى قَمْع المفسدين، فوثَبَ عَلَيْهِ جماعةٌ عَلَى باب المسجد النبويّ فضربوه بأسيافهم وقتلوه داخلَ المسجد فِي آخر سنة إحدى وثلاثين.
19- الْحَسَن بْن مُحَمَّد [1] بْن سَكَن [2] .
أَبُو عَلِيّ، المَوْصِليّ. شيخٌ، رئيسٌ، أديبٌ، شاعرٌ.
تُوُفّي فِي ذي الحِجّة، وهو فِي عَشْر التّسعين.
20- الْحُسَيْن بْن أَبِي بكرٍ المبارك [3] بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن مُسلْمِ. الشَّيْخ سراج الدّين.
أَبُو عَبْد اللَّه، الرَّبَعِيُّ، الزَّبيديُّ الأصل، البغداديّ، الفقيهُ الحنبليُّ، البابصريُّ، الفَرَسيُّ- نسبة إلى ربيعة الفَرَسِ-.
وُلِد سنة ستٍّ وأربعين وخمسمائة تقريبا، وقيل: سنة خمسٍ وأربعين.
وسَمِعَ من: جدّه، وأبي الوقت السّجزيّ، وأبي الفتوح الطائيِّ، وأَبِي زُرْعَة المَقْدِسيِّ، وأَبِي حامد الغَرْناطيّ، وأَبِي زيد جعْفَر بْن زيد الحَمَويّ، وغيرهم.
وأجاز لَهُ أَبُو عَلِيّ الخزَّاز، وغيره.
وحدّث ببغداد، ودمشق، وحلب.
__________
[1] انظر عن (الحسن بن محمد) في: المختار من تاريخ ابن الجزري 155.
[2] تصحّف إلى «سكر» في (المختار) .
[3] انظر عن (الحسين بن المبارك) في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 199، والمطبوع 15/ 175، 333، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 361 رقم 2512، والإعلام 261، والإشارة إلى وفيات الأعيان 333، ودول الإسلام 2/ 136، والعبر 5/ 126، وسير أعلام النبلاء 22/ 357- 359 رقم 222، والمختصر المحتاج إليه 2/ 44، 45 رقم 627، ونهاية الأرب 29/ 203، 204، والوافي بالوفيات 13/ 30، 31 رقم 28، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 61، والجواهر المضية 1/ 216، والمنهج الأحمد 366، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 188، 189 رقم 306، ومختصره 65، والبداية والنهاية 13/ 133، وذيل التقييد للفاسي 1/ 517، 518 رقم 1011، والمقصد الأرشد، رقم 377، والنجوم الزاهرة 6/ 286، وذيل تذكرة الحفاظ 259، والدرّ المنضّد 1/ 365 رقم 1020، وشذرات الذهب 5/ 144، وديوان الإسلام 2/ 405 رقم 1092، ودائرة معارف البستاني 3/ 132.(46/60)
وكان فقيها، فاضلا، دَينًا، خيّرا، حسن الأخلاق، مُتواضعًا، درَّس بمدرسة الوزير عَوْن الدّين يحيى بْن هبيرة.
وحدَّث عَنْهُ خلقٌ لَا يُحصَوْنَ، منهم: أَبُو عبد اللَّه الدُّبَيثِيُّ [1] ، والضياءُ، والبِرْزاليُّ، وابن أبي عُمَر، وسالم بْن ركاب، وعمر بْن محمود الرّقّيّ، ونصر بن عبيد السّواديّ، والشهابُ أَحْمَد بْن مُحَمَّد الخَرَزيُّ، والشَّيْخ إِبْرَاهِيم بْن عبد اللَّه الأُرْمَويُّ، والتقيُّ عُمَر بْن يعقوب الإربليّ، والمنصور محمود ابن الملك الصالح إسماعيل، والحافظ محمد بن السعيد شاهنشاه ابن الأمجد، والمفتي تاجُ الدّين عَبْد الرَّحْمَن، والخطيبان: محيي الدّين محمد ابن الحَرَستاني، وجمال الدّين عَبْد الكافي، ومجد الدّين يوسف ابن المهتار، ومحيي الدّين يحيى ابن القلانسيّ، ومجدُ الدّين مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي طَالِب الأَنْصَارِيّ، ومحيي الدّين يحيى بْن عَلِيّ المُوسَويُّ الحُسَينيُّ، وسعدُ الخير ونصرٌ ابنا النابُلُسيّ، وعلاءُ الدّين عَلِيّ بْن مُحَمَّد المرَّاكِشِيّ، والكمالُ مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن أَبِي بَكْر الحَمَويُّ، والرشيدُ عثمانُ بْن أَبِي الفضل بْن المُحَبَّر الحنبليُّ، والبدُر يوسفُ بْن إِبْرَاهِيم الزَّرَّاد سِبْطُ ابن الحنبليِّ، والحاجُّ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبَّاس الخبّاز، والمحيي يحيى بْن أَحْمَد بْن المُعَلِّم، والفخرُ عُمَر بْن يحيى الكَرَجيُّ، والعماد عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حسّان الخطيبُ، وبدرٌ الأتابكيُّ، والمُعَمرَّ العمادُ أَبُو بَكْر بنُ هلال بْن عيّاد الحنفيُّ، والصفيُّ إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم الشَّقْراويُّ، والكمالُ عَلِيّ بْن مُحَمَّد الفَرنثيُّ.
وَأَخْبَرَنَا عَنْهُ: أَبُو الْحُسَيْن اليونينيُّ، والكمالُ عَبْد اللَّه بْن قوّام، والشمسُ مُحَمَّد بْن هاشم الْعَبَّاسيُّ، والنجمُ أَبُو تَغْلِب الفاروتيُّ، والعمادُ يوسف ابن الشقاريِّ، والشرف أَحْمَد بْن عساكر، والأمينُ أَحْمَد بْن رَسْلان، والعمادُ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سعد، والعزّ إسماعيل ابن الفرّاء، وعليّ بْن عثمان اللَّمْتونيُّ، وعليّ، وعمر، وأَبُو بكرٍ بنو ابن عَبْد الدّائم، ومُحَمَّد بْن نوال الرُّصافيّ، وأَبُو بَكْر بْن عَجْرَمة الحجّارُ، والشمسُ مُحَمَّد بْن حازم، وعليّ بْن بقاءٍ الزاهدُ، والبدرُ يوسف بْن عطاء، والعزُّ أحمد ابن العماد، ونصرُ اللَّه بْن عَيَّاش، وأَحْمَد بْن
__________
[1] في ذيل تاريخ بغداد 15/ 175.(46/61)
إِبْرَاهِيم الرُّقوقيُّ، وعُمَر بْن أَبِي الفتوح الصَّحْراويُّ، ومُحَمَّد بْن أَبِي الذّكر الصقليّ، والعمادُ عَبْد الحافظ بن بدران، ويحيى ابن العدل، وأحمد ابن المجاهد، وأَحْمَد بْن عزيز اليونينيُّ، ومُحَمَّد بْن قايماز الطّحّان، ومحمد بن عليّ ابن الواسطيِّ، ومُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر المَقْبُريُّ، وسونج التّركمانيّ، وعبد الصمد ابن الحّرَسْتانيّ، وعبد الحميد بْن خَوْلان، وأحمد بْن أَبِي بَكْر الهَمَذَانيّ، ومُحَمَّد بْن يوسف الذهبيُّ، ونصرُ بْن أَبِي الضّوْءِ الفاميُّ الزَّبَدانيُّ، وعبد الدّائم بْن أَحْمَد القبّانيُّ، وأَحْمَد بْن زَيْد الجمّالُ، وعيسى بْن أَبِي مُحَمَّد المغاريُّ، وعَلِيّ بْن مُحَمَّد الثَّعْلَبيُّ، والتّقيُّ أَحْمَد بْن مؤمن، وسُنْقُر القضائيّ الحَلَبيّ، والشرفُ عُمَر بْن مُحَمَّد الفارسيّ، والقاضي عَلِيّ بْن أَحْمَد الحنفيُّ، والشهابُ مُحَمَّد بْن مشرَّف التاجرُ، والمفتي رشيدُ الدّين إسماعيل ابن المُعَلِّم، والبدرُ حسن بْن أَحْمَد بْن عطاء، وعيسى المُطْعِّمُ، والقاضي تقيُّ الدّين سُلَيْمَان بْن قدامة، وعثمانُ بْن إِبْرَاهِيم الحِمْصيّ، وأَحْمَد بْن أَبِي طَالِب الحجّارُ، وخديجةُ بِنْت سَعْد، وهديةُ بنتُ عَبدِ الحميد، وخديجةُ بنتُ الرَّضيِّ، وفاطمةُ بِنْت الآمِدِيِّ، وخديجة بنتُ المراتبيّ، وفاطمة بنتُ البطائحيّ، وزينبُ بِنْت الإسعرديّ، وستُّ الوزراء بِنْت المُنَجَّى، وهديةُ بنتُ عسكر، وفاطمة بِنْت الفرَّاء.
قرأت بخطّ السيف ابن المجد قَالَ: بَقِيَ فِي نفسي عند سفري من بغداد سنة ثلاثين أنَّني أقدم بلا شيخ يروي «البخاريّ» . ثمّ ذكر قصة ابن روزبه، وأنه سفَّره فِي سنة ستٍّ وعشرين وأعطوْهُ خمسين دينارا من عند الصالح العادل، فلما وَصَلَ إلى رأس عينٍ، أرغبوه، فقَعَد وسمعوا منه «الْبُخَارِيّ» . ثمّ سارَ فأرغَبُوه فِي حرَّان وسَمِعُوا منه الكتاب، ثمّ فَعَلَ بِهِ أهلُ حَلَب كذلك وحَرِصُوا أن لَا يصلَ إلى دمشق، وخوَّفوه من حِصَار دمشق، فرَجَعَ إلى بغداد. قَالَ السيفُ: فمَضيتُ إِلَيْهِ وقد ذاق الكسب، فإنّه حصل لَهُ أكثر من مائة دينار فاشتطَّ علينا، واشترط جملة ومن يخدمه، ونفقة عند أهلَهُ وتردَّد مَعَ ذَلِكَ، فكلَّمنا أبا الحسن ابن القطيعيّ فاشترط مثل ذَلِكَ. فمضيتُ إلى أَبِي عبد الله ابن الزَّبيديِّ، وأنا لَا أطمعُ بِهِ فقال: نستخيرُ اللَّه، ثم قَالَ: لَا تُعْلِمْ أحدا، وحرَّضَهُ عَلَى التّوجُّه ابنه عُمَر، وكان عَلَى الشَّيْخ دينٌ نحو سبعين دينارا، فلأجله ذكر أنّه يسافرُ، فرافقناه. فكان خفيف المؤنة، كثير الاحتمالِ، حسنَ الصُّحبة، كثيرَ الذِّكر، فنِعْمَ الصاحبُ كَانَ.(46/62)
قلت: ولمّا قَدِمَ، فَرحَ السلطانُ الأشرفُ بقدومه وذلك فِي أثناء رمضان، فأخذه إلى القلعة ولازَمه وسَمِعَ منه «الصحيح» فِي أيامٍ يسيرةٍ. ثمّ نَزَلَ إلى دار الحديث الأشرفية وقد فُتِحَت من نحو شهر، فَحَشَد الناسُ لَهُ وتزاحموا عَلَيْهِ وفرغوا عَلَيْهِ «الصحيح» فِي شوَّال. ثمّ حدّث بالكتاب وب «مسند» الشافعيّ بالْجَبَل، واشتهرَ اسمه وبعُد صيتُه. ثمّ سافر فِي الحالِ إلى بلده، فدخل بغداد متمرّضا، وتُوُفّي- إلى رحمةِ اللَّه- فِي الثالث والعشرين من صفرٍ، ودُفن بمقبُرَة جامع المنصور. وقد حدَّث من بيته جماعةٌ.
[حرف الخاء]
21- خديجة بِنْت مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْعَبَّاس الحرّانيّ.
سَمِعْت من والدِها «جزء» الحفّار.
كتبَ عَنْهَا ابن الْجَوْهريّ، وغيره. وروى عنها بالإجازة القاضي تقيُّ الدّين سُلَيْمَان، وسعدُ الدّين، والبهاء ابن عساكر، وغيرهم.
ولا أعلم متى توفّيت، إنّما كَتَبْتُها عَلَى التّخمين هُنا.
22- الخَضِرُ بْن بَدْران [1] بْن بُغْرا [2] .
الأديبُ، أَبُو الْعَبَّاس، التُّرْكيّ، الشَّاعرُ.
من أولاد الأمراءِ المصريّين. وله شعرُ كثيرٌ [3] .
__________
[1] انظر عن (الخضر بن بدران) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 364 رقم 2523، والمقفى الكبير للمقريزي 3/ 793 رقم 1396.
[2] في المطبوع من تاريخ الإسلام (وفيات 631 هـ) ص 50 رقم 22 «بغزا» بالزاي، والمثبت يتفق مع (المقفى 3/ 793) ، وفي تكملة المنذري: «بغرى» بالألف المقصورة وقال: بضم الياء الموحّدة وسكون الغين المعجمة وبعدها راء مهملة وألف.
[3] ومنه:
عرّج بسكّان الغضا ... وقل لهم معرّضا:
متى ترقّوا في الهوى ... لعاشق لن يغمضا
هجرانكم ما ينقضي ... ووصلكم لا يقتضي
يا قاتلي بهجره ... دون الورى، متى الرضا؟(46/63)
وكان شيخا كبيرا. عاش ثمانيا وثمانين سنة.
كُتُب عَنْهُ الزكيُّ المُنْذريُّ، وغيره.
ومات فِي ربيعٍ الأوّل [1] .
[حرف الزاي]
23- زكريا بْن عَلِيّ [2] بْن أَبِي القاسم حسّان بْن عَلِيّ بْن حُسين.
أَبُو يحيى، السَّقلاطونيُّ، الحَرِيميُّ، الصُّوفيّ، المعروفُ بابن العُلْبي [3] .
وُلِد فِي أولِ سنة ثمانٍ وأربعين وخمسمائة.
وسَمِعَ من: أَبِيهِ، ومن أَبِي الوَقْتِ، وأبي المعالي ابن اللّحّاس.
روى عنه: ابن النجّار، والسيف ابن المجد، والشرف ابن النابلسيّ، والمجد عبد العزيز ابن الخليليّ، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس عبد الرحمن ابن الزّين، والشهاب الأبرقوهيّ، والعماد إسماعيل ابن الطّبّال شيخ المستنصرية، وبالإجازة الفخر إسماعيل ابن عساكر، وفاطمةُ بِنْت سُليمان، وأَبُو نصرٍ مُحَمَّد بن محمد ابن الشّيرازيّ، والقاضي تقيُّ الدّين.
وكان من صوفية رباط أَبِي النّجيب السُّهْرَوَرْدِي، وكان ساكنا لَا يكادُ يتكلّم إلّا جوابا.
وقرأتُ بخطّ السيف قَالَ: رأيتُ أسمَه قد أُلحق فِي طبقة «مسند» عبد [4] .
__________
[ () ]
متى أرى لسوء ... حظّي الوصل منكم أبيضا؟
(المقفى) .
[1] ومولده في سنة 543 هـ.
[2] انظر عن (زكريا بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 362 رقم 2514، والإشارة إلى وفيات الأعيان 333، والمعين في طبقات المحدثين 195 رقم 2070، والمختصر المحتاج إليه 2/ 73، 74 رقم 671، والعبر 5/ 124، وسير أعلام النبلاء 22/ 359، 360 رقم 223، والنجوم الزاهرة 6/ 286، وشذرات الذهب 5/ 144.
[3] العلبيّ: بضم العين المهملة وسكون اللام، وبعدها باء موحّدة مكسورة وياء النسب. قال المنذري: وقيّدها بعضهم بفتح اللام. والأول هو المشهور.
[4] هو «عبد بن حميد» .(46/64)
وقد كَانَ فِي الآخر يطلبُ عَلَى السماع أجْرًا، ويُصَرِّحُ بِهِ. فسمِعَ عَلَيْهِ جماعةٌ كتاب «الدّارِميّ» وكتاب «ذمِّ الكلامِ» وعند إنهائه قَالُوا: قد بَقِيَ منه شيء إلى غدٍ أو نعطيك شيئا؟ ثمّ لم يعودوا إِلَيْهِ، فكان يشتمهم وينالُ منهم.
قلت: ماتَ فِي أول ربيع الأوّل.
[حرف السين]
24- سعيدُ بْن أَبِي المظفَّر [1] ، البَنْدَنيجيُّ.
عُرِفَ بابن عُفَيْجة.
سَمِعَ من عَبْد الحقِّ.
ومات فِي جُمَادَى الأولى.
25- سُلَيْمَانُ بْن مظفَّر [2] بْن غنائم.
الإمامُ رضيُّ الدّين، أَبُو دَاوُد، الجيليُّ، الشّافعيُّ.
تفقَّه ببغداد بالنظاميّة، ودرَّسَ، وأفتى، وصنَّف، وبَرَعَ فِي المذهب.
وحدَّث بالإجازة عن الْإمَام النّاصر لدين اللَّه.
وتفقَّه عَلَيْهِ جماعةٌ كثيرة، ونُدِبَ إلى مشيخة الرباط الكبير فامتنع. وطُلِبَ للقضاء فامتنع.
قَالَ القاضي شمس الدّين ابن خلِّكان [3] : كَانَ من أكابر فُضلاءِ عصره.
وصنَّف كتابا فِي الفقه يدخل فِي خمس عشرة مجلّدة. وعرضت عليه المناصب،
__________
[1] انظر عن (سعيد بن أبي المظفر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 366 رقم 2528.
[2] انظر عن (سليمان بن مظفر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 362 رقم 2515، والمختار من تاريخ ابن الجزري 154، وسير أعلام النبلاء 22/ 370 رقم 235، وطبقات الشافعية للأسنوي 1/ 376، 377 وفيه: «سلمان» ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 56 (8/ 148) ، وطبقات الشافعية الوسطى، ورقة 188 ب، والبداية والنهاية 13/ 141 وفيه: «أبو سلمان بن المظفر» وهو وهم، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 166 أ، والوافي بالوفيات 15/ 428 رقم 580، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 78، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 404، 405 رقم 373، وكشف الظنون 1/ 489، ومعجم المؤلّفين 4/ 276.
[3] ذكره في ترجمة شرف الدّين ابن منعة (1/ 109) .(46/65)
فلم يفعل. وكان ديِّنًا، نيَّفٍ عَلَى الستّين. وتُوُفّي فِي ثاني ربيع الأول. وكان ملازما لبيته، حافظا لوقته.
- السيفُ الآمِديّ.
اسمه عَلِيُّ بْن أَبِي عَلِيّ [1] .
[حرف الشين]
26- شهريارُ بْن أَبِي بَكْر [2] بْن أَبِي الكَرَمِ.
أَبُو أَحْمَد، البغداديّ، النَّساجُ، الفقيرُ.
رجلٌ صالحٌ.
حدَّث عن: مُحَمَّد بْن بركة الحلّاج، وعَلِيّ بْن يحيى ابن الطَّرّاح.
كُتُب عَنْهُ ابن الحاجب، وغيره.
ورَّخَهُ المنذريُّ بالسَّنة.
[حرف الصاد]
27- صُهَيْب بْن عبد المُهيمن [3] .
أَبُو يحيى، المرّاكشيُّ.
سَمِعَ «الموطّأ» من أبي بكر ابن الجدَّ، وأَبِي عَبْد اللَّه بْن زَرْقون.
سَمِعَ منه ابن فَرْتون بفاس.
وقال الأبّارُ: تُوُفّي فِي رمضان.
[حرف الطاء]
28- طالبُ بْن شمائل بن أحمد الغسّانيّ.
المعروف بابن الدّندان الدّارانيّ.
سمع الحافظ ابن عساكر.
وحدَّث عَنْهُ الزّكي البِرْزاليُّ، وغيره. وأجاز لجماعة.
__________
[1] ستأتي ترجمته برقم (45) .
[2] انظر عن (شهريار بن أبي بكر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 377، 378 رقم 2564.
[3] انظر عن (صهيب بن عبد المهيمن) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 769.(46/66)
تُوُفّي فِي المحرَّم عن اثنتين وثمانين سنة.
29- طُغْريل [1] ، الأمير الكبير شهابُ الدّين.
أتابَك السلطان الملك العزيز صاحبُ حلب، ومدبِّر دولته.
كَانَ خادما، رئيسا، من كبار الأمراء الظّاهرية. لمّا تُوُفّي أستاذُه، قام بأمرِ ولده الملكُ العزيز أتمَّ قيام. وحَفِظَ عَلَيْهِ البلاد، واستمالَ الملكَ الأشرف حتّى أعانهم ودافَعَ عنْهُم.
وكان طُغريلُ صالحا، ديِّنًا، صاحب ليلٍ وبكاءٍ. وكان كثيرَ الصّدقات، وافرَ الخيرات. كَان الملكُ الأشرف يَقُولُ: إن كَانَ للَّه فِي الأرض وليُّ، فهو هذا الخادم. ولمّا استعاد الأشرفُ تلَّ باشرٍ، دفعها لَهُ، وقال: هذه تكونُ برسم صدقاتك، فإنَّك لَا تتصرّف فِي أموال الصغير. وكان قد طهَّر حلب من الفِسقِ والخمور والمكوس والفُجورِ، قاله أَبُو المظفَّر الْجَوْزيّ [2] .
تُوُفّي بحلب فِي حادي عشر المحرَّم، ودُفِنَ بباب أربعين [3] .
وقد حدَّث عن الصالح أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد الفاسي.
30- طيٌّ الْمَصْريّ [4] .
الفقيرُ الصالحُ، مريدُ الشَّيْخ مُحَمَّد القَرَويّ.
قدِمَ الشام وانقطع إلى العبادة بزاويته بدمشق بناحية عُقْبة الكتّان. وكان كيِّسًا، لطيفًا، ذا مروءةٍ، صَحِبَه جماعةٌ.
__________
[1] انظر عن (طغريل الأمير) في: التاريخ المنصوري 257، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 685، ومفرّج الكروب 5/ 72، 73، وزبدة الحلب 3/ 215، 216، والأعلاق الخطيرة ج 8 ق 1/ 94، 103، 123، 124، ووفيات الأعيان 7/ 100 رقم (383) ، والمختصر في أخبار البشر 3/ 154، ونهاية الأرب 29/ 202، 203، والإشارة إلى وفيات الأعيان 333، والعبر 5/ 125، والمختار من تاريخ ابن الجزري 154، وتاريخ ابن الوردي 2/ 159، والوافي بالوفيات 16/ 457، 458 رقم 493، والنجوم الزاهرة 6/ 286، وشذرات الذهب 5/ 145.
[2] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 685.
[3] وقال ابن خلكان: ودفن بمدرسته الحنفية خارج باب أربعين ... وحضرت الصلاة عليه ودفنه.
[4] انظر عن (طيّ المصري) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 686، والمختار من تاريخ ابن الجزري 155، والبداية والنهاية 13/ 141، والنجوم الزاهرة 6/ 285، والدارس 2/ 205.(46/67)
قَالَ ابن الْجَوْزيّ [1] : كانت مجالسي تطيبُ بحضوره.
قلتُ: دُفِنَ بزاويته. ونسبه بعضهم إلى الزَّوكرة [2] والمحال. ولمّا مَرِضَ، نزل الملك الأشرف فعاده. فلمّا تُوُفّي أوصى السلطان عَلَى أولاده، وقرَّر ابنه فِي المشيخة. وكان الحريريةُ ينالونَ من طيٍّ ويؤذونه.
قَالَ العزُّ النّسّابة: مات شابا، وحضره خلقٌ، وخلَّفَ جملة.
[حرف العين]
31- الْعَبَّاسُ، الأميرُ [3] .
أَبُو عبد اللَّه أخو الْإمَام الخليفة المستنصر باللَّه.
تُوُفّي فِي المحرَّم، وغسَّلَهُ عَبْد العزيز بْن دُلف. وعُمِلتَ فِيهِ المراثي.
32- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن مُحَمَّد [4] الواعظ.
أَبُو مُحَمَّد، ابن الكمال الأنباريّ صاحب العربية.
ولد سنة إحدى وستين وخمسمائة.
وسَمِعَ من أَبِيهِ، وعُبَيْد اللَّه بْن شاتيل. وحدَّث.
ومات فِي صفر.
33- عَبْد اللَّه بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [5] بْنِ عُفَير.
أَبُو مُحَمَّد، الأُمَويّ، مولاهم، البَلَنْسِيُّ، المحدِّثُ.
سَمِعَ أَبَا مُحَمَّد بْن حَوْط اللَّه، وحجَّ فسَمِعَ من يونس بن يحيى الهاشميّ،
__________
[1] في مرآة الزمان 8/ 686.
[2] الزوكرة: لفظة مغربية معناها: النفاق (انظر نفح الطيب: 3/ 328 وتكملة المعاجم العربية- دوزي:
5/ 342) .
[3] انظر عن (العباس الأمير) في: الحوادث الجامعة 35، والمختار من تاريخ ابن الجزري 153، والوافي بالوفيات 16/ 659 رقم 710 وفيه: «العباس الأمير عبد الله» وقالت محققته الدكتورة وداد القاضي (بالحاشية) : كذا في النسخ جميعا، وهو غريب. ولم يتبيّن لي وجه الصواب فيه.
[4] انظر عَنْ (عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 360 رقم 2509.
[5] انظر عَنْ (عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْد الله) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 896- 898.(46/68)
وزاهر بْن رُسْتُم. ودخل العراق وخُراسان والشام. وسَمِعَ من عَبْد الوهّاب بْن سُكَيْنَة، وعُمَر بْن طَبَرْزَد، والمؤيَّد الطُّوسيّ، والتّاج الكندي، سَمِعَ منه «تاريخ بغداد» [1] . وسمع «الموطّأ» ، و «صحيح» مُسلْمِ من المُؤيَّد. ثم قفل إلى المغرب.
وحدّث بتونس.
وتوفّي بعد الثلاثين وستمائة. قاله الأبّار.
34- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الودود [2] بْن مُحَمَّد.
أَبُو السعود، البصْريُّ، المعروفُ بابن الدَّبَّاس.
سَمِعَ من عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن سليخ.
وماتَ فِي ربيع الأول.
35- عَبْدِ اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حُسين [3] .
أَبُو مُحَمَّد، العَبْدَريُّ، الغَرْناطيُّ، الكوَّاب.
روى عن: أَبِي الْحَسَن بْن كَوثر، وأَبِي خَالِد بْن رفاعة.
وتصدَّر لإقراء القرآن.
وكان وَرِعًا، صالحا، خطيبا ببلده.
تُوُفّي عن خمسٍ وسبعين سنة.
ومن الطلبة من سمَّاه: عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن مجاهد.
وقد قرأ بالسبع عَلَى الخطيب مُحَمَّد بْن عَرُوس الغرناطيِّ، صاحب يحيى بْن المخلوف.
قرأ عَلَيْهِ بالرواياتِ عددٌ كبير، منهم: مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الطّائيّ النَّحْويّ، وأَبُو عَلِيّ الْحَسَنُ بْن أَبِي الأحوص، وأبو جعفر أحمد ابن الطَّبّاع، وقرأ أيضا عَلَى أَبِي خالدٍ يزيدَ بن رفاعة تلميذ أبي الحسن ابن الباذش.
__________
[1] وهو للخطيب البغدادي.
[2] انظر عن (عبد الله بن عبد الودود) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 364 رقم 2521.
[3] انظر عن (عبد الله بن محمد بن حسين) في: غاية النهاية 1/ 447، 448 رقم 1866.(46/69)
قال ابن مَسْدي: لم أَلْقَ مثلَه إنفاقا وتجويدا. وكان يعملُ فِي شبيبتهِ الأكوابَ. وكان خطيبَ غَرْناطةَ.
36- عَبْد اللَّه بْن يُونُس [1] الأرْمَنِيُّ [2] .
الشَّيْخ الزّاهد القُدوة، نزيلُ سَفْح قاسيُون.
وهو من أرْمينيَة الرُّوم، وقيلَ من قُونية. جالَ فِي البلاد، ولَقِيَ الصُّلحاءَ والزُّهادَ. وكان صاحبَ أحوالٍ ومُجاهداتٍ. وكانَ سَمحًا، لطيفا، متعفِّفًا، لازما لشأنِه، مطَّرحَ التكلّف. ساحَ مُدَّةً وبَقِيَ يَتَقَنَّعُ بالمُباحاتِ. وكان متواضعا، سَيِّدًا، كبيرَ القدر، لَهُ أصحاب ومريدون. ولَا يكاد يمشي إلا وحدَه، ويشتري الحاجةَ بنفسه ويحملُها. وكانت لَهُ جِنازةٌ مشهودةٌ. وكان قد حَفِظَ القرآنَ، وكتابَ القُدُوري، فوَقَعَ برجلٍ من الأولياءِ، فدلّه عَلَى الطريق إلى اللَّه.
وقد طَوَّل أَبُو المظفَّر الْجَوْزيُّ، ترجمتَه [3]- رحمه اللَّه تعالى-.
وتُوُفّي فِي التّاسع والعشرين من شوَّال.
وزاويتهُ مُطِلَّةٌ عَلَى مقبرةِ الشَّيْخ الموفَّق.
37- عَبْد الحقّ بْن عَبْد اللَّه [4] بْن عَبْد الحقّ.
أَبُو مُحَمَّد الأَنْصَارِيّ، المغربي، المَهْدويُّ، قاضي الجماعة بمرّاكش وبإشبيليّة.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن يونس) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 686- 691، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 373 رقم 2549، وذيل الروضتين 162، والإشارة إلى وفيات الأعيان 333، والإعلام بوفيات الأعلام 261، والمختار من تاريخ ابن الجزري 153، 154، والعبر 5/ 125، والوافي بالوفيات 17/ 695، 96 رقم 586، والبداية والنهاية 13/ 141، 142، ومرآة الجنان 4/ 75، والنجوم الزاهرة 6/ 285، وشذرات الذهب 5/ 145، 146، والدارس 2/ 196، والقلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية لابن طولون 1/ 192، 193.
[2] تصحّف النسبة في: العبر 5/ 125، والإعلام 261 إلى: «الأرموي» .
[3] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 686- 691.
[4] انظر عن (عبد الحق بن عبد الله) في: تكملة الصلة لابن الأبار (نسخة الأزهر) 3/ ورقة 40، الوافي بالوفيات 18/ 58 رقم 53، ونيل الابتهاج للتنبكتي 184، ومعجم المؤلفين 5/ 92، 93.(46/70)
وَلِيَ أولا قَضاء غَرْناطةَ، ثمّ وَلِيَ سنةَ تسع عشرة وستمائة مَرَّاكِش وَقْتًا، وامتْحِنَ فيها بالفتنَة المُتفاقمةِ حينئذٍ.
قَالَ الأبّار [1] : وكانَ من العلماء المُتَفِّننين، فقيها مالكيّا، حافظا للمّذْهب، نَظّارًا، بَصيرًا بالأحكام، صَلِيبًا فِي الحقّ، مَهِيبًا، مُعَظَّمًا. وله كتابٌ فِي الردِّ عَلَى أَبي مُحَمَّد بن حَزْم، دلِّ عَلَى فَضْلِه علمِه، وأفادَ بوضعِه، ولا أعلمُ لَهُ رواية.
وذَكر وَفاتَهُ.
38- عَبْد الحميد بنُ أَبِي المكارم [2] عَرَفَة بْن عَلِيّ بْن الْحسن.
أبو سعد، ابن بُصْلا [3] ، البَنْدَنيجيُّ [4] .
وُلِد سنة نيَّفٍ وستّين [5] .
وسَمِعَ من: عَبدِ الحقِّ اليوسُفيِّ، وشُهْدَةَ.
وكانَ شيخا صالحا، عابِدًا.
مات فِي ذي القَعْدةِ.
39- عَبْد الرحيم بْن مُحَمَّد [6] بْن هِبَة اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن الْحُسَيْن، القاضي.
أبو نصرٍ، الدّمشقيُّ، ابن عساكر.
أخو تاج الأمَناء، وفخرِ الدّين. كَانَ ناقصَ الفَضِيلة.
سَمِعَ الكثير من: عَمَّيْه الصّائِن، والحافظِ، وعبدِ الرَّحْمَن بْن أَبِي العجائز،
__________
[1] التكملة: 3/ الورقة 40.
[2] انظر عن (عبد الحميد بن أبي المكارم) في: تاريخ إربل 1/ 260- 262 رقم 158، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 375 رقم 2555، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 287.
[3] بصلا: بضم الباء الموحّدة، وسكون الصاد المهملة (المنذري) .
[4] طوّل ابن المستوفي في نسبه، وقال إنه قدم إربل غير مرة، كان ينزل برباط الجنينة، له رسم على الفقير أبي سعيد كوكبوري بن علي.
[5] وقال ابن المستوفي: مولده سنة أربع وستين وخمسمائة. (تاريخ إربل 1/ 261) .
[6] انظر عن (عبد الرحيم بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 370، 371 رقم 2541، وذيل الروضتين 192، والعبر 5/ 126، والإعلام بوفيات الأعلام 261، والعقد المذهب لابن الملقّن، ورقة 232، وشذرات الذهب 5/ 146.(46/71)
وأَبِي بَكْر عبدِ اللَّه بْن مُحَمَّد النُّوقانيّ، وأَبِي نصر عَبدِ الرحيم اليُوسُفيِّ، وأَبِي المعالي بْن صابر، وأَبِي المفاخر عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن البَيْهقيّ، وغيرهم.
روى عَنْهُ: الزّكيّ البرزالي، والشهاب القوصيّ، والمجد ابن الحُلْوانية.
وَحَدَّثَنَا عَنْهُ الشرفُ أَحْمَد بْن عساكر، وأَبُو الفضل مُحَمَّد بْن يوسف الذهبيُّ، وأَبُو إسحاق إبراهيم ابن المُخَرّميّ. وبالحضورِ الفَخَرُ إِسْمَاعِيلُ بْن عساكر، والبهاءُ قاسم بن عساكر. وأجاز للقاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان، ولجماعةٍ. وكان يُلَقَّبُ بالقاضي.
قرأتُ بخطِّ عمر ابن الحاجب- فِي ترجمة هذا- قَالَ: لم يَكُن عندَه ممّا عند بيته لَا قليل ولا كثير. وكان يُرمَى برذائلَ لَا تَليقُ بأهلِ العلم. وكان الغالبُ عَلَيْهِ البَلَه والخواثةَ [1] . وسألتُ أَبَا عبدِ اللَّه البِرْزاليّ عَنْهُ فقال: ليسَ بثقةٍ.
قَالَ المنُذري [2] : تُوُفّي فِي الثاني والعشرين من شَعْبان. وقد [أجاز لي] [3] .
40- عَبدُ السلام بنُ يوسُف [4] بْن عَلِيّ البَرْزِيُّ.
من قرية بَرْزَة [5] .
حدَّث عن أَبِي الفتح عُمَر بْن عَلِيّ بْن حُمُويه.
وتُوُفّي فِي ربيع الأوَّل.
رَوَى عَنْهُ الزّكيّ الرزاليُّ، وغيره. وأجاز لطائفة.
وكان أمينا في القرى. وقد صحب الحافظ عبد الغنيّ مديدة.
41- عَبْدِ الْعَزِيزِ بْن عَبْدُ اللَّه [6] بْن عَلِيِّ بْن عَبْدِ الباقي.
__________
[1] الخواثة: الاسترخاء.
[2] التكملة: 3/ 370.
[3] في الأصل بياض استدركته من تكملة المنذري.
[4] انظر عن (عبد السلام بن يوسف) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 363 رقم 2518 وفيه: «عبد السلام بن علي» بإسقاط «يوسف» .
[5] برزة: بتقديم الراء وبعدها زاي. قرية من غوطة دمشق.
[6] انظر عن (عبد العزيز بن عبد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 373 رقم 2550.(46/72)
أبو محمد، ابن الصواف الإسكندريّ.
شيخ صالح، معتبر، مؤدّب ببلده.
ولد في سنة خمسين وخمسين.
وحدّث عن السّلفي.
كُتُب عَنْهُ ابن الحاجب، وغيرُه.
وحدّثني عَنْهُ حفيداه: الشرفُ يحيى، وأَبُو المعالي مُحَمَّد ابنا أَحْمَد بْن الصوّاف.
وتُوُفّي فِي رابع ذي القَعْدة.
42- عَبْد المُجِير بْن مُحَمَّد [1] بْن عشائر.
أَبُو مُحَمَّد، كمالُ الدّين، القَبِيصيّ، العَدْلُ. شيخٌ مُعَمِّر، فاضلٌ.
قَرَأَ القراءات بالموصلِ عَلَى يحيى بْن سَعْدون القُرْطُبيّ، وسَمِعَ منه ومن خطيب المَوْصِل.
قَالَ الزّكيّ المُنذريُّ [2] : كَانَ من القرّاءِ المجوِّدين، وأعيانِ الفقهاء. توفّي في جمادى الأولى.
قلت: سَمِعَ منه القاضي مجدُ الدّين العَدِيميّ، وغيرُه. وكان عاليَ الإسنادِ فِي القراءاتِ. ولا أعْلَمُ أحدا مِمَّنْ قرأ عَلَيْهِ.
وقد روى عَنْهُ القراءات بالإجازة عَبْد الصَّمد بْن أَبِي الجيش.
43- عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد [3] بْن عَبْد الواحد بن شُنَيْف.
أبو الفرج، الدّارقزّيّ.
حدّث عن مَسْعُود بن مُحَمَّد بْن شنيف.
ومات فِي جمادى الآخرة.
__________
[1] انظر عن (عبد المجيد بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 367 رقم 2531، ومعرفة القراء الكبار 2/ 269 رقم 593، وغاية النهاية 1/ 466، 467.
[2] في التكملة.
[3] انظر عن (عبد الواحد بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 368، 369 رقم 2534.(46/73)
44- عَلِيّ بنُ حسّان [1] بْن مُحَمَّد.
أَبُو الْحَسَن، الكُتبيُّ. الحنفيُّ.
حدَّث عن: أَحْمَد بْن حمزة ابن الموازينيِّ، والخُشَوعيّ.
وكان فقيها، فاضلا. لَقَبُه موفقُ الدّين.
انتقى لَهُ زكيّ الدّين البِرْزاليُّ «جزءا» .
روى عَنْهُ: أمينُ الدّينِ عَبدُ الصَّمد بْن عساكر، والمجد ابن الحُلْوانية، ومُحَمَّد بْن عَرَبْشَاه.
تُوُفّي فِي رابع عشر شَعبان.
45- عَلِيّ بْن أَبِي عَلِيّ [2] بْن مُحَمَّد بْن سالم التَّغْلِبيُّ.
العلامةُ، المتكلمُ، سيفُ الدّين، الآمِديُّ، الحَنبليُّ، ثمّ الشافعيُّ.
وُلِد بعد الخمسين وخمسمائة بيسير بآمِدَ، وقرأ بها القراءات عَلَى الشَّيْخ مُحَمَّد الصّفّارِ، وعَمَّار الآمدِيّ. وحَفِظَ «الهدايةَ» فِي مذهب أَحْمَد. وقرأ القراءات أيضا ببغداد عَلَى ابن عُبَيْدة.
وقَدِمَ بغداد- وهو شاب- فتفقَّه بها عَلَى أَبِي الفتح بْن المَنِّي الحنبليّ،
__________
[1] انظر عن (علي بن حسان) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 370 رقم 2539.
[2] انظر عن (علي بن أبي علي) في: تاريخ الحكماء للقفطي 240، 241، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 691، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 359، 360 رقم 3508، وذيل الروضتين 161، ووفيات الأعيان 3/ 293، 294، والمختصر في أخبار البشر 3/ 155، 156، وسير أعلام النبلاء 22/ 364- 366 رقم 230، والإشارة إلى وفيات الأعيان 333، والإعلام بوفيات الأعلام 261، ودول الإسلام 2/ 136، والعبر 5/ 124، 125، ومفرّج الكروب 5/ 3- 11 (وفيات 630 هـ) ، وتاريخ ابن الوردي 2/ 160، ومرآة الجنان 4/ 73- 75، والوافي بالوفيات 12/ ورقة 124- 126، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 60، 61، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 137، 138، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 129 (8/ 306، 317) ، والبداية والنهاية 13/ 140، 141، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 166 ب، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 175، وطبقات الشافعية لابن القاضي شهبة 2/ 410- 412 رقم 379، والوفيات لابن قنفذ 312، 313 رقم 631، ولسان الميزان 3/ 134، وتاريخ الخميس 2/ 414، والعسجد المسبوك 2/ 462، 463، والنجوم الزاهرة 6/ 285، وتاريخ الخلفاء 464، وحسن المحاضرة 1/ 259، ومفتاح السعادة 2/ 49، وتاريخ الأزمنة للدويهي 217، وشذرات الذهب 5/ 142- 144، وديوان الإسلام 1/ 76، 77 رقم 83، والأعلام 5/ 153، ومعجم المؤلفين 7/ 155.(46/74)
وسَمِعَ من أَبِي الفتح بْن شاتيل. ثمّ انتقلَ شافعيّا وصَحِبَ أَبَا القاسم بْن فَضْلان، واشتغلَ عَلَيْهِ فِي الخِلاف، وبَرَعَ فِيهِ.
وحَفِظَ طريقةَ الشَّريف، ونَظَرَ فِي طريقةِ أسعد المِيهَنيّ، وغيرهِ. وتفَّننَ فِي علمِ النَّظر، والفلسفة وأكثرَ من ذَلِكَ. وكان من أذكياء العالم.
ثمّ دخَلَ الدّيار المصرية وتصدَّرَ بها لإقراء العقلِّياتِ بالجامع الظافريِّ.
وأعادَ بمدرسة الشافعيّ. وتخرَّجَ بِهِ جماعةٌ. وصنَّفَ تصانيفَ عديدة. ثمّ قاموا عَلَيْهِ، ونسبُوه إلى فساد العقيدة، والانحلال، والتّعطيل، والفلسفة. وكتبوا محضرا بذلك.
قال القاضي ابن خلّكان [1] : وضَعُوا خطوطَهم بما يُستباح بِهِ الدَّمُ، فخَرَجَ مُستخفيًا إلى الشام فاستوطَنَ حماةَ. وصنَّفَ فِي الأصلين، والمنطقِ، والحكمةِ، والخِلافِ، وكلّ ذَلِكَ مفيد، فمنه: كتابُ «أبكار الأفكار» فِي علم الكلام، و «منتهى السول فِي علم الأصول» . وله طريقة فِي الخلاف. وشَرَحَ جدلَ الشريف. وله نحوٌ من عشرين تصنيفا. ثمّ تحولَ إلى دمشق، ودرَّسَ بالعزيزية مدّة، ثم عُزِلَ عنها لسببٍ أتُهم فِيهِ. وأقام بطّالا فِي بيته. وماتَ فِي رابع صفر، وله ثمانون سنة.
وقال أَبُو المظفَّر الْجَوْزيّ [2] : لم يَكُن فِي زمانه مَنْ يُجاريه فِي الأصلين، وعلم الكلام. وكان يظَهرُ منه رقّةُ قلب، وسرعة دمعة. وأقامَ بحماةَ، ثم انتقلَ إلى دمشق.
قَالَ: ومن عجيب ما يُحْكَى عَنْهُ، أنّه ماتَتْ لَهُ قِطَّةٌ بحماةَ فدفَنَها، فلمّا سَكَنَ دمشقَ، أرسلَ، ونَقَلَ عظامَها فِي كيسٍ، ودَفَنَها فِي تُربة بقاسِيُون. وكان أولادُ الملكِ العادل كلُّهم يكرهونّهٌ لما اشتُهِرَ عَنْهُ من الاشتغالِ بالمنطقِ، وعلم الأوائلِ. وكانَ يَدْخُلُ عَلَى المعظَمِ- والمجلسُ غاصٌ بأهِله- فلم يتحرّك له،
__________
[1] في وفيات الأعيان: 3/ 293- 294 باختصار.
[2] في المرآة: 8/ 691.(46/75)
فقلت لَهُ: قُمْ لَهُ عوضا عني فقال: ما يقبلُه قَلبي. ومع ذَلِكَ ولَّاه تدريسَ العزيزية. فلمّا ماتَ المعظّم، أخرجَه منها الأشرفُ، ونادى فِي المدارس: مَنْ ذكرَ غيرَ التفسيرِ والفقِه، أو تعرَّضَ لكلامِ الفلاسفَة، نَفَيْتُه. فأقامَ السيفُ خاملا فِي بيته قد طُفِئ أمرُه إلى أن مات، ودُفِنَ بقاسِيون بتربته.
وقال أَبُو مُحَمَّد المنذري [1] : تُوُفّي فِي ثالث صَفَر.
قلتُ: وصنَّفَ «أبكار الأفكار» فِي أصول الدّين، خمس مجلّدات، ثم اختصرَه فِي مجلّد. وصنَّفَ «الإحكامَ فِي أصول الأحكام» ، أربع مجلّدات.
ومن تلامذته القاضي صدر الدّين ابن سنيّ الدّولة، والقاضي محيي الدّين ابن الزّكيّ، وغيرهُما.
وقَدِمَ الشامَ سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. وكان شيخُنا القاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان يَحْكي عن الشَّيْخ شمس الدّين بْن أَبِي عُمَر- رحمه اللَّه- قَالَ: كنّا نَتَردَّد إلى السيفِ الآمديّ، فَشَكَكْنا فِيهِ هَلْ يُصلي؟ فتركناهُ وقد نامَ، فعَلَّمنا عَلَى رِجلِه بالحبر، فبقيت العلامةُ نحوَ يومينِ مكانَها. فعرفنا أنُّه ما كَانَ يتوضّأ- نسأل الله السلامة-.
وقد حدّث ب «غريب الحديثِ» لأبي عُبَيْد، عن ابن شاتيل [2] .
[حرف الغين]
46- غنائُم بنُ أَبِي القاسم [3] بْن عَلِيّ الخَشّاب، الدّمشقيّ.
يعرف بابنِ المَنْجَنيقيّ.
روَى عن أَبِي المعالي بْن صابر.
روى عَنْهُ الزّكيّ البرزاليّ، وغيره.
__________
[1] في التكملة: 3/ 359.
[2] قال المؤلّف- رحمه الله- في السير: «قد كان السيف غاية، ومعرفته بالمعقول نهاية، وكان الفضلاء يزدحمون في حلقته. قال ابن خلكان: سمعت ابن عبد السلام يقول: ما سمعت من يلقي الدرس أحسن من السيف، كأنّه يخطب. وكان يعظّمه» (22/ 366) .
[3] انظر عن (غنائم بن أبي القاسم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 374 رقم 2552.(46/76)
[حرف الميم]
47- مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل [1] بْن جَوْهَر بْن مَطَر.
أبو الْحَسَن، الدّمشقيّ، الفراءُ.
سَمِعَ من الحافظ أَبِي القاسم بْن عساكر.
روى عَنْهُ الزّكيّ البِرْزاليّ، وغيرُ واحد من الطلبة. وبالإجازة إبراهيم ابن أَبِي الْحَسَن المُخَرّميّ، وفاطمةُ بِنْت سُلَيْمَان، وجماعة.
وتُوُفّي فِي تاسع عشر صفر.
وكان صالحا، مُتَعَبّدًا.
48- مُحَمَّد بنُ خَالِد [2] بْن كرم بْن سالم.
أَبُو خالدٍ، الحربيُّ، المؤذّنُ، البَقّال.
وُلِد فِي شَعْبان سنة تسعٍ وخمسين.
وسَمِعَ من: يحيى بن ثابت، ولا حق، ودهبل ابن كارِه، وغيرهم.
رَوَى عَنْهُ بالإجازةِ القاضيان شهابُ الدّين الخُوَيّي، وتقيُّ الدّين المقدسيُّ، وغيرهما.
تُوُفّي فِي أول صفر.
49- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الحُسين بْن رَوَاحَة.
أَبُو عَبْد اللَّه، الحَمَويُّ، التاجرُ، ابن عمِّ عزّ الدّين عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن.
وُلِد سنة ستٍّ وخمسين بحماة. ورَحَل فسَمِعَ من السِّلَفيّ.
روى عَنْهُ مجد الدّين ابن العديم، وغيرُه.
وماتَ بحلبَ فِي صفرٍ.
50- مُحَمَّد بْن عبد اللَّه [3] بْن محمود بْن حُبَيْش.
__________
[1] انظر عن (محمد بن إسماعيل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 360 رقم 2511.
[2] انظر عن (محمد بن خالد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 358، 359 رقم 2506.
[3] انظر عن (محمد بن عبد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 367 رقم 2530، وطبقات النحاة(46/77)
أَبُو عَبْد اللَّه، الحُسَيْنيُّ، العَدْلُ، الإسكندريُّ، المالكيُّ، الأديبُ، صاحبُ التصانيفِ.
سَمِعَ من ابن موقا، وعدَّة. صَحِبَ أَبَا الْخَطَّاب بْن دِحية، ولَقِيَ الكِنْديّ.
لَهُ النظمُ، والنثُر، وله «ديوان» .
تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى سنةَ إحدى وثلاثين. وله خمسون سنة.
ذكرَه ابن العِمادية فِي «تاريخه» : بفتحِ الحاء وتثقيلِ الموحدة، وشين معجمة.
51- مُحَمَّد بْن عَبدِ اللّطيف [1] بْن يحيى بْن عَلِيّ بْن خطّاب.
الدِّينَوَرِيّ، الخيميُّ، أَبُو الفضْل. شيخٌ بغداديُّ.
حدثَ عن عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل.
وأجازَ لشيوخنا.
52- مُحَمَّد بْن عَلِيّ [2] بْن أَبِي بَكْر بْن سالم.
أَبُو عَلِيّ، الأَزَجِيُّ، الحدّادُ.
سَمِعَ من: أَبِي الْحُسَيْن عبدِ الحقّ، وأَبِي هاشم الدُّوشابيّ.
روى عَنْهُ القاضي شهابُ الدّين الخُوَيّي، وغَيْرُهُ بالإجازة.
وماتَ فِي ربيع الآخر.
53- مُحَمَّد ابْن الحافظ أَبِي الْحَسَن [3] عَلَى بْن المُفَضَّل بْن عَلِيّ بْن مُفَرّجٌ.
أبو الطاهر اللَّخْميّ، المقدسيُّ، ثم الإسكندرانيّ، الفقيه المالكيّ.
وُلِد سنة خمس وستّين وخمسمائة.
__________
[ () ] واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 117.
[1] انظر عن (محمد بن عبد اللطيف) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 372 رقم 2547.
[2] انظر عن (محمد بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 365 رقم 2524.
[3] انظر عن (محمد بن أبي الحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 368 رقم 2532.(46/78)
وسَمِعَ من: جدِّه أَبِي المكارم، وأبي طاهرٍ السِّلفِيّ، وبدر الخُداداذيّ، وأبي القاسم محمد بن عليّ بن العريف، وجماعة كثيرة.
وناب عن والده فِي تدريس الصَّاحبية بالقاهرَة.
روى عَنْهُ: الزكي المنذري، والزكي البرزالي، وغيرهما.
وتُوُفّي فِي العشرين من جُمَادَى الآخرةِ.
54- مُحَمَّد بْن عُمَر [1] بْن يوسف.
الإمامُ، أَبُو عَبْد اللَّه، الأَنْصَارِيّ القُرْطُبيّ، المقرئُ، المالكيُّ، الزاهدُ، المعروفُ بالأندلس بابن مغايظ.
انتقل به أبوه إلى فاس فَنشأ بها. ثم حَجَّ وسَمِعَ بمكة من أَبِي المعالي عَبْد المنعم بْن عَبْد اللَّه ابن الفُرَاوي. وسَمِعَ بالإسكندرية من القاضي مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحضرميِّ، وعبد الرَّحْمَن بْن موقا. وبمصرَ من الأستاذ أَبِي القاسم بْن فيرّه الشاطبيّ، ولزمه مدّة وقرأ عَلَيْهِ القراءات. وسَمِعَ من: أَبِي القاسم البوُصيريّ، وعليّ بْن أَحْمَد الحديثيّ، ومحمد بن حمد الأرتاحيّ، والمشرف ابن المؤيّد الهَمَذَانيّ.
وكان إماما صالحا، زاهدا، مُجوِّدًا للقراءات، عارِفًا بوجوهها، بصيرا بمذهب مالك، حاذِقًا بفنونِ العربية. وله يدٌ طُوليّ فِي التفسير. تخرّج بِهِ جماعةٌ.
وجلسَ بعد موتِ الشاطبيّ في مكانه للإقراء.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عمر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 358 رقم 2505، وذيل الروضتين 162، وتكملة الصلة لابن الأبار 1/ 330، ومعجم الشيوخ الرعينيّ 176، والإعلام بوفيات الأعلام 261، والإشارة إلى وفيات الأعيان 333، والعبر 5/ 125، ومعرفة القراء الكبار 2/ 639، 640 رقم 603، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 62، 63، ومرآة الجنان 4/ 75، وطبقات الشافعية للمطري ورقة 125، والوافي بالوفيات 4/ 361 رقم 2792، وغاية النهاية 2/ 219، 220 رقم 3324، والمقفى الكبير 6/ 417، 418 رقم 2907، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 50، والنجوم الزاهرة 6/ 287، وبغية الوعاة 1/ 201، 202، وطبقات المفسرين للسيوطي 39، وطبقات المفسرين للداوديّ 2/ 219، 220، وشذرات الذهب 5/ 145، وطبقات الحفاظ والمفسرين 283 رقم 553.(46/79)
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه الأبّارُ: حدَّث بالقاهرة. وأُخذ عَنْهُ القرآنُ والحديثُ، والعربيةُ. ونُوظر عَلَيْهِ فِي «كتاب» سِيبَوَيْه. ثم جاورَ بالمدينة. وشُهرَ بالفَضْل والصَّلاح والوَرَع. وأمَّ بمسجِد النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ ابْنُ الطيلَسان: تُوُفّي بمصر ودُفِنَ بقرافَتِها، كذا قَالَ، وإنَّما مات بالمدينة.
وقال المُنذري [1] : تُوُفّي فِي مستهلِّ صفر. وقرأ القراءات عَلَى الشاطبي.
وسمع، وحدَّث، وأقرأ، وانتفَعَ بِهِ جماعةٌ. وحجَّ مراتٍ. وأكثرَ المجاورة عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وبرع فِي التفسير والأدبِ. وكان لَهُ القبولُ التامُ من الخاصّة والعامّة، مثابرا عَلَى قضاءِ حوائج الناس. سَمِعْتُه يذكر ما يدُلُّ عَلَى أنّ مولده سنة ثمان أو سبع وخمسين وخمسمائة.
قلتُ: رَوَى عَنْهُ الزكيّ المنذريّ، والشهابُ القُوصيّ، والمجد ابن العَديم، وعبد الصَّمد بْن أَبِي الْجَيش، وأَبُو مُحَمَّد الحسنُ سِبْطُ زيادة، وهو آخِرُ من روى عَنْهُ.
55- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [2] بْن سعَيِد.
أَبُو عَبْد اللَّه، اليَحْصُبِيُّ الْجَيانيُّ، اللَّوشيّ.
روى عَن: أَبِي بَكْر بْن الجدِّ، وأَبِي عَبْد اللَّه بْن زَرْقون. وحَجَّ فسَمِعَ بالإسكندرية مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحضرميَّ، وغيرَه.
ووَلِيَ القضاء والخطابة ببلده مدّة، ثم خطابة قُرْطُبَة. وأسمعَ الناس.
ومات فِي رمضان.
56- مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر [3] مُحَمَّد بْن أَبِي القاسم عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد.
الحافظ، المفيدُ، أَبُو رشيدٍ، الغزَّالُ، الأصبهانيّ.
__________
[1] في التكملة 3/ 358.
[2] انظر عن (محمد بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 632، والمقفى الكبير 7/ 20 رقم 3084، وشجرة النور الزكية 179 رقم 585.
[3] انظر عن (محمد بن أبي بكر) في: الإشارة إلى وفيات الأعيان 333، والمعين في طبقات المحدّثين 195 رقم 2071، والعبر 5/ 126، والوافي بالوفيات 1/ 163 رقم 92.(46/80)
ولد سنة تسع وستّين وخمسمائة.
وسمع من: أبي الفتح الخرقيّ، وخليل الدّارانيّ، ومسعودٍ الجمَّال، وأَبِي المكارم اللَّبان، وأَبِي جعفرٍ الصَّيْدلانيّ، وجماعةٍ من أصحاب الحداد، وفاطمة الْجُوزَدَانيَّة.
وعُنِيَ بالحديث، وكَتَبَ، وحصَّل الأصولَ. وكانَ محمود الصحبة، حسنَ الطريقَة، متديّنا. دخلَ خُوارزمَ، فأثرى بها، وكَثُرَ ماله. ثم عاد إلى أصبهان، وجَمَعَ شيئا كثيرا من الكتب. ثم عاد إلى خُراسان، وعبرَ النهر. وسَكَنَ بُخاري مدّة إلى أن دخلها العدوّ واستباحوها، فأحرقت كتبه، وراحت أمواله، وهرب إلى الجبال والشّعاب. فلمّا جعلوا بها شحنة، عاد أبو رشيد إليها، وبقي يشتري من كتب النهب بأيسر ثمن. وكان يحفظ ويفهم مع ثقة، ودين، ومروءة.
توفّي ببخارى في شوّال في هذه السنة.
روى عنه سيف الدّين الباخرزيّ، وحافظ الدّين محمد بن محمد البخاريّ شيخ بخارى، وابن النجّار، وقالَ: قَدِمَ علينا بغدادَ فِي آخر سنة ستّ وتسعين وخمسمائة، فسمعَ من أصحاب ابن الحُصين. وكُنَّا نَصْطَحِبْ كثيرا. وسِمعَ بقراءتي، وسمعتُ بقراءته. وكان محمود الصّحبة، متديّنا. ثم رَحَلَ إلى خُراسان وسمع بها الكثير، وبما وراءَ النهر، وأقامَ بمرو يقرأ على شيخنا أبي المظفّر ابن السَّمْعاني، ويكتبُ عَنْهُ فلعلَّه سَمِعَ أكثر ما كَانَ عنده. ثم قدِمَ علينا هراة وكنتُ بها سنة إحدى عشرة، فأقام نحوا من سنة يكتبُ ويسمعُ ويْحصِّلُ بهمَةٍ وافرةٍ وجدّ واجتهادٍ شديدٍ، ويكتبُ العاليَ والنازلَ. إلى أن قَالَ: وكانَ يرجعُ إلى فضْل، وحفظٍ، ومعرفةٍ، وإتقان، وصدقٍ، ومروءةٍ ظاهرةٍ، وديانةٍ، وصلاحٍ. حَدَّثَنَا أَبُو رشيدٍ ببغداد، أخبرنا إِسْمَاعِيل بْن غانم، أخبرنا أبو سعدٍ المُطرِّز- فذكر حديثا.
57- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [1] بْن أَبِي بَكْر.
أَبُو سَعْد الشَّهْرَستْانيّ الصُّوفيّ.
توفّي بدمشق فِي ذي الحجّة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 375 رقم 2556.(46/81)
يروي عن: أَبِي سعد عَبْد اللَّه بْن عُمر الصّفّار، ومُحَمَّد بْن فضلِ اللَّه السَّالاري.
وكان صالحا، عارفا، معروفا بتربية الأصحاب والمُريدينَ. وهو من أعيانِ صُوفية السُّمَيْساطية.
لقبُه: مُنصفُ الدّين.
سمع منه ابن الحاجب، وغيره.
58- مُحَمَّد بْن المبارك [1] بْن أَبِي المظفَّر هبة اللَّه بن محمد ابن الوزير أَبِي طَالِب مُحَمَّد بْن أيوب.
أَبُو الْحَسَن، البغداديّ، الحاجبُ.
وُلِد سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة.
وسَمِعَ من: مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن السَّكَن، ومحمد بن إسحاق ابن الصابئ، وغيرهما.
وكان يُسمّي نفسه عليّا، وهو مشهور بالكنية. وجدُّهم وزير للقائم بأمر اللَّه.
روى عَنْهُ بالإجازةِ القاضيان ابن الخويّي، والتقيُّ سُلَيْمَان، وابنُ الشّيرازيّ، وفاطمةُ بنتُ سُلَيْمَان، وجماعة.
وكان صالحا، ديّنا، متعبِّدًا.
تُوُفّي فجاءة فِي الخامسِ والعشرين من صَفَر.
وحدَّث عَنْهُ الفاروثيّ.
59- مُحَمَّد بْن نصر [2] بْن قوَّام بْن وَهْب بْن مُسَلَّم.
العَدْل، شمسُ الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه، الرُّصافيُّ، التاجرُ، الشاهدُ.
وُلِد سنة سبعٍ وسبعين وخمسمائة بالرُّصَافة.
ودَخَلَ أصبهان مَعَ أخيه للتّجارة، وسَمِعا مَعَ يوسفَ بْن خليل وكانا يُحسنان إِلَيْهِ وأنزلاه عندهم.
__________
[1] انظر عن (محمد بن المبارك) في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 166، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 361 رقم 2513.
[2] انظر عن (محمد بن نصر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 372 رقم 2546.(46/82)
رَوَى عن خليلٍ الرَّارانيّ، وغيره.
حَدَّثَنَا عَنْهُ محمد بن قايماز الدّقيقيّ.
قال عمر ابن الحاجب: هُوَ من ذوي اليَسَار، لَهُ دينٌ، وكرمٌ، وتودُّد.
وقال الضياءُ: كانَ خيِّرًا، ذا مُروءة. تُوُفّي فِي شوَّال.
قلت: وهو والد شيخنا الكمالِ عَبْد اللَّه.
60- مُحَمَّد بْن يحيى [1] بن علي بن الفضل بن هبة الله، قاضي القضاة، محيي الدّين.
أَبُو عَبْد اللَّه، ابن فَضْلان، البغداديّ، الفقيهُ الشافعيُّ، مدرّس المستنصرية.
وقد ولِيَ قضاء القضاة للإمام النّاصر فِي آخر دولته.
وكان مولده فِي سنة ثمانٍ وستّين وخمسمائة.
تفقَّه عَلَى والدهِ العلّامة أَبِي القاسم يحيى ابن فَضْلان. وبَرَع فِي المذهب.
ورحل إلى خُراسان وناظرَ علماءَها. وكان علَّامةً فِي المذهبِ، والخلاف، والأُصولِ، والمنطقِ، موصوفا بحُسن المناظرة، سمحا، جوادا، نبيلا. لَا يكادُ يدّخر شيئا. ولما عُزل من القضاء، انقطَعَ فِي داره يكابدُ فقرا، ويتعفّف ويكتم حالَهُ. ووَلِيَ تدريسَ النّظامية ببغداد. وتفقّه عَلَيْهِ جماعةٌ.
وقد سَمِعَ من أصحاب أَبِي القاسم بْن بيان الرَّزاز، وأَبِي طَالِب الزَّينبي.
وولِيَ قضاء القضاة في سنة تسع عشرة وستمائة، ثم عَزَلَه الخليفةُ الظّاهر بعد شهر من بيعته، ولَزِمَ بيتَه ثمانية أشهر، ثم وَلِيَ نظرَ المارستان، فَبقِيَ ستة أشهر، وعُزل. ووَلِيَ نظرَ ديوان الجوالي، ثم وَلِيَ تدريس مدرسة أمّ الناصر لدين
__________
[1] انظر عن (محمد بن يحيى) في: الحوادث الجامعة 37- 40، والمختصر المحتاج إليه 1/ 162، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 281، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 44 (8/ 107، 108) وفيه: «محمد بن واثق بن علي» ، والمختار من تاريخ ابن الجزري 145، ومرآة الجنان 4/ 75، والعبر 5/ 126، والوافي بالوفيات 5/ 200، 201 رقم 2260، والجواهر المضية 2/ 396، والعسجد المسبوك 2/ 463، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 422 رقم 392، وشذرات الذهب 5/ 146، 147، وتاريخ علماء المستنصرية للدكتور ناجي معروف 116- 121.(46/83)
اللَّه. وذهب رسولا إلى الرُّوم. ثم وَلِيَ تدريس المستنصرية في رجب من سنة وفاته، فأدركه الموتُ.
تُوُفّي العلامة محيي الدّين ابن فضلان فِي سلخ شوَّال. وكان قوَّالًا بالحقِّ، متديِّنًا، ازدَحَموا عَلَى نَعْشه- رحمه اللَّه تعالى- فلقد كَانَ من خيار الحُكّام.
قَالَ عَلِيّ بْن انجبَ عَنْهُ: إنه كتبَ إلى الناصر فِي شأنِ أهلِ الذمّة: «يُقَبِّل الأرضَ، وينُهي أنّ الأنعامَ تحملُه عَلَى النهوضِ بمحامدِ الذّكر، فالمأخوذُ من أهل الذمّة فِي العام أجرةٌ عن سكناهم فِي دارِ السلام، فلا يؤخذُ منهم أقلُّ من دينار، ويجوزُ أنْ يؤْخَذَ منهم ما زادَ إلى المائة حسب امتداد اليد عليهم. فإنْ رَأَى من الغبطة الملاحظة لبيت المال أن يضاعف على الشخص منهم ما يؤخذُ فِي السنَة فللآراءِ الشريفةِ علوُّها» - وساق فصلا طويلا فِي ترقّي الملاعين عَلَى رقاب المسلمين.
61- مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر [1] بْن عثمان بْن إِبْرَاهِيم.
أَبُو عَبْد اللَّه، السَّمرْقَنْديّ، القارئ بالألحانِ.
تُوُفّي فِي صَفَر عن ستَين سنة.
ورَوَى عن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن هبة اللَّه بْن المأمون.
62- مُحَمَّد بْن أَبِي بكر بن عليّ [2] .
العلامة، نجم الدّين ابن الخبّاز، المَوْصِليّ، الشافعيّ، الفقيه.
كَانَ من كبارِ العلماء.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبي بكر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 359 رقم 2507.
[2] انظر عن (محمد بن أبي بكر بن علي) في: عقود الجمان لابن الشعار 6/ ورقة 157، 158، وذيل الروضتين 162، والأعلاق الخطيرة ج 1 ق 1/ 107، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 499 رقم 456، وطبقات الشافعية للمطري ورقة 203 ب، 204 أ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 46 (8/ 113) ، والعقد المذهب، ورقة 180، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 415 رقم 384، وطبقات النحاة واللغويين، له، ورقة 14، والمقفى الكبير للمقريزي 5/ 441، 442 رقم 1923، والنجوم الزاهرة 6/ 286- 288، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي، ورقة 68، وهدية العارفين 2/ 113، ومعجم المؤلفين 9/ 114.(46/84)
ولد سنة سبع وخمسين وخمسمائة.
قَدِمَ مصر، وأقامَ بها مدّة. وتفقّه عَلَيْهِ جماعة.
وكان موتهُ بحلب فِي سابع ذي الحجّة.
وكان كيِّسًا، لطيفا، متواضعا، بَصيرًا بالمذهب.
63- محمود بْن هَمّام [1] بْن محمود.
الفقيهُ، الإمامُ، الزاهدُ، المحدّث، عفيفُ الدّين، أَبُو الثناءِ، الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ، المقرئ، الضرير.
روى عن: يحيى الثَّقفيّ، وإِسْمَاعِيل الْجَنْزَويِّ، وبركاتٍ الخُشُوعيّ، وعبد الرَّحْمَن ابن الخِرَقيّ، والقاسم بْن عساكر، وابن طَبَرْزَد، وجماعة. ولازم الحافظ عَبْد الغنيّ كثيرا، وأخذ عَنْهُ السُّنّة.
قرأتُ بخطِّ الضياء المقدسيِّ: وفي يوم الأحد ثالث عشر ربيع الآخر تُوُفّي الشيخُ الْإمَام العالم الزّاهد أَبُو الثناء محمود بْن همّام، ودُفن من يومه بالْجَبَل.
وكان الخَلْق فِي جِنازته كثيرا جدّا. وما رأينا من أئمةِ الشافعية مثله. ما كَانَ يُداهنُ أحدا فِي الحقِّ، ويتكلّمُ عند مَنْ حضره بالحقّ من أمير، أو قاضٍ، أو فقيِه.
ولأهل السّنّة كَانَ مُجِدًّا وناصرا، فرحمة اللَّه عَلَيْهِ ورضوانه.
وقرأتُ في ترجمته بخطِّ مُحَمَّد بْن سلَّام: جمعَ اللَّه فِيهِ كلَّ خلَّةٍ مَليحة، واحتوى عَلَى كلِّ فضيلة مَعَ دماثةِ الأخلاقِ، وطيبِ الأعراقِ. وكان فقيها، مُحققًا، مدقّقا، حسن الأداء للقرآن. وانتفع به عالم عظيم. وقرءوا عَلَيْهِ القرآن. وكان طويلَ الروح عَلَى التّلقين. وكانَ قد جَمَعَ مَعَ هذا الزّهد العظيم، والورع الغزير، كان صائمَ الدّهر، مُلازمًا للجامعِ، ما كَانَ يخرُجُ منه إلّا بعد العشاء ليفطَر، ويعود إِلَيْهِ سَحَرًا.
قلتُ: روى عَنْهُ الضياء حكايات. وحدّثنا عنه الشرف ابن عساكر. وأجازَ للشيخ عَلِيّ القارئ، وفاطمةَ بِنْتِ سُلَيْمَان، وإِبْرَاهِيم بْن أَبِي الْحَسَن المُخَرّميّ، وغيرهم.
__________
[1] انظر عن (محمود بن همّام) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 365 رقم 2525، ونكت الهميان 287.(46/85)
64- المُسَلَّم بْن أَحْمَد [1] بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد.
أَبُو الغنائم، المازنيُّ، النّصيبيّ، ثم الدمشقيّ، ويعرفُ بخطيب الكَتّانِ.
شيخٌ معمَّرٌ، عالي الروايةِ. وُلِد سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.
وسمع من: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الْحَسَن الدّارانيّ، وأَبِي القاسم عَلِيّ بْن الْحَسَن الحافظ، وأخيه الصّائنِ هبة اللَّه. وذكر أنَّه دَخَلَ الإسكندرية، وسمع من أَبِي طاهر السِّلَفِيّ.
وكان يخدمُ فِي الضمانِ والمَكْسِ، ثم تَرَكَ ذَلِكَ، وحُسنت حالُهُ، ولَزِمَ بيته والجامعَ. وافتقرَ وباعَ مُلكَه.
وروى الكثير، روى عَنْهُ: البِرْزاليّ، والقوصيُّ، والمجد ابن الحلوانية، والحافظ ضياء الدّين، والشرف ابن النابلسيّ، وابنُ الصابونيّ، وعليّ بْن هارون بمصر.
وَحَدَّثَنَا عَنْهُ: أَبُو الفضل بْن عساكر، وأَبُو الفضل مُحَمَّد بْن يوسفَ الذَّهبيّ، والخضر بْن عَبْدان الأَزْدِيّ، وفاطمةُ بِنْت سُلَيْمَان. وبالإجازةِ القاضي تقيُّ الدّين الحنبليُّ، وابن الشّيرازيّ، وتاجُ العرب بنت علّان، والفخر إسماعيل ابن عساكر.
وتُوُفيّ فِي الثامن والعشرين من ربيع الأوّل.
65- مُقْبِل بْن عُمَر [2] بْن مُهنّا [3] الأزَجيُّ، النّجّارُ.
سَمِعَ من عيسى الدوشابيِّ.
وماتَ فِي ذي الحجّة.
66- مُكْرَمُ بْن مَسْعُود [4] بْن حمَّاد بْن عَبْد الغفّار بْن سعادة بْن مَعْقِل بن عبد
__________
[1] انظر عن (المسلّم بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 364 رقم 2520، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 298، والعبر 5/ 126، وسير أعلام النبلاء 22/ 362، 363 رقم 228، والإشارة إلى وفيات الأعيان 333، والمعين في طبقات المحدّثين 195 رقم 2072، والنجوم الزاهرة 6/ 287، وشذرات الذهب 5/ 147.
[2] انظر عن (مقبل بن عمر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 376 رقم 2559.
[3] وقع في التكملة: «مهيّأ» وهو غلط.
[4] انظر عن (مكرم بن مسعود) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 365، 366 رقم 2527، ومعجم(46/86)
الحميد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد ابن قاضي القضاة أحمد بن أبي داود الإياديّ.
ولد سنة ستّ وخمسين وخمسمائة.
ووَليَ القضاءَ ببلاد الرّوم. وقَدِمَ مصرَ وحدَّث عن عبد المنعم ابن الفراوي.
روى عَنْهُ الزكيُّ المُنْذريُّ.
ومُكْرمُ: مُخفَّفٌ [1] .
توفّي بأبْهَر زنجان فِي السنة.
67- منصورُ بْن زكيِّ [2] بْن منصور بْن مَسْعُود الغزَّالُ.
شيخ بغداديّ.
وُلِد سنة ستٍّ وخمسين.
وسَمِعَ من: عَبْد اللَّه بْن منصور المَوْصِليّ، وَعَبْد اللَّه بْن أحمد ابن النَّرْسيّ، وعبدِ الحقِّ اليوسفيّ.
رَوَى عَنْهُ ابن النجّار، وقال: لَا بأس بِهِ.
وماتَ فِي ربيع الأوّل.
أجاز لابنِ الشّيرازي. ويقالُ لَهُ: أَبُو منصورٍ.
68- منكورس الفلكيُّ [3] ، الأميرُ الكبيرُ.
ركنُ الدّين، العادليُّ.
ناب فِي الدّيار المصرية للملك العادل، وفي دمشق مرّة. وكان مُحَتِشمًا، عفيفا، ديِّنًا، خيِّرًا، كثيرَ الصدقاتِ. يجيءُ المؤذّنَ إلى الجامع وحده وبيده طوّافة [4] وله بجبلِ قاسِيُون ترُبةٌ ومدرسةٌ وَقَفَ عليهما أوقافا كثيرة.
__________
[ () ] الشافعية لابن عبد الهادي، ورقة 86.
[1] قيّده المنذري.
[2] انظر عن (منصور بن زكي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 363 رقم 2519.
[3] انظر عن (منكورس الفلكي) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 691، 692، ونهاية الأرب 29/ 204، والمختار من تاريخ ابن الجزري 155، والبداية والنهاية 13/ 141، وشذرات الذهب 5/ 147.
[4] انظر: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 692.(46/87)
69- مُوسَى، الملك المُفَضَّل [1] ، قطبُ الدّين.
ابن السُّلطان صلاحِ الدّين يوسفَ بْن أيّوب بْن شاذي.
أجاز لَهُ العلامةُ أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن برِّي، ومُحَمَّد بْن صدقة الحرّانيّ.
وتُوُفّي فِي ذي الحجّة.
[حرف النون]
70- ناصرُ بْن عَبْد العزيز [2] بْن ناصر بْن عَبْد اللَّه بْن يحيى.
أَبُو الفتوحِ، الأغماتيُّ الأصلِ، الإسكندرانيُّ، ويعرف بابن السّقطي.
ولد سنة ستين وخمسمائة.
وحدَّث عن: السِّلَفي، وأَبِي الطاهر بْن عَوْف، وغيرهما.
وكانَ رجلا مباركا، صالحا.
مات فِي رابع ذي القِعْدة.
وَحَدَّثَنَا عَنْهُ عَبْد المعطي الهَمَدانيّ.
71- نصر اللَّه بْن حسّان [3] بْن أَبِي الزّهر [4] .
أَبُو الفتح، الدّمشقيّ، الشروطيُّ، الدَّلالُ.
روى عن: الخُشوعيّ، وغيرِه.
ومات فِي سادس صفرٍ.
[حرف الياء]
72- يحيى بْن حسن [5] بْن حسين، الشريف.
__________
[1] انظر عن (موسى الملك المفضل) في: السلوك للمقريزي ج 1 ق 1/ 249، و «المفضل» بسكون الفاء وكسر الضاد المعجمة- جوّد المؤلّف- رحمه الله- تقييده.
[2] انظر عن (ناصر بن عبد العزيز) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 373، 374 رقم 2551، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 213، وشذرات الذهب 5/ 147.
[3] انظر عن (نصر الله بن حسّان) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 360 رقم 2510.
[4] الزّهر: بفتح الزاي وسكون الهاء. (المنذري) .
[5] انظر عن (يحيى بن حسن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 371، 372 رقم 2545.(46/88)
أَبُو الفضائلِ، العَلَويّ، الجوانيُّ، الواسطيّ.
تُوُفّي فِي رمضان عن ستٍّ وثمانينَ سنة، بواسط.
يروي عن أَبِي طَالِب مُحَمَّد بْن عَلِيّ الكتَّانيّ.
73- يحيى بْن سلمان [1] بْن أَبِي البركات بْن ثابت.
أَبُو البركاتِ، البغداديّ، المأمونيُّ، الصّوّاف.
وُلِد سنة تسع وأربعين.
وسَمِعَ من أَبِي الفَتْح بْن البَطِّي.
رَوَى عَنْهُ بالإجازة القاضي شهابُ الدّين الخوَيّي، وغيرُهُ. وبالسماع عزُّ الدّين الفاروتيُّ، وقبلَه محبُّ الدّين ابن النجّار وقال: كانَ لَا بأس بِهِ، تُوُفّي فِي سادسِ ربيع الأوّل.
74- يحيى بْن منصور [2] بْن يحيى بْن الْحَسَن.
الفقيهُ، أَبُو الْحُسَيْن، السُّليمانيُّ، اليمانيُّ، المقرئُ، الشافعيّ.
من أعيان شيوخ القاهرة.
قرأ القراءات على أبي الجود. وتفقَّه عَلَى الشهابِ مُحَمَّد بْن محمود الطُّوسيّ. وقرأ علمَ الكلامِ بالثّغر عَلَى أَبِي الْحَسَن الْبُخَارِيّ. ولازمَ الحافظَ عَلَى بْن المفضّل مدّة.
ودرَّس بمدرسةِ قاضي قُوص بالقاهرة، وأمَّ بمسجدٍ [3] .
وتُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة.
75- يوسف بْن حيدرة [4] بن حسن، العلّامة.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن سلمان) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 362، 363 رقم 2516.
[2] انظر عن (يحيى بن منصور) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 368 رقم 2533، ومعرفة القراء الكبار 2/ 640 رقم 604، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 150 (8/ 358) ، وغاية النهاية 2/ 379، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي، ورقة 111.
[3] هو المسجد الّذي بالقشاشين بالقاهرة، كما قال المنذري في التكملة 3/ 368.
[4] انظر عن (يوسف بن حيدرة) في: عيون الأنباء لابن أبي أصيبعة، والعبر 5/ 127، وسير أعلام النبلاء 22/ 371، 372 رقم 237، وشذرات الذهب 5/ 147.(46/89)
رضيُّ الدّين، أَبُو الحَجّاج، الرَّحْبيّ [1] .
شيخ الطبِّ بالشام. لَهُ القَدَم والاشتهارُ عند الخاصّ والعامّ. ولم يزل مُبَجّلًا عندَ الملوكِ. وكانَ كبيرَ النفسِ، عاليَ الهِمَّة، كثيرَ التّحقيق، حسن السيرة، مُحبًا للخير، عديمَ الأذيَّة.
كانَ أَبُوهُ من الرَّحبة كحَّالًا، فوُلِدَ لَهُ رضيّ الدّين بجزيرة ابن عُمَر، وأقامَ بنَصيبين مدّة، وبالرّحبة. وقدم بعدَ ذَلِكَ دمشق مَعَ أَبِيهِ فِي سنة خمس وخمسين وخمسمائة. ثمّ بعد مدّة تُوُفّي أَبُوه بدمشق، وأقبلَ رضيُّ الدّين عَلَى الاشتغال.
والنّسخ، ومعالجة المرضى. واشتغل على مهذّب الدّين ابن النقاش ولازَمَه، فنوَّه بذكرِه وقدَّمهُ. ثمّ اتّصل بالسلطان صلاحِ الدّين، فحسن موقعُه عنده، وأطلقَ لَهُ فِي كلّ شهر ثلاثين دينارا، وأن يكون مُلازمًا للقلعةِ والبيمارستان. ولم تَزَلُ عَلَيْهِ إلى أيامِ المعظّم، فنقّصه النّصف، ولم يَزَلْ متردّدا إلى المارستان إلى أن مات.
وقد اشتغلَ عَلَيْهِ خلقٌ كثيرٌ، وطالت أيامه، وبقيَ أطباءُ الشام تلامذته. ومن جملةِ من قرأ عَلَيْهِ أولا مهذبُ الدّين عَبْد الرحيم.
قَالَ ابن أَبِي أصَيْبعة: حدَّثني رضيُّ الدّين الرَّحبيّ قَالَ: جميعُ من قرأ عَلِيّ سُعِدُوا، وانتفعَ الناس بهم- ثم سمّى كثيرا منهم قد تمَيَّزوا- وكان لَا يُقرئ أحدا من أهلِ الذمةِ، ولم يقرئ فِي سائرِ عُمُرهِ منهم سوى اثنينِ، أحدُهم عمرانُ الإسرائيليُّ، والآخرُ إِبْرَاهِيم السامريُّ بعد أن تشفّعا وثقّلا عَلَيْهِ، وكلّ منهما نبغَ، وتميزَ، وكتب. قد قرأتُ عَلَيْهِ في سنة اثنتين وثلاث وعشرين وستمائة كتبا فِي الطّبّ، وانتفعتُ بِهِ. وكان مُحبًا للتّجارة مغرى بها. وكان يُراعي مِزاجَه، ويعتني بنفسه، ويحفظُ صحّته. وكان لَا يصعدُ فِي سُلم، وإذا طُلب لمريضٍ، سألَ عن ذَلِكَ أوّلا. ويطلُعُ إلى بُستانه يومَ السبت يتنزهُ. وكان الصاحب صفيّ الدّين ابن شكر يَلزَمُ أكْل الدّجاج، فشحب لونُه، فقال لَهُ رضيّ الدّين يوما: الزم لحمَ الضأن وقد ظهر لونُك، ألا ترى إلى لوِن هذا اللّحم ولونِ هذا اللّحم؟ قَالَ: فلَزِمه،
__________
[1] تصحّفت النسبة إلى: «الرخّي» بتشديد الخاء المعجمة، في (شذرات الذهب لابن العماد 5/ 147) وقال: نسبة إلى الرخ ناحية بنيسابور، وذكر أبا الحجّاج يوسف بن حيدرة.(46/90)
فصَلَحَ لونُه واعتدلَ مِزاجُهُ، لأنَّ لحمَ الضأنِ يتولّد منه دمٌ متينُ بخلاف الدّجاج.
وُلِد رضيُّ الدّين الرَّحبيّ فِي جُمَادَى الأولى سنة أربعٍ وثلاثين، وعاشَ سبعا وتسعين سنة. وماتَ يوم عاشوراء المحرّم. وكان مرضُه شهرا ولم يُتَبَيَّنْ تغيُرُ شيءٍ من سمعهِ ولا بصرهِ، وإنما كَانَ فِي الآخر يعتريه نسيانٌ للأشياء القريبة العهدِ المتجدّدة. وخلَّف ولدين: شرف الدّين عليَّا، وجمال الدّين عثمان، وكلاهما طبيبٌ فاضلٌ.
76- يونُسُ ابن الخطيب [1] أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَبِي الفضل بْن زيد الدَّوْلَعيّ.
أَبُو المظفَّر.
حدّث عن: جدِّه لأمّه الخطيب عَبْد الملك بْن زيد الدَّوْلَعيّ، وعبد اللّطيف ابن شيخ الشيوخ.
وماتَ فِي ذي القِعْدة، قبل أَبِيهِ.
[الكنى]
77- أَبُو الفَرَج المالكيّ [2] .
أحدُ العلماءِ، وصاحبٌ كتاب «الحاوي» .
قَالَ لي أَبُو عَبْد اللَّه الوادياشيّ: إنه تُوُفّي سنة 31.
وفيها وُلِد الإمام محيي الدّين يحيى النّواويّ.
والقاضي حسامُ الدّين الرّوميُّ الحنفيّ: الْحَسَن بْن أَحْمَد الرازيّ، باقسَرا.
والقاضي عزُّ الدّين عُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن عوض الحنبليّ.
__________
[1] انظر عن (يونس بن الخطيب) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 374 رقم 2553.
[2] لم يذكره كحّالة في (معجم المؤلفين) مع أنه من شرطه.(46/91)
وزينُ الدّين المُنجي بْن عثمان، شيخُ الحنابلة.
وشمسُ الدّين مُحَمَّد بْن حمزة، أخو القاضي تقيِّ الدّين.
وسعدُ الدين يحيى بْن مُحَمَّد بْن سعد، فِي ربيع الأوّل.
والبهاءُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ابن العجميّ، فِي رجبٍ.
والشمسُ مُحَمَّد بْن عثمان بْن مشرق [1] ، فِي رمضان.
والأديبُ أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مفرّج الإشبيليُّ.
والبدرُ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حسن الصوّاف.
والنّجم أحمد بن إسماعيل ابن التُّبَّلي [2] الحَلبيُّ.
والقاضي أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد البَشِع.
والشيخ عَلَى بْن جعْفَر، مؤذنُ القلعةِ.
والزاهدُ إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بْن حاتم، ببعلبكّ.
__________
[1] قيده المصنف في كتابه «المشتبه» : 592.
[2] قيده المؤلف في «المشتبه» أيضا فقال: «وبمثناة ثم موحدة ثقيلة: أحمد بن إسماعيل التّبّلي، تأخر بحلب، وحدث عن ابن رواحة» (ص 108) .(46/92)
سنة اثنتين وثلاثين وستمائة
[حرف الألف]
78- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم [1] بْن إِسْمَاعِيل بن عمر، ابن الأمير السلار، بختيار الأتابكيّ، الدّمشقيّ.
الأميرُ، الأديبُ، زينُ الدّين، أَبُو الْعَبَّاس.
من بيت إمرةٍ وتقدُم. وله شعرٌ بديعٌ.
روى عَنْهُ شهابُ الدّين القوصيُّ، وغيرُه.
تُوُفّي فِي المحرَّم.
انشدَنَا لَهُ نَسيبُه الأديب ناصرُ الدّين أَبُو بَكْر ابن السلار:
أَحِنُّ إلى الوَادِي الّذِي تَسْكُنُونَهُ ... حَنينَ مُحِبٍّ زَالَ عَنْهُ قَرينُهُ
وَأَشْتَاقُكم شَوقَ العليلِ لِبُرْئِه ... وَقَدْ مَلَّ آسِيهِ وَقَلَّ مُعِينُهُ
ولَوْلا رضاكم بالعباد لَزُرْتُكُمْ ... زيارةَ مَنْ دُنْيَاهُ أَنتمْ وَدِينُهُ
وأرْغَمْتُ أَنْفَ البَيْنِ فِي جَمْعِ شَمْلِنَا ... ولكِنْ بِجُهْدِي فِي رِضاكُم أُعينُهُ
79- أَحْمَد بْن عليّ بْن عَبْد العزيز [2] ، العفيفُ.
أَبُو الْعَبَّاس، الْقُرَشِيّ، المخزوميّ، الْمَصْريّ، الشافعيّ، المقرئُ، المعروف بابنِ الصَّيْرفيّ.
قرأ القراءات عَلَى أَبِي الجودِ. وسمع من أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن نجا. وأجازَ لَهُ الأثيرُ أبو الطاهر الأنباريّ، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن إبراهيم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 382 رقم 2570، والوافي بالوفيات 6/ 216، 217 رقم 2684.
[2] انظر عن (أحمد بن علي بن عبد العزيز) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 397، 398، رقم 2614 وفيه: «أحمد بن عبد العزيز» بإسقاط: «علي» .(46/93)
وأمُ بمسجِد الشارعِ، وأدَّب فِيهِ.
وماتَ فِي سادس عشر شوَّال، وجاوزَ السبعين.
80- أَحْمَد بْن مُحَمَّد [1] بْن الْحُسَيْن.
أبو بَكْر ابن الخُرَاسانيّ، الخطاطُ.
سَمِعَ أَبَا الْحُسَيْن عَبْد الحقّ.
روى عَنْهُ ابن النجار، وقال: كَانَ متديّنا، صالحا، عَلَى طريقَة السلفِ، تُوُفّي فِي ربيع الآخر، وله سبْعون سنة.
وأجاز لشيخنا أَبِي نصر ابن الشّيرازيّ.
81- أَحْمَد بْن ناصر بْن محمود.
أَبُو إِسْمَاعِيل الخزرجيُّ، الكفرسوسي [2] ، المُعَمرَّ.
سَمِعَ فِي سنة خمس وخمسين وخمسمائة من أَبِي القاسم الحافظ.
وحدَّث فِي هذا العام ببيتِ رأس [3] .
سَمِعَ منه ابن الحُلوانية، وجماعة، وأجاز للبهاء ابن عساكر.
[حرف الجيم]
82- جعْفَر بْن الأسعد [4] بْن أَبِي القاسم بْن سعد.
أَبُو القاسم، الصُّوفيّ، الخيّاط.
ولد سنة سبع وأربعين وخمسمائة.
وطَلَبَ الحديث فِي الكِبَر بعد الثمانين، وسمعَ من: عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل، ونصر الله القزّاز، وأبي الخير القزويني، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 388 رقم 2585.
[2] منسوب إلى كفرسوسيّة، من قرى دمشق.
[3] بيت رأس موضعان، أحدهما قرية ببيت المقدس، وقيل: كورة بالأردن، والآخر قرية من نواحي حلب والظاهر أنّه حدث ببيت رأس الّذي من نواحي حلب بدلالة سماع ابن الحلوانية- وهو حلبي- منه.
[4] انظر عن (جعفر بن الأسعد) في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 296، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 389 رقم 2588، والوافي بالوفيات 11/ 98 رقم 158.(46/94)
وروى الكثيرَ بمكة، وحصَّل الأصول والأجزاء. وكان صوَّامًا، قوَّامًا، تاليا للقرآن، حجَّاجًا. وكان يُعرفُ بابن الشيعية.
أمَّ بمسجد الظّفريّة مدّة. وكَتَبَ عَنْهُ طلبةُ بغداد.
حدَّث عَنْهُ عزُّ الدّين الفاروثيُّ. وأجاز للفخر إِسْمَاعِيل بْن عساكر، وفاطمة بنت سليمان، وأبي نصر محمد ابن الشيرازيّ، وتقيّ الدّين سُلَيْمَان الحاكم.
وتُوُفّي فِي ثامن جُمَادَى الأولى.
قَالَ ابن النجّار: حصّل الأصول، ونسخ الكثير مَعَ ضعف يده ورداءةِ خطِّه.
وكان صالحا، وَرِعًا، عفيفا، حافظا للقرآن، كثير التِّلاوةِ والتعبدُّ، صَدُوقًا.
[حرف الحاء]
83- الحسنُ بْن يحيى [1] بْن صبّاح بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ.
أَبُو صادق، الْقُرَشِيّ، المخزوميُّ، الْمَصْريّ، الكاتبُ، نشء الملك.
قَالَ: ولدتُ فِي العاشر من جُمَادَى الأولى سنة إحدى وأربعين بمصر فِي زقاق بني جُمَحَ.
سَمِعَ من الفقيه عَبْد الله بْن رِفاعة، وأجاز لَهُ وهو آخرُ أصحابه. وكان عَدْلًا، ديّنا، صالحا.
روى عَنْهُ: الضياءُ، وابن خليلٍ، والبِرْزاليُّ، وجماعةٌ من الحفاظِ، وابنه عليّ، وسليمان بن إبراهيم ابن القائد، ومحيي الدّين ابن الحَرَسْتانيّ الخطيبُ، وأمينُ الدّين عَبْد الصَّمد بْن عساكر، وابنُ عمّه الشرفُ أَحْمَد، ونصرٌ وسعدُ الخير
__________
[1] انظر عن (الحسن بن يحيى) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 393 رقم 2600، وذيل الروضتين 163، والإعلام بوفيات الأعلام 261، والإشارة إلى وفيات الأعيان 333، والمعين في طبقات المحدّثين 196 رقم 2073، وتذكرة الحفاظ 4/ 1458، وسير أعلام النبلاء 22/ 372، 373 رقم 238، والعبر 5/ 128، والوافي بالوفيات 12/ 304 رقم 276، وذيل التقييد 1/ 512، 513 رقم 1000، والمقفى الكبير 3/ 433 رقم 1203، والنجوم الزاهرة 6/ 292، وشذرات الذهب 5/ 148.(46/95)
ابنا النابلسيّ، والشرف يوسف ابن النابلسيّ، والجمال محمد ابن الصابونيّ، والعلامةُ الجمالُ مُحَمَّد بْن مالكٍ النَّحْويّ، وأَبُو الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد اليونينيّ، والعزّ إِسْمَاعِيل ابن الفرّاء، والعزّ أحمد ابن العماد، والشهابُ مُحَمَّد بْن أَبِي العزّ الأَنْصَارِيّ، وهو آخرُ من حدَّث عَنْهُ سماعا، ومُحَمَّد بن قايماز الطّحان، والتقيّ ابن مؤمن، والعمادُ أَحْمَد بْن سعد، وعبد الحميد بْن خَوْلان، ومُحَمَّد بْن مكّي الْقُرَشِيّ، وأَبُو الحرم بْن مُحَمَّد الأبارُ، وعليّ بْن الزّين بْن عَبْد الدّائم، وأَحْمَد بْن المجاهد، ومُحَمَّد بْن حازمٍ، وعليّ بْن بقاء المُلقَن، وعبد الدّائم بْن أَحْمَد الوزانُ، ومُحَمَّد بْن عَلِيّ الواسطيّ، وعبد الصّمد ابن الحّرَسْتانيّ، ومُحَمَّد بْن سلطان الحنفيّ، وخلقٌ سواهم.
قَالَ ابن الحاجب: هُوَ شيخٌ ثقةٌ، وقورٌ، مكرمٌ لأهلِ الحديث، كثيُر التواضعِ.
قَالَ لي: إنّه يبقى ستة أشهرٍ لَا يشربُ الماء، قلتُ: فتركتهُ لمعنى؟ قَالَ: لَا أشتهيه.
وقرأتُ بخطّ الضياء: تُوُفّي شيخُنا أَبُو صادق بدمشق، وحُمِل من يومه إلى الجبل فدُفِنَ بِهِ. وكان خيِّرًا قلَّ من رأيتُ إلا ويشكره ويُثْني عَلَيْهِ. وهو آخرُ من روى عن ابن رفاعة- فيما علمت-. تُوُفّي فِي يومِ الجمعةِ سادس عشر رجب.
قلت: استوطَنَ دمشقَ من بعد السبعين وخمسمائة، وشَهِد بها، أظُنُه كَانَ من شهود الخزانة بدمشق.
84- الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم [1] بْن هبة اللَّه بْن مَسْلَمَة.
أَبُو القاسم، التَّنُوخيّ، الدمشقيّ.
سَمِعَ من: أبي المكارم عبد الواحد بن هلال، وأبي القاسم بن عساكر، وأبي المجد ابن البانياسيّ.
وتُوُفّي فِي شَعْبان.
روى عَنْهُ: الزّكيّ البرزاليّ، والمجد ابن الحلوانية، والجمال ابن الصابونيّ، وعليّ بن محمد المرّاكشيّ.
__________
[1] انظر عن (الحسين بن إبراهيم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 395 رقم 2606.(46/96)
85- الحسين بن الْإمَام الفقيه عتيق [1] بْن الْحُسَيْن بْن عتيق بْن الْحُسَيْن بْن رشيق بْن عَبْد اللَّه.
الفقيه، العالم، جمال الدّين، أبو عَلِيّ الرَّبَعيّ، الْمَصْريّ، المالكيُّ.
شهد عند قاضي القُضاة صَدْر الدين عَبْد الملك بْن درباس، فمَن بعدَه.
وسَمِعَ بالإسكندرية من أَبِي الطّاهر بْن عوفٍ، وبمصر من أَبِيهِ.
ودرسَ بالمسجد المعروف بِهِ بالفُسطاطِ مدّة، وأفتى، وصنَّف فِي المذهب.
وتفقَّه بِهِ جماعةٌ، وكان ديّنا، وَرِعًا.
قَالَ: ولدتُ بالإسكندريةِ فِي ثالث شَعْبان سنة تسع وأربعين وخمسمائة.
روى عنه الزكي المنذري وقال [2] : توفي في ثالث وعشرين ربيع الآخر.
وسيأتي غيرُ واحد من بيته. وتُوُفّي أَبُوه فِي سنةِ ثلاثٍ وسبعين وخمسمائة.
86- وتُوُفّي ابنه الفقيه عَبْد الحميد بْن الْحُسَيْن [3] بعده فِي شَعْبان من السنة كهلا، ولم يحدّث [4] .
__________
[1] انظر عن (الحسين بن عتيق) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 387، 388 رقم 2584، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 160، والوافي بالوفيات 12/ 421 رقم 380، والديباج المذهب لابن فرحون 105، والإحاطة في أخبار غرناطة 1/ 480، وحسن المحاضرة للسيوطي 1/ 214، 215.
[2] في التكملة 3/ 387.
[3] انظر عن (عبد الحميد بن الحسين) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 395 رقم 2605، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 160، 161.
[4] كذا قال، وفيه نظر، لقول المنذري في «التكملة» : 3/ 395: «وحدث» . وقال المنذري أيضا وتابعه ابن الصابوني في «تكملة إكمال الإكمال» (160- 161) : «مولده مستهل شهر رمضان سنة أربع وثمانين وخمسمائة. سمع معنا بثغر الإسكندرية من أبي عبد الله محمد بن عماد الحراني، وأبي طالب أحمد بن عبد الله بن حديد، وجماعة سواهما. وسمع بمصر من القاضي أبي محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الرمليّ. وتفقّه على مذهب الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه على والده، واشتغل بالأدب» وذكر أن يلقب بعز الدين وأنه كان فاضلا ذكيا راغبا في تحصيل الفضيلة» .
هذا وقد عجّل المؤلّف- رحمه الله- في ذكر ترجمته هنا، ولم يؤخّره إلى تراجم حرف العين كما هو معهود.(46/97)
87- حمزةُ بْن أَحْمَد بْن عُمَر ابن الزّاهد القُدوة أَبِي عُمَر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُدامة.
أَبُو عَبْد اللَّه، المقدسيُّ، الحنبليُّ.
والِد قاضي القضاة تقيِّ الدّين الحنبليُّ.
سَمِعَ الكثير، ولم يُحدَّثَ لأنّه مات قبلَ أوانِ الرواية بقرية جمَّاعيلَ، فِي جُمَادَى الآخرة فِي حياة والده الجمالُ أَبِي حمزة، ورُبِّيت أولادُه يتامى، وجاءَ منهم مثل: قاضي القضاةِ، وأخيه المقرئ ناصر الدّين دَاوُد، والفقيه شمسِ الدّين مُحَمَّد.
[حرف الخاء]
88- خلفٌ بنُ أَبِي المجدِ [1] .
موفَّقُ الدّين الأَنْصَارِيّ، الْمَصْريّ، الشافعيّ، الفقيهُ.
عاشَ بضْعًا وثمانين سنة. وتصدَّر بالجامع الأقمرِ بالتبانين بالقاهرة مدّة.
وسَمِعَ من أَبِي الجيوش عساكر بْن عَلِيّ، وغيره. وماتَ فِي جُمَادَى الأولى.
[حرف الدال]
89- داود، الملك الزّاهر [2] ابن السُّلطان صلاح الدِّين يوسُف بن أيّوب بن شاذي.
__________
[1] انظر عن (خلف بن أبي المجد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 390 رقم 2589، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 235.
[2] انظر عن (الملك الزاهر داود) في: الحوادث الجامعة 43، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 383 رقم 2572، ومفرّج الكروب 2/ 424 و 3/ 379، والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 121، 122، وزبدة الحلب 3/ 218، 219، ووفيات الأعيان 2/ 28 رقم 210، وإنسان العيون لابن أبي عذيبة، ورقة 288، وبغية الطلب لابن العديم (المصوّر) 7/ 585 رقم 1109، ونهاية الأرب 29/ 209، والمختصر في أخبار البشر 3/ 156، والعبر 5/ 128، وتاريخ ابن الوردي 2/ 160، ومرآة الجنان 4/ 75 و 84 وفي الموضعين تحرّف اسمه إلى: «الزاهد» بالدال المهملة، وأمراء دمشق في الإسلام للصفدي 31، والوافي بالوفيات، له 13/ 500، 501 رقم 600، والبداية والنهاية 13/ 333، والعسجد المسبوك 2/ 466، والسلوك ج 1 ق 1/ 250، وشفاء القلوب 266، 267، وتاريخ ابن الفرات 8/ 161، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 307، والدارس 1/ 581، والقلائد الجوهرية 145، وترويج القلوب 74، 75 رقم 162، وشذرات الذهب 5/ 148، والأعلام 2/ 336.(46/98)
أَبُو سُلَيْمَان، صاحبُ إلْبِيرَةَ.
ولد بمصر. وأجاز لَهُ عَبْد اللَّه بْن بري النَّحْويّ، وأَحْمَد بن حمزة بن الموازينيّ، والبوصيريّ.
وكان فاضلا، شاعرا. ملكَ إلْبيَرةَ مدّة طويلة.
مولدهُ بالقاهرة في سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.
وتوفّي بإلبيرة في تاسع صفر، فتملّك إلبيرة صاحبُ حلب ابن شقيقٍ لَهُ.
[حرف الراء]
90- رَتَن الهنديُّ [1] .
الّذِي زَعَموا أنّه صحابيُّ.
ذكرَ النجيب عَبْد الوهّاب الفارسيُّ الصوفيّ: أَنَّهُ تُوُفّي فِي حدود سنة اثنتين وثلاثين. وذكر النجيبُ: أنّه سمع من الشيخ محمود ولد بابارتن، وأنّه بقي إلى سنة تسع وسبعمائة. وأنه قَدِمَ عليهم شيرازَ، فذكر: أَنَّهُ ابن مائة وستّة وسبعين عاما، وأنّه تأهّل ورُزِقَ أوْلادًا.
قلتُ: من صدقَ بهذه الأعجوبَة وآمَنَ ببقاءِ رتن، فما لنا فِيهِ طبّ، فليُعْلَمْ أنَّني أوَّل مَنْ كذَّب بذلك، وأنني عاجزٌ منقطعٌ معه فِي المناظرةِ. وما أبعدُ أن يكون جنيٌّ تبدّى بأرضِ الهند، وادّعى ما ادّعى، فصدّقوه، لأنَّ هذا شيخُ مُفترٍ كذابٌ كَذَبَ كَذْبةً ضخمة لكي تنصَلِح خابيةُ الضياع وأتى بفضيحة كبيرة، فو الّذي يُحْلَفُ بِهِ إنَّ رتن لكذَّابُ قاتلُه اللَّه أنَّى يُؤْفكُ. وقد أفردتُ جزءا فِيهِ أخبارُ هذا الضال وسمّيته: «كسر وثن رتن» [2] .
__________
[1] انظر عن (رتن الهندي) في: ميزان الاعتدال 2/ 45 رقم 2759، والمغني في الضعفاء 1/ 230 رقم 2110، وسير أعلام النبلاء 22/ 367، 368 رقم 231، وفوات الوفيات 1/ 324 رقم 128، والوافي بالوفيات 14/ 99- 102 رقم 123، ولسان الميزان 2/ 450 رقم 1838.
[2] انظر تفاصيل أوسع في الإصابة لابن حجر: 1/ الترجمة 2759، وفي كتاب: «الذهبي ومنهجه في (تاريخ الإسلام) للدكتور بشار عواد معروف 213، 214.(46/99)
[حرف الزاي]
91- زهرة بنت عبد العزيز [1] ابن الشَّيْخ عَبْد القادر الجيلي.
قَالَ أَبُو مُحَمَّد المنذريّ: تُوُفِّيَتْ فِي جُمَادَى الآخرةِ. ورَوَتْ بالإجازةِ عن أَبِي الْحُسَيْن عَبدِ الحقّ.
92- زَهْرَةُ بنتُ الحافظِ عَبدِ القادر [2] الرُّهاويِّ.
رَوَتْ عن أبيها. قالَهُ المنذريُّ.
[حرف السين]
93- سِت العزّ [3] بنت الرئيس أَبِي الغنائم هِبَةِ الله بن محفوظ بن صَصْرَى التَّغلبيّ.
أم منُعمٍ.
أجازَ لها عبدٌ الجليل بن أَبِي سعد الهرويّ الراويّ عن بِيبي الهَرْثمية، ومُحَمَّد بْن أسعد حَفَدَة العطّاري.
وسَمِعَ منها الطلبةُ.
وتوفيتْ فِي رمضانَ، ودُفنت بسَفْحِ قاسِيون.
وهي أختُ الحافظِ.
94- سيدةُ الرؤساءِ [4] بنتُ مُحَمَّد بْن شجاع الحاجيّ البغداديّ.
سَمِعَتْ من تَجَنَّى الوَهبانيةِ.
وماتَتْ فِي صفر.
روى عنها بالإجازة أبو نصر ابن الشيرازيّ، وغيره.
__________
[1] انظر عن (زهرة بنت عبد العزيز) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 390، 391 رقم 2593.
[2] انظر عن (زهرة بنت عبد القادر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 400، 401 رقم 2622 وفيه «زهراء» .
[3] انظر عن (ست العز) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 397 رقم 2611 وفيه: «سيّدة العز» .
[4] انظر عن (سيدة الرؤساء) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 385 رقم 2575.(46/100)
[حرف الشين]
- شَرَفُ الدّين ابن الفارضِ.
هو عُمَر بْن عَلِيّ. سيأتي إن شاء اللَّه [1] .
[حرف الصاد]
95- صوابٌ، الطّواشيّ [2] الكبيرُ، شمسُ الدّين.
العادليُّ، الخادمُ.
مُقَدَّمُ الجيوشِ العادليةِ، وأحدُ الأبطالِ المذكورينَ، ومن أمراءِ الدولتين، فكانَ إذا حَمَلَ، يَقُولُ: أَيْنَ أصحاب الخُصَى؟ أسرَهُ ملكُ الروم، ثم خُلِّصَ.
وقيلَ: إنّه كَانَ لَهُ مائة مملوكٍ خُدَّامٌ، وطلع منهم جماعةٌ أمراءُ، منهم: الأميرُ بدرٌ الصوابي، والأميرُ شِبلُ الدولةِ الخزندار، والطّواشيّ السُّهيلي خَزْنَدَار الكرك. وكان لَهُ بِرٌّ وصدقة.
تُوُفّي بحرانَ فِي أواخر رمضان، وكان مقيما بها، وهي مضافةٌ إِلَيْهِ مَعَ ديارِ بكر وما والاها.
[حرف الظاء]
96- ظافرُ بْن تَمَّام [3] بْن ظافر.
أَبُو الْعَبَّاس الدّمشقيّ، الطّحّانُ.
حدَّث عن أَبِي المعالي بْن صابر، روى عنه المجد ابن الحلوانية، وغيره.
__________
[1] برقم (111) .
[2] انظر عن (صواب الطواشي) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 694، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 397، 398 رقم 2613، والتاريخ المنصوري 178، ومفرّج الكروب 5/ 134، والأعلاق الخطيرة ج 3/ 59، 108، 524، وأخبار الأيوبيين لابن العميد 142، ونهاية الأرب 29/ 209، 210، والعبر 5/ 128، والمختار من تاريخ ابن الجزري 159، ومرآة الجنان 4/ 75، ونزهة الأنام لابن دقماق، ورقة 19، والوافي بالوفيات 16/ 339 رقم 371، والسلوك ج 1 ق 1/ 250، والنجوم الزاهرة 6/ 287، وشذرات الذهب 5/ 149.
[3] انظر عن (ظافر بن تمّام) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 396 رقم 2610.(46/101)
وتُوُفّي فِي شَعْبان.
وأجاز للشيخ عَلَى بْن هارون، وإِبْرَاهِيم بْن أَبِي الْحَسَن المُخَرّميّ، ولفاطمةَ بنتِ سُلَيْمَان، والقاضي تقيِّ الدّين الحنبليّ.
وخرَّج عنه البهاء ابن عساكر.
[حرف العين]
97- عَبْد اللَّه بْن آيدغمش [1] بْن أَحْمَد.
أَبُو مُحَمَّد، الدمشقيّ. الزّاهدٌ، المعروف بالمارِدينيِّ.
صحِبَ المشايخَ، وتَزَهَّدَ، وانقطع إليه جماعة، ورُزِق القبولَ خصوصا من الأمراءِ. وكان كثيرَ الإقدام عليهم والإغلاظِ لهم.
وسَمِعَ من: الحافظ عبدِ الغنيّ، وغيرِه.
ثم جاورَ بمكةَ وبها ماتَ فِي المحرَّمِ.
98- عَبْد اللَّه ابن الأميرِ عَلِيّ [2] ابن الوزير أَبِي منصور الْحُسَيْن ابن الوزير أَبِي شجاع مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الرُّوذرَاوَرِيُّ.
ثم البغداديّ.
وُلِد بأصبهان سنةَ خمسٍ وخمسينَ.
وسَمِعَ من: مُحَمَّد بْن تميم بْن مُحَمَّد اليَزْديِّ.
أجازَ للفخرِ إِسْمَاعِيل بْن عساكر، وفاطمة بِنْت سُلَيْمَان، وابن الشيرازيّ.
وتُوُفّي فِي جُمَادَى الأُولى.
كنيته أَبُو منصورٍ.
99- عبدٌ الخالق بْن طرخان [3] بن الحسين.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن آيدغمش) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 381 رقم 2566، والعقد الثمين 3/ ورقة 9.
[2] انظر عن (عبد الله بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 390 رقم 2590.
[3] انظر عن (عبد الخالق بن طرخان) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 386 رقم 2579.(46/102)
أَبُو مُحَمَّد، الْقُرَشِيّ، الأُمَويّ، الإسكندرانيُّ، الحَرِيريُّ.
حدَّث عن عَبْد الرَّحْمَن بْن موقا.
ومات فِي ربيع الأول.
وهو والدُ الشرفِ مُحَمَّد، الراويّ عن ابن المُفَضَّل المقدسيِّ.
100- عبدُ السلام ابنُ المُطَهّر [1] ابن قاضي القضاة أَبِي سَعْد عَبْد الله بن أبي السّري محمد ابن هبة الله ابن المُطَّهَر بْن عَلِيّ بْن أَبِي عَصْرون.
الفقيهُ، شهابُ الدّين، أَبُو العباسِ، التميميُّ، الدّمشقيّ، الشافعيّ.
سَمِعَ من: جدِّه أَبِي سَعْد، ومن يحيى الثّقفيّ، وأحمد ابن الموازينيّ، وجماعةٍ.
وكان فقيها، جليلَ القدرِ، وافرَ الدّيانةِ. تَرَسَّل من حلبَ إلى بغدادَ وإلى الأطراف. وانقطعَ فِي الآخر بمكانه بالْجَبَل عند حَمَّام النُّحاس. وكانَ منُهمكًا فِي التمتُّع. كَانَ لَهُ أكثر من عشرين سرّية حتّى يبست أعضاؤُه وتولّدَت عَلَيْهِ أمراضُ.
روى عَنْهُ: البِرْزاليُّ، والقوصيّ، والمجد ابن الحلوانية، والمجد ابن أَبِي جرادة الحاكم، وجماعةٌ.
وَحَدَّثَنَا عَنْهُ ابنُه تاجُ الدّين مُحَمَّد.
وتُوُفّي فِي الثامن والعشرين من المحرّم.
101- عبد الكريم بن عمر [2] ابن شيخ الشيوخ صدر الدين عبد الرحيم ابن إسماعيل بن أبي سعد النّيسابوريّ.
__________
[1] انظر عن (عبد السلام ابن المطهر) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 692 (وفيات سنة 631 هـ) ، وفيه «المظفر» وهو تصحيف، وأعاده مصحفا أيضا في (وفيات 632 هـ) ص 694، والحوادث الجامعة 43، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 382، 383 رقم 2571، وذيل الروضتين 162 وفيه اسمه:
«عبد الله» ، وعقود الجمان لابن الشعار 3/ ورقة 264 أ، والأعلاق الخطيرة ج 1 ق 1/ 99، والعبر 5/ 128، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 61، 62، ونزهة الأنام لابن دقماق، ورقة 11، والوافي بالوفيات 18/ 436، 437 رقم 453، والنجوم الزاهرة 6/ 287، وشذرات الذهب 5/ 149.
[2] انظر عن (عبد الكريم بن عمر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 398 رقم 2616، والعسجد المسبوك 2/ 467.(46/103)
ثم البغداديّ، الصُّوفيّ، أَبُو سعدٍ.
وُلِد سنةَ خمسٍ وسبعين.
وحدَّث عن عبيِد اللَّه بْن شاتيل.
وتُوُفّي فِي ذي القَعْدَةِ.
102- عبدُ اللطيفِ بنُ أَبِي المظفَّر [1] البغداديّ.
أَبُو طالبٍ، ابْن عُفَيْجَة [2] .
حدَّث عن أَبِي الْحُسَيْن عبدِ الحقّ اليوسفيُّ.
ومات فِي ربيع الآخر.
روى عَنْهُ ابن الشّيرازيّ.
103- عَبْد المولى بْن عَبْد السيّد [3] بْن إِبْرَاهِيم، بدرُ الدّين.
الْقُرَشِيّ، الدمشقيّ، الوكيلُ بمجلس الحكم.
حدّث عن يحيى الثَّقفيّ.
روى عَنه الشهابُ القُوصيّ وقال: مات فِي المُحَرَّمِ.
104- عَبْد الوهّاب بْن محمود [4] بْن الْحُسَن بْن عَلِيّ.
أَبُو مُحَمَّد، الْجَوْهريّ، التاجرُ، البغداديّ، المعروفُ بابنِ الأهوازي.
سَمِعَ من: يحيى بن ثابت، وأحمد بن المقرب، وأَحْمَد بنِ مُحَمَّد بْن بَكْرُوس.
وتُوُفّي فِي سابع جُمَادَى الأولى، وقد قاربَ الثمانينَ. قاله المنذريّ [5] .
قلت: أجاز لكمال الدّين أحمد ابن العطّار، وللفخر إسماعيل بن عساكر،
__________
[1] انظر عن (عبد اللطيف بن أبي المظفر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 387 رقم 2583.
[2] هكذا قيّده المنذري.
[3] انظر عن (عبد المولى بن عبد السيد) في: ذيل الروضتين 162.
[4] انظر عن (عبد الوهاب بن محمود) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 403، 404 رقم 236، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 389 رقم 2587.
[5] في التكملة 3/ 389.(46/104)
ولزينبَ بنتِ الإسْعَرْديّ، ولمحمد بْن يوسُفَ الذَّهبيّ، وابن الشيرازيّ، وفاطمة بنتِ سُلَيْمَان.
وكتبَ عَنْهُ ابْن النّجار [1] ، وغيره.
105- عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم [2] بْن عَلِيّ. القاضي، الإمامُ، الحافظُ.
المتقِنُ أَبُو الْحَسَن، الْجُذاميُّ، الغَرْناطيُّ، ابن القفاص.
رَوَى عن: أَبِي عَبْد اللَّه بْن زرقون، وعبدِ الحقّ بْن بونه، وأبي زيد السّهيليّ، وأبي القاسم بن حبيش، وعِدَّة. واعتنى، وقَيَّدَ، وكتبَ الكثيرَ.
قال ابن الزّبير [3] : كان ضابطا، فقيها، حافظا جليلا. اختصر كتاب «الاستذكار» لابن عبد البرّ. روى عنه أبو عليّ بن أبي الأحوص. مات في ذي الحجّة سنة اثنتين وثلاثين عن سبْعٍ وسبعينَ سنة.
106- عَلِيّ بْن إِسْمَاعِيل [4] بْن إِبْرَاهِيم بْن جُبارة، القاضي.
الرئيس، شرفُ الدّين أَبُو الْحَسَن، الكِنْديّ، التُّجَيْبيّ، السخاويُّ المولِد، المحليُّ الدّارِ، النَّحْويّ، المالكيُّ، العَدْلُ.
وُلِد فِي أولِ سنةِ أربعٍ وخمسين.
وحدَّث عن السِّلَفيِّ.
وتُوُفّي بالقاهرة فِي خامس ذي الحجّة، قاله الحافظ المنذريُّ [5] ، وروى عنه هو، وشيخنا التاج العراقيّ.
__________
[1] وقال: وكان شيخا لا بأس به.
[2] انظر عن (علي بن إبراهيم) في: صلة الصلة لابن الزبير 113، وتكملة الصلة لابن الأبار 2/ رقم 2617، والذيل والتكملة ج 5 ق 1/ 184، 185 رقم 368، والديباج المذهب 210، والإحاطة 321.
[3] في صلة الصلة 113.
[4] انظر عن (علي بن إسماعيل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 398، 399 رقم 2617، ونكت الهميان 208، 209، وبغية الوعاة 2/ 149.
[5] في التكملة 3/ 398.(46/105)
وكان من أَئِمَّةِ العلم. أضَرَّ بأخرة. نَظَرَ فِي الديوانِ، وخَدَمَ الدولةَ بالمَحَلَّة.
وله «ديوان» شعرٍ كبير. وكان يقرئُ النَّحْو.
قَرَأْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْهَاشِمِيِّ: أَخْبَرَكَ الأَدِيبُ شَرَفُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بِالْقَاهِرَةِ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السَّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ الصَّيْرَفِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصُّورِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ النَّحَّاسِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ مَرْثَدٍ، حَدَّثَنَا الْمُعَافَى، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَجَوَّزُوا فِي الصَّلاةِ، فَإِنَّ خَلْفَكُمُ الضَّعِيفَ، وَالْكَبِيرَ، وَذَا الْحَاجَةِ» [1] . 107- عَلِيّ بْن الْحُسَن [2] بْن أَحْمَد بْن رَشِيد [3] .
أَبُو الْحَسَن، الرَّشِيديُّ، البَزَّازُ، الضريرُ.
شيخٌ بغداديّ. سَمِعَ من: عَبْد الواحد بْن الْحُسَيْن البارزيّ [4] ، ويحيى بْن ثابت البَقَّالِ.
وتُوُفّي فِي ثامن عشر ربيع الآخر.
أجازَ للفخرِ ابن عساكر، ولفاطمةَ بنتِ سُلَيْمَان، ولأبي نصرٍ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد المِزِّي.
وقد سَمِعَ منه ابنُ الجوهريّ، وعليّ ابن الأخضر، وجماعة بقراءة الحافظ محمد ابن النجّار.
__________
[1] أخرجه الإمام أحمد في المسند 2/ 472 من طريق وكيع عن الأعمش بهذا الإسناد.
[2] انظر عن (علي بن الحسن) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 137، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 261- 263 رقم 741، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 387 رقم 2581، وسير أعلام النبلاء 22/ 382 رقم 244.
[3] رشيد: بفتح الراء المهملة وكسر الشين المعجمة (المنذري) .
[4] وقع في المطبوع من تاريخ الإسلام- الطبقة الرابعة والستون- ص 91 «البابرزي» وقال الدكتور بشار بالحاشية: قيّده المنذري كما قيّدناه! والتصحيح من المصادر بما فيها «التكملة» للمنذري.(46/106)
وكَتَب لَهُ ابْن النجّار: الشيخُ الصالحُ [1] .
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ الرَّشِيدِيِّ، أَنَّ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ حُسَيْنٍ أَخْبَرَهُمْ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ طَلْحَةَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُدِركٍ، حَدَّثَنَا سعَيِدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُلُّ اسْتِثْنَاءٍ غَيْرُ مَوْصُولٍ فَصَاحِبُهُ حَانِثٌ.
108- عَلِيّ بْن عَلِيّ [2] بْن مُحَمَّد بْن نصر بْن غَنِيمة.
أبو الحسنِ، الوَاسطيُّ، البَزَّازُ عُرِفَ بابن القُطْبِ.
وُلِد بواسط سنةَ خمسٍ وستينَ وسَمِعَ مِنْ أَبِي طالبٍ مُحَمَّد بْن عَلِيّ الكَتّانيّ.
وتُوُفّي فِي رَجَب.
109- عَلِيّ بْن أَبِي الفتح المبارك [3] بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم.
أَبُو الْحَسَن، الواسطيّ، البَرْجُونيُّ، الفقيهُ، المقرئُ، تقيُّ الدينِ، ابْن باسويه [4] ، وهو لقبٌ لأحمد.
حَفِظَ القرآنَ عَلَى أَحْمَد بن سالم البرجونيّ، وقرأ بالعشر على أبي الحسن
__________
[1] وقال ابن النجار: وكان شيخا متميزا أديبا، له نظم ونثر، وعلت سنّه فأضرّ ولزم منزله إلى حين وفاته، وكان متدينا صالحا. ذكر لي أن جده ابا العز كان يتولى الحسبة في أيام هارون الرشيد فنسب إليه. (ذيل تاريخ بغداد 3/ 262) .
[2] انظر عن (علي بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 392 رقم 2569.
[3] انظر عن (علي بن المبارك) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 166، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 394، 395 رقم 2604، وذيل الروضتين 163، وتاريخ دنيسر 71، والإشارة إلى وفيات الأعيان 333، والإعلام بوفيات الأعلام 261، والعبر 5/ 128، والمعين في طبقات المحدّثين 196 رقم 2075، وتذكرة الحفاظ 4/ 1458، والمختصر المحتاج إليه 3/ 143، ومعرفة القراء الكبار 2/ 622، 623 رقم 586، وغاية النهاية 1/ 562، والنجوم الزاهرة 6/ 292، وشذرات الذهب 5/ 149.
[4] تصحّف في: الإعلام بوفيات الأعلام 261 إلى: «ماسويه» ، وفي: العبر، إلى «قاسويه» .(46/107)
عَلِيّ بْن المظفَّر الخطيب، وأَبِي بَكْر بْن منصور الباقِلانيِّ. وسَمِعَ من أَبِي طالبٍ الكَتَّانيّ، ومَسْعُود بْن عَلِيّ بْن صدقةَ. وقدم بغدادَ، فَسَمِعَ بها من عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل، ونصر اللَّه القزّاز، وعبد المنعم ابن عَبْد اللَّه الفُرَاويّ، والحافظ أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عثمان الحازميَّ، وابن بَوْش، وابن كُلَيب، وجماعةٍ.
وقدِمَ دمشقَ وسكنَها، وأقرأ بها، وحدَّث. وكان جَيِّدَ الأداءِ، حسنَ الأخلاق، ثقة، فاضلا. وقد تفقّه علي أبي طالب صاحب ابن الخل، ويعيش بنِ صَدَقة.
سَمِعَ منه: الزّكيُّ البِرْزاليُّ، والضياءُ، والسيف، وابن الحاجب، والقوصيُّ، وابن الحُلْوانية، وجماعةٌ.
وقرأ عَلَيْهِ القراءاتِ علمُ الدّين القاسمُ بْن أَحْمَد الأندلسيُّ، والتقيُّ يعقوبُ الجرائديُّ، والرشيدُ بْن أَبِي الدُّر، وغيرهم.
وَحَدَّثَنَا عَنْهُ أبو القاسم عبد الصمد ابن الحّرَسْتانيّ، ومُحَمَّد بْن قايماز الطّحّان، والشّهاب بْن مشرّف. وبالإجازة القاضي تقيّ الدّين سليمان، والفخر إِسْمَاعِيل بنُ عساكر.
وتُوُفّي فِي ثامن شعبانَ، وله ستٍّ وسبعون سنة، ودُفِنَ بمقبرة بابِ الصغيِر.
ولسعدِ، والمُطَعِّم منه إجازة.
110- عُمَر بْن أَحْمَد [1] بْن أَحْمَد بْن أَبِي سعد.
الإمامُ، أَبُو حفصٍ، شعرانة، الأصبهانيُّ، المُسْتملي، الحافظُ.
سَمِعَ الكثيرَ، وكتبَ، وانتخبَ، وهو الّذِي رَتَّبَ «مسندَ» الْإمَام أَحْمَد عَلِيّ أبواب الفقهِ. وصَنَّفَ كتابا فِي ثمانيةِ أسفارٍ سمَّاهُ «روضةَ المذكرينَ وبَهْجةَ المحدّثين» . وما أحسبه رحل في الحديث.
__________
[1] لم يذكره كحالة في: معجم المؤلّفين، مع أنه من شرطه. وسيعاد ذكره ثانية في من عدم بأصفهان.(46/108)
سَمِعَ: أَبَا جعْفَر الصَّيْدلانيّ، وعفيفةَ، وأبا الفضائل العَبْدَكويّ، ومحمودَ بْن أَحْمَد الثَّقفيّ، ومَسْعُود بْن إِسْمَاعِيل الْجُندانيَّ، وأبا القاسمِ الخُوارَزْميَّ الخطيبَ، وأبا الماجدِ مُحَمَّد بْن حامد الْمَصْريّ، وخلقا سواهم.
كأنَّه عَدِمَ بأصبهان فِي هذا العام- رحمه اللَّه- فِي الكهولة.
روى عَنْهُ بالإجازة جماعةٌ من شيوخنا من آخرِهم ابنُ الشيرازيّ، وابن عساكر الطبيب.
111- عُمَر بْن عَلِيّ [1] بْن مُرشد بْن عَلِيّ.
الأديبُ البليغُ، شرفُ الدين، أَبُو القاسمِ، الحَمَويُّ الأصلِ، الْمَصْريّ المولدِ والدّار، ابن الشيخ أَبِي الْحَسَن الفارض.
سَيِّدُ شُعراءِ العصر [2] ، وشيخُ الاتحاديَّة [3] .
وُلِد فِي رابع ذي القَعْدَةِ سنة ستّ وسبعين وخمسمائة بالقاهرة.
وسَمِعَ بِهَا من بهاءِ الدّين القاسم بْن عساكر شيئا قليلا.
وذكره الحافظُ زكيُّ الدّين عبدُ العظيم فِي «معجمه» وقال: سَمِعْتُ منه من شعره.
__________
[1] انظر عن (عمر بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 388، 389 رقم 2586، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 270، ووفيات الأعيان 3/ 454- 456، وإنسان العيون لابن أبي عذيبة، ورقة 320، والمغرب في حلى المغرب 305، 306، ونهاية الأرب 29/ 210، 211، والمختصر في أخبار البشر 3/ 157 وفيه: «القاسم بن عمر» ، وتابعه ابن الوردي في تاريخه 2/ 161، والإعلام بوفيات الأعلام 261، والإشارة إلى وفيات الأعيان 334، والعبر 5/ 129، وميزان الاعتدال 2/ 266، وسير أعلام النبلاء 22/ 368، 369 رقم 232، ومرآة الجنان 4/ 75- 79، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 68- 70، والبداية والنهاية 13/ 143، والعسجد المسبوك 2/ 469، ولسان الميزان 4/ 317، والنجوم الزاهرة 6/ 288- 290، وحسن المحاضرة 1/ 246، ومفتاح السعادة 1/ 247، وشذرات الذهب 5/ 149، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 266، 267، وروضات الجنات 505، وديوانه طبعة دار صادر، بيروت 1975، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 308.
[2] جاء على حاشية الأصل قرب هذه العبارة بخط أحدهم: «ما فهمت مراده بإلحاق السيادة له على شعراء العصر وهو يعلم أن فيهم من عبيده أصح منه» !
[3] الاتحادية: هم القائلون بوحدة الوجود- تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا-.(46/109)
وقال فِي «الوفيات» [1] : كانَ قد جمعَ فِي شعره بين الجزالة والحَلَاوةِ.
قلتُ: وديوانُ شعرِه مشهورٌ، وهو فِي غاية الْحَسَن، واللّطافَة، والبَرَاعةِ، والبلاغةِ، لولا ما شانَهُ بالتصريح بالاتّحاد الملعونِ فِي ألذِّ عبارة وأرَقِّ استعارةٍ كفالوذج سَمْنُهُ سُمُّ الأفاعي، وها أَنَا أذكرُ لك منه أبياتا لتشهدَ بصدق دعواي، فإنّه قَالَ- تعالى اللَّه عمّا يَقُولُ-:
وكُلُّ الْجِهَاتِ السِّتِّ نحوي مُشِيرةٌ ... بِمَا تَمَّ مِنْ نُسْكٍ وحَجٍّ وَعُمْرَةِ
لَهَا صَلَوَاتي بالمُقَام أُقِيمُها ... وَأَشْهَدُ فيها أنَّها لِيّ صَلَّتِ
كِلَانا مُصَلّ وَاحِدٌ سَاجِدٌ إلى ... حقيقِتهِ بالْجَمْع فِي كُلِّ سَجْدَةِ
إلى كَمْ أُوَاخي السِّتْرَ ها قَدْ هَتَكْتُهُ ... وَحلُّ أَوَاخي الحُجبِ فِي عَقْدِ بَيْعَتي
وَهَا أَنَا أُبْدي في اتِّحاديَ مَبْدَئي ... وأُنْهي انْتِهائي فِي تَوَاضُع رِفْعَتي
فإنْ لَمْ يجوِّزْ رُؤْيَةَ اثنينِ واحدا ... حِجَاكَ ولم يُثبتْ لِبعد تَثَبُّتِ
فبي موقفي، لَا بل إليَّ توجُّهي ... ولكِنْ صلاتيَ لي، ومنِّيَ كَعْبَتي
فَلَا تَكُ مَفْتُونًا بحِسِّكَ مُعْجَبًا ... بنفسِكَ مَوْقُوفًا عَلَى لَبْسِ غِرَّةِ
وَفَارقْ ضلالَ الفرق فالجمع منتج ... هدى فرقة بالاتّحاد تحدّث
وَصَرِّحْ بإطلاقِ الجمالِ وَلَا تَقُلْ ... بِتَقْييدِه مَيْلًا لِزُخْرُفِ زينَةِ
فكُلُّ مليح حُسْنُه من جَمالِها ... مُعارٌ لَهُ أو حُسْنُ كُلِّ مَليحةِ
بها قَيْسُ لُبْنَى هَامَ بَلْ عَاشِقٍ ... كمَجْنُونِ لَيْلَى أو كُثيِّرِ عَزَّةِ
وما ذَاكَ إلّا أنْ بَدَتْ بمظاهرٍ ... فَظَنُّوا سِوَاها وَهِيَ فيهم تَجَلَّتِ
وما زِلْتُ إيَّاها، وإيَّايَ لَمْ تَزَلْ ... ولا فَرْقَ بَلْ ذاتي لذاتي أَحَبَّتِ
وَلَيْسَ مَعي في الملك شيء سواي و ... المعيّة لَم تَخْطُرْ عَلى أَلْمِعيَّتي
وَهَا «دِحْيةٌ» وَافَى الأَمينَ نبيَّنا ... بصورَتهِ فِي بَدْءِ وَحْيِ النُّبُوَّةِ
أَجِبْريلُ قُلْ لي كَانَ دِحْيَةُ إذْ بَدا ... لمهدي الهدى في صورة بشريّة
ومنها:
__________
[1] أي التكملة لوفيات النقلة 3/ 389.(46/110)
ولا تَكُ مِمَّنْ طَيَّشَتْهُ دُروسُه ... بِحيثُ استَقَلَّتْ عَقْلَه فاسْتَقَرَّتِ
فثَمَّ وراءَ النَّقْل علمٌ يَدقُّ عن ... مداركِ غاياتِ العُقولِ السَّليمةِ
تَلَقَّيتُه عَنِّي وَمِنِّي أَخَذْتُه ... ونَفْسي كانَتْ مِنْ عطائي مُمِدَّتي [1]
ولا تَكُ باللاهي عَنِ اللَّهْوِ جُمْلَةً ... فَهَزْلُ الملاهي جِدُّ نَفْسٍ مُجِدَّةِ
تَنَزَّهتُ فِي آثارِ صُنْعي مُنَزَّهًا ... عَنِ الشِّرْكِ بالأَغيارِ جَمْعي وأُلفتي
فبي مجلسُ الأَذْكارِ سَمْعُ مُطالعٍ ... ولي حانةُ الخمَّار عَيْنُ طَليعَتِي
وما عَقَدَ الزُّنَّار حُكْمًا سِوَى يدي ... وإنْ حَلَّ بالأقرارِ بي فهْي حَلَّتِ
وإن خَرّ للأحجار فِي البُدِّ عاكفٌ ... فلا تَعْدُ بالإنكارِ بالعَصَبِيَّةِ
قَدْ عُبِدَ الدينارُ مَعْنًى مُنَزَّهٌ ... عَن العَارِ بالإشراكِ بالوَثُنِيَّةِ
وما زاغَتِ الأَبْصارُ مِنْ كُلِّ مِلَّةٍ ... وما زَاغَتِ الأَفْكَارُ فِي كُلِّ نِحْلَةِ
وما حَارَ مَنْ للشَّمسِ عن غرَّةِ صَبَا ... وإشراقُها مِنْ نُورِ إسفار غرّتي
وإنْ عَبَدَ النَّارَ المجوسُ وما انْطَفَتْ ... كما جاءَ فِي الأخبارِ فِي ألفِ حُجَّةِ
فما قَصَدُوا غيري وإن كانَ قَصْدُهم ... سوايَ وإنْ لم يُظْهرُوا عَقْدَ نِيَّةِ
رأَوْا ضَوْءَ نُوري مرّة فتوهّموه ... نارا فضلّوا في الهدى بالأَشِعَّةِ [2]
تُوُفّي ابن الفارضِ فِي جُمَادَى الأولى، ثاني يوم منه بمصر. وقد جاورَ بمكة زمانا.
وأنشدنا غير واحد له أنَّه قالَ عند الموت هذين البيتين لمّا انكشف له الغطاء:
إن كانَ مَنْزِلَتي فِي الحُبِّ عندَكُمُ ... ما قَدْ لَقِيتُ فَقَدْ ضَيَّعْتُ أَيَامي
أُمْنيَّةٌ وَثِقَتْ نَفْسِي بها زمنا ... واليوم أحسبها أضغاث أحلام
__________
[1] علّق المؤلّف- رحمه الله- في حاشية نسخته على هذا البيت بقول: «صدق والله، تلقاه عن خطرات ووساوس فوقع في الهوس» .
[2] القصيدة في ديوانه (طبعة بيروت 1308 هـ) ص 17- 54، و (طبعة القاهرة 1353 هـ) ص 20، وهي معروفة ب «نظم السلوك» أو «التائية الكبرى» ، ومطلعها:
سقتني حميّا الحب راحة الحب راحة مقلتي ... وكأسي محيا من عن الحسن جلت(46/111)
112- عُمَر بْن مُحَمَّدِ [1] بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عمّويه.
الشَّيْخ شهابُ الدّين، أَبُو حفص وأبو عبد الله، القرشيّ، التّيميّ، البكريُّ، الصُّوفيّ، السُّهْرَوَرْدِي، الزاهدُ، العارفُ، شيخُ العراق- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-.
وُلِد فِي رجب سنةَ تسع وثلاثين وخمسمائة بسُهْرَوَردْ.
وقدم بغداد- وهو أَمْرَد- فصحِبَ عمَّه الشَّيْخ أَبَا النّجيب عَبْد القاهر، وأخذَ عَنْهُ التّصوّف والوعظ. وصَحِبَ أيضا الشَّيْخ عبدَ القادر. وصَحِبَ بالبصرةِ الشيخَ أَبَا مُحَمَّد بْن عَبد.
__________
[1] انظر عن (عمر بن محمد) في: معجم البلدان 3/ 204، وذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 202، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 679، 680، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 380، 381 رقم 2565، وذيل الروضتين 163، والجامع المختصر لابن الساعي 99، 145، 259، وأخبار الزهاد له، ورقة 95- 102، وتاريخ إربل لابن المستوفي 1/ 192- 194 رقم 96، وعقود الجمان لابن الشعار (نسخة إسطنبول) 5/ ورقة 154، ووفيات الأعيان 3/ 446- 448، والحوادث الجامعة 42، وتلخيص مجمع الآداب 1/ 68، 123، 158، 214، ونهاية الأرب 29/ 192 (وفيات 630 هـ) ، وسير الأولياء للخزرجي 67، ودول الإسلام 2/ 136، والإعلام بوفيات الأعلام 261، والإشارة إلى وفيات الأعيان 334، والمعين في طبقات المحدّثين 196 رقم 2076، والعبر 5/ 129، وتذكرة الحفاظ 4/ 1458، وميزان الاعتدال 2/ 266، وسير أعلام النبلاء 22/ 373- 377 رقم 239، والمختصر المحتاج إليه 3/ 108- 109 رقم 958، وتاريخ ابن الوردي 2/ 161- 163، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 209- 210 رقم 161، ومرآة الجنان 4/ 79- 82، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 63، 64 رقم 651، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 143 (8/ 338- 341) ، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 67، 68، والبداية والنهاية 13/ 138- 343، (631 هـ و 632 هـ) ، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 166 ب و 167، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 175، وطبقات الأولياء، له 262، 265، 468، 493، 495، 497، 499، 504- 506، 509، 515، ونزهة الأنام لابن دقماق، ورقة 8، 9، والفلاكة والمفلوكون 120، والعسجد المسبوك 2/ 467، 468، والنجوم الزاهرة 6/ 283- 285 (في وفيات 631 هـ) ، والقلائد للتادفي 111، 112، وطبقات الشافعية لابن قاضي شبهة 2/ 413، 414 رقم 381، وتاريخ الخميس 2/ 414، ولسان الميزان 4/ 317، وحسن المحاضرة 1/ 246، وشذرات الذهب 5/ 153، 154، وروضات الجنات 505، وكشف الظنون 126، وإيضاح المكنون 1/ 63، 118، وهدية العارفين 1/ 785، وديوان الإسلام 3/ 434، 435 رقم 1641، وتاريخ الأدب العربيّ 1/ 440، والأعلام 5/ 62، ومعجم المؤلّفين 7/ 313.(46/112)
وسِمعَ من: عمَّه، وأبي المظفَّر هِبة اللَّه ابن الشِّبليّ، وأبي الفَتْح بْن البطِّي، ومَعْمَر بْنِ الفاخر، وأبي زُرْعَة المقدسيّ، وأَحْمَد بْن المقرّب، وأبي الفتوح الطّائيّ، وسلامة بن أحمد ابن الصّدر، ويحيى بن ثابت، وخزيفة ابن الهاطرا، وغيرهم.
و «مشيخته» جزءٌ لطيفٌ اتّصل لنا.
روى عَنْهُ: ابْن الدُّبَيْثيّ، وابن نُقْطَة، والضياءُ، والبرزاليّ، وابن النجّار، والقوصيّ، والشرف ابن النابلسيّ، والظهير محمود بْن عُبَيْد اللَّه الزّنجانيّ، والشمس أبو الغنائم بن علّان، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والعزُّ أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الفاروثيّ الخطيبُ، والشمس عبد الرحمن ابن الزين، والرشيدُ مُحَمَّد بْن أَبِي القاسم، والشهابُ الأَبَرْقُوهيّ، وآخرون. وبالإجازةِ البَدْرُ حسن بْن الخَلّال، والكمال أحمد ابن العطّار، والفخر إِسْمَاعِيل بْن عساكر، والشمسُ مُحَمَّد بن محمد ابن الشيرازيّ، والتقيُّ سُلَيْمَان القاضي، وجماعةٌ.
وكنَّاه بعضُهم أَبَا نصر، وبعضُهم أَبَا القاسم.
قَالَ الدُّبَيْثي [1] : قَدِمَ بغدادَ مَعَ عمَّة أَبِي النّجيب. وكانَ لَهُ فِي الطريقة قدمٌ ثابتٌ، ولسانٌ ناطق. ووَلِيَ عدَّة رُبُط للصوفية. ونفذَ رسولا إلى عدّة جهات.
وقال ابن النجّار: كَانَ أَبُوه أَبُو جعْفَر قد قدم بغدادَ وتفقَّه عَلَى أسعدَ المِيهَني. وكان فقيها واعظا، قَالَ لي ابنُه: قُتِلَ بسُهْرَوَرْد وعُمري ستةُ أشهر. كَانَ ببلدنا شحنة ظالم فاغتالَه جماعةٌ، وادَّعوْا أن أَبِي أمرَهُم بذلك، فجاءَ غلمانُ المقتولِ وفَتَكُوا بأبي، فمَضَى العوامُّ إلى الغِلمان فقتلوهم، وثارَتِ الفتنةُ، فأخذ السلطان أربعة منهم وصلبهم حَتَّى سكنت الفتنة. فَكَبُرَ قتلُهم عَلَى عمِّي أَبِي النّجيب، ولَبِسَ القَباءَ وقالَ: لَا أُريدُ التّصوّف. حتى اسْتُرضِيَ من جهة الدّولة.
ثم قَالَ ابْن النجّار فِي الشَّيْخ شهاب الدّين: كَانَ شيخَ وقتِه فِي علم الحقيقَة، وانتَهَتْ إليهِ الرئاسة فِي تربية المرُيدين، ودعاءِ الخلقِ إلى اللَّه، وتسليك
__________
[1] «ذيل تاريخ مدينة السلام» الورقة 202 (باريس 5922) ، والمطبوع 15/ 293.(46/113)
طريق العبادة والزّهد. صحب عمّه، وسلك طريق الرياضات والمُجاهداتِ. وقرأَ الفقَه، والخلافَ، والعربيةَ، وسَمِعَ الحديث، ثم انقطع ولازم الخلوةَ، وداومَ الصومَ، والذَّكرَ، والعبادة، إلى أنْ خَطَرَ لَهُ عندَ عُلوِّ سنِّه أنْ يظهرَ للناسِ ويتكلّمَ عليهم، فعَقَدَ مجلسَ الوعظ بمدرسة عَمَّه عَلَى دجلة، فكان يتكلمُ بكلامٍ مُفيد من غير تزويق ولا تنميقٍ. وحَضَرَ عنده خلقٌ عظيمٌ. وظَهَرَ له قبول عظيم من الخاصّ والعامّ، واشتهر اسمه، وقصد من الأقطار، وظهرت بركاتُ أنفاسِه عَلَى خلقٍ من العُصاة فتابوا. ووصلَ بِهِ خلقٌ إلى اللَّه، وصار لَهُ أصحابٌ كالنجوم. ونُفذَ رسولا إلى الشام مرَّات، وإلى السلطان خُوارزم شاه. ورأى من الجاه والحُرْمَة عند الملوك ما لَمْ يَرَه أحدٌ. ثم رُتِّب شيخا بالرّباط الناصريّ، وبرباط البسطاميّ، ورباطِ المأمونية. ثمّ أنهُ أَضَرَّ فِي آخرِ عمره وأُقعِدَ. ومع هذا فما أخلَّ بالأوراد، ودَوام الذّكر وحضورِ الْجُمَع فِي محفَّة، والمضيِّ إلى الحجِّ، إلى أنْ دَخَل فِي عَشْر المائة، وضعُفَ، فانقطعَ فِي منزلِه.
قَالَ: وكان تامَّ المروءةِ، كبيرَ النفسِ، لَيْسَ للمالِ عنده قدَرٌ، لقد حصل له ألوف كثيرة، فَلَم يَدَّخرْ شيئا، وماتَ ولم يُخلِّف كَفَنًا. وكانَ مليحَ الخَلْقِ والخُلُقِ. متواضعا، كاملَ الأوصافِ الجميلة. قرأتُ عَلَيْهِ كثيرا وصحِبتُه مدّة، وكان صدوقا، نبيلا. صنفَ فِي التّصوّف كتابا شرح فِيهِ أحوال القومِ، وحدَّث بِهِ مرارا- يعني «عوارف المعارف» -.
قَالَ: وأملى فِي آخر عمرِه كتابا فِي الردِّ عَلَى الفلاسفَة، وذَكَر أَنَّهُ دَخَلَ بغداد بعد وفاة أَبِي الوقتِ المحدثِ.
وقال ابْن نقطة [1] : كَانَ شيخ العراق فِي وقته، صاحب مجاهدة وإيثارٍ، وطريقةٍ حميدةٍ، ومروءةٍ تامَّةٍ، وأورادٍ عَلَى كِبَر سنِّه.
وقال يوسفُ الدمشقيّ: سمعت وعظ أَبِي جعْفَر- والد السُّهْرَوَرْدِي- ببغداد فِي جامع القصر، وفي المدرسة النِّظامية، وتولَّى قضاء سُهْرَوَرْد، وقتل.
__________
[1] في التقييد 399.(46/114)
وقال ابْن الحاجب: يلتقي هُوَ والإمامُ أَبُو الفرج ابن الْجَوْزيّ فِي النَّسَب، في القاسمِ بْن النَّضْر بْن القاسم بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن الْقَاسِمِ بْن مُحَمَّد ابن الصّديق أَبِي بَكْر- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-. وقالَ: هُوَ عُمَر بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّه عمُّويه بْن سعد بْن الْحُسَيْن بْن القاسم بْن النَّضْر [1] .
قلتُ: وقد ذكرْنا نسبَ ابن الْجَوْزيّ فِي ترجمته. أنبأني مَسْعُود بْن حمُّوَيه:
أنَّ قاضي القضاة بدرَ الدّين يوسف السِّنجاريَّ حَكَى عن الملك الأشرف مُوسَى أنَّ السُّهْرَوَرْدِي جاءَه رسولا، فقالَ فِي بعض حديثه: يا مولانا تطلبتُ كتاب «الشفاء» لابن سينا من خزائن الكتب ببغدادَ، وغسلتُ جميع النُّسخ. ثم فِي أثناءِ الحديث قال: كَانَ السَّنَةَ ببغدادَ مرضٌ عظيم وموتٌ. فقلتٌ: كيف لَا يكونُ وانتَ قد غَسَلْتَ «الشفاء» منها.
قلت: وقد لبست الخِرْقَةَ بالقاهرة من الشَّيْخ ضياء الدّين عيسى بْن يحيى الأَنْصَارِيّ السَّبْتيِّ وقال: ألبسنيها الشيخُ شِهابُ الدّين بمكّة فِي سنة سبع وعشرين وستمائة.
تُوُفّي الشَّيْخ فِي أول ليلةٍ من السنةِ ببغداد [2] .
__________
[1] انظر نسبه مطوّلا في ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي.
[2] ومن شعره:
تصرّمت وحشة الليالي ... وأقبلت دولة الوصال
وصار بالوصل لي حسودا ... من كان في هجركم رثى لي
وحقّكم بعد أن حصلتم ... بكل ما فات لا أبالي
وما على عادم أجاجا ... وعندكم أعين الزلال
ونظرة منكم بروحي ... لو بعتم لم يكن بغالي
عليّ ما للورى حزام ... وفي الحشى حبّكم حلالي
وكلّ ما ينبغي ويرجى ... سواكم قطّ ما حلا لي
تقاصرت دونكم قلوب ... فيا له من مورد خلا لي
(تاريخ إربل 1/ 194) .(46/115)
113- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عَمْر [1] بْن مُحَمَّد بْن أَبِي نصر.
العلامةُ، أَبُو حفص، الفَرَغانيّ، الحنفيُّ.
مدرس الطائفة الحنفية بالمستنصرية. قدم بغداد واستوطنها. ودرَّس، واشتغل، وأَفْتى. وكان مَعَ تفُّننه بالعلوم صاحب عبادة، وصلاح، ونسك. وله النظم والنثر.
تُوُفّي فِي هذا العام.
وقد درّس قبل بسنجار، وحدَّث عن الحافظ أَبِي بَكْر الحازميّ، وغيرِه [2] .
114- عيسى بْن سُلَيْمَان [3] بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الملك.
أَبُو مُوسَى، الرُّعَينيُّ الأندلُسيُّ، المالَقيُّ، المعروفَ بالرُّنْدي، لأنه نشأ برُندةَ. وقد كنَّى نفسَه أخيرا: أَبَا مُحَمَّد.
سَمِعَ ببلده من أبي محمد ابن القرطبيّ، وأبي العباس ابن الجيّار، وبحصن اصطبَّة من إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ الخَوْلانيّ. وحجِّ وتوسّع فِي الرحلةِ، وقدم دمشق فسمع بها الكثير من أبي محمد ابن البنّ، والموجودين على رأس العشرين وستمائة.
__________
[1] انظر عن (عمر بن محمد بن عمر) في: الحوادث الجامعة 43، وذيل الروضتين 162، وإنباه الرواة 2/ 331، ووفيات الأعيان 3/ 119، 120، والعبر 5/ 153، 154، والمختار من تاريخ ابن الجزري 159، ودول الإسلام 2/ 103، والجواهر المضية 2/ 66، 663 رقم 1066 وفيه:
«عمر بن محمد بن الحسين بن أبي أبي عمر» ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 338- 341، والبداية والنهاية 13/ 138، 139، والعسجد المسبوك 2/ 466، 467، وبغية الوعاة 2/ 225، 226 رقم 1856، ومفتاح السعادة 2/ 355، 356، وشذرات الذهب 5/ 153، 154، والطبقات السنية، رقم 1651، وتاريخ علماء المستنصرية 1/ 85، 86.
[2] وقال صاحب «الحوادث الجامعة» : دخل إليه الشيخ محمد بن الرفاعيّ فصبّحه غلطا وكان مساء، فقال ارتجالا:
أتاني مساء نور عيني ونزهتي ... ففرج عني كربتي وأزاحا
فصبّحته عند المساء لأنه ... بطلعته ردّ المساء صباحا
[3] انظر عن (عيسى بن سليمان) في: تكملة الصلة لابن الأبار (نسخة الأزهر) 3/ ورقة 84.(46/116)
قَالَ الأبارُ: كَانَ ضابطا، مُتْقنًا. كتب الكثير لكنّه امتُحن فِي صدَره بأَسر العدوّ فذهَبَ أكثرُ ما جَلَبَ. ووَلِيَ خطابةَ مالَقَةَ. وأجازَ لي. ولم يُمَتَّع، وتُوُفّي فِي ربيع الأول، وله إحدى وخمسون سنة.
وقال ابنُ الحاجب: ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. وكان محدّثا، حافظا، متقنا، أديبا، نبيلا، ساكنا، وَقُورًا، نَزِهًا، وافرَ العقلِ، ثقة، محتاطا فِي نقله، يفتّش عن المشكل. سألتُ عَنْهُ الحافظ الضياءَ، فقال: خيرٌ عالمٌ مُتيقظٌ، ما فِي طلبةِ زمانةِ مثلُه. وسألت الزكيَّ البِرزاليَّ عَنْهُ، فقال: ثقةٌ، ثبتٌ، مُحَصلٌ، حَدَّثَنَا من حفظه أنَّه قَرَأ عَلَى الْإمَام أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ، أَخبْرَنَا أَبُو مروان عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن قُزمان، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن فرج الطلّاع، فذكر حديثا من «الموطّأ» .
قلتُ: مات ابْن قزمان سنة أربع وستّين وخمسمائة، وإِبْرَاهِيم سنة ستٍّ عشرة.
115- عيسى بْن سَنْجَر [1] بْن بِهْرام بْن خُمارتكين.
حسامُ الدّين، الأربليُّ، الجنديّ، الشاعرُ المُفْلِق، المعروفُ بالحاجريّ.
وديوانُه مشهورٌ.
حُبسَ مرَّةً بقلعَة إرْبل، ثم خُلِّصَ، ولَبِسَ زيّ الصوفية، واتّصل بخدمة صاحبِ إرْبل. ثم وَثَبَ عَلَيْهِ شخصٌ قتلَه فِي شوَّال، وله خمسون سنة.
وغَلَبَ عَلَيْهِ الحاجريُّ لكثرةِ ذكرهِ الحاجرَ فِي شعره.
وكانَ ذا نوادرَ، ومفاكهة، ونحوُه قليل، لكنّ شعره في الذّروة [2] .
__________
[1] انظر عن (عيسى بن سنجر) في: عقود الجمان لابن الشعار 5/ ورقة 240، ووفيات الأعيان 3/ 501- 505، والإشارة إلى وفيات الأعيان 334، وسير أعلام النبلاء 22/ 343، 344 رقم 232، والبداية والنهاية 13/ 144، والعسجد المسبوك 2/ 468، والنجوم الزاهرة 6/ 290، 291، وكشف الظنون 783، 804، وشذرات الذهب 5/ 156، وهدية العارفين 1/ 809، وديوان الإسلام 2/ 159، 160 رقم 773، والأعلام 5/ 103 ومعجم المؤلفين 8/ 25.
[2] له ترجمة جيدة في أربع ورقات من «قلائد الجمان» لابن الشعار: 5/ الورقة 240- 244. ولم(46/117)
[حرف الغين]
116- غانمُ بْن عَلِيّ [1] بْن إِبْرَاهِيم بْن عساكر بْن حُسين.
الشَّيْخ، القُدوةُ، الزاهدُ، أَبُو عَلِيّ، الأَنْصَارِيّ، السَّعْديّ، المقدسيُّ، النابُلُسيُّ.
أحدُ مشايخ الطرقِ. وُلِد بقريةِ بُورينَ من عمل نابُلُس سنةَ اثنتين وستّين وخمسمائة. وسكن القدس عام أنفذه السلطان من الفرنج سنة ثلاثٍ وثمانين، وساحَ بالشامِ، ورأى الصالحينَ. وكان زاهدا، عابدا، مُخْبِتًا، قانتا للَّه، مُؤْثِرًا للخمولِ والانقباضِ، صاحبَ أحوالٍ وكراماتٍ.
حكى ابنهُ الشَّيْخ عَبْد اللَّه: أنَّ أَبَاهُ أخبره أن رجلا من الصديقيين اجتمعَ بِهِ ساعة قَالَ: فَلَمَّا وَقَعَتْ يدي فِي يده انتزعت الدُّنيا من قلبي، ولما نَهَضْتُ قَالَ لي: وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى 79: 40- 41 [2] .
فَجَعَلْتُ هذه الآية قدوتي إلى اللَّه، وسلكتُ بها فِي طريقي، وجعلتُها نصبَ عيني لِكُلِّ شيء قالته في نفسي. فإنْ قَالَتْ لي: كُلْ، أجوعُ، وإن قالت: نم، سهرت، وإن قالت: استرح، أَتْعَبْتُها.
قَالَ ابنُه عَبْد اللَّه: انقَطَعَ- رحمه اللَّه- تحتَ الصخرةِ فِي الأقباء السليمانية سنةَ ستينَ، وصَحِبَ الشَّيْخ عَبْد اللَّه الأُرْمَوِي بقيةَ عمره وعاشا جميعا مصطِحَبْين.
قَالَ: وحجَّ ثلاثَ مرَّات مُحْرمًا من القدس، فقال: رجَعْتُ من الحجِّ وأنا مريض لَا أستطيعُ الكلامَ، فانطرحتُ فِي البرّيّة، فجاءني مغربيُّ فسَلم، فأومَأت لَهُ، فقال: قم. فأقامَني وجَعَلَ يدَه تحت جناحي، ثم سارَ بي يُحدِّثني بما أَنَا فِيهِ وبما يكون منّي، لَا أشكُّ أني سائر فِي الهواء غيرَ أنِّي قريبٌ من الأرض مقدارَ ساعةٍ، ثم قالَ: أجلسْ ونَمْ فَنِمْتُ ونامَ معي فاستيقظتُ، فلم أجدْه، ووَجَدْتُ نفسي قريبا من الشامِ وأنا طيِّبُ، ولم أحتَجَ بعدَ ذَلِكَ إلى طعامٍ ولا شرابٍ حتّى دخلت بيت المقدس.
__________
[ () ] يرد في المطبوع من «تاريخ إربل» لابن المستوفي.
[1] انظر عن (غنائم بن علي) في: الإشارة إلى وفيات الأعيان 334، والعبر 5/ 129، 130، ودول الإسلام 2/ 136، ومرآة الجنان 4/ 28، والعسجد المسبوك 2/ 468، والنجوم الزاهرة 6/ 292.
[2] سورة النازعات، الآيتان 40 و 41.(46/118)
ثم أخذ ولدُهُ عَبْد اللَّه يَصِفُ توكُلَه وفناءه ومحبّته ورضاه ومقاماته، وأنّ أخلاقَه كريمةٌ وهيبتَه عظيمةٌ، وأنَّه بَقِيَ عشرينَ سنة بقميصٍ واحد وطاقيةٍ عَلَى رأسه، ثم سأله الفقراءُ أن يَلْبَسَ جُبَّةً، فلَبِسَ، وأنّه ما لِقيَ أحدا إلا ابتسمَ لَهُ.
قَالَ: ورأيتُ ابن شير المغربيَّ، وحجَّ سنة، ثم قدم وحضر عند الفقراء، فقال: كيف كَانَ وصولُ الشَّيْخ؟ قَالُوا: الشَّيْخ ما حجَّ. فقال: والله لقد سلمتُ عَلَيْهِ عَلَى الجبل وصافحتهُ، ثم أتى إِلَيْهِ وسلّم عَلَيْهِ، وقال: يا شيخ غانم أما سَلَّمتُ عليكَ بالجبلِ؟ فَتَبسَّمَ وقال: يا شمسَ الدّين هذا يكونُ بحُسْنِ نظرِك والسكوتُ أَصْلَحَ.
وحكى الشيخُ القُدوة إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه الأرمويُّ قَالَ: حضرتُ مَعَ والدي سماعا حضره الشيخ غانم والشيخ طيّ والشيخ عليّ الحريريّ، فلمّا تكَلَّمَ الحادي حَصَلَ للشيخ غانم حالٌ، فحملني وقامَ بي، ودارَ مِرارًا، فَنظَرْت، فإذا بي فِي غير ذَلِكَ الموضع، ورأيتُ بلادا عجيبة، وأشجارا غيرَ المعهودة، وناسا مُوَشحينَ بوزْرات، حتّى رَأَيْت شخصا خارجا من باب حديقةٍ وهو يسوقُ بقرة، فهالَني ذَلِكَ.
فلمّا جلس بي الشَّيْخ، قَالَ لَهُ الشَّيْخ طيُّ أو غيره: أيش كانت وظيفةُ وُلِد الشَّيْخ عليك فِي هذه القومَةِ؟ فلم ينطق. فقال والدي: الشَّيْخ عَبْد اللَّه فرّج ولدي فِي إقليم الهند وجاء، فسكت الشَّيْخ غانم. هَذِهِ الحكاية يرويها قاضي القضاة أبو الْعَبَّاس بْن صصريّ، والشيخ علاء الدّين عَلى ابن شيخنا شمس الدّين مُحَمَّد سِبْطِ الشَّيْخِ غانم.
وقد أفردَ سيرة الشَّيْخ غانم فِي «جُزءِ» مليحٍ حفيدُ شيخنا شمس الدّين المذكور المولى الإمامُ أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد ابن الشَّيْخ علاء الدّين- أبقاهما اللَّه ورحمهما- وقال: تُوُفّي فِي غُرَّةِ شَعْبان سنة اثنتين وثلاثين، ودُفَن فِي الحضرة التي بها صاحبه ورفيقُه الشَّيْخ عَبْد اللَّه الُأرْمَوي بسفحِ قاسِيُون.
[حرف الميم]
117- مُحَمَّد بْن أَحْمَد [1] بْن مُحَمَّد بن أحمد بن عبد الملك.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد الأندلسي) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 633.(46/119)
أبو عبد الله، ابن مُشْليُون [1] ، الأَنْصَارِيّ، الفقيه الأندلُسيُّ.
روى عن أَبِي بكر بن نمارة، وغيره.
أخَذَ عَنْهُ الأَبَّارُ وقال: تُوُفّي فِي ربيع الأوّل، وله تسعون سنة.
118- مُحَمَّد بْن أَحْمَد [2] بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ.
أَبُو عَبْد اللَّه، القادسيُّ، الكُتْبِيُّ، صاحب «التاريخ» .
حَدَّث عن عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل الدَّبَّاس، وغيرِه.
وكان رجلا فاضلا، ذا اعتناءٍ بالتواريخ والحوادث.
أجازَ لتاج الدّين إسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن قُريش المَخْزُومِيّ، ولفاطمةَ بِنْت سُلَيْمَان الأَنْصَارِيّ، وجماعةٍ.
وتُوُفّي فِي التاسع عشر من جُمَادَى الآخرة ببغداد.
وهو منسوب إلى القادسية التي بين سامُرَّاءَ وبغدادَ، لَا قادسية الكوُفةِ التي كانت بها الوقعة المشهورة.
وقد ذكرنا والده من سنوات [3] .
119- ابن القاضي أبي مُحَمَّد [4] جامع بْن عَبْد الباقي بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ، علاء الدّين.
أَبُو المعالي، التميميُّ، الأندلُسيُّ، ثم الدّمشقيّ.
سَمَّعَه أَبُوه من: بَرَكاتٍ الخُشُوعيِّ، وعبد اللّطيف بْن أَبِي سعد، والقاسم بْن عساكر، وعمر بْن طَبَرْزَد، وجماعةٍ. وبمصر من عبد الله بن محمد بن مُجلى، وجماعة. وبحرانَ من عَبْد القادر الرُّهاويِّ الحافظ. وبحماة، وحلب.
وحدّث.
__________
[1] تصحّف في التكملة إلى: «مليون» .
[2] انظر عن (محمد بن أحمد الكتبي) في: الوافي بالوفيات 2/ 117 رقم 457، ومعجم المؤلفين 9/ 12.
[3] في وفيات سنة 621 رقم (2) .
[4] اسمه: «محمد» انظر عنه في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 399 رقم 2619.(46/120)
ووالده: - جامع بْن باقي من أصحاب السِّلفَيّ.
روى عَنْهُ ابْن خليل فِي «معجمه» وغيره.
روى عن مُحَمَّد زكيُّ الدّين البِرْزاليُّ، ومجدُ الدّين ابن الحُلْوانية.
وتُوُفّي فِي ذي الحجّة بدمشق.
120- مُحَمَّد بْن جعْفَر [1] بْن أَحْمَد، أَبُو عَبْد الرَّحْمَن.
المخزوميُّ، الشَّقْريُّ.
سَمِعَ أَبَاهُ، وحجِّ، فأخذَ عن العلامةَ أَبِي مُحَمَّد عَبْد الحقّ الإشْبيلي نزيل بِجَايةَ كتابَ «التهجُّد» لَهُ.
ولم يكنْ لَهُ معرفةٌ بالحديث، بل لَهُ حظ مبرور من منظوم ومنثور.
وتُوُفّي فِي شوَّال.
121- مُحَمَّد بْن حسن [2] بْن مُحَمَّد.
أَبُو عَبْد اللَّه، الأَنْصَارِيّ. من أهل قرطاجنّة عَمَلِ مُرْسِيةَ.
روى عن: خاله أَبِي الْحَسَن بْن أَبِي العافية، وأَبِي بَكْر بْن أَبِي جَمْرَة.
ووَلِيَ قضاءَ موضعِه أربعينَ سنة. وكان لَهُ حظٌ من الفقهِ والأدب.
تُوُفّي فِي شوَّال، وله ثمان وسبعون سنة.
122- مُحَمَّد بْن دُلف [3] بْن كرم بْن فارس.
أَبُو الكرم، العُكْبَريّ، القصارُ.
وُلِد سنة إحدى وستّين.
وسمّعه أبوه من: عبد الله بن أحمد ابن النَّرْسيّ، ويحيى بْن ثابت، ومُسلْمِ بْن ثابت ابن النّخّاس.
وحدّث، ومات في صفر.
__________
[1] انظر عن (محمد بن جعفر) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 634.
[2] انظر عن (محمد بن حسن) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 633.
[3] انظر عن (محمد بن دلف) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (شهيد علي) ورقة 42، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 385 رقم 2577.(46/121)
123- مُحَمَّد بْن أَبِي غالب [1] زُهَير بْن مُحَمَّد.
وجيهُ الدّين، الأصبهانيُّ، الزاهدُ. يُعرفَ بشعرانة.
سَمِعَ «صحيح» الْبُخَارِيّ من أَبِي الوَقْت بأصبهان.
وطالَ عُمُره. وحدَّث مدّة. وأجازَ فِي سنة ثلاثين وسنة إحدى وثلاثين لأهلِ الشام.
وكان شيخا صالحا، عابدا.
أجازَ لمحمد بْن أَبِي العزَّ بن مشرّف، وإبراهيم بن عليّ ابن الحُبُوبيّ، وفاطمةَ بِنْتِ سُلَيْمَان، وإِبْرَاهِيم بْن أَبِي الْحَسَن المُخَرّميّ، وللقاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان، وجماعةٍ.
وحدّث عنه القاضي كتابة ب «صحيح» الْبُخَارِيّ.
124- مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد [2] بْن أَبِي سعْد [3] .
أَبُو عَبْد اللَّه المدينيُّ، الشافعيّ، الواعظ.
وُلِد فِي ذي الحجّة سنة ثلاثٍ وأربعين وخمسمائة بمدينة جيّ.
وسمع من: أَبِي القاسم إِسْمَاعِيل بْن عَلِيّ الحَماميّ، وأَبِي الوقتِ السّجزيّ، وأَبِي الخير مُحَمَّد بْن أَحْمَد البَاغْبَانِ، وغيرهم.
روى عَنْهُ الضياءُ المقدسيُّ، وابنُ النجّار.
وسَمِعنْا بإجازتِه عَلَى الشّرف أَحْمَد بْن عساكر، وفاطمة بنتِ سُلَيْمَان، والأمينِ أَحْمَد بْن رسلان، والقاضي تقيِّ الدّين سُلَيْمَان، وغيرهم.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبي غالب) في: العبر 5/ 130، وسير أعلام النبلاء 22/ 379 رقم 241، وذيل التقييد 1/ 125 رقم 192، وشذرات الذهب 5/ 155.
[2] انظر عن (محمد بن عبد الواحد) في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 41، وسير أعلام النبلاء 22/ 378، 379 رقم 240، والإعلام بوفيات الأعلام 262، والإشارة إلى وفيات الأعيان 334، والمعين في طبقات المحدّثين 196 رقم 2077، وتذكرة الحفاظ 4/ 1458، والعبر 5/ 130، والوافي بالوفيات 4/ 72 رقم 1526، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 31 (8/ 75) ، وذيل التقييد 1/ 169، 170 رقم 299، والنجوم الزاهرة 6/ 292، وشذرات الذهب 5/ 155.
[3] في (العبر) : «بن أبي سعيد» ، وهو غلط.(46/122)
قَالَ ابن النجّار: هُوَ واعظٌ، مُفْتٍ، شافعيٌ. لَهُ معرفةٌ بالحديثِ وله قَبولٌ عند أهل بلده. وحدّثني عن أَبِي الوقتِ بجزء بِيبي، وفيه ضَعْف. وبلَغَنا أَنَّهُ قُتِلَ بأصبهان شهيدا عَلَى يدِ التتارِ فِي أواخر رمضان سنة اثنتين.
قلت: أخذتِ التتارُ أصبهان فِي هذا العام، وسُلِّمت منهم إلى هذا الوقت وقَتَلُوا بها خَلْقًا لَا يُحْصَوْنَ.
125- مُحَمَّد بْن عبدُ الرشيد [1] بنُ مُحَمَّد بْن عَبْد الرشيد بْن نَاصر.
أَبُو الفضل، الأصبهانيُّ.
من بيت العلمِ، والزّهد.
وولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.
وسَمِعَ من أَحْمَد بْن ينال التّرك. وصحب الصُّوفيّة. وكان يعظُ فِي القرى.
كُتُب عَنْهُ ابْن النجّار، وغيره.
وقال ابْن النجّار بَلَغنا أَنَّهُ قُتِلَ بأصبهان فِي شوَّال.
قلتُ: هذا لم أرَهُ فيمن أجازَ للقاضي تقيّ الدّين.
126- مُحَمَّد بْن عماد [2] بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي يَعْلَى.
أَبُو عَبْد اللَّه، الْجَزَرِيّ الحرّانيّ، الحنبليُّ، التاجرُ.
ولد بحرّان يوم الأضحى سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.
وقدِمَ ديارَ مصر وهو مراهقٌ، فَسِمعَ «الخِلَعيّات» من عبد الله بن رفاعة
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الرشيد) في: الوافي بالوفيات 3/ 253 رقم 1274.
[2] انظر عن (محمد بن عماد) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (شهيد علي) ورقة 94، والمطبوع 2/ 162، رقم 401، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 383، 384 رقم 2573، والإعلام بوفيات الأعلام 261، والإشارة إلى وفيات الأعيان 334، والمعين في طبقات المحدّثين 196 رقم 2074، والمختصر المحتاج إليه 1/ 105، وسير أعلام النبلاء 22/ 279- 381 رقم 242، والعبر 5/ 130، والوافي بالوفيات 4/ 229 رقم 1759، وتذكر الحفاظ 4/ 1458، وذيل التقييد 1/ 204 رقم 383، والعسجد المسبوك 2/ 468، 469 وفيه تصحّف من «عماد» بالدال إلى «عمار» بالراء، والمقفى الكبير للمقريزي 6/ 402 رقم 2879، والنجوم الزاهرة 6/ 292، وشذرات الذهب 5/ 155.(46/123)
الفَرَضيّ. وسَمِعَ بالإسكندريةِ من السِّلَفِيّ. وببغداد من: أبي الفتح ابن البَطِّيّ، ويحيى بْن ثابت، وأَبِي حنيفةَ مُحَمَّد بن عُبَيْد اللَّه الخطيبيّ، وأبي محمد ابن الخشّاب، وعبد اللَّه بْن منصور المَوْصِليّ، وسعد الله ابن الدَّجاجيّ، وأَبِي بَكْر بْن النَّقور، وشُهْدَةَ، وأَحْمَد بْن المُقَرَب، والأبْلَهِ الشاعرِ، وغيرهم.
وروى بالإجازةِ عن هبة اللَّه بْن أَبِي شريك، وأَبِي القاسم ابن البَنَّاء، وأَبِي الوَقْت.
وسَمِعَ بمصر أيضا من عَلِيّ بْن نصر الأرْتاحيِّ، عن أَبِي عَلِيّ بْن نَبْهان.
روى عَنْهُ: ابن النجّار، والزّكيّ المنذريّ، ومُحَمَّد بْن عَبْد الخالق بْن طرخان الكِنْديّ، وعطية بْن ماجد، وعَلِيّ بْن عَبْد اللَّه المَنْبِجيّ، وجمال الدّين مُحَمَّد بْن أَحْمَد الشّريشيّ الفقيه، وعبد المنعم ابن النّجيب عبد اللّطيف الحرّانيّ، وأَبُو مُحَمَّد بْن غلام الله ابن الشّمعة، والتاجُ عَبْد الغنيّ الجذاميُّ، ومُحَمَّد بْن عثمان الإربليُّ، وأَبُو العزّ بْن محاسن، وكافور الصوّاف، وطائفة.
وَحَدَّثَنَا عَنْهُ مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الفوّيّ، وعليّ بْن أَحْمَد العَلَويّ، ويحيى بْن أَحْمَد الصوّاف، وآخر مَنْ روى عَنْهُ هُوَ بالسماع، والقاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان بالإجازةِ.
وكان ثقة، صدوقا، صالحا.
ذكره عمر ابن الحاجبِ فقال: شيخٌ عالمٌ، فقيهٌ، صالحٌ، كثيرُ المحفوظ، ثقة، حسنُ الإنصات، كثيرُ السّماع. سَمِعَ الكثير بإفادة خاله. وأصوله بأيدي المحدّثين، وطالَ عمره. وسكن الإسكندرية، ورُحِلَ إِلَيْهِ. وتُوُفّي فِي عاشرِ صفر بالإسكندرية.
127- مُحَمَّد بْن غَسَّان [1] بْن غافل [2] بْن نجاد [3] بْن غَسَّان بْن غافِل بْن نجاد بْن ثامر الحنفيُّ، الأميرُ، الأَنْصَارِيّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن غسان) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 396 رقم 2607، وسير أعلام النبلاء 22/ 381 رقم 243، والمعين في طبقات المحدّثين 196 رقم 2078، والإشارة إلى وفيات الأعيان 334، والإعلام بوفيات الأعلام 261، 262، والمشتبه 2/ 482، والعبر 5/ 131، والجواهر المضية 2/ 106، والوافي بالوفيات 4/ 313 رقم 1855، والعسجد المسبوك 2/ 469، وتوضيح المشتبه 6/ 411، و 9/ 31، والنجوم الزاهرة 6/ 192، والطبقات السنية 3/ ورقة 547.
[2] تصحّف في (العبر 5/ 131) إلى «عاقل» .
[3] نجاد: بكسر النون كما قيّده المنذري.(46/124)
الخزرجيُّ، الحمصيُّ، سيف الدّولة، أَبُو عَبْد اللَّه.
ولد بحمص في سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة.
وقدم دمشق- وهو صبيُّ- فسَمِعَ من الصائن هبة اللَّه، والحافظ عَلِيّ ابني الْحَسَن بْن هبة اللَّه، وأَبِي المظفَّر سعَيِد بْن سهل الفلكي، وأبي المكارم عبد الواحد بن هلال، وعَلِيّ بْن أَحْمَد الحّرَسْتانيّ، وعَبْد الخالق بْن أسد الحنفيِّ، وغيرهم.
روى عَنْهُ: الضياءُ، وابْن خليل، والجمال ابن الصابونيّ، وسعد الخير النابُلُسي، وأخوه نصرٌ، وعليّ بْن عثمان اللّمتونيّ، وسُلَيْمَان بْن دَاوُد بْن كسا، والمؤيَّدُ عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم الكاتب، والشرفُ أحمد بن عساكر، وأحمد بن عبد الرحمن المنقذيّ، ومحمد بن حازم، والعزّ أحمد ابن العماد، والشمس محمد ابن الواسطيّ، وآخرون. وآخرُ من روى عَنْهُ حُضورًا البهاءُ قاسمُ بْن عساكر.
وكان يعيش من ملكه، ويُواظبُ عَلَى الصلاةِ فِي جماعة.
تُوُفّي فِي ثالث عشر شَعْبان.
128- محمود بْن إِبْرَاهِيم [1] بْن سُفْيَان [2] بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الوَهّاب ابن الحافظ أبي عبد الله محمد بْن إِسْحَاق بْن مَنْدَه.
أَبُو الوفاءِ، العَبْديّ، الأصبهانيُّ.
من بيت الحديثِ والرواية، حدَّث من بيته طائفةٌ كبيرةٌ. وسَمِعَ من: أَبِي رشيد أَحْمَد بْن مُحَمَّد الفَيْج، ومَسْعُود بْن الْحُسَن الثَّقفيّ، وأَبِي الخير مُحَمَّد بْن أَحْمَد البَاغْبَانِ، والحسن الثَّقفيّ، وأَبِي الخير مُحَمَّد بْن أَحْمَد البَاغْبَانِ، والحسن بْن الْعَبَّاس الرُّسْتُميّ، وعبد المنعم بْن محمد بن سعدويه، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (محمود بن إبراهيم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 400 رقم 2621، وسير أعلام النبلاء 22/ 382، 383 رقم 245، وتذكرة الحفاظ 4/ 1458، والإشارة إلى وفيات الأعيان 334، والإعلام بوفيات الأعلام 262، والمعين في طبقات المحدّثين 196 رقم 2079، ودول الإسلام 2/ 137، والعبر 5/ 131، وتاريخ الخميس 2/ 414، وذيل التقييد 2/ 273، 274 رقم 1608، والنجوم الزاهرة 6/ 292، وشذرات الذهب 5/ 155، 156.
[2] تصحّف في (العبر 5/ 131) إلى: «شعبان» .(46/125)
قَالَ ابْن النجّار: سَمِعَ كتابَ «المُحْتَضَرين» لابنِ أَبِي الدُّنيا، وكتاب «حلم معاوية» ، وكتاب «الرَّقَّة والبُكاء» ، وكتاب «المَوْت» ، وكتاب «التَّهَجُّد» لابن أَبِي الدُّنيا، وكتاب «الإِيمَان» لابن مَنْدَه فِي مُجَلدة، سمعه من الرّستميّ، عن عَبْد الوهّاب بْن مَنْدَه، عن أَبِيهِ. فأمّا «التّهجّد» فسَمِعة من مسعود الثّقفيّ. وأمّا «الرّقة» و «المحتضرين» فسَمِعَه من أَبِي الخير البَاغْبَانِ. وأما «ذكر الموت» و «حلم معاوية» فسَمِعَهُ من أَبِي عَبْد اللَّه الرُّسْتُميّ بسندهم.
روى عَنْهُ: ابن النجّار، والضّياء، وعبد الصَّمد بْن أَبِي الجيش، والكمالُ عَبْد الرَّحْمَن المُكَبر شيخُ المستنصرية، وآخرون. وبالإجازة القاضيان شهابُ الدّين ابن الخويّي، وتقيّ الدّين سليمان، والشرف ابن عساكر، وأبو الحسين عليّ ابن اليونينيّ، والعماد إسماعيل ابن الطّبّال، وإبراهيم بن عليّ ابن الحُبُوبيٌ، وفاطمةٌ بنتُ سُلَيْمَان، والشيخ عَلِيّ بْن هارون القارئ، ومُحَمَّد بْن مُشَرَّف، والأمين أَحْمَد بن أبي بكر ابن البعلبكّيّ، وإبراهيم بن أبي الحسن المُخَرّميّ، ومُحَمَّد بْن يوسف الذَّهبيّ، وعِزِّيَّةُ بنتُ محمد الكفربطنانيّة، وغيرُهم.
وكان مولدُه فِي سنة خمسين أو اثنتين وخمسين وخمسمائة، وسَمِعَ الكثير، فمن ذَلِكَ، قَالَ: من مسموعاتي كتب «معرفة الصحابة» للإمام أبي عبد الله جدي، سمعتُه من أَبِي الخير البَاغْبَانِ سنةَ ستّ وخمسين وخمسمائة.
قلتُ: وأكثر سماعاتهِ وهو فِي الخامسة، فإنّه كتب: وولادتي في سنة اثنين وخمسين.
وعُدِمَ فِي أخذِ أصبهان هُوَ، ومُحَمَّد بْن عَبْد الواحد المدينيّ- وقد مرَّ-[1] ، ومُحَمَّد بْن زُهَير شعرانة- وقد مَرّ-[2] .
129- وأَبُو بَكْر [3] بن أحمد بن محمد بن الحافظ أبي حامد بن كوتاه.
__________
[1] برقم (124) .
[2] برقم (123) .
[3] من هنا يذكر المؤلّف- رحمه الله- أسماء الذين عدموا عند أخذ أصبهان دون مراعاة للترتيب المعجمي.(46/126)
الأصبهانيّ صاحب أَحْمَد بْن ينال.
130- وأَبُو الفتوح مُحَمَّد [1] بْن مُحَمَّد بْن أَبِي المَعَاليّ الوَثابيّ الأصبهانيّ.
الراويّ «مسند» الشافعيّ عن رجاء بْن حامد المَعْدانيّ، عن مكّيّ السلّار.
وسَمِعَ من جدِّه أَبِي المَعَالي كتاب «الذِّكر» لابن أَبِي الدُّنيا، بسماعِه من طِرَاد الزَّينبيّ، وسَمِعَ «جامع» التِّرْمِذيّ من شاكرٍ الأسْوَاريّ: أخبرنا أَبُو الفتح الحدّاد، أخبرنا إِسْمَاعِيل بْن يَنال، إجازة، أخبرنا ابن محبوب، أخبرنا التّرمذيّ.
وكان مولد فِي سنة أربعٍ وخمسين.
131- وابنه أَبُو عَلِيّ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد.
وله سماعات كثيرة من عينِ الشمس الثَّقفيه، وطبقتها.
132- ومُحَمَّد بْن أَبِي سعيد بْن أَبِي الرجاء بدر بْن أَبِي الفتح الرَّارانيُّ.
أَبُو عَبْد اللَّه.
سَمِعَ شيئا كثيرا بعد الستّين وخمسمائة.
133- والفقيهٌ الحافظُ المحدثُ ظهيرُ الدّين أَبُو مُحَمَّد عَبْد الأعلى [2] ابْن العلّامة أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَبِي القاسم ابْن القطَّان الرُّسْتُميّ الأصبهانيُّ.
مُكْثرٌ عن التُّرك وأَبِي مُوسَى المَدِينيّ، وبنيمان بن أبي الفوارس، وأبي رشيد إسماعيل بن غانم.
وسَمِعَ حضورا «مُسند» الشافعيّ من أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن ماشاذة.
و «معجمه» ذكر أنّه خمسمائة وخمسون نفسا [3] . وقد ذكرَ أنَّه سَمِعَ كُتبًا كبارا ك «دلائل النّبوّة» و «حلية الأولياء» لأبي نعيم، و «معالم السّنن» للخطّابي، وغير ذلك.
وولد سنة ثمان وستّين وخمسمائة.
__________
[1] انظر عن (أبي الفتوح محمد) في: العبر 5/ 131.
[2] انظر عن (ظهير الدين عبد الأعلى) في: العبر 5/ 131.
[3] وعبارة المؤلّف- رحمه الله- في (العبر) : «وله معجم فيه عن خمسمائة وخمسين نفسا» .(46/127)
134- والزاهدُ صائنُ الدّين أَبُو القاسمِ جامعُ بْن إِسْمَاعِيل [1] بْن غانِم الأصبهانيّ المقرئُ الصُّوفيّ المعروف بيَالَة.
راوي «جزء» لُوَين، عن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أَبِي القاسم بْن مُحَمَّد الصَّالحانيّ.
135- والشَّيْخ عمادُ الدّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن أحمد بن عبد الغفّار ابن أميركا.
الذين يروي عن أبي جعفر محمد بْن الْحَسَن الصَّيْدلانيّ.
136- والشَّيْخ جمالُ الدّين أَبُو مُحَمَّد أسعدُ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن معدان الأصبهانيُّ السِّمْسار.
الّذِي يَرْوي عن القاسمِ بْن الفَضْل الصَّيْدلانيّ.
137- وأَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد ابن النجيب أَحْمَد بْن نصر بْن طاهر الأصبهانيُّ.
الّذِي يروي عن إِسْمَاعِيل بْن غانم.
138- وابنُ عمِّه مُحَمَّد بْن سعيدِ بْن أَحْمَد بْن أَبِي طاهر الأسْوَارِيُّ.
وأحسِبُه ابن عمّ مُحَمَّد- الّذِي قبله.
يَرْوي أيضا إِسْمَاعِيل بْن غانم.
139- والإمام أَبُو نَجيح مُحَمَّد بْن معاويةَ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد الأصبهانيّ، المُقْرئُ.
مُقرئُ أهل أصبهان.
لَهُ روايةٌ عن الحافظ أَبِي مُوسَى المدينيّ.
140- وأَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن إِبْرَاهِيم الأصبهانيُّ، المُقرئُ، المُسْتملي.
سَمِعَ أَحْمَد بْن ينال التّرك. وكانَ شَيخًا صالحا.
141- والمحدّث الواعظُ أَبُو الماجد محمد بن صالح بن أحمد ابن المُصلح أَبِي عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عليّ الأصبهانيّ، الحنبليّ.
__________
[1] انظر عن (جامع بن إسماعيل) في: العبر 5/ 131، 132.(46/128)
سَمِعَ من جَدِّ أَبِيهِ المُصلح جميع «الحِلْية» : أخبرنا الحدّادُ، أخبرنا المُصَنِّف أَبُو نُعَيْم. وسَمِعَ «صحيح» مُسلْمِ من جدِّه.
- والإمامُ المحدّث أَبُو حفص عُمَر بْن أَحْمَد [1] بْن أَحْمَد بْن أَبِي سَعْد الأصبهانيُّ، المُستملي شعرانة، الشَّيْخ السِّلَفِيّ.
سَمِعَ وخرَّجَ وكتبَ الكثيرَ وصنَّفَ ورتَّب «مُسند» الْإمَام أَحْمَد عَلَى أبواب الفقِه والأحكام. وصنَّفَ كتابا آخرَ فِي ثمانِ مجلداتٍ سمَّاه «روضة المذكّرين وبهجة المحدّثين» . وسَمِعَ من أَبِي جعفر محمد بن أحمد الصّيدلانيّ، وأبي الفضائل العبد كويّ، ومحمود بْن أَحْمَد الثَّقفيّ، وطبقتهم.
وقد تفرَّدَ القاضي تقيّ الدّين سُلَيْمَان بالرواية بحكمِ الإجازة المحقّقة عن هؤلاء المذكورين، وعن خَلقُ سواهم أذِنُوا لَهُ ولغيره فِي الرواية، وكاتُبوه من أصبهان. واستُشْهد سائرُهم بسيفِ التتار الكَفَرة فِي هذا العام. ومَنْ سلم منهُمْ أضْمرَتْهُ البلاد وانقطعَ خبرُه. فسبحانَ وارثِ الأرضِ ومَنْ عليها ومُعيدِ من خُلقَ منه إليها.
ولقد كانَتْ أصبهان تكادُ أن تُضَاهي بغداد فِي عُلوِّ الإسناد فِي زمان أَبِي مُحَمَّد بْن فارس، والطَّبَرانيّ، وأَبِي الشَّيْخ. ثم كَانَ بعدهم طبقة أخرى في العلوّ وهم: أبو بكر ابن المُقرئ، وغيرُه. ثم طبقةُ أَبِي عبد اللَّه بْن مَنْدَه العَبْديّ، وأَبِي إِسْحَاق بْن خرشند قوله، وأبي جعفر ابن المَرْزُبان الأبهريّ، ثم طبقةُ أَبِي بَكْر بْن مَرْدُوَيْه، وأَبِي نُعَيْم. ثم طبقةُ ابْن رِيذَة، وأَبِي طاهر بْن عَبْد الرحيم، ورُواةِ أَبِي الشيخ. ثم طبقة أصحاب ابن المقرئ. ثم أصحاب ابن مَنْدَه. ثم طبقةُ مَنْ بعدَهم هكذا إلى أن سَلَّط اللَّه عليهم بذنوبهم العدوَّ الكافرَ ليكفَر عنْهُم ويعوّضهم بالآخرة الباقيةِ. فنسألُ الله العفو والعافية.
وأبو الوفاء محمد ابن مَنْدَه، هُوَ آخِرُ مَنْ روى الحديث- فيما علمت- من أهل بيتِه، وكان يُلقَبُ بجمالِ الدّين.
__________
[1] تقدّم برقم (110) .(46/129)
142- محمود بْن عَبْد اللَّه [1] بْن مُحَمَّد بْن يوسف.
أَبُو الثناءِ، المغربيُّ الأصلِ.
الروميَ المولدِ، الْمَصْريّ الدارِ المُؤَذِّنُ، الحَنَفيُّ، ابْن المُلثمِ، المعروف بالعجميّ.
قدم مصر في حدود السبعين وخمسمائة.
وسمع من: علي بن هبة الله الكاملي، وهبة اللَّه بْن عَلِيّ الأَنْصَارِيّ، وجماعة.
وأجاز لَهُ السِّلَفِيّ.
وحَصَّل أصولا، وكُتبًا كثيرة، وأنفقَ عَلَى المحدّثين جُمْلَةً.
روى عَنْهُ الزّكيُّ المنذريُّ، وعمر ابن الحاجب ووَصَفَه بالصلاحِ.
مولده بأقصرا سنة خمس وأربعين وخمسمائة.
وماتَ فِي خامس ربيع الأول.
وقد أذّنَ للسلطان مدّة طويلة.
143- محمودُ بْن عَلِيّ [2] بْن محمود بْن قَرْقين، الأميرُ الفاضلُ.
شمسُ الدّين، أَبُو الثناءِ، الجنديُّ، المقرئُ.
وُلِد بدمشق سنة أربع وستّين وخمسمائة.
وسمع من أبي سعد بن أبي عصرون.
وسَكَنَ بَعْلَبَكَّ واختصَّ بملكها الملك الأمجد.
وكانَ أديبا، مُنشئًا، شاعرا، يَرْجُع إلى ديانةٍ وخيرٍ.
روى عَنْهُ: تاجُ الدّين مُحَمَّد بْن أَبِي عصرون، ومجد الدّين ابن العديمِ، ومُحَمَّد بْن يوسف الذَّهبيُّ، وقبلَهم البِرْزاليُّ.
__________
[1] انظر عن (محمود بن عبد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 386 رقم 2578، والجواهر المضية 2/ 159، والطبقات السنية 1/ ورقة 874.
[2] انظر عن (محمود بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 398 رقم 2615، والعبر 5/ 132، وشذرات الذهب 5/ 158.(46/130)
وكانت وفاتُه فِي شوَّال بمدينة بُصري.
144- المُهَذَّبُ بْن الْحُسَيْن [1] بْن أَبِي غانم مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن زينة.
أَبُو غانم، الأصبهانيّ، الحافظ.
ولد في حدود السبعين وخمسمائة.
وسَمِعَ من: أَبِي الفتح الخِرَقيّ، وأَحْمَد بْن ينال التُّرك، وأَبِي [2] مُوسَى الحافظ، ووالده أَبِي ثابت، وطبقتهم. وأكثرَ عن أصحاب أَبِي عَلَى الحدَادِ كأبي جعْفَر الطَّرَسُوسيّ، وغيره.
وسَمِعَ منه الزّكيّ البزاليّ، وغيرُه.
قَالَ ابنُ نُقْطَةَ: دخلتُ أصبهان وهو بقرية، فلم يُقَدَّر لي لُقِيُّه. وهو حافظُ، ثِقةٌ. وقيَّد زينة بالكسرِ.
ولا أدري متَى مات، لكنَّه أجازَ للقاضي تقيِّ الدّين سُلَيْمَان في سنة ثلاثين وستمائة.
145- مُهَلْهِلُ بْن عَبْد اللَّه [3] بْن مُهَلْهِل.
أَبُو السعاداتِ، القَطيعيّ.
سَمِعَ من أَبِي المكارِم المباركِ بْن مُحَمَّد البَادَرَائيّ. وحدَّث.
تُوُفّي فِي منتصف جُمَادَى الآخرة.
[حرف النون]
146- ناصُر بْن سعد [4] بْن رشيد.
أَبُو مُحَمَّد، العراقيُّ، الحَرْبويُّ، الكاتبُ المُجَوِّد.
تنقّل فِي الخِدَم. وكتبَ بين يدي الوزير ابن الناقد.
__________
[1] انظر عن (المهذّب بن الحسين) في: سير أعلام النبلاء 22/ 369 رقم 233.
[2] كتبها المؤلّف- رحمه الله- خطأ «أبا» في الموضعين.
[3] انظر عن (مهلهل بن عبد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 391 رقم 2596.
[4] انظر عن (ناصر بن سعد) في: المختار من تاريخ ابن الجزري 158.(46/131)
[حرف الواو]
147- واثِلَةُ بْن بقاء [1] بْن أَبِي نصر بْن عَبْد السلام.
أَبُو الْحَسَن البغداديُّ، الحريميُّ، الملَّاح، المعروف بابن كَرَّاز.
سَمِعَ من أَبِي عَليّ أَحْمَد بْن الرَّحَبيّ رابع «المحامليات» .
كُتُب عَنْهُ عَبْد اللّطيف بْن بورنداز، وعُمَر ابن الحاجب، والطلبة.
وروى عنه التّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس ابن الزّين، والشِّهابُ الأبَرْقوهيّ.
وبالإجازةِ الفخرُ بْن عساكر، وغيرُه.
وتُوُفّي فِي السابع والعشرين من رجب. وكانَ صالحا، خيّرا.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي الأَبَرْقُوهِيُّ، أَخْبَرَنَا وَاثِلَةُ بْنُ كَرَّازٍ بِقِرَاءَةِ ابْنِ نُقْطَةَ الْحَافِظِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ (ح) وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بْنُ عبد الرزاق الفقيه (ح) وأخبرنا أحمد ابن الْعِمَادِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بِطِّيخٍ [2] ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ خَوْلانَ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُؤْمِنٍ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَجْمٍ الْوَاعِظُ.
(ح) وَأَخْبَرَتْنَا خَدِيجَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حُضُورًا فِي الرَّابِعَةِ، قَالُوا: أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ الْكَاتِبَةُ. قَالا [3] : أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ طَلْحَةَ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِبَةَ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَخْبَرَنَا عَمِّي محمد بن الْعَزِيزِ الدَّينَوَرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالا [4] : أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ، جَافَى بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ [5] .
__________
[1] انظر عن (واثلة بن بقاء) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 393 رقم 2601.
[2] هو: محمد بن أبي بكر بن بطيخ الدلّال. أحد شيوخ المؤلّف- رحمه الله-. (المشتبه 85) .
[3] يعني: ابن نجم الواعظ وشهدة.
[4] الحسين بن طلحة وعاصم بن الحسن.
[5] رواه النسائي 2/ 212 من طريق عبدة بن عبد الرحيم المروزي، أنبأنا النّضر بن شميل، أنبأنا يونس بن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي إسحاق، عن البراء أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا صلّى جخّى، وسنده جيد.(46/132)
[حرف الياء]
148- يحيى بْن إِبْرَاهِيم [1] بْن عَبْد الأعلى.
أَبُو الفتحِ، الواسطيُّ، الخَطيبُ.
حدثَ عن هِبَة الله بن نصر الله بْن الْجَلخْت.
وتُوُفّي فِي صَفَر.
149- يحيى بْن مظفّر [2] بْن مُوسَى.
الإمامُ، أَبُو زكريا، الهاشميُّ، الواسطيُّ. المعروفُ بابن الصَّابونيّ، الواعظُ، الفقيهُ، الشاعرُ.
سَمِعَ الحديثَ، وقال الشعرَ [3] .
150- يوسفُ بْن رافع [4] بْن تميم بْن عُتبة بْن مُحَمَّد بْن عتّاب.
__________
[ () ] وجخى- بجيم ثم خاء معجمة- أي: فتح عضديه، وجافاهما عن جنبيه.
[1] انظر عن (يحيى بن إبراهيم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 385 رقم 2576.
[2] انظر عن (يحيى بن مظفر) في: تاريخ إربل 1/ 419- 421 رقم 314، والمختار من تاريخ ابن الجزري 160، 161.
[3] ومن شعره:
يا من على ضعفي بحور تعمّدا ... ويرى الضلال بقتلتي محض الهدى
ومن الملاحة كلّها في أسره ... قد حازها دون الورى متفرّدا
بجمال وجهك إنه لو يهتدى ... بضيائه والتّيه موسى لاهتدى
وبطرفك الغنج الّذي لولاه ما ... أمسيت مسلوب الرقاد مسهّدا
لا تصغينّ إلى الوشاة فما لهم ... شغل سوى تفريقنا وهم العدي
(تاريخ إربل 1/ 420) و (المختار 161) .
[4] انظر عن (يوسف بن رافع) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 384، 385 رقم 2574، وذيل الروضتين 163، ووفيات الأعيان 7/ 84- 100، وتاريخ إربل 1/ 221، ومفرّج الكروب 5/ 89- 91، وزبدة الحلب 3/ 219، والأعلاق الخطيرة ج 1 ق 1/ 95، 102، 107، والمختصر في أخبار البشر 3/ 156، والمعين في طبقات المحدّثين 196 رقم 2081، والإشارة إلى وفيات الأعيان 334، والإعلام بوفيات الأعلام 261، وتذكرة الحفاظ 4/ 1459، والعبر 5/ 132، وسير أعلام النبلاء 22/ 383- 387 رقم 246، ومعرفة القراء الكبار 2/ 619- 621 رقم 584، والمختار من تاريخ ابن الجزري 159، 160، وتاريخ ابن الوردي 2/ 160، ونثر الجمان 2/ ورقة 66، 67، ومرآة الجنان 4/ 82- 84، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 115- 117، وطبقات(46/133)
قاضي القضاة، بهاءُ الدّين، أَبُو المحاسِن وأَبُو العِزِّ، الأَسَدِيّ، الحلبيُّ الأصلِ، المَوْصِليّ المولدِ والمَنْشَأ، الشافعيّ، الفقيهُ، المعروف بابن شدّاد.
وُلِد فِي رمضان سنة تسع وثلاثين وخمسمائة.
وحَفِظَ القرآن. ولَزِمَ أَبَا بَكْر يحيى بْن سعدون القرطبي فقرأ عليه القراءات والعربية، وسمع منه ومن مُحَمَّد بْن أسعدَ حَفَدةِ العَطَّاريّ، وابن ياسر الجيّانيّ، وأَبِي الفضل خطيبِ المَوْصِل، وأخيه عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد، والقاضي أَبِي الرِّضا سعيدِ بْن عَبْد اللَّه بْن القاسم الشّهْرُزُوريّ، وأَبِي البركات عَبْد اللَّه بْن الخَضِر ابن الشّيرجيّ الفقيِه، ويحيى الثَّقفيّ. وببغدادَ من شُهْدةَ الكاتبة، وأَبِي الخير أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل القَزْويني.
وتفقّه، وتفنَّنَ، وبَرَعَ فِي العلم.
وحدَّث بمصرَ، ودمشق، وحلبَ.
روى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه الفاسيُّ المقرئُ، والزّكيُّ المنذريُّ، والكمالُ العَدِيميّ، وابنهُ المجد، والجمال ابن الصابونيّ، والشهابُ القُوصيّ، ونصر اللَّه وسعدُ الخير ابنا النابُلُسيّ، والشهابُ الأبَرْقوهيّ، وأَبُو صادقٍ مُحَمَّد بْن الرشيد العطارُ، وسُنْقُر القضائيّ، وجماعةٌ. وبالإجازة قاضي القضاة تقيُّ الدّين سُلَيْمَان، وأَبُو نصر محمد بن محمد ابن الشيرازيّ، وجماعة.
وكان- كما قال عمر ابن الحاجب-: ثقة، حجة، عارفا بأمورِ الدّين، اشتَهَر اسمُهُ، وسارَ ذكرهُ. وكانَ ذا صلاحٍ وعبادةٍ. وكانَ فِي زمانه كالقاضي أَبِي يوسف فِي زمانةِ. دَبَّر أمورَ المُلك بحلبَ، واجتمعتِ الألْسُنُ على مدحه. وأنشأ
__________
[ () ] الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 51 (8/ 360- 362، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 170 أ، ب، والبداية والنهاية 13/ 143، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 79، 80، ونزهة الأنام لابن دقماق، ورقة 18، وغاية النهاية 2/ 395، 396، وذيل التقييد 2/ 321 رقم 1716، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 427، 428 رقم 398، والأنس الجليل 2/ 447، والنجوم الزاهرة 6/ 292، وشذرات الذهب 5/ 158، 159، والأعلام 9/ 306، وكشف الظنون 125، 759، 1015، 1275، 1739، 1816، 1898، وهدية العارفين 2/ 553، 554، وإيضاح المكنون 2/ 681، وفهرس المخطوطات المصوّرة 2/ 11 و 3/ 328، ومعجم المؤلفين 13/ 299، 300.(46/134)
دارَ حديثٍ بحلبَ. وصنَّفَ كتاب «دلائل الأحكام» في أربع مجلّدات.
وحكى القاضي ابن خلّكان [1] ، أنَّ بعض أصحابه حدّثه قَالَ: سَمِعْتُ القاضي بهاء الدّين يَقُولُ: كُنَّا فِي النّظامية فاتّفق أربعةٌ من فقهائها أو خمسةٌ عَلَى شرب البَلاذُر، واشتَرَوا قَدَرًا- قَالَ لهم الطبيبُ- واستعملوه فِي مكانٍ، فَجُنُّوا، ونَفَروا إلى بَعْدِ أيّام وإذا واحدٌ منهم قد جَاءَ إلى المدرسةِ عُريانًا بادي العورة، وعَلَيْهِ بقيار كبير بعذبةٍ إلى كعبه، وهو ساكت مُصَمِّمٌ، فقامُ إِلَيْهِ فقيهٌ، وسألَه عن الحال، فقالَ: اجتمعْنا وشَربنا البّلاذُرَ فجُنَّ أصْحابي وسَلِمتُ أنا وحدي، وصارَ يُظهِرُ العقلَ العظيمَ، وهُمْ يَضحَكْونَ وهو لَا يَدْري.
وقال القاضي شمس الدّين ابن خلّكان [2] : انحدر إلى بغدادَ، وأعادَ بها، ثم مضى إلى المَوْصِل، فدرَّسَ بالمدرسة التي أنشأها القاضي كمال الدّين ابن الشَّهْرَزُوري. وانتفعَ بِهِ جماعةٌ. ثم حجَّ سنةَ ثلاثٍ وثمانين وزارَ الشامَ، فاستحضرَهُ السُّلطان صلاحُ الدّين، وأكْرَمهُ، وسَألَهُ عن جُزء حديث ليسمع منه، فأخرج لَهُ «جُزءًا» فِيه أذكارٌ من «الْبُخَارِيّ» فقَرَأه عَلَيْهِ بنفسه. ثم جَمَعَ كتابا مُجَلَّدًا فِي فضائلِ الجهادِ وقَدَّمَهُ للسُّلطانِ، ولَازَمه فَولاه قضاء العَسْكر المنصور وقضاء القدس. وكانَ حاضرا موتَ صلاح الدّين. ثم خَدَمَ بعده ولدَه الملك الظّاهر، فولّاه قضاءَ مملكته، ونَظَر أوقافَها سنةَ نيفٍ وتسعين. ولم يُرْزَقْ ولدا، ولا كَانَ لَهُ أقاربُ. واتفقَ أنّ الملكَ الظاهرَ أقطَعَه إقطاعا يَحصُلُ لَهُ منها جُملةٌ كثيرةٌ، فَتصَمَّدَ لَهُ مالٌ كثيرٌ، فَعَمَّرَ منه مدرسة سنة إحدى وستمائة، ثم عَمَّرَ فِي جوارها دارَ حديث وبينَهما تُربة لَهُ.
قصدَهُ الطلبةُ واشتغلوا عَلَيْهِ للعلمِ والدّنيا. وصارَ المُشارَ إِلَيْهِ فِي تدبير الدّولة بحلبَ إلى أن كَبِرَ، واستولَتْ عَلَيْهِ البروداتُ والضَّعفُ، فكانَ يتمثلُ بهذا:
مَنْ يَتَمنَّ العُمْر فَلْيدَّرعْ ... صَبْرًا عَلَى فَقْد أحْبَابِه
ومَنْ يُعَمَّر يلق في نفسه ... ما يتمنّاه لأعدائه [3]
__________
[1] في وفيات الأعيان 7/ 94.
[2] في وفيات الأعيان 7/ 86- 87.
[3] البيتان لأبي إسحاق إبراهيم بن نصر بن عسكر المعروف بقاضي السلامية، ذكرهما ابن الشعار في(46/135)
وقال شيخنا ابْن الظاهريَ: ابن شدّاد هُوَ جدُّ قاضي القضاة بهاءِ الدّين هذا لأمِّه، فُنسِبَ إِلَيْهِ.
وقال الأبرْقُوهيُّ: قَدِمَ مصرَ رسولا غير مرّة آخرها القدمة التي سَمِعْتُ منه فيها.
وقال ابْن خلّكان [1] : كَانَ يُكَنَّى أولا أَبَا العزِّ فغيَّرها بأبي المحاسنِ.
وقال: قالَ فِي بعض تواليفِه: أوَّلُ من أخذتُ عَنْهُ شيخي صائنُ الدّين القُرْطُبيّ، فإنيِّ لازَمتُ القراءة عَلَيْهِ إحدى عشرةَ سنة، وقرأتُ عَلَيْهِ معظم ما رَوَاهُ من كُتُب القراءاتِ، والحديث، وشروحِه، والتفسيرِ، وكتب لي خطَّهُ بأنَّه ما قَرَأ عَلَيْهِ أحدٌ أكثرَ ممّا قرأتُ عَلَيْهِ.
إلى أن قَالَ: ومن شيوخي سراج الدّين مُحَمَّد بْن عَلِيّ الجيّاني قرأتُ عَلَيْهِ «صحيح» مسلم كلّه بالموصل، و «الوسيط» للواحديّ، وأجازَ لي سنةَ تسعٍ وخمسين. ومنهم: فخر الدّين أبو الرضا أسعد ابن الشّهرزوريّ سمعت عليه «مسند» أبي عوانة و «مسند» أبي يعلى، و «مسند» الشافعيّ، و «سنن» أبي داود، و «جامع» التِّرْمِذيّ. وسَمِعْتُ من جماعة، منهم: شُهْدَة ببغدادَ.
قَالَ ابْن خلّكان: أعادَ بالنظاميّة ببغداد فِي حدود السبعين. وحجَّ سنة ثلاثٍ وثمانينَ. وقَدِمَ زائرا بيتَ المقدس، فبالغ فِي إكرامه صلاحُ الدّين، فَصنَّف لَهُ مُصَنَّفًا فِي الجهادِ وفَضْلِه. وكان شيخنا وأخذتُ عَنْهُ كثيرا. وكتبَ صاحب إرْبل فِي حقّي وحقِّ أخي كتابا إِلَيْهِ يَقُولُ: أنت تعلمُ ما يلزَمُ من أمر هذين الوالدين وأنّهما ولدا أخي، وولدا أخيك، ولا حاجةَ مَعَ هذا إلى تأكيدٍ. فَتَفَضل القاضي وتَلَقَّانا بالقبولِ والإكرام وأحسن حسب الإمكان، وكانَ بيدِه حلُّ الأمور وعَقْدُها، ولم يكنْ لأحدٍ معه كلامٌ. ولا يعملُ الطَّواشي شهابُ الدّين طُغْريل شيئا إلّا بمشورتِه، وكانَ للفقهاء بِهِ حُرمةٌ تامةٌ وافرةٌ، وطالَ عُمُرُه. وأثّر الهرمُ فِيهِ حتّى
__________
[ () ] ترجمة قاضي السلامية من «عقود الجمان» (1/ الورقة 28) وانظر الوفيات 7/ 93.
[1] في وفيات الأعيان 7/ 84- 86.(46/136)
صارَ كالفَرْخ، وضَعُفَتْ حركتُه. ثم طوَّلَ ترجمتَه وهي ثمان ورقات منها، قَالَ:
وكان القاضي يسلُكَ طريقَ البغادِدَةِ فِي أوْضاعِهم، ويَلْبَسُ زيّهم، والرؤساءُ يَنْزلُونَ عن دوابِّهم إِلَيْهِ عَلَى قدرِ أقدارِهم [1] . ثم سارَ إلى مصرَ لإحضارِ ابنةِ الكاملِ لزوجها العزيز، فقَدِمَ وقد استقَلَّ العزيزُ بنفسه ورَفعُوا عَنْهُ الحَجَر ونَزلَ طغرل إلى البلد. واستولى عَلَى العزيز جماعةُ شبابٍ يُعَاشرونَه فاشتغلَ بهم، ولم يَرَ القاضي وَجْهًا يَرْتَضيه، فلازَمَ دارَه إلى أن مات وهو باقٍ عَلَى القضاء. ولم يبقَ لَهُ حديثٌ فِي الدّولة، فصار يفتحُ بابَهُ لإسماعٍ الحديثِ كُلَّ يوم، وظهر عَلَيْهِ الخَرَفُ بحيثُ إنه صارَ إذا جاءَه إنسان، لَا يعرفه، وإذا عاد إِلَيْهِ، لَا يعرفُه، ويسأل عَنْهُ، واستمرَّ عَلَى هذا الحالِ مُدَيْدَةً. ثمّ مَرِضَ أياما قلائلِ، وماتَ يوم الأربعاءِ رابع عشر صفر بحلب. وقد صنَّفَ كتابَ «ملجأ الحُكَّام» فِي الأقضية مجلّدين، وكتابَ «الموجز الباهر» فِي الفقه، وكتابَ «دلائل الأحكام» فِي مجلّدينِ، وكتابَ «سيرة صلاح الدّين» فجوَّدها [2] .
151- يوسف ابْن الوزير [3] الجليل أَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه ابْن القاضي أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن الْحُسَيْن الشَّيبيّ.
الدميريُّ، الْمَصْريّ، الوزيُر العالمُ تاجُ الدّين، أَبُو إِسْحَاق، المعروف بابن شكر.
ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة بمصر.
وتفقَهَ، وبَرعَ، وقَرأ الأدبَ، ودَرَّسَ بمدرسة الصاحب والدِه. وأخذ بدمشق عن تاجِ الدّين أَبِي اليُمن الكِنْديّ. ونابَ عن والده بالشامِ ومصَر مدّة. وولي وزارة الجزيرة وديارَ بكرٍ مدّة.
تُوُفّي فِي حادي عشر رجب بحَرَّانّ.
روى عنه القوصيّ في «معجمه» شعرا.
__________
[1] وفيات الأعيان 7/ 90، 91.
[2] وفيات الأعيان 7/ 99.
[3] انظر عن (يوسف بن الوزير) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 392 رقم 2598، ونهاية الأرب 29/ 210، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 72، 73، ونزهة الأنام لابن دقماق، ورقة 19، 20.(46/137)
[الكنى]
152- أَبُو بَكْر بْن أَبِي زكري [1] الكُرديّ.
الأميرُ الكبيرُ، سيف الدّين. من كبار الدّولة الكاملية. وله مواقفُ مشهودةٌ.
ذكرَهُ المُنّذريُّ فِي «الوفيات» فقال [2] : تُوُفّي ليلة ثالث عشر محرّم ودُفِنَ قريبا من قبرِ ذي النّون الْمَصْريّ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-. قَالَ: وكانَ شجاعا، كريما، عزيزَ النفسِ، عاليَ الهمَّةِ. وهو أحدُ الأمراءِ المشهورينَ.
وفيها وُلِد المفتي علاءُ الدّين عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن خطّاب الباجيَّ الشافعيّ بدمشق.
والفقيه عمادُ الدّين عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ المكيُّ.
ونجمُ الدّين عُمَر بْن أَبِي القاسم بْن أَبِي الطَّيْب، الوكيلُ بالبلادِ الشامية.
وشمسُ الدّين مُحَمَّد بْن منصورِ بْن مُوسَى الحاضريُّ المقرئ.
والزينُ أَحْمَد بْن شمخ بْن ثابت العُرْضيُّ، وأخوه مُحَمَّد توأما.
وخطيبُ جَمَّاعيلَ أيوب بْن يوسف بْن مُحَمَّد الحَنبليُّ.
وعمر بن أبي طالب بن محمد ابن القطانِ.
ويحيى بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن السَّفاقُسِيّ الإسكندريّ.
والأمين عبدُ القادر بْن مُحَمَّد الصَّعْبيُّ.
والبهاءُ عَبدُ المحسن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد ابن العديم العقيليّ الصّوفيّ.
__________
[1] انظر عن (أبي بكر بن أبي زكري) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 382 رقم 2569.
[2] التكملة 3/ الترجمة 2569.(46/138)
سنة ثلاث وثلاثين وستمائة
[حرف الألف]
153- أحمد بن عمر [1] ابن الزّاهد الكبير أَبِي عُمَر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُدامة.
جمالُ الدّين، أَبُو حمزة وأبو طاهرٍ، المقدسيُّ، الحنبليُّ.
وُلِد فِي رجب سنة تسع وستّين.
رَحَلَ إلى بغدادَ- وهو صبيٌّ- مَعَ بعضِ أقاربه وسَمِعَ من: نصر اللَّه القزّاز، وعبيد اللَّه بْن شاتيل، وابْن كُلَيب، وعبدِ الخالق بْن عَبْد الوهّاب، وأبي الفَرَج ابن الْجَوْزيّ. وبدمشقَ من: الخضرِ بْن طاوس، وأبي المعالي ابن صابر، وأبي المجد ابن البانياسيّ، وابن صَدَقة الحرّانيّ.
واشتغلَ اشتغالا يَسيرًا، ثم اشتغلَ بالخِدمة، وتعانى ركوبَ الخيلِ والفُروسية. وحضَرَ مَرَّة مَعَ الغَيَّارة [2] ، فحمل وقَتَلَ إفرنجيا، وفرسه، فهابةُ الأجنادُ، وصارَ لَهُ بذلك عندهم منزلةٌ. وتولّى عَلَى قرية جَمَّاعيل مدّة.
روى عَنْهُ: عمُّه الشيخُ شمسُ الدّين، والحافظُ الضياءُ، والشمس محمد ابن الكمال، والعزُّ أَحْمَد بْن العماد والتقيُّ أَحْمَد بن مؤمن، وعبد الحميد ابن خولان، وطائفة آخرهم حفيدُه القاضي تقيُّ الدّين- أبقاه اللَّه.
تُوُفّي الجمالُ أَبُو حمزةَ فِي خامس ربيع الأوّل، ودُفِنَ عند جدِّه الشَّيْخ أبي عمر.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عمر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 406، 407 رقم 2633، والإشارة إلى وفيات الأعيان 334، والإعلام بوفيات الأعلام 262، والعبر 5/ 133، والوافي بالوفيات 7/ 264 رقم 3228، والنجوم الزاهرة 6/ 296، وشذرات الذهب 5/ 159.
[2] الغيّارة: الذين يغيرون على العدوّ.(46/139)
154- أَحْمَد بْن أَبِي عَبْد اللَّه [1] مُحَمَّد بْن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن إِسْمَاعِيل.
أَبُو الْحُسَيْن، الأَنْصَارِيّ، الخزرجيُّ، التلِمْسانيُّ، ثم الْمَصْريّ، الشَّيْخ موفقُ الدّين.
وُلِد بمصر في سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، وأدركَ ابْن رفاعةَ، وكان يُمْكنُه السماعُ منه، لكن كانتِ السُّنَّةُ غامرة ميتة بدولةِ بني عُبَيْد أصحاب مصر، فلما أزالَ السلطانُ صلاحُ الدّين دولتهم- وللَّه الحمد- أظهرَ السُّنّةَ والروايةَ والآثارَ وهَلُمَّ جَرًّا. وإنّما سَمِعَ هذا من البُوصيريّ، وبحرّان من عَبْد القادر الرّهاويّ.
روى عَنْهُ الزّكيّ المنذريّ، وغيره، وقَالَ [2] : تُوُفّي فِي ربيع الآخر. انقطَعَ فِي آخر عمره بالرِّباط المجاور للجامعِ العتيق وجَمَع مجاميعَ فِي التصوفِ بعبارةٍ حَسَنةٍ، وله شَعر.
قلتُ: فِي تصوّفه انحرافٌ.
وقد أخَذَ عَنْهُ ابْن مسدي الحافظُ، فقال: غَلَبَ عَلَيْهِ الكلامُ فِي معنى الباطِن، حتّى ظَهَر عَلَيْهِ من ذَلِكَ كلُّ باطنٍ، ورُبمَّا تَصْدُر عَنْهُ نفُثاتٌ أوْلَى بها أن تكون سَكَتاتٍ.
155- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حَرْب.
أَبُو الْعَبَّاس. قاضي المُحَوَّل، البغداديّ، المقرئ.
ذكرَه ابْن النجّار [3] ، فقال: ذكرَ أَنَّهُ قرأ فِي عمره أربعا وعشرينَ ألفَ خَتْمةٍ.
ذكر لي عَبْد الصَّمد بْن أَبِي الجيش المقرئ أنّه قرأ عليه القرآن وأثنى عليه خيرا.
وقالَ: قرأ عَلَى عَبْد الوهّاب بْن شُحانَة، عن عَبْد الوهّاب الصَّابونيّ.
تُوُفّي فِي رمضان عن خمس وسبعين سنة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن أبي عبد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 411 رقم 2645، والوافي بالوفيات 8/ 54، 55 رقم 3464.
[2] في التكملة 3/ 411.
[3] في الجزء المفقود من تاريخه.(46/140)
156- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد اللَّخْميّ [1] الفقيه.
المحدثُ، الرئيسُ، أَبُو الْعَبَّاس، ابْن الخطيب أَبِي عَبْد اللَّه، اللَّخْميّ، السَّبْتيُّ، المعروفُ بالعَزَفي [2] .
سَمِعَ الكثير من أَبِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله الحجْريّ. وأجازَ لَهُ ابْن بَشْكُوال، وطائفةٌ.
وله تواليف حسنة. وكان ذا فضل، وصلاح، وجلالة، وإتقانٍ.
أجاز لَهُ: أَبُو القاسم بْن حُبَيْش، وأَبُو مُحَمَّد بْن فِيرُّه الشاطبيُّ، وعَبْد الحقّ مصنّف «الأحكام» ، وعَبْد الجليل القصريّ.
وهو والدُ صاحبِ سَبْتَة.
قَالَ لي أَبُو القاسم بْن عمرانَ: أخبرني عَنْهُ الوزير أَبُو عَبْد اللَّه محمد ابن أَبِي عامر الأَشعريُّ المالقيُّ، وأَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد المومنائيّ، وأَبُو الْحُسَيْن بْن أَبِي الربيع، وغيرُهم.
قلتُ: صنَّفَ كتابا فِي مولدِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وجوَّده. وكان إماما ذا فنونٍ.
وقد ذكرَه ابنُ مسدي فِي «مُعجمه» وأوضح اسمَه، فقال: أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن سُلَيْمَان بْن أَبِي عَزَفة، مكينُ المكانةِ فِي العلم والدّيانة، لَهُ عنايةٌ بالحديث، مُعْلِنٌ [3] فِي فُتياه مذهبَ مالكٍ، وربّما خالفه. وكان معُتمدَ بلدِه بفقهه وسنده. لَهُ الجاهُ والمالُ. سَمِعَ من ابْن غاز، ومن أَبِي عبد اللَّه بْن زَرْقون لما وَليَ قضاء سَبْتَة، ومن السُّهَيْليّ، وجماعة لما وفدوا إلى مَرَّاكِش. وكانَ فصيحا لَسِنًا، وعلى الرواية مؤتمنا. قَالَ لي: إنّه وُلِد سنة تسعٍ وخمسين، أخبرنا أَبُو الْعَبَّاس، أخبرنا أَبِي أَبُو عَبْد اللَّه بْن أَبِي عَزَفة، أخبرنا القاضي عياض- فذكر حديثا.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد اللخمي) في: المشتبه 2/ 453، والوافي بالوفيات 7/ 349 رقم 3339، وتوضيح المشتبه 6/ 231، 232، ومعجم المؤلفين 1/ 75.
[2] العزفي: بالعين المهملة المفتوحة، والزاي والفاء. (المشتبه، التوضيح) .
[3] في الأصل: «معلنا» .(46/141)
قلت: روى عَنْهُ جماعة.
ماتَ فِي رمضان، وله ستٍّ وسبعون سنة.
157- إِبْرَاهِيم بْن مرتفع [1] بْن نصر. أَبُو إِسْحَاق، الحمزيُّ، الشَّارعيُّ.
الشافعيّ، ويعرف بصفيّ الدّين ابن البُطُونيّ.
سَمِعَ من: القاسم بْن عساكر، وإسماعيل بْن ياسين، وجماعةٍ.
روى عَنْهُ الزّكيّ المنذريُّ وقال: كَانَ من أهل العفَافِ والخير. ولأهلِ الشارع بِهِ نفَعٌ كثيرٌ. وُلِد سنة ستّين وخمسمائة، وتُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرةِ.
158- إدريسُ بْن الخضر [2] بْن إدريس بْن مُحَمَّد.
أَبُو البهاء. الهَرَويّ الأصل، السّقبانيّ.
سَمِعَ بسَقْبا [3] من الحافظ أَبِي القاسم الدّمشقيّ.
روى عَنْهُ: الزّكيُّ البِرْزاليُّ، والمجدُ ابن الحُلْوانية، وأظُنُّ ابْن الصابوني.
وقال المنذريّ تُوُفّي فِي هذا السنة.
159- إِسْمَاعِيل بْن عُمَر [4] بْن إِبْرَاهِيم بْن سُلَيْمَان.
أَبُو الفضل، اللُّرستاني، الصُّوفيّ، نزيلُ دمشقَ.
شيخُ صالح.
روى عن الخُشُوعيِّ، والقاسم. روى عنه ابن الحلوانية. وتوفّي في رمضان.
160- آسية بنت الشّهاب محمد [5] بن خلف بن راجح.
زوجة الحافظ الضياء.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن مرتفع) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 416 رقم 2659.
[2] انظر عن (إدريس بن الخضر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 428 رقم 2687.
[3] سقبا: قرية من غوطة دمشق.
[4] انظر عن (إسماعيل بن عمر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 418، 419 رقم 2666، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 134، 135.
[5] انظر عن (آسية بنت محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 404 رقم 2623.(46/142)
نقلت من خطّه: كانت ديّنة خيّرة، حافظة لكتاب الله. وكانت عندي أربعين سنة وثلاثة أشهر. لم تدخل حمّاما ولا دخلت المدينة، وكنت أخذتها بذلك فأطاعتني. وكانت تؤثرني على نفسها. وقد سَمِعَ عليها بالإجازة عن جماعة.
قلت: منهم أَبُو السعاداتِ القزازُ.
روى عَنْهَا الشمس ابن الكمال وغيرُه. وبالإجازة القاضي تقيُّ الدّين.
وتوفّيت فِي المحرَّم.
161- آمنةُ بنتُ الحافظِ عبد العزيز [1] بْن الأخضر.
أمَةُ الرحيمِ.
روتْ عن: شُهْدَةَ، وعَبْد الحقِّ اليوسفيّ.
وتوفّيت في عاشر صفر.
روى عنها أخوها عليّ.
162- أياز، الأمير [2] الكبير، فخر الدّين المعروف بالبانياسيّ [3] .
كان من أمراء الدّولتين العادلية والكاملية. وكان مشهورا بالقوّة في بدنه ولا سيّما في شبيبته. وكان فيه خير، وله صدقات.
توفّي في ربيع الأول ببلاد الجزيرة.
[حرف الباء]
163- بدر بن أبي الفرج [4] .
أبو القاسم، البغداديّ، المقرئ، التّاجر. سَمِعَ من ابْن كُلَيب، وجماعةٍ.
وتُوُفّي فِي ربيع الآخر.
روى عَنْهُ إجازة أبو نصر ابن الشيرازيّ.
__________
[1] انظر عن (آمنة بنت عبد العزيز) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 405 رقم 2627.
[2] انظر عن (أياز الأمير) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 408، 409 رقم 2638، ونهاية الأرب 29/ 215، والمقفى الكبير 2/ 321 رقم 852.
[3] تصحّفت هذه النسبة في (المقفى الكبير) إلى: «البانباشي» .
[4] انظر عن (بدر بن أبي الفرج) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 410 رقم 2643.(46/143)
164- بقيّ بْن مُحَمَّد بْن تقيّ.
أَبُو عَلِيّ الْجُذاميّ، المالقيُّ. من العلماء الأذكياء.
ورَّخه ابْن فَرْتون، وقيَّد جدِّه بتاء مثناة.
أخَذَ عن أَبِي عَلِيّ الرُّنْديّ.
[حرف الجيم]
165- جوديُّ بْن عَبْد الرَّحْمَن [1] بْن جوديّ بْن مُوسَى بْن وَهْبُ بْن عدنان.
أَبُو الكرمِ الأندلسيُّ من أهلِ مدينة وادي آش.
روى عن: أَبِي القاسم السّهيليّ، وأَبِي جعْفَر بْن الحكمِ، ويعقوب بْن طلحة، وأَبِي بَكْر بْن أَبِي جَمْرَة، وجماعة.
قَالَ الأبَّارُ: كَانَ راويا مُكثرًا، مُعتنيًا بالحديث. أدَّب بالقرآن، وعلّمَ بالعربية. أخذَ عَنْهُ أصحابُنا. دخلتُ وادي آش ولم أره. وتُوُفّي بعد خَدَرٍ أصابه واختلالٍ أعْطَبَهُ [2] سنة ثلاثٍ [3] وثلاثين أو نحوها.
[حرف الحاء]
166- الحسنُ بْن عَبْد الرَّحْمَن [4] .
أبو علي، الكتاني [5] المرسي، الرفاء، المقرئ.
قال الأبّار [6] : أخذ القراءات عَن أَبِي مُحَمَّد الشّمُّنْتي [7] . وسَمِعَ من أَبِي عَبْد اللَّه بْن حَميد، وغيره. وكان صاحبَ فضائل.
__________
[1] انظر عن (جودي بن عبد الرحمن) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 250.
[2] في التكملة: «أعقبه» وهو تحريف.
[3] في التكملة: «إحدى» .
[4] انظر عن (الحسن بن عبد الرحمن) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 266، والمقتضب من تحفة القادم 158، والوافي بالوفيات 2/ 66، 67 رقم 56، وبغية الوعاة 1/ 510.
[5] وقع في تكملة ابن الأبار: «الكناني» بالنون، وهو تصحيف بالطباعة.
[6] في التكملة: 1/ 266.
[7] منسوب إلى شمّونت، قرية من أعمال مدينة سالم.(46/144)
167- الْحَسَن بْن مُحَمَّد [1] بْن إِسْمَاعِيل.
الأديب، أَبُو عَلِيّ، القَيْلُويي، المؤرِّخُ.
حدَّث عن الأبله الشاعر، وعن عُمَر بْن طَبْرزَد. وعاشَ سبعين سنة.
وهو من قَيْلُوية: بفتح القاف، وضمّ اللام، وسكونِ الواو، ثم ياء مفتوحة، وتاء تأنيث، قريةٌ بأرض بابل. ولنا قَيْلُويَة النهروان، وقَيْلُوية بنهر الملك.
وكان هذا أديبا، تاجرا فِي الكتب، سفّارا بها، متودَّدًا، ظريفا، جيّد المذاكرة، مليح الشعرِ.
روى عَنْهُ: الشهابُ القوصيّ، والزكيُّ المنذريّ.
وكان يُلقَّب بالقاضي، وبعزّ الدّين.
توفّي فِي ثاني عشر ذي القَعْدَةِ بدمشق.
وله «تاريخ» كبير عَمِلَه عَلَى الشهور. وهو صَعْب الكشْف.
قال ابنه عَلِيّ: كَانَ فِي فنَ التّاريخ أوحدَ العصرِ، وفي فنِّ الأدب. وكتبَ الكثيرَ، من ذَلِكَ «الصِّحاح» فِي اللغةِ ستٍّ نسُخ. وقد سألتُه: كم مقدارُ ما كتبتَ؟
قَالَ: ألفي مجلّدة ما بين صغيرة وكبير. قَالَ: وكانَ مليحَ المحاضرةِ، دَيِّنًا، خيِّرًا، سُلَيْم الباطنِ. وُلِد بالنّيل من أعمال بغداد سنة أربع وستّين وخمسمائة.
[حرف الخاء]
168- الغرز خليل.
من أمراء دمشق، وإليه تُنسَبُ الدَّارُ التي هِيَ اليوم لبلبان التّتريّ وحمّام الغرز.
__________
[1] انظر عن (الحسن بن محمد) في: معجم البلدان 4/ 217، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 696، وإنباه الرواة 3/ 34، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 422 رقم 2675، وذيل الروضتين 164، وفيه:
«الحسن بن إسماعيل» ، وتاريخ إربل 1/ 341، 342 رقم 239، وتلخيص مجمع الآداب 1/ 97، 98، والعبر 5/ 133، والوافي بالوفيات 12/ 218، 219 رقم 197، والنجوم الزاهرة 6/ 293، وشذرات الذهب 5/ 159 ولم يذكره كحالة في معجم المؤلفين مع أنه من شرطه.(46/145)
تُوُفّي فِي شَعْبان.
[حرف الراء]
169- ربيعُ بْن عبد الرحمن [1] بن أحمد بن عبد الرحمن بْن ربيع.
القاضي، أَبُو سُلَيْمَان، الأشعريُّ، القُرْطُبيّ، قاضي قُرْطُبَة.
سَمِعَ من: أَبِي القاسم الشَّرَّاط، وأَبِي القاسم أَحْمَد بْن بَقِيّ. وأجاز لَهُ والده، وأَبُو القاسم بْن بَشْكُوال.
قَالَ الأبَّار: كَانَ صالحا، عَدْلًا فِي أحكامه، نبيهَ القدرِ والبيتِ. حدَّث بشيء يسير. ونَزَح عن قُرْطُبَة لما استولى الرُّوم- لَعَنَهم اللَّه- عليها فِي شوَّال فنزل إشبيلية، وتُوُفّي عَلَى إثرِ ذَلِكَ عن بضعٍ وستّين سنة.
قلتُ: وكان بارعا في اللّغة، عارفا بالحديث والأدب.
وهو أخو أَبِي عامر يحيى، وأَبِي جعْفَر أَحْمَد، رَحِمَهم اللَّه. مرّ أَحْمَد سنة ستٍّ وعشرين. وسيأتي أَبُو عامر.
170- ربيعةُ بنتُ عَلِيّ [2] بْن مُحَمَّد بْن محفوظ بْن صَصْرى، التغلبيةُ.
زَوْجَة أمين الدين سالم ابن الحافظ أبي المواهب بن صصريّ.
روت عن أبي الحسين أحمد ابن الموازينيّ.
كُتُب عَنْها ابْن الحاجب، وغيرهُ.
وروى عنها المجد ابن الحُلْوانية.
توفّيت فِي ذي القَعْدَةِ.
[حرف الزاي]
171- زُهرة بنتُ مُحَمَّد [3] بْن أَحْمَد بْن حاضر.
__________
[1] انظر عن (ربيع بن عبد الرحمن) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 323.
[2] انظر عن (ربيعة بنت علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 422 رقم 2674.
[3] انظر عن (زهرة بنت محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 414، 415 رقم 2653، والعبر 5/ 133، 134، وتذكرة الحفاظ 4/ 1422، ومرآة الجنان 4/ 85، وذيل التقييد 2/ 366 رقم(46/146)
أمُّ الحياء، الأنباريةُ، ثم البغدادية.
سَمِعَتْ من: أبي الفتح بن البطي، ويحيى بن ثابت، وأحمد بْن المبارك المرقّعاتي.
قَالَ ابنُ النجّار: كانت امرأة صالحة منقطعة فِي رباط. ولدت فِي رمضان سنة أربعٍ وخمسين.
وزُهرة: بالضمّ [1] .
كتبَ عَنْها ابْن النجّار، وابن الْجَوْهريّ. وروى عَنْهَا مُحَمَّد بْن مكّي بْن أَبِي القاسم، وعزُّ الدّين الفاروثيّ. وبالإجازة فاطمةُ بِنْت سُلَيْمَان، والقاضي سُلَيْمَان، وإسماعيل بْن عساكر.
وتوفّيت فِي حادي عشر جُمادى الأولى.
وأجازت أيضا لابن الشّيرازيّ، وسَعْد، وابن الشحنة، وغيرهم.
قَالَ ابن النجّار: سَمِعتْ «مسند» مُسَدَّد [2] فِي مجلّدة من يحيى بْن ثابت، عن أَبِيهِ، عن أَبِي العلاء الواسطيّ، وسمعت كتاب «التاريخ» و «الرَّجال» لأحمد بْن عَبْد اللَّه العِجلي من يحيى بْن ثابت، عن أَبِيهِ، عن الْحُسَيْن بْن جعْفَر السَّلماسيّ، عن الوليدِ بْن بَكْر.
172- زينبُ، فخرُ النساء [3] ، ابنةُ الوزير أَبِي الفَرَج مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن هبة اللَّه ابن المظفَّر ابْن الوزير رئيس الرؤساء أَبِي القاسم عَلِيّ بن المسلمة.
سمعت من تجنّي الوهبانية.
لأبي نصر ابن الشّيرازيّ منها إجازة.
روى عنها ابْن النجّار، وقال: ماتت في جمادى الآخرة.
__________
[ () ] 1814، وشذرات الذهب 5/ 159.
[1] قيّدها المنذري في التكملة 3/ 415.
[2] هو مسدّد بن مسرهد الأسدي البصري الحافظ المتوفى سنة 128 هـ.
[3] انظر عن (زينب فخر النساء) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 417 رقم 2660، والمختصر المحتاج إليه 3/ 261 رقم 1402.(46/147)
[حرف السين]
173- سُلَيْمَان بْن أَحْمَد [1] بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد.
أَبُو الرَّبيع، السَّعْديّ، الشارعيّ، الشافعيّ، المقرئُ، المعروف بابن المُغَربلِ.
قرأ القرآن عَلَى الفقيهِ رسلان بْن عَبْد اللَّه.
وقال ابْن مسدي: أخذ القرآن بالروايات عن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الكيزانيّ، فهذا آخرُ من روى عَنْهُ فِي الدّنيا. وسَمِعْتُ منه من شعره.
قلتُ: وسَمِعَ بمكّة من أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن حُميد بْن عمَّار، وبالشارع من قاسم بْن إِبْرَاهِيم المقدسيِّ. وذكر أَنَّهُ سَمِعَ من أَبِي العَبَّاس أَحْمَد بْن الحُطَيْئة، والسّلفيّ.
وولد بالشارع فِي سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة.
روى عَنْهُ الزكيُّ المنذريُّ، وجماعةٌ من المصريّين. ولم أُدرِكْ أحدا سَمِعَ منه. وروى عَنْهُ بالإجازة سعدٌ، والقاضيان ابْن الخويّي، وابن حمزة الحنبليّ، وغيرهم.
وهو آخرُ مَنْ حدَّث بمصر عن ابْن عمّار.
تُوُفّي فِي التاسع والعشرين من ذي الحجّة.
174- سُلَيْمَان بن دَاوُد [2] بْن عَلِيّ بْن درع.
أَبُو الربيع، الحربي، النسَّاج.
ولد في حدود الخمسين وخمسمائة.
وسَمِعَ من عَلِيّ بْن المبارك بْن نَغْوبا.
روى عَنْهُ بالإجازة: القاضي ابْن الخوييّ، وأَبُو نصر ابن الشيرازيّ وسعد، والمطعّم.
__________
[1] انظر عن (سليمان بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 427 رقم 2683، وغاية النهاية 1/ 311 رقم 1369.
[2] انظر عن (سليمان بن داود) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 423 رقم 2676.(46/148)
[حرف الصاد]
175- صالحُ ابْن الأمير المكرّم [1] أَبِي الطاهر إِسْمَاعِيل بن أحمد بن حسن ابن اللَّمْطيّ.
الأميرُ، أَبُو التُّقى.
سَمِعَ من: عَبْد الوهّاب بْن سُكَيْنَة، وعُمَر بْن طَبَرْزَد، ومُحَمَّد بْن هبة اللَّه الوكيل، ومنصور الفُراوي، والمؤيّد الطُّوسيّ، وأَبِي رَوْح عَبْد المعزَّ الهَرَويّ، وأَبِي المظفّر ابن السَّمْعانيّ، وأَبِي الفضل عَبْد الرَّحْمَن بْن المُعزَّم الهمذانيّ، وأبي القاسم عبد الصّمد ابن الحّرَسْتانيّ.
وعبر نهر جَيْحُونَ وطوَّفَ البلاد. ولم يحصّل من مسموعاته إلّا اليسير.
وحدّث.
دفن بتربته بالقرافَة، وقد قاربَ الستّين.
[حرف الطاء]
176- طاهرُ بْن الْحُسَيْن المَحَلِّيُّ، الخطيبُ، الزَّاهدُ، ويُعرفُ بالجابريّ، خطيبُ جامع القصر.
ذكره القُوصيّ فِي «معُجمه» وأنه مات فِي هذه السنة، وله ثمانون سنة.
[حرف العين]
177- عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر [2] عتيق بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم.
أَبُو مُحَمَّد، المالكيُّ، العدلُ، المعروفُ بابن الزَّيَّات.
وُلِد بمصر فِي حدود سنة ستٍّ وأربعين وخمسمائة.
وولي عقد الأنكحة بمصر، وحسبتها مدّة. وكان كثير التّحرّي.
__________
[1] انظر عن (صالح ابن الأمير المكرّم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 413، 414 رقم 2650، ونهاية الأرب 29/ 214، 215، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 35، 36، والوافي بالوفيات 16/ 250، 251 رقم 273، ونزهة الزمان لابن دقماق، ورقة 21.
[2] انظر عن (عبد الله بن أبي بكر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 410 رقم 2642.(46/149)
سَمِعَ من: أَبِي العَبَّاس أَحْمَد بن الحُطَيْئة، والشريف عَبْد اللَّه العثمانيّ.
وكان يتمنَّع من التحديث.
وتُوُفّي فِي رابع عشر ربيع الآخر.
سمَّاه المنذريّ فِي «معجمه» .
178- عَبْد الخالق بْن إِسْمَاعِيل [1] بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عتيق.
الفقيهُ، وجيهُ الدّين أَبُو مُحَمَّد، التّنّيسيّ المولد، الإسكندرانيّ الدّار.
تفقّه، وسَمِعَ، وحدَّث عن السِّلَفِيّ، والعثمانيِّ، والفقيِه إِسْمَاعِيل بْن عوف. ثم تقلبَ فِي الخدم الدّيوانيّة.
ولد سنة سبع وخمسين وخمسمائة.
قَالَ الزكيُّ المنذريُّ: كَانَ من أهل الأمانة، والتّحريِّ، والصَّلاح، والخير.
مضى عَلَى سدادٍ، وأمرٍ جميل. وتُوُفّي فِي ثالث عشر ربيع الأول.
قلتُ: روى عَنْهُ هُوَ، وشيخنا الشّرف يحيى ابن الصوّاف. وبالإجازة القاضي تقيُّ الدّين سُلَيْمَان، وأَبُو نصر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد المِزِّي، وسعدٌ، والمُطْعِمُ، وغيرهم.
179- عَبْد الخالق بْن أَبِي المعالي [2] بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد.
الإمامُ، بهاء الدّين، أَبُو المكارم، الأرّانيّ، الفقيهُ، الشافعيّ، الزاهدُ.
درّس بخلاط مدّة. ثم سَكَنَ دمشق. وكان صالحا، وَرِعًا، مُنقبضًا عن الناس، خبيرا بالمذهب.
تُوُفّي فِي نصف شوَّال، ودفن بقاسِيُون، وشَيَّعَهُ خلقٌ كثير.
وأرّان: إقليم صغيرٌ بين أذربيجان، وأرمينية. ومن مدنه بيلقان وجنزة.
__________
[1] انظر عن (عبد الخالق بن إسماعيل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 407 رقم 2634.
[2] انظر عن (عبد الخالق بن أبي المعالي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 420 رقم 2668، وذيل الروضتين 163، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 139.(46/150)
180- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد العزيز [1] بْن مكيّ بْن أَبِي العرب.
أَبُو القاسم، المغربيّ الأصلِ، البغداديّ، التاجرُ.
سَمِعَ: الأسعد بْن يَلْدرك، ومُحَمَّد بْن جعْفَر بْن عقيل، ونصر اللَّه القزّاز.
وكان تاجرا سفّارا.
روى عَنْهُ الزكيّ المنذريُّ، وقال: قَتَله الكفّارُ- خَذَلَهم اللَّه- بطريق سِنْجار، فجاء الخبرُ إلى بغدادَ فِي ربيع الْأَوَّل.
181- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر [2] بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي منصور النَّسَّاج.
أَبُو مُحَمَّد.
شيخ مُعَمَّر، دِمشقيُّ، صالحٌ، خيِّر. كَانَ يسكن بدرب الوزير.
سَمِعَ من: أَبِي تميم سلمان بْن عليّ الخبّاز، والحافظ ابن عساكر.
روى عنه: الزكيّ البرزاليّ عن ابن عساكر، والعزّ ابن الحاجب، والجمال محمد ابن الصابونيّ، وجماعة.
وأخبرنا عنه الشمس محمد ابن الواسطيّ.
وكمَّل تسعين سنة، وتُوُفّي فِي سابع صفر.
182- عَبْد الكريم بْن خَلَف [3] بْن نَبْهان بْن سلطان بْن أَحْمَد الأَنْصَارِيّ.
السِّماكيُّ.
خطيبُ زَمَلكا، وُلِدَ بها فِي المحرَّم سنة إحدى وستّين وخمسمائة.
وهو من ذرية أبي دجاجة سماك بْن خرشة- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-.
حدَّث عن: الحافظ أَبِي القاسم الدّمشقيّ، وأَبِي بَكْر بن عبد الله بن محمد النّوقانيّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد العزيز) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 409 رقم 2639.
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن عمر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 404 رقم 2625.
[3] انظر عن (عبد الكريم بن خلف) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 427 رقم 2682، وشذرات الذهب 5/ 159، وذيل الروضتين 187، 188 في وفيات 651 هـ، وسيعاد برقم 351.(46/151)
رويَ عَنْهُ الزكيُّ البِرْزاليُّ، وغيره. وبالإجازة القاضي تقيّ الدّين سليمان، ومحمد بن محمد ابن الشيرازيّ.
وكان خيّرا صالحا، ابتُلي بالمرض مدّة.
تُوُفّي فِي الثاني والعشرين من ذي الحجّة.
183- عَبْد المحسن بْن أَبِي عَبْدِ اللَّهِ [1] بْنِ عَلِيِّ بْنِ عيسى.
أَبُو مُحَمَّد، العُشَيْشيُّ [2] الشاميُّ، ثم الْمَصْريّ، الفاميُّ، السطحيُّ [3] .
قيِّمُ سطح الجامع العتيق، وصاحب الواعظ أَبِي الْحَسَن بْن نجا، صَحِبَهُ مدّة، وسَمِعَ منه، ومن أَبِي طاهرٍ السّلفيّ.
ولد سنة تسع وخمسين وخمسمائة.
روى عَنْهُ زكيّ الدّين المنذريُّ، وابن الْجَوْهريّ، وأهلُ القاهرة. وبالإجازة تقيّ الدّين سُلَيْمَان.
وما أظنُّه روى غير «جزء» الذُّهليّ.
وكان رجلا صالحا، ديِّنًا. تُوُفِّي فِي الثالث والعشرين من ربيع الْأَوَّل.
وأجاز أيضا لعيسى الشّجريّ، وسعد السَّكاكريّ.
184- عَبْد المنعم بْن صالح [4] بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد.
أَبُو مُحَمَّد، الْمَصْريّ، المِسْكيُّ، النَّحْويّ.
المعروف بالإسكندرانيّ لسكناهُ بها يُعَلَّم العربية مدّة.
ولد في شعبان سنة سبع وأربعين وخمسمائة.
__________
[1] انظر عن (عبد المحسن بن أبي عبد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 407، 408 رقم 2636، والمشتبه 1/ 137، وتوضيح المشتبه 2/ 206.
[2] العشيشي: بضم العين المهملة وشينين معجمتين بينهما ياء آخر الحروف ساكنة.
[3] السّطحيّ: بفتح السين وسكون الطاء المهملتين. قال المنذري: نسبة يعرف بها من يتولّى خدمة سطح الجامع العتيق بمصر.
[4] انظر عن (عبد المنعم بن صالح) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 411، 412 رقم 2646، والوافي بالوفيات 19/ 219 رقم 202، وبغية الوعاة 2/ 115، 116 رقم 1581.(46/152)
وأخذ النَّحْو عن العلّامة أَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن بَرِّي، وانقطع إِلَيْهِ مدّة حتّى أحكم الفنّ.
وسَمِعَ من حمّاد الحرّانيّ، وروى شيئا من شعره.
وكان مليحَ الخطِّ.
كتبَ عَنْهُ الزكيُّ المنذريُّ وقال [1] : تُوُفّي فِي الثالث والعشرين من ربيعٍ الآخر.
وروى عَنْهُ ابْن مسدي الحافظ فِي «معجمه» فقال: ومِسْكَةُ: من أعمال الإسكندريَّة. وكان علَّامة ديارِ مصر أدَبًا، ونحوا، وشيخ مجونها لَعِبًا ولَهْوًا. لَهُ النوادرُ الغريبة والأُبدُ [2] العجيبةُ. أكثر عن ابْن برِّي. وكان يذكرُ أنه سَمِعَ من السِّلَفِيّ، ومن العثمانيّ. روى لنا «ديوان» مُحَمَّد بْن هانئ الأندلُسيِّ بإسنادٍ غريب. قَالَ لي: إنه وُلِد فِي سنة تسعٍ وأربعين.
185- عَبْد المولى بْن القاسم [3] بْن عَبْد الجبّار.
أَبُو مُحَمَّد، القطيعيُّ.
سمع من: أبي الحسين عبد الحق، ومحمد بن جعْفَر بْن عَقيل.
وماتَ فِي جُمَادَى الأولى.
186- عَلِيّ بْن أَحْمَد [4] بْن محمود، الشَّيْخ عمادُ الدّين.
ابنُ الغَزْنَويّ [5] ، الحنفيّ، الفقيه، نزيل مصر، ومدرّس مدرسة السّيوفيين.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى.
187- عَلِيّ بْن سُلَيْمَان [6] بْن إيداش بْن السّلّار، أمير الحاجّ.
__________
[1] في تكملته 3/ 411.
[2] الأبد: بضم الهمزة. الدواهي.
[3] انظر عن (عبد المولى بن القاسم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 415، 416 رقم 2656.
[4] انظر عن (علي بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 415 رقم 2654، والجواهر المضية 1/ 352، 353، وحسن المحاضرة 1/ 219، 220، والطبقات السنية 2/ ورقة 647.
[5] تصحّفت هذه النسبة في (الجواهر المضية) إلى: «العزيري» .
[6] انظر عن (علي بن سليمان) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 702، 703 (في وفيات سنة 634 هـ) ،(46/153)
شجاعُ الدّين، أَبُو الْحَسَن.
رجلٌ صالحُ، كثير العبادةِ والأوراد. حجَّ بالناسِ من الشام نيّفا وعشرين حجّة. وكانَ الملكُ المعظمُ يحترمُه، ثم كَانَ فِي خدمة ابنه الملك الناصر بالكَرَك، فبلغه عَنْهُ شيء، فكلَّمه كلاما خَشِنًا، فتركه وقدم دمشق.
قَالَ ابْن الْجَوْزيّ [1] : حكى لي ذَلِكَ، فقلت: هُوَ ولدك، فقال: والله ما قلتُ عَنْهُ إلا أَنَّهُ يقرأ المنطق، فقلتُ: الفقهُ أولى بِهِ كما كَانَ والده.
تُوُفّي في جمادى الآخرة.
188- علي بن عبد الصمد [2] بْن مُحَمَّد بْن مفرّج.
الشَّيْخ عفيفُ الدّين، ابن الرَّمَّاح، الْمَصْرِيّ، الْمُقْرِئ، النَّحْويّ، الشافعيّ، المعدَّل.
وُلِد سنة سبع وخمسين بالقاهرة.
وسمع من السّلفيّ.
وقرأ القراءات عَلَى أَبِي الجيوش عساكرِ بْن عَلَى، والإمام أَبِي الجود. وأخذ العربية عن أَبِي الْحُسَيْن يحيى بْن عَبْد اللَّه.
وتصدَّر للإقراء، والعربية بالمدرسة السَّيفية، والمدرسة الفاضلية مدّة.
وحَمَلَ عَنْهُ جماعةٌ. وشَهِدَ عند قاضي القضاة عبد الرحمن ابن السُّكّريّ فمن بعده. وكان من محاسن الشيوخ.
__________
[ () ] والتكملة لوفيات النقلة 3/ 452 رقم 2746 (في وفيات سنة 734 هـ) ، وسيعاد في وفيات سنة 734 هـ. وهو الصحيح.
[1] في مرآة الزمان.
[2] انظر عن (علي بن عبد الصمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 415، ومعجم شيوخ الأبرقوهي، ورقة 102، 103، والإعلام بوفيات الأعلام 262، والإشارة إلى وفيات الأعيان 334، وتذكرة الحفاظ 4/ 1423، والعبر 5/ 134، ومعرفة القراء الكبار 2/ 122، 123 رقم 287، وذيل المشتبه للسلامي 23، والوافي بالوفيات 21/ 237 رقم 165، وغاية النهاية 1/ 549 رقم 2245، والنجوم الزاهرة 6/ 296، وحسن المحاضرة 1/ 499 رقم 69، وبغية الوعاة 2/ 175، رقم 1730، وشذرات الذهب 5/ 159.(46/154)
روى عنه الزكي المنذري وقال [1] : كان حسن السَّمت، مؤثرا للانفراد، مُقْبلًا عَلَى خُوَيَّصتِه، منتصبا للإفادة، راغبا فِي الإقراء. اتَّصل بخدمة السُّلطان مدّة ولم يتغيرَّ عن طريقته وعادته.
قلتُ: قرأتُ القرآن كُله عَلَى النظام مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم التِّبريزيّ، وأخبرني: أَنَّهُ قرأ عَلَى ابْن الرَّمَّاح. ولم يحدّثني أحدٌ عَنْهُ.
وآخرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بالإجازة القاضي تقيُّ الدّين سُلَيْمَان.
تُوُفّي فِي الثاني والعشرين من جُمَادَى الأولى.
بل إجازته باقية لابن الشيرازيّ وسَعْد [2] .
189- عَلِيّ بْن مُحَمَّد [3] بْن عَبْد الودود الأندلُسيُّ.
خطيبُ مُرْبَيْطَر.
أخذ القراءات عَنْ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن واجب. وسَمِعَ من جماعةٍ.
وأجازَ لَهُ أَبُو الطّاهر إسْمَاعِيل بْن عَوْف من الإسكندرية.
وكان رجلا صالحا.
رَوَى عَنْهُ أَبُو عَبْد اللَّه الأبَّارُ وقال: تُوُفّي فِي ذي الحجّة.
190- عَلِيّ بْن أَبِي بَكْر [4] بْن رُوزْبة بْن عَبْد اللَّه.
أبو الْحَسَن، البغداديُّ، القَلَانِسي، الصُّوفيّ، العَطَّارُ.
سَمِعَ «صحيحَ» الْبُخَارِيّ من أَبِي الوَقْت، وسَمِعَ منه «جزء» ابن العالي.
__________
[1] في التكملة 3/ 415.
[2] هكذا استدرك المؤلّف- رحمه الله- هذه العبارة في آخر الترجمة.
[3] انظر عن (علي بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار، رقم 1904، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 5 ق 1/ 313 رقم 619.
[4] انظر عن (علي بن أبي بكر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 409، 410 رقم 2641، والتقييد 419 رقم 561، والإعلام بوفيات الأعلام 262، والإشارة إلى وفيات الأعيان 335، والمعين في طبقات المحدّثين 196 رقم 1082، والعبر 5/ 134، ودول الإسلام 2/ 137، وسير أعلام النبلاء 22/ 387، 388 رقم 247، ونكت الهميان 203، والوافي بالوفيات 12/ ورقة 14، وذيل التقييد 2/ 230 رقم 1501، والنجوم الزاهرة 6/ 296، وشذرات الذهب 5/ 160، وديوان الإسلام 2/ 353 رقم 1020.(46/155)
وحدّث ببغداد، وحرّان، وحلب، ورأس عين ب «الصحيح» مرَّات، وازدَحموا عَلَيْهِ، ووَصَلُه بجملةٍ جيدةٍ من الذهب.
وكان عازما عَلَى المجيءِ من حلبَ إلى دمشقَ، فخَوَّفُوه من حصارِ دمشق فرَدَّ إلى بغداد فطالَبُوه بما كانوا أعْطَوْه ليذهبَ إلى دمشق، فأعطى البعضَ وماطَلَ بما بَقِيَ، ثم أضَرَّ فِي أواخر عُمرِه. وكانَ لَا يُحقَّقُ مولدُه ولكنَّه بلغَ التّسعين.
رَوَى عَنْهُ: عزُّ الدّين عبد الرزّاق الرّسعنيّ، والشريف أبو المظفّر ابن النابلسيّ، والجمال يحيى ابن الصَّيْرفيّ، وابنهُ الفخرُ مُحَمَّد، والقاضي شمسُ الدّين محمد ابن العماد الحنبليّ، والزينُ نصر اللَّه بْن عَبْد المنعم بْن حواري الحنفيّ، والمجدُ عَبْد الرَّحْمَن العَدِيميّ، والعزُّ أَحْمَد بْن الفاروثيّ، والجمالُ أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد الشَّريشيّ، والأمينُ أَحْمَد ابن الأشْتَري، والسيف عَبْد الرَّحْمَن بْن محفوظ، والشمسُ عَبْدُ الواسع الأبْهِريّ، والشمسُ حمدُ بْن عَبْد اللَّه الخابوريُّ، والضياءُ مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر الجعفريّ، والتاج عَلِيّ بْن أَحْمَد الغَرَّافيّ، والرشيدُ مُحَمَّد بْن أبي القاسم، وأبو الغنائم بن محاسن الكفرابيّ، والجمالُ عُمَر بْن إِبْرَاهِيم العقيميُّ، ويعقوبُ بْن فضائل، وأحمد ابن السيف سُلَيْمَان المقدسيّ، وأَبُو الحسن عَلِيّ بْن عَبْد الغنيّ بْن تيمية، ومُحَمَّد بْن مؤمن الصُّوريّ، والتاجُ مُحَمَّد بْن عَبْد السلام بْن أَبِي عصرون، وابنُ عَمِّه الشرفُ مُحَمَّد بْن يوسف بْن عَبْد الرَّحْمَن، وسُنْقُر القضائي الزَّينيُّ، وخلقٌ سواهم.
وكان شيخا حسنا، مليحَ الشيبَة والهيئَة، حلوَ الكلامِ، قَوِيَّ النَّفسِ عَلَى كِبَرِ السِّنّ. من ساكني رباط الخِلاطيَّة.
سَمِعَ «الصحيح» بقراءةِ يوُسف بْن مُقَلَّد الدّمشقيّ، وكانَ معه بِهِ ثَبْتٌ صحيحٌ عَلَيْهِ خطُّ أَبِي الوقت.
قَالَ الحافظُ عبدُ العظيم [1] : تُوُفّي فُجَاءةً فِي ليلَة الخامس من ربيع الآخر، وقد جاوز التّسعين.
__________
[1] في تكملة 3/ 409.(46/156)
وأجازَ لابن الشّيرازيّ، وابن عساكر، وسَعْدٍ، والمُطَعِّم، وأحمد ابن الشحنة، وغيرهم.
191- عمرُ بْن حسن [1] بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد الْجُمَيِّل بْن فَرْحِ [2] بْن خَلَف بن قومس بن مزلال بن ملال بن أحمد بن بدر بن دحية بن خليفة كذا نسب نفسه.
العلّامة، أبو الخطاب، ابن دِحْيَةَ. الكَلْبيُّ، الدّانيّ الأصلٍ، السَبْتي.
كَانَ يكتبُ لنفسِه: ذو النسبين بين دحِيةَ والحُسين.
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه الأبَّار [3] : كَانَ يذكُرُ أَنَّهُ من ولد دحية الكلبيّ، وأنّه سبط
__________
[1] انظر عن (عمر بن حسن) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 194، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار (باريس) ورقة 97، 98، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 298، وذيل الروضتين 163، وصلة الصلة لابن الزبير 73، وتاريخ إربل 1/ 162، 242، 258، 393، وعقود الجمان لابن الشعار 5/ ورقة 291، وتكملة الصلة لابن الأبار رقم 1832، ومفرّج الكروب 5/ 52، ووفيات الأعيان 3/ 448- 450، وتلخيص مجمع الآداب 5/ 49 رقم 406، ونهاية الأرب 29/ 213، 214، وذيل مرآة الزمان 2/ 422، 425، والإشارة إلى وفيات الأعيان 335، والإعلام بوفيات الأعلام 262، والمعين في طبقات المحدّثين 196، رقم 2083، وتذكرة الحفاظ 4/ 1420، ودول الإسلام 2/ 137، والعبر 5/ 134، 135، وسير أعلام النبلاء 22/ 389- 395 رقم 248، وميزان الاعتدال 3/ 186، والمغني في الضعفاء 2/ 463، والمختصر المحتاج إليه 3/ 99، 100 رقم 938، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 205- 209 رقم 160، ونثر الجمان للفيومي 2/ ورقة 75، ومرآة الجنان 2/ 84، 85، والوافي بالوفيات 22/ 451- 455 رقم 327، والبداية والنهاية 13/ 144، 145، ونزهة الأنام لابن دقماق، ورقة 20، 21، وعنوان الدراية 269، وذيل التقييد للفاسي 2/ 236 رقم 1517، وتوضيح المشتبه 7/ 65، والفلاكة والمفلوكين 88، ولسان الميزان 4/ 292، والنجوم الزاهرة 6/ 295، 296، والألقاب للسخاوي، ورقة 54، وبغية الوعاة 2/ 218، وطبقات الحفاظ 501، وحسن المحاضرة 1/ 166، والبدر السافر، ورقة 40 أ، وشذرات الذهب 5/ 160، 161، ونفح الطيب 1/ 368، وفهرس دار الكتب المصرية 3/ 179، وكشف الظنون 486، 502، 1070، 1161، 1653، 1675، 1718، 1923، وإيضاح المكنون 1/ 103، 104 و 2/ 465، 691، وهدية العارفين 1/ 786، ومعجم المؤلفين 7/ 280، 281، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 134 رقم 1102 وفيه: «عمر بن حسان» ، والأعلام 5/ 201.
[2] في الأصل: «فرج» بالجيم، وهو سبق قلم من المؤلف- رحمه الله- والمثبت هو الصحيح بالحاء المهملة، حيث قيّده في (المشتبه 2/ 502) وتابعه ابن ناصر الدين في (التوضيح 7/ 65) .
[3] في تكملة الصلة، رقم 1832.(46/157)
أَبِي البسام الحُسَينيِّ الفاطميِّ. وكان يُكَنَّي أَبَا الفضلِ، ثم كَنَّى نفسَه أَبَا الْخَطَّاب.
قَالَ: وسمع بالأندلس أبا عبد الله ابن المُجاهد، وأبا القاسم بْن بَشْكُوال، وأبا بَكْر بن الجد، وأبا عَبْد اللَّه بن زرقون، وأبا بَكْر بْن خَيْر، وأبا القاسم بْن حُبَيْش، وأبا مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه، وأبا العباس بن مضاء، وأبا محمد بن بونه، وجماعة.
قال: وحدّث بتونس ب «صحيح» مُسلْمِ عن طائفةٍ من هؤلاء. ورَوَى عن آخرين، منهم: أَبُو عَبْدِ اللَّه بْن بَشْكُوال، وأَبُو عَبْد اللَّه بْن المُناصف، وأَبُو القاسم بْن دَحْمان، وصالحُ بْن عبدِ الملك، وأَبُو إِسْحَاق بْن قَرْقُول، وأَبُو العباس بْن سِيد، وأَبُو عَبْد اللَّه بْن عَميرة، وأَبُو خالد بن رِفاعة، وأَبُو القاسم بْن رُشد الوَرَّاق، وأَبُو عَبْد اللَّه القُباعيّ، وأَبُو بَكْر بْن مغاور.
وكان بصيرا بالحديثِ مُعتنيًا بتقييدِه، مُكِبًّا عَلَى سماعه، حَسَنَ الخطِّ معروفا بالضبطِ، لَهُ حظُّ وافرٌ من اللغّةِ، ومشاركةٌ فِي العربية وغيرها.
وَلِيَ قضاءَ دانية مرّتين، ثم صُرِفَ عن ذِلك لسيرة نُعِتَت عَلَيْهِ، فَرَحَل منها، ولَقيَ بتلْمسان قاضيَها أَبَا الْحَسَن بْن أَبِي حَيّون فَحَمَل عَنْهُ.
وحدَّث بتونس أيضا سنة خمسٍ وتسعين. ثم حَجَّ، وكتبَ بالمشرق عن جماعة بأصبهان ونَيْسابور من أصحاب أَبِي عَلِيّ الحَدَّادِ، وأَبِي عَبْد اللَّه الفُراويّ وغيرهما. وعادَ إلى مصرَ، فاستأدَبَهُ الملكُ العادلُ لابِنه الكاملِ- وَليِّ عهدِه- وأسكنَهُ القاهرةَ، فنالَ بذلك دنيا عريضة. وكان يُسَمِّعُ ويُدَرِّسُ، وله تواليف منها:
كتابُ «إعلام النّصَّ المبين فِي المفاضلة بين أهل صِفّين» . وقد كتب إليّ بالإجازة سنة ثلاث عشرةَ.
قلت: رَحَلَ وهو كهلٌ فحَجَّ، وسَمِعَ بمصر من أَبِي القاسم البُوصيريّ، وغيره، وببغداد من جماعةٍ. وبواسط من أَبِي الفتح المَنْدائيّ، سَمِعَ منه «مسند» أَحْمَد. وسَمِعَ بأصبهان «معجمَ» الطَّبَرانيّ الكبير من أَبِي جعْفَر الصَّيْدلانيّ. وسَمِعَ بَنْيسابور «صحيح» مُسلْمِ بعُلُوّ بعد أن حدَّث بِهِ بالمغرب بالإسناد الأندلسيّ النازل، ثم صارَ إلى دمشقَ وحدَّث بها.(46/158)
رَوَى عَنْهُ الدُّبيثيُّ وقال [1] : كَانَ لَهُ معرفةٌ حسنةٌ بالنّحْوِ واللّغةِ، وأنسَةٌ بالحديثِ، فقيها عَلَى مذهب مالك، وكان يَقُولُ: إنّه حَفِظَ «صحيحَ» مُسلْمِ جميعَه، وأنّه قرأه عَلَى بعض شيوخ المغرب من حفظه، ويدَّعي أشياءَ كثيرة.
قلتُ: كَانَ صاحبَ فنونٍ، وله يَدٌ طُولي فِي اللُّغة، ومعرفةٌ جيِّدة بالحديثِ عَلَى ضعْفِ فِيهِ.
قرأتُ بخَطِّ الضياء الحافظ: وفي ليلة الثلاثاء رابع عشر ربيع الأول تُوُفّي أَبُو الْخَطَّاب عُمَر بْن دِحْية. وكان يتسمّى بذي النسبين بين دحية والحُسين. لَقِيتُه بأصبهان، ولم أسمع منه شيئا، ولم يُعجبْني حالُه. وكان كثير الوقيعة في الأئمة.
وأخرني إِبْرَاهِيم السَّنْهُوريَّ بأصبهان: أَنَّهُ دخلَ المغربَ، وأنَّ مشايخَ المغربِ كَتَبُوا لَهُ جَرْحَه وتضعيفَه. وقد رأيتُ منه أنا غيرَ شيء ممَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.
قلتُ: بسببِه بنى السلطان الملكُ الكامل دارَ الحديث بالقاهرة، وجعلَه شيخها.
وقد سمع منه الإمام أبو عمرو ابن الصلاح «الموطّأ» سنة نيّف وستمائة، وأخبر به عن جماعة منهم: أَبُو عبد اللَّه بْن زَرْقون بإجازته من أَحْمَد بْن مُحَمَّد الخَوْلانيّ، وهو إسنادٌ مليحٌ عالٍ. ولكنْ قد أسندَه الضياءُ أعلى من هذا والعُهدة عَلَيْهِ. فقرأتُ بخطِّ الحافظِ عَلَم الدّين [2] أَنَّهُ قرأ بخطِّ ابْن الصلاح- رحمه اللَّه- قالَ: سمعتُ «الموطأ» عَلَى الحافظ ابن دحية، وحدّثنا به بأسانيد كثيرة جدّا، وأقربُها ما حدّثه بِهِ الشيخانِ الفقيهانِ: أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن حُنين الكِنانيّ، والمحدّث أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خليل القَيْسيّ قالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن فَرَج الطَّلَّاع، وأَبُو بكرٍ خازمُ بْن مُحَمَّد بْن خازم، قالا: حَدَّثَنَا يونُسُ بْن عَبْد اللَّه بْن مغيث بسنده.
قَالَ الذهبيُّ: أمّا القيسي فحدثَ بفاس ومَرَّاكِش، واستوطَنَ بلادَ العدوة
__________
[1] في ذيل تاريخ مدينة السلام الورقة 194 (باريس 5922) .
[2] هو صديقه ورفيقه علم الدين القاسم البرزالي المتوفى سنة 739 هـ.(46/159)
فكيفَ لَقَيه أبنُ دِحْيَة؟ فَلَعلَّه أجازَ لَهُ. وكذلك ابن حُنَيْن فإنهَّ خَرَجَ عن الأندلسِ ولم يرجعْ بل نَزلَ مدينة فاسٍ وماتَ سنةَ تسعٍ وستينَ. فبالجهد أن يكونَ لابن دِحْية منه إجازة. وقوِلهُ: حدَّثني، فهذا مذهبٌ رديءٌ يستعملُه بعضُ المغاربة فِي الإجازة، فهو تدليسٌ قَبِيحٌ.
وقرأت بخطِّ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الملك القُرْطُبيّ وقد كَتَبه سنة ثمان وثمانين وخمسمائة وتحتَه تصحيحُ ابن دِحْية: حدَّثني القاضي أَبُو الخطّاب ابن دحية الكلبيُّ بكتابِ «الموطّأ» عن أَبِي الْحَسَن عليّ بن الحسين اللّواتيّ، وابن زرقون قالا: حَدَّثَنَا الثقةُ أَحْمَد بْن مُحَمَّد الخولانيّ، حدّثنا أبو عمرو القيشطاليّ سماعا، حَدَّثَنَا يحيى بْن عُبَيْد اللَّه، عن عمِّ أبيِه عُبَيْد اللَّه، عن أَبِيهِ يحيى بْن يحيى، عن مالكٍ.
قَالَ ابن واصل [1] : وكَانَ أَبُو الْخَطَّاب مَعَ فَرْطِ معرفتهِ الحديثِ وحفظِه الكثير لَهُ، مُتّهمًا بالمُجازفَة فِي النقل، وبلَغَ ذَلِكَ الملكَ الكاملَ، فأمره يُعَلِّق شيئا عَلَى «الشهاب» [2] ، فعلَّقَ كتابا تكلّم فِيهِ عَلَى أحاديثه وأسانيده. فَلَمَّا وقفَ الكاملُ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ لَهُ بعد أيام: قد ضاعَ منّي ذَلِكَ الكتاب فعَلِّقْ لي مثلَه، ففعلَ، فجاء فِي الثاني مُنَاقَضةٌ للأول. فعَلِم السلطانُ صحّة ما قِيلَ عَنْهُ. فنزلَتْ مرتبُته عندَه وعَزَلَه من دارِ الحديثِ آخرا ووَلَّى أخاه أَبَا عَمرو- الّذِي نذكُره فِي العام الآتي.
قَالَ ابنُ نُقْطَة [3] : كَانَ موصوفا بالمعرفةِ والفضلِ، ولم أرَه. إلّا أنَّه كَانَ يدّعي أشياءَ لَا حقيقة لها. ذكر لي أَبُو القاسم بْن عَبْد السلام- ثقةٌ- قَالَ: نَزَلَ عندنا ابنُ دحية، فكان يقول: أحفظ «صحيح» مسلم، و «التّرمذيّ» قَالَ: فأخذتُ خمسةَ أحاديث من «التِّرْمِذيّ» ، وخمسة من «المُسنِد» وخمسة من الموضوعاتِ فجعلُتها فِي جُزْءٍ، ثم عَرَضْتُ عَلَيْهِ حديثا من «التِّرْمِذيّ» فقال: ليسَ بصحيحٍ، وآخر فقال: لَا أعرِفُه. ولم يعرف منها شيئا.
__________
[1] في مفرّج الكروب 5/ 52.
[2] يعني على كتاب «الشهاب» .
[3] قوله ليس في المطبوع من: التقييد.(46/160)
قلتُ: ما أحسنَ الصدقَ، ولقد أفسدَ هذا المرءُ نفسَه.
وقال ابنُ خلّكان [1] : عندَ وصولِ ابن دحية إلى إرْبلّ صَنَّفَ لسلطانِها المظفرِ كتابَ «المولد» وفي آخرِه قصيدةٌ طويلة مَدَحَه بها، أولها:
لَوْلا الوُشَاةُ وَهُمُ ... أعْدَاؤُنَا مَا وَهِمُوا
ثم ظهرَتْ هذهِ القصيدةُ بعينها للأسعد بْن مَمّاتي فِي «ديوانه» .
قلت: وكذلك نسبه شيءٌ لَا حقيقة.
قرأتُ بخطِّ ابن مسدي: كَانَ أَبُوهُ تاجرا يُعْرَفُ بالكَلْبي- بين الباء والفاء- وهو اسم موضعٍ بدانيةَ. وكان أَبُو الْخَطَّاب أوَّلًا يكتب «الكَلْبيّ معا» إشارة إلى البَلَدِ والنَّسَبِ، وإنّما كَانَ يُعْرَفُ بابنِ الْجُمَيِّل تصغير جَمَل. وكان أَبُو الخطَّابِ عَلَّامةَ زمانِه، وقد وَلِيَ أولا قضاءَ دَانية.
وقال التقيُّ عُبَيْد الإسْعَرْدي: أَبُو الْخَطَّاب ذو النِّسَبَين، صاحبُ الفنونِ والرحلةِ الواسعةِ. له المصنّفات الفائقة والمعاني الرائفة. وكان مُعظَّمًا عندَ الخاصِّ والعام. سُئِلَ عن مولده فقال: سنة ستّ وأربعين وخمسمائة.
وحُكّي عَنْهُ فِي مولده غيرُ ذَلِكَ. حدَّث عنه جماعة [2] .
__________
[1] في وفيات الأعيان: 3/ 499.
[2] وقال ابن النجار: وذكر أنه سمع كتاب «الصلة» من أبي القاسم ابن بشكوال، وأنه سمع بالأندلس من جماعة، غير أني رأيت الناس مجمعين على كذبه وضعفه وادّعائه لقاء من لم يلقه، وسماع ما لم يسمعه، وكانت أمارات ذلك لائحة على كلامه، وكان القلب يأبى سماع كلامه، ويشهد ببطلان قوله، دخل ديار مصر، وسكن بالقاهرة، وصادف قبولا من السلطان الملك الكامل، وسمعت من يذكر أنه كان سوى له الملابس حين يقوم، وكان صديقنا إبراهيم السنهوري المحدّث صاحب الرحلة إلى البلاد قد دخل بلاد الأندلس وذكر لمشايخها وعلمائها أن ابن دحية يدّعي أنه قرأ على جماعة من الشيوخ القدماء، فأنكروا ذلك وأبطلوه، وقالوا: لم يلق هؤلاء ولا أدركهم، وإنما اشتغل بالطلب أخيرا وليس نسبه بصحيح، ودحية لم يعقب، فكتب السنهوري محضرا، وأخذ خطوطهم فيه بذلك، وقدم به ديار مصر، فعلم ابن دحية بذلك، فاشتكى إلى السلطان منه وقال:
هذا يأخذ عرضي ويؤذيني، فأمر السلطان بالقبض عليه، وضرب، وأشهر على حمار، وأخرج من ديار مصر، وأخذ ابن دحية المحضر وخرّقه، وبنى له السلطان الملك الكامل دارا للحديث. وكان حافظا ماهرا عالما بقيود الحديث، فصيح العبارة، تامّ المعرفة بالنحو واللغة، وكان ظاهريّ(46/161)
192- عُمَر بْن يحيى [1] بْن شافع بْن جُمعة.
أَبُو عَبْد الغنيّ، النابُلُسي، المُؤَذِّنُ.
شيخٌ مُعَمَّر.
سَمِعَ من الْحَسَن بْن مكِّي المَرَنْديِّ سنةَ تسع وخمسين وخمسمائة بدمشقَ جزءا من «حديث» الْجُلَّابيّ.
رَوَى عَنْهُ: التّقيّ ابن الواسطيّ، وأخوه مُحَمَّد، وأَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أبي الفتح، والعزّ أحمد ابن العماد، والشمسُ مُحَمَّد بْن الكمال، وغيرهم.
وقد سَمِعَ منه الحافظُ الضياء. وخطيبُ كَفْربَطنا الجمالُ مُحَمَّد الدِّينَوَرِيّ.
تُوُفّي بنابُلُسَ فِي هذه السنة.
193- عوض محمد بْن محمود [2] بْن صافِ بْن عَلِيّ بْن إِسْمَاعِيل.
أَبُو الوفاء، الحِمْيريّ، البُوشِيّ، المالكيّ.
سَمِعَ من أبي المفاخر سعيد المأمونيّ.
__________
[ () ] المذهب، كثير الوقيعة في السلف، خبيث اللسان، أحمق، شديد الكبر، قليل النظر في الأمور الدينية، متهاونا في دينه.
قال الحافظ أبو الحسن ابن علي بن المفضّل المقدسي: كنا يوما بحضرة السلطان في مجلس عام وهناك ابن دحية، فسألني السلطان عن حديث فذكرته له، فقال لي: من رواه؟ فلم يحضرني إسناده وانفصلنا، فاجتمع بي ابن دحية وقال لي: يا فقيه، لما سألك السلطان عن إسناد ذاك الحديث، لم لم تذكر له أيّ إسناد شئت؟ فإنه ومن حضر مجلسه لا يعلمون هل هو صحيح أم لا! وكنت قد ربحت قولك: «لا أعلم» ، وعظمت في عينه، قال: فعلمت أنه جريء على الكذب.
أنشدني أبو المحاسن محمد بن نصر عرف بابن عنين لنفسه بدمشق يهجو ابن دحية:
دحية لم يعقب فلم تعتزى ... إليه بالبهتان والإفك
ما صحّ عند الناس شيء سوى ... أنك من كلب بلا شك
(المستفاد 208، 209) .
[1] انظر عن (عمر بن يحيى) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 428 رقم 2684.
[2] انظر عن (عوض بن محمود) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 412، 413 رقم 2649، وتوضيح المشتبه 1/ 650.(46/162)
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المنذريُّ، وغيرُه، قَالَ المنذريُّ [1] : جاوَرَ بمعبدِ ذي النونِ، وصَحِبَ جماعة من المشايخ. وكانَ أحدَ مشايخ الفُقراءِ المشهورين والصُّلحاءِ المذكورينَ، مُقبلًا عَلَى خُوَيَّصتهِ وعبادتهِ، وله القَبولٌ التامُّ من العامة والخاصةِ. وأمَّ بالمسجدِ الّذِي بجزيرة مصرَ مدّة. وبُوش: بلدةٌ مشهورةٌ بالصّعيدِ الأدنى. وذكر لي ما يَدُلُّ عَلَى أنَّه وُلِد سنة خمسٍ وخمسين. وتُوُفّي فِي سَلْخ ربيع الآخر.
وقد أجاز لأبي نصر ابن الشّيرازيّ وغيره.
[حرف الكاف]
194- كرم بْن أَحْمَد [2] بْن كرم.
أَبُو مُحَمَّد. الحربيُّ، الذهبيُّ.
حدَّث عن أَبِي الْحُسَيْن عبدِ الحقّ اليوسفيُّ.
وكان لَا بأسَ بِهِ.
تُوُفّي فِي شوَّال.
رَوَى عَنْهُ بالإجازة القاضي ابن الخُوَييّ، والفخُر إِسْمَاعِيل بن عساكر، وفاطمةُ بِنْت سُليمان، وأَبُو نصر محمد بن محمد ابن الشّيرازيّ.
[حرف الميم]
195- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم [3] بْن مُسلْمِ.
الفخرُ، أَبُو عَبْد اللَّه، الإرْبليُّ، الصُّوفيّ.
__________
[1] في تكملته 3/ 413.
[2] انظر عن (كرم بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 420 رقم 2669.
[3] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: تاريخ إربل 1/ 214، 215، رقم 115، وذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي رقم 77، والإشارة إلى وفيات الأعيان 335، والإعلام بوفيات الأعلام 262، والمشتبه 1/ 499، وسير أعلام النبلاء 22/ 395، 396 رقم 249، والمعين في طبقات المحدّثين 197 رقم 2084، والمختصر المحتاج إليه 1/ 23، والعبر 5/ 135، وتذكرة الحفاظ 4/ 1423، والوافي بالوفيات 2/ 9، رقم 261، وشذرات الذهب 5/ 161.(46/163)
وُلِد سنة تسعٍ وخمسين، وقال مَرَّةً أخرى: فِي المحرَّم سنةَ ستّين.
ورَوَى عن: يحيى بْن ثابتٍ، وأَبِي بَكْر بْن النَّقُّور، وعليّ بْن عساكر البطائحيِّ، وشُهْدَةَ الكاتبة، والحسن بْن عَلِيّ البَطْليَوسِي، وهبة اللَّه بْن يحيى الوكيل، وخُمرتاش مولى أَبِي الفَرَج ابن رئيس الرؤساء، وتجنّي الوهبانيّة، وغيرهم.
روى عنه: الجمال ابن الصابونيّ، والجمالُ الدِّينَوَرِيّ خطيبُ كفْربَطْنا، والعمادُ يوسُف ابن الشقاريّ، والشرفُ أَبُو الْحُسَيْن اليُونينيُّ، والجمالُ أَحْمَد ابن الظّاهريّ، والشرف أَحْمَد بْن عساكر، وعليّ بْن بَقاء المقرئُ، والعمادُ بْن سعدٍ، وعليّ وعمر وأَبُو بكرٍ بنو ابن عَبْد الدائم، وعُمَر بْن طرخان المَعَرِّيّ، والتّقيُ بْن مؤمن، والشمسُ مُحَمَّد بْن يوسف الذّهبيّ، وعيسى بْن أَبِي مُحَمَّد المَغاري، والمحيي أَبُو بَكْر بْن عَبْد الله ابن خطيب بيتِ الآبار، ومُحَمَّد بْن مكّي الصقلِّي، وعبد المنعمِ بْن عساكر، وخلقٌ.
وخَرَّج له الزكيُّ البِرْزاليُّ «مشيخة» فِي جزء.
تفرِّدَ بِهِ بمصر مُوسَى بْن عَلِيّ المُوسويّ، حَضَرَهُ فِي الرابعة. وبَقِيَ بدمشقَ فِي سنة أربع عشرة.
من الرواية عَنْهُ بالحُضور: أَبُو بَكْر بْن عَبْد الدَّائم- المذكور-، وعيسى المُطْعِمُ، والقاضي تقيُّ الدّين سُلَيْمَان، وبهاءُ الدّين القاسم بْن عساكر.
قَالَ شيخُنا ابْن الظاهريّ، تُوُفّي بإرْبِل فِي رمضانَ أو شوّال.
ووجدت بخطّ السيف ابن المجد: رَأَيْتُ أصحابنَا ومشايخَنا يَتكلّمونَ فِيهِ بسبب قلَّة الدّين والمروءة. وكان سماعُه صحيحا.
وقال لي شمس الدّين ابن سامة: إنَّ لقبَه قنور [1] .
وقرأت بخطِّ ابن مسدي: إنه يعرف بالقور. قال: وكان لا يتحقّق مولده،
__________
[1] وفي تاريخ إربل 1/ 215 «قنورا» .(46/164)
وذكرَ ما يدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بعد الخمسين وخمسمائة، وقال مَرَّةً: ولدتُ بعد ذَلِكَ.
فلهذا امتَنَعُوا من الأخذِ عَنْهُ بإجازات، فإنَّه يذكُر ما يدُلُّ عَلَى أنّ مولدَه بعدَ تاريخها [1] .
196- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن [2] بْن عَبْد الرَّحْمَن.
الْإمَام، أَبُو الطاهر، الأَنْصَارِيّ، الجابريّ، الشافعيّ، المَحَليُّ.
خطيبُ جامع مصر. قدم من المَحَلَّةِ إلى مصرَ، وتفقّه عَلَى التّاج مُحَمَّد بْن هبة اللَّه الحَمَويِّ، وغيره. وصَحِبَ الشَّيْخ أَبَا عَبْد اللَّه الْقُرَشِيّ الزّاهد مدّة، وكان من أعيان أصحابه.
وسَمِعَ من الفقيِه إِبْرَاهِيم بْن عُمَر الإسْعَرْديّ، وغيره. ودَرِّس، وأفاد، وخَطَبَ.
وكان مولدُه ظَنًّا فِي سنةِ أربع وخمسين وخمسمائة.
قَالَ الزكيُّ المنذريُّ [3] : كَتَبْتُ عَنْهُ فوائدَ. وكان من أهلِ الدّين والوَرَعِ التامِّ عَلَى طريقةٍ صالحة، ذا جدّة فِي جميع أموره، قاضيا لحقوقِ معارفه، ساعيا في أفعال البرّ، كثير الإجهاد فِي العبادة. حصَّل كتبا كثيرةٌ وكان لَا يمَنعُها، ورُبَّما أعارَها لمن لَا يعرِفُه. تُوُفّي فِي سابع ذي القَعْدَةِ- رحمه اللَّه تعالى [4]-.
__________
[1] وقال ابن المستوفي: تحدّث الناس في دينه بما لا يسع ذكره ... ولد في سنة ستين وخمسمائة ببغداد، وحدّثني أبو الفضل محمد بن الحافظ بدل ابن أبي المحمّر، أنه وجد بخط والده إبراهيم بن مسلم بن سليمان الإربلي: «يوم الخميس قبل طلوع الشمس بيسير، بعد إسفار الفجر تاسع شهر المحرّم من شهور سنة ستين وخمسمائة» ، سافر إلى دمشق في أواخر سنة تسع وعشرين وستمائة، وحدّث بها وسمعه طلبتها، وكان قد بلغ إلى الغاية من الفقر فحسنت حاله بها. (تاريخ إربل) .
[2] انظر عن (محمد بن الحسين) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 421، 422، رقم 2673، ونهاية الأرب 29/ 215، وذيل الروضتين 163، 164 وفيه: «محمد بن عبد الرحمن» ، ونثر الجمان 2/ ورقة 75، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 20- 25 (8/ 48- 60 رقم 1072، ونزهة الأنام لابن دقماق، ورقة 20، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 415، 416 رقم 385، والمقفى الكبير 5/ 585- 587 رقم 2132.
[3] في التكملة 3/ 421، 422.
[4] جمع فيه الشيخ كمال الدّين أبو العباس أحمد بن عيسى بن رضوان القليوبي مجلّدة لطيفة سمّاها «العلم الظاهر في مآثر الفقيه أبي الطاهر» . (المقفى الكبير) وفيه أخبار أخرى.(46/165)
197- مُحَمَّد بْن رَجَب بْن عَلِيّ.
أَبُو بكر، الحارثيُّ، الفقيهُ، الحنبليُّ.
من أهلِ قريةِ الحارثيّة من أعمالِ نهر عيسى.
سكنَ بغدادَ وتفقَّهَ وسَمِعَ من عَبْد الحق اليوسُفيّ، وأَبِي العزِّ بْن مواهب الخُرَاسانيّ.
رَوَى عَنْهُ ابن النجّار، وقال: كَانَ مُتَيقّظًا، حَسَن الطريقة، متديِّنًا. تُوُفّي فِي شَعْبان، وَلَهُ إحدى وثمانون سنة.
198- مُحَمَّد بْن عَلِيّ [1] بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد، الشريفُ.
أَبُو شجاع، فخرُ الدّين، الأُمَويّ، العُثمانيُّ، البغدادي، الكاتبُ.
وُلِد ببغداد فِي سنة خمسٍ وستّين، وسَكَنَ الديارَ المصرية.
وحدَّث عن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُوقا.
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المنذريّ، وقال [2] : كَانَ حَسَنَ السَّمْتِ [3] ، كثيرَ التّصوّنِ جدّا، من أعيان الطائفةِ العُثمانية، رَقَّ حالُه، وانْقَطَعَ إلى العبادة. وتوفّي فِي خامس شَعْبان.
199- مُحَمَّد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [4] بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زاهر.
أَبُو حامد، البَلَنسيُّ، المُؤَدِّبُ.
أخَذَ القراءات عن أَبِيهِ. وَسَمِعَ من أَبِي العطاء بْن نَذِير، وأبي عبد الله ابن نسْع، فأكثَر. وأدَّبَ بالقرآنِ.
قَالَ الأبَّارُ [5] : هُوَ مُعَلِّمي، وعنه أخّذتْ قراءةَ نافع، وسَمِعْتُ منه، وسمع
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي) في التكملة لوفيات النقلة 3/ 418 رقم 2664، والمقفى الكبير 6/ 330 رقم 2801.
[2] في التكملة 3/ 418.
[3] كتبها المؤلّف- رحمه الله- سهوا «الصمت» .
[4] انظر عن (محمد بن محمد بن عبد الله) في: التكملة الصلة لابن الأبار 2/ 635، والمقفى الكبير 7/ 34 رقم 3101.
[5] في التكملة 2/ 635.(46/166)
مني كتابَ «مَعْدِنِ اللُّجَين فِي مراثي الْحُسَيْن» من تأليفي. وكان امرأَ صِدْقٍ ناشِئًا فِي الصلاح، مُتواضعًا، بارعَ الخطِّ، يكتبُ المصاحفَ، ويَؤُمُّ بمسجد [1] . وأخَذَ عَنْهُ صاحبُنا أَبُو الحَجّاج بْن عَبْد الرَّحْمَن، وسافرَ ليَحُجَّ فتوفّي بعِيذاب فِي آخرِ سنة ثلاثٍ هذه.
200- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن المُطَهَّر [2] بن سالم بْن شُجاع.
أَبُو الفوارس، الكَلْبيُّ، الفقيهُ الحنفيُّ.
شيخُ دمشقيّ مُتَمَيِّزٌ.
رَوَى عن: يحيى الثَّقفيّ، وعبد الرَّحْمَن الخِرَقيّ، وإسماعيل الْجَنْزَويّ.
رَوَى عَنْهُ: الزكيُّ البِرْزاليُّ، والمجدُ ابن الحُلْوانية، وغيرهما.
وكان عارفا بالحسابِ وكتابة الدّيوان.
تُوُفّي فِي صفر.
201- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي المفاخر [3] سعَيِد بْن الحُسَيْن.
الشريف، أَبُو بكر، الْعَبَّاسيُّ، المأمونيّ، النَّيْسابوريّ الأصْلِ، الْمَصْريّ المولِد، المقرئُ عَلَى الجنائزِ.
سَمَّعَهُ أَبُوه من السِّلَفِيّ، وإسماعيل بْن قاسم الزيّات، وجدِّه.
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المنذريُّ، وجماعةٌ من الطَّلَبةِ. وَحَدَّثَنَا عَنْهُ ابنُه مُحَمَّد، والشهابُ الأَبَرْقُوهيّ.
وُلِد فِي أول سنة سبعين وخمسمائة. وتُوُفّي فِي الرابعِ والعشرينَ مِن ربيع الآخرِ.
__________
[1] العبارة في التكملة: «وصلى بالناس الفريضة في مسجد رحبة القاضي من داخل بلنسية دهرا طويلا» .
[2] انظر عن (محمد بن محمد بن المطهّر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 405، 406 رقم 2630، والجواهر المضية 2/ 121، والطبقات السنية 3/ ورقة 618.
[3] انظر عن (محمد بن محمد بن أبي المفاخر) في: التكملة لوفيات النقلة 412 2647، والعبر 5/ 135، وشذرات الذهب 5/ 161.(46/167)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَأْمُونِيِّ، وَأَبُو الْمَعَالِي الأَبَرْقُوهِيُّ، قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَأْمُونِيُّ، أَخْبَرَنَا السَّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ، أَخْبَرَنَا الْجُرْجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الْهِلالِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَسْتَبْطِئُوا الرِّزْقَ وَاتَّقُوا اللَّهَ أَيُّهَا النَّاسُ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ» [1] . 202- مُحَمَّد [2] بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه المقرئُ.
الزّاهدُ، أَبُو عَبْد اللَّه، القُرْطُبيّ، المعروف بابن الفِرِّيشيّ- بتشديد الراء-.
كَانَ معروفا بإجابةِ الدّعوة.
أخَذَ عَنْهُ ابنُ مَسْدي وقالَ: تَلَا بالسبعِ عَلَى أَبِي الْقَاسِم بْن غالب. وَسَمِعَ من ابن بَشْكُوال، وحَجَّ. وسَمِعَ من يونُسَ بمكةَ. استُشْهِدَ فِي شوَّال وَقْتَ أخذِ قُرْطُبَة.
203- مُحَمَّد بْن هنديّ [3] بْن يوسف بْن يحيى بْن عَلِيّ بْن حسين بْن هنديّ القاضي.
زينُ الدّين، أَبُو الفضل، المازنيُّ، الحمصيّ، قاضي حِمْصَ.
صدرٌ جليلٌ، فاضلٌ.
سَمِعَ بدمشقَ من: أَبِي الحسين أحمد ابن الموازينيّ، وأَبِي القاسم عَبْد الملك الدَّوْلَعيّ، وأَبِي اليُسْر شاكر التَّنُوخيّ، وغيرهم.
رَوَى عَنْهُ: المجدُ ابن الحُلْوانيةِ، ونصرٌ وسعدُ الخيرِ ابنا أَبِي القاسم النابُلُسيَ. وله «مشيخة» فِي جزء خَرَّجها البِرْزاليُّ.
تُوُفّي فِي تاسع عشر ذي القَعْدَةِ، وله نيف وثمانون سنة.
__________
[1] أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (3238) و (3240) .
[2] سبق أن كتب المؤلف- رحمه الله- هذه الترجمة في وفيات سنة 623 بحاشية الورقة 36، وفي تلك الترجمة زيادة نصها: «وفريشة بليدة من أعمال قرطبة أخذتها الفرنج» .
[3] انظر عن (محمد بن هندي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 423، 424 رقم 2678.(46/168)
204- مُحَمَّد بْن يحيى [1] بْن أَبِي المكارم.
الشيخُ شمسُ الدّين، الطّائيّ، الواسطيُّ، الواعظُ.
لَقِيَ جماعة من الفُضلاء والوُعَّاظِ، وبَرَعَ فِي الوعظِ. وقَدِمَ مصر بعد التّسعين وخمسمائة وسَمِعَ من البُوصيريّ، وجماعةٍ. وحدَّث، ووَعَظَ، وتَقَدَّمَ عَلَى أقرانِه بالدِّيار المصرية. وحَصَلَ لَهُ قبولٌ زائد من العامّة.
تُوُفّي فِي ربيع الآخر، وله نيَّفٍ وستّون سنة.
205- مُحَمَّد بْن يحيى بْن أَحْمَد [2] ، القاضي.
وجيهُ الدّين، الأَنْصَارِيّ، الْمَصْريّ، الكاتبُ، المعروفُ بابن السَّدَّار.
مُشارِفُ الأوقاف.
وُلِد سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. ورَحَل إلى الإسكندرية، وسمع من السِّلَفيّ.
رَوَى عَنْهُ الزَّكيّ المُنذريّ وقال [3] : تُوُفّي فِي مُسْتَهَلّ ذي القعدة. وأجاز لسعد، والمطعّم. ومن مسموعه العاشر من «الثَّقَفِيّات» .
206- مُحَمَّد بْن يوسف [4] بْن هَمَّام.
أَبُو الفتح المقدسيُّ، ثم الدَّمشقيّ، الحنبليُّ، نزيلُ بغداد.
وُلِد سنةَ بضعٍ وخمسين وخمسمائة.
ودَخَلَ بغدادَ سنةَ إحدى وثمانين، فسمع الحديثَ من أَبِي السعاداتِ القَزَّاز وطبقته. وتفقَّه عَلَى أبي الفتح ابن المنيّ. ثم تحوَّل شافعيّا. ووَلِيَ خزنَ الكتبِ بالنّظامية. وكان متودّدا، مطبوعا، ديّنا.
__________
[1] انظر عن (محمد بن يحيى) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 409 رقم 2640، والمقفى الكبير 7/ 456 رقم 3550.
[2] انظر عن (محمد بن يحيى بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 421 رقم 2672، والمقفى الكبير 7/ 421، 422 رقم 3504.
[3] في التكملة 3/ 421.
[4] انظر عن (محمد بن يوسف) في: الوافي بالوفيات 5/ 253 رقم 2332.(46/169)
أثنى عَلَيْهِ ابن النجّار، وروى عَنْهُ.
وتوفّي فِي شَعْبان.
207- المأمون بْن أَحْمَد [1] بْن الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يعقوب بْن حسين ابن الخليفة المأمون بْن هارونَ الرشيدِ، الشريفُ.
أَبُو مُحَمَّد، الهاشميُّ، المأمونيُّ، البغداديّ، الواعظُ.
كَانَ يتكلَّم فِي الأعزيَة. وله حظٌ من الأدبِ، وصوتُه طَيِّب.
سَمِعَ من: أَبِي الْحُسَيْن عَبْد الحقْ، ومُحَمَّد بْن نَسِيم العَيْشُونيّ.
وعاشَ ثلاثا وسبعين سنة.
وأجاز: للفخر إسماعيل بن عساكر، ومحمد بن يوسف الذهبي، وفاطمة بنت سليمان، وسعدِ الدّين بْن سَعْد، وعيسى المُطْعِمِ، وأَحْمَد ابن الشّحنة، وجماعة.
وتُوُفيّ فِي رابعِ عشر ذي القَعْدَةِ فُجَاءَةً.
208- محمودُ بْنُ خليل بنِ محمود.
أبو الثناءِ، التَّبريزيُّ، ثم البغداديّ، السَّقلاطونيّ.
أمينُ الحكمِ كأبيه. لَعِبَ فِي أموالِ الأيتام، فَحُبِسَ مدّة، ثم أُخرِجَ، وافْتَقَرَ.
وُجِدَ لَهُ سماعُ كتاب «المصحّفين» للدّارَقُطْنيّ من يحيى بْنِ ثابت، فرواه مرَّاتٍ.
مات فِي ذي القَعْدَةِ سنة 633، وله إحدى وثمانون سنة.
وقد رَوَى عَنْهُ ابن النجّار. وأجاز لشيخنا أحمد ابن الشحنة.
209- محمود بْن أَبِي العزِّ بْن مواهب ابن الشّطيطيّ.
الموصليّ، الحدّاد.
__________
[1] انظر عن (المأمون بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 423 رقم 2677.(46/170)
روى «جزء» الأصمّ عن خطيبِ المَوْصِل. حدَّث عن القاضي شمس الدّين ابن العماد.
مات فِي جُمَادَى الأُولى سنةَ ثلاث.
210- مريمُ بِنْت خَلَف [1] بْن راجح. أمُّ أَحْمَد، المقدسيّة.
امرأة صالحة، كثيرة العبادة والإيثار.
روت بالإجازة عن الحافظِ أَبِي مُوسَى المَدينيّ.
وتُوفيت في صفر.
كتب عنها العزّ ابن الحاجب، وغيرُه.
211- مشهورُ بْن منصور [2] بْن مُحَمَّد.
أَبُو أَحْمَد القَيْسيُّ، الحَوْرانيّ، الفَلَّاحُ بالنَّيْرَب [3] .
سافَرَ فِي خدمَة المحدّث عمادِ الدّين عَلِيّ بْن القاسم بْن عساكر إلى خُراسانَ، فسَمِعَ من المؤيَّد الطُّوسيّ، وأَبِي رَوْح، وزينبَ الشَّعْرية.
رَوَى عَنْهُ الشرفُ أَحْمَد بْن عساكر، وغيرُهُ. وتفرَّدَ بالحضور عنه البهاء ابن عساكر.
تُوُفّي فِي ثالث عشر ذي الحجّة، ودُفِنَ بالنَّيرَب.
[حرف النون]
212- نصر اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن [4] بْن أَبِي المكارم بْن فِتْيان.
أَبُو الفتح، الأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ.
ابْن أخي الفقيه البهاء.
__________
[1] انظر عن (مريم بنت خلف) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 405 رقم 2629.
[2] انظر عن (مشهور بن منصور) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 426 رقم 2680.
[3] قرية من قرى دمشق.
[4] انظر عن (نصر الله بن عبد الرحمن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 426 رقم 2679، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 115، 116.(46/171)
رَوَى عن: أَبِي القاسم بْن عساكر، وأَبِي سعد بْن أَبِي عَصْرون، وأَبِي نصر عَبْد الرحيم اليُوسُفيّ، والأميرِ أُسامة بْن مُنْقِذٍ.
ويُعْرَفُ بابنِ الحُكَيِّم، وبابن النّحّاس.
رَوَى عنه: الزكيُّ البرزاليّ، والمجد ابن الحُلْوانية، والشرفُ بنُ عساكر، وجماعةٌ.
وُلِد سنة ستّ وخمسين وخمسمائة.
وتُوُفّي فِي سابع ذي الحجّة.
213- نصر بْن عَبْد اللَّه [1] بْن عَبْد العزيز بْن بِشْير، القدوةُ.
أَبُو عَمْرو، الغافقيُّ، الأندلُسيُّ، الفَرْغُليِطي [2] ، نزيلُ قيجاطة [3] ، ويعرف بالشّقوريّ.
قال الأبّار: سَمِعَ من جدِّه لأُمِّه نصر بْن عَلِيّ، وعَبْد اللَّه بْن سهلٍ الكفيفِ.
وبقُرْطُبة من عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن بَقِيّ، وأَبِي القاسم بْن بَشْكُوال. وبمُرْسِيَةَ من أَبِي عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحِيم. وأجازَ لَهُ أَبُو الحَسَن ابن هذيل، وأبو طاهر السِّلَفِيّ. وتصدَّرَ بقَيْشاطة للإقراء، فأُخذَ عَنْهُ وسُمِعَ منه. وكان من أهلِ الزُّهدِ والفضلِ، يُشارُ إِلَيْهِ بإجابةِ الدَّعوة. عُمِّرَ وأسنَّ وأُسِرَ عندَ تَغَلُّب الرُّوم عَلَى قَيْشاطة فِي سنةِ إحدى وعشرين. ثم تخلصَ بعد ذَلِكَ. وقَدِمَ قرطبة فأخذ عنه أبو القاسم ابن الطَّيْلَسان، وقال: تُوُفّي بِلُورَقَةَ عامَ ثلاثَة وعشرينَ وستمائة، ومولده سنة خمس وثلاثين وخمسمائة.
قَالَ: وقالَ ابنُ فَرْقَدَ: كَتَبَ أَبُو عَمْرو الغافقيّ لي ولا بنيّ مُحَمَّد وأَحْمَد فِي جُمَادَى الأُولى سَنَة سبْعٍ وعشرين وستمائة.
وقال ابنُ فَرْتون: تُوُفّي سنة ثلاثٍ وثلاثين.
__________
[1] انظر عن (نصر بن عبد الله) في: التكملة الصلة لابن الأبار 2/ 748.
[2] هكذا قيدها المؤلف- رحمه الله- بفتح الفاء والمعروف أنها بضم الفاء كما في «معجم البلدان» و «تكملة ابن الأبار» و «مراصد الاطلاع» . وفرغليط من عمل شقورة.
[3] ويقال فيها: «قيشاطة» كما سيذكرها المؤلف بعد قليل، فكأن الجيم فيها معطّشة، قريبة من الشين.(46/172)
قلتُ: هذا أصحٌ من قولِ ابن الطَّيْلَسان.
214- نصرُ بْن عَبْدِ الرزّاق [1] ابْن الشَّيْخ عَبْد القادر بْن أَبِي صالح بْن جنكي دُوَستْ، قاضي القضاة.
عماد الدّين، أبو صالح، ابن الحافظ الزّاهد الْإمَام أَبِي بَكْر، الجيليُّ، ثم البغدادي، الأَزَجِيُّ، الفقيهُ، الحنبليّ.
وُلِد فِي ربيعٍ الآخر سنة أربع وستّين وخمسمائة.
وأجازَ لَهُ- وهو ابن شهر- أَبُو الفتح ابن البطّي، وأبو محمد ابن الخشّاب، والمباركُ بْن مُحَمَّد الباذرائيّ، وغيرهم.
وسَمِعَ من: أَبِيهِ، وعليّ بْن عساكر البطائحيّ، وخديجةَ بِنْت أَحْمَد الهزَّوانيِّ، وشُهْدَةَ بِنْت الإبَريّ، وعبدِ الحقّ اليُوسُفيّ، ومُسلْمِ بِن ثابتٍ النحّاس، وأَحْمَد بْن المباركِ المُرَقَّعاتيّ، وسعيدِ بْن صافي الْجَمَّال، وعيسى الدُّوشابيِّ، ومُحَمَّد بْن بدر الشِّيحيّ، وفاطمةَ بنتِ أَبِي غالب مُحَمَّد بْن الْحَسَن الماورديّ، وأَبِي شاكر السَّقلاطونيّ، وجماعة.
وتفقَّهَ عَلَى والدهِ، وأَبِي الفتح بْنِ المَنِّي. ودرَّسَ، وأفتى، وناظَرَ، وبرع في المذهب.
روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النجّار، والشرف ابن النابلسيّ، والشمس محمد بن
__________
[1] انظر عن (نصر بن عبد الرزاق) في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 366، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 419، 420 رقم 2667، والحوادث الجامعة 48، وتلخيص مجمع الآداب ج 4، ق 2/ 873 رقم 1295، وسير أعلام النبلاء 22/ 396- 399 رقم 250، والمختصر المحتاج إليه 3/ 211، 212 رقم 1255، والإعلام بوفيات الأعلام 262، والإشارة إلى وفيات الأعيان 335، والمعين في طبقات المحدّثين 197، رقم 2085، وتذكرة الحفاظ 4/ 1423، والعبر 5/ 136، ودول الإسلام 2/ 137، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 189- 192، ومختصره 65، والمنهج الأحمد لابن رجب 366، ومرآة الجنان 4/ 85، وتاريخ الخميس 2/ 415 وفيه: «نصر بن عبد الرزاق» (بتقديم الألف على الزاي) ، والقلائد الجوهرية للتادفي 45، 46، والعسجد المسبوك 2/ 473، وذيل التقييد للفاسي 2/ 293 رقم 1658، والمقصد الأرشد، رقم 1175، والنجوم الزاهرة 6/ 296، والدرّ المنضّد 1/ 365، 366 رقم 1021، وشذرات الذهب 5/ 161، 162، وتاج العروس 3/ 44، وروضات الجنات 424، وبهجة الأسرار للشطنوفي 115.(46/173)
هامِل، والعزُّ الفاروثيّ، والتاجُ الغَرَّافيّ، والجمالُ مُحَمَّد ابن الدّبّاب، والجمال محمد البكريّ، والعلاء ابن بَلَبان النّاصريّ، والشهابُ الْأبَرْقُوهيّ، وآخرون.
وجمعَ لنفسِه أربعينَ حديثا سَمِعْناها من الْأبَرْقُوهيّ. ودَرَّس بمدرسة جدِّه، وبالمدرسةِ الشاطئِيَّة. وتَكَلَّمَ فِي الوعظِ. وألَّفَ فِي التصوف. ووَلِيَ القضاءَ للظاهرِ بأمر اللَّه وأوائلِ دولةِ المستنصرِ باللَّه ثم صُرِفَ.
سئل الضياءُ عَنْهُ فقال: فقيهٌ، خَيِّر، كريمُ النفسِ، ونالته محْنَةٌ، فإنَّ سنةَ أربعٍ وعشرين صامُوا ببغداد رمضانَ بشهادة اثنين، ثم ثاني ليلة رُقِبَ الهلالُ فلم يُر، ولاحَ خطأُ الشهودِ، وأفطَر قومٌ من أصحاب أَبِي صالح، فأمْسكوا ستّة من أعيانهم، فاعترفوا، فعزّزوا بالدِّرة وحُبسُوا. ثم أُخذ الذين شهَدُوا، فحُبِسُوا وضُربَ كلُّ واحد خمسين، ثم إنَّ قاضيَ المُحَوَّل أفطر بعد الثلاثين عَلَى حساب ما شهدوا، فضُربَ، وطيفَ بِهِ. واحتمى أَبُو صالح بالرُّصافةِ فِي بيت حائكٍ، واجتمع عنده خلقٌ من بابِ الأزَج، فمُنِعوا من الدّخول إِلَيْهِ، ثم أُطْلِقَ بعد انسلاخ شوَّال. نعم.
وذكره ابنُ النجّار، فقال: قَرَأ الخلافَ عَلَى أَبِي مُحَمَّد بْن أَبِي عَلِيّ النُّوقانيّ الشافعيّ. ودَرَّس بمدرسة جدِّه. وبُنيِتْ لَهُ دَكَّةٌ بجامع القَصْرِ للمناظرةِ، وجلسَ للوَعْظِ. وكان لَهُ قبولٌ تامّ، ويحضرُه خلقٌ كثير. وأُذِنَ لَهُ فِي الدّخول على الأمير أبي نصر محمد ابن الْإمَام الناصر فِي كلّ جُمُعة لسماع «مُسنِد» الْإمَام أَحْمَد منه بإجازتِه من أَبِيهِ الناصرِ، فحَصلَ لَهُ بِهِ أُنسٌ. فلما استخلف، قَلَّده القضاءَ فِي ذي القَعْدَةِ سنة اثنتين وعشرين، فسارَ السِّيرةَ الحَسَنَةَ، وسلَكَ الطريقةَ المستقيمة، وأقامَ ناموسَ الشَّرع، ولم يُحاب أحدا فِي دين اللَّه. وكانَ لَا يمُكِّنُ أحدا من الصِّياح بين يدَيْه. ويمضي إلى الْجُمُعة ماشيا. ويكتبُ الشُّهود من دواتِه فِي مجلسِه. فلمَّا أفْضَتِ الخلافةُ إلى المستنصرِ أقرَّه أشهرا، ثم عَزَلَه. رَوَى الكثير.
وكان ثقة مُتحرِّيًا، لَهُ فِي المذهب اليدُ الطُّولي. وكان لطيفا، مُتواضعًا، مَزَّاحًا، كَيِّسًا. وكان مِقْدامًا رجلا من الرِّجال، سمعته يَقُولُ: كنتُ فِي دارِ الوزير القُمِّي وهناك جماعةٌ، إذْ دخلَ رجلٌ ذو هيئةٍ، فقاموا لَهُ وخَدَموه، فقمتُ، وظننته بعضَ الفقهاء، فقيل: هذا ابنُ كرم اليهوديُّ عاملُ دارِ الضرب، فقلتُ لَهُ: تعالَ إلى(46/174)
هنا، فجاءَ ووقفَ بين يديَّ، فقلتُ لَهُ: ويلك، توهّمتك فقيها [1] ، فقمتُ إكراما لذلك، ولستَ- ويلك- عندي بهذه الصفةِ، ثم كررتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ. وهو قائم يَقُولُ: اللَّه يحفظُك، اللَّه يُبقيكَ، ثم قلتُ: اخسَأْ هناك بعيدا عنَّا. فذَهَب.
قَالَ: وحدّثني أنه رُسمَ لَهُ برزقٍ من الخليفةِ، وأنه زارَ- يومئذ- قبرَ الْإمَام أَحْمَد، فقيلَ لي: دُفِعَ رَسْمُك إلى ابن توما النَّصْرانيّ، فامضِ إِلَيْهِ فخُذه، فقلت:
والله لَا أمضي ولا أطلبُه، فبَقيَ ذَلِكَ الذّهب عنده إلى أن قُتِلَ- لعنه اللَّه- فِي السنة الأُخرى، وأُخِذَ الذّهُب من داره فنُفِّذَ إليّ.
تُوُفّي فِي سادس عشر شوَّال، ودُفِنَ فِي الدِّكةِ التي لقبر الإمام أَحْمَد بْن حنبل. وقيلَ: بل دُفِنَ معه فِي قبره، تولَّى ذَلِكَ الرَّعاعُ والعوامُّ، فقُبضَ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وعُوقِبَ وحُبِسَ. ثم نُبِشَ أَبُو صالح ليلا بعد أيام، ولم يُعلَم أينَ دُفِنَ؟
- رحمه اللَّه-.
قلتُ: وأجازَ لإبراهيم بْن حاتمِ البَعْلَبَكّيّ، وإسماعيل بْن عساكر، وفاطمةَ بنتِ سُلَيْمَان، والبدرِ حسن ابن الخلّال، والقاضي الحنبليّ، وعيسى المطعّم، وأحمد ابن الشّحنة، وسَعْدِ بْن مُحَمَّد بْن سَعْد، وأَبِي بَكْر بْن عَبْد الدّائم، وأَبِي نصر بْن مَمَيل [2] ، وغيرهم.
[حرف الياء]
215- يحيى بْن إِسْحَاق [3] بْن حَمّو بْن عَلِيّ، الأمير الجليل.
أَبُو زكريا، الصِّنْهاجي، المَيُورْقيُّ- الّذِي خرج عَلَى بني عبد المؤمن- ويُعرفُ بابنِ غَانية.
تُوُفّي فِي أواخر شوّال بالبرّيّة بنواحي تلمسان.
__________
[1] في الأصل: «فقيه» .
[2] هو أبو نصر محمد بن محمد ابن الشيرازي.
[3] انظر عن (يحيى بن إسحاق) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 420، 421 رقم 2671، والمعجب 273، 275، 314، 317، والغصون اليانعة 151، وسير أعلام النبلاء 22/ 369 رقم 234، والأعلام 9/ 165.(46/175)
ذكرَه الحافظُ زكيُّ الدّين عبدُ العظيم فقال [1] : يُقَالُ: إن خروجه كَانَ من مَيْورْقةَ فِي شَعْبان سنة ثمانين وخمسِ مائة، واستولى عَلَى بلادٍ كثيرة. وكان مشهورا بالشجاعةٍ والإقدامِ.
قلت: وقد أقامَ فِي بلاده الدّعوة والخطبة لبني الْعَبَّاس، وقدم رسولُه إلى العراق يطلُبُ تقليدا بالسَّلْطَنَة، فنُفِّذتْ إِلَيْهِ الخِلَعُ واللواءُ. وقد ذكرنا ذَلِكَ فِي الحوادثِ.
216- يحيى ابْن الخليفة الناصر محمد ابن المنصور المؤمنيّ.
المغربيُّ، أَبُو زكريا.
تملَّكَ المغربَ بعد العادلِ عَبْد اللَّه سنةَ أربعٍ وعشرين، فكانت دولتُه ثلاثةَ أعوامٍ ونصْفًا، وفي بعضها كانَ معَه عَلَى جُملة من الممالك ابْن عمِّه.
ماتَ يحيى فِي ذي القَعْدَةِ أو شوَّال.
217- يعقوبُ بْن عَلِيّ [2] بْن يوسف.
أبو عيسى، المَوْصِليّ، الحكاكُ، الْجَوْهريّ.
سَمِعَ من خطيب المَوْصِل أَبِي الفضل الطُّوسيّ. وببغداد من: عُبَيْد الله بن شاتيل، وعبد المغيث بن زهير، ونصر اللَّه القزازِ، وجماعةِ.
وجاوَرَ بمكةَ، وحدَّث بها، وبالمدينة ومصرَ.
رَوَى عَنْهُ: الزكيُّ المنذريُّ، والشرف ابن الْجَوْهريّ، وعثمان بْن مُوسَى إمامُ الحَطِيم، وغيرهم.
قَالَ المنذريُّ [3] : تُوُفّي فِي الرابعِ والعشرينَ من صفر ببغداد بالبيمارستان العضديّ.
__________
[1] في التكملة 3/ 421.
[2] انظر عن (يعقوب بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 406 رقم 2631، وتلخيص مجمع الآداب 4، رقم 800.
[3] في التكملة 3/ 406.(46/176)
قلت: وقيل: أَنَّهُ تُوُفّي بالمدينة سنة أربعٍ.
218- يوسف بْن جبريل [1] بْن جَميِل بْن مَحْبوب.
أَبُو الحَجّاج، القيسيُّ، اللُّواتيّ، الحَنَفيُّ، البزازُ.
وُلِد فِي حدود سنة سبع وستّين وخمسمائة.
وسَمَّعَهُ أَبُوه الْإمَام أَبُو الأمانة من السِّلَفِيّ، وبدر الخداداذيّ، وأَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحضْرميّ.
وقدم دمشق ولم يَرْوِ بها.
رَوَى عَنْهُ: ابْن النجّار، والزكيُّ عَبْد العظيم، والشهابُ الْأبَرْقُوهيّ.
وتُوُفّي فِي أواخر شعبانَ.
وفيها وُلِد شيخُنا زينُ الدّين عَبْد اللَّه بْن مروان الفارقيّ، فِي المحرَّم.
وعزُّ الدّين عبد الْعَزِيز بْن محمد ابن العديم الحنفيّ، قاضي حماة، في رمضان.
وبدر الدّين محمد بن مسعود ابن التوزيّ.
والشمسُ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بن صقر: الحلبيّون، بحلب.
الشيخ يوسف بن قيس بن أبي بكر ابن الشَّيْخ حياة بْن قيس.
والبهاءُ أَبُو القاسم بْن يحيى بْن زَيَّاد، خطيبُ بيتِ لِهيا.
والأمينُ عَبْد اللَّه بْن عبِد الأحدِ بْن شُقَير: الحرانيُّون، بها.
والصّفيّ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الطَّبَريّ، بمكة.
والبدرُ حسنُ بْن عَلِيّ بْن يوسف بْن هود المُرْسيُّ، بها.
وشيخُ تَدْمُرَ عيسى بنُ ثروان. وشيخُ الحرمِ الظهيرُ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مَنَعة البغداديّ.
وناصر الدّين محمد بن نوح ابن المقدسيُّ، وله حضورٌ فِي الأولى عَلَى ابن اللّتّي.
__________
[1] انظر عن (يوسف بن جبريل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 418 رقم 2665.(46/177)
سنة أربع وثلاثين وستمائة
[حرف الألف]
219- أَحْمَد بْن أكمل [1] بْن أَحْمَد بْن مَسْعُود بْن عَبْد الواحد بْن مطرِ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد.
الشريفُ، أَبُو الْعَبَّاس، الهاشميُّ، العباسيُّ، البغداديّ، الحنبليُّ، الخطيبُ، العَدْلُ.
وُلِد سنة سبعين وخمسمائة.
وسَمِعَ من: أَبِي الفتح بْن شاتيل، ووفاءِ بْن اسعدَ، وأَبِي العلاءِ مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن عَقِيل.
وحدَّث من بيته غيرُ واحد.
تُوُفّي فِي ربيع الأول.
220- أَحْمَد بْن الخَضِر [2] .
الأميرُ، شهابُ الدّين، الكامليُّ.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى بالقاهرةِ. وكانَ من كِبارِ الدّولة.
221- أَحْمَد بْن سُلَيْمَان [3] بْن كسا الْمَصْريّ.
الشاعرُ المشهور.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن أكمل) في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 165، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 436، 437 رقم 2707، والوافي بالوفيات 6/ 256 رقم 2741، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 201- 204، ومختصره 67، والمنهج الأحمد 370، والمقصد الأرشد، رقم 12، والدر المنضد 1/ 368 رقم 1027، وشذرات الذهب 5/ 167.
[2] انظر عن (أحمد بن الخضر) في: مرآة الزمان ج 8، ق 2/ 702، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 450 رقم 2736، والمقفى الكبير 1/ 385 رقم 437.
[3] انظر عن (أحمد بن سليمان) في: الوافي بالوفيات 6/ 404 رقم 2919.(46/178)
كَانَ مُحْتَشِمًا، ذا ثَروةٍ وله غلمان ترك.
تُوُفّي فِي صفر بالقاهرة. والأصَحُّ وفاتُه فِي السنَة الآتية [1] .
222- أَحْمَد بْن يوسُفَ [2] بْن أيوب بْن شاذي.
الملكُ المُحسنُ، يمينُ الدّين [3] ، أَبُو العباس، ابن السلطان صلاح الدّين.
وُلِد سنةَ سبعِ وسبعين.
وسَمِعَ بدمشقَ من: أَبِي عَبْد اللَّه بْن صدقةَ الحرّانيّ، وحنبلٍ، وابن طَبَرْزَد، وبمصرَ من أَبِي القاسم البُوصيريِّ، وغير واحد.
وعَنيَ بالحديثِ وطلبه. وكَتَبَ، واستَنْسخَ. وقَرَأ عَلَى الشيوخ. وكان مليح الكتابة، جيّد النقل، متواضعا، متزهّدا، حَسَنَ الأخلاقِ، مُفضلًا عَلَى أصحاب الحديث وعلى الشيوخ. وحصِّل الكتبَ النفيسة والأصولَ المليحةَ، وَوَجَد المحدّثون به راحة عظيمة، وجاها ووجاهة. وهو الَّذِي كان السبب في مجيء حَنبلِ وابن طَبَرْزَد. وكانَ كثيرَ التَّحرّي فِي القراءةِ.
وسَمِعَ بمكة من أبي الفتوح ابن الحصريّ، وببغدادَ من عبدِ السلام الدَّاهريّ.
سُئَل عَنْهُ الضياءُ فقال: سَمِعَ وحَصَّل الكثير، وانتفعَ الخلقُ بإفادتِه، وطَلَب الحديثَ عَلَى وجههِ.
ووجدتُ بخطّ السيف ابن المجد أنه ينبز بميل إلى التشيّع.
__________
[1] ولهذا سيعاد في السنة التالية برقم (307) .
[2] انظر عن (أحمد بو يوسف) في التكملة لوفيات النقلة 3/ 431، 432، رقم 2693، وبغية الطلب لابن العديم (المصوّر) 3/ 272 رقم 335، ومعجم البلدان 2/ 522، ومفرّج الكروب 2/ 245، ودول الإسلام 2/ 37، والإشارة إلى وفيات الأعيان 335، والإعلام بوفيات الأعلام 262، والعبر 5/ 136، 137، وتذكرة الحفاظ 4/ 1419، وسير أعلام النبلاء 23/ 17، 18 رقم 10 و 23/ 203، 204، رقم 122، ومرآة الجنان 4/ 85، والوافي بالوفيات 8/ 283، 284 رقم 3705، والمقفى الكبير 1/ 742 رقم 683، ونزهة الأنام لابن دقماق، ورقة 32، 33، والنجوم الزاهرة 6/ 298، وشفاء القلوب 267، 268، وشذرات الذهب 5/ 162.
[3] ذكره المؤلّف- رحمه الله- مرتين في: سير أعلام النبلاء 23/ 17، 18 رقم 10 و 23/ 203، 204 رقم 122، ولم يتنبّه إلى التكرار، وكذلك لم يتنبّه محقّقو الكتاب.(46/179)
قلتُ: رَوَى عَنْهُ القاضي شمسُ الدّين أَبُو نصر ابن الشيرازيّ- وهو أكبرُ منه-، والقاضي مجدُ الدّين العديميّ، وسنقر القضائيّ. وبالإجازةِ: أَبُو نصر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد المِزِّيُّ.
وتُوُفّي بحلبَ فِي الرابع والعشرينَ مِنَ المحرمِ، وحُمِلَ إلى الرَّقَّة، فَدُفِنَ بِهَا بقرب قَبْر عَمَّار بْن ياسر.
223- أَحْمَد بْن أَبِي الذَّر [1] بْن معالي بْن أَبِي البَقَاءِ.
أَبُو الْعَبَّاس، القطفتي، المقرئ، والضرير.
وُلِد سنة ثلاثٍ أو أربعٍ وخمسين.
وسَمِعَ من: يحيى بْن موهوب بْن السِّدَنك.
وماتَ فِي جُمَادَى الأولى.
أجازَ لفاطمةَ بنتِ سُلَيْمَان، وعيسى المُطْعِمِ، وجماعةٍ.
224- أَحْمَد بْن أَبِي الغنائم [2] بْن صدقةَ بْن أَحْمَد بْن الخَضِرِ.
أَبُو الفتحِ الْقُرَشِيّ، الواسطيّ، الزاهدُ، نزيلُ الإسكندرية.
لَقِيَ جماعة من المشايخ بالعراق. وقَدِمَ مصرَ وانتَفَعَ بِهِ طائفةٌ. وكانَ لَهُ القبولُ التامُّ من العالم.
تُوُفّي فِي شوَّال.
225- إبراهيمُ بْن عَبْد الرَّحْمَن [3] بْن الحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه.
أَبُو إسحاق، ابن الجبّاب، التّميميّ، السّعديّ، الأغلبيّ، المصريّ، الزاهد.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن أبي الذرّ) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 445 رقم 2731، وتلخيص مجمع الآداب 2/ رقم 950، وقد جوّد المؤلّف- رحمه الله- الذّال المنقوطة، أما في التكملة: «الدر» بالدال المهملة.
[2] انظر عن (أحمد بن أبي الغنائم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 457 رقم 2757، وعقود الجمان 6/ ورقة 69- 71.
[3] انظر عن (إبراهيم بن عبد الرحمن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 459، 460 رقم 2762، والمقفى الكبير 1/ 211، 212 رقم 235.(46/180)
ولد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة فِي نصفِ رجب بمكة.
وسَمِعَ بالإسكندرية من السّلفيّ.
كتب عنه عمر ابن الحاجب، والزكيُّ المنذريُّ. ورَوَى لنا عَنْهُ بالإجازة أَبُو المعالي الْأبَرْقُوهيّ.
وتُوُفّي فِي خامس ذي القعدة.
وكان أبوه سُنِّيًا لَهُ مَعَ بني عُبيد مواقفُ وأمورُ.
226- إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ [1] بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن تميم بْن الْحُسَيْن.
أَبُو إِسْحَاق، التميميّ، الصَّقَلِّي، المَحَلِّيُّ المولدِ والمنشأ، العدلُ، أمينُ الحكمِ بالمحَلَّةِ.
وُلِد سنة خمسٍ وخمسين.
وسَمِعَ من السِّلَفيّ.
رَوَى عَنْهُ الزَّكيّ المُنذريّ، وغيرُه من المصريّين.
وَحَدَّثَنَا عَنْهُ عَبْد القويّ بْن عَبْد الكريم المنذريُّ.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة.
227- إِسْحَاق بْن أَحْمَد [2] بْن غانم.
أَبُو مُحَمَّد، العَلْثِيُّ، الحَنبليُّ، الزاهدُ.
سَمِعَ ببغداد من عُبَيْد اللَّه بْن شاتيل، وغيرِه.
وحدَّث بالعَلْث.
وكانَ صالحا، زاهدا فقيها، عابدا، قَوَّالًا بالحقِّ، أَمَّارًا بِالْمَعْرُوفِ، لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائم.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 252، والمقفى الكبير 1/ 205، 206 رقم 224.
[2] انظر عن (إسحاق بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 441 رقم 2720، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 205- 211 ومختصره 68، والمنهج الأحمد 371، والمقصد الأرشد، رقم 637، والدر المنضد 1/ 369 رقم 1030، وشذرات الذهب 5/ 163، والتاج المكلل للقنوجي 232- 236.(46/181)
تُوُفّي بالعلْثِ فِي ربيع الأوّل.
ذكَره الحافظُ عَبْدُ العظيم فقال [1] : قيلَ إنه لم يَكُنْ فِي زمانهِ أكثرُ إنْكارًا للمُنْكَرِ منه، وحُبِسَ عَلَى ذَلِكَ مدّة.
وهو ابنُ عم المحدثِ الزاهدِ طلحةَ بْن مظفّر العَلثي- الّذِي مَرَّ فِي سنة 593.
والعلْثُ: من قُرى بغداد.
وقد سَمِعَ الشيخُ إِسْحَاق أيضا من عَبْدِ الرزاقِ الجيليِّ، وابن الأخضر، وجماعةٍ.
رَوَى عَنْهُ العمادُ إِسْمَاعِيل بْن عَلِيّ الطَّبَّال.
وقيلَ: إنّه مات فِي صفر، ذكَره الفَرَضيُّ.
ورأيتُ لَهُ رسالة فِي ورقاتِ كَتَبها إلى ابن الْجَوْزيّ يُنْكِرُ عَلَيْهِ خوضَه فِي التأويل، ويُنكرُ عَلَيْهِ ما خاطبَ بِهِ الملائكة عَلَى طريقِ الوعظِ، فما أقصَرَ، وأبانَ عن فضيلةٍ وَوَرَعٍ- رحمه اللَّه-.
228- أسعدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن [2] بْن الخضر بْن هبة اللَّه بْن حُبَيْش.
وجيهُ الدّين، أَبُو التَّمام، التّنوخيُّ، الدّمشقيّ.
رَوَى عن إِسْمَاعِيل الجنزويّ.
روى عنه: الزّكيّ البرزاليّ، والمجد ابن الحُلْوانية. وأجاز للقاضي تقيِّ الدّين الحنبليّ، وإِبْرَاهِيم بْن أَبِي الْحَسَن المُخَرّميّ، وجماعة.
وتُوُفّي فِي ثالثِ صفر.
وكان رئيسا فاضلا، وشاعرا محسنا.
229- إقبالُ بنُ أَبِي مُحَمَّد [3] .
أَبُو عَلِيّ، الحَريميّ المشتري.
__________
[1] في التكملة 3/ 441.
[2] انظر عن (أسعد بن عبد الرحمن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 433 رقم 2698، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 112، 113، وبغية الطلب لابن العديم (المصوّر) 4/ 67 رقم 466.
[3] انظر عن (إقبال بن أبي محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 444 رقم 2726.(46/182)
سَمِعَ من يحيى بْن السَّدَنْك.
ومات فِي جُمَادَى الأولى.
230- أنْجَبُ بْن مُحَمَّد [1] بْن أَبِي القاسم بْن أَبِي الْحَسَن بْن صِيلا.
أَبُو مُحَمَّد، الحربيُّ، الحَماميُّ.
سَمِعَ من قرابتِه أَبِي بَكْر عتيقِ بْن صِيلا فِي سنة اثنتين وستين وخمسمائة.
رَوَى عَنْهُ بالإجازةِ: القاضيان شهابُ الدّين الخُوَيّي، وتقيُّ الدّين الحنبليُّ، والفخرُ إسماعيلُ بْن عساكر، وأبو نصر ابن الشّيرازيّ.
وتُوُفّي فِي رمضان.
[حرف الباء]
231- بركاتُ بْن ظافر [2] بْن عساكر بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد.
المحدِّثُ، وجيُه الدّين، أَبُو اليُمنِ، الأَنْصَارِيّ، الخَزْرَجيُّ، الْمَصْريّ، الصَّبَّانُ.
سَمِعَ الكثير من: أبي القاسم البوصيري، وأبي عبد الله الأرتاحي، وأَحْمَد بْن طارق الكرْكيّ، وفاطمة بنتِ سعدِ الخير، وأَبِي نزارِ ربيعةَ اليَمَني، وابنِ المُفَضَّل، وخلقٍ كثير. حَتَّى إنه سَمِعَ مِمَّن هُوَ أصغرُ منه. وكتبَ الكثيرَ.
وحدَّث. وعني بفنِّ الرواية. ولم يزل يَسْمَعُ إلى أن مات.
رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المنذريُّ، وبالإجازة غيرُ واحد.
وله نظمٌ ونثر، ومعرفةٌ بالطبِّ والهندسةِ.
وُلِد سنة ستين. وتُوُفّي فِي أوّلِ ربيع الآخر.
وذكرَهُ ابْن مسدي فِي «معجمه» فقالَ: كَانَ يستفيد ولا يفيد، ويستعير ولا
__________
[1] انظر عن (أنجب بن محمد) في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 274، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 456 رقم 2753، وسيعاد في وفيات السنة الآتية برقم (322) .
[2] انظر عن (بركات بن ظافر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 441، 442 رقم 2722، والوافي بالوفيات 10/ 116 رقم 4572.(46/183)