والسيف عَبْد الرَّحْمَن بْن محفوظ الرسْعَنيّ.
والشمس مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن عليّ بْن عون الدّين ابن هبيرة.
والوجيه منصور بن سليم ابن العماديَّة الإِسكندريّ.
والنّفيس هبة الله بْن مُحَمَّد بْن جرير الزَّبدانيّ.
والمعين عليّ بْن أَبِي العَبَّاس، نائب الحكم بالإسكندرية.
وناصر الدّين مُحَمَّد بْن عرب شاه المحدّث.
ومهلهل الشَّقْراويّ، شيخ رَوى عَنِ الموفق.
والسيف أَبُو بَكْر بردويل بْن إسْمَاعيل بْن بردويل الفرّاء بدمشق.(43/286)
سنة ثمان وستمائة
[حرف الألف]
378- أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن أَبِي البقاء [1] بْن الْحَسَن.
أَبُو العَبَّاس العَاقُوليّ، البغداديّ، المقرئ.
وُلِد يوم عاشوراء سنة ستٍّ وعشرين وخمسمائة.
وقرأ القراءاتِ عَلَى أَبِي الكَرَم الشَّهرُزوريّ، وغيره. وسَمِعَ بإفادة أخيه من: أَبِي منصور القزّاز، وأبي منصور بن خيرون، وأبي الْحَسَن بْن عَبْد السلام، وأبي سعد أحمد بن محمد البغداديّ.
وروى الكثيرَ، وأقرأ النّاس، وعَجَزَ قبل موته، وانقطع. وكان صدوقا، قانعا، متعفّفا، حَسَنَ الأخلاقِ، طَيِّبَ الصّوتِ بالقرآن.
روى عَنْهُ: الدُّبَيْثِيّ، والضّياء، وابن عبد الدّائم، والنّجيبُ عَبْد اللّطيف، وجماعة.
وتُوُفّي يوم التّروية.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن الحسن بن أبي البقاء) في: إكمال الإكمال لابن نقطة (الظاهرية) ورقة 56، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 167، 168، وتاريخ بغداد للبنداري، ورقة 28، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 234، 235 رقم 1217، ومشيخة النجيب عبد اللطيف، ورقة 110- 112، وتاريخ إربل 1/ 288، والإعلام بوفيات الأعلام 250، والإشارة إلى وفيات الأعيان 318، والمختصر المحتاج إليه 1/ 179، والمشتبه 1/ 85، والعبر 5/ 27، وسير أعلام النبلاء 22/ 21 رقم 15، ومعرفة القراء الكبار 2/ 598 رقم 557، وتلخيص مجمع الآداب 1/ 530، ومرآة الجنان 4/ 16، وتوضيح المشتبه 1/ 561 و 4/ 14، وغاية النهاية 1/ 45، 46 رقم 189، والنجوم الزاهرة 6/ 205، وشذرات الذهب 5/ 32.(43/287)
وآخر من روى عنه بالإجازة الكمال عبد الرَّحْمَن المكبِّر.
قَالَ ابنُ نُقْطَة [1] : يلقّب بالبَطِي- بتخفيف الطّاء- صحيح القراءات والسّماع.
379- أَحْمَد بْن عَبْد السّخيّ، العُمَريّ، الواسطيّ.
سَمِعَ أبا الفتح بْن شاتيل. وقَدِم دمشق، وحَدَّثَ بها في سنة ثمانٍ هذه.
سَمِعَ منه النّجيبُ الصَّفَّار.
380- أَحْمَد بْن عَبْد الودود [2] بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ.
أَبُو القَاسِم بْن سَمَجون الهلاليّ، الأندلسيّ، المُنكَّبِيّ [3] ، القاضي.
سَمِعَ أَبَاهُ، وأبا بَكْر ابن الخلوف. وأجاز له أبو بكر ابن العربيّ وغيرهُ.
وخطب بجامع قرطبة.
قَالَ الأبّار [4] : وكان فقيها ديِّنًا، ناظما ناثرا، بارعَ الخطّ، واسعَ الحظّ مِن العلم. حدَّثَ عَنْهُ جماعة، وفاتني السّماع منه. وتُوُفّي فُجاءةً بغَرناطة في ربيع الآخر، وله ثمانون سنة.
قَالَ ابْن مَسْدي: كَانَ أحدَ أعيان الأندلس عِلمًا وحَسَبًا، وعَيْن المُتَمَيِّزين فضلا وأدبا، فاقَ الأقران نَظْمًا ونَثْرًا، وطار خَبَرًا وخُبْرًا، وكانت الرِّحْلَة إِلَيْهِ. وهو آخِرُ مَنْ روى بالسّماع عَنْ يَحْيَى بْن الخَلُوف المقرئ. سَمِعْتُ منه بعضَ «صحيح» مُسْلم، ومات ببلدته المُنكَّب في رابع جُمادي الآخرة [5] سنة سبع.
__________
[1] في إكمال الإكمال، ورقة 56.
[2] انظر عن (أحمد بن عبد الودود) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 100، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 1/ 271، 272 رقم 351.
[3] المنكبيّ: بضم الميم وفتح النون وتشديد الكاف وفتحها والباء الموحّدة. نسبة إلى:
المنكّب، بلد على ساحل الأندلس من أعمال ألبيرة.
[4] في تكملة الصلة 1/ 100.
[5] وقال ابن عبد الملك الأنصاري: توفي بغرناطة فجأة بعد صلاة العشاء من ليلة الأحد الرابعة عشرة من ربيع الآخر سنة ثمان وستمائة. قال أبو القاسم الملاحي: فارقته عند المغرب بسوق العطارين بغرناطة فنعي لي عند الصبح. ودفن إثر صلاة العصر من يومه بروضة(43/288)
كذا أرّخه الحافظ ابن مَسديَ، ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى سنة إحدى وأربعين، أَخْبَرَنَا الطّبريّ بمكَّة، أخبرنا عبد الغافر الفارسيّ، من «مُسْلم» [1] .
381- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه.
أَبُو بَكْر الفارفانيّ، الأصبهانيّ، الأعرج، ابن أخي عفيفة.
روى عَنْ إسْمَاعيل الحمّاميّ. وعاش نيِّفًا وستّين سنة.
سَمِعَ منه الضّياءُ المقدسي. وقال: لم يكن مَرْضيًّا. تُوُفّي في رمضان.
382- إِبْرَاهيمُ بْن مُحَمَّد بْن فارس [2] بْن شاكلة.
أَبُو إِسْحَاق السُّلميّ، الذَّكْوانيّ [3] ، الصّعيديّ، الأسود.
سكن مَرَّاكُشَ، ودخل الأندلسَ، وكان شاعرا محسنا ذكيّا. أقرأ «المقامات» تفهّما.
__________
[ () ] سلفه بمقبرة باب ألبيرة، وكان الحفل في جنازته عظيما، والثناء عليه جسيما.
[1] وقال ابن عبد الملك الأنصاري: وكان من أهل الفضل التام وحسن العشرة وكرم الصحبة وبراعة الخط والمعرفة الكاملة بطرق الرواية والحذق بعلم الأدب، وكان أغلب عليه مع وفور الحظ من علوم شتى يقرض نفيس الشعر ويجيد إنشاء الخطب والرسائل، ومنظومه كثير في الزهد وغيره، ومنه ما كتب به شافعا في حق بعض طلبة العلم إلى أحد أصدقائه من أهل الأدب:
أهل الأصالة لا يضيع لديهم ... رجل حسيب قد توشّح بالأدب
وموصّل المكتوب إن باحثته ... جمع الصيانة والتعفّف والطلب
واستقضي بالمنكّب وغيرها من بنيّات غرناطة، وكان من بيت علم وقضاء، تردّد منهم في ثمانية عشر قاضيا من سلفه وشهر بالعدل والنزاهة والطهارة وتمشية الحق والإنصاف إلى أن أسنّ وضعف عن تقليد القضاء فلازم إقراء الحديث وإفادة العلم وعلق روايته لعلوّ سنّة فتنوفس في الأخذ عنه وعرف بالثقة والعدالة. مولده صبيحة اليوم المنجلي عن الليلة الثانية عشرة من صفر ثمان وعشرين وخمسمائة.
[2] انظر عن (إبراهيم بن محمد بن فارس) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 177، والوافي بالوفيات 6/ 120 رقم 2725 وفيه: «إبراهيم بن يعقوب الكاتمي» ، والمقفى الكبير للمقريزي 1/ 317 رقم 375.
[3] وقع في تكملة الصلة «الذكراني» .(43/289)
تُوُفّي في هذه السنة أُو سنة تسعٍ.
383- أسياه مير [1] بْن مُحَمَّد بْن نعمان.
أَبُو عَبْد الله الجيليّ، الحنبليّ.
تفقّه عَلَى الشيخِ عبد القادر. وحدّث عن أبي محمد ابن المادح، وغيرِه [2] .
[حرف الباء]
384- بزغُش [3] ، الأمير صارم الدّين العادليّ.
تُوُفّي بدمشق، وله تربةٌ غربيّ جامع الجبل.
[حرف الجيم]
385- جهاركس [4] ، الأمير الكبير فخر الدّين الصّلاحيّ.
__________
[1] انظر عن (أسياه مير) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 78، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 223 رقم 1188، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 63 رقم 232، وشذرات الذهب 5/ 33.
[2] وقال ابن النجار: كان شيخا صالحا، مشتغلا بالعلم والخير، مع علوّ سنّه، وأظنّه ناطح المائة. (الذيل على طبقات الحنابلة) .
[3] انظر عن (بزغش الأمير) في: ذيل الروضتين 80، والمقفى الكبير للمقريزي 2/ 411 رقم 920 وفيه، «برغش» بالراء المهملة، وهو تحريف، وعقد الجمان 17/ ورقة 337.
[4] انظر عن (جهاركس) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 558 وفيه اسمه «شركس» ، وذيل الروضتين 79 وفيه «سركس» ، بسينين مهملتين، ووفيات الأعيان/ 381 رقم 146، والمختصر في أخابر البشر 3/ 113 وفيه وفاته سنة 607 هـ.، ونهاية الأرب للنويري 29/ 54، والدر المطلوب 170، والإعلام بوفيات الأعلام 250، والعبر 5/ 27، وتاريخ ابن الوردي 2/ 130 (وفيه وفاته سنة 607 هـ.) ، والبداية والنهاية 13/ 63، والوافي بالوفيات 11/ 205، 206 رقم 303، والسلوك ج 1 ق 1/ 171 وفيه وفاته سنة 607 هـ.، وعقد الجمان 17/ ورقة 332، وتاريخ ابن الفرات 5 ق 1/ 122، والمنهل الصافي لابن تغري بردي 4/ 208، 209 رقم 810، والدليل الشافي، له 1/ 233 رقم 808، وشذرات الذهب 5/ 32، والدارس في تاريخ المدارس 1/ 496، ومنادمة الأطلال 163، وتاريخ الصالحية لابن طولون 1/ 135.(43/290)
أعطاه العادل بانياس، وتِبْنِين [1] ، والشَّقِيف [2] فأقام بها مُدَّة، وتُوُفّي في رجب، ودُفِنَ بتربته بسفح قاسيون. وأقرّ العادلُ ولدَهُ عَلَى ما كَانَ لأبيه، ثُمَّ لم تَطُلْ حياتُه بعدَ أَبِيهِ.
وله بالقاهرة قَيساريَّة مشهورة كُبرى. وكان أكبر مَن بقي من أمراء صلاح الدّين وابنه المَلِك العزيز.
وقيل: مات في سنة سبْع.
[حرف الحاء]
386- الحَسَن بْن مُحَمَّد [3] بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن حَمْدُون.
أَبُو سعد [4] البغداديّ، الكاتب، المنشئ.
ولد سنة سبع وأربعين وخمسمائة.
وسَمِعَ الكثيرَ من والده أَبِي المعالي بْن حَمْدُون، وأبي جَعْفَر أَحْمَد بْن مُحَمَّد العبّاسيّ، وابن البَطِّيّ، وجماعة.
وكتب بخطّه الكثيرَ، وجمعَ فوائد.
وبيته مشهور بالكتابة والرئاسة ببغداد، وهو ابن مصنّف «التّذكرة» [5] .
__________
[1] تبنين: بكسر التاء المثناة وسكون الموحّدة. قرية من قرى صور بجنوب لبنان.
[2] بلدة وقلعة بجنوب لبنان.
[3] انظر عن (الحسن بن محمد) في: معجم الأدباء 9/ 184، والكامل في التاريخ 12/ 199، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 6، وذيل الروضتين 79، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 220، 221 رقم 1182، والمختصر المحتاج إليه 2/ 23 رقم 591، والعبر 5/ 27، والوافي بالوفيات 12/ 221، 222 رقم 206، والبداية والنهاية 13/ 62، 63، والعسجد المسبوك 2/ 339، 340، وشذرات الذهب 5/ 32.
[4] تصحّفت في معجم الأدباء 9/ 184 إلى: «أبو سعيد» .
[5] نسبه أبو شامة اليه في (ذيل الروضتين 79) وقال المنذري: والده أبو المعالي محمد أحد الكتّاب الفضلاء سمع من غير واحد، وحدّث، وهو مصنّف كتاب التذكرة المشهور، وقد أجاد فيه وأحسن. (التكملة لوفيات النقلة 2/ 221) .
ونسبه ابن كثير في البداية والنهاية 13/ 62 إلى صاحب الترجمة، فغلط.(43/291)
وجدُّه أَبُو سعد هُوَ أحدُ الكُتاب النُّبلاء لَهُ تصنيفٌ في معرفة الأعمال والتَّصرُّف.
وكان تاجُ الدّين أَبُو سعد فاضلا بارعا، مُغْرًى بجمع الكتب، وَليَ المارستان العضُديّ، وتأدَّب عَلَى ابن العصّار.
387- الحسين ابن العلّامة أَبِي مُحَمَّد عَبْد السّلام [1] بْن عتيق السَّفاقُسيّ.
الفقيه، أَبُو عليّ.
روى عَنْ: أَبِي مُحَمَّد العثمانيّ.
وتُوُفّي في ربيع الأول.
[حرف الخاء]
388- خُسْروشاه [2] بْن قليج.
صاحب الروم.
فيها تُوُفّي- قاله أَبُو شامة.
389- الخَضِرُ بْن عليّ [3] بْن مُحَمَّد الإِربليّ.
المجاور بمكَّة.
روى عن: نصر بن نصر العكبريّ [4] .
__________
[1] انظر عن (الحسين بن عبد السلام) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 222 رقم 1186.
[2] انظر عن (خسروشاه) في: ذيل الروضتين 80، والبداية والنهاية 13/ 63.
[3] انظر عن (الخضر بن علي) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 42، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 225 رقم 1195، وتاريخ إربل 1/ 185- 187 رقم 90، وتلخيص مجمع الآداب 3/ 167، و 4/ رقم 2092، والمختصر المحتاج إليه 2/ 56 رقم 643، وإتحاف الورى لابن فهد 3/ ورقة 63.
[4] وقال ابن المستوفي: ولما وصل أبو عبد الله محمد الدبيثي إربل وجدته قد ذكره في تاريخه وذكر أنه أجاز له وعرّفني إنه المقيم بمكة، وكان الفقير إلى الله تعالى أبو سعيد كوكبوري بن على يصله في كل سنة بجائزة سنية ويشركه مع نوابه الذين تنفذ على أيديهم الصدقات المألوفة إلى مكة في تفريقها على أهلها. (تاريخ إربل 1/ 186) .(43/292)
390- الخضر بْن كامل [1] بْن سالم بْن سُبَيْع [2] .
أَبُو العَبَّاس الدّمشقيّ، السُّرُوجيّ، الخاتونيّ، الدّلّال، المعَبّر.
ولد في رمضان سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة.
وسَمِعَ مِن: الفقيه نصر الله المِصِّيصِيّ، وأبي الدّرّ ياقوت الروميّ، وقَدِمَ بغداد مَعَ أَبِيهِ، فَسَمِعَ من الحُسَيْن بْن عليّ سبط الخَيّاط.
وطال عمره، روى الكثير، روى عنه: ابن خليل، والضّياء، والزّكيّ البرزاليّ، والزّكيّ المنذريّ، والشّهاب القُوصيّ، والتّقيّ اليَلْدانيّ، والفخر عليّ، وآخرون.
وتُوُفّي في الثّاني والعشرين من شوّال.
[حرف الراء]
391- رِضوان بْن رفاعة [3] بْن غارات المَصْرِيّ، الشّارعي [4] .
المقرئ، الشافعيّ.
سَمِعَ: مُحَمَّد بْن رسلان، ومحمد بْن أحمد ابن البنّاء. وكان مشهورا بالورع والصّلاح.
تُوُفّي في صفر.
__________
[1] انظر عن (الخضر بن كامل) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 42، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 232، 233 رقم 1213، والمختصر المحتاج إليه 2/ 57 رقم 645، والإعلام بوفيات الأعلام 250، والإشارة إلى وفيات الأعيان 318، والعبر 5/ 27، وسير أعلام النبلاء 22/ 11 رقم 4، والنجوم الزاهرة 9/ 205، وشذرات الذهب 5/ 33.
[2] سبيع: بضم السين المهملة وفتح الباء الموحّدة وسكون الياء آخر الحروف. (المنذري) .
[3] انظر عن (رضوان بن رفاعة) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 221 رقم 1184، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 230.
[4] قال المنذري: الشارعي بالشارع ظاهر القاهرة.(43/293)
وكان يَؤُمُّ بمسجد سعدِ الدّولة بقلعة الجبل [1] .
[حرف الشين]
392- شُكر بْن صَبْرة [2] بْن سلامة بْن حامد.
أبو الثّناء السُّلَميّ، العَوْفي، الإِسكندرانيّ، المقرئ.
قرأ القراءاتِ عَلَى اليسَع بْن حَزْم الغافقيّ، وسَمِعَ مِن السِّلَفيّ، وجماعة.
وأقرأ النّاسَ مدَّةً، وكان بارعا في القراءات، مُجَوِّدًا، عارفا بالأنساب، قديمَ المولد.
تُوُفّي بالإِسكندرية في سادس ربيع الأوّل.
[حرف الصاد]
393- صدقةُ بْن عليّ [3] بْن صدقة.
أَبُو مُحَمَّد الأزَجيّ، الكَيَّال.
سَمِعَ من: أَبِي الوقت، وأبي جَعْفَر أَحْمَد بْن مُحَمَّد العبّاسيّ، وغيرهما.
تُوُفّي في ذي الحِجَّة.
__________
[1] وقال المنذري: اجتمعت معه ولم يتفق لي السماع منه.
[2] انظر عن (شكر بن صبرة) في: إكمال الإكمال لابن نقطة، (دار الكتب المصرية) مادّة «صبرة» ، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 222، 223 رقم 1187، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 223، والمشتبه 2/ 207، وتوضيح المشتبه 5/ 404، وغاية النهاية 1/ 328 رقم 1430.
و «صبرة» : بفتح الصاد المهملة وسكون الباء الموحّدة وبعدها راء مهملة وتاء تأنيث.
(المنذري) .
[3] انظر عن (صدقة بن عليّ) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 83، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 235 رقم 1218، والمختصر المحتاج إليه 2/ 112 رقم 729، وتاج العروس 2/ 507.(43/294)
[حرف العين]
394- عَبْد الجليل بْن موسى [1] بْن عَبْد الجليل القصريّ [2] .
الإِمام القُدوة شيخ الإسلام أَبُو مُحَمَّد الأنصاريّ، الأوسيّ، الأندلسيّ، القُرطُبيّ.
وشُهِرَ بالقصريّ لنزوله قصَر عَبْد الكريم، وهو قصر كُتامة.
حمل «الموطّأ» عَنْ أَبِي الحَسَن بْن حُنَيْن الكِنانِيّ محدّث فاس. وصَحِبَ الشيخ أبا الحَسَن بْن غالب الزّاهد بالقصر ولازمه.
وكان رأسا في العلم والعمل، منقطعَ القرين، فارغا عَنِ الدّنيا. صَنَّف «التّفسير» وشَرَحَ الأسماء الحُسْنى. وله كتاب «شُعَب الإِيمان» وكلامه في العرفان بديع مُقَيَّدٌ بظواهر الأثر.
ذكره ابنُ الزّبير، فبالغ في وصفه، وقال: كلامه في طريقة التّصوّف، سهلٌ محرَّر، مضبوطٌ بظاهر الكتاب والسُّنَّة. وله مشاركةٌ في علومٍ شَتَّى، وتصرُّفٌ في العربية. ختم به بالمغرب التّصوّف عَلَى الطّريقةِ الواضحة، ورُزقَ من عَلِيِّ الصّيتِ والذِّكْرِ الجميل ما لم يُرزق كبيرُ أحَدٍ من النّاس. مات بسبتةَ في سنة ثمان وستمائة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْد الله الأزْديّ، وأَبُو الحسن الغافقيّ، وغيرهما.
__________
[1] انظر عن (عبد الجليل بن موسى) في: تكملة الصلة لابن الأبار 654 (3/ ورقة 42 من نسخة الأزهر) ، وسير أعلام النبلاء 21/ 420، 421 رقم 215 ولم يؤرّخ هنا لوفاته، و 22/ 11، 12 رقم 5 وأرّخ وفاته هنا، والوافي بالوفيات 18/ 51 رقم 49، وطبقات المفسرين للسيوطي 16، وطبقات المفسرين للداوديّ 1/ 159، ونيل الابتهاج للتنبكتي 184، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 245 رقم 250.
[2] أورد المؤلّف الذهبي- رحمه الله- ترجمة له في وفيات سنة 601 وهي السنة التي أجاز فيها عبد الجليل بن موسى لأبي موسى لأبي محمد بن حوط الله، فاعتبر أنه بقي إلى تلك السنة، وهكذا فعل في (سير أعلام النبلاء 21/ 420، 421) ، وحين وقف على تاريخ وفاته، أعاده ثانية هنا، وكتب بجانب ترجمته الأولى: «يحوّل» ثم أضاف إلى آخر الترجمة: «مات سنة ثمان» .(43/295)
395- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله [1] .
أَبُو القَاسِم الروميّ، عتيق أَحْمَد بْن عُمَر بْن باقا.
قرأ القرآن عَلَى أَبِي الكَرَم الشّهرُزوريّ. وسَمِعَ من: أَبِي الوقت السِّجْزِيّ، وأحمد بْن المقرّب، وأبي طاهر السِّلَفيّ، وجماعة.
وحَدَّثَ بمصر والثّغر. وكان شيخا صالحا حَدَّثَ «بصحيح البخاريّ» قبل موته، روى عَنْهُ «الصّحيح» الحافظ زكيّ الدّين المنذريّ [2] .
وروى عَنْهُ: جَعْفَر بْن عليّ القمّوديّ الإِسكندريّ، والحسن بْن موسى بْن فَيّاض المالكي، وسيف بْن سَند الضّرير، وجماعة من شيوخ شيخنا الدّمياطيّ.
وكان تاجرا سَفَّارًا، حكى ابن مَسْدي عَنِ الأسعد بْن مقرّب، قَالَ:
خرجت في جماعةٍ نتفرّج، فرأينا قافلة، فنظرت إِلى شيخٍ حَسَن الشَّيبة والبزَّة، فقلت: ما أحسنَ هذا الشيخَ لو كَانَ عنده سماع، فَقَالَ: وما يدريك إذ يكون عنده، فَقَالَ ابن مقرّب لَهُ: ممّن؟ قَالَ: من أَبِي الوقت، ومعي بعضُ ذَلِكَ.
فتركتُ الفُرجة، ورجعتُ في خدمته إِلى البلد- يعني الإسكندرية.
وتُوُفّي في الحادي والعشرين من ذي القعدة.
396- عَبْد الرشيد بْن مُحَمَّد [3] بْن عليّ.
أَبُو مُحَمَّد المَيْبُذِيّ.
محدّث سَمِعَ الكثيرَ بأصبهان، وصَحِبَ أبا موسى المدينيّ، وأكثر عنه.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد الله) في: التقييد لابن نقطة 344 رقم 424، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 119، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 234 رقم 1215، والعبر 5/ 28، وحسن المحاضرة 1/ 176، وشذرات الذهب 5/ 33، 34.
[2] وقال المنذري: قرأت عليه جميع صحيح البخاري في مدة قريبة، وكان شيخا صالحا.
(التكملة) .
[3] انظر عن (عبد الرشيد بن محمد) في: معجم البلدان 5/ 240، وتاريخ ابن الدبيثي باريس 5922) . ورقة 181، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 236، 237 رقم 1221، وسيعاد في السنة التالية برقم 453.(43/296)
وقَدِمَ بغداد، فَسَمِعَ من ابن بَوْش، وابن كليب وطائفة، وحدّث عن أَبِي العَبَّاس التُّرك.
ومْيبّذ: بُليدة قريبة من يزد بنواحي أصبهان.
397- عَبْدُ السّلام بْن شعيب [1] بْن طاهر.
أَبُو القَاسِم الهَمَذَانيّ، الوطيسيّ.
من بقايا الشيوخ بِهَمَذَانَ. سَمِعَ من: أَبِي بَكْر بن هبة اللَّه بْن الفَرَج ابن أخت الطويل، ونصر بْن المظفّر، وشهردار بْن شيرُوَيه، وجماعة، ورحل إِلى أصبهان، وسَمِعَ بها، وحَدَّثَ.
والوَطيسُ: التَّنُّور.
أجاز للفخر عليّ، وغيره [2] .
وتُوُفّي في أواخر شعبان.
398- عَبْدُ الصّمد بْن أَبِي الفتح سُلطان [3] بْن أَحْمَد بْن الفَرَج الْجُذاميّ الصّويتيّ، النّحْويّ، الطّبيب.
معتمد الدّين أَبُو مُحَمَّد بْن قراقيش.
ولد سنة أربعين وخمسمائة.
وقرأ القرآن عَلَى الشريف الخطيب أَبِي الفُتوح، وقرأ العربية على سناء
__________
[1] انظر عن (عبد السلام بن شعيب) في: التقييد لابن نقطة 354 رقم 444، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 230 رقم 1207.
[2] وقال ابن نقطة: وكان شيخا صالحا ثقة، يكتب طباق السماع في الأجزاء على البرمكي قبل الخمسين وخمسمائة، وسماعه من أبي بكر ابن أخت الطويل في سنن أبي داود في سنة ثمان وسنة تسع وثلاثين وخمسمائة ... سمعت منه سنن أبي داود وغير ذلك بهمذان. (التقييد) .
[3] انظر عن (عبد الصمد بن سلطان) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 225، 226 رقم 1196، ومعرفة القراء الكبار 2/ 597، 598 رقم 556، والوافي بالوفيات 18/ 445 رقم 468، وغاية النهاية 1/ 388 رقم 1657، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 186، وحسن المحاضرة 1/ 498، وبغية الوعاة 2/ 96.(43/297)
المُلك أسعد بْن عليّ الحسينيّ، الجوَّانيّ. وكان إماما بارعا في العربية والطّبّ، وكان مِن أعيان الأطبّاء.
399- عَبْد المؤمن بْن مُحَمَّد [1] بْن أَبِي مَنْصُور الْمُبَارَك بْن مُحَمَّد، القاضي أَبُو الفضل المدائنيّ، قاضي المدائن.
وَلِيَ القضاءَ بعد أخيه عَبْد الحميد [2] ، وكان أبوهما قاضي المدائن أيضا.
مات في المحرّم.
400- عبدُ الواحد بْن عَبْد الوهّاب [3] بْن عَلِيّ بْن عَلِيّ ابن سكينة.
ولد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة.
وسَمِعَ من ابن البَطّيّ، وأبي زُرْعَة، وجماعة.
وسافر الكثيرَ، ودخل إِلى مصر، والشّام، وتُوُفّي بجزيرة قيس [4] .
قَالَ أَبُو شامة [5] : هُوَ معينُ الدّين ابن سُكينة. سافر إِلى الشام في أيام المَلِك الأفضل، فَبَسَطَ لسانَه في الدّولة العباسية، فأرسلوا إِلَيْهِ مَنْ يقتلُه، فوثبَ عَلَيْهِ مَن يقتله غيرَ مرَّة بدمشق ويَسْلَمُ. ثُمَّ كتب إِلى الخليفة كتابا فيه التّنصُّلُ ممّا رُمي بِهِ، ويسألُ العفو، فَعُفِيّ عَنْهُ. ثُمَّ قدِم بغداد، فولّوه مشيخة الشيوخ، ثُمَّ بعثه الخليفة رسولا إِلى جزيرة قيس في جماعة صوفية، فَغَرقُوا في البحر في شعبان [6] .
__________
[1] انظر عن (عبد المؤمن بن محمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 144، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 221 رقم 1183، والمختصر المحتاج إليه 3/ 44 رقم 819.
[2] توفي سنة 598.
[3] انظر عن (عبد الواحد بن عبد الوهاب) في: الكامل في التاريخ 12/ 298، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 174، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 256- 258 رقم 141، وذيل الروضتين 79، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 1471، والمختصر المحتاج إليه 3/ 77 رقم 888، والعسجد المسبوك 2/ 339، وعقد الجمان 17/ ورقة 337، والنجوم الزاهرة 6/ 203، 204.
[4] ويقال لها أيضا: «كيش» . انظر: معجم البلدان 4/ 215، 216.
[5] في ذيل الروضتين 79.
[6] وقال ابن النجار: قرأ القرآن، وتفقّه، وقرأ الأدب وسافر، فأقام في الغربة نحوا من(43/298)
401- عُبَيْد الله بْن خُطْنطاش [1] التّركيّ.
أَبُو مُحَمَّد.
من شيوخ الصّعيد. شيخ صالح مشهور، انتفع بِهِ جماعةٌ وصحِبوه.
وتُوُفّي بإخميم، وتُوُفّي [2] في آخر جُمادي الآخرة.
حكى عَنْهُ من كلامه الحافظُ عبدُ العظيم.
402- عقيلُ بْن عطيَّة.
أَبُو طالب وأَبُو المجد القُضاعيّ، الأندلسيّ، الطّرطوشيّ، ثُمّ المَرّاكُشيّ.
روى عَنْ: أَبِي القَاسِم بْن بَشْكُوَال، وأبي القَاسِم بْن حُبيش، وأبي نصر فتح بْن مُحَمَّد، وجماعة. وولي قضاءَ غَرناطة.
وقد ذكره الأبَّارُ، فَقَالَ: كَانَ مُقدّمًا في صناعةِ الحديث، وله رَدٌّ عَلَى أَبِي عُمَر بْن عَبْد البرّ في بعض تواليفه، وتنبيهٌ عَلَى غلطاته.
__________
[ () ] عشرين سنة يتردّد ما بين الحجاز، والشام، ومصر، والجزيرة، وسميساط، وغيرها، ويخالط ملوكها، وتولى المشيخة برباط بيت المقدس ثم بخانكاه خاتون بظاهر دمشق، ثم عاد إلى بغداد في سنة أربع وستمائة وتلقّى من الديوان التعظيم والاحترام، وتولّى المشيخة برباط جدّه شيخ الشيوخ، ولقّب بلقبه. وكان غزير الفضل، كامل العقل، رجلا من الرجال، قد حنّكته التجارب ومارس الأمور، وصحب المشايخ الكبار والصالحين. وله النظم والنثر، ويحفظ من الحكايات والأناشيد شيئا كثيرا. وكان من ظراف الصوفية ومحاسن الناس، وألطفهم خلقا. وأرقّهم طبعا، وأكثرهم تواضعا، وكان خطّه في غاية الرداءة لا يمكن أن يقرأ.
أنشدني أبو الفتوح عبد الواحد بن عبد الوهاب بن علي شيخ الشيوخ لنفسه:
دع العذّال ما شاءوا يقولوا ... فأين السمع مني والعذول
أتوا بدقيق عذلهم ليمحو ... هوى جللا له خطر جليل
وسمعي عنهم في كل شغل ... يوجد شرحه شرح يطول
تمكّن في شغاف القلب حتى ... غدا ورسيسه فيه دخيل
(ذيل تاريخ بغداد 1/ 257، 258) .
[1] انظر عن (عبيد الله بن خطنطاش) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 227 رقم 1199.
[2] هكذا كرّرها المؤلّف- رحمه الله-، فكأنه أضافها في وقت لاحق.(43/299)
سمع منه أبو جعفر ابن الدّلّال، وأَبُو الحَسَن بْن منخل الشاطبيّ. وولي بأخَرةٍ قضاءَ سجلماسة، وتُوُفّي بها في صفر وقد قارب السّتّين.
403- عليّ بْن أَحْمَد بْن عمر [1] بن حسين.
أبو القاسم ابن القَطِيعِيّ، الصَفَّار، أخو المحدّث أَبِي الحَسَن.
سَمِعَ من: أبي بكر ابن الزّاغونيّ، وأبي الوقت، وجماعة. وحَدَّثَ.
وهو منسوب إِلى قطيعة العجم بباب الأزَج، وكان أَبُوهُ من كبار الحنابلة [2] .
404- عليّ بْن عَبْد الرّزّاق [3] بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن علي أبو الحسن بن الجوزيّ، الدّهّان.
سمّعه عمّه الإمام أَبُو الفَرَج من أَبِي الفضل الأُرمَويّ، وعمر بْن عَبْد الله الحربيّ.
روى عَنْهُ: ابنُ الدُّبَيْثِيّ، وابن النّجّار وقال: كَانَ ساكنا مهيبا، يُزَوِّق الدُّور.
405- عليّ بْن مُحَمَّد بْن أَبِي قوة [4] .
__________
[1] انظر عن (علي بن أحمد بن عمر) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 215، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 122- 124 رقم 613، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 224، 225 رقم 1194، والمختصر المحتاج إليه 3/ 116 رقم 980.
[2] وقال ابن النجار: كتبت عنه، وكان شيخا لا بأس به.. (ذيل تاريخ بغداد 3/ 122) .
[3] انظر عن (علي بن عبد الرزاق) في: تاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 144، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 223 رقم 1189، والمختصر المحتاج إليه 3/ 128 رقم 1013، والمشتبه 1/ 189، وتوضيح المشتبه 2/ 520.
[4] هو «علي بن أبي قوة بن إبراهيم بن سلمة الأزدي» . انظر عنه في: تكملة الصلة لابن الأبار، رقم 1881، وتحفة القادم 107، والذيل والتكملة على كتابي الموصول والصلة 5 ق 1/ 154- 157 رقم 313.
وسيعيده المؤلف- رحمه الله- في وفيات سنة 609 هـ. باسمه الصحيح، ولكن الصواب وفاته هذه السنة 608 هـ. كما في المصادر.(43/300)
أَبُو الحَسَن الأزْديّ، الدّانيّ.
أخذ القراءاتِ عَنْ أَبِيهِ، وأبي القَاسِم بْن حُبيش، وأبي الحَسَن بْن كوثر.
وكان مقرئا حاذقا، أديبا شاعرا. كتب عَنْهُ أَبُو القَاسِم كثيرا من نظمه.
قاله الأبّار [1] .
406- عليّ بْن منصور [2] بْن المظفّر.
أَبُو الحَسَن الأزَجيّ، الجوهريّ، المعروف بابن الزّاهدة.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي الوَقْت السِّجْزِيّ، وغيره.
تُوُفّي في ذي الحجّة [3] .
__________
[1] في تكملة الصلة، رقم 1881.
وقال ابن عبد الملك الأنصاري: وكان محدّثا مكثرا، ثقة، ضابطا عاقدا للشروطي، مبرّزا في العدالة، زكيا فاضلا، بارع النظم والنثر، رائق الخط قويّه، وله ردّ على ابن غرسية اللعين في رسالته الشعوبية، وغير ذلك من المنشئات، واستقضي بقصر كتامة.
وأنشدت على شيخنا أبي علي الماقري وكتب لي من كتابه قال:
أنشدنا الفقيه أبو الحسن بن أبي قوة- رضي الله عنه- لنفسه:
أردنا طلاب العلم مع طلب الغنى ... ولم نقتصر في الجانبين على قسم
ففازت ذوو الشأنين كلّ بشأنه ... فلا نحن في مال ولا نحن في علم
وأنشدت عليه أيضا، وقد كتب لي من كتابه، قال: أنشدنا أبو الحسن أيضا لنفسه:
أرواحنا هي أجناد مجنّدة ... بالبعد تنكر أو بالقرب تعترف
فما تناكر منها فهو مختلف ... وما تعارف منها فهو مؤتلف
قال المصنّف عفا الله عنه: نظم فيه معنى الحديث المرويّ عن النبي صلّى الله عليه وسلم: «القلوب جنود مجنّدة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف» .
توفي بمراكش سنة ثمان وستمائة، وقد أدركت بها بعض عقيبه، ثم انقرضوا، رحمهم الله.
[2] انظر عن (علي بن منصور) في: تاريخ ابن الدبيثي وكمبرج) ورقة 167، والتاريخ المجدّد لابن النجار (باريس) ورقة 48، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 234 رقم 1216، والمختصر المحتاج إليه 3/ 144 رقم 1060.
[3] وقال المنذري: لنا منه إجازة كتب بها إلينا من بغداد في شهر رمضان سنة سبع وستمائة.
(التكملة) .(43/301)
407- عليّ بْن يوسف [1] بْن أَحْمَد.
القاضي أَبُو الفضائل الآمديّ، ثُمَّ الواسطيّ.
تُوُفّي كهلا في ربيع الأول. وكان مجموعَ الفضائل ولي قضاء واسط [2] .
__________
[1] انظر عن (علي بن يوسف) في: الكامل في التاريخ 12/ 298، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 549، 550، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 221، 222 رقم 1185 ووفيات الأعيان 3/ 397- 399 رقم 479. وفيه قال محقّقه «سيد كسروي حسن» إن في الأصل وردت سنة الوفاة (806) .
وقال: وأظنه اضطراب في وضع الأرقام نتيجة السهو. وعند ما أثبت في المتن تاريخ الوفاة جعله (سنة 860) فأخطأ في ذلك، كما أخطأ في ذكر مصادر الترجمة، فذكر في الحاشية:
هدية العارفين، والضوء اللامع للسخاوي، وإيضاح المكنون، ومعجم المؤلفين، وهو ينقل عنه، وعرّف بصاحب الترجمة أنه: فقيه أصولي نحوي فرضي ناظم مشارك في بعض العلوم أقام بمكة وأقرأ وتوفي بعد سنة 860 بقليل! ثم ذكر مجموعة من مؤلفاته.
ويقول خادم العلم وطالبه محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :
لقد أخطأ السيد «سيد كسروي حسن» مرتين: الأولى عند ما غيّر تاريخ الوفاة من 806 إلى 860.
والثانية عند ما ذكر مصادر الترجمة نقلا عن (معجم المؤلفين) 7/ 264 ولم يتنبّه أن المذكور في المعجم هو «علي بن يوسف بن أحمد المصري، ثم المكيّ، ثم اليمني، الشافعيّ، ويعرف بالغزولي» وهو توفي سنة 860 هـ. وهو غير المذكور في المتن:
الإمام المحدث الواسطي أبو الفضائل. فليصحّح.
[2] وقال ابن خلكان: هو من بيت معروف بواسط بالصلاح والرواية والعدالة، قدم بغداد وأقام بها مدة متفقها على مذهب الإمام الشافعيّ، رضي الله عنه، على الشيخ أبي طالب المبارك بن المبارك صاحب ابن الخلّ، ثم من بعده على أبي القاسم يعيش بن صدقة الفراتي، وأعاد له درسه بالمدرسة الثقتية بباب الأزج، وكان حسن الكلام في المناظرة، وسمع الحديث من جماعة كبيرة ببلده وببغداد، وتولى القضاء بواسط في أواخر صفر سنة أربع وستمائة، وصار إليها في شهر ربيع الأول من السنة المذكورة، وأضيف إليها أيضا الإشراف بالأعمال الواسطية. وكان له معرفة بالحساب، وله أشعار رائقة، فمن ذلك الأبيات السائرة وهي:
واها له ذكر الحمى فتأوّها ... ودعا به داعي الصّبا فتولّعا
هاجت بلابله البلابل فأنثنت ... أشجانه تثني عن الحلم النهى
فشكا جوى وبكى أسى وتنبّه ... الوجد القديم ولم يزل متنبّها(43/302)
408- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن أَبِي نصر الأديب البارع، أَبُو حفص الأصبهانيّ، ثُمَّ المَوْصِليّ، عرف بابنِ الشِّحنة، الشاعر.
تلا بالسَّبع عَلَى يَحْيَى بْن سعدون، وأخذ الأدبَ عَنْ عليّ بْن العَصَّار اللُّغَويّ.
وكان سليطَ اللّسان، كثيرَ الهِجاء للرؤساء، معاقرا للكأس. قصد السّلطانَ صلاحَ الدّين بالشّام ومدحه. سجنه صاحب المَوْصِل نور الدّين أرسلان شاه بْن مسعود، فسجنه [1] حتّى مات في شوّال.
409- عُمَر بْن مسعود [2] بْن أَبِي العزّ.
أَبُو القَاسِم البغداديّ، الزّاهد، العابد، ويعرف بالشيخ عمر البزّاز.
__________
[ () ]
قالوا وهي جلدا ولو علق الهوى ... بيلملم يوما تأوّه أو وهى
لا تكرهوه على السلوّ فطائعا ... حمل الغرام فكيف يسلو مكرها
يا عتب لا عتب عليك فسامحي ... وصلي فقد بلغ السقام المنتهى
علمت بأن الجزع ميل غصونه ... لما خطرت عليه في حلل البها
ومنحت غنج اللحظ غزلان النّقا ... فلذاك أحسن ما يرى عين المها
لولا دلالك لم أبت متقسّم ... العزمات مسلوب الرقاد قتيّها
لي أربع شهداء في صدق الولا ... دمع وحزن مفرط وتدلّها
وبلابل تعتادني لو أنها ... في يذبل يوما لأصبح كالسّها
لام العواذل في هواك وما ارعوى ... ونهاه عنك اللائمون وما انتهى
قالوا اشتهاك وقد رآك مليحة ... عجبا وأيّ مليحة لا تشتهي
أنا أعشق العشاق فيك ولا أرى ... مثلي ولا لك في الملاحة مشبّها
وله غيرها أشعار رقيقة. (وفيات الأعيان 3/ 397، 398) .
[1] هكذا كرّر المؤلف- رحمه الله- الكلمة دون مبرّر.
[2] انظر عن (عمر بن مسعود) في: الكامل في التاريخ 12/ 299، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 204، والتاريخ المجدّد لابن النجار (باريس) ورقة 123، ومشيخة النعال 145، 146، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 231، 232 رقم 1210، وأخبار الزهاد لابن الساعي، ورقة 102، 103، وسير أعلام النبلاء 21/ 496 ذكره دون أن يترجم له، والمختصر المحتاج إليه 3/ 110 رقم 963، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 123، وقلائد العقيان للتادفي 120، 121.(43/303)
صحِب الشّيخ عَبْد القادر، وسَمِعَ من: أَبِي الفضل الأُرْمَوِيّ، وابن ناصر، وأبي الوقت.
وحَدَّثَ. وكان مِن بقايا المشايخ الكبار ببغداد.
قَالَ الحافظُ عبدُ العظيم [1] : تُوُفّي في رابع عشر رمضان. قَالَ: وكان يُؤثر الفقراء، وبنى لنفسه رباطا. وله قبولٌ عند النّاس يُغْشَى ويُزار، موصوف بالزُّهد والعبادة، وحُسْن الطّريقة- رحمه الله-. ولد في حدود سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة.
قلت: روى عَنْهُ أَبُو عَبْد الله الدُّبَيْثِيّ.
[حرف الغين]
410- غالب بنُ عَبْد الخالق [2] بْن أسد بن ثابت.
الشيخ أبو الحسين ابن المحدث الفقيه أَبِي مُحَمَّد الطَّرابُلُسيّ، الأصل، الدمشقيّ، الحنفيّ، البزّاز.
سَمِعَ من: الوزير أَبِي المظفَّر سعيدِ بْن سهل الفَلَكيّ، ووالدِه، وأبي يَعْلى ابن الحُبُوبِيّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: ابنُ خليل، والضّياء، والزّكيّ عبدُ العظيم [3] ، والشهاب القُوصيّ، والفخر عليّ، وآخرون.
وفُقِدَ بداريّا في هذه السنة.
قَالَ القُوصيّ: قُتِلَ الشهابُ غالب الحنفيّ بداريّا عَلَى يد أقوام كَانَ لَهُ عليهم ديون فاغتالوه، وأخذوا الوثائق.
__________
[1] في التكملة 2/ 231، 232.
[2] انظر عن (غالب بن عبد الخالق) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 237 رقم 1223، والحياة الثقافية في طرابلس الشام خلال العصور الوسطى (تأليفنا) 310، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (تأليفنا) ق 2 ج 3/ 131 رقم 835.
[3] وقال عنه: حدّث الفقيه بدمشق، وسمعت منه.(43/304)
وقيل: قتله بأرض ماردين ولدُه الشرف إِبْرَاهيم، قتلته المكاريَّة، وكان معه تجارة.
وكان شهاب الدّين من كبار أهلِ مذهبه، ووُلِد سنة تسعٍ وأربعين.
[حرف الميم]
411- مُحَمَّد بْن أيّوب [1] بْن مُحَمَّد بْن وهْب بْن مُحَمَّد بْن وهْب بْن نوح.
الإِمام العلّامة أَبُو عَبْد الله ابن الشيخ الجليل أَبِي مُحَمَّد بْن أَبِي عَبْد الله الغافقيّ، الأندلسيّ، البَلَنْسي.
سَرَقُسطيّ الأصلِ، وُلد ببلنسية في سنة ثلاثين وخمسمائة.
أَخَذَ القراءاتِ عَنْ أَبِي الْحَسَن بْن هُذَيْل، وسَمِعَ منه، ومن أَبِي الحَسَن عليّ بْن النِّعْمة، وأبي عَبْد اللَّه بْن سعادة، ومحمد بن عبد الرحيم ابن الفَرَس، ووالده أَبِي مُحَمَّد.
ذكره الأبّار، فَقَالَ [2] : تفقّه بأبي بَكْر يَحْيَى بْن عِقَال، واستظهر عَلَيْهِ «المُدَوَّنَة» . وأخذ النّحو عَنْ شيخه ابن النّعمة. وأجاز له أبو مروان ابن قزمان، وأبو طاهر السّلفيّ، وجماعة. وكان الدّراية أغلبَ عَلَيْهِ من الرواية مَعَ وفور حَظِّه منها وميلِه فيها إِلى الأعلام المشاهير دون اعتبار العُلوِّ. وَلِيَ خطَّة الشُّورى في حياة شيوخه، وزاحمَ الكبار بالحفظ والتّحصيل في صِغره. قَالَ:
ولم يكن في وقته بشرق الأندلس له نظير تفنّنا واستبحارا، وكان من الراسخين
__________
[1] انظر عن (محمد بن أيوب) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 582- 584 رقم 1556، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 233 رقم 1214، والإعلام بوفيات الأعلام 250، والإشارة إلى وفيات الأعيان 318، والعبر 5/ 28، وسير أعلام النبلاء 21/ 18، 19 رقم 11، ومعرفة القراء الكبار 2/ 594، 595 رقم 553، ومرآة الجنان 4/ 16، 17، والوفيات لابن قنفذ 304 رقم 608، والوافي بالوفيات 2/ 239، وغاية النهاية 2/ 103، والنجوم الزاهرة 6/ 204، وبغية الوعاة 1/ 58، 59، وشذرات الذهب 5/ 34.
[2] في التكملة 2/ 582- 584 رقم 1556.(43/305)
في العلم وصدرا في المشاورين، بارعا في علم اللّسان والفقه والفُتيا والقراءات. وأمّا عقدُ الشروط، فإليه انتهت الرئاسة فيه، وبه اقتدى مَن بعده.
ولو عُنِيَ بالتأليف، لأرْبَى عَلَى من سلف. وكان كريمَ الخُلُقِ، عظيمَ القدر، سَمْحًا جوادا. خطب بجامع بَلَنْسية، وامْتُحْنَ بالولاة والقضاة، وكانوا يستعينون عَلَيْهِ، ويجدون السبيلَ إِلَيْهِ بفضل دُعابةٍ كانت فيه مَعَ غلبة السلامة عَلَيْهِ في إعْلانه وإسراره [1] وكثرة التّلاوة. أقرأ القرآن، وأسمعَ الحديثَ، ودرَّس الفقه، وعلَّمَ العربيةَ، ورحل النّاسُ إِلَيْهِ، وسَمِعَ منه جِلَّة، وطال عمره حتّى أخذ عَنْهُ الآباءُ والأبناءُ. وتلوت عَلَيْهِ بالسَّبْع. وهو أغزر مَن لقيتُ علما، وأبعدُهم صيتا. تُوُفّي في سادس شَوَّال، ورُثي بمراثٍ كثيرة.
قلتُ: وقد أطنب الأبار في وصفه بأضعاف ما هنا. وممّن قرأ عَلَيْهِ القراءات عَلَم الدّين القَاسِم شيخ شيوخنا، وأَبُو جَعْفَر أَحْمَد بْن عليّ ابن الفَحَّام المالقيّ.
412- مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن طاهر [2] .
القاضي أَبُو عَبْد الله الفاسي.
أخذ عَنْ أَبِي إِسْحَاق بْن قُرْقول، وغيره.
وكان محدّثا حافظا إماما، ولي قضاء مَرّاكُش. وكان موته بإشبيليّة أرَّخه الأبّار.
413- مُحَمَّد بْن عُثْمَان [3] بْن سعيد.
أَبُو عَبْد الله الفاسيّ، الفقيه المعروف بابن تقميش [4] .
حمل «مختصر الأحكام» لعبد الحقّ عَنِ المصنّف، وحَدَّثَ بِهِ. وكان مُفتيًا، إماما، أصوليّا.
__________
[1] في التكملة: «أسواره» وهو تصحيف.
[2] انظر عن (محمد بن عبد الله بن طاهر) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 683.
[3] انظر عن (محمد بن عثمان) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 683.
[4] في التكملة: «بتيميس» .(43/306)
414- مُحَمَّد بْن عُثْمَان بْن مُحَمَّد [1] بْن يَحْيَى بن مسلم.
أبو عبد الله ابن الزَّبِيدِيّ، الصّوفيّ، البغداديّ.
ابن عمّ سراج الدّين الحُسَيْن.
تُوُفّي في شعبان بجزيرة كيش، وهي جزيرة قيس.
وكان يروي عَنْ أَبِي الفتح ابن البطّي، وشُهْدَة. وصحِب الصّوفيَّة.
415- مُحَمَّد بْن عليّ بن نصر الكرمانيّ.
ولد سنة ثلاث وعشرين.
وروى حضورا عَنْ: الحُسَيْن بْن عَبْد المَلِك الخلّال، وجعفر بْن مُحَمَّد بْن رَوْح.
روى عنه: الضياء، وغيره، وبالإجازة الشيخ شمس الدّين.
تُوُفّي بأصبهان.
416- مُحَمَّد بْن عليّ [2] بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حسنون.
المعمّر، المقرئ أَبُو بَكْر البيّاسيّ.
شيخ القرّاء ببيّاسة، وقاضيها، وخطيبها، ومفتيها، وأديبها. عُمِّرَ حتّى ألحق الأحفادَ بالأجدادِ، وسوَّى بين الأوائل والأواخر مَعَ الثّقة والعلم.
أخذ عَنْ أَبِيهِ القراءات. وسمع من القاضي شريح، وتلا عليه بالسّبع وأجازه. وسمع من: الحافظ أبي بكر ابن العجوز، ومن أَبِي القَاسِم أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن ورد، ويوسف بْن أَبِي عَبْد المَلِك السّاحليّ وتفرَّد عَنْهُ، ومن يوسف بْن بحر القُضاعيّ. وأجاز لَهُ يَحْيَى بْن خَلَف القَيسيّ، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عثمان بن محمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (شهيد علي 1870) ورقة 76، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 230 رقم 1206، وذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 106 رقم 320، والمختصر المحتاج إليه 1/ 87.
[2] تقدّمت ترجمته في وفيات سنة 604 هـ. برقم (209) ولكن المؤلّف- رحمه الله- عاد فكتب هذه الترجمة بحاشية نسخته بخط غليظ، وكأنه استدرك تاريخ وفاته.
وقد ذكرت هناك مصادر الترجمة والتعليق عليها.(43/307)
ترجمه ابن مَسْدي، وقال: كتب إليَّ مِن بيّاسة في سنة خمس وستّمائة.
أكثر النّاسُ عنه ورحلوا إليه. توفّي سنة ثمان وستمائة. أَنْبَأَنَا، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُرَيح سنة أربعٍ وثلاثين، فذكر حديثا من البخاريّ. وأنبأنا، قَالَ: أَخْبَرَنَا القاضي أبو بكر ابن العربيّ سنة 534 [1] ، أَخْبَرَنَا ابنُ الطُّيوريّ، من التِّرْمِذيّ.
قلت: مَرَّ سنة أربعٍ كما أرّخه الأبّار [2] .
417- مُحَمَّد بْن عيسى [3] بْن أَحْمَد بْن عليّ.
أَبُو عيسى القُرشيّ، العبْدريّ، المَرُّذيّ، البَنْجَدِيهيّ.
حَدَّثَ ببغداد عَنْ جدّه أَحْمَد بْن عليّ، وإسماعيل بن محمد الفاشانيّ [4] . وحدّث بالحرمين، وأخذ عنه الزّكيّ عَبْد العظيم.
وتُوُفّي شهيدا في رمضان عَنْ إحدى وأربعين سنة [5] .
418- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد ابن النّاعم [6] .
كمال الدّين، أَبُو جَعْفَر البغداديّ.
أَحد حجّاب الخلافة.
روى عن أبي محمد ابن المادح.
ضُرِبَ في ذي الحِجَّة حتّى مات تحت الضَّرب، ورُمي في دجلة. وكان ظالما، ولي ولاية، وعَسَفَ وصادر جماعة، وقتلهم تحتَ الضّرب، فعاقبه الله، وظهرت لَهُ أموالٌ عظيمة.
__________
[1] هكذا قيدها المؤلف- رحمه الله- بالرقم.
[2] وهناك قال المؤلف إن ابن مسدي غلط حينما ذكر وفاته سنة 608 (رقم 209) .
[3] انظر عن (محمد بن عيسى) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 157 رقم 395، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 230، 231 رقم 1208.
[4] انظر: توضيح المشتبه 7/ 23.
[5] مولده سنة 567 هـ.
[6] انظر عن (محمد بن محمد بن الناعم) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 558، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 236 رقم 1220.(43/308)
419- مُحَمَّد بْن أَبِي تمّام [1] مُحَمَّد بْن عليّ بْن المبارك.
الشريف أَبُو الرضا الهاشميّ، الحريميّ، المعروف بابن لزُّوا- وهو لَقَبُ جدّه عليّ.
وهو مِن ذُريَّة المأمون.
سَمِعَ من: أَبِي القاسم إسماعيل ابن السَّمَرْقَنْديّ، ومن أَبِي الوقت.
وكان يُمْكِنُه السَّمَاعُ من ابن الحُصيْن، فإنه وُلِدَ سنة تسع عشرة وخمسمائة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه الدُّبِيثيّ، وغيره، وابن النّجّار، وقال: مات في شعبان.
420- مُحَمَّد بْن يوسف [2] بْن مُحَمَّد.
أَبُو عَبْد الله النَّيْسَابُورِيُّ، ثُمَّ البغداديّ، الكاتب، المعروف بابن المنتجب.
قرأ الأدبَ عَلَى الحَسَن بْن عليّ بْن عُبيدة الكرْخيّ.
وكان أَبُوهُ صوفيّا فَقِيهَ مكتب، فنشأ لَهُ سعدُ الدّين أَبُو عَبْد الله هذا، ويرع في الخطّ حتّى كَانَ جماعةٌ من الفضلاء يفضِّلون خطّه في النَّسْخ عَلَى ابن البوّاب.
قَالَ ابنُ النّجّار: كَانَ أديبا فاضلا، لَهُ معرفة بالنّحْو، وكان ضنينا بخطّه جدّا، وكتب الخطَّ المنسوبَ، وكتب النّاسُ عَلَيْهِ. وتُوُفّي في ذي الحجّة شابّا.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبي تمام) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 130، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 229 رقم 1204.
[2] انظر عن (محمد بن يوسف) في: الكامل في التاريخ 12/ 298، 299، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 174، والمختصر المحتاج إليه 1/ 159، 160، والوافي بالوفيات 5/ 252 رقم 2330 والمحمدون للصفدي، ورقة 139، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 18.(43/309)
421- مُحَمَّد بْن يُونُس [1] بْن مُحَمَّد بْن مَنَعة [2] بْن مالك.
العلّامة عماد الدّين أَبُو حامد بْن يونس الإِربلّيّ الأصل، المَوْصليّ، الفقيه، الشّافعيّ.
ولد سنة خمس وثلاثين وخمسمائة.
وتفقَّه بالمَوْصِلِ عَلَى والده، ثُمَّ سار إِلى بغداد، وتفقّه بها بالنّظاميَّة عَلَى السّديد مُحَمَّد السَّلماسيّ، وأبي المحاسن يوسف بْن بُندار الدّمشقيّ، وسَمِعَ الحديثَ من أَبِي حامد مُحَمَّد بْن أَبِي الربيع الغَرناطيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الكُشْمِيهَنيّ. وعاد إِلى المَوْصِل، ودرَّس بها في عدَّة مدارس، وعلا صِيتُه، وشاع ذِكرُه، وقصده الفقهاءُ مِن البلاد، وتخرَّج بِهِ خلْق.
قَالَ القاضي شمس الدّين ابن خَلِّكان [3] : كَانَ إمامَ وقته في المذهب والأُصول والخلاف، وكان لَهُ صِيتٌ عظيم في زمانه، صنّف «المحيط» وجمع فيه بين «المهذّب» و «الوسيط» ، وشرح «الوجيز» ، وصنّف جدلا، وعقيدة،
__________
[1] انظر عن (محمد بن يونس) في: الكامل في التاريخ 12/ 298، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 176، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 558، 559، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 226، 227 رقم 1198، وذيل الروضتين 80، ووفيات الأعيان 4/ 253- 255، وتلخيص مجمع الآداب 4/ ق 2/ 856 رقم 1263، وتاريخ إربل 1/ 51، 117، 119- 121، 169، والمختصر في أخبار البشر 3/ 178، وذيل مرآة الزمان 3/ 14، والعبر 5/ 28، 29، والمختصر المحتاج إليه 1/ 162، وسير أعلام النبلاء 21/ 498، رقم 258، وتاريخ ابن الوردي 2/ 131، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 569، 570، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 45 (8/ 109- 113) ، ومرآة الجنان 4/ 16، والبداية والنهاية 13/ 62، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 155 ب، 156 أ، والوافي بالوفيات 5/ 292 رقم 2350، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 75، 76، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 398، 399 رقم 367، والعسجد المسبوك 2/ 338، 339، وعقد الجمان 17/ ورقة 335، والفلاكة والمفلوكين 84، والنجوم الزاهرة 6/ 342، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي، ورقة 68، وشذرات الذهب 5/ 34، وإيضاح المكنون 1/ 75، وهدية العارفين 2/ 479، وديوان الإسلام 4/ 412 رقم 2231، والأعلام 7/ 332، ومعجم المؤلفين 13/ 51.
[2] تصحفت في الكامل 12/ 298 إلى: «ميعة» .
[3] وفيات 4/ 253، 254.(43/310)
وغير ذَلِكَ وتوجّه رسولا إِلى الخليفة غير مرَّة، وولي قضاءَ المَوْصِلِ خمسة أشهر ثُمَّ عُزل، وذلك في صفر سنة ثلاثٍ وتسعين. فولي بعده ضياء الدّين القاسمُ بْن يَحْيَى الشّهرزوريّ. وكان شديدَ الورع والتَّقَشُّف، فيه وسوسةٌ لا يمسُّ القلمَ لِلكتابة إلّا ويغسِلُ يده. وكان لطيفَ الخلوة، دمثَ الأخلاق، كثير المباطنة لنور الدّين صاحبِ المَوْصِلِ يرجع إِلَيْهِ، ويُشاوره، فلم يزل معه حتّى نقله مِن مذهب أَبِي حنيفة إِلى مذهب الشافعيّ، فلمّا تُوُفّي توجّه الشيخُ عمادُ الدّين، وذلك في سنة سبع الماضية، إلى بغداد وأخذ السّلطنة للملك القاهر مسعود ابن نور الدّين، وأتى بالتقليد والخلعة.
قَالَ [1] : وكان مكمَّل الأدوات، غير أَنَّهُ لم يُرزق سعادة في تصانيفه، فإنّها ليست عَلَى قدر فضائله. تُوُفّي في سَلْخ جُمادي الآخرة بالمَوْصِلِ.
وقال مظفّر الدّين صاحب إربل: رأيتُه في النّوم، فقلت لَهُ: ما مُتَّ؟
قَالَ: بَلَى ولكنّي مُحْترم [2] .
وحفيده مُصَنِّف «التّعجيز» هُوَ تاج الدّين عَبْد الرحيم بْن مُحَمَّد، يأتي سنة سبعين.
242- مسعود بْن بركة [3] بْن إسْمَاعيل.
أَبُو الفتحِ البغداديّ، الحلاويّ، البَيِّع، المعروف بابن الْجُرَذ [4] .
وُلِدَ سنة ستٍّ وعشرين وخمسمائة.
وسَمِعَ من: قاضي المارستان أَبِي بَكْر، وغيره.
__________
[1] يعني ابن خلكان.
[2] أورد له ابن المستوفي فتوى سؤال عن النقط والشكل والأعشار، فمن يعتقد ذلك في القرآن كافر أم لا؟ (تاريخ إربل 1/ 119- 121) .
[3] انظر عن (مسعود بن بركة) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 232 رقم 1221، وقد تصحفت في المطبوع من (تاريخ الإسلام) (الطبقة الحادية والستون) ص 282 إلى «بكرة» .
[4] قيده المنذري، فقال: والجرذ بضم الجيم وفتح الراء المهملة وبعدها ذال معجمة (التكملة: 2/ 232) .(43/311)
روى عَنْهُ: الدُّبَيْثِيّ، وغيرُ واحد، وابنُ النّجّار، وقال: كَانَ إنسانا صالحا، حسنَ الأخلاق. تُوُفّي في رمضان.
423- منصور بْن أَبِي المعالي [1] عَبْد المنعم بْن أَبِي البركات عَبْد اللَّه ابن فقيه الحَرَم أَبِي عَبْد الله مُحَمَّد بْن الفضل.
المُسْنَد الأصيل أَبُو الفتح، وأَبُو القَاسِم الفرَاويّ، الصّاعديّ، النَّيْسَابُورِيُّ، المُعَدَّل.
وُلِدَ في رمضان سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة.
سَمِعَ مِن: جدّ أَبِيهِ، وجدِّه، وأبيه، ومِن: عبد الجبار بن محمد الخواري، ومحمد بن إسْمَاعيل الفارسيّ، ووجيه بْن طاهر الشّحّاميّ، وغيرهم. وكان مكثِرًا عَنْ جدّ أَبِيهِ.
قَالَ ابن نُقْطَة [2] : كَانَ مكثرا، ثقة، صدوقا. سَمِعْتُ منه «صحيح» البخاريّ، بسماعه من وجيه الشّحّاميّ، وأبي الفُتُوح عَبْد الوهّاب بْن شاه، عَنِ الحفصيّ، ومن أَبِي المعالي الفارسيّ، عَنِ العَيّار. وسمعت منه «صحيح» مسلم، وكان يَقُولُ لنا: سمعتُه مِرارًا، وكان لنا عدَّةُ نُسَخ نُهِبَتْ في وقعة الغُزِّ. ورأيتُ سماعَه بالمجلّد الأول والثّاني والثّالث من «صحيح» مسلم في سنة ثمانٍ وعشرين، وهو ابنُ أربع سنين وخمسة أشهر، نقل السّماعَ عَلَى المجلّدات الثّلاث أحمدُ بنُ مُحَمَّد بْن خَوْلة الغَرناطيّ وقال: ولعلّ المجلّد
__________
[1] انظر عن (منصور بن أبي المعالي) في: معجم البلدان 4/ 245 (فراوة) ، والتقييد لابن نقطة 454- 456 رقم 607، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 353، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 228 رقم 1202، وذيل الروضتين 80، وتاريخ إربل 1/ 296، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 233 رقم 178، وله ذكر في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 758، والمعين في طبقات المحدّثين 187 رقم 1991، والإشارة إلى وفيات الأعيان 318، والعبر 5/ 29، والمختصر المحتاج إليه 3/ 191 رقم 1203، ودول الإسلام 2/ 114، وسير أعلام النبلاء 21/ 494- 496 رقم 255، والبداية والنهاية 13/ 63، وعقد الجمان 17/ ورقة 335، والنجوم الزاهرة 6/ 204، وشذرات الذهب 5/ 34.
[2] في التقييد 454، 455.(43/312)
الرابع أيضا مسموعٌ لَهُ، ولم أَقِفْ عَلَيْهِ، لأنّه ضاع. وخبر الأصل بمجلّد غيره.
قَالَ ابن نقطة [1] : ورأيتُ بخطّ المطهَّر بْن سديد الخُوارزميّ، وكان طالبا ثقة، يقولُ: منصورُ بن عَبْد المنعم سَمِعَ «صحيح» مسلم من جدّه أَبِي عَبْد الله الفرَاويّ. وحدّثني رفيقنا أَبُو محمد ابن هلالة لمّا رجع مِن خُراسان، قَالَ: كَانَ شيخنا منصور يروي «غريبَ الحديث» عَنْ جدّه بفوات، فقرأناه عَلَيْهِ، فلمّا دخلتُ إِلى سَمَرقند- أو قَالَ بخارى- وجدت بعضَ نسخةٍ عند فقيه «بغريبِ» الخطّابيّ وفيها القدرُ الّذي يفوت منصور، وفيه سماعهُ بغير تِلْكَ القراءة وغير التّاريخ، فكمل لَهُ سماعُ جميعه، وهذا ممّا يدلّ عَلَى صدقه وأنّه كَانَ يسمع الشّيء من جدّه غير مَرَّةٍ. وسَمِعَ جميع «تفسير» الثّعلبيّ من عبّاسة العصاريّ. وقال لي ابنُ هلالة: رأيتُ أصل البيهقيّ «بالسُّنَن الكبير» وقد ذهبت منه أجزاء متفرّقة، فجميع ما وَجَد من الأصل كان فيه سماع منصور ابن الفُراويّ من أَبِي المعالي الفارسيّ، فقرأتُ عَلَيْهِ جميعَ الكتاب بسماعه الموجود والباقي إجازة إنْ لم يكن سماعا. ومولده في رمضان سنة ثلاثٍ وعشرين.
قلت: قَدِمَ بغداد حاجّا مَعَ أَبِيهِ فحدَّث بها، وروى عَنْهُ: ابن نُقْطَة، والحافظ أَبُو عَبْد الله البِرْزاليّ، والإِمام أَبُو عمرو ابن الصّلاح، وأَبُو عَبْد الله المُرسيّ، وأَبُو مُحَمَّد عَبْد العزيز بْن هِلالة، وأَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهيم بْن مُضَر الواسطيّ، وآخرون. وأجاز لأبي الغنائم بْن علّان، وللفخر عليّ، وللزّكيّ عَبْد العظيم، وللجمال يَحْيَى بْن الصّيرفيّ، وآخرين سواهم.
وتُوُفّي في ليلة ثامن شعبان. وقرأت بخطّ الضّياء- رحمه الله- قَالَ:
ليلة دخلت إِلى نيسابور توفّي منصور الفراويّ [2] .
__________
[1] في التقييد 455.
[2] قال المنذري: والفراوي بفتح الفاء وقيل بضمّها، والأول أكثر، نسبة إلى فراوة، بليدة مما يلي خوارزم.(43/313)
[حرف الهاء]
424- هارون بْن الحُسَيْن [1] بْن كُرج بْن هارون.
الأمير أَبُو الرأي.
قَالَ المنذريّ: كَانَ يسمّى شيخَ الجماعة لِما عنده مِن العقل والحزم.
وله شِعر يسير [2] .
وسَمِعَ من: المبارك بْن طاهر الخُزاعيّ، ونصر الله بْن سلامة الهيتيّ، وغيرهما.
425- هبة الله بن جعفر ابن سناء المُلك [3] أَبِي عَبْد الله مُحَمَّد بْن هبة الله.
القاضي السّعيد سناء المُلك، أَبُو القَاسِم المصريّ، الأديب، الشاعر المشهور.
قرأ القرآن عَلَى الشّريف أَبِي الفُتوح الخطيب. وقرأ النّحْو عَلَى العلّامة ابن بَرِّي. وسَمِعَ بالإِسكندرية من أَبِي طاهر بْن سِلَفَة.
وله مصنّفات مشهورة في الأدب و «ديوان» مشهور. وشعره في الذّروة العليا. كتب في ديوان الإنشاء مدّة.
__________
[1] انظر عن (هارون بن الحسين) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 232 رقم 1212.
[2] وزاد المنذري: حدّث بشيء منه.
[3] انظر عن (هبة الله بن جعفر ابن سناء الملك) في: خريدة القصر (قسم شعراء مصر) 1/ 64 وما بعدها، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 231 رقم 1209، ومعجم الأدباء ج 1/ 265، والمرقصات 60، ومفرّج الكروب 2/ 137، 145، 160، 234 و 3/ 49، 77، ووفيات الأعيان 6/ 61، والمغرب في حلى المغرب 273- 289، والمختصر في أخبار البشر 3/ 114، والإشارة إلى وفيات الأعيان 318، والعبر 5/ 29، 30، وسير أعلام النبلاء 21/ 480، 481 رقم 245، وتاريخ ابن الوردي 2/ 131، ومرآة الجنان 4/ 17، 18، وعقد الجمان 17/ ورقة 335، 336، والنجوم الزاهرة 6/ 204، وكشف الظنون 696، وحسن المحاضرة 1/ 565، ومسالك الأبصار 12/ ورقة 61، وشذرات الذهب 5/ 35، 36، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 257، وهدية العارفين 2/ 506، وديوان الإسلام 3/ 129 رقم 1219، والأعلام 8/ 71، ومعجم المؤلفين 13/ 135.(43/314)
قَالَ الشّهابُ القُوصيّ- وهو ممّن روى عَنْهُ-: كان مبتكرا للمعاني بثاقب فِكره، آخذا لمجامع القلوب بحلاوة شِعره.
وذكره ابن خلّكان [1] ، فقال: هبة الله ابن القاضي الرشيد أبي الفضل جعفر ابن المعتمد سَناء المُلك مُحَمَّد بْن هبة الله بْن مُحَمَّد السَّعديّ. كَانَ أحدَ الرؤساء النُّبلاء، وكان كثير التّخصّص والتّنعّم، وافر السّعادة، محفوظا من الدّنيا، لَهُ رسائلُ دائرة بينَه وبينَ القاضي الفاضل، وهو القائل في الفاضل:
ولو أبْصرَ النَّظَّامُ جَوْهرَ ثَغْرِهَا ... لَمَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ الْجَوْهَرُ الفَرْدُ
ومَنْ قَالَ إنَّ الخَيْزُرَانَةَ قَدُّها ... فَقُولُوا لَهُ: إيَّاكَ أَنْ يَسْمَعَ القَدُّ [2]
وله:
يا عَاطِلَ الْجِيدِ إلَّا مِنْ مَحَاسِنِه ... عَطَّلْتُ فِيكَ الحَشَا إلا مِنَ الحَزَنِ
في سِلْكِ جَفْنِيَ دُرُّ الدَّمْعِ مُنْتَظِمٌ ... فَهَلْ لِجيدِكَ في عِقْدٍ بِلا ثَمَنِ
لا تَخْشَ مِنِّي فإنّي كالنّسيم ضَنى ... ومَا النَّسِيمُ بمخْشِيٍّ عَلَى الغُصُنِ [3]
وله:
ولم يودعوه السّجن إلّا مخالفة ... من العين أن تسطو عَلَى ذَلِكَ الحُسْنِ
وقَالُوا كَمْ [4] شَارَكْتَ في الحُسْنِ يُوسُفًا ... فَشَارِكْه أيضا في الدُّخُولِ إِلى السّجن [5]
وله:
ومليّة بالحسن يخسر وجهها ... بالبدر يهزأ ريقها بالقرقف
__________
[1] في وفيات الأعيان 6/ 61، 62.
[2] البيتان في ديوان ابن سناء الملك 225، 226 ووفيات الأعيان 6/ 62.
[3] الأبيات في: ديوانه 855، ووفيات الأعيان 6/ 64، والمغرب في حلى المغرب 289.
[4] في الوفيات: وقالوا له..
[5] الأبيات في: ديوانه 783، ووفيات الأعيان 6/ 63، والمغرب 283.(43/315)
لا أَرْتَضِي بالشَّمْسِ تَشْبِيهًا بِهَا [1] ... والبَدْرِ بَلْ لا أَكْتَفِي بالمُكْتَفِي
تَتْلُو مَلَاحَتَها مَحَاسِنُ وَجْهِهَا ... فتريك معجز آية في الزُّخْرُفِ
فَبَحُسْنِ عَطْفِكَ يا مَلِيحَةُ أَحْسِني ... وَبِعَطْفِ حُسْنِكِ يَا نَحِيلَةُ فَاعْطِفي [2]
وتَقُولُ [3] :
مَنْ هذَا وقَدْ سَفَكَتْ دَمِي ظُلمًا ... وَتَسْأَلُ عَنْ فُؤَادِي وَهِي في
لا شَيءَ أَحْسَنُ [4] مِنْ تَلَهُّبِ خَدِّهَا ... بالمَاءِ إلَّا حُسْنُها وتَعَفُّفِي
ماذَا لَقِيتُ مِنَ الصَّدُودِ لأننيِ ... ألْقَى خُشُونَته بِقَلْبٍ مُتْرَفِ
والقَلْبُ يَحْلِفُ أنْ سَيَسْلُو ثُمَّ لَا ... يسلو ويَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَحْلِفِ [5]
ووصف نقص النّيل، فَقَالَ: «وأمْرٌ ما أمْرُ [6] الماء، فإنَّه نضبت مشارِعُه، وتقطّعت أصابعُه، وتيمّم العودُ لِصلاة الاستسقاء، وهَمّ المقياسُ مِن الضّعف بالاستلقاء» .
تُوُفّي في أوائل رمضان.
قَالَ الحافظ عَبْد العظيم [7] ، سَمِعْتُ شيئا من شعره من أصحابه. وكان مولده سنة خمس وأربعين وخمسمائة.
[حرف الْيَاءِ]
426- يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [8] بْنِ عبد المنعم.
__________
[1] في الديوان: لها.
[2] في الديوان:
فبحق حسنك يا مليحة أحسني ... وبعطف قدّك يا نحيلة أعطفي
[3] في الديوان: فتقول.
[4] في الديوان: «أعجب» .
[5] الأبيات من قصيدة طويلة في مدح السلطان صلاح الدين وتهنئته بالمعافاة من المرض.
والديوان بتحقيق الدكتور حسين نصار، ومحمد إبراهيم.
[6] في وفيات ابن خلكان 6/ 64: «وما أمر النيل» .
[7] في التكملة 231.
[8] انظر عن (يحيى بن عبد الرحمن) في: تكملة الصلة لابن الأبار 3/ ورقة 136، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 400.(43/316)
أَبُو زكريّا الصِّقلِّيّ الأصل، الفاسي، الدّمشقيّ، الشافعيّ، القَيسيّ، المعروف بالأصبهانيّ، لدخوله أصبهان.
وُلِد بدمشق. ودخل أصبهان فبقي بها خمس سنين، فقرأ الخلافيّات والنّظر، وغير ذَلِكَ. وسَمِعَ أبا بَكْر بْن ماشاذة، وأبا رشيد بْن خالد البيِّع، وعبد الله بْن عُمَر بْن عَبْد الله العَدْل. وسَمِعَ بالثّغر من أَبِي طاهر السِّلَفِيّ.
وأخذ ببِجاية عَنِ الحافظ عَبْد الحقّ الإِشبيليّ، وتجوَّل في بلاد الأندلس، واستوطَن غَرناطة.
قَالَ الأبّار [1] : كَانَ فقيها شافعيّا، عارفا بالأصول والتَّصّوف، زاهدا ورِعًا، كثير الصّدقة، واعظا مُذَكِّرًا. أسمع الحديث، ولم يكن بالضّابط. وله كتابُ «الروضة الأنيقة» من تأليفه. حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو جَعْفَر بن عميرة الضّبّيّ، وأبو محمد، وأبو سليمان ابنا حوط الله، وأبو القاسم الملاحيّ، وأبو الربيع ابن سالم، وغيرهم. وسمع منه أبو جعفر ابن الدَّلّال كتاب «مَعَالم السُّنَن» للخطّابيّ، قرأه جميعَه عَلَيْهِ.
وقال ابن مُسْدي: قُحِطْنَا بغَرناطة، فنزل أميرُها إِلى شيخنا أَبِي زكريا فَقَالَ: تُذكّرُ النّاس، فلعلّ الله أن يفرّج عَنِ المسلمين، فوعَظَ، فوَرَدَ عليه وارد سقط، وحُمِلَ، فمات بعدَ ساعة، فلمّا كُفِّنَ، وأُدخل حفرته، انفتحت أبوابُ السّماء، وسالت الأودية أياما.
تُوُفّي في سادس شوّال، يومَ وفاة ابنِ نوح الغافقيّ، وله ستّون سنة.
وروى عَنْهُ أَبُو بَكْر ابن مُسْدي، فَقَالَ: أَخْبَرَنَا الإِمامُ مجد الدّين أَبُو زكريّا القَيْسيّ الواعظ، نزيل غَرناطة سنةَ خمس وستّمائة، أَنْبَأَنَا أَبُو رشيد عَبْد الله بْن عُمَر، أَخْبَرَنَا القاسمُ بْن الفضل الثّقفيّ. فذكر حديثا.
وقال في «معجمه» : أَخْبَرَنَا أَبُو زكريّا، أخبرنا مسعود الثّقفيّ سنة ستّين
__________
[1] في تكملة الصلة 3/ ورقة 136.(43/317)
بأصبهان، فذكر من «جزء لُوَيْن» . وقال في وصفه: شيخٌ محمود النّقيبة مباركُ الشيبة، آثارهُ مشكورة، وكراماته مسطورةٌ. دخل أصبهان قبل الستّين وخمسمائة، وسَمِعَ من مسعود، ومن فورجة، وإسماعيل بْن غانم البَيِّع، وعدَّة. وسَمِعَ سنة اثنتين وسبعين من السِّلَفِيّ. ثُمَّ غَرَّبَ فسمع من عَبْد الحقِّ ببِجاية. ثُمَّ دخل الأندلس فأكثروا عَنه عَلَى رأس الثّمانين. قَالَ لنا: جُلتُ عشرين سنة، دخلت أصبهان، وأذربيجان، والروم، والإسكندرية، وبِجاية، وفاس، وشرق الأندلس، وثِنتان بدمشق، وقَرَرْتُ بأصبهان. ولمّا نزل بغَرناطة ترك الوعظ ولزِم بيته. وله تعليقة في الخلاف بين الشافعيّ وأبي حنيفة، غيرَ أنّ أهل الأندلس أنكروا عَلَيْهِ روايته عَنْ مسعود الثقفيّ، قَالُوا: هذا يروي عَنِ الخطيب. واستبعدوا هذا، فلم يسمعوا منه شيئا عَنْ مسعود. وكان أَبُو الربيع بْن سالم قد كتب إِلى أَبِي الحَسَن بْن المفضّل قبل السُتِّمائة أنْ يأخذ لَهُ إجازةَ مَنْ يَرْوِي عَنِ الخطيب، فأجابه: لَيْسَ ببلادنا مَن يروي ذَلِكَ، وفي هذا القول من أَبِي الحَسَن ما فيه.
قلتُ: الظّاهر أَنَّهُ عَنَى بقوله «بلادنا» الثّغر ومصر، وإلّا، فكان في الشّام، والعراق ذَلِكَ موجودا، وأحسب أنّ ابن المقدسيّ لم يَفْطِنْ إِلى ذا، فإنّه ما رَحَلَ، ولا رأى الطّلبةَ، أو كَانَ ذَلِكَ وقد فَتَرَ عَنِ الطّلب، واشتغل بالفروع.
ثُمَّ قَالَ ابن مُسْدي: فلمّا وصل كتابةَ إِلى ابن سالم، أطبق عَلَى مسعود الثقفيّ، وأنكر أن تكون لَهُ إجازةُ الخطيب. فأخرجتُ لَهُ خطَّ الكِنْديّ، بسماعه من القزّاز، عَنِ الخطيب، فقال: هذا أوهى من الأول، كيفَ يكتبُ أَبُو الحَسَن بانقراض هذا الإِسناد، ونقبل ما يأتي بعد السّتّمائة؟
قلت: ابنُ سالم حافظ، وقد خَفِيَ عَنْهُ هذا، واعتمد بظاهرِ ما عندهم من النزول، بل كان بعد الستمائة وُجِدَ ما هُوَ أعلى من روايات الخطيب، كَانَ بأصبهان مَن يروي عَنْ رَجُل، عَنِ الحافظ أَبِي نُعَيْم الّذي هُوَ من شيوخ الخطيب، وكان بالعراق مَن يروي عَنْ رجلٍ، عن ابن غيلان، وبخراسان من يَروي عَنْ رجلٍ، عَنْ عَبْد الغافر.(43/318)
قَالَ ابن مُسْدي: كنتُ كثير التَّوَلُّج عَلَى شيخنا أَبِي زكريّا لِجواره، فَقَالَ: يا بُنيّ، عندي جزء يُسمّى «عروس الأجزاء» سمعتُه بأصبهان، فَقَرَأه عليَّ، وقال لي: أنت تكونُ لك رحلة وجولان. فهذا من كراماته.
427- يونس بْن يَحْيَى [1] بْن أَبِي البركات بْن أحمد.
أبو الحسن، وأبو مُحَمَّد الهاشميّ، الأزَجيّ، القَصّار، المجاور بمكَّة.
وُلِد سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.
وسمع من: أَبِي الفضل الأُرْمَوِيّ، وابن ناصر، وابن الطّلّاية، وأبي الكرَم الشّهرزوريّ، وأبي الوقت، وسعيد بْن البنّاء، وجماعة كثيرة.
وسافر إِلى الشّام، ومصر، وجاور مدَّةً. وحَدَّثَ بأماكن، روى عنه:
ابن خليل، والزّكيّ، البرزاليّ، والزّكيّ المنذريّ، والضّياء المقدسيّ، ويعقوب بن أبي بكر الطّبريّ، والتّاج عليّ ابن القسطلانيّ.
وروى «صحيح» البخاريّ بمكَّة، وتُوُفّي بها في صفر، وقيل: في شعبان.
وقال ابن مُسْدي: في ثامن صفر. وقال: كَانَ ذا عناية بالرواية [2] .
وفيها وُلِد هَؤُلَاءِ
القاضي شمسُ الدّين ابن خلّكان.
والنّجم عبد المنعم ابن النّجيب عبد اللّطيف ابن الصّيقل.
__________
[1] انظر عن (يونس بن يحيى) في: التقييد لابن نقطة 490 رقم 668، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 397، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 228، 229 رقم 1203، والعبر 5/ 305، والمختصر المحتاج إليه 3/ 254 رقم 1375، وسير أعلام النبلاء 22/ 12، 13 رقم 6، وذيل التقييد للفاسي 2/ 335 رقم 1746، وإتحاف الورى لابن فهد 3/ ورقة 63، وشذرات الذهب 5/ 36
[2] وقال ابن نقطة: شيخ ثقة، صحيح السماع، لم أسمع منه شيئا. (التقييد 490) .(43/319)
والشّرف عبد الله ابن شيخ الشيوخ تاج الدّين ابن حمّويه.
والعماد أحمد ابن الشيخ العماد إبراهيم بن عبد الواحد.
والكاتب نجم الدّين محمد بن عثمان ابن السَّابِق.
والشرف مُحَمَّد بْن عَبْد الحَكَم بْن حسن بْن عقيل بْن شريف بْن رفاعة.
والبرهان إبراهيم بن محمد ابن النَّشْو.
والنَّجْم نعمة بْن مُحَمَّد بْن نعمة المقدسيّ.
والبدرُ مروان بْن عَبْد الله بْن فيرو الفارقيّ، بها.(43/320)
سنة تسع وستّمائة
[حرف الألف]
428- أَحْمَد بنُ سلطان [1] بْن أَحْمَد الظَّفَريّ.
من محلَّة الظَّفَريَّة.
سمع ابنَ البَطِّيّ، وعبد الواحد بْن الحُسَيْن البارزيّ. وحَدَّثَ.
وتُوُفّي في جُمادي الآخرة.
429- أَحْمَدُ بْن عَبْد السّلام [2] الجراويّ، الشّاعر.
نزيل مَرّاكُش.
شاعر مُحْسِنٌ لَهُ «ديوان» ، وله «حماسة» أجاد فيها.
روى عَنْهُ: سهلُ بْنُ مالك، ومحمد بْن عَبْد الجبّار.
وتُوُفّي بإشبيليّة عَنْ سنٍّ عالية.
وقيل: تُوُفّي قبل الستمائة كما مَرَّ.
430- أحمدُ بْن عليّ بْن يَحْيَى [3] بْن عَون الله.
أَبُو جَعْفَر الأنصاريّ، الأندلسيّ الدّانيّ، المعروف بالحصّار، نزيل بلنسية.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن سلطان) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 252 رقم 1247.
[2] انظر عن (أحمد بن عبد السلام) في: تكملة الصلة لابن الأبار 128، والوافي بالوفيات 7/ 61 رقم 2996.
[3] انظر عن (أحمد بن علي بن يحيى) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 100، 101، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 1 ق 1/ 342- 344 رقم 431، وتذكرة الحفاظ 4/ 1390، ومعرفة القراء الكبار 2/ 593، 594 رقم 551، والإشارة إلى وفيات الأعيان 318، والإعلام بوفيات الأعلام 250، والعبر 5/ 30، وميزان الاعتدال 1/ 122، وسير أعلام النبلاء 22/ 16، 17 رقم 9، وغاية النهاية 1/ 90 رقم 404، ونهاية الغاية، ورقة 21، وشذرات الذهب 5/ 36.(43/321)
قرأ القرآن عَلَى أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهيم بْن حسين بْن محارب صاحب أَبِي عَبْد الله محمد ابن غلام الفَرَس. وقرأ القراءاتِ ببَلَنْسية عَلَى أَبِي الحسن ابن هذيل، وسمع منه، ومن أبي الحسن ابن النّعمة، وأبي عَبْد الله مُحَمَّد بْن يوسف بْن سعادة. وأجاز لَهُ أَبُو عَبْد الله مُحَمَّد بْن عَبْد الرحيم الغَرناطيّ، والحافظ عَبْد الحقّ الإِشبيليّ.
وتَصَدَّر للإِقراء، ورَأس في ذَلِكَ أهلَ عصره.
قَالَ الأبَّار [1] : كانت الرحلة إِلَيْهِ في وقته، ولم يكن أحد يُدانيه في الضّبط والتّجويد والإِتقان، وتصدَّر في حياة شيوخه، أخذ عَنْهُ الآباء والأبناء، واضطرب بأخَرَةٍ في روايته، فأسند عَنْ جماعةٍ أدركهم، وكان بعضُ شيوخنا يُنكر عَلَيْهِ ذَلِكَ مَعَ صحَّةِ روايته عَنِ المذكورين قَبْلُ وإكثارِه عنهم، حتَّى لقد انفرد بقراءة تأليف أبي الحسن ابن النّعمة في التّفسير المترجم ب «رَيّ الظّمآن» .
قلت: فعلى هذا تكون روايته للقراءات عَنْ أبي عبد الله ابن غلام الفَرَس مزلزلة، ولهذا لم يذكرها الأبّار.
ثُمَّ قَالَ: أخذ عَنْهُ والدي القراءاتِ، وأخذتها عَنْهُ بعد ذَلِكَ بمُدَّة، وسمعتُ منه جُملة. وتُوُفّي في ثالث صفر قبل الكائنةِ العظمى عَلَى المسلمين بوقعة العقاب من ناحية جَيَّان بأيام، وقد قاربَ الثّمانين.
قلتُ: قرأتُ للسّبعة عَلَى شيخنا برهان الدّين الإِسكندرانيّ، عَنْ قراءته عَلَى عَلَم الدّين القَاسِم بْن أَحْمَد الأندلسيّ، وقال لَهُ: قرأتُ القراءاتِ وقرأت «التّيسير» عَلَى جماعةٍ منهم: أَبُو جَعْفَر أحمد بْن عليّ ويُعرف بالحَصّار، وكتبَ لَهُ الحَصّارُ بخطّ يده أنّه رواه، يعني «التّيسير» عَنْ أبي عَبْد الله محمد بن الحسن ابن غُلام الفَرَس، وقال الحِصّار: لم ألق مثلَه في الإِقراء، ومنه أخذتُ التّجويد، وقرأ عَلَى أَبِي داود، وابن الدُّشّ، ثُمَّ قَالَ: وقرأ
__________
[1] في تكملة الصلة 1/ 100، 101.(43/322)
الحصّار أيضا بِهِ عَلَى ابن هُذَيل. وممّن قرأ عَلَى الحَصّار أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مشليون، وأَبُو جَعْفَر أَحْمَد بْن عليّ بْن الفَحّام المالَقيّ، وأَبُو عَبْد الله مُحَمَّد بْن إِبْرَاهيم بْن جوبر البَلَنسيّ.
قَالَ ابن مُشِلُيون: كَانَ ينسخ «التّيسير» في السّبوع ويبيعه ويقتاتُ بذلك، فيرغب الطّلبة في كتابته لإتقانه- رحمه الله-.
431- أَحْمَد بْن مبشّر [1] بْن زيد.
أَبُو العَبَّاس الواسطيّ، المقرئ.
وُلِدَ سنة خمس وعشرين وخمسمائة.
وسمع بواسط من أبي الفرج ابن السّواديّ، وعليّ بْن المبارك. وسَمِعَ ببغداد من أَبِي الوقْت، وأبي جَعْفَر الْعَبَّاسي، وأحمد بْن قَفَرْجل، وجماعة.
وبالكوفة من أَبِي الحَسَن بْن غَبْرة. وبالبصرة من إِبْرَاهيم بْن عطيَّة المقرئ.
وكان صاحبا لصَدَقَة بْن الحُسَيْن، ومعه قدِم إِلى بغداد.
وتُوُفّي في جُمادي الآخرة.
432- أَحْمَد بْن هارون [2] بْن أَحْمَد بْن جَعْفَر بْن عات.
أبو عمر النّفزيّ [3] ، الشّاطبيّ.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن مبشر) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 32، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 250 رقم 1245، والمختصر المحتاج إليه 1/ 221.
[2] انظر عن (أحمد بن هارون) في: المرتبة العليا للنباهي 116، وتكملة الصلة لابن الأبار 1/ 101، 102، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 242، 243 رقم 1232، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 1 ق 2/ 556- 562 رقم 858، والروض المعطار 416، وتذكرة الحفاظ 4/ 1389، 1390، والعبر 5/ 31، وسير أعلام النبلاء 22/ 13، 14 رقم 7، ومرآة الجنان 4/ 18، والديباج المذهب 58، ونفح الطيب 3/ 357، وشذرات الذهب 5/ 36، 37، وإيضاح المكنون 1/ 205 و 2/ 341، وكشف الظنون 940 وفيه «ابن الفات» ، ومعجم المؤلفين 2/ 197.
[3] النّفزي: بفتح النون وسكون الفاء وفتح الزاي وبعدها تاء تأنيث. نسبة إلى نفزة: قبيلة كبيرة. (المنذري) .
وقد تصحفت في مرآة الجنان 4/ 18 إلى: «البغوي» ، وفي معجم المؤلفين إلى: «النّقري» .(43/323)
ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.
وكان من بقايا الحُفّاظ.
ذكره الأبّار [1] ، فَقَالَ: سَمِعَ أَبَاهُ العلّامة أبا مُحَمَّد، وأبا الحَسَن بْن هُذَيل، وعُليم بْن عَبْد العزيز الحافظ. وحجَّ، فَسَمِعَ من أَبِي طاهر السِّلَفي، وإسماعيل بْن عَوف.
وزاد المنذريّ [2] أَنَّهُ سَمِعَ أبا عَبْد الله مُحَمَّد بْن يوسف بْن سعادة، والحافظ عاشر بْن مُحَمَّد، ومخلوف بْن عليّ بْن جارة، وجماعة. وكان مشهورا بكثرة الحِفظ، وكان شيخُنا أَبُو الحَسَن بْن المفضّل يذكره بكثرة الحفظ، والمَيل إِلى تحصيل المعارف.
قَالَ الأبّار [3] : وكان أحدَ الحُفّاظ يَسْرُدُ المتون ويحفظ الأسانيد عَنْ ظهر قلب لا يُخلّ منها بشيء، موصوفا بالدّراية والرواية، غالبا عَلَيْهِ الورع والزُّهد عَلَى منهاج السَّلَف، يأكل الْجَشِب [4] ويلبس الخشن، وربّما أذّن في المساجد. وله تواليف دالَّة عَلَى سعة حفْظه [5] ، مَعَ حظّ من النَّظْم والنّثر [6] .
حدّثونا عَنْهُ وأجاز لي. توجّه غازيا فشهد وقعة العقاب [7] الّتي أفضت إِلى خراب الأندلس بالدّائرة عَلَى المسلمين فيها، فَعُدِمَ في صفر.
433- إِبْرَاهيم بْن مُحَمَّد [8] بْن أَبِي بكر بن هراوة.
__________
[1] في تكملة الصلة 1/ 101، 102.
[2] في تكملته 2/ 243.
[3] في تكملة الصلة 1/ 102.
[4] الجشب: الطعام الغليظ.
[5] من مؤلفاته: «النزهة في التعريف بشيوخ الوجهة» ، وهو كتاب حفيل جامع، و «ريحانة النفس وراحة الأنفس في ذكر شيوخ الأندلس» ، وهو على مقدار النصف من النزهة.
(الذيل والتكملة 1 ق 2/ 559) .
[6] له قصيدة رثاء في الذيل والتكملة 1 ق 2/ 561.
[7] انظر عن (وقعة العقاب) في: الروض المعطار للحميري 416.
[8] انظر عن (إبراهيم بن محمد) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 561، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 247 رقم 237، وذيل الروضتين 82، والمشتبه 2/ 533، والبداية والنهاية 13/ 64،(43/324)
الفقيه، المحدّث، أَبُو إِسْحَاق القَفْصِيّ، الشّافعيّ، نزيل دمشق.
سَمِعَ ببغداد من عَبْد المنعم بْن كُلَيب، وبمصر من عَبْد الله بْن أَبِي مُحَمَّد يَعْلى، وبدمشق من القَاسِم بْن عساكر، وعمر بْن طبرزَد، والكِنْديّ، وجماعة. وكتبَ وحَصَّل، وعُني بهذا الشأن.
وتُوُفّي في ربيع الأول.
قَال المنذري [1] : قَفْصَة بفتح الصّاد: مدينة بقرب القيروان.
434- إِبْرَاهيم بْن أَبِي نِزار [2] المبارك بْن عُبَيْد الله.
أَبُو إِسْحَاق البغداديّ الصّوفيّ، البزّاز.
حَدَّثَ عَنْ: نصر بْن نصر العُكْبَريّ، وأبي الوقت.
تُوُفّي في ذي الحجَّة.
435- إِسْحَاق بْن إبراهيم [3] بن يغمور [4] .
أبو إبراهيم الجابريّ [5] ، الأندلسي، نزيل مدينة فاس.
سَمِعَ بسَبْتة من: أَبِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله الحجْريّ. وتفقّه بمُرْسِيَة عند أَبِي عبد الله بْن عَبْد الرحيم. وولي قضاء فاس وسبتة. وكان بصيرا بمذهب مالك.
قِيلَ: إنّه كَانَ يستظهر «المدوَّنة» . ثُمَّ ولي قضاء بَلَنْسية في سنّ ستٍّ وستّمائة.
وعُدِمَ في كائنة العقاب في صفر.
__________
[ () ] وتوضيح المشتبه 7/ 241، والمقفى الكبير للمقريزي 1/ 294 رقم 341، وعقد الجمان 17/ ورقة 340.
[1] في التكملة 2/ 247.
[2] انظر عن (إبراهيم بن أبي نزار) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 266، 267، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 263، 264 رقم 1274، والمختصر المحتاج إليه 1/ 39.
[3] انظر عن (إسحاق بن إبراهيم) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 194.
[4] في التكملة: «يعمر» محرف.
[5] في التكملة: «المجابري» - بالميم- محرف أيضا.(43/325)
436- أفضل بْن أَحْمَد [1] بْن مسعودِ بْن عَبْد الواحد الهاشميّ.
الشريف أَبُو مُحَمَّد، أخو أكمل [2] .
مِن أولاد الشيوخ والسّيادة ببغداد.
روى عَنْ: أَبِي الوقت، وغيره.
وتُوُفّي في المحرّم.
437- أفضلُ [3] بن أبي بكر مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد الْعَزِيز.
أَبُو مُحَمَّد الدَّارَقَزّيَّ السِّمّذيّ، ابن أخت عُمَر بْن طَبَرْزَد.
وُلِدَ سنة أربعينَ وخمسمائة.
وسمع من: أحمد ابن الطّلّاية، وأحمد بن أحمد ابن الخرّاز.
438- أيّوب بْن عَبْد الله [4] بْن أَحْمَد.
أَبُو الصَّبْر الفِهْريّ، السَّبْتيّ.
سَمِعَ أَبَا: مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه، وأبا القَاسِم بْن حُبَيْش. ودخل الأندلس فسمع أبا القَاسِم بْن بَشْكُوَال، وأبا القَاسِم السُّهَيْليّ. وحجَّ وسَمِعَ بمكَّة من عليّ بْن عَمّار، وعمر المَيَانشيّ، وبمصر من عَبْد الله بْن برّي، وغيرهم، واستوسع في الرواية.
قَالَ الأبّار: كَانَ صوفيّا معروفا بالزُّهد، أخذ عَنْهُ أَبُو مُحَمَّد، وأَبُو سُلَيْمَان ابْنَا حوط الله، وأبو الحسن ابن القطّان. واستشهد في وقعة العقاب.
__________
[1] انظر عن (أفضل بن أحمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 272، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 239، 240 رقم 1226، والمختصر المحتاج إليه 1/ 256.
[2] سيأتي في وفيات سنة 617 هـ.
[3] هكذا سمّاه المؤلف- رحمه الله- هنا، وسيعيده باسم «محمد» وهو الصحيح. برقم (479) ، وسأذكر مصادر ترجمته هناك.
[4] انظر عن (أيوب بن عبد الله) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 202.(43/326)
439- أيّوب، الملك الأوحد [1] نجم الدّين أيّوب ابن السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بَكْر بْن أيوب بْن شادي، صاحب خِلاط.
مَلَك خِلاط نحوا من خمس سنين، وسفكَ دماء الأمراء بخلاط، وظلمَ وعَسَفَ، فابتُلِيَ بأمراضٍ مزمنة حتّى تمنَّى الموت، وتملّك بعدَه أخوه السّلطان الملك الأشرف موسى، فأحسن إِلى أهل خِلاط فأحبّوه.
تُوُفّي في ربيع الأول.
[حرف الجيم]
الْجَلْخ بْن عيسى بْن مُحَمَّد.
أَبُو بَكْر. يأتي بكنيته [2] .
[حرف الراء]
440- ربيعة بْن الْحَسَن [3] بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن يحيى.
__________
[1] انظر عن (الملك الأوحد أيوب) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 561، 562، وذيل الروضتين 81، 82، ومفرّج الكروب 3/ 208، والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 2/ 454، 455، وتاريخ المسلمين لابن العميد 127، والدر المطلوب 175، والمختصر في أخبار البشر 3/ 113، ونهاية الأرب 29/ 62، والعبر 5/ 22، 35، وسير أعلام النبلاء 22/ 131، 132 رقم 86، ودول الإسلام 2/ 114، ومرآة الجنان 4/ 6 (في المتوفين 606 هـ.) ، و 4/ 61، وتاريخ ابن الوردي 2/ 130، والوافي بالوفيات 10/ 36- 38 رقم 4479، والبداية والنهاية 13/ 64، والعسجد المسبوك 2/ 341، وتاريخ الخميس 2/ 410، والسلوك ج 1 ق 1/ 171، والنجوم الزاهرة 6/ 207، وتاريخ ابن الفرات 5 ق 1/ 105، وشفاء القلوب 273- 275، وشذرات الذهب 5/ 37، وترويح القلوب 60.
[2] برقم (492) .
[3] انظر عن (ربيعة بن الحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 251، 252 رقم 1246، والمعين في طبقات المحدّثين 187 رقم 1992، والعبر 5/ 31، والإعلام بوفيات الأعلام 250، والإشارة إلى وفيات الأعيان 318، وتذكرة الحفاظ 4/ 1393، 1394، وسير أعلام النبلاء 22/ 14- 16 رقم 8، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 501، 502، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 55 (8/ 144، 145) ، ومرآة الجنان 4/ 18، 19، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 152 ب، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 165، والنجوم(43/327)
أَبُو نزار الحضرميّ، اليمنيّ، الصَّنْعَانيّ، الذِّماريّ، الشافعيّ، المحدّث.
ولد سنة خمس وعشرين وخمسمائة، فتفقّه بظَفار عَلَى الفقيه مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن حَمّاد، وغيره. وركب في البحر دخل كيش، والبصرة، وبغداد، وهمذان، وأصبهان، فأقام بأصبهان مدَّة طويلة، وتفقّه عَلَى الإمام أَبِي السّعادات الشافعيّ، وسَمِعَ أبا المطهَّر القَاسِم بْن الفضل الصَّيْدلانيّ، وأبا الفضائل مُحَمَّد بْن سهل المقرئ، ورجاء بْن حامد المعدانيّ، وعبد الله بْن عليّ الطّامذيّ، وإسماعيل بْن شهريار صاحب رزق الله التَّمِيمِيّ، وعبد الجبّار بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن أَبِي ذَرّ الصّالحانيّ، وهبة الله بْن مُحَمَّد بْن حَنّه، ومعمر بْن الفاخر، وأبا مسعود عبد الرحيم ابن أَبِي الوفاء، وأبا موسى المَدينيّ، ومحمد بْن أَبِي نصر القاسانيّ، ومحمد بْن عَبْد الواحد الصّائغ.
وأتى بغداد، فلقي بها الإمام أبا محمد ابن الخشّاب وطبقته، وحجّ، فسمع من المبارك بْن عليّ الطّبَاخ، وقَدِمَ مصر سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، وسَمِعَ بها من جماعة. وسَمِعَ من السِّلَفيّ، وغيره.
وحدّث بدمشق، ومصر.
روى عَنْهُ الزّكيّان: البِرْزاليّ، والمنذريّ، والضّياء، وابن خليل، والتّقيّ اليَلْدانيّ، والشّهاب القوصيّ، ومحمد بن عليّ ابن النّشبيّ، وأهل مصر فإنّه سكنها بأَخَرةٍ.
قَالَ المنذريّ [1] : كتبتُ عَنْهُ قطعة صالحة، وكانت أُصولُه أكثرُها باليمن، وهو أحدُ من لقيته ممّن يفهم هذا الشّأنَ، وكان عارفا باللّغة معرفة حسنة، كثيرَ التّلاوة للقرآن، كثيرَ التّعبُّد والانفراد.
وقرأت بخطّ عمر ابن الحاجب: كَانَ إماما عالما حافظا، ثقة، أديبا
__________
[ () ] الزاهرة 6/ 207، وبغية الوعاة 1/ 566، 567، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 131- 133 وفيه: «ربيعة بن الحسين» ، وشذرات الذهب 5/ 37.
[1] في التكملة 2/ 252.(43/328)
شاعرا، حَسَنَ الخطّ، ذا دينٍ وورع. ووُلد بحضرموت بشبام [1] ، من قرى حضرموت.
وقال القُوصيّ: أنشدنا أَبُو نزار لنفسه:
بِبَيْتِ لِهيَا [2] بَسَاتِينٌ مُزَخْرَفَةٌ ... كَأَنَّها سُرِقَتْ مِنْ دَارِ رِضْوَانِ
أَجْرَتْ جَدَاوِلُه ذَوْبَ اللُّجَيْنِ عَلَى ... حَصى مِنَ الدُّرّ مَخْلوطٍ بِعِقْيَانِ
والطّير تهتف في الأغصان صادحة ... كضاربات مزامير وعيدان
وبعد هذا لسان الحال قائلة: ... ما أطيب العيش في أمن وإيمان
توفّي في ثاني عشر جمادى الآخرة.
وقد أجاز لأحمد بن أبي الخير، وللفخر عليّ.
[حرف الزاي]
441- زاهر بن رستم [3] بن أبي الرجاء.
أبو شجاع الأصبهانيّ الأصل، البغداديّ، الفقيه الشّافعيّ، المقرئ، الرجل الصّالح.
قرأ القراءات على أبي محمد عبد الله سبط الخيّاط، وعلى أبي الكرم الشّهرزوريّ. وسمع منهما، ومن: أبي الفتح الكروخيّ، وأبي الفضل
__________
[1] شبام: بكسر الشين المعجمة. (مراصد الاطلاع 4/ 779) .
[2] بيت لها: بكسر اللام. قرية مشهورة بغوطة دمشق.
[3] انظر عن (زاهر بن رستم) في: التقييد لابن نقطة 273، 274 رقم 338، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 187، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 260، 261 رقم 1268، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 1665، والإعلام بوفيات الأعلام 250، والإشارة إلى وفيات الأعيان 318، والعبر 5/ 31، 32، والمختصر المحتاج إليه 2/ 74 رقم 672، وتذكرة الحفاظ 4/ 1390، ومعرفة القراء الكبار 2/ 599 رقم 558، وسير أعلام النبلاء 22/ 17، 18 رقم 10، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 146، والوافي بالوفيات 14/ 166، 167 رقم 228، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 235، وغاية النهاية 1/ 288 رقم 1281، والعقد الثمين للفاسي 4/ 426، 427، والنجوم الزاهرة 6/ 207، واتحاف الورى لابن فهد 3/ ورقة 65، وشذرات الذهب 5/ 37.(43/329)
الأرمويّ، وأبي غالب محمد بن عليّ ابن الدّاية، وغيرهم. وتفقّه، وصحب الصّوفيّة والصّلحاء وجاور، وأمّ بمقام إبراهيم مدّة، ثمّ عجز وانقطع.
وحدّث بمكة، وبغداد، وواسط.
قال ابن نقطة [1] : كان ثقة صحيح الأخذ للقراءات والحديث.
قلت: روى عنه: ابن خليل، والدّبيثيّ، والبرزاليّ، والضّياء محمد، والنّجيب عبد اللّطيف، وآخرون.
قال الزّكيّ عبد العظيم [2] : لم يتّفق لي السّماع منه، وأجاز لنا. وتوفّي في ذي القعدة.
442- زنكي بن أبي الوفاء واثق بن أبي القاسم.
أبو القاسم البيهقيّ، نزيل مرو.
شيخ صالح كان يخيّط، ويأكل من كسب يده على كبر السّنّ، ويؤذّن.
توفّي في شوّال بمرو.
ويسمّى أيضا محمودا.
سمع: محمد بن إسماعيل اليعقوبيّ، وعبد السّيد بن أبي بكر البنّاء الطّاقيّ، والقاسم بن عمر الفصّاد حدّثاه عن العميريّ، وأبا العبّاس عبد المعزّ بن بشر المزنيّ، ونصر بن سيّار الكناني حدّثاه عن نجيب الواسطيّ، وأبا الوقت السّجزيّ، وغيرهم.
روى عنه: الزّكيّ البرزاليّ، والضّياء المقدسيّ. وأجاز للفخر عليّ، ولجماعة.
443- زهير ابن الحافظ أَبِي عبد الله محمد [3] بْن عَبْد الله بْن محمود.
__________
[1] في التقييد 274.
[2] في التكملة 2/ 261.
[3] انظر عن (زهير بن محمد) في: التقييد لابن نقطة 274 رقم 340، وفيه قال محققه «كمال يوسف الحوت» بالحاشية: «لم نعثر عليه» ، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 247، 248 رقم 1238.(43/330)
أبو سعد الطّائيّ، البوشنجيّ.
ولد سنة خمس وعشرين وخمسمائة ببوشنج.
سمع من الزّاهد يوسف بن أيّوب الهمذانيّ.
وحدّث بهراة، روى عنه الحافظ الزّكيّ البرزاليّ، وغيره. وأجاز للفخر عليّ.
وتوفّي في ربيع الأوّل [1] .
[حرف السين]
444- سليمان بن سلطان [2] بن خليفة.
أبو الربيع المنذريّ، المصريّ، الشافعيّ، البنّاء.
سمع من أبي طاهر السّلفيّ، وإسماعيل بن قاسم الزّيّات.
وأمّ النّاس بمصر بالمسجد المعروف به.
روى عنه الزّكيّ المنذريّ.
وتوفّي في ذي القعدة.
[حرف العين]
445- عاتكة بنت الحافظ أَبِي العلاء الْحَسَن [3] بْن أَحْمَد بْن الحسن بن أحمد الحنبليّ، الهمذانيّ، العطّار.
__________
[1] هكذا بخط المؤلف- رحمه الله-، وفاته أن المنذري قال: وفي الثامن والعشرين من شهر ربيع الآخر توفي ... ولنا منه إجازة كتب بها إلينا من خراسان في السادس عشر من شهر ربيع الآخر المذكور. (التكملة 2/ 247 و 248) .
وقال ابن نقطة: سمع منه أصحابنا، وذكره إبراهيم بن محمد الصريفيني فأثنى عليه بالخير والصلاح، وقال لي: توفي بهراة في سنة تسع وستمائة في أواخر صفر أو أول ربيع الأول.
[2] انظر عن (سليمان بن سلطان) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 261 رقم 1269.
[3] انظر عن (عاتكة بنت الحسن) في: التقييد لابن نقطة 500 رقم 686، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 405، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 254، 255 رقم 1253، والمختصر المحتاج إليه 3/ 268 رقم 1423، والوافي بالوفيات 16/ 561 رقم 592، وأعلام النساء 3/ 201.(43/331)
سمعت من: أبي بكر هبة اللَّه بْن الفَرَج ابن أخت الطويل، ونصر بن المظفر البرمكيّ، وأبي حفص عمر بن أحمد الصفّار، وأبي الوقت.
وروت الكثير بهمذان، وبغداد، وقدمت على ولدها القاضي عليّ بن عبد الرشيد قاضي الجانب الغربيّ ببغداد. وكان سماعها صحيحا، وهي شيخة صالحة.
روى عنها: أبو عبد الله الدّبيثي. وأجازت للشيخ شمس الدّين عبد الرحمن، وللكمال عبد الرحيم، ولأحمد بن شيبان، وللفخر عليّ.
وتوفّيت فجاءة ببغداد في رجب ساجدة.
446- عائشة بنت أَبِي الفتح أَحْمَد [1] بْن أَبِي غالب مُحَمَّد بن محمد بن محمد بن السّكن.
حدّثت عن: سعيد ابن البنّاء.
وتوفّيت في ربيع الأول ببغداد.
وعنها: ابن النّجّار.
447- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن [2] بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عبد القاهر ابن الطّوسيّ، ثمّ الموصليّ.
ولد سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة.
وهو من بيت العلم والرواية.
قَالَ المُنْذريُّ [3] : تُوُفّي فِي هذه السنة، ولنا منه إجازة.
__________
[1] انظر عن (عائشة بنت أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 243، 244 رقم 1234، والمختصر المحتاج إليه 3/ 266 رقم 1415.
[2] انظر عن (عبد الله بن عبد الرحمن) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 265 رقم 1276، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 133.
[3] في التكملة 2/ 265.(43/332)
448- عبد الله بن هبة الله [1] بن أبي القاسم.
أبو محمد ابن الحلّيّ، الدّلّال، البزّاز.
حدث عن: أبي محمد سبط الخيّاط، وأحمد بن الأشقر، وأبي الفضل الأرمويّ.
وقيل: بل الّذي سمع من هؤلاء أخ له مات شابّا واسمه باسمه.
449- عبد الرّحمن بن أحمد [2] بن مواهب بن الحسن.
أبو محمد البغداديّ، ابن غلام العلبيّ [3] سمع: أباه، وأبا الوقت، وجماعة.
ومات في ذي القعدة.
450- عبد الرحمن بن شجاع [4] بن الحسن بن الفضل.
الفقيه أبو الفرج البغداديّ، الحنفيّ.
ولد سنة تسع وثلاثين وخمسمائة.
وتفقّه على والده. وسمع من ابن ناصر، وأحمد بن ناقة.
وكان إماما فقيها مفتيا مدرسا، درّس بمشهد أبي حنيفة [5]- رحمه الله- نيابة عن المدرّس. وكان أبوه من كبار الحنفية.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن هبة الله) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 112، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 239 رقم 1225، والمختصر المحتاج إليه 2/ 176 رقم 817، وقد سقط من طبعة (تاريخ الإسلام) المصرية 1 ج 18/ 354 «بن هبة الله» .
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 262 رقم 1271، والمختصر المحتاج إليه 2/ 192 رقم 839.
[3] العلبي: بضم العين المهملة وسكون اللام وبعدها باء موحّدة مكسورة. قال المنذري:
وفتح بعضهم اللام، والأكثر التسكين. (التكملة 2/ 262) .
[4] انظر عن (عبد الرحمن بن شجاع) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 7118 والتكملة لوفيات النقلة 2/ 256 رقم 1257، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 244، والجامع المختصر 9/ 208، والمختصر المحتاج إليه 2/ 199، 200 رقم 851، والجواهر المضية 2/ 379، 380، والوافي بالوافي بالوفيات 18/ 152 رقم 190، والطبقات السنية 2/ ورقة 429، والفوائد البهية 88.
[5] وذلك في سنة 594 (الجامع المختصر 9/ 208) .(43/333)
توفّي هو في شعبان.
451- عبد الرحمن بن أبي الفضائل [1] عبد الوهّاب بن أبي زيد صالح بن محمد.
الفقيه، أبو الفضل ابن المعزّم [2] الهمذانيّ.
ولد سنة ستّ وعشرين وخمسمائة بهمذان.
وسمع: من أبيه، ومن أبي جعفر محمد بن أبي عليّ الحافظ، ونصر بن المظفّر البرمكيّ، وأبي صابر عبد الصّبور بن عبد السّلام. وقيل: إنّه آخر من حدّث بهمذان «بجامع التّرمذيّ» عن عبد الصّبور، وهو آخر من حدّث عن أبي جعفر الحافظ، وأبي منصور عبد الكريم بن محمد الخبّاز.
وكان جدّه أبو زيد إمام جامع همذان قد سمع من أبي إسحاق الشّيرازيّ.
وقال الضّياء المقدسيّ: هو أيضا آخر من روى عن أبي الحسن العجليّ، وكان إمام جامع همذان.
روى عَنْهُ: ابن نقطة، والرفيع إسحاق بن محمد الهمذانيّ، والشّرف المرسيّ، والصّدر البكريّ، وغيرهم. وأجاز للفخر عليّ.
قال ابن نقطة [3] : سمع «صحيح الْبُخَارِيّ» من أَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بْن أبي عليّ، وكان سماعه صحيحا. وقال لي إسحاق بن محمد بن المؤيّد: إنّه قرأ عليه كتاب «المتحابّين في الله» لأبي بكر بن لال، بسماعه من البديع أحمد بن
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن أبي الفضائل) في: التقييد لابن نقطة 344 رقم 423، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 246 رقم 1327، وتاريخ إربل 1/ 248، وتلخيص مجمع الآداب 2/ رقم 561، والعبر 5/ 32، وسير أعلام النبلاء 22/ 20، 21 رقم 14، وتذكرة الحفاظ 4/ 1390، وشذرات الذهب 5/ 37.
[2] المعزّم: بضم الميم وفتح العين المهملة وتشديد الزاي وكسرها بعدها ميم. (المنذري) .
[3] في التقييد 344.(43/334)
سعد العجليّ، أخبرنا عليّ بن عبد الحميد البجليّ، عنه، وأنه سمع كتاب «مكارم الأخلاق» لابن لال أيضا، من هبة الله ابن أخت الطّويل، أخبرنا البجليّ، عن ابن لال.
قال الحافظ عبد العظيم [1] : توفّي في ثامن عشر ربيع الآخر.
452- عبد الرحمن بن أبي الفوارس [2] بن أحمد بن شيران.
أبو الفتوح البغداديّ، السّمسار.
سمع من: أبي غالب ابن الدّاية، وأبي الفضل الأرمويّ، وابن ناصر.
وحدّث، وكان شيخا صالحا.
توفي في رجب.
453- عبد الرشيد [3] بن محمد بن عليّ.
أبو بكر [4] الميبذي.
وميبذ: بليدة عند يزد.
سمع أبا العبّاس التّرك وطبقته. وقرأ الكثير، وحصّل الأصول.
لقيته [5] ببغداد.
ولد سنة 562 [6] ، ومات في صفر بيزد.
454- عبد الصّمد بن يوسف [7] .
__________
[1] في التكملة 2/ 246.
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن أبي الفوارس) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 255 رقم 1254، والمختصر المحتاج إليه 3/ 22، 23 رقم 781.
[3] تقدّمت ترجمته في السنة الماضية برقم (396) .
[4] في ترجمته السابقة كنيته: «أبو محمد» .
[5] القول ليس للمؤلّف الذهبي- رحمه الله- قطعا.
[6] هكذا كتبها بالأرقام.
[7] انظر عن (عبد الصمد بن يوسف) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 177، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 253 رقم 1250، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 712، والمختصر المحتاج إليه 3/ 80 رقم 897.(43/335)
أخو الموفّق عبد اللّطيف بن يوسف البغداديّ.
أظنّه روى عن أبي الوقت، وغيره.
وتوفّي في جمادى الآخرة [1] .
455- عبد الملك بن أبي عليّ [2] المبارك بن عبد الملك بن الحسن.
القاضي أبو منصور الحريميّ، العدل، المعروف والده بابن القاضي.
ولد سنة ثمان وعشرين وخمسمائة.
وسمع من: أبي منصور عبد الرحمن بن محمد الشيبانيّ، وأبي البدر إبراهيم بن محمد الكرخيّ، وأبي الفتح الكروخيّ، وابن الطّلّاية، وجماعة.
وتوفّي في العشرين من ذي الحجّة.
قال ابن النّجّار [3] : كتبت عنه وكان صدوقا.
456- عبدان [4] الفلكيّ.
الأجلّ عزّ الدّين، صاحب الدّار والحمّام تجاه دار الحديث النّوريّة بدمشق.
ورّخ موته أبو شامة.
457- عليّ بن أحمد بن عليّ [5] ابن الصّيّاد الواسطيّ.
__________
[1] وقال ابن الدبيثي: وكان فيه عسر في الرواية، سمعنا فيه، ولعلّه ما روى لغيرنا، والله أعلم.
[2] انظر عن (عبد الملك بن أبي علي) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 139، والتاريخ المجدّد لابن النجار (الظاهرية) ورقة 20، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 262، 263 رقم 1272، والمختصر المحتاج إليه 3/ 34 قم 799، والذيل على طبقات الحنابلة 1/ 208 (في ترجمة والده) .
[3] في التاريخ المجدّد، ورقة 20.
[4] انظر عن (عبدان) في: ذيل الروضتين 81 وفيه: «عبيدان» .
[5] انظر عن (علي بن أحمد بن علي) في: التقييد لابن نقطة 419 رقم 560، وإكمال الإكمال، له (الظاهرية ورقة 18، ومعجم البلدان 1/ 196، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 215، والمشتبه 1/ 18، والمختصر المحتاج إليه 3/ 116، 117 رقم 981، وتوضيح المشتبه 1/ 187 وسيعاد قريبا برقم (463) .(43/336)
أبو السّعادات ابن أبي الكرم المقرئ، الضّرير.
تفقّه بالنّظاميّة. وسمع من أبي الوقت، وجماعة.
وتوفّي في جمادى الآخرة.
وولي خطابة قرية الأرحاء، وهي قريبة من واسط.
458- عليّ بن أحمد بن أبي نصر [1] .
أبو الهيجاء العبّاسيّ، الشريف.
حدث «بصحيح البخاريّ» عن أبي الوقت.
وكان يلعب بالحمام، وادّعى سماع أشياء، وخلّط [2] .
459- عليّ بن أحمد بن يوسف [3] بن مروان بن عمر.
أبو الحسن الأندلسيُّ.
من أهلِ مدينة وادي آش.
روى عن: إبراهيم بن عبد الرحمن القيسيّ، وعبد المنعم بن الفرس.
قال الأبّار [4] : وكان صاحب فنون وتصانيف، منها: كتاب «الوسيلة في الأسماء الحسنى» ، وكتاب «التّرصيع في تأصيل مسائل التّفريع» ، وكتاب «اقتباس السّراج في شرح مسلم» ، وكتاب «نهج المسالك في شرح موطّأ مالك» في عشر مجلّدات. سمع منه شيخنا أبو جعفر ابن الدّلّال، وغيره.
وتوفّي وله ستّون سنة.
__________
[1] انظر عن (علي بن أحمد بن أبي نصر) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 215، 216، والتاريخ المجدّد لابن النجار (الظاهرية) ورقة 181، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 254 رقم 1252، وتاريخ إربل 1/ 170، 171 رقم 75، والمختصر المحتاج إليه 3/ 117 رقم 982، وميزان الاعتدال 3/ 114 رقم 5782، والمغني في الضعفاء 2/ 442 رقم 4212، ولسان الميزان 4/ 198 رقم 530، وفيه وفاته سنة 659 وهو غلط.
[2] قال ابن النجار: «ولم يكن يفهم هذا الشأن، ولا له به عناية، بل كان سيء الطريقة يلعب بالحمام» ، الورقة 181 (ظاهرية) .
[3] انظر عن (علي بن أحمد بن يوسف) في: تكملة الصلة لابن الأبار 675، 676، ومعجم المؤلفين 7/ 32.
[4] في تكملته 675، 676.(43/337)
460- عليّ بن أحمد بن أبي قوة [1] .
الأزديّ، الدّانيّ، الشاعر.
أخذ القراءات عن أبيه، وابن كوثر، وأبي القاسم بن حبيش.
أخذ عنه أبو القاسم الملّاحيّ.
461- عليّ بن الحسين بن عليّ [2] بن نصر ابن البل [3] .
أبو الحسن الدّوريّ [4] ، المجلّد.
ولد سنة تسع وثلاثين وخمسمائة.
وسمع من: أحمد ابن الطّلّاية، وابن ناصر، وأبي الوقت، وجماعة.
روى عنه: الدّبيثيّ [5] ، وقال: مات في جمادى الأولى.
462- عليّ بن حمزة [6] بن عليّ ابن البزوريّ، الكرخيّ.
روى حضورا عن سعيد ابن البنّاء.
ومات في ذي القعدة.
463- عليّ بن أبي الكرم [7] بن عليّ.
أبو السّعادات الأرحائيّ، الواسطيّ.
والأرحاء: من قرى واسط.
__________
[1] تقدّمت ترجمته في وفيات سنة 608 هـ. برقم (405) ومصادره هناك.
[2] انظر عن (علي بن الحسين بن علي) في: إكمال الإكمال لابن نقطة (الظاهرية) ورقة 41، وتاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 138، 139، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 248، 249 رقم 1241، والمختصر المحتاج إليه 3/ 124 رقم 1000، والمشتبه 1/ 115، وتوضيح المشتبه 2/ 55.
[3] البلّ: بفتح الباء الموحدة وتشديد اللام.
[4] الدوري: نسبة إلى الدور بلدة بين تكريت وسامراء.
[5] انظر تاريخه، ورقة 139، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 260 رقم 1267.
[6] انظر عن (علي بن حمزة بن علي) في: تاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 139، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 260 رقم 1267.
[7] تقدّم قبل قليل برقم (457) وانظر مصادر ترجمته هناك.(43/338)
سمع «صحيح البخاريّ» من أبي الوقت.
قال ابن نقطة [1] : كتبت عنه بواسط، مات في جمادى الآخرة.
464- علي بْن مُحَمَّد بْن علي [2] بْن مُحَمَّد.
أبو الحسن ابن خروف.
من كبار النّحاة بالأندلس.
حضر من إشبيلية. أخذ القراءات عن أبي محمد ابن الزّقّاق، وأبي بكر ابن صاف. وسمع من أبي عبد الله بن مجاهد، وأبي بكر بن خير، وجماعة.
وأخذ العربية عن أبي إسحاق بن ملكون، وابن طاهر الخدبّ.
وكان إماما في العربية، مدقّقا، محقّقا، ماهرا، مشاركا في علم الكلام والأصول، صنّف شرحا «لكتاب» سيبويه جليل الفائدة، وصنّف شرحا
__________
[1] في التقييد 419.
[2] انظر عن (علي بن محمد بن علي) في: معجم الأدباء 15/ 75، 76 رقم 16 وفيه:
«علي بن محمد بن يوسف بن خروف» ، والتكملة لكتاب الصلة لابن الأبار (نسخة الأزهر) 3/ ورقة 71 (والمطبوع رقم 1484) ، وبرنامج شيوخ الرعينيّ 81، والغصون اليانعة لابن سعيد 138- 144، ووفيات الأعيان 3/ 335، وإنباه الرواة 4/ 186 رقم 969 وفيه «ابن خروف النحويّ الأندلسي» دون ذكر اسمه، وأنه عاش إلى قريب من سنة تسعين وخمسمائة تقديرا، وصلة الصلة لابن الزبير 122، وجذوة الاقتباس 207، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 5 ق 1/ 319- 323 رقم 635، والمغرب في حلى المغرب 1/ 136- 139 رقم 69 وفيه «علي بن يوسف بن خروف» ، ومسالك الأبصار 11/ ورقة 28 ب، وعقود الجمان للزركشي 225 أ، والبدر السافر 28 ب، وسير أعلام النبلاء 22/ 26 رقم 20، وتذكرة الحفاظ 4/ 1390، والمختصر في أخبار البشر 3/ 115، وتاريخ ابن الوردي 2/ 132 (في وفيات سنة 610 هـ.) ، ومرآة الجنان 4/ 21 (وفيات 610 هـ.) ، والبداية والنهاية 13/ 53، والوافي بالوفيات 22/ 89- 94 رقم 40، والوفيات لابن قنفذ 304، 305 رقم 609، ولسان الميزان 4/ 257 رقم 2، 7، وفيه:
مات سنة تسع وخمسين وستمائة، وهو غلط، وملء العيبة للفهري 2/ 210، 232، 297، 308، والبلغة في تاريخ أئمة اللغة 124، وبغية الوعاة 2/ 203 رقم 1793، والعسجد المسبوك 2/ 341، 342، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 144، وحاشية على شرح بانت سعاد 1/ 629، والأعلام 5/ 151، ومعجم المؤلفين 7/ 221 وفيه وفاته 606 هـ.(43/339)
«لجمل» الزجّاج، وكتابا في الفرائض. وله كتاب «الردّ» في العربية على أبي زيد السّهيليّ، وعلى جماعة.
قال الأبّار [1] : وله كتاب في الردّ على أبي المعالي الجوينيّ، ولم يصب في ردّه، وكانت العربية بضاعته وصناعته. أقرأ النّحو بعدّة بلاد، ثمّ اختلّ عقله، وتوفّي بعد مدّة.
465- عليّ بن محمد [2] ابن الوزير عون الدّين يحيى بن هبيرة.
سمع من ابن البطّي.
وكان يتردّد إلى الشام، وقدم آمد فأدركه أجله بها في جمادى الأولى.
466- عليّ بن أبي الفرج [3] المبارك بن صافي.
أبو الحسن البغداديّ، الصّوفيّ.
شيخ صالح.
ولد سنة خمس وثلاثين.
وسمع من: جدّه صافي بن عبد الله، ومن أبي الوقت، وأبي المظفّر الشّبليّ. وصحب شيخ الشيوخ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي سعد.
وكان جدّه مولى القاضي أبي جعفر ابن الخرقيّ، فأعتقه وزوّجه ابنته.
توفّي في رمضان.
467- عليّ بن منصور بْن الْحَسَن بْن القَاسِم بْن الفضل الثّقفيّ، الأصبهانيّ.
إمام فاضل فقيه، من بيت الحديث والحشمة.
__________
[1] في تكملة الصلة 3/ ورقة 71 (المطبوع، رقم 1484) .
[2] انظر عن (علي بن محمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 159، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 248 رقم 1239.
[3] انظر عن (علي بن أبي الفرج) في: تاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 164، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 258 رقم 1261، والمختصر المحتاج إليه 3/ 142 رقم 1054.(43/340)
ذكر أنّه ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة. والعجب أنّه لم يسمع من جعفر بن عبد الواحد الثّقفيّ، وفاطمة الجوزدانية وطبقتهما. وسمع من زاهر الشّحّاميّ، وغيره.
ولقبه: كمال الدّين.
روى عنه: أبو إسحاق الصّريفينيّ، وغيره. وأجاز للشيخ شمس الدّين ابن أبي عمر، وللفخر عليّ، وللكمال عبد الرحيم، ولأحمد بن شيبان، وغيرهم.
ورّخ الضّياء وفاته في هذه [السنة] [1] . ووجدت بخطّ الحافظ ( ... ) [2] أنّه توفّي سنة ستّ وستمائة، فاللَّه أعلم.
468- عليّ بن عبد الله [3] بن فرج الغسّانيّ.
المعروف بالزّيتونيّ، الغرناطيّ.
لازم أبا عبد الله بن عروس، وبرع في القراءات والنّحو.
عظّمه ابن الزّبير [4] ، وقال: عرض «الموطّأ» و «كتاب» سيبويه، وأكثر «صحيح» البخاريّ. قعد للإقراء وعقد الوثائق.
روى عنه: أبو عليّ بن سمعان.
توفّي سنة تسع.
[حرف الفاء]
469- الفضل بن عمر [5] بن منصور.
__________
[1] إضافة على الأصل يقتضيها السياق.
[2] في الأصل بياض مقدار كلمة.
[3] انظر عن (علي بن عبد الله) في: صلة الصلة لابن الزبير 121، وتكملة الصلة لابن الأبار، رقم 2351، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 5 ق 1/ 236 رقم 472، وبغية الوعاة 2/ 172.
[4] في صلة الصلة 121.
[5] انظر عن (الفضل بن عمر) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 252 رقم 1248، والمختصر(43/341)
أبو منصور الأزجيّ، الكاتب، المعروف بابن الرّائض المقرئ.
قرأ القراءات العَشْر عَلَى أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن عساكر البطائحيّ. وسمع من خديجة بنت النّهروانيّ، وغيرها.
وحدّث، وكتب الخطّ المنسوب على طريقة ابن البوّاب في غاية الحسن.
وتوفّي في جمادى الآخرة، وله سبع وخمسون سنة.
[حرف القاف]
470- قايماز [1] ، عتيق شهردار.
ابن الحافظ شيرويه الهمذانيّ.
روى عن: أبي الخير محمد بن أحمد الباغبان.
روى عنه: الشيخ الضّياء، وغيره.
توفّي في جمادى الآخرة بهَمَذَان.
[حرف الميم]
471- مُحَمَّد بْن أَحْمَد [2] بْن خَلَف بن عَيَّاش.
أبو عبد الله الأنصاريّ، الخزرجيّ، القرطبيّ، المعروف بالشّنتياليّ.
سمع الكثير من أبي القاسم بن بشكوال، وناوله كتب خزانته. وأخذ القراءات والنّحو عن صهره أبي القاسم بن غالب، وسمع من السّهيليّ، وأبي بكر ابن خير، وجماعة.
قال الأبّار: كان عالما عاملا، صالحا، متواضعا، عارفا بالقراءات، مجوّدا متقنا، له بصر بالحديث والفقه، ومشاركة في الفرائض. أقرأ وأسمع
__________
[ () ] المحتاج إليه 3/ 157 رقم 1099، وغاية النهاية 2/ 10.
[1] انظر عن (قايماز) في: إكمال الإكمال لابن نقطة (الظاهرية) ورقة 38، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 250 رقم 1244.
[2] انظر عن (محمد بن أحمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 586.(43/342)
دهرا، وأخذ عنه أبو القاسم ابن الطّيلسان، وابنه أبو بكر عيّاش. وتوفّي في شعبان في عشر الثّمانين.
472- محمد بن إبراهيم [1] .
أبو عبد الله الحضرميّ، القرطبيّ، الفقيه، قاضي اليسّانة [2] وخطيبها.
له مؤلّف في «رجال الموطّأ» [3] . وروى عن ابن بشكوال.
واستشهد يوم العقاب.
473- محمد بن إسماعيل [4] بْن عليّ.
الفقيه أبو عَبْد اللَّه اليمنيّ، الشافعيّ، المعروف بابن أبي الصّيف.
كان عارفا بالمذهب. حصّل كثيرا من الكتب، وسمع بمكة من أبي نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق اليوسفي، وعليّ بن عمّار الطّرابلسيّ، والحسن بن عليّ البطليوسيّ، والمبارك ابن الطّبّاخ، وعبد المنعم بن عبد الله الفراويّ، وطبقتهم.
__________
[1] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 585، ومعجم المؤلفين 8/ 197.
[2] اليسّانة: من عمل قرطبة. ويقال: اليشانة، بالمعجمة. انظر: نزهة المشتاق في اختراق الآفاق للإدريسي 2/ 537، ويقال: هي مدينة اليهود 2/ 571.
[3] اسمه «الدرّة الوسطى في السلك المنظوم» كما قال ابن الأبار.
[4] انظر عن (محمد بن إسماعيل) في: الكامل في التاريخ 12/ 300، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 264 رقم 1275، والمشتبه 1/ 320، ورحلة ابن جبير 132، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 295 رقم 745، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 19، والبداية والنهاية 13/ 64، والعقد الثمين للفاسي 1/ 415، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 395 رقم 364، والديباج المذهب 301، والمقفى الكبير للمقريزي 5/ 563، 564 رقم 2094، والعسجد المسبوك 2/ 341 وفيه: «محمد بن علي بن إسماعيل» ، وطبقات الخواص 141، وكشف الظنون 1278، وهدية العارفين 2/ 108، وديوان الإسلام 3/ 214 رقم 1340، وفهرس الفهارس 2/ 118، والرسالة المستطرفة 77، والأعلام 6/ 261، ومعجم المؤلفين 9/ 57 وفيه وفاته سنة 607 هـ.
وسيعاد في وفيات سنة 619 هـ. اعتمادا على ما ذكره المنذري في التكملة حيث أورده مرتين فوهم، وتابعه المؤلف- رحمه الله- في وهمه أيضا، ونبّه إلى ذلك القاضي تقي الدين الفاسي في (العقد الثمين 1/ 415) ، وسأذكر ذلك عند إعادته ثانية في وفيات سنة 619 هـ.(43/343)
وجمع أربعين حديثا عن أربعين شيخا، من أربعين مدينة، سمع من الكلّ بمكّة. وكان على طريقة حسنة، وسيرة جميلة، وخير.
توفّي بمكّة في ذي الحجّة.
والصّيف: بصاد مهملة.
474- محمد بْن حسن [1] بْن محمد بْن يوسف بن خلف.
أبو عبد الله ابن الحاجّ الأنصاريّ، المالقيّ، ويعرف أيضا بابن صاحب الصّلاة.
سمع: أبا عبد الله ابن الفخّار، وعبد الحقّ بن بونه، وجماعة. وحجّ فلقي في طريقه الحافظ أبا محمد عبد الحقّ بن عبد الرحمن ببجاية فسمع منه، وبالإسكندرية من أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن الحضْرميّ، وبمكة من أبي حفص الميانشيّ. وقفل إلى بلده مالقة، وحدّث.
أخذ عنه: ابن حوط الله، وأبو القاسم الملاحي، وغيرهما.
استشهد بوقعة العقاب في صفر.
475- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن [2] بْن عَبْد اللَّه بْن عمر بن هارون.
أبو عبد الله الشّونيّ.
وشون: من عمل إشبيلية.
سمع: أبا الحسن بن هذيل، وأبا الحسن ابن النّعمة، وأبا بكر بن نمارة.
وكان مشاركا في الفقه، وولي الأحكام ببلنسية، وكتب بخطّه الكثير من العلوم.
قال الأبّار: وناولني «رسالة» ابن أبي زيد، و «التّيسير» لأبي عمرو. ولم يكن له بصر بالحديث. توفّي في ذي القعدة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن حسن) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 585.
[2] انظر عن (محمد بن الحسين) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 587.(43/344)
476- محمد بن سعد [1] بن محمد.
أبو الفتح الدّيباجيّ، المروزيّ.
شيخ العربيّة بمرو، ومصنّف كتاب «المحصّل في شرح المفصّل» للزّمخشريّ.
سمع من: أبي سعد ابن السمعانيّ.
وحدث، وأقرأ النّحو دهرا. وحجّ. وعاش اثنتين وتسعين سنة. وهو مشهور في تلك الدّيار، ومن أعيان النّحاة.
توفّي بمرو في ثامن عشر صَفَر.
477- مُحَمَّد بْن عَلِيّ [2] بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن.
أبو العلاء ابن الرّاس اليمنيّ، ثمّ البغداديّ، الصّوفيّ.
سَمِعَ مِن: أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن الحسن الفارسيّ، وأبي المظفّر هبة الله ابن الشّبليّ، وأبي الوقت السّجزيّ، وجماعة.
وعاش نيّفا وثمانين سنة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه الدُّبِيثيّ، وغيره.
وتوفّي في ذي القعدة.
ولد لأبيه باليمن وهو في التّجارة، وسمع بمكّة من ابن الكروخيّ.
478- محمد بن علي بن حمزة [3] بن فارس بن محمد بن عبيد.
__________
[1] انظر عن (محمد بن سعد) في: تاريخ ابن الدبيثي (شهيد علي 1870) ورقة 45، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 241 رقم 1230، وإنباه الرواة 3/ 139، 140، وذيل الروضتين 82، والمختصر المحتاج إليه 1/ 51، والوافي بالوفيات 3/ 89، 90، والبداية والنهاية 13/ 64، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 25، وعقد الجمان 17/ ورقة 240، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 133، 134، وبغية الوعاة 1/ 111، 112.
[2] انظر عن (محمد بن علي) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 145، 146 رقم 380، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 261، 262 رقم 1270، والمختصر المحتاج إليه 1/ 99.
[3] انظر عن (محمد بن علي بن حمزة) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي(43/345)
أبو الفرج الحرّانيّ، البغداديّ، ابن القبّيطيّ [1] ، أخو حمزة.
ولد في صفر سنة ثمان وعشرين وخمسمائة.
وسمع من: أبي عبد الله الحسين، وأبي محمد عبد الله سبطي أبي منصور الخيّاط، وأبي عبد الله ابن السّلّال، وأبي القاسم عليّ ابن الصّبّاغ، وأبي منصور بن خيرون، وأبي سَعْد أَحْمَد بْن مُحَمَّد البغداديّ ثُمَّ الأصبهانيّ، وأحمد بن الأشقر، وطبقتهم.
وثّقه أبو عبد الله الدّبيثيّ [2] ، وروى عنه هو، والضّياء، والجمال يحيى ابن الصّيرفيّ، والمحبّ ابن النّجّار، وآخرون.
وتُوُفّي في الثامن والعشرين من جُمادى الأولى.
وأجاز للفخر عليّ، ولجماعة.
وقد روى الحديث من بيته جماعة منهم: بنوه: عبد اللّطيف، وعبد العزيز، ونصر.
وكان متيقّظا، حسن الأخلاق، صبورا للطّلبة، جميل الأمر.
سمع منه الجمال ابن الصّيرفيّ كتاب «معرفة الصّحابة» لأبي عبد الله بن مَنْدَهْ، بسماعه من أبي سعد أحمد بن محمد ابن البغداديّ، عن أصحاب المؤلّف، لأنّه سمعه ملفّقا على اثنين أو ثلاثة أنفس.
479- محمد بن أبي بكر [3] محمد بن علي بن عبد العزيز.
__________
[2] / 144، 145 رقم 379، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 249، 250 رقم 1243، والإعلام بوفيات الإعلام 250، والإشارة إلى وفيات الأعيان 318، والعبر 5/ 32، والمختصر المحتاج إليه 1/ 99، وسير أعلام النبلاء 22/ 9، 10 رقم 2، والوافي بالوفيات 4/ 158، 159 رقم 1694، وشذرات الذهب 5/ 38.
[1] القبيطي: بضم القاف وتشديد الباء الموحدة وفتحها وبعدها ياء آخر الحروف وطاء مهملة وياء النسبة. (المنذري) .
[2] في ذيل تاريخ مدينة السلام 2/ 144، 145.
[3] انظر عن (محمد بن أبي بكر) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 130، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 240 رقم 1227، والمختصر المحتاج إليه 1/ 106، 107،(43/346)
أبو عبد الله ابن السّمّذيّ، البغداديّ، الدّارقزّيّ، ابن أخت عمر بن طبرزد وزوج ابنته.
سمع بإفادته من أحمد ابن الطّلّاية، وأحمد بن أحمد ابن الخرّاز. وحدّث.
وكان مولده في سنة أربعين، وتوفّي في المحرّم.
وكانت طريقته غير مرضيّة- قاله ابن النّجّار ولم يسمع منه شيئا.
480- محمد بن محمد بن أبي الفضل [1] .
أبو عبد الله الخوارزميّ.
ولد سنة أربع وعشرين وخمسمائة.
وسمع بأصبهان من زاهر الشّحّاميّ.
روى عنه الضّياء، وغيره. وبالإجازة الشيخ شمس الدّين عبد الرحمن و ... [2] .
ومات في سلخ ذي الحجّة.
481- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم [3] .
أبو عبد الله ابن الأكّاف [4] الموصليّ.
سمع من خطيب الموصل عبد الله ابن الطّوسيّ. وقدم دمشق، فسمع بها. وسمع ببغداد من نصر الله القزّاز، وجماعة.
وعني بالجمع والكتابة. وحدّث ببلده، وأقام مجاورا بجامع الموصل العتيق مقبلا على العبادة والخير- رحمه الله-.
__________
[ () ] وقد تقدّم باسم «أفضل» برقم (437) والصواب: «محمد» كما هنا.
[1] انظر عن (محمد بن محمد بن أبي الفضل) في: العبر 5/ 32، وسيعيده المؤلف- رحمه الله- بعد قليل، رقم 483 فكأنه ذهل ولم ينبّه إلى تكراره.
[2] في الأصل بياض مقدار كلمتين.
[3] انظر عن (محمد بن محمد بن عبد الكريم) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 130، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 265 رقم 1277، والمختصر المحتاج إليه 1/ 127.
[4] الأكّاف: بفتح الهمزة وتشديد الكاف وفتحها وبعد الألف فاء. نسبة إلى عمل أكاف الدوابّ. (المنذري) .(43/347)
482- محمد بن مسعود [1] بن حسن النّيسابوريّ.
قال الحافظ الضّياء: توفّي بنيسابور في ذي الحجّة، ومولده سنة عشر وخمسمائة.
قلت: أجاز للفخر. وذكره المنذريّ في سنة عشر، ووصفه بالزّهد، وقال: يعرف بالكوف.
483- محمد بن محمد بن أبي الفضل [2] .
أبو عبد الله الخوارزميّ، ثمّ الأصبهانيّ.
من شيوخ الحافظ الضّياء، قال: توفّي في آخر سنة تسع، وولد سنة أربع وعشرين وخمسمائة.
484- المبارك بن سعد الله [3] بن المبارك بن بركة.
أبو الرضا الواسطيّ الأصل، البغداديّ، الظّفريّ، الطّحّان.
سمع من: ابن ناصر، وعبد الملك بن عليّ الهمذانيّ.
توفّي في رمضان. وقيل: توفّي سنة عشر.
روى عنه: الدّبيثيّ.
485- محمود بن عثمان [4] بن مكارم النّعّال.
الرجل الصّالح.
توفّي ببغداد في صفر برباطه.
__________
[1] انظر عن (محمد بن مسعود) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 269 رقم 1284.
[2] ذهل المؤلف- رحمه الله- فذكره هنا، بعد أن ذكره قبل قليل، رقم 480 ولم يتنبّه إلى ذلك.
[3] انظر عن (المبارك بن سعد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 259 رقم 1263.
[4] انظر عن (محمود بن عثمان) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 562، 563، وفيه: «محمد بن مسعود بن مكارم» ، وذيل الروضتين 82، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 240، 241 رقم 1228، والبداية والنهاية 13/ 64، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 63، 64 رقم 233، وعقد الجمان 17/ ورقة 340، والنجوم الزاهرة 6/ 207، وقلائد العقيان للتادفي 118، وشذرات الذهب 5/ 38، 39.(43/348)
وكان شيخا صالحا زاهدا، أمّارا بالمعروف، نهّاء عن المنكر.
روى عن: أبي الفتح ابن البطّيّ، وغيره.
قال أبو شامة في «تاريخه» [1] : انتفع به خلق كثير ببغداد. قال: وكان شيخا عابدا، مهيبا لطيفا باسما، يَصُومُ الدَّهْرَ وَيَخْتِمُ الْقُرْآنَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.
وكان لا يتقوّت إلّا من غزل عمّته. بنى رباطا بباب الأزج يأوي إليه طلبة العلم من المقادسة وغيرهم. وله رياضات ومجاهدات، قد ساح في بلاد الشّام. وكان مولده في سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة [2] .
روى عنه: الضّياء محمد، وغيره. وروى عنه ابن النّجّار، وقال: كان صالحا زاهدا عابدا، ورعا، ناهيا عن المنكر، كثير الخير.
486- محمود بن مسعود [3] البغداديّ.
المكبّر بجامع القصر.
__________
[1] في ذيل الروضتين 82.
[2] وقال ابن رجب: وكان يطالع الفقه والتفسير، ويجلس في رباطه للوعظ. وكان رباطه مجمعا للفقراء وأهل الدين، وللفقهاء الحنابلة الذين يرحلون إلى أبي الفتح بن المنّي للتفقّه عليه، فكانوا ينزلون به، حتى كان الاشتغال فيه بالعلم أكثر من الاشتغال بسائر الدروس.
وكان الرباط شعث الظاهر، عامرا بالفقهاء والصالحين. سكنه الشيخ موفق الدين المقدسي، والحافظ عبد الغني، وأخوه الشيخ العماد، والحافظ عبد القادر الرهاوي وغيرهم من أكابر الرحالين لطلب العلم.
قال أبو الفرج الحنبلي: ولما قدمت بغداد سنة اثنتين وسبعين نزلت الرباط ولم يكن فيه بيت خال، فعمّرت به بيتا وسكنته. وكان الشيخ محمود وأصحابه ينكرون المنكر، ويريقون الخمور، ويرتكبون الأهوال في ذلك. حتى إنه أقام أنكر على جماعة من الأمراء، وبدّد خمورهم، وجرت بينه وبينهم فتن، وضرب مرات، وهو شديد في دين الله، له إقدام وجهاد. وكان كثير الذكر، قليل الحظ من الدنيا، وكان يسمّى شحنة الحنابلة.
ذكر ذلك ابن الحنبلي وقال: كان يهذّبنا ويؤدّبنا، وانتفعنا به كثيرا.
وقال غيره: كان صالحا خيّرا، موصوفا بالزهد والصلاح والظرافة، وكانت له قصص في إنكاره. (الذيل على طبقات الحنابلة) .
[3] انظر عن (محمود بن مسعود) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 260 رقم 1266، والمختصر المحتاج إليه 3/ 185 رقم 1181.(43/349)
روى عن: أبي الفتح ابن البطّي، وأبي المعالي الباجسرائيّ.
وتوفّي في شوّال.
روى عنه: الدّبيثيّ، وابن النّجّار.
487- مرتفع بن جبريل [1] بن قراتكين بن عبد الله بن شجاع.
أبو العوّالي الكنانيّ، المصريّ، الشافعيّ، المُقرئ.
قرأ القراءات عَلَى أَبِي الْجُيوشِ عساكرِ بن عليّ، وأبي الفوارس فارس ابن تركيّ، وأبي الجود غياث اللّخميّ. وسمع من أبي طاهر السّلفيّ.
وحدّث، وأقرأ، وانتفع به خلق. وكان إماما فاضلا صالحا.
توفّي بالقاهرة في ثاني شعبان، وله ثلاث وستّون سنة.
[حرف النون]
488- نصر الله بن أبي بكر [2] بن باباه [3] الأسعرديّ الشّاعر.
المعروف بمادح الرحمن، نزيل دمشق.
يقال: إنّه لم يمدح أحدا من المخلوقين، بل قصر شعره على ذكره الله والثّناء عليه.
روى عنه الشّهاب القوصيّ وغيره من شعره.
وتوفّي في جمادى الأولى، ودفن بمقبرة باب الفراديس.
489- نصر ابن الرئيس أبي بكر منصور [4] ابن الأجل أبي القاسم نصر بن منصور بن الحسين ابن العطّار.
__________
[1] انظر عن (مرتفع بن جبريل) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 255، 256 رقم 1255.
[2] انظر عن (نصر الله بن أبي بكر) في: ذيل الروضتين 81، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 249، رقم 1242، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 36، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 134.
[3] في تاريخ ابن الفرات: «باب» من غير هاء.
[4] انظر عن (نصر بن منصور) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 253، 254 رقم 1251، والمختصر المحتاج إليه 3/ 213، 214 رقم 1259.(43/350)
أبو القاسم، الحرّانيّ الأصل، البغداديّ.
وُلِد سنة خمس وخمسين.
وسَمِعَ من أَبِي الفتح ابن البطّيّ، وأبي زرعة، وجماعة. ودخل دمشق، ومصر.
وقيل: إنّه لم يحدّث بشيء.
وكان أبُوهُ ظهير الدّين من كبار الرؤساء، وقد ذكرناه.
[حرف الياء]
490- يحيى بن سالم [1] بن مفلح.
أبو زكريّا البغداديّ.
حدث بالموصل عن أبي الوقت السّجزيّ.
وتوفي في رمضان بالموصل.
491- يَحْيَى بْن مُحَمَّد [2] بْن عَبْد اللَّه بْن غنيمة.
الإمام أبو زكريّا ابن حواوا الخيّاط، المقرئ.
قرأ بالروايات الكثيرة على أصحاب البارع والمزرقيّ، وبالغ في ذلك حتّى صار من أكمل قرّاء زمانه. ونظر في العربية. وتفقّه لأحمد.
وسمع الكثير من ابن شاتيل، ونصر الله القزّاز.
ختم عليه خلق. وكان صالحا، حسن الطّريقة.
وثّقه ابن النّجّار وروى عنه، وقال: مات في شعبان سنة تسع فجاءة.
[الكنى]
492- أبو بكر بن عيسى [3] بن محمد بن خلف الحربيّ.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن سالم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 259، 260 رقم 1264، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 64، 65 رقم 234، وشذرات الذهب 5/ 39.
[2] انظر عن (يحيى بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 256 رقم 1256.
[3] انظر عن (أبي بكر بن عيسى) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 257 رقم 1259، وتاريخ ابن(43/351)
المعروف بالجلخ.
سَمِعَ من هبة اللَّه بْن أَحْمَد الشِّبْلي. وحدّث.
توفّي في رمضان.
روى عنه ابن النّجّار ووصفه بالصّلاح [1] .
493- أبو منصور ابن الصّوفيّ [2] .
الكلابيّ، الدّمشقيّ.
لم أظفر باسمه.
قال المنذريّ: تُوُفّي في الخامس والعشرين مِن ذي الحجة. حدّث بداريّا عن الحافظ أبي طاهر السّلفي. توفّي بدمشق، ودفن بمقابر باب الصّغير.
وفيها ولد
أبو بكر محمد ابن الحافظ إسماعيل ابن الأنماطيّ.
والكمال أحمد بن محمد ابن النّصيبيّ الحلبيّ.
والصّدر إبراهيم بن أحمد بن عقبة البصرويّ.
والشرف مظفّر بن محمد بن قصيبات التّاجر بدمشق.
والشرف يحيى بن أحمد ابن الصّوّاف الإسكندرانيّ.
والمحيي يوسف بن حسن ابن القابسيّ الإسكندرانيّ.
والنّجم عبد اللّطيف بن نصر بن سعيد الشيخيّ، الّذي روى عن ابن روزبه.
__________
[ () ] الدبيثي (باريس 5921) ورقة 198، 199، والمختصر المحتاج إليه 1/ 275.
[1] وقال المنذري: «ولنا منه إجازة كتب بها إلينا من بغداد في شوال سنة ثمان وستمائة، وهو بكنيته مشهور، ويعرف بالجلخ- بفتح الجيم وسكون اللام وبعدها خاء معجمة (التكملة 2/ 257) ، وقال ابن الدبيثي في تاريخه: «جلخ بن عيسى.. من أهل الحربية، هكذا كان اسمه في «شيوخ الحربية» تخريج أحمد بن سلمان المعروف بالسكر، وهو بكنيته معروف، وأظن جلخ لقبا له جعله السّكّر اسما له» (الورقة 298 باريس 5921) .
[2] انظر عن (أبي منصور ابن الصوفي) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 263 رقم 1273.(43/352)
والفخر يوسف بن كرم البغداديّ الصّائغ، يروي عن الفتح بن عبد السّلام.
والكمال عليّ بن عبد الله بن إبراهيم المتيجيّ، بالإسكندرية.
وعماد الدّين داود بن محمد بن أبي القاسم، بالقدس في رجب.
والزّكيّ إبراهيم بن عبد الرحمن ابن المعريّ، ببعلبكّ.
وعبد الرحيم بن عبد المنعم ابن الدّميريّ، بمصر تقريبا.
والمحدّث أبو صالح عبيد الله بن عمر ابن العجميّ بحلب.
ومحمد بن عبد الصّمد بن محمد ابن العجميّ، سمعا الافتخار.
وتاج الدّين أحمد بن عبد الكريم ابن الأغلاقيّ.(43/353)
سنة عشر وستّمائة
[حرف الألف]
494- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن هبة الله [1] .
تاج الأمناء، أبو الفضل الدّمشقيّ، المعدّل.
ابن أخي الحافظ أبي القاسم ابن عساكر، وأحد الإخوة وأكبرهم، ووالد العزّ النّسّابة.
ولد سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.
وسمع من: نصر بن أحمد بن مقاتل، وأبي العشائر محمد بن خليل القيسيّ، وأبي المظفّر سعيد الفلكيّ، وعمّيه: الصّائن هبة الله، والثّقة عليّ، وأبي المكارم عبد الواحد بن هلال، وأبي القاسم ابن البنّ، وجماعة كبيرة.
وسمع بمكّة من أحمد بن المقرّب، والشيخ أبي النّجيب عبد القاهر السّهرورديّ.
وخرّج لنفسه مشيخة، وتكلّم على أحاديثها ومواليدها، وكتب وجمع، وكان فصيحا، صحيح النّقل، محترما جليلا، خدم في مناصب كبار.
__________
[1] انظر عن (أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن هبة الله) في: التقييد لابن نقطة 181 رقم 202، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 281، 282 رقم 1305، وذيل الروضتين 86، والإعلام بوفيات الأعلام 251، والإشارة إلى وفيات الأعيان 319، والعبر 5/ 33، وسير أعلام النبلاء 22/ 26، 27 رقم 21، ومرآة الجنان 4/ 19، والبداية والنهاية 13/ 66، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 232، وعقد الجمان 17/ ورقة 345، والنجوم الزاهرة 6/ 210، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 141، 142، وشذرات الذهب 5/ 40، وديوان الإسلام 3/ 229 رقم 1516، والأعلام 1/ 217، ومعجم المؤلفين 2/ 92.(43/354)
روى عنه: ابنه عزّ الدّين محمد، وابن خليل، والضّياء محمد، والشّهاب القوصيّ، وأبو الغنائم المسلّم بن علّان، ومحمد بن عليّ ابن النّشبيّ، وغيرهم.
توفّي في ثاني رجب، ودفن بتربتهم عند مسجد القدم.
495- أحمد بن محمد بن إبراهيم [1] بن يحيى.
أبو جعفر الحميريّ، الكتاميّ، القرطبيّ، المعمّر، خطيب قرطبة.
سمع: أبا عبد الله بن مكّيّ، وأبا مروان بن مسرّة، وأبا عبد الله بن نجاح الذّهبيّ، وأخذ القراءات عن أبي بكر عيّاش بن فرج، وعبد الرحيم الحجّاريّ. وأخذ النّحو واللّغة عن أبي بكر بن سمجون، وأبي الحجّاج المراديّ، وأجاز له الإمام أبو عبد الله المازريّ وتفرّد بالرواية عنه.
وتصدّر للإقراء بجامع قرطبة دهرا، ودرّس علوم اللّسان.
قال الأبّار [2] : وكان حافظا لها بصيرا بها. طال عمره، وأخذ الناس عنه وتوفّي في صفر وقد جاوز الثّمانين.
وقال المنذريّ [3] : إنّه يعرف بابن الوزغيّ، وأنّه روى عن أبي الحسن يونس محمد بن مغيث، وشريح بن محمد الرّعينيّ، وأبي عبد الله جعفر بن محمد بن مكّيّ بن أبي طالب القيسيّ- يعني بالإجازة.
وذكره ابن مسدي في «مشيخته» بالإجازة، وقال: تفرّد بالسّنن والإسناد وكلّ فضيلة تستفاد، وتصرّف من المعارف في فنون مع براعة في المنثور
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد بن إبراهيم) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 102، 103، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 290، 291 رقم 1325، والمعجب 379 (القاهرة 1963) ، والمغرب 1/ 215، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1 ق 1/ 394- 397 رقم 564، وسير أعلام النبلاء 22/ 27 رقم 22، وغاية النهاية 1/ 99، 100 رقم 456، وبغية الوعاة 1/ 355.
[2] في تكملة الصلة 1/ 102.
[3] في التكملة لوفيات النقلة 2/ 290، 291.(43/355)
والموزون. وكان في القراءة والآداب إماما غير منازع في هذا الباب مع سموّ قدر ونزاهة ذكر.
ويعرف بالوزغيّ [1]- بسكون الزّاي- وقيل: وزغة من قرى قرطبة.
سَمِعَ من: جعفر بن محمد بن مكّيّ، وعبد العزيز بن خلف بن مدير، وعبد الرحيم بن قاسم، وعيّاش بن فرج، ويوسف بن إسماعيل، ومحمد بن يوسف التّميميّ. وهو آخر من روى في الدّنيا عنهم بالسّماع. ولم يزل مقرئا للقراءات وتواليفها، ملقيا للآداب وتصاريفها. إلى أن قال: كتب إلينا أبو جعفر بن يحيى من قرطبة، أخبرنا عبد العزيز بن خلف، أخبرنا محمد بن سعدون القرويّ، أخبرنا عليّ بن منير الخلّال- فذكر حديثا. وأنبأنا، قال:
أخبرنا جعفر بن محمد، أخبرنا عبد الملك بن سراج- فذكر حديثا.
قِيلَ مولده قبل العشرين وخمسمائة بيسير [2] .
496- أحمد بن محمد بن عمر [3] .
__________
[1] وقال ابن عبد الملك الأنصاري في هذه النسبة: وهي أشهرها وكان يكرهها ويقلق لها.
(الذيل والتكملة 1 ق 1/ 394) .
[2] وقال ابن عبد الملك الأنصاري: مولده فيما بين سنتي أربع وثمان وعشرين وخمسمائة.
وقال: وكان قد امتدح بشعره بعض ملوك عصره ثم نزع عن ذلك واستغفر الله منه وفي رفضه ذلك يقول:
ولما رأيت الناس طرا تكالبوا ... ولم يسمحوا إلا بكذب من الوعد
ولم يجد مديحهم فتيلا وزادني ... غناء وحار القصد عن سنن القصد
نبذت لهم نبذا وعذت بخالقي ... ويا فوز من قد عاذ بالصمد الفرد
بمن يملك الأشياء لا رب غيره ... ويرضى بإلحاح السؤال عن العبد
فيا خالتي عطفا عليّ ورحمة ... يعوذ بها من لا يعيد ولا يبدي
(الذيل والتكملة 1 ق 1/ 397)
[3] انظر عن (أحمد بن محمد بن عمر) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 222، 223، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 564، 565، وذيل الروضتين 84، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 274 رقم 1289، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 78، 79، رقم 49، والوافي بالوفيات 8/ 72 رقم 3493، وعقد الجمان 17/ ورقة 346.(43/356)
أبو بكر الأزجيّ، المؤدّب، المفيد، موفّق الدّين.
سمع من: ذاكر بن كامل، وعبد الخالق ابن الصّابونيّ، ويحيى بن بوش، وابن كليب، وطبقتهم.
وقدم دمشق فقيرا واجتمع بالملك الظّاهر بحلب، وقال: قد بعث لك الخليفة معي إجازة، وكذب، فخلع عليه وأعطاه خمسين دينارا، ودار على ملوك البلاد وحصّل منهم ثلاث مائة دينار.
قال شمس الدّين أبو المظفّر الواعظ [1] : اجتمعت به وقلت له: فعلت ما فعلت، فلا تقرب بغداد، فقال: «أتتك بحائن [2] رجلاه» ! فقلت: ما أخوفني أن يصحّ المثل فيك. فكان كما قلت، قدم بغداد فلمّا أمسى دقّ عليه الباب، فخرج فسحبه رجل، وضربه بسكّين قتله، ثمّ صاح على أخته:
اخرجي خذي أخاك وما معه، فخرجت فإذا هو مقتول، فأخذت المال الّذي معه ودفنته.
قلتُ: رَوَى عَنْهُ القاضي شمسُ الدّين أَبُو نصر ابن الشيرازيّ في «مشيخته» . وقتل في سادس عشر ربيع الآخر [3] .
497- أحمد بن مسعود [4] بن عليّ.
__________
[1] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 564، 565.
[2] يقال: حان الرجل، إذا هلك، وأحانه الله.
[3] من شعره:
أحبّه قلبي طال شوقي إليكم ... وعزّ دوائي ثم لم يبق لي صبر
أحنّ إليكم والحنين يذيبني ... وأشتاقكم عمري وينصرم العمر
فو الله ما اخترت البعاد ملالة ... ولا عن قلى يا سادتي فلي العذر
ولكن قضى ربّي بتشتيت شملنا ... له الحمد فيما قد قضى وله الشكر
فصبر لعلّ الله يجمع بيننا ... نعود كما كنا ويصفو لنا الدهر
(المستفاد)
[4] انظر عن (أحمد بن مسعود) في: الكامل في التاريخ 12/ 302، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 229، وذيل الروضتين 84، والمختصر المحتاج إليه 1/ 217، والعبر 5/ 34، والبداية والنهاية 13/ 65، والجواهر المضية 1/ 125، والوافي بالوفيات(43/357)
أبو الفضل التّركستانيّ، الفقيه الحنفيّ.
قدم بغداد وتفقّه، وبرع في المناظرة، وانتهت إليه الرئاسة في المذهب.
ودرّس بمشهد أبي حنيفة. وحدّث بالإجازة عن الإمام الناصر لدين الله، وليس ذلك من العلو في شيء، فإنّ في زماننا لو روى شخص عن النّاصر بالإجازة لما عدّ ذلك في العوالي، فكيف الرواية عنه من أكثر من مائة سنة وفي حياته؟! وإنّما ذلك من الكبر والتّعاظم بلا مستند.
وقد صدر أبو الفضل رسولا إلى النّواحي.
وتوفّي في ربيع الآخر.
498- إبراهيم بن سنقر [1] البزاز.
بغداديّ حدّث عن عبد الملك بن عليّ الهمذانيّ.
توفّي في حدود هذه السنة.
499- إبراهيم بن محمد [2] بن عبد العزيز.
أبو إسحاق الحضرميّ، الإشبيليّ، ويعرف بابن حصنيّ [3] .
حجّ وسمع من: أبي طاهر السّلفيّ، وابن عوف المالكيّ.
قال الأبّار [4] : وكان مجتهدا في العبادة، منقطع القرين في الخير.
توفّي في جمادى الأولى [5] .
__________
[8] / 178 رقم 3600، ومرآة الجنان 4/ 19، وعقد الجمان 17/ ورقة 344، والطبقات السنية 1/ ورقة 505، 506، وسلّم الوصول لحاجي خليفة، ورقة 150، وشذرات الذهب 5/ 40، ومهام الفقهاء للأدرنوي، ورقة 30.
[1] انظر عن (إبراهيم بن سنقر) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 259، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 292، رقم 1330، وتلخيص مجمع الآداب رقم 1904.
[2] انظر عن (إبراهيم بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 164، والمقفى الكبير للمقريزي 1/ 407 رقم 364.
[3] في تكملة الصلة: «حصن» .
[4] في التكملة 1/ 164.
[5] وذكر ابن الأبار أنه توفي في السابع والعشرين من الشهر.(43/358)
500- إبراهيم بن نصر [1] بن عسكر.
القاضي ظهير الدّين، قاضي السّلاميّة.
تفقّه للشّافعيّ على الْإِمَام أَبِي عَبْد اللَّه الْحُسَيْن بْن نصر بن خميس، وسمع منه. وارتحل إلى بغداد، وسمع بها، وتأدّب على أبي البركات الأنباريّ.
وولي قضاء السّلاميّة، وهي من كبار قرى الموصل.
وله شعر جيّد [2] .
توفّي في ربيع الآخر.
501- إسماعيل بن عَبْد الجبّار [3] بْن يوسف بْن عَبْد الجبّار بن شبل.
القاضي أبو الطّاهر بن القاضي الأكرم أبي الحجّاج الجذاميّ، الصّويتيّ، المقدسيّ الأصل، المصريّ، علم الدّين.
ولد سنة تسع وأربعين وخمسمائة.
وقرأ الأدب على العلّامة ابن برّي وصحبه مدّة. وصحب شيخ الدّيوان يومئذ السّديد أبا القاسم كاتب ناصر الدّولة، وانتفع بصحبته. وسمع بالإسكندرية من السّلفيّ.
وولي ديوان الجيش للسّلطان صلاح الدّين ثمّ للملك العزيز ابنه وللأفضل. ثمّ ولي للملك العادل إلى أن صرف منه.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن نصر) في: معجم البلدان 3/ 234، وخريدة القصر (قسم الشام) 2/ 346، وعقود الجمان لابن الشعار 1/ ورقة 22، ووفيات الأعيان 1/ 19، وتاريخ إربل 1/ 395 (في ترجمة ابنه إسماعيل) رقم 297، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 61، والبداية والنهاية 13/ 63، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 139- 141.
[2] انظر شعره في عقود الجمان لابن الشعار، والبداية والنهاية، وتاريخ ابن الفرات.
[3] انظر عن (إسماعيل بن عبد الجبار) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 287، 288 رقم 1318، وتلخيص مجمع الآداب 4 ق 1/ 568 رقم 524، وبغية الطلب (المصوّر) 4/ 184 رقم 519، والوافي بالوفيات 9/ 141، 142 رقم 3043، والمقفى الكبير للمقريزي 2/ 116، 117 رقم 766، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 142، 143.(43/359)
وكان شاعرا مترسّلا.
ومن الاتّفاقات الغريبة: أنّ العلم هذا ووالده عاشا عمرا واحدا: إحدى وستّين سنة، وماتا في ذي القعدة، وولي كلّ واحد منهما ديوان الجيوش عشرين سنة.
وكان أبوه من كبار الكتّاب المصريّين. وولد جدّه أبو الحجّاج بالقدس، وقدم مصر وهو شابّ، فاشتغل بالفقه، وولي القضاء بالغربية، وكان فقيها صالحا خيّرا.
وللعلم ولدان فاضلان وهما: محمد ويوسف، رويا الحديث وسيأتيان- إن شاء الله-.
502- إسماعيل بن عليّ [1] بن الحسين.
فخر الدّين الأزجيّ، الرفّاء، المأمونيّ، الحنبليّ، الفقير، المتكلّم، المعروف بغلام ابن المنّي.
ولد في صفر سنة تسع وأربعين وخمسمائة.
وتفقّه على شيخه الإمام أبي الفتح نصر ابن المنّي، وسمع منه، ومن شهدة الكاتبة، ولاحق بن كاره.
ودرّس بعد شيخه في مسجده بالمأمونية. وكانت له حلقة بجامع القصر
__________
[1] انظر عن (إسماعيل بن علي) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 565- 567، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 246، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 272، 273 رقم 1287، وذيل الروضتين 84، 85، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 1993، وتاريخ إربل 1/ 348، والإشارة إلى وفيات الأعيان 319، والمختصر المحتاج إليه 1/ 244، والعبر 5/ 34، وسير أعلام النبلاء 22/ 28- 30 رقم 24، والوافي بالوفيات 9/ 157- 159 رقم 4069، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 66- 68 رقم 237، والبداية والنهاية 13/ 65، ولسان الميزان 1/ 323، 324، وعقد الجمان 17/ ورقة 344، والنجوم الزاهرة 6/ 210، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 142، والألقاب للسخاوي، ورقة 117، وشذرات الذهب 6/ 40، 41، والتاج المكلل للقنوجي 222، 223، ومعجم المؤلفين 2/ 280.(43/360)
للمناظرة، وكان بارعا في الفقه، والجدل، ومسائل الخلاف، فصيحا، مناظرا. صنّف تعليقة في الخلاف، وكان يقرئ العلوم في منزله.
ورتّب ناظرا في ديوان المطبّق، فذمّت سيرته، فحبس وعزل، وبقي خاملا متحسّرا على الرئاسة إلى أن توالت أمراض فهلك، ولم يكن في دينه بذاك- قاله ابن النّجّار.
وقال: ذكر لي ولداه: أنّه قرأ الفلسفة على ابن مرقّش النّصرانيّ. قال:
وسمعت من أثق به: أنّه صنّف كتابا سماه «نواميس الأنبياء» يذكر فيه أنّهم كانوا حكماء كهرمس وأرسطاطاليس، فسألت بعض تلامذته عن ذلك فسكت، وقال: كان متسمّحا في دينه، متلاعبا به.
قال ابن النّجّار: وكان دائما يقع في الحديث وأهله ويقول: هم جهّال لا يعرفون العلوم العقلية. ولم أكلّمه قطّ.
قال أبو المظفّر ابن الجوزي [1] : صنّف له طريقة وجدلا، وكان فصيحا له عبارة، وصوت رفيع. ولّاه الخليفة ضياع الخاصّ، فظلم الرعيّة، وجمع الأموال، فعزل وأقام في بيته خاملا فقيرا يعيش من صدقات النّاس إلى أن مات في ربيع الأول. وولده الشّمس محمد قدم الشّام بعد سنة عشرين وتعانى الوعظ، وكان فاسقا مجاهرا، خبيث اللّسان، ومعه جماعة مردان من أبناء النّاس يزعم أنهم مماليكه، وبدت منه هنات قبيحة. وكان يضرب الزّغل [2] ، وهجا قاضي دمشق ابن الخويّي، ومحتسبها الصّدر البكريّ، والنّاصح ابن الحنبليّ، وكان يؤذي النّاس ويفتري. ثمّ عاد إلى بغداد فقطع الخليفة [3] لسانه، وطوّف به، فتكلّم وهذي، ثمّ عاد إلى السّعاية بالنّاس، فنفي إلى واسط، وألقي في مطمورة حتّى مات.
__________
[1] في مرآة الزمان 8 ق 2/ 565- 567.
[2] في الأصل: «الرغل» بالراء المهملة. والمثبت عن: مرآة الزمان، وذيل الروضتين، والمراد النقود المزيّفة.
[3] هو المستنصر باللَّه.(43/361)
وقال الحافظ الضّياء إسماعيل أبو محمد الفقيه- صاحب ابن المنّي-:
كان يضرب به المثل في المناظرة، وتوفّي في ربيع الآخر. سمعت عليه من شعره حسب. وقد سمع من شهدة.
قلت: توفّي في ثامن ربيع الآخر، وأخذ عنه أئمّة منهم: العلّامة مجد الدّين ابن تيميّة.
503- آيدغمش [1] ، السّلطان صاحب همذان وأصبهان والري.
كان قد تمكّن وعظم أمره، وبعد صيته، وكثر جيشه إلى أن حصر ابن أستاذه أبا بكر ابن البهلوان صاحب أذربيجان، فلمّا كان في سنة ثمان وستّمائة خرج عليه منكلي ونازعه في البلاد، وأطاعته المماليك البهلوانية، فهرب آيدغمش إلى بغداد، فأنعم عليه الخليفة وأعطاه الكوسات، وسيّره على سلطنة همذان في سنة تسع، وقتل في سنة عشر.
لقبه: شمس الدّين.
[حرف التاء]
504- تاج العلى [2] ، الشّريف النّسّابة الحسنيّ، الرّمليّ، الرافضيّ، الّذي كان بآمد.
توفّي بحلب.
__________
[1] انظر عن (آيدغمش) في: الكامل في التاريخ 12/ 301، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 291 رقم 1328، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 567، والمختصر في أخبار البشر 3/ 115، ودول الإسلام 2/ 114، والعبر 5/ 34، وتاريخ ابن الوردي 2/ 132، والوافي بالوفيات 9/ 487، 488 رقم 4451، والعسجد المسبوك 2/ 342، والنجوم الزاهرة 6/ 208، وشذرات الذهب 5/ 41.
[2] انظر عن (تاج العلى) في: ذيل الروضتين 86، والوافي بالوفيات 10/ 373، 374 رقم 4867، ولسان الميزان 1/ 449، 450 رقم 1402، وعقد الجمان 17/ ورقة 345، وأعيان الشيعة 12/ 403- 408، ومعجم المؤلفين 2/ 303، 302، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2 ج 1/ 410، 411 رقم 291.(43/362)
وكان قد اجتمع هو وأبو الخطّاب ابن دحية، فقال له: إنّ دحية لم يعقب، فتكلّم فيه ابن دحية ورماه بالكذب، وهو كذلك.
واسم تاج العلى: الأشرف بن الأعزّ [1] بن هاشم العلويّ الحسنيّ.
ذكره يحيى بن أبي طيِّئ في «تاريخه» ، فقال: هو شيخنا العلّامة الحافظ النّسّابة الواعظ الشّاعر. قدم علينا وصحبته وقرأت عليه «نهج البلاغة» وكثيرا من شعره، وأخبرني أنّه ولد بالرملة في غرّة المحرّم سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة، وعاش مائة وثمانيا وعشرين سنة، قال لي: واستهلّت عليّ سنة إحدى وعشرين وخمسمائة بعسقلان، وفيها اجتمعت بالقاضي أبي الحسن عليّ بن عبد العزيز الصّوريّ الكنانيّ، وسمعت عليه «مجمل اللّغة» وعمره يومئذ خمس وتسعون سنة، قال: قدم علينا مدينة صور أبو الفتح سليم الرّازيّ [2] سنة أربعين وأربعمائة، ونزل عندنا، وسمعت عليه جميع «المجمل» بقراءته على مصنّفه [3] . قال: واستهلّ عليّ هلال المحرّم سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة بالإسكندرية، ولقي ابن الفحّام، وقرأ عليه بالسّبع بكتابه الّذي صنّفه. قال: وكنت هذه السّنة بالبصرة، وسمعت من لفظ ابن الحريريّ خطبة «المقامات» الّتي صنّفها. ثمّ ذكر أنّه دخل المغرب، وأنّه سمع سنة سبع وأربعين من الكروخيّ كتاب التّرمذيّ، ودخل دمشق، والجزيرة، واستقرّ بحلب في سنة ستّ وستمائة بعد أن أخذه ابن شيخ السّلامية وزير صاحب
__________
[1] في لسان الميزان، ومعجم المؤلفين «الأغر» بالغين المعجمة والراء المهملة.
[2] توفي سليم في طريق عودته من الحج سنة 447 هـ. انظر ترجمته ومصادرها التي حشدتها في وفيات تلك السنة، برقم 205.
[3] يظهر أن النص هنا ناقص، ويتّضح ذلك من النص في (لسان الميزان) ففيه: «وقال اجتمعت بالقاضي علي بن عبد العزيز الصوري فسمعت عليه مجمل اللغة لابن فارس وعمره يومئذ خمس وتسعون سنة وهو يفهم صحيح السمع والبصر مع تضعضع في أعضائه. قال: وذكر لي حال القراءة عليه أن ابن فارس قدم عليهم صور سنة أربع وأربعين فأفرد له الشيخ الشافعيّ أبو الفتح سليم الرازيّ دارا وسمع عليه المجمل من أوله إلى آخره.(43/363)
آمد، وبنى في وجهه حائطا، ثمّ خلّص بشفاعة الظّاهر صاحب حلب، لأنّه هجا ابن شيخ السّلامية، وأقام بحلب، وجعل له صاحبها كلّ يوم دينارا صوريّا، وفي الشهر عشرة مكاكي حنطة ولحم. وأخبرني أنّه صنّف كتاب «نكت الأنباء» في مجلّدين، وكتاب «جنّة النّاظر وجنّة المناظر» خمس مجلّدات في تفسير مائة آية ومائة حديث، وكتابا في «تحقيق غيبة المنتظر» وما جاء فيها عن النّبيّ- عليه السّلام- وعن الأئمّة، ووجوب الإيمان بها، و «شرح القصيدة البائية» للسيّد الحميريّ، وغير ذلك. فسألته أن يأذن لي في نسخ هذه الكتب وقراءتها، فاعتذر بالتّقيّة، وأنه مسترزق من طائفة النّصب.
قال: وكان هذا الأشرف من نوادر الدّهر علما وحفظا وأدبا وظرفا ونادرة وكرما، كان يعطي ويهب ويخلع، قدح عينيه ثلاث مرّات. وحكى لي: أنّه لا يطيق ترك النّكاح، ورزق بنتا في سنة تسع قبل موته بسنة، ولم يفقد شيئا من أعضائه، لكن قلّ بصره، وأنشدني لنفسه كثيرا. مات بحلب في تاسع وعشرين صفر. وقد كانت العامّة تطعن عليه عند السّلطان، ولا يزداد فيه إلّا رغبة، فلمّا مات قال: هاتوا مثله، ولا تجدونه أبدا!.
قلت: ما كان هذا إلّا وقحا جريئا على الكذب، انظر كيف ادّعى هذا السّنّ، وكيف كذب في لقاء ابن الفحّام، والحريريّ.
[حرف الحاء]
505- حسام الدّمنهوري [1] .
أبو المهنّد.
سمع من: أبي طاهر السّلفيّ.
وتوفّي في رابع ذي القعدة.
__________
[1] انظر عن (حسام الدمنهوري) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 287 رقم 1317.(43/364)
506- الحسين بن سعيد [1] بن الحسين بن شنيف [2] بن محمد.
أبو عبد الله الدّارقزّيّ، الأمين.
ولد سنة خمس وعشرين وخمسمائة.
وسمع من: أبيه، وهبة الله بن أحمد ابن الطبر، وقاضي المارستان، وعبد الملك، وعليّ ابني عبد الواحد بن زريق القزّاز، وإسماعيل ابن السّمرقنديّ، وجماعة.
وكان أمين القضاة بمحلّته وما يليها هو، وأبوه. وكان أبوه حنبليّا صالحا.
قال الدّبيثيّ [3] : كان ثقة من بيت حديث. ثمّ قال: قرأت عليه ونعم الشيخ كان، أخبركم ابن الطّبر- فذكر حديثا. توفّي في ثالث عشر المحرّم.
قلت: وروى عنه: الضّياء محمد، والنّجيب عبد اللّطيف، وخطيب دار القزّ أشرف بن محمد الهاشميّ المعروف بابن قارون، وجماعة. وأجاز للفخر عليّ، ولجماعة آخرهم موتا الكمال عبد الرحمن المكبّر.
وشنيف: هو ابن محمد بن عبد الواحد بْن عَبْد الله بن عليّ بن فصيح بن عون بن سليمان بن أسوار بن بحتر بن الدّيلم بن عتيد بن جونة بن طخفة بن ربيعة- ثمّ ساق نسبه إلى خصفة بن قيس بن عيلان.
507- الحسين بن عبد العزيز [4] بن الحسين.
__________
[1] انظر عن (الحسين بن سعيد) في: إكمال الإكمال لابن نقطة (الظاهرية) ورقة 13، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 25، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 267، 268 رقم 1280، وتلخيص مجمع الآداب 5/ 330، والمختصر المحتاج إليه 2/ 34، 35، والعبر 5/ 35، والإعلام بوفيات الأعلام 251، والإشارة إلى وفيات الأعيان 319.
[2] بضم الشين المعجمة وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف.
[3] ذيل، الورقة 25 (باريس 5922) .
[4] انظر عن (الحسين بن عبد العزيز) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 26، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 277، 278 رقم 1296، والمختصر المحتاج إليه 2/ 35، 36 رقم 611.(43/365)
أبو عبد الله الكوفيّ، ثمّ الواسطيّ، المعروف بابن الوكيل البزّاز.
سمع: أبا الكرم نصر الله بن مخلد ابن الجلخت، وسعد بن عبد الكريم الغندجانيّ، وأحمد بن بختيار المندائيّ. وقدم بغداد وسكنها.
روى عَنْهُ: ابن النجّار، وأَبُو عبد الله الدُّبَيْثي، وقال: كان أبوه من وكلاء الحكّام.
ولد سنة خمس وعشرين وخمسمائة، وتوفّي في جمادى الأولى.
قلت: لم أر للرحالة عنه رواية.
[حرف الزاي]
508- زينب بنت الفقيه إبراهيم [1] بن محمد بن أحمد بن إسماعيل.
الحاجّة أمّ الفضل القيسيّة، زوجة الخطيب أبي القاسم عبد الملك الدّولعيّ خطيب دمشق.
سمعت من: نصر الله المصّيصيّ. وأجاز لها الفراويّ، وزاهر الشّحاميّ، وعبد المنعم ابن القشيريّ، والقاضي أبو بكر الأنصاريّ، وهبة الله بن الطّبر، وآخرون.
وكان أبوها جنديّا، ثمّ تفقّه وقرأ القرآن.
روى عنها: الضّياء، والتّقيّ اليلدانيّ، والشّهاب القوصيّ، والفخر عليّ، وأبو الفتح يوسف بن يعقوب ابن المجاور، وجماعة.
وكان مولدها بعد العشرين وخمسمائة. وتوفّيت في الحادي والعشرين من ربيع الأول.
__________
[1] انظر عن (زينب بنت إبراهيم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 272 رقم 1286، والعبر 5/ 35، وشذرات الذهب 5/ 42.
وذكرها المؤلف- رحمه الله- في: سير أعلام النبلاء 22/ 22 ولم يترجم لها.(43/366)
[حرف السين]
509- ستّ الكتبة [1] بنت أبي البقاء يحيى بن عليّ بن الحسن، أمّ عبد الرّحمن.
أخت أبي الحسن محمد بن يحيى الهمذانيّ، ثمّ البغداديّ.
شيخة معمّرة، سمعت في سنة خمس وعشرين وخمسمائة شيئا نازلا من ثابت بن المبارك الكيليّ، أخبرنا مالك البانياسيّ.
روى عنها: الدّبيثيّ، وغيره.
وتوفّيت في جمادى الآخرة.
وروى عنها القوصيّ في «معجمه» إجازة، قالت: أخبرنا ابن الحصين- فذكر حديثا- وليس القوصيّ بمعتمد، فما علمت أحدا من أصحاب ابن الحصين عاش إلى هذا العام، والله أعلم! 510- سعيد بن عليّ [2] بن أحمد بن الحسين.
الوزير معزّ الدّين أبو المعالي الأنصاريّ، البغداديّ، المعروف بابن حديدة [3] .
__________
[1] انظر عن (ست الكتبة) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 280 رقم 1302، وفيه: «سيدة الكتبة» ، والمختصر المحتاج إليه 3/ 262، 263 رقم 1405.
[2] انظر عن (سعيد بن علي) في: الكامل في التاريخ 12/ 302 وفيه: «سعد» ، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 567، 568، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 67، 68، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 275، 276 رقم 1294، وذيل الروضتين 85، والفخري 324، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 250، وخلاصة الذهب المسبوك للإربلي 283 وفيه:
«سعد» ، والمختصر المحتاج إليه 2/ 91، 92 رقم 698، والعبر 5/ 35، والوافي بالوفيات 15/ 180، 181 رقم 246، وفيه هنا «سعد» ، و 15/ 243، 244 رقم 344 وفيه هنا:
«سعيد» ، والبداية والنهاية 13/ 65، 66، والعسجد المسبوك 2/ 344، 345، وعقد الجمان 17/ ورقة 346، والنجوم الزاهرة 6/ 209، وذكره المؤلف في سير أعلام النبلاء 22/ 22، 23 ولم يترجم له.
[3] تصحف في الكامل 12/ 302 إلى: «حديد» ، وفي خلاصة الذهب المسبوك 283 إلى «جديره» بالجيم والراء المهملة.(43/367)
ولد سنة ستّ وثلاثين وخمسمائة تقريبا.
وحدّث عن أبي الخير أحمد بن إسماعيل القزوينيّ.
وأصله من كرخ سامرّاء، وسكن بغداد من صباه. وكان ذا مال وجاه وحشمة. استوزره الإمام النّاصر لدين الله في سنة أربع وثمانين وخمسمائة.
وكان أبو الفرج ابن الجوزيّ يجلس للوعظ في داره، فلمّا ولي ابن مهديّ الوزارة، وعزل ابن حديدة بعد أشهر من وزارته قبض عَلَيْهِ ابن مهديّ وحبسه، وعزم على تعذيبه، فبذل للمترسّمين مالا، وحلق رأسه ولحيته وخرج في زيّ النّساء، فسافر إلى مراغة، فبقي بها إلى أن عزل ابن مهديّ، فعاد إلى بغداد.
وكان سمحا جوادا، متواضعا، لازما لبيته إلى أن مات في سادس جمادى الأولى.
وأثنى عليه ابن النّجّار، وقال: كان جليلا وقورا، حسن السّيرة، مشكورا على الألسن. وكان مقرّبا للعلماء والصلحاء، كثير البرّ. دخلت عليه، وسمعت منه، إلّا أنّه كان خاليا من العلم ضعيف الكتابة، وكان يتشيّع [1] .
__________
[1] وقال ابن الطقطقي: كان رجلا فاضلا متصوّنا موسرا كثير المال. روي أن نقيب البصرة أبا جعفر محمد بن أبي طالب الشاعر أصعد إلى بغداد متظلّما إلى هذا الوزير من ناظر البصرة، وأنشده قصيدة، من جملتها:
وقبائل الأنصار غير قليلة ... لكن بنو غنم هم الأخيار
منهم أبو أيوب حلّ محمد ... في داره واختاره المختار
أنا منه في النسب الصريح وأنت من ... ذاك القبيل فلي بذاك جوار
ولقد نزلت عليك مثل نزوله ... في دار جدّك والنزيل يجار
فعلام أظلم، والنبيّ محمد ... أنمى إليه، وقومك الأنصار
قالوا: فلما سمعها الوزير رقّ له وبكى وخلع عليه ووصله وقضى حوائجه وأنصفه من ناظر البصرة وعزله. ومات الوزير المذكور معزولا في سنة ست عشرة وستمائة. (الفخري 324) .
أقول: هكذا ورد في المطبوع وهو خطأ، والصواب سنة عشر وستمائة. وقد أقحمت «ست» فليحرّر.(43/368)
[حرف الشين]
511- شجاع بن سالمِ [1] بْن عَلِيّ بْن سلامة ابْن البيْطار الحريميّ.
ويعرف بابن خضير، الشيخ الصالح أبو الفضل.
سمع حضورا من أحمد بن عليّ ابن الأشقر، وسمع من: أحمد ابن الطلّاية الزّاهد، وأبي الفضل الأرمويّ، وأبي الوقت، وجماعة.
وهو أخو ظفر، وياسمين.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه الدُّبِيثيّ [2] ، وغيره.
وتوفّي في شعبان.
أجاز للفخر عليّ ابن البخاريّ، ولأحمد بن شيبان.
[حرف الصاد]
512- صالح بن أحمد [3] بن طاهر.
أبو البقاء السّجستانيّ، نزيل حرّان.
سمع من: أبي طاهر السّلفيّ، وأبي المعالي منجب المرشديّ.
وحدّث بالرّها، وهو والد أحمد الّذي روى عنه محمد بن يوسف الإربليّ، وغيره.
[حرف الطاء]
513- طاووس بن أحمد [4] بن الحسين.
__________
[1] انظر عن (شجاع بن سالم) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 77، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 283 رقم 1308، والمختصر المحتاج إليه 2/ 100، 101 رقم 714.
[2] في تاريخه، الورقة 77.
[3] انظر عن (صالح بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 289، 290 رقم 1322.
[4] انظر عن (طاووس بن أحمد) في: إكمال الإكمال لابن نقطة (الظاهرية) مادة: «الحسن» ، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 275 رقم 1293، والمشتبه 1/ 235، وتوضيح المشتبه 3/ 232.(43/369)
أبو الحسن [1] البغداديّ الأزجي الصوفي الدقاق.
ولد سنة تسع وثلاثين.
وسمع من: أبي المعمّر عبد الله ابن الهاطر المعروف بخزيفة، والمبارك بن خضير.
وكان اسمه أيضا: عبد المحسن.
مات في غرّة جمادى الأولى.
كنيته قيّدها ابن نقطة [2] .
[حرف الظاء]
514- ظافر بن قاسم [3] بن ملاعب الحربيّ.
سمع: هبة الله بن أحمد الشبليّ.
روى عنه: ابن الدّبيثيّ، وغيره.
وتوفّي فِي ذي الحِجّة.
[حرف العين]
515- عَبْد اللَّه بن رافعِ بن مرتفع.
الفقيه أبو محمد.
ولد سنة خمسين وخمسمائة.
وسمع: من السّلفيّ.
روى عنه: القوصيّ، وقال: مات بغزّة في السنة.
__________
[1] هكذا قيّده المنذري، وابن نقطة وغيرهما بضم الحاء المهملة وسكون السين المهملة أيضا.
[2] في إكمال الإكمال: «الحسن» .
[3] انظر عن (ظافر بن قاسم) في: التكملة لوفيات النقلة 22/ 289 رقم 1321، وتلخيص مجمع الآداب 4/ ق 1/ 176 رقم 212، والمختصر المحتاج إليه 2/ 125، 126 رقم 751.(43/370)
516- عَبْد اللَّه بن المبارك [1] بن أَحْمَد بن الحسين ابن سكّينة.
الصّالح أبو محمد البغداديّ.
سمع من: أبي محمد سبط الخيّاط، وعبد الخالق بن أحمد اليوسفيّ، وابن ناصر. وسمع بهمذان من نصر بن المظفّر البرمكيّ، وأجاز له يحيى بن الحسن ابن البنّاء.
روى عنه: الدّبيثيّ، والضّياء، والنّجيب الحرّانيّ.
وتوفّي في شعبان عن نيّف وثمانين سنة.
وكان أبوه إمام المسترشد باللَّه، فقتل معه لمّا قتلته الملاحدة بمراغة في سنة تسع وعشرين وخمسمائة.
وسكّينة: مثقّل.
517- عبد الجليل بن أبي غالب [2] بن أبي المعالي بن محمد بن الحسين بن مندويه.
أبو مسعود الأصبهانيّ، السّريجاني [3] ، المقرئ، الصّوفيّ، نزيل دمشق.
ولد سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة.
وسمع وهو كبير من نصر بن المظفّر البرمكيّ، وأبي الوقت السّجزيّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن المبارك) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 107، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 283، 284 رقم 1309، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 1088، و 5/ رقم 774، والمختصر المحتاج إليه 2/ 167، 168 رقم 806، والمشتبه 21/ 364، وتوضيح المشتبه 5/ 129.
[2] انظر عن (عبد الجليل بن أبي غالب) في: التقييد لابن نقطة 390، 391 رقم 508، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 278، 279 رقم 1298، وذيل الروضتين 89، والمعين في طبقات المحدّثين 188 رقم 1994، والإعلام بوفيات الأعلام 251، والإشارة إلى وفيات الأعيان 319، والعبر 5/ 35، وسير أعلام النبلاء 22/ 21، 22 رقم 16، والنجوم الزاهرة 6/ 210، وشذرات الذهب 5/ 42.
[3] تصحفت في ذيل الروضتين إلى: «الشيرجاني» .(43/371)
روى عنه: الزّكيّ البرزاليّ، والزكي المنذريّ، وابن خليل، والضّياء، واليلدانيّ، والشّهاب القوصيّ، وأبو الغنائم بن علّان، والفخر عليّ، والمحيّي عمر بن محمد بن أبي عصرون، وأبو بكر بن عمر بن يونس المزّيّ، وأبو الحسن عليّ بن أبي بكر بن صصريّ، وآخرون. وآخر من روى عنه بالإجازة شيخنا عمر ابن القوّاس.
قال ابن نقطة [1] : كان ثقة صالحا صحيح السّماع، سمعت منه في الرحلة الأولى. وتوفّي يوم الجمعة سابع عشر جمادى الأولى.
وذكره القوصيّ في «معجمه» ، فقال: هو الإمام شيخ القرّاء، بقيّة السّلف.
قلت: وحدثه ب «صحيح البخاريّ» غير مرّة. وقيّد بعضهم السّريجانيّ بضمّ السّين وكسر الراء ونون ساكنة ثمّ جيم [2] .
518- عبد الخالق بن أبي طاهر [3] يحيى بن مقبل بن أحمد بن بركة بن الصّدر الحريميّ.
أبو الفضل ويعرف أيضا بابن الأبيض.
من بيت الرواية، حدّث عن أبي الفتح ابن البطّي، وغيره.
وتوفّي في المحرّم كهلا.
519- عَبْد الرَّحْمَن بْن طاهر [4] بْن محمد بْن طاهر الشّيبانيّ، البغداديّ.
أبو طاهر.
توفّي في جمادى الآخرة، وله تسعون سنة.
__________
[1] في التقييد 390، 391.
[2] انظر التكملة للمنذري 2/ 279.
[3] انظر عن (عبد الخالق بن أبي طاهر) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 153، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 268 رقم 1281، والمختصر المحتاج إليه 3/ 56 رقم 839.
[4] انظر عن (عبد الرحمن بن طاهر) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 118، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 281 رقم 1304، والمختصر المحتاج إليه 2/ 200 رقم 852.(43/372)
روى عن: سعد الخير بن محمد.
520- عبد الرحيم بن أبي النّجم [1] المبارك بن الحسن بن طراد.
أبو الفضل الأزجيّ، القطيعيّ، المعروف بابن القابلة.
سمع من: عليّ بن عبد السّيّد ابن الصّبّاغ، والأثير أبي المعالي الفضل بن سهل، وابن ناصر.
وحدّث. وله إجازة من قاضي المارستان بمسموعه خاصّة.
روى عنه الدّبيثيّ [2] ، وقال: توفّي في رمضان.
521- عبد الرشيد بْن مُحَمَّد [3] بْن مُحَمَّد بْن أحمد.
أَبُو جعفر الطّرقيّ [4] الأصبهانيّ.
توفّي بأصبهان في صفر- قاله الضّياء وروى عنه.
وله إجازة من زاهر الشّحّاميّ.
522- عبد السّلام بن أحمد [5] بن أَبِي نصر بن الْأسود.
أَبُو الفضل الحريميّ.
سمع من: أبي العبّاس أحمد بن الطّلّاية.
523- عبد الكريم بن حسن [6] بن جعفر بن خليفة.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحيم بن أبي النجم) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس) ورقة 135، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 286 رقم 1313، والمختصر المحتاج إليه 3/ 27 رقم 788، وذكره ياقوت في: معجم البلدان 1/ 330 في مادة: «باماورد» .
[2] في تاريخه، ورقة 135.
[3] انظر عن (عبد الرشيد بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 269 رقم 1285.
[4] الطّرقي: بفتح الطاء وسكون الراء المهملتين وقاف. نسبة إلى قرية بلد أصبهان.
(المنذري) .
[5] هذه الترجمة ساقطة من الطبعة المصرية لتاريخ الإسلام، بتحقيق الدكتور بشار (18/ 396) .
[6] انظر عن (عبد الكريم بن حسن) في: كشف الظنون 2/ 1789 وفيه وفاته سنة 600 هـ، وهدية العارفين 1/ 609، ومعجم المؤلفين 5/ 315 وفيه «عبد الكريم بن الحسين» ، وفيه(43/373)
العلّامة اللّغويّ، صفيّ الدّين أبو طالب البعلبكّيّ.
من كبار الأدباء.
عاش خمسا وستّين سنة.
سوّد شرحا «للمقامات» . وله جزء سؤالات وقعت في السّيرة، سأل عنها الحافظ عبد الغنيّ.
قال الشّيخ الفقيه: كان مليئا بعلم اللّغة، ثقة.
وقال شرف الدّين شيخ الشيوخ بحماة: شرحه «للمقامات» في غاية الجودة. وكتب بخطّه سبعمائة مجلّدة.
مات في أواخر السنة [1] .
524- عبد اللطيف ابن الإمام أَبِي النجيب عَبْد القاهر [2] بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بن عمويه.
أبو محمد السّهرورديّ، الفقيه الشافعيّ.
ولد سنة أربع وثلاثين.
وتفقّه على أبيه، وغيره، ولقي بخراسان جماعة من العلماء، وسمع من
__________
[ () ] أيضا وفاته سنة 600 هـ.، والأدب في بلاد الشام للدكتور عمر موسى باشا، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (تأليفنا) ق 2 ج 2/ 231 رقم 574.
[1] وكتب لنفسه الجزء الرابع من كتاب «الإكمال» لابن ماكولا، وقال: آخر حروف الراء يتلوه في الّذي يليه حرف الزاي إن شاء الله، كتبه لنفسه عبد الكريم.. نفعه الله به وغفر له ولوالديه ولمن قرأه ولمن سمعه ولجميع المسلمين، ووافق الفراغ منه في غرة شعبان سنة 591 والحمد للَّه وصلواته على سيدنا محمد نبيّه وآله وصحبه وسلامه. وحسبنا الله ونعم الوكيل. (الإكمال 4/ 157) .
[2] انظر عن (عبد اللطيف بن عبد القاهر) في: التقييد لابن نقطة 381، 382 رقم 493، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 266، وإكمال الإكمال لابن نقطة (الظاهرية) ورقة 29، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 276، 277 رقم 1295، والمختصر المحتاج إليه 3/ 64، رقم 858، وتاريخ إربل 1/ 171، 172 رقم 76، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 66، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 132 (8/ 312) ولسان الميزان 4/ 54، 55 رقم 158، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 149.(43/374)
أبي الفضل الأرمويّ، وعليّ ابن الصّبّاغ، وعبد الملك بن عليّ الهمذانيّ، وأبي الوقت، وغالب سماعه بالحضور.
قدم على الملك النّاصر صلاح الدّين، فولّاه قضاء كلّ بلد افتتحه من السّواحل وغيرها. ثمّ عاد إلى إربل، وسكنها إلى حين وفاته.
وله إجازة من قاضي المارستان. وَكَانَ كثير الأسفار.
وَقِيلَ: إِنَّهُ حدّث عن قاضي المارستان بالسّماع، فتكلّم فيه لذلك [1] .
روى عنه: ابن خليل، والضّياء.
وتوفّي في جمادى الأولى [2] .
__________
[1] قال ابن نقطة: وكان له أخ أكبر منه فخرّج له بعض أصحاب الحديث جزءا من مسموعاته عن شيوخه، منهم القاضي أبو بكر وغيره، فحدّث به عبد اللطيف بإربل، ولا يحتمل سنّة السماع من قاضي المارستان فإنه توفي في رجب سنة خمسين وثلاثين وعبد اللطيف له من العمر سنة واحدة.
قال لي أبو العباس أحمد بن علي بن عبد الرحمن المقرئ الأندلسي: دخل جماعة من القادسية إلى إربل من طلبة الحديث، فقالوا لي: احذر أن تقرأ على الشيخ هذا الجزء فإنه من مسموعات أخيه، فسألته عن مولده فتكاره بذلك، وقال: ما أدري أيش مقصود أصحاب الحديث يسألون الإنسان عن ولده كأنهم يتهمونه، ثم ذكر لي مولده حسبت أنه ليس من سماعاته.
قلت: لما دخلت إلى إربل كان هذا الجزء قد أخفي فلم أظفر به، وكان لشيخنا هذا إجازة صحيحة من القاضي أبي بكر فلعلّه قد حدّث عنه بالإجازة والله أعلم. (التقييد) .
[2] وقال ابن المستوفي: شيخ فيه دين وعنده سكون. وكان في مبدإ عمره يتظاهر بسمت النّسّاك ويفعل فعل الفتّاك. خرج من بغداد في صباه هاربا إلى خراسان. أخبرني بذلك الثقة، ثم عاد إلى بغداد وجرى بينه وبين أخ له واقعة، فخرج من بغداد واتصل بالسلطان أبي المظفر يوسف بن أيوب- رحمه الله- فأكرمه واحترمه وولّاه قضاء كل بلد افتتحه من بلاد الفرنج. فكان أبو محمد يستنيب في كل موضع نائبا.
ورد إربل وأقام بها وهو مراعى، له إيجاب تام من الفقير أبي سعيد كوكبوري بن علي، وتعهد كثير، وصلات جمّة، إلى أن توفي بإربل عصر يوم الخميس التاسع من جمادى الأولى من سنة عشر وستمائة. ودفن لوقته في مقبرة الصوفية، وشيّع جنازته- أدام الله سلطانه- وحضر تربته ثلاثة أيام، في بكرة كل يوم، وحضر أعيان البلد وصدوره، فأقام لأولاده اليتامى بعده ما يحتاجون إليه.
ثم ذكر لقاء ابن نقطة له بإربل.(43/375)
525- عثمان بن إبراهيم [1] بن فارس بن مقلّد.
أبو عمرو السّيبيّ [2] ، ثمّ البغداديّ، الأزجيّ، الخباز، نزيل الموصل.
سمع من: أحمد ابن الأشقر، وأبي محمد عبد الله سبط الخيّاط، وأبي الفضل الأرمويّ، وجماعة.
وهو أخو إسماعيل.
توفّي حادي عشر جمادى الأولى بالموصل [3] .
526- عليّ بن أحمد بن هلال [4] .
أبو الحسن الحربيّ، المستعمل، المعروف بابن العريبيّ [5] .
__________
[ () ] وقال: ألّف كتابا في معاني الحقيقة، وقرأ عليه معظمه، وحضر سماعه الفقير بو سعيد كوكبوري بدار حديثه بإربل، وحضر فقهاء البلد، وجرت بينهم مباحثات، كان أبو محمد لا يجري معهم فيها، وكان بخطه- وهو مغلق- فقرأته ولم أتلعثم فيه، فعجب من ذلك، وكان أبدا يذكره أين حضر. ونالته آخر عمره آفات من أمراض مختلفة منها القولنج، وإنه كان ينوبه في الساعات بحيث يستغيث منه. وكان به عدة أمراض سواه، وكان السلطان أبو سعيد يوكل الأطباء بمعالجته ويوصيهم على تمريضه.
وسمع عليه «المنتخب» من مسند عبد بن حميد الكشّي، بسماعه من أبي الوقت عبد الأول ابن شعيب، بشهادة محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن المقدسي، بسماعه على الكتاب في مجالس آخرها جمادى الآخرة سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة. (تاريخ إربل 1/ 171، 172) .
[1] انظر عن (عثمان بن إبراهيم) في: التقييد لابن نقطة 400 رقم 540، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 2/ 192، 193 رقم 416، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 209، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 287 رقم 1297.
[2] السّيبي: بكسر السين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وباء موحّدة. نسبة إلى السيب، قريته كانت بقرب بغداد. (المنذري) .
[3] وقال ابن نقطة: سمعنا منه أجزاء بالموصل.. وسماعه صحيح.
وقال ابن النجار: خرج من بغداد وسكن الموصل، وحدّث بها، كتبت عنه، وكان شيخا حسنا متيقّظا فهما صالحا، أضرّ في آخر عمره.
[4] انظر عن (علي بن أحمد بن هلال) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 216، والتاريخ المجدّد لابن النجار (الظاهرية) ورقة 181، وذيل تاريخ بغداد، له 3/ 171، 172 رقم 650، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 282 رقم 1306، والمختصر المحتاج إليه 3/ 117 رقم 984.
[5] العريبي: بضم العين وسكون الياء المثناة من تحتها.(43/376)
روى: عن المبارك بن أحمد الكنديّ، وأحمد ابن الطّلّاية، وسعيد ابن البنّاء.
روى عنه: الدّبيثيّ، وغيره، وابن النّجّار [1] .
وكان شيخا حسنا كثير التّلاوة، وله ثروة.
توفّي في الثّالث والعشرين من رجب.
527- عليّ بن أحمد بن عليّ [2] بن عبد المنعم.
مهذّب الدّين أبو الحسن البغداديّ، المعروف بابن هبل [3] الطّبيب، ويعرف أيضا بالخلاطيّ.
ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة ببغداد.
ولو سَمِعَ الحديث في صغره، لكان أسند أهل زمانه، وإنّما سَمِعَ من أَبِي القاسم إسماعيل ابن السَّمَرْقَنْدِيّ.
وقرأ الأدب، والطّبّ، وبرع في الطّبّ وصنّف فيه كتابا حافلا، وكان من أذكياء العالم، وأضرّ بأخرة.
__________
[1] وهو قال: كتبتُ عَنْهُ وَكَانَ شيخا حَسنًا لَا بأسَ به، كانت له ثروة حسنة، وكان يسافر في طلب الكسب. (ذيل تاريخ بغداد 3/ 171) .
[2] انظر عن (علي بن أحمد بن علي) في: الكامل في التاريخ 12/ 302، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 216، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 117- 119 رقم 608، وتاريخ الحكماء للقفطي 235، وإنباه الرواة 2/ 231، وتاريخ مختصر الدول 240 وفيه وفاته 619 هـ.، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 266، 267 رقم 1279، وعيون الأنباء في طبقات الأطباء 2/ 334، 335، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 157، والإعلام بوفيات الأعلام 251، والإشارة إلى وفيات الأعيان 319، والعبر 5/ 36، وتذكرة الحفاظ 4/ 1395، والمشتبه 2/ 539، والمختصر المحتاج إليه 3/ 173 رقم 983، وتاريخ إربل 1/ 316، تلخيص ابن مكتوم، ورقة 127، ونكت الهميان 205، 206، والبداية والنهاية 13/ 66، 67، والعسجد المسبوك 2/ 343، وعقد الجمان 17/ ورقة 344، 345، والنجوم الزاهرة 6/ 209، وكشف الظنون 1622، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 143، 144، وشذرات الذهب 5/ 42، وديوان الإسلام 4/ 327 رقم 2154، وهدية العارفين 1/ 704، والأعلام 4/ 256، ومعجم المؤلفين 7/ 21، والدارس في تاريخ المدارس 2/ 130.
[3] هبل: بفتح الهاء والباء الموحّدة المفتوحة ولام. (المنذري) .(43/377)
روى عنه: الزّكيّ البرزاليّ، وابن خليل، والنّجيب عبد اللّطيف، وجماعة. وأجاز للفخر عليّ ابن البخاريّ.
وقال أحمد بن أبي أصيبعة في «تاريخه» [1] : كان أوحد وقته، وعلّامة زمانه في صناعة الطّبّ، وفي العلوم الحكميّة، متميّزا في صناعة الأدب، وله شعر حسن، وألفاظه [2] بليغة. وكان متقنا لحفظ القرآن. وأقام مدّة بخلاط عند صاحبها شاه أرمن، وحصل له من جهته مال عظيم.
قال: وحدّثني عفيف الدّين عليّ بن عدلان النّحويّ أنّ مهذب الدّين قبل رحيله من خلاط، بعث ماله من المال العين إلى الموصل إلى مجاهد الدّين قايماز الزّينيّ وديعة عنده، وكان ذلك نحو مائة وثلاثين ألف دينار. ثمّ أقام ابن هبل بماردين عند بدر الدّين لؤلؤ والنّظام إلى أن قتلهما صاحب ماردين ناصر الدّين ابن أرتق، وكان بدر الدّين لؤلؤ مزوّجا بأمّ ناصر الدّين. قال:
وعمّي مهذّب الدّين بماء نزل في عينيه عن ضربة، وكان عمره إذ ذاك خمسا وسبعين سنة. ثمّ توجّه إلى الموصل، وحصلت له زمانة، فلزم منزله بسكّة أبي نجيح، وكان يجلس على سرير، ويقصده طلبة الطّبّ. حدّثنا الحكيم أبو العزّ يوسف ابن أبي محمد بن مكّيّ ابن السّنجاريّ الدّمشقيّ، حدّثنا أبو الحسن ابن هبل، أخبرنا إسماعيل بن أحمد السّمرقنديّ، أخبرنا عبد العزيز الكنانيّ- فذكر حديثا [3] .
قال: وكان ابن هبل في أوّل أمره قد اجتمع بأبي محمد ابن الخشّاب، وقرأ عليه شيئا من النّحو، وتردّد إلى النّظاميّة، وتفقّه، ثمّ اشتهر بعد ذلك بالطّبّ، وفاق أكثر أهل زمانه. ثمّ ذكر أبياتا من شعره وقطعا، منها:
__________
[1] عيون الأنباء 2/ 334، 335.
[2] في عيون الأنباء: «ألفاظ» .
[3] هو حديث «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة» .(43/378)
لقد سبتني غداة الخيف [1] غانية ... قد حازت الحسن في دلّ لها [2] وصبا
قامت تميس كخوط البان غازلة ... مع الأصائل ريحي شمأل وصبا
يكاد من دقّة [3] خصر تدلّ به ... يشكو إلى ردفها من ثقله وصبا
لو لم يكن أقحوان الثّغر مبسمها ... ما هام قلبي بحبّيها هوى وصبا [4]
وله كتاب «المختار في الطّبّ» [5] وهو كتاب جليل يشتمل على علم وعمل، وكتاب «الطّبّ الجماليّ» صنّفه لجمال الدّين محمد الوزير الملقّب بالجواد.
وخلّف من الأولاد شمس الدّين أحمد بن عليّ، وكان من فضلاء الأطبّاء. ولد سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، توفّي في خدمة الملك الغالب صاحب الروم كيكاوس بن كيخسرو، وخلّف ولدين فاضلين بالموصل. وتوفي مهذّب الدّين بالموصل في ثالث عشر المحرّم، ودفن بمقبرة المعافى بن عمران. انتهى قول ابن أبي أصيبعة [6] .
528- عليّ بن موسى [7] بن شلوط.
__________
[1] في عيون الأنباء: «الحيف» بالمهملة، خطأ.
[2] في عيون الأنباء: بها.
[3] في عيون الأنباء: رقة.
[4] الأبيات في: عيون الأنباء 2/ 336.
[5] طبع بحيدرآباد سنة 1362- 1364 هـ. في أربعة مجلدات باسم «المختارات في الطب» .
[6] وقال ابن النجار: قرأ علم الطب حتى برع فيه، وخرج من بغداد ودخل بلاد الروم وصار طبيب السلطان هناك وكثر ماله وارتفع، ثم إنّه سكن خلاط مدّة، ثم إنه عاد إلى الموصل واستوطنها إلى حين وفاته، وأضرّ في آخر عمره، ثم زمن فلم يقدر على الحركة، فكان الناس يقصدونه في منزله ويشتكون إليه أمراضهم ويقرءون عليه علم الطب. وله مصنّفات في الطب حسنة. دخلت عليه داره بالموصل وقرأت عليه جزءا كان سمعه من ابن السمرقندي، وكانت له معرفة بالأدب حسنة، واليد الطولى في علم الطبيعيات، وكان ديّنا حسن الطريقة، مليح الشيبة عليه وقار، وله هيبة، إلا أنه كان عسرا في الرواية لا يفهم شيئا من الحديث.
[7] انظر عن (علي بن موسى) في: تكملة الصلة لابن الأبار 3/ ورقة 71 (المطبوع، رقم(43/379)
أبو الحسن البلنسيّ.
حجّ وسمع بمكّة من عليّ بن حميد بن عمّار الطّرابلسيّ. واستوطن تلمسان، واحترف بالطّب.
قال الأبّار [1] : قرأت عليه بعض «صحيح البخاريّ» ، وتوفّي نحو سنة عشر.
529- عليّ بن محمد بن خروف [2] .
نحويّ المغرب.
توفّي في هذا العام في قول، وقد مرّ في سنة تسع.
530- عمر بْن أَحْمَد [3] بْن مُحَمَّد بْن عُمَر.
أبو البركات العلويّ، الحسينيّ، الزّيديّ النّسب.
ولد سنة ثلاث وأربعين.
وسمع بإفادة أخيه الزّاهد المحدّث عليّ بن أحمد من: أبي بكر ابن الزّاغونيّ، وأحمد بن هبة الله ابن الواثق، وأبي محمد ابن المادح، وجماعة.
وتوفّي فجأة في العشرين من جمادى الأولى.
531- عمر بن محمد [4] بن هارون.
أبو حفص الواسطيّ، المقرئ.
قرأ القرآن بواسط على جماعة، ولقّن القرآن.
__________
[1885] ، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 5 ق 1/ 413 رقم 699 وفيه:
«علي بن موسى بن محمد بن شلوط» .
[1] في تكملة الصلة، رقم 1885.
[2] تقدّمت ترجمة ابن خروف برقم (464) .
[3] انظر عن (عمر بن أحمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 192، 193، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 279، والمختصر المحتاج إليه 3/ 97، 98 رقم 935.
[4] انظر عن (عمر بن محمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 202، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 285، 286 رقم 1312، وتلخيص مجمع الآداب 4 ق 3/ 270 رقم 2269، والمختصر المحتاج إليه 3/ 107 رقم 955.(43/380)
وكان خيّرا صالحا، حدّث عن أبي الوقت.
وتوفّي في رمضان.
532- عيسى الجزوليّ [1] النّحويّ.
ذكر هنا وفاته ابن خلّكان، وقد مرّ في سنة سبع.
533- عين الشمس [2] بنت أحمد بن أبي الفرج.
أمّ النّور الثّقفية، الأصبهانيّة.
سمعت حضورا في سنة أربع وعشرين وخمسمائة من إسماعيل ابن الإخشيذ السّرّاج، وسمعت من مُحَمَّد بْن عليّ بْن أَبِي ذَرّ الصّالحانيّ، وهي آخر من حدّث عنهما.
روى عنها الضّياء محمد، والتّقيّ ابن العزّ، والزّكيّ البرزاليّ، وعامّة الرحّالة. وبالإجازة: الفخر عليّ، والشيخ شمس الدّين عبد الرحمن، والبرهان إبراهيم ابن الدّرجيّ، وشمس الدّين عبد الواسع الأبهريّ، وآخرون.
وكانت شيخة صالحة عفيفة، من بيت رواية وحديث.
توفّيت في نصف ربيع الآخر.
[حرف اللام]
534- لبّ بن الحسن [3] بن أحمد.
أبو عيسى التّجيبيّ، البلنسيّ، المقرئ.
__________
[1] تقدّمت ترجمته برقم (359) .
[2] انظر عن (عين الشمس) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 273 رقم 1288، والمعين في طبقات المحدّثين 188 رقم 1993، والإعلام بوفيات الأعلام 251، والعبر 5/ 36، والإشارة إلى وفيات الأعيان 319، وسير أعلام النبلاء 22/ 23، 24 رقم 17، ومرآة الجنان 4/ 20، والعسجد المسبوك 2/ 345، والنجوم الزاهرة 6/ 209، وشذرات الذهب 5/ 42.
[3] انظر عن (لب بن الحسن) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 351، وغاية النهاية 2/ 34.(43/381)
أخذ القراءات عن أبي بكر بن نمارة، وأبي الحسن بن النّعمة، وأخذ قراءة نافع عن أبي الحسن [1] بن هذيل.
وعلّم بالقرآن. وكان صالحا عابدا، يشار إليه بإجابة الدّعوة.
أخذ عنه: أبو بكر بن محرز، وأبو محمد بن مطروح، وأبو القاسم ابن الوليّ.
وتوفّي بدانية [2] .
قاله الأبّار.
[حرف الميم]
535- محمد بن إبراهيم [3] بن أبي بكر ابن خلّكان.
الفقيه أبو عبد الله بهاء الدّين الإربليّ، الشّافعيّ.
ولد في حدود سنة سبع وخمسين.
وتفقّه بالموصل، وسمع بها من يحيى الثّقفيّ، ودخل بغداد، وتفقّه بها على ابن فضلان. وسمع من يحيى بْن بَوْش، وابن كُلَيْب، وطائفة.
وحدّث بإربل، ودرّس بها أيضا بالمدرسة المظفّرية.
وهو أخو ركن الدّين الحسين، ونجم الدّين عمر، ووالد قاضي الشام أحمد [4] .
536- محمد بن سعيد [5] بن النّديّ.
__________
[1] في التكملة: «عن الحسن بن» وهو وهم.
[2] قال الأبار: قبل سنة عشر وستمائة. (التكملة 1/ 351) .
[3] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 284، 285 رقم 1311، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 496، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 44، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 153 ب، 154 أ، والعقد المذهب لابن الملقن 167.
[4] هو صاحب كتاب «وفيات الأعيان» .
[5] انظر عن (محمد بن سعيد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 291 رقم 1327، وطبقات(43/382)
أبو بكر الموصليّ، الجزريّ، الفقيه.
دخل جزيرة ابن عمر، ودرّس بها، ووزر لصاحبها محمود بن سنجر شاه، ثمّ سافر إلى إربل، واتّصل بصاحبها، ثمّ عاد إلى الجزيرة، ولازم بيته إلى أن مات.
وهو والد المحيي الجزريّ، وأخيه العماد.
537- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [1] بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بن مفرّج.
أبو عبد الله بن غطّوس الأنصاريّ، الأندلسيّ، البلنسيّ، النّاسخ.
قال الأبّار [2] : انفرد في وقته بالبراعة في كتابة المصاحف ونقطها، فيقال: إنّه كتب ألف مصحف، ولم يزل الملوك والكبار يتنافسون فيها إلى اليوم. وكان قد آلى على نفسه أن لا يكتب حرفا من غير القرآن، وخلف أباه وأخاه في هذه الصّناعة، مع الخير والصّلاح والانقطاع. توفّي حول سنة عشر، وكان يغلب عليه الغفلة [3] .
538- محمد بن عبد الملك [4] بن أبي نصر [5] .
أبو بكر الأندلسيّ، نزيل المريّة.
أخذ عن أبي القاسم بن بشكوال، وأبي القاسم بن حبيش، وجماعة.
وأجاز له أبو الحسن بن هذيل.
وولي قضاء المريّة وخطابتها. وكان عارفا بالفقه، والقراءات، والحديث، أقرأ وحدّث.
__________
[ () ] الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 62، والوافي بالوفيات 3/ 105 رقم 1044، والعقد المذهب، ورقة 163، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 152، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي، ورقة 40.
[1] انظر عن (محمد بن عبد الله) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 593، والوافي بالوفيات 3/ 351، 352 رقم 1431.
[2] التكملة 2/ 593.
[3] في التكملة: «الفضلة» ، وهو تحريف.
[4] انظر عن (محمد بن عبد الملك) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 593، 594.
[5] في التكملة: «نضير» وهو تحريف.(43/383)
وتوفّي معزولا عن القضاء سنة عشر هذه أو بعيدها.
539- مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن يُوسُف [1] بْن قرين [2] .
أبو عبد الله البلنسيّ، اللّريّ.
من أهل لريّة، ولي الأحكام بها. وسمع من أبي الحسن بن هذيل، وابن النّعمة، وأجاز له السّلفيّ.
وحدّث.
540- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن [3] بْن علي بْن محمد بن سليمان.
الحافظ أبو عبد الله التّجيبيّ، المرسيّ، نزيل تلمسان.
أخذ القراءات عن نسيبه أبي أحمد بن معط، وأبي الحجّاج الثّغريّ، وأبي عبد الله ابن الفرس، وسمع منهم، ومن أبي محمد بن عبيد الله. وحجّ وطوّل الغيبة، وكتب عن نحو مائة وثلاثين شيخا منهم السّلفيّ، وأكثر عنه، وقال: دعا لي بطول العمر، وقال لي: تكون محدّث المغرب إن شاء الله.
وسمع بمكّة من عليّ بن حميد الطّرابلسيّ، وسمع ببجاية من عبد الحقّ الإشبيليّ.
وحدّث بسبتة في سنة أربع وسبعين في حياة شيوخه. ثُمَّ سكن تلمسان، وحدّث، وجمع، ورحل إليه النّاس، وأكثروا عنه.
قال الأبّار [4] : وكان عدلا خيّرا، حافظا للحديث ضابطا، وغيره أضبط منه. روى عنه أكابر أصحابنا وبعض شيوخنا لعلوّه وعدالته، وأجاز لي.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الملك بن يوسف) في: تكملة الصلة 2/ 591.
[2] في المطبوع من التكملة: «فرين» .
[3] انظر عن (محمد بن عبد الرحمن) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 588- 591، والوافي بالوفيات 13/ 243 رقم 1242، وغاية النهاية 2/ 164 رقم 3112، ونفح الطيب 5/ 231.
[4] في التكملة 2/ 589.(43/384)
ومعجم شيوخه في مجلّد كبير [1] . وألّف «أربعين حديثا في المواعظ» ، و «أربعين حديثا في الفقر وفضله» ، و «أربعين في الحبّ في الله تعالى» ، و «أربعين في الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ، وتصانيف أخر. ولد في حدود الأربعين وخمس مائة، وتوفّي في جمادى الأولى.
541- محمد بن فارس [2] بن حمزة المغربيّ الأصل، المحلّيّ.
الشاعر أبو عبد الله.
له شعر جيّد [3] .
ولقبه رضيّ الدّين.
وخدم في الدّواوين.
روى عنه قصائد من شعره الشهاب القوصيّ.
542- محمد بن محمد [4] بن سليمان بن عبد العزيز.
أبو عبد الله الأنصاريّ، الأندلسيّ، البلنسيّ، النّحويّ، المعروف بابن أبي البقاء- وهو خاله.
سمع من: أبي العطاء بن نذير، وأبي بكر بن أبي جمرة، وجماعة من شيوخ الأبّار كابن نوح الغافقيّ، وغيره، وأجاز له أبو محمد ابن الفرس، وأبو ذرّ الخشنيّ النّحويّ.
__________
[1] قال الأبار: «على حروف المعجم» . أكثر فيه من الآثار والحكايات والأخبار، ووقع إليّ بخطّه في سنة 640 بتونس، فكتبته على الانتخاب والاقتضاب، وضمنت هذا الكتاب منه ما نسبته إليه.
[2] انظر عن (محمد بن فارس) في: الوافي بالوفيات 4/ 313 رقم 1856، والمقفى الكبير للمقريزي 6/ 500، 3000.
[3] منه ملغزا في الشطرنج:
وما اسم ثلاثة أخماسه ... هي النصف منه ومن غيره
وباقيه إن رمت معكوسه ... قطعت رجاءك من خيره
[4] انظر عن (محمد بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 587، 588، والوافي بالوفيات 1/ 215 رقم 143، وبغية الوعاة 1/ 224.(43/385)
قال الأبار [1] : وروى بالإجازة العامّة عن أبي مروان بن قزمان، وأبي طاهر السّلفيّ لإجازته لأهل الأندلس. وكان شديد العناية بالسّماع والرواية مع الحظّ الوافر من المعرفة، وكان يتحقّق بعلم العربية، عاكفا على إقرائها، مليح الخط. سمعت منه، وأجاز لي. وكان شاعرا مجوّدا. توفّي في ربيع الأول كهلا.
543- محمد بن مكّيّ [2] بن أبي الرجاء.
أبو عبد الله الأصبهانيّ، الحنبليّ، الحافظ.
أحد من عني بهذا الشأن وطلبه، وأكثر منه.
سمع: مسعود بن الحسن الثّقفيّ، وأبا الخير الباغبان، وأبا عبد الله الرستميّ، ومحمود بن عبد الكريم فورجة، وطبقتهم.
روى عنه: الزّكيّ البرزاليّ، والضّياء المقدسيّ، وجماعة من الرحّالين.
وأجاز للفخر عليّ، وللكمال عبد الرحيم، ولأحمد بن شيبان، وللبرهان إبراهيم ابن الدّرجيّ، وغيرهم.
وتوفّي في المحرّم.
544- محمد بن يعقوب [3] بن يوسف بن عبد المؤمن بن عليّ.
__________
[1] في تكملة الصلة 2/ 587، 588.
[2] انظر عن (محمد بن مكي) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 268 رقم 1282، وتاريخ إربل 1/ 296، والعبر 5/ 37، وتذكرة الحفاظ 4/ 1395، والإعلام بوفيات الأعلام 251، وسير أعلام النبلاء 22/ 110، 111 رقم 79، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 65، 66 رقم 236، وشذرات الذهب 5/ 42، 43.
[3] انظر عن (محمد بن يعقوب) في: المعجب 307- 323، والمختصر في أخبار البشر 3/ 115، ونهاية الأرب 24/ 343، ودول الإسلام 2/ 115، والعبر 5/ 36- 38، وسير أعلام النبلاء 22/ 337- 339 رقم 206، وتاريخ ابن الوردي 2/ 132، ومرآة الجنان 4/ 19، والأنيس المطرب 164، والاستقصاء 1/ 189- 194، وتاريخ ابن خلدون 6 ج 246، والحلل الموشية 122، والعسجد المسبوك 2/ 343، 344، وشرح رقم الحلل 191، 192، 202، 208، 217.(43/386)
السّلطان الملك النّاصر أبو عبد الله القيسيّ، المغربيّ، الملقّب بأمير المؤمنين.
وأمّه أمة روميّة اسمها زهر.
بويع بعهد أبيه إليه عند وفاته، وكان قد جعله وليّ عهده، وله عشر سنين في سنة ستّ وثمانين، وبويع بالأمر في صفر سنة خمس وتسعين وخمسمائة.
وكان أبيض أشقر أشهل، أسيل الخدّين، حسن القامة، كثير الإطراق، طويل الصّمت، بعيد الغور، بلسانه لثغة. وكان شجاعا، حليما، فيه بخل بالمال، وعفّة عن الدّماء، وقلة خوض فيما لا يعنيه.
وله من الأولاد: يوسف وليّ عهده، ويحيى وتوفّي في حياته، وإسحاق.
استوزر أبا زيد عبد الرحمن بن يوجّان وزير أبيه، ثمّ عزله واستوزر أخاه إبراهيم ابن السلطان يعقوب، وهو كان أولى بالملك منه.
قال عبد الواحد بن عليّ المرّاكشيّ [1] : وكان إبراهيم لي محبّا، وصل إليّ منه أموال وخلع جمّة أيام نيابته على إشبيلية، ولي فيه هذه:
لكم على هذا الورى التّقديم ... وعليهم التفويض والتسليم
الله أعلاكم وأعلى أمره ... بكم وأنف الحاسدين رغيم
أحييتم «المنصور» فهو كأنه ... لم تفتقده معالم ورسوم
ومنابر ومحارب ومحابر ... وحمى يحاط وأرمل ويتيم
وبلغني موت إبراهيم في سنة سبع عشرة وستّمائة.
قال: وكان لأبي عبد الله من كتّاب الإنشاء: أبو عبد الله محمد بن
__________
[1] في المعجب 309.(43/387)
عبد الرحمن بن عيّاش، وأبو الحسن عليّ بن عيّاش بن عبد الملك بن عيّاش، وأبو عبد الله بن يخلفتن الفازازيّ. وولي له القضاء: أبو القاسم أحمد بن بقيّ، ثمّ عزله بأبي عبد الله بن مروان، ثمّ ولي القضاء محمد بن عبد الله بن طاهر الواعظ الصّوفيّ، الأصوليّ الّذي يذكر أنّه علويّ، وكان قد اتّصل بوالده فحظي عنده، وسمعته مرّة يقول: جملة ما وصل إليّ من أمير المؤمنين المنصور أبي يوسف تسعة عشر ألف دينار سوى الخلع والمراكب والإقطاع، ومات على القضاء سنة ثمان وستّمائة. ثمّ ولي بعده القضاء أبو عمران موسى بن عيسى بن عمران الّذي كان أبوه قاضيا لأبي يعقوب موسى بن عبد المؤمن.
وكان الّذي قام ببيعة محمد أبو زيد عبد الرحمن بن عمر بن عبد المؤمن الوزير، وعبد الواحد ابن الشيخ أبي حفص عمر. ثمّ أخذ أولا في تجهيز الجيوش إلى إفريقية، لأنّ يحيى بن إسحاق بن غانية كان قد استولى على أكثر بلادها، واستعمل عليهم أبا الحسن عليّ بن عمر بن عبد المؤمن، فسار فالتقى هو وابن غانية بين بجاية وقسنطينة [1] ، فانهزم الموحّدون، ورجع عليّ في حالة سيّئة، فانتدب أبو عبد الله للحرب الوزير أبا زيد المذكور، فسار حتّى بلغ قسنطينة [2] ، ثمّ استعمله على إفريقية، ولمّا بلغه أنّ ابن غانية استولى على مدينة فاس، تجهّز في جيوشه، وسار إلى فاس، وأراد أن يبعث مراكب إلى ميورقة يستأصل شأفة بني غانية، واستعمل على الأسطول عمّه أبا العلاء إدريس بن يوسف، وأبا سعيد عثمان بن أبي حفص، فسارا، وافتتحاها عنوة، وقتلا أميرها عبد الله بن إسحاق بن غانية، قتله المقدّم عمر الكرديّ.
قيل: إنّه لمّا نازلوه خرج على باب ميورقة وهو سكران فقتل، وذلك في سنة تسع وتسعين وانتهبوا أمواله، وسبوا حريمه، وقدموا بهم مرّاكش.
__________
[1] في الأصل: «قسطنطينية» والمثبت هو المحفوظ.
[2] في الأصل: «قسطنطينية» .(43/388)
قال: وقد كان قبل هذا أقام بالسّوس رجل من جزولة اسمه يحيى بن عبد الرّحمن ابن الجزّارة، فاجتمع عليه خلائق، فسارت إليه عساكر الموحّدين فهزمهم غير مرّة، ثمّ إنّه قتل بعد أن كاد أن يملك ويظهر، وكان يلقّب بأبي قصبة.
وفي سنة إحدى وستّمائة قصد السّلطان أبو عبد الله بلاد إفريقية، وقد كان ابن غانية استولى عليها خلا بجاية وقسنطينة، فأقام أبو عبد الله على المهديّة أربعة أشهر يحاصرها وبها ابن عمّ ابن غانية، فلمّا طال عليه الحصار سلّم البلد، وفرّ إلى ابن عمّه ثمّ رأى الرجوع إلى الموحّدين، فتلقّوه أحسن ملتقى، وقدّموا له تحفا سنية، ثمّ سار إليهم سير أخو ابن غانية فأكرموه أيضا.
قال: وبلغني أنّ جملة ما أنفقه أبو عبد الله في هذه السّفرة مائة وعشرون حمل ذهب. ورجع إلى مرّاكش في سنة أربع وستّمائة، وبقي بها إلى سنة سبع، ففرغ ما بينه وبين الإذفنش ملك الفرنجة من المهادنة، فسار وعبر إلى إشبيلية، ثمّ تحرّك في أول سنة ثمان وقصد بلاد الروم- لعنهم الله- فنزل على قلعة لهم، فافتتحها بعد حصار طويل ورجع، فدخل الإذفنش إلى قاصية الروم يستنفر الفرنج حتّى اجتمعت له جموع عظيمة من الأندلس ومن الشام حتّى بلغ نفيره إلى القسنطينة، وجاء معه البرشنونيّ صاحب بلاد أرغن، فبلغ أمير المؤمنين محمد، فاستنفر الناس في أول سنة تسع، فالتقوا بموضع يعرف بالعقاب، فحمل الإذفنش على المسلمين وهم على غير أهبة. فانهزموا وقتل من الموحّدين خلق كثير. وأكبر أسباب الهزيمة اختلاف نيّات الموحّدين وغضبهم على تأخير أعطياتهم، فبلغني عن جماعة منهم أنّهم لم يسلّوا سيفا، ولا شرعوا رمحا، بل انهزموا، وثبت أبو عبد الله ثباتا كلّيّا، ولولا ثباته، لاستؤصلت تلك الجموع قتلا وأسرا، وذلك في صفر. ورجع الملاعين بغنائم عظيمة، وافتتحوا في طريقهم بياسة عنوة، فقتلوا وسبوا، فكانت هذه أشدّ على المسلمين من الهزيمة.
ونقل أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الْجَزَري في «تاريخه» : أنّ الناصر أبا عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف القيسيّ الكوميّ صاحب المغرب توفّي(43/389)
في هذه السنة، سنة عشر. قال: والمغاربة يقولون: إنّه كان قد أوصى عبيده وحرسه أنّ من ظهر لكم باللّيل، فهو مباح الدّم، ثمّ إنّه أراد أن يختبر قدر أمره لهم، فسكر، وجعل يمشي في بستانه، فلمّا رأوه، جعلوه غرضا لرماحهم، فجعل يقول: أنا الخليفة! أنا الخليفة! فلم يمكنهم استدراك الفائت وتلف. وقام بالأمر بعده ابنه المستنصر باللَّه أبو يعقوب يوسف، ولم يكن في بني عبد المؤمن أحسن من يوسف ولا أفصح، إلّا أنّه كان مشغوفا بالراحة، وضعفت دولتهم في أيامه.
وأمّا عبد الواحد بن عليّ المرّاكشيّ، فإنّه يقول في كتابه «المعجب» : إنّ أبا عبد الله مرض بالسّكتة في أول شعبان، ومات في خامسه. وهذا هو الصّحيح، لأنّه أدرك موته، وكان شاهدا.
545- محمود بن أيدكين [1] الشّرفيّ البوّاب البغداديّ.
سمع من: عليّ بن عبد العزيز ابن السّماك، وابن ناصر، وصدقة بن المحلبان، وجماعة.
وتوفّي في شوّال عن بضع وثمانين سنة.
ونسبته إلى شرف الدّين نوشروان بن خالد الوزير. وفي الرّواة: الشّرفيّ، نسبة إلى شرف الدّين عليّ بن طراد الوزير، والشّرفيّ، نسبة إلى الشرف، موضع.
روى عنه: الدّبيثيّ، والنّجيب عبد اللّطيف.
546- المسلّم بن سعيد [2] بن المسلّم ابن العطّار، أبو محمد الحرّانيّ، ثمّ البغداديّ، التّاجر.
ولد سنة خمس وعشرين وخمسمائة.
__________
[1] انظر عن (محمود بن أيدكين) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 286، 287 رقم 1315 وفيه «محمود بن أيتكين» ، والمختصر المحتاج إليه 3/ 181، 182 رقم 1169
[2] انظر عن (المسلّم بن سعيد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 289 رقم 1320، والمختصر المحتاج إليه 3/ 197 رقم 1220.
و «المسلّم» بتشديد اللام وفتحها.(43/390)
وسمع من: أبي محمد سبط الخيّاط.
روى عنه: الدّبيثيّ، وغيره.
وتوفّي في خامس ذي القعدة [1] .
547- ميمون القصريّ [2] .
الأمير الكبير فارس الدين الصلاحي.
قال ابن واصل [3] : هو آخر من بقي من الأمراء الصلاحية. توفي بحلب. وعتق في الليلة التي مات فيها مائة مملوك وزوّجهم. وخلّف أموالا كثيرة. توفي في رمضان.
[حرف النون]
548- ناصر بن عبد السيّد [4] بن عليّ.
__________
[1] هكذا في الأصل، وهو وهم، والصواب: «ذي الحجة» كما في تكملة المنذري، والمختصر المحتاج إليه.
[2] انظر عن (ميمون القصري) في: مفرّج الكروب 3/ 220، ونهاية الأرب 29/ 64، والمختصر في أخبار البشر 3/ 115، وتاريخ ابن الوردي 2/ 132، وعقد الجمان 17/ ورقة 346.
[3] في مفرّج الكروب 3/ 220.
[4] انظر عن (ناصر بن عبد السيد) في: معجم الأدباء 19/ 212، 213 رقم 73، وإنباه الرواة 3/ 339، وإشارة التعيين لليمني، ورقة 55، 56، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 279، 280 رقم 1300، ووفيات الأعيان 5/ 369- 370، والمختصر المحتاج إليه 3/ 215 رقم 1262، وسير أعلام النبلاء 22/ 28 رقم 23، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 237، 238 رقم 183، وتلخيص ابن مكتوم، ورقة 260، والجواهر المضية 2/ 190، والبداية والنهاية 13/ 54، ومرآة الجنان 4/ 20، 21، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 256، وبغية الوعاة 2/ 402 رقم 2054، وتاج التراجم لابن قطلوبغا 79، ومفتاح السعادة 1/ 126، 127، والعسجد المسبوك 2/ 333 (في وفيات سنة 607 هـ.) و 344 (سنة 610 هـ.) ، والطبقات السنية 3/ ورقة 1033- 1308، وطبقات الحنفية للزيله لي، ورقة 220، والفوائد البهية للكنوي 218، 219، وكشف الظنون 139، 1708، 1747، 1789، وروضات الجنات 4/ 222، 223، وهدية العارفين 2/ 488، وديوان الإسلام 4/ 185، 186 رقم 1917، وفهرست الخديوية 4/ 189، 190، والأعلام 7/ 348، ومعجم المؤلفين 13/ 71.(43/391)
أبو الفتح الخوارزميّ، الحنفيّ، المطرّزيّ، النّحويّ الأديب.
ولد بخوارزم سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.
وكان من رءوس المعتزلة، وله معرفة تامّة بالعربيّة، واللّغة، والشعر.
له تصانيف في الأدب، وشعر كثير.
وكان حنفيّ المذهب.
تُوُفِّيَ فِي الحادي والعشرين من جُمَادَى الأولى بخوارزم.
وكان أبوه أبو المكارم من كبار الفضلاء.
ولناصر كتاب «شرح المقامات» ، وكتاب «المغرب» تكلّم فيه على الألفاظ الّتي يستعملها الفقهاء من الغريب، فهو للحنفية ككتاب الأزهريّ للشّافعيّة. وله «الإقناع في اللّغة» ، «مختصر إصلاح المنطق» ، و «مقدّمة» لطيفة في النّحو مشهورة. ذكر ذلك ابن خلّكان [1] ، وأنّه قدم بغداد حاجّا سنة إحدى وستمائة، وأخذ عنه بها بعض الفضلاء. وكان يقال: هو خليفة الزّمخشريّ، فإنّه ولد في العام الّذي مات فيه الزّمخشريّ. ولمّا مات المطرّزيّ رثوه بأكثر من ثلاثمائة قصيدة بالعربيّ وبالعجميّ.
والمطرّزيّ: نسبة إلى تطريز الثّياب [2] .
كذا قيل: إنّ هذا مؤلّف «المقدّمة» المطرّزيّة وليس بصحيح، بل مؤلّفها دمشقيّ قديم، وهو أبو عبد الله محمد بن عليّ السّلميّ المطرّز المتوفّى سنة ستّ وخمسين وأربعمائة [3] ، فلعلّ هذا الخوارزميّ له «مقدّمة» أخرى؟ نعم، له، وتسمّى «المصباح» شهيرة ينتفع بها [4] .
__________
[1] وفيات: 5/ 370- 371.
[2] انتهى إلى هنا نقل المؤلف عن ابن خلكان، وقال ابن خلكان مقيدا اللفظ بالحروف: بضم الميم وفتح الطاء المهملة وتشديد الراء وكسرها وبعدها زاي.. ولا أعلم هل كان يتعاطى ذلك بنفسه، أم كان في آبائه من يتعاطى ذلك، فنسب له، والله أعلم.
[3] انظر ترجمة (محمد بن علي السلمي المطرّزي) في: وفيات 456 هـ. برقم 176 وذكرت مصادر ترجمته هناك من هذا الكتاب.
[4] في معجم الأدباء 19/ 213 له «المقدّمة المطرّزية في النحو» و «المصباح في النحو أيضا مختصر» .(43/392)
[حرف الهاء]
549- هبة الله ابن الإمام الفقيه إبراهيم [1] بن عليّ بن إبراهيم بن محفوظ بن منصور بن معاذ.
أبو القاسم السّلميّ، الآمديّ، ثمّ البغداديّ، المعروف بابن الفرّاء.
سمع من: هبة الله بن هلال الدّقّاق، وابن البطّي، وجماعة.
وحدث.
وأبوه ممن رحل إلى محمد بن يحيى وتفقّه عليه بنيسابور.
توفّي هبة الله في ذي القعدة.
550- هبة الله بن حامد [2] بن أحمد بن أيّوب.
أبو منصور الحلّيّ، الأديب النّحويّ.
قرأ الأدب على أبي محمد ابن الخشّاب، وأبي الحسن عليّ ابن العصّار.
وَأقرأ بالحلّة، وانتفع به النّاس.
وتوفّي في حدود هذه السنة.
551- هلال بن محفوظ [3] بن هلال الرّسعنيّ، الفقيه.
تفقّه ببغداد، وسمع من شهدة الكاتبة.
وحدّث برأس العين.
__________
[1] انظر عن (هبة الله بن إبراهيم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 288، 289 رقم 1319، والمختصر المحتاج إليه 3/ 220 رقم 1281.
[2] انظر عن (هبة الله بن حامد) في: معجم الأدباء 19/ 264 رقم 101، وإنباه الرواة 3/ 357، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 292 رقم 1331، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 1435، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شبهة، ورقة 361، 362، وبغية الوعاة 2/ 322.
[3] انظر عن (هلال بن محفوظ) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 290، رقم 1324، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 68 رقم 239، وشذرات الذهب 5/ 44.(43/393)
[حرف الواو]
552- واجب بن مُحَمَّد [1] بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن واجب.
أبو محمد القيسيّ، البلنسيّ.
سمع: أبا الحسن بن هذيل، وأبا الحسن بن النّعمة.
وولي القضاء بأماكن.
روى عنه: أبو عبد الله الأبّار، وغيره.
[حرف الياء]
553- يحيى بن أبي محمد [2] بن عليّ بن المعمّر.
أبو زكريّا القطيعيّ، الأزجيّ، المعروف بابن جرادة.
روى عن: أبي الوقت.
روى عنه: الدّبيثيّ.
توفّي في شعبان.
[الكنى]
554- أبو نصر بن عبد السّلام [3] بن أحمد بن الأسود الحريميّ.
حدّث عن الزّاهد أحمد ابن الطّلّاية.
وتوفّي في ربيع الآخر.
__________
[1] انظر عن (واجب بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 3/ ورقة 126.
[2] انظر عن (يحيى بن أبي محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 284 رقم 1310، والمختصر المحتاج إليه 3/ 253 رقم 1373.
[3] انظر عن (أبي نصر بن عبد السلام) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 274، 275 رقم 1291 وفيه: «أبو نصر بن أبي الفضل عَبْد السَّلَام بن عُثْمَان بن أَبِي نصر بن الأسود» .(43/394)
[وفيها وُلِدَ]
العزّ إسماعيل بن عبد الرحمن ابن الفرّاء.
والزّين أبو بكر بن محمد بن طرخان.
والنّجم محمد بن محمد السّبتيّ نزيل دمشق.
والنّور محمود بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عصرون.
والكمال أحمد بن يوسف بن شاذي الفاضليّ.
والكمال عليّ بن محمد ابن الأعمى صاحب «المقامة» .
والتاجُ مُحَمَّد بْن عَبْد السلام بْن أَبِي عصرون.
والتقيّ عليّ بن عبد العزيز الإربليّ المقرئ نزيل بغداد.
والظّهير محمد بن عمر بن محمد البخاريّ الحنفيّ مدرّس الشبليّة.
وجبريل بن أبي الحسن العسقلانيّ.
والنّجم أَحْمَد بْن عَبْد العزيز بن أَحْمَد بْن باقا.
وأبو العزّ مظفّر ابن المحدّث عليّ ابن النّشبيّ.
وعبد المحسن بن هبة الله ابن الفوّيّ الأديب.
وأسد الدّين إبراهيم بن اللّيث الأغريّ.
والتاج أحمد ابن الأغلاقيّ، أو في الّتي قبلها.
وكافور الصّوّاف عتيق ابن الفوّيّ.
والعماد حسين بن عليّ بن القاسم ابن عساكر.
والشّرف محمد بن أحمد بن إبراهيم ابن المجير الكتبيّ المحدّث.
والتّاج يحيى بن محمد بن أحمد ابن الحبوبيّ محتسب دمشق.
والعماد أحمد بن منعة الصّالحيّ.
والعفيف سليمان بن عليّ التّلمسانيّ، الشّاعر.(43/395)
ذكر من توفي بعد الستّمائة تقريبا وإلى سنة عشر
[حرف الميم]
555- موسى بن ميمون [1] .
أبو عمران اليهوديّ، القرطبيّ.
رئيس اليهود وعالمهم وحبرهم بالدّيار المصريّة.
قال الموفّق ابن أبي أصيبعة [2] : هو أوحد زمانه في صناعة الطّبّ، متفنّن في العلوم، وله معرفة جيّدة بالفلسفة. طبّ السّلطان صلاح الدّين ثمّ ولده الأفضل عليّا.
وقيل: إنّه أسلم بالمغرب، وحفظ القرآن، فلمّا أن قدم مصر ارتدّ. وقد مدحه القاضي السّعيد ابن سناء الملك بأبيات.
وله تصانيف في الطّبّ، وكتاب كبير في دين اليهود- لعنهم الله-.
وهو والد إبراهيم الطّبيب أحد أطبّاء الكامل. ومات إبراهيم بعد سنة ثلاثين وستّمائة.
[حرف العين]
556- عبد المنعم بن عمر [3] ، أبو الفضل الغسّانيّ، الأندلسيّ، الجليانيّ، الطّبيب، المعروف بحكيم الزّمان.
__________
[1] انظر عن (موسى بن ميمون) في: أخبار العلماء للقفطي 209، 210، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 239، وعيون الأنباء 2/ 194.
[2] في عيون الأنباء 2/ 194.
[3] تقدم في وفيات سنة 603 برقم (135) .(43/396)
كان علّامة في الطّبّ والكحل. قدم إلى دمشق وسكنها، وعمّر دهرا.
وكان يجيد الشّعر. وكانت له دكّان في اللّبّادين للطّبّ. وصنّف كتبا كثيرة.
وكان السّلطان صلاح الدّين يرى له ويحترمه، وله هو في صلاح الدّين مدائح. وكان يتعانى الكيمياء.
وهو والد عبد المؤمن كحّال الملك الأشرف ابن العادل المتوفّى بالرّها قبل الثلاثين وستمائة.
[حرف السين]
557- سليمان بن عبد الله [1] بن عبد المؤمن بن عليّ.
أبو الربيع القيسيّ، متولّي سجلماسة وأعمالها لابن عمّه السّلطان يعقوب بن يوسف.
قال تاج الدّين شيخ الشيوخ: اجتمعت به حين قدم لمتابعة محمد بن يعقوب وزرته، فرأيت شيخا بهيّ المنظر، حسن المخبر، فصيح العبارة باللّغتين. بلغني أنّه كان يملي على كاتبه الرسائل الصّنيعة بغير توقّف، ويخترع بلا تكلّف، وكذلك في اللّغة البربريّة، وقّع إلى عامل له قد تظلّموا منه: «قد كثرت فيك الأقوال، وإغضائي عنك رجاء أن تتيقظ، فتنصلح الحال، وفي مبادرتي إلى ظهور الإنكار عليك نسبة إلى سوء الاختبار، وعدم الاختيار، فاحذر فإنّك على شفا جرف هار» .
وله شعر يروق، فله في ابن عمّه:
هبّت بنصركم الرّياح الأربع ... وخرّت بسعدكم النّجوم الطّلّع
وأمدّك الرّحمن بالفتح الّذي ... ملأ البسيطة نوره المتشعشع
لم لا وأنت بذلت في مرضاته ... نفسا تفدّيها الخلائق أجمع
__________
[1] انظر عن (سليمان بن عبد الله) في: المعجب للمراكشي 346، 375، 378، والغصون اليانعة لابن سعيد 131، والوافي بالوفيات 15/ 396 رقم 544، والأعلام 3/ 190.(43/397)
وجريت في نصر الإله مصمّما ... بعزيمة كالسّيف بل هي أقطع
للَّه جيشك والصّوارم تنتضى ... والخيل تجري والأسنّة تلمع
من كلّ من تقوى الإله سلاحه ... ما إن له غير التّوكّل مفزع
لا يسلمون إلى النّوازل جارهم ... يوما إذا أضحى الجوار يضيّع
أين المفرّ ولا مفرّ لهارب ... والأرض تنشر في يديك وتجمع
وهي طويلة.
[حرف العين]
558- عَبْد الواحد ابْن الشَّيْخ أَبِي حفص عُمَر بن يحيى الهنتاتيّ.
الأمير، زعيم هنتاتة وسيّدها، ولد صاحب ابن تومرت.
كان أبوه أحد الرجال العشرة الخواصّ الّذين لزموا صحبة ابن تومرت وتقدّموا في أيامه.
وكان عبد الواحد أكبر أشياخ الموحّدين، وأميرهم رتبة وفضلا ودراية، وأطوعهم في قومه. وكان له حذق في السّياسة وتدبير الحروب والشجاعة مشهورة عنه، وكان مدبّر الملك، فقام ببيعة الأمير محمد بن يعقوب وبذل الأموال.
وفي أولاده نجباء وأمراء تملّكوا إفريقية وغيرها.
[الكنى]
559- أبو العبّاس السّبتيّ الزّاهد.
شيخ المغرب في عصره: أحمد بن جعفر الخزرجيّ، صاحب الأحوال والمقامات والكرامات.
قال تاج الدّين ابن حمّويه: أدركته بمرّاكش في سنة أربع وتسعين وقد ناهز الثّمانين. وهو شيخ نورانيّ، بهيّ المنظر، عظيم المخبر، سليم الحواسّ، ذكيّ الفطرة، كامل الأخلاق الحسنة، دائم البشر، مسلوب(43/398)
الغضب، عديم الحسد، لا يطلب الدّنيا، ولا يلتفت إلى أهلها، وإذا جاءه المال، فرّقه في الحال. ورأيت النّاس على قدر ميزتهم يختلفون فيه، فمن قائل: ساحر وكاهن، ومن قائل: زنديق وممخرق، ومن قائل: مجذوب يتكلّم على الخواطر، ويتصرّف في البواطن والظّواهر. فتوقّفت عن الدخول إليه سنة، ثمّ ألحّ عليّ صديق فمضيت إليه، فإذا به في دار قوراء بهية ذات مجالس وأروقة ومفارش، وفي وسط الدّار ماء جار وأشجار كأنّها من دور الملوك، وحوله فقهاء وصلحاء وبعض متميّزي البلد، فسلّمنا وجلسنا، فكان يفسّر في آيات في البرّ والصّدقة، ورأيت على عينيه خرقة زرقاء فحسبت أنّها لرمد وإذا هي عادة له. فلمّا فرغ، عاد لمحادثتي، وسأل عن اسمي وبلدي، وفاوضته في مسائل في التّصوّف، فكان يأتي بالأجوبة الغريبة السّديدة، والكلام المنقّح، ثمّ شرع في الحديث معي على ما جرت به العادة مع القادم.
ثمّ لازمت زيارته وزارني، وخرجت معه إلى البساتين والضّواحي، وكان يحبّ الخضرة، والمياه الجارية، وبلغني أنّه كان يلازم العزلة والخلوة، ثمّ خالط النّاس. وكانت مجالسه مجالس وعظ وتذكير وأدعية، ومعظم كلامه في الحثّ على الصّدقة وفعل الخير وذمّ الشحّ.
وأمّا الّذي صحّ عنه من الكرامات، وصحّة الفراسات، والدّعوات المستجابات، فمشهور متداول مستفيض، إلّا أنّهم يرجمون الظّنون في أسباب ذلك الحصول وطريقته في الوصول، وكان لصاحبي الجمال محمد القسطلانيّ أخ قد سافر بتجارة إلى غانة، وهي قاعدة مملكة السودان، فبعث إليه بضاعة فخرج الحراميّة، فأخذوا تلك القافلة فردّ التّجّار إلى سجلماسة، وخرج الوالي، فأمسك بعض الحرامية، وبعض الأموال، فدخل محمد معي إلى الشيخ فحكى له ما جرى، فقال: كم تسوى بضاعتك؟ قال: ستّمائة دينار.
فتبسّم، وقال: لعلّ رأس مالها عليك العشر أو أقلّ، فكأنكم طمعتم في اقتناص أموال الحضر، فصادها البربر من المدر، فقلت أنا: يا سيدي فهل يرجى لما ذهب عود؟ قال: إن تصدق بستمائة درهم، أخلف الله عليه ذلك.
فأخرج دراهم، فوضعها بين يديه فعدت، فكانت مائة وثمانية دراهم. فلمّا(43/399)
كان بعد شهر، دخل إليّ محمد القسطلانيّ ومعه كتب وردت من أصحابه يذكرون أنّ الوالي أحضر ما استردّ، فقال للتّجّار: ليأخذ كلّ من تحقّق له عين ماله، وحضر القاضي والعدول، وشهد التّجّار بعضهم لبعض، فظهرت صرّة فيها تبر من عين ماله، مكتوب عليها اسم أخيه، وأخرج لي الصّرّة من كمّه، وقال: يا ما أعجب شأن هذا الرجل- يعني السّبتيّ- أتذكر قوله، وحديث العشر والصّدقة، هذا التّبر وزنه مائة وعشرة مثاقيل! فمضينا إلى زيارته، وقبّل محمد يده وحكى ما جرى، فلم يكترث بما جرى.
قلت: ثمّ حكى له ثلاث كرامات أخر، وقال: خرجت من البلاد بعد الستّمائة، وتركته حيّا يرزق. وكان يقول إذا جرى ذكر الدّولة: إنّ دولة هؤلاء تختلّ بعد وفاتي وتضمحلّ- يعني بني عبد المؤمن- فظهر ذلك بعد وفاته، واختلفوا، واقتتلوا، وفسد أمرهم.
[حرف الألف]
560- إبراهيم بن يعقوب [1] أبو إسحاق الكانميّ الأسود، النّحويّ، الشاعر.
وكانم: بليدة بنواحي غانة إقليم السودان.
قال تاج الدّين ابن حمّويه: رأيته وقد قدم إلى مرّاكش في أيام السّيد يعقوب بن يوسف، ومدح كبراء الدّولة، واختلط بسادتهم. وكانت العجمة في لسانه، غير أنّه بارع النّظم. وقد تردّد إليّ كثيرا وذاكرني.
وله في إبراهيم بن يعقوب بن يوسف:
ما بعد باب أبي إسحاق منزلة ... يسمو إليها فتى مثلي ولا شرف
أبعد ما بركت عيسى بساحته ... وصرت من بحرة اللّجّيّ أغترف
همّوا بصرفي وقد أصبحت معرفة ... فكيف ذلك واسمي ليس ينصرف
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن يعقوب) في: معجم البلدان 4/ مادة «كانم» دون أن يسمّيه، والوافي بالوفيات 6/ 170، 171.(43/400)
وأنشدني ابن خميس له:
وقائل لم لا تهجو فقلت له ... لأنّني لا أرى من خاف من هاجي
فليس ذمّ كرام النّاس من شيمي ... وليس ذمّ لئام النّاس منهاجي
وله في بعض الأمراء:
أزال حجابه عنّي وعيني ... تراه من المهابة في حجاب
وقرّبني تفضّله ولكن ... بعدت مهابة عند اقترابي
وكان يحفظ «الجمل» في النّحو، وكثيرا من أشعار العرب. وذكر لي أنّه اشتغل في بلد غانة، وتخرّج بها مع أنّها بلد كفر وجهل.
قلت: وهي أكثر من شهر عن سجلماسة في جهة الجنوب وبينهما مفاوز، وما عرفت شاعرا من أرضه سواه.
[حرف الميم]
561- محمد بن الحافظ أبي سعد السمعانيّ.
أخو أبي المظفّر عبد الرّحيم.
سيأتي في آخر ترجمة أخيه [1] .
[حرف الياء]
562- يحيى بْن عقيل بْن شريف بْن رفاعة بْن غدير.
أبو الحسن السّعديّ، المصريّ.
سمع من جدّه لأمّه عبد الله بن رفاعة الفرضيّ.
وكان خيّرا صالحا، كثير الحجّ والمجاورة. حدّث بدمشق وبالمدينة.
روى عنه: بدل التّبريزيّ، والتّاج محمد بن أبي جعفر، وأبو القاسم بن صصريّ، والحافظ عبد العظيم.
__________
[1] في وفيات سنة 617.(43/401)
توفّي مجاورا بالمدينة بعد سنة سبع وستمائة.
[حرف الميم]
563- محمد بن أبي غالب.
أبو عبد الله ابن النزّال.
سمع من: أبي بكر قاضي المارستان.
روى عنه: عبد الصّمد بن أبي الجيش.
564- محمد ابن المعزّ [1] .
أبو عبد الله الميورقيّ.
أخذ القراءات ببلده عن عليّ بن سعيد، وخلف بن عبد الله. وأجاز له ابن هذيل. وولي قضاء بلده.
توفّي بعد سنة سبع وستمائة وقد قارب المائة.
لا أعرف شيخيه، وإن عنى الأبّار بعليّ بن سعيد أبا الحسن الميورقيّ صاحب ابن حزم، فذاك كان ببغداد سنة نيّف وتسعين وأربعمائة.
565- محمد بن أحمد بن يربوع [2] الجيانيّ.
أخذ عن: السّهيليّ، وابن الفخّار، وطائفة.
وكان مقرئا، نحويّا، مؤدّبا.
توفّي في حدود سنة عشر [3] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن المعزّ) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 582.
و «المعزّ» بفتح الميم كما أثبته ابن الأبار.
[2] انظر عن (محمد بن أحمد بن يربوع) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 592، وبغية الوعاة 1/ 49.
[3] جاء في تكملة الصلة، وبغية الوعاة- نقلا عن: صلة الصلة لابن الزبير، أنه كان حيا سنة 603 وأنه كان له برنامج. وجاء في هامش إحدى نسخ التكملة قول لابن مسدي يفيد أنه أجاز له، وأنه مات سنة 618 هـ.(43/402)
566- محمد بن أحمد بن مرزوق اليعمريّ، السّبتيّ، المحدّث.
أبو عبد الله.
رحل إلى المشرق، وأكثر عن البوصيريّ، والقاسم بن عساكر، وطبقتهما.
بقي إلى سنة ثمان وستمائة.
[حرف العين]
567- عبد الرحمن بن داود [1] الواعظ.
زكيّ الدّين المصريّ، الزّرزاريّ، ويلقّب بالزّرزور [2] .
دخل الأندلس ووعظ بها، وحدّث في سنة ثمان وستمائة.
قال الأبّار [3] : ادّعى الرواية عن أبي الوقت والسّلفي وجماعة لم يلقهم!.
قليل الحياء أفّاك مفتر [4] .
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن داود) في: تكملة الصلة لابن الأبار 3/ ورقة 18، وميزان الاعتدال 2/ 557- 559 رقم 4858، والمغني في الضعفاء 2/ 379 رقم 3560، ولسان الميزان 3/ 413- 415 رقم 1626، والكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث 257 رقم 428.
[2] في الكشف الحثيث 257 «وكان يلعب بالزرزور» .
[3] في تكملة الصلة 3/ ورقة 18.
[4] هذه العبارة للمؤلّف الذهبي- رحمه الله-، وهو قد ذكره في ميزان الاعتدال وطوّل ترجمته، فقال: دخل المغرب وحدّث بصحيح البخاري عن أبي الوقت في سنة ثمان وستمائة.
ليس بثقة. اتهمه أبو عبد الله بن الأبار، وكان يلقّب بالزرزور.
قال الشيخ الضياء: رأيته بالقاهرة على المنبر، ورأيت له الأربعين في قضاء الحوائج موضوعة قد ركب لها أسانيد من طرق البخاري وأبي داود وغيرهما.
قلت: هو أبو البركات المصري الزرزاري الملقب بالزرزور، صحيح السماع من السلفي، وخطيب الموصل. كذّبه ابن الأبّار، وابن مسدي، والناس.
قال ابن مسدي في معجمه: ذكر أنه لقي أبا النجيب السهروردي بالري، وأنه سمع منه الرسالة بسماعه من أبي القاسم القشيري، وأنه سمع بهمذان من عفيفة امرأة زعم أنه قرأ عليها «حلية الأولياء» تفرّدت به عن أحمد بن سعيد القاساني، عن أبي نعيم. وقدم علينا(43/403)
568- عَلِيّ بْن مُحَمَّد [1] بن يحيى بن أبي العافية.
أبو الحسن الأنصاريّ، السّرقسطيّ، الدّورقيّ.
ودورقة من عمل سرقسطة.
__________
[ () ] غرناطة سنة سبع وستمائة فسمعوا منه وسمعت منه، وكان يقول: مولدي بالموصل على رأس الثلاثين وخمسمائة.
وقد ذكر لي بعض المصريين أنه من أهل دمياط، وكذلك أبوه. ومن عجائب تركيباته أنه حدّث بالجمع بين الصحيحين للحميدي، عن أبي الوقت عبد الأول، وزعم أنه لقيه بمكة.
وهذا كذب صراح، ما دخل أبو الوقت مكة.
قال: وأعجب من هذا أن عليّ بن أحمد الكوفي كان قد سمع من السلفي، ودخل الأندلس، وسمع من ابن بشكوال، وخرّج أربعين مسلسلات، ثم قصد الدولة وقدم ختمة بخط أبي عبد الله السوسي القائم بالدولة، فقيل له: من أين لك هذه؟ قال: إني تزوّجت بمصر بنت بنته، فكأنهم أظهروا ما له القبول وولّوه قضاء مالقة، وقصدها فلما حلّ بسبتة ليركب البحر إلى مالقة احتاط متولّي سبتة بها، وجعله في مركب، وأنفذه إلى الإسكندرية، فسمع منه أبو البركات الواعظ أربعينه وكتبها، فوقعت على الأصل الّذي فيه سماعه منه، فلما غرّب أبو البركات أسقط ذكر الكوفي مؤلّفها وادّعاها لنفسه. وبها افتضح بالأندلس فإنه حدّث فيها عن مشايخ الأندلس، وحدّث بغريب الحديث لأبي عبيد، عن أبي عبد الله ابن المتقنة، عن أبي منصور الرزاز، عن نافع الخراساني، عن معالي بن عديّ، عن أبي عبيد، وهذا كله اختلاف.
وحدّث بالشهاب عن رجل، عن القضاعي، نعوذ باللَّه من الخذلان.
قلت: وذكره ابن فرتون في «ذيل الصلة» ، وأنه روى عن أبي النجيب رسالة القشيري، عن مؤلّفها، وبالجهد أن يكون سمعها أبو النجيب من أصحاب القشيري. روى عنه أبو العباس بن مفرج النباتي، وأبو القاسم بن الطيلساني.
قال ابن فرتون: وأخبرني أبو البركات هذا بفاس حين قدمها بأنه قرأ كتاب الجمع بين الصحيحين للحميدي على شهدة، وأنه لما ودّعها أنشدته:
إن عبد الرحمن أودع قلبي ... حسرات بالبعد بعد التلاقي
زارني زورة شفت سقم ... القلب شفاء السليم بالدرياق
ابن الطيلسان أبو القاسم، أنشدنا أبو البركات بقرطبة، أنشدنا السلفي مما قاله بآمد:
أهدى لنا ليلة أبو حسن ... فراخ طير مشويّة وسمك
فقلت: تبّا له وفخزية ... لمن يلوم يا سيدي وسمك
وقال وقع البلاء من رفع ... السبع الطباق العلا لنا وسمك
توفي أبو البركات بتونس.
[1] انظر عن (علي بن محمد) في: تكملة الصلة 3/ ورقة 71، 72.(43/404)
روى عن: أبي القاسم بن حبيش، والسّهيليّ.
روى عنه: ابن أخته أبو عبد الله بن حازم.
وصنّف كتابا جمع فيه بين «صحيح» مسلم و «سنن» أبي داود.
[حرف الياء]
569- يوسف بن سوار بن عبيد.
الشيخ شرف الدّين، أبو العزّ البلويّ، المصريّ.
روى عن: يوسف بن آدم بن محمد، وأحمد بن أبي الوفاء الصائغ، وأبي حامد محمد بن عبد الرحيم بن سليمان الغرناطيّ، وأبي المعالي مسعود بن محمد النّيسابوريّ، وطائفة.
حدّث بدنيسر في سنة أربع وستمائة، سمع منه: ولده أبو النّضر إبراهيم، والمحدّث عمر ابن اللّمش، وجماعة. وأجاز لعبد الرحمن ابن اللّمش.
ترجمه الفرضيّ.
وَهُوَ مستفاد مَعَ صاحبنا يُوسُف بن سوار البدويّ المَصْرِيّ الحَنْبَلِيّ.
سَمِعَ من الفخر عليّ، وجماعة.
[حرف الميم]
570- مسعود بن إسماعيل بن إبراهيم الجندانيّ، القاضي.
من رواة «المعجم الصغير» عن فاطمة الجوزدانية، سمعه منها، كذا وجدت تحت اسمه في الإجازات.
أجاز للشيخ شمس الدّين عبد الرحمن ابن أبي عمر، ولابن البخاريّ، ولفاطمة بنت عساكر. وتاريخ الإجازة في سنة إحدى وستمائة.
وقرأت بخطّ الحافظ ضياء الدّين أنّه سمع من هذا وكنّاه أبا الفتح الأصبهانيّ، وقال: مولده سنة ستّ عشرة وخمسمائة في المحرّم.(43/405)
571- محمد بن أبي عاصم أحمد بن أبي ثابت الحسين بن هبة الله بن زينة الأصبهانيّ.
أبو بكر.
من رؤساء أصبهان.
ولد سنة ستّ وعشرين وخمسمائة.
وسمع من ابن أبي ذرّ الصّالحانيّ حضورا كتاب «التّوبة والمتابة» لابن أبي عاصم، أخبرنا ابن عبد الرحيم، أخبرنا القباب عنه، وكتاب «السبق والرمي» لأبي الشيخ برواية ابن عبد الرحيم عنه، و «نسخة» بكر بن بكّار، عن ابن عبد الرحيم، عن القبّاب، عن الحيرانيّ، عنه. وسمع من زاهر الشّحّاميّ، والحسين بن عبد الملك الخلّال.
أجاز للشيخ شمس الدّين ابن أبي عمر، وفاطمة بنت عساكر، وجماعة في سنة إحدى وستمائة، وأجاز لأحمد بن شيبان، وإسماعيل العسقلانيّ، وابن النّجّار.
[حرف الألف]
572- إبراهيم بن خلف [1] بن منصور.
الشّيخ أبو إسحاق الغسّانيّ، الدّمشقيّ، السّنهوريّ.
وسنهور: من بلاد مصر.
يروي عن: عبد المنعم الفراوي، والخشوعي، والقاسم، وأبي أحمد ابن سكينة، والمؤيّد الطّوسيّ، وعدّة.
ويلقّب بالناسك.
روى عنه: أبو جعفر النّباتيّ، والخزفيّ، وغيرهما.
وسافر إلى الأندلس، وقدم إشبيلية سنة ثلاث وستمائة.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن خلف) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 176.(43/406)
قال ابن العديم: كان حزميّا، ناظر ابن دحية مرّة، فشكاه إلى الكامل، فضرب، وعزّر على جمل ونفي. وقد أسر في البحر، فبقي في الأسر مدّة، ثمّ إنّه عاد إلى دمشق سنة تسع وستمائة.
قال قطب الدّين الحلبيّ: قال العماد عليّ بن القاسم بن عليّ ابن عساكر: كان يشتغل في كلّ علم، والغالب عليه فساد الذّهن، لم ينجح طلبه، وكان متسمّحا فيما ينقله ويرويه.
وقيل: كان الحامل له على الأسفار يطلب حشيشة الكيمياء.
وقال أبو الحسن العطّار: قدم علينا ثمّ أسر، قال: يظهر في حديثه عن نفسه تجازف وكذب.
سنهور: من عمل المحلّة.(43/407)
(بعون الله وتوفيقه، تمّ تحقيق هذه الطبقة من «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام» لمؤرّخ الإسلام الحافظ شمسُ الدين مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد بْن عثمان بن قايماز الذهبي الدمشقيّ المتوفى سنة 748 هـ، وضبط النص، وخرّج أشعاره، وأحال إلى المصادر، وعلّق على المتن بقدر ما فتح الله عليه، طالب العلم وخادمه، والفقير إلى الله تعالى، الحاج الأستاذ الدكتور أبو غازي عمر عبد السلام تدمري، الطرابلسي مولدا وموطنا، الحنفيّ مذهبا، أستاذ التاريخ الإسلامي في الجامعة اللبنانية، وعضو الهيئة العربية العليا لإعادة كتابة تاريخ الأمة في اتحاد المؤرخين العرب.
وكان الانتهاء من هذا الجزء قبيل منتصف الليل من مساء الثلاثاء السادس عشر من شهر شعبان سنة 1415 هـ/ الموافق للسابع عشر من شهر كانون الثاني (يناير) سنة 1995 م، وذلك بمنزلة بساحة السلطان الأشرف خليل ابن المنصور قلاوون- النجمة سابقا- من مدينة طرابلس الشام المحروسة، حماها الله وأبقاها ثغرا ورباطا للإسلام والمسلمين. وبه توفيقي، وعليه اعتمادي) .(43/408)
[المجلد الرابع والأربعون (سنة 611- 620) ]
بسم الله الرحمن الرّحيم
[الطبقة الثانية والستون]
سنة إحدى عشرة وستّمائة
[ملْك خُوَارِزْم شاه كِرمان ومُكران والسّند]
قَالَ ابن الْأَثير [1] : فيها وصلَ الخبرُ أَنَّ السُّلْطَان خُوَارِزْم شاه ملكَ كِرْمان ومُكْران والسِّنْد، وسببُ ذَلِكَ أَنَّ من جملة أُمرائِهِ تاجَ الدّين أَبَا بَكْر، الَّذِي أسلفنا أَنَّهُ كَانَ جمّالا، ثُمَّ سَعِدَ بأنْ صار سيروان السلطان، فرأى منه جَلَدًا وأَمانةً، فَقَدَّمَهُ، فَقَالَ لَهُ: وَلِّني مدينة زَوْزَن. فولّاه، فوجده ذا رأي وحزم وشجاعة، فَلَمَّا وَلاه سيَّر إِلَيْهِ يَقُولُ: إِنَّ بلادَ مُكْران مُجاورة لبلدي، فلو أضفتَ إليّ عسكرا لأَخذتُها، فنفذَ إليه جَيْشًا فسارَ بِهِ إليها، وصاحِبُها حَرْب بن مُحَمَّد بن أَبِي الفضل، من أولاد المُلوك، فقاتله فلم يقوَ بِهِ، وأخذ أَبُو بَكْر بلادُه سريعا، وسار منها إلى نواحي مُكْران، فملكها جميعها إلى السِّنْد، وسارَ منها إلى هُرْمُز، وَهِيَ مدينة عَلَى ساحل بحر مُكْران، فأطاعه صاحبها مُليك [2] ، وخطب بها لخُوارزم شاه، وحملَ إِلَيْهِ أموالا، وخطب لخُوارزم شاه بهلوات [3] . وَكَانَ خُوَارِزْم يصَيّف بأرض سَمَرْقَنْد لأَجل التّتار، وَكَانَ سريع السَّيْر، إذا قصد جهة يسبق خبره إليها [4] .
__________
[1] في الكامل: 12/ 303- 304 وقال: «هذه الحادثة لا أعلم الحقيقة أي سنة كانت، إنما هي إما هذه السنة أو قبلها بقليل، أو بعدها بقليل، لأن الّذي أخبر بها كان من أجناد الموصل، وسافر إلى تلك البلاد، وأقام بها عدة سنين، وسار مع الأمير أبي بكر الّذي فتح كرمان ثم عاد فأخبرني بها على شك من وقتها، وقد حضرها» .
[2] في الكامل «ملنك» .
[3] هكذا في الأصل. وفي الكامل 12/ 304 «قلهات» وهو الصواب. وهي مدينة بعمان على ساحل البحر، كما في (معجم البلدان) .
[4] والخبر باختصار شديد في: دول الإسلام 2/ 115، والبداية والنهاية 13/ 67، والعسجد المسبوك 345، 346.(44/5)
[قصْد الفرنج بلاد الإسماعيلية]
وفيها قصدت الفرنج بلاد الإسماعيليّة، ونزلوا عَلَى حصن الخوابي، وجَدّوا في الحصار، وكانوا حَنِقين عَلَى الإسماعيلية بسبب قتلهم ابن البِرنس صاحب أنطاكية، شابّ ابن ثمان عشرة سنة، وثبوا عَلَيْهِ عام أَوَّل، فخرجَ الملكُ الظَّاهر بعَسْكره ليكشف عَنْهُمْ، فتَّرَحلت الفرنج عن الحِصْن [1] .
[تبليط جامع دمشق]
وفيها شُرِع في تبليط جامع دمشق، فابتُدِئ بمكان السَّبُع الكبير، وكانت أرْضه قد تَكَسَّر رُخامها وتَحَفَّرَت [2] .
[تدريس النورية]
وفيها وَلِيَ تدريس النُّورية جمال الدّين محمود الحَصِيريُّ [3] .
[وفاة صاحب اليمن]
وفيها تُوُفِّي صاحبُ اليمن ابن سيف الإِسْلَام، واستولى عَلَى اليمن شاهنشاه ابن تقيُّ الدِّين عُمَر بْن شاهنشاه بْن أيّوب، فتزوج بأُم المتوفَّى، ثُمَّ نَفَّذَ الملكُ الكامل صاحبُ مصر ولدَهُ الملكَ المسعود أَقسيس [4] إلى اليمن فتملَّكَها، وَكَانَ شجاعا فاتكا ظالما جبّارا، قِيلَ: إِنَّهُ قَتلَ باليمن ثمان مائة نفْس، منهم أكابر [5] .
[أخْذ المعظَّم قلعة صرْخد]
وفيها أخذَ الملكُ المُعظَّم من ابن قَرَاجا قلعة صَرْخد، وعَوَّضه عنها مالا
__________
[1] انظر خبر (بلاد الإسماعيلية) في: زبدة الحلب 3/ 166، 167، ومفرّج الكروب 3/ 224، والسلوك ج 1 ق 1/ 179 و 180.
[2] انظر خبر (تبليط الجامع) في: ذيل الروضتين 86، والبداية والنهاية 12/ 67، والسلوك ج 1 ق 1/ 180.
[3] انظر خبر (تدريس النورية) في: ذيل الروضتين 86.
[4] ويقال فيه: «آتسيس» ، و «أطسيز» ، ومعناه بالتركية: بلا اسم.
[5] انظر خبر (اليمن) في: ذيل الروضتين 86، ودول الإسلام 2/ 115، وغاية الأماني 403، 404.(44/6)
وإقطاعا، ثُمَّ أعطاها لمملوكه عزّ الدّين أَيْبَك المُعَظَّميّ، فبقيت في يده إلى أن أخْرجه عَنْهَا الملكُ الصَّالح أيّوب [1] .
[حجّ الملك المعظَّم]
وفيها حَجّ الملكُ المُعَظَّم، فسارَ من الكَرَك عَلَى الهُجُن، ومعه عزّ الدّين أيبك صاحب صَرْخد، وعماد الدّين بن موسك، والظّهير بن سنقر الحَلَبيّ، وجَدَّد البِرَكَ والمَصَانع، وأحسنَ إلى النَّاس، وتلقّاهُ سالم صاحبُ المدينة، وقَدَّم لَهُ خَيْلًا، وكانت وقفة الْجُمُعة، وقَدِمَ معه الشَّام صاحب المدينة [2] .
__________
[1] انظر خبر (قلعة صرخد) في: ذيل الروضتين 86 و 87 وكان إخراج الصالح عنها سنة 644 هـ.، وانظر: البداية والنهاية 13/ 67.
[2] انظر خبر (الحج) في: ذيل الروضتين 87، والبداية والنهاية 13/ 67، والسلوك ج 1 ق 1/ 180، وشفاء الغرام 2/ 373.(44/7)
سنة اثنتي عشرة وستّمائة
[بناء المدرسة العادلية]
فيها شرعوا في بناء المدرسة العادليّة [1] .
[غارة الفرنج عَلَى بلاد الإسماعيلية]
وفيها أغار الفرنج عَلَى بلاد الإسماعيلية، وأخذوا ثلاثمائة نَفْس [2] .
[غارة الكرْج عَلَى أَذْرَبِيجَان]
وفيها أغارت الكُرْج عَلَى أَذْرَبِيجَان، فحازوا ذخائِرَها، وما يزيد عَلَى مائة ألف أسير. قاله أَبُو شامة [3] .
[استيلاء الملك المسعود عَلَى اليمن]
وفيها استولَى الملك المسعود ابن الكامل عَلَى اليمن بلا حرب، وانضمّ [4] ابنُ عمّه سليمان شاه [5] بعائلته إلى قلعة تَعِزّ، فحاصرَهُ وأخذَهُ، وبعثَ بِهِ إلى مِصْرَ، هُوَ وزوجته بنت سيف الإسلام [6] .
__________
[1] انظر عن (بناء العادلية) في: ذيل الروضتين 89، ونهاية الأرب 29/ 69، والبداية والنهاية 13/ 68.
[2] انظر عن (غارة الفرنج) في: ذيل الروضتين 89، والبداية والنهاية 13/ 69.
[3] في ذيل الروضتين 89.
[4] كتب المؤلف: «وانضم إليه» ثم ضرب على «إليه» ، وهو الصواب.
[5] هو ابن تقي الدّين عمر. (وانظر: ذيل الروضتين 89) .
[6] وانظر الخبر في: المختصر في أخبار البشر 3/ 116، ومفرّج الكروب 3/ 227، وتاريخ المسلمين لابن العميد 128 (حوادث سنة 611 هـ.) والدرّ المطلوب 182، والعبر 5/ 39، ودول الإسلام 2/ 115، وتاريخ ابن الوردي 2/ 132، 133، ومرآة الجنان 4/ 23، وتاريخ ابن خلدون 5/ 343، ومآثر الإنافة 2/ 69، 70، والسلوك ج 1 ق 1/ 281، وتاريخ ابن سباط 1/ 255، وغاية الأماني 404.(44/8)
[حصار المدينة]
وفي صَفَر نزل قَتَادة عَلَى المدينة وحاصرها، لغيبة سالم أمِيرها، وقطعَ كثيرا من نخيلها، وقتل جماعة، ثُمَّ رحل عَنْهَا خائبا [1] .
[ملْك خُوَارِزْم شاه غزنة]
وفيها ملك خُوَارِزْم شاه بلد غَزْنَة وأعمالها، عمل عَلَى صاحبِها تاج الدّين ألدُز نائبُهُ قتلغ تكِين، وكاتب خُوَارِزْم شاه، وَكَانَ ألدُز في الصّيد، فجاءَ خُوَارِزْم شاه فهَجَمَها، فَلَمَّا بلغَ ألدُز الخبرُ هرب عَلَى وجهه إلى لهاوور، وجلس خُوَارِزْم شاه عَلَى تخت المُلك بها، ثُمَّ قال لقتلغ تكين: كيف كان حالك مَعَ ألدُز؟ قَالَ:
كلانا مماليك السّلطان شهاب الدّين، ولم يكن ألدُز يقيم بغزنة إِلَّا في الصَّيف، وَأَنَا الحاكم بها. فَقَالَ: إِذَا كنت لَا ترعى لرفيقك مَعَ ذَلِكَ [2] ، فكيف يكون حالي معك؟ فقبض عَلَيْهِ، وصادره حَتَّى استصفاه، ثُمَّ قتله، وترك ولدَهُ جلال الدين خُوَارِزْم شاه بغزنة.
قَالَ ابن الْأثير [3] : وَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ في سنة ثلاث عشرة.
وأمّا ألدز فَإِنَّهُ افتتح لَهَاوور فلم يقنع بها، وسار ليفتح دَهْلة، فالتقى هُوَ وصاحبها شمس الدّين الترمش، مملوك أيبك مملوك شهاب الدّين [4] ، فانكسر ألدز وقُتل. وَكَانَ ألدُز موصوفا بالعَدْل والمروءة والإحسان إلى التّجّار [5] .
[ولاية القضاء بدمشق]
وفيها عُزل زكيّ الدّين الطّاهر ابن محيي الدّين عن قضاء دمشق، وولّي
__________
[1] انظر عن (حصار المدينة) في: ذيل الروضتين 89، والبداية والنهاية 13/ 69.
[2] هكذا في الأصل، وفي الكامل لابن الأثير: «إذا كنت لا ترعى لرفيقك ومن أحسن إليك صحبته وإحسانه ... » (الكامل: 12/ 310) .
[3] في الكامل: 12/ 310.
[4] يعني: مملوك أيبك الّذي هو مملوك شهاب الدّين الغوري.
[5] الكامل 12/ 311، تاريخ مختصر الدول 231، العسجد المسبوك 2/ 349- 351، ودول الإسلام 2/ 115، والمختصر في أخبار البشر 3/ 116.(44/9)
جمال الدّين أبو القاسم عبد الصّمد ابن الحَرَستاني، فقضى بالحقّ، وحكم بالعدل [1] .
[إبطال ضمان الخمر]
وفيها بطّل العادل ضمان الخَمْر والقِيان، فلم يكرِّر ذَلِكَ إلى بعد موته [2] .
[السهروردي رسولا]
وفيها وصل السُّهْرَوَرْدي رسولا من الخلافة إلى العادل، ونزل بجوسق العادل [3] .
[قتال قَتادة]
وفيها سارَ من دمشق سالم أمير المدينة بمن استخدمه من التُّركمان والرّجال، ليقاتل قَتَادَة صاحبَ مَكَّة، فماتَ في الطّريق، وقام ابن أخيه جمّاز بعده، فمضى بأولئك وقصد قتادة، فانهزم إلى الينبع، فتبِعوه وحَصَرُوه بقلعتها، وحصل لحُمَيد بن راجب من الغنيمة مائة فَرَس، وَحُمَيْد من عَرَب طَيّ، وعادّ الّذين استخدموا صُحبة النَّاهض بن الْجَرخيّ خادم المعتمد، ومعهم كثير ممّا غنِموه من عسكر قَتَادَة، ومن وقْعَة وادي الصَّفراء، من نساء وطبيان سَبَوهم، وظهر فيهم أشراف علويّون، فتسلَّمهم أشرافُ دمشق ليواسوهم من الوَقْفِ [4] .
[كسر الفرنج]
وفيها كَسَرَ كَيْكَاوس صاحب الرّوم الفرنج الّذين مَلَكوا أنطاكية، وأخذها منهم [5] .
__________
[1] انظر خبر (القضاء بدمشق) في: ذيل الروضتين 89، والسلوك ج 1 ق 1/ 185، والبداية والنهاية 13/ 68، 69، ونهاية الأرب 29/ 69.
[2] أي إلى سنة 615 هـ. كما في: الروضتين 89، والخبر في: نهاية الأرب 29/ 69.
[3] ذيل الروضتين 89، نهاية الأرب 29/ 70، ومفرّج الكروب 3/ 232.
[4] انظر خبر (قتادة) في: ذيل الروضتين 89، 90، ونهاية الأرب 29/ 67- 69، والبداية والنهاية 13/ 69.
[5] انظر خبر (كسر الفرنج) في: ذيل الروضتين 90، والبداية والنهاية 13/ 69، ومفرّج الكروب 3/ 233.(44/10)
[أخْذ غزْنة]
وفيها أخذ خُوَارِزْم شاه غَزْنة بغير قتال [1] .
[أخْذ أنطاكية]
وأخذ ابن لاون أنطاكية من الفرنج، ثُمَّ عاد أخَذَها صاحبُ طرابُلُس [2] من ابن لاون.
[حركة التتار]
وَيُقَال: فيها كانت حركة التّتار إلى قَصْد بلاد التُّرك.
[انهزام منكلي]
وفيها انهزم منْكلي الَّذِي غلب عَلَى هَمَذان وأصبهان والرّيّ فَقُتِلَ، واستقرّت القواعد، عَلَى أَنَّ بلاده للخليفة، وبعضها لجلال الدّين الصَّبَّاحي ملك الإسماعيليّة وصاحب الْألمُوت وقلاعها، بعضها لأَزبك بن البهلوان. ولكن كَانَ الخليفة في شُغل شاغل، وحُزنٍ عظيم بموت ابنه عليّ عن المسرّة بهلاك منكلي [3] .
__________
[1] خبر خوارزم شاه في: ذيل الروضتين 90.
[2] في ذيل الروضتين 90 «أبوس الطرابلس» ، وفي البداية والنهاية 13/ 69، «ابريس طرابلس» ، والصواب: «ابرنس» بمعنى الأمير، كما في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 572، ومفرّج الكروب 3/ 233.
[3] الخبر في: ذيل الروضتين 91، 92، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 572، 573، والمختصر في أخبار البشر 3/ 116، وانظر: مفرّج الكروب 3/ 229، 230.(44/11)
سنة ثلاث عشرة وستّمائة
[ترميم قبّة النسر]
قال أبو شامة [1] : فيها أُحضرت الْأَوْتار الخَشَب لأجل نَسْر قبّة الجامع [2] ، وعدّتها أربعة، كلّ واحدٍ منها اثنان وثلاثون ذراعا بالنّجّار [3] ، قُطِعت من الغُوطة، وَكَانَ الدّخولُ بها من باب الفَرَج إلى المدرسة العادليّة إلى باب النَّاطفانيين، وأُقيمَ لها هناك الصَّواري، ورُفعت لأجل القُرنة، ثُمَّ مُدِّدت [4] .
[ترميم خندق باب السّر]
وفيها شُرع في تحرير خَنْدق باب السِّرّ، وَهُوَ الباب المقابل لدار الطُّعم العتيقة المجاورة لنهر بأناس، وَكَانَ المُعَظَّم ومماليكُه والْجُند ينقلون التُّراب بالقِفاف عَلَى قرابيس سُرُوجهم، وَكَانَ عملُه كلّ يومٍ عَلَى طائفةٍ من أهل البَلَد، وعَمِلَ فيه الفُقهاء والصُّوفية [5] .
[الفتنة بين أهل الشاغور والعقيدة]
قَالَ [6] : وفيها كانت الحادثة بين أهل الشَّاغور والعُقيبة وحَمْلهم السِّلاح، وقتالهم بالرّحبة والصَّيارف، وركوب العسكر ملبسا للفصل بين الفريقين، وحضر
__________
[1] في ذيل الروضتين 92.
[2] في ذيل الروضتين: «لأجل قبّة النسر في الجامع بدمشق» .
[3] في ذيل الروضتين: «بذراع النجارين» .
[4] وانظر الخبر في: البداية والنهاية 13/ 71.
[5] انظر خبر (ترميم الخندق) في: ذيل الروضتين 92، ودول الإسلام 2/ 116، والبداية والنهاية 13/ 71.
[6] أي أبو شامة في ذيل الروضتين 92، والخبر أيضا في: نهاية الأرب 29/ 71، والبداية والنهاية 13/ 71.(44/12)
المُعَظَّم بنفسه لإطفاء الفِتْنة، فقبضَ عَلَى جماعةٍ من كبار الحارات، منهم رئيس الشَّاغور، وحبسَهُم.
[مسير المُعَظَّم إلى الْأشرف]
وفيها سارَ المُعَظَّم عَلَى الهُجُن إلى أخيه الملك الْأشرف، واجتمعَ بِهِ بظاهر حرّان، ففاوضه في أمر حَلَب عند ما بلغه موت صاحبها الملك الظّاهر، وَكَانَ قد سبق من الْأشرف الاتّفاق مَعَ القائم بأمرها، فَرَجَع المُعَظَّم بعد سبعة عشر يوما، ولم يظهر إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يتصيَّد [1] .
[بناء المصلّى بظاهر دمشق]
وفيها فُرغ من بناء المُصَلَّى بظاهر دمشق، ورُتِّب لَهُ خطيبٌ، وهو الشيخ صدر الدّين، مُعيد الفَلَكِيَّة، ثُمَّ وُلِّيَ بعده بهاء الدّين بن أَبِي اليُسْر، ثُمَّ بنو حَسّان [2] .
قُلْتُ: وهم إلى الآن.
[وعظ سبط ابن الْجَوْزيّ بخلاط]
قَالَ سِبْط الْجَوْزيّ [3] : وفيها ذهبتُ إلى خِلاط، ووعظتُ بها، وحضرَ الملكُ الْأشرف.
[رسليَّة ابن أَبِي عصرون]
وفيها ذهبَ شهابُ الدّين عَبْد السَّلَام بن أَبِي عَصْرون، رسولا من الملك العزيز مُحَمَّد ابن الظّاهر صاحب حلب، يسأل تقليدا من الدّيوان بحلب [4] .
__________
[1] انظر خبر (مسير المعظم) في: ذيل الروضتين 92.
[2] الخبر في: ذيل الروضتين 92، 93، والبداية والنهاية 13/ 71.
[3] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 574.
[4] انظر خبر (الرسلية) في: ذيل الروضتين 93، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 574.(44/13)
[وعظ سبط ابن الْجَوْزيّ]
وفيها وعظ ابن الْجَوْزيّ [1] بحَرّان، وحضره الأشرف، وفخر الدّين ابن تَيْمِيَّة، وَكَانَ يوما مشهودا [2] .
[وقوع البَرَد بالبصرة]
قَالَ ابن الْأثير [3] : فيها وقع بالبصرة بَرَدٌ قِيلَ: إِنَّ أصغره كَانَ مثل النّارَنْجَة الكبيرة. قَالَ: قِيلَ في أكبره ما يستحي الإِنْسَان أنْ يذكره [4] .
قُلْتُ: أرض العراق قد وقع فيه هذا البرد الكبار غير مرّة.
__________
[1] المراد به «سبط ابن الجوزي» .
[2] الخبر في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 574.
[3] في الكامل 12/ 314، 315.
[4] قال ابن الأثير: «فكسر كثيرا من رءوس النخيل» .(44/14)
سنة أربع عشرة وستّمائة
[زيادة دجلة]
فيها كَانَ الغَرَقُ ببغدادَ بزيادة دِجلة، وركب الخليفة شُبّارةً، وخاطبَ النَّاس، وجعلَ يتأوَه لهم وَيَقُولُ: لو كَانَ هَذَا يُرَدُّ عنكم بمالٍ أَوْ حَرْب، دفعتُه عنكم.
قَالَ أَبُو شامة [1]- وقد نقلَهُ من كلام أَبِي المُظَفَّر سِبْط الْجَوْزيّ [2] ، إن شاء اللَّه: فانهدمت بغدادُ بأسرها، والمَحالّ، ووصلَ الماء إلى رأس السُّور، ولم يبقَ لَهُ أن يطفحَ عَلَى السُّور إِلَّا مقدار إصبعين، وأيقنَ النَّاس بالهلاكِ، ودامَ ثماني أيّام [3] ، ثُمَّ نقصَ الماء، وبقيت بغداد من الجانبين تُلُولًا لا أثر لها! [4] .
قُلْتُ: هَذَا من خسف أَبِي المُظَفَّر، فَهُوَ مُجازفٌ.
[قدوم خُوَارِزْم شاه إلى بغداد]
قَالَ أَبُو المُظَفَّر [5] : وفيها قَدِمَ خُوَارِزْم شاه مُحَمَّد بن تكش في أربعمائة ألف، وقيل: في ستّمائة ألف، فوصل هَمَذان قاصدا بغداد، فاستعدَّ الخليفةُ، وفرَّق الْأموال والعُدَد، وراسلَهُ مَعَ الشَّيْخ شهاب الدّين السُّهْرَوَرْدي، فأهانه ولم يحتفل بِهِ، واستدعاه، وأوقفه إلى جانب الخَيْمة، ولم يُجْلسه، قَالَ: فحكَى شهابُ الدّين، قَالَ: استدعاني إلى خَيْمةٍ عظيمة لها دِهليز لم أر مثله في الدُّنْيَا، وَهُوَ من أطْلَس [6] ، والْأطنابُ حرير، وفي الدِّهليز ملوكُ العَجَمِ عَلَى طبقاتهم، كصاحب أصبهان،
__________
[1] في ذيل الروضتين 100.
[2] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 582.
[3] عبارة سبط ابن الجوزي: «ودام سبع ليال وثمانية أيّام حسوما» .
[4] والخبر أيضا في: البداية والنهاية 13/ 75، والعسجد المسبوك 2/ 357، 358.
[5] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 582.
[6] في المرآة: «والدهليز والشقة أطلس» .(44/15)
وصاحب هَمَذان، والرّيّ، قَالَ: ثُمَّ دخلنا إلى خيمةٍ أخرى وفي دهليزها ملوك ما وراء النَّهْر، ثُمَّ دخلنا عَلَيْهِ وَهُوَ شابٌّ، لَهُ شعرات، قاعد عَلَى تختٍ ساذج، وَعَلَيْهِ قُباء بخاريّ يساوي خمسة دراهم، وَعَلَى رأسه قطعة جلد تساوي دِرهمًا، فَسَلَّمتُ عَلَيْهِ فلم يردّ، ولا أمرني بالجلوس، فشرعتُ فخطبتُ خُطبة بليغة، ذكرتُ فيها فَضْل بني العَبَّاس، ووصفتُ الخليفةَ بالزُّهد والوَرَع والتُّقى والدِّين، والتَّرجُمان يُعيدُ عَلَيْهِ قولي، فَلَمَّا فرغتُ قَالَ للتَّرجمان: قُل لَهُ هَذَا الَّذِي تصفه ما هُوَ في بغداد، بل أَنَا أجيء وأُقيمُ خليفة يكون بهذه الصِّفة، ثُمَّ رَدَّنا بغير جواب، ونزلَ عليهم بهَمَذان الثَّلج، فهلكت خيلهم، وركب الملك خُوَارِزْم شاه يوما فعثر بِهِ فرسه، فتطيَّر، ووقع الفَساد في عساكره، وقلَّت المِيرة، وَكَانَ معه سبعون ألفا من الخطا، فرَدّه اللَّه تعالى عن بغداد.
وَقَالَ أَبُو شامة [1] : ذكر مُحَمَّد بن مُحَمَّد النَّسَويّ في كتابه الَّذِي ذكر فيه وقائع التّتار مَعَ علاء الدّين مُحَمَّد، وَمَعَ ولده جلال الدّين [2] ، قَالَ: حكى لي القاضي مُجير الدّين عُمَر بن سعد الخُوَارِزْمِي، أَنَّهُ أُرسِلَ إلى بغداد مِرارًا، آخرها مطالبة الدّيوان بما كَانَ لبني سلجوق من الحُكم والمُلك ببغداد، فأبوا ذَلِكَ، وأصحب المذكور في عَوْده شهاب الدّين السُّهْرَوَرْدي رسولا مدافعا. قَالَ: وَكَانَ عند السّلطان من حُسن الاعتقاد برفيع منزلته ما أوجب تخصيصه بمزيد الإكرام والاحترام تمييزا لَهُ عن سائر الرُّسل الواردة عَلَيْهِ في الدّيوان، فوقف قائما في صحن الدّار، فَلَمَّا استقرَّ المجلس بالشّيخ، قَالَ: إِنَّ من سُنَّة الدّاعي للدّولة القاهرة أن يُقدِّم عَلَى أداء رسالته حديثا. فأذِنَ لَهُ السّلطان، وجلسَ عَلَى رُكبتيه تأدُّبًا عند سماع الحديث، فذكر الشَّيْخ حديثا معناه التُّحذير من أذيَّة آل العَبَّاس. فَقَالَ السّلطان: ما آذيتُ أحدا من آل العَبَّاس ولا قصدتُهم بسوءٍ وقد بلغني أَنَّ في محابس أمير المؤمنين خلْقًا منهم يتناسلون بها، فلو أعادَ الشَّيْخ هَذَا الحديث عَلَى مسامع أمير المؤمنين كَانَ أولى وأنفع. فعادَ الشَّيْخ والوَحْشةُ قائمةٌ، ثُمَّ عزمَ عَلَى قصد بغداد، وقسّم نواحيها إقطاعا
__________
[1] في ذيل الروضتين 101.
[2] هو الكتاب المطبوع باسم «سيرة السلطان جلال الدّين منكبرتي» .(44/16)
وعملا، وسار إلى أن علا عقبة أسدآباد، فنزلت عَلَيْهِ ثلوج غطّت الخراكي والخيام، وبقي ثلاثة أيّام، فعَظُم إِذْ ذاك البلاءُ، وشَمِلَ الهلاكُ خلقا من الرِّجال، ولم ينْجُ شيء من الْجِمال، وتلفت أيدي رجال وأرْجل آخرين، فرَجَع السّلطان عن وَجْهِه ذَلِكَ عَلَى خيبةٍ ممّا هَمَّ بِهِ.
[وصول الفرنج إلى عين جالوت]
وفيها تجمّع الفرنج وأقبلوا من البَحْر بفارسِهِم وراجِلِهم لأجل قَصْد بيت المَقْدِس، وتتابعت الْأمداد من رومية الكُبرى، الّتي هِيَ دار الطّاغية الأعظم المعروف بالبابا، لعنه اللَّه، وتجمّعوا كلّهم بعكّا، عازمين عَلَى استيفاء الثّأر ممّا تمَّ عليهم في الدّولة الصّلاحيّة، فجفلَ الملك العادل لَمَّا خرجوا عَلَيْهِ، ووصلوا إلى عين جالوت، وَكَانَ عَلَى بَيْسان فأحرقها، وتقدَّم إلى جهة عَجْلون، ووصلَ الفَوّار [1] ، فقطع الفرنج خلفه الْأردُنَّ، وأوقعوا باليَزَك، وعادوا [2] عَلَى البلاد، وجاء الْأمر إلى المعتمد والي دمشق بالاهتمام والاستعداد واستخدام الرّجال، وتدريب دُروب قَصر حجّاج، والشَّاغور، وطرْق البساتين، وتغريق أراضي داريَّا، واخْتَبَط البلد، وأرسل العادل إلى ملوك البلاد يستحثّ العساكر، ونزل مرج الصُّفَّر، وضجَّ النَّاس بالدُّعاء، ثُمَّ رجع الفرنج نحو عَكّا بما حازوه من النَّهب والْأسارى، فوصل الملك المُجاهد صاحبُ حِمْص، ففرح بِهِ النَّاس.
قَالَ أبو المظفّر ابن الْجَوْزيّ [3] : فيها انفسخت الهُدْنة بين المُسلمين والفرنج، وجاء العادلُ من مِصر بالعساكر، فنزل بيْسان، والمُعظم عنده في عَسْكر الشَّام، فخرج الفرنج من عَكّا، عليهم ملكُ الهُنْكر، فنزلوا عين جالوت في خمسة عشر ألفا، وَكَانَ شُجاعًا، خرج معه جميع ملوك السَّاحل، فقصَد العادل، فتأخَّر العادلُ وتَقَهْقَر، فَقَالَ لَهُ المُعَظَّم: إلى أَيْنَ؟ فَشَتَمه بالعَجَميَّة، وَقَالَ: بمن أُقاتل؟ أقطعْتَ الشَّام مماليككَ وتركتَ أولاد النَّاس. وساق فَعَبر الشّريعة [4] .
__________
[1] في الذيل لأبي شامة: «الغور» .
[2] في ذيل الروضتين: «وغاروا» .
[3] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 583.
[4] الشريعة: نهر الأردن.(44/17)
وجاء الهُنْكر إلى بيْسان، وبها الْأسواق والغِلال والمواشي وشيءٌ كثير، فأخذت الفرنج الجميعَ، ورحلوا منها بعد ثلاثة أيّام إلى قُصير الغوْر [1] ، ووصل أوائلهم إلى خَرِبة اللُّصوص والْجَوْلان، وأقَاموا يقْتلون ويسْبون، ثُمَّ عادوا إلى الغَوْر، ونزلوا تحت الطُّور، فأقاموا أيّاما يقاتلون من فيه ويحاصرونهم، وَكَانَ معهم سُلَّم عظيم، فزحفوا ونصبوه، فأحرقه المسلمون بالنِّفط، وقُتل تحته جماعة من أعيان الفرنج، منهم بعض الملوك. واستشهد يومئذٍ الْأمير بدر الدّين مُحَمَّد بن أَبِي الْقَاسِم، وسيف الدّين ابن المَرْزُبان، وَكَانَ في الطُّور أبطال المسلمين، فاتّفقوا على أنّهم يقاتلوا قتال الموت، ثُمَّ رحل الفرنج عَنْهُمْ إلى عكّا، وجاء المُعَظَّم فأطلق لأهل الطُّور الْأموال، وخلعَ عليهم. ثُمَّ اتّفق العادل وابنه المُعَظَّم عَلَى خراب الطُّور كما يأتي.
وأمّا ابن أخت الهنكر فقصد جبل صيدا في خمسمائة من الفرنج إلى جِزّين [2] ، فأخلاها أهلها، فنزلها الفرنج ليستريحوا، فتحدّرت عليهم الرجال من الجبل، فأخذوا خيولهم وقتلوا عامّتَهم، وأُسر مُقدّمهم ابن أخت الهُنْكر.
وَقِيلَ: إِنَّهُ لم يسْلَم من الفرنج إِلَّا ثلاثة أنفُس.
قُلْتُ: وكثُرت جيوش الفرنج بالسَّاحل، وغنموا ما لا يُوصف، ثُمَّ قصدوا مِصْر لخلُوّها من الجيش، وكانت عساكر الإِسْلَام مُفرقة، ففرقةٌ كانت بالطّور محْصُورين، وفرقةٌ ذهبت مَعَ المُعَظَّم يَزَكًا على القدس عسكروا بنابُلُس، وفرقةٌ مَعَ السّلطان في وجه العدوّ عن دمشق، وأشْرَف المُسلمون عَلَى خطةٍ صَعْبَة، وَكَانَ الملك العادل مَعَ جُبْنٍ فيه، حازما سائسا، خاف أن يلتقي العدوّ وَهُوَ في قلٍّ من النَّاس أن يَنْكسر ولا تقوم للإسلام بعده قائمة، فاندفع بين أيديهم قليلا قليلا حتّى كفى الله شرّهم [3] .
__________
[1] هو القصر المعروف بقصر ابن معين الدين.
[2] جزّين: بلدة شرقيّ صيدا، بجنوب لبنان. وقد تصحّفت في المرآة إلى «جزيز» .
[3] انظر خبر (الفرنج) في: الكامل في التاريخ 12/ 320، 321، والتاريخ المنصوري 73، وذيل الروضتين 102، وتاريخ الزمان 252، وزبدة الحلب 3/ 180، ومفرّج الكروب 1/ 254- 257، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 583، والمختصر في أخبار البشر 3/ 118، والدرّ المطلوب 187 و 190، 191، ونهاية الأرب 29/ 78- 81، ودول الإسلام 2/ 116، 117، وتاريخ ابن الوردي 2/ 134، والإعلام والتبيين 47، وتاريخ ابن خلدون 5/ 344، والبداية والنهاية 13/ 76، 77، والسلوك ج 1 ق 1/ 186، 187، وشفاء القلوب 224، 225، وتاريخ ابن سباط 1/ 259.(44/18)
سنة خمس عشرة وستّمائة
[نزول الفرنج عَلَى دمياط]
في ربيع الأَوَّل نزلت الفرنج عَلَى دِمياط، فبعث الملك العادل العساكر التي عنده بمرج الصُّفر إلى ابنه الملك الكامل، وطلب ابنه المُعَظَّم وَقَالَ لَهُ: قد بنيت هَذَا الطّور وَهُوَ يكون سبب خراب الشَّام، وأرى المصلحة أن تخرّبه ليتوفر مَنْ فيه عَلَى حِفْظ دِمْياط. فتوقّف المُعظم، ثُمَّ أرضاه بمالٍ ووعدهُ ببلاد، فأجاب وأخلاه وخرّبه، وكان قد غرم عَلَى بنائه أموالا لَا تحصى.
قَالَ ابن واصل [1] : لَمَّا طالت إقامة جيوش الفرنج بمرج عكّا، أشار عُقلاؤهم بقصْد الدّيار المصريّة وقالوا: صلاح الدّين إنّما استولى عَلَى البلاد بتملُّكه مصر. فصمّموا، وركبوا البحر إلى دمياط، فنزلوا عَلَى بَرِّ جِيزَتِها، وزحفوا عَلَى برج السّلسلة، وَكَانَ مشحونا بالرّجال، وَكَانَ الكامل قد أقبل ونزل ببرّ دمياط، ودامَ الحصار والنّزال أربعة أشهر، وجاءت الكامل النَّجدات من الشَّام، ومات الملك العادل في وسط الشِّدَّة، واستراح.
وفي ربيع الآخر كسر الملك الأشرف ابن العادل ملكَ الرّوم كيكاوس. ثُمَّ جمع الْأشرف عساكره وعسكر حلب، ودخل بلد الفرنج ليشغلهم بأنفسهم عن قَصْد دِمياط، فنزل عَلَى صافيثا وحصن الْأكراد، فخرج ملك الرّوم ووصل إلى رَعْبان يريد أن يملك حَلَب، فنزل إِلَيْهِ الملك الْأفضل من سُمَيْساط، فأخذا رعْبان وتلّ باشر، فردّ الملكُ الْأشرف إلى حلب، ونزل عَلَى الباب وبزاعة، وقدّم بين يديه العرب. وقدِم الرُّوم يعملون [2] مَصَافًا مَعَ العرب فكسرهُم العربُ. وبعث الْأشرفُ نَجْدة من عسكره إلى دمياط.
__________
[1] في: مفرج الكروب 3/ 258 وما بعدها.
[2] في الأصل: «يعملوا» .(44/19)
وفي جُمَادَى الْأولى أخذت الفرنج من دمياط برج السِّلْسلة، فبعثَ الكاملُ يستصرخ بأبيه، فدقّ أَبُوه- لَمَّا بلغه الخبر- بيده، ومرض مرضة الموت.
قَالَ أَبُو شامة [1] : وضربَ شيخُنا عَلَمُ الدّين السَّخاوي بيدٍ عَلَى يد، ورأيته يُعَظِّم أمرَ البُرْج، وَقَالَ: هُوَ قُفْل الدِّيار المصريّة [2] . وقد رأيته [3] وَهُوَ برج عالٍ في وسط النّيل، ودمياط بحذائه من شَرْقيِّه، والجِيزةُ بحذائه عَلَى حافّة النّيل من غَرْبيِّه، وفي ناحيتيه سلسلتان، تمتدّ إحداهما عَلَى النّيل إلى دمياط، والْأخرى عَلَى النّيل إلى الجيزة، تمنعان عُبور المراكب من البَحْر المالح [4] .
[نُصرة المُعَظَّم عَلَى الفرنج]
وفي جُمَادَى الآخرة التقى المُعَظَّم والفرنج عَلَى القَيْمون [5] ، فنصرهُ اللَّه، وقَتَل منهم خَلْقًا، وأسَرَ مائةَ فارسٍ [6] .
[رسلية خُوَارِزْم شاه]
قَالَ [7] : وفيها وصل رسولُ خُوَارِزْم شاه علاء الدّين مُحَمَّد بن تكش إلى العادل، فبعث في جوابه الخطيبَ جمالَ الدّين مُحَمَّد الدَّوْلَعيّ، والنَّجْم خليل قاضي العَسْكر، فوصلا إلى هَمَذان، فوجدا خُوَارِزْم شاه قد اندفع من بين يدي
__________
[1] في ذيل الروضتين 109.
[2] هكذا أجاب حينما سأله عز الدّين بن عبد السلام.
[3] رآه أبو شامة سنة 628.
[4] انظر خبر (نزول الفرنج على دمياط) في: الكامل في التاريخ 12/ 323، ومفرّج الكروب 3/ 258- 261، والدرّ المطلوب 195، وذيل الروضتين 109، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 585، والمختصر في أخبار البشر 3/ 118، ونهاية الأرب 23/ 78- 81، ودول الإسلام 2/ 117، وتاريخ ابن الوردي 2/ 134، والبداية والنهاية 13/ 78، 79، والإعلام والتبيين 48، وتاريخ ابن خلدون 5/ 344، والسلوك ج 1 ق 1/ 188، 189، وتاريخ ابن سباط 1/ 260، 261، وتاريخ الخلفاء 456.
[5] القيمون: حصن قرب الرملة بفلسطين.
[6] الخبر في ذيل الروضتين 109.
[7] القائل هو أبو شامة في ذيل الروضتين 109، 110.(44/20)
الخطا والتَّتار، وقد خامَرَ عَلَيْهِ عَسْكره، فسارَ إلى بُخَارَى، فاجتمع المذكوران بولده جلال الدّين، فأخبرهما بوفاة العادل الَّذِي أرسلهما. وَكَانَ الخطيب قد استناب ابنهُ يُونُس ولم تكن لَهُ أهليَّة، فوُلِّيَ الموفّق عُمَر بن يوسف خطيب بيت الْأبار إلى أن يقدم الدَّولعيّ.
[ضمان الخمر بدمشق]
وفي رجب أدار الملك المُعَظَّم المُكوس والخُمور وما كَانَ أَبُوه أبْطَلَه، فَقِيلَ: إنّه ضمّن الخمر بدمشق والخنا [1] بثلاثمائة ألف درهم. قَالَ أَبُو المُظَفَّر [2] :
فَقُلْتُ لَهُ: قد خلفت سيف الدّين غازي ابن أخي نور الدِّين، فَإِنَّهُ كذا فعل لَمَّا مات نور الدّين. فاعتذر بقلَّة المال ودفع الفرنج، ثمّ سار إلى بانياس وتبنين، وراسل الصَّارمَ متولّي تِبنِين، بأن يُسَلِّم الحصونَ، فأجابه، وخرّب بانياس وتبنين، وقد كانت قُفْلًا للبلاد وملجأ للعباد، وأعطى جميع الّتي كانت لسركس لأخيه العزيز عُثْمَان، وزَّوجه بابنة سركس، وأظهْرَ أَنَّهُ ما خَرَّب هَذَا إِلَّا خوفا من استيلاء الفرنج.
[تغلّب الكامل عَلَى الفرنج بدمياط]
وبعث الكامل إِلَيْهِ يستنجد به، وعدّى الفرنج دمياط، فأخلى لهم العساكر الخيامَ فطَمِعُوا، ثُمَّ عادَ عليهم الكامل فطَحَنَهُم وقتلَ خلْقَا، فعادوا إلى دِمياط [3] .
[وفاة كيكاوس]
وفيها تُوُفِّي صاحب الرّوم كيكاوس، وَكَانَ ظالما، فاتكا، جبّارا، فاسقا [4] .
__________
[1] الخنا: الفحش.
[2] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 597.
[3] نهاية الأرب 29/ 87، الكامل في التاريخ 12/ 352، 353.
[4] قيل إنه مات هذه السنة، وقيل في السنة التالية. ولهذا سيذكره المؤلّف- رحمه الله- مرتين، برقم (321) و (400) ، وسأذكر هناك مصادره.(44/21)
[وفاة الملك القاهر]
وفيها تُوُفِّي الملك القاهر عزّ الدّين مسعود بن رسلان [1] بن مسعود بن مودود بن زنكي بن آقسنقر صاحب المَوْصِل، مسموما فيما قِيلَ، وترك ابنه محمودا وَهُوَ صغير، فأخرجَ الْأميرُ بدرُ الدّين لؤلؤ أخا القاهر زنكيّا من المَوْصِل، ثُمَّ استولى عليها، وتسمّى بالملك الرَّحيم.
وَقِيلَ: إِنَّهُ أدخلَ محمودا حَمّامًا حامِيًا حَتَّى اشتدّ كَرْبُهُ، فاستغاث: «اسقوني ماء، ثُمَّ اقتلوني» ، فَسَقوه، ثُمَّ خُنق [2] .
[خوارزم شاه ورسل جنكيزخان]
وفيها عادَ السّلطان خُوَارِزْم شاه مُحَمَّد إلى نَيْسَابُور، وأقامَ بها مُدَّة، وقد بلغه أَنَّ التّتار- خذلهم اللَّه تعالى- قاصدون مملكة ما وراء النّهر، وجاءه من جنكس خان [3] رُسُلٌ وهم محمود الخُوَارِزْمِي، وخَواجا عَليّ البُخاريّ، ومعهم من طُرَف هَدايا التُّرك من المِسْك وغيره، والرّسالة تشتمل عَلَى التَّهْنئة بسلامة خُوَارِزْم شاه، ويطلب منه المُسالمَة والهُدْنة، وَقَالَ: إِنَّ الخان الأعظم يسلّم عليك ويقول: ليس يخفى عليَّ عِظَمُ شأنك، وما بلغتَ من سُلْطانِك، ونفوذِ حُكمك عَلَى الْأقاليم، وَأَنَا أرى مُسالمتك من جملة الواجبات، وَأَنْتَ عندي مثل أعزّ أولادي، وغير خافٍ عنك أنّني ملكت الصِّين، وَأَنْتَ أخبرُ النَّاس ببلادي، وإنّها مثارات العساكر والخيول، ومعادن الذَّهَب والفِضَّة، وفيها كفاية عن طلب غيرها، فإن رَأَيْت أن نعقد بيننا الموَدَّة، وتأمر التّجّار بالسَّفر لتعمّ المصلحتين [4] ؟ فعلت.
فأحضر السّلطان خُوَارِزْم شاه محمودا الخُوَارِزْمِي وَقَالَ: أنت منّا وإلينا، ولا بدّ لك من مولاةٍ فينا. ووعده بالإحسان، إن صدقه، وأعطاه معضدة مجوهرة نفيسة، وشَرَطَ عَلَيْهِ أن يكون عَيْنًا لَهُ عَلَى جنكزخان، فأجابه، ثمّ قال له: اصدقني،
__________
[1] هكذا هنا. وحين يترجم المؤلّف- رحمه الله- لوفاته يذكره «أرسلان» .
[2] انظر عن (القاهر) في الوفيات، برقم (333) وسأذكر مصادره هناك.
[3] جنكس: وتكتب جنكز، وجنكيز، وهو طاغية التتر الأكبر.
[4] كذا في الأصل بخط المصنف، والصواب: المصلحتان.(44/22)
أجنكز خان ملك طمغاج الصّين؟ قَالَ: نعم. فَقَالَ: ما ترى في المصلحة؟ قَالَ:
الاتّفاق. فأجاب إلى ملتمس جنكزخان. قَالَ: فَسُّرَّ جنكزخان بذلك، واستمرّ الحال عَلَى المهادنة إلى أن وصل من بلاده تجّارٌ، وَكَانَ خال السّلطان خُوَارِزْم شاه ينوب عَلَى بلاد ما وراء النَّهْر، ومعه عشرون ألف فارس، فَشرِهت نفْسُه إلى أمْوال التُّجَّار، وكاتبَ السّلطان يَقُولُ: إِنَّ هَؤُلَاءِ القوم قد جاءوا بزيِّ التُّجَّار، وما قصْدهم إِلَّا إفساد الحال وأن يجسّوا البلاد، فإن أذنت لي فيهم. فأذِنَ لَهُ بالاحتياط عليهم. وقبض عليهم، واصطفى أموالهم. فوردت رُسُل جنكزخان إلى خُوَارِزْم شاه تَقُولُ: إِنَّك أعطيت أمانك للتّجّار، فغدرتَ، والغدْرُ قَبيحٌ، وَهُوَ من سلطان الإِسْلَام أقْبَحُ، فإن زعمت أَنَّ الَّذِي فعله خالُك بغير أمْرك، فسلِّمه إلينا، وإلا فسوف [1] تشاهد منّي ما تعرفني بِهِ. فحصل عند خُوَارِزْم شاه من الرُّعب ما خامر عقْلَهُ، فتجلَّد، وأمر بقتل الرُّسُل، فقُتلوا، فيا لها حركة لمَا هدَرَت من دماء الإِسْلَام، أجْرت بكل نُقطة سَيْلًا من الدَّم، ثُمَّ إِنَّهُ اعتمد، من التّدبير الرَّديء لَمَّا بلغه سير جنكزخان إليه أنّه أمر بعمل سور سمرقند، ثُمَّ شحنها بالرّجال، فلم تُغن شيئا، وولّت سعادته، وقُضي الْأمر [2] .
قَالَ المؤيّد عماد الدّين في «تاريخه» : قَالَ النّسويّ كاتبُ الإنشاء الَّذِي لخُوارزم شاه: مملكة الصِّين دورها ستّة أشهر، وَهِيَ ستة أجزاء، كلّ جزء عَلَيْهِ ملك، ويحكم عَلَى الكُلِّ الخان الْأكبر يُقَال لَهُ الطّرخان، وَهَذَا كَانَ معاصر خُوَارِزْم شاه مُحَمَّد، وقد ورث المُلْك كابرا عن كابر، بل كافرا عن كافر. وإقامته بطوغاج في وسط الصّين. وَكَانَ دوشي خان أحد السّتّة متزوّجا بعمَّة جنكزخان الَّذِي فعل الْأفاعيل وأباد الْأمم. وجنكزخان من أمراء بادية الصّين، وهم أهل شَرٍّ وعُتُوٍّ، فمات دوشي المذكور، فعمدت زوجته إلى ابن أخيها جنكزخان وقد جاءها زائرا فملّكته، وَكَانَ الملِكان اللّذان هما مجاوران لهم هما: كشلي خان، وفلان خان، فرضيا بجنكزخان، وعاضداه، فَلَمَّا أُنهي الْأمر إلى القان ألطور أنكر
__________
[1] في الأصل: «سوف» .
[2] خبر (خوارزم شاه وجنكيزخان) في: الكامل في التاريخ 12/ 359 وما بعدها، وتاريخ الخميس 2/ 411.(44/23)
ولم يرض، واستحقر جنكزخان، فغضب لَهُ المذكوران وخرجا معه وعملوا المصافَّ، فانهزم ألطور خان وذلَّ، ثمّ طلب الصُّلح، فصالحوه، وقَوُوا واتّفقوا، فمات أحدهما، ثُمَّ مات كشلوخان، وتملّك ولده، فطمع جنكزخان في الولد، وتمكّن وكثُر جُنده وهم المُغُل، وحارب الولد، وهزمه واستولى عَلَى بلاده، ثُمَّ نَفّذ رسولا إلى خُوَارِزْم شاه كما ذكرنا.(44/24)
سنة ستّ عشرة وستّمائة
[موت خُوَارِزْم شاه]
فيها وصلَ الخبر بانجفال السّلطان خوارزم شاه عن جيحون، فاضطربت مدينة خُوَارِزْم، وقلقت خاتون والدة السّلطان، وأمرت بقَتْل من كَانَ معتقلا بخوارزم من المُلوك، وَكَانَ بها نحو عشرين مَلِكًا، وخرجت من خُوَارِزْم ومعها خزائن السّلطان وحُرَمه، وساقت إلى قلعة إيلال بمازنْدران، ثُمَّ أُسِرت. وأما السلطان فَإِنَّهُ لم يزل مُنهزمًا إلى أنْ قدِمَ نَيْسَابُور، ولم يُقم بها إِلَّا ساعة واحدة رُعْبًا من التّتار، ثُمَّ ساق إلى أنْ وصلَ إلى مرْج هَمَذَان ومعه بقايا عسْكَره نحو عشرين ألفا، ولم يشعر إِلَّا وقد أحدَق بِهِ العدوّ، فقاتلَهُم بنفسه، وشمل القَتْل كلّ من كَانَ في صحبته، ولجأ في نَفَرٍ يسير إلى الجبل، ثُمَّ منها إلى الاستدار وَهِيَ أمنع ناحية في مازندران، ثُمَّ سارَ إلى حافّة البحر، وأقام بقرية يُنَوِّر المسجدَ ويصلِّي فيه إماما بجماعة، ويقرأ القرآن، ويبكي، فلم يلبث حَتَّى كَبَسه التّتار، فهربَ، ورِكبَ في مركبٍ، فوقع فيه النّشّاب، وخاضَ خلفه طائفةٌ، فصدَّهُم عمق الماء عن لحوقه، فبقي في لُجَّةٍ ولحِقتْه عِلَّة ذات الْجَنْب، فَقَالَ: سبحان اللَّه مالك الملوك لم يبق لنا من مملكتنا مَعَ سعتها قدْر ذراعين نُدفن فيها، فاعتبروا يا أُولي الْأبصار. فَلَمَّا وصل إلى الجزيرة الّتي هناك، أقام بها طريدا وحيدا، والمرض يزدادُ بِهِ، ثُمَّ مات وكُفّن في شاش فَراش كَانَ معه، في سنة سبْع عشرة [1] .
[تخريب أسوار القدس]
وفي أَوَّل السنة أخْرَب المُعَظَّم أسوارَ القدس خوْفًا من استيلاء الفرنج عَلَيْهِ، وقد كَانَ يومئذٍ عَلَى أتمِّ العمارة وأحسن الْأحوال وكَثْرَة السّكّان [2] .
__________
[1] انظر خبر (موت خوارزم شاه) في: الكامل في التاريخ 12/ 369، 370، وستأتي ترجمته في وفيات سنة 617 هـ. برقم (478) وأحشد هناك مصادرها.
[2] انظر عن (تخريب أسوار القدس) في: ذيل الروضتين 115، ومفرّج الكروب 4/ 32، والدرّ(44/25)
قَالَ أَبُو المُظَفَّر [1] : كَانَ المُعَظَّم قد توجّه إلى أخيه الكامل إلى دمياط والكشف عَنْهَا، وبلَغَهُ أَنَّ طائفةٌ من الفرنج عَلَى عَزْم القُدس، فاتّفق هُوَ والْأمراء عَلَى تخريبه، وقالوا: قد خلا الشَّام من العساكر، فلو أخذته الفرنج حكموا عَلَى الشَّام. وَكَانَ بالقدس أخوه الملك العزيز وعزّ الدّين أيْبَك أُستاذ دار، فكتبَ المُعَظَّم إليهما يأمرهما بخرابه، فتوقّفا. وقالا: نَحْنُ نحْفَظه، فأتاهما أمرٌ مؤكدٌ بخرابِهِ، فشرعوا في الخراب في أَوَّل المحرّم، ووقع في البلد ضجَّة، وخرجَ الرِّجالُ والنِّساء إلى الصَّخْرة، فقطَّعوا شعورهم، ومزَّقوا ثيابهم، وخرجوا هاربين، وتركوا أثْقالهم، وما شَكّوا أَنَّ الفرنج تُصَبِّحهم، وامتلأت بهم الطُّرقات، فبعضهم قصدَ مصر، وبعضهم إلى الكَرَك، وبعضُهم إلى دِمشق، وهلكت البنات من الحفاء، وماتَ خلْقٌ من الجوع والعَطَش، ونُهِبَ ما في البلد، وبيع الشيء بعُشرِ ثَمَنِه، حَتَّى أُبيع قِنْطار الزِّيت بعشرة دراهم، ورطل النُّحاس بنصف درهم، وَعَلَى هَذَا النَّمط، وذَمَّ الشّعراء المُعَظَّم، وقالوا:
في رَجَب حُلِّل المُحَرَّمُ [2] ... وخُرِّبَ القُدس في المُحَرَّمِ
وَقَالَ مجد الدّين مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه قاضي الطُّور:
مررتُ عَلَى القُدْس الشّريف مُسلِّمًا ... عَلَى ما تَبَقى من ربوع كأنجم
ففاضت دموع العَيْن منّي صَبَابةً ... عَلَى ما مضى في عَصْرنا المتقدّم
وقد رام عِلْجٌ أن يُعَفِّي رسومَةُ ... وشَمَّرَ عن كفّي لَئِيم مُذَمَّم
فَقُلْتُ لَهُ: شَلّت يمينُك خَلِّها ... لمُعتبرٍ أَوْ سائلٍ أَوْ مُسَلّم
فلو كَانَ يُفْدَى بالنُّفوس فديتُهُ ... وَهَذَا صحيحُ الظّنّ في كلّ مسلم [3]
__________
[ () ] المطلوب 202، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 601، والمختصر في أخبار البشر 3/ 122، والعبر 5/ 95، ودول الإسلام 2/ 119، وتاريخ ابن الوردي 2/ 137، ومرآة الجنان 4/ 31، والبداية والنهاية 13/ 83، والإعلام والتبيين 52، والسلوك ج 1 ق 1/ 204، وشفاء القلوب 305، وتاريخ ابن سباط 1/ 267.
[1] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 601.
[2] في المرآة 602 «حلل الحميا» ، ومثله في: البداية والنهاية 13/ 83.
[3] الأبيات في: ذيل الروضتين 116 وقد سقطت منه كلمة «صحيح» في الشطر الأخير.(44/26)
[استيلاء الفرنج عَلَى دمياط]
قَالَ ابن الْأثير [1] : لَمَّا ملكت الفرنج برج السّلسلة قطعوا السِّلاسل لتدخل مراكبهم في النّيل ويتحكّموا [2] في البرِّ، فنصبَ الملكُ الكامل عِوض السَّلاسل جسْرًا عَظيمًا، فقاتلوا عَلَيْهِ قتالا شديدا حَتَّى قطعوه، فأخذَ الكامل عدَّة مراكب كِبارٍ، وملأها حجارة وغرَّقَها في النّيل، فمنعت المراكب من سلوك النّيل.
فقصدت الفرنج خَليجًا يُعرف بالْأزْرَق، كَانَ النِّيل يجري قديما عَلَيْهِ، فحفروه وعَمّقوه، وأجروا الماء فيه، وأصعدوا مراكبهم فيه إلى بُورَة، فَلَمَّا صاروا في بورة حاذوا الملك الكامل وقاتلوه في الماء، وزحفوا إِلَيْهِ غير مرّة.
وأما دِمياط فلم يتغير عليها شيء، لأنَّ المِيرة متّصلة بهم، والنّيلُ يحْجز بينهم، وأبوابُها مُفتّحة، فاتّفق موتُ الملك العادل، فضعفت النُّفوس.
وَكَانَ عماد الدّين أَحْمَد بن المشطوب أكبر أمير بمصر، والْأمراء ينقادون لَهُ، فاتّفق مَعَ جماعةٍ، وأرادوا خلع الكامل وتمليك أخيه الفائز، فبلغَ الخبرُ الكاملَ، ففارق المنْزلة ليلا، وسار إلى قرية أشمون، فأصبحَ العَسْكر وقد فقدوا سُلطانهم، فلم يقف الْأخ عَلَى أخيه، وتركوا خيامَهم، وعبرت الفرنج النّيل إلى بَرِّ دِمِياط آمنين في ذي القِعْدَة، وحازوا المُعَسْكر بما فيه، وَكَانَ شيئا عظيما، فَمَلَكهُ الفرنجُ بلا تَعَبٍ.
ثُمَّ لَطَفَ اللَّه ووصل المُعَظَّم بعد هَذَا بيومين، وَالنَّاس في أمرٍ مريج [3] ، فقوّى قلبَ أخيه وثَبَّته، وأخرجوا ابن المشطوب إلى الشَّام. وأمّا العُرْبان فتجمّعت وعاثت، فكانوا أشدَّ عَلَى المُسلمين من الفرنج.
قَالَ [4] : وأحاط الفرنج بدِمياط وقاتلوها برّا وبحرا، وعملوا عليهم خندقا
__________
[1] في الكامل 12/ 324 وما بعدها. (حوادث سنة 614 هـ) .
[2] في الأصل: «ويتحكمون» .
[3] أمر مريج: أي: مختلط.
[4] ابن الأثير في الكامل 12/ 326.(44/27)
يمْنعهم، وهذه عادتهم، وأداموا القتال، واشتدّ الْأمرُ عَلَى أهلها، وتعذّرت عليهم الْأقوات وغيرها، وسئموا القتال، لأنّ الفرنج كانوا يتناوبون القتال عليهم لكثرتهم، ولم يكن بدمياط من الكثرة ما يجعلون القتال عليهم بالنُّوبة، وَمَعَ هذا فصبروا صبرا لم يُسْمع بِمِثْلِهِ، وكثُر القتْل فيهم والجراح والموتُ، ودام الحصار عليهم إلى السَّابع والعشرين من شعبان من سنة ستّ عشرة، فعجز من بقي بها عن الحِفظ لقلّتهم، وتعذّر القُوت عليهم، فسَلَّموا بالْأمان، وأقام طائفة عَجزوا عن الحركة.
وبَثّت الفرنج سراياهم ينهبون ويقتلون، وشرعوا في تحصين دمياط وبالغوا في ذَلِكَ، وبقي الكامل في أطراف بلاده يحميها. وتسامعَ الفرنجُ بفتح دمياط، فأقبلوا إليها من كُلّ فجٍ عميق، وأضْحت دارَ هجرتهم، وخافَ النَّاس كافة من الفرنج.
وأشرف الإِسْلَام عَلَى خطَّة خسْف، أقبل التّتار من المَشْرق، وأقبل الفرنج من المغرب، وأراد أهلُ مصر الجلاء عَنْهَا فمنعهم الكامل، وتابع كُتبه عَلَى أخويه المُعَظَّم والْأشرف يحثّهما عَلَى الحضور، وَكَانَ الْأشرف مشغولا بما دَهمَهُ من اختلاف الكلمة عَلَيْهِ ببلاده عند موت القاهر صاحب المَوْصِل. وبقيَ الكاملُ مدَّةً طويلة مُرابطًا في مقابلة الفرنج إلى سنة ثمان عشرة، فنجده الْأشرف. وَكَانَ الفرنج قد ساروا من دمياط وقصدوا الكامل، ونزلوا مقابله وبينهما بحر أُشمون [1] ، وَهُوَ خليج من النّيل، وبقوا يرمون بالمنجنيق والجرْخ [2] إلى عسكر المسلمين، وقد تيقّنوا هُم وكلُّ النَّاس أَنَّهُم يملكون الدّيار المصريّة.
وأمّا الكامل فتلقّى الْأشرف وسُرَّ بقدومه، وسار المُعَظَّم فقصدَ دِمياط، واتفقَ الْأشرفُ والكاملُ عَلَى قتال الفرنج، وتقرّبوا، وتقدّمت شواني المسلمين، فقابلت شواني الفرنج، وأخذوا للفرنج ثلاث قِطعٍ بما فيها، فقويت النّفوس،
__________
[1] هكذا في الأصل، وفي كامل ابن الأثير 12/ 328 «أشموم» بالميم. قال ابن دقماق: وهي بضم الألف وسكون الشين المعجمة وفي آخرها ميم، وقيل نون. قاله السمعاني. (الانتصار 68) .
[2] الجرخ: آلة من آلات الحرب القديمة، وهي قذافة ترمى عنها السهام والنفط (معجم دوزي:
2/ 174) .(44/28)
وتردّدت الرُّسُل في الصُّلح، وبَذَلَ المسلمون لهم تسليم بيت المَقْدِس، وعَسْقلان، وطبريَّة، وصَيْدا، وجَبَلَة، واللّاذقية، وجميع ما فتحهُ صلاح الدّين- رحمه الله- سوى الكرك، فلم يرضوا، وطلبوا ثلاثمائة ألف دينار عوضا عن تخريب بين المَقْدِس ليعمّروه بها، فلم يتمّ أمر، وقالوا: لا بدّ من الكَرَك.
فاضطُرَّ المسلمون إلى قتالهم، وَكَانَ الفرنج لاقتدارهم في نفوسهم لم يستصحبوا [1] معهم ما يقوتهم عِدَّة أيّام، ظَنًّا منهم أَنَّ العساكر الإسلاميّة لَا تقوم لهم، وَأَنَّ القرى تبقى بأيديهم وتكفيهم. فعبرَ طائفةٌ من المسلمين إلى الْأرض الّتي عليها الفرنج فَفَجّروا النّيل، فركب أكثر تلكَ الْأرض، ولم يبقَ للفرنج جهةٌ يسلكونها غير جهةٍ واحدة ضيّقة، فنصب الكاملُ الجسور عَلَى النِّيل، وعبرت العساكر، فملكوا الطّريق الّتي يسلكها الفرنج إلى دِمْيَاط، ولم يبق لهم خلاص، ووصل إليهم مركب كبير وحوله عِدَّة حَرّاقات، فوقع عليها شواني المسلمين، وظفَرَ المسلمون بذلك كلِّه، فسُقِط في أيدي الفرنج، وأحاطت بهم عساكر المسلمين، واشتدّ عليهم الْأمرُ، فأحرقوا خيامهم ومجانيقهم وأثْقالهم، وأرادوا الزَّحف إلى المسلمين فعجزوا وذَلوا. فراسلوا الكامل يطلبون الْأمان ليسلّموا دِمْيَاط بلا عِوض، فبينما المراسلات متردّدة، إِذْ أقبل جمعٌ كبير لهم رهَجٌ [2] شديدٌ وجلبة عظيمةٌ من جهة دِمْيَاط، فظنّه المسلمون نجدة للفرنج، فَإِذَا بِهِ الملك المُعَظَّم، فخُذِل الفرنج، لعنهم اللَّه، وسلَّموا دِمْيَاط، واستقرّت القاعدة في سابع رجب سنة ثمان عشرة، وتسلّمها المسلمون بعد يومين، وَكَانَ يوما مشهودا فدخلها العسكر، فرأوها حَصينة قد بالغَ الفرنج في تحصينها بحيثُ بقيت لَا تُرام، فلله الحمد عَلَى ما أنعم بِهِ. وَهَذَا كلّه ساقه ابن الْأثير [3]- رحمه اللَّه- متتابعا في سنة أربع عشرة.
وَقَالَ غيره- وَهُوَ سعد الدّين مسعود بن حمّويه فيما أَنْبَأَنَا-: لَمَّا تقرر الصُّلح جلس السّلطان في خَيْمَته، وحضر عنده الملوك، فَكَانَ على يمين السّلطان
__________
[1] في المطبوع ص 26 من الطبقة الثانية والستين: «يستصبحوا» ، وهو غلط.
[2] الرهج: الغبار.
[3] في الكامل 12/ 324- 331.(44/29)
صاحبَ حمص الملكُ المُجاهد، ودونه الملك الْأشرف شاه أرمن، ودونه الملك المُعَظَّم عيسى، ودونه صاحب حماة، ودونه الحَافِظ صاحب جَعْبَر، ومُقَدَّم نجدة حلب، ومُقدّم نجدة المَوْصِل، ومقدّم نجدة ماردين، ومقدَّم نجدة إربل، ومقدَّم نجدة ميّافارقين، وَكَانَ عَلَى يساره نائب الباب، وصاحب عَكّا، وصاحب قبرص، وصاحب طرابلس، وصاحب صَيْدا، وعشرون من الكُنود لهم قلاع في المغرب، ومقدَّم الدَّاوية، ومُقدَّم الإسبتار. وَكَانَ يوما مشهودا. فرسَم السّلطان بمبايعتهم وَكَانَ يحمل إليهم في كلّ يوم خمسين ألف رغيف، ومائتي إردبّ شعير، وكانوا يبيعون عُدَدَهم بالخُبْز ممّا نالهم من الْجُوع. فَلَمَّا سَلَّموا دِمْيَاط أطلقَ السّلطان رهائنهم، وبقي صاحب عكّا حتّى يطلقوا رهائن السّلطان. فأبطئوا، فركب السّلطان ومعه صاحب عكّا، وَكَانَ خلقة هائلة، فأخرجَ السّلطان من صَدْر قبائه صليبَ الصَّلبوت، الَّذِي كَانَ صلاحُ الدّين أخذَه من خزائن خُلفاء مصر، فَلَمَّا رآه صاحب عكّا رمى بنفسه إلى الْأرض، وشكر السّلطان، وَقَالَ: هَذَا عندنا أعظم من دمياط. وقال له السّلطان: خذ هَذَا تذكارا من عندي، واركب في مركب، ورُح نفِّذ رهائننا، فلم يفعل، وبعث الصّليب مَعَ قِسّيس.
وحكى بعضهم [1] قَالَ: وفي شعبان أخذت الفرنج دِمْيَاط، وَكَانَ المُعَظَّم قد جهّز إليها ناهض الدّين ابن الجرخي [2] في خمسمائة راجل، فهجموا عَلَى الخندق، فقُتِلَ الناهضَ ومن كَانَ معه، وضَعُفَ أهلُ دِمْيَاط المساكين، ووقع فيهم الوَباء والغَلاء، وعَجَزَ الملكُ الكامل عن نُصرتهم، فسلّموها بالْأمان، وفتحوا للفرنج، فغدروا، لعنهم اللَّه، وقتلوا وأسَروا، وجعلوا الجامعَ كنيسة، وبعثوا بالمصاحف ورءوس القتلى إلى الجزائر.
وَكَانَ بدمياط الشَّيْخ أَبُو الحَسَن بن قُفْل [3] الزّاهد صاحب زاوية، فما تعرّضوا له.
__________
[1] هو سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 603.
[2] تحرّف في المرآة إلى «الحرجي» . والمثبت يتفق مع: ذيل الروضتين 116.
[3] هكذا في ذيل الروضتين 117، وفي المرآة 603 «أبو الحسن بن الفضل» .(44/30)
قَالَ أَبُو شامة [1] : أَنَا رأيته بدمياط سنة ثمانٍ وعشرين.
وبلغَ الكاملَ والمُعظم فبكيا بكاء شديدا، وَقَالَ الكامل للمُعظم: ما في مقامك فائدة، فانزل إلى الشَّام وشوّش خواطر الفرنج، واجمع العساكر من الشَّرْق.
قَالَ ابن واصل [2] في أخْذ دِمْيَاط: وحين جرى هَذَا الْأمر الفظيع، ابتنى الملك الكامل مدينة، وسمّاها المنصورة عند مفرق البَحْرين الآخذ أحدهما إلى دِمْيَاط، والآخر إلى أُشمون، ومَصَبُّهُ في بحيرة تِنّيس، ثُمَّ نزلها بجيشه، وبنى عليها سورا.
وذكر ابن واصل: أَنَّ تملّك الفرنج دِمْيَاط كَانَ في عاشر رمضان.
قَالَ أَبُو المُظَفَّر [3] : فكتب إليَّ المُعَظَّم وَأَنَا بدمشق بتحريض النَّاس عَلَى الجهاد ويقول: إنّي كشفت ضياع الشَّام فوجدتها ألفي قرية، منها ألف وستّمائة قرية أملاك لأهلها، وأربعمائة سلطانيّة، وكم مقدار ما يقيم هذه الأربعمائة من العساكر؟ فأريد أن تُخْرِج الدَّمَاشِقة ليذبّوا عن أملاكِهم. فقرأتُ عليهم كتابَهُ في الميِعاد، فتقاعَدوا، فَكَانَ تقاعدهم سببا لأخذ الخُمْس والثُّمن من أموالهم.
وكتب إليَّ: إِذَا لم يخرجوا فسِرْ أَنْتَ إليَّ. فخرجتُ إلى السّاحل، وقد نزَلَ عَلَى قَيْسارية، فأقمنا حَتَّى افتتحها عَنْوةً، ثُمَّ نزل عَلَى حِصْن البَقَر فافتتحه وهَدَمه، وقدم دمشق [4] .
__________
[1] في الذيل 117.
[2] في مفرّج الكروب 4/ 33.
[3] في المرآة 8/ 604.
[4] انظر عن (أخذ دمياط) أيضا في: تاريخ الزمان 253، وزبدة الحلب 3/ 188، والمختصر في أخبار البشر 3/ 122، والدرّ المطلوب 203، وتاريخ المسلمين لابن العميد 133، ودول الإسلام 2/ 119، والعبر 5/ 59، ومرآة الجنان 4/ 31، 32، وتاريخ ابن الوردي 2/ 137، والبداية والنهاية 13/ 83، 84، والإعلام والتبيين 53، وتاريخ ابن خلدون 5/ 344، 345، والسلوك ج 1 ق 1/ 201، والنجوم الزاهرة 6/ 238، وتاريخ ابن سباط 1/ 268، 269، وشذرات الذهب 5/ 66، وتاريخ الخلفاء 456.(44/31)
[لباس قاضي القضاة]
وفيها ألبسَ الملك المُعَظَّم قاضي القضاة زكيّ الدّين الطّاهر، القِباء والكلوتة بمجلس الحكم بداره.
قَالَ أَبُو المُظَفَّر [1] : كَانَ في قلبِ المُعَظَّم منه حزازات، كَانَ يمنعه من إظهارها حياؤه من أبيه [2] ، وكان يشكو إليَّ مرارا. ومَرضت ستُّ الشَّام عَمَّة المُعَظَّم، وكانت أوصَتْ بدارها مدرسة، فأحضَرَت القاضي المذكور والشهود، وأوصت إلى القاضي، وبلغَ ذَلِكَ المُعَظَّم فعز عليه، وقال: يحضر إلى دار عمتي بغير إذني ويسمع كلامها. ثُمَّ اتّفق أَنَّ القاضي أحضر جابي العزيزيّة وطلب منه حسابا، فأغلظ لَهُ، فأمر بضربه، فضُرب بين يديه كما تفعل الوُلاة. فوجد المعظم سبيلا إلى إظهار ما في نفسه، وَكَانَ الجمال المَصْرِيّ وكيل بيت المال عدوا للقاضي، فجاء فجلس عند القاضي والشهود حاضرون، فبعث المعظم بقجة فيها قباء وكلوتة [3] ، وأمر أن يحكم بهما بينَ النّاس، فقامَ من خوفه فلَبِسَهما، وحكمَ بين اثنين.
قَالَ أَبُو شامة [4] : جابي المدرسة هُوَ السَّديد سالم بن عَبْد الرَّزَّاق خطيب عَقربا، وجاء الَّذِي ألْبَسه الخِلْعة إلى عند شيخنا السَّخَاويّ، فتأوّه الشَّيْخ وضرب بيده عَلَى الْأخرى، فَكَانَ ممّا حكى أنْ قَالَ: أمرني السّلطان أن أقول لَهُ: السّلطان يسلّم عليك وَيَقُولُ لك: الخليفة سلام الله عليه إذا أراد أن يشرف أحدا خلع عليه من ملابسه، ونحن نسلك طريقه. وفتحتُ البقجة، فَلَمَّا رآها وَجَمَ، فأمرتُه بترك التوقف، فمد يده ووضع القباء على كتفيه، ووضع عمامته وحط الكلوتة على رأسه، ثمّ قام ودخل بيته.
__________
[1] في المرآة ج 8 ق 2/ 604.
[2] أي الملك العادل.
[3] الكلوتة: تلبس على الرأس بدون عمامةchezlesArabes -R.Dozy -LibrairieduLiban ,Beirut 1843 -p.387.NomsdesVetements.
[4] في ذيل الروضتين 117- 118.(44/32)
قَالَ أَبُو شامة [1] : ومِن لُطف اللَّه بِهِ أن كَانَ المجلس في داره، ثُمَّ لزم بيته، ولم تُطْل حياته بعدها، ومات في صفر سنة سبع عشرة، رمى قِطَعًا من كبده، وتأسف الناس لما جرى عليه، وكان يحب أهل الخير، ويزور الصالحين. وبقي نوابه يحكمون بين النَّاس: ابن الشِّيرَازِيّ، وابن سَنِيّ الدّولة، وشرف الدّين ابن المَوْصِليّ الحَنَفيّ، كَانَ يحكم بالطَّرْخانية بجَيْرون، ثُمَّ بعد مدَّة أضيف إليهم الجمال المَصْرِيّ.
وَقَالَ أَبُو المُظَفَّر [2] : كانت واقعة قبيحة، ولقد قُلت لَهُ يوما: ما فعلتَ هَذَا إِلَّا بصاحب الشرع؟ ولقد وجب عليك دية القاضي، فقال: هو أحوجني إلى هذا، ولقد ندمت. واتفق أن المعظم بعث إلى الشرف بن عنين- حين تزهد- خمرا ونردا، وقال: سبح بهذا! فكتب إِلَيْهِ [3] :
يا أيُّها المَلِكُ المُعَظَّم، سُنَّةً ... أحدَثْتَها تبقى عَلَى الآباد
تجري المُلُوك عَلَى طريقك بعدها ... خلع القضاة وتحفة الزهّاد [4]
__________
[1] المصدر نفسه.
[2] في: مرآة 8/ 605.
[3] انظر ديوانه 93.
[4] انظر البيتين في: ذيل الروضتين 118، ونهاية الأرب 29/ 100، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 605/ 606، والبداية والنهاية 13/ 84، وتاريخ الخلفاء 457.(44/33)
سنة سبع عشرة وستّمائة
[كسرة بدر الدين لؤلؤ]
فيها قصد مُظَفَّر الدّين صاحب إربل المَوْصِل، فخرجَ إِلَيْهِ بدر الدّين لؤلؤ، فَكَسَرهُ مُظَفَّر الدّين، وأفلتَ لؤلؤ وحده، ونازل مُظَفَّرُ الدّين المَوْصِل، فجاءَ الملك الْأشرفُ من حرّان نَجْدةً للؤلؤ، ثُمَّ وقع الصُّلح [1] .
[فتنة ابن المشطوب]
وفيها كانت فتنة ابن المَشْطوب، لَمَّا كَانَ المُعَظَّم بديار مصر عام أَوَّل، بلغه أَنَّ الملك الفائز أخاه قد اتّفق مع الأمير عماد الدّين ابن المشطوب أحد الْأمراء الكبار عَلَى أخيه الكامل، وقد استحلفَ للفائز العساكر. فعرف الكاملُ فرحلَ إلى أَشموم، وهَمَّ بالتوجّه إلى اليمن، ويَئس من البلاد، فَقَالَ لَهُ المُعَظَّم: لَا بأس عليك، ورَكِبَ وجاء إلى خَيْمة ابن المَشْطوب، فخرج إلى خدمته بغير خُفٍّ، وركب معه، فسيّر معه، فأَبْعَدَ بِهِ، وَقَالَ: أخي الْأشرف قد طلبك فسر إليه مسرعا. فقال: ما معي غلماني ولا قماشي، فَوَكَّل بِهِ جماعة، وَقَالَ: هَؤُلَاءِ في خدمتك. وأعطاه نفقة خمسمائة دينار، وَقَالَ: كلّ شيء تريد يلحقك في الحال.
فسارَ، وجهَّز المُعَظَّم جميع أحواله خلْفَه، ثُمَّ رجع إلى مُخَيَّمه، فجاءَ الكامل إِلَيْهِ وقَبَّل الْأرضَ بين يديه.
وأمّا الفائز فخاف خوفا عظيما، واجتاز ابن المشطوب عَلَى دمشق وحماة، وعدّى الفرات إلى الْأشرف فتلقّاه وأكْرَمه، فصار يركب بالشّبّابة، ويعمل له موكبا
__________
[1] انظر الخبر في: الكامل في التاريخ 12/ 339- 341 (حوادث سنة 615 هـ.) ، وزبدة الحلب 3/ 187، ومفرّج الكروب 4/ 25- 28، ونهاية الأرب 29/ 106، والعسجد المسبوك 2/ 380، 381، والمختار من تاريخ ابن الجزري 91.(44/34)
كالأشرف، فأعطاه أرجيش [1] ، فتجبّر، وخامَر عَلَى الْأشرف، وطَلَعَ إلى ماردين، ثُمَّ قَصد سِنْجار في هذه السّنة، وساعدَه صاحبُ ماردين، فسارَ لحربه الملكُ الْأشرفُ، فدخل ابن المشطوب إلى تلْعَفر [2] ، فأنزله بدرُ الدّين لؤلؤ صاحب الموصل بالأمان، وحمله معه إلى الموصل، ثمّ قيّدة وبعث بِهِ إلى الأشرف، فألقاه في الجبّ، فمات بالقَمْل والجوع.
وَكَانَ عماد الدّين ابن نور الدّين صاحب قَرْقيسيا مَعَ الْأشرف، فكاتب ابنَ المشطوب، فَعلِمَ الْأشرفُ فحَبَسهُ وبعثَ بِهِ مَعَ العَلَم قيصر المعروف بتعاسيف إلى قرقيسيا وعانة، فعَلَّقه تحت القلعتين وعَذَّبه، وتسَلّم تعاسيفُ جميع بلاده، وأراد الْأشرف أن يرميه في الْجُبّ، فشفع فيه الملك المُعَظَّم، فأطلقه، فسار إلى دمشق فأحسن إِلَيْهِ المُعَظَّم، واشترى بستان ابن حَيّوس بنواحي العُقَيبة، وبنى فيه قبّة، وأقام بِهِ إلى أن مات، ودُفن بالقُبة، وَهِيَ عَلَى الطّريق في آخر عمارة العُقيبة من شمالِيِّها بغَرْبٍ [3] .
[زواج عدَّة أمراء]
وفيها تَزَّوج الْأخَوان المنصور إِبْرَاهِيم، والمسعود أَحْمَد، ابنا أسد الدّين، بابنتي الملك العادل، أُختي الصّالح إسْمَاعِيل لأبويه، وتزوَّج أخوهُما يَعْقُوب بابنة المُعَظَّم، وتزوّج عمر ابن المُعَظَّم بابنة أسد الدّين، ومَهْرُ كلٍّ منهنّ ثلاثون ألف دينار.
[تدريس ابن الشّيرَازِيّ]
ودرّس بالعزيزيّة القاضي ابن الشّيرازيّ.
__________
[1] أرجيش: مدينة من نواحي أرمينية قرب خلاط.
[2] لا تزال قائمة عامرة إلى يومنا في شمال العراق.
[3] انظر عن (فتنة ابن المشطوب) في: ذيل الروضتين 116، 121، 122، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 608، 609، وزبدة الحلب 3/ 187، 188، 189، 190، والمختصر في أخبار البشر 3/ 125، ونهاية الأرب 29/ 90- 92، ومفرّج الكروب 4/ 28- 30 و 71، 72.(44/35)
[عزاء ابن حمويه]
وفيها عُمِل عزاء شيخ الشيوخ ابن حَمَّوَيْه [1] بجامع دمشق، فتكلَّم واعظٌ وأنشدَ أبيات ابن سينا:
«هبطت إليكَ من المحلّ الْأرفع»
فأنكر القاضي الجمال المَصْرِيّ وَقَالَ: هذه الْأبيات قول زِنْديق، وأمره بالنُّزول فتعصَّبَ لَهُ جماعةٌ، فتمَّمَ ونَزَلَ، وسَكَّن المُعتمدُ العصبيّة بعد أن جُذِبت سكاكين.
[عزْل ابن الشِّيرَازِيّ]
ثُمَّ عُزل ابن الشِّيرَازِيّ من العزيزيّة بالآمديّ [2] .
[موت صاحب سِنجار]
وفيها قَتَلَ صاحبُ سِنْجار أخاه، فسارَ الملكُ الْأشرف إليها فأخذَها، وعوَّض صاحبَها الرَّقَة، فنزل من سنجار بأهله، وَهُوَ آخر ملوك البيت الْأتابكي، ومُدَّة مُلْكهم أربعٌ وتسعون سنة، ومات بعد أن تسلَّم الرَّقة بقليلٍ، وانقصفَ شبابُه ولم يُمتَّع بعد قَتْل أخيه [3] .
[وقعة البُرُلُّس]
وفي رجَب كانت وَقْعَة البُرُلُّس، وكانت وَقْعَة هائلة بين الفرنج والكامل، قتل الكاملُ منهم عشرةَ آلاف، وأخذ غنائمهم وخيلهم، وانهزموا إلى دمياط [4] .
__________
[1] هو أبو الحسن مُحَمَّد بْنِ عُمَر بْنِ عَليّ بْنِ مُحَمَّد بن حمويه الجويني. انظر ترجمته برقم (487) .
[2] انظر: الدارس في تاريخ المدارس 1/ 298.
[3] انظر عن (موت صاحب سنجار) في: الكامل في التاريخ 12/ 355، 356 (حوادث سنة 616 هـ.) ، ومفرّج الكروب 4/ 31، والمختصر في أخبار البشر 3/ 122، وذيل الروضتين 120، وزبدة الحلب 3/ 189، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 609، ونهاية الأرب 29/ 106، والسلوك ج 1 ق 1/ 204، وتاريخ ابن سباط 1/ 261.
[4] خبر موقعة البرلّس في: ذيل الروضتين 122.(44/36)
[ولاية دمشق]
وفيها عُزل المعتمد عن ولاية دمشق، وَوُلِّيَ الغَرْس خليل [1] .
[حجّ المعتمد]
وحجّ فيها المعتمد بالرَّكب [2] .
[مقتل آقباش الناصري]
وحجَّ بركب بَغْدَاد آقباش النَّاصري، فقُتل بمكّة، وعاد رَكْبُ العراق مَعَ الشّاميّين، وَكَانَ مَعَ آقباش تقليدٌ بإمرة مكةَ لحسن بن قَتَادَة بن إدريس، لأنَّ أَبَاه ماتَ في وسط العام، فجاءَهُ بعرفات راجحٌ أخو حَسَن وَقَالَ: أَنَا أكبر ولدَ قَتَادَة فَوَلِّني، وظنَّ حسنٌ أن آقباش قد وَلَّى راجحا، فغلَّق مكّة، ثُمَّ نزل آقباش بشُبيكة، وركب ليسكّن الفتنة ويُصلح بين الْأخوين، فبرز عَبيدُ حسن يقاتلونه، فَقَالَ: ما قصدي القتال. فلم يلتفتوا إليه، وثاروا بِهِ، فانهزم أصحابُه وبقي وحده، فجاء عبدٌ فَعَرْقَبَ فرسَهُ، فوقع، فقتلوه، وحملوا رأسه عَلَى رُمْح فنُصب بالمَسْعى.
وأرادوا نَهب العِراقيّين، فقامَ المُعتمد في الْأمر، وخوَّفَ الحَسَن من الكامل والمُعظم.
وَكَانَ آقباش قد اشتراه النَّاصر لدين اللَّه وَهُوَ أمرد بخمسة آلاف دينار، ولم يكن بالعراق أحسنُ منه صورة، وَكَانَ عاقِلًا متواضعا، وحَزِن عَلَيْهِ الخليفة [3] .
[خروجٌ التَّتَار]
قَالَ أبو المظفر سبط ابن الْجَوْزيّ [4] : كَانَ أَوَّل ظهورهم بما وراء النَّهْر سنة خمس عشرة، فأخذوا بُخَارَى وَسَمَرْقَنْد وقتلوا أهلها، وحاصروا خوارزم شاه، ثمّ
__________
[1] ذيل الروضتين 22 وفيه «الغرز» .
[2] ذيل الروضتين 122.
[3] انظر (مقتل آقباش) في: ذيل الروضتين 123، 124.
[4] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 609، 610.(44/37)
بعد ذَلِكَ عبروا النَّهْر، فوجدوا الخطا قد كسروا خوارزم شاه، فانضمّ إليهم الخطا وصاروا تبعا لهم. وَكَانَ خُوَارِزْم شاه قد أبادَ المُلوك من مدن خُرَاسَان، فلم يجد التَّتَار أحدا في وجههم، فطووا البلادَ قتْلًا وسبْيًا، وساقوا إلى أن وصلوا إلى همذان وقزوين في هذه السّنة، وتوجّهوا إلى أَذْرَبِيجَان.
وَقَالَ ابن الْأثير في كامله [1] : لقد بقيتُ مدّة معرضا عن ذكر هذه الحادثة استعظاما، لهما، كارِهًا لذكرها، أُقدّم رِجلًا وأُوَخّر أُخرى، فمن الَّذِي يسهُل عَلَيْهِ أن يكتب نعيَّ الإِسْلَام، فيا ليت أُمي لم تلدني، ويا ليتني متُّ قبل حدوثها. ثُمَّ حثَّني جماعة عَلَى تسطيرها، فنقول: هَذَا الفصل [2] يتضمّن ذِكر الحادثة العظمى والمصيبة الكبرى الّتي عقمت [3] الدُّهور عن مثلها، عمّت الخلائق، وخصَّت المُسلمين، فلو قَالَ قائل: إِنَّ العالم منذ خلقَهُ اللَّه إلى الآن لم يُبْتلوا بمثلها، لكان صادقا، فإنّ التّواريخ لم تتضمّن ما يقاربها. ومن أعظم ما يذكرون فعل بُخت نصَّر ببني إسرائيل بالبيت المُقدّس، وما البيت المُقدّس بالنسبة إلى ما خَرّب هَؤُلَاءِ الملاعين؟! وما بنو إسرائيل بالنسبة إلى ما قتلوا؟! فهذه الحادثة الّتي استطار شررُها وعمَّ ضررها، وسارت في البلاد كالسّحاب استدبرته الريحُ، فإنّ قوما خرجوا من أطراف الصّين فقصدُوا بلاد تُركستان، مثل كاشْغر، وبلاشغون [4] ، ثُمَّ منها إلى بُخَارَى، وَسَمَرْقَنْد فيملكونها، ويفعلون بأهلها ما نذكره، ثُمَّ تعبُرُ طائفةٌ منهم إلى خُرَاسَان فيفرغون منها مُلْكًا وتخْريبًا وقتْلًا وإبادة إلى الرّيّ وهمذان إلى حدِّ العراق، ثُمَّ يقصدون أَذْرَبِيجَان ونواحيها ويخرِّبونها ويستبيحونها في أقلِّ من سنةٍ، أمرٌ لم يُسمع بِمِثْلِهِ.
ثُمَّ ساروا من أَذْرَبِيجَان إلى دَرْبَنْد شِرْوان فملكوا مُدُنه، ولم يسلم غير القلعة الّتي فيها ملكهم، وعبروا من عندها إلى بلد اللّان واللّكز فقتلوا وأسروا،
__________
[1] الكامل: 12/ 358 وما بعدها.
[2] في المطبوع من كامل ابن الأثير: «الفعل» .
[3] في المطبوع من الكامل: «عقّت» ، وفي نسخة أخرى كما هنا.
[4] وتكتب «بلاساغون» أيضا. وقد كتب المؤلّف- رحمه الله- في حاشية الأصل: «بلاد شاغون» .(44/38)
ثُمَّ قصدوا بلاد قَفْجاق، وهم من أكثر التُّرك عددا، فقتلوا من وقف، وهرب الباقون إلى الشَّعْراء [1] والغيَاض ورءوس الجبال، وفارقوا بلادهم، واستولى التّتر عليها.
ومضى طائفةٌ أخرى غير هَؤُلَاءِ إلى غزْنة وأعمالها، وسجستان وكَرْمان، ففعلوا مثل هَؤُلَاءِ بل أشدّ، هَذَا ما لم يطرق الْأسماع مثله، فإنّ الإسكندر الَّذِي ملكَ الدُّنْيَا لم يملكها في هذه السّرعة، وإنّما ملكها في نحو عشر سنين، ولم يقتل أحدا، إنّما رضي بالطّاعة. وَهَؤُلاءِ قد ملكوا أكثر المَعْمور من الْأرض وأحسنه وأعمره في نحو سنة، ولم يبق أحدٌ في البلاد الّتي لم يطرقوها إِلَّا وَهُوَ خائفٌ يترقّب وصولهم إِلَيْهِ. ثُمَّ إنّهم لم يحتاجوا إلى ميرة، ومددهم يأتيهم، فإنّهم معه الْأغنام والبقرُ والخيْلُ، يأكلونَ لحومهَا لَا غير. وأمّا خيلهم فإنّهم تحفر الْأرض بحوافرها، وتأكل عُروق النَبات، ولا تعرف الشَّعير. وأمّا ديانتهم فإنّهم يسجدون للشّمس عند طُلوعها، ولا يُحرمون شيئا، ويأكلون جميعَ الدّوابّ وبني آدم [2] . ولا يعرفون نكاحا، بل المرأة يأتيها غيرُ واحد، فَإِذَا جاءَ الولدُ لَا يُعرف أبوهُ. وتهيّأ لهم أخذ الممالك، لأنّ خُوَارِزْم شاه مُحَمَّدًا كَانَ قد استولى عَلَى البلاد، وقهَرَ ملوكها وقتلهم، فَلَمَّا انهزم من التَّتَار لم يبق في البلاد من يمنعُهم ولا من يحميها، ليقضي اللَّه أمرا كَانَ مَفْعولًا.
وهم نوع من التُّرك، مساكنهم جبال طَمْغاج، بينها وبين بلاد الشَّرق أكثر من ستّة أشهر، وكان ملكهم جنكزخان قد فارق بلاده، وسار إلى نواحي تُركستان، وسَيّر معه جماعة من الْأتراك التُّجَّار، ومعهم شيء كثير من النُّقْرَة والقُنْدُز [3] وغير ذَلِكَ، إلى بلاد ما وراء النَّهْر ليشتروا لَهُ ثيابا وكُسْوةً، فوصلوا إلى مدينةٍ من بلاد التُّرك تُسمى أوترار، وَهِيَ آخر ولاية خُوَارِزْم شاه، وَلَهُ بها نائبٌ. فَلَمَّا ورد عَلَيْهِ
__________
[1] الشّعراء- بوزن الصحراء- الشجر الكثير. ولم يذكر ابن الأثير هذه الكلمة في الكامل.
[2] ليس في (الكامل) ما يفيد أكلهم لبني آدم.
[3] كتب المؤلف في الحاشية: «والقندس» . أما في المطبوع من تاريخ ابن الأثير فوقعت: «القندر» بالراء، خطأ.(44/39)
هذه الطّائفة، أرسل عرّف السّلطان [1] ، فبعث يأمره بقتلهم وأخْذ ما معهم، وَكَانَ شيئا كثيرا.
وَكَانَ بعد مملكته مملكةُ الخَطا، وقد سدّ الطّرق من بلاد تُركستان وما بعدها من البلاد، لأنّ طائفة من التَّتَار أَيْضًا كانوا قد خرجوا من قديم الزّمان والبلاد للخَطا. فَلَمَّا ملك خُوَارِزْم شاه، وكَسَر الخَطا، واستولى عَلَى بلادهم، استولى هَؤُلَاءِ التَّتَار عَلَى تُركستان، وصاروا يحاربون نُوّاب خُوَارِزْم شاه، فلذلك منَعَ الميرةَ عَنْهُمْ من الكُسوات وغيرها. وَقِيلَ غير ذَلِكَ.
فَلَمَّا قُتل أولئك التُّجَّار، بعثَ جواسيسَ يكشفون له جيش جنكزخان، فمضوا وسلكوا المفاوزَ والجِبال، وعادوا بعد مُدَّة، وأخبروا بأنهم يفوقون الإحصاء، وَأَنَّهُم مِن أصبر خلق اللَّه عَلَى القتال، لَا يعرفون هزيمة، ويعملون سلاحهم بأيديهم. فندِمَ خُوَارِزْم شاه عَلَى قَتْل تُجَارهم، وحَصَلَ عنده فِكرٌ زائدٌ، فأَحضر الفقيه شهاب الدّين الخيوقيّ فاستشاره، فَقَالَ: اجمع عساكرك ويكون النَّفير عامّا، فَإِنَّهُ يجب عَلَى الإِسْلَام ذلك، ثُمَّ تسير بالجيوش إلى جانب سَيْحون، وَهُوَ نهر كبير يفصل بين التُّرك وبلاد ما وراء النَّهْر، فتكون هناك، فَإِذَا وصلَ إِلَيْهِ العدوّ وقد سار مسافة بعيدة، لقيناه وَنَحْنُ مستريحون، وهم في غاية التَّعب.
فجمع الْأُمراء واستشارهم، فلم يوافقوه عَلَى هَذَا، بل قَالُوا: الرّأي أن نتركهم يعبرون سيحون إلينا، ويسلكون هذه الجبال والوعر، فإنّهم جاهلون بطُرقها، وَنَحْنُ عارفون بها، فنقوى حينئذ عليهم ويهلكون.
فبينما هم كذلك إِذْ قدِمَ رَسُول جنكزخان يتهدّد خُوَارِزْم شاه وَيَقُولُ: تقتلون تُجاري وتأخذون أموالهم، استعدّوا للحرب، فها أنا واصل إليكم بجمْعٍ لَا قِبَل لكم بِهِ. وَكَانَ قد سار وملك كاشغر وبلاساغون وأزال عَنْهَا التَّتَار الْأوّلين، فلم يظهر لهم أثر، ولا بقي لهم خبر، بل أبادهم، فقتل خُوَارِزْم شاه الرَّسُول، وأمّا أصحابُه فحلق لحاهُم، وردَّهم إلى جنكزخان يقولون له: إنّه سائر إليك. وبادر
__________
[1] هكذا بخط المؤلف، وفي كامل ابن الأثير: «أرسل إلى خوارزم شاه يعلمه بوصولهم ويذكر له ما معهم من الأموال» .(44/40)
خُوَارِزْم شاه ليسبق خبره ويكبس التَّتَار، فقطع مسيرةَ أربعة أشهر [1] ، فوصل إلى بيوت التَّتَار، فما وجد فيها إِلَّا الحريم فاستباحها، وَكَانَ التَّتَار قد ساروا إلى محاربة ملكٍ من ملوك التّرك يقال له كشلوخان فهزموه، وغنموا أمواله، وعادوا، فجاءهم الصّريخ بما جرى، فجدُّوا في السّير فأدركوا خُوَارِزْم شاه، وعملوا معه مصافّا لم يُسمع بِمِثْلِهِ، واقتتلوا أشدّ قتال، وبقوا في الحرب ثلاثة أيّام ولياليها، وقُتل من الطّائفتين خلقٌ لَا يُحصون، وثبت المسلمون وأبلوا بلاء حسنا، وعلموا أَنَّهُم إن انهزموا لم يبق للمسلمين باقية، وَأَنَّهُم يؤخذون لبُعدهم عن الدّيار. وأمّا الكفّار التَّتَار فصبروا لاستنقاذ أموالهم وحريمهم، واشتدَّ بهم الْأمرُ حَتَّى كَانَ أحدهم ينزل عن فرسه وقرنه [2] راجل، فيقتلان بالسّكاكين. وجرى الدّمُ حَتَّى زلقت الخيل فيه من كثرته، واستفرغ الفريقان وسُعَهم في الصَّبْر. وهذا القتال كلّه مع ابن جنكزخان، فإنّ أَبَاه لم يحضر الوَقْعَة، ولم يشعر بها، وقُتل من المسلمين عشرون ألفا، ومن الكفّار ما لا يُحصى.
فَلَمَّا كانت اللّيلة الرّابعة نزل بعضهم مقابل بعضهم، فَلَمَّا كَانَ اللّيل أوْقدَ التَّتَار نيرانهم، وتركوها بحالها وساروا، وكذلك فعل المسلمون أَيْضًا، كلٌّ منهم قد سئم القتال. ورجع المسلمون إلى بُخَارَى، فاستعدّوا للحصار لعلم خُوَارِزْم شاه بعجزه، لأنّ طائفة من التَّتَار لم يقدر أن يظفر بهم، فكيف إِذَا جاءوا بأجمعهم مَعَ ملكهم جنكزخان؟ فأمرَ أهلَ بُخَارَى وَسَمَرْقَنْد يستعدّون للحصار، وجعل ببُخَارَى عشرين ألف فارس، وفي سَمَرْقَنْد خمسين ألف فارس، وَقَالَ: احفظوا البلاد حَتَّى أعود إلى خُوَارِزْم وأجمع العساكر وأعود. ثمّ عبر النَّهْر ونزل عَلَى بَلْخ، فعسْكَر هناك.
وأمّا التَّتَار فإنّهم أقبلوا، فنازلوا بُخَارَى وحاصروها ثلاثة أيّام وزحفوا، ففرَّ مَنْ بها من العساكر، وطلبوا خُرَاسَان في اللّيل، فأصبح البلد خاليا من العسكر،
__________
[1] كتب المؤلف «أيام» ثم كتب في الحاشية «أشهر» تصحيحا لها، وهي كذلك عند ابن الأثير (الكامل: 12/ 364) .
[2] يعني: الّذي يقاتله من الأعداء.(44/41)
فأخرجوا القاضي بدر الدّين ابن قاضي خان ليطلب لهم الْأمان، فأعطوهم الْأمان، واعتصم طائفةٌ من العسكر بالقلعة، ففتحت أبواب بُخَارَى للتّتار في رابع ذي الحجَّة سنة ستّ عشرة، فدخلت التَّتَار ولم يتعرّضوا إلى أحد، بل طلبوا الحواصل السّلطانيّة، وطلبوا منهم المساعدة عَلَى قتال من بالقلعة، وأظهروا العدل. ودخل جنكزخان، لعنه اللَّه، وأحاط بالقلعة، ونادى في البلد أن لَا يتخلّف أحد، ومن تخلّف قُتل، فحضروا كلّهم لِطَمِّ الخندق، وطَمُّوه بالتّراب والْأخشاب، حَتَّى إِنَّ التَّتَار كانوا يأخذون المنابر وربعات الكتاب العزيز فيُلْقُونها في الخندق، فإنّا للَّه، وَإنَّا إِلَيْهِ راجعون. ثُمَّ زحفوا عَلَى القلعة وبها أربعمائة فارس، فمنعوها اثني عشر يوما، فوصلت النّقوب إلى سورها. واشتدّ القتال، فغضب جنكزخان وردّ أصحابه ذَلِكَ اليوم، وباكرهم من الغد، وجدُّوا في القِتَال، فدخلوا القلعة، وصدَقَهُم أهلها [1] حتّى قتلوا عن آخرهم. ثمّ أمر جنكزخان أن يُكتب لَهُ رءوس البلد، ففعلوا، ثُمَّ أحضرهم فَقَالَ: أريد منكم النُّقْرة الّتي باعكم خُوَارِزْم شاه فإنّها لي. فأحضر كلُّ من عنده شيء منها، ثُمَّ أمرهم بالخروج من البلد، فخرجوا مُجَرَّدين، فأمر التَّتَار أن ينهبوا البلد، فنهبوه، وقتلوا مَنْ وجدوا بِهِ. وأمر التّتار أن يقتسموا المُسلمين، فتمزّقوا كل مُمُزَّق، وأصبحت بُخَارَى خاوية عَلَى عروشها، وسبوا النِّساء. ومن النَّاس من قاتل حَتَّى قُتل، وكذا فعل الإمامُ ركن الدّين إمام زاده، والقاضي صدر الدّين وأولادهم. ثُمَّ ألقت التَّتَار النّار في البلد والمدارس والمساجد. وعذَّبوا الرؤساء في طلب المال.
ثُمَّ رحلوا نحو سَمَرْقَنْد وقد تحقَقَّوا عجز خُوَارِزْم شاه عَنْهُمْ، واستصحبوا أُسارى بُخَارَى معهم مُشاة في أقبح حالٍ، ومن عجز قتلوه، فأحاطوا أَيْضًا بسمرقند، وبها خمسون ألف مقاتل، فخرج إليهم الشُّجعان من الرَجالة وغيرهم، فانهزموا لهم وأطمَعُوهم، ولم يخرج من الخمسين ألف أحدٌ لَمَّا قد وَقَر في قلوبهم من الرُّعب، وَكَانَ التَّتَار قد أكمَنُوا لهم، فَلَمَّا جازت الرِّجال ذَلِكَ الكمين، خرجوا عليهم وحالوا بينهم وبين البلد، فلم يسْلَم منهم أحد.
__________
[1] أي صدقوهم القتال.(44/42)
قَالَ: وكانوا عَلَى ما قِيلَ سبعين ألفا رحمهم اللَّه، فضعُفت نفوسُ الْجُنْد والعامَّة، وأيقنوا بالهلاك، وطلبَ الْجُنْد الْأمان، فأجابوهم، وفتحوا البلد، وخرجوا إلى التَّتَار بأهاليهم وأموالهم، فَقَالَ لهم التَّتَار: ادفعوا إلينا سلاحكم وخيلكم وأموالكم، وَنَحْنُ نُسَيِّركُم إلى مأمنكم. ففعلوا ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ رابع يوم نادوا في العوامّ: ليخرجوا كلّهم، ومن تأخّر قتل، فخرج الجميع، ففعلوا بهم كما فعلوا بأهل بُخَارَى، نهبوا وسبوا وأحرقوا الجامع، وَذَلِكَ في المُحرَّم من هذه السّنة.
ثمّ سيّر جنكزخان عشرين ألف فارس خلفَ خُوَارِزْم شاه، فأتوا جَيْحون، فعملوا من الخشب مثل الْأحواض، وألبسوها جلود البقر لئلّا يدخلها الماء، ووضعوا فيها سلاحهم وأمتعتهم، وألقوا الخيلَ في الماء، وأمسكوا بأذنابها، وتلك الحياض مشدودة إليهم، فَكَانَ الفرسُ يجذب الرجل، والرجل يجذب الحَوْض، فعبروا كُلُّهم، فلم يشعر خُوَارِزْم شاه إِلَّا وقد خالطوه. واختلفت الخطا عَلَيْهِ، كما ذكرنا، وانهزم، وساقوا وراءه إلى أن ركب البحر إلى قلعةٍ لَهُ فأيسوا منه، وقصدوا الرّيّ وبلاد مازَنْدران فملكوها في أسرع وقت، وصادفوا في الطّريق والدة خُوَارِزْم شاه ونساءهُ وخزائنه، وَكَانَ قصْدها أصبهان، فأخذوها وسيَّروها برُمتّها إلى جنكزخان وَهُوَ بسمرقند.
ثُمَّ دخلوا الرّيّ وقتلوا وسبوا، ووصلوا إلى زنْجان فبدَّعوا، ثُمَّ عطفوا إلى قزوين فحاصروها وأخذوها بالسّيف، وقُتل من الفريقين ما لا يُحصى، قِيلَ: بلغوا أربعين ألفا.
ثُمَّ ساروا إلى أَذْرَبِيجَان فاستباحوها. ثُمَّ نازلوا تِبْريز وبها ابن البهلوان، فصالحهم عَلَى مالٍ وتُحفٍ، فساروا عَنْهُ ليشتّوا عَلَى ساحل البحر، لِأَنَّهُ قليلُ البَرْد وبه المَرْعى، فوصلوا إلى مُوقان، وتطرَّقوا إلى بلاد الكُرْج، فبرز لهم من الكُرْج عشرةُ آلاف مُقاتل، فحاربوهم ثُمَّ انهزموا، فتبعهم التَّتَار إلى قرب تَفْليس وَذَلِكَ في ذي القِعْدَة من سنة سبْع عشرة.
ثُمَّ ساروا إلى مَراغة، وكانت لامرأة، فحاصروها، ثُمَّ ملكوها بالسّيف،(44/43)
وقتلوا ما لَا يُحصى، واختفى خلق، فَكَانَ التَّتَار يأخذون الْأسْرَى ويقولون: نادوا في الدُّروب: إِنَّ التَّتَار قد رحلوا. فَإِذَا نادى أولئك خرج من اختفى فيقتلونه، حتّى قِيلَ إنّ رجلا من التّتار دخل دربا فيه ما يزيد عَلَى مائة رَجُل، فما زال يقتل واحدا واحدا حَتَّى أفناهم، ولا يمدُّ أحدٌ منهم يده إليه بسوء، نعوذ باللَّه من الخُذْلان.
ثُمَّ رحلوا إلى نحو إربل فاجتمع بعض عسْكر العراق وعسكر المَوْصِل مَعَ مُظَفَّر الدّين، فلمّا سمعوا باجتماع العساكر تقهقروا ظنّا منهم أَنَّ العسكر يتبعهم، فلمّا لم يروا أحدا تبعهم أقاموا. وأقام العسكرُ عند دقوقا، ثُمَّ عادوا إلى بلادهم إلى همذان وغيرها، وجعلوا لهم بها شِحْنة، وأرسلوا إِلَيْهِ يأمرونه ليطلب لهم من أهلها أموالا وقماشا، ولم يكن خلّوا لهم شيئا، فاجتمع العامَّة عند الرئيس بهمذان، ومعهم رجل فقيه قد قام في اجتماع الكلمة عَلَى الكُفَّار، فَقَالَ لهم الرئيس العلويّ: كيف الحيلة وَنَحْنُ نعجز عنهم؟ فما لنا إِلَّا مصانعتهم بالْأموال.
فقالوا لَهُ: أَنْتَ أشدُّ علينا من الكُفَّار، وأغلظوا لَهُ، فَقَالَ: أَنَا واحدٌ منكم فاصنعوا ما شئتم، فوثبوا عَلَى الشِّحْنة فقتلوه، وتحصّنوا، فتقدّم التَّتَار وحاصروهم، فخرج لحربهم العامّة، والرئيس والفقيه في أوائلهم، فقتلوا من التَّتَار خلقا، وجُرح الفقيه عدَّة جراحاتٍ، وافترقوا، ثُمَّ خرجوا من الغد، فاقتتلوا أشدّ قتال، وقُتل من التّتر أكثر من اليوم الأَوَّل. وأرادوا الخروج في اليوم الثّالث فعجز الفقيه عن الرّكوب من الجراحات، وطلب النّاس الرئيس، فإذا به قد هرب في سربٍ صنعه إلى ظاهر البلد هُوَ وأهله إلى قلعة هناك، فتحصّن بها. وبقي النّاس حيارى، إِلَّا أَنَّهُم اجتمعت كلمتهم عَلَى الجهاد إلى أن يموتوا. وَكَانَ التَّتَار قد عزموا عَلَى الرحيل لكثرة من قُتل منهم، فَلَمَّا لم يروا أحدا خرج لقتالهم طمعوا، واستدلّوا عَلَى ضعْفهم، فقصدوهم وقاتلوهم وَذَلِكَ في رجب في سنة ثمان عشرة وستّمائة.
ودخلوا البلد بالسّيف، وقاتلهم النَّاس في الدّروب، وبطل السّلاح للزحمة، واقتتلوا بالسّكاكين، فقُتل ما لَا يُحصى. ثُمَّ ألقي في همذان النّار فأحرقوها، ورحلوا إلى تِبْريز وقد فارقها صاحبها أُوزبك بن البَهْلوان، وَكَانَ لَا يزال منهمكا عَلَى الخمور، يبقى الشّهر والشّهرين لَا يظهر، وإذا سَمِعَ هَيْعَةً طارَ، وَلَهُ جميع(44/44)
بلاد أَذْرَبِيجَان وأَرّان، ثُمَّ قصد نَقْجوان، وسَيَّر نساءه وأهله إلى خويّ، فقام بأمر تبريز شمس الدّين الطُّغْرَائيّ، وجمع كلمة أهلها، وحَصَّن البلد، فَلَمَّا سَمِعَ التَّتَار بقوّتهم أرسلوا يطلبون منهم مالا وثيابا، فسَيَّروا لهم ذَلِكَ.
ثُمَّ رحلوا إلى بَيْلقان فحصروها، فطلب أهلها رسولا يُقَرِّرون معه الصُّلح، فأرسل إليهم مُقدّمًا كبيرا فقتلوه، فزحفت التَّتَار عَلَى البلد وافتتحوه عَنْوَة في رمضان من سنة ثمانِ عشرةَ، ولم يُبقوا عَلَى صغير ولا كبير، وكانوا يَفْجُرون بالمرأة، ثُمَّ يقتلونها.
ثُمَّ ساروا إلى كَنْجة وَهِيَ أُمُّ بلاد أرّان، فعلموا كثرةَ أهلها وشجاعتهم، فلم يقْدُموا عليها وطلبوا منها حَمْلًا، فأُعطوا ما طلبوا.
وساروا عَنْهُمْ إلى الكُرْج، والكُرْج قد استعدُّوا لهم، فالتقوا، فانهزم الكُرْج وأخذهم السّيف، فلم يُفْلت منهم إِلَّا الشِّريد، فقُتل منهم نحو ثلاثين ألفا، وعاث التَّتَار في بلاد الكُرْج وأفْسَدوا.
ثُمَّ قصدوا دَرْبَند شروان، فحاصروا مدينة شماخي ثُمَّ افتتحوها عَنوةً. ثُمَّ أرادوا عبور الدَّرْبَند فلم يَقْدِروا عَلَى ذَلِكَ، فأرسلوا رسولا إلى شِروان شاه، يقولون: أرسل إلينا رسولا. فأرسل عشرة من كبار أصحابه، فأخذوا أحدهم، فقتلوه، ثُمَّ قَالُوا للباقين: إنْ أنتم عرَّفتمونا طريقا نعبر فيه فلكم الْأمان وإلّا قتلناكم. فقالوا: إِنَّ هَذَا الدّربند لَيْسَ فيه طريق البتّة، ولكن فيه موضع هُوَ أسهل ما فيه من الطُّرق. فساروا معهم في تِلْكَ البلاد إلى ذَلِكَ الطّريق فعبروا فيه.
فَلَمَّا عبروا دَرْبَند شِروان ساروا في تِلْكَ الْأراضي وفيها أممٌ كثيرة منهم اللّان واللِّكز وطوائف من التُّرك، فنهبوا وقتلوا كثيرا من اللّكز وهم كفّار ومسلمون. ثُمَّ وصلوا إلى اللّان وهم أمم كثيرة، فجمعوا جمْعًا من القَفْجاق فقاتلوهم فلم يظفروا بهم. فأرسلت التَّتَار إلى القَفْجاق يَقُولُون: نحنُ وأنتم جنسٌ واحد، وَهَؤُلاءِ اللّان ليسوا منكم حَتَّى تنصروهم، ولا دينهم مثل دينكم، وَنَحْنُ نعاهدكم أنّنا لَا نتعرض إليكم، ونحمل إليكم من الْأموال والمتاع ما شئتم.
فوافقوهم عَلَى ذَلِكَ، وانعزلوا عن اللّان، فأوقع التَّتَار باللّان وقتلوا منهم خلقا،(44/45)
وسبوا، وساروا بعد ذَلِكَ إلى القَفْجاق وهم آمنون متفرّقون فبيّتوهم وأوقعوا بهم، كعادتهم ومَكْرهم، لعنهم اللَّه، ففرَّ من سَلِم واعتصم بالغياض، وبعضهم التحق ببلاد الرّوس.
وأقام هَؤُلَاءِ التَّتَار في بلاد القفجاق، وَهِيَ كثيرة المرعى في الشّتاء، ووصلوا إلى مدينة سوداق وَهِيَ مدينة القفجاق وَهِيَ عَلَى بحر خَزَريَّة [1] ، وإليها تصل التُّجَّار والمراكب يشترون الرّقيق والبُرطاسي [2] وغير ذَلِكَ. وبحر خَزَريَّة هَذَا متّصل بخليج قسطنطينيّة.
وَلَمَّا وصلت هذه الطّائفة من التَّتَار إلى سوداق ملكوها، وتفرّق أهلها، فبعضهم هرب إلى الجبال، وبعضهم ركب البحر، ثُمَّ أقام التَّتَار ببلاد القفجاق إلى سنة عشرين وستّمائة.
وأمّا الطّاغية جنكزخان فإنّه- بعد ما سيّر هذه الطّائفة المذكورة، فهزمت خُوَارِزْم شاه- قسَّم أصحابه عِدَّة أقسام، فسيَّر كلَّ قسم إلى ناحية، فسيَّر طائفة إلى ترْمِذ، وطائفة إلى كلاثة وهي حصينة على جانب جيحون. وسارت كلُّ طائفة إلى الجهة الّتي أُمرت بقصدها واستولت عليها قتلا وسبيا وتخريبا، فَلَمَّا فرغوا من ذلك عادوا إلى الملك جنكزخان وَهُوَ بسمرقند، فجهَّز جيشَا عظيما مَعَ أحد أولاده لحرب جلال الدّين ابن علاء الدّين خُوَارِزْم شاه، وسيَّر جيشا آخر فعبروا جيحون.
آخر كلام عزّ الدّين ابن الأثير رحمه الله.
قلت: ونازلت التّتار خُوَارِزْم، فحاصروها ثلاثة أشهر، واستولوا عليها في صفر سنة ثماني عشرة، ونزل عليها أوكتاي الّذي ولي الأمر بعد أبيه جنكزخان، ومعه باجي ملك في جيشٍ عرمرم مائة ألف أَوْ يزيدون. وَلَمَّا لم يجدوا بها حجارة
__________
[1] يعني: بحر الخزر، وهو بحر قزوين.
[2] البرطاسي: ضرب من الفراء يجلب من برطاس المدينة الواقعة شمال بحر قزوين (معجم دوزي:
1/ 293، وراجع معجم البلدان لياقوت: 1/ 567) .(44/46)
عمدوا إلى أصول التُّوت فقطعوها ودوّروها، ورموا بها بدلا عن حجارة المَنْجنيق، وحرص أوكتاي كل الحرص أن يتسلّمها بالْأمان ولا يؤذي فيها، فأجابه الْأكابر، غير أَنَّ السّفهة غلبوهم عَلَى رأيهم بإغرائهم، وجرى عليها حربٌ لم يُسمع بِمِثْلِهِ، بحيث أَنَّهُ كانت تؤخذ المحلّة منها فيقاتل أهلها، ثُمَّ ينضمّون إلى المحلّة الّتي تليها فيقاتلون، إلى أن أُخذت محلةٌ بعد محلَّة، حَتَّى لم يبق معهم إِلَّا ثلاث محالّ، فتزاحم بها الخلائق، فطلبوا الْأمان حينئذ، فلم يُؤمنوا وقتلوهم صبْرًا. هَذَا معنى ما ذكره أَبُو سعد شهاب الدّين النَّسَويّ.
قُلْتُ: وممّا أخذت التَّتَار: نَيْسَابُور، ومرْو، وهَرَاة، وبلْخ، وتِرْمذ، وسَرْخس، وطُوس، وخوارزم، وسائر مدن خُرَاسَان. وذهب تحت السّيف أُمم لَا يحصيها إِلَّا اللَّه تعالى.
وَقَالَ الموفّق عَبْد اللّطيف: انشعب من التَّتَار فرقتان كما ينشعب من جهنَّم لسانان: فرقة قصدت أَذْرَبِيجَان وأرَّان ثُمَّ بلاد الكُرْج، وفرقة أَتَتْ عَلَى همذان وأصبهان، وخالطت حُلْوان تقصد بَغْدَاد.
أمّا الْأولى فأفسدت البلاد التي مرّت عليها، فَلَمَّا وصلوا إلى بلاد الخزر جمع الكُرْج جموعهم ولقوهم، فانهزموا، - يعني الكرج- وقُتل من صميمهم ثمانية آلاف، ومن الْأتباع والفلاحين عددٌ كثير. وتَقَنْطَرَ ملكُ الكرج فتداركه الْأمراء فاستنقذوه من أنيابهم العُضْل، واعتصم ببعض القلاع، والتّتر يموجون في البلاد بالإفساد، ويعضّون عَلَى مَنْ سَلِم الْأنامل من الغَيْظ، انفرد منهم فارس، فَقَالَ ملك الخَزَر: أما عندنا مَنْ يخرج إِلَيْهِ؟ فانتخى بطل من الكُرج وخرج إِلَيْهِ، فما عَتَّم أن قتله التَّتَريُّ واقتاد فرسه ورجعَ رُويدًا، وأخذ يَفسرُ الفرسَ ليعلم سِنّه، فعجب ملك الخزر وَقَالَ: انظروا كَأَنَّهُ قد وَزَنَ فيه الثّمن.
ثُمَّ حشد الكُرج نَوْبَة أخرى، واستنجدوا بعسكر أرْزَن الروم، وَقَالَ النَّاس:
إنّهم لَا يرجعون. فَلَمَّا اشتدّت شوكة الكُرج رجع التَّتر بغير أمرٍ معروف، ولا سبب مُخَوِّفٍ، بل لسعادةٍ لحقت، وأيامٍ بقيت، وَكَانَ هَذَا سنة ثمان عشرة، وَأَنَا بأَرْزَن.
ورجع التَّتر إلى شِروان فأخذوها بالسّيف وقتلوا أهلها، وتجاوزوا الدَّرْبند(44/47)
قَسْرًا بالسّيف، وعبروا إلى أمم القَفْجَق [1] واللّان فغَسَلُوهم بالسّيف.
ثُمَّ مات ملكُ الخَزَر وَكَانَ شابّا، وتَوَلَّت أختُه، وسيَّرت إلى الملك المُغيث صاحب أرْزن تخطب أحد ولديه، الصّغير، وَهُوَ ابن بنت بُكتمر صاحب خِلاط، وَهُوَ مليح عمره سبع عشرة سنة فزوَّجها بِهِ، وشاع الخبر أَنَّهُ تنَصَّر.
وخرج في هذه السّنة من رقيق التُّرك ما لم تجر بِهِ العادة، حَتَّى فاضوا عَلَى البلاد، وكلّهم وصلوا من ناحية تَفْليس، وهم من فضلات سيوف التّتر، وكلّ واحد يحكي هَوْل ما عاين، حكت جارية منهم قال: عَوَت كلاب بلادنا عَوِيًّا [2] شديدا وقامت عَلَى أذنابها، وأهلها يضربونها فلا ترتدّ، فبعد ثلاث ساعات أَوْ أربع فاض الجبل بعساكر التّتر، فابتدءوا بالكلاب ثُمَّ بِالنَّاس.
وأرض القفجاق واسعة، معتدلة الهواء، عذبة المياه، تتفجر ينابيعها، وتتخرّق عيونها، وهي أرض حرّة طيّبة التُّربة، وغنمهم كثيرة النّتاج، تلدُ النّعجة الْأربعة في البطن والخمسة، وقلّما تلد واحدا، وغنمهم عالي الهضبة، يكاد الكبش يُركْب.
وأمّا الفرقة الّتي قصدت بَغْدَاد، فردّهم اللَّه بقوة العَقْل وحُسن التدبير، أمّا أوّلا، فإنّ صاحب إربل شحن الدَّرْبندات بالْأكراد، وإليهم ينتهي العلم باللّصوصيّة، فسلّطهم عليهم يسرقونهم ويقتلونهم صبرا في نومهم، فيصبحون وقد نكبوا نكبات في جهات لَا يدرون من أَيْنَ ولا كيف.
ثُمَّ إنّ الخليفة جمع الجموع وعسكر العساكر وحشر، فنادى، وأقبلت إِلَيْهِ البُعوث من كلّ حدبٍ ينْسلون، فَلَمَّا سمعوا بوصول رَسُول التّتر تقدّموا إلى صاحب إربل بأن يحتفل ويظهر جميع عسكره، ويُدخل بينهم من العوامّ والفلّاحين من يَشْتَبه بهم. فَلَمَّا وصل الرَّسُول إربل تلقّاه عساكر قطعت قلبه،
__________
[1] وترد «القفجاق» .
[2] كذا بخط المصنف مجوّدة، ولم يذكروا هذا الوزن في مصادر (عوى) ففي القاموس: عوى يعوي عيا وعواء وعوة وعوية.(44/48)
وصاروا يتكرّرون عليه، كلّما مرّ بقوم سبقوه وعادوا وقفوا بين يديه، فَلَمَّا دخل في ولاية دقوقا عُبئ لَهُ من العساكر أضعاف ذَلِكَ وصاحبها من مماليك الخليفة، فأمر أن تضرب خيمٌ عظيمةٌ، وبسط بين يديها بسطا قد نصف فرسخ، ونُصبت سُدَّة عالية فوق تخت يُصعد إِلَيْهِ بدرج، وأظهر زينة عظيمة، ووقف عشرون ألفا بسيوفٍ مجرّدة. فَلَمَّا وصل الرَّسُول يشقّ تِلْكَ العساكر أتى حدّ البُسط، فأُمر أن يترجّل فتمنّع من ذَلِكَ، فهمُّوا بِهِ، فَلَمَّا وصل إلى بين يدي التّخت، أُمر بالسّجود كُرهًا والصَّيْحات تأخذُه، وروعات السّيوف تذهله. ثُمَّ أُخرج إلى بَغْدَاد فلقيته عساكر بَغْدَاد، صغّرت في عينه ما رَأَى، لم يتركوا ببغداد فرسا ولا جملا ولا حمارا حَتَّى أركبوه رجُلًا ومعه شيء من السّلاح، وأكثرهم بالْأعلام والبَرْك أسطوانات [1] ، وخلقٌ يلعبون بالنِّفط ويرمون بالبُنْدق الزّجاج فيه النِّفط، فامتلأت البَرّية بالنِّيران. فَلَمَّا وصل إلى بَغْدَاد خرج إِلَيْهِ صميم العسْكر بأصناف العُدد الفاخرة المُسجّفة بالْأطلس المكلّل بالجواهر عَلَى الخيل المسوَّمة. فَلَمَّا وصل إلى باب النّوبيّ إلى الصّخْرة التي يُقبّلها المُلوك قِيلَ لهم: مرتبتكم دون ذَلِكَ، فأُمر أن يُقبّل أسفل منها، ثُمَّ حُمل إلى دار، ثُمَّ أُخرجوا باللّيل خُفية عَلَى طريق غير مسْلوكة، ورُدُّوا إلى إربل، وَقِيلَ للرسول: إنُما هرَّبناك في الخُفية خوْفًا عليك من العامّة، ففصل وقد امتلأ قلبه رُعبًا ودماغه خبالا، وأبثَّ قومه ما أثبته عيانه، فعلموا أَنَّهُم لَا قبل لهم ببغداد، فرجعوا خائبين.
وأمّا أهل أصبهان ففتحوا أبواب المدينة، وقالوا لهم: ادخلوا، فدخل منهم قوم، فما شربوا أنفاسهم حتّى أهريقت دماؤهم، فكرُّوا راجعين. وكذلك فعل أهل رُسْتاقاتهم.
قَالَ: وسُئل الملكُ الْأشرف عَنْهُمْ، فَقَالَ: ما أقول في قومٍ لم يؤخذ منهم أسير قطُّ، لكن يُقاتل إلى أن يُقتل أَوْ يَخْلُص. وَلَمَّا وصلت إلى أرزن الرّوم وجدتُ هذه الكلمة قد سيَّرها ملك الكُرْج فيما وصف من حروبهم، وأمّا قتلاهم
__________
[1] وتسمى: «البركستوان» وتجمع بالألف والتاء، قال دوزي: ورد ذكرها في تاريخ المماليك حيث ترجمها كاترمير بما معناه: جل مزركش. (انظر معجم دوزي: 1/ 308) .(44/49)
فلا ينتهي العادّ إلى حدٍّ إِلَّا والحالُ توجب أضعافه، ولا يُقَال: كم قُتل من بلد كذا؟ وإنّما يُقَال: كم بقي؟! واجتمعت بتاجر سُروج كَانَ يُتَرجم لهم، قَالَ: اجتمع التُّجَّار من جميع البلاد إلى نَيْسَابُور يتحصّنُون بها، فنزل عليها التّتر فأخذوها في أربعة وعشرين يوما، وأتوا على أهلها بالقتل، وعليها بالإحراق والخراب حَتَّى غادروها كأنْ لم تَغْن بالْأمس. وهربتُ منهم مرّات وأقعُ في الْأسر. ثُمَّ هرب في المرَّة الْأخيرة وتعلّق بجبلٍ، فَلَمَّا رحلوا طالبين هراة، قَالَ: نزلنا وكنّا سبعة، فأحصينا القتلى خمسمائة ألف وخمسين ألفا، ووجدنا الْأموال مُلقاة، وجزْنا ببلاد الملاحِدَة وَهِيَ عَلَى عمارتها لم يتشعّث منها شيء.
وحكى لنا تاجر آخر واسطيّ قَالَ: إِنَّهُ اختفى بجبلٍ وخرج بِعد أيّام، فرأى الْأرض مسطوحة بالقَتْلَى والْأموال والمواشي، وكنتُ أَنَا وعشرة سَلمْنا، ولو كانت معنا عقولنا لأخذنا من الْأموال ما يفوت الآمال، وإنّما أخذنا حمل دقيق عَلَى جمل.
قَالَ المُوَفَّق: وممّا أهلكوه بلاد فرْغانة وَهِيَ سبع ممالك، مسيرة أربعة أشهُر، وكلّ من هرب منهم تَحَيّلوا في قَتْله بكُل مُمْكنٍ، وإذا اجتمعوا في مجالس أُنْسهم ونُزْهة قلوبهم أحضروا قوما من الْأُسارى، وأخذوا يمثّلون بواحدٍ، واحدٍ، بأن يقطعوا منه عضوا بعد عُضو، وكلّما اضطرب وصاح تضاحكوا وأُعجبوا، وربما حطُّوا السّيف في جوفه أو ليّته قليلا، وَمَتَى التمس الشّخص رحمتهم ازدادوا قساوة. وَإِذَا وقع لهم نساء فائقات في الحُسن تمتَّعوا بهنّ أياما ثُمَّ قتلوهنّ.
وحكت لي امْرَأَة بحلب أَنَّهُم ذبحوا ولدها وشربوا الدّم، ثُمَّ نام الذَّابحُ فقامت فذبحته، وهربت هِيَ وزوجها.
وقد كَانَ السّلطان خُوَارِزْم شاه مُحَمَّد بن تكش سارقا هجّاما، وكان عسكره أو شابا [1] ، لَيْسَ لهم ديوان ولا إقطاع، وأكثرهم أتراك كفّار أو مسلمون جهّال، لا
__________
[1] الأوشاب: الأخلاط من الناس والأوباش.(44/50)
يعرف تعْبئة العسْكر في المَصافّ، ولم يتعوّد أصحابه إِلَّا المهاجمة، وَلَيْسَ لهم زَرَد ولا دروع، وقتالهم بالنّشاب. وَكَانَ يقتل بعض القبيلة، ويستخدم باقيها، وفي قلوبهم الضّغائن. ولم يكن فيه شيء من المداراة لَا لأصحابه ولا لأعدائه، خرج عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ التَّتَار وهم بنو أبٍ، بكلمة واحدةٍ، وقلبٍ واحدٍ، ورئيسٍ واحدٍ مُطاع، فلم يمكن أن يقف مثل خُوَارِزْم شاه بين أيديهم، وورد إلى البلاد منهم ما لم يُعهد، والبلاد خالية عن ملكٍ، فلم يبق عند أحدٍ منهم دفاع، وصاروا كالغنم لَا تدفع عَنْهَا ذابحا. فَلَمَّا وصل التّتر إلى أصبهان لم يرتع أهلها لأنّهم مُعوَّدون بحمل السّلاح، فلم يكن عندهم أحقر من هَذَا العدوّ. إلى أن قَالَ: واللَّه سبحانه يحبّ العَدْل والعمارة ويأمر بهما، وَهَؤُلاءِ الملاعين يبغضونهما، إِذْ لَا دين لهم ولا عقْل، وكلّ حيوان رديء الخُلُق ففيه خُلُق آخر حُمَيْد كالكلب والخنزير والذّئب والنّمر، وَهَؤُلاءِ فقد جمعوا من كلّ حيوان رديء خُلُقه، فاجتمعت فيهم الرداءات محضة.
قال ابن واصل [1] : بعث جنكزخان جيشا فعبروا جيحون، وتسلّموا بَلْخ بالْأمان، وقرروا بها شحنة ولم ينهبوها. ثُمَّ قصدوا قلعة الطّالقان وَهِيَ لَا ترام حصانة وارتفاعا، وبها الشّجعان، فحصروها ستّة أشهر وعجزوا عنها، فسار إليها جنكزخان بنفسه، وحصرها ومعه خلائق من المسلمين أسْرى، فنازلها أربعة أشهر وقُتل عليها خلائق، ثُمَّ أمر فُجمع لَهُ من الْأخشاب ما أمكن، وصاروا يعملون صفّا من خشب وصفّا من تُراب، وما زالوا حَتَّى صار تلا يوازي القَلْعة، وصعدت الرجال فيه، ونصبوا عَلَيْهِ المَجانيق فرمت إلى وسط القلعة، فخرج من بها عَلَى حَمِيَّة وحملوا عَلَى التّتر، فنجت الخَيّالة وسلكوا الجبال، وقُتلت الرجّالة، واستباحت التّتر القلعة.
ثمّ جهّز جنكزخان الجيش إلى مَرْو وبها من المقاتلة نحو مائتي ألف من جُند وعَرَب وتُجّار، فعسكروا بظاهرها عازمين عَلَى لِقاء العَدوّ، فالتقوا واقتتلوا قِتالًا شديدا، ثُمَّ انهزمَ المسلمون وَقُتِلَ أكثرهم. ثمّ نازلت التّتر مرو وجدّوا في
__________
[1] في مفرج الكروب 4/ 57.(44/51)
حصارها أربعة أيّام فتسلّموها بالْأمان، وخرجَ إليهم أميرها، فخلع عليه ابن جنكزخان ووعده بولاية مَرْو، وَقَالَ: أريد أن تعرض عَليّ أصحابك لننظر مَنْ يصلح لخدمتنا حَتَّى نعطيه إقطاعا. فَلَمَّا حضروا قبضَ عليهم، وأمرَهُم أن يكتبوا لَهُ تجّار البلد وأعيانه في جريدة [وأرباب] الصّنائع [في جريدة] [1] ، ففعلوا. ثُمَّ ضُربت أعناق الْجُند والْأمير، ثُمَّ صادر الْأعيان وعذَّبهم حَتَّى استصفاهم، وقسم نساء مرو وذراريها وأسراها، ثُمَّ أمر بإحراق البلد فأُحرق ثلاثة أيّام، ثُمَّ أمر بقتل العامّة كافة، فأُحصيت القتلى بها فكانوا سبعمائة ألف.
ثُمَّ ساروا إلى نَيْسَابُور فحصروها خمسة أيّام، وبها عسكر عَجَزوا عن التَّتر، فأخذ البلد ثُمَّ أخرجوا النَّاس فقتلوهم، وسبوا الحريم، وعاقبوا ذوي المال.
وسارت فرقة إلى طوس فبدّعوا بها. ثمّ ساروا إلى هراة فحصروها عشرة أيّام وأخذوها بالأمان، ثمّ قتلوا بعض أهلها، وجعلوا بها شحنة.
ثُمَّ ساروا إلى غَزْنة فالتقاهم السُّلْطَان جلال الدّين فكسرهم، فوثب أهلُ هراة وقتلوا الشِّحنة، فَلَمَّا رجع المُنْهزمون قتلوا عامّة أهل هراة، وسبوا الذّرّية وأحرقوا البلد. ورجعوا إلى جنكزخان وَهُوَ بالطّالقان يبثّ جيوشه، وَكَانَ قد نفّذ جيشا عظيما لحصار خُوَارِزْم، فنازلوها خمسة أشهر، وبها عسكر وشُجعان، فقُتل خلائق من الفريقين، ثُمَّ أُخذت عَنْوَة، وقُتل أهلها، ثُمَّ سلّطوا عليها نهر جيحون فغرقت وتهدّمت [2] .
__________
[1] ما بين الحاصرتين إضافة على الأصل.
[2] انظر خبر (التتر) في: الكامل في التاريخ 12/ 358- 388، والتاريخ المنصوري 80- 90، وتاريخ مختصر الدول 233- 236، وتاريخ الزمان ج 8 ق 2/ 258، 259، ومفرّج الكروب 4/ 34- 64، وسيرة جلال الدين منكوبرتي للنسوي 87 وما بعدها، ومرآة الجنان 4/ 40، 41، والمختصر لأبي الفداء 3/ 127، ونهاية الأرب 27/ 239- 258، والمختار من تاريخ ابن الجزري 91- 105، والعبر 5/ 64- 66، وتاريخ ابن الوردي 2/ 140- 142، والبداية والنهاية 13/ 86- 89، والعسجد المسبوك 2/ 270- 280، وتاريخ ابن خلدون 3/ 534، 535، والسلوك ج 1 ق 1/ 204، 205، وتاريخ الخميس 2/ 411، والنجوم الزاهرة 6/ 248، وتاريخ الخلفاء 467- 470، وتاريخ ابن سباط 1/ 270- 277، وشذرات الذهب 5/ 72، 73.(44/52)
سنة ثمان عشرة وستّمائة
[الحرب بين جلال الدين وجنكزخان]
فيها التقى السّلطان جلال الدين ابن خُوَارِزْم شاه هُوَ وتُولّي خان مقدّم التَّتَار، فكسَرَهُم جلالُ الدّين وركب أكتافهم قَتْلًا بالسّيف، وقتل مقدّمهم تولّي خان بن جنكزخان، وأسر خلقا من التَّتَار. فَلَمَّا وصل الخبرُ إلى جنكزخان قامت قيامته ولم يقرّ لَهُ قرار دون أنْ جمع التَّتَار، وسارَ يجدّ السَّيْر إلى حافَّة السِّنْد.
وَكَانَ جلال الدّين قد انثنى عَنْهُ أخوه وجماعة من العَسْكر فضاقَ عليه الوقت في استرجاعهم لقُرب التَّتَار منه، فركب في شوّال سنة ثمان عشرة فالتقى الْجَمْعان، وثبت السُّلْطَان جلال الدّين في شِرذمة، ثُمَّ حمل بنفسه على قلب جنكزخان فمزّقه، وولّى جنكزخان مُنْهزمًا وكادت الدّائرة تدور عَلَيْهِ لولا أَنَّهُ أفرد كمينا قبل المَصافّ نحو عشرة آلاف، فخرجوا عَلَى ميمنة السُّلْطَان وعليها أمين ملك، فانكسرت وأُسر ابن جلال الدّين، فتبدّد نظامه، وتقهقر إلى حافّة السّند، فرأى والدته ونساءه يصحْن: باللَّه اقتلنا وخَلّصنا من الْأسر. فأمَر بهنّ فغُرِّقن.
وهذه من عجائب المصائب، نسأل اللَّه حسن العواقب.
فَلَمَّا سُدَّت دونه المهارب وأحاطت بِهِ النَّوائب، فالسّيوف وراءه، والبحر أمامه، فرفس فرسه في الماء على أنّه يموت غريقا فعبر بِهِ فرسُه ذَلِكَ النَّهْر العظيم لُطْفًا من اللَّه بِهِ، وتخلَّص إلى تِلْكَ الجهة زهاء أربعة آلاف رجل من أصحابه حُفاة عُراة. ثُمَّ وصل إليه مرْكبٌ من بعض الجهات وفيه مأكول وملْبُوس، فوقع ذَلِكَ منه بموقعٍ. فَلَمَّا علِمَ صاحب الْجُوديّ أَنَّ جلال الدّين وصل إلى بلاده طلبَهُ بالفارس والرّاجل، فبلغ ذلك جلال الدّين، فعظُم عَلَيْهِ، لأنّ معه أصحابه مُجَرَّحين وضُعفاء، فانجفل من مكانه، وأمر من معه من أصحابه أَنَّ كلّ جُرَيْح يقدر عَلَى الحركة فليَصْحبه، وإلّا فليحزّ رأسه. وسار عازم عَلَى أن يقطع نهر(44/53)
السِّنْد، ويختفي بمن معه في بعض الجبال والآجام، ويعيشوا من الغارات. واعتقد الهُنود أَنَّهُ وقومه من التَّتَار، فتأخّر جلال الدّين بمن معه من الجبل، وتقدَّم ملكُ الهند بجمعه، فَلَمَّا رَأَى جلال الدّين حمل عَلَيْهِ ملك الهند بجيشه، وثبت لَهُ جلال الدّين إلى أن قاربه، فاستوفَى عَلَيْهِ بسَهْم في فؤاده فسقط قتيلا وانهزم جيشه، وحاز جلالُ الدّين الغنائم والْأموالَ فعاشَ بذلك.
ثُمَّ رحل إلى سِجْستان، وأخذ ما لَهُ بها من الأحوال، وأنفق فيمن معه، وتماثل أمره [1] .
وَقَالَ القاضي ابن واصل [2] : كَانَ جلال الدّين بغَزْنة في ستّين ألفا، فقصدَهُ عسكر جنكزخان في اثني عشر ألفا فكَسَرهم. فسيَّر جنكزخان مَعَ ابنه عسكرا، فوصل إلى كابُل، فالتقى الجمعان فاقتتلوا قتالا عظيما فانهزمت التَّتَار، وقُتل خلْق وأُخذت أموالُهم، ثُمَّ جرت فتنة لِما يريده اللَّه، وَهُوَ أَنَّ الْأمير سيف الدّين بُغراق التّركيّ كَانَ شجاعا مِقْدامًا، وقع بينه وبين قرابةٍ للسّلطان أمير فتنة لأجل الغنيمة، فاقتتلوا فقُتل أخو بُغراق فغَضِبَ، وَقَالَ: أَنَا أهزم الكُفَّار ويُقتل أخي عَلَى السُّحت. وفارقَ العَسْكَر وقصدَ الهِند فتبعه شطرُ الجيش فلاطَفَهُ السُّلْطَان جلال الدّين، وسار بنفسه إِلَيْهِ، وذكر الجهادَ وخَوَّفه من اللَّه، وبكى بين يديه فلم يرجع، وسارَ مُغاضبًا. فوصل الخبر بوصول جنكزخان في جموعه، فنحيّر السُّلْطَان وسارَ فوصل إلى ماء السِّنْد، وَهُوَ نهر كبير، فلم يجد من السُّفُن ما يعبر فيه. وتبعه جنكزخان وألَحَّ في طلبه، فالتقى الجمعان واشتدَّ الحربُ حَتَّى قِيلَ: إِنَّ ما مضى من الحروب كَانَ لعبا بالنّسبة إِلَيْهِ، ودامَ القتالُ ثلاثة أيّام، وقُتل خلْقٌ من الفريقين وفي التَّتَار أكثر، فتحيَّز التَّتَر ونزلوا [3] . وضعف المسلمون، وجاءتهم سفن فعبروا فيها، وما علموا بما أصاب التَّتَار من القَتْل والجراح، ولو عرفوا لكدّوا عليهم،
__________
[1] انظر خبر الحرب في: سيرة جلال الدين 123 وما بعدها، والمختار من تاريخ ابن الجزري 110- 112، والعبر 5/ 82، وتاريخ مختصر الدول 248، ودول الإسلام 2/ 92، والمختصر في أخبار البشر 3/ 128، وتاريخ الخميس 2/ 412.
[2] في مفرج الكروب 4/ 61 وما بعدها.
[3] أي نزلوا على بعد، كما في الكامل 12/ 397.(44/54)
فنازلت التَّتَر غَزْنة وملكوها لوقتها، فقتلوا وسَبَوا، ولم يُبقوا عَلَى أحد، ثُمَّ أحرقوها [1] .
[زواج صاحب ماردين من بنت المُعَظَّم]
وَقَالَ أَبُو شامة [2] : فيها توجّه الملك المُعَظَّم إلى أخيه الملك الْأشرف، فاجتمع بِهِ بحرّان. ثُمَّ دعاهُ صاحب ماردين، فبالغ في الخدمة، وقَدَّم لَهُ تُحَفًا.
وزوَّج المُعَظَّم بنتَهُ الواحدة بناصر الدّين صاحب ماردين [3] .
[اقتراب التَّتَر من بَغْدَاد]
وفيها جاءت الْأخبار بأنّ التَّتَر قاربوا بَغْدَاد، فانزعج الخليفةُ، وأمرَ النَّاس بالقُنوت، واستخدمَ، وأنفقَ، وحصَّن البلد [4] .
[استرداد دِمْيَاط من الفرنج]
وفي جُمَادَى الآخرة استردَّ المصريّون دِمْيَاط من الفرنج. ورجع المُعَظَّم من حَرّان، وحضر معه الملك الْأشرف بجيشه. قَالَ أَبُو المُظَفَّر [5] : فاجتمعتُ بِهِ وحَرّضته عَلَى نُصرة الإِسْلَام، وقلتُ: المُسلمون في ضائقة، وَإِذَا أخذت الفرنج الدّيار المصريّة ملكوا إلى حضْرَمَوت وعفّوا آثار الحرمين وَأَنْتَ تلْعب؟! اجتمعتُ بِهِ بسَلَمْية، فَقَالَ: ارموا الخيام. فسبقتُه إلى حِمْص وبشَّرت المُعَظَّم، وأصبحت أطْلابُ الْأشرف مارَّة عَلَى حِمْص، وجاء طلب الْأشرف، واللَّه ما رَأَيْت أجْمَل منه ولا أحَسْن رجالا وعُدَّة، فاتّفقا عَلَى أن يدخلا في السَّحَر إلى طرَابُلُس يشوّشون عَلَى الفرنج. فأنْطَقَ اللَّه الْأشرفَ فَقَالَ: «يا خوند! عَوَض ما نَدْخُل السَّاحل وتضعُف خيلنا ويضيع الوقت ما نروح إلى دِمْيَاط ونستريح» . فقال المعظّم: قول
__________
[1] انظر أيضا: المختصر في أخبار البشر 3/ 128، وتاريخ ابن سباط 1/ 276.
[2] في ذيل الروضتين 128.
[3] الّذي قاله أبو شامة: «وزوّج المعظّم إحدى بناته ناصر الدين صاحب ماردين» ، وكذلك هو النص عند سبط ابن الجوزي (8/ 618) الّذي ينقل منه أبو شامة.
[4] خبر التتر في: ذيل الروضتين 128، وتاريخ الخميس 2/ 412.
[5] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 619.(44/55)
رُماة البُنْدق؟ قَالَ: نعم. فقبّل [1] المُعَظَّم قدمه. ونام الْأشرف، فخرجَ المُعَظَّم يصيح: الرحيل إلى دِمْيَاط، وساقَ إلى دمشق، وتبعته العساكر، وانتبه الْأشرف فدخل الحَمّام، فلم يرَ حول مخيّمه أحدا، فأخبروه فسكت، ثُمَّ سارَ فنزلَ القصير، فأقام أيَّامًا، ثُمَّ عرَض العساكر هُوَ وأخوهُ، وجَلسا في الطيّارة، وَالنَّاس يدعون لهما بالنّصر.
وأمّا فرنج دِمْيَاط فإنّهم خرجوا بالفارس والرَّاجل، وَكَانَ البحر زائدا جدّا، فجاءوا إلى تُرعة فأرسوا [2] عليها، وفتح المسلمون عليهم التّرع من كلّ مكان، وأحدقت بهم عساكر الكامل، فلم يبق لهم وصول إلى دمياط، وجاء أصطول المُسلمين فأخذوا مراكبهم، ومنعوا عَنْهُم المِيرة من دِمْيَاط، وكانوا خلقا عظيما، وانقطعت أخبارهم عن دمياط، وكان فيهم مائة كند [3] ، وثمانمائة من الخيّالة، وصاحب عَكَّا، ومن الرّجّالة ما لَا يُحصى. فَلَمَّا عاينوا الهَلاك أرسلوا إلى الكامل يطلبون الصُّلح ويسلّمون إِلَيْهِ دِمْيَاط، فأجابهم، ولو طوَّل روحه يومين لأخذ برقابهم. فبعث إليهم ولده نجمَ الدّين أيّوب وابن أخيه شمس الملوك، وجاءت ملوكهم إلى الكامل فتلقّاهم وأنعم عليهم، فوصل إِلَيْهِ المُعَظَّم والْأشرف بالجيوش في تِلْكَ الحال في رجب، فعمل الكامل سماطا عظيما، وأحضر ملوك الفرنج، ووقف في خدمته الْأخَوان والْأُمراء، وَكَانَ يوما مشهودا. وقام راجح الحِلّيّ الشاعرُ فأنشد قطعة مليحة منها:
ونادى لسانُ الكَوْنِ في الْأرضِ رَافِعًا ... عَقِيرَتَهُ في الخافِقَيْنِ ومُنْشِدا
أعُبَّادَ عيسى، إِنَّ عيسى وحِزْبه ... ومُوسى جَمِيعًا يَنْصُرَانِ مُحَمَّدا [4]
وأشار إلى الإخوة الثّلاثة.
__________
[1] تحرفت في المرأة إلى: «فقدّم» والتصحيح من: ذيل الروضتين.
[2] تحرفت في المطبوع من المرأة إلى: «فأرسلوا» ، والمثبت من ذيل الروضتين.
[3] الكند: هو الكونت. ويجمعها المؤرخون المسلمون آنذاك على: كنود. بمعنى الأمير.
[4] البيتان مع أبيات أخرى في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 921، وذيل الروضتين 130، والبداية والنهاية 13/ 95، والسلوك 210، ودول الإسلام 2/ 123، والإعلام والتبيين 54، وورد البيت الأخير فقط في: مفرّج الكروب 3/ 105.(44/56)
ثُمَّ سار الفرنج في البَرِّ والبَحْر إلى عَكَّا، ورجعت العساكر [1] .
[مصافاة الْأشرف والكامل]
وأقامَ الأشرف بمصر وصافى أخاه بعد ما كَانَ في النّفس ما فيها، واتّفقا عَلَى المُعَظَّم [2] .
[ولاية العهد للخليفة]
وفيها كتب الخليفةُ إلى الآفاق بإعادة أَبِي نصر مُحَمَّد إلى ولاية العهد [3] .
[قضاء دمشق]
وفيها ولي قضاء دمشق جمال الدّين المَصْرِيّ [4] .
[بناء سور دمشق]
وعُيِّن لبناء سور دمشق مائتا ألف دينار، وقد ذُرع فجاء دوره ستَّة آلاف ذراع.
[طمع الفرنج بمصر]
قَالَ المؤَيَّد [5] : طمعت الفرنج بأخذ الدّيار المصريّة، وبذل لهم الكامل بيت المَقْدِس، وعسْقلان، وطبريّة، وجَبَلَة، وأماكن، فأبَوْا، ثُمَّ جاءته أمداد الشام والجزيرة، ونزل النّصر.
__________
[1] انظر خبر (استرداد دمياط) في: الكامل في التاريخ 12/ 326- 331 (حوادث سنة 614 هـ.) ، والتاريخ المنصوري 92، 93، وذيل الروضتين 128- 130، وتاريخ مختصر الدول 236، 237، وتاريخ الزمان 261، 262، ومفرّج الكروب 4/ 92- 106، وتاريخ المسلمين لابن العميد 134، والمختصر في أخبار البشر 3/ 129، 130، والدرّ المطلوب 209- 215، ونهاية الأرب 29/ 113- 118، ودول الإسلام 2/ 123، والعبر 5/ 72، 73، وتاريخ ابن الوردي 2/ 142، 143، والإعلام والتبيين 53، 54، ومرآة الجنان 4/ 39، والبداية والنهاية 13/ 95، وتاريخ ابن خلدون 5/ 349، 350، والعسجد المسبوك 2/ 392 وفيه إشارة إلى الخبر وأنّه سيذكر فيما بعد، ولم يذكر، والسلوك ج 1 ق 1/ 259، وتاريخ ابن سباط 1/ 277- 279، وتاريخ الأزمنة 212.
[2] ذيل الروضتين 130، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 621، 622، مفرّج الكروب 3/ 106.
[3] ذيل الروضتين 130، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 621.
[4] ذيل الروضتين 130.
[5] هو أبو الفداء في: المختصر في أخبار البشر 3/ 129.(44/57)
سنة تسع عشرة وستّمائة
[الجراد بالشام]
قَالَ أَبُو شامة [1] : فيها ظهر بالشّام [2] جراد عظيم أكل الزَّرْع والشَّجَر. فأظهر الملك المُعَظَّم أَنَّ ببلاد العَجَم طيرا يُقَال لَهُ السَّمرمر يأكل الجراد، فأرسل الصَّدْر البكْري المُحتسب، ورَتَّبَ معه صوفية، وَقَالَ: تمضي إلى العجم فهناك عين يجتمع عليها السَّمرمر، فتأخذ من مائها في قوارير، وتعلّقها على رءوس الرِّماح، فَإِذَا رآها السّمرمر تبِعك. وما كَانَ مقصوده إِلَّا أنْ بعثه إلى السُّلْطَان جلال الدّين ابن علاء الدّين ليتّفق معه، وَذَلِكَ لَمَّا بلغه اتّفاق أخويه بمصر عَلَيْهِ. فسار البكْري واجتمع بجلال الدّين، وقَرَّر معه الْأمور بِأَذْرَبِيجَان، وجعله سَنَدًا لَهُ. فَلَمَّا عاد ولّاه مشيخة الشّيوخ مَعَ حِسْبة دمشق [3] .
[كثرة الحجيج]
وفيها حجّ خلقٌ كثير لكونها وقفة الْجُمُعة، وازدحم النَّاس بمكَّة حتّى ماتَ جماعة، قَالَ ابنُ بنت الْجَوْزيّ [4] : وحَجّ من اليمن صاحبُها الملك المسعود ابن الكامل في عسكر عظيم، ومنعَ علمَ النّاصر لدين اللَّه أن يصعد الجبل، وأصْعدَ علم أَبِيهِ، ولَبِسَ السِّلاح وَقَالَ لجُنده: إنْ أصعدوا علم الخليفة فاكسروه، وانهبوا البغاددة. وَيُقَال: إِنَّهُ أذِنَ في العَلَم في آخر شيء، وبدا منه جبروتٌ عظيم.
حكى لي [5] شيخُنا جمالُ الدين الحَصِيريّ، قَالَ: رأيته وقد صعِد عَلَى قُبَّة
__________
[1] في ذيل الروضتين 131.
[2] هكذا في الأصل نقلا عن أبي شامة في الذيل، أما في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 623 «ظهر بالعراق» ، مع أن أبا شامة ينقل عن المرآة!.
[3] في المرآة، وذيل الروضتين أن الجراد كان قد قلّ، فلما عاد البكري كثر الجراد! وانظر الخبر في:
نهاية الأرب 29/ 119، 120، وهو باختصار في البداية والنهاية 13/ 98.
[4] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 624.
[5] القائل هو سبط ابن الجوزي.(44/58)
زَمْزَم وَهُوَ يرمي حمام مكَّة بالبُنْدق، وَرَأَيْت غلمانه يضربون النَّاس بالسّيوف في أرجلهم في المَسْعَى ويقولون: اسعوا قليلا قليلا، فإنّ السُّلْطَان نائم سكْران في دار السّلطنة الّتي في المسعى، والدّم يجري عَلَى ساقات النَّاس! قَالَ أَبُو شامة [1] : استولى المسعود عَلَى مكَّة وبنى القبَّة عَلَى مقام إِبْرَاهِيم، وكثُر الْجَلَب إلى مكَّة في أيّامه، ولعِظَم هيبته قلَّت الْأشرار، وأُمِنَتِ الطُّرق [2] .
[نقل تابوت العادل]
قَالَ: وفيها نقل تابوت العادل إلى تربته، فأُحضر إلى حصن الجامع وصلّى عَلَيْهِ الخطيب الدَّوْلَعِيّ، وألقى الدّرس بمدرسته القاضي جمال الدّين المَصْرِيّ، وحضر السُّلْطَان الملك المُعَظَّم، وبحث، وجَلس المُدرِّس عن يسار السُّلْطَان، وعن يمينه شيخ الحنفيّة جمال الدّين الحصيريّ، ويليه فخر الدّين ابن عساكر شيخ الشَّافِعِيَّة، ثُمَّ القاضي شمس الدّين ابن الشّيرازيّ، ثمّ محيي الدّين ابن الزَّكي، وتحت المُدّرِّس السيف الآمديّ، ثُمَّ القاضي شمس الدّين ابن سَنِيّ الدّولة، ثُمَّ نجم الدّين خليل قاضي العَسْكَر. ودارت حلقة صغيرة، والخلْق مِلْء الإيوان، وَكَانَ قِبالة المُعَظَّم في الحلقة شيخُنا تقيّ الدّين ابن الصَّلاح [3] .
[ملْك صاحب المَوْصِل قلعة شوش]
وفيها ملك بدر الدّين لؤلؤ صاحب المَوْصِل قلعة شوش عَلَى مرحلتين من المَوْصِل، وَكَانَ صاحبها عماد الدّين زنكي قد سار إلى أُزْبك بن البَهْلوان سلطان أَذْرَبِيجَان، وخدَم معه، وأقطعه خبزا [4] ، وأقام عنده [5] .
__________
[1] في ذيل الروضتين 132.
[2] وانظر الخبر أيضا في: المختصر في أخبار البشر 3/ 131، 132، ونهاية الأرب 29/ 121- 123، والبداية والنهاية 13/ 98، والسلوك ج 1 ق 1/ 213.
[3] الخبر في ذيل الروضتين 132، 133، وهو بإشارة في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 624، ونقله ابن كثير في: البداية والنهاية 13/ 97، 98.
[4] في طبعة مؤسسة الرسالة (الطبقة الثانية والستون) ص 58 «وأقطعه خيرا» ! وهذا غلط فاحش.
[5] انظر خبر (قلعة شوش) في: الكامل في التاريخ 12/ 411، 412، ومفرّج الكروب 4/ 115،(44/59)
[استيلاء التَّتَار عَلَى القفجاق]
وفيها استولت التَّتَار عَلَى بلاد القَفْجَاق [1] .
[خروج غياث الدين لقتال جلال الدين]
وفيها، أَوْ في حدودها، بلغ جلال الدّين ابن خُوَارِزْم شاه أَنَّ شمس الدّين أيتمش قاصده في ثلاثين ألف فارس ومائة ألف راجل، فتجلَّد جلال الدّين عَلَى مُلتقاه، وسار، وقدَّم قُدّامه جهان بهلوان أُزبك، فخالفه يَزَكُ أيتمش فهجم عَلَى جماعة منهم، وحضر إلى جلال الدّين من أعلمه، ثُمَّ وصل بعد ذَلِكَ رَسُول أيتمش يطلب الصُّلح وَيَقُولُ: لَيْسَ يخفى عليك ما وراءنا من عدوّ الدّين وَأَنْتَ سلطان المُسلمين وابن سلطانهم، وَإنْ رَأَيْت أنْ أزوّجك ابنتي. فمال السُّلْطَان جلال الدّين إلى ذَلِكَ ولم يضرّ من ذَلِكَ حاله.
ثُمَّ جاءته الْأخبار أَنَّ أيتمش وقباجة وسائر ملوك الهند قد اتّفقوا عَلَى جلال الدّين، وأن يُمسكوا عَلَيْهِ حافَّة البَحْر، فعظُم ذَلِكَ عَلَيْهِ، واستناب جَهان عَلَى ما ملكه من الهِنْد، وسار إلى العراق وقاسي الشَّدائد والمشاقّ في تِلْكَ البراري الّتي بين الهند وكَرْمان، فوصل في أربعة آلاف منهم من هُوَ راكب البَقَر والحمير وَذَلِكَ في سنة إحدى وعشرين وستّمائة. ثُمَّ قدِم شيراز فأتاه الْأتابك علاء الدّولة مُذْعنًا بالطّاعة، لأنّه كَانَ قد استوحش من أخيه غياث الدّين، فرغب جلال الدّين فيه، وخطب بنته، فزوّجه بها، واستظهر جلال الدّين بمصاهرته. ثُمَّ رحل إلى أصبهان ففرحوا بقدومه، وأخرجوا لَهُ الخيل والسِّلاح، فَلَمَّا بلغ غياث الدّين توسُّطُه في البلاد ركب إِلَيْهِ في ثلاثين ألف فارس، فرجع جلال الدّين عند ذَلِكَ آيسا ممّا كَانَ يؤمّله، وسيَّر إلى غياث الدّين رسولا يَقُولُ: «حَتَّى ضاقت عَليّ الأرض بما رحبت، قصدتك لأستريح عندك أيّاما، وحيث علمت أَنَّ ما عندك للضّيف غير
__________
[ () ] والمختار من تاريخ ابن الجزري 115.
[1] انظر: الكامل في التاريخ 12/ 406، وقد ذكر المؤلّف- رحمه الله- العبارة نفسها في: المختار من تاريخ ابن الجزري 115، وانظر: مفرّج الكروب 4/ 108.(44/60)
السّيف رجعت» . فَلَمَّا بلغت غياث الدّين الرسالة، عاد عمّا كَانَ عزم عَلَيْهِ من قتال أخيه جلال الدّين، وتفرّقت عساكره.
وَكَانَ جلال الدّين قد سيّر مَعَ رسوله عدَّة خواتيم يوصلها إلى جماعة من الْأُمراء، منهم من تناول الخاتم وسكت وأجاب إلى القدوم عَلَيْهِ، ومنهم من سارع بالخاتم إلى غياث الدّين فغَضِبَ وقبضَ عَلَى الرَّسُول، فركب جلال الدّين في ثلاثة آلاف، وأسرع حَتَّى أناخَ بغياث الدّين وَهُوَ عَلَى غير أُهبة للمصافّ، فركب فرس النَّوبة وهرب. ودخل جلالُ الدّين خيمة غياث الدّين وبها والدة غياث الدّين، فزادَ في احترامها، وأنكرَ هروبه وَقَالَ: ما بقي من بني أَبِي سواه. فسيَّرت والدته خلْفهُ، فعادَ إِلَيْهِ فأكرمه.
وحضر إلى باب جلال الدّين من كان بخراسان والعراق ومازندران من المُتَغَلِّبين عَلَى البلاد، ففرَّق العُمّال عَلَى البلاد، وسار نحو خُوزِستان، وسيَّر رسولا إلى بَغْدَاد، فأكرموه وفرحوا بسلامة جلال الدّين في مثل هذا الوقت الصّعب.(44/61)
سنة عشرين وستّمائة
[عودة الْأشرف من مصر]
قَالَ أَبُو شامة [1] : فيها عاد الملك الْأشرف من مصر فالتقاه المُعَظَّم وعرض عَلَيْهِ النّزول بالقلعة، فامتنع ونزل بجَوسق والدِه العادِل، وبدت الوَحْشة بين الإخوة الثّلاثة، وأصبح الْأشرف رَحَلَ من السَّحر، ونزلَ عَلَى ضُمَيْر [2] ، ثُمَّ سار إلى حَرّان، وَكَانَ قد استناب أخاه شهاب الدّين غازي صاحب ميافارقين عَلَى خِلاط، وجعله وليَّ عهدهِ ومكَّنهُ من بلاده، فسوَّلت لَهُ نفسه العصْيان، وحسَّن لَهُ ذَلِكَ الملكُ المُعَظَّم، وكاتبه، وأعانه. وكذا كاتبه صاحب إربل وقالوا: نَحْنُ وراءك.
فأرسل الْأشرف إلى غازي يطلبه فامتنع، فأرسل إِلَيْهِ: «يا أخي، لَا تَفْعَل، وأنت وليُّ عهدي، والبلاد بحُكْمك» . فأظهر العصيان، فجمع الْأشرفُ عساكره وعسْكر حلب، وقصد خِلاط [3] .
[الوَقْعَة بين التَّتَار وَالقَفْجَاق والروس]
وَقَالَ ابن الْأثير [4] : فيها كانت الوَقْعَة بين التَّتَار الَّذِين جازوا دَرْبَند، وبين القَفْجَاق والرُّوس، وصبر الفريقان أيّاما، ثُمَّ انهزم القَفْجَاق والرُّوس، ولم يَسْلم منهم إلّا اليسير. والحمد للَّه [5] .
__________
[1] ذيل الروضتين 133، 134.
[2] من قرى غوطة دمشق، بين يدي ثنية العقاب.
[3] الخبر أيضا في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 625، ومفرّج الكروب 4/ 129، 130، وزبدة الحلب 3/ 194، 195، والبداية والنهاية 13/ 99، ونهاية الأرب 29/ 126.
[4] في الكامل 12/ 387، 388 (حوادث سنة 617 هـ) .
[5] وانظر الخبر في: المختار من تاريخ ابن الجزري 116، 117، وتاريخ الخميس 2/ 412.(44/62)
[تراجم رجال هذه الطبقة]
سنة إحدى عشرة وستمائة
[حرف الألف]
1- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد [1] بن مُحَمَّد بن عُبَيْد اللَّه بن وَدْعة.
أَبُو العَبَّاس، أَبُو عَليّ [2] البَّغْدَادِيّ، النَّصْريّ [3] ، الخَبّاز، المعروف بابن دادا [4] .
سَمِعَ: أَحْمَد بن منصور بن المُؤَمِّل الغَزّال، والمُبارك بن كامل بن حُبَيْش.
وَكَانَ يذكر أَنَّهُ سَمِعَ من قاضي المارستان [5] ، وأنّه ولد قبل العشرين وخمسمائة.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وابنُ النَّجَّار.
2- أَحْمَد ابن القاضي أَبِي يَعْلَى مُحَمَّد [6] ابن القاضي أَبِي خازم [7] محمد بن
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي بن أحمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 207، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 302 رقم 1347، والمختصر المحتاج إليه 1/ 199، 200، وتوضيح المشتبه 1/ 550.
[2] هكذا في الأصل، وكان الأفضل أن يقال: «وأبو علي» ، إذ له كنيتان.
[3] النصري: بفتح النون المشدّدة، وسكون الصاد المهملة، وراء. نسبة إلى النصرية محلّة من محالّ بغداد. (المنذري، ابن ناصر الدين) .
[4] دادا: بدالين مهملتين مفتوحتين. (المنذري) .
[5] وهو أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري. قال المنذري: ولم يوجد. (التكملة 2/ 302) .
[6] انظر عن (أحمد بن أبي يعلى محمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 223، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 309 رقم 1358، والمختصر المحتاج إليه 1/ 109، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 76، 77 رقم 244، والوافي بالوفيات 8/ 123 رقم 3538، وشذرات الذهب 5/ 44، 45، والمنهج الأحمد 339، والمقصد الأرشد رقم 142، والدر المنضد 1/ 334، 335 رقم 957.
[7] هكذا قيّده المؤلف- رحمه الله- في الأصل، وكذا في المشتبه 1/ 202، وبالخاء المعجمة،(44/63)
القاضي الكبير أَبِي يَعْلَى مُحَمَّد بن الحُسَيْن ابن الفرّاء.
أبو العبّاس الحنبليّ، البغداديّ، المعدّل.
ولد بواسط بعد الأربعين إذ أبوه قاضيها.
وسمع من: سعيد ابن البنّاء، وأبي بكر ابن الزَّاغُونيّ، وأبي الوَقْت، وغيرهم.
وَهُوَ من بيت القضاء والعِلْم والحديث. كتبَ بخطّه كثيرا لنفسه وللنّاس [1] .
وَتُوُفِّي في الثّاني والعشرين [2] من شعبان.
روى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وابن النَّجَّار، والطّلبة.
وأجازَ لابن مسْدي، وجماعة.
3- أَحْمَد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم [3] .
أَبُو جَعْفَر الخُشَنيّ [4] ، القُرْطُبيّ، المعروف بالآجُرِّيّ [5] . وآجُرّ حصن بالْأندلس بقرب قُرْطُبَة.
أخذ القراءات عن أَبِي خَالِد المروانيّ. وحج فسمع من أبي الطاهر إسماعيل بن عوف، وأبي عبد الله الحضرميّ.
وأقرأ، وحدّثَ [6] .
__________
[ () ] وتابعه ابن ناصر الدين في: التوضيح 3/ 15. ووقع في الوافي بالوفيات 8/ 123 «حازم» بالحاء المهملة، ومثله في: الذيل على طبقات الحنابلة 2/ 76.
[1] وقال ابن القادسي: كان خيّرا من أهل الدين والصيانة، والعفّة والديانة.
[2] في الذيل على طبقات الحنابلة، وشذرات الذهب: «الثاني عشر» .
[3] انظر عن (أحمد بن محمد بن إبراهيم) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 103، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1 ق 1/ 397، 398 رقم 565.
[4] الخشنيّ: بضم الخاء وفتح الشين المعجمتين ونون.
[5] الآجرّي: بفتح الهمزة وتشديد الجيم المعقودة وراء مشدّدة.
[6] وقال ابن عبد الملك الأنصاري: وكان زاهدا متقشّفا، عابدا، متصوّفا، ناسكا، مجاهدا، مغتنم اللقاء، مرجوّ البركة، أم بمسجد الحبيب من شرقي قرطبة زمانا وبه كان يقرئ القرآن ويسمع الحديث ويذكّر. وكان من أحرص الناس على طلب العلم وتعلّمه وبثّه ونشره. (الذيل والتكملة 1/ 398) .(44/64)
4- أَحْمَد بن مُحَمَّد بن حسن [1] بن عَبْد الملك.
أَبُو جَعْفَر الفِهْريّ، المُرْسي، القُرطاجنيّ.
أخذ قراءَتَيْ نافع وابن كَثِير عن أَبِي الحَسَن بن هُذيل. وأقرأ القراءات.
وتوفّي في ربيع الأول.
5- أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [2] بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي المطرّف بن سعيد بن جرج [3] .
أبو القاسم القرطبيّ.
سمع مصنّف النّسائي على أبي جعفر البطروجيّ. وَسَمِعَ «صحيح» مُسْلِم من أَبِي إِسْحَاق بن ثَبَات.
حَدَّثَ عَنْهُ ابن الطَّيْلسان، وَقَالَ: تُوُفِّي في رجب وَلَهُ تسعون سنة وأشهُر.
قلتُ: هَذَا من كبار الرُّواة بقُرْطُبَة. أجاز لابن مُسْدي [4] .
6- أَحْمَد بن هبة اللَّه [5] بن العلاء.
أَبُو العَبَّاس المخزوميّ، البغداديّ، ابن الزّاهد أبي المعالي.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد بن حسن) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 104، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1 ق 1/ 409 رقم 601.
[2] انظر عن (أحمد بن محمد بن عبد الله) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 104، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1 ق 2/ 448، 449 رقم 660، وسير أعلام النبلاء 22/ 30 رقم 25.
[3] تصحف في تكملة الصلة إلى «خرج» .
[4] وقال ابن عبد الملك الأنصاري: وكان في وقته بقية أكابر الشيوخ بقرطبة، نبيه القدر، قديم الشرف، من أهل المروءة والصيانة، طويل العمر. عاش دهره كلّه لم يتولّ فيه خطّة ولا طلب لأحد من أهل الدنيا جاها ولا حظوة، ولا ادّخر ولا احتكر، ولم يزل معظّما عند الخاصة والعامة. ولد في صفر [سنة] إحدى وعشرين وخمسمائة. (الذيل والتكملة ج 1 ق 2/ 448) .
[5] انظر عن (أحمد بن هبة الله) في: الكامل في التاريخ 12/ 305، ومعجم الأدباء 5/ 84- 86، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 236، وإنباه الرواة 1/ 138، والمختصر المحتاج إليه 1/ 224، 225، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 304، 305 رقم 1350، والعسجد المسبوك 2/ 347 وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 140، وبغية الوعاة 1/ 395 رقم 783.(44/65)
أديبٌ بارعٌ، وشاعرٌ مُحسن.
تأدّب عَلَى ابن الخشّاب. وَسَمِعَ من عَبْد الوهّاب الأَنْمَاطِي، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ: العمادُ الكاتب من شِعره، وابنُ الدُّبَيْثِي، وابنُ النَّجَّار.
نَيّفَ عَلَى الثّمانين، وَتُوُفِّي في رجب.
7- إبراهيم ابن الفقيه عَليّ [1] بن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بن المبارك بن أَحْمَد بن بَكْروس.
الفقيه أَبُو مُحَمَّد الحَنْبَلِيّ، المُعَدَّل.
تفقّه عَلَى أَبِيهِ وعمّه أَبِي العَبَّاس أَحْمَد، وَسَمِعَ منهما، ومن أَبِي الفتح ابن البطِّي. وحدّث.
وَتُوُفِّي في عشْر الستّين.
وقد درَّسَ، وأفتى، وناظر، وكتب الكثير، وعُني بالحديث أتمّ عناية ثُمَّ إِنَّهُ انخلعَ من ذَلِكَ، وصارَ صاحب خبرٍ بباب النُّوبي، ولبس الثّوب المُزَنَّد، وتقلَّد السَّيف، وظلمَ وفتكَ، وَكَانَ آخر أمره أن ضرب حتّى مات، ورمي في دجلة [2] .
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن علي) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 570، 571، وذيل الروضتين 87، 88، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 295، 296 رقم 1339، والبداية والنهاية 13/ 68، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 69، 70 رقم 241 وفيه: «إبراهيم بن محمد علي بن محمد بن المبارك» وقد أقحم «محمد» في الطباعة، والمختصر المحتاج إليه 1/ 233، وعقد الجمان 17/ ورقة 349، والمنهج الأحمد 337، ومختصر ذيل طبقات الحنابلة 56، والدر المنضد 1/ 333 رقم 953.
[2] قوله: رمي في دجلة، نقله المؤلّف- رحمه الله- عن أبي شامة. وقد علّق ابن رجب على ذلك فقال: وقد وجد أبو شامة في ابن بكروس مجالا للمقال، فقال فيه وأطال، وأظهر بعض ما في نفسه فيه وفي أمثاله، حيث لم يمكنه القول في أكابر الرجال، وذكر أنه رمي به في دجلة، وهذا لم يصح بحال. وذكر القادسي في تاريخه: أن والده سمّاه عبد الرحمن، فرأى في منامه النبي صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يسمّيه إبراهيم، ويكنيه أبا محمد.
شهد عند قاضي القضاة ابن الشهرزوريّ، وولي نظر وقوف الجامع، ولي النيابة بباب النويي سنة أربع وستمائة، فغيّر لباسه، وتغيّرت أحواله، وأساء السيرة بكثرة الأذى، والمصادرة، والجنايات للناس والسعي بهم، ولم تكن تأخذه في ذلك لومة لائم.
قال ابن القادسي: حدّثني عبد العزيز بن دلف الخازن، قال: كان ابن بكروس يلازم قبر معروف الكرخي، فسمعته وهو يدعو أكثر الأوقات: اللَّهمّ مكّنّي من دماء المسلمين ولو يوما واحدا، قال: فمكّنه الله من ذلك.(44/66)
8- إِبْرَاهِيم بن يوسف [1] بن مُحَمَّد بن دِهاق.
أَبُو إِسْحَاق الْأوسي المالقيّ، المعروف بابن المرأة.
رَوَى «الموطّأ» عَن أَبِي الحَسَن بن حُنين، وعَليَّ بن إسْمَاعِيل بن حِرْزهم.
قَالَ الْأبّار [2] : وَكَانَ فقيها، حافظَا للرأي، أديبا، غلب عَلَيْهِ علمُ الكلام فرأس فيه. وشرح كتاب «الإرشاد» لأبي المعالي الْجُوينيّ، وصنّف كتابا في الإجماع. وكانت العامَّة حزبَهُ. وأقرأ علم الكلام بمُرْسية.
[حرف الباء]
9- بدر بن جَعْفَر [3] بن عُثْمَان.
أَبُو النَّجم النُّمَيريّ [4] ، الواسطيّ، الضّرير، الشّاعر.
كَانَ من كبار الشّعراء بالعراق.
تُوُفِّي في رمضان عن أربع وسبعين سنة.
__________
[ () ] قال: فقمت متعجّبا من قوله، ولم يزل على ذلك إلى أن قبض عليه في ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وستمائة، وضرب حتى تلف.
وقال القادسي: وكان الناسخ صاحبا له، فقبض عليه معه، وحبس وضرب، وقرّر عليه مال، ثم أطلق ولم يؤخذ منه شيء.
ذكر القادسي أنه أنشد قبل موته مستشهدا لغيره:
قضيت نحبي، فسرّ قوم ... بهم غفلة ونوم
فقد كان يومي عليّ حتم ... أليس للشامتين يوم؟
فقرأ سورة يس، فلما بلغ إلى قوله تعالى: إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ 36: 53 جعل يكرّرها إلى أن مات.
قال: واجتمع الناس لخروج جنازته، وأغلق باب النوبيّ، فأخرجت جنازته نصف الليل من باب العامة، وحمل إلى باب أبرز، فدفن إلى جانب مشهد أولاد الحسن، سامحه الله وتجاوز عنه.
(الذيل على طبقات الحنابلة 2/ 69، 70) .
[1] انظر عن (إبراهيم بن يوسف) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 164، والوافي بالوفيات 6/ 171 رقم 2627، والديباج المذهب لابن فرحون 90.
[2] في تكملة الصلة 1/ 164.
[3] انظر عن (بدر بن جعفر) في: معجم البلدان 1/ 365، 366، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 282، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 311 رقم 1362، وتاريخ ابن الفرات 155/ 158.
[4] ويعرف أيضا بالأميري، كما في: معجم البلدان، ونكت الهميان، والوافي بالوفيات.(44/67)
[حرف التاء]
10- تاجُ النّساء، أخت زاهر بن رُسْتُم الأصبهاني:
سكنت مَكَّة، وكانت مُقدّمة الصّوفيّات. وعاشت بضعا وتسعين سنة.
وروت بالإجازة عَن أَبِي منصور عَبْد الرَّحْمَن بن زُرَيْق القزّاز، وَأَبِي الحَسَن بن عَبْد السَّلَام.
رَوَى عَنْهَا ابنُ خليل.
وَتُوُفِّيت بمَكَّة.
[حرف الحاء]
11- الحُسَيْن بْن مُحَمَّد [1] بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بن الحسين.
أبو الفضل الآمديّ، ثمّ الواسطيّ، العَدْل.
سَمِعَ من جَدّه أَبِي مُحَمَّد أَحْمَد بن عُبَيْد اللَّه.
وحدّث ببَغْدَاد، وَالمَوْصِل.
12- حمزة بن إِبْرَاهِيم [2] بن عَبْد اللَّه.
أَبُو يَعْلَى الدِّمَشْقِيّ، الْجَوْهَرِيّ، الخَيّاط بالمِزَّة، الزّاهد.
حَدَّثَ عن: أَبِي يَعْلَى حمزة بن كروَّس، وَأَبِي الْقَاسِم بن عساكر، وَعَبْد الرَّحْمَن بن أَبِي الحَسَن الدَّارانيّ.
رَوَى عَنْهُ: الضّياءُ المَقْدِسِيّ.
وَتُوُفِّي في ربيع الْأَوَّل.
[حرف الدال]
13- دُلْدُرم [3] ، الْأمير الكبير بدر الدين الياروقيّ.
__________
[1] انظر عن (الحسين بن محمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 198، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 305 رقم 1352، والمختصر المحتاج إليه 2/ 43، 44 رقم 626.
[2] انظر عن (حمزة بن إبراهيم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 294 رقم 1335.
[3] انظر عن (دلدرم) في: ذيل الروضتين 87، ومفرّج الكروب 3/ 224، والمختصر في أخبار البشر(44/68)
صاحبُ تل باشر. ورَّخه أَبُو شامة [1] . وعُمِل عزاؤه بحلب. وَكَانَ مُقَدَّم الجيوش الحَلَبيَّة مدَّةً.
[حرف الزاي]
14- زيد بن ثابت [2] بن مُقلَّد بنُ هدّاب.
أَبُو عَبْد اللَّه البَغْدَادِيّ، الوَرَّاق.
سَمِعَ من: المبارك بن كامل بن حُبَيْش، وعَليِّ بن المبارك الجصّاص.
وَتُوُفِّي فِي شعبان.
[حرف السين]
15- سالم بْن أَحْمَد [3] بن سالم بن أَبِي الصّقْر.
أَبُو المُرَجى البَغْدَادِيّ، النَّحْوِيّ، العَرُوضيّ.
أخذَ الْأدب عن جماعة. ومدحَ بالشّعر غيرَ واحد.
وَتُوُفِّي في ذي القِعْدَة.
16- سعد اللَّه بْن مُحَمَّد [4] بْن سعد اللَّه بْن عَبْد الباقي بن مُجالد.
أَبُو مُحَمَّد البَجَلِيّ، الكوفيّ.
__________
[3] / 115، وتاريخ ابن الوردي 2/ 132، والوافي بالوفيات 14/ 24 رقم 19 وفيه: «دلدلرم» ، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 155.
[1] في ذيل الروضتين 87.
[2] انظر عن (زيد بن ثابت) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 54، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 307 رقم 1355، والمختصر المحتاج إليه 2/ 70 رقم 668.
[3] انظر عن (سالم بن أحمد) في: معجم الأدباء 11/ 178 رقم 50، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 74، وإنباه الرواة 2/ 67 رقم 287 و 289، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 317 رقم 1374، والوافي بالوفيات 15/ 78 رقم 101، وتلخيص مجمع الآداب 4 رقم 184، وتلخيص ابن مكتوم، ورقة 80، 81، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 145، وبغية الوعاة 1/ 575.
[4] انظر عن (سعد الله بن محمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 59، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 294 رقم 1337.(44/69)
سَمِعَ من عمِّه يَحْيَى بن سعد اللَّه الكُوفِيّ.
وحدَّث من بيته جماعةٌ.
[حرف الصاد]
17- صالح بن سَعِيد [1] بن إسْمَاعِيل بن الحُسَيْن.
[أَبُو] [2] التُّقَى الفِهْري، القُرَشِيّ، العياضيّ، المَصْرِيّ، المعروف بابن قادوس.
ولد سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة.
وأجاز لَهُ عَبْد اللَّه بن رفاعة، وجماعة.
ووَليَ الخطابةَ بالجامع الَّذِي بسَفْح المُقَطَّم مدَّةً.
وَتُوُفِّي في رمضان.
رَوَى عَنْهُ: الزّكيّ المُنْذري.
18- صَلَف بنت أَبِي البركات [3] بن أَبِي حرب الواسطيّ.
أُمّ الخير الواعظة.
صحبت الشَّيْخ أَبَا النّجيب السُّهْرَوَرْدي، وسمِعت معه من أَبِي الوَقْت [4] .
وحدّثت.
[حرف العين]
19- عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم [5] بْن الحَسَن بن مَنْتال [6] .
أَبُو مُحَمَّد الْأنْدَلُسِيّ، المُرْبيطريّ [7] ، الورّاق.
__________
[1] انظر عن (صالح بن سعيد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 316 رقم 1369.
[2] إضافة من التكملة.
[3] انظر عن (صلف بنت أبي البركات) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 300، 301 رقم 1342.
[4] هو عبد الأول بن عيسى السجزيّ.
[5] انظر عن (عبد الله بن إبراهيم) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 882.
[6] في التكملة: «منتيال» .
[7] المربيطريّ: منسوب إلى مدينة «مربيط» بالأندلس بينها وبين بلنسية أربعة فراسخ. ضبطها ياقوت(44/70)
سَمِعَ من أَبِي العطاء بن نَذير، وجماعة. وحجّ، فسمع ببِجاية من أَبِي مُحَمَّد عَبْد الحقّ الإشبيليّ، وبالإسكندرية من أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن الحضْرميّ.
قَالَ الْأبَّار [1] : وكتب عِلمًا كثيرا بخطّه عَلَى رداءته. وَكَانَ يتّجر في الكتب.
ولد قبل الخمسين وخمسمائة، وَتُوُفِّي في ذي القِعْدَة، وأجاز لي.
20- عَبْد اللَّه بن الحَسَن [2] بْن أَحْمَد بْن يَحْيَى.
أبو بكر ابن القُرْطُبيّ، الْأَنْصَارِيّ، الْأنْدَلُسِيّ، المالقيّ.
سَمِعَ: أَبَاه أَبَا عَليّ، وأبا بَكْر بن الجد، وأبا عَبْد اللَّه بن زَرْقون، وأبا الْقَاسِم بن حُبَيْش، وخلْقًا نحوهم. وأجاز لَهُ أَبُو مروان بن قُزْمان، وابن هُذَيْل، وجماعة.
وعُنيَ بالحديث، وَرَوَى العاليَ والنّازل.
قَالَ الْأبَّار [3] : وَكَانَ من أهل المعرفة التَّامة بصناعة الحديث والبَصَر بها، والإتقان والحِفظ لأسماء الرِّجال، والتَّقَدُّم في ذَلِكَ، مَعَ المعرفة بالقراءات، والمشاركة في العربيّة، وقد نُوظرَ عَلَيْهِ في «كتاب» سِيبَوَيْه. ورثَ براعة الحديث عن أَبِيهِ، ولم يكن أحدٌ يدانيه في الحِفْظ والجرح والتّعديل إِلَّا أفراد من عصره.
قال أبو محمد ابن حَوْط اللَّه: المحدّثون بالْأنْدَلُس ثلاثة: أَبُو مُحَمَّد ابن القرطبي،
__________
[ () ] بالضم ثم السكون وياء موحّدة مفتوحة، وياء مثناة من تحت ساكنة، وطاء مفتوحة، وراء. (معجم البلدان 5/ 99) وفي الروض المعطار للحميري، ضبطها محقّقه الدكتور إحسان عباس: «مربيطر» بكسر الباء الموحّدة، وهو بالإسبانية (Murviedro) : ويكتب أيضا: «مرباط» ، وهو حصن يبعد 21 كيلومترا إلى الشمال من بلنسية. (الروض المعطار 540 المتن والحاشية) . وانظر: نزهة المشتاق للإدريسي 2/ 538 و 556 وفيه: «مرباط» . وعلى هذا تأتي نسبته «مربيطري» و «مرباطري» .
[1] في تكملة الصلة 2/ 882 بتصرّف.
[2] انظر عن (عبد الله بن الحسن) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 879- 882، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 320، 321 رقم 1379، وتذكرة الحفاظ 4/ 1396، 1397، وسير أعلام النبلاء 22/ 69، 70 رقم 50، وبغية الوعاة 2/ 37، وشذرات الذهب 5/ 48.
[3] في تكملة الصلة 2/ 881.(44/71)
وأبو الربيع بن سالم، وسكت عن الثّالث. فيرونه عنى نفسه. قُلْتُ [1] : ولم يكن أَبُو الْقَاسِم المَلّاحي بدونهم. وَكَانَ ابن القُرْطُبيّ كريمَ الخلال، مُحبّبًا إلى النَّاس، مُعَظّمًا في نفوس الخاصّة والعامَّة. أخذَ النَّاس عَنْهُ وانتفعوا بِهِ، وفاتني أن ألقاه.
تُوُفِّي بمالقة في ربيع الآخر. ووُلد سنة ستٍّ أَوْ ثمان وخمسين وخمسمائة، رحمه اللَّه.
قُلْتُ [2] : وقد اختصّ بأبي الْقَاسِم السُّهيليّ ولازمَه، وولي خطابة مالقة.
21- عَبْد اللَّه بن المبارك [3] بن عُبَيْد اللَّه بن الحَسَن.
أَبُو الْقَاسِم الصُّوفِيّ، البَغْدَادِيّ، البَزَّاز.
سَمِعَ من: نصر بن نصر العكبري، وأبي الوقت السجزي، وغيرهما.
وحدَّث.
وَتُوُفِّي في ثالث شعبان.
22- عَبْد السَّلَام ابن الفقيه عَبْد الوهّاب [4] ابن الشَّيْخ عَبْد القادر الجِّيلي.
ركنُ [5] الدّين، أَبُو منصور الّذي أحرقت كتبه وتكلّموا فيه.
__________
[1] ما زال القول لابن الأبّار.
[2] القول للمؤلف الذهبي- رحمه الله-.
[3] انظر عن (عبد الله بن المبارك) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 108، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 308 رقم 1356، والمختصر المحتاج إليه 2/ 168، 169 رقم 807.
[4] انظر عن (عبد السلام بن عبد الوهاب) في: الكامل في التاريخ 12/ 305، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 571، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 142، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 303، 304 رقم 1348، وذيل الروضتين 88، وتاريخ الحكماء 228، 229، وتاريخ إربل 1/ 377، 378 رقم 285، والجامع المختصر لابن الساعي 9/ 82، 118، 147، 284، والمختصر في أخبار البشر 3/ 116، وميزان الاعتدال 2/ 130، والمختصر المحتاج إليه 3/ 39، 40 رقم 810، وسير أعلام النبلاء 22/ 55، 56 رقم 39، وفوات الوفيات 2/ 324، 325، والوافي بالوفيات 18/ 429- 431 رقم 440، وتاريخ ابن الوردي 2/ 132، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 71- 73 رقم 242، والبداية والنهاية 13/ 68، والعسجد المسبوك 2/ 347، وعقد الجمان 17/ ورقة 346، 349، والقلائد للتادفي 45، والنجوم الزاهرة 6/ 192، وشذرات الذهب 5/ 45، 46، والتاج المكلل 223، والمنهج الأحمد 338، ومختصر ذيل طبقات الحنابلة 56، والمقصد الأرشد رقم 639، والدر المنضد 1/ 333 رقم 954.
[5] تحرّفت في: المختصر في أخبار البشر إلى: «الدكن» .(44/72)
وكان صديقا لعليّ ابن جمال الدّين ابن الْجَوْزيّ، والجامع بينهما قِلَّة الدِّين.
قَالَ شمسُ الدّين أَبُو المُظَفَّر الواعظ [1] : قَالَ لي خالي أَبُو الْقَاسِم عَليّ يوما بعد موت جدّي بيسير: لي صديقٌ يشتهي أن يراك، ولم يُعرِّفني من هُوَ، فمَشيت معه، فأدخَلني دارا فشَممْتُ رائحة الخَمْر، وَإِذَا الرُّكن عَبْد السَّلَام وعنده مُرْدان، وَهُوَ في حالة قبيحة، فلم أقعد، وخرجتُ، فصاح خالي والرُّكن، فلم ألتفت، فتبعني خالي وَقَالَ: خَجَّلتني من الرجل!! فَقُلْتُ: لَا جزاك اللَّه خيرا! وأغلظتُ لَهُ.
وُلد الرَّكن في سنة ثمانٍ وأربعين. وَسَمِعَ من جَدّه، وابن البَطِّيّ، وجماعة.
وقرأ بنفسه، وكتب. وأُنكر عَلَيْهِ نظرُهُ في علم النّجوم. ثُمَّ درّس بمدرسة جَدّه وغيرها. وولي عدَّة ولايات.
وَتُوُفِّي في ثالث رجب.
قَالَ ابن النَّجَّار: ظهر عَلَيْهِ أشياء بخطّه من العزائم وتبخير الكواكب ومخاطبتها بالإلهيَّة، وأنّها المُدبّرة للخلْق، فأحضر وأُوقف عَلَى ذلكَ، فأقَرّ أَنَّهُ كتبه مُعْجبًا لَا مُعْتقدًا، فأُحرق ذَلِكَ مَعَ كتبٍ بخطّه في الفَلْسفة، وَكَانَ يوما مشهودا وَذَلِكَ في سنة ثمان وثمانين. وسُلّم ما كَانَ بيديه في المدرستين إلى ابن الْجَوْزيّ. ثُمَّ بعد مدّة أعيدتا إليه. ثمّ بعد السّتّمائة رُتِّب عميدا ببَغْدَاد مستوفيا للمكْس وللضّرائب، ومُكّنت يده، وشرعَ في الظُّلم والعَسْف. ثُمَّ بعد مدَّةٍ حُبس وغُرّم وخمل. سَمِعَ من أَحْمَد بن المُقَرَّب، ومن جَدّه. ولم يُحدّث بشيءٍ. وَكَانَ لطيف الْأخلاق، ظريفا، إلّا أَنَّهُ فاسد العقيدة. عاش ثلاثا وستّين سنة [2] .
__________
[1] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 571.
[2] وقال ابن الأثير: وكان يتّهم بمذهب الفلاسفة، حتى إنه رأى أبوه يوما عليه قميصا بخاريا، فقال:
ما هذا القميص؟ فقال: بخاريّ. فقال أبوه: هذا عجب! ما زلنا نسمع: مسلم والبخاري، وأما كافر والبخاريّ فما سمعنا. وأخذت كتبه قبل موته بعدّة سنين، وأظهرت في ملإ من الناس، ورئي فيها من تبخير النجوم ومخاطبته زحل بالإلهيّة، وغير ذلك من الكفريات، ثم أحرقت بباب العامّة، وحبس ثم أفرج عنه بشفاعة أبيه، واستعمل بعد ذلك. (الكامل 12/ 305) .(44/73)
23- عَبْد العزيز بن أَبِي نصر محمود [1] بن المبارك بن محمود.
الحافظ أبو محمد ابن الْأخضر الْجُنابَذِيّ [2] الْأصل، البَغْدَادِيّ، التّاجر، البَزَّاز.
وُلد سنة أربع وعشرين وخمسمائة.
وسمع سنة ثلاثين وخمسمائة وبعدها وهلُمّ جرّا. وكتب الكثير، وعُنيَ بالفنِّ أتمَّ عناية.
سَمِعَ من: أَبِي بَكْر قاضي المارستان، وأبي القاسم ابن السّمرقندي، ويحيى ابن الطّرّاح، وَعَبْد الوهّاب الْأَنْمَاطِي، وَعَبْد الجبّار بن تَوْبة، وَأَبِي منصور بن خيرون، وأبي الْحَسَن بْن عَبْد السَّلَام، وَأَبِي سعد البَغْدَادِيّ، وَأَبِي الفضل الْأُرْمَوي، وابن ناصر، وخلقٍ كثير. وحصَّل الْأُصول، وغالى في أثمانها.
وحدّث نحوا من ستّين سنة، وصنّف تصانيف مفيدة. وَكَانَ حافظ العراق في زمانه، وكانت لَهُ حلقة بجامع القصر للحديث. وتخاريجه تدلّ عَلَى حِفْظه وتبَحّرِه. وكان ثقة، صالحا، ديّنا، عفيفا.
__________
[ () ] وقال ابن المستوفي: قدم رسولا إلى إربل، إلى مظفّر الدين صاحبها، من الديوان العزيز، وما أعلم أنه حدّث بها ولا بغيرها. (تاريخ إربل 1/ 377) .
[1] انظر عن (عبد العزيز بن محمود) في: معجم البلدان 2/ 121، والتقييد لابن نقطة 364 رقم 464، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 257، والكامل في التاريخ 12/ 305، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 317، 318 رقم 1372، وذيل الروضتين 88، وكشف الغمّة للإربلي 5، 109، 135، وتلخيص مجمع الآداب 1/ 290 و 3/ 583، والمختصر في أخبار البشر 3/ 117، ودول الإسلام 2/ 115، والعبر 5/ 38، وتذكرة الحفاظ 4/ 1383، والمعين في طبقات المحدّثين 188 رقم 1995، والإعلام بوفيات الأعلام 251، والإشارة إلى وفيات الأعيان 319، والمختصر المحتاج إليه 3/ 47، 48 رقم 825، وسير أعلام النبلاء 22/ 31، 32 رقم 246، والبداية والنهاية 13/ 68، ومرآة الجنان 4/ 21، وعقد الجمان 17/ ورقة 350، والنجوم الزاهرة 6/ 211، والمنهج الأحمد 339، والمقصد الأرشد رقم 670، والدر المنضد 1/ 335، 336 رقم 959، وشذرات الذهب 5/ 46، 47، وديوان الإسلام 1/ 178، 179 رقم 264، وهدية العارفين 1/ 579، والتاج المكلّل 223، وإفادة النصيح 121، والأعلام 4/ 28، ومعجم المؤلفين 5/ 262.
[2] منسوب إلى الجنابذ بضم الجيم وفتح النون، قرية من قرى نيسابور، قيدها المنذري في التكملة 2/ 1372.(44/74)
وَكَانَ والده قد سَمِعَ من إسْمَاعِيل بن ملّة، وحجّ سنة خمس وثلاثين وخمسمائة وَلَهُ أربعون سنة، فلم يرْجع وعُدِمَ.
قَالَ الدُّبَيْثِي [1] : لم أرَ في شيوخنا أوفرَ شيوخا منه، ولا أغْزَر سماعا، وحدّث بجامع القصر سنين كثيرة.
وَقَالَ ابن نُقْطة [2] : كَانَ ثَبْتًا، ثقة، مأمونا، كثير السَّماع، واسع الرواية، صحيح الْأصول، منه تعلّمنا واستفدنا، وما رأينا مثله.
قلت: روى عنه الحُفّاظ: ابنُ نُقْطة، والدّبيثيّ، وابنُ النَّجَّار، والضّياء، والبِرْزاليّ، وابن خليل، والزِّين خَالِد، وَأَحْمَد بن مُحَمَّد بن بُنَيّمان الهَمَدَانيّ، وَمُحَمَّد بن نصر بن عَبْد الرّزّاق الجِّيلي، وعَليُّ بن ميران [3] سبط العاقُوليّ، والعفيف عَليّ بن عَدْلان المَوْصِليّ النَّحْوِيّ، وعَليُّ بن مُحَمَّد بن زُرَيْق، وَأَحْمَد بن الحُسَيْن الدَّاريّ، الخليليّ، وَمُحَمَّد بن سَعيد بن النّشف الواسطيّ، والجمال يحيى ابن الصَّيْرَفِيّ، والنّجيب عَبْد اللّطيف وأخوه العزّ عَبْد العزيز، والنّجيب مِقْداد بن أَبِي الْقَاسِم القَيْسيّ، والعَلَم أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم بن أَحْمَد الْأنْدَلُسِيّ، وإسرائيل بن أَحْمَد القُرَشِيّ، وابنه عَليّ بنُ الْأخضر، وخلقٌ سواهم.
وَتُوُفِّي في سادس شوّال.
قَالَ ابنُ النَّجَّار: سمَّعهُ أَبُوه من جماعة، وَأَوَّل طلبه من الْأُرْمَوي وابن ناصر، وما زال يسمع حَتَّى قرأ عَلَى شيوخنا. كتب كثيرا لنفسه، وتوريقا للنّاس في شبابه. قرأت عَلَيْهِ [4] كثيرا في حلقته وفي حانوته للبَزِّ بخان الخليفة. وَكَانَ ثقة، حُجَّة، نبيلا. ما رَأَيْت في شيوخنا مثله في كثرةٍ مسمُوعاته، وحُسْن أُصوله، وحِفْظه، وإتقانه. وَكَانَ أمينا، ثخين السّتر، متديّنا، ظريفا.
__________
[1] في التاريخ، الورقة 147.
[2] في التقييد 364.
[3] تحرّف في: تذكرة الحفاظ 4/ 1385 إلى: «مهران» .
[4] في الأصل: «على» وهو سبق قلم.(44/75)
قُلْتُ: وأجاز للكمال عَبْد الرَّحْمَن المُكَبِّر [1] .
24- عَبْد الكريم بن أَحْمَد [2] بن مُحَمَّد.
الإِمَام أَبُو الفضل القُرَشِيّ، البَوَازِيجِيّ [3] الضّرير، المقرئ، نزيل المَوْصِل.
قرأ بها القراءات عَلَى يَحْيَى بن سَعْدُون. وتَفَقَّه عَلَى يونس بن مَنَعة الإربليّ. وَسَمِعَ «المقامات» من أَبِي سعد مُحَمَّد بن عَليّ الحِلّيّ صاحب الحريريّ. وَسَمِعَ من تاج الإِسْلَام ابن خميس.
قرأ عليه بالروايات تقيّ الدّين أَحْمَد بن نَوْفل النَّصيبيّ. وَرَوَى عَنْهُ ولده عزّ الدّين مُحَمَّد بن عَبْد الكريم ويُعرف بابن حزميَّة.
مات في هَذَا العام بالموصل. أرَّخه الفَرَضيّ [4] .
25- عَبْد اللّطيف بن مُحَمَّد [5] بن ثابت.
الخطيب أَبُو الْقَاسِم الخُوَارِزْمِي، ثُمَّ الأصبهانيّ.
وُلد في سنة تسعٍ وعشرين وخمسمائة.
وَسَمِعَ حُضُورًا من زاهر الشَّحَّامِيّ. وَسَمِعَ من فاطمة بنت البَغْدَادِيّ.
رَوَى عَنْهُ: الضّياء، وابنُ خليل، وجماعة، والزّكيّ البِرْزالي. وأجاز للشيخ الفخر، وللشيخ شمس الدّين عَبْد الرَّحْمَن، والشمس عَبْد الرحمن ابن الزّين، وجماعة.
__________
[1] هو شيخ المستنصرية المشهور. وقال ابن القطيعي: صنّف كتابا سمّاه «تنبيه اللبيب» فأبان فيه عن علم غزير، وحفظ كثير.
وقال أبو شامة: صنّف الكتب الحسان، في الأبواب والشيوخ والفضائل. وقال: تصانيفه تدلّ على فهمه، وضبطه، وحسن معرفته.
وقال المنذري: حدّث مدة طويلة نحوا من ستّين سنة. وصنّف تصانيف مفيدة، وانتفع به جماعة، ولنا منه إجازة. وكان حافظ العراق في وقته.
[2] انظر عن (عبد الكريم بن أحمد) في: تاريخ إربل 1/ 364 رقم 259.
[3] منسوب إلى البوازيج، قرية كانت بالقرب من بغداد.
[4] وقال ابن المستوفي: زرته غير مرة ولم أسمع منه.
[5] انظر عن (عبد اللطيف بن محمد) في: الإعلام بوفيات الأعلام 251.(44/76)
ورَّخه الضّياء.
26- عَليّ بن عَبْد اللَّه [1] بن أَبِي البركات فَضْل اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مَخْلَد.
القاضي الأجلّ، أبو المكارم الْأَزْدِيّ، المَخْلَديّ، الواسطيّ، المُعَدَّل، المعروف بابن الْجَلَخْت.
ولد سنة ثلاثين وخمسمائة.
وَسَمِعَ بواسط من: عمِّ أَبِيهِ أَبِي الكرم نصر اللَّه بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد، وَأَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَلِيّ الجلابي.
وحدث ببَغْدَاد، وواسط. وَكَانَ من بقايا الرُّواة المُسْندين. ووليَ نيابةَ الحُكْم بواسط.
وَسَمِعَ منه: يوسف بن مُحَمَّد بن بَخْتِيَار، وَمُحَمَّد بن أَحْمَد الزُّهْرِيّ، وَأَبُو عَبْد اللَّه الدُّبَيْثِي، وجماعة.
تُوُفِّي في ثاني شوّال، وقد نيّفَ عَلَى الثّمانين.
27- عَليّ بن عَليّ [2] بْن أَبِي السَّعادات الْمُبَارَك بْن الْحُسَيْن بْن نَغُوبا [3] .
أَبُو المُظَفَّر الواسطيّ العدل.
ولد سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة.
وسمع من: جدّه أبي السّعادات، وعليّ ابن البسريّ، ومن أبي الكرم نصر الله ابن الجلخت، وأبي عبد الله الجلّابيّ.
__________
[1] انظر عن (علي بن عبد الله) في: تاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 142، 143، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 316، 317 رقم 1371، والمختصر المحتاج إليه 3/ 126 رقم 1007.
[2] انظر عن (علي بن علي) في: إكمال الإكمال لابن نقطة (الظاهرية) ورقة 59، وتاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 149، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 312، 313 رقم 1364، والمختصر المحتاج إليه 3/ 131، 132 رقم 1022، وسير أعلام النبلاء 22/ 24 رقم 18.
[3] نغوبا: بفتح النون وضم الغين المعجمة. اسم قرية لجدّهم لقّب بها.(44/77)
وَكَانَ شيخا جليلا مُسْنِدًا.
سَمِعَ أَيْضًا ببَغْدَاد من: أَبِي الفضل الْأُرْمَوي، وابن ناصر، وأنوشتكين الرّضوانيّ، وَعَبْد الباقي بن أَحْمَد النَّرسيّ.
وَهُوَ أخو أَبِي بَكْر عَبْد اللَّه، وَأَبِي المعالي عُبَيْد اللَّه.
سَمِع منه: أَحْمَد بْن طارق، وجعفر بن محمد العبّاسيّ، وتميم البندنيجيّ، وَأَبُو عَبْد اللَّه الدُّبَيْثِي، وجماعةٌ.
وَتُوُفِّي بمارستان واسط في سادس عشر رمضان.
28- عَليّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [1] بْن إِبْرَاهِيم بْن مُوسَى.
الفقيه أَبُو الحَسَن الخَزْرَجِي، الإشبيليّ، ثُمَّ الفاسيّ المعروف بالحصّار.
أخذ عن: أبي القاسم بن حُبيش، وأبي عبد اللَّه مُحَمَّد بن حُمَيْد.
وَكَانَ إماما فاضلا، كثير التّصانيف، بارعا في أصول الفقه. حجّ، وجاور، وصنّف في أصول الفقه، وصنّف كتابا في النّاسخ والمَنْسوخ، وكتاب «البيان في تنقيح البُرْهان» . وَلَهُ أرجوزةٌ في أصول الدّين شرحها في أربع مجلّدات. وَلَهُ شعر حسن.
رَوَى عَنْهُ زكيُّ الدّين المُنذِريّ، وَقَالَ [2] : تُوُفِّي بالمدينة النّبويّة في شعبان.
وأجاز [3] لابن مسدي، وَقَالَ: وقفت لَهُ عَلَى كتابٍ سمّاه: «تقريب المدارك في رفع الموقوف ووصل المقطوع من حديث مالك» ، اختصر فيه بعض معاني كتاب «التّمهيد» لابن عَبْد البرّ.
29- عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي تمّام [4] .
__________
[1] انظر عن (علي بن محمد بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار رقم 1918، وصلة الصلة لابن الزبير 119، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 309، 310 رقم 1359، والاقتباس 470، ونيل الابتهاج للتنبكتي 400، والوافي بالوفيات 22/ 131 رقم 71.
[2] في التكملة 2/ 310.
[3] من هنا إلى نهاية الترجمة ورد على هامش الأصل بخط المؤلف- رحمه الله-.
[4] انظر عن (علي بن محمد بن أبي تمام) في: صلة الصلة لابن الزبير 124، وتكملة الصلة لابن(44/78)
أَبُو الحَسَن القُرْطُبيّ الطّائيّ.
قرأ عَلَى أَبِيهِ «الموطّأ» بروايته عَن أَبِي عَبْد اللَّه بن الطّلّاع، وأبي الوليد بن رشد. وأخذ القراءات والعربيّة عن أَبِي مُحَمَّد بن دَحْمان.
وَكَانَ إماما فاضلا وَرِعًا.
تُوُفِّي في ذي القِعْدَة.
30- عَليّ بْن محمود [1] بْن الحَسَن بْن هبة اللَّه ابن النّجّار.
أبو الحسن أخو الحافظ محبّ الدّين محمد ابن النّجّار البغداديّ.
قتل في ليلة خامس عشر رمضان عن سبعٍ وأربعين سنة، وَكَانَ قد سَمِعَ من ابن الْجَوْزيّ، وجماعة، ووليَ النَّظر عَلَى الأيتام.
وكان بارعا في الحساب والفرائض.
31- عَليّ بن المُفَضَّل [2] بن عَليّ بن أَبِي الغَيْث مُفَرّج بن حاتم بن الحَسَن بن جَعْفَر.
العلّامة الحَافِظ شرفُ الدّين أَبُو الحَسَن ابن القاضي الْأنجب أَبِي المكارم
__________
[ () ] الأبار، رقم 1887، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 5 ق 1/ 285 رقم 569.
[1] انظر عن (علي بن محمود) في: تاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 161، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 311، 312 رقم 1363، والوافي بالوفيات 22/ 181، 182 رقم 129.
[2] انظر عن (علي بن المفضّل) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 306، 307 رقم 1354، ووفيات الأعيان 3/ 290- 292 رقم 404، وتاريخ إربل 1/ 295، وعقود الجمان لابن الشعار 4/ ورقة 289، وتلخيص مجمع الآداب 2/ 655، والمعين في طبقات المحدّثين 188 رقم 1998، والإشارة إلى وفيات الأعيان 319، والإعلام بوفيات الأعلام 251، وتذكرة الحفاظ 4/ 1390، والعبر 5/ 38، 39، ودول الإسلام 2/ 115، وسير أعلام النبلاء 22/ 66- 69 رقم 49، ومرآة الجنان 4/ 21، والوافي بالوفيات 22/ 217 رقم 156، والبداية والنهاية 13/ 68، والنجوم الزاهرة 6/ 212، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 159- 165، وحسن المحاضرة 1/ 354، وطبقات الحفاظ 489، والبدر السافر، ورقة 33 ب، وشذرات الذهب 5/ 47، 48، والتاج المكلّل 82، وديوان الإسلام 4/ 291 رقم 4060، وإيضاح المكنون 1/ 265، وهدية العارفين 1/ 704، ونيل الابتهاج 200، والأعلام 5/ 23، ومعجم المؤلفين 7/ 244، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 133 رقم 1084.(44/79)
اللَّخْمي، المَقْدِسِيّ الْأصل، الإسكندرانيّ، الفقيه المالكيّ، القاضي.
وُلد في ذي القِعْدَة سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة.
وتَفَقَّه بالثَّغر عَلَى: الإِمَام أَبِي طَالِب صالح بن إسْمَاعِيل ابن بنت مُعافي، وَالإِمَام أَبِي الطّاهر بن عوْف، وأبي مُحَمَّد عَبْد السَّلَام بن عَتِيق السَّفاقُسِيّ، وَأَبِي طَالِب أَحْمَد بن المُسلّم اللَّخْميّ التَّنُوخِيّ. وَسَمِعَ منهم، ومن السِّلَفيّ فأكثر عنه وانقطع إليه وتخرّج به، ومن أبي عبيد نعمة الله بن زيادة الله الغفاريّ، وهو من قدماء شيوخه، حدَّثَه عن عيسى بن أَبِي ذَرٍّ الهَرَويّ. وَسَمِعَ أَيْضًا من: أَبِي الضّياء بدر الخداداذيّ، وسالم بن إِبْرَاهِيم الْأُموي، وَمُحَمَّد بن عَليّ بن خلف، وَعَبْد الرَّحْمَن بن خلف اللَّه المقرئ، وطائفة.
وقدِمَ مصر سنة أربعٍ وسبعين فشهِدَ بها عند قاضي القُضاة أَبِي الْقَاسِم عَبْد الملك بن دِرْباس. وَسَمِعَ من: العلّامة عَبْد الله بْن بَرِّي، وعَليِّ بن هبة اللَّه بن عبد الصّمد الكامليّ، وهبة الله ابن الطُّوَيْر، وَمُحَمَّد بن عَليّ الرَّحبيّ، وطائفة.
وجاور بمكّة، وسمع بالحجاز من: أحمد ابن الحَافِظ أَبِي العلاء العَطَّار، وَأَبِي سعد عَبْد الواحد بن عَليّ الْجُوَيْنِيّ، وجماعة.
وحدَّث بالحرمين، ومصر، والثَّغر [1] . وناب في القضاء بالإسكندرية مدَّةً.
ودرَّس بالمدرسة المعروفة بِهِ، ودرَّس بالقاهرة بالمدرسة الصَّاحبية إلى حين وفاته.
وَكَانَ إماما بارعا في المذهب، مُفتيًا، مُحدّثًا حافظا، لَهُ تصانيف مفيدة في الحديث، وغيره. وَكَانَ وَرِعًا خيّرا، حسن الْأخلاق، كثير الإغضاء مُتفنِّنًا في العلم، كبير القدر، عديم النَّظير.
رَوَى عَنْهُ: الزّكيّ البِرْزالي، والزكيّ المُنذريّ، والرشيد العَطَّار، والعَلَم عَبْد الحقّ بن مكّيّ ابن الرَّصاص، والشّرف عَبْد الملك بن نصر الفِهْري الفوّي [2] اللّغويّ، والمجد عليّ بن وهب ابن دقيق العيد المالكيّ، وإسحاق بن ملكويه
__________
[1] يعني الإسكندرية.
[2] منسوب إلى «فوة» البلدة التي بين القاهرة والإسكندرية.(44/80)
الصّوفيّ، ومحتسب الإسكندرية الحَسَن بن عُثْمَان القابسيّ، والجمال مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الهواريّ التّونسيّ، وَمُحَمَّد بن مُرتضى بن أَبِي الجود، والشّهاب إسْمَاعِيل القُوصِيّ، والشَّرف عُمَر بن عَبْد اللَّه السُّبْكيّ القاضي، وَمُحَمَّد بن عَبْد الخالق بن طَرْخان، والنّجيب أَحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن السَّفاقُسِيّ، والمحُيي عَبْد الرَّحِيم بن عبد المنعم ابن الدّميريّ، وخلق سواهم.
قَالَ الحَافِظ المنذريّ [1] : وَكَانَ- رحمه اللَّه- جامعا لفنون من العلم حَتَّى قَالَ بعض الفُضلاء لَمَّا مُرّ بِهِ محمولا عَلَى السّرير ليُدفن: «رحمك اللَّه يا أَبَا الحَسَن، فقد كنت أسقطتَ عن النَّاس فُروضًا» .
قَالَ [2] : وَتُوُفِّي في مستهلّ شعبان بالقاهرة، ودُفن من يومه بسفح المقطّم.
وَلَهُ- رحمه اللَّه- مقاطيع مليحة منها:
ولمياء تُحيي منْ تُحيّي بريقه ... كَأَنَّ مِزاج الرّاح بالمسك من [3] فيها
وما ذُقت فاها غير أنّي رويته ... عن الثقةِ المِسْواك وَهُوَ موافيها [4]
وَلَهُ:
أيا نفسُ بالمأثورِ عن خير مُرْسلٍ ... وأصحابه والتَّابعينَ تمسَّكي
عساكِ إِذَا بالغْتِ في نشر دينهِ ... بما طابَ من نشرٍ لَهُ أن تُمسّكي
وخافي غدا يومَ الحساب جهنما ... إِذَا لفحت نيرانها أن تَمسَّكي [5]
قُلْتُ: ليت نفسه قبلت منه، وتمسَّكت بإمرار الصِّفات من غير تأويل! 32- عَليّ بن أَبِي بَكْر الهَرَويّ [6] ، الزّاهد السّائح.
__________
[1] في التكملة 2/ 307.
[2] أي المنذري.
[3] في وفيات الأعيان: «في» .
[4] وفيات الأعيان 3/ 291، تاريخ ابن الفرات 5 ق 1/ 163.
[5] المصدر نفسه.
[6] انظر عن (علي بن أبي بكر الهروي) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 315، 316 رقم 1368، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 205، 206، ومفرّج الكروب لابن واصل 3/ 224،(44/81)
تقيّ الدّين الَّذِي طوّف الْأقاليم.
وَكَانَ يكتب عَلَى الحيطان، فقلّ ما تجد موضعا مشهورا في بلدٍ إِلَّا وَعَلَيْهِ خطّه.
وُلد بالموصل، واستوطن في آخر عُمره حلب، وَلَهُ بها رباط. وَلَهُ تواليف حسنة. وَكَانَ يعرف سِحْر السّيمياء، وبه تقدّم عند الظّاهر صاحب حلب، وبنى لَهُ مدرسة بظاهر حلب، فدرّس بها. وصنّف خطبا، ودفن في قُبة المدرسة في رمضان.
قَالَ فيه القاضي ابن خلّكان [1] : كاد يطبق الأرض بالدَّوران، ولم يترك برّا ولا بحرا ولا سهلا، ولا جبلا ممّا يمكن رؤيته إِلَّا رآه وكتب خطّه في حائط ذَلِكَ الموضع، وبه ضربَ المثل ابنُ شمس الخلافة فَقَالَ في رجل يستجدي بالْأوراق:
أوراقُ كُدْيته في بيتِ كلِّ فتى ... عَلَى اتِّفاق معانٍ واختلاف روي
قد طبَّقَ الْأرض من سهلٍ إلى جبلٍ ... كَأَنَّهُ خطُّ ذاك السائح الهَرَويّ
قَالَ جمال الدّين ابن واصل [2] : كَانَ عارفا بأنواع الحيل والشَّعْبَذَة، صنَّف خُطبًا وقدَّمها للنّاصر لدين اللَّه، فَوَقَّع لَهُ بالحسبة في سائر البلاد، وإحياء ما شاء من الموات والخطابة بحلب. وَكَانَ هَذَا التّوقيع بيده لَهُ بِهِ شرف، ولم يباشر شيئا من ذَلِكَ.
قلتُ: سَمِعَ من عَبْد المنعم الفراويّ تلك «الأربعين السّباعيّة» [3] .
__________
[225،) ] ووفيات الأعيان 3/ 346- 348، والمختصر في أخبار البشر 3/ 115، 116، والمشتبه 1/ 345، وسير أعلام النبلاء 22/ 56، 57 رقم 40، وتاريخ ابن الوردي 2/ 132، ومرآة الجنان 4/ 22، 23، وعقد الجمان 17 ورقة 350، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 158، 159، وكشف الظنون 196، وشذرات الذهب 5/ 49، وإيضاح المكنون 1/ 278، وهدية العارفين 1/ 705، وديوان الإسلام 4/ 352، 353 رقم 2147، ونهر الذهب للغزّيّ 2/ 293، والأعلام 5/ 73، ومعجم المؤلفين 7/ 47.
[1] في وفيات الأعيان: 3/ 346- 347.
[2] في مفرّج الكروب: 3/ 224- 225.
[3] السباعية: سباعية الإسناد.(44/82)
رَوَى عَنْهُ الصَّدْر البَكْري، وغيره. وَرَأَيْت لَهُ كتاب «المزارات والمشاهد» [1] الّتي عاينها في الدُّنْيَا فرأيته حاطب ليلٍ وعنده عامّية، لكنّه دوَّر الدُّنْيَا، ودخل إلى جزائر الفرنج، وَرَأَى العجائب [2] .
33- عُمَر بن يوسف [3] بن مُحَمَّد بن نَيْروز [4] .
أَبُو حفص البَغْدَادِيّ، المقرئ.
وُلد سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.
وقرأ القراءات عَلَى أَبِي الحَسَن عَليّ بْن عساكر البطائحي، وغيره. وَسَمِعَ من أَبِي الفتح ابن البَطِّيّ، وَيَحْيَى بن ثابت، وجماعة.
ويُعرف بصاحب ابن الشَعّار.
رَوَى عَنْهُ الدُّبَيْثِي، وَقَالَ [5] : كَانَ خيّرا ثقة، تُوُفِّي في تاسع جُمَادَى الْأولى.
وَكَانَ ختنَ شيخنا محمود بن نصر الشَعّار [6] .
[حرف الميم]
34- مُحَمَّد بْن أَحْمَد [7] بْن الحَسَن.
__________
[1] اسم الكتاب كاملا: «الإشارات إلى معرفة الزيارات» ، أصدره المعهد الفرنسي بدمشق للدراسات العربية سنة 1953 بتحقيق جانبين سورديل- طومين.
[2] وقال المنذري: وقلّما يخلو موضع مشهور من مدينة أو غيرها إلا وفيها خطّه حتى ذكر بعض رؤساء الغزاة البحرية أنهم دخلوا في البحر المالح إلى موضع وجدوا في برّه حائطا وعليه خطّه.
(التكملة) .
[3] انظر عن (عمر بن يوسف) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 205، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 295 رقم 1338، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 3106، والمختصر المحتاج إليه 3/ 116 رقم 965، وغاية النهاية 1/ 599 رقم 2438.
[4] في غاية النهاية: «بيروز» وفي تلخيص مجمع الآداب «فيروز» كلاهما تصحيف.
[5] في تاريخه، الورقة 205 (باريس 5922) .
[6] وقال ابن النجار: كتبت عنه وكان مقرئا مجوّدا فاضلا ديّنا صالحا صدوقا سليم الباطن والظاهر، مشتغلا بنفسه، حسن الأخلاق.
[7] انظر عن (محمد بن أحمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (شهيد علي 1870) ورقة 17، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 296، 297 رقم 1340، والمختصر المحتاج إليه (المستدرك) 2/ 234، 235 رقم 22.(44/83)
أَبُو عَبْد اللَّه الدُّوريّ.
قرأ القراءات الكثيرة عَلَى بدل بن أَبِي طاهر الجِّيلي، وَيَعْقُوب بن يوسف الحربيّ، ونصر اللَّه بن عَليّ ابن الكيّال.
وَتُوُفِّي في جُمَادَى الْأولى.
35- مُحَمَّد بن خلف [1] بن إِبْرَاهِيم بن أيّوب بن إِبْرَاهِيم بن عُبادة بن بالغ.
أَبُو بَكْر وَأَبُو عَبْد اللَّه القُرَشِيّ، الهاشميّ، الْأنْدَلُسِيّ.
من أهل بسْطة، وخطيبها.
رَوَى عن: أَبِي عَبْد اللَّه ابن الفرَس، وَإِبْرَاهِيم بن مُنبّه، وَعَبْد الرَّحْمَن بن القصير، وعَليِّ بن عَبْد العزيز بن مسعود.
وولي قضاء بسْطة فحُمِدت سيرته. وأقرأ القرآن، وحدّث. وَكَانَ ورعا مُتقنًا.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْقَاسِم الملّاحي، وغيره.
وعاش ستّا وثمانين سنة.
36- مُحَمَّد بن دَاوُد [2] بن عُثْمَان الدَّرْبَنْدِيّ، الصُّوفِيّ، الصّالح.
سَمِعَ: أَبَا طاهر السِّلَفيّ.
حَدَّثَ بدمشق، وبالخليل، وأقام بِهِ يخدم بمعلوم لَهُ، وبه تُوُفِّي في ربيع الْأَوَّل.
رَوَى عَنْهُ الزّكيّان: البرزاليّ والمنذريّ، وابن خليل، والشهاب القوصيّ، وقال: ولد بدربند سنة ثلاثين خمسمائة، ولقيته بالخليل سنة إحدى وتسعين وخمسمائة.
37- مُحَمَّد بن العَبَّاس [3] بن يَحْيَى بن أَبِي تمّام محمد ابن نور الهدي الحسين بن محمد.
__________
[1] انظر عن (محمد بن خلف) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 594، 595.
[2] انظر عن (محمد بن داود) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 294 رقم 1336، والمقفى الكبير للمقريزي 5/ 646 رقم 2239.
[3] انظر عن (محمد بن العباس) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 154، 155 رقم 392، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 301، 302 رقم 1345، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 26، والمختصر المحتاج إليه 1/ 104.(44/84)
الشريفُ الزّاهد، أَبُو تمام الزَّيْنَبي، الهاشميّ، البَغْدَادِيّ.
وُلد سنة ثلاثٍ وثلاثين.
وَسَمِعَ من أَبِي المعالي اللّحّاس، ولم يسمع في صغره.
وَكَانَ زاهدا عابدا، كبير الشّأن، كثير المُجاهدة، انقطع إلى العبادة في مسجد جَدّه نور الهُدى.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي [1] .
38- مُحَمَّد بن عَبْد الغنيّ [2] بن إِبْرَاهِيم.
القاضي أَبُو عَبْد اللَّه ابن المنجّم الرَّبَعيّ، الشافعيّ، الصّوّاف، المَصْرِيّ.
سَمِعَ: أَبَا طاهر السِّلَفيّ، وأبا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن ثَابِت ابن الكِيزانيّ.
رَوَى عَنْهُ: الحَافِظ عَبْد العظيم المُنذري، وغيره.
وَتُوُفِّي في عاشر رمضان.
39- مُحَمَّد بن عَليّ.
أَبُو العشائر ابن التُّلُولي اللَّبّان، الحَنْبَلِيّ.
قرأ القراءات والفقه. وَسَمِعَ من ابن البطّي، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ ابن النَّجَّار.
ومات في السّجن بواسط في شوّال.
40- مُحَمَّد بن عَليّ بن نصر ابن البلّ [3] .
__________
[1] في ذيل تاريخ مدينة السلام 2/ 154، 155.
[2] انظر عن (محمد بن عبد الغني) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 310 رقم 1361، والمقفى الكبير للمقريزي 6/ 94 رقم 2528.
[3] انظر عن (محمد بن علي بن نصر ابن البلّ) في: إكمال الإكمال لابن نقطة (الظاهرية) ورقة 41، والكامل في التاريخ 12/ 315، وذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 146، 147 رقم 381، وعقود الجمان لابن الشعار 6/ ورقة 89- 91، وذيل الروضتين 88، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 308، 309 رقم 1357، والمختصر المحتاج إليه 1/ 10، وسير أعلام النبلاء 22/ 75، 76 رقم 52، والوافي بالوفيات 4/ 180، 181، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 74- 76 رقم(44/85)
أَبُو المُظَفَّر الدُّوري، الواعظ ابن الحَنْبَلِيّ.
وُلد سنة سبع عشرة وخمسمائة.
وكان يمكنه السماع من هبة الله بن الحصين. ولكنّه إنّما قدِم بَغْدَاد شابّا فسمع من أحمد ابن الطّلايَّة، وابن ناصر، والوزير أَبِي نصر المُظَفَّر بن عبد الله بن جهير، وجماعة.
وكان يتكلّم في الوعظِ.
شاخ وعجز عن الحركة.
وَكَانَ شيخا صالحا مُتعبّدًا.
رَوَى عَنْهُ الدُّبَيْثِي وَقَالَ [1] : تُوُفِّي في شعبان.
وَقَالَ أَبُو شامة [2] : كان ابن البلّ يضاهي أبا الفرج ابن الْجَوْزيّ حَتَّى قِيلَ لَهُ: أيُّما أعلم أَنْتَ أم أَبُو الفَرَج؟ فَقَالَ: ما أرضاه يقرأ عَليّ الفاتحة! فبلغ ذَلِكَ ابن الْجَوْزيّ، فَقَالَ: ما أقرأ عَلَيْهِ الفاتحة بل اقرأ عَلَيْهِ: «قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ 112: 1» . وَكَانَ يتعصّب لَهُ حاكة [3] قَطُفْتا [4] ، ويحضره خلق كثير، إلى أن جرت لولده خصومة مَعَ بعض غلمان الجهة [5] أمّ الخليفة، فاستطال عَلَيْهِ، وأعانه والده فمنع من الوعظ وإلى أن مات.
(وأنشد عَنْهُ ابن النَّجَّار لنفسه:
__________
[243،) ] وتوضيح المشتبه 2/ 55، وعقد الجمان 17/ ورقة 349، 350، وشذرات الذهب 5/ 28، والمنهج الأحمد 338، والمقصد الأرشد رقم 1028، والدر المنضد 1/ 134 رقم 955.
[1] في ذيل تاريخ مدينة السلام 2/ 146، 147.
[2] في ذيل الروضتين 88.
[3] في ذيل طبقات الحنابلة 2/ 75 «حاكم» وهو تحريف.
[4] قطفتا: بالفتح ثم الضم، والفاء ساكنة، وتاء مثنّاة من فوق. قال ياقوت: كلمة عجمية لا أصل لها في العربية في علمي، وهي محلّة كبيرة ذات أسواق بالجانب الغربي من بغداد ... (معجم البلدان 4/ 374) .
[5] في الوافي بالوفيات 4/ 181: «الجهنية» وهو تحريف، يوضحه الكلمة التالية بعدها مباشرة، فالجهة هي أم الخليفة، وهو لقب واستعمال شائع لأمّهات الخلفاء العباسيين.(44/86)
يتوبُ عَليّ يدي قوْمٌ عُصَاةٌ ... أخافتهم مِنَ البارِي ذُنوبُ
وقَلبي مُظْلمٌ من طُول ما قدْ ... جنى فأنا عَلَى يدِ منْ أتوبُ؟
كأنّي شمعةٌ ما بَيْنَ قومٍ ... تُضيءُ لهم ويحرقها اللهيب [1]
وهو والد عائشة بنت محمد ابن البَلّ) [2] .
41- مُحَمَّد بن عَبْد الجبّار.
أَبُو عَبْد اللَّه القيسي، الدّانيّ، نزيلُ بلَنْسِية.
أخذ القراءات عن أَبِي جَعْفَر بن طارق. وَسَمِعَ كثيرا من ابن النِّعمة.
وَكَانَ مُجوّدًا مُحقَّقًا وَرِعًا.
مات في رمضان.
42- مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن [3] بن معالي القَزْوِينِيّ الوَارينيّ [4] .
ووارين قبيلةٌ بقزوين.
أجاز لَهُ مُحَمَّد الفُرَاويّ. وَسَمِعَ «سنن ابن ماجة» من ملكداد العَمركيّ، بسماعه من البَغَوِيّ.
مات بقزوين في ذي الحجّة [5] .
__________
[1] زاد في: سير أعلام النبلاء 22/ 76 بيتا رابعا:
كأنّي مخيط يكسو أناسا ... وجسمي من ملابسه سليب
وله شعر في: عقود الجمان، وذيل الروضتين، وذيل طبقات الحنابلة، والوافي بالوفيات.
[2] ما بين القوسين كتب على هامش نسخة الأصل. و «البلّ» : بفتح الباء الموحّدة، وتشديد اللام.
[3] انظر عن (محمد بن عبد الرحمن) في: التدوين في أخبار قزوين 1/ 314- 316.
[4] في التدوين 1/ 314 «الورائني» ، وهو تصحيف.
[5] وقال القزويني: كان فقيها أديبا شروطيا، ذكيا، قويم الطبع، بقي بعد أقرانه سنين محترما مرجوعا إليه ... وكان عنده إجازة الإمام محمد الفراوي وجماعة من مشايخ خراسان، وسمع منه الكثير الغرباء والبلديون، وسمعت منه، وابتلي بوفاة بنين كبار متوجّهين. وأنشد في مرثية ابنين له:
العيش من بعد الأحبّة ... يحتوي مرّ المذاق
موت مع الأحباب أحلى ... من حياة في فراق
تعس الطبيب وطبّه ... ما من قضاء الله واق
وإذا دنا أجل فما ... يغنيك من آس وراق
الدهر ينزل كلّ راكبة ... ويهبط كلّ راق(44/87)
43- مُحَمَّد بن عيسى [1] بن بركة [2] الجصّاص.
أَبُو الفتح.
بغداديّ، طَالِب حديث.
سَمِعَ من: يَحْيَى بن ثابت، وَأَبِي عَليّ أَحْمَد بن مُحَمَّد الرَّحَبِيِّ، وأَبِي محمد ابن الخشّاب، وطائفة.
وحدّث بالموصل، وإربل، والجزيرة.
وَتُوُفِّي برأس عين، أَوْ بغيرها، في جُمَادَى الْأولى.
قَالَ ابن النَّجَّار: كَانَ صدوقا، متعفّفا، ديِّنًا.
44- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سرايا [3] بن عَليّ.
أَبُو عَبْد اللَّه المَوْصِليّ، البَلَديّ [4] ، العدل، الكاتب.
ولد سنة تسع وعشرين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من: أَبِي الوقت السِّجْزِي، وَأَبِي زُرْعَة بن طاهر.
وحدّث بالموصل.
__________
[ () ] وانظر بقيتها في: التدوين.
وله أيضا مشيا على تصنيف لبعضهم:
هذا الكلام فدع ما دونه وذر ... لو استطعنا حملناه على البصر
بدت به لرسول الله معجزة ... من البيان إلى آياته الأخر
ما في البسيطة من مثل صاحبه ... وإن هذا لمن آياته الكبر
من أبيات أخرى.
[1] انظر عن (محمد بن عيسى) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 157، 158 رقم 396، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 542، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 300 رقم 1341، وتاريخ إربل 1/ 187، 188 رقم 91، ومختصر تاريخ بغداد لأبي الفتح ابن المكرّم الرزاز (كمبرج) ورقة 26، والمختصر المحتاج إليه 1/ 104.
[2] وقع في المطبوع من: تاريخ الإسلام (11 د- 620 هـ) ص 85 «بكرة» وهو خطأ من الطباعة.
[3] انظر عن (محمد بن محمد بن سرايا) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 130، 131، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 301 رقم 1344، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 554، والمختصر المحتاج إليه 1/ 127.
[4] البلدي: نسبة إلى «بلد» قرية كانت قرب الموصل.(44/88)
وَتُوُفِّي في جُمَادَى الْأولى [1] .
رَوَى عَنْهُ: البرزالي، والضّياء مُحَمَّد. واليلدانيّ، والقوصيّ وَقَالَ: باشر الدّيوان بالمَوْصِل، وَكَانَ أحد الفُضلاء المذكورين بالبيان، ثُمَّ لازم بيته، سَمِعْتُ منه بدمشق «مُسْنَد» عَبْد بن حُمَيْد.
45- مُحَمَّد بن أَبِي حامد [2] مُحَمَّد ابن الحَافِظ أَبِي مَسْعُود عَبْد الجليل بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد.
أَبُو بَكْر الأصبهاني، الْجُوباريّ، المعروف بابن كُوتاه [3] .
سَمِعَ من: جَدّه، ومن أبي عَبْد اللَّه الرُّسْتُميّ، ومسعودٍ الثَّقَفِيّ، وقبلهم من إسْمَاعِيل بن عَليّ الحمّاميّ.
رَوَى عَنْهُ الحَافِظ عَبْد العظيم، لقيه بمَكَّة، وَقَالَ: [4] سَأَلْتُهُ عن مولده فَقَالَ:
سنة أربعٍ وأربعين وخمسمائة، وَتُوُفِّي في العَشْر الوُسِط من رمضان بنواحي أصبهان.
قلتُ: وَرَوَى عَنْهُ الدُّبَيْثِي، والبِرْزالي، والضّياء. وأجاز لجماعةٍ من شيوخي.
وجُوبار: محلَّة [5] .
46- مُحَمَّد بن محمد [6] .
__________
[1] هكذا هنا ولعلّه وهم من المؤلّف- رحمه الله- أو سبق قلم، إذ أنه هو نفسه أثبت تاريخ وفاته في ليلة الحادي عشر من جمادى الآخرة، وذلك في: المختصر المحتاج إليه، وكذا فعل:
الدبيثي، والمنذري.
[2] انظر عن (محمد بن أبي حامد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 131، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 313، 314 رقم 1365، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 1594، والمختصر المحتاج إليه 1/ 128، والوافي بالوفيات 1/ 163 رقم 93.
وسيعيده المؤلف- رحمه الله- في وفيات السنة التالية برقم (109) وهو ذهول منه.
[3] كوتاه: لفظ فارسيّ معناه: القصير.
[4] في التكملة 2/ 313.
[5] جوبار: بضم الجيم، وآخره راء. محلّة بأصبهان. (معجم البلدان 2/ 137) .
[6] انظر عن (محمد بن محمد المخزومي) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 310 رقم 1360.(44/89)
القاضي أَبُو عَبْد اللَّه المَخْزُومِيّ، المَصْرِيّ، المعروف بالعاقد.
قَالَ الحَافِظ عَبْد العظيم: تُوُفِّي في عاشر رمضان، وَلَهُ خمسٌ وثمانون سنة.
حَدَّثَ بكتاب «العُنوان» في القراءات. رأيتُه ولم يتّفق لي السّماع منه.
47- مُحَمَّد بن معالي [1] بن غَنِيمة.
أَبُو بَكْر البَغْدَادِيّ المأمُونيّ، المُقرئ، الفقيه، المعروف بابن الحَلاويّ، الحَنْبَلِيّ.
من كبار أصحاب أبي الفتح ابن المَنِّي. كَانَ إماما، مُفْتيًا، متعبّدا، ورِعًا، صالحا، خيّرا، عارفا بالمذهب.
ولد بعد الثّلاثين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من: أَبِي الفتح الكَرُوخي، وابن ناصر، وأبي القاسم ابن البنّاء، وأبي بكر ابن الزّاغونيّ.
وحدّث، وأقرأ، وأمَّ بمسجد المأمونيّة.
رَوَى عنه: أبو عبد الله الدبيثي، وابن النجار، والضّياء، وغيرهم.
وَتُوُفِّي في الثّامن والعشرين من رمضان.
وعليه تفقّه مجد الدّين ابن تيمية. (وأجاز للفخر ابن البُخاري، وللشيخ شمس الدّين عَبْد الرَّحْمَن، وللكمال عَبْد الرَّحِيم بن عَبْد الملك، وَأَبِي الفَرَج عَبْد الرحمن المُكَبِّر، وأبي مُحَمَّد بن اللّمش بماردين. وعاش ثمانين سنة، رحمه الله) [2] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن معالي) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 143، 144، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 314، 315 رقم 1367، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 1257، والإعلام بوفيات الأعلام 251، والإشارة إلى وفيات الأعيان 319، والعبر 5/ 39، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 77- 79 رقم 245، والوافي بالوفيات 5/ 40 رقم 2017، والنجوم الزاهرة 6/ 212، والمنهج الأحمد 339، والمقصد الأرشد رقم 1063، والدر المنضد 1/ 335 رقم 958 وشذرات الذهب 5/ 48، 49، ومعجم المؤلفين 12/ 39.
[2] ما بين القوسين كتب على هامش الأصل.(44/90)
48- مُحَمَّد بْن أَبِي الْقَاسِم [1] بن أَبِي شجاع.
الفقيه أَبُو المُظَفَّر الرَّاشديّ، الهمذانيّ، الحنفيّ، الْأُصوليّ.
صدْرُ مُحتشِم واصلٌ عند صاحب بلده. ولي القضاء وغير القضاء وترقّت به الأحوال إلى أن حُسِدَ وعُمل عَلَيْهِ وجرت لَهُ أمور، فهرب وأُخذ في هذه السنة وقُتل.
وَكَانَ أَبُوه متكلّما فيلسوفا لَهُ تصانيف في عِلم الْأوائل.
49- مَزْيَد بن عَليّ [2] بن مَزْيَد.
الْأديب أَبُو عَليّ النّعمانيّ [3] .
شاعرٌ مُحسنٌ، قديمٌ، شاخَ وأسنَّ، وسمعوا منه شيئا من نظمه. وعاش تسعين سنة. وَكَانَ ببَغْدَاد.
50- المُظَفَّر بن عُبَيْد اللَّه [4] ابن الوزير أَبِي الفَرَج مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه ابن رئيس الرؤساء.
أَبُو مُحَمَّد.
من بيت وِزارةٍ وحِشمةٍ.
سَمِعَ من أَبِي الحُسَيْن عَبْد الحقّ.
51- منصور بن عَليّ [5] .
أَبُو عَليّ الجيزيّ، الصُّوفِيّ، الوَرَّاق، المعروف بابن الصَّيْرَفِيّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبي القاسم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 320 رقم 1378، والجواهر المضية 2/ 113.
[2] انظر عن (مزيد بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 321 رقم 1380، والمختصر المحتاج إليه 3/ 205 رقم 1241، والبداية والنهاية 13/ 74، 75 (في وفيات سنة 613 هـ) . وسيعيده المؤلف- رحمه الله- في وفيات السنة التالية برقم 116.
[3] النعماني: نسبة إلى النعمانية، بلدة بين بغداد وواسط على دجلة.
[4] انظر عن (المظفر بن عبيد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 320 رقم 1377.
[5] انظر عن (منصور بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 293 رقم 1333.(44/91)
حَدَّث عن: السِّلَفيّ، وغيره.
رَوَى عَنْهُ: الحَافِظ عَبْد العظيم، وغيره.
52- مؤيّد المُلْك وزير السُّلْطَان شهاب الدّين الغُوريّ.
ثُمَّ وزير تاج الدّين ألدُز.
كَانَ صَدْرًا مُعظَّمًا، حسن السّيرة، مُحسنًا إلى العُلَمَاء. كرهه بعض خواصّ الملك ألدُز فقتلوه في هذه السنة.
[حرف النون]
53- نفيس بن هلال [1] بن بَدْر البَغْدَادِيّ الصُّوفِيّ.
صحبَ الكبارَ، وحَجَّ مرّات. وَكَانَ شيخ رباط شَهدة الكاتبة والنّاظر في أمْرِه.
تُوُفي فِي رجب.
[حرف الياء]
54- يَحْيَى بْن الحُسَيْن [2] بن مُحَمَّد بن محمد بن أَبِي زَنْبَقة.
أَبُو الغنائم الوَاسِطِيّ.
سَمِعَ من أَبِي طَالِب الكَتّانيّ. وَسَمِعَ ببَغْدَاد ودمشق، وحَدَّث. مات في ذي القِعْدَة.
55- يَحْيَى ابن الصاحب صفيّ الدّين [3] عَبْد اللَّه بْن عَليّ بْن الحُسَيْن بن شُكر الشّيبيّ.
علم الدّين.
__________
[1] انظر عن (نفيس بن هلال) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 305 رقم 1353، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 748.
[2] انظر عن (يحيى بن الحسين) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 319 رقم 1375.
[3] انظر عن (يحيى ابن الصاحب صفيّ الدين) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 318، 319 رقم 1373.(44/92)
تُوُفِّي كَهْلًا في ذي القِعْدَة [1] .
56- يوسف بن القاسم [2] بن مفرّج التّكريتيّ.
حديث بتكريت عن أَبِي زُرْعَة المَقْدِسِيّ.
وَتُوُفِّي في رجب.
وفيها وُلد
فخر الدّين عَبْد الرَّحْمَن بْن يوسف البَعْلَبَكِّيّ الحَنْبَلِيّ.
والْجَمَال مُحَمَّد بن سُلَيْمَان ابن النّقيب المَقْدِسِيّ، الحنفي، المُفَسِّر.
والمكين الْأسْمَر عَبْد اللَّه بن منصور الإسكندريّ المُقْرِئ.
وقاضي حلب الكمال أَحْمَد بن عَبْد اللَّه بن الْأستاذ.
والبهاءُ عَبْد الوليّ بْن أَبِي مُحَمَّد بْن خَوْلان البَعْلَبَكِّيّ.
والعِزّ عُمَر بن أَحْمَد بن عمر الشّروطيّ.
وجعفر بن محمد الحسنيّ الإدريسيّ، شيخنا.
وَأَبُو الفهم بن أَحْمَد السُّلميّ، شيخُنا.
والجمال أَحْمَد بن أَبِي مُحَمَّد الصّالحيّ، العَطَّار.
والمؤيَّد أحمد ابن المجد مُحَمَّد بن إسْمَاعِيل بن عساكر.
وَأَبُو الفَرَج نصر اللَّه بن أَبِي الْقَاسِم، أخو سعد الخير الشّاهد.
وَأَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عمر بن المريخ النّجّار البغداديّ.
__________
[1] مولده في سنة 567 هـ. فيكون عمره عند ما توفي 44 سنة، فكيف يكون كهلا؟.
[2] انظر عن (يوسف بن القاسم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 304 رقم 1349، والمختصر المحتاج إليه 3/ 234 رقم 1322.(44/93)
سنة اثنتي عشرة وستّمائة
[حرف الْألف]
57- أَحْمَد بن أزْهر [1] بْن عَبْد الوَهَّاب بْن أَحْمَد بْن حمزة بن ساكن.
أَبُو مُحَمَّد البَغْدَادِيّ، الصُّوفِيّ، السَّبَّاك.
من صوفيّة رِباط المأمونيّة.
سمَّعه أبوهُ من: عَبْد الوَهَّاب الْأَنْمَاطِي الحَافِظ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّد المَذاريّ، وَأَحْمَد بن قَفَرْجَل. وأجاز لَهُ قاضي المارستان، وَأَبُو منصور القزّاز.
قَالَ الدُّبَيْثِي [2] : وَكَانَ عَسِرًا في الرّواية لِقِلَّة معرفته، قَالَ لي: وُلدتُ في المحرَّم سنة إحدى وثلاثين [3] . قَالَ: وباتَ معافى. فأصبح مَيّتًا في ثامن شوّال.
قلتُ: رَوَى عَنْهُ الدُّبَيْثِي، والزكيّ البرْزالي، والضّياء.
ومات أخوه عَبْد العزيز في سنة ثمان وتسعين، سَمِعَ من قاضي المارستان.
ومات أبوهما في سنة أربع وستّين وخمسمائة، وَهُوَ أَبُو جَعْفَر، يروي عن ابن الحُصَين وطبقته، ثقة مفيد صحب عبد الوهّاب الأنماطيّ.
58- أحمد بن عمر [4] بن حامية البغداديّ النّسّاج.
ولد سنة إحدى وثلاثين.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن أزهر) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 165، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 346، 347 رقم 1429، وتاريخ إربل 1/ 408، والمختصر المحتاج إليه 1/ 176، والوافي بالوفيات 6/ 235 رقم 2710، وتوضيح المشتبه 1/ 263 و 5/ 6. وذكره المؤلف- رحمه الله- في سير أعلام النبلاء 22/ 74 دون أن يترجم له، ولكنّه سمّاه: «أحمد بن إبراهيم ابن السباك الصوفي» وهو وهم.
[2] في تاريخه، ورقة 165.
[3] أي سنة 531 هـ.
[4] انظر عن (أحمد بن عمر) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 339 رقم 1413.(44/94)
وسمع بالإسكندرية من السّلفيّ. وروى بالإجازة عن خالِهِ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الصَّمد السُّلَمي العَطَّار.
وَتُوُفِّي في رجب بالقاهرة.
59- أَحْمَد بن مُحَمَّد [1] بن سعد.
أَبُو عَبْد اللَّه البُرُوجِرْديّ، الفقيه الشَّافِعِيّ.
تَفَقَّه بالنِّظامية ببَغْدَاد. وَسَمِعَ، عَلَى ما ذكر، من: أَبِي منصور بن خَيْرون، وابن الطِّلاية، وابن ناصر.
وحدّث ببُرُوجرْد، وبها مات في ربيع الآخر.
60- أَحْمَد بن مُحَمَّد بن أَحْمَد [2] بن خطّاب.
أَبُو بَكْر البَغْدَادِيّ، الخازن بالبيمارستان، العَضُديّ.
حَدَّثَ عن أَبِي الوَقْت.
وتوفّي في ثامن عشر رمضان.
61- أحمد ابن الإِمَام أَبِي الحَسَن [3] مُحَمَّد بن أَبِي البركات أحمد بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.
أبو الْقَاسِم ابن الْأَبْراديّ [4] التّاجر.
وُلد سنة سبعٍ وثلاثين.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 223، 224، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 331 رقم 1396، والمختصر المحتاج إليه 1/ 209، 210.
[2] انظر عن (أحمد بن محمد بن أحمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 210، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 345 رقم 1426، والمختصر المحتاج إليه 1/ 210.
وفي هامش الأصل كتب المؤلّف- رحمه الله- بخطه «أحمد» وأشار إلى موضعه بعد «أحمد» أيضا، بحيث يصبح اسمه: «أحمد بْن أحمد بْن محمد بن محمد بْن خطاب» . والمثبت عن مصادر ترجمته.
[3] انظر عن (أحمد بن الإمام أبي الحسن) في: إكمال الإكمال لابن نقطة (الظاهرية) ورقة 15، 16، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 324، 325 رقم 1383، والمختصر المحتاج إليه 1/ 211، والمشتبه 1/ 6 (حاشية 3) ، وتوضيح المشتبه 1/ 130.
[4] الأبرادي: بفتح الهمزة وسكون الباء الموحدة وبعدها راء مهملة وبعد الألف دال مهملة وياء النسب. (المنذري) .(44/95)
وسمع من: أبي الوقت، وهبة الله ابن الشِّبْلِي.
وَتُوُفِّي بدمشق في المحرَّم.
رَوَى عَنْهُ ابن النَّجَّار، وَقَالَ: كَانَ شيخا مُتيقِّظًا، (وابن نُقطة. وَأَبُوه من تلامذة ابن عقيل) [1] ، مات سنة أربعٍ وخمسين.
62- أَحْمَد بن مكّيّ [2] .
القاضي جمال الدّين أَبُو المجد الإسكندرانيّ، المُعَدَّل، الفقيه المالكيّ.
كَانَ فقيها عالما، وقوُرًا، نزها، عارفا بالكلام والمُناظرة، وولي ديوان الصَّعيد مُدَّة. وَلَهُ سماعٌ من السِّلَفيّ.
قَالَ الزّكيّ المُنذريّ: اجتمعتُ بِهِ مرّات وما علمته حَدَّثَ. وَتُوُفِّي بالقاهرة في سابع عشر رجب.
63- أَحْمَد بن يَحْيَى [3] بن بركة بن محفوظ.
أَبُو العَبَّاس ابن الدّبيقيّ، البَغْدَادِيّ، البَزَّاز، الصُّوفِيّ.
وُلد سنة ثمانٍ وعشرين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من: القاضي أَبِي بَكْر الْأَنْصَارِيّ، وَأَبِي منصور الشَّيْبَانِيّ، والحافظ عَبْد الوَهَّاب الْأَنْمَاطِي، وَأَبِي الفتح الكروخيّ، وأحمد بن عليّ ابن الْأشقر، وجماعة.
قَالَ الدُّبَيْثِي [4] : وأفْسَدَ أكثرَ سماعاته بإدخاله فيها ما لم يسمعه، وألحق اسمهُ في مواضع.
__________
[1] ما بين القوسين إضافة من هامش الأصل وابن عقيل هو: علي بن عقيل صاحب كتاب الفنون.
[2] انظر عن (أحمد بن مكي) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 338 رقم 1410.
[3] انظر عن (أحمد بن يحيى) في: التقييد لابن نقطة 185، 186 رقم 210، وإكمال الإكمال، له (الظاهرية) ورقة 63، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 129، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 330 رقم 1393، والمختصر المحتاج إليه 1/ 227، والإشارة إلى وفيات الأعيان 320، والإعلام بوفيات الأعلام 252، والعبر 5/ 40، وميزان الاعتدال 1/ 163 رقم 658، وسير أعلام النبلاء 22/ 74، والمغني في الضعفاء 1/ 62 رقم 487، ولسان الميزان 1/ 322 رقم 978، والنجوم الزاهرة 6/ 214، وشذرات الذهب 5/ 49.
[4] في ذيل تاريخ بغداد 5/ 129.(44/96)
وَقَالَ المُنذري [1] كَانَ لَهُ سماعٌ كثيرٌ صحيح بخطّ الحُفاظ [2] ، ثُمَّ أظهر أشياء غير مَرْضية، واشتهر ذَلِكَ عَنْهُ.
قَالَ ابن النَّجَّار: أثبت لنفسه شيوخا مجاهيل، وركّب أسانيد باطلة مختلطة بجَهْلٍ، وروجع في ذَلِكَ، فأصرّ إلى آخر عُمُره وافتُضح.
قَالَ ابن نُقْطة [3] : الدَّبيقية من قرى نهر عيسى. سَمِعَ من عَبْد الوَهَّاب الْأَنْمَاطِي جميعَ «الْجَعْديات» ، وَسَمِعَ من القاضي أَبِي بَكْر كتاب «الآباء عن الْأبناء» للخطيب.
قَالَ: وَكَانَ كذّابا ألحقَ اسمهُ في أجزاء من «سُنن» سَعِيد بن منصور وكَشَط اسم غيره [4] ، وَكَانَ مُكثرًا لو اقتصر عَلَى ما سَمِعَ، وَسَمِعَ أَيْضًا من القاضي أَبِي بَكْر «رفْع اليدين» للبخاريّ، وجزءا من حديث الكتّانيّ، و «وفاة الصِّدّيق» ، هَذَا ما وُجد لَهُ عَنْهُ. وَسَمِعَ من القزّاز «مشيخته» ، وكتاب «الخائفين» . وَسَمِعَ من سعد الخير كتاب «دلائل النّبوّة» لأبي نُعَيْم، بسماعة من أَبِي سعد المُطَرِّز، عَنْهُ.
(وَسَمِعَ من هبة الله ابن الشَّجَري بعض «مغازي» الْأموي) [5] .
قُلْتُ: وَكَانَ عامل رباط الزَّوْزَنِيّ.
رَوَى عَنْهُ: الضّياء المَقْدِسِيّ، والزّكيّ البرزاليّ، والجمال يحيى ابن الصَّيْرَفِيّ، وابن خليل، وجماعةٌ. وَرَوَى عَنْهُ بالإجازة جماعةٌ منهم: الكمال عبد الرَّحْمَن الفُوَيْرِه.
وَتُوُفِّي في عاشر ربيع الآخر.
__________
[1] في التكملة 2/ 330.
[2] في التكملة: «الثقات» .
[3] في التقييد 185 باختصار، وإكمال الإكمال.
[4] زاد ابن نقطة في التقييد: «وكان سماعه في بعض الكتاب صحيحا من الأنماطي» .
[5] ما بين القوسين ليس في المطبوع من التقييد.(44/97)
64- إبراهيم بن عُمَر [1] بن سَمَاقا [2] .
القاضي أَبُو إِسْحَاق الْأسْعَرديّ [3] ، الفقيه الشَّافِعِيّ، سديدُ الدّين.
سَمِعَ ببَغْدَاد من: أَبِي زُرْعَة المَقْدِسِيّ، وَأَبِي بَكْر الحازميّ.
وحدَّث بمصر، والإسكندرية، وولي قضاءَ دِمْيَاط وقضاء بلبيس.
وَكَانَ صالحا، ورعا ديّنا، عالما.
سمع منه أبو الطّاهر ابن الْأَنْمَاطِي «مُسْنَد» الشّافعي، وحدّث بِهِ أَبُو الطّاهر عَنْهُ. وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا الشهاب القُوصي، وَقَالَ: كَانَ ورعا، تقيّا، عابدا.
قال المنذريّ [4] : توفّي في شوّال [5] .
65- إبراهيم بن هبة الله بن إسماعيل بن نبهان بن محمد.
أبو إسحاق الحمويّ الفقيه.
روى عن السِّلَفيّ.
وَتُوُفِّي في تاسع عشر مُحرم، ووُلد سنة خمسٍ وأربعين. قَالَه الضّياء.
66- إِبْرَاهِيم بن يوسف [6] بن مُحَمَّد ابن البونيّ [7] .
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن عمر) في: التقييد لابن نقطة 194، 195 رقم 227، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 44 بالحاشية، وذيل الروضتين 91، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 352 رقم 1435، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 62، والعقد المذهب لابن الملقّن ورقة 173، 174، والمقفى الكبير للمقريزي 1/ 244 رقم 279، وبدائع الزهور لابن إياس ج 1 ق 1/ 258.
[2] في التقييد، والمقفى الكبير: «سماقة» .
[3] الأسعردي: بفتح الهمزة وسكون السين المهملة وفتح العين المهملة وسكون الراء، ودال مهملة. نسبة إلى: أسعرد، من بلاد خلاط بأرمينية.
[4] في التكملة 2/ 352.
[5] وقال ابن نقطة: ذكر لي أبو الطاهر إسماعيل بن الأنماطي أنه سمع مسند الإمام أبي عبد الله الشافعيّ من أبي زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي وحدّث به عنه، وذكر له فصلا في فضله ودينه وأمانته وقال: مات بخلاط في سنة ثلاث عشرة وستمائة. (التقييد) .
[6] انظر عن (إبراهيم بن يوسف) في: إكمال الإكمال لابن نقطة (الظاهرية) ورقة 74، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 350 رقم 1432، وذيل الروضتين 91، والمشتبه 1/ 101، والجواهر المضية 1/ 51، والوافي بالوفيات 6/ 173 رقم 2671، والطبقات السنية 1/ ورقة 248، وتوضيح المشتبه 1/ 654.
[7] البوني: بضم الباء الموحّدة وسكون الواو وفتح النون منسوب إلى بونة مدينة بساحل إفريقيا. (المنذري) .(44/98)
المَعَافريّ، الإِمَام أَبُو الفَرَج المُقْرِئ.
إمام الحنفيّة بجامع دمشق.
قَالَ أَبُو شامة [1] : هُوَ أحدُ مشايخ القُرّاء المُعْتبرين، كَانَ يُقرئ في مكان حلقة ابن طاووس شماليّ [2] حَلَقة جمال الإِسْلَام أبي الحسن ابن الشَّهْرَزُوري، وَكَانَ فاضلا خيّرا متواضعا.
لقبُه وجيه الدّين.
قُلْتُ: سَمِعَ أَبَا الْقَاسِم بن عساكر، وجماعة بعده.
سَمِعَ منه: العماد عَليّ بن القاسم ابن عساكر، والشهاب القُوصيّ.
تُوُفِّي في الثّاني والعشرين من شوال.
67- إِبْرَاهِيم بن أَبِي الحَسَن [3] .
الشريف مجد الدّولة أَبُو إِسْحَاق الحُسَينيّ، الدِّمَشْقِيّ.
تُوُفِّي فيها [4] . قاله أَبُو شامة.
[حرف الحاء]
68- حامد بْن أَحْمَد [5] بْن حَمْدُ بْن حامد بن مُفَرّج.
أَبُو الثّناء الْأَنْصَارِيّ، الْأرتاحيّ، ثُمَّ المَصْرِيّ، المُقْرِئ.
قرأ القراءات عَلَى أَبِي الْجُود [6] ، وقرأ عَلَى الشّريف أَبِي الفتوح الخطيب، ولم يُكَمِّل عَلَيْهِ. وَسَمِعَ من مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه بن حُسين البَرْمَكِيّ بمصر، ومن المبارك بن عَليّ الطَّبَّاخ بمَكَّة. وتصدّر للإقراء بمصر، وحدَّث، وأفاد.
قَالَ الحَافِظ عَبْد العظيم [7] : قرأتُ عَلَيْهِ للسّبعة، وسمعت منه. وولد سنة
__________
[1] في ذيل الروضتين 91.
[2] في الذيل: «قبالة» .
[3] انظر عن (إبراهيم بن أبي الحسن) في: ذيل الروضتين 92.
[4] في الرابع من ذي الحجة.
[5] انظر عن (حامد بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 326 رقم 1386.
[6] هو غياث بن فارس المقري. (المنذري) .
[7] في التكملة 2/ 326 باختصار.(44/99)
ثلاث وثلاثين وخمسمائة، وَكَانَ يسمع معنا عَلَى عَمِّه. وَهُوَ من بيت صلاحٍ ورواية. تُوُفِّي في الخامس والعشرين من صفر.
69- حامد بن أَبِي الْقَاسِم [1] بن رُوزبة.
أَبُو الْقَاسِم الْأهوازيّ، الحَنَفِيّ.
سَمِعَ أَبَا طاهر السِّلَفيّ. وَسَمِعَ بدمشق من إسْمَاعِيل الجنْزَويّ، وجماعةٍ، وبمصرَ، وعدَنَ. وكتب بخطّه الكثير.
رَوَى عَنْهُ الزَّكيّ المُنْذِريّ وأثنى عَلَيْهِ [2] .
تُوُفِّي في رمضان.
70- الحُرَّة بنت يلك [3] التُّرْكِيّ.
حدَّثت عن أَبِي الوَقْت السِّجْزِي.
71- الحَسَن بن عَبْد الوَهَّاب [4] ابن صَدْر الإِسْلَام أَبِي الطاهر إسْمَاعِيل بن مكّي بن عوف.
القاضي، أَبُو عَليّ، نجيبُ الدين القرشيّ، الزّهريّ، الإسكندرانيّ، المالكيّ، العَدْلُ.
وُلد سنة ثلاثٍ وخمسين.
وَسَمِعَ من جَدّه، ومن السِّلَفيّ.
وَكَانَ من أعيان أهل بلده: رياسة وعقلا ورأيا.
رَوَى عَنْهُ الزَّكيّ المُنْذِريّ، وَقَالَ؟: تُوُفِّي في سلخ شوال.
72- حفصة بنت أحمد [5] بن محمد بن ملاعب.
__________
[1] انظر عن (حامد بن أبي القاسم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 345، 346 رقم 1427، والجواهر المضية 1/ 183، 184، والطبقات السنية 1/ ورقة 724، 725.
[2] في التكملة 2/ 346 «كان شيخا عفيفا حنفي المذهب منقبضا عن الناس منفردا بنفسه، نزه النفس، يصنع الأقلام ويبيعها» .
[3] انظر عن (الحرّة بنت يلك) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 340 رقم 1416.
[4] انظر عن (الحسن بن عبد الوهاب) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 351، 352 رقم 1434.
[5] انظر عن (حفصة بنت أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 324 رقم 1382.(44/100)
أمُّ الحياء.
أخت دَاوُد الوكيل [1] .
روت عن: أبي الفضل الأرمويّ.
روى عنها: الدّبيثي، وجماعة.
وتوفّيت في المحرّم.
73- حمامة بن عبد الرحمن [2] .
الفقيه أبو الهدى الغماريّ، المالكيّ.
توفّي بدمشق كهلا في شعبان. وكان ممّن لزم أبا الحسن بن المفضّل وتفقّه عليه، وَسَمِعَ الكثير.
[حرف السين]
74- سالم [3] ، صاحب المدينة العَلَويّ.
الحُسَيْنيّ.
قدِمَ الشَّام في صُحبة الملك المُعَظَّم. ثُمَّ سارَ في شعبان من السنة بمن استخدمه من التّركمان والرجّالة ليقاتل قَتَادَة صاحب مَكَّة. فمات سالم في الطّريق، وقامَ بعده ابن أخيه جمّاز، فمضى بذلك الْجَمْع وقصد قَتَادَة، فجمعَ قَتَادَة، وَكَانَ الملتقى بوادي الصَّفْراء فكسر قَتَادةُ، وانهزم إلى يَنْبُع، فتبعوه وحصروه بقلعتها.
75- سَعِيد بن أَبِي الفتوح [4] المبارك بن بركة بن عَليّ.
أَبُو الْقَاسِم البَغْدَادِيّ، اللّبّان، المعروف بابن كمّونة النّخاس.
__________
[1] سيأتي ذكره في وفيات سنة 616 من هذا الكتاب، برقم 358.
[2] انظر عن (حمامة بن عبد الرحمن) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 343، 344 رقم 1423.
[3] انظر عن (سالم صاحب المدينة) في: ذيل الروضتين 89، 90.
[4] انظر عن (سعيد بن أبي الفتوح) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 68، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 325، 326 رقم 1385، والمشتبه 2/ 634، والمختصر المحتاج إليه 2/ 93 رقم 700.(44/101)
وُلد في سنة إحدى وثلاثين.
وَسَمِعَ من: أَبِيهِ، وأبي منصور مُحَمَّد بن عَبْد الملك بن خَيْرون، وَأَبِي البركات إسْمَاعِيل بن أَبِي سَعْد، وَأَبِي سَعْد أَحْمَد بن مُحَمَّد البَغْدَادِيّ، وابن الطَلّاية، وجماعةٍ.
والنَّخاس: بخاء معجمة.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، والزّكيّ البِرْزَاليّ، وجماعة.
وَتُوُفِّي في صفر.
وآخر من سَمِعَ منه عَليّ بن أنْجب الحَافِظ [1] .
76- سُلَيْمَان بن عَبْد اللَّه [2] بن يوسف.
أَبُو الربيع الهَوَّارِيّ، الْجَلَوْليّ [3] ، الضّرير، المُقْرِئ الصّالح.
كَانَ عارفا بالقراءات، والنَّحو، والتَّفْسير. وَسَمِعَ من العَلّامة عَبْد اللَّه بْن بَرّي. وأقرأ، وأَمَّ بالمدرسة الصاحبيَّة مدَّة.
وَكَانَ دَيّنًا، عفيفا، قانعا، مُؤْثرًا.
تُوُفِّي في سابع عشر شعبان.
77- سُلَيْمَان بن مُحَمَّد [4] بن عَليّ بن أَبِي سَعْد.
الفقيه أَبُو الفضل المَوْصِليّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ، الصّوفيّ، ويعرف بابن اللّبّاد.
__________
[1] يعني تاج الدّين ابن الساعي المؤرخ العراقي المشهور المتوفى سنة 674.
[2] انظر عن (سليمان بن عبد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 341 رقم 1419، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 149، وبغية الوعاة 1/ 599، وطبقات المفسرين للسيوطي 14.
[3] في بغية الوعاة 1/ 599 «الخلوتي» .
[4] انظر عن (سليمان بن محمد) في: التقييد لابن نقطة 286 رقم 346، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 71، 72، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 327، 328 رقم 1389، والمختصر المحتاج إليه 1/ 97، 98 رقم 707، والمعين في طبقات المحدّثين 188 رقم 1999، والإشارة إلى وفيات الأعيان 320، والإعلام بوفيات الأعلام 251، والعبر 5/ 40، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 130، وشذرات الذهب 5/ 49، 50.
وذكره المؤلف- رحمه الله- في سير أعلام النبلاء 22/ 74 دون أن يترجم له.(44/102)
سَمِعَ بإفادة أخيه والد الموفّق عَبْد اللطيف بن يوسف من جماعة.
ووُلد في صفر سنة ثمان وعشرين وخمسمائة.
وسمع من: أبي القاسم إسماعيل ابن السَّمَرْقَنْدِيّ، وَيَحْيَى بن الطَّرَّاح، وأبي منصور بن خَيْرون، وأبي الحَسَن بن عَبْد السَّلَام، وَالحُسَيْن بن عَليّ سِبط الخَيَّاط، وَأَبِي البدر إِبْرَاهِيم الكَرْخيّ، وأبي بَكْر مُحَمَّد بن جَعْفر بن مِهران الأصبهانيّ، وأبي المعالي عَبْد الخالق بن البدن، وطائفة. وصحبَ أَبَا النَّجيب السُّهْرَوَرْدي، وتَفَقَّه عَلَيْهِ.
وَكَانَ صحيحَ السَّماع، عالي الإسناد، سهْل القِياد. حَدَّثَ بالكثير، وطال عُمرُه، وتفرَّد. وَكَانَ صدُوقًا ديّنا.
روى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وابنُ النَّجَّار، وابنُ خليل، والضِّياء، والنَّجيبُ الحَرَّاني، وطائفةٌ. وَرَوَى عَنْهُ بالإجازة ابن البُخَارِي، وسيّدة بنت ابن دِرْباس.
وآخر من رَوَى عَنْهُ بالإجازة عَبْد الرَّحْمَن المُكبّر ببَغْدَاد.
تُوُفِّي فِي الثالث والعشرين من ربيع الْأَوَّل.
[حرف العين]
78- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سليمان [1] بن داود بن عبد الرحمن بن سُلَيْمَان بن عُمر بن حَوْط اللَّه.
أَبُو مُحَمَّد الْأَنْصَارِيّ، الحارثيّ، الْأنْدَلُسِيّ، الْأُنْديّ، الحَافِظ.
ولد بأندة [2] سنة تسع وأربعين وخمسمائة.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن سليمان) في: المرقبة العليا، للنباهي 112، وتكملة الصلة لابن الأبار 2/ 883- 885، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 357، 358 رقم 1445، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 4/ 226 بالحاشية، وتذكرة الحفاظ 4/ 1397- 1399 رقم 2099، وسير أعلام النبلاء 22/ 41، 42 رقم 29، والعبر 5/ 40، 41، ومرآة الجنان 4/ 23، والوافي بالوفيات 17/ 201، 202 رقم 187، والديباج المذهب 1/ 447، وبغية الوعاة 2/ 44 رقم 1387، وشذرات الذهب 5/ 50، ونفح الطيب 2/ 1165، وروضات الجنات 453، ومعجم المؤلفين 6/ 61.
[2] أندة: بضم الهمزة وسكون النون وبعدها دال مهملة مفتوحة وتاء تأنيث من عمل بلنسية.(44/103)
وقرأ القراءات عَلَى والده. وقدِمَ بَلَنْسِية فسمع النِّصف الْأَوَّل من «إيجاز البيان» للدّانيّ في قراءة ورش من أَبِي الحسن بن هُذيل، لم يسمع منه غير ذَلِكَ ولا أجاز لَهُ.
ورحل إلى مُرْسية فسمع من أَبِي الْقَاسِم عَبْد الرَّحْمَن بْن حُبَيْش، وأبي عَبْد اللَّه بن حَميد [1] ، وأخذَ عَنْهُمَا القراءات. وناظر في العربيّة على ابن حَميد، وقيّد عَنْهُ اللّغة. وَسَمِعَ بمالقة من أَبِي الْقَاسِم عَبْد الرَّحْمَن السُّهَيْلِيّ. وبغَرْناطة من أَبِي مُحَمَّد عَبْد المنعم بْن الفَرَس، وَأَبِي بَكْر بن أَبِي زَمَنَين. وبإشبيليّة من أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْجَدّ، وأبي عبد الله بن زَرْقون. وَبقُرْطُبَة من أَبِي الْقَاسِم بن بَشْكَوال، وجماعة. وبسَبْتَة من أَبِي مُحَمَّد بن عُبَيْد اللَّه. وبمَرّاكُش من أَبِي العَبَّاس أَحْمَد بن مَضَاء. وأجازَ لَهُ خلق، منهم: أَبُو الطّاهر إسْمَاعِيل بْن عَوْف من الإسكندرية، وَأَبُو طاهر الخُشُوعي من دمشق.
قَالَ الْأبَّار [2] : واعتنى بالطَّلب من صغره إلى كِبَره، وَرَوَى العالي والنَّازل.
وَكَانَ إماما في هَذَا الشأن، بصيرا بِهِ، معْرُوفًا بالإتقان، حافظا لأسماء الرِّجال.
ألّف كتابا في تسمية شيوخ البخاريّ، ومسلم، وأبي داود، والنَّسَائِي، والتّرمذيّ، نزعَ فيه مَنْزع أَبِي نصر الكلاباذيّ لكن لم يُكْمله. وَكَانَ كثير الْأسفار فتفرّقت أصوله. ولو قعد للتَّصنيف لعَظُم الانتفاع بِهِ. ولم يكن في زمانه أكثر سماعا منه ومن أخيه أبي سُلَيْمَان، وَكَانَ لَهُ عَلَى أخيه الشُّفوف الواضح في عِلْم العربيّة، والتَّفنن في غير ذَلِكَ، والتّميّز بإنشاء الخُطب، وتَحْبير الرسائل، والمشاركة في قرض الشعر. أقرأ بقُرْطُبَة القرآن والنّحو، واستأدبه المنصور صاحب المغرب لبنيه فأقرأهم بمرّاكش، وحظي لديه، ونال من جهتهم وجاهة مُتَّصلة ودُنيا عريضة، وتصرّف في الخطط النَّبيهة. ووليَ قضاء إشبيلية وقرطبة ومرسية. وكان حميد السّيرة، مُحبّبًا إلى النَّاس، جَزْلًا، صَلِيبًا في الحقّ مَهِيبًا، عَلَى حِدَّةٍ فيه، ربّما أوقعته فيما يكره. وَكَانَ عالما مُقدَّمًا، خطيبا مُفوَّهًا، أخذ عنه النّاس. وتوفّي
__________
[1] بفتح الحاء المهملة وكسر الميم.
[2] في التكملة 2/ 884، 885.(44/104)
بغَرْناطة وَهُوَ يقصد مُرْسية واليا قضاءها ثانيا في ثاني ربيع الْأَوَّل، رحمه اللَّه.
79- عَبْد اللَّه بن عُثْمَان [1] بن مُحَمَّد بن حسن.
أبو بكر ابن قديرة [2] ، البغداديّ الدّقّاق، ويعرف أيضا بسبط ابن هديّة.
ولد سنة تسع وعشرين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من: أَبِي البَدْر إِبْرَاهِيم الكَرْخيّ، وَأَحْمَد بن عليّ ابن الْأشقر، وَسَعْد الخير الْأنْدَلُسِيّ، والمبارك بن أَحْمَد الكِنْدِيّ، وجماعةٍ.
وَهُوَ أخو يوسف [3] .
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، والضّياء مُحَمَّد، وجماعةٌ.
وَتُوُفِّي في شعبان.
80- عَبْد اللَّه بن أَبِي بَكْر [4] بن أَحْمَد بن طُليب.
أَبُو عَليّ الحربيّ المعروف بالسِّنْدان [5] .
سَمِع عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن يوسف، وَهُوَ آخر من حَدَّثَ عَنْهُ بالعراق.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، ويوسف بن خليل، وَأَبُو الفتح مُحَمَّد بن عَبْد الغنيّ وأخوه موسى، وَإسْمَاعِيل بن ظَفَر، والضّياء مُحَمَّد، وآخرون.
تُوُفِّي في ثالث عشر ذي الحجَّة.
81- عَبْد الرَّحْمَن بن سعد الله [6] بن إبراهيم.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن عثمان) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 96، 97، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 341، 342 رقم 1420، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 1085، والمختصر المحتاج إليه 2/ 150، 151 رقم 785، وتاج العروس 3/ 484.
[2] قديرة: بضم القاف وفتح الدال المهملة وسكون الياء آخر الحروف وبعدها راء مهملة وتاء تأنيث.
(المنذري) .
[3] ستأتي ترجمته في آخر وفيات هذه السنة برقم 124.
[4] انظر عن (عبد الله بن أبي بكر) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 114، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 355، 356 رقم 1442، والمختصر المحتاج إليه 2/ 179 رقم 822، والعبر 5/ 41، وشذرات الذهب 5/ 50.
[5] السّندان: بكسر السين المهملة ونون ساكنة ودال مهملة وآخره نون. (المنذري) .
[6] انظر عن (عبد الرحمن بن سعد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 337 رقم 1408، والمختصر(44/105)
أَبُو عَليّ الْأزجيّ، القطيعيّ، البيّع، ويعرف بابن دبّوس.
ولد سنة سبع وثلاثين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من: ابن ناصر، وَأَبِي الوَقْت.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ.
وَتُوُفِّي في رجب.
82- عَبْد الرَّحِيم بْن عَبْد الواحد بْن أَحْمَد.
الفقيه كمال الدّين المقدّسيّ، الحنبليّ.
أخو الحافظ الضّياء.
ولد سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة.
ورحل إلى بَغْدَاد قبل أخيه، فسمع من ابن كُليب، وابن الْجَوْزيّ، وَسَمِعَ بدمشق من يَحْيَى الثَّقَفِيّ، وجماعة.
سَمِعَ منه أخوه «جزء» ابن عَرَفة، وَقَالَ: مَرِض خمس ليالٍ، وصلّى العَصْر، وَتُوُفِّي في يوم الْجُمُعة ثاني عشر رجب.
قَالَ أخوه الضّياء: كَانَ مرضه يشبه الطّاعون. اشتغل مُدَّة ببَغْدَاد عَلَى الفخر إسْمَاعِيل، ثُمَّ سافر إلى هَمَذان واشتغل بالخلاف عَلَى الطّاووسيّ، وسافر إلى أصبهان وَسَمِعَ بها، وَكَانَ إماما وَرِعًا، ذا مروءة، محبوبا إلى النّاس، أقام مدّة يلقّن القرآن، ويلقي الدّرس من «الكافي» [1] . قَالَ: وَكَانَ جوادا شجاعا قويّا، لَا تأخذه في اللَّه لومة لائم، لَا يكاد يترك قيام اللّيل.
قُلْتُ: وأمُّ أولاده هِيَ فاطمة بنت الحَافِظ عَبْد الغنيّ. وَهُوَ والد الْأخوين:
شمس الدّين مُحَمَّد، وكمال الدّين أَحْمَد ابني الكمال.
83- عَبْد السَّلَام ابن الإِمَام أَبِي إِسْحَاق إبراهيم [2] بن إسماعيل بن سعيد.
__________
[ () ] المحتاج إليه 2/ 197، 198 رقم 848.
[1] لعلّه كتاب «الكافي في علم القراءات» لإسماعيل بن إبراهيم بن محمد السرخسي الهروي المتوفى سنة 414 هـ. انظر عنه في وفيات تلك السنة من هذا الكتاب، برقم 122.
[2] انظر عن (عبد السلام بن إبراهيم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 335، 336 رقم 1404.(44/106)
أَبُو مُحَمَّد القُرَشِيّ، الهاشِمِيّ.
إمامُ مسجد الزُّبَيْر بن العَوّام- رَضِيَ اللَّه عَنْهُ- بمصر.
سَمِعَ بدمشق من الحَافِظ أَبِي الْقَاسِم الدِّمَشْقِيّ. وحدّث.
وَتُوُفِّي في جُمَادَى الْأولى.
84- عَبْد العزيز بن معالي [1] بن غَنِيمة بن الحَسَن.
أَبُو مُحَمَّد البَغْدَادِيّ، الْأشناني، المعروف بابن مَنِينا.
وُلِدَ سنة خمس وعشرين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من: القاضي أَبِي بَكْر الْأَنْصَارِيّ، وَعَبْد الوَهَّاب الْأَنْمَاطِي، وَأَبِي البَدْر الكَرْخيّ، وَأَبِي مُحَمَّد سِبط الخَيَّاط، وجماعة. وَهُوَ آخر من حَدَّثَ بالعراق عن القاضي أَبِي بَكْر.
قَالَ الدُّبَيْثِي [2] : كَانَ خيّرا، صحيحَ السَّماع.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ هُوَ، والضّياء، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، وابن النَّجَّار، والجمال يَحْيَى بن الصَّيْرَفِيّ، وَأَبُو عَبْد اللَّه بن البُنّ الفقيه، وآخرون. وآخر من رَوَى عَنْهُ بالإجازة: الكمال عَبْد الرَّحْمَن الفُوَيْره.
وَتُوُفِّي في الثّامن والعشرين من ذي الحجَّة.
85- عَبْد القادر بن عبد الله [3] .
__________
[1] انظر عن (عبد العزيز بن معالي) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 148، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 356 رقم 1443، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 28 و 117، وتاريخ إربل 1/ 288، والمعين في طبقات المحدّثين 188 رقم 1996، والعبر 5/ 41، والإعلام بوفيات الأعلام 252، والإشارة إلى وفيات الأعيان 320، وسير أعلام النبلاء 22/ 33 رقم 27، والمشتبه 1/ 351 و 2/ 483، وتذكرة الحفاظ 4/ 1389، والمختصر المحتاج إليه 3/ 48، 49 رقم 826، والبداية والنهاية 13/ 70، والنجوم الزاهرة 6/ 215، وشذرات الذهب 5/ 50.
[2] في تاريخه، ورقة 148.
[3] انظر عن (عبد القادر بن عبد الله) في: معجم البلدان 3/ 106، والتقييد لابن نقطة 352، 353 رقم 440، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 276، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 332- 334 رقم 1399، وذيل الروضتين 90، وتاريخ إربل 1/ 131- 133 رقم 52، والمعين في طبقات المحدّثين 188 رقم 1997، والإعلام بوفيات الأعلام 251، 252، والإشارة إلى وفيات الأعيان(44/107)
الحَافِظ الكبير أَبُو مُحَمَّد الرُّهاويّ، الحنبليّ.
وُلِدَ بالرُّها في جُمَادَى الآخرة سنة ستٍّ وثلاثين وخمسمائة، ونشأ بالمَوْصِل.
كَانَ مملوكا لبعض المَوَاصلة فأعتقه، فطلب العِلْم وَهُوَ ابن نيّفٍ وعشرين سنة. ورحل إلى البلاد النّائية، ولقيَ الكبارَ، وعُنيّ بالحديث أتمَّ عناية، فسمع بأصبهان من: مسعود بن الحَسَن الثَّقَفِيّ، وَالحَسَن بن العَبَّاس الرُّسْتُميّ، وَأَبِي المُطهَّر الْقَاسِم بن الفَضْل الصَّيْدَلَانِي، وَأَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بن الحَسَن الصَّيْدَلَانِي، ورجاء بن حامد المَعْدانيّ، ومحمود بن عَبْد الكريم فُورجة، وإسماعيل بن شهريار، ومعمر بن الفاخر، وَعَبْد الرَّحِيم بن أَبِي الوَفاء، وعَليَّ بن عَبْد الصَّمَد بن مردويه، والحافظ أَبِي موسى المَدِينِيّ، وطائفة.
وبهمذان من: الحَافِظ أَبِي العلاء العَطَّار، وَأَبِي زُرْعَة المَقْدِسِيّ، وأبي الفضل مُحَمَّد بن بُنيْمان، وجماعة.
وبهراة من: عَبْد الجليل بن أَبِي سَعْد آخر أصحاب بِيبي الهرثميَّة، ونصر بن سيّار بن صاعد، وَأَبِي الفتح مُحَمَّد بن عُمَر الحازميّ.
وبمرو من: أَبِي الفتح مسعود بن مُحَمَّد المَرْوَزِيّ، وغيره. ولم يُكثر المُقام بها.
وبنيسابور من: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد الطُّوسِيّ، وغيره.
__________
[320،) ] وسير أعلام النبلاء 22/ 71- 74 رقم 51، وتذكرة الحفاظ 4/ 1387- 1389، ودول الإسلام 2/ 87، والعبر 5/ 41، 42، والمختصر المحتاج إليه 3/ 81، 82 رقم 902، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 171، 172 رقم 126، ومرآة الجنان 4/ 23، والوافي بالوفيات 19/ 40، 41 رقم 34، والبداية والنهاية 13/ 69، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 82- 86 رقم 248، وذيل التقييد 2/ 138 رقم 1303، وعقد الجمان 17/ ورقة 353، 354، والنجوم الزاهرة 6/ 214، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 182، وطبقات الحفاظ 490، وشذرات الذهب 5/ 50، 51، والدارس 2/ 78، وعلم التأريخ عند المسلمين 718، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 114 رقم 1082، والمنهج الأحمد 340، والمقصد الأرشد رقم 639، والدر المنضد 1/ 336 رقم 961، وكشف الظنون 55، والأعلام 4/ 165، ومعجم المؤلفين 5/ 292.(44/108)
وبسجستان من أَبِي عَرُوبة عَبْد الهادي بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الزّاهد.
وببغداد من: أَبِي عَليّ أَحْمَد بن مُحَمَّد الرَّحَبيّ، وَأَبِي محمد ابن الخشّاب، وشهدة، وهذه الطّبقة.
وبواسط من: هبة اللَّه بن مَخْلَد الْأَزْدِيّ، وأبي طالب ابن الكتّانيّ.
وبالموصل من: خطيبها، وَيَحْيَى بن سَعْدُون.
وبدمشق من: الحافظ أبي القاسم ابن عساكر، وَمُحَمَّد بن بركة الصِّلْحِيّ، وأبي المعالي بن صابر، وجماعة.
وبمصر من: مُحَمَّد بن عَليّ الرَّحَبيّ، وَعَبْد اللَّه بن بَرّي، وجماعة.
وبالإسكندريّة من السِّلَفيّ فأكثر عَنْهُ، ومن: عَبْد الرَّحْمَن بن خَلف اللَّه المُقْرِئ، وَعَبْد الواحد بن عسْكر، وَأَبِي مُحَمَّد العُثمانيّ، وأخيه أَبِي الطّاهر إسْمَاعِيل.
وَحَدَّثَ بالإسكندرية في حياة السِّلَفيّ، وَحَدَّثَ بالمَوْصِل مُدَّة. وَوُلِّيَ مشيخة دار الحديث المُظَفَّرية بالمَوْصل، ثُمَّ سكن حرّان.
وجمع وصنَّف، وعمل «الْأربعين المتباينة الإسناد والبُلدان» وَهَذَا شيء لم يسبقه إِلَيْهِ أحد ولا يرجوه بعده أحد، وَهُوَ كتاب كبير في مجلّد ضخم [1] من نظَرَ فيه عَلِمَ سعة الرّجل في الحديث وحِفْظه، لكنّه تكرّر عَلَيْهِ ذكر أَبِي إِسْحَاق السّبيعيّ وذِكْر سَعِيد بن مُحَمَّد البَحيريّ، نَبّه عَلَى ذَلِكَ شيخنا المزيّ.
قَالَ ابن نُقْطة [2] : كَانَ عالما، صالحا، مأمونا، ثقة [3] ، إلّا أَنَّهُ كَانَ عسرا في الحديث لَا يُكثر عَنْهُ إِلَّا من أقامَ عنده.
وَقَالَ ابنُ خليل: كَانَ حافظا ثبتا، كثيرَ السّماع، كثيرَ التّصنيف، متقنا، ختم به علم الحديث [4] .
__________
[1] في التكملة للمنذري 2/ 334 «وهو كبير في مجلّدين» .
[2] في التقييد 353.
[3] زاد ابن نقطة: «سمعت منه بحرّان مجلسا واحدا ولم أعد إليه لأنه كان له خلق» .
[4] ذيل طبقات الحنابلة 2/ 84.(44/109)
وَقَالَ الزَّكيّ المُنْذِريّ [1] : كَانَ حافظا، ثقة، راغبا في الانفراد عن أرباب الدُّنْيَا [2] .
وَقَالَ أَبُو شامة [3] : كَانَ صالحا، مهيبا، زاهدا ناسكا، خشن العَيْش، وَرِعًا.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ ابنُ نُقْطة، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، والضّياء، وابنُ خليل، والصّريفينيّ، وابنُ ظَفَر، والشّهاب القُّوصيّ، وَعَبْد الرَّحْمَن بن سالم الأنباريّ، والزّين ابن عبد الدّائم، والجمال يحيى ابن الصّيرفيّ، وعامر القلعي، والعزّ عبد العزيز ابن الصَّيْقل، ونجم الدّين أَحْمَد بن حَمْدَان الفقيه، وآخرون.
وَسَمِعَ منه الحَافِظ عَبْد الغنيّ، وَالشَّيْخ الموفَّق. وآخر من حَدَّثَ عَنْهُ بالإجازة والسَّماع: ابن حَمْدَان.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بن أَبِي منصور إجازة، أَخْبَرَنَا عَبْد القادر الحَافِظ سنة تسع وستمائة، أَخْبَرَنَا مسعود الثَّقَفِيّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم الطَّيّان، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم التَّاجر، حَدَّثَنَا المحامليّ، حَدَّثَنَا خلّاد بن أسْلَم، أَخْبَرَنَا النَّضْر، حدّثنا هشام، عن حَفْصة، قَالَتْ: قَالَ لِي أَبُو الْعَالِيَةِ [4] : قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى عُمَر- رَضِيَ اللَّه عَنْهُ- ثلاث مرارٍ [5] .
تُوُفِّي الرُّهاويّ في ثاني جُمَادَى الْأولى.
86- عَبْد الكريم بن عطايا [6] بن عَبْد الكريم بن عليّ.
__________
[1] في التكملة 2/ 334.
[2] وزاد المنذري: ولنا منه إجازة كتب بها إلينا من حرّان غير مرة إحداها في ذي الحجّة سنة خمس وستمائة.
[3] في ذيل الروضتين 90.
[4] هو رفيع بن مهران. تقدّمت ترجمته في الكنى من المتوفين بين سنتي 91- 100 هـ رقم 470.
[5] الخبر في: جامع التحصيل لابن كيكلدي- ص 212.
[6] انظر عن (عبد الكريم بن عطايا) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 346 رقم 1428، والوافي بالوفيات 19/ 81 رقم 800، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 183، 184، وحسن المحاضرة 1/ 215، وبغية الوعاة 2/ 107، والديباج المذهب 166، وكشف الظنون 515، 1776، ومعجم المؤلفين 5/ 319.(44/110)
أَبُو الفضل القُرَشِيّ، الزُّهْرِيّ، الإسكندريّ، نزيل القَرافة الكُبْرى.
سَمِعَ من أَبِي العَبَّاس أَحْمَد بن الحُطَيْئة.
وَكَانَ عارفا بالعربية، واللّغة، والشّعر. صنّف كتابا في شرح أبيات «الجمل» ، وصنّف كتابا في زيارة قبور الصّالحين بمصر.
وَسَمِعَ منه غير واحدٍ.
وَتُوُفِّي في رمضان.
87- عَبْد المجيد بن الحَسَن [1] بن الحُسَيْن بن العلاء.
أَبُو الفضل النُّهَاوَنْديّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ.
وُلِدَ سنة إحدى وثلاثين.
وَسَمِعَ من: أَبِي البَدْر الكرخيّ، وعلي بن عبد السّيّد ابن الصَّبَّاغ، وَأَبِي غالب ابن الدَّاية.
رَوَى عَنْهُ الزَّكيّ البِرْزَاليّ.
وَتُوُفِّي في رمضان أَيْضًا.
88- عَبْد الملك بن أَبِي مُحَمَّد [2] بن أَبِي الغنائم البَرَدَانيّ [3] .
ثُمَّ البغداديّ.
سَمِعَ من أَبِي الفتح ابن البَطِّيّ.
وَحَدَّثَ.
ومات في شوّال وقد جاوز السّبعين.
روى عنه ابن النّجّار.
__________
[1] انظر عن (عبد المجيد بن الحسن) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 169، 170، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 344 رقم 1424، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 341.
[2] انظر عن (عبد الملك بن أبي محمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 140، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 350، 351 رقم 1433، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 1465، والمختصر المحتاج إليه 3/ 36 رقم 803، وتاريخ ابن الفرات 5 ق 1/ 184.
[3] البرداني: منسوب إلى البردان قرية بأعلى شرقي بغداد على دجلة بينهما وبين بغداد مسيرة نصف يوم، وهي بفتح الباء الموحدة وبعدها راء ودال مهملتان مفتوحتان وبعد الألف نون. (المنذري) .(44/111)
89- عَبْد المنعم بن أَبِي نصر [1] مُحَمَّد بن الحُسَيْن بن سُلَيْمَان.
الفقيه، أَبُو مُحَمَّد الباجِسْرائي، الحَنْبَلِيّ، المُعَدَّل.
وُلِدَ في حدود الخمسين.
وتَفَقَّه عَلَى أَبِي الفتح نصر ابن المَنِّي. وسَمِعَ من شُهْدة وغيرها. ودرّس في مسجد شيخه [2] بعد وفاته. وَكَانَ من كبار الحنابلة.
وبين باجسرى وبَغْدَاد عشرة فراسخ.
تُوُفِّي في سابع عشر جُمَادَى الْأولى.
رَوَى عَنْهُ الدُّبَيْثِي.
90- عَبْد الوَهَّاب بن بُزْغُش [3] .
أَبُو الفتح البَغْدَادِيّ، العيبيّ [4] ، المعروف بقطينة [5] المقرئ.
__________
[1] انظر عن (عبد المنعم بن أبي نصر) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 187، والتاريخ المجدّد لابن النجار (الظاهرية) ورقة 30، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 335 رقم 1403، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 86، 87 رقم 249، والمنهج الأحمد 341، والمقصد الأرشد رقم 671، والدر المنضد 1/ 336، 337 رقم 962، وشذرات الذهب 5/ 51، والتاج المكلّل للقنوجي 224، 225.
[2] يعني ابن المنّي.
[3] انظر عن (عبد الوهاب بن بزغش) في: التقييد لابن نقطة 373، 374 رقم 479، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 263، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 329- 331 رقم 199، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 352، 353 رقم 1436، والمختصر المحتاج إليه 3/ 59 رقم 847، ومعرفة القراء الكبار 2/ 602 رقم 564، والمشتبه 2/ 443، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 88، 89 رقم 250، وغاية النهاية 1/ 478 رقم 1991، ونهاية الغاية، ورقة 135، وشذرات الذهب 5/ 51، 52، والمنهج الأحمد 341، والمقصد الأرشد رقم 608، والدر المنضد 1/ 337 رقم 963.
وبزغش: بالباء الموحدة المضمومة وبالزاي والغين والشين المعجمات (ذيل طبقات الحنابلة) ، ووقع في غاية النهاية 1/ 478 «برغش» .
[4] العيبي: بكسر العين المهملة وفتح الياء آخر الحروف وكسر الباء الموحدة. ونسب كذلك لأن أباه كان يحمل العيب التي فيها كتب الرسائل لأنه كان فيجا، أي ساعيا. (المنذري) .
[5] قطينة: بضم القاف وفتح الطاء المهملة وسكون الياء آخر الحروف. (المنذري) وقد لقّب كذلك لبياضه. (ابن رجب) .(44/112)
قرأ بالروايات عَلَى: أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بن عساكر، وأبي الفتح عَبْد الوَهَّاب بن مُحَمَّد المالكيّ، وَأَبِي الفضل أَحْمَد بن مُحَمَّد بن شُنَيْف، وَإسْمَاعِيل بن عَليّ الغَسَّاني الدِّمَشْقِيّ. وَسَمِعَ من: أَبِي الوَقْت السِّجْزِي، وابن البَطِّيّ، وأبي زُرْعَة، وجماعةٍ.
وأقرأ القراءات، وَكَانَ أحد الموصوفين بالتَّجويد والمعرفة والإتقان.
رَوَى عَنْهُ الدُّبَيْثِي وأثنى عليه، وقال [1] : هو ختن أبي الفرج ابن الْجَوْزيّ.
تُوُفِّي في خامس ذي القِعْدَة [2] .
91- عُبَيْد اللَّه بن أَحْمَد [3] بن أَبِي الْقَاسِم هبة اللَّه بْن عَبْد القادر بْن الْحُسَيْن.
الشريف الخطيب، أَبُو الفضل الهاشِمِيّ، المنصوريّ، البَغْدَادِيّ، المُعَدَّل.
سَمِعَ من: أَبِي منصور موهوب بن أَحْمَد ابن الجواليقيّ، وَأَحْمَد ابن الطَّلّاية، وَمُحَمَّد بن أَحْمَد الطَّرائفي، وَإسْمَاعِيل بن أَبِي سَعْد، وابن ناصر، وجماعة.
خطبَ بجامع القصْر مُدَّة إلى أن عَجَز.
وَهُوَ آخر من حَدَّثَ ببَغْدَاد عن ابن الجواليقيّ.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، والضّياء المَقْدِسِيّ، والمِقْداد القيسيّ، وآخرون.
تُوُفِّي في سابع عشر رجب [4] .
__________
[1] في ذيل تاريخ بغداد 15/ 263.
[2] وقال ابن النجار: قرأ الخلاف وسمع الحديث الكثير، وكتب بخطه وحصّل الأصول، وكان حسن المعرفة بالقراءات، مجودا مليح التلاوة، حسن الأداء، طيب النغمة، ضابطا، له معرفة بالوعظ، ويتكلم في تعازي الأكابر ويحسن الكلام في مسائل الخلاف ... وسمع معنا من شيوخنا كثيرا، وكان صدوقا حسن الطريقة، متديّنا فقيرا، صبورا.
[3] انظر عن (عبيد الله بن أحمد) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 2/ 25- 27 رقم 283، وسير أعلام النبلاء 22/ 74 دون ترجمة، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 338، 339 رقم 1411.
[4] وقال ابن النجار: وشهد عند قاضي القضاة أَبِي طَالِب رَوْح بْن أَحْمَد الحديثي في يوم الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة ست وستين وخمسمائة فقبل شهادته وعزله عن الشهادة قبل موته بسنين عديدة، وكان يتولّى الخطابة بجامع السلطان مدة، ثم خطب بجامع القصر(44/113)
92- عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد [1] بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن.
أَبُو الحُسَيْن المذحجيّ، الْأنْدَلُسِيّ.
من أهل باغةَ. نزل قُرْطُبَة، وأخذ عن أبيه القراءات والأدب والطّبّ. وأخذ أيضا عَن عَيَّاش بن فرج، وَأَبِي عَبْد اللَّه بن صاف، وجماعة. وَسَمِعَ «الموطأ» من مغيث [2] بن يُونُس، ومن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن هِلال صاحب ابن الطَّلّاع. وأخذ الطّبّ عَن أَبِي مروان عَبْد الملك البَلَنْسِيّ، وأبي نصر فتح بن محمد. وعني بلقاء الشيوخ المقرءين والمحدّثين والْأطباء.
قَالَ الْأبَّار: كَانَ ناظما ناثرا، ماهرا في الطّبّ وَعَلَيْهِ عوّل، وَكَانَ أَبُوه وأجداده أطبّاء. تُوُفِّي في ربيع الآخر وَلَهُ أربعٌ وثمانون سنة.
93- عتيق بن عَليّ [3] بن خلف بن أَحْمَد.
أَبُو بَكْر القُرَشِيّ، الْأُمَوِيّ، المَرْوَانِيّ، الْأنْدَلُسِيّ، المُرْبيطريّ [4] ، المعروف بابن قَنَتْرال [5] ، نزيلُ مالقة.
أخذ القراءات والعربيّة عن أَبِي الحَسَن ابن النّعمة، وَسَمِعَ منه ومن أَبِي عَبْد اللَّه بن سعادة. وَسَمِعَ بمُرسية من أَبِي الْقَاسِم بن حُبَيْش. وبإشبيليّة من أَبِي عَبْد اللَّه بن زَرْقون، وَأَبِي بَكْر بن الْجَدّ. وأخذ بمالقة القراءات عن أَبِي مُحَمَّد بن دحمان. وحجّ سنة اثنتين وستّين، فسمع بمَكَّة من عليّ بن عبد الله المكناسيّ.
__________
[ () ] مناوبة مع ابن المهتدي. كتبنا عنه، وكان شيخا فاضلا متديّنا، حسن الأخلاق، جميل السيرة، مليح الإيراد للخطبة، جيد القراءة، صحيح الأداء، صدوقا أمينا إلا أنه كان عسرا في الرواية جدا. وقد بلغ خمسا وثمانين سنة أو أكثر.
[1] انظر عن (عبيد الله بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 940، 941، والوافي بالوفيات 19/ 410 رقم 397.
[2] في التكملة: «يونس بن مغيث بن يونس ابن الصفار» .
[3] انظر عن (عتيق بن علي) في: صلة الصلة لابن الزبير 57، وتكملة الصلة لابن الأبار رقم 1940، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 5 ق 1/ 121 123 رقم 238، والعسجد المسبوك 2/ 352، وغاية النهاية 1/ 500 رقم 2079.
[4] تقدّم التعريف بهذه النسبة في حاشية الترجمة رقم 19.
[5] تحرّف في غاية النهاية 1/ 500 إلى: «ابن قبرال» .(44/114)
وبالإسكندرية من أبي طاهر السِّلَفيّ. ثُمَّ قَفَل وتَصَدَّر للإقراء والإسماع بمالقة، وَحَدَّثَ ببَلَنْسِية.
قَالَ الْأبَّار [1] : وَكَانَ مقرئا، صالحا، ورعا [2] ، حدَّث عَنْهُ: أَبُو سُلَيْمَان بْن حَوْط اللَّه، وأبو عبد الله بن أبي البقاء، وأبو القاسم ابن الطَّيْلَسَان، ووالدي عَبْد اللَّه بن أَبِي بَكْر، وجماعةٌ. وَتُوُفِّي في رجب وَلَهُ بِضْعٌ وثمانون سنة [3] .
94- عَلِيّ بْن أَحْمَد [4] بْن عَلِيّ.
أَبُو الحَسَن ابن بَطُوشا الْأزَجيّ.
حَدَّثَ عن ابن ناصر. وعاش ثمانين سنة [5] .
95- عَليّ، الملك المُعَظَّم [6] أَبُو الحَسَن.
وليّ العهد، ابن الإِمَام النّاصر لدين اللَّه أَبِي العَبَّاس أَحْمَد بن المستضيء بأمر اللَّه الحسن.
__________
[1] في تكملة الصلة رقم 1940.
[2] عبارته: «وكان مقرئا، صالحا، لا يأخذ على التعليم أجرا» .
[3] وقال ابن عبد الملك الأنصاري: وكان شيخا صالحا ورعا زاهدا ناسكا، صحيح الاعتقاد معوّلا على مذهب مالك معظّما له، رحيم القلب سريع البكاء عند ذكر الصالحين، قديم الطلب للعلم، حاملا لكتاب الله وسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، مواظبا على تلاوة القرآن، كثير النصح في إقرائه متثبّتا، لا يشغله عن سماع القارئ عليه شيء ولا يبتغي على إقرائه أجرا إلا من الله تعالى. أقرأ قديما وأذن له شيخه أبو القاسم السهيليّ في الإقراء بمجلسه شهادة له بالتحصيل والإدراك. (الذيل والتكملة) .
[4] انظر عن (علي بن أحمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 216، 217، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 121 رقم 610، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 357 رقم 1444، والمختصر المحتاج إليه 3/ 117، 118 رقم 985.
[5] مولده سنة 532 هـ.
[6] انظر عن (علي الملك المعظّم) في: الكامل في التاريخ 12/ 308، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 217، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 46، 47 رقم 551، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 572، 573، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 354، 355 رقم 1439، وذيل الرّوضتين 91، 92، ومفرّج الكروب 3/ 229- 232، والمختصر في أخبار البشر 3/ 116، والمختصر المحتاج إليه 3/ 118 رقم 986، والدر المطلوب 82 سنة 612 هـ. و 83 سنة 613 هـ. وتاريخ ابن الوردي 2/ 133، والبداية والنهاية 13/ 69، والسلوك ج 1 ق 1/ 181، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 169- 173، والنجوم الزاهرة 6/ 213.(44/115)
كَانَ أَبُوه يُحبه، حَتَّى إِنَّهُ خلع أخاه أَبَا نصر مُحَمَّدًا، وجعل هَذَا وليَّ العهد، وَكَانَ شابّا فلم يُمَتَّع، ومات في ذي القِعْدَة.
ومن غريب الاتّفاق ما ذكر أَبُو المظفّر ابن الْجَوْزيّ [1] ، قَالَ: دخل يوم الْجُمُعة رأس منكلي (مملوك السُّلْطَان أُزبك الَّذِي كَانَ قد عصى عَلَى أُستاذه وَعَلَى الخليفة وقطع الطّريق وقتل ونهب، ثُمَّ جُهِّزت إِلَيْهِ العساكر فظفروا بِهِ بقرب همذان، فانكسر وقُتلت أصحابه، ونُهبت أثقاله وهرب ليلا، ثُمَّ قُتل وحُمل رأسه إلى أُزبك، فبعث بِهِ إلى الخليفة) [2] ، فأُدخل بَغْدَاد، وزُينت بَغْدَاد، فَلَمَّا مرُّوا بِهِ عَلَى باب درب حَبيب، وافق تِلْكَ السّاعة وفاة عَليّ هَذَا، فوقع الصُّراخ والنُّوح، وانقلب الفرح مأتما، وأمرَ الخليفة بالنِّياحة عَلَيْهِ في نواحي بَغْدَاد، وفرشوا البواري والرّماد، ولطم النّسوان، وغُلقّت الْأسواق والحمّامات. وخلّف ولدين صغيرين:
الحُسَيْن وَيَحْيَى.
قُلْتُ: وجزعَ النّاصر لموته وَسَمِعَ النَّاس بكاءه وصُراخه عَلَيْهِ، وعُمل لَهُ مأتم ببَغْدَاد لم يسمع بِمِثْلِهِ من الْأعمار، وأقامت لَهُ الملوك الْأعْزية في بُلدانهم، ورثَتْه الشّعراء.
96- عَليّ بن حُمَيْد [3] .
__________
[1] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 572، 573.
[2] ما بين القوسين ليس في المطبوع من المرآة.
[3] انظر عن (علي بن حميد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 340 رقم 1417، وجذوة المقتبس 22، وسير الأولياء في القرن السابع الهجريّ لصفي الدين الأزدي 48، ونهاية الأرب للنويري 29/ 70، والدر المطلوب لابن أيبك 181، والإشارة إلى وفيات الأعيان 320، والإعلام بوفيات الأعلام 252، والعبر 5/ 42 وفيه «أبو الحسن بن الصباغ» ، ودول الإسلام 2/ 116، وسير أعلام النبلاء 22/ 85 رقم 41، وتذكرة الحفاظ 4/ 1389، ومرآة الجنان 4/ 24 26، والوافي بالوفيات 21/ 77، 78 رقم 40، والعسجد المسبوك 2/ 351، 352، والطالع السعيد للأدفوي 383- 387 رقم 299، والنجوم الزاهرة 6/ 214، 215 وفيه: «علي بن الصباغ بن حميد» ، وحسن المحاضرة 1/ 245 وفيه وفاته سنة 613 هـ، وبغية الوعاة 2/ 295، والقلائد للتادفي 130، 131، وشذرات الذهب 5/ 52، 53، وجامع كرامات الأولياء للنبهاني 2/ 163، وطبقات المناوي (خاص) ورقة 243 ب.(44/116)
الزّاهد العارف القدوة الكبير، أبو الحسن ابن الصَّبَّاغ.
تُوُفِّي بقنا من صعيد مصر، ودُفن برباطه. وَكَانَ قد لقي المشايخ والصّلحاء، وانتفع بِهِ خلق، وظهرت بركاته عَلَى الَّذِي صَحبوه، وهدى اللَّه بِهِ خلْقًا كثيرا.
وَكَانَ حسن التَّربية للمُريدين، يتفقّد مصالحهم الدّينيّة، وَلَهُ أحوالٌ ومقامات.
تُوُفِّي في النّصف من شعبان.
قَالَ الحَافِظ عَبْد العظيم [1] : اجتمعت بِهِ بقنا سنة ستّ وستّمائة [2] .
97- عَليّ بن فضائل [3] بن عَليّ التَّكْريتي.
ثُمَّ البَغْدَادِيّ، الْأزَجيّ المَلّاحُ.
حَدَّثَ عن مُحَمَّد بن أَبِي حامد عَبْد العزيز بن عَليّ البَيِّع.
رَوَى عَنْهُ: الضّياء، والدّبيثيّ، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، وجماعة.
وتوفّي في ربيع الأوّل.
__________
[1] في التكملة 2/ 340.
[2] وقال ابن أبيك: وصحب الشيخ: أبا الحسن- رضي الله عنه- جماعة من الأولياء والصّدّيقين والنجباء والصالحين، فكان يقول رضي الله عنه: أصحابي ستمائة رجل، وما نال أحد بالديار المصرية ما ناله أصحابي، سوى رجلين: الشيخ مفرّج بدمامن، والشيخ أبو كريم، بكورة البهنساوية، رحمة الله عليهم أجمعين. (الدر المطلوب) .
وقال الأدفوي: إن ابن سعيد ذكره في كتاب «المغرب» قال: أنشدني له بعض من يحفظ الأدب من أهل الصعيد قصيدة طويلة منها:
باكرت والشمس في خدر السماء وقد ... نادى على الصبح أصوات العصافير
وأنشد له بيتا واحدا أيضا:
تجرّدت من دنياي والسيف لم يكن ... ليبلغ نجح القصد حتى تجرّدا
ومن شعره أيضا:
عليك هذا بعلم الواحد الأحد ... تجني ثمار جنان الخلد منه للأبد
واجمع همومك فيه لا تفرّقها ... لعلّ أنّك تحظى منه بالرشد
(الطالع السعيد 387) .
[3] انظر عن (علي بن فضائل) في: تاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 152، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 329 رقم 1391، والمختصر المحتاج إليه 3/ 133 رقم 1026.(44/117)
98- عَليّ بن مكّي [1] بن الحَسَن.
القاضي الْأشرف أَبُو الحَسَن الإسكندراني. عدلٌ، صالحٌ، ديّنٌ، خيّرٌ.
سَمِعَ من السِّلَفيّ.
وَتُوُفِّي في ذي القِعْدَة.
99- عُمَر بن الحُسَيْن [2] بن يَحْيَى.
أَبُو حفص البَغْدَادِيّ، الحَرِيميّ، القَزَّاز، الكبّاب، المعروف بابن المُعَوَّج.
شيخُ مُسْنِدٌ، سَمِعَ من: أَبِي منصور عَبْد الرَّحْمَن القَزَّاز، وأبي البدر إِبْرَاهِيم الكَرْخِيّ، وَأَحْمَد بن عليّ ابن الْأشقر، وجماعة.
وَكَانَ فقيرا قانعا يطلبُ.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، والبِرْزَاليّ، والضّياء، وآخرون.
وَتُوُفِّي في سابع ذي الحجَّة.
[حرف الفاء]
100- فِتْيان بن أَحْمَد [3] بن مُحَمَّد بن فضائل.
أَبُو المكارم ابن سمنيّة [4] .
ولد سنة خمس وعشرين وخمسمائة.
وَحَدَّثَ عن أَبِي عَبْد اللَّه الحُسَيْن بن مُحَمَّد بن خَميس المَوْصِليّ.
وَتُوُفِّي في ربيع الآخر.
رَوَى عَنْهُ: الضّياء المَقْدِسِيّ، والتّقيّ اليَلْدَانِيّ، وغيرهما. وأجاز للزّكيّ المنذريّ.
__________
[1] انظر عن (علي بن مكي) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 353 رقم 1437.
[2] انظر عن (عمر بن الحسين) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 194، 195، والتاريخ المجدّد لابن النجار (باريس) ورقة 99، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 355 رقم 1441، والمختصر المحتاج إليه 3/ 100 رقم 939.
[3] انظر عن (فتيان بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 332 رقم 1398، والمشتبه 1/ 369، وتوضيح المشتبه 5/ 165.
[4] سمنيّة: بفتح السين المهملة وسكون الميم وكسر النون وتشديد الياء آخر الحروف.(44/118)
وسَمْنِيَّة مُستفاد مَعَ سَمِينة.
[حرف الكاف]
101- كفاية بنت أبي الفتوح [1] بن أبي البركات ابن الحُصْريّ.
زَوْجَة الحَافِظ عُمَر بن عَليّ القُرَشِيّ.
سَمِعْتُ من أَبِي الفتح مُحَمَّد بن الحَسَن ابن الخطيب الأنباريّ، وأبي الفتح ابن البَطِّيّ.
وَتُوُفِّيت في شوّال.
[حرف الميم]
102- مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم [2] .
أَبُو عَبْد اللَّه المَهْري، البِجَائيّ، المَغْربيّ.
رحل ولقي جماعة، وَسَمِعَ بمصر وولي قضاء بجاية. ودخل الْأنْدَلُس، ووليَ قضاء مُرْسِية، ونابَ في قضاء مَرّاكش.
قَالَ الْأبَّار [3] : كَانَ علمَ وقْته عِلمًا وكمالا وتَفَنّنًا، يتحقّق بعلم الكلام وأُصول الفِقه، حَتَّى إِنَّهُ شُهِرَ بالْأصولي. اعتنى بإصلاح «المستصفى» للغَزَالِيّ [4] .
وامتُحن بقُرْطُبَة سنة ثلاث وتسعين هو وأبو الوليد ابن رُشد محنتهما المشهورة من أجل نظرهما في عِلْم الْأوائل، فتحدّث النَّاس بصبره في ذَلِكَ المقام وبجَلَده وثُبوت جأشه. وكُفَّ بصره بأَخَرَةٍ. أخذ عنه أبو محمد ابن حَوْط اللَّه، (وغيرُه) [5] . وَتُوُفِّي في أحد العيدين.
__________
[1] انظر عن (كفاية بنت أبي الفتوح) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 347 رقم 1431.
[2] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1726، والوافي بالوفيات 2/ 8 رقم 259، وعنوان الدراية 208، ونيل الابتهاج 228، والمقفى الكبير 5/ 67، 68 رقم 1603، ومعجم أعلام الجزائر 135.
[3] ذكره مع الغرباء من تكملته 2/ 684.
[4] وقال ابن الأبار: «وإزالة ما كان فيه من تصحيف، وله عليه تقييد مفيد» .
[5] إضافة على الأصل.(44/119)
قُلْتُ: لم يذكر لَهُ سماعٌ من أحد ولا متى ولد.
103- محمد بن الحسن [1] بن عيسى.
الْأجلّ، أَبُو عَبْد اللَّه اللّرستانيّ [2] ، الصُّوفِيّ، تقيّ الدّين.
سَمِعَ بدمشق من: أَبِي الْقَاسِم عَليّ بن الحَسَن الكِلابيّ الماسح، والخَضِر ابن عَبْدٍ الحارثيّ، والوزير أَبِي المُظَفَّر الفلكيّ. وبالإسكندرية من السِّلَفيّ.
وَكَانَ شيخا مُعمرًا، وُلِدَ قبل العشرين وخمسمائة بسنةٍ أَوْ نحوها.
قَالَ المُنْذِريّ [3] : سَمِعَ مَعَ كبر سنّه عَلَى بعض شيوخنا. وَكَانَ شيخا صالحا عَلَى سَمْتِ أهل الخير. سافرَ مَعَ شمس الدّولة توران شاه بن أيوب إلى اليمن، وحصلت لَهُ دُنيا مُتَّسعة، وحصّل أملاكا. وَكَانَ أكثر مقامه بخانقاه الصُّوفِيَّة.
ولُرستان عمل بين أصبهان وخُوزستان.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ المُنْذِريّ، وإسحاق بن محمود بن بلكوَيْه الصُّوفِيّ، والكمال عَليّ بن شُجاع الضَّرير، وَعَبْد الهادي بن عَبْد الكريم القَيْسِيّ الخطيب، وجماعة. وَتُوُفِّي في الثاني والعشرين من المحرّم، وَلَهُ نيّف وتسعون سنة.
104- مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ [4] بْنِ أَحْمَدَ بن الفرج.
أَبُو نصر البَغْدَادِيّ، الدَّبّاس، المعروف بابن أخي نصر العُكْبَريّ.
وُلِدَ سنة خمسين.
وَسَمِعَ من: أَبِي الفتح ابن البَطِّيّ، وابن المُقَرَّب، وجماعة.
وَتُوُفِّي في نصف ربيع الْأَوَّل.
105- مُحَمَّد بن أَبِي المعالي [5] عَبْد اللَّه بن موهوب بن جامع بن عبدون.
__________
[1] انظر عن (محمد بن الحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 325 رقم 1384، والمقفى الكبير 5/ 557 رقم 2084، وتاريخ ابن الفرات 5 ق 1/ 185.
[2] تصحّفت في تاريخ ابن الفرات إلى: «الرستاقي» .
[3] في التكملة 2/ 325.
[4] انظر عن (محمد بن عبد الله بن علي) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 24، 25 رقم 231، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 327 رقم 1388، والمختصر المحتاج إليه 1/ 61.
[5] انظر عن (محمد بن أبي المعالي) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد 2/ 25، 26 رقم 232،(44/120)
نور الدّين [1] ، أبو عبد الله ابن البَنَّاء، البَغْدَادِيّ، الصُّوفِيّ.
صحب أَبَا النّجيب السُّهْرَوَرْدي وسافرَ معه، وأخذ عَنْهُ التّصوّف. وَسَمِعَ من: ابن ناصر، وأبي بكر ابن الزَّاغُونيّ، وَأَبِي الكرم الشَّهْرزُوري، ونصر بن نصر العُكْبَريّ، وأبي الفتوح مُحَمَّد بن مُحَمَّد الطّائيّ، وجماعة.
وحدّث بمكة، ومصر، وبَغْدَاد، ودمشق.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه الدُّبَيْثِي، وابنُ خليل، والضّياء، والشّهاب القُوصيّ، وَإِسْحَاق بن بلكويه الصّوفيّ، والجمال يحيى ابن الصَّيْرَفِيّ، وَيَحْيَى بن شجاع بن ضِرْغام القُرَشِيّ المَصْرِيّ، والقُطْب عَبْد المُنعم بن يَحْيَى الزُّهْرِيّ، وَأَبُو الفرج عَبْد الرَّحْمَن بن أَبِي عُمَر، وأبو الحسن عليّ ابن البُخَارِي، وآخرون. وأجاز لجماعة آخرهم موتا شيخنا أبو حفص ابن القوّاس.
قَالَ الدُّبَيْثِي [2] : شيخُ حسن كيّسٌ، صحبَ الصُّوفِيَّة، وتأدّب بهم. وَسَمِعَ بإفادة أَبِيهِ وبنفسه كثيرا وَقَالَ لي: وُلدت سنة ستٍّ وثلاثين وخمسمائة. وجاور بمَكَّة زمانا، ثُمَّ توجّه إلى مصر، ثُمَّ إلى دمشق فأقام بها.
قُلْتُ: كَانَ مقيما بالسّميساطيّة إلى أن تُوُفِّي في منتصف ذي القِعْدَة. وقد كتب بخطّه عدَّة أجزاء من مسموعاته.
وَقَالَ ابن النَّجَّار: كَانَ من أعيان الصُّوفِيَّة وأحسنهم شَيْبَة وشكْلًا، صحِبتُهُ من مَكَّة إلى المدينة، وكنتُ أجتمعُ بِهِ كثيرا بجامع دمشق. وَكَانَ من أظْرف المشايخ، وأحسَنهم خُلُقًا، وألطَفَهم، لَا يملُّ جَلِيسُه منه. وَكَانَ لمحبّته للرواية رُبّما حَدَّثَ من فروع، وكنتُ أنهاه فلا ينتهي.
__________
[ () ] والتكملة لوفيات النقلة 2/ 353، 354 رقم 1438، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 2362 و 2364، والمعين في طبقات المحدّثين 188 رقم 2000، والإعلام بوفيات الأعلام 251، والمختصر المحتاج إليه 1/ 61، 62، وسير أعلام النبلاء 22/ 258 رقم 42، والعبر 5/ 43، والعقد الثمين 1/ ورقة 143، والمقفى الكبير 6/ 129، 130 رقم 2577، والنجوم الزاهرة 6/ 215، وشذرات الذهب 5/ 53.
[1] ويلقّب أيضا: «فخر الدين» ، انظر تلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 2362 و 2364.
[2] في ذيل تاريخ مدينة السلام 2/ 24، 25.(44/121)
وَرَوَى عَنْهُ ابن مُسْديّ بالإجازة، قَالَ [1] : أَخْبَرَنَا أَبُو الفتح الكُرُوخِيّ ببَغْدَاد، فذكر حديثا من «الجامع» .
106- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد الْوَهاب [2] بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد الوَهَّاب بن هبة اللَّه السِّيبِيّ.
البَغْدَادِيّ، أَبُو عَبْد اللَّه.
سَمِعَ: أَبَا الوَقْت السِّجْزِي، وأبا المُظَفَّر ابن التُّريكِيّ.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وابنُ النَّجَّار، وَقَالَ: مات في شوّال.
107- مُحَمَّد بن عَليّ [3] .
محيي الدّين، أَبُو عَبْد اللَّه الشَّقّانيّ، الرّوميّ.
قدِم مصر، وَسَمِعَ من العلّامة عَبْد اللَّه بْن بَرّي، وعَشير بن عَليّ، وجماعةٍ. وَكَانَ إماما فاضلا، وَليَ قضاء المَوْصِل، ثُمَّ وليَ قضاءَ مدينة أقصرا من الرّوم، وَتُوُفِّي بسيواس.
وشَقّان- بالفتح، وَقِيلَ: بالكسر- قِيلَ: إنّ بتلك النّاحية جبلين في كلّ واحدٍ منهما شقّ يخرج منه الماء، فَقِيلَ لهما: شِقّان.
تُوُفِّي فِي ربيع الْأَوَّل.
108- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن المبارك [4] بن محمد.
__________
[1] يعني: ابن البناء.
[2] انظر عن (محمد بن عبد الوهاب) في: تاريخ ابن الدبيثي (شهيد علي 1870) ورقة 65، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 347 رقم 1430، وذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 60، 61 رقم 270، والمختصر المحتاج إليه 1/ 71.
[3] انظر عن (محمد بن علي الشّقاني) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 329 رقم 1392، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 238، والمقفى الكبير 6/ 253، 254 رقم 2719.
[4] انظر عن (محمد علي بن المبارك) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 147، 148 رقم 382، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 344، 345 رقم 1425، وذيل الروضتين 99، والإشارة إلى وفيات الأعيان 320، والمختصر المحتاج إليه 1/ 100، 101، والعبر 5/ 43، وسير أعلام النبلاء 22/ 52 رقم 34، والبداية والنهاية 13/ 74، والمقفى الكبير للمقريزي 6/ 328، 329 رقم 2798، وعقد الجمان 17/ ورقة 395، والنجوم الزاهرة 6/ 215، وشذرات الذهب 5/ 53.(44/122)
كمال الدّين أَبُو الفتوح التّاجر المعروف بابن الْجَلاجُليّ [1] .
شيخٌ بغداديّ متميزٌ صاحب مالٍ.
وُلِدَ سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من: هبة اللَّه بن أَبِي شَريك الحاسب، والمبارك بن عَليّ الوكيل الشُّرُوطِيّ، وأبي الفتح ابن البَطِّيّ، وجماعة. وقرأ ببعض القراءات عَلَى أَبِي الحسن علي بن عساكر البطائحي. وقرأ القرآن عَلَى أَبِي السّعادات الوكيل المذكور، عن قراءته عَلَى أَبِي البركات مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الوكيل صاحب أَبِي العلاء الوَاسِطِيّ. وَسَمِعَ بالإسكندرية من السِّلَفيّ.
وَحَدَّثَ في أسفاره، وطافَ ما بين العراق إلى الشَّام، إلى اليمن، ومصر، وَخُرَاسَان، وما وراء النَّهْر، والهند.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وابن النَّجَّار، وَالزَّكيّ المُنْذِريّ، والشّهاب القُوصيّ، والفَخْر عَليّ، والشيخ شمس الدّين، والتّقيّ إبراهيم ابن الواسطيّ، والشّمس عبد الرحمن ابن الزّين، وَمُحَمَّد بن مؤمن، وطائفة سواهم. وآخر من حدّث عنه بالإجازة عمر ابن القوَّاس.
قَالَ ابن النَّجَّار: صَحِبتُهُ في السَّفر، وَسَمِعْتُ منه ببلاد. وَكَانَ تاجرا مُحتشمًا، صدُوقًا، مليحَ المُجاورة، كيِّسًا، حُفَظَةً للحكايات والْأشعار، ظريفا.
تُوُفِّي ببيت المَقْدِس في رابع عشر رمضان [2] .
109- مُحَمَّد بن محمد بن عَبْد الجليل [3] بن مُحَمَّد.
أَبُو بَكْر بن أَبِي حامد، ابن المُحَدّث أَبِي مسعود كُوتاه الأصبهانيّ.
سَمِعَ من: جَدّه، وَإسْمَاعِيل الحَمّاميّ المُعَمَّر، وَأَبِي الوَقْت.
وَكَانَ فاضلا، لَهُ معرفة. أثنى عَلَيْهِ ابن النَّجَّار، وَحَدَّثَ عَنْهُ، وَقَالَ: كَانَ يعظُ في رساتيق أصبهان. توفّي في عاشر رمضان.
__________
[1] قيل له ابن الجلاجليّ لأن جدّه كان حسن الصوت بالقرآن، فعرف بالجلاجلي. (المنذري) .
[2] في ذيل الروضتين، والبداية والنهاية، وعقد الجمان، وفاته في سنة 613 هـ.
[3] تقدّمت ترجمته في وفيات السنة السابعة برقم 45، وهو ذهول من المؤلف- رحمه الله-.(44/123)
110- مُحَمَّد بن أَبِي جَعْفَر [1] مُحَمَّد بن عدنان بْنِ عَبْد اللَّه بن عُمَر.
الشّريف النّقيب أَبُو الحُسَيْن العلويّ، الحُسَيْنيّ، الكُوفِيّ، المعروف بابن المُخْتار، وَهُوَ لقبُ عُمَر جدِّهم.
وُلِدَ سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة.
وتولَّى نقابةَ العلَويّين ببَغْدَاد. وَسَمِعَ من أَبِي محمد ابن الخَشَّاب، وَحَدَّثَ وَتُوُفِّي في ربيع الْأَوَّل.
رَوَى عَنْهُ الدُّبَيْثِي [2] .
111- مُحَمَّد بن مُحَمَّد [3] بن أَبِي الْقَاسِم الأصبهانيّ.
المِلَنْجِيّ، القَطَّان، المُؤَدِّب [4] .
وُلِدَ سنة أربعين ظنّا.
وَسَمِعَ من: أَبِي الْقَاسِم إسْمَاعِيل الحَمّاميّ، وَمُحَمَّد بن أَبِي نصر بن هاجر.
وَحَدَّثَ ببَغْدَاد، وَمَكَّة.
رَوَى عَنْهُ: الحَافِظ عَليّ بن المُفَضَّل ومات قبله، والحافظ الضّياء، وابن خليل. وأجاز للفخر عَليّ، وغيره.
وَكَانَ مُحدّثًا مُكثرًا، حافظا متودّدا مُكْرِمًا للطّلبة، ذا مروءة سَهْلًا في إعادة أُصوله، مُحبًّا للرواية، واسع الصّدر.
توفّي في جمادى الأولى.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبي جعفر) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 131، 132، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 328 رقم 1390، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 2416، والمختصر المحتاج إليه 1/ 128، 129، وعمدة الطلبة لابن عنبة 296.
وله ذكر في ديوان سبط ابن التعاويذي 45، 214.
[2] في تاريخه، ورقة 132.
[3] انظر عن (محمد بن محمد) في: معجم البلدان 4/ 638، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 132، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 336 رقم 1405، والمختصر المحتاج إليه 1/ 129، وسير أعلام النبلاء 22/ 59، 60 رقم 43، وتاج العروس 2/ 102.
[4] تصحّف في معجم البلدان إلى: «المؤذن» .(44/124)
ومِلَنْجة: من محالّ أصبهان أَوْ من قراها، بكسر الميم وبالنّون.
112- مُحَمَّد بن منصور [1] بن عَبْد الواحد بن إلياس.
أَبُو المحاسن التَّمِيمِيّ، البالسيّ، ثمّ البغداديّ.
حدّث عَن نصر بن نصر العُكْبَريّ، وغيره.
ومات في رجب [2] .
رَوَى عَنْهُ ابن النَّجَّار.
113- المبارك بن المبارك [3] بن أَبِي الْأزْهر سَعِيد ابن الدَّهان.
أَبُو بَكْر بن أَبِي طَالِب، الوَاسِطِيّ، النَّحْوِيّ، الْأديب، الضرير، وجيه الدّين.
وُلِدَ بواسط سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة [4] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن منصور) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 144، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 339 رقم 1414، وتلخيص مجمع الآداب 3/ رقم 1350، والمختصر المحتاج إليه 1/ 142.
[2] ومولده سنة 539 هـ.
[3] انظر عن (المبارك بن المبارك) في: معجم الأدباء 17/ 85- 71 رقم 22، والكامل في التاريخ 12/ 302، وإنباه الرواة 3/ 254- 256، وإشارة التعيين، ورقة 43، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 573، وعقود الجمان لابن الشعار 6/ ورقة 12- 15، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 342، 343 رقم 1421، وذيل الروضتين 90، 91، ووفيات الأعيان 4/ 152، 153، وتاريخ إربل 1/ 327، 328، وتلخيص مجمع الآداب 3/ رقم 238، والمختصر في أخبار البشر 3/ 116، 117، والعبر 5/ 43، 44، والمختصر المحتاج إليه 3/ 178، 179 رقم 1159، وسير أعلام النبلاء 22/ 86- 89 رقم 61، وتلخيص ابن مكتوم، ورقة 240، وتاريخ ابن الوردي 2/ 133، ومسالك الأبصار 4/ ورقة 345- 347، ومرآة الجنان 4/ 24، ونكت الهميان 233، 234، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 535، 356، وطبقات الشافعية الكبرى للسيوطي 5/ 148 (7/ 275) ، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 142 أ، والبداية والنهاية 13/ 69، 70، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 162، والعسجد المسبوك 2/ 352، 353، وغاية النهاية 2/ 41، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 244، 245، وعقد الجمان 17/ ورقة 355، والنجوم الزاهرة 6/ 214، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 185- 189، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي، ورقة 73، 74، وبغية الوعاة 2/ 273، 274، وشذرات الذهب 5/ 53، وروضات الجنات 314، ومعجم المؤلفين 8/ 173.
[4] وقع في: معجم الأدباء 17/ 59، ونكت الهميان 233، أن مولده في سنة 502 هـ.(44/125)
وقرأ القرآن عَلَى الشيوخ، واشتغل. وسمع بواسط من نصر بن مُحَمَّد الْأديب، والعلاء بن عليّ السَّوادِيّ. وَسَمِعَ ببَغْدَاد من أَبِي زُرْعَة، وغيره. ولزم الكمال عَبْد الرَّحْمَن الْأنباريّ مُدَّة، وبرع في النَّحو، وصنَّف فيه، وأقرأه.
وتخرّجَ بِهِ جماعةٌ ببَغْدَاد.
وَلَهُ:
زارني والليلُ داجٍ بسحرْ ... وبلُطْفِ اللَّفْظِ للقلبِ سَحَرْ
رامَ يستخْفي مِنَ الواشي بِهِ ... فأتى ليلا، وهل يَخفى القمر؟
جسمهُ ماءٌ ولكنْ قلبه ... عندَ شكوايَ إِلَيْهِ مِنْ حجرْ
وقد ترجمه ابن النَّجَّار فأطنب ووصفه وبالغ، وذكر أَنَّهُ اشتغل عَلَيْهِ وانتفع بِهِ، وَأَنَّهُ كان يُكرر عَلَى درس كلّ يوم فيحفظه [1] .
وقرأ النّحو أَيْضًا عَلَى أبي محمد ابن الخَشَّاب. ودرّس النّحو بالنّظاميّة، وتَفَقَّه عَلَى مذهب أَبِي حنيفة، وَكَانَ حنبليا، وَقِيلَ: انتقل إلى مذهب الشَّافِعِيّ.
وفيه يَقُولُ المؤيّد أَبُو البركات ابن التّكريتيّ الشّاعر:
ومَنْ مُبلغٌ عنّي الوجيهَ رسالة ... وَإنْ كَانَ لَا تُجدي لدَيْهِ الرَّسائلُ
تمذهبت للنعمان بعد ابن حنبل ... وذلك لما أعوزتك المآكلُ
وما اخترت رأي الشَّافِعِيّ ديانة ... ولكنَّما تهوى الذي هو حاصل
وعما قليل أنت لا شك صائر ... إلى مالك فافطن لما أَنَا قائلُ [2]
قَالَ الدُّبَيْثِي [3] : تخرَّجَ بالوجيه جماعة في النّحو. وكان يقول الشّعر. وكان
__________
[1] نقل المؤلف- رحمه الله- في سير أعلام النبلاء 22/ 87، 88، قسما من ترجمة ابن النجار ومنها قوله: «قرأت عليه كثيرا، وهو أول من فتح فمي بالعلم، لأن أمي أسلمتني إليه ولي عشر سنين، فكنت أقرأ عليه القرآن والفقه والنحو، وأطالع له ليلا ونهارا، وإذا مشى كنت آخذه بيده» .
[2] الأبيات باختلاف بعض الألفاظ في: معجم الأدباء 17/ 66، 67، والكامل في التاريخ 12/ 312، وتاريخ ابن الدبيثي 1/ 137، والمختصر في أخبار البشر 3/ 116، 117، وتاريخ ابن الوردي 2/ 133، والعسجد المسبوك 2/ 352، 353.
[3] في تاريخه 1/ 117.(44/126)
هُذرة [1] ، كتبتُ عَنْهُ أناشيد. وتوفّي في السّادس والعشرين من شعبان.
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ الزَّكيّ البِرْزَاليّ، وغيره. وأجاز لأحمد بن أَبِي الخَيْر [2] .
114- محمود بن الحَسَن بن نَبْهان بن الحَسَن بن سَنَد.
الْأمير نجم الدّين الحِلِّيّ.
شاعرٌ مُحسنٌ مُجيدٌ، رئيسٌ نبيلٌ. مدحَ الملكَ العادل.
رَوَى عَنْهُ من شِعره الشّهاب القُوصيّ، وغيره.
وَهُوَ والد عَليّ المنجّم الَّذِي سَمِعَ من ابن طَبَرْزَد.
وُلِدَ بالحِلة السَّيْفية سنة ستّ عشرة وخمسمائة، وعُمِّر دهرا طويلا.
تُوُفِّي في رجب.
115- مريم بنت أبي بكر بن عبد الله بن سَعْد المَقْدِسِيّ.
أمّ عيسى، امْرَأَة الشّيخ موفّق الدّين ابن قُدامة.
كانت خَيّرةً صالحة. روت بالإجازة عَن يَحْيَى بن ثابت، وغيره.
رَوَى عَنْهَا: الضّياء، وَالشَّيْخ شمس الدّين عَبْد الرَّحْمَن.
وَتُوُفِّيت في جُمَادَى الْأولى.
116- مَزْيَد بن عَليّ [3] بن مَزْيَد.
أَبُو عَليّ الطّائيّ الشّاعر المعروف بابن الخَشْكَرِيّ.
__________
[1] أي كثير الهذر.
[2] وقال ياقوت الحموي: وهو شيخي الّذي به تخرّجت وعليه قرأت. (معجم الأدباء 17/ 59) .
وكان قليل الحظّ من التلامذة يتخرّجون عليه ولا ينسبون إليه، ولم يكن فيه عيب إلا أنه كان فيه كيس ولين، وكان إذا جلس للدرس يقطع أكثر وقته بالأخبار والحكايات وإنشاد الأشعار حتى يسأم الطالب وينصرف عنه وهو ضجر وينقم عليه، وكان يحسن بكل لغة من الفارسية، والتركية، والحبشية، والروميّة، والأرمينية، والزنجية، فكان إذا قرأ عليه عجمي واستغلق عليه المعنى بالعربية فهّمه إيّاه بالعجمية على لسانه، وكان حسن التعليم طويل الروح كثير الاحتمال للتلامذة.
[3] تقدّمت ترجمته في وفيات السنة السابقة برقم (49) ، وفي البداية والنهاية 13/ 74، 75 وفاته في سنة 613 هـ.(44/127)
قَدِمَ بَغْدَاد، ومدحَ النّاصر لدين اللَّه والكِبار. وَكَانَ نُصَيريًا، سافرَ إلى سِنان [1] وصحبه، وانحلّ من الدّين، وَكَانَ داعية.
وعُمِّر دهرا. مات في رمضان.
117- مُظَفَّر بْن عَبْد اللَّه [2] بْن عَليّ بْن الحُسَيْن.
الإِمَام الفقيه تقيّ الدّين المَصْرِيّ، الشَّافِعِيّ، المعروف بالمُقْتَرَح [3] .
وُلِدَ في حدود السّتّين وخمسمائة.
وتَفَقَّه، وبرع في أصولِ الدّين والخلاف والفقه، وصنَّف التّصانيف، وتخرَّجَ بِهِ جماعةٌ كثيرةٌ.
قَالَ الحَافِظ عَبْد العظيم [4] : سَمِعَ بالإسكندرية من أَبِي الطاهر بن عَوْف الفقيه. وَسَمِعْتُ منه، وَحَدَّثَ بمَكَّة ومصر. وَكَانَ كثير الإفادة مُنتصبًا لمن يقرأ عَلَيْهِ، كثير التّواضع، حسن الْأخلاق، جميلَ العِشْرة، ديّنا مُتورعًا. وليَ التّدريس بالمدرسة المعروفة بالسّلفيّ بالإسكندريّة مُدَّة، وتوجّه إلى مَكَّة فأُشيعت وفاته وأُخذت المدرسة فعادَ ولم يتّفق عوده إليها، فأقام بجامع مصر يُقرئ، واجتمع عَلَيْهِ جماعة كثيرة، ودرس بمدرسة الشريف ابن ثَعْلَب، وَتُوُفِّي في شعبان.
118- منصور بن أَحْمَد [5] بن أَبِي العزّ بن سَعْد.
أَبُو بَكْر المكّيّ، الحميليّ [6] ، الضّرير، المقرئ، نزيل بغداد.
__________
[1] سنان هو مقدم الإسماعيلية آنذاك.
[2] انظر عن (مظفر بن عبد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 343 رقم 1422، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 156 (7/ 300) ، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 77، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 184، 185، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي، ورقة 83، وحسن المحاضرة 1/ 190.
[3] عرف بالمقترح لأنه كان يحفظ كتاب «المقترح في المصطلح» لأبي منصور البروي، المتوفى سنة 567 هـ.
[4] في التكملة 2/ 343.
[5] انظر عن (منصور بن أحمد) في: معجم البلدان 3472، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 339 رقم 1412، والمشتبه 1/ 176، وتوضيح المشتبه 2/ 442.
[6] الحميليّ: بضم الحاء المهملة وفتح الميم وبعدا ياء آخر الحروف ساكنة ولام.(44/128)
قرأ القرآن عَلَى دعوان بن عَليّ الْجُبّائيّ، وَعَلَى أحمد بن عُمَر بن لُبيدة.
وَسَمِعَ من: دعوان، وعليّ بن عبد العزيز ابن السَّمَّاك.
والحُميلي: نسبة إلى قرية من أعمال نهر الملك.
توفّي في رجب.
كتب عَنْهُ ابنُ نُقطة، والطّلبة.
119- مودود بن فلان [1] الشّاغوريّ الفقيه.
كمال الدّين الشَّافِعِيّ.
قَالَ الإِمَام أَبُو شامة [2] : كَانَ فقيها زاهدا، خيّرا، يُقرئ الفقه قُبالة مقصورة الخطابة بجامع دمشق، ويشرح «التّنبيه» . تُوُفِّي في السّنّة [3] .
120- موسى بن سَعِيد [4] بن هبة اللَّه.
الشريف أَبُو الْقَاسِم بن أَبِي الفتح الهاشِمِيّ، البَغْدَادِيّ، ابن الصّيقل.
ولد سنة سبع وعشرين وخمسمائة.
سمع من: أبي القاسم إسماعيل ابن السَّمَرْقَنْدِيّ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَد الطّرائفيّ، وأبي الفضل الْأُرْمَوي، وَمُحَمَّد بن منصور القصْري.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، والمقداد القَيْسِيّ، وطائفةٌ من أهل بغداد.
__________
[1] انظر عن (مودود بن فلان) في: ذيل الروضتين 90، والبداية والنهاية 13/ 70.
[2] في الذيل 90.
[3] وقد نظم الشهاب فتيان الشاغوري أبياتا كتبت على نصيبة حجر على قبره:
كم ضم قبرك يا مودود من دين ... ومن عفاف ومن برّ ومن لين
ما كنت تقرب سلطانا لتخدمه ... لكن غنيت بسلطان السلاطين
سقى الإله ضريحا أنت ساكنه ... حتى ترى منبتا خضر الرياحين
[4] انظر عن (موسى بن سعيد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 53 رقم 35، والمختصر المحتاج إليه 3/ 196 رقم 1217، والعبر 5/ 44، وسير أعلام النبلاء 22/ 53 رقم 35، وشذرات الذهب 5/ 53.(44/129)
وَكَانَ صدرا مُحْتَشِمًا، وليَ حجابة باب النُّوبي مُدَّة. وَكَانَ عالي الإسناد.
وليَ نقابة العَبَّاسيّين بالكُوفة أَيْضًا.
وَتُوُفِّي في سادس عشر جُمَادَى الْأولى.
[حرف النون]
121- ناز خاتون [1] بنت أَحْمَد بْن أَبِي غالب مُحَمَّد بْن مُحَمَّد ابن السَّكن.
أمُّ مُظَفَّر البَغْدَادِيَّة.
سمعتْ من: جدِّها، ومن سعيد ابن البنّاء، وعبد الباقي ابن النَّرْسيّ المُحتسب.
وحدَّثت، رَوَى عَنْهَا الدُّبَيْثِي، وغيره.
وَتُوُفِّيت فِي جُمَادَى الآخرة.
[حرف الْيَاءِ]
122- يَحْيَى بْن دَاوُد [2] .
أَبُو زكريا التَّادَليّ [3] الفقيه، نزيل فاس.
سمع من: أبي عبد الله ابن الرَّمامة، وَأَبِي الحَسَن بن حُنين.
قَالَ الْأبَّار: تَفَقَّه على مشيختنا، وَكَانَ لَهُ حظٌ من الفقه والْأصول والعربية، ولَسَنٌ وبلاغةٌ. وليَ قضاء جزيرة شُقْر [4] مُدَّة طويلة. سَمِعْتُ منه كتاب «الشِّهاب» للقُضاعي، بسماعه من ابن حُنين، عن العَبْسيّ، عن مؤلّفه. وَتُوُفِّي ببَلَنْسِية.
123- يَحْيَى بن ياقوت [5] .
__________
[1] انظر عن (ناز خاتون) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 337 رقم 1407.
[2] انظر عن (يحيى بن داود) في: تكملة الصلة لابن الأبار 3/ ورقة 137.
[3] منسوب إلى تادلة، من جبال البربر بالمغرب قرب تلمسان وفاس، وكان أصله منها.
[4] جوّد المؤلف تقييدها بضم الشين المعجمة، وبعضهم يفتحها.
[5] انظر عن (يحيى بن ياقوت) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 336، 337 رقم 1406، والإشارة إلى وفيات الأعيان 320، والعبر 5/ 44، وسير أعلام النبلاء 22/ 53، 54 رقم 36، والمختصر(44/130)
أَبُو الفرج البَغْدَادِيّ، الفرَّاش.
مملوك العَتَبَة الشَّريفة.
سمع من: أبي القاسم إسماعيل ابن السمرقندي، وعبد الجبار بن أحمد بن توبة، ويحيى ابن الطَّرّاح، وعَليِّ بن عَبْد السَّلَام الكاتب، وعمر بن ظَفَر المَغَازليّ.
وَحَدَّثَ ببَغْدَاد، وبمكّة وجاور بها ورُتّب شيخا بالحرم ومِعمارًا.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وابن خليل، وَأَحْمَد بنُ مودودَ الْمَدَنِيّ نزيل القاهرة، وعَليُّ بن مُحَمَّد بن عَليّ الْمَكِّيّ، وَيَحْيَى بن مُحَمَّد بن أَبِي الفتح سِبط الواعظ:
شيوخ الدّمياطيّ، وآخرون. وعاد إلى بَغْدَاد وبها مات في الثّامن والعشرين من جُمَادَى الآخرة.
124- يوسف بن عُثْمَان [1] بن مُحَمَّد بن حسن البَغْدَادِيّ.
أَبُو مُحَمَّد الدَّقاق، المعروف بابن قديرة.
سمع: سعيد بن أحمد ابن البَنَّاء، وأبا الوَقْت.
وَعَنْهُ: البِرْزَاليّ، والدّبيثيّ.
125- يوسف بن أَبِي حامد [2] مُحَمَّد ابن القاضي أَبِي الفضل مُحَمَّد بن عُمَر بن يوسف.
أَبُو إِسْحَاق الْأُرْمَوي، ثُمَّ البَغْدَادِيّ، الْأقْفالي، الإبريّ.
وُلِدَ سنة ستّ وعشرين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من: جَدّه، وَأَبِي الْحَسَن عَلِيِّ بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السَّلَام، وَأَبِي عُمَر صافي السّاويّ.
__________
[ () ] المحتاج إليه 3/ 253 رقم 1372، والنجوم الزاهرة 6/ 214، وشذرات الذهب 5/ 53.
[1] انظر عن (يوسف بن عثمان) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 340، 341 رقم 1418، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 2538، والمختصر المحتاج إليه 3/ 234 رقم 1321.
[2] انظر عن (يوسف بن أبي حامد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 331 رقم 1395، والمختصر المحتاج إليه 3/ 235 رقم 1325، وتوضيح المشتبه 1/ 119.(44/131)
وَكَانَ صحيح السّماع.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، والبِرْزَاليّ، والضِّياء، والنَّجِيب عَبْد اللّطيف، وجماعةٌ.
وَتُوُفِّي في التّاسع والعشرين من ربيع الآخر [1] .
وفيها وُلِدَ
جمال الدِّين عَبْد الكافي بْن عَبْد الملك بْن عَبْد الكافي خطيب دمشق.
والمحدّث عَليّ بن بَلَبان.
والعفيف عَبْد الرَّحِيم بن مُحَمَّد ابن الزَّجّاج.
والعماد مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن بن سُلطان الحَنَفِيّ.
والزّين أَحْمَد بن عَبْد الباري الإسكندريّ.
وإبراهيم ابن النّاصح مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن سَعْد.
والصّفيّ مُحَمَّد بن مُظَفَّر الزَّرزائي.
والنّجم يَحْيَى بن عَليّ الشّاطبيّ، وُلِدَ بدمشق.
والشُّجاع نقيب عسكر دمشق، وعاش مائة إِلَّا سنة.
والفَخْر عَبْد القاهر ابن السّيف عبد الغنيّ ابن تَيْمِيَّة خطيب حرّان.
وعَليّ بن محمود ابن قاضي باعشيقا، بها، من المَوْصِل.
والموفّق مُحَمَّد بن عَبْد المنعم بن جماعة الحَمَويّ، سَمِعَ ابن باقا.
وَعَبْد اللَّه بن عَليّ بن محمود بن عُمَر بن زُقَيقَة، بحاني.
وَالشَّيْخ أَبُو بَكْر بن مسعود المَقْدِسِيّ الرُّوَيس الشّاعر.
وقاضي تَدْمر زين الدّين مُحَمَّد بن الحَسَن بن عليّ بن إسماعيل الغسّانيّ.
__________
[1] في الأصل بخط المؤلّف: «ربيع الأول» وهو سبق قلم منه. والمثبت عن المصادر بما فيها:
المختصر المحتاج إليه للمؤلّف- رحمه الله-.(44/132)
سنة ثلاث عشرة وستمائة
[حرف الْألف]
126- أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه [1] بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُدَامة بْن مِقْدام.
الفقيه شرف الدّين، أَبُو الحَسَن.
وُلِدَ سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من: يَحْيَى الثَّقَفِيّ، والخضر بن طاوس، وابن صدقة الحرّانيّ، وإسماعيل الجنزويّ، وجماعة. وببغداد عَبْد المنعم بن كُليب، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ الحَافِظ الضِّيَاء وعَمِل لَهُ ترجمة طويلة، فَقَالَ فيه: إمامٌ فاضلٌ، ثقةٌ، ديّنٌ، عاقلٌ، جمع اللَّه لَهُ بين الخَلْق والخُلُق، والدّين والْأمانة، وقضاء حوائج الإخوان، والكرم والتَّعطف عَلَى المرضى والتَّطلع إلى حوائجهم، كفى الجماعة في أشغال كثيرة بعد سفر أخي إلى حِمْص.
أَخْبَرَنَا [2] الإِمَام أَحْمَد ابن خالي عُبَيْد اللَّه ببَغْدَاد، أَخْبَرَنَا ابن كُليب- فذكر من جزء ابن عَرَفة- ثُمّ قَالَ: بلغني عن أهل بيته أَنَّهُم قَالُوا: ما ترك قطُّ قيامَ اللّيل، وَكَانَ يَقُولُ الحقَّ، لَا يخاف من أحدٍ، ولا يُحابي أحدا.
سَمِعْتُ [3] أَبَا العَبَّاس أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن خَلَف بْن راجح بعد موت أَحْمَد بأيّام، قَالَ: رأيته في النّوم فَقُلْتُ لَهُ: ما لقيتَ من ربّك؟ فَقَالَ: كلَّ خير. فَقُلْتُ لَهُ: زِدْني. قَالَ: ما أظنّ أحدا رُفع فوق منزلتي.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبيد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 388 رقم 1507، والوافي بالوفيات 7/ 175 رقم 3111، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 92، 93 رقم 254، وشذرات الذهب 5/ 54، والمنهج الأحمد 342، والمقصد الأرشد رقم 78، والدر المنضد 1/ 338 رقم 967.
[2] الكلام للحافظ الضياء.
[3] السماع للحافظ الضياء أيضا.(44/133)
سَمِعْتُ أَحْمَد بن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن إسْمَاعِيل يَقُولُ: رَأَيْت الشرف أَحْمَد في النّوم بعد موته بأيام فَقُلْتُ: كيف أَنْتَ؟ أظنّه قَالَ: بخير. قُلْتُ: فما مُتَّ ودفنّاك؟ قَالَ: أفما يُحيي اللَّه الموتى؟ فَقُلْتُ: بلى. ثُمَّ ذكر لَهُ مناماتٍ أُخر من هَذَا النّوع.
وَقَالَ: أنشدنا شيخُنا موفّق الدّين لنفسه:
مات المُحِبُّ وماتَ العزُّ والشَّرفُ [1] ... أئِمَّةٌ سادةٌ ما منهمُ خَلَفُ
كانوا أئمة عِلْمٍ يُستضاءُ بهم ... لَهْفي عَلَى فقدهم لو يَنْفعُ اللَّهفُ
ما ودّعوني غداةَ البَيْنِ إِذْ رحلوا ... بل أوْدَعوا قلبي للأحزانِ وانصرفوا
شيَّعتُهم ودُمُوعُ العينِ واكِفَةٌ ... لبيْنِهم وفؤادي حشْوُه أسفُ
أُكَفْكِفُ الدَّمعَ من عيني فيغْلِبُني ... وأحصرُ الصَّبر في قلبي فلا يقفُ
وَقُلْتُ: رُدُّوا سلامي أوقِفوا نَفَسًا ... رِفقًا بقلبي فما ردّوا ولا وقفوا
ولم يعوجوا عَلَى صَبٍّ بهم دنفٌ ... يَخْشى عَلَيْهِ لِما قد مسَّه التَّلفُ
أحْبابَ قلبي ما هَذَا بعادَتِكم ... ما كنتُ أعهدُ هَذَا منك يا شَرَفُ [2]
بل كنتَ تُعظمُ تبْجيلي ومنزلتي ... وكُنتَ تُكْرمُني فوقَ الَّذِي أصِفُ
وكنتَ عَوْنًا لنا في كلّ نازلةٍ ... تظلُّ أحشاؤُنا من هَمِّها تجفُ
وكنتَ ترعى حقوقَ النَّاس كُلّهمُ ... من كنت تعرفُ أَوْ من لست تعْترفُ
وَكَانَ جودُك مَبْذولًا لِطالبهِ ... جُنْحَ اللَّيالي إِذَا ما أظلم السّدَفُ
ولِلْغَريبِ الَّذِي قد مسَّهُ سَغَبٌ ... وللمريض الَّذِي أشفى بِهِ الدَّنَفُ
وكنتَ عَوْنًا لِمسكينٍ وأرْملةٍ ... وطالبٍ حاجة قد جاءَ يلتهِفُ
وقَالَ الصّلاح مُوسَى بْن مُحَمَّد بْن خلف:
عزَّ العزاء وبان الصّبر والجلد ... لمّا نأت دار من تهوى وقد بعدوا
__________
[1] يشير موفق الدين هنا إلى وفاة ثلاثة من المقادسة في هذا العام وهم: محب الدّين إسماعيل بن عمر، وعز الدّين محمد ابن الحافظ عبد الغني، وشرف الدين أحمد هذا. وسيأتي ذكر الآخرين في موضعهما من وفيات هذه السنة. انظر: الذيل على طبقات الحنابلة 2/ 93.
[2] يعني: شرف الدين أحمد صاحب هذه الترجمة.(44/134)
والعينُ واللَّه هَذَا وقتُ عَبْرَتِها ... فإنَّ أحبَابها كانوا وقد فُقدُوا
ساروا وما ودَّعوني يوم بينهم ... يا ليتهم لغرامي بعدهم شهدُوا
أبكيهمُ بدُموعٍ قد بخلتُ بها ... عَلَى سواهم فقد أودى بي الكمدُ
ومنها:
وَأَنْتَ يا شرفٌ للدّين ليسَ لنا ... مِنْ بعدِك اليومَ لَا جمعٌ ولا عددُ
قد كنت واسِطة العِقْدِ الَّذِي انتُظِمتْ ... بِهِ المعالي إن حلُّوا وإن عقدُوا
وكنت ذا خشيةٍ للَّه مُتَّقيًا ... تقومُ باللّيل والنّوّام قد رقدوا
وفي أبيات أُخر.
وخَلَّفَ من الولد: شرف الدّين أَحْمَد، وأبا عَبْد اللَّه مُحَمَّدًا.
127- أَحْمَد بن عُبَيْد اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْد اللَّه.
الفقيه الإِمَام أَبُو بَكْر اللّنجانيّ، مفتي أصبهان، ويُعرف بالْأفضل.
قَالَ الضِّيَاء: كان من العلماء الأخيار.
قلت: روى عن أحمد بن ظفر الثّقفيّ. وسماعاته في حدود الخمسين وخمسمائة.
رَوَى عَنْهُ: الضِّيَاء، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ.
قرأتُ وفاتُه بخطّ الضِّيَاء في رمضان.
128- أَحْمَد بن عَليّ [1] بن أَبِي زُنْبُور.
الإِمَام الْأديب أَبُو الرّضا النَّيْلِيّ، اللُّغَويّ، المُقْرِئ، الشَّاعِر.
قرأ عَلَى يَحْيَى بن سعدون القرطبيّ. وتأدّب على سعيد ابن الدَّهَّان.
وقد امتدح السُّلْطَان صلاح الدّين بحلب بأرجوزة طويلة، فوصله عليها بخمسمائة دينار. وَكَانَ من غُلاة الرّافضة.
عُمِّر دهرا، ومات بالموصل في العام.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي) في: تلخيص مجمع الآداب 4/ ق 2/ 670، والوافي بالوفيات 7/ 200 رقم 3140، وبغية الوعاة 15/ 341 رقم 650.(44/135)
129- أحمد ابن الحَافِظ عَليّ بن المُفَضَّل [1] بن عَليّ.
الفقيه الصّالح أَبُو الحُسَيْن المَقْدِسِيّ، ثُمَّ الإسكندرانيّ، المالكيّ، العدل.
ولد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة.
وَسَمِعَ، وتَفَقَّه، ونشأ عَلَى غايةٍ من الدِّين والوَرَع. ودَرَّس بالصَّاحبيَّة بالقاهرة بعد والده.
قَالَ الزَّكيّ المُنْذِريّ: أَخْبَرَنَا، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد المنعم بن يَحْيَى بن الخلوف إجازة [2] . وَتُوُفِّي في صفر.
130- أَحْمَد بن عَليّ بن أَبِي الْقَاسِم [3] المُبارك بن عَليّ بن أَبِي الجود.
العَتَّابِيّ، الكاغذيّ، أبو العبّاس.
سمع من: أحمد ابن الطَّلّاية، وَأَبِي الوَقْت.
وَحَدَّثَ.
كَانَ من محلَّة العتّابيين بأعلى غَربيّ بَغْدَاد، وَكَانَ ابن الطَّلّاية خال أَبِيهِ.
وَهُوَ أخو المبارك شيخ الْأبَرْقوهيّ.
رَوَى عن أحمد: أبو عبد الله ابن الدُّبَيْثِي، وغيره.
وَتُوُفِّي في ثالث ربيع الآخر.
131- أَحْمَد بن عَليّ بن مسعود [4] بن عَبْد اللَّه بن الحَسَن بن عطّاف.
الْأجلّ، أَبُو عَبْد اللَّه الدَّارقّزِّيّ، المُقْرِئ، الوَرَّاق، المعروف بابن السّقّاء.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي بن المفضّل) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 361 رقم 1452.
[2] عبارة المنذري: «سمعت منه شيئا بإجازته من أبي الطيِّب عبد المُنعم بن يحيى بن الخلوف» .
[3] انظر عن (أحمد بن علي بن أبي القاسم) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 207، 208، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 365 رقم 1461، والمختصر المحتاج إليه 1/ 200.
[4] انظر عن (أحمد بن علي بن مسعود) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 208، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 368، 369 رقم 1470، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني، والمختصر المحتاج إليه 1/ 200، والوافي بالوفيات 7/ 210، 211 رقم 3159، ولسان الميزان 1/ 230، وبغية الوعاة 1/ 347 رقم 664.(44/136)
ولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة.
قرأ القرآن على أَبِي الفضل أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن شُنَيْف، وغيره. والنَّحْو عَلَى أَبِي محمد ابن الخَشَّاب، وَالحَسَن بن عبيدة، وغيرهما. وَسَمِعَ من: أبي الوقت، وسعيد ابن البَنَّاء، وجماعة.
وَيُقَال لَهُ: الخطّابيّ: لِأَنَّهُ سكن قرية تُعرف بالخطابيَّة، ولم يزل خطيبا بها.
رَوَى عَنْهُ الدُّبَيْثِي، وَقَالَ [1] : تُوُفِّي في رجب [2] .
132- أحمد بن عمر بن أَحْمَد [3] القُطْرُبُلِّيّ [4] .
ثُمَّ الحَرْبِيّ، المُقْرِئ، المعروف بالخاخيّ- بخاءين معجمتين- أَبُو العَبَّاس.
سَمِعَ من: الزّاهد أحمد ابن الطَّلّاية، وغيره.
وَتُوُفِّي في جُمَادَى الآخرة.
رَوَى عَنْهُ الدُّبَيْثِي [5] ، ووصفه بالصَّلاح والخَيْر.
133- أَحْمَد بن عمر بن إبراهيم ابن الدَّردانة.
أَبُو بَكْر الحَرْبِيّ.
سَمِعَ من: ابن كُلَيْب، وابن الْجَوْزيّ، وطبقتهما فأكْثر.
وَحَدَّثَ بيسير.
تُوُفِّي وقد جاوز أربعين سنة في ذي القعدة، رحمه الله.
134- إسحاق ابْن قاضي القُضاة صَدْر الدين عَبْد الملك [6] بن عيسى بن درباس.
__________
[1] في تاريخه، الورقة 208 (باريس 5921) .
[2] وقع في لسان الميزان 1/ 230 أنه توفي سنة تسع وستين وخمسمائة.
[3] انظر عن (أحمد بن عمر بن أحمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 198، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 367، 368 رقم 1468، والمختصر المحتاج إليه 1/ 193.
[4] القطربّليّ: بضم القاف والراء والباء الموحّدة، وسكون الطاء المهملة. نسبة إلى قطربُّل: قرية قريبة من الحربية ببغداد.
[5] في تاريخه، ورقة 198.
[6] انظر عن (إسحاق بن عبد الملك) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 380، 381 رقم 1491.(44/137)
فخرُ الدّين، أَبُو طاهر المارانيّ، الشَّافِعِيّ.
وُلِدَ سنة تسع وستّين وخمسمائة.
وتفقّه، وَسَمِعَ الحديث، ونابَ في القضاء عن والده مُدَّة، ودرّس بالنّاصريّة بمصر ثُمَّ بالسَّيفية بالقاهرة.
وَتُوُفِّي ليلة السّابع والعشرين من رمضان.
135- أسعد ابن الفقيه مُحَمَّد [1] بن عَليّ ابن الوزير أَبِي نصر أَحْمَد ابن الوزير نظام المُلك الحَسَن بن عَليّ.
الطُّوسِيّ الْأصل، البَغْدَادِيّ.
ولد بعيد الأربعين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من: أَبِي الوَقْت.
وَحَدَّثَ. وقد درّس أَبُوه بالنّظامية، وَتُوُفِّي شابّا.
وَكَانَ هَذَا خُلْوًا من فضيلة.
تُوُفِّي في رجب.
136- أسعد بن هبة اللَّه [2] بن وَهْبان الحديثيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ، البزوريّ.
رَوَى عن: أَبِي الوَقْت.
وَعَنْهُ الدُّبَيْثِي.
وَتُوُفِّي في رمضان.
137- إسْمَاعِيل بن عَبْد الرَّحْمَن [3] بن أحمد.
__________
[1] انظر عن (أسعد بن محمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 255، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 369، 370 رقم 1472، والمختصر المحتاج إليه 1/ 251، والوافي بالوفيات 9/ 15، 16 رقم 3931.
[2] انظر عن (أسعد بن هبة الله) في: التقييد لابن نقطة 215 رقم 257، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 144، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 380 رقم 1490، والمختصر المحتاج إليه 1/ 252.
[3] انظر عن (إسماعيل بن عبد الرحمن) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 377، 378 رقم 1483، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 215، والمقفى الكبير للمقريزي 2/ 117 رقم 767.(44/138)
نبيهُ الدّين، أَبُو الطّاهر الأنصاريّ، المَصْرِيّ، الكاتبُ.
سَمِعَ من: الشريف أَبِي الفُتُوح الخطيب، وعُمارة اليَمَنيّ الشَّاعِر. وَسَمِعَ بالإسكندرية من السِّلَفيّ، وجماعةٍ.
ووليَ استيفاء ديوان الْأوقاف مُدَّة.
وولد سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة.
وكتبَ بخطّه الكثير، وَكَانَ مليحَ الكتابة. وعلّق عن السِّلَفيّ فوائد جمَّةً وسؤالات.
رَوَى عَنْهُ: الحَافِظ عَبْد العظيم.
وَتُوُفِّي في ليلة العشرين من شعبان.
138- إسْمَاعِيل بن عُمَر [1] بن أَبِي بَكْر الفقيه مُحِبّ الدّين المَقْدِسِيّ.
الحَنْبَلِيّ، المذكور في قصيدة الشَّيْخ الموفَّق المذكورة من قريب [2] .
سَمِعَ بمصر من: أَبِي الْقَاسِم البُوصيري، والحافظ عبد الغنيّ. وبدمشق من جماعة.
رَوَى عَنْهُ: الضِّيَاء المَقْدِسِيّ.
وَتُوُفِّي في شوّال.
[حرف التاء]
139- تاجُ النِّساء [3] بنت فضائل بن عليّ التّكريتيّ.
تروي عن الشَّيْخ الزّاهد عَبْد القادر الجِّيلي.
رَوَى عَنْهَا ابنُها قاضي القضاة أَبُو صالح نَصْر بن عَبْد الرَّزَّاق الجِّيليّ.
وسمعتْ أَيْضًا من ابن البطّيّ.
__________
[1] انظر عن (إسماعيل بن عمر) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 385 رقم 1500، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 90 رقم 252، وشذرات الذهب 5/ 54، والمنهج الأحمد 342، والمقصد الأرشد، رقم 272، والدر المنضد 1/ 337 رقم 965.
[2] في الترجمة رقم (126) .
[3] انظر عن (تاج النساء) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 370 رقم 1473.(44/139)
وَتُوُفِّيت في رجب.
[حرف الجيم]
140- جَعْفَر بن أَحْمَد [1] بن جَعْفَر.
أَبُو الفضل اللَّخْميّ، الإسكندرانيّ، النَّحْوِيّ، الشَّاعِر، المعروف بالوَرَّاق.
شاعرٌ مُحسن، كَتَبَ عَنْهُ الزَّكيّ المُنْذِريّ [2] .
141- جَعْفَر بن جَعْفَر [3] بن نَبْهان.
وجيه الدّين أَبُو الفضل الحمويّ، الفقيه، الْأديب.
كتب عَنْهُ الزّكيّ المنذريّ.
وَتُوُفِّي بمصر بمسجده [4] في ذي القِعْدَة.
[حرف الحاء]
142- الحُسَيْن بن يوسف [5] بن أَحْمَد بن يوسف بن فتوح.
أَبُو عَليّ الْأَنْصَارِيّ، الْأنْدَلُسِيّ، البَلَنْسِيّ، الضّرير، المُقْرِئ، المعروف بابن زُلّال [6] .
قرأ القراءات عَلَى أَبِي الْحَسَن بْن هُذَيْل، وسَمِع منه، ومن: الخطيب أبي
__________
[1] انظر عن (جعفر بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 385 رقم 1499، والوافي بالوفيات 11/ 93 رقم 149، والمقفى الكبير 3/ 15 رقم 1059، وبغية الوعاة 1/ 485 رقم 999.
[2] التكملة 2/ 385.
[3] انظر عن (جعفر بن جعفر) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 387، 388 رقم 1506.
[4] وهو المسجد المعروف بالكنز بقرب قبرِ ذي النّون الْمَصْريّ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- بقرافة مصر. وكان متولّيا للمسجد المذكور مدّة. تفقّه معنا بالمدرسة الناصرية المجاورة للجامع العتيق بمصر على شيخنا الإِمَام أَبِي الْقَاسِم عَبْد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الشافعيّ المعروف بابن الورّاق مدّة، وقبلنا على وعلى غيره. وله شعر. كتب عنه وكان كثير المحفوظات يحفظ لمحا يذاكر بها.
[5] انظر عن (الحسين بن يوسف) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 359، 360 رقم 1449، ومعرفة القراء الكبار 2/ 600 رقم 560، ونكت الهميان 145، 146، والوافي بالوفيات 13/ 86 رقم 81، وغاية النهاية 1/ 253 رقم 1153.
[6] زلّال: بضم الزاي وتشديد اللام وبعد الألف لام أخرى. هكذا قيّده الصفدي بالحروف في:
الوافي بالوفيات 13/ 86.(44/140)
الحسن عليّ ابن النّعمة، وَأَبِي عَبْد اللَّه بن سَعَادة، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن حُبَيْش، وأَبِي عَبْد اللَّه بن حَمِيد. وقرأ القراءات أَيْضًا عَلَى طارق بن موسى. وأجاز لَهُ أَبُو طاهر السِّلَفيّ، وجماعة.
وتصدّر للإقراء ببلده، وأخذَ عَنْهُ النَّاس، وَكَانَ حسنَ الإلقاء والْأداء، مُجَوِّدًا، مُحقّقًا، مُشاركًا في فنون، آية من آيات اللَّه في الفِطْنة والحدس على عمى بصره، قال الأبّار فيه ذَلِكَ [1] ، وَقَالَ: سَمِعْتُ منه جملة. وانتقل بأخرةٍ إلى مُرسية، وأقرأ بها إِلَى أن تُوُفِّي فِي الثّاني والعشرين من المحرّم، ووُلد سنة سبع وأربعين وخمسمائة [2] .
[حرف الزاي]
143- زَيْد بْن الحَسَن [3] بْن زيد بْن الحَسَن بْن زيد بْن الحَسَن بْن سعيد بن عصمة بن حمير.
__________
[1] ترجمة «الحسين بن يوسف» ساقطة من المطبوع من تكملة ابن الأبّار.
[2] وقع في غاية النهاية 1/ 253 «مات في المحرم سنة سبع وأربعين وخمسمائة» . وهذا وهم، فالتاريخ هو لمولده.
[3] انظر عن (زيد بن الحسن) في: خريدة القصر (القسم الشامي) 1/ 101، 102، ومعجم الأدباء 11/ 179 رقم 47، والتقييد لابن نقطة 275 رقم 341، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 185، والكامل في التاريخ 12/ 315، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 383- 385 رقم 1498، وإنباه الرواة 2/ 10- 14، رقم 254، وتاريخ إربل 1/ 236، 249، 258، 447، وإشارة التعيين، ورقة 36، 37، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 572- 577، وذيل الروضتين 95- 99، ووفيات الأعيان 2/ 339- 342، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 30، وعيون الأنباء 2/ 204، والمختصر في أخبار البشر 3/ 117، والأعلاق الخطيرة ج 1 ق 1/ 34، وبغية الطلب (المصوّر) 3/ 175 رقم 1274، والإعلام بوفيات الأعلام 252، ومعرفة القراء الكبار 2/ 586- 588 رقم 546، ودول الإسلام 2/ 87، والعبر 5/ 44، 45، والمختصر المحتاج إليه 2/ 71، 72 رقم 669، والمشتبه 2/ 649، وتذكرة الحفاظ 4/ 1412، وسير أعلام النبلاء 22/ 34- 41 رقم 28، والمعين في طبقات المحدّثين 188 رقم 2001، والإشارة إلى وفيات الأعيان 320، وتلخيص ابن مكتوم، ورقة 71، 72، وتاريخ ابن الوردي 2/ 133، 134، والجواهر المضية 1/ 146، ومرآة الجنان 4/ 26، 27، والبداية والنهاية 13/ 71- 74، والوافي بالوفيات 15/ 50- 57 رقم 63، وذيل التقييد 1/ 534 رقم 1044، وغاية النهاية 1/ 297، 298 رقم 1307، والفلاكة والمفلوكين للدلجي 92، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 143- 145، وعقد الجمان 17/ ورقة 360- 362، ونهاية البلغة، ورقة 65، والبلغة في تاريخ أئمة اللغة 82، 83، والعسجد المسبوك 2/ 355، والنجوم الزاهرة(44/141)
العلّامة تاجُ الدّين، أَبُو اليُمن الكِنْدِيّ، البَغْدَادِيّ، المُقْرئ، النَّحْوِيّ، اللُّغَويّ.
وُلِدَ في شعبان سنة عشرين وخمسمائة.
وحفِظَ القرآن وهو ابن سبع سنين، وكمّل القراءات العَشْر وَلَهُ عشر سنين.
وَكَانَ أعلى أهلِ الْأرض إسنادا في القراءات، فإنّي لَا أعلم أحدا من الأمّة عاش بعد ما قرأ القراءات ثلاثا وثمانين سنة غيره. هَذَا مَعَ أَنَّهُ قرأ عَلَى أسْنَدِ شيوخ العصر بالعراق، ولم يَبْقَ أحدُ ممّن قرأ عَلَيْهِ مثل بقائه ولا قريبا منه، بل آخر من قرأ عليه الكمال ابن فارس وعاش بعده نيّفا وستّين سنة. ثُمَّ إِنَّهُ سَمِعَ الحديث عَلَى الكبار، وبقي مُسْنَد الزّمان في القراءات والحديث.
قرأ القراءات المشهورة والغريبة فأكثر عَلَى شيخه ومُعلّمه وأُستاذِهِ الإِمَام أَبِي مُحَمَّد سِبط أَبِي منصور الخَيَّاط، وأفادهُ، وحرص عَلَيْهِ في الصِّغر، وأسمعهُ الحديث، وأرسلهُ إلى الشيوخ الكبار، فقرأ «بالكفاية في القراءات السِّت» [1] عَلَى الإِمَام المُعَمِّر أَبِي الْقَاسِم هبة الله بن أحمد ابن الطَّبَر الحريريّ. وقرأ «بالموضح في القراءات العَشْر» [2] على مؤلّفه أَبِي منصور مُحَمَّد بن عَبْد الملك بن خَيْرون.
وقرأ للسبعة عَلَى أَبِي بَكْر مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم خطيب المُحوّل، وَعَلَى أبي الفضل محمد ابن المُهْتدي باللَّه.
ثُمَّ سَمِعَ الحديث من: القاضي أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي، وأبي القاسم هبة الله ابن الطَّبر، وأبي منصور القَزَّاز، وَمُحَمَّد بن أَحْمَد بن تَوْبة وأخيه عَبْد الجبّار، وَأَبِي الْقَاسِم ابن السّمرقنديّ، وأبي الفتح ابن البيضاويّ، وطَلْحة بن عَبْد السَّلَام الرُّمّانيّ، وَيَحْيَى بن عليّ ابن الطَّرّاح، وَأَبِي الْحَسَن بْن عَبْد السَّلَام، وَأَبِي
__________
[6] / 216، 217، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 215، 216، وبغية الوعاة 1/ 570- 573، وشذرات الذهب 5/ 54، 55، وروضات الجنات 3/ 394- 397، والدارس في تاريخ المدارس 1/ 483- 486، وكشف الظنون 6، 714، 812، 1670، 1697، 1925، ومعجم المؤلفين 4/ 189.
[1] تأليف شيخه أبي محمد سبط الخيّاط. (انظر كشف الظنون 1499) .
[2] انظر: كشف الظنون 1904.(44/142)
الْقَاسِم عَبْد اللَّه بن أَحْمَد بن يوسف، وَالحُسَيْن بن عَليّ سِبط الخَيَّاط، والمبارك بن نغوبا، وعليّ بن عبد السيّد ابن الصّبّاغ، وعبد الملك بن أبي القاسم الكروخيّ، وَسَعْد الخير الْأَنْصَارِيّ، وطائفة سواهم.
وَلَهُ «مشيخة» في أربعة أجزاء خرّجها أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن القاسم ابن عساكر [1] .
وقرأ النَّحْو عَلَى: أَبِي السّعادات هبة الله ابن الشّجريّ، وأبي محمد ابن الخَشَّاب، وشيخه أَبِي مُحَمَّد سِبط الخَيَّاط.
وأخذ اللّغات عن أبي منصور موهوب ابن الجواليقيّ.
وَقَدِمَ دمشق في شبيبته، وَسَمِعَ بها من أَبِي الحُسَيْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الحديد، وتفرّد بالرواية عَنْهُ، وعن أكثر شيوخه. ثُمَّ قَدِمَ الشَّام وَمِصْر، وسكنَ دمشق ونالَ الحِشْمة الوافرة والتّقدّم، وازدحم عَلَيْهِ الطّلبة.
وَكَانَ حنبليّ المذهب فانتقل حنفيّا لأجل الدُّنْيَا، وتقدَّم في مذهب أَبِي حنيفة.
وأفتى، ودرّس، وصنّف، وأقرأ القراءات، والنَّحْو، واللّغة، والشّعر.
وَكَانَ صحيحَ السَّماع، ثقة في النّقل، ظريفا، حسن العِشرة، طيّب المزاج، مليح النّظم.
قرأ عَلَيْهِ القراءات عَلَمُ الدّين السّخاويّ ولم يُسندها عَنْهُ، وعَلَم الدّين الْقَاسِم بن أَحْمَد الْأنْدَلُسِيّ، وكمالُ الدّين إِسْحَاق بن فارس، وجماعةٌ.
وحدَّث عَنْهُ: الحَافِظ عَبْد الغنيّ، وَالشَّيْخ المُوفّق، والحافظ عبد القادر [2] ، وابن نقطة، وابن النّجّار، وأبو الطّاهر ابن الْأَنْمَاطِي، والبِرْزَاليّ، والضّياء، وَالزَّكيّ عَبْد العظيم، والزّين خالد، والتقيّ بن أبي اليسر، والجمال ابن الصَّيْرَفِيّ، وأحمد بن سلامة الحدَّاد، والقاضي أَبُو الفَرَج عَبْد الرَّحْمَن بن أَبِي عُمَر، والقاضي
__________
[1] وذكر أبو شامة أن القاضي ضياء الدّين بن أبي الحجاج قد عمل له مشيخة حسنة أيضا (الذيل 95) .
[2] يعني: الرّهاوي.(44/143)
أبو عبد الله محمد ابن العماد إِبْرَاهِيم، وَأَبُو الغنائم المسلّم بن علّان، والمؤمّل بن مُحَمَّد البالسيّ، وَأَبُو القاسم عُمَر بن أحمد ابن العديم، وَأَبُو حفص عُمَر بن مُحَمَّد بن أَبِي عصرون، وَأَبُو الحَسَن عَليّ بن أَحْمَد ابن البخاريّ، وأبو عبد الله محمد ابن الكمال، ومحمد بن مؤمن، ويوسف ابن المجاور، وستّ العرب بنت يَحْيَى الكِنْدِيّ، وَإسْمَاعِيل ابن العفيف أَحْمَد بن إِبْرَاهِيم بن يعيش المالكيّ، ومحمد بن عبد المنعم ابن القوّاس.
وآخر من رَوَى عَنْهُ بالإجازة أَبُو حفص ابن القوّاس، ثُمَّ أَبُو حفص عُمَر بن إِبْرَاهِيم العقيميّ الْأديبُ وَتُوُفِّي هَذَا في شوّال سنة تسع وتسعين وستّمائة.
قَالَ ابن النَّجَّار: أسلمه أَبُوه في صغره إلى سِبط الخَيَّاط، فلقّنه القرآن وجوّد عَلَيْهِ، ثُمَّ حفّظه القرآن وَلَهُ عشر سنين. إلى أن قَالَ: تفرّد بأكثر مَرْوياته. سافر عن بَغْدَاد سنة ثلاثٍ وأربعين، ودخل همذان، فأقام بها سنين يتفقّه عَلَى مذهب أَبِي حنيفة عَلَى سَعْد الرَّازِيّ بمدرسة السُّلْطَان طُغرل. ثُمَّ إنّ أَبَاه حجّ سنة أربعٍ وأربعين فمات في الطّريق، فعاد أَبُو اليُمن إلى بَغْدَاد، ثُمَّ توجّه إلى الشَّام، واستوزره فَرُّوخ شاه، ثُمَّ بعده اتّصل بناحية تقيّ الدّين عُمَر صاحب حماة، واختصّ بِهِ وكثُرت أمواله. وَكَانَ المُعَظَّم يقرأ عَلَيْهِ الْأدب، ويقصده في منزله، ويعظّمه. قرأتُ عَلَيْهِ كثيرا، وَكَانَ يصلني بالنّفقة. ما رَأَيْت شيخا أكمل منه فضلا ولا أتمّ منه عقلا ونُبلًا وثقة وصِدقًا وتحقيقا ورزانة، مَعَ دماثة أخلاقه. وَكَانَ مهيبا، وقورا، أشبه بالوزراء من العُلَمَاء بجلالته وعلوّ منزلته. وَكَانَ أعلم أهل زمانه بالنّحو، أظنّه يحفظ «كتاب» سِيبَوَيْه. ما دخلت عَلَيْهِ قطّ إِلَّا وَهُوَ في يده يطالعه، وفي مجلدٍ واحدِ رفيع [1] ، فَكَانَ يقرأها بلا كُلفة وقد بلغ التّسعين. وَكَانَ قد مُتع بسمعه وبصره وقوّته. وَكَانَ مليح الصّورة، ظريفا، إِذَا تكلّم ازداد حلاوة، وَلَهُ النّظم والنّثر والبلاغة الكاملة. إلى أن قَالَ: حضرت الصَّلَاة عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو شامة [2] : ورد الكِنْدِيّ ديار مِصْر، يعني في سنة بضع وستّين
__________
[1] يعني: رفيع الخط، أي دقيقة.
[2] في ذيل الروضتين 95.(44/144)
وخمسمائة، قَالَ: وَكَانَ أوحد الدَّهْر، فريد العصر، فاشتمل عَلَيْهِ عزّ الدّين فَرُّوخ شاه [1] بن شاهنشاه بن أيّوب، ثُمَّ ابنه الْأمجد صاحب بعلبكّ، ثُمَّ تردّد إِلَيْهِ بدمشق الملك الْأفضل عَليّ ابن صلاح الدّين، وأخوه الملك المُحسن، وابنُ عمّه الملك المعظّم عيسى ابن العادل. وَقَالَ ضياء الدّين بن أَبِي الحجّاج الكاتب عَنْهُ: كنتُ في مجلس القاضي الفاضل، فدخل فَرُّوخ شاه، فجرى ذكر شرح بيت من «ديوان» المتنبّي، فذكرت شيئا فأعجبه، فسأل القاضي عنّي، فَقَالَ: هَذَا العلّامة تاج الدّين الكِنْدِيّ، فنهض فَرُّوخ شاه، وأخذ بيدي، وأخرجني معه إلى منزله، ودام اتّصالي بِهِ. قَالَ: وَكَانَ الملك المُعَظَّم يقرأ عَلَيْهِ دائما، قرأ عَلَيْهِ «كتاب» سِيبَوَيْه نصّا وشرحا، وكتاب «الحماسة» وكتاب «الإيضاح» وشيئا كثيرا، وَكَانَ يأتي من القلعة ماشيا إلى دار تاج الدّين بدرب العَجَم والمُجلد تحت إبطه.
وحكى ابن خَلِّكان [2] أَنَّ الكِنْدِيّ قَالَ: كنتُ قاعدًا عَلَى باب أبي محمد ابن الخَشَّاب النَّحْوِيّ، وقد خرجَ من عنده أَبُو الْقَاسِم الزَّمَخْشَرِي وَهُوَ يمشي في جاون خَشَب لأن إحدى رجليه كانت سقطت من الثّلج.
ومن شعر الكِنْدِيّ:
دع المُنّجمَ يكبو في ضلالتهِ ... إن ادّعى عِلْمَ ما يجري بِهِ الفَلَكُ
تفرّد اللَّه بالعلم القديم فلا ... الإِنْسَانُ يشركُه فيهِ ولا المَلكُ
أعدّ للرزقِ من إشراكه شركا ... وبئست العُدَّتان: الشِّرْكُ والشَّرَكُ
وَلَهُ:
أرى المرءَ يهوى أنْ تطولَ حياتُهُ ... وفي طولها إرهاقُ ذلٍّ وإزهاقُ
تمنيتُ في عصر الشَّبيبة أنّني ... أُعمّرُ والْأعمارُ لَا شكّ أرْزاقُ
فَلَمَّا أتى ما قد تمنّيت [3] ساءني ... من العُمر ما قد كنتُ أهوى وأشتاقُ
يُخيّلُ لي فكري إِذَا كنتُ خاليا ... رُكوبي عَلَى الأعناق والسّير إعناق
__________
[1] وردت: «فرّخ شاه» ، وترد «فرّوخ شاه» كما هنا، كما ترد «فرخ شاه» متّصلة.
[2] في وفيات الأعيان 2/ 340.
[3] في وفيات الأعيان: «فلما أتاني ما تمنيت ... » ومثله في: بغية الوعاة.(44/145)
ويُذكرُني مرّ النّسيم وروحهُ ... حفائرَ يعلُوها من الترب أطباقُ
وها أَنَا في إحدى وتسعينَ حجَّةً ... لها فيَّ إرعادٌ مخُوفٌ وإبراقُ
يقولون: ترياقٌ لمثلك نافعٌ ... وما لي إِلَّا رحمةَ اللَّه ترياقُ
وَلَهُ:
لبست من الْأعمارِ تسعين حجَّةً ... وعندي رجاءٌ بالزيادةِ مُولعُ
وقد أقبلتْ إحدى وتسعون بعدها ... ونفسي إلى خمس وستّ تطلّعُ
ولا غرو أن آتي هُنيدة [1] سالما ... فقد يُدركُ الإِنْسَان ما يتوقعُ
وقد كَانَ في عصري رجالٌ عرفتهم ... حُبُوها وبالآمال فيها تمتّعوا
وما عافَ قبلي عاقلٌ طول عمره ... ولا لامه من فيه للعقلِ موضعُ
وَقَالَ الحافظ ابن نقطة [2] : كَانَ الكِنْدِيّ مُكرمًا للغرباء، حسن الْأخلاق، فيه مزاح، وَكَانَ من أبناء الدُّنْيَا المشتغلين بها وبإيثار مُجالسة أهلها. وَكَانَ ثقة في الحديث والقراءات، صحيح السّماع، سامحه اللَّه!.
وَقَالَ الإِمَام موفّق الدّين: كَانَ الكِنْدِيّ إماما في القراءة والعربية، انتهى إِلَيْهِ عُلُوّ الإسناد في الحديث. وانتقل إلى مذهب أَبِي حنيفة من أجل الدُّنْيَا إلّا أَنَّهُ كَانَ عَلَى السُّنة، وصّى إليَّ بالصّلاة عَلَيْهِ والوقوف عَلَى دفنه، ففعلت ذَلِكَ.
وللسخاويّ فيه:
لم يكن في عصر عمرٍو مثله ... وكذا الكِنْدِيّ في آخر عصرِ
فهما زيدٌ وَعَمْرو إنّما ... بُني النَّحْو على زيد وعمرو
ولأبي شجاع ابن الدَّهَّان الفرضيّ فيه:
يا زيدُ زادكَ ربّي من مواهبِهِ ... نُعمى يقصّر عن إدراكها الأمل
لَا بدّل اللَّه حالا قد حباك بها ... ما دار بينَ النُّحاة الحالُ والبدلُ
النَّحْو أَنْتَ أحقّ العالمين بِهِ ... أليس باسمك فيه يضرب المثل؟
__________
[1] أي: مائة سنة، ففي «اللسان» : هنيدة: اسم للمائة من الإبل خاصة، قال جرير:
أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية ... ما في عطائهم من ولا سرف
[2] التقييد 275.(44/146)
وَقَالَ جمال الدّين القِفْطيّ [1] : أَبُو اليُمن الكِنْدِيّ آخر ما كَانَ ببَغْدَاد سنة ثلاثٍ وستّين وخمسمائة، واستوطن حلب مُدَّة، وصحب بها الْأمير بدر الدّين حسن ابن الدَّاية النُّوري وإليها. وَكَانَ يبتاع الخليع من الملبوس ويتّجرُ بِهِ إلى بلد الرُّوم. ثُمَّ نزل دمشق، وصحب عزّ الدّين فَرُّوخ شاه، واختصّ بِهِ، وسافر معه إلى مِصْر، واقتنى من كتب خزائنها عند ما أُبيعت. ثُمَّ استوطن دمشق وقصده النَّاس. وَكَانَ ليّنا في الرواية مُعجبًا بنفسه فيما يذكره ويرويه، وَإِذَا نوظر جبّهَ بالقبيح، ولم يكن موفّق القلم، رَأَيْت لَهُ أشياء باردة. قَالَ: واشتهر عَنْهُ أَنَّهُ لم يكن صحيح العقيدة.
قُلْتُ: قوله: لم يكن صحيح العقيدة، فيه نظر إِلَّا أن يكون أَنَّهُ عَلَى عقيدة الحنابلة، فاللَّه أعلم.
وَقَالَ الموفّق عَبْد اللّطيف: اجتمعت بالكنديّ النَّحْوِيّ، وجرى بيننا مباحثات. وَكَانَ شيخا بهيّا، ذكيّا، مُثْريًا، لَهُ جانب من السُّلْطَان، لكنّه كَانَ معجبا بنفسه، مؤذيا لجليسه.
قُلْتُ: لِأَنَّهُ آذاه ولقّبه بالمطحن.
قَالَ [2] : وجرت بيننا مباحثات فأظهرني اللَّه عَلَيْهِ في مسائل كثيرة، ثُمَّ إنّي أهملت جانبه! وَقَالَ أَبُو الطّاهر الْأَنْمَاطِي: تُوُفِّي الكِنْدِيّ في خامس ساعة من يوم الإثنين سادس شوّال [3] ، وصلّى عَلَيْهِ بجامع دمشق بعد صلاة العصر القاضي ابن الحَرَستانيّ، وبظاهر باب الفراديس الحُصْريّ الحَنَفِيّ، وبالجبل الشَّيْخ الموفّق، ودُفن بتُربة لَهُ، وعُقد العزاء لَهُ تحت النَّسْر يومين، وانقطعَ بموته إسناد عظيم وكتب كثيرة [4] .
__________
[1] هو علم الدّين أبو الحسن السخاوي، شيخ القراء.
[2] يعني: الموفّق عبد اللطيف البغدادي.
[3] وقع في معجم الأدباء 11/ 173 أنه توفى سنة سبع وتسعين وخمسمائة.
[4] وقال ابن نقطة: كان مُكرمًا للغرباء حسن الْأخلاق، فيه مزاح، وَكَانَ من أبناء الدنيا المشتغلين بها(44/147)
[حرف السين]
144- سَعِيد بن حمزة [1] بن أَحْمَد بن الحَسَن.
أَبُو الغنائم النَّيْلِيّ، الكاتب.
وُلِدَ بالنّيل من العراق سنة ثماني عشرة وخمسمائة.
وسمع بحكم الاتّفاق من: هبة اللَّه بن أَحْمَد الشّبليّ، وَمُحَمَّد بن عَبْد اللَّه بن الحَرَّانيّ.
وَلَهُ شعرٌ كثيرٌ، مدح الْأمراء والوُلاة، ودخل الرومَ وَالشَّام.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وغيره.
وأنشد الدُّبَيْثِي من شعره [2] :
يا شائمَ البرقِ مِنْ شرقيّ كاظمةٍ ... يبدو مِرارًا وتُخفيه الدّياجِيرُ
سَلّمْ عَلَى الدّوحة الغنَاء مِنْ سِلمٍ ... وعَفِّر الخدّ إنْ لاح اليعافيرُ
واستخبر الْجُؤْذُرَ السّاجي اللَّحاظ أخا ... التّعذير هَلْ عاقه عنّا معاذيرُ؟ [3]
تُوُفِّي ببَغْدَاد في رمضان.
[حرف الشين]
145- شجاع بن مُفَرّج [4] بن قُصَّة [5] .
أَبُو مُحَمَّد المَقْدِسِيّ، الجبليّ، من أهل جبل قاسيون.
__________
[ () ] وبإيثار مُجالسة أهلها ... وَكَانَ ثقة في الحديث والقراءات، صحيح السماع. (التقييد) .
[1] انظر عن (سعيد بن حمزة) في: تاريخ ابن الدبيثي (بارس 5922) ورقة 68، 69، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 382 رقم 1495، وذيل الروضتين 99، والمختصر المحتاج إليه 2/ 93، 94 رقم 701، والوافي بالوفيات 15/ 211 رقم 293، وبغية الطلب (المصوّر) 9/ 553 رقم 1388، وتوضيح المشتبه 1/ 687، وعقد الجمان 17/ ورقة 360، والنجوم الزاهرة 6/ 217، 218.
[2] في تاريخه.
[3] الأبيات في: ذيل الروضتين 99.
[4] انظر عن (شجاع بن مفرّج) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 387 رقم 1504.
[5] قصّة: بضم القاف وتشديد الصاد المهملة وفتحها. (المنذري) .(44/148)
سَمِعَ من: أَبِي المعالي بن صابر، وغيره.
رَوَى عَنْهُ: الحَافِظ الضِّيَاء، والفخر عَليّ، وَالشَّيْخ شمس [الدّين] [1] عَبْد الرَّحْمَن.
وَتُوُفِّي في شوّال بقاسيون.
146- شاكر بن أَبِي بَكْر أَحْمَد [2] بن مُحَمَّد الحَرِيميّ الخَيَّاط.
ابن صُديقات.
حَدَّثَ عن أَبِي عَليّ أَحْمَد بن أَحْمَد الخرَّاز [3] .
وَتُوُفِّي في رمضان.
[حرف الصاد]
147- صَدَقة بن عَليّ [4] بن مسعود.
أبو المواهب ابن الْأوسي، الضّرير، المُقْرِئ ببَغْدَاد.
سَمِعَ من ابن البَطِّيّ. وذكر أَنَّهُ سَمِعَ من أَحْمَد بن الطَّلّاية، وأنّه قرأ القرآن عَلَى أَبِي الحَسَن عَليّ بن أَحْمَد اليَزديّ.
مات في آخر المُحرّم.
رَوَى عَنْهُ ابن النَّجَّار.
148- صدقة بن المبارك [5] بن سَعِيد بن ثابت.
أَبُو الفضل الهماميّ [6] ، التّاجر، العدل.
__________
[1] إضافة على الأصل.
[2] انظر عن (شاكر بن أحمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 71، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 380 رقم 1489، والمختصر المحتاج إليه 2/ 102، 103 رقم 719.
[3] الخرّاز: بالراء المهملة وبعد الألف زاي نسبة إلى خرز الجلود. (المشتبه 1/ 121) .
[4] انظر عن (صدقة بن علي) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 83، 84، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 360 رقم 1450، والمختصر المحتاج إليه 2/ 112 رقم 730.
[5] انظر عن (صدقة بن المبارك) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 83، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 359 رقم 1448، ولسان الميزان 3/ 187 رقم 745.
[6] في لسان الميزان: «اليمامي» .(44/149)
حَدَّثَ عَن يَحْيَى بن ثابت، وغيره.
وَتُوُفِّي في المحرّم [1] ،
[حرف الضاد]
149- ضوء الصّباح [2] بنت المحدّث أَبِي بَكْر المبارك بن كامل الخفّاف.
واسمها: لامعة، وَقِيلَ: نور العين.
ولدت سنة ثلاثٍ وثلاثين.
وسمّعها أبوها من: عُمَر بن حمد البَنْدَنِيجِيّ، وأبي سَعْد أَحْمَد بن مُحَمَّد البَغْدَادِيّ، وأبي غالب مُحَمَّد بن الدّاية، والْأرموي، وجماعةٍ.
رَوَى عَنْهَا: الدُّبَيْثِي، وابنُ خليل، وغيرهما.
وَتُوُفِّيت في ذي الحجّة.
وعمر بن حَمد، هذا، روى عن أَبِي الْقَاسِم بن البُسري.
[حرف الظاء]
150- ظاعن بن مُحَمَّد بن حسن.
عفيف الدّين، أبو الحسن، أبو الرّحّال [3] .
روى عن السِّلَفيّ.
رَوَى عَنْهُ القوصيّ، لقيه بمنى، وَقَالَ: تُوُفِّي بمصر عن ثلاثٍ وستّين سنة.
[حرف العين]
151- عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر [4] بْن هبة اللَّه بن مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه.
الشّريف أبو طاهر العلويّ، الحسينيّ، الكوفيّ.
__________
[1] ونقل ابن حجر عن ابن نقطة قوله: كان من الأغنياء المكنزين وكان غير مرضيّ الطريقة في معاملته.
[2] انظر عن (ضوء الصباح) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 388، 389 رقم 1510.
[3] بالحاء المهملة.
[4] انظر عن (عبد الله بن جعفر) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 381 رقم 1493، والمختصر المحتاج إليه 2/ 139 رقم 767.(44/150)
سَمِعَ أَحْمَد بن يحيى بن ناقة، وَيَحْيَى بن ثابت.
وَحَدَّثَ، رَوَى عَنْهُ الزَّكيّ المُنْذِريّ.
وَتُوُفِّي بالقاهرة في رمضان.
وَكَانَ كثير الْأسفار والتّطواف. لَهُ شعر، وخالطَ رؤساء مِصْر، ومدحَ جماعة، ونال دُنيا، وعاش ثمانين سنة.
152- عَبْد اللَّه بن الحُسَيْن [1] بن صدقة.
أَبُو الْقَاسِم البَغْدَادِيّ، الوزّان، المعروف بعَسَامة [2] .
حَدَّث عن ابن ناصر.
وَتُوُفِّي في شعبان.
153- عَبْد اللَّه بن عَمْرو [3] بن مُحَمَّد بن يوسف.
أَبُو مُحَمَّد، الخَزْرَجِي، القُرْطُبيّ، ثُمَّ التّلمْسانيّ.
قَالَ الْأبَّار: سَمِعَ من أَبِي عَبْد اللَّه بن خليل القَيْسِيّ، وأبي مُحَمَّد بن وَهْب القضاعيّ، بسبتة، وأخذ عَنْهُ القراءات، والعربية. وَكَانَ أديبا بليغا، كاتبا.
تُوُفِّي في رمضان.
154- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ [4] بْنِ إِبْرَاهِيم بن محفوظ.
أَبُو بَكْر السّلمي، الآمديّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ، المعروف بابن الفَرَّاء.
سَمِعَ مَعَ عمّه إِبْرَاهِيم، من: أَبِي الوَقْت، وأبي بَكْر بن الزَّاغُونيّ، ومُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه الرّطبيّ، وأبي جعفر العبّاسيّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن الحسين) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 90، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 372 رقم 1478، والمختصر المحتاج إليه 2/ 140 رقم 769.
[2] عسامة: بعين وسين مهملتين مفتوحتين وبعد الألف ميم مفتوحة وتاء تأنيث. (المنذري) .
[3] انظر عن (عبد الله بن عمرو) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ رقم 886.
[4] انظر عن (عبد الله بن محمد بن علي) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 106، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 386، 387 رقم 150، والمختصر المحتاج إليه 2/ 165، 166 رقم 801.(44/151)
وَتُوُفِّي في شوّال.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، وابن النَّجَّار.
ورث ثلاثين ألف دينار فنذرها، وارتكب محظورات حَتَّى انكشف حاله وسَأَلَ، ثُمَّ انقطع مَعَ الفقراء بالجامع، وحسنت طريقته. قَالَه ابن النَّجَّار.
155- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [1] بن مُجَلّي بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيّ بْن الْحَارِث.
القاضي ثقةُ المُلك، أَبُو مُحَمَّد ابن القاضي أَبِي الحَسَن، الرّمليّ الْأصل، المَصْرِيّ، الشَّافِعِيّ، الخطيب، الحاكم بمصر.
سَمِعَ من: عَبْد اللَّه بن رفاعة، والشريف ناصر بن الخطيب.
ونابَ في القضاء عن صدر الدّين عَبْد الملك بن درباس بمصر، ونابَ أَيْضًا عن قاضي القضاة أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد العلي. ووليَ خطابة الْجِيزة.
قَالَ الزَّكيّ المُنْذِريّ [2] : سَمِعْتُ منه، وَسَمِعَ منه جماعة من شيوخنا ورفقائنا، وَأَخْبَرَنِي أن مولده سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. وَكَانَ جدّهم أَبُو المعالي المجلّي عاقد الْأنكحة بالرّملة.
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا: الزَّكيّ البِرْزَاليّ، وَالزَّكيّ عَبْد العظيم، وَمُحَمَّد بن عَبْد المنعم الخيميّ الشاعر، والشّرف عُمَر بن صالح السُّبكيّ الحاكم، والشرف عَبْد الرَّحْمَن بن المُظَفَّر بن عَبْد اللَّه المعروف والده بالمقترح، وآخرون.
وتوفّي في ثامن عشر ذي الحجّة، بمصر.
156- عَبْد الحَكَم بن إِبْرَاهِيم [3] بن منصور بن المسلّم.
__________
[1] انظر عن (عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) في: التكملة لوفيات لنقلة 2/ 389، 390 رقم 1511، وتذكرة الحفاظ 4/ 1402، وسير أعلام النبلاء 22/ 54 رقم 37، وذيل التقييد 2/ 58 رقم 1149.
[2] في التكملة 2/ 389.
[3] انظر عن (عبد الحكم بن إبراهيم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 378 رقم 1485، المغرب في(44/152)
الفقيه الخطيب أَبُو مُحَمَّد ابن الإِمَام أَبِي إِسْحَاق، المعروف والده بالعراقيّ.
اشتغل عَلَى والده بمصر، وقرأ الْأدب، وَقَالَ الشّعر الجيّد، وأنشأ الخُطب الكثيرة الحسنة، ونابَ عن والده في الخطابة والإمامة بجامع مِصْر، واستقلّ بعده بِهِ.
رَوَى عَنْهُ من نظْمِه الحَافِظ عَبْد العظيم، وَقَالَ [1] : تُوُفِّي في شعبان، وَلَهُ خمسون سنة [2] .
157- عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ [3] بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن.
أَبُو مُحَمَّد، الزُّهْرِيّ الإشبيليّ، مسند الْأنْدَلُس في زمانه.
سَمِعَ من أبيه القاضي أَبِي الحَسَن. وَسَمِعَ «صحيح» البُخَارِي، في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة من أَبِي الحَسَن شُرَيْح بن مُحَمَّد. وطالَ عمره حَتَّى انفرد بالسّماع في الدُّنْيَا عن شُرَيْح.
قَالَ الْأبَّار [4] : كثيرا ما كَانَ شيخنا أَبُو الخطّاب بن واجب يحرّضني عَلَى الرّحلة إلى لقائه، فلم يُقدَّر ذَلِكَ، سَمِعَ منه جماعة من أصحابنا، وتنافسوا في الْأخذِ عَنْهُ، وَتُوُفِّي في آخر سنة ثلاث عشرة.
قَالَ ابن مُسديّ: سَمِعَ بإفادة أَبِيهِ، ومولده قبل الثّلاثين وخمسمائة، وأجاز لي غير مرّة، وَتُوُفِّي سنة خمس عشرة، كذا قَالَ ابن مُسديّ.
وأمّا شُرَيْح، فروى «البُخَارِي» عن أَبِيهِ، وابن منظور، بسماعهما من أبي ذرّ.
158- عبد السّلام بن عبد النّاصر [5] بن عبد المحسن.
__________
[ () ] حلي المغرب (قسم مصر) 257، 258، والوافي بالوفيات 18/ 68 رقم 64.
[1] في التكملة 2/ 378.
[2] من شعره:
قامت تطالبني لؤلؤ نحرها ... لما رأت عيني تجود بدرّها
وتبسّمت عجبا فقلت لصاحبي: ... هذا الّذي اتّهمت به في ثغرها
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن علي) في: العبر 5/ 46، وتكملة الصلة لابن الأبار 3/ ورقة 15.
[4] في التكملة 3/ ورقة 15.
[5] انظر عن (عبد السلام بن عبد الناصر) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 390 رقم 1513، ومعرفة(44/153)
أبو محمد التّنّيسيّ [1] السّعديّ، المقرئ، المعروف بابن عديسة، نزيل دمياط.
قال المنذري [2] : قرأ القرآن بالقراءات عَلَى الشّريف أَبِي الفتوح ناصر بن الحَسَن الخطيب بمصر. وأقرأ بدمياط مُدَّة، قرأ عَلَيْهِ غير واحد من الفضلاء، تُوُفِّي في هذه السّنّة.
159- عَبْد المجيد ابن الفقيه عَبْد الدّائم [3] بن عُمَر بن حسين.
الشَّيْخ الزّاهد، أَبُو الفضل الكنانيّ، العسقلانيّ.
وُلِدَ بعسقلان سنة سبع وأربعين وخمسمائة في صفر.
وجاور بمَكَّة أكثر زمانه، وحجّ خمسين حجَّة، ثُمَّ قدم مِصْر، وبها تُوُفِّي في شعبان.
رَوَى عن عُمَر الميانشيّ، وَعَنْهُ الحَافِظ عَبْد العظيم.
160- عَبْد المُحسن بن أَبِي الْقَاسِم [4] بن عَبْد المنعم بن إِبْرَاهِيم بن يَحْيَى.
رشيد الدّين، أَبُو مُحَمَّد ابن النّقّار، المَصْرِيّ، الصُّوفِيّ.
وُلدَ سنة بضعٍ وأربعين.
وَسَمِعَ من أبي طاهر السِّلَفيّ.
رَوَى عَنْهُ الزَّكيّ عَبْد العظيم [5] ، وَقَالَ: كَانَ شيخا حسنا، مشهورا بالتّصوّف، صحب جماعة من الصّالحين، وَهُوَ أخو عَبْد العزيز [6] . تُوُفِّي في سلخ رجب.
__________
[ () ] القراء الكبار 2/ 603 رقم 565، وغاية النهاية 1/ 386 رقم 1648، وحسن المحاضرة 1/ 498.
[1] تحرف في المطبوع من تكملة المنذري 2/ 390: إلى «النفيسيّ» .
[2] في التكملة: 2/ 390.
[3] انظر عن (عبد المجيد بن عبد الدائم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 376 رقم 1481، والعقد الثمين 3/ ورقة 91، وإتحاف الورى لابن فهد 3/ ورقة 69.
[4] انظر عن (عبد المحسن بن أبي القاسم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 372 رقم 1477، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 348.
[5] في التكملة 2/ 372.
[6] توفى سنة 640 هـ.(44/154)
161- عَبْد الواحد بن إسْمَاعِيل [1] بن ظافر.
الإِمَام صائن الدين، أَبُو مُحَمَّد الدّمياطيّ الشَّافِعِيّ، المتكلّم.
نزل دمشق، ودرّس بها، بالْأمينية، وأعاد، وأفاد.
سَمِعَ من: السِّلَفيّ، وأحمد وَمُحَمَّد ابني عَبْد الرَّحْمَن الحَضْرَمِيّ، وَعَبْد اللَّه بن بَرّي النَّحْوِيّ. ورحل إلى أصبهان وَسَمِعَ من أَحْمَد بن أَبِي منصور التّرك، وغيره.
رَوَى عَنْهُ: الضِّيَاء، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، وَالزَّكيّ المُنْذِريّ، والشّهاب القوصيّ، وجماعة، آخرهم الفخر عَليّ المَقْدِسِيّ.
وَتُوُفِّي في السّابع والعشرين من ربيع الْأَوَّل بدمشق. وذكر أَنَّ مولده ظنّا في سنة ستّ وخمسين وخمسمائة.
162- عبد الوهاب بن عبد الله [2] بن علي.
الوزير جمال الدّين أَبُو مُحَمَّد ابن الصّاحب الوزير صفيّ الدّين ابن شُكر.
سَمِعَ من: حَنْبَل، وابن طَبَرْزَد، وجماعة.
ووزر للملك المُعَظَّم عيسى. وَكَانَ كثير الصّدَقات.
تُوُفِّي في ربيع الآخر شابّا.
163- عَليّ بن ظافر [3] بن حسين.
__________
[1] انظر عن (عبد الواحد بن إسماعيل) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 364 رقم 1458، والتقييد لابن نقطة 385، 386 رقم 499 وفيه قال محققه بالحاشية: «لم نعثر عليه» ، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 539، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 315، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 159 أ، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 168، وذيل التقييد 2/ 156 رقم 1341، وحسن المحاضرة 1/ 190.
[2] انظر عن (عبد الوهاب بن عبد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 366 رقم 1463، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 216، 217.
[3] انظر عن (علي بن ظافر) في: معجم الأدباء 13/ 264- 267، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 376، 377 رقم 1482، وسير أعلام النبلاء 22/ 60، 61 رقم 44، وفوات الوفيات 3/ 26- 32 رقم 340، وعقد الجمان للزركشي، ورقة 209، وعقود الجمان لابن الشعار 4/ ورقة 403، والوافي(44/155)
الفقيه جمال الدّين، أَبُو الحَسَن الْأَزْدِيّ، المَصْرِيّ، المالكيّ، ابن العلّامة أَبِي المنصور.
وُلِدَ سنة سبعٍ وستّين.
وتَفَقَّه عَلَى والده، وقرأ عَلَيْهِ الْأصول، وقرأ الْأدب، وبرع مَعَ هذه الفضائل في معرفة التّاريخ، وأخبار الملوك، وحفظَ من ذَلِكَ جملة وافرة. ودرَّس بمدرسة المالكيّة بمصر بعد أَبِيهِ، وتَرَسّل إلى الدّيوان العزيز، وولي وزارة المَلِك الْأشرف، ثُمَّ انفصل عَنْهُ، وَقَدِمَ مِصْر، وولي وكالة السّلطنة مُدَّة.
قَالَ الزَّكيّ المُنْذِريّ [1] : كَانَ متوقّد الخاطر، طلق العِبادة. وَكَانَ مَعَ تعلّقهِ بالدّنيا لَهُ ميلٌ كثيرٌ إلى أهل الآخرة، محبّا لأهل الدّين والصّلاح، وَلَهُ مصنّفات حسنة منها كتاب «الدّول المُنقطعة» [2] ، وَهُوَ كتاب مفيد في بابه جدّا، ومنها كتاب «بدائع البدائه» [3] ، وأقبل في آخر عُمره عَلَى السُّنة النّبويّة، ومطالعتها، وإدمان
__________
[ () ] بالوفيات 21/ 158- 165 رقم 111، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 217، 218، وكشف الظنون 74، 229، 762، 1195، 1404، 1965، وإيضاح المكنون 1/ 42 و 2/ 562، وهدية العارفين 1/ 706، وخزانة تيمور 3/ 186، وفهرس المخطوطات المصوّرة 2/ 63، 64، وفهرس الخديوية 4/ 210، ومعجم المطبوعات العربية والمعرّبة لسركيس 148، وتاريخ آداب اللغة العربية 3/ 68، ودائرة معارف البستاني 3/ 322، والأعلام 4/ 296، ومعجم المؤلفين 7/ 113.
[1] في التكملة 2/ 377.
[2] هو: «أخبار الدول المنقطعة» ، منه نسختان خطيتان، إحداهما في المتحف البريطاني برقم) OR 3685 شرقيات) ومنه نسخة مصورة بدار الكتب المصرية، رقم 890 تاريخ، والأخرى في مكتبة غوطا في ألمانيا الشرقية برقم 1555 وهما نسختان غير كاملتين، تحويان أخبار عدّة من الدول مثل: الخلافة العباسية، والدولة الفاطمية، والدولة الساجية، والدولة الحمدانية، والدولة الطولونية، ودولة صنهاجة بإفريقية.
وقد نشر «أندريه فرّيه» القسم الخاص بالدولة الفاطمية في مجموعة نصوص عربية ودراسات إسلامية (المجلّد 12) سنة 1972، مطبوعات المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة.
وقامت «تميمة الأوّاف» بتحقيق القسم الخاص بأخبار الدولة الحمدانية بالموصل وحلب وديار بكر والثغور، طبعة دار حسّان للطباعة والنشر 1406 هـ/ 1985 م. وأرّخت وفاته في سنة 623 هـ.
وهو غلط. كما نشر أخيرا القسم الخاص بالدولة العباسية.
[3] طبع ثلاث مرات، الأولى بتصحيح الشيخ محمد العدوي، طبعة بولاق 1278 هـ. والثانية على هامش كتاب «معاهد التنصيص» للعباسي، في مطبعة مصر 1316 هـ. وهي منقولة عن طبعة بولاق. ثم صدر بتحقيق «محمد أبو الفضل إبراهيم» ، عن مكتبة الأنجلو المصرية بالقاهرة(44/156)
النّظر فيها. وَحَدَّثَ بشيء من شعره. سَمِعْتُ منه.
قُلْتُ: وأخذَ عَنْه من شعره الشّهاب القوصيّ، وغيره. عاش ثمانيا وأربعين سنة [1] .
ومن تواليفه كتاب «أخبار الشّجعان» ، وكتاب «أخبار الملوك السّلجوقيّة» وكتاب «أساس السّياسة» رحمه اللَّه.
164- عُمَر بن أَحْمَد بن مِهْرَان [2] .
العلّامة أَبُو حفص، الضّرير، النَّحْوِيّ، العراقيّ، السَّواديّ.
وَيُقَال لَهُ أَيْضًا: العَسفني نسبة إلى عَيْن سفنة، قرية بنواحي المَوْصِل.
نشأ بالمَوْصِل، وحفظ بها القرآن، وتأدّب عَلَى مكّي بن ريّان، وصار أنحى أهل عصره، وأتقن العروض والشّعر واللّغة، وتصدّر للإفادة بعد شيخه، وتخرّج بِهِ أئمّة. وَكَانَ مفرط الذّكاء، وَكَانَ يدرّس مذهب الشَّافِعِيّ.
تُوُفِّي يوم عيد الفطر من السّنة.
165- عُمَر بن أَبِي المجد مُحَمَّد [3] بن عُمَر البَغْدَادِيّ.
أَبُو حفص ابن المزارع.
روى عن أبي الفتح ابن البَطِّيّ.
ومات في رجب.
166- عيسى بن يوسف [4] بن إسماعيل بن إبراهيم.
__________
[1970،) ] وفيه بعض أخباره وشعره.
[1] ووقع في فوات الوفيات 3/ 27 أن وفاته كانت في سنة 623 هـ.
[2] انظر عن (عمر بن أحمد بن مهران) في: عقود الجمان لابن الشعار 5/ ورقة 168 (أسعد أفندي) وفيه: «عمر بن أحمد بن أبي بكر بن مهران» ، وبغية الوعاة 2/ 216، وطبقات الشافعية للمطري، ورقة 2- 2 أ.
[3] انظر عن (عمر بن أبي المجد محمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 202، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 371 رقم 1476، والمختصر المحتاج إليه 3/ 107 رقم 956.
[4] انظر عن (عيسى بن يوسف) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 379 رقم 1486.(44/157)
الشَّيْخ المُقْرِئ، الزّاهد، أَبُو موسى وَأَبُو الفضل المَقْدِسِيّ، ثُمَّ البلبيسيّ.
صحبَ جماعة من الصّالحين منهم الشَّيْخ ربيع.
وقرأ القراءات عَلَى الإِمَام أَبِي الْقَاسِم بن فيرّه الشاطبيّ.
قرأ عَلَيْهِ الإِمَام أَبُو عَبْد اللَّه الفاسيّ، نزيل حلب ومقرئها.
سكن مِصْر مُدَّة، وأقرأ بها، ثُمَّ سافر إلى الإسكندرية فتوفّي بها في شعبان.
وَرَوَى عَنْهُ الزَّكيّ عَبْد العظيم، وَهُوَ من شيوخه.
[حرف الغين]
167- غازي بن يوسف [1] بن أيوبَ بن شاذي ابن الْأمير يعقوب.
السُّلْطَان الملك الظّاهر غياثُ الدّين أَبُو منصور ابن السُّلْطَان صلاح الدّين، التَّكْرِيتيّ، ثُمَّ المَصْرِيّ، صاحبُ حلب.
وُلِدَ بمصر في رمضان سنة ثمانٍ وستّين وخمسمائة.
وَسَمِعَ بالإسكندريّة من الفقيه أَبِي الطّاهر بن عوف. وبمصر من عَبْد اللَّه بن برّي النَّحْوِيّ. وبدمشق من الفضل بن الحُسَيْن البانياسيّ.
وَحَدَّثَ بحلب. ووليَ سلطنتها ثلاثين سنة.
قَالَ الموفّق عَبْد اللّطيف: كَانَ جميل الصُّورة، رائع الملاحة، موصوفا بالجمال في صغرِه وفي كبرِه، وَكَانَ لَهُ غَوْرٌ ودهاءٌ ومكرٌ، وأعظم دليل عَلَى دهائه مقاومته لعمّه الملك العادل، وَكَانَ لَا يُخْليه يوما من خوفٍ، وشغل قلبٍ. وكان
__________
[1] انظر عن (غازي بن يوسف) في: الكامل في التاريخ 12/ 313، 314، ومرآة الزمان 252، وتاريخ مختصر الدول 321، ومفرّج الكروب 3/ 237- 248، والتاريخ المنصوري 71، وذيل الروضتين 94، وزبدة الحلب 3/ 170، 171، ووفيات الأعيان 3/ 178، وتلخيص مجمع الآداب 2/ رقم 1199، والأعلاق الخطيرة ج 1 ق 1/ 24- 26، 50، 55، 56، 96، 103، 107، 144- 150، وتاريخ ابن العميد 130، والدرّ المطلوب 184- 186، ونهاية الأرب 29/ 75، والمختصر في أخبار البشر 3/ 117، والإعلام بوفيات الأعلام 252، والإشارة إلى وفيات الأعلام 320، وتاريخ ابن الوردي 2/ 133، والعبر 5/ 46، ومرآة الجنان 4/ 27، والبداية والنهاية 13/ 71، والعسجد المسبوك 2/ 353، 354، ومآثر الإنافة 2/ 75، والنجوم الزاهرة 6/ 216، 217، وشفاء القلوب 252- 255، وشذرات الذهب 5/ 55.(44/158)
يصادق ملوك الْأطراف ويباطنهم ويلاطفهم، ويوهمهم أَنَّهُ لولا هُوَ لقد كَانَ العادل يقصدهم، ويُوهِمُ عمّه أَنَّهُ لولا هُوَ لم يُطعه أحدٌ من المُلوك ولكاشفوه بالشّقاق، فَكَانَ بهذا التّدبير يستولي عَلَى الجهتين، ويستعبد الفريقين، ويشغل بعضهم ببعض. وَكَانَ كريما معطاء، يغمر الملوك بالتُّحف، والرّسل بالنُّحْل [1] ، والشُّعراء والقصّاد بالصّلات. وتزوّج بابنة العادل وماتت معه، ثُمَّ تزوّج بأختها، فَكَانَ لَهُ عرسٌ مشهودٌ، وجاءت منه بالملك العزيز في أَوَّل سنة عشرٍ، وأظهر السُّرور بولادته، وبقيت حلب مُزّينة شهرين، وَالنَّاس في أكلٍ وشرب، ولم يُبق صِنْفًا من أصناف النَّاس إِلَّا أفاض عليهم النّعم، ووصلهم بالإحسان، وسَيَّر إلى المدارس والخوانك الغَنَم وَالذَّهَب، وأمرهم أن يعملوا الولائم، ثُمَّ فعل ذَلِكَ مَعَ الْأجناد والغلمان والخدم، وعمل للنّساء دعوة مشهودة أُغلقت لها المدينة. وأمّا داره بالقلعة فزيّنها بالجواهر وأواني الذَّهَب الكثيرة، وَكَانَ حين أمر بحفر الخراب حول القلعة وجد عشرين لبنة ذهب فيها قنطار بالحلبي، فعمل منها أربعين قَشْوةً [2] بحُقاقها، وختن ولده الْأكبر أَحْمَد، وختنَ معه جماعة من أولاد المدينة، وقُدّم لَهُ تقادم جليلة فلم يقبل منها شيئا رفقا بهم، لكن قبل قطعةَ سمندل طول ذراعين في ذراع، فغمّسوها في الزّيت وأوقدوها حَتَّى نفد الزّيت، وَهِيَ ترجع بيضاء فالتهوا بها عن جميع ما حضر.
وَكَانَ عنده من أولاد أَبِيهِ وأولاد أولادهم مائة وخمسة وعشرون نفسا، وزوّج الذّكور منهم بالإناث، وعقد في يوم واحدٍ خمسة وعشرين عقدا بينهم، ثُمَّ صار كلّ ليلةٍ يعمل عُرسًا ويحتفل لَهُ، وبقي عَلَى ذَلِكَ مُدَّة رجب وشعبان ورمضان. وَكَانَ بينه وبين سلطان الروم عزّ الدّين كيكاوس بن كَيْخُسْرو صداقة مؤكّدة ومراسلات، ومرض نيّفا وعشرين يوما، وأوصى أن يكون الخادم طغريل دزدار [3] القلعة، وأن يكون شمس الدّين ابن أَبِي يَعْلَى المَوْصِليّ وزيرا كما كَانَ، ولا يخرج أحد عن أمره، وسيف الدّين ابن جندر أتابك الجيش. وكان القاضي
__________
[1] النّحل: العطاء.
[2] القشوة: القفّة.
[3] الدزدار: لفظة فارسية، معناها: حاكم القلعة.(44/159)
بهاء الدّين ابن شدّاد مُسافرًا إلى العادل بمصر، فقدِم بعد ثلاثٍ، فحلّ جميع ذَلِكَ بالتّدريج والخِفية، وأعانه مرض الوزير، فَلَمَّا عُوفيَ وجد الْأمور مختلفة، فسافر إلى الروم ثُمَّ انتكس ومرض، ومات في السّنة.
وأمّا ابن جندر فنزل عن الْأتابكية، وجعلوها للملك المنصور، يعني الَّذِي كَانَ تَسَلْطَن بمصر بعد والده العزيز.
قَالَ: فبقي أياما وعزلوه، ثُمَّ ولّوه، ثُمَّ عزلوه غير مرّة. وتلاعبت بهم الآراء، وَكَانَ قصدهم أن يكون الطّواشيّ شهاب الدّين طُغريل هُوَ الْأتابك، فسعوا إلى أن تمّ ذَلِكَ، ثُمَّ اتّفقوا أن يحكم عليهم خادم، فاختلفت نيّاتهم. ورأوا أن يملّكوا الملك الْأفضل عَليّ ابن صلاح الدّين، وعزم الْأمراء عَلَى التَّوثّب بحلب، ثُمَّ قوي أمر طُغريل وثبت، وقد همّوا بقتله مرّات ووقاه اللَّه، ولو ساق الْأفضل لملك حلب ولَما اختلف عَلَيْهِ اثنان، لكنّه كاتب عزّ الدّين صاحب الرّوم وحسّن لَهُ أن يقصد حلب، فحشد وقصدها، ونازل تلّ باشر، فأخذها، وأخذ عين تاب، ورعبان، ومنبج، وكاتبه أكثر رؤساء حلب والْأمراء. فَلَمَّا رَأَى طُغريل والخواصّ ذَلِكَ، طلبوا الملك الْأشرف، فجاء ونزل بظاهر حلب، مَعَ شدَّة خوف. وجاءت طائفة من العرب ومعهم عسكر يتولّعون بعسكر الروم، فسيّر إليهم عزٌّ الدّين كُبراء دولته، فساقوا بجهل، وأمعنوا إلى بُزاعة في تِلْكَ البرّيّة، فخارت قواهم وذبلت خيلهم، واختطفتهم العرب سبايا كما تؤخذ النّساء، فخار قلب عَزَّ الدّين، ورجع إلى تلّ باشر، ثُمَّ إلى بلاده، ولحقه غبنٌ وأسفٌ حَتَّى مرض ومات. وأمّا الملك الْأشرف فَإِنَّهُ تمكّن من أموال حلب ورجالها وقويَ بذلك عَلَى المَوْصِل وسِنْجار، وعظُم عند ملوك الشرق.
قُلْتُ: قد ذكرت في الحوادث أَنَّ الظّاهر قَدِمَ دمشق وحاصرها غير مرّة مَعَ أخيه الْأفضل، وحاصر منبج وأخذها، وكذلك قلعة نُعْم [1] ، ثُمَّ حاصر حماة، وغير ذلك.
__________
[1] نعم: بالضم ثم السكون. موضع برحبة مالك بن طوق على شاطئ الفرات. (معجم البلدان 5/ 294) .(44/160)
وَكَانَ ذا شجاعة وإقدام. وَكَانَ سفّاكا للدماء في أوائل أمره، ثُمَّ قصر عن ذَلِكَ وأحسن إلى الرّعية. وَكَانَ ذكيّا فطنا، حسن النّادرة، قَالَ لَهُ الحلّيّ الشَّاعِر مرةُ في المنادمة وَهُوَ يعبث بِهِ ورادٌ عَلَيْهِ، فَقَالَ: انظم؟! يتهدّده بالهجو، فَقَالَ السُّلْطَان: انثر، وأشار إلى السيف [1] .
وقال أبو المظفّر سبط ابن الْجَوْزيّ [2] : كَانَ الظّاهر مهيبا، لَهُ سياسة وفِطنة، ودولته معمورة بالعلماء والفُضلاء، مزيّنةٌ بالملوك والْأمراء. وَكَانَ مُحسنًا إلى الرعيّة وإلى الوافدين عَلَيْهِ، حضر مُعظم غزوات أَبِيهِ، وانضمّ إِلَيْهِ إخوته وأقاربه، وكان يزور الصّالحين ويفتقدهم. وَكَانَ يتوقّد ذكاء وفطنة. تُوُفِّي في العشرين من جُمَادَى الآخرة بعلَّة الذّرب، وقام بأمر ابنه طُغريل أتابك العَسْكَر أحسن قيام.
وَقَالَ أَبُو شامة [3] : أوصى في مرضه بالسّلطنة لابنه مُحَمَّد، لِأَنَّهُ كَانَ من بنت عمّه الملك العادل، وطلب بذلك استمرار الْأمر لَهُ لأجل جَدّه وأخواله، وجعل الْأمر من بعده لولده الْأكبر أَحْمَد، ثُمَّ من بعده الملك المنصور مُحَمَّد ابن الملك العزيز عُثْمَان، أخيه، وفوّض القلعة إلى طُغريل خادم روميّ أبيض، وَكَانَ مشتهرا بالزّهد، فصار لَهُ عنده مكانة. وعاش الظّاهر خمسا وأربعين سنة، ونُقل فدفن بمدرسته الّتي أنشأها بحلب.
قَالَ ابن واصل [4] : لَمَّا اشتدّ بِهِ المرض، قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ يفيق ويتشهّد وَيَقُولُ: مَا أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ 69: 28- 29 [5] اللَّهمّ بك أستجير، وبرحمتك أثق. وَلَمَّا مات كُتم خبره حَتَّى دُفن بالقلعة، وسكن النَّاس. ثُمَّ أخرج الْأتابك طُغريل ولديه من باب القلعة وعليهما السّواد، فَلَمَّا رآهما الْأمراء وقعوا عن خيولهم وكشفوا رءوسهم، وقُطعت الشعور، وضجّوا ضجّة واحدة، وفعل
__________
[1] انظر الخبر في مفرج الكروب 3/ 243، 244.
[2] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 579.
[3] في ذيل الروضتين 94.
[4] في مفرّج الكروب 3/ 240- 242.
[5] سورة الحاقّة: الآية 29.(44/161)
ذَلِكَ مماليكه، وَكَانَ منظرا فظيعا. ثُمَّ ركب الْأخوان الملك العزيز والملك الصّالح بأُبهة المُلك، وحمل الْأمير ابن جَنْدر بين أيديهما الغاشية، وأقبل الْأمراء وأولاد الملوك يقبّلون أيديهما، ثُمَّ ردّا إلى القلعة، وكثر النّوح والبكاء.
168- غَلْبُون بْن مُحَمَّد [1] بْن عَبْد العزيز بْن فتحون بن غلبون.
أَبُو مُحَمَّد الْأَنْصَارِيّ، المرسيّ.
سَمِعَ من: أَبِي الْحَسَن بْن هُذَيْل، وَأَبِي عَليّ بن عَريب، وأخذ عَنْهُمَا القراءات. سَمِعَ أَيْضًا من: أبي عَبْد اللَّه بْن سعادة، وأبي مُحَمَّد بْن عاشر، وجماعة.
وتصدّر للإقراء، وشُهر بذلك، وأخذَ عَنْهُ النَّاس. وشارك في العربية والآداب. وَكَانَ من أهل الفضل والجلالة والإتقان، حمل عَنْهُ جماعةٌ.
وُلِدَ سنة ستٍّ وأربعين وخمسمائة. وَتُوُفِّي في رابع عشر ربيع الآخر.
قَالَ الْأبَّار: أجاز لنا ما رواه.
[حرف الفاء]
169- فاطمة بنت الإِمَام أَبِي الْقَاسِم عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن غالب القُرْطُبيّ، الشَّرّاط.
أمّ الفتح.
قَالَ الْأبَّار: خَتَمتْ عَلَى أبيها قراءة نافع، وحفظت عليه «الشّهاب» للقضاعيّ، و «التّنبيه» لمكّي، و «مختصر» الطّليطليّ، وقابلت معه «صحيح» مسلم، و «السّيرة» لابن إسحاق، و «الكامل» للمبرّد، و «النّوادر» لأبي عَليّ. وسمِعَتْ منه كثيرا. وقرأت القرآن أَيْضًا عَلَى أَبِي عَبْد الله الْأندوجري الزّاهد، وَأَبِي عَبْد اللَّه بن المُفَضَّل الضّرير.
سَمِعَ منها ابنها الإِمَام أَبُو الْقَاسِم بن الطَّيْلَسَان، وقرأ عليها لورش.
__________
[1] انظر عن (غلبون بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار (الأزهر) 3/ ورقة 97.(44/162)
170- فضل اللَّه بن أَبِي الرشيد بن أَحْمَد.
جمال الإِسْلَام أَبوْ نَجِيح الجوزدانيّ، الأصبهانيّ.
وُلِدَ سنة ثمان وعشرين وخمسمائة.
وَسَمِعَ حُضورًا في سنة اثنتين وثلاثين من الحَافِظ إسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الطّلحيّ.
رَوَى عَنْهُ: الضّياء. وبالإجازة: الفَخْر عليٌّ، وَأَحْمَد بن شَيْبَان، وجماعةٌ.
ومات بشيراز.
[حرف الميم]
171- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ [1] بن خَالِد.
الفقيه أَبُو عَبْد اللَّه البُخَارِي، الْأوشي، الحَنَفِيّ.
سَمِعَ من أَبِي حفص عُمَر بن مُحَمَّد الزّرَنْجريّ الفقيه، وَحَدَّثَ ببَغْدَاد عَنْهُ.
وَكَانَ من كبار حنفية بُخَارَى.
وأُوش [2] ، بُليدة من أعمال فَرْغانة.
وزَرَنْجرى [3] : من قرى بُخَارَى.
تُوُفِّي هَذَا في أوائل صفر.
172- مُحَمَّد بن أَبِي جَعْفَر أَحْمَد بن محمد بن أحمد بن فطيس.
الطّبيب، الْأديب، اللُّغَويّ، أَبُو عَبْد اللَّه الغافقيّ، الْألبيريّ، ثمّ الغرناطيّ، المعمّر.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد بن عليّ) في: معجم البلدان 1/ 404، 405، وتاريخ ابن الدبيثي (شهيد علي) ورقة 20، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 361، 362 رقم 1453، والمشتبه 1/ 35، والمختصر المحتاج إليه (المستدرك) 2/ 243، 244 رقم 30، وتوضيح المشتبه 1/ 284، والطبقات السنية 3/ ورقة 62.
[2] أوش: بضم الهمزة وسكون الواو بعدها شين معجمة.
[3] قال المنذري: «بفتح الزاي وبعدها راء مهملة مفتوحة ونون ساكنة وجيم مفتوحة وراء مهملة ...
ويقال لها: زرنكرى» (وانظر معجم البلدان: 2/ 926) .(44/163)
ذكره ابن مسدي في «معجمه» وَقَالَ: جَدّه الْأعلى كَانَ شيخ المالكيّة.
وألبيرة كانت مدينة عظيمة، غرناطة من قُراها، فصارت غَرْناطة هِيَ أمّ النّاحية.
قال: كان شيخنا هَذَا رأسا في علم الطّبّ، وكانت عنده رواية عالية. سَمِعَ من أَحْمَد بن عَليّ بن زَرْقون الباجيّ المُرسي المُقْرِئ، وَهُوَ آخر من رَوَى عَنْهُ، ومن أَبِي بَكْر بن العربيّ، والقاضي عياض، وَهُوَ آخر من رَوَى عَنْهُ بالسّماع، ومن جماعة، لكنّه كَانَ بخيلا بالسّماع. وأخذ القراءات عَن أَبِي عَبْد اللَّه بْن أيمن السَّعْدي. مولده عَلَى رأس العشر وخمسمائة، وعاش مائة وثلاث سنين مُمَتّعًا بحواسّه، مسموع القول إلى حين وفاته. عرضْتُ عَلَيْهِ كثيرا من محفوظاتي.
173- مُحَمَّد بن أَبِي حامد [1] بن عيسى الحريميّ، الرّصافيّ، المُقْرِئ.
المعروف بابن الفقيه.
رَوَى عن: أَبِي الفتح بن البَطِّيّ، وغيره.
ومات فِي جُمَادَى الآخرة.
174- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم [2] بْن أَبِي الفضل.
الإِمَام معين الدّين، أَبُو حامد السّهليّ [3] ، الجاجرميّ، الشَّافِعِيّ.
كَانَ إماما مُفْتيًا، مُصنفًا مشهورا، صنّف في الفقه كتاب «الكفاية» ، وكتاب «إيضاح الوجيز» . وَلَهُ طريقة في الخلاف والقواعد مشهورة به.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبي حامد) في: تاريخ ابن الدبيثي (شهيد علي) ورقة 19، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 367 رقم 1467، والمختصر المحتاج إليه 1/ 21.
[2] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: وفيات الأعيان 4/ 256، وسير أعلام النبلاء 22/ 62، 63 رقم 46، والعبر 5/ 46، 47، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 374، 375 رقم 341، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 19، (8/ 44، 45) ، ومرآة الجنان 4/ 27، 28، والوافي بالوفيات 2/ 8 رقم 260، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 159 ب، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 394 رقم 362، وكشف الظنون 1113، 1359، 1378، 1498، 2003، وهدية العارفين 2/ 109، وشذرات الذهب 5/ 56، وديوان الإسلام 2/ 74 رقم 662، والأعلام 5/ 296، وتراجم الرجال للجنداري 32، ومعجم المؤلفين 8/ 212.
[3] في مرآة الجنان 4/ 27 «السهيليّ» وهو تحريف.(44/164)
وجاجرم بلدة بين نَيْسَابُور وجُرْجان.
سكن هَذَا نَيْسَابُور ودرّس بها، وَتُوُفِّي في حادي عشر رجب، وَتُوُفِّي في الكهولة.
وقد حَدَّثَ عن عَبْد المنعم بن عَبْد اللَّه الفُرَاويّ.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ البِرْزَاليّ، وغيره.
175- مُحَمَّد بن الحَسَن [1] بن مُحَمَّد بن عُبَيْد اللَّه [2] .
القاضي الْأسْعد، أَبُو عَبْد اللَّه ابن القاضي رضي الدّولة العامريّ، المَقْدِسِيّ، ثُمَّ المَصْرِيّ، المالكيّ، المُعَدَّل، المعروف بابن القَطَّان.
سَمِعَ من: عَبْد اللَّه بن رفاعة، والشريف ناصر بن الحَسَن الخطيب، وأحمد بن الحُطَيئة، وأبي طاهر السّلفيّ، وأبي القاسم ابن عساكر الحَافِظ.
ووليَ الْأوقاف بمصر.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ المُنْذِريّ، وغيره [3] .
وَتُوُفِّي في سادس شعبان عن سبع وسبعين سنة.
176- محمد ابن الحَافِظ عَبْد الغني [4] بْن عَبْد الواحد بْن علي بْن سرور.
__________
[1] انظر عن (محمد بن الحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 372، 373 رقم 1479، والمقفى الكبير 5/ 564 رقم 2095.
[2] في طبعة مؤسسة الرسالة من: تاريخ الإسلام (الطبقة الثانية والستون) ص 158 «عبد الله» وهو خطأ.
[3] وقال ابن مسدي: كان له بمصر تقدّم وعدالة وحرمة وجلالة، وعنده سماع الحديث، ولم يكن من أهل الحديث فوقع فيما أوقعه فيه، والله أعلم بما كان يبديه ويخفيه.
وقال أبو الحسن يحيى بن علي القرشي في معجمه: القاضي أبو عبد الله، من رؤساء المصريين وأعيانهم، والأصل منه من فلسطين، وكان مالكيّ المذهب، وأحد الشهود المعدّلين. (المقفى الكبير) .
[4] انظر عن (محمد بن عبد الغني) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد 2/ 91، 92 رقم 303، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 385، 386 رقم 1501، وذيل الروضتين 99، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 436، والعبر 5/ 47، والمعين في طبقات المحدّثين 188 رقم 2003، والإعلام بوفيات الأعلام 252، والإشارة إلى وفيات الأعيان 320، والمختصر المحتاج إليه 1/ 82،(44/165)
الحَافِظ المفيد، عزّ الدّين أَبُو الفتح المَقْدِسِيّ، الْجَمّاعيليُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيّ.
وُلِدَ بدير المقادسة في سنة ستّ وستّين وخمسمائة، في أحد الربيعين.
وارتحل إلى بَغْدَاد وَلَهُ أربع عشرة سنة، فسمع بها من: أَبِي الفتح بن شاتيل، وَأَبِي السّعادات القَزَّاز، ويوسف العاقوليّ، وطبقتهم. وتَفَقَّه عَلَى أَبِي الفتح بن المَنّي.
وَسَمِعَ بدمشقَ من: أَبِي المعالي بْن صابر، وَمُحَمَّد بن حمزة القُرَشِيّ، والخضر بن طاووس، والفضل بن الحُسَيْن البانياسيّ، وجماعة. وَأَوَّل شيخ سَمِعَ منه أَبُو الفَهْم عَبْد الرَّحْمَن بن أَبِي العجائز الْأَزْدِيّ.
قَالَ ابن النَّجَّار: سمعنا معه وبقراءته كثيرا، وكتب بخطّه كثيرا، وحصَّل كثيرا من الْأصول، واستنسخ كثيرا من الكتب، وَكَانَ في رحلتي الْأولى يُعيرُني الْأصول ويفيدني عن الشّيوخ، ويتفضّل إذا زُرته. وَكَانَ من أئمّة المُسلمين، حافظا للحديث مَتْنًا وإسنادا، عارفا بمعانيه وغَريبه، مُتْقنًا لأسامي المحدّثين وتراجمهم، مَعَ ثقة وعدالة وأمانة وديانة وتودّد وكيس ومروءة ظاهرة، ومساعدة للغرباء.
وذكره الحَافِظ الضِّيَاء، فَقَالَ: كَانَ- رحمه الله- حافظا فقيها ذا فنون، وَكَانَ أحسن النَّاس قراءة وأسرعها، وَكَانَ غزير الدَمْعة عند القراءة، وَكَانَ مُتْقنًا ثقة سَمْحًا جوادا.
قُلْتُ: وارتحل إلى أصبهان ومعه أخوه أَبُو موسى، فسمعا الكثير من أصحاب أَبِي عَليّ الحدّاد، ومن بعده سمعا من: أَبِي الفضل عَبْد الرّحيم بن مُحَمَّد الكاغديّ، ومسعود بن أَبِي منصور الخَيَّاط، وأبي المكارم أَحْمَد بْن مُحَمَّد اللَّبَّان، وَمُحَمَّد بْن أَبِي زيد الكَرَّانيّ، وأَبِي جعْفَر الصّيدلانيّ، وجماعةٍ.
__________
[ () ] وتذكرة الحفاظ 4/ 1401، 1402، وسير أعلام النبلاء 22/ 42، 44 رقم 30، ومرآة الجنان 4/ 28، والوافي بالوفيات 3/ 266، 267 رقم 1307، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 90- 92 رقم 253، والبداية والنهاية 13/ 74، وعقد الجمان 17/ ورقة 357، 358، والنجوم الزاهرة 6/ 56، 57، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 218، 219، وشذرات الذهب 5/ 56، 57، والتاج المكلّل، والمنهج الأحمد 342، والمقصد الأرشد رقم 994، والدر المنضد 1/ 337، 338 رقم 966.(44/166)
قَالَ الضِّيَاء: وسافر العزّ إلى بَغْدَاد مَعَ عمِّه الإِمَام عماد الدّين إِبْرَاهِيم، وأقامَ ببَغْدَاد عشر سنين، واشتغل بالفقه والنَّحْو والخِلاف، ورجَعَ وَكَانَ يتكلَّم في مسائل الخِلاف كلاما حسنا. ثُمَّ سافر بعد مُدَّة إلى أصبهان في طلب الحديث، ولقوا شدَّة من الغلاء والْجُوع. ثُمَّ رجع إلى بَغْدَاد وأقام بها يقرأ شيئا من الفقه واللّغة عَلَى الشَّيْخ أَبِي البقاء. ثُمَّ عاد إلى دمشق، وَكَانَ يقرأ الحديث للنّاس كلّ ليلة جُمُعة في مسجد دار البِطِّيخ بدمشق يعني مسجد السّلّاليّين، وانتفع النَّاس بمُجالسته. ثُمَّ أَنَّهُ انتقل إلى الجامع، إلى موضع والده فَكَانَ يقرأ يوم الْجُمُعة بعد الصَّلَاة في حلقتنا، وسبب حصول ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا جاء حَنْبَل [1] من بَغْدَاد، أرادَ الملكُ المُعَظَّم يسمع «المُسْنَد» عَلَيْهِ، فقرأ لَهُ بعض المحدّثين، وَكَانَ «المُسْنَد» يُقرأ عندنا وفي المدينة، وكان العزّ- رحمه اللَّه- يقرأ ويحضر عندنا جماعة من أهل المدينة، منهم العَلَم الرَّقِّيّ إمام الملك، فمضى إِلَيْهِ، وَقَالَ: إن كُنْت تريد قراءة مَليحة عاجِلة فما يقرأ أحد مثل هَذَا الَّذِي في الْجَبَل. فَقَالَ: تجيء بِهِ. فجاء الإِمَام إلى العزّ، فَقَالَ لَهُ: ما لي في هَذَا رغبة وَأَنَا رجل خامل الذّكر، وما بيني وبين أحد عداوة وأخاف من المخالفين. فَقَالَ: هَذَا لَا نخاف منه، ما يحضر إِلَّا الملك وَالشَّيْخ وَأَنْتَ وَأَنَا. فاستشار المشايخ، فَقَالَ لَهُ شيخنا مُوفّق الدّين: إن كُنْت تمضي للَّه فامضِ، وإن كُنْت تمضي لطمع الدُّنْيَا، فلا تفعل. فاستخار اللَّه ومَضَى. فَلَمَّا سَمِعَ الملكُ قراءته أعجبته كثيرا، وخلعَ عَلَيْهِ، وأحبّه، وسأله عن أشياء من الحديث، فأجابه، وَرَأَى منه ما لم يرَ من غيره. وَكَانَ بعد ذَلِكَ مهما طلب منه لَا يكاد يردّه، فطلب منه الجلوس مكان أَبِيهِ، فأذِنَ لَهُ، وطلب منه مكانا في القُدس لأصحابنا يصلُّون فيه فأعطاه مهد عيسى. وكنّا نسمع «المُسْنَد» ، فَقَالَ بعض الحضور من المدينة: ما رَأَيْت مثل هذه القراءة، مثل الماء، أَوْ قَالَ: مثل السيف.
وَلَمَّا أراد الملك المُحسن سماع «تاريخ بَغْدَاد» من الكِنْدِيّ، قال: إنْ كَانَ العزّ ابن الحافظ يقرأه فنعم، فقرأه عليه.
__________
[1] هو حنبل بن عبد الله الرّصافي.(44/167)
وَكَانَ لَهُ همَّة عظيمة، لَمَّا جاء حَنْبَل أراد أهل المدينة أن يمنعوه من الصّعود إلينا، فما زال العزّ بهمّته حَتَّى سَهّل اللَّه قراءة «المُسْنَد» في الجبل.
وَكَانَ يُسارع إلى الخيرات وإلى مصالح الجماعة. لَمَّا عزمت عَلَى التّزويج قامَ في ذَلِكَ، وحَصَّلَ لي ما تزوّجت بِهِ، وما أحوجني إلى تكلّف شيء.
وَكَانَ بيته لَا يكاد يخلو من الضُّيوف، سَمِعْتُهُ يَقُولُ، أَوْ سَمِعْتُ من يحدِّث عَنْهُ، قَالَ: كنّا ببَغْدَاد، فقلّ ما بأيدينا، فجاء إلى عندنا إِنْسَان فَقَالَ لي: لو مضيتم إلى بعض القرايا حصَّلنا لكم شيئا. قَالَ: فمضينا معه، فاتّفق أنّا عبرنا عَلَى الشَّيْخ حسن الفارسيّ [1]- رحمة اللَّه عَلَيْهِ- فزرناه، فابتدأنا وَقَالَ: مَتَى جرت عادة المقادسة أن يخرجوا إلى الكدْية؟ قَالَ: فرجعنا ولم نمض.
سَمِعْتُ إِبْرَاهِيم بن أَبِي بَكْر بن باخل المؤذّن، وَكَانَ من أهل الخير والصّلاح يَقُولُ: بعد موت العزّ بثلاثة أيام، توضّأت باللّيل، وخرجت فرأيت عَلَى الموضع الَّذِي فيه قبر العزّ عمودَ نُور من السّماء إلى الْأرض أخضر مثل السِّلق.
وَسَمِعْتُ الفقيه إِسْحَاق بن خَضِر بن كامل يَقُولُ: رَأَيْت العزّ في النّوم، فَقُلْتُ لَهُ: باللَّه عليك ماذا لقيت من ربّك؟ فَقَالَ: كلّ خير جميل.
وَسَمِعْتُ أَحْمَد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمَد يَقُولُ: كنّا نقرأ عند العزّ ليلة تُوُفِّي، فرأيت نورا عَلَى بطنه مثل السِّراج، فكنتُ أقول: ترى يراه أحد غيري أم لَا؟.
سألتُ أمّ أَحْمَد آمنة بنت الشَّيْخ أَبِي عُمَر، وَهِيَ ما علمتُ من أصلح أهل زمانها، فَقَالَت: رَأَيْت يوم موت العزّ عَلَى الدُّنْيَا كُلّها، عَلَى الْأرض، وَعَلَى النَّاس خُضرة ما شبهته إِلَّا بالشّمس، إِذَا خرجت من طاقة زجاح خضراء، حَتَّى كُنْت أقول: أيش هَذَا؟ ما لبصري! وأمسحُ عينيّ، وما دريت أيش هَذَا حَتَّى جاءت أمُّ دَاوُد، فَقَالَتْ: قد رَأَيْت الخُضْرة عَلَى الجنازة.
سَمِعْتُ مسعود بن أَبِي بَكْر بن شُكر المَقْدِسِيّ، قَالَ: رَأَيْت العزّ ابن الحافظ
__________
[1] هو الزاهد المشهور من أهل الفارسية القرية المشهورة بقرب بغداد.(44/168)
بعد موته في النّوم، وكأنّ وجهه البدر، ما رَأَيْت في الدُّنْيَا أحدا عَلَى صورته، وَلَهُ شَعْر بائن من تحت عمامته، لم أرَ شَعرًا مثل سواده، فَقُلْتُ لَهُ: يا عزّ الدّين، كيف أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا وَأَنْتَ من أهل الجنّة. ثُمَّ انتبهت.
سَمِعْتُ الإِمَام أبا العباس أحمد بن محمد بن خلف يَقُولُ: رَأَيْت العزّ في النوم فَقَالَ: جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقضى لي كلَّ حاجة.
سَمِعْتُ شيخ الإِسْلَام موفَّق الدّين يحدّث عن بنته صفيّة زَوْجَة العزّ أنّها رأته بعد موته قد جاء إليهم بقطف من عِنَب أبيض لم تر أحسن منه قطّ، وَقَالَ: هَذَا من الجنّة.
سَمِعْتُ إسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الأصبهانيّ يَقُولُ: رَأَيْت العزّ في النّوم وَعَلَيْهِ ثياب بيض وَهُوَ حيٌ، وَهُوَ يَقُولُ: ما متّ قد بقي من عُمري وسألني عن نفسه هَذَا، فَقَلَتْ: إن شاء اللَّه يكون شهيدا. فَإِنَّهُ مات بالَبطن.
سَمِعْتُ الفقيه بدْران بن شِبْل بن طَرْخان، قَالَ: رَأَيْت كأننا جماعة، والعزّ أرفع منّا فَقُلْتُ لَهُ: بم ارتفعت؟ قَالَ: بهذا، وأومأ بجزء حديث في يده.
قُلْتُ: وذكر لَهُ الضِّيَاء منامات أُخر مليحة. وقد رثاه الشَّيْخ الموفّق، وغيره. وَحَدَّثَ عَنْهُ: الضِّيَاء، والشِّهاب القوصيّ، وشمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر، والفخر عليّ، وجماعة.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْغَنِيِّ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ صَابِرٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النَّسِيبُ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الفَرَضِيُّ، حَدَّثَنَا الصُّولِيُّ، حَدَّثَنَا الْغَلابِيُّ، عَنْ عبيد الله بن عَائِشَةَ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَامِلٍ لَهُ: «اتَّقِ اللَّهَ، فَإِنَّ التَّقْوَى هِيَ الَّتِي لَا يُقْبَلُ غَيْرُهَا، وَلا يُرْحَمُ إِلَّا أَهْلُهَا، وَلا يُثَابُ إِلَّا عَلَيْهَا، فَإِنَّ الْوَاعِظِينَ بِهَا كَثِيرٌ، وَالْعَامِلِينَ بِهَا قَلِيلٌ» .
وَقَالَ لنا رشيد بن كامل: أَخْبَرَنَا أَبُو العرب القوصيّ، أخبرنا العزّ ابن الحافظ بجامع خيبر سنة عشر وستمائة. فذكر حديثا.
تُوُفِّي العزّ في تاسع عشر شوّال، وشَيَّعه الخلْقُ.(44/169)
177- مُحَمَّد بن عَليّ [1] بن أَحْمَد بن النّاقد.
أَبُو السَّعَادَات.
شيخٌ تاجرُ بغداديٌ جليل.
سَمِعَ من: أَبِي الوَقْت، وابن البَطِّيّ. وسافر في التّجارة كثيرا إلى النّواحي البَعيدة، وتولَّى خِدَمًا.
وَتُوُفِّي في جُمَادَى الْأولى، ولم يحدّث، وَكَانَ عَسِرًا مُمْتنعًا [2] .
178- مُحَمَّد بن عُمَر [3] المَصْرِيّ.
الكاتب المُجَوّد، المنعوت بالجمال.
كَانَ بارعَ الخطّ، حسن التّوقيف، انتفع بِهِ جماعةٌ كثيرة. وَلَهُ شِعر.
تُوُفِّي فِي ذي القِعْدَة.
179- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن محمود بن الفضل.
أَبُو شجاع الحدّاد، الأصبهانيّ.
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وأربعين.
وَتُوُفِّي في ذي الحجّة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد 2/ 149 رقم 384، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 366 رقم 1465، والمختصر المحتاج إليه 1/ 101، والمقفى الكبير 6/ 232 رقم 2703.
[2] وقال ابن الدبيثي: كان أحد التجار والبزّازين. سافر إلى الشام. وأقام بدمشق مدة، وخراسان، وما وراء النهر. وعاد يتولّى وكالة الباب الشريف للجهة والدة سيّدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام الناصر لدين الله أمير المؤمنين في رجب سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة وخلع عليه، وأضيف عليه بعد ذلك وكالة الأمير السيد الكبير ولد أمير المؤمنين خلّد الله ملكه والنظر في المظالم، وحسن حاله، ونبه قدره، إلّا أنه عزل عن وكالة الأمير والمظالم، وبقي على خدمة الباب الشريف إلى حين وفاتها- قدّس الله روحها- وجعلت إليه النظر في أوقافها على الربط والمدارس والتربة والسبل والصدقات، فكان على ذلك مدّة حياته. وطلبت منه السماع لشيء من ذلك فوعد بذلك وسوّف حتى طال الوعد فتركته، وكذا سأله غيري فوعده، ومات ما روى شيئا، وأظنه كان يكره الرواية. (ذيل تاريخ مدينة السلام 2/ 149) .
[3] انظر عن (محمد بن عمر) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 388 رقم 1508، والوافي بالوفيات 4/ 259 رقم 3788، والمقفى الكبير 6/ 419، 420 رقم 2909.(44/170)
وَهُوَ من شيوخ الحَافِظ الضِّيَاء. وأجاز للفَخْر.
180- مُحَمَّد بنُ وَهْب [1] بن لُبّ بن عَبْد الملك.
- أَوْ عَبْد اللَّه- بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن وَهْب. أَبُو عَبْد اللَّه القُرَشِيّ، الفهريّ، الشّنتمريّ الأصل، البَلَنْسِيّ، الخطيبُ.
سَمِعَ من: والده، وَأَبِي الحسن بن هُذَيْل، وأبي الْقَاسِم بن حُبَيْش الحَافِظ، وأبي عَبْد اللَّه بن حَمِيد، وجماعة.
وَحَدَّثَ.
قَالَ الْأبَّار: أخذتُ عَنْهُ جُملةً من أَوَّل «المُلَخَّص» [2] . وَتُوُفِّي في شوّال.
ووُلد بعد سنة خمسين بقليل.
وَتُوُفِّي أَبُوه سنة خمس وتسعين وخمسمائة.
181- مُحَمَّد بن يَحْيَى [3] بْن هبة اللَّه بْن فَضْل اللَّه بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد.
أَبُو نصر ابن القاضي أبي الحسن ابن النّخّاس، الوَاسِطِيّ، المُعَدَّل.
وُلِدَ سنة أربعٍ وثلاثين.
وَسَمِعَ بواسط من جَدّه هبة اللَّه بن يحيى ابن البوُقي. وبالبصرة من إمام جامعها إِبْرَاهِيم بن عَطِيَّة، وعَليَّ بن عَبْد اللَّه الواعظ.
وَحَدَّثَ بواسط.
والنَّخَّاس: بخاء معجمة.
182- المبارك بن يَحْيَى [4] بن البيطار.
__________
[1] انظر عن (محمد بن وهب) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 2/ 595، 596، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 387 رقم 1505.
[2] للقابسي.
[3] انظر عن (محمد بن يحيى) في: ذيل الروضتين 99، 100، وفيه: «محمد بن يحيى بن عبد الله بن نصر بن النحاس» ، والوافي بالوفيات 5/ 199 رقم 2257، والبداية والنهاية 13/ 75.
[4] انظر عن (المبارك بن يحيى) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 279 رقم 1487، والمختصر المحتاج إليه 3/ 180 رقم 1162.(44/171)
أَبُو جَعْفَر الدَّبّاس.
سَمِعَ من ابن ناصر، وَحَدَّثَ.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وغيره.
183- مُرْهف بن أُسَامَة [1] بْن مُرشد بْن عَلِيّ بْن مُقَلّد بْن نَصْر بْن مُنْقذ.
الْأمير العالم مُقدَّم الْأمراء، جمال الرؤساء، عضُد الدّولة أَبُو الفوارس ابن الْأمير الكبير الْأديب، مؤيّد الدّولة أَبِي المُظَفَّر، الكنانيّ، الكَلْبيّ، الشَّيْزَريّ، أحد الْأمراء المصريّين.
ولد بشيزر في سنة عشرين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من أبيه.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ المُنْذِريّ، والشِّهَاب القُوصِيّ.
وَكَانَ مُسنًا، مُعمّرًا، شاعرا كوالده. وقد جمع من الكتب شيئا كثيرا. وَكَانَ مليحَ المحاضرة.
تُوُفِّي في ثاني صفر [2] .
184- مَسْعُود بن أَبِي الفضل [3] بن أَبِي الحَسَن بن كامل.
__________
[1] انظر عن (مرهف بن أسامة) في: ذيل الروضتين 93، وخريدة القصر (القسم الشامي) 1/ 571، ومعجم الأدباء 5/ 193 و 235 و 241 و 243- 245، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 360، 361 رقم 1451.
[2] وقال ياقوت: فارقته في جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وستمائة بالقاهرة يحيا، ولقيته بها وهو شيخ ظريف واسع الخلق، شائع الكرم، جمّاعة للكتب، وحضرت داره، واشترى منّي كتبا، وحدّثني أن عنده من الكتب ما لا يعلم مقداره، إلا أنه ذكر لي أنه باع منها أربعة آلاف مجلّد في نكبة لحقته، فلم يؤثر فيها، وسألته عن مولده، فقال: ولدت سنة ستة وعشرين وخمسمائة، فيكون عمره إلى وقتنا هذا اثنتي وسبعين سنة، وكان قد أقعد لا يقدر على الحركة، إلّا أنه صحيح العقل والذهن، والفطنة والبصر، يقرأ الخط الدقيق كقراءة الشّبان، إلّا أنّ سمعه فيه ثقل، وكان ذلك يمنعني من مكاثرته ومذاكرته. وكان السلطان صلاح الدين- رحمه الله- قد أقطعه ضياعا بمصر، فهو يصرفها في مصالحه، وأجراه الملك العادل، أخو صلاح الدين على ذلك، وكان الملك الكامل بن العادل يحترمه ويعرف له حقّه. (معجم الأدباء) .
وقد ذكر العماد بعض شعره في الخريدة، وكذلك ياقوت في معجمه.
[3] انظر عن (مسعود بن أبي الفضل) في: بغية الطلب (المصوّر) 7/ 295 رقم 1754، وذيل(44/172)
الْأديب أَبُو الفَتْح الحلبيّ [1] ، الشَّاعِر المشهور بالنَّقَّاش.
مات بحلب عن أربعٍ وسبعين سنة، في شهر شوال [2] .
من فحول الشعراء، سائر القول، مختصّ بالظّاهر غازي، وهو القائل:
ما لي سوى حُبّكمُ مذهبُ ... ولا إلى غيركُمُ مَذْهَبُ
تذكّرتمُ شملي فيا هَلْ تُرى ... يجمعني يوما بكم مَذْهَبُ؟
وساحَ دمعي في هواكُمْ دما ... وصرت فيكم مثلا يضرب [3]
__________
[ () ] الروضتين 57، 58، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 530، 531.
[1] وقال ابن العديم: إنه يلقّب بالتاج.
[2] ومولده سنة 540 هـ.
[3] وقال أبو شامة: قدم دمشق سنة 609 وأنشد الجماعة قطعا من قصائده منها قصيدة في صاحب بعلبكّ الأمجد بن فرخ شاه:
زار وطرف النجم لم يرقد ... متّزر من حسنه مرتد
أحور يحكي الخال في خدّه ... نقطة يد فوق ورد ند
ويا حسنه من زائر ما بدا ... إلّا وأنسى قمر الأسعد
ويا ضلالي فيه من بعد ما ... يمرأ وجهه أهتدي
فيا لها من ليلة لم يفز ... بمثلها الهادي ولا المهتدي
إذا اجتلى في ليل أصداغه ... من وجهه شمس صباح الغد
وعاذل عنّف فيه ومن ... ينادم البدن ولم يحسد
ظنّ خلاصي في يدي فاعتدى ... وقال يهوى قاتلا لا يدي
فقلت لا ترج سلوى فقد ... خلعت سلواني على عودي
أأهجر العيس لهجري له ... وأخرج الفوز به عن يدي
وأنثني منه إلى هجره ... لا وحياة الملك الأمجد
وقال سبط ابن الجوزي: اجتمعت به في حلب في ذي الحجة سنة 603 فأنشدني مقطّعات من شعره وكتبها لي بخطّه. وهجا مسعودا صاحب شيزر ببيتين هما عين الذّمّ، وسبب ذلك أنه حكى عن نفسه قال: اشتريت من دمشق فاكهة بأربعين درهما. فقصدت شيزر فنزلت بخان في الربض، وأخبر مسعود صاحبها بي، فاستدعاني فدخلت عليه، وقدّمت له الهدية وأنشدته أبياتا غزلا ومديحا، فلما انتهينا أخرج من تحت طرّاحته خمسة دراهم، وقال: أنفق عليك هذه الليلة فطبّاخنا مريض، فنزلت إلى الخان، فلما كان صبيحة ذلك اليوم جاءني أستاذ داره وقال: الأمير يسلّم عليك ويقول لك: كم ثمن الفاكهة والقوسين؟ فقلت: معاذ الله أن أذكر لهما ثمنا، وإنما أهديتهما للأمير، فقال: لا بدّ، فقلت: اشتريتهما من دمشق بثمانين درهما واكتريت لي ولهما بغلا بعشرين درهما، فعاد ومعه مائة درهم، وقال: هو يعتذر إليك وما في الخزانة شيء، فامتنعت من أخذها، وخرجت(44/173)
185- مَعْن [1] ، الْأمير ناصر الدّين.
أَبُو الْجُود ابن الملك العادل طَيّ ابن الوزير أمير الجيوش مُجير السَّعْديّ، المَصْرِيّ.
سَمِعَ من: السِّلَفيّ، وأبي الحَسَن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن المُسَلِّم المعروف بابن بنت أَبِي سَعْد.
وَحَدَّثَ.
تُوُفِّي في صَفَر أَيْضًا.
186- مكّي بن عُثْمَان [2] بن إسْمَاعِيل.
أَبُو الحَرَم ابن الإِمَام أَبِي عَمْرو السَّعْديّ، المصريّ، الشّارعيّ.
ولد سنة ستّ وثلاثين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من: الشريف أَبِي الفتوح الخطيب، وَعَبْد المنعم بن موهوب الواعظ، وَأَبِي عَبْد اللَّه محمد بن إبراهيم ابن الكيزانيّ، وفارس الدّميريّ، وعبد الله بن مُحَمَّد بن فَتْحون الْأنْدَلُسِيّ بمصر، وأبي الطّاهر السّلفيّ بالثّغر.
والمبارك بن عليّ ابن الطَّبَّاخ بمَكَّة.
وَحَدَّثَ بدمشقَ وَمِصْر، رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ المُنْذِريّ، وقبله الزَّكيّ البِرْزَاليّ، وغيرُ واحدٍ.
وفي ذرّيته فضلاء ورواة.
__________
[ () ] من شيزر ولم أبت بها. وقلت:
ما أليق النحس بمسعودكم ... على الورى يا ساكني شيزر
فيا ملوك الأرض همّوا به ... فإنّه والله شيء زري
وقال سبط ابن الجوزي: عهدي بالنقاش في سنة 608 في الحياة وقدم دمشق في سنة 609 وأنشد الجماعة قطعا من قصائده وأفادهم من فرائد فوائده، إلّا أنه كان باطنه كالزناد الوقّاد، وظاهره كالجليد والجماد، ومن رآه نسبه إلى البلاهة وعدم الذكاء وقد شاهدته، وليس الخبر كالعيان. ولم أقف على تاريخ وفاته. (مرآة الزمان) .
[1] انظر عن (معن) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 363 رقم 1455.
[2] انظر عن (مكي بن عثمان) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 362، 363 رقم 1454، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 227، 228.(44/174)
وَتُوُفِّي في صفر أَيْضًا.
[حرف النون]
187- نجيب بن بشارة [1] بن مُحْرز بن رَحْمَة.
أَبُو مُحَمَّد السَّعْديّ، الفاضليّ، المَصْرِيّ، الشَّافِعِيّ، المُقْرِئ.
علّم وُلِدَ القاضي الفاضل، ثُمَّ عَلَّم وُلِدَ الصاحب ابن شُكر.
وَكَانَ شيخا حسنا.
سَمِعَ كتاب «العُنوان» من الشريف أَبِي الفتوح الخطيب.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ المُنْذِريّ، وابنُهُ إِبْرَاهِيم بن نجيب، وجماعةٌ.
وَتُوُفِّي في مُستهلّ جُمَادَى الْأولى.
188- النّفيس بن محبوب [2] بن الحَسَن بن أَحْمَد بن محبوب.
القَزَّاز.
سَمِعَ من جَدّه صاحب طِراد.
وَعَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وغيره.
ومات في رمضان، وقد شاخَ.
[حرف الهاء]
189- هبة اللَّه بْن عَليّ [3] بْن هبة اللَّه بن أَحْمَد بن رَزين.
أَبُو الفَتْح، البَغْدَادِيّ.
سَمِعَ من: أَبِي الوَقْت السِّجْزِي، وابن البَطِّيّ. ولم يروِ.
وتقلَّب في خِدْمة الدّيوان، ووليَ أستاذ داريَّة الخلافة.
ومات في جمادى الآخرة.
__________
[1] انظر عن (نجيب بن بشارة) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 336 رقم 1464.
[2] انظر عن (النفيس بن محبوب) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 383 رقم 1496، والمختصر المحتاج إليه 3/ 216 رقم 1265.
[3] انظر عن (هبة الله بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 367 رقم 1466، والجامع المختصر لابن الساعي 9/ 14، 163، 183، 285، والمختصر المحتاج إليه 3/ 226 رقم 1292.(44/175)
190- هبة اللَّه بن أَبِي المعالي [1] مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَبِي الحَدِيد.
القاضي أَبُو الحسين، الفقيه الشَّافِعِيّ، قاضي المدائن وخطيبها.
ذكر أَنَّهُ سَمِعَ من أَبِي الوَقْت. وَكَانَ يمكنه السّماع من قاضي المرستان، وطبقته.
وَحَدَّثَ بأناشيد.
تُوُفِّي في رمضان.
[حرف الياء]
191- يَحْيَى بن سالم [2] بن مُفَرِّج بن حصينة.
القاضي رضيّ الدّين السُّلَمِيّ، المَصْرِيّ، الشَّاعِر الْأديب، من أعيان الشعراء في الدَّوْلَة الصَّلاحية.
تُوُفِّي وَلَهُ إحدى وسبعون سنة.
رَوَى عَنْهُ من شِعره: الزَّكيّ المُنْذِريّ، والشِّهَاب القُوصِيّ.
تُوُفِّي في الحادي والعشرين من شعبان.
192- يَحْيَى ابن الشريف النّقيب أَبِي طَالِب مُحَمَّد [3] بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْنِ عَليّ بْنِ أَبِي زيد.
السَّيِّد النقيب أَبُو جَعْفَر العلويّ، الحسَنِيّ، البَصْرِيّ، الشَّاعِر.
سَمِعَ من أبيه، وَحَدَّثَ.
وعاش بضعا وستّين سنة.
__________
[1] انظر عن (هبة الله بن أبي المعالي) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 382 رقم 1494، والمختصر المحتاج إليه 3/ 227 رقم 1296.
[2] انظر عن (يحيى بن سالم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 378 رقم 1484.
[3] انظر عن (يحيى بن محمد) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 581، وذيل الروضتين 100، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 379 رقم 1488، وعقود الجمان لابن الشعار (مخطوط 2330) ورقة 23، والتاريخ الفخري 324، والمختصر المحتاج إليه 3/ 249 رقم 1359، والبداية والنهاية 13/ 74، وعقد الجمان 17/ ورقة 359.(44/176)
وَكَانَ [1] ذا معرفة بالنَّسب، والْأدب، وأيام العرب. وَلَهُ شِعر رائق.
تُوُفِّي في رمضان.
رَوَى شِعرًا.
193- يَحْيَى بن موسى [2] بن عوض العَلياتيّ [3] .
المَصْرِيّ، الخبّاز.
أديبٌ مشهور، جيّد الشِعر.
تُوُفِّي في شوّال.
ذكره الحَافِظ عَبْد العظيم [4] ، وَقَالَ: حضر معنا عند بعض شيوخنا.
194- يوسف بن المبارك [5] بن أَبِي السَّعَادَات المبارك بن عُبَيْد اللَّه.
أَبُو البركات الْأزجيّ، البيِّع المُحتسب.
وُلِدَ سنة خمسين وخمسمائة.
وسمع من: أبي محمد ابن المادح، وأبي المعالي ابن اللحّاس، وابن البَطِّيّ، وَحَدَّثَ.
ومات في ربيع الآخر.
[الكنى]
195- أَبُو شاكر.
هُوَ الحكيم الموفّق المَصْرِيّ، الطّبيب ابن الطّبيب أَبِي سُلَيْمَان دَاوُد بن أبي المنى.
__________
[1] في الأصل: «وكانت» وهو سهو أو سبق قلم.
[2] انظر عن (يحيى بن موسى) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 383 رقم 1497، والنجوم الزاهرة 6/ 219، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 219.
[3] هكذا بالتاء ثالث الحروف. وفي تكملة المنذري 2/ 383 «العلياثي» بالثاء المثلّثة.
[4] في التكملة.
[5] انظر عن (يوسف بن المبارك) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 365، 366 رقم 1462، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 626، والمختصر المحتاج إليه 3/ 236 رقم 1328.(44/177)
كَانَ نصرانيّا، بارعا في الطّبّ والعلاج، مُتَميّزًا، مكينا في الدَّوْلَة.
قرأ عَلَى أخيه المُهَذّب أَبِي سَعِيد طبيب العادل والمُعَظَّم. ومَهَر في الصّناعة، وخَدَمَ الملك الكامل، ونال من جهته دُنيا واسعة، وإكراما زائدا.
وَلَهُ أخوان آخران طبيبان.
وفيها وُلِدَ
الجمال مُحَمَّد بن عُمَر الدِّينَوَري، خطيب كَفْربَطْنا.
والزّاهد عَبْد الدائم بن أَحْمَد بن عَبْد الدائم.
والعماد مُحَمَّد بن أحمد بن الفخر ابن الشَّيرجيّ.
وقاضي الإسكندرية أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن عَليّ الْأبياري.
وَإسْمَاعِيل بن عَبْد المنعم ابن الخَيمي، خطيب القَرَافة.
والمحيي يَحْيَى بن أَحْمَد بن مُحَمَّد بن تَميم.
والشِّهَاب أَحْمَد بن محمد بن عيسى ابن الخَرَزِيّ [1] .
وشيوخنا السّتَّة: الحَافِظ عَبْد المؤمن الدِّمْيَاطِيّ، في آخرها.
والشَّرَف عُمَر بن خواجا إمام.
والزّاهد عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ المُلَقّن.
والبهاء عليّ بن عيسى ابن القيّم الكاتب.
والضّياء عيسى بن يَحْيَى السَّبتيّ، المحدّث.
والقمر مُحَمَّد بن بلغزا بَعْلَبَكِّيّ.
ومجد الدّين إسْمَاعِيل بن كُسَيرات، بالمَوْصِل.
وشمس الدّين مُحَمَّد بن مُظَفَّر بن سَعِيد المَصْرِيّ.
والنّجم أحمد ابن شهاب الدّين القوصي بمنية ابن ولد.
__________
[1] الخرزي: بفتح الخاء المعجمة والراء المهملة وبعدها زاي (المشتبه 1/ 156) ، توضيح المشتبه 2/ 322.(44/178)
سنة أربع عشرة وستّمائة
[حرف الْألف]
196- أَحْمَد بن صدقة [1] بن عَليّ بن كليزَا [2] .
أَبُو بَكْر الوَاسِطِيّ، المُقْرِئ، الغَرّافيّ [3] ، الخيّاط.
ولد قبل الثلاثين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عليّ الجلّابيّ قِطعةً من «مُسْنَد» أَحْمَد بن سِنان القَطَّان، وَحَدَّثَ بها ببَغْدَاد.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، وغيرهما.
وَتُوُفِّي في صفر.
197- أَحْمَد بن أَبِي الفضائل عَبْد المُنعم [4] بن أَبِي البركات مُحَمَّد بن طاهر بن سَعِيد ابن الشَّيْخ أَبِي سَعِيد فضل اللَّه بن سَعِيد بن أَبِي الخَيْر.
المِيهَنِيّ الْأصل، البَغْدَادِيّ، أَبُو الفضل.
سَمِعَ من: أَبِيهِ، وَأَبِي عَليّ أَحْمَد بن محمد الرّحبيّ، وشهدة الكاتبة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن صدقة) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 187، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 393 رقم 1521، والمختصر المحتاج إليه 1/ 185، والوافي بالوفيات 6/ 425 رقم 944.
[2] كليزا: قيّده الصفدي بالحروف، فقال: «بالكاف واللام والياء آخر الحروف والزّاي والألف» الوافي 6/ 425.
[3] الغرّافي: بالغين المعجمة وبعد الألف فاء. نسبة إلى الغرّاف، وهي بلدة مشهورة في جنوب العراق.
[4] انظر عن (أحمد بن أبي الفضائل) في: الكامل في التاريخ 12/ 332، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 196، 197، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 586، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 405 رقم 1546، وذيل الروضتين 103، والوافي بالوفيات 7/ 157 رقم 3082، وعقد الجمان 17/ ورقة 371، والعسجد المسبوك 2/ 358، 359.(44/179)
ووليَ خدمة الصُّوفِيَّة برباط الخليفة. وَهُوَ من بيت كبير في التّصوّف، والرواية، والخير [1] .
تُوُفِّي في رجب.
قَالَ ابن النَّجَّار: وكتبت عنه عَلَى كِبرٍ وحُمْق فيه، وسوء عقيدة.
198- أَحْمَد بن مُحَمَّد بْن عُمَر [2] بْن مُحَمَّد بْن واجب بْن عُمَر بْن واجب.
الإِمَام أَبُو الخطّاب بن واجب، القَيْسِيّ، الْأنْدَلُسِيّ، البَلَنْسِيّ.
وُلِدَ سنة سبع [3] وثلاثين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من جَدّه أَبِي حفص، وأكثر عن: ابن هُذَيْل، وَأَبِي الحَسَن عَليّ بْن النِّعمة، وَأَبِي عَبْد اللَّه بْن سعادة، وأَبِي عَبْد الله بن عبد الرحيم بن الفَرَس، وَأَبِي بكر عبد الرحمن بن أحمد بن أبي ليلى. وَسَمِعَ بأشبُونة [4] من أَبِي مروان عَبْد الرَّحْمَن بْن قزمان، وبقرطبة من أَبِي القاسم بن بَشْكُوال، وبإشبيليّة من أَبِي الحَسَن عَليّ بن أَحْمَد الزُّهْرِيّ، وَإِبْرَاهِيم بن خلف بن فَرْقَد، وَمُحَمَّد بن أَحْمَد بن مُحْرز الْأديب، وأكثَر عن أبي محمد بن خير. وأخَذَ عن أَبِي عَبْد اللَّه بن زَرْقون كتاب «التّقصّي» لابن عَبْد البرّ.
وأعلى شيوخه ابن قزمان، فإنّه من أصحاب أبي عليّ الغسّانيّ، ومحمد ابن الطّلّاع.
وقد أجاز لأبي الخطّاب: القاضي أبو بكر محمد ابن العربيّ، وأبو الوليد يوسف ابن الدّبّاغ، وجماعة، والسّلفيّ.
__________
[1] التكملة للمنذري 2/ 405.
[2] انظر عن (أحمد بن محمد بن عمر) في: تكملة الصلة لابن الأبار 106- 108، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 403 رقم 1543، وبرنامج شيوخ الرعينيّ 47- 49، والمرقبة العليا 116، والذيل والتكملة على كتابي الموصول والصلة 2/ 471، 473 رقم 713، والعبر 5/ 49، والإشارة إلى وفيات الأعلام 321، وسير أعلام النبلاء 22/ 44، 45 رقم 31، والديباج المذهب 56، وشذرات الذهب 5/ 57، والإعلام بمن حلّ بمراكش وأغمات من الأعلام 1/ 347.
[3] في حاشية الأصل بخط المؤلف: «تسع» . والمثبت عن تكملة ابن الأبار، وتكملة المنذري، والذيل والتكملة للمراكشي، والديباج، وغيره.
[4] ووقع في تكملة الصلة: «أشونة» وهو تصحيف.(44/180)
قرأت في فهرسته وخطّه عليه: قرأت التّفسير، وتلوت بما فيه سوى «الإدغام الكبير» لأبي عمرو، على ابن هذيل، وقرأت عليه «إيجاز [1] البيان» ، و «التّلخيص» [2] ، و «المحتوى» [3] ، وسمّى عِدَّة كُتب في القراءات للدّانيّ، قَالَ:
وَسَمِعْتُ عَلَيْهِ كتاب «جامع البيان» [4] وكتاب «الطّبقات» [5] وغير ذَلِكَ، وَكَانَ يمتنع من الإقراء «بالإدغام الكبير» وقت تلاوتي عَلَيْهِ.
قَالَ الْأبَّار [6] : هُوَ حامل راية الرواية بشرق الْأنْدَلُس. حصَّلَ علم العربيّة عَلَى ابن النّعمة. ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ متقنا، ضابطا، متقلّلا من الدُّنْيَا، عالي الإسناد، ورعا، قانتا، تعلوه الخَشْية للمواعظ، مَعَ عناية كاملة بصناعة الحديث، وتبصُّرٍ بِهِ، وذكرٍ لرجاله، ومحافظةٍ عَلَى نشره، وكانت الرّحلة إِلَيْهِ. وليَ القضاء ببَلَنْسِية، وشاطبة غير مرَّة. وجَمَعَ من كتب الحديث والْأجزاء شيئا كثيرا. ورُزقت منه قبولا، وبه اختصاصا، فمعظم روايتي عَنْهُ قديما، وَتُوُفِّي بمرّاكُش في رحلته إليها لاستدرار جارٍ لَهُ من بيت المال انقطع، فتوفّي في سادس رجب، رحمه اللَّه [7] .
قُلْتُ: أكثر عَنْهُ ابن مشليون، وابن جوبر، وابن عُمَيرة المَخْزُومِيّ، وابن مسْدي الحَافِظ، وغيرُهم.
199- إِبْرَاهِيم بن دُلف [8] بن أَبِي العزّ البغداديّ البوّاب.
__________
[1] تحرّف في غاية النهاية إلى: «إيجاد» . والكتاب في قراءة ورش.
[2] التلخيص في قراءة ورش أيضا.
[3] هو كتاب «المحتوى في القراءات الشواذ» .
[4] للداني أيضا، وهو في القراءات السبع.
[5] للداني أيضا.
[6] في التكملة 1/ 206.
[7] وقال ابن عبد الملك الأنصاري: وكان وجيه البيتة ببلده، شهير البيتة في أهلها نبيه القدر، فاضلا، كامل الاستقلال بعلم الحديث، حافظا، له متسع الرواية، ثقة عدلا ضابطا، نبيل الخط حريصا على الإفادة والاستفادة، وافر الحظ من علم العربية والأدب والتاريخ والنسب مع الدين المتين.
استقضي بشاطبة وكان بها قاضيا في محرم سبع وتسعون وخمسمائة، وببلنسية مرتين أولاهما بتقديم المنصور أبي يوسف وآخرهما من قبل ابنه الناصر أبي عبد الله، فحمدت فيهما سيرته، وعرف بالعدالة والذكاء وإعداء المظلوم على الظالم، وردع المفسدين وإقامة الحق والصدع به.
[8] انظر عن (إبراهيم بن دلف) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 259، والتكملة لوفيات(44/181)
روى عن: أبي الفتح بن أبي البَطِّيّ، وغيره.
ومات في صفر.
200- إِبْرَاهِيم ابن الشَّيْخ البهاء عَبْد الرَّحْمَن [1] بن إِبْرَاهِيم المَقْدِسِيّ، الحَنْبَلِيّ.
الفقيه، أَبُو إِسْحَاق.
وُلِدَ سنة إحدى وسبعين وخمسمائة.
وحَصَّل طَرَفًا صالحا من الفقه والفرائض والنَّحْو. وَقَالَ الشِّعر. وتزوّجَ، ووُلِد لَهُ.
وَتُوُفِّي بحمص عن ثلاثٍ وعشرين سنة، وفُجع بِهِ أَبُوه.
وَهُوَ ابن أخت الحَافِظ الضِّيَاء.
201- إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الواحد [2] بْن عَليّ بْن سرور.
الشَّيْخ العِماد المَقْدِسِيّ، الحَنْبَلِيّ، الزّاهد، القدوة، أَبُو إِسْحَاق- رَضِيَ اللَّه عَنْهُ- أخو الحَافِظ عَبْد الغنيّ.
ولد بجمّاعيل في سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة، فهو أصغر من الحافظ بسنتين.
وهاجر إلى دمشق في سنة إحدى وخمسين، والبلاد حينئذٍ للفرنج- لعنهم اللَّه- فيمن هاجر من المقادسة.
__________
[ () ] النقلة 2/ 394 رقم 1523، والمختصر المحتاج إليه 1/ 130.
[1] لم تذكره الكتب المختصة بطبقات وتراجم الحنابلة، فهو ممن يستدرك عليها.
[2] انظر عن (إبراهيم بن عبد الواحد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 261، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 586- 592، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 413، 414 رقم 1564، وذيل الروضتين 104- 108، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 937، والإشارة إلى وفيات الأعلام 321، والإعلام بوفيات الأعلام 252، والعبر 5/ 49، 50، وسير أعلام النبلاء 22/ 47- 52 رقم 33، والمختصر المحتاج إليه 1/ 231، ومرآة الجنان 4/ 29، والوافي بالوفيات 6/ 49 رقم 2489، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 93- 106 رقم 255، والبداية والنهاية 13/ 77، وعقد الجمان 17/ ورقة 371، 372، والنجوم الزاهرة 6/ 220، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 223، والمنهج الأحمد 343، والمقصد الأرشد رقم 219، والدرّ المنضد 1/ 339 رقم 969، وشذرات الذهب 5/ 53- 60 والتاج المكلّل 225- 227.(44/182)
وَسَمِعَ من: أَبِي المكارم عَبْد الواحد بن هلال، وأبي تميم سلمان بن علي الرحبي، وَأَبِي نصر عَبْد الرَّحِيم بن يوسف البَغْدَادِيّ، وأبي المعالي بن صابر، وجماعة. وببغداد: صالح بن المبارك بن الرِّخْلَة [1] ، وَأَبِي مُحَمَّد ابن الخَشَّاب النَّحْوِيّ، وَعَبْد اللَّه بْن عَبْد الصَّمَد السُّلَمِيّ، وشُهدة الكاتبة، وَأَبِي الحُسَيْن عَبْد الحقّ اليُوسُفيّ، وجماعة. وبالموصل من أَبِي الفضل عَبْد اللَّه بن أَحْمَد الخطيب.
رَوَى عَنْهُ: الضِّيَاء المَقْدِسِيّ، وابنُ خليل، والبِرْزَاليّ، وَالقُوصِيّ، وَالزَّكيّ المُنْذِريّ، وابنُ عَبْد الدّائم، وَالشَّيْخ شمس الدّين عَبْد الرَّحْمَن، وابنه الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد، والفخر ابن البخاريّ، والشمس ابن الكمال، والتّاج عَبْد الوَهَّاب ابن زين الْأمناء، وآخرون.
قَالَ الضِّيَاء: كَانَ لَيْسَ بالآدَم [2] كثيرا، ولا بالطّويل، ولا بالقصير، واسع الْجَبْهة، مفروق الحاجبين، أشْهل العينين، فيهما اتّساع، قائم الْأنف، يجزُّ شَعره من عند أذنيه، وَكَانَ في بصره ضَعف. سافر إلى بَغْدَاد مرَّتين: الْأولى في سنة سبع وستّين صُحبة الموفَّق، بعد أنْ حفِظَ القرآن، وغيره، وَقِيلَ: إِنَّهُ حفظ «الغريب» للعُزَيريّ [3] ، وحفظ «الخِرَقيّ» ، وألقى الدّروس من تفسير القرآن، ومن «الهداية» . واشتغل بالخِلاف عَلَى ناصح الإِسْلَام ابن المنِّي، وقد شاهدتُهُ يُناظر غير مرّة. وسافر سنة إحدى وثمانين في صُحبة ابن أخيه العزّ ابن الحَافِظ.
وَكَانَ عالما بالقراءات، والنَّحْو، والفرائض. وقرأ القراءات عَلَى أَبِي الحَسَن عَليّ بْن عساكر البَطَائِحيّ، وأقرأ بها. وصنّف الفروق في المسائل الفقهية، وصنّف كتابا في الْأحكام لم يتمَّه.
__________
[1] الرّخلة: بالخاء المعجمة.
[2] الآدم: الأسمر.
[3] بالعين المهملة وزاي ثم ياء آخر الحروف وبعدها راء مهملة ثم ياء النسبة، وقال المؤلف في «المشتبه» (ص: 459) : العزيزي: غريب القرآن المختصر، هكذا قد سار في الآفاق، وصوابه:
العزيري- زاي ثم راء بلا شك. وانظر: توضيح المشتبه 6/ 270، 271 فقد نقل أقوال العلماء في ذلك، واسمه «محمد بن عزير السجستاني» .(44/183)
وَكَانَ من كثرة اشتغاله وأشغاله لَا يتفرّغ للتّصنيف، وَكَانَ لَا يكاد يفتر من الإشغال إمّا بإقراء القرآن، أَو الْأحاديث، أَوْ بإقراء الفقه، والفرائض. وأقام بحَرَّان مُدَّة، فانتفعوا بِهِ. وَكَانَ يشغل بالجبل إِذَا كَانَ الإِمَام موفّق الدّين في المدينة، فَإِذَا صعِد الموفّق نزل هُوَ، فأشغل في المدينة.
وَسَمِعْتُ الموفّق يَقُولُ: ما نقدر نعمل مثل العماد. كَانَ يتألّف النَّاس ويُقرّبهم، حَتَّى أَنَّهُ ربّما كرَّرَ عَلَى إِنْسَان كلمات يسيرة من سَحَرٍ إلى الفجر.
قَالَ الضِّيَاء: وَكَانَ يكون في جامع دمشق من الفجر إلى العشاء لَا يخرج إِلَّا لِما لَا بُدَّ لَهُ منه، يقرئ النَّاس القرآن، والعلم، فَإِذَا لم يتّفق لَهُ من يشتغل عَلَيْهِ، اشتغل بالصّلاة.
فسألت [1] مُوَفَّق الدّين عَنْهُ، فَقَالَ: كَانَ من خيار أصحابنا، وأعظمهم نفعا، وأشدّهم ورعا، وأكثرهم صبرا عَلَى تعليم القرآن، والفقه. وَكَانَ داعية إلى السُّنة وتعلُّم العلم والدّين. وأقام بدمشق مُدَّة يعلّم الفُقراء ويطعمهم، ويبذل لهم نفسه، ويتواضع لهم. وَكَانَ من أكثر النَّاس تواضعا واحتقارا بنفسه، وخوْفًا من اللَّه، وما أعلم أنّني رَأَيْت أشدّ خوفا منه. وَكَانَ كثير الدُّعاء والسؤال للَّه، وَكَانَ يطيل الرُّكوع والسجود بقصد أن يقتدي بِصَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يقبل من أحد يعذله في ذَلِكَ. ونُقِلت لَهُ كرامات كثيرة. هَذَا كتبه بخطّه مُوَفَّق الدّين.
قَالَ الضِّيَاءُ: وَلَمْ أَرَ أَحَدًا أَحْسَنَ صَلَاةً مِنْهُ، وَلَا أَتَمَّ منها بخشوع وخضوع، وحسن قيام وقعود، قيل: إِنَّهُ كَانَ يُسَبِّحُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ عَشْرًا، يَتَأَنَّى فِي ذَلِكَ، وَرُبَّمَا كَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلّمَ قَدْ أَمَرَ بِالتَّخْفِيفِ، وَقَالَ: «أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذٌ؟!» [2] فَلَا يَرْجِعُ، وَيُسْتَدَلُّ عَلَيْهِمْ بِأَحَادِيثَ مِنْهَا: أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكُونُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى حَتَّى يَمْضِي أَحَدُنَا إِلَى الْبَقِيعِ وَيَقْضِي حَاجَتَهُ وَيَأْتِي، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسلم لم
__________
[1] الكلام للضياء.
[2] أخرجه البخاري 701 و 705 و 6106، ومسلم 465، والشافعيّ 303، وأحمد 3/ 299 و 300 و 308 و 369، والدارميّ 1/ 297، وأبو داود 790، والنسائي 2/ 97 و 98 و 102 و 103، وابن ماجة 986، والبغوي 599 من حديث جابر.(44/184)
يَرْكَعْ [1] . وَرُبَّمَا رَوَى أَنَّ أَنَسًا قَالَ: لَمْ أر أحدا أَشْبَهَ صَلاةً بِرَسُولِ اللَّهِ مِنْ هَذَا الْفَتَى، يَعْنِي: عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَالَ: فَحَزَرْنَا فِي سُجُودِهِ عَشْرَ تَسْبِيحَاتٍ [2] .
وَرَوَى ثابت أَنَّ أنسا قَالَ: أَلَا أصلّي بكم صلاة رَسُول اللَّه؟ قَالَ ثابت، وَكَانَ يصنع شيئا لَا أراكم تصْنعونه، كَانَ إِذَا رفع رأسه من الركوع، انتصب قائما حَتَّى يَقُولُ القائل: قد نُسَيّ [3] .
وأمّا صلاته، فَكَانَ يقضي صلوات، فربّما قضى في اليوم واللّيلة صلوات أيّام عديدة. وسمعت الإمام عبد المحسن بن عبد الكريم المَصْرِيّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّيْخ العماد يَقُولُ: فاتتني صلاة العَصْر قبل أن أبلغ وقد أعدتها مائة مرة، وأنا أريد أن أعيدها أَيْضًا.
وأمّا صيامه فَكَانَ يصوم يوما ويفطر يوما.
وَكَانَ كَثِيرَ الدُّعَاءِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، إِذَا دَعَا كَانَ الْقَلْبُ يَشْهَدُ بِإِجَابَةِ دُعَائِهِ مِنْ كَثْرَةِ ابْتِهَالِهِ وَإِخْلَاصِهِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ اللَّهِ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ [4] . وَكَانَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ يَمْضِي إِلَى مَقَابِرِ الشُّهَدَاءِ بِبَابِ الصَّغِيرِ، فَيَدْعُو وَيَجْتَهِدُ لَهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ إِلَى قُرْبِ الْعَصْرِ، لَا يَكَادُ يَفُوتُهُ ذَلِكَ، لِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ اسْتُجِيبَ لَهُ، قَالَ جَابِرٌ: فَمَا أَصَابَنِي أَمْرٌ غَائِظٌ، فَتَوَخَّيْتُ ذَلِكَ الوقت، فدعوت إلّا رجوت الإجابة.
__________
[1] أخرجه من حديث أبي سعيد الخدريّ: مسلم 454، 161 و 162، والنسائي 2/ 164، وابن ماجة 825، وأحمد 3/ 35.
[2] أخرجه النسائي في الإفتتاح 2/ 166- 167 و 224، 225، وأبو يعلي 3669، وأحمد 3/ 162، 163، وأبو داود 888، والبيهقي 2/ 110، وهو حديث صحيح.
[3] أخرجه البخاري 800 و 821، ومسلم 482، وأحمد 3/ 197 و 226.
[4] الحديث موضوع. أخرجه ابن عدي في «الكامل» 7/ 2621، والعقيلي في «الضعفاء» 4/ 452 من طريق بقية، حدثنا يوسف بن السفر، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائشة.
ويوسف بن السفر الدمشقيّ كاتب الأوزاعي: قال النسائي فيه: ليس بثقة، وقال الدار الدّارَقُطْنيّ:
متروك يكذب، وقال ابن عديّ: روى بواطيل، وقال أبو زرعة وغيره: متروك. وانظر: بذل المساعي في جمع ما رواه الإمام الأوزاعي، جمعه ورتبه خضر محمود شيخو، بمراجعتي وتقديمي، طبعة دار البشائر الإسلامية، بيروت 1414 هـ/ 1993 م- ص 526 رقم 752- 51.(44/185)
قَالَ: وَكَانَ يُفتح عَلَيْهِ من الْأدعية شيء ما سَمِعْتُهُ من غيره قطّ، وجرى بيننا ذكر إجابة الدّعاء، فَقَالَ: ما رَأَيْت مثل هَذَا الدّعاء، أَوْ قَالَ: أسرع إجابة: «يا اللَّه يا اللَّه أَنْتَ اللَّه، بلى، واللَّه أَنْتَ، لَا إله إِلَّا أَنْتَ، اللَّه اللَّه اللَّه اللَّه إِنَّهُ لَا إله إِلَّا اللَّه» .
ومن دعائه المشهور: «اللَّهمّ اغفر لأقسانا قلبا، وأكبرنا ذنبا، وأثقلنا ظهرا، وأعظمنا جُرمًا، وأقلّنا حياء منك، ووفاء بعهدك، وأكثرنا تخليطا وتفريطا، وتقصيرا، وتعثيرا، وتسويفا، وطول أمل مَعَ قُرب أجل، وسوء عمل» . وَكَانَ يدعو: «يا دليل الحيارى دلّنا عَلَى طريق الصَّادقين، واجعلنا من عبادك الصَّالحين، واجذبنا إليك جَذْبة حَتَّى نموتَ عليها، وأصلح ما بيننا وبينك، ولا تمقُتنا، وإن كُنْت مقتَّنا، فاغفر لنا، ولا تُسقطنا من عينك، يا كريم» .
ومن ورعه، كَانَ إذا أفتى في مسألة يحترز فيها احترازا كثيرا. وَسَمِعْتُ عن بعض الشَّافِعِيَّة أَنَّهُ كَانَ يتعجّب من فتاويه ومن كثرة احترازه فيها. وَكَانَ إِذَا أخذ من لحيته شَعرةً، أَوْ بري قلما، احتفظ بذلك، ولا يدعه في المسجد ويُخرجه.
سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّزَّاق بْن هبة اللَّه قَالَ: سَمِعْتُ الشَّيْخ عَبْد اللَّه البطائحيّ يَقُولُ: أشكلت عَليّ مسألة في الوَرَع، فما وجدت من أفتاني فيها إِلَّا العِماد.
وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ إِذَا دخل الخلاء فنَسِيَ أن يُسَمّي، خرج فسمّى ثُمَّ دخل.
وأمّا زُهده، فما أعلم أَنَّهُ قطّ أدخل نفسه في شيء من أمر الدُّنْيَا، ولا تعرَّض لها، ولا نافس فيها. وقد كَانَ يُفْتح لأصحابنا بعض الْأوقات بشيء فما أعلم أَنَّهُ حضر يوما قطُّ عندهم في شيء من ذَلِكَ، وما علمتُ أَنَّهُ دخل إلى عند سلطان ولا والٍ، ولا تعرّف بأحدٍ منهم، ولا كانت لَهُ رغبة في ذَلِكَ.
وَكَانَ قويّا في أمر اللَّه، ضعيفا في بَدَنِهِ، لَا تأخذه في اللَّه لومة لائم.
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لرجل: كيف وَلَدك؟ قَالَ: يُقبّل يدك. فَقَالَ: لَا تكذب! وَكَانَ كثير الْأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر. لَا يرى أحدا يسيء صلاته إِلَّا قَالَ لَهُ وعلّمَهُ. وبلغني أَنَّهُ خرج مرَّةً إلى فُسّاق، فكسر ما معهم، فضربوه، ونالوا منه، حَتَّى غُشي عَلَيْهِ، فأراد الوالي ضربهم، فَقَالَ: إن تابوا ولِزموا الصَّلَاة فلا تؤذهم، وهم في حِلٍّ. فتابوا، ورجعوا عمّا كانوا عَلَيْهِ.(44/186)
سَمِعْتُ شيخنا مُوَفَّق الدّين قَالَ: من عُمري أعرفه- يعني العماد- وَكَانَ بيتنا قريبا من بيتهم- يعني في أرض القدس- ولمّا جئنا إلى هنا فما افترقنا إِلَّا أن يسافر، ما عرفت أَنَّهُ عصى اللَّه معصية.
سَمِعْتُ والدي يَقُولُ: أَنَا أعرف العماد من صغره، وما أعرف لَهُ صَبْوةً ولا جهلة.
وذكر شيخنا أو مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن بن عيسى البزوريّ الواعظُ [1] شيخَنَا عمادَ الدّين في طبقات أصحاب ابن المنِّي، فَقَالَ: فقهَ، وبرعَ، وكملَ، وجمعَ بين العلم والعمل، أحد الورعين الزُّهاد، وصاحبُ ليلٍ واجتهاد، متواضعٌ، صَلِفٌ، ظريفٌ. قرأ القرآن بالقراءات، وَلَهُ المعرفة الحسنة بالحديث، مَعَ كثرة السَّماع، واليد الباسطة في الفرائض، والنَّحْو، إلى غير ذَلِكَ من الفضائل، لَهُ الخطُّ المليح المشرق بنور التّقوى.
ولَيْسَ للَّه بمُسْتَنكَرٍ ... أنْ يجمعَ العالم في واحِدِ
هَذَا مَعَ طيب الْأخلاق، وحُسن العشرة، فما ذاق فم المودَّة أعذب من أخلاقه، فسبحان من صبّرني عَلَى فراقه.
سَمِعْتُ الإِمَام أَبَا إِبْرَاهِيم محاسن بن عَبْد الملك التَّنُوخِيّ يَقُولُ: كَانَ الشَّيْخ العماد جوهرة العَصْر.
قَالَ الضِّيَاء: أعرف وَأَنَا صغير أَنَّ جميعَ مَنْ كَانَ في الجبل يتعلَّم القرآن كَانَ يقرأ عَلَيْهِ، وخَتَّمَ جماعة من أصحابنا، وَكَانَ لَهُ صبر عظيم عَلَى من يقرأ عَلَيْهِ.
سَمِعْتُ بعضهم يَقُولُ: إِنَّ مَنْ قرأ عَلَى الشَّيْخ العِماد لَا ينسى الختمة أبدا. وَكَانَ يتألّف النَّاس، ويلطُف بالغُرباء والمساكين، حَتَّى صار من تلاميذه جماعةٌ من الْأكراد والعرب والعجم، وكان يتفقّدهم ويطعمهم ما أمكنه. ولقد صحبه جماعةٌ من أنواع المذاهب، فرجعوا عن مذاهبهم لِما شاهدوا منه. وكان سخيّا جوادا،
__________
[1] تقدمت ترجمته في الطبقة السابقة في وفيات سنة 604 هـ. وهو من شيوخ الضياء صاحب الكلام هنا.(44/187)
بيته مأوى النَّاس، وَكَانَ ينصرف كلّ ليلة إلى بيته من الفقراء جماعة كبيرة. وَكَانَ يتفقّد النَّاس ويسألُ عن أحوالهم كثيرا، ويلقاهم بالبشر الدّائم. وَكَانَ من إكرامه لأصحابه يظنّ كلُّ أحدٍ أَنَّ ما عنده مثله، من كثرة ما يُكرمه، ويأخذ بقلبه. وَكَانَ يبعث بالنّفقة سرّا إلى النَّاس، فعل ذَلِكَ كثيرا.
سَمِعْتُ [1] أَبَا مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن حسن بن مُحَمَّد الهَكّارِيّ المُقْرِئ بحَرّان يَقُولُ: رأيتُ في النّوم قائلا يَقُولُ لي: العماد- يعني إِبْرَاهِيم بن عَبْد الواحد- من الْأبدال. فرأيته خمس ليالٍ كذلك.
قَالَ الضِّيَاء: وقد سَمِعْتُ خلْقًا من النَّاس يمدحونه بالصّلاح، والزّهد، والورع، ولا يشكُّون أَنَّهُ من أولياء اللَّه وخاصّته، ومن الدّاعين إلى محبّته وطاعته.
سَمِعْتُ الزّاهد أَحْمَد بْن سلامة بْن أَحْمَد بْن سَلْمان الحَرَّانيّ، حَدَّثَنِي الشَّيْخ خليفة بن شُقير الحَرَّانيّ- وَكَانَ من أعبد أهل زمانه، كَانَ يصلّي من بُكرة إلى العَصْر، وَكَانَ يقوم طول اللّيل- قَالَ: مضيت مرَّةً إلى زيارة القدس عَلَى رِجليَّ، فوصلت وَأَنَا جائع، فنمت، فَإِذَا رجل يوقظني، فَإِذَا رجل ومعه طبيخ، فَقَالَ:
اقعد كل! فَقُلْتُ: كيف آكل، وَأَنَا لَا أعلم من أَيْنَ هُوَ؟ فَقَالَ: هُوَ حلال، وما عملته إِلَّا لأجلك. فأكلتُ، ثُمَّ جاءني مرَّةً ثانية فَقَالَ: جاءني أربعة رجال فقالوا:
جزاك اللَّه خيرا، حيث أوصلت المعروف إلى أهله، أَوْ ما هَذَا معناه. فَقُلْتُ: ومن أنتم؟ قَالُوا: نَحْنُ أقطاب الْأرض، فَقُلْتُ: فمن سيِّدكم؟ قَالُوا: الشَّيْخ العماد المَقْدِسِيّ.
حَدَّثَنِي أَبُو الربيع سُلَيْمَان بن إِبْرَاهِيم بن رحمة، قَالَ: كُنْت عند الشَّيْخ العماد في المسجد، فَكَانَ يوم يُفتح لي بشيء لَا يطعمني شيئا، ويوم لَا يُفتح لي بشيء، يرسل إليَّ بشيء. وَقَالَ: جرى لي هَذَا كثيرا.
وَسَمِعْتُ أبا موسى عبد الله ابن الحَافِظ عَبْد الغنيّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مكيّ الشّاغوريّ المؤذّن، قَالَ: كُنْت يوما أمشي خلف العِماد في سوق الكبير، فإذا
__________
[1] الكلام للحافظ الضياء أيضا.(44/188)
صوت طنبور، فَلَمَّا وصلنا إلى عند صاحبه، قَالَ الشَّيْخ: لَا حول ولا قوة إِلَّا باللَّه، ونفض كُمّه، فرأيت صاحب الطّنبور قد وقع وانكسر الطّنبور، فَقِيلَ لصاحبه: أيش بك أيش جرى عليك؟ فَقَالَ: ما أدري.
سَمِعْتُ عَبَّاس بن عَبْد الدّائم الكَتّاني يَقُولُ: كُنْت يوما مَعَ العماد في مقابر الشُّهداء، فرجعنا وَأَنَا خلفه، فَقُلْتُ في نفسي: اللَّهمّ إنّي أحبّه فيك، فاجعلني رفيقه في الجنَّة. قَالَ: فالتفتَ إليَّ وَقَالَ: إِذَا لم تكن المحبَّة للَّه فما تنفع شيئا، أَوْ كما قَالَ.
تُوُفِّي العماد- رحمة اللَّه عَلَيْهِ- عشاء الآخرة ليلة الخميس السادس عشر من ذي القِعْدَة، وَكَانَ صلّى تِلْكَ اللّيلة المغرب بالجامع، ثُمَّ مضى إلى البيت، وَكَانَ صائما، فأفطر عَلَى شيءٍ يسير. وَلَمَّا أُخرجت جنازته اجتمع خلْقٌ، فما رأيت الجامع إلّا كأنه يوم الْجُمُعة من كثرة الخلق، وصلّى عليه شيخُنا مُوَفَّق الدّين.
وكان المعتمد يطرد النَّاسَ عَنْه، وإلّا كانوا من كثرة من يتبرّك بِهِ يخرقون الكفن، وازدحموا حَتَّى كادَ بعض النَّاس أن يهلك، وخرجَ إلى الجبل خلقٌ كثيرٌ، وما رَأَيْت جنازة قطُّ أكثر خلْقًا منها، خرج القَضاة والعُدول، ومن لَا نعرفُهم. وحُكيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا جاءه الموت جعل يَقُولُ: «يا حيُّ يا قَيومُ لَا إله إلَّا أَنْتَ، برحمتك أستغيث فأغثني» ، واستقبل القبلة، وتشهّد، ومات.
قال: وتزوّج أربع نسوة، واحدة بعد واحدة، منهنّ خديجة بنت الشَّيْخ أَبِي عُمَر، وآخرهن عزيَّة بنت عَبْد الباقي بن عَليّ الدِّمَشْقِيّ، فولدت لَهُ القاضي شمس الدّين مُحَمَّدًا قاضي مِصْر، والعماد أحمد ابن العماد.
وَسَمِعْتُ التَّقيّ أَحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد الغنيّ، قَالَ: رَأَيْت الشَّيْخ العماد في النّوم عَلَى حِصان، فَقُلْتُ لَهُ: يا سيّدي، إلى أَيْنَ؟ قَالَ: أزورُ الْجَبّار. وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ الحَسَن بن جَعْفَر الأصبهانيّ يَقُولُ: رَأَيْت العماد في النَّوم، فَقُلْتُ:
ما فعل اللَّه بك؟ فَقَالَ: يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي من الْمُكْرَمِينَ 36: 26- 27 [1] .
__________
[1] سورة يس: الآية 27.(44/189)
وَسَمِعْتُ الإِمَام الواعظ أَبَا المُظَفَّر يوسف سِبط الْجَوْزيّ يَقُولُ [1] : لَمَّا كانت اللّيلة الّتي دُفن فيها العماد، رأيته في مكان مُتّسع، وَهُوَ يرقى في درج عرفات، فَقُلْتُ: كيف بتّ؟ فإنّي بتّ أحمل همّك، فأنشدني:
رَأَيْت إلهي حينَ أُنزلتُ حُفرتي ... وفارقْتُ أصحابي وأهلي وجِيرتي
فَقَالَ: جُزيتَ الخيرَ عنّي فإنّني ... رضيتُ، فها عفْوي لديكَ ورحمتي
رَأَيْت زمانا تأملُ الفوزَ والرِّضا ... فوُقِّيت نيراني ولُقِّيت جنّتي
قَالَ الضِّيَاء: وَسَمِعْتُ الإِمَام أَبَا مُحَمَّد عُبَيْد بن هَارُون السَّوادي، صاحب الشَّيْخ العماد وخادمه يَقُولُ: رَأَيْت الشَّيْخ في النّوم وَهُوَ ينشد هذه الْأبيات.
وأنشدنيها.
وَسَمِعْتُ الإِمَام أَبَا مُحَمَّد عُثْمَان بن حامد بن حسن المَقْدِسِيّ يَقُولُ: رَأَيْت الحقَّ عزَّ وجل في النّوم والشيخ العماد عن يمينه، ووجهه مثل البدر، وَعَلَيْهِ لباسٌ ما رَأَيْت مثله. أَوْ ما هَذَا معناه.
وَقَالَ أَبُو شامة [2] : شاهدتُ الشَّيْخ العماد مُصليًّا في حلقة الحنابلة مرارا، وَكَانَ مُطِيلا لأركان الصَّلَاة، قياما، وركوعا، وسجودا، وَكَانَ يصلّي إلى خزانتين مجتمعتين موضع المحراب، وجدّد المحراب سنة سبع عشرة وستمائة.
قُلْتُ: ثُمَّ جُدّد هَذَا المحراب في سنة ستٍّ وستّين.
وَقَالَ أَبُو المُظَفَّر في «مرآته» [3] : كَانَ الشَّيْخ العماد يحضر مجلسي دائما وَيَقُولُ: صلاح الدّين يوسف فتح السَّاحل، وأظهر الإِسْلَام، وأنت [4] يوسف أحييت السّنّة [5] بالشّام.
__________
[1] في مرآة الزمان 8/ 588، 589 ونقلها عنه أبو شامة في ذيل الروضتين 104، 105، وابن رجب في الذيل على طبقات الحنابلة 2/ 105.
[2] في ذيل الروضتين 105.
[3] ج 8/ 587، 588.
[4] تحرفت في المطبوع من المرآة إلى: «أين» .
[5] سقطت لفظة «السنة» من المطبوع من المرآة.(44/190)
قَالَ أَبُو شامة [1] : يشير إلى أَنَّهُ كَانَ يورد كثيرا من كلام جَدّه أَبِي الفرج، ومن خُطبه ما يتضمّن إمرار [2] آيات الصّفات، وما صحّ في الْأحاديث عَلَى ما ورد من غير ميلٍ إلى تأويل ولا تشبيه ولا تعطيل، ومشايخ الحنابلة العُلَمَاء هَذَا مختارهم، وَهُوَ جيّد [3] .
قُلْتُ: وَقَالَ الزَّكيّ المُنْذِريّ [4] : إِنَّهُ تُوُفِّي ليلة السابع عشر من ذي القِعْدَة فُجَاءةً. ثُمَّ وجدت في «وفيات» الضِّيَاء بخطّه أَنَّهُ تُوُفِّي ليلة السابع عشر، وبخطّه في ترجمة العماد أَنَّهُ تُوُفِّي في السادس عشر، واللَّه أعلم [5] .
202- أسعد بن مُحَمَّد [6] بن أَبِي الحارث أعزّ بن عُمَر بن مُحَمَّد.
أَبُو الحَسَن البَكْرِي، التَّيْمِيّ، السُّهْرَوَرْدي، الصُّوفِيّ.
حَدَّثَ عن أَبِي الوَقْت.
ومولده في سنة سبعٍ وأربعين وخمسمائة.
وَتُوُفِّي في الثاني والعشرين من رجب.
203- إسْمَاعِيل بن إبراهيم [7] بن فارس بن مقلّد.
__________
[1] في ذيل الروضتين 104.
[2] في الذيل «أمراء» وهو تحريف.
[3] زاد أبو شامة وقال: «ولكن الإكثار منه على أسماع العوام ربما يحمل أكثرهم على شيء من التشبيه، فإذا قرن به ما يشرحه وينفي توهّم التشبيه كان أولى، والله أعلم» .
[4] في التكملة 2/ 413.
[5] رثاه الصلاح موسى بن شهاب المقدسي بأبيات، منها:
يا شيخنا، يا عماد الدين، قد قرحت ... عيني وقلبي منك اليوم متبول
أوحشت والله ربعا كنت تسكنه ... لكنه الآن بالأحزان مأهول
كم ليلة بتّ تحييها وتسهرها ... والدمع من خشية الله مسبول
وسجدة طال ما طال القنوت بها ... قد زانها منك تكبير وتهليل
(الذيل على طبقات الحنابلة 2/ 106) .
[6] انظر عن (أسعد بن محمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 256، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 404 رقم 1544، والمختصر المحتاج إليه 2531، وتوضيح المشتبه 1/ 252.
[7] انظر عن (إسماعيل بن إبراهيم) في: التقييد لابن نقطة 213 رقم 250، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 137، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 411 رقم 1557، والمختصر المحتاج إليه 1/ 239.(44/191)
أَبُو مُحَمَّد السِّيبِيّ [1] ، البَغْدَادِيّ، الخبّاز، نزيل دُنَيْسَر.
شيخٌ مُسْنِد، سَمِعَ من: أَحْمَد بن عَليّ الْأشقر، وَعَبْد اللَّه بن عَليّ سِبط الخَيَّاط، وَسَعْد الخير بن مُحَمَّد الْأَنْصَارِيّ، وَأَبِي الفضل الْأُرْمَوي، وغيرهم.
وَسَمِعَ منه جماعة بدُنيسر، رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّد بن خَالِد بن عَمَّار، وَعَبْد الرَّحْمَن بن عُمَر اللّمش القاضي، وغيرهما.
وأجاز للزَّكيّ المُنْذِريّ، وَقَالَ [2] : تُوُفِّي في سادس شوّال بدُنيسر، وقد بلغ الثّمانين أَوْ جازها. وَكَانَ حافظا للقرآن، كثير التّلاوة، كثير الصَّلَاة والصّيام، رحمه اللَّه. أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بِمِصْرَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ بِنَصِيبِينَ، سَنَةَ عِشْرِينَ وستمائة، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْخَبَّازُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الدَّلالُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَبَّاسِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ السُّكَّرِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الطَّيِّبِ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا بَكْرٌ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ بُحَيْنَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ «إِذَا صَلَّى فَرَّجَ يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبِطَيْهِ» . خ ن [3] ، كِلَاهُمَا عَنْ قُتَيْبَةَ [4] . 204- إسْمَاعِيل بن أَبِي البركات سَعْد [5] اللَّه بن مُحَمَّد بن عَليّ بن حَمْدي.
أَبُو مُحَمَّد البغداديّ، البزّاز، الخرقيّ.
__________
[1] السّيبي: قال المنذري: والسّيب: بكسر السين المهملة وبعدها ياء آخر الحروف ساكنة وباء موحّدة بلدة تحت بغداد. (التكملة 2/ 411) .
[2] في التكملة 2/ 411.
[3] أخرجه البخاري 3564 في المناقب، والنسائي 2/ 212 في الصلاة، باب: صفة السجود. وقد فات المؤلف أن يعزوه لمسلم أيضا فقد أخرجه برقم 495، 235 في الصلاة، باب: ما يجمع صفة الصلاة، وأخرجه البخاري 390 في الصلاة، و 807 في الأذان، عن يحيى بن بكير، عن بكر بن مضر، بهذا الإسناد.
وأخرجه كذلك مسلم 495، 236 من طريق عمرو بن الحارث والليث، كلاهما عن جعفر بن ربيعة، به.
[4] وقال ابن نقطة: وكان شيخا صالحا متعبدا، صحيح السماع مكثرا، سمعت منه بدنيس في الرحلتين جميعا. كتب إلينا ولده من دنيسر يذكر أن والده توفي بها في يوم السبت لست خلون من شوال سنة أربع عشرة وستمائة آخر ساعة من النهار.
[5] انظر عن (إسماعيل بن سعد) في: التقييد لابن نقطة 213 رقم 251، وتاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 138، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 402 رقم 1541، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 988، والمختصر المحتاج إليه 1/ 240، والمشتبه 1/ 169، وتوضيح المشتبه 2/ 397، وتاج العروس 2/ 340.(44/192)
سَمِعَ من: أَبِيهِ، وَأَبِي الفضل الْأُرْمَوي، وَأَبِي الفتح الكُرُوخِيّ، والفضل بن سهل الأسفرايينيّ، وابن ناصر، وجماعةٍ.
وَرَوَى الكثير، وأضَر بأخَرَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي المؤرّخ، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، وَالضِّيَاء المَقْدِسِيّ، وجماعة. وآخر من روى عنه بالإجازة الكمال الفُوَيْره ببَغْدَاد.
وعاش أربعا وثمانين سنة [1] .
وَهُوَ من بيت عدالة ورواية.
وَتُوُفِّي في جُمَادَى الآخرة، في الرابع والعشرين منه.
وَأَبُوه كَانَ زاهدا، عابدا، صَوَّامًا، حَدَّثَ عَن النّعاليّ، وابن البَطِر، مات سنة سبعٍ وخمسين [2] .
205- أميري بن بَخْتِيَار [3] .
الفقيه الزّاهد، أَبُو مُحَمَّد الْأُشْنُهيّ، الشَّافِعِيّ، قطبُ الدّين، نزيل إربل.
إمامٌ زاهدٌ، ورعٌ، عالمٌ، عاملٌ.
تُوُفِّي في جُمَادَى الآخرة، وَلَهُ سبعون إِلَّا سنة.
حَدَّثَ عن عَبْد اللَّه بن أَحْمَد بن مُحَمَّد المَوْصِليّ.
وأُشنُه: قرية بِأَذْرَبِيجَان- إن شاء اللَّه-[4] مضمومة الهمزة والنّون [5] .
__________
[1] كان مولده سنة 530 هـ تقريبا.
[2] وقال المنذري: ولنا منه إجازة كتب بها إلينا من بغداد في شهر رمضان سنة سبع وستمائة. (التكملة 2/ 402) .
[3] انظر عن (أميري بن بختيار) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 398، 399 رقم 1537، وتاريخ إربل 1/ 51- 53 رقم 9، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 51 (8/ 132) ، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 208.
[4] ذكر الذهبي صيغة التمريض هذه لقول أبي سعد السمعاني في الأنساب 1/ 276: «وظني أنها بليدة بأذربيجان» ، وهو ما نقله عنه المنذري في تكملته 2/ 1537 التي ينقل منها المؤلف. وقال: وربما قرأ بالهمزة أيضا فيقال: الأشنئي. على أن ياقوتا الحموي ذكر أنها في طرف أذربيجان من جهة إربل بينها وبين أرمينية يومان، وذكر أنّه شاهدها عند ما وردها مجتازا سنة 617 (معجم البلدان:
1/ 284، 285 وانظر مراصد الاطلاع: 1/ 85.
[5] وقال ابن المستوفي: هو أبو محمد أميري بن بختيار بن خلّ بن محمد بن عبد الله. وجدت بخط(44/193)
[حرف الباء]
206- بهرام بن محمود [1] بن بَخْتِيَار.
السّلار، أَبُو مُحَمَّد الْأتابكيّ، عمادُ الدّين.
شيخٌ، جليلٌ، دمشقيٌ، معمَّر.
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وعشرين وخمسمائة.
وَكَانَ يمكنه السَّماع من جمال الإِسْلَام السُّلَمِيّ، وطبقِتِه، وإنّما سَمِعَ من أَبِي المُظَفَّر سَعِيد الفَلَكيّ، وعَليِّ بن أَحْمَد الحَرَسْتَاني.
رَوَى عَنْهُ: الزّكيّ البرزاليّ، والشّهاب القوصيّ، وجماعة [2] .
__________
[ () ] ولده: محمد بن داود بن عبد الله، فقيه عالم زاهد ورع كامل، كثير الخشية والوجل، حسن السمت والوقار، أخذ نفسه بالجد والاجتهاد في العمل. ما رئي ضاحكا إلا متبسّما مع لطف أخلاق. انقطع في بيته وأغري بمطالعة الكتب المودعة أحوال ذوي الأحوال من الدين والتصوّف، وألزم نفسه آدابهم وجعلها نصب عينيه. سمعته يقول: إنما أميل إلى الوقوف على أحوالهم لتصغر نفسي في عيني إذا حدّثتني بالعمل، لا، إني لا ألحق بهم. كلاما هذا معناه.
أخبرني- أيّده الله- أنه كان يخيط ويأكل من كسبه، وكان ضلعه مع أهل التصوّف إلى أن قال له:
لو اشتغلت بالعلم كان أنفع لك، فاشتغل في بدء أمره بكتاب «الشهاب» للقضاعي، فحفظه، وبغيره من كتب الفقه. ورحل إلى الموصل، وقرأ على الشيخ أبي حامد محمد بن يونس- رحمه الله- وذكر أنّ جدّه خلّا من مركود بين أرمية، إلى أشنه، وأقاموا بها. وكان صالحا ديّنا، سمع الحديث، أشنهيّ المولد والأصل، يقطع النهار تسبيحا والليل صلاة.
أخبرني أنه لما قرأ على أبي الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي خطيب الموصل، سأله عن كنيته، فقال: لا كنية لي، فقال: ينبغي أن تكنى أبا الذهب لأن اسمك أميري، فكنّاني بأبي الذهب.
ووجدت هذه الكنية بخط أبي الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي في جزء فيه سماعه عليه.
ونقلت من خطه:
تغرّبت عن أهلي مخافة شامت ... إلى بلد قفر بعيد الموارد
وهان عليّ الموت مما لقيته ... عليك بحسن الصبر عند الشدائد
وجدت على آخر صفحة من جزء من آخر «المهذّب» : ولد أميري بن بختيار ابن خلّ بن محمد بن عبد الله سنة خمس وأربعين وخمسمائة. (تاريخ إربل) .
[1] انظر عن (بهرام بن محمود) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 418 رقم 1573.
[2] وقال المنذري: ولنا منه إجازة بمسموعاته كتب بها إلينا من دمشق في شهر رمضان سنة تسع وستمائة.(44/194)
[حرف التاء]
207- تُرْك بن مُحَمَّد [1] بن بَرَكة بن عُمَر.
أَبُو بَكْر الحريميّ، العَطَّار، المعروف والده بسواد الحلّاج.
شيخٌ مُسْنِدٌ.
وُلِدَ سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة.
وسمع من: مُفْلِح بن أَحْمَد الدُّوميّ، وأبي البدر الكَرْخِيّ، وَأَحْمَد بن الْأشقر، وأحمد بن الطَّلّاية، وجماعةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وَالضِّيَاء، والنَّجِيب الحَرَّانيّ، وآخرون. وأجاز للفخر عَليّ، وجماعةٍ.
ومات في عاشر ربيع الْأَوَّل.
قَالَ ابن النَّجَّار: طلب بنفسه، وكَتَبَ. وَكَانَ متيقّظا، حافظا لأسماء شيوخه، متودِّدًا، صدوقا، حُفَظَة للأخبار.
[حرف الدال]
208- دُهْن اللوز [2] .
العالِمة، شيخةُ العُلَمَاء بدمشق.
وكانت لها حظوة.
وَهِيَ جدَّة زين الدّين قاضي حلب الآن.
[حرف الذال]
209- ذَيّال بن أَبِي المعالي [3] بن راشد بن نبهان بن مرجّى.
__________
[1] انظر عن (ترك بن محمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 288، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 395 رقم 1527، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 680، والمختصر المحتاج إليه 1/ 267، 268، والوافي بالوفيات 10/ 381، 382 رقم 4878، وتوضيح المشتبه 1/ 468، 469.
[2] انظر عن (دهن اللوز) في: ذيل الروضتين 108، والبداية والنهاية 13/ 78.
[3] انظر عن (ذيال بن أبي المعالي) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 414 رقم 1566، والوافي بالوفيات(44/195)
أبو عبد الملك العراقيّ، الزّاهد، العارف.
أفرد الحَافِظ [1] جزءا في كراماته، فَقَالَ: سكن بيت المَقْدِس مُدَّة.
قَالَ: وَقِيلَ: إِنَّهُ بلغ مائة وعشرين سنة، ولم نسمع في زماننا من سلك طريقته سوى ولده الإمام عبد الملك، كان يتقوّت من لقاط الزّرع، ولا يأكل لأحدٍ شيئا إِلَّا لآحاد النَّاس، وانتفع بِهِ الخلق، وعلّمهم القرآن، والفقه، وأمر النَّاس بالصّلاة، وصار علما في تِلْكَ النّاحية. اجتهدت عَلَى السّفر إلى زيارته فلم يقدّر.
وَسَمِعْتُ الحَافِظ أَبَا إِسْحَاق الصَّريفيني يذكره ويُفَخّم أمره، ويذكره كثيرا، وَقَالَ: دخلت إلى بيته فلم أر فيه غير دلو وحبل ومنجل ومقدحة، وَلَيْسَ للبيت باب سوى حزمة حطب، وَقَالَ: قَالَ لي أهل القرية الّتي هُوَ فيها: لَا يأخذ من عندنا نارا، ولا يملأ بحبلنا، ولا دلونا، ولا يأكل لنا شيئا، وما رأينا مثله.
وَكَانَ شيخُنا العماد يُطنب في مدحه، ومدح زيارته، وفي خبزه، حَتَّى لقد حَدَّثَنِي الحَافِظ الصَّريفيني، قَالَ: قَالَ الشَّيْخ العماد: المشي إلى زيارة الشَّيْخ ذَيّال أفضل من زيارة بيت المَقْدِس. فَلَمَّا لقيت الشَّيْخ العماد حكيت لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ:
قد قلته، وما أدري يصحّ أم لَا؟ وإنّما قُلْتُ ذَلِكَ لأنّ زيارة الإخوان تجوز شدّ الرِّحال إليهم أينما كانوا، وشدّ الرحال لَا تجوز إِلَّا إلى ثلاثة مساجد، فكانت زيارة الإخوان أبلغ من زيارة المساجد، أَوْ ما هَذَا معناه.
وَسَمِعْتُ مَسْعُود بن أَبِي بَكْر بن شُكر يَقُولُ: أتيتُ الشَّيْخ العماد بلُقمة من خبز الشَّيْخ ذيّال، ففرح بها، فأتاه رجل فَقَالَ: يا سيّدي ولدي مريض، فأشتهي أن تدعو لَهُ، فأعطاه من تِلْكَ اللّقمة قليلا، وَقَالَ: خُذ هذه، فاجعلها في ماء، واسقه إيّاها. قَالَ: فلقيت الرجل بعد ذَلِكَ، فَقَالَ: عوفي بإذن اللَّه.
وَسَمِعْتُ أَنَّ الشَّيْخ العماد كَانَ يخبئ خبزه للمرض، وَقَالَ: ما هُوَ إلّا مجرّب، وكان مخلوطا: القمح والشّعير والعدس.
__________
[14] / 51 رقم 49، والعسجد 2 لمسبوك 2/ 359، 360، ولسان الميزان 2/ 438، 489 رقم 1792، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 224 ولم يذكر فيه اسمه. وقد ذكره المؤلّف- رحمه الله- في: سير أعلام النبلاء 22/ 83 دون ترجمة.
[1] المراد بالحافظ: الضياء المقدسي المتوفى سنة 643 هـ.(44/196)
سَمِعْتُ مكارم بن حسن الباجَبّاريّ [1] فَقَالَ: أَنَا صحِبت الشَّيْخ ذيّال، وقرأت عَلَيْهِ، وما رَأَيْت مثله.
وَسَمِعْتُ القاضي الإِمَام أَبَا حفص عُمَر بن عَليّ الهَكّاريّ يصفُ الشَّيْخ ذيّال بمعرفة العلم، والنَّحْو، واللّغة.
سَمِعْتُ الشَّيْخ قُصَّة بن عَليّ المَقْدِسِيّ قَالَ: قال لي الشَّيْخ ذيّال يوما:
خرجت البارحة والجبال تُسَبّح. ومرض مرَّة، فخفنا عَلَيْهِ، فَقَالَ: في مرضتي هذه ما يصيبني شيء. قَالَ: فعُوفي من تِلْكَ المرضة. وَلَمَّا جاء الفرنج وهرب النَّاس، قَالَ لنا الشَّيْخ ذيّال: لَا تبرحوا، فما يصلوا إلى هنا، فقعدنا وسَلِمنا.
تُوُفِّي في يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من ذي القِعْدَة، بدير أَبِي القرطام، قريبا من البيرة الّتي بقرب القدس، وقبره يزار، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ [2] .
[حرف الراء]
210- رزق اللَّه بْن هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بن حمزة.
الفقيه أَبُو البركات النُّعْمَانيّ، الأصبهانيّ.
سَمِعَ الحَسَن بن العَبَّاس الرّستميّ.
رَوَى عَنْهُ البِرْزَاليّ في «معجمه» ، وغيره.
وعاش بضعا وسبعين سنة.
[حرف السين]
211- سَعْد بن جَعْفَر [3] بن سلام- بالتخفيف-.
أَبُو الخير السَّيِّديّ، البَغْدَادِيّ، الصُّوفِيّ.
شيخٌ صالحٌ. سَمِعَ من: ابن البَطِّيّ، ومَعمر بن الفاخر، وَيَحْيَى بن ثابت، وحدّث.
__________
[1] منسوب إلى باجبّارة، قرية في شرقي الموصل.
[2] وانظر: ذيّال الموصلي في لسان الميزان، وعنه حكاية. وأرجّح أنه هو صاحب الترجمة.
[3] انظر عن (سعد بن جعفر) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 62، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 399 رقم 1538، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 224، 225.(44/197)
وَتُوُفِّي في ثاني جُمَادَى الآخرة.
212- سَعِيد بن هبة اللَّه [1] بن عَليّ بن نصر بن عبد الواحد.
أبو البركات ابن الصَّبَّاغ، البَغْدَادِيّ، الشَّافِعِيّ، الفقيه.
وُلِدَ سنة ثمانٍ وثلاثين وخمسمائة.
وتَفَقَّه بالنظاميّة عَلَى الإِمَام أَبِي المحاسن يوسف بن بُنْدَار، وَسَمِعَ من عُثْمَان بن أَبِي نصر المُؤَدِّب.
213- سُلَيْمَان بن بَنين [2] بن خلف.
أَبُو عَبْد الغنيّ المَصْرِيّ، الدّقيقيّ، النّحويّ، الْأديب.
سَمِعَ من: إسْمَاعِيل الزّيّات، وَعَبْد اللَّه بن بَرِّي، وشير بن عَليّ، وخلْق من طبقتهم. ولِزم ابن برّي مُدَّة في النَّحْو. وصنّف في النَّحْو، والعَرُوض، والرَّقائق، وغير ذَلِكَ.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ عَبْد العظيم [3] .
ومات في سابع عشر رمضان.
[حرف العين]
214- عَائِشَة بنت إسْمَاعِيل [4] بن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن المُسَلِّم الزّبيديّ.
روت عن: أَحْمَد بن المُقَرَّب، وَأَحْمَد وَيَحْيَى ابني موهوب بن السّدنك.
__________
[1] انظر عن (سعيد بن هبة الله) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 69، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 411، 412 رقم 1558، والمختصر المحتاج إليه 2/ 94، 95 رقم 702.
[2] انظر عن (سليمان بن بنين) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 408 رقم 1552، وإشارة التعيين لليمني، ورقة 39، 40، ومعجم الأدباء 11/ 244- 246 رقم 78، والوافي بالوفيات 15/ 356 رقم 504، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 149، وبغية الوعاة 1/ 597 رقم 1265.
[3] في التكملة 2/ 408، وقال ياقوت الحموي: سليمان بن بنين بن خلف بن عوض تقيّ الدين الدقيقي المصري النحويّ الأديب الفرضيّ العروضي العلّامة، اجتمعت به في عدّة مجالس بحضرة القاضي الأكرم، وأجازني برواية مصنّفاته. وذكر ياقوت أسماء 34 مصنّفا، وجعل وفاته سنة 613 بالقاهرة.
(معجم الأدباء 11/ 244- 246) .
[4] انظر عن (عائشة بنت إسماعيل) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 404 رقم 1545، وعقد الجمان 17/ ورقة 373.(44/198)
وهي من بيت مشهور ببغداد. وسيأتي ذكر أخيها عبد الرحيم [1] .
215- عبد الله بن أبي جعفر أحمد بن محمد بن سليمان ابن الطيلسان.
أبو محمد الأوسيّ، الأنصاريّ، الأندلسيّ.
عمّ الحافظ أبي القاسم.
أخذ القراءات عَن أَبِيهِ، وجماعة.
216- عَبْد اللَّه بن عَبْد الجبّار [2] بن عَبْد اللَّه.
أَبُو مُحَمَّد الْأُمَوِيّ، العثمانيّ، الشّاطبيّ الْأصل، الإسكندرانيّ، التّاجر، البَزَّاز، الكارميّ.
مكثرٌ عن السِّلَفيّ، وَسَمِعَ من بدر الخداداذيّ، وبمصر من: مُحَمَّد بن عَليّ الرَّحَبيّ، ومنجب بن عَبْد الله المرشديّ.
وَكَانَ لَهُ أنس بالحديث، كَانَ الحَافِظ عَليّ بن المُفَضَّل يثني عَلَيْهِ ويُعظّمه [3] .
وَحَدَّثَ بمصر، وقوص، واليمن.
وأدركه أجله بمَكَّة في السابع والعشرين من ذي الحجَّة، وَلَهُ سبعون سنة.
رَوَى عنه: الضِّيَاء، وابن خليل، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، وَالزَّكيّ المُنْذِريّ، والشرف عَبْد اللَّه بن أَبِي عُمَر، وَمُحَمَّد بن عَبْد الخالق بن طَرْخان الْأُمَوِيّ، وجماعةٌ.
217- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن.
أَبُو مُحَمَّد القرطبيّ.
__________
[1] هكذا في الأصل، والصواب: «عبد الرحمن» حيث ستأتي ترجمته في وفيات سنة 620 هـ برقم 676.
[2] انظر عن (عبد الله بن عبد الجبّار) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 416، 417 رقم 1569، والعبر 5/ 50، والإشارة إلى وفيات الأعيان 321، والعقد الثمين لقاضي مكة 3/ ورقة 26، وحسن المحاضرة 1/ 176، والنجوم الزاهرة 6/ 221، وذكره المؤلف- رحمه الله- في سير أعلام النبلاء 22/ 83 دون ترجمة.
[3] التكملة للمنذري 2/ 417.(44/199)
رَوَى عَنْ: أَبِي مَرْوَان بْن مَسَرَّة، وَأَبِي بكر بن سَمْجون، وابن بَشْكُوال.
مات في شعبان.
218- عَبْد الجبّار بن عَبْد المعزّ [1] بن عَبْد الجبّار.
أَبُو الفتوح المِسْمَعيّ، الهَرَويّ، ثُمَّ البخاريّ.
ولد بهراة سنة سبع وثلاثين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من: عَليّ بن حمزة العَلَويّ، وَأَبِي الوَقْت السِّجْزِي، وَعَبْد الجليل بن أَبِي سَعْد.
وَحَدَّثَ بمرو، وَنَيْسَابُور، وبَغْدَاد.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي.
وَتُوُفِّي راجعا من الحجّ، بوادي العَرُوس من الدَّرب العِرَاقيّ، في خامس المحرّم.
وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا ابن النَّجَّار.
219- عَبْد الخالق بن صالح [2] بن عَليّ بن رَيْدان بن أَحْمَد.
الشَّيْخ الإِمَام أَبُو مُحَمَّد بن أَبِي التُّقَى، القُرَشِيّ، الْأُمَوِيّ، المِسْكِيّ الْأصل، المَصْرِيّ، الشَّافِعِيّ، النَّحْوِيّ، اللُّغَويّ.
سَمِعَ من: عَليّ بن نصر الْأرتاحي، وَأَبِي طاهر السِّلَفيّ، وَأَبِي الضِّيَاء بدر الخادم، وَمُحَمَّد بن عَليّ الرَّحَبيّ، وخَلْقٍ من المصريّين بقراءته، وقراءة غيره.
ولزم ابن بَرِّي مُدَّة، وبرعَ في اللُّغَة، وكتب الكثير بخطّه. وَكَانَ مُفيد القاهرة.
__________
[1] انظر عن (عبد الجبار بن عبد المعز) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 151، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 391 رقم 1515، والمختصر المحتاج إليه 3/ 53 رقم 833.
[2] انظر عن (عبد الخالق بن صالح) في: معجم البلدان 4/ 531، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 410، 411 رقم 1556، والمشتبه 1/ 343 و 2/ 591، والوافي بالوفيات 18/ 91 رقم 95، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 177، 178، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 226، 227، وبغية الوعاة 2/ 10، وتحفة الأحباب للسخاوي 351، وتاج العروس 2/ 361، وتوضيح المشتبه 4/ 337 و 8/ 161 وفيه: «عبد الخالق بن عبد الصّمد بن عليّ» . وذكره المؤلف- رحمه الله- في سير أعلام النبلاء 22/ 83 دون ترجمة.(44/200)
وَهُوَ من مِسْكة: قرية بقرب عَسْقَلان.
رَوَى عنه: الزكي المنذري، والزكي البرزالي، وغيرهما.
وتوفي في سادس شوّال.
ورَيْدان [1] قَيّده ابن نُقْطَة، وأخذَ عَنْهُ، ووَثَّقَهُ.
220- عَبْد الرَّحْمَن بن عَبْد اللَّه [2] ابن الشَّيْخ عَبْد القادر الجِّيليّ.
أَبُو محمد.
ولد سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة.
وَحَدَّثَ عن: نصر بن نصر العُكْبَريّ، وَسَعِيد ابن البَنَّاء. ولم يكن لَهُ إقبال عَلَى الحديث ولا عَلَى أهله.
مات في المُحرّم.
221- عَبْد الرَّحْمَن بن عَبْد الجبّار [3] ابن الشَّيْخ عَبْد الخالق بن أَبِي الْقَاسِم زاهر بن طاهر الشَّحَّامِيّ.
أَبُو الخير.
سَمِعَ بنَيْسَابُور من: عَبْد الله ابن الفُرَاويّ، وَعُمَر بْن أَحْمَد الصَّفَّار، وَجَدّه، وهبة الرَّحْمَن القُشَيْريّ.
وَحَدَّثَ بنَيْسَابُور، وبَغْدَاد.
وَهُوَ من بيت العدالة والرواية. حجّ ورجع فأدركه أجله ببَغْدَاد في صَفَر عن بضعٍ وسبعين سنة.
__________
[1] ريدان: بفتح الراء المهملة وبعدها ياء آخر الحروف ساكنة ودال مهملة مفتوحة وبعد الألف نون.
(التكملة للمنذري) . وانظر المشتبه 1/ 343، والتوضيح 4/ 377 و 8/ 161، وتاج العروس:
«ريد» . وقد تصحف في: معجم البلدان 4/ 531، وبغية الوعاة 2/ 10 إلى «زيدان» بالزاي.
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد الله) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 119، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 391، 392 رقم 1517، والمختصر المحتاج إليه 2/ 200 رقم 853.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد الجبار) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 120، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 392، 393 رقم 1519، والمختصر المحتاج إليه 2/ 203 رقم 857.(44/201)
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وَالضِّيَاء، وابن النَّجَّار، وغيرهم.
وَثَّقَهُ ابن نُقْطَة.
222- عَبْد الرَّحْمَن بْن عبد الغني [1] بن مُحَمَّد بن سَعْد.
أَبُو الْقَاسِم ابن الغَسَّال، البَغْدَادِيّ، الحَنْبَلِيّ.
وُلِدَ سنة أربعين.
وَسَمِعَ من: أَبِي الفضل الْأُرْمَوي، وَأَبِي الوَقْت، وابن ناصر، وسعيد ابن البَنَّاء، وجماعة سواهم.
وَعَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وغيره.
تُوُفِّي في شعبان.
وسماعه من الأرمويّ حضور [2] .
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد الغني) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 120، 121، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 405، 406 رقم 1547، وتاريخ إربل 1/ 129- 131 رقم 51، والمختصر المحتاج إليه 2/ 204 رقم 858، والمشتبه 1/ 142، وتوضيح المشتبه 2/ 229 و 6/ 264.
[2] وقال ابن المستوفي: شيخ حسن ثقة، سمع الحديث بإفادة والده وهو صغير، وكان أبوه أحد عدول بغداد ومحدّثيها، ولقي من مشايخ بغداد جماعة، وله إجازات كثيرة من عدّة مشايخ. ورد إربل غير مرة وسمع عليه الحديث بها. لقي أبا الوقت عبد الأول بن عيسى، وأخذ عنه كتاب البخاري، وشاهدت خطّه معه بسماعه، وسمع عليه بإربل بدار الحديث المظفرية. حنبليّ المذهب هو وأبوه وجدّه، ويعرف جدّه أبو البركات محمد بن سعد الغسال بالحنبلي. سمع أبوه وجدّه الحديث. وكتبه أبوه، ومعه أجزاء بخطه هي أصوله. وكان صحيح السماع والإجازة. أخبرني أنه ولد في تاسع عشر من صفر من سنة أربعين وخمسمائة، ليلة الثلثاء.
وقال ابن الدبيثي: ليلة الإثنين. وولد أبوه عبد الغني في عاشر ذي الحجة يوم العيد في سنة أربع وتسعين وأربعمائة، وتوفي في منتصف شوال سنة أربعين وخمسمائة. وولد جدّه في سنة ستين وأربعمائة، وتوفي في سنة تسع وخمسمائة.
كتب إلينا شيخنا أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك بن الأخضر بخطّه على يده ما صورته: «بسم الله الرحمن الرحيم. هذا الشيخ الجليل، أبو القاسم عبد الرحمن بن الشيخ العدل عبد الغني بن محمد بن سعد الغسال، المعروف بابن الحنبلي البزّاز، من بيت العدالة والأمانة، وأهل القراءة والحديث، معروف بالإصابة والديانة، والعفاف والصيانة. وقد أفاده والده بالسماع من الشيوخ المعروفين والرواة المحدّثين، وله الإجازة من جماعة من أعيانهم، والمكثرين من(44/202)
ولأبيه سمَاع من أَبِي طَالِب بن يوسف [1] .
ولجدّه مُحَمَّد سماع من أَبِي نصر الزَّيْنَبي وطبقته، وَكَانَ من القرّاء، مات سنة تسعٍ وخمسمائة [2] .
223- عَبْد السَّلَام بن عُثْمَان [3] بن أَبِي نصر بن الْأسود.
أَبُو الفضل الحَرْبِيّ، الحَرِيمِيّ.
شيخ مُعَمَّر نزل المَوْصِل، وَكَانَ يمكنه السَّماع من طبقة أبي القاسم بن الحُصَيْن. وقد سَمِعَ اتّفاقا من أَحْمَد بن الطَّلّاية.
ووُلد في حدود سنة خمس عشر وخمسمائة، وَكَاد أن يكمل المائة.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، وجماعة. وآخر من رَوَى عَنْهُ بالإجازة الكمال الفُوَيْره.
تُوُفِّي في ربيع الْأَوَّل بالمَوْصِل.
وَرَوَى عَنْهُ ابن النَّجَّار، وَقَالَ: كَانَ شيخا صالحا.
224- عَبْد الصَّمَد بْن مُحَمَّد [4] بْن أَبِي الفضل بن عَليّ بن عَبْد الواحد.
__________
[ () ] رواتهم، مثل الحافظ ابن ناصر، ومحمد بن عبيد الله الزاغوني، والقاضي الأرموي، وأمثالهم، ومعه خطوطهم بذلك. وله سماع صحيح وثبت بخط والده مقيّد. وهو أهل لما يسعد ويسعف به، وحقيق بالإفادة والإعانة لوجود سببه. وكتب عبد العزيز بن محمود بن المبارك بن الأخضر في سادس صفر من سنة ثلاث وستمائة والحمد للَّه وصلواته على رسوله سيدنا محمد النبي وآله» .
أخبرني ولده محمد: أنه توفي ببغداد في شعبان سنة ست عشرة وستمائة. قال ابن الدبيثي: يوم الأربعاء سادسة، ودفن بمقبرة باب حرب. (تاريخ إربل 1/ 129- 131) . أقول: هكذا قال ولده إنه توفي سنة 616، وهو في المصادر- كما هنا- توفي سنة 614 هـ. والله أعلم بالصواب.
[1] ولد أبوه عبد الغني سنة 494 وتوفي سنة 540 هـ. (تاريخ إربل 1/ 130) .
[2] وكان مولده سنة 460 هـ. (تاريخ إربل 1/ 130) .
[3] انظر عن (عبد السلام بن عثمان) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 143، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 394، 395 رقم 525، المختصر المحتاج إليه 3/ 40 رقم 811.
[4] انظر عن (عبد الصمد بن محمد) في: معجم البلدان 2/ 241، والتقييد لابن نقطة 381 رقم 492، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 589- 592، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 415، 416 رقم 1568، وذيل الروضتين 105، 106، وتالي وفيات الأعيان للصقاعي 96، 97، ونهاية الأرب 29/ 81، ودول الإسلام 2/ 117، والعبر 5/ 50، 51، والمعين في طبقات المحدّثين 188 رقم(44/203)
قاضي القضاة أبو القاسم جمال الدّين ابن الحَرَسْتَاني، الْأَنْصَارِيّ، الخَزْرَجِي، العُباديّ، السَّعْديّ، الدِّمَشْقِيّ، الفقيه الشافعيّ.
ولد سنة عشرين وخمسمائة في أحد الربيعين.
وَسَمِعَ من: عَبْد الكريم بْن حَمْزَة، وطاهر بن سهل بن بِشْر الأسفرايينيّ، وجمال الإِسْلَام أَبِي الحَسَن عَليّ بن المُسَلِّم، وعَليّ بن أَحْمَد بن منصور بن قُبيس، ونصر اللَّه المِصِّيصِيّ الفقيه، وهبة اللَّه بن أَحْمَد بن طاوس، ومعالي بن هبة الله ابن الحُبُوبيّ، وَأَبِي الْقَاسِم الحُسين بن البُن، وَأَبِي الحَسَن عَليّ بن سُلَيْمَان المُراديّ، وجماعة.
وتَفَرَّدَ بالرواية عن أكثر شيوخه، وَحَدَّثَ بالإجازة عَن أَبِي عَبْد اللَّه الفُرَاويّ، وهبة اللَّه السَّيِّدي، وزاهر الشّحّاميّ، وعبد المنعم ابن القُشَيْريّ، وَإسْمَاعِيل القارئ، وغيرهم، استجازهم لَهُ الحَافِظ أبو القاسم [1] .
وحدّث ب «صحيح» مسلم، وب «دلائل النّبوّة» للبيهقيّ، وبأشياء كثيرة من الكتب والْأجزاء.
وَأَوَّل سماعه في سنة خمسٍ وعشرين.
وتَفَقَّه في شبيبته، وبرعَ في المذهب، ودَرَّسَ، وأفتى، وطال عمره، وتفرّد عن أقرانه.
__________
[2002،) ] والإعلام بوفيات الأعلام 252، والإشارة إلى وفيات الأعلام 321، وسير أعلام النبلاء 22/ 80- 83 رقم 58، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 445، 446، ومرآة الجنان 4/ 29، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 74 (8/ 196، 197) ، والبداية والنهاية 13/ 77، 78، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 158 ب، 159 أ، والوافي بالوفيات 18/ 451- 453 رقم 480، والعقد المذهب لابن الملقّن، ورقة 76، 77، وذيل التقييد لقاضي مكة 2/ 123، 124 رقم 1277، والعسجد المسبوك 2/ 359، والسلوك للمقريزي ج 1 ق 1/ 188، وعقد الجمان للعيني 17/ ورقة 372، 373، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 389، 390 رقم 358، والنجوم الزاهرة 6/ 220، وتاريخ ابن الفرات ج 5 ق 1/ 227، وقضاة دمشق للنعيمي 60- 63، وشذرات الذهب 5/ 60، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (تأليفنا) ق 2 ج 2/ 209، 201 رقم 542 و 543.
[1] هو المؤرّخ ابن عساكر الدمشقيّ.(44/204)
سَمِعَ منه أَبُو المواهب بن صصريّ، والقُدماء، وَرَوَى عَنْهُ: البِرْزَاليّ، وابن النَّجَّار، وَالضِّيَاء، وابنُ خليل، والقوصيّ، والزّكيّ عبد العظيم، وابن عبد الدّائم، والصّاحب أبو القاسم ابن العديم، والشرف عَبْد الواحد بن أَبِي بَكْر الحَمَوي، وأخوه أَحْمَد، والنّجم إِبْرَاهِيم بن محاسن التَّنُوخِيّ، والنَّجِيب نصر اللَّه الشَّيْبَانِيّ، ونصر بن تروس، والجمال عَبْد الرَّحْمَن بن سالم الْأنباري، والزّين خَالِد، وَأَبُو غالب مُظَفَّر بن عُمَر الْجَزَريّ، والزّين عَليّ بن أَحْمَد القُرْطُبيّ، وَأَبُو الغنائم بن علّان، وأبو حامد محمد ابن الصّابونيّ، وَأَبُو بَكْر مُحَمَّد بن الْأَنْمَاطِي، وأبوه، ويوسف بن تمّام السُّلَمِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْد المنعم ابن القوّاس، وأخوه شيخُنا عُمَر [1] ، وَمُحَمَّد بن أَبِي بَكْر العامريّ، ونسيبه أَحْمَد بن عَبْد القادر العامريّ، وَأَبُو بَكْر بن مُحَمَّد بن طَرْخان، والقاضيان: شمس الدّين بن أَبِي عُمَر وشمس الدّين ابن العماد، والفخر عليّ ابن البخاريّ، والبرهان إبراهيم ابن الدَّرجيّ، وَعَبْد الرَّحْمَن بن أَحْمَد الفاقُوسيّ، والشمس عبد الرحمن ابن الزّين، والشمس محمد ابن الكمال، وأبو بكر بن عمر بن يونس المزي، وتقيّ الدّين إبراهيم ابن الوَاسِطِيّ، وخلقٌ سواهم.
وَرَوَى عَنْهُ من القدُماء الحافظان: عَبْد الغنيّ، وَعَبْد القادر الرّهاويّ.
وَرَوَى عَنْهُ بالإجازة شيخُنا العماد عَبْد الحَافِظ، وَعَائِشَة بنت المَجْد، وجماعة.
وَكَانَ إماما فقيها، عارفا بالمذهب، ورعا، صالحا، محمود الْأحكام، حسنَ السيرة، كبيرَ القدر. رحل إلى حلب وتَفَقَّه بها عَلَى المحدِّث الفقيه أَبِي الحَسَن المُراديّ. وولي القضاء بدمشق نيابة عن أَبِي سَعِد بن أَبِي عصرون، ثمّ ولي قضاء الشام في آخر عمره في سنة اثنتي عشرة.
قال ابن نقطة: هو أسند شيخ لقينا من أهل دمشق، حسن الإنصات، صحيح السّماع [2] .
__________
[1] يعني: ابن القواس.
[2] الّذي في (التقييد) لابن نقطة: «سماعه في سنة خمس وعشرين أو ست وعشرين وخمسمائة.
وحدّث بصحيح مسلم وغيره بإجازته من الفراوي، وكان حسن السمت، مجلسه مجلس وقار وسكينة(44/205)
وقال أبو شامة [1] : دخل أبوه من حرستا فنزل بباب توما، وأمّ بمسجد الزَّيْنَبي، ثُمّ أمّ فيه جمال الدّين ابنه، ثُمَّ سكن جمال الدّين بداره بالحُويْرة، وَكَانَ يلازم الجماعة بمقصورة الخَضَر، ويحدِّث هناك، ويجتمع خلق، مَعَ حُسن سَمْته وسكونه وهيبته. حَدَّثَنِي الفقيه عز الدين عَبْد العزيز بْن عَبْد السَّلَام أَنَّهُ لم ير أفقه منه، وَعَلَيْهِ كَانَ ابتداء اشتغاله، ثُمَّ صحِب فخر الدّين ابن عساكر، فسألته عَنْهُمَا، فرجّح ابن الحَرَسْتَاني وَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ يحفظ كتاب «الوسيط» للغزاليّ.
قَالَ أَبُو شامة [2] : لَمَّا ولي القضاء محيي الدّين ابن الزّكيّ لم يُنِبْ عَنْهُ، وبقي إلى [أن] [3] ولّاه الملك العادل القضاء، وعزَلَ قاضي القضاة زكيّ الدّين الطّاهر، وأخذ منه مدرستيه: العزيزيّة، والتّقويّة. فأعطى العزيزيّة مَعَ القضاء لابن الحَرَسْتَاني، واعتنى بِهِ العادل وأقبل عليه، وأعطى التّقويّة لفخر الدّين ابن عساكر.
وَكَانَ جمال الدّين يجلس للحكم بالمُجاهدية، ونابَ عَنْهُ ولدُه عمادُ الدّين، ثُمَّ شمس الدّين أبو نصر ابن الشيرازيّ، وشمس الدّين ابن سَنيّ الدَّوْلَة. وبقي في القضاء سنتين وسبعة أشهر، وَتُوُفِّي، فكانت لَهُ جنازة عظيمة، عَلَى أَنَّهُ امتنع من الولاية لَمَّا طُلب إليها حَتَّى ألحّوا عَلَيْهِ فيها.
وَكَانَ صارما، عادلا، عَلَى طريقة السَّلف في لباسه وعفَّته، ولقد بلغني- يَقُولُ أَبُو شامة [4]- أَنَّ ابنَ الحَرَسْتَاني ثبت عنده حقّ لامرأة عَلَى بيت المال، فأحضر وكيل بيت المال الجمال المَصْرِيّ، فأمره أن يسلّم إليها ما ثبت لها، وَكَانَ بُستانًا، فاعتذر بالمساء، وَقَالَ: في غد أسلمه إليها. فَقَالَ: ربّما أموت أَنَا اللّيلة ويتعوّق حقُّها، فما برح حَتَّى تسلّمت حقّها، وكتب لها محضرا بذلك وحكم بِهِ.
وَقَالَ أَبُو المظفّر سبط ابن الجوزيّ [5] : كان زاهدا، عفيفا، عابدا، ورعا،
__________
[ () ] ورأيته في سنة أربع عشرة يلقي الدرس، فعجبت من حفظه مع كبر سنّه ... وكان سماعه صحيحا» .
[1] في ذيل الروضتين 106.
[2] في ذيل الروضتين 106.
[3] إضافة يقتضيها السياق.
[4] في ذيل الروضتين 107.
[5] في مرآة الزمان 8/ 590.(44/206)
نزها، لَا تأخذه في اللَّه لومة لائم. اتّفق أهل دمشق عَلَى أَنَّهُ ما فاتته صلاة بجامع دمشق في جماعة إِلَّا إِذَا كَانَ مريضًا. ثُمَّ ذكر حكايات من مناقبه، وَقَالَ: حكى لي ولدُه، قَالَ: كَانَ أحد بني قوام يتّجر للمعظّم عيسى في السُّكّر وغيره، فمات، فوضع ديوان المُعَظَّم يدهم عَلَى التّركة، وبعث المعظّم إلى أبي يقول: هذا كَانَ تاجرا لي، والتّركة لي، وأريد تسليمها، فأبى عَلَيْهِ إِلَّا بثبوت شرعيّ أَوْ يحلف، فَقَالَ المُعَظَّم: واللَّه ما أحقّق مالي عنده، ولم يثبت شيئا.
قَالَ أَبُو المُظَفَّر [1) :] وحكى لي جماعة أَنَّ الملك العادل كتب إِلَيْهِ يوصيه في حكومة، فأحضر الخصم وفي يده الكتاب لم يفتحه وظهر الخصم عَلَى حامل الكتاب إلى القاضي، فقضى عَلَيْهِ، ثُمَّ قرأ الكتاب، ورمى بِهِ إِلَيْهِ، وَقَالَ: كتاب اللَّه قد حكم عَلَى هَذَا الكتاب. فبلغ العادل قوله فَقَالَ: صدَقَ كتاب اللَّه أولى من كتابي. وَكَانَ يَقُولُ للعادل: أَنَا ما أحكم إِلَّا بالشرع وإلّا فما سألتك القضاء، فإنْ شئت، وإلّا فأبصر غيري. وحكى لي الشمس بن خلدون قَالَ: أحضر القاضي عماد الدّين بين يدي أَبِيهِ صحن حلوى وَقَالَ: كُل! فاستراب، وَقَالَ: من أَيْنَ هَذَا؟ تريد أن تُدخلني النّار؟ ولم يذُقْه.
قَالَ أَبُو شامة [2] : هُوَ الَّذِي ألحّ عَلَى أَبِيهِ حَتَّى تولّى القضاء. وَحَدَّثَنِي عماد الدّين قال: جاء إليه شرف الدّين ابن عُنين، فَقَالَ: السُّلْطَان يُسلّم عليك ويوصي بفلان فإنّ لَهُ محاكمة، فغضب، وَقَالَ: الشرع ما يكون فيه وصيّة، لَا فرق بين السُّلْطَان وغيره في الحقّ.
وَقَالَ المُنْذِريّ [3] : سَمِعْتُ منه. وَكَانَ مهيبا، حسنَ السّمت، مجلسُهُ مجلس وقار وسكينة، يبالغ في الإنصات إلى من يقرأ عَلَيْهِ. تُوُفِّي في رابع ذي الحجَّة، وَهُوَ في خمس وتسعين سنة.
__________
[1] في ذيل مرآة الزمان 8/ 590.
[2] في ذيل الروضتين 108.
[3] في التكملة 2/ 436.(44/207)
225- عَبْد العزيز بْن مكيّ [1] بْن أَبِي العرب بن حسن بن عَمَّار.
أَبُو مُحَمَّد الْأَنْصَارِيّ، الطَّرَابُلُسِيّ، المغربيّ، التَّاجر.
سافر الكثير شرقا وغربا، وسكنَ بَغْدَاد، وَسَمِعَ من دُلَف بن كرم، وَحَدَّثَ.
وَكَانَ ذا مالٍ، وبرّ، ومعروف، وديانةٍ.
تُوُفِّي في ذي القِعْدَة.
226- عَبْد اللّطيف بن أحمد [2] بن عبد الله بن القاسم ابن الشَّهْرَزُوري.
القاضي أَبُو الحُسَيْن، المَوْصِليّ، الشَّافِعِيّ.
عاش اثنتين وسبعين سنة [3] .
وتَفَقَّه عَلَى عَمِّه أَبِي الرّضا سَعِيد بن عَبْد اللَّه، وأبي الفتح عَبْد الرَّحْمَن بن خِداش.
وَسَمِعَ من: أَبِيهِ، ومن مُحَمَّد بن أسعد العَطَّاري، وجماعة، وَحَدَّثَ.
وولي قضاء المَوْصِل مرات.
وَتُوُفِّي في ثاني جُمَادَى الْأولى.
وَهُوَ من بيت القَضاء والفَضِيلة.
227- عَلِيٍّ بْن عَبْد اللَّه [4] بْن عَليّ.
أَبُو الحَسَن ابن البَنَّاء الشَّاطبيّ، الفقيه.
رَوَى عن: أَبِي عَبْد اللَّه بن سعادة، وأَبِي عَبْد اللَّه بن عَبْد الرَّحِيم. واختصّ بأبي بَكْر بن أَبِي حمزة.
__________
[1] انظر عن (عبد العزيز بن مكي) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 148، 149، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 413 رقم 1562.
[2] انظر عن (عبد اللطيف بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 397، 398 رقم 1534، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 311، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 159 أ، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 168.
[3] ومولده في سنة 542 هـ.
[4] انظر عن (علي بن عبد الله) في: صلة الصلة لابن الزبير 125، وتكملة الصلة لابن الأبار، رقم 1888، والذيل والتكملة على كتابي الموصول والصلة ج 5 ق 1/ 235، 236 رقم 470.(44/208)
وَكَانَ فقيها، مشاورا، ذا ثروة، وفضائل، وتصانيف. قاله الْأبَّار [1] .
228- عَليّ بن مُحَمَّد بن سَعيد [2] .
أبو الحسن ابن الفَحّام الْأَنْصَارِيّ، الْأنْدَلُسِيّ.
أخذ القراءات عَن أَبِي بَكْر بن سمجون [3] ، وأبي الْقَاسِم بْن غالب، وَسَمِعَ من ابن بَشْكُوال.
قَالَ الْأبَّار [4] : كَانَ ناسكا، عابدا، يعيش من الخياطة، رحمه اللَّه.
229- عَليّ بن أَبِي نصر [5] بن أَحْمَد بن ضمَّة [6] .
أَبُو الحَسَن الوَاسِطِيّ.
حَدَّثَ عن المبارك بن الحُسَيْن بن نَغُوبا.
ومات في ذي القِعْدَة، بواسط.
230- عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ [7] بْنِ أَبِي سَعْد.
أَبُو الحَسَن المَوْصِليّ، أخو سليمان الموصليّ.
سمعا بإفادة أخيهما: يوسف من عبد الوهاب الأنماطي، وإسماعيل بن أبي
__________
[1] في تكملة الصلة رقم 1888.
[2] انظر عن (علي بن محمد بن سعيد) في: تكملة الصلة لابن الأبار، رقم 1889، والذيل والتكملة على كتابي الموصول والصلة ج 5 ق 1/ 306 رقم 595.
[3] في الذيل: «سمحون» بالحاء المهملة.
[4] في التكملة.
[5] انظر عن (علي بن أبي نصر) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 413 رقم 1561.
[6] ضمّة: بفتح الضاد المعجمة وتشديد الميم وفتحها وبعدها تاء تأنيث.
[7] انظر عن (علي بن محمد بن علي) في: التقييد لابن نقطة 415، 416 رقم 554، وتاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 159، والتاريخ المجدد لابن النجار (باريس) ورقة 9، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 399، 400 رقم 1540، والمختصر المحتاج إليه 3/ 137 رقم 1040، والإشارة إلى وفيات الأعيان 321، والعبر 5/ 51، والنجوم الزاهرة 6/ 221، وشذرات الذهب 5/ 60.
وقد جعل السيد كمال يوسف الحوت في تحقيقه لكتاب (التقييد) كتاب: التحبير لابن السمعاني، من مصادر صاحب الترجمة، وشذرات الذهب 4/ 189.
ويقول خادم العلم وطالبه «عمر عبد السلام تدمري» : إن المذكور في التحبير هو: علي بن أحمد بن محمد بن أبي العباس اللباد الأصبهاني، وهو شيخ لابن السمعاني، توفي سنة 560 هـ.(44/209)
سَعْد الصُّوفِيّ، وَالحُسَيْن بن عَليّ سِبط الخَيَّاط، وَأَبِي البدْر الكَرْخِيّ، وَأَبِي منصور بن خَيْرون، وأبي الحسن بن عبد السلام، ومحمد ابن السَّلّال، وجماعة.
وَرَوَى الكثير، سَمِعَ منه أَبُو عبد الله الدبيثي وقال: كان صحيح السماع.
تُوُفِّي في سادس عشر جُمَادَى الآخرة.
231- عَليّ بن المبارك [1] بن عَليّ بن بشير الشَّيْبَانِيّ، البَغْدَادِيّ، المُطَرِّز، المُقْرِئ، المأمونيّ.
أَبُو الحَسَن.
وُلِدَ سنة ستٍّ وخمسين.
وَسَمِعَ من: أَبِي المعالي ابن البقلي، وذاكر بن كامل، وجماعة، وَحَدَّثَ.
وكتب الكثير بخطّه. وَكَانَ كثير التّلاوة.
232- عَليّ بن أَبِي بَكْر [2] بن أَبِي السَّعَادَات بن مواهب الحَمّاميّ [3] .
عُرف بابن الهُنَيْد [4] .
وُلِدَ سنة ثمانٍ وثلاثين.
وَحَدَّثَ عن عَبْد الملك بن عَليّ الهَمَذَانِيّ.
[حرف الفاء]
233- فاطمة بنت أَبِي المعالي [5] مُبارك بن مُحَمَّد بْن أَبِي مَنْصُور أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد السَّلَام بْن قيداس.
__________
[1] انظر عن (علي بن المبارك) في: تاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 164، 165، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 409 رقم 1554.
[2] انظر عن (علي بن أبي بكر) في: تاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 176، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 397 رقم 1533.
[3] الحمّامي: بالميم المشدّدة المفتوحة.
[4] الهنيد: تصغير الهند. بضم الهاء وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف ودال مهملة.
[5] انظر عن (فاطمة بنت أبي المعالي) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 406، 407 رقم 1549، والمختصر المحتاج إليه 3/ 270 رقم 1429.(44/210)
أم عَبْد الرَّحْمَن البَغْدَادِيَّة الحَرِيمِيَّة.
ولدت سنة إحدى أو اثنتين وعشرين وخمسمائة.
وروت عن أَحْمَد بن عَليّ بن الْأشقر.
رَوَى عَنْهَا الدُّبَيْثِي وَقَالَ: تُوُفِّيت في شعبان، وكانت شيخة صالحة، ثقُل سمعها.
234- فاطمة بنت يونس بن أَحْمَد.
ستٍّ النِّعم، أخت الوزير عُبَيْد اللَّه.
أجاز لها أَبُو الوَقْت. كتب عَنْهَا القطيعيّ.
[حرف الميم]
235- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد العزيز [1] بن سعادة.
أَبُو عَبْد اللَّه الشَّاطِبيّ، المُقْرِئ.
أخذَ القراءة عن: أَبِي الحسن بن هذيل، وأبي بكر بن نمارة، وجماعة.
وَسَمِعَ من: أَبِي عَبْد اللَّه بْن سعادة، وأبي مُحَمَّد بْن عاشر. وأخذ العربية عن أَبِي الْحَسَن بْن النّعمة، وأبي عَبْد اللَّه بن حُمَيْد، وجماعة.
قَالَ الْأبَّار [2] : وكان مقرئا متصدّرا، نحويا، لُغويًا، محقّقا، لقيته وقد زار أَبِي. وَسَمِعْتُ منه مسألة في «الْجُمَل» [3] . وأجاز لي بعد سماعي من عَمِّه أَبِي عَبْد اللَّه بن سَعادة المُعَمَّر. وقد أخذ عَنْهُ جماعة.
236- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن جُبير [4] بن محمد بن جبير.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد العزيز) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 599، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 412 رقم 1559، والذيل والتكملة على كتابي الموصول والصلة ج 5 ق 2/ 683، 684، ومعرفة القراء الكبار 2/ 603 رقم 566، وغاية النهاية 2/ 172، وبغية الوعاة 1/ 29، وشذرات الذهب 5/ 61.
[2] في تكملة الصلة 2/ 599.
[3] أي كتاب «الجمل» للزّجّاجيّ.
[4] انظر عن (ابن جبير) في: زاد المسافر للتجيبي 72، وتكملة الصلة لابن الأبار 2/ 598، وعقود الجمان لابن الشعار 6/ ورقة 63- 67، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 407 رقم 1550، والمطرب(44/211)
الإِمَام أَبُو الحُسَيْن ابن الْأجلّ أَبِي جَعْفَر الكِنانيّ، البَلَنْسِيّ، نزيل شاطبة.
إمامٌ صالحٌ، جليلٌ، كاتب، أديب، بليغ.
ولد سنة أربعين وخمسمائة في عاشر ربيع الْأَوَّل ببَلَنْسِية.
وَسَمِعَ من: أَبِيهِ، وَأَبِي عَبْد اللَّه الْأصيليّ، وَأَبِي الحَسَن عَليّ بن أَبِي العَيْش المُقْرِئ، وأخذ عَنْهُ القراءات.
وَحَدَّثَ بالإجازة عَن الحَافِظ أَبِي الوليد ابن الدَّبَّاغ، وَمُحَمَّد بن عَبْد اللَّه التَّمِيمِيّ السَّبْتيّ. ونزل غَرْنَاطَة مُدَّة، وسافر إلى الإسكندرية، والقدس، والحجّ.
قَالَ الْأبَّار [1] : عُني بالآداب، فبلغ فيها الغاية، وتقدّم في صناعة النَّظْم والنَّثْر، ونال بذلك دنيا عريضة وتقدّم. ثُمَّ رفض ذَلِكَ، وزَهدَ وصحب أَبَا جَعْفَر بن حسّان، وحجَّ، وَسَمِعَ من عُمَر المَيَّانِشيّ، وَعَبْد الوَهَّاب بن سُكينة الصُّوفِيّ [2] . ودخل دمشق، فسمع من الخُشوعيّ، وطائفة. ورجع فحدَّث بالْأنْدَلُس، وكُتبَ عَنْهُ شِعره ودوّن، وأخذ عَنْهُ جماعة. ثُمَّ رجع ثانية إلى المَشْرق، وعادَ إلى المغرب، ثُمَّ رحل ثالثة إلى المشرق، وَحَدَّثَ هناك، ودُفن بالإسكندرية وبها مات في السابع والعشرين من شَعْبان.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ المُنْذِريّ، والكمال ابن شُجاع الضّرير، وعبد الرحيم بن
__________
[ () ] لابن دحية 1/ 86، والمغرب في حلي المغرب 2/ 384، والذيل والتكملة على كتابي الموصول والصلة ج 5 ق 2/ 595- 621، وملء العيبة للفهري 2/ 194 و 195، والإعلام بوفيات الأعلام 252، والإشارة إلى وفيات الأعيان 321، والعبر 5/ 51، ومعرفة القراء الكبار 2/ 6004 رقم 567، وسير أعلام النبلاء 22/ 45- 47 رقم 32، والإحاطة لابن الخطيب 2/ 168، وغاية النهاية 2/ 60 رقم 2713، وذيل التقييد لقاضي مكة 1/ 41، 42 رقم 15، والمقفّى الكبير للمقريزي 5/ 152 رقم 1692، والنجوم الزاهرة 6/ 214، وجذوة الاقتباس 172، ونفح الطيب 1/ 515- 575، وشذرات الذهب 5/ 60، 61، ودائرة المعارف الإسلامية 3/ 777، والأعلام 6/ 214، وكشف الظنون 836، وإيضاح المكنون 2/ 623 د ومعجم المؤلفين 8/ 245، 246، وتاريخ الفكر الأندلسي 316- 318. وانظر مقدّمة رحلته.
[1] في التكملة 2/ 598.
[2] تحرفت في التكملة الأبارية إلى: «الصدفي» ، وابن سكينة الزاهد مشهور توفي سنة 607. وقد مرّت ترجمته في الطبقة السابقة.(44/212)
يوسف بن المخيّليّ، أَبُو الطّاهر إسْمَاعِيل بن هبة اللَّه المليجيّ، وآخرون.
قَالَ شيخُنا الدِّمْيَاطِيّ: أنشدني أسد بن أَبِي الطّاهر بدمشق، أنشدنا أَبُو الحَسَن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن جُبير بدِمْيَاط:
نَفَذَ القضاءُ بأخذِ كلِّ مُرَهّق ... مُتَفَلْسِفٍ في دينهِ مُتَزَنْدقِ
بالمنطقِ اشتغَلُوا فقيلَ حقيقةٌ ... إِنَّ البَلاءَ مُوَكَّلٌ بالمنطقِ
تُوُفِّي بالثَّغر، ودُفن بكوم عَمْرو بن العاص.
237- مُحَمَّد بن الإِمَام العلّامة أَبِي الخير [1] أَحْمَد بن إسْمَاعِيل القَزْوِينِيّ الواعظُ.
أَبُو بَكْر الفقيه.
وُلِدَ سنة أربعٍ وخمسين.
وَقَدِمَ بَغْدَاد مَعَ أَبِيهِ، وَسَمِعَ بها من شُهْدَة، وَأَبِي الْأزهر مُحَمَّد بن مُحَمَّد الوَاسِطِيّ. وتَفَقَّه عَلَى والده.
وتكلَّم في المسائل والوعظ، وَحَدَّثَ.
وَتُوُفِّي في عاشر ربيع الآخر بقيصريّة من الرّوم [2] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبي الخير) في: تاريخ ابن الدبيثي (شهيد علي) ورقة 19، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 395، 396 رقم 1528، والتدوين في أخبار قزوين 1/ 171، 172، وسير أعلام النبلاء 22/ 181، 184 رقم 124، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي، ورقة 23.
[2] تكملة المنذري 2/ 395، 396، وقال القزويني: وكان له جاه وهمّة عالية ومروءة ومهارة في التذكير وقبول عند السلاطين ... وتقلّد القضاء ببلد الروم مدة ثم خرج منها، ثم استدعاه سلطانها فتوفي في الطريق سنة أربع عشرة وستمائة. (التدوين) .
وقال المؤلف- رحمه الله- في سير أعلام النبلاء 22/ 183: قال ابن النجار: سمعت جماعة يرمونه بالكذب ويذمّونه» .
ويقول خادم العلم وطالبه محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :
هذا وهم وذهول من المؤلّف- رحمه الله-، فقول «ابن النجار» ليس في أبي بكر الفقيه هذا، بل هو في أخيه «أبي المناقب» الّذي ستأتي ترجمته في وفيات سنة 623 هـ. من الطبقة التالية. ولم ينتبه محقّقا «السير» الدكتور بشار عوّاد معروف والدكتور محيي هلال السرحان لهذا الوهم فذهلا كما ذهل المؤلّف.(44/213)
رَوَى عَنْهُ القُوصِيّ [1] .
وَهُوَ أخو أَبِي المناقب مُحَمَّد [2] .
238- مُحَمَّد ابن الزَّاهد أَبِي عَبْد الرَّحْمَن [3] أَحْمَد بن أَبِي سَعْد [4] بن حَمَّوَيْه [5] الْجُوَيْنِيّ.
أَبُو سَعْد الصُّوفِيّ، الشافعيّ.
وُلِدَ سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من السِّلَفيّ، وغيره. وأجاز لَهُ ابن البَطِّيّ، وجماعة.
وسكن القاهرة بخانقاه سَعِيد السّعداء. وَكَانَ عَلَى سَدَادٍ وأمر جميل، وخير.
روى عنه: الزّكيّ المنذريّ، وغيره.
وتوفّي في ربيع الآخر [6] .
239- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد العزيز [7] .
الإمام أبو عبد الله المعروف بابن الفتوت، بفاء ثمّ مثنّاتين [8] .
__________
[ () ] انظر ترجمة أبي المناقب في السير 22/ 182، 183 رقم 123 ففيه تكذيب ابن النجار له.
وانظر: ميزان الاعتدال 4/ 463 رقم 7174، والمغني في الضعفاء 2/ 548 رقم 5737، ولسان الميزان 5/ 55، 56 رقم 189 وكلّها تؤكد أن أبا المناقب هو الّذي كذب، وليس أبا بكر.
[1] لم يذكر المؤلّف- رحمه الله- في السير رواية القوصيّ عنه، ولم يذكر ذلك كلّ من المنذري، والقزويني.
[2] انظر ترجمة أبي المناقب في الطبقة التالية، ولهما أخ ثالث اسمه «محمد» أيضا، وكنيته: أبو إسماعيل. انظر: التدوين 1/ 171.
[3] انظر عن (محمد بن الزاهد أبي عبد الرحمن) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 396 رقم 1529، والمقفى الكبير للمقريزي 5/ 173 رقم 1722.
[4] في تكملة المنذري 2/ 396 «بن أبي سعيد» والمثبت يتفق مع المقفى للمقريزي 5/ 173.
[5] بتشديد الميم كما قيّده المقريزي في المقفى.
[6] في تكملة المنذري توفي في الخامس عشر من شهر ربيع الآخر. وفي المقفى للمقريزي: «قال المنذري: توفي في الحادي عشر من ربيع الآخر سنة أربع عشرة وستمائة بالقاهرة، وقيل: توفي يوم السبت لتسع خلون من ربيع الأول!» .
والله أعلم بالصّواب.
[7] انظر عن (محمد بن أحمد بن عبد العزيز) في: غاية النهاية 2/ 68 رقم 2741.
[8] قال ابن الجزري: بفتح الفاء.(44/214)
شيخ القرّاء بمدينة فاس، كانت الرحلة إليه لسنّه، وإسناده، وعدالته.
تلا بالسّبع على محمد بن محمد بن معاذ الفلنقيّ، والقاسم بن الزّقّاق [1] ، وجماعة.
وسمع من: أبي الحسن بن حنين، وابن الرّمّامة.
روى عنه بالإجازة ابن مسدي، قال: توفّي سنة أربع عشرة وستمائة [2] .
240- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن عَليّ [3] .
أَبُو سَعِيد السّراجيّ، النَّيْسَابُوري، الصُّوفِيّ.
من صوفية السُّمَيْساطية.
حَدَّثَ عن: الحافظَين السِّلَفيّ، وابن عساكر.
وَتُوُفِّي فِي ذي القِعْدَة.
241- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يوسف [4] .
أَبُو عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ، الغَرْنَاطَيّ، المعروف بابن صاحب الْأحكام.
قَالَ الْأبَّار [5] : وُلِدَ سنة ثمانٍ وعشرين [6] . وَرَوَى عَن أَبِي الحَسَن شُرَيْح، وَأَبِي الحكم بن غشليان، وأبي القاسم بن رضا. يعني: بالإجازة لا السّماع.
قلت: أجاز للشيخ أبي حيّان النّحويّ، [و] [7] أبي جَعْفَر أَحْمَد بن يوسف الطِّنجاليّ، وَسَمِعَ منه ابن مسدي وَقَالَ: هُوَ أحد المشايخ الْأعلام ببلاده، قرأ القرآن عَلَى عَبْد اللَّه بن خَلَف، وابن بقيّ القَيْسِيّ. وَسَمِعَ من جماعةٍ، وتَفَرَّدَ بالرواية عن ابن غَشَلْيان، وأجاز لَهُ أَبُو بَكْر بن العربيّ. سَمِعْتُ منه أجزاء،
__________
[1] في غاية النهاية: «الرقاق» بالراء.
[2] في غاية النهاية: وقال الذهبي: أحسبه عاش بضعا وثمانين سنة.
[3] انظر عن (محمد بن أحمد بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 413 رقم 1563.
[4] انظر عن (محمد بن أحمد بن يوسف) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 597، 598، وسير أعلام النبلاء 22/ 61، 62 رقم 45.
[5] في تكملة الصلة 2/ 598.
[6] الموجود في (التكملة) : «مولده سنة ثلاثين أو إحدى وثلاثين وخمسمائة، الشك منه» .
[7] إضافة على الأصل.(44/215)
وفوائد. أخذ علم الوثائق عن خاله مُحَمَّد بن يَحْيَى البَكْرِي، أَخْبَرَنَا سماعا بغَرْنَاطَة سنة إحدى عشرة: أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بن خَلَف، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بن عَبْد الجليل الغَسَّانِيّ بالقيروان، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَن عَليّ بن مُحَمَّد بن خلف القابسيّ، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بن أَبِي هاشم التُّجَيْبيّ، أَخْبَرَنَا عيسى بن مسكين، وغيره، قَالَا: حَدَّثَنَا سُحنون، حَدَّثَنَا ابن الْقَاسِم بحديثٍ ذكره ابن مسدي في «معجمه» . وما أحسب الغَسَّانِيّ لقيَ القابسيّ، لعلّ سَقَط بينهما رجل، لكن قال ابن مسدي: هذا أعلى ما كَانَ من الْأسانيد إلى القابسي. ثُمَّ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أَحْمَد سماعا، أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن عبد الملك بْن غَشَلْيان كتابا، قَالَ: كتب إليَّ القاضي الخِلْعيّ، وَحَدَّثَنِي عَنْهُ ابن سُكَّرة، فذكر حديثا.
تُوُفِّي فُجاءة في رجب، قَاله الْأبَّار.
242- مُحَمَّد بن صالح [1] بن سلطان [2] .
أَبُو البدر [3] المَوْصِليّ، الحَنَفِيّ.
حَدَّثَ عن أَبِي طاهر السِّلَفيّ [4] .
243- مُحَمَّد بن طَالِب بن أَبِي الرجاء بن شَهْريار.
أَبُو الغنائم الأصبهانيّ.
تُوُفِّي عن ثلاثٍ وثمانين سنة.
244- مُحَمَّدِ بْن عَبْد الرَّحْمَن [5] بْنُ مُحَمَّدِ بن عليّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن صالح) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 417، 418 رقم 1572، والمقفى الكبير للمقريزي 5/ 726 رقم 2357.
[2] في تكملة المنذري 2/ 417 «سليمان» والمثبت يتفق مع: المقفى.
[3] في المقفى: «يدعى بدر، أبو الوليد» .
[4] في المقفى: «سمع من السلفي الأربعين البلدانية بثغر الإسكندرية سنة سبع وستين وخمسمائة، وحدّث بها يحلب، وكتب عنه بالإسكندرية» .
[5] انظر عن (محمد بن عبد الرحمن) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 43، 44 رقم 253، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 417 رقم 1571، والمختصر المحتاج إليه (في المستدرك) 2/ 317 رقم 127.(44/216)
أبو عبد الله ابن الحُلْوَانِي، البَغْدَادِيّ.
سمَّعه أَبُوه من أَبِي المعالي أَحْمَد بن عَليّ بن السَّمين، وغيره.
245- مُحَمَّد بن عَبْد العزيز [1] بن سَعادة.
الشَّيْخ المُعَمَّر، مُسْند الْأنْدَلُس، أَبُو عَبْد اللَّه الشَّاطِبيّ المُقْرِئ.
أخذَ القراءاتِ عن أَبِي الْحَسَن بْن هُذيل، وأبي بَكْر بن نمارة، وبعض القراءات عن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الحسن بن سعيد الدّانيّ، أخذ عنه قراءة نافع.
وأخذ القراءات ببلنسية عن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بن أَحْمَد بن عِمران.
وَسَمِعَ من: أَبِي الْحَسَن بْن النّعمة، وأبي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن يوسف بْن سعادة، وأبي محمد بن عاشر.
قال الأبّار [2] : تصدّر للإقراء ببلده. وكان من أهل الصّلاح، والمعرفة بالقراءات والإتقان لها، وطال عمره، وأخذ النّاس عنه. وقدم بلنسية سنة عشر، فأخذت عنه، وَسَمِعْتُ منه. وَكَانَ شيخُنا أَبُو الخَطَّاب بن واجب يثني عَلَيْهِ، ويوثّقه. وَتُوُفِّي بشاطبة في تاسع شوّال سنة أربع عشرة عن سنّ عالية أربت عَلَى المائة يسيرا. وَهُوَ مُمَتَّع بجوارحه كلها. مولده سنة أربع عشرة وخمسمائة، وَقِيلَ سنة ستٍّ عشرة.
246- مُحَمَّد بن عَبْد النّور [3] بن أَحْمَد.
أَبُو بَكْر الشَّيْبَانِيّ [4] ، الإشبيليّ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْر بن صاف، وأبا الحَسَن نَجَبَة، وأبا عَبْد اللَّه بن زَرقون، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد العزيز) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 599، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 412 رقم 1559، وبرنامج شيوخ الرعينيّ 165، 166، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 6/ 383، وأهل المائة فصاعدا (نشر في مجلّة المورد) 2/ 4/ 136، والعبر 5/ 51، 52، ومعرفة القراء الكبار 2/ 605 رقم 568، وغاية النهاية 2/ 172، وشذرات الذهب 5/ 61.
وقد ذكره المؤلّف- رحمه الله- في سير أعلام النبلاء 22/ 83 دون ترجمة.
[2] في التكملة 2/ 599.
[3] انظر عن (محمد بن عبد النور) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 596.
[4] في التكملة: «السبائي» وهو تصحيف.(44/217)
وَكَانَ مُعتنيًا بالرواية، كثيرَ السّماع، صالحا، متواضعا، زاهدا.
حَدَّثَ عَنْهُ جماعة. واستشهد في وَقْعَة قَصْر أَبِي دانِس بغرب الْأنْدَلُس، في أوائل السنة، رحمه اللَّه.
247- مُحَمَّد ابن القاضي مُحَمَّد [1] بن أيّوب بن مُحَمَّد بن نوح الغافقيّ.
أَبُو الْقَاسِم.
سَمِعَ: أَبَاه، وأبا الْقَاسِم بن حُبَيْش. وأجاز لَهُ أَبُو مروان بن قزمان.
قَالَ الْأبَّار [2] : وَكَانَ فقيها، ماهرا بالشُّرُوط، شاعرا، وَلِيَ قضاء المريَّة، ثُمَّ قضاء بَلَنْسِية فلم تُحْمد سيرته، فعُزل، وماتَ بمَرّاكش في جُمَادَى الْأولى، عن نحو ستّين سنة.
248- مُحَمَّد ابن الإِمَام الكبير أَبِي الْحَسَن عَلِيّ [3] بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن هُذَيْل.
أَبُو عامر، البَلَنْسِيّ، المُقْرِئ.
أخذَ القراءات عَن والده، وَسَمِعَ منه كثيرا، ومن: طارق بن يَعيش، وَأَبِي عَبْد اللَّه بْن سعادة. وأجاز لَهُ أَبُو طاهر السِّلَفيّ.
قَالَ الْأبَّار [4] : وَكَانَ من أهل الصَّلاح، والوَرَع، شديدَ الانقباض عن النَّاس، مقتصرا عَلَى باديته، معروفا بالعبادة، والزُّهد. وَرَوَى اليسير. لقيته وَهِبْتُ أن أستجيزه لَمَّا كنتُ أعرف من نُفوره، وعُسر انقياده، واستجازه لي أَبِي. ولم يكن لَهُ علم بالحديث. تُوُفِّي في ذي القِعْدَة، وقد نيّف عَلَى السبعين، وازدحمت العامة على نعشه. وشهده السّلطان.
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 596، 597، والوافي بالوفيات 1/ 216 رقم 144.
[2] في التكملة 2/ 596- 597.
[3] انظر عن (محمد بن أبي الحسن علي) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 601، والذيل والتكملة على كتابي الموصول والصلة 6/ 489، ومعرفة القراء الكبار 2/ 605، 606 رقم 569، وغاية النهاية 2/ 208، ونهاية النهاية، ورقة 251.
[4] في تكملة الصلة 2/ 601.(44/218)
249- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَيْشون [1] بن عُمَر بن صَبَّاح.
أَبُو عَمْرو اللَّخْميّ، الأندلسيّ، البَكّيّ.
وبكَّة: من عمل مُرسية.
قَالَ الْأبَّار: سَمِعَ أَبَا العَبَّاس بن إدريس، وأبا عَبْد اللَّه بن سعادة، وأبا عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحِيم. وأجازَ لَهُ أَبُو الحَسَن بن هُذَيْل، وجماعة. وَكَانَ يَعقِد الشُّرُوط. وَلَهُ تقييد مُفيد في «الوفيات» اعتمدت عَلَيْهِ، وَحَدَّثَنِي بِهِ عَنْهُ ابنه عَيْشُون. وَتُوُفِّي في ذي القِعْدَة، عن ستٍّ وسبعين سنة.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ ابن مَسْدي.
250- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يبقى [2] بن جَبَلة.
أَبُو بَكْر الْأَنْصَارِيّ، الخَزْرَجِي، الْأورْيُوليّ.
حجَّ، وَسَمِعَ من السِّلَفيّ.
وسكن مِصْر. وأجاز في هَذَا العام [3] .
251- مُحَمَّد بن مُظَفَّر [4] بن شجاع.
أبو عبد الله ابن البوّاب.
حدّث عن: أَبِي الوَقْت السِّجْزِي، وغيره.
ومات في ربيع الآخر [5] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد بن عيشون) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 600.
[2] انظر عن (محمد بن محمد بن يبقى) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 601، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 27 رقم 1768 والمقفى الكبير 7/ 102 رقم 1387، وسيعاد في وفيات سنة 617 هـ برقم 490.
[3] قال المقريزي: ولد بأريولة من شرقي مرسية بعد الخمسين والخمسمائة. وقدم إلى القاهرة. وكان شيخا صالحا عدلا، له معرفة بالطب. وشَهِدَ عند قاضي القضاة أَبِي القاسم عَبْد الرحمن بن عبد العلي ابن السكّري، ومن بعده. وكان من المعتبرين.
سمع بمكة ومصر والقاهرة من جماعة. وتوفي بالقاهرة يوم الجمعة العشرين من ذي القعدة سنة سبع عشرة وستمائة. ويبقى: بفتح الياء آخر الحروف ثم باء موحّدة ساكنة وقاف.
[4] انظر عن (محمد بن مظفّر) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 150، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 397 رقم 1531، والمختصر المحتاج إليه 1/ 148، 149.
[5] مولده في سنة 547 هـ.(44/219)
252- مُحَمَّد بن يوسُف بن أحمد بن مَعْن.
أَبُو بَكْر الْأَزْدِيّ، الشَّريشيّ.
رَوَى عَنْ أَبِيهِ. وحجَّ فسمع: من السِّلَفيّ، وأبي مُحَمَّد العُثْمانيّ، وجماعةٍ.
وَكَانَ عدْلًا، شُرُوطيًا. ولي القضاء ببعض الْأعمال.
وَحَدَّثَ.
وَتُوُفِّي في ذي القِعْدَة، ومات في عشر السبعين.
253- مُحَمَّد بن أَبِي الْقَاسِم [1] بن مُحَمَّد.
الْأمير بدر الدّين الهَكَّارِيّ.
أحد فُرسان المسلمين، لَهُ المواقف المشهودة في قتال الفرنج. وَكَانَ من أكابر أمراء المُعَظَّم، يستشيره ويثق بِهِ لصلاحه. وَكَانَ سمحا، لطيفا، وَرِعًا، خيِّرًا، بارا بأهله وبالفقراء. بنى بالقُدس مدرسة للشافعية. وَكَانَ يتمنّى الشهادة وَيَقُولُ: ما أحسن وَقْع سيوف الكُفَّار عَلَى وجهي وأنفي، فمَنَّ اللَّه عَلَيْهِ بالشّهادة عَلَى الطُّور، وَكَانَ بها لَمَّا حاصرها العدوّ. واستشهد يومئذٍ سيف الدين ابن المَرْزُبان. وحُمل الْأمير بدر الدّين إلى القُدس، فدُفن بتربته.
254- المبارك بْن أَحْمَد [2] بْن هبة اللَّه.
الشّريف أَبُو المُظَفَّر الهاشِمِيّ، المعروف بابن المكشوط.
ولد سنة أربعين وخمسمائة.
وقرأ القراءات على أبي بكر محمد بن خَالِد الرَّزَّاز الضّرير، صاحب أَبِي عَبْد اللَّه البارع.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبي القاسم) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 592، وذيل الروضتين 108، والوافي بالوفيات 4/ 350، 351 رقم 1910، والبداية والنهاية 13/ 87، والسلوك ج 1 ق 1/ 188، والنجوم الزاهرة 6/ 221.
[2] انظر عن (المبارك بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 410 رقم 1555، والمختصر المحتاج إليه 3/ 167، 168 رقم 1121.(44/220)
وَسَمِعَ من عَنْبَر مولى القاضي أَبِي مُحَمَّد العَلَويّ. وذكر أَنَّهُ سَمِعَ من أَبِي الوَقْت [1] .
وولي الخطابة بجامع المنصور مُدَّة، وبغيره من الجوامع.
قَالَ الدُّبَيْثِي: أَخْبَرَنَا ابن المكشوط، أخبرنا عنبر، أخبرنا يحيى ابن البَنَّاء، فذكر حديثا.
مات في خامس شَوَّال.
255- محمود، شجاع الدّين [2] الدِّمَشْقِيّ.
الدِّماغ.
من رؤساء البلد. كَانَ ذا ثروة عظيمة. ودارُهُ بجَنْب المدرسة العِمادية، جَعَلَتها زوجته عَائِشَة مدرسة للشافعية والحَنَفِيَّة [3] .
تُوُفِّي في ذي القِعْدَة.
256- معروف بن مَسْعُود [4] بن عَليّ بن بركة.
أَبُو محفوظ البَغْدَادِيّ، المُقْرِئ.
سَمِعَ من أَبِي الفتح بن البطّي، وحدّث. وذكر أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الوَقْت.
تُوُفِّي في ربيع الْأَوَّل.
257- مكّي بن أَبِي مُحَمَّد [5] بن محمد بن أبيه الدّمشقيّ.
__________
[1] قال المنذري: «ولم يوجد شيء من سماعه منه» . (التكملة 2/ 410) .
[2] انظر عن (محمود شجاع الدين) في: ذيل الروضتين 108، والبداية والنهاية 13/ 78، والسلوك ج 1 ق 1/ 188، وشذرات الذهب 5/ 61، والدارس 1/ 177، 178.
[3] انظر عنها في: الدارس في تاريخ المدارس 1/ 177، 178 رقم 43 و 1/ 397 رقم 103، ومنادمة الأطلال 97، 98.
[4] انظر عن (معروف بن مسعود) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 395 رقم 1526.
[5] انظر عن (مكي بن أبي محمد) في: طبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 10، 11 رقم 581، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 160 أ، وإيضاح المكنون 2/ 609، وهدية العارفين 2/ 471، ومعجم المؤلفين 13/ 4.(44/221)
عَرف بابن الدَّجاجية [1] .
فقيه، فاضل، قادر عَلَى النّظم.
قرأت بخط الضِّيَاء وفاته في ذي الحجَّة، وأنّه نظم كتاب «المُهَذَّب» في المَذْهب قصيدة عَلَى رَوِيِّ الراء، سمّاها «البديعة [2] في أحكام الشريعة» .
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ من شِعره الشِّهَاب القُوصِيّ، وَقَالَ: هُوَ الإِمَام حِفْظ الدّين أَبُو الحَرَم الصَّالحيّ، مدحَ الملك العادل، والصّاحب ابن شُكر، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:
تُوُفِّي كهلا في آخر سنة خمس عشرة [3] .
ولم يذكره المُنْذِريّ في «الوفيات» .
[حرف الهاء]
258- هاني بن الحَسَن [4] بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَسَن بْن قاسم.
أَبُو يَحْيَى اللَّخْميّ، الْأنْدَلُسِيّ، الغَرْنَاطَيّ.
رَوَى عن: أبيه، وعمّه أبي الحسن محمد.
قال الأبّار: كان حافظا للّغة، ذاكرا للخلاف، مشاركا في علم الأصول.
ولي قضاء شلب، وبها توفّي [5] .
قال: وفيها [6] كانت وقعة القصر.
259- هبة الله بْن أَحْمَد [7] بْن عَبْد الواحد بن عبد الوهّاب.
__________
[1] هكذا في الأصل، بالدال المهملة. أما في بقية المصادر: «الزجاجية» بالزاي.
[2] في إيضاح المكنون 2/ 609، وهدية العارفين 2/ 471 «الذريعة» ، والمثبت يتفق مع بقية المصادر.
[3] وفيها ورّخه كل الذين ترجموا له، ما عدا الصفدي في: الوافي بالوفيات، وهو ينقل عن المؤلّف.
[4] انظر عن (هاني بن الحسن) في: تكملة الصلة لابن الأبار (نسخة الأزهر) 3/ ورقة 122.
[5] مولده سنة 553 هـ.
[6] أي في هذه السنة 614 هـ.
[7] انظر عن (هبة الله بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 398 رقم 1535، وقد ذكره المؤلف- رحمه الله- في: سير أعلام النبلاء 22/ 84 دون ترجمة.(44/222)
أبو الغنائم السّلميّ الدّمشقيّ الكهفيّ.
كان مقيما بالكهف الّذي بسفح قاسيون.
حدّث عن أَبِي المغارم عبد الواحد بن هلال.
روى عنه الضِّيَاء، وشمس الدّين بن أَبِي عُمَر، والفَخْر عليّ، والشمس محمد ابن الكمال، وجماعةٌ.
ومنهم من سمّاه: أَبَا مُحَمَّد غنائم بن أَحْمَد.
تُوُفِّي في سادس جُمَادَى الْأولى بالكَهف، وَلَهُ نيّفٌ وستّون سنة.
[حرف الياء]
260- ياقوت الخَليفيّ [1] النَّاصريّ.
الْأمير أَبُو الحَسَن.
ولي إمرة الحاجّ، وولي تستر، وخوزستان، وبها تُوُفِّي في جُمَادَى الْأولى.
261- يَحْيَى بن إِبْرَاهِيم [2] بن أَبِي تُراب مُحَمَّد.
الفقيه أَبُو تُراب الكَرْخِيّ، اللّوزيّ، الشَّافِعِيّ.
وُلِدَ سنة ستٍّ وعشرين وخمسمائة.
وتفقّه على الإمام أبي الحسن محمد ابن الخلّ، وَسَمِعَ منه، ومن: أَبِي الفضل الْأُرْمَوي، وَأَبِي الفتح الكُرُوخِيّ، وأبي الفرج عَبْد الخالق اليوسفيّ، وأبي الوَقْت، وجماعة.
وَحَدَّثَ بدمشق، وبَغْدَاد.
__________
[1] انظر عن (ياقوت الخليفي) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 398 رقم 1536، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 148.
[2] انظر عن (يحيى بن إبراهيم) في: التقييد لابن نقطة 488 رقم 666، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 386، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 406 رقم 1548، وعقود الجمان لابن الشعار 9/ ورقة 183 أ، والمختصر المحتاج إليه 3/ 238 رقم 1334، والمغني في الضعفاء 2/ 729 رقم 6921، وسير أعلام النبلاء 22/ 63، 64 رقم 47، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 368، 369 رقم 1009، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 160 أ، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 169، ولسان الميزان 6/ 241 رقم 847.(44/223)
وَهُوَ منسوب إلى محلة اللَّوزيَّة [1] . وأقام بدمشق مُدَّة.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وابنُ خليل.
وَقَالَ الشهاب القوصيّ: يحيى بن إبراهيم المفتي، قوام الدّين، معيد العماد الكاتب. أَخْبَرَنَا بالمُجاهديَّة سنة ستٍّ وتسعين، أَخْبَرَنَا ابن الزَّاغُونيّ، فذكر حديثا.
وَقَالَ ابن نُقْطَة [2] : دخلتُ عليه سنة سبع وستمائة، فرأيته مُخْتلًا، ذكر لي أن الملائكة تنزل عَلَيْهِ من كَنيسة داره بالثياب الخُضر- في هذيان طويل-. ثُمَّ قُرئ عَلَيْهِ بعد ذَلِكَ كتاب «التِّرْمِذِي» . قَالَ: فحدَّثني بعض أصحابنا: أَنَّهُ كَانَ إِذَا طال عَلَيْهِ المجلس شتمهم بفحش، ودوَّر [3] عَلَى شيء ليضربهم بِهِ. وَحَدَّثَنِي عَبْد العزيز بن هِلالة قَالَ: دخلت عَلَى أَبِي تُراب يوما، فَقَالَ لي: من أَيْنَ أَنْتَ؟
فقلت: من المغرب، فبكى، وَقَالَ: لَا رضي اللَّه عن صلاح الدّين، ذاك فساد الدّين، أخرج الخلفاء من مِصْر! وجعل يسبّه، فقمتُ، وخرجت.
قَالَ ابن نُقْطَة: سَمِعَ «الجامع» لأبي عيسى من الكُرُوخِيّ، ومات في ثالث عشر شعبان. وقد حدّث قديما بدمشق ب «مسند» الدّارميّ.
262- يَحْيَى بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمَد [4] .
أَبُو زكريا البَغْدَادِيّ، البَزَّاز.
عُرِف بابن حَسَّان.
حَدَّثَ عن أَبِي الفتح بن البَطِّيّ.
وَتُوُفِّي في شَوَّال.
263- يحيى بن أحمد [5] بن مسعود.
__________
[1] هي من محال بغداد المشهورة.
[2] في التقييد 488 بتصرّف.
[3] هكذا هنا وفي التقييد: «وأدار عينيه عن يمين شمال ينظر شيئا» .
[4] انظر عن (يحيى بن إبراهيم بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 412 رقم 560، والمختصر المحتاج إليه 3/ 238 رقم 1335.
[5] انظر عن (يحيى بن أحمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار (نسخة الأزهر) 3/ ورقة 134.(44/224)
أَبُو بَكْر الْأَنْصَارِيّ، القُرْطُبيّ.
أخذَ القراءات عن أَبِي الْقَاسِم بن غالب، وَسَمِعَ منه، ومن: أَبِي الْقَاسِم خَلَف بن بَشْكُوال، وَأَبِي مُحَمَّد بن مغيث.
وحجَّ، فسمع بمَكَّة من عَليّ بن عَبْد اللَّه بن حمود المِكناسيّ.
وولي خطة الشُّوري بقُرْطُبَة. وَكَانَ حسنَ الصَّوت، يستدعيه الأمير لصلاة التّراويح.
264- يَحْيَى بن عَبْد الملك [1] ابن العلّامة إلِكيا أَبِي الْحَسَن عَليّ بْن مُحَمَّد الهَرَّاسِيّ.
الطَّبَرِيّ الْأصل، البَغْدَادِيّ، أَبُو الفتوح الشَّافِعِيّ.
وُلِدَ بعد الأربعين وخمسمائة [2] .
وَسَمِعَ من: أَبِيهِ، وأبي الوَقْت.
وَحَدَّثَ ببَغْدَاد، ودمشق. رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، والشِّهَاب القُوصِيّ، وَالزَّكيّ المُنْذِريّ، وجماعةٌ.
قَالَ القُوصِيّ: هُوَ الرئيس بدر الدّين، حدّثنا بدمشق سنة اثنتين وستمائة، وتوَّلى ديوان الْأوقاف مُدَّة طويلة بدمشق. وَكَانَ ناهضا، أمينا، وَلَهُ شِعر مليح.
قُلْتُ: تُوُفِّي في ذي القِعْدَة.
265- يوسف بن عَبْد الصَّمَد [3] بن يوسف بن عَليّ.
الفقيه أَبُو الحَجّاج الفاسيّ الْأصُوليّ، المعروف بابن نَمِر.
قَالَ الْأبَّار: حَدَّثَ عن عُثْمَان بن عَبْد اللَّه السّلالقيّ الفاسي، وَمُحَمَّد بن عَبْد الكريم الفَنْدلاويّ. وأخذ عن أبي العبّاس بن مضاء.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن عبد الملك) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 414، 415 رقم 1567، والمختصر المحتاج إليه 3/ 244، 245 رقم 1348.
[2] وقال المنذري: «وذكر ما يَدُلُّ عَلَى أنَّ مولدَه فِي سنةِ اثنتين وأربعين وخمسمائة» .
[3] انظر عن (يوسف بن عبد الصمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار (نسخة الأزهر) 3/ ورقة 146.(44/225)
قَالَ الْأبَّار: وَكَانَ إماما في علم الكلام، والأصول، متحقّقا به، متقدّما في الحفظ، والذّكاء، مع المشاركة في فنون أخر. دخل إشبيلية، وأقرأ بها، ونوظر عليه، وعاد إلى بلده. وحدّث. وتوفّي في شهر رجب، وقد قارب السّتّين.
266- يوسف بن أَبِي الحَسَن [1] بن ياسين.
الشَّيْخ أَبُو الحجّاج ابن زين الدّار، الصُّوفِيّ، الزّاهد.
من شيوخ المصريّين، مشهور بالصَّلاح، والعزلة، والخَيْر.
سَمِعَ من أَبِي طاهر السِّلَفيّ.
وَتُوُفِّي في ربيع الآخر.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ عَبْد العظيم.
267- يوسف ابن الشَّيْخ الزّاهد الكبير أَبِي الحَسَن المَقْدِسِيّ [2] .
الإِمَام الصّالح، أَبُو الحَجّاج.
رَوَى عن أَبِي المعالي بن صابر.
رَوَى عَنْهُ: الضِّيَاء، وابن أخيه الفَخْر، وابن أخيه الشمس ابن الكمال، وَمُحَمَّد بن مؤمن، وغيرهم.
وَكَانَ صالحا، خيّرا، زاهدا، فقيها.
تُوُفِّي يوم الْجُمُعة سابع عشر ذي القِعْدَة بدمشق، ودُفن من الغد بباب الصغير، وشَيّعه خلق كثير، مَعَ كونه يوما مَطِيرًا. واستكمل ثلاثا وثمانين سنة، رحمه اللَّه.
وفيها وُلِدَ
الشَّيْخ عزّ الدّين أَحْمَد بن إِبْرَاهِيم الفاروثيّ.
والصّاحب مجد الدّين عَبْد الرحمن بن العديم.
__________
[1] انظر عن (يوسف بن أبي الحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 396، 397 رقم 1530.
[2] انظر عن (يوسف المقدسي) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 414 رقم 1565.(44/226)
ومحيي الدّين يحيى بن عليّ ابن القلانسيّ.
وقطب الدّين محمد بن أحمد ابن القَسْطلانيّ.
وَالشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عَبْد العزيز اللّوزيّ.
والخطيب محيي الدّين محمد ابن عماد الدّين ابن الحَرَسْتَاني.
والشَّرَف أَبُو العَبَّاس أَحْمَد بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه المَقْدِسِيّ الفَرَضيّ.
ومحيي الدّين محمد بن يعقوب ابن النّحّاس.
وأمين الدّين عَبْد الصَّمَد بْن عَبْد الوهّاب ابن عساكر.
وابنُ عمِّه الشرفُ أَحْمَد بْن هبة اللَّه بن أَحْمَد.
وتاج الدّين إسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن قُريش المَخْزُومِيّ.
وضياء الدّين عَبْد الرَّحْمَن بن عَبْد الوَهَّاب، خطيب بعلبكّ.
ومحيي الدّين محمد ابن الكمال الضّرير العَبَّاسيّ.
ونجم الدّين عَليّ بن عَليّ بن اسمنديار الواعظ.
وَأَبُو الغنائم بن محاسن الكفّرابيّ.
والزّين مُحَمَّد بن الحُسَيْن الفُوّيّ، راوي «الخِلعيات» .
والسيف داود بن مسعود ابن القِينيّ.
ومجد الدّين عَبْد الرَّحْمَن بن العديم، في جُمَادَى الْأولى [1] .
وَأَحْمَد بن يوسف بن مكتوم، في شوّال.
__________
[1] هو المذكور ثانيا في هذه القائمة من المواليد، وقد ذهل المؤلّف- رحمه الله- فلم يتنبّه لتكراره.(44/227)
سنة خمس عشرة وستمائة
[حرف الألف]
268- أحمدُ بْن أَحْمَد [1] بْن أَبِي السَّعَادَات أَحْمَد بن كَرَم بن غالب.
الحَافِظ أَبُو العَبَّاس البَنْدَنِيجِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ الْأزَجيّ. العدل.
ولد سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.
وقرأ القرآن عَلَى أَبِي حكيم النَّهروانيّ تَلْقِينًا. وقرأ القراءات عَلَى أَبِي الحَسَن عَليّ بْن عساكر، وغيره.
وسمع من: أبي بكر ابن الزّاغونيّ، وأبي الوقت السّجزيّ، وأبي محمد ابن المادح، وأبي المظفّر هبة الله ابن الشِّبْلِي، وابن البَطِّيّ، وَالشَّيْخ عَبْد القادر، وخلقٍ كثير بعدهم.
وحَصَّل الْأصول، وكتب الكثير، وعُني بالرِّواية أتمَّ عناية، وبالغ في الطَّلب، وحصَّل الْأصول [2] ، وعُني بالفَهْم، وضَبْط الْأسماء، وتحقيق الْألفاظ، والمختلف والمُؤتلف، وحَصَّل طرفا من العربية. وكانت قراءته صحيحة، فصيحة، مُنَقّحة، بنغمة مُطْربة، وأداء عَذْب.
وُجد خطّه عَلَى سجلٍّ باطل، فطُولب بأصله، فذكر أنّ قاضي القضاة
__________
[1] انظر عن (أحمد بن أحمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 161، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 442، 443، رقم 1622، والمختصر المحتاج إليه 1/ 173، وسير أعلام النبلاء 22/ 64، 65 رقم 48، والإشارة إلى وفيات الأعلام 322، والعبر 5/ 54، 55، ومرآة الزمان ج 8 2/ 600، والوافي بالوفيات 6/ 224، 225 رقم 2692، ومرآة الجنان 4/ 31، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 108، 109، وغاية النهاية 1/ 37، 38، والنجوم الزاهرة 6/ 226، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي، ورقة 2، وشذرات الذهب 5، 62، والمنهج الأحمد 346، والمقصد الأرشد، رقم 9، والدرّ المنضد 1/ 340 رقم 972، والتاج المكلل للقنوجي 227، 228.
[2] هكذا تكرّرت في الأصل.(44/228)
مُحَمَّد بن جَعْفَر العَبَّاسيّ قَالَ لَهُ: أَنَا شاهدتُ الْأصل، فاكتبه، فركن إلى قوله.
فأُحضر إلى دار الخِلافة، ورُفع طَيْلسانه، وكُشف رأسه، وأُركب جملا، وطيف بِهِ وبشاهدين آخرين، وصُفعوا، ونودي عليهم: «هذا جزاء من يشهد بالزّور» ، وحُبسوا مُدَّة، وَذَلِكَ في سنة ثمانٍ وثمانين.
ولم يزل أَحْمَد البَنْدَنِيجِيّ خاملا إلى أن ظهرت الإجازة للخليفة النّاصر.
وَكَانَ أخوه تميم قد تَوَلَّى أخْذها، فذكرَ حاله للنّاصر، وأنّه لم يشهد بزُورٍ محض، بل ركنَ إلى قول القاضي، وَأَنَّ أستاذ الدّار ابن يونس، كَانَ لَهُ غَرَض في تعزيره.
فأمر الخليفة النّاصر فأُعيد إلى العدالة، فَشِهد سنة سبع وستمائة عند قاضي القضاة أَبِي الْقَاسِم عَبْد اللَّه ابن الدّامغانيّ، فقبله من غير تزكية. حكى ابن النَّجَّار هَذَا، وَقَالَ: قرأت عَلَيْهِ كثيرا: وكنتُ أراه كثير التّحرّي، لَا يتسامح في حَرْف، وَمَعَ هَذَا أصوله كانت مُظْلمة، وكذلك خَطُّه وطِباقه. وَكَانَ ساقطَ المُروءة، دنيء النَّفْس، وَسِخَ الهيئة، تدلُّ أحوالُه عَلَى تهاونه بالْأمور الدينية، وتُحْكَى عَنْهُ أشياءٌ قبيحة.
وسألت شيخنا ابن الْأخضر عَنْهُ وعن أخيه تميم، فضَعَّفهما، وصرَّح بكذبهما.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، والتّقيّ اليَلْدَانِيّ، والمحبّ ابن النَّجَّار، وجماعةٌ.
وفيه ضعْف [1] .
وَهُوَ أخو تميم المذكور.
تُوُفِّي أَحْمَد في رابع عشر رمضان، ببَغْدَاد.
269- أَحْمَد بن أَبِي المعالي أسعد [2] بن أَحْمَد بن عَبْد الرَّزَّاق.
أَبُو الفضل المَزْدَقانِيّ [3] الْأصل، الدِّمَشْقِيّ، الْأصمّ، صفيّ الدّين ابن كريم الملك.
__________
[1] كتب الذهبي أولا: «وفيه ضعف بيّن» ثم ضرب على «بيّن» .
[2] انظر عن (أحمد بن أسعد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 419، 420 رقم 575، والوافي بالوفيات 6/ 245 رقم 2724، والمقفى الكبير 1/ 364، 365 رقم 428.
[3] في الوافي بالوفيات: «المزدكاني» وفي المقفى: «المزقاني» .(44/229)
ولد سنة سبع وثلاثين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من: الصّائن هبة اللَّه، وأخيه أَبِي الْقَاسِم الحَافِظ [1] .
رَوَى عَنْهُ: الشِّهَاب القُوصِيّ، وغيره.
وَتُوُفِّي ببَعْلَبَكّ في المحرّم [2] .
وَجَدّه أَحْمَد هُوَ القادم من مَزْدقان.
270- أَحْمَد بن دفتر خُوان [3] .
الْأجلّ الرئيس، منتجب الدّين، الكاتب.
كَانَ بدمشق، وَكَانَ يقرأ الكتب عَلَى السُّلْطَان. وَهُوَ واسطة خير.
قرأ العربية عَلَى الكِنْدِيّ، وَسَمِعَ من البهاء ابن عساكر، وغيره.
__________
[1] يعني: ابني عساكر.
[2] وقال الصفدي: كان من سلالة الوزراء العشرة الظرفاء، تولّى بدمشق وبعلبكّ فسار في خدمته سير الأمناء ... قال شهاب الدين القوصي في «معجمه» ومن خطه نقلت: المذكور- رحمه الله- ذكر أنه كان قد عزم على السفر إلى الديار المصرية ليخدم بها الملك المعز عز الدين فرّوخ شاه بن شاهنشاه ابن أيوب لأمر ضاق صدره بالشام بسببه فهتف به في النوم هاتف تلك الليلة وأنشده هذه الأبيات في نومه:
يا أحمد اقنع بالذي أوتيته ... إن كنت لا ترضى لنفسك ذلّها
ودع التكاثر في الغنى لمعاشر ... أضحوا على جمع الدراهم ولّها
واعلم بأنّ الله جلّ جلاله ... لم يخلق الدنيا لأجلك كلّها
وقال: أنشدني لنفسه أيضا:
كيف طابت نفوسكم بفراقي ... وفراق الأحباب مرّ المذاق
لو علمتم بحالتي وصبائي ... وبوجدي ولوعتي واحترامي
لرثيتم للمستهام المعنّى ... ووفيتم بالعهد والميثاق
وقال المقريزي: سمع الحديث من أبي سعد عبد الله بن محمد بن أبي القاسم بن أبي عصرون وتفقّه عليه. وسمع من القاضي أبي الفضل محمد بن عبد الله بن عبد القاسم الشهرزوريّ، ومحمد بن أسعد بن الحليم، وأبي محمد عبد الله بن عبد الواحد بن الحسن بن الفرج الكناني، وصار فقهيا عالما. وتنقّل حتى وزر للملك المعزّ عزّ الدين بهرام شاه ابن فرّخ شاه ابن شاهنشاه ابن أيوب صاحب بعلبكّ. (المقفى الكبير) .
[3] انظر عن (أحمد بن دفتر خوان) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 433 رقم 1601، والوافي بالوفيات 7/ 78، 79 رقم 3017، وفيه اسمه: «أحمد بن عبد الكريم بن أبي القاسم بن أبي الحسن دفتر خوان» ، ونفح الطيب 1/ 660 الطبعة الأوروبية.(44/230)
وَلَهُ شِعر قليل.
تُوُفِّي في جُمَادَى الآخرة.
رَوَى عَنْهُ القُوصِيّ من نظْمه، وسمّاه: أَحْمَد بن عَبْد الكريم بن أَبِي الْقَاسِم بن دفترخان [1] .
271- أَحْمَد بْنِ عَبْد اللَّه [2] بْن عَبْد الصَّمَد بْن عَبْد الرَّزَّاق السُّلَمِيّ، البَغْدَادِيّ، العَطَّار، الصّيدلانيّ.
__________
[1] وقال شهاب الدين القوصي في «معجمه» ، أنشدني لنفسه لما غضب عليه السلطان الملك العادل:
أضعت وجوه الرأي حتى كأنني ... على خبرها ما إن عرفت لها وجها
فلا لوم لي إلّا لروحي وإن غدت ... بما حملته من مصيبتها ولهى
ذهبت بنفسي بعد حزم ويقظة ... وما كنت لولاها من الناس من يدهى
وقال: أنشدني لنفسه:
أضحت دمشق جنّة جنابها ... روض عليه للحيا تبسّم
أودع في أقطارها القطر سنا ... محاسن على الدّنا تقسّم
فسهلها مفضّض مذهّب ... وحزنها مدنّر مدرهم
يمسي السحاب في ذراها باكيا ... ويصبح النبت بها يبتسم
وقال أيضا: أنشدني لنفسه:
يا هاتف البان ما أبكتك مؤلمة ... وفي توجّعك الألحان والنغم
إليك فالحزن بي لا ما سررت به ... شتان باك من البلوى ومبتسم
تهوى الغصون وأهواها فيجمعنا ... حبّ القدود وفي الأحزان نقتسم
وقال أيضا: أنشدني لنفسه وكتب بها إلى العادل:
انظر إليّ بعين جودك نظرة ... فلعلّ محروم المطالب يرزق
طير الرجاء إلى علاك محلّق ... وأظنّه سيعود وهو مخلّق
وقال شهاب الدين القوصي: كان شابا شاعرا مجيدا فصيح اللسان وخدم دفتر خوان مدة طويلة للملك العادل، ووشى به حسّاده فجمع له بين الحرمان والهجران.
وقال الصفدي: ودفتر خوان هو الّذي يتحدّث في أمر الكتب المجلّدات ويكون أمرها راجعا إليه وهو الّذي يقرأ على السلطان فيها إمّا ليلا وإمّا نهارا ينادمه بذلك.
[2] انظر عن (أحمد بن عبد الله) في: التقييد لابن نقطة 146 رقم 166، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 108، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 439، 440 رقم 1616، وبغية الطلب لابن العديم (المصوّر) 2/ 431 رقم 160، والمعين في طبقات المحدّثين 189 رقم 2010، والإشارة إلى وفيات الأعلام 322، والإعلام بوفيات الأعلام 253، والعبر 5/ 55، وسير أعلام النبلاء 22/ 84، 85 رقم 59، والمختصر المحتاج إليه 1/ 88، والنجوم الزاهرة 6/ 226، وشذرات الذهب 5/ 62.(44/231)
شمس الدّين أَبُو الْقَاسِم، نزيل دمشق.
وُلِدَ سنة ستّ وأربعين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من: أَبِيهِ، وأبي الوَقْت، وابن البَطِّيّ.
وحدّث غير مرّة ب «البخاري» ، وحدّث ب «الدّارميّ» ، و «عبد بن حميد» .
وكان يذكر أَنَّهُ من وُلِدَ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر بن نُقْطَة وَقَالَ [1] : شيخٌ صالحٌ، ثقةٌ، صدوقٌ [2] ، وَالضِّيَاء المَقْدِسِيّ، والشِّهَاب القُوصِيّ، وَالزَّكيّ المُنْذِريّ، والزّين خَالِد، وَأَبُو بَكْر مُحَمَّد بن عَليّ النُّشْبِيّ، والرَّشيد مُحَمَّد بن أَبِي بَكْر العامريّ، وَأَبُو مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هبة الله ابن الشِّيرَازِيّ، والمُحيي عُمَر بن أَبِي عَصرون، والجمال محمد بن عليّ ابن الصّابوني، وَأَبُو بَكْر بن عُمَر بن يونس المزّيّ، والفخر عليّ ابن البخاري، والشمس محمد ابن الكمال، والتّقيّ إبراهيم ابن الوَاسِطِيّ، والعلاء عَليّ بن أَبِي بَكْر بن صَصْرَى، وطائفة سواهم.
وظهر لشيخنا العزّ أَحْمَد ابن العماد بعض «الدَّارِمِيّ» سمعه منه حضورا، وإنّما رأيناه بعد موته.
وَرَوَى عَنْهُ بالإجازة عُمَر ابن القوّاس.
قَالَ ابن النَّجَّار: كَانَ لَهُ دُكّان بظاهر باب الفراديس للعِطر. وَكَانَ صدوقا، متديّنا، مَرْضيّ الطّريقة.
تُوُفِّي في سابع عشر شعبان، ودفن بسَفْح قاسيون.
272- أَحْمَد بْن عَليّ [3] بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن كُردي.
القاضي الأجلّ أبو البقاء البغداديّ.
__________
[1] في التقييد 146.
[2] حتى هنا في: التقييد.
[3] انظر عن (أحمد بن علي) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 209، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 448، 449 رقم 1636، والمختصر المحتاج إليه 1/ 201، والوافي بالوفيات 7/ 201 رقم 3142.(44/232)
روى عن: أبي الفتح بن البطي.
ومات في ذي القِعْدَة [1] .
273- أَحْمَد بن مُحَمَّد اللّخميّ [2] الزَّاهد.
المعروف بالرأس.
كَانَ بظاهر الإسكندرية عَلَى شاطئ البَحْر، في الموضع المعروف بالرأس، ولهذا قِيلَ لَهُ: الشَّيْخ أَحْمَد الرأس.
صالحٌ، زاهدٌ، مشهور بالصّلاح، وَلَهُ القبول التّامّ. انتفع بِهِ جماعة.
تُوُفِّي في خامس ربيع الْأَوَّل [3] ، رحِمَه اللَّه تَعَالَى.
274- أَحْمَد بْن يوسف [4] بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد بن أَبِي زيد.
الإِمَام أَبُو جَعْفَر بن عيّاد [5] البَلَنْسِيّ، المُقْرِئ.
أخذَ القراءات عن أَبِي بَكْر بن نمارة.
وَسَمِعَ من والده، ومن أَبِي الحَسَن بن هُذَيْل. وأجاز لَهُ أَبُو حفص بن واجب، وجماعة.
قَالَ الْأبَّار: كَانَ صالحا، عارفا بالرُّواة، صَدُوقًا. تُوُفِّي في شَوَّال، وَلَهُ سبعون سنة.
275- إِبْرَاهِيم بن عَبْد اللَّه [6] ابن القاضي أَبِي العَبَّاس أَحْمَد بْن سلامة بْن عُبَيْد اللَّه بْن مَخْلَد.
__________
[1] وقال المنذري: مولده في شهر رمضان سنة أربع وثلاثين وخمسمائة ... وحدّث وولي القضاء ببعقوبا.
[2] انظر عن (أحمد بن محمد اللخمي) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 423 رقم 1584، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1 ق 2/ 486 رقم 751 وفيه: أحمد بن محمد بن مبثوث اللخمي مولى أبو العباس الرأس.
[3] الموجود في الذيل والتكملة ص 486 توفى سنة خمس وعشرين وستمائة.
[4] انظر عن (أحمد بن يوسف) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 108.
[5] في التكملة: «عباد» .
[6] انظر عن (إبراهيم بن عبد الله) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 259، 260، والمشتبه 1/ 319، وتوضيح المشتبه 4/ 203، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 441، 442 رقم 1621.(44/233)
القاضي الْأجلّ، شرف القضاة، أَبُو المُظَفَّر الكَرْخِيّ الْأصل- كَرْخ جُدّان لَا كرْخ بَغْدَاد- الشَّافِعِيّ المحتسب، المعروف بابن الرُّطَبيّ.
وُلِدَ سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.
وتفقّه على أبي طالب المبارك بن المبارك الكَرْخِيّ، وَسَمِعَ من أَبِي الحُسَيْن عَبْد الحقّ، وجماعة.
وَهُوَ من بيت العِلم والرواية. ولي القضاء بباب الْأزَج. وولي حِسْبة الجانبين.
ومات في رمضان.
ولم يحدّث.
276- إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد [1] بن إِبْرَاهِيم بن هُمَام.
أَبُو إِسْحَاق الْأنْدَلُسِيّ، الإشبيليّ.
رحل، وَسَمِعَ ببَغْدَاد من عَبْد اللَّه بن أَبِي المجد الحَرْبِيّ، وبواسط من أبي الفتح ابن المَنْدَائِيّ، وبأصبهان من أَبِي جَعْفَر الصَّيْدَلَانِي، وبنَيْسَابُور من: أَبِي سَعْد الصَّفَّار، ومنصور الفُرَاويّ، والمؤيّد الطُّوسِيّ، وجماعة.
وسكنَ هرَاة مُدَّة. وَحَدَّثَ ببَغْدَاد. وعدم بين تكريت والموصل- رحمه الله- في ربيع الآخر.
وَكَانَ من أهل الدِّين، والصّلاح، والسُّنَّة عَلَى مَذْهب ابن حَزْم. وَلَهُ صَبْر عَلَى الفَاقة، وتعفَف زائد، إِلَّا أَنَّهُ كان سيّئ الْأخلاق، سريعَ النَّفْرَة، كثيرَ القُطوب، لَا يسامح في هَفْوة، ولا يقبل مَعْذرة، نسأل اللَّه السلامة! وَكَانَ قد استولى عَلَى أكثر أصول أَبِي رَوْح، وغيره بهَرَاة، فمَن الَّذِي يجسر أن يسأله جزءا منها؟ وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا فارق هَرَاة في هذه السنة، دَفَن تِلْكَ الْأجزاء لئلّا ينتفع بها أحد بعده، فما نفعه الله بها.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 428، 429 رقم 1591، والمشتبه 2/ 654، وتوضيح المشتبه 9/ 150.(44/234)
277- أرْسَلان شاه [1] ، الملك نور الدِّين ابن السُّلْطَان المُلْك القاهر عزَّ الدِّين مَسْعُود بْن أرْسلان بن مسعود بن مودود ابن الْأتابك زنكي بن آقسنقر.
قَالَ الحَافِظ عَبْد العظيم [2] : وَليَ المَوْصِل بعهد من أَبِيهِ، وقد قَارب إِذْ ذاك عشر سنين. وَكَانَ قد سُمّي عليّا في حياة جَدّه، فَلَمَّا توفّي جَدّه سُمِّي أرْسلان شاه.
قُلْتُ: ولم تُطل أيّامُه، بل بقي بعض سنة. تُوُفِّي أَبُوه في ربيع الآخر من السنة، وَتُوُفِّي هُوَ في هذه السنة.
278- إسْمَاعِيل بن المُظَفَّر [3] بن هبة الله.
أبو محمد ابن الْأقْفَاصي، الدَّبَّاس.
وُلِدَ سنة إحدى وأربعين.
وَسَمِعَ من: أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن ناصر، وأبي الفَضْل الْأُرْمَوي.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ البِرْزَاليّ، والدُّبَيْثِي.
وَتُوُفِّي في ثامن رجب.
[حرف الجيم]
279- جَعْفَر بن مُحَمَّد [4] بن عَبْد الخالق بن عَبْد السّلام.
__________
[1] انظر عن (أرسلان شاه) في: الكامل في التاريخ 12/ 339، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 453، 454 رقم 1649، والأعلاق الخطيرة ج 8 ق 1/ 196، وتاريخ مختصر الدول 232، ومفرّج الكروب 4/ 25 في وفيات سنة 116 هـ، وزبدة الحلب 3/ 187، وبغية الطلب (المصوّر) 3/ 381 رقم 369، والمختصر في أخبار البشر 3/ 121، والعبر 5/ 56، وتاريخ ابن الوردي 2/ 136، والسلوك ج 1 ق 1/ 204.
[2] في تكملته 2/ 454.
[3] انظر عن (إسماعيل بن المظفر) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 249، 250، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 433 رقم 1603، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 1408، والمختصر المحتاج إليه 1/ 246، 247.
[4] انظر عن (جعفر بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 421، 422 رقم 1580، وغاية النهاية 1/ 195، وبغية الوعاة 1/ 487.(44/235)
مُوَفَّق الدِّين أَبُو الفضل المَصْرِيّ، المُقْرئ، النَّحْوِيّ.
قرأ القراءات عَلَى أَبِي الجود، وتصدَّر بالجامع العتيق بمصر مُدَّة طويلة.
قَالَ المُنْذِريّ [1] : اجتمعتُ معه مرّاتٍ، وانتفع بِهِ جماعة كبيرة، وَكَانَ من أعيان القُراء، مقصُودًا للأخذ عَنْهُ، لفضله، ودينه وأدبه. تُوُفِّي في ثاني عشر صفر.
[حرف الحاء]
280- حمزة بْن عَلِيّ [2] بْن عُثْمَان بْن يوسف بْن إِبْرَاهِيم.
القاضي الْأجلّ الْأشرف أَبُو الْقَاسِم بن أَبِي الحَسَن القُرَشِيّ، المَخْزُومِيّ، المَصْرِيّ، الشَّافِعِيّ، الكاتب.
رحلَ، وَسَمِعَ من: السِّلَفيّ، وأبي محمد العثماني، وأبي الطاهر بن عوف، ويحيى ابن الرَّازِيّ، صاحب «السُّداسيات» . وَسَمِعَ بمصر من: مُحَمَّد بن علي الرحبي، وعبد الله بن برّيّ، وعَليِّ بن هبة الله الكامليّ، وجماعة كبيرة. وَسَمِعَ بدمشق، وَحَدَّثَ بها، وبمصر، وبَغْدَاد.
وحَصَّل الْأصول، وكتب الكثيرَ، وأكثرَ عن السِّلَفيّ.
وَكَانَ لَهُ أنَس جيّد بالحديث. وَلَهُ شِعرٌ حَسَن. وَليَ الْأوقاف بالدَيار المصريّة.
ووُلد في سنة سبع وأربعين وخمسمائة.
وَحَدَّثَ من بيته جماعةٌ، وسيأتي ذِكر أخيه المكرّم عَبْد الرَّحْمَن، وذكر ابن أخيه.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ المُنْذِريّ، وَالزَّكيّ البرزاليّ، وجماعةٌ.
تُوُفِّي في آخر يوم من السنة.
__________
[1] في تكملته 2/ 422.
[2] انظر عن (حمزة بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 450، 451 رقم 1642، والمغرب في حلي المغرب 290، 291، وتاريخ إربل 1/ 293- 395 رقم 192، والولاة والقضاة 604، وبغية الطلب (المصوّر) 6/ 561 رقم 927، والوافي بالوفيات 13/ 180 رقم 208، والمقفى الكبير 3/ 665، 666 رقم 1280، وتاريخ ابن الفرات 7/ 12.(44/236)
وآخر من رَوَى عَنْهُ: الْأخَوان عيسى وَعَبْد اللَّه ابنا القاهريّ، والحارث بن مسكين المَصْرِيّ [1] .
[حرف الدال]
281- دَاوُد بن أَحْمَد [2] بن يَحْيَى.
__________
[1] وقال ابن المستوفي: ورد إربل منصرفا عن الأعمال الجليلة بمصر خوفا من الوزير عبد الله بن شكر.
أقام بحلب مدة. ثم أتى إربل. اجتمع بأبي الخطّاب عمر بن الحسن بن علي ذي النسبين بمنزلي، وأطالا الحديث. أثنى عليه كثيرا وذكر شرفه وشرف أصله، وأكثر من قوله: «يا للَّه ابن عثمان- على شرف منصبه- يرد إربل. أنشدني له الحسن بن علي بن أبي الساج المصري، وذكر حكاية طويلة:
لا يعجبنّك راكب متلبّس ... فعساه من علم وعقل مفلس
ومن العجائب أن يكون لجاهل ... فضل اللبيب وقد علاه السندس
إني لأعجب من تعدّى طوره ... حتى يضيق عليّ منه المجلس
وذكر أنّ أمّ ابن عثمان شريفة حسينينة.
ذاكرت به الحافظ أبا محمد عبد الرحمن بن عمر الحرّاني، فكتب لي ترجمته بيده ... أحد من عنى بهذا الشأن وجمعه وتحصيله. له الخط الوافر من البراعة والبلاغة. أعلم من كان في زمانه بالكتابة والترسّل- فيما يقال- يكتب الكتاب من آخره إلى أوله ... أنشدنا القاضي أبو القاسم المخزومي لفظا لنفسه في الشيب:
مطايا الليالي بالأنام تسير ... وعارض شيب العارضين نذير
وقد حدّدت خمسون عاما قطعتها ... بأنّ الّذي من بعدهنّ يسير
وأبدت لنا الدنيا خفيّات مكرها ... وشيطان آمال البقاء غرور
وما غاية الأعمار إلّا ذهابها ... وآخرها بعد القصور جفير
وما طيب عيش يرجح المرء بعده ... رميما ومن بعد الرميم نشور
فلا العيش يصفو في الزمان فنجتني ... عجالة نفسي للفناء تصير
ولا القلب مرتاض على الزهد والتقى ... فيطلق من سجن الذنوب أسير
ولولا رجاء العفو من فضل قادر ... لما مرّ بالمرء المسيء سرور
فبادر فإنّ الله للتوب قابل ... شديد عقاب للذنوب غفور
(تاريخ إربل) .
وقال صاحب «المغرب» : ولما غضّ به الصاحب بن شكر وخاف على الوزارة منه، نصب له حبائل العداوة، ففرّ أمامه، وعاد من إربل إلى القاهرة بعد ما أقام بحلب مدة. فلم يزل يقاسي من عداوة ابن شكر شدّة إلى أن حضر يوما مجلسه فصاح عليه ابن شكر في أثناء نزاع وكلام، فخرجت نفسه في ذلك المكان، وكان ذلك من أعجب وقائع الزمان.
[2] انظر عن (داود بن أحمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 47، 48، والتكملة لوفيات(44/237)
أَبُو سُلَيْمَان [1] العُبّاديّ، الدَّاوديّ، الضّرير، المُقْرِئ، الفقيه عَلَى مذهب دَاوُد.
أخذ ذَلِكَ من كُتُب الظَّاهرية.
وقرأ القراءات عَلَى أَبِي الحَسَن عَليّ بْن عساكر، وغيره. وقرأ العربية عَلَى الحَسَن بن عَليّ بن عبيدة، وغيره. وَرَوَى أناشيد.
وَتُوُفِّي في المحرّم أَوْ صَفَر، عَلَى قولين، ببغداد [2] .
[حرف الراء]
- الركن العميدي.
محمد [3] .
__________
[ () ] النقلة 2/ 420 رقم 1576، ومعجم الأدباء 11/ 93، 94 رقم 23، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 593، 594، وذيل الروضتين 110، والمختصر المحتاج إليه 2/ 64، 65 رقم 657، ومعرفة القراء الكبار 2/ 607، 608 رقم 572، ونكت الهميان 150، والوافي بالوفيات 13/ 458 رقم 556، وغاية النهاية 1/ 278 رقم 1249، ولسان الميزان 2/ 424 رقم 1744، وعقد الجمان 17/ ورقة 390، وانظر: البداية والنهاية 13/ 81.
[1] في مرآة الزمان: «أبو سلمان» .
[2] وقال سبط ابن الجوزي: وكان يسكن رباط المأمونية وكان على رأي الأوائل وإنما كان يتستّر بمذهب الظاهرية، وكان فاضلا إلا أنه كان يسقف من جنس ابن الراونديّ. قال لي يوما قد بلغني أنك جميل الصورة فصيح اللسان، واشتغل بعلم الأوائل. قال: فقلت له: فأنشدني من فصاحتك، فأنشدني لنفسه:
إلى الرحمن أشكو ما ألاقي ... غداة غد على هوج النياق
نشدتكم بمن زمّ المطايا ... أمرّ بكم أمرّ من الفراق
وهل داء أضرّ من التنائي ... وهل عيش ألذّ من التلاقي
(مرآة الزمان) وفي (معجم الأدباء) : «وهل داء أمرّ» .
وقال ياقوت الحموي: برع في الآداب وكان مولعا بشعر أبي العلاء المعرّي يحفظ منه جملة صالحة، ولذلك كان الناس يرمونه بسوء العقيدة. ومن شعره:
أعلّل القلب بذكراكم ... والقلب يأبى غير لقياكم
حللتم قلبي وبنتم فما ... أدناكم منّي وأقصاكم
يا حبّذا ريح الصّبا إنّها ... تروّح القلب بريّاكم
(معجم الأدباء) .
[3] ستأتي ترجمته برقم 330.(44/238)
[حرف الزاي]
282- زينب أمّ المؤيّد [1] .
المدعوّة بحرّةناز، ابْنَة الشَّيْخ أَبِي الْقَاسِم عَبْد الرَّحْمَن بْن الحَسَن بْن أَحْمَد بْن سَهْل بْن أَحْمَد بْن سهل بْن أَحْمَد بن عَبْدوس الْجُرْجَانِيّ الْأصل، النَّيْسَابُوري، الشَّعْريّ، الصُّوفِيّ.
وُلدت في سنة أربع وعشرين وخمسمائة.
وسمعتْ من: إسْمَاعِيل بن أَبِي الْقَاسِم بن أبي بكر القارئ، وعبد المنعم ابن القُشَيْريّ، وزاهر ووجيه ابني طاهر الشَّحَّامِيّ، وَأَبِي الفتوح عَبْد الوَهَّاب بن شاه، وَأَبِي المعالي مُحَمَّد بن إسْمَاعِيل الفارسيّ، وفاطمة بنت عَليّ بن زعبل، وفاطمة بنت خلف الشَّحَّامِيّ، وَعَبْد الجبّار بن مُحَمَّد بن أَحْمَد الخُواريّ، وأبي البركات عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد الفُرَاويّ، وَأَبِي المحاسن عَبْد الرَّزَّاق بن مُحَمَّد الطَّبَسِيّ، وجماعةٍ.
وأجاز لها: أَبُو الحَسَن عبد الغافر بن إسْمَاعِيل الفارسيّ الحَافِظ، وَأَبُو الْقَاسِم محمود بن عُمَر الزَّمَخْشَرِي النَّحْوِيّ، وجماعةٌ.
وَسَمِعْتُ «صحيح» البُخَارِي من وجيه وَعَبْد الوَهَّاب بن شاه، عن الحفصي، ومن أبي المعالي الفارسي، عن العيار.
وحدَّثت أكثر من ستّين سنة، رَوَى عَنْهَا: عَبْد العزيز بن هِلالة، وابنُ نُقْطَة، والبِرْزَاليّ، وَالضِّيَاء، وابنُ الصّلاح، والشَّرف المُرسيّ، والصَّرِيفينيّ، والصَّدْر
__________
[1] انظر عن (زينب أمّ المؤيّد) في: التقييد لابن نقطة 501 رقم 688، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 453 رقم 1648، ووفيات الأعيان 2/ 344 رقم 237، وتاريخ إربل 1/ 391، والمعين في طبقات المحدّثين 189 رقم 2005، والإشارة إلى وفيات الأعيان 322، والإعلام بوفيات الأعلام 253، والعبر 5/ 56، وسير أعلام النبلاء 22/ 85، 86 رقم 60، ومرآة الجنان 4/ 31، والوافي بالوفيات 15/ 65، وذيل التقييد 2/ 369 رقم 1821، والعسجد المسبوك 2/ 364، 365، والنجوم الزاهرة 6/ 226، وشذرات الذهب 5/ 63، وديوان الإسلام 2/ 363، 364 رقم 1034، والتاج المكلّل 48، 49، والأعلام 3/ 66.(44/239)
البكريّ، ومحمد بن سعد الهاشميّ، والمحبّ ابن النَّجَّار، وجماعةٌ كثيرة.
وَسَمِعْتُ بإجازتها عَلَى التّاج بن عصرون، والشّرف ابن عساكر، وزَيْنَب الكِنْدِيَّة. وكانت شيخة صالحة، عاليةَ الإسناد مُعَمَّرة، مشهورة، انقطع بموتها إسنادٌ عالٍ.
قرأتُ بخطّ الحَافِظ الضِّيَاء: أنّها تُوُفِّيت في جُمَادَى الآخرة بنَيْسَابُور [1] .
وقد تَقَدَّم أخوها عَبْد الرَّحِيم [2] .
[حرف السين]
283- سُلَيْمَان ابن الشَّيْخ أَبِي المجد [3] الفَضْل بن الحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم البانياسيّ.
الرئيس، أَبُو المحاسن الحِمْيريّ، الدِّمَشْقِيّ، المُعَدَّل.
حَدَّث عن: أبيه، وَأَبِي الْقَاسِم الحَافِظ.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ البِرْزَاليّ، والشِّهَاب القُوصِيّ، وَقَالَ: لقبُه شهابُ الدِّين.
وُلِدَ سنة خمسين. وَتُوُفِّي في مُستهلّ جُمَادَى الْأولى.
[حرف العين]
284- عَائِشَة بنت صالح [4] بن كامل الخَفّاف.
استجازَ لها عمُّها [5] من أحمد بن عبد الله ابن الأبنوسيّ، وأبي الفضل الأرمويّ. وحدّثت.
__________
[1] وقال ابن نقطة: وسمعت كتاب «الرسالة» و «المعراج» لأبي القاسم القشيري. قال لي عبد العزيز بن هلال: سمعته من عبد الوهاب بن شاه بسماعه منه، ولها إجازة من جماعة من شيوخ نيسابور وغيرها أو سماعها فيما ذكرنا صحيح.
[2] في وفيات سنة 598 هـ.
[3] انظر عن (سليمان بن أبي المجد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 429 رقم 1592.
[4] انظر عن (عائشة بنت صالح) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 446 رقم 1631، والمختصر المحتاج إليه 3/ 267 رقم 1417.
[5] هو أبو بكر المبارك بن كامل الخفّاف البغداديّ المشهور.(44/240)
وماتت في شَوَّال.
285- العَبَّاس بن مُحَمَّد [1] بن حسن.
أَبُو الفضل الهاشِمِيّ البَغْدَادِيّ الزَّاهد الصّالح. كَانَ عنده في رباطه جماعةٌ منقطعون [2] صُلحاء.
حدُّث عن أبي الفَتْح بن البَطِّيّ. وَكَانَ عَلَى طريقة حسنة.
تُوُفِّي فِي شعبان.
286- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد [3] بْن عَبْد اللَّه بن شبيب.
أَبُو حَصِين المَقْدِسِيّ، المؤذّن بالْجَبَل.
رَوَى عن: أبي نصر عبد الرحيم بن يوسف.
روى عنه: الضّياء المقدسيّ، وغيره.
وتوفي في شعبان.
287- عبد الله بن أبي المظفّر [4] الحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ.
قاضي القضاة أبو القاسم ابن الدّامغانيّ، الشافعيّ، البغداديّ.
__________
[1] انظر عن (العباس بن محمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 178، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 437 رقم 1612، والمختصر المحتاج إليه 3/ 151 رقم 1082.
[2] في الأصل: «منقطعين» وهو خطأ نحوي.
[3] انظر عن (عبد الله بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 440 رقم 1619 وفيه «عبد الله بن محمد» وفي فهرس الوفيات الّذي صنعه الدكتور بشار عواد معروف 4/ 121 رقم 1619 «عبد الله أحمد» كما هنا في تاريخ الإسلام، والله أعلم بالصواب.
[4] انظر عن (عبد الله بن أبي المظفّر) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 91، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 448 رقم 1635، وذيل الروضتين 111- 113، وتلخيص مجمع الآداب 4 ق 1/ 181، 182 رقم 219 (لقبه: عز الدين) ، 4 ق 2/ 747، 748 رقم 1083 (لقبه: عماد الدين) ، والعبر 5/ 56، والمختصر المحتاج إليه 2/ 142، 143 رقم 771، والجواهر المضية 1/ 273، 274، ومرآة الجنان 4/ 31، والوافي بالوفيات 17/ 137، 138 رقم 124، والبداية والنهاية 13/ 82، والنجوم الزاهرة 6/ 223، والطبقات السنية 2/ ورقة 260- 262، وشذرات الذهب 5/ 63.(44/241)
ولد في رجب سنة أربع وستّين وخمسمائة.
وسمع من: عمّه قاضي القضاة أَبِي الْحَسَن علي بْن أَحْمَد، ومن تجنّي الوهبانية: وَحَدَّثَ.
قَالَ الدُّبَيْثِي [1] : كَانَ عالما بالحُكم، والفرائض، والْأدب، عفيفا، حسن الطّريقة. وليَ قضاء القضاة شرقا وغربا في رمضان سنة ثلاث وستّمائة، وبقي كذلك إلى سنة إحدى عشرة، ثُمَّ عُزل.
وصفه الزَّكيّ المُنْذِريّ: بأنّه شافعيّ [2] . وَقَالَ أَبُو شامة فيه: الحَنَفِيّ [3] .
تُوُفِّي فِي التاسع والعشرين من ذي القِعْدَة.
ولَقَبُه: عماد الدِّين [4] .
288- عَبْد اللَّه ابن زين القضاة أَبِي بَكْر [5] عَبْد الرَّحْمَن بْن سلطان بْن يَحْيَى بْن عَليّ بْن عَبْد العزيز.
القاضي شرفُ الدِّين أَبُو طَالِب القُرَشِيّ، الدِّمَشْقِيّ، الشافعيّ.
نابَ في القضاء عن ابن عمّهم القاضي محيي الدِّين، وعن ابنه زكيّ الدِّين الطّاهر.
ودَرَّسَ بالرَّواحية، فَكَانَ أَوَّل من دَرَّسَ بها، ودَرَّسَ بالشّامية البَرَّانية.
قَالَ أَبُو المُظَفَّر سِبط الْجَوْزيّ: كَانَ فقيها، نزها، لطيفا، عفيفا.
قَالَ الشِّهَاب القُوصِيّ: أَخْبَرَنَا، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن مهديّ الهلاليّ، فذكر
__________
[1] في ذيل تاريخ مدينة السلام (باريس 5922) الورقة 91.
[2] في التكملة 2/ الترجمة 1635.
[3] في ذيل الروضتين 110.
[4] ويلقب عز الدين أيضا، انظر تلخيص مجمع الآداب لابن الفوطي ج 4 ق 1/ 181 رقم 219.
[5] انظر عن (عبد الله بن أبي بكر) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 594، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 437، 438 رقم 1613، وذيل الروضتين 110، والعبر 5/ 56، والوافي بالوفيات 17/ 251، 252 رقم 237، والبداية والنهاية 13/ 81، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 384، 385 رقم 353، وعقد الجمان 17/ ورقة 389، وشذرات الذهب 5/ 63، والدارس 1/ 267- 276.(44/242)
حديثا. قَالَ القُوصِيّ: كَانَ ممّن زاده اللَّه بَسْطة في العِلم والجسم.
قُلْتُ: وَهُوَ أخو ظهير الدِّين أَبِي المكارم عَبْد الواحد.
وَقَالَ الضِّيَاء: دُفن بمقبرتهم بمسجد القَدَم، وَكَانَ الجمع متوفّرا، وكَثُر بُكاء النَّاس عَلَيْهِ. تُوُفِّي في ثالث شعبان [1] .
289- عَبْد اللَّه بن محاسن [2] بْن أَبِي بَكْر بْن سَلْمان بْن أَبِي شريك.
أَبُو بَكْر الحَرِيمِيّ.
سَمِعَ من: أَحْمَد بن الطّلّاية الزّاهد، وسعيد ابن البَنَّاء.
وَكَانَ يُعرف بابن الباشِق، وَهُوَ ابنُ عَمِّ أَحْمَد بن سَلْمان السُّكَّر.
رَوَى عَنْهُ: الضِّيَاء، والدُّبَيْثِي، وجماعةٌ.
وَتُوُفِّي في رمضان.
290- عَبْد الحقّ بن أَبِي شجاع [3] مُحَمَّد بن أَبِي محمد بن أبي المعالي.
أبو محمد ابن المقرون، البغداديّ، المقرئ، الملقّن، الصّالح، الخياط.
__________
[1] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 594. وجاء في البداية والنهاية 13/ 81 ما يلي: «القاضي شرف الدين أبو طَالِب عَبْد اللَّه بْن زين القُضاة عَبْد الرَّحْمَن بن سلطان بن يحيى اللخمي الضرير البغدادي، كان ينسب إلى علم الأوائل، ولكنه كان يتستّر بمذهب الظاهرية، قال فيه ابن الساعي: الداوديّ المذهب، المعرّي أدبا واعتقادا، ومن شعره:
إلى الرحمن أشكو ما ألاقي ... غداة غدوا على هوج النياق
سألتكم بمن زمّ المطايا ... أمرّ بكم أمرّ من الفراق؟
وهل ذلّ أشدّ من التنائي ... وهل عيش ألذّ من التلاق؟
قاضي قضاة بغداد» .
ويقول خادم العلم طالب العلم محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : هذا خلط واضح بين صاحب الترجمة القاضي عَبْد اللَّه بْن زين القُضاة عَبْد الرَّحْمَن بن سلطان، وبين «داود بن أحمد بن يحيى الداوديّ» الّذي تقدّمت ترجمته برقم 281 والشعر له. قارن بالحاشية.
[2] انظر عن (عبد الله بن محاسن) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 111، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 443 رقم 1623، وتلخيص مجمع الآداب 4 ق 1/ رقم 291، والمختصر المحتاج إليه 2/ 175 رقم 815.
[3] انظر عن (عبد الحق بن أبي شجاع) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 169، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 424 رقم 1586، والمختصر المحتاج إليه 3/ 71 رقم 874.(44/243)
قرأ على والده، وقد وُلِدَ سنة خمسين.
وَسَمِعَ من ابن المادح حضورا، ومن: هبة الله بن أحمد ابن الشِّبْلِي، وابن البَطِّيّ، وجماعة.
وَحَدَّثَ ببَغْدَاد، ودمشق.
وقد مَرَّ أخوه عَبْد الرَّزَّاق [1] .
291- عَبْد الخالق بن الحَسَن [2] بن هَيّاج.
أَبُو مُحَمَّد الدِّمَشْقِيّ.
حَدَّثَ عن أَبِي طاهر السِّلَفيّ.
تُوُفِّي في ذي القِعْدَة.
292- عَبْد الخالق بن صَدَقة [3] بن مؤنس.
الإسكندريّ.
إمام مسجد فُلُوس بميدان الحَصَا.
كَانَ مقرئا مُجيدًا.
حَدَّثَ عن السِّلَفيّ.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ البِرْزَاليّ، والشِّهَاب القُوصِيّ، وغيرهما.
ومات في خامس وعشرين جُمَادَى الآخرة، رحمه اللَّه.
293- عَبْد الخالق بن أَبِي هشام.
الشَّيْخ الصالح القُرَشِيّ، البَزَّاز، الدِّمَشْقِيّ.
قَالَ الضِّيَاء: تُوُفِّي في بكرة الْأربعاء الخامس والعشرين من ذي القِعْدَة.
قَالَ: وَكَانَ قد سَمِعَ الحديث، وورَّق كثيرا، وما أظنّه حَدَّثَ بشيءٍ.
294- عَبْد الرَّحْمَن بن سعد الله [4] بن المبارك بن بركة.
__________
[1] في وفيات سنة 598.
[2] انظر عن (عبد الخالق بن الحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 449 رقم 1637.
[3] انظر عن (عبد الخالق بن صدقة) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 433 رقم 1602.
[4] انظر عن (عبد الرحمن بن سعد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 422، 423 رقم 1582،(44/244)
أَبُو الفضل الوَاسِطِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ، الطَّحَّان، الدّقّاق.
وُلِدَ سنة خمسٍ وثلاثين.
وَسَمِعَ من: ابن ناصر، وَعَبْد الملك بن عَليّ الهَمَذَانِيّ. وأجازَ له أبو القاسم إسماعيل ابن السَّمَرْقَنْدِيّ، وجماعةٌ.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، وغيرهما.
ومات في ثالث ربيع الْأَوَّل.
295- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر [1] بْن أَبِي نصر بن عليّ بن عبد الدّائم.
أبو محمد ابن الغزَّاليّ، البَغْدَادِيّ، الواعظ.
وُلِدَ سنة أربعٍ وأربعين.
وسمع من: ابن ناصر، وسعيد ابن البَنَّاء، وابن الزَّاغُونيّ، ونصر بْن نصر العُكْبَريّ، وَمُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه الرُّطَبِي، وابن المادح، وأبي الوَقْت، وطائفة كبيرة.
وطَلَب بنفسه مُدَّة، وقرأ، ونَسَخَ، ووعظَ. وأكثر سماعاته بخطّه.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، وَالضِّيَاء، وآخرون. وأجاز لجماعة تأخّروا.
تُوُفِّي ليلة نصف شعبان.
ويُلقَّب بالمَوْش [2] .
296- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الحَرَم [3] مكّيّ بْن عثمان بْن إسماعيل.
__________
[ () ] وجهات الأئمة الخلف لابن الساعي 57، والمختصر المحتاج إليه 2/ 198 رقم 849.
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن عمر) في: التقييد لابن نقطة 345، 346 رقم 427، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 238، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 438 رقم 1614، والمختصر المحتاج إليه 2/ 204، 205 رقم 859، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 106، 107، والمنهج الأحمد 345، والمقصد الأرشد رقم 583، والدر المنضد 1/ 339 رقم 970، وشذرات الذهب 5/ 64، 65، والتاج المكلل 227.
[2] انظر المشتبه 2/ 620، وتوضيح المشتبه 8/ 304.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن أبي الحرم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 434 رقم 1604، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 229.(44/245)
الفقيه مُوَفَّق الدِّين، أَبُو الْقَاسِم السَّعْديّ، المَصْرِيّ، الشَّارعيّ، الشّافعيّ.
تَفَقَّه عَلَى الفقيه أَبِي عَمْرو عُثْمَان بن دِرْباس.
وَسَمِعَ من: إسْمَاعِيل بن ياسين، والقاسم بن إِبْرَاهِيم المَقْدِسِيّ، والْأرتاحي، وطبقتهم.
وأقبل عَلَى الوعظ، والتّفسير. وَلَهُ شِعر، ومجاميع.
وَتُوُفِّي شابا قبل أن يتكهَّل، في رجب.
297- عَبْد الرَّحْمَن بن أَبِي سَعْد [1] بن أَحْمَد.
أَبُو مُحَمَّد الحَرْبِيّ، ابن تُمَيرَةَ.
حَدَّثَ عن: أَحْمَد بن الطَّلّاية، وغيره.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي.
وَكَانَ ضريرا. ويعرف جَدّه بابن السَّوادِيَّة.
وآخر من روى عنه بالإجازة الكمال عبد الرحمن المُكَبِّر شيخُ المُسْتنصرية.
تُوُفِّي في تاسع ربيع الآخر.
298- عَبْد الرَّحِيم بن أَبِي الفوارس [2] بن إِبْرَاهِيم القَيْسِيّ، الدِّمَشْقِيّ.
ابن أخت بركات الخُشُوعيّ.
سَمِعَ بدمشق من ابن عساكر، وبالثَّغْر من السِّلَفيّ.
وَتُوُفِّي في صفر.
299- عَبْد القويّ بْن أَبِي الحَسَن [3] بْن ياسين.
أَبُو مُحَمَّد القَيْسَرَانيّ الْأصل، المَصْرِيّ، الكُتُبيّ.
وُلِدَ سنة إحدى وخمسين [4] .
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن أبي سعد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 131، 132، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 425 رقم 1589، والمختصر المحتاج إليه 3/ 23 رقم 782.
[2] انظر عن (عبد الرحيم بن أبي الفوارس) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 421 رقم 1579.
[3] انظر عن (عبد القوي بن أبي الحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 422 رقم 1581.
[4] قال المنذري: ومولده سنة خمسين أو إحدى وخمسين وخمسمائة.(44/246)
وسمع من: علي بن هبة الله الكاملي، ومحمد بن عليّ الرّحبيّ، وإسماعيل الزَّيّات، وابن بَرِّي، وخلْقٍ من طبقتهم، وبعدهم.
وكتب الكثير، وعُني بالسَّماع، وَحَدَّثَ. وَكَانَ يفهم، ويذاكر، جمع كتابا في أخبار ذي النّون ولم يُتمّه. وَكَانَ يتأسّف عَلَى انشغاله بالكَسْبِ عن الحديث [1] .
تُوُفِّي في صفر.
300- عَبْد الكافي بن بدر [2] بن حَسَّان.
أَبُو مُحَمَّد الْأَنْصَارِيّ، المَصْرِيّ.
سَمِعَ: البوُصيريّ، والْأرتاحيّ، وجماعة.
وَكَانَ صالحا، عابدا.
كتب عَنْهُ المُنْذِريّ، وغيره، وَقَالَ [3] : تُوُفِّي في رمضان، وَهُوَ من أبناء السّتّين.
301- عَبْد الكريم بن إِبْرَاهِيم [4] .
أَبُو البركات الحَرِيمِيّ، الدَّبَّاس.
رَوَى عَنْ: أَحْمَد وَعُمَر ابني بنيمان، ودهبل ولاحق ابني كاره.
توفّي في جمادى الآخرة [5] .
302- عبد اللطيف بن أحمد [6] بن محمد بن هبة الله.
__________
[1] وقال المنذري: وسمع معنا من جماعة من شيوخنا وسمع كثيرا وكتب كثيرا. وحدّث. سمعت منه، وكانت له معرفة ونباهة وأنس جيد بالطريقة، ومذاكرته مفيدة.
[2] انظر عن (عبد الكافي بن بدر) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 444 رقم 1626، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 109، والمنهج الأحمد 346، والمقصد الأرشد، رقم 609، والدر المنضد 1/ 340 رقم 973، وشذرات الذهب 5/ 62.
[3] في التكملة 2/ 444 رقم 1626.
[4] انظر عن (عبد الكريم بن إبراهيم) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 167، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 432 رقم 1600.
[5] ومولده سنة 540 هـ.
[6] انظر عن (عبد اللطيف بن أحمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 3/ ورقة 46.(44/247)
أبو محمد الهاشمي، النرسي، البغدادي، الصوفي.
دخل الأندلس، قَالَ الْأبَّار: زعم أَنَّهُ يروي عَن أبي الوقت، وأبي الفرج ابن الجوزيّ. وله تصنيف في التَّصوف، حَدَّثَ بِهِ. ذكره مُحَمَّد بن سَعِيد الطَّرَّاز، وضعّفه. وَقَالَ فيه أَبُو الْقَاسِم بن فَرْقد: عَبْد اللّطيف الهاشِمِيّ النَّرْسيّ، سَمِعَ «صحيح» البُخَارِي عَلَى أَبِي الوَقْت، وَلَهُ تواليف في التَّصوّف. وقرأتُ عَلَيْهِ «عوالي» النَّقيب- يعني طراد بن مُحَمَّد- بإشبيليّة عام خمس عشرة.
قلت: وَسَمِعَ منه الحَافِظ أَبُو بَكْر بن مَسْدي، وقال: مات سنة ثلاث وعشرين وستمائة.
303- عبد اللطيف بن يحيى [1] بن علي بن خَطّاب.
أَبُو منصور الدِّينَوَري ثُمَّ البَغْدَادِيّ، ابن الخِيَميّ.
سَمِعَ من: أبيه، وعمِّه أَبِي شجاع مُحَمَّد، وأبي الوَقْت السِّجْزِي، وأبي الفَتْح بن البَطِّيّ، وجماعة.
وَحَدَّثَ.
وَتُوُفِّي في شَوَّال.
304- عَبْد الواحد بن محمود [2] .
أَبُو الفَتْح بن صَعْترة [3] ، البَغْدَادِيّ، البَيّع.
وُلِدَ سنة ثلاثين.
وَسَمِعَ من: ابن البطّي، وأبي زرعة.
وحدّث.
__________
[1] انظر عن (عبد اللطيف بن يحيى) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 162، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 445 رقم 1628، والمختصر المحتاج إليه 3/ 64، 65 رقم 829.
[2] انظر عن (عبد الواحد بن محمود) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 175، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 299، 300 رقم 178، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 451 رقم 1643، والمختصر المحتاج إليه 3/ 78 رقم 889، والمشتبه 1/ 315، وتوضيح المشتبه 5/ 347 و 428-
[3] في ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 299 «سعترة» بالسين.(44/248)
ومات فِي ذي الحجّة [1] .
305- عَبْد الوَهَّاب بْن مُظَفَّر [2] بن أَحْمَد.
أَبُو الغنائم البَغْدَادِيّ.
حدّث عن أَبِي المُظَفَّر هبةُ اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد ابن السَّمَرْقَنْدِيّ [3] .
وَكَانَ يتقلّب في الخِدَم الدّيوانية.
وعاش بضعا وثمانين سنة. ومات في ربيع الْأَوَّل [4] .
306- عَبْد الوَهَّاب بن المُنَجَّى [5] بن بركات بن المُؤَمِّل.
أَبُو مُحَمَّد التَّنُوخِيّ، المَعَرِّيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، أخو القاضي أَبِي المعالي أسعد.
رَوَى عن نصر بن أَحْمَد بن مُقاتل.
رَوَى عَنْه الفَخْر عَليّ، وغيرُه، وبالإجازة عُمر ابن القوَّاس.
وَتُوُفِّي في رابع عشر جُمَادَى الْأولى. ولم يُعقب.
307- عَبْد الوَهَّاب بن أَبِي الفَهم [6] بن أَبِي الْقَاسِم السُّلَمِيّ، الكَفْرطابيّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيّ، العَطَّار.
__________
[1] قال ابن النجار: كتبنا عنه، وكان شيخا صالحا متديّنا، ذا فهم وتيقظ، أضرّ في آخر عمره.
أنشدني محمد بن سعيد الحافظ، قال: أنشدنا أبو الفتح عبد الواحد بن سعترة لنفسه:
وأمرّ من موتي عليّ بعادكم ... وبعادكم عندي أشرّ وأوجع
لا تشمتوا مني العدوّ بينكم ... عطفا على قلب يخاف ويطمع
سألت عبد الواحد بن سعترة عن مولده فقال: في سنة ثلاثين وخمسمائة. (ذيل تاريخ بغداد) .
[2] انظر عن (عبد الوهاب بن مظفّر) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 157، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 404، 405 رقم 237، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 423 رقم 1584، والمختصر المحتاج إليه 3/ 60 رقم 848.
[3] سمع منه بعد علوّ سنه شيئا يسيرا. قال ابن النجار: كتبنا عنه، وكان شيخا لا بأس به، أضرّ في آخر عمره.
[4] وكان مولده في سنة 528 هـ.
[5] انظر عن (عبد الوهاب بن المنجّى) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 429 رقم 1593.
[6] انظر عن (عبد الوهاب بن أبي الفهم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 436 رقم 1609، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 323.(44/249)
أبو محمد، ويعرف بابن ملوك.
حدّث عن أبي القاسم ابن عساكر.
وولد سنة خمسين وخمسمائة.
وذكر أَنَّهُ رحل، وَسَمِعَ من السِّلَفيّ.
مات في شعبان.
308- عُبَيْد اللَّه بن المبارك [1] بن الحسن بن طراد الأزجيّ.
ابنُ القابِلَة.
حَدَّثَ عَن يَحْيَى بن ثابت، وغيره [2] .
309- عَليّ بن إسْمَاعِيل بن الطُّوَيْر.
أَبُو الحَسَن المَصْرِيّ الكاتب.
خدم طيّ بن شاوَر الْأمير. وكتبَ الإنشاء لبهاء الدِّين قَراقُوش.
وعُمِّر مائة سنة. وله شِعر، ومعرفة بالتّواريخ، والآداب.
مات في صفر.
310- عَليّ بن رَوْح [3] بن أَحْمَد بن حسن.
القاضي أَبُو الحَسَن النَّهْرَوَانِيّ، الفقيه الشافعيّ، المعروف بابن الغبيريّ [4] .
__________
[1] انظر عن (عبيد الله بن المبارك) في: معجم البلدان 1/ 480، 481، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 2/ 107، 108 رقم 351، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 452 رقم 1646، والمختصر المحتاج إليه 2/ 190 رقم 833.
[2] وقال ابن النجار: حدّث باليسير. كتبت عنه، وكان شيخا صالحا، يتكلم على الفقراء بكلام أهل الحقيقة ويقصده الناس لذلك.
[3] انظر عن (علي بن روح) في: تاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 141، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 443، 444 رقم 1625، وذيل الروضتين 110 وفيه: «علي بن أحمد بن روح» ، والمشتبه 2/ 475، والمختصر المحتاج إليه 3/ 125 رقم 867، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 125 (8/ 294، 295 رقم 1196) ، والوافي بالوفيات 21/ 110، 111 رقم 58، وتبصير المنتبه 3/ 1026، وتوضيح المشتبه 6/ 371، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 254، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 212، وعقد الجمان 17/ ورقة 391.
[4] قيّده المنذري في (التكملة) : بضم الغين المعجمة وفتح الباء الموحّدة وسكون الياء آخر الحروف(44/250)
وُلِدَ سنة بضعٍ وثلاثين.
وتَفَقَّه عَلَى الإِمَام أَبِي النَّجِيب السُّهْرَوَرْدي. وقرأ العربية عَلَى أَبِي الحسن عليّ ابن العَصّار.
وَسَمِعَ من: أَبِي النَّجِيب، وخديجة بنت النَّهْرَوَانِيّ.
وَكَانَ فاضلا، دَيْنًا، قويّ العربية، ثِقةً.
رَوَى عَنْهُ الدُّبَيْثِي وَقَالَ [1] : مات في رمضان [2] .
311- عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [3] بْن عَلِيّ بْن مُفَرّج.
أَبُو الحَسَن القُرَشِيّ الْأُمَوِيّ، النّابلسيّ، ثُمَّ المَصْرِيّ، المالكيّ، العَطَّار، المعروف بابن النَّطّاع.
وُلِدَ سنة تسع وعشرين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من: عَبْد الرَّحْمَن بن الحُسَيْن بن الْجَبّاب، وَأَحْمَد بن عَبْد اللَّه بن الحُطَيْئَة، وَأَبِي بَكْر مُحَمَّد بن عَبْد الملك النَّحْوِيّ، وَأَبِي الْوَلِيد مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خيرة، وَعَبْد المنعم بن موهوب الواعظ، وغيرهم.
وَهُوَ والد الحَافِظ رشيد الدِّين.
رَوَى عَنْهُ: ابنه، وَالزَّكيّ المُنْذِريّ، وجماعةٌ.
قَالَ المُنْذِريّ [4] : تُوُفّي فِي الثّاني والعشرين من شَوَّال. وَكَانَ شيخا صالحا، متحرّيا، متيقّظا، حسنَ الْأداء، يمسك أصله مَعَ كِبر سِنّه بيده، وينظر فيه مَعَ
__________
[ () ] وبعدها راء مهملة وياء النسب.
وقد تحرّف في (ذيل الروضتين) إلى: «العنبري» .
[1] في ذيل تاريخ السلام بغداد، ورقة 141.
[2] من شعره:
وقد كنت أشكو من حوادث برهة ... واستمرس الأيام وهي صحائح
إلى أن تغشّتني وقيت حوادث ... تحقق أن السالفات متائح
(ذيل الروضتين) .
[3] انظر عن (علي بن عبد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 446، 447 رقم 1632.
[4] في التكملة 2/ 447.(44/251)
القارئ عَلَيْهِ. وَكَانَ مواظبا عَلَى الجماعات، كثير التَّسبيح، طارحا للتّكلّف، مُقبلًا عَلَى ما يعنيه. رحمه اللَّه.
- عَليّ بن عَبْد اللَّه الوَهْراني.
أَبُو بَكْر النَّحْوِيّ. يأتي بكنيته [1] .
312- عَليّ بن عَبْد الكريم [2] بن الحَسَن بن حَفّاظ.
نور الدَّوْلَة أَبُو الحَسَن العامريّ، الدِّمَشْقِيّ، البَيِّع، المعروف بابن الكُوَيس.
سَمِعَ من: أَبِي طاهر إِبْرَاهِيم بن الحسن الحصنيّ، وأبي القاسم ابن عساكر.
وَحَدَّثَ.
ومات في ذي القِعْدَة.
رَوَى عَنْهُ: القُوصِيّ، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مناقب العَلَويّ المنقذيّ.
313- عَليّ بن نصر [3] بن هَارُون.
أَبُو الحَسَن الحِلِّيّ، المُقْرِئ، النَّحْوِيّ.
قرأ الْأدب على: أبي محمد ابن الخَشَّاب، والكمال عَبْد الرَّحْمَن الْأنباري، وعَليَّ ابن العَصّار.
وَسَمِعَ من: أَبِي المُظَفَّر مُحَمَّد بن أحمد ابن التُّريكِيّ، ومحمود فُورَجة، وابن البَطِّيّ.
ووعظ.
ووُلد في حدود سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة.
__________
[1] في الترجمة 341.
[2] انظر عن (علي بن عبد الكريم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 447 رقم 1634.
[3] انظر عن (علي بن نصر) في: الكامل في التاريخ 12/ 353 وفيه: «الملقّب بالحجّة» ، وتاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 169، 170، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 445 رقم 1629، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار (باريس) ورقة 59، والمختصر في أخبار البشر 3/ 121، والمختصر المحتاج إليه 3/ 144، 145 رقم 1062، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 221، وعقد الجمان 17/ ورقة 390، وتاريخ ابن الوردي 2/ 136، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 267.(44/252)
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي.
ومات في حادي عشر شَوَّال [1] .
314- عَليّ بن المبارك [2] بن عَبْد الواحد الأزجيّ الصّائغ.
روى عن: سعيد ابن البنّاء.
روى عنه الدّبيثيّ، وقال [3] : هُوَ من بيت رئاسة. تُوُفي فِي ذي الحجَّة.
315- عُمَر بْن عَبْد العزيز [4] بْن حَسَن [5] بْن عُلَيّ بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن عَليّ القُرَشِيّ الفقيه.
أَبُو الخطّاب، الدِّمَشْقِيّ، الشَّافِعِيّ.
وليَ قضاء حِمْص مُدَّة، ثُمَّ استعفى، وردَّ إلى دمشق، ودَرَّسَ بالمدرسة التي عَلَى المَيْدان، وتُعرف [6] .
ومات قبل الكهولة. وقد سَمِعَ من الخُشُوعي، وجماعة. وَهُوَ والد المُعين المُحدِّث.
تُوُفِّي في ثامن عشر جُمَادَى الآخرة.
316- عُمَر بن أَبِي العزّ [7] بن عُمَر.
أَبُو حفص الحَرْبِيّ، المعروف بابن البَحْريّ [8] .
حَدَّثَ عن: أَبِي الوَقْت، وابن البطيّ.
__________
[1] وقال ابن النجار: «كتبنا عنه وكان يتشيّع» .
[2] انظر عن (علي بن المبارك) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 450 رقم 1641، والمختصر المحتاج إليه 3/ 142 رقم 1055.
[3] في المختصر المحتاج إليه.
[4] انظر عن (عمر بن عبد العزيز) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 342 رقم 1599.
[5] في التكملة: «حسين» .
[6] هكذا في الأصل، وقد بيّض المؤلّف بعدها على أمل أن يعود فيذكر اسم المدرسة.
[7] انظر عن (عمر بن أبي العز) في: إكمال الإكمال لابن نقطة (الظاهرية) ورقة 49، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 206، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 447 رقم 1633، والمختصر المحتاج إليه 3/ 112 رقم 971، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 8020، وتوضيح المشتبه 1/ 390.
[8] الإكمال، التوضيح.(44/253)
ومات في ذي القِعْدَة.
317- عُمَر بن أَبِي الْقَاسِم [1] بن بُنْدَار.
أَبُو حفص التِّبْرِيزِي الكاتب.
سَمِعَ من: مُحَمَّد بن أسعد العَطَّاري.
وتصوَّف، وأكثرَ الْأسفار، وَحَدَّثَ. ومات ببَغْدَاد.
318- عيسى ابن العلّامة مُوَفَّق الدِّين [2] عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُدامة المَقْدِسِيّ، الحَنْبَلِيّ، الصَّالحيّ.
مجدُ الدِّين أَبُو المجد، والد الحَافِظ سيف الدّين أحمد.
ولد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، في أوّلها.
وَسَمِعَ من يَحْيَى الثَّقَفِيّ وغيره، وبمصر من إسْمَاعِيل بن ياسين، والبُوصيريّ، وببغداد من ابن الْجَوْزيّ، وابن المَعْطوش، وجماعة من أصحاب ابن الحُصَيْن.
قَالَ الضِّيَاء: وَكَانَ فقيها، إماما، خطيبا، عفيفا، متورّعا، محبوبا إلى النَّاس، ذا بشاشةٍ، وحُسن خُلُق. وَكَانَ مليح الكتابة. خطب مُدَّة بالجامع المُظَفَّريّ، وسعى في مصالحه. وَكَانَ لَا يتناول من وَقْفِهِ إِلَّا شيئا يسيرا. سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِذَا مضيت في حاجة من أمر الجامع ربما اشتريتُ لي شيئا آكل، حسْب.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ والده، والحافظ الضّياء، والشمس محمد ابن الكمال.
وآخر من رَوَى عَنْهُ بنته عَائِشَة، شيخُتنا.
وَتُوُفِّي في خامس جُمَادَى الآخرة.
[حرف الغين]
319- غُبَيْس بن مُقْبل [3] بن غُبَيْس- بغين معجمة [4]-.
__________
[1] انظر عن (عمر بن أبي القاسم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 449 رقم 1638.
[2] انظر عن (عيسى بن موفق الدين) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 430 رقم 1595.
[3] انظر عن (عيسى بن مقبل) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 449، 450 رقم 1640، والمشتبه 2/ 440، وتوضيح المشتبه 6/ 144، وفيهما: «غنيس» ، وتبصير المنتبه 3/ 920 وفيه تصحف إلى: «غنبس» .
[4] قيّده المنذري: بضم الغين المعجمة وفتح الباء الموحّدة وسكون الياء آخر الحروف وبعدها سين(44/254)
أَبُو الفضل البَغْدَادِيّ، الضّرير، المُقْرِئ.
سَمِعَ من شُهْدة، وَأَبِي الحَسَن البطائحي، وقرأ عَلَيْهِ القرآن، وامتنعَ من الرواية.
ومات في ذي الحجَّة [1] .
[حرف الفاء]
320- فِتيان بن عَليّ [2] بن فتيان.
الْأديب الكبير، شهاب الدِّين الشّاغوريّ، الدِّمَشْقِيّ، الشَّاعِر المشهور.
حدّث عن أبي القاسم ابن عساكر.
رَوَى عَنْهُ: الشِّهَاب القُوصِيّ، والتّقيّ اليلدانيّ، وغيرهما.
وروى لنا عنه عمر بن عبد المنعم القوّاس بالإجازة منه.
وكان حنفيا، أدّب بعض أولاد الملوك. وله ديوان شعر، فمنه:
أنا بالغزلان وبالغزل ... عن عدلِ العاذِلِ في شُغُلِ
ما تفعلُ بيضُ الهِنْد بنا ... ما تفعلُه سُودُ المُقَلِ
بأبي، وسنانُ كحيلُ الطّرف ... أغنُّ، غنيّ عن كُحُلِ
يمشي فيكادُ يقدُّ الخصر ... لدقّتِهِ ثِقَلُ الكَفَلِ
يا جائرُ حينَ عليّ ولي ... هلّا أصبحت عليّ ولي
__________
[ () ] مهملة. واسم جدّه كاسمه.
وقيّد في: المشتبه، والتوضيح: غنيس. بالغين والنون والياء.
وفي التبصير: «غنبس» بالغين والنون والباء الموحدة من تحت. والله أعلم بالصواب.
[1] وقع في تبصير المنتبه أنه توفي سنة 625 هـ. وهو خطأ.
[2] انظر عن (فتيان بن علي) في: خريدة القصر (القسم الشامي) 1/ 247، ومعجم البلدان 3/ 130 و 370، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 421 رقم 1578، ووفيات الأعيان 4/ 24- 26، والتاريخ المنصوري 133، والدر المطلوب 398، والإشارة إلى وفيات الأعيان 321، والإعلام بوفيات الأعلام 253، وسير أعلام النبلاء 22/ 143، 144 رقم 92، ومطالع البدور للغزولي 1/ 28، والنجوم الزاهرة 6/ 225، والعسجد المسبوك 2/ 364، وبغية الوعاة 2/ 243 رقم 1896، وشذرات الذهب 5/ 63، 64، وكشف الظنون 795، وهدية العارفين 1/ 816، وديوان الإسلام 3/ 404 رقم 1596، وتاريخ الأدب العربيّ (التكملة) 1/ 456، والأعلام 5/ 137، ومعجم المؤلفين 8/ 540. وانظر ديوانه بدمشق 1967.(44/255)
وَلَهُ هذه القصيدة الطَّنّانة:
في عُنفُوان الصِّبا ما كنتُ بالغزلِ ... فكيفَ أصبُو وسنِّي سنُّ مكتهل
كأنّني بمشيبي وهو مشتعل ... بياضه في سوادِ الفاحِمٍ الزَّجِلِ
من يهوَ يهو إلى قَعْر الهوانِ عمى ... شتَّان بينَ شَجٍ عانٍ وبينَ خَلِي
وخيرُ ما نلتَ من دُنياك مُقتبسًا ... عِلمٌ ولكن إِذَا ما زينَ بالعملِ
واها لمُستيقظٍ من نوم غَفلتهِ ... لِفَهْمِ آدابِ أهل الْأعصُرِ الْأُوَلِ
قَالُوا امتدِحْ عُظماءَ النَّاسِ قُلْتُ لهم ... خوف الزّنابيرِ يُثنيني عنِ العسَلِ
إلى أن قَالَ:
يا رُبّ بيضٍ سللنَ البيضَ من حدقٍ ... سودٍ ومشيٍ كأعطافِ القنا الذُّبُلِ
هيفُ الخُصورِ نقيَّاتُ الثغُورِ أثيثاتُ ... الشُّعورِ هَجَرْنَ الكُحْلَ للكَحَلِ
مثلُ الشموس انجلى عَنْهَا الغَمامُ إِذَا ... غازلننا من وراءِ السّجف واكلل
منها:
وما تركت مقال الشعر عن خورٍ ... ولا انتجاعَ كِرام النَّاس من كسلِ
لكن أروني كريما في الزمانِ وما ... شئتم منَ المدح فاستملوه من قِبلي
لَا تأسفنّ عَلَى ما لم تنله من ... الدُّنْيَا فليس يُنال الرّزق بالحِيلِ
وَهِيَ نيّف وتسعون بيتا، وقد مدح ملوكا، وأكابر.
تُوُفِّي في المُحرّم بالشّاغور [1] .
[حرف الكاف]
321- كَيْكَاوِس بن كَيْخُسْرُو [2] بن قِلج رسلان.
__________
[1] وقال ياقوت الحموي: ينسب إليها الشهاب الفتياني النحويّ الشاعر، رأيته أنا بدمشق، وهو قريب الوفاة، وهو فتيان بن علي بن فتيان الأسدي النحويّ الشاعر، كان أديبا طبعا، وله حلقة في جامع دمشق كان يقرأ النحو وعلا سنّه حتى بلغ تسعين أو ناهزها، وله أشعار رائعة جدا ومعان كثيرة مبتكرة، وقد أنشدني لنفسه ما أنسيته. (معجم البلدان 3/ 310) .
[2] انظر عن (كيكاوس بن كيخسرو) في: الكامل في التاريخ 12/ 347- 350، ومرآة الزمان ج 8(44/256)
السلطان الملك الغالب عز الدين صاحب الروم: قونية، ومَلَطية، وأقصرا، وأخو السُّلْطَان علاء الدِّين كيقباذ.
قال أبو المظفّر ابن الْجَوْزيّ: كَانَ جبّارا، ظالما، سفّاكا للدّماء. وَكَانَ لَمَّا عاد إلى بلده من كَسْرَة الملك الأشرف له بجلب، عند مجيئه ليأخذ حلب، إِذْ مات سلطانها الملك الظّاهر، اتّهم جماعة من أمراء دولته أَنَّهُم قصَّروا في القتال، وكذا كَانَ، فسلق بعضهم في القُدُور، وجعلَ آخرين في بيت وأحرقهم. فأخذه اللَّه بغتة، فمات فُجاءة وَهُوَ سكران.
وَقِيلَ: بل ابتُلي في بدنه فتَقَطَّع. وَكَانَ أخوه كَيْقُباذ محبوسا، وقد همّ بقتله، فبادروا وأخرجوه وسلطنوه. وَكَانَ موته في شَوَّال.
وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي أطمع الفرنج في دِمْيَاط.
قَالَ ابن واصل [1] : قصد كَيْكَاوِس حلب، وقالوا لَهُ: المصلحة أنّك تستعين في أخذها بالملك الْأفضل ابن السُّلْطَان صلاح الدِّين، صاحب سُميْساط، فَإِنَّهُ في طاعتك، ويخطب لك، وَالنَّاس تميل إِلَيْهِ. فاستدعاه من سميساط، فقدم عَلَيْهِ، فبالغ في إكرامه، وتقرّر بينهما: أَنَّ ما يفتحانه من حلب ومن أعمالها يكون للأفضل، وتكون السِّكَّة فيه والخُطبة لكِيكاوس، ثُمَّ يقصدون بلاد حرّان والرُّها، وغيرها، ويكون ذَلِكَ لكيكاوس، وتحالفا عَلَى ذَلِكَ. وسارا فملكا قلعة رَعْبان، وسلَّمها للأفضل، ومال النَّاس حينئذ إلى كَيْكَاوِس لمَيله إلى الأفضل، ثمّ سارا
__________
[ () ] ق 2/ 589، وذيل الروضتين 113، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 223، وتاريخ الزمان، له 257، 258 (في حوادث سنة 615 هـ) ، والتاريخ المنصوري 79، ومفرّج الكروب 3/ 263، 264 و 4/ 30، والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 197، وتلخيص مجمع الآداب ج 4 ق 1/ 248، والمختصر في أخبار البشر 3/ 119 و 124، ودول الإسلام 2/ 118، والعبر 5/ 53 و 57، وسير أعلام النبلاء 22/ 137- 139 رقم 90، والإشارة إلى وفيات الأعيان 321، وتاريخ ابن الوردي 2/ 135 و 138، وصبح الأعشى 5/ 360 (سنة 615 هـ) . والسلوك ج 1 ق 1/ 189 و 204، والعسجد المسبوك 2/ 365، 366، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 272، والنجوم الزاهرة 6/ 323، 224، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة لزامباور 2/ 216، وشذرات الذهب 5/ 64.
وسيعاد في وفيات 616 هـ برقم 399.
[1] في مفرّج الكروب 3/ 263 فما بعد.(44/257)
إلى تلّ باشِر وبها ابن دلدرم [1] ، فنازلوه إلى أن أخذوها، ولم يسلّمها كَيْكَاوِس للأفضل، فنفر منه، وخاف أن يعامله كذلك في حلب، ونفرَ أَيْضًا منه أهل النّاحية. واستصرخ الْأتابك طُغْريل بالْأشرف، فنَجدَ الحلبيّين، ومعه عَرَب طيّ.
وكاتب كَيْكَاوِس أمراء حلب واستمالهم. فعسكر الْأشرف بظاهر حلب، وخرج إلى خدمته الْأمراء، فخلع عليهم. وَقَدِمَ عَلَيْهِ أمير العرب مانع في جمْعٍ كبير.
ثُمَّ سار كَيْكَاوِس فأخذ مَنْبج صُلْحًا، ثُمَّ وقعت العرب عَلَى مقدّمة كَيْكَاوِس فكسرتهم، واستبيحت أموال الروميّين، وقُتل منهم جماعة، وأسر طائفة. فَلَمَّا سَمِعَ بذلك كَيْكَاوِس طار عقله وانهزم، وتبعه الْأشرف يتخطّف أطراف عسكره، ثُمَّ أحاط بتلِّ باشر وأخذها من نوّاب كَيْكَاوِس وأطلقهم، ثُمَّ أخذ رَعْبان أَيْضًا، وردَّ الجميع إلى ابن أخيه الملك العزيز الصّبيّ.
وَكَانَ هلاك كَيْكَاوِس بالخوانيق بعد هزيمته بقليل.
[حرف الميم]
322- مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الخطيب [2] .
أَبُو عَبْد اللَّه الغَسَّانِيّ الحَمَوِيّ، ويعرف بابن الجاموس، الشافعيّ.
تَفَقَّه بحماه.
وَحَدَّثَ بالبيت المقدّس ب «المقامات» عن أبي بكر بن النّقّور، عن الحريريّ.
وولي خطابة الجامع العتيق بمصر، والتّدريس بمشهد الحسين مدّة.
وكان من أكابر الشّافعيّة. لقبه: شهاب الدّين.
__________
[1] هو فتح الدين ابن بدر الدين دالدرم.
[2] انظر عن (محمد بن إبراهيم الخطيب) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 424، 425 رقم 1588، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 375، 376 رقم 342، والجواهر المضية 2/ 191، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 45، والوافي بالوفيات 2/ 27، 28 رقم 277، وطبقات الشافعية لابن كثير ورقة 159 ب، والمقفى الكبير 5/ 86 رقم 1628، وحسن المحاضرة 1/ 410 رقم 68، والطبقات السنية 3/ ورقة 1040.(44/258)
وتوفّي في العشر الأوسط من ربيع الأوّل، وقد شاخ [1] 323- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد [2] بْن عَبْد العزيز.
العلّامة أبو جعفر الرّازيّ، الحنفيّ.
شيخ الحنفيّة ومدرّسهم بالموصل.
مات بالموصل. وكان من كبار الأئمّة، صاحب فنون. وَلَهُ مُصنّف في المَذْهب.
تُوُفِّي في رجب.
324- مُحَمَّد بن إسْمَاعِيل [3] بن حَمْدَان.
أَبُو بَكْر الحِيزَانِيّ [4] ، نزيل بلد الجزيرة.
__________
[1] وقال الصفدي: وفيه يقول ابن عنين وقد تجادل مع ابن البغل الفقيه:
البغل والجاموس في جدلهما ... قد أصبحا عجبا لكلّ مناظر
برزا عشيّة يومنا لتجادل ... هذا بقرنيه وذا بالحافر
ما أتقنا غير الصياح كأنّما ... لقنا جدال المرتضى ابن عساكر
لفظ طويل تحت معنى قاصر ... كالعقل في عبد اللطيف الناظر
اثنان ما لهما وحقّك ثالث ... إلّا رقاعة مدلويه الشاعر
وقال الوزير نجم الدين أبو المظفّر يوسف بن المحاور وقد خطب الجاموس يوم الأضحى:
خطيبنا الجاموس من حذقه ... علا على المنبر والصّرح
لأنه في يومه خائف ... يا ملك الأرض من الذبح
وقال فيه:
قل لمليك الأرض إن لم تجد ... أضحية الضأن مع المعز
فخذ خطيب العيد أضحية ... فإنه عن سبعة يجزي
وقال فيه:
قلت والجاموس يلقى ... درسه من غير لبس
ويك ذا جاموس درس ... ليس ذا جاموس درس
(الوافي بالوفيات) .
[2] انظر عن (محمد بن إبراهيم بن محمد) في: الجواهر المضية 2/ 5، وكشف الظنون 1631، 1632، وإيضاح المكنون 2/ 185، وهدية العارفين 2/ 109، وديوان الإسلام 2/ 340 رقم 1006، والأعلام 5/ 296، ومعجم المؤلفين 8/ 218، وسيعاد برقم 475.
[3] انظر عن (محمد بن إسماعيل) في: الوافي بالوفيات 2/ 217 رقم 608.
[4] نسبة إلى حيزان، من ديار بكر.(44/259)
كَانَ فقيها شافعيا، أديبا، شاعرا. امتدح السُّلْطَان الملك النّاصر صلاح الدِّين، وَهُوَ عَلَى المَوْصِل، فأجازه بثلاثمائة دينار، وفرسٍ، وخِلعةٍ.
وولي قضاء القُدس، ثُمَّ عاد إلى الجزيرة، وصار مُحتسبها.
325- مُحَمَّد بن إلياس [1] بن عبد الرحمن ابن الشَّيْرَجيّ.
أَبُو بَكْر الْأَنْصَارِيّ، الدِّمَشْقِيّ، المُعَدَّل.
حَدَّثَ بالإجازة عن السِّلَفيّ.
مُحَمَّد بن أيوب [2] .
أَبُو بَكْر، الملك العادل. إنّما يُعرف بكنيته فأخّرته.
326- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن [3] بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن محمد ابن الدَّامِغَانِيّ.
أَبُو عَبْد اللَّه.
نابَ في القضاء عن أخيه قاضي القضاة أَبِي الْقَاسِم عَبْد اللَّه.
ومات في شعبان قبل أخيه بثلاثة أشهر، ببَغْدَاد.
327- مُحَمَّد بن عَلْوان [4] بن مُهاجر بن عَليّ بن مُهاجر.
الإِمَام شرفُ الدِّين أَبُو المُظَفَّر المَوْصِليّ، الشَّافِعِيّ.
وُلِدَ في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن إلياس) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 434 رقم 1605.
[2] سيأتي برقم 340.
[3] انظر عن (محمد بن الحسين) في: تاريخ ابن الدبيثي (شهيد علي) ورقة 38، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 438، 439 رقم 1615، والمختصر المحتاج إليه 1/ 40، والجواهر المضية 2/ 48، وعقد الجمان 17/ ورقة 391، والطبقات السنية 3/ ورقة 240، 241.
[4] انظر عن (محمد بن علوان) في: الكامل في التاريخ 12/ 354، وذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 160 رقم 398، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 419 رقم 1574، وعقود الجمان لابن الشعار 6/ ورقة 131، والمختصر المحتاج إليه 1/ 105، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 445، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 32، 33 (8/ 80، 81) ، والوافي بالوفيات 4/ 98، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 159 ب، 160 أ، والبداية والنهاية 13/ 82، والعقد المذهب لابن الملقن ورقة 168، وعقد الجمان 17/ ورقة 390، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي، ورقة 47 وسيعاد في المتوفين على التقريب برقم 713.(44/260)
وتَفَقَّه ببَغْدَاد بالنِّظامية عَلَى العلّامة أَبِي المحاسن يوسف بن بُنْدَار.
وَسَمِعَ الحديث من جماعة منهم: الحُسَيْن بن المُؤَمِّل، وَمُحَمَّد بن عَليّ بن ياسر الجيّانيّ، وتَفَقَّه بالمَوْصِل عَلَى الفقيه أبي البركات عبد الله بن الخضر ابن الشَّيْرَجيّ، حَتَّى برع.
ودَرَّسَ بالمدرسة الّتي أنشأها أَبُوه عَلْوان. ودَرَّسَ بمدارس أُخر.
وَلَهُ «تعليقة» في الفقه.
وَحَدَّثَ عن الحُسَيْن بن مُحَمَّد بن سُليم المَوْصِليّ.
ومات بالمَوْصِل، في ثالث المحرّم.
وَهُوَ من بيت حِشْمة، وثَروة.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ البِرْزَاليّ، والتّقيّ اليَلْدَانِيّ، وبالإجازة الشِّهَاب القُوصِيّ [1] .
328- مُحَمَّد بن عَليّ [2] بن مُحَمَّد بن عَبْد الملك [3] .
أَبُو بَكْر اللَّخْميّ، الإشبيليّ، المعروف بابن المُرْخي.
أخذ عَن أَبِيهِ أَبِي الحكم، وغيره.
قَالَ الْأبَّار [4] : كَانَ كاتبا، أديبا، بليغا، حافظا، ناظما، ناثرا. وَلَهُ «كتاب في الخَيْل» ، وكتاب «حِلية الْأديب» [5] في اختصار «المصنّف الغريب» . وكان أبوه وجدّه من الكتّاب [6] .
__________
[1] وقال ابن الدبيثي: وقدم بغداد حاجّا ورأيته بها، ثم لقيته بالموصل وكتبت عنه بها وسأل عن مولده فقال: في سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة بالموصل. (ذيل تاريخ مدينة السلام 2/ 160) .
[2] انظر عن (محمد بن علي) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 602، والوافي بالوفيات 4/ 157 رقم 1691، وبغية الوعاة 1/ 177 وكشف الظنون 826، 1209، ومعجم المؤلفين 11/ 54.
[3] في الوافي بالوفيات 4/ 157 «عبد العزيز» .
[4] في تكملة الصلة 2/ 602.
[5] في الأصل: «حلية الأدب» ، والمثبت عن المصادر.
[6] وقال الصفدي: مات سنة 616 هـ. (الوافي 4/ 157) . وقال محمد بن علي يخاطب أستاذه المعروف باللص:
سأهجر العلم لا بغضا ولا كسلا ... حتى يقال ارعوى عن حبّه وسلا
ولا أمرّ ببيت فيه مسكنه ... كي لا يمثّل شوقي حيثما مثلا(44/261)
329- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [1] بْن عِمْروك.
الشريف الصّالح فخر الدِّين أَبُو الفتوح القُرَشِيّ، التَّيْمِيّ، البَكْرِي، النَّيْسَابُوري، الصُّوفِيّ.
وُلِدَ في أَوَّل سنة ثمان عشرة وخمسمائة، بنَيْسَابُور.
ولو سَمِعَ عَلَى مقدار عمره، لكان مُسْند عصره، ولكنّه سمع في كِبَره من أَبِي الْأسعد هبة الرَّحْمَن القُشَيْريّ. وَسَمِعَ ببَغْدَاد من الحُسَيْن بن نصر بن خميس، وبالإسكندرية مَعَ ابنه مُحَمَّد من السِّلَفيّ. ولقي جماعة من الصُّوفِيَّة.
وَحَدَّثَ بمَكَّة، وَمِصْر، وَالشَّام، وبَغْدَاد. وجاور مُدَّة.
وَتُوُفِّي هُوَ ورفيقه أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عَبْد الغفّار الهَمَذَانِيّ الصُّوفِيّ المعروف بالمُكبس، وقد سَمِعَ معه من السِّلَفيّ، وولد بهمذان سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة [2] .
رَوَى عن أَبِي الفتوح: أَبُو الحجّاج يوسف بن خليل، وَأَبُو عَبْد اللَّه البِرْزَاليّ، وَأَبُو مُحَمَّد المُنْذِريّ، وحفيدُه الصَّدْر أَبُو عَليّ، والبُرهان إبراهيم ابن الدَّرّجِيّ، وَالشَّيْخ شمس الدِّين عَبْد الرَّحْمَن، والفخر عليّ، والشّهاب القوصيّ، والشمس ابن الكمال، وآخرون.
__________
[ () ]
إذا ظمئت وكان العذب ممتنعا ... فلست عن غير ذاك العذب معتزلا
إذ طردت قصيّا عن حياضكم ... فإنّ نفسي مما تكره النّهلا
قد كان عندي زعيم القوم عالمهم ... فاليوم عندي زعيم القوم من جهلا
ما إن رأيت الّذي يزداد معرفة ... إلّا يزيد انتقاصا كلّما كملا
وآية الصدق في قولي وتجربتي ... إنّ الجواد على العلّات ما والا
(تكملة الصلة، الوافي، بغية الوعاة) .
[1] انظر عن (مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عِمْروك) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 132، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 431، 432 رقم 1597، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 291، 292، وتاريخ إربل 1/ 133، 134 رقم 53، والمعين في طبقات المحدّثين 188 رقم 2004، والإشارة إلى وفيات الأعيان 321، والإعلام بوفيات الأعلام 253، والمختصر المحتاج إليه 1/ 129، ودول الإسلام 2/ 118، وسير أعلام النبلاء 22/ 89، 90 رقم 62، والعبر 5/ 57، ومرآة الجنان 4/ 31، والعقد الثمين 2/ 337، 338، والنجوم الزاهرة 6/ 226.
[2] وكانت وفاته مع ابن عمروك. (سير أعلام النبلاء 22/ 90) .(44/262)
تُوُفِّي في حادي عشر جُمَادَى الآخرة.
وَلَهُ ثمان وتسعون سنة [1] .
330- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد [2] .
وَقِيلَ: اسمه أَحْمَد، أَبُو حامد، الفقيه السَّمَرْقَنْدِيّ، الحَنَفِيّ.
العلّامة ركن الدِّين العميديّ، صاحب «الْجُسْت» [3] والطّريقة.
كَانَ بارعا في الْجُسْت والخلاف.
اشتغل عَلَى الرَّضيّ النَّيْسَابُوري، وَكَانَ أحد الْأربعة الّذين برّزوا على الرّضي: هو، والركن الطاووسيّ، والركن زادا، وآخر لقبُه: الركن [4] .
وصنّف العميديّ طريقته المشهورة، وصنّف «الإرشاد» واعتنى بشَرْحِهِ جماعةٌ منهم: قاضي دمشق شمس الدِّين أَحْمَد الخُوَبي، وأوحد الدِّين الدّونيّ، قاضي منبج، ونجم الدّين ابن المِرَنديّ، وبدر الدِّين المَراغيّ الطّويل.
وصنّف العميديّ أشياء أخر.
__________
[1] وقال ابن المستوفي: ورد الموصل وسمع عليه الأئمة، منهم الإمام أبو السعادات المبارك بن محمد بن عبد الكريم في سنة تسع وتسعين وخمسمائة، وفيها ورد إربل. وورد ابنه الحسن بن محمد بن محمد بن محمد البكري في هذه السنة- وهي سنة ثمان وستمائة- إربل. وسمع ممن بها من المشايخ وأخذ عنهم، وهو شاب لطيف عاقل كيّس، عنده شيء من فقه إلّا أن ميله إلى الحديث أكثر. حدّث عنه جماعة من الطلبة. (تاريخ إربل 1/ 133، 134) .
[2] انظر عن (محمد بن محمد بن محمد السمرقندي) في: إكمال الإكمال لابن نقطة (الظاهرية) ورقة 41، وتاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 138، 139، والمختصر في أخبار البشر 3/ 121، ودول الإسلام 2/ 118، والعبر 5/ 75، وسير أعلام النبلاء 22/ 53/ 76، 77 رقم 53 و 22/ 97، 98 رقم 70، وتاريخ ابن الوردي 2/ 136، والجواهر المضية 2/ 128، ومرآة الجنان 4/ 31، والوافي بالوفيات 1/ 280، 281 رقم 183، وتاج التراجم لابن قطلوبغا 43، وكشف الظنون 69 وغيرها، وهدية العارفين 2/ 109، والفوائد البهية 200، وديوان الإسلام 3/ 325، 326 رقم 1498، والأعلام 7/ 27، ومعجم المؤلفين 11/ 287.
وقد أضاف الدكتور بشار عواد معروف في (سير أعلام النبلاء 22/ 76 بالحاشية 1) إلى مصادر ترجمته: تكملة المنذري، وتوضيح المشتبه، وليس له ذكر فيهما.
[3] الجست: علم الجدل والمناظرة.
[4] قال المؤلّف- رحمه الله- في: سير أعلام النبلاء 22/ 76: «والركن فلان نسينا اسمه» .(44/263)
واشتغل عَلَيْهِ خلقٌ منهم: نظام الدِّين أَحْمَد ابن العلّامة جمال الدِّين محمود الحَصيريّ.
وَكَانَ كثير التَّواضع، طيِّبَ المُعاشرة، حسنَ الْأخلاق.
تُوُفِّي في جُمَادَى الآخرة، ببُخَارَى.
وَلَيْسَ عِلْمه مما يرشد إلى الله والدّار الآخرة، ولا هُوَ من عُدَّة القبر، فاللَّه المستعان! 331- مُحَمَّد بن أَبِي جَعْفَر [1] مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ ابن الصَّبَّاغ.
أَبُو غالب البَغْدَادِيّ، المُعَدَّل.
وُلِدَ في حدود الأربعين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من: القاضي أَبِي الفَضْل الْأُرْمَوي، وابن الزَّاغُونيّ، وأبي الوَقْت.
وَهُوَ من بيت القضاء والرواية، حَدَّثَ من بيته جماعة.
وَرَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي.
ومات في شعبان.
وقد اغترَّ بقول قاضي العراق مُحَمَّد بن جَعْفَر العَبَّاسيّ، ووضع خطَّه في كتاب مُزَوَّر، كُتب عَلَيْهِ «عُورِضَ بأصله» ، ولم يكن لَهُ أصل، وكتب قبله أَحْمَد بن أَحْمَد البَنْدَنِيجِيّ المُحدِّث فاطمأنّ إليه، فَلَمَّا ظهرَ الحال عُزل القاضي، وشُهِّر هذان ببَغْدَاد عَلَى جَملين.
نسأل اللَّه العافية! 332- مُحَمَّد بن نزار [2] البغدادي القصريّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبي جعفر) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 133، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 436، 437 رقم 1610، والمختصر المحتاج إليه 1/ 130، 131، والوافي بالوفيات 1/ 167 رقم 101.
[2] انظر عن (محمد بن نزار) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 154، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 449 رقم 1639، والمختصر المحتاج إليه 1/ 153، والوافي بالوفيات 5/ 110 رقم 2124، وتوضيح المشتبه 1/ 677.(44/264)
أَبُو بَكْر، المعروف بابن أَبِي البِير [1] .
قرأ القرآن على سعد الله بن نصر ابن الدَّجاجيّ. وَسَمِعَ من أَحْمَد بن المُقَرَّب.
وحدُّث، رَوَى عَنْهُ ابن النَّجَّار.
333- مَسْعُود، السُّلْطَان الملك القاهر [2] ، عز الدِّين.
أَبُو الفَتْح بن أرسلان شاه بن مَسْعُود بن مودود بن زنكي، صاحب الموصل.
ولد سنة تسعين وخمسمائة.
وولي السلطنة بعد أبيه سنة سبع وستّمائة.
قَالَ الحَافِظ عَبْد العظيم [3] : كَانَ موصوفا بالحِلْم، والكرم والعَدْل. وأوصى بالمُلك إلى ولده نور الدِّين أرْسَلان شاه.
وَقِيلَ: إِنَّهُ مات في ربيع الآخر [4] مسموما. وعاش خمسا وعشرين سنة.
قال أبو شامة [5] : بلغني أَنَّ لؤلؤا- يعني بدر الدِّين صاحب المَوْصِل- سقى القاهر، قَالَ: ثُمَّ أدخل ابنه محمودا- يعني أرْسَلان شاه- بعد ذَلِكَ حمّاما، وأغلقه عليه، فتلف. وكان من الملاح.
__________
[1] البير: بكسر الباء الموحّدة وسكون الياء آخر الحروف وبعدها راء مهملة. (المنذري 2/ 449) .
[2] انظر عن (مسعود السلطان القاهر) في: الكامل في التاريخ 12/ 333، 334، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 601، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 428 رقم 1590، وذيل الروضتين 114، وتاريخ الزمان لابن العبري 254، وتاريخ مختصر الدول له 231، ومفرّج الكروب 3/ 261، 262، والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 188، 192، 196، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 496 ورقم 2700، والمختصر في أخبار البشر 3/ 118، والدرّ المطلوب 197، والإشارة إلى وفيات الأعيان 321، ودول الإسلام 2/ 118، والعبر 5/ 53، 55، 56، وسير أعلام النبلاء 22/ 77، 78 رقم 54، وتاريخ ابن الوردي 2/ 134، ومرآة الجنان 4/ 30، والبداية والنهاية 13/ 81، والسلوك ج 1 ق 1/ 201، والنجوم الزاهرة 6/ 225، والعسجد المسبوك 2/ 360، 361، وتاريخ ابن الفرات 9/ ورقة 93، وشذرات الذهب 5/ 62، 63، وتاريخ الأزمنة للدويهي 207.
[3] في التكملة 2/ 428 رقم 1590.
[4] جزم المنذري بوفاته في سحر السابع والعشرين من شهر ربيع الآخر.
[5] في ذيل الروضتين 114.(44/265)
وَقَالَ ابن الْأثير [1] : كانت ولاية القاهر سبع سنين وتسعة أشهر. وَكَانَ سبب موته أَنَّهُ أخذته حُمّى، ثُمَّ فارقته الغد، وبقي يومين موعوكا، ثمّ عادته الحُمّى مَعَ قيءٍ كثير، وكرْبٍ شديد، وقلقٍ متتابع. ثُمَّ برد بدنه وعرق، وبقي كذلك إلى وسط الليل، ثُمَّ تُوُفِّي. وَكَانَ حليما، كريما، قليل الطّمع، كافّا عن الْأذى، مُقْبلًا عَلَى لذّاته. وَكَانَ محبوبا إلى رعيّته، فأُصيبوا بموته، وعظُمَ عليهم فقدُه. أوصى بالمُلك إلى ولده نور الدِّين أرْسَلان شاه، وَلَهُ عَشْر سنين، والمُدَبِّر لدولته بدر الدِّين لؤلؤ، فضبط المملكة لَهُ مَعَ صغر السُّلْطَان، وكثرة الطّامعين، فَإِنَّهُ كَانَ في البلد أعمام أَبِيهِ. ولكنّه كَانَ لَا يزال مريضا بعدَّة أمراض، فمات بعد قليل من السنة. فرتبَ بدر الدِّين لؤلؤ أخاه ناصر الدِّين، صبيٌّ لَهُ ثلاث سنين، صورة.
234- مسعود الحَبَشي [2] الفرّاش.
مولى المُستنجد باللَّه يوسف ابن المُقْتَفيّ.
سَمِعَ من: أَبِي المعالي الباجسْرائيّ، وأبي الخير عَبْد الرَّحِيم بن موسى الأصبهانيّ.
وَحَدَّثَ.
ومات في ربيع الْأَوَّل.
335- مُظَفَّر بن أَبِي مُحَمَّد [3] بن أَبِي البركات بن غَيْلان.
أَبُو الفَتْح الْأزَجِيّ، الطَّحَّان.
سَمِعَ من: أَبِي الفضل الْأُرْمَوي.
وَحَدَّثَ، رَوَى عَنْهُ: البِرْزَاليّ، والدُّبَيْثِي.
ومات في شعبان، وقد قارب الثّمانين.
__________
[1] في الكامل 12/ 333 فما بعدها.
[2] انظر عن (مسعود الحبشي) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 423، 424 رقم 1585، والمختصر المحتاج إليه 3/ 188، 189 رقم 1193.
[3] انظر عن (مظفر بن أبي أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 435، 436 رقم 1608، والمختصر المحتاج إليه 3/ 194 رقم 1214.(44/266)
قَالَ ابن النَّجَّار: سَمِعَ الكثير، وَكَانَ لَا بأس بِهِ.
[حرف النون]
336- نجاح الشَّرابيّ [1] .
الْأمير نجم الدَّوْلَة [2] ، مولى النّاصر لدين اللَّه.
كَانَ كبير القدر مُعَظَّمًا، مُلازمًا لأمير المؤمنين النّاصر، لَا يكاد يغيب عَنْهُ، ويعتمد عَلَيْهِ، وَهُوَ الكلّ. وَكَانَ ديّنا، سمْحًا، جوادا، عاقلا، رئيسا، يحبّ المساكين ويؤثرهم، ويأخذ للضّعيف من القويّ. وَكَانَ يُسمي سلمان دار الخلافة.
وَكَانَ أسمر اللّون.
وَقَالَ المُنْذِريّ [3] : هُوَ أَبُو اليُمن، ولقبه: العزّ. تُوُفِّي في رابع رمضان.
وَقَالَ غيره: حَزِنَ عَلَيْهِ الخليفةُ حُزنًا عظيما، وتصدَّقَ عَنْهُ من ماله بعشرة آلاف دينار. وكانت لَهُ جنازة مشهودة، كَانَ بين يديها ألف شاة، ومائة بقرة، ومائة حمل خبز، ومائة قوصرة تَمْر، وعشرون حمل ماء ورد. ومماليكه يضجّون بالبكاء. صلّى عَلَيْهِ الخليفة تحت التّاج.
337 نجم بن أَبِي اللَّيْث [4] أرْسلان بن عَليّ بن غُرْلو التُّرْكِيّ الْأصل الحَنَفِيّ.
نجم الدِّين الواعظ، المعروف بابن الفصيح.
سَمِعَ من السِّلَفيّ.
وَحَدَّثَ.
__________
[1] انظر عن (نجاح الشرابي) في: الكامل في التاريخ 12/ 353، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 600، 601، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 440، 441 رقم 1620، وذيل الروضتين 113، 114، والبداية والنهاية 13/ 82، وعقد الجمان 17/ ورقة 391، والعسجد المسبوك 2/ 363، 364.
[2] في (العسجد المسبوك) : «نجم الدين» وهو تحريف.
[3] في التكملة 2/ 440، 441.
[4] انظر عن (نجم بن أبي الليث) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 424 رقم 1587، والجواهر المضية 2/ 191، والطبقات السنية 3/ ورقة 1040.(44/267)
[حرف الهاء]
338- هبة اللَّه بْن عَبْد اللَّه [1] .
أَبُو الفوارس الوَاسِطِيّ، عُرِف بابن شَباب.
حَدَّثَ بواسط عن: أَبِي المحاسن عَبْد الرَّزَّاق بن إسْمَاعِيل القُومساني، وابن عمّه المطهّر بن عَبْد الكريم.
وَتُوُفِّي في رجب، بباكُسايا.
[حرف الياء]
339- يوسف بن مَسْعُود بن بركة.
أَبُو المحاسن الشَّيْبَانِيّ الشَّاعِر الشّيعيّ، والد الشِّهَاب التَّلَعْفريّ الشَّاعِر.
ولد سنة ستّين وخمسمائة.
وَلَهُ مدائح في أهل البيت، ومن شعره:
من مجيري من ظبية ذات دَلٍّ ... تَتَثَنَّى غصنا وترنو غزالا
ذاتِ شكلٍ لو كُوِّن الحُسْنُ ثوبا ... وارتدته لَمَّا استزادت كمالا
[الكنى]
340- أَبُو بَكْر السُّلْطَان الملكُ العادل [2] .
__________
[1] انظر عن (هبة الله بن عبد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 434، 345 رقم 1606.
[2] انظر عن (الملك العادل) في: الكامل في التاريخ 12/ 350، 351، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 594- 598، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 430، 431 رقم 1596، وذيل الروضتين 113، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 232، وتاريخ الزمان، له 255، ووفيات الأعيان 5/ 74- 79، ومفرّج الكروب 3/ 270- 275، والتاريخ المنصوري 76، والمغرب في حلي المغرب 206- 209، وزبدة الحلب 3/ 184، ونهاية الأرب 29/ 82- 84، والمختصر في أخبار البشر 3/ 119، والدر المطلوب 197، 198، والنور اللائح والدر الصادح لابن القيسراني (بتحقيقنا) 55، والإشارة إلى وفيات الأعيان 321، والإعلام بوفيات الأعيان 253، ودول الإسلام 2/ 118، 119، وسير أعلام النبلاء 22/ 115- 120 رقم 82، والعبر 5/ 53، و 58، والإعلام والتبيين لابن(44/268)
سيفُ الدُّنْيَا والدّين، ابن الْأمير نجم الدِّين أيوب بْن شاذي بْن يعقوب بن مروان الدُّويني، ثُمَّ التَّكْرِيتيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ.
وُلِدَ ببَعْلَبَكّ في سنة أربعٍ وثلاثين، إِذْ أَبُوه نائبٌ عليها للأتابك زنكي والد نور الدِّين محمود. وَهُوَ أصغر من أخيه السُّلْطَان صلاح الدِّين بسنتين. وَقِيلَ:
مولده سنة ثمانٍ وثلاثين. وَقِيلَ: وُلِدَ في أَوَّل سنة أربعين.
قَالَ أَبُو شامة [1] : تُوُفِّي الملك العادل، سيف الدِّين أَبُو بَكْر مُحَمَّد بن أيّوب، وَهُوَ بكنيته أشهر، ومولده ببعلبكّ، وعاش ستّا وسبعين سنة. ونشأ في خدمة نور الدِّين مَعَ أَبِيهِ، وإخوته. وحضر مَعَ أخيه صلاح الدِّين فتوحاته. وقامَ أحسن قيام في الهُدنة مَعَ الإنكلتير ملك الفرنج بعد أخذهم عَكَّا. وَكَانَ صلاح الدِّين يعوِّل عَلَيْهِ كثيرا، واستنابه بمصر مُدَّة، ثُمَّ أعطاه حلب، ثُمَّ أخذها منه لولده الظّاهر، وأعطاه الكَرَك عِوَضَها، ثُمَّ حَرّان.
وَقَالَ غيرُه: كَانَ أقعد الملوك بالمُلك، ومَلَك من بلاد الكرج إلى قريب همذان، وَالشَّام، والجزيرة، وَمِصْر، والحجاز، واليمن، إلى حضرموت. وقد أبطل كثيرا من الظّلم والمكوس.
وقال أبو المظفّر سبط ابن الْجَوْزيّ [2] : امتدّ ملكه من الكرج إلى همذان،
__________
[ () ] الحريري 49، 50، وتاريخ ابن الوردي 2/ 135، ومرآة الجنان 4/ 29، 30، والبداية والنهاية 13/ 79، 80، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 156 ب، 157 أ، وتاريخ المسلمين لابن العميد 130، 131، والجوهر الثمين لابن دقماق 2/ 23- 27، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 168، والسلوك ج 1 ق 1/ 190- 194، وعقد الجمان 17/ ورقة 375- 380، وتحفة الناظرين 167، ومآثر الإنافة 2/ 75، والنجوم الزاهرة 6/ 221، وشفاء القلوب 226- 229، ومورد اللطافة، ورقة 3 أ، والعسجد المسبوك 2/ 362، 363، وتاريخ ابن الفرات 5/ 239، وتاريخ الأزمنة للدويهي 208، وديوان الإسلام 3/ 287 رقم 1440، وشذرات الذهب 5/ 65، والدارس في تاريخ المدارس 1/ 359، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 257، والأعلام 2/ 47، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 263- 265، والوافي بالوفيات 2/ 235- 238، وتاريخ ابن خلدون 5/ 345، وترويح القلوب 42 رقم 66، وأخبار الدول للقرماني 195.
[1] في ذيل الروضتين 111.
[2] في مرآة الزمان 8/ 594- 595.(44/269)
والجزيرة، وَالشَّام وَمِصْر، واليمن. وَكَانَ خليقا بالمُلك، حسن التّدبير، حليما، صفوحا، مُجاهدًا، عفيفا، ديّنا، متصدّقا، آمرا بالمعروف، ناهيا عن المنكر طهَّرَ جميع ولايته من الخُمور، والخواطئ، والمُكُوس، والمظالم. كذا قَالَ أَبُو المُظَفَّر والعهدة في هذه المجازفة عَلَيْهِ.
قَالَ: وَكَانَ الحاصل من جهة ذَلِكَ بدمشق خصوصا مائة ألف دينار، فأبطل الجميع للَّه، وأعانه عَلَى ذَلِكَ واليه المُعْتَمد. وفعل في غلاء مِصْر عُقيب موت العزيز ما لم يفعله غيره. كان يخرج باللّيل ومعه الْأموال فيفرّقها، ولولاه لمات النَّاس كلّهم. وكفَّى في تلك السنة ثلاثمائة ألف نفس من الغُرباء.
قُلْتُ: هَذَا خسف من لَا يتّقي اللَّه فيما يقوله.
قَالَ ابن خَلِّكان [1] : وَلَمَّا ملك صلاح الدِّين حلب في صفر سنة تسع وسبعين، أعطاها للعادل، فانتقل إليها في رمضان، ثُمَّ نزل عَنْهَا في سنة اثنتين وثمانين للملك الظّاهر، فأعطاه صلاح الدِّين الكَرَك. وقضاياه مشهورة مَعَ الْأفضل والعزيز. وآخر الْأمر استقلّ بمملكة الدّيار المصريّة. ودخل القاهرة في ربيع الآخر سنة ستٍّ وتسعين، وملك معها البلاد الشاميّة والشرقيّة، وصَفَت لَهُ الدُّنْيَا. ثُمَّ ملك اليمن سنة اثنتي عشرة وستمائة. وسيّر إليها وُلِدَ ولده الملك المسعود صلاح الدّين يوسف المنعوت بأقسيس ابن الكامل. وَكَانَ ولده نجم الدِّين الملك الْأوحد ينوب عَنْهُ بميّافارقين، فاستولى عَلَى خِلاط، وبلاد أرمينية في سنة أربع وستمائة. وَلَمَّا تمهدت لَهُ البلاد، قسّمها بين أولاده: الكامل، والمُعَظَّم، والْأشرف. وَكَانَ عِظمُ ملكه، وجميل سيرته، وحُسن عقيدته، ووفور دينه، وحزمه، وميله إلى العُلَمَاء مشهورا، حَتَّى صنَّف لَهُ فخرُ الدِّين الرَّازِيّ كتاب «تأسيس التّقديس» وسيَّره إليه من خُرَاسَان. وَلَمَّا قسّم الممالك بين أولاده كَانَ يتردّد بينهم، وينتقل من مملكة إلى أخرى، وَكَانَ في الغالب يصيّف بالشام، ويُشتي بالدّيار المصرية.
__________
[1] في وفيات الأعيان: 5/ 75- 78 بتصرف واختصار.(44/270)
قَالَ: وحاصل الْأمر أَنَّهُ تمتّع من الدُّنْيَا، ونال منها ما لم ينله غيره. قَالَ:
وولد بدمشق في المحرّم سنة أربعين، وَقِيلَ: سنة ثمانٍ وثلاثين.
قُلْتُ: وَلَمَّا افتتح ولده إقليم أرمينية فَرِحَ العادل فرحًا عظيمًا، وسيَّر أستاذ داره ألْدُكْز، وقاضي العَسْكَر نجم الدِّين خليل إلى الخليفة يطلب التّقليد بمصر وَالشَّام وخِلاط وبلاد الجزيرة، فأُكرما، وأُرسل إليه الشَّيْخ شهاب الدِّين السُّهْرَوَرْدي بالتشريف، ومرّ بحلب ووعظ بها، واحترمه الظّاهر، وبعث معه بهاء الدّين ابن شدَّاد بثلاثة الاف دينار ينثرها إِذَا لبس العادل الخِلعة. وتلقّاه العادل إلى القَصْر، وَكَانَ يوما مشهودا ثُمَّ من الغدّ أُفيضت عَلَيْهِ الخِلَع وَهِيَ: جُبَّة سوداء بطراز ذهب، وعمامة سوداء بطراز ذهب، وطوق ذهب فيه جوهر. وقُلّد بسيف محلّى جميع قرابه بذهب، وحصان أشهب بمركب ذهب، وعَلَم أسود مكتوب فيه بالبياض ألقاب النّاصر لدين اللَّه.
ثُمَّ خَلَعَ السّهرورديّ على المعظّم والأشراف، لكلّ واحد عمامة سوداء، وثوب أسود واسع الكمّ. وخلع على الصّاحب ابن شُكر كذلك، ونُثر الذَّهَب من رُسل صاحب حلب وحماة وَحِمْص، وغيرهم. وركب الْأربعة بالخلع، ثُمَّ عادوا إلى القلعة. وقرأ ابن شُكر التّقليد على كرسي وخوطب العادل فيه ب «شاه أرمن» [1] ملك الملوك خليل أمير المؤمنين. ثُمَّ توجّه السُّهْرَوَرْدي إلى مصر، وخلع عَلَى الكامل.
وفيها أمر السُّلْطَان بعمارة قلعة دمشق، وألزمَ كلَّ واحد من ملوك أهل بيته بعمارة برج. أعني في سنة أربع وستّمائة.
وَقَالَ الموفَّق عَبْد اللّطيف في سيرة العادل: كَانَ أصغر الإخوة، وأطولهم عمرا، وأعمقهم فكرا، وأنظرهم في العواقب، وأشدَّهم إمساكا، وأحبَّهم للدِّرهم.
وَكَانَ فيه حلم، وأناة، وصبر عَلَى الشّدائد، وَكَانَ سَعِيد الجدّ، عالي الكَعب، مُظَفَّرًا بالْأعداء من قبل السماء.
__________
[1] في مفرّج الكروب «شاهان شاه» .(44/271)
وَكَانَ أكولا نَهِمًا، يحبّ الطّعام واختلاف ألوانه. وَكَانَ أكثر أكله في اللّيل، كالخيل، وَلَهُ عند ما ينام آخر الأكل رضيع، ويأكل رِطْلًا بالدّمشقيّ خبيص السُّكَّر يجعل هَذَا كالجواشِن.
وَكَانَ كثير الصَّلَاة، ويصوم الخميس، وَلَهُ صدقات في كثير من الْأوقات، وخاصة عند ما تنزل بِهِ الآفات. وَكَانَ كريما عَلَى الطّعام يحبّ من يؤاكله.
وَكَانَ قليل الْأمراض، قَالَ لي طبيبه بمصر: إنّي آكل خُبز هَذَا السُّلْطَان سنين كثيرة، ولم يحتج إليَّ سوى يوم واحد: أُحضر إِلَيْهِ من البطّيخ أربعون حملا، فكسَرَ الجميع بيده، وبالغ في الْأكل منه، ومن الفواكه والْأطعمة، فعرض لَهُ تُخمة، فأصبح، فأشرت عليه بشرب الماء الحار، وأن يركب طويلا، ففعل، وآخر النّهار تعشَّى، وعاد إلى صحّته.
وَكَانَ نكّاحا، يكثر من اقتناء السَّراري. وَكَانَ غيورا، لَا يدخل داره خصيّ إِلَّا دون البلوغ. وَكَانَ يحبّ أن يطبخ لنفسه، مَعَ أَنَّ في كلّ دار من دُور حظاياه مطبخ دائر. وَكَانَ عفيف الفَرْج لَا يُعرف لَهُ نظر إلى غير حلائله.
نجب لَهُ أولاد من الذّكور والإناث، سَلْطَن الذّكور وزوّج البنات بملوك الْأطراف. آخر ما جرى من ذَلِكَ بعد وفاته: أَنَّ ملك الرّوم كَيْقُباذ خطب إلى الملك الكامل أخته، واحتفل احتفالا شديدا، واجتمع في العرس ملوك وملكات.
وَكَانَ العادل قد أوقع اللَّه بُغضته في قلوب رعاياه، والمخامرة عَلَيْهِ في قلوب جُنده، وعملوا في قَتْله أصنافا من الحيل الدّقيقة مرّات كثيرة. وعند ما يُقَال: إِنَّ الحيلة قد تمّت، تنفسخ، وتنكشف، وتحسم موادّها. ولولا أولاده يتولّون بلاده لَمَا ثبت ملكه بخلاف أخيه صلاح الدِّين فَإِنَّهُ إنّما حفظ ملكه بالمحبَّة لَهُ، وحُسن الطّاعة، ولم يكن- رحمه اللَّه- بالمنزلة المكروهة، وإنّما كَانَ النَّاس قد ألفوا دولة صلاح الدِّين وأولاده. فتغيّرت عليهم العادة دفعة واحدة، ثُمَّ إنّ وزيره ابن شُكر بالغ في الظُّلم وتفنَّن.
ومن نيّاته الجميلة أَنَّهُ كَانَ يعرف حقَّ الصُّحبة، ولا يتغيّر عَلَى أصحابه، ولا(44/272)
يضْجر منهم، وهم عنده في حَظْوة. وَكَانَ يواظب عَلَى خِدمة أخيه صلاح الدِّين، يكون أَوَّل داخل وآخر خارج، وبهذا جَلَبَهُ، فَكَانَ يشاوره في أمور الدَّوْلَة لِما جرَّب من نفوذ رأيه.
وَلَمَّا تسلطن الْأفضل بدمشق، والعزيز بمصر، قَصَد العزيز دمشق، وذاقَ جندهُ عليها شدائد، فرحل عَنْهَا، ثُمَّ حاصرها نَوْبة ثانية ومعه عمُّه العادل فأخذها، وعُوِّض الْأفضل بصرخد، ولم يزل العادل يَفْتل في الذّروة والسنام، حتّى أقطعه العزيز دمشق وَهِيَ السبب في أنْ تملّك البلاد كُلّهَا. وأعطى ابن أَبِي الحجّاج- يعني كاتب الجيش- لَمَّا جاءه بمنشورها ألف دينار. ثُمَّ أخذ يدقّق الحيلة حَتَّى يستنيبه العزيز عَلَى مِصْر، ويقيم هُوَ بدمشق يتمتّع في بساتينها، بعضُ أصحابه فرمى قُلُنسوته بين يديه، وَقَالَ: ألم يكفِك أنّك أعطيته دمشق، حَتَّى تُعطيه مِصْر؟
فنهض العزيز لوقته عَلَى غرّة ولحق بمصر. ثُمَّ شغّب الْجُند، وجرت أمور إلى أن اجتمع الْأفضل والعادل، وقصدا مصر، وخامر جميع الأجناد عَلَى الملك العزيز، وصاروا إلى الأفضل والعادل، حَتَّى خلت مِصْر والقاهرة منهم، وتهدَّمت دولة العزيز، ثُمَّ أصبحت، وقد عادت أحسن ممّا كانت، وصار معه كلّ من كَانَ عَلَيْهِ، ورجع الملك العادل في خدمته، وردَّ الْأفضل إلى الشَّام.
ثُمَّ إنّ العادل توجّه إلى الشَّام، وحَشَد وعبر الفُرات، ونازل قلعة ماردين يحاصرها، وبذل الْأموال، وأخذ الرَّبض. ثُمَّ إِنَّ الملك الْأفضل وجد فُرصة ونزلَ هُوَ وأخوه الملك الظّاهر صاحبُ حلب، عَلَى دمشق يوم الثلاثاء فأصبح الملك العادل خارجا من أبواب دمشق، فانقطعت قلوبُهم، وتعجّبوا مَتَى وصل؟ وَكَانَ لَمَّا سَمِعَ بنزولهم، استناب ابنه الكامل، وسارَ عَلَى النجائب في البريّة فلحق دمشق قبل نزولهم بليلة، وَمَعَ هَذَا فضايقوه. وَكَانَ أكثر أهل المدينة معهم عَلَيْهِ إلى أن اختلف الإخوان أيّهما يملكها، وتنافسا فتقاعسا. ورحل الملك الظّاهر فضعف الأفضل، ورحلَ. وبلغت نفقة العادل عليها وَعَلَى ماردين ألف ألف دينار.
وَسَعْد العادل بأولاده: فمن ذَلِكَ أمر خِلاط فإنّ ملكها شاه أرمن ملّك مملوكه بكتُمر، ومات بعد صلاح الدِّين بنحو شهرين، قتلته الملاحدة. وملك بعده هزارديناري مملوكه وبقي قليلا، ومات. وتملّك بعده وُلِدَ بكتمر، وكان(44/273)
جميل الصّورة، حديث السّنّ، فاجتمع إِلَيْهِ الْأراذل والمُفسدون، وحسّنوا لَهُ طرقهم، فغار الْأخيار، وملّكوا عليهم بلبان مملوك شاه أرمن، وقَتَلَ ولد بكتمر أَوْ حبسه. وكانت أخته بنت بكتُمر مزوَّجة بالملك المُغيث طُغْريل بن قِلِج أرسلان صاحب أرْزَن الرّوم، وبين بلبان والمُغيث معاقدة ومُعاضدة، ولابن بكتُمر جماعة يهوونه، فكاتبوا الملك الْأوحد ابن العادل صاحب ميّافارقين، فقصد خِلاط، فسار المُغيث لينصر بلبان، فانكف الْأوحد، وطَمِع المُغيث في خلاط، فاغتال بلبان، قتله ابن حُق باز. وتسلَّم المغيث خِلاط، فحصلَ لأهلها غبن، إِذْ غدر بمَلكهم فمنعوه. ثُمَّ إِنَّهُ قبض يده عن الإحسان المُنْسي الضَّغائن، وَقَالَ لَهُ بعض الْأمراء:
ابذل قدر ألف دينار، وأنا الضّامن بحصول البلد. قَالَ: أخاف أن لَا يحصل ويضيع مالي. فعلموا أَنَّهُ صغير الهمّة، فتفرّقوا عَنْهُ، وكاتبوا الْأوحد فجاء وملكها، ثُمَّ اختلفوا عَلَيْهِ، ونكثوا، فبذل فيهم السِّيف، وانهزم طائفةٌ.
قَالَ الموفّق: فَقَالَ لي بعض خواصّه: إِنَّهُ قتل في مُدَّة يسيرة ثمانية عشر ألف نفسٍ من الخواصّ. وَكَانَ يقتلهم ليلا بين يديه، ويُلقون في الآبار. وما لبثَ إِلَّا قليلا واختل عقله، ومات، وتوهَّم أَبُوه أَنَّهُ جُنّ، فسيَّر إِلَيْهِ ابن زيد المُعَزِّم وصدقة الطّبيب من دمشق.
وتملَّك خِلاط بعده أخوه الْأشرف. ومات الظاهر قبله بسنتين، فلم يتهنّ بالمُلك بعده. وَكَانَ كلُّ واحدٍ منهما ينتظر موتَ الآخر، فلم يصف له العَيْش لأمراض لزمته بعد طُول الصحة، والخوف من الفرنج بعد طول الْأمن. وخرجوا إلى عَكَّا وتجمّعوا عَلَى الغور، فنزل العادل قبالتهم عَلَى بَيْسان، وخفيَ عَلَيْهِ أن ينزل عَلَى عُقْبَة فَيْق، وكانوا قد هدموا قلعة كوكب وكانت ظهرهم. ولم يقبل من الجواسيس ما أخبروه بما عزم عَلَيْهِ الفرنج من الغارة، فاغترّ بما عوّدته المقادير من طول السّلامة، فغشيت الفرنج عسكره عَلَى غرَّة. وَكَانَ قد أوى إليهم خلقٌ من أهل البلاد يعتصمون بِهِ. فركب مُجدًّا ورماح الفرنج في أثره حَتَّى وصل دمشق عَلَى شفا، وهمَّ بدخولها، فمنعه المُعْتَمد وشجَّعه وَقَالَ: المصلحة أن تقيم بظاهر دمشق. وأمّا الفرنج فاعتقدوا أَنَّ هزيمته مكيدة، فرجعوا من قريب دمشق بعد ما عاثوا في البلاد قَتْلًا وأسرا، وعادوا إلى بلادهم وقصدوا دِمْيَاط في البَحْر فنازلوها.(44/274)
وَكَانَ قد عرض لَهُ قبل ذَلِكَ ضعفٌ، ورَعْشة، وصارَ يعتريه ورم الْأنثيين، فَلَمَّا هزّته الخيل عَلَى خلاف العادة، ودخله الرعب، لم يبق إِلَّا مُدَّة يسيرة، ومات بظاهر دمشق.
وَكَانَ مَعَ حرصه يهين المال عند الشّدائد غاية الإهانة، ويبذله. وشرع في بناء قلعة دمشق، فقسّم أبرجتها عَلَى أُمرائه وأولاده، وَكَانَ الحفّارون يحفرون الخندق، ويقطعون الحجارة، فخرج من تحته خرزة بئر فيها مائة معين.
ومن نوادره: أَنَّ عنتر العاقد بلغه أَنَّ شاهدَا شهد عَلَى القاضي زكيّ الدِّين الطّاهر بقضية مزوّرة فتكلَّم عنتر في الشاهد وجرحه، فبلغ العادل. فَقَالَ: من عادة عنتر الْجَرْح.
وتوضّأ مرة، فَقَالَ: اللَّهمّ حاسبني حسابا يسيرا. فَقَالَ رجل ماجنٌ لَهُ: يا مولانا إِنَّ الله قد يسَّر حسابك. قَالَ: ويلك وكيف ذَلِكَ؟ قَالَ: إِذَا حاسَبَك فقل لَهُ: المال كلُّه في قلعة جَعْبَر لم أفرّط منه في قليل ولا كثير! وقد كانت خزائنه بالكرك ثُمَّ نقلها إلى قلعة جَعْبَر وبها ولده الملك الحَافِظ، فسوَّل لَهُ بعض أصحابه الطَّمع فيها، فأتاها الملك العادل ونقلها إلى قلعة دمشق، فحصلت في قبضة المُعَظَّم فلم ينازعه فيها إخوته.
وَقِيلَ: إِنَّ المُعَظَّم هُوَ الَّذِي سوَّل لأخيه الحَافِظ الطّمع والعصيان، ففعل، ولم يفطن بأنّها مكيدة لترجع الْأموال إِلَيْهِ. ثُمَّ إِنَّهُ أخرج سراري أَبِيهِ من دمشق واستصفى أموالهم وحُليهم، وشرَعَ يضع عَلَى أملاك دمشق القطائع والخراجات الثَّقيلة، والخُمْس عَلَى البساتين، والثُّمن عَلَى المزروعات.
قرأت بخط الكِنْدِيّ في «تذكرته» ، حدّثنا شرف الدّين ابن فضل اللَّه سنة اثنتي عشرة بدمشق، حَدَّثَنَا والدي أَنَّ القاضي بهاء الدِّين إِبْرَاهِيم بن أَبِي اليُسر، حدّثه، قَالَ: بعثني الملك العادل رسولا إلى علاء الدِّين سلطان الروم، فبالغ في إكرامي، فجرى ذِكر الكيمياء، فأنكرتها، فَقَالَ: ما أحدّثك إِلَّا ما تمّ لي، وقفَ لي رجل مغربي، فسلَّم عَليّ، وكلَّمني في هَذَا، فأخذته، وطلب منّي أصنافا عيَّنها، فشرع يعمل لي ذهبا كثيرا حَتَّى أذهلني. ثُمَّ بعد مُدَّة طلب منّي إذنا في(44/275)
السّفر، فأبيت، فألحّ حَتَّى غضبت، وكدت أقتله، وهدّدته، وجذبت السيف، فَقَالَ: ولا بدَّ، ثُمَّ صفَّق بيديه وطار، وخرج من هَذَا الشبّاك. فهذا رجل صحّ معه الكيمياء والسيمياء.
قُلْتُ: وقد سمع من أبي طاهر السلفي، وغيره.
وَحَدَّثَ، رَوَى عَنْهُ: ابنه الملك الصّالح إسْمَاعِيل، والشهاب القوصيّ، وأبو بكر ابن النُّشْبِيّ.
وَكَانَ لَهُ سبعة عشر ولدا، وهم: شمس الدِّين ممدود، والد الملك الجواد، والملك الكامل مُحَمَّد، والملك المُعَظَّم عيسى، والملك الْأشرف موسى، والملك الْأوحد أيوب، والملك الفائز إِبْرَاهِيم، والملك شهَاب الدِّين غازي، والملك العزيز عُثْمَان، والملك الْأمجد حسن، والملك الحَافِظ رسلان، والملك الصالح إسْمَاعِيل، والملك المُغيث عُمَر، والملك القاهر إِسْحَاق، ومُجير الدِّين يَعْقُوب، وتقيّ الدِّين عَبَّاس، وقُطب الدِّين أَحْمَد، وخليل. وَكَانَ لَهُ عدَّة بنات.
فمات في أيامه: شمس الدِّين ممدود، وَيُقَال: مودود، والمغيث عُمَر، وخلّف ولدَا لقّب باسم أَبِيهِ، وَهُوَ المُغيث محمود بن عُمَر، وَكَانَ من أحسن أهل زمانه ربّاه عمُّه المعظّم، ومات سنة ثلاثين وستمائة.
ومات منهم في حياته: الملك الْأمجد، ودُفن بالقُدس، ثُمَّ نُقل فدفن جوار الشهداء بمُؤتة من عمل الكَرَك. وآخر أولاده وفاة عَبَّاس، وَهُوَ أصغر الْأولاد، بقي إلى سنة تسعٍ وستّين وستمائة، وكان مولده في سنة ثلاث وستمائة، وقد رَوَى الحديث.
وَكَانَ العادل من أفراد العالم.
وَتُوُفِّي في سابع جُمَادَى الآخرة بعالقين: منزلة بقرب دمشق. فكتبوا إلى الملك المُعَظَّم ابنه، وَكَانَ بنابُلُس، فساقَ في ليلة، وأتى فصبَّره وصيَّره في محفَّة، وجعل عنده خادما يروّح عَلَيْهِ، ودخلوا بِهِ قلعة دمشق، والدَّوْلَة يأتون إلى المِحفَّة، وسُجُفها مرفوعة، يعني أَنَّهُ مريض، فيقبّلون الْأرض. فلمّا صار بالقلعة أظهروا موته، ودُفن بالقلعة، ثُمَّ نقل إلى تُربته ومدرسته في سنة تسع عشرة، رحمه اللَّه.(44/276)
قال أبو المظفّر ابن الْجَوْزيّ [1] : دخلوا بِهِ القلعة ولم يجدوا لَهُ كَفنًا في تِلْكَ الحال، فأخذوا عمامة وزيره النَّجِيب بن فارس، فكفّنوه بها، وأخرجوا قطنا من مِخَدَّة، ولم يقدروا عَلَى فأس، فسرقَ كريمُ الدِّين فأسا من الخَنْدق، فحفروا لَهُ في القلعة سرَّا، وصلى عَلَيْهِ ابن فارس.
قَالَ: وكنت قاعدا بجنب المُعَظَّم وَهُوَ واجم، ولم أعلم بحاله. فَلَمَّا دُفن أَبُوه قام قائما وشقّ ثيابه، ولطمَ عَلَى وجهه، وعَملَ العزاء. وَلَمَّا دخل رجب ردّ المُعَظَّم المُكُوس والخمور وما كَانَ أبطله أَبُوه، فَقُلْتُ لَهُ: قد خلّفت سيف الدِّين غازيا ابن أخي نور الدِّين، فَإِنَّهُ كذا فعل لَمَّا مات نور الدِّين، فاعتذر بقِلَّة المال وبالفرنج. ثُمَّ سار إلى بانياس، وراسل الصّارم وَهُوَ بتبنين أن يُسلّم الحصون، فأجابه، وخرَّب بانياس وتبنين وَكَانَ قُفلًا للبلاد، وأعطى جميع البلاد التي كانت لسركس لأخيه الملك العزيز عُثْمَان، وزوَّجه بابنة سركس.
341- أَبُو بَكْر الوَهْرانيّ، وَهُوَ عَليّ بن عَبْد اللَّه بن المبارك الوَهْرَانِيّ.
المُفسر، خطيب داريّا.
إمامُ فاضل، صنَّف تفسيرا، وشرح أبيات «الْجُمل» . وَلَهُ شِعر جيّد. مات في نصف ذي القِعْدَة.
وقد مرّ الوَهْرَانِيّ الكبير.
[وفيها وُلِدَ] الكمال عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد بن قوام الرُّصَافِيّ.
والْأمين أَحْمَد بن عَبْد الله ابن الأشتريّ.
وأبو جعفر محمد بن عليّ ابن الموازينيّ، بخُلْفٍ فيه، فَقِيلَ: وُلِدَ سنة أربع عشرة.
والتّقي أَحْمَد بن أَبِي الطّاهر الحميريّ.
__________
[1] في مرآة الزمان 8/ 596- 598.(44/277)
والقُطب عَليّ ابن قاضي القضاة زكيّ الدِّين الطّاهر بن مُحَمَّد بن عَليّ.
والعماد مُحَمَّد بن عُثْمَان بن سلامة البَزَّاز.
والقاضي نجم الدِّين أَبُو بَكْر بن أَحْمَد بن يَحْيَى بن سنيّ الدَّوْلَة.
وَالشَّيْخ مُحَمَّد بن جَوْهر التَّلَعْفريّ، المقرئ.
والزّاهد عُمَر بن نُصير القُوصِيّ.
والشِّهَاب أَحْمَد بن إِسْحَاق الْأبرقوهيّ.
والمُحب أَحْمَد بن عَبْد اللَّه الطَّبَرِيّ.
والشِّهَاب مُحَمَّد بن عَبْد الخالق بن مُزهر المُقْرِئ.
والشيخ إِبْرَاهِيم ابن العارف عَبْد اللَّه الْأُرْمَوي.
والعزّ عَبْد اللَّه بن أَبِي الزهر الصَّرَفَنْديّ.
وَأَحْمَد ابن السيف سُلَيْمَان بن أَحْمَد الحَرَّانيّ الحَنْبَلِيّ.(44/278)
سنة ستّ عشرة وستمائة
[حرف الْألف]
342- أَحْمَد بن أَبِي يَعْلَى [1] حمزة بن عليّ بن هبة الله ابن الحُبُوبيّ [2] .
أَبُو العَبَّاس الثَّعْلَبِيّ [3] الدِّمَشْقِيّ.
حَدَّثَ عن أبيه.
رَوَى عَنْهُ الزّكيّان: البِرْزَاليّ، والمنذريّ، والشِّهَاب القُوصِيّ، وَقَالَ: لَقَبُه شمس الدِّين، والحافظ الضِّيَاء، والحافظ ابنُ خليل، وابن البُخَارِي، وآخرون.
وَتُوُفِّي في غرَّة شَوَّال.
343- أَحْمَد بن سَلْمَان [4] بن أبي بكر بن سلامة.
أبو العبّاس ابن الْأصَفر، الحَرِيمِيّ، المُسْتَعْمل.
وُلِدَ يوم عاشوراء سنة خمسٍ وثلاثين.
وَسَمِعَ من: أَحْمَد بن عَليّ بن الْأشقر، وأحمد بن الطَّلّاية، وَسَعِيد بن البَنَّاء.
وَحَدَّثَ ببَغْدَاد، وَالمَوْصِل، رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، وَالضِّيَاء، وآخرون.
وَكَانَ يَعْمل في العتّابيّ.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن أبي يعلي) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 482 رقم 1702.
[2] قيّده المنذري. بالحاء المهملة المضمومة وبعدها باء موحّدة مضمومة وواو ساكنة وبعدها باء موحّدة أيضا.
[3] قيّده المنذري، فقال: «بالثّاء المثلّثة المفتوحة والعين المهملة الساكنة» .
[4] انظر عن (أحمد بن سلمان) في: التاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 185، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 487 رقم 1716، وتاريخ إربل 1/ 224، 225 رقم 124، وبغية الطلب (المصوّر) 2/ 186، رقم 92، وتلخيص مجمع الآداب 1/ 400 و 463، والمختصر المحتاج إليه 1/ 182، 183، والعبر 5/ 60، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 1، وسير أعلام النبلاء 22/ 96.(44/279)
تُوُفّي في الخامس والعشرين مِن ذي الحجة [1] .
344- أَحْمَد بن عُمَر [2] بْن أَحْمَد بن عَبْد الرَّحْمَن.
أَبُو الْقَاسِم الخَزْرَجِي، القُرْطُبيّ [3] ، التّاجر.
كَانَ عالي الإسناد، يعالج التّجارة.
وقد أخذ عن: أَبِي عَبْد اللَّه الحَمْزيّ، والزّاهد أَبِي العَبَّاس ابن العريف، والخطيب أَبِي مُحَمَّد النَّفزيّ [4] .
وأجازَ لَهُ القاضي أبو بكر ابن العربيّ، وجماعة.
واحتاج النّاس إِلَيْهِ لعُلُوّ سنده.
وَتُوُفِّي في جُمَادَى الْأولى، وله خمسٌ وثمانون سنة. قاله الْأبَّار [5] .
وَقَالَ ابن مسدي: كتب إلينا أَحْمَد بن عُمَر الخَزْرَجِي، عن أَبِي الحَسَن بن موْهَب الْجُذاميّ، وَهُوَ آخر من رَوَى عَلَى وجه الْأرض عن ابن مَوْهب. ثُمّ قَالَ ابن مسدي: كَانَ شيخنا عنده آداب حسنة، وروايات مستحسنة. من ذوي الثَّروة واليسار. وقرأ القرآن عَلَى ابن رضى بقُرْطُبَة. وأجاز له أربعون رجلا تفرّد بأكثرهم [6] .
__________
[1] وقال ابن المستوفي: ورد إربل وحدّث بها، وكان مقيما بالموصل يستعمل الصباغ العتابي ويتّجر فيه: «وعاد إلى الموصل وكان سكنها قبل ذلك إلى أن توفي في السنة المذكورة. قال ابن الدبيثي: وكان أصابه صمم في آخر عمره، ولم آنس منه ذلك بإربل. وكان شيخا صالحا، صحيح السماع، ولم يكن من أهل المعرفة. (تاريخ إربل) .
[2] انظر عن (أحمد بن عمر) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 110، وجذوة الاقتباس 69، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1 ق 1/ 347، 348 رقم 445.
[3] وأضاف ابن عبد الملك المراكشي: المكناسي لنزوله بها واستقراره بالسكنى فيها بعد فصوله عن الأندلس، وسكن أيضا مدينة فاس.
[4] وقع في المطبوع من تاريخ الإسلام (الطبقة 62) ص 259 «النفري» بالراء. والصحيح ما أثبتناه بالزاي، نسبة إلى: نفزة، قبيلة كبيرة بالمغرب. انظر: توضيح المشتبه 9/ 109 أو 110.
[5] في تكملة الصلة 1/ 110.
[6] وقال ابن عبد الملك المراكشي: وكان محدثا راويه من أهل العدالة والثقة والدين، حسن الخط، خرج من قرطبة زمن الفتنة بأهله فاستوطن لبلة، ثم انتقل إلى حيث ذكر من بلاد بر العدوة وعمّر طويلا فرغب الناس في الأخذ عنه لصحة روايته وعلوّ إسناده، واستجيز من البلاد. وكان له(44/280)
345- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن خَلَف بْن اليُسر.
الإِمَام أَبُو جَعْفَر القُشَيْريّ، الغَرْنَاطيّ، المُقْرِئ، الزَّاهد، العابد.
أخذ القراءات عَن أَبِيهِ أَبِي عَبْد اللَّه وأكثر عَنْهُ. ووالده من أصحاب أَبِي الوليد بن نقوة، وأبي الحَسَن بن ثابت، وأبي عَبْد اللَّه النّوالشيّ.
قَالَ ابن مسدي: قرأت عَلَى أَبِي جَعْفَر لوَرْش وقالون تجويدا غير مرَّة، وَسَمِعْتُ منه صدور كُتب. مات في عشر السبعين، وازدحموا عَلَى نعشه، وتأسّفوا عَلَيْهِ.
346- أَحْمَد بن مُحَمَّد بن سيدهم [1] بن هبة الله بن سرايا.
أبو الفضل الْأَنْصَارِيّ، الدِّمَشْقِيّ، الوكيل الجابيّ، المعروف بابن الهرّاس [2] .
ولد سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة.
وسمَّعه أَبُوه من الإِمَام أَبِي الفتح نصر اللَّه المِصِّيصِيّ- وقد تقدَّم ذكر أَبِيهِ [3]- وَسَمِعَ أَيْضًا من نصر بن مقاتل السُّوسيّ، وغيره.
رَوَى عَنْهُ: الضِّيَاء، وَالزَّكيّ المُنْذِريّ، والتّقيّ اليَلْدَانِيّ، والفَخْر عَليّ، وشمس الدِّين عَبْد الرَّحْمَن بن أبي عمر، وآخرون.
وأجاز لأبي حفص ابن القوّاس.
__________
[ () ] بضاعة يدبرها تجارة في البزّ فيتعيّش بما يفيء الله عليه فيها من ربح. مولده أول إحدى وثلاثين وخمسمائة. (الذيل والتكملة) .
[1] انظر عن (أحمد بن محمد بن سيّدهم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 473 رقم 1686، وسير أعلام النبلاء 22 (78 رقم 55 و 22/ 94، 95 رقم 66، والمعين في طبقات المحدّثين 189 رقم 2013، والإعلام بوفيات الأعلام 253، والإشارة إلى وفيات الأعلام 322، والعبر 5/ 60، والنجوم الزاهرة 6/ 246، وشذرات الذهب 5/ 66.
[2] ذكر المؤلف- رحمه الله- في سير أعلام النبلاء 22/ 94 رقم 66 أنه «ابن الفرّاش» . والمثبت هنا هو الصواب كما في ترجمته الأولى التي ذكرها في سير أعلام النبلاء أيضا 22/ 78 رقم 55، وكما ذكرها في كتبه الأخرى، والمنذري في تكملته.
[3] في وفيات سنة 593 هـ.(44/281)
وَكَانَ من بقايا الشيوخ المُسندين.
تُوُفِّي في ثالث عشر شعبان.
347- أَحْمَد بن محمود [1] بن أَحْمَد بن عَبْد اللَّه.
القاضي الْأجلّ أَبُو العَبَّاس الوَاسِطِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ، الشَّافِعِيّ.
وُلِدَ سنة تسعٍ وخمسين.
وتَفَقَّه عَلَى عمِّه أَبِي عَليّ الحَسَن، وأبي الْقَاسِم يَحْيَى بن فَضْلان.
وَسَمِعَ من: هبة الله بن يحيى ابن البُوقي، وجماعة. وببغداد من:
وفاء بن البَهِيّ، وابن شاتيل.
وولي القضاء بالجانب الغربيّ.
قَالَ ابن النَّجَّار: ما رَأَيْت أجمل طريقة منه مَعَ ديانة تامَّة، وزُهد. وَكَانَ من ألطف النّاس خُلُقًا، ثقة، نبيلا، حافظا للمذهب. قرأ بالروايات عَلَى ابن الباقلّانيّ، وعَليِّ بن عَبَّاس الخطيب. وتَفَقَّه، وقرأ الْأصول. كتبتُ عَنْهُ وَكَانَ يقرأ سَريعًا صحيحا.
ومات في ربيع الآخر.
348- أَحْمَد بن أَبِي بَكْر [2] .
أَبُو العَبَّاس التُّجَيْبيّ، المَصْرِيّ، الزّاهد، الحرَّار- نسبة إلى عمل الحرير-.
حَكَى عَنْهُ الزَّكيّ المُنْذِريّ، وَقَالَ [3] : كَانَ أحد الصّالحين المذكورين، والعُبّاد المشهورين، انتفع بصحبته جماعة. وتوفّي في منتصف جمادى الآخرة [4] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمود) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 226، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 462 رقم 1663، وتلخيص مجمع الآداب 4/ ق 1/ 18 رقم 12، و 4/ ق 1/ 678 رقم 978، والمختصر المحتاج إليه 1/ 212، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 550، 551، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 16 (8/ 38) ، والوافي بالوفيات 8/ 166 رقم 3588، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 169.
[2] انظر عن (أحمد بن أبي بكر) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 467 رقم 1674، والمقفى الكبير 1/ 671- 682 رقم 650، والكواكب السيارة 151، وجامع كرامات الأولياء 1/ 299.
[3] في التكملة 2/ 467.
[4] طوّل المقريزي في أخباره نقلا عن ابن العربيّ في (المقفى الكبير) وعن صفيّ الدين بن أبي(44/282)
349- إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ [1] بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أغْلَب الخَولانيّ، الْأديب الْأنْدَلُسِيّ.
المعروف بالزّوالي.
سَمِعَ من أَبِي مروان بن قذمان الكثير، ومن أَبِي إِسْحَاق بن قرّة وسمع من أَبِي عَبْد اللَّه بن عَبْد الرَّزَّاق كتاب «الكامل» لابن عديّ.
ذكره الأبّار [2] ، فقال: عني بالآداب، وشهر بها، وتجوّل كثيرا، وَقَالَ الشعر، وَهُوَ من أهل أشطبة عمل قُرْطُبَة. وَتُوُفِّي بمَرّاكش في آخر سنة ستّ عشرة. وَلَهُ ستّ [3] وسبعون سنة.
وَرَوَى أَيْضًا عن: أَبِي الحَسَن بن هُذَيْل، وابن النّعمة.
350- إبراهيم بن مُحَمَّد بن خلف [4] بن سوار.
أَبُو إِسْحَاق العَبَّاسيّ [5] ، السُّلَمِيّ، الْأنْدَلُسِيّ.
من أهل حصن بلفيق. يُعرف بابن الحاجّ.
أخذ القراءات عَن أَبِي مُحَمَّد البسطيّ، وَأَبِي الْقَاسِم بن البراق.
وَرَوَى الحديث عن: أَبِي الحَسَن بن كوثر، وابن عروس، وَعَبْد المنعم الخَزْرَجِي، وجماعة.
قال الأبّار: وكان عالما مشاركا سنّيا، غلب عليه التّصوّف، وكثر من أهل التّصوّف الازدحام عليه، فغرّبه السّلطان عن وطنه. وَتُوُفِّي بمَرّاكُش في جُمَادَى الْأولى. وكانت جنازته مشهودة. وعاش ثلاثا وستّين سنة.
__________
[ () ] المنصور، الّذي يورد خبرا فيه أنه توفي يوم الثلاثاء لخمس بقين من شعبان من هذه السنة.
(المقفى 1/ 681) .
[1] انظر عن (إبراهيم بن علي) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 167 رقم 212، والوافي بالوفيات 6/ 70 رقم 2509.
[2] في التكملة 1/ 167.
[3] في المطبوع من تاريخ الإسلام (الطبقة 62) ص 262: «ستة» وهو خطأ نحوي.
[4] انظر عن (إبراهيم بن محمد بن خلف) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 166.
[5] نسبة إلى العباس بن مرداس رضي الله عنه، كما يفهم من نسبه الّذي ذكره ابن الأبار.(44/283)
351- إِسْحَاق بن هبة اللَّه بن صِدّيق.
القاضي أَبُو البشائر، قاضي خِلاط.
فقيه شافعيّ، أصُولي، شاعر، أديب، واعظ. لَهُ مصنَّف في عِلم الكلام.
[حرف الباء]
352- بارَسْطُغان بن محمود [1] بن أَبِي الفتوح.
الفقيه أَبُو طَالِب، الحِمْيَرِيّ، الغَزّيّ، الشَّافِعِيّ.
سَمِعَ بالإسكندرية من أَبِي الطاهر بن عوف. وبدمشق من أحمد بن حمزة ابن الموازينيّ.
ووليَ قضاء غَزَّة.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ المُنْذِريّ [2] ، وغيره.
ومات بإربل في ربيع الْأَوَّل [3] .
__________
[1] انظر عن (بارسطغان) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 459، 460 رقم 1659، وتاريخ إربل 1/ 244، 245 رقم 143، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 133، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 228، 229، والمقفى الكبير 2/ 385، 386 رقم 900 وفيه: «بارزطغاي» بالياء في آخره، وهو تصحيف.
قال المنذري: بارزطغان، ويقال: بارسطغان، بالسين المهملة. (التكملة) .
[2] وقد سمعه بالقاهرة. (التكملة 2/ 460) .
[3] وقال ابن المستوفي: كان يحذف اسمه من الطباق لصعوبته ويكتب «بو طالب» بغير ألف ... ورد إربل في أول سنة ست عشرة وستمائة، وذكر أنه ما خالطه البياض. أقام بإربل وتوفي بالمرستان بها غرّة ربيع الأول ... ووجدت بين أجزائه جزازة فيها: «للمملوك الأندلسي القرمونسي» :
أبا طالب لا زلت رفدا لطالب ... يتوق إلى بذل اللهى والمواهب
ولا زلت نجم الدين بالعلم والسّنى ... تلوح كبدر التّمّ بين الكواكب
فما تسده في موسم النحر دائبا ... إلى غرباء يشكروا وأقارب
فجازاك ربّ القدس والصخرة التي ... يقدّسها الزوّار من كل جانب
بما ترتجي- يا سيدي ومعظّمي- ... وترغبه من منعم بالرغائب
ولا زلت يا قاض لجودك ترتجى ... وتخشى على مرّ الزمان المحارب
متى غرّدت ورقاء في متن أملد ... يطير بها جري المنى بالمذانب
(تاريخ إربل) .(44/284)
353- بُزْغُش الرُّوميّ [1] .
أَبُو منصور، عتيق أَبِي جَعْفَر أَحْمَد بن مُحَمَّد بن حمدي البَغْدَادِيّ [2] .
سَمِعَ من: أَحْمَد بن الطَّلّاية، وأبي الفضل الْأرموي، والفضل بن سَهْل الأسفرايينيّ، وَأَبِي الْحَسَن عَلِيِّ بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السَّلَام.
رَوَى عَنْهُ: ابن خليل، والدُّبَيْثِي، وَالضِّيَاء.
وَتُوُفِّي في صفر.
قَالَ ابن النَّجَّار: كَانَ صالحا، صحيح السَّماع، لكنّه خرّف وتغيّر في آخر عمره.
[حرف الحاء]
354- الحَسَن بن عَقِيل [3] بن أَبِي المعالي شَرِيف بن رفاعة بن غدير.
أَبُو عَليّ السَّعْديّ، المَصْرِيّ، الشّافعيّ.
شيخٌ صالح، مُنْقَطع بمعبد ذي النّون لخدمته. وأمَّ بِالنَّاس بالمسجد الّذي بالحجّارين بمصر مُدَّة.
وُلِدَ سنة أربع وثلاثين.
وَسَمِعَ جَدّه لأمِّه عَبْد اللَّه بن رفاعة.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ المُنْذِريّ، وَأَبُو بَكْر بن نُقْطَة، وحفيده محمد بن عبد الحكم، وآخرون.
__________
[1] انظر عن (بزغش الرومي) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 284، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 457 رقم 1652، والمختصر المحتاج إليه 1/ 264، والمشتبه 2/ 666، والإشارة إلى وفيات الأعيان 322، وتوضيح المشتبه 9/ 212. «بزغش» بضم البار الموحّدة، وسكون الزاي، وضم الغين المعجمة، وآخره شين معجمة.
[2] وسبب عتقه ما قاله أبو محمد إسماعيل بن سَعْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَلِيِّ بْن أَحْمَد بن عمر بن الحسن بن حمدي: مات ابن حمدي وخلّف تركة منها مولاه بزغش، فأراد ورثته بيعه، فقال الشيخ أبو الفرج محمد بن أحمد بن حمدي الزاهد: لا تبيعوه، أنا سمعت والدي يقول له يوما وقد أنفذه في حاجة: أين كنت أي حرّ؟ قال: فعتق بهذه الكلمة. (توضيح المشتبه 9/ 212) .
[3] انظر عن (الحسن بن عقيل) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 480 رقم 1701، وذيل التقييد 1/ 504، 505 رقم 984.(44/285)
وَتُوُفِّي في التّاسع والعشرين من رمضان.
355- الحَسَن بْن هبة اللَّه [1] بْن الْحَسَن بْن على بن الحسن.
الرئيس أبو عليّ ابن الدّواميّ، البَغْدَادِيّ.
سَمِعَ حُضورًا من أَبِي الفضل الْأُرْمَوي.
وأجاز لَهُ: أَبُو مُحَمَّد سِبط الخَيَّاط، وَأَبُو سَعْد أَحْمَد بْن مُحَمَّد البَغْدَادِيّ، وجماعة.
وولد سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.
وَكَانَ صاحب الحُجّاب ببغداد، ووكيل أمير المؤمنين.
والدَّواميّ: نسبة إلى خِدمَة الدَّوامية سرية القائم بأمر اللَّه [2] .
تُوُفِّي في رجب.
356- حمزة بن السَّيِّد [3] بن أَبِي الفوارس بن أَبِي أَحْمَد.
أَبُو يَعْلَى الْأَنْصَارِيّ، الدِّمَشْقِيّ، الصَّفَّار، الفقيه المعروف بابن أَبِي لِقْمة، أخو أَبِي المحاسن مُحَمَّد.
حَدَّثَ عن أَبِي الْقَاسِم الخفير بن عبدان الْأَزْدِيّ.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ البِرْزَاليّ، والفقيه سُلَيْمَان بن عَبْد الكريم، وَمُحَمَّد بْن عبد المنعم ابن القوّاس، وشيخنا أخوه عمر.
__________
[1] انظر عن (الحسن بن هبة الله) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 20، 21، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 469، 470 رقم 1678، وتلخيص مجمع الآداب 4 ق 3/ 153 رقم 2062، والمختصر المحتاج إليه 2/ 29 رقم 601، والوافي بالوفيات 12/ 290 رقم 261، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 2.
[2] التكملة للمنذري 2/ 470.
[3] انظر عن (حمزة بن السّيد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 479 رقم 1698، والمعين في طبقات المحدّثين 189 رقم 2014، والإشارة إلى وفيات الأعيان 322، 323، والإعلام بوفيات الأعلام 253، وبغية الطلب (المصوّر) 6/ 555 رقم 922، والنجوم الزاهرة 6/ 247، وتوضيح المشتبه 5/ 252.
و «السّيد» : بكسر السين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وبعدها دال مهملة. (المنذري) .(44/286)
وَتُوُفِّي في ثامن عشر رمضان.
وَهُوَ أصغر من أخيه، وأقلّ سماعا منه.
[حرف الخاء] 357- الخَضِر بْن الْحُسَيْن بْن الخَضِر بْن عَبْدان الْأَزْدِيّ.
أَبُو الْقَاسِم الدِّمَشْقِيّ.
تُوُفِّي في ثالث عشر شعبان.
وَهُوَ العَدْل شمس الدِّين، من بيت الرواية والعدالة.
روى عن أحمد ابن الموازينيّ، وغيره. ومات في أَوَّل الكُهولة.
رَوَى عَنْهُ الشِّهَاب القوصيّ، وورَّخه الضّياء.
[حرف الدال]
358- دَاوُد بن أَحْمَد [1] بن مُحَمَّد بن منصور بن ثابت بن مُلاعب.
ربيبُ الدِّين [2] أَبُو البركات البَغْدَادِيّ، الْأزَجِيّ [3] ، الوكيل عند القضاة.
وُلِدَ في أوّل سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.
وسمع من: أَبِي الفضل الأُرْمَوِيّ، وابن ناصر، ومحمد ابن الزَّاغُونيّ، ونصر بن نصر العُكْبَريّ، وأبي الكرم الشَّهْرَزُوري، وأبي الوَقْت السِّجْزِي، وأحمد بن بَخْتِيَار المندائيّ.
__________
[1] انظر عن (داود بن أحمد) في: التقييد لابن نقطة 267 رقم 329، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 181، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 471، 472 رقم 1682، وبغية الطلب (المصوّر) 7/ 535 رقم 1083، وذيل الروضتين 119 (سنة 616) و 121 (سنة 617) ، والإعلام بوفيات الأعلام 253، والإشارة إلى وفيات الأعيان 332، والمعين في طبقات المحدثين 189 رقم 2008، ودول الإسلام 2/ 120، والعبر 5/ 60، والمختصر المحتاج إليه 2/ 62، 63 رقم 655، وسير أعلام النبلاء 22/ 90، 91 رقم 63، والوافي بالوفيات 13/ 458 رقم 555، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 517، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 98، 116، وغاية النهاية 1/ 278 رقم 1248، والنجوم الزاهرة 6/ 246، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 2، وشذرات الذهب 5/ 67.
[2] هكذا في ذيل الروضتين (وفيات 616 هـ) و «زين الدين» في وفيات (617 هـ) .
[3] في بغية الطلب 7/ 535 «الأزدي» وهو غلط.(44/287)
وَحَدَّثَ ببَغْدَاد، ودمشق، وَرَوَى الكثير.
رَوَى عَنْهُ: الشيخ الموفّق، والضّياء، وابن خليل، والزّكيّان: البرزاليّ والمنذريّ، والسيف أحمد ابن المجد، وإبراهيم بن حمد، وأبو بكر ابن الأنماطيّ، والفخر عليّ، والشمس محمد ابن الكمال، والشمس ابن الزّين، والتّقيّ ابن الواسطيّ، وخلق سواهم.
وأجاز لعمر ابن القَوَّاس، وللعماد عَبْد الحَافِظ.
وَكَانَ صحيح السَّماع، وبعض سماعاته في الخامسة.
وتُوُفيّ فِي الخامس والعشرين من جُمَادَى الآخرة [1] ، يوم السبت، ودُفن من الغد بقاسيون.
قَالَ ابن النَّجَّار: كَانَ أَبُوه متولّي كتابة من قِبل الدّيوان، فأسمعه، واعتنى بِهِ، وحصَّل لَهُ الْأجزاء. وَكَانَ حسنا، متيقّظا، صحيح السّماع، متودّدا، لَهُ مروءة، ونفْس حسَنة. يحدّث من أصوله. رَوَى عَنْهُ شيخنا أَبُو مُحَمَّد بن قُدامة في «مُعجمه» [2] .
359- دَاوُد بن عَليّ [3] بن عُمَر.
أَبُو الْقَاسِم الحَرِيمِيّ.
عُرف بابن صَعْوة [4] ، القَزَّاز.
حَدَّثَ عن أَبِي عليّ أحمد ابن الرَّحَبيّ.
وَتُوُفِّي في رَجب.
360- دَاوُد بْن عَليّ بْن مُحَمَّد [5] بْن عَبْد الله.
__________
[1] هكذا قال ابن النجار ومن تابعه. أما ابن الدبيثي، والمنذري فقالا: في رجب. وقد ذكر ابن الدبيثي ذلك على سبيل التمريض، وعنه نقل المنذري. وجاء في (التقييد) لابن نقطة: بلغنا أنه توفي بدمشق في رجب من سنة سبع عشرة وستمائة. وانظر: ذيل الروضتين، وبغية الطلب.
[2] وقال ابن نقطة: وسماعاته صحيحة، وانتقل قديما عن بغداد وسكن دمشق. سمعت منه بها، وسماعه صحيح، وحدّث بالبخاري عن عبد الأول. (التقييد 267) .
[3] انظر عن (داود بن علي بن عمر) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 48، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 742 رقم 1683.
[4] قيّده المنذري بفتح الصاد وسكون العين المهملتين وواو مفتوحة وتاء تأنيث.
[5] انظر عن (داود بن علي بن محمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 48، والتكملة(44/288)
ابن رئيس الرؤساء، أَبُو أَحْمَد الحمَامي- بالتّخفيف [1]- البَغْدَادِيّ.
سَمِعَ من شُهْدة، والطّبقة، فأكثرَ.
قَالَ ابن نُقْطَة: سماعه صحيح. مات في شعبان.
361- دَاوُد بن يونس [2] بن الحُسَيْن.
الْأجلّ أَبُو الفَتْح الْأَنْصَارِيّ البَغْدَادِيّ، الكاتب في الدّيوان.
وُلِدَ سنة إحدى وثلاثين.
وَسَمِعَ من: المبارك بن أَحْمَد الْأَنْصَارِيّ، ومَسْعُود بن عَبْد الواحد بن الحُصَيْن، وأحمد بن عَبْد اللَّه بن مَرْزوق الأصبهانيّ.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي وَقَالَ [3] : تُوُفّي في تاسع عشر ربيع الآخر، وابن النَّجَّار، وأثنى عَلَيْهِ.
[حرف الراء]
362- رَيْحان بن تِيكان [4] بن مُوسَك بن عَليّ.
الشَّيْخ الصّالح المُعمر، أَبُو الخير الكرديّ، البغداديّ، الحربيّ، المقرئ الضّرير.
__________
[ () ] لوفيات النقلة 2/ 474 رقم 1689، والمشتبه 1/ 246، والجواهر المضية 2/ 419، والوافي بالوفيات 13/ 472، 473 رقم 578، وتوضيح المشتبه 3/ 300، 301.
[1] قيّده المنذري في التكملة، والمؤلف- رحمه الله- في المشتبه، وابن ناصر الدين في التوضيح.
[2] انظر عن (داود بن يونس) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 46، 47، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 462، 463 رقم 1665، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 653، والوافي بالوفيات 13/ 503، 504 رقم 602.
[3] في تاريخه ورقة 47.
[4] انظر عن (ريحان بن تيكان) في: إكمال الإكمال لابن نقطة (الظاهرية) ورقة 68، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 51، 52، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 606، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 458 رقم 1655، والعبر 5/ 60، والمختصر المحتاج إليه 2/ 68 رقم 664، وسير أعلام النبلاء 22/ 95 رقم 67، ونكت الهميان 153، والوافي بالوفيات 14/ 159 رقم 214، وغاية النهاية 1/ 286 رقم 1376، وتوضيح المشتبه 1/ 379، وشذرات الذهب 5/ 67.
وقيّد المنذري «تيكان» : بكسر التاء ثالث الحروف وسكون الياء آخر الحروف.
ووقع في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 606 «تنكان» بالنون، وهو تصحيف.(44/289)
ولد قبل العشرين وخمسمائة، وكان يمكنه السّماع من هبة الله ابن الحُصَيْن، وإنّما سَمِعَ في كِبره من أحمد بن الطَّلّاية، والمبارك بن أَحْمَد الكِنْدِيّ، وَسَعِيد ابن البَنَّاء، وأبي الوَقْت.
وقرأ القرآن عَلَى أَبِي حفص عُمَر بن عَبْد اللَّه الحَرْبِيّ بالرِّوايات. وإنِّما أضرّ في آخر عمره.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وَالضِّيَاء، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، وجماعة.
وأجاز للكمال عَبْد الرَّحْمَن المكبّر.
ومات في صفر.
[حرف السين]
- السّامرّيّ، الفقيه الحَنْبَلِيّ.
لَهُ تصانيف في المذهب. وَهُوَ مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه. يأتي [1] .
363- ستّ الشَّام خاتون [2] .
أخت السُّلْطَان الملك العادل.
واقفة المدرستين، فدُفنت بالَبرَّانية.
كانت سيّدة الملكات في عصرها. كثيرة البِرّ والصدقات. كَانَ يُعمل في دارها في السنة بمبلغ عظيم أشربة، وسفوفات، وعقاقير، وتفرّقه على النّاس.
__________
[1] برقم 409.
[2] انظر عن (ست الشام) في: التاريخ المنصوري 128، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 606، 607، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 485 رقم 1711، وذيل الروضتين 119، والدر المطلوب 204، ونهاية الأرب 29/ 96، 97، والإعلام بوفيات الأعلام 253، والإشارة إلى وفيات الأعيان 223، والعبر 5/ 61، وسير أعلام النبلاء 22/ 78، 79 رقم 56، ودول الإسلام 2/ 120، والبداية والنهاية 13/ 84، 85، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 157 ب، والوافي بالوفيات 15/ 119، 120 رقم 174، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 168، وعقد الجمان 17/ ورقة 400، والنجوم الزاهرة 6/ 146، والعسجد المسبوك 2/ 369، 370، وشفاء القلوب 229، 230، وديوان الإسلام 3/ 17 رقم 1120، والدارس 1/ 278، وشذرات الذهب 5/ 67، وترويح القلوب 64.(44/290)
وَكَانَ بابها ملجأ كلّ قاصدٍ في حاجةٍ إلى الدَّوْلَة. ووقفت عَلَى المدرستين أوقافا كثيرة عامرة، أثابها اللَّه.
ولها من المحارم عدَّة ملوك. وهي شقيقة المعظّم توران شاه. وسائر ملوك بني أيّوب إمّا إخوتها، أَوْ بنو إخوتها، وأولادهم.
وَتُوُفِّيت في سادس عشر ذي القِعْدَة.
364- ستّ العباد [1] بنت أَبِي الحَسَن بن سلامة بن سالم.
أمّ عَبْد الحكم المصريّة، وزوجة الحَسَن بن عقيل بن شريف بن رفاعة.
ظهر لها سماع في بعض «الخِلعيات» من ابن رفاعة.
رَوَى عَنْهَا: الزَّكيّ المنذريّ، والفخر ابن البخاريّ.
حدّثت في هذه السنة ولا أدري متى ماتت.
قَالَ ابن نُقْطَة: إِلَّا أَنَّ عَبْد العظيم يتكلم في سماعها، وَيَقُولُ: هُوَ بخطّ رجل غير موثوق بِهِ.
وَقَالَ الحَافِظ عَبْد العظيم في «معجمه» : لم تسكن نفسي إلى نقل سماعها.
وَقَالَ ابن مَسْدي في «معجمه» : سماعها بخطّ النسابة أَبِي عَليّ الجوّانيّ [2] ، المُؤَدِّب.
سَمِعْتُ من ثابت بن منصور الكيلي في سنة 526، وعُمِّرت.
رَوَى عَنْهَا ابن النَّجَّار، وَقَالَ: تُوُفِّيت في جُمَادَى الآخرة.
365- سَعِيد بن حسن [3] بن عَليّ.
أَبُو منصور الكَرْخِيّ، الطَّحَّان. المعروف بابن البزوريّ.
__________
[1] انظر عن (ست العباد) في: ميزان الاعتدال 2/ 115 رقم 3078، ولسان الميزان 3/ 8 رقم 29 و 5/ 75 في ترجمة «محمد بن أسعد بن علي بن المعمر الجواني» .
[2] وقع في لسان الميزان 5/ 75: «قال ابن سدي: النسابة الحراني» .
[3] انظر عن (سعيد بن حسن) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 69، 70، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 483، 484 رقم 1705، والمختصر المحتاج إليه 2/ 96.(44/291)
حَدَّثَ عَن المبارك بن أَحْمَد الكِنْدِيّ، وَسَعِيد ابن البَنَّاء.
وماتَ في شَوَّال.
366- سَعِيد بن مُحَمَّد [1] ابن العلّامة أَبِي منصور سَعِيد بن مُحَمَّد بن عمر.
العدل ابن الرَّزاز، البَغْدَادِيّ.
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وأربعين.
وَسَمِعَ «البُخَارِي» من أَبِي الوَقْت، ورَواه. وَسَمِعَ من نصر بن نصر العُكْبَريّ.
وحَضَرَ أَبَا الفضل الْأُرْمَوي.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وَالزَّكيّ البرزاليّ. والمِقداد بن أَبِي الْقَاسِم القَيْسِيّ، وجماعةٌ.
أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا المقداد، أَخْبَرَنَا سَعِيد بن مُحَمَّد، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْت، فذكر حديثا.
تُوُفِّي في ثاني المحرّم، فُجاءةً [2] .
[حرف الصاد]
367- صالح بْن أَبِي الحَرَم مكّيّ [3] بْن عُثْمَان بْن إسْمَاعِيل.
أَبُو التُّقَى الشَّارعيّ.
سَمِعَ من: أَبِي طاهر السِّلَفيّ، وغيره.
__________
[1] انظر عن (سعيد بن محمد) في: التقييد لابن نقطة 292 رقم 352، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 195، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 456 رقم 1650، والمختصر المحتاج إليه 2/ 95، 96 رقم 703، والمعين في طبقات المحدثين 189 رقم 2009، والإعلام بوفيات الأعلام 253، والإشارة إلى وفيات الأعيان 332، والعبر 5/ 61، وسير أعلام النبلاء 22/ 97 رقم 69، والنجوم الزاهرة 6/ 246، وشذرات الذهب 5/ 67.
[2] وقال ابن نقطة: وحدّث بالدارمي والصحيح، وسماعه صحيح.
ووقع في المطبوع من (التقييد) 292: توفي في غرة محرم من سنة عشرة وستمائة!.
[3] انظر عن (صالح بن مكي) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 475 رقم 1690، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 230، والوافي بالوفيات 17/ 272، 373 رقم 305.(44/292)
رَوَى عَنْهُ الزَّكيّ المُنْذِريّ وَقَالَ [1] : وُلِدَ سنةَ إحدى وستّين وخمسمائة، ومات بثغر دِمْيَاط، والعدوّ- خذله اللَّه- يحاصرهم.
368- صدقة بن جَرْوان [2] بن عليّ بن منصور.
ابن البَبغ، البَوّاب.
حَدَّثَ عن أَبِي الوَقْت.
وقرأ القرآن عَلَى حَمَّاد بن سَعِيد المَنُونيّ.
ومنونيا [3] : قرية بالسّواد.
والببغ: قيّده ابن نُقْطَة [4] .
[حرف العين]
369- عَبْد اللَّه بْن الحُسين [5] بْن أَبِي البقاء عَبْد اللَّه بن الحسين.
__________
[1] في التكملة 2/ 475.
[2] انظر عن (صدقة بن جروان) في: إكمال الإكمال لابن نقطة (الظاهرية) ورقة 45، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 84، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 460 رقم 1660، والمختصر المحتاج إليه 2/ 113 رقم 731، والمشتبه 1/ 107، وتوضيح المشتبه 1/ 401.
[3] في الأصل: «منونة» ، والمثبت عن معجم البلدان 5/ 217، وتكملة المنذري، وتوضيح المشتبه:
بفتح الميم وضم النون وتخفيفها وبعدها واو ساكنة ونون أخرى. نسبة إلى قرية من سواد العراق من أعمال نهر الملك.
[4] بباءين موحّدتين، الأولى مفتوحة والثانية ساكنة، بعدهما غين معجمة. (إكمال الإكمال) .
ووقع في المطبوع من المشتبه 1/ 107: «البيغ» بالياء آخر الحروف بعد الباء الموحّدة. وهذا خطأ من الطباعة لم يتنبّه إليه محقّق الكتاب خاصة وأنه مصنّف لدفع التصحيف والتحريف.
[5] انظر عن (عبد الله بن الحسين) في: معجم البلدان 4/ 142، والكامل في التاريخ 12/ 307، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 90، 91، وإنباه الرواة 22/ 116- 118 رقم 325، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 461 رقم 1662، وذيل الروضتين 119، 120، وتاريخ إربل 1/ 245، ووفيات الأعيان 3/ 100، 101 رقم 349، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 119، 120، والمعين في طبقات المحدّثين 189 رقم 2011، والإعلام بوفيات الأعلام 253، والإشارة إلى وفيات الأعيان 322، والعبر 5/ 61، والمختصر المحتاج إليه 2/ 140- 143 رقم 770، ودول الإسلام 2/ 120، وسير أعلام النبلاء 22/ 91- 93 رقم 64، وتاريخ ابن الوردي 2/ 138، 139، ومرآة الجنان 4/ 32- 34، ونكت الهميان 178- 180، والوافي بالوفيات 17/ 139- 142 رقم 126، والبداية والنهاية 13/ 85، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 109- 120 رقم 260، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 141، 142(44/293)
الإِمَام العلّامة محبّ الدِّين أَبُو البقاء العُكْبَريّ الْأصل، البَغْدَادِيّ، الْأزَجِيّ، الضَّرير، النَّحْوِيّ، الحَنْبَلِيّ، الفَرَضِيّ، صاحب التّصانيف.
ولد سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.
وقرأ القراءات عَلَى أَبِي الحَسَن عَليّ بْن عساكر. وقرأ النَّحْو عَلَى أَبِي مُحَمَّد بن الخَشَّاب، وَأَبِي البركات بن نجاح.
وتَفَقَّه عَلَى القاضي أَبِي يَعْلَى الصّغير مُحَمَّد بن أَبِي خازم بن أَبِي يَعْلَى، وَأَبِي حكيم إِبْرَاهِيم بن دِينار النَّهْرَوَانِيّ.
وبرعَ في الفقه والْأصول. وحازَ قَصَب السَّبْق في العربية.
وَسَمِعَ من: أَبِي الفَتْح بن البَطِّيّ، وأبي زُرْعَة المَقْدِسِيّ، وَأَبِي بَكْر بن النَّقُور، وغيرهم.
ورحلت إِلَيْهِ الطّلبةُ من النَّواحي، وأقرأ النَّاس المَذْهب، والفرائض، والنَّحْو، وَاللُّغَة.
قَالَ ابن النَّجَّار: قرأت عَلَيْهِ كثيرا من مُصنَّفاته، وصَحِبْتُه مُدَّة طويلة. وَكَانَ ثِقَةً، حسنَ الْأخلاق، متواضعا. ذكر لي أَنَّهُ أضرّ في صباه بالْجُدَريّ.
ذِكْر تصانيفه: صنَّف «تفسير القرآن» ، وكتاب «إعراب القرآن» ، وكتاب «إعراب الشّواذ» ، وكتاب «متشابه القرآن» ، وكتاب «عدد الآي» ، وجزءا في إعراب الحديث. وصنّف «تعليقا» في الخلاف، وصنَّف «شرح الهداية» لأبي الخَطَّاب، وكتاب «المُرام» [1] في المَذْهب، وثلاثة مصنَّفات في الفرائض، وكتاب «شرح الفصيح» ، وكتاب «شرح الحماسة» ، وكتاب «شرح المقامات» ، وكتاب «شرح
__________
[ () ] رقم 97، والوفيات لابن قنفذ 302، وتاريخ الخميس 2/ 411، والعسجد المسبوك 2/ 367، 368، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 165، 166، وعقد الجمان 17/ ورقة 397، 398، وتجارب السلف 334، والنجوم الزاهرة 6/ 246، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 2، 3، وبغية الوعاة 2/ 37- 40 رقم 1375، وكشف الظنون 2/ 1695، وشذرات الذهب 5/ 67- 69، وديوان الإسلام 1/ 229، 226 رقم 343، وهدية العارفين 1/ 459، وروضات الجنات 454، والتاج المكلّل 228، ومختصر طبقات الحنابلة 50، 51، والأعلام 4/ 208، 209.
[1] هو المرام في نهاية الأحكام.(44/294)
خطب ابن نُبَاتة» . ثُمَّ ذكر ابن النَّجَّار تصانيف كثيرة، تركتها اختصارا.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وابنُ النَّجَّار، والضّياء المقدسيّ، والجمال ابن الصَّيْرَفِيّ، وآخرون.
وَكَانَ إِذَا أراد أن يُصَنّف كتابا، أُحْضِرت لَهُ عدّة مُصنّفات في ذَلِكَ الفنّ، وقُرئت عَلَيْهِ، فَإِذَا حصَّله في خاطره أملاه، فَكَانَ بعض الفُضلاء يَقُولُ: أَبُو البقاء تلميذ تلامذته، يعني، هو تبع لهم فيما يُلقونه عَلَيْهِ.
ومن شِعره في الوزير ناصر بن مهديّ العَلَويّ:
بكَ أضحى جِيدُ الزَّمانِ محلّى ... بَعْدَ أنْ كَانَ مِنْ حُلاه مُخلّى
لَا يُجاريك في تجاريكَ خَلْقٌ ... أَنْتَ أغْلى [1] قَدْرًا وأعلى محَلّا
دُمْت تُحيي ما قد أُميتَ مِنَ الفَضْلِ ... وتَنْفي فقرا وتطردُ مَحلا
تُوُفِّي أَبُو البقاء في ثامن ربيع الآخر.
وقرأت بخطّ السيف ابن المجد: سمعتُ المَرَاتبيّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّيْخ أَبَا البقاء النَّحْوِيّ يَقُولُ: جاءَ إليَّ جماعةٌ من الشافعية فقالوا: انتقل إلى مذهبنا ونُعطيك تدريس النَّحْو وَاللُّغَة بالنّظامية، فأقسمت وَقُلْتُ: لو أقمتموني وصَبَبْتُم عَليّ الذَّهَب حَتَّى أتوارى بِهِ ما رَجَعت عن مَذْهبي [2] .
370- عَبْد اللَّه بن عَليّ [3] بْن أَبِي بَكْر بْن عَبْد الجليل.
الإِمَام أَبُو بَكْر الفَرْغاني الخَطيب.
وُلِدَ سنة إحدى وخمسين.
سَمِعَ من: محمود ابن قاضي سَمَرْقَنْد، وَأَحْمَد بن محمود الصّابونيّ، وعبد
__________
[1] في المستفاد 142 «أنت أعلا» .
[2] وقال المؤلف- رحمه الله- في سير أعلام النبلاء 22/ 93، قيل: كان إذا أراد أن يصنف كتابا جمع عدة مصنفات في ذلك الفن، فقرئت عليه، ثم يملي بعد ذلك، فكان يقال: أَبُو البقاء تلميذ تلامذته، يعني هُوَ تَبَع لهم فيما يقرءون له ويكتبون.
[3] انظر عن (عبد الله بن علي) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 98، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 487، 488 رقم 1718، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 1086، والمختصر المحتاج إليه 2/ 154، 155 رقم 791، والجواهر المضية 1/ 277، وبغية الوعاة 2/ 50.(44/295)
الرَّحْمَن بن مُحَمَّد المَرْوَزِيّ، والفضل بن عَليّ بن غالب، وجماعة.
وخرَّج أربعين حديثا، وَحَدَّثَ بفرغانة، وبَغْدَاد.
وَكَانَ فاضلا أديبا.
رَوَى عَنْهُ الدُّبَيْثِي، وَقَالَ [1] : بلغنا أَنَّهُ قتلته الكُفَّار التَّتَار لَمَّا دخلوا سَمَرْقَنْد في ذي الحجَّة.
371- عَبْد اللَّه ابن القاضي الحافظ أَبِي المحاسن [2] عُمَر بن عَليّ.
القُرَشِيّ، الشَّيْخ الصّالح أَبُو بَكْر الدِّمَشْقِيّ الْأصل، البَغْدَادِيّ.
وُلِدَ سنة ثمانٍ وخمسين.
وَسَمِعَ بإفادة أَبِيهِ كثيرا من أَبِي الفَتْح بن البَطِّيّ، وَيَحْيَى بن ثابت، وهذه الطبقة، وَسَمِعَ عَنْهُ جماعة.
وَتُوُفِّي ببعْقُوبا في رمضان [3] .
372- عَبْد اللَّه بن نجم [4] بن شاس [5] بن نِزار بن عشائر بن عَبْد اللَّه بن محمد بن شاس.
__________
[1] في تاريخه ورقة 98.
[2] انظر عن (عبد الله بن أبي المحاسن) في: التقييد لابن نقطة 329، 330 رقم 399، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 96، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 477 رقم 1694، وتذكرة الحفاظ 4/ 1365 (ذكره في ترجمة أبيه رقم 1107) .
[3] وقال ابن نقطة: سمع كتاب صحيح الإسماعيلي من يحيى بن ثابت، عن أبيه وحدّث به بدمشق ... وكان يخرج إلى الشام في تجارة فيحدّث في طريقه، وكان ثقة صالحا. (التقييد) .
[4] انظر عن (عبد الله بن نجم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 468، 469 رقم 1677، وذيل الروضتين 201، ووفيات الأعيان 3/ 61، 62 رقم 337، والذخيرة السنية 56، ودول الإسلام 2/ 120، والعبر 5/ 61، 62، وسير أعلام النبلاء 22/ 98، 99 رقم 71، والوافي بالوفيات 17/ 651 رقم 550، والبداية والنهاية 13/ 86، والوفيات لابن قنفذ 306 رقم 616، 108، ونهاية الأرب 29/ 100، والديباج المذهب 1/ 443، 444، وعقد الجمان 17/ ورقة 399، وحسن المحاضرة 1/ 214، وكشف الظنون 613، والعسجد المسبوك 2/ 368، وشذرات الذهب 5/ 69، وإيضاح المكنون 2/ 324، وهدية العارفين 1/ 459، وديوان الإسلام 3/ 170 رقم 1276، وشجرة النور الزكية 165، والأعلام 4/ 142، ومعجم المؤلفين 6/ 158.
[5] في دول الإسلام «شاش» ، وفي العسجد المسبوك «ساس» .(44/296)
العلّامة أَبُو مُحَمَّد الْجُذاميّ، السَّعْديّ، المَصْرِيّ، الفقيه المالكي، جلال الدّين ابن شاس.
تَفَقَّه عَلَى الإِمَام يَعْقُوب بن يوسف المالكيّ، وغيره.
وَسَمِعَ من عَبْد اللَّه بْن بَرِّي النَّحْوِيّ، وغيره.
ودَرَّسَ بمدرسة المالكيّة الّتي بمصر مُدَّة. وصنّف كتاب «الجواهر الثمينة» في المذهب، وضَعَه عَلَى ترتيب كتاب «الوَجِيز» للغزاليّ، أحسن فيه ما شاء، وانتشر هَذَا الكتابُ انتشارا كبيرا، وانتفع بِهِ الفُضلاء. وأقبل عَلَى النّظر في السّنّة النبويّة والاشتغال بها.
وَكَانَ عَلَى غايةٍ من الوَرَع والتّحرّي، رَضِيَ الله عَنْه. وبعد عوده من الحجّ امتنع من الفتوى إلى حين وفاته. وَكَانَ من بيت إمرةٍ وتَقَدُّم.
رَوَى عَنْهُ الحَافِظ عَبْد العظيم ووصفه بهذا وأكثر، وَقَالَ: تُوُفِّي في جُمَادَى الآخرة، أَوْ في رجب، غازيا بثغر دِمْيَاط [1] ، وَلَهُ عدَّة أصحاب.
373- عَبْد اللَّه بن أَبِي الْقَاسِم [2] بن أَبِي بَكْر بن حسين.
أَبُو بَكْر الحَرِيمِيّ، النَّجَّاد، المعروف بابن زَعْرُورة.
حَدَّثَ عن: أبي الوقت، وهبة الله ابن الشِّبْلِي، وغيرهما.
ومات في جُمَادَى الْأولى.
374- عَبْد الرَّحْمَن بْن إسْمَاعِيل [3] بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن عبد العزيز ابن السِّمِّذِيّ.
أَبُو مُحَمَّد الحَرِيمِيّ النَّاسخ.
سَمِعَ من: أبي المعالي ابن اللّحّاس، وأبي علي ابن الرّحبيّ.
وحدّث.
__________
[1] قوله حتى هنا في: التكملة 2/ 468 و 469.
[2] انظر عن (عبد الله بن أبي القاسم) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 114، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 465 رقم 1669، والمختصر المحتاج إليه 2/ 179 رقم 823.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن إسماعيل) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 465 رقم 1668، والمختصر المحتاج إليه 2/ 195 رقم 843، والوافي بالوفيات 18/ 120 رقم 131.(44/297)
ومات في جمادى الأولى [1] .
375- عبد الرحمن بن الْقَاسِم [2] .
القاضي الفقيه الصالح أَبُو الْقَاسِم الْجُزُولِيّ، المالكيّ، النُّوَيْريّ، قاضي البهْنسا.
استُشهد بظاهر دِمْيَاط في ذي القِعْدَة.
وَكَانَ موصوفا بالصَّلاح والخير، مُكرِمًا للفقراء بالمَرَّة.
376- عَبْد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيل [3] بن خَالِد.
الإِمَام أَبُو الْقَاسِم، ضياء الدِّين، القُرَشِيّ، الشّافعيّ المَصْرِيّ، ابن الوَرَّاق.
تفقه على الشهاب محمد بن محمود الطوسي، ولزِمَهُ مُدَّة، وصارَ مُعيده بمدرسة منازل العِزّ. وقرأ الْأصول عَلَى الإِمَام ظافر بن الحُسَيْن المالكيّ.
وَسَمِعَ من: أَبِي البقاء عُمَر بن مُحَمَّد المَقْدِسِيّ، وَعَبْد اللَّه بن بَرِّي.
وولي القضاء بجيزة مِصْر، ودَرَّسَ بالنّاصرية المجاورة للجامع العتيق.
قَالَ المُنْذِريّ [4] : سَمِعْتُ منه، وتَفَقَّهت عَلَيْهِ مُدَّة. ووُلد سنة ستٍّ وأربعين.
وَكَانَ عالما صالحا، حسنَ الْأخلاق، تاركا لِما لَا يعنيه. وكتب الكثير بخطّه، قيل:
كتب أربعمائة مُجَلَّد. وصحبَ الزّاهد أَبَا الحَسَن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الْأَنْصَارِيّ ابن بنت أَبِي سَعْد. وحكى عَنْهُ حكايات. وَتُوُفِّي في سابع عشر جُمَادَى الآخرة.
__________
[1] ومولده في سنة 551 هـ.
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن القاسم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 485، 486 رقم 1712.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد بن إسماعيل) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 467، 468 رقم 1675، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 551، 552، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 65 (8/ 176) ، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 386 رقم 355، والمقفى الكبير 4/ 84 رقم 1456، وحسن المحاضرة 1/ 191، وتحفة الأحباب للسخاوي 372، وذكره المؤلف- رحمه الله- في: سير أعلام النبلاء 22/ 96 ولم يترجم له.
[4] في التكملة 2/ 468.(44/298)
377- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَليّ [1] بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم بن يَعيش.
الْأجلّ أَبُو الفرج الْأَنْبَارِيّ الْأصل، البَغْدَادِيّ الكاتب، سِبْط قاضي القضاة أَبِي الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد ابن الدّامغانيّ.
ولد سنة ستّ وعشرين وخمسمائة.
سَمِعَ من: الحَافِظ عَبْد الوَهَّاب الْأَنْمَاطِي، وأبي المُظَفَّر مُحَمَّد بن التُّرَيْكِيّ، وغيرهما.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه الدُّبَيْثِي، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، وغيرهما.
وعاش تسعين سنة، ومات في شعبان.
قَالَ ابن النّجّار: كَانَ شيخا جليلا، حسنَ الْأخلاق، جميل السّيرة، أمينا.
378- عَبْد الرَّحْمَن بن هبة اللَّه [2] بن أَبِي الفرج البَغْدَادِيّ.
الخبّاز.
رَوَى عن: أَبِي جَعْفَر أَحْمَد بن مُحَمَّد العَبَّاسيّ.
ومات في شَوَّال.
379- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي منصور [3] بْن نَسيم بن حسين.
المحدِّث الخطيب تقيّ الدِّين أَبُو الوَحْش المَقْدِسِيّ الشَّافِعِيّ، إمام جامع المِزَّة.
لَزِمَ الحَافِظ أَبَا القاسم مُدَّة، وأكثرَ عَنْهُ.
سَمِعَ من: إِبْرَاهِيم بن الحَسَن الحِصْنيّ، وابن صابر، وجماعة.
ونسخ بخطّه.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد بن علي) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 126، 127، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 474 رقم 1688، والإشارة إلى وفيات الأعلام 322، والعبر 5/ 62، والمختصر المحتاج إليه 3/ 16 رقم 769، والنجوم الزاهرة 6/ 247، وشذرات الذهب 5/ 69.
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن هبة الله) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 130، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 484 رقم 1706، والمختصر المحتاج إليه 3/ 21 رقم 779.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن أبي منصور) في: سير أعلام النبلاء 22/ 96 وقد ذكره المؤلف- رحمه الله- «عبد الرحمن بن نسيم» ، ولم يترجم له.(44/299)
رَوَى عَنْهُ: الشِّهَاب القُوصِيّ، وغيره.
وَرَوَى لنا عنه بالإجازة شيخنا عمر ابن القَوَّاس.
وقرأتُ وفاته بخطّ الضِّيَاء: في رابع رَجَب.
380- عَبْد الرَّحِيم بن المفرّج [1] بن عَليّ بن المفرّج ابن مَسْلمة.
أَبُو مُحَمَّد القُرَشِيّ، الْأُمَوِيّ، الدِّمَشْقِيّ.
تُوُفِّي بحرَّان، ونُقل بعد دفنه إلى دمشق.
وَكَانَ مولده في سنة ستَّةٍ وأربعين.
سَمِعَ من: أَبِي النَّدَى حَسَّان الزيات.
وَحَدَّثَ، وأجاز. رَوَى عَنْهُ: ابنُ خليل، والعزّ عَبْد العزيز بن عُثْمَان الإربلّيّ.
381- عَبْد العزيز بن أَحْمَد [2] بْن مَسْعُود بْن سَعْد بْن عليّ ابن النَّاقد.
أَبُو مُحَمَّد.
الشَّيْخ الصالح المُقْرِئ، ويعرف بابن الجصّاص.
ولد سنة ثلاثين وخمسمائة.
وقرأ بالروايات الكثيرة عَلَى أَبِي الكرم الشَّهْرَزُوري، وَعُمَر بن عَبْد اللَّه الحَرْبِيّ.
سَمِعَ من: أَبِيهِ، وَأَبِي سَعْد أَحْمَد بن مُحَمَّد البَغْدَادِيّ، وَأَبِي الفضل الْأُرْمَوي، والمبارك بن أَحْمَد الْأَنْصَارِيّ، وابن ناصر، وأبي الوَقْت، وجماعة.
وأقرأ، وَحَدَّثَ.
وَيُقَال: إِنَّهُ آخر من تلا بكتاب «المِصْباح» على أبي الكرم، المصنّف.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحيم بن المفرّج) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 482 رقم 1703.
[2] انظر عن (عبد العزيز بن أحمد) في: التقييد لابن نقطة 364، 365 رقم 465، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 258، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 483 رقم 1704، والمختصر المحتاج إليه 3/ 49 رقم 827، والإشارة إلى وفيات الأعيان 323، ومعرفة القراء الكبار 2/ 292 رقم 550، وغاية النهاية 1/ 392، ونهاية الغاية ورقة 97، والنجوم الزاهرة 6/ 247، وشذرات الذهب 5/ 69.(44/300)
وَكَانَ ثقة صالحا، عاليَ الإسناد في الكتاب والسُّنة.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وابنُ النَّجَّار، وَالضِّيَاء، والنَّجِيب عَبْد اللّطيف، وَالشَّيْخ عَبْد الصَّمَد بن أَبِي الْجَيْش، وجماعةٌ.
تُوُفِّي في ثاني شَوَّال.
وقرأ عَلَيْهِ عَبْد الصَّمَد بالسبع، وَهُوَ آخر من قرأ عَلَيْهِ.
382- عَبْد الكريم بن أَبِي بَكْر عتيق [1] بن عَبْد الملك بن عَبْد الغفّار.
الإِمَام أَبُو مُحَمَّد الرَّبَعِيّ، والإسكندرانيّ، المالكيّ، شيخ الإقراء بالإسكندرية.
وُلِدَ سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.
وانقطع إلى السِّلَفيّ، وأكثر عَنْهُ، وَكَانَ من أجلاء أصحابه.
وَسَمِعَ من: أَبِي مُحَمَّد العُثْمانِيّ، وابن عَوف، وبدر الخداداذيّ، وجماعةٍ.
قَالَ الزَّكيّ عَبْد العظيم: لقيته، وَسَمِعْتُ منه. وتصَدَّرَ بجامع الإسكندرية مدّة للإقراء، ونجب عليه جماعة. وَكَانَ ماهرا في القراءات.
قُلْتُ: لم يذكر على من قرأ.
وَتُوُفِّي في شَوَّال.
383- عَبْد المطّلب بن الفضل [2] بن عَبْد المطّلب بن الحُسَيْن.
العَلّامة المُفتي افتخار الدِّين أَبُو هاشم القُرَشِيّ، الهاشِمِيّ، العبّاسيّ، البلخيّ، ثمّ الحلبيّ، الحنفيّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الكريم بن عتيق) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 484 رقم 1707.
[2] انظر عن (عبد المطلب بن الفضل) في: الكامل في التاريخ 12/ 357، وذيل الروضتين 120، والأعلاق الخطيرة ج 1 ق 1/ 112، والمعين في طبقات المحدثين 189 رقم 2012، والإعلام بوفيات الأعلام 253، والإشارة إلى وفيات الأعيان 323، ودول الإسلام 2/ 120، والعبر 5/ 62، وسير أعلام النبلاء 22/ 99، 100 رقم 72، والوافي بالوفيات 19/ 149 رقم 129، والجواهر المضية 1/ 329، وتاريخ الخميس 2/ 411، والعسجد المسبوك 2/ 368، 369، وشذرات الذهب 5/ 69، وهدية العارفين 1/ 622، وديوان الإسلام 1/ 63 رقم 65، والأعلام 4/ 154، ومعجم المؤلفين 6/ 157، والطبقات السنية رقم 1327.(44/301)
تَفَقَّه بما وراء النَّهْر. وَسَمِعَ بسمرقند، وَبَلْخ، وتلك الدّيار في سنة نيّف وأربعين وخمسمائة، وبعدها سَمِعَ من القاضي عُمَر بن عَليّ المَحْمُوديّ، وَأَبِي الفَتْح عَبْد الرشيد بن النُّعْمَان الوَلْوَالجِيّ [1] ، والْأديب أَبِي حفص عُمَر بن عَليّ الكَرَابيسيّ، وأبي عَليّ الحَسَن بن بِشْر البَلْخِيّ النَّقَّاش، وَالإِمَام أَبِي شُجاع عُمَر بن مُحَمَّد البِسْطاميّ، وجماعة.
ودَرَّسَ، وأفْتى، وناظَرَ، وصنَّف، وَكَانَ مُدرس المدرسة الحَلاوية. وَلَهُ «شرح الجامع الكبير» في المَذْهب. وتخرَّج بِهِ جماعةٌ من فُضلاء الحنفية بحلب.
وَكَانَ شريفا، رئيسا، عاقلا، ورعا، ديّنا، صحيح السّماع، عاليَ الإسناد.
رَوَى عَنْهُ خلقٌ كثير منهم: الزّاهد تقيّ الدِّين أَحْمَد بن عَبْد الواحد الحَوْرانيّ، وَالضِّيَاء المَقْدِسِيّ، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، والعماد أَبُو نصر أَحْمَد بن يوسف الحسنيّ الحَنَفِيّ، والمُؤيَّد إِبْرَاهِيم بن يوسف القِفْطِيّ، وَأَبُو المكارم إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابن العجميّ، وأخوه المحيي مُحَمَّد، وابن عمِّه القُطْب مُحَمَّد بن عَبْد الصَّمَد، والصّاحب أَبُو الْقَاسِم عمر ابن العديم، وخطلخ مولى عبد الرحيم ابن العجميّ، والعون أبو المظفّر سليمان ابن العَجَميّ، والمحدِّث أَبُو صالح عُبَيْد اللَّه بن عمر ابن العَجَميّ، ونسيبه الزّين عَبْد الملك بْنِ عَبْد اللَّه بْنِ عَبْد الرَّحْمَن، وعَليّ بن فيّاض، وأبو نصر محمد بن الحسّ ابن العَجَميّ، والمُفتي أَبُو طَالِب عَبْد الرَّحْمَن بن عبد الرحيم ابن العَجَميّ، والشريف عَبْد الرَّحْمَن بن الحَسَن بن زُهرة الحُسَيْنيّ، والمُحتسب عَبْد الكريم بن عُثْمَان ابن العَجَميّ، وقاضي عزَاز عَبْد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن حبيب، والكمال أحمد بن محمد ابن النَّصِيبِيّ، وَعَبْد اللَّه بن مُحَمَّد بن الْأوحد الزُّبَيْريّ.
قرأتُ بخطّ الضِّيَاء، قَالَ: شيخنا أَبُو هاشم عَبْد المطّلب الهاشِمِيّ العَبَّاسيّ، نزيل حلب. تُوُفِّي بحلب في جُمَادَى الآخرة وَلَهُ ثمانون سنة.
قُلْتُ: ولم يذكره المُنْذِريّ في «الوفيات» .
__________
[1] الولوالجي: نسبة إلى ولوالج، بلد من أعمال بذخشان. خلف بلخ وطخارستان.(44/302)
384- عتيق بن أَحْمَد [1] بن عَبْد الباقي.
الزّاهد الصّالح، أَبُو بَكْر الْأنْدَلُسِيّ اللَّوْرقيّ، نزيلُ دمشق.
شيخٌ مُعَمَّر، يُقَال: إِنَّهُ عاش مائة سنة.
صحبَ الزّهّاد، وتأدَّب بآدابهم، وانتفعَ بِهِ جماعةٌ صحبوه. وقبره بمقابر الصُّوفِيَّة عَلَى الطّريق، وَهُوَ حجر نُحِتَ عَلَيْهِ تاريخ وفاته.
ذكر وفاته المُنْذِريّ.
385- عُثْمَان بن مُظَفَّر [2] بن مُحَمَّد.
أَبُو عَمْرو البَغْدَادِيّ، من شارع دار الرَّقيق.
شيخٌ مُعَمَّر. رَوَى عن أَبِي الفَتْح بن البَطِّيّ.
386- عُثْمَان بن مُقْبل [3] بن قاسم.
الفقيه أَبُو عَمْرو الياسريّ [4] الواعظ، من فَضلاء الحنابلة.
سَمِعَ من: أبي محمد ابن الخَشَّاب، وشُهدة.
وتُوُفّي فِي ذي الحجَّة.
387- عَلي بْن أحمد بن أبي العزّ [5] .
__________
[1] انظر عن (عتيق بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 489 رقم 1722 وفيه «عيسى بن أحمد» . والله أعلم بالصواب.
[2] انظر عن (عثمان بن مظفر) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 209، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 488، 489 رقم 1721.
[3] انظر عن (عثمان بن مقبل) في: معجم البلدان 5/ 425 وفيه: «عثمان بن قاسم» ، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 209، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 486، 487 رقم 1715، والمشتبه 1/ 42، والمختصر المحتاج إليه 3/ 113 رقم 972، والوافي بالوفيات 19/ 512، 513 رقم 524، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 122، وتوضيح 1/ 325، والمنهج الأحمد 348، والمقصد الأرشد، رقم 690، وشذرات الذهب 5/ 69، والدر المنضد 1/ 343 رقم 956.
[4] الياسري: بالياء آخر الحروف والسين المهملة المكسورة والراء المهملة، نسبة إلى الياسرية قرية من قرى نهر عيسى، وهذه القرية منسوبة إلى ياسر مولى زبيدة. (معجم البلدان، وتاريخ ابن الدبيثي، وتكملة المنذري، وغيره) .
[5] انظر عن (علي بن أحمد بن أبي العز) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 217، وذيل(44/303)
أبو الحسن ابن الشُّباك- بضمّ المُعجمة- صوفيّ، تاجرٌ ببَغْدَاد.
سَمِعَ: أَبَا الحُسَيْن عَبْد الحقّ، وتَجَنِّي الوَهْبانية.
وَحَدَّثَ.
ورّخه ابن نُقْطَة في رجب [1] .
مُستفاد مَعَ السَّبَّاك [2] .
388- عَليّ بن أَحْمَد بْن عَليّ [3] بْن عيسى.
أَبُو الْحَسَن الغافقيّ، القُرْطُبيّ، الشَّقوريّ.
سَمِعَ من أَبِيهِ، وأخذ عَنْهُ القراءات، ومن ابن عمِّه أَبِي الحَسَن مُحَمَّد بن عَبْد العزيز.
وأجازَ لَهُ وَهُوَ ابن ثلاث سنين، في سنة تسعٍ وثلاثين. أَبُو بَكْر بن العربيّ، والقاضي عياض، وَأَبُو مُحَمَّد عطيَّة وجماعةٌ.
وتَفَرَّدَ في عصره بالمَغْرب، ورحل النَّاس إِلَيْهِ لعُلُوّ سنده.
قَالَ الْأبَّار [4] : وَكَانَ ثقة صالحا. كُفَّ بأُخرةٍ. وتوفّي في صفر.
__________
[ () ] تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 90، 91 رقم 585، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 472 رقم 1684، وتوضيح المشتبه 5/ 14.
[1] وكذا ورّخه ابن الدبيثي، والمنذري.
[2] انظر: الاستدراك لابن نقطة (باب السباك والشباك) والأنساب 7/ 23، والمشتبه 1/ 436، والتوضيح 5/ 14. وهو مستفاد أيضا مع: الشّبّاك: بفتح الشين المعجمة، والموحّدة المشدّدة وبعد الألف كاف. وهو الخفّاف الّذي يعمل شباك الوطيات. (المشتبه 1/ 346، والتوضيح 5/ 15) .
وقال ابن النجار: صحب الصوفية، وكان حافظا لكتاب الله كثير التلاوة له، وصار تاجرا سافر إلى الشام ودار في طلب الكسب وأثرى وكثر ماله، وعليه لباس الصوفية.
سمع شيئا من الحديث من أبي الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل، كتبت عنه شيئا يسيرا. (ذيل تاريخ بغداد 3/ 90، 91) .
[3] انظر عن (علي بن أحمد بن علي) في: تكملة الصلة لابن الأبار 3/ ورقة 72 (مخطوطة الأزهر) ، ورقم 1890 (من المطبوع) ، وصلة الصلة لابن الزبير 126، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 5 ق 1/ 167- 169 رقم 334، وسير أعلام النبلاء 22/ 95 رقم 68، وغاية النهاية 1/ 521، والعسجد المسبوك 2/ 369.
[4] في تكملة الصلة 3/ ورقة 72 (رقم 1890 من المطبوع) .(44/304)
لقيَ أَبُو حَيَّان النَّحْوِيّ من يحمل عن الشَّقوريّ بالإجازة.
وأجاز الشَّقوري لابن مسدي وَقَالَ: هُوَ نزيل قُرْطُبَة، حسيب البيت أصيله، نسيب الذِّكر جميلة. حَدَّثَ من بيته جماعة. تأدّب بشقُورة عَلَى أَبِي مروان عَبْد الملك بن أَبِي يداس. وقرأ عَلَيْهِ القرآن، وَسَمِعَ من أبيه، ومحمد بن أحمد التُّجَيْبيّ المُقْرِئ، وتَفَرَّدَ عَنْهُمْ. وأجاز لَهُ أيضا أَبُو بَكْر عَبْد العزيز بن مُدير، وَعَبْد الحقّ بن عطيّة صاحب التّفسير. رَوَى الكثير عن مُجيزيه. عزمتُ عَلَى الرِّحلة إِلَيْهِ، فبلغني موته، فعدلت إلى إشبيلية. ومات بمَوْته بالْأنْدَلُس إسناد كثير [1] .
389- عَليّ بن إسْمَاعِيل [2] بن عَليّ بن عطيّة.
الإِمَام أَبُو الحَسَن الصّنهاجيّ، التّلكاتيّ، الْأبياريّ، المالكيّ، نزيلُ الإسكندرية.
مولده بأبيار سنة سبعٍ وخمسين ظنّا.
وتَفَقَّه بالإسكندرية عَلَى الفقيه أَبِي الطاهر بن عوف، وعَليِّ أَبِي طَالِب أَحْمَد بْن المُسَلِّم اللَّخْميّ، وَأَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن مُحَمَّد الكِرْكِنْتيّ.
وَحَدَّثَ عن ابن عوف.
ودَرَّسَ بمدرسة الزّكيّ التَّاجر. وصنَّف في المذهب. وكان من أعيان المالكية.
__________
[1] وقال ابن عبد الملك المراكشي: وكان شيخا فاضلا صالحا ورعا ديّنا ذا حظ وافر من الأدب، واستقضي ببعض أنظار قرطبة، وكفّ بصره آخر عمره، فالتزم إسماع الحديث بجامع قرطبة، وكان عالي الرواية تفرّد في وقته بالرواية عن هؤلاء الأكابر الجلّة الذين أجازوا له وغيرهم، فرغب الناس في الأخذ عنه، واستجازوه من أقاصي البلاد لعلوّ إسناده وثقته وفضله وعدالته، وكان دأبه ختم القرآن بين اليوم والليلة، وكان حافظا له قائما عليه ملازما تلاوته بجامع قرطبة الأعظم طول نهاره، ولد لليلة بقيت من شوال سنة ست وثلاثين وخمسمائة بقرطبة. (الذيل والتكملة 5/ 168، 169) .
[2] انظر عن (علي بن إسماعيل) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 477، 478 رقم 1695، والديباج المذهب 123، وتوضيح المشتبه 1/ 140، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 4، وديوان الإسلام 1/ 75 رقم 81، ومعجم المؤلفين 7/ 37.(44/305)
تُوُفِّي في سادس رمضان، بالإسكندرية.
390- عَليّ بْن خليفة [1] بْن يُونُس بْن أَبِي الْقَاسِم.
العلّامة رشيد الدِّين الْأَنْصَارِيّ، الخَزْرَجِي، ابن أَبِي أُصَيْبعة [2] ، الطَّبيب.
تُوُفِّي شابّا عن سبعٍ وثلاثين سنة.
نشأ بالقاهرة، واشتغل بها، وبرع في الطّبّ، وغير ذَلِكَ من علوم الحكمة.
وَكَانَ رأسا في الموسيقى، ولعب العود. وَكَانَ طيب الصوت.
وأخذَ الْأدب عَن التّاج الكِنْدِيّ، وغيره.
وقد اشتغلوا عَلَيْهِ في الطِّب، وَلَهُ خمسُ وعشرون سنة. وحظِيَ عند أولاد الملك العادل. فأدركه الْأجل في شعبان من السنة.
وقد طوّل الموفَّق ابن أخيه ترجمته، وبالغ في وصفه.
391- عَليّ بن شُكر [3] بن أَحْمَد بن شُكر.
القاضي العالم جمال الدِّين أَبُو الحَسَن ابن القاضي أَبِي السَّعَادَات، المَصْرِيّ، الفقيه الشَّافِعِيّ.
سَمِعَ من: أَبِي عَبْد اللَّه الْأَرْتَاحِيّ، والحافظ عَبْد الغنيّ، وجماعةٍ.
ورحلَ إلى الشَّام، والعراق، وَحَدَّثَ.
وجمع في السُّنة، والصِّفات، وفي الرَّقائق.
وَتُوُفِّي في رجب.
392- عليّ بن علّوش [4] .
__________
[1] انظر عن (علي بن خليفة) في: عيون الأنباء في طبقات الأطباء 736- 750 و 2/ 246- 259، والوافي بالوفيات 21/ 81، 82 رقم 45، وكشف الظنون 2/ 1899، وإيضاح المكنون 2/ 267، 311، 331، وروضات الجنات 487، والأعلام 4/ 285، والجامع لبامطرف 3/ 74.
[2] في كشف الظنون 1899 «ابن أبي الإصبع» .
[3] انظر عن (علي بن شكر) في: تكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 221، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 470 رقم 1679، ونهاية الأرب 29/ 100.
[4] انظر عن (علي بن علّوش) في: سير أعلام النبلاء 22/ 96 وقد ذكره ولم يترجم له.(44/306)
الفقيه برهان الدِّين المَغْرِبيّ.
مدرّس المالكية وعالمهم بدمشق.
رَوَى شيئا من طريق المغاربة. وَكَانَ عالما بالْأصول، والفروع، والعربية.
قَيَّد الضِّيَاء وفاته في ثالث شعبان، ودُفن بسفح قاسيون، رحمه اللَّه تعالى.
رَوَى عَنْهُ: الشِّهَاب القُوصِيّ، وغيرُه.
393- عَليّ ابن المحدِّث بهاء الدِّين الْقَاسِم [1] ابن الحَافِظ الكبير أَبِي الْقَاسِم بْن عساكر الدِّمَشْقِيّ.
المحدِّث الحَافِظ عماد الدِّين أَبُو الْقَاسِم الشَّافِعِيّ.
وُلِدَ في ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين.
وَسَمِعَ من: أَبِيهِ، وَعَبْد الرَّحْمَن بن عَليّ ابن الخرقيّ، وإسماعيل الجنزويّ، والخُشُوعِيّ، والْأثير أَبِي الطاهر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن بنان الكاتب، قدم عليهم، وطائفة كبيرة. وبمكّة من أبي المعالي محمد ابن الزَّنْف، وبحلب، والجزيرة، وَخُرَاسَان.
رحل إلى المُؤيَّد الطُّوسِيّ، وَأَبِي رَوْح، وأكثر عن هَؤُلَاءِ، وعُني بالحديث أتمّ عناية.
وَكَانَ ذكيّا، فاضلا، حافظا، نبيلا، مجتهدا في الطَّلب.
أدركه أجله ببَغْدَاد بعد عوده من خُرَاسَان، من أثر جراحات بِهِ من الحَرَامِيَّة فِي ثالث جُمَادَى الْأولى. وَهُوَ آخر من رحلَ إلى خُرَاسَان من المحدّثين.
__________
[1] انظر عن (علي بن القاسم) في: الكامل في التاريخ 12/ 357، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 463، 464 رقم 1667، وذيل الروضتين 120، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 153، وتلخيص مجمع الآداب 4/ 787 رقم 1147، وتاريخ إربل 1/ 235- 237 رقم 135، والمختصر في أخبار البشر 3/ 124، والعبر 5/ 62، 63، وسير أعلام النبلاء 22/ 145، 146 رقم 94، وتاريخ ابن الوردي 2/ 139، ومرآة الجنان 4/ 35، والبداية والنهاية 13/ 85، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 126، و 6/ 296، 297، والوافي بالوفيات 21/ 391 رقم 268، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 166، وعقد الجمان 17/ 397، 398، والعسجد المسبوك 2/ 369، والنجوم الزاهرة 6/ 246، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 3، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 145، وشذرات الذهب 5/ 69، 70.(44/307)
وقد خرّج للكنديّ، ولابن الحَرَسْتَاني، وجماعةٍ. وخرَّج لنفسه أربعين حديثا، وحدّث بها سنة ستّمائة.
وَسَمِعَ منه جماعة من شيوخه كالْأخَوَين: تاج الْأمناء أَحْمَد وفخر الدِّين أَبِي منصور الشَّافِعِيّ، وحمزة بن أَبِي لُقْمة.
قرأت بخطّ عُمَر ابن الحاجب، قال: سألت العزّ بن عساكر عَنْهُ، فَقَالَ:
كَانَ يَتَشيّع، وكنتُ أنقم عَلَيْهِ ذَلِكَ، ولا جرَم أَنَّهُ قُصف! وَهُوَ ابن عمَّة النَّسَّابة، وجدّ شيخنا البهاء قاسم بن عساكر لأمِّه. وللنَّسَّابة فيه مَرْثية حسنةٌ منها:
صاحبي هذه ديار سعاد ... فترَّفق ومُنَّ بالإسعاد
عُجْ عليها نقضي لباناتِ قلبٍ ... مُسْتهامٍ أصماه حُبُّ سُعاد
قُلْتُ: عاش خمسا وثلاثين سنة [1] .
__________
[1] وقال ابن المستوفي: من بيت العلم والحديث المشهور، ورد إربل في رجب سنة أربع عشرة وستمائة. شاب قصير حسن الأخلاق، ومعه ولده، كان متولّي دار الحديث بدمشق. أنشدنا الشيخ أبو القاسم علي بن القاسم بن علي بْن الْحَسَن بْن هبة اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن الحسين الشافعيّ، الدمشقيّ المولد والمنشأ في ثامن رجب من سنة أربع عشرة وستمائة بدار الحديث بإربل، وحدّثنا أن مولده سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، في ربيع الآخر منها، قال: أنشدني أبي- رحمه الله- لنفسه:
واظب على جمع الحديث وكتبه ... واجهد على تصحيحه في كتبه
واحفظ من أربابه نقلا كما ... سمّعت من أشياخهم تسعد به
واعرف ثقات رواته من غيرهم ... كما تميّز صدقه من كذبه
فهو المفسّر للكتاب وإنما ... نطق النبي لنا به عن ربّه
فكفى المحدّث رفعة أن يرتضى ... ويعدّ من أهل الحديث وحزبه
وأنشدنا، قال: أنشدنا الخشوعي قال: أنشدنا ابن الأكفاني في المروحة:
ومروحة تروّح كلّ همّ ... ثلاثة أشهر لا بدّ منها
حزيران وتموز وآب ... وفي أيلول يغني الله عنها
وأنشدنا للشيخ أبي اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي اللغوي النحويّ. قال: أنشدنا لنفسه وقد شرب دواء بمصر:
تداوت لا من علّة خوف علّة ... فأصبح دائي في حشاي دوائي(44/308)
394- عَليّ بن مَسْعُود [1] بن هيّاب الوَاسِطِيّ المُقْرِئ الجماجميّ.
كَانَ يعمل الجماجم [2] .
قَالَ ابن نُقْطَة [3] : قرأ عَلَى جماعة. قرأت عَلَيْهِ. وَكَانَ متساهلا في الْأخذ- سامحه اللَّه- جدّا. مات بواسط في سادس جُمَادَى الْأولى [4] .
395- عَليّ بن هشام [5] بن عُمَر بن حَجّاج [6] .
أَبُو الحَسَن الْأنْدَلُسِيّ، الشَّريشيّ، المُقْرِئ.
حجَّ، وَسَمِعَ من أَبِي طاهر السِّلَفيّ، وشهدَ جنازته. وَسَمِعَ أَيْضًا من الفقيه أبي الطّاهر بن عوف، وغير واحد.
__________
[ () ]
فيا عجب الأقدار من متحذلق ... يحاول بالتدبير ردّ قضاء
وسافر هو وابنه إلى خراسان لسماع الحديث ... توفي بجراحة جرحه بها قوم خرجوا عليه في الطريق بالقرب من خانقين. وتوفي ولده بعده، ولم يبق له عقب. (تاريخ إربل) .
[1] انظر عن (علي بن مسعود) في: الاستدراك لابن نقطة 2/ 362، 363، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 12 رقم 1738، والمشتبه 2/ 656، وغاية النهاية 1/ 581، وتوضيح المشتبه 3/ 304 و 9/ 158 وسيعاد في وفيات 617 هـ برقم 464.
[2] وهي الأقداح من الخشب. قال المؤلف- رحمه الله- في المشتبه: كان يبري الجماجم.
[3] في الجماجي من إكمال الإكمال، وفي الاستدراك له 2/ 362، 363.
[4] هكذا هنا. وقال ابن ناصر الدين تعليقا على «المشتبه» للمؤلف، كذا وجدت وفاته بخط المصنّف مرموزة بالقلم الهندي من سنة سبع عشرة. ذكره ابن نقطة، وكذا ذكر المصنف وفاته في سنة سبع عشرة في كتابه «طبقات القراء» . (التوضيح 3/ 304) .
أقول: الموجود في المطبوع من «المشتبه 2/ 656» : مات سنة 617.
فلعلّ ابن ناصر الدين اطّلع على نسخة أخرى منه فيها وفاته سنة 616 كما هنا. أما عن ذكر المؤلف له في «طبقات القراء» وأن وفاته في سنة 617 فلم أجد له ذكرا في طبقات القراء. بل ذكره المؤلّف في هذا الكتاب «تاريخ الإسلام» مرة أخرى في وفيات 617 هـ. وسيأتي برقم 465، فلعلّ اسم الكتاب اختلط على ابن ناصر الدين. وقد ذكره كلّ من المنذري، وابن الجزري في وفيات 617 هـ. نقلا عن ابن نقطة. وكذا فعل ابن ناصر الدين في التوضيح 9/ 158.
[5] انظر عن (علي بن هشام) في: صلة الصلة لابن الزبير 127، وتكملة الصلة لابن الأبار رقم 1891، وبرنامج شيوخ الرعينيّ 24، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 5 ق 1/ 416- 419 رقم 708.
[6] قال ابن عبد الملك المراكشي: زاد ابن الأبار «عمر» بين هشام وحجّاج، وقد وقفت على نسبه بخطه في غير موضع، وليس فيه ذكر لعمر، وفيه بعد حجاج «ابن الصعب» ومن البعيد أن يذكر الجد الأبعد ويترك الأقرب، والله أعلم.(44/309)
وقرأ القراءات عَلَى أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن مُحَمَّد الكِرْكَنْتيّ [1] .
وعاد إلى الْأنْدَلُس، وولي خطابة بلده.
أخذ عَنْهُ جماعة.
وَتُوُفِّي في ربيع الآخر [2] .
396- عُمَر بن عَبْد المجيد [3] بن عَليّ.
أَبُو حفص وَأَبُو عَليّ، الْأَزْدِيّ، الْأنْدَلُسِيّ، الرُّنديّ، نزيل مالقة.
كَانَ من كبار تلامذة السُّهَيْلِيّ.
قَالَ الْأبَّار: سَمِعَ أَبَا الْقَاسِم السُّهَيْلِيّ، وَعَلَيْهِ عوّل في القراءات والعربية، ولازمه طويلا، وأبا إِسْحَاق بن قرْقول، وأبا مُحَمَّد بن دَحْمان، وأبا عَبْد اللَّه بن الفَخّار، وأبا الْقَاسِم بن بَشْكُوال، وأبا الحَسَن الشّقُوري، وطائفة. وأجازَ لَهُ أَبُو مروان بن قَزمان، وغيره. ومن الشَّام أَبُو طاهر الخُشُوعِيّ، وجماعةٌ.
قَالَ: وَكَانَ عالما بالقراءات، مُتقدّمًا في صناعة العربية. أقرأ القرآن، والنَّحْو، والآداب دهرا بسَبْتَة. فَلَمَّا تُوُفِّي السُّهَيْلِيّ دعاه أهل مالقة للإقراء بها والتّدريس مكانه، فأجابهم إلى ذَلِكَ، ولم يفارقها إلى حين موته. وكان له اعتناء
__________
[1] قال ابن عبد الملك: قاله ابن الأبار، وأراه واهما في ذلك. والله أعلم. (الذيل والتكملة 5/ 1/ 417) وذكر ابن عبد الملك بعد ذلك أسماء عدّة شيوخ لابن هشام هذا، منهم ثلاثة بمكة، وواحد بالإسكندرية، وقال: وقد عني بذكر شيوخه في «برنامج» يخصّهم تلميذه الأخص به أبو إسحاق البونسي ولم يذكر فيه واحدا من هؤلاء الأربعة، وكذلك وقفت على إجازات شيوخه له بخطوطهم فلم ألف لهم فيها ذكرا البتّة. فاللَّه أعلم (5/ 1/ 418) .
[2] وهو قول ابن الأبار. أما ابن الزبير فقال في سنة 617، ونقل ابن عبد الملك القولين. وقال: وكان مقرئا فاضلا عدلا ثقة، إماما في تجويد القرآن مبرّزا في حفظ الخلاف بين القراء، وكانت القراءات بضاعته التي لا يتقدّمه أحد في معرفتها ولا يدانيه، تصدّر ببلده بعد قدومه من المشرق للإقراء وإسماع الحديث وغيره، فأخذ عنه أهل بلده وغيرهم من الراحلين إليه وكثر الانتفاع به، وولي الصلاة بجامع بلده، وكانت معيشته من تجارة يديرها في الصابون، ولم يزل مأخوذا عنه ومستفادا منه إلى أن توفي.
[3] انظر عن (عمر بن عبد المجيد) في: تكملة الصلة لابن الأبار (مخطوطة الأزهر) 3/ ورقة 50، والمطبوع 657، 658، وغاية النهاية 1/ 594، وإيضاح المكنون 2/ 153، ومعجم المؤلفين 7/ 295.(44/310)
بالحديث وروايته مَعَ الدِّين والصّلاح. وألّف كتابا حسنا عَلَى «الْجُمّل» للزَجّاجيّ.
تُوُفِّي في ربيع الآخر. وَكَانَ مولده في سنة ثلاثٍ وأربعين وخمسمائة أَوْ نحوها.
397- عُمَر بن مُحَمَّد [1] بْن أَحْمَد بْن الحَسَن بن جَابِر.
الشَّيْخ الصّالح أَبُو نصر بن أَبِي بَكْر، البَغْدَادِيّ، الصُّوفِيّ، المُقْرِئ، المعروف بابن السَّديد.
وُلِدَ سنة خمسٍ وأربعين وخمسمائة.
وسمع من: أبي الوقت، وأبي محمد ابن المادح، وابن البَطِّيّ، وَأَبِي زُرْعَة، وجماعة.
وصحب الشَّيْخ أَبَا النَّجِيب السُّهْرَوَرْدي. وَقَدِمَ دمشق. وزارَ القُدس.
رَوَى عَنْهُ ابنُ الدُّبَيْثِي، وَقَالَ فيه [2] : الدِّينَوَري الْأصل. كَانَ حسنَ الْأخلاق، حافظا لكتاب اللَّه. سَمِعَ بإفادة أَبِيهِ. تُوُفِّي في تاسع عشر [3] صفر [4] .
[حرف الغين]
398- غالب بن حمزة [5] بن أَبِي الْقَاسِم الحُسَيْن بن الحَسَن بن البُن [6] .
أَبُو غالب الْأسَدِيُّ الدِّمَشْقِيّ.
وُلِدَ سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من جَدّه. رَوَى عَنْهُ: الضِّيَاء المَقْدِسِيّ، والشمس ابن خليل.
__________
[1] انظر عن (عمر بن محمد) في: التقييد لابن نقطة 398 رقم 524، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 155/ 293، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار (باريس) ورقة 128، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 74- 77، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 459 رقم 1657، والمختصر المحتاج إليه 3/ 109 رقم 960.
[2] في تاريخه 15/ 293.
[3] هكذا بخط المؤلف. وفي تاريخ ابن الدبيثي، وتكملة المنذري: «التاسع والعشرين» . وهو الصواب. وفي (التقييد لابن نقطة 398) : «في آخر صفر» . وهو قريب.
[4] وقال ابن نقطة. وكان ثقة، صحيح السماع، مكثرا، حسن السمت. (التقييد) .
[5] انظر عن (غالب بن حمزة) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 485 رقم 1710.
[6] البنّ: بضم الباء الموحدة، وتشديد النون.(44/311)
تُوُفِّي في ذي القِعْدَة.
[حرف الكاف]
399- كَيْكَاوِس [1] ، السلطان الملك الغالب، عز الدين صاحب الروم وابن صاحبها كَيْخُسْرُو بن قِلِج أرْسلان السَّلجوقيّ.
صاحب قُونية، وأقْصرا، ومَلَطية.
وَكَانَ قد عظُم شأنه، ودخل في طاعته صاحب إربل، وناصر الدِّين صاحب آمد. وعَلِقَ بِهِ السّل، ومات. فتولَّى بعده كيقُباذ، وَكَانَ في حبس أخيه. ولم يخلّف كَيْكَاوِس ولدا يصلح للمُلك. فتملّك كيقُباذ.
[حرف الميم]
400- مُحَمَّد بن أَحْمَد عَليّ [2] .
أَبُو شُجاع العَنْبَريّ، الوَاسِطِيّ، الشَّاعِر الْأديب، المعروف بابن دوّاس القنا [3] .
__________
[1] تقدّمت ترجمته ومصادرها في وفيات 615 هـ برقم 321.
[2] انظر عن (محمد بن أحمد بن علي) في: تاريخ ابن الدبيثي (شهيد علي) ورقة 19، 20، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 476 رقم 1692، والمختصر المحتاج إليه (في المستدرك) 2/ 242 رقم 28، والوافي بالوفيات 2/ 119 رقم 462، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة ورقة 6، 7، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 4.
[3] وممّن يعرف بابن دوّاس القنا: أبو العباس أحمد بن علي، وهو والد صاحب الترجمة، وسيأتي له شعر قاله في النرجس، في الحاشية التالية مباشرة.
وعلي بن محمد بن دوّاس القنا، وهو جدّ صاحب الترجمة، لقّبه العماد في (خريدة القصر) ب «شهاب الأمراء» .
وأبو الحسن علي بن أحمد بن علي بن دوّاس القنا، وهو شقيق صاحب الترجمة. ذكره العماد أيضا في الخريدة وقال: لقيته بواسط، وله أيضا شعر صالح حسن، سمعته كثيرا ينشد قصائده في الأكابر، ما اتفق لي إثبات شعره لو توفي بالزمان وامتداده، وإني بواسط لا يفوت ذلك، ولم أدر أن الليالي في قصد المرء وتعويق مرارة. وسمعت له وهو إلى هذه الغاية وهي سنة تسع وخمسين وخمسمائة حيّ في حد الكوفة هذين البيتين في الخمر وهما:
أدر عليّ مداما كلّما مزجت ... صاغ المزاج لها تاجا من الشهب
حرّاء بي شغف منها لأنّ لها ... روحا من الطيب في جسم من الذهب(44/312)
ولد سنة أربع وخمسين وخمسمائة.
وقرأ الْأدب عَلَى الكمال أَبِي البركات الْأَنْبَارِيّ، وأبي الحَسَن عَليّ ابن العَصّار.
وانقطع إلى الشَّيْخ مُصَدّق بن شبيب. وبرع في العربية.
وَحَدَّثَ بواسط.
وَلَهُ شِعر حسن.
تُوُفِّي في سلخ شعبان [1] .
__________
[ () ] وأبو طاهر جعفر بن علي بن دوّاس الكتامي المصري الأمير الشاعر المعروف بقمر الدولة، وقيل في نسبه «دوّاس القنا العنبري» ، وهو نشأ بطرابلس الشام، وأقام ببغداد مدّة، وخدم فيها «قسيم الدولة البرسقي» ، وكان يحسن الغناء وضرب العود. ذكره العماد في الخريدة، والملك المنصور الأيوبي في (أخبار الملوك ونزهة المالك والمملوك في طبقات الشعراء) مخطوطة ليدن 639 ورقة 239 أ، رقم الترجمة 377، وابن أيبك الدواداريّ في: الدرّة المضية، وابن شاكر الكتبي في: عيون التواريخ، والصفدي في الوافي بالوفيات، وابن عساكر في: تاريخ دمشق، وابن تغري بردي في:
النجوم الزاهرة، وابن سعيد في: المغرب في حلي المغرب، والحظيري في: لمح الملح (مخطوطة أحمد الثالث باسطنبول) رقم 2344، وجمعت شعره المتفرّق في ترجمته التي أعددتها في: معجم الأدباء والشعراء في تاريخ لبنان (مخطوط) ، وهو معدّ للطباعة.
ومنهم: أبو الحسن علي بن محمد بن علي المعروف بابن دوّاس القنا التميمي العنبري البصري (أو المصري) . ذكره ابن النجار في: الوافي بالوفيات 22/ 88 رقم 39، وابن شاكر الكتبي في: عيون التواريخ 12/ 199 وقال: قدم واسط وسكنها إلى أن توفي في سنة 522 هـ. وقد ذكرته في (معجم الأدباء والشعراء في تاريخ لبنان) المخطوط.
[1] وقال ابن الدبيثي: كان اسمه مقاتل فغيّره وسمّى نفسه محمدا، له معرفة حسنة بالنحو واللغة العربية، وهو من بيت أهل فضل وأدب وشعر، مشهورين بذلك. قدم أبو شجاع بغداد مرارا كثيرة ولقي أدباءها ... ولازم شيخنا مصدّق بن شبيب وقرأ عليه جملة من كتب الأدب ودواوين العرب، وكان حسن الشعر، أثبت مدة في جملة شعراء الديوان العزيز- مجّده الله- وكان يورد المدائح من شعره في المواسم مع الشعراء. سمعنا منه كثيرا من شعره ولغيره بواسط وبغداد، فمن ذلك ما أنشدنا من حفظه ببغداد، قال: أنشدني والدي أبو العباس أحمد بن علي لنفسه في النرجس:
ونرجس حار فكري في محاسنه ... فضعت بالفكر بين العجب والعجب
أبدان فيروزج لما زهت بحلي ... من فضة حملت وردا من الذهب
(المختصر المحتاج إليه المستدرك 2/ 240- 242) .
وقال ابن النجار: كنت أجتمع به كثيرا في سوق الكتب بباب بدر، وعلّقت عنه من شعره وشعر غيره، وكان أديبا فاضلا حسن المعرفة بالأدب، يقول الشعر الجيد مليح المحاضرة طيّب النشوار، حفظة للحكايات والأشعار جميل الأخلاق.(44/313)
401- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن محفوظ بْن صَصْرَى.
أَبُو عَبْد اللَّه التّغلبيّ، الدِّمَشْقِيّ.
رَوَى عن: عَبْد الرَّزَّاق النَّجَّار، وغيره.
قَالَ الضِّيَاء: سمعنا منه. ومات في رابع عشر رجب، ودُفن بجبل قاسيون.
402- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن مُحَمَّد بن غالب [1] .
أَبُو عَبْد اللَّه ابن الشَّرّاط، الْأَنْصَارِيّ، القُرْطُبيّ.
أخذ القراءات عن عمِّه عَبْد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد، وَسَمِعَ منه، ومن أَبِي ذَرّ الخُشَنيّ.
وتصدَّر للإقراء بجامع قُرْطُبَة، ولتعليم النَّحْو، ولإسماع الحديث.
قَالَ الْأبَّار: كَانَ مُقرئًا، محقّقا، ضابطا، ورعا، زاهدا. أخذ عَنْهُ جماعة منهم: أبو القاسم ابن الطَّيْلَسَان. ومات في المُحرَّم.
403- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه [2] .
أبو الوليد بن قبوج [3] ، النّفزيّ [4] الشّاطبيّ.
__________
[ () ] أورد له من شعره:
لاموا عليّ ترك مديحي له ... فلم أكن مستدرك الفارط
وقلت: خلّني على ما أرى ... فما يليق المدح بالحائط
(الوافي بالوفيات 2/ 119) .
[1] انظر عن (مُحَمَّد بن أَحْمَد بن مُحَمَّد بن غالب) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 602.
[2] انظر عن (محمد بن أحمد بن عبيد الله) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 603 وفيه: «عبد الله» ، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 5 ق 2/ 674، 675، وقد قيّده بعبيد الله، ومعرفة القراء الكبار 2/ 609 رقم 575، وغاية النهاية 2/ 70.
[3] في الأصل، والمطبوع من تاريخ الإسلام (الطبقة 62) ص 286، وغاية النهاية: «فتوح» بالفاء والتاء المثناة من فوج وبعد الواو حاء مهملة.
والصحيح ما أثبتناه كما في: تكملة الصلة لابن الأبار، والذيل والتكملة لابن عبد الملك، وهو قيّده فقال: بفتح القاف وضم الباء وواو مدّ وجيم مشربة صوت الشين.
وقد صحّح الدكتور بشار عوّاد معروف الاسم في (معرفة القراء الكبار 2/ 609) ، ولكنه أغفل ذلك في تحقيقه لتاريخ الإسلام، وغاية النهاية «الثغري» بالراء، وهو خطأ. والصواب بالزاي.
[4] وقع في المطبوع من: تاريخ الإسلام، وغاية النهاية «الثغري» بالراء، وهو خطأ. والصواب بالزاي.(44/314)
قال الأَبّار [1] : أَخَذَ القراءاتِ عَنْ أَبِي الْحَسَن بْن هُذَيْل، وَسَمِعَ منه «التّيسير» [2] . وتَفَقَّه بأبي مُحَمَّد بن عاشر، وَهَارُون بن عات. وَكَانَ فقيها، ثقة، حافظا للمسائل، مُدَرِّسًا لها. رَوَى عَنْهُ ابنه عُبَيْد اللَّه، وغيره. وَكَانَ حيّا في هَذَا العام وَتُوُفِّي بعده.
404- مُحَمَّد بن إسْمَاعِيل [3] بن إِبْرَاهِيم.
أَبُو عَبْد اللَّه الشَّيْبيّ، الشَّافِعِيّ، الواعظ بمَيّافارقين.
وُلِدَ بمصر سنة تسعٍ وأربعين.
يُقَال: إِنَّهُ سَمِعَ من الحَافِظ أَبِي العلاء الهَمَذَانِيّ، ومن السِّلَفيّ.
وَحَدَّثَ بميّافارقين.
وَتُوُفِّي في رجب.
405- مُحَمَّد بن إسْمَاعِيل بن أَحْمَد [4] .
القاضي أَبُو عَبْد اللَّه المَصْرِيّ، الكاتب، عُرف بابن أَبِي صادق.
تُوُفِّي بالعسكر بظاهر دِمْيَاط. وقد ولي ديوان قُوص.
وَسَمِعَ من السِّلَفيّ، وغيره.
وَتُوُفِّي في ذي الحجَّة.
406- مُحَمَّد، قُطب الدِّين، صاحب سنُجار [5] .
الملك المنصور ابن الملك عماد الدِّين زنكي بْن مودود بْن زنكي.
__________
[1] في تكملة الصلة 2/ 603.
[2] لأبي عمرو الداني.
[3] انظر عن (محمد بن إسماعيل) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 470 رقم 1680.
[4] انظر عن (محمد بن إسماعيل بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 487 رقم 1717.
[5] انظر عن (محمد صاحب سنجار) في: الكامل في التاريخ 12/ 355- 357، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 607، وذيل الروضتين 120، ومفرّج الكروب 4/ 31، والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 2/ 135، 155، 157، 182، 183، 185، 186، 188- 190، 193، 194، 198، والمختصر في أخبار البشر 3/ 122، والعبر 5/ 63، وتاريخ ابن الوردي 2/ 1367، والوافي بالوفيات 3/ 78 رقم 990، والسلوك ج 1 ق 1/ 204، والعسجد المسبوك 2/ 366، 337، والنجوم الزاهرة 6/ 246.(44/315)
كَانَ حسن السّيرة، فيه عدل وإنصاف. نازلة الملكُ العادل وحاصره، ثُمَّ رحل عن سنجار بشفاعة الخليفة.
وخلّفَ عدَّة أولاد، وملك بعده وَلده عماد الدّين شاهنشاه أشهرا، ومات أَيْضًا.
تُوُفِّي قُطب الدِّين في ثامن صفر.
قَالَ ابن الْأثير [1] : ملك بعده عماد الدِّين فقتله أخوه عُمَر، وملك بعده مُدَيدة، ثُمَّ سلّم سنجار إلى الملك الْأشرف موسى، فعَوَّضه عَنْهَا الرَّقة، فلم يُمتَّع ومات بعد قليل.
407- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جرير [2] بن عَليّ بن جرير.
أَبُو عَبْد اللَّه القُرَشِيّ، الْأُمَوِيّ، الكُوفِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ.
وُلِدَ سنة ستّ وخمسين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من: أَبِيهِ، وابن البَطِّيّ، وَيَحْيَى بن ثابت، وجماعةٍ.
وَكَانَ أَبُوه من المحدِّثين والنُّساخ المذكورين.
تُوُفِّي مُحَمَّد في جُمَادَى الآخرة.
وَكَانَ يؤدّب الصّبيان. ولم يكن ثقة، زَوَّر عدَّة طِباق.
408- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إدريس [3] .
أَبُو عَبْد اللَّه بن سُنينة، السّامرّيّ.
__________
[1] في الكامل 12/ 355، 356.
[2] انظر عن (محمد بن عبد الله بن جرير) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 29، 30 رقم 237، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 468 رقم 1676، والمختصر المحتاج إليه 1/ 64.
[3] انظر عن (محمد بن عبد الله بن إدريس) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 27 رقم 234، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 470، 471 رقم 1681 وفيهما: «محمد بن عبد الله بن الحسين» وسير أعلام النبلاء 22/ 144، 145 رقم 93، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 121، 122، والمنهج الأحمد 248، والمقصد الأرشد، رقم 964، وشذرات الذهب 5/ 70، 71، والدر المنضد 1/ 342، 343 رقم 975، وديوان الإسلام 3/ 33 رقم 1141، والتاج المكلل 228، 229، ومعجم المؤلفين 10/ 209.(44/316)
تَفَقَّه زمانا عَلَى أبي حكيم النَّهْرَوَانِيّ. وَسَمِعَ من ابن البَطِّيّ.
وولي قضاء سامرّاء سنة أربع وسبعين وخمسمائة، وبقي قاضيا سبع عشرة سنة. وَكَانَ فقيها بارعا، مُصنِّفًا [1] .
لم يروِ شيئا [2] .
ومات في رجب، وَلَهُ إحدى وثمانون سنة [3] .
409- مُحَمَّد بْن عَبْد المحسن [4] بن مُحَمَّد بن منصور بن خلف.
القاضي، الفقيه أَبُو عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ، الْأوسيّ، الكَفْرطابيّ الْأصل، الدِّمَشْقِيّ المولد، الشَّافِعِيّ، المعروف بابن الرَّفّاء. وَهُوَ والد شيخ الشيوخ شرف الدِّين عَبْد العزيز.
ولي القضاء، والْأوقاف بحماه. وله شعر حسن [5] .
__________
[1] ومن مصنفاته: «المستوعب» في الفقه، و «البستان» في الفرائض. (الذيل على طبقات الحنابلة) .
[2] وقال المنذري: حدّث واقرأ، وتولّى الحسبة بمدينة السلام وغير ذلك، وصنّف كتابا في «الفروق» ، وغير ذلك.
وقال ابن رجب: ولي القضاء بسامراء وأعمالها مدة ثم ولي الحسبة ببغداد، ثم عزل من القضاء وبقي على الحسبة، ثم عزل عنها، وولى إشراف ديوان الزمام وعزل أيضا.
[3] وكان مولده في سنة 535 بسامراء.
[4] انظر عن (محمد بن عبد المحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 479 رقم 1699، والوافي بالوفيات 4/ 26- 28 رقم 1481، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 4.
[5] ذكر الصفدي منه:
كأنّ الهلال هلال السما ... وقد لاح في قمص من سواد
حبيب أمات بهجرانه ... محبّا وداري بلبس الحداد
وقال في السواك:
ومصحوب به أمر الرسول ... له لوني المغيّر والنحول
تنعم في مكان ما لخلق ... سواه إلى تقحّمه سبيل
وقال ملغزا في البيضة:
ها أنا السابق أو واضعتي ... خبّروا سابقنا بالتبديه
أن تكن منّي فمن أين أنا ... أو أكن منها فمن أين هيه؟
وقال:
يا مولعا بالأماني غير معتبر ... كيف الإقامة والدنيا على سفر(44/317)
تُوُفِّي في رمضان، ببارين: قلعة من أعمال حماه، كَانَ قد وليَ قضاءها.
وعاش خمسين سنة.
رَوَى عَنْهُ وَلَدُه [1] .
410- مُحَمَّد بن عَليّ بن خُطْلخ [2] .
أَبُو عَبْد الله البغداديّ، الخَيَّاط.
سَمِعَ من عَبْد الرَّحْمَن بْن يَحْيَى بْن عَبْد الباقي الزُّهْرِيّ في سنة ستّين وخمسمائة.
رَوَى عَنْهُ ابن النَّجَّار.
تُوُفِّي في أواخر السنة [3] .
__________
[ () ]
لا تركننّ إلى دار الغرور ولا ... تكن إلى وطن فيها ولا وطر
وسالم الناس تسلم من مكايدهم ... مسلّما لقضاء الله والقدر
كم منحة بدرت ما كنت تأملها ... ومحنة لم تكن منها على حذر
ومن شعره:
لو نظرنا عن الكون إلى الدنيا ... هدينا إلى سواء الصراط
دار غدر وحسرة وانقطاع ... وبلاء وقلعة واشتطاط
أبدا تسترد ما وهبته ... كخليل ابن يونس الخياط
[1] وهو قال: حفظ والدي القرآن العظيم وعمره تسع سنين وصلّى التراويح بجامع دمشق برواق الحنابلة وتلقّنه من صالح المقرئ، وتأدّب على الشيخ يوسف البوني، ثم على الشيخ العالم الحكيم أبي محمد عبد المنعم بن عمر بن حسّان الغسّاني الأندلسي، ثم على شيخنا تاج الدين الكندي، وتفقّه على شرف الدين عبد الله بن أبي عصرون، ثم على الشيخ ضياء الدين الدولعي، ونظم الشعر وأنشأ الرسائل وعمره عشر سنين وما حوله. (الوافي بالوفيات) .
[2] انظر عن (محمد بن علي بن خطلخ) في: تاريخ ابن الدبيثي (شهيد علي) ورقة 89، والمطبوع:
ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد 2/ 151، 152 رقم 386، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 488 رقم 1719، والمختصر المحتاج إليه 1/ 102. وسيأتي سمّي له بكنيته واسمه ولقبه في وفيات سنة 640 هـ برقم 687.
[3] علّق الدكتور بشار عواد معروف في تحقيقه لتاريخ الإسلام (الطبقة 62) ص 289 على هذا فقال:
«هكذا ذكر وفاته في هذه السنة، والأصح أنه توفي في جمادى الأولى سنة 640، كما ذكر ابن الدبيثي، والمنذري، ومنصور بن سليم الإسكندراني» (انظر التكملة: 3/ 3083 والتعليق عليها) .
ويقول خادم العلم وطالبه محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : وقال الدكتور بشار في تعليقه على التكملة للمنذري: «ونظنهما شخصا واحدا إن شاء الله» . ولكنه ينقض نفسه في تحقيقه(44/318)
411- مُحَمَّد بْنِ عُمَرَ [1] بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه بن سَعْد.
الفقيه نجم الدِّين أَبُو عَبْد اللَّه، المعروف بالقاضي، المَقْدِسِيّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيّ.
أقام ببَغْدَاد مُدَّة يشتغل، ويسمع، وكتب الكثير.
وَسَمِعَ من: مُحَمَّد بن يَحْيَى البَرَادّانيّ [2] ، وأبي الفَتْح مُحَمَّد بن شاتيل، ونصر اللَّه القَزَّاز، وطبقتهم.
ورحل إلى أصبهان، وكتب عن أصحاب الحدّاد. وَسَمِعَ بالمَوْصِل، وإربل، وواسط.
ووليَ مشيخة دار الحديث المُطلَّة عَلَى الشطّ بالمَوْصِل. وَقَدِمَ مِصْر، وَحَدَّثَ بها. ثُمَّ سكن سَرُوج، وبها تُوُفِّي- رحمه اللَّه- في جُمَادَى الْأولى، وَهُوَ كَهْل.
أخذَ عَنْهُ الضِّيَاء، وَقَالَ: وُلِدَ سنة ستٍّ وستّين. وَكَانَ فقيها، حافظا، واعظا، حصَّل من السَّماع والكتب شيئا كثيرا. ورافق العزّ ابن الحَافِظ. وَسَمِعَ أكثر من العزّ. وجاءته الْأولاد بسَرُوج.
412- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أسعد [3] بن عَليّ.
الشريف النّقيب عزّ الدِّين أَبُو عَبْد اللَّه، ابن النّقيب الْأجلّ أَبِي عليّ، العَلَويّ، الحَسَنيّ، العُبَيْدَليّ، الْجَوَّانِيّ، المَصْرِيّ.
نقيب الْأشراف بمصر بعد أبيه، وكان رئيسا فاضلا.
__________
[ () ] لذيل تاريخ مدينة السلام لابن الدبيثي 2/ 152 إذ قال في الحاشية: «والراجح عندنا أنهما اثنان، وأن المترجم هنا هو الّذي توفي سنة 616 هـ.
[1] انظر عن (محمد بن عمر) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 102 رقم 316، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 466 رقم 1671، والمختصر المحتاج إليه 1/ 86، وتاريخ إربل 1/ 168 رقم 72، والمقفى الكبير 6/ 409 رقم 2892.
[2] في المطبوع من تاريخ الإسلام (الطبقة 62) ص 289: «وسمع من يحيى بن البرداني» والصواب ما أثبتناه. انظر: ذيل تاريخ مدينة السلام 2/ 102، والتكملة للمنذري 2/ 466.
[3] انظر عن (محمد بن محمد بن أسعد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 456، 457 رقم 1651.(44/319)
تُوُفّي في المحرَّم.
413- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [1] بْن عَليّ.
أَبُو نصر بن واقا البغداديّ، سبط أبي منصور ابن الجواليقيّ.
حَدَّثَ عن: ابن البَطِّيّ، وَأَبِي المناقب حيدرة بن عُمَر العَلَويّ.
رَوَى عَنْهُ ابن النَّجَّار، وأثنى عَلَيْهِ.
ومات في سلْخ شَوَّال [2] .
414- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمَد [3] الهُمام الحَرْبَويّ، الشَّاعِر.
مُرَتِّب المدرسة النظاميّة.
قَالَ ابن النَّجَّار: أنشدني لنفسه في غلام مُثاقفٍ:
قد سلَّ سيفَ الثِّقاف منتضيا ... مِنْ بعدهِ مُرْهفًا مِنَ النَّظرِ
مُثاقفٌ مِن سيوفِ مُقْلتهِ ... قدْ أصْبَحَتْ مُهجتي عَلَى خطرِ
ما همَّ في شدِّ عقدِ مئزرِهِ ... إِلَّا وقد حلَّ عقدَ مُصْطبري
كأنّما تُرسُه لمبصره ... في وجْهِهِ غَيْمَةٌ عَلَى قمر [4]
415- مُحَمَّد ابن الفقيه محمود [5] بن أَبِي عَبْد الرَّحْمَن مُحَمَّد بْنِ مُحَمَّدِ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْنُ مُحَمَّدِ المروزيّ، الكُشْمِيهَنِي [6] .
ثُمَّ البَغْدَادِيّ الفقيه.
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد بن محمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 134، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 484، 485 رقم 1708، والمختصر المحتاج إليه 1/ 130.
[2] وقد نيّف على الستين سنة.
[3] انظر عن (محمد بن محمد بن أحمد) في: الوافي بالوفيات 1/ 156 رقم 75.
[4] ونقل الصفدي عن ابن النجار قبل هذا البيت بيتا آخر هو:
يكاد في حفى من يثاقفه ... بالسيف يحصي مغارز الشعر
[5] انظر عن (محمد بن محمود) في: ذيل الروضتين 120، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 475، 476 رقم 1691، والوافي بالوفيات 1/ 212 رقم 139 وفيه «محمد بن محمد بن محمود، و 5/ 6، 7 رقم 1958، والبداية والنهاية 13/ 85، 86، وعقد الجمان 17/ ورقة 399 وفيه: محمد بن محمد بن محمود.
[6] تصحف في ذيل الروضتين إلى: «الكشميني» .(44/320)
وُلِدَ بهمذان سنة ثلاثٍ وستّين.
وَسَمِعَ من غير واحد. وتَفَقَّه عَلَى مذهب الشَّافِعِيّ، وبرعَ في المذهب.
وتكلَّم في مسائل الخِلاف، واشتغلَ بالعربية.
وَهُوَ من بيت العلم والرواية [1] ، وَكَانَ جَدّه أَبُو الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن شيخ مَرْو في عصره، ومُقدّم الصُّوفِيَّة.
كنيته أَبُو سَعِيد.
تُوُفِّي في الثالث والعشرين من شعبان ببَغْدَاد [2] .
416- مُحَمَّد بن منصور [3] بن جميل.
__________
[1] وقال المنذري: وحدّث بالإجازة عن الخليفة الإمام الناصر لدين الله- رضي الله عنه- ولنا منه إجازة كتب بها إلينا من بغداد في ذي الحجة سنة إحدى عشرة وستمائة. (التكملة 2/ 476) .
[2] وقال الصفدي: من بيت مشهور بالعلم والدين والرواية والفضل، حفظ القرآن وقرأ الفقه على مذهب الشافعيّ وعلّق التعليقة في الخلاف عن محمد بن أبي علي النوقاني إلى حين وفاته. وتكلّم في مسائل الخلاف وقرأ الأصولين والجدل والمنطق وقرأ النحو واللغة حتى برع فيهما. وكان يكتب خطأ مليحا. وولي الإشراف على ديوان التركات الحشرية. وكان كيّسا ظريفا لطيفا متوددا.
أوصى أن يكتب على كفنه:
يكون أجاجا دونكم فإذا انتهى ... إليكم تلقّى طيبكم فيطيب
(الوافي بالوفيات 5/ 6، 7) .
وفي ذيل الروضتين 120:
إليكم يلقى نشركم فيطيب
وفي الوافي 1/ 212:
إليكم تلقّى نشركم فيطيب
وقال الصفدي: وهذا البيت من أبيات مختلف فيها الصحيح أنها للعباس بن الأحنف. والبيت في:
ديوان ابن الأحنف (طبعة القسطنطينية 1298) ص 18. وقال ابن كثير: ومن شعره:
أرى قسم الأرزاق أعجب قسمة ... لذي دعة ومكدية لذي كد
وأحمق ذو مال وأحمق معدوم ... وعقل بلا حظ وعقل له حد
يعم الغنى والفقر والجهل والحجا ... وللَّه من قبل الأمور ومن بعد
(البداية والنهاية 13/ 85، 86) .
[3] انظر عن (محمد بن منصور) في: معجم الأدباء 19/ 60 رقم 20، وتلخيص مجمع الآداب ج 4 ق 1/ 544، والوافي بالوفيات 5/ 68، 69 رقم 2058، وبغية الوعاة 1/ 250 رقم 460.(44/321)
أَبُو عَبْد اللَّه البَغْدَادِيّ، الهيتيّ، الكاتب.
تَقَدَّم في النَّحْو، وَاللُّغَة، والحِساب، والشِّعر.
وَسَمِعَ من ابن كُلَيْب.
وَلَهُ شِعر جَزْل، مدحَ الخليفة النَّاصر. ووليَ صَدْريَّة المَخْزن [1] .
مات كَهْلًا في شعبان، قاله ابن النَّجَّار [2] .
417- مُحَمَّد بن هبة اللَّه بن جرير.
القاضي مُهذَّب الدِّين الحارثيّ، قاضي الزَّبدانيّ.
رَوَى عَنْهُ القُوصِيّ من شعره، وَقَالَ: كَانَ أكرم أهل زمانه.
تُوُفِّي في ذي الحجَّة بالزَّبدانيّ.
418- المُبارز بن خُطْلُخ [3] الحَلَبِيّ.
من كُبراء الْأمراء العزيزية في دولة الملك العزيز صاحب مِصْر. ثُمَّ قَدِمَ الشَّام، فأقام بها مُدَّة، ثُمَّ عاد إلى ديار مِصْر في النَّجْدَة عند نزول الفرنج عَلَى دِمْيَاط.
توفّي في ذي الحجّة.
__________
[1] صدرية المخزن: هي بمثابة وزارة المالية الآن.
[2] ونقل الصفدي عبارته دون أن يصرّح باسمه، فقال: قدم بغداد في صباه وقرأ الأدب ولازم مصدّق بن شبيب النحويّ حتى برع في النحو واللغة وقرأ الحساب والفرائض وقرأ على أبي الفرج ابن كليب شيئا من كتب الأدب، وقال الشعر ومدح الإمام الناصر فعرف واشتهر. وكان مليح الصورة مقبول الشكل طيب الأخلاق متواضعا. رتّب كاتبا في ديوان التركات مدة طويلة ثم ولي نظره ثم ولي الصدرية بالمخزن، ثم عزل واعتقل وأفرج عنه بعد مدة ورتّب وكيلا للأمير عدّة الدين ابن الإمام الناصر، وبقي على وكالته إلى أن مات. وكان كاتبا بليغا مليح الخط غزير الفضل، له النظم والنثر. من شعره قوله:
إن حال دونك أسمر وسمير ... فدما الظبي لدمى الظّباء مهور
يا هند في أجنان لحظك فترة ... ألجفن هنديّ يكون فتور
أبليتني بقنا الأشمّ وطوله ... وقنى المشيم أتمّ وهو قصير
أسد يغار على محاسن ظبية ... فيها نفار وهو فيه نفور
بيضاء مذهبة الشباب يزينها ... وجه تحار إذا رأته الحور
ويهزّ عطفيها الصّبا ويد الصّب ... فيهملها الممدود والمقصور
تفتر ضاحكة وأندب باكيا ... فلها بحزني غبطة وسرور
درّان إلّا أنّ ذاك منضّد ... عذب، وهذا مالح منثور
[3] انظر عن (المبارز بن خطلخ) في: نهاية الأرب 29/ 127، 128 (في وفيات سنة 620 هـ) .(44/322)
419- مسعود بن محمود [1] البغداديّ ابن البيطار.
أَبُو الفَتْح.
رَوَى عن ابن البَطِّيّ.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وابنُ النَّجَّار.
420- معتوق بن أَبِي الفضل [2] مُحَمَّد البَغْدَادِيّ، الغزَّال.
رَوَى أَيْضًا عن ابن البَطِّيّ.
421- مَعْتوق بن أَبِي البقاء [3] بن عَليّ الوَاسِطِيّ.
ثُمَّ البَغْدَادِيّ الصُّوفِيّ.
وُلِدَ بعد الثلاثين وخمسمائة [4] .
وسمع من: هبة الله ابن الشِّبْلِي، وابنِ البَطِّيّ.
ومات في صفر.
422- منصور بن ظافر [5] بن موسى بن عَليّ.
أَبُو عَليّ القُرَشِيّ، الْأَسَدِيّ، الزّبيريّ، والإسكندرانيّ، المعروف بالطِّراز.
سَمِعَ من: السِّلَفيّ، وعبدِ الواحد بن عسكر، وأبي طَالِب أَحْمَد بْن المسلّم اللَّخْميّ. وبمصر عَليّ بن هبة اللَّه الكامليّ، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ الزَّكيّ المُنْذِريّ، وَقَالَ: تُوُفِّي في جُمَادَى الْأولى [6] ، وَلَهُ ثلاث وستّون سنة [7] .
__________
[1] انظر عن (مسعود بن محمود) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 459 رقم 1658، والمختصر المحتاج إليه 3/ 190 رقم 1201.
[2] انظر عن (معتوق بن أبي الفضل) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 479، 480 رقم 1700، والمختصر المحتاج إليه 3/ 201 رقم 1231.
[3] انظر عن (معتوق بن أبي البقاء) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 458 رقم 1656.
[4] وقال المنذري: ومولده سنة إحدى أو اثنتين وثلاثين وخمسمائة.
[5] انظر عن (منصور بن ظافر) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 465، 466 رقم 1470.
[6] إلى هنا في التكملة للمنذري، وهو قال: إنه توفي غازيا بثغر دمياط.
[7] هذه العبارة ليست في التكملة، بل قال المنذري: سمعته يقول: مولدي سنة ثلاثين وخمسين(44/323)
423- ملكة خاتون [1] بنت السُّلْطَان الملك العادل.
والدة صاحب حَماة الملك المُظَفَّر.
تُوُفِّيت، فحزن عليها زوجها الملك المنصور حُزنًا زائدا، ولبس الحدّاد.
قَالَ ابن واصل: صلّيت عليها، ولي اثنتا عشرة سنة. وعمل السُّلْطَان الملك المنصور عزاءها بالتَّقويَّة [2] ظاهر حماة. فرأيته وَهُوَ كئيب حزين عَلَيْهِ الحداد:
ثوب أزرق، وعمامة زرقاء. فتكلّمت الوُعّاظ، وعُملت فيها المراثي.
[حرف النون]
424- النَّفيس بن أَبِي الكرم [3] بن عَليّ بن أَبِي سَعْد البَغْدَادِيّ، السَّرَّاج.
حَدَّثَ عن أَبِي الفَتْح بن البَطِّيّ.
[حرف الياء]
425- يَحْيَى بن الحَسَن بن عَليّ بن شيرزاد.
أَبُو الشرف الكاوانيّ، كاتب الإنشاء للسّلطان طُغْريل بن رسْلان السّلجوقيّ، سلطان عِراق العَجَم وأَذْرَبِيجَان.
كَانَ بارعا في الكتابة والإنشاء، والنّظم، والنَّثر، وَهُوَ مشهور بتلك الدّيار.
وَلَهُ ديوان شِعر، ومن شعره:
قل للعُذَيْب إذا رَأَيْت الضَّالا ... يهتزُّ مِن مرِّ النَّسيم شِمالًا
روَّاك مِن ماء الغَمَامِ سُلافةً ... وسقاك نوء المرزمين [4] سجالا
__________
[ () ] وخمسمائة في سابع عشر ذي الحجة بالإسكندرية 2/ 466.
[1] انظر عن (ملكة خاتون) في: مفرّج الكروب 4/ 65.
[2] زعم الدكتور محمد حسنين ربيع محقّق (مفرّج الكروب) أن «التقوية» هي تصحيف، والصحيح «المنصورية» ، فأخطأ ولم يصب. بل هي «المدرسة التقوية» نسبة إلى بانيها الملك المظفَّر تقيُّ الدِّين عُمَر بْن شاهنشاه بْن أيّوب. (انظر: الدارس في تاريخ المدارس 1/ 162، 163) .
[3] انظر عن (النفيس بن أبي الكرم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 489 رقم 1723، والمختصر المحتاج إليه 3/ 216 رقم 1267.
[4] المرزمان: نجمان من نجوم المطر.(44/324)
426- يَحْيَى ابن النَّحْوِيّ الكبير سَعِيد [1] بن المبارك ابن الدَّهَّان.
أَبُو زكريّا المَوْصِليّ، النَّحْوِيّ.
لَهُ شِعر حسنٌ. وَكَانَ شيخَ رباطٍ بالمَوْصِل.
تُوُفِّي في ربيع الآخر.
427- يَحْيَى بن الْقَاسِم [2] بن غنائم البغداديّ البزّاز.
روى عن أبي محمد ابن المادح.
ومات في ربيع الآخر.
428- يَحْيَى بن الْقَاسِم بن مفرّج [3] بن درع [4] بن خضر.
الفقيه أَبُو زكريّا تاج الدِّين الثَّعْلَبِيّ، التَّكْرِيتيّ، الشَّافِعِيّ.
وُلِدَ بتكريت سنة إحدى وثلاثين [5] .
وتَفَقَّه عَلَى أَبِيهِ، وببغداد عَلَى الشَّيْخ أَبِي النَّجِيب، وأبي المحاسن بن بندار.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن سعيد) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 463 رقم 1666، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة ورقة 265، وبغية الوعاة 2/ 334.
[2] انظر عن (يحيى بن القاسم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 462 رقم 1664، والمختصر المحتاج إليه 3/ 247 رقم 357.
[3] انظر عن (يحيى بن القاسم بن مفرّج) في: معجم الأدباء 20/ 29، 30 رقم 12، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 478 رقم 1696، وذيل الروضتين 120، 121، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 608، والمشتبه 1/ 115، والمختصر المحتاج إليه 3/ 247 رقم 1356، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 313، 314 رقم 287، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 149، 150 (8/ 356، 357) ، وطبقات الشافعية لابن كثير. ورقة 160 أ، ب، والبداية والنهاية 13/ 86 وفيه وقع «الفرج» ، وهو تحريف، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 77، 78، وتوضيح المشتبه 2/ 52، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة ورقة 266، 267، وعقد الجمان 17/ ورقة 397، 398، وطبقات الشافعية لابن عبد الهادي، ورقة 109، 110، وبغية الوعاة 2/ 339.
[4] وقع في معجم الأدباء 20/ 29 «ورع» .
[5] خالف ياقوت فقال: ولادته سنة إحدى وعشرين وخمسمائة. (معجم الأدباء 20/ 30) .(44/325)
وقرأ العربية على أبي محمد ابن الخَشَّاب. وصار من بحور العلم، مَعَ الصّلاح والمراقبة، والانقطاع [1] .
وَسَمِعَ من: أبيه، ومن أَبِي الفَتْح بن البَطِّيّ، وأبي النَّجِيب السُّهْرَوَرْدي، وسلامة ابن الصَّدر.
وولي القضاء بتَكْريت، ثُمَّ ولي التدريس بالنّظامية ببغداد. وكان من كبار الشافعية.
__________
[1] وقال ياقوت: إمام من أئمة المسلمين وحبر من أحبارهم، كامل، فاضل، فقيه، قارئ، مفسّر، نحويّ، لغويّ، عروضيّ، شاعر.
ومن نظمه في ألف الأمر:
لألف الأمر ضروب تنحصر ... في الفتح والضمّ وأخرى تنكسر
فالفتح فيما كان من رباعي ... نحو أجب يا زيد صوت الداعي
والضمّ فيما ضمّ بعد الثاني ... من فعله المستقبل الزمان
والكسر فيما منهما تخلّى ... إن زاد عن أربعة أو قلّا
(معجم الأدباء 20/ 29 و 30) .
وقال سبط ابن الجوزي: ولي منه إجازة، ومن شعره:
كم يأمل المرء آمالا تخلفه ... وكم يرى آمنا والموت يردفه
وطال ما سلك الإنسان شاكلة ... يظنّ فيها نجاة وهي تتلفه
(مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 608) ووقع في ذيل الروضتين 121: «هي تقتله» وهو غلط.
ونقل الإسنوي عن ابن النجار قوله: كان آخر من بقي من المشايخ المشار إليهم في معرفة المذهب والأصلين واللغة والأدب، وكان أحفظ أهل زمانه لتفسير القرآن، ومعرفة علومه، مجوّد التلاوة، عارفا بالقراءة ووجوهها، وله الكلام الحسن في المناظرة مع الصلاح والمراقبة، والعبارة الفصيحة ... وصنّف في المذهب والخلاف والأدب.
ومن شعره:
لا بدّ للمرء من ضيق سعة ... ومن سرور يوافيه ومن حزن
فما على شدة يبقى الزمان يكن ... ولا على نعمة تبقى على الزمن
وقال: وله أيضا:
إن كان قاضي الهوى عليّ ولي ... ما جار في الحكم من علي ولي
يا يوسفيّ الجمال عندك لم ... تبق لي حيلة من الحيل
إن كان قدّ القميص من دبر ... ففيك قدّ الفؤاد من قبل
(البداية والنهاية 13/ 86) .(44/326)
وقرأ بالمَوْصِل القرآن عَلَى ابن سَعْدُون القُرْطُبيّ.
429- يَحْيَى بن أَبِي بَكْر [1] عَبْد اللَّه بن أعزّ بن عُمَر.
أَبُو زكريّا السُّهْرَوَرْدي.
سمَّعه أَبُوه من أَبِي الوَقْت.
وَحَدَّثَ.
وَتُوُفِّي في جمادى الأولى.
430- يحيى بن منصور [2] ابن الجرَّاح.
الرئيس تاجُ الدِّين أَبُو الحُسَيْن الكاتب.
خدم مُدَّة طويلة في ديوان الإنشاء بمصر. وكتب الخطّ الفائق، وَقَالَ الشعر الرائق.
وَسَمِعَ من السِّلَفيّ، وَحَدَّثَ.
ومن شِعره:
أمُدُّ كفِّي إلى البيضاءِ أقْلعُها ... مِن لحيتي فتُفدِّيها بسوْداءِ
هذي يدي وَهِيَ منّي لَا تُطاوعني ... عَلَى مُرادي فما ظنِّي بأعدائي [3]
تُوُفِّي في خامس شعبان، وَلَهُ خمسُ وسبعون سنة. مات عَلَى حصار دِمْيَاط.
[الكنى]
431- أُمّ العزّ بنت مُحَمَّد بن عليّ أبي غالب العبدريّ الدّانيّ.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن أبي بكر) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 466 رقم 1672، والمختصر المحتاج إليه 3/ 244 رقم 1347.
[2] انظر عن (يحيى بن منصور) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 472، 473 رقم 1685، وتاريخ إربل 1/ 295، ووفيات الأعيان 6/ 254- 258 رقم 810، وعقود الجمان لابن الشعار 10/ ورقة 98، وسير أعلام النبلاء 22/ 200، 101 رقم 73، وشذرات الذهب 5/ 71، 72.
[3] وفيات الأعيان 6/ 257.(44/327)
قرأت «صحيح» البُخَارِي عَلَى أبيها مَرّتين، وروت عَنْهُ، وعن أَبِي الطّيّب بن بِرِنْجال، وعن زوجها أَبِي الحَسَن بن الزُّبَيْر.
وكانت تُحسن القراءات السَّبع. قاله الْأبَّار.
وفيها وُلِدَ
الملك الحَافِظ مُحَمَّد بن شاهنشاه بن بهرام شاه.
العماد عَبْد الله بن الصّائن مُحَمَّد بن الحَسَن الزِّرْزَارِي، الشَّافِعِيّ.
والعماد يونس بن عَليّ بن فرسق.
والكمال أَبُو غالب هبة اللَّه بن عَليّ السَّامّرِّيّ، ويروي عن محاسن الخزائنيّ.
والسيف عليّ ابن الرّضي الحَنْبَلِيّ.
والعَفيف التِّلْمِسَانيّ الشَّاعِر، سُلَيْمَان بن عَليّ.
والشرف عَبْد الكريم بن مُحَمَّد بن المغيزل الحَمَوِيّ.
وعَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ المرّاكشيّ.
وغازي بن أيّوب المشطوبيّ.
والبهاء سليمان بن عَبْد اللَّه البَهْرانيّ.
والعماد إسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن سلطان، فقيه بيت نائل، الرجل الصالح.
والحكيم يوسف بن كوركيك.
والبدر عَبْد الله بن أحمد بن الفخر ابن الشّيرجيّ.
والشيخ محمد بن أبي بكر ابن الطبل المَقْبُرِي، وَقِيلَ: سنة إحدى عشرة.(44/328)
سنة سبع عشرة وستمائة
[حرف الألف]
432- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه [1] بْن عَلْوان بن عَبْد اللَّه بن عَلْوان بن رافع.
أَبُو العَبَّاس ابن الْأستاذ، الْأَسَدِيّ الحَلَبِيّ.
تُوُفِّي بحلب. ومولده في حدود سنة أربعين خمسمائة.
433- أَحْمَد بن محمود بن مواهب بن عُبَيْد اللَّه.
أَبُو العَبَّاس، الوَزَّان.
تُوُفِّي في جُمَادَى الآخرة.
434- إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب [2] بن يوسف بن عَبْد المؤمن بن عَليّ القَيْسِيّ.
وزَرَ لأخيه السُّلْطَان أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد.
قَالَ عَبْد الواحد بن عَليّ في «تاريخه» : هُوَ كَانَ أخلق بالمُلك من أَبِي عَبْد اللَّه. وَكَانَ لي محبا، وصل إلي منه أموال وخلع جمَّةٌ أيام ولايته. عَلَى إمْرة إشْبيلية. ولي فيه قصائد منها:
لكُمُ عَلَى هَذَا الوَرَى التقديم ... وعليهم التفويض والتسليم
الله أعلاكم وأعلى أمره ... بكم وأنف الحاسدين رغيم
أحييتم المنصور فهو كأنه ... لم تفتقده معالم ورسوم [3]
ومنابر ومحارب ومحابر ... وحمى يحاط وأرمل ويتيم
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الله) في: بغية الطلب (المصوّر) 2/ 241 رقم 120.
[2] انظر عن (إبراهيم بن يعقوب) في: المعجب 387- 389.
[3] في المعجب: «وعلوم» .(44/329)
وآخر ما فارقته، وَهُوَ متولّي إشبيلية في سنة ثلاث عشرة ستّمائة، وبلغني موته سنة سبع عشرة. قَالَ: ولم أرَ في العُلَمَاء بالحديث أنقل منه للأثر. كَانَ يذهب مذهب أَبِيهِ في الظَّاهرية.
435- إِبْرَاهِيم، الملك الفائز [1] .
أَبُو إِسْحَاق، ابن السُّلْطَان الملك العادل أَبِي بَكْر بن أيّوب.
أقام بالدّيار المصريّة مُدَّة، وبعثه الملكُ الكامل أخوهُ إلى الشّرق يستنجد بأخيه الملك الأشرف، فأدركه أجله بسنجار. فيقال: إِنَّهُ سُمّ، ودُفن بمدرسة والدة قطب الدِّين صاحب سِنْجار، ثُمَّ أَخْرَجَهُ منها إلى ظاهر البلد بعد ذَلِكَ بدر الدِّين لؤلؤ صاحب المَوْصِل.
436- إسْمَاعِيل بن عُثْمَان بن إسْمَاعِيل بن أَبِي الْقَاسِم بن أَبِي بَكْر.
أَبُو النَّجِيب القارئ النَّيْسَابُوري.
رَوَى عن: وجيه الشَّحَّامِيّ، وَأَبِي تمّام ابن المُؤيَّد باللَّه الهاشِمِيّ، وأبي الْأسعد القُشَيْريّ.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ البِرْزَاليّ، وَالضِّيَاء المقدسيّ، وجماعة.
وأجاز للشرف ابن عساكر، والتاج بن عَصْرون، وزينب بنت كندي، وجماعة.
عُدِمَ في آخرها، أَوْ في أَوَّل سنة ثمان عشرة في الكائنة العظمى عَلَى أهل خُرَاسَان من التَّتَار. وَكَانَ مولده في جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين وخمسمائة.
__________
[1] انظر عن (الملك الفائز) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 611، والتاريخ المنصوري 79، وذيل الروضتين 122، 123، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 29، 30 رقم 1775، والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 157، ومفرّج الكروب 4/ 68، وتلخيص مجمع الآداب ج 4/ رقم 1859، والدر المطلوب 208، والوافي بالوفيات 6/ 125 رقم 2559، والبداية والنهاية 13/ 92، والمقفى الكبير 1/ 292، 293 رقم 339، والنجوم الزاهرة 6/ 230 و 249، وشفاء القلوب 275، والدارس 1/ 319، وترويح القلوب 61.(44/330)
437- أقباش [1] الخَليفتيّ النّاصريّ.
حجّ بالرَّكب العِرَاقيّ ومعه تقليد لحسن بن قَتَادَة بعد موت أَبِيهِ، فجاءه راجح أخو حَسَن، وَقَالَ: أَنَا أكبر وُلِدَ قَتَادَة فولِّني، فلم يُجبه، وظنّ حسن أَنَّ أقباش قد ولَّى راجحا، فأغلق أبواب مَكَّة، ونزل أقباش عَلَى باب شُبيكة، ثُمَّ ركب ليسكّن الفتنة، فخرجَ عَبيد حسن يقاتلونه، فَقَالَ: ما قصدي القتال، فلم يلتفتوا، وحملوا عَلَيْهِ، فانهزم أصحابه، وبقي هُوَ وحده، فجاءه عبْدٌ فعَرْقَب فرَسَهُ، فوقع، فقتلوه، وحملوه إلى حسن، فنَصَب رأسه عَلَى رُمحٍ بالمَسْعَى.
وأراد حسن نهب العراقيّين، فقام في الْأمر الْأمير المُعْتَمِد أمير الشاميين، وخَوَّفه من الكامل والمُعَظَّم.
وَكَانَ أقباش قد اشتراه الخليفة وَهُوَ أمرد بخمسة آلاف دينار، ولم يكن بالعراق أحسن منه. وَكَانَ ذا منزلة عالية من النّاصر لدين اللَّه، فحزن عَلَيْهِ حُزْنًا عظيما. وكان عاقلا. متواضعا. ولم يخرج الموكب لتلقّي الركْب، حُزنًا عَلَيْهِ، وأدخل الكُوَس والعَلَم في اللّيل.
438- أكمل بْن أَحْمَد [2] بْن مَسْعُود بْن عَبْد الواحد بْن مَطر.
الشريف أَبُو أَحْمَد الهاشِمِيّ البَغْدَادِيّ.
حَدَّثَ عن: أَبِي الوَقْت، وغيره.
ومات في شعبان.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي.
439- أنجب بن أبي منصور [3] البغداديّ اللّبّان.
__________
[1] انظر عن (أقباش) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 610، 611، وذيل الروضتين 123، 124.
[2] انظر عن (أكمل بن أحمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 273، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 19، 20 رقم 1755.
[3] انظر عن (أنجب بن أبي منصور) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 31 رقم 1778 ولم يزد على ذكر وفاته.(44/331)
أَبُو عَبْد اللَّه سَمِعَ من عَبْد الحقّ اليوسفيّ.
رَوَى عَنْهُ ابن النَّجَّار في «تاريخه» ، ووصفه بالصلاح، وَأَنَّهُ تُوُفِّي سنة 617.
[حرف الحاء]
440- الحسن بن أبي المكارم [1] .
القاضي موفّق الدّين ابن الدّيباجيّ، المَصْرِيّ، الكاتب بديوان الإنشاء الكامليّ.
توجّه رسولا، وعادَ فأدركه أجلُهُ بدمشق في رجب.
وَلَهُ شِعر حسن.
441- الحَسَن بن عَليّ بن محفوظ [2] بن صَصْرَى.
أَبُو مُحَمَّد التّغلبيّ، الدِّمَشْقِيّ، جدّ شيخنا النّجم أَحْمَد بن مُحَمَّد.
سَمِعَ من: أبي القاسم الحافظ، وغيره.
وحدّث.
وَتُوُفِّي في منتصف المحرّم، ودفن بسفح قاسيون.
442- الحَسَن بن عَليّ بن حمزة [3] بن صالح السُّلَمِيّ الدِّمَشْقِيّ.
حَدَّثَ عن: عَليّ بن أَحْمَد الحَرَسْتَاني، وعَليِّ بن مهدي الهِلالي.
وُلِدَ سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. ومات بالعُقَيبة في شعبان.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ البرزاليّ، وغيره.
__________
[1] انظر عن (الحسن بن أبي المكارم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 18، 19 رقم 1753، وبغية الطلب (المصوّر) 5/ 310 رقم 675، والوافي بالوفيات 11/ 398 رقم 572، والمقفى الكبير 3/ 65 رقم 1186، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 22.
[2] انظر عن (الحسن بن علي بن محفوظ) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 7 رقم 1724.
[3] انظر عن (الحسن بن علي بن حمزة) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 20 رقم 1757.(44/332)
443- الحَسَن ابن الإِمَام المفتي [1] أَبِي نصر مُحَمَّد بن عَليّ ابن الوزير أَحْمَد ابن الوزير الكبير نظام المُلك أَبِي عَليّ.
الطُّوسِيّ الْأصل، البَغْدَادِيّ، أَبُو عَليّ.
وُلِدَ تقريبا سنة اثنتين وأربعين خمسمائة.
وتَفَقَّه عَلَى والده. وَسَمِعَ من: أَبِي الوَقْت، وَأَبِي جَعْفَر العَبَّاسيّ.
ووَليَ نظر مدرستهم النِّظامية.
ومات في ذي القِعْدَة.
444- الحَسَن بن مُظَفَّر بن عَليّ بن مَطَر الْأَنْصَارِيّ.
أَبُو عَليّ المَوْصِليّ.
حَدَّثَ في هذه السنة بدمشق عن: خديجة بنت النَّهْرَوَانِيّ، وشُهدة.
وُلِدَ سنة تسع وثلاثين خمسمائة.
رَوَى عَنْهُ: ابن الحاجب، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، وَأَبُو بكر ابن الْأَنْمَاطِي.
445- الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد.
أَبُو عَلِيّ ابن المالقيّ، الْأَنْصَارِيّ الفقيه، قاضي قُرْطُبَة.
سَمِعَ: أَبَا مُحَمَّد بن عُبَيْد اللَّه الحَجْريّ، وأبا عَبْد الله ابن الفخّار.
وأخذ العربية عن الْأستاذ أَبِي عَبْد اللَّه بن الدَّرَّاج. وأجازَ لَهُ أَبُو بَكْر بن الجدّ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابن الطَّيْلَسَان، وغيره.
ونزلَ مَرَّاكُش. وَتُوُفِّي كَهْلًا.
446- الحُسَيْن بن أَبِي بَكْر [2] أَحْمَد بن الحسين.
__________
[1] انظر عن (الحسن بن المفتي) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 16، 17، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 27، 28 رقم 1769، والمختصر المحتاج إليه 2/ 24 رقم 593، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/ 142، والعقد المذهب لابن الملقن ورقة 232.
[2] انظر عن (الحسين بن أبي بكر) في: إكمال الإكمال لابن نقطة (الظاهرية) مادة «الخياري» ، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 24، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 611، 612، وذيل الروضتين 124،(44/333)
أبوَ عَبْد اللَّه البَغْدَادِيّ، الغَزّال، ويعرف بابن الخياريّ [1] .
سمع من: سعيد ابن البَنَّاء، وأبي الوقت، وَعُمَر الحَرْبِيّ.
وَحَدَّثَ.
ومات في ثامن عشر رمضان.
رَوَى عَنْهُ: البِرْزَاليّ، وجماعة [2] .
[حرف السين]
447- سَعِيد بن أَحْمَد [3] بن عَليّ، أَبُو منصور البَصْرِيّ المالكيّ.
الشَّيْخ الصالح المعروف بابن محاوش [4] .
__________
[ () ] وتاريخ إربل 1/ 277، والمختصر المحتاج إليه 2/ 33، 34 رقم 609، والمشتبه 1/ 179 و 275، وتلخيص مجمع الآداب 3/ 581 و 5/ رقم 1928، وتوضيح المشتبه 2/ 462 و 3/ 477، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 24، 25 رقم 1761، وعقد الجمان 17/ ورقة 408، وتاج العروس 3/ 196.
[1] الخياري: بالخاء المعجمة والياء آخر الحروف، وراء مهملة نسبة إلى بيع الخيار. وقد تصحفت هذه النسبة في: مرآة الزمان إلى: المياري، وفي التلخيص 3/ رقم 581 إلى: الحياري، وفي ذيل الروضتين إلى: الخبازي.
[2] ومن شعره:
طلب العلم فات أول عمري ... في زمان بالكسب كان اشتغالي
فتسلّيت بالمجاميع عنه ... وتنزّهت في عقول الرجال
جهلت العلم في زمن التصابي ... ودمت على البطالة والتواني
فأطفأت الجهالة نور فهمي ... وقصّر عن تداركها زماني
فلو أني سعدت بحفظ علم ... يثقّفني ويطلق من لساني
تبيّنت الفوارس منه طرفا ... مراح السّيب منعوت العنان
وله أيضا:
الزهد والعفّة أخلاقه ... فهو بها ما زال معروفا
فمن رآه ورأى سمته ... كمن رأى بشرا ومعروفا
طلاقة الوجه وإيثاره ... قد جمعا بشرا ومعروفا
(تاريخ إربل 1/ 277، 278) .
[3] انظر عن (سعيد بن أحمد) في: التقييد لابن نقطة 291، 292 رقم 351، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 194، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 20، 21 ورقة 1758، والمختصر المحتاج إليه 2/ 92، 93 رقم 699.
[4] قيّده المنذري: محاوش: بفتح الميم والحاء المهملة المفتوحة وبعد الألف وواو مكسورة وشين(44/334)
حدّث ب «سنن» أَبِي دَاوُد عن الشريف أَبِي طَالِب مُحَمَّد بن مُحَمَّد العَلَويّ، من غير أصل. وَحَدَّثَ عن: طلحة بن عَليّ المالكيّ، وعَليِّ بن عَبْد الملك الواعظ، وَإِبْرَاهِيم بن عطية الإِمَام.
وكان مولده في سنة ثلاث وثلاثين خمسمائة. ومات بالبصرة في شعبان، أَوْ رمضان.
وذكره ابن نُقْطَة فَقَالَ: «سَعِيد بن عَليّ بن أَحْمَد [1] » هكذا.
سَمِعَ مَعَ أخيه لأمّه عَليّ ابن المعلّمة [2] ، وسمع «المقامات» من ابن الحريريّ، عن أَبِيهِ. ومات في أوائل رمضان [3] .
448- سَعِيد [4] بن طاهر بن عَليّ بن المُؤيَّد بن رضوان.
الفقيه أَبُو الشُّكر البَلْخِيّ ثُمَّ الوَاسِطِيّ، نزيل بَغْدَاد.
وُلِدَ سنة خمس وثلاثين بواسِط.
وصحب صَدَقَة بن وزير الواعظ، وَقَدِمَ بَغْدَاد معه. وتَفَقَّه عَلَى مذهب الشَّافِعِيّ.
وَسَمِعَ من: أَحْمَد بن المبارك بن قَفَرجل، وأبي الحَسَن بن غَبْرة، وابن البَطِّيّ.
ومات في جُمَادَى الأولى.
__________
[ () ] معجمة. (التكملة 3/ 21) .
[1] المذكور في (التقييد) المطبوع: «سعيد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن الزبير بن روح» .
[2] هو: أبو الحسن علي بن الحسن بن إسماعيل البصري، ويعرف بابن المعلّمة. توفي سنة 599 هـ.
[3] في التكملة للمنذري 3/ 20 مات في العشر الأول من رمضان.
وفي التقييد لابن نقطة 291، 292 قال: وحدّثني عبد الرحمن بن فاضل الإسكندراني أنه توفي بالبصرة وهو بها في يوم الاثنين سادس عشرين شعبان من سنة سبع عشرة وستمائة.
وقال لنا القاضي أبو السعود محمد بن محمد بن جعفر الفقيه بالبصرة وكتب لي بخطه: ما رأينا سماع الشيخ أبي منصور على كتاب «السنين» ، إلا أنه ذكر أنه سمعه مرتين، وما ادّعاه ممكن، وما وقفنا على ثبت له فيه سماعه والنسخة التي قرئت على النقيب ذهبت أيضا.
[4] هكذا في الأصل «سعيد» بالياء بعد العين. وهو «سعد» في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 62، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 14 رقم 1743، والمختصر المحتاج إليه 2/ 84، 85 رقم 687.(44/335)
[حرف الصاد]
449- صَدَقة بن مكارم [1] بن شجاع الرَّقِّيّ.
حَدَّثَ عن الحَسَن بن جَعْفَر المُتوكليّ.
ومات في صفر.
[حرف الطاء]
450- الطَّاهر [2] ، زكيّ الدِّين أَبُو العَبَّاس، قاضي القضاة ابن قاضي القضاة محيي الدِّين أَبِي المعالي مُحَمَّد ابن قاضي القضاة زكيّ الدِّين أَبِي الحَسَن عَليّ ابن قاضي القضاة المنتجب أَبِي المعالي مُحَمَّد بن يَحْيَى القُرَشِيّ، الدِّمَشْقِيّ، الشَّافِعِيّ.
ولي القضاء مرّتين، قبل ابن الحَرَسْتَاني، وبعده. وَكَانَ مُعرّقًا في القضاء، رئيسا، نبيلا، مُحتشمًا، عالما، ماضي الأحكام. ألبسه في العام الماضي الملك المُعَظَّم القباء والكلوتة بمجلس حُكْمه بداره.
قال أبو المظفّر ابن الْجَوْزيّ [3] : كَانَ في قلبه منه حزازات يمنعه من إظهارها حياؤه من والده الملك العادل، وشكى إليَّ منه مرارا. ومرضت ستُّ الشَّام عمَّة المُعَظَّم فأوصت بدارها مدرسة، فأحضرت قاضي القضاة زكيّ الدِّين الطّاهر، والشهود، وأوصت إلى القاضي. وبلغَ ذَلِكَ المُعَظَّم فعزَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ:
يحضر إلى دار عمّتي بغير إذني، ويسمع كلامها. واتّفق أنّ القاضي زكيّ الدّين
__________
[1] انظر عن (صدقة بن مكارم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 9 رقم 1728.
[2] انظر عن (الطاهر) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 604، وذيل الروضتين 117- 119، (في وفيات سنة 666 هـ) ، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 8، 9 رقم 1727، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 250، 251، والعبر 5/ 67، ودول الإسلام 2/ 120، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 58 (8/ 153، 154) ، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 157 ب، والوافي بالوفيات 17/ 408، 409 رقم 444، والبداية والنهاية 13/ 84، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 22، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 269، في وفيات سنة 616 هـ. والقضاة الشافعية بدمشق للنعيمي، ورقة 55- 59، وشذرات الذهب 5/ 73.
[3] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 604 وما بعدها.(44/336)
أحضر جابي العزيزية، وطلب الحساب، فأغلظ لَهُ في الخَطَّاب، فأمر بضربه بين يديه كما يفعل الولاة. فوجد المُعَظَّم سبيلا إلى إظهار ما في نفسه. وَكَانَ الجمال المَصْرِيّ وكيل بيت المال عدوا للقاضي، فجاء فجلس عند القاضي والشهود حاضرون، فبعث المعظم بقجة فيها قباء وكَلوتَه، وأمره أن يحكم بين النَّاس وهما عليه، فقام ولبسها، وحكم بين اثنين.
قَالَ أَبُو شامة [1] : والجابي المذكور هُوَ السديد سالم بن عَبْد الرَّزَّاق، خطيب عَقربا، وجاء الَّذِي لبّسه الخِلعة إلى عند شيخنا السَّخَاويّ، فحدَّثه، فتأوّه شيخنا، فضرب بيده عَلَى الْأخرى. فَكَانَ ممّا حكى، قَالَ: أمرني السلطان أن أقول له:
السلطان يسلم عليك، وَيَقُولُ لك: إِنَّ الخليفة سلام اللَّه عليه، إذا أراد أن يشرف أحدا خلع عَلَيْهِ من ملابسِه، وَنَحْنُ نسلك طريقه، وقد أرسل إليك من ملابسه، وأمَرَ أن تحكم بها. وفتحتُ البُقْجَة، فَلَمَّا نظر إليها وَجَم، فأمرته بترك التوقف، فمد يده، ووضع القباء على كتفيه، ووضع عمامته وحط الكلوتة على رأسه، ثُمَّ قام، ودخل بيته.
قَالَ أَبُو شامة [2] : ومِن لُطف اللَّه بِهِ أنْ كَانَ مجلس الحكم في داره، ثُمَّ لزِم بيته، ولم تُطْل حياته بعدها، ومات في صفر. رمى قطعا من كبده، وتأسف الناس لما جرى عليه. وكان يحب أهل الخير، ويزور الصالحين. وبقي نوابه يحكمون بين النَّاس بالجامع: القاضي شمسُ الدّين أَبُو نصرٍ ابْن الشّيرازيّ، والقاضي شمس الدّين ابن سَنيّ الدَّوْلَة، وَكَانَ ابن سَنيّ الدَّوْلَة يجلس للحكم بشبّاك الكلّاسة، والنّائب الثالث شرف الدِّين ابن المَوْصِليّ الحَنَفِيّ، وَكَانَ يحكم بالطَّرْخانية بجَيْرون، ثُمَّ بعد مُدَّة أضيف إليهم الجمال المَصْرِيّ.
قَالَ أبو المظفّر ابن الْجَوْزيّ [3] : وكانت واقعة قبيحة، ولقد قُلْتُ لَهُ يوما:
ما فعلت إِلَّا بصاحب الشرع؟ ولقد وجب عليك دية القاضي. فقال: هو أحوجني
__________
[1] في ذيل الروضتين 117، 118.
[2] المصدر نفسه 118.
[3] في المرآة 8/ 605، وقد سبق للمؤلف- رحمه الله- أن ذكر هذا الخبر في حوادث 616 هـ.(44/337)
إلى هذا، ولقد ندمت. واتفق أن المعظم بعث إلى الشرف بن عنين، حين تزهد خمرا ونردا، وقال: سبح بهذا، فكتب إليه:
يا أيُّها المَلِكُ المُعَظَّم سُنَّةً ... أحدَثْتَها تبقى عَلَى الآباد
تجري المُلُوك عَلَى طَرِيقكَ بعدَها ... خَلْع القُضاة وتُحفةُ الزهَّاد [1]
تُوُفِّي في الثالث والعشرين من صفر، ودُفن بتربتهم بسفح قاسيُون.
[حرف العين]
- عبد الله بن أحمد بن مَسْعُود بن مطر الهاشِمِيّ.
هُوَ: الْأكمل [2] .
451- عَبْد اللَّه بن عُثْمَان بن جَعْفَر بن مُحَمَّد اليونِينيّ [3] الزّاهد.
أسد الشَّام، رحمة اللَّه عَلَيْهِ.
كَانَ شيخا طُوالًا مهيبا، حادّ الحال، كأنّه نار. كَانَ يقوم نصف اللّيل إلى الفُقراء، فمن رآه نائما ضربه، وَكَانَ لَهُ عصاة اسمها العافية.
حكى الشَّيْخ عَبْد اللَّه بن شكر اليونينيّ قال: كان الشيخ- رحمه اللَّه- في شبوبيّته قد انقطع في الجبل، وكانت أختُه تأتيه كلّ يوم بقُرص وبيْضَتين، فأتته بذلك مرّة، وَإِذَا بفقيرٍ قد خرجَ من عنده ومعه قرص وبيضتان، فَقَالَتْ لَهُ: من أَيْنَ لك هَذَا؟ قَالَ: من ذاك القاعد، لَهُ شهر كلّ يوم يعطيني قرصا وبيضتين. فأتته وسَأَلْتُهُ، فنهرها، وزعق فيها.
__________
[1] البيتان في ذيل الروضتين 118، ونهاية الأرب 29/ 100، والبداية والنهاية 13/ 84، وتاريخ الخلفاء 457.
[2] تقدّم برقم 439.
[3] انظر عن (عبد الله بن عثمان اليونيني) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 612- 617، وذيل الروضتين 125- 128، ونهاية الأرب 29/ 111- 113، والإشارة إلى وفيات الأعيان 323، ودول الإسلام 2/ 121، والعبر 5/ 67، 68، وسير أعلام النبلاء 22/ 101- 103 رقم 74، ومرآة الجنان 4/ 38، والبداية والنهاية 13/ 93، 94، والوافي بالوفيات 17/ 316 رقم 267، وعقد الجمان 17/ ورقة 408، 409، والعسجد المسبوك 2/ 381، والنجوم الزاهرة 6/ 249، وشذرات الذهب 5/ 73- 75، وجامع كرامات الأولياء 2/ 234- 237، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (تأليفنا) ق 2 ج 2/ 363- 368 رقم 606.(44/338)
قُلْتُ: وَكَانَ أمّارا بالمعروف نَهّاء عن المُنكر، شُجاعًا، صاحب سلاح [1] ظاهر وباطن، مقبلا على شأنه، مجدّا لَا يفتر، حاضرَ القلب، دائمَ الذكر، لا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ. وَكَانَ من حين اشتدّ يخرج وينطرح في شَعراء [2] يونين، فَإِذَا رآه السَّفّارة حملوه إلى أمّه، وكانت امْرَأَة صالحة. فَلَمَّا انتشى كَانَ يتعبّد بجبل لبنان. وَكَانَ كثير الغزو أيام السُّلْطَان صلاح الدِّين.
وقد جمع مناقبه خطيب زملكا أبو محمد عبد الله ابن العزّ عُمَر المَقْدِسِيّ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي الشَّيْخ إسرائيل، عن الشَّيْخ عَليّ القصّار، قَالَ: كُنْت إِذَا رَأَيْت الشَّيْخ عَبْد اللَّه أهابه، كَأَنَّهُ أسد، فَإِذَا دنوت منه وددت أنّي أشقّ قلبي وأجعله فيه.
قَالَ ابن العزّ: وَحَدَّثَنِي الزَّاهد خليل بن عَبْد الغنيّ بن مُقلّد، قَالَ: كُنْت بحلقة الحنابلة إلى جانب الشَّيْخ عَبْد اللَّه، فقام ومعه خادمه توبة إلى الكلّاسة، ليتوضّأ، وإذا برجل متختّلٍ يفرّق ذهبا، فَلَمَّا وصل إليَّ أعطاني خمسة دنانير، وَقَالَ: أين سيّدي الشَّيْخ؟ قُلْتُ: يتوضّأ. فجعل تحت سجّادته ذهبا، وَقَالَ: إِذَا جاء قل لَهُ: مملوكك أَبُو بَكْر التَّكْرِيتيّ يُسلّم عليك، ويشتهي تدعو لَهُ. فجاء الشَّيْخ وَأَنَا ألعب بالذّهب في عُبي، ثُمَّ ذكرتُ لَهُ قول الرجل، فَقَالَ توبة: من ذا يا سيدي؟ قَالَ: صاحب دمشق، وَإِذَا بِهِ قد رجع، ووقف قُدّام الشَّيْخ، وَالشَّيْخ يُصلي، فَلَمَّا سلّم أخذ السِّواك ودفع بِهِ الذَّهَب، وَقَالَ: يا أَبَا بَكْر، كيف أدعو لك والخُمور دائرة في دمشق؟ وتغزل امْرَأَة وقيَّةُ تبيعها فيؤخذ منها قرطيس؟ فَلَمَّا راحَ أبطلَ ذَلِكَ، وَكَانَ الملك العادل.
قَالَ ابن العزّ: وَأَخْبَرَنِي المُعَمَّر مُحَمَّد بن أَبِي الفضل، قَالَ: كُنْت عند الشيخ وقد جاء إليه المُعَظَّم، فَلَمَّا جلس عنده، قَالَ: يا سيّدي ادعُ لي. قَالَ يا عيسى لَا تكن نحس [3] مثل أبيك. فَقَالَ: يا سيدي وَأَبِي كَانَ نحس. قَالَ: نعم،
__________
[1] هكذا بخط المؤلف- بالسين- ولعله أراد القول «صلاح» بالصاد فسبقه قلمه.
[2] الشعراء- بوزن الصحراء-: الشجرة الكثير.
[3] هكذا بخط المؤلف، وهي من كلام الشيخ، والصواب: نحسا.(44/339)
أظهر الزّغل [1] ، وأفسد عَلَى النَّاس المُعاملة، وما كَانَ محتاج. قَالَ: فَلَمَّا كَانَ الغد أخذ الملك المُعَظَّم ثلاثة آلاف دينار، وطلع إلى عند الشَّيْخ بها، وَقَالَ: هذه تشتري بها ضيعة للزاوية. فنظر إِلَيْهِ، وَقَالَ: قم يا ممتحن يا مبتدع، لَا أدعو اللَّه تنشقّ الْأرض وتبتلعك، ما قعدنا عَلَى السّجاجيد حَتَّى أغنانا، تحتي ساقية ذهب وساقية فضة! أَوْ كما قَالَ.
وَأَخْبَرَنِي إسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عن أَبِي طَالِب النَّجَّار، قَالَ: أنْكَر الشَّيْخ عَبْد اللَّه عَلَى صاحب بَعْلَبَكّ، وَكَانَ يسمّيه مُجَيد، فأرسل إليه الْأمجد يَقُولُ: إن كانت بَعْلَبَكّ لك فأشتهي أن تُطلقها لي، فلم يبلِّغه رَسُول الْأمجدِ ذَلِكَ.
قَالَ: وأخبرني الإِمَام أَبُو الحسن الموصليّ، قَالَ: حضرتُ مجلس الشَّيْخ الفقيه ببَعْلَبَكّ، وَهُوَ عَلَى المنبر، فسألوه أن يحكي شيئا من كرامات الشَّيْخ عَبْد اللَّه، فَقَالَ بصوتٍ جهير: كَانَ الشَّيْخ عَبْد اللَّه عظيم [2] ، كنتُ عنده، وقد ظهر من ناحية الجبل سحابة سوداء مظلمة، ظاهر منها العذاب، فَلَمَّا قرُبت قامَ الشَّيْخ وَقَالَ: إلى بلدي؟ ارجعي، فرجعت السّحابة. ولو لم أسمع هذه الحكاية من الفقيه ما صَدّقت.
حَدَّثَنِي الشَّيْخ إسرائيل، أَنَّ الشَّيْخ مُحَمَّدًا السَّكاكيني حدّثه، وَكَانَ لَا يكاد يفارق الشَّيْخ، قَالَ: دعاني إِنْسَان وألحّ عَليّ فأتيته، وخرجت في اللّيل من السُّور من عند عمود الراهب، وجئت إلى الزّاوية، فَإِذَا الشَّيْخ وَهُوَ يَقُولُ: يا مولاي، ترسل إليّ النَّاس في حوائجهم؟ من هُوَ أَنَا؟ اقضها أَنْتَ لهم يا مولاي، إِبْرَاهِيم النَّصْرَانيّ من جُبَّة بشري [3] يا مولاي، ودعا لَهُ، فبهتّ لِذَلِكَ، ونمتُ ثُمَّ قمتُ إلى الفَجْر، وبقيت يومئذ عنده. فَلَمَّا كَانَ اللّيل وَأَنَا خارج الزَّاوية، إذا بشخص
__________
[1] الزغل: العملة المغشوشة.
[2] هكذا بخط المؤلف في الأصل، والصواب: عظيما.
[3] في المطبوع من تاريخ الإسلام (الطبقة 62) ص 307 «بشرين» وهذا غلط، والصواب ما أثبتناه.
وبشري: بتشديد الراء وفي آخره الياء آخر الحروف. وهي بلدة بسفح جبال الأرز من شمال لبنان أهلها نصارى موارنة.(44/340)
فَقُلْتُ: أيش تعمل هنا؟ وَإِذَا بِهِ إِبْرَاهِيم النّصرانيّ،. قلت: أيش جا بك؟ قَالَ: أَيْنَ الشَّيْخ؟ قُلْتُ: يكون في المغارة. قَالَ: رَأَيْت البارحة رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النّوم، وَهُوَ يَقُولُ: تروح إلى الشَّيْخ عَبْد اللَّه، وتسلّم عَلَى يده فقد ينتفع فيك. فأتينا الشَّيْخ، وإذا بِهِ في المغارة، فقصّ على الشيخ الرؤيا، فترقرقت عينا الشَّيْخ بالدّموع، وَقَالَ: سمّاني رَسُول اللَّه صَلّى اللَّه عَلَيهِ وَسَلّمَ (شويخ) . فأسلم إِبْرَاهِيم، وجاء منه رجلا صالحا.
وَأَخْبَرَنِي العماد أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سَعْد، قَالَ: طلعنا جماعة إلى زيارة الشَّيْخ الفقيه مُحَمَّد، فَقُلْتُ: يا سيّدي، حَدَّثَنَا عن منام الشَّيْخ عَبْد الله الثقة، فقال: أخبرني الشَّيْخ عَبْد الله الثقة، قَالَ: كُنْت قد رَأَيْت من ثلاث عشرة سنة كأنّي في مكانٍ واسع مضيء، وفيه جماعة فيهم رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجِئْتُ إِلَيْهِ، وَقُلْتُ: يا رَسُول اللَّه خذ عليّ العَهْد، ومددت يدي إليه، فَقَالَ: بعد الشَّيْخ عَبْد اللَّه- أعدتها عَلَيْهِ ثلاثا- وَهُوَ يَقُولُ: بعد الشَّيْخ عَبْد اللَّه. فَلَمَّا كَانَ البارحة جاء إليَّ شخص وَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النوم، وهو يقول لي: قل لعبد اللَّه الثقة يخرج من المدينة وإلا يُمْسَك. قُلْتُ: يا رَسُول اللَّه، ما يُصدِّقني؟
قَالَ: قل لَهُ بعلامة ما رآني وَقَالَ لي: خذ عَليّ العهد، فَقُلْتُ لَهُ: بعد الشَّيْخ عَبْد اللَّه. قَالَ: ولو لم يرَ لي هَذَا المنام، ما أعلمت بمنامي أحدا. قَالَ: فَقُلْتُ:
ما بعد هَذَا شيء، أخرج، قَالَ: فمُسك بعد أيام. أَوْ ما هَذَا معناه.
أَخْبَرَنِي الشيخ إسرائيل، حَدَّثَنِي عَبْد الصَّمَد. قَالَ: وَالَّذِي لَا إله إِلَّا هُوَ مُذ خدمتُ الشَّيْخ عَبْد اللَّه ما رأيته استند عَلَى شيء، ولا سَعَلَ، ولا تَنَحْنَحَ، ولا بصق.
وَقَالَ الشَّيْخ الفقيه [1] : حضرتُ الشَّيْخ عَبْد اللَّه مرّتين، وسأله ابن خاله حُمَيْد بن برق، فَقَالَ: زوجتي حامل، إنْ جاءت بولد ما أسمّيه؟ قال: سمّ
__________
[1] هو أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عيسى بن أبي الرجال اليونيني البعلبكي. ولد بيونين سنة 572 وتوفي سنة 658 ودفن عند شيخه عبد الله ببعلبكّ. انظر عنه في كتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2 ج 3/ 224- 229 رقم 939.(44/341)
الواحد: سُلَيْمَان والآخر: دَاوُد، فولدت اثنين توأما. وَقَالَ لَهُ ابنه مُحَمَّد: امرأتي حامل إن جاءت بولد ما أسمّيه؟ قَالَ: سمِّ الْأَوَّل: عَبْد اللَّه، والثاني: عَبْد الرَّحْمَن.
وعن سَعِيد الماردينيّ [1] ، قَالَ: جاء رجالٌ من بَعْلَبَكّ إلى الشَّيْخ، فقالوا:
جاءت الفرنج، قَالَ: فمسك لحيته وَقَالَ: هَذَا الشَّيْخ النَّحس ما قعوده هاهنا؟
فردّت الفرنج.
وقال أبو المظفّر سبط ابن الْجَوْزيّ في ترجمة الشَّيْخ عَبْد اللَّه اليونينيّ [2] :
كَانَ صاحب رياضات ومُجاهدات وكرامات وإشارات. لم يقم لأحدٍ تعظيما للَّه، وَكَانَ يَقُولُ: لَا ينبغي القيام لغير اللَّه. صحبتُه مُدَّة، وَكَانَ لَا يدَّخر شيئا، ولا يمسّ دينارا ولا دِرْهمًا، وما لبس طول عمره سوى الثّوب الخام، وقَلَنْسُوة من جِلْد ماعِز تساوي نصف درهم، وفي الشتاء يبعث لَهُ بعض أصحابه فروة، فيلبسها، ثُمَّ يؤثر بها في البرد. قَالَ لي يوما ببَعْلَبَكّ: يا سيّد أَنَا أبقى أياما في هذه الزاوية ما آكلُ شيء [3] .
فَقُلْتُ: أَنْتَ صاحب القبول كيف تجوع؟ قَالَ: لأنَّ أهل بَعْلَبَكّ يتّكل بعضهم عَلَى بعض، فأجوع أَنَا. فحدّثني خادمه عَبْد الصَّمَد قَالَ: كَانَ يأخذ ورق اللّوز يفركه ويَسْتَفّه.
وَكَانَ الْأمجد يزوره، فَكَانَ الشَّيْخ يهينه وَيَقُولُ: يا مُجَيْد أَنْتَ تظلم وتفعل، وهُوَ يعتذر إِلَيْهِ.
وأظهر العادل قراطيس سودا، فَقَالَ الشَّيْخ: يا مسلمون [4] انظروا إلى هَذَا الفاعل الصّانع يفسد عَلَى النَّاس معاملاتهم. فبلغ العادلَ ذَلِكَ، فأبطلها.
__________
[1] وقع في المطبوع من تاريخ الإسلام (الطبقة 62) ص 308 «المادريني» .
[2] في مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 312 مع تصرّف بالألفاظ.
[3] هكذا في الأصل. وهو لفظ اليونيني.
[4] في المرآة 8 ق 2/ 612 «يا مسلمين» .(44/342)
سافرتُ إلى العراق سنة أربعٍ وحججت، فصعدت عَلَى عرفات، وَإِذَا بالشيخ عَبْد اللَّه قاعدٌ مستقبل القبلة، فسلّمت عَلَيْهِ، فرحّب بي وسألني عن طريقي، وقعدتُ عنده إلى الغياب، ثُمَّ قُلْتُ: ما نقوم نمضي إلى المُزْدلِفة؟ فَقَالَ:
اسبقني، فلي رفاق. فأتيت مزدلفة ومنى، فدخلت مسجد الخيف فإذا بالشيخ تَوْبة، فسلَّم عَليّ، فَقُلْتُ: أَيْنَ نزلَ الشَّيْخ؟ قَالَ: أيُّما شيخ؟ قُلْتُ: عَبْد اللَّه اليُونينيّ. قَالَ: خلَّفته ببَعْلَبَكّ. فقطّبتُ [1] وَقُلْتُ: مبارك. ففهم وقبض عَلَى يدي وبكى، وقَالَ: باللَّه حَدَّثَني، أيش معنى هذا؟ قُلْتُ: رأيته البارحة عَلَى عرفات.
ثُمَّ رجعت إلى بَغْدَاد ورجع تَوْبة إلى دمشق، وَحَدَّثَ الشَّيْخ عَبْد اللَّه، ثُمَّ حَدَّثَنِي الشَّيْخ توبة قَالَ: قَالَ لي ما هُوَ صحيح منك، فلان فتى، والفتى لَا يكون غمّازا.
فَلَمَّا عدت إلى الشَّام عَتَبني الشَّيْخ.
وَحَدَّثَنِي الجمال [بن] [2] يَعْقُوب قاضي [كرك] [3] البِقاع، قَالَ: كُنْت عند الجسر [4] الْأبيض وَإِذَا بالشيخ عَبْد اللَّه قد جاء ونزل إلى ثورا، وَإِذَا بنصرانيّ عابر، ومعه بَغْل عَلَيْهِ حِمْل خَمْر فعثرَ البغل ووقع، فصعد الشَّيْخ وَقَالَ: يا فقيه، تعال [5] . فعاونته حَتَّى حمَّلناه، فَقُلْتُ في نفسي: أيش هَذَا الفعل؟ ثُمَّ مشيت خلف البَغْل إلى العُقَيْبة فجاء إلى دكان الخَمّار، فحلّ الظّرف وقَلَبَه، وَإِذَا بِهِ خَلّ، فَقَالَ لَهُ الخَمّار: ويحك هَذَا خلّ، فبكى، وَقَالَ: واللَّه ما كَانَ إِلَّا خمْرًا من ساعة، وإنّما أَنَا أعرف العِلَّة، ثُمَّ ربط البَغْل في الخان، وردَّ إلى الجبل، وَكَانَ الشَّيْخ قد صلَّى الظُّهر عند الجسر في مَسْجدٍ، قَالَ: فدخل عليه النّصرانيّ، وأسلم، وصار فقيرا.
__________
[1] في المرآة 8 ق 2/ 613 «ففطنت» .
[2] إضافة على الأصل من: مرآة الزمان 8 ق 2/ 613 وفيه: وحدّثني القاضي جمال الدين بن يعقوب. وهي ساقطة أيضا من المطبوع من تاريخ الإسلام 309.
[3] إضافة على الأصل من: مرآة الزمان وهي بسكون الكاف، بلدة بالبقاع من عمل بعلبكّ بعرف بكرك نوح.
[4] في المرآة: «الحصن» .
[5] وقع في المطبوع من تاريخ الإسلام 309 «تعالى» .(44/343)
قَالَ أَبُو المُظَفَّر [1] : وَكَانَ الشَّيْخ شجاعا ما يبالي بالرجال قَلُّوا أَوْ كثروا، وَكَانَ قوسه ثمانين رِطلًا، وما فاتته غزاة في الشَّام قطّ، وَكَانَ يتمنّى الشهادة ويُلقي نفسه في المهالك. حَدَّثَنِي خادمه عَبْد الصَّمَد قَالَ: لَمَّا دخل العادل إلى بلاد الفرنج إلى صافيتا قَالَ لي الشَّيْخ ببَعْلَبَكّ: انزل إلى عَبْد اللَّه الثقة [2] ، فاطلب لي بغلته. قَالَ: فأتيته بها، فركبها، وخرجت معه فبِتْنا في يُونين [3] ، وقمنا نصف اللّيل، فجئنا المُحدثَة الفجَر، فَقُلْتُ لَهُ: لَا تتكلّم فهذا مكمن الفرنج. فرفع صوته وَقَالَ: اللَّه أكبر، فجاوبته الجبال، فيبستُ من الفزع، ونزل فصلّى الفجْر، وركب، فطلعت الشمس، وإذا قد لاح من ناحية حصن الْأكراد طلب أبيض، فظنّهم الاسبتار [4] ، فَقَالَ: اللَّه أكبر، ما أبركك [5] من يوم، اليوم أمضي إلى صاحبي.
وساق إليهم وشهر سيفه، فَقُلْتُ في نفسي: شيخ وتحته بغلة وبيده سيف يسوق إلى طلب فرنج. فَلَمَّا كَانَ بعد لحظةٍ وقربوا، إِذَا هم بمائة حُمَيْر وحش، فجئنا إلى حِمْص، فجاء الملك المُجاهد أسدُ الدِّين، وقدَّم لَهُ حصانا، فركبه، ودخل معهم، وفعل عجائب.
وَكَانَ الشَّيْخ عَبْد اللَّه يَقُولُ للفقيه مُحَمَّد: في وفيك نزلت: إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ 9: 34 [6] .
وَقَالَ ابن العديم في «تاريخ حلب» [7] : أَخْبَرَنِي الفقيه اليونينيّ أنّ الشيخ
__________
[1] في المرآة 8/ 615.
[2] في المطبوع من مرآة الزمان: «الفقيه» .
[3] في المرآة: «ثوبين» ، وقال ناشره في الحاشية (1) : لعله تبنين. فأخطأ في الاثنين. والصواب ما أثبتناه، وهي البلدة التي ينسب إليها قرب بعلبكّ.
[4] الاسبتار، تعريب للفظ اللاتيني Hospitallers وقد أطلق المؤرخون المسلمون هذا الاسم على جمعية فرسان الهسبتاليين التي يرجح تأسيسها إلى سنة 1099 م على يد «بليسد جيرارد» بعد استيلاء الصليبيين على بيت المقدس، وكانت دارها به قبل ذلك بزمن طويل مأوى الحجّاج والمرضى من المسيحيين. (انظر: السلوك ج 1 ق 1/ 68 حاشية 4) .
[5] في المطبوع من تاريخ الإسلام 310 «ما أكبرك» ، وهو خطأ. والمثبت من: المرآة.
[6] سورة التوبة: الآية 34 وتمام الحكاية: «أنا من الرهبان وأنت من الأحبار» . (المرآة ج 8 ق 2/ 616) .
[7] هو المسمّى: «بغية الطلب» ، والنص في القسم المفقود منه.(44/344)
عَبْد اللَّه كَانَ يصلّي بعد العشاء الآخرة وِرْدًا إلى قريب ثلث اللّيل، فَكَانَ ليلة يعاتب [1] ربّه- عَزَّ وَجَلَّ- وَيَقُولُ: يا ربّ النَّاس ما يأتوني إِلَّا لأجلك، وأنا قد سألتك في المرأة الفلانية والرجل الفلانيّ أن تقضي حاجته، وما قضيتها، فهكذا يكون؟ وَكَانَ يتمثّل بهذه الْأبيات كثيرا ويبكي:
شفيعي إليكُم طُولُ شَوقي إليكم ... وكُلُّ كريمٍ للشفيع قبول
وعُذري إليكم أنني في هواكم ... أسيرٌ ومأسورُ الغرام ذليلُ
فإن تقبلوا عُذري فأهلا ومرحبا ... وإن لم تُجيبوا فالمُحبُّ حَمُولُ
سأصبرُ لَا عنكم ولكن عليكمُ ... عسى لي إلى ذاكَ الجنابِ وصولُ
قَالَ الصّاحب أَبُو الْقَاسِم: وقد صحبته ووهب لي قميصا له أزْرَق، وَقَالَ لي يوما ببيت المَقْدِس: يا أَبَا الْقَاسِم، اعشق تفلح! فاستحييت، وَذَلِكَ في سنة ثلاثٍ وستمائة، ثُمَّ بعد مُدَّة سارَّني بجامع دمشق، وَقَالَ: عَشِقت بعدُ؟ فَقُلْتُ:
لَا. قَالَ: شُهْ عليك. واتّفق أنّي تزوجت بعد ذاك بسنة، وملتُ إلى الزوجة مَيْلًا عظيما، فما كُنْت أصبر عَنْهَا.
قَالَ ابن العزّ عُمَر: قرأت في «تاريخ» ابن العديم [2] ، بغير خطّه، قَالَ سيّدنا العلّامة أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن أَبِي الحُسَيْن اليُونينيّ: كُنْت عند الشَّيْخ يوما فجاءه رجلان من العرب، فقالا: نطلع إليك؟ قَالَ: لَا، فذهب أحدهما وجلس الآخر، فَقَالَ الشَّيْخ: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً، وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ في الْأَرْضِ 13: 17 [3] ثُمَّ قَالَ لَهُ: اطلع. وطلع، فأقام عندنا أياما، فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ: تحبّ أن أريك قبرك؟ قَالَ: نعم، فأتى بِهِ المَقْبرة، فَقَالَ: هَذَا قبرك. فأقام بعد ذَلِكَ اثني عشر يوما أو أربعة عشر يوما، ثُمَّ مات، فدُفن في ذَلِكَ المكان. وَكَانَ لَهُ زَوْجَة ولها بنت، فطلبتُ أن يزوّجني بها، فتوقّفت أمّها، وقالت: هَذَا فقير ما لَهُ شيء.
فَقَالَ: واللَّه إنّي أرى دارا قد بُنيت لَهُ وفيها ماءٌ جارٍ وابنتك عنده في الإيوان، وَلَهُ
__________
[1] كتب المؤلف- رحمه الله- على الحاشية: «يناجي» .
[2] هو بغية الطلب.
[3] سورة الرعد: الآية 17.(44/345)
كفاية عَلَى الدّوام، فَقَالَتْ: ترى هَذَا؟ قَالَ لها: نعم.
فزوَّجتنيها، ورأت ذَلِكَ، وأقامت معي سنين، وَذَلِكَ سنة محاصرة الملك العادل سِنجار.
وكانت امْرَأَة بعد موتها تطلب زواجي، وتشَفّعت بزوجة الشَّيْخ، فَلَمَّا أكثرت عَليّ، شكوتها إلى الشَّيْخ، فَقَالَ: طوِّل روحك يومين، ثلاثة ما تعود تراها. قَالَ: فقدِم ابنُ عمِّها من مِصْر أميرٌ كبيرٌ بعد أيام، فتزوّج بها، وما عدت رأيتها. وكراماته في هَذَا كثير.
كتب الفقيه تحت هَذَا الكلام: «صحيح ذَلِكَ، كتبه مُحَمَّد بن أَبِي الحُسَيْن اليونينيّ» .
وَقَالَ أبو القاسم ابن العديم: تُوُفِّي في عَشْر ذي الحجَّة، وَهُوَ صائم، وقد جاوز الثّمانين. فَقَالَ لي الفقيه مُحَمَّد: كُنْت عند الشَّيْخ، فالتفت إلى دَاوُد المؤذّن، فَقَالَ: وصيَّتك بي غدا، فظنَّ المؤذّن أَنَّهُ يريد يوم القيامة. وَكَانَ ذَلِكَ يوم الْجُمُعة، وَهُوَ صائم، فَلَمَّا جاء وقت الإفطار قَالَ لجاريته: يا درَّاج أجد عطشا، فسقته ماء لينوفر، فباتَ تِلْكَ اللّيلة، وأصبحَ وجلس عَلَى حَجَر موضع قَبر مُستقبل القبلة، فمات وَهُوَ جالس، ولم يُعلم بموته، حَتَّى حرّكوه، فوجدوه ميتا، فجاء ذَلِكَ المؤذّن وغَسَّله، رحمه اللَّه.
قُلْتُ: وَلَهُ أصحاب كبار منهم: ولده مُحَمَّد، وَالشَّيْخ الفقيه، وَالشَّيْخ عَبْد اللَّه بن عَبْد العزيز، وَالشَّيْخ عيسى بن أَحْمَد [1] ، وَالشَّيْخ تَوْبَة [2] ، وَمُحَمَّد بن سيف، وأقدمهم الشَّيْخ عَبْد الخالق اليُونينيّ، تُوُفِّي بيونين في هذه السنة أَيْضًا، وَكَانَ صالحا زاهدا، كبير القدر، صاحب كرامات، وَهُوَ عمّ الشيخ عيسى اليونينيّ [3] .
__________
[1] توفي سنة 654 هـ. وكنيته: أبو الروح. انظر عنه في كتابنا: موسوعة علماء المسلمين ق 2 ج 3/ 123 رقم 828.
[2] وتوبة بن أبي البركات. توفي سنة 622 هـ. (انظر كتابنا: موسوعة العلماء ق 2 ج 2/ 13، 14 رقم 303.
[3] ومن مريدي صاحب الترجمة: الشيخ عثمان بن محمد بن عبد الحميد البعلبكي شيخ دير ناعس،(44/346)
452- عَبْد الرَّحْمَن بن أَحْمَد [1] بن هَدِيَّة.
أَبُو عُمَر البَغْدَادِيّ، الوَرَّاق، الدَّارقّزِّيّ.
آخر من حَدَّثَ عن الحَافِظ عَبْد الوَهَّاب الْأَنْمَاطِي، سَمِعَ منه في سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، وَالضِّيَاء، وجماعة.
وَكَانَ شيخا صالحا.
تُوُفِّي في السادس والعشرين من ربيع الْأَوَّل، وقد جاوز التّسعين.
453- عَبْد الرحيم ابن الحَافِظ أَبِي سَعْد عَبْد الكريم [2] بْن مُحَمَّد بْن منصور بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الجبّار.
الإمام فخر الدّين أبو المظفّر ابن السّمعانيّ، المروزيّ، الشافعيّ.
__________
[ () ] المتوفى سنة 651 هـ. (العبر 5/ 209) وأسلم علي يديه: عبد الله الأرمني المتوفى سنة 631 هـ.
(مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 686، البداية والنهاية 13/ 142) . وكان اليونيني ينشد هذه الأبيات ويبكي:
شفيعي إليكُم طُولُ شَوقي إليكم ... وكُلُّ كريمٍ للشفيع قبول
وعُذري إليكم أنني في هواكم ... أسيرٌ ومأسورُ الغرام ذليلُ
فإن تقبلوا عُذري فأهلا ومرحبا ... وإن لم تُجيبوا فالمُحبُّ حَمُولُ
سأصبرُ لَا عنكم ولكن عليكمُ ... عسى لي إلى ذاك الجناب وصول
(العبر 5/ 67) .
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 9 رقم 1729، والإشارة إلى وفيات الأعيان 323، والإعلام بوفيات الأعلام 254، والمختصر المحتاج إليه 2/ 193 رقم 840، والنجوم الزاهرة 6/ 251.
[2] انظر عن (عبد الرحيم بن عبد الكريم) في: التقييد لابن نقطة 358، 359 رقم 452، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 248، وتلخيص مجمع الآداب ج 4 ق 3/ 211 رقم 2168، والمشتبه 1/ 372، والعبر 5/ 68، 69، والمختصر المحتاج إليه 3/ 68، 29 رقم 789، وسير أعلام النبلاء 22/ 107- 109 رقم 77، والمعين في طبقات المحدّثين 190 رقم 2017، والإعلام بوفيات الأعلام 254، وميزان الاعتدال 2/ 606 رقم 5032، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 62، 63 رقم 650، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 388، 389 رقم 357، ولسان الميزان 4/ 6، 7 رقم 10، والعسجد المسبوك 2/ 382، وكشف الظنون 1179، وشذرات الذهب 5/ 75، وهدية العارفين 1/ 560، وديوان الإسلام 3/ 41 رقم 1151، ومعجم المؤلفين 5/ 206، وتوضيح المشتبه 5/ 176.(44/347)
وُلِدَ في ذي القِعْدَة سنة سبعٍ وثلاثين وخمسمائة. واعتنى بِهِ أَبُوه أتمّ عناية، ورحل بِهِ، وسمَّعه الكثير، وأدرك الإسناد العالي، ووقع لَهُ عاليا من الكُتب:
«صحيح» البُخَارِي، «وسنُن» أَبِي داود، و «جامع» التّرمذيّ، و «سنن» النّسائيّ، و «مسند» أبي عوانة، و «تاريخ» يَعْقُوب الفسوي. وَسَمِعَ الكتب الكبار مثل «الحِلْية» لأبي نعيم، و «مسند» الهيثم بن كُلَيْب، وأشياء كثيرة.
فسمع من أبي تمّام أحمد بن محمد ابن المختار العَبَّاسيّ التَّاجر، حدّثه عن أَبِي جَعْفَر ابن المسلمة، ومن: الرئيس أسعد بن عليّ ابن الموفق الهَرَويّ، ووجيه الشَّحَّامِيّ، وأبي الفتوح عَبْد اللَّه بن عَليّ الخَرْكُوشيّ [1] ، وَالحُسَيْن بن عَليّ الشّحّامي، والجنيد بن محمد القائني، وَأَبِي الوَقْت عَبْد الْأَوَّل السِّجْزِي، وَأَبِي الْأسعد هبة الرَّحْمَن القُشَيْريّ، وأبي الخير جامع السَّقاء الصُّوفِيّ، وَمُحَمَّد بن إسْمَاعِيل بن أَبِي صالح المؤذّن، وَمُحَمَّد بن منصور الحُرضيّ، وأبي طاهر مُحَمَّد بن مُحَمَّد السّنجيّ الحَافِظ، وَأَبِي الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن الكُشْمِيهَنِي، آخر من رَوَى «البُخَارِي» عَن ابن أَبِي عمران، وأبي طَالِب مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الكَنْجَرُوذيّ، وَمُحَمَّد بن الحَسَن بن تميم الطّائيّ، وَمُحَمَّد بن إسْمَاعِيل الخراجيّ [2] المَرْوَزِيّ، سَمِعَ «البُخَارِي» من ابن أَبِي عمران، وأبي الفَتْح مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي سَعْد الشِّيرَازِيّ الهَرَويّ، يروي عن بيبى الهَرْثميَّة، وأبي سَعْد مُحَمَّد بن إسْمَاعِيل الشّاماتيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْد الواحد المغازليّ الأصبهانيّ، وَمُحَمَّد بن المُفَضَّل بن سيّار الدَّهَّان، وَمُحَمَّد بن جامع خيّاط الصّوف، وأبي عَبْد الرَّحْمَن أَحْمَد بن الحَسَن الكاتب، وأبي عُثْمَان إسْمَاعِيل بن عَبْد الرَّحْمَن العَصَائديّ، وَالحَسَن بن مُحَمَّد السَّنْجَبستيّ [3] وَسَعِيد [4] بن عَليّ الشّجاعيّ، وعبد الله بن محمد ابن الفراويّ، وعبد الملك بن عبد الواحد ابن القشيريّ، وعبد
__________
[1] نسبة إلى خركوش سكة بنيسابور.
[2] قيده المؤلف- رحمه الله- بفتح الخاء المعجمة في (المشتبه 1/ 157) ، وابن ناصر الدين في (توضيح المشتبه 2/ 328) .
[3] منسوب إلى سنج بست، منزل بين نيسابور وسرخس.
[4] كتب المؤلّف- رحمه الله-: «وذكوان بن سيّار الدّهّان» ثم وضع علامة لحذفها.(44/348)
السَّلَام بن أَحْمَد الهَرَويّ بَكْبَرة، وأبي منصور عَبْد الخالق بن زاهر الشَّحَّامِيّ، وَأَبِي عَرْوبة عَبْد الهادي بن عَبْد الخلّاق الهَرَويّ، وَعُمَر بن أَحْمَد الصَّفَّار، وَعُثْمَان بن عَليّ البِيكَنْدِيّ، وخَلْقٍ كثير لقيهم بمَرْو، وَنَيْسَابُور، وهَرَاة، وبخارى، وَسَمَرْقَنْد، ونواحي خُرَاسَان.
وخرّج لَهُ أَبُوه «مُعجمًا» في ثمانية عشر جزءا. وحجّ سنة ستّ وسبعين وخمسمائة. وحدَّث ببَغْدَاد، وعاد إلى مَرْو، وَرَوَى الكثير، ورحل النَّاس إِلَيْهِ.
وَسَمِعَ منه الحَافِظ أَبُو بَكْر مُحَمَّد بن موسى الحازميّ، ومات قبله بدهر.
وحدّث عنه: الأئمة أبو عمرو ابن الصَّلاح، وَالضِّيَاء أَبُو عَبْد اللَّه، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، والمحبّ ابن النَّجَّار، والمحبّ عَبْد العزيز بن هِلالة، والشَّرف المُرْسِيّ، وَأَحْمَد بن عَبْد المحسن الغَرافيّ، وطائفةٌ سواهم.
وسمعنا بإجازته من الشّرف ابن عساكر، والتَّاج بن عَصْرون.
وآخر من رَوَى عَنْهُ بالإجازة زينب بنت عُمَر البَعْلَبَكِّيَّة.
وَكَانَ فقيها، مُفتيًا، عارفا بالمذهب، وَلَهُ أنس بالحديث، خرّج لنفسه أربعين حديثا، سمعناها.
قَالَ أَبُو عمرو ابن الصّلاح: قرأت عَلَيْهِ في «أربعين» أَبِي البركات الفُرَاويّ حديثا ادّعى فيه كَأَنَّهُ سمعه هُوَ أَوْ شيخه من البُخَارِي، فَقَالَ الشَّيْخ أَبُو المُظَفَّر:
لَيْسَ لك بعالٍ ولكنّه للبخاريّ نازل. قُلْتُ: أعجبني هَذَا القول من أَبِي المُظَفَّر.
وانقطع بموته شيءٌ كثير من المَرْويات. وعُدم في دُخول التَّتَار مَرْو في آخر هذه السنة، أو في أوائل السنة الآتية.
وَكَانَ أخوه الصَّدر الرئيس أَبُو زيد مُحَمَّد قد اختصّ بخِدمة السُّلْطَان مُحَمَّد بن تكش الخُوَارِزْمِي، وتَقَدَّم عنده، ونفّذه رسولا غير مرَّة إلى بغداد، فوعظ بها، وحدّث سنة إحدى وستمائة عن أَبِي الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن الحَمْدُونيّ [1] حضورا، وعن مَسْعُود بن مُحَمَّد المَرْوَزِيّ.
__________
[1] منسوب إلى جده حمدويه، كما في أنساب السمعاني وغيره.(44/349)
رَوَى عَنْهُ الحَافِظ الضِّيَاء.
قرأت في «تاريخ» ابن النَّجَّار: أَنَّ أَبَا المُظَفَّر تُوُفِّي بمَرْو ما بين سنة أربع عشرة أَوْ ستّ عشرة وستّمائة [1] .
قَالَ ابن النَّجَّار: سماعاته بخطوط المعروفين صحيحة، فأمّا ما كَانَ بخطّه فلا يُعتمد عَلَيْهِ، كَانَ يلحق اسمه في الطِّباق [2] .
454- عَبْد السَّلَام بن الحَسَن [3] بن عَبْد السَّلَام بن أَحْمَد.
القاضي المرتضى، أَبُو مُحَمَّد الفِهْرِيّ، القَيْسَرَانيّ، ثُمَّ المَصْرِيّ الكاتب، المعروف بابن الطُّوير.
سَمِعَ من السِّلَفيّ في كِبَره. وخدم في دولة بني عَبْيد المصريّين، ثُمَّ خدم في الدّواوين في الدَّوْلَة الصّلاحية. وشهد ستّين سنة.
وجدُّهُ من أهل العدالة والحديث والتّقدّم كتب عَنْهُ الحَافِظ السِّلَفيّ.
وأما أخوه هبة اللَّه بن الحَسَن، فيروي عن أبي الحسن ابن الفرّاء، روى عنه الحافظ ابن المفضّل، وغيره.
وهذا فله شعر، وكتابة حسنة.
__________
[1] وقال ابن نقطة: وانقطعت عنا أخباره من سنة تسع عشرة وستمائة، وظهر الترك بخراسان. (التقييد 359) .
[2] وزاد ابن النجار: «إلحاقا بيّنا ويدّعي سماع أشياء لم توجد» . وقد علّق الحافظ ابن حجر على ما ذكره ابن النجار فقال: وهذا الّذي قاله ابن النجار فيه لا يقدح بعد ثبوت عدالته وصدقة. أما كونه كان يلحق اسمه في الطباق فيجوز أنه كان يوجد اسمه فيه. أما فقدان الأصول فلا ذنب للشيوخ فيه. وقد قال ابن النجار في أول ترجمته بكونه مع والده في سماع الحديث وطاف به في بلاد خراسان وما وراء النهر وجمع له معهما ثلاثة عشر جزءا وعوالي في مجلّدين وأشغله بالفقه والحديث والأدب حتى حصّل من كل واحد طرفا صالحا، وانتهت إليه رياسة أصحاب الشافعيّ ببلده قال: وكان فاضلا ممتعا نبيلا جليلا متديّنا محبّا للرواية ومكرما للغرباء. قلت: ومن كان بهذه الكثرة لا ينكر عليه أن يلحق اسمه بعد تحقق سماعه. والله أعلم. (لسان الميزان 4/ 6، 7) .
[3] انظر عن (عبد السلام بن الحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 7، 8 رقم 1725، والوافي بالوفيات 18/ 417، 418 رقم 429، وانظر مقدّمة كتابه: نزهة المقلتين في أخبار الدولتين، تحقيق أيمن فؤاد سيد، طبعة المعهد الألماني بيروت 1992.(44/350)
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ المُنْذِريّ، وغيره.
تُوُفِّي عن اثنتين وتسعين سنة وسبعة وعشرين يوما، عن ذِهنٍ حاضر وكتابة جيّدة، وَهُوَ القائل:
باللَّه رَبِّي ثقتي ... دَخَلْت عَشر المائة
تِسعون عاما كملت ... في النّصف من ذي الحجّة
ممتعا بناظري ... ومسمعي وقوتي
وإنني أطمع أن ... تغفر لي خطيئتي
455- عَبْد العزيز ابن الْأمير القائد أَبِي عَليّ [1] الحُسَيْن بن عَبْد العزيز بن هِلالة اللَّخْميّ الْأنْدَلُسِيّ.
الصالح الحَافِظ، أَبُو مُحَمَّد محبّ الدّين.
ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة تقريبا.
ورحلَ، فسمع بمَكَّة من زاهر بن رُستم، وببغداد من: أَبِي أَحْمَد عَبْد الوَهَّاب بْن سُكَيْنَة، وَعُمَر بْن طَبَرْزَد، وَالحُسَيْن بن أَبِي نصر بن أَبِي حنيفة، وطائفة. وبواسط من أبي الفتح ابن المَنْدَائِيّ. وبأصبهان من أسْعد بن سَعِيد، وعين الشمس، وجماعة. وبخراسان من المُؤيَّد الطُّوسِيّ، وَأَبِي رَوْح، وزَيْنَب، وأصحاب الفُرَاويّ، وهذه الطبقة [2] .
وخطّه مليح مغربيّ في غاية الدّقّة.
__________
[1] انظر عن (عبد العزيز بن الحسين) في: معجم البلدان 3/ 516، وتكملة الصلة لابن الأبار 2/ 632 (طبعة ليبزغ) ، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 21، 22 رقم 1759، وتاريخ إربل 1/ 223 رقم 123، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 164 رقم 120، والعسجد المسبوك 2/ 382، ونفح الطيب 1/ 191، وشذرات الذهب 5/ 78.
وقد ذكره المؤلف- رحمه الله- في سير أعلام النبلاء 22/ 106 وسمّاه «عبد العزيز بن هلالة» ولم يترجم له.
[2] وسمع بإربل على الفقير أبي سعيد كوكبوري بن علي بن بكتكين مسند أهل البيت عليهم السلام، وسافر إلى دمشق لسماع كتاب تاريخها الّذي ألّفه أبو القاسم علي بْن الْحَسَن بْن هبة اللَّه بْن عساكر، ووصله بجملة وأنفذ له مثلها إلى دمشق، وصار ذلك له رسما على صدقته. (تاريخ إربل 1/ 223، 224) .(44/351)
وَحَدَّثَ.
وَكَانَ كثير الْأسفار [1] ، ديّنا، متصوّنا، كبير القدر.
قَالَ الحَافِظ الضِّيَاء: تُوُفِّي رفيقُنا وصديقُنا أَبُو مُحَمَّد بن هِلالة بالبصرة في عاشر رمضان، وما رأينا من أهل المغرب مثله. ودُفن بجنب قبر سَهْل بن عَبْد اللَّه التُّسْتَرِي.
وَقَالَ ابن نُقْطَة: كَانَ ثقة، فاضلا، صاحب حديث وسُنَّة، كريم الأخلاق.
وقال مفضّل القرشيّ: كان كثير المروءة، غزيز الإنسانية.
وقال عمر ابن الحاجب: رأيته ولم أسمع منه، وهو من طبيرة: بليدة بالأندلس، من كبار أهلها، رأيته ولم أسمع منه. قَالَ: وَكَانَ كَيّس الْأخلاق، محبوبَ الصُّورة، ليّن الكلام، كريمَ النَّفْس، حلو الشمائل، مُحسنًا إلى أهل العلم بماله وجاهه.
قِيلَ: إِنَّهُ أوصى بكتبه للشَّرف المُرْسِيّ.
وممّن روى عنه الكمال ابن العديم.
قُلْتُ: آخر من رَوَى عَنْهُ السيف عَبْد الرَّحْمَن بن محفوظ الرَّسْعَنيّ المُعَدَّل.
456- عَبْد العظيم بن أَبِي البركات عَبْد اللّطيف [2] بن أَبِي نصر بن مُحَمَّد بن سَهْل.
أَبُو المكارم الأصبهانيّ، المِلَنْجِيّ، الشَّرابيّ، القَزَّاز، نزيل بَغْدَاد.
وُلِدَ بمحلة مِلَنْجة من أصبهان سنة خمسين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من: أَبِيهِ، وأبي مَسْعُود عَبْد الجليل كُوتاه، وَأَبِي الخير مُحَمَّد بن أَحْمَد الباغبان، ومَسْعُود الثَّقَفِيّ، والرُّسْتُميّ، وشاكر الْأسواري، وَمُحَمَّد بن محمود الفارفانيّ، وجماعة.
__________
[1] ذكر ابن النجار أسماء بعض البلاد التي دخلها، وهي: بغداد، وواسط، وأصبهان، وخوارزم، ومرو، وبخارى، وسمرقند، وإربل، والموصل، وحلب، ودمشق، والبصرة. (المستفاد 164) .
[2] انظر عن (عبد العظيم بن عبد اللطيف) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 191، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 29 رقم 1774، وتلخيص مجمع الآداب ج 4 ق 1/ 922 رقم 1376، والمختصر المحتاج إليه 3/ 96، 97 رقم 933.(44/352)
وَحَدَّثَ بأصبهان، وبَغْدَاد.
وسماعه من كُوتاه حُضور.
وقد كتبت في إجازة أَنَّهُ من عشيرة سَلْمَان الفارسيّ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه الدُّبَيْثِي، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، وجماعة. وآخر من رَوَى عَنْهُ بالإجازة زينب بنت كندي.
ومات فِي السابع والعشرين من ذي الحجَّة ببَغْدَاد.
أَخْبَرَتْنَا زَيْنَبُ الْكِنْدِيَّةُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَظِيمِ بْنُ عَبْدِ اللَّطِيفِ، أَنَّ ضَوْءَ النِّسَاءِ بِنْتُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ الشَّرَابِيُّ، أَخْبَرَتْهُ، قَالَتْ: أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ، أَخْبَرَنَا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّعْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: «نِعْمَ الْيَوْمُ يَوْمٌ يَنْزِلُ فِيهِ رَبُّ الْعِزَّةِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا يَوْمُ عَرَفَةَ» [1] . فِيهِ انْقِطَاعٌ.
457- عَبْد الكبير بن مُحَمَّد [2] بن عيسى بْن مُحَمَّدِ بْنِ بَقِيّ.
أَبُو مُحَمَّد، الغافقيّ المُرْسِيّ، نزيل إشبيلية.
رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي عَبْد اللَّه بن سعادة، وأَبِي عَبْد الله بن عبد الرّحيم، وجماعة. وأجاز له أبو الحسن بن هذيل، وغيره.
قَالَ الْأبَّار [3] : كَانَ فقيها حافظا، حسن الهدي والسّمت، مشاركا في
__________
[1] ذكره الديلميّ في: فردوس الأخبار 5/ 16 رقم 7033، وكنز العمال 5/ 71.
[2] انظر عن (عبد الكبير بن محمد) في: صلة الصلة لابن الزبير 44، وبرنامج شيوخ الرعينيّ 37، وتكملة الصلة لابن الأبار 3/ ورقة 45 (والمطبوع) 2/ 654 رقم 1821، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 4/ 232- 234 رقم 407، والوافي بالوفيات 19/ 72 رقم 64، وطبقات المفسرين للسيوطي 20 د 21، وطبقات المفسرين للداوديّ 1/ 331، 332 رقم 296، ومعجم المؤلفين 5/ 313، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 250 رقم 296، وسير أعلام النبلاء 22/ 106 دون ترجمة.
[3] في التكملة 3/ الورقة 45. (المطبوع) 2/ 654، 655.(44/353)
الحديث، بصيرا بالشُّروط، متقدّما في الفُتيا. وَلَهُ مختصر في الحديث، وصنّف تفسيرا نحا فيه الجمع بين تفسير ابن عطيَّة وتفسير الزَّمَخْشَرِي. وولي القضاء برُنْدة، وناب في الحكم عن القاضي أَبِي الوليد بن رُشْد بقُرْطُبَة. وَحَدَّثَ، وأخذ النَّاس عَنْهُ. وَتُوُفِّي في صفر، ومولده في سنة ستّ وثلاثين وخمسمائة [1] .
458- عَبْد اللّطيف ابن قاضي القضاة أَبِي طَالِب عليّ [2] بن عليّ بن هبة الله ابن البُخَارِي.
القاضي أَبُو الفتوح البَغْدَادِيّ.
ولي القضاء بالجانب الشَّرْقِيّ جميعه. وولي نظر المَخْزن المَعْمُور.
وَهُوَ من بيت القضاء والحِشْمة.
تُوُفِّي في ربيع الآخر.
459- عَبْد المجيد بْن مُحَمَّد [3] بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن عَليّ.
أَبُو المُفَضَّل الرَّبَعِيّ، الكِرْكَنْتيّ الْأصل، الإسكندرانيّ، المالكيّ العَدْل.
قَالَ: إِنَّهُ دخلَ همذان مَعَ أَبِيهِ: وَسَمِعَ بها من الحَافِظ أَبِي العلاء العَطَّار.
وقد سَمِعَ من أَبِي مُحَمَّد العُثْمانِيّ.
وتَفَرَّدَ بالإجازة من القاضي أَبِي المظفَّر مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الحسين الشيبانيّ الطّبريّ، وحدّث بها.
__________
[1] وقال ابن عبد الملك المراكشي: وكان معتنيا بعلوم القرآن، سريع الدمعة عند تلاوته محافظا عليها، مشاركا في الحديث ومعرفته، مستبحرا في الفقه عالما بأصوله، متقدّما في عقد الشروط من أعرف أهل زمانه وأمهرهم فيها، يذهب في كتبها إلى الاختصار لقوّة ملكة كانت له فيها وتبحّره في الفقه، مبرّزا في العدالة متعذرا على القضاة لا يصل إليهم إلّا لضرورة لأداء شهادة، مكبرا عندهم، ملحوظة فتياه منهم ومأخوذا بها عاكفا مع الكبرة على الدراسة والمطالعة، عارفا بالطب مستفتى فيه، ناجح العلاج. وله مصنّفات جليلة منها: «الجمع بين تفسيري الزمخشريّ وابن عطية» ، إلى زيادات أشبع بها القول في آيات الأحكام منه، ومنها «الجمع بين صحيح مسلم وسنن أبي داود وجامع الترمذي» ، ومنها «شرح الموطّأ» إلى غير ذلك. (الذيل والتكملة) .
[2] انظر عن (عبد اللطيف بن علي) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 163، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 10، 11 رقم 1734، وتاريخ الحكماء 412، والمختصر المحتاج إليه 3/ 66 رقم 864.
[3] انظر عن (عبد المجيد بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 28 رقم 1772.(44/354)
وَتُوُفِّي فِي رابع عشر ذي الحجّة.
460- عَبْد الوَهَّاب بْن عَبْد اللَّه [1] بْن هبة اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن حسن.
أَبُو الحَسَن الْأزَجِيّ، القصّار، الصُّوفِيّ.
سَمِعَ من: أَبِي مُحَمَّد ابن المادح، وأبي المعالي عُمَر بن عَليّ الصَّيْرَفِيّ.
وَتُوُفِّي في رمضان.
رَوَى عَنْهُ: البِرْزَاليّ، والدُّبَيْثِي، وغيرهما [2] .
461- عَليّ بن مُحَمَّد بن يوسف [3] .
أَبُو الحَسَن الفَهْمِيّ، اليابُريّ [4] الضرير.
نشأ بقُرْطُبَة، وأخذ القراءات سنة ثمانٍ وستّين بغَرْنَاطَة عن عَبْد المنعم بن الخلوف. وأخذ القراءات بإشبيليّة عَن أَبِي بَكْر بن خَيْر، ونَجَبة بن يَحْيَى، وَسَمِعَ منهم ومن أَبِي العَبَّاس بن مضاء، فأكثر عَنْهُ. وَلَهُ إجازة من السِّلَفيّ، وجماعة.
قَالَ الْأبَّار [5] : وَكَانَ محقّقا للقراءات، ذكيّا. أدَّب ولد السّلطان بمرّاكش، ونال دنيا عريضة. وحدّث. وتوفّي سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة [6] .
__________
[1] انظر عن (عبد الوهاب بن عبد الله) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 157، 158، وذيل تاريخ ابن بغداد لابن النجار 1/ 340، 341 رقم 209، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 25 رقم 1762، والمختصر المحتاج إليه 3/ 60 رقم 849.
[2] وقال ابن النجار: كتبت عنه، وكان شيخا صالحا، حسن الأخلاق، محبّا للرواية، حسن الاستماع، أضرّ في آخر عمره ... وكان مولده في سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.
[3] انظر عن (علي بن محمد بن يوسف) في: تكملة الصلة لابن الأبار 3/ ورقة 73، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 5 ق 1/ 399- 402 رقم 674، وغاية النهاية 1/ 578 رقم 2343.
[4] اليابري: بضم الباء الموحّدة وبعدها راء. نسبة إلى يابرة، بلد بالأندلس. وتحرّفت هذه النسبة في (غاية النهاية) إلى: «اليابوي» . بالواو بدل الراء.
[5] في تكملة الصلة 3/ ورقة 73.
[6] وقال ابن عبد الملك: وكان حافظا للقرآن العظيم مجوّدا له عارفا بالقراءات قائما عليها آية من آيات الله في حسن الصوت، آخذا بطرف صالح من العربية، ذا حظ من رواية الحديث، ذكيا فهما يقظا ضريرا، واجتاز المنصور من بني عبد المؤمن به يوما وهو يقرأ بمقبرة على جاري عادته فأخذ بقلبه طيب نغمته وحسن إيراده، فقرّبه واستخلصه وأمره بتعليم أولاده وقراءة حزب من التراويح في رمضان، فكان يقرأه بحرف عاصم ويؤثره على غيره، ثم خبر أحواله وعرف صونه وعفافه فأمر(44/355)
462- عَليّ بن مُحَمَّد شاه [1] .
الْأمير الكبير بهاء الدِّين، صاحب كرمان.
تُوُفِّي بدمشق فِي ذي الحجَّة، ودُفن بمقبرة باب الصغير. وَعَلَى قبره أبيات شعره.
463- عَليّ بن أَبِي المجد [2] المبارك بن أحمد بن محمد ابن الطّاهريّ.
الحَرِيمِيّ، أَبُو الحَسَن.
سَمِعَ من: أَبِي المعالي محمد ابن اللّحّاس، وأبي الفتح ابن البَطِّيّ، وجماعة.
يُقَال: إِنَّهُ من وَلَد الْأمير طاهر بن الحُسَيْن الخُزَاعِي.
تُوُفِّي في ربيع الآخر.
464- عَليّ بن مَسْعُود بن هيّاب [3] .
أَبُو الحَسَن الوَاسِطِيّ، المقرئ، الجمَاجِميّ.
كَانَ يعمل الْجَمَاجم.
قرأ القراءات عَلَى هبة اللَّه بن قَسّام الوَاسِطِيّ، وجماعة. وأقرأ وَكَانَ يحفظ المشهور والشواذّ.
__________
[ () ] بتعليم بناته، فاستعفاه من ذلك معتذرا بأنه يدرك بعض التفرقة بين الألوان فأحظاه ذلك عنده لما تحقق من صدق نصحه وألزمه تعليمهن، وكان ذلك سبب إثرائه وسعة حاله واقتنائه الرباع الجيدة الكثيرة بمراكش وغيرها. وانتهى استغلاله من رباعه بمرّاكش وحدها خمسمائة درهم من دراهم في اليوم الواحد. وإليه ينسب الحمّام الّذي بالعدوة الشرقية من ساقية مراكش على المحل الأعظم منها والعقار المجاور له.
ولما توجّه المنصور إلى سلا مستصحبا أولاده أمرهم بالكون مع أبي الحسن هذا وألحف به، فلما برز أهل سلا للقاء المنصور رأى بعضهم أبا الحسن هذا يحف به أولاد المنصور ويعظّمونه ويوقرونه، فقال: وذكر ابن عبد الملك حكاية مطوّلة، إلى أن قال: وتخلّف من الكتب ما بيع في زمن المجاعة الشديدة بمائة ألف درهم. (الذيل والتكملة) .
[1] انظر عن (علي بن محمد شاه) في: المختار من تاريخ ابن الجزري 106.
[2] انظر عن (علي بن أبي المجد) في: تاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 165، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 10 رقم 1733، والمختصر المحتاج إليه 3/ 142 رقم 1056.
[3] تقدّمت ترجمته ومصادرها في وفيات سنة 616 هـ برقم 394.(44/356)
وَتُوُفِّي في جُمَادَى الْأولى بواسط.
قَالَ ابن نُقْطَة: قرأت عَلَيْهِ، وَكَانَ مُتساهلًا في الْأخذ جدا.
465- عليّ بن مسعود بن أحمد [1] ابن المُقْرِئ.
الحاجب الجليل أَبُو الْقَاسِم البَغْدَادِيّ.
سَمِعَ من عَبْد الملك بن الكيا الهَرَّاسِيّ.
وَحَدَّثَ.
ومات في جُمَادَى الآخرة.
466- عَليّ بن أَبِي بَكْر [2] بن عَليّ بن سُرور.
الإِمَام الفقيه مجد الدِّين أَبُو الحَسَن المَقْدِسِيّ، الْجَمّاعيليّ، الحَنْبَلِيّ.
سمع من ابن كليب. ورحل إلى أصبهان، فسمع من جماعة.
رَوَى عَنْهُ الضِّيَاء المَقْدِسِيّ وَقَالَ: كَانَ إماما، ديّنا، فقيها، حَصَّل الفقه والحديث. وَكَانَ كثير الاجتهاد في نَفْع النَّاس من الإقراء والإشغال بالفقه والحديث. وَتُوُفِّي في ثامن عشر رجب.
467- عُمَر بن الحسن بن المبارك.
أبو القاسم ابن البَوّاب، أمين القُضاة بالحَريم [3] وما يليه.
سَمِعَ من: أبي عليّ أحمد ابن الرَّحَبيّ، ودَهْبل بن كارِه، وجماعة.
وَحَدَّثَ.
[حرف الفاء]
468- فاطمة بنت الحَافِظ أَبِي العلاء الحَسَن [4] بن أحمد الهمذانيّ.
__________
[1] انظر عن (علي بن مسعود بن أحمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 167، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار (باريس) ورقة 39، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 17 رقم 1748.
[2] انظر عن (علي بن أبي بكر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 18 رقم 1752، وبغية الطلب 4/ ورقة 159، 160، وتاريخ ابن الفرات 1/ ورقة 22.
[3] يعني: الحريم الطاهري ببغداد.
[4] انظر عن (فاطمة بنت الحسن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 29 رقم 1773.(44/357)
العَطَّار.
سمعتْ من نصر بن المُظَفَّر البَرْمَكِيّ، ومن أبيها.
رَوَى عَنْهَا الضِّيَاء المَقْدِسِيّ، وغيره. وأجازت لشيوخنا.
وَتُوُفِّيت في الخامس والعشرين من ذي الحجَّة بهمذان.
469- فَريدُون بن كَشْوارة [1] ، الْأجّل الْأمير، الدّونيّ [2] .
تُوُفِّي بمصر.
وَحَدَّث عن أَبِي طاهر السِّلَفيّ.
ومات في ربيع الآخر.
[حرف القاف]
470- الْقَاسِم بن الحُسَيْن [3] بن أَحْمَد.
أَبُو الفضل الخُوَارِزْمِي النَّحْوِيّ.
من كبار أئمَّة العربية، صنّف شرحا «للمفصّل» في نحو ثلاث مجلّدات، وغير ذلك [4] .
__________
[1] انظر عن (فريدون بن كشوارة) في: تكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 140 رقم 103، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 9، 10 رقم 1731.
[2] هكذا بخط المؤلّف. وفي تكملة ابن الصابوني، والمنذري: «الدويني» وهو الصواب، نسبة إلى دوين بلده من نواحي أرّان.
[3] انظر عن (القاسم بن الحسين) في: معجم الأدباء 16/ 238- 253 رقم 44، وتاريخ إربل 1/ 322، والمختار من تاريخ ابن الجزري 106، والجواهر المضية 1/ 140، وبغية الوعاة 2/ 376 رقم 1918، وكشف الظنون 230، وهدية العارفين 1/ 828، وديوان الإسلام 3/ 200 رقم 1319، والفوائد البهية 153، والأعلام 5/ 175، ومعجم المؤلفين 8/ 98.
[4] ذكر ياقوت أسماء مؤلّفاته في (معجم الأدباء 16/ 253) .(44/358)
قتلته التّتار بخوارزم فيمن قتلوا في ثاني عشر ربيع الأول شهيدا [1] ، رحمه الله [2] .
471- قتادة، صاحب مَكَّة [3] ، الشريف أَبُو عزيز ابن الْأمير الشريف أَبِي مالك إدريس بن مُطاعن بن عَبْد الكريم بن عيسى بن حُسين بْنُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدً بْن مُوسَى بْن عَبْد اللَّه بْن مُوسَى بْنِ عَبْد اللَّه بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب.
الهاشِمِيّ العَلَويّ الحسنيّ.
يُقَال: إِنَّهُ بلغ التّسعين سنة، وُلِدَ بوادي ينبُع، وبه نشأ. وولي إمرة مَكَّة مُدَّة.
قَالَ الحَافِظ عَبْد العظيم [4] : رأيته يطوف، ويدعو بتضرُّع وخشوع كثير.
__________
[1] وقال ياقوت: سألته عن مولده فقال: مولدي في الليلة التاسعة من شعبان سنة خمس وخمسين وخمسمائة ... واستنشدته من قبله فأنشدني لنفسه بمنزله في خوارزم في سلخ ذي القعدة سنة ست عشرة وستمائة:
يا زمرة الشعراء دعوة ناصح ... لا تأملوا عند الكرم سماحا
إنّ الكرام بأسرههم قد أغلقوا ... باب السماح وضيّعوا المفتاحا
ورأيته شيخا، بهيّ المنظر، حسن الشيبة، كبيرها، سمينا بدينا عاجزا عن الحركة، وكان له في حلقه حوصلة كبيرة. وقلت له: ما مذهبك؟ فقال: حنفي ولكن لست خوارزميا لست خوارزميا يكرّرها، إنما اشتغلت ببخارى فأرى رأي أهلها، نفى عن نفسه أن يكون معتزليا رحمه الله. وذكر له ياقوت شعرا كثيرا ونثرا.
[2] جاء في الأصل بعد هذه الترجمة ترجمة «القاسم بن عبد الله بن عمر الصفار النيسابورىّ» ، وطلب المؤلف- رحمه الله- تأخيرها إلى وفيات سنة 618 هـ. فامتثلنا لطلبه وأخّرناها، وستأتي برقم 555.
[3] انظر عن (قتادة صاحب مكة) في: الكامل في التاريخ 12/ 401- 403، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 617، 618، وذيل الروضتين 123، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 17 رقم 1749، ومفرّج الكروب 4/ 122، 123، والدر المطلوب 265 (في سنة 621 هـ) ، والمختصر في أخبار البشر 3/ 130، 131، ونهاية الأرب 29/ 109، 110، والعبر 5/ 69، وسير أعلام النبلاء 22/ 159، 160 رقم 107، والإشارة إلى وفيات الأعيان 323، وتاريخ ابن الوردي 2/ 143، والبداية والنهاية 13/ 92، والعقد الثمين 7/ 39- 61، ومآثر الإنافة 2/ 66، 67، والسلوك ج 1 ق 1/ 206، وعمدة الطالب لابن عنبة 141، والعسجد المسبوك 2/ 389- 391، والنجوم الزاهرة 6/ 49، 50، وشذرات الذهب 5/ 76، وشفاء الغرام (بتحقيقنا) 2/ 370- 373، وخلاصة ابن زيني دحلان 22.
[4] في التكملة 3/ 17.(44/359)
وَكَانَ مهيبا، قويَّ النّفس، مِقْدامًا، فاضلا، وَلَهُ شعر. وَقَدِمَ مِصْر غير مرَّة. أملى عَليّ نسبه أخوه الشريف عيسى، فذكر ما تَقَدَّم.
وَقَالَ أَبُو شامة [1] : كَانَ قَتَادَة شيخا مهيبا، طُوالًا، وما كَانَ يلتفت إلى أحدٍ، لَا خليفة ولا غيره. وَكَانَ تُحمل إِلَيْهِ من بَغْدَاد الخلع وَالذَّهَب. وَكَانَ يَقُولُ: أَنَا أحقّ بالخلافة من النّاصر لدين اللَّه. وَكَانَ في زمانه يؤذّن بالحرم ب «حيّ عَلَى خَيْر العَمَل» عَلَى مذهب الزَّيدية، وقد كتب إليه الخليفة يَقُولُ: أَنْتَ ابن العمّ والصاحب، وقد بلغني شهامتك وحِفظك للحجيج، وعدْلُك، وشرفُ نفسك، ونزاهتك، وأنا أحبّ أن أراك وأحسن إليك. فكتب إلى النّاصر لدين اللَّه:
ولي كفُّ ضِرغامٍ أدُلّ [2] ببطشها ... وأشْري بها بين الورى وأبيعُ
وكلُّ مُلوكِ الْأرضِ تلثُمُ ظَهرها ... وفي بطنها [3] للمجدبين ربيع
أجعلها تحت الرَّحَى ثُمَّ أبتغي ... خلاصا لها إِنّي إذا لرقيع
وما أنا إِلَّا المسكُ في كلّ بُقعةٍ ... يضوع وأمّا عندكم فيضيع [4]
تُوُفِّي بمَكَّة في جُمَادَى الأولى.
وَقَالَ المُنْذِريّ: تُوُفِّي في أواخر جُمَادَى الآخرة [5] .
وَقَالَ ابنُ واصل [6] : وثب ابنه حسن بن قتادة عَلَى عمِّه فقتله، فتألّم قَتَادَة، وغضب عَلَى ابنه وتهدّده. فدخل حسن مَكَّة وقصد دار أبيه فدخل، فَلَمَّا رآه أَبُوه- وَهُوَ شيخ كبير متمرّض- شتمه وتهدّده، فوثب عَلَى أَبِيهِ، فخنقه لوقته، ثُمَّ خرج وَقَالَ: قد اشتدّ مرض أَبِي، وقد أمركم أن تحلفوا لي، فحلفوا لَهُ وتأمّر. ثُمَّ طلب
__________
[1] في ذيل الروضتين 123.
[2] في ذيل الروضتين: «أذل» .
[3] في ذيل الروضتين: «وسطها» .
[4] والأبيات في: الدر المطلوب 265، والمختصر في أخبار البشر 3/ 130، 131، وتاريخ ابن الوردي 2/ 143.
[5] أما ابن الأثير في «الكامل» وابن واصل في «مفرّج الكروب» فذكرا وفاته سنة 618.
[6] في مفرّج الكروب 4/ 122، 123.(44/360)
أخاه من قلعة ينبع، فَلَمَّا حضر قتله أيضا، فلم يمهله اللَّه. وَكَانَ ظالما، جبّارا، عسّافا.
472- قيصر بن مُظَفَّر [1] بن يلدرك.
أَبُو مُحَمَّد البَغْدَادِيّ.
أديبٌ فاضل، أخباريّ، مليحُ الخطّ.
صَحِبَ أَبَا الفوارس سَعْد بن مُحَمَّد حَيْص بَيْص، وانقطع إِلَيْهِ، وَسَمِعَ منه الكثير.
تُوُفِّي في جمادى الأولى، وله ثمان وثمانون سنة.
[حرف الميم]
473- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن سُلَيْمَان [2] .
أَبُو عَبْد اللَّه الزُّهْرِيّ [3] ، الْأنْدَلُسِيّ، الإشبيليّ.
رحلَ، وحجَّ، وَسَمِعَ ببَغْدَاد من ابن كُلَيْب، وذاكر بن كامل، وَيَحْيَى بن بَوْش، وَعَبْد الخالق ابن الصَّابُونيّ، وطبقتهم. ورحل إلى أصبهان، فكتب بها عن أصحاب أَبِي عَليّ الحدّاد.
ثُمَّ سافر إلى الكرج واستوطنها، وَحَدَّثَ بها وبإربل [4] .
وَكَانَ عارفا بالْأدب، فاضلا، نحويا. صنّف شرحا لكتاب «الإيضاح» . وله شعر حسن [5] .
__________
[1] انظر عن (قيصر بن مظفر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 14، 15 رقم 1745.
[2] انظر عن (محمد بن أحمد بن سليمان) في: معجم الأدباء 17/ 277 رقم 81، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 19 رقم 1754، وتاريخ إربل 1/ 89، 90 رقم 29، والوافي بالوفيات 2/ 104 رقم 426، والمقفى الكبير 5/ 173، 174 رقم 1723، وتاريخ ابن الفرات 1/ ورقة 22، ونفح الطيب 7/ 228- 230، وبغية الوعاة 1/ 11، وكشف الظنون 136، 212، 262، 263، ومعجم المؤلفين 8/ 265.
[3] ووقع في (معجم الأدباء 17/ 277) : «الزاهريّ» .
[4] وقال ابن المستوفي: ورد إربل وسمع شيخنا أبا المظفّر المبارك بن طاهر الخزاعي، ورحل في طلب الحديث إلى نشاوور وغيرها. وكان أقام بالموصل مدة في طلب الحديث، وسمع وكتب.
[5] من شعره في أبي محمد عبد القادر الرهاوي:(44/361)
قَالَ الزَّكيّ المُنْذِريّ [1] : تُوُفِّي ببُروجِرْد شهيدا بيد التَّتَر، في رجب.
474- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن حَسَّان القَصَّار.
سَمِعَ من: مَسْعُود بن عَبْد الواحد بن الحصين، والمبارك بن المبارك بن نصر السَّرَّاج.
رَوَى عَنْهُ ابن النَّجَّار. وَكَانَ صالحا.
475- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم [2] بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز.
أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ، الفقيه العلّامة الحَنَفِيّ، نزيل المَوْصِل.
دَرَّسَ، وأفْتى، وتَفَنَّن في العُلوم، وَلَهُ شِعْر جيّد، وصنّف في المذهب.
وَكَانَ كبير القدر.
تُوُفِّي في رجب.
476- مُحَمَّد بن إسْمَاعِيل بن عَليّ بن حمزة المُوسويّ.
الشريف أَبُو بَكْر الهَرَويّ.
سَمِعَ من: جدّه عليّ، وغيره.
وولد سنة ثمان وعشرين.
__________
[ () ]
أتيت الرهاوي في دسته ... فألفيت شخصا لئيما وخيما
فليس الفتى من حوى منصبا ... ولكن من حاز مجدا وخيما
وأنشد بالكرج وكان أقام بها وتأهّل بها:
أنا مأسور بحيطان الكرج ... في عناء أسأل الله الفرج
ليس بالمغبوط من يسكنها ... إنما المغبوط من منها خرج
وله شرح كتاب «العتبي اليمني» . (تاريخ إربل) .
وقال ياقوت: رجل فاضل وأديب كامل متقن، سمع الحديث الكثير ببغداد من ابن كليب وابن بوش وغيرهما فأكثر، وكتب بخطّه الكثير وصنّف، ولقيته ببغداد وكان لي صديقا معاشرا حسن الصحبة ثم فارق بغداد وحصل في بلاد الجبال، واستوطن بروجرد وتأهّل بها وولد له، وصنّف بها تصانيف في الأدب كثيرة منها «شرح الإيضاح» . (معجم الأدباء) .
[1] في التكملة 3/ 19.
[2] تقدّمت ترجمته ومصادرها في وفيات سنة 615 هـ برقم 323.(44/362)
رَوَى عَنْهُ: الضِّيَاء، وغيره.
وَكَانَ حيّا في هذه السنة.
وَأَخْبَرَنَا ابن عساكر، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن إسماعيل إجازة، أخبرنا جدّي، فذكر حديثا.
477- مُحَمَّد بن تِكش [1] بن إيل أرسلان بن آتْسِز بن مُحَمَّد بن نوشتِكين.
السُّلْطَان علاء الدِّين خُوَارِزْم شاه.
قد ذكرنا قطعة من أخباره في الحوادث [2] .
أَبَاد مُلوك العالم، ودانت لَهُ الممالك واستولى عَلَى الْأقاليم.
قَالَ ابن واصل [3] : نسب علاء الدّين ينتهي إلى إيلتِكين أحد مماليك السُّلْطَان ألب أرسلان بن جغر بيك السلجوقيّ.
قال الإمام عزّ الدّين ابن الْأثير [4] : كَانَ صبُورًا عَلَى التّعب وإدمان السَّيْر، غير مُتَنَعم ولا مُقْبل عَلَى اللّذات، إنّما نَهْمته في المُلك وتدبيره، وحِفْظِه، وحفظ رعيته.
__________
[1] انظر عن (محمد بن تكش) في: الكامل في التاريخ 12/ 371، 372، والتاريخ المنصوري 88، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 609 و 668- 671 سنة 615 هـ، وذيل الروضتين 122، وتاريخ الزمان لابن العبري 258، 259، وتاريخ مختصر الدول، له 233- 236، والجامع المختصر لابن الساعي 51، وسيرة جلال الدين للنسوي 87 وما بعدها، وتلخيص مجمع الآداب ج 4 ق 2/ رقم 1079 و 1080، ومفرّج الكروب 4/ 34- 64، وآثار البلاد وأخبار العباد للقزويني 236، 292، 334، 348، 389، 438، 481، 492، 529، 558، والمختصر في أخبار البشر 3/ 127، ونهاية الأرب 27/ 239- 258، والمختار من تاريخ ابن الجزري 91- 105، ودول الإسلام 2/ 120، 121، والعبر 5/ 64- 66، وسير أعلام النبلاء 22/ 139- 143 رقم 91، وتاريخ ابن الوردي 2/ 140- 142، ومرآة الجنان 4/ 40، 41، والبداية والنهاية 13/ 86- 89، وتاريخ ابن خلدون 3/ 534، 535، والعسجد المسبوك 2/ 270- 280، وعقد الجمان 17/ ورقة 412- 418، والسلوك ج 1 ق 1/ 204، 205، والنجوم الزاهرة 6/ 248، وتاريخ الخميس 2/ 411، وتاريخ الخلفاء للسيوطي 467- 470، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 274- 276، وشذرات الذهب 5/ 72، 73.
[2] في أول حوادث سنة 616 هـ.
[3] في مفرّج الكروب 4/ 34، 35.
[4] في الكامل 12/ 371، 372.(44/363)
قَالَ: وَكَانَ فاضلا، عالما بالفقه والْأصول، وغيرهما. وَكَانَ مُكرِمًا للعلماء محبّا لهم، محسنا إليهم، يحبّ مناظرتهم بين يديه. ويُعظِّم أهل الدِّين ويتبرّك بهم. فحكى لي بعضُ خدم حُجرة النَّبِيّ صَلّى اللَّه عَلَيهِ وَسَلّمَ لَمَّا عاد من خُرَاسَان، قَالَ: وصلت إلى خُوَارِزْم ودخلتُ الحمّام، ثُمَّ قصدتُ باب السُّلْطَان، فَلَمَّا أُدخلت عَلَيْهِ أجلَسني بعد أَن قام لي، ومشى واعتنقني، وَقَالَ لي: أَنْتَ تخدم حُجرة النَّبِيّ صَلّى اللَّه عَلَيهِ وَسَلّمَ؟
قُلْتُ: نعم. فأخذ بيدي وأمَرَّها عَلَى وجهه، وسألني عن حالنا وعَيشنا، وصفة المدينة ومقدارها، وأطال الحديثَ معي، فَلَمَّا عزمت، قَالَ: لولا أنَّنا عَلَى عزم السفر الساعة لَمَا ودَّعتك، وإنَّا نريد أن نعبر جيحون إلى الخَطا، وَهَذَا طريقٌ مباركٌ حيث رأينا من يخدُم الحُجرة الشَّريفة. ثُمَّ ودّعني وأرسل إليّ جملة من النَّفقة.
وَقَالَ أَبُو المُظَفَّر ابن الْجَوْزيّ [1] : إِنَّهُ تُوُفِّي سنة خمس عشرة، فغلط، وَقَالَ: كَانَ قد أفنى ملوك خُرَاسَان، وما وراء النَّهْر، وقتل صاحب سَمَرْقَنْد، وأخْلى البلاد من الملوك، واستقلَّ بها، فَكَانَ ذَلِكَ سببا لهلاكه. وَلَمَّا نزل همذان، كاتب الوزيرُ مؤيد الدّين محمد ابن القُمّي نائبُ الوزارة الإماميّة عن الخليفة عساكر خوارزم شاه، ووعدهم بالبلاد، فاتّفقوا مَعَ الخطا عَلَى قتله، وبَعَثَ القُمّي إليهم بالْأموال والخيول سرّا، فَكَانَ ذَلِكَ سببا لوهنه، وعلم بذلك، فسار من همذان إلى خُرَاسَان ونزل مَرْو، فصادف في طريقه الخيول والهدايا والكُتب إلى الخطأ، وكان معه منهم سبعون ألفا، فلم يمكنه الرجوع لفساد عسكره. وَكَانَ خاله من أمراء الخَطا، وقد حلَّفوه أن لَا يُطلع خُوَارِزْم شاه عَلَى ما دبروا عَلَيْهِ، فجاء إِلَيْهِ في الليل، وكتب في يده صورة الحال، ووقف بإزائه، فنظر إلى السطور وفهمها، وَهُوَ يَقُولُ: خذ لنفسك، فالساعة تُقتل، فقامَ وخرجَ من تحت ذَيْل الخَيْمة، ومعه وَلَداه جلال الدِّين والآخر، فركب، وسار بهما، ثُمَّ دخل الخَطا والعساكر إلى خيمته، فلم يجدوه، فنهبوا الخزائن والخيول، فيقال: إنّه كان في خزائنه عشرة آلاف ألف دينار وألف حِمْل قماش أطلس وغيره. وكانت خيله عشرين ألف فرس وبَغْل، وَلَهُ عشرة آلاف مملوك. فهرب وركب في مركب
__________
[1] في مرآة الزمان 8/ 598 وما بعدها.(44/364)
صغير إلى جزيرة فيها قلعة ليتحصّن بها، فأدركه الْأجل، فدُفن عَلَى ساحل البَحْر، وهرب ولداه، وتفرقت الممالك بعده، وأخذت التَّتَار البلاد.
قُلْتُ: وكانت سلطنة علاء الدِّين مُحَمَّد بن تكش في سنة ستّ وتسعين وخمسمائة عند موت والده السُّلْطَان علاء الدِّين تِكش.
قَالَ الموفّق عَبْد اللّطيف: كَانَ تِكش أعْوَرَ قميئا كثيرَ اللّعب بالملاهي، استُدعي من الدّيوان العزيز لدفع أذَى طُغريل السَّلْجُوقيّ صاحب همذان، فقَتَل طُغْريل وسَيَّر برأسه، وتَقَدَّم بطلب حُقوق السَّلْطَنة، فتحرّكت أمَّةُ الخَطا إلى بلاده، أَوْ حُرّكت، فألجأته الضرورة أن يرجع- يعني إلى خُوَارِزْم-.
وتولَّى بعده الْأمر ولداه، فَكَانَ ابنه محمدٌ شُجاعًا، شَهمًا، مِغْوارًا، مِقْدامًا، سَعْد الوُجهَة، غَزّاءً، لَا ينشف لَهُ لبد، ويقطع المسافات الشَّاسعة في زمان لَا يتوهم العدو أَنَّهُ يقطعها في أضعافه. وَكَانَ هجّاما، فاتكا، غَدَّارًا، فأوّل ما فتك بأخيه، فأُحضِرَ رأسُهُ إليه وَهُوَ عَلَى الطعام، فلم يكترث. وَكَانَ قليل النَّوم، كثير اليقظة، طويل النَّصب، قصير الراحة. يخدم في الغارات أصحابه، ويهجعون وَهُوَ يحرسهم. وثيابه وعدَّة فرسه لَا تبلغ دينارا. لذّته في نَصَبه، وراحته في تعبه، كثير الغنائم والْأنفال، سريع التّفريق لها والإنفاق. وَكَانَ لَهُ معرفة ومشاركة للعُلماء، وصَحِبَ الفخرَ الرَّازِيّ قبل المُلك، فَلَمَّا تملَّك رَعَى لَهُ ذَلِكَ، فوسَّع عَلَيْهِ الدُّنْيَا وبسط يده.
لكنّ هذا المَلِك أفْسد رأيه العُجْب، والتيه، والثِّقة بالسَّلامة، وأوجب لَهُ ذَلِكَ أن يستبدّ برأيه، ويُنكّب عن ذكر العواقب جانبا، واستهان بالْأعداء، ونسي عواقب الزّمان، فمن عُجْبه كَانَ يَقُولُ: «مُحَمَّد ينصر دين مُحَمَّد» ثُمَّ قطع خُطبة بني العَبَّاس من مملكته، وتركَ غزو الكُفَّار، وأخذَ يتصدّى لعداوة قِبلة الإِسْلَام وقَلْب الشريعة بَغْدَاد، وعزم عَلَى قصد تفليس ليجعلها سرير مُلكه، ويحكم منها عَلَى بلاد الرّوم والْأرْمن والقَفْجق [1] ، وسائر بلاد العرب والعجم، فأفسد الأمور
__________
[1] ويقال: «القفجاق» أيضا.(44/365)
بإساءة التّدبير، وقَتَل نفسه بشدَّة حرصه وحركته قبل وقته، وأراد أن يتشبّه بالإسكندر، وأين الْأعمى من المُبصر؟ وأين الوليّ من رجل تركيّ؟ فإنّ الإسكندر مع فضله وعدله وإظهاره كلمة التّوحيد، كان في صحبته ثلاثمائة حكيم، يسمع منهم ويطيع، وكان معلّمه أرسطوطاليس نائبة عَلَى بلاده، ولا يحلّ ولا يعقد إِلَّا بمشورته ومُراسلته في استخراج رأيه.
كذا قَالَ الموفّق، وأخطأ في هَذَا كغيره، فليس إسكندر صاحب أرسطوطاليس هو الّذي قصّ الله سبحانه قصّته في القرآن، فالذي في القرآن رجل مؤمن، وأمّا الآخر فمشرك يعبد الوثن، واسمه إسكندر بن فلبّس المقدونيّ، عَلَى دين الحُكماء- لَا رعاهم اللَّه- ولم يملك الدُّنْيَا ولا طافَها، بل هُوَ من جُملة ملوك اليونان.
ثُمَّ قَالَ الموفّق: وقد عُلم بالتّجربة والقياس أنّ كلّ ملكٍ لَا يكون قصده إقامة وبسط العدل والعمارة فَهُوَ وشيك الزوال، فأول ما صنع هَذَا أَنَّهُ ظاهر أمَّة الخطا، فنازلهم بأمَّة التَّتَر حَتَّى استأصلهم، ولم يُبق منهم إِلَّا من دخل تحت طاعته، وصار من عسكره. واستخدم سبعة أمراء من أخواله وجعلهم من قلب عسكره وخواصّه. ثمّ انتقل إلى أمَّة التَّتَر فمحقهم بالسّيف ولم يبق منهم إِلَّا مستسلم في زمرته. وكانت بلاد ما وراء النَّهْر في طاعة الخطا، وملوك بخارى وَسَمَرْقَنْد وغيرهما يؤدّون الْأتاوة إلى الخطا، والخطا يبسطون فيهم العدل. وكانت هذه الْأمم سدّا بين تُرك الصين وبيننا، ففتح هَذَا الملك بقلة معرفته هَذَا السّدّ الوَثيق. ثمّ أفسَد تلك الممالك والْأمصار، وأتى عَلَى إخراب البلاد وإفساد القلوب، وإيداعها أصناف الإحن والعداوات، وظنّ أَنَّهُ لم يُبق فيهم مَنْ يقاومه، فانتقل إلى خُرَاسَان وسِجستان وكِرمان ثمّ العراق وأَذْرَبِيجَان، وطمِعَ في الشَّام وَمِصْر، وحدَّثته نفسه بجميع أقطار الْأرض. وَكَانَ ذَلِكَ سهلا عَلَيْهِ قد يسَّرَه اللَّه لَهُ لو ساعده التوفيق بحُسن التدبير وأصالة الرأي والرّفق وعدم العَسف. وَكَانَ يستحضر التُّجَّار ويكشف منهم أخبار الممالك النائية.
وفي بعض اللّيالي قَالَ لي ابن أَبُو يَعْلَى وزير الملك الظاهر غازي: إِنَّ السُّلْطَان الليلة مهموم، لِما اتصل بِهِ من أخبار خُوَارِزْم شاه وطمعه في الشَّام.(44/366)
فَقُلْتُ لَهُ: هَذَا سعادة للسُّلطان ولك ولي. قَالَ: وكيف؟ قُلْتُ: هَذَا مَلِكٌ واسع الدّائرة لَا يقدر أن يقيم بالشام، وغَرَضه القهر والاستيلاء، وسلطاننا فيه مَلق وحُسن تودّد ومُداراةٍ، فَإِذَا قرب لاطفه وأتحفه، فَإِذَا استولى عَلَى ممالك الشَّام لم يجد من يستنيبه عَلَيْهِ سواه. قَالَ: وكيف عرفت هَذَا؟ قُلْتُ: من التُّجَّار. فَلَمَّا أصبح قصّ عَلَيْهِ ما جرى فسُرّي عَنْهُ، وأمرَ أن يُحقّق ذَلِكَ، فاستدعى بتاجر خبير بغدادي، وحادثة، فزعم أَنَّهُ حاضره وبايعه، وذكر من أحواله أَنَّهُ يبقى أربعة أيام أَوْ نحوها عَلَى ظهر فَرسِهٍ ولا ينزل، وإنما ينتقل من فرس إلى فرس، ويتضمّر، ويطوي البلاد. وَأَنَّهُ ربّما أتَى البلد الَّذِي يقصده في نفرٍ يسير فيهجُمُه ثُمَّ يُصبحه من عسكره عشرة آلاف ويمسيه عشرون ألفا، وفي كثير من الْأوقات يأتي المدد، وقد قضى الحاجة بنفسه. وفي كثير من الأوقات يبعث البعوث ويأتي أخيرا وقد قضيت الحاجة أولا. وربما هَجَم البلد في نفر دون المائة فيقضي حاجته. وربما قَتل ملك ذَلِكَ البلد أَوْ أسره ثُمَّ تتدفق جموعه. وَقَالَ: إن سرجه ولجامه لَا تبلغ قيمتها دانقا، ولا تبلغ قيمة ثيابه دانقين. وحكى أَنَّهُ في بعض غاراته نزل بأصحابه آخر الليل وكانوا نحو سبعين فارسا، فأمرهم بالهجعة، وأخذ خيلهم يسيّرها بعد ما استقى من بئر وسقى الجميع، فَلَمَّا علِم أَنَّهُم قد أخذوا من النّوم بنصيبٍ أيقظ بعضهم وأمرهم بالحراسة، ثُمَّ هجع يسيرا ونهض ونهضوا كالعفاريت وهجموا عَلَى المدينة، وقَتَل ملكها.
وسألني الوزير عَنْهُ مرّة أخرى، فَقُلْتُ: لَا يمكنه أن يدخل الشام، لأنّه إن أتى بجَمْع قليل لم ينل غرضا مَعَ شجاعة أهل الشَّام والفلّاحون يكفونه، وإن أتى بجمع كثير لم تحمله الشَّام، لأنّ خيلهم تأكل الحشيش، ولا حشيش بالشام، وأمّا الشّعير ففي كلّ مدينة كفاية دوابّها. ثُمَّ أخذتُ أحسب معه ما في حلب من الدوّابّ فبلغت مع التّكثير خمسين ألفا، فإذا ورد سبعمائة ألف فرس، أخذوا عليق شهر في يوم أَوْ يومين، ثُمَّ إنهم لَيْسَ لهم صناعة في الحرب سوى المهاجمة. وأخذهم البلاد إنّما هُوَ بالرّعب والهَيْبَة لَا بالعَدْل والمَحَبة، وهذه الحال لَا تنفع مَعَ شجاعة أهل الشَّام.
وعُقيب موت الملك الظّاهر غازي، وصلَ رسوله إلى حلب، فاحتفل(44/367)
النَّاس، وخرجت الدّولة للقائه، وإذا بِهِ رجل صوفيّ، وخلفه صوفيّ قد رفع عُكّازًا عَلَى رأسه، ومعه اثنان من عسكره، ورسول صاحب إربل، فصعد القلعة، وَقَالَ بحضرة الْأمراء: سلطان السلاطين يسلّم عليكم، ويعتُب إِذْ لم تهنئوه بفتح العراق وأَذْرَبِيجَان، وَإنَّ عدد عسكره قد بلغ سبعمائة ألف، فأحْسنوا المعذرة بأن قَالُوا: نَحْنُ في حُزن بموت ملكنا وضعف في نفوسنا وَإِذَا بسطنا فنحن عبيده.
وَكَانَ كلامه وشكله يشهد بقلة عقل مُرسله. ثُمَّ توجّه إلى الملك العادل بدمشق، فَقَالَ: سلطان السلاطين يسلّم عليك، وَقَالَ: تصل الخدمة، فقد ارتضيناك أن تكون مُقدّم الركاب. فَقَالَ: السَّمْع والطاعة، ولكن لنا شيخ هو كبيرنا نشاوره، فَإِذَا أمر حضرنا، قَالَ: ومن هُوَ؟ قَالَ: أمير المؤمنين. فانصرف، وَالنَّاس يهزءون منه.
قَالَ: وسمعنا أَنَّهُ جعل عزّ الدِّين كَيْكَاوِس صاحب الروم أمير علم لَهُ، والخليفة خطيبا، وكلّ ملك جعل له خدمة! وأمّا الملوك الدّين كانوا بحضرته، فَكَانَ يذلّهم ويهينهم أصنافَا من الإهانات، فَكَانَ إِذَا ضُرب لَهُ النُّوبة يجعل طبول الذَّهَب في أعناق الملوك وهم قيام يضربون، وَهَذَا يدلّ عَلَى اغتراره بدُنياه وقِلَّة ثِقته باللَّه تعالى.
ثُمَّ إِنَّهُ وصل همذان وأصبهان، وبثّ عساكره إلى حلوان وتُخوم إربل، وواصله مُظَفَّر الدِّين بالمُؤن والْأزواد، وخافه أهلُ بغداد، فجمعوا وحشدوا واستعدّوا للحصار واللّقاء جميعا، ثُمَّ إنّ اللَّه أجراهم عَلَى جميل عادته في أن يدافع عَنْهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُ اختلّت عَلَيْهِ بلاد ما وراء النهر، فرجع على عقبيه، وقهقر، لَا يدري ما خلفه ممّا بين يديه. وأيضا فَإِنَّهُ لَمَّا وصل حلوان نزل عليهم ثلْج ونوء عظيم. فَقَالَ بعض خواصّه: هَذَا من كرامات بيت النّبوّة.
وَلَمَّا أَبَاد أمَّتي الخَطا والتَّتَر وهم أصحاب الْجَند وتُركستان وتَنْكت ظهرت أمم أخر يسمون التَّتَر أَيْضًا، وَهُوَ صنفان: صنف يسكنون طمغاج وما يليها، ويسمّون الإيوانية، وصنف يسكنون ممّا يلي الهند وصين الصّين بجبلٍ يُسمى سَنك سُلاخ وفيه خرق إلى الهند، ومنه دخل السُّلْطَان مُحَمَّد هَذَا إلى الهند، فجاءهم(44/368)
من حيث لَا يحتسبون، فوقع بين طائفتي التَّتَر، فانهزمت الإيوانية من الطَمْغاجية إلى أن خالطوا أطراف بُخَارَى وَسَمَرْقَنْد، واتصل بهم: أَنَّ السُّلْطَان مُحَمَّدًا بنواحي بَغْدَاد، وأنّ المسافة بعيدة، فطمعوا في البلاد بخُلُوّها عَنْهُ، فأتاه الخبر وَهُوَ بهمذان، فارتد عَلَى عقبيه حَتَّى قَدِمَ بُخَارَى، فجمع وحَشَد وعزمَ عَلَى لقائهم، وسيَّر ولده جلال الدِّين بخمسة عشر ألفا وجعلهم كَمينًا، فنمّ الخبر إلى الطمغاجية، وملكُهم هُوَ جنكزخان فوقعوا عَلَى الكمين فطحنوه. وهربَ جلالُ الدِّين بعد جهد جهيد حَتَّى اتصل بأبيه، فأجمع رأيه عَلَى أن يضرب معهم مصافّا فثبتوا عند اللقاء أَوَّل يوم، فعجب من ذَلِكَ السُّلْطَان مُحَمَّد إِذْ لم تجر لَهُ عادة أن يثبت بين يديه عدوّ، فَلَمَّا ثبتوا اليوم الثاني والثالث ضعُفت مُنَّتُه ومُنَّة [1] أصحابه، وتغيّرت نياتهم، واستشعروا الخوف والخور، ثُمَّ وصلت الجواسيس تخبره بأنّ العدوّ عَلَى نصف عسكره في العدد، فخيّل إِلَيْهِ تعسُ الجدّ أنّ في أصحابه مُخامرين، فقبض عَلَى كُبرائهم، فازدادت النيّات فسادا، وتوهّم أنّ عسكره قد صفا، فضرب معهم مصافا آخر فتطحطح ووصل بُخَارَى مُنهزمًا، ونادى إلى النَّاس: استعدّوا للحصار ثلاث سنين. فتخلّوا عَنْهُ، فرأى من الرأي أن يرجع إلى نَيْسَابُور ويجمع بها الجيوش، ولم يظنّ أنّ الطمغاجية يتعدّون جيحون. فأخذوا بُخَارَى في ثمانية أيام، وأبادوا أهلها، ثمّ هجموا خُرَاسَان. فأشار عَلَيْهِ وزيره عماد المُلك أن يلحق بهمذان، وضمن لَهُ أن يجمع لَهُ من العساكر والْأموال مقدار حاجته، فما وصل الري إِلَّا وطلائعهم عَلَى رأسه، فانهزم إلى قلعة بَرَجين [2] وقد نَصَب، فأقام بها يومين، وَإِذَا بهم عَلَيْهِ، فسحّب نفسه إلى دربند قارون- موضع في تخوم بارس- ومعه ثلاثمائة فارس عُراة، لَيْسَ فيهم رمق، فَلَمَّا مضَّهُم الجوع استطعموا من أكرادٍ هناك، فلم يحتفلوا بهم، فقالوا: السُّلْطَان معنا، فقالوا: ما نعرف السُّلْطَان. فَلَمَّا ألحفوا في المسألة أعطوهم شاتين وقصعتي لبن، فتوزعُوها.
ثمّ رجع إلى نهاوند، ومرّ عَلَى أطراف البلاد إلى همذان ثُمَّ إلى مازندران،
__________
[1] المنّة: القوة.
[2] لم يذكرها ياقوت في «معجم البلدان» .(44/369)
وقعقعة رماحهم وسيوفهم قد ملأت مسامعه ومناظرة، فنزل ببحيرة هناك بموضع يعرف بآوْكرم، فمرض بالإسهال الذَّريع، وطلبَ دواء فأعوزه الخُبز، ومات هناك.
وذُكر أَنَّهُ حُمل في البَحْر إلى دِهِستان.
وذكر آخرون: أَنَّهُ لَمَّا صار في السفينة لم يزل يضرب رأسه بجدرانها إلى أن مات.
وأمَّا ابنه جلال الدِّين فتقاذفت بِهِ البلاد فرمته بالهند، ثُمَّ ألقته الهند إلى كرمان، كما يأتي في ترجمته، إن شاء الله.
وقال شمس الدّين الجزريّ- أبقاه اللَّه- في «تاريخه» [1] : كَانَ لخُوارزم شاه علاء الدِّين تُضرب النَّوبة في. أوقات الصلوات الخمس كعادة المُلوك السَّلجوقية، فَلَمَّا قصد العراق في سنة أربع عشر وستمائة تركها تُضرب لأولاده جلال الدِّين وغيره، وجعل لنفسه نوبة ذي القرنين كانت تُضرب وقت المطلع والمغيب، فعملها سبعة وعشرين دَبْدَبة من الذَّهَب، ورصّعها بالجواهر. ونصّ يوم اختيرَ لضربها عَلَى سبعة وعشرين ملكا من أكابر الملوك وأولاد السلاطين، وقصد التَّجبّر والعظمة. ثُمَّ قصد العراق في أربعمائة ألف فوصل إلى همذان.
وَقِيلَ: كَانَ معه ستمائة جتْر [2] ، تحت كلّ جِتْر [3] ألف فارس. وَكَانَ قد أباد الملوك واستحوذ عَلَى الْأقاليم. ثمّ قَالَ: هَذَا ما نقله ابن الْأثير وغيره.
قَالَ شمسُ الدِّين [4] : وحكى لي تقيّ الدِّين أَبُو بَكْر بن عَليّ بن كمجُون الْجَزَريّ السَّفار، سنة نيّف وسبعين، قَالَ: حَدَّثَنِي ابن عمّي شمس الدّين محمد
__________
[1] اختصره المؤلف- رحمه الله- ونشر باسم «المختار من تاريخ ابن الجزري» ، بتحقيق خضير عباس محمد خليفة المنشداوي- طبعة دار الكتاب العربيّ، بيروت 1408 هـ/ 1988 م- والنقل من صفحة 106 بتصرّف.
[2] الجتر: بكسر الجيم سكون التاء. لفظ فارسي، معناه القبّة أو الخيمة أو الشمسية من الحرير الأصفر، مزركش بالذهب وعلى أعلاها طائرة من فضة مطلية بالذهب. (السلوك ج 1 ق 2/ 443 حاشية 1) .
[3] في الأصل: «تحت كل تحت جتر» وهو شطح قلم من المؤلّف- رحمه الله-.
[4] في المختار من تاريخ ابن الجزري 108.(44/370)
التَّاجر- وَكَانَ صاحب الجزيرة يبعث معه إذا سافر إلى العجم هدايا إلى السُّلْطَان خُوَارِزْم شاه، فكانوا يحترمون ما يبعث بِهِ لكونه من بقايا بني أتابك زنكي- قَالَ:
فكنتُ في جيش الملك خُوَارِزْم شاه ومعه يومئذٍ مقدار ستمائة ألف راكب ومعهم أتباع تقاربهم، وَتِلْكَ البراري تموجُ بهم كالبحر، فبينما هُوَ في بعض الليالي في المخيّم، وإذا بصوت ينادي: «يا كفرة اقتلوا الفجرة» فتُتُبع ذَلِكَ الصوت فلم يرَ أحدٌ إِلَّا طيور طائرة، فَلَمَّا كَانَ ثاني ليلة سُمع ذَلِكَ الصوت بعينه وَرَأَى الطيور، فلمّا كانت الليلة الثالثة سمع ذَلِكَ الصوت بعينه، فما سكت إِلَّا وقد دخل إِلَيْهِ خاله، فحذّره من الفتك بِهِ- كما ذكرنا-.
قَالَ: وحكى لي الصالح غرس [1] الدِّين أَبُو بَكْر الإربليّ، قَالَ: كَانَ ابن خالتي من حُجّاب مُظَفَّر الدِّين صاحب إربلّ، فحدّثني، قَالَ: أرسلني مُظَفَّر الدِّين إلى خُوَارِزْم شاه رسولا فأكرمني، وأجلسوني فوق رَسُول الخليفة، وفوق الملوك الذين هم في خدمته، فَكَانَ عدَّة من التقينا من عسكره، وممّن هو داخل في طاعته ثلاثمائة ألف وخمسين ألفا، وكنّا كلّما جئنا إلى مكان يقولون: هَذَا رَسُول الفقير مُظَفَّر الدِّين. فسألت بعض الوزراء: كم تكون عدَّة جيش السلطان؟ قال: المدوّنة ثلاثون تومانا، التومان: عشرة آلاف.
قُلْتُ: وكانت دولته إحدى وعشرين سنة [2] .
ثُمَّ رأيت سيرته وسيرة ولده لشهاب الدّين مُحَمَّد بن أَحْمَد بن عَليّ النّسويّ في مُجَلَّد [3] ، فذكر فيه سعة ممالكه وقهره البلاد والعباد، واستيلائه عَلَى خُرَاسَان، وخوارزم، وأطراف العراق، ومازندران، وكرمان، ومكران، وكيش، وسجستان، والغور، وغزنة، وباميان، وما وراء النهر والخطا، وما يقارب أربعمائة مدينة. وذكر من عظمة أمّه تركان الخَطائية [4] ، أمورا لم يُسمع بمثلها، من عظمتها ونفوذ أمرها، وقتلها النفوس، وجبروتها. وأنّ جنكزخان أسرها، ورأت الذّلّ والهوان والجوع.
__________
[1] في المطبوع من المختار 108 «غراس» .
[2] زاد في (المختار 100) : «وأشهرا» .
[3] نشر في مصر سنة 1953 بعنوان: «سيرة السلطان جلال الدين منكبرتي» ، بتحقيق حافظ أحمد حمدي.
[4] نسبة إلى بلاد الخطا.(44/371)
قَالَ النّسويّ: وَلَمَّا رحل من حافّة جيحون إلى نَيْسَابُور وَالنَّاس يتسلّلون لم يقم بها إِلَّا ساعة رُعبًا تمكّن من صدره، وذُعرًا داخل صميم قلبه، فحكى لي الْأمير تاج الدِّين عُمَر البسطاميّ قَالَ: وصل السُّلْطَان بسطام، فاستحضرني وأحضر عشرة صناديق، وَقَالَ: هذه كُلّهَا جوهر، وفي هذين الصندوقين جوهر يساوي خِراج الدُّنْيَا بأسرها، فأمرني بحملها إلى قلعة أرْدهْن [1] ، ففعلتُ، وأخذت خطّ متولّيها بوصولها مختومة. فحاصر التَّتَار القلعة إلى أن صالحهم متولّيها عَلَى تسليم الصناديق إليهم بختومها، فحملت إلى جنكزخان. ووصل السُّلْطَان إلى أعمال همذان في عشرين ألفا، فلم تُرعه إِلَّا صيحة العدو، فقاتلهم بنفسه، وشمل القَتْل جُلّ أصحابه، ونجا هُوَ في نفر يسير إلى مازندران ثُمَّ إلى حافّة البَحْر، فأقام بقرية هناك يحضر المسجد، ويصلّي مَعَ إمام القرية، ويبكي، وينذر النذور إنْ سلِم، إلى أن كبسه التَّتَار بها، فبادر إلى مركب، فوقعت فيه سهامهم، وخاض خلفه ناس، فغرقوا.
وَحَدَّثَنِي غير واحد ممّن كانوا مَعَ السُّلْطَان في المركب، قَالُوا: كُنّا نسوق المركب، وبالسلطان من علَّة ذات الجنب ما آيسة من الحياة، وَهُوَ يُظهر الاكتئاب ضجرا، ويقول: لم يبق لنا من ملكنا قدْر ذراعين، تُحفر، فنُقبر، فما الدُّنْيَا لساكنها بدار. فَلَمَّا وصل إلى الجزيرة سُرّ بذلك، وأقام بها فريدا طريدا والمرضُ يزداد. وَكَانَ في أهل مازندران ناس يتقرّبون إِلَيْهِ بالمأكول والمشروب وما يشتهيه، فَقَالَ في بعض الْأيام: أشتهي أن يكون عندي فرس ترعى حول خيمتي. فَلَمَّا سَمِعَ الملك حسن أهدَى لَهُ فرسًا. ومن قبل كَانَ اختيار الدِّين أميرُ آخر السُّلْطَان مُقدَّمًا عَلَى ثلاثين ألف فارس يَقُولُ: لو شئت لجعلتُ أصحابي ستّين ألفا من غير كُلفة، وَذَلِكَ أنني أستدعي من كلّ جشار [2] للسلطان في البلاد جوبانا [3] فينيفون عَلَى ثلاثين ألفا. فتأمّل يا هَذَا بُعد ما بين الحالتين!
__________
[1] من أعمال الري (معجم البلدان) .
[2] جشار: من الجشر، وجمعه: جشارات، ويقال: جشير أيضا. وتدلّ على الخيل والبقر التي تلازم المرعى ولا ترجع إلى الحظيرة بالليل. ويقال: «دشار» تسهيلا للنطق. (تكملة المعاجم العربية) لرينهارت دوزي- تعريب الدكتور محمد سليم النعيمي- طبعة وزارة الثقافة والأعلام، بغداد 1980- ج 2/ 215) . ويقال- عندنا- بالعاميّة-: «داشر» ومنه المثل الشعبي: «المال الداشر يعلّم الناس السرقة» .
[3] الجوبان: الراعي، بالتركية.(44/372)
ومن حمل إليه في تِلْكَ الْأيام شيئا من المأكول وغيره، كتب لَهُ توقيعا بمنصب جليل، وربّما كَانَ الرجل يتولّى كتابة توقيع نفسه لعدم مُوقّع، فأمضاها بعد ولده جلال الدِّين. ثُمَّ حلّ بِهِ الحِمام، وانقضت الْأيام، فغَسَّله شمسُ الدِّين محمود الجاويش، ومقرّب الدِّين الفرّاش، وما كَانَ عنده كفن، ودفن بالجزيرة.
أذلَّ المُلُوكَ وصادَ القُرُومَ ... وصيَّرَ كُلَّ عزيزٍ ذليلا
وحفَّ الملوكُ بِهِ خاضعين ... وزُفُّوا إِلَيْهِ رَعيلًا رعيلا
فَلَمَّا تمكَّنَ منْ أمرِه ... وصارت لهُ الْأرضُ إِلَّا قليلا
وأوهَمَهُ العزُّ أَنَّ الزمانَ ... إِذَا رامهُ ارتدَّ عَنْهُ كليلا
أتتْه المَنيَّةُ مُغتاظةً ... وسلَّتْ عَلَيْهِ حساما صقيلا
كذلك يُفعل بالشّامتينِ ... ويُفنيهم الدهرُ جيلا فجيلا
478- مُحَمَّد بن ثَروان بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الصَّمَد بْن عَبْد الباقي.
الزّاهد، القدوة، أَبُو عَبْد الله القضاعيّ، القيسيّ، التّدمريّ. شيخ تدمر.
تُوُفِّي في رمضان من السنة، وَلَهُ ثلاثٌ وستّون سنة.
وقد صحب والده الشَّيْخ الكبير ثروان، صاحب الشَّيْخ أَبِي البيان القُرَشِيّ الدِّمَشْقِيّ، رحمهم اللَّه.
نقلته من تعاليق عَلَم الدِّين البِرْزَاليّ.
479- مُحَمَّد بن الحَسَن بن عليّ.
أبو الحسن ابن النَّجَّار البَغْدَادِيّ الضّرير، المُقْرِئ.
قرأ بالروايات الكثيرة عَلَى أَبِي الحَسَن بن المُرَحَّب البطائحيّ، وَسَمِعَ منه ومن شُهدة. وأقرأ، وَحَدَّثَ.
وعاش سبعين سنة، ومات في جُمَادَى الْأولى.
480- مُحَمَّد بن ريحان بن عبد الله [1] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن ريحان بن عبد الله) في: تاريخ ابن الدبيثي (شهيد علي) ورقة 43، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 8 رقم 1726 و 24 رقم 1760، والمختصر المحتاج إليه (المستدرك) 2/ 286 رقم 85.(44/373)
مولى ثقة الدَّوْلَة أَبِي الحَسَن زوج شُهْدة الكاتبة، الشَّيْخ أَبُو عَليّ [1] .
سَمِعَ من: شُهْدة، وَيَحْيَى بن ثابت، والمُبارك بن المبارك السِّمّار.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وغيره.
ومات في شعبان أَوْ في صفر، وَهُوَ أصحّ [2] .
481- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه [3] بْن أَحْمَد.
أَبُو بكر ابن العَرَبيّ، الإشبيليّ، من أقارب [4] القاضي أَبِي بَكْر بن العربيّ.
قرأ لنافع عَلَى قاسم بن مُحَمَّد الزقّاق صاحب شُرَيْح.
وحجّ، فسمع من السِّلَفيّ، وغيره [5] . ثُمَّ رحل بعد نيّفٍ وعشرين سنة إلى الشَّام والعراق [6] ، وأخذ عَن عَبْد الوَهَّاب بن سُكَيْنة وطبقته.
ورجع فأخذوا عَنْهُ بقُرْطُبَة وإشبيلية. ثُمَّ سافر سنة اثنتي عشرة، وتصَوَّف، وتعَبَّد، وَتُوُفِّي بالإسكندرية.
482- مُحَمَّد بن عَبْد السّيّد [7] بن عليّ.
أبو نصر ابن الزّيتونيّ، البَغْدَادِيّ.
عُنِيَ بطلب الحديث عَلَى كِبَر السِّنّ، وَسَمِعَ من: ابن شاتيل، والقزّاز، وعَليِّ ابن الطَّرّاح، وابن بَوْش. وأكثر عَلَى ابن الْجَوْزيّ.
__________
[1] هكذا في الأصل بخط المؤلف. والصحيح: «أبو عبد الله» كما في مصادر ترجمته.
[2] ولهذا ذكره المنذري مرتين، ولم يتنبّه إلى ذلك، كما لم ينبّه إليه الدكتور بشار عوّاد معروف في تحقيقه لكتابه التكملة. ففي الأولى جعل وفاته في ليلة الثامن من صفر (3/ 8 رقم 1726) ، وفي الثانية جعل وفاته تحت عنوان «بقية سنة سبع عشرة وستمائة» ، ولكنه قال: «وفي هذه الليلة أيضا توفي» ، وهو يذكر المتوفين في شهر رمضان وليس شعبان وسمّاه هنا: «محمد بن أبي الخير رَيْحان بن تِيكان بن مُوسَك بن عَليّ» ، ومثله في: المختصر المحتاج إليه (المستدرك) 2/ 286 رقم 85.
[3] انظر عن (محمد بن عبد الله) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 603.
[4] كتب المؤلف- رحمه الله- فوق: «من أقارب» : كلمة: «حفيد» .
[5] كانت سفرته الأولى سنة 572 هـ.
[6] في سنة 596 هـ.
[7] انظر عن (محمد بن عبد السيد) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 91 رقم 302، والتكملة لوفيات النقلة 2/ 11 رقم 1735.(44/374)
ونسخ الكتب الكبار «كالمسند» ، و «تاريخ» الخطيب، و «الطّبقات» لابن سَعْد، والتّفاسير. وقرأ الكثير.
وَكَانَ صدوُقًا، صالحا متودِّدًا، ذا مروءة.
وُلِدَ سنة بضع وثلاثين [1] ، ومات في سادس وعشرين ربيع الآخر.
رَوَى عَنْهُ: ابن النَّجَّار، وغيره.
483- مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم [2] بْن مُحَمَّد بْن منصور.
الفقيه أبو زيد ابن الحَافِظ العلامة أَبِي سَعْد، السَّمْعَاني، المَرْوَزِيّ.
رَوَى عن: أَبِي الفَتْح مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن الحمدوييّ [3] ، وجماعة، سمع منهم قبل السّتّين وخمسمائة. وسمع من أبيه.
وقدم بغداد رسولا ووعظ بها، وروى أحاديث في مجلس وعظه من حفظه.
وكان مولده في سنة أربع وخمسين، وانقطع خبره من هَذَا الوَقْت.
أَخْبَرَنَا ابن عساكر، أَخْبَرَنَا أَبُو زيد إجازة- فذكر حديثا.
وَهُوَ أَيْضًا من شيوخ الضِّيَاء مُحَمَّد [4] .
484- مُحَمَّد بن عُثْمَان [5] بن يوسف أَبُو عَبْد اللَّه الأنصاريّ الخزرجيّ [6] .
__________
[1] وقال ابن الدبيثي: سألته عن مولده فلم يحقّقه وذكر ما يدل أنه بعد سنة أربعين وخمسمائة بقليل.
ونقل المنذري عبارته هذه.
[2] انظر عن (محمد بن عبد الكريم) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 67، 68 رقم 276، وسيرة السلطان جلال الدين منكبرتي للنسوي 57، 58، والجامع المختصر لابن الساعي 9/ 167، والمختصر المحتاج إليه 1/ 75، 76.
وقد كتب المؤلف- رحمه الله- هذه الترجمة في الأصل بعد ترجمة «محمد بن عثمان بن يوسف» ، ثم كتب بجانبها: «م» أي يقدّم، فقدّمناه امتثالا لطلبه.
[3] في الأصل: «الحمدونيّ» وهو سبق قلم من المؤلّف- رحمه الله-.
[4] وقال ابن الدبيثي: ورأيته ببغداد في سنة اثنتين وستمائة، ولم أكتب عنه. وعاد إلى خراسان، وكان قد أجاز لنا من بلده قبل هذا التاريخ. (الذيل 2/ 68) .
[5] انظر عن (محمد بن عثمان) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 26، 27 رقم 1766، والمقفى الكبير 6/ 219، 220 رقم 2680.
[6] في الأصل والمطبوع من (تاريخ الإسلام 340) : «الجزري» . وما أثبتناه عن: التكملة والمقفى.(44/375)
الشَّافِعِيّ.
سَمِعَ بمصر من: عَليّ بن هبة اللَّه الكامِليّ، والتَّاج المسعودي، وأبي المفاخر سَعِيد المأمونيّ، وبدمشق من مُحَمَّد بن أَبِي الصَّقْر.
وَحَدَّثَ.
ومات في شَوَّال بالقاهرة.
485- مُحَمَّد بن عُثْمَان بن حسن [1] .
أَبُو بَكْر السَّلماسيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ.
البَزَّاز.
وُلِدَ سنة تسعٍ وأربعين.
وَسَمِعَ حضورا من أَبِي الوَقْت.
وَحَدَّثَ.
ومات في ربيع الآخر.
486- مُحَمَّد بْنِ عُمَر بْنِ عَليّ [2] بْنِ مُحَمَّد بن حَمَّوَيْه بن مُحَمَّد.
شيخ الشيوخ، صدر الدِّين أَبُو الحَسَن ابن شيخ الشيوخ عماد الدّين أبي الفتح، الجوينيّ، البحيرآبادي آباذي، الصّوفيّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عثمان بن حسن) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 107، 108 رقم 722، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 9 رقم 1730، والمختصر المحتاج إليه 1/ 87.
[2] انظر عن (محمد بن عمر بن علي) في: إكمال الإكمال لابن نقطة (الظاهرية) ورقة 84، والكامل في التاريخ 12/ 400، وذيل الروضتين 125، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 15، 16 رقم 1747، ومفرّج الكروب 4/ 91، والمختصر في أخبار البشر 3/ 133، والإشارة إلى وفيات الأعيان 323، والعبر 5/ 70، 71، والإعلام بوفيات الأعلام 254، وسير أعلام النبلاء 22/ 79، 80 رقم 57، ومرآة الجنان 4/ 39، والوافي بالوفيات 4/ 259 رقم 1789، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 40 (8/ 96، 97) ، والبداية والنهاية 13/ 93، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 170، وعقد الجمان 17/ ورقة 407، وطبقات الشافعية للمطري، ورقة 204 أ، والنجوم الزاهرة 6/ 251، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 23، 24، والعسجد المسبوك 2/ 383، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي، ورقة 48، وحسن المحاضرة 1/ 191، والمقفى الكبير 6/ 420- 422 رقم 2910، وشذرات الذهب 5/ 77.(44/376)
وُلِدَ بجُوَيْن [1] ، وتَفَقَّه عَلَى أَبِي طَالِب محمود بن عَليّ بن أَبِي طَالِب الأصبهانيّ، صاحب «التَّعليقة» المشهورة. وَقَدِمَ الشَّام مَعَ والده، وتَفَقَّه بدمشقَ عَلَى القُطب مَسْعُود بْن مُحَمَّد النَّيْسَابُوري حَتَّى برع في المذهب.
وَسَمِعَ من: أَبِيهِ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيّ.
ووليَ المناصب الكبار، وتخرَّج بِهِ جماعة. ودَرَّسَ، وأفْتى. وزوّجه القُطب النَّيْسَابُوري بابنته، فأولدها الإخوة الْأربعة الْأمراء الصُّدور: عماد الدِّين عُمَر، وفخر الدِّين يوسف، وكمال الدِّين أَحْمَد، ومعين الدِّين حسن. ثُمَّ إِنَّهُ عظُم في الدَّوْلَة الكاملية، وارتفع قدره. وولي تدريس الشَّافِعِيّ، ومشهد الحُسَيْن، وغير ذَلِكَ. وسيّره الكامل رسولا إلى الخليفة يستنجد بِهِ عَلَى الفرنج في نَوبَة دِمْيَاط، فمرض بالمَوْصِل، ومات بعِلَّة الذّرب في جُمَادَى الآخرة، أَوْ في جُمَادَى الْأولى.
قَالَ المُنْذِريّ [2] : سَمِعْتُ منه، وخرَّجت لَهُ عن المُجيزين لَهُ كأبي عَليّ الحَسَن بن أَحْمَد الموسياباذيّ، ونصر بن نصر العُكْبَريّ، وأبي الوَقْت السِّجْزِي، وجماعة، وسَأَلْتُهُ عن مولده فَقَالَ: في شوّال سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة. وَكَانَ جَدّه ممّن رحل إلى الغَزَالِي وتَفَقَّه عنده وصحبه. وكانت داره مجمع الفضلاء.
وَكَانَ جدّ أَبِيهِ عَلَم الزُّهاد، وشيخ العارفين بجُوَين، لَهُ أحوال ومقامات.
قُلْتُ: وَكَانَ صدر الدِّين حسن السَّمْت، كثيرَ الصَّمْت، كبيرَ القدر، غزير الفضل، صاحب أوراد، وورع، وحلم، وأناة.
487- مُحَمَّد، السُّلْطَان الملك المنصور [3] ابن السُّلْطَان الملك المُظَفَّر تقيّ الدِّين عُمَر ابن الْأمير نور الدَّوْلَة شاهنشاه.
__________
[1] جوين: بضم الجيم وفتح الواو. ناحية من نواحي نيسابور.
[2] في التكملة 3/ 16 وقد اختصر المؤلّف- رحمه الله- من قوله جملة، فليراجع ويقارن بما هنا.
[3] انظر عن (السلطان الملك المنصور محمد) في: التاريخ المنصوري 90، وعقود الجمان لابن الشعار 6/ ورقة 151- 157، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 30 رقم 1776، وذيل الروضتين 124، وتاريخ الزمان لابن العبري 261، ومفرّج الكروب 4/ 77- 86، والمختصر في أخبار البشر 3/ 125، 126، ونهاية الأرب 29/ 110، والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 58، وزبدة الحلب 3/ 191، والدر المطلوب 263، 264، والإشارة إلى وفيات الأعيان 323، والعبر 5/ 71، وسير أعلام النبلاء 22/ 146.(44/377)
ابن الأمير نجم الدين أيوب بْن شاذي بْن مروان، صاحب حماه وابن صاحبها.
سَمِعَ بالإسكندرية من الإِمَام أَبِي الطاهر بن عوف الزُّهْرِيّ.
وجمعَ «تاريخا» عَلَى السنين في عدَّة مُجَلَّدات، فيه فوائد.
قَالَ أَبُو شامة [1] : كَانَ شجاعا، محبّا للعلماء يقربهم ويعطيهم.
قلت: وروى أيضا عن أسامة بن منقذ، روى عنه القوصي في «معجمه» وَقَالَ: قرأت عَلَيْهِ قطعة من كتابه «مضمار الحقائق في سر الخلائق» وَهُوَ كبير نفيس يدلّ على فضله، لم يسبقه إلى مثله.
قُلْتُ: وَتُوُفِّي والده المُظَفَّر في سنة سبعٍ وثمانين، كما تقدم، وَتُوُفِّي جَدّه في وَقْعَة الفرنج شهيدا عَلَى باب دمشق سنة ثلاثٍ وأربعين شابا، رحمه اللَّه، وخَلَّف ولدين: أحدهما: تقيّ الدِّين (عُمَر) ، والآخر: فَرُّوخ شاه نائب دمشق.
وكانت دولة الملك المنصور مُدَّة ثلاثين سنة. وقد ذكرنا من أخباره في الحوادث، وأنّه كَسَر الفرنج مرتين.
وَكَانَ مُزوّجًا بملكة ابْنَة السُّلْطَان الملك العادل، وَهِيَ أُمّ أولاده، وماتت قبله، فتأسّف عليها بحيث أَنَّهُ لبس الحداد واعتمَّ بعمامة زرقاء، قَالَ ذَلِكَ ابن واصل في «تاريخه» [2] ، وَقَالَ: ورد عَلَيْهِ السيف الآمديّ، فبالغ في إكرامه، واشتغل عَلَيْهِ.
قَالَ: وصنّف كتاب «طبقات الشعراء» وكتاب «مضمار الحقائق» [3] وهو نحو
__________
[ () ] 147 رقم 95، وتاريخ ابن الوردي 2/ 139، والوافي بالوفيات 4/ 259، 260 رقم 1790، وفوات الوفيات 2/ 498، 499، والبداية والنهاية 13/ 93، ومآثر الإنافة 2/ 64، 65، والسلوك ج 1 ق 1/ 205، وعقد الجمان 17/ ورقة 409، 410، والمقفى الكبير 6/ 413- 415 رقم 2902، والنجوم الزاهرة 6/ 250، 252، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 273، وشذرات الذهب 5/ 77، 78، وتاريخ الأزمنة للدويهي 211، وتاريخ حماة للصابوني 84، وكشف الظنون 1712، والأعلام 72/ 204، وفهرس المخطوطات المصورة ج 2 ق 3/ 11، ومعجم المؤلفين 11/ 83.
[1] في ذيل الروضتين 124.
[2] مفرّج الكروب 4/ 78 وما بعدها.
[3] واسمه الكامل: «مضمار الحقائق وسر الخلائق» . - حقّقه الدكتور حسن حبشي- طبعة عالم.(44/378)
من عشرين مُجَلَّدة. وقد جمع في خزانته من الكتب ما لَا مزيد عَلَيْهِ. وَكَانَ في خدمته ما يناهز مائتي معمَّم من الفقهاء والْأدباء والنُّحاة والمشتغلين بالعلوم الحكميَّة والمنجّمين والكُتّاب. وَكَانَ كثير المطالعة والبحث. بنى سور القلعة والمدينة بالحجر، وكانت القلعة قد بناها أَبُوه باللّبِن. وَكَانَ موكبه جليلا تُجذب بين يديه السيوف الكثيرة، حَتَّى كَانَ موكبه يضاهي موكب عمّه الملك العادل والملك الظّاهر، وجُمعت أشعاره في «ديوان» .
قُلْتُ: شِعره جيّد أورد منه ابن واصل قصائد مليحة [1] .
وتملّك حَماة بعده ولده الملك النَّاصر قِلج رسلان، فأخذ منه السُّلْطَان الملك الكامل حماة، وأعطاها لأخيه الملك المظفّر ابن المنصور، وحبس النَّاصر بالْجُبّ بمصر، فمات عَلَى أسوأ حال.
تُوُفِّي المنصور في ذي القِعْدَة.
488- محمد بن الفضل [2] بن بختيار.
__________
[ () ] الكتب، القاهرة 1968. وقد وصفه حاجي خليفة بالنفاسة ولكنه انفرد برأي لم يجاره فيه أحد ممن أشاروا إليه إذ قال: «توهّم بعض المؤرخين فأسند تأليفه إليه، وإنما صنّفه رجل من علماء عصره كما هو المفهوم من المختصر، وصاحبه أعلم به» . (كشف الظنون 1712) .
أما كتاب «طبقات الشعراء» فهو باسم: «أخبار الملوك ونزهة المالك والمملوك في طبقات الشعراء المتقدّمين من الجاهلية والمخضرمين والإسلاميين والمحدثين» منه نسخة مخطوطة في مكتبه ليدن بهولندة رقم 639 (382 صفحة) ، ومصورة بمعهد المخطوطات بالقاهرة رقم 875 تاريخ.
وعند ما كنت في مدينة الموصل سنة 1982 أطلعني الصديق الدكتور «ناظم رشيد» على نسخته التي كان يعمل على تحقيقها، ولا أدري ونحن في سنة 1995 إن كان قد نشرها، أم لا.
[1] انظر مفرّج الكروب 4/ 81- 86.
[2] انظر عن (محمد بن الفضل) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 165، 166 رقم 406، وعقود الجمان لابن الشعار 6/ ورقة 222، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 13، 14 رقم 1742، وتاريخ إربل 1/ 190 رقم 93، والمختصر المحتاج إليه 1/ 107، وميزان الاعتدال 4/ 9 رقم 8060، والمغني في الضعفاء 2/ 624 رقم 5901، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 123، والمنهج الأحمد 348، والمقصد الأرشد 1/ رقم 343، والدر المنضد 1/ 343 رقم 977، ولسان الميزان 5/ 342 رقم 1128 و 5/ 390 رقم 1268، وشذرات الذهب 5/ 76، والأعلام 7/ 2221، معجم المؤلفين 11/ 127، 128.(44/379)
أَبُو عَبْد اللَّه اليعْقُوبيّ الواعظ، المعروف بالحُجَّة.
تُوُفِّي بدَقُوقا في جُمَادَى الْأولى [1] .
سَمِعَ من: أَبِي الفَتْح بن شاتيل، وغيره. وذَكَر أَنَّهُ [سَمِعَ] [2] من أَبِي الوَقْت.
وصنَّف «غريب الحديث» . وولي خطابة بَعْقُوبا.
قَالَ ابن النَّجَّار: سكن دقوقا ووعظ بها، وَرَوَى بها عَن أَبِي الوَقْت، وعن جماعة مجاهيل، وظهر كذبه وتخليطه [3] .
489- مُحَمَّد بن أَبِي الفتوح [4] مُحَمَّد بْن أَبِي سَعْد مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عمروك.
__________
[1] وهو من مواليد سنة 543 هـ.
[2] إضافة على الأصل، وقدسها عنها المؤلف- رحمه الله-.
[3] وقال ابن الدبيثي: وكتبت عنه شيئا يسيرا، وكان قد حدّث بأحاديث من سنن أبي عبد الرحمن النسائي ذكر أنها ثلاثيات للنسائي وكانت وهما وقع في نسخة له ذكر أنه سمعها من إبراهيم بن بدر المذكور فعرف الخطأ في ذلك فترك روايتها. أنشد لي بمنزله بدقوقا من حفظه لبعض المتقدّمين:
يريد المرء أن يؤتى مناه ... ويأبى الله إلّا ما أرادا
يقول المرء فائدتي ومالي ... وتقوى الله أفضل ما استفادا
وأنشدني محمد بن الفضل البعقوبي لنفسه من كتاب كتبه إلى صديق له:
وأخلصه قلبي الولاء حقيقة ... كإخلاصه في الحب سفن النجا حقا
موال مواليهم ينال المنى بهم ... فلا زال طول الدهر في حيّهم يرقى
(الذيل 2/ 166) .
وقال ابن المستوفي: ورد إربل غير مرة، وألّف كتاب «غريب الحديث» وسمعه عليه بأربل جماعة ليسوا من أهل العلم.
ذكر أنه سمع أبا الوقت، ولم يكن معه خطّه. وقرئ عليه جزء خرّجه من مسموعات أبي الوقت عبد الأوّل، عنه، فيه موضع مضطرب الإسناد، فركب المتن على غير رجاله، وقد بيّنت ذلك في موضعه. وتكلّم عليه الماراني، وكان سمعه عليه قبلي بمدّة ولم يتعرّض له، وجزء من كتاب النسائي خلّط فيه. (تاريخ إربل) .
وذكره الحافظ ابن حجر ووقع في المطبوع من: «لسان الميزان» : «محمد بن الفضل بن ظبيان اليعقوبي» (كذا) سمع من أبي الفتح بن ساتيل (كذا بالسين المهملة) .
وقال: وهذا يقال له محمد بن أبي المكارم الآتي بعده. ولهذا أعاد ذكره بذلك الاسم دون ترجمة.
وقال ابن نقطة: لم يكن ثقة وكان جاهلا بضاعته التزوير. (لسان الميزان 5/ 342 و 390)
[4] انظر عن (محمد بن أبي الفتوح) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 25 رقم 1763.(44/380)
نجم الدِّين أَبُو عَبْد اللَّه، والد صدر الدّين، البكريّ، النّيسابوريّ، الصّوفيّ، الشافعيّ.
ولد سنة خمسين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من أَبِي طاهر السِّلَفيّ، وبدمشق من: أَبِي البركات الخضر بن عَبْد، وأبي الْقَاسِم بن عساكر.
وَحَدَّثَ.
وَكَانَ مولده بحلب، وَتُوُفِّي بدمشق.
حَدَّثَ عَنْهُ: الشِّهَاب القُوصِيّ، وغيره.
وَتُوُفِّي في ثامن عشر شَوَّال.
490- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن يبقى [1] .
أبو بكر الأنصاريّ، الخَزْرَجِي، المُرْسِيّ. العدل، المعروف بابن جبلة.
سَمِعَ من السّلفيّ، وبمكّة من عَليّ بن عَمَّار.
وسكن القاهرة، وأمّ بمسجد حارة الدَّيلم مُدَّة.
روى عنه الزكي المنذري، وقال [2] : توفي في العشرين من ذي القِعْدَة.
491- مُحَمَّد بْن المُسَلِّم [3] بْن مكي بْن خلف.
أَبُو الفضل بن عَلّان، القَيْسِيّ، الدِّمَشْقِيّ، العَدْل.
أخو أسعد ومكّي، ووالد شمس الدِّين أَبِي الغنائم المُسَلِّم.
سَمِعَ من الحافظ ابن عساكر.
وَحَدَّثَ، رَوَى عَنْهُ ابنه «نُسخة» أَبِي مسهر.
وتوفّي في سادس رجب.
__________
[1] تقدّمت ترجمته في وفيات سنة 614 هـ برقم 250، والصواب وفاته في هذه السنة.
[2] في التكملة 3/ 27 وهو الصحيح.
[3] انظر عن (محمد بن المسلّم) في: تكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 297 رقم 297، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 18 رقم 1750.(44/381)
492- مُحَمَّد بن أَبِي طاهر المُؤَمِّل [1] بن نصر بن المُؤَمِّل.
أَبُو بَكْر البُعْقُوبيّ.
وُلِدَ سنة أربعين وخمسمائة ببَعْقُوبا.
ودخل بَغْدَاد مِرارًا، وَسَمِعَ بها من: أَبِي الوَقْت السِّجْزِي، وغيره.
وَحَدَّثَ.
وَيُقَال لَهُ: القِبابيّ: نسبة إلى قرية قِباب [2] بقُرب بعقوبا.
تُوُفِّي في جُمَادَى الْأولى.
رَوَى عَنْهُ: ابن النَّجَّار، وغيره.
493- مُحَمَّد بن ناصر بن أَبِي الْقَاسِم سَلْمَان بن ناصر.
أَبُو المعالي الْأَنْصَارِيّ، النَّيْسَابُوري.
سَمِعَ من: عَبْد الوَهَّاب بن الحَسَن الكِرمانيّ، وغيره.
رَوَى عَنْهُ: البِرْزَاليّ، والضّياء. وسمعنا من الشَّرف ابن عساكر بإجازته منه.
انقطع خبره في هذه السنة. وَكَانَ شيخا مُعَمَّرًا من أبناء التّسعين.
494- محمود بْن مُحَمَّد [3] بْن قُرا رسلان [4] بْن أرتق.
السُّلْطَان الملك الصالح ناصر الدّين صاحب آمد.
__________
[1] انظر عن (محمد بن المؤمّل) في: معجم البلدان 4/ 25، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 151، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 15 رقم 1746، والمختصر المحتاج إليه 1/ 150، والوافي بالوفيات 5/ 100 رقم 2109.
[2] قيّدها المنذري: بكسر القاف وباء موحّدة مخفّفة وبعد الألف مثلها مكسورة، وقال: تعرف بقباب ليث.
[3] انظر عن (محمود بن محمد) في: مفرّج الكروب 4/ 107، وذيل الروضتين 824، والكامل في التاريخ 12/ 412، والتاريخ المنصوري 93، والمختصر في أخبار البشر 3/ 130، والدر المطلوب 264 (في سنة 621 هـ) وفيه اسمه «محمد بن محمد» ، ونهاية الأرب 29/ 111، وتاريخ ابن الوردي 2/ 143، والبداية والنهاية 13/ 93، والسلوك ج 1 ق 1/ 212، والعسجد المسبوك 2/ 393، والنجوم الزاهرة 6/ 250، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 280. وسيعاد في وفيات السنة التالية برقم 577.
[4] يكتب هكذا ويكتب «أرسلان» .(44/382)
قَالَ الإِمَام أَبُو شامة [1] : كَانَ شُجاعًا، عاقلا، سخيّا، جوادا، مُحبًّا للعلماء.
قام بعده ولده الملك المسعود، وَكَانَ بخيلا، فاسقا، وَهُوَ الَّذِي أخذ منه الملك الكامل آمد، وحبسه بمصر، ثُمَّ أطلقه، فمضى إلى التَّتَار ومعه أمواله، فأُخذت منه.
وَقِيلَ: تُوُفِّي الصالح في العام الآتي.
495- محمود بن واثق [2] بن الحُسَيْن بن عليّ ابن السَّمَّاك.
الحَرِيمِيّ، العَطَّار.
حَدَّثَ عن: أَبِي الوَقْت، وجماعة.
ومات في جمادى الْأولى.
رَوَى عَنْهُ: ابن الدُّبَيْثِي، وابنُ النَّجَّار.
496- الموفَّق بن عَبْد الرشيد بن المُظَفَّر.
أَبُو الفضل العَبْدُوسِيّ، النَّيْسَابُوري، العَطَّار.
شيخٌ ثقةٌ، سَمِعَ من أَبِي البركات عبد الله ابن الفُرَاويّ.
رَوَى عَنْهُ الضِّيَاء المَقْدِسِيّ، وغيره. وأجاز للشرف ابن عساكر، والتاج بن عَصْرون، وزينب بنت كندي.
وانقطع خبرُه في هَذَا العام.
497- المُؤيَّد بن عُمَر بن عَبْد اللَّه.
النَّيْسَابُوري، السُّكَّري.
سَمِعَ من: ابن عَبْد الخالق بن زاهر، وغيره.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ البِرْزَاليّ، وحَدَّثَنَا عَنْهُ بالإجازة الشَّرف ابن عساكر، وغيره.
وانقطع خبره أَيْضًا.
498- المُؤيَّد بن مُحَمَّد [3] بْن عَليّ بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أبي صالح.
__________
[1] في ذيل الروضتين 124.
[2] انظر عن (محمود بن واثق) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 13 رقم 1741.
[3] انظر عن (المؤيد بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 26 رقم 1765، ووفيات الأعيان.(44/383)
رضيّ الدِّين أَبُو الحَسَن الطُّوسِيّ، ثُمَّ النَّيْسَابُوري المُقْرِئ، مُسْنِد خُرَاسَان في زمانه.
وُلِدَ سنة أربع وعشرين وخمسمائة.
وَسَمِعَ «صحيح» مُسْلِم، في سنة ثلاثين من أبي عبد الله الفراويّ، و «صحيح» البُخَارِي، من وجيه الشَّحَّامِيّ، وَأَبِي المعالي مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الفارسيّ، وَعَبْد الوَهَّاب بْن شاه، و «الموطّأ» من هبة اللَّه بن سَهْل السَّيِّديّ، سوى الفوت العتيق، و «تفسير» الثَّعْلَبِيّ من عَبَّاسة [1] العَصّاريّ، وأكثر «الوسيط» للواحديّ في التّفسير من عَبْد الجبّار بن مُحَمَّد الخواريّ، و «الغاية في القراءات» لابن مِهْرَان من زاهر بن طاهر الشّحّامي، و «الأربعين» للحسن بن سُفْيَان من فاطمة بنت زَعْبل، وتَفَرَّدَ بالرواية عَنْهَا وعن هبة اللَّه والفُرَاويّ، وغيرِهم.
وطالَ عُمره، ورحلَ النَّاس إِلَيْهِ من الْأقطار. وَكَانَ ثِقَةً، مُقرئًا، جليلا.
رَوَى عَنْهُ خلق كثير منهم: العلّامة جمال الدِّين محمود الحصيريّ، شيخ الحنفية، وَالإِمَام تقيّ الدِّين عُثْمَان ابن الصلاح شيخ الشافعية، والقاضي شمس الدّين أَحْمَد بن الخليل الخُوَييّ، وابنُ نُقْطَة، والبِرْزَاليّ، وابنُ النجّار، والضّياء، والمرسيّ، والصّيرفينيّ، والكمال بن طلحة، والبَكْرِي، والمجد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الإسْفَرَايينيّ، وَأَبُو الحَسَن عَليّ بن يوسف الصُّوريّ [2] ، والمجد مُحَمَّد بن سَعْد الهاشِمِيّ، وَمُحَمَّد بن عُمَر بن الخوش الْأسعرديّ، وَإِسْحَاق بن عَبْد المحسن الحَنْبَلِيّ، وشمس الدِّين زكيّ بن حسن البَيْلَقَانِيّ، ومُفَضَّل بن عَليّ القُرَشِيّ، والقاسم بن أَبِي بَكْر الإربليّ، وغيرُهم. وبالإجازة خلق منهم: شمس الدّين
__________
[ () ] 5/ 345، 346 رقم 752، والمختصر في أخبار البشر 3/ 128، وسير أعلام النبلاء 22/ 104- 107 رقم 76، والعبر 5/ 71، ودول الإسلام 2/ 121، والمعين في طبقات المحدّثين 189 رقم 2006، والإشارة إلى وفيات الأعيان 323، وتاريخ ابن الوردي 2/ 142، ومرآة الجنان 4/ 39، وغاية النهاية 2/ 325، وعقد الجمان 17/ ورقة 403- 408، والنجوم الزاهرة 6/ 251، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 25، وشذرات الذهب 5/ 78، والتاج المكلل 134، 135.
[1] عباسة لقب أبي العباس محمد بن محمد الطوسي.
[2] توفي سنة 654 هـ. (موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي) - تأليفنا- ق 2 ج 3/ 88 رقم 787.(44/384)
عَبْد الواسع الْأبهري، وتاج الدِّين مُحَمَّد بن أَبِي عصْرون، وشرف الدِّين أَحْمَد بن عساكر، وزينب البَعْلَبَكِّيَّة.
وأجازَ لَهُ القاضي أَبُو بَكْر الأنصاريّ، وَأَبُو مَنْصُور عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد القَزَّاز، وجماعة.
وَتُوُفِّي ليلة الْجُمُعة العشرين من شَوَّال، وأراحه اللَّه من التَّتَار- خذلَهُم اللَّه- فإنّهم بعد شهر أَوْ أكثر أخذوا البلاد واستباحوها [1] .
[حرف النون]
499- ناصر بن مهديّ [2] بن حمزة.
الوزير نصير الدّين، أبو الحسن المازندرانيّ.
قدم بغداد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، وقلّد وزارة أمير المؤمنين سنة اثنتين وستمائة. ثُمَّ قُبِضَ عَلَيْهِ سنة أربع.
ونشأ بالريّ.
ومات في ثامن جمادى الأولى [3] .
__________
[1] وقال ابن خلّكان: ولنا منه إجازة كتبها من خراسان باستدعاء الوالد رحمه الله تعالى في جمادى الآخرة سنة عشر وستمائة، وإنما ذكرته لشهرته وتفرّده في عصره. (وفيات الأعيان) .
[2] انظر عن (ناصر مهدي) في: الكامل في التاريخ 12/ 400، وذيل الروضتين 4224، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 12/ رقم 1739، ومفرّج الكروب 4/ 91، والجامع المختصر لابن الساعي 9/ 220، وعمدة الطالب لابن عنبة 77، والفخري 325، والدر المطلوب 208، والعبر 5/ 71، والبداية والنهاية 13/ 47، والعسجد المسبوك 2/ 383، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 26، وشذرات الذهب 5/ 78.
وذكره المؤلف- رحمه الله- في سير أعلام النبلاء 22/ 106 وسمّاه: وزير العراق النصير بن مهدي العجمي، ولم يترجم له.
[3] وقال ابن طباطبا: كان من كفاة الرجال وفضلائهم وأعيانهم وذوي الميزة منهم. اشتغل بالآداب في صباه ففاق فيها.
كان في ابتداء أمره ينوب عن النقيب عز الدين المرتضى القمّي نقيب بلاد العجم كلها، ومنه استفاد قوانين الرئاسة، وكان عزّ الدين النقيب من أماجد العالم وعظماء السادات، فلما قتل النقيب عز الدين، قتله علاء الدين خوارزم شاه، هرب ولده النقيب شرف الدين محمد وقصد مدينة السلام(44/385)
[حرف الهاء]
500- هبة اللَّه بن أَبِي العلاء [1] وجيه بن هبة اللَّه بن المبارك.
ابن السَّقَطيّ، أَبُو البركات.
وُلِدَ سنة تسع وأربعين وخمسمائة.
وسمع من: أبيه، وأبي الفتح ابن البَطِّيّ وغيرِهما.
وسكن أوَانا [2] ، وبها مات في هَذَا العام.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي.
501- هبة اللَّه بن أَبِي فراس [3] أَحْمَد [4] بن بركات.
ابن الزَّجّاج، السُّلَمِيّ، الحَرَّانيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ المُؤَدِّب، أَبُو الْقَاسِم.
رَوَى عن: أَبِي بَكْر بن النَّقُّور، وغيره.
ولم يكن جدُّهم زجَّاجًا، بل قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ يزجُّ نفسه في الحرب، فلُقِّب بذلك.
__________
[ () ] مستجيرا بالخليفة الناصر، وصحبته نائبة نصير الدين بن المهدي، وكان من عقلاء الرجال، فاختبره الناصر فرآه عاقلا لبيبا سديدا، فصار يستشير به سرا فيما يتعلّق بملوك الأطراف، فوجد عنده خبرة تامّة بأحوال السلاطين العجم ومعرفة بأمورهم وقواعدهم وأخلاق كل واحد منهم، فكان الناصر كلّما استشار به في شيء من ذلك يجده مصيبا عين الصواب، فاستخلصه لنفسه ورتّبه أولا نقيب الطالبين، ثم فوّض إليه أمور الوزارة فمكث فيها مدة تجري أموره على أتمّ سداد، وكان كريما وصولا عالي الهمّة، شريف النفس. مدحه الأبهري الشاعر الأعجمي بقصيدة مشهورة في العجم، من جملة مدحها:
وزير مشرق ومغرب نصير ملّت ودين ... كه باد رايت عاليش تا أبد منصور
صرير كلك تو در كشف مشكلات أمور ... كه هم چونغمة داود در أداى زبور
وأرسلها الأبهريّ صحبة بعض التجار مع بعض القفول وقال للتاجر: أوصلها إلى الوزير وإن قدرت ألا تعلمه من قائلها فافعل. فلما عرضت القصيدة على الوزير استحسنها وطلب التاجر ودفع إليه ألف دينار ذهبا، وقال: هذه تسلّمها إلى الأبهري ولا تعلمه ممّن هي. (الفخري 325، 326) .
[1] انظر عن (هبة الله بن أبي العلاء) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 30 رقم 1777.
[2] قيّدها المنذري بفتح الألف والواو المخفّفة المفتوحة وبعد الألف نون، قرية على عشرة فراسخ من بغداد.
[3] انظر عن (هبة الله بن أبي فراس) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 31 رقم 1779.
[4] هكذا في الأصل. وفي التكملة «حمد» من غير ألف.(44/386)
[حرف الياء]
502- يونس بن أَبِي بَكْر [1] بن كرم الحَافِظ.
أَبُو مُحَمَّد البَغْدَادِيّ. ويُعرف بالمفيد.
سَمِعَ من: ابن طَبَرْزَد، وابن سُكينة، فمَن بعدهما. وَلَهُ إجازة من أَبِي الحُسَيْن بن يوسف.
وَكَانَ ثقة مُكثرًا.
مات كهلا في ذي الحجّة.
وفيها وُلِدَ
الشَّيْخ نجم الدِّين أَحْمَد بن محسّن بن مكّي.
والكمال مُحَمَّد بن أحمد ابن النَّجَّار، وكيل بيت المال.
وشمس الدِّين مُحَمَّد بن سلمان ابن بنت غانم المُوَقّع.
والبهاء أيّوب بن أَبِي بكر ابن النحّاس، مدرس القَلِيجية.
والعماد أَحْمَد بن مُحَمَّد بن سَعْد.
وَالضِّيَاء دانيال بن مَنْكليّ الكركيّ.
والشمس خضر بن أَبِي الحُسَيْن بن عبدان الْأَزْدِيّ.
والعِماد مُحَمَّد بن عَليّ بن أَحْمَد بن القسطة.
والتاج كِندي بن عُمَر بن كندي.
والشيخ يونس بن أَحْمَد المؤذّن بجامع دمشق.
وَعُمَر بن أَبِي الفَتْح الصَّحْراويّ، نزيل مِصْر.
وعَليِّ بن أَحْمَد بن عَبْد الدّائم.
وإدريس بن مُحَمَّد بن عبد العزيز الإدريسيّ.
__________
[1] انظر عن (يونس بن أبي بكر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 28 رقم 1771.(44/387)
وسعد الخير بن أبي القاسم النابلسيّ الشّروطيّ.
ونصر اللَّه بن مُحَمَّد بن عيَّاش السَّكاكينيّ.
وشيخنا حسن بن عَبْد الكريم، سِبْط زيادة المُقْرِئ، وعاش خمسا وتسعين سنة.
والتّقيّ أَحْمَد بن مؤمن.(44/388)
سنة ثمان عشرة وستمائة
[حرف الْألف]
503- أَحْمَد بن صَدَقة [1] بن نصر بن زُهير بن المُقَلَّد.
تُوُفِّي فُجاءةً في ربيع الآخر وَلَهُ تسع وسبعون سنة.
سَمِعَ من: أبي جعفر أحمد بن محمد العباسي، ومَسْعُود بن الحُصَيْن.
رَوَى عَنْهُ الدُّبَيْثِي [2] ، وَقَالَ: مات في نصف ربيع الآخر.
504- أَحْمَد بْن عَبْدُ اللَّهِ [3] بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ محمد بن محمد ابن سَيِّد النّاس.
أَبُو العَبَّاس اليَعْمَريّ، الإشبيليّ.
أصله من أبَّدَّة [4] : عمل جَيّان وما والاها، دار اليَعْمَريين. وَهُوَ سِبْط أَبِي الحُسَيْن بن سُلَيْمَان اللَّخْميّ، رَوَى عَنْهُ وعن أَبِي بَكْر بن خَيْر، وأبي بَكْر بن الْجَدّ، وجماعة.
قَالَ الْأبَّار [5] : كَانَ مُعتنيًا بالحديث، عارفا بالقراءات. أدَّبَ بعض بني الأمراء.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن صدقة) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 187، 188، والجامع المختصر لابن الساعي 9/ 98، 259، 260، 284، 289، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 42 رقم 1805، والمختصر المحتاج إليه 1/ 185.
[2] في تاريخه.
[3] انظر عن (أحمد بن عبد الله) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 110، 111، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1 ق 1/ 183، 184 رقم 237.
[4] قيدها ياقوت: بالضم ثم الفتح والتشديد، وقال: اسم مدينة بالأندلس من كورة جيّان تعرف بأبدة العرب. اختطّها عبد الرحمن بن الحكم بن هشام. (معجم البلدان 1/ 64) وانظر الذيل والتكملة 1/ 183 والنسبة إليها: أبّديّ.
[5] في التكملة 1/ 110، 111.(44/389)
رَوَى عَنْهُ صاحبُنا ابنه أَبُو بَكْر مُحَمَّد بن أَحْمَد. وَتُوُفِّي في جُمَادَى الْأولى، وَلَهُ سبعٌ وخمسون سنة [1] .
قُلْتُ: أَبُو بَكْر هَذَا جَدّ الحَافِظ فتح الدِّين [2] ، مُفيد الدِّيار المصرية.
505- أَحْمَد بن عَليّ بن الحُسَيْن [3] .
أَبُو الفَتْح [4] الغَزْنَوي الْأصل، البَغْدَادِيّ، الواعظ.
وُلِدَ سنة إحدى [5] وثلاثين وخمسمائة.
وسمَّعه أَبُوه من: أَبِي الحَسَن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن صِرْما، وَأَبِي الفضل الْأُرْمَوي، وأبي سَعْد أَحْمَد بن مُحَمَّد البَغْدَادِيّ الأصبهانيّ، وأبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن نبهان الغنويّ، وأبي الفَتْح الكُرُوخِيّ، وجماعة.
وَكَانَ صحيح السَّماع، عالي الإسناد، لكنّه ضعيف.
قَالَ الدُّبَيْثِي [6] : لَمَّا بلغ أوان الرواية، واحتيج إِلَيْهِ لم يقم بالواجب، ولا أحبَّ ذَلِكَ لميله إلى غيره وشَنْئه لَهُ، ولم يكن محمود الطَّريقة، وسمعنا منه عَلَى ما فيه.
__________
[1] وقال ابن عبد الملك: مولده منتصف جمادى الآخرة سنة إحدى وستين وخمسمائة. كذا رأيت بخط ابنه أبي بكر. وذكر أبو جعفر بن الزبير أن مولده سنة اثنتين وستين وهو وهم، وتوفي منتصف جمادى الأولى بخط ابنه أيضا سنة ثمان وعشرين وستمائة. (الذيل 1/ 184) .
هكذا ورد في المطبوع وهو خطأ، والصواب سنة ثمان عشرة وستمائة، خاصة وأنه عمّر 57 سنة.
[2] هو صاحب كتاب «عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير» ، توفي سنة 734 هـ. والكتاب مطبوع مشهور متداول.
[3] انظر عن (أحمد بن علي بن الحسين) في: التقييد لابن نقطة 156 رقم 180، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 115، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 59، 60 رقم 1838، وتاريخ إربل 1/ 268، 269 رقم 163، وتلخيص مجمع الآداب 1/ 501، وسير أعلام النبلاء 22/ 103، 104 رقم 75، والمختصر المحتاج إليه 1/ 200، 201، والمشتبه 1/ 363، وميزان الاعتدال 1/ 122، 123 رقم 491، والمغني في الضعفاء 1/ 49 رقم 377، وتوضيح المشتبه 6/ 267، ولسان الميزان 1/ 232 رقم 726.
[4] في الميزان، واللسان: «أبو الحسن» .
[5] هكذا في الأصل بخط المؤلف. وفي التكملة للمنذري: مولده في التاسع من ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة 3/ 59.
[6] في تاريخه 15/ 115.(44/390)
قلت: وروى عنه ليث ابن الحافظ ابن نُقْطَة، وابن النَّجَّار، وَقَالَ: كَانَ فاسدَ العَقِيدة، يعظ وينال من الصَّحابة. شاخَ، وافتقر، وهَجره النَّاس. وَكَانَ ضَجُورًا، عسِرًا، مُبغضًا لأهل الحديث. انفرد برواية «جامع» التّرمذيّ، وب «معرفة الصّحابة» . كَانَ يأخذ أجرا عَلَى التَّسميع، وسماعه صحيح.
قُلْتُ: لم يُنْتفع بعلوِّ سنده، وانطوى ذِكره. وقد رَوَى عَنْهُ «جامع» التِّرْمِذِي الشَّيْخ عَبْد الصَّمَد بن أَبِي الجيش، وَمُحَمَّد بن مَسْعُود العَجَميّ المَوْصِليّ، وَكَانَ أَبُوه من أعيان الحنفية ورءوسهم. وفي أثبات ابن خروف المَوْصِليّ: قرأ «جامع» التِّرْمِذِي عَلَى ابن مَسْعُود المذكور، سنة إحدى وسبعين وستمائة.
قَالَ ابن نُقْطَة: سَمِعَ من ابن صِرْما، والأرمويّ، وأبي سَعْد البَغْدَادِيّ.
وَسَمِعَ كتاب «معرفة الصّحابة» ، لابن مَنْدَهْ، وكتاب «الإيمان» لرستة. وما رُوي من «تفسير» وكيع من أَبِي سَعْد البَغْدَادِيّ، وكتاب «الْأبواب» لابن زياد النَّيْسَابُوري، من ابن صِرْما. وَهُوَ مشهور بين العوّام برذائل ونقائص، من شُرب النّبيذ والرَّفض وغير ذَلِكَ، سُئل وَأَنَا أسمع عمّن يَقُولُ بخلق القرآن، فَقَالَ: كافر، وعمّن يسبُّ الصّحابة، فَقَالَ: كافر، وعمّن يستحلّ شُرب الخمر، فَقَالَ: كافر.
فَقِيلَ: إنّهم يعنونك بذلك. فقال: كذبوا، أنا بريء من ذَلِكَ. وكتب خطّه بالبراءة. وقد سَمِعْتُ عَلَيْهِ لأجل ابني أكثر ما عنده. وَكَانَ فيه كَرَم مَعَ فَقرِه [1] .
قُلْتُ: لم ينفرد الغَزْنَوي بعُلُوّ «الجامع» فقد عاش بعده ابن البَنَّاء، سنوات.
وَسَمِعَ منه أَبُو زكريا يَحْيَى ابن الصَّيْرَفِيّ، أجزاء من «تَفْسير» وكيع.
تُوُفِّي في رمضان [2] .
__________
[1] يحتمل أن المؤلف- رحمه الله- ينقل عن غير ابن نقطة، أو أنه ينقل عن نسخة له لم تصلنا. فالموجود عند ابن نقطة في: «التقييد ص 156» أقلّ مما هنا وأكثره يختلف تماما، وهو: «سمع كتاب الجامع لأبي عيسى من أبي الفتح عبد الملك الكروخي، عن شيوخه، وسمع من أبي الفضل الأرموي، وأبي الحسن بن صرما، وأبي الفضل محمد بن ناصر، وأبي سعيد أحمد بن محمد البغدادي وغيرهم، وكان سماعه صحيحا، وكان يُرمَى برذائلَ لَا تَليقُ بأهلِ العلم، فسئل عن ذلك فتبرّأ منه وأنا أسمع. وكتب خطه بالبراءة مما ذكروه به» . وانظر: سير أعلام النبلاء 22/ 104.
[2] وقال المنذري: ولنا فيه إجازة، كتب بها إلينا من بغداد ... وكان من أعيان الحنفية وله القبول.(44/391)
506- أحمد بن عليّ بن النّفيس بن بورنداز.
المحدِّث العالم أَبُو نصر.
سمّعه أَبُوه من عبد الحقّ اليوسفيّ، ثمّ طلب بنفسه، فسمع من ابن كليب، ومن ذاكر بن كامل، وطبقتهما.
وتَفَقَّه عَلَى مذهب أَحْمَد، ثُمَّ رحل إلى أصبهان، فسمع من مَسْعُود الْجَمّال، وخليل الرَّارانيّ، واللّبّان، والطائفة. ورحلَ إلى نَيْسَابُور بعد الستمائة فأكثرَ بها، وسَكَنَ بَلْخ، وتحوَّل شافعيا، وأمَّ بمسجد راعوم، وصار خازن الكتب بِهِ. وخرّج هناك، وأملَى مجالس.
وَكَانَ صدوقا، حَسَن الطّريقة.
ترجمة ابنُ النَّجَّار، وَقَالَ: عُدِمَ في أخْذ التَّتَار البلاد سنة ثمان عشرة.
507- أَحْمَد بن عُمَر بن مُحَمَّد [1] ، الزَّاهد القُدوة الشَّيْخ نجم الدِّين الكُبْريّ [2] .
أَبُو الْجَنَّاب [3] الخِيوَقيّ [4] الصُّوفِيّ، شيخُ خوارزم.
__________
[ () ] التام عند الملوك. (التكملة 3/ 60) .
وقال ابن المستوفي: قدم إربل قديما ... وجدت في آخر كتاب «الإيضاح العضدي» سماع جماعة عليه، ورواه لهم بالإجازة عن النقيب أبي السعادات هبة اللَّه بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن حمزة بن علي العلويّ المعروف بابن الشجري.
وأورد له عدّة أبيات أنشدها عن غيره. (تاريخ إربل) .
[1] انظر عن (أحمد بن عمر بن محمد) في: العبر 5/ 73، 74، وسير أعلام النبلاء 22/ 111- 113 رقم 80، ومرآة الجنان 4/ 40- 42، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 355، 356، والوافي بالوفيات 7/ 263، 264 رقم 3227، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 11 (8/ 25، 26) وتاريخ الخميس 2/ 412، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 383 رقم 352، والمقفى الكبير 1/ 549، 550 رقم 539، وشذرات الذهب 5/ 79، 80.
[2] الكبرى: بضم الكاف وسكون الموحّدة، وفتح الراء.
[3] الجنّاب: بفتح أوّله، وتشديد النون.
[4] الخيوقي: بكسر الخاء المعجمة، وسكون الياء آخر الحروف وفتح الواو ثم قاف. وقال ياقوت:
بفتح أوله وقد يكسر. (معجم البلدان 2/ 415) .(44/392)
سَمِعْتُ أَبَا العلاء الفَرَضِيّ يَقُولُ: إنّما هُوَ نجم الكُبراء، ثُمَّ خُفِّفَ وغُيّر.
وَقِيلَ: نجم الدِّين الكُبْرَيّ. وَهُوَ من خِيوَق، وَيُقَال: خِوَق: وهي من قرى خوارزم.
قال عمر ابن الحاجب: طافَ البلاد، وَسَمِعَ بها الحديث، واستوطن خُوَارِزْم، وصارَ شيخ تِلْكَ النَّاحية، وَكَانَ صاحبَ حديث وسُنَّة، وملجأ للغُرباء، عظيمَ الجاه لَا يخاف في اللَّه لومة لائم. سَمِعَ بالإسكندرية من أَبِي طاهر السِّلَفيّ، وبهمذان من الحَافِظ أَبِي العلاء، وَمُحَمَّد بن بُنَيْمان، وبنيسابور من أَبِي المعالي الفُرَاويّ.
رَوَى عَنْهُ: عَبْد العزيز بن هِلالة، وشَمْخ خطيب دارَيّا، وناصر بن منصور العُرْضيّ، وسيف الدِّين الباخَرْزيّ، تلميذُه، وآخرون.
وَقَالَ ابن نُقْطَة: هُوَ شافعيّ المذهب، إمام في السّنّة. وأثنى عليه.
وقال ابن هلالة: جلستُ عنده في الخلوة مرارا، فوجدتُ من بركته شيئا عظيما، وشاهدت في خلوتي عنده أمورا عجيبة. وَسَمِعْتُ من يخاطبني بأشياء حَسَنة [1] .
وَقَالَ آخر: كَانَ النّجم الكُبْرَى فقيها، شافعيا، زاهدا، عارفا، فسَّرَ القُرْآن العظيم في اثنى عشرة مُجَلَّدة. ودخل الشَّام ونزل بخانكاه القصر بحلب.
قُلْتُ: وَكَانَ شيخنا عماد الدِّين الحَزّامي يُعَظّمه، ولكن في الآخر أراني لَهُ كلاما فيه شيءٌ من لوازم الاتّحاد، وَهُوَ- إن شاء اللَّه- سالم من ذَلِكَ، فَإِنَّهُ محدِّث معروف بالسُّنَّة والتَّعبُّد، كبير الشأن. ومن مناقبه أَنَّهُ استشهد في سبيل اللَّه، وَذَلِكَ أَنَّ التَّتَار لَمَّا نزلت عَلَى خُوَارِزْم في ربيع الْأَوَّل من السنة، خرجَ فيمن خرج ومعه جماعة من مُريديه، فقاتلوا عَلَى باب خُوَارِزْم حتّى قتلوا مقبلين غير مدبرين.
__________
[1] قال المؤلف- رحمه الله- في «سير أعلام النبلاء» 22/ 112 معلقا على قول ابن هلالة: «قلت: لا وجود لمن خاطبك في خلوتك مع جوعك المفرط، بل هو سماع كلام في الدّماغ الّذي قد طاش وفاش وبقي قرعة كما يتم للمبرسم والمعمور بالحمى والمجنون، فاجزم بهذا وعبد الله بالسّنن الثابتة تفلح!» .(44/393)
ولقد اجتمع بِهِ الفخر الرَّازِيّ صاحب التّصانيف، وفقيه آخر، وقد تناظرا في معرفة اللَّه، وتوحيده، فأطالا الجدال، فسألا الشَّيْخ نجم الدِّين عن علم المعرفة، فقال: واردات ترد على النّفوس تعجز النّفوس عن ردّها. فسأله فخر الدِّين: كيف الوصول إلى إدراك ذَلِكَ؟ قَالَ: تترك ما أَنْتَ فيه من الرئاسة والحظوظ. أَوْ كما قَالَ لَهُ، فَقَالَ: هَذَا ما أقدر عَلَيْهِ. وانصرف عَنْهُ. وأمّا رفيقه فَإِنَّهُ تَزَهَّد، وتجرَّدَ، وَصَحِبَ الشَّيْخ، فَفُتِحَ عَلَيْهِ. وهذه حكاية حكاها لنا الشيخ أبو الحسين اليونيني، ولا أحفظها جيدا.
وممن أخذ عَنْهُ: أَحْمَد بن عَليّ النَّفْزيّ، وَعَبْد العزيز بن هلالة.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ نَافِعٌ الْهِنْدِيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ الْمُطَهَّرِ الْبَاخَرْزِيُّ، أَخْبَرَنَا شَيْخُنَا أَبُو الْجَنَّابِ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْخَيُوقِيُّ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَسِتِّمَائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَلَاءِ الْحَافِظُ، بِقِرَاءَتِي.
(ح) وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَامَةَ، وَغَيْرُهُ، عَالِيًا عَنِ ابْنِ كُلَيْبٍ.
قَالَا: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ نُوحِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ هذه الآية لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ 10: 26 [1] . قَالَ: «لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْعَمَلَ فِي الدُّنْيَا، الْحُسْنَى: وَهِيَ الْجَنَّةُ.
وَالزِّيَادَةُ: النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ» [2] . هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، انْفَرَدَ بِهِ سَلَمُ بْنُ سَالِمٍ الْبَلْخِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقٍ [3]- عَنْ نُوحٍ الْجَامِعِ [4] شَيْخِ مَرْوَ، وَلَيْسَ بِثِقَةٍ، بَلْ تَرَكُوهُ، وَقَدْ رَوَى لَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي «جَامِعِهِ» . والله أعلم.
__________
[1] سورة يونس: الآية 26.
[2] ذكره ابن عدي في «الكامل في الضعفاء» 3/ 1174 في ترجمة سلم بن سالم البلخي، والخطيب في تاريخ بغداد 9/ 140.
[3] انظر ترجمته ومصادرها في الجزء الخاص بحوادث ووفيات (191- 200 هـ) وهو توفي سنة 194 هـ ص 207- 210 رقم 118.
[4] انظر عن ترجمته ومصادرها في الجزء الخاص بحوادث 171- 180 هـ من الكتاب ص 386 رقم 307.(44/394)
508- أَحْمَد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد [1] بن أَحْمَد بن الحُسَيْن.
أَبُو جَعْفَر السُّلَمِيّ، الغَرْنَاطَيّ، القَصْرِيّ [2] ، المعروف بابن خَوْلة.
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وخمسين وخمسمائة بغَرْنَاطَة.
ورحلَ، وَسَمِعَ بالعراق، وفارس، وكِرمان. ودخل الهند، وبُخَارَى، وسكنَ هَرَاة إلى أن دخلتها التَّتَار بالسيف، فاستُشهد.
وَكَانَ شاعرا، امتدحَ ملوكا، ونال دُنيا، وحَسُنَت حالُه.
وَسَمِعَ الكثير، ورافقَ الحُفّاظ [3] .
509- أَحْمَد بن مُحَمَّد بن أَحْمَد [4] بن الخضر بن الحُسَيْن بن سُمير.
أَبُو نصر التَّنُوخِيّ، الحَمَوِيّ، الشّافعيّ، قُطْب الدِّين.
سَمِعَ ببَغْدَاد من شهدة، وجماعة.
وحدّث بدمشق.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد بن محمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 224، 225، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 90، 91 رقم 62، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 40 رقم 1800، وتاريخ إربل 1/ 376 رقم 284، والمغرب لابن سعيد 2/ 255، والوافي بالوفيات 8/ 135 رقم 3543.
[2] نسبة إلى قصر غرناطة.
[3] وقال ابن الدبيثي: قدم بغداد في سنة سبع وثمانين وخمسمائة ثم صار منها إلى واسط فلقيته بها وكتبت عنه وكتب عني، وانحدر إلى البصرة وخرج إلى بلاد فارس وكرمان والغور وقطعة من بلاد الهند، وعاد وعبر النهر ودخل سمرقند وبخارى وعاد إلى خراسان، واستوطن هراة، وكتب عنه جماعة في أسفاره، وامتدح الملوك واكتسب مالا وحسنت حاله، وروى في تطوافه.
أنشدني لنفسه:
إذا ما الدهر بيّتني بجيش ... طليعته اهتمام واكتئاب
شننت عليه من جلدي كمينا ... أمراه الزبالة والكتاب
وبت أنصّ من شيم الليالي ... عجائب في حقائقها ارتياب
أريغ بها التسلّي مستريحا ... وليس على الزمان بها عتاب
(تاريخ ابن الدبيثي) و (تاريخ إربل 1/ 377) .
وقال المنذري: وكان فاضلا متأدّبا شاعرا. وقد دخل مصر وما علمته سمع بها من أحد. وكتبت شيئا من شعره عمن سمعه منه. (التكملة 3/ 40) . وقد قتله الكفّار بهراة.
[4] انظر عن (أحمد بن محمد بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 61، 62 رقم 1844.(44/395)
وماتَ في منتصف شَوَّال بدمشق [1] .
510- أَحْمَد بن مَسْعُود [2] بن شَدَّاد المَوْصِليّ، المُقْرِئ، الصَّفَّار.
وُلِدَ سنة خمسٍ وأربعين بالمَوْصِل. وسكنَ حلب، وبها مات.
سَمِعَ من: أَبِي جَعْفَر أَحْمَد بن أَحْمَد ابن القاصّ البَغْدَادِيّ المُقْرِئ، تلميذ ابن بدران الحُلْوَانِي [3] .
511- إِبْرَاهِيم بن حُمَيْد [4] .
أَبُو إِسْحَاق التَّفْلِيسِيّ، التَّاجر، الصُّوفِيّ.
رَوَى عَن السِّلَفيّ، وَعَنْهُ الزَّكيّ عبد العظيم، قَالَ: مات في ذي القِعْدَة، وأثنى عَلَيْهِ [5] .
512- إِبْرَاهِيم بن عَليّ [6] بن محمد السّلميّ، المغربيّ، الحكيم.
المعروف بالقُطب المَصْرِيّ.
قَدِمَ خُرَاسَان وتَعَلَّم بها عَلَى الفَخْر الرَّازِيّ، وصارَ من كبار تلامذته.
وصَنَّف كُتبًا كثيرة في الطّبّ والفلسفة، وشرح «الكُلّيات» بكمالها من كتاب «القانون» .
وقُتل فيمن قتل بنيسابور.
__________
[1] وقال المنذري: ومولده ظنا في سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة أو بعدها بقليل. ولنا منه إجازة كتب بها إلينا غير مرة إحداهنّ في ذي القعدة سنة سبع وستمائة.
[2] انظر عن (أحمد بن مسعود) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 65 رقم 1857.
[3] وقال المنذري: ولنا منه إجازة كتب بها إلينا في جمادى الآخرة سنة ثمان وستمائة.
[4] انظر عن (إبراهيم بن حميد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 63 رقم 1850، والمقفى الكبير 1/ 146 رقم 121.
[5] وقال: وسألته عن مولده فقال: سنة اثنتين أو ثلاثين وخمسمائة بتفليس.
[6] انظر عن (إبراهيم بن علي) في: عيون الأنباء 2/ 30، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 446، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 48 (8/ 121، 122) ، والوافي بالوفيات 6/ 69 رقم 2508، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 383 رقم 551، والمقفى الكبير 1/ 208، 209 رقم 230، وحسن المحاضرة 1/ 312، وهدية العارفين 1/ 11، والأعلام 1/ 45، ومعجم المؤلفين 1/ 67.(44/396)
أخذ عَنْهُ شمس الدِّين قاضي الشَّام شمس الدِّين الخُوييّ، والعلّامة شمس الدِّين الشّاميّ.
513- الْأنْجَب بن أَبِي العزّ [1] .
أَبُو شُجاع الدّلّال.
شيخٌ بغداديّ، سَمِعَ الكثير من أَبِي الوَقْت.
رَوَى عَنْهُ الدُّبَيْثِي، وَقَالَ [2] : مات في صفر.
رَوَى «جزء» أَبِي الْجَهم.
وَرَوَى عَنْهُ ابن النَّجَّار.
[حرف الباء]
514- بهيّة بنت الفقيه طَرْخان بن أَبِي الحَسَن عَليّ بن عَبْد اللَّه السُّلَمِيّ، الدِّمَشْقِيّ، الصَّالحيّ.
أُمّ عَبْد الرَّحْمَن.
امْرَأَة صالحة، عابدة، لها أوراد وتهَجّد.
روت بالإجازة عن سَعْد الخير الْأَنْصَارِيّ.
وَتُوُفِّيت في صفر.
[حرف التاء]
515- تمّام بن أَبِي تِغلب [3] .
الشَّيْخ الزّاهد الصّالح، تلميذ الشيخ أحمد ابن الرفاعيّ.
تُوُفِّي ببَغْدَاد في شعبان. قاله ابن النّجّار.
__________
[1] انظر عن (الأنجب بن أبي العز) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 273، 274، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 34، 35 رقم 1786، والمختصر المحتاج إليه 1/ 257.
[2] في تاريخه.
[3] انظر عن (تمّام بن أبي تغلب) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 286، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 56 رقم 1832.(44/397)
[حرف الحاء]
516- الْحَسَن بن عَليّ [1] بن الحُسَيْن بن قَنان.
أَبُو مُحَمَّد الْأَنْبَارِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ، المُخَلَّطِيّ.
سَمِعَ من: أَبِي الفضل الْأُرْمَوي.
وَحَدَّثَ.
والمُخَلَّطِيّ [2] : هُوَ النّقليّ.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ البِرْزَاليّ، والدُّبَيْثِي.
وَهُوَ أخو الحُسَيْن الَّذِي مرَ [3] .
تُوُفِّي في الثامن والعشرين من ذي الحجَّة.
ويُعرف بابن الرُّبِّيّ [4] .
ذكرهُ ابنُ نُقْطَة، فَقَالَ: حدَّث بشيءٍ كثير عن الْأُرْمَوي، وسماعه صحيح.
وَأَبُوه سَمِعَ من ابن الحُصَيْن، وزاهر الشَّحَّامِيّ.
517- حسن، الرئيس المُطاع [5] ، جلال الدِّين، حفيد الحَسَن بن الصّبّاح.
__________
[1] انظر عن (الحسن بن علي) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 13، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 64 رقم 1853، والمختصر المحتاج إليه 2/ 21 رقم 585، والمشتبه 1/ 307، وتوضيح المشتبه 4/ 131 «الربّي» .
[2] قيّده المنذري بضم الميم وفتح الخاء المعجمة وبعدها لام مشدّدة مفتوحة وطاء مهملة مكسورة نسبة إلى بيع المخلط، وهو الفاكهة اليابسة من كل نوع.
[3] تقدمت ترجمته في وفيات سنة 602 هـ. من الطبقة الماضية 61 برقم 76.
[4] بضم الراء المشدّدة وتشديد الباء الموحدة وكسرها. (التكملة 3/ 64، والمشتبه 1/ 307، والتوضيح 4/ 131) .
[5] انظر عن (حسن الصباح) في: الكامل في التاريخ 12/ 405، وتاريخ الزمان لابن العبري 268، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 66 رقم 1859، والمختصر في أخبار البشر 3/ 131، وعمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب 227، والمختار من تاريخ ابن الجزري 114، 115، وسير أعلام النبلاء 22/ 158 رقم 105، وتاريخ ابن الوردي 2/ 144، والوافي بالوفيات 11/ ورقة 54، والبداية والنهاية 13/ 96، وصبح الأعشى 13/ 243، والعسجد المسبوك 2/ 391، وشذرات الذهب 5/ 84.(44/398)
صاحب الْأَلموت، وملك الإسماعيلية.
مات في هَذَا العالم.
وكان قد أظهر شعائر الإِسْلام من الْأذان والصلاة. ووليَ بعده الْأمر ولده الْأكبر علاء الدِّين مُحَمَّد بن حسن، فامتدّت أيامه إلى أن حاصرهم هولاكو.
518- الحُسَيْن بن عَبْد الوَهَّاب [1] بن حسن بن بركات.
القاضي السّديد، أَبُو عَليّ المُهَلَّبِيّ، البهنسيّ، الشَّافِعِيّ.
دَرَّسَ بجامع السَّرّاجين بالقاهرة، ونابَ فِي القضاء عَن قاضي القُضاة أَبِي الْقَاسِم عَبْد الرَّحْمَن بن عَبْد العَليّ مُدَّة، ثُمَّ ترك ذَلِكَ.
وكان عفيفا، نزها، صالحا، وَقُورًا، عابدا، كبيرَ القدر.
مات في شعبان بالقاهرة.
519- حمّود بن وشواش [2] البُوشيّ، الزّاهد.
سَمِعَ: أَحْمَد بن المُسَلِّم اللَّخْميّ.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ المُنْذِريّ.
تُوُفِّي في جُمَادَى الآخرة، وقد ناهز الثّمانين.
وَكَانَ شيخا، صالحا زاهدا.
[حرف الخاء]
520- خديجة بنت القاضي الْأنجب [3] أَبِي المكارم المُفَضَّل بن عَليّ المَقْدِسِيّ.
أخت الحَافِظ أَبِي الحَسَن.
__________
[1] انظر عن (الحسين بن عبد الوهاب) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 53 رقم 1825، والمقفى الكبير 3/ 353 رقم 1245.
[2] انظر عن (حمّود بن وشواش) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 46 رقم 1813، وتوضيح المشتبه 1/ 650.
[3] انظر عن (خديجة بنت الأنجب) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 41، 42 رقم 1803.(44/399)
وُلِدَت بالإسكندرية سنة خمسين.
وأجاز لها السِّلَفيّ سنة خمسين.
وكانت زاهدة، عابدة، قانتة، كثيرة [1] البِرّ. أخرجت جميع ما بيدها في المعروف.
رَوَى عَنْهَا الزَّكيّ المُنْذِريّ.
وماتت في ربيع الآخر.
[حرف الدال]
521- دَاوُد شاه بن بُنْدَار [2] بن إِبْرَاهِيم.
الإِمَام معين الدِّين، أَبُو الخير، الجِّيليّ، الشَّافِعِيّ، الفقيه.
قَدِمَ بَغْدَاد في صِباه، وتَفَقَّه بالنِّظامية عَلَى أَبِي المحاسن يوسف بن بُنْدَار الدِّمَشْقِيّ، وأعاد بها مُدَّة طويلة، ودَرَّسَ، وأفْتَى.
وَحَدَّثَ عن: أَبِي الوَقْت السِّجْزِي، وغيره.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وغيره.
وماتَ في رَجَب، وقد نَيَّفَ عَلَى الثّمانين.
[حرف الزاي]
522- زُبيدة بنت عَبْد الرَّزَّاق بن مُحَمَّد بن أَبِي نصر الطّبسيّ.
شيخة معمّرة.
__________
[1] في الأصل: «كثير» ، وهو سهو من المؤلف- رحمه الله-.
[2] انظر عن (داود شاه بن بندار) في: إكمال الإكمال لابن نقطة (لندن) ورقة 3، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 47، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 52، 53 رقم 1822، والمختصر المحتاج إليه 2/ 64 رقم 656، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 1433، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 55 (8/ 144) ، والبداية والنهاية 13/ 97 وفيه: «مندار» ، والعقد المذهب لابن الملقن ورقة 35، وعقد الجمان 17/ ورقة 427.
وهو يسمى أيضا: «داود شاه» ، وكان يكتب في الفتوى: «داود» فقيل له: اسمك في طبقة السماع داود شاه، فقال: نعم، وكتب بخطه في إجازة: داود شاه. (التكملة للمنذري) .(44/400)
سمّعها أبوها من: عبد المنعم ابن القُشَيْريّ، وغيره.
قَالَ: ابن نُقْطَة: سَمِعَ منها الرَّحالة بَطبَس. وبقيت إلى سنة ثماني عَشَرة وستمائة، وانقطَع عنّا خَبَرُها.
[حرف السين]
523- سَلْمَان بن رجب [1] بن مهاجر الرَّاذانيّ [2] ، المُقْرِئ، الضّرير.
تَفَقَّه بالنَّظاميَّة، وَسَمِعَ من شُهْدة الكاتبة.
وَحَدَّثَ.
ومات في ربيع الْأَوَّل.
524- سُلَيْمَان بن الحَكَم [3] بن مُحَمَّد.
أَبُو الرِّبيع الغَافقيّ، القُرْطُبيّ.
رَوَى عن: أَبِي عَبْد اللَّه بن حَفْص، وَأَبِي الْقَاسِم الشَّرّاط، وأبي جَعْفَر بن يَحْيَى.
قَالَ الْأبَّار [4] : كَانَ ثقة، ديّنا، شاعرا. لَهُ أرجوزة في الفقه عَلَى مذهب مالك يتتبّع فيها كتاب «الخِصال الصّغير» للعَبْديّ. وَكَانَ شُرُوطيًا. تُوُفِّي في ربيع الآخر. وقد قارب الستّين.
[حرف الشين]
525- شعيب بن الحسن [5] بن عبد الباقي.
__________
[1] انظر عن (سلمان بن رجب) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 72، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 38 رقم 1794، والمختصر المحتاج إليه 2/ 98 رقم 709، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 56 (8/ 148) وفيه تصحف اسمه إلى: «سليمان» .
[2] قيّدها المنذري بالراء المهملة والذال المعجمة بين الألفين، وآخرها نون. بلدة من سواد العراق.
وقيل راذان الأعلى وراذان الأسفل.
[3] انظر عن (سليمان بن الحكم) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 708 رقم 1991، والوافي بالوفيات 12/ 370 رقم 516.
[4] في تكملة الصلة 2/ 708.
[5] انظر عن (شعيب بن الحسن) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 75، والتكملة لوفيات.(44/401)
أَبُو يَحْيَى السَّقْلاطونيّ الحَرْبِيّ.
سَمِعَ من: جَدّه لأمّه عُمَر بن عَبْد اللَّه الحَرْبِيّ، وعَليِّ بن مُحَمَّد بن أَبِي عُمَر، جميع «أمالي» طِراد.
وَحَدَّثَ.
تُوُفِّي في ربيع الآخر [1] .
[حرف العين]
526- عَبْد الله بْن مُحَمَّد.
العَلّامة أَبُو محمد ابن الكَمَّاد الإشبيليّ.
سَمِعَ أَبَا مُحَمَّد بن حوط اللَّه.
وبرَع في علم الكلام، وشارك في العلوم، وصَنَّفّ التصانيف.
عاش نَيِّفًا وأربعين سنة.
527- عَبْد الباقي بْن عبد الواسع بن عبد الباقي بن عامر.
شيخ الدِّين أَبُو المجد الْأَزْدِيّ، الهَرَويّ.
سَمِعَ عَنْهُ: الزَّكيّ البِرْزَاليّ، وَالضِّيَاء، المَقْدِسِيّ. وأجاز لشيخنا التاج بن عَصْرون، والشرف ابن عساكر.
وَكَانَ من صوفية هَراة.
وُلِدَ سنة ثمانٍ وأربعين. وعُدِم في دخول التَّتَار هَراة، في ربيع الْأَوَّل.
528- عَبْد الخالق بن عبد الرحمن [2] بن محمد ابن الصّيّاد.
أبو عبد الرّحمن الحربيّ.
__________
[ () ] النقلة 3/ 42، 43 رقم 1806، وتلخيص مجمع الآداب (معين الدين) ، والمختصر المحتاج إليه 2/ 101 رقم 716.
[1] وقال ابن الفوطي: قرأت بخط الشيخ معين الدين شعيب:
استرزق الله والأرزاق في يده ... ولا تمدّ إلى غير الإله يدا
وحاذر الدهر أن يلقاك منفردا، ... فمهرق النرد مأخوذ إذا انفردا
[2] انظر عن (عبد الخالق بن عبد الرحمن) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 153، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 60 رقم 1839، والمختصر المحتاج إليه 3/ 56 رقم 840.(44/402)
ولد سنة سبع وعشرين وخمسمائة وأدركَ قاضي المَرستان، ولم يسمع منه.
سَمِعَ من: أحمد ابن الطّلاية، وسعيد ابن البَنَّاء، وَعُمَر بن عَبْد اللَّه، شيوخ الحربية.
روى عنه: الدبيثي، والبرزالي، وجماعة.
وتوفي في السابع والعشرين من رمضان.
وَكَانَ شيخا صالحا، مُعَمَّرًا.
529- عَبْد الرَّحْمَن بن عَبْد السَّلام [1] .
أَبُو الْقَاسِم الغَسَّانِيّ الْأنْدَلُسِيّ الغَرْنَاطَيّ النَّحْوِيّ.
قَالَ الْأبَّار: سَمِعَ أَبَا سُلَيْمَان السَّعْديّ، وأبا عَبْد اللَّه بن عُرُوس. وذكر بعض أصحابنا أَنَّهُ سَمِعَ من أَبِي عَبْد اللَّه النُّمَيْرِيّ في صِغره. وتصدّر ببلده للإقراء وتعليم العربية. وَوليَ الخطابة. وَحَدَّثَ، وطال عمره. تُوُفّي فِي ربيع الْأَوَّل.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْر بن مسديّ، فقال: أخبرنا سنة خمس عشرة وستمائة بغَرْنَاطَة، عن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن النُّمَيْرِيّ سماعا سنة تسعٍ وثلاثين وخمسمائة، فذكر حديثا نازلا عن أَبِي بَكْر بن العربيّ.
قَالَ ابن مسدي: تلا بالسَّبْع عَلَى أَبِي عَبْد اللَّه بن عُرُوس. قرأت عَلَيْهِ السبْع بغَرْنَاطَة. ثُمَّ قَالَ: وَتُوُفِّي في الثالث والعشرين من شعبان سنة تسعَ عشرة [2] .
530- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الواحد [3] بْن عَبْد الرَّحْمَن بن غلّاب.
القاضي المُعَمَّر، وجيه الدِّين البَلَويّ الإسكندرانيّ.
مولده في رمضان سنة خمس عشرة وخمسمائة.
وَكَانَ يمكنه السَّماع من أَبِي عَبْد اللَّه الرَّازِيّ صاحب «السُّدَاسيّات» فلم يسمع منه، بل ولا من السِّلَفيّ في الكُهولة، إنّما سَمِعَ من هاشم بن عَبْد اللَّه بن عَبْد الله التّونسيّ، وحدّث عنه.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد السّلام) في: تكملة الصلة لابن الأبار 3/ ورقة 15.
[2] سيعاد في وفيات سنة 619 هـ برقم 605.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد الواحد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 61 رقم 1842.(44/403)
قَالَ المُنْذِريّ: ناب في القضاء بالإسكندرية في أيام المصريّين [1] ، وفي الدَّوْلَة النّاصرية [2] . وعُمِّر حَتَّى جاوزَ المائة، مُمَتَّعًا بحواسّه، وقُوتّه. حاضر الذّهن، يركب الخيل. ولنا منه إجازة. مات في رابع شَوَّال.
531- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُثْمَان [3] بْن مُوسى بْن أَبِي نصر.
المُفتي صلاح الدِّين أَبُو الْقَاسِم الكرديّ، الشَّهْرَزُوري، الشَّافِعِيّ.
والد الشَّيْخ تقيّ الدّين ابن الصّلاح.
ولد قبل الأربعين وخمسمائة.
وتَفَقَّه عَلَى القاضي شرف الدِّين أَبِي سَعْد بن أَبِي عصرون، وغيره.
ودَرَّسَ، وأفاد، وسكنَ حلب بأخرة، ودرّس بالمدرسة الْأَسَدِيَّة. وَتُوُفِّي بحلب في ذي القِعْدَة.
532- عَبْد الرحمن بن معالي [4] بن أبي نصر ابن العُلِّيق [5] .
المعروف بابن الأحمر، البَغْدَادِيّ.
حدّث عن يحيى بن ثابت.
ومات في ربيع الأوّل.
533- عَبْد الرَّحْمَن بن يوسف [6] بن عَبْد الرَّحْمَن البَغْدَادِيّ الظّفريّ.
حَدَّثَ عن يَحْيَى بن ثابت أيضا.
__________
[1] أي: العبيديين، الذين يقال لهم الفاطميّون.
[2] أي دولة الناصر صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، ورضي عنه وأرضاه.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن عثمان) في: الأعلاق الخطيرة ج 1 ق 1/ 103، وسير أعلام النبلاء 22/ 148 رقم 96، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 134، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 65 (8/ 175) ، والوافي بالوفيات 18/ 185 رقم 233، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 385، 386 رقم 354.
[4] انظر عن (عبد الرحمن بن معالي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 38 رقم 1795.
[5] قيّده المنذري: بضم العين المهملة وتشديد اللام وكسرها وبعدها ياء آخر الحروف ساكنة وقاف.
[6] انظر عن (عبد الرحمن بن يوسف) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 131، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 56 رقم 1831.(44/404)
ومات في شعبان.
534- عَبْد الرَّحِيم بن أَبِي جَعْفَر النَّفيس [1] بن هبة اللَّه بن وَهْبان.
الفقيه المحدّث المفيد أبو نصر السّليميّ، الحديثيّ المولد، البَغْدَادِيّ.
سَمِعَ: أَبَا الفَتْح بن شاتيل، وأبا السَّعَادَات القَزَّاز، وفارس بن أَبِي الْقَاسِم الحَفّار، ومن بعدهم. ورحل، فسمع بواسط من أَبِي الفَتْح المَنْدَائِيّ، وبإربل من عُمَر بن طَبَرْزَد، وبنيسابور من المُؤيَّد بن مُحَمَّد، وبهراة من رَوْح عَبْد المُعزّ، وبأصبهان من أصحاب أَبِي عَبْد اللَّه الخَلّال، وبدمشق من الكِنْدِيّ، وبمصر، والإسكندرية.
قَالَ الحَافِظ عَبْد العظيم [2] : سَمِعْتُ منه من شعره. قَالَ: وَكَانَ حادّ الخاطر، جيّد القريحة، فقيها، أديبا شاعرا. وَهُوَ منسوب إلى حديثه النُّورة بقرب هِيت وَهِيَ جزيرة في وسط الفرات، وَهِيَ غير حديثة المَوْصِل.
وَقَالَ ابن النَّجَّار: كَانَ حافظا، ثقة، متقنا، ظريفا، كيّسا، متواضعا، لَهُ النّظْم والنّثْر. اصطحبنا مُدَّة وأفادني الكثير. وسكنَ خُوَارِزْم إلى أن استولى عليها التَّتَار وأحرقوها، وعُدم خبرُه. وقد كتبت عنه بمرو. وولد سنة سبعين وخمسمائة [3] .
__________
[1] انظر عن (عبد الرحيم بن النفيس) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 65، 66 رقم 1858، وتاريخ إربل 1/ 234، 235 رقم 134، وسير أعلام النبلاء 22/ 148، 149 رقم 97، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 160، 161 رقم 115، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 128- 130، والمنهج الأحمد 349، والمقصد الأرشد رقم 597، والدرّ المنضد 1/ 345 رقم 984، وشذرات الذهب 5/ 80، 81.
[2] في التكملة 3/ 66.
[3] ونقل ابن الدمياطيّ عن ابن النجار قوله: قرأ القرآن وتفقّه على مذهب الإمام أحمد، وتكلّم في مسائل الخلاف، وحصّل من الأدب طرفا صالحا، وسمع الكثير في صباه ... وبالغ في الطلب بهمّة عالية وجدّ واجتهاد. وسافر في طلب الحديث إلى الشام والجزيرة وديار مصر والعراق وما وراء النهر، وكتب بخطه الكثير. وكان مليح الخط. صحيح النقل والضبط، متقنا فاضلا، وبعد خروجي من مرو توجّه إلى بخارا وسمرقند، ثم إلى خوارزم وسكنها إلى أن استولى عليها التتر الترك وأهلكوا أهلها، فلا أدري أهلك مع من هلك أو خرج منها هاربا مع من هرب؟ والله أعلم.(44/405)
عَبْد الصَّمَد بن عَبْد الرَّحْمَن [1] بن أَبِي رجاء.
أَبُو مُحَمَّد البلويّ.
فيها، وسيأتي سنة تسع عشرة.
535- عَبْد العزيز بْن عبد الملك [2] بن تميم الشيبانيّ، الدّمشقيّ، المحدّث.
الرّحال.
__________
[ () ] أنشدني أبو نصر عبد الرحيم بن النفيس بن هبة الله الحديثي لنفسه ببغداد:
سلوا فؤادي هل صفا شربه ... مذ نأيتم عنه أو راقا
وهل يسليه إذا غبتم ... أن أودع التسليم أو راقا
(المستفاد) .
وقال الإربلي: ورد إربل في سنة اثنتين وستمائة، وسمع على الشيخ عمر بن محمد بن طبرزذ بدار الحديث بها، فيه ذكاء وعنده فقه. أنشدني من شعره لنفسه.
وأنشدني أبو علي الحسن بن محمد بن محمد البكري الدمشقيّ، في المحرّم سنة إحدى عشرة وستمائة، قال: أنشدني الشيخ أبو نصر عبد الرحيم بن النفيس بن وهبان السلمي الحديثي لنفسه:
حاش للَّه أن أذلّ لنذل ... بسؤال يريق ماء المحيّا
أرى واقفا بباب لئيم ... يرتجى رشح كفّه فيحيّا
بل أرجّي الزمان بالعيش والبشر ... أليف العقار ما دمت حيّا
كذا نقلت من خطه وأنشد فيه: «بالعيش» وأشبه أن يكون: «بالعسر واليسر» .
وأنشدني البكري قال: أنشدني ابن وهبان لنفسه، قال: دخلت الحمّام بالقاهرة فقلت فيه:
وحمّام حكى الأزهار أرضا ... وجام سمائه زهر النجوم
حوى حرّا وبردا باعتدال ... تولّد منهما طيب النعم
ينفّس روحه عن كل روح ... ويشفي عارض الجسم السقيم
يريك العيش كيف يكون غضّا ... وكيف تزاح عادية الهموم
وأنشدني قال: أنشدني ابن وهبان لنفسه ملغزا «شهرزور» :
ما بلد نصف اسمه ... جزء من الزمان
ونصفه الآخر لا ... يخلو من البهتان
بيّنه للسائل يا ... ذا الفهم والبيان
(تاريخ إربل) .
[1] ستأتي ترجمته في وفيات سنة 619 هـ برقم 611 وهو الصواب.
[2] انظر عن (عبد العزيز بن عبد الملك) في: سير أعلام النبلاء 22/ 149 وقد ذكره في آخر ترجمة عبد الرحيم بن النفيس المعروف بابن وهبان، رقم 97.(44/406)
أسَرَته التَّتَار سنة ثمان عشرة.
536- عَبْد الغنيّ بن قاسم [1] بن عبد الرّزّاق.
أبو الْقَاسِم المَقْدِسِيّ الْأصل، المَصْرِيّ، الحَنْبَلِيّ، الفقيه.
سَمِعَ من: البُوصيريّ، والْأرتاحيّ، وجماعةٍ. وانقطع إلى الحَافِظ عَبْد الغنيّ ولازَمه وأكثرَ عَنْهُ.
وَكَانَ صالحا، خَيّرًا، قانعا باليسير، فقيرا، مُتَجَمّلًا.
وقد حَدَّثَ.
ومات في صفر.
537- عَبْد الكريم بْن مُحَمَّد [2] بْن أَحْمَد بْن أَبِي عَليّ.
أَبُو عليّ الأصبهانيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ، الحاجب، المعروف والده بالسَّيِّديّ، ولأنّه خَدَمَ الْأميرَ السَّيِّد أَبَا الحَسَن العَلَويّ.
ولد سنة ستّ وأربعين وخمسمائة.
وَسَمِعَ الكثير بأبيه وبنفسه من: أَبِي الفَتْح بن البَطِّيّ، وأبي زُرْعَة، وأبي الْقَاسِم هبة اللَّه الدَّقاق، وأحمد بن المُقَرَّب، وأَبِي حنيفةَ مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه الخَطِيبيّ الأصبهانيّ، وجماعةٍ. وعُنِيَ بالسَّماع، وكانت لَهُ أصولٌ جيّدة [3] .
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وَالضِّيَاء المَقْدِسِيّ، وابنُه أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد، وآخرون.
وَتُوُفِّي في رمضان.
538- عَبْد المعزّ بْن مُحَمَّد [4] بن أَبِي الفَضْل بن أَحْمَد بن أسعد بن صاعد.
__________
[1] انظر عن (عبد الغني بن قاسم) في: التكملة لوفيات النقلة 2/ 35 رقم 1787، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 123، والمنهج الأحمد 348، والمقصد الأرشد، رقم 660، والدرّ المنضد 1/ 344 رقم 980، وشذرات الذهب 5/ 81.
[2] انظر عن (عبد الكريم بن محمد) في: التقييد لابن نقطة 368 رقم 471، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 269، والمختصر المحتاج إليه 3/ 69، 70 رقم 872.
[3] وقال ابن نقطة: وكان سماعه صحيحا كثيرا.
[4] انظر عن (عبد المعز بن محمد) في: التقييد لابن نقطة 390 رقم 507، والمعين في طبقات.(44/407)
الشَّيْخ المُعَمَّر، حافظ الدِّين أَبُو رَوْح السّاعديّ، البَزَّاز، الهَرَويّ، الصُّوفِيّ، مُسْند العصر بخُرَاسَان.
وُلِدَ في ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة بهراة.
وقد عليهم في ذي القِعْدَة سنة سبعٍ وعشرين أَبُو الْقَاسِم زاهر الشَّحَّامِيّ، فاعتنى بِهِ جَدّه لأمّه الشَّيْخ أَبُو نصر عُبَيْد الله بن أَبِي عاصم الصُّوفِيّ، وأسْمَعَه منه جُملةً صالحة، وَسَمِعَ من جَدّه هَذَا عن مُحَمَّد بن أَبِي مَسْعُود الفارسيّ. ومن:
الزّاهد يوسف بن أيّوب الهَمَذَانِيّ، وَمُحَمَّد بن إسْمَاعِيل بن الفُضيل الفُضيليّ، وأبي الْقَاسِم تميم بن أَبِي سَعِيد الْجُرْجَانِيّ، وأبي الفَتْح مُحَمَّد بن عَليّ المُضَريّ، وَعَبْد الرشيد بن أَبِي يَعْلَى ابن الشَّيْخ أَبِي عُمَر عَبْد الواحد المَليحي [1] ، وَأَبِي عَليّ خلف بْن محمد بن أَبِي الحَسَن البُوشنجيّ المحتسب، وأَبِي عبد اللَّه محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن الحسين بن حمزة العَلَويّ، وطائفة سواهم.
وقد حَضَر وَهُوَ لَهُ ثلاث سنين عَلَى أَبِي الفَتْح مُحَمَّد بن إسْمَاعِيل الفاميّ، وَسَمِعَ «صحيح» البُخَارِي من خَلَف بن عطاء الماوَرْديّ، بسماعه من أَبِي عُمَر عَبْد الواحد المَلِيحيّ، وَسَمِعَ «جامع» التِّرْمِذِي من جماعة.
قَالَ الحَافِظ أَبُو بَكْر بن نُقْطَة [2] : وَسَمِعَ «مُسْنَد» أَبِي يَعْلَى من تميم بن أَبِي سَعِيد الْجُرْجَانِيّ. قَالَ لي أَبُو زكريا يَحْيَى بن عَليّ المالَقيّ: كَانَ لأبي رَوْح فوت فيه حَتَّى قَدِمَ علينا أَبُو جَعْفَر بن خَولة الغَرْناطيّ من الهند إلى هراة، فأخرج إلينا المجلَّدة التي فيها سماعة، فتمّ لَهُ الكتاب.
قُلْتُ: ابن خولة هُوَ المذكور في هذه السنة [3] .
__________
[ () ] المحدثين 189 رقم 2007، الإعلام بوفيات الأعلام 254، والإشارة إلى وفيات الأعيان 324، ودول الإسلام 2/ 123، والعبر 5/ 74، وسير أعلام النبلاء 22/ 114، 115 رقم 81، وذيل التقييد 2/ 153 رقم 1332، والنجوم الزاهرة 6/ 253، وشذرات الذهب 5/ 81، وديوان الإسلام 2/ 328 رقم 992.
[1] بالحاء المهملة، كما في أنساب السمعاني، ولباب ابن الأثير، وتوضيح ابن ناصر الدين 8/ 260.
[2] في التقييد 390.
[3] هو أحمد بن محمد بن محمد الغرناطي، المتقدّم برقم 509.(44/408)
قَالَ: ويروي كتاب «التقاسيم والْأنواع» لأبي حاتم بن حِبّان. قَالَ: ونقلت من خطّه: مولدي في ثامن ذي القِعْدَة سنة إحدى وعشرين.
قُلْتُ: وَكَانَ أحد الصُّوفِيَّة بخانكاه شيخ الإِسْلام أَبِي إسْمَاعِيل الْأَنْصَارِيّ، وعُمِّر ستّا وتسعين سنة. وصارت الرِّحلة إِلَيْهِ من الْأقطار.
وَحَدَّثَ عَنْهُ جماعة في حياته بالبلاد النائية، رَوَى عَنْهُ: العِماد عَليّ بن الْقَاسِم بن عساكر، وَالزَّكيّ البرزاليّ، والضّياء المقدسيّ، والمحبّ ابن النَّجَّار، والشرف المُرْسِيّ، والصَّدْر البَكْرِي، والمحبّ بن هِلالة، والمحبّ اللَّبَليّ، والزَّاهد نجم الدِّين عَبْد اللَّه بن مُحَمَّد الرَّازِيّ الصُّوفِيّ، وَعَبْد الحقّ بن أَبِي منصور المنبجيّ، وَإِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بن الأزهر الصّريفينيّ، ومَسْعُود بن عَبْد اللَّه التَّكروريّ، ومشهور بن منصور النَّيْرَبيّ.
وَرَوَى عَنْهُ بالإجازة: الشمس عَبْد الواسع الْأبَهَري، والنّور محمود بن عَبْد الرَّحْمَن بن أَبِي عصرون، وابن عَمّهم التّاج مُحَمَّد بن عَبْد السَّلام الشَّافِعِيّ، والشرف أَحْمَد بْن هبة اللَّه ابْن تاج الْأمناء، وزينب الكِنْدِيَّة، وَمُحَمَّد بن هاشم العَبَّاسيّ، وآخرون.
وقرأت بخطّ الضِّيَاء: أَنَّهُ قتلته التُّرك في ربيع الأول سنة ثمن عشرة بِهَراة.
539- عبد الملك بن أَبِي الفَتْح [1] عَبْد اللَّه بن محاسن.
أَبُو شجاع الدَّارقّزِّيّ، الدَّلال، المعروف بابن البَلّاع [2] .
سَمِعَ من: المبارك بن علي السّمّذيّ، وأحمد بن عليّ ابن الْأشقر، والمبارك بن أَحْمَد بن بركة، وهبة الله بن أحمد الشّبليّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الملك بن أبي الفتح) في: إكمال الإكمال لابن نقطة (الظاهرية) ورقة 45، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 139، 140، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 124، 125 رقم 44، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 54، 55 رقم 1827، والمختصر المحتاج إليه 3/ 34، 35 رقم 800 وتوضيح المشتبه 1/ 582.
[2] البلّاع: بتشديد اللام ألف، والعين مهملة.(44/409)
وَكَانَ من قُدماء الرُّواة ببَغْدَاد، رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، والبِرْزَاليّ، وجماعة.
وَتُوُفِّي في سابع شعبان.
وَرَوَى عَنْهُ ابن النَّجَّار، وَقَالَ [1] : لَا بأس به.
540- عبد الواحد ابن زين القضاة أَبِي بَكْر عَبْد الرَّحْمَن [2] بْن سلطان بْن يَحْيَى بْن عَليّ.
القاضي الرئيس ظهير الدِّين أَبُو المكارم القُرَشِيّ، الدِّمَشْقِيّ، الشَّافِعِيّ.
سَمِعَ من: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الْحَسَن الدّارانيّ، وعليّ بن أحمد الحرستانيّ، وأبي القاسم ابن عساكر.
رَوَى عَنْهُ: الضِّيَاء المَقْدِسِيّ، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، والشهاب القوصيّ. مولده سنة خمسين وخمسمائة. وماتَ في مستهلّ ربيع الْأَوَّل.
541- عَبْد الواحد بن عَليّ [3] بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ ابن الصَّبَّاغ.
العدل أَبُو الْقَاسِم ابن العدل الكبير أَبِي الحَسَن ابن العدل أَبِي المُظَفَّر، أَبُو الْقَاسِم [4] البَغْدَادِيّ، الكَرْخِيّ.
وُلِدَ سنة إحدى وأربعين [5] .
وسمع حضورا من سعيد بن أحمد ابن البَنَّاء، وَسَمِعَ من ابن البَطِّيّ.
وَحَدَّثَ.
وَهُوَ من بيت عدالة وفضيلة.
__________
[1] في ذيل تاريخ بغداد 1/ 124 وقال: كتبت عنه وكان دلّالا في الإبريسم.
[2] انظر عن (عبد الواحد بن عبد الرحمن) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 37، 38 رقم 1793.
[3] انظر عن (عبد الواحد بن علي) في: ذيل تاريخ مدينة السلام لابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 174، وذيل تاريخ بغداد 1/ 265- 267 رقم 147، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 32، 33 رقم 1782، والمختصر المحتاج إليه 3/ 78 رقم 891.
[4] تكرّرت عليه الكنية.
[5] عند ابن النجار: ولد في سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.(44/410)
رَوَى عَنْهُ ابن النَّجَّار [1] .
542- عَبْد الودود ابن العلّامة الإِمَام مجير الدِّين أَبِي الْقَاسِم محمود [2] بن المبارك.
البَغْدَادِيّ، الفقيه الرئيسُ أَبُو المُظَفَّر، وكيلُ أمير المؤمنين.
كَانَ فقيها، مُناظرًا، مُدرِّسًا.
حَدَّثَ «بجزء» ابن عَرَفة، عن ابن كُلَيْب.
تُوُفِّي في جُمَادَى الآخرة [3] .
543- عُبَيْد اللَّه بن عَبْد الرَّحْمَن بن أَبِي المُطَرِّف.
أَبُو مروان القُرْطُبيّ.
أخذ القراءات والعربية عن أَبِي بَكْر بن سمحون.
وسمع من ابن بشكوال.
__________
[1] وهو قال: شهد عند قاضي القضاة أَبِي الْحَسَن علي بْن أَحْمَد الدامغانيّ في يوم الثلاثاء السابع عشر من شوال سنة سبع وأربعين وخمسمائة فقبل شهادته. كتبت عنه وكان سيّئ الطريقة، غير محمود السيرة ولا مرضيّ الأفعال في شهادته وأحواله.
[2] انظر عن (عبد الودود بن محمود) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 167، 168، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 311، 312 رقم 188، وفيه: «عبد الودود بن محمد» ، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 51 رقم 1819، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 272، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 133 (8/ 317) ، والوافي بالوفيات 19/ 289 رقم 268، والبداية والنهاية 13/ 97، والعقد المذهب لابن الملقن ورقة 73، 74، والورقة 251، وعقد الجمان 17/ ورقة 427.
[3] وقال ابن النجار: قرأ المذهب والأصول على والده حتى برع فيهما وقرأ الخلاف والجدل، وناظر الفقهاء، وتولّى الإعادة بالمدرسة الثقتية بباب الأزج بعد وفاة والده، ورتب على السبيل الّذي أخرجه الإمام الناصر لديوان الله صلوات الله عليه للفقراء والمشاة بطريق مكة، فحمدت سيرته فيه، وشكره الخاص والعام، ثم ولي الوكالة للإمام الناصر لدين الله في جميع متصرّفاته المالية في شوال سنة ست وستمائة وجرت أموره فيها على السداد، وكانت له إجازة جماعة من الواسطيين ...
وأجازوا له في سنة تسع وستين وخمسمائة، وخرّج له فوائد عن هؤلاء المذكورين في جزء صاحبنا عبد الغني بن مشرف الخالصي، وقرأه عليه فسمعه جماعة، وكان صديقنا، وقد سمع بقراءتنا شيئا على شيخنا أبي أحمد بن سكينة، وكان غزير الفضل، كامل العقل، ثخين الستر، متديّنا، محبّا لأهل الخير، كثير المعروف، دائم البشر، حسن الأخلاق، متواضعا.(44/411)
544- عتيق بن بدل [1] بن هلال بن حيدر.
أَبُو بَكْر الزَّنْجانيّ الْأصل، الْمَكِّيّ، العُمريّ، كَانَ يكتب العُمر.
وعاش نَيّفًا وسبعين سنة.
وَسَمِعَ ببَغْدَاد من: أَبِي الفَتْح بْن البَطِّيّ، وأَبِي بَكْر بن النَّقور، وجماعة.
وبهمذان من الحَافِظ أَبِي العلاء العَطَّار. وبزنجان من عُمَر بن أَحْمَد الخَطيبيّ.
وَحَدَّثَ بمَكَّة.
545- عَليّ بن عَبْد الوهَّاب [2] بْن عَليّ بْن الخَضِر بْن عَبْد اللَّه.
أَبُو الحَسَن القُرَشِيّ، الْأَسَدِيّ الزُّبَيْريّ، الدِّمَشْقِيّ، المُعَدَّل، أخو كريمة.
وُلِدَ سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من: عَليّ بن أَحْمَد الحَرَسْتَاني، وَعَبْد الرحمن بن أبي الحسن الدّارانيّ، وحمزة ابن الحُبوبيّ، وغيرهم. وأجاز لَهُ جماعة.
رَوَى عَنْهُ: ابنُ خليل، والشِّهَاب القُوصِيّ، وَالضِّيَاء الحَنْبَلِيّ.
لقبُه نجم الدِّين، ولقب أَبِيهِ نجيب الدِّين.
تُوُفِّي في سلْخ صفر، وَلَهُ تُربة بالجبل.
546- عَليّ بن عُمَر [3] بن عَليّ بن بقاء ابن النُّموذَج.
أَبُو الحَسَن السَّقْلاطونيّ.
حَدَّثَ عن أَبِي عَليّ أَحْمَد بن أَحْمَد الخرَّاز.
وَهُوَ من أولاد الشيوخ.
مات بين العيدَين.
حَدَّثَ عَنْهُ ابن النّجّار.
__________
[1] انظر عن (عتيق بن بدل) في: تاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 180، والمختصر المحتاج إليه 3/ 153 رقم 1087، والعقد الثمين 3/ ورقة 105، وإتحاف الورى لابن فهد 3/ ورقة 73.
[2] انظر عن (علي بن عبد الوهاب) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 37 رقم 1792.
[3] انظر عن (علي بن عمر) في: تاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 146، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 62، 63 رقم 1848، والمختصر المحتاج إليه 3/ 129 رقم 1015.(44/412)
547- علي بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ [1] بْن مُحَمَّد بْن المُهنَّد.
أَبُو الحَسَن الحَرِيمِيّ، المُقْرِئ، المعروف والده بالسَّقّاء.
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وثلاثين.
وَسَمِعَ من: المبارك بن أَحْمَد الكِنْدِيّ، وَسَعِيد ابن البَنَّاء، وأبي الوَقْت، وغيرهم.
وَكَانَ شيخا صالحا، ضواحي دُجيل بقرية حَرْبا، وَكَانَ يتردّد إلى بَغْدَاد.
وَتُوُفِّي بحربا في خامس رمضان.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، والكمال مُحَمَّد بن محمد ابن الدّبّاب الواعظ، وَأَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بن الوليد.
سَمِعَ منه ابن الدَّبَّاب كتاب: «المحنة» تأليف حنبل، بسماعه من أَحْمَد بن عَليّ بن عَبْد الواحد: أَخْبَرَنَا أَبُو الغنائم بن أَبِي عُثْمَان. وَسَمِعَ منه كتاب «التّفكّر والاعتبار» بسماعه من المبارك الكِنْدِيّ. وَسَمِعَ منه أيضا كتاب «قصر الْأمل» وكتاب «الهمّ والحزن» قَالَ: أَخْبَرَنَا عاصم بن الحَسَن العاصميّ.
548- عَليّ بن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بن أَبِي زيد.
أَبُو الحَسَن النَّيْسَابُوري، المُسْتَوفيّ.
سَمِعَ: أَبَا الفَتْح مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن الخَشَّاب، وغيره.
رَوَى عَنْهُ الزَّكيّ البِرْزَاليّ. وأجاز لشيوخنا: ابن عصرون، وابن عساكر، وبنت كِنْديّ.
وعُدم فيمن عُدم من أمم لَا يُحصيها إِلَّا بارئها.
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن عساكر، عن عَليّ بن مُحَمَّد، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد الخَشَّاب، أَخْبَرَنَا أَبُو صالح أَحْمَد بن عبد الملك المؤذّن- فذكر حديثا.
__________
[1] انظر عن (علي بن محمد بن علي) في: معجم البلدان 2/ 448، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار (باريس) ورقة 9، 10، ومشيخة النعال 146- 148، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 57 رقم 1834، والمختصر المحتاج إليه 3/ 138 رقم 1041.(44/413)
549- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يوسف الفَهْميّ [1] .
أَبُو الحَسَن اليابُريّ، القُرْطُبيّ، الضّرير.
أخذ القراءات بغَرْنَاطَة عن عَبْد المنعم بن يَحْيَى بن الخلوف وبإشبيلية عَن أَبِي بكر بن خَيْر، ونَجَبَة بن يَحْيَى، وأكثر عن أَبِي العَبَّاس بن مَضاء.
وأجاز لَهُ السِّلَفيّ.
وَكَانَ محقّقا للقراءات جدّا. ذكيّا. أدّب وُلِدَ السُّلْطَان بمرّاكش، ونال دنيا عرضة. مات فيها تقريبا.
550- عَليّ [2] بن نابت [3]- بالنّون- بن طَالِب.
الفقيه أَبُو الحَسَن الْأزَجِيّ، الحَنْبَلِيّ، الواعظ.
المعروف بابن الطَّالبانيّ [4] .
سَمِعَ من: أَبِي مُحَمَّد صالح بن الرِّخْلَة [5] ، وشُهْدة، وخطيب المَوْصِل، وأبي الحُسَيْن عَبْد الحقّ، وغيرهم.
رَوَى عَنْهُ: الضِّيَاء، وابن أخيه الفَخْر، وَالشَّيْخ شمس الدِّين عَبْد الرَّحْمَن، وجماعة.
__________
[1] تقدّمت ترجمته في وفيات السنة 617 هـ برقم 461، وقد كتب المؤلف- رحمه الله- هذه الترجمة على هامش نسخته وكتب عليها «مرّ» .
[2] كتب المؤلف- رحمه الله- هذه الترجمة في أول من اسمه «علي» وكتب فوقها: «م» إشارة لتأخيرها.
[3] انظر عن (علي بن نابت) في: إكمال الإكمال لابن نقطة (الظاهرية) ورقة 76، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 130، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار (باريس) ورقة 55 وفيه «علي بن ثابت» وهو تصحيف، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 56، 57 رقم 1833، والمختصر المحتاج إليه 3/ 145، 146 رقم 1064، والمشتبه 1/ 109، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 125- 128 وفيه «علي بن ثابت» وهو تصحيف، وتوضيح المشتبه 2/ 10، والمنهج الأحمد 349، والمقصد الأرشد 1/ رقم 773 وورد مصحفا «علي بن ثابت» رقم 703، والدرّ المنضد 1/ 345 رقم 983، وشذرات الذهب 5/ 81 وفيه «ثابت» وهو تصحيف.
[4] الطّالباني: بفتح اللام.
[5] قيّده المؤلف- رحمه الله- في: المشتبه 1/ 311، وابن ناصر الدين في التوضيح 4/ 162.(44/414)
وسكنَ رأس العين، وبها مات في تاسع عشر شعبان.
لقبُه مُوَفَّق الدِّين.
551- عَليّ بن أَبِي الْأزهر [1] بن عَليّ بن خليفة.
أَبُو الحَسَن الحَرْبِيّ، العَطَّار.
وُلِدَ بُعيد الْأربعين.
وَسَمِعَ من: عَمِّه عُمَر بن عَليّ، وَسَعِيد بن أحمد ابن البَنَّاء.
وَحَدَّثَ.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي وَقَالَ: مات في ثامن عشر ربيع الْأَوَّل، وابن النَّجَّار [2] .
552- عُمَر بن عيسى [3] بن أَبِي الحَسَن.
أَبُو حفص البزوري، البَغْدَادِيّ.
سَمِعَ من: أَبِي المعالي ابن اللّحّاس، وأبي محمد ابن الخَشَّاب، وجماعة.
وَحَدَّثَ.
وَتُوُفِّي في شعبان.
ومات أخوه أَبُو الفرج عَبْد الرَّحْمَن الواعظ سنة أربع وستمائة.
553- عُمَر بن يوسف [4] بن يَحْيَى بن عُمَر.
مُوَفَّق الدِّين المَقْدِسِيّ، الشَّافِعِيّ، خطيب بيت الْأبَّار.
حَدَّثَ عن أَبِي الْقَاسِم بن عساكر. وخطبَ بجامع دمشق نيابة عن الدَّوْلَعِيّ، وَكَانَ رجلًا صالحا.
__________
[1] انظر عن (علي بن أبي الأزهر) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 193، 194 رقم 677، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 39 رقم 1796، والمختصر المحتاج إليه 3/ 150 رقم 1078.
[2] وهو قال: كتبت عنه وكان شيخا لا بأس به.
[3] انظر عن (عمر بن عيسى) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 198، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار (باريس) ورقة 115 ب، 116 أ، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 55 رقم 1828، والمختصر المحتاج إليه 3/ 103 رقم 948.
[4] انظر عن (عمر بن يوسف) في: ذيل الروضتين 131، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 53 رقم 1823، والبداية والنهاية 13/ 96، وعقد الجمان 17/ ورقة 427.(44/415)
تُوُفِّي في رجب.
رَوَى عَنْهُ القُوصِيّ.
[حرف الْقَافِ]
554- الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ [1] بْنِ عُمَرَ بْنِ أَحْمَد.
المُفتي العَلّامة أَبُو بَكْر النَّيْسَابُوري، الصَّفَّار.
قرأتُ بخطّ الضِّيَاء تحت اسمه: قُتل- واللَّه أعلم- في صفر سنة ثمان عشرة في غارة التُّرك في صفر، أَخْبَرَنِي بذلك ابن النَّجَّار.
كَانَ فقيها إماما، فاضلا، عالي الإسناد في الحديث.
سَمِعَ من: جَدّه، ومن عمّ أَبِيهِ، ومن وجيه الشَّحَّامِيّ، وَعَبْد اللَّه ابن الفراويّ، وهبة الرحمن ابن القُشَيْريّ، وَمُحَمَّد بن منصور الحُرْضيّ، وَعَبْد الوَهَّاب بن إسْمَاعِيل الصَّيْرَفِيّ، وَإسْمَاعِيل بن عَبْد الرَّحْمَن العَصَائديّ، وجماعة.
وتَفَقَّه عَلَى مذهب الشَّافِعِيّ.
ووُلد في ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ البِرْزَاليّ، وَأَبُو إِسْحَاق الصَّرِيفِينيّ، وَالضِّيَاء المَقْدِسِيّ، والشَّرَف المُرْسِيّ، والصَّدْرُ البكريّ، وآخرون. وَرَوَى عَنْهُ بالإجازة: أَبُو الفضل بن عساكر، والتّاج مُحَمَّد بن أَبِي عصرون، وجماعة.
قَالَ ابن نُقْطَة [2] : كَانَ حيّا إلى أن دخلت التّرك نَيْسَابُور في سنة سبع عشرة أَوْ ثمان عشرة.
قُلْتُ: ومن مسموعاته «مُسْنَد» أَبِي عَوَانَة، سمعه من أَبِي الْأسعد هبة الرَّحْمَن
__________
[1] انظر عن (القاسم بن عبد الله) في: التقييد لابن نقطة 432، 433 رقم 580، والمعين في طبقات المحدثين 390 رقم 2016، والإعلام بوفيات الأعلام 254، والإشارة إلى وفيات الأعيان 324، والعبر 5/ 74، 75، وسير أعلام النبلاء 22/ 109، 110 رقم 78، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 148 (8/ 383) ، والنجوم الزاهرة 6/ 253، وشذرات الذهب 81، 82، وكان المؤلف- رحمه الله- قد كتب هذه الترجمة في وفيات سنة 617 ثم عاد وكتب بخطه: «يؤخر إلى سنة ثمان عشرة» ، فنقلته من هناك إلى هنا.
[2] في التقييد 433.(44/416)
القُشَيْريّ: أَخْبَرَنَا عَبْد الحميد البُحْتُريّ، عن أَبِي نُعَيْم الأسفراينيّ، عَنْهُ. وَسَمِعَ كتاب «الزُّهريات» من وجيه، قَالَ: أخبرنا أَبُو حامد الْأزهريّ بسنده إلى الذُّهَلِيّ.
وسمع «النَّسَائِي» سوى كتاب الْجِهاد من إسْمَاعِيل العصائديّ، عن عَبْد الرَّحْمَن بن منصور بن رامش، وَسَمِعَ كتاب الجهاد [1] من عَبْد الوَهَّاب الصَّيْرَفِيّ، عن عَليّ بن أَحْمَد المؤذّن، قَالَا: أَخْبَرَنَا الحُسَيْن بن فنجويه، أَخْبَرَنَا ابن السُّني، أَخْبَرَنَا النَّسَائِي.
وَقَالَ مُحَمَّد بن مُحَمَّد الإسْفَرَايينيّ- ومن خَطّه نقلتُ-: أَخْبَرَنَا الإِمَام مُفتي خُرَاسَان شهاب الدِّين أَبُو بَكْر الْقَاسِم بن أَبِي سَعْد، قَالَ: أخبرتنا عَمَّة والدي عَائِشَة- فذكر حديثا. ثُمَّ قَالَ: وشيخنا شهابُ الدِّين ما رأينا في خُرَاسَان من المشايخ مثله حلما، وعلما، ومعرفة بمذهب الشَّافِعِيّ، سَمِعْتُ أَنَّهُ دَرَّسَ «الوسيط» للغزاليّ أربعين مرّة، درس العامة، سوى درس الخاصَّة، ودَخَلت التّرك نَيْسَابُور في سنة سبع عشرة، ولم يتمكّنوا من دخولها، ورُمي مُقَدّمهم بسهم غَرْبٍ فقتله، فرجعوا عَنْهَا، ثُمَّ عادوا إليها في سنة ثمان عشرة، وأخذوها، وأخربوها، وقتلوا رجالها ونساءها إِلَّا ما شاء اللَّه، واستشهد شيخنا فيمن استُشْهد [2] .
555- الْقَاسِم ابن الحَافِظ عماد الدِّين عَليّ [3] ابن الحَافِظ المحدِّث بهاء الدِّين الْقَاسِم ابن الحافظ الحجّة ثقة الدّين أبي القاسم ابن عساكر الدِّمَشْقِيّ.
أَبُو مُحَمَّد.
شابٌّ طريّ من أبناء ثمان عشرة سنة.
سَمِعَ من الكِنْدِيّ، وطبقته، ورحل بِهِ أَبُوه إلى خُرَاسَان، وسَمَّعه الكثير، واخترمته المنيَّة. ولو عُمِّر ثمانين سنة أو دونها لكان مسند وقته.
تُوُفِّي في جُمَادَى الْأولى.
وَقِيلَ إنّه حدّث.
__________
[1] يعني: من سنن النسائي.
[2] قال المؤلف- رحمه الله- بعد ذلك: «قلت: ينبغي أن يؤخر هو وغيره إلى سنة ثمان عشرة» .
[3] انظر عن (القاسم بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 45، 46 رقم 1812، والعقد المذهب لابن الملقن، ورقة 233، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 23.(44/417)
[حرف الميم]
556- مُحَمَّد ابن العلّامة أَبِي طاهر أَحْمَد [1] بْن هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُمَر.
أَبُو عَبْد اللَّه الهَمَذَانِيّ، الرُّوذَراوَرِيّ.
تُوُفِّي بهمذان في رجب بعد دخول التَّتَار إليها بأيام.
سَمِعَ الكثير من نصر بن المُظَفَّر البَرْمَكِيّ، وأبي الوَقْت السِّجْزِي، وَأَبِي زُرْعَة، وجماعةٍ. وَلَهُ إجازات كثيرة.
ووُلد في سنة إحدى وأربعين.
وَحَدَّثَ بهمذان، وإربلّ.
رَوَى عَنْهُ الضِّيَاء، وَقَالَ: قتلته التُّرك بهمذان في جُمَادَى الآخرة. وَالَّذِي قدّمناه هُوَ قول الزَّكيّ المُنْذِريّ [2] .
557- مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بْن سَعْد بْن عَبْد اللَّه بْن سَعْد.
النَّاصح أَبُو عَبْد اللَّه المَقْدِسِيّ، الحَنْبَلِيّ.
سَمِعَ: أَبَا المعالي بن صابر، وأبا الفَتْح بن شاتيل، ونصر اللَّه القَزَّاز، وطبقتهم.
وَقِيلَ: إِنَّهُ لم يُدْرِك ابن شاتيل. وَسَمِعَ أَيْضًا أَبَا نصر عَبْد الرَّحِيم بن عَبْد الخالق اليُوسُفِيّ، وابن بُوش، وَسَمِعَ خلقا كثيرا.
قَالَ الضِّيَاء: وُلِدَ في سنة أربعٍ وستين وخمسمائة، واشتغل بالفقه ببَغْدَاد، وَسَمِعَ، وعادَ إلى وطنه. وَهُوَ كثير الخير، قاضي الحوائج. كريم النّفس، متودِّدٌ إلى النَّاس، سليم الصدر، كثير الاحتقار لنفسه. وَكَانَ يصلِّي إماما بالدّير الشَّرْقِيّ بمسجد العطَّافية إلى أن مات. وخلّف من الولد: عبد الوهّاب وإبراهيم، وثلاث بنات. وتوفّي فِي الثامنِ والعشرين من شوَّال.
رَوَى عَنْهُ: الضّياء، وابن أخيه الفخر، وغيرهما.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 52 رقم 1821، والنجوم الزاهرة 6/ 253.
[2] في التكملة 3/ 52.(44/418)
558- محمد بن إسحاق [1] بن عيّاش.
العلّامة أبو عبد الله الزّناتيّ، شيخ المالكية بغرناطة، ويعرف بالكمّاد وهو الدّقّاق.
كان قائما على «المدوّنة» تخرّج به أئمّة.
قال ابن مسدي: ناظرت عليه في «المدوّنة» وبحثت عليه «الموطّأ» . عاش نيّفا وسبعين سنة. سَمِعَ من أَبِي خَالِد بن رفاعة، وعَليِّ بن كوثر، وطبقتهما.
مُحَمَّد بن إسْمَاعِيل الإربليّ.
أَبُو الحَسَن، يأتي في الكنية [2] .
559- مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَن [3] بْن عَليّ.
أَبُو عَبْد اللَّه اللَّخْميّ الدَّانيّ، ويعرف بابن التُّجَيْبيّ.
سَمِعَ من: الحَافِظ أَبِي الْقَاسِم بن حُبَيْش، وأبي عَبْد اللَّه بن حميد.
وأجاز لَهُ أَبُو طاهر السِّلَفيّ، وقرأ «كتاب» سِيبَوَيْه عَلَى الذّهبيّ النَّحْوِيّ.
قَالَ الْأبَّار: وَكَانَ أديبا، كاتبا، بليغا. أقرأ العربية، ووليَ قضاء دانية.
وَسَمِعْتُ منه. وَتُوُفِّي في رمضان.
560- مُحَمَّد بْن خَلَف [4] بْن راجح بْن بلال بن هِلال بن عيسى بن موسى بن الفَتْح بن زُرَيْق.
__________
[1] انظر عن (محمد بن إسحاق) في: سير أعلام النبلاء 22/ 175 رقم 115.
[2] برقم 590.
[3] انظر عن (محمد بن الحسن) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 607.
[4] انظر عن (محمد بن خلف) في: تاريخ ابن الدبيثي (شهيد علي) ورقة 41، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 622، 623، وعقود الجمان لابن الشعار 6/ ورقة 245، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 36، وذيل الروضتين 130، والمعين في طبقات المحدثين 190 رقم 2022، والإشارة إلى وفيات الأعيان 324، والعبر 5/ 75، وسير أعلام النبلاء 22/ 156- 158 رقم 104، والمختصر المحتاج إليه 1/ 44، 45، والوافي بالوفيات 3/ 45، 46، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 124، 125، والبداية والنهاية 13/ 96، والمنهج الأحمد 343، والمقصد الأرشد، رقم 936، والمقفى الكبير 5/ 630 رقم 2210، وعقد الجمان 17/ ورقة 426، والنجوم الزاهرة 6/ 251، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 24، والدر المنضد 1/ 344 رقم 981، وشذرات الذهب 5/ 82.(44/419)
الإِمَام شهابُ الدِّين أَبُو عَبْد اللَّه المَقْدِسِيّ، الحنبليّ.
وُلِدَ سنة خمسين وخمسمائة ظنا، بجَمّاعيل.
ورحل مَعَ الحَافِظ عَبْد الغنيّ سنة ستٍّ وستّين إلى الحَافِظ السِّلَفيّ، فأكثر عَنْهُ، ورجع فرحل إلى بَغْدَاد وَسَمِعَ من أبي محمد ابن الخشّاب، وشُهْدة، وَأَبِي الحُسَيْن عَبْد الحقّ، وطبقتهم. وَسَمِعَ بدمشق من أَبِي المكارم عَبْد الواحد بْن هلال، وَأَبِي المعالي بن صابر.
قَالَ الضِّيَاء: اشتغل ببَغْدَاد بالخلاف عَلَى الإِمَام أَبِي الفتح بن المَنِّي، وصار أوحد زمانه في علم النَّظر. وَكَانَ يناظر ويقطع الخصوم. وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنَّ ابن الجوزيّ كَانَ تركني عنده، وَكَانَ يكرمني ويخصّني بالْأشياء لكوني عنده.
قَالَ الضِّيَاء: وَلَمَّا عاد مُوَفَّق الدِّين يَقُولُ: كَانَ إذا كَانَ لنا عند إِنْسَان ببَغْدَاد شيء لَا نقدر عَلَى تحصيله، أرسلنا إليه الشِّهَاب. ثُمَّ إِنَّهُ مرض مرضا شديدا، واصفرّ لونه، وكان بعض النَّاس يَقُولُ: إِنَّهُ مسحور- واللَّه أعلم- وَهُوَ كثير الخير والصّلاة، سليم الصّدر. ولقد رأيتهم بجَمّاعيل يعظّمونه تعظيما كبيرا، ولا يشكّون في ولايته، وكراماته، ولَعَمْري لقد كَانَ عَلَى خيرٍ كثير من الدِّين، والصّلاح، والذّكر، وسلامة الصّدر.
وَسَمِعْتُ الإِمَام أَبَا مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الْجَبَّار يَقُولُ:
حَدَّثَنِي جماعة من جمّاعيل فيهم: خالي عُمَر بن عَوَض قَالَ: وقَعَتْ في جمّاعيل فتنةٌ، فخرج بعضهم إلى بعض بالسيوف، وَكَانَ الشِّهَاب عندنا، قَالُوا: فسجد ودعا اللَّه. قَالُوا: فضرب بعضهم بعضا بالسيوف فما قطعت السيوف شيئا. قَالَ عُمَر: فلقد ضربتُ رجلا بسيفي، وَكَانَ سيفا مشهورا فما قطع شيئا. وكانوا يرون أَنَّ هَذَا ببركة دعائه.
وقال عمر ابن الحاجب في «معجمه» : هُوَ إمام محدِّث فقيه، عابد، دائم الذّكر، لَا تأخذه في اللَّه لومة لائم، صاحب نوادر وحكايات، وعنده وسوسة زائدة في الطّهارة. وَكَانَ يحدّث بعد الْجُمُعة من حفظه، وكانت أعداؤه تشهد بفضله.(44/420)
وَقَالَ الزَّكيّ المُنْذِريّ [1] : كَانَ كثير المحفوظات، متحرّيا في العبادات، حسن الْأخلاق.
1 قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ الضِّيَاء، والمُنْذِريّ، والبِرْزَاليّ، وابن عَبْد الدّائم، وَالقُوصِيّ، وشمس الدِّين عَبْد الرَّحْمَن، والفخر عَليّ، والشمس ابن الكمال، وأبو بكر بن طرخان، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس عبد الرّحمن ابن الزَّين، وَمُحَمَّد بن مؤمن، وَإِبْرَاهِيم بن حَمْد، وأبو بكر ابن الْأَنْمَاطِي.
وحَدَّثَنَا عَنْهُ: العماد عَبْد الحَافِظ، والعزّ إسماعيل بن المنادي، والعزّ أحمد ابن العِماد، والشمس مُحَمَّد ابن الوَاسِطِيّ، وَعَائِشَة بنت المجد عيسى.
قرأتُ وفاته بخطّ الضِّيَاء: في التّاسع والعشرين من صفر.
561- مُحَمَّد بن سلامة [2] بن نصر بن مِقدام.
أَبُو عَبْد اللَّه المقدسيّ، العَطَّار.
سَمِعَ من: الخضر بن طاووس، وأبي المجد الفضل ابن البانياسيّ.
562- مُحَمَّد بن طَلْحة [3] بن مُحَمَّد بن عَبْد الملك بن حَزْم.
أَبُو بَكْر الْأُمَوِيّ، النَّحْوِيّ، الإشبيليّ.
أخذ القراءات عَن أَبِي بَكْر بْن صاف، والعَرَبية عن أَبِي إِسْحَاق بْن ملكون.
وَسَمِعَ من أَبِي بَكْر بن الْجَدّ «كتاب» سِيبَوَيْه، وَسَمِعَ من أَبِي زيد السُّهَيْلِيّ بعض كتابه «الرَّوض الْأنُف» . ولم يعتن بالحديث، بل غَلَب عَلَيْهِ القراءات والنَّحْو.
قَالَ الْأبَّار [4] : وَكَانَ أستاذ حاضرة إشبيلية غير مُدَافَع، وَعَلَيْهِ قرأ ابن عبد
__________
[1] في التكملة 3/ 37.
[2] انظر عن (محمد بن سلامة) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 55 رقم 1829.
[3] انظر عن (محمد بن طلحة) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 605، وبغية الوعاة 1/ 121 رقم 204.
[4] في التكملة 2/ 605.(44/421)
النّور، وانتفع بِهِ أَبُو عَليّ الشلوبِينيّ، وَكَانَ من إجادة الإلقاء، وحُسن الإفادة، وسُهولة العبارة عَلَى غاية. وَكَانَ يميل في عربيته إلى مذهب ابن الطّراوة، ثُمَّ غلب ذَلِكَ عَلَيْهِ، فشدّ عَلَيْهِ الجمهور. رأيته بأشبيليّة. وَتُوُفِّي في صفر- رحمه اللَّه- وولد بيابُرة في سنة خمس وأربعين وخمسمائة.
563- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه [1] بْن أَحْمَد.
أَبُو العَبَّاس البَغْدَادِيّ، الضَّرير، المُقْرِئ، المعروف بالرَّشيديّ [2] .
وفي نَسَبِه إلى هَارُون الرشيد طعْنٌ [3] .
قرأ القراءات عَلَى أَبِي الكرم المبارك بن الحَسَن الشَّهْرَزُوري، وَعَلَى غيره، وَسَمِعَ منه ومن: أَبِي الوَقْت السّجزيّ، وسعيد ابن البَنَّاء، وَأَبِي الْقَاسِم عَبْد اللَّه بن أَحْمَد ابن الخَلّال الوكيل.
وَحَدَّثَ، وأقرأ بالروايات.
وَهُوَ من آخر أصحاب أَبِي الكَرَم.
رَوَى عَنْهُ: الدّبيثيّ، وابن النّجّار، وَقَالَ: كَانَ شيخا حَسَنًا، صَدُوقًا، قَالَ:
ومات فِي شعبان.
564- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن [4] بْن أَبِي العزّ.
الشَّيْخ أَبُو الفَرَج الوَاسِطِي، المُقْرِئ، التّاجر.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الله) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 28، 29 رقم 236، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 54 رقم 1826، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 2361، والمختصر المحتاج إليه 1/ 63، 64، ومعرفة القراء الكبار 2/ 607 رقم 571، وغاية النهاية 2/ 176.
[2] قال المنذري: عرف بالرشيدي لأنه كان يذكر أنه من ولد هارون الرشيد.
[3] انظر: ذيل تاريخ مدينة السلام 2/ 29.
[4] انظر عن (محمد بن عبد الرحمن) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد 2/ 42، 43 رقم 252، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 47 رقم 1817، وتلخيص مجمع الآداب ج 4 ق 1/ 520 رقم 756، وتاريخ إربل 1/ 138- 141 رقم 57، والمختصر المحتاج إليه 1/ 68، وأهل المائة فصاعدا ص 135، وسير أعلام النبلاء 22/ 114 دون ترجمة، والبداية والنهاية 13/ 96، والعسجد المسبوك 2/ 392، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 22.(44/422)
صَحِبَ صَدَقَة بن الحُسَيْن الواعظ، وَقَدِمَ معه إلى بَغْدَاد سنة ثلاثٍ وخمسين، فسمع من: أَبِي الوَقْت، وَأَبِي جَعْفَر العَبَّاسيّ، وَأَبِي المُظَفَّر محمد بن أحمد ابن التّريكيّ، وهبة الله ابن الشِّبْلِي، وجماعة.
وَحَدَّثَ ببَغْدَاد، وإربلّ، وَالمَوْصِل، وحَلَب، ودمشق.
وَكَانَ لَهُ اعتناءٌ بالحديث، ويعرف سماعاته.
واشتغل بالتّجارة مُدَّة.
وَكَانَ قديم المولد، فَإِنَّهُ سَمِعَ من أَبِي الوَقْت وَلَهُ ستٌّ وثلاثون سنة، وعاش مائة أَوْ أزْيد. وسِنّه يحتمل السَّماع من ابن الحُصَيْن، وطبقته والسَّماعُ رِزْقٌ.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وابنُ خليل، والشِّهَاب القُوصِيّ، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، والتّاج عَبْد الوَهَّاب ابن زين الْأمناء، وآخرون.
وَرَوَى «صحيح» البُخَارِي، بالمَوْصِل.
وتُوُفيّ فِي الخامس والعشرين من جُمَادَى الآخرة، وَلَهُ مائة سنة وسنة [1] .
__________
[1] وقال ابن الدبيثي: سألنا أبا الفرج هذا بعد سماعنا منه عن مولده، فقال: ما أعلم في أيّ سنة بل سمعت من أبي الوقت في سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة وعمري يومئذ ست وثلاثون سنة ولي اليوم خمس وتسعون سنة، وكان سؤالنا له في أول سنة اثنتي عشرة وستمائة فيكون مولده على ما ذكر في سنة سبع عشرة وخمسمائة. (ذيل تاريخ مدينة السلام) .
وقال ابن المستوفي: ورد إربل قديما ثم غاب زمانا وأتاها في زمن أبي سعيد كوكبوري بن علي، فهو يتردّد إليها في كل سنة رغبة في الصدقة عليه. أخذ أجزاء كثيرة من حديث أبي الوقت عبد الأول بن عيسى- رحمه الله- بإفادة الشيخ الإمام أبي الحسن صَدَقة بْن الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن وزير الواسطيّ- رحمه الله- وكان صحبه من واسط إلى بغداد، وأقام في صحبته. ولقي غير أبي الوقت، إلّا أن أحسن سماعه عن أبي الوقت، ويدّعي شيئا لا لحاجة في المسألة وحرصه على تحصيل دنيا، وهو بخيل شحيح. وكان يكتب في التسميع: «المقرئ» ، ولم يكن- إن شاء الله- قارئا فكيف مقرئا؟ وأسمع بإربل بدار الحديث المظفرية وغيرها، مثل حلب ودمشق وغيرهما، جملة من كتب وأجزاء.
... وحدثني من لفظه قال: حضرت طعام هذي بن جورين ابن الكردي، فتروّحت بكمّي من كثرة الذبّان، وسمعني أقول: ليت في بيتي مثل هذا الذبّان، فأمر لي بعشرة قواصر تمر، وعشر جرار سيلان، ومن جميع ما حصل عنده من الحلاوة. قال: ويقال: إنه حضره مال كثير في.(44/423)
565- مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز [1] بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاش.
أَبُو عبد اللَّه التُّجَيْبيّ، الْأنْدَلُسِيّ، الكاتبُ، صاحبُ ديوان الإنشاء بالمَغْرب.
قَالَ الْأبَّار: أخذ عن أَبِي عَبْد اللَّه بن حَمِيد شيئا يسيرا، وعني بالآداب.
وكان رئيسا في صناعة الكتابة، خطيبا، مصقعا، بليغا، مفوّها، شاعرا. وكتب للسلطان، ونال دنيا عريضة. وله في المصحف العثمانيّ، وقد أمر المنصور بتحليته:
ونفّلته من كلّ قوم [2] ذخيرة ... كأنّهم كانوا برسم مكاسبه
فإن ورث الأملاك شرقا ومغربا ... فكم قد [3] أخلّوا جاهلين بواجبة
وألبسته الياقوت والدّرّ حلية ... وغيرك قد رَوَّاه مِن دَمِ صَاحبِه
وُلِدَ أَبُو عَبْد اللَّه بن عَيَّاش في سنة خمسين وخمسمائة، وَتُوُفِّي في جمادى الآخرة بمَرَّاكُش، رحمه اللَّه.
566- مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم [4] بْن مُحَمَّد بْن أَبِي الفضل بن عَليّ.
القاضي العالم الصالح، علاء الدِّين أَبُو عَبْد اللَّه ابن أخي القاضي جمال الدِّين، الْأَنْصَارِيّ الدِّمَشْقِيّ، ابن الحَرَسْتَاني.
ولد سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة.
وسمع من أبي القاسم ابن عساكر الحَافِظ، وَسَمِعَ بالمَوْصِل من خطيبها أَبِي الفضل عبد الله ابن الطّوسيّ.
__________
[ () ] صندوقين فأفرغه، ووقف قائما وجعل يركله برجله والناس يأخذون إلى أن كاد ينفد، فقال للذي جاء به: «اطلب سهمك» ، فأخذ منه جملة زوّج منها سائر من في دائرة.
... وكان مقامه آخرا بالموصل، وكان له ولد كلّما دخل مدينة أثبت نسبه فيها. يقال إنه كان له شيء طائل من مال، كان لا يفارقه مشدودا على وسطه. سألته في رجب سنة أربع عشرة وستمائة عن عمره، فقال: لا أعلم، ولكني سمعت على أبي الوقت ولي ست وثلاثون سنة، فيكون قد أشرف على المائة، وسمع ذلك منه جماعة كثيرون. (تاريخ إربل) .
[1] انظر عن (محمد بن عبد العزيز) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 606.
[2] في التكملة: «من كل ملك» .
[3] «قد» ليست في المطبوع من التكملة.
[4] انظر عن (محمد بن عبد الكريم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 58 رقم 1836.(44/424)
رَوَى عَنْهُ الزَّكيّ البِرْزَاليّ في «مُعجمه» .
وَتُوُفِّي في سابع عشر رمضان.
567- مُحَمَّد بن عَبْد الملك [1] بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن يَحْيَى بْن فَرَج ابن الْجَدّ.
أَبُو بَكْر الفهريّ، الإشبيليّ.
سمع من جدّه الحافظ أَبِي بَكْر مُحَمَّد.
وَكَانَ ذا رئاسة عظيمة، ووجاهة عند الدَّوْلَة إلى الغاية.
قَالَ الْأبَّار: وَكَانَ- معَ شرفه- متواضعا، جوادا، كريما، كثير المعروف، والصّدقات، رفيعا. سمعتُ منه حكاية. وما أراه حَدَّثَ وكانت جنازته مشهودة.
568- مُحَمَّد بن عَليّ بن الحُسَيْن [2] .
أَبُو يَعْلَى الوَاسِطِيّ الجامِديّ [3] ، المعروف بابن القارئ.
حَدَّثَ بواسط بالإجازة عن القاضي محمد بن عليّ ابن الْجُلّابيّ.
وَسَمِعَ من جَدّه لأمِّه أَبِي المُفَضَّل مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَبِي زَنْبَقة.
ومات في جُمَادَى الْأولى.
وَثَّقَهُ ابنُ نُقْطَة.
569- مُحَمَّد بن عَليّ بن عُمَر [4] .
النَّجِيب أَبُو حامد السّمرقنديّ، الطّبيب، نزيل هراة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الملك) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 606.
[2] انظر عن (محمد بن علي بن الحسين) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 46 رقم 1814، وتوضيح المشتبه 3/ 31.
وقد اختلط اسمه بترجمة سعيد بن أبي سعيد بن عبد العزيز الجامدي ثم القيلوي في: معجم البلدان 2/ 95، 96.
[3] الجامدي: بكسر الميم، قرية كبيرة جامعة من أعمال واسط بينها وبين البصرة. (معجم البلدان) .
[4] انظر عن (محمد بن علي بن عمر) في: عيون الأنباء 2/ 31، والوافي بالوفيات 4/ 184، وكشف الظنون 77، وهدية العارفين 2/ 110، وفهرست الخديوية 6/ 46، والأعلام 7/ 169، ومعجم المؤلفين 12/ 31.(44/425)
كَانَ من عُلماء الزّمان بالطّبّ، وَلَهُ فيه تصانيف مُفيدة منها: كتاب «أغذية المرضى» ، ومنها كتاب «الصِّناعة» ، وكتاب «أقراباذين» وغير ذَلِكَ.
قُتِلَ بهرَاة.
570- مُحَمَّد بن عَليّ ابن الواعظ نَصْر [1] بن نصر العُكْبَريّ.
أَبُو الفَرَج الكاتب.
اشتغل بالدِّيوان.
وَحَدَّثَ عن جَدّه.
وَتُوُفِّي بالحِلَّة في رَمَضان.
وَرَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وابنُ النَّجَّار.
571- مُحَمَّد بن عُمَر [2] بن عَبْد الغالب بن نصر بن عَبْد اللَّه.
المُحَدِّث أَبُو عَبْد اللَّه القُرَشِيّ، الْأُمَوِيّ، العُثْمانِيّ، الدِّمَشْقِيّ.
طَوَّفَ، وَسَمِعَ بنفسه الكثير، وكان حسنَ الطَّريقة، ذا دين، وَوَرع وأمانة.
وكَتَبَ كثيرا، وبُورك لَهُ في مسموعاته، وَحَدَّثَ بأكثرها. وَكَانَ في الرحلة وحده، فتجد أكثر طباقه ما معه كبير أحد. وَكَانَ لَهُ منامات عجيبة.
سَمِعَ من: أَبِي الحُسَيْن أحمد ابن الموازينيّ، وعبد الرحمن بن عليّ ابن الخِرقيّ، وبَرَكات الخُشُوعِيّ. ورحل، فسمعَ ببَغْدَاد من عَبْد المنعم ابن كُلَيْب، وجماعة. وبأصبهان من خليل بن بدر الرَّارانيّ، ومَسْعُود بن أَبِي منصور الْجَمّال، وأبي المكارم اللَّبَّان، وَأَبِي جَعْفَر الصَّيْدَلَانِي. وبنيسابور من أَبِي سعد عَبْد اللَّه بن عمر ابن الصَّفَّار، ومنصور بن عَبْد المنعم الفُرَاويّ، وجماعة. وبمصر، والإسكندرية.
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي بن نصر) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 150 رقم 385، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 60 رقم 1840، والمختصر المحتاج إليه 1/ 102.
[2] انظر عن (محمد بن عمر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 33، 34 رقم 2784، وتاريخ إربل 1/ 295، 296 رقم 193، والعبر 5/ 75، وسير أعلام النبلاء 22/ 160، 161 رقم 108، والمختصر المحتاج إليه 1/ 86، والمقفى الكبير 6/ 416، 417 رقم 2906، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 24، وشذرات الذهب 5/ 82.(44/426)
ومولده ببيت لِهيا في سنة تسع وستّين وخمسمائة [1] .
رَوَى عَنْهُ: الزَّين بن عَبْد الدّائم، وَالزَّكيّ عبد العظيم، والقاضي أبو المجد ابن العديم، والفخر علي ابن البُخَارِي، والكمال أَحْمَد بن مُحَمَّد الحَلَبيّ، وجماعة.
وَحَدَّثَ بدمشق، وحَرّان، وحَلَب، وَحِمْص، وَمِصْر.
وَتُوُفِّي إلى رحمة اللَّه بالمدينة النَّبوية، في وسط المحرّم [2] .
572- مُحَمَّد بن كَرَم [3] بن بركة.
أَبُو عَليّ الكاتب الْأزَجِيّ، ويُعرف بمعتوق الكَيّال.
سَمِعَ: ابن ناصر، وأبا الكَرَم الشَّهْرَزُوري.
قَالَ ابن النَّجَّار: كتبتُ عَنْهُ. وَكَانَ شيخا حَسنًا، لَا بأسَ بِهِ. تُوُفِّي في ربيع الْأَوَّل، وقد جاوز الثّمانين [4] .
573- مُحَمَّد بن أَبِي جَعْفَر [5] مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحُسَيْن.
الشَّيْخ أَبُو البركات الشَّهرستانيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ النَّحْوِيّ.
وُلِدَ سنة تسع وأربعين وخمسمائة.
واشتغل على أبي محمد ابن الخَشَّاب، وعَليِّ بن المبارك ابن الزَّاهِدَة.
وتَمَيَّزَ في العربية، وحدّث بشيء من شعره [6] .
__________
[1] وفي تاريخ إربل 1/ 295: «مولده بعد السبعين والخمسمائة» .
[2] وقال ابن المستوفي: إنه توفي سنة 617 هـ (تاريخ إربل 1/ 296) .
[3] انظر عن (محمد بن كرم) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي 2/ 170 رقم 412، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 39 رقم 1797، والمختصر المحتاج إليه 1/ 108.
[4] وقال ابن الدبيثي: كما ذكر لنا محمد بن كرم إن مولده في سنة أربعين، أو تسع وثلاثين وخمسمائة تقريبا.
[5] انظر عن (محمد بن أبي جعفر) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 134، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 623، وإنباه الرواة 3/ 210- 212، وعقود الجمان لابن الشعار 6/ ورقة 264، 265، والمختصر المحتاج إليه 1/ 132، وتلخيص ابن مكتوم، ورقة 230، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة، ورقة 57، وبغية الوعاة 2/ 222.
[6] ومنه:(44/427)
ومات في ربيع الآخر.
574- مُحَمَّد بْن محمود بْن إبْرَاهِيم [1] بْن الفرج.
المُحَدِّث المُتْقن، العالم الصّالح، تقيّ الدِّين، أَبُو جَعْفَر وَأَبُو عَبْد اللَّه الهَمَذَانِيّ، الواعظ، ويُعرف بابن الحَمَّامِيّ.
وُلِدَ في أَوَّل يوم من سنة ثمانٍ وأربعين.
وَسَمِعَ ببلده من الحَافِظ أَبِي العلاء الحَسَن بن أَحْمَد العَطَّار. وَسَمِعَ حُضورًا من أَبِي الوَقْت السِّجْزِي. وَسَمِعَ أَيْضًا من مُحَمَّد بن بُنَيْمَان الْأديب، وجماعة ورحلَ إلى أصبهان فأدرك بها أَبَا رشيد عَبْد اللَّه بن عُمَر صاحب أَبِي عَبْد اللَّه الثَّقَفِيّ، فسمعَ منه ومن طبقته. وَقَدِمَ بَغْدَاد، فسمع بها من الْأسعد بن يَلْدرك، وَأَبِي الفوارس سَعِيد بن مُحَمَّد الحَيْصَ بَيْصَ، وجماعةٍ. ثُمَّ قَدِمها بعد الستمائة، فَسَمِعَ من أصحاب ابن الحُصَيْن، وَأَبِي غالب ابن البَنَّاء.
وَكَانَ شيخ همذان ومُفيدها وكبيرها، كتب وطلب وَسَمِعَ الكثير.
قَالَ المحبّ ابن النَّجَّار: حضرتُ مجلسَ إملائه، وَكَانَ يُملي في معرفة الصّحابة، ثُمَّ يُملي من غريب الحديث، ويتكلَّم عَلَى النَّاس عَلَى طريق الوعظ.
قَالَ: وَكَانَ لَهُ القبول التَّامّ، والصِّيت الشائع، وأهلُ هَمَذَان مُقبلون عَلَيْهِ يتبرّكون بِهِ. وَكَانَ من أئمَّة الحديث وحفّاظه، له المعرفة بفقه الحديث ولُغته، ومعرفة رجاله. وَكَانَ فصيحا ذا عبارة حُلوة، وألفاظ مُنَقّحة، مَعَ دين وعبادة،
__________
[ () ]
من كان ذم الرقيب يوما ... فإنني للرقيب شاكر
لم أر وجه الرقيب وقتا ... إلّا ووجه الحبيب حاضر
(مرآة الزمان) .
[1] انظر عن (محمد بن محمود بن إبراهيم) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 138، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 50، 51 رقم 1818، وتلخيص مجمع الآداب 4/ (عماد الدين) رقم 1253، والمختصر المحتاج إليه 1/ 135، 136، وسير أعلام النبلاء 22/ 161، 162 رقم 109، وميزان الاعتدال 4/ 31 رقم 8148، والوافي بالوفيات 4/ 391، 392 رقم 1949، ولسان الميزان 5/ 373 رقم 1212، والنجوم الزاهرة 6/ 252، 253.(44/428)
وزُهد. وَكَانَ أمّارا بالمعروف نهّاء عن المُنْكر، ناصرَ السُّنة، قامِعَ البِدْعة، متواضعا متودِّدًا، سَمْحًا، جَوادًا.
وبالغ ابن النَّجَّار في الإطناب في وصفه، وَقَالَ: لَمَّا استولى التَّتَار عَلَى هَمَذان في أواخر جُمَادَى الآخرة: خرج إلى قتالهم بابنه عبيد الله، فقتلا شهيدين مقبلين، غير مدبرين، رضي الله عنه.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ الزَّكيّ البِرْزَاليّ، وَالضِّيَاء، والعِماد عليّ بن عساكر، والمحبّ ابن النجّار. وأجاز للشرف ابن عساكر، والتّاج بن عَصْرون.
وَقَالَ الحَافِظ عَبْد العظيم [1] : تُوُفِّي فِي السّادس والعشرين من جُمَادَى الآخرة.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ الشَّهِيدُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بُنَيْمَانَ بْنِ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ غَزَوَاتٍ نَأْكُلُ الْجَرَادَ [2] .
وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ الرَّفِيعُ الأَبَرْقُوهِيُّ وَقَالَ: لَا يَصِحُّ سَمَاعُهُ.
575- مُحَمَّد بن محمود بن أَبِي الحَسَن بن الظَّفَرِ.
أَبُو الضَّوء الشّذَيانيّ [3] الحاتميّ الهَرَويّ، ويلقّب بشهاب.
ولد سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من: أَبِي سَعِيد أَحْمَد بن إسْمَاعِيل الحنفيّ، وأبي الوقت السّجزيّ، وأبي سعد ابن السّمعانيّ، وجماعة.
__________
[1] في التكملة 3/ 50.
[2] أخرجه البخاري 5495، ومسلم 1952، والترمذي 1821 و 1822، وأبو داود 3812، والنسائي 7/ 210.
[3] لم أجد هذه النسبة في المصادر التي تعنى بذلك.(44/429)
رَوَى عَنْهُ: الضِّيَاء الحَنْبَلِيّ، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، والمحبّ اللّبليّ، وجماعة.
وأجاز للتّاج بن عَصْرون، والشرف بن عساكر، وزينب بنت عُمَر، وجماعة. وعُدم في السَّنة.
576- محمود بن مُحَمَّد بن عَبْد الواسع ابن الموفَّق السَّقَطِي، الهَرَويّ.
أَبُو بَكْر، من وَلَد سَرِي السَّقَطِي.
سَمِعَ من جَدّه عَبْد الواسع، حدّثه عن شيخ الإِسْلَام أَبِي إسْمَاعِيل.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ البِرْزَاليّ، وغيره.
وَأَخْبَرَنَا ابن عساكر، أَخْبَرَنَا محمود إجازة فذكر حديثا.
وَهُوَ ممّن عُدِم في دخول العَدُوّ هَرَاة.
577- محمود بْن مُحَمَّد بْن قُرا رسلان [1] بْن سَقْمان بن أرتُق.
الملك الصالح ناصر الدِّين الْأرتقيّ، صاحب آمِد وحِصْن كِيفا.
مات بالقُولَنج، وقام بعده ولده الملك المسعود، الَّذِي أخذ منه الكامل بلاده.
578- مُشَرّف بن عَليّ [2] بن أَبِي جَعْفَر بن كامل.
أَبُو العزّ الخالصيّ، المُقْرِئ، الضَّرير.
وُلِدَ تقريبا في سنة أربع وثلاثين.
وَقَدِمَ بَغْدَاد، فحفظ بها القُرْآن، وقرأ بشيءٍ من القِراءات عَلَى أَبِي الكرم الشَّهْرَزُوري. وتَفَقَّه بالنظاميّة عَلَى مذهب الشافعيّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد بن قرا رسلان) في: الكامل في التاريخ 12/ 412، والتاريخ المنصوري 93، والمختصر في أخبار البشر 3/ 131، ومفرّج الكروب 4/ 107، وتاريخ ابن الوردي 2/ 143، وتاريخ ابن سباط 1/ 280، وقد تقدّمت ترجمته برقم 494، وهناك مصادر أخرى.
[2] انظر عن (مشرّف بن علي) في: التقييد لابن نقطة 463 رقم 620، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 358، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 43 رقم 1807، والمختصر المحتاج إليه 3/ 200 رقم 1226، ومعرفة القراء الكبار 2/ 606، 607 رقم 570، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 155، 156 (8/ 171) ، والبداية والنهاية 13/ 97، ونكت الهميان 290، والعقد المذهب لابن الملقن ورقة 263، وغاية النهاية 2/ 299، وعقد الجمان 17/ ورقة 426، 427، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي (الظاهرية) ورقة 82.(44/430)
وَسَمِعَ من: أَبِي الكَرَم، وَأَبِي الوَقْت، ومَسْعُود بن الحصين، وأحمد بن محمد ابن الدّبّاس، وسلامة ابن الصَّدْر.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، والبِرْزَاليّ، وجماعة.
وتُوُفّي فِي الخامس والعشرين من ربيع الآخر.
والخالص: اسم ناحية ونهر بشرقيّ بَغْدَاد.
579- موسى ابْن الشَّيْخ عَبْد القادر [1] بْن أَبِي صالح.
أَبُو نصر الجِّيليّ ثُمَّ البَغْدَادِيّ، ضياءُ الدِّين.
وُلِدَ في ربيع الْأَوَّل سنة تسع وثلاثين، وَيُقَال: سنة سبعٍ وثلاثين.
وَسَمِعَ: أَبَاه، وابن ناصر، وسعيد ابن البَنَّاء، وأبا الوَقْت، وابن البَطِّيّ.
واستوطن دمشق بالعُقَيَبة.
رَوَى عَنْهُ: البِرْزَاليّ، وَالضِّيَاء، وابن خليل، والسّيف، ابن المجد، وعمر ابن الحاجب، والشهاب القوصيّ، والزكيّ المنذريّ، والفخر عليّ، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس محمد ابن الكمال، وأبو بكر ابن الأنماطيّ، وأحمد بن عليّ سِبْط عَبْد الحقّ، وَإسْمَاعِيل بن نور الهيتيّ، والصّفيّ إِسْحَاق الشَّقْراويّ، ويوسف الغسوليّ، والعزّ أَحْمَد بن العماد، والعماد عَبْد الحَافِظ بن بَدْران، وطائفة سواهم.
وقرأ عَلَيْهِ الْأئمَّة والحُفّاظ.
وَقَالَ ابن النَّجَّار: كتبتُ عَنْهُ بدمشق. وكان مَطْبُوعًا، لَا بأس بِهِ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ خاليا من العلم.
__________
[1] انظر عن (موسى بن عبد القادر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 46، 47 رقم 1815، والمختصر المحتاج إليه 3/ 196، 197 رقم 1218، والإعلام بوفيات الأعلام 254، والإشارة إلى وفيات الأعيان 324، والمعين في طبقات المحدثين 190 رقم 2019، وسير أعلام النبلاء 22/ 150، 151 رقم 99، والعبر 5/ 75، ودول الإسلام 2/ 123، وتاريخ الخميس 2/ 412، والمنهج الأحمد 349، والنجوم الزاهرة 6/ 252، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 26، والقلائد للتادفي 44، والدر المنضد 1/ 344 رقم 982، وشذرات الذهب 5/ 82، 83، وبهجة الأسرار للشطنوفي 115.(44/431)
وَقَالَ المُنْذِريّ [1] : دخل مِصْر ولم يحدّث بها.
وقال عمر ابن الحاجب: كَانَ ظريفا، رقّ حالُه واستولَى عَلَيْهِ المرضى في آخر عمره، إلى أن تُوُفِّي ليلة الْجُمُعة مُسْتَهَلّ جُمَادَى الآخرة. وَكَانَ آخر أولاد أَبِيهِ وفاة. وَكَانَ يُرمَى برذائل لَا تليق بِمِثْلِهِ. سألتُ أَبَا عُبَيْد اللَّه البِرْزَاليّ عَنْهُ، فَقَالَ:
كَانَ عنده دُعابة.
580- منصور [2] ، الرئيس الكبير المجاهد، أَبُو الفَتْح ابن الرئيس المجاهد مُحَمَّد بن إِسْحَاق.
الكِنانيّ، الدِّمْيَاطِيّ.
تُوُفِّي في ذي الحجَّة بدِمْيَاط، وحُمِلَ إلى مِصْر فدُفن بها.
وَكَانَ قد ولي رئاسة الغُزاة في البَحْر الْأخْضَر [3] بعد والده مُدَّة طويلة.
قَالَ الحَافِظ عَبْد العظيم [4] : سَمِعْتُهُ يَقُولُ: لي خمسٌ وأربعون سنة أجاهد عَلَى ظهر البَحْر. وَكَانَ مشهورا بالشجاعة، ميمون الحركة، مُحِبًّا للفقراء.
[حرف النون]
نجم الدِّين الكُبْرَى.
اسمه أَحْمَد. مَرّ [5] .
581- النَّفيس بن أَبِي البركات [6] بن معالي بن حُفْنَى.
أبو الفضل الزّعيميّ، البغداديّ، المستخدم.
__________
[1] في التكملة 3/ 47.
[2] انظر عن (منصور الكناني) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 63، 64 رقم 1852، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 25.
[3] هو المعروف بالبحر المتوسط الآن.
[4] في التكملة 3/ 64.
[5] برقم 508.
[6] انظر عن (النفيس بن أبي البركات) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 35، 36 رقم 1788، والمختصر المحتاج إليه 3/ 216، 217 رقم 1268.(44/432)
سَمِعَ: أَبَا الحَسَن بن غَبْرَة، وأبا الفَتْح بن البَطِّيّ.
رَوَى عَنْهُ: البِرْزَاليّ، وَالضِّيَاء، وَالشَّيْخ عَبْد الصَّمَد بن أَبِي الجيش، والدُّبَيْثِي، وآخرون.
وَكَانَ رجلا صالحا.
وحُفْنَى: بضم الحاء المهملة وفتح النون [1] .
تُوُفِّي في رابع عشر صفر.
[حرف الهاء]
582- هبة اللَّه بن الخضِر [2] بْن هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن طاووس، الْأمير سديد الدِّين.
أَبُو مُحَمَّد بن أَبِي طَالِب، البَغْدَادِيّ الْأصلِ، الدِّمَشْقِيّ.
من بيت العلم والرواية.
سَمِعَ من: الفقيه نصر اللَّه بن مُحَمَّد المِصِّيصِيّ، وناصر بن مُحَمَّود القُرَشِيّ، وعَليِّ بن سُلَيْمَان المُراديّ، والخَضِر بن عَبْدان الْأَزْدِيّ، ونصر بن أَحْمَد بن مُقاتل، وأبا الْقَاسِم بن البُنّ الْأَسَدِيّ. ورحل إلى الإسكندرية، وَسَمِعَ من السِّلَفيّ.
وَكَانَ عَسِرًا في الرواية، ولا يُسمع إِلَّا من أصل، ولم يكن ممّن يفهم الحديث، لكنّه كَانَ مواظبا عَلَى تلاوة القُرْآن.
وسُئِلَ عن مولده فكتب أَنَّهُ في سنة سبعٍ وثلاثين في ربيع الأول. وسماعه من نصر الله في سنة إحدى وأربعين، فيكون في الخامسة حُضُورًا، إِلَّا عَلَى قول من يرى أَنَّ ذَلِكَ سمَاع.
__________
[1] التكملة للمنذري 3/ 36.
[2] انظر عن (هبة الله بن الخضر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 44، 45 رقم 1810، والمعين في طبقات المحدثين 190 رقم 2018، والإعلام بوفيات الأعلام 254، والعبر 5/ 76، والإشارة إلى وفيات الأعيان 324، وسير أعلام النبلاء 22/ 151، 152 رقم 100، والنجوم الزاهرة 6/ 252، وتاريخ ابن الفرات 10/ ورقة 26، وشذرات الذهب 5/ 83.(44/433)
رَوَى عَنْهُ: ابن خليل، وابنُ النَّجَّار، وَأَبُو بكر محمد ابن النُّشْبِيّ، والعماد مُحَمَّد بن سالم بن صَصْرَى، والشمس أَبُو الغنائم بن علّان، والفخر عَليّ ابن البُخَارِي، والشِّهَاب القُوصِيّ، وجماعة. وبالإجازة: أَبُو حفص ابن القَوَّاس، وغيرُه.
وَتُوُفِّي في سابع جُمَادَى الْأولى.
وقد سَمِعَ منه السَّرَّاج بن شحاتة في رجب سنة سبع عشرة، ولعَسَارَتِهِ انقطع حديثه بوقت، وإلّا فقد وقع لنا حديث أقرانه دُونه.
[حرف الياء]
583- ياقوت، عتيق الحَافِظ أَبِي المواهب بن صَصْرَى [1] .
سَمِعَ مَعَ مولاه من عَليّ بن أَحْمَد الحَرَسْتَاني، ورحل معه إلى بَغْدَاد يخدمه ويخدم ولده أمين الدِّين، فَسَمِعَ من أَبِي السَّعَادَات القَزَّاز، وجماعة.
وَحَدَّثَ.
ومات في ذي القِعْدَة.
584- ياقوت، أمين الدِّين المَوْصِليّ [2] الكاتب الملكيّ.
نسبة إلى السّلطان ملك شاه بن سلجوق بن محمد بن ملك شاه السَّلْجُوقيّ.
قرأ العربية عَلَى الإِمَام أَبِي مُحَمَّد سعيد بن المبارك ابن الدّهّان، وبرع فيها، وقرأ كتاب «المقامات» و «ديوان» المتنبّي.
__________
[1] انظر عن (ياقوت عتيق ابن صصريّ) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 63 رقم 1849.
[2] انظر عن (ياقوت الموصلي) في: الكامل في التاريخ 12/ 405، ومعجم الأدباء 19/ 312، 313 رقم 120، ووفيات الأعيان 6/ 119- 122، وإنسان العيون لابن أبي عذيبة ورقة 120، ونهاية الأرب 29/ 119، وسير أعلام النبلاء 22/ 149، و 150 رقم 98، والمختار من تاريخ ابن الجزري 114، ومرآة الجنان 4/ 42، 43، والبداية والنهاية 13/ 96، والعسجد المسبوك 2/ 392، والنجوم الزاهرة 5/ 283 (في ترجمة ياقوت الرومي مولى ابن البخاري المتوفى 543 هـ) ، وشذرات الذهب 5/ 83، 84، وهدية العارفين 2/ 512، وديوان الإسلام 4/ 388 رقم 2194، والأعلام 8/ 130، ومعجم المؤلفين 87/ 180.(44/434)
وكتب الخط المنسوب، ونسخَ نُسَخًا عديدة لكتاب «الصِّحاح» للجوهريّ، كلّ نسخة في مُجَلَّد واحد، وَهِيَ متيسّرة الوجود عند الْأعيان، وكانت النُّسخة تباع بمائة دينار. وكانت لَهُ سمعة كبيرة في زمانة. وكتب عَلَيْهِ خلقٌ، ثُمَّ تغيَّر خَطُّه من الكِبَر.
قَالَ ابن خَلّكان [1] : تُوُفِّي بالمَوْصِل في هذه السنة.
وَقَالَ ابن الْأثير [2] : لم يكن في زمانه من يكتب ما يقاربه، ولا من يؤدّي طريقة ابن البَوّاب مثله [3] .
585- يَحْيَى بن سَعْد اللَّه [4] بن الحُسَيْن بن أَبِي غالب مُحَمَّد بن أَبِي تَمّام.
الشيخ أبو الفتوح التّكريتيّ.
__________
[1] في وفيات الأعيان 6/ 122.
[2] في الكامل في التاريخ 12/ 405.
[3] وزاد ابن الأثير فقال: وكان ذا فضائل جمّة من علم الأدب وغيره، وكان كثير الخير، نعم الرجل، مشهورا في الدنيا، والناس متفقون على الثناء الجميل عليه والمدح له، ولهم فيه أقوال كثيرة نظما ونثرا فمن ذلك ما قاله نجيب الدين الحسين بن علي الواسطي من قصيدة يمدحه بها:
جامع شارد العلوم ولولا ... هـ لكانت أمّ الفضائل ثكلى
ذو يراع تخاف سطوته الأسد ... وتعنو له الكتائب ذلّا
وإذا افترّ ثغره عن سواد ... في بياض فالبيض والسمر خجلى
أنت بدر والكاتب ابن هلال ... كأبيه لا فخر فيمن تولّى
ومنها:
إن يكن أولا، فإنك بالتفضيل ... أولى، لقد سبقت وصلّى
والقصيدة بكاملها في (وفيات الأعيان 6/ 120- 122) .
وقال ياقوت الحموي: وكان واحد عصره في جودة الحظ وإتقانه على طريقة ابن البوّاب، فقصده الناس من البلاد وكتب عليه خلق لا يحصون كثرة. اجتمعت به في الموصل سنة ثلاث عشرة وستمائة فرأيته على جانب عظيم من الأدب والفضل والنباهة والوقار، وقد أسنّ وبلغ من الكبر الغاية. (معجم الأدباء 19/ 312) .
[4] انظر عن (يحيى بن سعد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 34 رقم 1785، والمختصر المحتاج إليه 3/ 242 رقم 1343، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 150، 151، والعقد المذهب لابن الملقن ورقة 269، وتاريخ ابن الفرات 1/ ورقة 26، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي ورقة 111.(44/435)
ولد سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة بتكريت.
وَسَمِعَ من أَبِيهِ وجماعة. وَسَمِعَ ببَغْدَاد من: أبي المظفر هبة الله ابن الشِّبْلِي، وابن البَطِّيّ، وَالشَّيْخ عَبْد القادر، وَالشَّيْخ أَبِي النَّجِيب، وجماعة.
وَحَدَّثَ ببلده، وخَرَّج لنفسه أحاديث. وعَمِلَ بتكريت دارَ حديث. وأهل بلده يثنون عَلَيْهِ ويصفونه بالصّلاح.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، والبرزاليّ، والضّياء، وآخرون.
ومات في آخر المحرّم.
586- يوسُف بن عَبْد الغنيّ [1] بن موسى.
الفقيه أَبُو الحَجّاج بن غَنُّوم، الجذاميّ، الإسكندرانيّ، المالكيّ، المُعَدَّل.
سَمِعَ من السِّلَفيّ.
وَحَدَّثَ، ودَرَّسَ، ونابَ في الحُكم. وَكَانَ صالحا، خَيّرًا، عَلَى طريقة السَّلَف.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ عَبْد العظيم، وغيرُه.
ومات في ثامن عشر المحرّم.
587- يوسف بْن عُمَر [2] بْن مُحَمَّدِ بْن عَبْد اللَّه ابن الوزير نظام المُلك الطُّوسِيّ [3] .
أَبُو المحاسن البَغْدَادِيّ.
وُلِدَ سنة خمسٍ وثلاثين.
وَسَمِعَ من: نصر بن نصر العُكْبَريّ، وأبي الوَقْت، وأبي حامد مُحَمَّد بن أَبِي الربيع الغرناطيّ.
وحدّث.
__________
[1] انظر عن (يوسف بن عبد الغني) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 33 رقم 1783.
[2] انظر عن (يوسف بن عمر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 55، 56 رقم 1830 وفيه «يوسف بن حمزة» ، والمختصر المحتاج إليه 3/ 234 رقم 1320 وفيه كما هنا «يوسف بن عمر» .
[3] في المطبوع من (تاريخ الإسلام) الطبقة 62 ص 393 «الطوستي» وهو خطأ.(44/436)
ومات في شعبان.
رَوَى عَنْهُ الدُّبَيْثِي، وَقَالَ: كَانَ غير حميد الطّريقة.
[الكنى]
588- أَبُو بَكْر بن المظفّر بن إبراهيم ابن البَرْنيّ.
نزل المَوْصِل مَعَ أخيه أَبِي إِسْحَاق [1] .
وَحَدَّثَ عن عتيق بن صِيلا.
تُوُفِّي في الحجَّة بالمَوْصِل.
589- أَبُو الحَسَن بن إسْمَاعِيل [2] بن مسلّم بن سَلْمَان الإربلّيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ، الصُّوفِيّ.
وُلِدَ سنة تسع وخمسين في أوائل السنة.
وَسَمِعَ حُضورًا من أَحْمَد بن المُقَرَّب، وَيَحْيَى بن ثابت. وسمع أيضا من شُهدة. وأجاز لَه مَسْعُود الثَّقَفِيّ، وَأَبُو عَبْد اللَّه الرُّسْتُميّ، وجماعة.
وَكَانَ مشهورا بالخَيْر والصَّلاح. وَليَ مشيخة الصُّوفِيَّة بإربل.
وَقِيلَ: اسمه مُحَمَّد، وَقِيلَ: عَليّ، وَهُوَ معروف بكنيته.
وَهُوَ ابن عمّ الفخر مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم.
تُوُفِّي أَبُو الحَسَن في خامس ربيع الآخر.
وَحَدَّثَ بإرْبِل [3] .
__________
[1] هو: إبراهيم بن المظفر المتوفى سنة 622 هـ. وستأتي ترجمته في الطبقة الثانية إن شاء الله.
[2] انظر عن (أبي الحسن بن إسماعيل) في: تاريخ ابن الدبيثي (شهيد علي) ورقة 23، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 41 رقم 1802، وتاريخ إربل 1/ 213، 214 رقم 214، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 333، والمختصر المحتاج إليه 1/ 23.
[3] وقال ابن المستوفي: كان يلقّب «زين الحمارة» لركوبه حمارة صحبها من مصر. ولي مشيخة الصوفية بإربل، وهو أول من وليها في الخانكاه التي أسكنهم إياها الفقير أبو سعيد كوكبوري بن علي بالقرب من باب الفرح- بالحاء- الآن، وتصرّف في وقفها مدة إلى أن خربت وانتقل الصوفية إلى الجنينة، وكان ينكر من أخلاقهم ما ينكر، فتعصّب عليه جماعة من إربل، فعزل عنها.
تزوّج عدة من النساء، وله إجازات كثيرة من مشايخ بغداد وغيرها ... وكان مع ذلك يكره أن(44/437)
590- أَبُو الطاهر بن أَبِي الفضل المَقْدِسِيّ، الحَنْبَلِيّ.
إمام جامع كَفْربَطْنا.
تُوُفِّي بكَفْربَطْنا في ربيع الآخر، وحُمِلَ إلى جبل قاسِيُون فدُفن بِهِ.
وَهُوَ والد الفقيه الصالح تقيّ الدِّين أَحْمَد المتوفَّى سنة اثنتين وتسعين، وجدّ شيخنا أَبِي بكر بن أحمد بن أبي الطّاهر المتوفّى في سنة اثنتين وسبعمائة.
وولي بعده الزَّين أَحْمَد بن عَبْد الدّائم، فأقام بها إلى أثناء سنة ستٍّ وعشرين، ثُمَّ انفصل عَنْهَا، ثُمَّ عاد إليها بعد الثلاثين، ثُمَّ تركها سنة الخُوارزمية [1] .
591- أَبُو عَليّ بن أَبِي زكريّ [2] .
الْأمير الكبير فخر الدِّين، أخو الْأمير سيف الدِّين أَبِي بَكْر، والْأمير شجاع الدِّين كُرّ، وعمُّ زين الدِّين موسى بن جكُو بن أَبِي زكري.
تُوُفِّي في ربيع الْأَوَّل بالمُخَيّم بالمَنْصورة، رحمه اللَّه.
وفيها وُلِدَ
العماد مُحَمَّد بْنُ عَبْد الرَّحْمَن بْنِ عَبْد الرَّحِيم بن مُلْهَم الدِّمَشْقِيّ الصّائغ.
والشمس عُمَر بن غلام اللَّه الْأشْرفيّ.
والشمس حسن بن المظفّر المنقذيّ الشّروطيّ.
__________
[ () ] يدعى إلّا بلقبه، وكان جماعة يقصدون أذاه فيدعونه باسمه وبكنيته. أنشدني أبو الحسن محمد بن إسماعيل بن مسلّم لبعضهم:
إذا كرم الإنسان زاد تواضعا ... وإن لؤم الإنسان زاد ترفّعا
كذا التبن في حال الثمار تناله ... وإن يعر عن حمل الثمار تزعزعا
(تاريخ إربل) .
[1] وهي سنة 643 هـ. عند ما حاصروا دمشق، وستأتي أخبارهم في حوادث الطبقة الخامسة والستين من الكتاب إن شاء الله.
[2] وردت هذه الترجمة في الأصل قبل ترجمة «أبي الطاهر» فأخّرناها التزاما بالترتيب. وانظر عن (أبي علي بن أبي زكري) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 40 رقم 1801.(44/438)
وَالضِّيَاء مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْد القاهر ابن النَّصِيبِيّ.
والصَّدْر أَحْمَد بن عَبْد الرَّحْمَن القرشيّ الإسكندريّ، عُرِف بابن حمزة، يروي عن ابن عماد.
والرشيد مُحَمَّد بن عَبْد الحقّ بن مكّي ابن الرّصاص.
وأبو محمد عبد المعطي بن الرحمن ابن الأبياريّ الإسكندرانيّ.
وناصر الدِّين عُمَر بن أَحْمَد ابن ألطنبغا النَّاصريّ الحَلَبِيّ.
وجمال القضاة أَبُو بَكْر مُحَمَّد بن عبد الرحمن ابن المغيريّ، سمع الصّفراويّ.(44/439)
سنة تسع عشرة وستمائة
[حرف الألف]
592- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه [1] بْن الحُسَيْن بْن عَبْد المجيد بْن أَحْمَد [بْن مُحَمَّد] بْن الْحَسَن بْن حديد بن أَحْمَد بْن محمد بن صمدون [2] ، القاضي المكين.
أَبُو طَالِب ابن زين القضاة أَبِي الفضل، الكنانيّ، الإسكندرانيّ، المالكيّ، العَدْل.
وُلِدَ سنة إحدى [3] وخمسين وخمسمائة.
وسمع من: أبي طاهر السلفي، وأبي محمد العُثْمانِيّ، وَأَبِي الطاهر بن عَوْف، وغيرهم: وأجاز لَهُ جماعة.
وَحَدَّثَ بدمشقَ، وَمِصْر، رَوَى عَنْهُ الزكيُّ المُنْذريُّ، وقال [4] : كان له أنس
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 78، 79 رقم 1880، وتاريخ إربل 1/ 297، وتذكرة الحفاظ 4/ 1403، والعبر 5/ 76، وسير أعلام النبلاء 22/ 155 دون ترجمة وحسن المحاضرة 1/ 176، وشذرات الذهب 5/ 84.
[2] في التكملة للمنذري، والمطبوع من: سير أعلام النبلاء، وتاريخ الإسلام (المطبوع) ص 396 «حمدون» (بالحاء) ، والصواب ما أثبتناه (بالصاد) ، فمن أفراد هذه الأسرة «الحسن بن علي بن صمدون، أبو محمد الصوري» من أهل صور، وهو أول من تولّى قضاء الإسكندرية من بيتهم، وقد رشّحه إلى هذا المنصب قاضي قضاة القاهرة «أبو المكارم أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي عقيل الصوري» في سنة 531 هـ. ومن هذه الأسرة أيضا: «علي بن فاضل بن سعد الله بن الحسن» أبو الحسن الصوري الأصل، المصري الدار الإسكندراني الوفاة، المقرئ، النحويّ، الشافعيّ، المتوفى سنة 603 هـ. وقد ورد اسم «صمدون» على الصحيح (بالصاد) في: التكملة للمنذري 2/ 99 رقم 952، وأمّه «تقيّة الأرمنازية» إحدى الشاعرات المجيدات، وجدّه «غيث بن علي الأرمنازي» خطيب صور المتوفى سنة 509 هـ، وجميعهم قد تقدّمت تراجمهم. وانظر كتابنا: لبنان من السيادة الفاطمية حتى السقوط بيد الصليبيين- القاسم الحضاريّ 2/ 12 و 316- 318 (طبعة دار الإيمان- طرابلس 1414 هـ. / 1994 م
[3] قيّد المنذري ولادته بسنة اثنتين وخمسين 31/ 278.
[4] في التكملة 4/ 78.(44/440)
بالطّريقة. وَكَانَ الحَافِظ السِّلَفيّ يكرمه كثيرا، لِما لأسلافه عَلَيْهِ من الحقوق، ويقدّمه للقراءة عَلَيْهِ مَعَ صغر سنه. وهو من بيت الرئاسة والمعروف، ولهم الْأوقاف والْأحباس. وَهُوَ من وَلَد سُراقة بن مالك بن جُعْشم، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ. وَكَانَ أَبُوه قاضي الإسكندرية، وكذلك جَدّه المكين أبو عليّ. وذكر أنّه استقضي من بيتهم بالإسكندرية سبعة قضاة، وكانوا يحكمون بمذهب أهل السُّنة في ذَلِكَ الوَقْت.
قُلْتُ: يعني في الدَّوْلَة العُبيديَّة.
وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا: الشِّهَاب القُوصِيّ، والجلال عيسى بن الحَسَن القاهريّ، وأخوه الرشيد عَبْد اللَّه بن الحَسَن، وآخرون.
وَتُوُفِّي في سابع عشر جُمَادَى الآخرة، بالإسكندرية.
لم ألحق من أصحابه أحدا.
593- أَحْمَد بن عَبْد المؤمن [1] بن موسى القَيْسِيّ.
أَبُو العَبَّاس الشَّريشيّ، النَّحْوِيّ.
رَوَى عَن: أَبِي الحَسَن بْن لُبّال، وَأَبِي عَبْد اللَّه بن زَرْقون، وغيرهما.
وجلس لإقراء العربيّة.
قَالَ الْأبَّار [2] : لَهُ تصانيف منها: «شرح الإيضاح» لأبي عَليّ الفارسيّ، ومنها «شرح مقامات» الحريريّ، صنّف لها ثلاثة شروح. سمعت منه، وأجاز لي.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد المؤمن) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 111، وبرنامج شيوخ الرعينيّ 90، 91، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1 ق 1/ 268- 270 رقم 349، والوافي بالوفيات 7/ 158 رقم 3084، والمنهل الصافي 1/ 354، 355 رقم 194، وبغية الوعاة 1/ 143 وفيه «أحمد بن عبد المنعم» ، ونفح الطيب 2/ 316، وكشف الظنون 212، 603، 1790، 1980، وروضات الجنات 84، وفهرست الخديوية 4/ 275، 276، ومعجم المؤلفين 1/ 304.
[2] في التكملة 1/ 111.(44/441)
594- أَحْمَد بن عَليّ [1] بن أَحْمَد بن أَبِي الهيجاء.
الأمير الكبير عماد الدّين ابن المشطوب، سيف الدِّين الهَكَّارِيّ.
كَانَ عماد الدِّين من كُبراء الدَّوْلَة، شُجاعًا، هُمامًا، سَمْحًا، جوادا، مَهيبًا، أقطعه السُّلْطَان صلاح الدِّين نابُلُس. وَكَانَ جدّهم أَبُو الهيجاء صاحب العماديّة، وعدَّة قلاع من بلاد الهكّارية. ولم يزل العماد وافر الحرمة إلى أن انفصل عن الدّيار المصرية وعَدّى الفرات، فأكرمه الْأشرف.
وقد ذكرنا في سنة سبع عشرة من أخباره وَأَنَّهُ مات في السجن بأسوإ حال.
ومات في ربيع الآخر. وبنت لَهُ بنته قُبَّةً برأس عين ونقلته من حَرّان فدفنته بها.
وعاش أربعا وأربعين سنة ظَنًّا.
595- أَحْمَد، الملك المُفَضَّل [2] قُطب الدِّين أَبُو العَبَّاس.
ابن السُّلْطَان الملك العادل سيف الدُّنْيَا والدّين أَبِي بَكْر مُحَمَّد بن أيوب.
تُوُفِّي بالفيّوم في منتصف رجب، وحُمِلَ إلى القاهرة، ودُفن خارج باب النصر.
596- أَحْمَد بن المبارك [3] بن فوارس بن سُنْبلة.
أَبُو المعالي البغداديّ، الحريميّ، السّفّار، التّاجر.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 602- 610، ووفيات الأعيان 1/ 180، 181، والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 149، ونهاية الأرب 29/ 124، 125، ومرآة الجنان 4/ 43- 45، والسلوك ج 1 ق 1/ 214، والوافي بالوفيات 7/ 225، 226 رقم 3179.
[2] انظر عن (أحمد بن الملك المفضّل) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 625، وذيل الروضتين 133، وأخبار الأيوبيين من تاريخ ابن العميد 134، 135، ونهاية الأرب 29/ 123، والبداية والنهاية 13/ 99 وفيه «قطب الدين العادل» ، والوافي بالوفيات 7/ 361 رقم 3351، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 80 رقم 1882، والنجوم الزاهرة 6/ 254.
[3] انظر عن (أحمد بن المبارك) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 227، 228، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 87 رقم 1900، والمختصر المحتاج إليه 1/ 215.(44/442)
شيخٌ مُسنِد، رَوَى عن: أَبِي الفَرَج عَبْد الخالق اليُوسُفِيّ، وأبي عَليّ أَحْمَد بن أَحْمَد الخرّاز.
وكان مولده سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة، وَتُوُفِّي في نصف ذي القِعْدَة.
وَهُوَ أخو مُحَمَّد، الَّذِي سكن بسمرقند.
رَوَى عَنْهُ: الضِّيَاء، وابن النَّجَّار.
وقد اختلط قبل موته بقليل، من سنة خمس عشرة وستمائة.
597- أَحْمَد بن مَسْعُود [1] بن أَحْمَد بن مُحَمَّد.
أَبُو العَبَّاس اليَمَانِيّ، الزَّاهد.
حَدَّثَ عن: الحَافِظ ابن ناصر، وَأَبِي حكيم النَّهْرَوَانِيّ. وَكَانَ إمام دَيْر الغَسَّانِيّ.
رَوَى عَنْهُ الحَافِظ الضِّيَاء.
قَالَ المُنْذِريّ: تُوُفِّي في منتصف صفر الشَّيْخ الصّالح الزّاهد أَبُو العَبَّاس اليمانيّ الشَّافِعِيّ، بالْأرض المقدّسة. سَمِعَ ببَغْدَاد من الحَافِظ أَبِي الفضل مُحَمَّد بن ناصر، وغيره. وَحَدَّثَ. وَكَانَ مشهورا بالصّلاح والخير. وَكَانَ قد سكن بأولاده وأهله في مغارة بجبل من جبال بيت المَقْدِس.
وَقَالَ الضِّيَاء: كان قد كبر حتّى عن القيام والقُعود، رحمه الله.
598- إسماعيل بن الحسين [2] بن يعقوب.
أبو محمد ابن اللّبّاديّ [3] ، الحربيّ.
حدّث عن: ابن البَطِّيّ، وغيره.
ومات في ذي الحجَّة.
599- إسْمَاعِيل بْن عَبْد اللَّه [4] بْن عَبْد المُحسن بن أَبِي بَكْر بن هبة الله بن الحسن.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن مسعود) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 70، 71 رقم 1864.
[2] انظر عن (إسماعيل بن الحسين) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 88، 89 رقم 1905.
[3] بضم اللام وتشديد الباء الموحّدة.
[4] انظر عن (إسماعيل بن عبد الله) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 622، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 79،(44/443)
الحافظ البارع تقيّ الدّين أبو الطّاهر ابن الْأَنْمَاطِي، المَصْرِيّ، الشَّافِعِيّ.
سَمِعَ: القاضي أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن الحضْرميّ، وأبا الْقَاسِم هبة اللَّه البُوصيريّ، وأبا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عَبْد المولى اللُّبنِيّ [1] ، وشجاع بن مُحَمَّد المُدْلجيّ، وأبا عَبْد اللَّه الْأَرْتَاحِيّ، وجماعة كثيرة.
ورحل إلى دمشق سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة فأكثر بها عن أبي طاهر الخشوعيّ، وأبي محمد ابن عساكر، وطبقتهما. ورحل بعد الستّمائة إلى العراق، فَسَمِعَ من: حَنْبَل، وابن سُكينة، وابن طَبَرْزَد، وَأَبِي الفَتْح المَنْدَائِيّ، وخلق سواهم.
وكتب الكثير بخطّه المَليح السريع. وحَصَّل كتبا كثيرة.
قَالَ ابن النَّجَّار: اشتغل من صباه، وتفقّه، وقرأ الأدب، وَسَمِعَ الكثير.
وَقَدِمَ دمشق سنة ثلاثٍ وتسعين، ثمّ حجّ سنة إحدى وستمائة، وَقَدِمَ مَعَ الرَّكب.
وكانت لَهُ هِمَّةٌ وافرة، وحِرص، وجِدّ، واجتهاد، مع معرفة كاملة وحفظ وثقة وفصاحة وسرعة قلم، واقتدار على النظم والنّثر. ولقد كان بعيد الشبيه، معدوم النظير في وقته. كتب عنّي وكتبت عنه، وَقَالَ لي: ولدت سنة سبعين وخمسمائة في ذي القعدة.
قال عمر ابن الحاجب: كان إماما، ثقة، حافظا، مبرّزا، فصيحا، واسع
__________
[ () ] 80 رقم 1881، وذيل الروضتين 131- 133، وتاريخ إربل 1/ 165- 167 رقم 70، وبغية الطلب (المصوّر) 4/ 181 رقم 518، والإعلام بوفيات الأعلام 255، والإشارة إلى وفيات الأعيان 325، وتذكرة الحفاظ 4/ 143، وسير أعلام النبلاء 22/ 173، 174 رقم 113، والعبر 5/ 76، ودول الإسلام 2/ 124، 143، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 134، 135، وطبقات الشافعية لابن كثير ورقة 156 ب، والبداية والنهاية 13/ 96، والوافي بالوفيات 9/ 146، 147 رقم 4051، والعقد المذهب لابن الملقن ورقة 167، 168، والفلاكة والمفلوكين 71، والمقفى الكبير 2/ 118، 119 رقم 770، وتاريخ الخميس 2/ 412، وعقد الجمان 7/ 426، 427، والنجوم الزاهرة 6/ 250، وحسن المحاضرة 1/ 165، 166، وشذرات الذهب 5/ 84، وديوان الإسلام 1/ 169 رقم 249، وعلم التأريخ عند المسلمين 718.
[1] اللّبني: بضم اللام وسكون الباء الموحّدة المخفّفة ونون. (المشتبه 2/ 562، توضيح المشتبه 7/ 377) .(44/444)
الرواية، حصَّل ما لم يحصّله غيره من الْأجزاء والكتب. وَكَانَ سَهْل العاريَّة يعير إلى البلاد. وعنده فقه، وأدب، ومعرفة بالشعر، وأخبار النَّاس. وَكَانَ يُنبز بالشّرّ.
سألت الضِّيَاء مُحَمَّد بن عبد الواحد، عنه، فقال: حافظ، ثقة، مفيد، إلّا أَنَّهُ كَانَ كثير الدُّعابة مَعَ المُرْد! قُلْتُ: وَلَهُ مجاميع مُفيدة، وآثار كثيرة. وَكَانَ أشعريّا، لَهُ كلام في الحطّ عَلَى إِمَام الْأئمة أَبِي بَكْر بن خُزَيْمَة.
رَوَى عَنْهُ: الشِّهَاب القُوصِيّ، وَالزَّكيّ البِرْزَاليّ، وَالزَّكيّ المُنْذِريّ، والكمال الضّرير، والصّدر البَكْرِيّ المُحَدِّث، وابنه أَبُو بَكْر مُحَمَّد بن إسْمَاعِيل، وآخرون.
ومات في الكهولة. ولم يرو إلّا القليل.
قال الضّياء: باب في عافية، فأصبح لَا يقدر عَلَى الكلام أياما، ثُمَّ مات- يعني: مات بالسكتة- في رجب.
[حرف الباء]
600- بدر التّمام [1] أخت الحَافِظ ابن الأخضر [2] .
أمّ أولاد الْأديب أَبِي المعالي الحَظِيريّ.
سَمِعْتُ المبارك بن أَحْمَد الصَّيْرَفِيّ.
وَعَنْهَا ابن أخيها عَليّ، رَوَى ابنُ النَّجَّار عَنْهُ، عَنْهَا.
تُوُفِّيت في رمضان.
[حرف الثاء]
601- ثابت بن مُشَرَّف [3] بن أبي سعد ثابت.
__________
[1] انظر عن (بدر التمام) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 85 رقم 1895.
[2] هو أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك بن محمود بن الأخضر.
[3] انظر عن (ثابت بن مشرّف) في: التقييد لابن نقطة 225 رقم 270، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 153، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 89، 90 رقم 1906، والمشتبه 1/ 359، والعبر 5/ 76، 77، وسير أعلام النبلاء 22/ 152، 153 رقم 102، والمعين في طبقات المحدثين 190 رقم.(44/445)
وَيُقَال: أَبُو سَعْد مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، أَبُو سَعْد البَغْدَادِيّ الْأزَجِيّ، البَنَّاء، المِعْمار، المعروف بابن شستان.
سمع من: سعيد ابن البنّاء، وابن ناصر، وأبي بكر ابن الزَّاغُونيّ، وَأَبِي الفَتْح الكُرُوخِيّ، وأبي الوَقْت، وأَبِي جَعْفَر أَحْمَد بْن مُحَمَّد العَبَّاسيّ، وأَبِي المُظَفَّر مُحَمَّد بن أَحْمَد التُّرَيْكِيّ، وأبي الفضل أَحْمَد بن هبة الله ابن الواثق، وواثق بن تمّام، ونصر بن نصر العُكْبَريّ، وَمُحَمَّد بن عُبَيْد اللَّه الرُّطَبِي، وَمُحَمَّد بن أحمد ابن المادح، وَأَحْمَد بن يَحْيَى بن ناقة، وطائفة، سَمِعَ منهم بإفادة أَبِيهِ وبنفسه.
وأجازَ لَهُ وجيه الشّحّاميّ، وعبد الله ابن الفُرَاويّ، وجماعة من نَيْسَابُور.
وَكَانَ عمّه عَليّ بن أَبِي سَعْد الخبّاز من أعيان الطَّلبة.
وشستان: بكسر الشين. ورأيت بعضهم قد قيّدها بالضّمّ.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ البِرْزَاليّ، وَالضِّيَاء، والكمال ابن العديم، وولده القاضي أَبُو المجد، والزّين بن عبد الدّائم، ومحمد بن أبي الفرج ابن الدّباب، والكمال أحمد ابن النَّصِيبِيّ، وجماعة.
قَالَ ابن نُقْطَة [1] : كَانَ صعب الْأخلاق، ظاهر العامّيَّة، سَمِعْتُ عامَّة الطّلبة يذمّونه.
وَقَالَ المُنْذِريّ [2] : تُوُفِّي في خامس ذي الحجَّة ببَغْدَاد، وقد بلغ الثّمانين.
قُلْتُ: وَقَدِمَ حلب سنة ستّ عشرة، وسمعوا منه. وَحَدَّثَ أَيْضًا بدمشق.
وأخته عزيزة [3] ، ماتت قبله بأيام. سمعت من عمّها.
__________
[ () ] 2020، والإعلام بوفيات الأعلام 255، والإشارة إلى وفيات الأعيان 325، والمختصر المحتاج إليه 1/ 269، 270، والنجوم الزاهرة 6/ 254، وشذرات الذهب 5/ 84، 85، وتوضيح المشتبه 5/ 93.
[1] في التقييد 225.
[2] في التكملة 3/ 89.
[3] انظر عن (عزيزة بنت مشرّف) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 86 رقم 1899، والمشتبه 2/ 457، وتوضيح المشتبه 5/ 93 و 6/ 257.(44/446)
[حرف الحاء]
602- الحُسَيْن بن أَبِي منصور [1] بن أَبِي المعالي بن حَرَّاز [2] .
وجيه الدِّين أَبُو عَبْد اللَّه الوَاسِطِيّ، الهُماميّ، الشَّاعِر الْأديب.
تُوُفِّي بالقاهرة كهلا [3] في جُمَادَى الْأولى.
رَوَى عَنْهُ من شِعره الزَّكيّ المُنْذِريّ.
[حرف الطاء]
603- الطّيّب بن مُحَمَّد [4] بن الطيّب بن الحُسَيْن بن هِرَقْل.
العُتَقِيّ، الكِنَانِيّ، المُرْسِيّ، أَبُو الْقَاسِم الْأصولي.
ذكره الْأبَّار [5] ، فَقَالَ: سَمِعَ من أَبِي الْقَاسِم بن حُبَيْش، وأكثر عَنْهُ، ومن ابن حَمِيد. وتفقّه بأبي بكر بن أبي حمزة. وكتب إليه أبو القاسم ابن بَشْكُوال.
والسّهيليّ، وَكَانَ من أهل المعرفة الكاملة والنَّباهة. نوظر عَلَيْهِ في كتب الرأي وأصول الفقه. وتَقَدَّم أهلَ بلده رئاسة ورَجاحة. وأخذ عَنْهُ أصحابنا. وَتُوُفِّي في سابع عشر جُمَادَى الْأولى، وَلَهُ ثلاثٌ وستّون سنة [6] .
[حرف العين]
604- عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر [7] عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد.
أَبُو مُحَمَّد القضاعيّ، الأبّار، الأنديّ، الأندلسيّ.
__________
[1] انظر عن (الحسين بن أبي منصور) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 76 رقم 1874.
[2] بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء وآخره زاي. قيّده المنذري.
[3] العبارة عند المنذري: «ولم تعل سنّه» .
[4] انظر عن (الطيب بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 339، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 4 ق 171، 172 رقم 308، وبغية الوعاة 2/ 21 رقم 1333.
[5] في التكملة 1/ 339.
[6] قال أبو أحمد بن برطلة: توفي سنة ثمان عشرة وستمائة. (الذيل 4/ 172) وفيه أرّخه السيوطي في (بغية الوعاة 2/ 21) . ومولده في عشر ذي الحجة سنة 558 هـ.
[7] انظر عن (عبد الله بن أبي بكر) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 888- 891، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 4/ 179، 180 رقم 329.(44/447)
نزيل بلنسية.
أخذ القراءات عن أبي جعفر الحَصّار. وَسَمِعَ من أَبِي عَبْد اللَّه بن نوح الغافقيّ. وصحب أَبَا مُحَمَّد بن سالم الزّاهد. وأجاز لَهُ أَبُو بَكْر بن أَبِي جمرة.
قَالَ ابنه [1] : وَكَانَ- رحمه الله، ولا أزكّيه- مُقبلًا عَلَى ما يعنيه، شديد الانقباض، بعيدا عن التصنّع، حريضا عَلَى التخلّص، كثير التلاوة والتّهجّد، فقيها، مُعدلًا، ذاكرا للقراءات. قرأت عَلَيْهِ لنافع، وَسَمِعْتُ منه، وَتُوُفِّي في ربيع الْأَوَّل، وَلَهُ ثمان وأربعون سنة.
605- عَبْد الرَّحْمَن بن عَبْد السَّلَام [2] بن أَحْمَد.
أَبُو الْقَاسِم، الحسّاني أَو الغَسَّانِيّ.
الغَرْنَاطَيّ، ويلقّب بالدَّدُو.
رَوَى عن أَبِي عَبْد اللَّه بن عُروس، وأخذ القراءات عنه، و «كتاب» سيبويه، ولازمه كثيرا، وعن: داود بن يزيد السّعديّ، وعبد المنعم بن عبد الرحيم الحافظ.
وأقرأ القرآن والنّحو. وكان فقيها، عفيفا، متصوّنا، كان يشهد. وقد سَمِعَ وَهُوَ صبيّ من أَبِي عَبْد الله الحجريّ.
وُلِدَ سنة أربع وثلاثين. ومات في ربيع الآخر سنة تسع عشرة وستمائة.
606- عَبْد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن يوسف.
أَبُو القاسم ابن السَّرَّاج. المَغيليّ الفاسيّ، نزيلُ غَرْنَاطَة.
عارف بالقراءات والعربية، معتن بالرواية، مُكثر عن أَبِي مُحَمَّد بن عُبَيْد اللَّه الحَجْريّ.
أخذ العربية عن أَبِي الحَسَن نَجَبَة. وأخذ القراءات عن أَبِي الحسن بن النقرات. وأجاز له جماعة.
__________
[1] أبو عبد الله محمد، صاحب كتاب «تكملة الصلة» .
[2] تقدّمت ترجمة «عبد الرحمن بن عبد السلام» في وفيات السنة الماضية برقم 529.(44/448)
607- عبد الرحمن بن محمد [1] بن بدر بن الحَسَن بن مُفَرّج.
رشيدُ الدِّين النَّابُلُسِيّ الشَّاعِر، الملقّب بمدكويه [2] .
سمع «مقامات» الحريريّ من منوجِهْر بن تُركانشاه عن المُصنِّف، وَحَدَّثَ بها عَنْهُ.
وَكَانَ شاعرا، مُحْسنًا، مليحَ القول.
قِيلَ: إنّه أقلعَ عمّا كان عَلَيْهِ قبل موته، وصلُحت حالُه.
وماتَ في خامس محرّم بدمشق.
وقد مدحَ أمير المؤمنين النّاصر لدين اللَّه بالقصيدة الطنّانة الّتي مطلعها:
حرم الخلافة والمحلّ الْأعظم ... فانظُر لنفسك أيّ دُرٍ تنظمُ
ومدحَ السُّلْطَان صلاح الدّين، وولده الملك الظّاهر غازيا، ومدح الملك المُعَظَّم.
وَهُوَ عمّ الحَافِظ شرف الدِّين يوسف بن الحَسَن النَّابُلُسِيّ.
رَوَى عَنْهُ الشِّهَاب القُوصِيّ عدَّة قصائد [3] .
608- عَبْد الرَّحْمَن بن أَبِي البركات المبارك [4] بن مُحَمَّد بن أحمد.
أبو محمد ابن المُشتري.
المُقْرِئ البَغْدَادِيّ.
وُلِدَ سنة خمسٍ وثلاثين وخمسمائة.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 70 رقم 1863، ووفيات الأعيان 5/ 266 رقم 263.
[2] في وفيات الأعيان: «مدلويه» باللام. وقال: لقب كان ينبز به.
[3] وقال ابن خلكان: ولابن عنين فيه عدة مقاطيع هجو. (وفيات الأعيان 5/ 266) .
[4] انظر عن (عبد الرحمن بن المبارك) في: التقييد لابن نقطة 344، 345 رقم 425، وتاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 128، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 85، 86 رقم 1897، وتاريخ إربل 1/ 239- 241 رقم 138، والمختصر المحتاج إليه 3/ 18، 19 رقم 774، والمشتبه 2/ 483.(44/449)
وسمع من: أبي الفضل الأرمويّ، وسعيد ابن البَنَّاء، وابن ناصر، وأبي الوَقْت، وجماعة.
وَكَانَ شيخا، فاضلا، صحيحَ الْأصول.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وجماعةُ.
وَتُوُفِّي بإربل في شَوَّال [1] .
609- عَبْد السَّلَام بن عَليّ [2] بن منصور، قاضي القضاة.
تاج الدِّين أَبُو مُحَمَّد الكِنَانِيّ [3] الدِّمْيَاطِيّ، الشَّافِعِيّ.
المعروف بابن الخرّاط [4] .
__________
[1] وقال ابن المستوفي: أخبرني أنه تفقّه بالنظاميّة ببغداد على عدة مدرّسين على مذهب الشافعيّ، وحدّث ببغداد، ولم يكن مشهورا بالفقه ولا مذكورا بين أهله ... ورد إربل في تاسع عشر شعبان سنة خمس عشرة وستمائة، وحدّث بها. شيخ مجدّر الوجه، له شعر طويل مضفور أسود لا يكاد يرى فيه شعر أبيض، ولحيته بيضاء إلا شعرات قليلة. ذكر جماعة أنه من ولد عبد الرحمن بن ملجم، ربعة، في أخلاقه زعارة، شافعيّ المذهب. أخبرني أن مولده في عشري رجب سنة خمس وثلاثين وخمسمائة ببغداد بالخاتونية منها. وأخبرني أنه ورد إربل قديما في زمن المجاهد قيماز بن عبد الله الخادم، ونزل الرباط الّذي كان تحت القلعة من قبليّتها، يسمّى «رباط الزاهد» .
وأقام بإربل مدة، واستظهر الكتاب العزيز حفظا. وحدّثني الشيخ أبو المعالي صاعد بن علي: أنه كان يلقب بالنظاميّة «كوز البزر» .
أنشدني لنفسه في مستهلّ ذي الحجة من سنة خمس عشرة وستمائة:
العيد والشهر والأيام ثم أنا ... في غبطة وسرور ما بقيت لنا
فلا أصابته أيدي النائبات ولا ... زلت بقربك من تشتيت ألفتنا
قال: أي لا زلنا بقربك عوضا من رحيلنا عن أهلنا ومنازلنا، كلاما هذا معناه، وزادني بعد أيام:
والحمد للَّه شكرا والصلاة على ... محمد خير خلق الله سيدنا
ثم ذكر ابن المستوفي من شعره قطعتين وقال: وهذا ليس بشعر لسقوطه، وليس بنثر للزوم قافيته ووزنه، وحقّه أن يرفض ولا يعرّج عليه. (تاريخ إربل) .
[2] انظر عن (عبد السلام بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 71، 72 رقم 1867، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 494، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 74 (8/ 195، 196) ، والعقد المذهب لابن الملقن ورقة 179، وحسن المحاضرة 1/ 191.
[3] بكسر الكاف وتخفيف النون. وقد وقع في: تكملة المنذري 3/ 71 «الكتّاني» بفتح الكاف وتشديد التاء المثنّاة، وهو غلط.
[4] وقع في تكملة المنذري 3/ 72 «الخياط» ، والمثبت هو الصحيح.(44/450)
قرأ القُرْآن بدِمْيَاط بالقراءات عَلَى المُسْنِد الكبير عَبْد السَّلَام بن عَبْد النّاصر بن عُديسة.
ورحل إلى بَغْدَاد، وتَفَقَّه بالنظاميّة. وَسَمِعَ من: ابن كُلَيْب، وابن الْجَوْزيّ، وَأَبِي طاهر المبارك بن المبارك ابن المَعْطوش. ورحلَ إلى واسط، فقرأ بها القراءات على أبي بكر ابن الباقلّانيّ. وعادَ إلى دِمْيَاط، وولي القضاء بها والتّدريس مُدَّة. ثُمَّ ولي قضاء القضاة بمصر وأعمالها من الجانب القِبْليّ.
وَحَدَّثَ.
قَالَ الزَّكيّ المُنْذِريّ [1] : أقرأ، وَحَدَّثَ بدِمْيَاط، وَمِصْر. وخرّجتُ لَهُ جزءا من حديثه. وسمعتُ منه. ووُلد سنة إحدى وسبعين. ثُمَّ صُرِفَ من مِصْر، وولي قضاء دِمْيَاط.
610- عَبْد الصَّمَد بن عَبْد الرَّحْمَن [2] بن أَبِي رجاء.
الإِمَام أَبُو مُحَمَّد البَلَويّ الأندلسي الوادي آشي.
ويعرف باللَّبَّسي، وأصله منها، وَيُقَال: لبّسة ولبّصة: من قرى الأندلس.
روى عن: أَبِيه أبي الْقَاسِم، وَأَبِي العَبَّاس الخروبيّ، وَأَبِي بَكْر بن رزق، وَأَبِي الحَسَن بن كوثر، وَأَبِي الْقَاسِم بن حُبَيْش، وَأَبِي عَبْد اللَّه بن حَميد.
وأخذ القراءات عن جماعة. وأجازَ لَهُ أَبُو الحَسَن بن حُنين، وَأَبُو طاهر السِّلَفيّ، وجماعةٌ.
قَالَ الْأبَّار [3] : وَكَانَ راوية مكثرا، واعظا، مذكّرا، يتحقّق بالقراءات والتفاسير،
__________
[1] في التكملة 3/ 72.
[2] انظر عن (عبد الصمد بن عبد الرحمن) في: تكملة الصلة لابن الأبار 3/ ورقة 37، وبرنامج شيوخ الرعينيّ 153، وصلة الصلة لابن الزبير 14، 15، وتذكرة الحفاظ 4/ 1403، وسير أعلام النبلاء 22/ 155 دون ترجمة، ومعرفة القراء الكبار 2/ 610، 611 رقم 577، وغاية النهاية 1/ 389، ونهاية الغاية ورقة 96، وطبقات المفسرين للسيوطي 20، وطبقات المفسرين للداوديّ 1/ 303، 304، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 249 رقم 284.
[3] في التكملة 3/ ورقة 37.(44/451)
ويشارك في الحديث والعربية. واعتمد في ذَلِكَ عَلَى أَبِيهِ، وأبي العَبَّاس الخَرُّوبيّ، وأقرأ النَّاس ببلده، وتصدّر بِهِ، وأخذ عَنْهُ جماعة. ووُلد في حدود سنة أربع وثلاثين وخمسمائة، وَتُوُفِّي في رَجَب، وَلَهُ خمسٌ وثمانون سنة.
وَقَالَ ابن مَسْدي في «مُعجمه» : أَبُو مُحَمَّد اللّبّصيّ، هُوَ وَأَبُوه في القراءات والحديث. فَكَانَ أبوه رأس المقرءين بالْأنْدَلُس في زمانه، فاحتذى أَبُو مُحَمَّد حذو أَبِيهِ، وتلقّى القراءات منه، فَكَانَ آخر من حدّث عَنْهُ. وأكثر عن أَحْمَد بن مُحَمَّد بن سَعِيد الخَرُّوبيّ. وَسَمِعَ بفاس من مُحَمَّد بن الرمّامة، وَأَبِي الحَسَن الكِنَانِيّ. قرأت عَلَيْهِ القراءات بالروايات واستفدت منه كثيرا. قَالَ: ومات في شعبان سنة ثمان عشرة. هكذا قَالَ ابن مَسدي.
وآخر من قرأ بالروايات عَلَى هَذَا الشَّيْخ أَحْمَد بن بشير القَزَّاز، وبقي القَزَّاز إلى سنة بضعٍ وسبعين.
611- عَبْد القادر بن دَاوُد [1] بن مُحَمَّد.
الفقيه أَبُو مُحَمَّد الواسطيّ.
قرأ القراءات على أبي بكر ابن البَاقِلّانيّ، وَسَمِعَ من أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَليّ الكتّانيّ المُحتسب.
وورد بَغْدَاد، ودَرَّسَ، وأفْتَى، وَحَدَّثَ. وقد تَفَقَّه بواسط عَلَى المُجير محمود بن المبارك البَغْدَادِيّ.
ومات في ربيع الآخر.
612- عَبْد الكريم ابن الفقيه نجم ابن شرف الإسلام عبد الوهّاب [2] ابن
__________
[1] انظر عن (عبد القادر بن داود) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 178، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 74 رقم 1873، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 118، 119 (8/ 279) ، والبداية والنهاية 13/ 98، والعقد المذهب لابن الملقن ورقة 248.
[2] انظر عن (عبد الكريم بن عبد الوهاب) في: ذيل الروضتين 133، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 71 رقم 1866، والبداية والنهاية 13/ 99، والمنهج الأحمد 350، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 132، 133، والمقصد الأرشد رقم 678، وعقد الجمان 17/ ورقة 434، والدر المنضد.(44/452)
الشَّيْخ أَبِي الفرج، الْأَنْصَارِيّ، السَّعْديّ، العُبّاديّ، الشِّيرَازِيّ، الْأصل، الدِّمَشْقِيّ.
الفقيه شهاب الدِّين أَبُو الفضائل. ابن الحَنْبَلِيّ.
رحل إلى بَغْدَاد وَسَمِعَ من أَبِي السَّعَادَات نصر اللَّه القَزَّاز، وغيره، وبدمشق من أَبِي المعالي بن صابر.
وَحَدَّثَ ودَرَّسَ بمدرستهم.
روى عنه الشّهاب القوصيّ، وعمر ابن الحاجب، وَقَالَ الشِّهَاب: كَانَ عارفا بمذهبه، مُطّلعًا عَلَى غوامضه.
وَقَالَ ابن الحاجب: فقيه، عالم، عنده إقدام وشهامة، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يُرْمَى بكثرة الشَّر، وبُطلان الحقوق، وكثرة الوقيعة في النَّاس. وُلِدَ سنة تسع وخمسين.
وَقَالَ المُنْذِريّ: تُوُفِّي في عاشر [1] ربيع الْأَوَّل.
وَقَالَ أَبُو شامة [2] : هُوَ أخو البهاء، والنّاصح، وَهُوَ أصغرهم، وَكَانَ أبرعهم في الفقه، والمناظرة، والدّعاوى، والبيّنات. لكنّه كَانَ متعصّبا عَلَى شيخنا السَّخَاويّ، وجرت بينهما أمور. رحم اللَّه الجميع وإيّانا.
613- عُبَيْد اللَّه بن المبارك [3] بن إِبْرَاهِيم بن مختار بن تَغْلب.
أَبُو الْقَاسِم الْأزَجِيّ، الدَّقَّاق، العدْل، المعروف بابن السّيبيّ [4] .
ولد سنة خمسين وخمسمائة.
وَسَمِعَ: من ابن البَطِّيّ، وشُهدة، وَعَبْد الحَقّ، وخديجة بنت النَّهْرَوَانِيّ، وجماعة.
وطلبَ بنفسه، وكتبَ، وقرأ على الشيوخ.
__________
[ () ] 1/ 345، 346 رقم 986، وشذرات الذهب 5/ 85.
[1] في التكملة 3/ 71 «وفي السابع من شهر ربيع الأول توفي ... » .
[2] في ذيل الروضتين 133.
[3] انظر عن (عبيد الله بن المبارك) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 2/ 105، 106 رقم 349، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 80، 81 رقم 1884، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 2020، والمختصر المحتاج إليه 2/ 190 ورقة 834، ولسان الميزان 4/ 111 رقم 226.
[4] السّيبي: بالسين المهملة. نسبة إلى السّيب قرية مشهورة قرب بغداد.(44/453)
وَتُوُفِّي في رجب [1] .
614- عثمان بن هبة اللَّه [2] بن أَبِي الفَتْح أَحْمَد بن عَقيل بن محمد.
الحكيم الرئيس جمال الدّين، أبو عمرو القَيْسِيّ، البَعْلَبَكِّيّ الْأصل، الدِّمَشْقِيّ، العدل، الطّبيب، المعروف بابن أَبِي الحوافر، رئيس الْأطبّاء بالدّيار المصرية.
ولد سنة ستّ وأربعين وخمسمائة.
وولي رئاسة الطّبّ مُدَّة بالقاهرة.
وَتُوُفِّي في الثالث والعشرين من رجب، بالقاهرة.
وَكَانَ جَدّ.
أَبُو الفَتْح [3] مقرئا، فاضلا، صالحا، من أصحاب الفقيه نصر بن إِبْرَاهِيم المَقْدِسِيّ.
وَكَانَ عَقيل [4] فقيها يكرّر عَلَى «مختصر» المُزَنِيّ.
615- عَليّ بن حيدرة [5] بن أَبِي جَعْفَر مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن الميمون بن حمزة.
__________
[1] وقال ابن النجار: سمع الحديث الكثير بنفسه، وقرأ على المشايخ من صباه إلى أن شاخ، وحصّل الأصول الكثيرة، وكتب بخطه واستكتب بخط غيره، وبالغ في ذلك واجتهد من غير فهم ولا معرفة، وكان خطه في غاية الرداءة، ثم إنه فتر وتزهّد في ذلك وباع أصوله واشتغل بما لا يليق بأهل الدين، ثم رجع في آخر عمره وعلوّ سنّه إلى سماع الحديث وسلوك طريق الستر، وبذل شيئا من المال حتى شهد عند قاضي القضاة أَبِي الْقَاسِم عَبْد اللَّه بن الحسين الدامغانيّ في شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة وستمائة فقبل شهادته، وكان سيّئ الطريقة في شهادته. يشهد بالزور بحطام يسير يتناوله. ولم يكن محمود الطريقة في الحديث ولا مأمونا. (ذيل تاريخ بغداد) .
[2] انظر عن (عثمان بن هبة الله) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 80 رقم 1883، وعيون الأنباء 4/ 119- 122، وأعيان العصر (المصوّر) 2/ 128 وفيه: «عثمان بن أحمد بن عثمان» ، والوافي بالوفيات 19/ 515 رقم 528، وسيعاد في المتوفين على التقريب، برقم 712.
[3] انظر عنه في (حوادث ووفيات 521- 540 هـ) ص 231 رقم 4 من الكتاب.
[4] انظر عنه في (حوادث ووفيات 461- 470 هـ) ص 350 رقم 61 من الكتاب وفيه مصادر ترجمته.
[5] انظر عن (علي بن حيدرة) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 73 رقم 1869.(44/454)
الشريف أَبُو الحَسَن الحُسَيْنيّ، المَصْرِيّ، المُعَدَّل، نقيب الْأشراف بالقاهرة.
تُوُفِّي في ربيع الْأَوَّل.
616- عَليّ بن سَيِّدهم [1] بن عَمَّار.
العدل وجيه الدِّين ابن العتّال، الشُّرُوطِيّ.
كتب الحكم لقاضي القضاة أَبِي مُحَمَّد عَبْد السَّلَام بن عَليّ الدِّمْيَاطِيّ، ورُزِقَ حظّا في الوراقة. وَكَانَ كثير التّلاوة.
تُوُفِّي بمصر.
617- عَليّ بْن أبي الفرج [2] مُحَمَّد بن أبي المعالي ابن الدَّبَّاب.
أَبُو الحَسَن البَغْدَادِيّ، البابَصري.
سَمِعَ من أبي محمد محمد بن أحمد ابن المادح.
وَحَدَّثَ.
وَهُوَ جدّ الواعظ المُسْند جمال الدّين محمد بن محمد بن عليّ ابن الدّبّاب، المتوفّى سنة خمس وثمانين وستمائة، أحد شيوخ الفَرَضِيّ.
قَالَ شيخنا أَبُو العلاء الفَرَضِيّ: إنّما سُمي جدُّهم الدَّبَّاب، لِأَنَّهُ كَانَ يمشي عَلَى التّؤدة والسُّكون.
قُلْتُ: تُوُفِّي أَبُو الحَسَن في ذي القِعْدَة.
رَوَى عَنْهُ البِرْزَاليّ.
618- عَليّ بْن أَبِي بَكْر [3] مُحَمَّد بْن عَبْد الله بن إدريس.
__________
[1] انظر عن (علي بن سيّدهم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 72، 73 رقم 1868.
[2] انظر عن (علي بن أبي الفرج) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 88 رقم 1902، والمشتبه 1/ 283، وتوضيح المشتبه 4/ 16.
[3] انظر عن (علي بن أبي بكر) في: تاريخ ابن الدبيثي (كمبرج) ورقة 176، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 88 رقم 1904، والمختصر المحتاج إليه 3/ 151 رقم 1080، وسير أعلام النبلاء 22/ 177، 178 رقم 117، والعبر 5/ 77، والإشارة إلى وفيات الأعيان 325، والإعلام بوفيات الأعلام.(44/455)
الرَّوحانيّ [1] ، البَعْقُوبيّ، الزاهد رحمه اللَّه.
صَحِبَ الشَّيْخ عبد القادر، وسمع منه، والشيخ عليّ ابن الهيتيّ.
وَكَانَ شيخا صالحا، زاهدا، عابدا، متألّها، كبير القدر من أعيان شيوخ العراق في زمانه.
صحبه الشَّيْخ يَحْيَى الصَّرْصَرِيّ، ثُمَّ رَوَى عَنْهُ هُوَ والكمال عَليّ بن وضّاح، والبدر سنقر شاه النّاصريّ، وَالشَّيْخ عَليّ الخبّاز الزّاهد، والواعظ أبو الفضل محمد بن أبي الفرج ابن الدَّبَّاب، وآخرون.
وذكر أَبُو إسحاق الصَّرِيفِينيّ أَنَّهُ سَمِعَ منه، قَدِمَ دمشق، وزار القُدس، وَكَانَ الشَّيْخ يَحْيَى يبالغ في وصفه، وتبجيله، وَأَنَّهُ ما رَأَى مثله.
وذكره ابن نُقْطَة، وكنّاه أَبَا مُحَمَّد، وَقَالَ: كَانَ شيخ وقته، صاحب دين، وأدب، وفضل، وإيثار. سَمِعْتُ منه، وسماعه صحيح. ثُمَّ درج موته. تُوُفِّي في سَلْخ ذي القِعْدَة بالرَّوحاء، ودُفن برباطه، وقبره يُزار.
والرَّوحاء: قرية بقرب بعقوبا عَلَى يومٍ من بَغْدَاد.
كنيته أَبُو مُحَمَّد، وَأَبُو الحَسَن.
619- عَليّ بن مُحَمَّد بن الحَسَن [2] بن يوسف بن يحيى بن النّبيه.
__________
[ () ] 255، والنجوم الزاهرة 6/ 253، وشذرات الذهب 5/ 85.
[1] في الأصل: «الروحانيّ» بالنون، والصواب بالهمزة كما أثبتناه، نسبة إلى الروحاء القرية القريبة من بعقوبا.
[2] انظر عن (علي بن محمد بن الحسن) في: عقود الجمان لابن الشعار 4/ ورقة 153- 169، وإنسان العيون لابن أبي عذيبة ورقة 202، وتاريخ إربل 1/ 325، 326، والعبر 5/ 84، وسير أعلام النبلاء 22/ 178 رقم 118، والمشتبه 2/ 517، وفوات الوفيات 3/ 66- 73، والعسجد المسبوك 2/ 394، والنجوم الزاهرة 6/ 243، وحسن المحاضرة 1/ 566، وشذرات الذهب 5/ 85، والتذكرة الفخرية للإربلي 130، 147، 155، 174، 210، 446، وفهرس المكتبة التيمورية 3/ 300، وتاريخ الأدب العربيّ 1/ 304، وملحقة 1/ 462، وبدائع البدائه 187، 265، 266، 274، 276، 281.(44/456)
الْأديب البارع كمال الدِّين، أَبُو الحَسَن المَصْرِيّ الشَّاعِر، صاحب الدّيوان المشهور.
كَانَ شاعرا مُحْسنًا، بديعَ القول، رائقَ النّظم.
تُوُفِّي فِي الحادي والعشرين من جُمَادَى الْأولى، بنَصيبين.
وَكَانَ من مفاخر الشّعراء، مدح بني أيّوب. ثُمَّ اتّصل بالْأشرف، وسكن نصيبين.
620- عَليّ بن يوسف [1] بن محمد بن أحمد.
أبو الحسن ابن الشَّريك، الْأَنْصَارِيّ، الدّانيّ، الضرير المُقْرِئ.
أخذَ القراءات عن أَبِي إِسْحَاق بن مُحارب، والعربيّة عن أَبِي الْقَاسِم بن تمّام.
ورحلَ إلى مُرسية، فسكنها، وَسَمِعَ من أَبِي الْقَاسِم بن حُبَيْش، وَأَبِي عَبْد اللَّه بن حَميد. وأقرأ القراءات والعربيّة. وبلغَ في التّفهيم والذّكاء الغاية.
قَالَ الْأبَّار [2] : ويقال: كان في صباه نجّارا، فَلَمَّا أضرّ أقبل عَلَى العِلْم.
واستفاد بتعليم العربيّة مالا جليلا. وَتُوُفِّي في رجب، ومولده في سنة خمس وخمسين وخمسمائة.
621- عليّ بن أبي الكرم [3] ابن العُمريّ.
البَغْدَادِيّ. حَدَّثَ عن أَبِي الوَقْت.
622- عُمَر بن عبد اللَّه [4] بن حِصْن بن بَزَّان [5] .
__________
[1] انظر عن (علي بن يوسف) في: صلة الصلة لابن الزبير 128، وتكملة الصلة لابن الأبار رقم 1893، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 5 ق 1/ 425، 426 رقم 730 وبغية الوعاة 2/ 213، 214 رقم 1819.
[2] في تكملة الصلة.
[3] انظر عن (علي بن أبي الكرم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 85 رقم 1894.
[4] انظر عن (عمر بن عبد الله) في: إكمال الإكمال لابن نقطة (الظاهرية) ورقة 35، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار (باريس) ورقة 103، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 77، 78 رقم 1879.
[5] بزّان: بفتح الباء الموحّدة وتشديد الزاي.(44/457)
الشَّيْخ الصّالح أَبُو حفص البَغْدَادِيّ، المُقْرِئ الضّرير، المعروف بالبقّش [1] .
حَدَّثَ عن أَبِي الوَقْت.
وَتُوُفِّي في عاشر جُمَادَى الآخرة.
وَكَانَ يروي «الصّحيح» كلّه.
623- عُمَر بن أَبِي السَّعَادَات [2] عَبْد اللَّه بن أَبِي الحَسَن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بن صِرْما.
الشيخُ الصّالح أَبُو حفص البَغْدَادِيّ، الْأزَجِيّ، الإسكاف الحَذَّاء.
سَمِعَ من: ابن ناصر، وَسَعْد الخَيْر الْأَنْصَارِيّ.
وَهُوَ ابن عمّ أَحْمَد بن يُوسُف.
رَوَى عَنْهُ: الزّكيّ البرزاليّ، والدّبيثيّ، والجمالُ مُحَمَّد بن أبي الفَرَج ابن الدَّبَّاب.
وَتُوُفِّي في العشرين من ذي القِعْدَة عن بضعٍ وثمانين سنة [3] .
[حرف الميم]
624- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن عَبْد الله [4] بن هشام.
أَبُو عبد الله الفهريّ، الذّهبيّ.
__________
[1] البقّش: بفتح الباء الموحّدة وضم القاف وشين معجمة.
[2] انظر عن (عمر بن أبي السعادات) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 206، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار (باريس) ورقة 105، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 87 رقم 1901، والمختصر المحتاج إليه 3/ 112 رقم 968.
[3] بعد هذه الترجمة كتب المؤلف- رحمه الله- بخطه: «محمد بن أحمد بن إسماعيل القزويني، يحوّل من سنة ثلاث وعشرين إلى هنا» .
ولكنّني أبقيت على ترجمته في موضعها من الطبقة التالية، لوفاته في سنة 623 هـ. ولم أجد من ذكر وفاته بسنة 619 هـ.
[4] انظر عن (محمد بن أحمد بن عبد الله) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 607، وفهرس المخطوطات المصورة 1/ 355، ومعجم المؤلفين 8/ 285.(44/458)
ويعرف بابن الشّواش أَيْضًا من أهل المَرِيَّة: أحد [1] مدائن الْأنْدَلُس.
سَمِعَ من: أَبِي عَبْد الله بن سعادة، وأبي بكر بن أبي ليلى، وأبي عبد الله ابن الفرس، وأبي القاسم بن حبيش، وجماعة.
وأخذ العربيّة عن الْأستاذ أَبِي موسى الْجُزُوليّ. وجلس للإقراء والتّحديث.
ودَرَّسَ النَّحْو واللّغات. وحَمَلَ النَّاس عَنْهُ.
وَكَانَ إماما متواضعا، بارع الخطّ.
حَدَّثَ بمُرسية والمريّة. ذكره الْأبَّار.
625- مُحَمَّد بن إِسْحَاق [2] بن أَبِي الحَسَن مُحَمَّد بن أَبِي نصر إِسْحَاق بن عزّ [3] النّعمة أَبِي الحَسَن مُحَمَّد بن هلال بن المحسّن ابن الصّابيء.
الشيخُ الصّالح أَبُو الحُسَيْن البَغْدَادِيّ، المَراتبيّ.
سَمِعَ من: عبد الله بن منصور ابن المَوْصِليّ، وغيره.
وَكَانَ يؤُم بمسجد أَبِي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ. وَهُوَ من بيت البلاغة، والكتابة، والآداب.
ولعزّ النّعمة «تاريخ» تَمَّمَ بِهِ «تاريخ» والده أبي الحسين، وله عدّة مصنّفات.
وكان صاحب ديوان الإنشاء في أيام القائم بأمر الله.
وأبوه أَبُو الحُسَيْن [4] كَانَ أديبا، أخباريّا، علّامة، صابئا، فأسلم وحسن إسلامه.
__________
[1] هكذا بخط المؤلف، والأفضل: «إحدى» .
[2] انظر عن (محمد بن إسحاق) في: تاريخ ابن الدبيثي (شهيد علي) ورقة 23، (والمطبوع) 1/ 174، 175، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 82، 83 رقم 1886، والمختصر المحتاج إليه 1/ 24، 25، والوافي بالوفيات 2/ 199 رقم 570.
[3] هكذا بخط المؤلف في الموضوع، والمشهور «غرس النعمة» ، وهو صاحب «التاريخ» ، وكتاب «الهفوات النادرة من المغفلين الملحوظين» ، المتوفى سنة 408 هـ. انظر ترجمته ومصادرها في (حوادث ووفيات 471- 480 هـ) ص 298- 300 رقم 336 من الكتاب.
[4] هكذا في الأصل، ويرد في بعض المصادر: «أبو الحسن» ، وهو: هلال بن المحسن. توفي سنة 448 هـ. انظر عنه في (حوادث ووفيات 441- 460 هـ) ص 196 رقم 302 وفيه مصادر ترجمته.(44/459)
وهو حفيد إبراهيم بن هلال [1] الصّابيء، صاحب «الرسائل» .
626- مُحَمَّد بن إسْمَاعِيل [2] بن عَليّ بن أَبِي الصّيف.
الشَّيْخ أَبُو عَبْد اللَّه اليمنيّ، الشَّافِعِيّ، نزيل مَكَّة.
تَفَقَّه، وأقام بمَكَّة، وَسَمِعَ بها من: أَبِي نصر عَبْد الرَّحِيم بن عَبْد الخالق، وأَبِي عَليّ الحَسَن بْن عَلِيّ البَطَلْيُوسيّ، وأَبِي محمد المبارك ابن الطّبّاخ، وعبد المنعم ابن الفُرَاويّ، وجماعة.
وخرَّج أربعين حديثا عن أربعين شيخا من أهل أربعين مدينة.
وَكَانَ يسمع مَعَ عُلُوّ سِنّه. وَكَانَ مشهورا بالدّين والعلم والحديث.
وَحَدَّثَ، ونفع، وأفَاد، رحمه الله.
ومات في ذي الحجَّة.
رَوَى عَنْهُ: الصَّدْر البَكْرِيّ، وغيره.
627 مُحَمَّد بن الحُسَيْن [3] بن جمعة.
أَبُو عَبْد اللَّه السِّجِسْتَاني، الشافعيّ العدل.
سَمِعَ من السِّلَفيّ.
وولي الحِسْبة بالقاهرة، وأمَّ بمسجد البرقية مُدَّة.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكيّ المُنْذِريّ، وغيره.
ومات في ذي الحجّة.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن هلال) في: في حوادث ووفيات 381- 400 هـ. ص 74، 75 وفيه حشدت مصادر ترجمته.
[2] تقدمت ترجمته في وفيات سنة 609 برقم 473 من الطبقة السابقة، وقد تنبّه المؤلف- رحمه الله- إلى هذا التكرار فعاد وكتب هنا «تكرر» .
وقد جاء في (العقد الثمين 1/ 145، 146 رقم 97) : «توفّي في ذي الحجة سنة 607 وذكره المنذري أيضا في وفيات سنة 619، وتبعه على ذلك الذهبي في «تاريخ الإسلام» ، وهذا عجيب منه، وأعجب من ذلك ما ذكره الإسنائي من أنه توفي سنة 617، والصواب أنه توفي سنة 609 كما ذكر غير واحد منهم: «الميورقي، والجندي في تاريخ اليمن» .
[3] انظر عن (محمد بن الحسين) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 91 رقم 1909، والمقفى الكبير 5/ 577 رقم 2118.(44/460)
628- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [1] بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ وقّاص.
المَلَطيّ، المَيُورقيّ، حجّ، وَسَمِعَ من أَبِي الطاهر بن عوف الزُّهْرِيّ، وبدمشق من الخُشُوعِيّ.
وَحَدَّثَ عن أَبِي جَعْفَر عَبْد الرحمن ابن القصير.
ووليَ خطابة مَيُورقة. وَكَانَ فصيحا، مفوّها، بليغا، جليلا.
قَالَ الْأبَّار: تُوُفِّي قريبا من سنة ثمان عشرة أَوْ فيها.
629- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد السَّلَام [2] .
أَبُو عَبْد اللَّه الغَسَّانِيّ، الغَرْنَاطَيّ، الكاتب.
مصنّف «شرح كتاب الشِّهَاب» .
تُوُفِّي بمُرسية في رمضان.
630 مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن بن عَيَّاش.
أَبُو عَبْد اللَّه الْأنْدَلُسِيّ، ثُمَّ المَغْرِبيّ.
كاتبُ السِّر للدَّوْلَة المؤمنية.
كَانَ حَميد السَّيرة، حسنَ الطّريقة، بارعا في الْأدب، علّامة في فنّ الإنشاء.
ينسج عَلَى منوال الصّابيء، وابن العميد. وَلَهُ شِعر متوسّط.
أخذ عَنْهُ تاج الدّين ابن حَمَّوَيْه، وغيره.
631- مُحَمَّد بن عَبْد السَّلَام [3] بن محمد، ابن الخطيب.
أَبُو البركات السِّنْجَارِي، الفقيه الشَّافِعِيّ.
كَانَ لَهُ يد في الخِلاف. ودَرَّسَ بإربل. وَرَوَى شيئا من شِعره.
ووَليَ قضاء مَلَطْية إلى أن توفّي بها.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الله) في: المقفى الكبير 6/ 123 رقم 2566.
[2] انظر عن (مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَن بن عَبْد السَّلَام) في: تكملة الصلة لابن الأبار 323، ومعجم المؤلفين 10/ 143.
[3] انظر عن (محمد بن عبد السلام) في: عقود الجمان لابن الشعار 6/ ورقة 99، 100، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 85 رقم 1896، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 910.(44/461)
وَهُوَ من بيت كبير بسِنْجار.
632- مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد [1] بْن إِبْرَاهِيم بْن مفرّج المَلّاحي.
الحَافِظ الكبير الغافقيّ، الْأنْدَلُسِيّ، أَبُو الْقَاسِم.
والمَلّاحة: من قرى غرناطة.
ولد قبل الخمسين وخمسمائة. وَكَانَ من كبار حُفّاظ زمانه.
قَالَ الْأبَّار [2] : سَمِعَ من: والده، وَأَبِي الحَسَن بن كَوْثر، وأَبِي خَالِد بن رفاعة، وعبد الحقّ بن بونه، وأبي القاسم بن سمجون، وخلق. وأجاز لَهُ أَبُو عَبْد اللَّه بن زرْقون، وَأَبُو زيد السُّهَيْلِيّ، وطائفةٌ. ومن المشرق أَبُو الطّاهر بن عوف، وَأَبُو طاهر الخُشُوعِيّ. وروى بالإجازة العامّة عَن السِّلَفيّ، وأبي مروان بن قزمان. وكتب عن الكبار والصّغار، وبالغ عمره في الاستكثار. وَكَانَ حافظا للرُّواة، عارفا بأخبارهم. ألّف تاريخا في علماء إلبيرة، وألّف كتاب أنساب الْأمم العرب والعجم، وسمّاه «الشّجرة» ، و «الأربعين» حديثا بلغ فيه الغاية من الاحتفال. وشُهد لَهُ بحفظ أسماء الرجال، فزاد عَلَى من تقدّمه. وَلَهُ استدراك عَلَى الحَافِظ ابن عَبْد البرّ في الصّحابة. وَكَانَ مُكثرًا عن أَبِي مُحَمَّد بن الفَرَس. أخذ النَّاس عَنْهُ، وكان أهلا لذلك. وتوفّي في شعبان، رحمه الله.
633- محمد بن عُبَيْد الله [3] بن محمد بن علي.
أبو الفرج الواسطيّ، المقرئ الوكيل، المعروف بخنفر [4] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الواحد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 609، 610، وسير أعلام النبلاء 22/ 162، 163 رقم 110، والوافي بالوفيات 4/ 68 رقم 1518، وكشف الظنون 1560، وشذرات الذهب 5/ 86، وهدية العارفين 2/ 111، وإيضاح المكنون 2/ 305، وديوان الإسلام 4/ 204 رقم 1937، وتاريخ الأدب العربيّ (الملحق) 3/ 1221، والأعلام 6/ 255، ومعجم المؤلفين 10/ 262.
[2] في التكملة 2/ 609، 610.
[3] انظر عن (محمد بن عبيد الله) في: ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد 2/ 37، 38 رقم 247، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 81، 82 رقم 1885، والمختصر المحتاج إليه 1/ 67، والمشتبه 1/ 198، وتوضيح المشتبه 2/ 576، والألقاب للسخاوي ورقة 41، وتاج العروس 3/ 192.
[4] خنفر: بالخاء المعجمة وسكون النون وفاء وراء.(44/462)
ولد بواسط سنة ثمان وأربعين.
وقرأ على جماعة القراءات ومنهم: أبو بكر محمد بن خالد الرّزّاز البغداديّ. وَسَمِعَ من أَبِي الحُسَيْن عَبْد الحقّ، ومَنُوجِهْر، وغيرهما.
وَكَانَ مجموع الفضائل.
تُوُفِّي في السابع والعشرين من رجب.
وَكَانَ وكيلا بأبواب القضاة.
634- محمد بن أبي عليّ [1] بن محمد، ابن الشِّطْرَنْجِيّ.
الحَرِيمِيّ، الخَبَّاز.
وَحَدَّثَ عن أَبِي الوَقْت.
ومات في ربيع الآخر.
وَقِيلَ: اسم أَبِيهِ الحَسَن. وأَمَّا ابن النَّجَّار فَسَمَّى أَبَاه: المبارك، وَقَالَ: سَمِعَ أَبَا الوَقْت، ومقبل بن أَحْمَد بن الصَّدْر، وعَليَّ بن حَسَّان العُلْبيّ، كتبت عنه- ثمّ روى عنه حديثا، عن العُلْبيّ، عن طِرَاد.
635- مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن أَبِي غالب.
أَبُو الحارث الوقاياتيّ، البَابَصْريّ.
سَمِعَ أَبَا الوقت.
وَعَنْهُ ابنُ النجّار، وقال: لا بأسَ بِهِ. تُوُفّي في خامس رمضان.
636- المبارك بن مُحَمَّد [2] بن أَبِي الغنائم.
أَبُو السَّعَادَات الحَرِيمِيّ، النّاصريّ، ويُعرف بابن زُوتان.
حَدَّثَ عن أَبِي الفَتْح بن البطّي.
637- مختصّ الحبشيّ [3] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبي علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 74 رقم 1872.
[2] انظر عن (المبارك بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 84 رقم 1892.
[3] انظر عن (مختص الحبشي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 92 رقم 1913، والمختصر المحتاج إليه 3/ 27 رقم 1245.(44/463)
سَمِعَ من: مولاه قاضي القضاة عَبْد الواحد بن أَحْمَد الثَّقَفِيّ، وَأَبِي العَبَّاس أَحْمَد بن ناقة.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وابنُ النَّجَّار. وَكَانَ دَيِّنًا.
638- مِسْمار بن عُمَر [1] بن مُحَمَّد بن عيسى.
أَبُو بَكْر، المعروف بابن العُوَيْس [2] ، البَغْدَادِيّ، المُقْرِئ، النَّيَّار [3] ، نزيلُ المَوْصِل ومُسندُها.
وُلِدَ سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.
وسمع الكثير من: أبوي الفضل الْأُرْمَوي، وابن ناصر، وواثق بن تمّام، وسعيد ابن البنّاء، وأبي بكر ابن الزَّاغُونيّ، وَأَبِي الوَقْت، وابن ناقة، وغيرهم.
وَحَدَّثَ بالكثير ببَغْدَاد، وَالمَوْصِل. وأقرأ القُرْآن.
قِيلَ: إِنَّ اسمه مُحَمَّد، ولقَّبَهُ الوزيرُ ابنُ هُبَيْرَة بمِسْمار، لِأَنَّهُ كَانَ يراه يسمع وَهُوَ جالس ساكن فَقَالَ: كَأَنَّهُ مسمار. وَكَانَ شيخا، متديّنا، خيّرا، مشهورا [4] .
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، والبِرْزَاليّ، وَالضِّيَاء، والْأمير ركن الدِّين أَحْمَد بن قراطاي الإربليّ، وَأَبُو الفضل عَبَّاس بن بَزْوان المَوْصِليّ، والصَّالح عَبْد الكريم بن منصور الْأثريّ، وسَيِّدة بنت درباس، وطائفةٌ.
وأجاز لعليّ بن عَبْد الدّائم القَيِّم، وللعماد ابن سعد، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (مسمار بن عمر) في: معجم البلدان 2/ 440 (دجلة) ، وإكمال الإكمال لابن نقطة (الظاهرية) ورقة 38 (بشمار ومسمار) ، والتقييد، له 463 رقم 621، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 362، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 83، 84 رقم 1890، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 783، وتاريخ إربل 1/ 198، 199 رقم 100، وسير أعلام النبلاء 22/ 154 رقم 103، والمعين في طبقات المحدثين 189 رقم 2024، والإعلام بوفيات الأعلام 255، والإشارة إلى وفيات الأعيان 325، والعبر 5/ 77، وتذكرة الحفاظ 4/ 1403، والمختصر المحتاج إليه 3/ 205، 206 رقم 1242، والنجوم الزاهرة 6/ 253.
[2] العويس: بضم العين المهملة وفتح الواو وسكون الياء آخر الحروف وسين مهملة.
[3] النيار: بتشديد النون المفتوحة، والياء المثناة من تحت، وراء بعد الألف.
[4] وقال ابن نقطة: وسماعه صحيح، وهو شيخ صالح ثقة. (التقييد) .(44/464)
وَتُوُفِّي بالمَوْصِل في ثاني عشر شعبان.
[حرف النون]
639- نصر اللَّه بْن مُحَمَّد [1] بْن الحُسَيْن.
أَبُو منصور الكُوفِيّ، الحائريّ، الزّيديّ، المعروف بابن مُدَلّل [2] .
وُلِدَ في حدود سنة سبع وعشرين وخمسمائة.
وَسَمِعَ بالكوفة من: أَبِي الحَسَن مُحَمَّد بن غَبْرَة، وابن ناقة، وَالحُسَيْن بن مُحَمَّد الدَّواتي. وببغداد من أبي الفتح ابن البَطِّيّ.
وَحَدَّثَ بالكوفة.
وَهُوَ زَيْديّ النِّحْلَة.
والحائريّ: نسبة إلى الموضع الَّذِي فيه مشهد الحُسَيْن عَلَيْهِ السَّلَام.
640- نصر بن عَقيل [3] بن نصر بن عَقِيل.
الفقيه عزّ الدِّين أَبُو الْقَاسِم، وَأَبُو المُظَفَّر الإِرْبَلِّيّ، الشَّافِعِيّ.
وُلِدَ بإربل في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة.
وتَفَقَّه عَلَى عمّه أَبِي العَبَّاس الخَضِر. ثُمَّ أتى بَغْدَاد، وأقامَ بالنِّظامية مُدَّة.
وَسَمِعَ من أَبِي الفضل أَحْمَد بن صالح الجِّيليّ، وغيره. ورجع إلى بلده، وولي التّدريس بها بالمدرستين اللّتين كَانَ عمّه يُدرّس بهما بالقلعة والرَّبض. فدرّس، وأفتى مدّة. ثمّ قدم الموصل.
__________
[1] انظر عن (نصر الله بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 84 رقم 1891، والمختصر المحتاج إليه 3/ 310 رقم 1252.
[2] كتب المؤلّف- رحمه الله- في هامش الأصل: «ح: مدلك» بالكاف.
وقال المنذري: وسئل عن مدلّل، فقال: هو لقب لأبي.
[3] انظر عن (نصر بن عقيل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 73 رقم 1871، وتاريخ إربل 1/ 80، 232، 365، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 134، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 163 (8/ 388) ، والعقد المذهب لابن الملقن ورقة 266، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي ورقة 97، وشذرات الذهب 5/ 86، 87، وليست له ترجمة في المطبوع من: تاريخ إربل، بل يأتي ذكره عرضا.(44/465)
وَتُوُفِّي في ثالث عشر ربيع الآخر.
641- نصر بْن أَبِي الفَرَج [1] مُحَمَّد بْن عَليّ بْن أَبِي الفَرَج.
الحَافِظ المُسْند أَبُو الفتوح، بُرهان الدِّين البَغْدَادِيّ، الحَنْبَلِيّ، المُقْرِئ، المعروف بابن الحُصَريّ، نزيلُ مَكَّة، وإمام الحطيم.
قرأ بالروايات عَلَى أبي الكرم المبارك ابن الشَّهْرَزُوري، وغيره وأقرأ بالروايات وَكَانَ إسناده فيها عاليا إلى الغاية.
وَسَمِعَ من: أَبِي بَكْر محمد ابن الزَّاغُونيّ، وَأَبِي الوَقْت، والشريف أَبِي طَالِب مُحَمَّد بن مُحَمَّد العَلَويّ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَد التُّرَيْكِيّ، وأبي محمد محمد بن أحمد ابن المادح، وهبة الله ابن الشِّبْلِي، وهبة اللَّه بن هِلال الدَّقَّاق، وابن البَطِّيّ، وَالشَّيْخ عَبْد القادر الجِّيليّ، وَأَبِي زُرْعَة، وَأَبِي بَكْر بن النَّقُّور، وخلقٍ كثير.
وعُني بهذا الشأن عناية تامّة، وكتب الكثير. وَكَانَ يفهم ويدري، مَعَ الثقة والْأمانة.
ذكره المُنْذِريّ فَقَالَ [2] : قرأ بالقراءات عَلَى أَبِي الكَرَم، وَأَبِي بكر محمد بن عبيد الله ابن الزّاغونيّ، ومسعود بن عبد الواحد ابن الحصين، وأبي المعالي
__________
[1] انظر عن (نصر بن أبي الفرج) في: التقييد لابن نقطة 466، 467 رقم 628، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 368، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 69، 70 رقم 1862، وذيل الروضتين 133، والعبر 5/ 77، والمعين في طبقات المحدثين 190 رقم 2021، والإعلام بوفيات الأعلام 255، والإشارة إلى وفيات الأعيان 324، 325، وتذكرة الحفاظ 4/ 1382، وسير أعلام النبلاء 22/ 163- 165 رقم 211، والمختصر المحتاج إليه 3/ 214 رقم 1261، ودول الإسلام 2/ 124، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 241، 242 رقم 187، والبداية والنهاية 13/ 99، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 130- 132، والعقد الثمين للفاسي 7/ 332، وذيل التقييد، له 2/ 296 رقم 1660، وغاية النهاية 2/ 338، 339 رقم 3736، والمنهج الأحمد 350، وعقد الجمان 17/ ورقة 434، والمقصد الأرشد 1/ رقم 1181، والعسجد المسبوك 2/ 393، والنجوم الزاهرة 6/ 253، وطبقات الحفاظ 489، وشذرات الذهب 5/ 83 سنة 618 هـ، والدر المنضد 1/ 345 رقم 985، والتاج المكلل 229، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 179 رقم 1079.
[2] في التكملة 3/ 69.(44/466)
أحمد بن عليّ ابن السّمين، وسعد الله ابن الدّجاجيّ، وعَليِّ بن أَحْمَد اليَزْدِيّ، وغيرهم.
كذا ذكر ابن النجّار: أَنَّهُ قرأ بالروايات الكثيرة على جماعة كأبي بكر ابن الزّاغونيّ، والشّهرزوريّ، وابن الحصين، وسعد الله ابن الدّجاجيّ، وعليّ بْن عليّ بْن نصر، وعليّ بْن أَحْمَد بْن محمويه اليزديّ، وغيرهم.
واشتغل بالْأدب وحصّل منه طرفا حسنا. وَسَمِعَ من خلق كثير من البَغْدَادِيّين، والغرباء، ولم يزل يقرأ. ويسمع ويفنّد إلى أن عَلَتْ سِنّه. وجاور بمَكَّة زيادة عَلَى عشرين سنة. وَحَدَّثَ ببَغْدَاد وَمَكَّة. وَكَانَ كثير العبادة. ولم يزل مُقيمًا بمَكَّة إلى أن خرج منها إلى اليمن، فأدركه أجله بالمَهْجَم في المحرّم، وَقِيلَ في ربيع الآخر، من هَذَا العام، وَقِيلَ: في ذي القِعْدَة سنة ثمان عشرة واللَّه أعلم.
ومولده في رمضان سنة ستٍّ وثلاثين وخمسمائة [1] .
وَقَالَ الدُّبَيْثِي [2] : كَانَ ذا معرفة بهذا الشأن. خرج إلى مَكَّة سنة ثمانٍ وتسعين فاستوطنها. وأمّ الحنابلة. قرأت عليه، ونعم الشيخ كان عبادة، وثقة. وخرج عن مَكَّة سنة ثمان عشرة، فَبَلَغنا أَنَّهُ تُوُفِّي ببلد المَهْجَم في ذي القِعْدَة من السنة.
وَقَالَ الضِّيَاء: في المحرّم من سنة تسع عشرة تُوُفِّي شيخُنا الحَافِظ الإِمَام أَبُو الفتوح إمام الحَرم بالمَهْجَم.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ الضِّيَاء، والبِرْزَاليّ، وابنُ خليل، وأحمد بن عَبْد النّاصر اليَمَني، والمُفتي سُلَيْمَان بن خليل العَسْقَلانِيّ، وتاج الدِّين عليّ بن أَحْمَد القَسْطَلانيّ، وشهاب الدِّين القُوصِيّ- وَقَالَ: كَانَ إماما في القراءات والعربيّة، وله
__________
[1] العبارة في المستفاد: سمعنا منه وبقراءته، وكان يقرأ قراءة صحيحة إلا أنه يدغمها بحيث لا يفهم. ويكتب خطّا رديّا جدا، وكان من حفّاظ الحديث العارفين بفنونه، متقنا ضابطا، غزير الفضل، كثير المحفوظ ثقة صدوقا حجّة نبيلا، من أعلام الدين وأئمة المسلمين، وكان يصوم الدهر ويكثر التلاوة. وخرج عن بغداد إلى مكة، وجاور بها نيّفا وعشرين سنة، مديما للصيام.
والقيام، ويكثر الطواف والعمرة حتى أنه يكون يطوف في كل يوم وليلة سبعين أسبوعا، ثم إنّه خرج من مكة في آخر عمره لما اشتدّ القحط، سافر إلى اليمن فأدركه أجله بها.
[2] في ذيل تاريخ بغداد 15/ 368.(44/467)
علوّ إسناد- وَمُحَمَّد بن عَبْد اللَّه بن مُقبل الْمَكِّيّ، ورضيّ الدِّين الحَسَن بن مُحَمَّد الصَّغَانِيّ اللُّغَويّ، ونجيبُ الدِّين المقداد القَيْسِيّ، وآخرون.
وذكره ابن نُقْطَة، فَقَالَ [1] : أَمَّا شيخنا أَبُو الفتوح، فحافظٌ، ثقةٌ، كثيرُ السَّماع، ضابطٌ، مُتْقن [2] . ذكروا أَنَّ وفاته في ذي القِعْدَة من سنة ثمان عشرة.
وَقَالَ ابن النَّجَّار [3] : كَانَ حافظَا، حُجَّة، نبيلا، جمَّ العِلم، كثيرَ المحفوظ، من أعلام الدِّين وأئمّة المسلمين، كثير العبادة والتَّهجُّد، والتِّلاوة، والصّيام، رحمه اللَّه.
وَقَالَ ابن مسدي: كَانَ أحد الْأئمة الْأثبات، مشارا إِلَيْهِ بالحفظ والإتقان.
قصدَ اليمن، فمات بالمَهْجَم في ربيع الآخر سنة تسع عشرة. وَلَهُ شِعر جيّد في الزُّهديات.
[حرف الهاء]
642- هبة اللَّه بن أَبِي يَعْلَى [4] مُحَمَّد بن المبارك بن سَعْد اللَّه ابن الجوّاني [5] .
__________
[1] في التقييد 467.
[2] وزاد ابن نقطة: إلّا أنه لم يتابع على هذا القول، والأقوى عندي قول ابن المعلّمة والقرشي. وقال ابن نقطة أيضا: وحدّث بسنن أبي داود عن أبي طالب محمد بن أبي زيد النقيب النصري كان قدم عليهم بغداد فسمعوها منه، روى لهم من أول الكتاب جزءا واحدا يشتمل على سبعة عشر بابا بحق سماعه من أبي علي التستري، وباقي الكتاب قرئ عليه بالإجازة أن لم يكن سماعا. هكذا نقلته من خط أبي المحاسن عمر بن علي القرشي الحافظ. وذكر شيخنا أبو الفتوح ابن الحصري أنه ظهر سماع شيخه بجميع الكتاب من أبي علي التستري، وهذا القول عندي فيه نظر، فإنّي قد سألت عن هذا جماعة من أهل بغداد وواسط والبصرة فما وجدت عندهم من ذلك علما إلّا مما حدّثني أبو السعود محمد بن محمد بن جعفر الفقيه الشافعيّ بالبصرة قال: قال لي أبو الحسن علي بن الحسن بن المعلّمة: لما أصعد النقيب أبو طالب إلى بغداد أنفذ إلى عمر القرشي وغيره من بغداد: انقل إلينا سماع النقيب من أبي علي التستري بسنن أبي داود فلم أجد سماعه إلا في جزء واحد. (التقييد 466، 467) .
[3] انظر: المستفاد 241.
[4] انظر عن (هبة الله بن أبي يعلى) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 76 رقم 1876.
[5] الجوّاني: بفتح الجيم وتشديد الواو. قيّده المنذري.(44/468)
الشريف أَبُو الغنائم العَلَويّ الحُسَيْنيّ الوَاسِطِيّ.
وُلِدَ سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من: عمِّ أَبِيهِ صالح بن سَعْد اللَّه، وعَليِّ بن المبارك بن نَغُوبا.
وحدّث ببغداد وواسط.
تُوُفِّي في جُمَادَى الْأولى بواسط، وحُمل إلى الكُوفة.
[حرف الياء]
643- يَحْيَى بن زكريّا [1] بن عَليّ بن يُوسُف.
أَبُو زكريّا الْأَنْصَارِيّ، البَلَنْسِيّ، المُقْرِئ، المعروف بالْجُعيديّ.
أخذ القراءات عن أبي عبد الله بن حميد، وأبي عَبْد اللَّه بن نوح.
وَسَمِعَ من: أَبِي العطاء بْن نَذِير، وأَبِي عَبْد اللَّه بن نَسَع [2] ، وجماعة.
وتصدّر للإقراء في حياة الشيوخ.
قَالَ الْأبَّار: كَانَ أحد العُلَمَاء بحقيقة الْأداء مَعَ الصلاح التّامّ، والورع المحض، والخُشوع الصّادق. أخذت عَنْهُ «الكافي» لابن شُرَيْح، وسمعه منه بقراءتي جماعة. وَسَمِعْتُ بقراءته كثيرا عَلَى ابن نوح، وابن واجب. وَكَانَ صاحب والدي. تُوُفِّي في جُمَادَى الْأولى، وَلَهُ ثمان وأربعون سنة.
644- يَحْيَى بْن مُحَمَّد [3] بْن عَبْد الجبّار بْن أحمد بن محمد.
أبو الفرج ابن الْجَهْرَميّ، البَغْدَادِيّ، الصُّوفِيّ.
وُلِدَ سنة تسعٍ وثلاثين وخمسمائة.
وَسَمِعَ من: أَبِي الفضل الْأُرْمَوي، ونصر بن نصر العُكْبَريّ، وَأَبِي الوَقْت.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، والبرزاليّ.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن زكريا) في: تكملة الصلة لابن الأبار 3/ ورقة 134.
[2] نسع: بفتح النون والسين المهملة، انظر: المشتبه 2/ 669.
[3] انظر عن (يحيى بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 71 رقم 1865، والمختصر المحتاج إليه 3/ 249، 250 رقم 1360.(44/469)
وهو من بيت حشمة وتقدّم.
تُوُفي فِي ربيع الأول.
وجَهْرَم: من بلاد فارس [1] .
645- يُوسُف بن أَحْمَد [2] بن عَليّ.
أَبُو الحجاج الْأنْدَلُسِيّ، المُرْبَيْطَرِيّ.
سَمِعَ من: أَبِي الْقَاسِم بن حُبَيْش، وأجازَ لَهُ أَبُو الطّاهر بن عوْف، وجماعة.
وَكَانَ بارعا في النَّحْو، واقفا عَلَى «كتاب» سِيبَوَيْه. أقرأ النَّاس العربيّة. ثُمَّ عُنيَ بالطِّبّ حَتَّى رأسَ فيه، وخَدَمَ بِهِ الْأمراء، ونال دنيا واسعة.
وماتَ بمَرَّاكُش، قَالَه الْأبَّار.
646- يُوسُف بن يَحْيَى [3] بن عَبْد اللَّه بن سُلَيْمَان بن بقاء.
أَبُو الحَجّاج اللَّخْميّ، مقرئ غَرْنَاطَة، الْأنْدَلُسِيّ، العَطَّار، المُقْرِئ الْأستاذ.
أخذ القراءات عَن أَبِي خَالِد بن رِفاعة، وَأَبِي الحَسَن بن كوثر.
وَسَمِعَ من عَبْد المنعم بن مُحَمَّد، وابن حَميد، وجماعة. وذكر: أَنَّ ابن هُذَيْل أجازَ لَهُ.
قال ابن مسدي: قرأت عَلَيْهِ بالروايات، وَكَانَ فيه بعض تجوُّز في الرواية.
مات في صفر عن أربع وستّين سنة.
وَقَالَ ابن الزُّبَيْر: سَمَّى في شيوخه داودَ بن يزيد، وابنَ هُذَيْل، فتُكُلِّمَ فيه من أجلهما.
__________
[1] معجم البلدان 2/ 167، التكملة 3/ 71.
[2] انظر عن (يوسف بن أحمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 3/ ورقة 145.
[3] انظر عن (يوسف بن يحيى) في: تكملة الصلة لابن الأبار 3/ ورقة 145، وغاية النهاية 2/ 404 رقم 3942.(44/470)
وَقَالَ المَلّاحيّ: جَلَس للإقراء بموضع شيخه ابن عروس. قَالَ: وَكَانَ يزعم أَنَّهُ قرأ عَلَى دَاوُد وابن هُذَيْل. ولا يصحّ ذَلِكَ بوجه [1] .
647- يونس بن يُوسُف [2] بن مساعد الشَّيْبَانِيّ، المخارقي، المشرقيّ، القنيّي.
والقُنَيَّة [3] : قرية من أعمال دارا من نواحي مارْدين.
هَذَا شيخ الطّائفة اليُونُسية. أولي الزَّعارة والشّطارة والشَّطح، وقِلة العقل، أبعد اللَّه شَرَّهم.
كَانَ شيخا، زاهدا، كبيرَ الشأن، لَهُ الْأحوال، والمقامات، والكشف.
قَالَ القاضي ابن خَلِّكَان [4] : سألت رجلا من أصحاب الشَّيْخ يُونُس: من كَانَ شيخ الشَّيْخ؟ قَالَ: لم يكن لَهُ شيخ، بل كَانَ مَجذوبًا.
قَالَ القاضي: ويذكرون لَهُ كرامات: فأخبرني الشَّيْخ مُحَمَّد بن أَحْمَد بن عُبَيْد، وَكَانَ قد رَأَى الشَّيْخ يُونُس، وذكر أَنَّ والده أَحْمَد من أصحابه، قَالَ: كُنَّا مسافرين ومعنا الشَّيْخ يونس، فنزلنا في الطريق بين سنجار وعانة، وكانت الطّريق مخوفة فلم يقدر أحد منّا ينام من الخوف، ونام الشيخ، فلمّا انتبه. قلت: كيف
__________
[1] وقال ابن الأبار بعد ذلك: «وكان بغرناطة أيضا يوسف المعروف بالكراب أبو الحجاج يروي عن ابن عروس وابن رفاعة وابن حكم وطبقتهم، حدّث بغرناطة ونعي إلينا ببلنسية سنة اثنتين وثلاثين وستمائة» .
وهذا يعني أنه يوجد اثنان من أصحاب ابن عروس كنيتها أبو الحجاج، وهذا وهم.
[2] انظر عن (يونس بن يوسف) في: وفيات الأعيان 7/ 256، 257، والمختصر في أخبار البشر 3/ 132، والمختار من تاريخ ابن الجزري 115، ودول الإسلام 21/ 93، وسير أعلام النبلاء 22/ 178، 179 رقم 119، والعبر 5/ 77، 78، وتذكرة الحفاظ 4/ 1403، وتاريخ ابن الوردي 2/ 144، ومرآة الجنان 4/ 46، 47، والمواعظ والاعتبار 2/ 435، وطبقات الأولياء لابن الملقن 490 رقم 173، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 281، والدارس 2/ 213- 215، وشذرات الذهب 5/ 87، وجامع كرامات الأولياء 2/ 296، والخطط التوفيقية 6/ 45.
[3] القنيّة: تصغير قناة. قاله ابن خلكان (وفيات الأعيان 7/ 257) .
[4] في وفيات الأعيان 7/ 256، 257.(44/471)
قدرت تنام؟ قَالَ: واللَّه ما نمت حَتَّى جاء إسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الخليل عَلَيْهِ السَّلَام وتدرّك القُفْل! وَقَالَ: عزمتُ مَرَّة عَلَى دخول نَصِيبين، فَقَالَ لي الشَّيْخ: اشتري معك لأمّ مساعد كَفَنًا- وكانت في عافية وَهِيَ أمّ وَلَده- فَقُلْتُ: ما لها؟ قَالَ: ما يضرّ.
فذَكَرَ أَنَّهُ لَمَّا عاد وجدها قد ماتت! قَالَ: وأنشدني لَهُ [1] :
أَنَا حميتُ الحِمى وَأَنَا سكنتو فيه ... وأنا رميت الخلائق في بحارِ التّيه
من كَانَ يبغي العطا منِّي أَنَا أعطيه ... أَنَا فتى ما أداني من بِهِ تشبيه [2]
قُلْتُ: وسمعت ابنَ تَيْمِيَّة ينشد ليونس:
موسى عَلَى الطّور لَمَّا خَرَّ لي ناجَى ... واليثربيّ أَنَا جبتوه حَتَّى جا
فَقُلْتُ: هَذَا يحتمل أن يكون أنشده عَلَى لسان الرُّبوبية، ويحتمل أن يكون وُضِعَ عَلَى الشَّيْخ يُونُس، فإنّ هَذَا البيت ظاهره شطح واتّحاد.
وفي الجملة لم يكن الشَّيْخ يُونُس من أولي العلْم، بل من أولى الحال والكَشْف، وَكَانَ عَرِيًّا من الفضيلة، وَلَهُ أبيات مُنكرة، كقوله:
موسى عَلَى الطّور لَمَّا خَرَّ لي ناجَى ... واليثربيّ أَنَا جبتوه حَتَّى جا [3]
وَكَانَ شيخنا ابن تَيْمِيَّة يتوقّف في أمره أوّلا، ثُمَّ أطلقَ لسانه فيه وفي غيره من الكبار. والشأن في ثبوت ما يُنْقل عن الرَّجل، واللَّه المطَّلع.
وأَمَّا اليُونُسية: فهم شرُّ الطوائف الفقراء، ولهم أعمال تدلّ عَلَى الاستهتار والانحلال قالا وفعالا، أستحي من اللَّه ومن النَّاس من التفوّه بها، فنسأل اللَّه المغفرة والتّوفيق.
__________
[1] من المواليا.
[2] البيتان في: وفيات الأعيان، والمختار من تاريخ ابن الجزري 115.
[3] هكذا كرّره المؤلف- رحمه الله- ولا مسوّغ لذلك.(44/472)
وذاك البيت وأمثاله يُحتمل أن يكون قد نَظَمه عَلَى لسان الرُّبوبية- كما قُلْنَا- فإنْ كَانَ عنَى ذَلِكَ، فالْأمرُ قريب. وَإنْ كَانَ عنَى نفسَهُ، فهذه زندقة عظيمةٌ. نسأل اللَّه العفو، فلا يغترّ المسلم بكشفٍ ولا بحال، فقد تواتر الكشف والبُرهان للكُهان وللرُّهبان، وَذَلِكَ من إلهام الشيطان.
أمّا حَالٌ أولياء اللَّه وكراماتهم فحقّ. وإخبار ابن صائد بالمغيّبات حال شَيْطَانِيٌّ. وَقَدْ سَأَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَنْ يَأْتِيكَ؟» - يَعْنِي: مِنَ الْجِنِّ-، فَقَالَ:
صَادِقٌ وَكَاذِبٌ. قَالَ «خُلِّطَ عَلَيْكَ الْأَمْرُ» [1] . وَلَمَّا أَضْمَرَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَخَبَّأَ لَهُ فِي نَفْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: الدُّخَّ. قَالَ لَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ» [2] . فَهَذَا حَالُهُ دَجَّالِيٌّ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَالْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيُّ، وَنَحْوُهُمَا، حَالُهُمْ رَحْمَانِيٌّ مَلَكِيٌّ.
وكثيرٌ من المشايخ يُتَوقَّف في أمْرِهم، فلم يتبرهن لنا من أيّ القسمين حالهم؟ واللَّه أعلم ومنه الهُدَى والتّوفيق.
[الكنى]
648- أَبُو بَكْر بن أَحْمَد [3] بن شكر.
القاضي جلال الدِّين ابن القاضي كمال الدِّين، المَصْرِيّ الشَّافِعِيّ.
تُوُفِّي في شَوَّال.
وفيها وُلِدَ
المجد عَبْد الوَهَّاب بن أَبِي الفَتْح بن سَحْنُون الطّبيب، خطيب النّيرب.
__________
[1] أخرجه البخاري 1354 و 3055 و 6173 و 6618 ومسلم 2930، وأبو داود 4329، والترمذي 2250، وأحمد 2/ 148 و 149.
[2] أخرجه البخاري 6273، ومسلم 2930.
[3] انظر عن (أبي بكر بن أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 86 رقم 1898، ونهاية الأرب 29/ 125.(44/473)
والشِّهَاب مُحَمَّد بن أَبِي العِزّ بن مُشَرَّف.
والبَدْر مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن معالي المَغْرِبيّ.
والملك المنصور محمود ابن السلطان الملك الصالح إسماعيل ابن العادل.
وعلاء الدِّين عَليّ بن عَبْد الغنيّ ابن الفخر ابن تَيْمِيَّة.
والحاجّ أَحْمَد بن إِبْرَاهِيم بن نصر الرّقوقيّ.
والجلال عَبْد المنعم بن أَبِي بَكْر، قاضي القُدس.
والنور مُحَمَّد بن عَبْد العزيز الْأسْعَرديّ، الشَّاعِر.
والجمال عَبْد الصَّمَد ابن الخطيب عماد الدّين عبد الكريم ابن الحَرَسْتَاني.
وَالشَّيْخ أَحْمَد بن عَبْد الرَّحْمَن الشَّهْرَزُوري، الناسخ، نزيلُ القاهرة.
وَعَبْد المعطي بن الباشق، بالإسكندرية.
وشُهْدة بنت الصاحب كمال الدِّين، يوم عاشوراء.(44/474)
سنة عشرين وستمائة
[حرف الْألف]
649- أَحْمَد بن ظَفَر [1] ابن الوزير عون الدِّين يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن هُبَيْرَة.
أَبُو الفَتْح، صاحبُ باب النُّوبيّ.
كَانَ أديبا، فاضلا، رئيسا.
سَمِعَ من: أَبِي الوَقْت، وابن ناصر، وغيرهما. وَلَهُ شعر جيّد.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي [2] ، وغيره.
ومات في المحرَّم.
650- إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد [3] بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّدِ بْن خِيرَة [4] .
أَبُو إِسْحَاق البَلَنْسِيّ.
قَالَ الْأبَّار [5] : رحل مَعَ أخيه أَبِي الحَسَن، فحجّا، وسمعا من: أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن الحضْرميّ، وغيره. وأخذت عَنْهُ. وَكَانَ شاهدا، مُعدَّلًا.
تُوُفِّي في المحرّم، رحمه اللَّه.
651- إسماعيل بن محمد [6] بن خمارتكين.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن ظفر) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 189، 190، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 95 رقم 1919، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 221، والمختصر المحتاج إليه 1/ 186، 187.
[2] في تاريخه.
[3] انظر عن (إبراهيم بن أحمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 167، والمقفى الكبير 1/ 43 رقم 21.
[4] وضع المؤلف- رحمه الله- حركتي الفتحة والسكون فوق الياء آخر الحروف، للدلالة على جواز اللفظين.
[5] في التكملة.
[6] انظر عن (إسماعيل بن محمد) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 249، والتكملة(44/475)
أبو الفتح البغداديّ، الضّرير.
روى عن: أبي الوَقْت السِّجْزِي، ووالده.
وَكَانَ خمارتكين مولى العلّامة أَبِي زكريا التِّبْرِيزِي.
ماتَ في ربيع الْأَوَّل. وولد سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.
652- أكْمَل بن أَبِي الْأزهر [1] بن أَبِي دُلف.
الشريف أَبُو مُحَمَّد العَلَويّ، الحَسَنِيّ، البَغْدَادِيّ، الكَرْخِيّ.
ولد قبيل الأربعين وخمسمائة.
وسمع من: سعيد ابن البَنَّاء فقط.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، وابنُ النَّجَّار، وجماعةٌ، آخرهم شيخُنا أَبُو المعالي الْأبَرْقُوهيّ.
وماتَ في سادس رَجب، ودُفن بمقابر قريش.
وقع لي من طريقة: «البعث» لابن أَبِي دَاوُد.
قَالَ ابن النَّجَّار: لم يكن ممّن يُفْرَح بِهِ.
653- أنَس بْن عَبْد العزيز [2] بْن عَبْد اللَّه.
أَبُو الْقَاسِم التَّفْلِيسِيّ، المَغازليّ، الصُّوفِيّ، المُعَمَّر، وَهُوَ مشهود بكُنيته.
سَمِعَ من هبة اللَّه ابن الشِّبْلِي كتاب «الذِّكر» لابن أَبِي الدُّنْيَا. وَسَمِعَ من أَبِي زُرْعَة «مُسْنَد» الشَّافِعِيّ، وَسَمِعَ من ابن البَطِر.
قَالَ ابن النَّجَّار في «تراجم مشايخ ابن المُنْذِريّ» : كَانَ من عِباد اللَّه الصَّالحين الوَرعين. مات في ربيع الْأَوَّل، وقد قارب المائة. وَرَوَى عَنْهُ في «تاريخه» وَقَالَ: صحب الشيخ أبا النّجيب السّهرورديّ.
__________
[ () ] لوفيات النقلة 3/ 95، 96 رقم 1921، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 577، والمختصر المحتاج إليه 1/ 246.
[1] انظر عن (أكمل بن أبي الأزهر) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) ورقة 173، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 100 رقم 1933، والمختصر المحتاج إليه 1/ 257.
[2] انظر عن (أنس بن عبد العزيز) في: الوافي بالوفيات 9/ 423 رقم 4358.(44/476)
[حرف الباء]
654- بَيْرَم بن عَليّ [1] بن نُشتكين الحَنَفِيّ، الدّمشقيّ.
رَوَى عن: الصَّائن هبة اللَّه بن عساكر.
[حرف الجيم]
655- جَعْفَر بن عَليّ [2] الْجَوْهَرِيّ.
نزيلُ دمشق، يُعرف بابن الكباية.
سَمِعَ أَحْمَد بن المبارك المُرَقَّعَاتي، وَعَنْهُ ابن النَّجَّار، وَقَالَ: مات في جُمَادَى الْأولى.
[حرف الحاء]
656- الحَسَن بن زُهرة [3] بن الحَسَن بن زُهرة بن عَليّ بن مُحَمَّد.
من أولاد إِسْحَاقَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بن الحُسَيْن، الشريف الحسيب أَبُو عَليّ الحُسَيْنيّ، الإسحاقيّ، الحَلَبِيّ، الشِّيعيّ.
نقيبُ مدينة حلب، ورئيسُها، ووجهُها، وعالِمُها، ورأسُ الشِّيعة وجاهُهُم، ووالد النقيب السَّيِّد أَبِي الحَسَن عَليّ، وُلِدَ لَهُ عَليّ هَذَا سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، وولي النقابة في الْأيام الظاهرية بحلب بعد سنة ستمائة.
وَكَانَ أَبُو عَليّ عارفا بالقراءات، وفقه الشِّيعة، والحديث والآداب، والتّواريخ. وَلَهُ النّظم والنَّثر. وَكَانَ صَدْرًا مُحتشمًا، وافرَ العَقْل، حسنَ الخَلق والخُلُق، وفصيحا، مُفوّهًا، صاحب دِيانة وتعَبُّد. وَليَ كتابة الإنشاء للملك الظّاهر
__________
[1] انظر عن (بيرم بن علي) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 112 رقم 1960، والجواهر المضية 1/ 174.
[2] ترجمته في الجزء الضائع من ذيل تاريخ بغداد لابن النجار.
[3] انظر عن (الحسن بن زهرة) في: تكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 185، 186 رقم 145، وبغية الطلب لابن العديم (المصوّرة) 5/ 389 رقم 715، والعبر 5/ 78، والوافي بالوفيات 12/ 18- 20 رقم 13، والبداية والنهاية 13/ 103، ولسان الميزان 2/ 208 رقم 925، وشذرات الذهب 5/ 87، وأعيان الشيعة 21/ 295.(44/477)
غازي، ثُمَّ أنف من ذَلِكَ واستعفى، وأقبل عَلَى الاشتغال والتِّلاوة. ثُمَّ نُفِّذَ رسولا إلى العِراق، ومرّة إلى سلطان الرُّوم، ومرَّة إلى صاحب إربل. فَلَمَّا تُوُفِّي الظاهر طُلب لوزارة ولده العزيز، فاستعفى.
وحجّ في سنة تسع عشرة، ولقيتْه هدايا المُلوك فنفّذ إِلَيْهِ الملك الْأشرفُ موسى من الرّقّة خِلعة لَهُ ولأولاده ودَوّابَّ، وأربعةَ آلاف دِرْهم، ونفَّذ إِلَيْهِ صاحب آمد هدية، وصاحبُ مارْدين، وتلَقّاه صاحب المَوْصِل لؤلؤ بنفسه، وحمل إِلَيْهِ الإقامات، وخَلَعَ عَلَيْهِ وَعَلَى أولاده، واحتُرِمَ في بَغْدَاد وتُلُقِّيَ. وَلَمَّا رَجَع من الحجّ مَرِضَ وتمادت بِهِ العِلَّة، ثُمَّ لحِقه ذَربٌ، ومات.
قَالَ ابن أَبِي طيّ: فُجع بموته الصَّديق والعدوّ، والقريب والبعيد، وَكَانَ للنّاس بِهِ وبجاهه نفْعٌ عظيم. وَكَانَ كما قَالَ الشَّاعِر:
وما كَانَ قيس هلكه هَلك واحدٍ ... ولكنَّه بنيانُ قومٍ تَهَدّما
وغُلّق البلد، وشَيَّعه النَّاس عَلَى طبقاتهم. ومات سنة عشرين [1] وستّمائة.
وقد سَمِعَ من: أَبِي عَليّ مُحَمَّد بن أسْعد الْجَوَّانِيّ النَّقيب، والافتخار أَبِي هاشم الهاشِمِيّ.
وتفَّنَن في علوم شتّى.
وله وُلِدَ آخر اسمه أَبُو المحاسن عَبْد الرَّحْمَن.
تُوُفِّي بعد مجيئه من الحجّ في جُمَادَى الْأولى، ودُفن بجبل جَوْشن.
657- الحَسَن بن أَبِي الفَتْح [2] .
الْأديب أَبُو مُحَمَّد الواسطيّ.
سَمِعَ ابن شاتيل، وتأدَّب بابن العَصّار. وطلب الحديث وقتا وشارك في العلوم.
__________
[1] في لسان الميزان 2/ 208: مات سنة أربعين.
[2] انظر عن (الحسن بن أبي الفتح) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 111 رقم 1957، والوافي بالوفيات 12/ 200، 201 رقم 172، وبغية الوعاة 1/ 516 رقم 1069.(44/478)
رَوَى عَنْهُ ابن النَّجَّار ما بين الحرمين [1] .
658- الحُسَيْن بن أَبِي الفخر [2] يَحْيَى بن الحُسَيْن بن عَبْد الرَّحْمَن بن أَبِي الرَّدّاد.
أَبُو عَبْد اللَّه المَصْرِيّ، ويُسَمَّى أَيْضًا مُحَمَّدًا.
وُلِدَ سنة أربعين.
وَسَمِعَ من عَبْد اللَّه بن رفاعة.
رَوَى عَنْهُ: الحَافِظ عَبْد العظيم [3] ، وَالمَصْرِيّون، والفَخْر عَليّ.
وَكَانَ رجلا صالحا. أقعِدَ بأخَرَةٍ، ولزِمَ بيته. وَحَدَّثَ، وأملَى وَكَانَ كاتبا فقيها. بصريّ الْأصل، جاوز الثمانين.
وَتُوُفِّي في ذي القِعْدَة.
وآخر من حَدَّثَ عَنْهُ عَبْد الرَّحِيم ابن الدَّميريّ.
[حرف الراء]
659- رابعَة بنت أَحْمَد [4] بن مُحَمَّد بن قُدامة.
أمُّ الحَافِظ عزّ الدِّين مُحَمَّد بن عَبْد الغنيّ.
تُوُفِّيت بعد أخيها الشَّيْخ مُوَفَّق الدِّين بشهر، وكانت أصغر منه بثلاث سنين، توفّيت في ذي القعدة.
__________
[1] وقال الصفدي: وكان يكتب خطا حسنا وينقل صحيحا ويضبط مليحا. وكان فاضلا عالما بالنحو واللغة والأخبار، صدوقا، حسن الطريقة.
ولما توفي «مصدّق النحويّ» ولي مشيخة رباط نسيبه «الشيخ صدقة» مكان «مصدّق» . وتصدّر لإقراء الآداب إلى حين وفاته. (الوافي بالوفيات) .
وقد وهم «السيوطي» فعزا هذا القول للقفطي وهو ليس في كتابه: إنباه الرواة. (انظر: بغية الوعاة 1/ 516) .
[2] انظر عن (الحسين بن أبي الفخر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 108، 109 رقم 1948، وسير أعلام النبلاء 22/ 174، 175 رقم 114، والعبر 5/ 78، 79، والمقفى الكبير 3/ 513 رقم 1237، وحسن المحاضرة 1/ 176، وشذرات الذهب 5/ 88.
[3] في التكملة 3/ 108، 109.
[4] انظر عن (رابعة بنت أحمد) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 109، 110 رقم 1951.(44/479)
وقد رَوَى عَنْهَا: الشَّيْخ الضِّيَاء، وَالشَّيْخ شمس الدِّين، وَالشَّيْخ الفَخْر.
روت بالإجازة من: ابن البَطِّيّ، وَأَحْمَد بن المُقَرَّب.
قَالَ الضِّيَاء: كانت خَيِّرة، حافظة لكتاب اللَّه، ما تكادُ تنام اللّيل إِلَّا قليلا، صائمة الدّهر رَضِيَ اللَّه عَنْهَا.
660- رَوْح بن أَحْمَد.
أَبُو زُرْعَة الْجُذاميّ القرطبيّ.
أخذ عن أبي القاسم ابن الشَّرّاط القراءات والعربيّة. وَسَمِعَ من ابن بَشْكُوال كتاب «الموطّأ» .
وَكَانَ فاضلا، كبيرا، عدْلًا.
[حرف السين]
661- سالم بن صالح [1] .
أَبُو عَمْرو الهَمْدَانِيّ، المالقيّ. عن: أَبِي بَكْر الْجَدّ، وَالسُّهَيْلِيّ، وطبقتهما.
وَكَانَ محدّثا، صالحا، له شعر جيّد [2] .
__________
[1] انظر عن (سالم بن صالح) في: تكملة الصلة لابن الأبار رقم 2005، وبرنامج شيوخ الرعينيّ 105- 107، والذيل لكتابي الموصول الصلة 4/ 2- 6 رقم 5.
[2] وقال ابن عبد الملك المراكشي: وكان أديبا بارعا شاعرا مجيدا طيب النفس لوذعيا حسن الخلق، عزيز الدمعة عند ذكر النبي صلّى الله عليه وسلم، كثير الخشوع عند سماع أخباره، متواضعا، سليم الصدر، جميل الصحبة والمعاشرة، مبتذل الملبس، جانحا إلى الزهد والانقباض، ممتّعا، متّسع الرواية، ضابطا، شديد العناية بتقييد العلم ولقاء حملته، أخذه عن أكابر شيوخ عصره وعن من يتنزل منزلة بنيه، فمن بينهم شغفا بالعلم وحرصا عليه ورغبة في استفادته، كتب الكثير وجمع، وكان مولعا بانتساخ الكتب الصغار والكراريس وقفت على كثير منها بخطه في فنون العلم.
ومن شعره ما أنشدته على شيخنا أبي الحسن الرعينيّ، رحمه الله، عنه:
عزّ من لا يموت يا من يموت ... وتعالى فلم تنله النعوت
إنّ دنياك هذه غيّرة ما ... لثبات الأنام فيها ثبوت
فاتركنها فإنّها أمّ دفر ... لبنيها غرّارة خلبوت
ومنه بالطريق المذكور:
حسّن فعالك واجنح للتقى أبدا ... وسل من الله حسن الخلق والخلق
وطهّر القلب من شكّ ومن دنس ... فآفة الثوب أن يطوى على خلق.(44/480)
مات في رمضان.
662- سَعِيد بن عَبْد العزيز [1] ، العَقْرِيّ البَصْرِيّ.
شيخ صالح، سَمِعَ من: عَبْد اللَّه بن عُمَر بن سَليخ [2] البَصْرِيّ.
والعَقْر: قرية من نواحي بَغْدَاد، هُوَ منها [3] ، لَا من عَقْر المَوْصِل.
تُوُفِّي في ذي القِعْدَة.
663- سُنْقر الحَلَبِيّ [4] .
الْأمير مبارزُ الدِّين الصَّلاحيّ.
من كبار الدَّوْلَة بحلب. كريم، شجاع. لَهُ مواقف مشهودة مَعَ صلاح الدِّين وغيره.
تُوُفِّي بدمشق، وورثه ابنه الْأمير ظهير الدِّين غازي.
[حرف الشين]
664- شَيْبَان بن تَغْلِب [5] بن حيدرة بن سيف بن طراد بن عقيل بن وثّاب بن شيبان.
__________
[ () ] قال شيخنا أبو الحسن الرعينيّ رحمه الله: وجدت هاتين القطعتين منسوبتين إليه ولا أحقّقهما له.
ومن شعره في الضراعة لربه والخوف من المؤاخذة بذنبه:
إلهي قد عصينا منك ربّا ... تعالى أن يقابل بالمعاصي
فكيف خلاصنا من هول يوم ... تشيب لهوله سود النواصي
وكانت بينه وبين أدباء عصره مخاطبات نظما ونثرا، وهو كان مثير أدباء مالقة في عصره إلى ما يصدر عنهم من نظم أو نثر في أحوال تطرأ وأغراض تنشأ، فيقيّدها عنهم وينشر بها محاسنهم، عني بذلك كثيرا وشغف به.
[1] انظر عن (سعيد بن عبد العزيز) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 109 رقم 1949، والمشتبه 2/ 466، وتوضيح المشتبه 6/ 305.
[2] سليخ: بفتح السين المهملة وكسر اللام وبعدها ياء آخر الحروف ساكنة وخاء معجمة. (المنذري) .
[3] في التكملة للمنذري: والعقر المنسوب إليه قرية من قرى البصرة. وما قاله المؤلف- رحمه الله- هنا غير دقيق.
[4] انظر عن (سنقر الحلبي) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 626، وذيل الروضتين 134، 135، وزبدة الحلب 3/ 176 و 186، والوافي بالوفيات 15/ 488 رقم 4821.
[5] انظر عن (شيبان بن تغلب) في: عقود الجمان لابن الشعار 3/ ورقة 163، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 102 رقم 1934، والوافي بالوفيات 16/ 200 رقم 233.(44/481)
أَبُو مُحَمَّد الشَّيْبَانِيّ، المَقْدِسِيّ، ثُمَّ الصّالحيّ المُؤَدِّب الحَنْبَلِيّ.
وُلِدَ بدمشق سنة أربعٍ وخمسين تقريبا.
وَسَمِعَ من: يَحْيَى الثَّقَفِيّ، وَأَبِي المعالي بن صابر، والخَضِر بن طاووس، والبانياسيّ.
وَكَانَ كثير التلاوة، فيه دين، وخير. وَلَهُ شِعر جيّد.
روى عنه: البرزاليّ، وعمر ابن الحاجب، وَالضِّيَاء، وَقَالَ: وُلِدَ تقديرا سنة ثلاثٍ وستين.
قُلْتُ: ولقبه نجم الدِّين. وَهُوَ والد المُسْنِد أَحْمَد بن شَيْبَان.
فمن شِعره:
أحببتُ ظبيا حسَنًا ... شرَّد عنِّي الوسَنَا
خلّوا إِذَا مرَّ بما ... ... شيك يُحاجي الغُصُنَا
مَرْمَر عيش عاشق ... بِهِ المُغَنَّى افتتنا
دموعُه مُنهالةٌ ... وجسمُه حِلْفُ ضَنا
تُوُفِّي في ثامن رجب.
[حرف الصاد]
665- صالح بن الْقَاسِم [1] بن يُوسُف بن عَليّ.
أَبُو حامد البَغْدَادِيّ، النَّسَّاج، المُؤَذِّن، القَزَّاز، المعروف بابن كوِّر [2] .
شيخٌ صالحٌ من أهل الحربيّة.
روى عن سعيد ابن البَنَّاء وحده، وسماعه صحيح.
رَوَى عَنْهُ: الدُّبَيْثِي، والبِرْزَاليّ، وذاكر الْأبَرْقُوهيّ، وأخوه أَبُو المعالي.
وَتُوُفِّي في السادس والعشرين من شَوَّال.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ كَوِّرٍ- وَهُوَ لقب أبيه- أخبرنا
__________
[1] انظر عن (صالح بن القاسم) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 107، 108 رقم 1945، والمختصر المحتاج إليه 1/ 106، وتوضيح المشتبه 1/ 576 و 7/ 345، وتاج العروس 3/ 532.
[2] كوّر: بفتح الكاف وكسر الواو وتشديدها وآخره راء مهملة، كان أبوه يعرف به. قاله المنذري في التكملة 3/ 108، وزاد: وكان أبوه أيضا نقّالا- بالنون-.(44/482)
سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ رِزْقَوَيْهِ، حَدَّثَنَا مُكْرَمُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنِ عَطَاءٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ تَبِعَهَا حَتَّى يُقْضَى قَضَاؤُهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ، أَحَدُهُمَا- أَوْ قَالَ أَصْغَرُهُمَا- مِثْلُ أُحُدٍ» [1] . رَوَاهُ الدُّبَيْثِيُّ فِي «تَارِيخِهِ» عَنْ صَالِحٍ، فَوَقَعَ مُوَافَقَةً بِعُلُوٍّ.
[حرف الضاد]
666- الضِّيَاء بن الزَّرّاد [2] الدِّمَشْقِيّ.
القارئ بالْألحان وبالقراءات.
قَالَ أَبُو المُظَفَّر سبط الْجَوْزيّ [3] : اجتمعت بِهِ بخِلاط، وَكَانَ يتردّد إلينا، ويقرأ طيّبا، ثمّ داخل الدَّوْلَة، جاءني يوما يبكي، فَقَالَ: البارحة حضرت عند الْأشرف، وناولني قدحا. فامتنعت، وَهُوَ ساكت ينظر، فما زالوا بي حَتَّى شربته، فعضّ الأشرف على إصبعه وقال: وا لك فعلتها! حطّيت [4] الخمر على مائة وأربعة عشر سورة؟! والله لو خيّرت أن أحفظ القُرْآن كما تحفظه، وأدعُ مُلكي، لاخترتُ حفظ القُرْآن. ثُمَّ نزلت [5] حُرْمته فَكَانَ يدور البلاد عَلَى أصحاب القلاع لرسوم لَهُ عَلَيْهِم. فخرج من حَرّان ومعه ثلاثة غِلمان مُرْد، فنام في وادٍ، فقتلوه، وأخذوا ما معه، فظفر بهم الحاجب عَليّ فقتلهم بِهِ.
[حرف العين]
667- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُدَامة [6] بْن مِقْدام بْن نصر.
__________
[1] أخرجه أحمد 2/ 246، ومسلم 945 و 946، والترمذي 1040، والنسائي 4/ 76، 77، وابن ماجة 1539.
[2] انظر عن (الضياء بن الزراد) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 631، 632، وفيه: «الزراد الدمشقيّ» بإسقاط: «الضياء بن» ، وذيل الروضتين 135.
[3] في المرآة 632.
[4] في المرآة: «حظيت» وهو تصحيف.
[5] في المرآة: «تركت» .
[6] انظر عن (عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قدامة) في: معجم البلدان 2/ 113، 114، والتقييد لابن.(44/483)
شيخ الإِسْلَام، مُوَفَّق الدِّين، أَبُو مُحَمَّد المَقْدِسِيّ، الْجَمَّاعِيليّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيّ، الصّالحيّ، الحَنْبَلِيّ، صاحبُ التّصانيف.
وُلِدَ بقرية جَمّاعيل في شعبان سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.
وهاجَرَ فيمن هاجر مَعَ أَبِيهِ وأخيه، وَلَهُ عشر سنين. وحفظ القُرْآن، واشتغل في صِغره، وَسَمِعَ من أَبِيهِ سنة نَيّف وخمسين. وارتحل إلى بَغْدَاد في أوائل سنة إحدى وستّين في صُحبة ابن خالته الحَافِظ عَبْد الغنيّ، فأدركا من حياة الشَّيْخ عَبْد القادر خمسين يوما، فنزلا في مدرسته، وشرعا يقرءان عَلَيْهِ في «مختصر» الخِرقِيّ، وَسَمِعَ منه ومن: هبة اللَّه بن هِلال الدَّقَّاق، وَأَبِي الفَتْح ابن البَطِّيّ، وَأَبِي زُرْعَة المَقْدِسِيّ، وَأَحْمَد بن المُقَرَّب، وأحمد بن مُحَمَّد الرَّحَبيّ، وأحمد بن عَبْد الغنيّ الباجسْرائيّ، وَأَبِي المناقب حَيْدرة بن عُمَر العَلَويّ، وخديجة النَّهْرَوَانِيَّة، وشُهْدة الكاتبة، ونَفِيسة البَزَّازة، وسعد الله ابن الدَّجاجِيّ، وَعَبْد اللَّه بْن منصور المَوْصِليّ، وَأَبِي بكر بن النّقور، وأبي محمد ابن الخَشَّاب، وعَليِّ بن عَبْد الرَّحْمَن ابن تاج القُراء، ومَعمر بن الفاخر، وَعَبْد الواحد بن الحُسَيْن البارزيّ، وَعُمَر بن بُنَيْمَان الدَّلّال، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّد بن السَّكَن، والمبارك بن مُحَمَّد الباذرائيّ، وَأَبِي شجاع مُحَمَّد بن الحُسَيْن المادرائيّ، المبارك بن المبارك السِّمْسَار، وَأَبِي طَالِب المبارك بن خُضَيْر، وأَبِي حنيفةَ مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه الخَطِيبيّ، وهبة الله ابن
__________
[ () ] نقطة 330، 331 رقم 401، وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 15/ 212، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 107 رقم 1944، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 627- 630، وذيل الروضتين 139- 142، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 1962، وتاريخ إربل 1/ 391، ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة 1/ 121، والمعين في طبقات المحدثين 190 رقم 2023، والإعلام بوفيات الأعلام 255، والإشارة إلى وفيات الأعيان 325، وسير أعلام النبلاء 22/ 165- 173 رقم 112، والعبر 5/ 79، والمختصر المحتاج إليه 2/ 134- 1376 رقم 763، ودول الإسلام 2/ 124، ومرآة الجنان 4/ 47، 48، وفوات الوفيات 1/ 433، 434، والوافي بالوفيات 17/ 37- 39 رقم 30، والبداية والنهاية 13/ 99 101، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 133 149 رقم 272، والمنهج الأحمد 350، والقلائد الجوهرية 2/ 340- 344، وذيل التقييد للفاسي 2/ 27، 28 رقم 1101، والعسجد المسبوك 2/ 395، 396، وعقد الجمان 17/ ورقة 440، ومختصر طبقات الحنابلة 52- 54، والنجوم الزاهرة 6/ 256، والمقصد الأرشد، رقم 494، والدر المنضد 1/ 346، 347 رقم 988، وشذرات الذهب 5/ 88- 92، والتاج المكلّل للقنوجي 229- 231.(44/484)
المحدث عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه الخطيبيّ، وهبة اللَّه ابن المحدّث عبد الله بن أحمد ابن السَّمَرْقَنْدِيّ، وَيَحْيَى بن ثابت البَقَّال، وغيرهم.
تَفَقَّه عَلَى أَبِي الفَتْح بن المَنِّي، وقرأ عَلَيْهِ بقراءة أَبِي عَمْرو، وقرأ عَلَى أَبِي الحَسَن البطائحيّ بقراءة نافع.
وَسَمِعَ بدمشق من: أَبِي المكارم عبد الواحد بن هلال، وأبي تميم سَلْمَان بن عَليّ الرَّحَبيّ، وَأَبِي المعالي بن صابر، وطائفة. وبالموصل من أَبِي الفضل الطُّوسِيّ الخطيب. وبمكّة من المبارك بن عليّ ابن الطَّبّاخ.
رَوَى عَنْهُ: البهاء عَبْد الرَّحْمَن، وابن نُقْطَة، والجمال أَبُو موسى، وَالضِّيَاء، وابنُ خليل، والبرزاليّ، والمنذريّ، والجمال ابن الصّيرفيّ، والشّهاب أبو شامة، والمحبّ ابن النَّجَّار، والزَّين بن عَبْد الدّائم، وشمس الدِّين بن أَبِي عُمَر، والعزّ إبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي عُمَر، والفَخْر عَليّ، والتّقيّ ابن الواسطيّ، والشمس ابن الكَمَال، والتّاج عَبْد الخالق، والعِماد عَبْد الحَافِظ بن بدران، والعزّ إسماعيل ابن الفرّاء، والعزّ أحمد ابن العِماد، وَأَبُو الفهم السُّلَمِيّ، وَيُوسُف الغسوليّ، وَإِبْرَاهِيم ابن الفَرَّاء، وزينب بنت الوَاسِطِيّ، وخلقٌ كثيرٌ آخرهم موتا التَّقيّ بن مُؤمن، حضرَ عَلَيْهِ قطعة من «الموطّأ» .
وَكَانَ إماما، حُجَّةً، مُفتيًا، مُصَنِّفًا، متفنّنا، متبحّرا من العلوم، كبير القدر.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَافِظِ بِقِرَاءَتِي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الحُسين بْن أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد بْن طَلْحَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ دِينَارٍ إِمْلَاءً، حَدَّثَنَا أَبُو يَزِيدَ يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ كَامِلٍ، حدّثنا ابن أبي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مِكْتَلٍ، وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إلى الله أسواقها» [1] .
__________
[1] أخرجه مسلم 288، وابن حبان 1591، والبزار في «مسندة» 408، والقضاعي في «مسند الشهاب» 130.(44/485)
قَالَ ابنُ النَّجَّار- كَانَ يعني الشَّيْخ مُوَفَّق الدِّين: إمام الحنابلة بالجامع. وقد سَمِعَ منه ببَغْدَاد رفيقه عَبْد العزيز بن طاهر الخَيَّاط سنة ثمان وستّين وخمسمائة.
وَكَانَ ثقة، حُجَّة، نبيلا، غزير الفضل، نَزِهًا، وَرِعًا، عابدا، عَلَى قانون السَّلَف، عَلَى وجهه النُّور والوقار، ينتفع الرجل برؤيته قبل أن يسمع كلامه.
وقال فيه عمر ابن الحاجب: هُوَ إمام الْأئمة، ومفتي الْأمة، خصَّه اللَّه بالفَضْل الوافر، والخاطر المَاطِر، والعلم الكامل، طَنَّت بذكره الْأمصار، وضَنَّت بِمِثْلِهِ الْأعصار. قد أخذ بمجامع الحقائق النَّقلية والعقلية، فَأَمَّا الحديث فَهُوَ سابق فرسانه، وأَمَّا الفقه فَهُوَ فارس ميدانه، أعرف النَّاس بالفُتيا، وَلَهُ المؤلّفات الغزيرة، وما أظنّ الزمان يسمح بِمِثْلِهِ، متواضع عند الخاصَّة والعامَّة، حسن الاعتقاد، ذو أناة، وحِلْم، ووَقَار. وَكَانَ مجلسه عامرا بالفقهاء، والمُحدثين، وأهل الخير.
وصار في آخر عمره يقصده كلُّ أحد. وَكَانَ كثير العبادة، دائم التّهجُّد، لم نرَ مثله، ولم يرَ مثلَ نفسه.
وقال الضِّيَاء في «سيرته» [1] : كَانَ تام القامة، أبيض، مشرق الوجه، أدعج العينين. كَأَنَّ النّور يخرج من وجهه لحُسنه، واسع الجبين، طويل اللّحية، قائم الْأنف، مقرون الحاجبين، صغير الرأس، لطيف اليدين والقدمين، نحيف الجسم، مَتَّعه اللَّه بحواسّه حَتَّى تُوُفِّي.
رحل هُوَ والحافظ عَبْد الغنيّ، فأقاما ببَغْدَاد نحوا من أربع سنين، ثُمَّ رَجَعا وقد حَصَّلا الفقه والحديث والخلاف، أقاما خمسين ليلة عند الشَّيْخ عَبْد القادر، ومات. ثمّ أقاما عند أبي الفرج ابن الْجَوْزيّ، ثُمَّ انتقلا إلى رباط الشَّيْخ محمود النّعّال، واشتغلا على ابن المَنِّي.
ثُمَّ سافرَ هُوَ ثانية إلى بَغْدَاد سنة سبعٍ وستّين، هُوَ وَالشَّيْخ العِماد، فأقاما سنة. وَكَانَ لَحِقَهما عُبَيْد اللَّه أخوه، وَعَبْد الملك بن عُثْمَان، فَضَيّقا عليهما، لكونهما حَدَثين، فرجع بهما إلى دمشق.
__________
[1] وهي في جزءين.(44/486)
ثُمَّ حجّ سنة ثلاثٍ وسبعين ووالدي وعَمْرو بْن عَبْد اللَّه، ورَدُّوا عَلَى درب العراق.
ذكر تصانيفه:
«البُرهان في القرآن» جزءان، «مسألة العُلُوّ» [1] جزءان، «الاعتقاد» جزء، «ذمّ التّأويل» جزء، «كتاب القَدَر» جزءان، كتاب «فضائل الصحابة» جزءان، «كتاب المتحابّين» جزءان، جزء «فضل عاشوراء» جزء، «فضائل العَشْر» ، «ذمّ الوسواس» جزء، «مشيخته» جزء ضخم، وغير ذَلِكَ من الْأجزاء، وصَنَّف:
«المغني» في الفقه في عشر مجلّدات كبار، و «الكافي» في أربعة مجلّدات، و «المقنّع» مجلّد، و «العمدة» مجلّد لطيف، و «التّوابين» مجلّد صغير، و «الرقّة» مجلّد صغير، «مختصر الهداية» مجلّد صغير، «التّبيين في نسب القُرشيِّين» [2] مجلّد صغير، «الاستبصار في نسب الأنصار» مجلّد، كتاب « [؟] ؟ ريب في الغريب» مجلّد صغير، كتاب «الرَّوضة» في أصول الفقه مجلّد، كتاب «مختصر العِلل» للخَلّال، مجلّد ضخم.
قَالَ الضّياء: رأيت الإمام أَحْمَد بْن حنبل في النوم، وألقى عليَّ مسألة في الفقه، فقلت: هذه في «الخِرَقيّ» فَقَالَ: ما قَصَّر صاحبُكم الموفّق في «شرح الخرَقيّ» .
قَالَ الضّياء: وكان- رحمه اللَّه- إماما في القرآن وتفسيره، إماما في علم الحديث ومُشْكلاته، إماما في الفقه، بل أوحد زمانه فيه، إماما في علم الخِلاف، أوحد زمانه في الفرائض، إماما في أصول الفقه، إماما في النحْو، إماما في الحساب، إماما في النّجوم السّيارة، والمنازل.
__________
[1] طبع باسم «إثبات صفة العلوّ» ، بتحقيق بدر بن عبد الله البدر، وصدر عن الدار السلفية بالمملكة العربية السعودية 1406 هـ/ 1986 م.
[2] طبع باسم: «التبيين في أنساب القرشيين» - تحقيق محمد نايف الديلمي- طبعة المجمع العلمي العراقي 1402 هـ/ 1982.(44/487)
وسمعتُ الوجيه داود بْن صالح المُقرئ بمصر قَالَ: كنتُ أتردّد إِلى الشيخ أَبِي الفتح بْن المَنِّي، فسمعته يَقُولُ- وعنده الإمام موفّق الدّين- إذَا خرج هذا الفتى من بغداد، احتاجت إِلَيْهِ.
وسمعتُ البهاء عَبْد الرَّحْمَن بْن إِبْرَاهيم يَقُولُ: كَانَ شيخُنا أَبُو الفتح بْن المَنِّي يَقُولُ للشيخ الموفّق: اسكن هنا فإنَّ بغداد مفتقرة إليك، وأنت تخرج من بغداد، ولا تخلف فيها مثلك. وكَانَ الموفّق يَقُولُ: إنّ لي أولادا ولا يمكنني المُقام.
وكان شيخُنا العِماد يعظّم الشيخ الموفَّق تعظيما كبيرا، ويدعو لَهُ، ويقعد بين يديه كما يقعد المتعلّم من العالم.
وسمعت الإمام أبا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن محمود الْأصبَهانيّ يَقُولُ: ما رأى أحَدٌ في زمانه مثلَ الشيخ الموفّق.
وسمعتُ الإمام المفتي أبا عُبَيْد اللَّه عُثْمَان بْن عَبْد الرَّحْمَن الشافعيّ [1] يَقُولُ عَنْ شيخنا موفّق الدّين: ما رأيتُ مثلَهُ، كَانَ مُؤيّدًا في فتاويه.
شاهدتُ بخطّ شيخنا العِماد إِبْرَاهيم بْن عَبْد الواحد: وقفتُ عَلَى وَصِيَّة شيخنا وسَيّدنا الإمام العالم الْأوحد الصدر شيخ الإسلام موفّق الدّين، الّذي شهد بفضله وعِلمه المُؤالف والمُخالف، الناصر السّنَّة المحمّدية، والسالك الطّريقة النبويّة الْأحمدية، القامع البِدْعة المُرْدية الرديَّة.
وسمعت الإمام المفتي شيخنا أبا بَكْر مُحَمَّد بْن معالي بْن غَنِيمة ببغداد يَقُولُ: ما أعرف أحدا في زماننا أدرك درجة الاجتهاد إلّا الموفّق.
وَسَمِعْتُ الإِمَامَ الْحَافِظَ الزَّاهِدَ، أَبَا عَبْدِ اللَّهِ اليونينيّ [2] يقول- وكتبه لي-
__________
[1] كتب المؤلف بخطه في هامش نسخته: «هو ابن الصلاح» .
[2] هو مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عيسى بن أبي الرجال اليونيني البعلبكي المتوفى سنة 658 هـ.
وسيأتي مرة أخرى في هذه الترجمة.(44/488)
قَالَ: أَمَّا مَا عَلِمْتُهُ مِنْ أَحْوَالِ شَيْخِنَا وَسَيِّدِنَا مُوَفَّقُ الدِّينِ، فَإِنَّنِي إِلَى الْآنَ، مَا أَعْتَقِدُ أَنَّ شَخْصًا مِمَّنْ رَأَيْتُهُ، حَصَلَ لَهُ مِنَ الْكَمَالِ فِي الْعُلُومِ وَالصِّفَاتِ الْحَمِيدَةِ الَّتِي يحصل بها الكمال، سواه، فإنّه- رَحِمَهُ اللَّهُ- كَانَ كَامِلًا فِي صُورَتِهِ وَمَعْنَاهُ، مِنْ حَيْثُ الْحُسْنِ وَالإِحْسَانِ، وَالْحِلْمِ وَالسُّؤْدُدِ، وَالْعُلُومِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَالأَخْلاقِ الْجَمِيلَةَ، وَالأُمُورِ الَّتِي مَا رَأَيْتُهَا كَمُلَتْ فِي غَيْرِهِ. وَقَدْ رَأَيْتُ مِنْ كَرَمِ أَخْلاقِهِ، وَحُسْنِ عِشْرَتِهِ، وَوُفُورِ حِلْمِهِ، وَكَثْرَةِ عِلْمِهِ، وَغَزِيرِ فِطْنَتِهِ، وَكَمَالِ مُرُوءَتِهِ، وَكَثْرَةِ حَيَائِهِ، وَدَوَامِ بِشْرِهِ، وَعُزُوفُ نَفْسِهِ عَنِ الدُّنْيَا وأهلها، وَالْمَنَاصِبِ وَأَرْبَابهَا، ما قد عجز عنه كبار الأولياء، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ يُلْهِمَهُ ذِكْرَهُ» ، فقد ثبت بهذا أنّ إلهام الذِّكر أفْضَل من الكرامات، وأفضل الذِّكْر ما يتعدّى نفعُه إِلى العِباد، وهو تعليم العِلْم والسُّنَّة، وأعظم من ذَلِكَ وأحسن ما كَانَ جِبِلَّةً [1] وطَبْعًا، كالحِلم والكرم والعقل والحياء. وكان اللَّه قد جَبلهُ عَلَى خلق شريف، وأفرغ عليه المكارم إفراغا، وأسبغ عَلَيْهِ النِّعم، ولطفَ بِهِ في كُلِّ حال.
قَالَ الضّياء: وكان لَا يكاد يناظر أحدا، إلّا وهو يَتَبَسَّم. فسمعتُ بعض الناس يَقُولُ: هذا الشيخ يقتل خصمه بتبسُّمه.
وسمعتُ الفقيه أَحْمَد بْن فَهْدِ العَلْثِيّ يَقُولُ: ناظر الموفّق لابن فَضْلان، يعني: يَحْيَى بْن مُحَمَّد الشّافعيّ، فَقَطَعَهُ الموفَّقُ.
قلتُ: وكان ابن فَضْلان يُضْرَب بِهِ المثل في المناظرة.
وأقامَ الموفَّق مدَّة يعمل حلقة يوم الجمعة بجامع دمشق، يناظر فيها بعد الصلاة، ويجتمع، إليها أصحابنا، وغيرهم، ثُمَّ ترك ذَلِكَ في آخر عمره.
وكان يَشْتَغل عَلَيْهِ الناس من بُكرة إِلى ارتفاع النهار، ثُمَّ يُقرأ عَلَيْهِ بعد الظهر، إمّا الحديث وإمّا من تصانيفه، إِلى المَغْرب.
وربّما قُرِئ عَلَيْهِ بعد المَغْرب، وهو يتعشَّى. وكان لَا يُري لأحد ضجرا،
__________
[1] الجبلّة: الخلقة.(44/489)
وربّما تضَّرَر في نفسه ولا يَقُولُ لأحدٍ شيئا، فحدّثني ولده أَبُو المجد، قَالَ: جاء إلى والدي يوما جماعة يقرءون عَلَيْهِ، فطوّلوا، ومن عادته أن لَا يَقُولُ لأحد شيئا، فجاء هذا القِطّ الّذي لنا، فأخذَ القلمَ الّذي يُصلحون بِهِ بفمه، فكسرَهُ، فتعجّبوا من ذَلِكَ وقالوا: لعلَّنا أطلْنا، وقاموا.
واشتغل الناس عليه مدّة ب «الخرقيّ» و «الهداية» ثُمَّ ب «مختصر الهداية» الّذي جَمَعَهُ، ثُمَّ بعدَ ذَلِكَ، اشتغل عَلَيْهِ الخَلْق بتصانيفه: «المُقْنِع» و «الكافي» و «العمدة» . وكان يقرأ عَلَيْهِ النحْو، ويشرحه ولم يترك الاشغال إلّا من عُذْر، وانتفع بِهِ غير واحد من البلدان، ورحلوا إِلَيْهِ.
وكان لَا يكاد يراه أحد إلّا أحَبّه، حتّى كَانَ كثير من المُخالفين يحبّونه، ويصلُّون خلفه ويمدحونه مدحا كثيرا. وكنتُ أعرف في عهد أولاده أنّهم يتخاصمون عنده، ويتضاربون وهو لَا يتكلّم، وكنّا نقرأ عَلَيْهِ، ويحضر مَنْ لَا يَفْهَم، فربَّما اعترض ذَلِكَ الرجل بما لَا يكون في ذَلِكَ المعنَى، فنغتاظُ نحنُ يَقُولُ: لَيْسَ هذا من هذا، وجرى ذَلِكَ غير مرَّة، فَما أعلم أَنَّهُ قَالَ لَهُ قطُّ شيئا، ولا أوجع قلبَهُ.
وكانت لَهُ جارية تؤذيه بخُلُقها فَما كَانَ يَقُولُ لها شيئا، وكذلك غيرها من نسائِهِ.
وسمعت البهاء عَبْد الرَّحْمَن يَقُولُ: لم أر فيمن خالطت أجملَ منه، ولا أكثر احتمالا.
وكان متواضعا، يقعد إِلَيْهِ المساكين، ويسمع كلامَهُم، ويقضي حوائجَهُم، ويعطيهم.
وكان حَسَنَ الأخلاق، لَا نكاد نراه إلّا متبسّما، يحكي الحكايات لجُلَسائه، ويخدمهم، ويَمْزح، ولا يَقُولُ إلّا حَقًّا.
وسمعتُ البهاء عَبْد الرَّحْمَن يَقُولُ: قد صحِبناه، في الغزاة، فكان يمازحنا، وينبسط معنا، يقصد بذاك طِيب قلوبنا، فَما رأيتُ أكرمَ منه، ولا أحسن صُحبة.(44/490)
وكان عندنا صِبْيان يشتغلون عَلَيْهِ من حوران، وكانوا يَلْعبون بعض الْأوقات إذَا خَلَوا، فشكى بعض الجماعة إِلى الشيخ أبي عُمَر. فَقَالَ: أخرجوهم من عندنا، ثُمَّ قَالَ: هَؤُلَاءِ أصحاب الموفَّق، فاذكروهم لَهُ، فقالوا لَهُ، فَقَالَ: وهل يصنعون إلّا أنهم يلعبون؟ هُم صبيان لَا بُدّ لهم من اللَّعب إذَا اجتمعوا، وإنّكم كنتم مثلهم. وكان بعض الْأوقات يرانا نلعب فلا ينكر علينا.
ولقد شاورته في أشياء متعدّدة، فيشير عليَّ بشيء، فأراه بعد كما قَالَ. وكم قد جرى عَلَى أصحابنا من غمّ وضيق صدر من جهة السلاطين واختلافهم، فإذا وصل الكلام إِلَيْهِ أشارَ بالرأي السّديد الّذي يراه، فيكون في رأيه اليُمن والبركة.
وكان أخوه الشيخ أَبُو عُمَر مع كونه الأكبر، لا يكاد يعمل أمرا حتّى يشاوره.
سَمِعْتُ الإمام الزّاهد أبا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَبِي الحُسين اليُونينيّ [1] ، قَالَ:
كنتُ بعض الْأوقات ألازم القراءة وبعضها أتركها، فَقَالَ لي الموفّق: يا فُلان، في صورة من يأتيك إبليس؟ قلت: في صورة أويس القَرَني، قَالَ: ما يَقُولُ لك؟
قلت: يَقُولُ لي: ما أحب أن أكون محدّثا ولا مفتيا ولا قاصّا، في نفسي شغل عَن النّاس، فَقَالَ: واللَّه مليح ما يقوله لك، أفيقول لك: هذه ليلة السجود فتسجد إِلى الصباح، هذه ليلة البكاء فتبكي إلى الصباح؟ قلت: لَا. قَالَ: هذا مقصوده أنك تُبطِل العِلْم وتفوتك فضيلته، وما يحصل لك فعل أويس. فبعد ذَلِكَ، ما جاءَني إبليس في هذا المعنى.
قَالَ الضّياء: وكان لَا ينافس أهل الدّنيا، ولا يكاد أحد يسمعه يشكو، وربّما كَانَ أكثر حاجة من غيره. وكان إذَا حَصَل عنده شيءٌ من الدنيا فَرَّقه ولم يتركه.
وسمعت البهاءُ عَبْد الرَّحْمَن يَقُولُ: كَانَ فيه من الشِّجاعة، كَانَ يتقدّم إِلى العدو، ولقد أصابه عَلَى القُدس جُرح في كَفّه، ولقد رأيت أَنَا منه عَلَى قلعة
__________
[1] انظر ترجمته ومصادرها في كتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2 ج 3/ 224- 229 رقم 939.(44/491)
صَفَد، وكُنّا نُرامي الكُفّار، فكان هُوَ يجعل النشّابة في القَوْس، ويرى الكافر أنْه يرميه فيتَتَرَّسُ منه، يفعل ذَلِكَ غير مرَّة، ولا يرمي حتّى تمكنه فرصة، ولمّا ماتَ ابنه أَبُو الفضل مُحَمَّد بهَمَذَان، جاءَهُ خبرُه، فحدّثني بعض مَنْ حَضَرَهُ أَنَّهُ استرجع، وقام يصلّي.
قلتُ [1] : كَانَ فاضلا [2] ، مشتغلا، عاش نَيّفًا وعشرين سنة.
قَالَ [3] : ولمّا مات ابنه أَبُو المجد عيسى، وكُنّا عنده، صَبَرَ، واحتسَبَ.
وسمعتُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يطلب من أهل بيته أن يغسلوا ثيابه، ولا يطبخوا، ولا يكلّفهم شيئا، بل هُوَ عندهم مثل الضَّيف، إن جاءوا بشيءٍ أكلَ، وإلّا سكتَ.
وكان يُصَلّي صلاة حَسَنَةً بخشوع، وحُسن رُكوع، وسُجود، ولا يكاد يصلّي سُنَّة الفجر والمغرب والعشاء، إلّا في بيته، اتّباعا للسُّنَّة. وكان يصلّي كلّ ليلة بين العشاءين ركعتين بالم تنزيل السجدة، وتَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ 67: 1 وركعتين ب «ياسين» و «الدّخان» ، لَا يكاد يخلّ بهنَّ. وكان يقوم باللّيل سَحَرًا يقرأ بالسُّبع، وربّما رفع صوتَهُ بالقراءة، وكان حَسَن الصوت، رحمه اللَّه عَلَيْهِ.
سَمِعْتُ الحافظ الزَّاهد أبا عَبْد اللَّه اليُونينيّ، قَالَ: لمّا كُنتُ أسْمَعُ شناعةَ الخَلْق عَلَى الحنابلة بالتّشبيه، عزمت عَلَى سُؤال الشيخ الموفّق عَنْ هذه المسألة، وهل هي مجرّد شناعة عليهم أو قَالَ بها بعضهم؟ أو هِيَ مقالة لا تظهر من علمائهم إلّا إلى من يؤثق بِهِ؟ وبقيت مدَّة شهور أريد أن أسأله، فَما يتّفق لي خُلُوّ المكان، إِلى أن سَهَّل اللَّه مرَّة بخُلُوّ الطّريق لي، وصعِدت معه إِلى الجبل، فلمّا كنّا عند الدّرب المُقابل لدار ابن محارب، وما اطّلع عَلَى ضميري سوى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، فقلت لَهُ: يا سيّدي. فالتفت إليَّ، وأنا خلفه، فَقَالَ لي: التِّشبيه مُستحيل.
وما نطقتُ أَنَا لَهُ بأكثر من قولي: «يا سيّدي» . فلمّا قَالَ ذَلِكَ تجلّدت، وقد أخْبَر بما أريد أن أسأله عَنْهُ، وكشفَ اللَّه لَهُ الْأمر، فقلت له: لم؟ قال: لأنّ من شرط
__________
[1] القول للذهبي.
[2] المقصود أبا الفضل محمد ولد الموفّق.
[3] القائل هو الضياء.(44/492)
التشبيه أن نرى الشيء، ثمّ نشبّهه، من الّذي رأى اللَّه، ثمّ شبّهه لنا؟
وسمعت أبا عَبْد اللَّه بْن عُمَرَ بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر المقرئ يَقُولُ: جئت إِلى الشيخ الموفّق، وعنده جماعة، فسلّمت، فردّ عليَّ ردّا ضعيفا، فقعدت ساعة، فلمّا قام الجماعة، قَالَ لي: اذهب فاغتسل. فبقيت متفكّرا، ثُمَّ قَالَ لي: اذهب فاغتسل. فتفكّرت، فإذا قد أصابتني جنابة من أول اللّيل ونسيتها.
وسمعتُ الشريف أبا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن كَبّاس الْأعناكيَّ يَقُولُ: كنتُ يوما أتفكّر في نفسي، ولو أنْ لي شيئا من الدُّنيا لبنيت مدرسة للشيخ الموفّق، وجعلت لَهُ كلّ يوم ألف درهم، ثُمَّ إنّني قمت، فجئت إِلَيْهِ فسَلَّمتُ عَلَيْهِ، فنظر إليَّ وتَبَسَّم، وقَالَ: إذَا نوى الشخص نِيَّة خير كُتِبَ لَهُ أجرها! وقال أَبُو شامة [1] : - وذَكَر الشيخ الموفّق- فَقَالَ: كَانَ إماما من أئمَّة المُسلمين، وعَلَمًا من أعلام الدِّين في العِلْم والعَمَل. صنّف كُتبًا كثيرة حسانا في الفقه، وغيره. ولكنّ كلامه فيما يتعلّق بالعقائد في مسائل الصفات عَلَى الطّريقة المشهورة عَنْ أهل مذهبه، فسبحان من لم يوضح لَهُ الْأمر فيها عَلَى جلالته في العلم ومعرفته بمعاني الْأخبار والآثار [2] . سَمِعْتُ منه «مُسْنِد» الشافعيّ بِفَوْت ورقتين، وكتاب «النَّصيحة» لابن شاهين.
وقال غير واحدٍ عن عِزّ الدّين بْن عَبْد السلام، شيخ الشافعية: إنّه سئل:
أيّما كان أعلم فخر الدّين ابن عساكر، أم الشيخ الموفّق؟ فغَضِبَ، وقال: واللَّه موفْق الدّين كَانَ أعلم بمذهب الشافعيّ من ابن عساكر، فضلا عَنْ مَذْهبه.
قَالَ أَبُو شامة [3] : ومن أظرف ما يُحكى عَن الموفّق أنّه كان يجعل في
__________
[1] في ذيل الروضتين 139.
[2] علّق المؤلف- رحمه الله- في: «سير أعلام النبلاء 22/ 172» على رأي أبي شامة- وهو أشعريّ- بقوله: «وهو وأمثاله متعجّب منكم مع علمكم وذكائكم كيف قلتم! وكذا كل فرقة تتعجب من الأخرى، ولا عجب في ذلك، ونرجو لكل من بذل جهده في تطلّب الحق أن يغفر له من هذه الأمة المرحومة» .
[3] في ذيل الروضتين 140.(44/493)
عِمامته ورقة مَصْرُورة فيها رَمْل يُرَمِّل بِهِ الفَتَاوَى والإجازات، فخُطِفَت عِمامته ليلا، فَقَالَ لخاطفها: يا أخي خُذْ من العِمامة الورقة بما فيها، ورُدّ العِمامة، أغَطِّي رأسي، وأنت في أوسع الحِلّ، فظنّ الخاطف أنّها فضَّة، ورآها ثقيلة فأخذها، ورمى العِمامة لَهُ. وكانت [1] صغيرة عتيقة.
قَالَ [2] : وكان الموفّق بعد موت أخيه هُوَ الّذي يَؤُم بالجامع المُظَفَّريّ ويخطب، فإنْ لم يحضر فعبد اللَّه ابن أخيه يؤُم ويخطب. ويصلّي الموفّق بمحراب الحنابلة إذَا كَانَ في البَلَد، وإلّا صلّى الشيخ العماد، ثُمَّ كَانَ بعد موت الشيخ العماد يصلّي فيه أبو سليمان ابن الحافظ عَبْد الغنيّ. وكانَ المُوَفَّق إذَا فرَغَ من صلاةِ العشاء ولآخرة يمضي إِلى بيته بالرَّصيف، ويمضي معه من فُقراء الحلقة مَنْ قَدَّرَهُ اللَّه، فيقدِّم لهم ما تَيَسّر، يأكلونه معه.
وقال الضِّياءُ: سَمِعْتُ أختاي: زَيْنَب وآسية تقولان: لمّا جاءَ خالَنا الموتَ هَلّلنا، فهَلَّل، وجعلَ يستعجل في التّهليل، حتّى تُوُفّي، رحمه اللَّه.
قَالَ: وسمعتُ الإمامَ أبا مُحَمَّد إسْمَاعيل بْن حَمّاد الكاتب يَقُولُ: رأيت ليلة عيد الفِطر كأني عند المَقْصورة، فرأيتْ كأنّ مُصحف عُثْمَان قد عُرِّجَ بِهِ، وأنا قد لحِقني من ذَلِكَ غَمٌّ شديد، وكأنّ الناسَ لَا يكترثون لذلك، فلمّا كَانَ الغد، قِيلَ:
مات الشيخ الموفّق.
وسمعتُ خالد بْن عَبْد اللَّه الحَبَشيّ يَقُولُ: إنّه رأى ليلة تُوُفّي الشيخ الموفّق كأنَّ القرآن قد رُفِعَ من المصاحف.
وسمعت الإمام عبد المحسن بن عبد الكريم الْمِصْرِيَّ يَقُولُ: رأيتُ وقتَ ماتَ الشيخ الموفّق في النّوم، كأن قد رُفعت قناديل الجامع كُلّها.
وسمعتُ الشريف عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد العَلَويّ يَقُولُ: رأينا ليلة الْأحد في قريتنا مُردك- وهي في جبل بني هلال عَلَى دمشق- ضوءا عظيما جدّا حتّى أضاء
__________
[1] في الأصل: «وكان» وهو سبق قلم من المؤلف.
[2] أبو شامة في ذيل الروضتين 140.(44/494)
لَهُ جَبَل قاسِيُون، فقلنا قد احترقت دمشق، قال: وخرج أهل قريتنا الرجال والنِّساء يتفرّجون عَلَى الضَّوء، فلمّا جئنا إِلى بعض الطّريق سألنا: أيش الحريق الّذي كَانَ بدمشق؟ فقالوا: ما كَانَ بها حريق. فلمّا وصلنا إِلى هنا قَالَ لي ابني: إنَّ الشيخ الموفّق تُوُفّي. فقلتُ: ما كانَ هذا النُّور إلّا لأجله.
قَالَ الضّياء: وقد سمعنا نحو هذا من غيرِ واحدٍ يُحَدِّثه، أَنَّهُ رأى ذَلِكَ بحوران، وبالطريق.
وسمعت الْعَدْلَ أبا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن نصر بْن قَوّام التّاجر بعد موت الشيخ الموفّق بأيام. قَالَ: رأيتُ ليلة الْجُمُعة في الثُّلث الْأخير، الْحَقَّ عَزَّ وَجَلَّ، وكأنّه عالٍ علينا بنحوٍ من قامة، يعني لَيْسَ هُوَ عَلَى الْأرض، وإلى جانبي رجلٌ خطر في قلبي أَنَّهُ الخَضِر عَلَيْهِ السلام، فذُكِرَ الشيخ الموفّق، فَقَالَ الحَقُّ للخَضِر: هل تعرف أخته وابنته؟ فَقَالَ: لَا. قال: بلى اذهب، فعزّهما في الموفّق. وخطر ببالي أَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: فإنّي أعْدَدتُ لَهُ ما لَا عَيْنٌ رأيت، ولا أذُن سَمِعْت، ولا خطَرَ عَلَى قلب بشر، ثُمَّ انتبهت.
وقد ساق الضّياء منامات كثيرة في سيرة الشيخ الموفّق، تركتُها خوف الإطالة.
ثُمَّ قَالَ: تَزَوَّج ببنت عَمَّته مريم بنت أَبِي بَكْر عَبْد اللَّه بْن سَعْد، فولدت لَهُ أولادا، عاش منهم حتّى كَبُر: أَبُو الفضل مُحَمَّد، وأبو المجد عيسى، وأَبُو العزّ يَحْيَى، وصَفِيَّة، وفاطمة. فمات بنوه في حياته، ولم يعقب منهم سوى عيسى.
وتَسَرَّى، بجارية، ثُمَّ ماتت هي وزوجته بعدها، ثُمَّ تَسَرَّى بجارية، وجاءه منها بنت، ثُمَّ ماتت البنت، ورَوَّح الجارية، ثُمَّ تزوج عزيَّة بنت إسْمَاعيل، وتُوُفّيت قبله. ومن شعره:
أتغفل يا ابن أحمد والمنايا ... شوارع يخترمنك عَنْ قريبِ
أغَرَّكَ أنْ تَخَطَّتْكَ الرَّزَايا ... فَكَمْ للموت من سهم مصيب
كؤوس المَوْتِ دائرةٌ عَلَيْنا ... وَمَا لِلْمَرْءِ بُدٌّ من نَصِيبِ
إِلى كَمْ تَجْعَلُ التَّسْويفَ دأبا ... أما يَكفِيكَ إنذَارُ المَشِيبِ(44/495)
أما يَكْفيكَ أنَّك كُلَّ حينٍ ... تمُرُّ بقَبْر [1] خِلٍّ أو حبيبِ
كأنَّك قَدْ لَحِقْتَ بِهم قريبا ... ولا يُغْنيك إفراطُ النَّحِيب
قَالَ الضّياء: تُوُفّي يوم السبت، يوم الفِطْر، ودُفن من الغدّ، وكان الخَلْق لَا يُحْصِي عددَهم إلّا اللَّه عَزَّ وجَلَّ. وكنت فيمن غَسَّلَهُ. تُوفِّي بمنزله بدمشق.
668- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن علي [2] بْن هبة اللَّه.
الشريف أَبُو مُحَمَّد ابن الزَّوَّال، الهاشميُّ، العَباسِيُّ، البغداديُّ.
وُلِد سنة ثمانٍ وخمسمائة.
وسَمِعَ من: يَحْيَى بْن ثابت، وأبي المعالي الباجسرائيّ، وأبي محمد ابن الخَشّاب.
وهو من بيت حِشمة وتَقَدُّم.
تُوُفِّي في ليلة عاشوراء.
وقد ناب في القضاء ببغداد، ثُمَّ عُزِلَ من القضاء والعدالة، بسبب تزوير.
ولم يكن محمود الشهادة.
669- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن [3] بْن عُثمان التَّمِيمِيُّ.
أَبُو مُحَمَّد البجَائيُّ المغربيّ، المعروف بابن الخطيب.
سَمِعَ من الحافظ أَبِي مُحَمَّد عَبْد الحقّ الإشبيليّ. وأخذَ عَنْ أَبِي القَاسِم عَبْد الرَّحْمَن بْن يَحْيَى القُرَشي «مختصَرهُ» في القراءات. وسمع «صحيح» مسلم من أبي عبد الله ابن الفَخّار. وأجازَ لَهُ أَبُو طاهر السِّلَفِيّ.
وَلِيَ قضاءَ سَبْتَةَ، ثُمَّ قضاء بَلَنْسِية. وكان وجيها، ذا حشمة وثروة ولم يكن الحديث من شأنه.
__________
[1] في ذيل طبقات الحنابلة 2/ 146 «بغير» .
[2] انظر عن (عبد الله بن أحمد بن علي) في: معجم الأدباء 2/ 51 في ترجمة أبيه، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 93 رقم 1914، والمختصر المحتاج إليه 2/ 137، 138 رقم 764، ولسان الميزان 3/ 249.
[3] انظر عن (عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن) في: تكملة الصلة لابن الأبار 2/ 923.(44/496)
حَدَّث بيسير.
ومات بتُونس في ربيع الْأوّل. قَالَه الْأبّار.
670- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ [1] بْنِ عَبْدِ الله.
أبو القاسم التفليسي المغازلي الصُّوفيُّ، نزيلُ بغدادَ.
شيخ مُعَمَّر.
قَدِمَ بغداد واستوطنها، وصَحِبَ الشيخ أبا النَّجيب، وسَمِعَ معه من:
هبة اللَّه بْن أَحْمَد الشِّبليّ، وابن البَطِّي، وأبي زُرْعَة.
وحَدَّث.
وقيل: إنه جاوزَ المائة.
روى عَنْهُ: الدُّبَيْثيُّ، والزَّين خالد، وجماعةٌ.
وتُوُفّي في سادس عشر ربيع الْأوّل.
671- عَبْد اللَّه بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ [2] بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْد المَلِك بْن عليّ.
أَبُو مُحَمَّد اللَّخْمِيُّ، الْبَاجِيُّ.
أخذَ قراءةَ نافع، وأبي عَمرو، عَنْ أَبِي مُحَمَّد بْن مُعاذ.
وسَمِعَ من أبي عبد الله ابن المجاهد الزّاهد، وكان من كبار أصحابه.
وأخذ العربية عن أبي إسحاق بن ملكون، وأبي القَاسِم بْن حُبَيْش.
وحَدَّث بيسير.
وعُمِّرَ، وأسنّ، وكُفَّ بصره. وكانَ يقُرئ القرآنَ.
وتُوُفّي في شعبان، وله ثمانٍ وثمانون سنة.
__________
[1] وردت هذه الترجمة في الأصل قبل سابقتها، ثم كتب المؤلف- رحمه الله بإزائها «م» دلالة على وجوب تأخيرها.
وانظر عن (عبد الله بن عبد العزيز) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 97 رقم 1925، والمختصر المحتاج إليه 2/ 147، 148 رقم 781.
[2] انظر عن (عبد الله بن عبيد الله) في: غاية النهاية 1/ 430 رقم 1807.(44/497)
672- عَبْد اللَّه بْن عُمَر [1] بْن عَبْد اللَّه.
القاضي جمالُ الدين أَبُو مُحَمَّد الدِّمشقيُّ الشّافعيُّ.
قاضي اليَمَن.
وُلِدَ بدمشق في حدود سنة ثلاثين وخمسمائة، وعاش تسعين سنة.
وسَمِعَ بالإسكندرية من السِّلَفِيّ، وغيره.
وتَوَجّه من دمشق صُحبة شمس الدُولة توران شاه بْن أيّوب، إِلى اليمن، وأمَّ بِهِ، وتقَّدمَ عنده، فولّاه قضاءَ اليمن. وحَصَّل أموالا، وعادَ إِلى دمشق.
وحَدَّث، روى عَنْهُ: الشَّهاب القُوصِيُّ، وفَرَج الحَبَشِيُّ، والزَّين خالد النابُلُسي، وعِدَّة.
سَمِعَ من عليّ بْن أَحْمَد الحَرَستانِيّ.
ومات فِي ربيع الأول.
673- عَبْدِ اللَّه بْن مُحَمَّد بْن خَلَف [2] بْن اليُسْر [3] .
أَبُو مُحَمَّد القُشَيريُّ، الغَرْناطِيُّ.
مُعْتَنٍ بالقراءات عَرِيق فيها من أعمامه وأخواله. اختَصَّ بأبي خالد بْن رِفاعة، ولَزِم أبا الحَسَن بْن كَوْثر، فأكثَرَ عَنْهُ.
وسَمِعَ من عَبْد الحقّ بْن بُونُه، وجماعةٍ.
أخذ عَنْهُ ابن مَسْدي، وأرَّخَ موتَه بمَرَّاكُش عَنْ نَيِّفٍ وستّين سنة [4] .
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن عمر) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 96 رقم 1922، والعقد المذهب لابن الملقن ورقة 168.
[2] انظر عن (عبد الله بن محمد بن خلف) في: غاية النهاية 1/ 448 رقم 1869، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 4/ 228، 229 رقم 393.
[3] غاية النهاية وهو تصحيف.
[4] جاء في الذيل والتكملة أنه «توفي في نحو سبع وعشرين وستمائة» ، وأعتقد أنه من الناسخ، أراد «نحو سنة» فشطح قلمه وكتب «نحو سبع» .(44/498)
674- عَبْد الحميد بْن مَرِي [1] بْن ماضي بْن نامي.
أَبُو أَحْمَد الحَسَّانيُّ، المقدسيُّ الحنبليُّ.
نزيل بغداد، وبها تُوُفّي في جُمادي الآخرة.
حدَّث عن: ابن كليب، وأبي الفرج ابن الجوزيّ.
روى عَنْهُ: الضّياء، وغيرُه [2] .
675- عَبْد الرَّحْمَن بْن إسْمَاعيل [3] بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن مسلم.
__________
[1] انظر عن (عبد الحميد بن مري) في: معجم البلدان 4/ 319، وتاريخ إربل 1/ 315، 316 رقم 219، والذيل على طبقات الحنابلة 2/ 133، ومختصره 56، والمنهج الأحمد 350، والمقصد الأرشد رقم 663، والمشتبه 2/ 500، وتوضيح المشتبه 7/ 53، 54، وتبصير المنتبه 3/ 1100، والدرّ المنضد 1/ 346 رقم 987.
وقد اختلف في ضبط «مري» ، ففي معجم البلدان: «مرّي» بضم الميم وتشديد الراء. وتابعه محقّق «تاريخ إربل» وأضاف الفتحة فوق الشدة «مرّي» ! وورد في «المشتبه» : «مري» بضم الميم وإهمال حركة الراء. (انظر مادة: القراوي) ، ونقل ابن ناصر الدين عن «المشتبه» «مري» بفتح الميم وكسر الراء، وقال: كذا وجدته بخط المصنّف، وهكذا قيّده محقّق «توضيح المشتبه 7/ 53» ، اعتمادا على تشكيل المؤلف للأصل.
أما الدكتور بشار عوّاد معروف فقيّده بكسر الميم «مري» في (تاريخ الإسلام- الطبقة 62- ص 450) ولم يذكر المصدر الّذي اعتمد عليه لتقييده.
وتحرّف اسم «مري» إلى «موسى» في تبصير المنتبه، فانتبه.
[2] وقال ابن المستوفي: ورد إربل غير مرة، وأقام بدار الحديث بالموصل، ورحل إلى بغداد وسمع الحديث. واستنشدته من شعره فأنشدني وكتبه بخطه في رمضان سنة ثمان عشرة وستمائة:
مظفّر الدين هذا قاصدا رجل ... ناداك وهو بحمل الفقر موصوب
أبانه الدهر عن ربع فأبعده ... ومن يحارب هذا الدهر محروب
وأنت أكرم من طاف لوفود به ... ومن إلى شرف العلياء منسوب
يا من أعياد عيون المجد مبصرة ... قميص نائله والمجد يعقوب
ومن له شرف ما مثله شرف ... على قلوب عباد الله مكتوب
وعرضه عن جميع الدم ممتنع ... وماله في ذوي الحاجات موهوب
وكنت أعد نفسي منك بغيتها ... واليوم ها أنت والدنيا وأيوب
(تاريخ إربل) .
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن إسماعيل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 106، 107 رقم 1943، وتلخيص مجمع الآداب 5/ رقم 1457، وذيل الروضتين 136، والمختصر المحتاج إليه 2/ 195 رقم 1960، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 63 (8/ 169) ، والوافي بالوفيات 18/ 121.(44/499)
أَبُو مُحَمَّد الزَّبِيديُّ، ثُمَّ البغداديُّ.
من بيتِ الحديث والفضل. كان فقيها، عالما، مُناظرًا، فرَضيًا.
وُلِد سنة ثلاثٍ وخمسين.
وسَمِعَ من: أَبِي الفتح بن البطي، وأحمد بْن عُمَر بْن بُنَيْمان، وجماعةٍ.
ووَليَ مشيخة رباط الشّونيزيّ.
روى عنه: الدّبيثيّ وقال [1] : تُوُفّي في يوم الجمعة سَلْخ رمضان.
676- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي السّعود الطّيّب بْن أَحْمَد بْن عليّ بْن رزقون- بتقديم الراء.
أَبُو القاسم القَيْسِيُّ، من أهل الجزيرة الخَضْراء.
أخذَ عَنْ أَبِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه.
تُوُفّي بالجزيرة عامَ عشرين.
677- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد [2] بْن الْحَسَن بْن هبة اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن الحُسين.
الإمام المفتي فخر الدّين، أَبُو منصور الدّمشقيُّ، الشّافعيُّ، ابن عساكر، شيخ الشافعية بالشام.
__________
[ () ] رقم 132، والبداية والنهاية 13/ 102، والعقد المذهب لابن الملقن ورقة 244.
[1] انظر: المختصر المحتاج إليه 2/ 195، 196.
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: الكامل في التاريخ 12/ 438، ومرآة الزمان ج 8 ق 2/ 630، 631، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 102، 103 رقم 1935، وذيل الروضتين 136- 139، ووفيات الأعيان 3/ 135، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 2160، والمعين في طبقات المحدثين 190 رقم 2025، والإشارة إلى وفيات الأعيان 325، والإعلام بوفيات الأعلام 255، ودول الإسلام 2/ 124، والعبر 5/ 80، 81، وسير أعلام النبلاء 22/ 187- 190 رقم 127، ومرآة الجنان 4/ 47، وفوات الوفيات 1/ 544، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 158 أ، ب، والبداية والنهاية 13/ 101، والوفي بالوفيات 18/ 235 رقم 286، والعقد المذهب لابن الملقن ورقة 76، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 386- 388 رقم 356، والعسجد المسبوك 2/ 396، 397، وعقد الجمان 17/ و 440، والنجوم الزاهرة 6/ 256، وشذرات الذهب 5/ 92، 93، وهدية العارفين 1/ 523، والدارس في تاريخ المدارس 1/ 62، وديوان الإسلام 3/ 337، 338 رقم 1514، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 221، والتاج المكلّل للقنوجي 164، والأعلام 3/ 328، ومعجم المؤلفين 5/ 172.(44/500)
ولد في سنة خمسين وخمسمائة.
وسَمِعَ من عَمّيه: الصّائن هبة اللَّه وأبي القاسم الحافظ، وعبد الرحمن ابن أَبِي الْحَسَن الدّارانيّ، وحَسّان بْن تميم الزَّيّات، وأبي المكارم عَبْد الواحد ابن هِلال، وداود بْن مُحَمَّد الخالديّ، ومحمد بْن أسْعد العِراقيّ، وأبي المعالي بْن صابر، وجماعةٍ.
وتفقّه عَلَى الشيخ قُطْب الدّين النَّيْسَابُورِيُّ، حتّى بَرَع في الفقه. وزَوَّجه القُطب بابنته، فجاءَهُ منها وُلِد سمّاه باسم جَدّه قُطْب الدّين مسعود، ومات شابّا، ولو عاش لخَلَف جَدّه وأباه.
وقد وَلِيَ فخرُ الدّين تدريس الجاروخية، ثُمَّ تدريس الصَّلاحية بالقُدس، ثُمَّ بدمشق تدريس التَّقَوِيَّة. فكان يقيم بالقُدْس أشْهُرًا، وبدمشق أشهرا. وكان عنده بالتَّقوية فُضلاء الوقت، حتّى كانت تُسَمّى نِظاميَّة الشَّام. وهو أوّل من دَرَّس بالعَذْراوية، وذلك في سنة ثلاثٍ وتسعين، ماتت السّتّ عَذْراء بنت شاهنشاه بْن أيْوب، أخت عزّ الدّين فرخ شاه، فدُفنت بدارها، وكانت أمرت بدارها لأمِّها، فوقفتها الْأم عَلَى الشافعية والحنفية.
وكان لَا يَملُّ الشخص من النَّظر إِلَيْهِ، لحُسْن سَمْتِه، واقتصاده في لباسِهِ، ولُطفه، ونُور وجهه، وكان لَا يخلو لسانه من ذكر اللَّه في قيامه وقعوده. وكان يُسمع الحديث تحت النَّسْر، وهو المكان الّذي كَانَ يُسْمَعُ فيه عَلَى الحافظ أَبِي القَاسِم عمِّه.
قَالَ أَبُو شامة [1] : سألته مسائل فقهية، وكان المَلِك المُعَظَّم قد أرْسَل إِلَيْهِ ليُولّيه القضاء، فأبى، فطلبه ليلا، فأتاه، فتلقّاه، وأجْلَسه إِلى جانبه، فجلس مستوفزا، فأحضر الطّعامُ فلم يأكل منه شيئا، فأمرَه وألَحَّ عَلَيْهِ أن يتولّى القضاء، فَقَالَ: حتّى أستخير اللَّه تَعَالَى. فأخبرني من كَانَ معه قَالَ: رَجَعَ إِلى بيته، ووقف يُصَلّي، ويتضرّع، ويبكي إِلى الفَجْر، ثُمَّ صَلَّى الصُّبْح، ودخل بيته الصّغير الّذي
__________
[1] في ذيل الروضتين 137 فما بعد، بتصرف.(44/501)
عند محراب الصّحابة- وكان أكثر النّهار يتعبّد ويُفتي ويُطالع فيه، ويجدّد الوضوء من طهارة المئذنة، وهذا البيت هُوَ الّذي كَانَ يخرج منه خلفاء بني أميَّة قبل أن يغيّر الوليد الجامع قَالَ: فلمّا طلعت الشمس أتاهُ من جهة السلطان جماعة، فأصرّ عَلَى الامتناع، وأشار بتولية ابن الحَرَسْتانيّ، فوُلّي. وكان قد خاف أن يُكْرَه عَلَى القضاء، فجَهَّزَ أهلَهُ للسفر، وخرجت المحابر إِلى ناحية حلب، فردّها المَلِك العادل، وعزَّ عَلَيْهِ ما جرى.
قَالَ: وكان يتورَّع من المرور في رواق الحنابلة لئلا يأثموا بالوقيعة فيه، وذلك أنّ عوامَّهُم يُبِغضون بني عساكر، لأنَّهم أعيان الشافعية الْأشعرية.
وعدل المَلِك المعظَّم عَنْ توليته المدرسة العادلية، لكونه أنكر عَلَيْهِ تضمين المُكوس والخُمور، ثُمَّ إنّه لَمّا حجّ أخذ منه التَّقَوِيَّة، وأخِذَت منه قبل ذَلِكَ الصّلاحية الّتي بالقُدس، وما بقي لَهُ إلّا الجاروخية.
وقال أَبُو المظفّر الجوزيّ [1] : كَانَ زاهدا، عابدا، ورِعًا، منقطعا إِلى العِلْم والعِبادة، حَسَنَ الْأخلاق، قليلَ الرغبة في الدُّنيا. تُوُفّي في عاشر رجب. ولم يتخلّف عَنْ جِنازته إلّا القليل.
قَالَ أَبُو شامة [2] : أخبرني مَنْ حضر وفاته، قَالَ: صَلَّى الظّهر، ثُمَّ جعل يسأل عَن العَصْر، فقيل لَهُ: لم يقرب وقتها، فتوضّأ، ثُمَّ تَشَهَّدَ وهو جالس، وقال: رضيت باللَّه ربّا، وبالإسلام دينا، ومحمد نبيا، لَقّنني اللَّه حُجّتي، وأقالني عَثْرتي، ورحِم غُربتي [3] ، ثُمَّ قَالَ: وعليكم السلام. فَعلِمنا أَنَّهُ قد حضرت الملائكة. ثم انقلب على قفاه ميتا. وغسّله الفخر ابن المالكيّ، والتّاج [4] ابْن أخيه زَيْن الْأمناء. وكان مرضه بالإسهال وصَلّى عَلَيْهِ بالجامع أخوه زَيْن الْأمناء، ومن الّذي قدر عَلَى الوصول إِلى سريره؟
__________
[1] في المرآة 8/ 631.
[2] في ذيل الروضتين 139.
[3] وزاد أبو شامة: «وآنس وحدتي» .
[4] عبد الوهاب.(44/502)
وقال عمر ابن الحاجب: هُوَ أحد الْأئمَّة المبرزين، بل واحدهم فضلا، وكبيرهم قَدرًا، شيخُ الشافعية في وقته. وكان إماما، زاهدا، ثقة، كثيرَ التَّهَجُّد، غزيرَ الدَّمعة، حسنَ الْأخلاق، كثيرَ التواضع، قليلَ التَّعصب، سلكَ طريق أهل اليقين، وكان أكثر أوقاته في بيته في الجامع، ويزجي أكثر أوقاته في نَشْر العلم.
وكان مُطَّرح التّكلّف. وعُرِضَ عَلَيْهِ مناصبُ وولاياتٌ دينية فتركها. وُلِدَ في رَجَب سنة خمسين، وفي رجب تُوُفّي وكان الجمع لَا يَنْحَصر من الكَثْرة. حَدَّث بمكة، ودمشق، والقُدس. وصَنَّف في الفقه والحديث عِدَّة مصنفات. وسمعنا منه.
وقال الشِّهاب القُوصيّ في «مُعْجمه» : كَانَ شيخُنا فخُر الدّين كثيرَ البُكاء سريعَ الدُّموع، كثير الورع والخُشوع، وافرَ التّواضع، عظيمَ الخُضوع، كثيرَ التّهجّد، قليلَ الهُجُوع. مُبَرّزًا في علمي الْأصول والفروع. جُمِعَت لَهُ العلوم والزَّهادة. وعليه تفقّهتُ، وأحرزتُ الإفادَة. لازم القُطْبَ النَّيْسَابُورِيُّ حتّى بَرَعَ.
قرأتُ عَلَيْهِ من حفظي كتاب «الخُلاصة» للغزاليّ. وسمعتُ منه «الْأربعين البَلديَّة» لعَمِّه. ودُفن جوار تربة شيخه القُطْب.
وروى عَنْهُ: الزّكيّ البِرْزالِيُّ، والضّياء المقدسيُّ، والتّاج عَبْد الوَهَّاب ابن زَيْنَ الْأمناء، والزّين خالد، والكمال العَدِيميّ. وسمعنا بإجازته على عمر ابن القَوَّاس. وتفقّه عَلَيْهِ جماعة منهم: الشيخ عزّ الدّين بْن عَبْد السَّلام.
678- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُقْبِل [1] ، عفيفُ الدّين المِصْريُّ، الشَّرابِيُّ.
حَدَّث عَنْ أَبِي طاهر السِّلَفِيّ.
روى عَنْهُ: الزّكيُّ المنذريُّ، وغيرُه.
ومات في ذي الحجَّة.
679- عَبْد الرَّحْمَن اليمني [2] الزّاهد.
نزيل دمشق.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن مقبل) في: التكملة لوفيات النقلة 3/ 110 رقم 1954.
[2] انظر عن (عبد الرحمن اليمني) في: مرآة الزمان ج 8 ق 2/ 631 وفيه «عبد الله» ، وذيل الروضتين 136، والبداية والنهاية 13/ 102.(44/503)
ذكره أَبُو شامة فَقَالَ [1] : المقيم بالمنارة الشرقية بالجامع. وكان قوَالًا بالحقّ، عابِدًا. ولمّا خرج الفرنج حضر هو والشيخ فخر الدّين ابن عساكر، والشيخ جمال الدّين ابن الحَصيريّ، إِلى المَلِك العادل وأنكروا عَلَيْهِ عَدَم حِفْظ الثُّغور. وكان هُوَ أشدَّهم كلاما لَهُ. تُوُفّي في المحرّم.
680- عَبْد السَّلام بْن المبارك [2] بْن أَبِي الغنائم عَبْد الجبار بْن مُحَمَّد بن عبد السلام.
أبو سعد، ابن البَرْدغُوليُّ، البَغْداديُّ العَتّابيّ.
شيخٌ صالحٌ متيقّظ، عالي الرواية.
ولد سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة.
وحدَّث هُوَ، وأَبُوهُ، وعَمُّه الحَسَن، وهم من محلَّة العَتّابيين ببغداد.
سَمِعَ من: واثق بْن تمّام الهاشميّ، وأحمد ابن الطَّلّاية، وعبد الخالق اليُوسُفِيّ، وابن البطِّي.
روى عَنْهُ: الدُّبَيْثِيّ، والبِرْزالِيُّ، وابنُ النجّار. وآخر من حدَّث عَنْهُ الجمال مُحَمَّد بْن أَبِي الفَرَج ابن الدّبّاب، سمع منه «جزء» ابن الطَّلّاية.
وتُوُفّي في المحرّم.
681- عَبْد الواحد بْن المبارك [3] بْن أَبِي بَكْر بْن المُسْتَعمل الحَرِيميّ.
أَبُو منصور.
وُلِد سنة خمس، أو ستٍّ وأربعين وخمسمائة.
سمع من: أبي الوقت، وأبي عليّ ابن الخرّاز، وأبي المعالي ابن اللّحّاس.
__________
[1] في ذيل الروضتين 136.
[2] انظر عن (عبد السلام بن المبارك) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 143، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 93، 94 رقم 1915، والإشارة إلى وفيات الأعيان 325، والمختصر المحتاج إليه 3/ 41 رقم 812، وسير أعلام النبلاء 22/ 191 رقم 129، والنجوم الزاهرة 6/ 257.
[3] انظر عن (عبد الواحد بن المبارك) في: تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5922) ورقة 175، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 279، 280 رقم 159، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 99، 100 رقم 1932، والمختصر المحتاج إليه 3/ 78 رقم 892.(44/504)