الرئيس أبو عدنان الرَّبَعيّ الإصبهانيّ.
مِن أولاد المحدّثين.
ولد سنة أربع وثلاثين وأربعمائة.
وسمع «المعجم الصغير» مِن ابن ريذة.
روى عَنْهُ: يحيى الثَّقَفيّ، وأبو موسى وقال: تُوُفّي في ربيع الأوّل.
وأجاز للسّمعانيّ، وقال فيه: شيخ سديد، [1] صالح، وهو والد شيخنا عَبْد المغيث، وعبد الجليل.
وسمع مِن: جدّه المطهّر، وجعفر بْن محمد بْن جعفر، وأبي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بن محمد الذَّكْوانيّ.
يروي كتاب «الرهان» [2] للأسلميّ، عَنِ الذَّكْوانيّ، عَنْ أبي عثمان، عَنِ الشّعرانيّ، عَنْهُ، وكتاب «معرفة شيوخ شُعْبَة» ، ألّفه أبو دَاوُد الطَّيَالِسيّ، بسماعه مِن الذَّكْوانيّ، عَنْ أَبِي الشَّيْخ، وكتاب «العيد» [3] لأبي الشَّيْخ، و «الأطعمة» لابن أبي عاصم، و «السّنّة» [4] ليعقوب الفسويّ، و «المحنة» [5] جمع صالح بن أحمد، وعدّة تواليف ذكرها السّمعانيّ [6] .
119- محمد بْن عَبْد الله.
أبو الوفاء الطّوسيّ، المعروف بالمقدسيّ. شيخ الحرم في وقته.
رَأَى الكبار وخَدَمهم. وكان سديد الطّريقة، مَرْضِيّ الأمر.
جاورَ مدَّة طويلة.
وسمع مِن: هياج بْن عُبَيْد.
وببغداد مِن: أَبِي بَكْر الطّريثيثيّ [7] .
__________
[ () ] ابن السمعاني، ورقة 202 ب.
[1] في الأصل: «شديد» .
[2] في التحبير 2/ 82: «الرهبان» .
[3] في التحبير 2/ 82: «العيدين» .
[4] في التحبير 2/ 83: «السّنّة ومجانبة أهل البدع» .
[5] «محنة أحمد بن حنبل ونسبته وخلقه» .
[6] انظر التحبير 2/ 82- 84.
[7] الطريثيثي: بضم الطاء المهملة، وفتح الراء، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، وبعدها(35/404)
وتُوُفّي في حدود سنة ستٌّ عشرة، رحمه اللَّه.
120- مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن محمد [1] .
الحافظ أبو عَبْد الله الدّقّاق، الإصبهانيّ.
قَالَ: عرفت بين المحدّثين بالدّقّاق بصديقي أَبِي عليّ الدّقّاق. فإنّهم سألوني في وقت سماعي: بأيّ شيء تكتب تعريف سماعك؟ فقلت: بالدّقّاق.
وولدت بمحلّة جرواآن [2] سنة بضع وثلاثين وأربعمائة، وسمعت سنة سبْعٍ وأربعين مِن أَبِي المظفَّر عَبْد الله بْن شبيب الضّبّيّ المقرئ الخطيب، وأبي بَكْر أحمد بْن الْفَضْلِ الباطِرْقانيّ [3] المقرئ.
وسمعتُ سنة مِن أصحاب أَبِي بَكْر بْن المقرئ، وسمعت مِن أَبِي الْفَضْلِ عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد الرّازيّ المقرئ قِدم علينا، ومن سَعِيد بْن أَبِي سَعِيد العيّار.
وأوّل مِن سَمِعْتُ منه: السّديد الأوحد، أبو القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مَنْدَهْ.
وأوّل رحلتي في سنة ستّ وستّين وأربعمائة. وأوّل ما أمليت الحديث بِسَرْخَس في سنة أربعٍ وسبعين، فسمع منيّ: الإمام أبو عَبْد الله العُمَيريّ، وأبو عَرُوبة عَبْد الهادي الأنصاريّ، وأبو الفتح عَبْد الرّزّاق بْن حسّان المَنِيعيّ، وجماعة من شيوخي.
__________
[ () ] الثاء المثلّثة بين الياءين، وفي آخرها مثلثة أخرى. هذه النسبة إلى طريثيث وهي ناحية كبيرة من نواحي نيسابور، بها قرى كثيرة، ويقال لها بالعجمية: «ترشيز» . (الأنساب 8/ 238) .
[1] انظر عن (محمد بن عبد الواحد) في: التحبير 1/ 107، 138، 276، 393، 539، 55، 575، 576 و 2/ 9، 113، 165، 174، 220، 305، 346، 352، 390، 393، 395، 409، ومختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي، ورقة 225، والإعلام بوفيات الأعلام 212، والمعين في طبقات المحدّثين 151 رقم 1645، وسير أعلام النبلاء 19/ 474، 475 رقم 277، وتذكرة الحفاظ 4/ 1255، 1256، والعبر 4/ 38، 39، وعيون التواريخ 12/ 140، ومرآة الجنان 3/ 221، وشذرات الذهب 4/ 53.
[2] جرواآن: محلّة كبيرة بأصبهان. وفي الأصل: «جروان» .
[3] الباطرقاني: بفتح الباء وكسر الطاء المهملة وسكون الراء وفتح القاف وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى باطرقان وهي إحدى قرى أصبهان. (الأنساب 2/ 40) .(35/405)
وكان أَبِي مِن أهل البيوتات، لم يكن مِن المحتشمين، كَانَ مِن أوساط المسلمين مِن أهل القرآن والصّلاح، معبرًا، يرجع إلى قليل مِن العِلْم، سَمِعَ مِن أبي سَعِيد النّقّاش، وغيره.
ثمّ إنّه ذكر البُلدان الّتي دخلها لسماع الحديث، فذكر نَيْسابور، وطُوس، وسَرْخَس، وهَرَاة، ومرو، وبَلْخ، وجُرْجان، وبُخارى، وسَمَرْقَنْد، وكرْمان، إلى أن ذكر أكثر مِن مائةٍ وعشرين موضعًا، ما بين مدينةٍ إلى قرية. ولم يصل إلى العراق، ولا حجّ، مَعَ كَثْرة تَرْحاله وتغرُّبه.
وقال: فأمّا المشايخ الّدين كتبت عَنْهُمْ بإصبهان، فأكثر مِن ألف شيخ إنّ شاء الله، وأمّا مِن كتبت عَنْهُمْ في الرحلة، فأكثر مِن ألف أخرى، لأني سمعتُ بنَيْسابور، وهَرَاة مِن نحو ستّمائة شيخ.
وكان الدّقّاق صالحًا، محدّثا، سُنّيًا، أثريًا، قانعًا باليسير، فقيرًا متقلّلًا.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السّلَفيّ، وخليل بْن أبي الرجاء الرّارانيّ [1] ، وأبو سعد محمد بن عبد الواحد الصائغ.
أخبرنا أبو عليّ الخلّال أَنَّ أمَّ الْفَضْلِ الأَسَديَّة أخبرتهم، عَنْ عَبْد الرحيم بْن أَبِي الوفاء الحاجيّ قَالَ: تُوُفّي الشَّيْخ الحافظ أبو عبد الله الدّقّاق ليلة الجمعة، وقْت السَّحَر، السّادس مِن شوّال، سنة ستّ عشرة.
121- محمد بْن عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي العلاء [2] .
أبو عَبْد الله ابْن الفقيه أَبِي القاسم المَصّيصيّ، ثمّ الدّمشقيّ المعدّل.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وأبا القاسم السّمَيْساطيّ، وأبا القاسم الحِنّائيّ، وعبد الدّائم الدّلّال، وأبا بَكْر الخطيب [3] ، وجماعة.
وكان ثقة صحيح السَّماع.
__________
[1] في الأصل: «الرازيّ» .
[2] انظر عن (محمد بن علي) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 23/ 119 رقم 142.
[3] حدّث عنه سنة 505 هـ-.(35/406)
روى عَنْهُ: أبو طاهر السّلَفيّ، وأبو القَاسِم بن عساكر، وعبد الرّزّاق النّجّار.
وتُوُفّي في رمضان، وله إحدى وسبعون سنة [1] .
122- محمد بْن عليّ بْن منصور بْن عَبْد المُلْك [2] .
أبو منصور القُرّائيّ [3] ، قيّده ابن نقطة بضمّ القاف، وألف ساكنة، القرّاء القَزْوينيّ، اللُّغَويّ، نزيل بغداد. أو وُلِد بها.
قرأ القرآن عَلَى: أَبِي بَكْر بْن موسى الخيّاط. وأقرأ عَنْهُ.
وسمع: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا إسحاق البرمكي، وأبا الطيب الطبري، وأبا الحَسَن الماوَرْديّ.
روى عنه: الصّائن ابن عساكر، وجماعة آخرهم يحيى بْن بوش.
ومولده تقديرًا في سنة أربعٍ وثلاثين، وتُوُفّي في شوّال.
والقرّاء من أجداده [4] .
123- المعلّى بن عبد العزيز [5] .
أبو محمد المَرْغِينانيّ [6] الحنفيّ.
__________
[1] كان مولده سنة 445 هـ-.
[2] انظر عن (محمد بن علي القرائي) في: التدوين في أخبار قزوين 1/ 471، 472، والمنتظم 9/ 241، 242، رقم 393 (17/ 215 رقم 3916) ، والأنساب 10/ 87، 88.
[3] هكذا في الأصل، وفي المصادر: «القزويني» . وهو «القرّائي القزويني» . قال ابن السمعاني:
القرّائي بضم القاف وتشديد الراء المفتوحة، وفي آخر الياء المنقوطة من تحتها باثنتين. هذه النسبة إلى القرّاء. عرف بهذا اللقب بعض أجداد المنتسب إليه، وهو بيت كبير بقزوين.
(الأنساب 10/ 87) .
[4] وقال ابن السمعانيّ في المذيّل: «كان شيخا صالحا، له معرفة بالعربية.. وسألت عنه أبا البركات الأنماطي فأثنى عليه» .
ووقع في (الأنساب 10/ 88) أنه توفي سنة عشر وخمسمائة. وهو غلط.
[5] ترجم ابن السمعاني لأبيه «عبد العزيز» في (الأنساب 11/ 249) .
[6] المرغيناني: بفتح الميم، وسكون الراء، وكسر الغين، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفتح النون، وفي آخرها نون أخرى. هذه النسبة إلى مرغينان، وهي بلدة من بلاد فرغانة، ومن مشاهير البلاد بها. (الأنساب 11/ 248) .(35/407)
حجّ في أواخر عمره، وسكن بغداد يدرّس بها ويفتي ويناظر.
أملى عَنْ: والده، ومحمد بْن أبي سهل السرخسي، وأبي المعالي محمد ابن محمد بن زيد الحسيني الحافظ.
روى عَنْ: الحُسَيْن بْن خسْرو، وعليّ بْن أبي سعد الخباز.
مات في رمضان رحمه الله عَنِ اثنتين وسبعين سنة.
- حرف الهاء-
124- هشام بْن محمد بْن سَعِيد [1] .
القُدوة، أبو عليّ المغربيّ الطُّلَيْطُليّ الزّاهد، نزيل بغداد.
مِن كبار المشايخ. لَهُ كلام في الحقيقة. ونظر في الزُّهْد.
حكى عَنْهُ جماعة.
ذكره ابن النّجّار.
- حرف الياء-
125- يحيى بْن محمد بْن أَبِي نُعَيْم [2] .
أبو نُعَيْم الأبِيَوَرْدِيّ [3] ، شيخ الصُّوفيَّة بأَبيوَرْد.
حجّ سبْعٍ حجّج، وكان مِن سادة القوم.
تُوُفّي رحمه الله ورضي عنه في صفر.
__________
[1] ترجمته في الجزء الضائع من (ذيل تاريخ بغداد لابن النجار) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الأبيوردي: بفتح الألف وكسر الباء الموحّدة وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفتح الواو وسكون الراء وفي آخرها الدال المهملة. هذه النسبة إلى أبيورد وهي بلدة من بلاد خراسان، وقد ينسب إليها الباوردي. (الأنساب 1/ 128) .(35/408)
سنة سبع عشرة وخمسمائة
- حرف الألف-
126- أحمد بْن عَبْد الجبّار بْن أحمد بْن القاسم [1] .
أبو سَعْد ابن الطُّيُوريّ، الصَّيْرفيّ، الكُتُبيّ، المقرئ، المجوّد.
البغداديّ.
أخو المبارك.
شيخ صالح مكثِر، اعتنى به أخوه، وسمّعه واستجاز لَهُ.
سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا محمد الخلال، وأبا الطيب الطبري، وأبا طَالِب العشاريّ، وأبا محمد الجوهريّ، وآخرين.
وأجاز لَهُ محمد بْن عليّ الصُّوريّ الحافظ، وأبو عليّ الأهوازيّ المقرئ.
وكان دلّالًا في الكُتُب، صدوقًا.
روى عَنْهُ: السّلَفيّ، والحسين بْن عَبْد المُلْك الخلّال، والصّائن ابن عساكر، وذاكر بْن كامل، وجماعة آخرهم وفاة يحيى بْن برش.
وكان مولده في سنة أربع وثلاثين وأربعمائة.
وتوفّي في رجب.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الجبار) في: المنتظم 9/ 247 رقم 394 (17/ 221 رقم 3917) ، والمعين في طبقات المحدّثين 151 رقم 1646، وسير أعلام النبلاء 19/ 467، 468، والإعلام بوفيات الأعلام 212، والعبر 4/ 39، وتذكرة الحفاظ 4/ 1265، وعيون التواريخ 12/ 154، والوافي بالوفيات 7/ 14، وغاية النهاية 1/ 65، وشذرات الذهب 4/ 53، 54.
وانظر: الفوائد العوالي المؤرّخة من الصحاح والغرائب للتنوخي، (تحقيقنا) ص 39، وكتابنا:
موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 1/ 305 رقم 144.(35/409)
قَالَ ابنُ النّجّار: قرأ بالروايات عَلَى: أَبِي بكر محمد بن علي الخياط، وأبي علي بن البنّاء.
وأجاز لَهُ: الحَسَن بْن محمد الخلّال، وعبد العزيز الأَزَجيّ أيضًا [1] .
127- أَحْمَد بْن هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن حَسْنُونَ [2] .
أبو نصر النَّرْسيّ [3] . مِن أهل باب المراتب.
سمع: جدّه أبا الحُسَيْن.
وَقِيلَ أنّه تغيّر بآخرة واختلط.
تُوُفّي في ربيع الأوّل.
وقد شهد عند أَبِي الحَسَن عليّ بْن الدّامَغَانيّ [4] .
وكان متدينًا، حسن الطّريقة.
روى عنه: ابن ناصر، ويحيى بْن بوش، وأبو طاهر بْن سِلَفة وقال: ذكر لي أبو منصور بْن الَّنُّقور قَالَ: قَلَّما قمت مِن اللّيل إلّا وسمعت قراءة أبي نصر بْن النَّرْسيّ في الصلاة.
128- إبراهيم بن محمد بْن خِيَرة [5] .
أبو إِسْحَاق القُونكيّ، نزيل قُرْطُبَة.
روى بقُونْكَة [6] عَنِ القاضي محمد بْن خَلَف بْن السّقّاط «صحيح الْبُخَارِيّ» .
وأكثر بقرطبة عن: أبي علي الغسّانيّ، [7] وحازم بن محمد.
__________
[1] وقال ابن الجوزي: «سمع من جماعة ولا نعرف فيه إلّا الخير» . (المنتظم) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] النّرسي: بفتح النون وسكون الراء وكسر السين المهملة. هذه النسبة إلى النّرس، وهو نهر من أنهار الكوفة، عليه عدّة من القرى. (الأنساب 12/ 69) .
[4] الدّامغانيّ: بالدال المفتوحة المشدّدة المهملة والميم المفتوحة والغين المنقوطة، بلدة من بلاد قومس. (الأنساب 5/ 259) .
[5] انظر عن (إبراهيم بن محمد التونكي) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 99 رقم 224، ومعجم البلدان 4/ 415.
[6] في الأصل: «التونكي» و «تونكة» . والمثبت عن (معجم البلدان 4/ 415) وفيه: «قونكة: بوزن التي قبلها إلّا أنّ هذه بالكاف، مدينة بالأندلس من أعمال شنت بريّة» .
[7] تحرّفت في معجم البلدان إلى «العسّالي» .(35/410)
وكان حافظا للحديث، وهو من شيوخنا. قال ابن بَشْكُوال.
وتُوُفّي في شوّال.
129- إبراهيم بْن محمد.
أبو إِسْحَاق الأنصاريّ [1] .
القُرْطُبيّ الضّرير [2] .
جوّد القرآن عَلَى أَبِي عَبْد الله المَغَاميّ.
وسمع مِن: جُماهر بن عبد الرَّحْمَن.
وأقرأ النّاس القراءات.
وكان ثقة صالحًا منقبضًا، مقبِلًا عَلَى شأنه.
تُوُفّي في شَعْبان.
130- إسماعيل بْن نصر بْن بَكْر بْن أحمد بْن الحُسَيْن بْن مِهْران [3] .
المقرئ النَّيْسابوريّ.
سَمِعَ: أبا عثمان الصّابونيّ، وأبا القاسم القُشَيْريّ.
أجاز لأبي سَعْد السّمعانيّ.
مات في صَفَر، وكان من أولاد الأئمَّة [4] .
- حرف الحاء-
131- حمزة بْن الْعَبَّاس بْن علي بْن الحَسَن بْن عليّ [5] .
الشريف أبو محمد العَلَويّ الحُسَيْني الإصبهانيّ الصُّوفيّ.
تُوُفّي في سادس عشر جمادى الأولى [6] .
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن محمد الأنصاري) في: الصلة 1/ 98. 99 رقم 323.
[2] ويعرف بالمجنقوني.
[3] انظر عن (إسماعيل بن نصر) في: التحبير 1/ 111 رقم 34، ومعجم شيوخ ابن السمعاني ورقة 47 أ، 47 ب، والمنتخب من السياق 153 رقم 360 وفيه كنيته «أبو المحاسن» .
[4] قال عبد الغافر: «يحضر أحيانا مجالس الأمالي والحديث» ، وقال: ولد سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة» .
[5] انظر عن (حمزة بن العباس) في: التحبير 1/ 253- 255 رقم 169، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 98 أ، 98 ب.
[6] في التحبير 1/ 256: «وفاته في المحرّم سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة» .(35/411)
قَالَ أبو موسى: سَمِعَ أبا طاهر بْن عَبْد الرحيم الكاتب، وغير واحد بإصبهان.
وعنه: أبو موسى، وأبو سَعْد مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الصائغُ، وأَبُو طاهر السّلَفيّ، ومحمد بن عبد الخالق بْن أَبِي سكر الجوهريّ، وجماعة سواهم، آخرهم موتًا عفيفة الفارقانيَّة.
وروى عَنْهُ بالإجازة أبو سَعْد السّمعانيّ، وقال: مات سنة ستٌّ عشرة.
وطوّل ترجمته بتسمية مسموعاته.
وقال: كَانَ شيخ الصُّوفيَّة ومقدّمهم، ويُعرف ببرطلة. سيّد، حَسَن السّيرة، حُمَيْد الأمور، ورِع، عفيف. رحل النّاس إليه [1] .
سَمِعَ: أبا أحمد محمد بْن عليّ بْن سَمُّوَيْه المكفوف، وابن ريذة، والحسين بْن عَبْد الله بْن فَنْجُوَيْه، وعليّ بْن القاسم الخيّاط، وابن النُّعْمان القَصّاص، وأبا طاهر بْن عَبْد الرَّحِيم.
وأجازَ لَهُ: أَبُو الحَسَن بْن صخر الأزْديّ مِن مكَّة، وأبو سَعْد عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد الصَّفّار.
ومن مسموعاته: «فوائد» أَبِي عليّ بْن فَنْجُوَيْه، خمسون جزءًا سمعها منه، وكتاب «التّوحيد» لعليّ بْن أحمد البُوسنْجيّ، رواه عَنْ عليّ بْن القاسم، عَنْ أَبِي بَكْر الطّاهريّ، عَنْ محمد بْن حامد المَوْصِليّ، عَنْهُ، وكتاب «الهادي» للحافظ ابن مَنْدَهْ.
وكان مولده في حدود سنة ثلاثين وأربعمائة [2] .
__________
[1] وزاد: «مشهور في بلده عند الخواص والعوام، وكان شيخ الصوفية ومقدّمهم، عمّر العمر الطويل حتى حدّث، وسمع منه الناس» .
وقال ابن السمعاني أيضا: «سمع منه جماعة من القدماء، كتب إليّ الإجازة، وكان زيديّ المذهب، مائلا إليهم» .
[2] في التحبير: «وكانت ولادته في المحرّم سنة تسع وعشرين وأربعمائة» .(35/412)
- حرف العين-
132- عَبْد الصّمد بْن أبي الفوارس أحمد بْن الْفَضْلِ [1] .
أبو نَهْشَلٍ العنْبريّ الإصبهانيّ.
مِن بني العنبر.
وُلِد سنة سبْعٍ وعشرين وأربعمائة.
وسمع: أبا بَكْر بْن ريذة.
وله إجازة مِن ابن فاذشاه، وعاينت أصل سماعه بالزُّهد لأسد مِن ابن فاذشاه سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة.
روى عَنْهُ: أبو موسى المَدِينيّ، وأبو جعفر الطَّرَسُوسيّ، وجماعة.
تُوُفّي في ذي الحجَّة.
وروى عَنْهُ أيضًا: عَبْد الرحيم بْن محمد بْن حَمُّوَيْه الإصبهانيّ، ومسعود بْن أبي منصور الجمّال، ومسعود بْن محمود بْن خَلَف العِجْليّ، وعبد الواحد بْن أَبِي المطهَّر الصَّيْدلانيّ.
وأجاز لأبي سَعْد السّمعانيّ، وقال: كَانَ مَعْمَرا مكثِرا، ووالده [2] أبو الفوارس كَانَ مِن فُضَلاء الأدباء.
وكان عَبْد الصّمد مِن غُلاةِ العبد رحمانيَّة. سَمِعَ هارون بْن محمد بْن أحمد، وابن فاذشاه، وابن ريذة، وأبا بَكْر بْن شاذان الأعرج.
فمن مسموعاته: «المعجم الكبير» و «المعجم الصّغير» للطّبرانيّ، رواهما عَنِ ابن ريذة، وكتاب «فضائل القرآن» لعبد الرّزّاق، رواه عَنْ هارون، عَنِ الطّبَرانيّ، عَنِ الديريّ، عَنْهُ، وكتاب «المواعظ» لأبي عُبَيْد، «وبِرّ الوالدين» لأبي الشّيخ، و «فضائل القرآن» لإسماعيل بْن عُمَر [3] البَجَليّ، رواه عَنْ أَبِي القاسم بْن مِهْران، عَنْ عَبْد العزيز بْن محمد السّعديّ، عَنْ محمد بْن عليّ بن
__________
[1] انظر عن (عبد الصمد بن أبي الفوارس) في: التحبير 1/ 455- 457 رقم 424، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 153 ب.
[2] في الأصل: «ولده» .
[3] في التحبير 1/ 456: «عمرو» .(35/413)
مخلد، عنه، و «الموطّأ» ، رواه عن أبي القاسم بن مهران، عن المعرّي، عَنْ عليّ بن عبد الله بْن عَبْدان الْمَكّيّ القّزّاز، عَنْ أَبِي مُصْعَب، عَنْ مالك رحمه الله تعالى.
133- عَبْد المنعم بْن حفّاظ بن أحمد بْن خَلَف.
أبو البركات بْن البَقَليّ، الأنصاريّ، الدمشقي.
سَمِعَ: أَبَا القَاسِم بْن أَبِي العلاء، وبمصر: أبا الحَسَن الخِلَعيّ، وبمكَّة:
هيّاج بْن عُبَيْد.
ووَزَرَ لصاحب حمص، ثمّ غضب عَلَيْهِ وكحّله فأعماه.
سَمِعَ منه جماعة.
134- عُبَيْد اللَّه [1] بْن أَبِي عَلِيّ الحَسَن بْن أحمد بْن الحَسَن الإصبهانيّ [2] .
الحدّاد، أبو نُعَيْم الحافظ.
رحل في الحديث، وعُني بجمعه، ونسخ الكثير بخطّه المليح.
وكان يكرم الغرباء ويفيدهم، ويقرأ لهم، ويهبهم الأجزاء، وينسخ لهم، مَعَ الدّين والتَّقوى والبُكاء والخشْية والفضيلة التّامَّة.
جمع أطراف «الصّحيحين» ، وانتشرت عَنْهُ، واستحسنها كلّ مِن رآها.
وانتقى على الشّيوخ.
سَمِعَ: أبا عَمْرو بْن مَنْدَهْ، وسليمان بْن إبراهيم، وأبا طاهر أحمد بْن محمد النّقّاش، وحَمْد بْن ولكيز.
ورحل بُعَيْد الثّمانين، فسمع بنَيْسابور: أبا المظفَّر موسى بْن عِمران، وأبا بَكْر بْن خلف.
__________
[1] يقال: عبيد الله، وعبد الله.
[2] انظر عن (عبيد الله بن أبي علي) في: المنتظم 9/ 247 رقم 395 (17/ 221 رقم 3918) ، والكامل في التاريخ 10/ 617 وفيه: «عبد الله» ، والمعين في طبقات المحدّثين 152 رقم 1647، والعبر 4/ 41، وسير أعلام النبلاء 19/ 486- 488 رقم 283، وتذكرة الحفاظ 4/ 1265، 1266، وعيون التواريخ 12/ 153، ومرآة الجنان 3/ 321، وتاريخ الخميس 2/ 403، وفيه: «عبد الله بن الحسين» ، وطبقات الحفاظ 459، وشذرات الذهب 4/ 56، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 125 رقم 1032.(35/414)
وبهَرَاة: أبا عَبْد الله العُمَيْريّ، وأبا سهل نجيب بْن ميمون، وأبا عامر الأزْديّ.
وببغداد: أبا الغنائم بْن أبي عثمان، وابن طلحة النّعاليّ، وجماعة.
قَالَ محمد بْن عَبْد الواحد الدّقّاق: بإصبهان صديقٌ لي هُوَ ابن نُعَيْم بْن الحدّاد، أحد العلماء في فنون كثيرة، بلغ مبلغ الإمامة بلا مُدَافَعة. وله عندي أيادٍ كثيرة سَفَرًا وحَضرًا. وجمع ما لم يجمعه أحدٌ مِن أقرانه، وحصّل ما لم يحصّلْه أحدٌ مِن إخوانه، مِن الكُتُب الكثيرة، والسّماعات الغزيرة النّفيسة.
صدوقٌ في جَمْعه وكَتْبه، أمين في قراءته، بارك الله فيه وفي عُمره.
قَالَ السّمعانيّ: سألت الحُسَيْن بْن الحدّاد عَنْ وفاة أخيه فقال: في جُمَادَى الأولى، ثمّ كتب إليَّ مَعْمَر إنّها في ربيع الأوّل.
قلت: هذا غلط، فإن أبا موسى الحافظ روى عَنْهُ وقال: تُوُفّي يوم الإثنين السّادس والعشرين مِن جُمَادَى الأولى.
وكان مولده في سنة ثلاثٍ وستّين وأربعمائة [1] .
وقال أبو مسعود الحلبيّ: مات يوم الثلاثاء وقت الظُّهْر السّابع والعشرين مِن جُمَادَى الأولى.
قلت: كأنه ورَّخ ساعة دفْنه، وورّخ أبو موسى موته.
وآخر مِن روى عَنْهُ بالإجازة عفيفة الفارقانيَّة.
135- عليّ بْن مُحَمَّد بْن أَبِي الحُسَيْن أَحْمَد بْن محمد بْن الَّنُّقور [2] .
أبو الحَسَن البغداديّ.
شيخ صالح.
سَمِعَ جدّه، وحدَّث.
تُوُفّي رحمه الله في ربيع الأوّل.
136- عليّ بن منكدر بن محمد بن محمد [3] .
__________
[1] المنتظم.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.(35/415)
السّيّد أبو الحَسَن العَلَويّ الحُسَيْني الفارسيّ، الأمير الشّاعر المُفْلِق.
تُوُفّي فجأة في شوّال.
ذكره عَبْد الغافر الفارسيّ.
137- عيسى بْن إسماعيل بْن عيسى بْن إسماعيل بْن محمد [1] .
أبو زيد العَلَويّ الحُسَيْني الصُّوفيّ الأبهريّ [2] .
شيخ عارف نبيل، كثير الأسفار. لَهُ حال عجيب في السَّماع، وفيه كَيْس وظُرْف.
سَمِعَ في الْكُهُولَةِ مِن: فاطمة بِنْت أَبِي عليّ الدّقّاق، ومحمد بْن عليّ العُمَيْريّ الهَرَويّ، ورزق الله التّميميّ، ومكّيّ الرمليّ، وخلْق.
روى عَنْهُ: شهردار بْن شِيرَوَيْه، ومحمد بْن أَبِي بَكْر السّنْجيّ، وجماعة.
تُوُفّي في شوّال بنَيْسابور.
- حرف الميم-
138- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عُمَر بْن الطّبر [3] .
أبو غالب البغداديّ الحريريّ.
روى عَنْ: أَبِي الحَسَن ابن زوج الْحُرَّةِ، وأبي الطَّيّب الطَّبَريّ، وأبي طَالِب العشاريّ.
تُوُفّي في صفر [4] .
وهو أخو هبة الله بن الطّبر.
139- محمد بن حيدر [5] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الأبهري: بفتح الألف وسكون الباء المنقوطة بواحدة وفتح الهاء وفي آخرها الراء المهملة، هذه النسبة إلى موضعين أحدهما إلى أبهر وهي بلدة بالقرب من زنجان. (الأنساب 1/ 124) .
[3] انظر عن (محمد بن أحمد) في: المنتظم 9/ 248 رقم 400 (17/ 222 رقم 3923) وفيه:
«يعرف بابن الطيوري» .
[4] قال ابن الجوزي: «حدّث، وكان سماعه صحيحا، وكان خيّرا صالحا، روى عنه شيخنا عبد الوهاب» .
[5] انظر عن (محمد بن حيدر) في: خريدة القصر (قسم العراق) 2/ 219- 226، وفوات الوفيات(35/416)
أبو طاهر البغداديّ، الشّاعر المشهور.
شاعر محسن، سائر القول [1] .
تُوُفّي في رجب.
ومن شِعره يَقُولُ:
بنفسي الّتي عاد عَوْد الأراك ... عَنْ ثغرها وهو للطّيب عود
ولكنْ علا قدرُهُ في النُّفُوس ... مِن أن يحكم فيه الوقود [2] .
140- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أحمد [3] .
أبو منصور بْن أَبِي ياسر البَرَدَانيّ [4] الخُرَيْميّ [5] .
مِن بيت الحديث والفضيلة.
سَمِعَ: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الغنائم بْن المأمون.
وعنه: عليّ بْن أَبِي سَعْد الخبّاز، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ.
وتُوُفّي في أوّل العام وله نيّفٌ وستّون سنة.
141- محمد بْن عثمان بْن أَبِي بَكْر بْن نصر [6] .
الإمام أبو بكر السَّمَرْقَنْديّ الدّبّاس أمير الحاجّ.
حجّ بأهل سَمَرْقَنْد مرّات.
وتُوُفّي بسرخس.
__________
[2] / 398، وعيون التواريخ 12/ 151، 152، والوافي بالوفيات 3/ 32، والنجوم الزاهرة 5/ 372، ومجلّة المجمع العلمي العربيّ، مجلّد 7/ 36.
[1] وقال العماد الكاتب: كان شاعرا بليغا مجيدا، حسن الشعر، رقيقه، يسكن سوق الثلاثاء، أعور. سمعت شيخنا عبد الرحيم بن الإخوة البغدادي بأصفهان يقول: كان له شعر حسن، وكان من مادحي سيف الدولة صدقة بن منصور. (الخريدة 2/ 219، 220) .
[2] وله رسالة في فن البيان عنوانها «قانون البلاغة» نشرت في مجلّة المجمع العلمي العربيّ، المجلّد السابع.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] البرداني: بفتح الباء الموحّدة والراء والدال المهملة وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى بردان وهي قرية من قرى بغداد. (الأنساب 2/ 135) .
[5] الخريمي: بضم الخاء المعجمة وفتح الراء وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى خريم وهو اسم رجل. (الأنساب 5/ 99) .
[6] لم أجد مصدر ترجمته.(35/417)
روى عَنْهُ: أَبِي الحُسَيْن بْن الَّنُّقور.
وعنه: عُمَر بن محمد النَّسَفيّ.
142- مرشد بْن يحيى بْن القاسم [1] .
أبو صادق المَدِينيّ، ثمّ المصريّ.
سَمِعَ: أبا الحَسَن عليّ بْن حِمّصَة الحرّانيّ، وعليّ بْن ربيعة، وعلي بْن محمد الفارسيّ، وأبا الحَسَن محمد بْن الحُسَيْن الطّفّال، وداجن، والحليميّ، وجماعة.
وأجاز لَهُ عليّ بْن منّير بْن أحمد الخلّال، والقاضي أبو الحَسَن بْن جعفر، وغيرهما.
قَالَ السّلَفيّ: كَانَ ثقة، صحيح الأُصُولِ، أكثرها بخطّ ابن بقا وبقراءته.
روى عَنْهُ: السّلَفيّ، ومحمد بْن عليّ بن محمد الرَّحْبيّ، وعسير بْن عليّ المزارع، وإسماعيل بْن قاسم الزّيّات، وعليّ بْن هبة اللَّه الكامليّ، وعبد اللَّه بْن برّيّ النَّحْويّ، وأبو القاسم هبة الله بْن عليّ البُوصيريّ، وجماعة.
تُوُفّي في ذي القِعْدة.
143- موسى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن خَلَف بْن موسى بْن أبي تَلِيد [2] .
أبو عِمران الشّاطبيّ.
مِن بيت الرّواية، فإنّ جدّه الأعلى [3] أبا تَلِيد رحل وسمع مِن النَّسَائيّ، وحدَّث «بالسُّنَن» بالأندلس سنة خمسٍ وثلاثين وثلاثمائة، وابنه موسى سَمِعَ مِن قاسم بْن أصْبَغ وجماعة، وحفيده خَلَف بْن موسى سَمِعَ مِن عَبْد الوارث بْن سُفْيان، وروى عَنْهُ ولده عَبْد الرَّحْمَن.
ووُلِد موسى سنة أربعٍ وأربعين. وسمع كثيرًا مِن أَبِي عُمَر بْن عَبْد البرّ، وسماعه بخطوط الثّقات.
__________
[1] انظر عن (مرشد بن يحيى) في: الإعلام بوفيات الأعلام 212، والمعين في طبقات المحدّثين 152 رقم 1646، وسير أعلام النبلاء 19/ 475، 476 رقم 278، ودول الإسلام 2/ 44، والعبر 4/ 41، وعيون التواريخ 12/ 154، ومرآة الجنان 3/ 222، وشذرات الذهب 4/ 57.
[2] انظر عن (موسى بن عبد الرحمن) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 610، 611 رقم 1336.
[3] في الأصل: «الأعلا» .(35/418)
روى عنه: ابن الدّبّاغ وأثنى عَلَيْهِ، وقال: سمع كتاب «الإستذكار» ، وكتاب «التّقصّي» . وحجّ، وسمع عيسى بْن أَبِي ذَرّ الهَرَويّ. وحدَّث.
روى عَنْهُ جماعة: أبو عَبْد الله بْن زرقون، وغيره [1] .
- حَرْفُ الْيَاءِ-
144- يَحْيَى بْنُ عَامِرِ بْنِ عَلِيٍّ.
أبو الْحُسَيْنِ المقدسيّ الرمليّ، خطيب الأغربة بدمشق.
سَمِعَ بالقدس: أبا عثمان محمد بن أحمد بن ورقاء، وبدمشق: أبا القاسم بْن أبي العلاء.
تُوُفّي في رمضان وله سبْعٌ وستّون سنة.
أجاز للحافظ ابن عساكر.
__________
[1] وقال ابن بشكوال: وكان فقيها مفتيا ببلده، أديبا شاعرا ديّنا فاضلا. أنشدنا صاحبنا أبو عمرو زياد بن محمد، قال: أنشدنا شيخنا أبو عمران لنفسه:
حالي مع الدهر في تقلّبه ... كطائر ضمّ رجله شرك
همّته في فكاك مهجته ... يروم تخليصها فتشتبك
حدّث عنه جماعة من أصحابنا، رحلوا إليه ووثّقوه، وكتب إلينا بإجازة ما رواه بخطّه.(35/419)
سنة ثمان عشرة وخمسمائة
- حرف الألف-
145- أحمد بْن محمد بْن الفَضْلِ بْن عَبْد الخالق [1] .
أبو الفضل بْن الخازن الدّيَنَوريّ الأصل، البغداديّ. الكاتب الشّاعر، صاحب الخطّ الفائق.
وهو والد أبي الفتح نصر الله الكاتب المشهور أيضًا الَّذِي توّج بخطّه «مقامات الحريريّ» كثيرًا.
ومن شِعْر أبي الفَضْلِ- وقد دعاه صديقٌ لَهُ إلى بستان وفيه حمّام، فدخله وتغسّل:
وَافَيْتُ منزلَهُ فلم أر حاجبًا [2] ... إلّا تلقّاني بسِنّ [3] ضاحكِ
وَالْبِشْرُ في وجه الغلام أمارةً [4] ... لمقدّمات حَياء [5] وجه المالكِ
ودخَلت جنّتَهُ وَزُرْتُ جحيمه ... فشكرتُ رضوانًا ورأفةَ مالكِ [6]
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد بن الفضل) في: المنتظم 9/ 204 (17/ 170 رقم 3877) ، ووفيات الأعيان 1/ 149- 151، وخريدة القصر (قسم العراق) 512 هـ-. 2/ 198 و 242، وسير أعلام النبلاء 19/ 482، 483 رقم 280، وعيون التواريخ 12/ 156- 166، والبداية والنهاية 12/ 183، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 76، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 79، 80، والوافي بالوفيات 8/ 78- 80، والنجوم الزاهرة 5/ 218 و 229، وكشف الظنون 765، وشذرات الذهب 4/ 57، 58، ومعجم المؤلفين 2/ 144.
[2] في المنتظم: «صاحبا» .
[3] في المنتظم: «بوجه» .
[4] في المنتظم: «نتيجة» .
[5] في المنتظم: «ضياء» .
[6] المنتظم، وفيات الأعيان 1/ 150.(35/420)
وله:
مَن لي بأسمَرَ حَجَّبُوهُ بمثلهِ ... في لوِنه والقدّ والعَسلانِ
مَن رامَهُ فلْيَدَّرِعْ صبرًا عَلَى ... طَرَفِ السّنانِ وطرْفهِ الوسْنان
راحُ الصَّبا [1] تثنيهِ لَا ريحُ الصّبا ... سَكرانُ [وُلّي] مِن حُبّهِ سُكرانِ [2]
تُوُفّي في صَفَر سنة ثمان عشرة، وله سبعٌ وأربعون سنة. وذكره ابن الجوزيّ في «المنتظم» [3] في سنة اثنتي عشرة.
وذكره ابنه وغيره سنة ثمان عشرة، وهو الصّحيح [4] .
وقد ذكره العماد في «الخريدة» ، وقال: ما بعد خطّ أَبِي الفوارس بْن الخازن مثل خطّه في الحُسْن.
وكلاهما يقال لَهُ ابن الخازن، وقد تناسبا خطّا وفضلًا. فهو أبو الفضل وابن الْفَضْلِ كنيته، وَنَسَبًا، وأدبًا، وحَسَبًا. وكان ظريفًا، لبيبًا، أديبًا، أريبًا، كاتبًا حاسبًا.
مرّ أبو الفوارس سنة 452.
146- أحمد بْن أَبِي الفتوح مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ [5] .
أَبُو الْعَبَّاس الخُراسانيّ الواعظ.
حدَّث بإصبهان عَنِ الحَسَن بن عبد الرَّحْمَن الْمَكّيّ الشّافعيّ.
وعنه: أبو موسى الحافظ.
وسمع أيضًا مِن: سَعِيد بْن أبي سَعِيد العيّار، وعبد الوهّاب بْن مَنْدَهْ.
وحجّ خمس حجج، وجاور، ووعظ ببغداد، ونفق عليهم [6] لعذوبة منطقه ولزهده وورعه.
__________
[1] في الأصل: «الصبى» .
[2] الأبيات في وفيات الأعيان 1/ 149 بزيادة بيت:
طرف كطرف جامح مرح متى ... أرسلت فضل عنانه عنّاني
[3] ج 9/ 204 (17/ 170) .
[4] وفي النجوم الزاهرة ذكر مرتين، في المتوفين سنة 412 وسنة 513 هـ-.
[5] انظر عن (أحمد بن أبي الفتوح) في: المنتظم 9/ 250 رقم 404 (17/ 225 رقم 3927) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 114.
[6] المنتظم.(35/421)
قَالَ مَعْمَر بْن الفاخر: بِتُّ عند أحمد بن أبي الفتوح ابن الخُراسانيّ، ففرغ الدّهْن مِن السّراج، فقال: أَدْنُوا منّي السّراج. فأدنيته، فأصلح الفتيلة وقال: لَا تقربوا منه. فكان يضيء إلى أن فرغت مِن نسْخ جزءي جملةً، ثمّ نمنا وهو يزهر.
147- إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهيم بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن نوح [1] .
الخطيب أبو إبراهيم النَّسَفيّ النوحي [2] ، الفقيه.
أملى بسَمَرْقَنْد. وسمع منه أُمَم.
روى عَنْ محمد بْن عَبْد الرحيم المقرئ، ناقلة محمد بْن عليّ التّرْمِذيّ، روى كتاب «تنبيه الغافلين» عَنْ مصنّفه أَبِي اللَّيْثُ السَّمَرْقَنْديّ. وكان محمد هذا مَعْمَرا.
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: عاش أزْيَد مِن مائةٍ وعشْر سِنين.
وروى النُّوحيّ عَنْ: عليّ بْن الحُسَيْن السَّعْديّ، وعليّ بْن الحَسَن بْن مكّيّ النَّسَفيّ، وعمر بْن أحمد بْن شاهين السَّمَرْقَنْديّ، والفقيه أحمد بْن عَبْد العزيز بْن أحمد الحَلْوانيّ، وأبي مسعود أحمد بْن محمد البَجَليّ، وجماعة.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
وكان مِن كبار الفقهاء أصحاب الرأي، وعاش خمسًا وثمانين سنة.
روى عَنْهُ: عُمَر بْن الحَسَن الدّرْعيّ، وإبراهيم بْن يعقوب الواعظ، ومحمد بْن محمد بْن السَّعديّ المعلّم، ومحمد بْن يوسف النّجَانيكثيّ [3] ، وأسعد بْن إبراهيم القطواني، ومحمد بْن أحمد بْن فارس الهاشمي، ومحمود بن علي النَّسَفيّ، وعليّ بن عبد الخالق السُّكَّريّ، وخلْق مِن مشيخة عَبْد الرحيم بْن السّمعانيّ.
__________
[1] انظر عن (إسحاق بن محمد) في: الأنساب 12/ 150، 151.
[2] النّوحي: بضم النون وسكون الواو وفي آخرها الحاء. هذه النسبة إلى نوح. وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه.
[3] النّجانيكثي: بضم النون وفتح الجيم بعدها الألف ثم نون أخرى مكسورة وياء ساكنة آخر الحروف والكاف المفتوحة وفي آخرها الثاء المثلثة. هذه النسبة إلى نجانيكث، وهي بليدة بنواحي سمرقند عند أسروشنة. (الأنساب 12/ 41) .(35/422)
148- إسماعيل بْن عليّ بْن سهل المُسَيّبيّ [1] .
شيخ الصّوفيّة.
سمع: أبا عثمان الصّابونيّ، والقشيريّ.
أجاز لأبي سَعْد السّمعانيّ، وأرّخه في «مُعْجَمه» [2] .
149- أسعد بْن نصر [3] .
المِهْرَانيّ [4] النَّيْسابوريّ المقرئ.
سَمِعَ: أبا محمد عَبْد الله بْن يوسف الْجُوَيْنيّ، وعبد الغافر الفارسيّ، والكَنْجَرُوذيّ.
أجاز للسّمعانيّ.
مات في جُمَادَى الأولى [5] .
- حرف الحاء-
150- حمزة بْن أَبِي عليّ محمد بْن طاهر بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بن أحمد بْن إبراهيم الملقّب بطباطبا ابن إسماعيل بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِب.
الشّريف أبو الْفَضْلِ الإصبهانيّ العَلَويّ.
تُوُفّي يوم الجمعة سلْخ السّنة.
من شيوخ أبي موسى.
__________
[1] انظر عن (إسماعيل بن علي) في: التحبير 1/ 101 رقم 26، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 44 ب.
و «المسيّبي» : نسبة إلى أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن المسّيب بْن السائب المسيّبي. (الأنساب) .
[2] وقال في التحبير: من أهل نيسابور، بقيّة مشايخ الصوفية ومن المحقّقين القائمين بشرائط الطريقة والتصوّف.
[3] انظر عن (أسعد بن نصر) في: المنتخب من السياق 168 رقم 412، والتحبير 1/ 123، 124 قم 48، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 51 أ.
[4] المهراني: بكسر أوله وسكون ثانيه، وراء مهملة ونون. نسبة إلى مهران، اسم لجدّ المنتسب إليه.
[5] وقال ابن السمعاني: كان شيخا كبيرا مسنّا ظريفا من بيت الإمامة والعلم، خدم الكبار، ولقي الصدور.(35/423)
- حرف الدال-
151- دَاوُد [1] الملك الكرجيّ [2] .
ملك الأبخاز الَّذِي افتتح تَفْلِيس.
مات في هذه السّنة وهو عَلَى كُفْره.
- حرف العين-
152- عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن الهيثم [3] .
أبو طاهر الإصبهانيّ الذّهبيّ الصّبّاغ، المعروف بالدَّشْتَج وبالدَّشْتيّ:
آخر مِن حدَّث عَنْ أَبِي نُعَيْم الحافظ.
تُوُفّي في ربيع الأوّل في ثاني عشر [4] .
روى عَنْهُ: أبو موسى المَدِينيّ، وأحمد بْن أَبِي الفَضْلِ الكّرانيّ، وعفيفة الفارقانيَّة، وجماعة. وعفيفة آخر مِن سَمِعَ منه.
وروى عَنْهُ حضورًا: أبو جعفر، وعَبْد الواحد بْن القاسم الصَّيْدلانيّان.
وهو أيضًا آخر مِن حدَّث عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن عُمَر الصَّفّار.
وسمع مِن: ابن ريذة، وأبي الوفاء مهديّ بن محمد، وعُبَيْد الله بْن المعتزّ النَّيْسابوريّ.
سَمِعَ منه أيضا حضورا يحيى الثّقفيّ [5] .
__________
[1] وردت هذه الترجمة في الأصل بعد «أسعد بن نصر المهراني» فقدّمت إلى هنا مراعاة لترتيب الحروف.
[2] انظر عن (داود الكرجي) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 373 (وتحقيق سويم) 39 (حوادث سنة 517 هـ-.) ، والكامل في التاريخ 10/ 625.
[3] انظر عن (عبد الواحد بن محمد) في: التحبير 1/ 497، 498 رقم 475، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 163 أ، والعبر 4/ 43، والإعلام بوفيات الأعلام 213، وسير أعلام النبلاء 19/ 472، 473 رقم 275، والمعين في طبقات المحدّثين 152 رقم 1650، وتذكرة الحفاظ 4/ 1270، وعيون التواريخ 12/ 168.
[4] وكانت ولادته سنة نيّف وعشرين وأربعمائة.
[5] وقال ابن السمعاني: كان شيخا صالحا.. كتب إليّ الإجازة بجميع مسموعاته، ومن جملتها كتاب «التوكل» لأبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة.. وأحاديث علي بن حجر، وكتاب «نكت الجواهر ومنثور كلمات يزيّن بها المحاضر» ، وكتاب «طبقات الصوفية» للسلمي.(35/424)
153- عثمان بْن عَبْد الرحيم بْن محمد [1] .
أبو عمرو الكبيكيّ النّيسابوريّ.
حدّث في هذا العام بإصبهان عَنْ: عُمَر بْن مسرور.
روى عَنْهُ: أبو موسى المَدِينيّ، وأبو إبراهيم أحمد بْن القاسم الحُسَيْني.
سكن في أيّام الشّدَّة الثّغر، وكان شافعيًا، فتمذهب لمالك.
وكان كثير السّماعات.
ولد سنة سبع وثلاثين وأربعمائة.
وأدرك ابن الفارسي، والطّفّال.
وسمع مِن: أَبِي زكريّا الْبُخَارِيّ، ونصر الشّيرازيّ.
وانتقيت مِن أصوله الّتي ارتاب فيه أكثر مِن مائة جزء، ووقفتُ فيها عَلَى ما لَا أرتضيه. وخلّف كتبا كثيرة.
مات في شعبان.
154- علي بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي الفتح [2] .
أبو الحسن بن المعبر.
شيخ بغدادي من أولاد الشيوخ [3] .
سمع: ابن المسلمة، وأبا بكر الخطيب، وأبا محمد الصريفيني.
وعنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو طاهر السلفي، وأحمد بن محمد الزناتي.
توفي في ربيع الأول [4] .
155- علي بن أبي سعد هاشم بن طاهر بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بن أحمد بن الشريف طباطبا.
العلوي أبو الحسين الأصبهانيّ، صاحب ابن ريذة.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (علي بن أحمد) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 87، 88 رقم 582.
[3] في الذيل: «من أولاد المحدّثين» .
[4] وكان مولده في سنة 456 هـ-.(35/425)
تُوُفّي في ذي الحجَّة قبل ابن عمّه المذكور بعدَّة أيّام، وله ستٌّ وتسعون سنة.
وعنه: أبو موسى.
- حرف الفاء-
156- الْفَضْلُ بْن محمد بْن أحمد بْن أَبِي منصور [1] .
أبو القاسم الأبِيَوَرْدِيّ العطّار.
أحد شيوخ نَيْسابور.
كَانَ صالحًا عفيفًا، حسن السّيرة، عابدًا، جاوَرَ بمكَّة مدَّة.
وسمع: فضل الله بْن أَبِي الخير الميْهَنيّ، وأبا عثمان الصّابونيّ، وأبا القاسم القُشَيْريّ.
وروى عَنْهُ: عُمَر الفَرْغُوليّ [2] ، وإبراهيم بْن سهل المسجديّ، ويوسف بن شعيب، وجماعة.
وأجاز لأبي سَعْد السّمعانيّ، وهو الَّذِي ترجمه وقال: تُوُفّي في سادس صَفَر بنَيْسابور [3] .
وقال عَبْد الغافر: شيخ مشهور، مَعْمَر، نيَّفَ عَلَى المائة. وكان كثير العبادة، مشتغلًا بنفسه.
سَمِعَ الكثيرين، مثل: أَبِي الحُسَيْن عَبْد الغافر، وابن مسرور.
وسمّى جماعة، ثمّ قَالَ: وسمع «معجم البَغَويّ» مِن أَبِي نصر الإسْفرائينيّ، رحل إليه إلى أسفراين.
__________
[1] انظر عن (الفضل بن محمد) في: التحبير 2/ 23- 25 رقم 620، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 191 ب، 192 أ، والتقييد لابن نقطة 424 رقم 567، والمنتخب من السياق 415 رقم 1412، والمختصر الأول للسياق، ورقة 75 ب، وتذكرة الحفاظ 4/ 1270، وسير أعلام النبلاء 19/ 292 رقم 183 و 19/ 513، 514 رقم 296.
[2] الفرغولي: بفتح الفاء وسكون الراء وضم الغين المعجمة. هذه النسبة إلى فرغول. قرية من قرى دهستان. (الأنساب 9/ 278) .
[3] التحبير 2/ 25.(35/426)
وعاش حتّى قُرِئ عَلَيْهِ الكثير.
وقد سَمِعَ «سنن الدّارقطنيّ» عاليًا، وانقطع إسناده بموته.
رواه عَنِ النّوقانيّ، عَنْهُ. رواه عَنْهُ أبو سَعْد الصَّفّار.
وقال السّمعانيّ: [1] لقد عُمّر حتّى أناف عَلَى المائة، وكان كثير العبادة.
سمع: محمد بْن عَبْد العزيز النيليّ، وعدَّة [2] .
روى لي عَنْهُ جماعة كثيرة، رحمه الله تعالى.
- حرف الكاف-
157- كامل بْن ثابت [3] .
أبو تمّام الصُّوريّ الفَرضيّ.
وُلِد سنة إحدى وثلاثين.
وسمع بصور: أبا بَكْر الخطيب، وغيره.
وبمصر: أبا الحَسَن الخِلَعيّ.
روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وقال: كامل كَانَ كاملًا في فنون العِلْم، منها الفرائض. وله حلقة بمصر لإقراء الفرائض. وكان فريد عصره.
قَالَ لي: ألّفت في الفرائض تصانيف، ووُلِدتُ بعكّا سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، وأنا أدرّس الفرائض والحساب مِن ستّين سنة.
قرأتُ الفرائض عَلَى أَبِي عَبْد الله الونّيّ [4] ، وعلى أبي الحَسَن الجهرميّ [5] .
قَالَ السّلَفيّ بعد أن روى عَنْهُ حديثًا وشيئًا من نظْمه: توفّي سنة ثمان عشرة، أو سنة تسع عشرة بمصر [6] .
__________
[1] في التحبير 2/ 23.
[2] وزاد: «وكان حانوته مجمع الظرفاء والمشايخ» .
[3] انظر عن (كامل بن ثابت) في: معجم السفر (مصوّر) ق 2/ 345، 346، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 3/ 159، 160 رقم 855.
وهو: كامل بن ثابت بن عمار.
[4] الونّي: بفتح الواو وفي آخرها النون المشدّدة. (الأنساب 12/ 293) .
[5] الجهرمي: بفتح الجيم وسكون الهاء وفتح الراء وفي آخرها الميم. هذه النسبة إلى جهرم وهي بلدة أو قرية. (الأنساب 3/ 390) .
[6] وقال السلفي: أنشدنا أبو تمام كامل بن ثابت بن عمار الصوري الفرضيّ بمصر لنفسه:(35/427)
- حرف الميم-
158- مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن أَبِي الخير بْن عليّ [1] .
أبو عَبْد الله الأنصاريّ السَّرَقُسْطيّ القُرْطُبيّ.
روى عَنْ: أبي الوليد الباجيّ واختصّ بِهِ، وأبي العبّاس العُذْريّ، ومحمد بْن سعدون القرويّ، وأبي دَاوُد المقرئ.
وقرأ القراءات عَلَى أبي عَبْد الله المَغَاميّ فأحكمها. وكان عارفًا بالأصول والفروع، كامل المروءة، كثير البَرّ.
وقد أخذ عَنْهُ: أبو عليّ الغسّانيّ، والقاضي أبو عَبْد الله بْن الحاجّ.
قَالَ ابن بشكوال: قرأت عَلَيْهِ كثيرًا مِن روايته، وصحِبْتُه إلى أن تُوُفّي في رجب، وصلّى عَلَيْهِ أخوه أبو جعفر.
159- محمد بْن نصر بْن منصور [2] .
القاضي أبو سَعْد الهَرَويّ الحنفيّ.
قِدم دمشق ووعظ بها، ثمّ توجّه إلى بغداد فولي قضاء الشّام، وعاد قاضيًا فأقام مدَّة، ثمّ رجع إلى العراق.
__________
[ () ]
يا عدّتي عند كل نائبة ... ويا غياثي عليك معتمدي
قد مسّني الضرّ يا رجائي ... ولم أشك الّذي سالني إلى أحد
وأنت غوثي عند الكروب ... فجد بكشف ما حلّ بي وخذ بيدي
مولاي فرّج عنّي الهموم فقد ... قلّ اصطباري وخانني جلدي
وقال الصوري: وكتبت بالمعتقد الّذي سمعته على نصر الفقيه المقدسي مائة وستين نسخة ودفعتها للناس.
[1] انظر عن (محمد بن عبد العزيز) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 573، 574 رقم 1265.
[2] انظر عن (محمد بن نصر) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 375 (وتحقيق سويم) 40، وذيل تاريخ دمشق 210، واللباب 1/ 157، والمنتخب من السياق 76 رقم 168، وطبقات الشافعية البكري للسبكي 4/ 31، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 477، والدرة المضيّة 494، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 335، والجواهر المضيّة 3/ 379 رقم 1255، وعيون التواريخ 12/ 169 و 170، 171، والوافي بالوفيات 5/ 111 رقم 2128، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 299، 300 رقم 260، والمقفّى الكبير 7/ 338، 339 رقم 3433، والنجوم الزاهرة 5/ 228، وهدية العارفين 3/ 54، وفيه: «محمد بن أبي أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي يوسف أبو سعد الهروي تلميذ أبي عاصم العبّادي» .(35/428)
وقد وُلّي القضاء في مدن كثيرة بالعجم. وكان في صباه يؤدّب الصّبيان، ثمّ ترقّت حاله وبلغ ما بلغ. وكان مِن دُهاة العالم. قتلته الباطنيَّة لعنهم الله بجامع هَمَذَان في هذه السّنة.
وله شِعْر رائق، فمنه يَقُولُ:
البحرُ أنت سماحةً وفضلًا ... فالدّرّ يُنْثَر بين يديكَ وفيكا
والبدرُ أنت صباحةً وملاحةً ... والخير مجموع لديك وفيكا
وكان بفرد عين، ويلقَّب بزَيْن الإسلام.
وترسَّل مِن الدّيوان العزيز إلى الملوك، وبَعُدَ صِيتُه، وعظُمت رُتْبته.
قَالَ ابن النّجّار: وُلّي القضاء ببغداد سنة اثنتين وخمسمائة للمستظهر باللَّه عَلَى حريم دار الخلافة وما يليه مِن النّواحي والأقطار، وديار مُضَر، وربيعة، وغير ذَلِكَ.
وخوطب بأقضى القُضاة زين الإسلام. واستناب في القضاء أبا سَعْد المبارك بْن عليّ المخرَّميّ الحنبليّ بباب المراتب وباب الأزَج، والحسن بْن محمد الإسْتِراباذي الحنفيّ بباب النّوبيّ، وأبا الفتح عَبْد الله بْن البيضاويّ بسوق الثّلاثاء.
ثمّ عُزِل في شوّال سنة أربعٍ وخمسمائة، واتّصل بخدمة السّلاطين السَّلْجُوقيَّة إلى أن قُتِلَ.
وقد حدَّث بأحاديث مظلمة، رواها عَنْهُ الحُسَيْن بن محمد البلْخيّ.
وللغزّيّ يهجوه:
واهًا لإسلامٍ غدا ... والأعورُ الهَرَويّ زَيْنُه
أَيزينُ الإسلامَ مَن ... عُميَتْ بصيرتُهُ وعينُهّ!
160- مُحَمَّد بْن وهْب بْن مُحَمَّد بْن وهْب.
أبو عَبْد الله بْن نوح الغافقيّ الأندلسيّ.
أحد الفقهاء.(35/429)
كَانَ إمامًا مشاوَرًا معظمًا، ترعاه السّلاطين.
ونزل بَلَنْسِيه، وولي قضاء سقر، وبها مات في صَفَر.
حدَّث عَنْهُ: ابنه أيّوب.(35/430)
سنة تسع عشرة وخمسمائة
- حرف الألف-
161- أحمد بْن عَبْد المُلْك بْن موسى بْن المظفَّر [1] .
القاضي أبو نصر الأَشْرُوسْنيّ [2] ، المعروف بكال.
مِن علماء ما وراء النَّهر.
ولد سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.
وحدّث عن العلّامة محمود بْن حسن القاضي، فسمع منه «المصنّف» .
وفاته في ربيع الأول.
162- أحمد بْن مُحَمَّدِ بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم [3] .
أَبُو البقاء البغداديّ الملحيّ، المقرئ، المؤدِّب.
قرأ بالروايات عَلَى: أبي بكر محمد بن علي بن موسى الخيّاط، وأبي الخطّاب ابن الجرّاح.
وسمع مِن: أَبِي بَكْر الخطيب، وأبي محمد الصَّريْفينيّ.
روى عنه: المبارك بن كامل، وغيره.
توفي في جُمَادَى الأولى. وما أعلم أحدًا قرأ عَلَيْهِ.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] في الأصل: «الأوشروسني» (بالواو بعد الألف) ، والمثبت يتفق مع معجم البلدان.
أما في (الأنساب 1/ 232) : «الأسروشني: بضم الألف وسكون السين المهملة وضم الراء وسكون الواو وفتح الشين المعجمة، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى «أسروشنة» وهي بلدة كبيرة وراء سمرقند دون سيحون، وقد يزاد فيها التاء فنسب إليها بالأسروشنتي، غير أن الصحيح هو الأول.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.(35/431)
- حرف الحاء-
163- الحَسَن بْن الحُسَيْن ألْب رسلان [1] .
الحافظ، الإمام، أبو عليّ.
روى عَنْ: إِسْحَاق بْن أبي منصور.
روى عَنْهُ: عُمَر النَّسَفيّ في كتاب «القنْد» ، وَقَالَ: تُوُفّي في تاسع عشر ربيع الآخر، وهو ابن مائة سنة وتسع وثلاثين سنة. وخرجت الحَيّات مِن المقبرة الّتي دُفن فيها بسَمَرْقَنْد.
- حرف العين-
164- عَلِيّ بْن إبراهيم بْن عُمَر [2] .
أبو الحسن النّاتليّ [3] ، الحلبيّ، التّاجر بنَيْسابور.
سَمِعَ مِن: موسى بْن عِمران، ومحمد بْن إسماعيل التّفْلِيسيّ، وأبي بَكْر بْن خَلَف.
وكان يفهم ويعرف.
سَمِعَ منه ابن ناصر.
وحدَّث عَنْهُ: أبو محمد بْن الخشّاب، ويحيى بْن بوش.
وكان مولده بحلب، وعاش سبعين سنة.
165- عليّ بْن الحُسَيْن بْن عُمَر [4] .
أبو الحَسَن بْن الفرّاء المَوْصِليّ، ثمّ الْمَصْرِيّ.
روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وقال: مِن ثقات الرُّواة، وأكثر شيوخنا بمصر سماعًا.
ومن شيوخه: عَبْد العزيز بْن الضّرّاب أخذ عَنْهُ المجالسة، وعبد الباقي بن
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته، وهو في كتاب «القند» المفقود.
[2] انظر عن (علي بن إبراهيم) في: الأنساب 12/ 10.
[3] الناتلي: بفتح النون وكسر التاء المنقوطة من فوقها باثنتين وفي آخرها اللام. هذه النسبة إلى ناتل، وهي بليدة بنواحي آمل بطبرستان.
[4] انظر عن (علي بن الحسين) في: الإعلام بوفيات الأعلام 212، وسير أعلام النبلاء 19/ 500، 501 رقم 289، والعبر 4/ 44، وعيون التواريخ 12/ 172، وذيل التقييد لقاضي مكة 2/ 190، 191 رقم 1412، وشذرات الذهب 4/ 59.(35/432)
فارس، وأبو زكريّا عَبْد الرحيم الْبُخَارِيّ، وابن المَحَامِليّ، وأبو إبراهيم أحمد بْن القاسم بْن ميمون العَلَويّ، ومحمد بْن مكّيّ الأزْديّ، وكريمة المَرْوَزِيَّة بمكَّة، وابن الفرّاء بالقدس.
وأصوله أُصول أهل الصّدْق. وقد انتخبت مِن أجزائه مائة جزء.
وقال لي: وُلِدتّ في سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة في أوّل يوم منها.
وتُوُفّي في ربيع الآخر.
روى عَنْهُ: أبو القاسم البُوصيريّ، وبالإجازة أبو عَبْد الله الأرتاحيّ.
166- عليّ بْن القاسم بن محمد [1] .
أبو الحسن التّميميّ، المغربيّ، القُسَنْطينيّ، الأَشْعريّ، المتكلّم.
سَمِعَ بدمشق «الْبُخَارِيّ» مِن الفقيه نصر المقدسيّ.
وأخذ الكلام عَنْ أَبِي عَبْد الله محمد بْن عتيق القَيْروانيّ.
ورحل إلى العراق.
وله تصنيف سمّاه «تنزيه الإلهيَّة وكشف فضائح المشبّهة المشويّة» ، خرج فيه عَنْ قشوره.
قَالَ ابن عساكر: وكَانَ يُذكر عَنْهُ أنّه يعمل الكيميا الفِضَّة.
تُوُفّي بدمشق [2] .
167- عليّ بْن أَبِي القاسم محمود بن محمد [3] .
النَّصْراباذيّ [4] النَّيْسابوريّ أبو الحَسَن، المتفنّن في العلوم.
أنفق عمره وماله على العلم.
__________
[1] انظر عن (علي بن القاسم) في: الوافي بالوفيات 21/ 387 رقم 262.
[2] ومن شعره:
رحلت بروحي يوم ولّيت راحلا ... وخلّفت أحشائي عليك تقطّع
فو الله ما فارقت بعدك حسرة ... ولا جفّ لي من بعد نأيْك مدمع
[3] انظر عن (علي بن أبي القاسم) في: المنتخب من السياق 397، 398 رقم 1352، والتحبير 1/ 590، 591 رقم 579، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 183 ب.
[4] النصرآباذيّ: بفتح النون وسكون الصاد وفتح الراء المهملتين والباء الموحّدة وفي آخرها الذال المعجمة. هذه النسبة إلى محلّتين، إحداهما بنيسابور وهي من أعالي البلد. (الأنساب 12/ 88) .(35/433)
وحدَّث عَنْ: أبي صالح المؤدّب، وجماعة.
وكان مكثرًا بمرَّة.
تُوُفّي في نصف شَعْبان.
وسمع أيضًا مِن: عليّ بْن محمد الدّيَنَوريّ نزيل غَزْنَة، وأبي الحَسَن الواحدي، وطائفة.
أجاز للسّمعانيّ [1] .
- حرف الميم-
168- المأمون [2] .
أبو عبد الله بن البطائحيّ، وزير الدّيار المصريَّة.
وُلّي الممالك بعد قَتْلِ الأفضل أمير الجيوش سنة ستٌّ عشرة.
وكان أَبُوهُ مِن جواسيس أمير الجيوش بالعراق، فمات ولم يخلف شيئًا، ورُبّي محمد هذا يتيمًا، فاتّصل بإنسان يعرف البنات بمصر، ثمّ صار حمّالًا بالسّوق، فدخل مَعَ الحمّالين إلى دار الأفضل مرةً بعد أخرى، فرآه الأفضل شابًا ضعيفًا، حُلْو الحركات، فأعجبه، فسأل عَنْهُ، فقيل: هُوَ ابن فُلان. فاستخدمه مَعَ الفرّاشين. ثُمَّ تقدَّم عنده، وترقّت حاله.
وكان آخر أمره أنّه عمل على قتل الأفضل، وولّي منصبه.
__________
[1] وهو قال: كان شيخا فاضلا، متفنّنا، متنقنا، أنفق ماله وعمره وما ورثه على العلم والتحصيل والنسخ، وجمع الأصول، وقرأ الأدب والعربية على أبي الحسن الواحدي، واشتغل بالوعظ والتذكير ثم تركه، ونظر في الطب وحصّله. ورد مرو وأقام بها، وكان من الأفاضل الجامعين للفوائد.
وقال عبد الغافر: ولم أرغب في تحصيل النسخ منه، وقرئ عليه الكثير.
[2] انظر عن (المأمون ابن البطائحي) في: الكامل في التاريخ 10/ 629، 630، وذيل تاريخ دمشق 204، 209، 213، ونزهة المقلتين لابن الطوير 142، 143، والإشارة إلى من نال الوزارة 2، وأخبار مصر لابن ميسّر 2/ 60- 80، وأخبار الدول المنقطعة 87، 88، 92، 93، ووفيات الأعيان 5/ 599، والمغرب في حلى المغرب 83- 85، 252، 361، ونهاية الأرب 28/ 288، 291، 292، والعبر 4/ 44، 45، وسير أعلام النبلاء 19/ 553 رقم 320، والدرّة المضيّة 488، وعيون التواريخ 12/ 172، واتعاظ الحنفا (انظر فهرس الأعلام) 3/ 412، والمواعظ والاعتبار 1/ 125، 126، والنجوم الزاهرة 5/ 229، وشذرات الذهب 3/ 60، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 223، 224.(35/434)
وكان كريمًا، شَهْمًا، مقدّمًا، سفّاكًا للدّماء. وفي الآخر راسَلَ أخا الآمر بذلك، فأمسكه، ثمّ صلبه.
169- محمد بْن عَبْد الله بْن حسين.
أبو عَبْد الله بْن حسّون الكلبيّ المالقيّ [1] ، قاضي مالقة وابن قاضيها.
وكان فصيحًا بليغًا، ماضي الأحكام.
وولي قضاء مالقة.
170- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن موسى بْن عِياض [2] .
أبو عَبْد الله المخزوميّ الشّاطبيّ المقرئ المنتيشي [3] ، مِن قرية المنتيشة [3] .
أخذ القراءات عَنْ: أَبِي دَاوُد، وابن الدّشّ، وابن شفيع، وأبي القاسم بْن النّحّاس، ومنصور بْن الخير، وجماعة.
وسمع مِن: ابن سُكَّرَة، وجماعة.
وتصدّر للإقراء بشاطبة، فأخذ عَنْهُ النّاس. وكان إمامًا في التفسير، مُقَدَّمًا في البلاغة، مشاركًا في أشياء.
وكان يفسّر كلّ جمعة.
روى عَنْهُ أبو عَبْد الله المكناسيّ.
وتُوُفّي وهو كهل.
171- مُحَمَّد بْن واجب بْن عُمَر بْن واجب [4] .
أبو الحَسَن القَيْسيّ البلنسيّ، قاضي بلنسية.
روى عن: أبي العبّاس العذريّ وأكثر عنه.
__________
[1] المالقي: بفتح الميم وكسر اللام، وفي آخرها القاف، هذه النسبة إلى مالقة، وهي بلدة من بلاد الأندلس بالمغرب. (الأنساب 11/ 94) .
[2] انظر عن (محمد بن عبد الرحمن) في: معجم البلدان 5/ 208.
[3] في الأصل: «المنتشي» و «المنتشة» ، والتصحيح من معجم البلدان، وفيه: منتيشة: بالفتح ثم السكون، وكسر التاء المثناة من فوقها، وياء، وشين معجمة، مدينة بالأندلس قديمة من أعمال كورة جيّان، حصينة مطلّة على بساتين وأنهار وعيون، وقيل إنها من قرى شاطبة.
[4] انظر عن (محمد بن واجب) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 574، 575 رقم 1268.(35/435)
وعن: أَبِي الوليد الباجيّ، وأبي اللَّيْثُ السَّمَرْقَنْديّ.
قَالَ ابن بَشْكُوال: كتب إلينا بمرويّاته، وكان محببًا إلى أهل بلده، رفيقًا [1] بهم، عفيفًا.
تُوُفّي في ذي الحجة، وله اثنان وسبعون سنة [2] .
172- منصور بن علي [3] .
روى عَنْهُ العثماني بالإسكندريّة.
ورّخه ابن المفضّل.
__________
[1] في الصلة: «رفيعا فيهم، جامد اليد عن أموالهم من بيت فضل وجلالة، ونباهة وصيانة» .
[2] مولده سنة 446 هـ-.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.(35/436)
سنة عشرين وخمسمائة
- حرف الألف-
173- أحمد بْن عليّ بْن غَزْلُون [1] .
أبو جعفر الأُمَويّ الأندلسي.
روي عَنْ: أَبِي الوليد الأندلسيّ.
قَالَ ابن بَشْكُوال: وهو معدود في كبار أصحابه، وكان من أهل الحفظ والمعرفة والذكاء. أخذ عنه أصحابنا، وتوفّي بالعدوة في نحو العشرين وخمسمائة.
وقيل: توفّي سنة أربع وعشرين، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين.
174- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عِيسَى بْن منظور [2] .
أبو القاسم القيسي الإشبيلي، قاضي إشبيلية.
روي عَنْ: أبيه، وابن عم أَبِيهِ أَبِي عَبْد الله محمد بْن أحمد.
واستقضى ببلده مدَّة طويلة.
أخذ عَنْهُ ابن بَشْكُوال.
وعاش أربعًا وثمانين سنة.
والصّواب في جدّهم محمد بدل عيسى، حرّره ابن رشيد.
175- إِسْحَاق بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز [3] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي بن غزلون) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 77 رقم 169.
[2] انظر عن (أحمد بن محمد القيسي) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 78 رقم 171.
[3] انظر عن (إسحاق بن عمر) في: المنتخب من السياق 160، 161 رقم 387، والتحبير 1/ 125، 126 رقم 50، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 51 ب، 52 أ.(35/437)
أبو القاسم النَّيْسابوريّ الشّجاعيّ الجميليّ، الشّاعر المشهور الشُّرُوطيّ.
كَانَ كثير الفنون، شاعرًا مفلقًا، مجودًا في فنون الشّعر، كثير القول.
سَمِعَ: عُمَر بْن مسرور، وعبد الغافر بن محمد الفارسيّ، وأبا عثمان الصّابونيّ، والطبقة.
وكان يختم أماليه بأشعاره الرائقة، وحسُنَت سريرته وتوبته في آخر أيّامه.
وكان ذا تجمَّل وحشمة.
تُوُفّي في جمادي الآخرة، وعاش ثمانين سنة.
روى عَنْهُ: أبو سَعْد السّمعانيّ بالإجازة [1] .
176- إسماعيل بْن أحمد بْن محمد بْن مُكْرَم [2] .
أبو القاسم الصَّيْدلانيّ النَّيْسابوريّ العطّار.
كَانَ والده أبو حامد محدّث عصره.
وُلِد أبو القاسم سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة [3] .
وسمع: عَبْد الغافر، والفارسيّ، وابن مسرور، وعبد الله بن يوسف الجوينيّ.
أجاز للسّمعانيّ [4] .
__________
[1] وقال عبد الغافر: «شرف الأفاضل، مشهور بنيسابور، لقي الأكابر وخدم الصدور. كان من أركان مجلس القضاء، جميل المعاشرة، ظريف الصحبة، محبوب المحاورة والمحاضرة، مقبولا عند الخاص والعام، وله الأشعار الكثيرة الرائقة في كل فن، والطريقة المستعملة في الأغاني والخمريات للفسقة، ثم الغزليات والرباعيات المعشّقة باللسانين، ثم المقطّعات المستحسنة في فضائل الصحابة، وأبواب التوبة والزهد التي أنشأها لأذناب الأمالي، وتدارك ما مضى في أيام الشباب مما جمعه في ديوان وقع في مجلّدتين عنده. وقارب الثمانين أو نيّف عليها. وطبعه بعد غضّ كما كان في أيام الشبيبة مع خلل ظهر في لسانه وطرفه لم يغض ما طرفه ... وعقد له مجلس الإملاء في مسجد الصّرافين المعروف بمسجد الأصبهاني إلى اليوم، فأملى مدة حتى عجز عن الحضور. وخرّج لنفسه فوائد من الأحاديث والحكايات. ولم يزل منذ كان في تجمّل ونعمة ورفعة وثروة ومعاشرة» .
[2] انظر عن (إسماعيل بن أحمد) في: المنتخب من السياق 153 رقم 358، والتحبير 1/ 80 رقم 358، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 38 ب، 39 أ.
[3] وقيل كانت ولادته سنة 424 هـ-.
[4] بجميع مسموعاته في سنة 509 هـ-.(35/438)
- حرف الباء-
177- بهرام بْن بهرام بْن فارس [1] .
أبو شجاع البغداديّ البَيَّع.
أحد الرُّؤساء والمتموّلين.
ولد في المحرّم سنة ثلاثين وأربعمائة.
وسمع: أبا القاسم التّنُوخيّ، وأبا محمد الجوهري، وغيرهما.
قَالَ ابن السّمعانيّ: صَلُح أمرُه في آخره عمره، وحسُنَت طريقته، وكان لَهُ معروف كثير وصدقة جارية.
قَالَ أبو الفَرَج [2] : كَانَ سماعه صحيحًا. وكان كريمًا، بنى مدرسة للحنابلة بكلواذى ودُفِن فيها. ووقف قطعة مِن أملاكه عَلَى الفقهاء.
وتُوُفّي في سادس عشر محرَّم.
- حرف الجيم-
178- جَابِر بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْن متّ [3] .
الأنصاريّ، شيخ هَرَاة، أبو عطيَّة ابن شيخ الإسلام أَبِي إسماعيل.
كَانَ زاهدًا صلفًا، تامّ المروءة، ذا هيبة وجلالة.
وُلِد سنة 444، وسمع الكثير مِن أصحاب عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي شُرَيح، وغيرهم.
وكان قليل العلم. وكان يعظ ويزدحمون عليه [4] .
__________
[1] انظر عن (بهرام بن بهرام) في: المنتظم 9/ 262 رقم 417 (17/ 240 رقم 3940، والبداية والنهاية 12/ 107.
[2] في المنتظم.
[3] انظر عن (جابر بن عبد الله) في: التحبير 1/ 153- 155 رقم 83، ومعجم شيوخ ابن السمعانيّ، ورقة 62 أ، 62 ب.
[4] وقال ابن السمعاني: كان خاليا عن الفضل، غير أنه كان معتقدا فيه بين مريدي والده، ورأى منهم ما لم ير أحد في عمره من القبول التام، وجري أموره على سداد واستقامة. وكان يعقد المجلس في الأشهر الثلاثة: رجب، وشعبان، ورمضان يوم الإثنين على ما كان والده في جامع هراة. ويحضر مجلسه عالم لا يحصون. وكان سليم الجانب، بهيّ المنظر.(35/439)
سَمِعَ: أبا عُمَر المليحيّ، ومحلم بْن إسماعيل الضّبّيّ، ومحمد بْن عَبْد العزيز الفارسيّ.
روى عَنْهُ طائفة.
ومات في غرَّة ذي القِعْدة [1] .
- حرف الطاء-
179- طُرْخان بْن محمود الشَّيْبانيّ [2] .
أحد الأمراء الكبار بدمشق، وصاحب المدرسة الّتي بجَيْرُون.
تُوُفّي في رجب [3] .
- حرف العين-
180- عَبْد الله بْن طاهر بْن محمد بْن كاكو [4] .
أبو محمد الصُّوريّ، الواعظ، المعروف بالقاضي ابن زينة.
واعظ الأعزية.
قَالَ ابن عساكر: كَانَ كثير التّطفيل. ذكر لي أنّه سَمِعَ بمصر مِن أبي عَبْد الله القُضاعيّ، وأنّه تفقَّه ببغداد عَلَى أَبِي إِسْحَاق الشّيرازيّ، وأنّه وُلِد سنة نيّف وثلاثين وأربعمائة [5] .
اجتمعت به غير مرّة [6] .
__________
[1] وكانت ولادته في شهر ذي القعدة سنة 444 هـ-.
[2] انظر عن (طرخان) في: ذيل تاريخ دمشق 216، والوافي بالوفيات 15/ 425 رقم 462، والدارس في تاريخ المدارس 1/ 415، ومنادمة الأطلال 179، 190.
[3] وكانت وفاته بعلّة حادّة.
[4] انظر عن (عبد الله بن طاهر) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 21/ 127، 128، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 12/ 283 رقم 149، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 129، والنجوم الزاهرة 5/ 234، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 3/ 258، 259 رقم 598.
[5] وفاته في (مرآة الزمان) سنة 522 هـ-. وفي (النجوم الزاهرة) 523 هـ-. وقال ابن عساكر: توفي في سنة عشرين وخمسمائة وأنا غائب ببغداد. في رحلتي الأولى.
[6] وقال ابن عساكر: أصله من مروالرّوذ، وولد بصور، ونشأ بالشام. رأيت له سماعا من أبي عبد الله بن الحسن بن أبي فجّة البعلبكي سنة 486 وهو إذ ذاك كثير، وكان كثير الحفظ للنتف والأشعار المقطّعة، حسن الإيراد، حلو اللسان، وذكر أنه ولد في حدود سنة 437 واجتمعت به(35/440)
181- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن الحَسَن [1] .
أبو القاسم الإصبهانيّ الصَّفّار.
أخو أَبِي عليّ الدّقّاق الحافظ.
روى عَنْ: إبراهيم سِبْط بحرُوَيْه.
وعنه: أبو موسى.
وتُوُفّي فِي رمضان.
182- عَبْد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن [2] .
أبو محمد الجيزباران [3] .
ذكره عَبْد الغافر [4] فقال: شيخ معروف مِن أبناء المياسير وذوي النّعَم.
سَمِعَ الكثير مِن: أَبِي حفص بْن مسرور، وأبي عثمان الصّابونيّ، وأبي الحُسَيْن عَبْد الغافر، والكَنْجَرُوذيّ، وأبي عثمان البَحيريّ، وأبي بَكْر البَيْهَقيّ، والمتأخرين.
تُوُفّي سنة عشرين.
__________
[ () ] غير مرة غير أني لم أكتب عنه شيئا.
قال غيث الصوري: أنشدني القاضي أبو محمد عبد الله بن طاهر، أنشدني أبو إسحاق الشيرازي.
لما أتاني كتاب منك مبتسما ... عن كل معنى ولفظ غير محدود
حكت معانيه في أثناء أسطره ... أفعالك البيض في أحوالي السود
قال: وأنشدني أيضا ولم يذكر عمّن أنشده:
عزيز على عزّتي عزّتي ... وألبسني الهجر إن سلما
فلما تملّكني واحتوى ... على مهجتي سلاما سلّما
وسمعته ينشد لبعضهم في وزير عزل عن الوزارة ثم أعيد:
قد رجع الأمر إلى نصابه ... وأنت من كل الورى أولى به
ما كان إلا السيف سلّته يد ... ثم أعادته إلى قرابه
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: المنتخب من السياق 319 رقم 1053، والتحبير 1/ 407، 408 رقم 361، والتقييد لابن نقطة 340 رقم 415.
[3] في الأصل: «الجزباران» .
[4] في المنتخب 319.(35/441)
وذكر السّمعانيّ [1] فيمن أجاز لَهُ، وقال فيه: التّميميّ البَيَّع الجيزبارانيّ المعروف بالجيزباران [2] . مات في ربيع الأوّل. سَمِعْتُ مِن ولده محمد الكثير، وأمّا والده فعاش مائةً وخمس سنين [3] .
183- عَبْد العظيم بْن سَعِيد اليَحْصُبي [4] .
الدّانيّ، المقرئ أبو محمد.
روى عَنْ: أَبِي سهل المقرئ، وأبي الوليد الباجيّ، وأبي الحسن ابن الخشّاب، وأبي القاسم الطليطلي.
وأقرأ الناس بدانية.
وتوفي في نحو العشرين وخمسمائة.
184- علي بن محمد بن دري [5] .
أبو الحسن الطليطلي الغرناطي، خطيب غرناطة.
روى عَنْ: أَبِي عَبْد الله المَغَامِيّ، وأبي الوليد الوقْشيّ، وأبي المطّرف ابن سَلَمَةَ، وجماعة.
وكان مقرئًا، فاضلًا، ضابطًا، عارفًا. أخذ الناس عَنْهُ.
وتُوُفّي رحمه الله في رمضان.
185- عُمَر بْن محمود بْن غَلّاب [6] .
أبو حفص الإفريقيّ الباجيّ، باجة إفريقيَّة، لَا باجة الأندلس.
تُوُفّي في صَفَر، وله ستّ وثمانون سنة [7] .
__________
[1] في التحبير، وقال: كتب لي الإجازة سنة تسع وخمسمائة.
[2] في الأصل: «بالجزباران» .
[3] وقال ابن نقطة: حدّث بكتاب المختصر لمحمد بن أسلم الطوسي، عن أبي مسعود البجلي.
سمعه منه جماعة منهم عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بْن أَحْمَد بْن منصور الصفار بنيسابور، بقراءة حمزة بن بحسول الهمدانيّ الحافظ في مجالس آخرها في جمادى الأولى من سنة تسع عشرة وستمائة.
(التقييد) .
[4] انظر عن (عبد العظيم بن سعيد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 388 رقم 833، وغاية النهاية 1/ 397 رقم 1690.
[5] انظر عن (علي بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 425 رقم 914.
[6] انظر عن (عمر بن محمود) في: معجم البلدان 1/ 315، 316.
[7] كانت ولادته في رجب سنة 434.(35/442)
قَالَ السّلَفيّ: علّقت عَنْهُ حكايات عَنْ شيوخه الّذين صحبهم، كعبد الحقّ ابن محمد السّبْتيّ، وعبد الجليل بْن مخلوف [1] .
- حرف الفاء-
186- فضل الله بْن عُمَر بْن أحمد بْن محمد [2] .
أبو طاهر المعروف بليلى النَّسَويّ.
سَمِعَ بدمشق: أبا القاسم الحُسَيْن بْن محمد.
وبصور: أبا بَكْر الخطيب.
وبالقدس: عَبْد العزيز بن أحمد النَّصيبيّ.
روى عَنْهُ: أبو سَعْد السمعاني، وقال: كَانَ شيخًا مَعْمَرا مشهورًا، سَمِعَ منه الكبار في مجلس نظام المُلْك مثل جدّي أبي المظفَّر السّمعانيّ، ووالدي، وعمّي.
وتُوُفّي في رمضان ودُفن برباط بمرو، وله تسعون سنة.
- حرف الميم-
187- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن أحمد بن رُشْد [3] .
أَبِي الوليد القُرْطُبيّ المالكيّ، قاضي الجماعة بقُرْطُبَة.
روى عَنْ: أَبِي جعفر أحمد بْن رزق الفقيه شيخه، وعن: أبي عليّ الغسّانيّ.
__________
[1] تحرّفت في (معجم البلدان) إلى: «مخلوق» .
[2] انظر عن (فضل الله بن عمر) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 20/ 287 رقم 116.
[3] انظر عن (محمد بن أحمد المالكي) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 576، 577 رقم 1270، والغنية للقاضي عياض 122- 125، وبغية الملتمس للضبّي 50، وقضاة الأندلس 98، 99، والمغرب في حلى المغرب 162، والإعلام بوفيات الأعلام 213، وسير أعلام النبلاء 19/ 501، 502 رقم 290، والعبر 4/ 47، ودول الإسلام 2/ 44، وتذكرة الحفاظ 4/ 1271 (دون ترجمة) وعيون التواريخ 12/ 187 وفيه «رشيد» بدل «رشد» ، ومرآة الجنان 3/ 225، والمرقبة العليا 98، 99، والديباج المذهب 248- 250، والوفيات لابن قنفذ 270 رقم 520، وأزهار الرياض 3/ 59، وكشف الظنون 361، 1412، وشذرات الذهب 4/ 62، وهدية العارفين 2/ 85، والمجدّدون في الإسلام للصعيدي 220- 223، وشجرة النور الزكية 1/ 129، ومعجم المؤلفين 8/ 228.(35/443)
وأجاز له أبو العباس العذري.
قال ابن بَشْكُوال: [1] وكان فقيهًا عالمًا، حافظًا للفِقْه، مقدَّمًا فيه عَلَى جميع أهل عصره، عارفًا بالفتوى عَلَى مذهب مالك وأصحابه، بصيرًا بأقوالهم [2] ، نافذَا في علم الفرائض والأُصُول، مِن أهل الرئاسة في العِلْم والبراعة في [3] الفهم، مَعَ الدّين والفضل والوقار والحلْم، والسَّمْت الحَسَن والهدْي الصّالح.
ومن تصانيفه: كتاب «المقدمات لأوائل كُتُب المدوَّنَة» [4] ، وكتاب «البيان والتّحصيل لمّا في المستخْرَجَة مِن التّوجيه والتّعليل» [5] ، و «اختصار المبسوطة» [6] ، واختصار «مشكل الآثار» للطّحاويّ، إلى غير ذَلِكَ.
سمعنا عَلَيْهِ بعضها، وأجاز لنا سائرها. وسار في القضاء بأحسن سيرة وأقْوَم طريقة، ثمّ استعفى منه فأُعفي. ونشر كُتُبُه وتواليفه، وكان النّاس يعوّلون عَلَيْهِ ويلجئون [7] إِليْهِ.
وكان حَسَن الخُلُق، سهل اللّقاء، كثير النَّفْع لخاصّته، وجميل العِشرة لهم، حافظًا لعهدهم، بارَّا بهم.
تُوُفّي في حادي عشر ذي القِعْدة.
وصلّى عَلَيْهِ ابنه أبو القاسم، وعاش سبعين سنة.
قلت: روى عَنْهُ: أبو الوليد ابن الدّبّاغ فقال: كَانَ أفقه أهل الأندلس في وقته، وقد صنَّف شرحًا للعتبية، وبلغ فيه الغاية.
قلت: وهو جدّ ابن رشد الفيلسوف.
__________
[1] في الصلة.
[2] زاد في الصلة: «واتفاقهم واختلافهم» .
[3] «في» ليست في الصلة.
[4] في الأصل: «المقدمة» .
[5] قال في الديباج 1/ 248: وهو كتاب عظيم نيّف على عشرين مجلّدا.
[6] في الأصل: «المبسوط» ، والتصحيح من: الصلة، وسير أعلام النبلاء.
[7] في الأصل: «يلجون» .(35/444)
188- محمد بْن خَلَف بْن سليمان بْن فَتْحُون [1] .
أبو بَكْر الأندلسيّ الأُورِيُوليّ [2] الحافظ.
روى عَنْ: أَبِيهِ، وأبي الحَسَن طاهر بْن مُفَوَّز. وأكثر عَنْ: أبي عليّ بْن سُكَّرَة، وغيره.
وكان معتنيًا بالحديث، عارفًا بالرجال، وله استدراك عَلَى ابن عَبْد البَرّ في كتاب «الصّحابة» في سِفْرَين، وكتاب، آخر في «أوهام الصّحابة» المذكور، وأصلح أيضًا أوهام «معجم ابن قانع» في جزء.
وأجاز لابن بَشْكُوال مِن مُرْسِيَة [3] .
189- محمد بْن الربيع [4] .
أَبُو سَعْد الهَرَويّ الجيلي.
يروى «صحيح الْبُخَارِيّ» عَنْ: أَبِي عمر المليحيّ.
ويروي «جامع التّرْمِذيّ» عَنْ جماعة.
تُوُفّي في حدود العشرين.
190- محمد بْن عَبْد الخالق بْن محمد [5] .
القاضي أبو المؤيَّد ابن القاضي أبي بَكْر.
ولّي قضاء سَمَرْقَنْد، ثمّ قضاء كِسّ أكثر مِن ثلاثين سنة.
وكان مِن خِيار الحَنفِيَّة.
مات أبوه في سنة ثمانين وأربعمائة، وكان أَبُوهُ مستملي شمس الأئمَّة الحَلوانيّ بكِسّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن خلف) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 577، 578 رقم 1271، والمعجم لابن الأبّار 103- 107، وفهرسة ابن خير 480، ومعجم البلدان 1/ 280، والوافي بالوفيات 3/ 45، 46، وهدية العارفين 2/ 84، وإيضاح المكنون 1/ 73، ومعجم المؤلفين 9/ 284، 285.
[2] الأوريولي: بالضم ثم السكون، وكسر الراء، وياء مضمومة، ولام، وهاء. مدينة قديمة من أعمال الأندلس من ناحية تدمير. (معجم البلدان) .
[3] قال ياقوت: مات سنة 520 وقيل سنة 519.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.(35/445)
191- مسعود بْن الحسين [1] .
أبو المعالي الكُشَانيَ [2] السَّمَرْقَنْديّ.
نقله الخاقان مِن بُخارى إلى سَمَرْقَنْد للتّدريس بالمدرسة الخاقانيَّة وولّاه خَطَابة سَمَرْقَنْد، فبقي عَلَى ذَلِكَ مدَّة.
وتُوُفّي فِي ربيع الأوّل، وَلَهُ ثلاثٌ وسبعون سنة.
تفقَّه عَلَيْهِ غير واحد.
__________
[1] انظر عن (مسعود بن الحسين) في: الأنساب 10/ 432.
[2] الكشاني: بضم الكاف والشين المعجمة وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى كشانية، وهي بلدة من بلاد السغد بنواحي سمرقند على اثني عشر فرسخا منها.(35/446)
ومن هذه الطبقة ممن لَا أعرف وفاته
- حرف الألف-
192- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن سلمُوَيْه [1] .
أبو العبّاس النَّيْسابوريّ الصُّوفيّ، مِن أولاد المشايخ.
مرَّ أَبُوهُ سنة ثمانٍ وسبعين.
وهو: شيخ صالح، سَمِعَ مِن: عَبْد الغافر الفارسيّ، وابن مسرور، وغيرهما.
سَمِعَ منه: أبو سَعْد السّمعانيّ حضورًا، وذكره في «الأنساب» في السّلموييّ [2] ، وقال: توفّي سنة عشرة وخمسمائة.
193- أسعد بْن أحمد بْن أَبِي رَوْح [3] .
القاضي العالم أبو الفَضْلِ الطَّرَابُلُسي.
رأس الشّيعة بالشّام، وتلميذ القاضي ابن البرّاج [4] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي) في: الأنساب 7/ 116.
[2] السّلموييّ: بفتح السين المهملة، وسكون اللام، وضم الميم، وفي آخرها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى سلمويه.
[3] انظر عن (أسعد بن أحمد) في: ديوان ابن الخياط 121، 122، وفيه: «ابن أبي الدوح» (بالدال) ، وعيون التواريخ 12/ 183، وميزان الاعتدال 1/ 210، وسير أعلام النبلاء 19/ 499، 500 رقم 288، والوافي بالوفيات 9/ 40، والكنى والألقاب للقمّي 1/ 219، ولسان الميزان 1/ 386، 387، وروضات الجنات 1/ 113، وطبقات أعلام الشيعة آقا بزرگ 2/ 30، وأعيان الشيعة 11/ 134، وكتابنا: الحياة الثقافية في طرابلس الشام 192- 195، وكتابنا: دار العلم بطرابلس في القرن الخامس الهجريّ 37- 39، وكتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 1/ 388- 392 رقم 261.
[4] ابن البرّاج هو: أبو القاسم عبد العزيز بن نحرير بن عبد العزيز بن البرّاج، من كبار علماء الشيعة. ولي قضاء طرابلس عشرين يوما، وقيل ثلاثين عاما. توفي سنة 481 هـ-. (انظر(35/447)
جلس بعد ابن البرّاج بطرابُلُس لتدريس الرَّفْض، وصنَّف التّصانيف.
وولّاه ابن عمّار [1] قضاء طرابُلُس بعد ابن البرّاج.
وله كتاب «عيون الأدلَّة في معرفة الله» ، وكتاب «التَّبصرة» في خلاف الشّافعيّ للإمامية، وكتاب «البيان عَنْ حقيقة الْإنْسَان» ، وكتاب «المقتبس في الخلاف بيننا وبين مالك بْن أنَس» ، وكتاب «التّبيان في الخلاف بيننا وبين النُّعْمان» ، «مسألة تحريم الفُقّاع» ، كتاب «الفرائض» ، كتاب «المناسك» ، كتاب «البراهين» ، وأشياء أخرى ذكرها ابن أبي طيِّئ في «تاريخه» ، وأنه انتقل مِن طرابُلُس إلى صيدا، وأقام بها، وكان مرجع الإماميَّة بها إِليْهِ. فلم يزل بها إلى أن ملكت الفرنج صيدا.
قال [ابن أبي طيّ،] [2] . فأظنّه قتل بصيداء عند ما ملكت الفرنج البلاد.
ورأيت مِن يَقُولُ إنّه انتقل إلى دمشق [3] .
قَالَ: وذكره ابن عساكر فقال: كَانَ جليل القدر، يرجع إليه أهل عقيدته.
قَالَ: وكَانَ عظيم الصّلاة والتّهجُّد، لَا ينام إلّا بعض اللّيل. وكان صمته أكثر من كلامه.
__________
[ () ] ترجمته ومصادرها في كتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي، القسم الأول- ج 3/ 147- 152 رقم 824) ، ووقع في (لسان الميزان 1/ 386) : «ابن البداح» .
[1] ابن عمّار هو: صاحب طرابلس جلال الملك (464- 492 هـ-.) ، (انظر عنه كتابنا: تاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ (طبعة ثانية) ج 1/ 359- 375) .
[2] في الأصل: «قال أبي» . وهو «يحيى بن حميدة بن ظافر الحلبي» توفي سنة 630 هـ-.
[3] ذكر المؤلّف القول الأول، ولم يذكر القول الثاني، في (سير أعلام النبلاء 19/ 499) ، أما ابن حجر فقال إنه توفي قبل سنة 520، وينقل عن ابن أبي طيِّئ أنه قتل في حيفا عند ما ملكها الصليبيون. (لسان الميزان 1/ 386، 387) .
ويقول خادم العلم محقّق هذا الكتاب: هكذا وقع في المطبوع من (لسان الميزان) ، وهذا لا يتفق مع ما ذكره المؤرّخون من أن حيفا سقطت بيد الصليبيين سنة 494، والصحيح أنه كان بصيداء.
وقد ذكره ابن شاكر الكتبي في وفيات سنة 520 هـ-. (عيون التواريخ 12/ 183) .
وقيل إنه حين تحوّل إلى صيدا اتخذ بها دارا للكتب جمع فيها أزيد من أربعة آلاف مجلّدة.
(لسان الميزان 1/ 386) .(35/448)
قلت: لم أره في «تاريخ ابن عساكر» [1] .
وحكى أبو اللُّطْف [2] الدّارانيّ، قَالَ: ما استيقظت مِن اللّيل قَطّ إلّا وسمعت حسّه بالصّلاة. وبالغ في وصفه، وحكى لَهُ كرامة.
وحكى الرّاشديّ [3] تلميذه قَالَ: جمع ابن عمّار بين أبي الفَضْلِ وبين مالكيّ مناظرة في تحريم الفقّاع، وكان الشّيخ جريئا فصيحًا، فنطق بالحجَّة ووضح دليله، فانزعج المالكيّ وقال: كُلْني كُلْني.
فقال: ما أَنَا عَلَى مذهبك. أراد أن مذهبه جواز أكل الكلب.
وقال لَهُ ابن عمّار يومًا: ما الدّليل عَلَى حدَّث القرآن؟
قَالَ: النَّسخُ، والقديم لَا يتبدَّل ولا يدخله زيادة ولا نقص [4] .
وقال له آخر: ما الدّليل على أنّا مخيَّرون في أفعالنا؟
قَالَ: بعْثةُ الرُّسُل.
وقال لَهُ أبو الشُّكر؟ بن عمّار: [5] ما الدليل عَلَى المتْعة؟
قَالَ: قولُ عُمَر: مُتْعَتَانِ كَانَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَا أنهى عَنْهُمَا.
فقبِلْنا روايته، ولم نقبل قوله في النَّهْي.
قلت: هلّا قبلتَ رواية إمامك عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه في النَّهْي عَنْ متعة النّساء [6] ؟!
__________
[1] ويقول خادم العلم محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : لقد قرأت تاريخ دمشق لابن عساكر مرتين في دار الكتب المصرية، نسخة المكتبة التيمورية، وهي من 48 مجلّدا، ولم أقف فيه على ذكر لابن أبي روح الطرابلسي، كما يقول المؤلّف الذهبي، رحمه الله.
[2] في الأصل: «اللطيف» .
[3] هو: محمد بن الحسين بن مخلوف الراشدي المعروف بابن بركات الطرابلسي. توفي سنة 540 هـ-. انظر ترجمته ومصادرها في كتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي- القسم الثاني- ج 4/ 12 رقم 994.
[4] علّق ابن حجر على قوله هذا فقال: «هذا هذيان، والنسخ إنما دخل على الحكم فقط» .
(لسان الميزان 1/ 387) .
[5] لم أقف في كل أبحاثي عن بني عمّار على من يعرف بأبي الشكر. انظر لي شجرة نسب بني عمّار في كتابي: «لبنان في العصر الفاطمي» . طبعة دار الإيمان، بطرابلس.
[6] وجاء في ديوان ابن الخياط أن القاضي جلال الملك ابن عمّار صاحب طرابلس أمره أن يفرّق(35/449)
- حرف العين-
194- عَلِيِّ بْن عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن الهيصم [1] .
__________
[ () ] على أهل دار العلم ذهبا، وكان ابن الخياط يدرس في دار العلم وهو في عداد طلبتها، فلم يصله شيء، وكان ابن أبي روح يتولّى النظر على دار العلم، فأعطاه من ماله لما كتب له هذه الأبيات:
أبا الفضل كيف تناسيتني ... وما كنت تعدل نهج الرشاد
فأوردت قوما رواء الصدور ... وحلّات مثلي وإنّي لصاد
لقد أيأستني من ودّك ... الحقيقة إن كان ذا باعتماد
منحتك قلبي وعاندت فيك ... من لا يهون عليه عنادي
أظنّ نهاري والحاسدوك ... كأني وإيّاهم في جهاد
ويجدب ظنّي فيمن أودّ ... وظنّي فيك خصيب المراد
إلى أن رأيت جفاء يدلّ ... أنّ اعتقادك غير اعتقادي
فيا ليتني لم أكن قبلها ... شغفت بحبّك يوما فؤادي
فإنّ القطيعة أشهى إليّ ... إذا أنا لم أنتفع بالوداد
بلوت الأنام فما أن رأيت ... خليلا يصح مع الانتقاد
ولولا شماتة من لامني ... على بثّ شكرك في كل ناد
وقولهم ودّ غير الودود ... فجوزي على قربه بالبعاد
لما كنت من بعد نيل الصفاء ... لأرغب في النائل المستفاد
وما بي أن يردع الشامتين ... وصالك برّي وحسن افتقادي
ولكن لكي يعلموا أنني ... شكرت حقيقا بشكر الأيادي
ولم أمنح الحمد إلّا أمرا ... أحقّ به من جميع العباد
وما كنت لو لم أعم في نداك ... لأثني على الروض قبل ارتيادي
وإنك أهل لأن تقتني ... ثنائي قبل اقتناء العتاد
فلا يحفظنك أني عتبت ... فتمنعني من بلوغ المراد
فإنّ البلاد إذا أجدبت ... فما تستغيث بغير المهاد
إذا ما تجافى الكرام الشداد ... عنّا فمن للخطوب الشداد؟
(ديوان ابن الخياط 121، 122) .
وينقل «آغا بزرگ الطهراني» عن نسخة من (لسان الميزان) أن ابن أبي روح كان قاضيا من قبل ابن عماد المهري الّذي قتله المعتمد العباسي بيده في سنة 477 (طبقات أعلام الشيعة- النابس في القرن الخامس 2/ 30، بيروت 1971) .
ويقول خادم العلم «عمر عبد السلام تدمري» : هذا وهم، فالمعتمد العباسي توفي قبل نحو قرنين أي سنة 279 هـ-.
[1] انظر عن (علي بن عبد الله) في: المنتخب من السياق 397 رقم 1347.
وأقول: هو غير: «علي بن عبد الله بن محمد بن الهيضم» (بالضاد المعجمة) ، فصاحب الترجمة(35/450)
الإمام أبو الحسين النَّيْسابوريّ، أحد الوجوه.
مِن أئمَّة أصحاب أَبِي عَبْد الله، البارع في الفنون.
سَمِعَ الحديث في صباه، وسمع «صحيح مُسْلِم» مِن: أبي الحُسَيْن عَبْد الغافر.
وسمع مِن أَبِيهِ.
وله أولاد نُجَبَاء.
195- عيسى بْن شُعيب بْن إبراهيم [1] .
أبو عَبْد الله السّجْزيّ، شيخ صالح، خيّر.
سكن هَرَاة وولد سنة بها أبو الوقت.
سَمِعَ: عليّ بْن بشرى اللَّيْثي.
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: أجاز لي مسموعاته، ومات سنة نيّف عشرة وخمسمائة.
قلت: مرّ سنة اثنتي عشرة [2] .
- حرف الميم-
196- مُحَمَّد بْن أحمد بْن الحُسَيْن [3] .
أبو منصور الرّزّاز [4] الخلّال. ويُعرف بالرّفّاء. أخو أَبِي ثعلب. شيخ بغداديّ عالي الإسناد.
حدَّث في سنة عشرة. وكان ذا دين وصلاح وتلاوة.
وُلِد سنة ثمان وعشرين وأربعمائة في صفر.
__________
[ () ] نيسابوري محدّث. وهذا هرويّ أديب له مصنّفات ديوان شعر. انظر عنه في: الوافي بالوفيات 21/ 209 رقم 132 وفيه مصادره.
[1] انظر عن (عيسى بن شعيب) في: التحبير 1/ 611- 613 رقم 602، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 187 ب.
[2] وقد تقدّم برقم (38) .
[3] مذكور في (ذيل تاريخ بغداد لابن النجار) في الجزء المفقود.
[4] الرزّاز: بفتح الراء وتشديد الزاي المفتوحة والألف بين الزايين المعجمتين. هذه النسبة إلى الرزّ وهو الأرزّ، وهو اسم لمن يبيع الرزّ. (الأنساب) .(35/451)
وسمع مِن: الحافظ أَبِي محمد الخلّال، وأبي طَالِب العُشَاريّ، والجوهريّ.
روى عَنْهُ: المبارك بْن أحمد الأنصاريّ، وصالح بْن زرعان التّاجر، ويحيى بْن بوش.
ذكره ابن النَّجَّار.
197- محمد بْن عَبْد الجبّار بْن محمد بْن الحَسَن [1] .
أبو سَعْد الجويميّ الفارسيّ، المقرئ الشّيرازيّ.
أحد مِن عُني بالقراءات، ورحل إلى الآفاق فيها. وصنف فيها التّصانيف.
قرأ عَلَى: أَبِي القاسم هبة اللَّه بْن عَلِيّ بْن عِراك المغربيّ التّاجر، تلميذ أَبِي عَمْرو الدّانيّ، وأبي عليّ الأهوازيّ.
وقرأ بالأهواز عَلَى: أَبِي بَكْر محمد بْن عَبْد الكريم الفَرغانيّ.
وببغداد عَلَى: أَبِي الْخَطَّاب بْن الجرّاح، وابن سوار.
وسمع مِن: طِراد، وجماعة.
وسكن بغداد [2] .
قرأ عَلَيْهِ: المبارك بْن كامل الخفّاف، وهبة الله بْن بدران العجّان في سنة إحدى عشرة وخمسمائة.
وروى عَنْهُ: مَعْمَر بْن الفاخر.
198- مُحَمَّد بْن عَبْد المُلْك بْن مُحَمَّد [3] .
أَبُو بَكْر الأُشْنانيّ [4] ، المؤدّب، الأديب، المعروف بالباقلّانيّ.
وأُشْنان مِن قُرى بلد الخالص.
سكن بباب الأزج يؤدّب.
روى عنه من شعره: منوجهر بن تركانشاه، وأبو نصر الرسوليّ، وأبو
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الجبار) في: غاية النهاية 2/ 158، 159 رقم 3093.
[2] فأقرأ بها، قرأ عليه أحمد بن هبة الله بن أحمد الجزري سنة سبع وخمسمائة.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] الأشناني: بضم الهمزة وسكون الشين المعجمة ونون.(35/452)
المعمّر المبارك الأنصاريّ.
قَالَ أبو المُعَمَّر: أنْشَدَنا لنفسه:
قلْ للمليحة في الخمار المُذْهب ... ذهب الزَّمانُ وحبكّم لم يذهب
وجمعت بين المذهبين فلم يكن ... للحسن عن ذهبيهما مِن مُذهب
نورُ الخمار ونورُ وجهكٍ نُزْهةً ... عَجبَا لخدّك. كيف لم يتلهَّب؟
وإذا رَنَتْ عيني لتسرق نظرةً ... قَالَ الجمال لها: اذهبي لَا تذهبِ
199- أبو عدنان.
محمد بْن أَبِي نزار. مرّ سنة 417.
200- المؤمّل بْن الْجُنَيْد بْن محمد [1] .
أبو الفتوح الإسْفرائينيّ، الصُّوفيّ. شيخ الصُّوفيَّة.
قَالَ عَبْد: يختم في اليوم واللّيلة ويتهجد لصلاة اللّيل، ويقوم بحقوق الصُّوفيَّة.
سَمِعَ مِن: سَعِيد بْن أبي سَعِيد العَيَّار.
وتُوُفّي قبل العشرين وخمسمائة.
- حرف الهاء-
201- هبة اللَّه بْن عَليّ بْن العقّاد [2] .
أبو الحَسَن العِجْليّ، المؤدّب.
مِن فُضَلاء بغداد.
روى عَنْ: أَبِي طَالِب بْن غَيْلان.
قَالَ ابن السّمعانيّ: كَانَ أديبًا لَسِنًا، له بلاغة وفصاحة وفيه دين وعفة.
سمع بإفادة أبيه.
نبا عنه: أبو المعمر الأزجي [3] ، ومحمد بن عليّ بن عبد السّلّار الكاتب.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الأزجي: بفتح الألف والزاي وفي آخرها الجيم. هذه النسبة إلى باب الأزج، وهي محلّة كبيرة ببغداد. (الأنساب 1/ 197) .(35/453)
- حرف الياء-
202- يَحْيَى بْن عليّ بْن عَبْد اللطيف [1] .
أبو الحسن التنوخي المعري، الأديب.
ذكر أنّه سمع مِن أبي صالح محمد بْن المهذب بالمعَرَّة، وروى أناشيد عَنْ عَبْد الباقي بْن أَبِي حُصَين المَعَرّيّ، وغيره.
كتب عَنْهُ: السّلَفيّ، وقال: هُوَ حَفَظَه للتواريخ وأخبار العرب والملوك، وأشعار القُدَماء والمحدّثين.
قَالَ لي قاضي دمشق أبو المعالي: هذا تاريخ الشّام.
قَالَ السّلَفيّ: وكان يتحرّى الصّدْق، ويُذكر بالصّلاح.
وقال السّلَفيّ: أنْشَدَنا يحيى بْن عليّ قَالَ: حفّظني أبي هذين البيتين، ثمّ أمر غلامنا، فحملني إلى أبي العلاء المَعَرّيّ، فقرأتهما عَلَيْهِ، وهما:
إلى الله أشكو أنّني كلّ ليلةٍ ... إذا نمتُ لم أُعدَم طوارق أوهام
فإنْ كَانَ شرّا فهو لا بدّ واقعٌ ... وإنْ كَانَ خيرًا فهو أضغاثُ أحلام
203- يوسف بْن أحمد بْن عبد الله [2] .
أبو يعقوب اللّجاميّ [3] الغَزْنَوِيّ، الواعظ الشّهير.
سار ذكره في الآفاق، وتخرَّج بِهِ العلماء. وله رحلة إلى العراق وغيرها.
وعمّر حتّى صار يحمل في محفَّة.
ذكره السّمعانيّ هكذا فيمن أجاز لَهُ، وقال: سَمِعَ: أبا بَكْر بْن ريذة الضّبّيّ، وخاله محمد بْن أحمد بْن حمدان الحدّاديّ، ويوسف بْن إسرائيل القاضي، وأبا محمد سَعِيد بْن إِسْحَاق المفسّر، وأبا عثمان العَيّار، وعليّ بْن نصر الدّيَنَوريّ اللّبان، وأبا جعفر محمد بن إسحاق البحّاثيّ الزّوزنيّ.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن علي) في: معجم السفر للسلمي (مصوّر بدار الكتب المصرية) ق 2.
[2] انظر عن (يوسف بن أحمد) في: التحبير 2/ 386 رقم 1110، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 286 ب.
[3] في الأصل: «اللحامي» بالحاء المهملة.(35/454)
تُوُفّي بغَزْنَة في السّنة الّتي تُوُفّي فيها القاضي الفخر.
كذا قَالَ، ولم أعرف وفاة الفخر [1] .
(بعون الله وتوفيقه، تم تحقيق هذه الطبقة الثانية والخمسين من «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام» لمؤرّخ الإسلام الحافظ شمسُ الدين مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد بْن عثمان الذهبي، المتوفى سنة 748 هـ-. وضبط نصّه، وتخريج أحاديثه وأشعاره، وتوثيق مادّته، والإحالة إلى مصادره، وصنعة فهارسه، على يد خادم العلم وطالبه الحاج الأستاذ الدكتور «أبي غازي عمر عبد السلام تدمري» الطرابلسي مولدا وموطنا، الحنفي مذهبا، وذلك بعد ظهر يوم الأربعاء الرابع والعشرين من شهر رمضان المبارك 1413 هـ-. الموافق للسابع عشر من آذار (مارس) 1993 م. في منزله بساحة النجمة، بمدينة طرابلس الشام المحروسة، حفظها الله دار أمان، وجعلها سخاء رخاء بحفظة ورعايته. والحمد للَّه رب العالمين) .
__________
[1] ممّن عرف بفخر القضاة: محمد بن الحسين الأرسابندي، رحل إلى بخارى في طلب الفقه، ورجع إلى مرو وانتهت إليه رئاسة أصحاب أبي حنيفة بها، ثم ولي قضاء مرو. له مصنّفات.
توفي سنة 512 هـ-.
وأبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي نزيل بغداد، ولد سنة 459 وتوفي سنة 547 هـ-.(35/455)
[المجلد السادس والثلاثون (سنة 521- 540) ]
بسم الله الرّحمن الرّحيم
[الطبقة الثالثة والخمسون]
[حَوَادِثُ]
سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ
[حَرْبُ الْخَلِيفَةِ وَالسُّلْطَانِ فِي بَغْدَادَ]
قد ذكرنا أنّ أهل بغداد كانوا بالجانب الغربي، وعسكر محمود في الجانب الشرقي، وتراموا بالنَّشّاب. ثم إن جماعة من عسكر محمود حاولوا الدّخول إلى دار الخلافة من باب النّوبي، فمنعتهم الخاتون، فجاءوا إلي باب الغربة في رابع المحرَّم، ومعهم جمع من الساسة والرُّعاع، فأخذوا مطارق الحدّادين، وكسروا باب الغربة، ودخلوا إلي التاج [1] فنهبوا دار الخلافة من ناحية الشّطّ، فخرج الجواري حاسرات تلْطُمْن، ودخَلْنَ دار خاتون، وضجّ الخلْق، فبلغ الخليفة، فخرج من السّرداق، وابن صَدَقة بين يديه، وقدّموا السُّفن دفعةً واحدة [2] ، ودخل عسكر الخليفة، وألبسوا الملاحين السّلاح، وكشفوا عنهم ... [3] . ورمى العيّارون أنفسهم في الماء وعبروا. وصاح المسترشد باللَّه بنفسه، يا آل بني هاشم. فصَدَق الناس معه القتالَ، وعسكرُ السلطان مشغولون بالنَّهْب، فلما رأوا عسكر الخليفة ذلّوا وولوا الأدْبار، ووقع فيهم السيف، واختفوا في السراديب، فدخل وراءهم البغداديون، وأسروا جماعة، وقتلوا جماعة من الأمراء [4] . ونهب العامة دور أصحاب السلطان، ودار وزيره، ودار العزيز [5] أبى نصر المستوفي، وأبي البركات الطبيب وأُخذ من داره ودائع وغيرها بما قيمته ثلاثمائة ألف. وقُتِلَ من أصحاب السلطان عدةٌ وافرة في الدّروب والمضايق.
__________
[1] في الأصل: «الباج» ، والمثبت عن المنتظم.
[2] دول الإسلام 2/ 45، البداية والنهاية 12/ 197.
[3] في الأصل بياض. وفي المنتظم: «وألبسوا الملّاحين السلاح، ورماة النشاب من ورائهم، ورمى ... » .
[4] العبر 4/ 48، 49.
[5] في الأصل: «العزبر» .(36/5)
ثم عبر الخليفة إلى داره في سابع المحرَّم بالجيش، وهم ثلاثين ألف مقاتل بالعوام وأهل البرّ، وحفروا باللّيل خنادق عند أبواب الدروب، ورتب على أبواب المحال من يحفظها. وبقي القتال أيامًا إلى يوم عاشوراء، انقطع القتال، وترددت الرسل، ومال الخليفة إلى الصُّلح والتحالف، فأذعن السلطان وأحب ذلك، وراجع الطاعة، وأطمأن الناس، وطُمَّت الخنادق. ودخل أصحاب السلطان يقولون: لنا ثلاثة أيام ما أكلنا خبزا، ولولا الصّلح لمتنا جوعا. فكانوا يسلقون القمح ويأكلونه. فما رئي [1] سلطان حاصر فكان هو المحاصَر، إلا هذا. وظهر منه حلم وافر عن العوام [2] .
[إرسال الخِلَع إلى ابن طراد]
وبعث الخليفة مع علّي بن طِراد إلى سَنْجر خِلعًا وسيفين، وطوقًا، ولواءين، ويأمره بإبعاد دُبَيْس من حضرته [3] .
[مقتل وزير سَنجْر]
وجاء الخبر بأن سنجْر قتل من الباطنية اثني عشر ألفًا [4] ، فقتلوا وزيره المعين [5] ، لأنه كان يحرّض عليهم وعلى استئصالهم. فتجمل رجل منهم، وخدم سائسا لبغال المعين، فلما وجد الفرصة وثب عليه وهو مطمئن فقتله، وقُتِلَ بعده، وكان هذا الوزير ذا دِين ومروءة، وحُسن سيرة [6] .
__________
[1] في الأصل: «رأى» ، والتصحيح من المنتظم.
[2] المنتظم 10/ 2- 4 (17/ 241، 242) ، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 376 (وتحقيق سويم) 42، الإنباء في تاريخ الخلفاء 216، كتاب الروضتين 1/ 74، العبر 4/ 49، مرآة الجنان 3/ 227، البداية والنهاية 12/ 197، عيون التواريخ 12/ 188، الكواكب الدرّية 93.
[3] المنتظم 10/ 5 (17/ 244) .
[4] المنتظم 10/ 5 (17/ 244) ، دول الإسلام 2/ 45 وفيه: «نحو عشرة آلاف» ، العبر 4/ 49، مرآة الجنان 3/ 227، الكواكب الدرّية 92.
[5] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 377 (وتحقيق سويم) 42، الكواكب الدرّية 92.
[6] مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 125، النجوم الزاهرة 5/ 232.(36/6)
[مرض السلطان محمود]
ومرض السّلطان محمود في الميدان، وغُشى عليه، ووقع من فرسه، واشتد مرضه. ثم تماثل فركب، ثم انتكس، وأُرجِف بموته ثمّ خُلع عليه وهو مريض، وأشار عليه الطّبيب بالرواح من بغداد، فرحل يطلب هَمَذَان، وفوّض شِحْنكيَّة بغداد إلي عماد الدين زنكي [1] .
[القبض على المستوفي والوزير]
وبعد أيام جاء الخبر من همذان بأن السلطان قَبض على العزيز المستوفي وصادره وحبسه، وعلى الوزير فصادره فحبسه وكان السبب أنّ الوزير تكلَّم على العزيز، وأن برتقش [2] الزكوي تكلم على الوزير.
[وزاره أنوشروان]
ثمّ بعث السلطان إلي أنوشروان بن خالد الملقب بشرف الدين، فاستوزره، فلم يكن له ما يتجهَّز به حتى بعث له الوزير جلال الدين من عند الخليفة الخِيَم والخيل، فرحل إلي أصبهان في أول رمضان في السنة. أقام في الوزارة عشرة أشهر، واستعفى وعاد إلي بغداد [3] .
[تفويض بهروز ببغداد والحلَّة]
وفي رمضان وصل مجاهد الدّين بهروز إلي بغداد، وقد فوّض إليه السّلطان بغداد والحلّة [4] .
__________
[1] المنتظم 10/ 4، 5 (17/ 243، 244) ، ذيل تاريخ دمشق 218، العبر 4/ 49، مرآة الجنان 3/ 227.
[2] في المنتظم: «يرتقش» .
[3] المنتظم 10/ 5 (17/ 244) ، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 377 (وتحقيق سويم) 42، الكامل في التاريخ 10/ 642، تاريخ دولة آل سلجوق 140، الفخري 306، 307.
[4] المنتظم 10/ 5 (17/ 244) ، الكامل في التاريخ 10/ 647، المختصر في أخبار البشر 2/ 239.(36/7)
[تفويض زنكي الموصل]
وفوّض إلى زنكي الموصل، فسار إليها [1] .
[وفاة مسعود بن آقْسُنْقُر]
ومات عزّ الدّين مسعود بن آقْسُنْقُر البُرْسُقيّ في هذه السّنة. وكان قد وصل إلي الموصل بعد قتل والده، واتّفق موتُه بالرَّحْبَة [2] ، فإنه سار إليها. وكان بطلًا شجاعًا، عالي الهمَّة. ردّ إليه السُلطان جميع إقطاع والده، وطمع في التّغلُّب على الشّام، فسار بعساكره، فبدأ بالرَّحْبَة، فحاصرها، ومرض مرضًا حادّا، فتسلّم القلعة، ومات بعد ساعة، وبقي مطروحا على بساط، وتفرّق جيشه، ونهب بعضُهم بعضًا، فأراد غلمانه أن يُقيموا ولده، فأشار الوزير أنوشروان بالأتابك زنكي لحاجة الناس إلى من يقوم بإزاء الفرنج [3] ، لعنهم الله.
[سؤال الإسفرائيني عن حديث]
وَفِيهَا سُئِلَ أبو الفتوح الأسفرائينيّ فِي مَجْلِسِهِ بِبَغْدَادَ عَنِ الْحَدِيثِ: «لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا ثَلَاثَ كَذِبَاتٍ» . فَقَالَ: لَمْ يَصِحَّ [4] .
[خبر الإسفرائيني] أبو الفتوح الإسفرائيني، رضوان الله عليه من كبار أهل السُّنَّة ومن ذوي الكرامات الظاهرة. وما نسب إليه من الاستخفاف بالقرآن كذب وزور هو وغيره
__________
[1] المنتظم 10/ 5 (17/ 244) ، الكامل في التاريخ 10/ 647، تاريخ مختصر الدول 203، كتاب الروضتين 1/ 75، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 167، بغية الطلب (قسم السلاجقة) 251، مرآة الجنان 3/ 277، الكواكب الدرّية 92.
[2] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 377 (وتحقيق سويم) 42، 43، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 165، 166، تاريخ ابن الوردي 2/ 33، الدرّة المضيّة 500، عيون التواريخ 12/ 189، الكواكب الدرّية 92، النجوم الزاهرة 5/ 232.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 643، 644، تاريخ مختصر الدول 203، نهاية الأرب 27/ 77.
[4] المنتظم 10/ 6 (17/ 245) .(36/8)
من الأشاعرة يصرحون بتكفير من استخفّ بالمصاحف وشيخنا الذّهبيّ غيرّ عادته بهم، وأذن برأيهم، والحديث في الصّحيح.
وقال يومًا على المنبر: قيل لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كيف أصبحت؟ فقال: أعمى بين العُمْيان، ضالًّا بين الضّالّين. فاستحضره الوزير، فأقرّ، وأخذ يتأوّل تأويلات فاسدة، فقال الوزير للفُقهاء: ما تقولون؟ فقال ابن سلمان مدرّس النّظاميَّة: لو قال هذا الشّافعي ما قبِلْنا منه، ويجب على هذا أن يجدد إيمانه وتوبته. فمُنع من الجلوس بعد أن استقرّ أنّه يجلس، ويشدّ الزّنّار، ثم يقطعه ويتوب، ثم يرحل.
فنصره قومٍ من الأكابر يميلون إلى اعتقاده، وكان أشعريًا. فأعادوه إلى الجلوس، وكان يتكلَّم بما يُسقِط حُرْمة المُصْحَف من قلوب العوامّ، فافتتن به خلْق، وزادت الفِتن بِبغداد. وتعرَّض أصحابه بمسجد ابن جردة [1] فرجموه، ورُجم معهم أبو الفتوح. وكان إذا ركب يلبس الحديد ومعه السيوف مُسَلَّلَة، ثم اجتاز بسوق الثُّلاثاء، فرُجم ورُميت عليه الميتات، ومع هذا يقول: ليس هذا الّذي نتلوه كلام الله، إنما هو عبارة ومَجَاز.
ولمّا مات ابن الفاعوس انقلبت بغداد، وغُلَّقت الأسواق [2] ، وكان عوامّ الحنابلة يصيحون على عادتهم: هذا يوم سُنّيّ حنبلي لَا أشعريّ ولا قُشيَريّ ويصرخون بأبي الفتوح هذا. فمنعه المسترشد باللَّه من الجلوس، وأمره أن يخرج من بغداد.
وكان ابن صَدَقة يميل إلى السُّنَّة، فنصرهم.
ثم ظهر عند إنسان كرّاس قد اشتراها، فيها مكتوب القرآن، وقد كُتِب بين الأسطر بالأحمر أشعار على وزن أواخر الآيات. ففُتَّش على كاتبها، فإذا هو مؤدّب، فكُبس بيته، فإذا فيه كراريس كذلك، فحُمل إلى الديوان، وسُئل عن ذلك، فأقرّ، وكان من أصحاب أبي الفتوح، فنُودي عليه على حمار، وشُهر، وهمّت العامَّة بإحراقه. ثم أذن لأبي الفتوح، فجلس [3] .
__________
[1] في الأصل: «ابن جروة» . والمثبت عن المنتظم.
[2] في الأصل: «الأصوات» .
[3] المنتظم 10/ 6، 7 (17/ 245، 246) .(36/9)
[ظهور الشيخ عبد القادر الحنبليّ]
وظهر في هذه الأيام الشيخ عبد القادر الحنبليّ، فجلس في الحَلبة، فتشبَّث به أهل السُّنَّة، وانتصروا بحسن اعتقاد الناس فيه [1] .
[وقعة مرج الصُّفَّر]
قال ابن الأثير [2] : كانت وقعة مرج الصُّفَّر بين المسلمين، أنهم التقوا في أواخر ذي الحّجة، واشتد القتال، فسقط طُغتكين، فظن الْجُنْد أنه قُتِلَ فانهزموا إلى دمشق، وركب فرَسَه ولحقهم، فساقت الفرنج وراءهم، وبقيت رجّالة التّركمان قد عجزوا عن الهزيمة، فحملوا على رجَّالة الفرنج، فقتلوا عامّتهم، ونهبوا عسكر الفرنج وخيامهم، ثم عادوا سالمين غانمين إلى دمشق.
ولما ردّت خيالة الفرنج من وراء طُغتِكين، رأوا رجالتهم صَرْعى، وأموالهم قد راحت، فتمّوا منهزمين.
قال: وهذا من الغريب أنّ طائفتين تنهزمان [3] .
__________
[1] المنتظم 10/ 7 (17/ 246) .
[2] في الكامل 10/ 639.
[3] وزاد في الكامل: «كل واحدة منهما من صاحبتها» . والخبر باختصار في: المختصر في أخبار البشر 2/ 238، وتاريخ ابن الوردي 2/ 33.(36/10)
سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة
[وفاة ابن صدقة]
فيها تُوُفّي ابن صَدَقة الوزير، وناب في الوزارة عليّ بن طِراد [1] .
[مصالحة السلطان محمود وسنجر]
وفيها ذهب السّلطان محمود إلي السّلطان سَنْجر، فاصطلحا بعد خشونة، ثم سلّم سنجر إليه دُبَيْسا وقال: تعزل زنكي ابن آقْسُنْقُر عن الموصل والشّام.
وتسلّم البلاد إلى دُبَيْس، وتسأل الخليفة أن يرضى عنه. فأخذه ورحل [2] .
وقال أبو الحسن الزّاغونيّ: تقدم إلى نقيب النُّقباء ليخرج إلى سَنْجر، فرفع إلى الخزانة ثلاثين ألف دينار، وتقدم إلى شيخ الشّيوخ ليخرج، فرفع إلى الخزانة خمس عشر ألف دينار ليُعْفَى [3] .
[الطموح للوزارة]
وتطاول للوزارة عزّ الدّولة بن المطّلب، وابن الأنباريّ، وناصح الدّولة ابن المسلمة، وأحمد بن نظام المُلْك، فمُنِعوا من الكلام في ذلك [4] .
__________
[1] المنتظم 10/ 8 (17/ 249) ، الكامل في التاريخ 10/ 652، 653، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 127، النجوم الزاهرة 5/ 233.
[2] في الأصل: «ودخل» ، والمثبت عن المنتظم 10/ 9 (17/ 249) ، العبر 4/ 50، تاريخ ابن الوردي 2/ 34، عيون التواريخ 12/ 197.
[3] المنتظم 10/ 9 (17/ 249) .
[4] المنتظم 10/ 9 (17/ 9) .(36/11)
[مَلْك زنكيّ حلب]
وفي أول السّنة سار عماد الدّين زنكي فملك حلب، وعظُم شأنه، واتّسعت دولته [1] .
__________
[1] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 381 (وتحقيق سويم) 43، الكامل في التاريخ 10/ 649، التاريخ الباهر 37، 38، تاريخ مختصر الدول 203، كتاب الروضتين 1/ 7 و 78، زيد الحلب 2/ 241، 242، بغية الطلب (قسم السلاجقة) 252، دول الإسلام 2/ 45، العبر 4/ 50، الدرّة المضيّة 502، عيون التواريخ 12/ 197، الكواكب الدرّية 3 (الحوادث 521 هـ.) .(36/12)
سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة
[الختم عَلَى وقف مدرسة أَبِي حنيفة]
في المحرَّم دخل السلّطان محمود بغداد، وأقام دُبَيْس في بعض الطّريق، واجتهد في أن يُمكن دبيس فامتنع. وأمر السّلطان بالختم على أموال وقف مدرسة أبي حنيفة ومطالبة العمّال بالحساب، ووكّل بقاضي القُضاة الزَّيْنَبيّ كذلك. وكان قد قيل للسّلطان إن دَخْلَ المكان ثمانين ألفًا، ما يُنفق عليه عُشْره [1] .
[وزارة عليّ بن طِراد]
وفي ربيع الآخر خلع المسترشد على أبي القاسم عليّ بن طِراد واستوزره [2] .
[إقرار زنكيّ في مكانه]
وضمن زنكيّ أن ينفّذ للسّلطان مائة ألف دينار، وخيلًا، وثيابًا، على أن يقر في مكانه. واستقر الخليفة على مثل ذلك، على أن لَا يولّي دبيس شيئا [3] .
__________
[1] المنتظم 10/ 11 (17/ 252) ، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 130 وفيه: «وما ينفق عليها ألف» .
[2] المنتظم 10/ 11 (17/ 252) ، العبر 4/ 52.
[3] المنتظم 10/ 11 (17/ 252) ، زبدة الحلب 2/ 243، 244، العبر 4/ 52، مرآة الجنان 3/ 229، البداية والنهاية 12/ 199، عيون التواريخ 12/ 202، النجوم الزاهرة 5/ 234.(36/13)
[بيع عقار للخليفة]
وباع الخليفة عقارًا بالحرم، وقُرئ لذلك، وما زال يصحح [1] .
[دخول دُبَيْس بغداد]
ثم إن دُبَيْسًا دخل إلى بغداد بعد جلوس الوزير ابن طِراد، ودخل دار السلطان، وركب في الميدان ورآه الناس.
[تسليم الحلَّة بهروز]
وجاء زنكيّ فخدم [2] .
وسلَّمت الحِلَّة والشَّحْنكيَّة إلى بهروز [3] .
[خطْف دُبَيس ولدًا للسلطان]
وكانت بنت سنْجر التي عند ابن عمّها السّلطان محمود قد تسلّمت دُبَيْسًا من أبيها، فكانت تشدّ منه وتمانع عنه، فماتت، ومرض السّلطان محمود، فأخذ دُبَيْس ولدًا صغيرًا لمحمود، فلم يعلم به حتّى قُرب من بغداد، فهرب بهروز من الحِلة، فقصدها دُبَيْس ودخلها في رمضان وبعث بهروز عرَّف السّلطان، فطلب قزل والأجهيليّ [4] وقال: أنتما ضمنتما دُبَيْسًا، فلا أعرفه إلا منكما [5] .
[أخْذُ دُبَيْس الأموال من القرى]
وساق الأجهيليّ يطلب العراق، فبعث دُبَيْس إلى المسترشد: إن رضِيتَ عنّي ردْدتُ أضعاف ما نفذ من الأموال. فقال الناس: هذا لَا يؤمن. وباتوا تحت السلاح طول رمضان، ودُبَيْس يجمع الأموال، ويأخذ من القرى، حتّى قيل إنّه
__________
[1] المنتظم 10/ 11 (17/ 252) .
[2] المنتظم 10/ 11 (17/ 252، 253) .
[3] المنتظم 10/ 12 (17/ 253) .
[4] هكذا في الأصل. وفي المنتظم: «الأحمد بيكي» و «الأحمد يكي» .
[5] الكامل في التاريخ 10/ 655، تاريخ الزمان 142، عيون التواريخ 12/ 202.(36/14)
حصّل خمسمائة ألف دينار [1] ، وإنه قد دوَّن عشرة آلاف، بعد أن كان قد وصل في ثلاثمائة فارس.
[مساومة دُبَيْس للسلطان]
ثمّ قدِم الأجهيليّ بغداد، وقبَّل يد الخليفة، وقصد الحِلَّة.
وجاء السّلطان إلى حُلْوان، فبعث دُبَيْس إلى السّلطان رسالة [وخمسة و] [2] خمسين مهْرًا عربيَّة، وثلاثة أحمال صناديق ذَهب، وذكر أنْه قد أعدَّ إن رضي عنه الخليفة ثلاثمائة حصان، ومائتين ألف دينار، وإنْ لم يرض عنه دخل البّريَّة.
فبلغه أنّ السّلطان حنق عليه، فأخذ الصّبيّ وخرج من الحِلة، وسار إلى البصرة، وأخذ منها أموالا كثيرة. وقدم السّلطان بغداد، فبعث لحربه قزل في عشرة آلاف فارس، فسار دُبَيْس ودخل البرّيَّة [3] .
[غدْرُ زنكيّ بسونج بن بُوري]
وفي سنة ثلاث أظهر عماد الدّين زنكيّ بن آقْسُنْقُر أنّه يريد جهاد الفرنج، وأرسل إلى تاج المُلُوك بوريّ يستنجده، فبعث له عسكرًا بعد أن أخذ عليه العهد والميثاق، وأمر ولده سونج أن يسير إليه من حماة. ففعل فأكرمهم زنكيّ، وطمّنهم أيّامًا، وغدر بهم، وقبض على سونج، وعلى أمراء أبيه، ونهب خيامهم، وحبسهم بحلب، وهرب جُنْدهم.
ثمّ سار ليومه إلى حماة، فاستولى عليها، ونازل حمص ومعه صاحبها خرخان فأمسكه، فحاصرها مدَّة، ولم يقدر عليها ورجع إلى الموصل. ولم يُطْلق سونج ومن معه حتّى اشتراهم تاج الملوك بوري منه بخمسين ألف دينار.
ثم لم يتم ذلك. ومقت النّاس زنكيّ على قبيح فعله.
__________
[1] دول الإسلام 2/ 46، العبر 4/ 52، مرآة الجنان 3/ 229، عيون التواريخ 12/ 202.
[2] في الأصل: «وسأله خمسين» ، والتصحيح والإضافة من المنتظم 10/ 12 (17/ 254) .
[3] المنتظم 10/ 12، 13 (17/ 253، 254) ، تاريخ الزمان 142، دول الإسلام 2/ 46، تاريخ ابن الوردي 2/ 34، البداية والنهاية 12/ 200، عيون التواريخ 12/ 202.(36/15)
[مقتل ابن الخُجَنْدي]
وفيها وثبت الباطنّية على عبد اللطيف بن الخُجَنْدي رئيس الشَافعية بأصبهان، ففتكوا به [1] .
[الفتنة في وادي التّيم]
وأما بهرام، فإنه عتى وتمرد على الله، وحدثته نفسه بقتل برق بن جنْدل من مقدّمي وادي التَّيْم لَا لسبب، فخدعه إلى أن وقع في يده فذبحه. وتألّم النّاس لذلك لشهامته وحُسْنه وحداثة سِنّه، ولعنوا من قتله علانية، فحملت الحميَّة أخاه الضّحّاك [2] وقومه على الأخذ بثأره، فتجمّعوا وتحالفوا على بذل المهج في طلب الثّأر. فعرف بهرام الحال، فقصد بجموعه وادي التّيم، وقد استعدوا لحربه، فنهضوا بأجمعهم نهضة الأسود، وبيَّتوه وبذلوا السّيوف في البهراميَّة، وبهرام في مخيَّمه، فثار هو وأعوانه إلى السّلاح، فأزهقتهم سيوف القوم وخناجرهم وسهامهم، وقطع رأسُ بهرام لعنه الله [3] .
[الانتقام من الباطنية في وادي التّيم]
ثمّ قام بعده صاحبه إسماعيل العَجميّ، فجدُّوا في الإضلال والاستغواء، وعامله الوزير المَزْدقانيّ بما كان يعامل به بهرامًا، فلم يُمْهله الله، وأمر الملك بوري بضرب عُنقه في سابع عشر رمضان، وأحرق بدنه، وعلّق رأسه، وانقلب البلد بالسّرور وحُمِد الله وثارت الأحداث والشُّطّار في الحال بالسّيوف والخناجر يقتلون من رأوا من الباطنيّة وأعوانهم، ومن يتّهم بمذهبهم [4] ، وتتبّعوهم حتّى
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 659، 660، عيون التواريخ 12/ 204 وفيه: «صدر الدين ملك العلماء مسعود الخجنديّ» .
[2] في المقفّى الكبير 2/ 518: «صخر» ، والمثبت يتفق مع ذيل تاريخ دمشق.
[3] انظر عن الفتنة في وادي التيم في:
تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 381 (وتحقيق سويم) 44، وذيل تاريخ دمشق 221، 222، والكامل في التاريخ 10/ 656، ونهاية الأرب 27/ 79، والكواكب الدرّية 94، 95، والمقفّى الكبير 2/ 518.
[4] في الكواكب الدرّية 95: «ومن يتّهم بمدحهم» .(36/16)
أَفْنَوْهم، وامتلأت الطُرُق والأسواق بجِيَفهم. وكان يومًا مشهودًا أعز الله فيه الإسلام وأهله. وأُخِذ جماعةٌ أعيان منهم شاذي الخادم تربية أبي طاهر الصَائغ الباطنيّ الحلبيّ، وكان هذا الخادم رأس البلاء، فعوقب عقوبة شَفَت القلوب، ثمّ صُلِب هو وجماعة على السُّور [1] .
[الحذر من الباطنيَّة]
وبقي صاحب دمشق يوسف فيروز، ورئيس دمشق أبو الذّواد مفرّج بن الحسن بن الصّوفيّ يلبسان الدّروع، ويركبان وحولهما العبيد بالسّيوف، لأنهما بالغا في استئصال شأفة الباطنيَّة [2] .
[تسليم بانياس للفرنج]
ولمّا سمع إسماعيل الدّاعي وأعوانه ببانياس ما جرى انخذلوا وذلُّوا، وسلَّم إسماعيل بانياس إلى الفرنج، وتسلّل هو وطائفة إلى البلاد الإفرنجيَّة في الذَّلَة والقِلَّة [3] .
[هلاك داعية الباطنية]
ثمّ مرض إسماعيل بالإسهال، وهلك وفي أوائل سنة أربعٍ وعشرين [4] .
[موقعة جسر الخشب]
فلما عرف الفرنج بواقعة الباطنيَّة، وانتقلت إليهم بانياس، قويت نفوسهم،
__________
[1] انظر: المنتظم 10/ 13 (17/ 254) ، وتاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 382 (وتحقيق سويم) 44، وذيل تاريخ دمشق 222- 224، والكامل في التاريخ 10/ 656، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 130، الكواكب الدرّية 95، وعيون التواريخ 12/ 203.
[2] ذيل تاريخ دمشق 224.
[3] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 381) (وتحقيق سويم) 44، ذيل تاريخ دمشق 224، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 130، الكواكب الدرّية 95.
[4] ذيل تاريخ دمشق 224، الكامل في التاريخ 10/ 657، الكواكب الدرّية 95.(36/17)
وطمعوا في دمشق، وحشدوا وتألّبوا، وتجمّعوا من الرُّها، وأنطاكّية، وطرابُلُس، والسّواحل، والقدس، ومن البحر، وعليهم كُنْدهر الّذي تملّك عليهم بعد بغدوين، فكانوا نحوًا من ستّين ألفًا، ما بين فارس وراجل، فتأهّب تاج الملوك بوري، وطلب التُّرْكُمان والعرب، وأنفق الخزائن. وأقبل الملاعين قاصدين دمشق، فنزلوا على جسر الخشب والميدان في ذي القعدة من السّنة، وبرز عسكر دمشق، وجاءت التُّركمان والعرب، وعليهم الأمير مُرَّة [1] بن ربيعة، وتعبّوا [2] كراديس في عدَّة جهات، فلم يبرز أحد من الفرنج، بل لزِموا خيامهم، فأقام الناس أيّامًا هكذا، ثمّ وقع المَصَافّ، فحمل المسلمون، وثبت الفرنج، فلم يزل عسكر الإسلام يكرّ عليهم ويفتك بهم إلى أن فشلوا وخُذلوا. ثمّ ولّى كليام مقدَّم شجعانهم في فريقٍ من الخّيالة، ووضع المسلمون فيهم السّيف، وغُودروا صَرْعَى، وغنم المسلمون غنيمة لَا تُحَدّ ولا توصف، وهرب جيش الفرنج في اللّيل، وابتهج الخلْق بهذا الفتح المبين [3] .
ومنهم من ذكر هذه الملحمة في سنة أربعٍ كما يأتي، وانفرجت الكُرْبة من نصر الله تعالي ما لم يخطر ببال. وأمن النّاس، وخرجوا إلى ضياعهم، وتبدّلوا بالأمن بعد الخوف.
[قتْل الباطنيَّة بدمشق]
وفيها قُتِلَ مَن كان يُرمى بمذهب الباطنيَّة بدمشق، وكان عددهم ستَّة آلاف [4]
__________
[1] في الأصل: «سري» ، والمثبت عن: ذيل تاريخ دمشق 225، والكواكب الدرّية 96.
[2] في الكواكب: «وتفرقوا» .
[3] انظر عن موقعة جسر الخشب في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 382 (وتحقيق سويم) 44 وفيه إن الأمير سيف الدين سوار كان ممن أوقع بالإفرنج، فبعثت إليه أمدحه بالقصيدة التي أولها:
نأت من سليمى بعد قرب ديارها ... وأقوت مغانيها وشطّ مزارها
وانظر: ذيل تاريخ دمشق 225، 226، والكامل في التاريخ 10/ 657، 658، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 130، 131، ودول الإسلام 2/ 46، الدرّة المضيّة 503، والإعلام والتبيين 25، والكواكب الدرّية 96، تاريخ طرابلس 1/ 493- 495.
[4] المنتظم 10/ 13 (17/ 254) ، المختصر في أخبار البشر 3/ 3، العبر 4/ 52، مرآة الجنان(36/18)
[قتل الأسداباذي ببغداد]
وكان قد قِتل ببغداد من مُدَيْدَة إبراهيم الأَسَدَاباذيّ، وهرب ابن أخيه بهرام إلى الشّام وأضَلّ خلفاءَه [1] واسْتَغْواهم، ثمّ إنّ طُغتكين ولّاه بانياس، فكانت هذه من سيّئات طُغتكين، عفا الله عنه [2] .
[قتال الباطنيّه في وادي التّيم]
وأقام بهرام له بدمشق خليفة يدعو [3] إلى مذهبه، فكُثر بدمشق أتباعه. وملك بهرام عدَّة حصون من الجبال منها القدموس. وكان بوادي التّيم طوائف من الدّريّة والنُصَيْريَّة والمجوس، واسم كبيرهم الضَحّاك، فسار إليهم بهرام وحاربهم، فكبس الضّحّاك عسكر بهرام، وقتل طائفة منهم، ورجعوا إلى بانياس بأسوأ حال [4] .
[خيانة المزدقاني وقتله]
وكان المَزْدقانيّ [5] وزير دمشق يُعينهم ويُقوّيهم. وأقام بدمشق أبا الوفاء، فكثُر أتباعه وقويت شوكته، وصار حكمه في دمشق مثل حكم طُغتِكين. ثمّ إنّ المَزْدقاني راسلَ الفرنج، لعنهم الله، ليُسلِّم إليهم دمشق، ويُسلَّموا إليه صور.
وتواعدوا إلى يوم جمعة، وقررّ المَزْدقاني مع الباطنيَّة أن يحتاطوا ذلك اليوم بأبواب الجامع، لا يمكّنون أحدًا من الخروج، ليجيء الفرنج ويملك دمشق.
فبلغ ذلك تاج المُلوك بوري، فطلب المَزْدقاني وطمّنه، وقتله وعلَّق رأسه على باب القلعة، وبذل السّيف في الباطنيَّة، فقتل منهم ستة آلاف. وكان ذلك فتحا عظيمًا في الإسلام في يوم الجمعة نصف رمضان. فخاف الّذين ببانياس وذلّوا،
__________
[3] / 229، شذرات الذهب 4/ 66.
[1] في الأصل: «خلفائها» .
[2] العبر 4/ 52، 53، شذرات الذهب 4/ 66.
[3] في الأصل: «تدعو» .
[4] الكامل في التاريخ 10/ 656، نهاية الأرب 27/ 79 وقد تقدّم هذا الخبر.
[5] في نهاية الأرب: «المزدغاني» ، ومثله في: العبر 4/ 54.(36/19)
وسلّموا بانياس إلى الفرنج، وصاروا معهم، وقاسوا ذلًّا وهوانًا [1] .
[انكسار الفرنج]
وجاءت الفرنج ونازلت دمشق، فجاء إلى بغداد في النّفير عبد الوهّاب الواعظ الحنبليّ، ومعه جماعة من التّجّار، وَهَمُّوا بكسر المنبر، فوُعِدوا بأن ينفّذ إلى السّلطان في ذلك. وتناخى عسكر دمشق والعرب والتُّركُمان، فكبسوا الفرنج، وثبت الفريقان، ونصر الله دينه فقُتل من الفرنج خلْق، وأُسِر منهم ثلاثمائة [2] ، وراحوا بشرّ خيبة، وللَّه الحمد.
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق 224، الكامل في التاريخ 10/ 657، نهاية الأرب 27/ 80، دول الإسلام 2/ 46، العبر 4/ 53، تاريخ ابن الوردي 2/ 34، 35، الدرّة المضيّة 503، مرآة الجنان 3/ 229، عيون التواريخ 12/ 203، شذرات الذهب 4/ 67.
[2] ذيل تاريخ دمشق 225- 227، الكامل في التاريخ 10/ 658، نهاية الأرب 27/ 80، 81، دول الإسلام 2/ 46، العبر/ 53، مرآة الجنان 3/ 229.(36/20)
سنة أربع وعشرين وخمسمائة
[المطر والحريق بالموصل]
وردت أخبار بأنّ في جُمَادى الأولى ارتفع سحاب أمطر بلدَ الموصل مطرًا عظيمًا، وأمطر عليهم نارًا أحرقت من البلد مواضع ودُورًا كثيرة، وهرب النّاس [1] .
[كسرة الإفرنج عند دمشق]
وفيها كُسِرت الإفرنج على دمشق، وقُتِلَ منهم نحو عشرة آلاف، ولم يفلت منهم سوى أربعين. وَصَل الخبر إلى بغداد بذلك، وكانت ملْحمة عظيمة [2] .
[الملحمة بين ابن تاشفين وابن تومرت]
وفيها كانت ملحمة كبرى بين ابن تاشَفين، وبين جيش ابن تومرت، فقُتل من الموحّدين ثلاثة عشر ألفًا، وقُتِلَ قائدهم عبد الله الوَنْشريسيّ، ثم تحيّز عبد المؤمن بباقي الموحّدين. وجاء خبر الهزيمة إلى ابن تومرت وهو مريض، ثمّ مات في آخر السّنة [3] .
__________
[1] المنتظم 10/ 14 (17/ 256) ، البداية والنهاية 12/ 200، تاريخ الخلفاء 435، أخبار الدول 2/ 172.
[2] المنتظم 10/ 15 (17/ 257) ، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 382 (وتحقيق سويم) 44.
[3] دول الإسلام 2/ 46.(36/21)
[غدْر زنكي بسونج مرة أخرى]
وفيها راسل زنكيّ بن آقْسُنْقُر صاحب حلب تاج الملوك بوري يلتمس منه إنفاذ عسكره ليحارب الفرنج، فتوثّق منه بأيْمانٍ وعُهُود، ونفّذ إلى زنكيّ خمسمائة فارس، وأرسل إلى ولده سونج وهو على حماة أن يسير إلى زنكيّ، فأحسن ملتقاهم وأكرمهم، ثمّ عمل عليهم، وغدر بهم، وقبض على سونج وجماعة أمراء، ونهب خيامهم، وهرب الباقون [1] .
[تملُّك زنكي حماة]
ثمّ زحف إلى حماة فتملّكها [2] ، ثمّ ساق إلى حمص، وغدر بصاحبها خرخان [3] بن قُراجا واعتقله، ونهب أمواله، وتحلّف منه أن يسلّم حمص، ففعل، فأبى عليه بوّابه بها، فحاصرها زنكيّ مدَّة، ورجع إلى الموصل [4] ومعه سونج، ثمّ أطلقه بمالٍ كثير [5] .
[مقتل الخليفة الآمر]
وفيها قُتِلَ صاحب مصر الخليفة الآمر بأحكام الله [6] .
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق 227، 228.
[2] التاريخ الباهر 38، زبدة الحلب 2/ 246، الدرّة المضيّة 507.
[3] في تاريخ حلب (بتحقيق زعرور) 383، و (تحقيق سويم) 45: «خيرخان» ، وكذا في ذيل تاريخ دمشق، وزبدة الحلب 2/ 246.
[4] في تاريخ حلب: فعاد إلى حمص. والمثبت يتفق مع ذيل تاريخ دمشق، وزبدة الحلب 2/ 247.
[5] ذيل تاريخ دمشق 228، زبدة الحلب 2/ 247.
[6] انظر عن مقتل الخليفة الآمر في: المنتظم 10/ 15 (17/ 257) و 10/ 16 رقم 17 (17/ 258 رقم 3959) ، وتاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 383 (وتحقيق سويم) 45، وذيل تاريخ دمشق 228، والكامل في التاريخ 10/ 664، 665، تاريخ مختصر الدول 203، والمغرب في حلى المغرب 84، 85، وأخبار مصر لابن ميسّر 2/ 72، والمختصر في أخبار البشر 3/ 4، والعبر 4/ 63، وتاريخ ابن الوردي 2/ 35، والمواعظ والاعتبار 2/ 291، وأخبار الدول المنقطعة و 91، ونهاية الأرب 28/ 294، والمختصر في أخبار البشر 2/ 4، ودول الإسلام 2/ 46، وتاريخ ابن الوردي 2/ 35، 88 والدرّة المضيّة 504، 505،(36/22)
[استيلاء سنجر على سمرقند]
وفي سنة أربعٍ قُتِلَ أمير سمرقند، فسار السّلطان سنجر فاستولى عليها، ونزل محمد خان من قلعتها بالأمان، وهو زوج بنت سنجر، وأقام سنجر بسمرقند مدَّة [1] .
[انكسار الإفرنج أمام زنكيّ عند الأثارب]
وأمّا أهل حلب فكانوا مع الفرنج الّذين استولوا على حصن الأثارب في ضُرٍّ شديد لقربهم منهم. والأثارب على ثلاثة فراسخ من غربيّ حلب، فجاء عماد الدّين زنكيّ في هذا العام وحاصره، فسارت ملوك الفرنج لنجدته وللكشف عنه، فالتقاهم زنكيّ، واشتدّ الحرب، وثبت الفريقان ثباتًا كُلّيًا ثمّ وقعت الكسرة على الملاعين، ووُضع السّيف فيهم، وأُسِر فيهم خلْق. وكان يومًا عظيمًا.
وافتتح زنكيّ الحصن عَنْوةً، وجعله دكًّا [2] .
[محاصرة زنكيّ حارم]
ثمّ نزل على حارِم، وهي بالقرب من أنطاكيَّة، فحاصرها، وصالحهم على نصف دَخْلها. ومنها ذلَّت الفرنج، وعلموا عجزهم عن زنكيّ، واشتدّ أزْر المسلمين [3] .
__________
[ () ] والبداية والنهاية 12/ 200، 201، ومآثر الإنافة 2/ 27، وصبح الأعشى 3/ 431، وعيون التواريخ 12/ 207، والكواكب الدرّية 97، واتعاظ الحنفا 3/ 129، والنجوم الزاهرة 5/ 175 و 235، وتاريخ الخلفاء 435، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 223، 224.
[1] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 382 (وتحقيق سويم) 45، الكامل في التاريخ 10/ 661، 662، نهاية الأرب 26/ 382، البداية والنهاية 12/ 200، عيون التواريخ 12/ 207.
[2] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 383 (وتحقيق سويم) 45، الكامل في التاريخ 10/ 662، 663، التاريخ الباهر 39- 42، المختصر في أخبار البشر 2/ 3، 4، العبر 4/ 55، تاريخ ابن الوردي 2/ 35، مرآة الجنان 3/ 230، الكواكب الدرّية 97.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 663، التاريخ الباهر 42، العبر 4/ 55، الكوكب الدرّية 97.(36/23)
[انهزام صاحب ماردين أمام زنكيّ]
وعدّى زنكيّ الفُرات [1] ، فنازل بعض ديار بكر، فحشد صاحب ماردين لقتاله، ونَجَده ابن عمُّه داود بن سُقْمان من حصن كَيْفا [2] ، وصاحب آمِد، حتى صاروا في عشرين ألفًا، فهزمهم زنكيّ، وأخذ بعض بلادهم [3] .
[خلافة الحافظ بمصر]
وفيها مات الآمر بأحكام الله صاحب مصر، وولي بعده الحافظ [4] .
[وفاة زوجة السلطان]
وفيها ماتت زوجة السّلطان محمود خاتون بنت السّلطان سنجر [5] .
[مقتل صاحب أنطاكية]
وفيها قُتِلَ بيمُنْد صاحب أنطاكية [6] .
[وزارة ابن الصوفي بدمشق]
وفيها وَزَر بدمشق الرّئيس مفرّج ابن الصّوفيّ [7] .
__________
[1] في الأصل: «الفراة» .
[2] الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 2/ 533.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 664.
[4] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 383 (وتحقيق سويم) 45، ذيل تاريخ دمشق 229، الكامل في التاريخ 10/ 665، أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 74، نهاية الأرب 28/ 296، الدرّة المضيّة 506.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 665، البداية والنهاية 12/ 200.
[6] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 382 (وتحقيق سويم) 45، الكامل في التاريخ 10/ 666.
[7] تاريخ حلب للعظيميّ 382 (45) ، الكامل في التاريخ 10/ 666، العبر 4/ 55.(36/24)
[ظهور عقارب طيّارة]
وفيها ظهر عقارب طيارة، لها شوكتان، وخاف النّاس منها وقد قتلت جماعة أطفال [1] .
[ملْك السّلطان قلعة ألَموت]
وفيها ملك السّلطان محمود قلعة ألموت [2] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 666، تاريخ مختصر الدول 203، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 133، العبر 4/ 55، مرآة الجنان 3/ 230 النجوم الزاهرة 5/ 236، البداية والنهاية 12/ 200، تاريخ الخميس 2/ 404، عيون التواريخ 12/ 207، الكواكب الدرية 97، شذرات الذهب 4/ 67، تاريخ الخلفاء 435 أخبار الدول 2/ 172.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 666، المختصر في أخبار البشر 3/ 4، العبر 4/ 55، تاريخ ابن الوردي 2/ 36.(36/25)
ومن سنة خمس وعشرين وخمسمائة
[رواية ابن الأثير عن دُبَيْس]
وقد ساق «ابن الأثير» [1] قصَّة دُبَيْس فقال: لمّا فارق البصرة قصد الشّام، لأنه جاءه مَن طلبه إلى صَرْخَد، وقد كان مات صاحبها، وغلبت سريّتُه على القلعة، وحدّثوها بما جرى على دُبَيْس، فطلبته لتتزوّج به، وتُسلَّم إليه صَرْخَد بما فيها [2] . فجاء إلى الشّام في البرّيَّة، فضلّ ونزل بأُناس من كلْب بالمرج، فحملوه إلى تاج الملوك، فحبسه، وعرف زنكيّ صاحب الموصل، فبعث يطلبه من تاج الملوك، على أن يُطْلق ولده سونج ومَن معه مِن الأمراء، وإن لم يفعل جاء وحاصره بدمشق، وفعل وفعل، فأجاب تاج الملوك، وسلّم إليه دُبَيْسًا، وجاءه ولده والأمراء. وأيقن دُبَيْس بالهلاك للعداوة البليغة الّتي بينه وبين زنكيّ، ففعل معه خلاف ما ظنّ، وبالغ في إكرامه، وغرِم عليه أموالًا كثيرة، وفعل معه ما يفعل مع أكابر الملوك [3] .
ولمّا جرى على الباطنيّة ما ذكرناه عام ثلاثةٍ وعشرين تحّرقوا على تاج الملوك، وندبوا لقتله رجلين، فتوصلا حتّى خدما في ركابه، ثمّ وثبا عليه في جُمادَى الآخرة سنة خمسٍ، فجرحاه، فلم يصنعا شيئًا، وهبروهما بالسّيوف، وخيط جرح بعُنقه فبرأ، والآخر بخاصرته، فتنسّر، وكان سببا لهلاكه [4] .
__________
[1] في الكامل في التاريخ 10/ 668.
[2] بغية الطلب (قسم السلاجقة) 230، 231.
[3] المنتظم 10/ 20 (17/ 263) ، بغية الطلب (قسم السلاجقة) 231، المختصر في أخبار البشر 2/ 5، دول الإسلام 2/ 47، البداية والنهاية 12/ 202، عيون التواريخ 12/ 222.
[4] سيأتي الخبر في موضعه، وهو في: المختصر في أخبار البشر 2/ 5، وتاريخ ابن الوردي 2/ 37، والكواكب الدرّية 97، 98.(36/26)
[وفاة الدبّاس]
وفيها تُوُفّي الشَيخ حمّاد الدّبّاس الزّاهد ببغداد [1] .
[عودة زنكيّ إلى الموصل]
قال ابن واصل [2] : وفى المحرَّم سنة خمسٍ وعشرين توجّه زنكيّ راجعًا من الشّام إلى الموصل [3] .
[ردّ العراق إلى زنكيّ]
وفي ربيع الآخر من السّنة ردّ السّلطان محمود أمر العراق إلى زنكيّ، مُضافًا إلى ما بيده من الشّام والجزيرتين [4] .
__________
[1] انظر عن (الدبّاس) في: المنتظم 10/ 22، 23 رقم 25 (17/ 266 رقم 3968) ، والكامل في التاريخ 10/ 671، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 138، ودول الإسلام 2/ 47، والعبر 4/ 64، وتاريخ ابن الوردي 2/ 37، ومرآة الجنان 3/ 242، والنجوم الزاهرة 5/ 246، وشذرات الذهب 4/ 73، 74.
[2] في مفرّج الكروب.
[3] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 383 (وتحقيق سويم) 46، زبدة الحلب 2/ 247.
[4] تاريخ حلب 383 (46) ، الكامل في التاريخ 10/ 669، زبدة الحلب 2/ 244.(36/27)
سنة خمس وعشرين وخمسمائة
[القبض على دُبَيْس وبيعه]
فمن الحوادث أنّ دُبَيْسًا ضلّ في البرّيَّة، فقبض عليه مَخْلَد بن حسّان بن مكتوم الكلْبيّ بأعمال دمشق، وتمزّق أصحابه وتقطّعوا، فلم يكن له منجى [1] من العرب، فحُمل إلى دمشق، فباعه أميرها ابن طُغتكِين مِن زنكيّ بن آقسنقر صاحب الموصل بخمسين ألف دينار. وكان زنكي عدوّه، لكنّه أكرمه وخوّله المال والسّلاح، وقدّمه على نفسه [2] .
[وفاة المسترشد]
وتُوُفّي للمسترشد ابنٌ بالْجُدَريّ، وعُمره إحدى وعشرين [3]
[الحرب بين السلطان داود وعمّه مسعود]
وتُوُفي السلطان محمود، فأقاموا ابنه داود مكانه، وأقيمت له الخطبة ببلاد
__________
[1] في الأصل: «منجا» ، وكذا في المنتظم 10/ 20، وقد صحّحت كما أثبتناه في الطبعة الجديدة (17/ 263) .
[2] المنتظم 10/ 20 (17/ 263) وقد تقدّم قبل قليل، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 384 (وتحقيق سويم) 46، الكامل في التاريخ 10/ 668، 669، زبدة الحلب 20/ 249 وفيه: «وكان يظنّ دبيس أن أتابك زنكي يهلكه، فلما وصل إلى حلب أطلقه وأكرمه، وأنزله بحلب في دار لاجين، وأعطاه مائة ألف دينار، وخلع عليه خلعا فاخرة» ، بغية الطلب (قسم السلاجقة) 244، 245.
[3] المنتظم 10/ 20 (17/ 264) .(36/28)
الجبل وأَذَرْبَيْجان [1] ، وكُثرت الأراجيف. وأراد داود قتال عمّه مسعود بقيام عمّه سَنْجَر.
وكان طُغْرُل يوم المصافّ على ميمنة عمّه، وكان على الميسرة خُوارَزْم بن أتسِز بن محمد، فبدأهم قُراجا بالحملة، فحمل على القلب بعشرة آلاف، فعطف على حنيتي العشرة آلاف ميمنة سنجر وميسرته، فصار في الوسط، وقاتلوا قتال الموت وأثخن قراجا بالجراحات، ثمّ أسروه، فانهزم الملك مسعود، وذلك في ثامن رجب.
وقيل: وجاء مسعود مستأنسًا إلى السّلطان سنجر، فأكرمه وأعاده إلى كنجة وصفح عنه [2] .
__________
[1] المنتظم 10/ 20، 21 (17/ 264) ، التاريخ الباهر 43.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 669، 670، التاريخ الباهر 43، دول الإسلام 2/ 47، 48.(36/29)
سنة ست وعشرين وخمسمائة
[الحرب على السلطنة في بغداد]
فيها سار الملك مسعود بن محمدٍ إلى بغداد في عشرة آلاف فارس، وورد قُراجا [1] السّاقي معه سلْجُوق شاه بن محمد أخو مسعود، وكلاهما يطلب السّلطنة. وانحدر زنكيّ من الموصل لينضم إلى مسعود أو سلْجوق، فأرجف الناس بمجيء عمهما سَنْجر، فعملت [2] السُّتُور [3] وجنى [4] العقار، وخرجوا جريدة بأجمعهم مُتَوَجهين لحرب سَنْجَر، وألزم المسترشد قُراجا بالمسير، فكرهه ولم يجد بُدًّا من ذلك، وبعث سَنْجَر يقول: أنا العبد، ومهما أُريدَ مني فعلت. فلم يقبل منه.
ثمّ خرج المسترشد بعد الجماعة، وقُطعت خطبة سَنْجَر، فقدِم سَنْجَر هَمَذَان، فكانت الوقعة قريبًا من الدَّينَوَر [5] .
[رواية ابن الجوزي]
قال ابن الْجَوْزيّ [6] : وكان مع سَنْجَر مائة ألف وستّون ألفًا. وكان مع قراجا
__________
[1] في الكامل في التاريخ 10/ 676: «قراجة» .
[2] تكرّرت في الأصل.
[3] في المنتظم: «فعمل السور» .
[4] في المنتظم: «وجين» .
[5] المنتظم 10/ 25، 26 (17/ 270) ، الكامل في التاريخ 10/ 676- 678، التاريخ الباهر 44، 45، زبدة التواريخ 197، 198، دول الإسلام 2/ 47، العبر 4/ 67، مرآة الجنان 3/ 250، البداية والنهاية 12/ 203، عيون التواريخ 12/ 250.
[6] في المنتظم 10/ 25، 26 (17/ 270، 271) .(36/30)
ومسعود ثلاثون ألفًا. وكانت ملحمة كبيرة، أُحصِي القتلى فكانوا أربعين ألفًا، وقُتِلَ قُراجا، وأُجلس طُغْرُل على سرير المُلْك، وعاد سَنْجَر إلى بلاده [1] .
[هزيمة زنكيّ ودُبَيْس]
وجاء زنكيّ ودُبَيْس في سبعة آلاف [2] ليأخذ بغداد، فبلغ المسترشد اختلاط بغداد، وكسْرة عسكره، فخرج من السّرداق بيده السّيف مجذوب، وسكن الأمر.
وخاف هو، وعاد من خانقين، وإذا بزنكيّ ودُبَيْس قد قاربا بغداد من غربيّها، فعبر الخليفة إليهم في ألفَين، وطلب المهادنة، فاشتطا عليه، فحاربهما بنفسه وعسكره، فانكسرت ميسرته، فكشف الطّرحة ولبس البُرْدة، وجذب السّيف، وحمل، فحمل العسكر، فانهزم زنكيّ ودُبَيْس، وقتل من جيشهما مقتلة عظيمة، وطلب زنكيّ تكريت، ودُبَيْس الفرات [3] منهزمَيْن [4] .
[هلاك بغدوين]
وفيها هلك بغدوين الرويس [5] ملك الفرنج بعكّا، وكان شيخًا مُسِنًّا، داهية، ووقع في أسْر المسلمين غير مرَّة في الحروب ويتخلّص بمكرْه وحِيَله، وتملّك بعده القُومْص كُنْدانحور، فلم يكن له رأس، فاضطربوا واختلفوا وللَّه الحمد [6] .
__________
[1] خبر الملحمة في: التاريخ الباهر 44، 45، والكامل في التاريخ 10/ 676- 678، والمنتظم 10/ 25، 26 (17/ 270، 271) ، وزبدة النصرة للبنداري 158، 159، وراحة الصدور للراوندي 201، وزبدة التواريخ للحسيني 199، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا- طبعة جرّوس برس- طرابلس 1413 هـ/ 1993 م.) ج 1/ 51، ودول الإسلام 2/ 47، 48، وتاريخ ابن الوردي 2/ 37، 38، وعيون التواريخ 12/ 250، وشذرات الذهب 4/ 77.
[2] في الإنباء في تاريخ الخلفاء 217: «في اثني عشر ألف فارس» .
[3] في الأصل: «الفراة» .
[4] الكامل في التاريخ 10/ 678، تاريخ ابن سباط 1/ 52، تاريخ حلب للعظيميّ 384 (47) ، الإنباء في تاريخ الخلفاء 217، التاريخ الباهر 45، 46، زبدة التواريخ 198، 199، تاريخ مختصر الدول 203، العبر 4/ 67، تاريخ ابن الوردي 2/ 38، الدرّة المضيّة 510، مرآة الجنان 3/ 250، البداية والنهاية 12/ 203، عيون التواريخ 12/ 250.
[5] في الأصل: «الروس» . وهو الملك «بلدوين الثاني» .
[6] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 384 (وتحقيق سويم) 46 (حوادث 525 هـ) ، ذيل.(36/31)
[تملّك شمس الملوك دمشق]
وتملّك دمشق شمس الملوك بعد أبيه تاج الملوك بوري بن طُغتِكين، فقام بالأمر، وخافَتْه الفرنج، ومهّد الأمور، وأبطل بعض المظالم، وفرح النّاس بشهامته وفَرْط شجاعته، واحتملوا ظُلْمه [1] .
[وقعة همذان]
وفيها كانت وقعة بهَمَذان بين طُغْرُل بن محمد وبين داود بن محمود بن محمد، فانتصر طُغْرُل [2] .
[وزارة أنوشروان]
وفيها وَزَر أنُوشُرْوان بن خالد للمسترشد بعد تمنُّع، واستعفى [3] .
[هزيمة دُبَيْس]
وعاد دُبَيْس بعد الهزيمة يلوذ ببلاده، فجمع وحشد. وكانت الحِلَّة وأعمالها في يد إقبال المسترشديّ، وأُمِدَّ بعسكرٍ من بغداد، فهزم دُبَيْس، وحصل دُبَيْس في أَجَمة فيها ماء وقصب ثلاثة أيّام، لَا يأكل شيئًا، حتّى أخرجه جمّاس [4] على ظهره وخلّصه [5] .
__________
[ () ] تاريخ دمشق 233.
[1] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 384 (وتحقيق سويم) 47، ذيل تاريخ دمشق 234، الكامل في التاريخ 10/ 680، نهاية الأرب 27/ 82، الكواكب الدرّية 98.
[2] المنتظم 10/ 26 (17/ 271) ، تاريخ دولة آل سلجوق 145، 4/ 67 وفيه: «طغريل» ، عيون التواريخ 12/ 250، البداية والنهاية 12/ 202.
[3] في الأصل: «استعفا» .
والخبر في: المنتظم 10/ 26 (17/ 271) ، والإنباء في تاريخ الخلفاء 217، والبداية والنهاية 12/ 204.
[4] في الأصل: «حماس» بالحاء المهملة.
[5] المنتظم 10/ 27 (17/ 271) ، الكامل في التاريخ 10/ 679.(36/32)
[قدوم الملك داود بغداد]
وقدم الملك داود بن محمد إلى بغداد [1] .
[القبض على الوزير شرف الدين]
وفيها قبض الخليفة على الوزير شرف الدّين، وأخذ سائر ما في دياره [2] .
__________
[1] المنتظم 10/ 27 (17/ 271) ، الكامل في التاريخ 10/ 682.
[2] (1) المنتظم 10/ 27 (17/ 271) ، الكامل في التاريخ 10/ 682.(36/33)
سنة سبع وعشرين وخمسمائة
[الخطبة بالسلطنة لمسعود]
خُطِب لمسعود بن محمد بالسّلطنة ببغداد في صَفر، ومِن بعده لداود، وخُلِع عليهما وعلى الأمير آقْسُنْقُر الأحمديليّ [1] مقدَّم جيوش السّلطان محمود، وهو المقيم داود بعده في الملك [2] .
واستقرّ مسعود بهمذان [3] .
[انهزام طُغْرل]
وكانت وقعة انهزم فيها طُغْرُل [4] .
[مقتل آقسنقر]
ثم قتل آقسنقر، قتلته الباطنيّة [5] .
__________
[1] في المنتظم 10/ 29 «الأحمد بكى» ، وفي (17/ 275) : «الأحمديكي» ، والمثبت يتفق مع:
تاريخ دولة آل سلجوق.
[2] المنتظم 10/ 29، (17/ 275) ، الكامل في التاريخ 10/ 7686 زبدة التواريخ 200، 201، تاريخ دولة آل سلجوق 152، 153، تاريخ الزمان 145، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 145، دول الإسلام 2/ 48، الدرّة المضيّة 510، البداية والنهاية 12/ 204 النجوم الزاهرة 5/ 250.
[3] المنتظم 10/ 29 (17/ 275) ، ذيل تاريخ دمشق 238، الكامل في التاريخ 3/ 686، زبدة التواريخ 201، 202.
[4] الكامل في التاريخ 10/ 686، ذيل تاريخ دمشق 238، زبدة التواريخ 202، 203، المنتظم 10/ 29 (17/ 276) ، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 145، تاريخ ابن سباط 1/ 53، تاريخ دولة «آل سلجوق» 158.
[5] المنتظم 10/ 29، (17/ 275) ، الكامل في التاريخ 10/ 686، تاريخ دولة آل سلجوق(36/34)
[غارة التركمان على بلاد طرابلس]
وفيها قصد أمير التّركمان الجزريّين [1] بلاد الشام، فأغاروا على بلاد طرابُلُس، وصموا وسبوا، فخرج ملك طرابُلُس بالفرنج، فتقهقر التُرْكُمانيّ، ثمّ كرّوا عليه فهزموه، وقتلوا في الفرنج فأكثروا وأطنبوا، فالتجأ إلى حصن بَعرين، فحاصرته التُرْكُمان أيّامًا. وخرج في اللّيل هاربًا، فجمعت الفرنج لنجدته ملوكهم، وردّ فواقع التُرْكُمان ونال منهم [2] .
[الخلاف بين الفرنج]
وفيها وقع الخُلْف بين الفرنج بالشّام، وتحاربوا وقُتِلَ منهم، ولم يجر لهم بذلك سابقة [3] .
[وقعة الأمير سوار بالفرنج]
وفيها واقع الأمير سوار نائب زنكيّ على حلب الفرنج، فقتل من الفرنج نحو الألف، وللَّه الحمد [4] .
__________
[157، 158] .
[1] في الأصل: «الجزريون» .
[2] الخبر في: ذيل تاريخ دمشق 240، والكامل في التاريخ 11/ 7، 8، والمختصر في أخبار البشر 3/ 8، ومسالك الأبصار في ممالك الأمصار (مخطوط) ج 16 ق 2/ 283، وعيون التواريخ 12/ 253، ودول الإسلام 2/ 48 والعبر 4/ 70 وتاريخ ابن الوردي 2/ 38، والبداية والنهاية 12/ 204، وتاريخ ابن سباط 1/ 54، وكتابنا: تاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ 1/ 495، 496 (طبعة ثانية) .
[3] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 385 (وتحقيق سويم) 47، الكامل في التاريخ 11/ 8.
[4] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 385 (وتحقيق سويم) 48، وفيه قال العظيمي:
ومدحته بقصيدة أولها:
تقلد النّصر واشدد خلفك العذبا ... لا يرجع الله في شيء إذا وهبا
والخبر في: العبر/ 70، وعيون التواريخ 12/ 253.(36/35)
[محاولة اغتيال شمس الملوك]
وفيها وثب على شمس الملوك صاحب دمشق مملوك نجدة، فضربه بسيفٍ فلم يُغن [1] شيئًا، وقتلوه بعد أن أقرّ على جماعة وادّعى أنّه إنما فعل ذلك ليريح المسلمين من ظُلمه وعسفه، فقُتِلَ معه جماعة [2] .
[مقتل سونج]
وقتل شمس الملوك أخاه سونج الذي أسره زنكيّ، فحزن النّاس عليه [3] .
[انهزام دُبَيْس بواسط]
وفيها جمع دُبَيْس جمْعًا بواسط، وانضم إليه جماعة من واسط، فنفّذ الخليفة لحربه البازدار وإقبال الخادم، فهزموه وأسروا بختيار [4] .
[حصار المسترشد الموصل]
وعزم المسترشد على المسير إلى الموصل، فعبرت الكوسات والأعلام إلى الجانب الغّربي في شعبان، ونودي ببغداد: من تخلّف مِن الْجُنْد حُلّ دمُهُ.
ثمّ سار أمير المؤمنين في اثني عشر ألف فارس، ونفِّذ إلى بهروز يقول له: تنزل عن القلعة، وتسلّم الأموال، وتدخل تحت الطّاعة. فقال: أنا رجل كبير عاجز، ولكن أنفَّذ الإقامات وتقدمه. ففعل وعفى عنه.
ووصل الخليفة الموصل في العشرين من رمضان، فحاصرها ثمانين يومًا [5] ، وكان القتال كلّ يوم. ووصل إليه أبو الهيج الكرديّ من الجبل في عساكر كثيرة.
__________
[1] في الأصل: «فلم يغني» .
[2] الكامل في التاريخ 11/ 8، 9، وسيعاد هذا الخبر في السنة التالية. وانظر: المختصر في أخبار البشر 3/ 8، وتاريخ ابن الوردي 2/ 38، 39.
[3] الكامل في التاريخ 11/ 9، الكواكب الدرّية 98، تاريخ ابن سباط 1/ 54، البداية والنهاية 12/ 204.
[4] المنتظم 10/ 29 (17/ 276) .
[5] في المختصر في أخبار البشر 3/ 7 حاصرها ثلاثة أشهر، والمثبت يتفق مع العبر 4/ 70، ومرآة(36/36)
ثمّ إنّ زنكيّ بعث إلى الخليفة: إني أعطيك الأموال، فترحل عنّا. فلم يُجِبْه، ثمَّ رحل، فقيل كان سبب رحيله أنّه بلغه أنّ السّلطان مسعودًا قد غار وقتل الأحمديليّ، وخلع على دُبَيْس [1] .
[وعظ ابن الجوزي بجامع المنصور]
وقال «ابن الجوزيّ» [2] : وتوفّي شيخنا ابن الزّاغونيّ، فأخذ بحلقته بجامع القصر أبو عليّ بن الراذاني، ولم أعطها لصغري، فحضرت عند الوزير أنوشروان، وأوردت فصلًا في الوعظ، فأذِن لي في الجلوس بجامع المنصور، فحضر مجلسي أوّل يومٍ الكبار من أصحابنا عبد الواحد بن شُنَيْف، وأبو على ابن القاضي، وابن قساميّ [3] ، وقوي اشتغالي بفنون العلم. وأخذت عن أبي بكر الدِّينَوَرِيِّ الفقه، وعن ابن الجواليقيّ اللّغة، وتتبّعتُ مشايخ الحديث.
[أخْذ بانياس من الفرنج]
وفيها أخذ شمس الملوك بانياس من الفرنج بالسّيف، وقلعتها بالأمان، فلما نزلوا أسروهم. وقدم شمس الملوك دمشق مؤيدا منصورا، والأسرى بين يديه ورءوس القتلى. ورأى [4] النّاس ما أقرّ أعينهم [5] ، فلله الحمد. وكان يومًا مشهودا [6] .
__________
[ () ] الجنان 3/ 252.
[1] الكامل في التاريخ 11/ 5، 6، التاريخ الباهر 47، 48، المنتظم 10/ 30 (17/ 276) ، تاريخ ابن سباط 1/ 53، تاريخ مختصر الدول 203، 204، تاريخ ابن الوردي 2/ 38، الدرّة المضيّة 510.
[2] في المنتظم 10/ 30 (17/ 276، 277) بتصرّف.
[3] في الأصل: «تشامي» .
[4] في الأصل: «ورأوا» .
[5] خبر بانياس في: الكامل في التاريخ 10/ 684، 685، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 145، والأعلاق الخطيرة ق 2/ 141، والكواكب الدرّية 99، وتاريخ ابن سباط 1/ 53.
[6] ذيل تاريخ دمشق 236، 237، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 145، نهاية الأرب 27/ 83، المختصر في أخبار البشر 3/ 7، دول الإسلام 2/ 48، العبر 4/ 70، تاريخ ابن الوردي 2/ 38، الدرّة المضيّة 510، عيون التواريخ 12/ 253، الكواكب الدريّة 99، النجوم الزاهرة 5/ 250.(36/37)
[وفاة صاحب مكة]
وفيها مات صاحب مكَّة أبو فُلَيْتَة، وولي بعده أبو القاسم [1] .
[حصار مدينة أفراغه بالأندلس]
وفيها نازل ابن رُدْمير [2] مدينة أفراغة، فحاصرها وبها ابن مردنش [3] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 11/ 9، تاريخ ابن الوردي 2/ 39.
[2] في الأصل: «رذمير» .
[3] سيعاد الخبر في حوادث السنة التالية.(36/38)
سنة ثمان وعشرين وخمسمائة
[الخِلْعة لإقبال الخادم]
فيها خُلِع على إقبال الخادم خِلْعة المُلْك، ولُقِّب بسيف الدّولة ملك العرب [1] .
[مصالحة زنكيّ]
ووقع الصُلح مع زنكيّ بن آقْسُنْقُر، وجاءَ منه الحمل [2] .
[وزارة ابن طِراد]
وصُرِف عن الوزارة أنوشروان، وأُعيد أبو القاسم بن طِراد. وقُبِض على بطر الخادم وسُجن وأُخِذت أمواله. وخُلِع على ابن طِراد خِلْعة الوزارة، وأُعطي فَرَسًا برُقْية [3] ، وثلاثة عشر حمل كوسات، وأعلاما [4] ومهدا [5] .
__________
[1] المنتظم 10/ 34 (17/ 282) ، في الإنباء في تاريخ الخلفاء 217 (حوادث سنة 525 هـ) إقبال المعروف بجمال الدولة، ولقبه حسام الدين، سلطان الأمراء، ملك العرب، البداية والنهاية 12/ 206.
[2] المنتظم 10/ 34 (17/ 282) ، العبر 4/ 73، تاريخ ابن الوردي 2/ 39، عيون التواريخ 12/ 276.
[3] في المنتظم: «طوق» .
[4] في المنتظم: «وأعطي ثلاثة عشر عملا كوسات وأعماما» .
[5] المنتظم 10/ 34 (17/ 282) .(36/39)
[الخِلعة لابن الأنباري]
وقدِم رسول السّلطان سنْجر، فخلع عليه، وأرسل إلى سنجر مع رسوله ومع ابن الأنباري خلَعًا عظيمة الخطر بمائة وعشرين ألف دينار [1] .
[محاصرة بهروز]
وبعث الخليفة إلى بهروز الخادم، وهو بالقلعة، يطلب منه حملًا فأبى، فبعث جيشًا لقتاله، فحاصروه [2] .
[خدمة السَّلحدار]
وقدِم ألْبقش [3] السَّلحدار التُّرْكي طلبًا للخدمة مع الخليفة [4] .
[استعراض الخليفة الجيش]
ثمّ إنّ الخليفة خلع على الأمراء، وعرض الجيش يوم العيد، ونادى: لا يختلظ بالجيش أحد. ومن ركب بَغْلًا أو حمارًا أُبيح دَمُه.
وخرج الوزير وصاحب المخزن والقاضي ونقيب النُقباء وأركان الدَولة في زِيّ لم يُرَ مثله من الخيل والزّينة والعسكر والملبس، فكان الجيش خمسة عشر ألف فارس [5] .
[توطُّد المُلك لطُغْرل]
وعاد طُغْرُل إلى هَمذان وانضمت إليه عساكر كثيرة، وتوطّد له المُلْك، وانحل أمر أخيه مسعود. وسببه أنّ الخليفة بعث بخلع إلى خوارزم شاه، فأشار دُبَيْس على طُغْرُل بأخذها، وإظهار أنّ الخليفة بعثها له. ففعل [6] .
__________
[1] المنتظم 10/ 35 (17/ 283) ، العبر 4/ 72، مرآة الجنان 3/ 253.
[2] المنتظم 10/ 35 (17/ 283) .
[3] في الأصل: «التقش» ، والتصحيح من المنتظم.
[4] المنتظم 10/ 35 (17/ 283) .
[5] المنتظم 10/ 35 (17/ 283) .
[6] المنتظم 10/ 35 (17/ 284) ، الكامل في التاريخ 11/ 12، 13.(36/40)
[الخلاف بين الخليفة ومسعود]
وبعث الخليفة يحثّ مسعودًا على المجيء ليرفع منه، فدخل أصبهان في زِيّ التُرْكُمان، وخاطر إلى أن وصل بغداد في ثلاثين فارسًا، فبعث إليه الخليفة تُحَفًا كثيرة.
وعثر على بعض الأمراء أنه يكاتب طُغْرل، فقبض عليه الخليفة، فهرب بقيَّة الأمراء إلى مسعود، وقالوا: نحن عبيدك، فإذا خَذَلْتنا قَتَلَنا الخليفة. فطلبهم الخليفة، فقال مسعود: قد التجئوا إليّ. فقال الخليفة: إنما أفعل هذا لأجلك، أو يصيبك [1] نوبة بعد نوبة.
ووقع الاختلاف بينهما، وشاش العسكر، ومدوا أيديهم إلى أذى المسلمين، وتعذر المشْي بين المَحَالّ، فبعث إليه الخليفة يقول له: تنصرف إلى بعض الجهات، وتأخذ العسكر الّذين صاروا إليك. فرحل في آخر السّنة والخواطر متوحّشة. فأقام بدار الغربة. وجاءت الأخبار بتوجُّه طُغْرُل إلى بغداد.
فلّما كان يوم سلْخ السّنة نفّذ إلى مسعود الخِلع والتّاج، وأشياء بنحو ثلاثين ألف دينار نِعَم [2] .
[هزيمة ابن رُدمير وموته]
وفيها حاصر ملك الفرنج ابن رُدمير [3] مدينة أفراغه من شرق الأندلس، وكان إذ ذاك على قُرْطُبة تاشَفين ابن السّلطان، فجهّز الزّبير اللُّمتُونيّ بألفي فارس، وتجهّز أمير مُرْسيَّة وبَلَنْسِيَة- يحيى بن غانية- في خمسمائة وتجهز عبد الله بن عياض صاحب لارَدَة في مائتين، فاجتمعوا وحملوا الميرة إلى أفراغه. وكان ابن عياض فارس زمانه، وكان ابن رُدْمير [3] في اثني عشر ألف فارس. فأدركه العُجْب، وقال لأصحابه: اخرجوا خُذُوا هذه الميرة. ونفّذ قطعة من جيشه، فهزمهم ابن عياض، فساق ابن ردمير بنفسه، والتحم الحرب،
__________
[1] في المنتظم: «وأنصبك» .
[2] المنتظم 10/ 35، 36 (17/ 284) .
[3] في الأصل: «رذمير» .(36/41)
واسْتَحَر القتْل في الفرنج، وخرج أهل أفراغه الرّجال والنّساء، فنهبوا خِيَم الروم. فانهزم الطّاغية، ولم يفلت من جيشه إلا القليل، ولحق بسَرَقُسْطة، فبقي يسأل عن كبار أصحابه، فيقال له: قُتِلَ فُلان، قُتِلَ فُلان، فمات غمًّا بعد عشرين يومًا. وكان بليَّة على المسلمين، فأهلكه الله [1] .
[فتح الموحّدين لتادلة]
وفيها خرج عبد المؤمن في الموحِّدين من ... [2] فافتتح تادلة ونواحيها، وسار في تلك الجبال يفتتح معموره.
[حرب تاشفين للموحّدين]
وأقبل تاشفين من الأندلس باستدعاء ابنه، فانُتدِب لحرب الموحّدين.
[مسير الفرنج إلى حلب]
وفيها سار صاحب القدس بالفرنج، فقصد حلب، فخرج إليه عسكرها، فالتقوا، فانهزم المسلمون، وقُتِلَ منهم مائة فارس، ثمّ التقوا ونَصَر الله [3] .
[محاولة اغتيال شمس الملوك]
وفيها وثب إيليا الطّغتِكينيّ في الصيد على شمس الملوك بأرض صيدنايا بالسّيف، فغطس عنها، ورمى بنفسه إلى الأرض، وضربه ثانية، فوقعت في رقَبَة
__________
[1] الكامل في التاريخ 11/ 33، 34 (حوادث 429 هـ) .
[2] بياض في الأصل.
[3] روى العظيمي هذا الخبر على هذا النحو:
«وصل الملك فلك بن كند صاحب القدس إلى أنطاكية وجمع وظهر إلى نواز ثم قنّسرين، وكسروا أوائل عسكر حلب، وقتلوا أبا القاسم التركماني وأبا العلاء بن الخشّاب، والأمير خليفة، وشاهنشاه بن بلك. وتحوّل الفرنج إلى النقرة، فصابحهم سيف الدين سوار والعسكر، فأوقعوا بسريّة منهم فقتلوهم، وعادوا برءوس وقلائع، فسرّ الناس من يومهم عوض ما ساءهم من أمسهم» . (تاريخ حلب للعظيميّ- بتحقيق زعرور 385، 386، وتحقيق سويم 48) وانظر: زبدة الحلب 2/ 252، وذيل تاريخ دمشق 240.(36/42)
الفَرَس أتْلَفَتْه. وتلاحقت الأجناد، فهرب إيليا، ثمّ ظفروا به، فقتله صبرًا، وقتل جماعة بمجرّد قول إيليا فيهم، وبنى على أخيه حائطًا، فمات جوعًا. وبالغ في الظُلْم والعَسف، وبنى دار المَسَرَّة بالقلعة، فجاءت بديعة الحُسن [1] .
[خلاف الإسماعيلية والسُنَّة بمصر]
وفيها جاءت الأخبار من مصر بخُلْف ولدي الحافظ لدين الله عبد المجيد وهما: حيدرة [2] ، والحسن. وافترق الْجُند فِرقتين، إحداهما مائلة إلى الإسماعيلية، والأخرى إلى مذهب السُّنَّة. فاستظهرت السُّنَّة، وقتلوا خلقًا من أولئك، واستحر القتْل بالسّودان، واستقام أمر وليّ العهد حسن، وتتبّع من كان ينصر الإسماعيليَّة من المقدَّمين والدُّعاة، فأبادهم قتْلًا وتشريدًا.
قال أبو يَعْلى حمزة [3] : فورد كتاب الحافظ لدين الله على شمس الملوك بهذا [4] الخلاف [5] .
[نقض الفرنج الهدنة]
وفيها فسخت الفرنج الهدنة وأقبلت بخُيَلائها، فجمع شمس الملوك جيشه، واستدعى تُرْكُمان النواحي، وبرز في عساكره نحو حَوران، فالتقوا. وكانت الفرنج في جمْعٍ كثيف، فأقامت المناوشة بين الفريقين أيامًا، ثمّ غافلهم شمس الملوك، ونهض ببعض الجيش، وقصد عكّا والنّاصرة، فأغار وغنم، فانزعجت الفرنج، وردّوا ذليلين، وطلبوا تجديد الهدنة [6] .
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق 241، 242، الكامل في التاريخ 11/ 8، 9 (حوادث 527 هـ) . وقد تقدّم هناك باختصار، وانظر: مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 147، 148، ونهاية الأرب 27/ 84، النجوم الزاهرة 5/ 252.
[2] وكنيته: أبو تراب. (أخبار الدول المنقطعة 98) .
[3] في ذيل تاريخ دمشق 242.
[4] في الأصل: «بهذه» .
[5] انظر تفاصيل الخبر في: أخبار الدول المنقطعة 96، وأخبار مصر لابن ميسّر 2/ 86، ونهاية الأرب 28/ 299، 300، والدرّة المضيّة 514، 515، والمقفّى الكبير 3/ 416- 419، واتعاظ الحنفا 3/ 149- 155.
[6] ذيل تاريخ دمشق 242، 243، الكامل في التاريخ 11/ 11، 12، مرآة الزمان ج 8 ق 1 148، المختصر في أخبار البشر 3/ 8.(36/43)
سنة تسع وعشرين وخمسمائة
[إخراج مسعود من بغداد]
قد ذكرنا أنّ الخليفة قال لمسعود: أرحل عنّا. وأنه بعث إليه بالخِلَع والتّاج، ثمّ نفذ إليه الجاوليّ شِحْنَة بغداد، مصانِعًا له على الخروج، وأمره إن هو دافع أن يرمي خيمته [1] . ثمّ أحسَّ منه أنّه قد باطَنَ الأتراك، واطّلع منه على سوء نِية، فأخرج أمير المؤمنين سُرَادقه، وخَرَج أرباب الدّولة، فجاء الخبر بموت طُغْرُل [2] ، فرحل مسعود جريدةً، وتلاحَقَتْه العساكر، فوصل هَمَذَان، واختلف عليه الجيش، وانفرد عنه قُزُل، وسُنْقُر، وجماعة، فجهز لحربهم، وفرّق شملهم، فجاء منهم إلى بغداد جماعة، وأخبروا سوء نيته، منهم البازدار، وقُزُل، وسُنْقُر [3] .
[القبض على أنوشروان]
وسار أنوشروان بأهله إلى خُراسان لوزارة السّلطان مسعود، فأُخِذ في الطّريق [4] .
[استرجاع زنكيّ المعرَّة]
وفيها افتتح الأتابك زنكيّ بن آق سنقر المَعَرَّة، فأخذها من الفرنج. وكان لها
__________
[1] في المنتظم: «أن يحط خيمه» .
[2] كتاب الروضتين 1/ 79، العبر 4/ 75 وفيه «طغريل» ، تاريخ ابن الوردي 2/ 39.
[3] المنتظم 10/ 41 (17/ 291) ، وانظر: الكامل في التاريخ 11/ 19 و 24، 25، والتاريخ الباهر 49، كتاب الروضتين 1/ 79، العبر 4/ 75.
[4] المنتظم 10/ 41 (17/ 291) .(36/44)
في أيديهم سبْعٌ، وثلاثون سنة، وردّ أملاكهم، وكُثر الدّعاء له [1] .
[طاعة ابن زنكيّ للخليفة]
وفيها قدِم الموصلَ ابن زنكيّ من عند والده بمفاتيح المَوصل مُذْعِنًا بالطّاعة والعُبوديَّة للخليفة، فخرج الموكب لتلقّيه، وأكرم مورده. ونزل وقَبل العَتَبَة [2] .
[موت رسول دُبَيْس]
وجاء رسول دُبَيْس يقول: أنا الخاطئ المُقِرّ بذنْبه. فمات رسوله، فذهب هو إلى مسعود [3] .
[كتاب ابن الأنباريّ]
وجاء السّديد بن الأنباري من عند السّلطان سنْجر، ومعه كتابه يقول فيه:
أنا العبد المملوك.
ثمّ تواترت الأخبار بعزم مسعود على بغداد، وجمع وحشد، فبعث الخليفة إلى بكبة نائب البصرة، فوعدَ بالمجيء.
ووصل إلى حُلوان دُبَيْس وهو سائس عسكر مسعود، فجهّز الخليفة ألفيْ فارس تقدّمه، وبعث إلى أتابك زنكيّ، وكان مُنازِلًا دمشق [4] .
[انفصال الأمراء عن جيش مسعود]
وبعث سَنْجَر إلى مسعود أن هؤلاء الأمراء، وهم البازدار وابن برسُق، وقُزُل، وبرتقش [5] ، ما يتركونك تنال غَرَضًا لأنّهم عليك، وهم الّذين أفسدوا أمر
__________
[1] زبدة الحلب 2/ 259، العبر 4/ 75.
[2] المنتظم 10/ 42 (17/ 292) .
[3] المنتظم 10/ 42 (17/ 292) .
[4] المنتظم 10/ 42 (17/ 293) .
[5] في المنتظم: «يرتقش» ، ومثله في: الإنباء في تاريخ الخلفاء 221 وفيه «يرتقش الفخري» ،(36/45)
أخيك طُغْرُل، فابعث إليَّ برءوسهم. فأطْلَعهم على الكتاب، فقبّلوا الأرض وقالوا: الآن علمنا أنّك صافٍ لنا، فابعث دُبَيْسًا في المقدّمة.
ثمّ اجتمعوا وقالوا: ما وراء هذا خير، والرأي أن نمضي إلى أمير المؤمنين، فإن له [في] [1] رقابنا عهدًا. وكتبوا إليه: إنا قد انفصلنا عن مسعود، ونحن في بلاد برسُق، ونحن معك، وإلّا فاخطب لبعض أولاد السّلاطين، ونفّذه نكون في خدمته. فأجابهم: كونوا على ما أنتم عليه، فإنّي سائر إليكم. وتهيّأ للخروج، فلمّا سمع مسعود ساق لكبسهم، فانهزموا نحو العراق، فنهب أموالهم.
وجاءت الأخبار، فهيّأ لهم الخليفة الإقامات والأموال [2] .
[مهاجمة مقدّمة جيش الخليفة]
وخرج عسكر بغداد والخليفة، وانزعج البلد. وبعث مسعود خمسة آلاف ليكبسوا مقدّمة الخليفة، فبيّتوهم وأخذوا خيلهم وأموالهم، فأقبلوا عُراة، ودخلوا بغداد في حالٍ رديئة. فأطلق لهم ما أصلح أمرهم [3] .
وجاء الأمراء الكبار الأربعة في دجلة فأكرموا وخُلِع عليهم، وأُطلق لهم ثمانون ألف دينار، ووُعدوا بإعادة ما مضى لهم [4] .
[قطع الخطبة لمسعود]
وقُطعت خطبة مسعود وخطب لسنجر، وداود [5] .
__________
[ () ] وزبدة النصرة 177 وفيه «يرتقش قران خوان» ، وكذا في: الكامل 11/ 24 «يرتقش» .
[1] إضافة من المنتظم.
[2] المنتظم 10/ 43 (17/ 293) ، الكامل في التاريخ 11/ 24، 25.
[3] مرآة الجنان 3/ 254، 255.
[4] المنتظم 10/ 44 (17/ 294) ، الكامل في التاريخ 11/ 25.
[5] المنتظم 10/ 44 (17/ 294) ، الكامل في التاريخ 11/ 25، التاريخ الباهر 49.(36/46)
[استمالة مسعود الأطراف إليه]
ثمّ برز الخليفة، وسار في سبعة آلاف فارس، وكان مسعود بهمذان في ألف وخمسمائة فارس، ثمّ أفسد نيّات الأطراف بالمكاتبة، واستمالهم حتّى صار في نحو خمسة عشر ألف فارس، وتسلَّل إليه ألفا فارس من عسكر المسترشد.
ونفّذ زنكيّ إلى الخليفة نجدةً، فلم يلحق [1] .
[أسر المسترشد]
ووقع المصافّ في عاشر رمضان، فلمّا التقى الْجَمْعان هرب جميع العسكر الّذين كانوا مع المسترشد، وكان على ميمنته قزل، والبازدار، ونور الدّولة الشّحنة، فحملوا على عسكر مسعود، فهزموهم ثلاثة فراسخ ثمّ عادوا فرأوا المَيْسَرَة قد غدرت، فأخذ كلّ واحدٍ منهم طريقًا، وأُسِر المسترشد وحاشيته، وأُخِذ ما معه، وكان معه خزائن عظيمة، فكانت صناديق الذَّهب على سبعين بغلا [2] أربعة آلاف ألف دينار، وكان الثّقْل على خمسة آلاف [3] جَمَل، وخزانة السّبق أربعمائة بغْل.
ونادى مسعود: المال لكم، والدَّمُ لي، فمن قُتِلَ أَقَدْتُه. ولم يُقتل بين الصَّفَّيْن سوى خمسة أنْفُس غَلَطًا.
ونادى: من أقام من أصحاب الخليفة قُتِلَ. فهرب النّاس، وأخذتهم التُّرْكُمان، ووصلوا بغداد وقد تشقَّقت أرجُلُهم، وبقي الخليفة في الأسر [4] .
__________
[1] المنتظم 10/ 44، 45 (17/ 294، 295) ، الكامل في التاريخ 11/ 25، مرآة الجنان 3/ 255.
[2] في الفخري 302: «على مائة وسبعين بغلا» .
[3] في الفخري: «خمسمائة جبل» .
[4] انظر خبر أسر الخليفة المسترشد باللَّه في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 387، (وتحقيق سويم) 49، والإنباء في تاريخ الخلفاء 219، 220، والتاريخ الباهر 49، 50، والكامل في التاريخ 11/ 24- 26، والمنتظم 10/ 43- 48 (17/ 295) ، وذيل تاريخ دمشق 248، 249، وتاريخ الزمان لابن العبري 147، 148، وتاريخ مختصر الدول، له 204، وزبدة الحلب 2/ 253، والتاريخ الباهر 49، 50، وكتاب الروضتين 79، والفخري 302، 303، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 221، 222، والإنباء في تاريخ الخلفاء 218(36/47)
[كتاب الخليفة إلى أستاذ الدار]
وبعث بالوزير ابن طِراد وقاضي القُضاة الزَّيْنبيّ، وبجماعةٍ إلى قلعة، وبعث شِحْنة بغداد ومعه كتاب من الخليفة إلى أستاذ الدّار، أمره مسعود بكتابته، فيه: «ليعتمد الحسين [1] بن جَهِير مُراعاة الرّعيَّة [2] وحمايتهم [3] ، فقد ظهر من الولد غياث الدّنيا والدّين، أمتع [4] الله به في الخدمة ما صدقت به الظُّنُون [5] . فلْيجتمع وكاتب الزّمام وكاتب المخزن إلى إخراج العمّال إلى النّواحي [6] ، فقد ندب من الجانب الغياثيّ هذا الشِّحْنة [7] لذلك، ولْيَهْتمّ بكِسوَة الكعبة، فنحن في إثر هذا المكتوب [8] .
[ثورة أهل بغداد]
وحضر عيد الفِطْر، فنفر أهل بغداد ووثبوا، ووثبوا [9] على الخطيب، وكسروا المنبر والشّبّاك، ومنعوه من الخطْبة، وَحَثَوْا في الأسواق على رءوسهم التُّراب يبكون ويضجّون، وخرج النّساء حاسراتٍ يندُبن الخليفة في الطُّرُق
__________
[221،) ] وخلاصة الذهب المسبوك 273، وتاريخ دولة آل سلجوق 164، 165، وبغية الطلب (قسم السلاجقة) 248، والمختصر في أخبار البشر 3/ 9، ومفرّج الكروب 1/ 58، والعبر 4/ 75، 76، وسير أعلام النبلاء 19/ 565، 568، ودول الإسلام 2/ 49، 50، وتاريخ ابن الوردي 2/ 39، وعيون التواريخ 12/ 292، 293، وفوات الوفيات 24812- 250، ومرآة الجنان 3/ 254، 255، والدّرّة المضيّة 515، 516، والبداية والنهاية 12/ 207، 208، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 95، 96، ومآثر الإنافة 2/ 26، والكواكب الدّرية 99، 100، وتاريخ ابن خلدون 5/ 60، 61، وتاريخ الخميس 2/ 404، والنجوم الزاهرة 5/ 256، وتاريخ الخلفاء 431- 435، وشذرات الذهب 4/ 86- 88، وتاريخ ابن سباط 1/ 58.
[1] هكذا في الأصل، وأصل المنتظم المخطوط، وفي المطبوع: «الحسن» .
[2] زاد في المنتظم: «والاشتمال عليهم» .
[3] زاد في المنتظم: «وكفّ الأذى عنهم» .
[4] في المنتظم: «تبع» .
[5] في المنتظم: «ما صدق به الخدمة» .
[6] في المنتظم: «إلى نواحي الخاص لحراستها» .
[7] في المنتظم: «شحنة» .
[8] في المنتظم 10/ 45، 46 (17/ 295) : «إن شاء الله» .
[9] هكذا تكرّرت في الأصل.(36/48)
وتحت التّاج، وهمّوا برجْم الشِّحْنة، وهاشوا عليهم، فاقتتل أجناده والعوامّ، فقتِل من العوامّ مائة وثلاثة وخمسون نفْسًا، وهرب أبو الكَرَم الوالي، وحاجب الباب إلى دار خاتون، ورمى أعوان الشحنة الأبواب الحديد التي عَلَى السور، ونقبوا فِيهِ فتحات، وأشرفت بغداد على النَّهْب، فنادى الشِّحْنة: لَا ينزل أحدٌ في دار أحد، ولا يؤخذ لأحدٍ شيء، والسّلطان جاي [1] بين يدي الخليفة، وعلى كتفه الغاشية [2] . فسكن النّاس. وطلب السّلطان من الخليفة «نظر الخادم» فنفّذ أطلقه، وسار بالخليفة إلى داود، إلى مَرَاغة [3] .
[زلزلة بغداد]
وقال ابن الجوزيّ [4] : وزلزلت بغداد مِرارًا كثيرة، ودامت كلّ يومٍ خمس أو ست مرّات إلى ليلة الثّلاثاء، فلم تزل الأرض تَمِيد من نصف اللّيل إلى الفجر، والنّاس يستغيثون [5] .
[تفاقم الأمر ببغداد]
وتصّرف عمّال السّلطان في بغداد، وعوّقوا قرى وليّ العهد، وختموا على غلّاتها، فافْتَكّ ذلك منهم بستّمائة دينار، فأطلقوها.
وتفاقم الأمر، وانقطع خبر العسكر، واستسلم النّاس [6] .
__________
[1] هكذا في الأصل.
[2] الغاشية: هي غاية سرج من أديم مخروز بالذهب يظنّها الناظر كلّها ذهبا يلقيها (الملك) على يديه يمينا وشمالا. (صبح الأعشى 2/ 127) وقال القلقشندي أيضا: تحمل بين يديه عند الركوب في المواكب الحفلة كالميادين والأعياد ونحوها، ويحملها الركابدار رافعا لها على يديه يلفتها يمينا وشمالا. (صبح الأعشى 4/ 6) .
[3] المنتظم 10/ 43- 46 (17/ 296) ، الإنباء في تاريخ الخلفاء 220، الكامل في التاريخ 11/ 26، الفخري 303، العبر 4/ 77.
[4] في المنتظم 10/ 46 (17/ 296) ، وانظر: الكامل في التاريخ 11/ 34.
[5] والخبر باختصار في: عيون التواريخ 12/ 296، وهو في الكواكب الدرّيّة 100، ومرآة الزمان ج 8 ق 1521، 157، وكشف الصلصلة 183، والبداية والنهاية 12/ 208.
[6] المنتظم 10/ 46 (17/ 296، 297) ، التاريخ الباهر 52.(36/49)
[رسالة سَنْجَر إلى مسعود بطاعة الخليفة]
ثمّ أرسل سَنْجَر إلى ابن أخيه مسعود يقول: ساعة وقوف الولد غياث الدّنيا والدّين على هذا المكتوب يدخل على أمير المؤمنين ويُقبّل [1] [الأرض] بين يديه، وتسأله العفْو والصَّفح، وتتنصّل غاية التّنصُّل، فقد ظهرت عندنا من الآيات السّماويَّة والأرضية ما لَا طاقة لنا بسماع مثلها، فضلًا عن المشاهدة من العواصف والبُرُوق والزلازل، ودوام ذلك عشرين يومًا، وتشويش العساكر وانقلاب [2] البلدان، ولقد خِفْت على نفسي من جانب الله وظهور آياته، وامتناع الناس من الصّلوات في الجوامع، ومنْع الخُطَباء ما لَا طاقة لي بحمله، فاللَّه الله بتلافي أمرك، وتعيد أمير المؤمنين إلى مقّر عزّه، وتسلِّم إليه دُبَيْسًا ليحكم فيه، وتحمل الغاشية بين يديه أنت وجميع الأمراء، كما جرت عادتنا وعادة آبائنا [3] .
فنفّذ مسعود بهذه المكاتبة مع الوزير، ونظر، فدخلا على الخليفة، واستأذنا لمسعود، فدخل وقبّل الأرض، ووقف يسأل العفو، فقال: قد عُفِي عن ذنْبك، فاسكن [4] وَطِبْ نفْسًا.
[شفاعة مسعود بدُبَيْس]
ثمّ عامله مسعود بما أمره به عمّه، وسأل من الخليفة أن يُشَفَّعه في دُبَيْس، فأجابه، فأحضروه مكتوفا بين أربعة أمراء، ومع واحد سيف مجذوب، وكَفَن منشور، وأُلقي بين يدي السّرير، وقال مسعود: يا أمير المؤمنين هذا السّبب الموجب لِما تمّ، فإذا زال السّبب زال الخلاف، ومهما تأمر نفعل به. وهو يبكي ويتضرَّع ويقول: العفو عند المقدرة، وأنا أقَلّ وأَذَلّ. فعفا عنه وقال: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ.. 12: 92 [5] فخلّوه، وقبّل يد أمير المؤمنين وأَمرَّها على
__________
[1] في الأصل: «يقتل» .
[2] في الكواكب الدرّية 101: «وانفلات» .
[3] انظر النص في: المنتظم 10/ 47 (17/ 297) ، والكواكب الدرّية 100، وأخبار الدول 2/ 169، 170.
[4] في الكواكب 101: «فاشكر» .
[5] سورة يوسف، الآية 92.(36/50)
وجهه، وقال: بقرابتك من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلّا ما عفوت عنّي، وتركتني أعيش في الدّنيا، فإنّ الخوف منك قد برّح بي [1] .
[نقضْ سور بغداد]
وأمّا بكبة شِحْنة بغداد، فإنّه أمر بنقْض السُّور ببغداد، فنُقِض مواضع كثيرة. وقال: عَمَّرتموه بفرح، فانقضوه لذلك.
وضربت لهم الدّبادب [2] ، وردّوا الباب الحديد الّذي أُخِذ من جامع المنصُور إلى مكانه [3] .
[قتل الباطنيَّة الخليفة المسترشد]
وقدِم رسولٌ ومعه عسكر يستحثّ مسعود أمر جهة عمّه على إعادة الخليفة إلى بغداد، فجاء في العسكر سبعة عشر [4] من الباطنيَّة، فذُكر أنّ مسعودًا ما علم بهم، فاللَّه أعلم، فركب السّلطان والعساكر لتلقي الرسول، فهجمت الباطنيَّة على الخليفة، ففتكوا به رحمه الله، وقتلوا معه جماعة من أصحابه، فعلم العسكر، فأحاطوا بالسُّرادق فخرج الباطنيَّة وقد فرغوا من شُغلهم، فقُتِلَوا.
وجلس السّلطان للعزاء، ووقع النّحيب والبكاء، وذلك على باب مراغة، وبها دفن [5] .
__________
[1] المنتظم 10/ 48 (17 (298) ، الكواكب الدرّية 101.
[2] الدبادب: الطبول.
[3] المنتظم 10/ 48، 49 (17/ 298) .
[4] جاء في التاريخ الباهر 50: «فهجم على الخليفة أربعة عشر نفرا من الباطنية، وبقي خارج الخيمة عشرة رجال» .
[5] انظر عن مقتل المسترشد في: الإنباء في تاريخ الخلفاء 221، والكامل في التاريخ 11/ 27، والتاريخ الباهر 50، وزبدة التواريخ 208، ووفيات الأعيان 5/ 201، وتاريخ دولة آل سلجوق 166، وتاريخ الزمان 148، وتاريخ مختصر الدول 204، والفخري 303، وبغية الطلب (قسم السلاجقة) 248، والمختصر في أخبار البشر 3/ 9، والعبر 4/ 76، 77، والدرّة المضيّة 517، وتاريخ الخميس 2/ 404، وتاريخ ابن خلدون 3/ 510، والكواكب الدرّيّة 17، 102، والبداية والنهاية 12/ 208، وأخبار الدول 2/ 170، والإعلام بوفيات الأعلام 217، وسير أعلام النبلاء 19/ 561.(36/51)
وجاء الخبر، فطلب الرّاشد النّاس طول الليل فبايعوه ببغداد، فلمّا أصبح شاع قتْله، فأغلق البلد، ووقع البكاء والنّحيب، وخرج النّاس حُفاةً مُخَرَّقي الثّياب، والنّساء منشّرات الشُّعور يلْطِمْن، ويقُلْن فيه المراثي على عادتهنّ، لانّ المسترشد كان محبّبا فيهم بمرّة، لما فيه من الشّجاعة والعدل والرَّفْق بهم [1] .
فمن مراثي النّساء فيه:
يا صاحب القضيب ونور الخاتم ... صار الحريم بعد قتلك رائم [2]
اهتزّت الدّنيا ومَن عليها ... بعد النّبيّ ومن ولي عليها
قد صاحت البومة على السُّرادق ... يا سيّدي ذا كان في السّوابق
تُرَى تراك العينُ في حريمك ... والطَّرحة السّواد على كريمك [3]
وَعُمِلَ العزاء في الدّيوان ثلاثة أيّام، تولّى ذلك ناصح الدّولة ابن جَهير، وأبو الرّضا صاحب الدّيوان.
[بيعة الراشد بالخلافة]
ثمّ شرعوا في الهناء، وكتب السّلطان إلى الشّحنة بكبة أن يبايع [4] للرّاشد.
__________
[1] انظر عن مقتل الخليفة المسترشد باللَّه في: تاريخ حلب للعظيميّ 387، والإنباء في تاريخ الخلفاء 221، والمنتظم 10/ 49 (17/ 298، 299) ، وذيل تاريخ دمشق 249، 250، والكامل في التاريخ 11/ 27، 28، والتاريخ الباهر 50، وكتاب الروضتين 79، وتاريخ دولة آل سلجوق 165، وتاريخ مختصر الدول 204، وتاريخ الزمان 149، وخريدة القصر (قسم العراق) ج 1/ 29، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 222، والفخري 303، ومفرّج الكروب 1/ 60، والنبراس 145، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 156، وزبدة التواريخ 208، وراحة الصدور 179، وخلاصة الذهب المسبوك 273، والمختصر في أخبار البشر 3/ 9، 10، وسير أعلام النبلاء 19/ 561- 573 رقم 325، والعبر 4/ 76، ودول الإسلام 2/ 50، وتاريخ ابن الوردي 2/ 39، والدرّة المضيّة 516، 517، وعيون التواريخ 12/ 293، 294، وفوات الوفيات 2/ 248- 250، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 257، والكواكب الدرّية 101، 102، ومآثر الإنافة 2/ 25، والبداية والنهاية 12/ 208، وتاريخ ابن خلدون 5/ 61، وتاريخ الخميس 2/ 404، والنجوم الزاهرة 5/ 256، وتاريخ الخلفاء 435، وشذرات الذهب 4/ 88، وأخبار الدول 2/ 170، وتاريخ ابن سباط 1/ 59، 60.
[2] في المنتظم: «مأتم» .
[3] الأبيات في: المنتظم 10/ 49، 50 (17/ 299) .
[4] في الأصل: «يتابع» .(36/52)
وجلس الرّاشد في الشّبّاك في الدّار المثمّنة المقتدريّة، وبايعه الشّحنة من خارج الشّبّاك، وذلك في السابع والعشرين من ذي القعدة. وظهر للنّاس، وكان أبيض جسيمًا بحُمرةٍ مستحسَنَة. وكان يومئذٍ بين يديه أولاده وإخوته، ونادى بإقامة العدل وردّ بعض المظالم [1] .
[ظهور التشيّع أيام الغدير]
وفي أيّام الغدير ظهر التَّشيُّع، ومضى خلْقٌ إلى زيارة مشهد عليّ ومشهد الحسين [2] .
[منازلة زنكيّ دمشق]
وفيها نازل زنكيّ دمشق، وحاصرها أشدّ حصار، فقام بأمر البلدان أتمّ قيام، وأحبّه النّاس، فجاء زنكيّ رسول المسترشد باللَّه يأمره بالرحيل [3] .
[مسير سَنْجَر إلى غزنة وهرب ملكها]
وفي ذي القعدة سار السّلطان سَنْجَر بالجيوش إلى غَزْنَة فأشرف عليها، وهرب منه ملكها، فأمّنه ونهاه عن ظُلْم الرّعيَّة، وأعاده إلى مملكته، وهو بهرام شاه. ورجع السّلطان فوصل بلْخ في شوّال من سنة ثلاثين [4] .
__________
[1] المنتظم 10/ 50 (17/ 300) ، التاريخ الباهر 50، الكامل في التاريخ 11/ 28، مآثر الإنافة 2/ 32، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 387 (وتحقيق سويم) 50، الإنباء في تاريخ الخلفاء 222، زبدة التواريخ 209، تاريخ الزمان 149، تاريخ مختصر الدول 20، الفخري 308، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 158، المختصر في أخبار البشر 3/ 10، الكواكب الدرّية 102.
[2] المنتظم 10/ 52 (17/ 302) .
[3] الإعتبار لابن منقذ 99، ذيل تاريخ دمشق 247، 248، الكامل في التاريخ 11/ 21، 22، زبدة الحلب 2/ 257، نهاية الأرب 27/ 130، المختصر في أخبار البشر 3/ 9، عيون التواريخ 12/ 295، 296، الدرّة المضيّة 519، تاريخ ابن الوردي 2/ 39، الكواكب الدرّيّة 103، تاريخ ابن سباط 1/ 57، 1.
[4] الكامل في التاريخ 11/ 28- 30.(36/53)
سنة ثلاثين وخمسمائة
[رفض الراشد باللَّه مضمون كتاب المسترشد]
جاء برتقش بأمور صعبة، فقالوا للراشد باللَّه: جاء مطالبًا بخطٍّ كتبه المسترشد باللَّه لتخليص من أسره بمبلغ، وهو سبعمائة ألف دينار [1] ، ويطالب لأولاد صاحب المخزن بثلاثمائة ألف، وبقسط على أهل بغداد خمسمائة ألف دينار. فاستشار الراشد الكبار، فأشاروا عليه بالتّجنيد، وأرسل الخليفة إلى برتقش [2] : أما الأموال المضمونة فإنما تُكْتَب لإعادة الخليفة إلى داره، وذلك لم يكن، وأنا مطالب بالثّأر، وأما مال البيعة، فلَعَمري، لكن ينبغي أن تُعاد إلى أملاكي وإقطاعي، حتى يتصوَّر ذلك. وأما الرعيَّة فلا سبيل لكم عليهم، وما عندي إلّا السّيف.
ثمّ أحضر بكبة وخلع عليه، وأعطاه ثلاثة آلاف دينار، وقال له: دوّن بهذه العسكر كلّه. وجمع العساكر، وبعث إلى برتقش يقول: قد تركنا البلد مع الشِّحْنة والعميد، فلما جئت بهذه الأشياء فعلنا هذا.
[انزعاج أهل بغداد]
وانزعج أهل بغداد، وباتوا تحت السّلاح، ونقل النّاس إلى دار الخلافة ودار خاتون متاعهم، وقيل للخليفة إنهم قد عزموا على كبس بغداد وقت الصّلاة، فركب العسكر، وحفظ النّاس البلد، وقطع الجسر، وجرى في أطراف البلد قتال قويّ [3] .
__________
[1] في البداية والنهاية 12/ 210: «أربعمائة ألف دينار» ، ومثله في الكواكب الدرّيّة 103.
[2] في المنتظم 10/ 55، والكامل في التاريخ 11/ 36، والتاريخ الباهر 51، وتاريخ دولة آل سلجوق 170: «برنقش» ، وفي تاريخ ابن سباط 1/ 63: «رتقش» .
[3] المنتظم 10/ 54، 55 (17/ 305، 306) ، وانظر: الكامل في التاريخ 11/ 35، العبر(36/54)
وفي صَفَر قدِم زنكيّ، والبازدار، وإقبال، عليهم ثياب العزاء، وحسّنوا للراشد الخروج فأجابهم، واستوزر أبا الرضا بن صَدَقة، واتفقوا على حرب مسعود [1] .
[دخول السلطان دار المملكة]
وجاء السّلطان داود بن محمود فنزل بالمزرفة، ثمّ دخل دار المملكة، وأظهر العدل، وجاء إليه أرباب الدّولة ومعهم تقدمة من الراشد، فقام ثلاث مرّات، فقبّل الأرض [2] .
[تقديم صدقة بن دُبَيْس الطاعة]
وجاء صَدَقة ولد دُبَيْس ابن خمس عشرة سنة وقبّل الأرض بإزاء التّاج وقال: أنا العبد ابن العبد جئت طائعًا [3] .
[قطع الخطبة لمسعود]
وقُطعت خطبة مسعود، وخُطِب لداود [4] .
[القبض على إقبال الخادم]
وقبض على إقبال الخادم ونُهب ماله، فتألّم العسكر من الخليفة لذلك.
ونفَّذ زنكيّ يقول: هذا جاء معي. ويعتب ويقول: لَا بدّ من الإفراج عنه. ووافقه على ذلك البازدار. وغضب كجبة ومضى إلى زنكيّ، فرتَّب مكانه غيره.
واستشعر العسكر كلهم وخافوا، وجاء أصحاب البازدار وزنكيّ فخرّبوا
__________
[4] / 79، 80، مرآة الجنان 3/ 257، عيون التواريخ 12/ 306، الكواكب الدرّية 104.
[1] المنتظم 10/ 55 (17/ 306) .
[2] المنتظم 10/ 55 (17/ 306) ، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 387، 388 (وتحقيق سويم) 50.
[3] المنتظم 10/ 55 (17/ 306) .
[4] الكامل في التاريخ 11/ 37، تاريخ مختصر الدول 205.(36/55)
عقْد السُّور، فشاش البلد، وأشرف على النَّهْب. وجاء زنكيّ فضرب بإزاء التّاج، وسأل في إقبال سؤالًا تحته إلزام، فأُطلِق له [1] .
[الإفراج عن ابن طِراد]
وأما السّلطان مسعود فإنه أفرج عن الوزير ابن طِراد، وقاضي القُضاة والنّقيب وسديد الدّولة ابن الأنباريّ. فأما نقيب الطّالبيّين أبو الحسن بن المعمّر فتُوُفيّ حين أُخرج. وأما القاضي الزَّينبيّ فدخل بغداد سرًا، وأقام الباقون مع مسعود [2] .
[القبض على ابن جَهير]
وقبض الراشد على أستاذ داره أبي عبد الله بن جَهِير، فخاف النّاس من الراشد وهابوه [3] .
[تأخر ابن صدقة عن الخليفة]
ثمّ نفّذ زنكيّ إلى الراشد يقول: أريد المال الّذي أُخذ من إقبال، وهو دخل الحلَّة، وذلك مال السّلطان. وتردد القول في ذلك، ثمّ نفّذ الراشد إلى الوزير ابن صَدَقة وصاحب الدّيوان يقول: ما الّذي أقْعَدكُما؟ وكانا قد تأخّرا أيامًا عن الخدمة خوفًا من الراشد، فقال ابن صَدَقة: كلّما أُشير به يفعل ضدّه، وقد كان هذا الخادم إقبال بإزاء جميع العسكر، وأشرت بأن لَا يُمسك، فما سمع مني، وأنا لَا أوثر أن تتغيّر الدّولة وينْسَب إليّ. فإن هذا ابن الهارونيّ الملعون قصْده إساءة السُّمْعة وإهلاك المسلمين [4] .
__________
[1] المنتظم 10/ 55 (17/ 306) .
[2] المنتظم 10/ 55 (17/ 307) .
[3] المنتظم 10/ 56 (17/ 307) .
[4] المنتظم 10/ 55، 56 (17/ 307) .(36/56)
[قتل ابن الهارونيّ]
فقبض الخليفة على ابن الهارونيّ في ربيع الأوّل. فجاءت رسالة زنكيّ يشكو ما لقي من ابن الهارونيّ وتأثيراته في المُكُوس والحواضر، ويسأل تسليمه إلى المملوك ليقتله، فقال: ندبّر ذلك. ثمّ أمر الوالي بقتله فقتله، وصُلب وَمَثَّلَ به العوامّ، فسرقه أهله بالليل، وعفَّوْا أثره. وظهر له أموال، ووصل إلى الخليفة من ماله مائتا ألف [1] .
[إقطاع أملاك الوكلاء]
وأُقطِعت أملاك الوكلاء. وسببه أن زنكيّ طلب من الخليفة مالًا يجهّز به العسكر لينحدروا إلى واسط، فقال: الأموال معكم، وليس معي شيء، فاقطعوا البلاد [2] .
[مصانعة زنكيّ]
ثمّ استقر أن يُدفع إلى زنكيّ ثلاثون ألفًا مصانعةً عن الأملاك، ثمّ بات الحَرَس تحت التّاج خوفًا من زنكيّ [3] .
[وزارة ابن صدقة]
ثمّ أشار زنكيّ على ابن صَدَقة أن يكون وزيرًا لداود، فخلع عليه لذلك.
ثمّ استوثق زنكيّ من اليمين من الخليفة وعاهده، وقبّل يده [4] .
وطلب الخليفة أبا الرضا بن صَدَقة فجاء، ففوَّض إليه الأمور كلّها [5] .
__________
[1] المنتظم 10/ 56 (17/ 307) .
[2] المنتظم 10/ 56 (17/ 308) .
[3] المنتظم 10/ 56، 57 (17/ 308) .
[4] الكامل في التاريخ 11/ 37.
[5] المنتظم 10/ 57 (17/ 308) .(36/57)
[مسير الخليفة لحرب مسعود]
وأمر السّلطان داود والأمراء بالمسير لحرب مسعود، فساروا، فبلغهم أنّه رحل يطلب العراق، فردّهم الراشد وحلَّفهم وقال: أريد أن أخرج معكم.
فلمّا انسلخ شَعبان خرج الخليفة ورحلوا، وخاض العّامة، وشرعوا في إصلاح السُّور، ولبِسوا السّلاح، فكان الأمراء ينقلون اللَّبِن على الخيل، وهم نقضوه. وجاءت كُتُبٌ، إلى سائر الأمراء من مسعود، فأحضروها جميعها إلى الخليفة، وأنكر شِحْنة بغداد المكاتبة وأخفاها، ثمّ كتب جوابها إلى مسعود، فأخذه زنكيّ فغرّقه [1] .
[منازلة عسكر مسعود بغداد]
وفي وسط رمضان جاء عسكر مسعود فنازلوا بغداد، ووقع القتال، وخامر جماعة أمراء إلى الخليفة، فخلع عليهم وقبَّلهم، ثمّ بعد أيّام كان وصول رسول مسعود يطلب الصّلح، فقُرِئت الرسالة على الأمراء، فأبوا إلّا القتال [2] .
وصلّى النّاس العيد داخل السّور، فوصل يومئذٍ أصحاب مسعود فدخلوا الرّصافة، وكسروا أبواب الجامع ونهبوا، وقلّعوا شبابيك التُّرَب وعاثوا.
وجاء مسعود في رابع شوّال في خمسة آلاف راكب على غفْلة، وخرج النّاس للقتال، ودام الحصار أيّامًا.
وجاء ركابي لزنكيّ، فقتله العّيارون فقال زنكيّ: أريد أن أكبس الشّارع والحريم، وآخذ ما قيمته خمسمائة ألف دينار من الحرير والقماش والذهب والفضَّة [3] .
[نهب مسعود النعمانية]
ونفّذ مسعود عسكرًا إلى واسط فأخذها، والنّعمانية فنهبها، فتبعهم عسكر
__________
[1] المنتظم 10/ 57 (17/ 308) .
[2] الكامل في التاريخ 11/ 37.
[3] المنتظم 10/ 57، 58 (17/ 309، 310) .(36/58)
الخليفة ونُودي: لَا يبقى ببغداد أحد من العسكر [1] .
[دخول الراشد بغداد]
وخرج الراشد فنزل على صرصر، واستشعر بعض العسكر من بعض، فخشي زنكيّ من البازدار والبقش، فعاد إلى ورائه، فرجع أكثر العسكر منهزمين، ودخل الراشد بغداد.
وقيل إن مسعودًا كاتَب زنكيّ سرًّا، وحلف له أنه يُقِرّه على الموصل والشّام، وكاتب الأمراء أيضا فقال: مَن قبض منكم على زنكيّ أو قتله أعطيته بلاده. فعرف زنكيّ بذلك، فأشار على الراشد أن يرحل صُحْبته [2] .
وفي رابع عشر ذي القعدة ركب الخليفة ليلًا وسار، وزنكيّ قائم ينتظره، فدخل دار برتقش. ولم ينم النّاس، وأصبحوا على خوفٍ شديد. وخرج أبو الكرم الوالي يطلب الخليفة فأُسر وحُمِل إلى مسعود، فأطلقه وأكرمه، وسلَّم إليه بغداد. ورحل الراشد يومئذٍ ولم يصحبه شيء من آلة السّفر، لأنّه لمّا بات في دار برتقش أصبحوا، ودخل خواصّه يصلحون له آله السَّفر، فرحل على غفلة [3] .
[دخول مسعود بغداد]
ودخل مسعود بغداد، ونهب دوابَّ الْجُنْد، وجاء صافي الخادم فقال: لم يفعل الخليفة صوابًا بذهابه، والسّلطان له على نيَّة صالحة. وسكن النّاس.
وأظهروا العدل، واجتمع القُضاة والكبار عند السّلطان مسعود، وقدحوا في الراشد، وبالغ في ذلك الوزير عليّ بن طِراد [4] .
وقيل: بل أخرج السّلطان خطّ الراشد: «إنّي متى جَنَّدْت أو خرجت انعزلت» . فشهد العُدول أنّ هذا خطّ الخليفة. والقول الأوّل أظهر [5] .
__________
[1] المنتظم 10/ 58 (17/ 310، 311) .
[2] زبدة التواريخ 210.
[3] المنتظم 10/ 59 (17/ 311) .
[4] الكامل في التاريخ 11/ 42، تاريخ مختصر الدول 205.
[5] المنتظم 10/ 59 (17/ 311، 312، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 388 (وتحقيق(36/59)
[كتابة محضر بحقّ الراشد]
ثمّ أحكم ابن طِراد النّوبة، واجتمع بكلِّ من القُضاة والفُقهاء، وخوّفهم وهدّدهم إن لم يخلعوه. وكتب محضرًا فيه: إنّ أبا جعفر بن المسترشد بدا منه سوء أفعال وسفْك دماء، وفعل ما لَا يجوز أن يكون معه إمامًا. وشهد بذلك الهَيْتِيّ، وابن البيضاوي، ونقيب الطّالبيّين، وابن الرّزّاز، وابن شافع، ورَوْح بن الحُدَيْثيّ، وأُخر.
وقالوا إنّ ابن البيضاويّ شهد مُكْرَهًا.
وحكم ابن الكرْخيّ قاضي البلد. بخلْعه في سادس عشر ذي القعدة، وأحضروا أبا عبد الله محمد بن المستظهر باللَّه، وهو عمّ المخلوع [1] .
[البيعة للمقتفي باللَّه]
قال سديد الدولة ابن الأنْباريّ: أرسل السّلطان إلى عمّه السّلطان سَنْجَر:
من نُوَلي؟ فكتب إليه: لَا تولّي إلّا من يضمنه الوزير، وصاحب المخزن [2] ، وابن الأنباريّ، فاجتمع مسعود بنا، فقال الوزير: نولّي الزّاهد الدَّيِّن محمد بن المستظهر. فقال: وتَضْمَنُه؟ قال: نعم. وكان، صهرًا للوزير على بنته، فإنها دخلت يومًا في خلافة المستظهر، فطلب محمد بن المستظهر هذا من أبيه تزويجها، فزوّجه بها، وبقيت عنده، ثمّ تُوُفّيت.
قلت: فبايعوه، ولُقِّب المقتفي لأمر الله. ولُقِّب بذلك بسبب. قال ابن الجوزي [3] : قرأتُ بخطّ أبي الفَرَج بن الحسين الحدَّاد قال: حدَّثني من أثق به أنّ المقتفي رأى في منامه قبل أن يُسْتَخْلف بستَّة أيام رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يقول
__________
[ () ] سويم) 50، تاريخ الزمان 151، تاريخ مختصر الدول 205، العبر 4/ 80، النجوم الزاهرة 5/ 258.
[1] المنتظم 10/ 59 (17/ 312) ، الكامل في التاريخ 10/ 40- 44، التاريخ الباهر 51- 53، زبدة التواريخ 11، كتاب الروضتين 1/ 80، العبر 4/ 80، 81، تاريخ ابن الوردي 2/ 40، عيون التواريخ 12/ 306، تاريخ الخلفاء 436.
[2] هو: ابن البقشلامي، كما في الكامل 11/ 43.
[3] في المنتظم 10/ 60 (17/ 313) .(36/60)
له: سيصل هذا الأمر إليك، فاقتفي بي. فلُقِّب المقتفي لأمر الله [1] .
ثمّ بويع اليوم الثّاني البيعة العامَّة في محلٍّ عظيم.
وبعث مسعود بعد أن أظهر العدل، ومهد بغداد، فأخذ جميع ما في دار الخلافة من دوابّ، وأثاث، وذهب، وسُتُور، وسُرَادق، ومساند، فلم يترك في إصطبل الخلافة سوى أربعة أفراس، وثمانية أبغال برسم الماء. فيُقال: بأنّهم بايعوا المقتفي على أن لَا يكون عنده خيل ولا آله سَفَر، وأخذوا من الدّار جواري وغلمانا، ومضت خاتون تستعطف السّلطان، فاجتازت بالسّوق وبين يديها القرّاء والأتراك. وكان عندها حظايا الراشد وأولاده، فأطلق لهم القرى والعقار.
ثمّ إنّ السّلطان ركب سفينة، ودخل إلى المقتفي، فبايعه يوم عَرَفة. وفي ثاني الأضحى وصلت الأخبار بأنّ الراشد دخل الموصل، وبلغه أنّه خُلِع من الخلافة [2] .
[أتابكية دمشق]
وفي جُمادى الأولى ولي أتابكية جيش دمشق الأمير أمين الدولة كُمُشْتِكين الأتابكي الطُّغتِكيني، واقف الأمينّية، متولّي بُصرى وصَرْخَد، وأُنزل في دار الأتابك بدمشق، وخُلِع عليه [3] .
[قتل الأمير يوسف بن فيروز]
ثمّ بعد يومين قُتِلَ الأمير يوسف بن فيروز الحاجب في الميدان، وكان من
__________
[1] البداية والنهاية 12/ 210، عيون التواريخ 12/ 307، شذرات الذهب 4/ 94، تاريخ الخلفاء 437، أخبار الدول 2/ 173.
[2] المنتظم 10/ 60- 62 (17/ 314، 315) ، الكامل في التاريخ 11/ 42، 43، التاريخ الباهر 53، 54، زبدة التواريخ 211، تاريخ دولة آل سلجوق 170، تاريخ الزمان 152، تاريخ مختصر الدول 205، 206، الفخري 309، 310، العبر 4/ 81، مفرّج الكروب 1/ 66- 70، الدرّة المضيّة 522، الكواكب الدرّية 105.
[3] ذيل تاريخ دمشق 253، دول الإسلام 2/ 52.(36/61)
أكبر الأمراء، تملّك مدينة تدْمُر مدَّةً، وكان فيه ظُلْم وشرّ. شدّ عليه الأمير بُزْواش فقتله، ثمّ حُمِل إلى المسجد الّذي بناه فيروز بالعَقَبة، فدُفن في تربته [1] .
[أتابكية بُزْواش]
وجَرَت أمور، ثمّ صُرِف أمين الدّولة. وولي الأتابكية الأمير بُزْواش المذكور، ولُقِب بجمال الدّين. وتوجّه أمين الدّولة مُغاضبًا إلى ناحية صَرْخَد [2] .
[السيل العظيم بدمشق]
وفيها، في أيّار، جاء بدمشق سَيْلٌ عظيم لم يُسمع بمثله، وطلعت على البلد سحابة سوداء، بحيث صار الجوّ كالليل، ثمّ طلع بعدها سحابة حمراء، صار النّاظر يظنّها كالنار الموقَدَة [3] .
[كبس نائب حلب اللاذقية]
وفي شَعْبانها، اجتمعت عساكر حلب مع الأمير سوار نائب حلب، وكبسوا اللاذقيَّة بغتة، فقتلوا وأسروا وغنموا [4] .
قال ابن الأثير [5] : كانت الأسرى سبعة آلاف نفس بالصغار والكبار، ومائة ألف رأس من الدواب والمواشي، وخَربوا اللاذقية، وخرجوا إلى شَيْزَر سالمين.
وفرح المسلمون بذلك فرحًا عظيمًا. ولم يقدر الفرنج، لعنهم الله، على أخذ الثّأر عجزا ووهنا.
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق 253.
[2] ذيل تاريخ دمشق 255..
[3] ذيل تاريخ دمشق 256، الكواكب الدرّية 105، 106.
[4] زبدة الحلب 2/ 260، المختصر في أخبار البشر 3/ 11 وفيه: «أسوار» ، دول الإسلام 2/ 52، العبر 4/ 81، تاريخ ابن الوردي 2/ 40، عيون التواريخ 12/ 307، الكواكب الدرّية 106، شذرات الذهب 4/ 94.
[5] في الكامل 11/ 40.(36/62)
[تراجم رجال هذه الطبقة]
سنة إحدى وعشرين وخمسمائة
- حرف الألف-
1- أَحْمَد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بن محمد بن الشمس عُبَيْد الله بن محمد بن أبي عيسي بن المتوكل [1] .
أبو السّعادات المتوكّليّ الهاشميّ البغدادي.
شريف صالح، حافظ لكتاب الله.
سمع الكثير، وحدَّث عن: أبي بكر الخطيب، وابن المسلمة.
روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ [2] ، وعبد الرحمن بن جامع بن غُنَيْمَة.
قال أبو بكر المفيد: ختم أبو السّعادات القرآن في التّواريخ ليلة سَبعٍ وعشرين من رمضان، ورجع إلى بيته، فوقع من السَّطح في محلَّة التّوثة [3] فمات لساعته، وعاش ثمانين سنة.
2- أحمد بن ثابت بن محمد [4]
__________
[1] انظر عن (أحمد بن أحمد) في: المنتظم 10/ 7 رقم 1 (17/ 246 رقم 3942) ، ومشيخة ابن الجوزي 66، 67، والعبر 4/ 49، وسير أعلام النبلاء 19/ 498، 499 رقم 287، ومرآة الجنان 3/ 227، والوافي بالوفيات 6/ 227، وعيون التواريخ 12/ 195، ومرآة الزمان ج 158/ 126، والنجوم الزاهرة 5/ 232، وشذرات الذهب 4/ 64.
[2] وهو قال: سمعت منه الحديث، وكتب لي إجازة بخطّه فذكر فيها نسبه الّذي ذكرته. وكان سماعه صحيحا.
[3] التوثة: بلفظ واحد التّوث. محلّة في غربيّ بغداد متّصلة بالشونيزية مقابلة لقنطرة الشوك (معجم البلدان 2/ 56) .
[4] انظر عن (أحمد بن ثابت) في: الأنساب 8/ 235، 236، واللباب 2/ 280، وميزان الاعتدال(36/63)
أبو العبّاس الطَّرْقيّ الحافظ، نزيل يزد [1] . وطرق من قُرى أصبهان [2] ، ويزد بين أصبهان وكرْمان من نواحي إصْطَخْر.
كان حافظًا عارفًا بالفقه والأصول والأدب، حَسَن التّصنيف.
رحل وسمع: أباه، وأبا عَمرو بن مَنْدَهْ، والمُطَهَّر بن عبد الواحد البُزَاني [3] .
ورحل إلى نَيْسابور، وإلى الأهواز، وهَرَاة.
قال ابن السّمعانيّ: سمعت جماعة من الشّيوخ يقولون إنّه كان يقول: إنّ الرّوح قديمة [4] .
توفّي بعد العشرين وخمسمائة بَيزْد.
قال عبد الخالق بن أحمد بن يوسف: تُوُفّي في شوّال سنة إحدى وعشرين.
وقد سمع ببغداد من: أبي القاسم عليّ بن البُسْريّ [5] ، وأبي نصر الزَّيْنَبيّ.
وبَهَراة: شيخ الإسلام.
__________
[1] / 86، 87، وسير أعلام النبلاء 19/ 528، 529 رقم 309، والوافي بالوفيات 6/ 282، ولسان الميزان 1/ 143، وذيل تاريخ الأدب العربيّ 1/ 623.
[1] يزد: بفتح أوله، وسكون ثانيه، ودال مهملة. مدينة متوسطة بين نيسابور وشيراز وأصبهان معدودة في أعمال فارس ثم من كورة إصطخر، وهو اسم للناحية، وقصبتها يقال لها كشة، بينها وبين شيراز سبعون فرسخا. (معجم البلدان 5/ 435) وقد تحرّفت في (سير أعلام النبلاء 19/ 528) إلى: «برد» ، ولم يتنبّه محقّقه إلى ذلك.
[2] وقال ابن السمعاني: وهي قرية كبيرة مثل البلدة من أصبهان على عشرين فرسخا منها.
[3] البزان: بضم الباء المنقوطة بواحدة وفتح الزاي وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى بزان وهي قرية من أصبهان. (الأنساب 2/ 186، 187) .
[4] قال المؤلّف الذهبي- رحمه الله-: وشبهته قوله تعالى: قُلِ الرُّوحُ من أَمْرِ رَبِّي 17: 85 قالوا: وأمره قديم، وهو شيء غير خلقه، وتلوا أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ 7: 54 وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً من أَمْرِنا 42: 52 وهذه من أردإ البدع وأضلّها، فقد علم الناس أن الحيوانات كلّها مخلوقة أجسادها وأرواحها. (ميزان الاعتدال 1/ 86، 87) .
[5] في الأصل: «النسوي» ، والتصحيح من (الأنساب 2/ 211) .(36/64)
3- أحمد بن عبد السلام بن محمد المَدِينيّ.
أبو عبد الله الصُّوفيّ ابن الصُّوفيّ، شيخ الصُّوفيَّة بنَيْسابور بدُوَيْرة السُّلَميّ.
سمع من: أبى سعد الحبيبيّ، وأبى القاسم القُشَيْريّ.
وله نفْسٌ وقبول عند الصُّدور، وإنفاق على الصُّوفيَّة ومعرفة برسومهم.
4- أحمد بن محمد بن عبد الوهاب.
أبو البركات الدّبّاس، أخو الشَيخ أبي عبد الله البارع.
سمع: أبا يَعْلَى بن الفرّاء، والحسن بن غالب المقرئ.
روى عنه: المبارك بن أحمد الأنصاري، وذاكر بن كامل، وابن يونس.
مات في سابع شوّال.
5- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عبد العزيز بن حَمْدين [1] .
أبو القاسم الثعلبي الأندلسي، قاضي الجماعة بقُرْطُبة.
تفقّه على أبيه، وسمع من: محمد بن فرج الفقيه، وأبي علي الغسّاني، وجماعة.
وتقلّد القضاء مَرتين. وكان نافذًا في أحكامه، جزْلًا في أفعاله، من بيت عِلم وجلالة.
وتُوُفّي على القضاء في ربيع الآخر، وصلّى عليه ابنه أبو عبد الله، وعاش خمسين سنة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد الثعلبي) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 78، 79 رقم 172، والدرّة المضيّة 498 وفيه قال ابن أبيك: «فيها توفي القاضي الأندلسي» ! ولم يذكر اسمه. وعلّق محقّق الكتاب الدكتور صلاح الدين المنجد في الحاشية رقم (3) على ذلك فقال: «لم أجد في المصادر من هو هذا القاضي» !.(36/65)
- حرف العين-
6- عبد الرحمن بْن عَبْد اللَّه بْن يوسف [1] .
أَبُو الْحَسَن بن عفيف، وعفيف جدّه لأمه، الأُمَويّ الطُّلَيطُليّ، نزيل قُرْطُبَة.
سمع: قاسم بن محمد بن هلال، وجُمَاهِر بن عبد الرحمن.
وأجاز له محمد بن عَتَّاب مَرْويّاته.
وكان فاضلًا عفيفًا يعِظ النَّاس، ويُصلى بجامع قُرْطُبَة. وكانت العامَّة تعظّمه لصلاحه، ولم يكن بالضابط. كان كثير الوهْم في الأسانيد. قاله ابن بَشْكُوال وقال: روينا عنه. وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. ووُلد سنة بضْعٍ وثلاثين وأربعمائة.
7- عبد الوهّاب بن عبد الله بن عبد العزيز [2] .
أبو محمد الصَّدَفي القُرْطُبيّ.
أخذ عن: أبي بكر المراديّ.
وتفقّه على: أبي الوليد هشام بن أحمد.
وكان ملازمًا لمجلس أبي الوليد بن رشد.
وكان حافظًا للفقه، ذاكرًا للمسائل والفرائض والأصول.
تُوُفّي في ذِي الحجَّة.
8- عليُّ بن عبد الله بن محبوب [3] .
الطَّرَابُلُسيّ المغربي.
قال السِّلَفيّ: قدِم الإسكندرية متفقّهًا، وكان له اهتمام بالتّواريخ. صنّف تويريخا لطَرَابُلُس حدَّثني به. وكُتِب عنه. وكان فاضلًا في فنون.
توفّي بمكّة.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد الله) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 350 رقم 850.
[2] انظر عن (عبد الوهاب بن عبد الله) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 382 رقم 818.
[3] انظر عن (علي بن عبد الله) في: معجم السفر للسلفي (مصوّرة دار الكتب المصرية) ق 2/ 299، ومعجم البلدان 3/ 523، وعلم التأريخ عند المسلمين 635.(36/66)
9- على بن عبد الواحد بن أحمد [1] .
أبو الحسن الدِّينَوَري، ثمّ البغداديّ.
سمع: أبا الحسن القَزْوينيّ، وأبا محمد الخلّال، وابا محمد الجوهريّ، وغيرهم.
روى عنه: أبو المُعَمَّر الأنصاري، والحافظ ابن عساكر، وأخوه الصّائن، وابن الجوزيّ [2] .
قال ابن السّمعانيّ: كان صاحب الخبر. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى [3] .
10- عليّ بن المبارك بن عليّ بن الفاعوس [4] .
أبو الحسن البغداديّ، الإسكاف، الزّاهد [5] .
كان شيخًا صالحًا، خيِّرًا، عابدًا، متقشّفًا، من أصحاب الشّريف أبي جعفر بن أبي موسى.
كان يقرأ للنّاس يوم الجمعة الحديث بلا سَنَد، وكان صاحب إخلاص، وله قَبُولٌ تامّ عند العامّة [6] .
__________
[1] انظر عن (علي بن عبد الواحد) في: المنتظم 10/ 7 رقم 2 (17/ 246 رقم 3944) ، ومشيخة ابن الجوزي 63، ومشيخة ابن عساكر 292، والعبر 4/ 50، والإعلام بوفيات الأعلام 214، والمعين في طبقات المحدّثين 152 رقم 1656، وسير أعلام النبلاء 19/ 525، 526 رقم 306، وعيون التواريخ 12/ 196، ومرآة الجنان 3/ 228، وشذرات الذهب 4/ 64.
[2] وهو قال: سمعت عليه الحديث.
[3] وزاد ابن السمعاني: وكان يقول: قد مرّ بي أبي من الدينور وأنا صبيّ، واحترقت كتب أبي زمن المستظهر، وقد سمع أبو الحسن القزويني من جدّي أحمد. (سير أعلام النبلاء 19/ 526) .
[4] انظر عن (علي بن المبارك) في: المنتظم 10/ 7 (17/ 247 رقم 3945) ، ومشيخة ابن عساكر 354، والكامل في التاريخ 10/ 648، والعبر 4/ 50، وسير أعلام النبلاء 19/ 521- 523 رقم 303، وعيون التواريخ 12/ 196، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 173- 176 رقم 74، والنجوم الزاهرة 5/ 233، وشذرات الذهب 4/ 24.
[5] زاد ابن الأثير: «حنبلي» . (الكامل) .
[6] وقال ابن الجوزي: حدّثني أبو الحكم الفقيه قال: كان يجيء ساقي الماء إلى حلقته، فيأخذ منه الكوز ويشرب لئلّا يظنّ أنه صائم. (المنتظم) .(36/67)
سمع: أبا يَعْلَى بن الفّراء، وأبا منصور العطّار.
روى عنه: أبو المعمر الأنصاريّ، وأبو القاسم بن عساكر.
قال أبو سعد السّمعاني: سمعت أبا القاسم بدمشق يقول: ابن الفاعوس كان يتعسر في الرّواية، وأهل بغداد يعتقدون فيه.
وأبو القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ كان يقول إن أبا بكر ابن الخاضبة يقول لابن الفاعوس الحَجَريّ لأنه كان يقول: الحجر الأسود يمينُ الله حقيقةً.
قلت: هذا تشغيب وأذية لرجل صالح، وإلا فهذا نزاع مَحْض في عبارة، وعرفنا مُراده بقوله: يمينُ الله حقيقةً، كما تقول: بيت الله حقيقةً، وناقةُ الله حقيقةً، إن ذلك إضافة ملْك وتشريف، فهي إضافة حقيقة، وإن شئت قلت:
يمين الله مَجَازًا، وهو أفصح وأظهر، لأنّ في سياق الحديث ما يوضَّح ذلك. وهو قوله: «فمن صافَحَه فكأنما صافح الله» ، يعني هو بمنزلة يمين الله في الأرض.
قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: نبا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ [1] ، عَنِ ابْنِ جُرَيْحٍ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَخْزُومِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا الرُّكْنَ الأَسْوَدَ يَمِينُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ، يُصَافِحُ بِهِ عِبَادَهُ مُصَافَحَةَ الرجل أخاه [2] .
__________
[1] يحيى بن سليم هو أبو محمد القرشي الطائفي، ويقال: أبو زكريا المكيّ الحذّاء الخرّاز. مات سنة 195 هـ.
سمع منه أحمد بن حنبل حديثا واحدا، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ: يحيى بن سليم كذا وكذا والله إن حديثه يعني فيه شيء، وكأنه لم يحمده. وقال في موضع آخر: كان قد أتقن حديث ابن خثيم. وقال ابْن معين: ثقة. وقال أَبُو حاتم: شيخ صالح محلّة الصدق ولم يكن بالحافظ، يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً كَثِيرَ الْحَدِيثِ. وقال النسائي:
ليس به بأس، وهو منكر الحديث عن عبيد الله بن عمر. وقال الدولابي: ليس بالقويّ. وذكره ابْن حبان فِي الثقات. وقال الشافعيّ: فاضل كنّا نعدّه من الأبدال. وقال العجليّ: ثقة. وقال يعقوب بن سفيان: سنّي رجل صالح وكتابه لا بأس به، وإذا حدّث من كتابه فحديثه حسن، وإذا حدّث حفظا فيعرف وينكر. وقال النسائي في «الكنى» : ليس بالقوي. وقال العقيلي: قال أحمد بن حنبل: أتيته فكتبت عنه شيئا فرأيته يخلط في الأحاديث فتركته وفيه شيء. قال أبو جعفر وليّن أمره. وقال الساجي: صدوق يهمّ في الحديث وأخطأ في أحاديث رواها عبيد الله بن عمر لم يحمده أحمد. وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالحافظ عندهم. وقال الدار الدّارقطنيّ: سيّئ الحفظ. (تهذيب التهذيب 11/ 226، 227) .
[2] أخرجه ابن قتيبة في (غريب الحديث 2/ 337) وفي سنده: إبراهيم بن يزيد الخوزي، وهو متروك.(36/68)
وَرَوَاهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْن مُسْلِمِ بْن هُرمز، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَرُوِيَ بإسناد آخر، عن عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حسين، عن ابن عباس.
ورواه عبد الرّزّاق، عن أبيه، عن وهْب بن منبّه.
قوله: فإما أن يكون أراد به يمين الله، استغفر الله، حقيقة باعتبار صفة الذّات، فهذا لَا يعتقده بَشَرٌ، فضلًا عن أنْ يعتقده مسلم، بل ولا يدور في ذهْن عاقل.
وأما قوله: كان يتعسّر في الرواية، فكان يفعل ذلك إزراءً على نفسه، وتفويتًا لحظَّة. وقد رأينا غير واحد من الصالحين يمتنع من الرواية، لكن من فعل ذلك ثقالةً ونكادةً كابن يوسف الإرْبِليّ وغيره من شيوخنا، فهو مذموم.
وقال أبو الفَرَج بْن الْجَوْزِيّ [1] : تُوُفّي فِي تاسع عشر شوّال، وانقلبت بغداد بموته، وغُلِّقَت الأسواق، وضجّ العوامّ بذِكْر السّنة، ولعن أهل البِدَع. ودُفن بمقبرة الإمام أحمد.
- حرف الفاء-
11- فاطمة بنت الحسين بن الحسن بن فضلُوَيْه الرازي [2] .
العالمة المعروفة ببنت حمزة.
واعظة مشهورة ببغداد، متعبدة، لها رباط تأوي إليه النّساء.
رَوَت عن: ابن المسلمة، وأبي بكر الخطيب.
روى عنها: أبو القاسم بن عساكر، وقال: تُوُفّيت في ربيع الأوّل.
روى عنها: ابن ناصر، وأبو الفرج بن الجوزيّ [3] .
__________
[1] في المنتظم 10/ 7 (17/ 247) .
[2] انظر عن (فاطمة بنت الحسين) في: المنتظم 10/ 7، 8 رقم 4 (17/ 247 رقم 3946) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 126.
[3] وهو قال: سمعت منها بقراءة شيخنا أبي الفضل بن ناصر كتاب «ذم الغيبة» لإبراهيم الحربي، ومن مجالس ابن سمعون، روايتها عن ابن النّقور، عنه، و «مسند الشافعيّ» وغير ذلك.(36/69)
- حرف الهاء-
[12- هبة اللَّه بْن عَبْد اللَّه بن الحسن ابن البَصيْدائيّ [1] .
وبَصِيدَاء [2] : من قرى بغداد.
أبو البقاء، أحد الرؤساء والأكابر.
سمع: أبا محمد الجوهريّ، وغيره.
روى عنه: أبو المعمّر الأنصاريّ، وأبو القاسم الحافظ.
تُوُفّي فِي صَفَر.
- حرف الياء-
13- يحيى بْن عُبَيْد بن سعادة [3] الزّاهد الخيّر. من أهل الإسكندرية.
قال السِّلَفيّ: أنبا عن: أبي العبّاس أحمد بن إبراهيم الرّازي.
14- يحيى بن عَمرو بن بقاء [4] .
أبو بكر الحزاميّ المرجونيّ.
نزل قُرْطُبَة، وأخذ بها عن: محمد بن فَرَج الفقيه، وأبي عليّ الغسّانيّ.
وتفقّه عند أبي الحسن بن حمدين.
وكان حافظًا للفقه، بارعًا في الشّروط، حصّل منها دنيا.
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى، وله بضع وستّون سنة.
__________
[ () ] (المنتظم) .
[1] انظر عن (هبة الله بن عبد الله) في: الأنساب 2/ 237.
[2] بصيداء: بفتح الباء المنقوطة بواحدة وكسر الصاد المهملة بعدها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفتح الدال المهملة.
[3] انظر عن (يحيى بن عبيد) في: معجم السفر للسلفي (مصوّرة دار الكتب المصرية) ق 2.
[4] انظر عن (يحيى بن عمرو) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 672، رقم 1484.(36/70)
سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة
- حرف الحاء-
15- الحسين [1] بن عليّ بن صَدَقة [2] .
أبو عليّ الوزير جلال الدّين، وزير المسترشد باللَّه.
كان من رجال الدّهر رأيًا وحزْمًا، وله في مخدومه المسترشد باللَّه:
وجَدتُ الوَرَى كالماء طعْمًا ورِقَّةً ... وأَنّ أمير المؤمنين زُلالُهُ
وصوَّرْتُ مَعْنَى العقل شخصًا مصوَّرًا ... وأنَّ أمير المؤمنين مِثالُهُ
ولولا مكان [3] الدّين والشَّرْع والتُّقَى ... لَقُلتُ من الإعظام: جَلّ جلالُهُ [4]
تُوُفّي في رجب. قاله ابن الجوزيّ [5] .
وقد تكرر ذِكره في الحوادث.
وذكره ابن النّجّار فقال: وُلد بنصيبين سنة تسعٍ وخمسين، وخدم إبراهيم بن قرْواش صاحب الموصل، فلما أُمسك هرب جلال الدّين إلى بغداد،
__________
[1] في الأصل: «الحسين» .
[2] انظر عن (الحسن بن علي بن صدقة) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 381 (وتحقيق سويم) 43، والكامل في التاريخ 10/ 652، 653، وذيل تاريخ دمشق 224، والمنتظم 10/ 8، 9 (17/ 249) ، والفخري 304، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 127، وخريدة القصر وجريدة العصر (قسم شعراء العراق) 1/ 94- 96 وفيه: «الحسن بن صدقة» ، والمنتظم 10/ 9، 10 رقم 7 (17/ 250 رقم 3949) ، والعبر 4/ 51، وعيون التواريخ 12/ 200، 201، والبداية والنهاية 12/ 199، النجوم الزاهرة 5/ 223، وشذرات الذهب 4/ 66.
[3] في الكامل: «طريق» ومثله في المنتظم.
[4] في المنتظم البيتان: الأول والأخير.
[5] في المنتظم.(36/71)
ثمّ خدم بها، ولم يزل في ارتقاء إلى أن تزوَّج بابنة الوزير ابن المطّلب. ثمّ ولي وزارة في سنة ثلاث عشرة. ثمّ قُبض عليه بعد ثلاث سنين، ونُهبت داره، ورضوا عنه ثمّ أعيد إلى الوزارة سنة سبْع عشرة، فكان يومًا مشهودًا.
وكان منسّبًا بليغًا أديبًا [1] .
16- الحسين بن علي بن أبي القاسم [2] .
الشَيخ أبو علي الّلامشيّ [3] السَّمَرْقنْدي الحنفي.
قال السّمعاني: إمام فاضل متديّن يُضرب به المثل في النَّظر وعلم الخِلاف. وكان على طريقة السَّلف من طَرْح التّكلُّف والأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنْكَر.
روى شيخه دينار لنا عن القاضي محمد بن الحسن بن منصور النَّسَفيّ.
وسمع أيضًا من: الحافظ عبد الرحمن بن عبد الرحيم القصّار، وأبي علي الحسين بن عبد الملك النَّسفيّ.
وتُوُفّي في رمضان.
قال ابن الجوزيّ [4] : قدِم رسولًا من خاقان ملك سَمَرْقَنْد.
قال السّمعانيّ: مرّ بمْرو رسولًا من ملك سَمَرْقَند محمد بن سليمان.
ولامش مِن قُرى فَرغَانَة. سمعتُ منه بقراءة عمّي أبي القاسم.
وُلد سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، وكان قوّالا بالحقّ [5] .
__________
[1] وقال ابن القلانسي: «وكان حسن السيرة، محمود الطريقة، كاتبا فاضلا بليغا، محبوبا من الخاصة والعامة، سديد الرأي، حميد التدبير، صادق العزم، صافي الحسن، كريم النفس» .
[2] انظر عن (الحسين بن علي) في: المنتظم 10/ 10 رقم 8/ 17/ 251 رقم 3950) ، ومعجم البلدان 5/ 8، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 127.
[3] في الأصل: «اللامس» (بالسين المهملة) والتصحيح من: معجم البلدان وفيه: لامش: بكسر الميم، والشين معجمة، من قرى فرغانة.
[4] في المنتظم: بعث رسولا من خاقان ملك ما وراء النهر إلى دار الخلافة، فقيل له: لو حججت فقد وصلت بغداد. فقال: لا أجعل الحجم تبعا لرسالتهم. فرجع إلى سمرقند، وتوفي في رمضان هذه السنة وهو ابن إحدى وثمانين سنة.
[5] وقال ياقوت: سكن سمرقند وكان إماما فاضلا فقيها بصيرا بعلم الخلاف. (معجم البلدان) .(36/72)
- حرف السين-
17- سهل بن إبراهيم [1] المسْجدي [2] السُّبعيّ [3] .
أبو القاسم النَّيْسابوريّ.
يروي عن: أبي حفص بن مسرور، وعبد الغافر الفارسيّ، وأبي محمد الجويني.
سمع منه حضورًا أبو سعد السّمعانيّ.
وكان والده يقرأ كلّ يوم سُبْعَين، وابنه أحمد بن سهل يروي عن يعقوب بن أحمد الصَّيْرفيّ.
تُوُفّي سهل سنة نيَّف وعشرين.
قال السّمعاني [4] : كان صالحًا حَسَن السّيرة، كثير العبادة، سمع الكثير، وعمّر الطّويل، وتفرد عن جماعته [5] .
قلت: روى عن: أبي عثمان الصّابونيّ، ودِحية بن أبي الطّيّب الحلّاب، والكَنْجَرُوديّ.
روى عنه: حفيده محمد بن أحمد، وأبو المعالي بن الفراويّ، وعبد
__________
[1] انظر عن (سهل بن إبراهيم) في: المنتخب من السياق 246، 247 رقم 785، والمختصر الأول للسياق، ورقة 28 ب، والأنساب 7/ 32، والتحبير 1/ 314- 317 رقم 254، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 116 ب، واللباب 2/ 100، 101، وتذكرة الحفاظ 4/ 1272، وسير أعلام النبلاء 19/ 523، 524 رقم 304.
وسيعاد في وفيات السنة التالية برقم (48) .
[2] قيل له المسجدي: نسبة إلى المسجد الكبير بنيسابور المعروف بالمطرّز. (التحبير) .
[3] السّبعي: بضم السين المهملة وسكون الباء الموحّدة، والعين المهملة. قيل له ذلك لأن والده كان يقرأ كل يوم سبعا من القرآن في مسجد المطرز، ولمن يقرأ في هذا المسجد وقف يستحقّه. (الأنساب) .
[4] في التحبير 1/ 314، 315.
[5] زاد في التحبير: لم يبق من كان يروي عنهم في عصره، مثل أبي سعيد الفضيل بن أبي الخير الميهني، وأبي محمد عبد الله بن يوسف الجويني، وأبي عبد الرحمن محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر الشاذياخي، وغيرهم.(36/73)
الرحيم بن عبد الرحمن الشّعريّ، وأبو سعد الصّفّار، وابن ياسر الجيّانيّ، وآخرون.
وكان خادم مسجد المطرّز، دَيِّن صالح [1] .
- حرف الطاء-
18- طُغْتِكِين [2] .
الأمير أبو منصور، المعروف بأتابك.
من أمراء تاج الدولة. زوّجه بأم ولده دُقاق. وكان مع تاج الدّولة لمّا سار إلى الرَّيّ لقتال ابن أخيه. فلما قُتِلَ تاج الدولة رجع إلى دمشق، وصار أتابك دُقاق.
فلّما مات دُقاق تملَّك بدمشق. وكان شَهْمًا، مَهِيبًا، شديدًا على الفرنج والمفسدين، ولَقَبُه ظهير الدّين.
وهو والد تاج المُلوك بوري بن طُغْتِكِين.
__________
[1] وقال عبد الغافر: صالح قديم، خدم الكبار والأئمة. لقي أبا محمد الجويني وسمع من أماليه.
[2] انظر عن (طغتكين) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 381 (وتحقيق سويم) 43، والكامل في التاريخ 10/ 652، وذيل تاريخ دمشق 218- 220. ومفرّج الكروب 2/ 105، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 127، 128، والعقود اللؤلؤية 1/ 29، والمختصر في أخبار البشر 2/ 240، ووفيات الأعيان 2/ 423، والإعلام بوفيات الأعلام 214، وسير أعلام النبلاء 19/ 519- 521 رقم 302، ودول الإسلام 2/ 45، والعبر 4/ 51، وتاريخ ابن الوردي 2/ 34، وعيون التواريخ 12/ 198، 199، والدرّة المضيّة 502، والبداية والنهاية 12/ 199، وأمراء دمشق في الإسلام 45 رقم 147، والوافي بالوفيات 16/ 451، 452 رقم 485، والأعلاق الخطيرة 2/ انظر فهرس الأعلام 322، و 3/ 403- 424، وبغية الطلب (قسم التراجم الخاصة بالسلاجقة) 27، 44، 139، 147، 149، 155، 159، 342، 346، 350، 351، 353، 364، 365، وزبدة الحلب 2/ انظر فهرس الأعلام 358، ومآثر الإنافة 2/ 19، 20، 27، واتعاظ الحنفا 3/ 34، 35، 37، 38، 49، 51- 54، 96، 99، 101، 107، 117، 121، 146، 182، ونهاية الأرب 28/ 264، 267، 268، 271- 273 وفيه «طغزتكين» ، والنجوم الزاهرة 5/ 234، وشذرات الذهب 4/ 65، 66، وتهذيب تاريخ دمشق 7/ 58، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 340، وولاة دمشق في العهد السلجوقي 21.(36/74)
قال ابن الأثير [1] : تُوُفّي أتابك طُغْتِكِين، كذا سمّاه ابن الأثير في ثامن صَفَر، وهو من مماليك الملك تُتُش بن ألْب أرسلان. وكان عاقلًا خبيرًا، كثير الغزوات والجهاد للفرنج، حِسَن السّيرة في رعيته، مُؤْثِرًا للعدل. وملك بعده ابنه بوري أكبر أولاده بوصيةٍ منه، فاقر وزير أبيه أبا علي طاهر بن سعد المَزْدغانيّ على وزارته.
وقال سِبْط الجوزيّ [2] : كان طُغْتِكِين شجاعًا، شَهْمًا، عادلًا، حزن عليه أهل دمشق، ولم يبق فيها محلَّة ولا سوق إلا والمأتم قائم عليه فيه، لأنه كان حَسَن السّيرة، ظاهر العدل، مدبّرًا للممالك. أقام حاكما على الشّام خمسة وثلاثين سنة. وسار ابنه سيرته ثمّ تغيّرت نيته، وأضمر السُّوء لأصحاب أبيه، والظُّلم للرعية، وتمكن وزيره المَزْدَغاني من أهل دمشق، وصادق الباطنية، واستعان بهم. وقبض بوري على خواصّ أبيه، فاسترابوا به، ونَفَرَت القلوب منه.
وقال أبو يَعْلَى بن القلانِسِيّ [3] : مرض أتابك طُغْتِكِين مرضًا أنْهك قوّته، وأَنْحَل جسمه.
وتُوُفّي في ثامن صَفَر، فأبكى العيون، وأنكأ القلوب، وفتَّ في الأعضاد، وفتّت الأكباد، وازداد الأسف، فرحمه الله وبرّد مضْجعه. وماتت زوجته الخاتون شرف النّساء، أمّ بوري، بعده بثلاثة أشهر، ودُفنت بتُربتها الّتي خارج باب الفراديس.
قلت: ومات في هذه السّنة ودُفن بتُربته، قِبليّ المُصَلَّى ثامن صفر.
__________
[1] في الكامل 10/ 652.
[2] في مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 127.
[3] في ذيل تاريخ دمشق 347، 348.(36/75)
- حرف العين-
19- عبد الله بن أحمد بن سعيد بن سليمان بن يربوع [1] .
الأستاذ الحافظ أبو محمد الأندلسيّ الشَنْتَرينيّ [2] ثمّ الإشبيليّ.
نزيل قُرْطُبة.
سمع «صحيح البخاريّ» من محمد بن أحمد بن منظور، عن أبي ذَرّ الهَرَويّ.
وسمع من: أبي محمد بن خَزْرج، وحاتم بن محمد، وأبي مروان بن سراج، وأبي علي الغساني.
وأجاز له أبو العباس العذري.
قال ابن بَشْكُوال [3] : وكان حافظًا للحديث وعِلَله، عارفًا برجاله وبالجرح والتّعديل، ضابطًا، ثقة. كتب الكثير، وصحب أبا علي الغسانيّ واختص به.
وكان أبو علي يفضله، ويِصفهُ بالمعرفة والذّكاء.
صنَّف كتاب «الإقليد في بيان الأسانيد» ، وكتاب «تاج الحلية وسراج البغية في معرفة أسانيد الموطّأ» [4] ، وكتاج المنهاج في رجال مسلم وسمعت منه مجالس.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن أحمد) في: الصلة لابن بشكوال 2821، 283، رقم 644، ومعجم ابن الأبّار 215، 216، والعبر 4/ 51، وسير أعلام النبلاء 19/ 578، 579 رقم 331، وتذكرة الحفاظ 4/ 1271، 1272، ومرآة الجنان 3/ 228، 229، والوافي بالوفيات 17/ 48، 49 رقم 42، وطبقات الحفاظ 461، وشذرات الذهب 4/ 66، وإيضاح المكنون 1/ 210113، و 2/ 402، 588، وهدية العارفين 1/ 454، ومعجم المؤلفين 6/ 24، 25 وفيه أضاف مؤلّفه إلى مصادر الترجمة كتاب:
«الكواكب السائرة» للغزّيّ، وهو يترجم لوفيات المائة العاشرة، والمذكورة فيه لا علاقة له بصاحب الترجمة مطلقا، وهو «عبد الله بن أحمد الشنشوري» ! (الكواكب 1/ 217) .
[2] الشّنتريني: كلمتان مركبة من شنت كلمة، ورين كلمة. ورين بكسر الراء، وياء مثنّاة من تحت ونون. مدينة متصلة الأعمال بأعمال باجة في غربي الأندلس ثم غربي قرطبة وعلى نهر تاجه قريب من أنصابه في البحر المحيط. وهي حصينة، بينها وبين قرطبة خمسة عشر يوما.
(معجم البلدان 3/ 367) .
[3] في الصلة 1/ 282.
[4] زاد في الصلة: وكتاب «البيان عمّا في كتاب أبي نصر الكلاباذي من النقصان» .(36/76)
وتُوُفّي في صَفَر، ومولده في سنة أربعٍ وأربعين وأربعمائة.
20- عبد الرحمن بن سعيد بن هارون [1] .
أبو المطرّف الفهميّ السّرقسطيّ المقرئ ابن الورّاق.
روى عن: أبي عبد الله المغاميّ، والحسن بن مبشّر، وأبي داود، وغيرهم من القرّاء.
وجوّد القراءات.
وسمع من: أبي الوليد الباجيّ.
وأجاز له أبو عمر بن عبد البَرّ.
وأقرأ الجناس بجامع قُرْطُبة، وأَمّ بالناسّ فيه.
أخذ الناس عنه، وكان ثقة.
تُوُفّي في صَفَر، وله ثمانون سنة.
أجاز لابن بَشْكُوال.
21- علي بن أستِكِين [2] .
الأمير أبو الحسن العميديّ، الحاجّيّ، النَّيْسابوريّ.
كان خفيف الرّوح، صالحًا عابدًا. ترك الخدمة ولبس لباس الصّالحين، وقنع بما له من ميراث.
وحدَّث عن: أبي الحسن محمد بن محمد الحسينيّ العَلَويّ، والحسن بن محمد الصّفار، وأبي نصر عبد الرحمن التّاجر، وغيرهم.
توفّي بنيسابور [3] .
22- عليّ بن الحسن بن علي بن سعيد بن محمد [4] .
أبو الحسن الدّمشقيّ العطّار.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن سعيد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 351 رقم 752.
[2] انظر عن (علي بن أستكين) في: المنتخب من السياق 398 رقم 1355 وفيه: «علي بن اسفتكين بن عبد الله الحميدي» .
[3] وقال عبد الغافر: «سمع معنا مسند الشافعيّ، عن الحيريّ، عن الأصمّ، عن الربيع» .
[4] انظر عن (علي بن الحسن) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 17/ 219 رقم 114.(36/77)
كان أبوه مقدّم الشّهود ورئيسهم بدمشق، وكان مُثْريًا فاشترى لابنه جارية مغنِّية، فتعلَّم منها الغناء، ثمّ افتقر وتعثّر، فكان يغنّي في مجالس الخمر، ويغنّي ويشرب، ثمّ كبر وضعف.
قال ابن عساكر: سمع الكثير من أبي القاسم السّميساطيّ، وأبي القاسم الحِنّائيّ، وأبي بكر الخطيب، فأتيناه فرغّبناه في التّوبة، فتاب وترك الغناء، وسمعنا منه كُتُبًا.
تُوُفّي فِي صَفَر. وكان مولده فِي سنة خمسٍ وأربعين وأربعمائة.
23- علي بن الحسن بن محمد بن محمد [1] .
الإمام أبو القاسم ابن الإمام أبي علي النَّيْسابوريّ الصّفّار.
فاضل، علّامة، متفّنن.
روى عن: أبي عثمان البَحِيريّ، وأبي سعد الكَنْجَرُوذيّ، وأحمد بن منصور المغربيّ، وأصحاب الخفاف.
ثم عن: أصحاب الحاكم، وابن يوسف.
ثمّ عن: أصحاب الحيريّ.
وله النّسخ والأجزاء.
وكان بأسفرايين وبها مات في رمضان [2] .
- حرف الميم-
24- محمد بْن أبي شجاع العُبَيْدي [3] .
الأمير ابن الأمير، المأمون بن نور الدّولة.
كان المأمون وزير الآمر بأحكام الله العُبَيْديّ المصريّ ومدبر دولته، بقي على ذلك أربع سنين. ثمّ قبض الآمر عليه في سنة تسع عشرة وخمسمائة، ثمّ
__________
[1] انظر عن (علي بن الحسن) في: المنتخب من السياق 397 رقم 1349.
[2] وقال عبد الغافر: ومن جملة ما سمعه: صحيح البخاري، عن الحفصي معنا، ومسند الشافعيّ عن والده.
[3] انظر عن (محمد بن أبي شجاع) في: الوافي بالوفيات 4/ 313، 4 الأرقم 1857.(36/78)
قُتِلَ في رجب سنة اثنتين وعشرين، وصُلِب بظاهر القاهرة.
25- موسى بن أحمد بن محمد [1] .
أبو القاسم النّشَادريّ [2] ، الفقيه الحنبليّ.
سمع الكثير، وقرأ بالروايات.
وتفقه على أبي الحسن بن الزَّاغُونيّ، وناظر.
وتُوُفّي في رجب شابًا.
- حرف الهاء-
26- هبة اللَّه بْن عَليّ بْن محمد [3] .
أبو القاسم المَرْوَزِيّ، ويُعرف بقاضي مَرْغَرْن [4] ، وهي قرية من قرى مَرْو.
محدث كثير المحفوظ، حريص على عقْد المجالس. له قبول عند العامَّة، إلّا أنّه غير ثقة. كان لَا يبالي ما يقول بحسب الوقت.
سمع: أبا إسماعيل الأنصاريّ بَهَراة.
وعاش نيِّفًا وستّين سنة.
__________
[1] انظر عن (موسى بن أحمد) في: المنتظم 10/ 10 رقم 10 (17/ 251 رقم 3952) .
[2] في المنتظم: «السامري» ، وفي نسخة خطيّة منه «البشاوري» .
[3] انظر عن (هبة الله بن علي) في: لسان الميزان 6/ 188 رقم 672.
[4] لم يذكرها ياقوت في معجمه.(36/79)
سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة
- حرف الجيم-
27- جعفر بن عبد الواحد بن محمد بن محمود بن أحمد [1] .
أبو الفضل الثّقفيّ الأصبهانيّ، الرئيس، النّبيل.
سمع: ابن رِيذة الثّاني، وعبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي علي المعدّل، وعبد الرّزّاق بن أحمد الخطيب، وأبا طاهر بن عبد الرحيم، وأحمد بن ضل الباطِرْقانيّ، وسعيد بن أبي سعيد العَيَّار، ومحمد بن عبد الرحمن بن زياد الأَرْزُنَانيّ [2] .
روى عنه: أحمد بن أبي منصور بن الزَّبْرَقان، والحافظ أبو موسى، وأسعد بن أبي طاهر الثَقفيّ، وعبد الواحد بن أبي المطّهر الصيدلانيّ، وعبد الجليل بن أبي نصر بن رجاء، ومحمد بن أحمد المَهَّاد، وناصر بن محمد [الوِيرج] [3] الأصبهانيون.
وقد ذكره السّمعانيّ في «التَّحبير» [4] .
__________
[1] انظر عن (جعفر بن عبد الواحد) في: التحبير 1/ 159- 166 رقم 89، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، الورقة 65 أ، والعبر 4/ 54، والمعين في طبقات المحدّثين 153 رقم 1659، وسير أعلام النبلاء 19/ 527، 528 رقم 308، والإعلام بوفيات الأعلام 214، وعيون التواريخ 12/ 206، والنجوم الزاهرة 5/ 235، وشذرات الذهب 4/ 66.
[2] الأرزناني: بفتح الألف وسكون الراء وضم الزاي والألف بين النونين وهذه النسبة إلى أرزنان وهي من قرى أصبهان. (الأنساب 1/ 181) .
[3] في الأصل بياض، والمستدرك من (سير أعلام النبلاء) .
[4] ج 1/ 659- 166.(36/80)
يقال: كان صالحًا، سديدًا [1] ، وكان خير من روى عن الرجال، عن ابن رِيذَة.
ومن مَرْوِيّاته: شروط الذّمة لأبي الشَيخ، والسُّنَّة له، والعتْق [2] له، والضّحايا والعقيقة له، والنّوادر [3] له، وفوائد العراقيَّين له، وأحاديث طلحة بن مصرّف له، وكتاب السَّبق والرَّمي له، وكتاب القطع والسّرقة له، وغير ذلك.
روى الجميع عن [ابن] عبد الرحيم، عنه.
وكتاب «الأدب» لابن أبي عاصم، وكتاب «معجم ابن المقرئ» و «فوائده» الّتي في خمسة عشر جزءًا، وكتاب «حرملة» [4] ، وكتاب «الأسماء [5] والكنى» لأبي عروبة، وكتاب «الجامع» لأحمد بن الفرات، «وسنن الشّافعيّ» ، رواية ابن عبد الحكم، وكتاب «الآحاد والمثاني» لابن أبي عاصم، وكتاب «طبقات أصبهان» لأبي الشَيخ، وكتاب «الصّلاة» لأبي نُعَيْم الفضل بن دُكَيْن، وكتاب «البكاء» للفِرْيابيّ، وكتاب «شواهد الشّعر» لأبي عروبة.
وسمع «صحيح البخاريّ» من سعيد العيّار.
وكان مولده في سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، وتُوُفّي في تاسع جُمَادى الأولى، وله ثمانون سنة.
- حرف الحاء-
28- الحسن بن المظفّر بن الحسن بن المظفّر بن يزيد [6] .
أبو علي بن أبي سعد السِّبْط.
كان أبوه سِبْط أبي بكر بن لال الهمذانيّ.
__________
[1] زاد في التحبير: «معروفا، من بيت الحديث وأهله، عمّر العمر الطويل حتى حدّث بالكثير، وسمع منه» .
[2] في التحبير 1/ 161 «العتق والمدبّر» .
[3] في التحبير: «النوادر والنتف» .
[4] في التحبير: «أحاديث حرملة بن يحيى» .
[5] في التحبير: «الأسامي» .
[6] انظر عن (الحسن بن المظفّر) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 73 رقم 58، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 254.(36/81)
سمع: أباه، وأبا محمد الجوهريّ، وأبا الحسين بن المهتديّ باللَّه.
روى عنه: ابنه هبة الله، ويحيى بن يوسف، وأبو القاسم بن عساكر، وآخرون.
تُوُفّي في ربيع الأوّل [1] .
وثّقه ابن عساكر.
29- حمزة بن هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن داود [2] .
أبو الغنائم بن أبي البركات العَلَوي الحَسَنيّ النَّيْسابوريّ.
كان جده محدَّث نَيسابور. وكان هو حَسَن السّيرة محدَّث بالكثير، وتفرّد في وقته [3] .
وسمع: أباه، وأبا نصر محمد بن الفضْل النَّسَويّ، وأبا الحسين عبد الغافر الفارسيّ، وأبا حفص بن مسرور، وعبد الرحمن بن محمد الأَنْماطيّ صاحب أبي بكر الإسماعيليّ، وعَمْرو بن أبي عَمْرو البَحِيريّ.
وحجَّ فسمع ببغداد من: القاضي أبي عبد الله الدَّامَغانيّ، وأبي يوسف عبد السّلام القزوينيّ.
وقال ابن السّمعانيّ: أجاز لي، وحدَّثني عنه جماعة. وكان زيديّ المذهب [4] .
__________
[1] ولد سنة 447 هـ.
[2] انظر عن (حمزة بن هبة الله) في: السياق، ورقة 13 ب، 14، والتحبير 1/ 255، 256 رقم 170، والمنتخب من السياق 208، 209 رقم 631، والكامل في التاريخ 10/ 660 وفيه:
«.. محمد بن الحسن» ، والمنتظم 10/ 13، 14 رقم 12 (17/ 255 رقم 3954) ، وسير أعلام النبلاء 19/ 573 رقم 327.
[3] زاد في التحبير: «جميل الأمر، رضيّ الأخلاق، جامعا بين شرف النسب والتفوق، كان يمتنع من الحديث أولا إلى أن قعد للحديث، وحدّث بالكثير، وحمل عنه، ورحلوا إليه، وتفرّد في وقته بالرواية عن جماعة» .
[4] وقال عبد الغافر: «بقيّة السادة والأشراف بنيسابور، وكان ركنا في طلب الحديث وسماعه عن مشايخ وقته ما أمكنه أن يسمع، وطاف به على المشايخ والصدور، وأحضر داره بعضهم.
حصلت له فوائد ومسموعات جمّة ... » .(36/82)
تُوُفّي في سادس المحرَّم، وله ستٌّ وتسعون سنة [1] .
- حرف الطاء-
30- طاهر بن سعد [2] .
الوزير كمال الدّين أبو عليّ المَزْدَغَانيّ، وزير صاحب دمشق تاج الملوك بُوري بن طُغْتِكِين.
اتهم بمذهب الباطنيَّة، فقُتِلَ في رمضان، ونُصِب رأسه على باب القلعة، ووضع الْجُنْد السَّيف في الباطنيَّة بدمشق، فقتلوا منهم ستَّة آلاف نفس، كما مرَّ في الحوادث.
- حرف العين-
31- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن شاذان [3] .
أبو الفتح بن عَلُّوَيْه السَّعِيديّ السَّرْخَسِيّ، الفقيه.
سمع: اللَّيْث بن الحَسَن اللّيثي، وزهير بن الحَسَن، والحافظ محمد بن محمد بن زيد العَلَويّ.
ولد سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.
أجاز لابن السّمعانيّ، وقال: مات يوم التَّرْوِية بسَرْخَس [4] .
32- عبد الله بن أبي المعمر شيبان بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد [5] .
__________
[1] وكان مولده في سنة 429 هـ.
[2] انظر عن (طاهر بن سعد) في: ذيل تاريخ دمشق 215، 220- 222، والكامل في التاريخ 10/ 652، 656، 657، وسير أعلام النبلاء 19/ 520 (في ترجمة طغتكين) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 131.
[3] انظر عن (عبد الله بن أحمد) في: التحبير 1/ 362، 363 رقم 309، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 128-.
[4] وقال: كان إماما فاضلا، فقيها، أديبا، لبيبا.. سمع منه الإمام والدي، رحمه الله، وأدركته بسرخس، ولم يتّفق أن والدي أحضرني عنده، وسمع أخي أبو المظفّر عنه شيئا.
[5] انظر عن (عبد الله بن شيبان) في: التحبير 1/ 369 رقم 316، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 130 أ.(36/83)
الحافظ أبو محمد البُرْجيّ، الأصبهانيّ، المحتسب.
وُلِد سنة سبْع وأربعين، وسمع: سِبْط حرويه، وجماعة.
وكان عارفًا برجال الصّحيحين. وكان صحّافًا [1] .
روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ.
33- عُبيد الله بن محمد ابن الإمام أبي بكر أحمد بن الحسين بن عليّ [2] .
أبو الحسن البَيْهَقيّ الخُسْرَوْجِرْدِيّ [3] .
لم يكن يعرف شيئًا من العلم، بل سمع الكتب من جدّه.
وسمع من: أبي يَعْلَى إسحاق بن عبد الرحمن الصّابونيّ، وأبي سعد أحمد بن إبراهيم المقرئ.
وقدِم الحجّ بعد العشرين، فحدَّث ببغداد.
روى عنه: ابن ناصر، وأبو المُعَمَّر الأنصاري، وأبو القاسم بن عساكر، وأبو الفتح المَنْدَائيّ، وآخرون.
قال ابن السّمعاني: كره السّماع منه جماعةٌ لقلَّة معرفته بالحديث، وسألت عنه أبا القاسم الدّمشقيّ فقال: ما كان يعرف شيئًا. وكان يتغالى بكُتُب الإجازة ويقول: ما أجيز إلا بطَسُّوج [4] .
قال: وسمع لنفسه في جزءٍ [5] ، عن جدّه تسميعًا طريّا. وكان سماعه فيما عداه صحيحا.
__________
[1] وفي التحبير: «كان شيخا صالحا، عارفا بالحديث، فهما، من أهل الخير والقرآن» .
[2] انظر عن (عبد الله بن محمد) في: مشيخة ابن عساكر، ورقة 193، والعبر 4/ 54، والإعلام بوفيات الأعلام 214، والمعين في طبقات المحدّثين 153 رقم 1662، وسير أعلام النبلاء 19/ 503، 504 رقم 291، وميزان الاعتدال 3/ 15، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد للدمياطي 177، وعيون التواريخ 12/ 206، ومرآة الجنان 3/ 230، ولسان الميزان 4/ 116، وشذرات الذهب 4/ 67.
[3] الخسروجردي: بضم الخاء المعجمة وسكون السين المهملة وفتح الراء وسكون الواو وكسر الجيم وسكون الراء وفي آخرها الدال المهملة، هذه النسبة إلى خسروجرد، وهي قرية من ناحية بيهق وكانت قصبتها قم صارت القصبة سبزوار. (الأنساب 5/ 116) .
[4] الطّسّوج: مقدار من الوزن، هو ربع دانق، ووزنه حبّتان من حبّ الحنطة. وهي كلمة فارسيّة معرّبة.
[5] في ميزان الاعتدال: «في أجزاء» .(36/84)
وقال أبو محمد بن الخشاب: سألته عن مولده فقال: سنة تسعٍ وأربعين.
وقال ابن ناصر: مات في ثالث جُمَادَى الأولى ببغداد. مرض ثلاثة عشر يومًا.
34- علي بن عبد المجيد بن يوسف بن شعيب [1] .
أبو الحسن السُّلَمي السَّمَرْقَنْديّ.
أحد الأئمة.
تُوُفّي فِي شوال وله اثنتان وثمانون سنة.
روى عن: أبي حمية محمد بن أحمد الحنْظَليّ.
وعنه: عمر النُّسَفيّ.
35- علي بن عبد الواحد بن الحسن بن علي بن شواش [2] .
أبو الحسن الدّمشقيّ المعدّل.
سمع: أبا الحسن بن قبيس، وأبا القاسم بن أبي العلاء.
روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن عساكر، وقال: كان أمينًا على المواريث، ووقْف الأشراف. وكان ثقة [3] .
36- عُمَر بْن أَبِي عِيسَى أَحْمَد بْن عُمَر بن أبي عيسى [4] .
الإمام أبو بكر المَدِينيّ الأصبهانيّ المقرئ.
ولد سنة أربع أو خمس وستّين وأربعمائة بمدينة جيّ. ثمّ انتقل به أبوه إلى أصبهان وهو يرضع.
روى عن: أبي عَمرو بن مَنْدَهْ، وغيره.
روى عنه: ابنه الحافظ أبو موسى، وقال: كانت له يدّ قويَّة في معرفة القرّاء والقراءات وعِلم الفرائض.
وتُوُفّي خامس رجب.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (علي بن عبد الواحد) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 18/ 131 رقم 34.
[3] زاد ابن عساكر: «ولم يكن الحديث من صناعته» .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.(36/85)
37- عيسى بن موسى بن سعيد.
أبو الأصْبَغ الأنصاريّ البَلَنْسيّ، ويُعرف بالمُتَوَلّيّ.
روى عن: أبيه، وأبي داود المقرئ.
وأجاز له أبو الوليد الباجيّ. وقدَّم للشُّورَى. وصَدَق في علم الرأي، واشتغل وأفتى ببلنسية.
روى عنه: محمد بن سليمان القَلْعيّ.
وتُوُفّي فِي ربيع الأول.
- حرف الميم-
38- مُحَمَّد بْن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن إسماعيل [1] .
أبو عامر الطُّلَيْطُليّ، نزيل قُرْطُبة.
روى عن: أبي المطرّف عبد الرحمن بن محمد، وأبي المطرّف عبد الرحمن بن أسد، وأبي أحمد جعفر بن عبد الله، ومحمد بن خلف السقاط، ومحمد بن محمد بن جماهر، وجماعة.
وأجاز له أبو الوليد الباجي [2] ، وأبو العباس العذري، وغيرهم.
قال ابن بَشْكُوال: كان مُعتنيًا بلقاء الشّيوخ، جامعًا للكُتُب والأُصُول.
كانت عنده جُملة كبيرة من أصول علماء بلده وفوائدهم، وكان ذاكرًا لأخبارهم وأزمانهم. وقد سمع منه أصحابنا. وترك بعضهم التّحديث عنه لأشياء اضطرب فيها شاهدتها منه مع غيري، وتوقّفنا في الرِّواية عنه. وقد كنت أخذت عنه كثيرًا ثمّ زهدت فيه لأشياء أوجبت ذلك.
تُوُفّي في ربيع الأوّل. وكان مولده سنة 453.
39- محمد بن سعد بن الفَرَج بن مهمت.
أبو نصر السّيبانيّ الحلْوانيّ المؤدب.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 578، 579 رقم 1273، ولسان الميزان 5/ 59 رقم 197.
[2] تحرّف في (لسان الميزان) إلى: «الناجي» .(36/86)
شيخ بغداديّ، فاضل، ثقة.
روى عن: أبي الغنائم بن المأمون، وأبي الحسين بن المهتدي باللَّه، وابن النَّقُّور.
وخرّج له عبد الوهاب الأنماطيّ فوائد في جزء.
وروى عنه: ابن ناصر، وأبو محمد بن سوفتين، وذاكر بن كامل.
40- المقّرب بن الحسين بن الحسن [1] .
أبو منصور العُقَيْليّ العِيسَوِيّ النّسّاج، والد أحمد الكَرْخيّ.
شيخ صالح، خيّر.
سمع: أبا يَعْلَى بن الفرّاء، وأبا جعفر ابن المسلمة، وغيرهما.
روى عنه: السَّلَفيّ، وابن بوش.
وتُوُفّي رحمه الله في ربيع الأوّل.
41- منصور بن هبة الله بن محمد المَوْصِليّ.
أبو الفوارس الحنفيّ، من كبار أئمة المذهب.
وُلي القضاء بأماكن من السّواد.
- حرف الياء-
42- يحيى بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن عابد.
أبو محمد الرِّيَاحِي [2] الأندلسيّ.
قال ابن السّمعانيّ: شيخ صالح، عفيف، سمع الكثير ونَسَخ، وبالَغ في الطَّلب، وكان ثقة صدوقًا. جاوَرَ مدَّة، وقدِم بغداد، ومضى إلى ما وراء النَّهر.
وكان موته ببُخَارَى.
سمع: أبا مكتوم عيسى بن أبي ذَرّ، وعلي بن المفرّج الصَّقَلّيّ، وأبا إسماعيل الأنصاريّ، وأبا عبد الله العُمَيْريّ، وأبا بكر بن خَلَف الشّيرازيّ.
__________
[1] انظر عن (المقرّب بن الحسين) في: معجم السفر للسلفي (مصوّرة دار الكتب المصرية) ق 2.
[2] الرياحي: بكسر الراء وبفتح الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها الحاء المهملة. هذه النسبة إلى أشياء منها إلى القبيلة وهي رياح بطن من تميم بن مرّ. (الأنساب 6/ 199) .(36/87)
وسمع أيضًا بسَمَرْقَنْد، ونَسف. وأكثر التّرحال.
وروى لي عنه: الأمير أبو علي أحمد بن محمد بن جبريل الطّرازيّ، وجماعة سمعوا منه.(36/88)
سنة أربع وعشرين وخمسمائة
- حرف الألف-
43- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد بن عبد الملك بن رضوان [1] .
أبو نصر البغداديّ المراتبيّ.
شيخ صالح من باب المراتب.
سمع: أبا محمد الجوهريّ، وسماعه صحيح.
روى عنه: محمد بن طاهر المقدسيّ مع تقدّمه، وأبو القاسم بن عساكر.
ومات في جُمادَى الآخرة وله إحدى وثمانون سنة.
وقد أجاز له عبد العزيز الأزَجيّ الحافظ.
قال ابن النّجّار: روى لنا عنه أبو القاسم ابن السُّبْط. وكان شيخًا صالحًا أمينًا، كثير الصّلاة والصدقة.
سمع أيضًا أبا يَعْلَى بن الفرّاء.
44- أحمد بن عبد الواحد بن الحسن بن زُرَيْق.
الشَّيْبانيّ البغداديّ القزّاز، عم أبي أبي منصور عبد الرحمن بن محمد.
شيخ صالح.
سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الحسين بن النَّقُّور.
تُوُفّي في شعبان.
روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الله) في: مشيخة ابن عساكر 7/ 2، وسير أعلام النبلاء 19/ 530 رقم 312.(36/89)
45- إبراهيم بن عثمان بن محمد [1] .
أبو إسحاق، وقيل أبو مَدْيَن [2] الكلْبيّ الغزّيّ، الشّاعر المشهور. أحد فُضلاء الدّهر، ومَن يُضرب به المثل في صناعة الشِّعر. ذو الخاطر الوقّاد، والقريحة الجيّدة.
تنقّل في البُلدان، ومدحَ الأعيان، وهجا جماعة. ودوَّر في الجبال، وخُراسان. وسار شِعْره.
وقد سمع بدمشق من الفقيه نصر سنة إحدى وثمانين وأربعمائة.
قال ابن النّجّار: هو إبراهيم بن عثمان بن عيّاش بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَبْد اللَّه الأشهبيّ الكلْبيّ.
ثمّ قال: هكذا رأيت نَسَبه بخطّ محمد بن طُرْخان التّركيّ.
روى ببغداد كثيرًا من شِعره.
وعنه من أهلها: محمد بن جعفر بن عَقِيل البصريّ، ومحمد بن علي بن المِعْوَجّ، وعبد الرحيم بن أحمد ابن الأخوة.
وروى السِّلَفيّ عنه. وروى أيضًا عن يوسف بن عبد العزيز الميورقيّ، عنه.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن عثمان) في: المنتظم 10/ 15، 16 رقم 16 (17/ 257، 258 رقم 3958) ، نزهة الألبّاء 285- 287 وفيه: «إبراهيم بن محمد بن عثمان بن عباس بن محمد» ، وخريدة القصر (قسم شعراء الشام) 1/ 4- 75، والكامل في التاريخ 10/ 666، 667، ووفيات الأعيان 1/ 57- 62، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 4/ 82، 83 رقم 100، والمختصر في أخبار البشر 3/ 4، والإعلام بوفيات الأعلام 214، والعبر 4/ 55، وسير أعلام النبلاء 19/ 554، 555 رقم 321، وفيه: «إبراهيم بن يحيى بن عثمان» ، وتاريخ ابن الوردي 2/ 36، وعيون التواريخ 12/ 208- 211، والبداية والنهاية 12/ 201، والوافي بالوفيات 6/ 51- 54، ومرآة الجنان 3/ 230- 232، وفيه: «إبراهيم بن يحيى» ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 133، 134، والنجوم الزاهرة 5/ 236، وكشف الظنون 763، 804، وشذرات الذهب 4/ 67، 68، وإيضاح المكنون 1/ 520، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 232- 234، وديوان الإسلام 3/ 388 رقم 1569، وهدية العارفين 1/ 9، والأعلام 1/ 50، ومعجم المؤلفين 1/ 57، 126.
[2] وقيل: أبو القاسم.(36/90)
ومن شِعره:
أَغْيدُ للعين حين تَرْمُقُهُ ... سلامةٌ في خلالها عطَبُ
واخضرُ في وجْنَتَيْه.... ... .... [1] الماء ينبتُ العشبُ
يدير فينا بخدّه قَدَحا ... يجتمع الماءُ فيه واللهَبُ
قلت: وقيل: هو إبراهيم بن يحيى بن عثمان بن محمد. أقام بالنّظامية ببغداد سِنين كثيرة. وله ديوان شعر مختار نحو ألْفي بيت.
وقال العماد في «الخريدة» [2] : مدح ناصر الدّين مُكْرَم بن العلاء وزير كرْمان بالقصيدة الّتي يقول فيها:
حملنا من الأيام ما لَا نُطِيقهُ ... كما حمل العظْمُ الكسِيرُ العصائبا
وليل رَجَوْنا أن يَدبّ عِذَارُهُ ... فما اختطّ حتّى صار بالصُّبح [3] سائبا [4]
قال ابن السّمعانيّ: ما اتّفق أنيّ سمعت منه شيئًا، وكان ضنينًا بشِعْره، إلا أنّه اتّفق له الخروج من مَرْو إلى بلْخ، فباع قريبًا من عشرة أرطال من مُسَوَّدات شِعره من بعض القلانِسيّين، ليفسدها في القلانِس، فاشتراها منه بعض أصدقائي، وحملها إليَّ، فرأيت شِعرًا أُدْهِشْت من حُسنه وجَوْدة صنعته. فبيّضت منه أكثر من خمسة آلاف بيت.
وُلِد رحمه الله سنة إحدى وأربعين وأربعمائة.
وقال ابن نُقْطة في «استدراكه» على الأمير: نبا أبو المعالي محمد بن أبي الفَرَج البغداديّ: حدَّثني سعد بن الحسن التّورانيّ الخُراسانيّ الشاعر قال: كنا نسمع على إبراهيم الغزّيّ ديوانه، فاختلف رجلان في إعراب بيت، فقال:
قوموا، فو الله لَا أسْمَعْتُ بقيّته، ولأبيعنَّ ورقَهَ للعطّارين يصرّون فيه الحوائج.
__________
[1] بياض في الأصل.
[2] ج 1/ 7.
[3] في خريدة القصر، ووفيات الأعيان: «بالفجر» .
[4] البيتان في: خريدة القصر 1/ 11، ووفيات الأعيان 1/ 58، ومرآة الجنان 3/ 231.(36/91)
ومن شعره:
قالوا: تركت الشَّعْر [1] قلت: ضرورةً ... باب الدّواعي [2] والبواعث مُغْلَقُ
خَلَت الدَّيار [3] فلا كريم يرتجى [4] منه ... النّوالُ [5] ، ولا مليحٌ يُعشَقُ
ومن العجائب [6] أنه لَا يُشْتَرَى، ... ومع الكَسَاد يُخانُ فيه [7] ويسرق [8]
وله:
أاحتمال خدّ يوم وَجرة، أمْ جيد ... أمّ اللّحْظُ فيما غازَلَتْكَ المَها الغِيدُ
سَفَرْنَ فقال الصُّبح: لست بسفيرٍ ... ومِسنَّ، فقال البانُ: ما فيّ أملودُ
وخوطّية المهتزّ أمكن وصْلها ... وطَرْفٌ رقيت الحيّ بالنوم مصفود
لك النّومُ تحت السَّجْف والطّيبُ والحُلَى، ... ولى عَزَماتي والعلندات والبيدُ
فقالت: أَمِطّ عنك القريضَ وذِكْرَهُ، ... فما لَكَ في نَظْم القصائدِ تجويدُ
وله:
طولُ حياةٍ ما لها طائل ... نقص عندي كلّما يُشْتَهى
أصبحت مثل الطَّفْل في ضَعْفه ... تشابه المبتدأ والمُنْتَهى
فلا تَلُم سمعي وإن خانني، ... إن الثّمانين وبُلّغْتُها
وله:
بجَمْعِ جَفْنيك [9] بين البُرْء والسَّقَم ... لا تسفكي من دموعي بالفراق دمي
__________
[1] في وفيات الأعيان، والمختصر في أخبار البشر، ومرآة الجنان، وتاريخ ابن الوردي: «قالوا:
هجرت السفر» .
[2] في المختصر، وتاريخ ابن الوردي: «باب البواعث والدواعي» .
[3] في المختصر، وتاريخ ابن الوردي: «خلت البلاد» .
[4] وفي نزهة الألبّاء: «لم يبق في الدنيا كريم يرتجى» .
[5] في المختصر، وتاريخ ابن الوردي، وعيون التواريخ: «نوال» .
[6] في عيون التواريخ: «ومن الرزيّة» .
[7] في نزهة الألبّاء، ووفيات الأعيان، والمختصر، وتاريخ ابن الوردي، وعيون التواريخ: «ويخان فيه مع الكساد» . وفي مختصر تاريخ دمشق «منه» .
[8] الأبيات في: نزهة الألبّاء 286، ووفيات الأعيان 1/ 58، ومختصر تاريخ دمشق 4/ 82، والمختصر في أخبار البشر 3/ 4، وتاريخ ابن الوردي 2/ 36، وعيون التواريخ 12/ 209، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 134.
[9] في عيون التواريخ: «جفنك» .(36/92)
إشارةٌ منكِ تكفيني [1] ، وأحسن ما [2] ... رُدَّ السّلامُ، وغَدَاة البَيْنِ بالعَنَمِ [3]
تَعليقُ قلبي بذاتِ القُرْطِ يُؤلمهُ [4] ... فينكر [5] القُرْطُ تعليقًا بلا ألم
وما نسيت، ولا أنسى تجشُّمَها [6] ... ومنسم [7] الجوّ غُفْلٌ، غير ذي عَلَمِ
حتى إذا طاح [8] منها [9] المِرْط من دَهَشٍ ... وانْحَلّ بالضّمّ سلْك [10] العُود في الظُّلَم
تبسّمت فأضاء الجوّ [11] ، فالتقطتْ ... حبّات متعثّر [12] في ضوء منتظم [13]
وله:
إذا ما قلّ عقلُ المرءِ قلّت هُمُومُه ... ومن لم يكنْ ذا مُقْلةٍ كيف يَرْمَدُ؟
وقد تصقل الضبات وهي كليلةٌ ... وتصيد أحدّ السِّيفِ وهو مُهَنَّد
وله:
إني لأَشْكُو خُطُوبًا لَا أعيّنها ... ليبرأ النّاسُ من لَومي ومن عذْلي
كالشّمع يبكي ولا يُدرى، أَعَبْرَتُهُ ... من حُرْقة النّار، أو من فرقةِ العَسَلِ
وله القصيدة السّائرة:
أحِطْ عن [14] الدُّرر الزّهر اليَوَاقِيتا ... واجعل لحجّ تَلاقِينا مواقيتا
__________
[1] في سير أعلام النبلاء، ومرآة الجنان: «تكفينا» ، وفي وفيات الأعيان: «تغنيني» .
[2] في عيون التواريخ: «وأفصح» .
[3] العنم (بالعين المهملة) : ضرب من الشجر له نور أحمر تشبه به الأصابع المخضوبة.
[4] في الأصل: «يوليه» ، والمثبت عن السير وعيون التواريخ.
[5] في عيون التواريخ: «فليشر» .
[6] في الوافي بالوفيات: «تبسّمها» .
[7] في الوافي: «ملبس» .
[8] في مرآة الجنان: «طرح» .
[9] في عيون التواريخ: «أطاح عنها» ، وفي الوافي: «طاح عنها» .
[10] في العيون: «العقد في النظم» ، وفي الوافي: «عقد السلك» ، وفي وفيات الأعيان: «سلك العقد» .
[11] في العيون: «فأضاء الليل» .
[12] في وفيات الأعيان، العيون: «منتثر» ، ويقال: «حباب منتشر» .
[13] الأبيات في: وفيات الأعيان 1/ 59، وسير أعلام النبلاء 19/ 554، 555، وعيون التواريخ 12/ 208، ومرآة الجنان 3/ 230، والوافي بالوفيات 6/ 54.
[14] في المختصر، وتاريخ ابن الوردي، وعيون التواريخ: «أمط على» .(36/93)
فثغرُكَ اللَّؤلؤ المبيضّ لَا الحجر ... المسْوَدّ طالبه يطوي السّباريتا [1]
لنا بذِكراك [2] أذكى الطَّيب رائحةً ... ونورُ وجْهِكَ ردّ البَدر مبهوتا
وفتية من كُماه التُّرْكِ [3] ما تركَتْ ... للرَّعْد كنانهم [4] صَوْتًا ولا صِيتا
قوم إذا قُوبلوا كانوا ملائكةً ... حُسْنًا، وإن قُوتلوا كانوا عفاريتا [5]
مُدَّت إلى النَّهْب أيديهم وأعيُنُهم، ... وزادهم قلق الأخلاق تثبيتا [6]
وله:
طفقت تقول أسيرة الكَلَل ... لك ناظرٌ أَهدى فؤادَكَ لي
وأراك رائد مهمَّة قذف ... ما عاقَهَا القَمَران عن زُحَلِ
من ضنها بالطَّيْف توعدنا ... جود النبأ يعد في البخل
استغفر الله المركب في أسل ... القُدُودِ لها ذمّ المُقَل
فاسننْ عليك دلاص تسليةٍ ... فاللحظ يُبْطل حُجَّةَ البطلِ
بك من جواري السّرب نازلةٌ ... بالحُسْن بين مراكز الأَسَلِ
بدويَّة الحِلَل افتتنْتُ بها ... لما بَدَت خصريَّة الحُلَلِ
يا دُمْيةً سَفَكَت دمي عشارًا ... أنا ابن بجدة حَوْمة الوهلِ
ما ضقتُ يومًا بتحيّتي لهم ... إلّا وكان نزالُهُمْ نزلي
ومن السّفاهةِ مَقْتُ ذي لامعة ... ومن العناء عتابُ ذِي مللِ
وله:
وربّ خطيبٍ حللْتُ عُقْدَتَه ... بمنزلٍ لَا تُحل فيه حبا
ومالك جئت نحوه ظلمًا ... فزرته مشرق المنى شحبا
__________
[1] في عيون التواريخ: «المسود لائمة يطوى السنا زيتا» .
[2] في العيون: «ونشر ذكراك» .
[3] في المنتظم، والمختصر في أخبار البشر، وتاريخ ابن الوردي: «في فتية من جيوش الترك» .
[4] في المنتظم، والكامل: «كرّاتهم» ، ومثله في: المختصر في أخبار البشر 3/ 4، وتاريخ ابن الوردي 2/ 36.
[5] هذا البيت والّذي قبله فقط في الكامل 10/ 667، والمنتظم 10/ 15، 16 (17/ 257) .
[6] انظر الأبيات أو بعضها في: المنتظم 10/ 15، 16 (17/ 257) ، والكامل في التاريخ 10/ 667، والمختصر في أخبار البشر 3/ 4، وتاريخ ابن الوردي 2/ 36، وعيون التواريخ 12/ 209، 210.(36/94)
جاد بما يملأ الحقائب لي ... وحدّث بالمدْح يملأ الحُقبا
وكم تصيّدته والصِّبى شركي ... شرب ظبا لحاطمين ظبا
على عذير بروده نَظَمتْ ... نوادرها حول بدره شُهُبا
يدقّ فيه الغمام أسهُمَهُ ... فيكتسي من نصالها حَسَبا
ويعجم الطَلّ ما يحطّ على صفحته ... مرّ شمال وصبا
ضروب نقْش كأنما خلع الزّهر ... عليهن بُرده طَرَبا
لو كنّ يتّقين ظنّهن صفيّ ... الدّولة الأحرف التي كتبا [1]
قال ابن السّمعاني: خرج الغّزي متوجّهًا من مَرْو إلى بلْخ في سنة أربع وعشرين، فأدركته المَنِيَّة في الطريق، فحُمِل إلى بلْخ ودُفن بها، وله ثلاث وثمانون سنة [2] .
46- إسماعيل بن الفضل بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن علي بْن الإخشيد [3] .
__________
[1] ومن شعره:
إنما هذه الحياة متاع ... والسفيه الغويّ من يصطفيها
ما مضى فات والمؤمّل غيب ... ولك الساعة التي أتت فيها
وله من قصيدة:
ليت الّذي بالعشق دونك خصّني ... يا ظالمي قسم المحبّة بيننا
ألقى الهزبر فلا أخاف وثوبه ... ويروعني نظر الغزال إذا رنا
وله:
وقالوا بع فؤادك حين تهوى ... لعلك تشتري قلبا جديدا
إذا كان القديم هو المصافي ... وخان فكيف آتمن الجديدا؟
وترك قول الشعر وغسل كثيرا منه، وقال:
قالوا: هجرت الشعر. قلت: ضرورة ... باب البواعث والدواعي مغلق
خلت البلاد فلا كريم يرتجى ... منه النّوالُ ولا مليحٌ يُعشَقُ
ومن العجائب إنه لا يشترى ... ويخان فيه مع الكساد ويسرق
(المنتظم) .
[2] وقال ابن الجوزي: وكان يقول: إني لأرجو أن يعفو الله عني ويرحمني لأني شيخ مسنّ قد جاوزت السبعين، ولأني من بلد الإمام الشافعيّ. وكان موته في هذه السنة حقّق الله رجاءه (المنتظم) .
[3] انظر عن (إسماعيل بن الفضل) في: التحبير 1/ 101- 104 رقم 27، والإعلام بوفيات الأعلام 214، والمعين في طبقات المحدّثين 153 رقم 1661، وسير أعلام النبلاء 19/ 555، 556 رقم 322، والعبر 4/ 55، وعيون التواريخ 12/ 220، ومرآة الجنان(36/95)
التّاجر الأصبهانيّ المعروف بالسّرّاج.
سمع: أبا القاسم بن أبي بكر الذَّكوانيّ، وأبا طاهر بن عبد الرحيم، وعليّ بن القاسم المقرئ، وأبا العباس بن النُّعْمان الصّائغ، وأحمد بن الفضل الباطِرْقانيّ، وأبا الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازيّ، وجماعة.
روى عنه: أبو طاهر السِّلَفيّ، وكنّاه أبا سعيد ووثّقه، وأبو موسى المدينيّ، ويحيى الثّقفيّ، وناصر الويرج، وخلف بن أحمد الفرّاء، وأسعد بن أحمد الثقفيّ، وأبو جعفر الصَّيْدلانيّ، وآخرون.
سمعه أبو موسى يقول: وُلِدت ليلة نصف شعبان سنة ستّ وثلاثين وأربعمائة.
قال: وكان أبي اسمه محمد، وكنيته أبو الفضل، فغلب عليه الفضل.
قلت: وكان من المكثرين في السّماع والرّواية، وقرأ القرآن على المشايخ. وكان تاجرًا أمينًا.
كنّاه أبو سعد السّمعانيّ أبو الفتح وقال: كان سديد السّيرة. قرأ بروايات، ونسخ أجزاء كثيرة، وكان واسع الرواية، موثوقًا به. كتب لي الإجازة.
فمن مسموعاته: «طبقات الصّحابة» لأبي عَروبة، في أربعةٍ وعشرين جزءًا، بروايته عن أبي طاهر بن عبد الرحيم، عن ابن المقري، عنه، وكتاب «الإشراف في اختلاف العلماء» لابن المنذر، بروايته عن ابن عبد الرحيم، عن ابن المقري، عنه، وكتاب «السُّنَن» للحلوانيّ، رواية الفضل الْجُنْديّ، عنه.
قلت: تُوُفّي رحمه الله في رمضان، وقيل في شعبان. وله فوائد مَرْوِيَّة.
- حرف الخاء-
27- خَلَف بن عمر بن عيسى [1] .
أبو القاسم الحضّرميّ القرطبيّ.
__________
[3] / 232، وغاية النهاية 1/ 167 رقم 776، وشذرات الذهب 4/ 68، 69.
[1] انظر عن (خلف بن عمر) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 177 رقم 402.(36/96)
روى عن: سراج بن عبد الملك.
وتفقّه عند: هشام بن أحمد الفقيه.
قال ابن بَشْكُوال: عن جماعة معنا.
وكان رحمه الله من العلماء المتفنّنين.
تُوُفّي في رجب.
- حرف السين-
48- سهل بْن إبراهيم بْن أَبِي القاسم [1] .
أبو القاسم النَّيسابوريّ المسجديّ النَّسفيّ، خادم مسجد المطرّز.
قال السّمعانيّ، وقد أجاز له: كان شيخا صالحا، كثير العبادة، معمّرا، متفرّدا بالرواية عن مثل أبي سعيد بن أبي الخير المِيهَنيّ، وأبي محمد الْجُوَيْنيّ، وأبي عبد الرحمن محمد بن أحمد بن مُحَمَّد الشاذياخي.
وسمع من: عبد الغافر الفارسي، وابن مسرور.
سمعني والدي منه أجزاء.
وُلِد في حدود سنة ثلاثين، وحدَّث في آخر سنة ثلاث، ووفاته بعد ذلك.
49- سهل بن محمود بن محمد بن إسماعيل [2] .
أبو المعالي البخاريّ البَرّاني [3] . وبرّانية من قرى بُخارى.
كان إماما، ذكيًا، واعظًا، صالحًا، عابدًا، حجّ على التّجريد [4] ، وبقي مع وِفاقه حافيًا عُرْيَانًا، حتى توصلوا إلى مكَّة بعد الرّفقة. وجاوَرَ بمكَّة حتى حجّ.
ودخل اليمن، وركب البحر إلى كَرمان [5] .
سمع: أباه، والمظفر بن إسماعيل الْجُرْجانيّ.
روى عنه: ابنه حمزة.
وتوفّي ببخارى.
__________
[1] تقدّم (سهل بن إبراهيم) في السنة الماضية برقم (17) .
[2] انظر عن (سهل بن محمود) في: المنتظم 10/ 19 رقم 19 (17/ 261 رقم 3961) ، والأنساب 2/ 122.
[3] البراني: بفتح الباء المعجمة بنقطة وبتشديد الراء المهملة منسوب إلى قرية براني ببخارى على خمسة فراسخ منها.
[4] فأغارت العرب على الحاج.
[5] ثم إلى خراسان.(36/97)
- حرف الطاء-
50- طِراد بن علي بن عبد العزيز [1] .
أبو فِراس السُّلَمي الدّمشقيّ الكاتب المعروف بالبديع.
مات متوليًا بمصر. وكان مولده بدمشق في سنة أربع وخمسين.
قال السَّلفيّ: علّقت عنه شِعرًا. وكان آيةً في النَّظْم والنَّثر. له مقامات ورسائل.
قلت: ومن شِعره في تاج الدّولة تُتُش بن ألب رسلان:
غزالٌ غزا قلبي بعين مريضةٍ ... لها ضعف أجفانٍ تهدّ قوى صبري [2]
له لِينُ أعْطافٍ أرقُّ من الهَوَى ... وقلبٌ على العُشّاق أقسى [3] من الصَّخْرِ [4]
وهى طويلة.
ومن شعره أيضًا قوله:
قيل لي: لِمَ جلستَ في طَرَف [5] القوم ... وأنتَ البديعُ ربُّ القوافي؟
قلت: آثرته [6] لأنّ المناديل ... يُرى طَرْزُها على الأطرافِ [7]
وكفاني من الفخار بأنّي نازل ... في منازل الأشراف
__________
[1] انظر عن (طراد بن علي) في: معجم الأدباء 12/ 229، ومعجم السفر للسلفي (مصوّرة دار الكتب المصرية) ق 1، وخريدة القصر (قسم شعراء مصر) 2/ 105 وفيه اسمه: «البديع بن علي» ، وله ذكر في (قسم شعراء الشام) ج 1/ 271، وفوات الوفيات 2/ 131- 133، وعيون التواريخ 12/ 217- 219، والوافي بالوفيات 16/ 420- 422 رقم 457، وعقود الجمان للزركشي 1/ ورقة 39/ ب، وبغية الوعاة 273، وشذرات الذهب 4/ 90، وتهذيب تاريخ دمشق 7/ 54.
[2] في تهذيب تاريخ دمشق: «قوى الصبر» .
[3] في التهذيب: «أقوى» .
[4] البيتان في تهذيب تاريخ دمشق 7/ 54 وقبلهما بيت:
وللَّه ظبي لا يزال معذّبي ... بأعذب ريق راق من شنب الثغر
[5] في معجم الأدباء، وعيون التواريخ، والوافي بالوفيات: «وفي آخر» .
[6] في المصادر المذكورة: «اخترته» .
[7] البيتان في: «معجم الأدباء 12/ 20، وعيون التواريخ 12/ 218، والوافي بالوفيات 16/ 421، وفوات الوفيات 2/ 132» .(36/98)
- حرف العين-
51- عَبْد الله بْن علي بْن عبد الملك [1] .
أبو محمد الهلاليّ الغَرْناطيّ، يعرف بابن سَمَجُون [2] .
أحد جِلَّة العُلماء والفُقَهاء. ولي قضاء غَرْناطة.
وأخذ عنه: أبو جعفر بن البادش، وعبد الحق بن بُونة.
وعاش بِضْعًا وسبعين سنة.
يروى عن: أبي علي الغسانيّ، وطبقته.
52- عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن صَدَقة [3] .
أبو محمد المصريّ، المجاور بمكَّة. ويُعرف بابن الغَزال.
شيخ كبير صالح.
سمع: أبا عبد الله القُضاعيّ بمصر، وأبا القاسم الحِنّائيّ، والكتّانيّ بدمشق، وكريمة المَرْوزية.
وطال عُمره وكفّ بصره.
قال ابن عساكر: سمعت من لفظه حديثًا واحدًا لصممٍ شديد كان به.
لقَّنَّاه الحديث. وذكر لي أن جدّه لُقِب بالغزال لسرعة عَدْوه.
تُوُفّي أبو محمد في صفر.
وقال السّلفيّ: أجاز لي، وقد أخبرني عنه بأصبهان إسماعيل بن محمد الحافظ سنة ثلاثٍ وتسعين وأربعمائة. وحججت سنة تسعٍ وتسعين، ولم أعلم به.
سمع: عبد العزيز بن الضّرّاب، وأبا محمد المَحَامليّ، والمقرئ أبا الحسين الشيرازيّ. وكان مقرئًا صالحا. وسمعت من أخيه إبراهيم بمصر.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن علي) في: بغية الملتمس للضبي 336 رقم 941، وتكملة الصلة لابن الأبّار 2/ 819 رقم 2000، والوافي بالوفيات 17/ 326 رقم 279.
[2] في الأصل: «سمحون» بالحاء المهملة.
[3] انظر عن (عبد الله بن محمد) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 13/ رقم 80، ومرآة الجنان 3/ 232.(36/99)
53- عَبْد الحق بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بن عبد الحقّ [1] .
أبو محمد الخَزْرَجيّ القُرْطُبيّ.
روى عن: الفقيه محمد بن فَرَج واختص به، وناظر عند: أبي جعفر بن رزق، وأبي الحسن بن حمدين.
وأجاز له أبو العباس بن العُذْريّ.
وكان فقيهًا إمامًا شُرُوطيًّا مدرسًا.
تُوُفّي في صَفَر، وله اثنان وسبعون عامًا.
54- عبد العزيز بن محمد بن معاوية [2] .
أبو محمد الأنصاريّ الدَّوْرقيّ الأطْرُوش.
سكن قُرْطُبة.
وحدث عن: أبي بكر محمد بن مفوّز، وأبي علي الصَّدفيّ، وأبي عبيد الله الخَوْلانيّ.
وكان حافظًا، عارفًا بالعلل والصحيح والسقيم والرجال، مقدّمًا في جميع ذلك على أهل وقته، قاله ابن بَشْكُوال، وجمع كُتُبًا مفيدة. سمعنا منه، وكان حرجًا نكد الخلق.
تُوُفّي فِي ربيع الآخر.
55- عَبْد الملك بْن عبد العزيز بن فِيرَّة بن وهْب [3] .
أبو مروان المُرْسِيّ.
سمع من: أبي علي الغسانيّ، وغيره.
وحجّ، ودخل بغداد، ودمشق وروى هناك. ولم يذكره ابن عساكر.
وكان حافظا للرأي، ذاكرا للمسائل، صالحًا خيّرًا.
وعاش إحدى وسبعين سنة.
__________
[1] انظر عن (عبد الحق بن أحمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 386 رقم 829.
[2] انظر عن (عبد العزيز بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 373 رقم 799.
[3] انظر عن (عبد الملك بن عبد العزيز) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 365 رقم 777.(36/100)
56- عبد المنعم بن مروان بن عبد الملك بن سَمَجون [1] .
أبو محمد اللُّواتيّ الطَّنْجيّ.
نشأ بغَرْناطَة وتفقه بها على: أبي محمد عبد الواحد بن عيسى.
وسمع من: أبي علي الغسانيّ.
وكان فقيهًا، جزْلًا، مهيبًا. ولي قضاء إشبيلية بعد عزل أبي مروان الباجيّ. ثمّ نُقِل إلى قضاء غَرْناطَة.
وتُوُفّي في شعبان [2] .
57- عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بن سيدة.
أبو المظفّر الأصبهانيّ المقرئ.
تُوُفّي في رمضان.
58- عثمان بن منصور بن عبد الكريم.
أبو عَمْرو الطّرازيّ النّظاميّ.
سكن بلخ، وحدَّث عن: أبي الحسن محمد بن محمد الحسينيّ.
روى عنه: عبد الله بن عمر الفقيه ببلْخ، ومحمد بن الفضل المارشكيّ بطُوس. وكان رجلًا جليل القدْر، واعظًا، محتشمًا.
- حرف الفاء-
59- فاطمة بنت عبد الله بن أحمد بن القاسم بن عقيل [3] .
__________
[1] انظر عن (عبد المنعم بن مروان) في: الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي، السفر الخامس، القسم الأول 55 رقم 125 وفيه: «عبد المنعم بن سمجون» .
[2] وقال المراكشي: وقع في فوائد أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن العثماني الديباجي ابن أبي اليابس، أنشدني أبو العباس قال: أنشدني القاضي أبو محمد عبد المنعم بن سمجون بغرناطة لنفسه:
لست وجيها لدى إلهي ... هذا مدى عيشتي اعتقادي
لو كنت وجها لما براني ... في عالم الكون والفساد
[3] انظر عن (فاطمة بنت عبد الله) في: التحبير 2/ 428، 429 رقم 1185، واللباب 1/ 251، والتقييد لابن نقطة 497، 498 رقم 679، والإعلام بوفيات الأعلام 214، والمعين في طبقات المحدّثين 153 رقم 1663، وسير أعلام النبلاء 19/ 504، 505 رقم 292، ودول.(36/101)
أمّ إبراهيم، وأمّ الغيث، وأمّ الخير الْجُوزْدانيَّة [1] .
قال أبو موسى المَدِينيّ: قدِمت علينا من جُوزدان، وكان مولدها نحو الخمس والعشرين وأربعمائة.
وسمعت من: أبي بكر بن رِيذة سنة خمسٍ وثلاثين. وهي آخر أصحابه.
قلت: هي أسند أهل العصر مُطلقًا، وهي للأصبهانيّين كابن الحُصَيْن للبغداديّين. سمعَتْ من ابن رِيذَة «المعجم الكبير» و «المعجم الصّغير» للطَّبرانيّ، وكتاب «الفِتَن» لنُعَيم بن حمّاد.
روى عنها: أبو العلاء الهَمَذانيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وَمَعْمَرُ بن الفاخر، وأبو جعفر الصَّيدلانيّ، وأبو الفخر أسعد بن سعيد، وعائشة بنت مَعْمَر، وعفيفة بنت أحمد، وأبو سعيد محمد الأَرَّجَانيّ الحلليّ، وعبد الرحيم بن أحمد ابن الأُخوَّة، وداود بن سليمان بن نظام المُلك، وشعيب بن الحسن السَّمَرْقَنْديّ، وفاطمة بنت سعد الخير، لها عنها حضور، وجماعة كثيرة.
أنبا أبو علي القلانِسِيّ: أنبأتْنا كريمة، عن أبي مسعود عبد الرحيم الحاجّيّ أنها تُوُفّيت في غُرَّة شعبان.
وقال ابن نُقْطة [2] : في رابع عشر رجب.
60- فضل الله بن محمد بن وهْب الله بن محمد [3] .
أبو القاسم الأنصاريّ المقرئ.
أقرأ بجامع قُرطُبة مدَّة، وأخذ القراءات عن: أبي محمد بن شعيب، وأبي عبد الله بن شريح.
__________
[ () ] الإسلام 2/ 46، والعبر 4/ 56، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 15/ 406، وعيون التواريخ 12/ 220، ومرآة الجنان 3/ 232 و 242، وشذرات الذهب 4/ 69، 70.
[1] الجوزدانية: الجوزداني: بضم الجيم وسكون الواو والزاي وبعدها الدال المهملة وفي آخره النون، هذه النسبة إلى جوزدان، ويقال لها كوزدان، وهي قرية على باب أصبهان كبيرة.
(الأنساب 3/ 362، 363) .
[2] في التقييد 498.
[3] انظر عن (فضل الله بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 465 رقم 999.(36/102)
وسمع من: محمد بن فَرَج الطّلاعيّ، وأبي محمد بن خزرج.
روى عنه: ابن بَشْكُوال، وقال: تُوُفّي في رمضان، وله سبعون سنة.
وقرأ عليه بالروايات: عليّ بن محمد بن خَلَف، شابّ قرْطُبيّ.
- حرف الميم-
61- محمد بن سعدون بن مُرجيّ بن سعدون [1] .
الإمام أبو عامر القُرَشيّ العَبْدَريّ المَيُورقيّ المغربيّ، نزيل بغداد. أحد الحُفاظ والعلماء المبرزين، ومن كبار الفُقهاء الظّاهرية. رحل إلى بغداد.
وسمع: أبا عبد الله البانياسيّ، وأبا الفضل بن خَيْرُون، وطِراد بن محمد، ويحيى السّبْتيّ، والحُميديّ، وابن البَطر، وخلْقًا سواهم.
قال القاضي أبو بكر محمد بن المغربيّ في «مُعجَمه» : أبو عامر العَبْدريّ هو أنبل من لقِيته.
وقال ابن ناصر: كان فهْمًا، عالمًا، متعففًا، مع فقره، وكان يذهب إلى أنّ المناولة كالسّماع.
وذكره السَّلفيّ في «مُعْجَمه» فقال: كان من أعيان علماء الإسلام بمدينة السّلام، متصرّفٌ في فنون من العلوم أدبًا ونحْوًا، ومعرفةً بالأنساب. وكان داوديّ المذهب، قُرَشِيّ النَّسَب. كتب عنّي وكتبت عنه. ومولده بقُرْطُبَة من مدن الأندلس.
قال ابن نقطة: نبا أحمد بن أبي بكر البندنيجيّ أنّ الحافظ ابن ناصر قال
__________
[1] انظر عن (محمد بن سعدون) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 534، والمنتظم 10/ 19 رقم 20 (17/ 261، 262 رقم 3963) ، ومشيخة ابن عساكر 1/ 188، ومعجم البلدان 5/ 246، ومعجم السفر للسلفي (مصورة دار الكتب المصرية) ق 2، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 22/ 172، 173 رقم 225، والإعلام بوفيات الأعلام 214، 215، والمعين في طبقات المحدّثين 153 رقم 1665، وسير أعلام النبلاء 19/ 579- 583 رقم 332، والعبر 4/ 57، وتذكرة الحفاظ 4/ 1272- 1275، وعيون التواريخ 12/ 216، 217، والبداية والنهاية 12/ 201، والوافي بالوفيات 3/ 93، 94، وطبقات الحفاظ 461، ونفح الطيب 2/ 138، 139، وشذرات الذهب 4/ 70، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 156 رقم 1037.(36/103)
لما دفنوا أبا [1] عامر العَبْدريّ:
خلا لكِ الجوُّ فبيضي واصفِري [2]
مات أبو عامر حافظ أحاديث رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ شاء فلْيَقُلْ ما شاء.
وقال ابن عساكر: كان فقيهًا على مذهب داود، وكان أحفظ شيخ لقيته [3] ذكر أنّه دخل الشّام في حياة أبي القاسم بن أبي العلاء، وسمعتُ أبا عامر وقد جرى ذِكر مالك، فقال: جِلْف جاف [4] ، ضرب هشام بن عمّار بالدِّرَّة.
وقرأتُ عليه «الأموال» لأبى عُبَيْد، فقال، وقد مرّ قول لأبي عُبَيْد: ما كان إلا حمارًا مغفلًا [5] لَا يعرف الفِقْه.
وقيل لي عنه إنّه قال في إبراهيم النَّخَعيّ: أعورُ سُوء. فاجتمعنا يومًا عند ابن السَّمَرْقَنْديّ في قراءة «الكامل» [6] ، فنقل فيه قولًا عن السَّعْديّ، فقال: يكذب ابن عَدِيّ، إنما هو قول إبراهيم الْجَوْزَجانيّ. فقلت له: فهو السَّعْديّ، فإلى كم نحتمل منك سوء الأدب. تقول في إبراهيم النَّخَعيّ كذا، وتقول في مالك كذا، وفي أبي عُبَيْد كذا؟! فغضب وأخذته الرِّعْدَة وقال: كان ابن الخاضبة والبَرَدانيّ وغيرهما يخافوني، فآل الأمر إلى أن تقول فيّ هذا. قال له ابن السّمرقنديّ:
هذا بذاك.
فقلت: إنما نحترمك ما احترمت الأئمَّة.
فقال: والله قد علمت من علم الحديث ما لم يعلمه غيري ممّن تقدّم،
__________
[1] في الأصل: «أبي» .
[2] الرجز في (فصل المقال شرح الأمثال 364) لكليب بن ربيعة، كان له حمى لا يقرب، فباضت فيه قبّرة فأجارها، وقال يخاطبها:
يا لك من قبّرة بِمَعْمَرِ ... خَلَا لَكِ الْجَوُّ فَبِيضِي وَاصْفِرِي
وَنَقِّرِي ما شئت أن تنقّري
وانظر: مجمع الأمثال للميداني ص 239، ولسان العرب 1/ 417.
[3] مختصر تاريخ دمشق 22/ 172.
[4] في الأصل: «حلف خلف» .
[5] في الأصل: «حمار مغفّل» .
[6] أي: الكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ.(36/104)
وإنّي لأعلم من «صحيح البخاريّ» و «مسلم» ما لم يعلماه.
فقلت مستهزئًا: فعِلْمُك إذا إلهام. وهجرته.
قال: وكان سيّئ الاعتقاد، ويعتقد من أحاديث الصّفات ظاهرَهَا. بَلَغَني أنّه قال في سوق باب الأَزَج يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ 68: 42 [1] فضرب على ساقه وقال:
ساقٌ كساقي هذه [2] .
وبَلَغَني أنّه قال: أهل البِدَع يحتجّون بقوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ 42: 11 [3] أي في الإلهيَّة، فأما في الصّورة فهو مثلي ومثلك [4] . قال الله تعالى: يَا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ من النِّساءِ 33: 32 [5] أي في الحُرْمة [6] .
وسألته يومًا عن أحاديث الصّفات، فقال: اختلف النّاس فيها، فمنهم مَن تأوَّلها، ومنهم من أمسك، ومنهم من اعتقد ظاهرها. ومذهبي آخر [7] هذه الثلاثة مذاهب.
وكان يُفْتي على مذهب داود بن علي، فبلغني أنّه سُئل عن وجوب الغُسْل على من جامَعَ ولم يُنْزِل، قال: لَا غُسْل عليه، الآن فعلتُ ذلك بأمّ أبي بكر، يعني ولده، وكان بَشِع الصّورة، زَرِيّ اللّباس.
وقال ابن السّمعاني: حافظ مبرّز في صَنْعه الحديث، داوديّ المذهب، سمع الكثير، ونسخ بخطّه إلى آخر عُمره. وكان يسمع وينسخ.
وقال ابن ناصر: فيه تساهُل في السَّماع، يتحدَّث ولا يصغي ويقول:
__________
[1] سورة القلم، الآية 42.
[2] قال المؤلّف- رحمه الله- في (تذكرة الحفاظ) : هذه حكاية منقطعة، وهذا قول الضلّال المجسّمة، وما أعتقد أن بلغ العبدري هذا.
[3] سورة الشورى، الآية 11.
[4] قال المؤلّف- رحمه الله- في (تذكرة الحفاظ) : تعالى الله عن ذلك وتقدّس، وهذا لا يتفوّه به مؤمن، فإن الله تعالى لا مثل له أبدا.
[5] سورة الأحزاب، الآية 32.
[6] مختصر تاريخ دمشق 22/ 173.
[7] في سير أعلام النبلاء 19/ 582: «أحد» ، ومثله في: مختصر تاريخ دمشق 22/ 183.(36/105)
يكفيني حضور المجلس. ومذهبه في القراءات مذهب سوء. مات في ربيع الآخر.
قلت: روى عَنْهُ أَبُو القاسم بْن عساكر، ويحيى بن بوش، وأبو الفتح المندائيّ، وجماعة. وخمل ذِكره لبِدْعته [1] .
62- محمد بن عبد الله بن تُومَرْت [2] .
أبو عبد الله الملَّقب نفسَه بالمهديّ المَصْمُودي [3] ، الهَرْغيّ [4] ، المغربيّ، صاحب دعوة السّلطان عبد المؤمن ملك المغرب.
كان يدّعي أنّه حَسَنيّ عَلَويّ، وهو من جبل السَّوس في أقصي المغرب.
نشأ هناك، ثمّ رحل إلى المشرق لطلب العِلْم، ولقي أبا حامد الغزّاليّ، وإلِكيا أبا الحسن الهرّاسيّ، وأبا بكر الطّرطوشيّ.
__________
[1] وقال ابن الجوزي: أصله من برقة من بلد المغرب، ودخل إلى بغداد في سنة أربع وثمانين وأربعمائة. وقال أيضا: وكانت له معرفة بالحديث حسنة، وفهم جيّد، وكان متعفّفا في فقره، ومرض يومين وتوفي في ربيع الآخر (المنتظم) .
[2] انظر عن (ابن تومرت) في: أخبار المهدي بن تومرت، للبيذق (توفي 555 هـ) ، والكامل في التاريخ 10/ 569- 582، والمعجب 245- 264، وخريدة القصر (قسم شعراء الأندلس) 1/ 167، وجذوة الاقتباس 28) ووفيات الأعيان 5/ 45- 55، والإعلام بوفيات الأعلام 215، وسير أعلام النبلاء 19/ 539- 552 رقم 318، والعبر 4/ 57- 62، وتذكرة الحفاظ 4/ 1274، ودول الإسلام 2/ 46، وتاريخ ابن الوردي 2/ 76، 27، والدرّة المضيّة 513، ومرآة الجنان 3/ 432- 248، وعيون التواريخ 12/ 107- 115، (في وفيات 514 هـ.) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 151 (في وفيات 528 هـ) ، والوافي بالوفيات 3/ 323- 328، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 6/ 109- 117، والبداية والنهاية 12/ 186، 187، والحلل الموشية 78، 88، ورقم الحلل لابن الخطيب 56- 58، وشرح رقم الحلل 182، 187، 189، 194، 196، 198، 199، 205، 217، وتاريخ ابن خلدون 6/ 464- 472، والوفيات لابن قنفذ 273، والنجوم الزاهرة 5/ 254، وتاريخ الدولتين للزركشي 1- 5، وكشف الظنون 1518، وشذرات الذهب/ 70- 72، والاستقصاء 2/ 78- 98، وهدية العارفين 2/ 90، والأعلام 7/ 104، 105، ومعجم المؤلفين 10/ 206، ودائرة المعارف الإسلامية 1/ 106- 109.
[3] المصمودي: بفتح الميم، وسكون الصاد، وضم الميم الثانية، نسبة إلى مصموده قبيلة من البربر.
[4] الهرغي: بفتح الهاء وسكون الراء، نسبة إلى هرغة، وهي قبيلة كبيرة من المصامدة في جبل السوس في أقصى المغرب. (وفيات الأعيان 5/ 55) .(36/106)
وجاوَرَ بمكة، وحصّل طَرَفًا جيّدًا من العلم. وكان متورّعًا. متنسّكًا، مَهِيبًا، متقّشفًا، مخشَوْشِنًا، أمَّارًا بالمعروف، كثير الإطراق، متعبّدًا، يبتسم إلى من لقِيه، ولا يَصْحَبُه من الدّنيا إلّا عصاةٌ وركْوَة.
وكان شجاعًا، جريئًا، عاقلًا، بعيد الغَوْر، فصيحًا في العربيّ، قد طُبع على النَّهْي عن المُنْكَر، متلذّذًا به، متحملًا المشقَّة والأذى فيه. أوذِي بمكة لذلك، فخرج إلى مصر، وبالغ في الإنكار، فزادوا في أَذَاه وطُرِد.
وكان إذا خاف من البْطش وإيقاع [1] الفعل به خلّط في كلامه ليظنّوه مجنونًا، فخرج إلى الإسكندرية، فأقام بها مُدَّة. ثمّ ركب البحر إلى بلاده.
وكان قد رأى في منامه وهو بالمشرق كأنه قد شرب ماء البحر جميعه كرّتين، فلمّا ركب السّفينة شرع ينكر، وألْزمهم بالصّلاة والتّلاوة، فلما انتهى إلى المَهْديَّة، وصاحبها يومئذٍ يحيى بن تميم الصَّنْهاجيّ، وذلك في سنة خمس وخمسمائة، نزل بها في مسجد مُغْلَق على الطّريق. وكان يجلس في طاقته، فلا يرى مُنْكرًا من آلة الملاهي أو أواني الخُمور إلا نزل وكسرها. فتسامَعَ به النّاس، وجاءوا إليه، وقرءوا عليه كُتُبًا في أصول الدّيانة، وبلغ خبرُه الأمير يحيى، فاستدعاه مع جماعةٍ من الفقهاء، فلّما رأى سَمْتَه وسمع كلامه أكرمه، وسأله الدّعاء، فقال له: أَصْلَحَك اللهُ لرعيّتك.
ثمّ نزح عن البلد إلى بَجَّايَة، فأقام بها يُنْكر كدأبه، فأخرج منها إلى قرية ملالة، فوجد بها عبد المؤمن بن علي القَيْسيّ، فيقال: إنّ ابن تُومَرْت كان قد وقع بكتاب فيه صفة عبد المؤمن، وصفة رجلٍ يظهر بالمغرب الأقصى مِنْ ذُرِّيَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يدعو إلى الله يكون مقامه ومدفنه بموضعٍ من المغرب، يُسَمّى ت ي ن م ل [2] ، ويجاوز وقته المائة الخامسة. فوقع في ذهنه أنّه هو. وأخذ يتطلّب صفة عبد المؤمن، فبلغ إلى أن رأى في الطّريق شابّا قد بلغ أشدّه على الصّفة الّتي معه، فقال: يا شابّ ما أسمك؟ قال: عبد المؤمن.
فقال: الله أكبر، أنت بغيتي، فأين مقصدك؟
__________
[1] في الأصل: «والإيقاع» .
[2] كذا بالأصل. وفي عيون التواريخ 12/ 108 «ت ي ن م لام» . وسيأتي اسم البد: تين مل.(36/107)
قال: المشرق لطلب العِلم.
قال: قد وجدتُ عِلْمًا وَشَرَفًا وصحِبني شلة. ثمّ نظر في حِلْيته فوافَقَتْ، وقال: ممّن أنت؟ قال: من كُومية [1] . فربط الشّابّ، وألقي إليه سرّه.
وكان ابن تُومَرْت قد صحِبَه عبدُ الله الوَنْشَرِيسيّ [2] ممّن تهذَّب وتفقّه، وكان جميلًا، فصيحًا في العربية، فتحدَّثا يومًا في كيفية الوصول [3] إلى الأمر المطلوب، فقال لعبد الله: أرى أن تستر ما أنتَ عليه من العلم والفصاحة عن الناس، فتُظْهر من العيّ واللَّكَن والجهل ما تشتهر به، لتجد الخروج عن ذلك، وإظهار العلم دفعةً واحدة، فيكون ذلك معجزة. ففعل ذلك [4] . ثمّ استدنى محمد أشخاصًا أجلادًا في القوى الجسْمانيَّة، أغمارًا، فاجتمع له ستَّة، فتوجهوا إلى مَراكُش، وملِكها علي بن يوسف بن تاشفين، وكان ملكًا حليمًا، عادلًا، متواضعًا، وكان بحضرته مالك بن وُهَيْب الأندلسيّ الفقيه، فأخذ ابن تُومَرْت في الإنكار، حتى أنكر على ابنه الملك، وذلك في قصَّة طويلة، فبلغ خبرُه الملك، وأنه يحدّث في تغيير الدّولة، فكلّم مالك بن وُهَيْب في أمره، وقال: نخاف من فَتح بابٍ يَعْسُرُ علينا سَدُّه.
وكان محمد وأصحابه مقيمين في مسجدٍ خراب بظاهر البلد، فأحضرهم في محفلٍ من العلماء، فقال الملك: سَلُوَا هذا ما يبغي. فكلّموه، وقال: ما الّذي يُذكر عنك من القول في حقّ الملك العادل الحليم المُنْقاد إلى الحق؟
فقال: أما ما نُقِل عنّي، فقد قلتُهُ، ولي من ورائه أقوال، وأما قولك إنّه يُؤْثِرَ طاعةَ الله على هواه، وينقاد إلى الحقّ، فقد حضر اعتبارُ هذا القول عليه، ليعلم بتعرّيه عن هذه الصِّفة. إنّه مغرورٌ بما تقولون له وتُطرونه به، مع عِلمكم أنّ الحُجَّة عليه متوجّهة. فهل بلغك يا قاضي أنّ الخمر تباع جهارا، وتمشي
__________
[1] كومية: بضم الكاف وسكون الواو، قبيلة صغيرة كانت تنزل بساحل البحر من أعمال تلمسان.
[2] الونشريسي: بفتح الواو وسكون النون وفتح الشين المعجمة وكسر الراء وسكون الياء المثنّاة من تحتها وبعدها سين مهملة. هذه النسبة إلى ونشريس، وهي بليدة بإفريقية من أعمال بجاية بعين باجة وقسطنطينة المغرب (وفيات الأعيان 5/ 55) .
[3] في الأصل: «الأصول» .
[4] وفيات الأعيان 5/ 48.(36/108)
الخنازير بين المسلمين، وتؤخذ أموال اليتامى؟ وعدّد من ذلك أشياء، حتّى ذَرَفَتْ عينا الملك، وأطرق حياءً، ففهم الدُّهاة من كلامه طَمَعَه في المُلْك. ولّما رأوا سكوت الملك وانخداعه له لم يتكلّموا، فقال مالك بن وُهَيْب: إنّ عندي نصيحة، إنْ قبِلَها الملكُ حَمَدَ عاقبتها، وإنْ تَرَكَها لم آمَنْ عليه.
قال: وما هي؟
قال: إنّي خائف عليك من هذا الرجل، وأرى أن تسجنه وأصحابه، وتنفق عليهم كلّ يومٍ دينارًا، وإلّا أنفقْتَ عليه خزائنك.
فوافقه الملك، فقال الوزير: أيُّها الملك، يقبح أن تبكي من موعظة هذا، ثمّ تُسيء إليه في مجلس واحد. وأن يظهر منك الخوف مع عِظَم ملْكك، وهو رجل فقير لَا يملك سدّ جوعه.
فأخَذتَ المَلِكَ العِزَّةُ، واسْتَهْوَن أمره وصَرَفه، وسأله الدّعاء.
وقيل إنّه لما خرج من عنده لم يزل وجهه تلقاء وجهه، إلى أن فارقه، فقيل له: نراك تأدّبت مع الملك. فقال: أردت أن لَا يفارق وجهي الباطل حتى أغيّره ما استطعت.
ولما خرج قال لأصحابه: لَا مُقام لنا بمراكُش مع وجود مالك بن وُهَيْب، فإنّا نخاف مَكْره، وإنّ لنا بأَغْمات أخًا في الله فنقصده، فلم نُعدم منه رأيًا ودُعاء. وهو الفقيه عبد الحقّ بن إبراهيم المصموديّ.
فسافروا أليه فأنزلهم، وبثوا إليه سرّهم، وما جرى لهم، فقال: هذا الموضع لَا يحميكم، وإنّ أحصن الأماكن المجاورة لهذا البلد تين مل، وهي مسيرة يوم في هذا الجبل، فانقطعوا فيه بُرْهةً ريثما ينسى ذكركم.
فلّما سمع ابن تُومَرْت بهذا الاسم تجدّد له ذكر اسم الموضع الّذي رآه في الكتاب فقصده مع أصحابه. فلما أتَوْه رآهم أهل ذلك المكان على تلك الصّورة فعلِموا أنّهم طلّاب علم.
قال: فتلقّوهم وأكرموهم وأنزلوهم [1] .
__________
[1] وفيات الأعيان 1/ 51.(36/109)
وبلغ الملكَ سفرُهُم، فَسُرَّ بذلك.
وفشا مع أهل الجبل بوصول ابن تُومَرْت، فجاءوه من النّواحي يتبرَّكون به، وكان كلّ من أتاه استدناه، وعرض عليه ما في نفسه من الخروج، فإنْ أجابه أضافه إلى خواصّه، وإنْ خالَفَه أعرض عنه.
وكان يستميل الشّباب والأغمار، وكان ذَوُو الحِلْم والعقل من أهاليهم يَنْهَوْنَهُم ويحذّرونهم من أتِّباعه خوفًا عليهم من المَلِك، فكان لَا يتمّ له مع ذلك حال. وطالت المدَّة، وكثُرَت أتباعُه من أهل جبال دَرَنْ، وهو جبل لَا يفارقه الثَّلْج، وطريقه ضيَّق وعسر.
قال الْيَسَع بن حزْم: لَا أعلم مدينة أحصن من تينمل [1] ، لأنها بين جبلين، ولا يسع الطّريق إليها إلّا الفارس، وقد ينزل عن فرسه في أماكن صَعْبة، وفيها مواضع لَا يُعْبَر فيها إلّا علي خشب، فإذا أُزيلت خشبة لم يمرّ أحد. وهذه الطّريق مسافة يوم. فأخذ أصحابه يغيرون على النّواحي سبْيًا وقتْلًا، وتَقَوَّوْا وكثروا. ثمّ إنّه غدر بأهل تينَمَل الّذين آوَوْهُ ونصروه، وأمر أصحابه، فقتلوا منهم مقتلةً عظيمة، قاتله الله. فقال له الفقيه الإفريقيّ، وهو أحد العشرة، عن ما فعل بأهل تينَمَل [1] : هؤلاء قوم أكرمونا وأنزلونا دُورهم قَتَلْتَهُم؟ فقال لأصحابه: هذا شَكَّ في عصْمتي، خُذُوه فاقتلوه. فقتلوه، وعلّقوه على جذع.
قال: وكلّ ما أذكره من حال المَصَامِدة فمنه ما شاهدته، ومنه ما أخذته بنقل التّواتر.
وَكَانَ فِي وَصِيَّتِهِ إِلَى قَوْمٍ إِذَا ظَفِرُوا بِمُرَابِطٍ أَوْ أَحَدٍ مِنْ تِلِمْسَانَ أَنْ يُحَرِّقُوهُ.
فَلَمَّا كَانَ فِي عَامِ تِسْعَةَ عَشَرَ خَرَجَ إِلَيْهِمْ يَوْمًا، فَقَالَ: تَعْلَمُونَ أَنَّ الْبَشِيرَ، الَّذِي هُوَ الْوَنْشَرِيسِيُّ، إِنَّهُ أُمِّيٌّ لَا يَقْرَأُ وَلَا يَكْتُبُ وَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ عَلَى دَابَّةٍ، وَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ مُبَشِّرًا لَكُمْ مُطَّلِعًا عَلَى أَسْرَارِكُمْ، وَهُوَ آيَةٌ لكم، فإنّه حفظ القرآن، وتعلّم الركوب.
__________
[1] في وفيات الأعيان 1/ 52 «تين مل» . وقال: بكسر التاء المثنّاة من فوقها وسكون الياء المثنّاة من تحتها وبعدها نون ثم ميم مفتوحة ولام مشدّدة (5/ 55) .(36/110)
ثُمَّ اسْتَعْرَضَهُ الْقُرْآنُ، فَقَرَأَهُ لَهُمْ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَرَكِبَ حِصَانًا وَسَاقَهُ، فَتَعَجَّبُوا وَعَدُّوا ذَلِكَ آيَةً، وَصَحَّ لابْنِ تُومَرْتَ بِذَلِكَ مَا أَطْوَاهُ عَلَى نُفُوسٍ سَلِيمَةٍ لَا يَعْرِفُونَ بَوَاطِنَ الْأُمُورِ، فَتَحَقَّقَ تَصْدِيقُهُمْ إِيَّاهُ. فَقَامَ خَطِيبًا وَقَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ 8: 37 [1] فقال: مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ 3: 110 [2] . وَهَذَا الْبَشِيرُ مُطَّلِعٌ عَلَى الأَنْفُسِ مُحَدَّثٌ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ فِي أُمَّتِي مُحَدَّثِينَ. وَإِنَّ عُمَرَ مِنْهُمْ» [3] . وَقَدْ صَحِبَنَا أَقْوَامٌ أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى سِرِّهِمْ وَنِفَاقِهِمْ، وَلَا بُدَّ مِنَ النَّظَرِ فِيهِمْ، وَيُتَمِّمُّ الْعَدْلَ فِيهِمْ.
ثُمَّ نُودِيَ فِي جِبَالِ المصامدة: من كان مطيعا للإمام فليقبل. فكانوا يأتون قبائل قبائل، فيُعرضون عليه، فيخرجون قومًا على يمينه، ويعدّهم من أهل الجنَّة، وقومًا على يساره، ويقول: هؤلاء شاكّون في الأمر. حتّى كان يؤتى بالرجل فيقول: رُدّوا هذا على اليمين، فإنّه تائب، وقد كان قبل كافرًا، ثمّ أحدَث البارحة توبة، فيَعترف بما أخبر به. واتّفقت له فيهم عجائب.
وكان يطلق أهل اليَسَار وهم يعلمون أنّ مآلهم إلى القتْل، فلا يفرّ منهم أحد. وكان إذا اجتمع منهم كثير قتلهم قراباتُهُم، يقتل الأب ابنه، والأخُ أخاه، وابن العمّ ابن العَمّ. فالّذي صحّ عندي إنّه قُتِلَ منهم سبعون ألفًا على هذه الصّفة، ويسمُّونها التّمييز.
ولما كمل التّمييز وجّه جُمُوعه مع البشير نحو أَغْمات، فالتقوا المرابطين فهزموهم، وَقُتِلَ خلْقٌ من المَصَامِدة لكونهم ثبتوا، وَجُرِحَ عمر الهِنْتانيّ جراحات، فحملوه على أعناقهم وهو كالميت، لَا يَنْبض له عِرْق. فقال لهم البشير: إنّه لَا يموت حتّى يفتح البلاد، ويغزو في الأندلس. وبعد مدَّة من استماتته فتح عينيه، فزادهم ذلك إيمانًا بأمرهم. ولّما أَتَوْا عزّاهم ابن تُومَرْت وقال: يَوْمٌ بيوم، وكذلك حرب الرّسل.
__________
[1] سورة الأنفال، الآية 37.
[2] سورة آل عمران، الآية 110.
[3] أخرجه البخاري 7/ 42 (3689) في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم، باب مناقب عمر، من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «لقد كان فيما قبلكم من الأمم ناس محدّثون، فإن يك من أمّتي أحد فإنه عمر» . وأخرجه مسلم (2398) ، والترمذي (3694) من حديث عائشة.(36/111)
ونقل عبد الواحد بن عليّ بن التّميميّ المرّاكشيّ في كتاب «المعجب» [1] الّذي اختصرته، أنّ ابن تُومَرْت رحل إلى بغداد، فأخذ الأصول عن أبي بكر الأصوليّ الشّاشيّ، وسمع من المبارك بن عبد الجّبار ابن الطُّيُوريّ. وقال: إنّ أمير الإسكندرية نفاه منها، فبَلَغَني أنّه استمر يُنكر في المركب إلى أنّ أَلْقوْه في البحر. فأقام نصفَ يَوْمٍ يجري في ماء السّفينة ولم يغرق، فأنزلوا إليه من أطلعه وعظَّموه، إلى أن نزل بَجَّايَة، ووعظ بها، ودرَّس، وحصل له القبول، فأمره صاحبها بالخروج منها خوفًا منه، فخرج، ووقع بعبد المؤمن، وكان بارعًا في خطّ الرمْل. ووقع بجفرٍ فيما قيل، وصحِبَهما من ملالة عبدُ الواحد الشّرقيّ، فتوجّه الثّلاثة إلى أقصى المغرب.
وقيل إنّه لقي عبد المؤمن ببلاد متيجة، فرآه يعلّم الصّبيان، فأسرّ إليه، وعرّفه بالعلامات. وكان عبد المؤمن قد رأى رؤيا، وهي أنّه يأكل مع أمير المسلمين علي بن يوسف في صَحْفَةٍ، قال: ثمّ زاد أكلي على أكله، ثمّ اختطفت الصَّحْفَة منه. فقصها على عابرٍ فقال: هذه لَا ينبغي أن تكون لك، إنما هي لرجلٍ ثائر يثور على أمير المسلمين، إلى أن يغلب على بلاده.
وسار ابن تُومَرْت إلى أن نزل في مسجد بظاهر تِلِمْسان، وكان قد وضع له هيبةً في النُّفُوس. وكان طويل الصَّمت، كثير الانقباض، إذا انفصل عن مجلس العلم لَا يكاد يتكلم.
أخبرني شيخٌ عن رجلٍ من الصالحين كان معتكفًا في ذلك المسجد أنّ ابن تُومَرْت خرج ليلةً فقال: أين فلان؟ قالوا: سمجون. فمضى من وقته ومعه رجلٌ، حتى أتى إلى باب المدينة، فدقّ على البوّاب دقًا عنيفًا. ففتح له بسرعة، فدخل حتّى أتى الحْبس، فابتدر إليه السّجّانون يتمسّحون به. ونادى: يا فُلان.
فأجابه، فقال: أخرج، فخرج والسّجّانون باهتون لَا يمانعونه، وخرج به حتّى أتى المسجد. وكانت هذه عادته في كلّ ما يريد، لَا يتعذّر عليه. قد سُخِّرت له الرّجال.
وعظُم شانه بتِلَمْسان إلى أن انفصل عنها، وقد استحوذ على قلوب
__________
[1] ص 246 وما بعدها.(36/112)
كُبَرائها. فأتى فاسَ، وأظهر الأمر بالمعروف، وكان جلّ ما يدعو إليه عِلم الاعتقاد على طريقة الأشعرية. وكان أهل المغرب ينافرون هذه العلوم، ويعادون من ظهرت عليه. فجمع والي فاس الفُقَهاء له، فناظرهم، فظهر عليهم لأنه وجد جوّا خاليًا وناسًا لَا عِلْمَ لهم بالكلام، فأشاروا على المتوليّ بإخراجه. فسار إلى مَراكُش، وكتبوا بخبره إلى ابن تاشفين، فجمع له الفُقهاء، فلم يكن فيهم من يعرف المناظرة إلّا مالك بن وُهَيْب، وكان متفنّنًا قد نظر في الفلسفة. فلّما سمع كلامه استشعر حِدَّته وذكاءه [1] فأشار على أمير المسلمين ابن تاشفين بقتْله، وقال:
هذا لَا تُؤمن عائلتُه، وإنْ وقع في بلاد المصامدة قَوِيُّ شرُّه، فتوقّف عن قتْله دِينًا، فأشار عليه بحبْسه، فقال: عَلَامَ أسجن مسلمًا لم يتعيَّن لنا عليه حقّ.
ولكنْ يخرج عنّا.
فذهب هو وأصحابه إلى السُّوس، ونزل تينمل. ومن هذا الموضع قام أمرُه، وبه قبره، فلّما نزله اجتمع إليه المَصَامِدة، فشرع في بثّ العلم والدّعاء إلى الخير. وكتم أمره، وصنَّف لهم عقيدةً بلسانهم، وعظُم في أعيُنهم، وأحبته قلوبُهُم. فلما استوثق منهم دعا إلى الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنْكَر، ونهاهم عن سفْك الدّماء، فأقاموا على ذلك مدَّة، وأمر رجالًا منهم ممّن استصلح عقولهم بنصب الدَّعوة. واستمال رؤساء القبائل، وأخذ يذكّر المَهْديّ ويشوّق إليه، وجمع الأحاديث الّتي جاءت في فضله، فلّما قرّر عندهم عَظَمة المهديّ ونَسَبه ونعته، ادّعى ذلك لنفسه، وقال: أنا محمد بن عبد الله، وسرد له نَسَبًا إلى علي عليه السلام، وصرَّح بدعوى العِصْمة لنفسه، وأنّه المهديّ المعصوم، وبسط يده للمبايعة فبايعوه، فقال: أبايعكم على ما أبايع عليه أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصنَّف لهم تصانيف في العِلم، منها [2] كتاب سماه «أعزّ ما يطلب» ، وعقائد على مذهب الأشعريّ في أكثر المسائل إلّا في إثبات الصّفات، فإنّه وافق المعتزلةِ في نفْيها، وفي مسائل غيرها قليلة.
وكان يُبْطن شيئًا من التَّشَيُّع. ورتَّب أصحابه طبقات، فجعل منهم العشّرة، وهم الأوّلُون السّابقون إلى إجابته. وهم الملقّبون بالجماعة.
__________
[1] في الأصل: «وذكائه» .
[2] في الأصل: «منهم» .(36/113)
وجعل منهم الخمسين، وهم الطّبقة الثّانية.
وهذه الطّبقات لَا تجمعها قبيلة، بل هم من قبائل متفرقة. وكان يسمّيهم المؤمنين، ويقول لهم: ما على وجه الأرض من يؤمن إيمانكم، وأنتم العصابة المَعْنيُّون بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تزال طائفة بالمغرب ظاهرين على الحقّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ الله» [1] . وأنتم الّذين يفتح الله بكم الرّوم، ويقتل بكم الدّجّال، ومنكم الأمير الّذي يُصلّي بعيسي بن مريم.
هذا مع جُزْئيّات كان يخبرهم بها وقع أكثرها. وكان يقول: لو شئتُ أن أَعُدَّ خُلفاءكم خليفةً خليفةً لَعَدَدْتُ. فعظُمَت فتنةُ العوام به، وبالغوا في طاعته، إلى أن بلغوا حدًّا لو أمر أحدهم بقتْل أبيه أو أخيه أو أبنه لقتله.
وسهّل ذلك عليهم ما في طباعهم من القسوة المعهودة في أهل الجبال، لا سيما الخاربة البربر، فإنّهم جُبلوا على الإقدام على الدّماء، واقتضاه إقليمهم.
حتّى قيل إنّ الإسكندر أُهديت له فَرَسٌ لَا تُسبق، لكنها لَا تصهل، فلّما حلّ بجبال دَرَنْ، وهي بلاد المَصَامدة هذه، وشربت تلك الفرس من مياهها صهلت.
فكتب الإسكندر إلى الحكيم يخبره، فكتب إليه: هذه بلاد سرّ وقسوة، فعجِّل بالخروج منها. وأنا فقد شاهدت من إقدامهم على القتْل لمّا كنت بالسُّوس ما قضيت منه العجب.
قال: وقوي أمر ابن تومرت في سنة خمس عشرة وخمسمائة، فلما كان في سنة سبْع عشرة جهّز جيشًا من المَصَامِدة، جُلُّهم من أهل تينمل والسُّوس، وقال لهم: اقصدوا هؤلاء المارقين المبدّلين الّذين تسمَّوا بالمرابطين، فادْعُوهم إلى إماتة المُنْكَر، وإزالة البِدَع، والإقرار بالإمام المهديّ المعصوم، فإنْ أجابوكم فهُمْ إخوانكم، وإلّا فقاتِلُوهم، وقد أباحت لكم السُّنَّةُ قتالَهم.
وقدم عليهم عبد المؤمن، فسار بهم قاصدًا مَرّاكُش، فخرج لقتالهم الزُّبَير
__________
[1] أخرجه مسلم في الإمارة (1925) ، والمراد به أهل الشام فهم في الغرب من المدينة المنوّرة وليس أهل المغرب كما ادّعى ابن تومرت.(36/114)
ابن أمير المسلمين علي بْن يُوسُف بْن تاشفين، فلّما تراءى الْجَمْعان كلموا المرابطين بما أمرهم به ابن تُومَرْت، فردَوا عليهم أسوأ ردّ، ووقع القتال، فانهزم المَصَامِدة، وَقُتِلَ منهم مقتلة، ونجا عبد المؤمن. فلمّا بلغ الخبرُ ابن تُومَرْت قال: أَلَيْس قد نجا عبد المؤمن؟
قيل: نعم.
قال: لم يُفْقَد أحد.
ثمّ أخذ يهوّن عليهم، ويقرر عندهم أنّ قتلاهم شُهداء، فزادهم حِرْصًا على الحرب.
وقال الأمير عزيز في كتاب «الجمع والبيان في أخبار القيروان» إنّ ابن تُومَرْت أقام بتينمل، وسمّى أصحابه وأتباعه بالموحدين، والمخالفين أمره:
مجسّمين. وأقام على ذلك نحو العام، فاشتهر أمره سنة خمس عشرة، وبايعته هَرْغَة على أنّه المهديّ، فجهّز له علي بن يوسف جيشًا من الملثّمين، فقال ابن تومرت لأصحابه الّذين بايعوه: إنّ هؤلاء قد جاءوا في طلبي، وأخاف عليكم منهم، والرأي أن أخرج عنكم بنفسي إلى غير هذه البلاد لتسلموا أنتم.
فقام بين يده ابن توفيان، من مشايخ هَرْغَة، وقال له: تخاف شيئا من السّماء؟ قال: لَا، بل من السّماء تُنصر. فقال ابن توفيان: فدع كل من في الأرض يأتينا. ووافقه جميع قبيلته على ذَلِكَ القول. فقال: إنما أردت أن أختبر صبرَكم وثَبَاتَكم وأمّا الآن، فأبشروا بالنَّصْر، وأنكم تغلبون هؤلاء الشِّرْذمة، بعد قليل تستأصِلون دولتهم، وترثون أرضهم. فالتقوا جيش الملثمين فهزموهم، وأخذوا الغنيمة، ووثقت نفوسُهم بالمهديّ، وأقبلت إليه أفواج القبائل من النّواحي ووحَّدَتْ قبيلة هنتاتة، وهي من أقوى القبائل، إلى أن قال:
ثمّ نَهَجَ لهم طريقَ التَّودُّد والآداب، فلا يخاطبون الواحد منهم إلّا بضمير الجْمع في وقَار وبشاشة، ولا يلبسون إلّا الثّياب القصيرة الرخيصة، ولا يخلون يومًا من طِراد ومناصفة ونضارة [1] . وكان في كل قبيلةٍ قومٌ أشرارٌ مفسدون، فنظر
__________
[1] في الأصل: «ونضالا» .(36/115)
ابن تُومَرْت في ذلك، فطلب مشايخ القبائل ووعظهم، وقال: لَا يصحّ دِينكم إلّا بالنَّهي عن المُنْكَر، فابحثوا عن كلّ مفسد وانهوه، فإنْ لم ينْتَه فاكتبوا أسماءهم، وارفعوها إليَّ. ففعلوا ذلك ثمّ أمرهم بذلك ثانيًا وثالثًا. ثمّ جمع الأوراق، فأخذ ما تكرّر من الأسماء، فأفردها عنده. ثمّ جمع القبائل كلّها وحضّهم على أن لا يغيب منهم أحد. ودفع الأسماء الّتي أفردها إلى عبد الله الوَنْشَرِيسيّ، الملقَّب بالبشير، ثمّ جعل يعرضهم رجلًا رجلًا، فمن وجد اسمه أفرده في جهة الشّمال، ومن لم يجده جعله في جهة اليمين. إلى أن عرض القبائل جميعها. ثمّ أمر بتكتيف جهة الشّمال، وقال لقبائلهم: هؤلاء أشقياء من أهل النار قد وَجَب قتلُهم. ثمّ أمر كلّ قبيلة أنّ تقتل أشقياءها، فقُتِلوا كلّهم. وكانت واقعة عجيبة.
وقال: بهذا الفِعل يصحّ لكم دِينكم ويقوى أمركم.
وعلى ذلك استمرّت الحالة في جميع بلادهم. ويسمّونه: التّمييز.
وكان له أصحاب عشرة يُسمَّون أهل عشرة. وأصحاب من رءوس القبائل سمّاهم أهل خمسين، كانوا ملازمين مجلسَه.
فأما العشرة: فعبد المؤمن، والشَيخ أبو إبراهيم الهَزْرَجيّ، والشَيخ أبو حفص عمر بن يحيى الهِنْتَانيّ المعروف بعمرانينيّ، والشَيخ أبو محمد عبد الله البشير، والشَيخ أبو محمد عبد الواحد الزّواويّ، وكن يُعرف بطير الجنَّة، والشَيخ أبو محمد عبد الله بن أبي بكر، والشَيخ أبو حفص عمر بن أَرْناق، والشَيخ أبو محمد وإسناد الأَغْماتيّ، والشَيخ أبو إسحاق إبراهيم بن جامع، وآخر.
فهؤلاء الّذين سبقوا وتعرَّفوا به لأخذ العِلْم عنه. وكان اجتماعهم به أفرادًا في حال تَطْوافه في البلاد، فآثرهم واختصّهم.
وفي أوّل سنة أربعٍ وعشرين جهّز جيشًا زُهاء عشرين ألف مقاتل، قدم عليهم البشير، ثمّ دونه عبد المؤمن، بعد أمورٍ وحروب. فساروا إلى مَرّاكُش، وحاصروها عشرين يومًا. فأرسل عليّ بن يوسف بن تاشفين إلى عامله على سجلْماسَة، فجمع جيشًا وجاء من جهة، وخرج ابن تاشفين من البلد من جهة، ووقع الحرب، واستَحَرَّ يومئذٍ القتل بجيش المَصَامِدة، فقتل أميرهم عبد الله(36/116)
البشير، فالتفُّوا على عبد المؤمن، ودام القتال إلى اللّيل. وصلّى بهم عبد المؤمن يومئذٍ صلاة الخوف والحرب قائمة. وتكاثر الملثّمون، وتحيّز المصامدة إلى بستان هناك مُلْتَفٍّ بالشجر يُعرف بالبحيرة، فلذا قيل وقعة البحيرة. وبلغت قتلاهُم ثلاثة عشر ألفًا. وأُنهي الخبر إلى المهديّ فقال: عبد المؤمن سالم؟
قيل: نعم.
قال: ما مات أحد، الأمر قائم.
وكان مريضًا، فأمر بأتّباع عبد المؤمن، وعقد له من بعده، وسمّاه أمير المؤمنين، وقال لهم: هذا الّذي يفتح الله البلاد على يده، فلا تشُكّوا فيه وأعْضدوه بأموالكم وأنفسكم. ثمّ مات في آخر سنة أربعٍ وعشرين.
قال اليَسَع بن حزْم: سَمَّى ابن تُومَرْت أتباع المرابطين مجسّمين، وما كان أهل المغرب يدينون إلّا بتنزيه الله تعالى عمّا لَا يجب له، وصفته بما يجب له، وترك الخوض فيما تقصر العقول عن فهمه. وكان علماء المغرب يعلّمون العامَّة أنّ اللّازم لهم أنّ الله ليس كمثله شيء وهو السّميع البصير، إلى أن قال:
فكفّرهم ابن تُومَرْت بوجهين، بجهل العرض والجوهر. وأنّ من لَا يعرف ذلك لَا يعرف المخلوق، ولم يعرف الخالق.
الوجه الثّاني إنّ من لم يهاجر إليه، ولم يقاتل المرابطين معه، فهو كافر، حلال الدّم والحريم. وذكر أنّ غضبه للَّه، وإنّما قام حِسْبةً على قومٍ أغرموا النّاس ما لَا يجب عليهم. وهذا تناقض، لأنّه كفّرهم، وإنّ كانوا مسلمين. فأخذ المرابطين منهم النَّزْر اليسير أشبه من قتْلهم ونهبهم.
وحصل له في نفوس أتباعه من التّصديق له والبركة ما لا يجوزه الوصف.
وقال القاضي شمس الدّين [1] : طالت المدَّة على ابن تُومَرْت، فشرع في حيلة، وذلك أنّه رأى أولاد المصامدة شُقْرًا زُرْقًا، ولون الآباء سُمْر، قال لهم عن ذلك، فلم يجيبوه، فلمّا ألحّ عليهم فقالوا: نحن من رعيَّة أمير المسلمين عليّ، وله علينا خَراج. وفي كلّ سنة تصعد مماليكه إلينا، وينزلون في بيوتنا، ويخرجونا
__________
[1] في وفيات الأعيان 5/ 54.(36/117)
عنها، ويخلُون بنسائنا، وما لنا قُدرة على دفع ذلك.
فقال ابن تُومَرْت: والله، الموتُ خيرٌ من هذه الحياة. كيف رضيتم بهذا، وأنتم أضربُ خلْق الله بالسّيف وأطعنهم بالرُّمح؟
قالوا: بالرّغم منّا.
قال: أرأيتم لو أنّ ناصرًا نصركم على هؤلاء، ما كنتم تصنعون؟
قالوا: كنّا نقدَّم أنفسنا بين يديه للموت، فمن هو؟
قال: ضيفكم.
فقالوا: السّمع والطّاعة.
فبايعهم، ثمّ قال: استعدوا لحضور هؤلاء بالسّلاح. فإذا جاءوكم فأجْرُوهم على عادتهم، ثمّ مِيلُوا عليهم بالخُمُور، فإذا سكروا فآذنوني بهم.
فلمّا جاءوهم ففعلوا ذلك بهم وأعلموه، فأمر بقتالهم، فلم تمض ساعة من اللّيل حتّى أتوا على آخرهم، وأفلت منهم واحد، فلحِق بمَرّاكُش، فأخبر الملك، فندِم على فوات محمد من يده حيث لَا ينفعه النّدم. وجهّز جيشًا.
وعرف ابن تُومَرْت أنه لَا بد من عسكر يغشاهم. فأمر أهل الجبل بالعقود على أنقاب الوادي، فلّما وصلت إليهم الخيل نزلت عليهم الحجارة من جانبني الوادي كالمطر، ودام القتال إلى اللّيل، فرجع العسكر، وأخبروا الملك، فعلم أنّه لَا طاقة لنا بأهل الجبل لتحصُّنهم، فأعرض عنهم.
ثمّ قال ابن تُومَرْت لعبد الله الوَنْشَريسيّ: هذا أوان إظهار فضائلك وفصاحتك دفعةً واحدة.
ثمّ اتّفقا على أن يُصلّي الصُّبح، ويقول بلسان فصيح: إني رأيت في النّوم أنّه نزل بي مَلَكان من السماء، وشقّا فؤادي، وغسّلاه، وحَشَياه عِلْمًا وحكمة.
فلّما أصبح فعل ذلك، فدُهشوا وعجبوا منه، وانقادوا إليه كلّ الانقياد.
فقال له ابن تُومَرْت: فعجِّل لنا الْبُشْرَى في نفسنا، وعرّفنا أَسُعَداءُ نحن أمْ أشقياء. فقال له: أمّا أنت فإنّك المهديّ القائم بأمر الله، مَن تبعك سَعد، ومَن خالفك شقي.(36/118)
ثمّ قال: أعرضْ أصحابك حتّى أميّز أهل الجنَّة من أهل النّار.
وعمل ذلك حيلةً، قتل فيها من خالف أمر ابن تُومَرْت، ثمّ لم يزل إلى أن جهّز، بعد فصولٍ طويلة، عشرة آلاف مقاتل. وأقام هو في الجبل، فنزلوا لحصار مَرّاكُش، فأقاموا عليها شهرًا، ثمّ كُسِروا كسرة شنيعة وهرب من سَلِم من القتْل، وَقُتِلَ الوَنْشَرُيسيّ المذكور.
وقال عبد الواحد بن عليّ المَرّاكُشيّ: ثمّ جعلوا يشنون الغارات على قرى مَرّاكُش، ويقطعون عنها الْجَلَب، ويقتلون ويَسْبون الحريم. وكثر الدّاخلون في دعوتهم المنحاشون إليهم، وابن تُومَرْت في ذلك كلّه يُكثِر الزُّهد والتَّقَلُّل والعبادة.
أخبرني من رآه يضرب على الخمر بالأكمام والنعال وعُشْب النَّخْلِ كفعل الصّحابة.
وأخبرني من شهده وقد أُتيَ برجلٍ سَكْران فحدّه، فقال يوسف بن سليمان، أحد الأعيان: لو شَدَدْنا عليه حتى يخبرنا من أين شرِبَها. فأعرض عنه، فأعاد قوله، فقال: أرأيت لو قال شربتها في دار يوسف بن سليمان ما كنّا نصنع؟
فاستحى وسكت.
ثمّ ظهر أنّ عبيد يوسف بن سليمان سقَوْه، فزادهم هذا ونحوه فتنةً بابن تُومَرْت.
قال اليَسَع بن حزْم: ألّف ابن تُومَرْت كتاب «القواعد» ، وممّا فيه: أن التّمادي على ذَرَّةٍ من الباطل كالتمادي على الباطل كله. وألّف لهم كتاب «الإمامة» ، يقول فيه: حتّى جاء الله بالمهديّ، يعني نفسه، وطاعته صافية نقيَّة، لَا ضدّ له ولا مثل له، ولا ندّ في الورى. وإنّ به قامت السّماوات والأرض.
قال اليَسَع: هذا نصّ قوله في الإمامة، وهذا نصّ تلقّيته من قراءة عبد المؤمن بن عليّ. دوّن لهم هذا بالعربيّ وبالبربريّ. فلمّا قرءوا هذين الكتابين زادهم ذلك شدَّةً في مذهبهم من تكفير النّاس بالذّنوب، وتكفيرهم بالذّنوب، وتكفيرهم بالتّأخُّر عن طاعة المهديّ الّذي قامت به السّماوات والأرض.(36/119)
هذا نص ما قاله اليَسَع.
قال: وأمرهم بجمع العساكر، فخرجوا إلى ناحية مَرّاكُش، فوجدوا جيشًا للمرابطين، فالتقوا، فانهزم المرابطون هزيمة مات فيها أكثر من شهِدَها، وصَبَر فيها الموحِّدون.
فلّما كان في سنة إحدى وعشرين تألّفوا في أربعين ألف راجل وأربعمائة فارس، ونزلوا يريدون حضرة مَرّاكُش، فحدَّثني جماعة أنّهم نزلوا على باب أَغْمات بعد أن خرج إليهم المرابطون في أكثر من مائة ألف، بين فارسٍ وراجل، فخُذِلوا ودخلوا المدينة في أسوأ حالة. فجاء من الأندلس ابن همبك في مائة فارس، فشجّع أمير المسلمين، وخرج فقاتل، فانتصر المرابطون، وَقُتِلَ من المصامدة نحوٌ من أربعين ألفًا، فما سلِم منهم إلّا نحو أربعمائة نفس.
كذا قال اليَسَع.
وقال ابن خلِّكان [1] : حَضَرت ابن تُومَرْت الوفاةُ، فأوصى أصحابه وشجّعهم، وقال: العاقبة لكم. ومات في سنة اربعٍ وعشرين إثر الوقعة الّتي قُتِلَ فيها الوَنْشَرِيسيّ، ودُفِن بالجبل، وقبرُه مشهورٌ معظّم. ومات كهلًا.
وكان رَبْعةً، أسمر، عظيم الهامة، حديد النّظر، مَهِيبًا.
وقيل فيه: آثاره تُغنيك عن أخباره حتّى كأنّك بالعَيَان تراه، قدمٌ في الثَّرَى وهامة في الثُّرَيّا، ونفس ترى إراقة ماء الحياة دون ماء المُحيّا. أغفل المرابطون ربطْه حتّى دبّ دبيب الفَلَق في الغَسَق، وترك في الدّنيا دَوِيًّا. وكان قُوتُه من غزْل أخته رغيفًا في كلّ يَوْمٍ، بقليل سمنٍ أو زيت. فلم ينتقل عن ذلك حين كثُرت عليه الدّنيا.
ورأى أصحابه يومًا وقد مالت نفوسُهم إلى كثْرة ما غنموه، فأمر بإحراق جميعه، وقال: من كان يبتغي الدّنيا فما له عندي إلّا [هذا] [2] ، ومن كان يبتغي الآخرة فجزاؤه [3] عند الله.
__________
[1] في وفيات الأعيان 5/ 54.
[2] في الأصل بياض.
[3] في الأصل: «فجزاءه» .(36/120)
ومن شعره:
أخذت بأعضادهم إذْ نأوا ... وخَلْفك القوم إذْ ودّعوا
فكم أنت تُنْهَى ولا تنتهي ... وتُسْمع وعظًا ولا تَسْمعُ
فيا حجر الشَّحْذ حتّى متى ... تسنّ الحديد ولا تقطعُ؟ [1]
وكان يتمثّل كثيرًا من قول:
تجرّد من الدّنيا فإنك إنما ... خرجت إلى الدُّنيا وأنت مجرّد [2]
ولم يتملّك شيئا من البلاد، وإنّما قرّر القواعد ومهّدها، وبَغَتَه الموت.
وكانت الفتوحات على يد عبد المؤمن.
وقد كان الملك أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن في أيّامه، وقد زار قبر ابن تُومَرْت بمحضرٍ من الموحّدين، فقام شاعر وانشد هذه القصيدة، وفيها جُمل ممّا كان يعتقده ابن تُومَرْت يخبر به:
سلامٌ على قبر الإمام الممجَّدِ ... سلالةِ خير العالِمين محمد
وشبهه في خلْقه ثمّ في اسْمِه ... وفي اسم أبيه والقَضاء المسدّد
أتتنا به البُشْرى بأنْ يملا الدّنا ... بقسطٍ وعدْلٍ في الأنام مخلّد
ويفتتح الأمصار شرقًا ومغربًا ... ويملك عربًا من ثعير ومنجد
فمن وصفه أثني واجلي وأن ... علاماته خمس تبين لمهتدي
زمان واسم والمكان ونسبه ... وفعل له في عصمة وتأبُّد
ويلبث سبْعًا أو فتِسْعًا يعيشها ... كذا جاء في نصٍّ من النَّقْلِ مُسْندِ
فقد عاش تسعًا مثل قَوْل نبيّنا ... فذلكُمُ المهديُّ باللَّه يهتدي
وخرج إلى مدْح عبد المؤمن وبنيه.
ولابن تُومَرْت أخبار طويلة عجيبة.
63- مُحَمَّد بْن عليْ بْن أَبِي الغنائم عَبْد الصمد بن عليّ بن المأمون [3] .
__________
[1] وفيات الأعيان 5/ 54، عيون التواريخ 12/ 107.
[2] المصدر نفسه.
[3] انظر عن (محمد بن علي بن أبي الغنائم) في: معجم السفر للسلفي (مصوّرة دار الكتب المصرية) ق 2.(36/121)
أبو غانم الهاشميّ.
يروى عن: جدّه.
وعنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو طاهر السِّلَفيّ.
64- محمد بن عليّ بن محمود [1] .
المعمّر أبو منصور الزُّولَهيّ [2] التاجر، المعروف بالكُرَاعيّ، ويقال إنّ اسمه أحمد. وكتب له محمد وأحمد من قرية زولاه، إحدى قرى مرْو.
شيخ صالح صائن، رحلَ إليه النّاس، وصارت زولاه مقصد الطّلبة والفُقهاء بسببه.
وكان آخر من روى عن جده لأمّه أبي غانم الكُرَاعيّ.
وكان قدّر مسموعاته قريبًا من عشرين جزءًا. سمعت منه. قاله أبو سعد السّمعانيّ [3] .
وقال: سمعت منه بقراءة السّنجيّ اثني عشر جزءًا. ثمّ أحضره شيخنا الخطيب أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن المَرْوَزِيّ في الخانقاه، وقرأ عليه الأجزاء المسموعة له، فسمعتها منه [4] .
وُلِد في العشرين من شوّال سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة. ومات في أواخر سنة أربعٍ وعشرين أو في أوائل سنة خمسٍ بقريته [5] .
قلت: هو في زمانه لأهل خراسان كفاطمة الْجُوزدَانيَّة لأهل أصبهان، وكابن الحُصَيْن لأهل بغداد، وكالرّازيّ لأهل مصر.
وقد حدَّث عنه بالشّام محمد بن محمد بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن المروزيّ، وبقي إلى سنة ثمانين وخمسمائة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي بن محمود) في: التحبير 2/ 196، 197، والأنساب 6/ 345، ومعجم البلدان 2/ 959، والمعين في طبقات المحدّثين 153 رقم 1658.
[2] الزّولهي: بضم الزاي وفتح اللام. هذه النسبة إلى قرية بمرو على ثلاثة فراسخ يقال لها زولاه.
[3] في التحبير 2/ 197.
[4] المصدر نفسه.
[5] في الأنساب 6/ 326: ووفاته في سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة.(36/122)
65- منصور [1] .
أبو عليّ. الآمر بأحكام الله ابن المستعليّ باللَّه أبي القاسم أحمد بن المستنصر باللَّه أبي تميم مَعَدّ بن الظّاهر باللَّه عليّ بن الحاكم بن العزيز بن المُعِزّ العُبَيْديّ المصريّ، صاحب مصر.
كان رافضيًا كآبائه. فاسقًا، ظالمًا، جائرًا، مستهزئًا لعّابًا، متظاهرًا باللَّهْو والمُنْكَر، ذا كِبْرٍ وجَبَرُوت. وكان مدبّر سلطانه الأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش.
ولي الأمر وهو صبيّ، فلمّا كبر قتل الأفضل وأقام في الوزارة المأمون أبا عبد الله محمد بن مختار بن فاتك البطائحيّ، فظلم وأساء السّيرة إلى أن قبض عليه الآمر سنة تسع عشرة وخمسمائة، وصادره ثمّ قتله في سنة اثنتين وعشرين وصَلَبه، وقتل معه خمسةً من إخوته.
وفى أيّام الآمر أخذت الفرنج عكّا سنة سبعٍ وتسعين وأربعمائة، وأخذوا طرابلس الشّام في سنة اثنتين وخمسمائة فقتلوا وسبوا، وجاءتها نجدة المصريّين بعد فوات المصلحة، وأخذوا عِرْفَة، وبانياس، وجُبَيْل.
وتسلموا سنة إحدى عشرة وخمسمائة قلعة تبنين، وتسلّموا صور سنة ثمان عشرة، وأخذوا بيروت بالسّيف في سنة ثلاث وخمسمائة، وأخذوا صيدا سنة أربع.
__________
[1] انظر عن (الآمر باللَّه) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 382 (وتحقيق سويم) 45، والكامل في التاريخ 10/ 664، 665، وذيل تاريخ دمشق 228، 229، والمنتظم 10/ 15 (17/ 257) ، و 10/ 16 رقم 17 (17/ 258 رقم 3959) ، وتاريخ مختصر الدول 203، ونزهة المقلتين لابن الطوير 5، 7، 8، 11، 17، 19، 20، 22، 24- 27، 33، 143، 206، والمغرب في حلى المغرب 84، 85، وأخبار مصر لابن ميسّر 2/ 72، والمختصر في أخبار البشر 3/ 4، وأخبار الدول المنقطعة 86- 94، والإعلام بوفيات الأعلام 215، والعبر 4/ 63، ودول الإسلام 2/ 46، ونهاية الأرب 28/ 294، وتاريخ ابن الوردي 2/ 35، والدرّة المضيّة 504، 505، والإعلام بوفيات الأعلام 215، وعيون التواريخ 12/ 207، ومرآة الجنان 3/ 241، والبداية والنهاية 12/ 200، 201، ومآثر الإنافة 2/ 27، وصبح الأعشى 3/ 431، والكواكب الدرّية 97، واتعاظ الحنفا 3/ 129، والنجوم الزاهرة 5/ 175 و 235، وتاريخ الخلفاء 435، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 223، 224.(36/123)
ثمّ قصد الملك بردويل الإفرنجيّ مصرَ ليأخذها ودخل الفَرَما، وحرق جامعها، والفَرَما قريبة من قطْيا من ناحية البحر، خربت وأحرق مساجدها، فأهلكه الله قبل أن يصل إلى العريش، فشقّ أصحابه بطنه وصبَّروه، ورموا حشوته هناك، فهي ترجم إلى اليوم بالسّبخة، ودفنوه بمقامة.
وكان هو الّذي أخذ بيت المقدس، وعكّا، وعدَّة حصونٍ من السّواحل.
وذلك كلّه بتخلُّف هذا المشئوم الطَّلْعة.
وفي أيّامه ظهر ابن تُومَرْت، وفي أيّام أبيه أخذت الفرنج أنطاكّية، والمَعَرَّة، والقدس. وجرى على الشّام أمرٌ مَهُول من ظهور الرَّفْض والسّبّ، ومن استيلاء الفرنج وَالسَّبْيِ والأسْر، نسأل الله العفو والأمن.
ووُلِد الآمر في أوّل سنة تسعين وأربعمائة، واستخلف وله خمسُ سِنين، وبقي في المُلْك تسعًا وعشرين سنة وتسعة أشهر، إلى أن خرج من القاهرة يومًا في ذي القعدة، وعدَى على الجسر إلى الجيزة، فكمن له قومٌ بالسّلاح، فلمّا عبر نزلوا عليه بأسيافهم، وكان في طائفةٍ يسيرة، فردّوه إلى القصر مُثْخَنًا بالجراح، فهلك من غير عقب، وهو العاشر من أولاد المهديّ عُبَيْد الله الخارج بسجلْمَاسَة، وبايعوا بالأمر ابن عمّه الحافظ أبا الميمون عبد المجيد بن محمد بن المستنصر باللَّه، فعاش إلى سنة أربعٍ وأربعين.
وكان الآمر رَبْعةً، شديد الأُدْمَةِ، جاحظَ العينين، حَسَن الخطّ، جيّد العقل والمعرفة. وقد ابتهج النّاس بقتله لعسَفه وسفْكه الدّماء، وكثرة مطاردته، واستحسانه الفواحش.
وعاش خمسًا وثلاثين سنة.
وبنى وزيره المأمون بالقاهرة الجامع الأقمر.
- حرف الهاء-
66- هبة اللَّه بْن القاسم بْن عطاء بن محمد [1] .
__________
[1] انظر عن (هبة الله بن القاسم) في: التحبير 2/ 364، 365 رقم 1084، والمنتظم 10/ 19 رقم 21 (17/ 262 رقم 3964) ، والكامل في التاريخ 10/ 667، والعبر 4/ 33، ومرآة(36/124)
أبو سعيد المِهْرانيّ [1] النَّيْسابوريّ.
قدِم بغداد، وسمع: أبا محمد الصَّرِيفِينيّ.
وكان قد سمع من عبد الغافر الفارسيّ «صحيح مسلم» .
وسمع من: أبي عثمان الصّابونيّ، وأبي سعد الكَنْجَرُوذيّ، وأبي نُعَيْم بسرويه بن محمد.
وولد سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.
قال أبو سعد السّمعانيّ [2] : كان شيخًا أصيلًا نبيلًا، نظيفًا، من بيت العِلم والزُّهد والورع، حافظًا للقرآن، قانعًا بالكفاف. انزوى في آخر عمره، وترك النّاس، وأقبل على العبادة.
أجاز لي، وحدَّثني عنه جماعة، منهم: سعيد بن محمد الطُّيُوريّ، وأبو منصور عليّ بن محمد الغيد الطُّرَيْثيثي.
وتُوُفّي في العشرين من جُمَادَى الأولى بنَيْسابور، وعمره ثلاث وتسعون سنة.
قلت: وروى عنه: أبو بكر محمد بن عليّ بن ياسر الحيّانيّ.
- حرف الواو-
67- وَهْبُ الله ابن الحافظ الكبير أبي القاسم عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن محمد بن حشكان بن حسين بن عبد الله بن الحَكَم بن الوليد بن عُقْبة بن عامر بن عبد المجيد بن الأمير عبد الله بن عامر بن كُرَيز بن ربيعة بن حبيب بن عَبْد شمس بن عبد مناف [3] .
__________
[ () ] الجنان 3/ 241، وعيون التواريخ 12/ 221، وشذرات الذهب 4/ 73.
[1] المهراني: بكسر الميم وسكون الهاء وفتح الراء، وفي آخرها النون بعد الألف وهذه النسبة إلى مهران. وهو اسم لجدّ المنتسب. (الأنساب 11/ 531) .
وقد تحرّفت النسبة في (الكامل في التاريخ) إلى: «المهرواني» .
[2] في التحبير 2/ 364.
[3] انظر عن (وهب الله) في: المنتخب من السياق 473 رقم 1610، والمختصر الأول (مخطوط) ورقة 94 أ.(36/125)
العبْشَميّ، الكُرَيْزيّ، النَّيْسابوريّ، ابن الحذّاء.
سمع: أباه، وأحمد بن محمد بن مُكْرَم الصَّيْدلانيّ، وأبا يعلى بن الصّابونيّ.
مات في سابع شوّال عن أربعٍ وسبعين سنة.
كنيته أبو الفضل [1] .
__________
[1] قال عبد الغافر: من بيت الحديث والعلم والوعظ. أبوه أبو القاسم محدّث أصحاب أبي حنيفة في عصره المكثرين، الحافظ المصنّف. وهذا أصغر أولاده الذكور، سمّعه أبوه الكثير، انزوى في بعض الصوامع يقرأ عليه من أبيه وغيره وهو مقبل على العبادة. روى عن والده. ولد سنة 450 بنيسابور، وتوفي بها يوم الجمعة 7 شوال.(36/126)
سنة خمس وعشرين وخمسمائة
- حرف الألف-
68- أحمد بن حامد بن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن عليّ بْن محمود بْن هبة اللَّه بن آله [1] .
وآله هو العقاب بالعجميّ.
عزيز الدّين أبو نصر الأصبهانيّ المستوفيّ، عمّ العماد الكاتب.
كان رئيسًا نبيلًا، وكاتبا بليغا، كثير البرّ والصّلات.
روى الحديث عن: أبي مطيع محمد بن عبد الواحد المَدِينيّ.
روى عنه: سعد الله بن الدّجاجيّ، وغيره.
وقد ولي مناصب في الدّولة السّلجوقيّة، ومدحه الشّعراء.
وفيه يقول الحسن بن أحمد بن حكينا:
فميلوا [2] بنا نحو العراق رِكابَكُمْ ... لِنَكْتَال من مالِ العزيز بصاعِهِ
وكان في الآخر متولّي خزانة السّلطان محمود بن محمد السَّلْجُوقيّ، فتزوّج محمود ببنت عمّه سَنْجَر، فماتت عنده، فطالبه عمّه بما كان خرج معها، فجحده محمود، وخاف من العزيز أن يشهد عليه بما وصل صُحبتها لأنّه كان مطّلعًا على ذلك، فقبض عليه، وسَيَّره إلى قلعةِ تِكْريت، وكانت له، فحبسه بها. ثمّ قتله على يد متولّيها في أوائل سنة خمسٍ وعشرين، وله ثلاثٌ وخمسون سنة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن حامد) في: المنتظم 10/ 28، ووفيات الأعيان 1/ 188- 190 رقم 78، ومعجم الألقاب ق 4/ ج 1/ 403.
[2] في وفيات الأعيان: «أميلوا» .(36/127)
69- أحمد بن عليّ بن محمد [1] .
أبو السّعود بن المُجَلّيّ [2] البغداديّ البزّاز.
شيخ، صالح، صَبور على القراءة، ولم يكن يعرف شيئًا من الحديث.
وكان يعِظ ويذكّر بجامع المنصور [3] .
سمّعه أبوه هبة الله من: القاضي أبي يَعْلَى بن الفرّاء، وعبد الصّمد بن المأمون، وأبي جعفر ابن المسلمة، وابن المهتدي باللَّه، وأبي بكر الخطيب، وجماعة.
روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وابن الْجَوزيّ، وأبو الفتوح بن غَيْث، والحسن بن عبد الرحمن الفارسيّ، وأبو الفتح المندائيّ، وجماعة.
وُلِد سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة [4] ، وتُوُفّي في ثامن ربيع الأوّل رحمه الله.
- حرف الحاء-
70- حمّاد بن مسلم بن ددّوة [5] .
أبو عبد الله الدبّاس الرّحبيّ، رحبة مالك بن طوق.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي البزّاز) في: المنتظم 10/ 21 رقم 22 (17/ 265 رقم 3965) ، وخريدة القصر (قسم شعراء العراق) 4/ 33، وذيل تاريخ مدينة السلام لابن الدبيثي 1/ 94، والعبر 4/ 64، وعيون التواريخ 12/ 248.
[2] في المنتظم: «المحلى» .
[3] وقال ابن الجوزي: وكان سماعه صحيحا، وكان شيخا صالحا ذا هيبة وستر. سمعت منه الحديث ورأيته يذكّر بجامع المنصور في يوم عرفة. (المنتظم) .
[4] المنتظم.
[5] انظر عن (حمّاد بن مسلم) في: المنتظم 10/ 22، 23 رقم 25 (17/ 266 رقم 3968) ، والكامل في التاريخ 10/ 671، والمختصر في أخبار البشر 3/ 5، والإعلام بوفيات الأعلام 215، ودول الإسلام 2/ 47، والعبر 4/ 64، وسير أعلام النبلاء 19/ 594- 596 رقم 344، وتاريخ ابن الوردي 2/ 37، وعيون التواريخ 12/ 223، والبداية والنهاية 12/ 202، ومرآة الجنان 3/ 242، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 138، 139، والنجوم الزاهرة 5/ 246، شذرات الذهب 4/ 73، 74، منتخبات التواريخ لدمشق 471.(36/128)
الزّاهد العارف، وُلِد بالرحْبَة، ونشأ ببغداد. وكان له كاركة للدبْس، يجلس في غرفتها. وكان من الأولياء أولي الكرامات.
صحِبَه خلْق، فأرشدهم إلى الله تعالى، وظهرت بركته عليهم، وكان يتكلم على الأحوال. وقد كتبوا من كلامه نحوا من مائة جزء. وكان أمّيّا لا يكتب.
قال عبد الرحمن بن محمد بن حمزة الشّاهد: رأيت في المنام كأنّ قائلًا يقول لي: حمّاد شيخ العارفين والأبدال.
وعن حمّاد قال: مات أبوايَ في يَوْمٍ واحد، ولي نحو ثلاثين سنة. وكانا من أهل الرحْبَة.
وقال أحمد بن صالح الجيليّ: سمع من أبي الفضل بن خَيْرُون، وكان يتكلَّم على آفات الأعمال في المعاملات، والرياضيات، والورع، والإخلاص.
وقد جاهد نفسه بأنواع المجاهدات، وزوال أكثر المِهَن والصّنائع في طلب الحلال. وكان كأنه مسلوب الاختيار، مكاشفًا بأكثر الأحوال.
ومن كلام الشَيخ حمّاد: إذا أحبّ الله عبدًا أكثر همّه فيما فَرَّط، وإذا أبغض عبدًا أكثر همّه فيما قَسَمه له ووعده به.
العلم مَحَجَّةٌ، فإذا طلبته [1] لغير الله صار حُجَّة.
وقال أبو سعد السّمعانيّ: سمعت أبا نصر عبد الواحد بن عبد الملك يقول: كان الشَيخ حمّاد يأكل من النَّذْر، ثمّ تركه لمّا بلغه قوله عليه السّلام «إنّه يستخرجه به من البخيل» [2] ، فكره أكْلَ مال البخيل. وصار يأكل بالمنام. كان الإنسان يرى في النّوم أنّ قائلًا يقول له: أعط حمّادًا كذا فيصبح ويحمل ذلك إلى الشَيخ.
__________
[1] في الأصل: «طالبته» .
[2] أخرجه البخاري (6693) ومسلم (1639) من حديث عبد الله بن عمر، في النذر، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عن النذر، وقال: «إنه لا يأتي بخير» .
وأخرجه مسلم (1640) من حديث أبي هريرة، بلفظ: «لا تنذروا، فإن النذر لا يغني من القدر شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل» .(36/129)
وقال الشَيخ أبو النّجيب عبد القاهر: مرض الشَيخ حمّاد، فاحتاج إلى التَّنَشُّق بماء ورد، فحمل إليه أبو المظفر محمد بن عليّ الشّهْرُزُورِيّ الفَرَضيّ منه شيئًا، فلما وضع بين يديه قال: رُدّوه فإنه نجِس. فردّوه إلى أبي المُظَفَّر فقال:
صَدَق الشَيخ، كان قد وقع في طرفه نجاسة وتركته وحده لأريقه، فنسيت.
وقال المبارك بن كامل: مات الشَيخ العارف الورع الناطق بالحكمة حمّاد الدّبّاس في سنة خمس، ولم أرَ في زماني مثله صحِبْتُه سنين وسمعت كلامه. وكان مكاشَفًا يتكلَّم على الخواطر، مسلوب الاختيار، زِيّه زي الأغنياء، وتارة زَيّه زِيّ الفقراء متلوّن، كيف أُدير دار. وكان شيخ وقته، يشبه كلامه كلام الحصريّ. كانت المشايخ إذا جاءت إليه كالميت بين يدي الغاسل، لَا يتجاسر الشّخص أن يختلج.
وقال ابن الْجَوزي [1] قاتَلَه الله: كان حمّاد الدّبَاس على طريقة التّصوّف، يدّعي المعرفة والمكاشفة وعلوم الباطن، وكان عاريًا عن علم الشَّرْع، فلم ينفق إلّا على الْجُهّال.
وكان ابن عَقِيل ينفّر النّاس عنه، حتّى بلغه أنّه يعطي كلّ من يشكو الْحُمَّى لوزةً وزبيبة ليأكلها فيبرأ، فبعث إليه ابن عَقِيل: إنْ عُدْت إلى مثل هذا ضربتُ عُنقَك. فكان يقول: ابن عَقِيل عدوّي.
وصار النّاس يَنْذُرُون له النُّذُور. ثمّ تركه، وصار يأخذ بالمنامات، ويُنْفق على أصحابه ما يُفْتَح له، ومات في رمضان.
قلت: وقد نقم «ابن الأثير» [2] و «أبو المظفَّر بن قزغليّ» [3] في تاريخيهما على ابن الجوزيّ، حيث حطّ على الشَيخ حمّاد، فقال أبو المظفَّر: ولو لم يكن لحمّاد من الفضائل الّتي اتّصف بها في زهادته وطريقته، إلّا أنّ الشَيخ عبد القادر أحد تلامذته.
__________
[1] في المنتظم 10/ 22 (17/ 266) .
[2] في الكامل في التاريخ 10/ 671.
[3] في مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 139.(36/130)
- حرف الخاء-
71- خَلَف بن مُفَرِّج بن سعيد.
أبو القاسم بن الحبان الشّاطبيّ الكِنانيّ.
عاش تسعين سنة إلّا أشْهُرًا.
وروى عن: أبي الوليد الباجي، وأبي عبد الله بن سعدون، وطاهر بن مُفَوَّز.
وكان فقيهًا، مشاوَرًا، مدرّسًا.
روى عنه: أبو عبد الله بن مفاوز، وعبد الغنيّ بن مكّيّ، وأبو عبد الله المِكْناسيّ.
- حرف الزاي-
72- زُهر بْن عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن مروان بن زهر [1] .
أبو العلاء الإياديّ الإشبيليّ الطّبيب.
رحل إلى قرطبة فأخذ عن: أبي عليّ الغسّانيّ، وعبد الله بن أيّوب، وأبي بكر بن مفوّز.
وأخذ الطَّبّ عن والده فمهَر فيه، وصنَّف فيه حتّى إنّ الأندلسيين ليفخرون به، وحلَّ من السّلطان محلًا عظيمًا. وكانت إليه رئاسة إشبيلية.
وكان بارعًا في الأدب، شاعرًا، محسنًا.
روى عنه: ابنه أبو مروان، وأبو بكر بن أبي مروان، وأبو عامر بن يبق، وغيرهم.
__________
[1] انظر عن (زهر بن عبد الملك) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 1/ 76، وعيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة 2/ 64- 66، ووفيات الأعيان 4/ 436، والعبر 4/ 64، 65، وسير أعلام النبلاء 19/ 596 رقم 345، ومرآة الجنان 3/ 244، والوفيات لابن قنفذ 275، وعيون التواريخ 12/ 235، ونفح الطيب 3/ 432، وكشف الظنون 1265، وشذرات الذهب 2/ 74، 75، وإيضاح المكنون 1/ 154، ومعجم المؤلفين 4/ 185، 186، ودائرة المعارف الإسلامية 1/ 83، ومعجم المؤلفين 4/ 185، 186.(36/131)
وكان محتشما جوادا، لكن فيه بذاءة لسان.
وله كتاب «الخواصّ» ، وكتاب «الأدوية المُفْرَدَة» ، وكتاب «الإيضاح في الطّب» ، وكتاب «حلّ سلوك الرّازيّ على الكتب» ، وكتاب «النّكت الطّبّيّة» ، وغير ذلك.
وكان أبوه أبو مروان من رءوس الأطبّاء، وكان جدّه محدَثًا، فقيهًا، مشهورًا.
وتُوُفّي بقُرْطُبة منكوبًا.
ومن شِعره:
يا راشقي بسهامٍ ما لها غَرَضُ ... إلّا الفؤاد وما منها لنا عوضُ
ومُمْرِضي بجُفُونٍ كلّها غَنَجٌ ... صحّت وفي طبعها التّحريض والمرض
جد لي ولو بخيالٍ منك يَطْرُقُني ... وقد يَسُدّ مَسَدَّ الجوهرِ الْعَرَضُ
- حرف العين-
73- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن نجا بن عليّ بن محمد بن شاتيل.
أبو محمد المراتبيّ الدّباس.
شيخ صحيح السّماع، أضرّ في آخر عمره.
وسمع: أبا محمد الجوهريّ، وأبا محمد الصَّرِيفِينيّ.
وعنه: أبو المُعَمَّر، وأبو القاسم الحافظ.
وكان لَا يعرف شيئًا. وهو والد أبي الفتح عُبَيْد الله.
تُوُفّي في نصف المحرَّم.
74- عبد الباقيّ بن الحسين بن إبراهيم.
أبو الحسين النّجّاد، كشلة.
بغداديّ لهُ دكّان بسوق الثُّلاثاء.
سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، والصَّرِيفينيّ.
وقرأ القراءات على: أبي عليّ بن البنّاء.(36/132)
قال ابن السّمعانيّ: حدَّثني عنه جماعة، وسمعت أنّه ما كانت له سيرة حسنة.
تُوُفّي في نصف المحرَّم أيضًا.
75- عبد الباقيّ بن عامر بن زيد [1] .
أبو المجد الأنصاريّ الهَرَويّ، سِبْط أبي إسماعيل، شيخ الإسلام.
واعظ حَسَن الإيراد، بارز العدالة، نبيل، عالم.
سمع: جدّه، ومحمد بن عبد العزيز الفارسيّ، وأبا عطاء الجوهري.
وأملى مجلسًا بجامع المنصور.
وتُوُفّي في رجب [2] .
76- عليّ بن طاهر البغداديّ [3] .
المغازليّ.
قال المبارك بن كامل: هو عمّ والدتي. عاش مائة وعشرين سنة. ورأى:
أبا الحسن القَزْوينيّ.
وسمع قليلًا.
77- عيسى بْن حزْم بْن عَبْد اللَّه بْن اليَسَع [4] .
أبو الأصبَغ الغافقيّ، نزيل المَرِيَّة.
أخذ القراءات عن: أبيه.
وروى عن: أبى داود، وابن الدّوش، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (عبد الباقي بن عمر) في: التحبير 1/ 419، 420 رقم 378، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 146 أ، والمنتخب من السياق 363، 364 رقم 1199.
[2] وقال عبد الغافر الفارسيّ: معروف مشهور من وجوه أهل التذكير والوعظ، حسن الإيراد على طريقتهم، كان آباؤه من الأئمة ووجوه المزكّين والعدول بهراة، وكان إليهم الرجوع في الجرح والتعديل والنوائب في الأمور الدينية، ومن جهة الأنصارية إعلام لأئمة بهراة على ما لا يخفى حالهم، وقد استنابه جدّه الإمام عبد الله في مجالس تذكيره، فناب عنه مدّة، وبقي على ذلك سنين، وتلك النوبة مرسومة رسمة لا ينازع فيها ولا يدافع عنها، لوقع كلامه في القلوب ومحلّه في الصدور.
وقد خرج إلى الحج وعبر نيسابور وعاد إلى وطنه موفور الجاه والحشمة، مرعيّ الحرمة.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (عيسى بن حزم) في: غاية النهاية 1/ 608 رقم 2486.(36/133)
وتصدّر للإقراء. وكان محمودًا، محققًا، صالحًا. ولي خطَّة الشُّورى والخَطابة بالمَرِيَّة.
وحدَّث عن: ابن الطّلّاع، وأبي عليّ الغسّانيّ.
أخذ عنه: أبو القاسم بن حُبَيْش، وأبو العبّاس البَرَاذِعيّ، وأبو عبد الله بن عبّاد الحِنّائيّ.
ولا يعلم وفاته، لكنه حدَّث في هذا العام. وأكثر عنه ولده أبو يحيى اليَسَع صاحب المغرب.
- حرف الميم-
78- مالك بن يحيى بن أحمد بن عامر [1] .
أبو عبد الله الإشبيليّ، أحد رجال الكمال والارتسام بمعرفة العلوم على تفارقها.
سمع من: أحمد بن محمد الخَوْلانيّ، وغيره.
ومات رحمه الله تعالى بمَرّاكُش عن اثنتين وسبعين سنة.
ورّخه ابن بَشْكُوال.
79- محمد بن أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد [2] .
أَبُو عَبْد اللَّه الرّازيّ، ثمّ المصريّ. المعدّل الشّاهد، ويُعرف بابن الخطّاب. مُسْنِد الدّيار المصرية وشيخ الإسكندريَّة.
وُلِد سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، وعُني به أبوه وأسمعه الكثير في سنة أربعين.
__________
[1] انظر عن (مالك بن يحيى) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 621 رقم 1365 وفيه: «مالك بن يحيى بن هيب بن أحمد بن عامر» .
[2] انظر عن (محمد بن أحمد) في: العبر 4/ 65، ودول الإسلام 2/ 47، والمعين في طبقات المحدّثين 154 رقم 1667، وسير أعلام النبلاء 19- 583- 585 رقم 333، والإعلام بوفيات الأعلام 215، وعيون التواريخ 12/ 248، والنجوم الزاهرة 5/ 247، وحسن المحاضرة 1/ 375، وشذرات الذهب 4/ 75.(36/134)
سمع: أباه، وأبا الحسن بن حِمّصة الحَرّانيّ، وعلي بن ربيعة، ومحمد بن الحسين الطفال، وعلي بن محمد الفارسيّ، وأحمد بن محمد بن الفتح الحكيميّ، وأبا الفضل أحمد بن محمد السَّعْديّ، وأحمد بن عليّ بن هاشم تاج الأئمة، وأبا الفتح أحمد بن بابشاذ والد طاهر، وعبد الملك بن مسكين، ومحمد بن الحسين بن سعدون المَوْصِليّ، ومحمد بن الحسين بن التَّرْجُمان، وتتمة سبعة وأربعين شيخًا، تخرّج عنهم في مشيخته، وتفرّد بالرّواية عن كثيرٍ منهم، فانقطع إسنادٌ عالٍ بموته، رحمه الله.
روى عنه: أبو طاهر السَّلَفيّ، ويحيى بن سعدون القُرْطُبيّ، وأبو محمد العثمانيّ، وعبد الواحد بن عسكر المخزوميّ، وأبو القاسم عليّ بن مهديّ الفقيه ابن قليتا، وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحضْرميّ، وبدر الحذّاء داوبي، وأبو طالب أحمد بن المسلم التّنوخيّ، والفقيه أبو الطاهر إسماعيل بن عوف، وإسماعيل بن صالح بن ياسين، وخلْق آخرهم موتًا عبد الرحمن بن موقا.
وتُوُفّي في سادس جُمَادى الأولى، وله إحدى وتسعون سنة. ولو عاش أصحابه بعده كما عاش هو بعد شيوخه لتأخّروا إلى سنة عشر وستّمائة. والسّماع قسميَّة.
80- محمد بن الحَسَن بن عليّ بن الحسن [1] .
الشّيخ أبو غالب الماورديّ الصّادق.
ولد بالبصرة سنة خمسين وأربعمائة [2] .
وسمع: أبا عليّ التُّسْتَرِيّ، وعبد الملك بن شُعْبة، وجماعة بالبصرة.
وأبا الحسين بن النَّقُّور، وعبد العزيز الأنْماطيّ، وعبد الله بن الحسن الخلّال ببغداد.
وأبا عمر بن مَنْدَهْ، ومحمود بن جعفر الكوسج، والبرانيّ بأصبهان.
__________
[1] انظر عن (محمد بن الحسن) في: مشيخة ابن عساكر 1/ 182 والمنتظم 10/ 23 رقم 28 (17/ 267 رقم (397) ، والكامل في التاريخ 10/ 671، واللباب 3/ 156، 157، والتقييد لابن نقطة 60، 61 رقم 42، والعبر 4/ 65، 66، والإعلام بوفيات الأعلام 215، وسير أعلام النبلاء 19/ 589 رقم 338، وعيون التواريخ 12/ 249، وشذرات الذهب 4/ 75.
[2] المنتظم.(36/135)
ومحمد بن أحمد بن علّان أبا الفرج، وأبا الحسن محمد بن الحسن بن المنوّر الْجُهنَيّ بالكوفة.
روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ، وأبو أحمد بن سُكَيْنَة، وابن بُوش، وجماعة.
قال ابن الجوزيّ [1] : كتب بخطّه الكثير، وكان يورّق للنّاس. وكان صالحا.
توفّي في رمضان ببغداد.
قال: ورئي في المنام فقال: غفر الله لي ببركات الحديث، وأعطاني جميع ما أَمَّلْتُه.
81- محمد بن داود بن عطيَّة.
أبو عبد الله العكّيّ القلْعيّ القيروانيّ الأصل.
روى بالأندلس عن: عبد الجليل الرَّبَعيّ، وأكثر عن أبي عليّ الغسّانيّ.
واستقضى بتِلِمْسَان وبعدها بإشبيلية، ثمّ بفاس.
وكان من جِلَّة العلماء. وقد حدَّث.
تُوُفّي في عاشر ذي القعدة في عَشْر الثّمانين.
82- محمد بن عمر بن عبد العزيز [2] .
أبو بكر البخاريّ الحنفيّ المقرئ المعروف بكاك. إمام أصحاب أبي حنيفة بمكَّة.
كان فقيهًا، صالحًا، محدثًا [3] .
سمع: عبد الباقيّ بن يوسف المراغيّ، وأبا بكر أحمد بن سهل السّرّاج، وجماعة.
__________
[1] في المنتظم.
[2] انظر عن (محمد بن عمر) في: المنتظم 10/ 24 رقم 30 (17/ 268 رقم 3973) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 139.
[3] وقال ابن الجوزي: «سافر البلاد فسمع بنيسابور، وبخارا، وسمرقند، وهمذان، وبغداد، وأقام بها مدّة، ثم عاد إلى ما وراء النهر، وسكن سمرقند، ثم عاد إلى الحجاز، وحدّث بالحرمين وغيرهما» .(36/136)
وعنه: أبو القاسم بن عساكر، ومحمود بن محمد بن بابشاذ، وغيرهما.
وعاش أربعًا وسبْعين سنة.
- حرف الهاء-
83- هبة الله بن محمود بن عبد الواحد بن حمد بن العبّاس بن الحُصَيْن [1] .
أبو القاسم الشَّيْبانيّ الهَمَذَانيّ، ثمّ البغداديّ، الكاتب.
مسنِد العراق. وُلِد في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة [2] في رابع ربيع الأوّل.
وسمع: أبا طالب بن غيلان، وأبا علي بن المذهب، وأبا محمد بن المقتدر، وأبا القاسم التَّنُوخيّ، والقاضيّ أبا الطَّيِّب الطَّبَريّ.
قال ابن السّمعانيّ: شيخ ثقة، ديّن، صحيح السّماع، واسع الرواية، عُمّر حتّى صار اسْنَد [3] أهل عصره. ورحلَ إليه الطّلبة، وازدحموا عنده.
حدث «بمُسْنَد أحمد» وأحاديث أبي بكر الشّافعيّ، واليَشْكُريّات. وهو آخر من حدَّث بهذه الكُتُب.
وحدَّثني عنه: أبو بكر بن أبي القاسم الصّفّار، وأبو عبد الله حامد المَدِينيّ الحافظ، وأبو أحمد مُعَمَّر بن الفاخر، وأبو الخير عبد الرحيم الأصبهانيّ، والحافظ أبو القاسم الشّافعيّ، وجماعة كثيرة.
وكانوا يصِفُونه بالسّداد والأمانة والخيريّة.
__________
[1] انظر عن (هبة الله بن محمد) في: المنتظم 10/ 24 رقم 32 (17/ 268 رقم 3975) ، ومشيخة ابن الجوزي 53، ومشيخة ابن عساكر 237 ب، والكامل في التاريخ 10/ 671، ودول الإسلام 2/ 47، والإعلام بوفيات الأعلام 215، والمعين في طبقات المحدّثين 154 رقم 1669، وسير أعلام النبلاء 19/ 536- 539 رقم 317، والعبر 4/ 66، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 251، وعيون التواريخ 12/ 223، ومرآة الجنان 3/ 245، والبداية والنهاية 12/ 203، والنجوم الزاهرة 5/ 247، وشذرات الذهب 4/ 77.
[2] المنتظم.
[3] وفي المنتظم: «حتى صار سيد» .(36/137)
وقال ابن الجوزيّ [1] : بكّر به أبوه وبأخيه عبد الواحد فأسمعهما، وعُمّر حتّى صار اسْنَد [2] أهل عصره. وكان ثقة صحيح السَّماع. سمعت منه «المسند» جميعه، و «الغيلانيّات» جميعها [3] ، وغير ذلك. وأملى عدَّة مجالس باستملاء شيخنا ابن ناصر.
قلت: هي أربعون مجلسًا.
قال: وتُوُفّي في رابع عشر شوّال، وصلّى عليه ابن ناصر بوصيَّةٍ منه.
تُوُفّي بعد الظُّهر يوم الأربعاء، وتُرِك إلى يوم الجمعة، يعني حتّى دُفِن.
قال الحسين بن خسْرُو: دُفِن يوم الجمعة بباب حرْب في اليوم الثالث من وفاته.
قلت: حدَّث عنه: الحافظ أبو العلاء الهَمَذَانيّ، والحافظ أبو موسى المَدِينيّ، والإمام أبو الفتح بن الْمُنَى، وقاضي القُضاة أبو الحسن عليّ بن أحمد بن الدّامغَانيّ، وقاضي الشّام أبو سعد بن أبي عصْرون، وأبو منصور عبد الله بن محمد بن حمدِيّه، وأخوه أبو طاهر إبراهيم، وأبو محمد بن شَدقيني، وعبد الرحمن بن سعود القصْريّ، والعلّامة مجير الدّين أبو القاسم محمود بن المبارك الواسطيّ، ويحيى بن ياقوت النّجّار، وعبد الخالق بن هبة الله البُنْدار، والقاضي عُبَيْد الله بن محمد السّاويّ، وعلي بن المبارك بن جابر العدل، وعبد الرحمن بن أبي الكرم بن ملّاح الشّط، وعبد الله بن أبي بكر بن الطَّويلة، وعلي بن عمر الحربيّ الواعظ، وعبد الله بن أبي المجد الحربيّ، وهبة الله بن أبي المجد الحربيّ، وهبة الله بن الحَسَن السِّبْط، وعليّ بن محمد بن عليّ الأنباريّ، وعبد الله بن نصر بن مزروع التّلّاحيّ، وعبد الرحمن بن أحمد العُمريّ، والحسن بن إبراهيم بن أُشْنَانَة، وعبد الله بن محمد بن عُليان الحربيّ، ولا حق بن قَنْدَرَة [4] ، روى «المُسْند» سنة ستّمائة، وفاطمة بنت سعد الخير، وأبو
__________
[1] في المنتظم.
[2] في المنتظم: «سيد» .
[3] زاد في المنتظم: «وأجزاء المزكي، وهو آخر من حدّث بذاك، وسمعت منه غير ذلك بقراءة شيخنا ابن ناصر وكنت ممن كتبها عنه وتوفي بين الظهر والعصر» .
[4] قندرة: بفتح الدال والراء. (تبصير المنتبه 3/ 1140) .(36/138)
القاسم بن شدّقينيّ، وعمر بن جُرَيرة القطّان، والمبارك بن إبراهيم بن مختار بن السّبتي.
وبقي بعد السّتّمائة من أصحابه: عَبْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أيّوب البَقَليّ: تُوُفّي سنة إحدى.
وحنبل المكبّر: تُوُفّي في أوّل سنة أربع، وأبو الفتح محمد بن أحمد المنْدائيّ، وهو آخر من حدَّث بالمُسْنَد كاملًا: تُوُفّي في شعبان سنة خمسٍ، ودُفِن بداره بواسط.
والحسين بن أبي نصر بن القارص الحريميّ، وتُوُفّي في شعبان أيضًا.
وعبد الوهّاب بن سُكَيْنة، وتُوُفّي سنة سبْعٍ في ربيع الآخر.
وعمر بن طَبَرْزَد، وفيها تُوُفّي في رجب، وهو آخر أصحابه.
وتُوُفّي أبوه محمد بن عبد الواحد الكاتب سنة تسعٍ وستّين.(36/139)
سنة ست وعشرين وخمسمائة
- حرف الألف-
84- أحمد ابن الأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش بدر الجماليّ [1] .
الأرمنيّ، ثمّ المصريّ، صاحب مصر وسلطانها، الملك الأكمل أبو عليّ، ابن صاحبها ووزيرها.
ولمّا قُتِلَ أبوه في سنة خمس عشرة وخمسمائة، وأخذ الآمر بأحكام الله جميع أمواله سجَن هذا مدَّة، فلمّا مات الآمر أشغلوا الوقت بعده بابن عمه الحافظ عبد المجيد إلى أن يولد حَمل للآمر، فجاء بنتًا. وأخرجوا من السّجن أبا عليّ عند موت الآمر، وجعلوا الأمور إليه.
وكان شَهْمًا شجاعًا مَهِيبًا، عالي الهِمَّة كأبيه وجدّه، فاستولى على الدّيار المصرية، وحفظ على الآمر [2] ، ومنعه من الظهور، وأودعه في خزانة، فلا يدخل إليه أحد إلّا بأمر الأكمل. وعمد إلى القصر فأخذ جميع ما فيه إلى داره كما فعل الآمر بأبيه جزاءً وِفاقًا، وأهمل الخلفاء العُبَيْديين والدعاء لهم، لأنّه كان فيه تسنُّن كأبيه. وأظهر التّمسّك بالإمام المنتظر، فجعل الدّعاء في الخطبة له، وأبطل من
__________
[1] انظر عن (أحمد بن الأفضل) في: أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 75، والإشارة إلى من نال الوزارة لابن الصيرفي 58، ونزهة المقلتين لابن الطوير 28- 30، 34، 36، ووفيات الأعيان 2/ 451 و 3/ 235- 237، والكامل في التاريخ 10/ 672، 673 وأخبار الدول المنقطعة 94، 95، 98، 100، والمختصر في أخبار البشر 3/ 5، 6، والإعلام بوفيات الأعلام 215، والعبر 4/ 67، وتاريخ ابن الوردي 2/ 37، والدرّة المضيّة 506- 508، 510، 511، وعيون التواريخ 12/ 251، ومرآة الجنان 3/ 250، 251، ومرآة الجنان 3/ 250، 251، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 146، 147 (في المتوفين 527 هـ) ، والمقفى الكبير 1/ 394- 498 رقم 448، والمواعظ والاعتبار 2/ 591.
[2] كذا في الأصل مع أنه ذكر قبل قليل أن أبا علي أخرج من السجن عند موت الآمر؟!(36/140)
الأذان «حيِّ على خير العمل» ، وغيرَّ قواعد الباطنيَّة، فأبغضه الأمراء والدُّعاة.
وأمر الخُطباء بأن يخطبوا له بهذه الألقاب الّتي نصَّ لهم عليها، وهي:
السيّد الأفضل الأجل، سيد ممالك [1] أرباب الدُّول، المحامي عن حَوْزة الدّين، ناشر جَناح العدْل على المسلمين [2] ، ناصر إمام الحقّ في غيبته [3] وحضوره والقائم بنُصْرته بماضي سيفه وصائب رأيه وتدبيره، أمين الله على عباده، وهادي القُضاة إلى اتباع شرع الحقّ واعتماده، ومرشد دُعاة المؤمنين بواضح بيانه وإرشاده، مولى النِّعَم، ورافع الجور عن الأمم، ومالك فضيلتي السيف والقلم، أبو علي [4] ابن السيد الأجل الأفضل، شاهنشاه أمير الجيوش» .
فكرهوه وصمموا على قتله، فخرج في العشرين من المحرم للعب بالكرة فكمن له جماعة، وحمل عليه مملوك إفرنجي للحافظ، فطعنه فقتله، وقطعوا رأسه، وأخرجوا الحافظ وبايعوه.
ونهب دار أبي علي، وركب الحافظ إلى الدار فاستولى على خزائنه، واستوزر مملوكه أبا الفتح يانس الحافظي، ولقبه أمير الجيوش، فظهر شيطانا ماكرا بعيد الغور، حتى خاف منه الحافظ، فتحيل عليه بكل ممكن، وعجز حتى واطأ فراشه بأن جعل له في الطّهارة ماءً مسمومًا، فاستنجي به، فعمل على سِفْله ودوَّد، فكان يعالج بأن يلصق عليه اللّحمَ الطَّرِيّ، فيتعلق به الدّود، فترجّح للعافية، وأتاه الحافظ عائدًا، فقام له، وجلس الحافظ عنده لحظةً وانصرف، فمات من ليلته في السّادس والعشرين من ذي الحجَّة من السّنة، وكانت وزارته إحدى عشر شهرًا.
واستوزر الحافظ ولده وليَّ عصره الحَسَن الّذي قُتِلَ سنة تسعٍ وعشرين [5] .
85- أَحْمَد بن عُبَيْد اللَّهِ بْنِ مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن محمد بن أحمد [6] .
__________
[1] في الكامل 10/ 672: «سيد مماليك» .
[2] زاد في الكامل: «الأقربين والأبعدين» .
[3] في الكامل: «في حالتي غيبته» .
[4] في الكامل: «أبو علي أحمد» .
[5] الكامل في التاريخ 10/ 673.
[6] انظر عن (أحمد بن عبيد الله) في: المنتظم 10/ 28 رقم 34 (17/ 273 رقم 3977) وفيه:(36/141)
أبو العزّ [1] بن كادش، السُّلَمي البغداديّ العُكْبَرِيّ.
سمع: أقضى القُضاة أبا الحسن الماوَرْديّ، وهو آخر من حدَّث عنه، وأبا الطَّيَّب الطَّبَريّ، وابن الفتح العُشَاريّ، وأبا محمد الجوهريّ، وأبا عليّ الجازريّ.
روى الكثير، وأثنى عليه جماعة.
قال ابن الجوزيّ [2] : كان مُكْثِرًا ويفهم الحديث [3] .
وقال ابن السّمعانيّ: شيخ مُسْنِد سمع بنفسه، وكان يفهم، وأجاز لي، ونبا عنه جماعة.
ونبا ابن ناصر أنّه سمع إبراهيم بن سليمان يقول: سمعتُ أبا العزّ بن كادش يقول: أنا وضعت حديثًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَانَ ابن ناصر سيّئ الرأي فيه [4] .
وقال لي عبد الوهّاب الأنماطيّ: كان مخلِّطًا.
وأما أبو القاسم بن عساكر وأبو محمد بن الخشّاب فأثنيا عليه.
وروى عنه: ابن عساكر، ويحيى بن بوش، وهبة الله بن الحسن السِّبط، وأبو موسى المَدِينيّ، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أيّوب الحربيّ، وإبراهيم بن بركة البيّع، وآخرون.
__________
[ () ] «أَحْمَد بن عُبَيْد اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَد بْن حمدان بن عمر بن عيسى بن إبراهيم بن سعد بن عتبة بن فرقد السُّلَمِيُّ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ، ومشيخة ابن عساكر (مخطوط) 8 ب، والكامل في التاريخ 10/ 683، والإعلام بوفيات الأعلام 215، والمعين في طبقات المحدّثين 154 رقم 1670، وسير أعلام النبلاء 19/ 558- 560 رقم 324، والعبر 4/ 68، وميزان الاعتدال 1/ 118، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 87، 210، ومرآة الجنان 3/ 251، وفيه:
«محمد بن عبيد الله» ، والبداية والنهاية 12/ 204، وعيون التواريخ 12/ 251، ولسان الميزان 1/ 218، والنجوم الزاهرة 5/ 250، وشذرات الذهب 4/ 78.
[1] تحرّفت في مرآة الجنان إلى «المعز» .
[2] في المنتظم.
[3] زاد ابن الجوزي: «وأجاز لي جميع مسموعاته» قد أثنى عليه جماعة منهم أبو محمد بن الخشاب» .
[4] المنتظم.(36/142)
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى، وله تسعون سنة أو جازها.
قال ابن النّجّار: كان مخلّطًا كذّابًا لَا يُحْتَجّ به. قرأت بخطّ عمر بن عليّ القُرَشيّ القاضي: سمعت أبا القاسم عليّ بن الحسن الحافظ يقول: قال لي أبو العزّ بن كادش: وضع فلان حديثًا في حقّ عليّ، فوضعت أنا حديثًا في حقّ أبي بكر، باللَّه أليس فعلت جيّدًا [1] ؟
قال ابن النّجّار: رأيت لأبي العزّ كتابًا سمّاه «الانتصار لدم القِحاب» على نظم جماعةٍ من الشُّعراء يقول فيه: أنشدَتْني فُلانة المغنّية، وأنشدتني ستّوت المغنية بأُوَانا. وخطُّه رديء إلى الغاية في التّعقُّد والتّسلسل.
قيل: مولده سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.
86- أحمد بن عمر بن خَلَف [2] .
أبو جعفر بن قِبْلَيْل [3] الهَمْدانيّ، الغَرْناطيّ، الفقيه.
روى عن: أبي عليّ الغسّانيّ، وأبي عبد الله الطلاعي، وأصبغ بن محمد.
حدَّث عَنْهُ: أبو عبد الله بْن عبد الرحيم، وأبو خالد بن رفاعة، وأبو جعفر بن البادش، وأبو القاسم بن بَشْكُوال.
قال ابن الأبّار [4] : دارت عليه الْفُتْيَا ببلده. وكان من جِلَّة الفقهاء المشاوَرين.
توفّي في ذي القعدة.
__________
[1] انظر: المنتظم.
[2] انظر عن (أحمد بن عمر) في: بغية الملتمس للضبيّ 184، وتكملة الصلة لابن الأبّار 1/ 135، وسير أعلام النبلاء 19/ 609، رقم 356، والديباج المذهب 1/ 220.
[3] قبليل: بكسر القاف وسكون الباء الموحّدة وفتح اللام وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين.
وفي (بغية الملتمس) : «قبلال» .
[4] في تكملة الصلة.(36/143)
- حرف الجيم-
87- جهور بن إبراهيم بن محمد بن خَلَف [1] .
أبو الحزْم التُّجَيْبيّ الأندلسيّ.
حجّ وسمع «صحيح مسلم» من أبي عبد الله الطَّبَريّ.
قال ابن بَشْكُوال: بإشبيلية لقيته وأجاز لي. وكان رجلًا فاضلًا، منقبضًا، مُقبلًا على ما يعنيه تولّى الصّلاة بموضعه، يعني بقرية مورور.
- حرف الحاء-
88- الحسين بن محمد بن خسْرُو.
أبو عبد الله البلْخيّ، ثمّ البغداديّ. السَّمسار، مفيد أهل بغداد ومحدث وقته.
سمع من: أبي الحسين الأنباريّ، والبانياسيّ، وعبد الواحد بن فهد العّلاف، وأبي عبد الله الحُمَيْديّ، وطبقتهم، وخلقٍ بعدهم.
وسمع بإفادته جماعة كثيرة.
روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ، وجماعة.
قال السّمعانيّ: سألت أبا القاسم الحافظ فقال: ما كان يعرف شيئًا.
وسألت ابن ناصر عنه فقال: كان يذهب إلى الاعتزال. وكان حاطبَ لَيْلٍ، يسمع من كلّ أحد.
ومات ابن خسْرُو في شوّال، رحمه اللَّه.
- حرف العين-
89- عبد الله بْن أبي جعفر محمد بن عبد الله بن أحمد [2] .
__________
[1] انظر عن (جهور بن إبراهيم) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 131، 132 رقم 301.
[2] انظر عن (عبد الله بن أبي جعفر) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 494، 495 رقم 647، والعبر 4/ 69، ومرآة الجنان 3/ 251، وعيون التواريخ 12/ 252، وشذرات الذهب 4/ 78.(36/144)
العلّامة أبو محمد الخُشْنِيّ المُرْسِيّ [1] ، الفقيه.
أخذ بقُرْطُبة عن: أبي جعفر أحمد بن رزق الفقيه.
وتخرَّج به أبو محمد بن أبي جعفر.
وسمع من حاتم بن محمد كتاب «الملخّص» بسماعه من القابسيّ.
وحجّ فسمع «صحيح مسلم» من الحسين بن عليّ الطَّبَريّ.
وقال القاضي عياض: سمع من: أبي عمر بن عبد البرّ، وأبي العبّاس العذريّ، وابن مسرور، والطُّلَيْطُليّ.
وقال ابن بَشْكُوال [2] : روى عن: أبي الوليد الباجيّ، ومحمد بن سعدون القرويّ.
وكان حافظا للفقه على مذهب مالك، مقدما فيه على جميع أهل وقته، بصيرا بالفتوى، مقدما في الشورى، عارفا بالتفسير، ذاكرا له. يؤخذ عنه الحديث، ويتكلم على بعض معانيه. انتفع به الطلبة. وكان رفيعا في أهل بلده، معظما فيهم، كثير الصدقة والذكر للَّه تعالى.
كتب إلينا بإجازة مروياته.
قال محمد بن حمادة الفقيه: كان غالبًا عليه الفقه. دخلتُ عليه بمُرْسِيَة سنة إحدى وعشرين وهو ينام، والقارئ يقرأ عليه، ولُعابه يسيح عن فمه، فسألني عن سبتة وأهلها. ثمّ رفعت مسالةً فيمن خرج باغيًا أو عاديًا، فاضطرّ إلى الميتة، فقلت: مشهورُ مذهب مالك أنّه لَا يباح له أكْلُها. وقال عبد الله بن حبيب: له أكلها.
فقال: ليس هو ابن حبيب إنما هو ابن الماجِشُون. ثمّ قال لصبيّ: قُم إلى الخزانة، وأخْرِج السِّفْر الفُلانيّ، ثمّ اقلب منه كذا وكذا ورقة.
قال: فإذا بالمسألة كما ذكر. فتعجّبت من حِفْظه وهو على تلك الحال.
وأجاز لي كتاب «الموطّأ» .
__________
[1] تحرّفت في (عيون التواريخ) إلى: «الموسى» .
[2] في الصلة 1/ 494، 495.(36/145)
وحجّ فسمع منه بسبْتَه قاضينا أبو عبد الله بن عيسى التّميميّ، وجماعة.
وطالَ عُمره، ورحلَ النَّاس إِلَيْهِ من الْأقطار.
وقد سمع «صحيح مسلم» من أبيه أبي بكر، ومات أبوه في سنة أربع وتسعين وأربعمائة، بسماعه من أبي حفص عمر الهوزنيّ المذبوح في سنة ستّين وأربعمائة، بسماعه من عبد الله بن سعيد السّبتجاليّ، عن أبي سعد عمر بن محمد السّجْزي، عن الْجُلُوديّ نازلًا.
قال ابن بَشْكُوال [1] : وُلد بمرسية سنة سبع وأربعين وأربعمائة وتُوُفّي في ثالث رمضان. يُعرف بابن أبي جعفر.
90- عَبْد اللَّه بْن مُوسَى بْن عَبْد اللَّه [2] .
أبو محمد القُرْطُبيّ.
روى عن: حازم بن محمد، ومحمد بْن فَرَج، وأبي عليّ الغسّانيّ، وأبي الْحَسَن العبسيّ المقرئ.
وحدَّث.
قال ابن بَشْكُوال: عُنِي بالحديث عناية كاملة، وكان متفننًا في عدَّة علوم مع الحِفْظ والإتقان.
وتُوُفّي في صفر.
91- عبد الرحمن ابن الفقيه محمد ابن الفقيه عبد الرحمن ابن الفقيه عبد الرحيم ابن الفقيه أحمد بن العجوز.
الفقيه أبو القاسم الكُتَاميّ السّبتيّ، قاضي الجزيرة الخضراء، ثمّ قاضي سلا.
كان أحد الأعلام.
قال القاضي عِياض: حضرت مجلسه في تدريس «المدوَّنة» ، فما رأيت أحدًا أحسن منه احتجاجًا، ولا أَبْيَن منه تعليلًا. وكان له سمت وهمّة.
__________
[1] في الصلة 1/ 495.
[2] انظر عن (عبد الله بن موسى) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 294 رقم 646.(36/146)
تُوُفّي بفاس. نبا عن أبيه، عن جدّه.
92- عبد الكريم بن حمزة بن الخضر بن العبّاس [1] .
أبو محمد السُّلميّ الدّمشقيّ الحدّاد.
سمع: أبا القاسم الحِنّائيّ، وأبا بكر الخطيب، ومحمد بن مكّيّ الأزديّ المصريّ، وعبد الدّائم بن الحسن، وعبد العزيز الكتّانيّ، وأبا الحسن بن أبي الحديد، وعُبَيْد الله بن عبد الله الدّارانيّ، وجماعة.
وأجاز له: أبو جعفر ابن المسلمة، وأبو الحسن بن مَخْلَد الواسطيّ.
روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن عساكر وقال [2] : كان ثقة مستورًا سهلًا، قرأتُ عليه الكثير، وتُوُفّي في ذي القعدة، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وعبد الرحمن بن عليّ الخِرَقيّ، وإسماعيل الخبرويّ، وبركات الخُشُوعيّ، وأبو القاسم بن الحَرَسْتانيّ، وآخرون.
وكان من أسند شيوخ الشّام في عصره.
93- عليّ بن الحسين بن محمد بن مهديّ [3] .
الأستاذ أبو الحسن البصْريّ، الصُّوفيّ، العارف.
دار في الشام، ومصر، والجزيرة، وأذَرْبَيْجان، ولقي العُبّاد. وكانت له مقامات، وأحوال، وكرامات. وسكن بغداد في الآخر.
سمع: أبا الحسن الخِلَقيّ، والمُثَنَّى بن إسحاق القُرَشيّ الأَذَرْبَيْجانيّ.
روى عنه: أبو القاسم بن عساكر [4] .
__________
[1] انظر عن (عبد الكريم بن حمزة) في: التقييد لابن نقطة 366، 367 رقم 469، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 15/ 176 رقم 170، والعبر 4/ 69، والمعين في طبقات المحدّثين 154 رقم 1671، والإعلام بوفيات الأعلام 216، وسير أعلام النبلاء 19/ 600 رقم 349، وعيون التواريخ 12/ 252، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 143، 144، والنجوم الزاهرة 5/ 249، وشذرات الذهب 4/ 78.
[2] في مختصر تاريخ دمشق 15/ 176.
[3] انظر عن (علي بن الحسين) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 17/ 258، 259 رقم 137.
[4] وهو قال: دخلت على أبي الحسن البصري ببغداد مع أبي المعمر الأنصاري، وكان متمرّضا،.(36/147)
ويُروى أنّه حضرت عنده امرأة فقالت: يا سيّدي، ضاع كتابي الّذي شهدت فيه، وأريد أن تشهد.
قال: ما أشهد إلّا بشيء حلْو.
قال: فتعجّب الحاضرون منه. فمضت وعادت ومعها كاغَد حَلْواء.
فضحك وقال: والله ما قلت لكِ إلّا مُزاحًا، اذهبي وأطْعِميه لأولادك.
ولمح الكاغذ الّذي فيه الحلواء فقال: أرينيه. فأرته، فإذا هو كتابُها، وفيها شهادته، فقال: ما ضاعت الحلْواء، هذا كتابك.
تُوُفّي أبو الحسن البصْريّ في جُمَادَى الأولى.
94- عمر بن يوسف [1] .
القُدوة، الزّاهد، أبو حفص ابن الحذّاء القَيْسيّ الصَّقَليّ، نزيل الثَّغْر.
سمع منه: السِّلَفيّ، عن أبي بكر عتيق بن عليّ السْمنْطَاريّ بصَقّلية: نبا أحمد بن إسحاق المِهرانيّ، ثنا أبو بكر بن خلّاد، ثنا، تمتام، نبا القَعْنَبيّ بحديث: الّذي تفوته العصر.
قال السِّلَفيّ: كان من مشاهير الزُّهاد وأعيان العُباد. له مجدٌ كبير عند أهل صَقَلّية. وكان من أهل العِلم. تمنع مِن الرّواية كثيرًا تورُّعًا، وجرى بيني وبينه خطب طويل. وقفت على سماعه من السّمنْطاريّ بموطّأ القَعْنَبيّ، بهذا الإسناد.
ولد بصقلّية سنة ثلاثين وأربعمائة، وحجّ سنة إحدى وخمسين.
وقرأ على جماعة القرآن.
توفّي في المحرّم، رحمه الله.
__________
[ () ] فقال له أبو المعمّر: نريد أن نقرأ عليك خمسة أحاديث، فأذن لنا، فقرأت عليه خمسة، وشرعت في السادس، فقال: ينبغي لصاحب الحديث أن يتعلّم الصدق أولا، فأتممت السادس وقمت.
[1] انظر عن (عمر بن يوسف) في: معجم السفر للسلفي (مصوّرة دار الكتب المصرية) ق 2.(36/148)
- حرف الميم-
95- منصور بن الخيّر [1] بن تمكيّ [2] .
أبو عليّ المغراويّ [3] ، المالقيّ، المقرئ الأحدب.
حجّ، وأدرك أبا مَعْشَر الطَّبَريّ وأخذ عنه.
ولقي أبا عبد الله محمد بن شريح وأخذ عنه.
وجالس أبا الوليد الباجيّ.
وعُنِي بالقراءات، وصنّف فيها كُتُبًا أخذها عنه الناس.
قال ابن بَشْكُوال [4] ذلك، قال: وسمعت بعض شيوخنا يضعّفه.
تُوُفّي بمالقة في شوال.
قلت: قرأ عليه: محمد بن أبي العيسى الطُّرْطُوشيّ، ومحمد بن عُبَيْد الله بن العويص [5] .
وقيل إنّه مُتَّهم في لُقِيّ أبي مَعْشَر، مع أنّه رأس في القراءات، قيّم بتجويدها وعللها.
قال اليَسَع بن حزْم: رحلت إليه، فوجدته بحرًا في علوم القراءات، بعيد الغَوْر والغايات، فجلست واستفدت وتشكّلت، فقال: ما حجَّة من جَهَر وحجَّة من أخفى؟
فقلت: حجَّة الجهر فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ 16: 98 [6] ، وأخفوا لئلّا يتوهّم أنهّا آية من القرآن. وذكر باقي الكلام.
__________
[1] انظر عن (منصور بن الخيّر) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 620 رقم 1363، وبغية الملتمس للضبّي 475، ومعرفة القراء الكبار 1/ 481 رقم 424، وغاية النهاية 2/ 312 رقم 3653، ولسان الميزان 6/ 93- 95 رقم 230 وفيه: «منصور بن الجبر بن تملي» .
[2] في الصلة: «يملي» .
[3] في لسان الميزان: «الفراوي» .
[4] في الصلة.
[5] في الأصل: «العريص» والتصحيح عن معرفة القراء «العويص» .
[6] سورة النحل، الآية 98.(36/149)
قال أحمد بن ثعبان: انصرفت من مكَّة، فلقِيَني منصور بن الخيّر فقال: ما فعل أبو معشر؟ قلت: توفّي. فلمّا حجّ رجع إلى الأندلس وقال: قرأت على أبي معشر [1] .
__________
[1] وقال ابن عساكر في رجال مالقة: ولد سنة ست وعشرين وخمسمائة، وكان أبو جعفر بن الناووس يتهمه ويقول إنه كان يزيد في سنّه ويدّعي في القراءة ما لم يسمعه.
وقال أبو علي الترمذي: تكلّم ابن الناووس في منصور هذا وأبلغ وأظهر التعسّف في أمره، فأخبرني أبو بكر بن أبي نصر، عن المحدّث أبي بكر بن زروق أنه ناظر ابن الناووس في أمر أبي علي حتى يذعن له أبو جعفر قال أبو علي منصور هذا قد وثّقه الأشياخ منهم أبو بكر بن زروق وصحّحوا روايته، وأخبرني أبو القاسم السهيليّ أنه وقف على إجازة لأبي معشر لأبي علي منصور عند بعض أهل مالقة. قال: وقد رحل إليه أبو عبد الله النميري، وتلا عليه القرآن، فأقرّه على ابن الناووس ولم يهمّ بشيء من روايته، ولا شك أن النميري أتمّ معرفة ومعه ابن الناووس. وقد روى الأستاذ أبو محمد القرطبي بالسبع عن أبي القاسم بن دحمان، عن منصور، وكان أعرف الناس بهذا الفن، ونظم أمره في قصيدته المشهورة فقال بعد صدر منها:
وأشياخ منصور علي بن جماعة ... ولابن شريح فيهم المنصب العالي
تلا السبع بالكافي عليه محصّلا ... وحسبك بالكافي مفسّر أشكال
وقال بلقيا الطبري بمكة ... أبي معشر ما شاء من درك أمال
روى عنه تلخيص اليمان رواية ... وعرضا فلا تحفل بقيل ولا قال
قال: وأشار بهذا إلى ما قيل فيه من قصة ابن الناووس، والله أعلم، (لسان الميزان 6/ 94، 95) .(36/150)
سنة سبع وعشرين وخمسمائة
- حرف الألف-
96- أحمد ابن الشَيخ الإمام أبي علي الحسن بن أحمد بن عبد الله [1] .
أبو غالب بن البنّاء البغداديّ الحنبليّ.
شيخ صالح، كثير الرّواية، عالى السّند.
سمع: أبا محمد الجوهريّ، وأبا الحسين بن حسنون النّرسيّ، وأبا يعلى بن الفرّاء، وأبا الغنائم بن المأمون ووالده، وابن المهتدي، باللَّه وطائفة.
وله مشيخة.
وكان مولده في سنة خمس وأربعين وأربعمائة [2] .
وأجاز له: أبو الطَّيب الطَّبريّ، وأبو إسحاق البَرْمكيّ، وأبو بكر بن بِشْران، والعُشَاريّ.
وثّقه ابن الجوزيّ [3] ، وروى عنه هو، و: أبو القاسم بن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ، وهبة الله بن مسعود البابذينيّ [4] ، ومحمد بن هبة الله أبو الفرج
__________
[1] انظر عن (أحمد بن الحسن الحنبلي) في: المنتظم 10/ 31 رقم 39 (17/ 277، 278 رقم 3982) ، ومشيخة ابن الجوزي 69- 71، والتقييد لابن نقطة 135 رقم 153، وتذكرة الحفاظ 4/ 1288، وسير أعلام النبلاء 19/ 603، 604 رقم 352، والمعين في طبقات المحدّثين 154 رقم 1673، والإعلام بوفيات الأعلام 216، ودول الإسلام 2/ 48، والعبر 4/ 71، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 292، ومرآة الجنان 3/ 252، والبداية والنهاية 12/ 206، وعيون التواريخ 12/ 274، وشذرات الذهب 4/ 79، 80.
[2] المنتظم.
[3] في المنتظم.
[4] البابذيني: بفتح الذال المعجمة، وكسر الباء المعجمة بواحدة، وسكون الياء المعجمة من تحتها(36/151)
الوكيل، وعبد الوَهاب بن الشَيخ عبد القادر، وإسماعيل بن عليّ القطّان، وعمر بن طَبَرْزد، وخلْق سواهم.
وتُوُفّي في صفر. وقيل في ربيع الأوّل.
وتفرد بالأجزاء القطعيات الّتي لم يبق ببغداد شيء أعلى [1] منها في وقته.
97- أحمد بن عمّار بن أحمد بن عمّار بن المسلم [2] .
أبو عبد الله الحسينيّ الكوفيّ، مجد الشّرف، الشّاعر المشهور.
مدح المسترشد، والوزير أبا عليّ بن صَدَقة.
ومن شعره:
وباكية أبكت فأبدت محاسنًا ... أراقت فراقت أنفس الركْب عن عمدِ
حبابًا على خمرٍ وليلًا [3] على ضُحى ... وغصنًا على دعصٍ وذرا على وردِ
وله:
ناس يسيء برأيه ويري ... صَرْفَ الحوادث غير متَّهمِ
لك في الّذي تُبْديه معذرةً ... من نام لم ينفك في حُلمِ
عاش اثنتين وخمسين سنة.
98- أسعد بن صاعد بن منصور بن إسماعيل [4] .
أبو المعالي النَّيْسابوريّ الحنفيّ، خطيب نَيْسابور.
سمع: جدّه، وأبو بكر بن خَلَف الشّيرازيّ، وموسى بن عمران الصُّوفيّ، وأبا بكر الشّيرويّ.
__________
[ () ] باثنتين، وكسر النون نسبة إلى باذبين قرية تحت واسط.
[1] في الأصل: «أعلاه» .
[2] انظر عن (أحمد بن عمّار) في: عيون التواريخ 12/ 267- 269، والوافي بالوفيات 7/ 256.
[3] في عيون التواريخ: «دليلا» .
[4] انظر عن (أسعد بن صاعد) في: المنتخب من السياق 168 رقم 409، والمنتظم 10/ 31، 32 رقم 40 (17/ 278 رقم 3983) ، والجواهر المضيّة 1/ 382، 383 رقم 311، والوافي بالوفيات 9/ 15، والطبقات السنية، رقم 469.(36/152)
كان إليه الخطابة والوعظ والتّدريس ببلده، وكان مقبولًا عند السّلطان [1] .
تُوُفّي في ذي القعدة، وقد قدم بغداد رسولًا من السّلطان سَنْجَر، فسمع منه ابن عساكر، وغيره [2] .
- حرف العين-
99- عبد الله بْن أحمد بْن عليّ بن جحشوَيه [3] .
المحدِّث المفيد أبو محمد البغدادي. سِبْط قريش.
طلب بنفسه وكتب الكثير، وسمع من: النّعاليّ، وطرّاد، وابن البَطِر، وطبقتهم.
وحدَّث بأكثر مسموعاته.
روى عنه: عبد الله بن أبي المجد الحربيّ، وغيره.
قال ابن النّجّار: مات في شوال سنة سبع وعشرين.
100- عبد الجبّار بن أبي بكر بن محمد [4] .
أبو محمد الأزْديّ، الصَّقَلّيّ، الشّاعر.
له ديوان مشهور.
__________
[1] وقال ابن الجوزي: وكان من بيت العلم والقضاء والخطابة والتدريس والتذكير، واشتغل بالعلم حتى أربى على أقرانه. (المنتظم) .
[2] وقال ابن السمعاني: ولم يتفق لي السماع منه. (الجواهر المضيّة) .
[3] ترجمته في الجزء الضائع من (ذيل تاريخ بغداد) لابن النجار.
[4] انظر عن (عبد الجبار بن أبي بكر) في: الذخيرة لابن بسام مجلد 4 ق 1/ 320- 342، وتكملة الصلة لابن الأبار 637، 638، وخريدة القصر (قسم المغرب) 2/ 194- 207، والمطرب من أشعار أهل المغرب 54- 57، ووفيات الأعيان 3/ 212- 215، وبدائع البدائه 70- 72، 78، 179، 180، 310، وآثار البلاد وأخبار العباد للقزويني 215، والروض المعطار 230، 368، والوافي بالوفيات 18/ 41- 47 رقم 41، وعيون التواريخ 12/ 255- 267، والبداية والنهاية 12/ 206، وكشف الظنون 290، 799، والأعلام 4/ 47، 48، ومعجم المؤلفين 5/ 79، والفكر الأندلسي 96.
وانظر مقدّمة ديوان ابن حمديس للدكتور إحسان عباس، بيروت 1960، وفيه مصادر ترجمته.
وقد تقدّمت ترجمته في الطبقة الماضية.(36/153)
دخل الأندلس ومدح المعتمد بن عَبّاد.
وتُوُفّي في هذه السّنة في رمضان بجزيرة مَيُورقَة. وجزيرة صَقَلّية يحيط بها البحر، وهي بحذاء إفريقية. أخذتْها النّصاري في سنة أربع وستّين وأربعمائة.
101- عبد الكريم بن إسحاق.
أبو زُرْعة البزّاز الرّازيّ.
قدِم سنة إحدى وثمانين ببغداد، وسمع عاصم بن الحَسَن، وجماعة.
وسمع بالرّي من: عبد الكريم الوزّان، وبأصبهان من: أبي عبد الله الرفقيّ. قال أبو سعد السّمعانيّ: كان صدوقًا، ثقة. حدّثنا عنه جماعة. وعاش سبْعًا وثمانين سنة.
102- عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن داود [1] .
أبو القاسم الحمزيّ. من حمزيّ مدينة بالمغرب.
قدِم بغداد وسكنها.
قدِم على أبي عليّ التُّسْتَري، فسمع منه «سنن أبي داود» .
وسمع ببغداد من: أبي نصر الزّينبي.
سمع منه: أبو القاسم بن عساكر السُنَن، وحدَّث عنه هو، وأبو المعمّر.
تُوُفّي في ربيع الآخر.
103- عليّ بن عُبَيْد الله بن نصر بن عُبَيْد الله بن سهل [2] .
الإمام أبو الحسن بن الزّغوانيّ، شيخ الحنابلة ببغداد.
__________
[1] انظر عن (عبد الملك بن عبد الله) في: الأنساب 4/ 220.
[2] انظر عن (علي بن عبيد الله) في: المنتظم 10/ 32 رقم 42 (17/ 278، 279 رقم 3985) ، ومشيخة ابن الجوزي 79- 81، ومناقب الإمام أحمد 529، والكامل في التاريخ 11/ 9 وفيه:
«علي بن عبد الله» ، واللباب 2/ 53، وتاريخ الحكماء 11، ووفيات الأعيان 3/ 453 وفيه:
«علي بن عبد الله» ، والمعين في طبقات المحدّثين 154 رقم 1675، والإعلام بوفيات الأعلام 216، ودول الإسلام 2/ 48، وسير أعلام النبلاء 19/ 605- 607 رقم 354، والعبر 4/ 72، وعيون التواريخ 12/ 254، والبداية والنهاية 12/ 205، ومرآة الجنان 3/ 252، والوافي بالوفيات (مخطوط) 12/ 112، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 180- 184 رقم 81 وكشف الظنون 290، 2001، وشذرات الذهب 4/ 80، 81، وإيضاح المكنون 2/ 145، وهدية العارفين 1/ 696، ومعجم المؤلفين 7/ 144، 145.(36/154)
سمع الكثير بنفسه، ونسخ بخطّه.
ووُلِد سنة خمس وخمسين وأربعمائة.
حدَّث عن: أبي جعفر ابن المسلمة، وابن هَزَارْمَرْد، وعبد الصّمد بن المأمون، وعلي بن البُسْريّ [1] ، وأبي الحسين بن النَّقُور، وجماعة.
وقرأ بالرّوايات، وتفقَّه على يعقوب البَرْزَبِينيّ [2] .
وكان إمامًا فقيهًا، متبحّرًا في الأصول والفروع، متفننًا، واعظًا، مُناظرًا، ثقة، مشهور بالصّلاح، والدّيانة، والورع، والصّيانة، كثير التّصانيف.
قال ابن الجوزيّ [3] : صحِبته زمانًا، وسمعت منه، وعلَّقت عنه الفِقْه والوعظ.
وتُوُفّي في سابع عشر المحرَّم. وكان الْجَمع يفوت الإحصاء.
وقال أبو سعد السّمعانيّ: روى لنا عنه: عليّ بن أبي تُراب، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو القاسم الحافظ.
وسمعت حامد بن أبي الفتح المَدِينيّ: سمعت أبا بكر محمد بن عُبَيْد الله بن الزّاغُونيّ يقول: حكى بعض النّاس ممّن يوثق بهم أنّه رأى في المنام ثلاثة يقول واحد منهم: اخْسِفْ، وواحد يقول: أَغْرِق، وواحد يقول:
أَطْبِق. يعني البلد.
فأجاب أحدهم: لَا، لأنّ بالقرب منّا ثلاثة أحدهم أبو الحسن بن الزاغُونيّ، والثاني أحمد بن الطّلّاية، والثالث محمد بن فلان من الحربيَّة.
قلت: وروى عنه: بركات بن أبي غالب السّقلاطونيّ، ومسعود بن غيث
__________
[1] تحرّفت في ذيل طبقات الحنابلة إلى: «اليسري» .
[2] في الأصل: «الزرزائي» ، والتصحيح من الأنساب، وذيل طبقات الحنابلة. قال ابن السمعاني:
البرزبيني: بفتح الباء وسكون الراء وفتح الزاي وكسر الباء الأخرى وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى برز بين وهي قرية كبيرة من قرى بغداد على خمسة فراسخ منها. (الأنساب 2/ 146، 147) وذكر منها القاضي أبا علي يعقوب بن إبراهيم بن أحمد بن سطور العكبريّ البرزبيني وكان فقيها فاضلا بارعا. توفي سنة 486 هـ.
[3] في المنتظم 10/ 32 (17/ 279) .(36/155)
الدّقّاق، وأبو القاسم بن معالي بن شدّقينيّ، وأبو الحسن عليّ بن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو حفص بن طَبَرْزَد، وطائفة سواهم.
وهو من متكلّمي الحنابلة ومصنّفيهم.
أملى عليّ القاضي عبد الرحيم بن عبد الله، أنّه قرأ بخطّ أبي الحسن [بن] الزاغُونيّ: قرأ أبو محمد عبد الله بن أبي سعد الضّرير عليَّ القرآن من أوّله إلى آخره، بقراءة أبي عَمْرو، رواية اليَزِيديّ، طريقة ابن مجاهد، وكنت رأيت في المنام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقرأت عليه القرآن من أوله إلى آخره بهذه القراءة المذكورة، وهو صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم يسمع، وإنّي لمّا بلغت في سورة الحجّ إلى قوله تعالى:
إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ 22: 14 [1] الْآيَةَ، أشار بيده أي اسمع، ثمّ قال: هذه الآية من قرأها غُفِر له. ثمّ أشار أن اقرأ، فلمّا بلغت أول يس، قال لي: هذه السّورة من قرأها أَمن من الفَقْر، فلمّا بلغت إلى سورة الإخلاص قال لي: هذه السّورة من قرأها، فكأنّما قرأ ثلث القرآن.
فلمّا كملت الخْتمة قال لي: ما أَعطى [2] الله أحدًا ما أُعطي أهل القرآن.
وإنّي قلت له كما قال لي.
وكتب عليّ بن عُبَيْد الله بن الزاغُونيّ قال: وقرأ عليَّ هذا الكتاب، يعني مختصر الخِرَقيّ، من أوّله إلى آخره أبو محمد الضّرير مِن حِفْظه، ورويته لي عن أبي القاسم الخِرَقيّ رحمه الله.
وكتب عليّ بن عبيد الله بن الزّاغونيّ سنة تسع وخمسمائة [3] .
__________
[1] سورة الحج، الآية 14.
[2] في الأصل: «أعطا» .
[3] وله تصانيف كثيرة، منها في الفقه «الإقناع» في مجلّد، و «الواضح» و «الخلاف الكبير» و «المفردات» في مجلّدين، وهي مائة مسألة. وله مصنّف في الفرائض يسمّى «التلخيص» ، وجزء في «عويص المسائل الحسابية» ، ومصنّف في «الدور والوصايا» . وله «الإيضاح في أصول الدين» مجلّد، و «غرر البيان في أصول الفقه» مجلّدات عدّة، وله ديوان خطب أنشأها، ومجالس في الوعظ. وله «تاريخ» على السنين من أول ولاية المسترشد إلى حين وفاته هو، و «مناسك الحج» و «فتاوى» ، و «مسائل في القرآن» ، و «الفتاوى الرجعية» ، وجزء في تصحيح حديث الأطيط، سدره في المستحيل وسماع الموتى في قبورهم. (ذيل طبقات الحنابلة 1/ 181) .(36/156)
104- عليّ بن يَعْلَى بن عَوَض [1] .
أبو القاسم الهاشميّ العلويّ العُمريّ، من ولد عمر بن عليّ بن أبي طالب.
شيخ جليل واعظ مشهور، صاحب قَبُولٍ. من أهل هَرَاة.
سمع من أبي عامر الأزْديّ، ونجيب بن ميمون، ومحمد بن عليّ العُميريّ الزّاهد.
وورد بغداد فوعظ بها، وسمع من: أبي القاسم بن الحُصَيْن.
وكان يورد في مجلس وعْظه الأحاديث بأسانيدها، ويُظهر السُّنَّة.
قال ابن الجوزيّ [2] : حصل له ببغداد مالٌ وكُتُب وَقَبُولٌ كثير، وحُمِلت إليه وأنا صغير، وحفّظني مجلسًا من الوعظ، فتكلّمت بين يديه يوم ودّع النّاس وسافر إلى مَرْو.
وقال ابن السّمعانيّ [3] : سمعتُ منه حديثًا واحدًا.
105- عمر [4] بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن موسى.
أَبُو جعفر الشّاشيّ، نزيل قاشان، إحدى قرى مرو.
__________
[ () ] وقال ابن الزاغوني في قصيدة له:
إنّي سأذكر عقد ديني صادقا ... نهج ابن حنبل الإمام الأوحد
منها:
عال على العرش الرفيع بذاته ... سبحانه عن قول غاو ملحد
(سير أعلام النبلاء 19/ 606) .
[1] انظر عن (علي بن يعلى) في: المنتظم 10/ 32 رقم 43 (17/ 289 رقم 3986) ، والأنساب 9/ 60، والكامل في التاريخ 11/ 9، والمختصر في أخبار البشر 3/ 8، وتاريخ ابن الوردي 2/ 39، والبداية والنهاية 12/ 208، والوافي بالوفيات 22/ 333، 334 رقم 237، ومرآة الزمان ج 158/ 117.
[2] في المنتظم.
[3] في الأنساب 9/ 60.
[4] هذه الترجمة وردت في الأصل في الطبقة التالية في وفيات سنة 537 هـ. وقال المؤلّف- رحمه الله-: توفي سنة سبع وعشرين، فيحوّل إليها.
وقد حوّلت بناء لقوله.(36/157)
تفقّه على الإمام أبي الفضل التّميميّ، وسمع منه.
ومنه: أبو عبد الله محمد بن الحسين المهْربَنْدَشانيّ، وإسماعيل بن عبد القاهر الْجُرْجانيّ.
وقدم بغداد قبل الثّمانين وأربعمائة حاجًا، وسمع أبا ... [1] عبد الرحمن بن ميمون المتولّي. وحدَّث.
تُوُفّي سنة سبْعٍ وعشرين، فيُحوَّل إليها.
- حرف الكاف-
106- كريم المُلْك [2] .
أبو الحسن. وأسمه: أحمد بن عبد الرّزّاق.
وزير الملك شمس الملوك صاحب دمشق.
مات في ذي الحجَّة، وتأسّف النّاس عليه لحسن طريقته، وحميد خلاله، وكثْرة تلاوته.
107- كريمة بنت الحافظ أبي بكر محمد بن أحمد ابن الخاضبة.
رَوَت عن: أبي الحسين بن النّقّور.
وعنها: أبو القاسم بن عساكر، وأبو المعمّر الأنصاريّ، وغيرهما.
وتُوُفّيت في رجب.
قال ابن السّمعانيّ: رأيت نسخةً «بتاريخ بغداد» كاملةً بخطّها.
- حرف الميم-
108- محمد بن إدريس.
أبو عبد الله الجذاميّ الغَرْناطيّ.
حدَّث «بصحيح البخاريّ» ، عن بكّار، عن أبي ذَرّ الهَرَويّ، وكان فقيهًا، مفتيا.
__________
[1] بياض في الأصل.
[2] انظر عن (كريم الملك) في: ذيل تاريخ دمشق 240.(36/158)
روى عنه: أبو خالد بن رفاعة.
109- محمد بن الحسين بن عليّ [1] .
أبو بكر البغداديّ المِزْرَفيّ [2] ، ومِزْرَفَة بين عُكْبرا وبغداد، الفَرَضيّ الحاجيّ.
ولد سنة تسع وثلاثين وأربعمائة ببغداد.
وسكن به أبوه مُدَّةً في أيّام الفتنة بالمِزْرفة. وقرأ بالروايات وجوّد.
وسمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الحسين ابن المهتدي باللَّه، وعبد الصّمد بن المأمون، وأبا عليّ بن البنّاء، والصَّرِيفينيّ، وخلْقًا سواهم.
وتلا على أصحاب الحمّاميّ.
روى عنه: ابن عساكر، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو الفتح المنْدائيّ، وطائفة.
وأقرأ القراءات.
ويقول الحافظ ابن عساكر وغيره إنّه مات ساجدا. مبرّزا مات في أوّل السّنة.
وقال ابن الجوزيّ [3] : كان ثقة، عالمًا، حَسَن العقيدة رحمه الله.
110- منصور بن محمد بن محمد بن الطَّيِّب [4] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن الحسين) في: المنتظم 10/ 33، 34 رقم 47 (17/ 280، 281 رقم 3990) ، ومشيخة ابن الجوزي 59- 61، ومعجم البلدان 5/ 121، والإعلام بوفيات الأعلام 216، والمعين في طبقات المحدّثين 155 رقم 1676، ومعرفة القراء الكبار 1/ 484 رقم 429، والعبر 4/ 72، 73، والمشتبه في الرجال 1/ 357، وسير أعلام النبلاء 19/ 631، 632 رقم 372، وعيون التواريخ 12/ 275، والوافي بالوفيات 3/ 10، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 178- 180 رقم 80، وغاية النهاية 2/ 131 رقم 2966، وعقد الجمان (مخطوط) 16/ ورقة 54، والنجوم الزاهرة 5/ 251، وشذرات الذهب 4/ 81، 82.
[2] تحرّفت النسبة إلى «الزرفي» في: المعين في طبقات المحدّثين 155 وقال ابن الجوزي:
يعرف بالمزرفي ولم يكن من المزرفة وإنما انتقل إلى المزرفة أيام الفتنة فأقام بها مدة، فلما رجع قيل له: المزرفي (المنتظم) .
[3] في المنتظم.
[4] انظر عن (منصور بن محمد) في: التحبير 2/ 318، 319 رقم 1018، والأنساب 417 ب،(36/159)
أبو القاسم العَلَويّ العُمَريّ الهَرَويّ، المعروف بالفاطميّ.
كان فقيهًا، مناظرًا، وواعظًا، رئيسًا. كان رفيع المنزلة عند الخاصّ والعامّ، ذا ثروةٍ وأموال. يقال كان له ثلاثمائة وستون طاحونة.
سمع بهَرَاة من: جدّه لأمه أبي العلاء صاعد بن منصور الأزْديّ، ومحلّم بن إسماعيل، ومحمد بن أبي عاصم العُمَريّ.
وبنَيْسابور من: أبي القاسم القُشَيْريّ، وأبي شجاع الميكاليّ.
وقَدِم بغداد مرَّتين.
وروى عنه: ابن ناصر، والسِّلَفيّ، ويحيى بن بوش.
قال ابن السّمعانيّ: كان شيخنا أبو الحسن الأزديّ سيّئ الرأي فيه، قال:
لَا أروي عنه حرفًا.
تُوُفّي أبو القاسم الفاطميّ بَهَراة في رمضان.
وقال السّمعانيّ في «التّحبير» [1] : أجاز لنا، وكان فقيهًا مبّرزًا مدقّقًا [2] ، مولده سنة أربعٍ وأربعين وأربعمائة.
__________
[ () ] واللباب 2/ 193، وطبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح 2/ 672، 673 رقم 260، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 306، 307، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 530، وطبقات ابن كثير (مخطوط) ورقة 15/ أ.
[1] ج 2/ 319.
[2] وزاد: «أحد الدّهاة الأذكياء، وكلماته سائرة بين الناس مشهورة، يتأوّله الناس في المذاكرة» .(36/160)
سنة ثمان وعشرين وخمسمائة
- حرف الألف-
111- أَحْمَد بْن عليّ بْن إِبْرَاهِيم [1] .
الشيخ أبو الوفاء الشّيرازيّ، القدوة، الزّاهد، الفيروزآباذيّ، شيخ الرِّباط الّذي حِذَاء جامع المنصور ببغداد.
قَدِم بغداد وسمع من: أبي طاهر الباقِلّانيّ [2] ، وأبي الحسن الهكّاريّ [3] شيخ الإسلام.
وخدم المشايخ، وسكن بالرّباط المذكور. ويُعرف برباط الزَّوْزَنيّ [4] .
قال ابن السّمعانيّ: اتّفقَت الأَلْسُن على مدحه. صحب المشايخ بفارس، وكان يحفظ من كلام القوم وسِيَرَهم وأحوالهم، ومن الأشعار المناسبة لذلك شيئًا كثيرًا. واتَّفق أنّ أبا عليّ المغربيّ أحضر رجلًا يقال له محمد المغربيّ إلى الشَيخ أبي الوفاء وأثنى عليه، وقال: إنّه يصلح لخدمتك، فاستخدمه الشَيخ وقرّبه، وكان يسعى في مَهَمّاته، فضاق منه أبو عليّ المغربيّ، فقال لأبي الوفاء:
أريد أن تُخْرجه من الرباط ولا يخدمك.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي) في: المنتظم 10/ 36 رقم 49 (17/ 284، 285 رقم 3992) وفيه: «أحمد بن إبراهيم» ، والكامل في التاريخ 11/ 9 (في المتوفين سنة 527 هـ) ، ومرآة الجنان 3/ 253، والبداية والنهاية 12/ 206، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 148، 149، وشذرات الذهب 4/ 82.
[2] في المنتظم، ومرآة الزمان: «الباقلاوي» ، وهو أحمد بن الحسن بن أحمد المتوفى سنة 489 هـ.
[3] هو علي بن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد المتوفى سنة 493 هـ.
[4] المنتظم.(36/161)
فقال: ما يحسُن هذا. تُثنى على رجلٍ فتقرّبه، ثمّ تضيق منه فتُخْرجه.
هذا لَا يليق. فعمل أبو عليّ:
إن خلي أبا الوفا ... في صفاي أبي الوفا
باع ودّي بردٍ من ... لُطْفه غاية الجفا
وقال أبو الفَرَج بن الجوزيّ [1] : كان أبو الوفاء على طريقة مشايخه في سماع الغناء والرَّقْص. وكان يقول لشيخنا عبد الوهّاب: إنّي لأدعو الله في وقت السَّماع. وكان شيخنا يتعجَّب ويقول: أَلَيْس يعتقد أنّ ذلك وقت إجابة، وهذا غاية القُبْح.
وحكى أبو الوفاء أنّ فقيرًا كان يموت وعياله يبكون، ففتح عينيه وقال: لِمَ تبكون، أَلِمَوْتي؟ قالوا: لَا، الموت لَا بدّ منه، ولكن نبكي على فضيحتنا، لأنّه ليس لك كَفَن.
فقال: إنّما نفتضح لو كان لي كفن.
قال ابن الجوزيّ [2] : تُوُفّي أبو الوفاء في حادي عشر صفر. وصلّى عليه خلْق، منهم أرباب الدّولة وقاضي القُضاة. ودُفن على باب الرّباط. وعمل له الخادم نَظَر بعد يومين دعوة عظيمة، أنفق فيها مالًا على عادة الصُّوفيَّة، واجتمع فيها خلْق.
وكان أبو الوفاء ينشد أشعارًا رقيقة، أنشد مرَّة لأبي منصور الثّعالبيّ:
وخيط نمَّ في حافّات وجهٍ ... له في كلّ يومٍ ألفُ عاشقٍ
كأنّ الرّيحَ قد مرّت بمسْكٍ ... وذرَّت ما حَوَتْهُ من الشّقائقِ
112- أحمد بن عليّ بن الحسن بن سَلْمُوَيْه.
أبو عبد الله النَّيسابوريّ الصُّوفيّ.
شيخ طريفٌ معمَّر. وُلِد قبل الأربعين.
__________
[1] في المنتظم 10/ 36.
[2] في المنتظم 10/ 37.(36/162)
وحدَّث عن: عبد الغافر بن محمد الفارسيّ، وعمر بن مسرور، وأبي سعد الكَنْجرُوذيّ.
ورحل مع والده، وسمع من: أبي محمد الصَّرِيفِينيّ، وغيره.
وخدم أبا القاسم القُشَيْريّ، وكان يقرأ بين يديه الأبيات بصوت رخيم ليّن.
روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: تُوُفّي سنة 528 أو قبلها.
113- أحمد بن عليّ بن محمد بن السَّكَن.
أبو محمد بن المِعْوَجّ.
سمع: عليّ بن البُسْريّ، وجماعة.
وعنه: مُعَمَّر بن الفاخر، ومحمود الخيّام، وغيرهما.
114- أُمَيَّة بن عبد العزيز بن أبي الصَّلْت [1] .
أبو الصَّلْت الأندلسيّ الدّانيّ، مصنّف كتاب «الحديقة» .
كان عالمًا بالفلسفة، ماهرًا في الطّبّ، إمامًا فيه وفي علوم الأوائل.
سكن الإسكندرية مدَّةً، وكان مولده بدانية في سنة ستّين وأربعمائة.
أخذ عن: أبي الوليد الوقْشيّ قاضي دانية، وغيره.
وقَدِم الإسكندرية سنة تسعٍ وثمانين، ونفاه الأفضل شاهنشاه من مصر في سنة خمسٍ وخمسمائة. ثمّ دخل إلى المَهْديَّة، وحلّ من صاحبها عليّ بن يحيى بن باديس بالمحلّ الجليل.
__________
[1] انظر عن (أميّة بن عبد العزيز) في: تاريخ الحكماء 80، وخريدة القصر (قسم شعراء المغرب) 1/ 189- 270 و 4/ ج 1/ 223- 343، ومعجم الأدباء 7/ 52- 70، والكامل في التاريخ 11/ 8، وتحفة القادم 3، وعيون الأنباء في طبقات الأطباء 2/ 53- 62، والمغرب 1/ 256، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 200، ووفيات الأعيان 1/ 243- 247، والعبر 4/ 74، وسير أعلام النبلاء 19/ 634، 635 رقم 375، والإعلام بوفيات الأعلام 216، 217، وعيون التواريخ 12/ 296- 301، ومرآة الجنان 3/ 253، 254 والوافي بالوفيات 9/ 402 رقم 4333، والمقفّى الكبير 2/ 297، 298 رقم 842، وحسن المحاضرة 1/ 539، ونفح الطيب 2/ 105، وشذرات الذهب 4/ 83- 85، وديوان الإسلام 1/ 43، 44 رقم 35، والأعلام 2/ 23. وسيعاد مختصرا في وفيات السنة التالية برقم (132) .(36/163)
وكان بارعًا في معرفة النّجوم والوقت، بارعًا في الموسيقى وفي الشَّعر، حاذقًا بلعب الشّطرنج. وله رسالة مشهورة في الأسطُرلاب. وله كتاب «الوجيز» في علم الهيئة، وكتاب «الأدوية المفردة» ، وكتاب في المنطق، وكتاب «الانتصار» في أصول الطّب.
صنَّف بعضها في سجن الأفضل [1] .
وقيل إنّ أمير الإسكندرية حبسه مُدَّةً لأنّه قدِم إلى الإسكندرية مركبٌ موقَر نحاسًا، فغرق وعجزوا عن استخراجه، فقال أبو الصَّلْت: عندي فيه حيلة.
فطاوعه الأمير، وبذل له أموالًا لعمل الآلات، وأخذ مركبًا كبيرًا فارغًا، وعمل على جنبيه دواليب بحبال حرير، ونزل الغطّاسون، فأوثقوا المركب الغارق بالحبال، ثمّ أُديرت الدّواليب، فارتفع المركب الغارق بما فيه إلى أن لاطخ المركب الّذي فيه الدّواليب وتمّ ما رامه، لكن انقطعت الحبال وهبط، فغضب الأمر للغرامة وسجنه [2] .
ومن شِعره:
إذا كان أصلي من تُراب فكلُّها ... بلادي، وكُلُّ العالمين أقاربي
ولا بُدّ لي أن أسأل العِيسَ حاجَةً ... تشُقَّ على شُمّ الذُّرَى والغَوارِبِ [3]
وله:
وقائلةٍ: ما بالُ مثلِكَ خامِلٌ [4] ؟ ... أأنت ضعيفُ الرّأي، أم أنتَ عاجزُ؟
فقلت لها: ذنبي إلى القوم أنّني ... لما لم يحُوزُوه من المجدِ حائزُ [5]
وله:
ومُهَفْهَفٍ تركتْ محاسنُ وجهِهِ ... ما مَجَّهُ في الكأسِ من إبريقه
__________
[1] انظر: معجم الأدباء 7/ 64، ووفيات الأعيان 1/ 247.
[2] عيون الأنباء 2/ 52.
[3] البيتان في: وفيات الأعيان 1/ 244، ومرآة الجنان 3/ 254.
[4] في مرآة الجنان، وعيون التواريخ: «خاملا» .
[5] البيتان في: مرآة الجنان، وعيون التواريخ، وزاد في وفيات الأعيان 1/ 244 بيتا ثالثا:
وما فاتني شيء سوى الحظّ وحده ... وأما المعالي فهي عندي غرائز(36/164)
فَفِعالُها من مُقْلَتْيه، ولَوْنها ... من وجْنَتَيه، وطَعْمُها من ريقِهِ [1]
وله:
عجِبْتُ من طَرْفِكَ في ضَعْفهِ ... كيف يَصيدُ البَطَلَ الأصْيَدا
يفعَلُ فينا وهو في غمده ... ما يفعل السّيف إذا جُرِّدا [2]
ومن شِعره، وأوصى أن يُكتب على قبره، وهو يدلّ على أنّه مسلم الاعتقاد:
سكنتُك يا دارَ الفَناء مصدِّقًا ... بأنّي إلى دار البقاء أصيرُ
وأعظم ما في الأمر أنّي صائِرٌ ... إلى عادلٍ في الحُكْم ليسَ يجورُ
فيا لَيتَ شِعْري، كيف ألقاه عندها ... وزادي قليل، والذّنوبُ كثيرُ
فإنْ أك مُجَزِيًا [3] بذنْبي فإنّني ... بشرٌ [4] عقابِ المذنبين جديرُ
وأنْ يكُ عفوٌ منه عنّي [5] ورحمةٌ ... فثمّ نعيمٌ دائمٌ وسُرورُ [6]
تُوُفّي رحمه الله بمرض الاستسقاء بالمهديَّة في منسلخ العام، وقيل: في مستهلّ سنة تسعٍ.
- حرف الثاء-
115- ثابت بن منصور الكيليّ [7] .
أبو العزّ مِن أهل العراق.
سمع الكثير ونسخ، وعُنِي بالحديث.
سمع: رزق الله التّميميّ، وعاصم بن الحسن، ومحمد بن إسحاق الباقرحيّ.
__________
[1] البيتان في: وفيات الأعيان 1/ 245، وعيون التواريخ.
[2] البيتان في: وفيات الأعيان، وخريدة القصر، وعيون التواريخ.
[3] في الأصل: «مخزيا» والتصحيح من المصادر.
[4] في مرآة الجنان: «بسوء» .
[5] في عيون الأنباء: «عفو ثم عني» ، وفي مرآة الجنان: «وإن يك منك ربي» .
[6] الأبيات في: وفيات الأعيان، وعيون الأنباء، ومرآة الجنان.
[7] انظر عن (ثابت بن منصور) في: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 186- 188 رقم 85.(36/165)
قال ابن ناصر: هو صحيح السّماع ما يعرف شيئًا. تُوُفّي في ذي الحجَّة.
وقال غيره: كان يحفظ ويدريّ.
وقال ابن النّجّار: خرَّج في فنون، وكان صدوقًا. روى لنا عنه: مظفّر بن عليّ الخيّاط، وستّ الكَتَبة بنت يحيى الهَمَذانيّ.
وروى عنه: السِّلَفيّ وقال: كان فقيهًا على مذهب أحمد. كتب كثيرًا معنا وقبلنا، وكان ثقة زعر الأخلاق.
- حرف الحاء-
116- الحسن بن أحمد بن محمد بن جكينا [1] .
أبو محمد الحريميّ الشّاعر المشهور، صاحب الرَّشاقة، والحلاوة، والظّرافة في شِعْره. وكان هجّاءً، غوّاصًا على المعاني. ويلقّب بالبرغوث.
وهو القائل:
ولائمٌ لام في التّحالي ... لمّا استباحوا دم الحُسَيْني
فقلت: دعني أحقّ عضو ... ألبسه بالحِداد عيني
مات في ربيع الأوّل، ترجمه ابن النّجّار.
117- الحسن بن أبي الذّكْر محمد بن عبد الله بن حسين [2] .
القُدوة، أبو عبد الله المصريّ، الجوهريّ، الزّاهد، النّاطق بالحكمة.
قال السِّلَفيّ: قرأنا عليه، عن أبي إسحاق الحبّال، وغيره. وكان حلو الوعظ [3] .
وتوفّي في جمادى الأولى.
__________
[1] ترجمته في الجزء الضائع من (ذيل تاريخ بغداد) لابن النجار.
[2] انظر عن (الحسين بن أبي الذكر) في: معجم السفر للسلفي 1/ 162 رقم 52.
[3] وزاد: واعظ بن واعظ بن واعظ بن واعظ ... لم يكن في بيتهم أحلى كلاما منه، وعلّقت عنه حكايات كثيرة بمصر والإسكندرية. وتعرّض في آخر عمره لما لا يعنيه، وأظهر فيما أتاه ضرورة لم يقدر على دفعها من قبل سلطان الوقت، فصدّق في ذلك، ثم رجع إلى الصواب، والله تعالى يقبل توبته برحمته.(36/166)
- حرف الخاء-
118- الخَفِرةُ بنت مبشّر بن فاتك [1] .
الدّمشقيَّة الجديدية.
روت عن: محمد بن الحسين الطّفّال، وأبي طاهر محمد بن سعدون المَوْصِليّ، وغيرهما.
روى عنها: أبو طاهر السِّلَفيّ، وقال: تُوُفّيت في جُمَادى الأولى أيضًا.
قلت: هي آخر من حدّث عن الطّفّال. وكان أبوها محمود الدّولة من أمراء المصريّين، صنَّف في الطّبّ، والمنطق، وغير ذلك.
- حرف العين-
119- عَبْد اللَّه بْن المبارك بْن الحسن [2] .
أبو محمد البغداديّ المقرئ، ويعرف بابن ينال [3] .
سمع: أبا نصر الزَّيْنبيّ، وعاصمًا، وأبا الغنائم بن أبي عثمان.
وتفقه على: أبي الوفاء بن عَقِيل، وأبي سعد البَرَدانيّ.
وباع ملكًا له واشترى كتاب «الفنون» وكتاب «الفصول» لابن عَقِيل، ووقَفَهُما [4] .
وتُوُفّي رحمه اللَّه فِي جُمَادَى [الأولى] [5] .
120- عَبْدِ الخلّاق بْن عَبْد الواسع بْن عَبْد الهادي ابن شيخ الإسلام أبي إسماعيل عبد الله بن محمد بن عليّ [6] .
__________
[1] انظر عن (الخفرة) في: معجم السفر للسلفي (مصوّرة دار الكتب المصرية) ق 2.
[2] انظر عن (عبد الله بن المبارك) في: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 185 رقم 83، والمنتظم 10/ 38، رقم 52 (17/ 287 رقم 3995) ، وشذرات الذهب 40/ 85.
[3] في المنتظم: «نبال» .
[4] وقال ابن الجوزي: وكان صحيح السماع من أهل السّنّة.
[5] إضافة من المنتظم.
[6] انظر عن (عبد الخلّاق بن عبد الواسع) في: المنتظم 10/ 39 رقم 53 (17/ 287، 288 رقم 3996) وفيه: «عبد الخالق» .(36/167)
الأنصاريّ الهرويّ، أبو الفتوح بن أبي رفاعة، من أبي عَرُوبة.
كان حَسَن الأَخلاق، حُلْو الشّمائل [1] .
سمع: محمد بن علي العُمَيْريّ، ونجيب بن ميمون الواسطيّ.
وحدَّث ببغداد.
روى عنه: أبو المُعَمَّر الأنصاري، وأبو القاسم بن عساكر.
وتُوُفّي في شعبان.
121- عبد الواحد بن شنيف [2] .
أبو الفَرَج البغداديّ.
تفقّه على أبي عليّ البَرَدانيّ. وكان فقيهًا، مناظرًا، مجوِّدًا. له مال ورئاسة [3] .
تُوُفّي في شعبان.
122- عليّ بن أحمد بن عليّ [4] .
العلّامة أبو الحسن السّجْزِيّ، ثمّ البلخيّ، الفقيه المعروف بالإسلاميّ.
مقدّم أصحاب أبي حنيفة، رحمه الله، ببلخ.
__________
[1] وقال ابن الجوزي جمع وحدّث، وكان جوادا.
[2] انظر عن (عبد الواحد بن شنيف) في: المنتظم 10/ 39 رقم 54 (17/ 288 رقم 3997) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 150، 151، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 185، 186 رقم 84.
[3] وقال ابن الجوزي: وكانت له فطنة عظيمة وشجاعة وقوّة قلب. حدّثني أبو الحسن بن عربية قال: كان تحت يده مال لصبيّ، وكان قد قبض المال ولصبيّ فهم وفطنة، فكتب الصبي جملة التركة عنده، وأثبت ما يأخذه من الشيخ. فلما مرض الشيخ أحضر الصبيّ وقال له: أيّ شيء لك عندي؟ فقال: والله ما لي عندك شيء، لأن تركتي وصلت إليّ بحساب محسوب وأخرج سبعين دينارا وقال: خذ هذه لك، فإنّي كنت أشتري لك بشيء من مالك وأعود فأبيعه، فحصل لك هذا المال.
وحدّثني أبو الحسن، قال: توفي رجل حشويّ بدار القزّ، وكان أبو العباس الرطبي يتولّى التركات، فكتب إليه الشيخ عبد الواحد، تتولّى تركة فلان، فحضر وأعطى زوجته حقها، وأعطى الباقي ذوي أرحامه، وكتب بذلك، فكتب ابن الرطبي مع مكتوبة إليه إلى المسترشد يخبره بما صنع وأنه ورّث ذوي الأرحام، فكتب المسترشد: نعم ما فعل، إذ عمل بمذهبه، وإنما الذنب لمن استعمل في هذا حنبليا وقد علم مذهبه في ذلك. وتوفي عبد الواحد في شعبان وخلّف مالا كثيرا. (المنتظم) .
[4] انظر عن (علي بن أحمد) في: التحبير 1/ 561 رقم 544، وسير أعلام النبلاء 19/ 635، 636 رقم 376، والجواهر المضيّة 2/ 537، والطبقات السنية، رقم 1442.(36/168)
عُمّر دهرًا، وروى الكثير، وكان زاهدًا، حَسَن السّيرة.
روى عنه بالإجازة: السمعانيّ، وقال [1] : سمع: منصور بن إسحاق الحافظ، والوخْشيّ، والعَيَّار. فمن ذلك «صحيح البخاريّ» ، سمعه من منصور ابن إسحاق، عن إسماعيل الكُشَانيّ، ويرويه أيضًا عن أبي عثمان العَيَّار.
وسمع «سُنَن أبي داود» من الوخْشيّ.
مات في سلْخ ربيع الآخر، وقيل: ليلة نصف ذي الحجَّة.
123- عليّ بن عطيَّة الله بن مُطَرِّق [2] .
أبو الحسن اللّخْميّ، البَلَنْسِيّ، الشّاعر المشهور بابن الزَّقّاق.
أخذ عن أبي محمد البَطَلْيُوسيّ، وبرع في الآداب، وتقدَّم في صناعة الشِّعر، وامتدح الكِبار، واشتهر اسمه، ودُوِّن شِعْره، ولم يبلغ الأربعين.
سمع منه: الحافظ أبو بكر بن رزق الله.
- حرف الميم-
124- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ [3] .
أبو بكر القطّان البغداديّ، ويُعرف بابن الحلّاج.
حدَّث عن: أبي الغنائم بن أبي عثمان.
قال ابن الجوزيّ [4] : كان خيّرا، زاهدًا، كثير العبادة، دائم التّلاوة، حَسَن الأخلاق. كان النّاس يتبرّكون به، وكنت أزوره.
وقال غيره: سمع من: مالك البانياسيّ، وقرأ على أبي طاهر بن سوار.
روى عنه: الحافظان ابن عساكر، وأبو موسى المدينيّ.
__________
[1] في التحبير 1/ 561.
[2] انظر عن (علي بن عطية الله) في: خريدة القصر (قسم شعراء الأندلس) ق 2 ج 2/ 647 وفيه:
«علي بن إبراهيم بن عطيّة» ، وفوات الوفيات 2/ 125، وعيون التواريخ 12/ 286- 290، وشذرات الذهب 4/ 89.
[3] انظر عن (محمد بن أحمد القطان) في: المنتظم 10/ 39، 40 رقم 55 (17/ 288 رقم 3998) ، والبداية والنهاية 12/ 207.
[4] في المنتظم.(36/169)
125- محمد بن حبيب بن عبيد الله بن مسعود [1] .
أبو عامر الأُمَويّ الشّاطبيّ.
روى عن: طاهر بن مفوّز، وأبي داود المقرئ، ويوسف بن عديس.
قال ابن بَشْكُوال: أجاز لنا، وسمع منه أصحابنا ووصفوه بالجلالة والفضل والدّيانة.
تُوُفّي بشاطبة.
126- مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن مَسْعُود [2] .
الْإِمَام، أَبُو الفضل المَرْوَزِيّ، الزّاهد، المسعوديّ، الواعظ.
قال السّمعاني: كان حَسَن الموعظة والنُّصْح، سريع الدَّمْعة كان السّلطان سَنْجَر يزوره.
سمع من جماعة، وحدَّث.
مولده في سنة إحدى وخمسين [3] ، ومات في جُمَادى الأولى.
127- محمد بْن عَبْد العزيز بْن أحمد بن زُغَيْبة [4] .
أبو عبد الله الكِلابيّ الأندلسيّ المُرْسيّ.
وُلِد سنة خمسين وأربعمائة.
وروى عن: أبي العبّاس العُذريّ، والقاضي أبي عبد الله بن المرابط، وعبد الجبار بن أبي قحافة، وأبي عليّ الغساني، وجماعة.
وكان ذاكرًا للمسائل، عارفًا بالنوازل، حاذقًا بالفتوى. قاله ابن بَشْكُوال.
وقال: أجاز لنا، وتُوُفّي في ذي الحجَّة.
أَنْبَا مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ، أَنْبَا أَحْمَدُ بْنُ الْغَمَّازِ، أَنْبَا أَبُو الرَّبِيعِ بْنُ سَالِمٍ، أَنْبَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَنْبَا ابْنُ زُغَيْنَةَ قِرَاءَةً، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْعُذْرِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الرَّازِيِّ، أَنْبَا ابْنُ عَمْرُوَيْهِ، ثنا ابْنُ سُفْيَانَ، نبا مسلم: قال ابن
__________
[1] انظر عن (محمد بن حبيب) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 579، 580 رقم 1276.
[2] انظر عن (محمد بن سعيد) في: التحبير 2/ 131، 132 رقم 755، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 214 أ، 214 ب، والأنساب 11/ 308.
[3] قال في (الأنساب) وكانت ولادته في حدود سنة خمسين وأربعمائة.
[4] انظر عن (محمد بن عبد العزيز) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 579 رقم 1275.(36/170)
قَعْنَبٍ: نبا أَفْلَح بْن حُمَيْد، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ ولحلّه حِينَ أَحَلَّ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ.
128- محمد بن عليّ بن عبد الواحد [1] .
أبو رشيد الآمُليّ.
وُلِد سنة سبْعٍ وثلاثين، وحجّ، وجاور، وكان زاهدًا متبتّلًا، مشتغلًا بنفسه.
قيل إنّه فارق أصحابه من المركب، وأقام في جزيرة يتعبَّد، ثمّ رجع إلى آمُل [2] .
وتُوُفّي في جُمَادى الأولى.
129- مَعَالِي بْن هِبة الله بْن الحَسَن بْن الحُبُوبيّ [3] .
أبو المجد الدّمشقيّ، البزّاز.
سمع: أبا القاسم المصِّيصيّ، ونصر المقدسيّ، وسهل بن بِشْر.
روى عنه: ابن عساكر ووثّقه، ومحمد بن حمزة بن أبي الصَّقْر.
تُوُفّي في سلْخ رمضان.
ويروى عنه: ابن الحَرَسْتانيّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي الآملي) في: المنتظم 10/ 4 رقم 57 (17/ 289 رقم 400) ، والكامل في التاريخ 11/ 18 وفيه: «محمد بن علي بن عبد الوهاب» ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 151، 152.
[2] وقال ابن الجوزي: وكان قد ركب البحر، فلما وصل إلى بعض الجزائر خرج من السفينة وودّع أصحابه، وقال: أريد أن أقيم ها هنا، فسألوه أن لا يقيم، فلم يفعل، فتركوه وذهبوا في البحر، فهاجت ريح، فردّتهم إليه، فسألوه أن يمضي معهم، فما أجاب، فمضوا، فهبّ الريح مرة أخرى، فردّتهم إليه كذلك عدّة نوب ويسألونه فيأبى، فاجتمع التجار إليه وقالوا: تسعى في إتلاف نفوسنا وأموالنا، فإنّا كلّما دفعنا ومضينا ردّتنا الريح إليك، فأصبحنا في دربند، فإذا رجعنا فأقم ها هنا، فأجابهم وأقام معهم في دربند أياما ورجع إلى الجزيرة وأقام بها سنتين.
وكان في الجزيرة عين ماء، فكان يشرب منها ويتوضأ.
[3] انظر عن (معالي بن هبة الله) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 24/ 386 رقم 330.(36/171)
سنة تسع وعشرين وخمسمائة
- حرف الألف-
130- أَحْمَد بْن عَبْد الْعَزِيز بْن مُحَمَّد بْن حبيب [1] .
الفقيه، أبو الطّيّب المقدسيّ، الواعظ، إمام جامع الرّافقة.
سمع من: نصر المقدسيّ، والحسين بن عليّ الطَّبَريّ.
وله ديوان شِعر. وكان مستورًا، قصيرًا، مُعِيلًا.
سمع منه: أبو القاسم بن عساكر في هذا العام بالرّافقة، وهي الرَّقَّةُ الجديدة.
وله يقول:
يا واقفًا بين الفُرات ودِجْلة ... عَطْشان يطلبُ شَرْبَةً من ماءِ
إنَّ البلادَ كثيرةٌ أنهارُها ... وسَحَابُها فكثيرة [2] الأنواءِ
أرضٌ بأرضٍ والّذي خَلَق الوَرَى [3] ... قد قسّم الأرزاق في الأحياءِ [4]
وله:
يا ناظري ناظري دَنِفٌ على السَّهَر ... ويا فؤادي فؤادي منك في ضَرَرِ
ويا حياتي حياتي غير طيّبةٍ ... وهل تطيب بفقْد السَّمع والبَصَرِ
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد العزيز) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 3/ 157 رقم 181، والوافي بالوفيات 7/ 72 رقم 3011.
[2] في تاريخ دمشق، والوافي بالوفيات: «فغزيرة» .
[3] في الأصل: «الورا» .
[4] في تاريخ دمشق بيت قبل الأخير:
ما اختلّت الدنيا ولا عدم الندى ... فيها ولا ضاقت على العلماء(36/172)
ويا سُروري سروري قد ذهبْتَ بِهِ ... وإنْ تَبَقّى قليلٌ فهو في الأثَرِ
والعينُ بعدَكِ يا عيني مَدَامِعُها ... تَسْقي مَغَانيكَ ما يغني عن الْمَطَرِ
وله:
مَن لِصَبٍّ نازح الدّارِ ... نَهْبَ أشواقٍ وأفكارِ
مُسْتَهام القلبِ محترقٍ ... بهوَى أذْكَى من النّارِ
فَنَيْتُ بالبُعْد أرْمُقُهُ ... فهو يبكي بالدّمِ الجاري
فإلى من أشتكي زَمَنًا ... عالّني في حكمه الجاري
صرتُ أرضى بعد رؤيتكم ... بخيالٍ أو بأخبارِ [1]
131- إبراهيم بن الحسن بن محمد بن الحسين [2] .
الشّريف، أبو إسحاق [3] الحُسَينيّ، الكليميّ [4] ، النّقيب بالدّيار المصرّية.
روى لنا عن: عبد العزيز بن الضّرّاب، وأبي إسحاق الحبّال، وعبيد الله ابن أبي مطر الإسكندراني. قاله السلفي.
وقال: تُوُفّي في جمادى الآخرة وله خمسٌ وسبعون سنة [5] .
132- أُمَيَّة بن عبد العزيز بن أبي الصَّلْت [6] .
قال السِّلَفيّ: تُوُفّي في أول سنة تسعٍ وعشرين.
وقد تقدَّم في سنة ثمان.
__________
[1] ومن شعره من قصيدة:
ينال الفتى بالجود ما لا تناله ... سيوف تقدّ السّابريّ حداد
وبالرأي إصلاح الأمور وكم بدا ... لتاركه بين الأنام فساد
تأنّ إذا لم يتّضح لك مطلب ... فإنّ التأنّي في الأمور رشاد
وسرّك فاحفظه وكن كاتما له ... فإنّ ظهور السّرحين يعاد
ولم أر كالدنيا لمن كان قادرا ... يساق إليه خيرها ويزاد
[2] انظر عن (إبراهيم بن الحسن) في: المقفّى الكبير 1/ 138 رقم 104 وفيه: «إبراهيم بن الحسين» .
[3] في المقفّى: «أبو الفضل» .
[4] في المقفى: «الكلثمي» .
[5] مولده سنة 434 هـ.
[6] تقدّمت ترجمته في وفيات السنة الماضية برقم (114) .(36/173)
- حرف الحاء-
133- الحسن بن الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمد بن المستنصر العُبَيْديّ [1] .
المصريّ.
استوزره أبوه وجعله وليّ عهده في سنة ستٍّ وعشرين، فظلم وعَسَف وسفك الدّماء، وقتل أعوان أبي عليّ الوزير الّذي قبله، حتّى قيل إنّه قتل في ليلةٍ أربعين أميرًا [2] ، فخافه أبوه، وجهّز لحربه جماعةً، فحاربهم، واختلطت الأمور، ثمّ دسَّ أبوه من سقاه السُّمّ، فهلك في هذه السّنة. ولكنّه كان يميل إلى أهل السُّنَّة.
134- الحسن بن المبارك بن أحمد الأنْماطيّ.
أخو الحافظ عبد الوهّاب.
حدَّث عن: أبي نصر الزَّيْنبيّ.
تُوُفّي في جُمَادى الأولى.
- حرف الطاء-
135- طُغْرل بن محمد بن ملك شاه السَّلْجُوقيّ [3] .
أحد الملوك السّلْجوقيَّة.
تُوُفّي بهَمَذَان في أول السّنة.
وهو أخو السّلطان محمود والسّلطان مسعود.
__________
[1] انظر عن (الحسن العبيدي) في: الكامل في التاريخ 11/ 22- 24، والمختصر في أخبار البشر 3/ 9، والعبر 4/ 78، والدرّة المضيّة 4/ 5، 515، واتعاظ الحنفا 3/ 153- 155، والمقفّى الكبير 3/ 415- 419 رقم 1194، والوافي بالوفيات 12/ 94 رقم 80، والنجوم الزاهرة 5/ 243، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 58.
[2] الكامل 11/ 22.
[3] انظر عن (طغرل بن محمد) في: المنتظم 10/ 453 رقم 64 (17/ 303 رقم 4007) ، والكامل في التاريخ 11/ 19، والمختصر في أخبار البشر 3/ 8، وراحة الصدور 170، 171، وآثار الأول للعباسي 104، وكتاب الروضتين 79، وزبدة التواريخ 204، وتاريخ ابن الوردي 2/ 39، ودول الإسلام 2/ 49 وفيه «طغربك» ، والعبر 4/ 75 وفيه «طغريل» ، وعيون التواريخ 12/ 292، والبداية والنهاية 12/ 207، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 56.(36/174)
- حرف الميم-
136- مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الملك [1] .
الفقيه أبو القاسم الصَّدَفيّ الإشبيليّ.
روى عَنْ: أَبِي عبد الله محمد بْن فَرَج، وأبي عليّ الغسّانيّ.
وكان فقيهًا حافظًا للمسائل، مُفْتيًا معظمًا ببلده.
تُوُفّي في أوائل سنة 29.
137- محمد بن أبي الخِيار [2] .
العلّامة أبو عبد الله العَبْدَريّ، القُرطُبيّ، صاحب التّصانيف.
روى عن: أَصْبَغ بْن مُحَمَّد، وأبي عَبْد اللَّه بْن حمدين.
وتفقه بهما، وبالشّهيد أبي عبد الله بن الحاجّ.
ذكره ابن الأبّار [3] ، وقال: كان من أهل الحِفْظ والاستبحار في عِلم الرأي.
دَرّس ونوظر عليه. وله ثُنَائيَّة على «المدوّنة» ، وردّ على أبي عبد الله بن الفخار.
وصنَّف كتاب «السّجاج» ، وكتاب «أدب النّكاح» .
ورأسَ قبل موته في النَّظر، فترك التّقليد، وأخذ بالحديث، وبه تفقّه: أبو الوليد بن خير، وأبو خالد بن رفاعة.
قال أبو القاسم بن الشّهيد بن الحاجّ: قرأت عليه «المدوَّنة» تفقُّهًا وَعَرْضًا.
تُوُفّي إلى رحمة الله في عاشر ربيع الأوّل.
138- محمد بن عليّ بن محمد العربيّ [4] .
أبو سعيد [5] السّمنانيّ [6] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن إسماعيل) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 580 رقم 1277.
[2] انظر عن (محمد بن أبي الخيار) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 163، والوافي بالوفيات 3/ 51، ومعجم المؤلفين 9/ 293.
[3] في تكملة الصلة.
[4] انظر عن (محمد بن علي السمناني) في: التحبير 2/ 193 رقم 830، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 231 أ، والأنساب 8/ 425.
[5] في الأنساب: «أبو عبد الله» .
[6] السّمناني: بكسر السين المهملة، وفتح الميم والنون بلدة من بلاد قومس بين الدامغان وخوار(36/175)
سمع: أبا القاسم القُشَيْريّ، وكان من مُرِيديه.
حدَّث وأملى، وروى عنه جماعة.
ذكره ابن السّمعانيّ فقال: أحد المشهورين بالفضل والعلم والزُّهْد، وكان مُتَحَلِّيًا بالأخلاق الزّكيَّة. رأيت النّاس مُجْمعين على الثّناء عليه [1] . وتُوُفّي قبل دخولي سِمَنَان قبل سنة ثلاثين بسنة أو سنتين [2] رحمه الله.
139- المفضّل بْن عبد الله بْن أَبِي الرجاء محمد بْن عَلي بْن أحمد بْن جَعْفَر.
أَبُو المعالي، التّميميّ، المعدّل.
أصبهانيّ جليل.
روى عن: أبي مسلم بن مَهربزد صاحب ابن المقري.
روى عنه: أبو موسى الحافظ، وَقَالَ: سَأَلْتُهُ عن مولده فَقَالَ: سنة أربعٍ وخمسين.
وتُوُفّي في رجب.
140- منصور بن محمد بن عليّ.
أبو المظفَّر الطّالقانيّ، نزيل مَرْو. قدِمَها وتفقّه على الإمام أبي المظفّر السّمعانيّ.
قال أبو سعد السّمعانيّ: كان منبسطًا في شبيبته، دخّالًا في الأمور، ثمّ حسُنت طريقته، وترك ما لَا يعنيه، واشتغل بالعبادة، وأقبل على المطالعة. حجّ وحدَّث ببغداد. وكان لَيِّنًا فصيحًا. سمع: جدّي، والفضل بن أحمد بن مَتُوَيْه الصُّوفيّ، وإسماعيل بن الحسين العلويّ.
وكتبتُ عنه. وسمع منه: أبو القاسم بن عساكر ببغداد.
توفّي في رمضان بنواحي أبي ورد.
__________
[ () ] الري يقال لها: سمنان. (الأنساب 7/ 148) .
[1] وقال في الأنساب 8/ 425: «رأيته بمرو ولم يتفق لي أن سمعت منه شيئا» .
وقال في التحبير 2/ 193: «أظنّ أني لقيته بمرو، وكان قدمها طالباً التخفيف من السلطان سنجر للرعية، وظنّي أني سمعت منه شيئاً، وكتب إليّ الإجازة. وحدّثني عنه جماعة بناحيته» .
[2] في الأنساب: «وكانت وفاته في سنة سبع أو ثمان وعشرين وخمسمائة» .(36/176)
سنة ثلاثين وخمسمائة
- حرف الألف-
141- أحمد بن الحسن بن هبة الله [1] .
أبو الفضل ابن العالمة، عُرف بالإسكاف.
شيخ، صالح، مقرئ، إمام، فقيه، مجوّد، قَنوع، خيّر، حَسَن التّلاوة، محدِّث.
سمع الكثير من: أبي الحسين بن النَّقُّور، وأبي محمد الصَّرِيفينيّ.
وحدَّث، وتُوُفّي في شوّال.
وقد قرأ بالروايات على: أبي الوفاء بن القوّاس، وتلقَّن على الزّاهد أبي منصور الخيّاط.
روى عنه: ابن الجوزيّ [2] ، وغيره.
وكان مولده في رمضان سنة تسعٍ وخمسين [3] .
ومن شيوخه في القراءات، عبد السيد بن عتاب.
أقرأ بالروايات مدَّة.
142- أحمد بن عليّ بن محمد بن موسى المقرئ.
أبو بكر الأصبهانيّ، الأديب، المؤدب.
روى عن: أبي الطّيّب بن شمة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن الحسن) في: مشيخة ابن الجوزي (مخطوط) ورقة 107- 109، والمنتظم 10/ 62 رقم 68 (315 رقم 4011) وفيه: «أحمد بن هبة الله بن الحسن» ، ومعرفة القراء الكبار 1/ 478، 479 رقم 241، وعقد الجمان (مخطوط) 16 ورقة 88.
[2] وهو قال: وكان ثقة أميناً.
[3] في المنتظم: ولد سنة ثمان وخمسين.(36/177)
روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ، وقال: كان والدي وأخي في مكتبه، وتُوُفّي في سادس شوّال.
وقال السّمعانيّ في مُعْجَمه الملقّب «بالتّحبير» [1] : يُعرف بالزَّين العَلَم.
ومن مسموعاته: فضل رمضان لسَلَمَة بن شبيب، سمعه من أحمد بن الفضل الباطِرْقانيّ، عن محمد بن أحمد بن الحسين، عن الفضل بن الخصيب، عنه، وكتاب «الحجَّة في القراءات الثّمان» تأليف أبي الفضل الخزاعيّ، رواه عن الباطِرْقانيّ عنه.
143- أحمد بن أبي الفضل محمد بن عبد العزيز بن عبد الواحد [2] .
أبو الرَّجاء القارئ.
روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ، وقال: لم أرَ مثله في طريقته من الطِّراز الأوّل.
روى عن: أبي الحسين ابن المهتديّ باللَّه.
144- إبراهيم بن الفضل [3] .
أبو نصر الأصبهانيّ البئّار [4] المفيد.
قال ابن السّمعانيّ: رحل، وسمع، ونَسَخ، وجمع، وما أظنّ أنّ أحدًا بعد محمد بن طاهر المقدسيّ رحل وطوّف مثلَهَ، وجمع كجمْعه، إلّا أنّ الإدبار لحِقَه في آخر الأمر، وكان يقف في أسواق أصبهان، ويروي من حفظه بالسّند.
وسمعت أنّه يضع في الحال [5] .
__________
[1] لم أجده في المطبوع من (التحبير) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (إبراهيم بن الفضل) في: الأنساب 2/ 27، واللباب 1/ 106، والإعلام بوفيات الأعلام 217، وسير أعلام النبلاء 19/ 629- 631 رقم 371، والعبر 4/ 82، والمشتبه في الرجال 1/ 39، وميزان الاعتدال 1/ 52، 53، ومرآة الجنان 3/ 257، 258، والوافي بالوفيات 6/ 90، 91 رقم 2520، والمقفى الكبير 1/ 253- 255 رقم 301، وتوضيح المشتبه 1/ 307، 308 ولسان الميزان 1/ 89، وشذرات الذهب 4/ 94، 95.
[4] في الأصل: «البار» .
[5] وقال في الأنساب: كان كذّاباً غير موثوق به، وسمعت أنه يضع الحديث، ويركّب المتون على الأسانيد، لما دخلت أصبهان، وجدت الألسنة كلها متفقة على جرحه وطرحه.(36/178)
سمع: أبا الحسين بن النَّقُّور، وعبد الرحمن بن مَنْدَهْ، وأخاه أبا عَمْرو عبد الوهّاب بن مَنْدَهْ، والفضل بن عبد الله بن المحبّ، وأبا عَمْرو المَحْمِيّ، وأبا إسماعيل الأنصاريّ شيخ الإسلام، وخلْقًا من معاصريهم.
قال لي إسماعيل بن الفضل الحافظ: أشكر الله لئن ما لحقت إبراهيم البئّار، وأساء الثّناء عليه.
تُوُفّي البئّار سنة ثلاثين.
روى عنه جزءًا من حديثه: يحيى الثّقفيّ، وداود بْن سُلَيْمَان بْن أَحْمَد بْن نظام المُلْك، وأبو طاهر السِّلَفيّ وقال: كان يسمّي بدَعْلَج، له معرفة، وسمعنا بقراءته كثيرًا، وغيره أرضى منه.
وقال مَعْمَرُ بن الفاخر [1] : رأيت إبراهيم البئار واقفًا في السّوق، وقد روى أحاديث مُنْكَرَة بأسانيد صحاح، فكنت أتأملُه تأمُّلًا مُفْرِطًا، ظنًّا منّي أنّه الشّيطان على صورته.
قال: وتُوُفّي في شوال.
قلت: كان أبوه يحفر الآبار.
قال ابن طاهر المقدسيّ: حدَّثته عن مشايخ مكّيُين ومصريّين، فبعد أيّامٍ بلغني أنّه حدَّث عنهم، فبلغت القصْد إلى شيخ البلد، أبي إسماعيل الأنصاريّ، فسأله عن لُقِيّ هؤلاء بحضرتي، فقال: سمعت مع هذا.
فقلت: ما رأيته قَطّ إلّا هنا.
قال الشَيخ: حججت؟
قال: نعم.
قال: فما علامات عَرَفات؟
قال: دخلناها باللّيل.
قال: يجوز، فما علامة منى؟
قال: كنّا بها باللّيل.
__________
[1] في الأصل: «القاخور» .(36/179)
قال: ثلاثة أيّام وثلاث ليالٍ لم يُصبح لكم الصّبح؟ قال بارك الله فيك.
وأمر بإخراجه من البلد، وقال: هذا دجّال.
ثمّ انكشف أمره بعد هذا حتّى صار آيةً في الكذِب.
- حرف الحاء-
145- الحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن جعفر [1] .
أبو عبد الله النَّهْرُبِينيّ [2] المقرئ الفقيه.
سمع: ابن طلْحة النّعَاليّ، ويحيى بن أحمد السَّبْتيّ.
قال ابن عساكر: ذكر لي أنّه سَمِعَ من: أَبِي الحسين بْن النَّقُّور، وسكن دمشق بالمدرسة الأمينية. كتبت عنه، وكان خيِّرًا، ثقة، يؤمّ بالنّاس في مسجد سوق الغزل المعلَّق، ويُقرئ القرآن.
تُوُفّي بقرية الحُدَيْثة عند أخيه أحمد الفلّاح بالغُوطة.
146- الحسين بن عبد الرّزّاق [3] أبو عليّ الأبْهَريّ [4] الفقيه، المعروف بالقاضي الرحبة، قاضي هَمَذَان كان صدوقًا، محمودًا في عمله، داهيةً، بعيد النَّظَر والغَوْر.
سمع: عليّ بن محمد بن محمد الخطيب الأنباريّ، وجماعة ببغداد.
وكان مولده في سنة ستّ وأربعين وأربعمائة.
وتُوُفّي فِي هَذِهِ السّنة، أو فِي الّتي بعدها.
__________
[1] انظر عن (الحسين بن محمد) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 167، 168 رقم 149، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 357، 358.
[2] في الأصل: «النهرباني» . والتصويب من المصادر، ومن الأنساب 12/ 171 قال: النّهربيني:
بفتح النون وسكون الهاء وضم الراء وكسر الباء المنقوطة بواحدة وسكون الباء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى نهربين وهي من قرى بغداد.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] الأبهري: بفتح الألف وسكون الباء المنقوطة بواحدة وفتح الهاء وفي آخرها الراء المهملة. هذه النسبة التي موضعين، أحدهما إلى أبهر وهي بلدة بالقرب من زنجان. والثاني منسوب إلى قرية من قرى أصبهان.(36/180)
- حرف الدال-
147- دُردانة بنت إسماعيل بن عبد الغافر بن محمد الفارسيّ [1] .
أَمَةُ الغافر النَّيْسابوريّ. والدة أبي حفص عمر بن أحمد الصّفّار.
سمعت من: جدّها أبي القاسم القُشَيْريّ، ويعقوب بن أحمد الصَّيْرفي، وأبي حامد الأزهريّ.
وعنها: الحافظ ابن عساكر، والسّمعانيّ.
ماتت في صفَر عن أربعٍ وثمانين سنة.
- حرف الشين-
148- شهفيروز بن سعد بن عبد السّيد [2] .
أبو الهيجا [3] ، البغداديّ، الشّاعر [4] .
رقيق النَّظْم، لطيف الطَّبْع. أنشأ مقامات.
وقد سمع من: أبي جعفر ابن المسلمة.
وعنه: ابن ناصر، ويحيى بن بوش، وجماعة.
وكتب عنه: أبو عليّ البَرَدَانيّ، وسمّاه أحمد.
مات في ربيع الأوّل عن سنٍّ عالية.
- حرف العين-
149- عبد الواحد بن الفضل بن محمد بن عليّ [5] أبو بكر ابن القدوة أبي عليّ الفارمذيّ [6] الطّابرائيّ.
__________
[1] انظر عن (دردانة) في: المنتخب من السياق 221 رقم 688، والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 19 ب.
[2] انظر عن (شهفيروز) في: معجم الأدباء 4/ 262، وفوات الوفيات 1/ 386، وعيون التواريخ 12/ 323 وفيه: «شفهفيروز بن شعيب» .
[3] في عيون التواريخ: «أبو منصور أبو الهيجا ابن أبي الفوارس» .
[4] انظر شعره في المصادر المذكورة.
[5] انظر عن (عبد الواحد بن الفضل) في: الأنساب 9/ 219، 220.
[6] الفارمذي: بفتح الفاء والراء والميم بينهما الألف وفي آخرها الذال المعجمة هذه النسبة إلى.(36/181)
كان جليل القدر، حَسَن الأخلاق، مُكرِمًا للغرباء. سافر وصحِب المشايخ. وكان بقيَّة أولاد الشَيخ.
سمع ببغداد من أبي القَاسِم بْن بيان، وابن نبهان.
وكان قد سمع بمرْو من: أَبِي الخير مُحَمَّد بْن أَبِي عِمران، وبنَيْسابور من:
أبي بكر بن خَلَف الشّيرازيّ.
قال ابن السّمعانيّ: كتبت عنه بطُوس [1] .
تُوُفّي فِي صَفَر [2] .
150- عليّ بْن أَحْمَد بْن الحسن [3] الموحّد أبو الحسن بن البقسلام [4] الوكيل. مِن أعيان البغداديّين ومتميّزيهم. وله معروف كثير.
وُلِد سنة ثلاثٍ وأربعين وأربعمائة.
وسمع: أبا يَعْلَى بن الفرّاء، وهناد بن إبراهيم النّسفيّ، وأبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الحسين ابن المهتدي باللَّه، وابن المأمون، والصَّرِيفينيّ، وأبا عليّ محمد بن وشاح، وخلْقًا كثيرًا.
روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم بن عساكر، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ، وعبد الله بن صافي الخازنيّ.
وسئل ابن عساكر عن عليّ الموحّد فأثنى عليه ووثّقه.
__________
[ () ] فارمذ وهي قرية من قرى طوس.
[1] في الأنساب: أدركته وقرأت عليه الكثير، ولازمته حتى قرأت عليه الأجزاء، وكان يكرمني.
ولما وردت طوس في النوبة الثانية كان قد فلج وبقي في داره وما كان الناس يدخلون عليه، فدخلت مسلّماً، ولقيته قاعداً في زاوية لا يمكنه أن يتحرّك فبكيت وقعدت ساعة، ثم رجعت إلى نيسابور.
[2] في الأنساب: توفي في المحرّم.
[3] انظر عن (علي بن أحمد) في: المنتظم 10/ 62، 63 رقم 69 (17/ 315، 316 رقم 4013) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 159.
[4] قال ابن الجوزي: «ابن البقشلان» (بالنون) كذا رأيته بخط شيخنا ابن ناصر الحافظ. وقال غيره: «البقشلام» بالميم.
وفي مرآة الزمان: «البقشلاني» ويقال: بقشلام بالميم.(36/182)
وقال أبو بكر [1] بن كامل: وإنما قيل البقسلام [2] ، لأنّ جدّه أو أباه مضى إلى قرية سلام [3] ، وكانت كثيرة البَقّ، فكان يقول طول اللّيل: بقّ سلام [3] ، فلزِمه ذلك لَقَبًا [4] .
وقال ابن ناصر: كان أبو الحسن في خدمة الدّولة، وكان يظلم جماعة من أهل السّواد. وكان في أيّام الفتنة [ولم يكن] من أهل السُّنَّة، ولا العارفين بالحديث، فلا يُحْتَجّ بروايته [5] .
وتُوُفّي في رمضان.
151- عليّ بن الخَضِر [6] .
أبو محمد البغداديّ الفَرَضيّ.
قرأ الفرائض على أبي حكيم الخَبْريّ، وأبي الفضل الهَمَذَانيّ.
وسمع: أبا الحسين بن النَّقُّور، وابن البُسْريّ.
وكان قيِّمًا بعلم الفرائض [7] .
تُوُفّي في ثالث ربيع الأوّل.
152- عليّ بن عبد القاهر بن خضر [8] .
أبو محمد بن آسة الفَرَضيّ تلميذ الخَبْريّ.
سمع: عبد الرحمن بن المأمون، وأبا جعفر ابن المسلمة.
وعنه: هبة الله بن الحَسَن السَّبْط.
وكان شيخًا صالحًا.
عاش 85 سنة. مات في ربيع الأوّل سنة 530.
__________
[1] في المنتظم: «أبو زكريا» .
[2] في المنتظم: «البقشلام» بالشين المعجمة.
[3] في المنتظم: «شلام» .
[4] زاد في المنتظم: وكان سماعه صحيحا وظاهره الثقة.
[5] المنتظم، وما بين القوسين إضافة منه.
[6] انظر عن (علي بن الخضر) في: المنتظم 10/ 63 رقم 70 (17/ 316 رقم 4014) .
[7] وقال ابن الجوزي: وكان سماعه صحيحا.
[8] لم أجد مصدر ترجمته.(36/183)
153- عمر بن عبد الرحيم [1] .
أبو بكر الشّاشيّ، المَرْوَزِيّ الصُّوفيّ، نزيل رباط الشَيخ يعقوب. ذكره ابن السّمعانيّ فقال: شيخ مُسِنّ، حَسَن السّيرة، كثير الصّلاة والعبادة. صحب المشايخ. رأيته. وسمع من: جدّي أبي المظفَّر، وأبي القاسم إسماعيل الزّاهديّ، وهبة الله الشّيرازيّ الحافظ. كتبتُ عنه [2] ، وتُوُفّي بمرْو في سنة ثلاثين [3] .
154- عيسى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد الله بْن عيسى بن مؤمْل الزُّهْريّ [4] .
الشّنْتَرينيّ.
سمع من: أبي الوليد الباجيّ، والدّلائيّ، وأبي شاكر، وابن الفلّاس، وأبي الحَجَاج الأعلم.
ذكره ابن بَشْكُوال فقال: رحل إلى المشرق، وأخذ عن: كريمة المَرْوَزِيَّة، وأبي مَعْشَر الطَّبَريّ، وأبي إسحاق الحبّال وذكر عنه أنّه كان إذا قرئ عليه حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبكي بكاء كثيرًا، يعني الحبّال، ولقي جماعة غير هؤلاء.
أخذ النّاس عنه، وسكن العُدْوة.
وتُوُفّي نحو الثّلاثين وخمسمائة.
كتبه لي القاضي عِياض بخطّه، وذكر أنّه أخذ عنه.
- حرف الفاء-
155- الفضل بن أبي الحَسَن بن أبي القاسم بن أبي عليّ بن أبي زيد [5] .
الميمونيّ الآمليّ [6] ، أبو زيد، التّاجر.
__________
[1] انظر عن (عمر بن عبد الرحيم) في: التحبير 2/ 518، 519 رقم 504، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 168 أ.
[2] ومن جملة ما سمع منه: «الأربعين» التي جمعها هبة الله الشيرازي بروايته عنه. وكانت ولادته في حدود سنة خمسين وأربعمائة بالشاش.
[3] في التحبير: توفي في أواخر سنة ثمان أو أوائل سنة تسع وعشرين وخمسمائة.
[4] انظر عن (عيسى بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 440، 441 رقم 947.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] الآملي: بمدّ الألف المفتوحة وضم الميم. هذه النسبة إلى موضعين، حدهما آمل طبرستان(36/184)
كان محسنًا لأهل العلم، حريصًا على الطَّلَب. حصّل الأصول، وأنفق المال في جَمْعها، وحجّ تسعًا وعشرين حَجَّة. وورد بغداد غير مرَّة، ومات بطريق الحجّ بحلولا.
سمع: أبا المحاسن الرّويانيّ بآمل، وأبا منصور الكُرَاعيّ بمرْو، وأبا عليّ الحدّاد بأصبهان، وأبا سعد الطُّيُوريّ ببغداد.
وحدَّث.
قال ابن السّمعانيّ: أجاز لي، وحدّثني عنه: عليّ بن محمد بن جعفر الفاروثيّ وقال: تُوُفّي في شوّال.
- حرف الميم-
156- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بن سَعْدُويْه [1] .
أبو سهل [2] الأصبهانيّ المزكّي.
حدَّث ببغداد، وأصبهان «بمُسْنَد الرُّويانيّ» عن أَبِي الْفَضْلِ عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد الرّازيّ.
روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، والمبارك بن عليّ الطّبّاخ، والمؤيد ابن الأخوة، وَيَحْيَى بن بَوْش، وَعَبْد الخالق بن الصَّابُونيّ، وإبراهيم وعبد الله ابنا محمد بن أحمد بن حمديّه.
ومن شيوخه: إبراهيم بن منصور سِبْط بحرُوَيْه، والحافظ محمد بن الفضل الحلاويّ، وآخرون [3] .
__________
[ () ] وهي القصبة للناحية. والثاني: آمل جيحون، ويقول لها الناس: آمويه. ويقال لها: آمل الشط أيضا، وأمل المفازة لأنها على طرف البرّيّة. (الأنساب 1/ 106) .
[1] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: المنتظم 10/ 63 رقم 76 (17/ 316 رقم 4015) ، والتحبير 2/ 55، 56 رقم 657، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 197 ب، والتقييد لابن نقطة 29 رقم 4، والإعلام بوفيات الأعلام 217، وسير أعلام النبلاء 20/ 47 رقم 22، والعبر 4/ 72، 83، ومرآة الجنان 3/ 258، وعيون التواريخ 12/ 327، وغاية النهاية 2/ 45، 46 رقم 2679، وشذرات الذهب 4/ 95.
[2] في المنتظم: «أبو الحسن» .
[3] قال ابن السمعاني: «شيخ أمين ديّن، صالح، ثقة، صدوق، حسن السيرة، كثير السماع» .(36/185)
ولد سنة ستّ وأربعين وأربعمائة [1] ، وتُوُفّي في ذي القعدة [2] .
157- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حبيب [3] .
أبو بكر العامريّ الصُّوفيّ الواعظ، ويُعرف بابن الخبّاز [4] .
وُلِد سنة تسع وستّين وأربعمائة، أظنّ ببغداد.
وسمع: رزق الله التّميميّ، وطرادًا الزَّيْنَبيّ، وابن البَطِر، وابن طلحة النّعاليّ.
ورحل وسمع من: عبد الغفّار بن شيرُوَيْه، وعليّ بن أبي صادق، وبنَيْسابور، وبلْخ، وهَراة [5] .
روى عنه أبو الفَرَج بن الجوزيّ كتاب «الشّهاب» . وكانت له معرفة بالحديث والفقه، وكان يعظ ويتكلّم على طريقة التّصوّف والمعرفة، من غير تكلّف الوعّاظ. وكم من يومٍ يصعد المِنْبر وفي يده مِرْوَحة، وليس عنده من يقرأ، كما يفعل الوعّاظ.
قرأت عليه كثيرًا من الحديث والتّفسير، وكان نعْم المؤدِّب يأمُر بالإخلاص وحُسْن القصْد، وبنى رباطًا بقراح ظَفَر واجتمع فيه جماعة من المتزهّدين فلمّا احتضر قال له أصحابه: أوصنا.
قال: أوصيكم بتقوى الله ومراقبته في الخلْوة، واحذروا مصرعي هذا، فقد عشت إحدى وستين سنة، وما كأني رأيت الدّنيا.
ثمّ قال لبعض أصحابه: أنظر هل ترى جبيني يعرق؟ فقال: نعم. قال الحمد للَّه هذه، علامة المؤمن.
__________
[1] المنتظم.
[2] وقال ابن الجوزي: سمع الكثير وحدّث، وكان حسن السيرة، ثقة، ثبتا، ذكره شيخنا أبو الفضل ابن ناصر وأثنى عليه.
[3] انظر عن (محمد بن عبد الله) في: المنتظم 10/ 64، 65 رقم 75 (17/ 317، 318 رقم 4019) ، والكامل في التاريخ 11/ 46، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 160.
[4] في المنتظم: «ابن الجنازة» .
[5] زاد في المنتظم: «ودخل مرو وجال في خراسان» .(36/186)
ثمّ بسط يده وقال:
ها قد بسطت [1] يدي إليك فَرُدَّها ... بالفضل لَا بشماتة الأعداء
تُوُفّي في نصف رمضان، ودُفن برباطه رحمه الله.
والبيت من شِعْر أبي نصر القُشَيْريّ [2] .
158- محمد بن عليّ بن أبي ذَرّ محمد بن إبراهيم [3] .
أبو بكر الصّالحانيّ الأصبهانيّ. والصّالحان محلَّة.
سمع: أبا طاهر بن عبد الرحيم. وهو آخر من حدَّث عنه.
ومولده في سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة.
روى عنه خلْق كثير منهم: أبو موسى المَدِينيّ، وتميم بن أبي الفُتُوح المقرئ، وخَلَف بن أحمد بن حميد، وسعد بن رَوْح الصّالحانيّ، وعُبَيْد الله بن أبي نصر اللُّفْتُوانيّ [4] ، ومحمد بن أبي عاصم بن زينة، ومحمد بن أبي نصر الحدّاد الضّرير، وزاهر بن أحمد الثّقفيّ، وأبو مسلم ابن الأخوة، وإدريس بن محمد العّطار، ومحمود بن أحمد المصّريّ، والمخلّص محمد بن مَعمَر بن الفاخر، وعين الشّمس بنت أحمد الثّقفيّة.
ووصفه أبو موسى المَدِينيّ بالصّلاح، وقال: تُوُفّي في ثاني جمادى الآخرة. وهو آخر من روى حديث أبي الشَيخ بعُلُوّ.
قلت: وآخر أصحابه عين الشّمس، وسماعها منه حضورا.
__________
[1] في الكامل: «مددت» ، ومثله في المنتظم.
[2] المنتظم.
[3] انظر عن (محمد بن علي الصالحاني) في: التحبير 2/ 186 رقم 821، والأنساب 8/ 13، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 229 أ، والتقييد 92/ 94، واللباب 2/ 230، ودول الإسلام 2/ 52، والمعين في طبقات المحدّثين 155 رقم 1681، والإعلام بوفيات الأعلام 217، والعبر 4/ 83، وسير أعلام النبلاء 19/ 585 رقم 334، ومرآة الجنان 3/ 258، 259، وعيون التواريخ 12/ 328، وشذرات الذهب 4/ 96.
[4] اللّفتواني: بفتح اللام وسكون الفاء، وضم التاء المنقوطة باثنتين من فوقها، وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى لفتوان، وهي إحدى قرى أصبهان. (الأنساب 11/ 27) .(36/187)
159- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الحسن [1] .
قاضي مَرْو أبو جعفر الصّايغيّ المَرْوَزِيّ.
إمام وَرِعٌ، كبير القدّر، سديد الأحكام. كان خطيب مَرْو [2] .
تفقّه على القاضي أبي بكر محمد بن الحسين الأرسابَنْديّ [3] . وحدَّث عنه [4] .
عاش سبعين سنة.
160- مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد الله [5] .
أبو الفتح المُضَريّ الهَرَويّ.
سمع: أبا عبد الله الفارسيّ، ويَعْلَى بن هبه الله الفُضَيْليّ، وأبا عاصم الفضل، وبيبي الهَرْثَمِيَّة.
وببلْخ: أبا حامد أحمد بن محمد.
وبنَيْسابور: فاطمة بنت الدّقّاق، وجماعة.
قدِم بغداد، وحدَّث «بجامع التِّرْمِذيّ» . وكان صدوقًا مكثِرًا [6] .
روى عنه: هبة الله بن المُكْرَم الصُّوفيّ، وعليّ بن أبي سعيد الخبّاز، ويحيى بن بوش، وجماعة.
تُوُفّي في ذي القعدة بخراسان.
161- محمد بن القاسم بن محمد [7] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الله) في: الأنساب 8/ 27، 28.
[2] قال ابن السمعاني: ولي القضاء بمرو وحمدت سيرته وأحكامه، وكان مناظرا فحلا، جميل الظاهر والباطن، كثير الصلاة والتلاوة.
[3] الأرسابنديّ: أرسابند بالفتح ثم السكون وسين مهملة وألف وباء موحّدة مفتوحة ونون ساكنة ودال مهملة من قرى مرو على فرسخين منها. (الأنساب 10/ 184) .
[4] زاد في الأنساب: وصار نائبا له في القضاء والخطابة، ثم وليها مدّة بالأصالة. كتبت عنه جزءا من الحديث وكان يحثّني على الاشتغال بالفقه. وتوفي وأنا في الرحلة.
[5] انظر عن (محمد بن علي الهروي) في: التحبير 2/ 183، 184 رقم 817، ومعجم شيوخ ابن السمعاني ورقة 228 أ، 228 ب، والتقييد 94 رقم 99، والمشتبه في الرجال 2/ 594.
[6] قال ابن السمعاني: كتب إليّ الإجازة من هراة.
[7] انظر عن (محمد بن القاسم) في: عيون التواريخ 12/ 311، 312.(36/188)
أبو العز البغداديّ، المقرئ، المعروف بابن الزُّبَيْديَّة.
قرأ القراءات وجوَّدَها، وقال الشَّعر الرّائق، وتفقّه. وسمع الكثير، ومدح المسترشد باللَّه.
ومات شابا.
162- محمد بن موهوب [1] .
أبو نصر البغدادي الفرضي الضرير.
له مصنفات في الفرائض.
مؤرخ في «المنتظم» [2] .
163- محمد بن هشام بن أحمد بن وليد بن أبي حمزة [3] .
أبو القاسم الأموي المرسي.
أخذ عن: أبي عليّ بْن سُكَّرة، وصحِبَ أبا محمد عبد الله بن أبي جعفر، وتفقه عنده.
وناظر عند الفقيه هشام بن أحمد، وغيره.
وكان من أهل الحفظ، والفهم، والذّكاء. استقضي بغَرْنَاطَة فنفع الله به أهلها لصرامته، ونفوذ أحكامه، وقويم طريقته.
تُوُفّي بمُرْسِية في صدر رمضان.
164- مظفَّر بن الحسين بن عليّ بن أبي نزار [4] .
أبو الفتح المردوستيّ [5] . أحد الحُجاب. ثمّ ترك الحجابة وتصوّف وتزهّد.
سَمِعَ: أبا القاسم بْن البُسْريّ، وأبا منصور العكبري.
روى عنه: أبو المُعَمَّر، وأبو القاسم الحافظ.
ووُلِد في سنة ستّ وخمسين وأربعمائة.
وتوفّي سنة ثلاثين، أو قبلها بأشهر.
__________
[1] انظر عن (محمد بن موهوب) في: المنتظم 10/ 64 رقم 74 (17/ 317 رقم 4018) .
[2] وقال فيه: «كان على غاية في علمه» .
[3] انظر عن (محمد بن هشام) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 581 رقم 1279.
[4] انظر عن (مظفّر بن الحسين) في: المنتظم 10/ 66 رقم 77 (17/ 319 رقم 4021) .
[5] في المنتظم: «المردوسي» (بالسين المهملة) .(36/189)
165- مفرِّج بن الحَسَن [1] .
أبو الذّوّاد الكِلابيّ، رئيس دمشق، وابن رئيسها، ويُعْرف بابن الصُّوفيّ محيي الدّين.
روى عن: الفقيه نصر المقدسيّ، وأبي الفضل بن الفرات.
قرأ عليه أبو البركات بن عُبَيْد «صحيح البخاريّ» .
وكان ذا بِرّ ومعروف وحشمة. ولي الوزارة، بعد قتل أبي علي المزدقاني، لتاج الملوك بوري، ثم صادره وآذاه، ثم أعاده إلى المنصب، إلى أن مات بوريّ، فوَزَرَ بعده لابنه شمس الملوك إسماعيل. ثمّ قُتِلَ ظُلْمًا في رمضان.
أغلظ للأمراء فقتلوه.
- حرف الهاء-
166- هشام بن أحمد بن هشام [2] .
أبو الوليد الهلاليّ، الغَرْناطيّ، نزيل المَرِيَّة. ويُعرف بابن بقري.
سمع عامَّة شيوخ المَرِيَّة: طاهر بن هشام، وصَحّاج بن قاسم، وخَلَف بن أحمد الجراديّ.
ومن الطّارئين عليها: القاضي أبي الوليد الباجيّ، ومن أبي العّباس أحمد بن عمر العُذْريّ.
ثمّ خرج سنة ثمانين وأربعمائة إلى غَرْنَاطة بلده، وولي الأحكام بها مُدَّة وبغيرها.
قال ابن بَشْكُوال: كان من حُفاظ الحديث المعتنين بالسّبر عن معانيه، واستخراج الفقه منه، مع التَّقدُّم في حفْظ الفقه، والبَصَر بعقْد الوثائق، والتّقدُّم في معرفة أصول الدّين.
__________
[1] انظر عن (مفرّج بن الحسن) في: ذيل تاريخ دمشق 145، 224، 227، 229، 231، 257، والكامل في التاريخ: 1/ 666 (في حوادث سنة 524 هـ) ، وديوان ابن الخياط 242.
[2] انظر عن (هشام بن أحمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 655، 656 رقم 1440.(36/190)
روى عنه جماعة من أصحابنا. ووُلِد في صَفَر سنة أربعٍ وأربعين.
وتُوُفّي بغَرْناطة في ربيع الأوّل.
- حرف الياء-
167- يعيش بن مفرّج اللَّخْميّ البابريّ.
أبو البقاء، نزيل إشبيلية.
سمع سنة خمس وتسعين وأربعمائة «جامع التِّرْمِذيّ» ببابرة من أبي القاسم الهَوْزَنيّ، وحجّ، فسمع من: أبي عبد الله الرّازيّ، وأبي طاهر السِّلَفيّ.
وروى عنه: أبو بكر بن طبر.
وسمع منه في هذه السنة أبو القاسم بن بَشْكُوال كتاب «المحدِّث الفاصل» [1] ، بسماعه من السِّلَفيّ، فابن بَشْكُوال في هذا الكتاب في طبقة شيخنا أبي الفتح القرشيّ.
__________
[1] لمؤلّفه: «الرامهرمزيّ» .(36/191)
المتوفون ما بين العشرين والثلاثين وخمسمائة
- حرف الألف-
168- أحمد بن إسماعيل بن عيسى [1] .
أبو بكر الغَزْنَويّ، الجوهريّ، المفسّر، أحد أئمة غَزْنَة وفُضَلائهم.
سافر إلى خُراسان، والحجاز، والعراق، ولقي أبا القاسم القشيريّ، وسمع منه، ومن: الحاكم أحمد بن عبد الرّحيم السّراج، وجماعة.
وخرّج لنفسه أربعين حديثًا، وعاش إلى بعد العشرين.
وله شُهرة بغَزْنَة.
169- أحمد بن الفضل بن محمود.
الصاحب أبو نصر، سيّد الوزراء، مختصّ الملوك والسّلاطين، أحد الأعيان المشهورين.
ذكره عبد الغافر فقال: أحد أكابر العراق، وخُراسان، المُجْمِع على عُلُوّ قدْره كلُّ إنسان، ارتضع ثدْي الدّولة في النَّوْبة الملكشاهيّة ولقي أكابر المتصرفين، وتَلْمَذ للأستاذِين، ومارس الأمور العظام، وصحب الملوك، ومَهَر في أنواع التّصرّف ورسوم الدّولة. وزاد على ما عهد من سنيّ المراتب، وعَليّ المناصب، حتّى اشتهر أنّه بذل بعد الإعراض عن ملابسة الأشغال ومُداخلة الأعمال في إرضاء الخصوم، وتدارك ما سلف له من المظالم، يتقرر من المظلوم آلافا مؤلّفة، وصارت أوقاته عن أوضار الأوزار منطقة. وبقي مدة عن طلب الولاية خاليًا، وبرتبة الفقاعة خاليًا، إلى أن ضرب الدّهر ضرباته، ودار
__________
[1] انظر عن (أحمد بن إسماعيل) في: طبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 31 رقم 28، وطبقات المفسّرين للأدنه وي (ميكروفيلم بدار الكتب المصرية، رقم 3466) ورقة 39 ب.(36/192)
تبدُّل الأمور والأحوال دَوَرانه، واستوفى أكثر الكُفَاة في الدّولة أعمارهم، وانقرض من الصُّدور بقايا آثارهم. واحتاجت المملكة إلى من يلمّ شَعْثَها، وينفي خَبَثَها، ويحلّ صدْر الوزارة مستحقّها، ويرجحن بالظّلم جانب النّصْفة وشتّها، فاقتضى الرأي المصيب الاستضاءة في المُلْك بنور رأيه، فصار الأمر عليه فَرْض عَيْن، ووقع الاختيار عليه من البَيْن. والتزم قصر اليد عن الرّشاء والتُّحَف، وإحياء رسوم العدْل والإنصاف.
وهو الآن على المسيرة الّتي التزمها يستفرغ في مناقبة أهل العلم أكثر أوقاته، صَرَف الله عنه بوائق الدّهر وآفاته.
وذكر الكثير من هذا.
- حرف العين-
170- عبد الملك الطَّبَريّ [1] .
الزّاهد، شيخ الحَرَم في زمانه.
ذكره ابن السّمعانيّ في «ذيله» فقال: كان أحد المشهورين بالزُّهْد والورع:
أقام بمكَّة قريبًا من أربعين سنة على الجهد والاجتهاد وفى العبادة، والرّياضة، وقهْر النَّفْس. وكان ابتداء أمره أنه كان يتفقه في المدرسة، فلاح له شيءٌ فخرج على التّجريد إلى مكَّة، وأقام بها. وكان يلبس الخشِن، ويأكل الخشب، ويُزْجي وقتَه على ذلك صابرًا. سمعتُ أبا الأسعد هبة الرحمن القُشَيْريّ يقول: لمّا كنت بمكَّة أردتُ زيارته فأتيته فوجدته محمومًا مُنْطَرِحًا، فتكلَّف وجلس، وقال: أنا إذا حُمِمت أفرح بذلك، لأنّ النّفْس تشتغل بالحُمَّى، فلا تشغلني عمّا أنا فيه، وأخلُو بقلبي كما أريد.
وقال الحسين الزّغنْديّ: رأيت حوضًا يقال له عنبر، والماء في أسفله، بحيث لَا تصل إليه اليد، فرأيت غير مرَّةٍ أنّ الشَيخ عبد الملك توضّأ منه، وارتفع الماء إلى أن وصل إليه، ثمّ غارَ الماء، ونزل بعد فراغه.
__________
[1] ذكره ابن السمعاني في (المذيل على الأنساب) .(36/193)
وكنت معه ليلةً في الحَرَم، وكانت ليلةً باردة، وكان ظهْرُه قد تشقّق من البَرد، وكان عريانًا، فنام على باب المسجد، ووضع يده اليمنى تحت خدّه اليمنى، واليد اليُسْرَى على رأسه، وكان يذكر الله. فقلت له: لو نمت في زاوية من زوايا المسجد كان يكُنُّك من البرد. فقال: نمت في بعض اللّيالي، فرأيت شخصين دخلا المسجد، وتقدَّما إليَّ، وقالا لي: لَا تَنَمْ في المسجد، فقلت لهما: من أنتما؟
فقالا: نحن مَلَكان.
فانتبهت، وما نمت بعد ذلك في المسجد.
وقلتُ له: أراك صَبُورًا على الجوع.
قال: آكل قليلًا من ورق الغضا فأشبع.
171- عليّ بن الحسين بن محمد بن مهديّ.
أبو الحَسَن المصريّ الصُّوفيّ، من مشايخ الصُّوفيَّة الكبار.
تغرّب إلى الشّام، ومصر، والجزيرة، واستقر ببغداد.
وكان ذا عبادة، وطريقة جميلة.
حدَّث عن: أبي الحسن الخِلَعيّ. وعنه: جماعة.
تُوُفّي بعد سنة خمسٍ وعشرين.
172- عليّ بن عبد القاهر بن الخَضِر بن عليّ.
أبو محمد المراتبيّ الفَرَضيّ، المعروف بابن آسة، لأنّ جدّه وُلِد تحت آسةٍ، فسُميّ بها.
إمام في الفرائض، صالح، خيّر، منقبض عن النّاس.
سَمِعَ: أبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصَّمد بن المأمون وجماعة.
سمع منه: أبو القاسم بن عساكر.
وأجاز لابن السّمعانيّ.
وتُوُفّي بعد ثلاثٍ وعشرين.
173- عليّ بن عليّ بن جعفر بن شيران [1] .
__________
[1] انظر عن (علي بن علي) في: سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي 80 رقم 56، ومعرفة(36/194)
أبو القاسم الضّرير، الواسطيّ، المقرئ.
قرأ بالروايات على: أبي عليّ غلام الهرّاس [1] .
وحدَّث عن: الحسن بن أحمد الغَنْدَجَانيّ [2] .
وتصدر للإقراء مدَّة مع أبي الفَرّاء القلانِسيّ.
قرأ عليه: أبو بكر عبد الله بن منصور الباقِلانيّ، وأبو الفتح نصر الله بن الكيّال، وجماعة.
وكان قدم بغداد في سنة ثلاث وخمسمائة، وحدَّث بها.
روى عنه: عليّ بن أحمد اليزديّ.
وقيل عنه إنّه كان يميل إلى الاعتزال.
تُوُفّي في سنة نيِّفٍ وعشرين بواسط [3] .
- حرف الغين-
174- غالب بن أحمد بن محمد بن إبراهيم.
أبو نصر البغداديّ الأَدَميّ. القارئ بالألحان، المغنّي بالقضيب.
سمع: أبا جعفر ابن المسلمة.
روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم بن عساكر.
وامتنع بعضهم من السّماع منه للغناءِ.
- حرف الميم-
175- مُحَمَّد بْن أحمد بْن الْحُسَيْن بن عليّ بن قُرَيْش.
أبو غالب البغداديّ، النَّصْريّ، الحنفيّ.
سمع: عبد الصمد بن المأمون، وأبا يعلى بن الفرّاء، وجماعة.
__________
[ () ] القراء الكبار 1/ 475، 476 رقم 418، ونكت الهميان 215، والجواهر المضيّة 1/ 368، وغاية النهاية 1/ 557 رقم 2279، وتبصير المنتبه 2/ 98.
[1] وقال السلفي عن الحوزي: وخطّه معه بها. وله معرفة بفقه أبي حنيفة.
[2] الغندجاني: بفتح الغين المعجمة وسكون النون وفتح الدال المهملة والجيم وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى غندجان. وهي بلدة من كور الأهواز من بلاد الخوز. (الأنساب 9/ 179) .
[3] أرّخ ابن الجزري وفاته بسنة 524 هـ.(36/195)
روى عنه: مسعود بن غَيْث الدّقّاق، وعمر بن طَبَرْزَد.
وبقي إلى سنة 527.
- حرف الياء-
176- يوسف بن أحمد بن حسدائيّ بن يوسف.
الإسرائيليّ المسلم الأندلسيّ، أبو جعفر، الطبيب.
من أعيان الفُضَلاء في الطب، وله مصنَّفات.
قدِم ديار مصر، واتصل بالدولة، وكان خصّيصًا بالمأمون وزير الآمر بأحكام الله، وشرح له بعض كُتُب أبقراط.
وله كتاب «الإجمال» في المنطق.
وهو من بيت طبّ وفلسفة، وأجداده من فضلاء اليهود وأخيارهم، لعنهم الله.
آخر الطبقة الثالثة والخمسين من تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام للحافظ شمس الدين الذهبي غفر الله له وللمسلمين أجمعين.
(بعونه تعالى وتوفيقه، أتمّ تحقيق هذه الطبقة الثالثة والخمسين من كتاب «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام» لمؤرّخ الإسلام الحافظ شمسُ الدين مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد بْن عثمان المعروف بالذهبي، المتوفى سنة 748 هـ. وضبط نصّه، وخرّج أحاديثه وأشعاره، وعلّق عليه، ووثّق مادّته، وأحال إلى مصادره، طالب العلم وخادمه الحاج الأستاذ الدكتور أبو غازي عمر عبد لسلام تدمري، أستاذ التاريخ الإسلامي في الجامعة اللبنانية، الطرابلي مولدا ووطنا، الحنفيّ مذهبا، ووافق الانتهاء منه عند أذان عصر يوم السبت السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك 1413 هـ. الموافق للعشرين من آذار (مارس) 1993، وذلك بمنزله بساحة النجمة من مدينة طرابلس الشام المحروسة، حفظها الله وحماها ثغرا ورباطا للإسلام والمسلمين. والحمد للَّه وحده) .(36/196)
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الطبقة الرابعة والخمسون
سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة
[القبض على أبي الفتوح بن طلحة وجباية الأموال]
وَرَد أبو البركات بن مَسْلَمَة وزير السّلطان مسعود، فقبض على أبي الفتوح بن طلحة، وقرَّر عليه بحمل مائة ألف دينار من ماله ومن دار الخلافة، فبعث إليه المقتفي يقول: ما رأينا أعجب من أمرك، أنت تعلم أنّ المسترشد سار إليك بأمواله، فجرى ما جرى. وأنّ المسترشد ولي ففعل ما فعل، ورحل وأخذ ما تبقى، ولم يبق إلّا الأثاث، فأخذته كلّه وتصرّفت في دار الضَّرب، وأخذت التَّرِكات والجوالي، فمن أيّ وجهٍ نقيم لك هذا المال؟ وما بقي إلّا نخرج من الدّار ونسلّمها، فإني عاهدت أنّ لَا آخذ من المسلمين حبَّةً ظُلْمًا.
قال: فأسقط ستّين ألفًا، وقام أبو الفتوح صاحب المخزن من ماله بعشرة آلاف دينار، وأمر السّلطان بجباية الأملاك، فلقي النّاس من ذلك شدَّة، فخرج رجل صالح يُقال له ابن الكوّاز إلى السّلطان إلى الميدان، وقال: أنت المطالَب بما يجري على النّاس، فما يكون جوابك؟ فانظر بين يديك، ولا تكن ممن إِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ 2: 206 [1] ، فأسقَطَ ذلك [2] .
[الوباء بهمذان وأصبهان]
وجاءت الأخبار بأنّ الوباء شديد بهَمَذَان وأصبهان [3] .
ثمّ عادت الجباية من الأملاك، وصودر التُّجار، ولم يُتْرك إلّا العقار الخاصّ [4] .
__________
[1] سورة البقرة، الآية 206.
[2] المنتظم 10/ 66، 67 (17/ 320، 321) ، تاريخ الخلفاء 437، 438.
[3] المنتظم 10/ 67 (17/ 321) ، الكامل في التاريخ 11/ 54، الكواكب الدرّية 107.
[4] المنتظم 10/ 67 (17/ 321) ، البداية والنهاية 12/ 211.(36/199)
[بيعة سَنْجَر للمقتفي]
وجاءت مكاتبة سَنْجَر إلى ابن أخيه مسعود يأمره أنّ يدخل إلى المقتفي ويبايع عنه [1] .
[بيعة زنكيّ صاحب الموصل]
ثمّ أخُذت البيعة من زنكيّ صاحب الموصل [2] . ودفع الرّاشد عن زنكيّ، فتوجّه نحو أَذَرْبَيْجان [3] .
[زواج المقتفي أخت السّلطان]
وتزوّج المقتفي بفاطمة أخت السّلطان مسعود [4] .
[استنابة ألْبقش على بغداد]
وتوجه مسعود إلى بلاد الجبل، واستناب على بغداد ألْبقش السّلاحيّ، فورد سلجوق شاه، أخو مسعود، إلى واسط، فطرده البقش، وكان مستضعفًا [5] .
[وقعة الملك داود والسلطان]
واجتمع الملك داود وعساكر أَذَرْبَيْجان، فواقعوا السّلطان مسعودًا، وجَرَت وقعة هائلة [6] . ثمّ قصد مسعود أَذَرْبَيْجان، وقصد داود هَمَذَان، ووصلها الرّاشد المخلوع يوم الوقعة. وتقرّرت القواعد أنّ الخليفة المقتفي يكتب لزنكيّ عشرة
__________
[1] المنتظم 10/ 67 (17/ 321) .
[2] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 388 (وتحقيق سويم) 50.
[3] المنتظم 10/ 67 (17/ 321) .
[4] المنتظم 10/ 67 (17/ 321، الكامل في التاريخ 11/ 47، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 161، دول الإسلام 2/ 53، البداية والنهاية 12/ 211، تاريخ الخميس 2/ 405، الكواكب الدرّية 107.
[5] المنتظم 10/ 67 (17/ 321) ، وانظر: الكامل في التاريخ 11/ 47.
[6] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 388 (وتحقيق سويم) 51، زبدة التواريخ 212، 213.(36/200)
بلاد، ولا يُعين الرّاشد. ونفذت إليه المحاضر الّتي أوجبت خلْع الرّاشد، وأُثبتت على قاضي الموصل، فخطب للمقتفي ومسعود. فلمّا سمع الراشد نفّذ يقول لزنكي: غدرت؟! قال: ما لي طاقة بمسعود.
[ذهاب الراشد إلى مَراغة]
فمضي الرّاشد إلى داود في نفرٍ قليل، وتخلّف عنه وزيره ابن صَدَقَة، ولم يبق معه صاحب عمامة سوى أبي الفتوح الواعظ.
ونفّذ مسعود ألْفي فارس لتأخذه، ففاتهم ومضي إلى مراغة، فدخل إلى قبر أبيه، وبكى وحثا التّراب على رأسه. فوافقه أهل مُراغة، وحملوا إليه الأموال، وكان يومًا مشهودًا [1] .
[عودة الظلم إلى بغداد]
وقويَ داود، وضرب المُصَافّ مع مسعود، فَقُتِلَ من أصحاب مسعود خلْق، وعادت الجباية والظُّلْم ببغداد [2] .
[هرب وزير مصر الأرمنيّ]
وفيها هرب الّذي ولي الوزارة بالدّيار المصرّية بعد الحسن ابن الحافظ العُبَيْديّ، وهو تاج الدّولة بهرام الأرمنيّ النَّصْرانيّ. وكان قد تمكّن من البلاد، واستعمل الأرمن، وأساء السّيرة في الرّعيَّة، فأنِف من ذلك رضوان بن الوبخشيّ [3] ، فجمع جيشًا وقصَد القاهرة، فهرب منه بهرام لعنه الله إلى الصّعيد، ومعه خلْق من الأرمن، فمنعه متولّي أسوان من دخولها، فقاتله، فقتل السّودان
__________
[1] دول الإسلام 2/ 53، العبر 4/ 84، مرآة الجنان 3/ 259، عيون التواريخ 12/ 329، الكواكب الدرّية 106.
[2] المنتظم 10/ 67، 68 (17/ 321، 322) ، الكامل في التاريخ 11/ 47، العبر 4/ 84.
[3] هكذا في الأصل. وفي الكامل 11/ 48 (طبعة صادر) و 8/ 356 طبعة دار الكتاب العربيّ:
«الريحيني» ، وفي نسخة خطية: «الولحشي» ، ونسخة أخرى: «ابن الولحسي» ، وهو:
«الولخشي» في: أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 79، وأخبار الدول المنقطة 97 و 98، ونهاية الأرب 28/ 302، وفي المختصر في أخبار البشر 3/ 11 «الوكحشي» ، وفي اتعاظ الحنفا 3/ 158 «ولخشي» .(36/201)
طائفة من الأرمن، فأرسل يطلب الأمان من الحافظ فأمنه، فعاد إلى القاهرة، فسُجن مدَّة، ثمّ ترهَّب وأُخرج من الحبْس [1] .
[وزارة رضوان الأفضل بمصر]
وأما رضوان فَوَزَرَ للحافظ، ولُقِب بالملك الأفضل، وهو أوّل وزير بمصر لقّبوه بالملك. ثمّ فسَد ما بينه وبين الحافظ، فهرب في شوّال سنة ثلاثٍ وثلاثين، ونُهِبت أمواله وحواصله، فأتي الشّام، فنزل على أمين الدّولة كُمُشْتِكِين صاحب صرْخَد، فأكرمه وعظّمه [2] .
وجَرَت له أمور ذكرنا بعضها سنة ثلاثٍ وأربعين.
[جلوس ابن الخُجَنديّ بجامع الخليفة]
قال ابن الجوزيّ [3] : ونوديَ في الأسواق لابن الخُجَنديّ الواعظ بالجلوس في جامع الخليفة، فجلس يوم الجمعة بعد الصّلاة، ومنع من كان يجلس.
ونوديَ له بالجلوس في النّظاميَّة، فاجتمع خلائق، وحضر الوزير والشَّحْنة والمستوفي، ونَظَر، وسديد الدّولة، وجماعة من القُضاة. وحضرتُ يومئذٍ، وكان لَا يُحسن يعِظ ولا ينْدار [4] في ذلك.
[إعادة البلاد للخليفة]
وفى جُمَادَى الأولى أُعيدت بلاد الخليفة، ومعاملاته والتَّرِكات إليه، واستقرّ عن ذلك عشرة آلاف دينار. وعادت ببغداد الجبايات مرَّة خامسة بعنف وعسف [5] .
__________
[1] الخبر باختصار في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 388 (وتحقيق سويم) 51، وذيل تاريخ دمشق 262، وهو مطوّل في الكامل 11/ 48، 49، وأخبار مصر لابن ميسّر 2/ 79، ونهاية الأرب 28/ 302، 303 المختصر في أخبار البشر 3/ 11، 12، البداية والنهاية 12/ 212.
[2] الكامل في التاريخ 11/ 48، أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 83، أخبار الدول المنقطعة 98، 99 وفيه: «صلخد» ، نهاية الأرب 28/ 304، 305، الدرّة المضيّة 521 (حوادث 530 هـ) ، اتعاظ الحنفا 3/ 171، 172.
[3] في المنتظم 10/ 68 (17/ 322) .
[4] في المنتظم: «ولا ندار» .
[5] المنتظم 10/ 68، 69 (17/ 323) .(36/202)
[إعادة الولاية لأبي الكرم]
وقبض الشِّحنة على أبي الكرم الوالي وقال: لِم تتصرَّف بلا أمري؟
فذهب أبو [1] الكرم إلى رباط أبي النَّجيب [2] ، فتاب وحلق رأسه، ثمّ خُلِع عليه، وأُعيد إلى الولاية، وكان كافيًا فيها [3] .
[مهاجمة الأمير بُزْواش إفرنج طرابلس]
وفيها سار عسكر دمشق وعليهم الأمير بُزْواش [4] ، فحاربوا عسكر طرابُلُس، فنُصِروا، وَقُتِلَ خلْق من الفرنج، ورجع المسلمون بالغنائم والسّبْي الكثير [5] .
[وقعة بعرين]
وفيها وقعة بَعْرين بقُرب حماة، التقى الأتابك زنكيّ والفرنج، فنُصِر عليهم أيضًا، وأخذ قلعة بَعْرِين. وكان ذلك أول وهْنٍ أدخله الله على الفرنج [6] .
[تسلُّم زنكي بعلبكّ]
وسار زنكيّ إلى بَعْلَبَكّ، فسلمها إليه كُمُشْتِكِين الخادم [7] .
__________
[1] في الأصل: «فذهب إلى» .
[2] في المنتظم بطبعتيه نقص، فقد جاءت العبارة هكذا: «وقبض الشحنة على أبي الكرم الوالي إلى رباط أبي النجيب» . فليصحّح.
[3] المنتظم 10/ 69 (17/ 323) .
[4] ويقال: «بزواج» .
[5] ذيل تاريخ دمشق 258، الكامل في التاريخ 11/ 50، العبر 4/ 84، تاريخ ابن الفرات 8/ 79، صبح الأعشى 6/ 449- 451، تاريخ سلاطين المماليك 248، المختار من تاريخ ابن الجزري 450.
وقد قتل في هذا الهجوم كونت طرابلس بونز، ولم يذكر ابن القلانسي ذلك، ولكن القلقشندي يؤكده في (صبح الأعشى) ، وكذلك ابن الجزري في المختار من تاريخه، ووليم الصوري مطران صور في كتابه (تاريخ ما جرى من الأمور فيما وراء البحار) . انظر دراستنا حول هذا الموضوع في: تاريخ طرابلس 1/ 496- 498.
[6] تاريخ حلب للعظيميّ 388، ذيل تاريخ دمشق 259، الكامل في التاريخ 11/ 51- 53، زبدة الحلب 2/ 261، نهاية الأرب 27/ 132، المختصر في أخبار البشر 3/ 12، الدرّة المضيّة 525، 526، تاريخ ابن سباط 1/ 66، العبر 4/ 84، تاريخ ابن الوردي 2/ 41.
[7] زبدة الحلب 2/ 263 (حوادث 532 هـ) وفيه: «ثم سار في نصف المحرّم من سنة اثنتين(36/203)
[مهاجمة الروم بلادًا لابن لاون الأرمنيّ]
ولما أخذ زنكي قلعة بَعْرين ثارت الرّوم، وقدِمُوا في البحر من القُسطنطينية. وسبق الفُرسان إلى أنطاكّية، ثمّ وصلت مراكبهم، فنازلوا أَذَنَة والمصّيصة، وهما لابن لاون الأرمنيّ، فأخذها منه الرّوم، ثمّ أخذوا عين زَربة عَنْوَةً، وتلّ حمدون، ثمّ حاصروا أنطاكّية في آخر سنة إحدى وثلاثين، وضيّقوا على أهلها وبها بيمند الفرنجيّ. ثمّ تصالح الأرمن والروم. ثمّ نازلوا حلب [1] .
[حرب الموحّدين والملثّمين]
وفيها، وفي الّتي بعدها كان بين الموحّدين والملثّمين حروب عدَّة، ومنازلة طويلة ومضاربة. كان عبد المؤمن بالموحّدين في الجبل والشّعراء، وابن تاشفين قبالته في الوطاء. ثمّ جاءت أمطار عظيمة تلف فيها أصحاب ابن تاشفين، وهلكت خيلهم، وجاعوا [2] .
[احتجاب هلال رمضان]
وفي ليلة الثّلاثين من رمضان رُقِب الهلال، فلم يُرَ، فأصبح أهل بغداد صائمين أيّام العِدَّة. فلمّا أمسوا رقبوا الهلال، فما رأوه أيضًا، وكانت السّماء جليَّةً صاحية، ومثل هذا لم يُسمع بمثله في التّواريخ، وهو عجيب [3] .
__________
[ () ] وثلاثين فنزل بعلبكّ وأخذ منها مالا، وسار إلى ناحية البقاع..» ، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 162، المختصر في أخبار البشر 3/ 12، العبر 4/ 84، مرآة الجنان 3/ 259.
[1] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 388 (وتحقيق سويم) 50 باختصار، والخبر في: ذيل تاريخ دمشق 258، والكامل في التاريخ 11/ 53، تاريخ الزمان 153، المختصر في أخبار البشر 3/ 12، تاريخ ابن الوردي 2/ 41، الدرّة المضيّة 525، البداية والنهاية 12/ 212.
[2] البيان المغرب 4/ 96، نظم الجمان 241، الكامل في التاريخ 10/ 578.
[3] المنتظم 10/ 69 (17/ 324) ، البداية والنهاية 12/ 211، تاريخ الخميس 2/ 405، الكواكب الدرّية 107، تاريخ الخلفاء 438.(36/204)
سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة
[صلْب العيّارين ببغداد]
فيها ظفروا بأحد عشر عيّارًا، فصُلِبوا في الأسواق ببغداد، وصُلِب صوفيّ من رباط البسْطَاميّ لَكَمَ صبيًّا فمات [1] .
[أخذ الروم بُزَاعَة]
وفيها أخذت الرّوم بُزَاعَة فاستباحوها، وجاء النّاس يستنفرون [2] .
[القبض على نائب بغداد]
وفيها قُبِض على ألْبقش نائب بغداد، وولي مكانه بهروز الخادم [3] .
[زواج السّلطان ببنت دُبَيْس]
وتزوج السّلطان بسفرى بنت دُبَيْس الأسَديّ. وسببه أنّ أولاد دُبَيْس أُقطِعت أماكنهم واحتاجوا، فجاءت بنت دُبَيْس وأمها بنت عميد الدّولة جَهِير، وكانت بديعة الحُسن، فدخلت على خاتون زوجة المستظهر لتشفع لها إلى السّلطان، لبعيد عليها بعض ما أُخِذ منها، فوُصِفت له، فتزوّجها، وأغلقت
__________
[1] المنتظم 10/ 72 (17/ 327) ، وانظر: الكامل في التاريخ 11/ 63، 64.
[2] المنتظم 10/ 72 (17/ 327) ، تاريخ حلب للعظيميّ 393، (وتحقيق سويم) 52، ذيل تاريخ دمشق 264، 265، الكامل في التاريخ 11/ 56- 58، زبدة الحلب 2/ 264، 265، كتاب الروضتين 81، 82، التاريخ الباهر، 55، 56، نهاية الأرب 27/ 134- 136، المختصر في أخبار البشر 3/ 12، 13، الدرّة المضيّة 528 (حوادث سنة 531 و 533 هـ.) ، البداية والنهاية 12/ 212، تاريخ ابن سباط 1/ 67، 68، تاريخ ابن الوردي 2/ 41، 42، الكواكب الدرّية 108 وسيعاد الخبر بعد قليل بأوسع مما هنا.
[3] المنتظم 10/ 72 (17/ 327) ، الكامل في التاريخ 11/ 65.(36/205)
بغداد سبعة أيام للفرح، وضُرِبت الطُّبول وشُرِبت الخمور ظاهرًا وكثر الفساد [1] .
[صلْب أحد رجال الشحنة]
وفي جُمَادَى الآخرة قَتَل شِحنة بعض البلدان صبيًّا مستورًا من المختارة، فأمر السّلطان بصلب الشِّحنة فصُلِبَ، ورهطه العوامّ فقطّعوه [2] .
[زواج السلطان]
وفي رمضان وصف للسّلطان مسعود أمرأةٌ بالحُسْن، فخطبها وتزوجها، وأغلق البلد ثلاثة أيّام [3] .
[قتل الباطنيَّة الرّاشد]
وكان أمر [4] الرّاشد باللَّه قد استفحل، واجتمعت عليه عساكر كثيرة، فدخل عليه الباطنيَّة- لعنهم الله- فقتلوه [5] .
[قتل ألْبقش]
وفيها أمر السّلطان بقتل ألْبقش الّذي كان نائب بغداد، فَقُتِلَ، وقيل:
غرّق نفسه، فأخرجوه من الماء وقطّعوا رأسه [6] .
[تسلُّم الروم بُزَاعَة]
وفيها نازل ملك الروم- لعنهم الله- مدينة بزاعة، فتسلّموها بالأمان في
__________
[1] المنتظم 10/ 72 (17/ 327، 328) ، الكامل في التاريخ 11/ 65، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 164، البداية والنهاية 12/ 213، عيون التواريخ 12/ 334.
[2] المنتظم 10/ 72 (17/ 328) .
[3] المنتظم 10/ 72 (17/ 328) .
[4] في الأصل: «أمرا» .
[5] المنتظم 10/ 72 (17/ 328) ، الكامل في التاريخ 11/ 62، زبدة التواريخ 212، تاريخ دولة آل سلجوق 167، تاريخ مختصر الدول 206، الفخري 308، كتاب الروضتين 1/ 80، دول الإسلام 2/ 53، العبر 4/ 86، 89، 90، تاريخ ابن الوردي 2/ 42، مرآة الجنان 3/ 259، البداية والنهاية 12/ 212، تاريخ الخميس 2/ 404، 405، تاريخ الخلفاء 436، 437، الجوهر الثمين 206، خلاصة الذهب المسبوك 275، أخبار الدول 2/ 172.
[6] المنتظم 10/ 74 رقم 91 (17/ 330 رقم 4037) ، الكامل في التاريخ 11/ 65، تاريخ ابن الوردي 2/ 43 وفيه: «البخشي» .(36/206)
رجب، وكان عدَّة من خرج [1] منها خمسة آلاف وثمانمائة نفْس، وتنصّر قاضيها وجماعة من أغنيائها نحو أربعمائة نفْس [2] .
[منازلة الفرنج حلب]
ثمّ نازل حلب، فخرج إليه خلْقٌ من أهلها، فقاتلوه، فَقُتِلَ خلْق من الروم، وَقُتِلَ بطْريقٌ كبير [3] ، ثمّ ملكوا قلعة الأثارب.
[منازلة الفرنج شَيزر]
ثمّ نازلوا شيْزَر وبها سلطان بن عليّ الكِنانيّ، فنصبوا عليها ثمانية عشر مَنْجَنِيقًا، وعاثوا في الشّام، وقتلوا ونهبوا، فضايقهم عماد الدين زنكيّ، ولم يقحم عليهم، ونفذ في الرُّسْليَّة كمال الدّين الشّهْرُزُوريّ القاضي إلى السّلطان مسعود يستنجد به، فما نفع، ولطف الله، ورحلت الملاعين الرّوم عن الشّام بتهويلٍ من زنكيّ بين الرّوم والأرمن [4] .
__________
[1] في الكامل 11/ 561: «وكان عدّة من جرح فيها..» .
[2] زبدة الحلب 2/ 265.
[3] زبدة الحلب 2/ 265.
[4] الخبر في: الإعتبار 2، و 92 و 113، وتاريخ حلب للعظيميّ 393، (وتحقيق سويم) 52، وذيل تاريخ دمشق 264، 265، والمنتظم 10/ 72 (17/ 327) ، والتاريخ الباهر 55/ 56، والكامل في التاريخ 11/ 56- 58، وكتاب الروضتين 81، 82، وزبدة الحلب 2/ 264، 265، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 164، ونهاية الأرب 27/ 134- 136، والمختصر في أخبار البشر 3/ 12، 13، والدرّة المضيّة 528، والبداية والنهاية 12/ 212، وتاريخ ابن سباط 1/ 67، 68.
وملك الروم هو: يوحنّا الثاني كالوجوهانيز (512- 538 هـ. / 1118- 1143 م) .(36/207)
سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة
[الزلزلة بجنزة]
قال أبو الفَرَج بن الجوزيّ [1] : كانت فيها زلزلة عظيمة بجنْزَة، أتت على مائتي ألف وثلاثين ألفًا، فأهلكهم الله، وكانت الزّلزلة عشرة فراسخ في مثلها، فسمعت شيخنا ابن ناصر يقول: جاء الخبر أنّه خُسِف بجنْزَة، وصار مكان البلد ماء أسود، وقدِم التّجّار من أهلها، فلزِموا المقابر يبكون على أهاليهم، فإنّا للَّه وإنّا إليه راجعون.
قلت: في «مرآة الزّمان» [2] مائتي ألف وثلاثين ألفًا، أعني الّذين هلكوا في جَنْزَة بالزّلزلة.
وكذا قال «ابن الأثير» في «كاملة» [3] ولكن ذكر ذلك سنة أربع وثلاثين [4] .
__________
[1] في المنتظم 10/ 78 (17/ 335) .
[2] ج 8 ق 1/ 168.
[3] الكامل في التاريخ 11/ 77 (حوادث 534 هـ.) ، وفيه: «كنجة» . وانظر: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 394 (وتحقيق سويم) 54.
[4] انظر خبر الزلزلة في: ذيل تاريخ دمشق 268، والكامل في التاريخ 11/ 71، وزبدة التواريخ 216، وتاريخ الزمان 154، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 168، 169، ودول الإسلام 2/ 53 وفيه اسم المدينة: «جيزة» ، وقال محقّقه بالحاشية إنها من أعمال حلب، والعبر 4/ 91، ومرآة الجنان 3/ 260 وفيه تحرّفت إلى: «بحيرة» ، وفي البداية والنهاية 12/ 215 «جبرت» ، عيون التواريخ 12/ 343، الكواكب الدرّية 109، النجوم الزاهرة 5/ 264، شذرات الذهب 4/ 102، وفيه:
«خبزه» و 104 (حوادث 534 هـ.) تاريخ الخلفاء 438 وفيه «بحترة» ، والصحيح في كشف الصلصلة 184.(36/208)
[خطبة زوجة المستظهر لصاحب كرمان]
وفيها وصل رسول ابن قاروت [1] صاحب كرْمان إلى السّلطان مسعود يخطب خاتون زوجة المستظهر باللَّه، ومعه التّقادُم والتُّحَف. فجاء وزير مسعود إلى الدّار يستأذنها، ونثرت الدّنانير وقت العقْد، وبُعِثت إليه، فكانت وفاتها هناك [2] .
[إزالة المواخير ببغداد]
وفي ربيع الأوّل أُزيلت المواخير [3] والمُكُوس من بغداد، ونقشت الألواح بذلك [4] .
__________
[ () ] وقد وقّت أحد مواليد وسكان مدينة كنجة واسمه مخيتار غوش هذه الزلزلة في 30 أيلول (سبتمبر) 1139 م. وكان شاهدا لها فذكر أنّها جرت في شهر أريغ حسب التقويم الأرمني في 18 منه، ليلة الجمعة- السبت، في يوم عيد القدّيس جرجس أرسل الغضب الإلهي الحاد إلى العالم وغضب الأرض وخراب قوي، تحركت بدفعات قوية وأصابت هذا البلد- ألبانيا. وقد خرّبت الهزّة أماكن كثيرة في مناطق باريسوس وخاجن (حاليا: كرباخ) كما في السهول كذلك في الجبال. نتيجة لهذا الزلزال فإن عاصمة غنجاق كذلك كانت في جحيم تبلع سكانها. وفي كل أطراف سطح الأرض أمسكتهم في أحضانها. وفي المناطق الجبلية هدم كثير من القلاع والقرى مع الأديرة والكنائس على رءوس ساكنيها وقتل خلق لا يحصى بواسطة الأبنية المهدّمة والأبراج الكثيرة.
ويقول كيراكوس غانزاكيتس أحد سكان كنجة أنه في عام 588 (حسب التقويم الأرمني) حدثت هزّة أرضية عنيفة خرّبت مدينة كنجة ودمّرت المنازل على ساكنيها. وقد قتل من جراء الهزة كثير من الرجال والنساء والأولاد، ويصعب حصر الذين بقوا تحت الركام. (انظر: زبدة التواريخ 217 بالحاشية) .
وقال البنداري: إن مدينة جنزة وأعمالها قد خسف بها. وأن الزلزلة قد هدمتها، وأنها خربت حتى كأن الأرض عدمتها، وأنّ الكفار الأبخازية والكرجية هجمتها، وقد باد من أهلها مقدار ثلاثمائة ألف نفس، فأمرّوا الباقين إلا من احتمى بقلعتها، وآوى إلى تلعتها. وذلك مع تشعث سورها، وتهدم دورها، وأن الأموال نبشت، وأن الخبايا فتشت. فأغذّ قراسنقر السير إليها،. وكان إيواني ابن أبي الليث- لعنه الله- مقدم عسكر الأبخاز قد قرن بالزلزلة الزلازل، وبالنازلة النوازل، وكان قد حمل باب مدينة جنزة، وبنى مدينة سمّاها جنزة، وعلّق عليها ذلك الباب، واغتنم غيبة قراسنقر عن البلاد فسمّاها العذاب، وذلك في سنة 533 (تاريخ دولة آل سلجوق 175، 176) .
[1] ويقال: «قاورت» بتقديم الواو.
[2] المنتظم 10/ 78 (17/ 335) ، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 169.
[3] في الأصل: «المواضير» .
[4] المنتظم 10/ 78 (17/ 335) .(36/209)
[قتل الوزير كمال الدين الرازيّ]
كان السّلطان قد استوزر محمد بن الحسن كمال الدّين الرازيّ [1] الخازن، فأظهر العدل ورفع المكوس والضّرائب، ثمّ دخل إليه ابن عمارة [2] ، وابن أبي قيراط، فدفعا في المُكُوس مائة ألف دينار، فرفع أمرهما إلى السّلطان، فشُهِّرا في البلد مسوَّدَيْن الوجوه، وحُبسا. فلم يتمكن مع الوزير أعداؤه ممّا يريدون، فأوحشوا بينه وبين قُراسُنْقُر صاحب أَذَرْبَيْجان، فأقبل قُراسُنْقُر في العساكر الكثيرة، وقال: إمّا يحمل رأسه إليّ أو الحرب. فخوّفوا السّلطان مسعود من حادثة لَا تتلافى، ففسح لهم في قتله على كرْهٍ شديد، فقتله تتر الحاجب، وحمل رأسه إلى قُراسُنْقُر [3] .
واستولت الأمراء على مُغَلّات البلاد، وعجز مسعود، ولم يبق له إلّا مجرّد الاسم.
[خروج خوارزم شاه عن طاعة السلطان سنجر]
وفيها خرج خوارزم شاه عن طاعة السّلطان سَنْجَر، فسار سَنْجَر لحربه وقاتله، وهزم جيوشه، وَقُتِلَ في الوقعة ولدٌ لخوارزم شاه، ودخل سَنْجَر خُوارَزْم، وأقطعها ابن أخيه سليمان بن محمد، ورتَّب له وزيرًا وأتابكًا، وردَّ إلى مرو، فجاء خوارزم شاه، وهرب منه سليمان، فاستولى على البلد [4] .
[أخْذ الأتابك زنكيّ بعلبكّ]
وفيها قُتِلَ شهاب الدّين محمود، وأحضروا أخاه محمدًا من بَعْلَبَكّ، فتملّك دمشق. فجاء زنكيّ الأتابك، فأخذ بَعْلَبَكّ بعد أنّ نصب عليها أربعة عشر منجنيقًا ترمي بالليل والنهار، فأشرف أهلها على الهلاك، وسلّموا البلد،
__________
[1] هو كمال الدين محمد بن علي بن حسين الرازيّ. (زبدة التواريخ 214، تاريخ دولة آل سلجوق 172) .
[2] في الأصل: «ابن عماد» . والتصحيح من المنتظم.
[3] المنتظم 10/ 78، 79 (17/ 335، 336) ، تاريخ دولة آل سلجوق 173 و 174.
[4] حبيب السير لخواندمير 2/ 631، تاريخ ابن سباط 1/ 69، الكامل في التاريخ 11/ 67، نهاية الأرب 26/ 385، العبر 4/ 91، البداية والنهاية 12/ 215، عيون التواريخ 12/ 344.(36/210)
وعصى بالقلعة جماعة من الأتراك، ونزلوا بالأمان، فغدر بهم وصلبهم، فمقته النّاس وأبغضوه، ونفر منه أهل دمشق وقالوا: لو ملك دمشق لفعل بنا مثل ما فعل بهؤلاءِ [1] .
[الزلازل بالشام والجزيرة]
وفي صفر كانت زلازل هائلة بالشّام والجزيرة، وخرب كثير من البلاد لَا سيّما حلب، فلمّا كُثرت عليهم خرج اهلها إلى الصحراء [2] .
قال ابن الأثير [3] : عدّوا ليلة واحدة أنها جاءتهم ثمانين مرَّة، ولم تزل تتعاهدهم بالشّام من رابع صفر إلى تاسع عشرة. وكان معها صوت وهدّة شديدة [4] .
__________
[1] تاريخ حلب للعظيميّ 395 (حوادث 534 هـ.) و (تحقيق سويم) 54، التاريخ الباهر 59، الكامل في التاريخ 11/ 68- 70، ذيل تاريخ دمشق 269، زبدة الحلب 2/ 272، كتاب الروضتين 86، مفرّج الكروب 1/ 86، نهاية الأرب 27/ 137، المختصر في أخبار البشر 4/ 14، 15، الأعلاق الخطيرة/ 46، 47، الكواكب الدرّية 109، تاريخ ابن سباط 1/ 70، تاريخ مختصر الدول 206، نهاية الأرب 27/ 87، 88، تاريخ ابن الوردي 2/ 43، الدرّة المضيّة 529، تاريخ الخميس 2/ 405، عيون التواريخ 12/ 343.
[2] مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 169، تاريخ ابن الوردي 2/ 43.
[3] في الكامل في التاريخ 11/ 71.
[4] انظر عن الزلازل في: تاريخ حلب للعظيميّ 394، و (تحقيق سويم) 54، وذيل تاريخ دمشق 268 و 270، والكامل في التاريخ 11/ 71، وزبدة الحلب 2/ 270، والمختصر في أخبار البشر 3/ 15، والدرّة المضيّة 529، والكواكب الدرّية 609، وتارخى ابن سباط 1/ 70، والبداية والنهاية 12/ 212 (حوادث 532 هـ.) ، وعيون التواريخ 12/ 334 (حوادث 532 هـ.) ، وكشف الصلصلة 184.(36/211)
سنة أربع وثلاثين وخمسمائة
[عقد السّلطان على بنت المقتفيّ]
في رجب عقد السّلطان مسعود على بنت المقتفيّ لأمر الله [1] .
[وقوع الوحشة بين الوزير والخليفة]
وتمكّن الوزير أبو القاسم بن طِراد من الدّولتين تمكُّنًا زائدًا، ثمّ وقعت وحشة بينه وبين الخليفة [2] .
[عودة الحياة إلى رجل بعد الصلاة عليه]
وتُوُفّي رجلٌ مبارَك من أهل باب الأزَج نودي عليه، واجتمع النّاس في مدرسة الشَيخ عبد القادر للصّلاة عليه، فلمّا أريد غسْله عطس وعاش [3] .
[تكاثر كبسات العيّارين ببغداد]
وفيها تكاثرت كبسات العيّارين ببغداد، وصاروا يأخذون جهارًا، وعمَّ الخطْب [4] .
[محاصرة زنكيّ دمشق]
وفيها حاصر زنكي دمشق، فذكر «ابن الأثير» [5] أنّ زنكيّ ملك بعلبكّ،
__________
[1] المنتظم 10/ 85 (18/ 18/ 3) ، الكامل في التاريخ 11/ 77، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 173، البداية والنهاية 12/ 216، عيون التواريخ 12/ 355، الكواكب الدرّية 110.
[2] المنتظم 10/ 85 (18/ 4) ، الكامل في التاريخ 11/ 76.
[3] المنتظم 10/ 85 (18/ 4) ، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 174، البداية والنهاية 12/ 216، 217.
[4] المنتظم 10/ 86 (18/ 4) .
[5] في الكامل في التاريخ 11/ 73، 74، والتاريخ الباهر 58، 59.(36/212)
وسار فنزل داريّا، وراسل جمال الدّين محمد بن بوريّ يطلب منه دمشق، ويعوضه عنها أيَّ بلد اختار، فلم يجبه. فالتقي العسكران، فانهزم الدمشقيون، وقتل كثير منهم، ثم تقدم زنكي إلى المصلى، فالتقاه جمع كبير من جُنْد دمشق وأحداثها ورجال الغُوطة، وقاتلوه، فانهزموا، وأخذهم السّيف، فقتل فيهم وأكثر وأسر، ومن سلم عاد جريحًا. وأشرف البلد على أنّ يؤخذ، لكن عاد زنكيّ فأمسك عدَّة أيّامٍ عن القتال، وتابع الرّسُل إلى صاحب دمشق وبذل له بَعْلَبَكّ وحمص، فلم يجيبوه. فعاود القتال والزَّحف متتابعًا، فلم يقدر على البلد.
وولي بعد موت محمد ابنه مُجير الدّين أبق، ودبّر دولته أُنُز [1] ، فلمّا ألحّ عليهم زنكيّ بالقتال راسل أُنُز [1] الفرنج يستنجد بهم، وخوّفهم من زنكيّ إنْ تملّك دمشق. فتجمعت الفرنج، وعلم زنكيّ، فسار إلى حَوْران لمُلْتقاهم فهابوه ولم يجيئوا، فعاد إلى حصار دمشق، ونزل بعَذرا، وأحرق قرى المَرْج وترحّل.
فجاءت الفرنج واجتمعوا بأُنُز [1] ، فسار بعسكر دمشق إلى بانياس، وهي لزنكيّ، فأخذها وسلّمها إلى الفرنج. فغضب زنكيّ، وعاد إلى دمشق، فعاث بحَوْران وأفسد، وجاء إلى دمشق فخرجوا واقتتلوا، وقتل جماعة. ثمّ رحل عنها ومع أصحابه شيء كثير من النَّهْب. وسار إلى الموصل، فملك شَهْرزُور وأعمالها [2] .
[مقتل صاحب تِلِمْسان]
وفيها جهّز عبد المؤمن جيشًا من الموحّدين إلى تِلِمْسان فخرج صاحبها محمد بن يحيى بن فانو اللّمْتُونيّ، فالتقاهم، فَقُتِلَ وانهزم جيشه، وانتهبهم الموحّدون.
[استيلاء عبد المؤمن على جبال غمارة]
وفيها استولى عبد المؤمن على جبال غمارة، ووحّدوا وأطاعوا، وما برح
__________
[1] في الكواكب الدرّية 111 «أنر» بالراء.
[2] ذيل تاريخ دمشق 270- 272، الكامل في التاريخ 11/ 73، 74، التاريخ الباهر 58، 59، زبدة الحلب 273، كتاب الروضتين 84- 86، نهاية الأرب 27/ 588، المختصر في أخبار البشر 3/ 15، دول الإسلام 2/ 54، العبر 4/ 93، عيون التواريخ 12/ 354، الدرّة المضيّة 530، الكواكب الدرّية 110، 111، تاريخ ابن سباط 1/ 71، تاريخ ابن الوردي 2/ 43، مرآة الجنان 3/ 261، عيون التواريخ 12/ 354.(36/213)
عبد المؤمن يسير في الجبال، وتاشفين بن عليّ يحاذيه في الوطاء مدَّة طويلة، نحو سنتين، حتّى قُتِلَ تاشفين [1] .
[الخُلْف بين جيش مصر]
وفيها وقع الخُلْف بين جيش مصر، وَقُتِلَ خلْقٌ من الجند [2] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 578، 579، دول الإسلام 2/ 54، وانظر: البيان المغرب 4/ 98، 99.
[2] ذيل تاريخ دمشق 272، 273، نهاية الأرب 28/ 305، دول الإسلام 2/ 54، اتعاظ الحنفا 3/ 173.(36/214)
سنة خمس وثلاثين وخمسمائة
[وزارة المظفر أبي نصر]
فيها استوزر أبو نصر المظفر بن محمد بن جَهِير. نقل من الأستاذ داريّة إلى الوزارة، وعُزل ابن طِراد [1] .
[ادَّعاء رجل الزُّهد ببغداد]
وفيها ظهر ببغداد رجل قدِم إليها وأظهر الزُّهد والنُّسُك، وقصده النّاس من كلّ جانب، فمات ولدٌ لإنسان، فدفنه قريبًا من قبر السّبتيّ [2] ، فذهب ذلك المتزهّد فنبشه، ودفنه في موضع، ثمّ قال للنّاس: اعلموا أنني رأيت عمر بن الخطّاب في المنام، ومعه عليّ رضي الله عنهما، فسلّما عليَّ وقالا: في هذا الموضع صبيّ من أولاد عليّ بن أبي طالب. ودّلهم [3] على المكان، فحفروه، فإذا صبي أمرد، فمن الّذي وصل إلى قطعة من أكفانه. وانقلبت بغداد، وخرج أرباب الدولة، وأخذ التراب للبركة، وازدحم الخلق، وبقوا يقبّلون يد المتزهّد وهو يبكي ويتخشّع. وبقي النّاس على هذا أيامًا، والميت مكشوف يراه النّاس، ويتمسحون به. ثمّ أَنْتَن. وجاء الأذكياء وتفقدوا الكَفَن، فإذا هو جديد، فقالوا:
كيف يمكن أن يكون هذا هكذا من أربعمائة سنة؟! ونقبوا عن ذلك حتّى جاء أبوه فعرفه وقال: هو والله ولدي، دفْنتُه عند السّبْتيّ. فمضوا معه، فرأوا القبر قد نُبِش، فكشفوا فإذا ليس فيه ميت.
__________
[1] المنتظم 10/ 88 (18/ 8) ، الكامل في التاريخ 11/ 79، تاريخ دولة آل سلجوق 179، عيون التواريخ 12/ 361، ذيل تاريخ دمشق 372، وفيات الأعيان 4/ 212، النجوم الزاهرة 5/ 267،
[2] وكذا في المنتظم. ولعلّه «السيبي» وهو أبو الفرج عبد الوهاب بن هبة الله المتوفى سنة 504.
[3] في الأصل: «ودلّهما» .(36/215)
وسمع المتزهد فهرب، ثمّ وقعوا به وقرّروه، فأقرّ، فأركب حمارًا، وصُفِع، في ربيع الأوّل [1] .
[تملُّك الإسماعيلية حصن مصيات]
وفي سنة خمسٍ وثلاثين ملكت الإسماعيلية حصن مِصْيات [2] ، كان واليه مملوكًا لصاحب شَيْزَر، فاحتالوا عليه ومكروا به، حتّى صعدوا إليه وقتلوه، وملكوا الحصن، وبقي بأيديهم إلى دولة الملك الظّاهر [3] .
[وفاة الوزير ابن الأنباريّ]
وفيها تُوُفّي الوزير سديد الدّولة ابن الأنباريّ وزير الخليفة وبعده سَنْجَر [4] .
[انهزام سَنْجَر أمام الخِطا]
وكان قد قتل ابنًا لخوارزم شاه أتْسِز بن محمد في الوقعة المذكورة، فحنق خوارزم شاه، وبعث إلى الخطا [5] فطمّعهم في خراسان، وتزوَّج إليهم، وحثَّهم على قصد مملكة سَنْجَر، فساروا في ثلاثمائة ألف فارس، فسار إليهم سنجر،
__________
[1] المنتظم 10/ 88، 89 (18/ 8، 9) ، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 176، 177، الكواكب الدرّية 112، 113.
[2] في معجم البلدان 5/ 144: «مصياب (بالباء) : حصن حصين مشهور للإسماعيلية بالساحل الشامي قرب طرابلس. وبعضهم يقول: مصياف» .
والمثبت يتفق مع الكامل في التاريخ 11/ 79، وفي ذيل تاريخ دمشق 274 «مصياث» بالثاء المثلّثة، ومثله في: مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 177، ودول الإسلام 2/ 54 وفيه: «ميصاف» ، والمشهور الآن: «مصياف» بالفاء.
[3] ذيل تاريخ دمشق 274، الكامل في التاريخ 11/ 79، المختصر في أخبار البشر 3/ 15، دول الإسلام 2/ 54، الكواكب الدرّية 113، تاريخ ابن سباط 1/ 72.
[4] الكامل 11/ 79.
[5] الخطا: بكسر الخاء، قبائل من الأتراك نزحوا من موطنهم الأصلي في شمال الصين في أوائل القرن السادس الهجريّ (12 الميلادي) واستقرّوا غرب إقليم التركستان حيث كوّنوا دولة عرفت باسم مملكة الخطا. وقد أطلق عليها المغول اسم «القرا خطائيّين» . وقرا: لفظ تركيّ معناه:
أسود. وربّما أطلق المغول هذا اللفظ على الخطا تعبيرا عن عدائهم وكراهيّتهم لهم. (المغول في التاريخ للدكتور فؤاد عبد المعطي الصياد- ص 29) .
ويطلق اسم الخطا على البلاد المتاخمة للصين من الشمال، وعلى بلاد الصين جميعها.
(صبح الأعشى للقلقشندي 4/ 483) .(36/216)
فالتقوا بما وراء النّهر، فانهزم سَنْجَر بعد أنّ قُتِلَ من جيشه أحد عشر ألفًا، وأُسِرت زوجة السّلطان سَنْجَر، وانهزم هو إلى بلخ. فأسرع خوارزم شاه إلى مَرْو، فدخلها وقتل جماعة، وقبض على أعيانها. ولم يزل السّلطان سَنْجَر سعيدًا إلى هذا الوقت. فطلب ابن أخيه السّلطان مسعود، وأمره أنّ يقرب منه وينزل الرَّيّ [1] .
[رواية ابن الأثير عن إسلام التُرك]
قال ابن الأثير [2] : وقيل إنّ بلاد تُرْكُسْتان، وهي كاشغر، وبلاساغون، وختن، وطراز، كانت بيد التُّرك الخانيَّة، وهم مسلمون من نسْل فراسياب [3] .
وسبب إسلامهم جدّهم الأول أنه رأى في منامه كأن رجلًا ينزل من السماء، فقال له بالتُّركية: أسلِمْ تسلم في الدنيا والآخرة. فأسلم في منامه، وأصبح فأظهر إسلامه.
ولمّا مات قام بعده ولدُه موسى بن سنق، ولم يزل المُلْك بتُركستان في أولاده إلى أرسلان خان محمد بن سليمان بن داود بغراجان بن إبراهيم طمغاج بن أيلك أرسلان بن عليّ بن موسى بن سنق [4] . فخرج عليه قدر خان فانتزع المُلْك منه، فظفر السّلطان سَنْجَر بقدر خان، وقتله في سنة أربعٍ وتسعين من إحدى [5] ، وله أربعون [6] سنة. وأعاد المُلْك إلى أرسلان خان. وكان من جنده
__________
[1] خبر هزيمة سنجر أمام الخطا في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور 396) و (تحقيق سويم) 55، وذيل تاريخ دمشق 275، وراحة الصدور (طبعة لندن) 172، وحبيب السير 2/ 509، وتاريخ كزيدة (طبعة طهران) للقزويني 449، والمنتظم 10/ 96، 97 (18/ 17) ، والكامل في التاريخ 11/ 81- 86، وتاريخ دولة آل سلجوق 179، وتاريخ الزمان لابن العبري 155، ونهاية الأرب 26/ 385، والمختصر في أخبار البشر 3/ 15، 16، والعبر 4/ 98، ودول الإسلام 2/ 55 (حوادث سنة 535 هـ.) ، وتاريخ ابن الوردي 2/ 44، ومرآة الجنان 3/ 266، 267، وعيون التواريخ 12/ 267، 268، والدرّة المضيّة 534، 535، وتاريخ ابن خلدون 5/ 64، 65، والكواكب الدرّية 113، 114، وتاريخ ابن سباط 1/ 73، 74 (حوادث سنة 536 هـ.) وسيعاد في السنة التالية.
[2] في الكامل في التاريخ 11/ 82 وما بعدها (حوادث 536 هـ.) .
[3] في الكامل 11/ 82 «أفراسياب» .
[4] في الكامل 11/ 82 «سبق» .
[5] كذا في الأصل، ولا معنى لها.
[6] في الأصل: «وله أربعين» .(36/217)
نوع من التُرك يقال لهم القارُغليَّة، ونوع يقال لهم الغُزّ الّذين نهبوا خُراسان سنة ثمانٍ وأربعين كما يأتي.
[القبض على المغربيّ الواعظ ببغداد]
وفيها أخذ المغربيّ الواعظ ببغداد مكشوف الرأس إلى باب النّوبى، وجدوا في داره خابيةَ نبيذ وعُودًا [1] وآلات اللهو، فكان ينكر ويقول امرأته مغنية والعُود لها [2] .
[تسليم البُرْدة والقضيب للمقتفي]
وفيها وصل رسول السّلطان سَنْجَر ومعه البُرْدة والقضيب، فسلّمه إلى المقتفي لأمر الله، وكانا مع الرّاشد لمّا قُتِلَ بظاهر أصفهان [3] .
[غارة الفرنج على عسقلان]
وفيها غارت الفرنج على عمل عسقلان، فخرج جُنْدُها وقتلوا جماعة، وهزموا الفرنج [4] .
__________
[1] في الأصل: «عود» .
[2] المنتظم 10/ 89 (18/ 9) .
[3] المنتظم 10/ 90 (18/ 10) ، البداية والنهاية 12/ 217، مآثر الإنافة 2/ 36، عيون التواريخ 12/ 361، الكواكب الدرّية 112.
[4] ذيل تاريخ دمشق 273، 274.(36/218)
سنة ست وثلاثين وخمسمائة
[موت البهلويّ رئيس الباطنيّة]
فيها مات رئيس الباطنيَّة إبراهيم البهلويّ [1] ، فاحرقه شِحنة الرَّيّ في تابوته [2] .
[دخول ملك خوارزم مدينة مَرْو]
وفيها دخل ملك خُوارَزْم أتْسِز بن محمد مدينة مَرْو، وفتك بها مُراغَمَةً للسّلطان سَنْجَر حين تمّت عليه الهزيمة، وقبض على رئيس الحنفيَّة أبي الفضل الكرمانيّ، وعلى جماعة من الفقهاء [3] .
[إنجاز شقّ النهروان]
وفيها تمّ عمل شقّ [4] النَهروان، وخلع المقدّم بهروز على الصُّنّاع جميعهم جِباب ديباج روميّ، وعمائم مذهّبه. وبنى لنفسه هناك تُربة.
وجاء السّلطان مسعود عَقِيب فراغه، وعند جَرَيان الماء في النَّهر، فقعد بهروز والسلطان في سفينة، وسار في النّهر المحفور، وفرح السّلطان به.
وقيل إنّه عاتبه في تضييع المال، فقال: أنفقت عليه سبعين ألف دينار، أنا أعطيك إياها من ثمن التَّبْن في سنة واحدة [5] .
__________
[1] في المنتظم: «السهولي» ، و «السهلوي» ، وفي الكامل: «السهاوي» .
[2] المنتظم 10/ 95 (18/ 17) ، الكامل في التاريخ 11/ 89.
[3] المنتظم 10/ 95 (18/ 17) ، الكامل في التاريخ 11/ 87، عيون التواريخ 12/ 367.
[4] في المنتظم: «بثق» .
[5] المنتظم 10/ 95 (18/ 17) .(36/219)
[شحنكية بغداد]
ثمّ إنّه عزله عن شِحْنكية بغداد، وولّي قزل [1] .
[استفحال أمر العيّارين]
وظهر من العيّارين ما حيّر النّاس. وذاك أنّ كلّ قومٍ منهم اجتمعوا بأمير واحتموا به، وأخذوا الأموال، وظهروا مكشوفين. وكانوا يكبسون الدُّور بالشّموع، ويدخلون الحمّامات، ويأخذون الثّياب، فلبس النّاس السّلاح لمّا زاد النَّهب، وأعانهم وزير السّلطان، والنَّهْب يعمل، والكبسات متوالية.
ثمّ أطلق السّلطان النّاس في العيَّارين فتتبّعوهم [2] .
[العفو عن الوزير ابن طِراد]
وفيها عفى الخليفة عن الوزير عليّ بن طِراد بعد شفاعة السّلطان مسعود فيه غير مرَّة إلى الخليفة المقتفيّ، وزادت حُرْمتُه، وعَلَت كلمته [3] .
[هزيمة سَنْجَر أمام كافر تُرك]
وفيها كانت وقعة هائلة بين السّلطان سَنْجَر وبين كافر تُرك بما وراء النّهر، فانكسر سَنْجَر، وبلغت الهزيمة إلى تِرْمِذ، وأفلت سَنْجَر، في نفر يسير، فوصل بلْخ في ستَّة أنْفُس، وأُخذت زوجته وبنته زوجة محمود، وَقُتِلَ من جيشه مائة ألف أو أكثر.
وقيل إنهم أحصوا من القتلى أحد عشر ألفًا، كلّهم صاحب عمامة، وأربعة آلاف امرأة [4] .
وكان سَنْجَر قد قتل أخا صاحب خُوارَزْم، فاستنجد عليهم بكافر تُرْك، وكان مهادِنًا له وقد صاهره، فسار الملعون في ثلاثمائة ألف فارس، فأحاطوا
__________
[1] المنتظم 10/ 95 (18/ 17) ، الكامل في التاريخ 11/ 89.
[2] المنتظم 10/ 95، 96 (18/ 17، 18) ، وانظر: الكامل في التاريخ 11/ 89.
[3] المنتظم 10/ 96 (18/ 18) .
[4] مرآة الجنان 3/ 266، 267، الكواكب الدرّية 113، 114.(36/220)
بسَنْجَر. ولم تُرَ وقعةٌ أعظم منها. وكانت في المحرّم، وقيل: في صفر [1] .
__________
[1] تقدّم هذا الخبر في حوادث السنة السابقة 535 هـ. وذكره هنا ابن الجوزي في المنتظم 10/ 96، 97 (18/ 19) ، والعظيمي في تاريخ حلب (بتحقيق زعرور) 396 و (تحقيق سويم) 55، وذيل تاريخ دمشق 275، والكامل في التاريخ 11/ 85، 86، وتاريخ الزمان 155، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 180، ونهاية الأرب 26/ 385، والعبر 4/ 98، وتاريخ ابن الوردي 2/ 44، الدرّة المضيّة 534، 535، الكواكب الدرّية 114، شذرات الذهب 4/ 111.(36/221)
سنة سبع وثلاثين وخمسمائة
[اجتماع العسكر مع سَنْجَر]
أرسل سَنْجَر إلى السّلطان مسعود أنّ يجمع الجيش وينزل الرَّيّ، بحيث إن احتاجه طَلَبه لأجل النّكبة الماضية من التُرْك. ووصل إلى مسعود عبّاس شِحْنة الرَّيّ بعسكرٍ كثير، وخدمه. ووصل إليه جماعة من الأمراء [1] ،
[أخْذُ زنكي الحديثة]
وفيها أخذ زنكي الحديثة واعتقل من فيها من آل مهارش [2] .
[وفاة صاحب ملطية]
وفيها تُوُفّي محمد بن الدّانشمنْد صاحب مَلَطْيَة، فاستولى على بلاده الملك مسعود بن قلج أرسلان سليمان بن قُتُلْمش السَّلْجُوقيّ صاحب قونية [3] .
[الوباء بمصر]
وفيها كان بمصر وباء عظيم، وهلك النّاس [4] .
__________
[1] المنتظم 10/ 102 (18/ 26) ، دول الإسلام 2/ 56.
[2] المنتظم 10/ 102 (18/ 26) ، الكامل في التاريخ 11/ 88 (حوادث سنة 536 هـ.) ، التاريخ الباهر 64، الدرّة المضيّة 536 (حوادث 536 هـ.) ، مفرّج الكروب 1/ 90، البداية والنهاية 12/ 218، الكواكب الدرّية 114، النجوم الزاهرة 5/ 271.
[3] الكامل في التاريخ 11/ 92، تاريخ مختصر الدول 206، العبر 4/ 101، تاريخ ابن الوردي 2/ 44.
[4] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 397 (وتحقيق سويم) 56، ذيل تاريخ دمشق 276، الكامل في التاريخ 11/ 92، أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 85، اتعاظ الحنفا 3/ 177.(36/222)
[هلاك ملك الروم]
وفيها جاء طاغية الرّوم في جُمُوعه يعبر إلى الشام، وخاف النّاس. وتلقاه صاحب أنطاكية. ثمّ أهلك الله طاغية الروم في هذه السّنة [1] .
[موت قاضي دمشق]
وفيها مات قاضي دمشق المنتجب [2] أبو المعالي محمد بن يحيى، وولي قضاء دمشق بعده ابنه أبو الحسن عليّ. بعث إليه بمنشور القضاء قاضي قضاة بغداد [3] .
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق 277.
[2] في الأصل: «المنتخب» .
[3] ذيل تاريخ دمشق 277، مرآة الجنان 3/ 268، النجوم الزاهرة 5/ 272.(36/223)
سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة
[مصالحة السّلطان مسعود وزنكي على مال]
جمع السّلطان مسعود العساكر لقصد الموصل والشّام، وتردّدت رسل زنكي. ثمّ تمّ الصّلح على ثلاثمائة ألف دينار في نُوَب. فعجَّل ثلاثين ألفًا [1] ، ثمّ تقلَّبت الأحوال واحتاج إلى مُداراة زنكيّ، وسقط المال، وقبض البعض [2] .
[الصلح بين سَنْجَر وخوارزم شاه]
وفيها سار السّلطان سَنْجَر وحاصر خُوارَزْم، وكاد أن يفتحها عنوة، فأخرج خوارزم شاه أَتْسِز الرُّسل ببذل الطّاعة والمال، ويعود إلى الانقياد، ويعتذر عمّا تقدَّم. فصالحه سَنْجَر، وانعقد الصُّلح [3] .
[فتوحات زنكيّ]
وافتتح زنكيّ في هذا العصر فتوحاتٍ عظيمة، وهابته الملوك، واتَّسعت ممالكه [4] .
__________
[1] في البداية والنهاية 12/ 218: «فصالحه على مائة ألف دينار، فدفع إليه منها عشرين ألف دينار» .
[2] خبر المصالحة في: الكامل في التاريخ 11/ 93، والتاريخ الباهر 65، والمنتظم 10/ 105 (8/ 30) ، وكتاب الروضتين 1/ 92، ونهاية الأرب 17/ 141، والمختصر في أخبار البشر 3/ 16، وعيون التواريخ 12/ 377، والبداية والنهاية 12/ 218، وتاريخ ابن خلدون 5/ 235، والكواكب الدرّية 115، وتاريخ ابن سباط 1/ 75، وتاريخ ابن الوردي 2/ 44.
[3] الكامل في التاريخ 11/ 95، 96، دول الإسلام 2/ 56، العبر 4/ 103، مرآة الجنان 3/ 268، البداية والنهاية 12/ 218.
[4] انظر فتوحات زنكي في: التاريخ الباهر 66، والكامل في التاريخ 11/ 94، وكتاب الروضتين 1/ 93، وزبدة الحلب 2/ 277، ونهاية الأرب 27/ 142، والمختصر في أخبار البشر 3/ 16،(36/224)
[حراميَّة بغداد]
وكان البلاء شديدًا ببغداد من الحراميَّة وأذِيّتهم، ثمّ صُلِب جماعة منهم، فسكن النّاس قليلًا [1] .
[قدوم المناظر النيسابوريّ بغداد]
وقدِم السّلطان بغداد، وقدم معه الحسن بن أبي بكر النَّيْسابوريّ الحنفيّ أحد الكِبار والمناظرين.
قال ابن الجوزيّ [2] : جالسْتُه مدَّةً، وسمعت مجالسه كثيرًا، وجلس بجامع القصر. وكان يلعن الأشعريّ جَهرًا على المنبر ويقول: كُنْ شافعيًا ولا تكن أشعريًّا، وكُنْ حنفيًّا، ولا تكن معتزليّا، ولا تكن حنبليًّا ولا تكن مُشَبِّهًا. وما رأيت أعجب من الشّافعيَّة، يتركون الأصل ويتعلّقون بالفرع.
وكان يمدح الأئمة الأعلام، وزاد في الشَّطَرَنْج نقلًا [3] . وقد جلس في رجب في دار السّلطنة، وحضر السّلطان مجلس وعْظه. وكان قد كُتِب على باب النّظاميَّة اسم الأشعريّ، فتقدَّم السّلطان بمحوه وكتب مكانه اسم الشّافعيّ.
وكان أبو الفتوح الإسْفَرَائينيّ يجلس ويعظ في رِباطه، ويتكلم على محاسن مذهب الأشعريّ، فتقع الخصومات، فذهب أبو الحسن الغَزْنَويّ [4] إلى السّلطان وأخبره بالفِتَن وقال: إنّ أبا الفتوح صاحب فتنة، وقد رُجم ببغداد مِرارًا، والصّواب إخراجه. فأخرج من بغداد، وعاد الحسن بن أبي بكر النَّيْسابوريّ إلى وطنه [5] .
__________
[ () ] ومفرّج الكروب 1/ 32، وتاريخ ابن سباط 1/ 75، 76، وتاريخ ابن الوردي 2/ 44، والدرّة المضيّة 538، والبداية والنهاية 12/ 218 والكواكب الدرّية 115.
[1] المنتظم 10/ 105، 106 (18/ 30، 31) ، الكامل في التاريخ 11/ 95، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 183.
[2] في المنتظم 10/ 106 (18/ 31) .
[3] هكذا في الأصل. وفي المنتظم: «زاد في الشطرنج بغلا، والبغل مختلط النسب ليس له أصل صحيح» ، ومثله في: مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 183.
[4] في الأصل: «الغنوي» ، والتصحيح من: المنتظم، وسيأتي مصحّحا لاحقا.
[5] إلى هنا الخبر في المنتظم، وفيه قصيدة لم يثبتها المؤلّف الذهبي- رحمه الله- هنا.(36/225)
[ترجمة الإسفرائينيّ]
ويُعرف الإسْفَرَائينيّ المذكور بابن المعتمد، واسمه محمد بن الفضل بن محمد. وُلِد سنة أربع وسبعين وأربعمائة بأسفرايين، ودخل بغداد فاستوطنها.
وكان يبالغ في التّعصب لمذهب الأشعريّ. وكان بينه وبين الواعظ أبي الحسن الغزنويّ حسد وشنئان، وكان كلّ واحدٍ منهما ينال من الآخر على المِنْبر. فلمّا بويع الرّاشد باللَّه، وخرج عن بغداد، خرج معه أبو الفتوح إلى الموصل. فلمّا قُتِلَ الرّاشد سُئل المقتفيّ فيه، فإذن له في العَود إلى بغداد، فجاء وتكلم. واتفق مجيء الحسن بن أبي بكر النَيْسابوريّ فوعظ. ووجد الغَزْنَويّ فرصة، فكلَّم السّلطان في أبي الفتوح، فأصغي إليه.
وقال ابن الجوزيّ [1] : بَلَغَني أنّ السّلطان قال للحسن النَيْسابوريّ: تقلَّد دم أبي الفتوح حتّى أقتله. قال: لَا أتقلّد. فوكّل بأبي الفتوح حتّى أُخرج من بغداد. ووقف عند السّور خمسة عشر تركيًّا، شيّعه خلْق كثير، فلمّا وصلوا إلى السّور ضربتهم الأتراك، فرجعوا. وأرسل إلى هَمَذَان، ثمّ سُلِّم إلى عبّاس، فبعثه إلى إسْفَراين، واشترط عليه أنّه متى خرج من بلد أُهلك. وجاء حَمْوُه، والقاسم شيخ الرّباط، وأبو منصور الرّزّاز [2] ، ويوسف الدّمشقيّ، وأبو النّجيب الشّهْرُزُوريّ إلى السّلطان يسألون فيه، فلم يلتفت إليهم. ونودي في بغداد أنّ لَا يذكر أحد مذهبًا، ولا يثير فتنة. فلمّا وصل أبو الفتوح إلى بسْطام تُوُفّي بها في ذي الحجَّة ودُفِن هناك.
قلت: ولمّا بَلَغَت ابن عساكر الحافظ وفاتُه أملى مجلسًا سمعناه بالاتّصال.
وعُمِل له العزاء في رباطه ببغداد، فحضره الغَزْنَويّ، فلامه بعض النّاس وقال: ما لك أظهرت الحزْن عليه وبكيت؟
قال: أنا بكيت على نفسي. كان يقال فلان وفلان، فعُدِم النّظير، ودنا الرحيل [3] .
__________
[1] في المنتظم 10/ 111 (18/ 35- 37 رقم 4102) .
[2] هكذا في الأصل، وفي المنتظم: «أبو منصور ابن البزّار» .
[3] الكامل في التاريخ 11/ 97.(36/226)
[حصار تِلِمْسان]
وفيها نازل عبد المؤمن تِلِمْسان، وحاصرها مدَّةً طويلة، فكشف عنها تاشفين بن عليّ [1] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 579، البيان المغرب 4/ 103.(36/227)
سنة تسع وثلاثين وخمسمائة
[غارة عسكر بَعْلَبَكّ على الفرنج]
فيها نهض عسكر بَعْلَبَكّ، فأغاروا على الفرنج، فقتلوا وسبوا، ثمّ التقوا الفرنج، فنصرهم الله، ورجعوا إلى بَعْلَبَكّ، وكذا فعل عسكر حلب. وأخذوا قَفْلًا كبيرًا للفرنج، وجاءوا بالغنيمة [1] ، فلله الحمد.
[فتح الرُّها]
وفيها نزل زنكي على الرُّها، وهي للفرنج، فنصب عليها المجانيق، ونقب سورها، وطرح فيه الحطب والنّار، فانهدم، ودخلها، فحاربهم ونُصِر المسلمون، وغنموا وسبوا، وخلّص منها خمسمائة أسير. فلمّا قُتِلَ زنكيّ استردتها الفرنج، وقتلوا من بها من المسلمين [2] ، فلله الأمر.
[انتهاب حجّاج العراق]
وفيها حجّ بالنّاس من العراق نَظَر الخادم [3] ، فنهب أصحاب هاشم بن فُلَيْتَة
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق 278، عيون التواريخ 12/ 385.
[2] الكامل في التاريخ 11/ 98- 100، التاريخ الباهر 66 و 70، المنتظم 10/ 112 (18/ 39) ، زبدة الحلب 2/ 278- 280، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 94، 95، ذيل تاريخ دمشق 279، 280، كتاب الروضتين 94- 103، بغية الطلب (قسم السلاجقة) 259، 260، تاريخ مختصر الدول لابن العبري 206، تاريخ الزمان له 156، دول الإسلام 2/ 57، العبر 4/ 106، تاريخ ابن سباط 1/ 78، تاريخ ابن الوردي 2/ 45، مرآة الجنان 3/ 271، البداية والنهاية 12/ 219، عيون التواريخ 12/ 385، الكواكب الدرّية 115- 117، النجوم الزاهرة 5/ 275.
[3] مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 184، وتحرّف في البداية والنهاية 12/ 219 إلى «قطز» .(36/228)
ابن القاسم العَلَويّ الحُسَينيّ صاحب مكَّة النّاس في أوسط الحَرَم، ولم يرقبوا منهم إلًّا ولا ذمَّة [1] .
[وفاة قاضي المَرِيَّة]
وفيها تولّى تدبير مملكة غَرْناطة أبو الحسن عليّ بن عمر الهَمَذانيّ قاضي المَرِيَّة، وذلك عند انقضاء دولة الملثَّمين، فلم تطُلْ أيّامه، وتُوُفّي في عَشْر السّبعين: وكان من كبار الفُقهاء، ومن فُصَحاء الشّعراء.
[مهاجمة وهْران]
وفيها وجّه عبد المؤمن جيشًا مع أبي حفص الهناتيّ [2] إلى وهْران، فهاجمها وأخذها بَغْتَة، فأسرع إليه تاشفين، ففر منها أبو حفص ونزل عندها. ثمّ هلك تاشفين كما ذكرنا في ترجمته [3] .
[سنة أربعين وخمسمائة]
............... ............... ............... ............. [4]
__________
[1] الكامل في التاريخ 11/ 103، العبر 4/ 106.
[2] هكذا في الأصل. وفي الكامل 10/ 579: «الهنتاتي» .
[3] انظر: الكامل 10/ 579، 580.
[4] سقطت حوادث سنة 540 هـ. من الأصل.(36/229)
بسم اللَّه الرَّحْمَن الرحيم رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً 2: 250
[المتوفّون في هذه الطبقة]
المتوفّون سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة
- حرف الألف-
1- أحمد بن بركة بن يحيى البقّال [1] .
صحيح السّماع، بغداديّ.
يروى عن: أبي القاسم بن السَّرِيّ [2] ، وعاصم العاصميّ.
تُوُفّي في شعبان.
2- أحمد بن خلف بن عيشون بن خيار [3] .
أبو العباس الجذامي، الإشبيلي، المقرئ، ابن النحاس [4] .
ويكنى أبا جعفر أيضا.
أخذ القراءات عَنْ: أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن شُرَيْح، وأبي الحسن العبْسيّ، وأبي عبد الله السَّرَقُسْطيّ، ومحمد بن يحيى العَبْدَريّ.
وأجاز له أبو عليّ الغسّانيّ، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن بركة) في: المنتظم 10/ 324 رقم 4022.
[2] في المنتظم: «اليسري» .
[3] انظر عن (أحمد بن خلف) في: بغية الملتمس للضبيّ 176، 177 رقم 398، وتكملة الصلة لابن الأبّار 1/ 38، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي 1/ 107- 109، رقم 141، ومعرفة القراء الكبار 1/ 482، 483 رقم 427، وغاية النهاية 1/ 52 رقم 222، وطبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 40 رقم 36 وأغلب الترجمة فيه بياض.
وفي (غاية النهاية) : «عيسون» بالمهملة.
وقد جوّد ضبطها في (الذيل والتكملة 1/ 107) : عيشون: بالعين الغفّل مفتوحة والياء المسفولة ساكنة والشين معجمة مضمومة وواو مدّ ونون. ابن خيار: بخاء معجمة مكسورة وياء مسفولة آخره راء قبلها ألف.
[4] هكذا في الأصل، وبغية الملتمس، وغاية النهاية، وفي (الذيل والتكملة) قال محقّقه محمد شريف: هو تصحيف، وضبطه بالخاء المعجمة.(36/230)
وتصدّر للإقراء في أيّام أبي داود، وابن الدّوش.
أخذ عنه: أبو جعفر بن الباذش، وأبو بكر بن خَيْر، ونجبه بن يحيى [1] .
وكان يلقّب بالمجوّد لحسن قراءته. وله مصنَّف في النّاسخ والمنْسوخ.
تُوُفّي في رجب: وكان مولده سنة أربع خمسين وأربعمائة.
تلا عليه بالسّبْع أبو جَهير عبد العزيز السّمنانيّ [2] .
3- أحمد بن أبي العلاء بن أحمد العَبْديّ [3] .
النّبيل، أبو رشيد القاشانيّ [4] ، الأصبهانيّ.
سمع: البزانيّ، وأبا منصور بن شكروه.
قال السّمعانيّ: كتبت عنه في هذه السّنة.
4- أحمد بن عقيل بن محمد بن عليّ [5] .
أبو الفتح بن أبي الحوافر البَعْلَبَكّيّ.
حدَّث عن: أبيه.
روى عنه: ابن عساكر [6] ، وعبد الخالق بن أسد الحنفيّ وقال: تُوُفّي في
__________
[1] وهو قال: كان شيخي أبو العباس أحمد بن عيشون يقرأ على أبي الحسن بن الأخضر التنوخي تلميذ الأعلم، النحو، وكان أبو الحسن بن الأخضر يقرأ عليه القرآن، فلما كان ذات يوم قرأ عليه في حزب وَإِذْ نَتَقْنَا 7: 171 [الأعراف، الآية 171] وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ، أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ من جِنَّةٍ 7: 183- 184 [الأعراف 183، 184] ، فردّه وأمره أن يقف على قوله «وَأُمْلِي لَهُمْ» 7: 183 ثم يقرأ ويقف على قوله «أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا» ، 7: 184 ويبتدئ: «ما بِصاحِبِهِمْ من جِنَّةٍ» . 7: 184 فقال له أبو الحسن ابن الأخضر حين نظر في ذلك: لا يؤخذ كل علم إلّا على أهله.
[2] في (معرفة القراء الكبار 1/ 483) : «السّماني» .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] القاشاني: أو القاساني: قال ابن السمعاني: بفتح القاف، والسين المهملة والمعجمة، وفي آخرها نون. هذه النسبة إلى قاسان، وهي بلدة عند قمّ على ثلاثين فرسخا من أصبهان.
(الأنساب 10/ 17) .
[5] انظر عن (أحمد بن عقيل) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 3/ 18، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 3/ 171 رقم 205، والوافي بالوفيات 7/ 185، وتهذيب تاريخ دمشق 1/ 396، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (تأليفنا) - القسم الثاني- ج 1/ 332 رقم 179.
[6] وقال: وصحب نصرا المقدسي مدّة وكتب عنه- وكتبت عنه شيئا يسيرا ببغداد وبدمشق، وكان شيخا خيّرا، كثيرا لتلاوة القرآن، صحيح السماع، حسن الاعتقاد، وكان شافعيا، وقدم بغداد. (تاريخ دمشق) .(36/231)
ربيع الأوّل. وأبوه فارسيّ الأصل، فقيه روى عن عبد الرحمن بن أبي نصر.
5- أحمد بن عليّ [1] .
أبو البَرَكات بن الأبراديّ، الفقيه الحنبليّ، الرجل الصّالح.
تفقه على أبي الوفاء بن عقيل.
وسمع من: أبي الحسن الأنباريّ، وأبي الغنائم بن أبي عثمان، وغيرهما.
وقف داره مدرسةً على الحنابلة، وهي بالبَدْريَّة.
روى عنه: أبو المعمَّر الأنصاريّ، وأشرف بن أبي هاشم.
تُوُفّي فِي رَمَضَان.
6- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحمد [2] .
أبو العبّاس النَّعاليّ [3] ، الأَسَدَابَاذيّ [4] ، محدِّث، رحال.
سمع الكثير، وتعِب وجَمَع. ولم يكن له كبيرُ فَهْم.
سمع ببلده: أبا الحسين المحكميّ. وببغداد: أبا نصر الزَّيْنبيّ، وأخاه طِرادًا، وجماعة.
قال ابن السّمعانيّ: ثنا عنه جماعة من أصحابنا [5] . وتُوُفّي فِي ذي القعدة.
7- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن ثابت بن حسن بن عليّ [6] .
أبو سعد، والد الإمام أبي بكر الخجنديّ [7] ، الأصبهانيّ.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي) في: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 188، 189 رقم 87.
[2] انظر عن (أحمد بن محمد النعالي) في: الأنساب 1/ 226.
[3] النّعالي: بكسر النون وفتح العين المهملة وفي آخرها اللام. هذه النسبة إلى عمل النعال وبيعها. (الأنساب 12/ 113) .
[4] الأسداباذي: بفتح الألف والسين والدال المهملتين والباء المنقوطة بواحدة بين الألفين وفي آخرها الذال. هذه النسبة إلى أسداباذ، وهي بليدة على منزل من همذان إذا خرجت من العراق.
[5] زاد ابن السمعاني: كان حافظا، مكثرا من الحديث.. ولم يرضه جماعة من شيوخنا. وتوفي قبل دخولي أسدآباذ بأشهر، ولم أسمع منه.
[6] انظر عن (أحمد بن محمد بن ثابت) في: المنتظم 10/ 70 رقم 78 (طبعة دار الكتب العلمية 17/ 324، 325 رقم 4023) ، والكامل في التاريخ 11/ 54، والبداية والنهاية 12/ 211.
[7] الخجنديّ: بضم الخاء المعجمة وفتح الجيم، وسكون النون، وفي آخرها الدال. هذه النسبة(36/232)
تفقه على واحد، وشاخ. ووُلّي تدريس النّظاميَّة غير مرة.
قال ابن السّمعانيّ: رأيته بأصبهان لازمًا بيته.
سمع: عليّ بن عبد الرحمن بن عَلِيَّك النَيْسابوريّ، والحسن بن عمر بن يونس الحافظ.
وقرأ عليه جزءًا.
وتُوُفّي في شعبان، وله ثمانٍ وثمانون سَنَةً [1] .
8- أحمد بن أحمد بن محمد [2] .
أبو الحسن بن القصير، الغرناطيّ.
روى عن: القاضي أبي الأصبغ عيسى بن سهل، ومحمد بن سابق، وأبي عليّ الغسّانيّ، وأبي عبد الله الكَلاعيّ [3] .
وكان فقيهًا، حافظًا، مُشَاوَرًا ببلده، واستقضى بغير موضع.
وتُوُفّي في ذي الحجَّة.
9- أحمد بن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد [بْن] أبي عثمان [4] .
أبو عبد الله بن أبي تمّام الدّقّاق [5] ، الهَمَذانيّ، الشُّرُوطيّ.
بغداديّ أصيل.
سمع: أباه، وعمّه أبا الغنائم، وعبد الصّمد بن المأمون، وهناد بن إبراهيم النَّسفيّ، وجماعة.
قَالَ ابن النّجّار: ثنا عَنْهُ أحمد بْن صالح المصريّ.
تُوُفّي في ذي الحجَّة وله ثمانٍ وسبعون سنة.
__________
[ () ] إلى خجند، وهي بلدة كبيرة كثيرة الخير على طرف سيحون من بلاد المشرق.
[1] مولده سنة 443 هـ.
[2] انظر عن (أحمد بن أحمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 79 رقم 173.
[3] الكلاعي: بفتح الكاف وفي آخرها العين المهملة. هذه النسبة إلى قبيلة يقال لها: كلاع.
(الأنساب 10/ 514) .
[4] ترجمة (أحمد بن محمد بن علي) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار (في الجزء المفقود) .
[5] الدّقّاق: بفتح الدال المهملة والألف بين القافين الأولى مشدّدة. هذه النسبة إلى الدقيق وعمله وبيعه. (الأنساب 5/ 325) .(36/233)
10- أحمد بن محمد بن أبي القاسم [1] فليزة [2] .
أبو نصر الأصبهانيّ، الكاتب، الخُوزِيّ [3] .
كان يسكن سكَّة الخوزيّين.
سمع: أبا عمرو بن مَنْدَهْ، وجماعة.
تُوُفّي في شوّال في عَشْر السّبعين.
أخذ عنه أبو سعد السّمعانيّ.
11- إبراهيم بن محمد بن عبد الواحد بن عبْدُوَية [4] .
أبو إسحاق الأصبهانيّ، الحلليّ [5] .
روى عن: أبي القاسم عبد الواحد بن أحمد.
وعنه: أبو موسى المَدِينيّ.
تُوُفّي في ربيع الأوّل.
12- إسماعيل بن أبي القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر صالح [6] .
أبو محمد النَيْسابوريّ، القارئ [7] .
قال ابن نُقْطة [8] : سمع «صحيح مسلم» من عبد الغافر بن محمد الفارسيّ، وأحاديث يحيى بن مَعِين.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد بن أبي القاسم) في: معجم البلدان 2/ 404.
[2] في الأصل: «تليرة» .
[3] الخوزي: بضم الخاء المعجمة، وكسر الزاي. نسبة إلى الخوز وهي محلّة بأصبهان نزلها قوم من الخوز فنسبت إليهم فيقال لها در خوزيان. (معجم البلدان) وفي (الأنساب 5/ 207) :
«كوي خوزيان» . وانظر التعليق على كتاب (الإكمال لابن ماكولا 3/ 19) .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] لم تذكر هذه النسبة في (الأنساب) .
[6] انظر عن (إسماعيل بن أبي القاسم) في: التحبير 1/ 94- 97 رقم 44، والتقييد لابن نقطة 208، 209 رقم 243، ومعجم البلدان 3/ 68 (مادّة: رمجار) ، الإعلام بوفيات الأعلام 217، والمعين في طبقات المحدّثين 156 رقم 1684، والعبر 4/ 84، 85، وسير أعلام النبلاء 20/ 19، 20 رقم 10، ومرآة الجنان 3/ 259، وعيون التواريخ 12/ 332، والنجوم الزاهرة 5/ 260، وشذرات الذهب 4/ 97.
[7] زاد ابن السمعاني في نسبته: «الرّمجاري» .
[8] في التقييد 208.(36/234)
وسمع من: أبي حفص بن مسرور وجماعة أجزاء.
روى عنه: الحافظ أبو القاسم بن عساكر، وأبو العلاء الهَمَذانيّ، وأبو سعد السّمعانيّ، والحسن بن محمد القُشَيْريّ، وزينب الشّعْريَّة، وآخرون.
وقال أبو سعد [1] : شيخ، صالح، عفيف، صوفيّ، نظيف، مواظِب على الجماعات [2] ، خدم الأستاذ أبا القاسم القُشَيْريّ. ووُلِد في رجب سنة تسعٍ وثلاثين وأربعمائة وتُوُفّي يوم الجمعة العشرين من رمضان سنة إحدى وثلاثين [3] .
وقال أبو نُقْطة [4] : روى عنه «صحيح مسلم» أبو سعد الحسن بن محمد بن المحسّن القُشَيْريّ.
قال: أخبرتنا زينب بنت عبد الرحمن قالت: أنا إسماعيل بن أبي القاسم القارئ، قراءةً عليه وأنا أسمع، في سنة أربع وعشرين وخمسمائة، أنبا عمر بن مسرور، أنا ابن نُجَيد، فذكر حديثًا [5] .
قلت: سمعتُ جزء ابن نُجَيد على غير واحدٍ بإجازة زينب المذكورة، بهذا الإسناد. وقد أجاز لأبي القاسم بن الحَرَسْتانيّ. وحدّث عنه بأجزاء ابن مسرور.
__________
[1] في التحبير 1/ 94.
[2] في التحبير: «مواظب على الجمعة والجماعات» .
[3] زاد ابن السمعانيّ: وأظنّ أن والده أبا القاسم كان يقرأ بين يديه، فقيل له: القارئ لذلك، وسمّعه الحديث عن جماعة من شيوخ عصره، وعمّر العمر الطويل حتى تفرّد برواية أجزاء.
سمع منه القدماء، وأدركته بنيسابور.
وذكر ابن السمعاني ما كتب عنه وسمعه، منها: سبعة أجزاء من عشرة من فوائد أبي حفص عمر بن أحمد بن مسرور، بروايته عنه. وجزءان وهما الرابع والخامس من حديث عبدان بن أحمد الجواليقيّ، بروايته عن عبد الغافر، وجزء فيه ثلاثة أجزاء من حديث يحيى بن يحيى التميمي، ومجلس من إملاء أبي سهل محمد بن سليمان الصعلوكي.
وقال: وكنت إذا مضيت إليه لأقرأ عليه قال: أقعد من الجانب الآخر، فأنّ إحدى أذنيّ بها ثقل. ورأيته يوما في الحرّ الشديد وبيده العصا وهو يكبو ويقعد ويستريح ويقوم. وكان يوم الجمعة، وقد قصد إلى الجامع لإقامة فرض الجمعة. (التحبير 1/ 97) .
[4] في التقييد 208، 209.
[5] وتكملة سنده: ثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي، قال: ثنا أبو عاصم الضحّاك بن مخلد النبيل، عن الأوزاعي قال: حدّثني قرّة بن عبد الرحمن، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «يقول الله عزّ وجلّ: «أحبّ عبادي إليّ أعجلهم فطرا» .(36/235)
- حرف الباء-
13- بركات بن عبد العزيز بن الحسين [1] .
أبو الحسن الدّمشقيّ، الأنْماطيّ.
سمع: أبا بكر الخطيب، وأحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد.
وكان حافظًا للقرآن، مستورًا. قاله ابن عساكر.
وقال: كان شيخًا مغفَّلًا. حدَّثني أبو الحسين القَيسيّ أنّه قال: إنّهم يقولون إنّ صلاتي كافرة. فقال: إنْما يقولون بِدْعة. فقال: هو هذا.
وكان يُديم الخروج إلى مغارة الدّم، ويصلّي بالنّاس النوافل، ويعمّم الصّبيان يوم العيد.
وتُوُفّي في رمضان.
قلت: روى عنه: ابن عساكر، وعبد الخالق بن أسد.
- حرف التاء-
14- تميم بن أبي سعيد بن أبي العبّاس [2] .
أبو القاسم الْجُرْجانيّ، المؤدِّب [3] .
سمع «مُسْنَد أبي يَعْلَى» ، من: أبي سعد الكَنْجَرُوذيّ.
وسمع من: أبي حفص عمر بن مسرور، وأبي عامر الحسين بن محمد بن عليّ النَّسَويّ القُومسيّ، وأبي بكر أحمد بن منصور المغربيّ، وعليّ بْن مُحَمَّد بْن علي بْنِ عُبَيْد اللَّهِ البحَّاثيّ راوي «التّقاسيم والأنواع» [4] ، ومحمد بن محمد بن حمدون السّلميّ.
__________
[ () ] وقد أخرجه بهذا السند «الترمذي» في كتاب الصوم، باب ما جاء في تعجيل الإفطار.
[1] انظر عن (بركات بن عبد العزيز) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 5/ 176 رقم 81.
[2] انظر عن (تميم بن أبي سعيد) في: التحبير 1/ 144- 148 رقم 72، والتقييد لابن نقطة 222 رقم 265، والعبر 4/ 85، والإعلام بوفيات الأعلام 217، والمعين في طبقات المحدّثين 156 رقم 1685، وسير أعلام النبلاء 20/ 20- 23 رقم 11، ومرآة الجنان 3/ 259، وعيون التواريخ 12/ 332، وشذرات الذهب 4/ 97.
[3] زاد في (التحبير) : «المعلّم، القصّاري» .
[4] وهو لأبي حاتم بن حبّان.(36/236)
وكان مُسْنِد هَرَاة في زمانه.
روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن عساكر، وجماعة. وآخر من روى عنه أبو رَوْح عبد المعزّ الهَرَويّ.
قال ابن نقطة [1] : ذكر لي يحيى بن عليّ المالقيّ ببغداد أنّه لمّا قدِم أَبُو جَعْفَر بن خَولة الغَرْناطيّ من الهند إلى هَرَاة، أخرج إليهم بقيَّة الأصل بمُسْنَد أبي يَعْلَى، وفيه سماع أبي رَوْح، من تميم.
قال يحيى: فكمل له جميع المُسْنَد سماعًا منه بتلك المجلَّد.
قلت: لَا أعلم متى تُوُفّي تميم، لكنه كان باقيًا في حدود هذه السّنة بهَرَاة. وسماعاته بنَيْسابور. وكان يؤدّب.
وسماع أبي روح منه في سنة تسع وعشرين وخمسمائة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ التَّمِيمِيُّ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ: أنا تَمِيمُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، نا أَبُو سَعْدٍ الْكَنْجَرُوذِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمَائَةٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ: أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، أنا أَبُو يَعْلَى، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، ثنا فُلَيْحٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بَعَثَهُ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي أَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ فِي رَهْطٍ يُؤَذِّنُ فِي النَّاسِ: أَنْ لا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلا يَطُوفَنَّ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ [2] ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَوَافَقَنَاهُ.
وأخبرنا ابن الخّلال: أنا عتيق السَّلْمانيّ، وغيره قالا: أنا أبو القاسم بن عساكر، أنا تميم الْجُرْجانيّ بهَرَاة في شعبان سنة ثلاثين، فذكر حديث بهْز بن حكيم في البرّ، من جزء ابن نُجَيْد.
وقد قال ابن السّمعانيّ إنّه لمّا دخل هَرَاة كان تميم قد تُوُفّي، وإنّه أجاز له في سنة ثمانٍ وعشرين.
__________
[1] في التقييد 222.
[2] في المغازي (4363) باب: حج أبي بكر بالناس في سنة تسع، ومن طرق أيضا عن الزهري (369) و (1622) و (3177) و (4655) و (4656) ، و (4657) ، ومسلم (1347) ، وأبو داود (1947) ، والنسائي 5/ 234، وتفسير ابن جرير (16437) ، وابن الأثير في جامع الأصول 2/ 152- 156، وفتح الباري 8/ 318- 320.(36/237)
وقد سمع منه أبو رَوْح في هذه السّنة أيضًا.
وقال ابن السّمعانيّ في «التّحبير» [1] : تميم بن أبي سعيد المؤدب، المعلّم، القصّاريّ، أكثر بإفادة خاله القاضي أبي محمد عبد الله بن يوسف الْجُرْجانيّ. ثمّ سكن هَرَاة. وكان مسْنِدًا، ثقة، صالحًا، يعلم الصِّبْيان.
سمع: ابن مسرور، وأبا الحسين عبد الغافر الفارسيّ، وأبا عثمان الحيريّ [2] ، وأبا عثمان الصّابونيّ، والبَيْهقيّ، ومحمد بن عبد الله العُمَريّ الهَرَويّ، وأبا بكر محمد بن الحَسَن بن عليّ الطَّبَريّ.
وروى لي عنه جماعة. فمن جملة ما سمعه: «معجم الحاكم» . أنا البيهقيّ، عنه، و «و «مسند أبي يَعْلى» القدر الّذي كان عند أبي سعد، في خمسةٍ وثلاثين جزءًا، وكتاب «المتّفق» [3] للجَوْزقيّ، بروايته عن أبي بكر المغربيّ، للقدر الّذي عنده منه، وكتاب «التّرغيب» لحُمَيْد بن زنْجُوَيْه. أنا أبو بكر المُعَمِريّ، أنا ابن أبي شُرَيح، أنا الرَّاذانيّ [4] ، عنه، سوى الجزء الخامس من تجزئة عشرة، و «صحيح ابن حِبّان» [5] ، روايته عن البحّاثيّ [6] ، عن محمد بن أحمد المروزيّ، عنه، و «فوائد المغربيّ» ، انتقاء خاله عليه، و «معرفة علوم الحديث» [7] ، للحاكم، عن الكنجروذيّ، عنه [8] .
__________
[1] ج 1/ 144.
[2] في الأصل: «البحيري» .
[3] وهو: المتفق الكبير، في 300 جزء. (كشف الظنون 2/ 1585) . وفي (الأعلام 7/ 99) :
«المتفق والمفترق» .
[4] في الأصل: «البزداني» .
[5] في التحبير 1/ 147: «الجامع الصحيح المعروف بالتقاسيم» .
[6] في الأصل: «النخاتي» .
[7] مطبوع، اعتنى بنشره وتصحيحه حسين معظم- طبعة دار الكتب المصرية، القاهرة 1937.
[8] وزاد ابن السمعاني: كتاب «شعار أصحاب الحديث» للحاكم أيضا، بروايته عن الكنجروذي.
(التحبير 1/ 147، 148) .(36/238)
- حرف الحاء-
15- الحسن بْن أحمد بْن عَبْد الصّمد بْن مُحَمَّد بن تميم [1] .
أبو القاسم التّميميّ، الدّمشقيّ، الشّاهد.
سمع من: أبي القاسم بن أبي العلاء، ونصر المقدسيّ، وسهل بن بِشْر، وأبي عبد الله بن أبي الحديد.
وكتب بخطّه الكثير.
روى عنه: عبد الخالق بن أسد.
وقال ابن عساكر: سمع منه أصحابنا، وأجاز لي. وتوفّي في صفر ودُفِن بداره بباب البريد، ثمّ نُقِل بعد خمسٍ وعشرين سنة إلى جبل قاسيون.
وكان مولده: في سنة ستٍّ وستين وأربعمائة [2] .
16- الحَسَن [3] بْن منصور بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الجبّار [4] .
الشَيخ أبو محمد التّميميّ، السّمعانيّ، المَرْوَزِيّ. عمّ الحافظ أبي سعد.
قال: جمع الكثير ونَسَخَه، وجمع جُمُوعًا في الحديث.
وقرأ عليه الكثير [5] . وكان إمامًا، زاهدا، ورعا، وقورا، تاركا لمخالطة الناس.
سمع: نظام الملك، ووالده، وعلي بن أحمد المديني، وخلقا.
ولد سنة ثمان وستّين وأربعمائة، دخل السراق في الليل فخنقوه لأجل مال
__________
[1] انظر عن (الحسين بن أحمد التميمي) في: من حديث خيثمة الأطرابلسي (بتحقيقنا) 110، وتاريخ دمشق لابن عساكر، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 287، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي- القسم الثاني- ج 2/ 60، 61 رقم 366.
[2] روى بقراءته وكتب سماعه بخطّه للجزء الثالث من «فضائل الصحابة» لخيثمة بن سليمان الأطرابلسي في سنة 482 هـ. (من حديث خيثمة 110) .
[3] في الأصل: «الحسين» ، والتصويب من مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (الحسن بن منصور) في: الأنساب 7/ 141، 142.
[5] زاد ابن السمعانيّ: وكان يكرمني ويحبّني، وقرأت عليه الكتب المصنّفة مثل كتاب «الجامع» لعمر بن راشد، وكتاب «التاريخ» لأحمد بن سيّار، و «الأمالي» ، و «الانتصار» ، والأحاديث الألف لجدّي، بروايته عنه، و «أمالي أبي زكريا المزكي» ، وأبي القاسم السّراج، بروايته عن أبي الحسن المديني، وأبي العباس بن عبد الصمد، وغير ذلك من الأجزاء والفوائد.(36/239)
أودع عندهم، والله يرحمه، في غرة جمادي الأولى.
17- الحَسَن بن هادي بن الحسين [1] .
أبو العزّ العلويّ، الأصبهانيّ.
سمع: أبا مسلم بن مَهْريزد، وعائشة الوَرْكَانيَّة.
قرأ عليه ابن السّمعانيّ ورقة [2] .
وجئناه مرَّةً، فصاح فينا، فقُلْنا: جئناك لنقرأ حديث جدّك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتكلَّم بكلامٍ يكفّر الإنسان تدوينُها [3] ، وضربتُ على سماعي منه.
عاش نَيّفًا وثمانين سنة [4] .
18- الحسين بن محمد بن مرداس [5] .
أبو محمد البَيْهَقيّ، الخُسْرَوْجِرْديّ [6] ، وخُسْرَوْجِرْد إحدى قرى بَيْهق.
سمع بقريته من: عُبَيْد الله بن المعتزّ البَيْهقيّ.
أخذ عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وغيره.
مات في صفر سنة 31.
19- الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن علي بْن الفرخان [7] .
أبو عبد الله السِّمَنَانيّ [8] .
ذكره ابن السّمعانيّ فقال [9] : شيخ صالح، صحِب المشايخ وخَدَمَهم.
__________
[1] انظر عن (الحسن بن هادي) في: التحبير 1/ 219، 220 رقم 125، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 85 ب.
[2] من حديث أبي بكر محمد بن إبراهيم ابن المقرئ.
[3] في الأصل: «بدونها» .
[4] وكانت ولادته في حدود سنة خمسين وأربعمائة.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] الخسروجردي: بضم الخاء المعجمة وسكون السين المهملة وفتح الراء وسكون الواو وكسر الجيم وسكون الراء وفي آخرها الدال المهملة. (الأنساب 5/ 116) .
[7] انظر عن (الحسين بن محمد السمناني) في: التحبير 1/ 241 رقم 147، ومعجم البلدان 3/ 141، 142.
[8] السّمناني: بكسر السين المهملة، وفتح الميم، والنون. بلدة من بلاد قومس بين الدامغان وخوار الري يقال لها: سمنان.
[9] في التحبير.(36/240)
ورحل إلى نَيْسابور.
وسمع: أبا القاسم القُشَيْريّ، وأبا الحسن الواحديّ المفسّر، وأبا بكر أحمد بن خَلَف.
وروى ببغداد «الوسيط» للواحديّ.
وقد رحل إلى بوشنج، وسمع بها من جمال الإسلام أبي الحسين الدّاوديّ.
وكان مولده في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة.
روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وغيره.
قال أبو سعد السّمعانيّ [1] : دخلتُ سِمَنَان في أواخر صفر لأسمع منه، فذكر لي جماعة أنّه مات من شهر، رحمه الله.
20- حمزة بن شجاع بن أبي بكر محمد بن إبراهيم اللَّفْتوانيّ [2] .
أبو الوفاء [3] .
أسمعه أخوه الحافظ محمد بن أبي بكر من أبي عبد الله الثّقفيّ، وجماعة.
مات كهْلًا في رجب.
أخذ عنه السّمعانيّ [4] .
- حرف السين-
21- سعيد بن طلحة بن حسين بن أبي ذَرّ محمد بن إبراهيم [5] .
الصّالْحانيّ [6] ، الأصبهانيّ، أبو الخير، الأديب.
شاعر مُفْلِق، أجاز له أحمد بن الفضل الباطرقانيّ.
__________
[1] في التحبير.
[2] انظر عن (حمزة بن شجاع) في: التحبير 1/ 52، 253 رقم 167، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 89 أ.
[3] زاد ابن السمعاني: النجار من أهل أصبهان.
[4] وقال: شيخ، صالح عفيف.. سمعت منه شيئا يسيرا قدر ثلاثة أحاديث.
[5] انظر عن (سعيد بن طلحة) في: التحبير 1/ 304 رقم 238، والأنساب 8/ 14، ومعجم البلدان 3/ 263.
[6] الصالحاني: بفتح الصاد المهملة وسكون اللام، وفتح الحاء المهملة، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى «صالحان» وهي محلّة كبيرة بأصبهان. (الأنساب 8/ 12) .(36/241)
وسمع من: عائشة الوَرْكانية.
روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ [1] ، وأبو موسى المدينيّ، وغيرهما.
وتوفّي في رمضان [2] .
22- سهْلُ بن عليّ بن عثمان [3] .
أبو نصر النَيْسابوريّ، التّاجر، السَّفار، الشّافعيّ.
حضر درس أبي المعالي الْجُوَيْنيّ.
وسمع: أبا بكر بن خَلَف الشّيرازيّ، وأبا الفتح نصر بن الحسن التُّنْكُتيّ [4] . ودخل الأندلس، وحدَّث بالإسكندريَّة.
قال القاضي عِياض: حدَّثني بحكايات، وروى عنه: أبو محمد العثمانيّ.
تُوُفّي غريقًا مُنْصَرَفَه من المَرِيَّة في سنة إحدى هذه [5] .
__________
[1] وهو قال: شيخ صالح، سديد، فاضل، من بيت الحديث وأهله، عارف باللغة، كان أكثر فضلاء أصبهان تلامذته وقرءوا عليه الأدب. سمعت منه بأصبهان، ومن أخيه الحسين، وزوجته فاطمة. (التحبير) .
[2] وكانت ولادته في حدود خمسين وأربعمائة.
[3] انظر عن (سهل بن علي) في: الغنية للقاضي عياض 209، 210 رقم 89، وتكملة الصلة لابن الأبّار 2/ رقم 2008، ونفح الطيب 3/ 67.
[4] التنكتيّ: بضم الكاف، وتاء مثنّاة. نسبة إلى مدينة من مدن الشاش من وراء سيحون. (معجم البلدان 2/ 50) .
ونصر بن الحسن التنكتي يعرف بالشاشي نزيل سمرقند. توفي سنة 486 هـ. وقد مرّت ترجمته فيها.
[5] زاد القاضي عياض: لقيته بسبتة حين جوازه عليها وأقام بها مدة طويلة، وكان متسمّتا، جليلا.
ورأيت الحافظ أبا طاهر السلفي قد قيّد سماعا له فقال فيه: «الشيخ الزكيّ، ذكر لي أنّه أدرك الإمام أبا المعالي الجويني بنيسابور بلده، وحضر مجلسه ودرسه، ولقي بعده أصحابه القشيري، والطوسي، والخوافي، والأرغياني. وكان شافعيّ المذهب، سمع من جماعة من الخراسانيين.
أنشدني أبو نصر هذا قال: أنشدني أبو طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني لنفسه:
من كان إذلاله بمدّخر ... ولا يرى عدّة له إلّا هو
فعدّتي ما أقول من صغري: ... أشهد أن لا إله إلّا هو
(الغنية) .(36/242)
- حرف الشين-
23- شبيب بن عبد الله بن محمد بن خَوْرة [1] .
الأصبهانيّ [2] ، أبو المظفَّر.
سمع: أحمد بن الباطِرْقانيّ [3] .
مات في رمضان عن ثمانين سنة [4] .
- حرف الطاء-
24- طاهر بن سهل بن بشر بن أحمد بن سعيد [5] .
أبو محمد الإسْفَرَائينيّ، الصّائغ، دمشقيّ من أولاد الشّيوخ.
ولد سنة خمسين وأربعمائة.
وسمع: أباه المحدّث أبا الفَرَج، وأبا القاسم الحِنّائيّ، وعبد الكريم بن الحسين الهلاليّ، وأبا الحسين محمد بن مكّيّ الأزديّ، وأبا بكر الخطيب [6] ، والكتّانيّ، وابن أبي الحديد، وغيرهم.
روى عنه: الحافظ أبو نُعَيْم وقال: كان شيخًا عسِرًا، مع جَهْله بالحديث، وعدم ثقته. حكّ اسم أبيه من كتاب «الشّهاب» للقُضاعيّ، وأثبت بدله اسمه، وتوفّي في ذي الحجّة.
__________
[1] انظر عن (شبيب بن عبد الله) في: التحبير 1/ 323 رقم 263، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 120 أ.
[2] زاد في التحبير: «المارباناني» .
[3] وقال ابن السمعاني: شيخ صالح من أهل الخير.. سمعت منه جزءا من حديث الباطرقاني بقريته، وقال: إنما سمّيت شبيب وكنّيت بأبي لأن أبا المظفّر شبيبا مات ومضى والدي إلى جنازته ليصلّي عليها، فلما رجع أخبر بأنّي ولدت، فكنّاني بكنيته، وسمّاني شبيبا.
[4] وكانت ولادته في شهر رمضان سنة إحدى وخمسين وأربعمائة بماربانان.
[5] انظر عن (طاهر بن سهل) في: التقييد 305 رقم 371، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 11/ 171 رقم 100، والعبر 4/ 85، والمعين في طبقات المحدّثين 156 رقم 1686، والإعلام بوفيات الأعلام 217، 218، وميزان الاعتدال 2/ 335، وعيون التواريخ 12/ 332، 333، ولسان الميزان 3/ 206، 207، وشذرات الذهب 4/ 97، وتهذيب تاريخ دمشق 7/ 48.
[6] سمع منه بدمشق شيئا من «سنن أبي داود» وغير ذلك. (التقييد 305) .(36/243)
قلت: روى عنه: عبد الرحمن بن عليّ الخِرقيّ، وأبو القاسم عبد الصّمد ابن محمد بن الحَرَسْتانيّ، وجماعة.
- حرف العين-
25- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن حملة [1] .
أبو منصور الأصبهانيّ، الشُّرُوطيّ، المعروف بالكِسائيّ.
سمع: عبد الرحمن بن مَنْدَهْ، والمظفر البَرَاثيّ [2] ، وأبا عيسى بن زياد، وأبا بكر بن ماجة.
روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ، وأبو المجد زاهر الثّقفيّ، وآخرون.
تُوُفّي في أوّل سنة إحدى وثلاثين.
26- عبد الجبّار بن عبد الوهّاب بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد [3] أَبُو الْحَسَن بن أبي الحسن بن الأستاذ أبي القاسم الدّهّان، النَيْسابوريّ، البَيِّع.
لم أظفر له بوفاة، لكّني أعلم أنّه كان في هذه الحدود.
ذكره عبد الغافر [4] فقال: شابٌّ عهِدْناه في أيّام الصِّبا، سديد الطّريقة، من بيت الثّروة والمروءة.
سمع من الأئمة مثل: البَيْهَقيّ، وسعيد العَيار، والطّبقة. إلى أنّ تُوُفّي جدّه. سمع «الانتخاب» منه، وقُرئ عليه الكثير.
قلت: روى عنه «السُّنَن الكبير» عبد الرحيم بن عبد المؤمن الشّعْريّ.
وذكره أبو سعد السّمعانيّ [5] وأنّه أجاز له في سنة سبع وعشرين، وقال:
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] البراثي: بفتح الباء الموحّدة والراء وفي آخرها الثاء المثلّثة. هذه النسبة إلى براثا، وهو موضع ببغداد متصل بالكرخ. (الأنساب 2/ 117) .
[3] انظر عن (عبد الجبار بن عبد الوهاب) في: التحبير 1/ 430 رقم 389، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 148 ب، والمنتخب من السياق 344 رقم 1131، وسير أعلام النبلاء 20/ 46 رقم 21.
[4] في المنتخب من السياق 344.
[5] في التحبير 1/ 430.(36/244)
شيخ ثقة، من أهل الخير والأمانة. وكان عنده تصانيف أبي بكر البَيْهَقيّ، وحدَّث بالكثير.
وسمع: أبا طاهر محمد بن عليّ الزَّرّاد [1] الحافظ، والبَيْهَقيّ، وأبا يَعْلى الصّابونيّ.
27- عبد الرحمن بن الحسن بن محمد [2] .
الإمام أبو محمد ابن العلّامة أبي عبد الله الطَّبريّ، الشّافعيّ.
وُلِد ببغداد، وبها نشأ. ووالده مِن أعيان أصحاب الشَيخ أبي إسحاق.
أنفق هذا أبو محمد الأموال والذخائر حتّى وُلِي تدريس النّظاميَّة ببغداد.
وقال ابن السّمعانيّ: خرج عنه في الرّشوة إلى الأكابر لتحصيل المدرسة ما لو أراد لبنى به مدرسة، تأمّله. وورد علينا مَرْو، وكان شيخًا بهيّ المنظر، حَسَن الكلام في المسائل. ثنا عن أبي عليّ الحدّاد وقال: سمعت من الشَيخ أبي إسحاق الشّيرازيّ، وتفقّهت عليه، وأصولي ببغداد.
وذكر أنّه مولده في سنة 463.
تُوُفّي بخُوَارَزْم في سنة إحدى وثلاثين وفي سنة ثلاثين.
28- عبد الرّزّاق بن عبد الله بن الأستاذ أبي القاسم القُشَيْريّ [3] .
أبو المكارم، صالح، خيِّر.
سمع: جدّته فاطمة بنت الدّقّاق، والفضل بن محمد [4] .
مات في صفر، أو في ربيع الأوّل.
أخذ عنه: السّمعانيّ [5] ، وغيره [6] .
__________
[1] في الأصل: «الرزاز» ، والتصويب من: التحبير. وهو مترجم في الأنساب 6/ 261.
[2] لم أجد مصدر ترجمته، ولعلّه في (الذيل) لابن السمعاني.
[3] انظر عن (عبد الرزاق بن عبد الله) في: التحبير 1/ 438 رقم 399، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 150 أ، 150 ب، والمنتخب من السياق 358 رقم 1185.
[4] في التحبير: «الفضل بْن عبد الله بْن المُحِبّ المفسّر» .
[5] وهو قال: من بيت العلم والتصوّف، كان شيخا صالحا، ديّنا، خيّرا، سليم الجانب ...
سمعت منه بنيسابور في الرحلة الأولى. (التحبير) .
[6] وقال عبد الغافر الفارسيّ: شاب نشأ في العبادة، وهيئته الظريفة، وسيرة الصوفية ... وسمع مسند أبي عوانة البحيري، وسنن السجستاني، عن الحاكمي، ومن أصحاب الأصمّ الكثير،(36/245)
29- عَبْد الْعَزِيز بْن عليّ بْن عيسى [1] أَبُو الأصْبَغ الغافِقيّ، المعروف بالشّقُّوريّ، نزيل قُرْطُبَة.
روى عن: أبي عليّ بن سُكَّرَة، وجماعة.
وكان من كبار الفقهاء، كتب للقضاة بقرطبة.
وكان من كبار الفُقَهاء، كتب للقُضاة بقُرْطُبَة.
تُوُفّي يوم عيد الفطر [2] .
30- عبد الغنيّ [3] بن محمد بْن عَبْد الغنيّ بْن مُحَمَّد بْن حنيفة [4] .
أبو القاسم الباجِسْري [5] ، من أبناء بَعْقُوبا.
كان صالحًا، فاضلًا، متميِّزًا، وله شِعْرٌ حَسَن.
سمع: أبا القاسم بن البُسْريّ، وأبا نصر الزَّيْنبيّ.
روى عنه: أبو الفضل بن ناصر، وأبو المعمر الأنصاريّ، وابنه أبو المعالي أحمد.
وتوفي في شعبان ببَعْقُوبا.
31- عبد الكريم بن شُرَيْح [6] .
الفقيه أبو معمر الرُّويَانيّ [7] ، قاضي أهل [8] طَبرِسْتان.
إمام مُناظر، سمع ببسْطام، وآمُل، وساوة من: محمد بن أحمد الكامخيّ، وبأصبهان من: محمود الكَوْسَج، وبنَيْسابور من: محمد بن إسماعيل التّفليسيّ.
__________
[ () ] وسافر إلى خوارزم، وجرجان، وأخذ الإجازات، وحصّل بعض النسخ. (المنتخب من السياق 358) .
[1] انظر عن (عبد العزيز بن علي) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 374 رقم 802.
[2] ومولده في سنة 487 هـ.
[3] في الأصل: «عبد الحي» .
[4] انظر عن (عبد الغني بن محمد) في: الأنساب 2/ 18.
[5] هكذا في الأصل. وفي (الأنساب) : الباجسرائي: بفتح الباء المنقوطة بواحدة وكسر الجيم وسكون السين المهملة، وفتح الراء، وفي آخرها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى باجسرى وهي قرية كبيرة بنواحي بغداد على عشرة فراسخ منها قريبة من بعقوبا.
[6] انظر عن (عبد الكريم بن شريح) في: التحبير 1/ 476، 477 رقم 445، ومعجم البلدان 3/ 104، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي.
[7] الرّوياني: بضم الراء وسكون الواو وفتح الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى رويان وهي يبلدة بنواحي طبرستان. (الأنساب 6/ 189) .
[8] في التحبير: «قاضي آمل طبرستان» .(36/246)
أخذ عنه السّمعانيّ [1] .
مات في رمضان.
32- عَبْد الملك بْن عليّ بْنُ عَبْد المَلِك بْن مُحَمَّد بْن يوسف [2] .
أبو الفضل بن أبي الحسن اليُوسُفيّ، البغداديّ.
طلب الحديث بنفسه، وأكثر، وحصّل الأصول. وهو من بيت علم ورواية.
سمع: أبا نصر الزَّيْنبيّ، وعاصم بن الحَسَن، وعليّ بن محمد بن محمد الأنباريّ. وحدَّث، وسمع منه جماعة.
وتُوُفّي في رابع ذي الحجَّة [3] .
وكان أبوه يروى عن أبي عليّ المُذْهِب.
روى عنه: عبد الرحمن بن محمد القصْريّ، وصالح بن محمد الأزَجيّ.
33- عُبَيْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن عُبَيْد اللَّه بْن شباب [4] .
أبو المعالي البَرُوجِرْديّ [5] ، أخو القاضي شبيب.
شيخ مُعَمَّر، ممتَّع بحواسه.
سمع من: أبي محمد نصر الزَّيْنبيّ.
وحدَّث ببَرُوجَرْد بالْجَعْدِيّات غير مرَّة.
وتُوُفّي، رحمه الله، في شهر ربيع الأوّل، عن تسعين سنة.
__________
[1] وهو قال: لقيته بمرو سنة نيّف وعشرين، وكان قدمها طالبا للقضاء ببلده، فحضر مناظرتنا، وتكلّم بمسألة «القتل بالمقتل» ، فأكرم الوزير محمود ابن أبي توبة مورده كما أراد، وفوّض إليه القضاء، ولم يتفق أن سمعت منه شيئا من الحديث، وكتب إليّ الإجازة بجميع مسموعاته من آمل. (التحبير) .
وقال ياقوت: إمام فاضل مناظر فقيه حسن الكلام (معجم البلدان) .
[2] انظر عن (عبد الملك بن علي) في: المنتظم 10/ 70 رقم 79 (17/ 325 رقم 4024) .
[3] وقال ابن الجوزي: «وكان عليه نور» .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] البروجردي: بالفتح، ثم الضمّ، ثم السكون، وكسر الجيم، وسكون الراء، ودال. بلدة بين همذان وبين الكرج، بينها وبين همذان ثمانية عشر فرسخا، وبينها وبين الكرج عشرة فراسخ، وبروجرد بينهما. (معجم البلدان) .(36/247)
34- عُبَيْد الله بن مسعود بن عبد العزيز [1] .
أبو البقاء الرّازيّ، ثمّ البغداديّ، القاضي. أخو عبد الله.
سمع: أبا الحسين بن المهتديّ باللَّه، والصَّرِيفينيّ.
روى عنه: أبو المُعَمر الأنصاريّ، ويحيى بن بوش.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى [2] .
35- عَلِيّ بْن أَحْمَد [3] بْن عبد الله [4] أبو الحَسَن الرَّبَعيّ، المَقْدِسيّ، التّاجر، الشّافعيّ.
قال ابن بَشْكُوال [5] : له سَماع من أبي بكر، ومن نصر المقدسيّ. ودرس على أبي إسحاق الشّيرازيّ.
وسكن المَرِيَّة. أنبا عنه القاضي عِياض [6] وقال: أنبأ أبو الحَسَن هذا، عن أبي بكر الخطيب، عن أبي حازم العَبْدويّ، فذكر حديثًا.
قال: وتُوُفّي سنة إحدى وثلاثين.
36- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ [7] .
أَبُو الحَسَن الهَرَويّ، الأديب، مؤدّب أولاد الوزير أنوشروان بن خالد.
__________
[1] انظر عن (عبيد الله بن مسعود) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 2/ 146- 148 رقم 383.
[2] قال ابن بوش: قال لنا أبو البقاء بن الرازيّ: مولدي في سنة أربع وخمسين وأربعمائة. وقال ابن النجار: قرأت بخط عبد الرحيم بن هبة الله بن المعراض الحرّاني قال: سألت أبا البقاء عبيد الله بن مسعود الرازيّ عن مولده فقال: في أول رجب سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة.
[3] انظر عن (علي بن أحمد) في: الغنية للقاضي عياض 181- 183 رقم 81، والصلة لابن بشكوال 2/ 423 رقم 927.
[4] في الغنية: «عبيد الله» .
[5] في الصلة 2/ 423.
[6] وهو قال: لقيته بسبتة وحدّثني بأشياء وأجازني جميع روايته عن شيوخه ... وذكر لي أن الخطيب أجازه جميع كتبه وروايته، وأنه سمع منه بعض تصانيفه، وأنه سمع من نصر كثيرا وأجازه جميع رواياته وتصانيفه، وأنه درس على الشيرازي نحو نصف «التعليقة» و «النكت» و «المعونة» و «التبصرة» له، وأجازه جميع رواياته وكتبه. قال: وسمعت من الفقيه نصر «كتاب البخاري» ، روايته عن ابن السمسار، عن المروزي، و «مصنّف أبي داود» ، و «سنن الدار الدّارقطنيّ» ، و «الموطّأ» ، وغير شيء، ومن ذلك كتاب «المصباح والداعي إلى الفلاح» من تأليفه. (الغنية 181) .
[7] لم أجد مصدر ترجمته.(36/248)
حدَّث عن: البانياسيّ، ورزق الله التميمي.
37- علي بن المبارك بن علي [1] .
أبو الحسن الدردائي [2] ، ودرداء من قرى بغداد.
رئيس متمول.
حدث عن: أبي القاسم بن البُسْريّ.
روى عنه جماعة [3] .
- حرف الكاف-
38- كامل بن بُجَيْر بن فارس بن يوسف [4] .
الأديب، أبو الهيجا القِرْمِيسِينيّ [5] .
شيخ صالح يؤدب الصِّبْيان.
سمع: أباه، ومكّيّ بن بُجَيْر الهَمَذانيّ بهمذان، وأبا معشر الطبري بمكة.
وحدَّث، وأجاز لابن السَّمْعانيّ.
- حرف الميم-
39- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ [6] .
__________
[1] انظر عن (علي بن المبارك) في: الأنساب 5/ 296، ومعجم البلدان 2/ 449، 450.
[2] الدّردائي: قال ابن السمعاني: بضم الدال المهملة وسكون الراء بين الدالين وفي آخرها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى دردا.
وذكرها ياقوت: درتا: بضم أوله، وسكون ثانيه، وتاء مثنّاة من فوق، موضع قرب مدينة السلام بغداد مما يلي قطر بلّ.
وقال الحازمي: وجدته في أكثر النسخ بالنون، والله أعلم. وقال هلال بن المحسّن، ومن خطّه نقلته وضبطه في كتاب بغداد من تصنيفه قال: ومن نواحي الكوفة ناحية درنا. ثم نسب إليها ياقوت: علي بن المبارك.
[3] قال ابن السمعاني، وياقوت: توفي قبل سنة ثلاثين وخمسمائة.
«أقول» : لهذا ينبغي أن تتحوّل هذه الترجمة من هنا.
[4] لم أجد مصدر ترجمته. ولعلّه في (الذيل) لابن السمعاني.
[5] القرميسيني: بكسر القاف وسكون الراء وكسر الميم والسين المهملة المكسورة بين الياءين الساكنتين آخر الحروف والنون في آخرها. (الأنساب 10/ 110) .
[6] انظر عن (محمد بن أحمد الأبرادي) في: المنتظم 10/ 70 رقم 80 (17/ 325 رقم 4025) .(36/249)
أبو الحَسَن بن الأبراديّ، الزّاهد.
تفقّه وتعبَّد، وصحِبَ أبا الحسين بن النّاعوس، ووقف دارًا له بالبدْريَّة، مدرسة للحنابلة.
وتُوُفّي في ثاني رمضان ببغداد.
40- محمد بن أحمد بن الحَسَن [1] .
أبو بكر البَرُوجِرْديّ [2] ، الجوهريّ، رئيس بَرُوجِرد، بلدة عند هَمَذَان.
كان محتشمًا متموِّلًا، رحل وعُني بالحديث. وخرّج مُعْجَمًا لنفسه.
سمع ببلده من جماعة، وبالكرْخ من مكّيّ السّلّار، وبهَمَذَان من: صاويّ الكامخيّ، وحمد بن منصور، وأحمد بن عمر البَيِّع.
وبأصبهان من: أبي العلاء محمد الفُرْسانيّ [3] ، وأبي مطيع.
وببسطام، وساوة، ودامَغَان.
وسمع بنَيْسابور من: عليّ بن أحمد بن الأخرم، ونصر الله بن أحمد الخُشْناميّ [4] .
وبمَرْو: أحمد بن عبد الوهّاب المَرْوزِيّ.
وبهَرَاة: صاعد بن سليم القاضي، وأبا عطاء عبد الأعلى بن عبد الواحد المَلِيحيّ [5] .
وببلخ من: أحمد بن محمد الخليليّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد البروجردي) في: المنتظم 10/ 70، 71 رقم 81 (17/ 325 رقم 4026) ، وسير أعلام النبلاء 20/ 102، 103 رقم 62.
[2] تقدّم التعريف بهذه النسبة في الترجمة رقم (33) .
[3] الفرساني: بكسر الفاء أو ضمّها، وسكون الراء المهملة وبعدها السين المهملة وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى فرسان وهي قرية من قرى أصبهان. أثبتها ابن ماكولا بكسر الفاء.
(الأنساب 9/ 270.
[4] في الأصل: «الخشناني» . والتصحيح من (الأنساب 5/ 130) وفيه: الخشنامي: بضم الخاء وسكون الشين المعجمتين وفتح النون وفي آخرها الميم. هذه النسبة إلى اسم بعض أجداده وهو خشنام.
[5] المليحي: بفتح الميم والياء المنقوطة باثنتين من تحتها الساكنة بعد اللام وفي آخرها الحاء المهملة. (الأنساب 11/ 475) .(36/250)
وببغداد من: عليّ بن محمد العلّاف، وابن بيان، وخلْق.
روى عنه: المبارك بن كامل، ويحيى بن بوش.
قال ابن ناصر: كان تاجرًا، وما كان يعرف شيئًا من الحديث.
وقال السّمعانيّ: وُلِد سنة ستّين، وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
قلت: كان يتّجر ويسمع بهذه النّواحي.
41- محمد بن أبي عليّ الحَسَن بن محمد بن عبد الله [1] .
أبو جعفر الهَمَذانيّ، الحافظ.
شيخ، صالح، ثقة مأمون، مُعَمَّر، رحل إلى العراق في سنة ستّين وأربعمائة فسمع بها، ولكن لم يكن مُعْتنيًا حينئذٍ بالسّماع.
ثمّ سمع بعد ذلك من: أبي الحسين بن النقور، وأبي القاسم بن البسري، وهذه الطّبقة ببغداد.
ورحل إلى نَيْسابور: فسمع: الفضل بن عبد أبا صالح المؤذن، وأصحاب العلويّ، وأبي نُعَيْم الإسْفَرَائينيّ.
وحجّ فسمع: أبا عليّ الشّافعيّ، وسعد بن عليّ الزَّنْجانيّ شيخ الحَرَم.
وسمع بهَرَاة شيخ الإسلام أبا إسماعيل.
وسمع «صحيح البخاريّ» من أَبِي الخير محمد بْن موسى الصّفّار.
وحدَّث «بجامع» أبي عيسى عن: أبي عامر الأزْديّ، ومحمد بن محمد بن العلاء، وأبي حامد ثابت بن أبي العبّاس بن سَهْلَك القاضي، بسماعهم من الجراحي.
وسمع جماعة بهَمَذَان.
وكان من أئمة السُّنَّة، ومن مشايخ الصُّوفيَّة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبي علي) في: المنتخب من السياق 70 رقم 150، والتقييد 61، 62 رقم 43، والإعلام بوفيات الأعلام 218، والمعين في طبقات المحدّثين 156 رقم 1687، وسير أعلام النبلاء 20/ 101، 102 رقم 61، والعبر 4/ 85، ومرآة الجنان 3/ 259، وعيون التواريخ 12/ 333، والنجوم الزاهرة 5/ 260، وشذرات الذهب 4/ 97.(36/251)
قال ابن السّمعانيّ: سافر الكثير إلى البلدان الشّاسعة، وسمع، ونسخ بخطه. وما أعرف أنّ في عصره أحدًا [1] سمع أكثر منه.
قال: وحُكيَ عنه أنّه قال: دخلت بغداد سنة ستّين، فكنت أحضر الشّيوخ، وأسمع، ولا أدعهم يكتبون اسمي، لأنّي كنت لَا أعرف العربية، ثمّ دخلت البادية فلم أزل أدور مع الظّاعنين من العرب حتّى رجعت إلى بغداد، فقال لي الشَيخ أبو إسحاق: رجعت إلينا عربيًا. وكان يسمّيني «الخثْعميّ» ، لإقامتي في بني خَثْعَم في البادية.
قال ابن السّمعانيّ: وكان خطّه رديئًا، وما كان له كبير معرفة بالحديث على ما سمعت. وسمعت محمد بن أبي طاهر الصُّوفيّ بأصبهان يقول: سمعتُ أبا جعفر بن أبي عليّ يقول: تعسَّر عليَّ بعض شيوخي بجُرْجان، فحلفت أنّ لَا أخرج منها أو لَا أكتب كلّ ما عنده. فأقمت مدَّة. وكان يُخرج إليَّ الأجزاء والرقاع، حتّى كتبت جميع ما عنده.
روى عنه: أبو العلاء الهَمَذانيّ.
ومن القدماء: محمد بن طاهر المقدسيّ.
وآخر من روى عنه: عبد الرحمن بن عبد الوهّاب بن المُعَزّم الهَمَذانيّ.
تُوُفّي في منتصف ذي القعدة، وهو الّذي ردّ على إمام الحرمين في إثبات العُلُوّ للَّه، وقال: حيَّرني الهَمَذانيّ.
وقد روى عنه ابن عساكر [2] .
42- محمد بن عبد الرحمن بن محمد [3] .
__________
[1] في الأصل: «أحد» .
[2] وقال عبد الغافر: «قدم نيسابور شابا، وسمع الكثير من أبي بكر بن أبي زكريا، وعثمان المحمي، وابن راشد، وابن خلف، واستوفى أكثر كتب السلمي، ونزل خانقاه السلمي مع المتصوفة، وكان من جملتهم وأكثر ما سمعه بقراءته. وخرج إلى طوس وإلى هراة، واختص بالأنصارية بها لميله إلى الظاهرية والعقيدة المختصة بأهل همذان وهراة. عاد إلى همذان وسمعت أنه صار من شيوخهم يعقد مجلس الوعظ وينشر ما جمعه في الغربة. سمع بقراءتنا وسمعنا بقراءته، ولست أبعد أنا سمعنا منه شيئا» . (المنتخب من السياق 70) .
[3] انظر عن (محمد بن عبد الرحمن) في: التحبير 2/ 154، 155 رقم 783، والأنساب 5/ 185، ومعجم البلدان وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي، وطبقات الشافعية للإسنويّ.(36/252)
الهلاليّ، الخَلُوقيّ [1] ، المَرْوَزِيّ [2] ، إمامٌ، مُفْتٍ، عارف بالمذهب.
سمع: أبا الخير الصّفّار، ومحمد بن الحَسَن المهربندقشائيّ [3] ، وجماعة.
مات في ربيع الأوّل، عن ثمانٍ وسبعين سنة [4] .
43- محمد بن عليّ [5] .
الخفّاف، بغداديّ، يعرف بابن الكُوفيَّة.
روى عن: أبي نصر الزَّيْنبيّ.
وتُوُفّي في رجب [6] .
44- محمد بن الفضل بن عبد الواحد [7] .
القاضي أبو الوفاء النَّايَنْجيّ [8] الأصبهاني. ويُعرف بابن حلَّة [9] .
كان يتولّى القضاء بنائين، وهي ناحية من نواحي أصبهان.
قال ابن السّمعانيّ [10] : شيخ كَيّس [11] ، سمع الكثير، وحصّل الأصول.
__________
[1] / 483.
[1] الخلوقي: بفتح الخاء، وضم اللام. نسبة إلى خلوق أو خلوقة، وهو بطن من العرب والمنتسب إليها جماعة من بوزنشاه مرو. (الأنساب) .
[2] في التحبير: «المكيّ» .
[3] في الأصل: «المهربندشاني» ، والتصحيح من (الأنساب 11/ 533) : بكسر الميم، وسكون الهاء، وفتح الراء والباء الموحّدة، وسكون النون، وفتح الدال المهملة، وسكون القاف، وفتح الشين المعجمة، وفي آخرها الياء المنقوطة من تحتها باثنتين. هذه النسبة إلى مهربندقشائي.
وهي قرية على ثلاثة فراسخ من مرو في الرمل، خرب أكثرها.
[4] وكانت ولادته يوم الأربعاء بين الصلاتين التاسع عشر من صفر سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة ببوزنشاه.
[5] انظر عن (محمد بن علي الخفّاف) في: المنتظم 10/ 71 رقم 82 (17/ 325 رقم 4026) .
[6] وقال ابن الجوزي: وحدّ بشيء يسير.
[7] انظر عن (محمد بن الفضل) في: التحبير 2/ 203- 205 رقم 846، والأنساب 12/ 25 واللباب 3/ 210.
[8] في الأصل: «التاريخي» . والمثبت عن مصادر الترجمة: «الناينجي» : بفتح النون والياء، وسكون النون. نسبة إلى نائين، وهي بليدة بنواحي أصبهان. (الأنساب) .
[9] هكذا في الأصل، والأنساب. وفي التحبير 2/ 203: «مجلة» .
[10] في التحبير 2/ 204.
[11] وزاد: «فطن» .(36/253)
سَمِعَ: أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن أحمد بْن ماجة، وإبراهيم بن محمد القفّال، وطائفة، ورحل إلى بغداد فسمع من: طِراد، وابن البَطِر. وخرّج له أبو نصر اليُونَارْتيّ.
وتُوُفّي بأصبهان.
45- محمد بن الفضل بن محمد [1] .
أبو بكر الأصبهاني، الخانيّ [2] ، المقرئ، من مُسْنِدي أصبهان.
روى عن: أبي مسلم بن مهريزد، وأحمد بن الفضل الباطِرْقانيّ، وبكر بن حَيْد، وعليّ بن محمد الحَسْنَابَاذِيّ، وجماعة.
وعنه: السّمعانيّ [3] ، وغيره [4] .
لم أظفر له بوفاة [5] 46- محمد بن محمد بن أحمد [6] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن الفضل الخاني) في: التحبير 2/ 208، 209 رقم 852، والأنساب 5/ 31، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 234 ب، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 1.
[2] في ملخص تاريخ الإسلام: «الخالنجاني» ، وهكذا سيأتي في ترجمته الثانية برقم (111) وفي (التحبير) : الخاني، من أهل مدينة خانانجان.
وفي (معجم البلدان) : «خان لنجان: مدينة بأصبهان، كان بها قلعة خرّبها السلطان محمد السلجوقي في سنة 570 هـ» .
[3] وهو قال: كان شيخا صالحا، مقرئا، فاضلا، من أهل الدين والخير، حسن السيرة، عمّر العمر الطويل، وحدّث بالكثير.
[4] وقال ابن السمعاني: «وسئل عن ولادته فقال: ولدت بعد ولادة أبي سعد البغدادي بشهر، فتكون ولادته في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وأربعمائة، وسألته يوما عن ولادته، فذكر ما يقتضي أنه ولد سنة خمس وأربعين وأربعمائة، وهذا هو الصحيح، والأول خلط، لأنه سمع من أبي مسلم، وأحمد بن الفضل، وهما ماتا في حدود سنة ستين وأربعمائة. وذكر لي يوما أنه ولد بعد وفاة أبي سعد بن أبي علي البغدادي الكبير جدّ شيخنا أبي سعد بشهر، وهذا هو الصحيح» .
[5] هكذا قال المؤلّف- رحمه الله-، وقد أرّخ ابن السمعاني وفاته فقال: «وتوفي في شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة» . (التحبير 2/ 209) وسيعاد فيها.
[6] انظر عن (محمد بن محمد الخموشي) في: التحبير 2/ 217، 218 رقم 859، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 237 ب.(36/254)
أبو نصر الخموشيّ [1] ، السَّرْخَسِيّ.
صدوق، مكثر، رئيس [2] . ولد سنة 443.
وسمع: زُهير بن الحَسَن الْجُذاميّ، وعبد الله بن عَباس العَبْدُوسيّ، وغيرهما.
روى عنه: أبو سعد السّمعانيّ، وأبوه.
مات فِي ربيع الآخر.
47- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الحسين بن القاسم بن خميس [3] .
أبو البركات المَوْصِليّ.
من بيت العلم والفضيلة بالمَوْصِل.
روى عن: أبي نصر أحمد بن عبد الباقي بن طَوْق.
وعنه: الصّائن هبة الله بن عساكر، والكمال محمد بن عبد الله بن الشّهْرُزُوريّ القاضي.
وسماع الكمال منه ببغداد سنة ثلاث عشرة وخمسمائة.
قال ابنه سليمان: تُوُفّي أبي في شوال هذه السنة، وكان مولده سنة 437.
48- المبارك بن عليّ بن أبي الجود [4] .
أبو القاسم البغدادي، العَتّابيّ، من شارع العتّابّيين [5] .
كان أمين القاضي.
سمع: أبا الحسين بن النّقّور.
__________
[1] لم ترد هذه النسبة في (الأنساب) .
[2] وقال ابن السمعاني: كان شيخا، جليل القدر، ثقة، صدوقا، مكثرا من الحديث، سديد السيرة، وبيت الخموشية معروف بسرخس بالأمانة، والصدق، والتزكية، والعدالة ... كان عنده كتاب «المبتدإ والمبعث» لمحمد بن إسحاق بن يسار، وكان والدي- رحمه الله- سمع جميع الكتاب منه، ولما وافيت سرخس أردت أن أقرأ عليه هذا الكتاب. فمضيت وسألته ذلك واعتذر، وقال: إنّي ضعيف وكبرت، فالأولى أن تقتصر على المناولة له دون السماع، ففعلت وناولني الكتاب، وقرأت عليه جزءا من حديث العبدوسي.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] قال ابن السمعاني: وببغداد محلّة يقال لها: العتّابين، بالجانب الغربي منها. (الأنساب 8/ 377) .(36/255)
روى عنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو القاسم بن عساكر.
تُوُفّي في شعبان.
49- مُرْشد بن عليّ بن نصر بن منقذ [1] .
أبو سلامة الشَّيْزَرِيّ [2] . من بيت الإمرة، والفُرُوسيَّة، والحشْمة.
كان سمْحًا، جوادًا، شجاعًا، شاعرًا، مليح الكتابة.
كتب مُصْحَفًا بالذَّهب، فجاء غايةً في الحُسْن [3] .
وُلِد سنة ستّين وأربعمائة بحلب، وسافر إلى أصبهان، وبغداد [4] .
قال ابن عساكر [5] : كان بارعًا في العربية، وبحُسْن الخطّ والشِّعْر. حَسَن التّلاوة، كثير الصّيام. بطلًا شجاعًا. نسخ بخطّه سبعين ختْمة. حدَّثني ابنه الأمير محمد، قال: لمّا مات عمّي صاحب شَيْزَر أبو المُرْهَف نصر بن عليّ أوصي بشَيْزَر لأبي، فقال: واللهِ، لَا وُلِّيتُها، ولأخْرُجَنَّ من الدّنيا كما دخلت إليها، فولّاها أخاه أبا العشائر سلطان بن عليّ.
__________
[1] انظر عن (مرشد بن علي) في: الأنساب 7/ 469، والاعتبار لأسامة بن منقذ 51، 53، 186، 191، 198- 200، 202- 211، 213- 220، 222، 224، وتاريخ دمشق لابن عساكر، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 24/ 165- 169 رقم 147، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 162، 163، ووفيات الأعيان 1/ 197، 199، والكامل في التاريخ 11/ 60، 219، والمنازل والديار 1/ 147 و 2/ 112، 113، ولباب الآداب 132، 190، 375، 386.
[2] الشّيزري: بالشين المعجمة المفتوحة والياء المثنّاة من تحت والزاي المفتوحة، والراء، نسبة إلى شيزر، حصن على نهر العاصي قريب من حماه.
[3] قال ابنه أسامة: وكان يكتب خطا مليحا.. وكان لا ينسخ سوى القرآن، فسألته يوما، فقلت:
يا مولاي كم كتبت ختمة؟ قال: الساعة تعلمون، فلما حضرته الوفاة قال: في ذلك الصندوق مساطر، كتبت على كل مسطرة ختمة، ضعوها تحت خدّي في القبر، فعددتها فكانت ثلاثا وأربعين مسطرة. فكان كتب بعدّتها ختمات. منها ختمة كبيرة كتبها بالذهب وكتب فيها علوم القرآن قراآته وغريبه وعربيته وناسخه ومنسوخه وتفسيره، وسبب نزوله، وفقهه بالحبر، والحمرة، والزرقة، وترجمه بالتفسير الكبير. وكتب ختمة أخرى بالذهب مجرّدة من التفسير.
وباقي الختمات بالحبر مذهّبة بالأعشار والأخماس والآيات ورءوس السّور ورءوس الأجزاء.
(الاعتبار 53) .
وقال ابن السمعاني: ورأيت مصحفا بخطّه كتبه بماء الذهب على الطاق الصوري، ما أظنّ أن الأعين رأت أحسن منه. (الأنساب 7/ 469) .
[4] وزاد ابن عساكر: إنه دخل طرابلس غير مرّة.
[5] في تاريخ دمشق بتصرّف.(36/256)
ومن شِعْر مرشد:
لنا منك يا سلْمى عذابٌ وتعذيبُ ... وجَفْنٌ قريحٌ دمعه فيكِ مسكوبُ
ووعدٌ كوعد الدَّهْر للحُرّ [1] بالغِنَى ... ولكنّه بالمَيْن والمَطْلِ مقطوبُ [2]
وهي قصيدة طويلة.
قال أبو المغيث بن مرشد: كنت عند أبي وهو ينْسَخ مُصْحَفًا، ونحن نتذاكر خروج الفرنج الروم، فرفع المصحف وقال: اللهمّ بحقّ من أنزلته عليه، إنْ قضيت بخروج الروم فخُذ رُوحي ولا أراهم. فمات في رمضان سنة إحدى وثلاثين بشَيْزَر، ونازَلَتْها الرّومُ في شعبان سنة اثنتين وثلاثين، ونصبوا عليها ثمانية عشر مَنْجَنِيقًا، ثمّ رحلوا عنها بعد حصار أربعةٍ وعشرين يومًا [3] .
50- مكّيّ بن الحَسَن بن المُعَافَى [4] .
أبو الحَرَم [5] السُّلَميّ، الْجُبَيْليّ [6] .
سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، ومقاتل بن معكود.
وقال إنّه سمع بطرابلس كتاب «الشّهاب» من مصنِّفه. ووُلِد بجُبَيْل سنة أربعين، أو قبلها [7] .
__________
[1] في مختصر تاريخ دمشق: «يوشك» .
[2] زاد ابن عساكر بيتين:
تجدّين لي هجرا وفعلك مازح ... وتبدين لي زهدا ولي فيك ترغيب
وتبدي سليمى بالصدود تأدّبا ... رويدك، ما بالموت يا سلم تأديب
[3] تاريخ دمشق.
[4] انظر عن (مكي بن الحسن) في: تاريخ دمشق لابن عساكر، ومعجم السفر للسلفي (مصوّر بدار الكتب المصرية) ق 2/ 375، 376، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 25/ 237 رقم 72، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 4/ 261، 262 رقم 1276.
[5] هكذا بالراء المهملة، في الأصل، وتاريخ دمشق، ومعجم السفر.
أما في (مختصر تاريخ دمشق 25/ 237) فأثبتها محقّقه «مأمون الصاغرجي» «أبو الحزم» بالزاي، مع أنها في الأصل بالراء المهملة، وقال: لم أقف على نص يضبطه. (الحاشية رقم 2) .
[6] الجبيليّ: بضم الجيم وفتح الباء الموحّدة. نسبة إلى مدينة جبيل، على ساحل البحر بين طرابلس وبيروت.
[7] قال السلفي: أبو الحرم هذا صالح تلّاء، وذكر أنه رأى القضاعي وسمع منه «الشهاب» بطرابلس لما قدمها، وقال: مولدي سنة 438 بجبيل من مدن الشام ونشأت بطرابلس.
دفع إليّ أبو الحرم مكي بن الحسن بن شعيب اللخمي بالثغر كتاب عبد الغني بن سعيد الحافظ(36/257)
روى عنه: الحافظان السِّلَفيّ، وابن عساكر.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى [1] . وكان كثير التّلاوة في المصحف، متين الدّيانة، صالحا.
[حرف النون]
51- ن [صر] [2] بن الحسين بن الحَسَن [3] .
أبو القاسم بن الخبّازة [4] ، البغداديّ، الحنبليّ، المقرئ.
قرأ بالروايات على عبد القاهر العبّاسيّ صاحب الكارَزِينيّ [5] ، وعليّ يحيى بن أحمد السبيتي صاحب الحمّاميّ.
وسمع من: طِراد الزَّيْنبيّ، وجماعة.
وحدَّث وأقرأ.
روى عنه: معمّر بن الفاخر، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ، وغيرهما.
- حرف الهاء-
52- هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن عمر [6] .
__________
[ () ] بخطّه، فرأيت فيه: عزازة بن عبد الدائم أبو مسرّة من أهل بيروزود الأهواز، يروي عن إبراهيم بن عبد الله القصّار، وعلى الحاشية بخط عبد الغني أيضا بزايين، وفيه: زوّاد الفقيه من سكان حديثة عانة، يروي عن أبي علي محمد بن أحمد بن الحسن الصوّاف. سمع منه أبو الحسن عبيد الله بن القاسم المراغي الأطرابلسي الهمدانيّ، من همدان بن أوسلة وعلى الحاشية بخط عبد الغني أيضا «زاي» .
[1] في (معجم السفر) : «توفي في آخر شوال سنة 19، ودفن في مقبرة الديماس» .
[2] ما بين الحاصرتين من مصادر الترجمة. وفي الأصل بياض.
[3] انظر عن (نصر بن الحسين) في: المنتظم 10/ 71 رقم 83 (17/ 325 رقم 4028) ، ومعرفة القراء الكبار 1/ 497 رقم 444، وغاية النهاية 2/ 335 رقم 3724، وعقد الجمان (مخطوط) 16/ 95.
[4] في المنتظم: «الحبار» .
[5] الكارزيني: بفتح الكاف والراء، وكسر الزاي، بعدها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها نون. هذه النسبة إلى كارزين، وهي من بلاد فارس، بنواحيها مما يلي البحر.
(الأنساب 10/ 316) .
[6] انظر عن (هبة الله بن أحمد) في: المنتظم 10/ 71 رقم 84 (17/ 325، 326 رقم 4028) ، ومشيخة ابن الجوزي 61- 63، والكامل في التاريخ 11/ 54، والمستدرك لابن نقطة 63، ودول الإسلام 2/ 53، والإعلام بوفيات الأعلام 218، والمعين في طبقات المحدّثين 156 رقم 1688، ومعرفة القراء الكبار 1/ 485، 486 رقم 430، والعبر 4/ 86، وسير أعلام النبلاء 19/ 593، 594 رقم 343، وعيون التواريخ 12/ 333، والبداية والنهاية 12/ 121، وغاية(36/258)
أبو القاسم البغداديّ، الكُرَيْزيّ [1] ، المقرئ، المعروف بابن الطَّبَر [2] .
قال الحافظ عبد الوهّاب الأنْماطيّ: شيخ مشهور، معمَّر، مقرئ، ثقة، صدوق، عارف بالقراءات. ولد يوم عاشوراء سنة خمس وثلاثين وأربعمائة [3] ، وقرأ القرآن على أبي بكر محمد بن عليّ بن موسى الخيّاط في سنة إحدى وستّين، عن قراءته على أبي أحمد الفَرَضيّ، والسَّوْسَنْجِرديّ، وجماعة.
قرأ عليه: التّاج الكِنْديّ، وهو أقدم شيخ له.
وسمع الحديث من: أبي الحَسَن محمد بن عبد الواحد ابن زوج الحُرَّة، وأبي إسحاق البرمكيّ، وأبي طالب العشاريّ، وغيرهم.
روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ، ويحيى بن ياقوت النّجّار، وعبد الخالق بن هبة الله البُنْدار، والحسن بن عبد الرحمن الفارسيّ الصُّوفيّ، وعبد الله بْن أبي بَكْر ابن الطَّويلة، وعليّ بن محمد بن محمد بن عليّ الأنباريّ، وعبد الرحمن بن أحمد العمريّ، وفاطمة بت سعد الخير، وبقاء بن حَيْد، وأبو الفتح محمد بن أحمد المنْدائيّ [4] ، وعمر بن طَبَرْزَد، والكِنْديّ، وآخرون.
وقال أبو الفرج بن الجوزيّ [5] : كان صحيح السّماع، قويّ التّديُّن، ثَبْتًا [6] ، كثير الذِكْر، دائم التّلاوة. وهو آخر من حدَّث عن ابن زوج الحُّرَّة [7] . سمعت عليه الكثير، وقرأت عليه. وكانت قوّته حَسَنة، كنت أجيء إليه في الحرّ فيقول:
__________
[ () ] النهاية 2/ 349، 350 رقم 3769، وتبصير المنتبه 3/ 863، وعقد الجمان (مخطوط) 16/ 95، 96، وشذرات الذهب 4/ 97، 98.
[1] الكريزي: بضم الكاف وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف، وفي آخرها الزاي. هذه النسبة إلى كريز، وهو بطن من عبد شمس، وهو كُرَيز بن ربيعة بن حبيب بن عَبْد شمس بن عبد مناف (الأنساب 10/ 410، 411) .
[2] في دول الإسلام 2/ 53: «الطبري» .
[3] المنتظم.
[4] تصحّفت في (غاية النهاية 2/ 350) إلى: «المنداني» . وكذا تصحّفت في ترجمته في (غاية النهاية 2/ 56) .
[5] في المنتظم.
[6] في الأصل: «ثبت» .
[7] زاد في المنتظم: «فحدّث عن أبي الحسن هذا أبو بكر الخطيب، وأبو القاسم هذا، وبين وفاتهما ثمان وسبعون سنة» .(36/259)
اصعد سطح المسجد، فيسبقني في الدَّرَج. ومُتِّع بسمْعه وبَصَره وجوارحه إلى أنّ تُوُفّي في ثاني جُمَادَى الأولى عن ستٍّ وتسعين سنة وأشهُر ودُفِن بالشُّونِيزيَّة.
قلت: إنّما تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة يوم الأربعاء، قاله أبو موسى المَدِينيّ.
وقال المبارك بن كامل: تُوُفّي في غرّة جمادى الآخرة.
وقال ابن السّمعانيّ: سمعت حامد بن أبي الفتح المَدِينيّ يقول: مات يوم الأربعاء ثاني جمادى الآخرة ودُفِن يوم الخميس.
وقال أبو موسى المَدِينيّ: كان قد ذهب بصرُه وثمّ عاد بصيرًا [1] .
53- هبة الله بن محمد بن الحَسَن [2] .
الكاتب الأَزَجيّ [3] .
سمع من: طِراد الزَّيْنبيّ، وأبي الحَسَن بن أيّوب.
روى عنه: أبو القاسم الحافظ.
وتُوُفّي في رمضان.
- حرف الياء-
54- يحيى بن الحَسَن بن أحمد بن عبد الله بن البنّاء [4] أبو عبد الله بن أبي عليّ البغداديّ.
قال ابن السّمعانيّ: شيخ صالح، من أهل الجانب الشّرقيّ، حسن السّيرة، مُكْثِر، واسع الرّواية. ومُتَّع بما سمع، وعُمِّر حتى حدَّث بالكثير.
__________
[1] وقال ابن الجزريّ: وقد وقعت لي هذه القراءات الستّ من طريقه عالية، وقرأ كتاب «الكفاية» المتضمّن لها على الشيخ أحمد بن محمد بن الحسين الصالحي في سنة سبعين وسبعمائة، عن علي بن أحمد بن عبد الواحد، أخبرنا أبو اليمن إجازة إن لم يكن سماعا منه (غاية النهاية 2/ 350) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الأزجي: بفتح الألف والزاي وفي آخرها. هذه النسبة إلى باب الأزج وهي محلّة كبيرة ببغداد.
(الأنساب 1/ 197) .
[4] انظر عن (يحيى بن الحسن) في: المعين في طبقات المحدّثين 156 رقم 1689، وسير أعلام النبلاء 20/ 6، 7 رقم 3، والإعلام بوفيات الأعلام 218، والعبر 4/ 86، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 189، 190 رقم 88، ومرآة الجنان 3/ 259، وعيون التواريخ 12/ 333، وشذرات الذهب 4/ 98.(36/260)
وكان حسن السّيرة والأخلاق، متودّدًا، متواضعًا، بَرًّا بالطَّلَبة، مُشْفِقًا عليهم.
سمعه أبوه من جماعة: أبي الحَسَن بن المهتديّ باللَّه، وأبي الحسين بن الأَبَنُوسيّ، وعبد الحميد بن المأمون، وأبي الحسين بن النّقّور. وأجاز لي، وحدَّثني عنه جماعة.
وسمعتُ الحافظ عبد الله بن عيسى بن أبي حبيب الأندلُسيّ يذكر هذا ويُثني عليه، ويمدحه ويُطْريه. ويصِفُه بالعِلم، والتّمييز، والفضل، وحُسْن الأخلاق، وترك الفُضُول، وعمارة المسجد، وملازمته له.
وقال: ما رأيت في الحنابلة ببغداد مثله، وكان شيخنا عمر بن عبد الله البِسْطاميّ كثير الثّناء عليه، يصفه بالخير، والصّلاح، والعِلم، وكذلك كلّ من رأيته ممّن سمع منه كان يُثْني عليه ويمدحه.
قلت: روى عَنْهُ: أَبُو القاسم بْن عساكر، وأبو موسى، وابن الجوزيّ، وابن طَبَرْزَد، ويحيى بن ياقوت، وفاطمة بنت سعد الخير، وآخرون.
وُلِد في ذي القعدة سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة.
وتُوُفّي في ثامن ربيع الأوّل، رحمه الله.(36/261)
سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة
- حرف الألف-
55- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الواحد بن محمد بن أبي ذَرّ [1] .
أبو الوفاء الصّالْحانيّ [2] ، الأصبهانيّ.
من شيوخ أبي موسى المدينيّ.
قال: سمعته يقول: ولدت في نصف رجب سنة خمس وخمسين وأربعمائة.
وتُوُفّي في شوّال.
وكان صالحًا عابدًا، يحجّ كلّ سنةٍ عن النّاس، فيقال إنّه حجّ نيِّفًا وأربعين حجَّة.
وحدَّث عن: عائشة الوَرْكانيَّة، وأبي سهل حمد بن دلكين، وجماعة.
وروى عنه: ابن عساكر، وسعد الله بن الواديّ.
56- أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن أيوب [3] أبو القاسم النَيْسابوريّ، القرّيّ [4] . وقرّ: محلَّة.
إمامٌ فاضل خيّر، سكن أستوا.
سمع: محمد بن إسماعيل التّفليسيّ، وفاطمة بنت الدّقّاق.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] تقدّم التعريف بهذه النسبة في الترجمة رقم (21) .
[3] لم أجد مصدر ترجمته، وهو في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .
[4] لم ترد في (الأنساب) أو (معجم البلدان) .(36/262)
مات في هذه السّنة.
كذا ذكره. ابن السّمعانيّ في شيوخه.
57- أحمد بن سهل بن محمد المِيهَنيّ [1] .
قاضي قرية ختن وخطيبها، من أعمال طوس.
سمع من: جدّه أبي الفضل العارف.
وعاش اثنتين وسبعين سنة.
مات في غرَّة صفر. ذكره السّمعانيّ.
58- أحمد بن طاهر بن عليّ بن عيسى [2] .
أبو العباس الأنصاريّ، الخَزْرَجيّ، العُباديّ، من ولد مسعد بن عُبَادة رضي الله عنه، الأندلَسيّ، الدّانيّ، الفقيه.
سمع الكثير من: أبي داود المقرئ، وأبي عليّ الغسّانيّ، وأبي الحسين ابن شفيع، وجماعة.
ورحل إلى العَدْوَة، وصنَّف، وأفتى نيِّفًا وعشرين سنة.
قال ابن الأَبّار [3] : كان ورِعًا، فاضلًا، نبيلًا، له مجموع في رجال مسلم.
روى عنه: ابنه محمد، وأبو العبّاس الإقليشيّ [4] ، وأبو عبد الله المِكْناسيّ.
وكان يميل إلى القَول بالظّاهر [5] .
__________
[1] الميهني: بكسر الميم، وسكون الياء المنقوطة من تحتها بنقطتين وفتح الهاء، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى ميهنة وهي إحدى قرى خابران ناحية بين سرخس وأبيورد. (الأنساب 11/ 580) .
[2] انظر عن (أحمد بن طاهر) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 76، 77 رقم 168، والغنية 118 رقم 43، وبغية الملتمس للضبيّ 180 رقم 405، ومعجم أصحاب الصدفي 14 رقم 12، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 1/ 129- 131 رقم 194، والديباج المذهب 45، وتكملة الصلة لابن الأبّار 1/ 44- 46، وقد ورد بعض الترجمة تحت رقم (108) ، ومعظمها تحت رقم (127) .
[3] في تكملة الصلة، رقم 108 و 127.
[4] في الأصل: «الإقليسي» بالسين المهملة.
[5] وقال المراكشي: وكان محدّثا ضابطا، حسن التقييد، ذا أصول عتيقة، وعناية بلقاء المشايخ، ورعا، فاضلا، عالما بالمسائل. تقلّد بدانية ولاية خطّة الشورى وأفتى بها نيّفا وعشرين سنة.
وعرض عليه قضاؤها فامتنع منه. وله على «الموطّأ» تصنيف سمّاه: «الإيماء» ضاهى به أطراف(36/263)
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى [1] .
59- أحمد بن ظَفَرَ بن أحمد [2] .
البغداديّ المغازليّ [3] .
أخو المحدّث عمر بن ظَفَر.
قال ابن السّمعانيّ: شيخ صالح، مشتغل بكسْبه.
سمع: أبا الغنائم بن المأمون، وأبا محمد الصَّرِيفينيّ.
ووُلِد سنة 454، وتُوُفّي في سادس رمضان.
وسمعتُ منه جزءًا.
وقال ابن الجوزيّ [4] : سمعت منه، وكان ثقة.
60- أحمد بن عبد الباقي بن الحسين بن منازل [5] .
__________
[ () ] الصحيحين لأبي مسعود إبراهيم بن محمد بن عبيد الدمشقيّ، وعرضه على شيخه أبي علي الصدفي فاستحسنه وأمر ببسطه فزاد فيه. وقفت عليه وكان في كتبي، ثم خرجت عنه.
[1] وقال ابن بشكوال: «وولي الشورى بدانية وامتنع من ولاية قضائها، وكانت له عناية بالحديث ولقاء الرجال والجمع. وحدّث. وتوفي في نحو العشرين وخمسمائة» . (الصلة 1/ 76، 77) .
وجاء في حاشية الكتاب: «قوله من ولاية قضائها، غير صحيح، إنما كانت خطته بدانية، الصلاة على الجنائز بعد تقدّمه لها ورغبته فيها. كذا أخبرني ثقات بلده. وقد كان أهلا للقضاء رحمه الله تعالى» .
وجاء في الحاشية أيضا تعليقا على تاريخ وفاته: «هذا غلط كبير، نقلت من خط أبيه في مصحفه: ولد أحمد بن طاهر بن علي بن عيسى في آخر السابعة الرابعة من يوم السبت، اليوم التاسع من شوال سنة سبع وستين وأربعمائة، ووافق ذلك اليوم السادس من يونيه. [حزيران] ونقلت من خط ابن أخيه الفقيه أبي جعفر وأحمد بن سليمان بن طاهر كاتب القاضي الحسيب أبي الشرف ابن أسود تحت مولده: اثنتين وثلاثين وخمسمائة، وهو ثامن عشر من فبراير [شباط] » . قلت: وهكذا أخبر غير واحد من أهل دانية.
وقال المراكشي في (الذيل والتكملة 1/ 131) : «وقد ألحقه أبو القاسم بن بشكوال في صلته بعد الفراغ من تأليفها، ولم يجر إيراد ذكره، وغلط في وفاته تابعا في ذلك أبا الفضل عياضا إذ جعلاها في نحو العشرين وخمسمائة. وقد ذكر أبو عبد الله ابن الأبار أنه وقف على السماع منه لصحيح مسلم بدانية في جمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة» .
[2] انظر عن (أحمد بن ظفر) في: المنتظم 10/ 73 رقم 86 (17/ 329 رقم 4032) .
[3] المغازلي: بفتح الميم، والغين المعجمة، وكسر الزاي بعد الألف، وفي آخرها اللام، هذه النسبة إلى المغازل وعملها (الأنساب 11/ 416) .
[4] في المنتظم.
[5] انظر عن (أحمد بن عبد الباقي) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.(36/264)
الشّيْباني، السّقْلاطونيّ، الحريميّ، أبو المكارم.
قال ابن السّمعانيّ: كان شيخًا، صالحًا، فقيرًا، مُعِيلًا، مكتسبًا.
كتب الكثير، وسمع: أبا الحسين بن النّقّور، وأبا نصر الزّينبيّ، وغيرهما.
وكان مولده في صفر سنة ستّين. وتوفّي في أوائل صفر. كتبتُ عنه يسيرًا.
61- أحمد بن علي بن غزلون [1] .
أبو جعفر الأموي، الأندلسيّ.
قال ابن بَشْكُوال: هو معدود في كبار أصحاب أبي الوليد الباجي، من أهل الحِفْظ، والمعرفة، والذّكاء.
تُوُفّي بالعُدْوة في نحو العشرين وخمسمائة، وقيل سنة 24، وقيل سنة 32 وخمسمائة، وقد مرّ.
62- أحمد بْن عُمَر بْن مُحَمَّدِ بْن عَبْد اللَّه بْنِ محمد [2] .
الحافظ، أبو نصر الغازي. من كبار محدّثي أصبهان.
وُلِد في حدود سنة 448.
قال ابن السّمعانيّ [3] : ثقة، ديَّن، حافظ. واسع الرواية، كتب الكثير، وحصّل الكُتُب. وما رأيت أكثر رحلة منه في شيوخي.
سمع: أبا القاسم عبد الرحمن، وعبد الرحمن ابني أبي عبد الله بن مَنْدَهْ، وابن شكرُوَيْه، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وجماعة كثيرة بأصبهان، وأبا الحسين بن النَّقُّور، وعبد الباقي بن محمد العطار، وأبا القاسم بن البسريّ،
__________
[1] تقدّمت ترجمته في الطبقة السابقة في وفيات سنة 524 هـ. وهو في: الصلة لابن بشكوال 1/ 77 رقم 169.
[2] انظر عن (حمد بن عمر الغازي) في: التحبير 1/ 261، والأنساب 9/ 115، والمنتظم 10/ 73، 74 رقم 87 (17/ 329 رقم 4032) ، والتقييد 149، 150 رقم 173، والإعلام بوفيات الأعلام 218، والمعين في طبقات المحدّثين 156 رقم 1690، وسير أعلام النبلاء 20/ 8، 9 رقم 4، وتذكرة الحفاظ 4/ 1276، 1277، والعبر 3/ 86، 87، والوافي بالوفيات 7/ 262، ومرآة الجنان 3/ 259، وفيه: «محمد بن عمر» ، وعيون التواريخ 12/ 339، وطبقات الحافظ 450، وشذرات الذهب 4/ 98، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 56 رقم 1039.
[3] في التحبير 1/ 261.(36/265)
وجماعة ببغداد، والفضل بن المُحِبّ، وأبا بكر بن خَلَف الشّيرازيّ، وطائفة بنَيْسابور، وشيخ الإسلام أبا إسماعيل، وأبا عامر محمود بن القاسم، وجماعة بهَرَاة، ومحمد بن عبد الملك المظفّريّ بسَرْخَس، وأبا عليّ التُّسْتَريّ بالبصرة.
روى عنه: ابن عساكر، وابن السّمعانيّ، والسِّلفيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، والمؤيَّد ابن الأخوة، ومحمود بن أحمد المصريّ، وآخرون.
قال السِّلفيّ: كان من أهل المعرفة والحِفْظ، سمعنا بقراءته كثيرًا، وأملى عليَّ شيئًا.
وقال ابن السّمعانيّ: سمعت عليه الكثير، ونقلت من تاريخه. وكان جماعة من أصحابنا يفضلونه على إسماعيل بن محمد بن الفضل التَّيْميّ الطّلْحيّ في الإتقان والمعرفة، ولم يبلغ هذا الحدّ، لكنّه كان أعلى [1] سَنَدًا من إسماعيل ... وما كان يفرّق بين السّماع والإجازة.
قلت: اين ... [2] السّماع والإجازة عنده في الاحتجاج ... [3] وهناك سواء [4] ، إلّا أنّه لَا يعرف السّماع من الإجازة، فإنّ من له أدنى معرفة يدري أنّ السّماع شيءٌ والإجازة شيء.
قال السّمعانيّ: تُوُفّي في ثالث رمضان ودُفِن في بغداد. وحضرتُ دفنْه.
زاد غيره: صلّى عليه إسماعيل الحافظ.
63- أحمد بن الفضل بن أحمد بن سَمْكُوَيْه [5] .
أبو العبّاس الأصبهانيّ، السّمكويّ [6] ، المهّاد، الخيّاط.
شيخ مُعَمَّر عامّيّ.
__________
[1] في الأصل: «أعلا» .
[2] في الأصل بياض.
[3] في الأصل بياض.
[4] في الأصل: «سؤالا» . والعبارة في (تذكرة الحفاظ 4/ 1277) : «وكان لا يفرّق بشيء بين السماع والإجازة- يعني أنهما عنده في الاحتجاج سواء لا أنه يجعلها هي ذات السماع» .
[5] انظر عن (أحمد بن الفضل) في: معجم شيوخ ابن السمعاني، ومشيخة ابن عساكر.
[6] لم أجد هذه النسبة.(36/266)
روى الكثير عن جدّه لأمّه أبي بكر محمد بن إبراهيم الحافظ، العطّار، وعبد الرّزّاق بن ... [1] الباطِرْقانيّ.
أخذ عنه: السّمعانيّ، وابن عساكر.
مات بأصبهان.
64- أحمد بن الفضل بْن أَحْمَد بْن عَبْد الله [2] .
أَبُو الْعَبَّاس القصْريّ [3] ، الأصبهانيّ، المميّز، أحد الطّلبة.
سمع [الحديث] الكثير وعُني به، وبالَغ، وقرأ على الشّيوخ. وعُمّر دهرا.
سمع: عائشة الوَرْكانيَّة، وعبد الوهّاب بن مَنْدَهْ.
وعنه: السّمعانيّ، وقال: بقي إلى هذه السَّنة، وقد جاوز الثّمانين.
65- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مَخْلَد بن عبد الرحمن بن أحمد ابن الحافظ الكبير بَقِيّ بن مَخْلَد بن يزيد [4] .
أبو القاسم الأندلسيّ، القُرْطُبيّ.
سمع من: أبيه بعض ما عنده، ومن: محمد بن أحمد بن منظور الأشبيليّ.
وصحب أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن فَرَج الفقيه. وانتفع بصُحْبته. وأجاز له أبو العبّاس العُذْريّ.
وبرع في الفقه وأفتى، وشُووِر في الأحكام. وهو من بيت عِلم وصيانة.
وكان بصيرًا بالأحكام، دَرِبًا بالفتوى، رأسًا في معرفة الشّروط وعِلَلها.
أخذ النّاس عنه.
روى عَنْهُ: أَبُو القاسم بْن بَشْكُوال [5] وَأَبُو بَكْر بْن خير، وأبو القاسم بن الشّرّاط، وآخرون.
__________
[1] في الأصل بياض.
[2] انظر عن (أحمد بن الفضل) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
[3] القصري: بفتح القاف وسكون الصاد المهملة وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى القصر، وهو في ستّة مواضع. ذكرها ابن السمعانيّ في (الأنساب 10/ 171- 175) .
[4] انظر عن (أحمد بن محمد الأندلسي) في: الغنية للقاضي عياض 97- 99 رقم 30، والصلة لابن بشكوال 1/ 79 رقم 174، وبغية الملتمس للضبيّ 166، رقم 359، والعبر 4/ 87، ومرآة الجنان 3/ 259، وأزهار الرياض 3/ 157، وشذرات الذهب 4/ 98.
[5] وقال: اختلفت إليه وأخذت عنه بعض ما عنده، وأجاز لي بخطّه غير مرة.(36/267)
قال ابن بَشْكُوال [1] : سألت عن مولده، فقال: فِي شَعْبان سنة ستٍّ وأربعين وأربعمائة.
قال: وتُوُفّي في يوم الخميس سلْخ ذي الحجَّة، وصلى عليه ابنه أبو الحَسَن [2] .
66- أحمد بن محمد بن أحمد [3] .
أبو بكر بن أبي الفتح الدِّينَوَرِيّ، ثمّ البغداديّ، الفقيه الحنبليّ.
سمع من: رزق الله التّميميّ، وجماعة.
وتفقّه على: أبي الخطّاب.
وبرع في المناظرة.
وكان الإمام أسعد المِيهنيّ يقول: ما اعترض أبو بكر الدِّينَوَرِيّ على دليل أحد إلّا ثَلَمَه [4] .
قال ابن الجوزيّ [5] : قال لي شيخنا أبو بكر الدِّينَوَرِيّ: كنت أتفقّه على الإمام أبي الخطّاب [6] ، وكنت في بدايتي أجلس في آخر الحلقة والنّاس فيها على مَرَاتبهم، فجرى بيني وبين رجلٍ كان يجلس قريبًا من الشَيخ كلام. فلمّا كان في اليوم الآتي جلست على عادتي، فجاء ذلك الرجل، فجلس إلى جانبي، فقال له الشَيخ: لم [7] تركت مكانك؟ فقال: أترك مثل هذا فاجلس معه.
يزري عليّ. فو الله ما مضي إلّا قليلٌ حتّى تقدَّمت في الفقه، فصرت أجلس إلى
__________
[1] في الصلة 1/ 80.
[2] وقال القاضي عياض: من أجلّ بيوت العلم بقرطبة وأعرفهم في ذلك وبقيّة مشيختها، ولي الفتيا بقرطبة والحكم ثم تخلّى عنه، وطلب أخيرا للقضاء، فامتنع. (الغنية 97) .
[3] انظر عن (أحمد بن محمد الدينَوَريّ) في: المنتظم 10/ 73 رقم 85 (17/ 328، 329 رقم 4030) ، والكامل في التاريخ 11/ 66، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 190، 191 رقم 89، وعيون التواريخ 12/ 334، والبداية والنهاية 12/ 213، وشذرات الذهب 4/ 98، 99، وإيضاح المكنون 1/ 267، ومعجم المؤلفين 2/ 68.
[4] انظر: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 190.
[5] في المنتظم.
[6] في المنتظم- في طبعتيه- «الحطاب» ، وورد ثانية «الخطاب» .
[7] في المنتظم: «لما» .(36/268)
جانب الشَيخ، وبيني وبين ذلك الرجل رجال [1] .
تُوُفّي أبو بكر، رحمه الله، في جُمَادَى الأولى. وكان من أئمة المذهب، إلّا أنّه كان لَحّانًا لَا يعرف النَّحْو.
روى عنه: أبو طاهر إبراهيم بن محمد بن حَمديَّة العُكْبَرِيّ، وغيره [2] .
67- أحمد بن محمد بن عبد الملك بن عبد الغافر [3] .
أبو نصر الأسديّ، البغداديّ.
سمع: أبا الفَرَج المَخْبَزيّ [4] ، وأبا بكر الخطيب.
__________
[1] زاد ابن الجوزي:
تمنّيت أن تسمّى فقيها مناظرا ... بغير عناء فالجنون فنون
فليس اكتساب المال دون مشقّة ... تلقّيتها، فالعلم كيف يكون؟
سمعت عليه الدرس مدّة.
«أقول» : البيتان في (الكامل في التاريخ 11/ 66) وفيه: «تمنّيت أن تمسي» ، ومثله في (ذيل طبقات الحنابلة 1/ 190) .
[2] وقال ابن الجوزي: وكان يرقّ عند ذكر الصالحين، ويبكي ويقول: للعلماء عند الله قدر، فلعلّ الله أن يجعلني منهم.
وقيل إنه لم يشيّعه إلّا عدد يسير.
قال أبو البقاء بن طبرزد: كنت يوم موته عند القاضي أبي بكر بن عبد الباقي، فخبّر بذلك، فقال: لا إله إلّا الله، موت الأقران هدّ الأركان. وقال: إذا رأيت أخاك يحلق فبلّ أنت.
ومن غرائب أبي بكر الدينَوَريّ: أنه خرّج رواية عن أحمد: أنه من اشتبهت عليه القبلة لزمه أن يصلّي أربع صلوات إلى أربع جهات. وقد قيل: إنه قول مخالف للإجماع.
وحكى ابن تميم عنه: أنه ذكر وجها أنّ باطن اللحية الكثّة في الغسل كالوضوء.
قال ابن الجوزي في كتاب «تلبيس إبليس» : كنت أصلّي وراء شيخنا أبي بكر الدينَوَريّ في زمن الصّبا، فكنت- يعني- إذا دخلت معه في الصلاة وقد بقي في الركعة يسير أستفتح وأستعيذ، فيركع قبل أن أقرأ، فقال لي: يا بنيّ، إنّ الفقهاء قد اختلفوا في وجوب قراءة الفاتحة خلف الإمام، ولم يختلفوا في أنّ الاستفتاح سنّة، فاشتغل بالواجب ودع السّنّة. (ذيل طبقات الحنابلة 1/ 191) .
[3] انظر عن (أحمد بن محمد بن عبد الملك) في: الأنساب 1/ 231، 232.
[4] وقع في ترجمة الأسدي هذا: «المخبري» بالراء، وهو تصحيف. (الأنساب 1/ 232) والصحيح كما هو مثبت عن (الأنساب 11/ 177) : «المخبزي» : بفتح الميم، وسكون الخاء المنقوطة، وفتح الباء المنقوطة بواحدة، وبعدها زاي. هذه النسبة إلى المخبز.
قال ابن السمعاني: «دخلت عليه داره ببغداد، وكان مريضا ولم يكن أصل فأقرأ عليه منه، فاستجزت منه» .(36/269)
وحدَّث.
تُوُفّي في ربيع الآخر. ويُعرف بابن المطَّوِّعة.
روى عنه: ذاكر بن كامل، وعبيد الله بن محمد الشّاويّ القارئ.
68- أحمد بن محمد [1] .
أبو العباس الْجُذَاميّ، المُرْسِيّ، الزَنَقِيّ. وزَنَقا: بزاي، ونون، وقاف، قرية من عمل مَرْسِيَّة.
أخذ عن: أبي عليّ بن سُكَّرَة.
وأخذ عِلم الأُصول والكلام عن أبي بكر بن سابق الصَّقَلّيّ. وبرع في ذلك صنّف، وبَعُدَ صِيته.
روى عنه: أبو جعفر بن الباذش، وأبو عبد الله بن عبد الرحيم [2] .
مات بعد الثّلاثين تقريبًا.
69- إبراهيم بن أحمد بن الحسين بن أحمد بن حَمْدان [3] .
أبو تمام الصَّيْمَريّ [4] ، رئيس بَرُوجِرْد.
وُلِد سنة ستٍّ وأربعين وأربعمائة [5] ، وسمع بها.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد) في: بغية الملتمس للضبيّ 165، 166 رقم 356.
[2] قال الضبيّ: متقدّم في علم الكلام، له فيه مسائل، قرأ عليه بعضها أبو عبد الله بن عبد الرحيم، وأنشده من شعره، وأجاز جميع ما رواه عن مشيخته.
[3] انظر عن (إبراهيم بن أحمد) في: المنتظم 10/ 74 رقم 88 (17/ 329، 330 رقم 4034) ، والأنساب 8/ 319.
[4] الصّيمريّ: بفتح الصاد المهملة، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفتح الميم، وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى موضعين، أحدهما منسوب إلى نهر من أنهار البصرة يقال له «الصيمر» عليه عدّة قرى. والثاني: فبلدة بين ديار الجبل وخوزستان.
قال ابن السمعاني: سألت ابنه عن هذا النسب، فقال: صيمرة وكودشت قريتان بخوزستان، وأصلنا منها.
[5] في المنتظم بطبعتيه: ولد سنة أربعين وأربعمائة. والمثبت يتفق مع (الأنساب) .(36/270)
وحجّ، وسمع بمكَّة من أبي مَعْشَر الطّبَريّ.
وببغداد من: أبي إسحاق الشّيرازيّ.
تُوُفّي ببَرُوجِرْد: وقد كان سمع بها من الحافظ يوسف بن محمد.
روى عنه: أبو سعد بن السّمعانيّ [1] .
70- إسماعيل بن الحافظ أبي صالح المؤذن أحمد بن عبد الملك بن عليّ [2] .
النَيْسابوريّ، أبو سعد الفقيه، أحد الأئمة.
قال ابن السّمعانيّ [3] : كان ذا رأي، وعقل، وعِلْم. برع في الفقه. وكان له عزّ ووجاهة عند الملوك. تفقه على: أبي المعالي الْجُوَيْنيّ، وأبي المظفَّر السّمعانيّ.
وسمّعه أبوه أبو صالح المؤذن من طائفة كبيرة.
وكان مولده في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة أو سنة اثنتين [4] .
سمع أبو سعد: أباه، وأبا حامد أحمد بن الحَسَن الأزهريّ، وأبا بكر أحمد بن منصور المغربيّ، والحاكم أحمد بن عبد الرحيم الإسماعيليّ، وبكر بن محمد بن حَيْد التّاجر، وشجاع بن طاهر المؤدب، ونسيب بن أحمد
__________
[1] وقال: وأبو تمّام هذا كان كبير السنّ، جليل القدر، ولي الرئاسة ببلده بروجرد مدّة، ثم ضعف وعجز وأقعد في بيته ... قرأت عليه أجزاء ببروجرد.
[2] انظر عن (إسماعيل بن أحمد المؤذّن) في: التحبير 1/ 90- 82 رقم 12، والمنتظم 10/ 74 رقم 89 (17/ 330 رقم 4035، والمختار من ذيل تاريخ بغداد للسمعاني (مخطوط) ورقة 140، مشيخة ابن عساكر (مخطوط) 2/ 26، ومشيخة ابن الجوزي 109، 110، وطبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح 1/ 424، 425 رقم 144، والمنتخب من السياق 152 رقم 354، وتبيين كذب المفتري 325، 326، والتقييد لابن نقطة 209، 210 رقم 245، وطبقات الشافعية للنووي، ورقة 69، ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة 1/ 91، والإعلام بوفيات الأعلام 218، والمعين في طبقات المحدّثين 156 رقم 1691، وسير أعلام النبلاء 19/ 626- 628 رقم 369، وتذكرة الحفاظ 4/ 1277، والعبر 4/ 87، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 44، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 409، ومرآة الجنان 3/ 259، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 115 ب، 116 أ، وشذرات الذهب 4/ 99.
[3] في التحبير 1/ 81.
[4] بها أرّخه ابن السمعاني في (التحبير 1/ 82) ، وابن الجوزي في «المنتظم» .(36/271)
السَّبِيعيّ، وأبا العلاء صاعد بن منصور بن محمد بن محمد الأزْديّ الهَرَويّ، وأبا القاسم عبد الكريم القشيريّ، وعمر بن سعيد بن محمد البَحيريّ، والفقيه أبا الحَسَن عليّ بن يوسف الْجُوَينيّ، وأبا سهل محمد بن أحمد الحفْصيّ، وأبا بكر محمد بن الحسين الخبازيّ المقرئ، والمُسَيِّب بن محمد الأرْغِيانيّ [1] ، ويعقوب بن أحمد الصَّيْرفيّ، وغيرهم.
وأجاز له أبو سعد الكَنْجَرُوذيّ.
روى عنه: الحافظ محمد بن طاهر مع تقدُّمه في «معجم البلدان» .
وأنبأنا أحمد بن سلامة، عن محمد بن إسماعيل، أنّ محمد بن طاهر أجازهم، قال: سمعت أبا سعد إسماعيل بن أحمد النَّيْسابوريّ ببردشير دار مملكة كرْمان يقول: سمعتُ محمد بن أحمد الصِّيّرفيّ، سمعتُ أبا عَمْرو البَحِيريّ الحافظ، سمعتُ محمد بن موسى الفقيه، سمعت إبراهيم بن محمد المَرْوَزِيّ، سمعت محمد بن سعيد الرِّباطيّ، سمعت أحمد بن حنبل يقول:
طلبنا هذا العلم بالذُّلّ، فلا نُعْطي بالذُّلّ.
وروى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ، والقاضي أبو سعد عبد الله بن أبي عَصْرون، وعبد الخالق بن عبد الوهّاب الصّابوني الخفّاف، وأبو القاسم هبة الله بن الحَسَن السِّبْط، وأبو طاهر عليّ بن فاذشاه، وعبد الواحد بن أبي المُطَهَّر القاسم بن الفُضَيْل الصَّيْدلانيّ.
وقال أبو موسى المَدِينيّ: أنا أبو سعد إسماعيل بن أبي صالح أحمد النَيْسابوريّ الواعظ، الكِرْمانيّ المنزِل. قدِم علينا مِرارًا رسولًا إلى السّلطان من كِرْمان.
وتُوُفّي في آخر شوّال.
وقال ابن الجوزيّ [2] : توفّي ليلة الفطر.
__________
[1] الأرغياني: بفتح الألف وسكون الراء وكسر الغين المعجمة وفتح الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى أرغيان وهي اسم لناحية من نواحي نيسابور.
(الأنساب 1/ 185، 186) .
[2] في المنتظم.(36/272)
زاد غيره: بكِرْمان.
وقال أبو سعد السّمعانيّ [1] : كان ذا رأيٍ، وعقل، وتدبير، وفضل وافر، وعِلْم غزير. ظهر له العِزّ، والجاه، والثروة. وبقي بكِرْمان [2] .
وقال ابن عساكر في «تبيين كذب المفتري» [3] : كان إمامًا في الأصول والفقْه، حسن الطّريقة، مقدَّمًا في الذِّكْر. وكان وجيهًا عند السّلطان بكِرْمان، مُعَظَّمًا في أهلها، محترمًا بين العلماء في سائر البلاد. قرأ «الإرشاد» على إمام الحَرَمَيْن [4]
- حرف الباء-
71- بختيار بن محمد بن الحسين بن محمد الأصبهانيّ الخلّال [5] .
ابن عمّ الحسين بن عبد الملك الخلّال.
أجاز له عبد الرّزّاق بن شمة.
سمع منه: أبو سعد السّمعانيّ سنة إحدى وثلاثين، ومات بعد ذلك. وكان مُعَمَّرًا [6] .
72- بدر بن ثابت بن رَوْح [7] .
أبو الرجاء [8] الأصبهانيّ، الرّارانيّ [9] ، الصُّوفيّ، الرجل الصّالح. والد المعمّر أبي سعيد خليل الرّارانيّ.
__________
[1] تقدّم قوله في أول الترجمة.
[2] وزاد ابن السمعانيّ: لم ألقه، وكتب إليّ الإجازة، وخرّج له أخوه صالح مائة حديث، عن مائة شيخ، وحدّث بها وبغيرها.
[3] ص 325.
[4] وقال ابن الجوزي: خرّج له أبوه صالح بن صالح مائة حديث عن مائة شيخ، وكتب لي إجازة بجميع مسموعاته.
[5] انظر عن (بختيار بن محمد) في: التحبير 1/ 131، 132 رقم 57، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 54 أ.
[6] وكانت ولادته سنة نيّف وخمسين وأربعمائة.
[7] انظر عن (بدر بن ثابت) في: التحبير 1/ 132، 133 رقم 58، والأنساب 6/ 39، والمختار من ذيل تاريخ بغداد لابن السمعاني، ورقة 154، ومعجم البلدان.
[8] في الأصل: «أبو الردا» .
[9] الراراني: براءين مهملتين. قرية من قرى أصبهان. (الأنساب 6/ 38) .(36/273)
سمع: إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطّيّان، وأبا الخير بن رَرا، وجماعة.
سمع منه: أبو سعد السّمعانيّ [1] ، وابن عساكر.
مات في رمضان عن نحو سبعين سنة [2] .
73- بدر بن عبد الله [3] .
أبو النَّجْم الشّيحيّ [4] ، الأرمنيّ، مولى المحدّث عبد المحسن الشّيحيّ.
سمع الكثير من مولاه، وطال عُمره.
وحدَّث عن: أبي بكر الخطيب، وأبي جعفر ابن المسلمة، وعبد الصَمد بْن المأمون، والصَّرِيفينيّ، وجماعة.
وما كان يعرف شيئًا.
روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو سعد السّمعانيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وجماعة.
قال أبو سعد: سمعتُ بعض الطَّلَبَة يقول، والعهْدة عليه: طلبت من بدر الشّيحيّ إجازة لبعض النّاس، فقال: كم تستجيزون؟ ما بقي عندي إجازة أُجيزها لكم.
روى عنه: أبو الفرج بن الجوزيّ وقال [5] : كان سماعه صحيحًا.
وتُوُفّي في رابع وعشرين رمضان من ثمانين سنة، ودُفِن عند مولاه.
قلت: آخر من حدَّث عنه أبو الفرج محمد بن هبة الله الوكيل.
__________
[1] وهو قال: شيخ صالح، سديد السيرة، نظيف الظاهر، جميل الأمر، من بيت الحديث والتصوّف ...
كتبت عنه بأصبهان.
[2] وكانت ولادته سنة نيّف وستين وأربعمائة.
[3] انظر عن (بدر بن عبد الله) في: الأنساب 7/ 442، 443، والمنتظم 10/ 74 رقم 90 (17/ 330 رقم 4036) ، واللباب 2/ 221 وفيه تحرّف اسمه إلى «برد» ، والإعلام بوفيات الأعلام 218، وسير أعلام النبلاء 20/ 48 رقم 23، والنجوم الزاهرة 5/ 262.
[4] في المنتظم: «الشيخي» بالخاء والمثبت هو الصحيح كما في (الأنساب) و (اللباب) : الشيحي:
بكسر الشين المعجمة، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، وفي آخرها حاء مهملة مكسورة. هذه النسبة إلى شيحة، وهي قرية من قرى حلب.
[5] في المنتظم.(36/274)
74- بُزْوَاش [1] .
مقدَّم عساكر دمشق، سار بالجيش فحارب الفرنج ونُصِر عليهم، وجاء الْجُنْد بالسَّبيّ [2] ، وكان شجاعًا، فاتكًا، مفسدًا، فيه شرّ وجهل.
استوحش من صاحب دمشق شهاب الدّين محمود بن بُوريّ، فأقام بظاهر البلد. ثمّ راسله وخدعه، فدخل إليه فتركه أيامًا، وقتله على يد الشّمسيَّة، وأُخرِج ملفوفًا في كِساء، ودُفن بقبّته الّتي بالعُقَيْبَة، تُعرف بقُبَّة بُزْوَاش. ووُلّي أتابكيَّة العسكر بعده مُعِين الدّولة أُنُزْ.
75- بُقُش [3] السّلاحيّ [4] .
من كبار أمراء الدّولة.
قال ابن الجوزيّ: قبض عليه السّلطان، وحُبِس بتِكْريت. ثمّ أمر بقتله
__________
[1] انظر عن (بزواش) في: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 258 و 262 وفيه: «شجاع الدولة بن بزواج» ، والكامل في التاريخ 11/ 50 وفيه «بزواش» ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 164، وتاريخ ابن الفرات 8/ 79 وفيه: «بزواج» ، وصبح الأعشى للقلقشندي 6/ 449، والدرّة المضيّة 518، والمختار من تاريخ ابن الجزري 330 وفيه: «براوج» ، وتاريخ سلاطين المماليك 248 وفيه «بزواج» .
[2] كان مسير «بزواش» أو «بزواج» بجيش دمشق لمحاربة الفرنج في سنة 531 هـ. وقد هاجم إفرنج طرابلس وقتل في الهجوم الكونت «بونز» أمير طرابلس الصليبي. ولم يشر «ابن القلانسي» إلى مصرع «بونز» مع أنه ذكر خبر الهجوم مرتين، فقال في المرة الأولى:
«وفي رجب من السنة نهض الأمير بزواج في فريق وافر من العسكر الدمشقيّ من التركمان إلى ناحية طرابلس، فظهر إليه قومصها في عسكره والتقيا، فكسره بزواج، وقتل منهم جماعة وافرة» . (ذيل تاريخ دمشق 258) .
وقال في المرة الثانية: «في رجب من السنة نهض الأمير بزواج في العسكر ومن حشده وجمعه من التركمان إلى ناحية طرابلس في الرابع منه، فظهر إليه صاحبها في خيله من الإفرنج، فكمن لهم في عدّة مواضع، فلما حصلوا بالموضع المعروف بالكورة ظهرت عليهم الكمناء فهزموهم ووقع السيف في أكثرهم، ولم يفلت منهم إلّا اليسير، وهجم على الحصن الّذي هناك فنهبه وقتل من فيه من المقدّمين والأتباع، وأسر من بذل في نفسه المال الكثير، وحصل له ولعسكره القيمة الكثيرة» . (262) وانظر حول مصرع «بونز» في كتابنا: تاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ (طبعة ثانية) ج 1/ 496- 498.
[3] في الأصل: «تتش» .
[4] انظر عن (البقش السلاحي) في: المنتظم 10/ 74 رقم 91 (17/ 330 رقم 4037) .(36/275)
بعد قليل، فغرّق نفسه، فأُخرج من الماء وقُطِع رأسه وَحُمِلَ إلى السّلطان.
- حرف الحاء-
76- الحَسَن بن أحمد بن محمد [1] .
الواعظ أبو علي الأنصاريّ، الصُّوفيّ، الملقب بالبركان [2] .
سمع: رزق الله التّميميّ، والنّعاليّ.
وعنه: السّمعانيّ، وابن سُكَيْنَة، وجماعة.
مات في شوّال [3] .
77- الحَسَن بن عليّ بن الحَسَن بن عُبَيْد الله [4] .
أبو محمد العلّويّيّ [5] ، الحُسينيّ، البلْخيّ، الرئيس.
أحد الكبار المذكورين بالسّخاء والْجُود، ومحبَّة العلماء.
كانت داره مجمع الفُضَلاء.
سمع: أبا عليّ الوحشيّ، وغيره.
وحدَّث «بُسنَن أبي داود» .
روى عنه: محمد بن عليّ بن ياسر الحنّائيّ.
__________
[1] انظر عن (الحسن بن أحمد) في: البداية والنهاية 12/ 213، وعيون التواريخ 12/ 335.
[2] في الأصل: «الملقب أبا البرّ» ، وما أثبتناه عن (عيون التواريخ) حيث جوّد ضبطه: «بضم الباء الموحّدة وسكون الراء وبعدها كاف وبعد الألف نون» .
[3] ومن شعره:
سأصبر جهدي ما استطعت ولا أبدي ... فما قصدهم قصدي ولا وجدهم وجدي
وأكتم حبّا قد تقادم عهده ... لعلّي أنال القرب من دونهم وحدي
وقال:
إنّ النجوم لترثي لي وترحمني ... فيما أبيت أقاسيه من السهر
أبيت في وصله من هجره وجلا ... أذري الدموع على خدّي كالمطر
(عيون التواريخ)
[4] لم أجده، بل وجدت «علي بن الحسن العلويي» ويحتمل أنه أباه. انظر: المنتخب من السياق 390 رقم 1319، والأنساب 9/ 42، 43.
[5] في الأصل: «العلويّ» ، ومثله في (المنتخب) ، والتصويب من (الأنساب) وفيه: «العلّويي:
بفتح العين المهملة، وضم اللام المشدّدة، وسكون الواو، وفي آخرها ياء تحتها نقطتان. هذه النسبة إلى «علّويه» ، وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه، والمشهور بهذه النسبة جماعة من أهل نيسابور وأبيورد.(36/276)
78- الحسين بن تكمش بن بزدمر [1] .
أبو الفوارس التُّرْكيّ، ثمّ البغداديّ.
سمع: مالكًا البانْياسيّ، ورِزق الله التّميميّ [2] .
وتصوّف، وصحب أبا بكر الطُّرَيْثيثيّ. وكان حسن السّيرة، له شِعْر وكلام في المعرفة [3] .
تُوُفّي في شعبان.
79- الحسين بْن طلْحة بْن الْحُسَيْن بْن أَبِي ذَرّ محمد بن إبراهيم الصّالحانيّ [4] .
أبو عبد الله [5] . أصبهانيّ، جَلِد [6] ، مسند.
__________
[1] انظر عن (الحسين بن تكمش) في: مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 166 وفيه: «يكمش بن أزدمر» ، وعيون التواريخ 12/ 336، 337 وفيه: «يلمس بن يزدمر» .
[2] قال ابن شاكر الكتبي: خرّج له أبو بكر بن كامل فوائد في جزء، وكان يقول الشعر وينشئ الرسائل، ويتكلّم على لسان الصوفية. انقطع إلى الله تعالى سنين.
[3] ومن شعره قوله:
يا من أجنّ لها الفؤاد ... هوى شبيها بالجنون
منّي بتصديق المنى ... من قبل طارقة المنون
وارثي لمن رقّ الرقاد عليه ... من أرق الجفون
ومنه:
صادفته قبل الزوال ... كالبدر في غبش الليالي
نشوان قد غرس النعيم ... بخدّه ورد الدلال
فحظيت منه بنظرة ... أحيت أماني البوال
وسألته ما يسأل المسكين ... أو أجدى سؤالي
ومنه:
يقولون: لم يبكي المحبّ إذا التقى ... بمحبوبه أضعاف يوم التفرّق؟
فقلت: لما لاقاه من ألم النّوى ... فيحذر أن يلقى الّذي كان قد لقي
وذكره ابن السمعاني في (الذيل) وذكر مقطّعات من شعره، منها قوله:
أتمنّى بأن أكون مريضا ... لعلّها تعود في العوّاد
فتراها عيني فيذهب عنّي ... ما أقاسيه من جوى في فؤادي
[4] انظر عن (الحسين بن طلحة) في: التحبير 1/ 232 رقم 137، والأنساب، ومعجم البلدان 3/ 362، 363.
[5] هكذا هنا والأنساب. أما في التحبير: «أبو منصور» .
[6] في الأصل: «جليد» .(36/277)
كان يؤدب.
حدَّث عن: أبي القاسم إبراهيم سبط بحرويه.
روى عنه: ابن السّمعانيّ [1] ، وابن عساكر، وأبو موسى، وآخرون.
وتوفّي في شوّال، أو في ذي القعدة، قاله أبو موسى.
وقال عبد الرحيم الحاجّيّ: تُوُفّي في أواخر رجب. وكنّاه: أبا منصور.
وقال ابن السّمعانيّ [2] : مولده في سنة 449.
80- الحسين بن عبد الملك بن الحسين بن محمد بن عليّ [3] .
الشَيخ أبو عبد الله الأصبهانيّ، الخلّال، الأديب، النَّحويّ، البارع، المحدّث، الأثريّ.
سمع: أبا الفضل عبد الرحمن بن الحسين الرازيّ، وأحمد بن محمود الثقفيّ، وأبا طاهر عمر الحُرفيّ، وإبراهيم بن منصور السُّلَميّ السّبط، وعبد الرّزّاق بن شمة، وأبا الفضل أحمد الباطِرْقانيّ، وسعيد بن أبي سعيد العيّار، وعبيد الله وعبد الرحمن وعبد الوهّاب أولاد ابن مَنْدَهْ، وطائفة.
وقدِم بغداد وسمع بها من: أَبِي القاسم بْن بيان، وابن نبهان، وحدَّث بها بالبخاريّ، عن العيّار.
وكان أحد من عُني بهذا الشّأن.
وُلِد في صفر سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة.
روى عنه: أبو سعد السمعاني، وأبو القاسم الدّمشقيّ [4] ، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو المجد زاهر بن أحمد الثّقفيّ، وأبو نَجِيح فضل الله بن عثمان،
__________
[1] وهو قال: شيخ صالح، حسن السيرة، من بيت الحديث، سمع الحديث الكثير.. كتبت عنه بأصبهان. (التحبير) .
[2] في التحبير 1/ 232.
[3] انظر عن (الحسين بن عبد الملك) في: التحبير 1/ 131، والتقييد لابن نقطة 246، 247 رقم 297، وتاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) 1/ 75، ودول الإسلام 2/ 53، والإعلام بوفيات الأعلام 218، والمعين في طبقات المحدّثين 156 رقم 1692، وسير أعلام النبلاء 19/ 620، 621 رقم 364، وتذكرة الحفاظ 4/ 1277 (مذكور دون ترجمة) ، والوافي بالوفيات 12/ 420، وبغية الوعاة 1/ 536.
[4] في مشيخته 52 أ.(36/278)
والمؤيَّد ابن الأخْوة، ومحمود بن أحمد المُضَريّ، وتقيَّة بنت أَمُوسان [1] ، ومحمد بن أبي نَجُيح النُّعْمانيّ، ومحمد بن مَعْمَر بن الفاخر، وخلق سواهم.
قال ابن السّمعانيّ: رأيته بعد أنّ أضرّ وكبر، وكان حسن المعاشرة والمحاورة، بسّامًا، كثير المحفوظ. قرأ عليه ابن ناصر «صحيح البخاريّ» .
وكان عزيز النَّفْس، قانعًا، لَا يقبل من أحدٍ شيئًا، مع احتياجه.
خرّج له محمد بن أبي نصر اللَّفْتُوانيّ مُعْجَمًا في أكثر من عشرة أجزاء.
قلت: سمع منه «البخاريّ» : عبد الرحمن بن جامع، وعبد الخالق بن عبد الوهّاب الصّابونيّ.
وسمع منه «مُسْنَد أبي يَعْلَى» بروايته عن سِبْط بحرُوَيْه: أبو القاسم بن عساكر، والمؤيَّد هشام ابن الأخوة، وزاهر الثقفيّ.
وحدَّث بمُسْنَد الرُّويَانيّ، عن أبي الفضل الرّازيّ.
وكان ثقة صدوقًا، إمامًا في العربية، كثير المحاسن.
تُوُفّي، رحمه الله، في حادي عشر جُمَادَى الأولى، وكان يلقَّب بالأَثَريّ.
81- الحسين بن علي بن الحسين [2] بن أحمد بن أشليها [3] .
أبو عليّ الدمشقي.
سمع: أَبَا القَاسِم بْن أبي العلاء، ونصر المقدسيّ، وغيرهما.
روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وعبد الخالق بن أسد، وغيرهما.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى، وله اثنتان وثمانون سنة [4] .
82- حَيْدَرَةُ بن بدر [5] .
أبو يَعْلَى العبّاسيّ، الهاشميّ، ثمّ الرّشيديّ، الواسطيّ، المعدّل.
__________
[1] في الأصل: «أبوسان» .
[2] انظر عن (الحسين بن علي) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 114 رقم 125، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 314.
[3] في الأصل: «شيلها» والتصحيح من مصادره.
[4] وقال ابن عساكر: كفّ بصره، وكتبت عنه شيئا يسيرا ... وكانت ولادته سنة خمسين وأربعمائة.
[5] انظر عن (حيدرة بن بدر) في: المختصر المحتاج إليه للدبيثي.(36/279)
سمع «شهاب القضاعيّ» من الحُمَيْديّ.
رواه عنه أبو الفتح المنْدائيّ.
مات في جُمَادَى الأولى، قاله الدَّبِيثيّ.
- حرف الخاء-
83- خَالِد [1] بْن عُمَر بْن مُحَمَّدِ بْن عَبْد اللَّه.
أبو الفتح الأصبهانيّ، أخو الحافظ أبي نصر الغازيّ [2] .
روى عن: أبي عَمْرو بن مَنْدَهْ.
وعنه: أبو موسى المَدِينيّ، وغير واحد.
تُوُفّي في صفر [3] .
84- خَلَف بن يوسف بن فرتون [4] .
أبو القاسم بن الأبرش، الأندلسيّ، الشّنترينيّ، النّحويّ.
روى عن: عاصم بن أيّوب، وأبي الحسين بن السّرّاج، وأبي عليّ الغسّانيّ.
وكان رأسا في العربيّة واللُّغات، مع الفضْل، والدّين، والخير، والانقباض.
وكان كثير التَّجَوّل في الأندلس.
ومن محفوظاته كتاب «سيبويه» [5] .
__________
[1] في الأصل: «حيدرة» ، والتصويب من: الأنساب 9/ 116.
[2] تقدّمت ترجمته برقم (62) .
[3] قال ابن السمعاني: سمعت منه بأصبهان.
[4] انظر عن (خلف بن يوسف) في: الغنية للقاضي عياض 149، 150 رقم 54، والصلة لابن بشكوال 1/ 177 رقم 403، وبغية الملتمس للضبيّ، رقم 722، ونفح الطيب 3/ 457 و 4/ 111، 319 و 5/ 266، وبغية الوعاة 1/ 557.
[5] وقال القاضي عياض: كان من أئمّة النّحاة والأدباء الثقات الأخيار المتّفق على خيرهم وفضلهم، أخذ ببلده عن عاصم بن أيوب، وابن عليم، وغيرهما، وأقرأ الناس النحو والأدب بالأندلس والمغرب، ثم جدّد السماع لكتب الآداب والحديث.. وقيّد الكتب وأخذ الناس عنه كثيرا. وانتقل إلى العدوة فسكن سبتة مدّة، وأنزلته بها يجامعها للإقراء ورمته على تقلّد الصلاة والخطبة فلم يجب. وقرأ عليه عدّة من المشايخ والكهول والشباب كتب النحو واللغة والغريب(36/280)
وهو القائل:
لو لم يكن لي آباء أَسُودُ بهم ... ولم يُثبت رجالُ العُرْب لي شَرَفا
ولم أنَلْ عند ملكِ العصرِ منزلةٍ ... لكان في سِيبوَيْه الْفَخْرُ لي وكفا
تُوُفّي بقُرْطُبة في ذي القعدة، ولم يقرأ عليه كثيرُ أحدٍ لأخلاقه [1] .
- حرف السين-
85- سَعْدَةُ بنتُ السّلطان بَرْكيَارُوق.
زوجة السّلطان مسعود.
تُوُفّيت بهَمَذَان.
86- سعيد بن أبي الرجاء محمد بن أبي منصور بكر بن أبي الفتح بن بكر بن الحَجَّاج [2] .
أبو الفَرَج الهَمَذانيّ، الصَّيْرفيّ، الخلّال، السِّمْسار في الدُّور.
وُلِد سنة أربعين تقريبا، وسمع سنة ستّ وأربعين وأربعمائة من أحمد بن محمد بن النُّعْمان القضّاض «مُسْنَد العَدَنيّ» ، بروايته عن ابن المقرئ.
وسمع «مُسْنَد أحمد بن مَنِيع» ، من الشَيخ عبد الواحد بن أحمد المعلّم.
وحدَّث بالكتابين، وبمُسْنَد أبي يَعْلَى، رواه مُلَفَّقًا عن إبراهيم سِبْط
__________
[ () ] والآداب وبعض كتب الحديث، وانتقل إلى فاس فأقام بها مدّة، وأخذ عنه بها. ثم رحل إلى الأندلس- وقيل: كان يسكن الجزيرة مدّة وطنجة مدّة، وكان لا يليق به قطر ينتقل من بلد إلى آخر بجملته وعياله مدّة بالأندلس، ومدّة بالعدوة، وتارة بقرطبة، وكرّة بغرناطة. وحمل عنه كثير من الجلّة. جالسته كثيرا وذاكرته، وأخذت عنه فوائد جمّة. (الغنية) .
[1] وكان ينشد لأبي وهب الزاهد القرطبي:
أنا في حالة كما قد تراها ... إن تأملت أسعد الناس حالا
ليس لي كسوة أخاف عليها ... من مغير ولا ترى لي مالا
أضع السّاعد اليمين وسادي ... ومتى ما أشا وضعت الشمالا
قد تنعّمت حقبة بأمور ... فتدبّرتها فكانت خيالا
(الغنية 150) .
[2] انظر عن (سعيد بن أبي الرجاء) في: دول الإسلام 2/ 53، والإعلام بوفيات الأعلام 218، وسير أعلام النبلاء 19/ 622، 623 رقم 366، والمعين في طبقات المحدّثين 157 رقم 1693، وتذكرة الحفاظ 4/ 1277 (دون ترجمة) ، وشذرات الذهب 4/ 99.(36/281)
بحرُوَيْه، عن ابن النُّعْمان.
وحدَّث أيضًا عن: أحمد بن الفضل الباطِرْقانيّ، ومنصور بن الحسين، وعبد الله بن شبيب، وأبي نصر إبراهيم بن محمد الكِسائيّ، وأبي جعفر أحمد بن محمد بن هاموشة، وأبي مسلم محمد بن عليّ بن مِهْرَبُزْد، وسعيد بن أبي سعيد العيّار، وخلْق.
روى عنه: الحافظان ابن السّمعانيّ، وابن عساكر، وأبو موسى، وأبو الخير عبد الرحيم بن موسى، وعبد الواحد بن محمد التّاجر، ومحمد بن أبي القاسم بن الفضل، ومحمود بن أحمد الثّقفيّ الخطيب، ومحفوظ بن أحمد الثّقفيّ، وزاهر بن أحمد الثّقفيّ، وأبو مسلم ابن الأخوة، وعائشة بنت مَعْمَر، وعين الشّمس بنت أبي سعيد ابن سُلَيم، وزليخا بنت أبي حفص الغَضَائريّ، وآخرون.
وكان عبد الرحيم ابن الأخوة يقول: ثنا سعيد بن أبي الرجاء الدُّوريّ، لأنّه كان يبيع الدُّور.
وقد سئل أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل عنه فقال: كثير السّماع، لَا بأس به.
وقال أبو سعد السّمعانيّ: شيخ، صالح، مُكثِر، صحيح السّماع. سمّعه خاله الكثير، وعمّر. وكان حريصا على الرّواية.
سمعت منه الكثير، ولازَمْتهُ. قال لي: رويت ببغداد جزءًا واحدًا.
تُوُفّي في تاسع عشر صفر. وخاله هو محمد بن أحمد الخلّال.
- حرف الطاء-
87- طلحة بن أبي غالب بن عبد السّلام [1] .
أبو محمد البغداديّ، الرُّنانيّ [2] الفواكهيّ، سِبْط يوسف المهروانيّ [3] .
__________
[1] انظر عن (طلحة بن أبي غالب) في: ذيل التاريخ لابن السمعاني، وأخوه هو: أبو منصور عبد الرحمن بن أبي غالب. (الأنساب 11/ 537) ، ومشيخة ابن عساكر.
[2] سيأتي التعريف بهذه النسبة في الترجمة رقم (226) . وقد تحرفت في الأصول إلى: «الرباني» .
[3] هو أبو القاسم يوسف بن محمد بن أحمد بن محمد المهرواني الهمذاني. توفي سنة 468 هـ.(36/282)
قال ابن السّمعانيّ: كان فقيرًا، مستورًا، صحيح السّماع، مشتغلًا بالكسب يحرّر النّعال واللّوالك.
سمع من: القاضي أبي يَعْلَى بن الفرّاء مجلسين وجزءًا.
روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو اليُمْن الكِنْديّ، وآخرون.
قال ابن السّمعانيّ: لم يتّفق لي السّماع عنه.
تُوُفّي في ربيع الآخر أو بعده.
قلت: قلّ ما سمع هذا الشَيخ.
- حرف العين-
88- عبد الرحمن بن الحسين بن نصر بن عُبَيْد الله بن المُرْهَف [1] .
أبو القاسم النّهاونْديّ، الفقيه.
ولي القضاء مدَّة ببلده. وكان أبوه قد سكن بغداد، ووُلِد بها أبو القاسم، وسمع من شيوخها من: هَزَارْمُرْد الصَّرِيفينيّ، وأبي الحسين بن النَّقُّور، وطائفة.
وحدَّث ببلده.
قال أبو سعد السّمعانيّ: خرجت من بروجرد إلى نهاونْد قاصدًا لأكتب عن أبي القاسم، فلمّا وصلت إليها لقيت جنازةً وجماعةً تشيّعها، فسألت: جنازة من؟ فقيل لي: جنازة القاضي أبي القاسم بن المُرْهَف. فنزل بي من الحُزْن والتّحسُّر ما الله به عليم. وكان قد تُوُفّي بهَمَذَان، وحملوه إلى بلده نهاوند، ودُفِن بها في المحرَّم.
89- عَبْد الملك بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد الملك بْن أَحْمَد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بن شريعة [2] .
أبو مروان اللَّخْمي، الباجيّ، من علماء إشبيلية.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته. المرجّح أنه في (الذيل) لابن السمعاني.
[2] انظر عن (عبد الملك بن عبد العزيز) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 365، 366 رقم 778، وبغية الملتمس للضبيّ 381 رقم 1071.(36/283)
روى عن: أبيه، وعمه أبي عبد الله محمد، وأبي عمر محمد، وابن عمّه عبد الله بن عليّ.
قَالَ ابن بَشْكُوال: كَانَ من أهل الحِفْظ للمسائل، متقدّما في معرفتها، استُقْضِي بإشبيلية مرَّتين. وكان من أهل الصّرامة والنُّفوذ في أحكامه. وقد ناظَرَ النّاس، وتفقّهوا عليه. وحدَّث، وكُفّ بصَرَه.
وتُوُفّي في رجب، وله خمسٌ وثمانون [1] .
90- عبد الملك بن عبد الواحد بن الحسن [2] .
أبو الفضل بن زُرَيْق الشّيْبانيّ، البغداديّ القزّاز. عم الشَيخ أبي منصور عبد الرحمن.
شيخ صالح، سمع: أبا الحسين بن النَّقُّور.
قال ابن السّمعانيّ: حدَّثني عنه جماعة من أصحابنا.
91- عبد المنعم بْن أَبِي القَاسِم عَبْد الكريم بْن هَوَازن [3] .
أبو المُظَفَّر بن القُشَيْريّ النَّيْسابوريّ.
آخر من بقي من أولاد الشَيخ [4] .
وُلِد سنة خمسٍ وأربعين وأربعمائة، وسمع «مُسْنَد أبي يَعْلَى» من أبي سعد الكَنْجَرُوذيّ، وسمع «مُسْنَد أبي عَوَانَة» من أبيه.
__________
[1] وكان مولده سنة 446 هـ. وفي نسخة: سنة 447 هـ. وبها ورّخ مولده الضبيّ في (بغية الملتمس) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته. ولعلّه في (الذيل) لابن السمعاني.
[3] انظر عن (عبد المنعم بن عبد الكريم) في: الأنساب 10/ 156، والمنتظم 10/ 75 رقم 93 (17/ 330 رقم 4039) ، والتقييد 377 رقم 485، والمنتخب من السياق 365، 366 رقم 212، وطبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح 2/ 573 رقم 214، والعسجد المسبوك، ورقة 58 أ، والإعلام بوفيات الأعلام 218، والمعين في طبقات المحدّثين 157 رقم 1694، وسير أعلام النبلاء 19/ 623- 625 رقم 367، والعبر 4/ 88، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 163، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 192، 193، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 318، 319، والبداية والنهاية 12/ 213، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 118 ب، وعيون التواريخ 12/ 339، وشذرات الذهب 4/ 99.
[4] المنتظم.(36/284)
وسمع من: أبي عثمان سعيد بن محمد البَحِيريّ، وأبي بكر البَيْهقيّ، وأبي الوليد الدّربَنْديّ، وأبي بكر بن خَلَف المغربيّ، وجماعة بنَيْسابور.
وأبا الحسين بن النَّقُّور، وأبا القاسم يوسف النَهْروانيّ [1] ، وعبد العزيز بن عليّ الأنماطيّ، وعبد الباقي بن غالب العطّار ببغداد.
وأبا عليّ الشّافعيّ، وأبا القاسم الزَّنْجانيّ [2] بمكَّة.
وحدَّث بنَيْسابور، وبغداد.
روى عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وأبو الفتح محمد بن عليّ بن عبد السّلام، وأبو القاسم بن عساكر، وأبو سعد السّمعانيّ، وعبد الرّحيم بن الشَّعيريّ، وأخته أمّ المؤيَّد زينب، وجماعة.
وقد ذكره ابن السّمعانيّ فقال: شيخ، ظريف، مستور الحال، سليم الجانب، غير مداخل للأمور. نشأ في حجْر أخيه أبي نصر، وحجّ معه. ثمّ خرج ثانيًا إلى بغداد، وأقام بها مدَّة، وخرج إلى كِرْمان في أيّام الصّاحب مُكْرَم ابن العلاء، فأنعم عليه.
سمعت منه «مُسْنَد أبي عَوَانَة» وأحاديث السّرّاج في اثني عشر جزءا، والرّسالة لوالده. وكان حَسَن الإصغاء إلى ما يُقرأ عليه. كان ابن عساكر يفضّله في ذلك على الفُرَاويّ. وفد بغداد ثالثًا، وحدَّث بها.
تُوُفّي بين العيدين. وقد ذكره ابن أخته عبد الغافر في «تاريخه» . وقال في ترجمته: وقد خرّج له أبوه جزءًا جزءًا القوائد، سمعتُ منه.
وقال ابن النّجّار: قال السّمعانيّ: لزِم البيت، واشتغل بالعبادة وكتابة المصاحف رحمه الله [3] .
__________
[1] في الأصل: «النهرواني» ، والتصحيح من: التقييد، وغيره.
[2] الزّنجاني: بفتح الزاي وسكون النون وفتح الجيم وفي آخرها نون، هذه النسبة إلى زنجان وهي بلدة على حدّ أذربيجان من بلاد الجبل، منها يتفرّق القوافل إلى الريّ، وقزوين، وهمذان، وأصبهان.
[3] وقال ابن الجوزي: ولي منه إجازة. (المنتظم) .(36/285)
92- عبد الواحد بن حَمْد بن عبد الواحد [1] .
أبو ألوفا الأصبهانيّ، الشّرابيّ، الصّبّاغ، من شيخ أبي موسى المَدِينيّ.
تُوُفّي في ثامن جُمَادَى الأولى.
سمع: أبا طاهر بن محمود الثقفيّ، وأبا القاسم إبراهيم سِبْط بحرُوَيْه، وأبا عثمان العَيّار.
وكان محتاجًا، مُقِلًّا، يطلب على الرّواية. وكان ديِّنًا محلُّه الصِّدْق [2] . وُلِد سنة ستٍّ وأربعين [3] .
روى عنه أيضًا ابن السّمعانيّ.
93- علي بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن بكّار [4] .
أبو الحسين البغداديّ، المقرئ، الوِقاياتيّ [5] .
حدَّث عن: مالك البانْياسيّ.
وليس بثقة، كان يُلْحِق اسْمَه في الطِّباق.
94- عليّ بن الخَضِر السُّلَميّ، الدّمشقيّ [6] .
المعدَّل. زوج بنت القاضيّ، الزّكيّ، أبي الفضل.
__________
[1] انظر عن (عبد الواحد بن حمد) في: التحبير 1/ 494 رقم 472، ومعجم الشيوخ لابن السمعاني، ورقة 162 أ، والتاريخ المجدّد لمدينة السلام، ورقة 42 أ، ولسان الميزان 4/ 79 رقم 134 وفيه: «عبد الواحد بن حميد» .
وسيعاد مختصرا برقم (154) .
[2] وقال ابن السمعاني: شيخ صالح كبير مسنّ، من بيت الحديث، عمّر العمر الطويل، ولكنه كان عسرا في الرواية، يأخذ على التحديث شيئا لاحتياجه وقلّة ذات يده. وكان صحيح السماع ... كتبت عنه بأصبهان. (التحبير 1/ 494) .
[3] وقال ابن السمعاني: «ووفاته في شهور سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة بأصبهان» .
وفي نسخة خطية من (التحبير) : «قرأت بخط أبي الفضل أحمد بن محمد الأصبهاني قال:
توفي أبو الوفاء في العشر الأول من جمادى الأولى سنة 532 هـ» .
وذكره ابن النجار وقال: سيّئ السيرة. (لسان الميزان) .
[4] انظر عن (علي بن محمد بن عبيد الله) في: الأنساب 12/ 282، 283 وفيه: «علي بن أحمد» .
[5] الوقاياتي: «بكسر الواو وفتح القاف والياء المنقوطة باثنتين من تحتها بين الألفين وفي آخرها التاء المنقوطة باثنتين من فوقها. هذه النسبة إلى الوقاية وهي المقنعة، ويقال لمن يبيعها الوقاياتي.
[6] لم أجده.(36/286)
صحِب الفقيهَ نصرَ المقدسيّ، وحدَّث عنه باليسير.
95- عَليّ بْنُ عَبْد اللَّه بْنِ مُحَمَّد بْن سعيد بن مَوْهب [1] .
أبو الحَسَن الْجُذَاميّ [2] ، الأندلسيّ، المُرِيّيّ.
مُكثر عن: أبي العبّاس العُذْريّ.
وروى أيضًا عن: أبي إسحاق بن وَرْدُون القاضي، وأبي بكر ابن صاحب الأحباس القاضي.
وأجاز له أبو عمر بن عبد البر، وأبو الوليد الباجيّ.
قَالَ ابن بَشْكُوال [3] : كَانَ من أهل المعرفة، والعلم، والذّكاء، والفَهْم.
صنَّف في التّفسير كتابًا مفيدًا، وله معرفة في أصول الدّين وحجّ، وأخذ النّاس عنه. وكتب إلينا بالإجازة.
وُلد في عاشر رمضان سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، وتُوُفّي في السّادس عشر من جُمَادَى الأولى، وله إحدى وتسعون سنة.
كَتَبَ إِلَيَّ سَعْدُ الْخَيْرِ وَغَيْرُهُ أَنَّ أَبَا الْقَاسِمِ بْنَ ... [4] أَخْبَرَهُمْ: أنا عبد الله ابن محمد الأشيريّ [5] بحلب سنة تسع وخمسين وخمسمائة، أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ الْجُذَامِيُّ، أنا أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْحَافِظُ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عمر بن عليّ بن حرب: ثنا
__________
[1] انظر عن (علي بن عبد الله) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 426 رقم 916، وبغية الملتمس للضبي 423، رقم 1222، ومعجم الأدباء 14/ 5، والعبر 4/ 88، وسير أعلام النبلاء 20/ 48، 49 رقم 24، ومرآة الجنان 3/ 260، وطبقات المفسّرين للسيوطي 24، وطبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 409- 410، وطبقات المفسّرين للأدنه وي 39 ب، وشذرات الذهب 4/ 99، 100، وهدية العارفين 1/ 696، ومعجم المؤلفين 7/ 140، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 257 رقم 357.
[2] تحرّفت في (مرآة الجنان) إلى: «الخدامي» .
[3] في الصلة 2/ 426.
[4] في الأصل بياض.
[5] الأشيري: نسبة إلى أشير بليدة آخر إقليم إفريقية مما يلي الغرب، وهي قلعة لبني حمّاد ملوك إفريقية. (معجم البلدان 1/ 202، 203) .(36/287)
عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، نا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ سَمِعَ ذَرًّا يَقُولُ: أَتَيْتُ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قُلْتُ: ابْتِغَاءَ الْعِلْمِ. قال: إنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العالم رِضَى بِمَا يَطْلُبُ. كَذَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ حرب موقوفا.
96- عليّ بن عليّ بن عُبَيْد الله [1] .
أبو منصور البغداديّ، الأمين.
سمع «الْجَعُدِيّات» من الصَّرِيفينيّ. وسمع من: جعفر السّرّاج، وأبي الحَسَن العلّاف، وأبي عبد الله النّعالي.
روى عنه: ابنه عبد الوهّاب ابن سُكَيْنَة، وأبو سعد السّمعانيّ، وابن عساكر، وأبو موسى، وآخرون.
كان يسكن دار الخلافة، ثمّ انتقل إلى رباط صهره شيخ الشّيوخ.
قال ابن السّمعانيّ في «الذّيل» : شيخ كبير، متديِّن، ثقة خيّر، كثير الصّلاة، والصّدقة، والخيرات، مبادرًا إلى الطّاعات، صام صوم داود خمسين سنة. وكان مع هذه العبادة حسن المعاشرة، دمث الأخلاق، صحِب الكبار، وتخلْق أخلاقهم. ما رأيت في البغداديين مثله.
وُلِد في المحرّم سنة تسع وأربعين وأربعمائة [2] ، وتُوُفّي في خامس ذي القعدة، وجاءنا نعيه ونحن بالحِلَّة متوجهين إلى الحجّ.
وروى ابن الْجَوزيّ وقال [3] : كان تحت يده أموال اليَتَامَى [4] .
97- عليّ بن القاسم بن مُظَفَّر بن عليّ [5] .
أبو الحَسَن بن الشّهْرُزُوريّ [6] المَوْصليّ الشافعيّ القاضي.
__________
[1] انظر عن (علي بن علي) في: المنتظم 10/ 75 رقم 95 (17/ 331 رقم 4041) ، والإعلام بوفيات الأعلام 218، وسير أعلام النبلاء 20/ 49، 50 رقم 25، والعبر 4/ 88، 89، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 166، 167، وشذرات الذهب 4/ 100.
[2] المنتظم.
[3] في المنتظم.
[4] وزاد: «وكان يلقّب أمين الأمناء ... وحدّث، وكان سماعه صحيحا، وسمعت منه، وسمعته يقول: من منع ماله الفقراء سلّط الله عليه الأمراء» .
[5] انظر عن (علي بن القاسم) في: ذيل تاريخ دمشق 266، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 165.
[6] في الأصل: «الشهروري» .(36/288)
قال ابن عساكر: ولي قضاء واسط، ثمّ قضاء الرحبة، ثمّ قضاء الموصل.
وقد قدم مع قسيم الدّولة زنكي حين حاصر دمشق. وكان حَسَن الاعتقاد، فَهِمًا، رجلًا من الرجال.
تُوُفّي بحلب في رمضان، وحُمِل تابوته إلى الرَّقَّة. وهو أحد الإخوة [1] .
98- عليّ بن هبة الله [2] .
البصْريّ، البزّاز، المغفّل.
سمع الكثير من: أبي عليّ بن المهتدي، وطبقته.
وكتب بخطّه. وله حكايات في التّغفّل، قيل رآه بعضهم ويداه مفتوحتان، كأنه يعانق شيئًا، فقيل: ما شأنك؟ قال: طلبت أمّي أُجّانَة في هذا القدْر.
وقال آخر: لقِيتُه ومعه كُوز زيت يَرْشَح، فأعلمته، فقلبه ليرى الخُرْم، فساح الزّيت على ثيابه.
وكان رجلًا خيِّرًا.
99- عمر بن محمد بن عَمُّوَيْه بْن سعْد بْن الحَسَن بْن القاسم بْن علقمة ابن النَّضْر بْن مُعَاذ بْن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْر الصِّدّيق [3] .
التَّيْميّ، البكْريّ، أبو حفص السَّهْرُوَرْدِيّ، الصُّوفيّ، نزيل بغداد.
تفقَّه على أبي القاسم الدّبُّوسيّ، وخَدَم الصُّوفيَّة في رباط الشّرط بالجانب الشّرقيّ.
وسمع: عاصم بن الحَسَن، ورزق الله التميمي، وغيرهما.
سمع منه: أبو شجاع عمر البِسْطاميّ، وابن أخيه أبو النّجيب عبد القاهر السَّهْرُوَرْدِيّ.
وكان جميل الأمر، مَرْضِيّ الطّريقة. لبس منه الخِرْقَة أبو النّجيب.
__________
[1] وقال ابن القلانسي: «وكان صاحب عزيمة ماضية وهمّة نافذة، ويقظة ثاقبة» .
[2] لم يذكره ابن الجوزي في كتاب «أخبار الحمقى والمغفّلين» مع أنه منهم.
[3] انظر عن (عمر بن محمد بن عمّويه) في: المنتظم 10/ 75 رقم 94 (17/ 331 رقم 4040) .(36/289)
وكان مولده سنة 455. وتُوُفّي ثامن ربيع الأوّل. وهو إدراك شيخ الرباط المذكور [1] .
- حرف الفاء-
100- فاطمة بنت عليّ بن المُظَفَّر بن الحسين بن زعبل [2] .
البغداديّ أبوها، النّيسابوريّة، أمّ الخير.
قال أبو سعيد السّمعانيّ [3] : هي امرأة صالحة، من أهل القرآن. تعلِّم الجواري القرآن. سمِعَتْ من أبي الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسيّ جميع «صحيح مسلم» ، و «غريب» الخطّابيّ أيضًا، وغير ذلك.
مولدها [4] في سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، وتُوُفّيت في أوائل المحرَّم سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ.
قلت: روى عنها ابن السَّمْعانيّ [5] ، وابن عساكر، والمؤيَّد، وزينب الشَّعْريَّة [6] .
__________
[1] وقال ابن الجوزي: حدّث ببغداد، وكان متقدّم الصوفية في الرباط المعروف بسعادة الخادم، ورأيته ولم أسمع منه.
[2] انظر عن (فاطمة بنت علي) في: المنتخب من السياق 420 رقم 1432، والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 76 ب، والتحبير 2/ 430، 431 رقم 1187، والأنساب 1/ 297، واللباب 2/ 68، والمشتبه في الرجال 1/ 319، والإعلام بوفيات الأعلام 218، والمعين في طبقات المحدّثين 157 رقم 1695، وسير أعلام النبلاء 19/ 625، وسير أعلام النبلاء 19/ 625، 626 رقم 368، والعبر 4/ 89، وعيون التواريخ 12/ 339، ومرآة الجنان 3/ 260، وتبصير المنتبه 607، وشذرات الذهب 4/ 100 وفيه «دعبل» ، وأعلام النساء 4/ 85، 86.
[3] في التحبير 2/ 430.
[4] في الأصل: «مولده» ، وهو خطأ.
[5] وهو قال: كتبت عنها بنيسابور، ومن جملة ما سمعت منها كتاب «الأربعين» للحسن بن سفيان أبي العباس، بروايتها عن عبد الغافر، عن ابن حمدان، عنه. وجزء من أمالي الحاكم أبي أحمد الحافظ، بروايتها عن عبد الغافر، عنه، وجزءان من حديث عبدان الجواليقيّ، الرابع والخامس، بروايتها عن عبد الغافر..
[6] وقال عبد الغافر: امرأة صائنة صالحة.. كانت تشتغل بتعليم الصبيان.(36/290)
- حرف الميم-
101- محمد بن إبراهيم بن غالب [1] .
أبو بكر العامريّ، الأندلسيّ، الشّلْبيّ، خطيب شلْب.
أخذ العربيَّة عن أبي الحَجّاج الأعلم، وبرع في الآداب، وأشتهر بها، وطال عُمره.
وسَمِعَ «صحيح الْبُخَارِيّ» من أَبِي عَبْد اللَّه بْن منْظُور.
وتُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى، [2] وله ستٌّ وثمانون سنة. قاله ابن بَشْكُوال [3] .
وتُوُفّي ابن منظور سنة سَبْعٍ وستين.
102- محمد بن إبراهيم بن محمد بن أحمد [4] .
أبو بكر المرورّوذيّ، ثمّ البلْخيّ.
من مسموعاته: «جامع التِّرْمِذيّ» ، عن أبي عبد الله محمد بن محمد المحمَّديّ، عن أبي القاسم الخزاعيّ، عن الهيثم بن كُلَيْب، عنه.
حدَّث في هذا العام. قاله السّمعانيّ [5] .
103- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بن أحمد [6] .
أبو غالب الصَّيْقَليّ [7] ، الدّامَغَانيّ، ثمّ الْجُرْجانيّ. نزيل كرْمان.
وُلِد سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة [8] . ورحل في طلب الحديث، وسمع
__________
[1] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 582 رقم 1281.
[2] وكان مولده سنة 446 هـ.
[3] وقال: تولّى الخطابة ببلده مدّة طويلة.
[4] انظر عن (محمد بن إبراهيم المرورّوذي) في: التحبير 2/ 56، 57 رقم 658، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 197 ب.
[5] وهو قال: شيخ صالح سديد ... وتوفي بعد سنة اثنتين وخمسمائة بيسير، فإنه حدّث في هذه السنة.
[6] انظر عن (محمد بن إبراهيم الصيقلي) في: التحبير 2/ 51، 52 رقم 654، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 196 ب، والأنساب، والمنتظم 10/ 75 رقم 96 (17/ 331 رقم 4042) .
[7] الصّيقليّ: بفتح الصاد المهملة، وسكون الياء، وفتح القاف. نسبة إلى صقال الأشياء الحديدية كالسيف والمرآة والدروع. ويقال: الصّيقل، وقد تلحق الياء فيقال الصيقلي. (الأنساب) .
[8] المنتظم.(36/291)
الكثير. وكان صالحًا ثبتًا، من أهل السُّنَّة [1] .
روى عن: الفُضَيْل بن عبد الله المُحِبّ، وأبي عَمْرو بن مَنْدَهْ، وإسماعيل ابن مَسْعَدَة، وغيرهم.
روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ.
وتُوُفّي في هذه السّنة بكِرْمان. وكان كبير الصُّوفيَّة هناك.
وروى عنه: عبد الخالق بن الصّابونيّ، وأبو سعد السّمعانيّ [2] .
104- محمد بن حسين بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد [3] .
أَبُو عَبْد اللَّه الأنصاريّ، الأندلُسيّ، المَرِيّيّ.
روى عَنْ: أبي عليّ الغسّانيّ، وأبي محمد بن أبي قُحَافة، ويزيد بن أبي المعتصم، وعبد الباقي بن محمد.
وصحِب الشَيخ أبا عمر بن الْتمتاش [4] الزّاهد.
وكان متحقّقًا بالحديث ونقله، منسوبًا إلى معرفة الرجال.
له كتابٌ مليحٌ في الجمع بين «الصَّحيحين» . أخذه النّاسُ عنه.
قال ابن بَشْكُوال [5] : كان ديِّنًا، فاضلًا، متواضعًا، مُتَّبعًا للآثار والسُّنَن، ظاهريّ المذهب. كتب إلينا بالإجازة.
وتُوُفّي في المحرَّم، وله ستّ وسبعون سنة [6] .
__________
[1] المنتظم.
[2] وهو قال عنه: شيخ عالم فاضل، عاقل، صالح، ثقة، مكثر من الحديث، متواضع، متودّد، حسن الأخلاق ... كتب إليّ الإجازة غير مرّة من بردسير كرمان، وحدّثني عنه جماعة.
[3] انظر عن (محمد بن حسين) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 581، 582 رقم 1280، وبغية الملتمس للضبي 69، 70 رقم 87، ومعجم ابن الأبّار 123، 124، ومعجم المؤلفين 9/ 233.
[4] هكذا في الأصل. وفي (الصلة 2/ 582) : «اليمنالش» .
[5] في الصلة 2/ 582.
[6] كان مولده سنة 456 هـ.(36/292)
وقال غيره: كان يُعرف بابن أبي أحد عشر [1] .
105- محمد بن حمْد بن عبد الله [2] .
أبو نصر الأصبهانيّ، الكبريتيّ [3] ، الفواكهيّ، القبّانيّ، الوزّان.
شيخ صالح. سمع: أحمد بن المفضل الباطِرْقانيّ، وأبا مسلم بن مهربزود [4] .
روى عنه: أبو سعد بن السّمعانيّ [5] ، وأبو موسى المَدِينيّ، وابن عساكر، وجماعة.
تُوُفّي في الخامس والعشرين من جُمَادَى الآخرة، وآخر أصحابه محمود بن أحمد الثّقفيّ.
106- محمد بن حمْد بن منصور العطّار [6] .
__________
[1] هكذا هنا. وفي بغية الملتمس 69: «ابن إحدى عشرة» .
وقال الضبيّ: روى عنه غير واحد من أشياخي، منهم: القاضي أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد، والرواية أبو محمد عبد الله بن محمد. أخبرني عنه القاضي أبو القاسم قال: كان مؤدّبي وكان أستاذي، وكان فاضلا ورعا، وكان إذا مشى في الطريق لم يسلّم على أحد لأنه كان لا يرفع عينيه من الأرض. قال لي: وكنّا نهابه لدينه وورعه ومعرفته، وكنّا نخرج معه في كل عام إلى بجانة في أيام العصير للنزهة ولا يتخلّف طالب من طلبته، فخرجنا مرة، فحللنا في موضع لم نر أحسن منه، قد اجتمع فيه كل ما يشتهي، فلما عاين ذلك بعض أصحابنا استفزّه الطرب حتى قام يمشي على رجل واحدة يدرج فرحا، فلما رأينا ذلك فزعنا خوفا من الفقيه إذ لم يكن مجلس أحد أوقر من مجلسه، فلما رأى ذلك رفع رأسه إلينا وقال: أين جاء مثل فعل صاحبكم هذا في الحديث؟ فسرّي عنّا وجعلنا نلتمس ما سألنا عنه ساعة، ثم قال لنا: جاء هذا في الحديث حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم........ [بياض] لا يوجد مثله في الحديث. وكان رحمه الله ورعا فاضلا، كانت معيشته من نسخ بيده.
[2] انظر عن (محمد بن محمد) في: الأنساب 10/ 44 وفيه: «محمد بن أحمد» ، ومشيخة ابن عساكر.
[3] في الأصل: «الكبريني» ، وفي نسخة من (الأنساب) : «الكبرئي» .
[4] مهربزد: بفتح الميم وسكون الهاء، وفتح الراء، وسكون الباء الموحّدة، وضم الزاي، وفي آخره دال مهملة. ضبط في نسخة من (ميزان الاعتدال 3/ 655) .
[5] وهو قال: كتبت عنه كتاب «الأوائل» لأبي عروبة الحرّاني.
[6] انظر عن (محمد بن حمد بن منصور) في: التحبير 2/ 123، 124 رقم 743، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 9 أ.(36/293)
أبو نصر الأصبهانيّ [1] .
يروى عن: سعيد العَيّار، وغيره.
وعنه: أبو موسى.
تُوُفّي في نصف ربيع الأوّل [2] .
107- محمد بن حمزة بن إسماعيل [3] .
أبو المناقب العَلَويّ، الحُسَينيّ، الهَمَذانيّ.
قال ابن السّمعانيّ: فاضل، شاعر، كتب الكثير بخطّه، وطلب، وطاف على الشيوخ، وصنّف، وجمع. ورحل إلى بغداد، وأصبهان، وحدَّث.
وقال ابن ناصر: فيه تساهل في الأخْذ والسَّماع، وهو ضعيف عند أهل بلده. سمع من: الشَيخ أبي إسحاق الشّيرازيّ لمّا ورد هَمَذَان. ومولده في سنة ستّ وستّين وأربعمائة.
وتُوُفّي في شوال. وقيل: تُوُفّي سنة ثلاثٍ.
روى عنه: ابن عساكر، وأبو محمد بن الخشّاب.
108- مُحَمَّد بن عَبْد الملك بن مُحَمَّد بْنِ عمر [4] .
__________
[1] زاد في التحبير: «الطيبي» وعرف ببابا، وسيعيده المؤلّف بكنية «أبي منصور» .
[2] وقال ابن السمعاني: شيخ صالح، عفيف، سديد السيرة، كثير العبادة، لازم منزله، قليل المخالطة، متيقّظ ... سمعت منه أجزاء من «مسند أبي يعلى» .. وكانت ولادته في سنة سبع وأربعين وأربعمائة على ما أظنّ.
توفي في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة.
«أقول» لهذا ينبغي تأخير ترجمته إلى وفيات السنة التالية، وقد فعل المؤلّف ذلك- رحمه الله- فأعاده هناك، برقم (167) .
[3] انظر عن (محمد بن حمزة) في: لسان الميزان 5/ 147، 148 رقم 498.
[4] انظر عن (محمد بن عبد الملك) في: الأنساب 10/ 381، والمنتظم 10/ 75، 76 رقم 97، (17/ 331، 332 رقم 4043) ، والكامل في التاريخ 11/ 26، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 167، وطبقات فقهاء الشافعية لابن الصلاح 1/ 215- 217 رقم 50، والعبر 4/ 89، والإعلام بوفيات الأعلام 218، والبداية والنهاية 12/ 213، وطبقات الشافعية لابن كثير (مخطوط) ورقة 119 أ، ب، ومرآة الجنان 3/ 260، وعيون التواريخ 12/ 335، و 339، 340 وفيه:
«محمد بن عبد الله» ، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 349، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 347- 319 رقم 280، والنجوم الزاهرة 5/ 262، وشذرات الذهب 4/ 100، وكشف الظنون 826، وهدية العارفين 2/ 87، ومعجم المؤلفين 10/ 258، 259.(36/294)
الإمام، أبو الحَسَن الكَرَجيّ [1] ، الفقيه، الشّافعيّ.
وُلِد سنة ثمان وخمسين وأربعمائة.
وسمع: مكّي بن منصور السّلار، وجدّه أبا منصور الكَرَجيّ.
وسمع بهَمَذَان: أبا بكر بن فَنْجُوَيْه الدِّينَوَرِيّ، وغيره.
وبأصبهان: أحمد بن عبد الرحمن الذَّكْوانيّ.
وببغداد: الحسين بن العلّاف، وابن نبهان [2] .
وحدَّث.
روى عنه: ابن السّمعانيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وجماعة.
قال ابن السّمعانيّ: رأيته بالكَرَج، إمام، ورِع، فقيه، مُفْتٍ، محدِّث خيّر، أديب، شاعر. أفنى عُمره في جمْع العِلْم ونشْره [3] .
وكان لَا يقنت في الفجْر ويقول: قال الشّافعيّ: إذا صحّ الحديث فاتركوا قولي وخُذُوا بالحديث. وصحّ عندي أنّ النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترك القُنُوت في صلاة الصبح [4] .
وله القصيدة المشهورة في السُّنَّة، نحو مائتي بيت، شرح فيها عقيدة السَّلف، وله تصانيف في مذهب التّفسير. كتبت عنه الكثير، وتُوُفّي في شعبان.
قلت: أوّل قصيدته:
محاسن جسمي بدّلت بالمعايب ... وشيّب فودي..... [5] الحبائب
منها:
عقائدهم أنّ الإله بذاته ... على عَرْشه مع عِلمِهِ بالغرائبِ
ومنها:
ففي كَرَج، والله، من خوف أهلِها ... يذوبُ بها البِدْعيُّ بأَشَرّ ذائبِ
__________
[1] الكرجي: بفتح الكاف والراء، والجيم في آخرها. هذه النسبة إلى الكرج، وهي بلدة من بلاد الجبل بين أصبهان وهمذان. (الأنساب) .
[2] في الأصل: «ابن بنان» ، والتصحيح من (طبقات ابن الصلاح ج 1/ 216) .
[3] انظر: الأنساب 10/ 381.
[4] المنتظم.
[5] البياض في الأصل.(36/295)
يموت ولا يَقْوَى لإظهار بِدْعةٍ ... مخافةَ حزِّ الرأسِ من كلّ جانبِ
ومن شعره:
العِلمُ ما كان فيه قال حدَّثنا ... وما سِواهُ إنّما خبط [1] في الظّلام
دعائمُ الدّين آياتٌ مبيَّنَةٌ ... وبَيِّناتٌ من الأخبار أعلام [2]
109- محمد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد [3] .
أَبُو عَبْد اللَّه التُّجَيْبيّ، الغَرْناطيّ، النّوالشيّ [4] المقرئ الأستاذ.
أخذ القراءات عِلْمًا وإتقانًا عن: أبي داود بن نجاح، وابن البيّاز، وابن الدّوش، وأبي الحسين العَيْشيّ، وخازم بن محمد القُرْطُبيّ.
قال ابن الأَبّار: تصدّر للإقراء وبَعُد صِيتُه لإتقانه وصَلاحه. وأخذ النّاس عنه. وقد وجدت سماعَ عبد المؤمن بن الخلوف الغرناطيّ المقرئ منه على
__________
[1] في طبقات فقهاء الشافعية لابن الصلاح: «وما سواه أغاليط وأضلام» .
[2] زاد في طبقات ابن الصلاح 1/ 217.
قوله الإله وقوله المصطفى وهما ... لكلّ مبتدع قهر وإرغام
وقال ابن السمعاني: أنشدني أبو الحسن ابن أبي طالب لنفسه:
تناءت داره عنّي ولكن ... خيال جماله في القلب ساكن
إذا امتلأ الفؤاد به فماذا ... يضرّ إذا خلت منه المساكن
ومن شعره أيضا:
ألا إنّ في نسلي لطيفة حكمة ... أغشّى بنور يوم ألقى إلهيا
وفي فرض أعضاء الوضوء لطائف ... سيحظى بها من كان للطف راجيا
فغسلي لوجهي كي أراه معاينا ... كفاحا وكي ألقاه في الخلد خاليا
وغسلي يدي كي أخذت كتابيا ... بيمنى يدي دون الشمال ورائيا
وأعطى خلودا ثم ملك مقامة ... بيمناي أعطوا ذا وذا بشماليا
ومسحي جميع الرأس تاج كرامة ... من الربّ يعطيني بقالب فما ليا
وفي غسلي رجليّ القيام لسيدي ... وأرجوه أن يرضى وينعم باليا
وفي سنّة التطهير أتلو رسوله ... لأحيى حميدا ثم أكرم باليا
ومن شعره:
سرقت إليها زورة فتنقّبت ... فقلت: استفري ما هكذا حقّ من طرق
فقالت: حجبت البدر عنك تعمّدا ... أتأمن أنّ البدر يفضح من سرق؟
[3] انظر عن (محمد بن علي التجيبي) في: تكملة الصلة لابن الأبّار، وغاية النهاية 2/ 200 رقم 3242.
[4] في الأصل: «البوالسي» .(36/296)
«الرعاية» لمكّي في سنة اثنتين وثلاثين.
ومن تلامذته: ابن عَروس، وعبد الوهّاب بن غِياث، وغيرهما.
110- محمد بن عمر بن أميرجة [1] .
أبو المكارم الأشْهَبيّ [2] ، المحدَّث، الحافظ، نزيل بلْخ.
قال أبو سعد السّمعانيّ: الأشْهَبيّ لَقَبٌ له، وهو حافظ. سافر إلى الهند، وجال في خُرَاسان، وكتب الكثير.
وسمع بهَرَاة: الزّاهد محمد بن عليّ العُمَيْريّ [3] ، وأبا عطاء عبد الأعلى بن المَلِيحيّ.
وببلْخ: أحمد بن محمد الخليليّ.
وتُوُفّي في شوّال.
ولقي بخُراسان نصر الله الخُشْناميّ [4] .
مولده سنة ستّ وستّين وأربعمائة.
111- محمد بن الفضل بن محمد بن عليّ [5] .
أبو بكر الخالنجانيّ [6] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن عمر) في: الأنساب 1/ 282، 283، والتحبير 2/ 169، 170 رقم 804، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 224 أ، ومعجم البلدان، واللباب 1/ 54، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 1.
وقد تحرّفت «أميرجة» في الأصل إلى «بريعة» ، وفي (معجم البلدان) إلى «أبيرجة» .
[2] قال ابن السمعاني: اشتهر بهذه النسبة لأنه بات ليلة في شبيبته مع جماعة في دار السيد شرف الدين البلخي العلويّ، وكانوا يلعبون، ووضعوا كلمات مشكلة يسردها كل واحد ممن أجتمع فمن لم يقدر على أن يذكرها على الهذرمة وتلعثم أو غلط، فكان يلزمه غرامة، وكان في هذه الألفاظ: أسب أشهب در راه نخشب. بالعجمية، ومعناها بالعربية فرس أشهب في طريق نخشب، فغلط الأشهبي في هذه اللفظة، ولزمته الغرامة، فبقي طول ليلته يكرّر هذه اللفظة:
اسب اشهب در راه نخشب، فلقّبوه بالأشهبي، وبقي هذا الاسم عليه. (الأنساب 1/ 282) .
[3] العميري: بضم العين المهملة، وفتح الميم، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفي آخرها الراء المهملة. هذه النسبة إلى الجدّ. (الأنساب 19/ 61) .
[4] الخشنامي: بضم الخاء المعجمة، وسكون الشين المعجمة، وفتح النون.
[5] تقدّمت ترجمته في وفيات السنة 531 هـ. برقم (45) .
[6] في ترجمته السابقة: «الخاني» .(36/297)
شيخ صالح، مقرئ، مُعَمَّر.
سمع: أبا مسلم بن مهريزد، وأحمد الباطِرْقانيّ، وأبا منصور بكر بن حَيْد.
كتب عنه: السّمعانيّ، وغيره.
مات في رمضان.
112- محمد بن محمد بن طاهر بن النُّعمان [1] .
أبو بكر الأصبهانيّ، الدّلال. من أصحاب عبد الرحمن بن مَنْدَهْ.
روى عنه، وعن أخيه أبي عَمْرو.
سمع منه: السّمعانيّ [2] وقال: كبير مَسِنّ. ثمّ ورَّخه.
113- محمد ابن الشّريف أبي الفضل محمد بن عبد السّلام بن أحمد [3] .
الأنصاريّ، البغداديّ، أبو الحَسَن.
سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا بكر الخطيب، وأبا محمد الصَّرِيفينيّ، وابن النَّقُّور.
روى عنه: ابن عساكر، والسِّلَفيّ، وجماعة.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
114- محمد بن نجاح [4] .
أبو عبد الله الأَمويّ، القُرْطبيّ، الفقيه المالكيّ.
تفقه على أبي جعفر بن رزق.
روى عنه: أبي الحَسَن حَمْدين، وأبي عليّ الغسّانيّ، وأبي عبد الله محمد ابن فرج.
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد بن طاهر) في: التحبير 2/ 221، 222 رقم 866، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 1.
[2] سمع منه أجزاء من كتاب «معرفة الصحابة» لابن مندة، بروايته عن ابنيه، عنه.
[3] انظر عن (محمد بن أبي الفضل) في: مشيخة ابن عساكر، ومعجم السفر للسلفي (مصوّرة دار الكتب المصرية) ق 2.
[4] انظر عن (محمد بن نجاح) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 582، 583 رقم 1282، وبغية الملتمس للضبيّ 133 رقم 290، وفهرسة ابن خير 513، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 4/ 222، 223 رقم 1233.(36/298)
وذكر لي أنّه سمع عليّ أبي القاسم حاتم بن محمد كتاب «الملخّص» للقابسيّ، قاله ابن بَشْكُوال [1] .
قال: وذكر أنّ أبا العباس العُذْريّ أجاز له، ورأيت له تخليطًا كثيرًا ارتبتُ منه [2] .
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة [3] .
115- محمد بن ناصر بن أحمد بن أبي عِياض [4] .
أبو نصر السَّرْخَسِيّ، العِياضيّ [5] ، الواعظ الشّهير.
سمع: السّيد أبا الحسين محمد بن محمد، وعبد الواحد بن عبد الرحمن الزُّبَيْريّ المُعَمر، وجماعة.
مات رحمه الله في ذي الحجَّة. قاله السّمعانيّ [6] .
116- محمد بن أبي النَّجْم بن محمد [7] .
أبو طاهر المروزيّ، الشّوّاليّ [8] ، الخطيب.
__________
[1] في الصلة 2/ 582 وزاد: «ولم أجد له سماعا في كتابه» .
[2] زاد ابن بشكوال 2/ 583: «وكان حافظا للرأي، ذاكرا للمسائل» .
[3] وكان مولده سنة 455 هـ.
وقال الضبيّ: فقيه متقدّم في علم الكلام وحفظ المسائل، محدّث ... أنشدت عنه وقد شكا حاله يوما وما لقي من والي قرطبة بسبب أهلها وقلّة وبلهم قال: ما مثلي ومثلهم إلّا ما أنشدني السميسر الشاعر لنفسه:
حقّقت مذ كنت في أموري ... ولم أداهن ولم أرائي
وضعت في الأرض بين قوم ... غدا يضيعون في السماء
(بغية الملتمس 133) .
[4] انظر عن (محمد بن ناصر) في: التحبير 2/ 241، 242 رقم 897، وملخص تاريخ الإسلام 9/ ورقة 1 أ.
[5] العياضي: بكسر العين المهملة، وفتح الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفي آخرها الضاد المعجمة. هذه النسبة إلى «عياض» وهو اسم لجدّ المنتسب إليه.
[6] وقال: كان فقيها واعظا، مليح الوعظ، فصيح العبارة، صاحب قبول عند الخاصّ والعامّ.
وكان كثير المحفوظ متخلّقا بالأخلاق الحسنة، والسيرة الجميلة ... سمعت منه بسرخس.
وكانت ولادته في سنة أربع وستين وأربعمائة بسرخس.
[7] انظر عن (محمد بن أبي النجم) في: الأنساب 7/ 404.
[8] الشّوّالي: بفتح الشين المعجمة، وتشديد الواو، وفي آخرها اللام. هذه النسبة إلى «شوّال»(36/299)
رجل خيَّر، ذكره ابن السّمعانيّ فقال: سمع محمد بن أبي عمران الصَّفّار، وأبا الفتح أحمد بن عبد الله الزّنْدانْقانيّ، وغيرهما.
ورحل من قرية شَوَّال إلى مَرْو، وحدَّث «بصحيح البخاريّ» ، وانتخب له أجزاء.
117- محمد بن أبي نصر محمود بن أحمد بن أبي نصر [1] .
الواعظ، أبو بكر الأصبهانيّ، المعروف بقُل هو الله جران [2] .
روى عن: أبي مطيع.
وعنه: أبو موسى المَدِينيّ.
ومات كهْلًا بواسط غريبًا، رحمه الله.
118- معقل بن الحسين بن أبي نِزَار [3] .
البغداديّ الحاجب.
سَمِعَ: أبا القاسم بْن البُسْريّ، وأبا منصور العكبري.
روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، ويوسف بن مقلَّد.
وتُوُفّي في المحرَّم.
وكان من كبار الحُجاب، ثمّ إنّه زاهد، متصوّف.
119- منصور الراشد باللَّه [4] .
__________
[ () ] وهي قرية من قرى مرو، على ثلاثة فراسخ منها.
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] هكذا في الأصل، ولم أتبيّن صحّتها.
[3] لم أجد مصدر ترجمته، وهو في (مشيخة ابن عساكر) .
[4] انظر عن (الراشد باللَّه) في: المنتظم 10/ 76 (17/ 332) ، والكامل في التاريخ 11/ 62، وزبدة التواريخ 212، وتاريخ دولة آل سلجوق 167، وتاريخ مختصر الدول 206، والفخري 308، وكتاب الروضتين 1/ 80، والإنباء في تاريخ الخلفاء 222- 224، والنبراس 156، والفخري 308، وخلاصة الذهب المسبوك 274، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 224- 227، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 17 د، 618، وخلاصة الذهب المسبوك 274، وخريدة القصر (قسم شعراء العراق) ج 1/ 32- 34، ودول الإسلام 12/ 53، والعبر 4/ 86، 89، 90، وسير أعلام النبلاء 19/ 568- 573 رقم 326، والإعلام بوفيات الأعلام 218، والدرّة 527، وتاريخ ابن الوردي 2/ 63، 64، 66، 67، وعيون التواريخ 12/ 332 (ذكره في وفيات سنة 531 هـ.) ، وفوات الوفيات 4/ 168، 169، ومرآة الجنان 3/ 259، 260، والبداية والنهاية(36/300)
أمير المؤمنين أبو جعفر بن المسترشد باللَّه الفضل بن المستظهر باللَّه أحمد بن المقتدي باللَّه عبد الله، الهاشميّ، العبّاسيّ.
ولد سنة اثنتين وخمسمائة. ويقال إنّه وُلِد مسدودًا، وأحضروا الأطباء، فأشاروا بأن يُفتح له مخرجٌ بآلةٍ من ذَهَب، ففُعل ذلك به فنفع.
وأُمُّه أمّ ولد.
خطب له أبوه بولاية العهد في سنة ثلاث عشرة.
قال ابن واصل [1] القاضي: حُكي عمّن كان يدخل إلى دار الخلافة ويطّلع على أسرارهم، أنّ الخليفة المسترشد أعطى ولده الرّاشد، وعُمره أقل من تسع سِنين، عدَّة جواري، وأمرهن أنّ يلاعبْنَه. وكانت فيهنّ جارية حَبَشيَّة، فحملت من الرّاشد، فلمّا ظهر الحَمْل وبلغ ذلك المسترشد أنكره، فسألها، فقالت: والله ما تقدَّم إليَّ سواه، وإنّه احتلم. فسأل باقي الجواري [2] ، فقلن كذلك. فأمر أنّ تحمل الجارية قطْنًا، ثمّ دخَّلها الرّاشد، ثمّ أخرجت القطْن وعليه المَنِيّ، ففرح المسترشد، وهذا من أعجب الأشياء.
ثمّ وضعت الجارية ولدًا سمّاه «أمير الجيش» . وقد قيل إنّ صبيان تِهامة يحتلمون لتِسْعٍ، وكذلك نساؤهم.
وكان للراشد نيّف وعشرون ولدًا.
بويع بالخلافة في ذي القعدة سنة تسعٍ وعشرين. وكان أبيض، مليحًا، تامّ الخَلْق، شديد الأَيْد، شجاعًا. قيل إنّه كان في بستان دار الخلافة أيّل عظيم الشّكْل، اعترض في البستان، وأحجم الخَدَمُ عنه، فهجم هو عليه، وأمسك بقَرْنَيْه ورماه إلى الأرض وطلب مِنشارًا، وقطع قَرْنَيْه [3] .
وكان حَسَن السّيرة، جيّد الطَّوِيَّة، يُؤْثر العدْل، ويكره الشّرّ.
__________
[12] / 213، 214، والجوهر الثمين 206، وشرح رقم الحلل 108، 120، والنجوم الزاهرة 5/ 263، وتاريخ الخلفاء 436، 437، وتاريخ الخميس 2/ 404، 405، وشذرات الذهب 4/ 100، 101، وأخبار الدول 2/ 172، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 4.
[1] في مفرّج الكروب.
[2] في الأصل: «الجوار» .
[3] في (فوات الوفيات 4/ 169) : «ومسك بقرنيه فقلعهما بيده، فوقع ميتا» .(36/301)
وكان فصيحا، أديبا، شاعرًا، سَمْحًا، جوادًا، لم تطُل أيّامه حتّى خرج من بغداد إلى الموصل، ودخل ديار بكر، ومضى إلى أَذَرْبَيْجان، ومازَنْدَران، ثمّ عاد إلى أصبهان. وأقام على باب أصبهان إلى أنّ قتلته الملاحدة هناك.
وكان بعد خروجه من بغداد وصول السّلطان مسعود بن محمد إليها، فاجتمع بالكبار، وخلع الرّاشد باللَّه، وبايع عمّه الإمام المقتفيّ. ودام الأمر سنةً للراشد قبل ذلك.
قال ابن ناصر الحافظ: دخل السّلطان محمود إلى بغداد وفي صُحبته أصحاب المسترشد باللَّه الوزير عليّ بن طِراد، وصاحب المخزن ابن طلحة، وكاتب الإنشاء، فخرج الرّاشد باللَّه طالبًا إلى الموصل في صُحبة أميرها زنكيّ. وفي اليوم الثالث أحضروا ببغداد القُضاة والعلماء عند الوزير عليّ بن طِراد، وكتبوا محضرًا فيه شهادة طائفةٍ بما جرى من الرّاشد باللَّه من الظُّلم، وأخْذ الأموال، وسفْك الدّماء، وشرب الخمر، واستفتوا العلماء في من فعل ذلك، هل تصحُّ إمامته؟ وهل إذا ثَبَتَ فِسْقُه يجوز لسلطان الوقت أنّ يخلعه، ويستبدل به خيرًا منه؟ فأفتوا بجواز خلْعه، وفسْخ عقْده؟
ووقع الاختيار على توليه الأمير أبي عبد الله محمد بن المستظهر باللَّه، فحضر السّلطان مسعود والأمراء إلى دار الخلافة، وأحضر الأمير أبو عبد الله، وحضر الوزير، وأبو الفتوح بن طلْحة، وابن الأنباريّ الكاتب، وبايعوه، ولُقّب بالمقتفيّ لأمر الله، وبايع الخلْق وعُمره أربعون سنة، وقد وَخَطَه الشَّيْب.
وخرج الرّاشد باللَّه من الموصل إلى بلاد أَذَرْبَيْجان، وكان معه جماعة، فقسّطوا على مَرَاغَة مالًا، وعاثوا هناك، ومضوا إلى هَمَذَان فدخلوها. وقتلوا جماعة، وصلبوا آخرين، وحلقوا لِحَى جماعة من العلماء وأفسدوا. ثمّ مضوا إلى نواحي أصبهان فحاصروا البلد ونهبوا القرى. ونزل الرّاشد بظاهر أصبهان، ومرض مرضًا شديدًا، فَبَلَغَنَا أنّ جماعةً من العجم كانوا فرّاشين معه دخلوا عليه خركانة في سابع وعشرين رمضان، فقتلوه بالسّكاكين، ثمّ قُتِلوا كلّهم.
وبَلَغَنَا أنّهم كانوا سَقَوْهُ سُمًّا، فلو تركوه لَمَا عاش. وبنى له هناك تربةً، سامحه الله.(36/302)
قال ابن السّمعانيّ: قُتل فتْكًا في سادس وعشرين رمضان صائمًا، ودُفِن في جامع مدينة جيّ. وعُقِد له العزاء ببغداد.
وعاش ثلاثين سنة.
وقال العماد الكاتب [1] : كان له الحُسْن اليُوسُفيّ، والكرم الحاتميّ، بل الهاشميّ استدعى والدي صفيّ الدّين ليولّيه الوزارة، فتعلّل عليه. خلّف ببغداد نيفًا وعشرين ولدًا ذَكَرًا.
وقال ابن الجوزيّ [2] : في سبب موته ثلاثة أقوال: أحدها، أنّه سُقي السُّم ثلاث مرات. والثّاني، أنّه قتله الفرّاشون. والثالث، أنّه قتلته الباطنيَّة. وجاء الخبر، فقعدوا له للعزاء يومًا واحدًا.
وقد ذكر الصُّوليّ أنّ النّاس يقولون أنّ كلّ سادس يقوم للنّاس يُخْلَع، فتأملت هذا، فرأيته عَجَبًا. اعتُقِد الأمر لنبيّنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ والسلام، ثمّ قام بعده أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، والحسن فخُلع، ثمّ معاوية، ويزيد، ومعاوية بن يزيد، ومروان، وعبد الملك، وابن الزُّبير، فخلع وقتل، ثمّ الوليد، وسليمان، وعمر، ويزيد، وهشام، والوليد، فخُلع وَقُتِلَ، ثمّ لم ينتظم لبني أُميَّة أمر، فوُلّي السّفّاح، والمنصور، والمَهْديّ، والهادي، والرشيد، والأمين، فخُلِع وَقُتِلَ، ثمّ المأمون، والمعتصم، والواثق، والمتوكل، والمنتصر، والمستعين، فخُلِع وَقُتِلَ، ثمّ المُعتز، والمهتدي، والمعتمد، والمعتضد، والمكتفي، والمقتدر، فخُلِع، ثمّ ردّ، ثمّ قتل، ثمّ القاهر، والراضي، والمتّقي، والمستكفي، والمطيع، والطائع فخُلِع، ثمّ القادر، والقائم، والمقتدي، والمستظهر، والمسترشد، والراشد، فخُلِع.
قلت: وهذا الفصل منخرِمٌ بأشياء، أحدها قولُه: وعبد الملك وابن الزُبَير، وليس الأمر كذلك، بل ابن الزُّبير خامس، وبعده عبد الملك، أو كلاهما خامس أو أحدهما خليفة، والآخر خارج على نزاعٍ بين العلماء في أيّهما خارج على الأمر. والثّاني تركه لعدد يزيد النّاقص وأخيه إبراهيم الّذي خلع، ومروان،
__________
[1] في الخريدة 1/ 32.
[2] في المنتظم.(36/303)
فيكون الأمير باعتبار عددهم تاسعًا، فلا يستقيم ما ادعاه. والمستعين خلعوه أيضًا كما قال، وخلعوا الّذي بعده، وهو المُعْتَزّ باللَّه، وقتلوا المهتدي باللَّه، رضي الله عنه، وخلعوا القاهر وسَمَلوه. فليس الخلْع مقتصرًا على كلّ سادسٍ لو صحّ العدد [1] .
- حرف النون-
120- نُوشروان بن خالد بن محمد [2] .
الوزير، أبو نصر القاشانيّ، الفِينيّ، وفين: من قُرى قاشان [3] .
وزير الدّولتين جميعًا للخليفة المسترشد، وللسّلطان محمود بن محمد.
قال ابن السّمعانيّ: كان قد جمع الله فيه الفضل الوافر، والعقل الكامل، والتّواضع، والخيريّة، ورعاية الحقوق. أدركته ببغداد وقد كبر وأسنّ وتضعضع، وأقعده العجز في داره بالحريم الظّاهريّ. عاقني المرض عن الحضور عنده.
وقد حدَّث عن: عبد الله بن الحَسَن الكامخيّ العبّاديّ.
وسمع منه جماعة من أصحابنا. وكان هو السبب في إنشاء «مقامات الحريريّ» [4] ، وكان يميل إلى التَّشيُّع.
__________
[1] قال ابن السمعاني: ومما ينسب إلى الراشد من الشعر:
زمان قد اصطفت نصال صروفه ... وأصبح آساد الكرام لها فزعا
أكلوا ثمّ تشكّوا صروف زمانها ... فليس لها مأوى وليس لها مرعى
فيا قلب لا تأسف عليه، فربّما ... ترى القوم في أكناف أفنائه صرعا
[2] انظر عن (نوشروان) في: المنتظم 10/ 77، 78 رقم 100 (17/ 333، 334 رقم 4046 وفيه: «أنوشروان» ، والإنباء في تاريخ الخلفاء 217، 218، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 223، وخريدة القصر (قسم شعراء العراق) ج 1/ 244، 263، 266، 274، 288، 316، 339- 341، 358، والفخري 273، والتاريخ الباهر 35، 49، والكامل في التاريخ 11/ 70، 71، ووفيات الأعيان 4/ 64 (67) و 5/ 200، وعيون التواريخ 12/ 330، 341 وفيه: «أنوشروان» ، والبداية والنهاية 12/ 214، وشذرات الذهب 4/ 101، وشرح مقامات الحريري للشريشي 1/ 12، وزبدة النصرة (انظر فهرس الأعلام) 205.
[3] في المنتظم (طبعة دار الكتب العلمية) : «القاساني الضني من أهل قرية ضن، وهي من قرى قاسان» ، والمثبت هو الصحيح. انظر: معجم البلدان 4/ 286.
[4] قال ابن الجوزي: فإنّ أبا القاسم عبد الله بن أبي محمد الحريري حكى أنّ والده كان جالسا في مسجده ببني حرام إحدى محالّ البصرة، فدخل المسجد شيخ ذو طمرين عليه أهبة السفر، رثّ الحالة، فصيح اللهجة، حسن العبارة، فقال: من أين الشيخ؟ قال: من سروج، وكنيتي(36/304)
قال ابن الجوزيّ [1] : كان عاقلًا مَهِيبًا، عظيم الخلْقة. دخلت عليه فرأيت من هيبته ما أدهشني. وكان كريمًا. سأله رجلٌ خيمةً، فلم تكن عنده، فأرسل إليه مائة دينار، وقال: اشترِ بها خيمة. فكتب إليه الرجل، وهو أبو بكر الأَرَّجانيّ الشّاعر:
للَّه دَرّ ابن خالد رجلا ... أحيا لنا الجود بعد ما ذهبا
سألته خيمةً أَلُوذُ بها ... فجاءَ لي مِلْء خيمةٍ ذهبا [2]
وكتب إليه الحريريّ صاحب «المقامات» :
ألا ليت شِعْري والتّمنّي تَعِلَّةٌ ... وإنْ كان ثمَّة [3] راحة لأخي الكربِ
أَتدْرُون أنّي مُذْ نأت [4] دياركم ... وشطّ اقترابي [5] من جنابكم الرحبِ
أكابد شوقًا ما يزال أواره ... يقلبني في اللّيل [6] جنْبًا على جنبِ
وأذكر أيام التّلاقي فأنثني ... لتذكارها بادي الأسى [7] طائر اللّبِ
ولي جَنَّة [8] في كلّ وقتٍ إليكم ... ولا جنّة [8] الصّاديء إلى الباردِ العذبِ [9]
وممّا شجا [10] قلبي المُعَنَّى وشَقَّه ... رِضاكم بإهمال الإجابة عن كُتُبي
وقد كنت لَا أخشى مع الذَّنْب جفوةً ... فقد صرت أخشاها وما لي من ذَنْبِ
ولما سَرَى الوفد العراقيّ نحوكم ... وأَعْوَزني المَسْرَى إليكم مع الرَّكْبِ
جعلت كتابي نائبي عن ضرورةٍ ... ومن لم يجد ماء تيمّم بالتّرب [11]
__________
[ () ] أبو زيد، فعمل والدي المقامة الحريرية بعد قيامه من ذلك المجلس، واشتهر هذا، فبلغ أنوشروان بن خالد، وطلع بتلك المقامة، فأشار عليه بأن يضمّ إليها غيرها، فأتمّها خمسين.
(المنتظم) .
[1] في المنتظم.
[2] في المنتظم: «فجاد لي بل بخيمة ذهبا» .
[3] في المنتظم: «فيه» .
[4] المنتظم: «تناءت» .
[5] المنتظم: «افتراقي» .
[6] المنتظم: «بالليل» .
[7] المنتظم: «الأسا» .
[8] ضبطت في الأصل: «جنة» بضم الجيم.
[9] في المنتظم بعده بيت:
فو الله لو أني كتمت هواكم ... لما كان مكتوما بشرق ولا غرب
[10] في الأصل: «شجى» .
[11] زاد في المنتظم بيتا:(36/305)
قال ابن النّجّار: أنوشروان الوزير، وُلِد بالرَّيّ في رجب سنة تسع وخمسين وأربعمائة، ووَزَرَ، ثمّ عُزِل، ثمّ أُعيد. وكان موصوفًا بالجود والإفضال، محبّا للعلماء. أحضر ابن الحُصَيْن إلى داره يُسمع أولاده «مُسْنَد أحمد» بقراءة ابن الخشّاب. وأذِن للنّاس في الدخول، فعامَّة من سمعه ففي داره.
روى عنه: أبو القاسم بن عساكر في «معجمه» .
وسماعه من السّاويّ في سنة ثمانٍ وسبعين.
تُوُفّي في رمضان، ودُفِن بداره، ثمّ نُقِل بعد ذلك إلى الكوفة، فدُفِن بمسجد عليّ عليه السّلام.
وفي «تاريخ ابن النّجّار» نقل من خطّ قاضي المَرِسْتان: تُوُفّي أنوشروان في ثاني عشر صَفَر سنة ثلاثٍ وثلاثين [1] .
- حرف الياء-
121- يونس بْن مُحَمَّد بْن مغيث بْن مُحَمَّد بن يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث [2] .
أبو الحسين القُرْطُبيّ، أحد الأئمة.
روى عن: جدّه مُغِيث. وعن: القاضي أبي عمر بن الحذّاء، وحاتم بن محمد، ومحمد بن بشير، وأبي مروان بن سِرَاج، وأبي عبد الله بن منصور،
__________
[ () ]
ولست أرى أذكاركم بعد خبركم ... بمكرمة حسبي اهتزازكم حسبي
[1] وقال ابن خلّكان: كان نبيلا فاضلا، جليل القدر، له تاريخ لطيف سمّاه «صدور زمان الفتور وفتور زمان الصدور» ، ونقل منه العماد الأصبهاني في كتاب «نصرة الفترة وعصرة الفطرة» الّذي ذكر فيه أخبار الدولة السلجوقية نقلا كثيرا. (وفيات الأعيان 4/ 67) .
[2] انظر عن (يونس بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 688 رقم 1518، والغنية للقاضي عياض 224- 226 رقم 96، وبغية الملتمس 513، 514 رقم 1501، ومعجم أصحاب ابن الصدفي 309 رقم 313، وتذكرة الحفاظ 4/ 1277، والعبر 4/ 90، وسير أعلام النبلاء 20/ 123، 124 رقم 74، وأزهار الرياض 3/ 161، وعيون التواريخ 12/ 340، ومرآة الجنان 3/ 260، وبغية الوعاة 2/ 366، وشذرات الذهب 4/ 101، 102، وشجرة النور الزكية 1/ 133، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (بتحقيقنا) (القسم الثاني) 5/ 75 رقم 1379.(36/306)
ومحمد بن سعدون القَرَويّ، وأبي جعفر بن رزق، ومحمد بن فَرَج، والغسّانيّ، وغيرهم.
قال ابن بَشْكُوال [1] : كان عارفًا باللّغة والإعراب، ذاكرًا للغريب والأنساب، وافر الأدب، قديم الطّلب، نبيه البيت والحَسَب، جامعًا للكُتُب، راوية للأخبار، عالمًا بمعاني الأشعار، أنيس المجالسة، فصيحًا، حَسَن البيان، مشاورا في الأحكام، بصيرا بالرجال وأزمانهم وثقاتهم، عارفا بعلماء الأندلس وملوكها.
أخذ النّاس عنه كثيرًا، وقرأتُ عليه، وأجازني. ومولده في رجب سنة سبْعٍ وأربعين وأربعمائة.
وتُوُفّي في ثامن جُمَادَى الآخرة، وصلّى عليه ابنه أبو الوليد.
قلت: كان يونس مِن أسند مَن بقي بالأندلس وأجلّهم.
روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن مفرّج القَنطريّ الحافظ، ومحمد بن عبد الرحمن بن عُبَادة الْجَيّانيّ المقرئ، ومحمد بن عبد الرحيم بن الفَرَس الغَرْناطيّ، ومحمد بن عبد الله بن ميمون العَبْدريّ الشّاعر، وأبو مُحَمَّد عَبْدِ اللَّهِ بْن مُحَمَّدِ بْن عُبَيْد الله الحَجْريّ، وعبد الله بن طلحة المحاربيّ الغَرْناطيّ، وأبو القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن حُبَيْش، وعبد الرحمن بن محمد الشّرّاط، وآخرون.
وأول سماعه بعد السّتّين وأربعمائة [2] .
__________
[1] في الصلة 688.
[2] وقال القاضي عياض: آخر المشايخ بقرطبة ولسانهم وصدرهم وأسند من بقي منهم، وشيخ فتواهم وروايتهم في وقته، وذو التقدّم والوجاهة والسبق بها، له سماع قديم من جدّه مغيث بن محمد، من أبي عمر ابن الحذّاء، وحاتم بن محمد الطرابلسي، وأبي بكر ابن منظور، وأبي عبد الله ابن بشير، وأبي مروان ابن سراج، وابن سعدون، وابن رزق، وابن فرج، والغساني، وغيرهم. انفرد أخيرا بالرواية عن حاتم، وابن الحذّاء ممّن ذكرناه، ورحل إليه الناس وسمعوا منه. وكان فصيحا مفوّها، ذا هيبة، أديبا عارفا بالخبر والتاريخ، أنيس المجالسة حسن البرّ والصحبة. (الغنية 224) .(36/307)
سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة
- حرف الألف-
122- أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن أَحْمَد [1] .
أبو العباس البغداديّ، المقرئ، العسّال.
قال ابن السّمعانيّ: شيخ، صالح، مستور. قرأت عليه يسيرًا، عن أبي عبد الله البُسْريّ.
وتُوُفّي في شعبان.
123- أحمد بن عبد الباقي بن الحَسَن بن منازل [2] .
أبو المكارم الشّيْبانيّ، السّقْلاطُونيّ [3] ، الحريميّ [4] ، ابن عمّ ابن زُرَيق القّزاز.
سمع الكثير من: أَبِي الحسين بْن النَّقُّور، وأبي نصر الزَّيْنبيّ، وطائفة.
ونسخ بخطّه.
روى عنه: أبو حامد عبد الله بن ثابت بن النّحّاس.
مات في عاشر صَفَر [5] .
أثنى عليه عمر بن أحمد بن سهلان وسمع منه [6] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته، ولعلّه في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .
[2] انظر عن (أحمد بن عبد الباقي) في: المنتظم 10/ 79 رقم 101 (17/ 336 رقم 4047) .
[3] لم أجد هذه النسبة.
[4] في (الأنساب 4/ 125 و 126) : «الحريمي» و «الحريمي» . فالذي بالفتح نسبة إلى قبيلة من سعد العشيرة، نسبة إلى حريم بن جعفي، والحريم الطاهري: محلّة كبيرة ببغداد.
وبضم أوله وفتح الراء نسبة إلى حريم وهو بطن من الصدف.
[5] ولد سنة ستين وأربعمائة.
[6] وقال ابن الجوزي: وكان شيخا صالحا مستورا، وسماعه صحيح، وحدّث.(36/308)
124- أحمد بن عبد الرحمن بن أبي عَقِيل [1] .
أبو المكارم.
ذكره الحافظ ابن المفضّل في «الوَفَيَات» هكذا، ولا أعرفه [2] .
125- أحمد بن عبد الملك بن موسى بن أبي جَمْرَة [3] .
الأمويّ، مولاهم المُرْسيّ، أبو العباس.
سمع: أباه، وأبا بكر بن أبي جعفر، وهشام بن أحمد، وغيرهم. وأجاز له
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الرحمن بن أبي عَقِيل) في: أخبار الدول المنقطعة للأزدي 101، ونزهة المقلتين لابن الطوير 107، 108، وأخبار مصر لابن ميسّر 128، 131، والدرّة المضيّة 528، واتعاظ الحنفا 3/ 163 و 172، والمقفّى الكبير 1/ 491 رقم 478، ورفع الإصر عن قضاة مصر 1/ 79، 80، وحسن المحاضرة 2/ 52، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 1/ 312 رقم 151.
[2] يقول خادم العلم محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : هو قاضي القضاة أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي عقيل، الملقّب بالأعزّ، من أسرة بني أبي عقيل أمراء مدينة صور وقضاتها في العصر الفاطمي، انظر شجرة نسب الأسرة في كتابنا: تاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ عبر العصور (طبعة ثانية) ج 1/ 350، وكتابنا: «لبنان في العصر الفاطمي» (سلسلة: دراسات في تاريخ الساحل الشامي) ، تحت الطباعة، يصدر عن «دار جرّوس برسّ» بطرابلس.
قال المقريزي: ولي قضاء القضاة بديار مصر بعد عزل سناء الملك أبي عبد الله محمد بن هبة الله بن ميسّر في سابع المحرّم سنة إحدى وثلاثين. فباشر ذلك إلى أن مات، وهو قاض في شعبان سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة. فقال [ ... ] يرثيه:
هو الدهر للخطب المبرّح يخطب ... ويندب للأمر الّذي منه يندب
يجلّ الثرى إذا آثروه ... ............... .... ... مواعيده برق لراجيه خلّب
فلا تكن ممّن بالمطامع يخلب ... وما أحد تخفى عليه فعاله
فيرجو، ولكنّ البقاء محبّب ... بنفسي من أهدى الزمان بقاءه
وعاد بما أهدى يهدّ ويسلب ... وأقام الحكم بعده شاغرا ثلاثة أشهر. (المقفّى الكبير 1/ 491) .
و «أقول» : وأسرة بني أبي عقيل كانت سنّيّة تتولّى القضاء للدولة الفاطمية الإسماعيلية. وأخوه هو الرئيس الكبير أبو طالب علي بن عبد الرحمن المتوفى سنة 537 هـ. وقد ترجم له المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في هذا الجزء برقم (333) .
[3] انظر عن (أحمد بن عبد الملك) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 1/ 46، والعبر 4/ 91، وسير أعلام النبلاء 20/ 91، 92 رقم 51، ومرآة الجنان 3/ 261 وفيه: «حمزة» ، وعيون التواريخ 12/ 353 وفيه «حمزة» أيضا، والديباج المذهب 1/ 217، وغاية النهاية 1/ 77، والنجوم الزاهرة 5/ 265، وشذرات الذهب 4/ 102.(36/309)
أبو عمر بن عبد البَرّ، وأبو عَمْرو المقرئ. قاله ابن الأَبّار [1] .
وقال: حدَّث عنه ابنه القاضي أبو بكر محمد شيخنا. وتوفّي في رمضان.
قلت: أبو عَمْرو هو عثمان بن سعيد الدّانيّ، وهو آخر من حدَّث عنه في الدّنيا بالإجازة. والقاضي أبو بكر هو آخر من روى عن أبيه، وبقي إلى سنة تسعٍ وتسعين. وهو أكبر شيخ لأبي عبد الله الأَبار المؤرخ. سمع «التّيسير» من أبيه، عن المصنّف إجازة.
126- أحمد بن عليّ [2] .
أبو البقاء الظَّفريّ [3] ، البيطار.
حدَّث عن: أحمد بن عثمان بن نفيس.
وتُوُفّي بالشُّونِيزيَّة.
127- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد [4] .
أبو الفضل الطُّوسيّ، الشُّلانْجِرْديّ [5] ، وشُلانْجِرْد: قرية من قرى طُوس.
كان رجلًا صالحًا، خيّرًا، استوطن به أبوه الإسكندرية، وأَمّ بمسجد المواريث.
قال السِّلَفيّ: أنبا عن أبي اللَّيث نصر بن الحسين التُنْكُتيّ [6] ، وهبة الله بن عبد الوارث الشّيرازيّ.
وكان مولده في سنة سبْعٍ وأربعين وأربعمائة.
وتوفّي في جمادى الأولى، وشيّعه خلائق.
__________
[1] في تكملة الصلة 1/ 46.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الظفري: بفتح الظاء المعجمة، والفاء، وفي آخرها الراء المهملة. هذه النسبة إلى «ظفر» وهو بطن من الأنصار. (الأنساب 8/ 300) .
[4] انظر عن (أحمد بن محمد الطوسي) في: معجم السفر للسلفي 1/ 138، 139 رقم 26.
[5] الشّلانجردي: بضم الشين المعجمة، ولام ألف، ونون ساكنة، وكسر الجيم، وسكون الراء، ودال مهملة مكسورة. (الأنساب 7/ 430) .
[6] التنكتي: بضم التاء المثنّاة، وسكون النون، وضم الكاف، وكسر التاء المثنّاة من فوق. نسبة إلى تنكت، قصبة الشاش.(36/310)
128- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز [1] .
أَبُو جَعْفَر اللَّخْميّ، الإشبيليّ، تلميذ أبي عليّ الغسّانيّ.
قال ابن بَشْكُوال [2] : أخذ عنه مُعْظَم ما عنده. وكان أبو عليّ يصفه بالمعرفة والذكاء، ويرفع بذِكْره.
وأخذ أيضًا عن: أبي الحَجّاج الأعلم، وأبي مروان بن سِرَاج، وأبي بكر المُصْحفيّ [3] .
وكان من أهل المعرفة بالحديث والرجال، مقدَّمًا في الإتقان، مع التَّقدُّم في اللغة والأدب والأخبار، ومعرفة أيّام النّاس. أخذت عنه وجالسته.
وتوفّي في ربيع الأوّل بقرطبة.
قال ابن نُقْطَة وغيره: يُعرف بابن المرْجيّ [4] مستفاد من المرجي، بالجيم.
قلت: روى عَنْهُ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الشَّلبيّ، وعليّ بن عتيق بن موسى [5] .
129- أحمد بن محمد بن الحسين بن نَصْرُوَيْه [6] .
الفراض، أبو العباس.
من أهل باب المراتب.
سمع: أبا عبد الله الحميديّ، وابن طلحة النّعاليّ.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد بن عبد العزيز) في: الغنية للقاضي عياض 108- 113 رقم 36، والصلة لابن بشكوال 1/ 80 رقم 175، وبغية الملتمس للضبيّ، رقم 363، ومعجم أصحاب الصدفي 17 رقم 13، وأزهار الرياض 3/ 157.
[2] في الصلة 1/ 80، 81.
[3] في (الصلة) : «أبي المصحفي» .
[4] في الغنية 108: «المرخي» بالخاء.
[5] وقال القاضي عياض: وكان يفهم علم الحديث ويحسن الضّبط، وروى كثيرا، وقيّد وأتقن، واختصّ بأبي علي الجياني وأكثر عنه ... وله حظّ جيّد من الأدب والخبر، وكان الجياني يثني عليه ويقدّمه.
حدّثني الوزير أبو العلاء ابن زهر أنّ الجياني حضّه على صحبته وتصحيح الحديث عليه وعلى أبي بكر ابن مفوّز. قال: وقال لي: ليس من هنا إلى مكة في هذا الباب مثلهما.
قرأت عليه بعض حديثه بقرطبة وصحبته كثيرا وذاكرته، وسمعت منه بلفظه أشياء، وقد سمع منه الناس كثيرا بإشبيليّة. (الغنية 108، 109) .
[6] لم أجد مصدر ترجمته، ولعله في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .(36/311)
قال ابن السّمعانيّ: شيخ صالح، فقير، تابع. كان يسمع معنا.
وتوفّي في إحدى الجماديين.
130- أحمد بْن منصور بْن محمد بْن القاسم بن خَنْب [1] .
أبو نصر النَّيْسابوريّ، الصّفّار [2] ، والد عمر، وجدّ أبي سهل.
سمع: أبا سهل الحفْصيّ، وأبا سعد أحمد بن إبراهيم المقرئ، وأبا القاسم القُشَيريّ.
سمع منه: أبو سعد السّمعانيّ وقال: كان شيخًا، متميزًا، عالمًا، سديد السّيرة، صالحا. ولد سنة سبع وأربعين وأربعمائة في شعبان.
تُوُفّي في أوّل رمضان سنة ثلاثٍ.
سمعت منه، ومن زوجته دردانة بنت إسماعيل بن عبد الغافر، ومن ولديهما عمر، وعائشة.
131- أَحْمَد بْن هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الزَّيْنبيّ [3] .
أبو العباس.
تُوُفّي بالبصرة في شغل للخليفة.
روى عن: أبي نصر الزّينبيّ.
وعنه: ابن السّمعانيّ، وابن عساكر.
132- إبراهيم بن أبي الفتح بن عبد الله بن خفاجة [4] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته، ولعلّه في (معجم شيوخ ابن السمعاني) ، وقد ذكر أخاه في (الأنساب 8/ 78) : «عمر بن منصور بن خنب» .
[2] الصّفّار: بفتح الصاد المهملة، وتشديد الفاء، وفي آخرها الراء المهملة، يقال لمن يبيع الأواني الصّفرية: «الصفّار» .
[3] انظر عن (أحمد بن هبة الله) في: معجم الشيوخ لابن السمعاني، ومشيخة ابن عساكر.
[4] انظر عن (إبراهيم بن أبي الفتح) في: قلائد العقيان 231، ومطمح الأنفس 86، والذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لابن بسّام ق 3 مجلّد 2/ 541- 652، والمنازل والديار 2/ 254 و 283، وخريدة القصر (قسم الأندلس) 2/ 147 و 3/ 548، وبغية الملتمس للضبّي 202، والمطرب 109، وتكملة الصلة لابن الأبّار 1/ 175، ومعجم أصحاب الصدفي 59، والمغرب في أخبار المغرب 2/ 368، وبدائع البدائه 127، 128، 253، 376، 377، 397، ووفيات الأعيان 1/ 56، 57، ومسالك الأبصار (مخطوط) 11/ 255، وصفة الجزيرة 103، وسير أعلام النبلاء(36/312)
أبو إسحاق الأندلسيّ، الشاعر المشهور. وديوانه موجود بأيدي النّاس [1] عاش ثلاثًا وثمانين سنة. وكان رئيسًا مُفَخَّمًا. له النَّظْم المُفْلِق، والنَّثْر الرّائق، وله تأليف في غريب اللّغة، وهو القائل:
وعَشِيَّ أنسٍ أَضْجَعَتْني نَشْوةٌ ... فيه تُمَهِّد مضجعي وتُدَمِّثُ
خلعت عليَّ الأراكةُ ظِلَّها ... والغُصْنُ يُصْغِي والحَمَام يُحَدِّثُ
والشّمسْ تَجْنَحُ للغُروب مريضة [2] ... والرّعْدُ يَرْقى والغمامةُ تَخْفُتُ [3]
133- إسماعيل بن محمد بن أحمد [4] .
أبو طاهر الأصبهانيّ، الوثّابيّ، الشاعر [5] .
أَضرّ في آخر عمره وافتقر [6] .
وقيل كان يخلّ بالصّلوات [7] .
روى عن: أبي عَمْرو بن مَنْدَهْ [8] .
__________
[20] / 51 رقم 28، ونفح الطيب (انظر فهرس الأعلام) ، وتاريخ الأدب العربيّ 5/ 127.
[1] صدر عن دار المعارف بالإسكندرية 1960.
[2] في سير أعلام النبلاء 20/ 51 «عليلة» ، والمثبت يتفق مع الديوان.
[3] ديوان ابن خفاجة 62.
[4] انظر عن (إسماعيل بن محمد) في: التحبير 1/ 106- 108 رقم 29، والأنساب 12/، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 46 أ، ونزهة الألبّاء 287، ومعجم الأدباء 7/ 361- 40 رقم 9، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 4 ب.
[5] قال ابن السمعاني: كان أديبا فاضلا، وكانت له معرفة تامة بالأدب، وطبع جواد بالنظم والنثر، ما رأيت بأصبهان في صنعة الشعر والترسّل أفضل منه ولا أقوم به. (التحبير) وانظر: نزهة الألبّاء.
[6] التحبير.
[7] التحبير، نزهة الألبّاء.
[8] وقال ابن السمعاني: وأذكر أني دخلت داره غير مرّة، فرأيته في حالة رثّة وثياب بالية، وكان قد ضعف بصره، وكتبت عنه الحديث واستنشدته أقطاعا من الشعر، فمن جملة ما أنشدني لنفسه:
أشاعوا وقالوا: وقفة ووداع ... وزمّت مطايا للرحيل سراع (1)
فقلت: فراق (2) لا أطيق احتماله (3) ... كفاني من البين المشتّ سماع
ولا يملك الكتمان قلب ملكته ... وعند النّوى سرّ المكتوم يذاع (4)
(1) (في التحبير 1/ 106 بالحاشية رقم 158) : «شراع» .
(2) هكذا في التحبير. وفي معجم الأدباء: «وداع» .
(3) هكذا. وفي المعجم: «عيانه» .
(4) هكذا وفي معجم الأدباء: «سر الكتوم مذاع» .
وفي (معجم الأدباء 7/ 37) : قال السمعاني: دخلت عليه داره بأصبهان وما رأيت أسرع بديهة منه في النظم والنثر. اقترحت عليه رسالة فقال لي: خذ القلم واكتب، وأملى عليّ في الحال بلا تروّ ولا تفكّر، كأحسن ما يكون.
وأنشد عنه له:
فو الله لا أنسى مدى الدهر قولها ... ونحن على حدّ الوداع وقوف
وللنار من تحت الضلوع تلهّب ... وللماء من فوق الخدود وكيف
ألا قاتل الله الصروف فإنّما ... تفرّق بين الصاحبين صروف
وأنشد له عنه أيضا:
طابت لعمري على الهجران ذكراها ... كأنّ نفسي ترى الحرمان ذكراها
تحيا بيأس وتفنيها طماعية ... هل مهجة برد يأس الوصل أحياها؟
قامت لها دون دعوى الحب بيّنة ... بشاهدين أبانا صدق دعواها
إرسال شكوى وإجراء الدموع معا ... وإن تحقّقت مجراها ومرساها
وأنشد عنه له من قصيدة:
فعج صاح بالعوج الطّلاح إلى الحمى ... وزر أثلات القاع طال بها العهد
تعوّض عينا بعد عين أو انسا ... وأوحش أحشاء تضمّنها الوجد
وما ساءني وجد ولا ضرّني هوى ... كما ساءني هجر تعقّبه صدّ
تبصّر خليلي من ثنيّة بارق ... بريقا كسقط النار عالجه الزّند
يدقّ وأحيانا يرقّ ويرتقي ... ويخفى كرأي الغمر إمضاؤه ردّ
فيقضي بها من ذكر حزوى لبانة ... ويطفي بها من نار وجد بها وقد
وإن كان عهد الوصل أضحى نسيئة ... فهاك أليل البرق إذ عهده نقد
وشم لي نسيم الريح من أفق الحمى ... فقد عبق الوادي وفاح بها الرّند
(معجم البلدان 7/ 38- 40) .(36/313)
أنوشروان.
مرّ في عالم أوّل، وهو هنا على قَوْل [1] .
- حرف التاء-
134- تمّام بن عبد الله [2] الظّنّيّ [3] الدّمشقيّ.
__________
[1] قول ابن الأثير في (الكامل 11/ 70، 71) .
[2] انظر عن (تمّام بن عبد الله) في: تاريخ دمشق لابن عساكر، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 5/ 304 رقم 158، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 345.
[3] الظّنّيّ: بالظاء المعجمة والنون المشدّدتين- نسبة إلى الظّنّيّة، كورة تابعة لطرابلس الشام من الجهة الشمالية الشرقية. يقال لها الآن «الضنّيّة» بالضاد المعجمة.
وقد تحرّفت هذه النسبة في (تهذيب تاريخ دمشق 3/ 345) إلى: «الظبي» .(36/314)
السّرّاج.
شيخ حافظ للقرآن.
سمع: عليّ بن الحَسَن بن طاوس، وسهل بن بِشْر الإسْفَرَائينيّ.
روى عنه: الحافظ ابن عساكر.
- حرف الحاء-
135- الحسن بن سلامة بن ساعد [1] .
المنبجي، الفقيه، قاضي نهر عيسى. أبو علي.
ورد بغداد، وتفقه بها على: القاضي أبي عبد الله الدامغاني.
وقيل: كان معتزليا. ولم يظهر عنه.
حدَّث عن: أبي نصر الزَّيْنبيّ.
وعنه: أبو سعد السّمعانيّ، وابن عساكر، ومحمود بن الحَسَن المؤدب.
136- الحَسَن بن الفضل [2] .
أبو عليّ الأصبهانيّ، الأَدميّ، الفقيه، الأديب.
أحد طَلَبَة الحديث.
سمع: أبا منصور بن شكْرُوَيْه، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وطائفة.
روى عنه: رجب بن مذكور، وغيره.
أرخه ابن النّجّار في ربيع الأوّل من السّنة.
137- الحسين بن الخليل بن أحمد [3] .
الإمام أبو عليّ النَّسفيّ، الفقيه. نزيل سَمَرْقَنْد.
سمع «صحيح البخاريّ» من الحَسَن بن عليّ الحَمّاديّ [4] ، صاحب أبي عليّ الكِسائيّ، وحدَّث به.
__________
[1] انظر عن (الحسن بن سلامة) في: الأنساب 11/ 487.
[2] ذكره ابن النجار في الجزء المفقود من (ذيل تاريخ بغداد) .
[3] انظر عن (الحسين بن الخليل) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
[4] الحمّادي: بفتح الحاء المهملة، والميم المشدّدة بعدهما الألف، وفي آخرها الدال المهملة.
هذه النسبة إلى «حمّاد» وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه. (الأنساب 4/ 201) .(36/315)
وتفقه ببُخارى على: أبي الخطّاب الكَعْبيّ. وببلْخ على: الإمام أبي حامد الشُّجَاعيّ.
ذكره ابن السّمعانيّ فقال: إمام، فاضل، ورِع، له يدّ باسطة في النَّظَر.
وورد بغداد حاجًا في سنة ستّ عشرة، وحدَّث بها. ولي منه إجازة.
تُوُفّي أبو عليّ هذا في الحادي والعشرين من رمضان.
وأبو الخطّاب هذا هو: محمد بن إبراهيم القاضي.
138- حُمَيْد بن منصور [1] .
أبو نصر الدَّرْعيّ، الهَمَذانيّ، الصُّوفيّ، المعروف بالشَيخ الزّاهد.
نزيل بغداد، وخادم رباط بهروز.
قال ابن السّمعانيّ: كان صالحًا، كثير التَّهَجُّد، دائم التّلاوة، خدم الفقراء، وناطَحَ التّسعين.
وسمع بهَمَذَان: بُجَيْر بن منصور، ومحمد بن الحسين بن فَنْجُوَيْه.
وسمعت منه، وقال: لي ثلاث وتسعون سنة.
قال: وذلك في وسط سنة اثنتين.
وتُوُفّي في ثامن عشر رمضان سنة ثلاثٍ وثلاثين. وصلّى عليه أبو محمد سِبْط الخيّاط بوصيةٍ منه.
وتُوُفّي شيخه بجير سنة تسعين وأربعمائة.
- حرف الزاي-
139- زاهر بْن طاهر بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يوسف بْن محمد بْن المَرْزُبان [2] .
__________
[1] انظر عن (حميد بن منصور) في: معجم الشيوخ لابن السمعاني.
[2] انظر عن (زاهر بن طاهر) في: المنتخب من السياق 229، 230 رقم 724، والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 121، والمنتظم 10/ 79، 80 رقم 102 (17/ 336، 337 رقم 4048) ، والكامل في التاريخ 11/ 71، والتقييد لابن نقطة 272، 273 رقم 336، ودول الإسلام 2/ 53، والإعلام بوفيات الأعلام 219، والمعين في طبقات المحدّثين 157 رقم 1696، وسير أعلام النبلاء 20/ 9- 13 رقم 5، والعبر 4/ 91، 92، وميزان الاعتدال.(36/316)
أبو القاسم بن أبي عبد الرحمن النَّيْسابوريّ، الشّحّاميّ، الشُّرُوطيّ.
المحدّث المستملي.
وُلِد في ذي القعدة سنة ستّ وأربعين وأربعمائة [1] بنيسابور، واعتنى به أبوه فسمّعه الكثير، وبكّر به، واستجاز له الكبار.
وسمع أيضًا «مُسْنَد أبي يَعْلَى» من أبي سعد الكَنْجَرُوذيّ، «والسُّنَن الكبير» للبَيْهَقيّ، منه.
وسمع «الأنواع والتقاسيم» من عليّ بن محمد البَحَّاثيّ، عن محمد بن أحمد الزَّوْزَنيّ، عن أبي حاتم البُسْتيّ.
وسمع كتاب «شعب الإيمان» و «الزّهد الكبير» و «المدخل إلى السُّنَن» وبعض «تاريخ الحاكم» أو أكثره، من أبي بكر البَيْهَقيّ.
وسمع: أباه، وأبا يَعْلَى إسحاق بن عبد الرحمن الصّابونيّ، وأبا سعد الكَنْجَرُوذيّ المذكور، وأبا عثمان سعيد بن أبي عَمْرو البَحيريّ، وسعيد بن أبي سعيد العيّار، ومحمد بن محمد بن حمدون السُّلَميّ، وأبا القاسم عبد الكريم القُشَيْريّ، وسعيد بن منصور القُشَيريّ، وأبا سعد أحمد بن إبراهيم بن أبي شمس، وأحمد بن منصور المغربيّ، وأبا بكر محمد بن الحَسَن المقرئ، ومحمد بن عليّ الخشّاب، وأبا الوليد الحَسَن بن محمد البلْخيّ، وخلْقًا سواهم في مشيخته الّتي وقعت لنا بالإجازة العالية.
وأجاز له: أبو حفص بن مسرور الزّاهد، وأبو محمد الجوهريّ، وأبو الحسين عبد الغافر الفارسيّ.
__________
[2] / 64، والمغني في الضعفاء 1/ 236، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 118- 120، والبداية والنهاية 12/ 215، والوافي بالوفيات 14/ 167، وعيون التواريخ 12/ 353، وغاية النهاية، رقم 1282، ولسان الميزان 2/ 470 رقم 1892، وكشف الظنون 1/ 370، وشذرات الذهب 4/ 102، وهدية العارفين 1/ 372، وديوان الإسلام 2/ 368 رقم 1041 وفيه تحرّف إلى: «زاهد» ، والرسالة المستطرفة 74، وتاريخ الأدب العربيّ 6/ 246، والأعلام 3/ 40، ومعجم المؤلفين 4/ 179.
[1] المنتظم.(36/317)
وحدَّث بنَيْسابور، وبغداد، وهَرَاة، وهَمَذَان، وأصبهان، والرَّيّ، والحجاز. واستملى بعد أبيه على شيوخ نَيْسابور كأبي بكر بن خَلَف الشّيرازيّ فمَن بَعْده.
وكان شيخًا متيقظًا، له فَهْمٌ ومعرفة، فإنه خرّج لنفسه «عوالي مالك» و «عوالي سُفْيان بن عُيَيْنَة» ، والألف حديث «السُّباعيّات» . وجمع عوالي ما وقع له من حديث ابن خُزَيمة في نيِّفٍ وثلاثين جزءًا، وعوالي ما وقع له من حديث السّرّاج، نحوًا من ذلك. وعوالي عبد الله بن هاشم، وعوالي عبد الرحمن بن بِشْر، «وتُحفة [1] العيدين» ، ومشيخته.
وأملى بنَيْسابور قريبًا من ألف مجلس، وصار له أنس بالحديث.
وكان ذا نهمة في تسميع حديثه، رحل في بذْله كما يرحل غيره في طلب الحديث، وكان لَا يضجر من القراءة.
قال ابن السّمعانيّ: كان مكثِرًا متيقظًا، وَرَدَ علينا مَرْو قَصدًا للرواية بها، وخرج معي إلى أصبهان، لَا له شغل إلّا الرواية بها. وازدحم عليه الخلق.
وكان يعرف الأجزاء. وجمع، ونسخ، وعُمِّر. فقرأت عليه «تاريخ نَيْسابور» في أيّام قلائل، فكنت أقرأ من قبل طلوع الشمس إلى الظهر، ثمّ أصلّي وأقرأ إلى العصر، ثمّ إلى المغرب. وربّما كان يقوم من موضعه.
وكان يُكرم الغرباء يُعِيرهم الأجزاء، ولكنّه لَا يخلّ بالصّلاة إخلالًا ظاهرًا وقت خروجه معي إلى أصبهان، فقال لي أخوه وجيه: يا فلان، اجتهد حتّى تُقعد هذا الشَيخ ولا يسافر ويفتضح بترك الصّلاة. وظَهَر الأمر كما قال أخوه، وعرف أهل أصبهان ذلك وشنعوا عليه، حتّى ترك أبو العلاء أحمد بن محمد الحافظ الرواية عنه، وضرب على سماعاته منه. وأنا فوقت قراءتي عليه التّاريخ، ما كنت أراه يصلّي، وأوّل من عَرَّفَنَا ذلك رفيقُنا أبو القاسم الدّمشقيّ، قال: أتيته قبل طلوع الشّمس، فنبّهوه فنزل ليقرأ عليه وما صلّى، وقيل له في ذلك، فقال:
لي عُذْر وأنا أجمع بين الصّلوات كلّها. ولعلّه تاب في آخر عمره، والله يغفر له [2] .
__________
[1] في سير أعلام النبلاء 20/ 11 «تحفتي العيدين» .
[2] قال ابن الجوزي: «ومن الجائز أن يكون به مرض، والمريض يجوز له الجمع بين الصلوات،(36/318)
وكان خبيرًا بمعرفة الشُّرُوط، وعليه العُمْدة في مجلس القضاء.
قلت: روى عَنْهُ: أَبُو القاسم بْن عساكر، وأبو سعد السّمعانيّ، وأبو موسى المدينيّ، وأبو بكر محمد بن منصور السّمعانيّ والد أبي سعد، ومنصور بن أبي الحَسَن الطَّبريّ، وصاعد بن رجاء الهَمَذانيّ، وعليّ بن القاسم الثَّقفيّ، وعليّ بن الحسين بن زيد الثَّقفيّ، وأسعد بن سعيد، ومحمود بن أحمد المقرئ. وعبد الغنيّ ابن الحافظ أبي العلاء العطّار، وأبو العمد عبد الوهّاب ابن سُكينة، وزاهر بن أحمد الثَّقفيّ، وعبد اللَطيف بن محمد الخُوارَزْميّ، ومُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْجُنَيْد، وعبد النّبيّ بن عثمان الهَمَذانيّ، وإبراهيم بن بركة البيِّع المقرئ، وعبد الله بن المبارك بن دوما الأزجيّ [1] ، وأبو الخير أحمد بن إسماعيل القَزْوينيّ وإبراهيم بن محمد بن حَمَدِيَّة، وعبد الخالق ابن عبد الوهّاب الصّابونيّ، وثابت بن محمد المَدِينيّ الحافظ، وعليّ بن محمد بن يَعِيش الأنباريّ، ومحمد بن أبي المكارم أسعد القاضي، ومودود بن محمد الهَرَويّ ثمّ الأصبهانيّ، والمؤيد بن محمد الطُّوسيّ، وأبو رَوْح عبد المُعِزّ الهَرَويّ، وزينب الشّعريَّة.
وتُوُفّي في رابع عشر ربيع الآخر بنَيْسابور.
ولا ينبغي أنّ يُروى عن تارك الصّلاة شيء البتّة [2] .
__________
[ () ] فمن قلّة فقه هذا القادح رأى هذا الأمر المحتمل قدحا» .
[1] في الأصل: «روما الأرجي» .
[2] وقال عبد الغافر: ثقة الدين شيخ مشهور، ثقة معتمد، من بيت العلم والزهد والورع والحديث والبراعة في علم الشروط والأحكام، وأبوه عبد الرحمن بارع وقته.
سمع زاهر الكثير من مشايخ الطبقة الثانية، كأبي سعد الكنجروذي، والبحيرية، والبيهقي، وأكثر عنه من تصانيفه، وحصّل النسخ، وجمع أبوابا من مسانيد المشايخ، وأملى قريبا من عشرين سنة في الحظيرة المنسوبة إليهم، وقرئ عليه الكثير من التصانيف والمتفرقات.
وقال ابن الجوزي: «أجاز لي جميع مسموعاته، وأملى في جامع نيسابور قريبا من ألف مجلس، وكان صبورا على القراءة عليه، وكان يكرم الغرباء الواردين عليه ويمرّضهم ويداويهم، ويعيرهم الكتب» . (المنتظم) .(36/319)
140- زُهير بن عليّ بن زُهير [1] .
أبو نصيْر [2] الخداميّ [3] ، بخاء مكسورة، السَّرْخَسيّ، ثمّ المِيهنيّ.
سمع: عبد الرحمن بن محمد البُوسَنْجيّ [4] ، والحافظ محمد بن محمد بن زيد الحسينيّ.
ولد سنة خمس وخمسين وأربعمائة.
روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: مات في رمضان.
- حرف السين-
141- سلامة بن غَيّاض [5] .
أبو الخير الكَفَرْطَابيّ [6] .
من أئمة النَّحْو. أخذ بمصر عن ابن القطّاع [7] .
وصنَّف كتابًا عشر مجلَّدات في الأدب [8] .
أخذ عنه ابن الخشّاب.
كان حيّا في هذا العام [9] .
__________
[1] انظر عن (زهير بن علي) في: التحبير 1/ 292، 293 رقم 224، والأنساب 5/ 58، واللباب 1/ 348، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 6 أ.
[2] هكذا ضبطت في الأصل. وفي التحبير: «أبو نصر» .
[3] الخدامي: نسبة إلى خدام الجدّ، والمشهور بهذه النسبة بيت كبير بسرخس. (الأنساب 5/ 58، اللباب 1/ 348) .
[4] هكذا في الأصل بالسين المهملة. وفي (الأنساب 2/ 332) : «البوشنجي» بضم الباء الموحّدة وفتح الشين المعجمة وسكون النون وفي آخرها الجيم. هذه النسب إلى بوشنج وهي بلدة على سبعة فراسخ من هراة يقال لها بوشنك.
[5] انظر عن (سلامة بن غيّاض) في: معجم الأدباء 11/ 233، 234 رقم 73، وإنباه الرواة 2/ 67، 68، وبغية الوعاة 1/ 259، وكشف الظنون 393، 1710، ومعجم المؤلفين 4/ 237.
[6] الكفرطابي: نسبة إلى كفرطاب، بلدة بين حلب وحماة.
[7] هو أبو القاسم علي بن جعفر بن القطّاع السّعديّ.
[8] هو كتاب: «التذكرة» . وله: كتاب: «ما تلحن فيه العامّة في زمانه» ، ورسالة في الحضّ على تعليم العربية.
[9] قال ياقوت: مات سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة. وقال ابن النجار إنه قدم بغداد سنة ست وعشرين وخمسمائة.
ومن شعره:(36/320)
- حرف الصاد-
142- صالح بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد [1] بْن المُعَزَّم [2] .
أبو زيد الهَمَذانيّ، إمام الجامع بهَمَذَان.
شيخ فاضل، حَسَن الطّريقة.
سمع بهَمَذَان: أبا إسحاق الشّيرازيّ، وسُفْيان بن مَنْجُوَيْه، وأحمد بن عمر الصدوقي.
روى عنه: أبو سعد السّمعانيّ [3] .
وُلِد سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وتُوُفّي بهَمَذَان في أواخر شعبان.
- حرف الطاء-
143- الطَّيِّب بن محمد بن أحمد [4] .
أبو بكر الأَبِيوَرْديّ، الغَضَائريّ [5] .
ذكره السّمعانيّ في «الذَّيْلِ» ، فقال: شيخ صالح، ديِّن، خيِّر، مِن أهل القرآن. حَسَن الأخلاق.
صحِب المشايخ، وجال في الآفاق، وصحِب السِّلَفيّ، وسمع بقراءته من: محمد بن حامد المَرْوَزِيّ، ومحمود بن أبي مَخْلَد الطَّبريّ، وجماعة.
قال: قدِم علينا مَرْو، وانتخب له جزءا، وما رأيت في الصُّوفيَّة أجمعَ للأخلاق الحَسَنة، مع التّواضع التّامّ والخدمة، على كِبَر السِّنّ مِثلَه.
__________
[ () ]
اقنع لنفسك فالقناعة ملبس ... لا يطمع الأشرار في تخريقه
فلربّ مغرور غدا تغريقه ... في حرصه سببا إلى تغريقه
[1] انظر عن (صالح بن محمد) في: التحبير 1/ 340 رقم 286، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 124 أ، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 6 أ.
[2] في الأصل: «المعوم» .
[3] وقال: كتبت عنه بهمذان.
[4] انظر عن (الطيّب بن محمد) في: التحبير 1/ 354، 355 رقم 300، والأنساب، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 6 أ.
[5] في التحبير: «الغضاري» ، والمثبت يتفق مع الأنساب، وملخص تاريخ الإسلام، و «الغضائري» : نسبة إلى الغضارة، وهو إناء يؤكل فيه الطعام.(36/321)
وسمع بسَلَمَاس [1] من محمود بن شعبان، وأبا الحَسَن بن نعمة الله.
مات بأَبِيوَرْد [2] في أحد الربعين.
- حرف الظاء-
144- ظالم بْن زيد بْن عَلِيّ بْن شَهْريار [3] .
أَبُو النَّجم الأصبهانيّ، البيِّع.
سمع: شجاع بن عليّ المَعْقِليّ، وعبد الجبّار بن برزة الواعظ، وجماعة.
أخذ عنه السّمعانيّ، وقال: مات في رمضان عن نيَّفٍ وثمانين سنة.
- حرف العين-
145- عبد الله بن أحمد بن عَبْد القادر بْن مُحَمَّد بْن يوسف [4] .
أَبُو القاسم البغداديّ، الحربيّ [5] ، النّجّار. أخو الحافظ عبد الخالق، وعبد الواحد.
وُلِد في مُسْتَهَل عام اثنتين وخمسين وأربعمائة.
وسمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصَّمد بْن المأمون، ومحمد بن عليّ بن الغريق، والصَّرِيفينيّ، وابن النَّقُّور.
روى عنه: السِّلَفيّ، وابن السّمعانيّ، وابن عساكر [6] ، وعبد المجيب بن زهير، وعبد الله بن طُلَيْب، ومحاسن بن أبي بكر، وتامر بن جامع القطّان، وحسين بن عثمان الكوفيّ القطّان، وضياء بن جَنْدَل، وعمر بن عبد الكريم
__________
[1] سلماس: مدينة مشهورة بأذربيجان على مرحلة من خويّ. (معجم البلدان 3/ 120، مراصد الاطلاع لابن العمراني 3/ 45) .
[2] أبيورد: بفتح الألف وكسر الباء الموحدة وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفتح الواو وسكون الراء، وفي آخرها الدال المهملة. بلدة من بلاد خراسان. (الأنساب 10/ 138) .
[3] لم أجده، ولعلّه في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .
[4] انظر عن (عبد الله بن أحمد الحربي) في: المنتظم 10/ 80 رقم 103 (17/ 337 رقم 4049) ، والأنساب 4/ 100، ومشيخة ابن عساكر 89 أ، والكامل في التاريخ 11/ 71، وسير أعلام النبلاء 20/ 62، 63 رقم 38.
[5] الحربي: نسبة إلى الحربية: محلّة معروفة بغربي بغداد عند باب حرب، قرب قبر بشر الحافي وأحمد بن حنبل. (الأنساب 4/ 99، معجم البلدان 2/ 237) .
[6] مشيخة ابن عساكر 89 أ.(36/322)
الحمّاميّ، ونفيس بن عبد الجبّار، وأبو اليُمْن زيد بن الحَسَن الكِنْديّ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ السّمعانيّ: ديِّن خيِّر، من بيت الحديث. صالح، جاور بمكَّة سِنين، وسمع منه والدي بمكَّة مجلسًا أملاه ابن هَزَارمرد الصَّرِيفينيّ. وجرت أموره على سدادٍ واستقامة إلى آخر عمره.
وتُوُفّي في العشرين من رجب بالحربيَّة وله 83 سنة.
146- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عليّ [1] .
أبو محمد اللَّخْمي، الشّاطبيّ.
سمع من جدّه لأُمّه الحافظ أَبِي عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأجاز لَهُ تواليفه في سنة اثنتين وستّين وأربعمائة. وكان مولده في سنة ثلاثٍ وأربعين.
وسمع «الصّحيحين» من أبي العبّاس العذريّ، و «صحيح البخاريّ» من القاضي أبي الوليد الباجيّ. وولي قضاء مدينة أَغْمات [2] .
وأخذ عنه جماعة.
وأجاز لأبي القاسم بن بَشْكُوال، وأغفله ولم يذكره في «الصّلة» .
تُوُفّي في صفر وله تسعون سنة.
وقيل: تُوُفّي سنة اثنتين [3] . ذكره أبو عبد الله الأَبّار.
روى عنه: حفيده ابن بنته عمر بن عبد الله الأغماتيّ، وعيسى بن الملجوم.
147- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن خَلَف [4] .
أبو محمد بن أبي تليد الخَوْلانيّ، الشّاطبيّ. المعروف بالحمصيّ.
أخذ القراءات عن: أبي الحسين بن الدّوش.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن علي) في: بغية الملتمس 349 رقم 940، وسير أعلام النبلاء 20/ 92 رقم 52.
[2] أغمات: بلدة بأقصى بلاد المغرب قريبة من مراكش.
[3] وبها ورّخه الضبيّ في البغية.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.(36/323)
وسمع من: طاهر بن مُفَوَّز، وأبي عِمران بن أبي تليد.
وتصدَّر للإقراء بشاطبة، وحدَّث، وكان فاضلًا، صالحًا، مُجَاب الدّعوة.
روى عنه: أبو عمر بن عبّاد.
148- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّد بْن سعد [1] .
أبو جعفر البصْريّ، البَرْذَعيّ الشّاهد.
شيخ متميّز، ذو بيئة.
سمع: أبا عليّ التُّسْترِيّ.
وعنه: أبو سعد السّمعانيّ.
سمع «سُنَن أبي داود» .
ومات فِي شوّال.
149- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيد اللَّه بن عليّ بن جعفر بن زُرَيق [2] .
أبو القاسم الأَسديّ، المُضَريّ، النَّسَفيّ، ثمّ الأصبهانيّ، الخطيبيّ، الحنفيّ.
خطيب الجامع الكبير بأصبهان.
وُلِد في ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين وأربعمائة.
وسمع: أبا الخطيب عبد الرّزّاق بن شمة، وأبا بكر أحمد بن الفضل الباطِرْقانيّ، والشّريف أحمد بن حاتم البكْريّ.
وحدَّث بأصبهان، وبغداد.
وحدَّث بأصبهان، وبغداد.
روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ [3] ، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ، ومحمود بن أحمد المضريّ، وجماعة.
وهو ابن عمّ قاضي أصبهان عُبَيْد الله الخطيبيّ [4] .
__________
[1] لم أجده، ولعلّه في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .
[2] انظر عن (عبد الله بن محمد الأسدي) في: التحبير 1/ 378 رقم 329، ومجمع الآداب لابن الفوطي ج 4 ق 2/ 1129.
[3] وهو قال: وهو خطيب الجامع الكبير العتيق بها، من بيت العلم والقضاء. كان شيخا فاضلا عالما، حسن السيرة، جميل الأمر، ثقة، صالحا، من أهل الدين، لازم منزله مشتغلا بما يعنيه.
[4] وقال ابن السمعاني: «قرأت عليه جزءا في داره» . (التحبير 1/ 378 بالحاشية 59) .(36/324)
150- عبد الرحمن بن كُلَيب [1] .
أبو محمد الْحَمَويّ، المقرئ، الفَرَضيّ.
قال ابن عساكر: كان علّامة في الفرائض، والحساب. وكان يعلّم الصِّبيان في مكتبه، ولا يأخذ منهم شيئًا.
لما تُوُفّي لم يبق أحدٌ بحماه إلّا شهد جنازته.
151- عبد العزيز بن عثمان بن إبراهيم [2] .
أبو محمد الأَسَديّ، الفقيه، البخاريّ، قاضي بُخارَى.
قدِم بغداد، وسمع: أبا طالب بن يوسف، وجماعة.
وأملى ببُخارَى، وبها تُوُفّي.
وكان رئيسًا، كبير الشّأن، عالمًا [3] .
روى عنه: محمد بن عمر القَلانِسيّ.
152- عبد العزيز بن ناصر بن المَحَامِليّ [4] .
أبو القاسم.
حدّث عن: أبي الحَسَن الأنباريّ، وحمْد الأصبهانيّ الحدّاد.
سمع منه: أبو بكر المفيد، وغيره.
153- عَبْد الملك بْن مَسْعُود بْن مُوسَى بْن بَشْكُوال بن يوسف [5] .
الأنصاريّ، القُرْطُبيّ، والد الحافظ خَلَف. يُكنّى: أبا مروان.
أخذ القراءات عن: يحيى بن حبيب، وغيره.
ولازم أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن فَرَج الفقيه زمانًا.
وكان عارفًا بمذهب مالك، رأسًا في معرفة الشُّروط، كثير التّلاوة [6] .
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن كليب) في: تاريخ دمشق لابن عساكر.
[2] انظر عن (عبد العزيز بن عثمان) في: المنتظم 10/ 80 رقم 104 (17/ 337، 338 رقم 4051) ، والكامل في التاريخ 11/ 72771.
[3] وقال ابن الجوزي: «وهو من بيت العلم والحديث من أولاد الأئمّة، وكان وافرا وقورا سخيّا محمود السيرة» .
[4] لم أجد مصدره.
[5] انظر عن (عبد الملك بن مسعود) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 366 رقم 779.
[6] كان يتلو القرآن ليلا ونهارا، ويختمه كل يوم جمعة.(36/325)
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وله نحوٌ من ثمانين سنة.
ذكره ابنه في «الصّلة» .
وقرأ شيخه ابن حبيب على محمد بن أحمد الفرّاء تلميذ مكّيّ.
154- عبد الواحد بن حمْد [1] .
ورخه بعضهم سنة ثلاث، والصواب سنة اثنتين.
155- عطية بن علي بن عطية بن علي بن الحسن [2] .
أبو الفضل القَيْرَوانيّ، القُرَشيّ، العُتْبيّ.
يُعرف بابن الأدخان.
جاوَرَ بمكَّة مع أبيه مدَّة، ووُلِد بها. وقدِما بغداد فسكنها عطيَّة إلى أنّ تُوُفّي بها.
وكان ظريفًا، كيِّسًا، مطبوعًا، حَسَن الِّشعْر.
حدَّث عن: أبي مَعْشَر الطَّبريّ، وغيره.
روى عنه: السِّلَفيّ في «مشيخته» .
وتُوُفّي في صفر سنة ثلاث.
156- عليّ بن أفلح [3] .
أبو القاسم البغداديّ، الكاتب، الشّاعر.
له النَّظم والنَّثر، والهَجْو الكثير السّائر.
ذكره أبو الفرج بن الجوزيّ فقال [4] : كان المسترشد باللَّه قد خلع عليه ولقبّه جمال المُلْك، وأعطاه أربعة آدُرّ في درب الشّاكريَّة، عمّر بها وأنشأها دارًا عَلِيَّة مليحة، وأعطاه الخليفة خمسمائة دينار، وأطلق له مائة جذْع، ومائتي ألف آجرّة، وأجرى عليه معلوما، فظهر أنّه يُكاتب دُبَيْسًا [5] ، فنمَّ عليه بوّابه لكونه
__________
[1] تقدّم برقم (92) .
[2] انظر عن (عطية بن علي) في: معجم السفر للسلفي (مصوّرة دار الكتب المصرية) ق 2.
[3] انظر عن (عليّ بن أفلح) في: المنتظم 10/ 80- 84 رقم 105 (17/ 338- 341 رقم 4052) ، ووفيات الأعيان 3/ 68، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 2169، وعيون التواريخ 12/ 355- 360.
[4] في المنتظم.
[5] في الأصل: «دبيس» .(36/326)
طرده، فهرب ابن أفلح، وأمر المسترشد بنقْض الدّار. وكان قد غرّم عليها عشرين ألف دينار. وكان فيها حمّام، ولمُسْتَرَاحها أنْبُوب، إنْ فُرِك يمينًا جرى ماءٌ ساخن، وإنْ فُرِك شمالا جرى ماء بارد.
ثمّ ظهر بتكريت، واستجار بهرون الخادم. ثمّ آل الأمر إلى أنّ عفا عنه.
ومن شِعْره:
دع الهوى لأُناس يعرفون به ... قد مارسوا الحبَّ حتّى لان أَصْعَبُه
بَلَوْتَ نفسَكَ فيمًا لست تخبرهُ ... والشّيءُ صَعْبٌ على من لَا يجرّبُه
أهن [1] اصطبارًا وإن [2] لم تستطع جَلَدًا ... فرُبّ مدرِك أمرٍ [3] عزَّ مطلبُه
أحيوا [4] الضُّلُوع على قلبٍ يحيّرني ... في كلّ يومٍ ويُعْييني تقلُّبُه
تنازعُ [5] الرّيح من نجدٍ يهيّجهُ ... ولامِعُ البرْقِ من نعمان يُطربُه [6]
157- عَلِيّ بْن المسلّم بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بن الفتح [7] .
__________
[1] في المنتظم: «افن» ، وفي مرآة الزمان: «اقن» .
[2] في مرآة الزمان: «إذا» .
[3] في المنتظم (طبعة حيدرآباد 10/ 82) : «مدرك أمرا» . وفي (طبعة دار الكتب العلمية 17/ 339) كما هنا.
[4] في المنتظم، ومرآة الزمان: «أحنى» .
[5] في المنتظم، ومرآة الزمان: «تتاوح» .
[6] وأورد له ابن الجوزي أبياتا أخرى، ورسالة نثرية فيها أبيات شعر.
[7] انظر عن (علي بن المسلم) في: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 270، وتبيين كذب المفتري 326، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور ج 18/ 176، 177 رقم 109، ودول الإسلام 2/ 53، والإعلام بوفيات الأعلام 219، وسير أعلام النبلاء 20/ 31- 34 رقم 14، والمشتبه في الرجال 2/ 588، والمعين في طبقات المحدّثين 157 رقم 1697، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار، (مخطوط) ورقة 8 ب، وفيه: «علي بن محمد بن علي بن المسلم» ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 283، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 428، 429، ومرآة الجنان 3/ 261، والوافي بالوفيات 22/ 195 رقم 145، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 103، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 314، 315 رقم 276، وعيون التواريخ 12/ 343، وتبصير المنتبه 4/ 1282، وطبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 435، 436، ومختصر تنبيه الطالب 33، وطبقات المفسّر للأدنه وي (مخطوط) 40 أ، وكشف الظنون 18، وشذرات الذهب 4/ 102، وهدية العارفين 1/ 696، 697، ومعجم المؤلفين 7/ 241.(36/327)
أبو الحَسَن السُّلَميّ، الدّمشقيّ، الفقيه الشّافعيّ، الفَرَضيّ، جمال الإسلام.
سمع: أبا نصر بن طَلّاب، وأبا الحَسَن بن أبي الحديد، وعبد العزيز الكتّانيّ، ونجا العطّار، وغنائم بن أحمد، وعليّ بن محمد المصيصي، والفقيه نصر بن إبراهيم، وجماعة.
وتفقّه على: القاضي أبي المظفَّر المَرْوَزِيّ.
وأعاد الدّرس للفقيه نصر، وبرع في الفقه.
قال الحافظ ابن عساكر [1] : وبَلَغَني أنّ أبا حامد الغزّالي قال: خلّفت بالشّام شابًّا إنْ عاش كان له شأن، فكان كما تفرّس فيه.
ودرسّ في حلقة الغزّالي بالجامع مدَّة. ثمّ وُلّي تدريس الأمينية سنة أربع عشرة وخمسمائة.
سمعنا منه الكثير، وكان ثقة، ثَبْتًا، عالمًا بالمذهب والفرائض، وكان يحفظ كتاب «تجريد التّجريد» لأبي حاتم القزوينيّ. وكان حسن الخطّ موفّقا في الفتاوى. كان على فتاويه عمدة أهل الشّام. وكان كثير عيادة المَرْضَى وشُهُود الجنائز، ملازمًا للتّدريس والإفادة، حَسَن الأخلاق. وله مصنّفات في الفِقْه والتّفسير. وكان يعقد مجلس التّذكير، ويُظهِر السُّنَّة، ويردّ على المخالفين، ولم يخلّف بعده مثله.
قلت: روى عَنْهُ: أَبُو القاسم بْن عساكر، وابنه القاسم، والسِّلَفيّ، وخطيب دُومَة عبد الله بن حمزة الكرمانيّ، وعبد الوهّاب بن عليّ الزُّبَيْريّ المعدّل، وأبو الحزْم مكّيّ بن عليّ، ويحيى بن الخضر الأُرْمَويّ، وإسماعيل الْجَنْزَوِيّ، وبركات الخُشُوعيّ، ومحمد بن الخصيب، وطائفة آخرهم وفاة القاضي أبو القاسم الحَرَسْتانيّ.
وقد أملى عدَّة مجالس. وقع لنا من طريقه بعلوّ «معجم» ابن جميع [2] .
__________
[1] في تاريخ دمشق، والمختصر 18/ 176.
[2] هو معجم الشيوخ لابن جميع الصيداوي المتوفى سنة 402 هـ. وقد قمنا بتحقيقه وصدر في طبعتين 1405 و 1407 هـ. / 1985 و 1987 م.(36/328)
ذكره ابن عساكر أيضًا في طبقات الأشاعرة من كتاب «تبيين كذِب المفتري» [1] ، فقال: تفقّه أوّلًا على القاضي أبي المظفّر عبد الجليل بن عبد الجبّار المَرْوَزِيّ، وغيره. وعُنِي بكثرة المطالعة والتكرار، فلمّا قدِم الفقيه نصر المقدسيّ دمشق لازَمَه. ولزم الغزّاليّ مدَّة مُقامه بدمشق، وهو الّذي أمره بالتّصدُّر بعد موت الفقيه نصر، وكان يُثْني على عِلْمه وفَهْمه. وكان عالما بالتّفسير، والأصول، والفقه نصر، والتَّذْكير، والفرائض، والحساب، وتعبير المنامات.
وتُوُفّي في ذي القعدة ساجدًا في صلاة الفجر، رحمه الله تعالى [2] .
158- عليّ بن المُطَهَّر بن مكّيّ بن مِقْلاص [3] .
أبو الحَسَن الدِّينَوَرِيّ، الشّافعيّ.
تفقه على: أبي حامد الغَزّاليّ.
وسمع من: نصر بن البَطِر، ونحوه.
وكان فقيهًا صالحًا.
تُوُفّي ليلة السّابع والعشرين من رمضان ببغداد رحمه الله.
__________
[1] ص 326، 327.
[2] وقال ابن القلانسي: «وكان مشهورا بوفور العلم في التفقّه وقوّة الفرائض والوعظ والدين والأمانة، بحيث وقع التألّم لفقده، وافتقر إلى مثله من بعده» . (ذيل تاريخ دمشق 270) .
وقال ابن عساكر: ولد سنة خمسين. وقيل: سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة.
وقال: مرض الفقيه أبو الحسن مرضة شديدة أيس منه، فدخل عليه بعض الفقهاء فأنشده:
يا ربّ لا تبقني إلى أحد ... يكون فيه كلّا على أحد
خذ بيدي قبل أن أقول لمن ... أراه عند القيام خذ بيدي
فاستحسن البيتين وكتبهما بخطّه، وكرّر قراءتهما فاستجيب له، فمات بعد أن أبلّ من تلك العلّة بمدّة، من غير أن يمرض مرضا يحتاج فيه إلى أحد في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة ساجدا في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح. وكان قد صلّى ورده تلك الليلة من قيام الليل، ودفن عند قبور الصحابة بمقبرة الباب الصغير. (مختصر تاريخ دمشق 18/ 176، 177) .
وقال الإسنوي: من مصنّفاته «أحكام الخنائي» ، وهو تصنيف مفيد في بابه، وقد أودعت محاسنه في تصنيفي «إيضاح المشكل من أحكام الخنثى المشكل» ، ونبّهت على ما قال فيه من الغلط، وزدت عليه من المسائل والفوائد أضعاف ما ذكره، وللَّه الحمد. (طبقات الشافعية 2/ 429) .
[3] لم أجد مصدره.(36/329)
- حرف الفاء-
159- فاطمة بنت السيّد ناصر بن الحسين [1] .
أمّ المجتبى، العلويّة الأصبهانيّة.
شريفة مُعَمَّرة. سمعت الكثير من: عبد الرَزَاق بن شمة، وإبراهيم سِبْط بحرُوَية، وسعيد بن أبي سعيد العّيار.
وعنها: ابن عساكر، والسّمعانيّ [2] وقال: ماتت سنة ثلاث.
160- فاطمة بنت محمد بن محمد بن فرحيَّة المقرئ، الدِّينَوَرِيّ [3] .
بغدادية.
روت عن أبي القاسم عليّ بن الحسين الرَّبَعيّ أحاديث يسيرة.
وتُوُفّيت في حدود هذه السنة ببغداد.
- حرف الميم-
161- مُحَمَّد بْن أحمد بْن الْحُسَيْن بن أبي بِشْر [4] .
الإمام أبو بكر المَرْوَزِيّ، الخَرَقيّ [5] ، المتكلّم.
رحل إلى نَيْسابور فتفقه وأحكم الكلام.
وسمع من: أبي بكر بن خَلَف، وجماعة.
وسكن قريته يُفتي ويَعِظ [6] ، وهي خَرَق، على ثلاثة فراسخ من مرو، بها سوق وجامع.
__________
[1] انظر عن (فاطمة بنت السيّد ناصر) في: التحبير 2/ 434 رقم 1191، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة أ، وأعلام النساء 4/ 149 وفيه: «فاطمة بنت الوليد بن ناصر» .
[2] وهو قال: كتبت عنها بأصبهان.
[3] لم أجد مصدر ترجمتها.
[4] انظر عن (محمد بن أحمد بن الحسين) في: التحبير 2/ 61، 62 رقم 662، والأنساب 5/ 90، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 198 ب، ومعجم البلدان 2/ 425، واللباب 1/ 356، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 6/ 79، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 483، وملخص تاريخ الإسلام 8/ الورقة 8 أ، والأعلام 6/ 210، وهدية العارفين 2/ 88، ومعجم المؤلفين 8/ 238.
وقد ورد اسمه في (معجم البلدان) : «محمد بن أحمد بن بشر» .
[5] الخرقي: بفتح الخاء المعجمة والراء، وفي آخرها قاف. (الأنساب) .
[6] في طبقات الشافعية للإسنويّ: أقام على الإفتاء والوعظ إلى أن مات.(36/330)
مات في شوّال في عَشْر الثّمانين.
روى عنه: ابن السّمعانيّ [1] .
162- محمد بن أحمد بن عثمان [2] أبو عامر البَلَنْسِيّ، الرّيّانيّ، الأديب.
كان من جِلَّة الشُّعراء. عاش ستًّا وثمانين سنة.
أخذ عَنْهُ: أبو عبد الله بْن نابُل.
وكان من طبقة أبي إسحاق الخَفَاجيّ، فماتا في هذا العام.
163- محمد بن يحيى بن بَاجَة [3] .
أبو بكر الأندلسيّ، السَّرَقُسْطيّ، الشّاعر، الفيلسوف، المعروف بابن الصّائغ.
منسوب إلى انحلال العقيدة وسوء المذْهب. وكان يعتقد أنّ الكواكب تدبّر العالم. وقد استولى الفرنج على سَرَقُسْطَة في سنة اثنتي عشرة وخمسمائة.
وباجَة: هي الفضَّة في لسان فرنج المغرب [4] .
وكان آية في آراء الأوائل والفلاسفة. وهَمّ به المسلمون غير مرَّة، وَسَعَوْا في قتله. وكان عارفًا بالعربيّة، والطّبّ، وعلم الموسيقى.
__________
[1] وهو قال: كتبت عنه بقريته خرق، وكانت ولايته بعد الستين وأربعمائة تقديرا. (التحبير) . ومن مؤلّفاته: «التبصرة» في الهيئة، و «منتهى الإدراك في تقاسيم الأفلاك» ، و «الرسالة الشاملة» في الحساب.
[2] لم أجد مصدره.
[3] انظر عن (محمد بن يحيى) في: قلائد العقيان 300- 306، رقم 406، وخريدة القصر (قسم شعراء المغرب والأندلس) 2/ 332- 334، وق 4 ج 2/ 608، وأخبار العلماء بأخبار الحكماء لابن القفطي 406، وعيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة 515- 517، والمغرب في حليّ المغرب 2/ 119، ووفيات الأعيان 4/ 429- 431، وسير أعلام النبلاء 20/ 93، 94 رقم 54، والوافي بالوفيات 2/ 240- 242، وعيون التواريخ 12/ 344- 348، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 172، 173، ونفح الطيب 7/ 17- 25 و 27، وشذرات الذهب 4/ 103، وهدية العارفين 2/ 87، ودائرة المعارف الإسلامية 1/ 95، ومعجم المؤلفين 12/ 103، 104، والأعلام 8/ 6، وإيضاح المكنون 1/ 486.
[4] وفيات الأعيان 4/ 431.(36/331)
قال أبو الحَسَن عليّ بن عبد العزيز ابن الإمام: هذا مجموع من أفعال أبي بكر بن الصّائغ في العلوم الفلسفيَّة.
قال: وكان في ثقابة الذُّهن ولُطْف الغَوْص على المعاني الدّقيقة أعجوبة دهره، فإنّ هذه الكُتُب الفلسفية كانت متداولة بالأندلس من زمان الحَكَم جالبها، فما انتهج النّاظر فيها قبله بسبيل كما تبدّد عن ابن حزْم، وكان من أجل نظّار زمانه، وكان أبو بكر أثقب منه نظرًا فيها.
قال: ويشبه أنّ هذا لم يكن بعد أبي نصر الفارابيّ مثله في الفنون الّتي تكلَّم عليها، فإنّه إذا قرنت أقاويله بأقاويل ابن سينا، والغزّاليّ، وهما اللّذان فُتح عليهما بعد الفارابيّ بالمشرق في فَهْم تلك العلوم، ودوَّنا فيها، بان لك الرَّجَحَان في أقاويله، وحُسْن فَهْمه، لأقاويل أَرِسطو.
قلت: وكان ابن الإمام من تلاميذ ابن باجَة. كان كاتبًا، أديبًا، وهو غَرْناطيٌّ أدركه الموت بقوص.
ومن تلامذة ابن باجَة أبو الوليد بن رُشْد الحفيد.
تُوُفّي ابن باجَة بفاس [1] ، وقبره بقرب قبر القاضي أبي بكر بن العربيّ المَعَافِريّ. ومات قبل الكهولة، وله مصنّفات كثيرة.
ومن شِعره:
ضربوا القِبابَ على أقاحة [2] روضةٍ ... خَطَر النَّسيمُ بها ففاح عبيرا
وتركتُ قلبي سار بين حمولهم ... دامي الكلوم يسوق تلك العيرا
لا والّذي جعل [3] الغصون مَعَاطِفًا ... لهمُ وصَاغ الأقْحُوَانَ ثغورا
ما مرّ بي رِيحُ الصّبا من بعدهم ... إلّا شهقت له، فعاد سعيرا [4]
__________
[1] قال ابن خلّكان: وتوفي في شهر رمضان المعظّم سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة، وقيل: سنة خمس وعشرين وخمسمائة مسموما في باذنجان بمدينة فاس. (وفيات الأعيان 4/ 431) .
[2] في الأصل: «أفن» .
[3] في عيون التواريخ: «صاغ الغصون» .
[4] في وفيات الأعيان 4/ 430، 431، وعيون التواريخ 12/ 347 بزيادة بيت بعد الثاني:
هلا سألت أسيرهم هل عندهم ... عان يفكّ ولو سألت غيورا(36/332)
وقد ذكر أبا بكر بن باجَة أيضًا الْيَسع بن حزْم في تأليفه فقال فيه: هو الوزير، الفاضل، الأديب، العالِم بالفنون، المعظَّم في القلوب والعيون. أرسَلَ قلمه في ميادين الخطابة فسبق، وحرَّك بعاصف ذهنه من العلوم ما لا يكاد يتحرّك.
إلى أنّ قال: ومن مِثل أبي بكر؟ جادَ به الزّمان على الخواطر والأذهان، كلامه في الهيئة والموسيقى كلام فاضل، تعقَب كلام الأوائل، وحلَّ عُقَد المسائل، وإني لأتحقّق من عقْله ما يشهد له بالتّقييد للشّريعة ولا شكّ إنّه في صباه عَشِق، وصَبَا، وسَبَح في أنهار المجّانة وحيًا، وشعر ولحن، وامتحن نفسه في الغناء فمُحِن، وأنطق جماد الأوتار، وركب من الخلاعة كلّ عار [1] .
164- محمد بن خَلَف بن إبراهيم [2] .
أبو بكر ابن المقري أبي القاسم بن النّحاس القُرْطبيّ.
أخذ القراءات عن أبيه.
وسمع من: ابن الطّلّاع، وأبي عليّ الغسّانيّ.
وتفقه وبرع في العلم [3] .
__________
[1] وقال العماد الأصفهاني: «أجمع الفضلاء على أنه لم يلحق أحد مداه في زمانه، ولم يوجد شرواه في إحسانه، وقد ختم به على الهندسة، وتداعت بموته في إقليمه مباني الحكم المؤسّسة، من جماعة ذكروهم أبو نصر الفتح بن محمد بن عبيد الله القيسي الأندلسي مؤلّف «قلائد العقيان في محاسن الأعيان» لم نثبتهم إلّا من هذا الكتاب، ولم ينتظم إلّا بعقودهم منه شمل الآداب» . (الخريدة ق 4 ج 2/ 608) .
وأورد ابن خاقان مقاطيع من شعره، ومن ذلك قوله:
أسُكانَ نُعمان الأراك تَيَقَّنُوا ... بأنكم في ربع قلبي سكان
ودوموا على حفظ الوداد فطالما ... بلينا بأقوام إذا استؤمنوا خانوا
سلوا الليل عنّي مذ تناءت دياركم ... هل أكحلت بالغمض لي فيه أجفان
وهل جدّدت أسياف برق سماؤكم ... فكانت لها إلّا جفوني أجفان
قال ابن خلّكان: وكان قد أنشدني هذه الأبيات بعض أشياخ المغاربة الفضلاء بمدينة حلب منسوبة إلى ابن الصائغ المذكور، ثم وجدتها بعد ذلك بعينها في «ديوان أبي الفتيان محمد بن حيّوس» ، فبقيت شاكّا فيما أنشدني ذلك الشيخ، وقلت: لعلّه وهم في نسبتها إلى ابن الصائغ، إلى أن وجدتها في كتابه «مطمح الأنفس» أيضا منسوبة إلى ابن الصائغ المذكور، والله تعالى أعلم لمن هي منهما، (وفيات الأعيان 4/ 430) .
[2] انظر عن (محمد بن خلف) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 583 رقم 1283.
[3] قال ابن بشكوال: وكان من أهل المعرفة، والفهم والنبل والذكاء، واليقظة، وتولّى خطّة(36/333)
توفّي في ربيع الآخر [1] .
165- محمد بن أبي نصر شجاع بن أحمد بن عليّ الأصبهانيّ [2] أبو بكر اللَّفْتُوانيّ [3] ، الحافظ، المفيد.
سمع: أبا عَمْرو عبد الوهّاب بن مَنْدَهْ، وسهل بن عبد الله الغازيّ، وسليمان بن إبراهيم الحافظ.
ورحل إلى بغداد بعد العشرين، وحدَّث بها.
وقد سمع من: رزق الله التّميميّ، وطِراد النّقيب. لكن بأصبهان.
ولم يزل يسمع ويقرأ إلى حين وفاته.
روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ، وابن السّمعانيّ، وجماعة.
وأبوه من شيوخ السِّلَفيّ، وابنه عُبَيْد الله ممّن أجاز للفخر بن البخاريّ.
وكان شيخًا صالحًا، فقيرًا، ثقة، متعبدًا.
ولد سنة سبع وستّين وأربعمائة [4] ، وتُوُفّي في حادي وعشرين جُمَادَى الأولى.
وأثنى عليه أبو موسى المَدِينيّ، وقال: لم أرَ في شيوخي أكثر كُتُبًا وتصنيفًا منه. استغرق عُمره في طلب الحديث وكتْبه وتصنيفه ونشْره.
وقال ابن السّمعانيّ [5] : كان شيخًا، صالحًا، كثير الصّلاة، حَسَن الطّريقة، خَشِنها. لقِيتُه بأصبهان، وسمعت منه الكثير. وما دخلت عليه إلّا وهو
__________
[ () ] الأحكام بقرطبة فحمدت سيرته فيها.
[1] وقع في طبعة الدار المصرية للتأليف والترجمة: دفن عشيّ يوم الإثنين الثالث عشر من ربيع الآخر من سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة. وهو خطأ.
وكان مولده سنة 476 هـ.
[2] انظر عن (محمد بن أبي نصر) في: التحبير 2/ 134- 136 رقم 759، والأنساب 11/ 27، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 215 أ، 215 ب، ومشيخة ابن عساكر (مخطوط) 188 ب، والمنتظم 10/ 84 رقم 107 (17/ 342 رقم 4054) ، ومعجم البلدان 5/ 20، والتقييد 68 رقم 3/ 148، وملخص تاريخ الإسلام (مخطوط) 8/ ورقة 9 أ، 9 ب.
[3] اللّفتواني: بفتح اللام، وسكون الفاء، وضم التاء. (هكذا في الأنساب) ، وفي معجم البلدان:
بفتح التاء المثنّاة. نسبة إلى لفتوان، قرية من قرى أصبهان. (المنتظم) .
[4] التحبير 2/ 136، الكامل 11/ 72، المنتظم.
[5] في التحبير 2/ 134 بتصرّف في النصّ.(36/334)
مشتغل بخبر، إمّا أنْ يصلّي، أو ينسخ، أو يتلو. وكان يقرأ قراءةً غير مفهومة، وهو عارف بالحديث وطُرُقه. كتب عن من أقبل وأدبر. وخطّه لَا يمكن قراءته لكل أحد. وكان يقول: يكفي من السّماع شَمُّه [1] .
166- محمد بْن الحسين بْن الحَسَن بْن الحسين [2] بن ربينة [3] .
الشَيخ أبو غانم بن أبي ثابت الأصبهانيّ، الواعظ، المفسّر، المحدّث.
سمع الحديث الكثير، وقرأ وأفاد وتصدّر [4] .
سمع: جدّه لأمّه محمد بن الحَسَن بن سليم، وأخاه عمر بن الحَسَن، ومحمد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوهّاب المَدِينيّ، وعمر بن أحمد بن عمر السِّمسار، وخلائق.
وسمع ببغداد سنة أربع عشرة من الموجودين.
سمع منه ابن الجوزيّ، بقراءة ابن ناصر.
وُلِد في أوّل سنة إحدى وثمانين.
__________
[1] وعلّق المؤلّف على ذلك فقال: هذا القول غير مسلّم. (سير أعلام النبلاء 20/ 75) . وزاد في (التحبير 2/ 135) : غير أنه كان ورعا، فقيرا، سنّيّا، كثير العبادة، كانت بينه وبين والدي رحمه الله صحبة أكيدة، ويشركه في السماع عن الشيوخ الذين يحدّثون في سنة تسع وتسعين وأربعمائة.
ثم ذكر أسماء من سمع منهم، وأضاف: وجماعة كثيرة من هذه الطبقة، ومن بعدهم حتى سمع منّي، ولعلّ ما فاته من شيوخ أصبهان أحد. سمعت منه الكثير، وكان صاحب أصول، وكان جمع الجموع، وخرّج التخاريج. وكان شيخنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد الحافظ يقول:
الشيخ محمد اللفتواني عدّة لأصحاب الحديث. وإنما أراد بذلك أن عنده أصول سماعات المحدّثين، واستفدت منه وأكثرت عنه، وكتب لي أجزاء بخطّه عن شيوخه. ومن حديث المراوزة قال: حتى ترويه عني في «تاريخ مرو» .
وقال ابن الجوزي: وكان شيخا صالحا، فقيرا، ثقة، متعبّدا. حدّثنا عنه أشياخنا. (المنتظم) .
[2] انظر عن (محمد بن الحسين) في: التحبير 2/ 117، 118 رقم 732، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 9 أ، وطبقات المفسّرين للسيوطي 29.
[3] هكذا في الأصل، وفي الملخص: «بن رمنه» ، وفي طبقات المفسرين «بن زينة» . وفي التحبير: «زينة» .
[4] قال ابن السمعاني: كان مكثرا من الحديث، وله فهم وكياسة، وسمع مع الإمام والدي الكثير بأصبهان ونسخ بخطه، وخرّج عليه إسماعيل بن محمد الحافظ ... سمعت منه الجزء الّذي خرّجه الحافظ، وكتب لي ذلك الجزء بخطّه، وكتب عنه من أصحابنا: أبو القاسم الدمشقيّ، وغيره ببغداد.(36/335)
ومات في سلْخ المحرَّم.
167- محمد بن حمْد [1] .
أبو منصور الأصبهانيّ، العطّار، الطَّيْبيّ.
شيخ متعبّد ومتيقّظ، خيّر.
سمع: إبراهيم بن منصور سِبْط بحرُوَيْه، وسعيد العَيّار، وجماعة.
وعنه: ابن عساكر، والسّمعانيّ.
حدَّث بأجزاء من «مُسْنَد أبي يَعْلَى» .
وعاش بِضْعًا وثمانين سنة.
168- محمد بن ظَفَر بن عبد الواحد بن أحمد [2] .
الأصبهانيّ، أبو بكر المعدّل [3] .
من شيوخ أبي موسى.
تُوُفّي في صفر [4] .
يروى عن: حمْد بن عبد العزيز الغزّال، عن الْجُرْجانيّ.
169- محمد بن عبد الغنيّ بن عمر بن عبد الله بن فَنْدَلَة [5] .
أبو بكر الإشْبيلي، الأديب، اللُّغَويّ.
تلميذ أبي الحَجّاج الأعْلِم. وأخذ أيضًا عن: أبي محمد بن خَزْرَج، وأبي مروان بن سِرَاج.
وذكر أنّه سمع بقُرطُبة من محمد بن عتّاب كُتُبًا ذكرها.
قال ابن بَشْكُوال [6] : ويَبْعُدُ ما ذكره. والله أعلم. وقد أخذَ عنه.
__________
[1] تقدّم في وفيات السنة السابقة برقم (106) وكنيته هناك: «أبو نصر» .
[2] انظر عن (محمد بن ظفر) في: التحبير 2/ 137، 138 رقم 763، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 216 أ.
[3] في التحبير: ذو الكنى، أبو بكر، وأبو حامد، وأبو جعفر.
[4] وقال ابن السمعاني: شيخ فاضل، متميّز، سديد السيرة، أظنّ أنه خطيب جامع جورجير. سمع أبا عَمْرو عبد الوهّاب بن مَنْدَهْ، وأبا محمد رزق الله التميمي، وغيرهما. كتبت عنه بأصبهان.
وكانت ولادته سنة اثنتين وستين وأربعمائة على ما ذكره ظنّا وتخمينا.
[5] انظر عن (محمد بن عبد الغني) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 583، 584 رقم 1284، وبغية الوعاة 1/ 161 رقم 271
[6] في الصلة.(36/336)
وتُوُفّي في عقب شوّال وله تسعون سنة إلّا أشْهُرًا.
170- محمد بن عبد المتكبر بن الحَسَن بن عبد الودود [1] .
أبو جعفر بن المهتديّ باللَّه الهاشميّ، العباسيّ، الخطيب.
قاضي باب البصْرة ببغداد.
روى عن: أبي القاسم بن البُسْريّ، وغيره.
روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو سعد السّمعانيّ.
وقال: كان خطيب جامع المنصور. وحُمِدت سيرته في القضاء.
قال ابن عساكر: تُوُفّي سنة ثلاث.
وقال ابن السّمعانيّ: تُوُفّي سنة أربعٍ وثلاثين.
171- محمد بْن غانم بْن أَبِي الفتح أحمد بْن محمد بن سعيد [2] .
الحدّاد، الأصبهانيّ، أبو عبد الله البيّع.
شيخ كبير، ثقة، كثير السماع.
سمع من جدّه، وطائفة.
وقدِم بغداد مع جدّه للحجّ، وسمع من: مالك البانياسيّ، وابن البَطِر.
قال ابن السّمعانيّ: قرأت عليه أربعة أجزاء، خرّجها له يحيى بن مَنْدَهْ.
172- المبارك بن عثمان بن حسين [3] .
أبو منصور بن الشّوّا، الدّقّاق، الأزَجيّ.
روى عن: مالك البانياسيّ.
حدَّث عنه: أبو المُعَمَّر، وابن عساكر.
173- مجاهد بن أحمد بن محمد [4] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد المتكبّر) في: تاريخ دمشق لابن عساكر، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 23/ 23 رقم 40، والوافي بالوفيات 4/ 25.
وسيعاد برقم (212) .
[2] انظر عن (محمد بن غانم) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
[3] انظر عن (المبارك بن عثمان) في: مشيخة ابن عساكر.
[4] انظر عن (مجاهد بن أحمد) في: التحبير 2/ 327، 328 رقم 1034، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 8 أ.(36/337)
أبو بكر المجاهديّ، البُوشَنْجيّ، الطّبيب.
شيخ صالح.
سمع: جمال الإسلام الدّاوديّ.
أخذ عنه: السّمعانيّ بالإجازة.
مات في ذي الحجَّة [1] .
174- محمود بن بوري بن طُغْتِكِين [2] .
الملك شهاب الدّين أبو القاسم.
وُلّي دمشق بعد قتْل أخيه شمس الملوك. وكانت أمّه زُمُرُد هي الغالبة عليه والمدبرة له، إلى أنّ تزوّجها زنكيّ والد الملك نور الدين، وخرجت إليه إلى حلب. فقام بتدبير الأمور معين الدولة أنز مملوك جده.
قال ابن عساكر [3] : وكانت الأمور تجري في أيامه على استقامة إلى أنّ وثب عليه جماعةٌ من خدمه، وقتلوه في شوّال.
وقدم أخوه محمد بن بَعْلَبَكّ، فتسلّم القلعة والبلد من غير منازعة.
قال أبو يَعْلَى حمزة [4] : قُتِلَ ليلة جمعةٍ بيد غلمانه الملاعين ألْبقش الأرمنيّ الّذي اصطنعه وقربه، ويوسف الخادم الذي وثق به لِدِينه، والفرّاش الرّاقد حوله. فكانوا ثلاثتهم يبيتون حول فراشه، فقتلوه في جوف اللّيل وهو نائم، وأخفوا سِرَّهم، بحيث خرجوا من القلعة، فظهر الأمر، وطُلِب ألْبقش فهرب، وأُمْسك الآخران فصُلبا على باب الجابية.
__________
[1] وكانت ولادته قبل سنة ستين وأربعمائة.
[2] انظر عن (محمد بن بوري) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 394 (وتحقيق سويم) 54، وذيل تاريخ دمشق 390، 421، والكامل في التاريخ 11/ 68، ووفيات الأعيان 1/ 296، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 24/ 116، 117 رقم 91، والمختصر في أخبار البشر 3/ 14، وسير أعلام النبلاء 20/ 50 رقم 26، والإعلام بوفيات الأعلام 219، ودول الإسلام 2/ 54، والعبر 4/ 92، وتاريخ ابن الوردي 2/ 67، والبداية والنهاية 12/ 215، ومرآة الجنان 3/ 261، والدرّة المضيّة 529، 530، وعيون التواريخ 12/ 353، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 171، 172، والنجوم الزاهرة 5/ 264، 265، وشذرات الذهب 4/ 103.
[3] في تاريخ دمشق، والمختصر.
[4] في ذيل تاريخ دمشق 421.(36/338)
175- المنذر بن سعيد بن سعيد بن أبي الخير فضل الله بن أحمد المِيهَنيّ [1] .
أبو الثّناء الصُّوفيّ.
شيخ صالح، عفيف، لازِمٌ لتُرْبه جدّه، ناهضٌ بحقوق الواردين.
وُلِد في حدود سنة 456.
وحدَّث عنه ابن السّمعانيّ.
- حرف النون-
176- ناصر بن سهل [2] .
أبو سعد النّوقانيّ [3] .
عالم، فقيه، ثقة.
سمع: محمد بن سعيد الفرخزاذيّ [4] ، وأبا عاصم عبد الرحمن الجوهريّ.
مات في شوّال عن تسعين سنة [5] .
- حرف الهاء-
177- هبة الله بن سهل بْن عُمَر بْن أبي عُمَر مُحَمَّد بْن الحسين بن محمد بن أبي الهيثم [6] .
__________
[1] لم أجده. ولعلّه في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .
[2] انظر عن (ناصر بن سهل) في: التحبير 2/ 339 رقم 1049، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 273 أ، ملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 10 أ.
[3] من أهل نوقان طوس.
[4] في الأصل: «الفرخردابي» .
[5] وقال ابن السمعاني: كان شيخا عالما صائنا، عفيفا. تفقّه بمرو ... لقيته بنوقان طوس، وكتبت عنه: وكانت ولادته في المحرّم من سنة أربع وأربعين وأربعمائة.
[6] انظر عن (هبة الله بن سهل) في: الأنساب 7/ 217، والتحبير 2/ 356، 360 رقم 1078، والمنتخب من السياق 478 رقم 1624، والتقييد 476 رقم 644، وتكملة إكمال الإكمال 129، واللباب 2/ 164، والمشتبه في الرجال 1/ 277، 156 رقم 1683، وملخص تاريخ الإسلام (مخطوط) 8/ ورقة 10 أ، والإعلام بوفيات الأعلام 219، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 321، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 50، وعيون التواريخ 12/ 353، وتبصير المنتبه 753، وشذرات الذهب 4/ 103.(36/339)
أبو محمد البِسطاميّ، النَيْسابوريّ، المعروف بالسّيّديّ [1] .
وُلِد في ربيع الأوّل سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة [2] .
ذكره ابن السّمعانيّ فقال [3] : عالِم، خيّر، كثير العبادة والتّهجُّد، ولكنّه كان عسِر الخُلُق، بسِر [4] الوجه، لَا يشتهيّ الرّواية، ولا يحبّ أصحاب الحديث. كنّا نقرأ عليه بجَهدٍ جهيد وبالشّفاعات.
سمع: أبا حفص عمر بن مسرور، وأبا الحسين عبد الغافر الفارسيّ، وأبا عثمان البَحِيريّ، وأبا سعيد الكَنْجَرُوذيّ، وأبا يَعْلَى إسحاق الصّابونيّ، وأبا بكر البَيْهقيّ، وجماعة.
وسمعت منه «الموطّأ» إلّا كتاب المساقاة والقِراض [5] .
وتُوُفّي في الخامس والعشرين من صَفَر.
قلت: وروى عنه الحافظ ابن عساكر، والمؤيد الطُّوسيّ، وأجاز لأبي القاسم بن الحَرْستانيّ، وغيره.
وكان زوج بنت إمام الحرمين أبي المعالي الْجُوَيْنيّ. وكان من الفقهاء
__________
[1] في الأصل: «السعيدي» ، وفي ملخص تاريخ الإسلام «السندي» ، وما أثبتناه عن: الأنساب، والتحبير، والسبكي، وفيها: «السيدي: نسبة إلى السيد أبي الحسن محمد بن علي الهمذاني المعروف بالوصيّ. وهبة الله هذا حفيده ينسب إليه» .
وفي (المنتخب من السياق) : حافد الإمام أبي المعالي عمرو، ثم ذكر أنه حافد جمال الإسلام الموفق أبي محمد من جهة أمّه كريمة.
[2] في الثاني عشر منه: قال ابن السمعاني: هكذا ذكر لي لما سألته.
[3] في التحبير 2/ 357.
[4] في الأصل: «بشر» .
[5] في ملخص تاريخ الإسلام: «الفراض» بالفاء.
وزاد في التحبير: وكتاب «التوكل» لابن خزيمة، وكتاب «شعار أصحاب الحديث» للحاكم، وسبعة أجزاء ضخمة على الولاء من انتقاء أبي عمرو البحيري. وسمعت منه قريبا من عشرة أجزاء من حديث الحاكم أبي أحمد الحافظ مشتملة على حديث هشام بن عمّار، وغيره.
وسمعت منه خمسة أجزاء من حديث أبي يعلى، والجزء الرابع والخامس من حديث عبدان الجواليقيّ، وجزءين من مسند الحسن بن سفيان، من مسند عبد الله بن عباس، وجزءا من حديث أبي عمرو إسماعيل بن نجيد السلمي، ومجلسا من إملاء أبي سهل الصعلوكي، والنصف الآخر من كتاب «مناقب الشافعيّ» للبيهقي، وكتاب «فوائد الحاج» في أربعة أجزاء لأبي عمرو بن حمدان، وجزءا من مسند الأنصار الذين شهدوا بدرا والعقبة.(36/340)
بنَيْسابور. وقد روى أجزاء كثيرة تفرّد بها، منها جزء ابن نُجَيْد، وبعض الحُفّاظ استثنى من «الموطّأ» كتاب الفرائض. وهذا الفَوْت كلّه قديم. فاته زاهر بن أحمد [1] .
__________
[1] قال عبد الغافر: اشتغل بالتعلّم في صباه، وتفقّه على إمام الحرمين فخر الإسلام أبي المعالي، سمع الكثير من المتأخّرين من مشايخ الطبقة الثانية ثم من العصريين. سمع من جدّه المؤيّد، وهو على سيرة مرضيّة وعاقبة حسنة.(36/341)
سنة أربع وثلاثين وخمسمائة
- حرف الألف-
178- أحمد بْن جَعْفَر بْن أحمد بن مهدوَيْه الأنباريّ [1] .
سمع: أبا طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصَّقْر.
وعنه: ابن السّمعانيّ.
179- أحمد بن جعفر بن الفَرَج [2] .
أبو العبّاس الحربيّ.
شيخ صالح، عابد. له سمعت وهَيْبة وسكون.
يروى عن أبي طلحة النّعاليّ.
قال ابن الجوزيّ [3] : كان يُقال إنّه رُئي بعَرَفَات في سنةٍ ما حجّ فيها.
وتُوُفّي في رمضان [4] .
وقال ابن النّجّار أحمد بن جعفر الأكّاف الزّاهد، كان ورِعًا، زاهدًا، دائم الفكرة، سريع الدَّمْعة، مُخْفِيًا لأحواله، مُجاب الدّعوة، ظاهر الكرامات، يُعدّ في درجة الشَيخ أبي الحسن القزوينيّ.
__________
[1] لم أجده، ولعلّه في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .
[2] انظر عن (أحمد بن جعفر الحربي) في: المنتظم 10/ 86 رقم 108 (18/ 5 رقم 4055) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 174.
[3] في المنتظم.
[4] وزاد ابن الجوزي: «ودخل عليه بعض أهل الحرسة قبل موته بيوم فقال له: إذا كان غدا، واتفق ما يكون، يعني موته، فاخرج من المحلّة فإنك ترى عند العقد شيخا، فقل له: مات أحمد بن جعفر. فلما مات خرج الرجل فرأى رجلا نائما على يمين الطريق، فقال لي قبل أن أكلّمه: مات الشيخ أحمد؟ فقلت: نعم! فمشى، فاتبعته، فلم ألحقه، وغاب عنّي في الحال» .(36/342)
روى لنا عنه أبو عليّ عبد الله بن طُلَيْب.
قال كرم بن أحمد: كان أحمد بن جعفر يعمل معنا سِنين في السّقلاطون، فما رأيته يحدّث بما لَا يعنيه. وكان يقول: أقصِروا عمّا ليس فيه فائدة، فإنّه يُكتب عليكم.
وكان إذا جاءه من يقبّل يده يكره ذلك ويقول: مَن أنا حتّى تُقَبّل يدي؟
رحمه الله.
180- أحمد بن محمد بن الحسين [1] البابانيّ [2] ، الواسطيّ.
مقرئ صالح، سكن بغداد.
حدَّث عن: أبي القاسم بن فهْد، وابن البَطِر.
وتُوُفّي في شعبان.
روى عنه: ابن عساكر، والسّمعانيّ [3] .
181- أحمد بن محمد بن الحسين بن سرطان الأنباريّ [4] .
سمع من: الخطيب بن الأخضر.
وعنه: ابن السّمعانيّ.
عاش بِضعًا وسبعين سنة.
182- أحمد بن محمد بن المسَلَّم [5] .
أبو القاسم الهاشميّ، الدّمشقيّ.
سمع: أبا القاسم السُّمَيْساطيّ [6] ، وكان عنده جزءٌ واحدٌ من موطّأ ابن وهْب. سمعه منه في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد الباباني) في: المنتظم 10/ 86، 87 رقم 110 (18/ 6 رقم 4057) .
[2] في طبعة دار الكتب العلمية للمنتظم: «الياباني» ، والمثبت يتفق مع طبعة حيدرآباد.
[3] وقال ابن الجوزي: وكان حافظا لكتاب الله، ديّنا، خيّرا، يبين آثار الصلاح على وجهه.
[4] انظر عن (أحمد بن محمد الأنباري) في: معجم الشيوخ لابن السمعاني.
[5] انظر عن (أحمد بن محمد بن المسلّم) في: تاريخ دمشق (أحمد بن عتبة- أحمد بن محمد بن المؤمّل) 7/ 389، 390 رقم 218، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 3/ 285 رقم 360، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 79 وفيه: «أحمد بن محمد بن الحسن» .
[6] السّميساطي: نسبة إلى سميساط، وهي من بلاد الشام.(36/343)
وكان لَا بأس به.
روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن عساكر.
وتُوُفّي في ثامن المحرَّم [1] . ودُفِن بمقابر الكهف.
وهو آخر من حدَّث عن السُّمَيْساطيّ.
183- أحمد بن منصور بن المؤمَّل [2] .
أبو المعالي الغزّال. بغداديّ.
سمع: أبا الحسين بن النَّقُور، وأبا بكر بن حَمْدوَيْه، وأبا نصر الزَّيْنبيّ.
روى عنه: أبو سعد السّمعانيّ، وعمر بن طَبَرزد، وحنبل المكبّر، وآخرون.
قال ابن الجوزيّ [3] : كان خيَّرًا، ويسقي الأدوية بالمارستان العَضُدِيّ، ويعبّر الرُّؤْيَا. أتاه رجل يوم الجمعة الثّامن والعشرين من ربيع الآخر فقال: رأيت كأنّك قد مت في هذا الموضع. وأشار إلى خربةٍ مقترنة بالمارستان. ففكّر ساعةً ثمّ قال: ترحّموا عليَّ. ومضى فصلّى الجمعة ورجع، فوصل قريبًا من ذلك الموضع، وسقط ميّتًا، رحمه الله.
184- أحمد بن عمر بن أحمد [4] التَّنْجكرديّ [5] الطُّوسيّ.
الضّرير، الواعظ.
سَمِعَ: أبا بَكْر بْن خَلَف، وموسى بْن عِمران الصُّوفيّ.
قال السّمعانيّ: سمعت منه «الأربعين» للحاكم.
مات في المحرّم.
185- إبراهيم بن إسماعيل بن إسحاق بن شيث [6] .
__________
[1] في تاريخ دمشق 7/ 390 توفي يوم الخميس ودفن بعد صلاة الجمعة الثامن عشر من المحرّم سنة أربع وثلاثين وخمسمائة.
[2] انظر عن (أحمد بن منصور) في: المنتظم 10/ 87 رقم 111 (28/ 6 رقم 4058) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 174.
[3] في المنتظم.
[4] لم أجد مصدره، ولعلّه في: مشيخة ابن السمعاني.
[5] لم أجد هذه النسبة.
[6] انظر عن (إبراهيم بن إسماعيل) في: التحبير 1/ 71 رقم 1، ومعجم شيوخ ابن السمعاني(36/344)
الإمام أبو إسحاق الأنصاريّ، الزّاهد، المعروف بالصّفّار.
زاهد، عابد، كبير القدر، قوّال بالحقّ، شهير. أراد بعض الملوك قتْله لذلك.
سمع: أباه أبا أحمد الشهيد، ويوسف بن منصور السّيّاريّ الحافظ. مات في ربيع الأوّل.
أجاز للسّمعانيّ [1] .
186- إبراهيم بن سليمان بن رزق الله [2] .
أبو الفَرَج الوَرْديسيّ، الضّرير.
ووَرْديس [3] قرية عند إسكاف من النَهْروان، وبها وُلِد.
وكان يسكن بباب الأَزَج.
قال ابن الجوزيّ: كان فَهِمًا للحديث، حافظًا لأسماء الرجال، ثقة. سمع الكثير، وحدَّث باليسير.
سمع: رزق الله التّميميّ، وابن البَطِر.
وتُوُفّي في سابع ربيع الأوّل.
قلت: سمع جماعة كثيرة.
روى عنه: يحيى بن بوش.
187- إِبْرَاهِيم بْن طاهر بْن بركات بْن إِبْرَاهِيم بن عليّ [4] .
أبو إسحاق القُرشيّ الخُشُوعيّ، الدمشقيّ، الرّفّاء، الصّوّاف.
سمع: أبا القاسم عليّ بن محمد المصَّيصيّ، والفقيه نصر بن إبراهيم، وجعفر بن أحمد السّرّاج.
__________
[35] أ، 36 ب.
[1] وهو قال: لقيته بمرو غير مرّة، ولم يتفق سماع شيء منه، وكتب إليّ الإجازة، وتوفّي ببخارى في السادس والعشرين من شهر ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وخمسمائة، وزرت قبره بتلّ أبي حفص الكبير.
[2] انظر عن (إبراهيم بن سليمان) في: المنتظم 10/ 87 رقم 112 (18/ 6 رقم 4059) .
[3] في الأصل: «ووردريس» . ولم تذكر في الأنساب أو معجم البلدان.
[4] انظر عن (إبراهيم بن طاهر) في: تاريخ دمشق لابن عساكر، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 4/ 65 رقم 69، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 223.(36/345)
وسمع ولده أبا طاهر كثيرًا.
روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وابنه أبو طاهر بركات، وعبد الخالق بن أسد.
وقال ابن عساكر: كان ثقة خيّرًا.
تُوُفّي في شعبان.
188- أسد بن عَلِيّ بن عَبْد اللَّه بن أَبِي الحَسَن ابن القائد محمد بن الحَسَن الغسّانيّ الحلبيّ [1] .
ويُكْنَى أبا الفضل.
ذكره يحيى بن أبي طيِّئ [2] في تاريخه، فقال: هو عمّ والدي.
وكان فقيهًا، قارئًا نَحْويًا.
وُلِد سنة خمسٍ وثمانين. وتُوُفّي ببلاد قُمّ، ولم يعقب.
وكان قد قرأ القراءات قبل أنّ يبلغ، ثمّ قرأ الأصول على مذهب الإمامية، وصنَّف كتابًا في مناقب أهل البيت، وشرح ديوان أبي تمّام.
- حرف الثاء-
189- ثابت بن حميد [3] .
المستوفي. مِن أعيان بغداد.
قال ابن الجوزيّ: قبض عليه الوزير البروجرديّ، وحبسه في سرداب بهَمَذَان في الشّتاء بطاق قميص، فمات من البرد. وأخذ من ماله ثلاثمائة ألف دينار.
- حرف الجيم-
190- جعفر بن محمد بن أبي سعيد بن شرف [4] .
__________
[1] انظر عن (أسد بن علي) في: لسان الميزان 1/ 383، وأعيان الشيعة 11/ 132، 133.
[2] مؤلّفاته كلّها مفقودة حتى الآن.
[3] في الأصل: «ثابت بن حبيب» والتصحيح من:
المنتظم 10/ 87 رقم 113 (18/ 6 رقم 4060) .
[4] انظر عن (جعفر بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 130 رقم 298، وبغية الملتمس للضبيّ 256 رقم 610 وفيه: «أشراف» بدل «شرف» ، وخريدة القصر (قسم شعراء المغرب(36/346)
أبو الفضل الْجُذاميّ، القيروانيّ، نزيل الأندلس شاعر عصره.
قال ابن بَشْكُوال: وُلِد سنة اربعٍ وأربعين وأربعمائة، ودخل الأندلس في سنة سبْعٍ وأربعين مع والده [1] .
قال: واستوطن بَرْجَة من ناحية المَرِية.
رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المرابط، وأبي الوليد الوَقْشيّ، وأبي سعيد الورّاق، وغيرهم.
كان من جِلَّة الأدباء وكبار الشّعراء. وكان شاعر وقْته غير مُدَافَع، وطال عمره، فأخذ النّاس عنه، وله تصانيف حِسَان في الأمثال، والأخبار، والآداب، والأشعار. وكتب إلينا بإجازة ما رواه وصنّفه.
وتُوُفّي في منتصف ذي القعدة [2] . وكان من خُلَصاء صاحب المَرِيَّة ابن صُمَادح.
قال الْيَسَعُ بن حزْم: ومنهم شيخنا الحكيم الوزير جعفر بن شَرَف، له حِفْظ كالسَّيْل، وجَرْي إلى المعالى كالخيل. ما عسى أنّ أصف به من بَرَع في كلّ فنّ، وأصبح على أترابه له الفضل والمَنّ، مع تواضُع نَفْس. قال لي:
أنشدت المعتصم بن صُمَادِح في روضةٍ حَلَلْنا بها بعد تعب:
رياضٌ تعشّقها سُنْدُسٌ ... تَوَشَّتْ معاطِفُها بالزَّهَرْ
مَدَامِعُها فوقَ خَدَّيْ رَيًّا ... لها نظرةٌ فَتَنَتْ من نَظَرْ
لكلّ مكانٍ بها جنَّةٌ ... وكلُّ طريقٍ إليها سَقَرْ
وله من الكتب كتاب «الحشّ والتّجميش» في الطّبيعيّات والإلهيّات، وكتاب «عَقِيل وعَلِيم» حاكى به كليلة ودِمْنة، وله شِعْرٌ، كثير. وأخذ يبالغ الْيَسَع ابن حزْم في إطرائه.
__________
[ () ] والأندلس ق 4/ ج 2/ 23- 39، وبغية الوعاة 1/ 486، رقم 1004، والأعلام 2/ 124، ومعجم المؤلفين 3/ 147.
[1] الصلة 1/ 130.
[2] في خريدة القصر ق 4 ج 2/ 23: توفي في حدود سنة ثلاثين وخمسمائة.(36/347)
191- جوهر الحبشيّ [1] .
خادم السّلطان سَنْجَر.
كان مستوليًا على مملكته محكّمًا فيه. جاءه الباطنيَّة في زِيّ النّساء واستغاثوا ثمّ قتلوه. وذلك بالرّيّ.
- حرف الحاء-
192- الحَسَن بن عمر [2] .
أبو عليّ الطُّوسيّ، البيّع. من أهل نَيْسابور، متميِّزٌ بها.
سمع: أبا صالح المؤذن، وأبا إسحاق الشّيرازيّ الفقيه، وجماعة.
ولد على رأس السّتّين وأربعمائة.
روى عنه: أبو سعد [3] ، وقال: مات رحمه الله في غُرَّة جُمَادَى الآخرة.
193- الحَسَن بن نصر بن الحسن [4] .
__________
[1] انظر عن (جوهر الحبشي) في: تاريخ حلب للعظيميّ 395، والمنتظم 10/ 87 رقم 114 (18/ 6 رقم 4061) ، والكامل في التاريخ 11/ 76، 77، والمختصر في أخبار البشر 3/ 15، وتاريخ ابن سباط 1/ 71، وتاريخ ابن الوردي 2/ 43، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 175.
وفي (التحبير 1/ 171 رقم 91، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 67 ب) : «أبو الدّرّ جوهر بن عبد الله التاجي الحبشي، من أهل نيسابور. من موالي التاج أبي عميد خراسان. كان خادما صالحا، حسن السيرة، راغبا في الخير وأهله. سمع أبا المظفّر موسى بن عمران الأنصاري. قرأت عليه الجزء الثالث والعشرين من «الفوائد» انتقاها الحاكم أبو عبد الله الحافظ، على السيد أبي الحسن محمد بن الحسين العلويّ، بروايته عن موسى بن عمران، عن السيد، وكانت وفاته سنة نيّف وثلاثين وخمسمائة بنيسابور. وكتبت عنه سنة ثلاثين» .
[2] انظر عن (الحسن بن عمر) في: التحبير 1/ 203، 204 رقم 108، وملخص تاريخ الإسلام 8/ 11 ب.
[3] وهو قال: كان شيخا معروفا، متجمّلا، حسن البزّة والهيئة ... سمعت منه جزءا من حديث علي بن حرب، عن الشيرازي، عن ابن شاذان، عن القرشي، عنه. وكانت ولادته في حدود سنة ستين وأربعمائة أو قبلها بنيسابور.
[4] انظر عن (الحسن بن نصر) في: تاريخ دمشق لابن عساكر، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 75 رقم 62، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 255، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 2/ 29 رقم 363، وسيعاد برقم (324) في وفيات 537 هـ.
وبرقم (517) في المتوفين تقريبا.(36/348)
ويُعرف بابن المغنيّ [1] . أبو محمد الدينَوَريّ، البزّاز [2] .
وُلِد بالرّيّ، وسكن بغداد. وكان يتّجر بالبَزّ في خان الخليفة.
سمع: أبا القاسم بن البُسْريّ. وبصور من الفقيه نصر المقدسيّ.
روى عنه: ابن عساكر، وابن السّمعانيّ.
وعاش ثمانين سنة. وتُوُفّي في حدود هذه السنَّة، لأنّه كان باقيًا فيها.
194- حمزة بن الحَسَن بن مفرّج [3] .
أبو يَعْلَى الأزْديّ، الدّمشقيّ، المقرئ، الدّلّال في الكتب [4] .
سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، وأبا عبد الله بْن أَبِي الحديد، وسهل بْن بِشْر.
روى عنه: ابن عساكر [5] ، وعبد الخالق بن أسد.
تُوُفّي في صَفَر. وكان مستورًا.
- حرف الراء-
195- رابعة بنت معمّر [6] بن أحمد بن محمد اللُّنْبانيّ [7] .
أمّ الفُتُوح الأصبهانيَّة، زوجة الحافظ أبي سعد البغداديّ.
سمعت المطهَّر البُزَانيّ، وابن ماجة الأَبْهَريّ.
قال السّمعانيّ: سمعت منها «جزء لُوَيْن» .
ماتت رابع المحرَّم.
__________
[1] هكذا في الأصل، وتاريخ دمشق، والتهذيب. وتقرأ «ابن المفتي» . أما في المختصر فأثبتها «ابن المعبّي» ؟ وهكذا سيأتي مرة أخرى برقم (324) في وفيات 537 هـ. وبرقم (517) .
[2] بزايين. وسيأتي بالزاي والراء.
[3] انظر عن (حمزة بن الحسن) في: تاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 260 رقم 243، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 446.
[4] ويعرف بابن أبي خيش.
[5] وهو قال: وكان شيخا مستورا مواظبا على قراءة القرآن بالسبع، وكان أقطع اليد اليمنى وينسخ باليسرى خطّا رديئا، وسألته عن سبب قطع يده فقال لي إنه كان في صباه عند فوّارة جبرون، وأن قطارا من جمال حنى عليها حتى شرب، فدخل القطار بين عمدها فسقطت، فوقع على يده حرف رصاصة فذهبت.
[6] انظر عن (رابعة بنت معمر) في: التحبير 2/ 407 رقم 1144، وفيه «رابعة بنت أبي معمر» ، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 12 أ، وأعلام النساء 1/ 435.
[7] تصحّفت هذه النسبة إلى «القباني» في (ملخص تاريخ الإسلام) .(36/349)
- حرف الزاي-
196- زُفْرَةُ الأصبهانيّ المفيد [1] .
قال السّمعانيّ: هو أبو بكر محمد بن أحمد بن عليّ. حرص وما فاته شيخ بأصبهان. ولم يكن يعرف شيئًا أصلًا، وصار يعرف أسماء الكُتُب والأجزاء، حتّى أنّ صاحبنا الشّهاب محمد بن أبي الوفا قرأ يومًا فقال: «حمزة بن محمد الكتّانيّ» . فصاح فيه زُفْرة، وقال: «الكِنانيّ» : فتعجبوا من صوابه وخطأ الشّهاب.
سمع: أبا الفتح الحدّاد، وهبة الله بن عليّ الشّيرازيّ. وقرأتُ عليه الأوّل من حديث أبي بكر الشّافعيّ، عن الشّيرازيّ، عن ابن غَيْلان، عنه.
مات في جُمَادَى الأولى، رحمه الله.
- حرف الشين-
197- شبيب بن الحسين بن عُبَيْد الله بن الحسين بن شباب [2] .
القاضي، أبو المظفر البَرُوجِرْدِيّ، الفقيه، الشّافعيّ.
قال ابن السّمعانيّ: قدم بغداد بعد السّبعين وأربعمائة وتفقّه على أبي إسحاق. وبرع في العلم. وهو إمامٌ مُفْتٍ، مناظر، أديب، شاعر، مليح المناظرة حلو المنْطق، متواضع.
سمع: الفقيه أبا إسحاق، وإسماعيل بن مَسْعَدة الإسماعيليّ، وأبا نصر الزَّيْنبيّ.
وبأصبهان: أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن أحمد بْن ماجة.
وببَرُوجِرْد: يوسف بن محمد بن يوسف الهمذانيّ الخطيب، صاحب ابن لال.
__________
[1] انظر عن (زفرة الأصبهاني) في: التحبير 2/ 67، 68 رقم 669، ومعجم الشيوخ لابن السمعاني 8/ ورقة 199 ب، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 12 أ، وشذرات الذهب 4/ 104.
[2] انظر عن (شبيب بن الحسين) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.(36/350)
وسألته عن مولده فقال: في رجب سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، وقرأت عليه أجزاء ببَرُوجِرْد، وكان قاضيها، وكان من مَفَاخر العراق.
وتُوُفّي بعد رجوعه من حجّته الثّانية لأربعٍ خَلَوْن من ربيع الأوّل ببغداد.
ودُفِن عند أستاذه الشَيخ أبي إسحاق. وقد كتب عنه السِّلَفيّ.
- حرف العين-
198- عبّاد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن أبي الرجاء [1] .
أبو نهشل التّميميّ، الأصبهانيّ، المعدّل.
من شيوخ أبي موسى المَدِينيّ.
تُوُفّي في ثامن ذي القعدة [2] .
199- عبد الله بن أسعد بْن أحمد بْن محمد بن محمد بْن حيّان [3] .
أبو سعد النَّسَويّ، النَيْسابوريّ.
ذكره ابن السّمعانيّ فقال: شيخ صالح، مُرْضٍ، من أولاد المشايخ، خدم الكبار وصَحِبَهم، وشدا طَرَفًا من العِلْم.
وسمعه أبوه من: أبي بَكْر بْن خَلَف، وأبي المظفَّر مُوسَى بن عمران.
كتبتُ عنه، وكان ثقةً، متيقّظًا.
وُلِد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، وتُوُفّي، رحمه الله، في ذي القعدة بنَيْسابور.
200- عبد الرّزّاق بن محمد بن سهل [4] .
أبو الفتح [5] الأصبهانيّ، الشّرابيّ.
__________
[1] انظر عن (عبّاد بن محمد) في: التحبير 1/ 510، 511 رقم 491، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 12 أ.
[2] قال ابن السمعاني: شيخ من أهل العلم والقضاء، وبيته بيت الحديث والعلم ... سمعت منه مجلسا من إملاء أبي عبد الله بن مندة، وكتابتي عنه في سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة.
[3] انظر عن (عبد الله بن أسعد) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
[4] انظر عن (عبد الرزاق بن محمد) في: التحبير 1/ 440 رقم 401.
[5] في التحبير: «أبو الفتوح» .(36/351)
قال السّمعانيّ: مقرئ، فاضل، حسن السّيرة، حَسَن الإقراء، ختم جماعة بأصبهان. ورحل في الحديث إلى خُراسان، وكرْمان، والبصرة.
وسمع: رزق الله التّميميّ، وأبا المظفّر السّمعانيّ جدّي، وأبا عبد الله النعاليّ، وابن البَطِر، ومظفَّر بن محمد العَبّادانيّ البصْريّ.
وسمع بكرمان: أبا محمد بن محمد بن عبد الرزاق الكْرمانيّ.
سمعتُ منه جزءًا خرّجه بنفسه [1] .
ولد ظنّا في السّبعين وأربعمائة، وتُوُفّي في صَفَر.
قلت: سمعنا من طريقة «الرّدّ على الجهميّة» لعثمان الدّارميّ، على زينب ببعلبكّ، بإجازتها من عبد العظيم بن عبد اللّطيف الأصبهانيّ الشّرابيّ، قال:
أخبرتنا ضَوْء النّساء بنت عبد الرزاق الشّرابيّ، أنا أبي، أنا الخطيب محمد بن عبد الله الهَرَويّ، أنا ثابت بن محمد بن أحمد السَّعديّ، أنا أبي، أنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم القُرشيّ، عن المؤَلّف.
وثابت تقدم في سنة ستين وأربعمائة. وهذا الكتاب بنزول درجتين، لكنه كتاب نفيس.
201- عبد السلام بن الفضل [2] .
أبو القاسم الجيلي [3] ، الشافعي.
أقام ببغداد مدة، وتفقه في النظامية على الكيا أبي الحسن الهراسي.
وولي قضاء البصرة، وسمع بمكَّة «صحيح مسلم» من الحسين بن عليّ الطَّبريّ.
وتُوُفّي في خامس جُمَادَى الآخرة.
__________
[1] قال ابن السمعاني: سمعت منه حديث ابن كرامة.
[2] انظر عن (عبد السلام بن الفضل) في: المنتظم 10/ 87، 88 رقم 115 (18/ 7 رقم 4062) ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 169، والبداية والنهاية 12/ 217، والوافي بالوفيات 18/ 432 رقم 445.
[3] الجيلي: بكسر الجيم وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى بلاد متفرّقة وراء طبرستان ويقال لها: كيل وكيلان فعرّب ونسب إليها وقيل: جيلي وجيلاني. (الأنساب 3/ 414) .(36/352)
قال ابن الجوزيّ [1] : برع في الفقه والأصول. وكان وقورًا، له هيئة.
وجَرَت أحكامه على السَّداد.
وكان أبو العبّاس البَصْريّ الواعظ يقول: ما بالبصرة شيء يُستحسن غير القاضي عبد السّلام والجامع.
202- عبد [السلام] [2] بن محمود.
أبو الخير الحَسْنَابَاذِيّ، الأصبهانيّ [3] .
ثقة، عالم، فاضل. وُلِد في رمضان سنة سبع [4] وأربعين وأربعمائة.
سمع: أحمد الباطِرْقانيّ، وشجاع بن عليّ.
وعنه: السّمعانيّ، وقال: مات في صَفَر.
203- عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بن عبد الرحمن [5] .
أبو القاسم المَدِينيّ، دولجة.
رحل إلى خُراسان، والعراق، وغير موضع.
قال ابن السّمعانيّ: ما كان يفهم شيئًا، ويقرأ قراءةً مُدْغَمَة غير مفهومة.
وكان خطّه كقوله. أظنّ أنّه كان شيخًا صالحًا، خيرًا، فقيرًا.
سمع ببغداد من: ابن البَطِر، وجماعة. وبأصبهان: أبا المطيع، وخلْقًا كبيرًا.
روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وأبو موسى المَدِينيّ وقال: توفى في ذي القعدة، وهو ابن عمَّة والدي.
204- عليّ بن عبد الرحمن بن محمد [6] .
__________
[1] في المنتظم.
[2] في الأصل بياض، استدركته من:
التحبير 1/ 451، 452 رقم 418، والأنساب 4/ 140، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 12 ب.
[3] وفي نسبة زيادة: «الجرواءانيّ» . من أهل جرواآن، إحدى محالّ أصبهان.
[4] في التحبير 1/ 452 «تسع» ، وفي الأنساب 4/ 159: وكانت ولادته في حدود سنة 450 هـ.
[5] لم أجده، ولعلّه في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .
[6] انظر عن (علي بن عبد الرحمن) في: المنتخب من السياق 376 رقم 1254، والتحبير(36/353)
أبو الحَسَن النَيْسابوريّ، الشُّرُوطيّ، الحافظ [المزكّي] [1] الحاكم.
سمع: أبا بكر محمد بن القاسم الصّفّار، وعبد الرحمن بن رامش.
وعنه: السّمعانيّ وقال: ولد سنة خمسين وأربعمائة، ومات رحمه الله في ربيع الآخر [2] .
205- عمر بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد [3] .
أبو العباس الأَرْغِيانيّ، الأحدب. أخو أبي نصر الفقيه.
شيخ، صالح، فقيه.
سَمِعَ: أبا القاسم القُشَيْريّ، وأبا حامد الأزهريّ، وجماعة.
وتفقه عليّ ابن الحُرينيّ.
سمع منه. أبو سعد السّمعانيّ.
مات في رمضان عن نحو تسعين سنة.
206- عمر بن عليّ بن أحمد [4] .
أبو حفص الفاضليّ، النّوقانيّ، النَّحْويّ [5] .
قال السّمعانيّ: إمام، فاضل، مُناظر، متواضع [6] .
سمع: الفضل بن محمد الزّجاجيّ، وأبا بكر بن خَلَف، وجماعة.
كتب عنه بنوقان طوس [7] .
__________
[1] / 571 رقم 556، وملخص تاريخ الإسلام 8/ 12 ب.
[1] في الأصل: بياض، والإضافة من (التحبير) .
[2] زاد السمعاني: كان أحد المعدّلين من أهل التمييز والحديث. وإنما قيل له الحافظ فيما أظنّ لأنّه كان يحفظ خريطة القاضي.
وقال عبد الغافر: ثقة مشهور صالح. أخو أبي علي ابن عبدان. سمع من الأصمّ وأقرانه.
[3] لم أجده، ولعلّه في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .
[4] انظر عن (عمر بن علي) في: التحبير 1/ 523، 524 رقم 510، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 13 أ.
[5] زاد في (التحبير) : «البختري» .
[6] وزاد: حسن السيرة، جميل الظاهر والباطن.
[7] وقال: فمن جملة ما سمعت منه: كتاب «الأربعين» لأبي القاسم ابن أبي حرب بروايته عنه، وكتاب «برّ الوالدين» لأبي عبد الله البخاري، بروايته عن ابن خلف، عن أبي يعلى المهلّبيّ، عن أبي بكر بن دلويه.(36/354)
وتُوُفّي رحمه الله في غُرَّة صَفَر.
207- عنبر بن عبد الله الحبشيّ [1] .
أبو المِسْك، المعروف بعنبر السِّتريّ، لأنّه كان يحمل أستار الكعبة من بغداد.
وقد جاور سِنين، وكان صالحًا كثير المعروف.
قال ابن السّمعانيّ: سمعت منه بمكَّة في الحَجّتين.
روى عنه: عبد الله النّعاليّ، وابن البَطِر.
خرّج له ابن ناصر جزءين.
وتُوُفّي في ذي الحجَّة.
- حرف الفاء-
208- فاطمة بنت الفقيه أبي حكيم عبد الله [2] بن إبراهيم الخبريّ [3] الفرضيّ الشّافعيّ خاله ابن ناصر الحافظ.
قال السّمعانيّ: امرأة خيِّرة، ديِّنة، سِتِّيرة.
سمعت: ابن المسلمة، وأبا منصور عليّ بن الحَسَن الكاتب، ويوسف المهْروانيّ، وأبا منصور العُكْبَريّ.
وحدَّثت بالكثير، وتفرّدت في عصرها برواية «المُوَفَّقِيّات» للزُّبَير بن بكّار، عن أبي منصور الكاتب بفَوْت.
وكان مولدها في جُمَادَى الأولى [4] .
روى عنها: ابن ناصر، وابن السّمعانيّ، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ، وابن سُكَيْنَة، وعبد الله بن مسلم بن النّحّاس، وطائفة.
وتُوُفّيت في خامس رجب.
__________
[1] انظر عن (عنبر بن عبد الله) في: الأنساب 7/ 40.
[2] انظر عن (فاطمة بنت أبي حكيم) في: المنتظم 10/ 88 رقم 116 (18/ 7 رقم 4064) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 175.
[3] في المنتظم: «الخيريّ» .
[4] سنة 451 هـ.(36/355)
- حرف الميم-
209- محمد بن إسماعيل بن الفُضَيْل بن محمد بن الفُضَيْل [1] .
الفُضَيْلي، الأنصاريّ، الهَرَويّ، المزكّيّ.
سمع: محلّم بن إسماعيل الضّبّيّ، وأبا عمر المَلِيحيّ، وسعيد بن أبي سعد العيّار.
روى عنه: الهَرَوِيُّون.
وعنه: ابن السّمعانيّ، وابن عساكر، وأبو رَوْح، وغيرهم.
وتُوُفّي بمَرْو غريبًا في صَفَر، وحُمِل إلى هَرَاة.
وقد ذكره ابن السّمعانيّ في «مُعْجَمه» فقال: أملى مدَّة بجامع هَراة، وورد مَرْو وأنا بالعراق، وأجاز لي [2] .
يروي «صحيح البخاري» عن أبي عمر المليحيّ، عن النّعيميّ، وكتاب «العلل ومعرفة الرجال» رواية عبّاس الدّوريّ، عن ابن معين.
يروي عن: حكيم الإسْفَرَائينيّ.
قلت: ما أظنّ ابن السّمعانيّ سمع منه.
210- محمد ابن تاج الملوك بوريّ بن طُغْتِكِين [3] .
الملك جمال الدّين أبو المظفَّر، صاحب دمشق.
ولّاه أبوه بَعْلَبَكّ، فأقام بها مدَّة إلى أنّ دبّر على أخيه الملك شهاب الدّين
__________
[1] انظر عن (محمد بن إسماعيل) في: التحبير 2/ 94- 96 رقم 703، والأنساب 9/ 315، والتقييد لابن نقطة 35/ 9، والعبر 4/ 93، وسير أعلام النبلاء 20/ 64، 65 رقم 40، وملخص تاريخ الإسلام (مخطوط) 8/ ورقة 13 أ، وعيون التواريخ 12/ 360، وبغية الوعاة 1/ 55، وشذرات الذهب 4/ 105.
[2] زاد ابن السمعاني في (التحبير) : كان من وجوه المزكّين، ومن بيت الحديث والعلم، عمّر العمر الطويل» .
[3] انظر عن (محمد بن بوري) في: الكامل في التاريخ 11/ 68، 73، ووفيات الأعيان 1/ 296، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 22/ 53 رقم 57، والمختصر في أخبار البشر 3/ 15، والعبر 4/ 93، وسير أعلام النبلاء 20/ 51 رقم 27، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 175، وتاريخ ابن الوردي 2/ 68، والوافي بالوفيات 2/ 273، والبداية والنهاية 12/ 216 وفيه:
«محمود» ، والنجوم الزاهرة 5/ 265، 266، وشذرات الذهب 4/ 105.(36/356)
محمود بن بوريّ من قتله، ثمّ قدِم من بَعْلَبَكّ، وتسلم دمشق في شوّال من السّنة الماضية [1] .
وكان سيّئ السّيرة. لم تطُلْ مدَّته ولا متّعه الله، فمات في شعبان من هذه السّنة وأُجلِس في الملك ابنه أبق.
وزاد تعجُّب النّاس من قِصَر مدَّة جمال الدّين، ودُفِن بتُربة جدّه طُغْتِكِين بظاهر دمشق.
211- محمد بن الحَسَن بن منصور [2] .
أبو الفتوح الأصبهانيّ، المعلّم، المؤذّن.
سمع: عبد الرحمن، وعبد الوهاب ابني أبي عبد الله المطهّر البرانيّ.
وعنه: السّمعانيّ، وقال: مات في ذي القعدة عن بضْعٍ وثمانين سنة [3] .
212- محمد بن عبد المتكبر بن الحَسَن بن عبد الودود بن المهتدي باللَّه [4] .
أبو جعفر الهاشميّ، خطيب جامع المنصور.
كان حَسَن السّيرة بهيّ المنظر.
سمع: أبا القاسم بن البُسْريّ، وطِراد الزَّيْنبيّ، وعاصمًا.
وعنه: أبو القاسم بن عساكر، وأبو سعد السمعاني، ويوسف بن المبارك الخفّاف.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى، وله تسع وستون سنة.
__________
[1] مختصر تاريخ دمشق 22/ 53.
[2] انظر عن (محمد بن الحسن بن منصور) في: التحبير 2/ 110، 111 رقم 724، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 209 أ، وملخص تاريخ الإسلام 8/ 13 أ- 13 ب.
[3] وقال: أديب فاضل، صالح، من أهل الخير، يؤدّب بمحلّة جورجير ويؤذّن في جامعها ...
سمعت منه بأصبهان، ومن جملة ما سمعت منه أحاديث صفوان بن سليم، وكتاب «الميزان المميّز بين الإنسان وأعوان الشيطان» .
وكانت ولادته في حدود سنة ستين وأربعمائة بأصبهان.
[4] تقدّم في السنّة السابقة برقم (170) .(36/357)
213- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد [1] .
أبو جعفر بن أبي القاسم بن الشَيخ أبي جعفر السِّمَنَانيّ، ابن الرحْبيّ، الورّاق، الوكيل بباب القُضاة. كان من مناحيس الوكلاء.
وُلِد سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، وحدَّث عن: عبد الصّمد بن المأمون، وأبي بكر الخطيب، والصَّرِيفينيّ، وجماعة.
وحدَّث «بسُنَن أبي داود» عن الخطيب.
روى عنه: ابن السّمعانيّ، وعليّ بن يحيى بن الطّرَّاح، وأبو الفتح المنْدائيّ، وجماعة.
قال ابن السّمعانيّ: شيخ كبير، كان الزّمان قد قعد به، واختلّت أحواله.
وكان صحيح السّماع، ويدفع الحقّ عن أربابه.
قلت: هذا شأن كلّ الوكلاء حتّى لقد دبّ هذا المرض إلى وكلاء بيت المال.
تُوُفّي في المحرَّم [2] .
214- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عطّاف [3] .
أبو الفضل الهَمَذانيّ، الْجَزَريّ.
وُلِد بجزيرة ابن عمر، وسكن بغداد. وسمع الأكابر، وصحِب الأئمة.
وكان يرجع إلى فضل وتمييز وديانة.
سمع: رزق الله، وابن البطِر، وجماعة.
روى عنه: أبو سعد السمعاني وَقَالَ: سَأَلْتُهُ عن مولده فَقَالَ: سنة أربعٍ وستّين وأربعمائة.
توفّي في تاسع عشر شوّال.
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي السمناني) في: الأنساب 7/ 148، والتقييد لابن نقطة 91 رقم 92.
[2] جاء في (الأنساب 7/ 148) : «توفي سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة» .
[3] انظر عن (محمد بن محمد الجزري) في: الأنساب 3/ 249، 250، ومشيخة ابن عساكر (مخطوط) ورقة 212، واللباب 1/ 277، وسير أعلام النبلاء 20/ 54 رقم 32، وتبصير المنتبه 1/ 323.(36/358)
قلت: عمل لنفسه مُعجمًا، وصنّف «الطّبّ النّبويّ» .
روى عنه: ولده سعيد.
215- محمد بن محمود بن محمد بن عليّ بن شجاع [1] .
أبو نصر الشُّجَاعيّ، السَّرْخَسيّ، الفقيه، المعروف بالسَّرَهْ مَرْد [2] .
قال السّمعانيّ [3] : قدِم من خُراسان، وتفقه ببغداد على السّيّد عليّ بن أبي يعلى الأبّوسيّ، ثمّ رجع إلى بلاده. وهو شيخ حَسَن، كبير القَدْر، فاضل، ورع، كثير التّهجُّد، والصّيام، والذِّكْر.
كان يُفْتي ويُنَاظر، ويذهب مذهب الشّافعيّ، ويذبّ عنه.
سمع: أبا نصر محمد بن عبد الرحمن القُرَشيّ آخر أصحاب زاهر بن أحمد، وأبا القاسم العَبْدُوسيّ، وعمّه أبا حامد أحمد بن محمد الشُّجَاعيّ الفقيه، وأبا القاسم عبد الرحمن الفورانيّ الفقيه، وأبا عليّ نظام المُلْك، والسّيّد أبا المعالي محمد بْن محمد بْن زيد، وغيرهم.
روى عنه: ابن السّمعانيّ المذكور، وابن عساكر، وجماعة.
قال ابن السّمعانيّ [4] : سمعت منه بمَرْو جزءًا، ثمّ ارتحلت إليه إلى سرخس. ومولده سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة.
وتُوُفّي في تاسع عشر ذي الحجَّة. ودُفِن بمدرسته بسَرخس.
وقد سمعته يقول: دخلت جامع طُوس، فلقيت جماعةً يسمعون جزءًا على شيخ يرويه عنّي، فلما رأَوْني عرفوني وفرحوا، وقاموا فقرءوا الجزء عليَّ.
أخبرنا محمد بن محمود بمَرْو، أنا أبو القاسم عبد الله بن العبّاس العَبْدُوسيّ، أنا زاهر بن أحمد، فذكر حديثًا.
216- محمد بن ناصر بن منصور بن أحمد بن علجة [5] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمود) في: التحبير 2/ 235 رقم 886، والأنساب 7/ 292، واللباب 2/ 13، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 6/ 395، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 13 ب.
[2] والسّرمرد: لقب. (طبقات السبكي) .
[3] انظر: الأنساب 7/ 292.
[4] في: الأنساب 7/ 292.
[5] لم أجده، ولعلّه في (معجم الشيوخ لابن السمعاني) .(36/359)
أبو الفضائل الأصبهانيّ، عميد بغداد.
وقد ولي الوزارة للخاتون زوجة أمير المؤمنين المقتفيّ، وحُمِدت ولايته.
قال ابن السّمعانيّ: دخلت عليه ببغداد، وهو مريض، فتكلّف وقعد بجَهْدٍ وتأدّب.
سمع: أبا مسعود سليمان بن إبراهيم الحافظ، والرئيس الثّقفيّ، وجماعة.
وُلِد بأصبهان في سنة سبْعٍ وستّين، وتُوُفّي في أوّل سنة 34.
217- محمد بن نصر [1] .
أبو الفتح [2] الصّوفيّ، المعروف بالمقري الهَمَذانيّ.
شيخ مُعَمَّر، خادم للصُّوفيَّة، ذو همَّة وسعْيٍ، وإطعام ومروءة، وكان يصله أهل أصبهان بأموالٍ عظيمة.
قال السّمعانيّ: سمعته يقول، وقد جاوز الثّمانين: كان لي بهَمَذَان خمسة آلاف [3] ، يُعْطيني ألفٌ منهم خمسة آلاف دينار، وألف منهم أربعة آلاف، وألف ثلاثةً، وألف دينارين دينارين وألف دينارًا دينارًا [4] ، فاليوم لم يبق منهم أحد.
سمع: عَبْدُوس بن عبد الله، ومحمد بن جابار.
كتبت عنه جزءًا.
وُلِد تقديرا سنة خمسين وأربعمائة، ومات في المحرَّم.
218- المختار بن محمد بْن المختار بْن محمد بْن عبد الواحد بن المؤيّد باللَّه [5] .
الهاشميّ، أبو الفضل بن أبي العِزّ، أخو أبي تمّام أحمد.
من أهل الحريم الطّاهريّ، ويُعرف بابن الخصّ.
سمع: نصر الزّينبيّ، وغيره.
__________
[1] انظر عن (محمد بن نصر) في: التحبير 2/ 244، 245 رقم 899، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 245 أ، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 14 أ.
[2] وقيل إن اسمه: «نصر» .
[3] في التحبير: ثلاثة آلاف نفس.
[4] في الأصل) : «دينار دينار» .
[5] لم أجده، ولعلّه في (معجم الشيوخ لابن السمعاني) .(36/360)
روى عَنْهُ: أَبُو سعد السَّمعانيّ، ويوسف بْن كامل.
219- المهديّ بن محمد بن إسماعيل بن مهديّ بن إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن موسى بن إسحاق بن إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصّادق [1] .
أبو البركات بن أبي جعفر العَلَويّ، الموسَوِيّ، الواعظ.
وُلِد بأصبهان في سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة، ونشأ ببغداد.
قال ابن السّمعانيّ: هكذا أملى عليَّ نَسَبَه.
وقال السّيّد النّسّابة أحمد بن عليّ بن السّقّاء: هذا نسبٌ مختلِط، وكان مليح الوعظ، متودِّدًا، ظريفًا، كثير التّرداد إلى أصبهان. ثمّ صاهر شيخنا إسماعيل بن أبي سعد. وسمع: ابن البَطِر [2] ، وأبا عبد الله النّعاليّ، وثابت بن بُندار.
كتبتُ عنه بمَرْو.
خَسِفَ بِجَنْزة [3] سنة أربعٍ وثلاثين، وهلك فيها عالمٌ لَا يُحْصَوْن من المسلمين، منهم المهديّ بن محمد العَلَويّ [4] .
220- موسى بن سيّد [5] .
أبو بكر الأَمويّ، خطيب الجزيرة الخضراء.
حجّ، وجاور وسمع «صحيح مسلم» من الحسين الطَّبريّ.
سمع منه: أبو بكر بن خير فِي هذه السَّنَة.
- حرف الهاء-
221- هبة اللَّه بن الحسين بن يوسف [6] .
__________
[1] انظر عن (المهديّ بن محمد) في: المنتظم 10/ 88 رقم 117 (18/ 7 رقم 4065) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 106، وسير أعلام النبلاء 20/ 52 رقم 29.
[2] في المنتظم (بطبعتيه) : «ابن النظر» .
[3] راجع حوادث السنة 534 هـ. حيث ورد تصحيف وتحريف كثير في اسم المدينة.
[4] المنتظم.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] انظر عن (هبة الله بن الحسين) في: معجم الأدباء 19/ 273- 275، وأخبار العلماء للقفطي 222، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 112، وعيون الأنباء 1/ 376- 380، ووفيات الأعيان 6/ 50-(36/361)
أبو القاسم البغداديّ، المعروف بالبديع الأصْطُرلابيّ [1] .
الشّاعر المشهور.
ذكره القاضي شمس الدّين بن خَلِّكان [2] فقال: كان وحيد دهره في عمل الآلات الفَلَكية، وحصل له من جهتها مالٌ طائل في خلافة المسترشد.
وممّا أورد له العماد في «الخريدة» ، والحَظِيريّ في «زينة الدّهر» ، ويقال إنهما لغيره:
أُهدي لمجلسه الكريم [3] وإنما ... أُهدي له ما حُزْتُ من نَعْمائِهِ
البحر يُمْطِرُهُ السَّحابُ وما لهُ ... فَضْلٌ عليه لأنّه من مائه [4]
وكان كثير الخلاعة والمُجُون. اختار ديوان ابن حَجّاج، ورتبه على مائةٍ وواحد وأربعين بابًا، وسمّاه «دُرَّة التّاج في شِعر ابن حَجّاج» [5] . تُوُفّي بعِلَّة الفالج ببغداد في هذا العام.
وقال ابن أبي أُصَيْبَعَة [6] : هو طبيب، عالم، وفيلسوف متكلّم، غلبت عليه الحكمة وعلم الكلام، والرّياضيّ. وكان صديقًا لأمين الدّولة بن التّلميذ.
قال ابن النّجّار: بديع الزّمان، وحيدَ دَهره، وفريدَ عصره في علم الهيئة، والهندسة، والرّصد، وصنعة الآلات. وله شعر مليح [7] .
__________
[52،) ] والمختصر في أخبار البشر 3/ 15، وسير أعلام النبلاء 20/ 52، 53 رقم 30، وتاريخ ابن الوردي 2/ 68، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد للدمياطي 245، 246 رقم 190، ومرآة الجنان 3/ 261- 263، وعيون التواريخ 12/ 348- 350 (وفيات 533 هـ.) ، وفوات الوفيات 2/ 614- 616، والنجوم الزاهرة 5/ 275 (وفيات 539) ، وكشف الظنون 1/ 739 و 765 و 776، وشذرات الذهب 4/ 103، 104، وهدية العارفين 2/ 505، وتاريخ ابن سباط 1/ 71، والأعلام 9/ 58، ومعجم المؤلفين 13/ 137، وديوان الإسلام 1/ 111 رقم 148.
ويقال: هبة الله بن الحسن.
[1] يقال: الأصطرلابي (بالصاد) والأسطرلابي (بالسين المهملة) . انظر معناه في: وفيات الأعيان 6/ 52.
[2] في وفيات الأعيان 6/ 50.
[3] في معجم الأدباء: «لمجلسك الشريف» ، والمثبت يتفق مع: وفيات الأعيان.
[4] معجم الأدباء 19/ 275، وفيات الأعيان 6/ 51.
[5] معجم الأدباء 19/ 274.
[6] في عيون الأنباء 1/ 376.
[7] المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 245 وفيه شعره، وانظر: معجم الأدباء، ووفيات الأعيان(36/362)
- حرف الياء-
222- يحيى بن بطْريق [1] .
أبو القاسم الطَّرَسُوسيّ، ثمّ الدّمشقيّ.
قال ابن عساكر [2] : كان حافظًا للقرآن، مستورًا.
تُوُفّي في رمضان.
سمع: أبا الحسين بن محمد بن مكّيّ، وأبا بكر الخطيب.
روى عنه: ابن عساكر، وابنه القاسم وهو أكبر شيخ للقاسم، وعبد الخالق ابن أسد.
223- يَحْيَى بْن عَلِيّ بْن عَبْد العزيز بْن علي بن الحسين [3] .
القاضي أبو المفضل [4] القُرشيّ الدّمشقيّ، قاضي دمشق.
ويُعرف بابن الصّائغ.
قال ابن أخته الحافظ ابن عساكر: سمع: عبد العزيز الكَتانيّ، والحسن ابن عليّ بن البّريّ، وحَيْدرة بن عليّ، وعبد الرّزّاق بن الفُضَيْليّ، وأبا القاسم بن أبي العلاء، وغيرهم.
ورحل إلى بغداد فسمع بها من: عبد الله بن طاهر التّميميّ الفقيه، وغيره.
وتفقّه على أبي بكر الشّاشيّ.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن بطريق) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 27/ 221 رقم 109، والعبر 4/ 94، وسير أعلام النبلاء 20/ 53 رقم 31، وعيون التواريخ 12/ 360، وشذرات الذهب 4/ 105.
[2] في تاريخ دمشق.
[3] انظر عن (يحيى بن علي) في: التحبير 2/ 384 رقم 1107، والكامل في التاريخ 11/ 77، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 27/ 285 رقم 157، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 176، والعبر 4/ 93، والإعلام بوفيات الأعلام 219، والمعين في طبقات المحدّثين 157 رقم 1698، وسير أعلام النبلاء 20/ 63، 64 رقم 39، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 334، 335، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 141، 142، ومرآة الجنان 3/ 261، وعيون التواريخ 12/ 360، والنجوم الزاهرة 5/ 266، والثغر البسّام 44، وشذرات الذهب 4/ 105.
[4] وفي أغلب المصادر: «أبو الفضل» من غير ميم.(36/363)
وتفقه بدمشق على القاضي المَرْوَزِيّ. وصحِب الفقيه نصر المقدسيّ مدَّةً. وكان عالمًا بالعربية.
قرأ على أبي القاسم الفاسيّ، وقال لي: وُلِدتُ سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة [1] .
وقد وُلّي القضاء نيابة عَنْ القاضي أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن موسى البلاساغونيّ [2] ، ثمّ ناب عن أبي سعد محمد بن نصر الهَرَويّ، وقتل أبو سعد وجدّي على القضاء.
خرج إلى الحجّ على طريق بغداد سنة عشر، فكان ولده القاضي أبو المعالي هو الحاكم.
خرج إلى الحجّ على طريق بغداد سنة عشر، فكان ولده القاضي أبو المعالي هو الحاكم.
وكان ثقةً، حُلْو المحاضرة، فصيح اللّسان. أنا جدّي، أنا عبد الرّزّاق سنة خمس وخمسين وأربعمائة بقراءة أبي الفَرَج الحنبليّ، فذكر حديثًا.
وقال ابن السّمعانيّ: كان جميل الأمر، مَرْضِيّ السّيرة. كان النّاس يحمدونه في قضاياه وأحكامه. وهو أبو شيخنا محمد بن يحيى قاضي دمشق، وجد رفيقنا أبي القاسم. وكان مُقِلًا من الحديث. أجاز لي [3] .
قلت: وروى عنه: القاسم بن الحافظ، وعبد الخالق بن أسد، وجماعة.
وتُوُفّي في الخامس والعشرين من ربيع الأوّل [4] ، ودفن عند مسجد القدم بتربة.
__________
[1] وفي مرآة الزمان: ولد سنة 444 هـ. وفي تاريخ دمشق: ولد سنة ثلاث أو أربع وأربعين وأربعمائة.
[2] في الأصل: «البلاشاغوني» بالشين المعجمة، والتصحيح من: الأنساب، ومعجم البلدان، وفيهما: بلاساغون: بلدة من ثغور الترك وراء نهر سيحون قريبة من كاشغر.
[3] في التحبير: كتب إليّ الإجازة بجميع مسموعاته بتحصيل سبطه أبي القاسم علي بن الحسن الحافظ.
[4] في التحبير: توفي بدمشق في سنة ثلاث أو أربع وثلاثين وخمسمائة.(36/364)
سنة خمس وثلاثين وخمسمائة
- حرف الألف-
224- أحمد بْن جَعْفَر بْن أحمد بن الخصيب [1] .
أبو العبّاس القيسيّ، القرطبيّ، المقرئ، المعروف بالقيشطاليّ. وقد تُبدَّل الشّين جيمًا [2] .
أخذ القراءات عَنْ أَبِي القاسم بْن النّحّاس، وحدَّث عن أبي محمد بن عَتّاب. وأقرأ القرآن والعربيَّة [3] .
روى عنه: أبو الحَسَن بن ربيع، وأبو عبد الله بن العويص، وأبو العبّاس بن مَضَاء [4] ، وغيرهم.
225- أحمد بن سعد بن عليّ بْن الحسن بن القاسم بن عنان [5] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن جعفر) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 1/ 46، 47، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي 1/ 82- 84 رقم 94، وبغية الوعاة 1/ 129، 130.
[2] في الذيل والتكملة 1/ 83: «القيجاطي» .
[3] قال المراكشي: وكان مقرئا، مجوّدا، متقدّما في حسن الأداء وإتقان الضبط، متحقّقا بالعربية، ماهرا فيها، ذا حظّ وافر من رواية الحديث، وقرض الشعر، والإحسان فيه. ومن شعره:
ليس الخمول بعار ... على امرئ ذي جلال
فليلة القدر تخفى ... وتلك خير الليالي
[4] قال المراكشي: ووقع في شيوخ أبي جعفر ابن مضاء: أحمد بن عبد الرحمن بن خصيب وهو المذكور بعد في موضعه من هذا المجموع فجعلهما أبو عبد الله ابن الأبّار واحدا، ووهّم في ذلك أبا جعفر ابن مضاء، وكذلك فعل أبو جعفر ابن الزبير، وذكر أن وفاته سنة خمس وثلاثين وخمسمائة، ووهما في ذلك، وهما رجلان، وابن جعفر أشهرهما فيما استقريت من آثارهما، ولعلّ أحدهما قريب الآخر، والله أعلم. (الذيل والتكملة 1/ 83، 84) .
[5] انظر عن (أحمد بن سعد) في: الأنساب 8/ 401، ومشيخة ابن عساكر (مخطوط) ورقة 6 أ،(36/365)
أبو عليّ العِجْليّ، الهَمَذانيّ، المعروف بالبديع.
وُلِد سنة ثمانٍ وخمسين. وسمّعه أبوه، ثمّ رحل هو بنفسه إلى أصبهان، وبغداد، والكوفة، والرَّيّ.
سمع: بكر بن حَيد صاحب أبي الحسين القنْطريّ، وأبا إسحاق الشّيرازيّ، ويوسف بن محمد الهَمَذانيّ الخطيب، وأبا الفَرَج بن عبد الحميد، وأبا طاهر بن الزّاهد، وعامَّة هَمَذَانّيين، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، والقاسم بن الفضل الرئيس بأصبهان، وأبا الغنائم محمد بن أبي عثمان، وابن البَطِر، وجماعة ببغداد، ومكّيّ بن علّان بالكرج.
روى كتاب «المُتَحابّين» لابن لال، سماعًا عن أبي الفَرَج عليّ بن محمد بن عبد الحميد، عنه.
روى عنه: ابن عساكر [1] ، وابن السّمعانيّ، وابن الْجَوْزيّ، وطائفة.
قال ابن السّمعانيّ [2] : شيخ، إمام، فاضل، ثقة، كبير، جليل القدْر، واسع الرّواية، حسن المعاشرة. وله نظم جيّد.
وقد ذكره شيروَيْه في «الصّفات» ، فقال: صَدوق، فاضل. يرجع إلى نصيب من كلّ العلوم أدبا، وفقها، وحديثًا، وتذكيرًا. وكان يراعي النّاس ويُداريهم، ويقوم بحقوقهم، مقبولًا بين الخاصّ والعامّ.
وقال غيره: تُوُفّي سنة ستٍّ وثلاثين في رجب، وقبره يُزار، رحمه الله.
226- أحمد بن محمد بن أحمد بن [3] هالة [4] .
__________
[ () ] وطبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح 1/ 340، 341 رقم 102، وسير أعلام النبلاء 10/ 95، 96 رقم 56، و 144، 145 رقم 56، وتذكرة الحفاظ 4/ 1281، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 6/ 17، 18، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 247، والوافي بالوفيات 6/ 384، 385، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 115 ب.
[1] مشيخة ابن عساكر 6 أ.
[2] انظر: الأنساب 8/ 401.
[3] انظر عن (أحمد بن محمد بن أحمد) في: الأنساب 6/ 168، 169.
[4] في الأصل: «ضالة» .(36/366)
أبو العباس الرُّنانيّ [1] ، ورنّان، من قرى أصبهان.
كان من أعيان القرّاء.
قرأ على: أبي عليّ الحدّاد، وبواسط على أبي العِزّ القَلانسيّ.
وسمع من غانم البرجيّ فمَنْ بعده.
وببغداد من طائفة بعد العشرين وخمسمائة.
ونسخ الكثير، وخرَّج للشّيوخ، وختم خلْقًا.
وتُوُفّي بالحلَّة السَّيْفية، مرجعه من الحجّ، فجأةً في صَفَر.
وقد خرَّجَ الحافظ إسماعيل بن محمد التَّيْميّ عشرة أجزاء له.
227- إسماعيل بن أبي القاسم بن عبد الواحد [2] .
الإمام، أبو سعيد الخَرْجِرْدِيّ [3] ، وهى بُلَيْدة من أعمال بوسنج.
فاضل عالم عابد، نزل هَرَاة، وحدَّث عن: أبي صالح المؤذّن، وأبي عَمْرو المَحْمِيّ، وابن خَلَف الشّيرازيّ.
روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: تُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
قلت: هو الآتي في سنة ستّ.
228- إسماعيل بْن محمد بْن الفضل بْن عليّ بْن أحمد بن طاهر [4] .
__________
[1] الرناني: بضم الراء وفتح النون ونون أخرى بعد الألف. هذه النسبة إلى رنان وهي إحدى قرى أصبهان.
[2] انظر ترجمته ومصادرها في وفيات السنة التالية، برقم (273) ، وهو هناك: «إسماعيل بن عبد الواحد بن إسماعيل بن محمد البوشنجي» .
[3] الخرجردي: ضبطها في الأصل بضم الجيم، وقال ابن السمعاني: بفتح الخاء المعجمة وسكون الراء وكسر الجيم وسكون الراء الأخرى وكسر الدال المهملة. وهي بلدة من بلاد فوشنج هراة. (الأنساب 5/ 77) .
[4] انظر عن (إسماعيل بن محمد) في: الأنساب 3/ 368، والمنتظم 10/ 90 رقم 18 (18/ 10 رقم 4066) ، والتقييد لابن نقطة 210، 211 رقم 247، والكامل في التاريخ 11/ 80، واللباب 1/ 309، 310، وتذكرة الحفاظ 4/ 1277، وسير أعلام النبلاء 20/ 80، والإعلام بوفيات الأعلام 219، والعبر 4/ 94، ودول الإسلام 2/ 55، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 177، وعيون التواريخ 12/ 363، 364، و 365، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 359- 361، والوافي بالوفيات 9/ 211، ومرآة الجنان 3/ 263، والبداية والنهاية 12/ 217، وطبقات المفسّرين للسيوطي 8، وتاريخ الخلفاء، له 442، وطبقات الحفاظ 463، والنجوم الزاهرة(36/367)
الحافظ الكبير، أبو القاسم التَّيْميّ، الطَّلْحيّ [1] ، الأصبهانيّ، المعروف بالحُوزيّ [2] ، الملقب بقوام السُّنة.
وُلِد سنة سبع [3] وخمسين وأربعمائة في تاسع شوّال. وسمع من: أبي عَمْرو بن مَنْدَهْ، وعائشة بنت الحَسَن الوَرْكانيَّة، وإبراهيم بن محمد الطَيّان، وأبي الخير بن رَرَا، وأبي منصور بن شكرُوَية، وابن ماجة الأَبْهَريّ، وأبي عيسى بن عبد الرحمن بن محمد بن زياد، وطائفة من أصحاب ابن خُرَّشِيذ قُولَه.
ورحل إلى بغداد، فأدرك أبا نصر الزَّيْنبيّ، وهو أكبر شيخٍ له، فسمع منه، ومن: عاصم الأديب، ومالك البانياسيّ، والموجودين.
ورحل إلى نَيْسابور فسمع: أبا نصر محمد بن سهل السّرّاج، وعثمان بْن محمد المَحْمِيّ، وأبا بَكْر بْن خَلَف، وجماعة من أصحاب ابن مَحْمِش.
وسمع بعدَّة بلاد، وجاور بمكَّة سنة، وصنَّف التّصانيف، وأملى، وتكلّم في الجرْح والتّعديل.
روى عَنْهُ: أبو سعد السّمعانيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، ويحيى بن محمود الثّقفيّ، وعبد الله بن محمد بن حمْد الخبّاز، والقاضي أبو الفضائل محمود بن أحمد العبدكويّ، وأبو نَجِيح فضل الله بن عثمان، وأبو المجد زاهر بن أحمد، والمؤيَّد ابن الأخوة، وآخرون.
قال أبو موسى في «مُعْجمه» : أبو القاسم إسماعيل ابن الشَيخ، الصّالح حقيقة، أبي جعفر محمد بن الفضل الحافظ، إمام أئمة وقته، وأستاذ علماء عصره، وقُدْوة أهل السُّنَّة في زمانه، حدَّثنا عنه غيرُ واحدٍ من مشايخنا في حال حياته بمكّة، وبغداد، وأصبهان. وأصمت في صفر سنة أربع وثلاثين، ثمّ فلج
__________
[5] / 267، وطبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 114، وشذرات الذهب 4/ 105، 106، وكشف الظنون 123، 211، 400، وهدية العارفين 1/ 211، والرسالة المستطرفة 57، وتاريخ الأدب العربيّ 6/ 39، 40، وديوان الإسلام 2/ 32 رقم 607، والأعلام 1/ 323، ومعجم المؤلفين 2/ 293.
[1] في مرآة الجنان تحرّفت إلى: «الطليحي» .
[2] هكذا في الأصل. وفي عيون التواريخ: «جوجي» وهو العصفور بلسان أصبهان.
[3] في الكامل في التاريخ 11/ 80: «تسع» ، ومثله في المنتظم 10/ 90 (18/ 10) .(36/368)
بعد مدّة، وتوفّي بكْرَة يوم الأضحى، وصلى عليه أخوه أبو المَرْضيّ، واجتمع في جنازته جمْعٌ لم نَرَ مثلهم كثرةً، رحمه الله.
قلت: وقد أفرد أبو موسى له ترجمة في جزء كبر مبوَّب، فافتتحه بتعظيم والده أبي جعفر محمد بن الفضل، ووصفه بالصّلاح، والزُّهد، والأمانة، والورع. ثمّ روى عن أبي زكريّا يحيى بن مَنْدَهْ أنّه قال: أبو جعفر عفيف، ديّن، لم نَرَ مثله في الدّيانة والأمانة في وقتنا، قرأ القرآن على أبي المظفَّر بن شبيب، وسمع من سعيد العيّار، ومات في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة.
قال أبو موسى: ووالدته من أولاد طلحة رضي الله عنه، وهي بنت محمد بن مُصْعَب. فقال أبو القاسم في بعض أماليه عقيب حديثٍ رواه عن شيخٍ له، عن أبي بكر محمد بن عليّ بن إبراهيم بن مصعب: كان أبو بكر عمّ والدي، وهو من أوائل أهل أصبهان، له أوقاف كثيرة في البلد.
قال أبو موسى: قال أبو القاسم إسماعيل: سعت من عائشة الوَرْكانيَّة وأنا ابن أربع سِنين.
وقد سمع إسماعيل أيضًا من أبي القاسم عليّ بْن عبد الرحمن بْن عُلَيَّك القادم أصبهان في سنة إحدى وستّين، ولا أعلم أحدًا عابَ عليه قولًا ولا فعلًا، ولا عانده أحدٌ في شيءٍ إلّا وقد نصره الله. وكان نزه النَّفس عن المطامع، لَا يدخل على السّلاطين، ولا على المتّصلين بهم. قد خلّى [1] دارًا من ملْكه لأهل العِلم، مع خفَّة يده، ولو أعطاه الرجل الدّنيا بأسرها لم يرتفع ذلك عنده، ويكون هو وغيره ممّن لم يُعطه شيئًا سواء. يشهد بجميع ذلك الموافقون والمخالفون.
بلغ عدد أماليه هذا القدر، وكان يحضر مجلس إملائه المُسْنِدُون، والأئمة، والحُفّاظ. ما رأيناه قد استخرج إملاءه كما يفعله المُمْلُون، بل كان يأخذ معه آجُرَّ، فَيُملي مِنها على البديهة.
أخبرنا أبو زكريّا يحيى بن مَنْدَهْ الحافظ إذْنًا في كتاب «الطّبقات» :
__________
[1] في سير أعلام النبلاء 20/ 82: «أخلى» .(36/369)
إسماعيل بن محمد الحافظ أبو القاسم، حَسَن الاعتقاد، جميل الطّريقة، مقبول القول، قليل الكلام، ليس في وقته مثله.
وقال أبو مسعود عبد الجليل بن محمد كوتاه: سمعت أئمة بغداد يقولون:
ما رحل إلى بغداد بعد أحمد بن حنبل أفضل وأحفظ من الشَيخ الإمام إسماعيل.
قال أبو موسى: إن الدّليل على أنّه إمام المائة الخامسة الّذي أحيا الله به الدّين.
قال: لَا أعلم أحدًا في ديار الإسلام يصلح لتأويل هذا الحديث إلّا هذا الإمام.
قلت: تكلف أبو موسى في هذا الكتاب تكلفًا زائدًا، وجعل أبا القاسم على رأس الخمسمائة، وإنّما كان اشتهاره من العشرين وخمسمائة ونحوها، وإلي أنّ مات. هذا إذا سُلِّم له أنّه أجلّ هل زمانه في العلم.
وقال أيضًا: فإن اعترض معترضٌ بقول أحمد: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ في الحديث «برجلٍ من أهل بيتي» . قيل لَهُ: لم يُرَد أنّ يكون من بني هاشم أو بني المطَّلِب.
قلت: لم يقُلْ أحدٌ هذا أصلًا، ولا قاله رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالاعتراض باطل.
ثمّ إنّه أخذ يتكلف عن هذا، وقال: كتبتُ أنّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أراد من قريش. وهذا الإمام الّذي تأولته على الحديث من قريش من أولاد طلحة بن عُبَيْد الله من جهة الأمّ.
ثمّ شرع ينتصر بأنّ ابن أخت القوم [منهم] [1] . وهذا يدلّ على أنّ إمامنا قُرَشيّ.
وعن أبي القاسم إسماعيل قال: ما رأيت في عمري أحدا يحفظ حفظي.
__________
[1] في الأصل بياض.(36/370)
قال أبو موسى: وكان رحمه الله يحفظ مع المسانيد الآثار والحكايات.
سمعته يقول يومًا: ليس في «الشّهاب» للقُضاعيّ من الأحاديث إلّا قدْر خمسين حديثًا، أو نحو ذلك.
قال أبو موسى: وقد قرأ عدَّة ختمات بقراءات على جماعة، وأمّا علم التّفسير، والمعنى، والإعراب، فقد صنَّف فيه كتابًا بالعربية وبالفارسية، وأمّا علم الفقه فقد شهر فتاويه في البلد والرّساتيق، بحيث لم ينكر أحدٌ شيئًا من فتاويه في المذهب، وأصول الدِّين، والسُّنَّة.
وكان يُجِيد النَّحْو. وله في النَّحْو يد بيضاء. صنف كتاب «إعراب القرآن» . ثمّ قال: أنا أبو سعد محمد بن عبد الواحد، نا أبو المناقب محمد بن حمزة بن إسماعيل العَلَويّ بهَمَذَان: ثنا الإمام الكبير، بديع وقته، وقريع دهره، أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل، فذكر حديثًا.
سألتُ أبا القاسم إسماعيل بن محمد يومًا، وقلت له: أليس قد رُوي عن ابن عباس في قوله تعالى: اسْتَوى 2: 29 قعد؟ قال: نعم.
قلت له: يقول إسحاق بن راهَوَيْه: إنّما يوصف بالقعود من عمل القيام.
فقال: لَا أدري إيش يقول إسحاق.
وسمعته يقول: أخطأ ابن خُزَيْمة في حديث الصّورة، ولا يُطعن عليه بذلك، بل لَا يؤخذ عنه هذا فحسب.
قال أبو موسى: أشار بذلك إلى أنّه قلّ من إمام إلّا وله زلَّة فإذا تُرِك ذلك الإمام لأجل زلّته تُرِكَ كثير من الأئمَّة، وهذا لَا ينبغي أنّ يُفْعل.
وكان من شدة تمسُّكه بالسُّنة، وتعظيمه للحديث، وتحرُّزه من العدول عنه، ما تكلَّم فيه من حديث نُعَيم بن حمّاد الّذي رواه بإسناد في النّزول بالذّات. وكان من اعتقاد الإمام إسماعيل أنّ نزول الله تعالى بالذّات. وهو مشهور من مذهبه، قد كتبه في فتاوى عدَّة، وأملى فيه أمالي، إلّا أنّه كان يقول:
وعلى بعض رُواته مطعن.
سمعت محمد بن مَحْمِش: سمعت الإمام أبا مسعود يقول: ربّما كنا(36/371)
نمضي مع الإمام أبي القاسم إلى بعض المشاهد المعروفة، فكلّما استيقظنا من اللّيل رأيناه قائمًا يصلّي. وسمعت من يحكي عنه في اليوم الّذي قدِم بولده ميّتًا، وجلس للتّعزية، جدَّد الوضوء في ذلك اليوم قريبًا من ثلاثين مرَّة. كلّ ذلك يصلّي ركعتين.
وسمعت غير واحدٍ من أصحابه أنّه كان يُمْلي «شرح مسلم» عند قبر ولده أبي عبد الله، فلمّا كان ختم يوم الكتاب عمل مأدُبةً وحلاوة كثيرة، وحُمِلت إلى المقبرة. وكان أبو عبد الله محمد قد وُلِد نحو سنة خمسمائة، ونشأ فصار إمامًا في العلوم كلّها، حتّى ما كان يتقدمه كبيرُ أحدٍ في وقته في الفصاحة، والبيان، والذّكاء، والفهم. وكان أبوه يفضله على نفسه في اللُّغة، وجَريان اللّسان.
وقد شرح في «الصّحيحين» فأملى في شرح كلّ واحدٍ منهما صدرًا صالحًا. وله تصانيف كثيرة مع صِغَر سِنّه، ثمّ اخترمَتْه المَنِيَّة بهَمَذَان في سنة ستٍّ وعشرين.
وكان والده يروي عنه إجازةً، وكان شديد الفقد عليه.
سمعت أبا الفتح أحمد بن الحَسَن يقول: كنّا نمشي مع أبي القاسم يومًا، فوقف والتفت إلى الشَيخ أبي مسعود الحافظ وقال: أطال الله عُمرك، فإنّك تعيش طويلًا، ولا ترى مثلك. وهذا من كراماته.
قال أبو موسى: صنَّف أبو القاسم التّفسير في ثلاثين مجلَّدة كبارًا، وسماه «الجامع» . وله كتاب «الإيضاح في التّفسير» أربع مجلّدات، وكتاب «الموضح في التّفسير» ثلاث مجلَّدات، وكتاب «المعتمد في التّفسير» عشر مجلَّدات، وكتاب «التّفسير» بالأصبهانيّ عدَّة مجلَّدات، وكتاب «السُّنَّة» مجلَّدة، وكتاب «التّرغيب والتّرهيب» ، وكتاب «سير السّلف» مجلّدة ضخمة، و «شرح صحيح مسلم» ، كان قد صنّفه ابنه فأتمّهما، وكتاب «دلائل النُّبُوَّة» مجلَّدة، وكتاب «المغازي» مجلَّدة، وكتاب صغير في السُّنَّة، وكتاب في الحكايات، مجلّدة ضخمة، وكتاب «الخلفاء» في جزء، وتفسير كتاب «الشّهاب» باللّسان الأصبهانيّ، وكتاب «التّذكرة» نحو ثلاثين جزءًا. وقد تقدَّمت أماليه.
قال الحافظ ابن ناصر: حدَّثني أبو جعفر محمد بن الحسين بن محمد ابن أخي الحافظ إسماعيل قال: حدَّثني أحمد الأسواريّ الذّي تولّى غسل عمّي،(36/372)
وكان ثقة، أنّه أراد أن ينحّي عن سوأته الخِرْقة لأجل الغسْل، فجبذها إسماعيل من يده، وغطّى بها فَرْجه، فقال الغاسل: أحياة بعد موت [1] ؟! وقال ابن السّمعانيّ: هو أستاذي في الحديث، وعنه أخذت هذا القدر:
وهو إمام في التّفسير، والحديث، واللّغة، والأدب، عارف بالمُتُون والأسانيد، وكنت إذا سألته عن الغوامض والمُشْكِلات أجاب في الحال بجوابٍ شافٍ.
وسمع الكثير ونسخ، ووهب أكثر أصوله في آخر عمره. وأملى بجامع أصبهان قريبًا من ثلاثة آلاف مجلس [2] . وسمعته يقول: والدك ما كان يترك مجلس إملائي.
وكان والدي يقول: ما رأيت بالعراق ممّن يعرف الحديث أو يفهمه غير اثنين: إسماعيل الحوزيّ بأصبهان، والمؤتمن السّاجيّ ببغداد.
قال أبو سعد: استفدت منه الكثير، وتتلمذت له. وسألته عن أحوال جماعة.
وسمعتُ أَبَا القَاسِم الحافظ بدمشق يُثني عليه، وقال: رأيته وقد ضعُف وساء حِفْظُه.
وأثني عليه أبو زكريّا ابن مَنْدَهْ في «تاريخ أصبهان» .
وذكره محمد بن عبد الواحد الدّقّاق فقال: عديم النّظير، لَا مثيل له في وقته. كان والده ممّن يُضرب به المَثَل في الصّلاح والرّشاد.
قال السِّلَفيّ [3] : كان فاضلًا في العربيَّة ومعرفة الرّجال.
سمعت أبا عامر العَبْدَريّ يقول: ما رأيت شابًا ولا شيخًا قطّ مثل إسماعيل. ذاكَرْتُه فرأيته حافظًا للحديث، عارفًا بكلّ عِلْم، متقنّنًا. استعجل علينا بالخروج.
وسمعت أبا الحسين بن الطُّيُوريّ يقول غير مرَّة: ما قدِم علينا من خُراسان مثل إسماعيل بن محمد، رحمه الله.
__________
[1] المنتظم 10/ 90 (18/ 10) .
[2] قاله ابن الجوزي في المنتظم.
[3] في معجم السفر (مصوّرة دار الكتب المصرية) ق 1.(36/373)
- حرف الجيم-
229- جعفر بن محمد بن مكّيّ بن أبي طالب بن محمد بن مختار [1] .
أبو عبد الله القيسيّ، اللّغويّ، القُرطُبيّ.
له اليد الباسطة في علم اللّسان.
روى عن: أبيه، ولزِم عبد الملك بن سِراج، واختص به.
قال ابن بَشْكُوال [2] : قال لي: صحِبتُ أبا مروان خمسة عشر عامًا أو نَحْوها، وأجاز لي أبو عليّ الغسّانيّ.
وأخذ عن خَلَف بن رزق.
قال: وكان عالما بالآداب واللّغات، متقنا لها، ضابطًا لجميعها، صنَّف فيها. اختلفتُ إليه وسمعت منه، وقال لي: ولدت بعد الخمسين وأربعمائة بيسير.
ثمّ قال ابن بَشْكُوال [3] : تُوُفّي الوزير أبو عبد الله بن مكّيّ لتسعٍ بَقِين من المحرَّم سنة خمس.
قلت: آخر أصحابه موتًا أبو جعفر بن يحيى، عاش إلى سنة عشر وستّمائة.
- حرف الحاء-
230- الحَسَن بن عليّ [4] .
الكاتب أبو عليّ الدَّواميّ.
سمع: ابن البَطِر.
وعنه: عُبَيْد الله، سمع منه في هذه السّنة.
يخدم خطبة القائم الدّواميّة.
__________
[1] انظر عن (جعفر بن محمد بن مكي) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 129، 130 رقم 297، وبغية الملتمس 243 وإنباه الرواة 1/ 267، والمغرب في حلى المغرب 1/ 108، والوافي بالوفيات 11/ 149 رقم 232، وبغية الوعاة 1/ 487 رقم 1005.
[2] في الصلة 1/ 129.
[3] في الصلة 1/ 130.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.(36/374)
231- الحسين بن مفرّج بن حاتم [1] .
الواعظ، أبو عليّ المقدسيّ.
أحد فُقهاء الشّافعيَّة بالثَّغْر المحروس. وهو عمّ والد الحافظ بن الفضل.
ذكره في «الوَفَيَات» ، وقال: تُوُفّي في نصف شعبان.
روى عن: القاضي الرشيد المقدسيّ.
روى عنه: ابنه أبو عبد الله، وأبي، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو محمد العثمانيّ.
232- حمزة بن الحسين [2] .
ويقال له: حمزة بن سعادة. أبو يَعْلَى البُسْتيّ، ثمّ البغداديّ، المقرئ، الصُّوفيّ، نزيل نَيْسابور.
سمع أبا المظفّر موسى بن عِمران، وعبد الباقي بن يوسف المراغيّ.
قال ابن السّمعانيّ: قال لي إنّه سمع بمكّة من كريمة.
تُوُفّي في ثالثٍ وعشرين ذي القعدة.
233- حمزة بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سلامة [3] .
أبو يَعْلَى بن أبي الصَّقْر بن أبي جميل القُرشيّ، الدّمشقيّ، البزّاز [4] .
سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء المصِّيصيّ، والفقيه نصر بن إبراهيم.
روى عنه: ابنه محمد، وأبو القاسم الحافظ، وعبد الخالق بن أسد، وجماعة.
وتُوُفّي في صفر. ودفن بمقبرة باب الصّغير [5] .
__________
[1] انظر عن (الحسين بن مفرّج) في: معجم السفر للسلفي (مصوّرة دار الكتب المصرية) ق 1.
[2] انظر عن (حمزة بن الحسين) في: معجم الشيوخ لابن السمعاني.
[3] انظر عن (حمزة بن محمد) في: تاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 267 رقم 255، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 452، 453.
[4] في التهذيب: «البزار» بالراء في آخره.
[5] وقال ابن عساكر: كتبت عنه شيئا يسيرا. وكان سماع ابن عساكر عليه سنة 482 هـ.(36/375)
- حرف الراء-
234-[رَزِين] [1] بن معاوية بن عمار [2] .
أبو الحَسَن العَبْدَريّ، الأندلسيّ، السَّرَقُسْطيّ، الحافظ.
جاوَرَ بمكَّة دهرًا، وسمع بها «البخاريّ» من: عيسى بن أبي ذَرّ الهَرَويّ، «ومسلمًا» من: الحسين الطَّبَريّ.
وله مصنَّف مشهور [3] جمع فيه الكُتُب السّتَّة [4] .
روى عنه: قاضي الحَرَم أبو المظفر محمد بن عليّ بن الحَسَن الطَّبريّ، والشَيخ أحمد بن محمد بن قُدَامة المقدسيّ والد أبي عمر، والحافظ أبو موسى المَدِينيّ، وغيرهم.
وقع لنا من حديثه، أناه [5] العماد عبد الحافظ: أنبا الموفق رحمه الله، عن أبيه، عنه.
وتُوُفّي في المحرَّم بمكَّة [6] . وله في الكتاب زيادات واهية.
235- رستم بن الفَرَج [7] .
البغداديّ، التّاجر، نزيل خراسان.
__________
[1] في الأصل بياض، استدركته من المصادر.
[2] انظر عن (رزين بن معاوية) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 186، 187، رقم 428، وبغية الملتمس للضبيّ 293، رقم 741، والعبر 4/ 95، ودول الإسلام 2/ 55، والإعلام بوفيات الأعلام 219، وسير أعلام النبلاء 20/ 204- 206 رقم 129، وتذكرة الحفاظ 4/ 1281، ومرآة الجنان 3/ 263، وعيون التواريخ 12/ 366، والديباج المذهب 1/ 366، 367، وصفة الجزيرة 96، والعقد الثمين 4/ 398، 399، والنجوم الزاهرة 5/ 267، وكشف الظنون 345، وشذرات الذهب 4/ 106، وروضات الجنات 286، 287، والرسالة المستطرفة 130، وشجرة النور الزكية 1/ 133، وتاريخ الأدب العربيّ 6/ 266، وهدية العارفين 1/ 367، وديوان الإسلام 2/ 319 رقم 978، والأعلام 3/ 20، ومعجم المؤلفين 4/ 155.
[3] هو كتاب «تجريد الصحاح» ، اعتمد عليه ابن الأثير في تأليف كتابه «جامع الأصول» . انظر:
مقدّمة (جامع الأصول 1/ 49- 51) .
[4] وله كتاب في أخبار مكة. (انظر: العقد الثمين 4/ 399) .
[5] اختصار لكلمة: «أخبرناه» .
[6] وقع في (الصلة 1/ 187) : توفي- رحمه الله- في صدر سنة أربع وعشرين وخمسمائة.
[7] لم أجده، ولعلّه في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .(36/376)
حدَّث عن: أبي الحسين بن الطُّيُوريّ، وغيره.
روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: تُوُفّي تقريبًا.
- حرف السين-
236- سلطان بن إبراهيم [1] .
أبو الفتح المقدسيّ، الفقيه الشّافعيّ.
قال ابن نُقْطَة في «الاستدارك» : قال السِّلَفيّ: مات في أواخر جُمَادَى الأولى سنة خمسٍ وثلاثين.
مرَّ سنة 518.
- حرف العين-
237- عبد الله بن يوسف بن سمجون.
أبو محمد السَّرَقُسْطيّ، نزيل بَلَنْسِيَة.
حجّ، فلقي بطَنْجَة المقرئ أبا الحسين الخضريّ الضّرير، فأخذ عنه قصيدته في قراءة نافع.
وولي خَطَابة شاطبة.
وأخذ عنه: أبو الحَسَن بن هُذَيْل، وغيره.
238- عبد الجبّار بْن أحمد بن أحمد بْن محمد بْن عبد الجبّار بن توبة [2] .
أبو منصور الأَسديّ العُكْبَريّ [3] ، ثمّ البغداديّ، أخو أبي الحسين محمد.
__________
[1] انظر عن (سلطان بن إبراهيم) في: تكملة إكمال الإكمال للصابوني (المسلم) ، وطبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح 1/ 475 رقم 170، والعبر 4/ 42، 43، ومرآة الجنان 3/ 222، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 94، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 422، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 117 ب، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 312، 313، والنجوم الزاهرة 5/ 229، وحسن المحاضرة 1/ 405، وشذرات الذهب 4/ 58.
[2] انظر عن (عبد الجبار بن أحمد) في: مشيخة ابن عساكر 100 أ، والمنتظم 10/ 90، 91 رقم 120 (18/ 11 رقم 4068) ، والعبر 4/ 96، وسير أعلام النبلاء 20/ 35 رقم 16، وشذرات الذهب 4/ 107.
[3] العكبريّ: بضم العين، وفتح الباء الموحّدة. وقيل: بضم الباء أيضا. والصحيح بفتحها. بلدة على الدجلة فوق بغداد بعشرة فراسخ من الجانب الشرقي. (الأنساب 9/ 27) .(36/377)
قال ابن السمعاني: كان شيخا صالحا، ثقة، خيّرًا، قيمًّا بكتاب الله، صحِب الشَيخ أبا إسحاق الشّيرازيّ وخدمه. وكان حَسَن الإصغاء للسّماع، كثير البكاء.
حضر عبد الصّمد بن المأمون.
وسمع: أبا محمد الصَّرِيفينيّ، وابن النَّقُّور، وأبا القاسم بن البُسْريّ.
قال ابن السَّمْعانيّ: وكتبت عنه الكثير.
قلت: وآخر من حدَّث عنه: التّاج الكِنْديّ.
وروى عنه: يوسف بن مبارك الخفّاف، وعبد العزيز بن الأخضر.
قال ابن السّمعانيّ: تُوُفّي في ثالث جُمَادَى الآخرة. وقال لي: ولدتُ في جُمَادَى الأولى سنة اثنتين وستّين وأربعمائة.
239- عبد الحميد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد [1] .
القاضي أبو [2] عليّ الخواريّ [3] ، البَيْهَقيّ أخو عبد الجبّار.
سمع: البَيْهَقيّ، والقُشَيْريّ، وأبا سهل الحفصيّ، وجماعة.
قال السّمعانيّ: سمعت منه بخُسْرَوْجِرْد.
ومات في نصف رجب.
240- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بن الحَسَن بن مبارك [4] .
أبو منصور بن زُرَيق الشّيبانيّ، القزّاز، البغداديّ، الحريميّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الحميد بن محمد) في: التحبير 1/ 434، 435 رقم 393، والأنساب 5/ 196، والمنتظم 10/ 90 رقم 119 (18/ 11 رقم 4067) ، والمنتخب من السياق 346 رقم 1138، ومعجم البلدان 2/ 479، وملخّص تاريخ الإسلام لابن الملّا، ورقة 18 أ.
[2] في الأصل: «القاضي أبي» .
[3] في الأصل: «الخزازي» ، والتصويب من (الأنساب 5/ 195) وفيه: «الخواريّ» بضم الخاء المنقوطة والراء بعد الواو والألف. هذه النسبة إلى خوار الريّ، وهي مدينة على ثمانية عشر فرسخا من الري، وفي (المنتخب) : «خوار طبران» .
[4] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: الأنساب 6/ 274 و 10/ 132، والمنتظم 10/ 90 (18/ 11 رقم 4067) ، والتقييد لابن نقطة 340، 341 رقم 416، واللباب 2/ 67 و 3/ 33، والإعلام بوفيات الأعلام 219، وسير أعلام النبلاء 20/ 69، 70 رقم 42، والمشتبه في الرجال 1/ 315 و 567، والعبر 4/ 447، وعيون التواريخ 12/ 366، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 178، وتبصير المنتبه 3/ 1168 و 1247، وشذرات الذهب 4/ 106.(36/378)
قال ابن السّمعانيّ: كان شيخًا، صالحًا، متوددًا، سليم الجانب، مشتغلًا بما يعنيه، من أولاد المحدثين.
سمّعه أبوه وعمّه وشجاع الذُّهليّ كثيرًا، وعُمَّر. وكان صحيح السّماع، وتفرّقت أجزاؤه وبِيعا [1] عند الحاجة.
سمع «التاريخ» من الخطيب سوى الجزء الثّالث والثّلاثين [2] ، فإنّه قال:
تُوُفّيت والدتي، واشتغلت بدفنها والصّلاة عليها، ففاتني هذا الجزء، وما أُعيد لي، لأنّ الخطيب كان قد اشترط في الابتداء أنّ لَا يُعاد فَوْتٌ لأحد.
ثمّ حَصَلَ لي أصل شيخنا أبي منصور بالتّاريخ، بخطّ شجاع الذُّهْليّ، وعلى كل جزء منه سماع لأبي غالب محمد بن عبد الواحد القزّاز، ولابنه عبد الرحمن، ولأخيه عبد المحسن. وكان على وجه السّادس والسّابع والثّلاثين إجازة لأبي غالب، وأبي منصور، عن الخطيب. فكأنهما ما سمعا الجزأين من الخطيب، وما كنّا نعرف إجازته عن الخطيب، فشهد شجاع أنّ لهما إجازته.
وقرأنا عليه السّابع والثّلاثين بالسّماع، وهو إجازة، لأن شُجاعًا كان شديد البحث عن السّماعات، ولو عرف ذلك لأثبته. خصوصًا إذا كان كتب النّسخة له.
قال أبو سعد: فمن قال إنّ أبا منصور سمع السّابع والثّلاثين فقد وَهِم.
وسمع: أبا الحسين بن المهتديّ باللَّه، وأبا جعفر ابن المسلمة، وأبا عليّ بن وِشاح، وأبا الغنائم بن المأمون. وكتبتُ عنه الكثير. وكان شيخًا صَبورًا، حَسَن الأخلاق، قليل الكلام.
قال: وُلِدْتُ، أظن، في سنة ثلاثٍ وخمسين.
وتُوُفّي في رابع عشر شوّال، وصلّى عليه أخوه أبو الفتح.
قرأت بخطّ الحافظ ضياء الدّين المقدسيّ قال: شاهدت مجلَّدة من «تاريخ الخطيب» بخطّ الإمام الحافظ أبي البركات الأنماطيّ فيها: السّابع
__________
[1] هكذا في الأصل، والصحيح: «بيعت» .
[2] في (الأنساب 6/ 275) «السادس والثلاثين» .(36/379)
والثلاثين. وقد نقل الأنماطيّ سماع القزّاز فيه، وهي في وقْف الزَّيْديّ.
قلت: وكذلك رواه الكِنْديّ للنّاس، عن القزّاز سماعًا متصلًا.
وروى عنه: ابن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ، وابن الجوزيّ [1] ، وأحمد بن عليّ بن بذال، وأحمد بن الحَسَن العاقُوليّ، وعمر بن طَبَرزد، وأبو اليُمْن الكِنْديّ، وأحمد بن يحيى الدّبَيْقيّ، وخلْق سواهم.
وروى عنه بالإجازة: المؤيد الطُّوسيّ، وغيره.
وممّن روى عنه: أبو السّعادات القّزاز.
241- عبد الصمد بن أحمد بن سعيد [2] .
أبو محمد الْجَيّانيّ.
روى عَنْ: أبي الأصْبَغ بن سهل، وأبي نصر الغسّانيّ، وأبي محمد بن العسّال.
ذكره ابن الأبّار، وقال: كان رحمه الله مائلًا إلى القَول بالظّاهر، ومن أهل المعرفة بالحديث. له كتاب «المستوعب» في أحاديث «الموطأ» . وقد سمعوا منه «الموطأ» في سنة خمسٍ وثلاثين.
قلت: ولم يؤرّخ وفاته.
242- عبد المنعم بْن عَبْد الواسع بْن عَبْد الهادي ابن شيخ الإسلام أبي إسماعيل عُبَيْد الله [3] .
الأنصاريّ، الهَرَويّ، أبو المروح بن أبي رفاعة.
ذكره ابن السّمعانيّ فقال: إمام، جميل السّيرة، مَرضيّ الطّريقة، ذو سَمْتٍ، ووقار، وعفّة، وحياء. حريص على سماع الحديث وطلبه.
سافر وتغرّب، وسمع الكثير، وحصّل الأصول، وحجّ وجاور سنة.
__________
[1] وهو قال: وكان ساكنا، قليل الكلام، خيّرا، سليما، صبورا على العزلة، حسن الأخلاق.
(المنتظم) .
[2] انظر عن (عبد الصمد بن أحمد) في: تكملة الصلة لابن الأبّار.
[3] لم أجده، ولعلّه في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .(36/380)
وسمع من: ابن الحُصَيْن.
ودخل أصبهان، وكان قد سمع ببلده من: نجيب بن ميمون، ومحمد بن عليّ العُمَيْريّ، وأبي عطاء المَلِيحيّ.
كتبتُ عنه بأصبهان.
وتُوُفّي بهَرَاة في ذي القعدة.
243- عبد المنعم بن أبي أحمد نصر بن يعقوب بن أحمد بن عليّ [1] .
الأصبهانيّ، المقرئ [2] .
أبو المطهَّر.
شيخ مُسِنّ.
روى عن: أبي طاهر [أحمد] [3] بن محمود الثَّقفيّ، وهو جدّه لأمّه.
روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ، وقال: تُوُفّي في رجب [4] .
وروى عنه: أبو سعد السّمعانيّ، وجماعة.
244- عبد الوهّاب بن شاه بن أحمد بن عبد الله [5] .
أبو الفُتُوح النَيْسابوريّ، الشّاذْيَاخيّ [6] ، الخَرَزيّ.
كان شيخًا صالحًا يبيع الخَرَز في حانوتٍ بنَيْسابور.
سمع «الرسالة» من القشيريّ، و «صحيح الْبُخَارِيّ» من أبي سهل محمد بْن أحمد الحفصيّ.
__________
[1] انظر عن (عبد المنعم بن أبي أحمد) في: الأنساب 3/ 376 و 4/ 209، 110، والتحبير 1/ 492 رقم 469، ومعجم البلدان 2/ 232، 233، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 18 أ، 18 ب.
[2] وفي نسبه، الحرّاني، الجوباري، الشامكاني.
[3] إضافة على الأصل من: التحبير.
[4] وكانت ولادته سنة 451 هـ.
[5] انظر عن (عبد الوهاب بن شاه) في: الأنساب 7/ 241، والتحبير 1/ 501- 503 رقم 470، والتقييد لابن نقطة 372 رقم 476، وسير أعلام النبلاء 20/ 35، والعبر 4/ 96، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 18 ب، وفيه عبد الوهاب بن مباه، وشذرات الذهب 4/ 107.
[6] الشاذياخي: قال ابن السمعاني إنها نسبة إلى موضعين أحدهما إلى باب نيسابور مثل قرية متصلة بالبلد بها دار السلطان. ومنها صاحب الترجمة. والآخر: قرية ببلخ على أربعة فراسخ منها. (الأنساب 3/ 376 و 4/ 109، 110) .(36/381)
وسمع من: أبي حامد الأزهريّ، وعبد الحميد بن عبد الرحمن البحيريّ، وأبي صالح المؤذّن، وشبيب البَسْتيغيّ [1] ، وحسّان المَنِيعيّ، ونصْر بن علي الطُّوسيّ الحاكميّ، وأحمد بن محمد بن مُكْرَم.
روى عنه: ابن السّمعانيّ في «معجمه» [2] ، وقال: كان من أهل الخير والصّلاح [3] .
وُلِد سنة ثلاثٍ وخمسين [4] .
وتُوُفّي في الحادي والعشرين من شوّال.
روى عنه: ابن عساكر، وإسماعيل بن عليّ المغيثيّ، ومنصور بن الفَرَويّ، والمؤيَّد الطُّوسيّ، وزينب بنت الشّعْريّ، وغيرهم.
وسمع منه جميع «صحيح البخاريّ» منصور، والمؤيد، وزينب، والمغيثيّ المذكورون. قاله ابن نُقْطة [5] .
245- عطاء بن أبي سعد بن عطاء [6] .
أبو محمد الثعلبيّ [7] ، الهَرَويّ، الصُّوفيّ، الفُقّاعيّ [8] .
صاحب شيخ الإسلام أبي إسماعيل.
__________
[1] البستيغيّ: بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون السين المهملة وكسر التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وبعدها الغين المعجمة. هذه النسبة إلى بستيغ، وهي قرية بسواد نيسابور. (الأنساب 2/ 207) .
[2] وقال: سمعت منه بنيسابور، فمن جملة ما سمعت منه: جزءا ضخما من حديث أبي العباس السرّاج، بروايته عن الأزهري، عن الخلدي، عنه. وجميع كتاب «بستان العارفين» لأبي الفضل الطبسي، بروايته عن المصنّف، وجميع كتاب «الذكر» لابن أبي الدنيا، بروايته عن أبي عمر السلمي، عن أبي الحسين بن بشران، عن أبي علي بن صفوان البرذعي، عنه، وغير ذلك. (التحبير 1/ 502) .
[3] التحبير 1/ 501.
[4] التحبير 1/ 502، 503.
[5] في التقييد 372.
[6] انظر عن (عطاء بن أبي سعد) في: المنتظم 10/ 91 رقم 121 (18/ 11- 13 رقم 4069) ، والأنساب 9/ 322، 323، واللباب 2/ 437، وسير أعلام النبلاء 20/ 54- 56 رقم 33.
[7] في الأصل: «التغلبي» :
[8] الفقّاعي: بضم الفاء وتشديد القاف. نسبة إلى بيع الفقّاع وعمله، وهو شراب يتّخذ من الشعير، سمّي بذلك لما يعلوه من الزبد.(36/382)
محدِّث، رحال، وصوفيّ عمّال.
وُلِد سنة أربع وأربعين وأربعمائة بمالين هَرَاة، وسمع من أبي إسماعيل.
وبنَيْسابور من: فاطمة بنت الدّقّاق.
وببغداد من: أبي نصر محمد بن محمد الزَّيْنبيّ، وأبي القاسم عليّ بن البُسْريّ، وأبي يوسف عبد السّلام القَزْوينيّ، وجماعة كثيرة.
روى عنه: أولاده الثّلاثة، وقد سمع أبو سعْد السّمعانيّ منهم، عن أبيهم.
وممّن روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، ومحمود بن الفضل الأصبهانيّ.
قال ابن السّمعانيّ: كان ممّن يُضرب به المَثَل في إرادة شيخ الإسلام والجدّ في خدمته وله آثار، وحكايات، ومَقامات وقت خروج شيخ الإسلام إلى بلْخ في المِحْنة.
وجرى بينه وبين الوزير النّظّام مقالات وسؤالات في هذه الحادثة. وكان نظام المُلْك يحتمل ذلك كلّه من عطاء.
وسمعتُ أنّ عطاء قُدِّم إلى الخَشَبة ليُصلَب، فنجّاه الله تعالى لحُسْن الاعتقاد والجدّ الّذي كان له فيما مرّ فيه. فلّما أُطلق قام في الحال إلى التّظلُّم وما فَتَر. وخرج مع النّظّام إلى الرّوم ماشيا.
وسمعت أنّ كان في المدَّة الّتي كان شيخ الإسلام غائبًا فيها عن وطنه ما ركب عطاء دابَّةً، ولا عَبَر على قنطرة، بل كان يمشي مع الخيل، ويخوض الأنهار، ويقول: شيخي في المحنة والغربة، فلا أستريح. وما استراح إلى أنّ ردّوا شيخه إلى وطنه.
وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَطَاءٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ وَالِدِي يَقُولُ: كُنْتُ فِي طَرِيقِ الرُّومِ أَعْدُو مَعَ مَوْكِبِ النَّظَّامِ، فَوَقَعَ نَعْلِي، فَمَا الْتَفَتُّ لَهَا، وَرَمَيْتُ الْأُخْرَى، وَجَعَلْتُ أَعْدُو. فَأَمْسَكَ النَّظَّامُ الدَّابَّةَ وَقَالَ: أَيْنَ نَعْلَاكَ؟ قُلْتُ: وَقَعَ إِحْدَاهُمَا، فَمَا وَقَفْتُ عَلَيْهَا خَشْيَةَ أَنْ تَفُوتَنِي وَتَسْبِقَنِي.
فَقَالَ: هَبْ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ إِحْدَاهُمَا، فَلِمَ خَلَعْتَ الْأُخْرَى وَرَمَيْتَهَا؟ قُلْتُ: لِأَنَّ شَيْخِي عَبْدَ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى أَنْ يَمْشِيَ الْإِنْسَانُ فِي نَعْلٍ(36/383)
وَاحِدٍ» ، فَمَا أَرَدْتُ أَنْ أُخَالِفَ السُّنَّةَ. فَأَعْجَبَ النَّظَّامُ مَا فَعَلَ وَقَالَ: أَكْتُبُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَتَّى يَرْجِعَ شَيْخُكَ إِلَى هَرَاةَ. وَقَالَ لِي: ارْكَبْ بَعْضَ الْجَنَائِبِ، فَأَبَيْتُ وَقُلْتُ: شَيْخِي فِي الْمِحْنَةِ وَأَنَا أَرْكَبُ الْجَنَائِبَ! وَعَرَضَ عَلَيْهِ مَالًا، فَلَمْ يَقْبَلْهُ [1] .
وَقُدِّمَ أَبِي بِأَصْبَهَانَ إِلَى الْخَشَبَةِ لِيُصْلَبَ عَلَيْهَا بَعْدَ أَنْ حَبَسُوهُ مُدَّةً، فَقَالَ لَهُ الْجَلادُ: صَلِّ رَكْعَتَيْنِ. فَقَالَ: لَيْسَ ذَا وَقْتُ صَلاةٍ، اشْتَغِلْ بِمَا أُمِرْتَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ شَيْخِي يَقُولُ: إِذَا عُلِّقَتِ الشَّعِيرُ عَلَى الدَّابَّةِ فِي أَسْفَلِ الْعَقَبَةِ لَا تُوَصِّلُكَ فِي الْحَالِ إِلَى أَعْلاهَا. الصّلاة نافعة في الرّخاء، لَا في حالة اليأس. ووصل مسرعٌ من السّلطان ومعه الخاتم بتسريحه، فتُرِك [2] .
وكانت الخاتون امرأة السّلطان معينة في حقّه.
قال: فكلّما أُطْلِق رجع في الحال إلى التّظلُّم والتّشنيع [3] .
سَمِعْتُ أَبَا الْفُتُوحِ عَبْدَ الْخَالِقِ بْنَ زِيَادٍ يَقُولُ: أَمَرَ بَعْضُ الأُمَرَاءِ أَنْ يُضْرَبَ عَطَاءٌ الفقّاعيّ في محنة الشّهيد عبد القادر ابن شَيْخِ الْإِسْلَامِ مَائَةَ سَوْطٍ. فَبُطِحَ عَلَى وَجْهِهِ، وَكَانَ يُضْرَبُ إِلَى أَنْ ضَرَبُوا سِتِّينَ، فَشَكُّوا كَمْ كَانَ خَمْسِينَ أَوْ سِتِّينَ، فَقَالَ عَطَاءٌ، وَهُوَ مَكْبُوبٌ عَلَى وَجْهِهِ: خُذُوا بِالأَقَلِّ احْتِيَاطًا.
وَحُبِسَ بَعْدَ الضَّرْبِ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنَ النِّسَاءِ، وَكَانَ فِي الْمَوْضِعِ أَتْرِسَةٌ، فَقَامَ بِجَهْدٍ مِنَ الضَّرْبِ، وَأَقَامَ الْأَتْرِسَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النِّسَاءِ وَقَالَ: «نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَلْوَةِ مَعَ غَيْرِ مَحْرَمٍ» [4] . قال محمد بن عطاء: تُوُفّي أبي تقديرًا سنة خمسٍ وثلاثين [5] .
__________
[1] المنتظم 10/ 91.
[2] المنتظم 10/ 91.
[3] المنتظم 10/ 91.
[4] انظر: صحيح البخاري (1861) و (3006) و (3061) و (5233) ، وصحيح مسلم (1341) ، ومسند أحمد 1/ 222، ومسند الطيالسي 7، والجامع للترمذي (2165) ، ومسند أبي يعلى (137) ، والمستدرك على الصحيحين للحاكم 1/ 113- 115.
[5] وقال ابن الجوزي: وتحرّك نعل فرس النّظام، فنزل الركابيّ ليقلعه، فوقف النظّام الفرس، فقعد عطاء قريبا منه، وجعل يقشّر جلد رجله ويرمي بها، وقال للنّظّام: إرم أنت نعل الخيل ونرمي نحن جلد الرجل، ونبصر ما يعمل القضاء، ولمن تكون العاقبة.(36/384)
246- عليّ بن الحَسَن بن عليّ بن عبد الواحد [1] .
السُّلَميّ، الدمشقيّ، أبو الحَسَن بن البُرِّيّ.
سمع من عمّه عبد الواحد جزء ابن أبي ثابت.
قرأه عليه ابن عساكر.
247- عليّ بن محمد بن إسماعيل بن عليّ [2] .
الإمام، أبو الحَسَن السَّمَرْقَنْديّ، المعروف بالأَسْبيجابيّ [3] .
وُلِد سنة أربع وخمسين وأربعمائة.
وسمع من: عليّ بن أحمد بن الرّبيع الشيكانيّ.
روى عنه: عمر النَّسَفيّ، وقال: تُوُفّي في ذي القعدة.
وقد ذكره السّمعانيّ في «معجمه» فعظّمه وقال: يعرف بشيخ الإسلام، لم يكن أحدٌ في زمانه بما وراء النّهر يعرف مذهبَ أبي حنيفة مثله، ظهر له الأصحاب، وطال عُمره في نشْر العِلم. كتب إليّ بمرويّاته [4] .
__________
[ () ] وقال له النظّام: إلى كم تقيم هاهنا؟ أما لك أم تبرّها؟ فقال: نحن نحسن نقرأ. قال: وأيّ شيء مقصودك؟ فأخرج كتابا من أمّه، وفيه: «يا بنيّ، إن أردت رضا الله ورضا أمّك فلا ترجع إلى هراة ما لم يرجع شيخك الأنصاري» . (المنتظم) .
[1] انظر عن (علي بن الحسن) في: تاريخ دمشق لابن عساكر، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 17/ 219، 220 رقم 115.
[2] انظر عن (علي بن محمد) في: التحبير 1/ 578، 579 رقم 565، وملخّص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 19 أ، والجواهر المضيّة 2/ 591، 592، رقم 995، والفوائد البهية 105، وتاج التراجم لابن قطلوبغا 44، 45، وطبقات الفقهاء لطاش كبرى زاده 96، ومفتاح السعادة، له 2/ 276، وكتائب أعلام الأخيار، رقم 327، والطبقات السنية، رقم 1531، وكشف الظنون 1/ 1627، وهدية العارفين 1/ 697.
[3] لم يذكر ابن السمعاني هذه النسبة في (الأنساب) ولا ياقوت في (المعجم) ، وقال اللكنوي في (الفوائد البهيّة 105) : أسبيجاب بلدة بين تاشقند وسيرام. كذا ضبطه الصفيّ أمين الدين الكاشفي علي بن الحسين الواعظ في الرشحات.
وقال ابن أبي الوفاء القرشي في (الجواهر المضيّة 2/ 591) : أسبيجاب بلدة من ثغور الترك.
[4] وقال صاحب «الهداية» في مشيخته: اختلفت إليه مدّة مديدة، وحصّلت من فوائده من فوائد الدرس ومحافل النظر، نصابا وافيا، وتلفّفت من فلق فيه: «الزيادات» ، وبعض «المبسوط» ، وبعض «الجامع» ، وشرّفني رحمه الله بالإطلاق في الإفتاء، وكتب لي بذلك كتابا بالغ فيه وأطنب، ولم يكن يتفق لي الإجازة منه، وأخبرني عنه غير واحد من مشايخي، رحمهم الله.
ثم ساق حديثا عن نجم الدين أبي حفص عمر بن محمد بن أحمد النسفي، عنه، بسنده.(36/385)
248- علي بْن مُحَمَّد بن علي بن الحسن بن أبي المضاء [1] .
الفقيه، أبو الحسن البعلبكّيّ، الشّافعيّ.
تلمذ لنصر المقدسيّ، وصحِبَه مدَّة، وسمع منه.
ومن: أبيه محمد، والحسن بْن أحمد بْن عبد الواحد بْن أَبِي الحديد.
روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن عساكر، وقال: توفي في ربيع الأوّل ببَعْلَبَك.
249- عليّ بن محمد بن لبّ بن سعيد [2] .
أبو الحَسَن القَيسيّ، الدّانيّ، المقرئ.
روى عَنْ: أَبِي عَبْد الله المَغَامِيّ [3] ، وأبي داود.
وأخذ عنه: ابن رزق أبو بكر، وأبو بكر بن خير، وأبو الحَسَن نَجَبة، وآخرون.
استُشْهِد بعد هذا العام بيسير [4] .
250- عليّ بن يوسف بن تاشفين [5] .
صاحب المغرب.
قيل: تُوُفّي فيها، والأصح سنة سبْعٍ كما سيأتي.
251- عمر بن محمد بن حَيْذر [6] ، بذال مُعْجَمَة.
أبو حفص المروزيّ، البرمويّيّ [7] ، العارف.
__________
[ () ] (الجواهر المضيّة 2/ 592) .
[1] انظر عن (علي بن محمد البعلبكي) في: تاريخ دمشق لابن عساكر، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 246، 247، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 3/ 71 رقم 767.
[2] انظر عن (علي بن محمد بن لبّ) في: صلة الصلة 87، وتكملة الصلة، رقم 1846، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة، السفر الخامس- ق 1/ 387 رقم 653.
[3] في الأصل: «الفامي» وهو تحريف.
[4] حدّث عنه بالإجازة أبو جعفر بن حكم وغلط فيه، وكان مقرئا. حسن القيام على تجويد القرآن، ضابطا لاختلاف القراء زاهدا ورعا، فاضلا، وأمّ بمسجد ابن بشكوان. (الذيل والتكملة، السفر الخامس، ق 1/ 387» .
[5] انظر ترجمته ومصادرها في وفيات سنة 537 هـ. برقم (334) .
[6] انظر عن (عمر بن محمد) في: الأنساب 2/ 172.
[7] في الأصل: «البرموني» ، والتصحيح من (الأنساب 2/ 171) وفيه: «البرمويّيّ» : بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون الراء وضم الميم وفي آخرها الياء.(36/386)
قال السّمعانيّ: شيخ صالح، ثقة، ديِّن، جميل الأمر، جواد النَّفْس، أُمّيّ لَا يكتب، غير أنّ له كلامًا حَسَنًا في علم القوم إذا سُئل. ما رأيت في فنه مثله، وكان مُزيّنًا بالشّريعة، واستعمال السُّنَن، والعُزلة، والانفراد.
سمع بقراءة والدي، أنا عبد الله بن محمد بن الحَسَن المِهْربَنْدَقْشَائيّ [1] ، وأبا الخير محمد بن أبي عِمران الصَّفّار، وبمكَّة أبا شاكر أحمد بن عليّ العثمانيّ.
سمعت منه، وكنت أُكثِر من زيارته، وقرأت «صحيح البخاريّ» في رباطه.
وتُوُفّي فِي الحادي والعشرين من جُمَادَى الآخرة.
- حرف الفاء-
252- الفتح بن محمد [2] بن عبد الله [3] بن خاقان.
الأديب أبو نصر القَيْسيّ، الإشبيليّ، صاحب كتاب «قلائد العِقْيان» [4] ، جمع فيه من شعراء المغرب طائفة كبيرة، وتكلّم عليها فأجاد.
وله كتاب «مطمح الأنْفُس في مُلَح أهل الأندلس» [5] ، يدلّ كلامه فيه على تبحّره.
__________
[1] المهربندقشائي: بكسر الميم، وسكون الهاء، وفتح الراء، والباء الموحّدة، وسكون النون، وفتح الدال المهملة، وسكون القاف، وفتح الشين المعجمة، وفي آخرها الياء المنقوطة من تحتها باثنتين. (الأنساب 11/ 533) .
[2] انظر عن (الفتح بن محمد) في: معجم الأدباء 16/ 186- 193، والمعجم لابن الأبّار 313، وخريدة القصر (قسم شعراء المغرب والأندلس) 3/ 538- 548، والمغرب في حلى المغرب لابن سعيد 1/ 259، 260، ووفيات الأعيان 4/ 23، 24، والمختصر في أخبار البشر 3/ 16، وسير أعلام النبلاء 20/ 107، 108 رقم 65، وتاريخ ابن الوردي 2/ 69، ومرآة الجنان 3/ 264، وفيه: «أبو نصر محمد بن عبيد الله بن خاقان» ، وعيون التواريخ 12/ 364، 365، والإحاطة في أخبار غرناطة 4/ 248- 253، ونفح الطيب للمقّري 7/ 29 و 33 و 36، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) ج 1/ 72، 73، وكشف الظنون 1354، وفيه: «الفتح بن عيسى بن خاقان» . وشذرات الذهب 4/ 107، وإيضاح المكنون 1/ 168، وهدية العارفين 1/ 814، وديوان الإسلام 2/ 255، 256 رقم 903 وفيه «محمد بن خاقان» ، ومعجم المطبوعات العربية لسركيس إليان 1434، ودائرة المعارف الإسلامية 2/ 86، ومعجم المؤلفين 8/ 49، وتاريخ الأدب العربيّ 6/ 106- 108.
[3] هكذا في الأصل: «في مصادر ترجمته: «عبيد الله» .
[4] اسمه الكامل: «قلائد العقيان في محاسن الأعيان» . طبع عدّة طبعات.
[5] اسمه الكامل: «مطمح الأنفس ومسرح التأنّس في ملح أهل الأندلس» . طبع أولا دون تحقيق(36/387)
وكان كثير الأسفار والتَّجَوّل، خليع العِذَار.
أمر السّلطان بقتله، فذُبح في سنة خمسٍ هذه، وقيل: بل في سنة تسعٍ وعشرين، فاللَّه أعلم.
ذكره القاضي ابن خَلَّكان [1] .
- حرف القاف-
253- قراسنقر [2] .
الأتابك، صاحب خُراسان وأرّان. من مماليك الملك طغر [ل] [3] بن السّلطان محمد بن ملك شاه.
وكان شجاعًا، مهيبًا، ظَلومًا، غَشُومًا، عظيم المحلّ. كان السّلطان مسعود يخافه ويُداريه، وقتل الوزير كمال الدّين الرّازيّ من أجله. وقد مات له ابنان تحت الزّلزلة بجَنْزَة [4] .
ومرض بالسّلّ، ومات بأرْدبِيل.
- حرف الميم-
254- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عبد الجبار بن توبة [5] .
أبو الحَسَن الأسديّ، العُكْبريّ، أخو عبد الجبّار.
__________
[ () ] في مطبعة السعادة بمصر سنة 1325 هـ. ونشر محققا في مجلّة «المورد» العراقية. وأخيرا نشرته مؤسسة الرسالة ببيروت سنة 1403 هـ. بتحقيق محمد علي شوابكة.
[1] في وفيات الأعيان 4/ 23، 24.
[2] انظر عن (قراسنقر) في: الكامل في التاريخ 10/ 682، 686 و 11/ 46، 61، 64، 70، 77، 79، وزبدة التواريخ للحسيني 194، 201، 202، 207، 208، 212- 218، 230، وتاريخ دولة آل سلجوق 170، 173- 176.
[3] في الأصل: «طغر» .
[4] وماتت زوجته أيضا. (تاريخ دولة آل سلجوق 176) .
[5] انظر عن (محمد بن أحمد بن محمد) في: المنتظم 10/ 91، 92 رقم 122 (18/ 12، 13 رقم 4070) ، والعبر 4/ 96، وتذكرة الحفاظ 4/ 1281، ومعرفة القراء الكبار 1/ 486 رقم 431، وسير أعلام النبلاء 20/ 34، 35 رقم 15، وغاية النهاية 2/ 84، وعقد الجمان (مخطوط) 16/ 121، وشذرات الذهب 4/ 107.(36/388)
ولد سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وقرأ القراءات بروايات. وكان حَسَن التّلاوة.
قرأ على أصحاب الحمّاميّ، وقرأ شيئًا من الفقه على أبي إسحاق الشّيرازيّ.
وكان له سَمْتٌ حَسَنٌ ووقار [1] .
سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا بكر الخطيب، وأبا الغنائم بن المأمون، وأبا محمد الصَّريفينيّ، وابن النَّقُّور.
قال ابن السّمعانيّ. صالح خيّر، قرأ بروايات، وكان حَسَن الأخذ.
قرأت عليه الكثير، وكنت أقدّم السّماع عليه على غيره.
قلت: روى عنه: ابن عساكر، وأبو اليُمن الكِنْديّ، وآخرون.
تُوُفّي في صَفَر. وقد أنا [2] بكتاب «السّبعة» لابن مجاهد: أبو حفص القّواص، أنا الكِنْديّ في كتابه، أنا ابن تَوْبة.
255- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم [3] .
أبو عبد الله الخَوَارَزْميّ، القصاريّ [4] .
وُلِد في رمضان سنة إحدى وستّين وأربعمائة ببغداد.
وسمع حضورًا من: أبي محمد الصَّريفينيّ [5] .
وحدَّث.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى [6] .
256- محمد بن إبراهيم بن جعفر [7] .
__________
[1] المنتظم.
[2] اختصار: «أخبرنا» .
[3] انظر عن (محمد بن أحمد الخوارزمي) في: الأنساب 10/ 166.
[4] القصّاري: بفتح القاف والصاد المهملة وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى القصّار، وهو الّذي يقصّر الثياب.
[5] وقال ابن السمعاني: قرأت عليه شيئا يسيرا.
[6] في الأنساب: توفي سنة أربع وثلاثين وخمسمائة فجأة.
[7] انظر عن (محمد بن إبراهيم الكردي) في: تاريخ دمشق لابن عساكر، ومختصر تاريخ دمشق(36/389)
أبو عبد الله الدّمشقيّ، الكُرْديّ، المقرئ.
سمع: أبا القاسم بن أبي العلاء، وغيره.
روى عَنْهُ: الحافظ ابْن عساكر [1] ، وابنه القاسم.
وكان يلقّن.
257- محمد بْن عَبْد الباقي بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرحمن بن الربيع بن ثابت بن وهب بن مشجعة بن الحارث بْن عَبْد اللَّه [2] بْن صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشاعره، وأحد الثّلاثة الّذين خُلِّفُوا [3] كعب بن مالك الأنصاريّ القاضي أبو بكر بن أبي طاهر، البغداديّ، الحنبليّ، البزّاز [4] .
ويُعرف أبوه بصهر هبة، ويعرف هو بقاضي المَرِسْتان.
مُسْنِد العراق، بل مُسْنِد الآفاق.
وُلِد في عاشر صَفَر سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، ويقال له النَّصْريّ، لأنّه من محلَّة النّصْريَّة. ويقال له السَّلَميّ، لأنّ كعب بن مالك من بني سَلمَة.
سمعه أبوه حضورًا في الرابعة من أبي إسحاق البرمكيّ جزء الأنصاريّ،
__________
[ () ] لابن منظور 21/ 328 رقم 281.
[1] وهو قال: كان خيّرا مستورا.
[2] انظر عن (محمد بن عبد الباقي) في: الأنساب 12 (النصري) ، والمنتظم 10/ 92- 94 رقم 123 (18/ 13- 15 رقم 4071) ، وتاريخ دمشق لابن عساكر، ومعجم البلدان 5/ 288، واللباب 3/ 311، 312، والكامل في التاريخ 11/ 80، وفيه: «أبو بكر بن محمد بن عبد الباقي» ، ومرآة الزمان ج 9 ق 1/ 178، 179، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 22/ 344، 345 رقم 408، والعبر 4/ 97، 97، والمعين في طبقات المحدّثين 157 رقم 1702، والإعلام بوفيات الأعلام 219، وتذكرة الحفاظ 4/ 1281، ودول الإسلام 2/ 55 وفيه: «أبو بكر بن محمد بن عبد الباقي» ، وسير أعلام النبلاء 20/ 23- 28 رقم 12، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد للدمياطي 20، 21، ومرآة الجنان 3/ 263، والبداية والنهاية 12/ 217، 218، وعيون التواريخ 12/ 361، 362، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 192- 198، ولسان الميزان 5/ 241- 243، والنجوم الزاهرة 5/ 267، وكشف الظنون 1/ 138، وشذرات الذهب 4/ 108- 110، ومعجم المؤلفين 10/ 123، 124.
[3] قال ابن الجوزي: أحد الثلاثة الذين تيب عليهم في قوله تعالى وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا 9: 118.
[4] في المنتظم: «البزار» بالراء في آخره، وهو تحريف.(36/390)
وسمعه من عليّ بن عيسى الباقِلّانيّ «أمالي القطيعيّ» و «الورّاق» . ثمّ سمَّعه الكثير بإفادة جاره عبد المحسن بن محمد الشّيحيّ التّاجر من: أبي محمد الجوهريّ، وأبي الطَّيب الطَّبَريّ، وعمر بن الحسين الخفّاف، وأبي طالب [العُشاريّ] [1] ، وأبي الحسين بن حَسْنُونَ النَّرْسيّ، وعليّ بن عمر البرمكيّ، والحسن بن عليّ المقرئ، وأبي الحسين بن الأَبَنُوسيّ، وأبي الحَسَن بن أبي طالب المكّيّ، وأبي يَعْلَى بن الفّراء، وأبي الغنائم بن المأمون، وأبي الفضل هبة الله بن المأمون، وغيرهم.
وتفرَّد بالرّواية عنهم، سوى أبي يَعْلَى، وأبي الغنائم.
وسمع بمصر من أبي إسحاق الحبّال.
وبمكَّة من: أبي مَعْشَر الطَّبَريّ، وأبي الحسين الصَّقَلّيّ.
وأجاز له أبو القاسم التّنُوخيّ، وأبو الفتح بن شِيطا المقرئ، وأبو عبد الله محمد بن سلامة القُضاعيّ.
وتفقه على القاضي أبي يَعْلَى ابن الفرّاء، وشهِد عند قاضي القُضاة أبي الحسين بن الدّامَغَانيّ.
وتفقه على القاضي أبي يَعْلَى ابن الفرّاء، وشهِد عند قاضي القُضاة أبي الحسين بن الدّامَغَانيّ.
روى عنه خلْق لَا يُحْصَوْن، منهم من مات في حياته، ومنهم من تأخّر، وهم: أبو القاسم بن عساكر، وأبو سعد السمعاني، وأبو موسى المَدِينيّ، وابن الجوزيّ، وعبد الله بن مسلم بن جُوالق، والمكرَّم بن هبة الله الصّوفيّ، وأبو أحمد بن تزمش الخيّاط، وسعيد بن عطّاف، وعليّ بن محمد بن يعيش الأنباريّ، وعبد الله بن المظفَّر بن البوّاب، وعبد الخالق بن هبة الله البُنْدار، ويوسف بن المبارك بن كامل الخفّاف، وعبد اللطيف بن أبي سعد الصُّوفيّ، وعمر بْن طَبَرْزَد، وعبد العزيز بْن الأخضر، وزيد بن الحَسَن الكِنْديّ، وعبد العزيز بن معالي بن سِينا، وأبو عليّ ضياء بن الخُرَيف، والحسين بن سعيد بن شُنَيْف، وأحمد بن يحيى بن الدَّبِيقيّ.
وآخر من روى عنه بالإجازة المؤيّد الطّوسيّ.
__________
[1] في الأصل بياض، استدركته من: سير أعلام النبلاء 20/ 24.(36/391)
وقد تكلم فيه ابن عساكر [1] بكلام فجّ وحش، فقال: كان يُتّهم بمذهب الأوائل، ويُذكر عنه رقَّة دِين.
قال: وكان يعرف الفقه على مذهب أحمد، والفرائض، والحساب، والهندسة. ويشهد عند القُضاة، وينظر في وقف المارستان العَضُديّ [2] .
وسرد أبو موسى نَسَبَه كما ذكرنا، ثمّ قال: هو أملاه عليّ، وكان إمامًا في فنون العلم.
قال: وكان يقول: حَفِظْتُ القرآن وأنا ابن سبْعِ سنين [3] ، وما من علم إلّا وقد نظرتُ فيه، وحصّلت منه الكلّ أو البعض، إلّا هذا النَّحْو، فإني قليل البضاعة فيه.
وما أعلم أنّي ضيّعت ساعةً من عمري في لهوٍ ولعب.
وقال ابن الجوزيّ [4] : ذكر لنا القاضي أبو بكر أنّ مَنجِّمَيْن حَضَرا حين وُلد، فاجمعا أنّ العُمر اثنتان وخمسون سنة.
قال: وها أنا قد جاوزت التّسعين [5] .
قال ابن الجوزي [6] : وكان حَسَن الصورة، حُلْو المنطق، مليح المعاشرة، كان يصلّي في جامع المنصور، يجيء في بعض الأيّام فيقف وراء مجلسي وأنا على منبر الوعظ، فيسلِّم عليّ. واستملى عليه شيخنا ابن ناصر بجامع القصر.
وقرأت عليه الكثير، وكان ثقة، فَهِمًا، ثَبْتًا، حُجَّة، متفنّنًا [7] في علومٍ كثيرة، متفردًا في عِلم الفرائض، قال لي يومًا: صلّيت الجمعة وجلست أنظر إلى النّاس، فما رأيت أحدًا أشتهي أنّ أكون مثله [8] .
__________
[1] في تاريخ دمشق.
[2] مختصر تاريخ دمشق 22/ 344.
[3] المنتظم 10/ 93 (18/ 14) .
[4] في المنتظم 10/ 92 (18/ 13) .
[5] زاد ابن الجوزي: وأنشدني:
احفظ لسانك لا تبح بثلاثة ... سنّ، ومال ما استطعت ومذهب
فعلى الثلاثة تبتلى بثلاثة ... بمموّه ومكفّر ومكذب
[6] في المنتظم 10/ 93 (18/ 14) .
[7] في المنتظم: «متقنا» .
[8] المنتظم 10/ 93 (18/ 14) .(36/392)
وكان قد سافر فوقع في أسر الرّوم، وبقي سنةً ونصفًا، وقيّدوه وغَلُّوه، وأرادوه أنّ ينطق بكلمة الكُفر، فلم يفعل، وتعلَّم منهم الخطّ الرّوميّ.
وسمعته يقول: من خَدَم المحابر خَدَمته المنابر.
وسمعته يقول: يجب على المعلّم أنّ لَا يعنف، وعلى المتعلم أنّ لَا يأنف [1] .
ورأيته بعد ثلاثٍ وتسعين سنة صحيح الحواسّ، وعلى المتعلم أنّ لَا يأنف [1] .
ورأيته بعد ثلاثٍ وتسعين سنة صحيح الحواس، لم يتغير منها شيء، ثابت العقل، يقرأ الخطّ الدّقيق من بُعْد.
ودخلنا عليه قبل موته بمُديدة فقال: نزلت في أُذني مادة، فقرأ علينا من حديثه، وبقي على هذا نحوًا من شهرين، ثمّ زال ذلك، وعاد إلى الصّحَّة، ثمّ مرض فأوصي أنّ يُعَمّق قبره زيادةً على العادة، وأن يُكتب على قبره قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ 38: 67- 68 [2] ، وبقي ثلاثة أيّام لا يفتر من قراءة القرآن، إلى أنْ تُوُفّي قبل الظُهر ثاني رجب.
وقال ابن السّمعانيّ: ما رأيت أجمع للفنون منه، نَظَر في كلّ علم، وبرع في الحساب والفرائض، وسمعته يقول: ثُبِت من كلّ عِلْم تعلَّمته إلّا الحديث وعِلْمه. ورأيته وما تغير من حواسه شيء. وكان يقرأ الخط البعيد الدّقيق. وكان سريع النَّسخ، حَسَن القراءة للحديث. وكان يشتغل بمطالعة الأجزاء الّتي معي، وأنا مُكِبُّ على القراءة، فاتفق أنّه وجد جزءا من حديث أبي الفضل الخُزاعيّ، قرأته بالكوفة على الشّريف عمر بن إبراهيم الحُسينيّ [3] ، بإجازته من محمد بن علي بن عبد الرحمن العَلَويّ [4] ، وفيه حكايات مليحة، فقال: اتركه عندي. فلمّا رجعت من الغد أخرج الجزء وقد نَسَخَه جميعه، وقال: اقرأه حتّى أسمعه.
__________
[1] زاد ابن الجوزي: «كن عَلَى حذر من الكريم إذا أهنته، ومن اللئيم إذا أكرمته، ومن العالم إذا أحرجته، ومن الأحمق إذا مازحته، ومن الفاجر إذا عاشرته» .
[2] سورة ص، الآيتان 67 و 68.
[3] في الأصل: «الحسني» ، والتصحيح من ترجمته التي ستأتي في وفيات سنة 539 هـ. في هذا الجزء.
[4] هو: أَبُو عَبْد الله مُحَمَّد بْن علي بْن الحسن بْن عَبْد الرحمن العلويّ، ولد سنة 367 وتوفي سنة 445 هـ. وهو صاحب «الفوائد المنتقاة والغرائب الحسان عن الشيوخ الكوفيين» التي انتخبها الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي الصوري. وقد نشرناه محقّقا وصدر عن دار الكتاب العربيّ، بيروت 1407 هـ. / 1987 م.(36/393)
فقلت: يا سيدي، كيف يكون، وأنا أفتخر بالسّماع منك؟
فقال: ذاك بحالِه.
فقرأته، فقال للجماعة: اكتبوا اسمي.
قلت: رأيت الجزء بخطّه في وقف الضّيائية [1] ، وفي أوّله بخطه: نا أبو سعد السّمعانيّ.
وقال: قال لي: أسَرَتْني الرّوم، وكان الغِل في عنقي خمسة أشهر، وكانوا يقولون لي: قل: المسيح ابن الله، حتّى نفعل ونصنع في حقك. فما قلت.
وتعلَّمت خطّهم لمّا حُبِست.
كان يعرف علم النجوم، وسمعته يقول: إنّ الذُّباب إذا وقع على البياض سوّده، وعلى السّواد بيّضه، وعلى التّراب برغثه، وعلى الْجَرح يُقيّحه.
وسمعت منه «الطّبقات» لابن سعد، و «المغازي» للواقديّ، وأكثر من مائتي جزء.
قال لي: ولدت بالكرخ، وانتقل بنا أبي إلى النّصرية ولي أربعة أشهر.
وذكر ابن السّمعانيّ أكثر ما نقلناه عن ابن الجوزيّ.
وقال ابن نُقْطَة: حدَّث القاضي أبو بكر «بصحيح البخاريّ» ، عن أبي الحسين ابن المهتديّ باللَّه، عن أبي الفتح بن أبي الفوارس، عن أحمد بن عبد الله النَّعَيْميّ.
قلت: والنَّعَيْميّ هو شيخ أبي عمر المَلِيحيّ الّذي أكثر عنه صاحب شرح السّنّة [2] .
__________
[1] الضيائية: مدرسة بسفح قاسيون شرقي الجامع المظفّري (منادمة الأطلال 242) .
[2] وقال ابن الأثير: توفي عن نيّف وتسعين سنة، وله الإسناد العالي في الحديث، وكان عالما بالمنطق والحساب والهيئة وغيرها من علوم الأوائل، وهُوَ آخِرُ من حدَّث في الدُّنيا عن أبي إسحاق البرمكي، والقاضي أبي الطيّب الطبري، وأبي طالب العشاري، وأبي محمد الجوهري، وغيرهم. (الكامل في التاريخ 11/ 80) .
وقال ابن الجوزي: وأنشدني لنفسه:
بغداد دار لأهل المال طيّبة ... وللمفاليس دار الهتك والضيق
ظللت حيران أمشي في أزقّتها ... كأنّني مصحف في بيت زنديق.(36/394)
258- محمد بن عبد القادر بن الحَسَن بن المنصور باللَّه [1] .
أبو الحسين المنصوريّ، الهاشميّ.
شيخ مُسن، كثير الفِكر، أصابه فالج.
وحدَّث عن: أبي القاسم بن البسريّ، ويوسف المِهْروانيّ.
وتُوُفّي في سابع رجب.
روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، ومحمود بن نصر بن الشّعّار، وجماعة.
وعاش ثمانين سنة.
259- محمد بن فَرَج بن جعفر بن أبي سَمُرَة [2] .
أبو عبد الله القَيسيّ، نزيل غَرْنَاطة، أحد القرّاء.
عن: أحمد بن عبد الحقّ الخَزْرجيّ، وأبي القاسم بن النّحّاس.
وحدَّث عن: غالب بن عطيَّة، وغيره.
وأقرأ القراءات والنَّحْو.
روى عنه: أبو الأصْبَغ بن المرابط.
وتُوُفّي في حدود سنة خمسٍ [3] .
260- محمد بن المنتصر بن حفْص النّوقانيّ [4] .
الفقيه، المفتيّ، الزّاهد الورع.
كان عارفًا بالمذهب.
سمع: محمد بن سعيد الفرخزاذيّ، وبهَرَاة: محمد بن عليّ العميريّ.
__________
[ () ] وأنشدني لنفسه:
لي مدّة لا بدّ أبلغها ... فإذا انقضت وتصرّمت متّ
لو عاندتني الأسد ضارية ... ما ضرّني ما لم يجيء الوقت
(المنتظم 10/ 94) 18/ 15.
[1] لم أجد مصدر ترجمته، ولعلّه في (مشيخة ابن عساكر) .
[2] انظر عن (محمد بن فرج) في: غاية النهاية 2/ 228 رقم 3357.
[3] في (غاية النهاية) نقلا عن المؤلّف: مات قبل الأربعين وخمسمائة.
[4] انظر عن (محمد بن المنتصر) في: التحبير 2/ 238، 239 رقم 892، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 20 ب، وفيه «البوقاني» ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 6/ 402، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 493.(36/395)
قال السّمعانيّ [1] : سمعت منه «تفسير الثَّعْلبيّ» [2] بروايته عن الفرخزاذيّ، عنه.
مات رحمه الله في رجب.
261- محمود بن عليّ بن أبي عليّ بن يوسف [3] .
أبو القاسم الطَّرَازيّ [4] .
قال السّمعانيّ: إمام، فاضل، ديِّن، ورِع، حَسَن الأخلاق، تفقّه على القاضي أبي سعد بن أبي الخطّاف.
وورد على المسترشد باللَّه من قِبَل الخاقان.
وكان مولده بطرّاز سنة 463، وتوفّي ببُخارَى [5] في شعبان، وخلّف بها أولادًا نُجباء.
262- موسى بن حمّاد [6] .
أبو عِمران الصّنْهاجيّ، المالكيّ، قاضي مَراكش. كان فقيهًا، إمامًا، حاذقًا لمذهب مالك، مقدَّمًا في معرفة الأحكام. من جِلَّة قُضاة زمانه العادلين.
وله رواية يسيرة.
تُوُفّي في ذي القعدة.
- حرف الياء-
263- يوسف بن أيّوب بن يوسف بن الحسين بن وَهْرة [7] .
__________
[1] في التحبير 2/ 239.
[2] المعروف ب (الكشف والبيان) .
[3] انظر عن (محمود بن علي) في: الأنساب 8/ 223.
[4] الطّرازي: بفتح الطاء، والراء المهملتين، وكسر الزاي المعجمة في آخرها. هذه النسبة إلى «طراز» وهي بلدة على حدّ ثغر الترك.
[5] في الأنساب: «توفي بقرية عند طواويس وحمل إلى بخارى ودفن بها» .
[6] انظر عن (موسى بن حمّاد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 614 رقم 1342، وبغية الملتمس للضبيّ 456 رقم 1326.
[7] انظر عن (يوسف بن أيوب) في: الأنساب 2/ 330، والمنتظم 10/ 94، 95 رقم 124 (18/ 15، 16 رقم 4072) ، والكامل في التاريخ 11/ 80، واللباب 1/ 186، ووفيات الأعيان 7/ 78- 81، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 180، والإعلام بوفيات الأعلام 219، والمعين(36/396)
أبو يعقوب الهَمَذانيّ. من أهل ضياع هَمَذَان [1] .
نزل مرو، وكان من سادات الصّوفيّة.
ذكره ابن السّمعانيّ، وقال: هو الإمام الورع. التّقّي، النّاسك، العامل بعلمه، والقائم بحقّه، صاحب الأحوال والمقامات الجليلة، وإليه انتهت تربية المريدين، واجتمع في رباطة جماعة من المنقطعين إلى الله، ما أتصور أنّ يكون في غيره من الرُّبُط مثلهم. وكان من صِغره إلى كبره على طريقة مَرْضيَّة، وسدادٍ، واستقامة.
خرج من قريته إلى بغداد، وقصد الشَيخ أبا إسحاق، وتفقه عليه، ولازمه مدَّة، حتّى برع في الفقه، وفاق أقرانه، خصوصًا في علم النَّظَر.
وكان أبو إسحاق يقدّمه على جماعةٍ كثيرة من أصحابه، مع صِغَر سنّهِ، لمعرفته بزُهده، وحُسْن سيرته، واشتغاله بنفسه.
ثمّ ترك كلّ ما كان فيه من المناظرة، وخلا بنفسه، واشتغل بعبادة الله تعالى، ودعوة الخلْق إليها وإرشاد الأصحاب إلى الطّريق المستقيم.
وسمع من شيخه: أبي إسحاق، وأبي الحسين بن المهتديّ باللَّه، وأبي بكر الخطيب، وأبي جعفر ابن المسلمة، وعبد الصَّمد بْن المأمون، والصريفيني، وابن النَّقُّور.
وببُخارَى محمد: أبي الخطّاب محمد بن إبراهيم الطَّبريّ، وبسمَرَقَنْد من: أبي بكر أحمد بن محمد بن الفضل الفارسيّ.
__________
[ () ] في طبقات المحدّثين 158 رقم 1703، وسير أعلام النبلاء 20/ 66- 69 رقم 41، والعبر 4/ 97، ودول الإسلام 2/ 55، وعيون التواريخ 12/ 362، 363، ومرآة الجنان 3/ 264 و 265، وطبقات الشافعيّة للإسنويّ 2/ 531، والبداية والنهاية 12/ 218، وفيه: «بن الحسن بن زهرة» ، وملخص تاريخ الإسلام (المخطوط) 8/ ورقة 21، والنجوم الزاهرة 5/ 268، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 159، وشذرات الذهب 4/ 110، وهدية العارفين 2/ 552، وجامع كرامات الأولياء للنبهاني 1/ 289- 291، والأعلام 8/ 220، ومعجم المؤلفين 13/ 279.
[1] في الكامل في التاريخ 11/ 80: «من أهل بروجرد» .(36/397)
وبأصبهان من: حمْد بن أحمد بن ولكيز، وغانم بن محمد بن عبد الواحد الحافظ، وآخرين.
وكتب الكثير، غير أنّ أجزاءه تفرَّقت بين كتبه، وما كان يتفرّغ إلى إخراجها، فأخرج لنا أكثر من عشرين جزءًا، فسمعناها.
وقد دخل بغداد سنة ستٍّ وخمسمائة، ووعظ بها، وظهر له قبولٌ تامّ، وازدحم النّاس عليه. ثمّ رجع وسكن مَرْو. وخرج إلى هَرَاة، وأقام بها مدَّة، ثمّ طُلِب منه الرجوع إلى مَرْو، فرجع. ثمّ خرج ثانيًا إلى هَرَاة. ثمّ رجع إلى هَرَاة [1] ، ثمّ خرج من هَرَاة فأدركه الأجَل بين هَرَاة وبَغْشُور [2] .
وكان يقول: دخلت جبل زَزْ لزيارة الشَيخ عبد الله الْجَوِّي، وكان قد أقام عنده مدَّة، ولبس من يده الخِرْقة، قال: فوجدت ذلك الجبل معمورًا بأولياء الله، كثير المياه والأشجار، وعلى رأس كلّ عينٍ رجلٌ مشتغل بنفسه، صاحب مقامٍ ومجاهدة. فكنت أدور عليهم وأزورهم. ولا أعلم في ذلك الجبل حجرًا لم تُصِبْه دمعتي. وهذا من بركة أحمد بن فضالة شيخ عبد الله الجويّ.
سمعت الشَيخ الصّالح صافي بن عبد الله الصُّوفيّ ببغداد يقول: حضرت مجلس شيخنا يوسف بن أيّوب في المدرسة النّظاميَّة، وكان قد اجتمع العالَم، فقام فقيه يُعرف بابن السّقاء وآذاه، وسأله غير مسألة، فقال: اجلس، فإني أجد من كلامك رائحة الكُفْر، ولعلّك تموت على غير الإسلام.
قال صافي: فاتّفق بعد مدَّة قدِم رسولٌ نصرانيّ من الرّوم، فمضى إليه ابن السّقاء، وسأله أنّ يستصحبه، فقال: له: يقع لي أنّ أدخل في دينكم فقبلَه الرسول، وخرج معه إلى القُسطنطينيَّة، والتحق بملكها وتنصَّر [3] .
وسمعت من أثق به أنّ ابني الإمام أبي بكر الشّاشيّ قاما في مجلس وعْظه، وقالا له: إن كنتَ تنتحل مُعْتَقَدَ الأشعريّ، وإلّا فانزِلي ولا تعِظ هاهنا.
__________
[1] هكذا، وأعتقد أن هذه الجملة مكرّرة. انظر: المنتظم 10/ 95 (18/ 16) .
[2] بغشور: بفتح الباء الموحّدة، وسكون الغين المعجمة، وبعد الواو الساكنة راء. بليدة بخراسان بين مرو وهراة. (وفيات الأعيان 7/ 81) .
[3] الكامل في التاريخ 11/ 80.(36/398)
فقال يوسف: اقعُدا، لَا أَمْتَعَكُما الله بشبابكما.
فسمعت جماعة أنهما ماتا ولم يتكهّلا.
سمعت السّيد إسماعيل بن أبي القاسم بن عَوَض العَلَويّ يقول: سمعت الإمام يوسف بن أيوب يقول للشَيخ لؤلؤ الحيّ، وكان من أصحابه قديمًا، ثمّ عرج عليه، ووقع فيه، ورماه بأشياء: هذا الرجل يُقتل، وسَتَرَوْن ذلك. وكان كما جرى على لسانه، قُتِلَ قريبًا من سَرْخَس بعد وفاة يوسف.
وقال أبو المظفّر السّمعانيّ: ما قدِم علينا من العراق مثل يوسف الهَمَذانيّ. وقد تكلَّم معه بمَرْو في مسألة البيع [الفاسد] [1] ، فجرى بينهما تسعة عشر نَوْبة، يعني بالنَّوبة المجلس في هذه المسألة.
قال أبو سعد السّمعانيّ: سمعت الإمام يوسف رحمه الله يقول: خلوت نُوَبًا عدَّة، كلّ مرَّة أكثر من خمس سِنين أو أقل، وما كان يخرج حبّ المناظرة والاشتغال بالخلاف والمذاكرة من قلبي، وصرت إلى ما كنت أشتهي، فإنّ المناظرة كانت تقطع عليّ الطّريق.
سمعت أبا نصر عبد الواحد بن محمد الكرْجيّ الزّاهد يقول: سألت الشَيخ أبا الحسين المقدسيّ: هل رأيت أحدًا من أولياء الله؟
قال: رأيت في سياحتي عجميًا بمَرْو يعظ، ويدعو الخلق إلى الله تعالى يقال له يوسف.
قال أبو نصر: أراد بذلك الإمام يوسف بن أيّوب الهَمَذانيّ. وأبو الحسين المقدسيّ كبير القدْر، مشهور.
قال أبو سعد: لمّا عزمت إلى الرحلة، دخلت على يوسف رحمه الله مودِّعًا، فصوَّب عزْمي وقال: أُوصِيك، لَا تدخلْ على السّلاطين، وأَبْصِر ما تأكل لَا يكون حرامًا.
تُوُفّي في ربيع الأوّل، وكان مولده تقديرًا سنة أربعين أو إحدى وأربعين.
__________
[1] في الأصل بياض. والمستدرك من: سير أعلام النبلاء 20/ 68.(36/399)
قُلْتُ: وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ، وَأَبُو الرَّوْحِ الْهَرَوِيُّ، وَجَمَاعَةٌ. فَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ بْنِ عَسَاكِرَ، أَنَا أَبُو رَوْحٍ عَبْدُ الْمُعِزِّ بْنُ مُحَمَّدٍ إِجَازَةً، أَنَا يُوسُفُ بْنُ أَيُّوبَ الزَّاهِدُ، بِقِرَاءَةِ حَمْزَةَ بْنِ عَسُولٍ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ النَّقُّورِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمَائَةٍ، أَنْبَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَرْبِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، ثَنَا مَعْنٌ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُصَافِحُ امْرَأَةً قَطُّ [1] . وَأَنَا بِهِ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ: أَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَرْمَا، وَالْفَتْحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالا: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْفَقِيهُ أَنَا ابْنُ النَّقُّورِ، فَذَكَرَهُ.
رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِ «حَدِيثِ مَالِكٍ» مِنْ تَأْلِيفِهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ الْأَشْعَرِيِّ، عن ابن معين [2] .
__________
[1] وقد أخرج النسائي في بيعة النساء 7/ 149 ما يؤكّد الحديث من طريق سفيان، عن محمد بن المنكدر، عن أميمة بنت رقيقة، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إني لا أصافح النساء» . الحديث. وابن ماجة في الجهاد (2874) باب بيعة النساء، و (2875) ، وأحمد في المسند 6/ 357 و 454 و 459.
[2] وقال ابن الأثير في الكامل 11/ 80: «اشتغل بالرياضات والمجاهدات، ووعظ ببغداد» .
وقال ابن الجوزي: أبو يعقوب الهمذاني، من أهل بوزنجرد، قرية من قرى همذان مما يلي الري، نزيل مرو. جاء إلى بغداد بعد الستين وأربعمائة، فتفقّه على الشيخ أبي إسحاق حتى برع في الفقه وعلم النظر ... ورجع إلى بلده، وتشاغل بعلم المعاملة وتربية المريدين، فاجتمع في رباطه بمرو جماعة كثيرة من المنقطعين. وقال: دخلت جبل زر لزيارة الشيخ عبد الله الجوشني- وكان شيخه- قال: فوجدت ذلك الجبل معمورًا بأولياء الله تعالى كثير المياه كثير الأشجار، وكل عين على رأسها واحد من الرجال مشتغل بنفسه صاحب مجاهدة، فكنت أدور عليهم وأزورهم ولا أعلم في ذلك حجرا لم تصبه دمعتي. وقدم إلى بغداد سنة ست وخمسمائة. (المنتظم) .(36/400)
سنة ست وثلاثين وخمسمائة
- حرف الألف-
264- أحمد بن سلامة بن يحيى الدّمشقيّ الأَبّار [1] .
سمع: أحمد بن عليّ بن الفُرات، وسهل بن بِشْر.
روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن عساكر، وقال: تُوُفّي فِي شوّال [2] .
265- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن جابر [3] .
أبو عمر الأزْديّ، الإِشْبِيليُّ.
سَمِعَ من: أبي عبد الله بن [منظور] [4] «صحيح البخاريّ» .
وسمع: عبد الله بن عليّ النكاجيّ، والعاص بن خَلَف.
أَمَّ بمسجد ابن بَقِيّ، وأقرأ القرآن نحوًا من ستّين سنة.
وكان مشتهرًا بالصّلاح [5] .
حدَّث عنه: ابن بشكوال، وابن جهير.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن سلامة) في: تاريخ دمشق لابن عساكر، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 3/ 97، 98 رقم 122.
[2] ومولده سنة 473 هـ.
[3] انظر عن (أحمد بن عبد الله الأزدي) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 1/ 47، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي، السفر الأول، ق 1/ 137، 138 رقم 213.
[4] ما بين الحاصرتين بياض في الأصل.
[5] وقال المراكشي: وكان مقرئا، مجوّدا، محدّثا، عالي الرواية، ثقة، عدلا، متين الدين، شهير الفضل، والصلاح، والعفاف، وإجابة الدعوة. لازم الإمامة في صلاة الفريضة وإقراء القرآن وإسماع الحديث في مسجد ابن تقيّ بإشبيليّة نحوا من ستين سنة لم يخرج منه قطّ إلّا لصلاة الجمعة أو لداره الملاصقة له أو إلى ما لا بدّ منه مما يضطر الإنسان إليه. وكانت الرحلة في وقته إليه، والاستيجاز من أقاصي البلاد اغتناما للرواية عنده.(36/401)
وقارب تسعين سنة [1] .
266- أحمد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن ينال [2] .
أبو منصور الصُّوفيّ الأصبهانيّ، التّرك، والد أبي العبّاس محمد التّرك.
سمع: عائشة الوَرْكانّية، وعبد الجبّار بن برزة الرّازيّ، وشجاعًا المَصْقَليّ [3] .
ومات في عَشْر التّسعين.
267- أحمد بن محمد بن الحسين [4] .
أبو الفائز ابن البُزُوريّ [5] .
سمع: محمد بن هبة الله اللّالكائيّ [6] في سنة إحدى وسبعين وأربعمائة.
روى عنه: أبو سعد السّمعانيّ، وجدّه.
تُوُفّي فِي رَمَضَان.
268- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عليّ بن محمود [7] ماخرّة [8] .
__________
[1] مولده سنة سبع وأربعين وأربعمائة، وتوفي سنة ست وثلاثين وخمسمائة. قاله: أبو العباس بن مضاء وأبو طالب عقيل بن عطية، وأبو بكر بن خير، ومن خطه نقلته.
وقال أبو القاسم بن حبيش: إنه توفي سنة خمس وثلاثين وخمسمائة. وإليه بما ذكر ابن خير أوثق لكونه من شيوخه وأهل بلده.
[2] لم أجد مصدر ترجمته. وسيعاد في وفيات سنة 538 هـ. برقم (352) .
[3] المصقلي: بفتح الميم، وسكون الصاد المهملة، وفتح القاف. هذه النسبة إلى الجدّ، وهو مصقلة بن هبيرة. (الأنساب 11/ 348) .
[4] انظر عن (أحمد بن محمد بن الحسين) في: الأنساب 2/ 299.
[5] البزوري، بضم الباء الموحّدة والزاي والراء بعد الواو، هذه النسبة إلى البزور وهي جمع البزر.
[6] في الأصل: «الالكائي» .
[7] انظر عن (أحمد بن محمد بن علي) في: الأنساب 6/ 322، والمنتظم 10/ 97، 98 رقم 126 (18/ 20 رقم 4074) ، ومشيخة ابن الجوزي 92، 93، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 180، 181، والإعلام بوفيات الأعلام 220، وسير أعلام النبلاء 20/ 57، 58 رقم 34، والعبر 4/ 98، والمعين في طبقات المحدّثين 158 رقم 1704، وعيون التواريخ 12/ 372، تبصير المنتبه 4/ 1243، والنجوم الزاهرة 5/ 269، وشذرات الذهب 4/ 112.
[8] في الأصل: «ماحزّة» .(36/402)
أبو سعد بن أبي بكر بن الشَيخ أبي الحَسَن الزَّوْزَنيّ [1] ، ثمّ البغداديّ.
من قُدماء الصُّوفية برباط شيخ الشّيوخ إسماعيل. وهو مطبوع خفيف، يحفظ حكايات وأشعارًا.
قال السّمعانيّ: غير أنّه كان منهمكًا في الشّرْب [2] ، سامحه الله.
وقال أبو الفَرَج بن الجوزيّ [3] : كانوا ينسبونه إلى التّسمُّح في دينه.
وُلِد في ذي الحجّة سنة تسع وأربعين وأربعمائة.
وسمع القاضي: أبا يَعْلَى وهو آخر أصحابه، وأبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الحسين ابن المهتديّ باللَّه، وأبا محمد الصَّرِيفينيّ، وأبا عليّ بن وِشَاح، وأبا بكر الخطيب، وجماعة.
قال ابن السّمعانيّ: قرأت عليه الكثير. وحدَّثني محمد بن ناصر الحافظ قال: كان أبو سعد متسمّحًا، فرأيته في النَّوم، فَقُلْتُ: ما فعل اللَّه بك؟
قَالَ: غُفِر لي.
قلت: فأين أنت؟
قال: في الجنَّة.
قال ابن ناصر: لو حدَّثنيه غيري ما صدّقتُه.
قال ابن الجوزيّ [4] : مرض أبو سعد الزَّوْزَنيّ، وبقي خمسة وثلاثين يومًا بعلَّة النَّصَب لم يضطَّجِع، ومات في تاسع عشر شعبان.
قلت: روى عنه: أبو أحمد عبد الوهّاب ابن سُكَيْنَة، وأبو حامد بن النّحّاس [5] ، ويوسف بن كامل، والمحدّث عَبْد الخالق بْن أسد، وعمر بْن طَبَرْزَد، وأبو الفرج بن الجوزيّ.
__________
[1] الزّوزنيّ: نسبة إلى زوزن، وهي بلدة كبيرة حسنة بين هراة ونيسابور.
[2] علّق ابن الجوزي على ذلك: «فلا أدري من أين علم ذلك» .
[3] في المنتظم 10/ 97 (18/ 20) .
[4] في المنتظم 10/ 98 (18/ 20) .
[5] في الأصل: «النحاس» بالحاء المهملة، والتصويب من (المشتبه في الرجال 2/ 634) .(36/403)
269- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بن الطَّيّب [1] .
أبو الحسين بن الصَّبّاغ.
سمع: أباه، وأبا نصر الزَّيْنبيّ، وإسماعيل بْن مَسْعَدَة الإسماعيليّ.
روى عنه: ابن عساكر، والسّمعانيّ.
وكان ظاهر الصَّلاح والخير.
مات رحمه الله في آخر شوّال ظنًّا.
270- أحمد بن محمد بن موسى بن عطاء الله [2] .
أبو العباس بن العريف، الصّنْهاجيّ، الأندلسيّ، الصُّوفيّ، الزّاهد، من أهل المَرِيَّة.
روى عن: يزيد مولى المعتصم، وعمر بن أحمد بن رزق، وعبد القادر بن محمد القَرْويّ، وخَلَف بن محمد بن العربيّ [3] ، وجماعة.
قال ابن بَشْكُوال [4] : كانت عنده مشاركة في أشياء من العلم، وعناية بالقراءات، وجَمْع الرّوايات، واهتمامٌ بطُرُقها وجُملتها. وقد استجاز منّي تأليفي هذا، يعني «الصّلة» ، وكتبه عنّي. واستجزتُه أنا أيضًا، ولم أَلْقه. وكان متناهيًا في الفضْل والدّين، منقطعًا إلى الخير، وكان العبّاد وأهل الزُّهد يقصدونه ويألفونه، فيحمدون صُحْبَتَه. سُعي به إلى السّلطان، فأمر بإشخاصه إلى حضرته بمَراكش، فوصلها، وتُوُفّي بها ليلة الجمعة الثّالث والعشرين من صَفَر، واحتفل النّاس لجنازته، وندِم السّلطان على ما كان منه في جانبه. وظهرت له كرامات.
قلت: وُلِد ابن العريف في سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، وكان العبّاد
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد بن محمد) في: مشيخة ابن عساكر، ومعجم شيوخ ابن السمعاني.
[2] انظر عن (أحمد بن محمد بن موسى) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 81، وبغية الملتمس للضبّي 166، والمعجم لابن الأبّار 15- 19، والمطرب 90، والمغرب 2/ 211، ووفيات الأعيان 1/ 168- 170، والعبر 4/ 98، 99، والإعلام بوفيات الأعلام 220، وسير أعلام النبلاء 20/ 111- 114 رقم 68، والوافي بالوفيات 8/ 133- 135، وعيون التواريخ 12/ 368- 371، ومرآة الجنان 3/ 267، وأعمال الأعلام 248، والنجوم الزاهرة 5/ 270، ونيل الابتهاج 58، ونفح الطيب 3/ 229، 230، وشذرات الذهب 4/ 112.
[3] في سير أعلام النبلاء 20/ 11: «العريبي» .
[4] في الصلة 1/ 81.(36/404)
يأتونه ويجتمعون لسماع كلامه في العرفان، وبَعُدَ صِيتُه، فثار الحسدُ في نفوس فقهاء بلده، فرفعوا إلى السّلطان أنّه يروم الثّورة والخروج كما فعل ابن تُومَرت، فأرسل ابن تاشفين إليه وقيّده، وحُمِل إلى مَرّاكُش، فتُوُفّي في الطريق عند مدينة سلا.
أمّا شيوخه: خَلَف، وعمر، فأخذا عن أبي عَمْرو الدّانيّ، وقد لبس الخرقة من أبي بكر عبد الباقي بن بريال، وصحب ابن بريال أبا عَمْرو الطَّلَمَنْكيّ. وآخر من بقي من أصحاب ابن العريف الزّاهد موسى بن مَسْدي.
271- إبراهيم بن أحمد بن محمد [1] .
الإمام، العلامة، أبو إسحاق المَرْوَرَّوْذيّ [2] ، الشّافعيّ.
تفقه على الإمام ابن المظفَّر السّمعانيّ، وغيره.
وصارت إليه الرحلة بمَرْو لقراءة الفِقْه عليه.
تفقّه عليه أبو سعد السّمعانيّ، وغيره.
قُتِلَ بمَرْو، رحمه الله، في ربيع الأوّل في وقعة الخوارزم شاه، وله ثلاثٌ وثمانون سنة.
قال أبو سعد السّمعانيّ: كان أبي أوصى بنا إليه، وكان يقوم بأمورنا أَتمّ قيام [3] . وكان من العلماء العاملين. علّقت عنه كتاب الطّهارة، وسمعت منه الكثير، وحدّث بالكتب الكبار.
سمع بمروالرّوذ من جماعة.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن أحمد) في: الأنساب 9/ 325، ومعجم البلدان 4/ 372، 273، والكامل في التاريخ 11/ 86، واللباب 2/ 438، وطبقات الفقهاء الشافعية 1/ 321 رقم 92، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي 1/ 106، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 31، 32، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 390، 391، وطبقات الشافعية لابن كثير، ورقة 115 أ، وطبقات الشافعية لابن شهبة 1/ 333، 334، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 204، 205.
[2] المرورّوذي: بفتح الميم وسكون الراء وسكون الواو وتشديد الراء المفتوحة وسكون الواو، وذال معجمة.
[3] زاد ابن السمعاني: وكان يحتاط حتى كان لا يشرب الماء من كوز دارنا احترازا من أكل أموال اليتامى والانتفاع بمالهم. (الأنساب 9/ 325) .(36/405)
272- إسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث [1] .
الحافظ أبو القاسم ابن السَّمَرْقَنْديّ.
وُلِد بدمشق سنة أربع وخمسين وأربعمائة في رمضان. وسمع من: أبي بكر الخطيب، وعبد الدّائم بن الحَسَن، وأبي نصر بن طلاب، وعبد العزيز الكتّانيّ، وأبي الحَسَن بن أبي الحديد، وغيرهم.
ثمّ رحل به وبأخيه عبد الله، أبوهما المقرئ أبو بكر إلى بغداد في حدود سنة تسع وستّين وأربعمائة، وسكنوها.
وسمع بها من: ابن هَزَارْمَرْد الصَّرِيفينيّ، وابن النَّقُّور، وعبد العزيز بن عليّ السُّكريّ، وعبد الباقي بن محمد العطّار، وأبي نصر الزَّيْنبيّ، وابن البُسْريّ، ورزق الله- وخلق كثير.
وعُنِي بالرواية، وقدِم دمشق زائرًا بيتَ المقدس، وسمع من مكّيّ الرُّمَيْليّ، وطال عُمره، وروى الكثير.
حدَّث عنه: أبو سعْد السَّمْعانيّ، وأبو القاسم بْن عساكر [2] ، والأعزّ بن عليّ العَبْديّ، وإسماعيل بن أحمد الكاتب، وسعيد بن محمد بن محمد بن عطّاف، ويحيى بن ياقوت الفرّاش، وعمر بن طَبَرْزَد، وأبو اليُمْن الكِنْديّ، وأبو الرضا محمد بن أبي تمّام بن الزّوّا [3] الهاشميّ، وأبا الحَسَن بن عليّ بن أحمد بن
__________
[1] انظر عن (إسماعيل بن أحمد) في: الفوائد العوالي المؤرخة من الصحاح والغرائب، للتنوخي بتخريج الصوري (بتحقيقنا) ص 37، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 5/ 469، ومشيخة ابن عساكر (مخطوط) ورقة 27 أ، والمنتظم 10/ 8998 رقم 127 (18/ 20- 22 رقم 4075) ، والتقييد لابن نقطة 211، 212 رقم 248، والكامل في التاريخ 11/ 90، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 4/ 334، 335 رقم 340، والمعين في طبقات المحدّثين 158 رقم 1705، والإعلام بوفيات الأعلام 220، ودول الإسلام 2/ 55، وسير أعلام النبلاء 20/ 28- 31 رقم 13، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 19/ 85، 86 رقم 54، والوافي بالوفيات 9/ 88، ومرآة الجنان 3/ 267، والبداية والنهاية 12/ 218، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 181، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 205، وطبقات الشافعية الوسطى، له، ورقة 149 ب، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 308 رقم 269، وذيل تذكرة الحفاظ لابن فهد 72، وشذرات الذهب 4/ 112، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 13، 14.
[2] مشيخة ابن عساكر 27 أ.
[3] في سير أعلام النبلاء 20/ 30: «لزّوا» .(36/406)
هُبَل، وعبد العزيز بن الأخضر، وسليمان بن محمد المَوْصِليّ، وموسى بن سعيد ابن الصَّيْقَل الهاشميّ، وخلْق سواهم.
قال ابن السّمعانيّ: قرأت عليه الكُتُب الكبار والأجزاء، وسمعت الحافظ أبا العلاء العطّار بهَمَذَان يقول: ما أعدل بأبي القاسم الفقيه ابن السَّمَرْقَنْديّ أحدًا من شيوخ العراق، وخُراسان [1] .
وقال أبو شجاع عمر البِسْطاميّ: أبو القاسم إسناد خُراسان، والعراق.
وقال أبو القاسم: ما بقي أحد يروى «مُعْجَم ابن جُمَيْع» [2] غيري ولا بدمشق، ولا عن عبد الدّائم بن الحَسَن غيري.
ثمّ قال:
وأعْجبُ ما في الأمر أنْ عِشْتُ بعدهُمْ على أنّهم ما خلَّفوا فيَّ من بطْش وقال ابن عساكر [3] : كان ثقة، مُكْثِرًا، [4] صاحب أصول، وكان دلّالًا في الكُتُب. وسمعته يقول: أنا أبو هريرة في ابن النَّقُّور، فإنّه قَلّ جزءٌ عندي قُرِئ عليه إلّا وقد سمعته مرارا.
قال ابن عساكر [5] : وعاش إلى أنّ خَلَت بغداد، وصار محدّثها كثرةً وإسنادًا، حتّى صار يطلب العوَض على التّسميع بعد حرْصه على التّحديث.
وقد أملى في جامع المنصور الْجُمَعَ زيادةً على ثلاثمائة مجلس [6] . وكان له بخت في بيع الكُتُب. باع مرّة «صحيحي البخاريّ» و «مسلم» في مجلَّدة لطيفة. بخطّ الحافظ أبي عبد الله الصُّوريّ بعشرين دينارًا. وقال لي: وقعت عليّ
__________
[1] المنتظم 10/ 98 (18/ 21) .
[2] وهو «معجم الشيوخ» للحافظ محمد بن أحمد الغسّاني الصيداوي المتوفى سنة 402 هـ.
والكتاب صدر بتحقيقنا عن دار الإيمان بطرابلس ومؤسسة الرسالة ببيروت في طبعتين 1405 هـ. / 1985 م. و (1407 هـ. / 1987 م.) .
[3] في تاريخ دمشق، ومختصره 4/ 334.
[4] في الأصل: «مكثر» .
[5] في تاريخ دمشق، والمختصر.
[6] المنتظم 10/ 98 (18/ 21) .(36/407)
هذه المجلَّدة بقيراط، لأنّي اشتريتها وكتابًا آخر معها بدينار وقيراط، فبعت ذلك الكتاب بدينار [1] .
قال السّلفيّ: وأبو القاسم ابن السَّمَرْقَنْديّ ثقة، له أنس بمعرفة الرجال، دون معرفة أخيه الحافظ أبي محمد.
وقال ابن ناصر: كان دلّالا، وكان سيّئ المعاملة، يُخاف من لسانه وكان ذا مُخَالطةٍ لأكابر البلدة وسلاطينها بسبب الكُتُب. وقد قدِم دمشق بعد الثّمانين، وسمع من الفقيه نصر، وأخذ عنه أبو محمد بن صابر، وغيره.
وقال ابن السَّمَرْقَنْديّ، ورواه عنه ابن الجوزيّ [2] بالإجازة، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوم، كأنه مريض وقد مدّ رِجْلَيه: فدخلتُ وجعلتُ أقبّل أخمص قدميه، وأمرّغ وجهي عليها. فذكرته لأبي بكر ابن الخاضبة فقال: أَبْشِر يا أبا القاسم بطول البقاء وبانتشار الرّواية عنك، فإنّ تقبيل رِجْلَيه اتِّباعُ أَثَره، وأمّا مرضه فوَهْنٌ في الإسلام.
فما أتى على هذا إلّا قليل حتّى وصل الخبر أنّ الفرنج استولت على بيت المقدس.
تُوُفّي فِي السّادس والعشرين من ذي القِعْدة، ودُفن بباب حرب [3] .
273- إسماعيل بن عبد الواحد بن إسماعيل بن محمد [4] .
__________
[1] تاريخ دمشق 5/ 469، تهذيب تاريخ دمشق 3/ 13، الفوائد العوالي المؤرّخة 37.
[2] في المنتظم 10/ 98 (18/ 21) .
[3] وقال ابن الجوزي: سمع شيوخ دمشق ثم بغداد فسمع ابن النقور وكان يلازمه حتى قال:
سمعت منه جزء يحيى بن معين اثني عشرة مرة وسمع الصريفيني وابن المسلمة وابن البسري، وغيرهم، ثم انفرد بأشياخ لم يبق من يروي عنهم غيره وكان مكثرا فيه، وكان دلّالا في بيع الكتب، فدار على يده حديث بغداد بأشياخ فادّخر الأصول وسمع منه الشيوخ والحفّاظ، وكان له يقظة ومعرفة بالحديث. (المنتظم) .
[4] انظر عن (إسماعيل بن عبد الواحد) في: المنتخب من السياق 151 رقم 351، والمنتظم 10/ 99 (18/ 22 رقم 4076) وفيه: «إسماعيل بن عبد الوهاب» . ولد 461 والأنساب 5/ 78 (الخرجردي) .
وقد تقدّم في وفيات السنة 535 هـ. برقم (227) وهو هناك: «إسماعيل بن أبي القاسم بن عبد الواحد» ، ونسبته: «الخرجردي» .(36/408)
أبو سعيد البُوشَنْجيّ، الفقيه، الشّافعيّ. نزيل هَرَاة.
سمع: أبا صالح المؤدب، وأبا بكر بن خَلَف الشّيرازيّ، وحمْد بن أحمد. وقدِم بغداد بعد الخمسمائة، فسمع: أبا عليّ بن نبهان، وغيره.
وتفقه وبرع في المذهب، ودرس وأفتى، وصنَّف التّصانيف.
قال ابن السّمعانيّ: كان كثير العبادة، خَشِن العَيْش، قانعًا باليسير.
سمعتُ منه، وعاش خمسًا وسبعين سنة [1] .
قال عبد الغافر في «ذيله» : شاب نشأ في عبادة الله، مَرْضيّ السِّيرة على مِنْوال أبيه. وهو فقيه، مناظر، مدرّس، زاهد [2] .
- حرف الجيم-
274- جميل بن تمّام [3] .
المقدسيّ.
أبو الحَسَن الطّحّان، المقرئ.
حدَّث عن رجلٍ، عن عبد العزيز الكتّانيّ.
روى عنه: الحافظ أبو القاسم بن عساكر فِي تاريخه [4] .
- حرف الحاء-
275- الحَسَن بْن عَبْد الرحيم بن أحمد [5] .
المعلّم البزّاز، المَرْوَزِيّ.
سمع: أبا الخير الصّفّار.
__________
[1] ولد سنة إحدى وستين وأربعمائة.
[2] وقال عبد الغافر أيضا: دخل نيسابور بعد العشرين وخمسمائة. (المنتخب) .
وقال ابن الجوزي: كان دائم الذكر، متعبّدا، ثم مضى إلى هراة فسكنها إلى أن توفي بها في هذه السنة، وكان يفتيهم. (المنتظم) .
[3] انظر عن (جميل بن تمّام) في: تاريخ دمشق لابن عساكر، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 6/ 112 رقم 68، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 398.
[4] وقال: كتبت عنه شيئا يسيرا، وكان أسنّ من أخيه يحيى بن تمّام، وكان خيّرا.
[5] انظر عن (الحسن بن عبد الرحيم) في: التحبير 1/ 202 رقم 107، وملخص تاريخ الإسلام 8/ 23 ب.(36/409)
قُتِلَ في ربيع الآخر في الوقعة الخُوَارَزمشاهيَّة بمَرْو، عن نيِّفٍ وسبعين سنة.
سمع من السّمعانيّ [1] .
276- الحسين بن أحمد بن عليّ بن الحَسَن بن فُطَيْمَة [2] .
أبو عبد الله بن أبي حامد البيهقي، الخسروجرديّ [3] ، القاضي قاضي بَيْهق. وبَيْهق: ناحية من أعمال نَيْسابور، قصبتها خسروجرد.
ولد قبل الخمسين وأربعمائة.
وسمع: أبا بكر البَيْهقيّ، وأبا القاسم القُشيريّ، وأبا سعيد بن محمد بن عليّ الخشّاب، وأبا منصور محمد بن أحمد السُّوريّ، وأبا بكر محمد بن القاسم الصّفّار، وأبا بكر أحمد بن منصور المغربيّ، وطائفة.
يروي عنه: أو سعد السّمعانيّ، وابن عساكر [4] ، وغير واحد.
قال ابن السّمعانيّ [5] : هو شيخ مُسِنّ، كثير السَّماع، حَسَن السّيرة، مليح المجالسة، كيِّس، ما رأيت أخفّ روحًا منه، مع السّخاء والبَذْل، سمعت منه الكثير، وكتب لي أجزاء بخطّه. ومن أعجب ما رأيت منه أنّه ما كان له الأصابع العشْر، فإنّها قُطِعت بكرْمان لِعِلَّةٍ لحِقَتْها، فكان يأخذ القلم بكفَّيْه، ويترك الورق تحت رِجله، ويكتب بكفَّيْه خطًا مليحًا، من أسرع ما يكون. وكان يكتب كلّ يوم خمس طاقات خطّا واسعا، مقروءا.
__________
[1] وهو قال: كان من وجوه البلد، وممّن يعتمد عليه، وكان حسن الوجه، مليح الشيبة، من جملة أصحاب الجدّ، ومريدي الوالد.
وكانت ولادته سنة نيّف وستين وأربعمائة.
[2] انظر عن (الحسين بن أحمد) في: معجم شيوخ ابن السمعاني 87 أ، والتحبير 1/ 222- 225 رقم 128، ومشيخة ابن عساكر 49 ب، والتقييد لابن نقطة 244 رقم 293، ومعجم البلدان 1/ 538 و 2/ 370، وسير أعلام النبلاء 20/ 60، 61 رقم 37، وطبقات الشافعية الكبرى 4/ 214، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 248.
و «فطيمة» : بضم الفاء، وفتح الطاء، وسكون الياء المثنّاة، وميم.
[3] الخسروجرديّ: بضم الخاء المعجمة، وسكون السين المهملة، وفتح الراء، وسكون الواو، وكسر الجيم، وسكون الراء الثانية، ودال مهملة.
[4] مشيخة ابن عساكر 49 ب.
[5] في التحبير 1/ 222، 223 بتصرّف.(36/410)
وقد تفقه بمَرْو على جدّي الإمام أبي المظفر. وحجّ بعد العشرين وخمسمائة. وتُوُفّي بخسروجرد في ثالث عشر رمضان.
وقد سمع من البيهقيّ كتاب «معرفة السُّنَن والآثار» .
وحكى ابن السّمعانيّ [1] أنّه بالَغَ في إكرامه جدًّا، فقال: خرجت إلى قصْد أصبهان، فتركت القافلة، وعرَّجت إلى خسروجرد مع رفيقٍ لي راجِلَيْن، فلمّا دخلنا دار الحسين سلّمنا على أصحابه، وما التفت إلينا أحدٌ. ثمّ خرج إلينا، فاستقبلناه، فأقبل علينا وقال: فيم جِئْتم؟ قلت: لنقرأ عليك جزءين من «معرفة الآثار» للبَيْهقيّ. فقال: لعلكم سمعتم الكتابَ من الشَيخ عبد الجبار، وفاتكم هذا القدْر. قلت: بلى. وكان في الجزءين فَوْتًا [2] لعبد الجبّار فقال: تكونون عندي اللّيلة، فإنّ لي مُهِمًّا، أريد أنّ أخرج إلي سَبْزَوَار [3] فإنّ ابني كتب إليَّ:
أنّ ابن أستاذي خارجٌ في هذه القافلة، فأريد أنّ أسلّم عليه، وأسأله أنّ يكون عندي أيّامًا. وسمّاني، فتبسّمت، فقال: تعرفه؟
فقلت: هو بين يديك.
فقام وبرك وبكى، وكان يقبّل رِجْلَيَّ، ثمّ أخرج الكُتُب والأجزاء، ووهبني بعض أُصوله، فكنت عنده ثلاثة أيّام.
- حرف الخاء-
277- خاتون [4] .
زوجة المستظهر باللَّه أمير المؤمنين، وزوجة صاحب كرمان.
__________
[1] في التحبير 1/ 223، 224.
[2] في الأصل: «وكان الجزءين فوتا» ، وهذا لا يستقيم لغة.
[3] سبزوار: ذكرها ياقوت مرتين، مرة في مادة بيهق (معجم البلدان 1/ 537) فقال سابزوار، والعامّة تقول: سبزور. ومرّة في مادّة خسروجرد (2/ 371) وقال: سابزوار.
وقد أثبتها محقّقا (سير أعلام النبلاء 20/ 62) : «ستروار» ، وقالا في الحاشية رقم (2) : في الأصل: سنزوار. وذكرها ياقوت في مادة خسروجرد، بالباء الموحّدة، ولم يفرد لها ترجمة مستقلة.
«أقول» : ذكرها ياقوت مرتين. كما تقدّم، ومع ذلك لم يصحّحاها.
[4] انظر عن (خاتون) في: المنتظم 10/ 100 رقم 131 (18/ 23 رقم 4079) .(36/411)
قال ابن الجوزيّ: كانت دارها حِمى. ولها الهيئة والأصحاب. وورد الخبر إلى بغداد بموتها، فعُقد لها العزاء في الدّيوان يومين.
- حرف السين-
278- سعيد بن أحمد بن سليمان [1] .
أبو الحَسَن المالكيّ، النَّهْرفَضْليّ [2] ، البصْريّ، نزيل بغداد.
شيخ صالح، قرأ طرفًا من مذهب مالك.
وقرأ بالرّوايات. وكان صابرًا على الفقر.
سمع: أبا الفضل بن خَيْرون، وعبد المحسن الشيحيّ بن البَطِر.
روى عنه: ابن السّمعانيّ، وقال: تُوُفّي في رمضان.
279- سعيد بن محمد بن منصور [3] .
الفارسيّ، ثمّ الطُّوسيّ، الواعظ، أبو منصور.
سمع: عبد الرحمن بن الواحديّ، وأبا بكر بن خَلَف، وجماعة.
وأخذ عنه: أبو سعد الحافظ، وقال: مات في ذي القعدة [4] .
280- سهل بن الحَسَن بن محمد [5] .
أبو العلاء البِسْطاميّ، الصُّوفيّ، المعروف بالكافي، نزيل دمشق. أقام مدَّةً بسُمَيْساطية.
من بيت خَطَابة وقضاء.
روى عن أبيه، عن أبي عثمان الصّابونيّ.
روى عنه: ابن عساكر، وابن السّمعانيّ.
تُوُفّي في صَفَر بدمشق.
__________
[1] انظر عن (سعيد بن أحمد) في: معجم البلدان 5/ 322.
[2] النهرفضلي: نسبة إلى نهر الفضل، من نواحي واسط.
[3] انظر عن (سعيد بن محمد) في: التحبير 1/ 308 رقم 245، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 23 ب.
[4] وقال: شيخ صالح واعظ، حسن السيرة.
[5] انظر عن (سهل بن الحسن) في: تاريخ دمشق لابن عساكر، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 10/ 220، 221 رقم 122.(36/412)
- حرف الشين-
281- شريفة بنت أبي عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفُرَاويّ [1] .
النَيْسابُورية.
سمعت: عثمان بْن محمد المَحْمِيّ، وأبا بَكْر بْن خَلَف، والصّرّام.
كتب عنها السّمعانيّ، وقال: ماتت في عَشْر السّبعين [2] .
- حرف العين-
282- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ المعزّم [3] .
أبو الحسين الهَمَذانيّ، الضّرير، أخو أبي زيد.
صالح، سمع: أبا إسحاق الشّيرازيّ، وغيره.
مات في شوّال.
283- عبد الجبّار بن محمد بن أحمد [4] .
الخُوَاريّ [5] ، البَيْهقيّ، أبو محمد. وخوار: بُليْدة من أعمال الرّيّ [6] .
كان إمام الجامع المَنِيعيّ بنَيْسابور.
وكان مُفْتيًا، عالمًا، يعرف مذهب الشّافعيّ، وفيه تواضع وخير.
__________
[1] انظر عن (شريفة) في: المنتخب من السياق 256 رقم 829، والتحبير 2/ 416 رقم 1159، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 24 أ، وأعلام النساء 2/ 296.
[2] وقال عبد الغافر: ولدت أم الكرام شريفة قبل سنة 470.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (عبد الجبار بن محمد) في: التحبير 1/ 423- 425 رقم 382، والأنساب 5/ 196، ومشيخة ابن عساكر، ورقة 101، والمنتخب من السياق 343 رقم 1131، والتقييد 348، 349 رقم 432، ومعجم البلدان 2/ 394، والمعين في طبقات المحدّثين 158 رقم 1707، وسير أعلام النبلاء 20/ 71، 72، رقم 43، والإعلام بوفيات الأعلام 220، والعبر 4/ 99، 100، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 144، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 484، 485، وملخص تاريخ الإسلام (مخطوط) 8/ ورقة 24 أ، ومرآة الجنان 3/ 267، وتبصير المنتبه 2/ 553، والنجوم الزاهرة 5/ 270، وذيل تذكرة الحفاظ لابن فهد 73، وشذرات الذهب 4/ 113.
[5] الخواريّ: بضم الخاء، وفتح الواو، نسبة إلى خوار، وهي بلدة من أعمال بيهق. (الأنساب، معجم البلدان) .
[6] انظر معجم البلدان 1/ 394.(36/413)
ولد سنة خمس وأربعين وأربعمائة. وتفقه عند إمام الحَرَمين أبي المعالي.
وسمع: أبا بكر البَيْهقيّ، وأبا الحسين عليّ بن أحمد الواحديّ، وأخاه أبا القاسم عبد الرحمن بن أحمد، وأبا القاسم القُشيريّ، وغيرهم.
روى عنه: ابن عساكر [1] ، وابن السمعاني، وأبو الخير أحمد بن إسماعيل القَزْوينيّ، وأبو الفضائل محمد بن فضل الله السّالاريّ، وأبو سعد عبد الله بن عمر الصّفّار، ومنصور بن عبد المنعم الفُرَاويّ، وأبو المحاسن أحمد بن محمد الشَّوكانيّ الحافظ، وأبو الحَسَن المؤيِّد الطُّوسيّ، وآخرون.
قال ابن السّمعانيّ [2] : فمن جُملة ما سمعت منه بنَيْسابور كتاب «معرفة السُّنَن والآثار» للبَيْهقيّ في خمس مجلَّدات، ورأيت في جزءين منه سماعًا مُلْحقًا.
وذكر أبو محمد عبد الله بْن محمد بْن حبيب [3] الحافظ أنّه طالع أصل البَيْهقيّ، فلم يجد سماع شيخنا عبد الجبّار في جزءين [4] .
وذكر شيخنا عبد الجبّار أنّه وجدّ سماعه بالجزءين. وأنا قرأت الجزءين بِبَيْهق على القاضي الحسين بن أحمد بن فُطَيْمَة. وكان الكتاب كلّه سماعه.
قال ابن حبيب العامريّ المذكور: تصفّحت الكتاب ورقةً ورقة، فوجدت سماعه، إلّا في جزءين، أحدهما الخامس والأربعون، وهو من أوّل كتاب النّكاح إلى آخر تَسَرّي العبد، والجزء السّادس والخمسون، أوّله ترجمة ما يحرم من الإسلام، وآخره حَدّ اللِّواط. وسماعه في سنة ثلاثٍ وخمسين، وأكثره بقراءة والده محمد [5] .
__________
[1] في مشيخته 101.
[2] في التحبير 1/ 424.
[3] جاء في هامش الأصل قرب هذا السطر: «ث. إنّما هو أبو بكر محمد بن عبد الله بن حبيب العامريّ البغداديّ. مشهور» .
[4] التحبير 1/ 424.
[5] التحبير 1/ 425.(36/414)
قال السّمعانيّ [1] : وكتب شيخنا عبد الجبّار بخطّه: قد وجدت في الأصل سماعنا في الجزء الخامس والأربعين، والجزء السّادس والخمسين من الأصل وقت قراءة الكتاب عليَّ من نسخة الأصل بنيسابور في شهور سنة اثنتي عشرة وخمسمائة.
كتبه عبد الجبّار بن محمد، بعد وقوفه على سماع جملة الكتاب على المصنّف [2] .
تُوُفّي، رحمه الله، في تاسع عشر شعبان [3] .
284- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [4] .
أَبُو الفُتُوح السَّلْمُويّي [5] ، اللّبّاد.
من فقهاء نَيْسابور.
تفقه على أبي نصر عبد الرحيم بن القُشَيْريّ.
وبمَرْو على أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن منصور السمْعاني.
وكان إمامًا، زاهدًا، قُدوة، تقّيًا، منقبضًا، قانعًا، كبير القدر، كثير الأسفار.
سكن كِرْمان، وانتقل إلى أصبهان فتُوُفّي بها.
حدَّث بمَرْو عن الشّيروييّ [6] .
__________
[1] في التحبير 1/ 425.
[2] وزاد ابن السمعانيّ: «هذا نقلته من خطّيهما، وسمعت منه «فضائل الأوقات» من جمع البيهقي، بروايته عنه، وسمعت منه كتاب «مختصر السنن» لأبي بكر البيهقي، بروايته عنه» .
[3] وقال عبد الغافر الفارسيّ: «عهدناه في طلب العلم، من خواصّ المختلفة إلى إمام الحرمين، ومن الراسخين في المذهب. كثير الاجتهاد، دائم المواظبة على الدرس، يعيد على جماعة وهو سريع الكتابة، لم يزل يحصّل ويكرّر ويذاكر حتى تخرّج فيه، وصار من المنظورين المذكورين والمدرّسين، تقلّد إمامة الجامع المنيعي في الصلوات الخمس بعد الحاكم عمر النوقاني» .
توفي عن إحدى وتسعين سنة. (المنتخب من السياق 343) .
[4] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: الأنساب 7/ 116.
[5] السّلموييّ: بفتح السين المهملة، وسكون اللام، وضم الميم، وفي آخرها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى سلمويه وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه.
[6] في الأصل: «حدّث بمرو (عن سفيان بن عيينة) ، عن الشيرويي» ، والّذي بين القوسين مقحم.
وفي (الأنساب) : سمع أبا بكر عبد الغفار بن محمد بن الحسين الشيرويي.(36/415)
وكان مولده في سنة سبع وسبعين وأربعمائة.
وتُوُفّي في رمضان بمدينة جَيّ.
285- عبد السلام بن عبد الرحمن بْنُ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [1] .
أبو الحَكَم اللَّخْميّ، الإفريقيّ، المغربيّ، ثمّ، الإشبيلي. الصُّوفيّ، العارف، المعروف بابن بَرَّجان.
سمع «صحيح البخاريّ» من: أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن منظور.
وحدَّث به.
روى عنه: أبو القاسم القَنْطَريّ، وأبو محمد عبد الحقّ الإشبيليّ، وأبو عبد الله بن جليل القيسيّ. وآخرون.
ذكره أَبُو عَبْد الله الأَبّار فقال: كان من أهل المعرفة بالقراءات، والحديث، والتَّحقُّق بعِلم الكلام، والتّصوُّف، مع الزُّهْد، والاجتهاد في العبادة. وله تواليف مفيدة، منها: «تفسير القرآن» [2] لم يكمله [3] ، و «شرح أسماء الله الحسنى» [4] .
__________
[1] انظر عن (عبد السلام بن عبد الرحمن) في: تكملة الصلة لابن الأبّار، رقم 1797، ووفيات الأعيان 4/ 236، 237، والإعلام بوفيات الأعلام 220، والعبر 4/ 100، وسير أعلام النبلاء 20/ 72- 74 رقم 44، ودول الإسلام 2/ 55، وعيون التواريخ 12/ 371، ومرآة الجنان 3/ 267، 268، وفوات الوفيات 2/ 323، وأعمال الأعلام 248، والقاموس المحيط (مادّة:
برج) ، ولسان الميزان 4/ 13، 14، وتاريخ الخلفاء 442، وذيل تذكرة الحفاظ لابن فهد 73، والنجوم الزاهرة 5/ 270، وطبقات المفسّرين للسيوطي 25، وطبقات المفسرين للداوديّ 1/ 300، 301، ومفتاح السعادة 2/ 111، 112، وطبقات المفسرين للأدنه وي (مخطوط) ورقة 141 أ، وكشف الظنون 1/ 69، 70 و 2/ 2031، وشذرات الذهب 4/ 133، وهدية العارفين 1/ 570، وديوان الإسلام 1/ 344 رقم 538، ومعجم المؤلفين 5/ 226، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 248 رقم 280.
[2] جاء في هامش الأصل: «ث. له تفسيران كبير وصغير، كلاهما كمل» .
[3] قال ابن خلّكان: وأكثر كلامه فيه على طريق أرباب الأحوال والمقامات.
وقال حاجّي خليفة: وقد استنبطوا من رموزاته أمورا فأخبروا بها قبل الوقوع.
وجاء في (لسان الميزان) وغيره:
ومن ذلك ما استنبطه ابن الزكي في مدحه للسلطان صلاح الدين حين فتحه حلب بقوله:
وفتحك القلعة الشهباء في صفر ... مبشّر بفتوح القدس في رجب
فكان كما قال. قيل له: من أين لك هذا؟ قال: أخذته من تفسير ابن برّجان في قوله تعالى:
غُلِبَتِ الرُّومُ في أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ من بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ في بِضْعِ سِنِينَ 30: 2- 4.
[4] قال حاجيّ خليفة: وهو كتاب كبير جمع فيه من أسماء الله تعالى ما زاد على المائة والثلاثين، كلّها مشهورة مرويّة، وفصّل الكلام في كل اسم على ثلاثة فصول. الأول: في استخراجها.
الثاني: في الطريق إلى تقريب مسالكها. الثالث: في الإشارة إلى التعبّد بحقائقها.(36/416)
وقد رواهما عنه أبو القاسم القَنْطَريّ.
تُوُفّي بمَرّاكُش مُغَرَّبًا عن وطنه في هذه السّنة. وقبره بإزاء قبر الزّاهد أبي العبّاس بن العريف [1] .
286- عبد الكريم بن عبد المنعم بن هبة الله [2] .
أبو طالب بن الطَّرَسُوسيّ، الحلبيّ، الفقيه.
سمع أباه أبا البركات.
كتب عنه: السّمعانيّ، وقال: ولد سنة أربع وخمسين وأربعمائة.
قلت: مات تقريبًا في هذا العام.
287- عَبْد الوهّاب ابن الشَيخ أَبِي الفَرَج عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بن عليّ الأنصاريّ [3] .
شَرَفُ الإسلام، أبو القاسم الشّيرازيّ، ثمّ الدّمشقيّ.
__________
[1] أضاف المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في (سير أعلام النبلاء 20/ 73، 74) : «أخذ هذان، وغرّبا، واعتقلا، توهّم ابن تاشفين أن يثورا عليه كما ففعل ابن تومرت» .
[2] انظر عن (عبد الكريم بن عبد المنعم) في: التحبير 1/ 478 رقم 447، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 24 ب.
[3] انظر عن (عبد الوهاب بن أبي الفرج) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 396 (وتحقيق سويم) 55، وذيل تاريخ دمشق 275، والكامل في التاريخ 11/ 90، والعبر 4/ 100، ودول الإسلام 2/ 55، والإعلام بوفيات الأعلام 220، وسير أعلام النبلاء 20/ 103، 104 رقم 63، والمعين في طبقات المحدّثين 158 رقم 1706، والبداية والنهاية 12/ 219، ومرآة الجنان 3/ 268 وفيه «عبد الواحد» ، وعيون التواريخ 12/ 371، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 198- 201، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار (مخطوط) 2/ ورقة 63 ب، وذيل تذكرة الحفاظ لابن فهد 72، وفيه: «عبد الوهاب بن عبد الرحمن» ، وطبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 362، 363، ومختصر تنبيه الطالب 124، وشذرات الذهب 4/ 113، 114، وإيضاح المكنون 2/ 529، وهدية العارفين 1/ 638، ومعجم المؤلفين 6/ 224.(36/417)
الفقيه، الحنبليّ، الواعظ.
كان شيخ الحنابلة بدمشق بعد والده. وكان له القبول التام في وعظه.
وبَعَثَه السّلطان رسولًا إلى المسترشد باللَّه يستنجده على الفرنج خذلهم الله. وقد روى شيئًا من مسند أحمد بالإجازة عن أبي طالب عبد القادر بن يوسف.
وتُوُفّي في صَفَر بدمشق.
ووقف المدرسة الحنبلية الّتي قُدّام الرّواحيَّة [1] بدمشق، وكان رئيسًا محتشمًا، عالمًا.
قال حمّاد الحَرّانيّ: سمعتُ السِّلَفيّ يُثْني عليه ويقول: كان فاضلًا له لَسَن. وكان كبيرًا في أعيُن النّاس والسّلطان. وكان متقدمًا، وكان ثقة.
سمع من والده، ومن غيره.
وقال أبو يَعْلَى حمزة [2] . أُصيب بمرضٍ حادّ أضعفه، وكان على الطّريقة المَرْضِيَّة، والخِلال الرَّضِيَّة ووُفُور العِلْم، وحُسْن الوعظ، وقوَّة الدّين. وكان يوم دفْنه يومًا مشهودًا من كثرة المشيِّعين له، والباكين عليه.
288 عشائر بن محمد بن ميمون [3] .
أبو المعالي التّميميّ، المَعَرّيّ. نزيل حمص.
صالح خيّر.
وُلِد سنة خمسٍ وأربعين، وحضر جنازة أبي العلاء بالمَعَرَّة.
وسمع من: أبي عامر [4] عبد الرّزّاق التّنوخيّ.
كتب عنه: السّمعانيّ.
__________
[1] المدرسة الرواحية: شرقي مسجد ابن عروة الّذي هو بالجامع الأموي ولصيقه، شمالي جيرون، وغربيّ الدولعية، وقبليّ السيفية الحنبلية. (منادمة الأطلال 100) .
[2] في ذيل تاريخ دمشق 275.
[3] انظر عن (عشائر بن محمد) في: التحبير 1/ 615، 616 رقم 605، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 188 أ، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 24 ب.
[4] في التحبير: «أبي غانم» .(36/418)
بقي إلى هذا الوقت بحمص [1] .
289- عليّ بن محمد بن رسلان بن محمد [2] .
أبو الحَسَن المَرْوَزِيّ، الكاتب.
كان صاحب بلاغة، وفصاحة، وشِعْر، وترسُّل فائق.
ذكره ابن السّمعانيّ، فقال: لعله ما رأى مثل نفسه في فنّه. وسمع من إسماعيل بن أحمد البَيْهقيّ. وكتب لي من شِعْره.
وسمعت أنّ قصيدة أكثر من أربعين بيتًا كانت تُقرأ [3] عليه فيحفظها في نَوْبَةٍ واحدة [4] .
قُتِلَ بمَرْو في الوقعة الخُوارَزْمشاهيَّة في ربيع الأوّل، وله نيِّفٌ وأربعون سنة.
290- عمر بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العزيز بْن مازَة [5] .
__________
[1] وقال ابن السمعاني: «شيخ صالح، حسن السيرة، معمّر من أهل الخير، سمع أبا غانم عَبْد الرّزّاق بْن عَبْد اللَّه بْن المحسِّن التنوخي، وغيره. لقيته بحمص، ورأيت سماعه في جزء شيخنا أبي البيان محمد بن عبد الرزاق التنوخي، قاضي حمص، فسألته عن منزله، ودخلت عليه فرأيت شيخا بهيّ المنظر، وسألني: من أين أنت؟ ولأيّ شيء جئت؟ فذكرت له: جئت لأسمع الحديث. فبكى وقال: كنت أفكر أني سمعت حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ببلدي معرّة النعمان، ولقبت أهل العلم، وأذكر أبا العلاء المعرّي، وخرجت مع والدي في جنازته بمعرّة النعمان، وكبرت ولم يسمع مني أحد، وربما أموت عن قريب وينقطع ذكري، فبلغت أمنيتي، وقيّض الله تعالى حضورك عندي، وقراءتك عليّ لتسمع مني، وتبقي ذكري مخلّدا، فقرأت عليه جزءا، وأنشدني أقطاعا من الشعر لأبي العلاء المعرّي، وغيره من حفظه، والله يرحمه» .
[2] انظر عن (علي بن محمد بن رسلان) في: الكامل في التاريخ 11/ 87، وعيون التواريخ 12/ 372 وفيه: «أرسلان» .
[3] في الأصل: «أربعون بيتا كان يقرأ» .
[4] ومن شعره:
إذا المرء لم تغن العفاة صلاته ... ولم ترغم القوم العدا سطواته
ولم يرض في الدنيا صديقا ولم يكن ... شفيعا له في الحشر يرجو نجاته
فإن شاء فليهلك، وإن شاء فليعش ... فسيّان عندي موته وحياته
(عيون التواريخ) .
[5] انظر عن (عمر بن عبد العزيز) في: الكامل في التاريخ 11/ 86، ودول الإسلام 2/ 55، وسير أعلام النبلاء 20/ 97 رقم 57، والجواهر المضيّة 2/ 649، 650، والنجوم الزاهرة 5/ 268،(36/419)
أبو حفص بن أبي المَفَاخر البخاريّ. علّامة ما وراء النّهر.
تفقه على والده العلّامة أبي المَفَاخر. وبرع في مذهب أبي حنيفة، وصار شيخ العصر. وحاز قَصَب السَّبق في عِلم النَّظر. ورأى الخصوم وناظرهم، وظهر عليهم، وصار السّلطان يصدر عن رأيه. وعاش في حرمة وافرة، وقبول زائد، إلى أن رزق الله الشّهادة على يد الكَفَرَة [1] ، بعد وقعة قَطَوَان [2] وانهزام المسلمين [3] .
قال ابن السّمعانيّ: سمعت أنّه لمّا خرج هذه النَّوْبة كان يودّع أصحابه وأولاده وداع من لَا يرجع إليهم. فرحِمه الله تعالى ورضي عنه.
سمع: أباه، وعليّ بن محمد بن خِدَام [4] .
وحدَّث. ولقِيتُه بمَرْو، وحضرتُ مناظرته.
وقد حدَّث عن جماعةٍ من البغداديين كأبي سعد أحمد بن الطُّيُوريّ، وأبي طالب بن يوسف. وكان يُعرف بالحُسام.
ولد سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة.
وسمع منه: أبو عليّ الحَسَن بْن مَسْعُود الدَّمشقيّ ابن الوزير، وغيره.
وتفقه عليه خلْق، وقتل صبرا بسَمَرْقَنْد في صَفَر سنة ستٍّ وثلاثين.
وقيل: بل قُتِلَ في الوقعة المذكورة. وكان قد تجمّع جيوشٌ لَا يُحْصَوْن من الصّين، والخِطا، والتُّرك، وعلى الكُلّ كوخان، فساروا لقصد السّلطان
__________
[269،) ] وتاج التراجم لابن قطلوبغا 46، 47، وطبقات الفقهاء لطاش كبرى زاده 93، ومفتاح السعادة له 2/ 277، وكتائب أعلام الأخيار، رقم 342، والطبقات السنية، رقم 1629، وكشف الظنون 11، 46، 113، 563، 569، 1222، 1224، 1228، 1403، 1404، 1431، 1435، 1471، 1998، والفوائد البهية 149، وهدية العارفين 1/ 783، وإيضاح المكنون 2/ 124، وتذكرة النوادر 57، وتاريخ الأدب العربيّ 6/ 294- 296، ومعجم المؤلفين 7/ 291.
[1] في الأصل: «الكافر» .
[2] قطوان: قرية من قرى سمرقند، على خمسة فراسخ منها. (معجم البلدان 4/ 375) .
[3] انظر الخبر في: الكامل في التاريخ 11- 81- 86.
[4] خدام: بكسر الخاء المعجمة، ودال مهملة. (الأنساب 5/ 56، 57 في: الخدامي) وانظر:
المشتبه في الرجال 1/ 146، وتبصير المنتبه 1/ 312.(36/420)
سَنْجَر. وسار سَنْجَر في نحو مائة ألفٍ من عسكر خُراسان، وغَزْنَة، والغور، وسجسْتان، ومازَنْدَران، وعَبَر بهم نهر جَيْحُون في آخر سنة خمسٍ وثلاثين، فالتقى الجيشان، فكانا كالبحرين العظيمين يوم خامس صَفَر. وأبلى يومئذٍ صاحب سجِسْتان بَلاءً حَسَنًا، ثمّ انهزم المسلمون، وَقُتِلَ منهم ما لَا يُحصى، وانهزم سَنْجَر، وأُسِر صاحب سجِستان، وقماج مقدَّم ميمنة المسلمين، وزوجة سَنْجَر، فأطلقهم الكفار.
قال ابن الأثير [1] : وممّن قُتِلَ الحُسَام عُمَر بن مازَة الحنفيّ، المشهور.
قال: ولم يكن في الإسلام وقعةٌ أعظم من هذه، ولا أكثر ممّن قُتِلَ فيها بخُراسان. واستقرت دولة الخِطا، والتُّرك الكُفار بما وراء النَّهر، وبقي كوخان إلى رجب سنة سبْعٍ وثلاثين فمات فيه.
291- عمر بن محمد [2] .
أبو حفص المروزيّ، النّاطفيّ [3] .
كان بعمل النّاطف، وكان رجلًا صالحًا، نيَّف على الثمانين.
وروى عن: عليّ بن موسى المُوسَوِيّ، وجماعة.
وعنه: أبو سعد السَّمْعانيّ [4] .
292- عَمْرو بن محمد بن بدر [5] .
أبو الحَسَن الهَمَذانيّ، الغَرْناطيّ.
سمع «الموطّأ» من ابن الطّلاع، وتفقه أبي الوليد بن رُشْد. وكان صالحًا زاهدًا.
روى عنه: أبو جعفر بن شراحيل، وغيره.
__________
[1] في الكامل 11/ 86.
[2] انظر عن (عمر بن محمد الناطفي) في: التحبير 1/ 540، 541 رقم 525، والأنساب 551 أ، ومعجم البلدان 3/ 376، واللباب 3/ 207، وتكملة إكمال الإكمال، ورقة 97 أ، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 25 ب.
[3] تحرّفت هذه النسبة في (تكملة الإكمال) إلى: «الناطقي» .
[4] وهو قال: سمعت منه مجالس من أمالي السيد أبي القاسم الموسوي. (التحبير 1/ 541) .
[5] لم أجده.(36/421)
- حرف الفاء-
293- الفضل بن إسماعيل بن الفُضَيل بن محمد [1] .
الفُضَيليّ، الهَرَويّ، أبو عاصم.
سمع: أبا عطاء عبد الرحمن الجوهريّ، وكلاب البُوسَنجيّ، ومحمد بن عليّ العُمَيْريّ، وطائفة.
مات سنة نيَّف وثلاثين تقريبًا.
- حرف الميم-
294- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بن أسود [2] .
أبو بكر الغسّانيّ، الأندلسيّ، المَرِيّيّ.
روى عن: الحافظ أبي عليّ الغسّانيّ، وغيره.
له رحلة سمع فيها من أبي بكر الطُّرْطُوشيّ، المالكيّ، وأبي الحَسَن بن شرف.
ووُلي قضاء مَرْسِيَة مدَّة طويلة، ولم تُحْمد سيرتُهُ. ثمّ صُرِف.
وسكن مَراكُش، وبها تُوُفّي في رجب [3] .
295- محمد بن أصْبَغ بن محمد بن محمد بن أصْبَغ [4] .
قاضي الجماعة بقُرْطُبة وخطيبها أبو عبد الله. خاتمة الأعيان بقُرْطُبة.
روى عن أبيه واختصّ به.
__________
[1] في الأنساب 9/ 315: «أبو (الفضل) محمد بن (إسماعيل بن) الفضيل (الفضيلي) من أهل هراة.
وما بين القوسين مرمّم مضاف من المحقّق على الأصل. فلعلّه صاحب الترجمة، أو أباه أو أخاه.
[2] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 553 رقم 1286، والمقفّى الكبير للمقريزي 5/ 48 رقم 1575، ونفح الطيب 2/ 261.
[3] وقال أبو جعفر ابن الزبير الغرناطي صاحب صلة الصلة توفي 708 هـ.: وله كتاب تفسير القرآن. وبيته بيت علم ودين.
[4] انظر عن (محمد بن أصبغ) في: الصلة 2/ 585- 587 رقم 1288، وبغية الملتمس للضبي 61، 62 رقم 66.(36/422)
وقرأ بالرّوايات على أبي القاسم بن مدير المقرئ.
وسمع من: محمد بن فَرَج الفقيه، وأبي عليّ الغسّانيّ.
وجالس أبا عليّ بن سكّرة.
قال ابن بَشْكُوال [1] : كان من أهل الفضل الكامل، والدّين، والتّعاون والعفاف، والوقار، والسَّمُت الحَسَن، والهَدْي الصّالح. وكان مجوّدًا للقرآن، عالى الهمَّة، عزيز النَّفْس. مخزون [2] اللّسان، طويل الصّلاة، واسع الكفّ بالصِّلات، كثير المعروف والخيرات، معظَّمًا عند الخاصَّة والعامَّة.
وصُرِف في الآخر عن القضاء، وأقبل على التدريس وإسماع الحديث.
وتُوُفّي في الثّاني والعشرين من رمضان [3] .
من أبناء السّتين.
296- محمد بن جعفر بن مهران [4] .
أبو بكر التّميميّ، الأصبهانيّ.
سمع: عبد الوهّاب بن مَنْدَهْ، والمطهَّر البُزَانيّ.
وعنه: سليمان الموصلي، لقيه زمن الحج [5] .
297- محمد بن الحسن بن خلف بن يحيى [6] .
أبو بكر بن برنجال.
رحل بعد الخمسمائة.
وسمع من: محمد بن الوليد الطُّرْطُوشيّ، ومحمد بن منصور الحضْرميّ.
وكان من أهل الحفظ والدّراية.
تُوُفّي في رجب، وقد نيَّف على الخمسين.
__________
[1] في الصلة 2/ 586.
[2] في الصلة: «محزوق» .
[3] ووقع في (بغية الملتمس 62) أنه توفي سنة تسع وثلاثين وخمسمائة.
[4] انظر عن (محمد بن جعفر) في: المنتظم 10/ 100 رقم 132 (8 پ/ 23 رقم 4080) .
[5] وقال ابن الجوزي: من أهل أصبهان من بيت الحديث والعدالة، ولد في سنة سبع وستين وأربعمائة بأصبهان ... وكان كثير التعبّد، وقدم بغداد للحج، فخرج معهم وهو مريض، فتوفي ثامن عشر ذي القعدة، ودفن بزبالة.
[6] انظر عن (محمد بن الحسن) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 584، 585 رقم 1287.(36/423)
298- مُحَمِّد بن الحسين بن مُحَمِّد [1] .
أبو الخير التّكريتيّ، الملقّب بالتّرك [2] .
من أهل رباط الزّوزنيّ ببغداد.
سمع من: جعفر السّرّاج [3] .
299- محمد بن سليمان بن مروان [4] .
أبو عبد الله القَيسيّ، المعروف بالبونيّ، نزيل بَلَنسيَة.
أحد الأئمة.
روى عَنْ: أبي عليّ الغسّانيّ، وأبي داود بن نجاح، وأبي الحسن بن الدّوش، وابن الطّلّاع، وأبي عليّ الصّدفيّ، وطائفة.
قال ابن بَشْكُوال: كانت له عناية كبيرة بالعِلم والرّواية والدّين.
مات رحمه الله في صفر سنة ستّ بالمَرِيَّة.
300- محمد بْن عَبْد المَلِك بْن عَبْد العزيز [5] .
أَبُو بكر القُرْطبيّ، اللّخْميّ.
أصله من إشبيلية.
روى عن: أبي عبيد البكري، وأبي علي الغساني، وأبي الحسين بن سراج.
وكان رأسا في اللغة والعربية، ومعاني الشعر، والبلاغة. كاتبا مجيدا.
توفي في نصف ذي الحجَّة.
301- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد [6] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن الحسين التكريتي) في: المنتظم 10/ 100 رقم 133 (18/ 23 رقم 4081) .
[2] في المنتظم: «باليترك» . وفي نسخة خطية: «بالتترك» .
[3] وقال ابن الجوزي: وكان شيخا صالحا مشتغلا بما ينفعه، سافر الكثير، وسكن في آخر عمره برباط الزوزني المقابل لجامع المنصور. قال المصنّف: ورأيته أنا وتوفي في هذه السنة، ودفن على باب الرباط.
[4] انظر عن (محمد بن سليمان) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 584 رقم 1285.
[5] انظر عن (محمد بن عبد الملك) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 587 رقم 1289.
[6] ذكره ابن النجار في الجزء المفقود من (ذيل تاريخ بغداد) .(36/424)
أبو طاهر الأنصاريّ، الدباس.
سمع من أبي طاهر بن عبد الكريم بن رزمة، عن أبي الحسين بن بشران كتاب «مداراة الناس» لابن أبي الدنيا.
وكان رجلا صالحا.
روى عنه: سعد الله بن الوادي، وأبو سعد السمعاني، وعلي بن إبراهيم الواسطي.
قال ابن النجار: تُوُفّي فِي ذي الحِجّة.
302- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عُمَر بْن مُحَمَّد [1] .
أَبُو عَبْد الله التّميميّ، الفقيه، المازَرِيّ المحدّث، أحد الأئمة الأعلام.
مصنّف شرح «صحيح مسلم» ، وأسمعه المعلّم بفوائد كتاب مسلم. وله كتاب «إيضاح المحصول في الأُصول» . وله مصنَّفات في الأدب.
وكان من أهل الحِفْظ والإتقان.
تُوُفّي في ربيع الأوّل سنة ستّ، وله ثلاثٌ وثمانون سنة.
ومَازَرْ بفتح الزّاي، وقد تُكْسِر، بُليدة بجزيرة صَقَلية [2] .
روى عنه: عِياض القاضي، وأبو جعفر بن يحيى الفَرَضيّ الوزعيّ.
مولده بالمَهْدِية من إفريقيَّة، وبهامات. وألّف كتابًا في شرح «التّلقين» لعبد الوهّاب، في عشر مجلَّدات، وهو من أنفس الكتب.
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي بن عمر) في: الغنية للقاضي عياض 65 رقم 9، ووفيات الأعيان 4/ 285، ومعجم البلدان 5/ 40، والروض المعطار 521، وفهرس ابن عطية 107، ودول الإسلام 2/ 55، والعبر 4/ 100، 101، والمعين في طبقات المحدّثين 158 رقم 1708، وسير أعلام النبلاء 20/ 104- 107 رقم 64، والوافي بالوفيات 4/ 151، ومرآة الجنان 3/ 267، 268، والديباج المذهب 2/ 250- 242، والوفيات لابن قنفذ 277، 278، وذيل تذكرة الحفاظ لابن فهد 72، 73، والنجوم الزاهرة 5/ 269، وتاريخ الخلفاء 442، وأزهار الرياض 3/ 165، وكشف الظنون 557، وشذرات الذهب 4/ 114، وإيضاح المكنون 1/ 156، وهدية العارفين 2/ 88، وشجرة النور الزكية 1/ 127، 128 رقم 371، والأعلام 6/ 277، ومعجم المؤلفين 11/ 32.
[2] وفيات الأعيان 4/ 285.(36/425)
بَلَغَنا أنّ المازَرِيّ مرض في أثناء عمره، فلم يجد من يعالجه إلّا يهوديّ، فلمّا عُوفي على يده قال اليهودي: لولا التزامي بحِفْظ صناعتي لأعدمتك المسلمين. فأثَّر هذا عند المازَرِيّ، وأقبل على تعلُّم الطّبّ حتّى برع فيه في زمن يسير، وصار يُفتي فيه كما يُفْتي في العِلم، رحمه الله [1] .
303- مُحَمَّد بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن السَّكَن [2] .
أبو طالب بن المعوّج المراتبيّ.
من أهل البيوتات ببغداد.
سمع: أَبَا محمد الصَّرِيفينيّ، وأبا القاسم بن البُسْريّ، وجماعة.
سمع منه: ابن السَّمْعانيّ، وغيره.
وكان من غُلاة الشّيعة.
تُوُفّي في أحد الربيعين.
304- محمد بن الفضل بن محمد بن أحمد [3] .
أبو سهل الأبِيوَرْدِيّ [4] ، العطار.
شيخ صالح، عفيف، عابد [5] ، من أهل نيسابور.
__________
[1] وقال القاضي عياض: «إمام بلاد إفريقية وما وراءها من المغرب، وآخر المستقلّين من شيوخ إفريقية بتحقيق الفقه، ورتبة الاجتهاد، ودقّة النظر ... لم يكن في عصره للمالكية في أقطار الأرض في وقته أفقه منه ولا أقوم لمذهبهم، وسمع الحديث وطالع معانيه، واطّلع على علوم كثيرة من الطب والحساب والآداب وغير ذلك، فكان أحد رجال الكمال في العلم في وقته، وإليه كان يفزع في الفتوى في الطبّ في بلده كما يفزع إليه في الفتوى في الفقه.
وكان حسن الخلق، مليح المجلس أنيسه، كثير الحكاية وإنشاد قطع الشعر، وكان قلمه في العلم أبلغ من لسانه، وألّف في الفقه والأصول» . (الغنية 65) .
[2] لم أجده، ولعلّه في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .
[3] انظر عن (محمد بن الفضل) في: التحبير 2/ 206، 207 رقم 849، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 26 ب.
[4] الأبيوردي: بفتح الهمزة، وكسر الباء الموحّدة، وياء مثنّاة ساكنة، وفتح الواو وسكون الراء، ودال مهملة مكسورة، وقد تقدّم التعريف بها.
[5] زاد ابن السمعاني: دائم التلاوة للقرآن، وكان يتّجر ويصون ماء وجهه بها. ثم صار يلازم مسجد أبي بكر المطرّز، وقلّما يبرح منه.. كتبت عنه بنيسابور في الرحلة الأولى ستة عشر حديثا من «مسند» أبي عوانة. وهو أخو أبي سعد المكيّ الّذي سمعنا منه. وكانت ولادته قبل سنة ستين وأربعمائة بنيسابور.(36/426)
سمع: أبا القاسم القُشَيْريّ، وأبا صالح المؤدب، وأبا سهل الحفْصيّ.
وتُوُفّي في رجب.
روى عنه: ابن السَّمْعانيّ، والرّحَّالون.
وكان والده من كبار مشيخة نَيْسابور [1] .
305- محمد بن كامل بن دَيْسَم بن مجاهد [2] .
أبو الحَسَن النَّضريّ، المقدسيّ.
سمع من أبيه، ومن نصر المقدسيّ وتفقه عليه بصُور، فلم يَنْجُب.
وأجاز له أبو بكر الخطيب.
وكان شاهدًا، فاتهم بشهادة الزُّور، وأسقطه خال ابن عساكر أبو المعالي محمد بن يحيى قاضي دمشق. ورُتِّبَ على ختْم دار الوكالة. وكان يرتزق من المَكْس.
روى عَن: ابن عساكر، وابنه القاسم بن علي، والسّمعانيّ [3] ، وجماعة.
__________
[1] قال ابن السمعاني: ولي عنه إجازة.
[2] انظر عن (محمد بن كامل) في: التحبير 2/ 213- 216 رقم 857، والأنساب 390 أ، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 3/ 366 و 20/ 253 و 32/ 96 و 39/ 228 و 43/ 495، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 23/ 176 رقم 214، وملخص تاريخ الإسلام 8/ 26 ب، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 4/ 122- 124 رقم 1130.
ووقع التحريف في «ديسم» فقيل: «رسم» ، وقيل «وسيم» ، وقيل «دسم» .
[3] وهو قال: شيخ صالح، أمين، صدوق، ثقة، معمّر، ووالده كان من المحدّثين، وسمع الحفّاظ والرحّالة، مثل عمر الرؤاسيّ، وأبو الحسين هذا سمع أبا الحسن ببيت المقدس، وحصّل له ببلدته الحافظ الشهيد أبو القاسم مكي بن عبد السلام الرميلي المقدسي الإجازة عن جماعة كثيرة من شيوخ الشام، والجزيرة، والعراقين، والحجاز، والمجتازين بهذه البلاد، فمن أجاز له من شيوخ عسقلان: أحمد بن عبد السميع بن أحمد بن محمد بن حسّان، وأبو عبد الله مجاهد بن حازم بن مجاهد، وعبد الله بن الحسين بن محمد العطار، وعبد العزيز بن عبد الرحمن بن البطر العسقلانيون، ومن صور: الإمام أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، ومحمد بن الحسن بن الأسداباذي، ومحمد بن أبي نصر الطالقانيّ، وعبد الرحمن بن علي بن القاسم الكاملي، وعبد الرحمن بن علي بن محمد بن عمر. ومن حلب: أبو الفتح عبد الله بن إسماعيل بن أحمد الحلبي، ومحمد بن على المروالروذي، والحسين بن الحسن بن أحمد بن زريق البزاز. ومن أهل طرابلس: الحسين بن أحمد بن حمزة الأطرابلسي، ومحمد بن علي الأطرابلسي البخاري. ومن أهل معرّة النعمان: أبو صالح محمد بن المهذب بن علي المهذب بن أبي حامد التنوخي المعري، ومن أهل مدينة السلام: أبو الحسين بن المهتدي باللَّه(36/427)
وتوفي في ذي القعدة.
قال السَّمْعانيّ: وأجاز له أبو جعفر ابن المسلمة، وأبو عليّ غلام الهرّاس، فأجاز له جميع القراءات.
306- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بن أحمد بن عمر [1] .
أبو الحسين السَّهْلَكي، خطيب بِسطام، إحدى مدن قُومِس. كان بارعًا في الأدب.
سمع: أبا الفضل محمد بن عليّ السَّهْلكيّ، ونظام المُلْك، ورزق الله التّميميّ.
قال ابن السَّمْعانيّ: كتبت عنه ببِسطام.
تُوُفّي في ربيع الأوّل ببَسطام.
307- محمد بن مغاور بن حَكَم بن مغاور [2] .
أبو عبد الله السّلميّ، الشّاطبيّ.
يروي عَنْ: أبيه، وأبي جعفر بن جحدر، وأبي عمران بن أبي تليد، وابن سُكَّرَة، وأبي الحَسَن بن الدّوش.
وكان بصيرًا بالمذهب، رأسًا في الفتوى، جمّ الفوائد.
تُوُفّي في شوّال عَنْ ثمانٍ وخمسين سنة.
308- محمد بن مفرّج بن سليمان [3] .
الشيخ أبو عبد الله الصّنْهاجيّ.
__________
[ () ] الخطيب، وأبو الغنائم بن المأمون، وأبو القاسم علي بن البسري، وأبو جعفر ابن المسلمة، وأبو الحسين بن النقور، وأبو علي الحسن بن أحمد بن البناء، وعلي بن هبة الله بن عليّ بن جعفر هو الأمير ابن ماكولا، وإبراهيم بن علي الفيروزآباذي هو أبو إسحاق الشيرازي. أجاز مسموعاته من الحديث، ومصنّفاته في المذهب والخلاف، وأصول الفقه.
[1] انظر عن (محمد بن محمد بن محمد) في: المنتظم 10/ 100 رقم 134 (18/ 23 رقم 4082) .
[2] لم أجده.
[3] انظر عن (محمد بن مفرّج) في: الغنية للقاضي عياض 86، 87 رقم 19، وتكملة الصلة لابن الأبّار 1/ 438 رقم 1253.(36/428)
سمع يسيرًا من: أبي الوليد الباجيّ، وأبي عبد الله بن شبرين [1] .
وأخذ عنه: القاضي عِياض [2] .
309- محمود بْن أَحْمَد بْن عَبْد المنعم بْن أحمد بن محمود ماشاذة [3] .
أبو منصور الأصبهاني، الواعظ، الفقيه.
وُلِد سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة [4] .
وتفقه على: أبي بكر الخُجَنْديّ.
وارتفع أمره وعرض جماعة، وصار المرجع إليه. وكان يعظ ويفسّر بفصاحة.
ووعظ ببغداد بعد العشْرين، وحدَّث [5] .
روى عنه: أبو موسى المديني، وابن السمعاني، وسِبْطه داود بن محمد بن أبي منصور، وجماعة.
روى عَنْ: شجاع، وأحمد ابني المَصْقَليّ، وعائشة الوَرْكانيَّة، وأبي جعفر السَّمْعانيّ، وأبي بكر بن سُلَيْم.
وتُوُفّي في حادى عشر ربيع الآخر بأصبهان، وعُقِد له العزاء ببغداد.
قال ابن السَّمْعانيّ [6] : إمام، مفسر، واعظ، حُلْو الكلام، مليح الإشارة.
كان له التّقدُّم والجاه العريض، والحشمة، وصار أوحد وقْته، والمرجوع إليه في بلده. وطُعن بالسِّكّين عدَّة نُوَب، وحماه الله بفضله، ولم يؤثّر فيه ذلك. وكان
__________
[1] في الأصل: «شيرين» .
[2] وهو قال: ولد سنة خمسين وأربعمائة.. وكان رجلا صالحا خيّرا.
وذكر له أبياتا أنشدها عن أبي القاسم ابن الباجي، للقاضي أبي الوليد أبيه.
[3] انظر عن (محمود بن أحمد) في: الأنساب 3/ 341، والتحبير 2/ 271، 272 رقم 939، وتبيين كذب المفتري 327، والمنتظم 10/ 101 رقم 135 (18/ 24 رقم 4083) ، وفيه:
«ماساده» . ومعجم البلدان 2/ 176، واللباب 1/ 302، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 303، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 27 أ، وسير أعلام النبلاء 20/ 128، 129 رقم 78، وطبقات المفسّرين للسيوطي 40، وطبقات المفسّرين للداوديّ 2/ 308، 309.
[4] التحبير 2/ 272.
[5] المنتظم.
[6] في التحبير 2/ 271، 272.(36/429)
كثير الصّلاة والذّكْر [1] .
310- المختار بن عبد الحميد بن منتصر [2] .
أبو الفتح البُوسَنْجيّ [3] ، الأديب. صاحب «الوفيات» [4] .
سمع من جدّه لأمّه جمال الإسلام أبي الحسن الدّاوديّ.
تُوُفّي في رمضان. وقد قارب الثّمانين.
311- مُرجان الحبشيّ الخادم [5] .
أبو الحَسَن، مولى المقتديّ أمير المؤمنين.
سمع من: النّعاليّ، وابن البيع.
روى عنه: يوسف بْن المبارك بن كامل.
وكان صالحًا عابدًا، جاور مدَّة.
وتُوُفّي في شعبان.
312- مُظَفَّر بن القاسم بن المظفَّر بن عليّ [6] .
أبو منصور بن الشَّهْرُزُوريّ.
وُلِد بإربل سنة سبع وخمسين وأربعمائة، ونشأ بالموصل. وقدم بغداد، وتفقه بها على الشيخ أبي إسحاق، وسمع منه ومن أبي نصر الزّينبيّ.
__________
[1] وقال ابن عساكر: شيخنا أبو منصور من أعيان العلماء، ومشاهير الفضلاء الفهماء، قدم بغداد حاجّا سنة أربع وعشرين، فلم يبق بها من المذكورين أحد إلّا تلقّاه، وسرّوا بقدومه، وعقد المجلس في جامع القصر.. إلى أن قال: وعاينت علوّ مرتبته في بلده وحشمته في نفسه وولده. (تبيين كذب المفتري 327) .
[2] انظر عن (المختار بن عبد الحميد) في: التحبير 2/ 292، 293 رقم 971، ومعجم البلدان 1/ 579، والتقييد لابن نقطة 461 رقم 615، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 27 أ، وهدية العارفين 2/ 423، ومعجم المؤلفين 12/ 211.
[3] يقال: البوسنجي، والفوشنجي.
[4] قال ابن السمعاني: من أهل فوشنج، سكن هراة. كان شيخا فاضلا، عالما، له معرفة بالأدب، وكان حسن الخط، كثير الجمع، والكتابة، والتحصيل. جمع تواريخ وفيات الشيوخ، بعد ما جمعه الحاكم الكتبي، ... كتب إليّ الإجازة سنة ثلاثين وخمسمائة، وكانت ولادته في حدود سنة ستين وأربعمائة تقديرا مني. ومات بأشكيذبان.
[5] لم أجده.
[6] انظر عن (مظفّر بن القاسم) في: تاريخ إربل لابن المستوفي 1/ 221، 212 رقم 111.(36/430)
ثمّ رجع إلى الموصل، وولي قضاء سَنْجَار، وسكنها وكان قد أسنّ.
سمع منه ابن السَّمْعانيّ سنة 34 ببغداد، وسنة خمسٍ بسَنْجَار، وقال:
كان شيخًا، فاضلًا، كثير العِبادة.
قلت: تُوُفّي تقريبًا سنة ستّ [1] .
- حرف النون-
313- نصر اللَّه [2] بْن مُحَمَّد بْن محمد بن مَخْلَد بن أحمد بن خَلَف بن مَخْلَد بن امرئ القيس [3] .
أبو الكَرَم الأَزْديّ، الواسطيّ ابن الْجَلَخْت.
سمع: أباه، وأبا تَمَّام عليّ بن محمد العَبْديّ، القاضي، وأبا الحَسَن عليّ بن محمد الحوزيّ، وسعيد بن كثير الشّاهد.
وهو آخر أصحاب أبي تمام.
وُلِد سنة سبْعٍ وأربعين وأربعمائة.
وعنه: ابن السَّمْعانيّ [4] ، وقال: انحدرت إليه إلى واسط، وهو شيخ ثقة، صالح، من بيت الحديث [5] .
حدَّث ببغداد سنة ستّ عشر.
وروى عنه أيضًا: أبو عليّ يحيى بن الربيع، والقاضيّ أبو الفتح المَنْدائيّ، وعلي بن عليّ بن نَغُوبا، والحسين [6] بن عبد العزيز، [وعلي بن عبد الله بن
__________
[1] قال ابن المستوفي: وجدت بخط مظفّر الشهرزوريّ في خبر مسموع على أبي الفتح نصر بن الحسن بن القاسم التنكتي ببغداد يوم عرفة من شهور سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة في آخر طبقة، وكاتب السماع مظفّر بن القاسم بن مظفّر الشهرزوريّ.
وذكر حديثا بسنده إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه «إنّما الأعمال بالنيّات» .
[2] في الأصل: «هبة الله» ، والتصحيح من مصادر ترجمته.
[3] انظر عن (هبة الله بن محمد) في: الأنساب 3/ 278، 279، والمنتظم 10/ 101 رقم 136 (18/ 24 رقم 4084) وفيه: «نصر بن أحمد بن مخلد» ، واللباب 1/ 286، وسؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي 77 رقم 51، وسير أعلام النبلاء 20/ 59، 60 رقم 35، والمعين في طبقات المحدّثين 158 رقم 1709، وتبصير المنتبه 2/ 551، والنجوم الزاهرة 5/ 270.
[4] في الأنساب 3/ 279.
[5] المنتظم.
[6] في الأصل: «الحسن» والتحرير من: سير أعلام النبلاء.(36/431)
فضل الله، وهو آخر من روى عنه، كما أنه آخر من روى عَنْ أبي تمام] [1] .
قال فيه خميس الحوزيّ [2] : ثقة صالح.
وقال غيره: تُوُفّي في ذي الحجة بواسط.
- حرف الهاء-
314- هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ بْن طاوس [3] .
أَبُو محمد البغداديّ، ثمّ الدمشقيّ، إمام جامع دمشق.
كان مقرئًا مجودًا، حَسَن الأخذ، ضابطًا متصدرًا بالجامع من دهر، ختم عليه خلْق.
وقد سمع الكثير بنفسه، ونسخ ورحل وأملى، وكان صدوقًا، صحيح السَّماع.
وثّقة ابن عساكر، ووصفه بكثرة السّماع، وقال [4] : سمع أباه، وأبا العبّاس ابن قُبَيس، وأبا القاسم بن أبي العلاء، وأبا عبد الله بن أبي الحديد، والفقيه نصر بن إبراهيم.
وخرج إلى العراق، وأصبهان في صحبة والده، والفقيه نصر الله المصِّيصيّ في رسالة السّلطان تاج الدّولة تُتُش إلى السّلطان ملك شاه، فسمع
__________
[1] ما بين الحاصرتين استدركته من (سير أعلام النبلاء 20/ 59) وفي الأصل بياض.
[2] في السؤالات 77.
[3] انظر عن (هبة الله بن أحمد) في: الأنساب 3/ 410، 411، والمنتظم 10/ 101 رقم 137 (18/ 24 رقم 137) ، وتاريخ دمشق لابن عساكر، ومعجم البلدان 2/ 199، والكامل في التاريخ 11/ 90، واللباب 1/ 322، والتقييد 476، 477 رقم 645، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 181، 182، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 27/ 65 رقم 22، والعبر 4/ 101، والمعين في طبقات المحدّثين 158 رقم 1710، ومعرفة القراء الكبار 1/ 487، 488 رقم 433، وسير أعلام النبلاء 20/ 98، 99 رقم 58، والإعلام بوفيات الأعلام 220، ومرآة الجنان 3/ 268، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 324، وعيون التواريخ 12/ 372، وغاية النهاية 2/ 349، والنجوم الزاهرة 5/ 270، وشذرات الذهب 4/ 114، وعقد الجمان (مخطوط) 16/ 131، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) 5/ 25 رقم 1319.
[4] في تاريخ دمشق.(36/432)
من: البانياسي، وعاصم بن الحَسَن، ورزق الله التّميميّ، وأبي الغنائم بن أبي عثمان، وأبي الحَسَن عليّ بن محمد بن محمد الأنباريّ، وأبي منصور محمد بن علي بن شكروية [1] ، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وعبد الرّزّاق الحَسناباذيّ، وأبي عبد الله الثّقفيّ.
وأقرأ القرآن مدَّة. وكان قد قرأ للسّبعة على والده أبي البركات. وكان مؤذِّنًا في مسجد سوق الأحد، فلما وُلي إمامة الجامع ترك المكتب، وكان صحيح الاعتقاد.
ثنا إملاءً: أنا عاصم بقراءتي عليه، فذكر حديثًا.
وقال ابن السَّمْعانيّ: سمعت أنّه يقع في أعراض النّاس. وكان بينه وبين الحافظ أبي القاسم الدّمشقيّ شيء، ما صلّى على جنازته.
وقال السِّلفيّ: هو محدّث ابن محدّث، ومُقْرئ ابن مقرئ، وكان ثقة متصاونًا، من أهل العلم.
وقال محمد بن أبي الصَّقْر: وُلِد في صفر سنة إحدى وستّين وأربعمائة.
وقال ابن السَّمْعانيّ: تُوُفّي ضَحْوة يوم الجمعة سابع عشر المحرم، وصلينا عليه بعد الصّلاة، وشيَّعْتهُ إلى أن دُفن في مقبرةٍ له بباب الفراديس. وكان الخلْق كثيرًا.
قلت: روى عنه: ابن عساكر، والسِّلفيّ، وابن السَّمْعانيّ، وابنه الخضر بن هبة الله، وأبو الفَرَج ابن الحُرة الحمويّ، وأبو محمد القاسم بن عساكر، والقاضي أبو القاسم بن الحَرَسْتانيّ، وآخرون.
وآخر من حدّث عنه: أبو المحاسن ابن السّيّد الصّفّار [2] .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَإِسْمَاعِيلُ بن عبد الرحمن، ومحمد بن عليّ،
__________
[1] وقع في (غاية النهاية) : «سكرويه» بالسين المهملة.
[2] وقال ابن الجوزي: انتقل والده إلى دمشق فسكنها فولد هو بها في سنة اثنتين وستين وأربعمائة، ونشأ، وكان مقرئا فاضلا، حسن التلاوة، وختم القرآن عليه خلق من الناس، وأملى الحديث، وكان ثقة صدوقا. (المنتظم) .(36/433)
وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُؤْمِنٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالُوا: أنا مُحَمَّدُ بْنُ السَّيِّدِ بْنِ أَبِي لُقْمَةَ، أنا نَصْرُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصِّيصِيُّ الْفَقِيهُ، وَهِبَةُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ الْمُقْرِئُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاثِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ سَمَاعًا مِنْهُمَا قَالا: أنا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ، أنا خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، نا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ: ثنا شَاذَانُ، ثنا الثَّوْرِيُّ، ثنا عمرو بن قيس قال:
قال عيسى بن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ: «لا تُكْثِرُوا الْكَلامَ لِغَيْرِ ذكر الله فتقسو الْقُلُوبُ، وَإِنْ كَانَتْ لِيِّنَةً، فَإِنَّ الْقَلْبَ الْقَاسِي بَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ، وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ.
وَلا تَنْظُرُوا فِي ذُنُوبِ النَّاسِ كَهَيْئَةِ الأَرْبَابِ، وَانْظُرُوا فِي ذُنُوبِ أَنْفُسِكُمْ كَهَيْئَةِ الْعَبِيدِ، فَإِنَّمَا النَّاسُ اثْنَانِ: مُبْتَلَى وَمُعَافَى، فَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى الْعَافِيَةِ، وَارْحَمُوا الْمُبْتَلَى» [1] .
315- هبةُ اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بن المغربيّ [2] .
شيخ بغداديّ، صالح.
سمع من: الحسين بن البُسْريّ.
روى عنه: ابن السَّمْعانيّ.
وكان بوّاب باب النُّوبيّ.
وعاش ستًّا وستّين سنة.
- حرف الياء-
316- يحيى بْن علي بْن محمد بن علي [3] .
أبو محمد بن الطّرّاح، البغداديّ، المدبّر.
__________
[1] أخرجه خيثمة بن سليمان في (الرقائق والحكايات- مخطوطة مكتبة تشستر بيتي- رقم 3495/ 2 قسم 10- ص 11 أ. انظر: من حديث خيثمة بن سليمان- بتحقيقنا- ص 172 و 173، وموسوعة علماء المسلمين- القسم الثاني ج 5/ 25 رقم 1319) .
[2] لم أجده. ولعلّه في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .
[3] انظر عن (يحيى بن علي) في: المنتظم 10/ 101، 102 رقم 138 (18/ 24، 25 رقم 4086) ، والإعلام بوفيات الأعلام 210، والمعين في طبقات المحدّثين 158 رقم 1711، وسير أعلام النبلاء 20/ 87، 78 رقم 47، والعبر 4/ 101، والبداية والنهاية 12/ 218، وعيون التواريخ 12/ 372، والنجوم الزاهرة 5/ 270، وشذرات الذهب 4/ 114.(36/434)
ولد قبل السّتّين وأربعمائة [1] .
وسمع: أبا الحسين بن المهتديّ باللَّه، وأبا بكر الخطيب، وعبد الصّمد بن المأمون، ومحمد بن أحمد بن المهتديّ باللَّه الخطيب، وابن النَّقُّور، وجماعة.
قَالَ ابن السَّمْعانيّ: كتبت عَنْهُ الكثير، وكان صالحًا، ساكنًا، مشتغلًا بما يعنيه، قليل الفُضُول، كثير الرغبة في زيارة القبور والخير. وكان مدبّر [2] قاضي القضاة أبي القاسم الزَّيْنبيّ.
وسمعه أبوه، وحصّل له النُّسَخ.
تُوُفّي في رابع عشر رَمَضَان [3] .
قلت: وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو القاسم بْن عساكر، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ [4] ، وابن طَبَرْزَد، والكِنْديّ، وابن الأخضر، وعبد الكريم بن المبارك البلديّ، وسليمان المَوْصِليّ، ويحيى بن ياقوت الفرّاش، وآخرون.
__________
[1] قال ابن الجوزي: ولد بنهر القلّائين في سنة تسع وخمسين وأربعمائة، ونشأ بها، ثم انتقل إلى الجانب الشرقي.
[2] في المنتظم: «مديرا» .
[3] في المعين في طبقات المحدّثين 158 توفي سنة 537 هـ.
[4] وهو قال: كان سماعه صحيحا، وكان من أهل السّنّة، شهد له بذلك شيخنا ابن ناصر، وكان له سمت المشايخ ووقارهم وسكونهم. (المنتظم) .(36/435)
سنة سبع وثلاثين وخمسمائة
- حرف الألف-
317- أحمد بن أبي الحسين بن أحمد [1] .
أبو الحارث الهاشميّ، البغداديّ، إمام جامع المنصور.
روى عَنْ: أبي الحسين بن الطُّيُوريّ.
وتُوُفّي في ذي الحجَّة [2] .
318- أحمد بن عليّ بن الحسين العطار [3] .
دمشقيّ، حدَّث عَنْ: أبي البركات أحمد بن طاوس.
كتب عنه: أبو سعد السَّمْعانيّ.
319- أحمد بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [4] .
أبو القاسم الحَلاويّ، بغداديّ.
روى عَنْ: أبي نصر الزَّيْنبيّ.
وعنه: يوسف بن المبارك الخفّاف.
تُوُفّي في رجب.
320- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن سالم [5] .
أبو منصور الهِيتيّ [6] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن أبي الحسين) في: المنتظم 10/ 104 رقم 142 (18/ 28 رقم 4090) .
[2] وقال ابن الجوزي: ولد قبل الستين وأربعمائة، وكان فيه خير، وكان يحضر مجلسي كثيرا.
[3] لم أجده. ولعلّه في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .
[4] لم أجده.
[5] لم أجده. ولعلّه في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .
[6] الهيتي: بكسر الهاء وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها التاء المنقوطة من فوقها(36/436)
وُلِد بِهِيت سنة ستّين.
وسمع: أَبَا نصر الزَّيْنبيّ، وأبا الغنائم بْن أبي عثمان.
وتفقه على قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني. وبرع في المناظرة.
وتُوُفّي في شوّال.
قال ابن السَّمْعانيّ: كان أنْظَرَ الحنفيَّة في زمانه، وكان ينوب عَنْ قاضي القُضاة الزَّيْنبيّ في الحكومة إلى أن شاخ.
وكان دخوله إلى بغداد في سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة.
وقرأتُ عليه كتاب «البعث» لابن أبي داود.
قلت: روى عنه عبد الله بن مسلم بن ثابت.
321- إبراهيم بن هبة الله بن عليّ [1] .
أبو طالب الدّيار بكريّ، الفقيه.
قال ابن السَّمْعانيّ: كان فقيهًا، فاضلًا، مُنَاظرًا، صالحًا، كثير الذِّكْر والتّلاوة، أقام ببغداد مدَّةً، وببلْخ مدة، وسمع من مالك البانياسيّ، وجماعة.
وتُوُفّي ببلْخ في المحرَّم.
وقد سمع بأصبهان من أبي منصور بن شكرُوَيْه.
قال أبو شجاع البسطاميّ: سمعت الإمام أبا طالب يقول: لمّا تركنا بناكر، وهي دار مملكة الملك محمد بن أبي حكيم أكرمني كثيرًا، حتّى أنّه سبَى أختين، وهما أختا ملك الهند، فقال لي: قد تزوّجت واحدةً وتركت أُختها، حتّى أجد لها كُفُؤًا، وأنت الكَفُؤ. فوهبها لي، فأعتقتها، وتزوّجتُ بها، وحَسُنَ إسلامها. فلمّا قُتِلَ ابن أبي حكيم نفذ أخو هذه الجارية، وقد تملَّك بعد أبيه، فقال: تعودي إلينا. فَأَبت وقالت: لَا أرحَلُ بلاد الكُفْر. فبعث يقول لها: ارجعي إلينا بزوجك، ونبني لكما مسجدًا، وتكونون مكرَّمين. فأبت. فلمَّا سافرت لحِقَتْني حاملةً، فأولدها منّي وعليّ [2] ... [3] قربه حتّى لحِقَت بي.
__________
[ () ] باثنتين. هذه النسبة إلى هيت، وهي بلدة فوق الأنبار من أعمال بغداد. (الأنساب 12/ 360) .
[1] انظر عن (إبراهيم بن هبة الله) في: المنتظم 10/ 104 رقم 141 (18/ 28 رقم 4089) .
[2] هكذا بالأصل وقد أثبتّ رسمه كما هو ولم أتبيّن معناه.
[3] بياض في الأصل.(36/437)
- حرف الحاء-
322- الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عليّ [1] .
أبو محمد ذو الفقار، نقيب مشهد باب التّبْن.
روى عَنْ: أبي ... [2] بن حشيش.
وكان أديبًا شاعرًا ببغداد.
323- الحَسَن بن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن الحَسَن بْن أبي المضاء [3] .
البَعْلَبَكّيّ، أبو محمد.
سمع من: الفقيه نصر المقدسيّ.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
سمع منه بعض الطّلَبَة [4] .
324- الحَسَن بن نصر [5] .
أبو محمد الدِّينَوَرِيّ البزّار [6] . ويُعرف بابن المعبي [7] .
سمع: أبا القاسم بن البسريّ، ويوسف بن الحسن التّفكريّ [8] ، والفقيه نصر المقدسيّ بصور.
وعنه: ابن عساكر، والسَّمْعانيّ.
مات في صفر في عَشْر التّسعين.
__________
[1] لم أجده.
[2] بياض في الأصل.
[3] انظر عن (الحسن بن محمد البعلبكي) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 10/ 293، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 247، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 250، وموسوعة علماء المسلمين تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 2/ 55، 56 رقم 355، وانظر سلسلة نسب آل أبي المضاء في الموسوعة ص 57.
[4] وقال ابن عساكر: لم أسمع منه شيئا، وكان من المحدّثين.
[5] تقدّمت ترجمته ومصادرها في وفيات سنة 534 هـ. برقم (193) ، وسيعاد برقم (517) .
[6] هكذا بالزاي والراء، وتقدّم بزايين، وسيعاد في المتوفّين تقريبا أيضا رقم (517) بزايين.
[7] انظر التعليق على الترجمة رقم (193) ، وسيأتي أيضا «المعبّي» في ترجمته رقم (517) .
[8] هكذا رسمت في الأصل. ولم أجدها في الأنساب.(36/438)
325- الحسين بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْد اللَّه [1] .
أبو عَبْد الله المقرئ، البغداديّ، سِبْط أبي منصور الخيّاط.
سمع: أبا الغنائم بن المأمون، وأبا محمد الصَّرِيفينيّ، وأبا منصور العُكْبَريّ، وأبا الحسين بن النَّقُّور.
ووُلِد في سنة ثمان وخمسين وأربعمائة [2] .
قال ابن السَّمْعانيّ: صالح، حسن الإقراء، دين، يأكل من كراء يده، سمع الكثير بإفادة ابن الخاضبة في مجلس عفيف القائمي [3] .
وتُوُفّي في ذي الحِجَّة.
روى عَنْهُ: ابنُ السمعاني، وابن الجوزيّ وقال [4] : قرأتُ عليه القرآن [5] ، وأبو اليُمْن الكِنْديّ، وجماعة.
وهو أخو الشَيخ أبي محمد، وأكبر منه.
- حرف السين-
326- سعيد بن أحمد بن عبد الواحد [6] .
أبو القاسم بن الطُّيُوريّ الأمين.
شيخ أصبهان.
سمع: أبا عَمْرو بن مَنْدَهْ.
مات فجأةً في شوّال.
سمع منه: أبو سعد السّمعانيّ، وغيره.
__________
[1] انظر عن (الحسين بن علي) في: الأنساب 5/ 225، والمنتظم 10/ 104 رقم 143 (18/ 28 رقم 4091) ، والإعلام بوفيات الأعلام 220، والعبر 4/ 101، 102، وسير أعلام النبلاء 20/ 129، 130 رقم 79، وعيون التواريخ 12/ 376، وغاية النهاية 1/ 246، والنجوم الزاهرة 5/ 273، وشذرات الذهب 4/ 114، 115.
[2] المنتظم.
[3] هذه النسبة إلى القائم بأمر الله أمير المؤمنين، وكان له جماعة من الخدم سمعوا الحديث وانتسبوا إليه، منهم «عفيف» هذا. (ترجمته في الأنساب 10/ 36) .
[4] في المنتظم.
[5] وزاد: والحديث، وكان صالحا يأكل من كدّ يده من الخياطة.
[6] لم أجده، ولعلّه في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .(36/439)
- حرف العين-
327- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن البَيْضاويّ [1] .
أبو الفتح، أخا قاضي القُضاة أبي القاسم الزَّيْنبيّ لأُمّه.
سَمِعَ: أبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصَّمد بن المأمون، والصَّرِيفينيّ، وابن النَّقُّور.
قال ابن السَّمْعانيّ: كتبتُ عنه الكثير، وهو شيخ صالح، متواضع، متحرٍّ [2] في قضائه الخير والإنصاف، متثبِّت.
وتُوُفّي في نصف جُمَادَى الأولى.
قلت: وروى عنه: ابن الجوزيّ، والكِنْديّ، وجماعة.
328- عبد الرّزّاق بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى [3] أبو المحاسن الطَّبَسِيّ [4] ، نزيل نَيْسابور.
كان مُفيد الغُرباء، قرأ لهم الكثير. وكان حَسَن القراءة سريعها.
قرأ «صحيح مسلم» ثماني عشرة مرَّة على الفُرَاويّ للنّاس، وكان كثير الصّلاة، نظيف الظّاهر، جميل الأمر.
سمع: عبد الغفّار الشّيرُويّ، وأبا عليّ الحدّاد، وغانما البرجيّ، وابن بيان الرّزّاز، وغيرهم.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن محمد البيضاوي) في: الأنساب 2/ 368، والمنتظم 10/ 104، 105 رقم 145 (18/ 29 رقم 4093) ، ومشيخة ابن عساكر (مخطوط) ، ورقة 93 ب، والعبر 4/ 102، وسير أعلام النبلاء 20/ 182 رقم 117، وعيون التواريخ 12/ 376، ومرآة الجنان 3/ 268، والجواهر المضيّة 2/ 343، 344، والنجوم الزاهرة 5/ 273، والطبقات السنية، رقم 1105، وشذرات الذهب 4/ 115.
و «البيضاوي» : نسبة إلى بلدة تدعى بيضاء من بلاد فارس.
[2] في الأصل: «متحرّي» ، والأصوب ما أثبتناه.
[3] انظر عن (عبد الرزاق بن محمد) في: المنتخب من السياق 359 رقم 1187، والأنساب 8/ 210، والتقييد لابن نقطة 351 رقم 437، والمشتبه في الرجال 1/ 421.
[4] الطّبسي: بفتح الطاء المهملة، والباء المنقوطة بواحدة، والسين المهملة. هذه النسبة إلى طبس وهي بلدة في برّية إذا خرجت منها إلى أيّ صوب سلكت وقصدت لا بدّ من ركوب البرّية، وهي بين نيسابور وأصبهان وكرمان.(36/440)
وتُوُفّي في ربيع الأوّل [1] .
روى عنه: أبو سعد السَّمْعانيّ.
329- عبد المجيد بن إسماعيل [2] .
القاضي أبو سعيد الهَرَويّ، قاضي الرُّوم.
تفقه بما وراء النّهر على: البَزْدَوِيّ، والسّيّد الأشرف، وجماعة.
وتخرج به الأصحاب. وله مصنفات في الأصول والفروع، وخُطب ورسائل ونظم ونثر.
قدِم دمشقَ، ودرَّس ببغداد.
ومات بقَيْساريَّة، وقد نيَّف على الثّمانين.
وكان من كبار الحنفيَّة.
330- عبد المجيد بن القاسم بن الحَسَن بن بُنْدار [3] .
أبو عبد الرحيم الزَّيْديّ، الإسْتِراباذيّ [4] ، الحاجيّ.
ديّن، شيخ زَيْديّ المذهب.
سمع: ظَفَر بن الدّاعي، وغيره.
__________
[1] وقال عبد الغافر الفارسيّ: شابّ، سديد، صائن، محصّل، من بيت العلم والحديث، سمع أبوه الكثير بنيسابور.
وهذا قدم نيسابور واختلف إلى أبي نصر القشيري ودرس عليه، وحصّل الكثير من مشايخنا المتأخّرين، وسمع من أبي الحسن أيضا، وهو كثير القراءة، صحيحها، جامع بين تحصيل العلم والسداد في السيرة والطريقة، كثير العبادة.
[2] انظر عن (عبد المجيد بن إسماعيل) في: تاريخ دمشق، ومعجم البلدان 1/ 397، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 15/ 185 رقم 180، وتاج التراجم لابن قطلوبغا 38، والجواهر المضيّة 2/ 465، 466 رقم 861، والنجوم الزاهرة 5/ 272، وكتائب أعلام الأخيار، رقم 359، والطبقات السنية، رقم 1323، والفوائد البهية 112، وهدية العارفين 1/ 619، ومعجم المؤلفين 6/ 167، 168.
[3] انظر عن (عبد المجيد بن القاسم) في: لسان الميزان 4/ 56 رقم 161.
[4] الإستراباذي: بكسر الألف وسكون السين المهملة وكسر التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وفتح الراء والباء الموحّدة بين الألفين وفي آخرها الذال المعجمة. هذه النسبة إلى إستراباذ، وقد يلحقون فيه ألفا أخرى بين التاء والراء، فيقولون أستراباذ إلّا أن الأشهر هذا، وهي بلدة من بلاد مازندران بين سارية وجرجان. (الأنساب 1/ 214) .(36/441)
وحدَّث في هذه السّنة [1] .
331- عبد الواحد بن أحمد بن عَبْد القادر بن مُحَمَّد بن يوسف [2] .
أَبُو محمد اليوسُفيّ، البغداديّ، أخو عبد الله، وعبد الخالق.
شيخ صالح، ديِّن، سافر الكثير، وطاف في الآفاق.
وسمع من: أبي نصر الزَّيْنبيّ، وأخيه طِراد النّقيب، وسمع من: أبي المحاسن الرُّويَانيّ، وأبي سعد بن أبي صادق الحِيريّ، وأبي سعد المطرَّز.
وأقام باليمن مدّة.
ولد سنة سبعين وأربعمائة.
وقدِم من الحجاز بغدادَ في سنة خمسٍ وثلاثين وحدَّث، ثمّ رجع وركب البحر، فغرق في حدود سنة سبْعٍ [3] .
332- عثمان بن محمد بن حمد بن محمد [4] .
أبو عَمْرو البلْخيّ، ويُعرف بالشّريك.
قال السَّمْعانيّ [5] : كان فاضلًا، حَسَن السّيرة، من أهل العلم، مكثِرًا من الحديث، معمرًا [6] .
سمع: أباه، وأبا عليّ الوَخشيّ، ومحمد بن عبد الملك الماسكانيّ، وإسماعيل بن عثمان إمام جامع بلْخ، وأبا سعيد الخليل بن أحمد السّجزيّ.
كتب إليّ بمرويّاته.
__________
[1] وقال ابن حجر: توفي في حدود الأربعين وخمسمائة.
[2] انظر عن (عبد الواحد بن أحمد) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 2/ 197- 200 رقم 104.
[3] وقال ابن السمعاني: وقرأت عليه ببغداد ومكة والمدينة من أجزاء كانت معه.
[4] انظر عن (عثمان بن محمد) في: التحبير 1/ 552- 559 رقم 541، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 175 أ، 175 ب، وسير أعلام النبلاء 20/ 166، 167 رقم 101، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 29.
[5] في التحبير 1/ 552.
[6] أضاف ابن السمعاني: «وإنما ذكرت اسمه لإكثاره» .(36/442)
ومن مسموعاته: «شرح الآثار» للطّحاويّ، يرويه بواسطة ثلاثة، و «الموطّأ» يرويه عَنْ عبد الوهّاب بن أحمد الحديثيّ، عَنْ زاهر السَّرْخسيّ، «وتفسير أبي اللَّيْث» ، رواه عَن الوخْشيّ، عَنْ تميم بن زُرْعَة، وروى عَن الوخشيّ عدَّة تفاسير كبار [1] ، وكتاب «معاني الآثار» للطّحاويّ، يرويه عَن القاضي إبراهيم بن محمد بن سليمان الورّاق، عَن ابن المقرئ، عنه، و «سنن» أبي داود، يرويه عَن الوخْشيّ، عَنْ أبي عمر الهاشميّ، وعن أبي محمد بن النّحّاس المصريّ، وعن أبي محمد النَيّسابوريّ صاحب ابن داسة [2] .
تُوُفّي ببلْخ في سَلْخ جُمَادَى الأولى سنة 537.
333- علي بْن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن علي بن عِياض بن أبي عَقِيل [3] .
أبو طالب الصُّوريّ، ثمّ الدمشقيّ.
كان أبوه وأجداده من قُضاة صُور، وهو شيخ مهيب، ساكن، حسن
__________
[1] منها: «التفسير» الملقّب ب «جامع العلوم» لأميرك الروّاس، تسعة عشر مجلّدا.
و «التفسير» للكلبي.
و «التفسير» لمقاتل بن سليمان.
و «التفسير» لقتادة.
و «التفسير» لمجاهد بن جبر.
و «التفسير» لعبد الرزاق الصنعاني.
و «التفسير» لعبد بن حميد الكشي.
و «التفسير» لابن جريج.
و «التفسير» لبكر بن سهل الدمياطيّ.
[2] وروى أيضا: كتاب «البستان» للفقيه أبي الليث نصر بن إبراهيم السمرقندي.
[3] انظر عن (علي بن عبد الرحمن الصوري) في: أدب الإملاء والاستملاء لابن السمعاني 52 و 78 و 81 و 83 و 143، والأنساب 8/ 105، ومشيخة ابن عساكر (مخطوط) ورقة 144 ب، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 31/ 556 و 20/ 342 و 48/ 338، ومعجم السفر للسلفي (مصوّرة دار الكتب المصرية) ق 1/ 203، 204، وبغية الطلب (مصوّرة معهد المخطوطات) 7/ 224، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 18/ 126 رقم 25، والعبر 5/ 2، وسير أعلام النبلاء 20/ 108، 109 رقم 66، وعيون التواريخ 12/ 374، والنجوم الزاهرة 5/ 273، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 3/ 47، 48 رقم 737، وأعلام النساء 2/ 37.(36/443)
السّيرة، يرجع إلى صيانة وديانة.
سكن مصر مدَّة، وسمع بها من: أبي الحَسَن الخِلَعيّ، ومحمد بن عبد الله الفارسيّ.
ودخل بغداد [1] وسمع بها من: أَبِي القاسم بْن بيان.
قال ابن السَّمْعانيّ: قرأت عليه «المعجم» لابن الأَعرابيّ، ومولده بعد السّتّين بصور. وكان يُلقَّب بالقاضي بهجة الملك [2] .
تُوُفّي فِي ربيع الْأَوَّل.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: ابن عساكر، [3] وابنه، وجماعة.
قال ابن عساكر [4] : أصله من حَرّان.
وسمع أيضًا من الفقيه نصر، وكان من أعيان مَن بدمشق.
وكان ذا صلاة وصيام، وقورًا، مهيبًا. حكى لي عتيقه نُوشتِكِين أنّه سمعه في مرضه يقول: قرأت أربعة آلاف ختمة [5] .
__________
[1] وكان دخوله إليها سنة 510 هـ.
[2] وقال أيضا: من شيوخنا. وبيت أبي عقيل بيت الفضل والقضاء والتقدّم. لقيته بدمشق وكتبت عنه وقرأت عليه في منزله عدّة كتب. (أدب الإملاء والاستملاء 52) .
[3] في مشيخته 144 ب.
[4] في تاريخ دمشق 31/ 556.
[5] وقال السلفي: ثقة في الرواية، وبيتهم من أجلّ بيت في الشام رياسة وعلما وإكراما لمن ينزل بهم من العلماء. (معجم السفر 1/ 203، 204) .
روى عنه ابن الخصيب أبو المفضّل محمد بن الحسين بن أبي الرضا القرشي الدمشقيّ المتوفى سنة 601، وزمرّدة بنت ماديلي الخاتون أخت الملك دقاق تاج الدولة لأمّه وزوج تاج الملوك بوري بن طغتكين. (تاريخ دمشق 48/ 338، أعلام النساء 2/ 37) .
وسمعه إبراهيم بن نصر النهاوندي. (تاريخ دمشق 31/ 556) .
وقال ابن شاكر الكتبي: كان والده وجدّه من قضاة صور، وله البيت العريق في العلم والقضاء والرئاسة.
وقال ابن السمعاني: وسألته عن مولده فقال: بعد الستين والأربعمائة. وأنشدنا لنفسه هذه الأبيات:
عريت من الشباب وكنت غضّا ... كما يعرى من الورق القضيب
بكيت على الشباب بدمع عيني ... فما نفع البكاء ولا النحيب
فيا ليت الشباب يعود يوما ... فأخبره بما صنع المشيب
(عيون التواريخ 12/ 374) .(36/444)
334- عليّ بن يوسف بن تاشفين [1] .
أمير المسلمين، صاحب المغرب.
توفّي والده في سنة خمسمائة، فقام بالمُلْك مكانه، وتلقَّب بلقب أبيه أمير المؤمنين، وجرى على سُنته في الجهاد، وإخافة العدوّ.
وكان حَسَن السّيرة، جيّد الطَّويَّة، عادلًا، نزِهًا، حتّى كان إلى أن يُعَدّ من الزّهّاد المتبتّلين أقرب، وأدخل من أن يُعَدّ من الملوك. واشتدّ إيثاره لأهل العِلم والدّين. وكان لَا يقطع أمرًا في جميع مملكته دون مشاورتهم.
وكان إذا ولّى أحدًا من قُضاته، كان فيما يعهد إليه أن لَا يقطع أمرًا دون أن يكون بمحضر أربعةٍ من أعيان الفُقهاء، يشاورهم في ذلك الأمر، وإنْ صَغُرَ.
فبلغ الفُقهاء في أيّامه مبلغًا عظيمًا، ونفقت في زمانه كُتُب الفقه في مذهب مالك، وعُمل بمقتضاها، وأنبذ وراءه ما سواها. وكثُر ذلك حتّى نسي العلماء النَّظَر في الكتاب والسُّنَن، ودان أهل زمانه بتكفير كلّ من ظهر منه الخَوْض في شيء من علوم الكلام. وقرَّر الفقهاء عنده تقبيح الكلام وكراهية الصَّدْر الأوّل له، وأنّه بِدْعة، حتّى استحكم ذلك في نفسه، وكان يكتب عنه كلّ الأوقات إلى البلاد بالوعيد على مَن وُجِد عنده شيءٌ من كُتُب الكلام.
ولمّا دخَلَت كُتُب أبي حامد الغزّاليّ- رحمه الله- إلى المغرب، أمَرَ أمير المسلمين عليّ بن يوسف بإحراقها، وتوعَّد بالقتل من وجِد عنده شيءٌ منها.
واشتد الأمر في ذلك إلى الغاية.
__________
[1] انظر عن (علي بن يوسف) في: الكامل في التاريخ 10/ 417، والمعجب 252- 261، ووفيات الأعيان 5/ 49 (في ترجمة ابن تومرت) و 7/ 123، 125، 126، والحلّة السيراء 2/ 90، 100، 193، 197، 205، 212، 216، 249، 276، 277، والإعلام بوفيات الأعلام 220، وسير أعلام النبلاء 20/ 124، 125 رقم 75، ودول الإسلام 2/ 56، والعبر 4/ 102، وعيون التواريخ 12/ 376، ومرآة الجنان 3/ 268، والإحاطة 4/ 58، 59 وشرح رقم الحلل 120، 181، 182، 186، 187، 189، 197، والحلل الموشية 61- 90، وتاريخ ابن خلدون 6/ 188، 189، والنجوم الزاهرة 5/ 272، وجذوة الاقتباس 291، ونفح الطيب 4/ 377، وشذرات الذهب 4/ 115، والاستقصاء في أخبار المغرب الأقصى 2/ 61- 69، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 113، وأخبار الدول 2/ 410.(36/445)
واعتنى باستدعاء [النُّسّاخ] [1] والكُتاب، فاجتمع له ما لم يجتمع لسّلطان منهم، كأبي القاسم بن الحذّاء الأحدب، وأبي بكر محمد بن محمد بن القنطريّة، وأبي عبد الله محمد بن أبي الخطّال، وأخيه أبي مروان، وعبد المجيد بن عَبْدان.
وطالت أيامه، إلى أن التقى عسكر بَلَنْسِية مع العدوّ الملعون، فهزموا المسلمين [2] ، وقتلوا من المرابطين خلقا كثيرا، وذلك بعد الخمسمائة، فاختلّت بعدها حال عليّ بن يوسف، وظهرت في بلاده مناكِرُ كثيرة، لاستيلاء أمراء المرابطين الّذين هم جُنْده على البلاد الأندلُسيَّة، ثمّ ادعوا الاستبداد بالأمور، وانتهوا في ذلك إلى التّصريح، وصار كلّ واحدٍ منهم يجهر بأنّه خيرٌ من أمير المسلمين عليّ بن يوسف، وأنّه أَوْلَى بالأمر منه.
واستولى النّساء على الأحوال، وصارت كلّ امرأةٍ من أكابر البربر مشتملةً على كلّ مُفْسِدٍ وشرّير، وقاطعِ سبيل، وصاحب خمرٍ، وأميرُ المسلمين في ذلك يزيد تغافُلُه، وَيقْوَى ضعْفُه، وقنع بالاسم والخُطْبة. وعكف على العبادة، فكان يصوم النّهار، ويقوم اللّيل، واشتهر عنه ذلك، وأهمل أمر الرعيَّة غاية الإهمال.
وكان يعلم من نفسه العجز، حتّى أنّه رفع مرَّة يديه وقال: اللَّهمّ قيِّض لهذا الأمر من يقوى عليه ويُصْلح أمور المسلمين.
حكى عنه هذا عبد الله بن خيار.
وقال ألْيَسع بن حزْم: وُلّي عليّ بن يوسف، فنشأت من المرابطين والفقهاء نشأة [3] أهزلوا دينهم، وأسمنوا براذينهم، قلّدهم البلاد، وأصاخ إلى رأيهم فخانوه، وأشاروا عليه بأخْذ مملكة ابن هود، وقرَّروا عنده أنّ أموال المستنصر صاحب مصر أيّام الغلاء حصلت كلُّها عند ابن هود، وأرَوْه الباطلَ في صورة الحقّ.
__________
[1] في الأصل بياض، والمستدرك على وجه الترجيح.
[2] انظر: الكامل في التاريخ 1/ 586.
[3] في الأصل: «نشأ» .(36/446)
قلت: وثب عليه ابن تُومَرت كما ذكرنا، وجَرَت بين الطّائفتين حروبٌ، ولم يزل أمر عبد المؤمن يقوى ويظهر، ويستولي على الممالك، وأمر عليّ بن يوسف في سفال وزوال، إلى أن تُوُفّي في هذا العام، وعُهِد إلى ابنه تاشفين، فعجز عَن الموحدين، وانزوى إلى مدينة وهران، فحاصره الموحّدون بها، فلمّا اشتدّ عليه الحصار خرج راكبًا، وساق إلى البحر، فاقتحمه وغرق، فيقال إنّهم أخرجوه وصلبوه، ثمّ أحرقوه. وذلك في عام أربعين. وانقطعت الدّعوة لبني العبّاس بموت عليّ وابنه تاشفين.
وكانت دولة بني تاشفين بمَرّاكُش بِضْعًا وسبعين سنة.
تُوُفّي عليّ في سابع رجب، وله إحدى وستّون سنة.
335-[عُمَر] [1] بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن إسماعيل بن محمد بن نُعمان [2] .
النَّسَفيّ، ثمّ السَّمَرْقَنْديّ.
قال ابن السَّمْعانيّ: كان إمامًا، فاضلًا، مبرّزًا، متفنّنًا.
صنَّف في كل نَوع من العِلم، في التّفسير، والحديث، والشُّروط، ونَظَم «الجامع الصغير» لمحمد بن الحَسَن، حتّى صنَّف قريبًا من مائة مصنَّف. وورد بغداد حاجّا في سنة سبع وخمسمائة.
وحدّث عن: إسماعيل بن محمد النّوحيّ [3] ، وطائفة.
__________
[1] في الأصل بياض، استدركته من المصادر.
[2] انظر عن (عمر بن محمد) في: التحبير 1/ 527- 529 رقم 514، ومعجم الأدباء 16/ 70، 71، والعبر 4/ 102، وسير أعلام النبلاء 20/ 126، 127 رقم 76، ومرآة الجنان 3/ 268، وعيون التواريخ 12/ 375، والجواهر المضيّة 1/ 394، 395، ولسان الميزان 4/ 327، وتاج التراجم لابن قطلوبغا 34، 35، وطبقات المفسّرين للسيوطي 27، وطبقات المفسّرين للداوديّ 2/ 5- 7، ومفتاح السعادة 1/ 127، 128، وطبقات المفسّرين لطاش كبرى زاده 92، وكتائب أعلام الأخيار، رقم 307، والطبقات السنية، رقم 1646، وطبقات المفسّرين للأدنه وي (مخطوط) ورقة 41 ب، وكشف الظنون 1/ 247، 296، 415، 418، 519، 553، 564، 602، 668، 706، 756 و 2/ 1114، 1125، 1145، 1230، 1356، 1602، 1686، 1731، 1867، 1868، 1871، 1929، 2027، 2048، 2054، وشذرات الذهب 4/ 115، والفوائد البهيّة 149، 150، وهدية العارفين 1/ 783، وإيضاح المكنون 1/ 25، 117، وفهرس الفهارس 1/ 215، ومعجم المطبوعات 1854، ومعجم المؤلفين 7/ 305، 306، وعلم التأريخ عند المسلمين 633.
[3] تحرّفت إلى «التنوخي» في: الجواهر المضية، ولسان الميزان. و «النّوحي» بضم النون، نسبة(36/447)
وتُوُفّي النّوُحيّ سنة إحدى وثمانين.
قال السَّمْعانيّ: روى لنا عنه: إسماعيل بن أبي الفضل النّاصحيّ. وكتب لي بالإجازة، وقال: شيوخي خمسمائة وخمسون رجلًا.
قال ابن السَّمْعانيّ: ولمّا وافَيْت من سَمَرْقَنْد، استعرْتُ عدَّة كُتُب ممّا جمعه وصنّفه، فرأيت فيها أوهامًا كثيرة، خارجة عَن الإحصاء، فعرفت أنّه كان ممّن أحبّ الحديث وطلبه، ولم يُرْزَق فَهمه [1] .
وكان له شِعْر حَسَن على طريقة الفُقهاء والحكماء.
وتُوُفّي في ثاني عشر جُمَادَى الأولى.
ومولده سنة إحدى أو اثنتين وستّين وأربعمائة [2] .
قلت: روى عنه كتاب «القَنْد [3] في ذكر علماء سَمَرْقَنْد» أبو بكر محمد بن محمد بن عليّ البغداديّ الأديب، وأبو القاسم محمود بن عليّ النَّسَفيّ.
ومن شِعْره:
كم ساكتٍ أبلغ من ناطقٍ ... وراجِل أشجعُ من فارسِ
ولاحق يسبق عُربًا مَضَوْا ... بفضل دِينٍ، وهو من فارس [4]
__________
[ () ] إلى نوح أحد أجداده.
[1] وقال ابن السمعاني في (التحبير 1/ 527، 528) : إمام، فقيه، فاضل، عارف بالمذهب، والأدب صنّف التصانيف في الفقه والحديث، ونظم الجامع الصغير وجعله شعرا، وأما مجموعاته في الحديث فطالعت منها الكثير وتصفّحتها، فرأيت فيها من الخطأ وتغير الأسماء وإسقاط بعضها شيئا كثيرا وأوهاما غير محصورة، ولكن كان مرزوقا في الجمع والتصنيف ...
كتب إليّ الإجازة بجميع مسموعاته ومجموعاته، ولم أدركه بسمرقند حيا. وحدّثني عنه جماعة، وإنّما ذكرته في هذا المجموع لكثرة تصانيفه وشيوع ذكره، وإن لم يكن إسناده عاليا، وكان ممّن أحبّ الحديث وطلبه، ولم يُرْزَق فَهمه. وكان له شعر حسن مطبوع على طريقة الفقهاء والحكماء.
[2] التحبير 1/ 529.
[3] في الأصل: «الفند» بالفاء. وهو خطأ. و «القند» : بفتح القاف وسكون النون. معناه: العسل.
[4] وانظر بعض شعره في: معجم الأدباء 16/ 71، وعيون التواريخ 12/ 375.(36/448)
- حرف الكاف-
336- كُوخان [1] .
ملك الخِطَا [2] والتُّرك.
كان مليح الشَّكل، حَسَن الصّورة، عظيم الهيبة، كامل الشّجاعة.
قاد الجيوش، وسار في ثلاثمائة ألف فارس، وهزم السّلطان سَنْجَر، وتملَّك سمرقند وما وراء النّهر في العام الماضي، فما أمهله الله تعالى، وعجّل بروحه إلى النّار في رجب سنة سبْع [3] .
وكان لَا يمكّن، أميرًا من إقطاع، بل يعطيهم من خزائنه ويقول: متى أخذوا الإقطاع ظلموا النّاس. وكان لا يقدّم أميرًا على أكثر من مائة فارس، حتّى لَا يقدر على العصيان.
وكان يشدّد في النَّهي عَن الظُّلْم، ويُعاقب على السُّكر، ولا ينهى عَن الزّنا ولا يقبّحه.
وتملّك بعده ابنةٌ له، فلم تَطُلْ مدّتُها، وتملَّك بعدها أُمّها زوجة كُوخان، وحكمت أمَّة الخِطا على ما وراء النَّهر، إلى أن أخذ البلاد منهم علاء الدّين بن محمد الخُوَارَزْميّ سنة اثنتي عشرة وستّمائة.
- حرف الميم-
337- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن أحمد [4] .
__________
[1] انظر عن (كوخان) في: الكامل في التاريخ 11/ 81، 82، 85، 86، وزبدة التواريخ 185- 187 وفيه: «كورخان» ، وتاريخ دولة آل سلجوق 179، وذيل تاريخ دمشق 277، والمختصر في أخبار البشر 3/ 15، 16، ودول الإسلام 2/ 56، والعبر 4/ 103، وسير أعلام النبلاء 20/ 127، 128 رقم 77، وتاريخ ابن الوردي 2/ 69، وعيون التواريخ 12/ 375، 376، وتاريخ ابن خلدون 4/ 396، 397، والنجوم الزاهرة 5/ 268، 272، وشذرات الذهب 4/ 115، وأخبار الدول 2/ 483.
[2] الخطا: اسم يطلق على بلاد الصين بأجمعها.
[3] انظر: الكامل في التاريخ 11/ 83- 86، وتاريخ ابن خلدون 4/ 396، 397.
[4] انظر عن (محمد بن أحمد البسطامي) في: التحبير 2/ 69 رقم 671، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 30 ب.(36/449)
أبو بكر البسْطامي، ثمّ النَّيْسابوريّ، البزّاز.
سمع الكثير من: الفضل بن المحبّ، فمن بعده.
قال السَّمْعانيّ [1] : أثبت عنه «مناقب البخاريّ» محمد بن أبي حاتم البخاريّ، بروايته عَنْ أبي بكر بن خَلَف [2] .
مات بسَرْخَس.
338- محمد بْن الحُسَيْن بْن أحمد بْن يحيى بْن بِشْر [3] .
أبو بكر الأنصاريّ، المَيُورقيّ. نزيل غَرْناطة.
روى عن: أبي عليّ بن سكّرة.
وحجّ، وسمع من: أبي عَبْد اللَّه الرّازيّ، وأبي بكر الطُّرْطُوشيّ بالإسكندرية. وكان فقيهًا صالحًا، محدَّثًا، ظاهريّ المذهب، يغلب عليه الزُّهْد والصّلاح.
روى عنه: أبو بكر بن رزق، وأبو عبد الله بْن عبد الرحيم بْن الفَرَس، وابنه عبد المنعم.
وهرب في الآخر لبَجّاية من صاحب المغرب بعد أن حَمل إليه هود أبو العبّاس بن العريف، وأبو الحلم بن بَرَّجان.
وبقي إلى هذا العام.
339- محمد بن الحسين بن عمر [4] .
أبو بكر الأُرْمَويّ [5] ، الأذربيجانيّ، الفقيه الشّافعيّ [6] .
__________
[1] في التحبير 2/ 69.
[2] وقال ابن السمعاني: كان شيخا سديد السيرة، مكثرا من الحديث ... كتبت عنه بنيسابور، ومن جملة ما كتبت عنه كتاب «البينونة الصغيرة» لأبي العباس السراج، بروايته عن المحبّ، عن الخفّاف، عنه ... وكان يتردّد في بلاد خراسان.
[3] انظر عن (محمد بن الحسين) في: تكملة الصلة لابن الأبّار.
[4] انظر عن (محمد بن الحسين الأرموي) في: المنتظم 10/ 105 رقم 146 (18/ 29 رقم 4094) ، والأنساب 1/ 191.
[5] الأرموي: بضم الألف، وسكون الراء، وفتح الميم، وفي آخرها واو. نسبة إلى أرميّة، وهي من بلاد أذربيجان. (الأنساب) .
[6] قال ابن الجوزي: وكان ببغداد رجل يقال له محمد بن الحسين الأرموي، فاشتبه الاسمان، فترك هو الرواية تحرّجا.(36/450)
كان عارفًا بالمذهب، تفقه على الشيخ أبي إسحاق.
وسمع من: أبي الحسين بن النقور، وطبقته.
قال ابن السَّمْعانيّ: كان جميل السيرة. مرضيّ الطريقة، غير أنه كان ببغداد فقيه آخر يقال له محمد بن الحسين الأرمويّ أبو بكر الفقيه، فاشتبه اسمه مع اسمه فتحرَّج عَن الرواية وامتنع، ودخلتُ عليه داره بدرب السلسلة ببغداد وسألته عَنْ مولده فقال: دخلت بغداد في سنة خمس وستين وأربعمائة. وما تحقَّق مولده.
تُوُفّي في سابع المحرَّم، وهو في عشر المائة.
علّق عنه أبو المعمّر الأنصاريّ.
340- محمد بن خَلَف بن موسى [1] .
أبو عبد الله الأنصاريّ، الأندلُسيّ، الألْبيريّ، المتكلّم، نزيل قُرْطُبة.
روى عَنْ: أبي بكر محمد بن الحَسَن المُراديّ، ويوسف بن موسى الكلْبيّ.
ذكره الأَبّار فقال: كان حافظًا لكُتُب الأُصول والاعتقادات، واقفًا على مذهب أبي الحَسَن الأشْعريّ وأصحابه، مع المشاركة في الأدب.
وله كتاب «النُّكَت والأمالي في النَّقْض على الغزاليّ» ، ورسالة «الانتصار» على مذهب أئمَّة الأخبار، وكتاب «شرح مُشْكل ما في الموطَّأ وصحيح البخاريّ» .
وحدَّث عنه: أبو الوليد بن خير، وأبو إسحاق بن قُرْقُول، وأبو عبد الله بن الصَّيْقَل، وأبو خالد المَرْوانيّ.
وذكر ابن الصَّيْقَل أنّ له رواية عن ابن الطّلّاع.
__________
[1] انظر عن (محمد بن خلف) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 173، والوافي بالوفيات 3/ 46، والديباج المذهب 313، ومعجم المؤلفين 9/ 286.(36/451)
وقال المَرْوانيّ: وُلِد في سنة سبْعٍ وخمسين وأربعمائة، وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة سنة سبْعٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى.
341- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَد بن المهتديّ باللَّه [1] .
الخطيب، أبو الفضل الهاشميّ، العبّاسيّ، البغداديّ.
ولد سنة تسع وأربعين وأربعمائة.
وسمع: ابا الغنائم بن المأمون، وأبا الحسين بن المهتديّ، واحترق سماعه منهما.
وحدَّث عَنْ: أبي الحسين بن النَّقُّور، وعبد الله بن الحَسَن الخلّال، وأبي القاسم بن البُسّريّ [2] ، وجدّه طاهر بن الحسين القوّاس، وطِراد الزَّيْنبيّ.
وحدَّث.
وكان خطيب جامع القصر، صالح، خيّر. سرد الصَّوم نيَّفًا وخمسين سنة [3] .
قال: سمعت من: أبي المأمون، وابن المهتديّ باللَّه، لكن احترقت كُتُبي.
قلت: قرأ القرآن على: أبي الخطّاب أحمد بن عليّ الصُّوفيّ [4] صاحب الحمّاميّ.
وتلا عليه أبو اليُمن الكِنديّ بخمس روايات.
وسمع منه هو، وابن طَبَرْزَد، وجماعة.
وتُوُفّي ثامن عشر جمادى الأولى.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الله بن أحمد) في: المنتظم 10/ 105 رقم 147 (18/ 29 رقم 4095) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 182، ومعرفة القراء الكبار 1/ 488، 489 رقم 434، وسير أعلام النبلاء 20/ 115، 116 رقم 70، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 15، 16، وغاية النهاية 2/ 176، رقم 3147، وعقد الجمان (مخطوط) 16/ 133، 134، والنجوم الزاهرة 5/ 273.
[2] تصحّفت في (غاية النهاية 2/ 176) إلى «البشري» بالشين المعجمة.
[3] المنتظم 10/ 105.
[4] في الأصل: «الصولي» .(36/452)
342- محمد بن محمد بن المسلَّم بن هلال [1] .
أبو الفضل الأزْديّ، الشاهد، المعدَّل، الدّمشقيّ.
سمع: أبا الفتح المقدسيّ، وسهل بن بشر الإسْفَرَائينيّ، وعبد الكريم الكَفَرْطابيّ.
ثمّ أكثر هو عنهم، وحصل الكُتُب النّفيسة.
وذكر أخوه عبد الواحد أنّه ولد سنة أربع وثمانين وأربعمائة.
343- محمد بن محمد بن عليّ بن جناح [2] .
أبو الغنائم الكوفيّ، الهَمَذَانيّ، المعدَّل.
قدم من هَمَذَان، وسمع: أبا البقاء بن الحبّال بالكوفة، وأبا الحَسَن بن العلّاف.
قال ابن السَّمْعانيّ: كتبت عنه يسيرًا، وكانت الألسنة متّفقة على شُكْره وتُوُفّي في أوائل شوّال.
344- محمد بن عبد الرحمن بن سيد بن مَعْمَر [3] .
أبو عبد الله المَذْحَجِيّ، المالقيّ.
روى عَنْ: أبيه، وابن المطرّف الشَّعْبيّ، وأبي عبد الله بن خليفة القاضي، وأبي عبد الله محمد بن فَرَج، وأبي مروان بن سِرَاج، وأبي عليّ الغسّانيّ.
قَالَ ابن بَشْكُوال: كَانَ من أهل العلم والفضل والدّين والعفاف. أخذ النّاس عنه، وأجاز لي.
وتُوُفّي في أواخر ذي الحجَّة.
345- مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن عَلِيّ بْن عَبْد العزيز بن عليّ بن حسين بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الوليد بن القاسم بن الوليد [4] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد بن المسلّم) في: تاريخ دمشق لابن عساكر.
[2] لم أجده. ولعلّه في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .
[3] انظر عن (محمد بن عبد الرحمن) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 587، 588 رقم 1290، وبغية الملتمس للضبيّ 101، 102 رقم 195.
[4] انظر عن (محمد بن يحيى) في: التحبير 2/ 250، 251 رقم 906، وتاريخ دمشق، ومختصر(36/453)
القاضي أبو المعالي، ابن القاضي أبي المفضّل المقدسيّ، الدمشقيّ، الفقيه الشّافعيّ، المعروف بابن الصّائغ قاضي دمشق.
سمع: أبا القاسم المصِّيصيّ، وأبا عبد الله بْن أَبِي الحديد، وأبا الفتح المقدسيّ، وأبا محمد بن البريّ، وعبد الله بن عبد الرّزّاق، وطائفة بدمشق.
وأبا الحَسَن الخلعيّ، ومحمد بن عبد الله بن داود الفارسيّ بمصر.
وعلي بن عبد الملك الدَّبِيقيّ الفقيه بعكّا.
وتفقه على أبي الفتح المقدسيّ، وناب عَنْ والده في القضاء لمّا حجّ أبوه سنة عشر، ثمّ استقلّ بالقضاء لمّا كبر أبوه، وبعد موته. وهو خال الحافظ ابن عساكر، قال فيه [1] : كان نزِهًا، عفيفًا، صليبًا في الحكم. ولد في أوائل سنة سبع وستّين وأربعمائة، ومات في ربيع الأوّل، ودُفِن عند أبيه بمسجد القدم [2] .
قلت: روى عَنْهُ: الحافظ ابن عساكر [3] ، وابنه القاسم، وأبو سعد السَّمْعانيّ، وطرخان بن ماضي التَّيْميّ، ثمّ الشّاغوريّ، الفقيه، وطائفة آخرهم موتًا أبو المحاسن محمد بن أبي لُقْمَة.
وكان يُلقَّب بالقاضي المُنْتَخَب [4] . وهو والد القاضي الزَّكيّ.
قال السَّمْعانيّ [5] : كان محمودًا، حَسَن السّيرة، شفُوقًا على المسلمين، وَقُورًا، حَسَن المنظر، متودِّدًا. سمعت منه اثنتي عشر جزءًا من حديث القاضي الخلعيّ [6] .
__________
[ () ] تاريخ دمشق لابن منظور 23/ 337 رقم 359، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 277، والعبر 4/ 103، والإعلام بوفيات الأعلام 220، وسير أعلام النبلاء 20/ 137، 138 رقم 82، وعيون التواريخ 12/ 373، 374، ومرآة الجنان 3/ 268، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 142، وملخص تاريخ الإسلام (مخطوط) 8/ ورقة 31 ب، والنجوم الزاهرة 5/ 272، وشذرات الذهب 4/ 116.
[1] في تاريخ دمشق، ومشيخته 219 ب.
[2] القدم: قرية تقع جنوبي دمشق بعد حيّ الميدان. انظر: (ثمار المقاصد في ذكر المساجد 244، 245) .
[3] في مشيخته 219 ب.
[4] تحرّفت في (العبر 4/ 103، وملخص تاريخ الإسلام 31 ب) إلى: «المنتخب» .
[5] في التحبير 2/ 250.
[6] عبارته في التحبير: حسن السيرة، محمود الولاية، قصير اليد عن أموال المسلمين، مشفقا(36/454)
346- المبارك بن أحمد بن محمد بن النّاعورة [1] .
أبو المكارم الجحدريّ [2] ، البغداديّ، المقرئ، ويُعرف بابن أبي الحجر.
قَالَ ابن السَّمْعانيّ: شيخ صالح، خيِّر، حَسَن السّيرة، رضيّ الوجه.
قرأ القرآن على أبي الخير المبارك العسّال، وختم [على] جماعة.
وحدَّث عَنْ: رزق الله التّميميّ، وطِراد الزَّيْنبيّ.
روى عنه: ابن السَّمْعانيّ، وغيره.
تُوُفّي في ربيع الأوّل.
347- مسعود بن محمد بن حسان بن سعيد [3] .
أبو سعيد المَنِيعيّ [4] ، المخزوميّ، المَرْوَرَّوْذِيّ.
حاز قَصَب السَّبق في الصَّدَقة والبِرّ، وإيصال النَّفع إلى المسلمين، وهو من بيت حشمة وتقدُّم.
سمع من: عمّه عبد الرّزّاق بن حسّان، وغيره.
وكانت الألسنة متّفقة على الدّعاء له والثّناء عليه، من كثرة ما أنفق من الأموال في حجّته.
ولد في حدود السّبعين وأربعمائة بمروالرّوذ، ومرض بمَرْو، فحُمِل مريضًا إلى بلده. وتُوُفّي في شوّال. وكان يقال له: الأمير.
__________
[ () ] عليهم، ساكنا، وقورا، متواضعا، متودّدا، حسن المنظر، رحل إلى ديار مصر في سنة تسع وثمانين، وسمع بدمشق ... كتبت عنه بدمشق. ومن جملة ما كتبت عنه: «فوائد الخلعي» في اثنى عشر جزءا سبعة من انتقاء أحمد الشيرازي، وخمسة انتقاء أبي الفضل المقدسي عليه، وغير ذلك من الأجزاء المنثورة العالية. وكانت ولادته ببلدة دمشق في أحد الربيعين من سنة سبع وستين وأربعمائة.
[1] لم أجده، ولعلّه في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .
[2] هكذا في الأصل. ولم أجدها في الأنساب.
[3] ذكر ابن السمعاني جدّه (حسان بن سعيد) في (الأنساب 11/ 509، وعمّه (عبد الرزاق) 11/ 510، والمرجّح أن صاحب الترجمة مذكور في (شيوخ ابن السمعاني) .
[4] المنيعي: بفتح الميم، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، وفي آخرها العين المهملة، هذه النسبة إلى منيع، وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه.(36/455)
348- مُفْلِحُ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عُبَيد اللَّه بن عليّ [1] .
أبو الفتح الدُّوميّ [2] ، ثمّ البغداديّ، الورّاق.
ولد سنة سبع وخمسين وأربعمائة.
وسمع من: أبي بكر الخطيب، وأبي محمد بن هَزَارْمَرد الصَّرِيفينيّ، وأبي الحسين بن النَّقُّور، وأبي القاسم بن البُسْريّ، وغيرهم.
قال ابن السَّمْعانيّ: كتب عنه الكثير، وكان شيخًا لَا بأس به. كان يقعد في قطيعة الفُقهاء بالكَرْخ، ويكتب الرّقاع بالأُجرة.
وسمعتُ أنّه جمع مالًا كثيرًا ودفنه، فورثه ابنه مُنْجِح، وكان حريصًا.
وتُوُفّي في ثاني عشر المحرَّم.
قلت: روى عنه: ابن عساكر [3] ، وابن طَبَرْزَد، ويوسف بن المبارك، وابن محمد بن السياريّ.
وذكر ابن النّجّار أنّه من ذرّية خالد بن الوليد المخزوميّ رضي الله عنه، وآخر أصحابه تُرْك بن محمد العطّار.
349- موسى بن عليّ بن قدّاح [4] .
أبو الفضل البغداديّ، الخيّاط، المعروف بن حاجبك [5] .
سمع: عبد الله بن عليّ الدّقّاق، وابن طلحة النّعّال، وجماعة.
روى عنه: ابن عساكر، وابن السّمعانيّ.
__________
[1] انظر عن (مفلح بن أحمد) في: التقييد لابن نقطة 462 رقم 617، والاستدراك، له (مخطوط) ورقة 178، والإعلام 220، والمعين في طبقات المحدّثين 158 رقم 1712، وسير أعلام النبلاء 20/ 165، 166 رقم 100، والعبر 4/ 103، وعيون التواريخ 12/ 376، والنجوم الزاهرة 5/ 273، وشذرات الذهب 4/ 116.
[2] الدّوميّ: بالدال المهملة المضمومة، نسبة إلى دومة الجندل. (الإكمال 3/ 370، 371 بالحاشية) . وقد تحرّفت هذه النسبة في (العبر، والنجوم الزاهرة، وشذرات الذهب) إلى:
«الرومي» بالراء.
[3] في مشيخته، ورقة 245 أ.
[4] انظر عن (موسى بن علي) في: مشيخة ابن عساكر، ومعجم شيوخ ابن السمعاني.
[5] هكذا في الأصل.(36/456)
- حرف الياء-
350- يحيى بن هَمّام بن يحيى [1] .
أبو بكر السَّرَقُسْطيّ، الكاتب المعروف بابن أرزق [2] .
كان بارع الكتابة، أديبًا، نبيهًا.
كتب مع أبيه للمستعين بن هود، ثمّ كتب ليوسف بن تاشفين صاحب الأندلُس والمغرب، وابنه عليّ. واستدعاه عليّ بن يوسف إلى مَراكُش سنة 35، وتوفّي بقرطبة.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن همام) في: بغية الملتمس للضبيّ 510 رقم 1497.
[2] في الأصل: الرزاق.(36/457)
سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة
- حرف الألف-
351- أحمد بن الحسين بن محمد بن الحسين [1] .
أبو سعيد الكُنْدريّ [2] ، الإسْفَرَائينيّ، الأديب، من أولاد الفُضَلاء.
قال ابن السَّمْعانيّ: لقِيته بجَوْسَقَان إسْفَرَايِن، وقد شاخ وناطَح التّسعين، وتغيّر، واختلّ حاله.
كتبت عنه يسيرا من الحديث وشعرا لوالده.
مولده سنة خمس وخمسين وأربعمائة.
وتُوُفّي في آخر العام.
قال: وكان أديبًا، فاضلًا، عُمّر، وافتقر، وكان مشتغلًا بالعلم. حكى أنّه كان يصْحَب الصُّوفية، ويتكتَّم من كتابة الحديث قال: فسقطت منّي دواةٌ، فقال صوفيّ: أستر عورتك.
سمع: أبا إسحاق الشّيرازيّ، وفاطمة بنت الدّقّاق، وجماعة.
352- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن ينال [3] .
أبو منصور الأصبهانيّ، الصُّوفيّ، المعروف بالتّرك.
شيخ مسِن مُعَمِّر، أفنى عمره في خدمة الصّوفيّة. وله رباط بأصبهان.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن الحسين) في: الأنساب 10/ 484.
[2] الكندريّ: بضم الكاف وسكون النون وضمّ الدال وكسر الراء المهملتين. هذه النسبة إلى بيع الكندر، وهو العلك. وإلى قريتين. الأولى: كندر قرية بالقرب من قزوين. والثانية من أعمال طريثيث ومنها صاحب الترجمة.
[3] تقدّم في وفيات سنة 536 هـ. برقم (266) .(36/458)
سمع: عبد الجبّار بن برزة الرّازيّ الواعظ، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وجماعة من أصحاب المَرْزُبان الأبهريّ، وابن خُرَّشِيذ قُولَه.
روى عنه: ابن السَّمْعانيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وغيرهما.
تُوُفّي في صَفَر.
وقال السَّمْعانيّ: [تُوُفّي] سنة ستٍّ عَنْ بضعٍ وثمانين سنة.
353- أحمد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن خالد [1] .
أبو سعد الخطيب.
شيخ صالح، عالم، من أهل شَرْمَقَان [2] ، وهي بُلَيدة بقرب إسْفَرَاين.
سمع بنَيْسابور من: أبي تُراب عبد الباقي المَرَاغيّ، وبجُرْجان من [أبي القاسم إبراهيم] [3] بن عثمان الخَلَّاليّ.
روى عنه: أبو سعد السَّمْعانيّ.
وعاش ستًا وسبعين سنة [4] .
354- أَحْمَد بْن هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الدّيناري [5] .
أبو المنصور.
من أهل درب القيّار [6] .
روى عَن الشّريف محمد بن عبد السّلام.
وعنه: ابن كامل.
توفّي في رمضان.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد الخطيب) في: الأنساب 7/ 323، ومعجم البلدان 3/ 338.
[2] شرمقان: بفتح الشين المعجمة وسكون الراء، وفتح الميم والقاف، وفي آخرها النون. يقال لها «جرمغان» بالجيم والغين المعجمة.
[3] في الأصل بياض، والمستدرك من (الأنساب) . ووقع في (معجم البلدان) : «إبراهيم بن علي الخلّالي» . (3/ 338) .
[4] وكانت ولادته في ذي القعدة سنة 462 هـ.
[5] لم أجده.
[6] درب القيّار: محلّة كبيرة مشهورة ببغداد. (معجم البلدان 4/ 419) .(36/459)
355- إبراهيم بن أحمد بن خَلَف [1] .
أبو إسحاق السّلميّ، الفارسيّ، المحدّث. المعروف بابن فرتون.
ذكره الأَبار فقال: هو جدّ صاحبنا أبي العبّاس أحمد دخل الأندلس، وروى عَنْ: أبي عليّ الغسّانيّ، وأبي عليّ الصَّدَفيّ.
وسمع بسجلْماسة «صحيح البخاريّ» ، سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة، من بكّار بن برهول.
روى عنه: محمد بن أحمد بن منصور.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.
قلت: تُوُفّي حفيده المؤرخ الحافظ سنة 665.
356- إكز الحاجب الكبير [2] .
أسد الدّين. من كبراء دمشق. ولي الحجابة سنتين أو أكثر.
وله بدمشق مدرسة معروفة. فلمّا كان في جُمَادَى الأولى من سنة ثمانٍ قُبِض عليه، وأُخِذَت أموالُه، وسُمِلَت عيناه، وسُجِن، وتفرَّق عنه أصحابه.
- حرف الجيم-
357- جعفر بن أبي جعفر أحمد بن محمد بن رزق الأُمويّ، القُرْطُبيّ [3] .
أبو أحمد.
عُمّر دهرًا، وحدَّث عَنْ أبيه.
وأجاز له أبو العبّاس العُذريّ.
حدَّث عنه: أبو الحَسَن بن مؤمن، وأبو جعفر بن شراحيل.
وسمع منه: محمد بن عبد العزيز النّقوريّ في هذا العام. قاله أبو عبد الله الأبّار.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن أحمد) في: تكملة الصلة لابن الأبّار.
[2] انظر عن (إكز الحاجب) في: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 261، 264، 277، 295 وفيه: «أكز أسد الدين الحاجب» .
وهو في الأصل: «دكز» .
[3] انظر عن (جعفر بن أبي جعفر) في: تكملة الصلة لابن الأبار.(36/460)
- حرف الحاء-
358- الحَسَن بْن محمد بْن الحسين [1] .
الخطيب، أبو عليّ السُّلَميّ، الفارِقيّ [2] .
سمع ببغداد من: رزق التّميميّ.
وعنه: السَّمْعانيّ، وابن عساكر.
مات في ربيع الآخر.
359- الحسين بن حَمْد بن محمد بن عمروَية [3] .
أبو عبد الله، شيخ الشّافعيَّة بأصبهان.
سمع: أبا عليّ بن زياد، وأبا بكر بن ماجة.
روى عنه: السَّمْعانيّ [4] .
مات في عَشر الثّمانين في ذي القعدة.
360- حفّاظ بن الحَسَن [5] .
أبو الوفا الغسّانيّ، الدمشقيّ، المعروف بابن نصف الطّريق [6] .
سمع من: عليّ بن طاهر النَّحويّ.
قال أبو القاسم بن عساكر [7] : قرأت عليه أشياء بإجازة عبد العزيز الكتّانيّ
__________
[1] انظر عن (الحسين بن محمد) في: مشيخة ابن عساكر، ومعجم شيوخ ابن السمعاني.
[2] الفارقيّ: بفتح الفاء والراء المكسورة بينهما الألف وفي آخرها القاف. هذه النسبة إلى ميافارقين.
[3] انظر عن (الحسين بن حمد) في: التحبير 1/ 231 رقم 135، ومعجم الشيوخ لابن السمعاني، ورقة 90 ب، 91 أ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 74، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 214.
[4] وهو قال: العمروي، من أهل أصبهان، فقيه الشافعية. كان إماما فاضلا، مناظرا، حسن السيرة، متودّدا ... كتبت عنه بأصبهان. وكانت ولادته في حدود سنة ستين وأربعمائة.
[5] انظر عن (حفّاظ بن الحسن) في: تاريخ دمشق لابن عساكر، والتحبير 1/ 259، 260 رقم 176، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 199 رقم 187، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 33 أ.
[6] ذكر أن سبب تلقيب جدّهم الأعلى بنصف الطريق أنه خرج مع جبلة بن الأيهم طالبا قسطنطينية للارتداد، ثم تفكر وندم وعاد من نصف الطريق.
[7] وقال: كان حفّاظ شيخا مستورا.(36/461)
المُطْلَقَة [1] .
361- حكيم بن إبراهيم بن حكيم [2] .
الفقيه الدَّرْبَنْديّ.
تفقه على أبي حامد الغزَّاليّ ببغداد.
وسمع بمَرْو من الموفَّق بن عبد الكريم الهَرَويّ.
تُوُفّي في شوّال ببُخارَى.
- حرف الدال-
362- داود بن محمود بن محمد بن ملك شاه [3] .
السّلطان السَّلْجوقيّ.
قُتِلَ غِيلةً، ونجا الّذين قتلوه، فلم يقع على خبرهم.
- حرف السين-
363- سليمان بن محمد بن حسين بن محمد [4] .
أبو سعد البَلَديّ، المتكلِّم، المعروف بالكافي، الكرْجيّ [5] ، بالجيم، قاضي الكرج.
تفقه بأصبهان على أبي بكر محمد بن ثابت الخجنديّ [6] .
__________
[1] وقال ابن السمعاني: شيخ صالح حسن ... أجاز جميع مسموعاته لأهل دمشق. وهذا الشيخ كان من جملتهم، فقرأت عليه أحاديث عنه، وكانت ولادته في حدود سنة ستين وأربعمائة أو بعدها بقليل. (التحبير) .
[2] لم أجده.
[3] انظر عن (داود بن محمود) في: الكامل في التاريخ 10/ 669، 674، 681، 686 و 11/ 25، 27، 36، 37، 41، 46، 47، 60، 61، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 230، 238، 256، 259، 261، 277، وبغية الطلب (التراجم الخاصة بتاريخ السلاجقة) 256، 257، 375، ومآثر الإنافة 2/ 26، 33، 34، وزبدة التواريخ 195، 197، 199، 200- 202، 208، 211، 212، 215، 216، 219، 220، 230، 255، وتاريخ دولة آل سلجوق 179.
[4] انظر عن (سليمان بن محمد) في: التحبير 1/ 312 رقم 250، والأنساب 477 ب، والمشتبه في الرجال 2/ 546، 547، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 95.
[5] زاد في (التحبير) : «القصاري» ، وفي (الأنساب) : «القصار» .
[6] . الخجنديّ: بضم الخاء وفتح الجيم وسكون النون، وكسر الدال المهملة. وقد تقدّم التعريف(36/462)
وسمع: أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن أحمد بْن ماجة الأَبهَريّ، وأبا سهل غانم بن محمد الحافظ.
وبرع في الفِقْه، والأصول، والخلاف. واشتهر بحُسْن الإيراد، وقوة المناظرة والتّحقيق.
وقدِم بغداد بعد العشرين وخمسمائة، وبحث مع أسعد المِيهَنيّ في مسائل.
أخذ عنه: ابن السَّمْعانيّ نسخة لُوَيْن [1] . وقال: له سمْتٌ ووقار.
وتُوُفّي في سنة سبْعٍ، وعندي في نسخة أخرى سنة ثمانٍ وثلاثين [2] ، في ذي القعدة.
وقال ابن الجوزيّ [3] : سنة سبْعٍ، ومولده سنة ستّين.
- حرف الشين-
364- شيبان بن عبد الله بن شيبان بن عبد الله بن أحمد [4] .
أبو سعيد الأَسديّ، الأصبهانيّ، المحتسب، المؤدّب، الملقِّن، الرجل الصّالح.
سمع: إبراهيم بن محمد الطّيّان، وابن ماجة، وجماعة.
روى عنه: السَّمْعانيّ [5] ، وقال: مات في رمضان [6] .
وجدّه شَيبان، سمع من الحافظ ابن مندة.
__________
[ () ] بهذه النسبة.
[1] في داره بالكرج، بروايته عن ابن ماجة. وسمعت منه أحاديث غير ذلك. وكانت ولادته تقديرا في حدود سنة ستين وأربعمائة.
[2] هكذا في التحبير 1/ 312.
[3] في المنتظم.
[4] انظر عن (شيبان بن عبد الله) في: التحبير 1/ 330 رقم 272، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 33 ب.
[5] وقال في (التحبير) : كان شيخا صالحا، عالما، يعلّم الصبيان القرآن، من أولاد المحدّثين.
والده أبو محمد كان ممّن يفهم الحديث ويعرفه، وخرّج لابنه شيبان هذا فوائد في جزء عن الشيوخ الذين سمّعه عنهم.
[6] وكانت ولادته في حدود سنة سبعين وأربعمائة، أو بعدها.(36/463)
- حرف الصاد-
365- صافي الأرمنيّ [1] .
أبو الحَسَن، عتيق قاضي القُضاة أبي عبد الله الشّهْرسْتانيّ.
سمع من: الفقيه نصر المقدسيّ.
روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم.
وكان خيّرًا كثير الصّلاة [2] .
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل.
- حرف العين-
366- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن محمد [3] .
المَرْسِيّ، ثمّ السَّبْتيّ، النَّفْزيّ، خطيب سبْتَة.
سمع من حَجّاج بن قاسم «صحيح البخاريّ» ، عَنْ أبي ذَرّ الهَرَويّ.
وسمع من: أبي مروان بن سراج.
وكان صالحًا ديِّنًا، كثير الذَّكْر للَّه تعالى، أثنى عليه القاضي عِياض، ووثَّقه.
أخذ عنه النّاس. وكان مولده في سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة [4] .
وتوفّي بقرطبة في ربيع الآخر [5] .
__________
[1] انظر عن (صافي الأرمني) في: التحبير 1/ 339، 340 وفيه: «صافي بن عبد الله النجمي الدمشقيّ» ، ومعجم الشيوخ لابن السمعاني، ورقة 124 أ، وتاريخ دمشق لابن عساكر، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 11/ 23 رقم 12، وتهذيب تاريخ دمشق 6/ 363.
[2] وقال ابن السمعاني: كان شيخا سديد السيرة.
[3] انظر عن (عبد الله بن محمد المرسي) في: الغنية للقاضي عياض 156، 157 رقم 59، والصلة لابن بشكوال 1/ 296 رقم 650، وبغية الملتمس للضبيّ، رقم 897، ومعجم أصحاب الصدفي 214 رقم 198.
[4] الصلة 1/ 296.
[5] قال القاضي عياض: أخبرنا- رحمه الله- قال: أنشدني الفقيه أبو بكر محمد بن علي الجوزي خالك:
يا من عدا ثم اعتدى ثم اقترف ... ثم ارعوى ثم انتهى ثم اعترف
أبشر بقول الله في تنزيله: ... إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ 8: 38(36/464)
روى عنه: ابن بَشْكُوال.
367- عبد الخالق بن عبد الصمد بن علي بن الحسين بن عثمان بن البَدِن [1] .
أبو المعالي الصّفّار.
شيخ بغداديّ، متسبّب، صالح، ديَّن، ثقة. قيّم بكتاب الله، كثير البكاء من خشية الله.
سمع الكثير، وذهبت أصوله في الحريق.
سمع: الحسين بْن المهتديّ باللَّه، وعبد الصّمد بْن المأمون، وأبا جعفر ابن المسلمة، وابن النَّقُّور، وجماعة.
قال ابن السّمعانيّ: قرأت عليه الكثير، وولد سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة [2] . وتُوُفّي في أحد الربيعين.
قلت: وروى عنه: ابن عساكر [3] ، وابن الجوزيّ [4] ، وعمر بن طَبَرْزَد، وجماعة.
قال ابن نُقطة: ثنا عنه أبو أحمد بن سُكَيْنَة.
368- عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن بن محمد [5] .
أبو زيد الخَزْرجيّ، القُرْطُبيّ، المقرئ. من كبار القُرّاء بقُرْطُبة.
تصدَّر للإقراء بالجامع. وكان قد أخذ القراءات عَنْ: أَبِي جَعْفَر أَحْمَد بْن عبد الرحمن الخزرجيّ، وأبي الأصبغ عيسى بن خيرة.
__________
[ () ] (الغنية 157) .
والشطر تضمين للآية 38 من سورة الأنفال قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ 8: 38.
[1] انظر عن (عبد الخالق بن عبد الصمد) في: المنتظم 10/ 109 رقم 105 (18/ 34 رقم 4098) ، والعبر 4/ 103، 104، وتذكرة الحفاظ 4/ 1283، وسير أعلام النبلاء 20/ 60 رقم 36، وشذرات الذهب 4/ 116.
[2] وكذا ورّخ ابن الجوزي مولده.
[3] في مشيخته 105 أ.
[4] وهو قال: وكان سماعه صحيحا، وكان عبدا صالحا سريع الدمعة.
[5] انظر عن (عبد الرحمن بن علي) في: غاية النهاية 1/ 375 رقم 1591.(36/465)
روى عنه: يحيى بن عبد الرحمن المجرْيطيّ، وعبد الحقّ بن محمد الخَزْرجيّ، وأبو الحَسَن عليّ الشَّقُوريّ.
ولم تُضْبَط وفاتُه، ولكنه أجاز لبعض النّاس في هذه السنة [1] .
369- عبد الوهّاب بن المبارك بن أحمد بن الحَسَن بن بُنْدار [2] .
الحافظ، أبو البركات الأنْماطيّ، مفيد بغداد.
سمع الكثير، وحصّل العالي والنّازل، وما زال يسمع، ويفيد، ويجمع إلى آخر عُمره.
وُلِد في رجب سنة اثنتين وستّين وأربعمائة [3] .
وسمع: أبا محمد الصَّريْفينيّ، وأبا الحُسَيْن بْن الَّنُّقور، وأبا القاسم عبد العزيز الأنْماطيّ، وأبا القاسم بن البُسْريّ، وأبا نصر الزَّيْنبيّ، وأبا الغنائم بْن أبي عثمان، وعاصم بن الحَسَن، فمَن بعدهم.
وقرأ على أبي الحسين بن الطُّيُوريّ جميع ما عنده.
روى عنه: ابن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو سعد السَّمْعانيّ، وابن الجوزيّ، وعبد الوهّاب ابن سُكَيْنة، وعمر بن طَبَرْزَد، ويوسف بن كامل، وعبد العزيز الأخضر، وعبد الواحد بن سعد الصّفّار، وأحمد بن أزهر، وعبد العزيز بن مينا، وعبد العزيز بن زهر، وأحمد الدّبيقيّ [4] ، وخلق آخرهم عبد الرحمن بن
__________
[1] وقال ابن الجزري: مات في حدود الأربعين وخمسمائة، وهو في عشر الثمانين.
[2] انظر عن (عبد الوهاب بن المبارك) في: صفة الصفوة 2/ 498، والمنتظم 10/ 108، 109.
رقم 149 (18/ 33، 34 رقم 4097) ، ومناقب الإمام أحمد 529، والكامل في التاريخ 11/ 96، والتقييد لابن نقطة 371، 372 رقم 475، وتذكرة الحفاظ 4/ 1282- 1284، والإعلام بوفيات الأعلام 221، ودول الإسلام 2/ 56، والعبر 4/ 104، وسير أعلام النبلاء 20/ 134- 136 رقم 81، ومرآة الجنان 3/ 268، 269، والبداية والنهاية 12/ 219، وعيون التواريخ 12/ 383، 384، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 201- 203، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 16/ 380- 384، وطبقات الحفاظ 464، وشذرات الذهب 4/ 116، 117 ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 124 رقم 1041.
[3] الكامل 11/ 96، المنتظم.
[4] الدّبيقي: بدال مهملة مفتوحة بعدها باء موحّدة مكسورة ثم مثنّاة تحتيّة، نسبة إلى الدّبيقية:
قرية من قرى نهر عيسى بالعراق.
وقد تصحفت النسبة في: (تذكرة الحفاظ 4/ 1282، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 203) إلى:(36/466)
أحمد بن هَديَّة [1] .
وقد روى عنه من القدماء محمد بن طاهر المقدسيّ، وغيره.
قال ابن السَّمْعانيّ: هو حافظ، ثقة، كثير السّماع، واسع الرواية، دائم البِشْر، سريع الدّمعة عند الذَّكر، حَسَن المعاشرة، مليح المجاورة، جَمَع الفوائد، وخرَّج التّخاريج. ولعلّه ما بقي من العالي والنازل جزء إلّا قرأه وحصّل نسخته، إما بخطّه، أو بخطّ غيره.
ونسخ الكُتُب الكبار مثل: «طبقات» ابن سعد، و «تاريخ» الخطيب. وكان متفرّغًا، مستعدًا للتّحديث، إمّا أن يُقرأ عليه، أو ينسخ شيئًا. وكان لَا يجوّز الإجازة على الإجازة. وجمع في ذلك شيئا.
قرأت عليه الكثير مثل «الجعديّات» ، و «مسند» يعقوب بن سفيان الفسويّ، و «مسند» يعقوب بن شَيْبة، ما كان سماعه وانتقاء ابن البقّال، على المخلّص.
وقال ابن ناصر: كان عبد الوهّاب الأنْماطيّ بقيَّة الشيوخ، سمع الكثير، وكان يفهم. وكان ثقة صحيح السّماع. ومضى مستورًا، ولم يتزوَّج قطّ.
وقال السَّلَفيّ: كان عبد الوهّاب رفيقنا حافظًا، ثقة، لديه معرفة جيدَّة.
وقال ابن الجوزيّ [2] : كنت أقرأ عليه الحديث وهو يبكي، فاستفدت ببكائه أكثر من استفادتي بروايته. وكان على طريقة السَّلَف. وانتفعت به ما لم انتفع بغيره [3] .
وذكره أبو موسى المَدِينيّ في «مُعْجمه» فقال: حافظ عصره ببغداد. تُوُفّي حادى عشر المحرّم.
370- عبيد الله بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهيم بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن إبراهيم بْن عليّ بْن سَعْدُوَيْه [4] .
__________
[ () ] «الديبقي» بتقديم الياء المثناة التحتية على الباء الموحّدة.
[1] هديّة: بالياء المثنّاة التحتية بعد الدال، كما في (تبصير المنتبه 4/ 1450) . وقد تصحّف في (تذكرة الحفاظ 4/ 1282 وذيل تاريخ بغداد 1/ 381) إلى: «هدبة» بالباء الموحّدة.
[2] في المنتظم 10/ 108 (18/ 33، 34) .
[3] وزاد ابن الجوزي: ودخلت عليه وقد بلي وذهب لحمه، فقال لي: إن الله لا يتّهم في قضائه.
[4] انظر عن (عبيد الله بن محمد) في: التحبير 1/ 383- 385 رقم 337، والأنساب 3/ 401،(36/467)
أبو الفضل ابن الشيخ أبي سهل الأصبهانيّ.
سمع: جدّه أبا نصر، والمطهّر بن عبد الواحد البُزَانيّ [1] ، وأبي منصور محمد بن عليّ بن شكرويه، وجماعة كثيرة.
ذكره أبو سعد في «الذَّيْل» فقال: سمعت منه الكثير، وهو شيخ، عالم، فاضل، عاقل، ثقة، ساكن، متميز، من بيت الحديث والتّزكية بأصبهان [2] .
تُوُفّي في ذي الحجَّة. قرأت عليه «تاريخ أصبهان» لابن مردوَيْه، يرويه عَنْ أبي الخير بن ررا، عنه [3] .
371- عتيق بن أسد بن عبد الرحمن [4] .
أبو بكر الأنصاريّ.
نشأ بمرس [ية] [5] ، وأخذ القراءات عن أبي الحسين [6] بن البياز، وغيره.
والحديث عن أبي عليّ الصَّدَفيّ فأكثر عنه.
وتفقّه بأبي محمد بن جعفر، وبرع في الفقه، وغلب عليه، وولّي قضاء شاطبة، ودانية.
__________
[402،) ] والتاريخ المجدّد لمدينة السلام، ورقة 103، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 34 أ.
[1] في الأصل: «البراني» بالراء المهملة. والتصحيح من (الأنساب 2/ 187) وفيه: البزاني: بضم الباء المنقوطة بواحدة وفتح الزاي وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى بزان وهي قرية من أصبهان.
[2] وقال في التحبير: كان يكتب لنفسه: «الراجي لعفو الله» حتى عرف به.
[3] وزاد في التحبير: وكتاب «روايات الأكابر عن الأصاغر» تصنيف أبي تراب محمد بن سهل القهستاني، يرويه عنه سليمان بن إبراهيم، عن أبي الحسين علي بن محمد بن جعفر العطار، عنه. وجزءا من حديث أيمن بن فاتك، جمع أبي بكر بن مردويه، بروايته عن سليمان، عنه، وكانت له أصول حسنة بخطوط قديمة كان يحملها إليّ بجامع أصبهان وأقرأها عليه وأردّها.
وكان ثقة، ثبتا، سديدا، متقنا، وكانت ولادته تقديرا في حدود سنة سبعين وأربعمائة، أو قبلها.
[4] انظر عن (عتيق بن أسد) في: التكملة لكتاب الصلة لابن الأبّار، رقم 1933، والمعجم للصدفي، رقم 5292، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي، السفر الخامس، ق 1/ 118، 119، ومعرفة القراء الكبار 1/ 489 رقم 435، وغاية النهاية 1/ 499، 500 رقم 2077.
[5] ما بين القوسين إضافة على الأصل.
[6] في (الذيل والتكملة 1/ 118) : «أبي الحسن» ، وفي (غاية النهاية 1/ 499) : «أبي يحيى» .(36/468)
ذكره أَبُو عَبْد الله الأبار [1] فقال: كان نسيجَ وحده في الفِقْه وجَوْدة الفتاوى، مع المشاركة في عدَّة فتون [2] .
روى عنه: أبو بكر مُفَوَّز بن طاهر، وأبو محمد بن سُفْيان، وغيرهما.
وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.
372- عليّ بْن الحسين بْن محمد [3] .
أبو الحَسَن القصْريّ، قصر كَنْكِوَرَ [4] : بين بغداد وهَمَذَان.
كان دليل الحاجّ. وحجّ نحوًا من خمسين حجَّة. وصنَّف مجموعًا حَسَنًا في مجلَّدين في معرفة طريق مكَّة.
قال ابن السَّمْعانيّ: هو شيخ لَا بأس به، مشتغل بما يعنيه. سمع: مالكًا البانياسيّ، وابن البَطِر. وكتبت عنه.
وتُوُفّي بمِنَى صبيحة عيد النَّحْر، رحمه الله.
373- عَلَى بْن طِرَاد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بن الحسن [5] .
الوزير الكبير، أبو القاسم ابن نقيب النّقباء، الكامل أبي الفوارس
__________
[1] في تكملة الصلة.
[2] وقال المراكشي: وكان فقيها متحقّقا بالفقه، وهو كان الأغلب عليه، دربا بالفتوى، بصيرا بالأحكام نافذا في المعرفة بعقد الشروط، وله فيها «مختصر» عظيم الجدوى، إلى ما كان عليه من حسن المشاركة في الحديث، والأدب، واللغة، والنحو، وقرض الشعر، والبلاغة، وإنشاء الخطب، وحفظ الأخبار. درّس الفقه وأسمع الحديث، وكان الفتيا تدور عليه وعلى أبي محمد عاشر مدّة قضاء أبي الحسن بن عبد العزيز، واستقضي بشاطبة مرتين. أولاهما من قبل أبي بكر بن أسود، ثم صرفه، وأخراهما بتقليد أبي زكريا بن غانية بعد تقديمه إيّاه للشورى. (الذيل والتكملة) .
[3] لم أجده، ولعلّه في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .
[4] كنكور: بفتح الكاف، وسكون النون، وكسر الكاف الأخرى، وفتح الواو، وآخره راء. (معجم البلدان 4/ 363) .
[5] انظر عن (علي بن طراد) في: الأنساب 6/ 346، والمنتظم 10/ 109 رقم 151 (18/ 34، 35 رقم 4099) ، وتاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 398 (وتحقيق سويم) 58، والكامل في التاريخ 11/ 97، والفخري 305، 306، والإعلام بوفيات الأعلام 221، وسير أعلام النبلاء 20/ 149- 151 رقم 90، ودول الإسلام 2/ 56، والعبر 4/ 104، ومرآة الجنان 3/ 269، والبداية والنهاية 12/ 219، وعيون التواريخ 12/ 378، 379، وذيل تاريخ بغداد (مخطوط) ، ورقة 137 أ، والنجوم الزاهرة 5/ 273، 274، وشذرات الذهب 4/ 117.(36/469)
الهاشميّ، العبّاسيّ، الزَّيْنبيّ. وزير الخليفتين المسترشد، والمقتفيّ.
ولد في شوّال سنة اثنتين وستّين وأربعمائة [1] .
وأجاز له أبو جعفر ابن المسلمة.
وسمع من: أبيه، وعمّه أبي نصر، وأبي القاسم بن البُسْريّ، ورزق الله التميمي، وجماعة.
قال ابن السَّمْعانيّ: كان صدرًا، مهيبًا، وقورًا، حادّ الفراسة، دقيق النَّظَر، ذا رأيٍ وتدبير، ومعرفة بالأمور العظام. وكان شجاعًا جريئًا. خلع الراشد الّذي استُخْلف بعد أن قُتِلَ أبوه المسترشد، وجمع النّاس على خلْعه، وعلى مبايعة المقتفيّ لأمر الله في يوم واحد. وكان النّاس يتعجّبون من ذلك.
ولم يزل أمرُه مستقيمًا، وأحواله على التّرقّي إلى أن تغيَّر عليه المقتفيّ لأمر الله، وأراد القبض عليه، فالتجأ إلى دار السّلطان مسعود بن محمد، إلى أن قدِم السّلطان بغداد، فأمر بحمله إلى داره مكرّمًا، وجلس في داره ملاصق دار الخلافة واشتغل بالعبادة.
وكان طلْق الوجه، دائم البِشْر، كثير التّلاوة والصّلاة، وكلّ من كان له عليه رسم وإدرار من القرّاء والصُّلَحاء كان يوصله إليهم بعد العزْل، إلى أن توفّاه الله تعالى حميدًا مُكرَمًا.
قرأتُ عليه الكثير من الكُتُب والأجزاء، وكنت أُلازمه، وأحضر مجلسه مرّتين في الأسبوع، أقرأ عليه. وكان يكرمني غاية الإكرام ويُخرج إليَّ الأجزاء والأصول.
وتُوُفّي في أوّل رمضان، ودُفن في داره، ثمّ نُقِل إلى تُربته بالحربيَّة سنة أربعٍ وأربعين [2] .
قلت: وروى عنه: أبو منصور مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي النَّرْسيّ، وعمر بن طَبَرْزَد، وابن سُكَيْنَة، وجماعة. وأوصى إلى ابن عمّه قاضي
__________
[1] المنتظم.
[2] المنتظم.(36/470)
القضاة عليّ بن الحسين الزَّيْنبيّ [1] .
وكان يُضرب المثل بحُسْنه في صِباه، ولأبي عبد الله البارع فيه:
قالوا: عليُّ ملك الحَسَن قد ... أقسم أنْ لَا يشربَ الخمرا
قلت: فما يصنع في ريقِهِ ... فقد حنث البدْرُ وما برّا
لو طلب الأجرَ لَما حقّق إلا ... صداع، أو ما زنّر الخصْرا
لِتَبْكِ شمسُ الرّاح من نُسْكِهِ ... فإنّها قد فارقتْ بدرا
374- عليّ بن عبد الملك بن مسعود [2] .
أبو الحَسَن الهَرَويّ الأصل، الحلبيّ المولد، البغداديّ الدّار.
وُلِد سنة 459. وسمع: أبا محمد نصر الصَّرِيفينيّ، وجماعة.
روى عنه: ابن السَّمْعانيّ، وقال: شيخ، صالح، مستور.
تُوُفّي فِي المحرَّم.
375- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن الحسين [3] .
الإمام، الأديب، أبو جعفر الفَرْغُوليّ [4] ، الدِّهِسْتانيّ، نزيل مَرْو.
مُكْثِرٌ، سمع عبد الحكيم بن عبد الحليم [5] بِدِهسْتان، وكامل بن إبراهيم
__________
[1] وقال ابن الجوزي: ولي نقابة النقباء، ولّاه المستظهر وخلع عليه ولقّبه الرضا ذا الفخرين، وهي ولاية أبيه، وركب معه، ثمّ وزر للمسترشد والمقتفي، وأبوه طراد ولي نقابة النقباء، وأبوه أبو الحسن محمد ولي نقابة النقباء وأبوه أبو القاسم علي ولي نقابة النقباء، وأبوه أبو تمّام كان قاضيا. وتقلّبت بعليّ بن طراد أحوال عجيبة من ولاية وعزل إلى أن خرج مع المسترشد وهو وزيره لقتال الأعاجم فأسر هو وأرباب الدولة ثم أطلقوا، ووصل إلى بغداد، وأشار بعد قتل المسترشد بالمقتفي، ووزر له، ثم تغيّر المقتفي عليه، فاستجار بذلك السلطان إلى أن سئل فيه وأعيد إلى بيته. (المنتظم) .
[2] لم أجده، ولعلّه في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .
[3] انظر عن (عمر بن محمد) في: الأنساب 9/ 278، 279.
[4] الفرغولي: بفتح الفاء وسكون الراء وضم الغين المعجمة. هذه النسبة إلى فرغول، قرية من قرى دهستان.
[5] في (الأنساب) : «عبد الحليم بن محمد بن عبد الحليم» ، وفي (التحبير 1/ 531) : «عبد الحليم بن محمد بن عبد الحكيم» ، وفي (معجم البلدان) : «عبد الحكيم بن عبد الحليم» كما هو مثبت أعلاه.(36/471)
بجُرْجان، وإسماعيل بن مَسْعدَة، وأبا عثمان المَحْمِيّ، وأبا بكر بن خَلَف، وخلْق بالنّواحي.
وحصّل الأُصول.
قال السَّمْعانيّ: استمليت عليه، وأكثرت عنه [1] .
مات في جُمَادَى الآخرة عَن اثنتين وثمانين سنة.
- حرف الغين-
376- غانم بن أحمد بن الحَسَن بن محمد بن عليّ الْجُلُوديّ [2] .
أبو الوفاء الأصبهانيّ.
وُلِد في ثاني عشر رجب، سنة ثمان وأربعين وأربعمائة [3] .
وسمع من سعيد بن أبي سعيد العيّار «صحيح البخاريّ» .
روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ، وأبو القاسم بن عساكر [4] ، وابن السَّمْعانيّ، وخلْق آخرهم وفاة: أبو الفتوح داود بن معمر بن الفاخر.
__________
[1] زاد ابن السمعاني: ولد بدهستان، ونشأ بجرجان، وتفقّه بنيسابور، وسكن مرو إلى حين وفاته.
وكان أديبا، فاضلا، متكلّما باللغة، بصيرا بالنحو، صحب الأئمة القشيرية وانتسب إليهم في التصوّف، وكان قد اشتغل بعلم الأوائل مدّة ثم ترك ذلك، وكان له مال قد حصّله من كل جنس، فصار يردّ المظالم ويتصدّق منه، ويخرج الزكوات ... كتبت عنه الكثير، وسمع منه القدماء وجماعة من شيوخه، فإنه أنشدني هذين البيتين لبعض الأعراب:
ألا قل لأرباب المخائض أهملوا ... لقد تاب مما يعملون يزيد
وإنّ امرأ ينجو من النار بعد ما ... تزوّد من أعمالها لسعيد
وقال: جاء إليّ أبو نعيم عبيد الله بن أبي علي الحدّاد وكتب عني البيتين، وحدّثني أن أبا بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي روى عنه البيتين. وعقدت له مجلس الإملاء، وأملى في مسجد رأس سكنه بسكة أبي معاذ وكتبت عنه. وكانت ولادته في شعبان سنة ست وخمسين وأربعمائة.
[2] انظر عن (غانم بن أحمد) في: التحبير 2/ 5، 6 رقم 607، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 188، والتقييد 420 رقم 562، والمعين في طبقات المحدّثين 158 رقم 1713، وسير أعلام النبلاء 20/ 99 رقم 59، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 35 أ.
[3] وكانت ولادته في حدود سنة خمسين وأربعمائة. (التحبير 2/ 6) وفي (التقييد) : ولد غانم ليلة الأربعاء ثاني عشر رجب من سنة 448» .
[4] في مشيخته 160 أ.(36/472)
سمع منه «صحيح البخاريّ» . وقرأته لولديّ بالإجازة العامَّة منه، على ابن الشِّحْنة، تَبَعًا لسماعه المتّصل.
وسمع أيضًا من: أبي نصر محمد بن عليّ الكاغَدِيّ.
كره الأخذ عنه اللَّفْتُوانيّ [1] ، وحطّ عليه، كان ذلك لميله إلى الأشعرية، والله أعلم [2] .
تُوُفّي في ثالث ذي الحجَّة [3] .
377- غانم بن أبي طاهر بن عبد الواحد بن أحمد بن خالد [4] .
أبو القاسم الأصبهانيّ، التّاجر.
سمع كتاب «السُّنَن» لموسى بن طارق، من عبد طارق، من عبد الرّزّاق بن شَمِه [5] ، سوى الجزء الرّابع، وانفرد بعُلُوِّ هذا الكتاب.
روى عنه: أبو القاسم بن عساكر [6] ، وابن السَّمْعانيّ، وأبو عبد الله أحمد بن أبي العلاء الهَمَذَانيّ العطّار، وحفيده محمد بن أبي نصر بن غانم، وحفيده الآخر محمد بن أبي طاهر بن غانم الضّرير، ومحمد بن عبد الله بن محمد الرُّوَيْدشْتيّ، وأخرون.
وتُوُفّي في ثالث عشر رجب، وقد غلط مَعْمَر وقال: تُوُفّي سنة ستّ، وكأنه شَيْن قَلَمٍ من معمر.
__________
[1] تحرّفت في (ملخص تاريخ الإسلام) إلى: «للسوال» .
[2] وقال ابن السمعاني: سمعت منه أحاديث يسيرة، ولما حصّلت خطّه في الإجازة، سألت محمد بن أبي نصر اللفتواني أن يكتب خطّه في الإجازة، فكره الكتابة عند خطّه، وأساء القول فيه، وظنّي أنه قال ذلك لأنه كان يميل إلى اعتقاد أبي الحسن الأشعري، والله أعلم. وكان صحيح السماع. (التحبير 2/ 5، 6) .
[3] وقال ابن السمعاني: كتبت وفاته من «وفيات» عبد الرحيم الحاجيّ. (التحبير 2/ 6) .
[4] انظر عن (غانم بن أبي طاهر) في: التحبير 2/ 6- 8 رقم 608، والتقييد لابن نقطة 420، 421 رقم 563، والمعين في طبقات المحدّثين 158 رقم 1714، وتذكرة الحفاظ 4/ 1283، وسير أعلام النبلاء 20/ 100 رقم 60، وتبصير المنتبه 789.
[5] شمه: بكسر الميم.
[6] في مشيخته 160 أ.(36/473)
قال السَّمْعانيّ [1] : كان سديدًا، ثقة، مُكْثِرًا، سمع بإفادة ابن عمّته محمد بن أحمد الجرْكانيّ [2] ، من ابن شَمِه، والباطَرْقانيّ، وأبي مسلم بن مِهْرَبْزُد، وعائشة الوَرْكانيَّة، وعبد الله بن محمد الكرمانيّ [3] .
ومولده سنة اثنتين وخمسين بأصبهان.
- حرف الفاء-
378- فاطمة بنت أَبِي الحَسَن عَلي بْن عَبْد اللَّه بْن محمد [4] .
النَّيْسابورية الأصل، الأصبهانيَّة، الواعظة.
وُلِدت بطريق الحجاز، ونشأت بأصبهان. وكانت ديَّنةً، متعبدة، زاهدة، لها قدمٌ راسخٌ في التّصوُّف والزُّهْد.
سمعت القاضي عبد الله بن عليّ التّميميّ الأصبهانيّ. قال ذلك ابن السَّمْعانيّ، وقال: قرأت عليها مجلسين من أماليه.
وكان مولدها قبل السّتّين وأربعمائة، وتُوُفّيت في رمضان.
379- فاطمة بنت الشّريف محمد بن عدنان بن محمد [5] .
أُمّ عَمْرو الهاشمية، الزينبية، البغدادية.
قال ابن السَّمْعانيّ: امرأة صالحة افتقرت.
سمعت من: أبي نصر الزَّيْنبيّ.
روى عنها: ابن السَّمْعانيّ.
تُوُفّيت في ربيع الآخر.
__________
[1] في التحبير 2/ 6.
[2] ترجمته في التحبير 2/ 73 رقم 674.
[3] هكذا في الأصل. وفي (التحبير 2/ 7) «الكروني» . وفي (سير أعلام النبلاء 20/ 100) ضبطها: «الكروي» .
[4] انظر عن (فاطمة بنت أبي الحسن) في: التحبير 2/ 429، 430 رقم 1186، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 35 ب، وأعلام النساء 4/ 56.
[5] لم أجدها، والمرجّح أنها في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .(36/474)
- حرف الكاف-
380- الكندايجور [1] الفرَنْجيّ [2] .
صاحب القدس.
هلك ببيت المقدس، وأُقيم في المُلْك ابنُه صبيّ، وأم الصّبيّ. ورُمِيت الفرنْج، خذلَهم الله، بذلك. ذكره أبو يَعْلَى.
- حرف الميم-
381- محمد بن إبراهيم [3] .
أبو عُبَيْد الله الْجُذاميّ، القُرْطُبيّ.
روى في هذا العام عَن: ابن الطّلّاع، وأبي عليّ الجبّائيّ.
وعنه: عليّ بن أحمد الشَّقُوريّ.
382- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم [4] .
أبو الحَسَن بن صرْما الدّقّاق، الصّائغ، ابن عمّه الحافظ ابن ناصر.
وُلِد يوم نصف شعبان سنة ستّين وأربعمائة.
وسمع من: ابن هزارمرد، والصَّرِيفينيّ، وأبي الحسين بن النّقّور، وجماعة.
وكان شيخًا صالحًا، سيّدًا.
روى عَنْهُ: ابن السَّمْعانيّ، وابن الْجَوْزِيّ، وعمر بن طَبَرْزَد، وعبد الخالق بن أسد الدّمشقيّ، وأبو اليُمْن الكِنْديّ، وآخرون.
وتُوُفّي في نصف شعبان أيضًا.
383- محمد بن حَكَم بن محمد بن أحمد بن جعفر باقي [5] .
__________
[1] في الأصل: «كواجار» . وما أثبتناه عن ابن القلانسي. وهو الملك فولك، ويرد اسمه أيضا:
«كنداياجور» (ذيل تاريخ دمشق 259) .
[2] انظر عن (الكندايجور) في: ذيل تاريخ دمشق 277.
[3] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: تكملة الصلة لابن الأبّار.
[4] انظر عن (محمد بن أحمد الدقاق) في: المنتظم 10/ 110 رقم 152 (18/ 35 رقم 4100) ، وتذكرة الحفاظ 4/ 1283 مذكور دون ترجمة.
[5] انظر عن (محمد بن حكم) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 174، 175، وبغية الوعاة 1/ 96(36/475)
أبو جعفر السَّرَقُسْطيّ، النَّحْويّ، حفيد الصّاحب ذي الوزارتين محمد، صاحب مدينة سالم الّذي قُتِلَ بها في سنة عشرين وأربعمائة.
روى هذا عَنْ: أبي الوليد الباجيّ، ومحمد بن يحيى بن هاشم، وأبي الأصْبَغ بن عيسى، وأبي جعفر بن جرّاح، وجماعة.
ووُلّي قضاء مدينة فاس، ودرّس، وأفْتى، وأقرأ العربيَّة والكلام.
قال الأبّار [1] : كان ذا حظّ من علم الكلام، حَسَن الأخلاق، قوّالًا بالحقّ، شرح «الإيضاح» لأبي عليّ الفارسيّ، وكان واقفًا على كُتُب أبي عليّ، وكتب أبي الفتح بن جنيّ، وأبي سعيد السِّيرافيّ.
روى عنه: أبو الوليد بن خِيرة، وأبو مروان بن الصَّيْقَل، وقاسم بن دُحْمان، وأبو محمد بن بونة، وأبو الحسن اللّواتيّ.
وتوفّي بتلمسان في حدود سنة ثمانٍ وثلاثين [2] .
384- محمد بن حمْد بن خَلَف بن أبي المُنى [3] .
أبو بكر البندنيجيّ [4] ، البغداديّ، المعروف بحنفش [5] .
__________
[ () ] رقم 156 وفيه «باق» ، والديباج المذهب 300، 302، ومعجم المؤلفين 9/ 266، 267.
[1] في تكملة الصلة.
[2] وقال ابن الزبير: كان نحويّا، لغويّا، مقرئا، إماما في علم العربية وإقراء الكتاب، جليلا عارفا بأصول الدين.. واستوطن فاس، وأخذ الناس بها عنه، ومات في حدود سنة ثلاثين وخمسمائة.
وقال في (تاريخ غرناطة) : كان متقدّما في النحو، حافظا للغة، متحقّقا بعلم الكلام وأصول الفقه، حاضر الذكر لأقوال أهل تلك العلوم، جيّد النظر متوقّد الذهن، زكيّ القلب، فصيح اللسان، ولي أحكام فاس، وأفتى بها ودرّس بها العربية.
وشرح «إيضاح» الفارسيّ، وألّف في الجدل والعقائد.
ذكر في «جمع الجوامع في أفعال المغاربة» . (بغية الوعاة) .
[3] انظر عن (محمد بن حمد) في: الأنساب 2/ 314، 315، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 68.
[4] البندنيجي: بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون النون وفتح الدال المهملة وكسر النون وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها الجيم، هذه النسبة إلى بندنيجين وهي بلدة قريبة من بغداد بينهما دون عشرين فرسخا. (الأنساب 2/ 313) .
[5] انظر التعليق عليها في (الإكمال 2/ 344) .(36/476)
شيخ مُسِنّ، قدِم في صباه، وتفقّه على الإمام أبي سعد المتوليّ.
حصّل طرفًا من الخلاف، وكان يبحث ويتكلَّم.
وسمع من: أبي محمد الصَّرِيفينيّ، وأبي الحسين بن النَّقُّور.
قال ابن السّمعانيّ: كان عسرا، سيّئ الأخلاق، يبغض المحدّثين.
وسمعت غير واحد يقول إنّه يُخِل بالصَّلوات، وليست له طريقة محمودة. كتبتُ عنه شيئًا بجَهْدٍ جَهيد، وكان أكثر الأوقات إذا سلّمت عليه لا يردّ.
روى عَنْهُ: ابن سُكَيْنَة، ويوسف بْن المبارك.
وكان حنبليًا، ثمّ صار حنفيًا، ثمّ شافعيًا. وقد رُمي بالتّعطيل.
385- محمد بن الخضر بن إبراهيم [1] .
أبو بكر الخطيب، المُحَوَّليّ [2] ، خطيب المُحَوَّل.
كان من مشاهير القُراء ببغداد.
قرأ القرآن على أبي محمد رزق الله التّميميّ، وأبي طاهر أحمد بن سوار.
وكان حَسَن الأخْذ.
ختم عليه جماعة، وروى عنه: ابن السَّمْعانيّ.
وقرأ عليه بالروايات: أبو اليمن الكِنْديّ، وهو آخر من لقيه.
ومات فِي ذي القعدة وهو فِي عَشْر السبعين.
وقال: لزِمت ابن سِوار خمس عشرة سنة [3] .
وقد قرأ بنهر الملك سنة أربعٍ وثمانين على أحمد بن الفتح بن عبد الجبّار المَوْصِليّ صاحب الشّريف الحرّانيّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن الخضر) في: المنتظم 10/ 110 رقم 153 (18/ 35 رقم 4101) ، وتذكرة الحفاظ 4/ 1283، ومعرفة القراء الكبار 1/ 489، 490 رقم 436، وغاية النهاية 2/ 137 رقم 299.
[2] المحوّلي: بضم الميم، وفتح الحاء المهملة، وتشديد الواو المفتوحة. هذه النسبة إلى المحوّل، وهي قرية على فرسخين من بغداد. (الأنساب 11/ 175) .
[3] انظر: المنتظم، وفيه: وما كنت أجمع بين الروايتين والثلاث، كنت أختم لكل رواية ختمة، وما أحد إلّا هكذا. وكان فصيحا، وكان مشتهرا بالتجويد وحسن الأداء، وأعطي فصاحة وخشوعا، وكان الناس يقصدون صلاة الجمعة وراءه لذلك، وكان صالحا ديّنا.(36/477)
وقال أحمد بن شافع: كان أبو بكر الخطيب المجوّد يُضْرَب به المَثَل في الإقراء، وتجويد الأخْذ، والتّحقيق.
وكان حَسَن الخَلُق خطابةً، مع الخشوع، وحضور القلب.
كان يُقصَد من الأماكن البعيدة لسماع خُطْبته.
386- محمد بن طلحة بن عليّ بن يوسف [1] .
أبو عبد الله الرّازيّ، ثمّ البغداديّ، العطّار [2] ، من صوفيَّة رباط أبي سعيد الزَّوْزَنيّ. وكان قليل الدَّين [3] .
روى عَنْ: أبيه، وعن: الصَّرِيفينيّ حضورًا.
وعن: عبد العزيز الأنْماطيّ، وابن البُسْريّ [4] ، وجماعة.
روى عَنْهُ: ابن سُكَيْنَة [5] ، ويوسف بْن المبارك الخفّاف.
ومات فِي جُمَادَى الآخرة [6] .
387- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الحسين [7] .
أبو الفتح بن فوران، الفقيه، من أهل الرَّيّ.
نزل آمُل طَبَرسْتان. وكان فقيهًا، ظريفًا، واعظًا، لعّابًا، ليس بمرضيّ الطّريقة [8] .
وله شعر.
__________
[1] انظر عن (محمد بن طلحة) في: لسان الميزان 5/ 212 رقم 731.
[2] في (اللسان) : «القطان» .
[3] وقال ابن السمعاني: كان ابن ناصر يسيء الرأي في حقّه ويسيء الثناء عليه، وكذلك شيخ الشيوخ إسماعيل بن أبي سعد.
[4] تحرّفت في (اللسان) إلى: «السري» .
[5] تحرّفت في (اللسان) إلى: «ابن سكيت» .
[6] وقال ابن السمعاني: سألته عن مولده فذكر شيئا يقتضي أنه في سنة ثلاث وستين وأربعمائة.
[7] انظر عن (محمد بن عبد الله) في: التحبير 2/ 140 رقم 768، وملخص تاريخ الإسلام 8/ 36 ب، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 6/ 121.
[8] زاد ابن السمعاني: أصله من شيراز ... يخالط الجندية وأهل العسكر، ولم يكن له سمت الصالحين. سمع بالري أبا الفتح محمد بن محمد بن علي الفراوي الواعظ، وغيره. كتبت عنه بآمل شيئا يسيرا من شعره. وكانت ولادته يوم الأربعاء من أواخر شوال سنة سبع وثمانين وأربعمائة. (التحبير 2/ 140) .(36/478)
388- محمد بن عليّ بن خَلَف.
أبو عبد الله التُّجيْبيّ، الشّاطبيّ.
أخذ القراءات عَن ابن شفيع، وبعض القراءات عَن ابن الدّوش.
روى عنه: ابنه عبد الله.
ومات رحمه الله فِي عَشْر الثّمانين.
389- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن سعيد بن المطهّر [1] .
أبو الفضل المُطَهَّرِيّ، البخاريّ.
فاضل مُعَمَّر، من أولاد المحدّثين.
قال السَّمْعانيّ: قدِم مَرْو، فأظن أني سمعت منه. أجاز لنا.
سمع: أبا بكر محمد بن عبد الله الكرابيسيّ، والحافظ قتيبة بن محمد العثمانيّ، وأبا عصمة عبد الواحد بن أحمد، وعبد الصّمد بن محمد الرّباطيّ، وعمر بن خنْب الحافظ.
ومن عواليه: «تفسير الأشَجّ» . قال: أنبا به ابن خنب، أنا إبراهيم بن محمد بن عبد الله الرّازيّ، أنا الحافظ عبد الرحمن بن أبي حاتم، عنه.
و «تفسير هُشَيْم» ، أنا عمر بن منصور بن أحمد بن محمد بن موسى بن أفلح بن خنب الحافظ البزّاز، أنا أبو بكر محمد بن إدريس الْجَرْجرائيّ الحافظ، أنا محمد بن عيسى بن عبد الكريم بالرملة، أنا محمد بن إبراهيم بن بطّال، أنا زياد بن أيّوب، عَنْ هُشَيْم.
وسمع (خ) [2] من ابن خنْب، بسماعه من إسماعيل بن حاجب.
وسمع (ت) [3] من طريق الهَيْثَم بن كُلَيْب.
وسمع (د) [4] بعده، و «تاريخ غنجار» [5] ، عن رجل، عنه، و «المسند»
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي بن سعيد) في: التحبير 2/ 177- 182 رقم 815، والأنساب 534 ب، واللباب 3/ 150، والجواهر المضيّة 2/ 93.
[2] اختصار لكتاب «الصحيح» للبخاريّ. انظر: التحبير 2/ 180.
[3] اختصار لكتاب «الجامع» للترمذي.
[4] اختصار لكتاب «السنن» لأبي داود.
[5] في (التحبير) 2/ 180: «التاريخ لمدينة بخارى» .(36/479)
لوكيع، عاليًا [1] .
مات رحمه الله في ذي القعدة، وله أربعٌ وثمانون سنة.
390- محمد بن عليّ بن منصور [2] .
أبو الفضل السّنْجيّ، المَرْوَزي، الخُوجانيّ، الغازيّ. كان يَقْدَم مَرْو من قرية خوجان. وكان ثقة مكثِرًا.
سمع بنفسه، ورحل وكتب. سمع جدّي أبا المظفّر، قاله أبو سعد.
ثمّ قال: وسمع من: إسماعيل بن محمد الزّاهديّ، وبنَّيْسابور: أحمد بن سهل السّرّاج.
وُلِد سنة سبْعٍ [3] وستّين بمَرْو، وبها تُوُفّي في صَفَر. خرّجت له جزءًا [4] .
391- محمد بن الفضل بن أبي الحَسَن بن محمد [5] .
أبو بكر الأصبهانيّ، المؤدب، المعروف ببستة.
شيخ صالح، مُسِنّ.
سمع: أبا القاسم بن عبد الرحمن، وأبا عَمْرو ابن الحافظ ابن مَنْدَهْ.
وتُوُفّي في ذي الحجَّة أيضًا.
392- محمد بن الفضل بن محمد [6] .
__________
[1] زاد في (التحبير 2/ 181، 182) : «فضائل القرآن» ، و «معرفة الصحابة» ، و «دلائل النّبوّة» ، و «الدعوات» ، و «الرقّ» ، و «تاريخ نسف وكش» ، و «المنامات» ، و «الطب» و «الأوائل» ، و «حج أبي حنيفة» ، و «در الخرقة» (في معجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 227 ب) : «در الحرك» ، و «تاريخ سمرقند» ، و «شمائل النبي صلى الله عليه وسلّم» ، و «التفسير» ، و «الرد على المعتزلة» ، و «الحلم» ، و «جامع العلوم» ، و «فضائل القرآن والمتعلّمين» ، و «فضائل الفقهاء» ، و «فضل العلم» ، و «التقوي» ، و «كتاب السؤدد» ، وذكر له مصنّفات كثيرة.
[2] انظر عن (محمد بن علي بن منصور) في: الأنساب 5/ 223، والتحبير 2/ 197، 198 رقم 835، ومعجم البلدان 2/ 428، وتكملة إكمال الإكمال، ورقة 63 ب.
[3] في التحبير 2/ 198: «تسع» .
[4] في الأصل: «جزء» . وزاد ابن السمعاني في (التحبير) : انتخبت عليه من شيوخه وقرأت عليه.
[5] لم أجده.
[6] انظر عن (محمد بن الفضل الأسفرائيني) في: تبيين كذب المفتري 328، 329، والمنتظم 10/ 110- 112 رقم 154 (18/ 35- 37 رقم 4102) ، والكامل في التاريخ 11/ 96، 97،(36/480)
أبو الفتوح الإسْفَرَائينيّ، المعروف بابن المعتمد.
إمامٌ في الوعظ، مليح المحاورة، فصيح العبارة، طريف الْجُملة والتّفصيل.
سمع: أبا الحَسَن المَدِينيّ بنَّيْسابور، وشيروَيه الدَّيْلَميّ بهَمَذَان.
روى عنه: ابن السَّمْعانيّ، وقال: حضرت يومًا مجلسه في رباط أمّ الخليفة، وسألته عَنْ مولده فقال: في سنة أربع وسبعين وأربعمائة بأسفرايين.
وأُزْعج من بغداد، فخرج منها متوجّهًا إلى خُراسان، فأدركه الموت بِبِسْطام في ثاني ذي الحجّة [1] ، ودفن بجنب أبي يزيد البسْطاميّ، رحمه الله.
وهو مذكورٌ في حوادث هذه السنة.
قال ابن النّجّار: كان من أفراد الدَّهر في الوعظ، فصيح العبارة، دقيق الإشارة، حُلْو الإيراد. وكان أوحد وقته في مذهب الأشعريّ، وله في التّصوُّف قَدَمٌ راسخ، وكلام دقيق فائق.
صنّف في الحقيقة كُتُبًا منها: كتاب «كشف الأسرار على لسان الأخيار» ، وكتاب «بيان القلب» ، وكتاب [ «بثّ [2]] الأسرار» . وكلّ كتبه نكت وإشارات. وهي مختصرة الحجم.
__________
[ () ] ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 111، والإعلام بوفيات الأعلام 221، وسير أعلام النبلاء 20/ 139- 142 رقم 84، والعبر 4/ 105، وعيون التواريخ 12/ 377، 378، ومرآة الجنان 3/ 269، والوافي بالوفيات 4/ 323، 324، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 6/ 170- 173، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 107، 108، وكشف الظنون 220، 1920، وشذرات الذهب 4/ 118، وهدية العارفين 2/ 88.
[1] قال ابن الأثير: أقام مدّة ببغداد يعظ، وسار إلى خراسان، فمات ببسطام، وكان إماما فاضلا صالحا، وكان بينه وبين علي الغزنويّ تحاسد، فلما مات حضر الغزنوي عزاءه ببغداد وبكى وأكثر، فقال بعض أصحاب أبي الفتوح للغزنوي كلاما أغلظ له فيه، فلما قدم الغزنوي لامه بعض تلامذته على حضور العزاء وكثرة البكاء وقال له: كنت مهاجرا لهذا الرجل، فلما مات حضرت عزاءه وأكثرت البكاء وأظهرت الحزن؟ قال: كنت أبكي على نفسي، كان يقال فلان وفلان، فمن يعدم النظير أيقن بالرحيل، وأنشد هذه الأبيات:
ذهب المبرّد وانقضت أيّامه ... وسينقضي بعد المبرّد ثعلب
بيت من الآداب أصبح نصفه ... خربا وباق نصفه فسيخرب
فتزوّدوا من ثعلب، فبمثل ما ... شرب المبرّد عن قليل يشرب
أوصيكم أن تكتبوا أنفاسه ... إن كانت الأنفاس ممّا يكتب
(الكامل في التاريخ 11/ 96، 97) وانظر الأبيات في (المنتظم 10/ 111، 112/ 18، 37) .
[2] في الأصل بياض. والمستدرك من (سير أعلام النبلاء 20/ 140) وفيه: «بثّ السّرّ» .(36/481)
ورد بغداد سنة خمس عشرة، وظهر له القبول التّامّ، بين الخاصّ والعامّ، وكان يتكلَّم على مذهب الأشعريّ، فثار عليه الحنابلة، ووقعت فِتَن، فأمر المسترشد بإخراجه، فخرج إلى أن ولي المقتفيّ، فعاد واستوطن بغداد، فلم يزل يعِظ ويُظهر مظهر الأشعريّ إلى أن عادت الفِتَن، فأخرجوه من بغداد إلى بلده، فأدركه الأجل.
ثمّ قَالَ ابن النّجّار: قرأت فِي كتاب أَبِي بكر المارِسْتانيّ: حدَّثني أبو الفتح مسعود بن محمد بن ماشاذَة قال: قال لي الحافظ ابن ناصر: أحبّ أن تسأل أبا الفتوح: هل القرآن الّذي تكلَّم الله به بحرفٍ وصوت؟
فأتيت الشيخ أبا الفتوح، وحكيت له قول ابن ناصر، فقال لي: سلّم على الحافظ أبي الفضل عنّي، وقل له: القرآن بحرف يُكتب، وبصوت يُسمع.
فعدت إلى ابن ناصر، فصلّيت خلفه المغرب، وحدَّثته بالجواب، فحلف أن لَا يمشي إليه إلّا حافيًا، وخرج وأنا معه، فسبقته إليه وحدّثته، فقال: وأنا والله لَا أخرج لتلقِّيه إلّا حافيًا إجلالًا لمجيئه. وخرج من الرّباط، وقطع درب راجي، فتلاقيا حافيَيْن، فاعتنقا، وقبّل كلٌّ منهما صاحبه، وتحادثا ساعة.
قلت: فرحُ ابن ناصر ما لَهُ مَعْنَى، وعسى خبره لأنه يخالطه في الجواب، كما خبط هو في السّؤال.
وقال أبو القاسم بن عساكر [1] : أبو الفتوح أجرأ من رأيته لسانًا وجَنَانًا، وأكثرهم فيما يورد إعرابًا وإحسانًا، وأسرعهم جوابًا، وأسلمهم خطابًا، مع ما رُزق بعد صحَّة العقيدة من السّجايا الكريمة، والخصال الحميدة، من قلَّة المُرَاءاة لأبناء الدّنيا، وعدم المبالاة بذوي الرُّتْبة العالية، والإقبال على إرشاد الخلْق، وبذْل النَّفس في نُصرة الحقّ. إلى أن قال: فمات غريبًا شهيدًا. وقد كنت لازمت حضور مجلسه ببغداد، فما رأيت مثله واعظًا ولا مذكرًا.
وقال ابن النّجّار: قرأت فِي كتاب أَبِي بَكْر المارستانيّ: حدَّثني قاضي القُضاة أبو طالب بن الحديثيّ قال: كنت جالسًا، فمرّ أبو الفتوح الأسفرائينيّ،
__________
[1] في تبيين كذب المفتري 328.(36/482)
وحوله جَمٌّ غفير من عصبّيته، ومنهم من يصيح ويقول: لَا بحرف ولا صوت بل هي عبارة عَنْ ذلك. فرجمه العوامّ، ورُجِم أصحابُه، حتّى لم يكد يبقى في الطّريق ما يُرجم به. وكان هناك كَلْبٌ ميّت، فتراجموا به، وصار من ذلك فتنة كبيرة، لولا قُرْبُها من باب النُّوبي لهلك فيها جماعة. فاتّفق جواز موفّق المُلْك عثمان عميد بغداد، فهرب معظم أصحابه من حوله، صار قُصَارَى أمره أن يلقي نفسه عَنْ فَرَسه، ودخل في بعض الدّكاكين، وأغلق الباب، ووقف من تخلّف معه على الباب. حتّى انقضت الفتنة. ثمّ ركب طائر العقل إلى دار المملكة، ودخل إلى السّلطان مسعود، فحكى له الحال، فتقدَّم السّلطان إلى الأمير قيماز بالقبض على أبي الفتوح، وحمله إلى هَمَذَان، وتسليمه من هَمَذَان، وتسليمه من هَمَذَان إلى الأمير عبّاس ليحمله إلى إسْفَرَاين، ويُشهد عليه أنّه متى خرج منها فقد أطاح دم نفسه [1] .
393- محمد بن القاسم بن المظفَّر بن عليّ بن الشّهرزوريّ، ثمّ الموصليّ [2] .
__________
[1] وقال ابن الجوزي: قدم السلطان مسعود بغداد ومعه الحسن بن أبي بكر النَّيْسابوريّ الحنفيّ، أحد المناظرين، فجالسته، فجلس بجامع القصر، وكان يلعن الأشعريّ جهرا، ويقول: كُنْ شافعيًا ولا تكن أشعريًّا، وكُنْ حنفيًّا ولا تكن معتزِليًّا، وكن حنبليًّا، ولا تكن مشبّها، وكان على باب النظامية اسم الأشعري، فأمر السلطان بمحوه، وكتب مكانه: الشافعيّ، وكان الأسفراييني يعظ في رباطه، ويذكر محاسن مذهب الأشعري، فتقع الخصومات، فذهب الغزنوي، فأخبر السلطان بالفِتَن وقال: إنّ أبا الفتوح صاحب فتنة، وقد رجم غير مرة، والصواب إخراجه، فأخرج، وعاد الحسن النيسابورىّ إلى وطنه، وقد كانت اللعنة قائمة في الأسواق، وكان بين الأسفراييني وبين الواعظ أبي الحسن الغزنوي شنئان، فنودي في بغداد أنّ لَا يذكر أحد مذهبًا، (المنتظم 10/ 106- 108 و 110/ 18/ 31، 32 و 36) .
وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله-: لما سمع ابن عساكر بوفاة الأسفراييني أملى مجلسا في المعنى، سمعناه بالاتّصال، فينبغي للمسلم أن يستعيذ من الفتن، ولا يشغب بذكر غريب المذاهب لا في الأصول ولا في الفروع، فما رأيت الحركة في ذلك تحصّل خيرا، بل تثير شرّا وعداوة ومقتا للصلحاء والعبّاد من الفريقين، فتمسّك بالسّنّة، والزم الصمت، ولا تخض فيما لا يعنيك، وما أشكل عليك فردّه إلى الله ورسوله، وقف، وقل: الله ورسوله أعلم. (سير أعلام النبلاء 20/ 142) .
[2] انظر عن (محمد بن القاسم) في: الأنساب 7/ 418، 419، والمنتظم 10/ 112 رقم 155 (18/ 37 رقم 4103) ، وتاريخ دمشق لابن عساكر، ومشيخة ابن عساكر 206 ب، واللباب 2/ 216، 217، وخريدة القصر (قسم شعراء الشام) 2/ 322، وتاريخ إربل لابن المستوفي 1/ 203- 206 رقم 102، ووفيات الأعيان 4/ 68- 70 (في ترجمة أبيه) ، وطبقات الفقهاء(36/483)
أبو بكر. شيخ مُسِنّ، كبير القدْر، فاضل، محترم.
أكثر الأسفار في شبيبته، ورأى الأئمَّة.
وجد في خُراسان، ووُلّي القضاء بعدَّة أماكن في بلاد الجزيرة، والشّام، وكان يلقَّب بقاضي الخافِقَين.
تفقه ببغداد على أبي إسحاق، وسمع منه.
ومن: أبي القاسم الأنْماطيّ، وأبي نصر الزَّيْنبيّ. وبنَيْسابور من: أبي بكر بن خَلَف، وغيره.
وحدَّث ببغداد، والمَوْصل.
وُلِد بإربل في سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة [1] .
روى عنه: ابن السَّمْعانيّ، وابن عساكر، وعمر بن طَبَرْزَد، وجماعة.
قال ابن عساكر [2] : قدِم دمشق مِرارًا، أحدها رسولًا من المسترشد لأخذ البيعة.
أنا أبو بكر بن أبي أحمد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة بدمشق، أنا عثمان المَحْمِيّ، فذكر حديثًا.
تُوُفّي ببغداد في جُمَادَى الآخرة.
وقال عليّ بن يحيى الطّرّاح: مات في ثاني ربيع الأوّل [3] .
__________
[ () ] الشافعية لابن الصلاح 1/ 242، 243 رقم 65، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 23/ 172، 173 رقم 206، وسير أعلام النبلاء 20/ 139 رقم 83، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 6/ 174، 175، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 98، والوافي بالوفيات 4/ 339، وطبقات الشافعية لابن كثير (مخطوط) 120، وشذرات الذهب 4/ 123، والتاج المكلّل للقنوجي 97.
[1] في المنتظم: ولد سنة أربع وخمسين. وفي تاريخ دمشق: ولد سنة أربع وخمسين وأربعمائة، وقيل سنة ثلاث وخمسين. وقال ابن المستوفي: ذكر ابن المستوفي: ذكر ابن السمعاني أنه سأله عن مولده فقال:
ولدت في سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة بإربل، ونشأ بالموصل. قال: وسألته مرة أخرى، فقال: في سنة أربع وخمسين. قال وكان يرجع إلى عقل وثبات. (تاريخ إربل 1/ 203) .
[2] في تاريخ دمشق.
[3] ومن شعره:
همّتي دونها السّها والثّريّا ... قد علت جهدها فما تتدانى
فأنا متعب معنّى إلى أن ... تتفانى الأيام أو أتفانى(36/484)
394- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بن حسين [1] .
أبو نصر الأصبهانيّ، الصّائغ، المؤذن.
شيخ صالح، تفرَّد بعدَّةٍ من تصانيف عبد الرحمن بن مَنْدَهْ، عنه [2] .
وسمع أيضًا من أخيه عبد الوهّاب، وجماعة.
أخذ عنه: السَّمْعانيّ، وغيره [3] .
395- محمد بن يوسف بن عبد الله [4] .
أبو طاهر التّميميّ، السَّرَقُسْطيّ. نزيل قُرْطُبة.
سمع كثيرًا من: أبي عَلِيّ الصَّدَفيّ، وأبي عِمران بْن أَبِي تليد، وجماعة.
قال ابن بَشْكُوال: كان مقدَّمًا في اللّغة والعربيَّة، شاعرًا محسنًا. له مقامات صنّفها [5] ، أخذت عنه واستحسنت.
__________
[ () ] (المنتظم) .
وقال محمد بن القاسم: أنشدنا الأستاذ أبو إسماعيل المنشئ لنفسه:
لا تجزعنّ إذا ما الهمّ ضقت به ... ذرعا، ونم، وتودّع فارغ البال
فبين غفوة عين وانتباهتها ... تنقّل الدّهر من حال إلى حال
وما اهتمامك بالمجدي عليك وقد ... جرى القضاء بأرزاق وآجال
(طبقات ابن الصلاح 1/ 243، طبقات الإسنوي 2/ 98، طبقات ابن كثير 120 أ) .
وقال ابن المستوفي: نقلت من خطّه من آخر كتاب قد شهد في آخره: «حضرت مجلس الصاحب الأمير عز الدين ممهّد الدولة، أبي أبو الهيجاء الحسين بن الحسن بن موسى الهذباني- أدام الله اقتداره..» ، وذكر تقريرا قرّره الأمير أبو الهيجاء لرجل نصراني من إربل. واختصرت الألقاب، وقال: «وكتب محمد بن عبد الله بن القاسم بن المظفّر الشّهرزوري في الثالث والعشرين من شعبان سنة خمس وعشرين وخمسمائة» . (تاريخ إربل 1/ 206) .
[1] انظر عن (محمد بن محمد) في: التحبير 2/ 227 رقم 875، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 37 أ.
[2] في التحبير: شيخ صالح، سديد، مكثر من الحديث. سمع بإفادة أبيه أبي الرجاء ابن أبي نصر، عن جماعة من الشيوخ، وتفرّد بعده في تصانيف عبد الرحمن بن مندة، عنه. عمّر العمر الطويل، وحدّث بالكثير.
[3] توفي سنة 538 وقيل 537 هـ.
[4] انظر عن (محمد بن يوسف) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 588 رقم 1291، وكشف الظنون 1382، 1785، وبغية الوعاة 1/ 120، وإيضاح المكنون 2/ 479، وهدية العارفين 2/ 89، وفهرست الخديوية 4/ 187، والأعلام 8/ 22، ومعجم المؤلفين 12/ 129.
[5] اسمها: «المقامات اللزومية» وله المسلسل في اللغة.(36/485)
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى [1] .
قلت: آخر من سمع منه وفاة خطيبُ قُرْطُبة أبو جعفر بن يحيى.
396- المبارك بن محمد بن حسين [2] .
أبو القاسم بن البُزُوريّ، الدّوانيّ [3] .
كان يخدم نقيب الطّالبيّين. وهو صالح، ساكن، خيِّر، راغب في حضور مجالس العلم.
سمع: أبا الحسين بن النَّقُّور، ونصر بن مُعَمَّر.
وأجاز له: أبو بكر الخطيب، وأبو عليّ بن البنّاء.
قال ابن السَّمْعانيّ: قرأت عليه الكثير، وقال: ولدت سنة تسع وخمسين وأربعمائة.
قلت: وروى [عَنْهُ] عبد الخالق بْن أسد.
397- محسن بن النُّعْمان [4] .
أبو الفضل البسْطاميّ [5] ، المؤدّب، فقير [6] ، صالح.
ولد في حدود الخمسين وأربعمائة.
وروى عَنْ: محمد بن عبد الجبّار الإسْفَرَائينيّ، وطاهر الشّحّاميّ [7] .
398- محمود بن عمر بن محمد [8] .
__________
[1] وقع في المطبوع من الصلة 2/ 588 «سنة ثمان وثلاثين وستمائة» وهو خطأ.
[2] انظر عن (المبارك بن محمد) في: الأنساب 2/ 199.
[3] قال ابن السمعاني في مادّة (البزوري) إنه سيذكره في حرف الدال بمادّة «الدواني» ، ولكنه لم يذكر هذه النسبة أصلا في (الأنساب) .
[4] انظر عن (محسن بن النعمان) في: التحبير 2/ 269، 270 رقم 935، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 252 أ.
[5] زاد في (التحبير) في: «القومسي» .
[6] هكذا في الأصل. وفي (التحبير 2/ 270) : «فقيه» .
[7] قال ابن السمعاني: كتبت عنه ببسطام.
[8] انظر عن (محمود بن عمر الزمخشريّ) في: الأنساب 6/ 297، 298، ونزهة الألبّاء لابن الأنباري 290- 292، والمنتظم 10/ 112 رقم 156 (18/ 37، 38 رقم 4104) ، ومعجم(36/486)
العلّامة، أبو القاسم الزَّمَخْشَرِيّ، الخُوَارَزْميّ، النَّحْويّ، اللُّغَويّ، المتكلم، المعتزليّ، المفسر. مصنّف «الكشّاف» [1] في التّفسير، «والمفصّل» [2]
__________
[ () ] الأدباء 19/ 126- 135، والكامل في التاريخ 11/ 97، واللباب 2/ 74، وإنباه الرواة 2/ 265- 275، ووفيات الأعيان 5/ 168- 174، والمختصر في أخبار البشر 3/ 16، وميزان الاعتدال 4/ 78 رقم 8367، والمغني في الضعفاء 2/ 147 رقم 6120، والمعين في طبقات المحدّثين 159 رقم 1715، وتذكرة الحفّاظ 4/ 1283، والعبر 4/ 106، والإعلام بوفيات الأعلام 221، ودول الإسلام 2/ 56، وسير أعلام النبلاء 20/ 151- 156 رقم 91، وآثار البلاد وأخبار العباد للقزويني 519، 525، 532، والتذكرة الفخرية للإربلي 212، وتاريخ إربل لابن المستوفي 1/ 292 و 303 و 359 و 410، وتلخيص ابن مكتوم 243، 244، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد للدمياطي 228، 229 رقم 173، وتاريخ ابن الوردي 2/ 70، 71، ومرآة الجنان 3/ 269- 271، والبداية والنهاية 12/ 219، والجواهر المضيّة للقرشي 2/ 160، 161، والعقد الثمين لقاضي مكة 7/ 137- 150، وتخليص الشواهد للأنصاريّ 184 و 225 و 302 و 304 و 422، وطبقات المعتزلة 20، وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2/ 241- 244، والوفيات لابن قنفذ 278 رقم 538، وعيون التواريخ 12/ 379- 381، ولسان الميزان 6/ 4 رقم 6، وتاج التراجم لابن قطلوبغا 71، وتاريخ الخميس للدياربكري 2/ 405، والنجوم الزاهرة 5/ 274، وبغية الوعاة 2/ 279، 280 رقم 1977، وطبقات المفسّرين للسيوطي 104، 105 رقم 127، وتاريخ الخلفاء 442، ومفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 2/ 97، وطبقات الفقهاء، له 94، 95، وتاريخ ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 76، وطبقات المفسّرين للداوديّ 2/ 314- 316 رقم 625، وتاريخ ثغر عدن لبامخرمة 2/ 54، وأزهار الرياض 3/ 282- 325، ورجال السند والهند 103، وكشف الظنون 74، 117، 121، 164، 185، 616، 781، 831، 832، 1009، 71056، 1082، 1217، 1326، 1398، 1427، 1475، 1584، 1674، 1734، 1774، 1791، 1798، 1877، 1890، 1955، 1987، وشذرات الذهب 4/ 118- 121، والفوائد البهيّة للكنوي 209، 210، وروضات الجنات 681- 7684 وإيضاح المكنون 1/ 67 و 2/ 86، وهدية العارفين 2/ 402، 403، وديوان الإسلام 1/ 390، 391 رقم 1070، ومعجم المطبوعات 973، والفهرس التمهيدي 259 و 303، وكنوز الأجداد لمحمد كردعلي 291- 294، وعقد الجواهر لجميل العظم 294- 297، وتاريخ الأدب العربيّ لبروكلمان 5/ 215- 238، وتاج العروس للزبيدي 3/ 243، والأعلام 8/ 55، ومعجم المؤلفين 12/ 186، 187، وانظر مقدّمة كتابه «ربيع الأبرار» للدكتور سليم النعيمي طبعة وزارة الأوقاف العراقية ببغداد، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 290، 291 رقم 625.
[1] وهو قال فيه يمدحه:
إنّ التفاسير في الدنيا بلا عدد ... وليس فيها لعمري مثل كشّافي
إنّ كنت تبغي الهدى فالزم قراءته ... فالجهل كالدّاء والكشّاف كالشافي
(معجم الأدباء 19/ 129) .
[2] وقد عاد واختصره بكتاب «الأنموذج في النحو» . وتصحف اسمه في (نزهة الألباء 290) إلى(36/487)
في النّحْو. وزَمَخْشَر: من قُرى خُوارَزْم. وكان يقال له جار الله، لأنّه جاوَرَ بمكَّة زمانًا.
ووُلِد بزَمَخْشَر [1] في رجب سنة سبْعٍ وستّين وأربعمائة [2] . وقدِم بغداد.
وسمع من: أبي الخطّاب بن البَطِر، وغيره.
وحدَّث. وأجاز لأبي طاهر السِّلَفيّ، ولزينب الشَّعْريَّة، وغيرهما.
قال ابن السَّمْعانيّ: كان ممّن برع في علم الأدب، والنَّحْو، واللّغة، لقي الكبار، وصنَّف التّصانيف في التّفسير، والغريب، والنَّحْو. وورد بغداد غير مرَّة، ودخل خُراسان عدَّة نُوَب. وما دخل بلدًا إلّا واجتمعوا عليه، وتلمذوا له. وكان علّامة الأدب، ونسّابة العرب.
أقام بخُوَارَزْم تُضْرَب إليه أكباد الإبل، ثمّ خرج منها إلى الحجّ، وأقام برهةً من الزمان بالحجاز حتّى هبّت على كلامه رياح البادية، ثمّ انكفأ راجعًا إلى خُوَارَزْم.
ولم يتّفق أنّي لقيته، وكتبت من شِعْره عَنْ جماعةٍ من أصحابه. ومات ليلة عَرَفَة.
وقال القاضي ابن خَلِّكان [3] : كان إمام عصره، له التّصانيف البديعة، منها «الكشّاف» ، ومنها «الفائق» في غريب الحديث، ومنها كتاب «أساس البلاغة» ، وكتاب «ربيع الأبرار وفصوص [4] الأخبار» ، وكتاب «تشابُه [5] أسماء الرُّواة» ، وكتاب «النّصائح الكبار» ، وكتاب «ضالّة النّاشد» ، و «الرائض في الفرائض» [6] ،
__________
[ () ] «المفضل» بالضاد المعجمة.
[1] ضبطها ابن خلّكان بفتح الزاي والميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الشين المعجمة، وبعدها راء. وقال: هي قرية كبيرة من قرى خوارزم. (وفيات الأعيان 5/ 173، 174)
[2] المنتظم، نزهة الألبّاء 292.
[3] في وفيات الأعيان 5/ 168.
[4] هكذا في الأصل، ووفيات الأعيان 5/ 168، وقد طبع باسم «ربيع الأبرار ونصوص الأخبار» ، وأصدرته وزارة الأوقاف العراقية ببغداد في 4 أجزاء، بتحقيق الدكتور سليم النعيمي 1982 م.
[5] في (وفيات الأعيان 5/ 168) : «متشابه أسامي الرواة» ، وفي (سير أعلام النبلاء 20/ 156) :
«مشتبه أسامي الرواة» .
[6] في وفيات الأعيان 5/ 168 ورد: «ضالّة الناشد والرائض في علم الفرائض» دون فأصل بين(36/488)
«والمنهاج» في الأصول، و «المفصّل» [1] .
وسمعت بعض المشايخ يحكي أنّ رِجْله سقطت وكان يمشي على جارِف [2] خَشَب، وسقطت من الثّلج.
وقيل إنّه سُئل عَنْ قَطْع رِجْله، فقال: سببه دعاء الوالدة. كنت في الصِّغَر اصطدْتُ عُصْفورًا وربطْتُه بخيط في رجْله، فطار، ودخل في حَرف، فجذبتُه، فانقطعت رِجْله، فتألّمت أمّي. وقالت: قطع الله رِجْلك كما قطعتَ رِجْله. فلمّا كبرتُ ورحلنا إلى بُخَارَى سقطت عَن الدّابَّة، وانكسرت رِجْلي، وعَمِلَتْ عملًا أوجب قطعها [3] .
وكان متظاهرًا بالاعتزال، وقد استفتح «الكشّاف» بالحمد للَّه الّذي خلْق القرآن، فقالوا له: متى تركته هكذا هجره النّاس. فغيرها ب: جَعَلَ القرآن. وهي عندهم بمعنى خَلَق [4] .
ومن شِعْره يرثي شيخه أبا مُضَر منصور:
وقائلة: ما هذه الدّرر الّتي ... تَسَاقَطُ من عينيك سِمْطَين سَمْطَين؟
فقلت: هو الدّرّ الّذي كان قد حشا ... أبو مُضَر أذْني تساقَطَ من عيني [5]
وقد كتب إليه السِّلَفيّ إلى مكَّة يستجيزه، فأجازه بجزءٍ لطيف فيه لغة وفصاحة، يزْري فيه على نفسه [6] .
__________
[ () ] الكتابين، وكأنّهما كتاب واحد، وهذا وهم، وقد فصل ياقوت بينهما في (معجم الأدباء 19/ 134) وهو الصحيح.
[1] وذكر ابن خلّكان أسماء مؤلّفات أخرى (5/ 169) ، وانظر: (معجم الأدباء 19/ 133- 135) ، وكان ابن الأنباري يزعم أنه ليس في كتاب سيبويه مسألة إلّا وقد تضمّنها هذا الكتاب. ويحكى أن بعض أهل الأدب أنكر عليه هذا القول، وذكر له مسألة من كتاب سيبويه وقال: هذه ليست فيه، فقال: وإنها إن لم تكن فيه أيضا، فهي فيه ضمنا، وبيّن له ذلك. (نزهة الألباء 290) .
[2] في وفيات الأعيان 5/ 169، وسير أعلام النبلاء 20/ 156: «جاون» .
[3] إنباه الرواة 3/ 268.
[4] وفيات الأعيان 5/ 170.
[5] وفيات الأعيان 5/ 172، عيون التواريخ 12/ 381، نزهة الألباء 290.
[6] انظر وفيات الأعيان 5/ 170، 171.(36/489)
قلت: كان داعية إلى الاعتزال والبِدْعة.
399- مقداد بن المختار [1] .
أبو الجوائز بن المطاميريّ، التِّكْرِيتيّ، الشّاعر المشهور.
ذكره ابن النّجّار [2] فقال: كان جيّد القول، رقيق الغَزَل، كثير النَّظْم.
روى عنه: الحَسَن بن جعفر بن المتوكّل، وعليّ بن أحمد بن محمْوَيْه الأزديّ، وغيرهما.
فمن شِعره:
ولمّا تناحوا للفراق غديَّة ... رموا كلّ قلبٍ مطمئنٍّ برابِعِ
وقفنا............. [3] ... نقوِّم بالأنفاس عُوجَ الأضالِع
مواقف تُدمي كلّ سواتره ... صدوق الكَرَى نهانهًا غير هاجِعِ
أنبأوا الواشي أَن يَلْهَجُوا بنا ... فلم نَتَّهِم إلّا وُشاةَ المدامِعِ [4]
- حرف الهاء-
400- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بن الصّاحب [5] .
أبو الفضل الحاجب.
__________
[1] انظر عن (مقداد بن المختار) في: عيون التواريخ 12/ 337- 339 وذكره في وفيات سنة 532 هـ.
[2] في الجزء المفقود من (ذيل تاريخ بغداد) .
[3] بياض في الأصل.
[4] ومن سائراته قوله:
ومجدولة مثل جدل العنان ... صبوت إليها فأصبيتها
إذا لام في حبّها العاذلات ... أسخطتهنّ وأرضيتها
كأنّي إذا ما نهيت الجفون ... عن الدمع بالدمع أعزيتها
فلو أنني استمدّ البحور ... دموعا لعيني أفنيتها
ولو كان للنفس غير السلو ... عنك دواء لداويتها
وقال في العذار وأغرب:
وكأنّ خيط عذاره لما بدا ... خيط من الظلماء فوق صباح
وكأن نملا قيدت خطواته ... في عارضيه فدبّ في الأرواح
وله في (عيون التواريخ) شعر كثير.
[5] لم أجده، ولعلّه في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .(36/490)
كان حاجب الدّيوان العزيز مدَّةً، ثمّ عُزِل.
وحدَّث عَنْ: أبي نصر الزَّيْنبيّ.
ومولده في سنة ثلاثٍ وخمسين.
وتُوُفّي في ربيع الآخر. قاله ابن السَّمْعانيّ.
401- هلال بن الحَسَن بن عليّ [1] .
القاضي أبو البدر السعيديّ، السَّرْخَسِيّ [2] .
سمع السّيّد محمد بن محمد بن زيد الحُسَينيّ، وغيره.
وأجاز لعبد الرحيم بن السَّمْعانيّ [3] .
- حرف الواو-
402- واثق بن عليّ [4] .
البغداديّ، المقرئ.
روى عَنْ: هبة الله بن الحُصَيْن بدمشق.
- حرف الياء-
403- يحيى بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الغفّار [5] .
أبو الوفاء الهَمَذَانيّ الصّبّاغ.
متودّد، كَيِّس، من بيت تصوُّف.
سمع: الحَسَن بن عبد الله بن ياسين إمام همذان، وأبا الفتح عَبْدُوس بن عبد الله.
كُتُب عنه: ابن السّمعانيّ.
وتوفّي في ربيع الأوّل.
__________
[1] انظر عن (هلال بن الحسن) في: التحبير 2/ 367 رقم 1088، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 38 أ.
[2] زاد ابن السمعاني في نسبته: «الكرابيسي» .
[3] وقال ابن السمعاني: من بيت العلم وأهله، كان شيخا حسن السيرة، مكثرا من الحديث، صاحب أصول ... كتبت عنه بسرخس، وكانت ولادته في سنة تسع وخمسين، وأربعمائة بسرخس.
[4] لم أجده.
[5] انظر عن (يحيى بن محمد) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.(36/491)
سنة تسع وثلاثين وخمسمائة
- حرف الألف-
404- أحمد بن سهل بن إبراهيم [1] .
أبو عمر المساجديّ، النَّيْسابوريّ.
سمع: أبا إسحاق الشّيرازيّ، ويعقوب بن أحمد الصَّيْرفيّ، ومحمد بن إسماعيل التَّفْلِيسيّ، وأبا المعالي الْجُوَيْنيّ، وغيرهم.
روى عنه جماعة آخرهم المؤيَّد بن محمد الطُّوسيّ.
405- أحمد بن عليّ بن محمد [2] .
الأنصاريّ، البغداديّ، أبو العبّاس.
سمع: الحسين بن عليّ بن البُسْريّ، والعلّاف.
وعنه: السَّمْعانيّ، وابن عساكر.
وكان صالحًا، زاهدًا، جاوز الثّمانين.
406- أحمد بن محمد بن سعيد بن حرب [3] .
أبو العبّاس المسيليّ، المقرئ.
أخذ القراءات عَنْ: أَبِي داود بْن نجاح، وخازم [4] بن محمد، وأبي الحسين العبْسيّ.
__________
[1] لم أجده.
[2] انظر عن (أحمد بن علي) في: مشيخة ابن عساكر، ومعجم شيوخ ابن السمعاني.
[3] انظر عن (أحمد بن محمد بن سعيد) في: غاية النهاية 1/ 115، 116 رقم 533، ومعجم المؤلفين 2/ 106.
[4] في (غاية النهاية) : «حازم» بالحاء المهملة.(36/492)
وكان من أهل الحِذق والتّجويد. صنَّف كتابًا في «التّقريب في القراءات السَّبْع» ، وتصدَّر للإقراء بإشبيليّة.
أخذ عنه: عبد بن يحيى، وابن خير.
وحدّث في هذا العام [1] .
407- أحمد بن أبي الحسين بن أحمد بن ربيعة [2] .
أبو الحارث الهاشميّ.
إمام جامع المنصور.
شيخ، صالح، حَسَن.
سمع: أبا الحسين بن السُّيُوريّ في حال كِبَره.
وُلِد في سنة بضع وستّين وأربعمائة.
وأخذ عنه ابن السَّمْعانيّ قليلًا.
408- أحمد بن محمد بن أبي عَقِيل أحمد بن عيسى [3] .
أبو بكر السُّلَميّ، الحريريّ.
سمع: أبا نصر الزَّيْنبيّ، وعاصم بن الحَسَن، والحُمَيْديّ، وجماعة.
روى عنه: عبد الحقّ اليُوسُفيّ، وغيره.
وله شِعْرٌ جيّد.
كان حيًّا في هذه السَّنة ثمّ انقطع خبره.
409- إبراهيم بن محمد بن منصور بن عمر [4] .
أبو البدر الكرخيّ.
__________
[1] وقال ابن الجزري: بقي إلى حدود الأربعين وخمسمائة.
[2] انظر عن (أحمد بن أبي الحسين) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
[3] لم أجده.
[4] انظر عن (إبراهيم بن محمد) في: الأنساب 10/ 394، والمنتظم 10/ 112، 113 (18/ 39 رقم 4105) ، والتقييد لابن نقطة 192 رقم 220، والمعين في طبقات المحدّثين 159 رقم 176، وسير أعلام النبلاء 20/ 79، 80 رقم 48، والإعلام بوفيات الأعلام 221، والبداية والنهاية 12/ 2191، وعيون التواريخ 12/ 396، والنجوم الزاهرة 55/ 276، وشذرات الذهب 4/ 121.(36/493)
صحِب الشَيخ أبا إسحاق، وقرأ عليه شيئًا من الفقه.
وتفرّد برواية «أمالي ابن سَمْعُون» [1] ، عَنْ خديجة بنت محمد الشّاهْجانيَّة.
وسمع أيضًا من: أبي محمد الصَّرِيفينيّ، وابن النَّقُّور، وعبد الصّمد بن الميمون، وأبي بكر الخطيب، وغيرهم.
وله مشيخة في جزءٍ صغير سمعتُهُ.
قال ابن السَّمْعانيّ [2] : وُلِد تقديرًا في سنة خمسين وأربعمائة، وأصله من كَرْخ جُدّان [3] . وكان يسكن في دار أبي حامد الإسْفَرَائينيّ. وهو شَيْخ، صالح، مُعَمَّر، عجز عَن المشْي.
قلت: روى عنه هو، والحافظ ابن عساكر [4] ، وعبد الوهّاب ابن سُكَيْنَة، وعبد الله بن عثمان سِبْط ابن هَدية، وعبد العزيز بن معالي بن مَنيِنا [5] ، وعبد الملك بن المبارك الخريميّ القاضي، وعمر بن طَبَرْزَد، وإسماعيل بن هبة الله ابن أبي نصر، والحسن بن مسلم الفارسيّ الزّاهد، والنّاس لثقته وحُسْن سماعه.
وتُوُفّي في التّاسع والعشرين من ربيع الأَوَّل.
وآخر من روى عنه تُرْك بن محمد العطّار [6] .
410- إبراهيم بن شيبان [7] .
__________
[1] ابن سمعون هو: أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسماعيل البغدادي الواعظ. توفي سنة 387 هـ.
[2] في الأنساب 10/ 394.
[3] كرخ جدّان: بضم الجيم. وتشديد الدال المهملة. قال ياقوت: وسمعت بعضهم يفتحها، والضمّ أشهر، وآخره نون. بليدة في آخر ولاية العراق، وهو الحدّ بين شهرزور والعراق.
(معجم البلدان 4/ 449) .
[4] مشيخته 23 ب.
[5] في الأصل: «مينا» ، والتصحيح من المشتبه في الرجال (انظر الفهرس 736) ، وفي سير أعلام النبلاء 20/ 80: «منينا» بكسر الميم وفتح النون.
[6] وقال ابن الجوزي: «وسماعه صحيح، وحدّث، وكان ديّنا» . (المنتظم 10/ 113) .
[7] انظر عن (إبراهيم بن شيبان) في: تاريخ دمشق لابن عساكر، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 4/ 61، 62 رقم 64، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 220.(36/494)
أبو طاهر النُّفَيْليّ [1] .
قال ابن عساكر: لم يكن بالمَرْضِيّ [2] . أنا عَنْ أَبِي نصر محمد بْن محمد الزَّيْنبيّ. وإن مولده ببانياس [3] .
- حرف التاء-
411- تاشفين [4] .
أمير المسلمين، ابن أمير المسلمين علي بْن يُوسُف بْن تاشفين، المَصْموديّ. سلطان الملثّمين. وكانت تسميتهم بالمنقّبين أولى، لأنّهم يعلمون اللّثام على أكثر الوجه، حتّى لَا يكاد يُعرف الشَيخ من الشّابّ.
وكانت دولتهم قريبًا من تسعين سنة. خرجوا من بَرّيَّة المغرب من جهة الجنوب، كما تقدَّم في ترجمة سلطانهم أبي بكر المُتَوَفّى سنة اثنتين وستّين وأربعمائة.
وُلّي تاشفين هذا الأمر بعد موت أبيه سنة سبْعٍ وثلاثين، وعبد المؤمن على كَنَفه، فلم يدعْه يبلع ريقه، ولا قر له قرار.
وكانت أيامه سنتين وشهرين. وكان فيها مقهورا مع عبد المؤمن، وتيقّن أنّ
__________
[1] المرتّب بالمدرسة النظامية ببغداد.
[2] وقال: كتبت عنه شيئا يسيرا.
[3] ولد سنة 444 هـ.
[4] انظر عن (تاشفين بن علي بن يوسف) في: الكامل في التاريخ 10/ 578- 580 و 11/ 33، 102، ووفيات الأعيان 7/ 124 و 126، والعبر 4/ 124، وسير أعلام النبلاء 20/ 125 في آخر ترجمة أبيه «علي بن يوسف» ، ودول الإسلام 2/ 56، وشرح رقم الحلل 182 و 187، 188، ومرآة الجنان 3/ 271، وعيون التواريخ 12/ 396، والحلّة السيراء 2/ 93، 192- 195، 198، 213، 218، وأخبار المهدي بن تومرت (تحقيق ليقي بروقنسال، باريس 1928) ص 95، والحلل الموشية 109، والاستقصاء 1/ 126، وجذوة المقتبس 106، ورقم الحلل 53، والوافي بالوفيات 10/ 175، 376 رقم 4869، والبيان المغرب 4/ 79- 91 و 94- 105، 107، 123، 125، وشذرات الذهب 4/ 115، وأخبار الدول وآثار الأول 2/ 410، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 113.
وقد تقدّمت ترجمة والده على في وفيات سنة 537 هـ.(36/495)
مُلكهم سيزول، فاتي مدينة وهْران، وهي حصينة على البحر، ورأى إنْ أحاط به أمرٌ ركب منها في البحر إلى الأندلس، فإنّه كان له بالأندلس آثار حميدة، وغزوات مشهورة، نصر فيها على الرّوم، إذا كان واليًا عليها لأبيه.
وكان بظاهر وهْران ربْوَة على البحر، بأعلاها رِباط يأوي إليه العُبّاد، فصعِد تاشفين إليه في ليلة السّابع والعشرين من رمضان، واتّفق أنّ عبد المؤمن أرسل منْسَرًا [1] إلى وهْران فأتوها في يوم السّادس والعشرين، ومقدَّمهم الشَيخ عمر بن يحيى صاحب ابن تُومَرْت، فكمنوا تلك اللّيلة، وشعروا برَوَاح تاشفين إلى ذلك المكان، فقصدوه وبيّتوه، وأحرقوا الباب، فأيقن الشّابّ بالهَلَكَة، فخرج راكبًا فَرَسَه، فركضه ليثب به النّارَ وينجو، فشبّ الفَرَس واضطّرب من النّار، فتردّى في جرْفٍ هناك إلى جهة البحر على حجارة، فتهشّم تاشفين، وتلف في الحال، وَقُتِلَ من كان معه من الخواص.
ومن ذلك الوقت نزل عبد المؤمن من الجبل إلى السّهل، ثمّ توجّه وتملّك تِلْمِسان سنة أربعين.
ثمّ إنّهم صلبوا تاشفين على خَشَبَة. وعمل الموحّدون عند أخذ تِلْمِسان بأهلها مثلَ ما يعمله الفرنج، بل أشدّ، فلا قوَّة إلّا باللَّه.
- حرف الجيم-
412- جعفر بن يحيى [2] .
أبو الحَكَم الدّاني، المعروف بابن غتّال [3] .
أخذ القراءات عَنْ أبي داود، وسمع منه.
ومن: أبي عَلِيّ بْن سُكَّرَة.
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه الأبّار [4] : كان أديبًا، شاعرًا، كاتبًا، مفسرًا. له خُطَبٌ عارض بها خطب ابن نباته، وأقرأ النّاس العربيّة.
__________
[1] في الأصل: «منسر» .
[2] انظر عن (جعفر بن يحيى) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 1/ 240، ومعرفة القراء الكبار 1/ 498 رقم 445، وعيون التواريخ 12/ 321، 322، وغاية النهاية 1/ 199 رقم 916.
[3] غتّال: بالغين المعجمة ومثنّاة من فوق مشدّدة.
[4] في تكملة الصلة 1/ 240.(36/496)
روى عنه: أبو عبد الله المِكْناسيّ، وأبو محمد بن سُفْيان.
وقرأ عليه: أبو الحَسَن بن هُذَيْل كتاب «الواضح» للزّبيديّ.
وتُوُفّي مسجونًا من قِبَل الدّولة.
413- جَقَر بن يعقوب [1] .
الأمير نصير الدّين أبو سعيد الهَمَذَانيّ، نائب صاحب المَوْصل عماد الدّين زنكيّ في الموصل.
كان ظالمًا، جبّارًا، سفّاكًا للدّماء، مُسْتَحِلًا للأموال. وفى ولايته قصد المسترشد باللَّه في سنة سبْعٍ وعشرين الموصل، فنازلها وحاصرها مدَّة، ثمّ رجع ولم ينَلْ منها مقصودًا. وكان بها أيضًا السّلطان فرُّوخ شاه ابن السّلطان محمود المعروف بالخَفَاجيّ.
وقال ابن الأثير: بل اسمه ألْب أرسلان بن محمود.
وكان عماد الدّين زنكيّ أتابكه. وكان جَقَر يُعانده ويعارضه في أُموره، فلمّا سار عماد الدّين لحصار إلْبِيرة قرّر الخفاجيّ مع جماعةٍ من خواصّه قتْل جَقَر، فحضر في ثامن ذي القعدة سنة تسعٍ وثلاثين للخدمة، فقتلوه. وولّي عماد الدّين مكانه زين الدّين عليّ بن بُلُكّين [2] والد مظفَّر الدّين صاحب إرْبِل، فأحسن السّيرة، وعدل في الرّعّية.
ويقال: كان جَقَر ذا عدل وإنصاف [3] . فاللَّه أعلم.
__________
[1] انظر عن (جقر بن يعقوب) في: الباهر في تاريخ دولة الأتابكة 71، 72، والكامل في التاريخ 10/ 643، 644 و 11/ 6، 15، 91، 94، 100، 101، 102، ووفيات الأعيان 1/ 364- 366 و 2/ 328، والإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني 218، وعيون التواريخ 12/ 293، وشذرات الذهب 4/ 121، 122 وهو «جقر» بالجيم والقاف والراء.
[2] في وفيات الأعيان 1/ 365: «بكتكين» .
[3] وكان جقر قد ولّى بالموصل رجلا ظالما يسمّى بالقزويني، فسار سيرة قبيحة وكثر شكوى الناس منه، فعزله وجعل مكانه عمر بن شكلة، فأساء في السيرة أيضا، فعمل في ذلك أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ محمد بن شقاقا الموصل المتوفى سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة:
يا نصير الدين يا جقر ... ألف قزويني ولا عمر
لو رماه الله في سقر ... لاشتكت من ظلمه سقر
و «جقر» : بفتح الجيم والقاف وبعدهما راء، وهو اسم أعجمي وأظنّه كان مملوكا. (وفيات الأعيان 1/ 365، 396) .(36/497)
- حرف الدال-
414- داود بن مَنَاد بن عطيَّة الله.
أبو بكر الصَّنْهاجيّ الدّانيّ.
سمع: أبا داود المقرئ، وأبا عليّ الصَّدَفيّ.
وأجاز له أبو عليّ الغسّانيّ.
وكان صالحًا. كتب بخطّه عِلْمًا كثيرًا.
وتُوُفّي في رجب.
وفى هذه السّنة انقرضت قومه الملثَّمين بالأندلس. وعطّية الله هو ابن المنصور الأمير.
- حرف السين-
415- سعد بن عبد الكريم بن الشَيخ أبي محمد الحَسَن بن أحمد بن موسى [1] .
الغَنْدَجَانيّ [2] ، أبو الجوائز الواسطيّ.
روى بالإجازة عَنْ جدّه.
وسمع من: أحمد بن عثمان بن نفيس.
وعنه: أبو الفتح محمد بن المنْدائيّ.
مات في ذي القعدة [3] .
416- سعيد بن الإمام أبي النَّضْر أحمد بن محمد بن إبراهيم [4] .
__________
[1] انظر عن (سعد بن عبد الكريم) في: الأنساب 9/ 181.
[2] الغندجاني: بفتح الغين المعجمة وسكون النون، وفتح الدال المهملة والجيم، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى غندجان وهي بلدة من كور الأهواز من بلاد الخوز.
ضبطها ياقوت بالضم والفتح في (معجم البلدان) .
[3] وقال ابن السمعاني: قرأت عليه بواسط، وكانت ولادته في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وأربعمائة، وتركته حيّا في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة.
[4] انظر عن (سعيد بن أبي النضر) في: التحبير 1/ 302، 303 رقم 237، والأنساب 1/ 563، واللباب 3/ 200، وإنباه الرواة 2/ 51، 52، ومعجم البلدان 4/ 713، وتكملة إكمال الإكمال، ورقة 236 أ، وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة، ورقة 146 أ، وبغية الوعاة 1/ 582 رقم 1220، وكشف الظنون 90، 1195، 1391، 1935، وشذرات الذهب 4/ 58،(36/498)
المَيْدانيّ [1] ، النَّيْسابوريّ، الأديب، ابن الأديب.
صنّف كتاب «الأسماء في الأسماء» [2] ، وحدَّث عَنْ: أبي الحَسَن المَدِينيّ.
روى عنه: ابن عساكر، وغيره.
وقيل: كنيته باسمه [3] ، وسمّاه السَّمْعانيّ: سعيدًا، وقال: سمع من أبي بكر بن خَلَف، وبَهَراة عبد الأعلى بن المليحيّ [4] .
مولده في سنة 472.
ومات في ذي القعدة [5] .
417- سعيد بن محمد بن عمر [6] .
الإمام، أبو منصور الرّزّاز، الفقيه الشّافعيّ.
من كبار الأئمة ببغداد. وهو مدرّس النّظاميَّة.
تفقه على الغزّاليّ، وأبي بكر الشّاشيّ، وأبي سعد المتولّي، وإلْكِيَا الهَرَّاسيّ، وسعد الميهنيّ.
__________
[ () ] ومعجم المؤلفين 4/ 219.
[1] الميداني: بفتح الميم، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفتح الدال المهملة، وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى موضعين، أحدهما إلى ميدان زياد بنيسابور. منه صاحب هذه الترجمة.
[2] في بغية الوعاة: «السامي في الأسامي» .
[3] في (التحبير) كنيته: «أبو سعد» ، وكذلك في (الأنساب) .
[4] وقال ابن السمعاني: «شيخ أديب فاضل، عالم، كثير المحفوظ، عارف بالأدب واللغة، ساكن، وقور ... كتبت عنه شيئا يسيرا» و (التحبير 1/ 302، 303) .
[5] هكذا في التحبير. أما في (الأنساب) فقال ابن السمعاني: وتوفي في حدود سنة أربعين وخمسمائة.
[6] انظر عن (سعيد بن محمد) في: المنتظم 10/ 113 رقم 158 (18/ 40 رقم 4106) ، والكامل في التاريخ 11/ 103، ودول الإسلام 2/ 57، والإعلام بوفيات الأعلام 221، وسير أعلام النبلاء 20/ 169 رقم 103، والعبر 4/ 107، والمشتبه في الرجال 1/ 312، والمعين في طبقات المحدّثين 159 رقم 1717، والبداية والنهاية 12/ 219 وفيه: «سعد» ، ومرآة الجنان 3/ 271، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 221، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 311 رقم 272، والنجوم الزاهرة 5/ 276، وشذرات الذهب 4/ 122.(36/499)
وكان ذا سَمْتٍ ووقار وجلالة [1] .
سمع من: رزق اللَّه التّميميْ، ونصر بْن البَطِر.
ووُلِد سنة اثنتين وستّين وأربعمائة [2] .
ولي تدريس النّظاميَّة مدَّة، ثمّ عُزِل، وعاش حتّى صار رئيس الشّافعية [3] .
تُوُفّي في حادى عشر ذي الحجَّة، وصلّى عليه ولده أبو سعد، وشيَّعه الأعيان والدّولة.
روى عنه: أبو سَعْد السَّمْعانيّ، وعبد الخالق بْن أسد، وجماعة.
- حرف الشين-
418- شُرَيح بن محمد بن شُرَيح بن أحمد بن محمد بن شُرَيح بن يوسف بن شُرَيح [4] .
الإمام أبو الحَسَن الرُّعينيّ، الإشبيليّ، المقرئ، خطيب إشبيلية.
روى الكثير عَنْ: أبيه، وعن: أبي عبد الله بن منظور، وعلي بن محمد الباجيّ، وأبي محمد بن خَزْرَج.
قال ابن الدّبّاغ: وله إجازة من ابن حزْم، أخبرني بذلك ثقة نبيل من أصحابنا، أنّه أخبره بذلك. ولا أعلم في شيوخنا أحدًا عنده عَن ابن حزْم غيره.
وقد سألته هل أجاز له ابن حَزْم، فسكت. وأحسب سكت عَن ابن حزْم لمذهبه.
__________
[1] المنتظم 10/ 113.
[2] الكامل 11/ 103، المنتظم 10/ 113.
[3] المنتظم 10/ 113.
[4] انظر عن (شريح بن محمد) في: الغنية للقاضي عياض 213، 214 رقم 92، وفهرس ابن خير 38 و 39 و 40 و 419، والصلة لابن بشكوال 1/ 234، 235 رقم 536، وبغية الملتمس للضبيّ 318 رقم 849، وخريدة القصر (قسم شعراء المغرب والأندلس) ج 2/ 25 (في ترجمة المعتمد بن عبّاد) والعبر 4/ 107، والمعين في طبقات المحدّثين 159 رقم 1718، ومعرفة القراء الكبار 1/ 490، 491 رقم 438، والإعلام بوفيات الأعلام 221، وسير أعلام النبلاء 20/ 142- 144 رقم 85، ودول الإسلام 2/ 57، والوفيات لابن قنفذ 256، 257، وغاية النهاية 1/ 324، 325 رقم 1418، والنجوم الزاهرة 5/ 276، وبغية الوعاة 2/ 3 رقم 1292، وشذرات الذهب 4/ 122.(36/500)
قال ابن بشكوال [1] : كان من جلّة المقرءين، معدودًا [2] في الأدباء والمحدّثين، خطيبًا، بليغًا، حافظًا، محسنًا، فاضلًا، مليح الخطّ، واسع الخُلُق. سمع منه النّاس كثيرًا، ورحلوا إليه. واستُقْضى ببلده، ثمّ صُرِف عَن القضاء. لقِيتُه سنة ستّ عشرة وخمسمائة، فأخذت عنه. وقال لي: مولدي في ربيع الأوّل سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
زاد غيره فقال: في الثّالث والعشرين منه، في صدر الفتنة الّتي حدثت على المسلمين بالأندلس. وكانت جنازته مشهودة.
واشتهرت رواية شُرَيح بالأندلس.
وحدَّث عنه: أبو جعفر أحمد بن عليّ الحصّار، وأبو العبّاس أحمد بن محمد بن مِقدام الرُّعَيْنيّ، وهو آخر من قرأ عليه القرآن. تُوُفّي سنة أربع وستّمائة.
وتُوُفّي ابن الحصّار في سنة ثمانٍ وتسعين، وليس هو بشيخ علم الدّين اللُّورَقيّ، ذاك عاش بعد ذا عشر سِنين.
وروى عنه: إبراهيم بن محمد بن ملكون النَّحْويّ، وإبراهيم بن محمد الأمويّ الطّريانيّ، ومحمد بن عبد الله بن الغاسل، واعتمد عليه في القرآن، وأبو بكر محمد بن خير اللَّمْتُونيّ المقرئ، ومحمد بن جعفر بن حُمَيْد بن مأمون البَلَنْسِيّ، وأبو بكر محمد بن الجدّ الفِهْريّ الحافظ، ومحمد بن إبراهيم الفخّار، نزيل مَرّاكُش، ومحمد بن يوسف بن مُفَرّج الإشبيليّ، نزل تِلِمْسان، وأقرأ عنه القراءات، وبقي إلى سنة ستّمائة، ومحمد بن عليّ بن حَسْنُونَ الكُتَاميّ البيّاسيّ، وأقرأ أيضًا عنه القراءات، وتُوُفّي سنة أربعٍ وستّمائة عَنْ سِنٍّ عالية، ومحمد بن جابر الثّعلبيّ المعروف بابن الرماليَّة الغَرْناطيّ، ونَجَبَة بن يحيى الإشبيليّ المقرئ، وأبو محمد عبد الله بن عُبَيْد الله الحَجْريّ، وعبد الله بن أحمد بن جُمْهُور القَيْسيّ، وأبو محمد عبد الله بن علوش نزيل مَرّاكُش، وأبو
__________
[1] في الصلة 1/ 234.
[2] في الأصل: «معدود» .(36/501)
القاسم عبد الرحمن بن يحيى الأُمَويّ، وعبد الرحمن بن محمد القُرْطُبيّ الشّرّاط، وعبد الرحمن بن عليّ الزُّهْريّ الإشبيليّ.
سمع الزُّهْريّ منه «صحيح البخاريّ» ، وهو آخر من سمع منه، وعاش إلى سنة ثلاث عشرة وستّمائة. وتنافسوا في الأخذ عنه.
وآخر من روى عَنْ شُرَيح في الدّنيا بالإجازة القاضي أبو القاسم أحمد بن يزيد بن عبد الرحمن بن بقيّ، توفّي سنة خمسٍ وعشرين وستّمائة، وهو الّذي سمع منه شيخنا أبو محمد بن هارون الكاتب «موطأ» مالك.
وأخذ عَنْ شُرَيح عددٌ كبيرٌ سوى من ذَكَرْنا القراءات والحديث.
وكان قد قرأ على والده بكتاب «الكافي في القراءات» من تصنيفه. وقد ذَكَرْنا والده في سنة ستّ وسبعين وأربعمائة.
قال ألْيَسَع بن حزْم: وهو إمامٌ في التّجويد والإتقان، عَلَمٌ من أعلام البيان، بَذّ في صنعه الإقراء، وبرّز في العربيَّة، مع علمٍ بالحديث، وفقهٍ بالشّريعة. وكان إذا صعِد المِنْبَر حنَّ إليه جذْع الخطابة، فسُمع له أنين الاستطابة، مع خشوعٍ ودموع. رحلتُ إليه عام أربعةٍ وعشرين، فحملت عنه وأجازني [1] .
قلت: عاش شُرَيح تسعًا وثمانين سنة، رحمه الله.
- حرف الصاد-
419- صاعِد بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بن عليّ [2] .
__________
[1] وقال القاضي عياض: تفاخر الناس بالأخذ عنه، وتقلّد خطبة إشبيلية نحوا من خمسين سنة، وولي خطّة قضاء إشبيلية سنين، ولم يقطع الإقراء والأخذ عنه في تلك المدّة إلى أن صرف، فلزم الإقراء والسماع والقيام بالخطبة والصلاة إلى أن أقعده الكبر عن ذلك ولم يقدر على التصرّف، ولزم داره فاستخلف على الصلاة، وأخذ الناس عنه إلى أن أعطله الكبر والخرف.
كتب إليّ بإجازة جميع رواياته، من ذلك تصانيف أبيه، وجميع رواياته، وغير ذلك. (الغنية 213، 214) .
[2] انظر عن (صاعد بن محمد) في: التحبير 1/ 337، 338 رقم 283، والأنساب 7/ 199، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 40 ب و 64 أ، 64 ب.(36/502)
أبو العلاء [1] السّهْلويّ [2] السَّرْخَسيّ.
إمامٌ حَسَن السّيرة، فاضل [3] ، سمّعه أبوه من أَبِي الخير مُحَمَّد بْن أَبِي عِمران، وعليّ بن حمْد المَدِينيّ. وتُوُفّي بسَرْخَس وله ثمانون سنة [4] .
أجاز لأبي المظفَّر بن السَّمْعانيّ.
- حرف الطاء-
420- طاهر بن المفضل [5] .
أبو المعالي الأصبهانيّ.
روى عَنْ: رزق الله التّميميّ.
قدِم بغداد في هذا العام. روى عنه: ابن السَّمْعانيّ [6] .
- حرف العين-
421- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عبد الله بن حمدُوَيْه [7] .
أبو المعالي الحُلْوانيّ، المَرْوَزي، البزّاز.
رحل وسمع مَعَ أَبِي بَكْر السَّمْعانيّ من: ثابت بن بُنْدار، وأبي منصور الخيّاط، وأبي محمد بن حشيش، وبأصبهان من جماعةٍ من أصحاب أبي نُعَيْم الحافظ.
وكان قد سمع بنَّيْسابور من: أبي بكر بن خَلَف الشّيرازيّ، وغيره. قال ابن السَّمْعانيّ: كان حُلْو الكلام، حَسَن المعاشرة، كثير الصّلاة والصَّدَقات. سافر إلى غَزْنَة، فأقام بها مدَّة، واشترى كُتُبًا كثيرة، وحصّل الأُصُول، ورجع إلى
__________
[1] في الأنساب، وملخص تاريخ الإسلام: «أبو القاسم» .
[2] السهلوي: نسبة إلى سهل، وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه.
[3] قال ابن السمعاني: هو أكبر الإخوة الثلاثة، كان إماما فاضلا، من بيت العلم والورع، واعظا، سمع بمرو، وبسرخس، وبنيسابور ... كتبت عنه بسرخس.
[4] كانت ولادته في صفر سنة 459 بسرخس.
[5] انظر عن (طاهر بن المفضّل) في: التحبير 1/ 346 رقم 293، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 40 ب.
[6] وقال: سمعت منه المجلس الّذي أملاه أبو محمد التميمي بأصبهان.
[7] انظر عن (عبد الله بن أحمد) في: الأنساب 4/ 194، والمنتظم 10/ 113 رقم 159 (18/ 40 رقم 4107) ، والكامل في التاريخ 11/ 103، واللباب 1/ 381، والقاموس المحيط (مادّة:
حلو) ، وسير أعلام النبلاء 20/ 114، 115 رقم 69، وتبصير المنتبه 2/ 511، وشذرات الذهب 4/ 122.(36/503)
مَرْو، وبنى رِباطًا للمحدّثين، ووقف فيه الكُتُب [1] .
سمع من: ابن السَّمْعانيّ، وجماعة.
وكان فقيهًا فاضلا: ولد سنة إحدى وستّين وأربعمائة، وتُوُفّي، رحمه الله، في أوائل ذي الحجَّة بمَرْو.
422- عبد الله بن سعدون [2] بن نجيب [3] بن سعدون بن حسّان.
أبو محمد التّميميّ، الوشْقيّ، المقرئ الضّرير. نزيل بَلَنْسِية.
أخذ القراءات على: أبي مطّرف بن الورّاق، وعبد الوهّاب بن حَكَم، وخَلَف بن أفْلح، وأبي داود، وأبي الحسين بن الدّوش.
وكان أبو الحَسَن بن الهُذَيْل ينكر أخْذه عَنْ أبي داود، ويقال إنّه قرأ عليه ختْمةً واحدة. وتصدَّر للإقراء.
وأقرأ النّاس. من أهل التّجويد، والإتقان، والتّعليل، والحذْق بهذا الفنّ وبالعربيَّة.
أخذ عنه: أبو الرّبيع بن حَوط الله، وأبو العطاء بن بُدَيْر، وأبو الوليد الأزْديّ، وغيرهم.
قال ابن الأَبار: مات قبل الأربعين.
423- عبد الله بن عبد الرحمن بن مفيد [4] .
أبو محمد الطّائيّ، القُرْطُبيّ.
روى عَنْ: أبي الأَصْبَغ بن سهل، وأبي مروان بن سِراج.
حدَّث عنه: ابنه محمد، وأبو عبد الله محمد بن الفخّار.
وهو آخر من حدَّث عَنْ أبي الأصبغ.
قال الأَبار: بَلَغَني أنّه دخل على القاضي أبي الوليد بن رُشْد، فقام له، فقال ارتجالًا:
قام لي السّيّد الهُمامُ ... قاضي قُضاة الورى الإمام
فقلت: قم لي ولا تقُمْ لي ... فقلّ ما يؤكل القيام
__________
[1] انظر: الكامل في التاريخ 11/ 103، والمنتظم 10/ 113.
[2] انظر عن (عبد الله بن سعدون) في: تكملة الصلة لابن الأبّار، وغاية النهاية 1/ 420 رقم 1776.
[3] في (غاية النهاية) : «مجيب» .
[4] انظر عن (عبد الله بن عبد الرحمن) في: تكملة الصلة لابن الأبّار.(36/504)
قال: وكان أبو محمد فقيها، زاهدا، وشاعرا محسِنًا.
424- عبد الله بن محمد بن فِهْرُوَيْه [1] .
أبو محمد الطِّيَبيّ [2] ، من الطِّيب، بلدة بين واسط والأهواز.
شَيخ، صالح، مستور. سكن بغداد، وسمع من: ابن طلحة النّعاليّ.
قال ابن السَّمْعانيّ: قرأتُ عليه أحاديث، وسألته عَنْ مولده فقال، سنة إحدى وثمانين بالطِّيب.
وتُوُفّي في المحرَّم، أو صَفَر.
425- عبد الحقّ بن خَلَف [3] .
أبو العلاء الكِنانيّ، الشّاطبيّ، المعروف بابن الجنّان، الشّاعر.
سمع من أبيه، وصحِب أبا إسحاق بن خَفَاجة. وكان بصيرًا بالشِّعْر والبلاغة، بارعًا في الطّبّ، واللّغة، والعربيّة. وأبوه أحد الفُقَهاء الّذين أخذوا عَنْ أبي الوليد الباجيّ.
عاش أبو العلاء ستّين سنة [4] .
426- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن يحيى [5] .
أبو المسعود [6] المَذَاريّ [7] ، أخو أحمد الأصغر منه.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن محمد) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
[2] الطّيبي: بالطاء المكسورة، والياء الساكنة المنقوطة من تحتها باثنتين، والباء المنقوطة من تحتها بنقطة. (الأنساب 8/ 289) .
[3] انظر عن (عبد الحق) في: خريدة القصر (قسم شعراء المغرب) ج 3/ 568 رقم 152، والتكملة لابن الأبّار 147.
[4] ذكره ابن الزبير في (كتاب الجنان) وقال: هو حيّ إلى الآن، وذلك في سنة ثمان وخمسين وخمسمائة.
وله:
وكنا وريب الدهر وسنان والنوى ... بعيد مداها لا تروع لنا سربا
فعدنا وقد صرنا بمرأى ومسمع ... فأبصر بها عينا وأسمع بها قربا
أبا حسن إن كنت أصبحت نازحا ... أراقب لمع البرق أو أسأل الركبا
فكم قد تجاذبنا الحديث لياليا ... تقلّده أجيادها لؤلؤا رطبا
وهل كنت إلّا الشمس لاحت لناظر ... فآونة شرقا وآونة غربا
[5] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد المذاري) في: الأنساب 11/ 212، ومعجم البلدان 5/ 88.
[6] هكذا في الأصل، وفي نسخة من (الأنساب) . أما في المطبوع من (الأنساب) و (معجم البلدان) : «أبو السعود» .
[7] المذاري: بفتح الميم، والذال المعجمة، وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى مذار، وهي قرية بأسفل أرض البصرة.(36/505)
سمع: مالكًا البانياسيّ، وعاصم بن الحَسَن.
روى عنه: ابن السَّمْعانيّ.
وتُوُفّي بواسط.
427- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن الحسين بن هنْدُوَيْه بن حَسَنْكُوَيْه [1] .
أبو الرِّضا الفارسيّ، ثمّ البغداديّ.
محدّث، مُكْثِر، مليح الخطّ، غير أنّه اختلط وتَسَوْدَن، وانقطع مدَّة، ثمّ انصلح.
سَمِعَ من أصحاب أَبِي عليّ بْن شاذان، ونحوهم [2] .
علّق عنه ابن السَّمْعانيّ [3] .
وتُوُفّي في رجب.
428- عبد الرّزّاق ابن الشّافعيّ بن أبي القاسم بن أحمد [4] .
أبو الفتوح النّيسابوريّ، السّيّاريّ [5] ، العطّار.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد الفارسيّ) في: المنتظم 10/ 113، 114 رقم 160 (18/ 40، 41 رقم 4108) ، وميزان الاعتدال 2/ 587 رقم 4964، ولسان الميزان 3/ 432 رقم 1690.
[2] وقال ابن الجوزي: سمع أبا الحسين بن الطيوري إحدى وخمسمائة، وكان أبو الحسين قد توفي سنة خمسمائة، ويمكن أن يكون هذا في أول اختلاطه غير أن شيخنا أبا الفضل بن ناصر قال: كان هذا قبل أن يختلط.
[3] وقال ابن ناصر: سمّع لنفسه من أبي الحسين بن الطيوري في طبقته وذكر معه عبد الوهاب الأنماطي، فذكرت ذلك للأنماطي فحلف باللَّه أنه ما رآه عند أبي الحسين قطّ، وأرّخ السماع سنة إحدى وخمسين وخمسمائة، وأبو الحسين مات سنة خمسمائة. قال ابن ناصر: وكان هذا قبل ذهاب عقله. وقال ابن الجوزي: أكل البلاذر فتغيّر عقله. ومات سنة سبع وثلاثين وخمسمائة.
[4] انظر عن (عبد الرزاق بن الشافعيّ) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
[5] السّيّاري: بفتح السين المهملة وتشديد الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفي آخرها راء مهملة، هذه النسبة إلى الأجداد. (الأنساب 7/ 212) .(36/506)
رجل رئيس، متميِّز، خيِّر، سخيّ، متصدّق.
سمع: أبا بكر بن خَلَف، وأبا بكر أحمد بن سهل.
وببغداد: نصر بن البَطِر.
تُوُفّي في رجب.
ترجمه أبو سعد، وحدَّث عنه هو، والمؤيّد الطُّوسيّ.
429- عبد الملك بن أبي الخصال مسعود بن فَرَج [1] .
أبو مروان الغافقيّ، الكاتب، نزيل قُرْطُبة.
روى يسيرًا عَنْ: أبي بحر بن العاص.
سمع منه: أبو عبد الله بن العويص، وغيره.
وكان أديبًا، حاذقًا، فصيحا، مفوّها، بليغا، مدركًا، له رسائل بليغة.
استعمله الأُمراء في الكتابة. قاله ابن الأبّار.
430- عُبَيْد الله بن جامع بن الحَسَن بن عليّ [2] .
أبو بكر الفارسيّ، ثمّ النَّيْسابوريّ الشُّرْوطيّ، المعدّل.
سمع: الفضل بن المُحِبّ، وأبا صالح المؤذن، وجماعة.
وُلِد سنة ستّين وأربعمائة، وتُوُفّي رحمه الله في العشرين من شعبان.
431- عُبَيْد الله بن أبي عاصم عبد الله بن أبي الفضل بن أبي سعد [3] .
أبو نصر الهَرويّ، الدّهّان، الصُّوفيّ.
شَيخ صالح، من أصحاب شَيخ الإسلام عبد الله [4] .
سمع: محمد بن عبد العزيز الفارسيّ، والفُضَيْل بن الفُضَيْليّ.
وخدم شَيخ الإسلام عبد الله وصَحِبَه، وتُوُفّي بهَرَاة.
روى عنه: أبو سعد السَّمْعانيّ، وسِبْطه أبو رَوْح عبد المُعِزّ الصُّوفيّ. وهو الّذي سمّع أبا روح وحرص عليه.
__________
[1] انظر عن (عبد الملك بن أبي الخصال) في: تكملة الصلة لابن الأبّار.
[2] لم أجده.
[3] انظر عن (عبيد الله بن أبي عاصم) في: سير أعلام النبلاء 20/ 169، 170 رقم 104.
[4] هو عبد الله بن محمد بن علي الهروي المتوفى سنة 481 هـ.(36/507)
وكان مولده بعد السّتّين وأربعمائة.
وأجاز لأبي المظفَّر عبد الرّحيم بن السَّمْعانيّ.
وحدَّث ببغداد لمّا حجّ، فروى عنه: يحيى بن بَوْش، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ، وغيرهما.
432- عتيق بن الحَسَين [1] .
أبو بكر الرُّوَيْدَشْتيّ [2] ، الأصبهانيّ [3] .
سمع سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة من سعيد العيّار، وحدَّث فِي هذا العام. ولا أعلم مَتَى مات [4] .
روى عنه: عبد الخالق بن أسد، وأبو جعفر محمد بن أحمد بن حامد الأصبهانيّ شَيخ الزّكيّ البِرْزاليّ.
نعم مات سنة أربعين، فيُحَوَّل [5] .
433- عتيق بن عبد الجبّار.
أبو بكر الْجُذَاميّ، البَلَنْسِيّ.
سمع من: أبي داود المقرئ، وأكثر عَنْ أبي محمد البَطَلْيُوسيّ.
وكان بارعًا في معرفة الشُّروط.
كتب للقُضاة ببَلَنْسِيَة قريبًا من أربعين سنة.
__________
[1] انظر عن (عتيق بن الحسين) في: الأنساب 6/ 200، والتحبير 1/ 609 رقم 598، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 187 أ، وتكملة إكمال الإكمال، ورقة 115 أ، 115 ب، ومعجم البلدان 3/ 156.
وسيعاد برقم (490) .
[2] الرّويدشتيّ: بضم الراء، وفتح الواو، وسكون الياء، وفتح الدال المهملة، وسكون الشين المعجمة. نسبة إلى رويدشت من قرى أصبهان. (الأنساب) .
[3] زاد في التحبير: «السنبلاني» .
[4] وقال ابن السمعاني: شيخ صالح مستور. سمعت منه جزءا بأصبهان من حديث السّراج، بروايته عن العيّار، عن أبي محمد المخلدي، عنه. وكانت ولادته في حدود سنة خمسين وأربعمائة.
[5] سيذكره ثانية في وفيات سنة 540 هـ.(36/508)
434- عثمان بن عليّ بن محمد [1] .
أبو القاسم الجرموكيّ [2] ، النَّوْقانيّ [3] ، الزّاهد [4] .
شَيخ تلك الدّيار ومُقْرِئها.
قال السَّمْعانيّ: سمعت منه، وكان صالحًا، مُقْرِئًا، زاهدًا، كثير العبادة، صاحب كرامات وآيات. ما كان يفارق مجلسه إلّا للوضوء. وكان معروفًا ببلده بالكرامات والكلام على المُغَيَّبات.
سمع: عليّ بن الحسين النَّوقانيّ، ومحمد بن أحمد بن منصور العارف.
مات في شوّال.
435- غرق بن عليّ [5] .
أبو الفُتُوح النَّيْسابوريّ، السِّمِّذيّ [6] .
سمع: أبا بكر بن خَلَف، وعبد الرحمن بن أحمد الواحديّ، وموسى بن عمران الصُّوفيّ.
قال السَّمْعانيّ: مات في ربيع الآخر.
436- عليّ بن زيد بن عليّ السُّلَميّ [7] .
الدّمشقيّ، المؤدب بمسجد السّلّالين.
سمع من: خير المقدسيّ، وسهل بن بِشْر.
روى عنه: ابن عساكر، وابنه القاسم.
وقال ابن عساكر: صَلَّى بمسجد درب الحَجَر خمسين سنة احتسابا.
__________
[1] انظر عن (عثمان بن علي) في: التحبير 1/ 551 رقم 538، وملخص تاريخ الإسلام 8/ 41 ب، وكشف الظنون 2/ 1076.
[2] في الأصل: «الجرموي» . ولم أجد هذه النسبة.
[3] النوقاني: بفتح النون في (الأنساب 12/ 161) وبضمّها في (معجم البلدان 5/ 311) .
[4] زاد في التحبير: «الطوسي» .
[5] لم أجده. ولعلّه في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .
[6] السّمّذي: بكسر السين المهملة وكسر الميم المشدّدة، وقيل بفتحها، وفي آخرها الذال المعجمة. هذه النسبة إلى السّمّذ وهو نوع من الخبز الأبيض.
[7] انظر عن (علي بن زيد) في: تاريخ دمشق لابن عساكر، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 17/ 289 رقم 161.(36/509)
وحفّظ جماعة القرآن، وعاش ثمانيًا وثمانين سنة [1] .
وتُوُفّي في ذي القعدة.
437- عليّ بن عبد الله بن ثابت بن محمد [2] .
أبو الحَسَن الأنصاريّ، الخَزْرجيّ، العُباديّ.
من ولد عُبادة بن الصّامت، المقرئ المجوّد الغَرْناطيّ.
قرأ على أبيه، وقرأ القراءات على أبي الحسين بن كُرْز [3] .
ورحل إلى دَانِية، فأخذ عَنْ أبي داود، وبشاطِبة عَن ابن الدّوش، وبمَرْسِيَة عن ابن البياز، وسمع منهم.
وأجاز له أبو عبد الله الطّلّاعيّ، وخازم بن محمد.
وحجّ، وسمع من: الحسين بن عليّ الطَّبَريّ، وأبي مكتوم عيسى بن عبد الهَرَويّ في سنة سبْعٍ وتسعين، لكنه فاته تسْعُ ورقات من البخاريّ.
وتصدّر للإقراء بغرناطة، وولّي الصّلاة والخطبة بها.
وكان مقرئا، مجاهدا، موصوفا بالصّلاح والفضل.
أخذ عنه: أبو بكر بن رزق، وأبو عبد الله بن حُمَيْد، وعبد الصّمد بن يَعِيش، وأبو جعفر بن حَكَم.
وتُوُفّي بغَرْناطة في ذي الحجَّة.
وقد قارب السبعين.
استُشْهِد بظاهر البلد، رحمه الله. ترجمه الأبّار.
438- عليّ بن عبد الله بن داود [4] .
__________
[1] ولد سنة 451 هـ.
[2] انظر عن (علي بن عبد الله) في: بغية الملتمس للضبيّ 423، 424 رقم 1223، وتكملة الصلة لابن الأبّار، رقم 5847، والمعجم للصدفي 282، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة، السفر الخامس، ق 1/ 220- 225، وصلة الصلة 86، ومعرفة القراء الكبار 1/ 492، 493 رقم 440، وغاية النهاية 1/ 552، 553 رقم 2255.
[3] تصحّفت إلى: «كرر» في (غاية النهاية 1/ 552) .
[4] انظر عن (علي بن عبد الله) في: تكملة الصلة لابن الأبّار.(36/510)
أبو الحَسَن اللماتيّ، القَيروانيّ، الفقيه، نزيل المَرِيَّة.
روى عَنْ: أبي الحَسَن بن مكّيّ اللُّوَاتيّ، وعبد القادر ابن الخيّاط، وأبي عليّ بن سكّرة.
قال الأبّار: وكان فقيها مشاورا متفنّنا، له جمْع بين الاستذكار.
وانتقى وشرح في «رقائق» ابن المبارك، سماه «رمز الحدائق» .
حدَّث عَنْهُ: أبو عبد الله النُّمَيْريّ، وأبو محمد بن عائش، وأبو محمد بن عُبَيْد الله الحَجَريّ، وجماعة.
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
439- عليّ بن عبد الكريم بن محمد الكعكيّ البغداديّ [1] .
أبو الحَسَن.
قال ابن السَّمْعانيّ: شَيخ صالح، له سَمْتٌ ووقار وسكون.
سمع: مالك البانياسيّ، والنعاليّ، وابن البَطِر، وطائفة.
وُلِد في حدود سنة ثمان وستّين وأربعمائة.
روى عنه: ابن السّمعانيّ.
وتُوُفّي في ذي القعدة.
قلت: روى عَنْهُ أيضا ابن سُكَيْنَة.
وقد تلا بالرّوايات على: رزق الله التّميميّ، وأبي الفضل بن خَيْرُون [2] .
أقرأ وحدَّث، وكان من كبار الشّافعيّة. ورحل في أعمال الدّولة.
440- عليّ بن محمد بن حمّويه [3] .
__________
[1] انظر عن (علي بن عبد الكريم) في: المنتظم 10/ 114، 115 رقم 162 (18/ 42 رقم 4110) .
[2] المنتظم 10/ 114، 115 وفيه زيادة: وسمع الحديث الكثير، وتفقّه على الشاشي، إلّا أنه اشتغل بالعمل مع السلطان.
[3] انظر عن (علي بن محمد الجويني) في: التحبير 1/ 581، 582 رقم 568، والأنساب 3/ 432 و 4/ 260، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 181 ب، ومعجم البلدان 1/ 512، وطبقات الشافعية الوسطى للسبكي، ورقة 685.(36/511)
أبو الحَسَن ابن الزّاهد أبي عبد الله الْجُوَينيّ [1] .
متودّد، محبوب، عارف بالحُقُوق. بيته مجمع الفُضَلاء.
سمع: أبا العبّاس بن أحمد الشّقانيّ، والشّيرُوِيّ بنَّيْسابور. وعُمَر الرُّؤاسيّ بطُوس.
وقرأ شيئا من الفقه على الغزّاليّ.
روى عنه: ابن السَّمْعانيّ [2] .
وتُوُفّي في جُمَادَى الآخر بنَّيْسابور، وحُمِل إلى جُوَيْن.
441- عليّ بن محمد بن مسلم [3] .
أبو الحَسَن النَّحويّ، الإشبيليّ، مولى الأمير محمد بن عبّاد، اللّخْميّ.
أخذ العربيَّة عَنْ: أبي عبد الله بن أبي العافية ولازمه مدَّة طويلة وقعد لإقرائها. وكان من كبار النَّحْويّين وجِلّتهم.
أخذ عنه: أبو بكر بن طاهر الأدب، وأبو الحَسَن نَجَبة.
وكان حيّا في هذا العام.
442- عَلِيِّ بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السّلام بْن عَبْد اللَّه بْن يحيى [4] .
أبو الحَسَن البغداديّ، الكاتب.
ذكره ابن السَّمْعانيّ فقال: سكن دار الجليلة بالقرية، شَيخ كبير من بيت الرئاسة والتّقدُّم، واسع الرّواية، صاحب أُصُول حَسَنَة مليحة.
__________
[1] الجوينيّ: بضم الجيم وفتح الياء المثنّاة من تحتها.
[2] وهو قال: كان حسن الأخلاق، مليح المعاشرة، وداره كانت مجمع الأئمة والفضلاء، وهو يرجع إلى فضل، وكان عارفا بحقوق الناس متودّدا، وكان يدخل نيسابور في بعض الأوقات ويقيم بها أشهرا ويرجع إلى وطنه.
وكان والده ممن يضرب به المثل في الزهد والورع.
وكان (علي) خرج إلى طوس وأقام عند أبي حامد الغزالي مدّة وشذا طرفا من العلم عليه وصحبه. كتبت عنه بنيسابور شيئا يسيرا. (التحبير) .
[3] انظر عن (علي بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبّار.
[4] انظر عن (علي بن هبة الله) في: المنتظم 10/ 115 رقم 163 (18/ 42 رقم 163 (18/ 42 رقم 4111) ، والمعين في طبقات المحدّثين 159 رقم 1719، وسير أعلام النبلاء 20/ 147 رقم 87، والإعلام بوفيات الأعلام 221، والعبر 4/ 108، والنجوم الزاهرة 5/ 276، وشذرات الذهب 4/ 122.(36/512)
سمع بنفسه وأكثر، ونقل وجَمَع. وله خطٌّ مليح. وأكثر سماعاته بقراءة أبي بكر ابن الخاضبة.
سمع: أبا محمد الصَّرِيفينيّ، وأبا الحَسَن بن النَّقُّور، وأبا منصور العُكْبَرِيّ، وأبا القاسم البُسْريّ، وخلقا سواهم.
قرأتُ عليه، وكان ينحدر إلى واسط من جهة الخليفة على الأعمال الّتي بها.
قال لي: ولدت سنة 452. وتُوُفّي في سابع رجب [1] .
قلت: وروى عنه: ابن عساكر [2] ، وبُزْغُش عتيق ابن حمدان [3] ، وإسحاق بن عليّ البقّال، وأبو شجاع محمد بن المقرون، والمبارك بن المبارك بن زُرَيق الحدّاد، والوزير أبو طالب يحيى بن زَبَادة [4] ، ويوسف بن أبي حامد الأُرْمَويّ [5] ، وسليمان بن محمد المَوْصِليّ، ويحيى بن ياقوت الفرّاش، وعمر بن طَبَرْزَد، وأبو اليُمْنِ الكنْديّ، وخلْق سواهم.
تُوُفّي بُزْغُش [6] المذكور سنة ستّ عشرة وستّمائة، وهو جدّ أبي منصور عبد الله بن محمد شَيخ ابن جليل في «جزء ابن عَرَفَة» . وأبو منصور هو والد الفتح شَيخ الأبرقُوهيّ.
443- عمر بن إبراهيم بن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حمزة بن يحيى بن الحسين بن الشّهيد زيد بن عليّ بن الحسين [7] .
__________
[1] وقال ابن الجوزي: حضر جنازته قاضي القضاة الزينبي، وصاحب المخزن، وأرباب الدولة العلماء ووجوه الناس، ودفن في المقبرة المنسوبة إلى الشهداء في أعلى باب حرب.
(المنتظم) .
[2] في مشيخته 153 ب.
[3] في سير أعلام النبلاء 20/ 147 «ابن حمدي» .
[4] زيادة: بالزاي والباء الموحّدة المخفّفة ودال مهملة. كما في (تبصير المنتبه 2/ 467) .
[5] الأرموي: بضم الهمزة وسكون الراء، وفتح الميم.
[6] ورد في الموضعين بالأصل: «برغش» بالراء المهملة. وهو بضم الباء الموحّدة، وسكون الزاي، وضم الغين المعجمة، وفي آخره شين معجمة.
[7] انظر عن (عمر بن إبراهيم) في: الفوائد المنتقاة والغرائب الحسان عن الشيوخ الكوفيين،(36/513)
أبو البَرَكات العَلَويّ، الحُسَيْنيّ، الزَّيْديّ، الكوفيّ، الحنفيّ، النَّحْويّ، إمام مسجد أبي إسحاق السَّبيعيّ.
وُلِد سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، وأجاز له محمد بن علي بن عبد الرحمن العَلَويّ شَيخ أبيّ النَّرْسِيّ.
وسمع: أبا الفَرَج محمد بن أحمد بن علّان، وأبا القاسم بن المنثور الْجُهَنيّ، ومحمد بن الحَسَن الأنْماطيّ، وغيرهم بالكوفة، وأبا بكر الخطيب، وأبا الحُسَيْن بْن الَّنُّقور، وأبا القاسم بْن البُسْريّ، وجماعة ببغداد.
وقدِم الشّام، وسكن دمشق مدَّة، وحلب. وسمع الحديث، وذلك في سنة سبْعٍ وخمسين مع والده. وقرأ بها النَّحْو على أبي القاسم زيد بن عليّ الفارسيّ، قرأ عليه «الإيضاح» لأبي عليّ، بروايته عَنْ أبي الحسين الفارسيّ، عَنْ خال الفارسيّ المؤلّف.
روى عنه: أبو سعْد السَّمْعانيّ، وأبو القاسم بْن عساكر [1] ، وأبو موسى المدينيّ، وجماعة.
__________
[ () ] للعلوي، بتخريج الصوري (بتحقيقنا) 16، 17 رقم 6، وأدب الإملاء والاستملاء 46، والأنساب 6/ 341، 342، وتاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) 20/ 483، 484 (ومخطوطة التيمورية) 37/ 387، 388، والمنتظم 10/ 114 رقم 161 (18/ 41، 42 رقم 4109) ، ونزهة الألباء لابن الأنباري 295- 297، ومعجم الأدباء 15/ 257- 261، واللباب 2/ 86، وإنباه الرواة 2/ 324- 327، والتكملة لوفيات النقلة (الطبعة الأولى) 2/ 114، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 18/ 251، 252 رقم 167، والإعلام بوفيات الأعلام 221، والمعين في طبقات المحدّثين 159 رقم 1720، وسير أعلام النبلاء 20/ 145، 146 رقم 86، وميزان الاعتدال 3/ 181، والعبر 4/ 108، وتلخيص ابن مكتوم 159، والبداية والنهاية 12/ 219، وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2/ 194، ولسان الميزان 4/ 280- 282، والنجوم الزاهرة 5/ 276، وتاج التراجم 48، وطبقات المفسّرين للسيوطي 26، 27، وبغية الوعاة 2/ 215، وطبقات المفسّرين للداوديّ 2/ 1، وطبقات المفسّرين للأدنه وي 142، وكشف الظنون 2/ 1562، وشذرات الذهب 4/ 122، 123، وهدية العارفين 1/ 387، وطبقات أعلام الشيعة (الثقات العيون) 264، وأعيان الشيعة 42/ 216- 219، وتاريخ الأدب العربيّ 2/ 247، والحياة الثقافية في طرابلس الشام (تأليفنا) 307- 309، ونوادر المخطوطات العربية في مكتبات تركيا 1/ 211، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (تأليفنا) (القسم الثاني) ج 3/ 91، 92 رقم 793، ومعجم المؤلفين 7/ 271.
[1] في مشيخته 154 ب.(36/514)
قال السَّمْعانيّ [1] : شَيخ مُسِنٌ، كبير، فاضل، له معرفة بالفِقْه، والحديث، واللّغة، والتّفسير، والنَّحْو.
وله التّصانيف الحَسَنَة السّائرة في النَّحْو. وهو حَسَن العَيش، صابر على الفقر والقلَّة، قانع باليسير. سمعته يقول: أنا زَيْديّ المذهب، لكنّي أُفْتي على مذهب السّلطان، يعني مذهب أبي حنيفة.
وسمعتُ عليه «الإيضاح» لأبي عليّ، وكتبتُ عنه الكثير، وهو شَيخ متيقّظ، حَسَن الإصغاء، يكتب خطّا مليحا على كِبَر السِّنّ.
وقال أبو الحَسَن عليّ بن يوسف القصّار: كان الشَيخ أبو محمد سِبْط الخيّاط قرأ على الشّريف عمر بن إبراهيم النَّحْويّ، وفيه يقول أبو محمد:
فما له في الوَرَى شكْل يُمَاثِلُهُ ... وما له في التُّقَى عدْلٌ يناسبه [2]
وقال ابن الجوزيّ [3] : كان يقول: دخل الصُّوريّ الكوفة، فكتب عن أربعمائة شَيخ، وقدِم علينا هبة الله بن المبارك السَّقَطيّ، فأَفَدْتُه عَنْ سبعين شيخا، واليوم ما بالكوفة أحد يروي الحديث غيري.
ثمّ ينشد:
لمّا [4] دخلتُ اليَمَنَا ... لم أر فيها حَسَنا
__________
[1] في الأنساب 6/ 341، 342.
[2] البيت من جملة أبيات في نزهة الألبّاء 296 وإنباه الرواة 2/ 324، وهي:
يا كوفة البلد المسدي إليّ يدا ... والجالب الخير إذا عزّت مطالبه
تراك تجمعنا الأيام في زمن ... يا منزل العلم لا لابست ملاعبة
بذاك الصدر صدر الناس كلّهم ... والباسق الغرّ لا غابت كواكبه
حتى أروّح قلبا بات مرتقبا ... طوالع الفجر أو تبدو غواربه
أحيى بكوفان علما كان مندرسا ... وقام بالحق فيها وهو خاطبه
فما له في الوَرَى شكْل يُمَاثِلُهُ ... وما له في التقى عدل يناسبه
نجل النبيّ رسول الله متّصل ... بآله الغرّ لا مالت جوانبه
برّ عطوف رءوف ماجد ورع ... غيث على الأرض قد عمّت سحائبه
فاسمع مديح امرئ قد ظلّ ممتزجا ... بلحمة المدح أصلا لا يجانبه
[3] في المنتظم 10/ 114 (18/ 41) .
[4] في معجم الأدباء 15/ 259: «إني» .(36/515)
قلت: حرامٌ [1] بلْدةٌ ... أحسن من فيها أنا
وقال ابن عساكر [2] : لم أسمع من عمر بن إبراهيم الزّيديّ في مذهبه شيئا.
وحدَّثني الوزير أبو عليّ الدّمشقيّ أنّه سأله عَنْ مذهبه في الفتوى، وكان مفتي أهل الكوفة، فقال: أُفْتي بمذهب أبي حنيفة ظاهرا، وبمذهب زيد تديُّنًا.
وحكى لي أبو طالب بن الهَرّاس الدّمشقيّ أنّه صرَّح له بالقول بالقَدَر، وبخلْق القرآن [3] .
وقال الحافظ محمد بن ناصر: سمعتُ الحافظ أبا الغنائم النَّرْسيّ يقول:
عمر بن إبراهيم جاروديّ [4] المذْهب، ولا يرى الغُسْل من الجنابة.
وقال ابن السَّمْعانيّ: سمعتُ أبا الحَجّاج يوسف بن محمد بن مقلّد التَّنُوخيّ. يقول: كنت أقرأ على الشّريف عمر بن إبراهيم أجزاء، فمرّ بي ذكْر عائشة فقلت: رضي الله عنها. فقال: تدعو لعدوَّة عليّ؟! [5] هكذا ذُكِر لي، أو سمعناه.
قال ابن السَّمْعانيّ: ومع طول ملازمتي له لم أسمع منه شيئا في الاعتقاد أُنْكِرُهُ. غير أنّي كنت قاعدا على باب داره، فأخرج لي شَدَّةً من مسموعاته، فرأيت فيها جزءا مترجَمًا بتصحيح الأذان بحيّ على غير العمل. فأخذته لأطالعه، فأخذه وقال: هذا لَا يَصْلُح لك، وله طالب غيرك [6] .
تُوُفّي في سابع شَعبان بالكوفة، وصلّى عليه قدْر ثلاثين ألفا.
__________
[1] في معجم الأدباء 15/ 160: «ففي حرام» .
[2] في تاريخ دمشق (الظاهرة) 30/ 483، 484 (التيمورية) 37/ 387، 388، المختصر لابن منظور 18/ 251.
[3] وفي تاريخ دمشق، والمختصر زيادة: «فاستعظم أبو طالب ذلك منه، وقال: إنّ الأئمّة على غير ذلك! فقال له: إن أهل الحق يعرفون بالحق، ولا يعرف الحقّ بأهله» .
[4] انظر عن مذهب الجارودية في كتاب «الملل والنّحل» للشهرستاني 1/ 211.
[5] وفي معجم الأدباء 15/ 269 زيادة: «أو تترضّى على عدوّة عليّ؟ فقلت: حاشا وكلّا، ما كانت عدوّة علي» .
[6] في معجم الأدباء 15/ 259 زيادة: «ثم قال: ينبغي للعالم أن يكون عنده كل شيء، فإنّ لكل نوع طالبا» .(36/516)
قلت: وروى عنه: ابنه أبو المناقب حَيْدرة بن عمر، وحفيده أبو المُعَمَّر محمد بن حَيْدرة شَيخ يوسف بن خليل.
وقرأ عليه بالرّوايات يعيش بن صَدَقة الغزّانيّ، ولم يقع لي شيخه في القراءات.
وقد كُتُب أبو بكر قاضي المَرِسْتان جزءا، عَنْ أبي سعد السَّمْعانيّ، عَن الشّريف عمر بن إبراهيم، رأيته بخطّه [1] .
- حرف الفاء-
444- فاطمة بنت محمد بن أبي سعْد أَحْمَد بْن الحَسَن بْن عليّ بْن أَحْمَد البغداديّ [2] .
أمّ البهاء الأصبهانيّة، الواعظة.
شيخة، مُعَمَّرة، مُسْنِدَة. وُلِدت بعد الأربعين وأربعمائة.
وسمعت مِن: أَبِي الْفَضْلِ عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد الرّازيّ، وإبراهيم بن منصور سِبْط بحرُوَيْه، وأحمد بن محمود [3] الثّقفيّ، وسعيد بن أبي سعيد العيّار.
__________
[1] وقال ابن الأنباري: ويحكى أنه مرّ به أعرابيّان وهو يغسل فسيلا، فقال أحدهما للآخر: يطمع هذا الشيخ مع كبره أن يأكل من جني هذا الفسيل؟ فقال له الشريف: يا بنيّ، كم كبش في المرعى، أو خروف في التنور؟ ففهم أحدهما دون الآخر، فقال الّذي لم يفهم لصاحبه: أيش قال؟ فقال: كم من ناب تسقى في جلد حوار! فعلم الأعرابيّ ما قاله وأعجبه ذلك.
ويقال: إنه عاش حتى أكل من ثمرة ذلك الفسيل، وكان معمّرا. (نزهة الألبّاء 297) (معجم الأدباء 5/ 260) .
«أقول» : دخل صاحب الترجمة «عمر بن إبراهيم» مدينة طرابلس مع أبيه، وكانا عائدين من مصر، في طريقهما إلى العراق، والتقيا فيها بمحمد بن الحسن بن معيّة الحسني الّذي خرج يودّع صديقا له وهو يركب البحر إلى الإسكندرية، وأنشده أبياتا قالها بديها أولها:
قرّبوا للنوى القوارب كيما ... يقتلوني ببينهم والفراق ...
(معجم الأدباء 15/ 261) .
[2] انظر عن (فاطمة بنت محمد) في: التحبير 2/ 432، 433 رقم 1189، ومعجم الشيوخ لابن السمعاني، ورقة 267 ب، والتقييد 498 رقم 680، والإعلام بوفيات الأعلام 221، والمعين في طبقات المحدّثين 159 رقم 1721، وسير أعلام النبلاء 20/ 148 رقم 88، والعبر 4/ 109، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 42 ب، ومرآة الجنان 3/ 271، والنجوم الزاهرة 5/ 276، وشذرات الذهب 4/ 123، وأعلام النساء 4/ 101، 102.
[3] وقع في (التحبير 2/ 432) : «أحمد بن محمد» وهو خطأ.(36/517)
وسمعت من العيّار «صحيح البخاريّ» وأشياء.
قال ابن السَّمْعانيّ: هي امرأة صالحة، سمّعها أبوها، وعُمّرت حتّى تفرّدت [1] .
قلت: روى عنها: ابن السَّمْعانيّ، وابن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ، ومحمد بن أبي طالب بن شَهْرَيار، وعبد اللَطيف بن محمد الخُوارَزْميّ، ومحمد بن محمد بن محمد الرّارانيّ [2] ، ومحمد بن جعفر آيوسان، وخلْق آخرهم وفاة ولدُ سِبْطها داود بن مَعْمَر بن الفاخر إلى رجب سنة 624.
قال أبو موسى، وغيره: تُوُفّيت في الخامس والعشرين من رمضان سنة تسعٍ وثلاثين.
قال أبو موسى: ولها قريبٌ من أربعٍ وتسعين سنة.
- حرف الميم-
445- محمد بن أَحْمَد [3] .
أبو عبد الله الحمزيّ، الأندلسي، من أهل المرية.
روى عَنْ: أبي العبّاس العُذْريّ، وأبي عبد الله بن المرابط.
وخطب ببلده. وحدَّث.
أجاز لابن بَشْكُوال.
446- محمد بن إسماعيل بن محمد بن الحسين بن القاسم [4] .
أبو المعالي الفارسيّ، ثمّ النَّيْسابوريّ.
قال ابن السَّمْعانيّ: هو ثقة، مُكْثِر، سمع «السّنن [5] الكبير» من البيهقيّ،
__________
[1] وقال ابن السمعاني: كتبت عنها بأصبهان، وعمّرت حتى مات أقرانها، وتفرّدت بالرواية عن بعض هؤلاء الشيوخ، فمن جملة ما سمعت منها ثلاثة أجزاء من حديث أبي ظفر بن محمد بن العلاء، بروايتها عن أبي الفضل الرازيّ، عن أبي القاسم بن فناكي، عنه (التحبير) .
[2] براءين مهملتين.
[3] انظر عن (محمد بن أحمد الحمزي) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 588 رقم 1293.
[4] انظر عن (محمد بن إسماعيل) في: التحبير 2/ 97، والتقييد 35، 36 رقم 10، والإعلام بوفيات الأعلام 221، والمعين في طبقات المحدّثين 159 رقم 1722، والعبر 4/ 109، وسير أعلام النبلاء 20/ 93 رقم 53، والنجوم الزاهرة 5/ 276، وشذرات الذهب 4/ 124، 125.
[5] هكذا. وهو مطبوع باسم «السنن الكبرى» .(36/518)
و «صحيح البخاريّ» من سعيد العيّار [1] .
وسمع من: أبي حامد الأزهريّ.
وسمع كتاب «المدخل إلى السُّنَن» من البَيْهقيّ المؤلّف.
قال: ومولده في شعبان سنة ثمان وأربعين.
وتوفّي في ثالث جمادى الآخرة سنة تسع.
قلت: روى عنه: ابن عساكر [2] ، وابن السمعاني.
وأجاز لابنه عبد الرحيم بن أبي سعد.
ومن روى عنه «السّنن الكبير» : منصور بن عبد المنعم الفراويّ سماعا وإجازة إن لم يكن سمعه.
قال ابن عطيَّة: وذلك لأنّه فُقِد من أصل البَّيْهقيّ أجزاء من مواضع متفرّقة.
فكُلّما وُجد من الأصل، وُجد عليه سماع منصور بن الفارسيّ. قاله لنا عبد العزيز بن [هلال] [3] .
قال ابن نُقْطة [4] : وسمع منه (خ) جماعةٌ من شيوخه منصور الفراويّ، وإسماعيل بن عليّ بن حمك المغيثيّ، والمؤيّد الطُّوسيّ، وزينب بنت عبد الرحمن الشَّعْريّ في آخرين.
447- محمد بن الحَسَن بن هلال بن حمصا [5] .
أبو المعالي العِجْليّ، الدّقّاق.
ناظر سوق الخُضَار. كان عسِر الخُلُق.
سمع: أبا نصر الزَّيْنبيّ، وعاصم بن الحَسَن.
وعنه: محمود بن شعّار.
مات في رمضان سنة تسع.
__________
[1] التقييد 35.
[2] في مشيخته. 179 ب.
[3] في الأصل بياض، والمستدرك من (التقييد 36) .
[4] في التقييد 35، 36.
[5] لم أجده.(36/519)
448- محمد بْن عبد المُلْك بْن الْحَسَن بْن خَيْرون بن إبراهيم بن الشَيخ [1] .
أبو منصور البغداديّ، المقرئ، الدّبّاس.
شَيخ مُعَمَّر، ثقة، إمام صالح، بارع في القراءات، صنَّف فيها كتاب «المفتاح» ، وغيره.
وتصدَّر للإقراء. وطال عُمره.
وله أيضا في القراءات كتاب «الموضّح» .
قرأ على جماعة مذكورين في صدْر هذين الكتابَيْن، منهم عمّه أبو الفضل بن خَيْرُون، وجده لأُمّه أبو البركات عبد الملك بن أحمد، وشيخه عبد السّيّد بن عَتّاب.
قرأ عليه: أبو اليُمْن الكِنْديّ بالقراءات، ويحيى بن الحسين الأَوَانيّ [2] ، وإبراهيم بن بقاء اللّبّان.
وسمع من: أبي جعفر ابن المسلمة، وأبي بكر الخطيب، والصَّرِيفينيّ، وأبي الغنائم بن المأمون، وغيرهم.
وأجاز له أبو محمد الجوهريّ [3] ، وتفرّد عنه هو بإجازة أبي الحسين بن حسنون النّرسيّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الملك) في: المنتظم 10/ 115 رقم 164 (18/ 42، 43 رقم 4112) ، ومشيخة ابن الجوزي 81، 82، 5 والاستدراك لابن نقطة (باب خيرون وجبرون، وباب: الخيروني، والجيروني، والجنزوي) ، والكامل في التاريخ 11/ 103، والعبر 4/ 109، ومعرفة القراء الكبار 1/ 493، 494 رقم 441، ودول الإسلام 2/ 57، وسير أعلام النبلاء 20/ 94، 95 رقم 55، والإعلام بوفيات الأعلام 221، والمعين في طبقات المحدّثين 159 رقم 1723، ومرآة الجنان 3/ 271، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 117، والنشر في القراءات العشر 1/ 86، وغاية النهاية 2/ 192 رقم، وعقد الجمان (مخطوط) 16/ ورقة 144، وتبصير المنتبه 2/ 545 و 554، والنجوم الزاهرة 5/ 276، وشذرات الذهب 4/ 125، وكشف الظنون 1769، وهدية العارفين 2/ 88، 89، ومعجم المؤلفين 10/ 259.
[2] الأواني: بفتح أوله. نسبة إلى أوانا، وهي قرية على عشرة فراسخ من بغداد عند صريفين على الدجلة.
[3] وقال ابن الجوزي: وهو آخر من روى عن الجوهري بالإجازة. (المنتظم 10/ 115) .(36/520)
وحدَّث بكتاب «النَّسب» للزُّبَير بن بكّار، عَن ابن المسلمة، وسمع أكثر «تاريخ الخطيب» . وكان ينْسَخه ويبيعه.
مولده في رحب سنة أربعٍ وخمسين قبل موت الجوهريّ بأشهُر.
روى عنه: أبو القاسم بن عساكر [1] ، وأبو موسى المَدِينيّ، وابن السَّمْعانيّ، وابن الجوزيّ [2] ، وابن طَبَرْزَد، والكِنْديّ، وعبد الخالق بن أسد، وأحمد بن محمد بن سعد البَرُوجِرْديّ الفقيه، وعليّ بن محمد بن عليّ أخو سليمان المَوصليّ، وهو آخر من حدَّث عنه فيما علمت سَماعًا، وآخر من روى عنه بالإجازة أبو منصور محمد بن عُفَيْجَة [3] .
وقد ذكره ابن السَّمْعانيّ فقال: ثقة، صالح، مشتغل بما يعنيه، ما له شغل غير التّلاوة أو الإقراء.
تُوُفّي في السّادس والعشرين من رَجَب، وَلَهُ خمسٌ وثمانون سنة.
وَقَالَ ابن الخشّاب: كان شافعيّا من أهل السُّنَّة.
449- محمد بن عليّ البسْطاميّ [4] .
أبو عبد الله.
من علماء نَيْسابور.
سمع: أبا تُراب عبد الله المَرَاغيّ.
أخذ عنه: ابن السمعاني، وقال: مات فِي المحرَّم [5] .
450- مُحَمَّد بْن أَبِي الغنائم محمد بن محمد بن المهتدي [6] .
__________
[1] في مشيخته 195 ب.
[2] وهو قال: وقرأ القرآن بالقراءات، وصنّف فيها كتبا، وأقرأ وحدّث، وكان ثقة، وكان سماعه صحيحا. قال المصنّف: سمعت عليه الكثير وقرأت عليه. (المنتظم 10/ 115) .
[3] عفيجة: بضم العين المهملة وفتح الفاء وسكون الياء المثنّاة من تحتها وجيم. وهو لقب لوالده عبد الله، فهو: أبو منصور مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن المبارك بْن كرم البندنيجي المتوفى سنة 625 هـ.
[4] انظر عن (محمد بن علي البسطامي) في: التحبير 2/ 199 رقم 838، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 232 ب.
[5] وزاد ابن السمعاني: كان إماما فاضلا مناظرا ... كتبت عنه شيئا يسيرا.
[6] انظر عن (محمد بن أبي الغنائم) في: المنتظم 10/ 115 رقم 165 (18/ 43 رقم 4113) .(36/521)
أبو الحسن البغداديّ.
سمع: أبا نصر الزّينبيّ.
وكان خطيب جامع المنصور.
توفّي في صفر، وقد جاوز السّتّين [1] .
451- محمد بن محمد بن عبد الصّمد بن دار [2] .
أبو قُفّ.
روى عن: طِراد الزَّيْنبيّ.
وعنه: ابن السَّمْعانيّ، وعمر بن أحمد بن سهلان.
تُوُفّي في المحرّم.
452- محمد بن موسى بن وضّاح [3] .
أبو عبد الله المُرسيّ.
سمع: أبا عليّ بن سُكَّرَة فأكثر، ورحل فسمع من: أبي بكر الطُّرْطُوشيّ، والسّلفيّ، وعدّة.
قال ابن بشكوال [4] : كان فاضلا، عفيفا، معتنيا بالعلم، مشاورا. أجاز لنا.
قلت: وروى عنه صهره أبو الوليد بن الدّبّاغ.
453- المبارك بن عليّ بن عبد العزيز بن أحمد [5] .
أبو المكارم، السّمّذيّ [6] ، الهمانيّ [7] .
__________
[1] جاء في المنتظم: «ولد سنة ثمان» (10/ 115) ، وفي طبقة دار الكتب العلمية 18/ 43: «ولد سنة ثمان وستين» .
[2] لعلّه في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .
[3] انظر عن (محمد بن موسى) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 588 رقم 1292، والمقفّى الكبير 7/ 223 رقم 3288.
[4] في الصلة 2/ 588.
[5] انظر عن (المبارك بن علي) في: الأنساب 7/ 135، 136، والمنتظم 10/ 118 (18/ 47 رقم 4120) ، واللباب 2/ 137، والعبر 5/ 276، وسير أعلام النبلاء 20/ 183 رقم 118، والنجوم الزاهرة 5/ 276، وشذرات الذهب 4/ 125.
[6] السّمّذيّ: بكسر السين المهملة، وكسر الميم المشدّدة، وقيل بفتحها، وفي آخرها الذال المعجمة. نسبة إلى السّمّذ. وهو نوع من الخبز الأبيض يعمل لخواصّ الناس.
[7] الهماني: بضم الهاء، وفتح الميم، بعدها ألف، ثم نون. نسبة إلى همان. قال ابن السمعاني: وظنّي أنها قرية بالعراق من سواد بغداد.(36/522)
سمع: أبا بكر أحمد بن حُمَّدُوه [1] المقرئ، وأبا محمد الصَّرِيفينيّ، وأبا القاسم بن البُسْريّ.
قال ابن السَّمْعانيّ: شَيخ، صالح، مستور، راغبٌ إلى الخير وأهله. كان له دُكّان بمُشَرَّعة الخبّازين، وثمّ قرأت عليه، وكان صَدُوقًا، أمينا. كان أبوه يحضره مجالس الإملاء بجامع المنصور، فأكثر ما سمع إملاء من لفظ الشّيوخ.
ولد في حدود سنة خمس وخمسين وأربعمائة، أو قبلها.
وتُوُفّي يوم عاشوراء [2] .
قلت: روى عنه: ابن السَّمْعانيّ، وعمر بن طَبَرزَد، وعبد الوهّاب بن جَمّاز [3] القَلْعيّ شيخٌ لابن خليل، وغيرهم.
وآخر من روى عنه بالإجازة أبو منصور بن عُفَيْجَة [4] .
454- مجدود بن محمد بن محمود [5] .
أبو المعالي النَّيْسابوريّ، الرشيديّ، الجوهريّ، المتولّي.
قال السَّمْعانيّ: عارف بالأدب، والفلسفة، والعلوم المهجورة، ولم يكن بذاك. سمع: أبا عَمْرو المَحْمِيّ، وأبا بكر بن خلف. كتبت عنه [6] .
__________
[1] حمّدوه: بضم الحاء المهملة، وتشديد الميم المفتوحة، وضم الدال المهملة، ثم واو وهاء.
[2] ذكره ابن الجوزي في وفيات اسنة 540 هـ. (المنتظم) .
[3] في الأصل: «حمار» بالحاء والراء المهملتين، ومثله في (المشتبه في الرجال 1/ 170) و (تبصير المنتبه 1/ 260) ، وما أثبتناه عن (توضيح المشتبه 1/ ورقة 147) حيث قال: هذا تصحيف، إنما هو ابن جمّاز بجيم وزاي. وأرّخ وفاته بسنة 594 هـ.
[4] في الأصل: «تميجة» ، والصحيح ما أثبتناه، انظر عنه في حاشية ترجمة «محمد بن عبد الملك» التي تقدّمت قبل قليل.
[5] انظر عن (مجدود بن محمد) في: التحبير 2/ 328، 329 رقم 1036، والأنساب 9/ 132، 133، واللباب 1/ 468، 469.
وقد تحرّف اسمه إلى «محدود» في (الأنساب) .
[6] وقال في (التحبير) : كان من أهل الفضل والعلم، عارفا بالأدب والفلسفة والعلوم المهجورة واشترى كتبا كثيرة وأوقفها بالجامع المنيعي، وكان صحيح السماع، ولم يكن بذلك ...
وكانت ولادته في رجب سنة إحدى وسبعين وأربعمائة بنيسابور.(36/523)
مات في ربيع الأوّل.
455- محمود بن حمْد بن مَنْدُوَيْه [1] .
أبو المحاسن الأصبهانيّ، المعدَّل.
سمع: أبا عَمْرو بن مَنْدَهْ، والمظهر البُزَانيّ [2] .
كُتُب عنه السَّمْعانيّ.
456- المهذّب [3] بن إسماعيل بن إبراهيم بن أبي حرب إبراهيم بن أميرك.
أبو جعفر الحُسَينيّ، المَرْعَشِيّ، من ولد المرعش بن عبد اللَّه بْن الحَسَن بْن الحُسين بن زين العابدين، الدِّهِسْتانيّ، الْجُرْجانيّ. نزيل سارية.
نشأ بجُرْجان، وسافر إلى خُراسان، والعراق، والحجاز، والجزيرة، والجبال، وما وراء النّهر.
قال ابن السَّمْعانيّ: كان بينه وبين والدي صداقة متأكّدة وقت مُقَامه بمَرْو، وكان يرجع إلى فضلٍ، وتمييزٍ، ومعرفة.
قال لي إنّه سمع ببغداد من: أبي يوسف عبد السّلام القَزْوينيّ، وبالكوفة:
أبا الحسين أحمد بن محمد الثّقفيّ. وبجُرْجان: إسماعيل بن مَسْعَدَة، وبأصبهان: نظام المُلْك.
كتبتُ عنه عَن المتأخّرين، ولم أر له أصلا عَنْ هؤلاء.
وكان غاليا في التَّشيُّع.
وُلِد سنة اثنتين وستّين وأربعمائة.
وتوفّي بسارية في رمضان [4] .
__________
[1] لعلّه في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .
[2] البزاني: بضم الباء الموحّدة، وزاي مفتوحة.
[3] هكذا في الأصل. وفي (الأنساب 11/ 246) : «المهدي» ، ومثله في: لسان الميزان 6/ 105، 106 رقم 371.
[4] أرّخ الحافظ ابن حجر وفاته بسنة 540 هـ.(36/524)
- حرف النون-
457- نصر الله بن عبد الواحد بن أحمد [1] .
أبو الفضل ابن الفقيه الدَّسْكَريّ [2] ، الأحدب.
روى عنه: ابنه حَسَن، وابن عساكر، وابن السَّمْعانيّ.
وكان ديّنا، ورِعًا.
تُوُفّي في شوّال.
458- نصر بن القاسم بن الحَسَن [3] .
أبو الفتح الأنصاريّ، المقدسيّ، الفقيه المقرئ.
قال الحافظ ابن عساكر: هو الّذي لقّنني القرآن. وكان ثقة يصلّي في مسجد عمر الّذي على الدّرج، ويلقّن فيه.
سمع من: أبي القاسم عليّ بن أبي العلا، وأبي محمد بن البُرّيّ [4] .
وحدَّث. وعاش أكثر من ثمانين سنة.
459- نوشتكين [5] .
أبو منصور الشّهْرَياريّ، عتيق الشَيخ أبي ألوفا بن شَهّرَيار الأصبهانيّ.
قال ابن السَّمْعانيّ: كان شيخا صالحا [6] .
سمع: أبا عمرو بن مندة.
__________
[1] انظر عن (نصر الله بن عبد الواحد) في: مشيخة ابن عساكر، ومعجم شيوخ ابن السمعاني.
[2] الدّسكري: بفتح أوله، وسكون ثانيه، وفتح كافه. قرية كبيرة ذات منبر بنواحي نهر الملك من غربي بغداد. (معجم البلدان 2/ 455) .
[3] انظر عن (نصر بن القاسم) في: التحبير 2/ 345، 346 رقم 1057، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 275 أ، وتاريخ دمشق لابن عساكر، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 26/ 135 رقم 97.
[4] البرّي: بضم الباء الموحّدة، وتشديد الراء.
[5] وقال ابن السمعاني: كان إماما فقيها، عالما، صحيح السماع، حسن السيرة، كثيرة العبادة، جميل الأمر ... كتبت عنه جزءا من حديث أبي محمد عبد الرحمن بن القاسم بن أبي نصر التميمي، بروايته عن أبي محمد السلمي، عنه. وكانت ولادته ببيت المقدس في حدود سنة ستين وأربعمائة، فإنه ذكر لي قال: كان لي في زلزلة الرملة سنتان. (التحبير) .
[6] انظر عن (نوشتكين) في: التحبير 2/ 349 رقم 1060، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 44 أ.(36/525)
وسمعت منه أحاديث إبراهيم بن أزهر رحمه الله لابن مَنْدَهْ. وكان تاجرا [1] .
تُوُفّي في شَعْبان.
- حرف الياء-
460- يحيى بْن عَبْد الوهّاب بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن أبي سهل [2] .
أبو القاسم الكَنْجَرُوذيّ [3] ، النَّيْسابوريّ، الصُّوفيّ.
سمع: أبا المظفَّر موسى بن عمران، ونصر الله الحسناميّ.
ونزل مَرْو.
وتُوُفّي سنة ثمانٍ أو تسعٍ [4] .
وأجاز لأبي المُظَفَّر السَّمْعانيّ [5] .
461- يوسف بن محمد بن دينار [6] .
أبو منصور الأَزَجيّ.
سمع: أبو الحسين بن النَّقُّور.
وعنه: هزارست [7] بن عَوَض، وجماعة.
462- يشكر بن محمد بن أبي بكر الحسنيّ [8] .
الحدّاديّ.
__________
[1] وقال ابن السمعاني: كان شيخا مشتغلا بما يعنيه من التجارة والمعيشة، وله ابن من أهل القرآن اسمه محمد، سمع معنا الكثير بنيسابور. ووالده سمع أبا عَمْرو عبد الوهّاب بن مَنْدَهْ. كتبت عنه أحاديث إبراهيم بن أدهم، من جمع أبي عبد الله بن مندة، بروايته عن أبي عمر، عنه.
[2] انظر عن (يحيى بن عبد الوهاب) في: التحبير 2/ 383 رقم 1105، والأنساب، واللباب 2/ 83.
[3] في التحبير، ومعجم البلدان: «الطخروذي» : بضمّ الخاء، وسكون الواو. نسبة إلى طخروذ، قرية من قرى نيسابور.
[4] ووقع في الأنساب أنه ولد سنة 408 وهو غلط، والصحيح 480 كما في: التحبير، واللباب.
[5] وقال ابن السمعاني: لم يتفق لي أن سمعت منه شيئا، وحصل بعض أصحابنا لي عنه الإجازة.
(التحبير) .
[6] لم أجده.
[7] هكذا بالتاء في آخره. ويرد بالباء الموحّدة.
[8] انظر عن (يشكر بن محمد) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.(36/526)
شَيخ مُعَمَّر، صالح، كثير السَّمَاع.
قال السَّمْعانيّ: أجاز لنا وأملى بجامع بُخَارَى أكثر من عشرين سنة.
سمع: محمد بن عليّ بن حَيْدرة الجعفريّ، ويحيى بن عبد الله السَّعديّ، وأبا عصمَة عبد الواحد بن يوسف.
مات في شهر ربيع الأوّل من سنة تسعٍ.(36/527)
سنة أربعين وخمسمائة
- حرف الألف-
463- أحمد بن العبّاس [1] .
أبو الرِّضا الهاشميّ، المعروف بابن الرِّضا.
سمع: أبا نصر الزَّيْنبيّ، وطِراد بن محمد أخاه.
روى عنه: عمر بن طَبَرْزَد، وغيره.
464- أحمد بن عبد الله بن عامر [2] .
أبو جعفر، وأبو العبّاس المعافريّ، الدّانيّ، خطيب دانية.
روى عن: عمّه أبي زيد عبد الرحمن بن عامر، ويوسف بن أيّوب، وأبي بكر بن بُرُنْجاب.
وكان ماهرا بالعربيَّة.
روى عنه: أبو عَمْرو بن عَيّاد، وأبو الحَجّاج بن أيّوب صاحب الأحكام.
وعاش نحوا من سبعين سَنَة.
465- أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن حسين بن عاصم [3] .
أبو العبّاس الثّقفيّ، الأندلسيّ [4] .
__________
[1] لم أجده.
[2] انظر عن (أحمد بن عبد الله بن عامر) في: بغية الوعاة 1/ 317 رقم 595.
[3] انظر عن (أحمد بن عبد الرحمن) في: بغية الملتمس للضبيّ 189 رقم 435، والتكملة لكتاب الصلة لابن الأبّار 1/ 50، رقم 141، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي، 1/ 195 رقم 266، والمشتبه في الرجال 2/ 541، ومعرفة القراء الكبار 1/ 494 رقم 442، وغاية النهاية 1/ 66 رقم 286، والمقفّى الكبير للمقريزي 1/ 483 رقم 466.
[4] وفي نسبته أيضا: «القصبي» .(36/528)
أخذ القراءات عَنْ: أبي عِمران موسى بن سليمان، وسمع منه. ومن:
أبي خالد يزيد مولى المعتصم بن صُمَادِح، وأبي داود المقرئ، وابن الدّوش، وابن البَيَاز.
وحجّ، وتصدّر للإقراء بجامع المَرِيَّة.
روى عنه من الْجِلَّة: أبو بكر بن رزق، وأبو القاسم بن حُبَيْش، وأبو يحيى ألْيَسع بن حزْم.
تُوُفّي في حدود الأربعين.
466- أحمد بن قاضي القضاة أبي الحسين عليّ ابن قاضي القضاة محمد بن عليّ [1] .
الدَّامَغَانيّ، ثمّ البغداديّ، الحنفيّ، أبو الحسين.
ولي بآخرة قضاء الكرْخ، ثمّ قضاء الجانب الغربيّ كلّه، وباب الأَزَج.
وجرت أموره على سداد في القضاء.
وحدَّث عَنْ: أبي عبد الله النّعاليّ، وطِراد الزَّيْنبيّ.
ترجمه ابن السَّمْعانيّ، وقال: قرأت عليه جزءا من حديث المَحَامِليّ.
وتُوُفّي في حادي عشر جُمَادَى الآخرة، وله سبْعٌ وخمسون سنة.
روى عنه: ابن عساكر، وابن سُكَيْنَة.
467- أحمد بن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحَسَن بْن عليّ بْن أحمد بن سليمان [2] .
الحافظ أبو سعد [3] بن أبي الفضل البغداديّ، ثمّ الأصبهانيّ.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن قاضي القضاة) في: المنتظم 10/ 117 رقم 167 (18/ 45، 46 رقم 4115) .
[2] انظر عن (أحمد بن محمد بن أحمد) في: المنتظم 10/ 116، 117 رقم 166 (18/ 45 رقم 4114) ، والتقييد لابن نقطة 176 رقم 198، والكامل في التاريخ 11/ 107، والإعلام بوفيات الأعلام 221، ودول الإسلام 2/ 57، وتذكرة الحفاظ 4/ 1284، وسير أعلام النبلاء 20/ 119- 123 رقم 73، والمعين في طبقات المحدّثين 159 رقم 1724، ومرآة الجنان 3/ 273، والبداية والنهاية 12/ 220، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 185، وعيون التواريخ 12/ 406، والوافي بالوفيات 7/ 325، والنجوم الزاهرة 5/ 278، وطبقات الحافظ 465، وشذرات الذهب 4/ 125، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 57 رقم 1042.
[3] تحرّفت كنيته إلى: أبي سعيد في: الكامل، والنجوم الزاهرة.(36/529)
وُلِد بأصبهان في صَفَر سنة ثلاثٍ وستّين وأربعمائة [1] .
وسمع: أباه، وعبد الرحمن، وعبد الوهّاب ابني الحافظ ابن مَنْدَهْ، وحَمْد بن وَلْكِيز [2] ، وإبراهيم الطّيّان، ومحمد بن أحمد بن ماجة الأَبْهريّ، ومحمد بن أحمد بن أسيد المَدِينيّ، ومحمد بن عمر بن سُسُّوَيْه [3] ، ومحمد بن بديع الحاجب، وأبا منصور بن شكْرُوَيْه، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، وطائفة سواهم.
ورحل إلى بغداد وهو ابن ستّ عشرة سنة، فدخلها فوجد أبا نصر الزَّيْنبيّ قد مات. فسمع من: عاصم بن الحَسَن، ومالك البانياسيّ، وأبي الغنائم بن أبي عثمان.
وأكبر شَيخ عنده: عبد الجبّار بن عُبَيْد الله بن بُرْزَة [4] الواعظ الرّازيّ. وقد حدَّثه محمود بن جعفر الكَوْسَج، عَنْ جدّ أبيه الحَسَن بن عليّ البغداديّ. وهم بيت قديم بأصبهان.
روى عنه: الحافظ ابن ناصر، وابن عساكر، وابن السَّمْعانيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وابن الجوزيّ، وابن طَبَرْزَد، ومحمد بن علي القُبَّيْطيّ [5] ، وطائفة من البغداديّين، والأصبهانيّين، آخرهم موتا محمد بن محمد بن بدر الرَّارانيّ [6] . قاله ابن النّجّار.
وقال ابن السَّمْعانيّ: حافظ، ثقة، ديِّن، خيِّر، حَسَن السّيرة، صحيح العقيدة، على طريقة السَّلَف الصّالح، تاركا للتَّكلُّف، كان في بعض الأوقات
__________
[1] المنتظم.
[2] ولكيز: بفتح الواو، وسكون اللام، وكسر الكاف، ثم ياء مثنّاة ساكنة، وزاي.
[3] في الأصل: «ستويه» ، والتصويب من (تبصير المنتبه 2/ 681) وفيه: سسّويه: بمهملتين، الأولى مضمومة، والثانية مشدّدة.
[4] تحرّف في (الوافي بالوفيات 7/ 325) إلى «يزدة» . والمثبت يتفق مع (تبصير المنتبه 1/ 74) وفيه: برزة: بضم الباء الموحّدة وسكون الراء، وفتح الزاي بعدها تاء مربوطة.
[5] في الأصل: «القبطي» . وهو بضم القاف، وتشديد الباء الموحّدة المفتوحة، وسكون الياء المثنّاة من تحتها.
[6] الرّارانيّ: براءين. نسبة إلى راران. من قرى أصبهان. وقد تحرّفت في (تذكرة الحفاظ 4/ 1284) إلى «الراذاني» .(36/530)
يخرج من بيته إلى الشّرق ببغداد، وأصبهان، وعلى رأسه طاقيَّة. ورأيته في طريق الحجاز. وقد تغيّر لونهُ، ويبسَتْ أشداقهُ من الصَّوْم في القَيْظ.
وكان يُمْلي في بعض الأوقات وقد خلع قميصه.
وقال في مشيخته: كان حافظا كبيرا، تامّ المعرفة، يحفظ جميع «الصّحيح» لمسلم، وكان يُمْلي الأحاديث من حِفْظه.
وقال: وقدِم مرَّة من الحجّ، فاستقبله خلْقٌ كثير من أصبهان وهو على فَرَس، فكان يسير بسَيْرهم، حتّى وصل قريبا من أصبهان، ركض فَرَسَه وترك النّاس إلى أن وصل إلى البلد، وقال: أردتُ أن استعمل السُّنَّة، فإنّ النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يُوضِعُ راحلته إذا رأى جُدُرات المدينة [1] .
وكان مطبوعا، حُلْو الشّمائل، استمليت عليه بمكَّة، والمدينة، وكتب عنّي مذاكرة. وأبطأ عليّ يوما بداره، فخرج واعتذر وقال: أوقفتُك. فقلت: يا سيّدي، الوقوف على باب المحدّث [عزّ] [2] . فقال: لك بهذه الكلمة أستاذ؟
فقلت: لَا.
قال: أنت أستاذها [3] .
سمعت الحافظ إسماعيل بن محمد الطّلْحيّ يقول: رَحَلَ أبو سعْد البغداديّ إلى أبي نصر الزَّيْنبيّ، فدخل بغداد وقد مات، فجعل أبو سعد يلطم على رأسه ويبكي، ويقول: من أين أجد عليّ بن الْجَعْد، عَنْ شُعْبَة [4] ؟
وقال الحافظ عبد الله بن مرزوق الهَرَوِيّ: أبو سعد البغداديّ شُعْلة نار.
قال ابن السَّمْعانيّ: سمعت مَعْمَر بن عبد الواحد يقول: أبو سعد البغداديّ يحفظ «صحيح مسلم» . وكان يتكلَّم على الأحاديث بكلامٍ مليح [5] .
وقال ابن النّجّار، وقد ذكر أبا سعد البغداديّ في «تاريخه» : إمام في
__________
[1] أخرجه البخاري (1802) و (1886) من حديث أنس بن مالك. وأحمد في المسند 3/ 159.
[2] في الأصل بياض، والمستدرك من (سير أعلام النبلاء 20/ 121) .
[3] في (سير أعلام النبلاء) : «إسناد.. إسنادها» . والمثبت يتفق مع (تذكرة الحفاظ 4/ 1285) .
[4] تذكرة الحفاظ 4/ 1284.
[5] تذكرة الحفاظ 4/ 1285.(36/531)
الزّهد، والحديث، واعظ. وممّن كُتُب عنه: شجاع الذّهْليّ، وابن ناصر. وكان إذا أكل طعاما أغرورقَتْ عيناه بالدّموع، ثمّ يأكل ويقول: كان داود عليه السّلام إذا أراد أن يأكل بكى [1] .
وقال أبو الفتح محمد بن عليّ النَّطَنْزِيّ [2] : كنت بغداد، فاقترض منّي أبو سعد بن البغداديّ عشرة دنانير، فاتّفق أنْ دخلت على السّلطان مسعود بن محمد، فذكرت ذلك له، فبعث معي إليه خمسمائة دينار، فأبى أن يأخذها [3] .
قلت: حدَّث أبو سعد في بغداد بكتاب «معرفة الصّحابة» لابن مندة، وكان يرويه ملفّقا عن أصحاب ابن مَنْدَهْ. فسمعه منه: محمد بن عليّ القنّبيطيّ [4] ، وسمعه كله من القِنَّبِيطيّ [4] الشَيخ جمال الدين يحيى بن الصَّيْرفيّ [5] .
وقال أبو الفَرَج بن الجوزيّ [6] : حجّ أبو سعد إحدى عشرة حجَّة، وسمعت منه الكثير، ورأيت أخلاقه اللّطيفة، ومحاسنه الجميلة. وحجّ سنة تسعٍ وثلاثين، ورجع فتُوُفّي بنُهَاوَنْد في ربيع الأوّل سنة أربعين، وحُمِل إلى أصبهان.
468- أحمد بن محمد بن عمر [7] .
أبو القاسم التّميميّ، المَرِيّيّ، المعروف بابن ورد.
ذكره ابن بَشْكُوال فقال: كان فقيها، حافظا، عالما، متفنّنا.
أخذ العِلْم عَنْ: أبي عليّ الغسّانيّ، وأبي محمد بن العَيَّار.
وناظر عند الفقيهين ابن رُشْد، وابن العود، وشُهِر بالعِلم والحفظ والإتقان في العلوم.
__________
[1] تذكرة الحفاظ 4/ 1285.
[2] النّطنزيّ: بفتح النون، والطاء المهملة وسكون النون، وفي آخرها زاي. هذه النسبة إلى نطنز. بليدة بنواحي أصبهان. (اللباب 3/ 316) .
[3] تذكرة الحافظ 4/ 1285.
[4] هكذا في الموضعين، بالقاف والنون، وباء موحّدة، ثم ياء مثنّاة، وطاء مهملة. وفي (تذكرة الحفاظ، وسير أعلام النبلاء 20/ 123) : «القبّيطي» من غير نون.
[5] تذكرة الحفاظ 4/ 1286.
[6] في المنتظم 10/ 17 (18/ 45) .
[7] انظر عن (أحمد بن محمد بن عمر) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 82 رقم 177، وبغية الملتمس للضبيّ 167 رقم 262.(36/532)
وأخذ النّاس عنه. واستقضي بغير موضع من المدن الكبار.
ولد سنة خمس وستّين وأربعمائة.
وتُوُفّي في رمضان، وله خمسٌ وسبعون سنة.
وقال غيره: كان أبو القاسم بن ورد من بُحُور العِلْم بالأندلس كُتُب إليَّ ابن هارون الطّائيّ، [عَنْ] أبي عبد الله الأبّار أنّه سمع أَبَا الرَّبِيع بْن سالم يقول:
سمعتُ أَبَا الخطّاب بن الجميل يقول: سمعت أبا موسى عيسى بن عمران المِكْناسيّ يقول: لم يكن بالأندلس مثل أبي القاسم بن ورد، لَا أُحابي من الأقوام أحدا.
قلت: كان أبو موسى المِكْناسيّ من كبار الأئمّة، أكثَرَ عَن ابن الورد.
قلت: ورأيت له المجلَّد الثّاني من «شرح البخاريّ» يقتضي أن يكون من حساب مائتي مجلَّدَة.
469- إبراهيم بن أحمد بن رشيق.
الطُّلَيْطُليّ، أبو إسحاق المقرئ. نزيل دَانِية ثمّ سكن آش.
أخذ القراءات عَنْ: أبي عبد الله المغاميّ صاحب الدّانيّ. وولي الخطابة.
روى عنه: عبد الرحمن بن القصير، ويحيى بن محمد العُقَيْليّ، وأبو الحَسَن بن مؤمن.
تُوُفّي في هذا العام، أو قريبا منه.
470- إدريس بن عليّ بن إدريس [1] .
أبو الفتح البِيَاريّ [2] ، الأديب، الشّاعر.
سمع: أبا الحَسَن الأخرم، وجماعة.
مات في ذي الحجَّة عَنْ أربعٍ وثمانين سنةٍ [3] .
__________
[1] انظر عن (إدريس بن علي) في: المنتخب من السياق 168 رقم 414، والتحبير 1/ 217، 128 رقم 51، ومعجم البلدان 1/ 517 والجواهر المضيّة 1/ 135، 136، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 70 ب.
[2] في المنتخب: «البياري» ، ومثله في: التحبير، ومعجم البلدان. وفي الأصل: «النيسابورىّ» .
قال ياقوت: بيار، بالكسر، مدينة لطيفة من أعمال قوفس.
[3] وقال عبد الغافر: سمع من الوالد «غريب» الحديث للعتبي.(36/533)
روى عنه: السَّمْعانيّ [1] .
471- إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن أَبِي الفتح [2] .
أبو محمد الطَّرَسُوسيّ، النّيليّ [3] .
والد أبي جعفر.
تُوُفّي في ربيع الأوّل بأصبهان.
- حرف الباء-
472- بكر بن وجيه بن طاهر بن محمد [4] .
أبو الفخر النَّيْسابوريّ، الشّحّاميّ.
قال ابن السَّمْعانيّ: كان صالحا، عفيفا، كثير العبادة. سمّعه أبوه من أبي بكر بن خَلَف الشّيرازيّ، وجماعة [5] .
وتُوُفّي في الحادي والعشرين من ربيع الأوّل. أجاز لأبي مظفَّر بن السَّمْعانيّ.
473- بهروز بن عبد الله [6] .
أبو الحَسَن، مجاهد الدّين الغياثيّ، الخادم، الأبيض.
وُلّي شرطة العراق نيَّفًا وثلاثين سنة [7] ، وعمّر دار السّلطان. وكان ابن
__________
[1] وقال: كان أديبا فاضلا، مليح الشعر، رقيق الطبع، وكان يدرّس الفقه. وكانت ولادته غرّة ربيع الآخر سنة سبع وخمسين وأربعمائة.
[2] لم أجده.
[3] النّيلي: بكسر النون وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين. هذه النسبة إلى النيل، وهي بليدة على الفرات بين بغداد والكوفة.
[4] انظر عن (بكر بن وجيه) في: المنتخب من السياق 172 رقم 438، والتحبير 1/ 135، 136 رقم 61، وملخص تاريخ الإسلام 18/ ورقة 45 أ.
[5] وقال في (التحبير) : كان أحد عباد الله الصالحين، وممن زجى عمره في العبادة، والزهد، ونظيف الثياب، والمبالغة في الوضوء إلى أن خرج إلى حدّ الوسواس، وكان منزويا في داره لا يخرج إلّا للصلوات أو زيادة الوالد ... كتبت عنه شيئا يسيرا.
[6] انظر عن (بهروز) في: المنتظم 10/ 117 رقم 168 (18/ 46 رقم 4116) ، والكامل في التاريخ 11/ 106، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 186، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار، ورقة 3 أ، وعيون التواريخ 12/ 403، 404.
[7] في الكامل: كان حاكما بالعراق نيّفا وثلاثين سنة. ونحوه في المنتظم.(36/534)
عقيل يقول: ما رأيت مثل مناقضة بهروز، فإنّه منع أن يجتمع في السّفينة النّساء والرجال، وجمع بينهم في الماخور [1] .
تُوُفّي في رجب.
وكان صاحب كلمة في عمارة البلاد، واسع الصَّدر، عالي الهمّة. وكانت تِكْريت إقطاعا له، فاستناب عليها شاذي جدّ السّلطان صلاح الدّين.
ولبهروز رباط كبير ببغداد.
- حرف الحاء-
474- الحسين بن الحسين بن عبد الله [2] .
الشَيخ أبو عبد الله المقدسيّ، الحنفيّ، المقرئ.
قدِم من الشّام شابّا إلى بغداد فاستوطنها.
وتفقه على قاضي القُضاة أَبِي عَبْد الله محمد بْن عليّ الدّامَغَانيّ.
وسمع من: أَبِي القاسم بْن البُسْريّ، وأبي نَصْر الزَّيْنبيّ، وعاصم بن الحَسَن.
وقرأ بالروايات على صاحب الحمّاميّ أبي الخطّاب أحمد بن عليّ الصُّوفيّ. وولي إمامة مشهد أبي حنيفة. وطال عمره.
وكان ديّنا، حَسَن الطّريقة. قال لابن السَّمْعانيّ، وقد سأله عَنْ مولده: لَا أعرف، لكنّي دخلتُ بغداد في أوّل سنة سبعين ولي سبْع عشرة أو ثمان عشرة سنة.
وقال ابن النّجّار: روى عنه ابن السَّمْعانيّ. وثنا عنه يوسف وعبد السّلام ابنا إسماعيل اللّمغانيّ، وأبو النَّجَح إسماعيل بن محمد الحنفيّ. وقرأتُ بخطّ أحمد بن صالح الجيليّ: وفاة أبي عبد الله المقدسيّ في جُمَادَى الآخرة، وحضره القضاة والفقهاء.
__________
[1] المنتظم.
[2] انظر عن (الحسين بن الحسن) في: المنتظم 10/ 169 (18/ 46 رقم 4117) ، والجواهر المضيّة 1/ 103، 104 رقم 496، والطبقات السنية، رقم 751.(36/535)
قال: وكان صحيح السّماع والقراءة، صالحا، ديِّنًا. حدَّث وأقرأ [1] .
قلت: وحدَّث عنه عمر بن طَبَرْزَد، وغيره.
475- الحسين بن محمد بن الحَسَن [2] .
أبو عليّ بن الغُصَين البغداديّ، القصّار.
حدَّث في هذا العام.
[لم يحسن] [3] الثّناء عليه أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وقال: لَا شيء.
سمع: مالكا البانياسيّ، وجماعة.
476- حيدر بن محمود بن حيدر [4] .
أبو القاسم الشّيرازيّ، الخالديّ.
كان يذكر أَنَّهُ من ذُرّية خَالِد بْن الْوَلِيد رَضِيَ الله عنه.
قدِم بغداد، وتفقه مُدَيْدة على الشَيخ أبي إسحاق الشّيرازيّ، وذكر أنّه خرج إلى الشّام وأقام بها مدَّة، وكان أميرا على أكثر بلادها.
قال ابن السَّمْعانيّ: علّقت عنه شِعْرًا، وذكر أنّه سمع «تفسير الثّعلبيّ» ، عَنْ جدّه حيدر، عَن المصنِّف.
تُوُفّي في شعبان.
- حرف الراء-
477- رستم بن محمد بن أبي عيسى عبد الرحمن بن زياد [5] .
القاضي أبو القاسم الأصبهانيّ.
تُوُفّي في المحرّم. قاله أبو مسعود الحاجّيّ.
سمع نسخة لوين من جدّه أبي عيسى [6] .
__________
[1] انظر (المنتظم) .
[2] لم أجده.
[3] ما بين الحاصرتين إضافة على الأصل يقتضيها السياق. ومكانها بياض.
[4] انظر عن (حيدر بن محمود) في: الأنساب 5/ 26.
[5] انظر عن (رستم بن محمد) في: التحبير 1/ 280 رقم 205، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 45 ب.
[6] وقال ابن السمعاني: كان إماما فاضلا، بهيّ المنظر، ولّي القضاء بأصبهان على سبيل النيابة.(36/536)
- حرف العين-
478- عبد الله بن أحمد بن سماك [1] .
أبو محمد الغَرْناطيّ.
سمع من: أبي مطرّف الشّعبيّ، وتفقّه عليه، وأبي عليّ الغسّاني.
وجلس للتّدريس والمناظرة. وولي خطبة الشُّورى ببلده، ثمّ ولي القضاء.
تفقّه به: أبو خالد بن رفاعة، وأبو عبد الله بن رفاعة.
وتُوُفّي في رمضان، وله أربعٌ وثمانون سنة.
479- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن عَلِيّ بن خَلَف [2] .
أبو محمد الرُّشَاطيّ [3] ، اللَّخْميّ، من أهل المَرِية.
أكثر عَن: الغسّانيّ، والصَّدَفيّ.
وكان له عناية تامَّة بالحديث، والرجال، والتّواريخ. وله كتاب حَسَن في أنساب الصّحابة ورواة الحديث [4] .
أخذه النّاس عنه.
__________
[ () ] سمع جدّه أبا عيسى عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن زياد الأصبهاني.
[1] انظر عن (عبد الله بن أحمد) في: بغية الملتمس للضبيّ 339، 340 رقم 903.
[2] انظر عن (عبد الله بن علي) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 297 رقم 653، وبغية الملتمس للضبيّ 349، رقم 943، ومعجم البلدان 3/ 45، والمطرب 61، 120، والمعجم لابن الأبّار 227- 233، ووفيات الأعيان 3/ 106، 107، وتذكرة الحفاظ 4/ 1307، 1308، وسير أعلام النبلاء 20/ 258- 260 رقم 175، والبداية والنهاية 12/ 223، وتاريخ الخلفاء 442، ونفح الطيب 4/ 462، وكشف الظنون 134، وتاج العروس 5/ 143 (مادّة: رشط) ، وهدية العارفين 1/ 456، وديوان الإسلام 2/ 333 رقم 998، والأعلام 4/ 105، ومعجم المؤلفين 6/ 90.
[3] الرشاطي: بضم الراء. قال ياقوت: رشاطة: أظنها بلدة بالعدوة. (معجم البلدان 3/ 45) .
وفي (شرح القاموس) : «رشط» : الرشاطي ضبطوه بالفتح وبالضم. فمن قال بالفتح يقول: أحد أجداده اسمه رشاطة، فنسب إليه. ومن قال بالضم يقول: نسب إلى حاضنة له كانت أعجمية تدعى برشاطة، أو كانت تلاعبه فتقول: رشاطة، فنسب إليها.
وكان ابن خلّكان: هذه النسبة ليست إلى قبيلة ولا إلى بلد. بل ذكر (الرشاطي) في كتابه أن أحد أجداده كانت في جسمه شامة كبيرة، وكانت له حاضنة أعجمية، فإذا لاعبته قالت له:
رشطالة، وكثر ذلك منها، فقيل له: الرشاطي. (وفيات 3/ 307) .
[4] اسمه: «اقتباس الأنوار والتماس الأزهار في أنساب الصحابة ورواة الآثار» .(36/537)
وكان مولده في سنة 466.
وتُوُفّي في حدود الأربعين.
480- عبد الله بن محمد بن حسين [1] .
السّيّد، المُعَمَّر، أبو القاسم العَلَويّ، الحُسَينيّ، الكوفيّ ثمّ الجوجانيّ وجوجان من نواحي نَيْسابور.
تُوُفّي في حدود سنة أربعين، وقد قارب المائة أو بلغها [2] .
قال ابن السَّمْعانيّ: مولده في حدود سنة أربعين وأربعمائة، وكان صالحا كثير الخير والعبادة مع كِبَر السِّنّ. وثَقُل سمعُه.
سمع: أبا بكر محمد بن عبد الله الفارسيّ بنَيْسابور، والإمام أبا عليّ الفضل الفارَمْذيّ.
حمل ابن السَّمْعانيّ ولده عبد الرحيم إليه بالقصر، وبات عنده ليلة، وسمعا منه «ذمّ الدّنيا» لأبي عبد الرحمن السُّلَميّ، وغير ذلك.
وقد رأى الشَيخ أبا القاسم عبد الله بن عليّ الكركانيّ [3] ، وسمع ببغداد أبا بكر الطُّرَيْثيثيّ.
قال ابن السَّمْعانيّ: ما سمعت من شَيخ أَسَنّ منه [4] .
481- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ فَرَج [5] .
أبو محمد العَبْدَريّ، الزُّهَيْريّ، الأندلسيّ، من أهل المريّة.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن محمد بن حسين) في: المنتخب من السياق 274 رقم 898 واسمه فيه:
«عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم بن محمد بن شبيب بن سنان بن عبد الله الجوري من سكّة بالويه، أبو القاسم بن أبي الحسين» .
[2] وقال عبد الغافر الفارسيّ: توفي ليلة الجمعة ثامن شعبان سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
[3] في المنتخب من السياق: روى عنه أبو القاسم عُبَيْد الله بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد الكريزي الحسكانيّ.
[4] وقال عبد الغافر: ثقة مشهور، وأخوه، وأبوه، وابنه كلّهم محدّثون عدول.
[5] انظر عن (عبد الله بن محمد بن يحيى) في: معرفة القراء الكبار 1/ 498 رقم 446، وغاية النهاية 1/ 455 رقم 1901.(36/538)
أخذ القراءات عَنْ أبي داود بدانية.
وسمع من: أبي عليّ بن سُكَّرَة.
وأقرأ بعد حمّاد نحوا من عشرين سنة. ثمّ نزل بجاية.
حدَّث عنه: أبو العبّاس بن عبد الجليل التُّدْمِيريّ.
وتُوُفّي ببَجَايَة.
482- عبد الله بن مسعود بن محمد [1] .
الأمير أبو سعيد النَّسَويّ، الملقاباذيّ [2] ، حفيد عميد خُراسان.
فيه تعبُّد وانعزال عَن النّاس.
سمع: موسى بن عِمران، وأبا بكر بن صالح.
روى عنه: أبو سعد الحافظ [3] .
وعاش ثمانيا وسبعين سنة.
483- عبد الرحمن بن الحسين بن علي بن الخضر بن عَبْدان [4] .
أبو القاسم الأزْديّ، المقرئ، الدّمشقيّ.
كان يقرأ في السُّبْع الكبير في الجامع، وسمع: القاضي أبا القاسم سعد بن أحمد الّذي يروي عَن ابن صَخْر.
روى عنه: الحافظ ابن عساكر، وابنه القاسم [5] .
وتوفّي في جُمَادَى الأولى. وهو قرابة الخضر بن الحسين.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن مسعود) في: التحبير 1/ 380 رقم 333، ومعجم البلدان 5/ 193، 194.
[2] الملقاباذي: بضم الميم وسكون اللام. نسبة إلى محلّة بأصبهان، وقيل بنيسابور.
[3] وقال: فمن جملة ما سمعت منه جزءا من حديث أبي جعفر محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي، بروايته عن ابن خلف، عن ابن محمش، عن أبي حامد بن بلال، عنه. وكانت ولادته في سنة اثنتين وستين وأربعمائة بنيسابور. هكذا ذكر لي لما سألته.
[4] انظر عن (عبد الرحمن بن الحسين) في: التحبير 1/ 391 رقم 346، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 137 ب، 138 أ، وتاريخ دمشق لابن عساكر، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 14/ 238 رقم 164.
[5] وقال ابن السمعاني: شيخ مستور، سمع القاضي أبا القاسم سعد بن أحمد بن محمد النسائي.
كتبت عنه قدر ورقة. وكانت ولادته سنة نيّف وسبعين وأربعمائة. (التحبير) .(36/539)
484- عبد الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ محمد [1] .
أبو بكر البَحِيريّ [2] ، النَّيْسابوريّ [3] .
شَيخ مُسْنِد، مقبول، ثقة، صالح، مشهور.
حدَّث عَنْ: أبي بكر البَيْهقيّ، وأحمد بن منصور المغربيّ، وأبي القاسم القُشَيْريّ، وأبيه عبد الله، وعمّه عبد الحميد، وإسماعيل بن عبد الرحمن الكيّاليّ، وغيرهم.
ومن مسموعاته: «المتّفق» للجَوْزقيّ، تفرَّد به في وقته، عَن المغربيّ وسمع أبا سهل الحفْصيّ.
وكان مولده في سنة ثلاثٍ وخمسين وأربعمائة [4] ، وهو من بيت حديث ورواية.
روى عنه: ابن السَّمْعانيّ، ومحمد بن فضل الله السّلاريّ.
وأبوه أبو الحَسَن عبد الله شَيخ عدْل، حدَّث عَنْ محمد بن أحمد بن [3] عَبْدُوس المُزَنيّ، وأبي نُعَيْم عبد الملك، وطبقتهما. وهو من شيوخ زاهر.
وحدَّث عَنْ أبي بكر هذا جماعة، وبالإجازة عبد الرحيم بن السَّمْعانيّ، والمؤيّد الطّوسيّ [5] .
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد الله البحيري) في: التحبير 1/ 394، والمنتخب من السياق 319، 320 رقم 1054، والتقييد 341، 342 رقم 417، والمعين في طبقات المحدّثين 160 رقم 2725، وسير أعلام النبلاء 20/ 156، 157 رقم 92، والعبر 4/ 110، والإعلام بوفيات الأعلام 221، 222، وعيون التواريخ 12/ 406، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 46 أ، 46 ب، والنجوم الزاهرة 5/ 278، وشذرات الذهب 4/ 125، 126.
[2] تصحّفت في (التحبير 1/ 394) إلى: «البجيري» بالجيم.
[3] زاد في (التحبير) إلى نسبته: «الملقباذي» .
[4] التحبير 1/ 394.
[5] وقال ابن السمعاني: كان شيخا صالحا، سديدا، ثقة، صدوقا، أمينا، من بيت العلم والحديث والعدالة. وكان من المقبولين عند القضاة والحكام، وكان يعلّم الناس الفروسيّة والرمي لبراعته في تلك الصنعة. عمّر العمر الطويل حتى تفرّد في وقته بالرواية عن جماعة من الشيوخ المسندين ... سمعت منه بنيسابور في النوبة الثانية والثالثة، وسمعت منه الأجزاء الخمسة التي خرّجها زاهر بن طاهر الشّحامي. (التحبير) .(36/540)
وتُوُفّي فِي جمَادَى الأولى [1] .
485- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن نزار.
أبو زيد الشّاطبيّ، المالكيّ.
روى عَنْ: أبي الحَسَن طاهر بن مفوَّز، وأبي عبد الله الطَّلاعيّ، وجماعة.
وكان فقيها، عاقلا، عارفا بالمذهب، مشاوَرًا، نبيلا، حافظا، ذا تواضُع وديانة، وخير.
486- عبد السّلام بن إسماعيل بْن أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن عثمان القومسانيّ [2] .
الهمذاني، أبو طاهر، ابن الحافظ أبي الفرج.
سمع: أباه، وأبا الفتح عَبْدُوس.
وُلِد سنة 477، ومات في صَفَر.
أخذ عنه: السَّمْعانيّ [3] ، وغيره.
487- عبد الصّمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن العبّاس [4] .
أبو صالح الحَنَويّ [5] الشَّيْبانيّ، الذُّهْليّ. وحاني بليدة من آخر ديار بكر من ثغر الروم.
شَيخ صالح، مسنّ، فقير، راغب في الرّواية.
__________
[1] وقع في المطبوع من (المنتخب من السياق 320) : «توفي في جمادى الآخرة سنة 504 عن سبع وثمانين سنة» !.
وهذا خطأ، والصحيح 540 هـ.
[2] انظر عن (عبد السلام بن إسماعيل) في: التحبير 1/ 448، 449 رقم 414، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 152 ب.
[3] وقال: من أولاد الأئمّة والعلماء، والده أبو الفرج إسماعيل من حفّاظ الحديث، وجدّه أبو الفضل محمد بن عثمان من العلماء الزّهّاد. وعبد السلام كان شيخا عالما، سديد السيرة، متميّزا، فاضلا ... كتبت عنه بهمذان.
[4] انظر عن (عبد الصمد بن عبد الرحمن) في: الأنساب 4/ 256، 257، ومعجم البلدان 2/ 208، واللباب 1/ 397، 398.
[5] الحنوي: بفتح الحاء المهملة والنون وفي آخرها الواو المكسورة. هذه النسبة إلى حنا وهي بلدة من آخر ديار بكر عند خلاط وحصن كيفا. (الأنساب) ، وقال ياقوت إنها نسبة إلى «حاني» بوزن قاضي وغازي. (معجم البلدان) .(36/541)
سمع: أبا القاسم بن أبي حرب الْجُرْجانيّ، ورزق الله التّميميّ، والأنباريّ، وعاصم بن الحَسَن.
روى عَنْهُ: محمد بْن محمد السّنْجيّ، وأبو سعد السَّمْعانيّ، وغير واحد.
وتُوُفّي في خامس رجب ببغداد، وله نيَّفٌ وثمانون سنة.
وممّن روى عنه: أبو أحمد ابن سُكَيْنَة [1] .
488- عبد الفتّاح بن إسماعيل [2] .
أبو بكر الصُّوفيّ، الهَرَويّ، البيّع.
سمع من: أبي إسماعيل الأنصاريّ «مناقب أحمد» .
قرأه عليه السَّمْعانيّ، وقال: مات في شعبان [3] .
489- عبد الملك بن سَلَمَةَ بن عبد الملك الوَشْقي [4] .
مولى بني أُمَيَّة، أبو مروان بن الصَّيْقل.
جال في طلب العِلم، وأخذ القراءات عَنْ: أبي المطرّف بن الورّاق، وأبي زيد بن حَيُّوَة، وأبي الحَسَن بن شفيع، وأبي القاسم بن النّحّاس.
ولقي: أبا محمد بن عتّاب، وأبا الوليد بن رُشد، وطائفة فأكثر عنهم.
وتصدَّر ببَلَنْسِية للإقراء والنَّحْو مدَّة. وكان من أهل الضّبط، والفصاحة، والذّكاء.
حدَّث عنه: أبو عمر بن عَيّاد، وأبو جعفر بن نصرون، وأبو بكر بن هُذَيْل، وأبو عبد الله بن نوح الغافقيّ.
وتُوُفّي كهلا [5] .
__________
[1] وقال ياقوت: ذكره (ابن السمعاني) ذكره في التحبير. ويقول خادم العلم محقّق هذا الكتاب:
لم أجده في التحبير.
[2] انظر عن (عبد الفتاح بن إسماعيل) في: التحبير 1/ 469 رقم 436، وملخص تاريخ الإسلام 8/ 46 ب.
[3] وقال أيضا: شيخ من أهل الخير ... كتبت عنه بهراة في النوبة الأولى.
[4] انظر عن (عبد الملك بن سلمة) في: تكملة الصلة لابن الأبّار، رقم 1708، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة، السفر الخامس، ق 1/ 19، 20 رقم 33، وغاية النهاية 1/ 468، 469 رقم 1958.
[5] وقال المراكشي: وكان مقرئا مجوّدا فقيها، أديبا، فصيحا، متيقّظا، فهما، كتب بخطّه الرديء(36/542)
490- عتيق بن الحسين بن محمد [1] .
أبو بكر القطّان، الرُّوَيْدشتيّ، الأصبهانيّ.
سمع: سعيدا العيّار.
روى عنه: السَّمْعانيّ، وقال: صالح، مستور.
مات يوم عَرَفَة.
491- عتيق بن عليّ بن مكّيّ، الفَزَاريّ [2] .
المعروف بابن العربيّ، النّيدي [3] ، السُّمُسْطاويّ [4] .
سمع: أبا إسحاق الحبّال، وأبا إسحاق الرّازيّ.
روى عنه: السِّلفيّ، وقال: كان تلّاء للقرآن، ظاهر الخير.
تُوُفّي بالإسكندريّة في شعبان [5] .
492- عليّ بْن أَبِي ياسر أَحْمَد بْن بُنْدار بن إبراهيم [6] .
أبو الحَسَن، المعروف بابن الشّاه، الحلّاج، القطّان.
شَيخ متميّز.
سمع: أباه، وعمّه ثابت بن بندار البقّال، وأبا غالب الباقلّانيّ.
قدم مرو، فسمع منه: أبو سعد السّمعانيّ.
وتوفّي بغزنة في التّجارة.
__________
[ () ] كثيرا، وأتقن ضبطه وتقييده. وتوفي بالمريّة منصرفه من العدوة، سنة أربعين وخمسمائة، وقد نيّف على الخمسين من عمره، عن غير وارث إلّا بيت المال، فصارت كتبه ببلنسية، وماله بالمريّة لبيت المال. (الذيل والتكملة 1/ 20) .
[1] تقدّم في وفيات سنة 539 هـ. برقم 432.
[2] انظر عن (عتيق بن علي) في: معجم السفر للسلفي (مصوّرة دار الكتب المصرية) ق 2، ومعجم البلدان 3/ 250.
[3] لم أجد هذه النسبة.
[4] السّمسطاوي: بضم أوله وثانية ثم سين مهملة أخرى، وطاء مهملة، وألف مقصورة. وعن أبي الفضل: سمسطة من عمل البهنسا، ومنهم من يقول: سمسطا، بفتحتين. قرية بالصعيد الأدنى من البهنسا على غربي النيل. (معجم البلدان) .
[5] ووقع في (معجم البلدان) أنه مات سنة 504 وهو خطأ.
[6] انظر عن (علي بن أبي ياسر) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.(36/543)
493- علي بْن محمد بْن سلامة [1] .
أبو الحسن ابن البالسي [2] .
ولد بالعراق سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، ونشأ بدمشق. وحدَّث عَنْ:
أبي البركات أحمد بن طاوس.
وهو مدفون بمقبرة الكَهْف.
- حرف الكاف-
494- كامل بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سلامة [3] .
أبو التّمام الدّمشقيّ، المقرئ، الضّرير.
قرأ على أبي الوحش سُبَيْع تلميذ الأهوازيّ [4] .
وسمع من جماعة.
عرض عليه القرآن أبو القاسم بن عساكر. وقال: حجّ، وتُوُفّي بمكَّة [5] ، رحمه الله.
495- كثير بن سعيد بن عبد الله بن الحُسين بن إسحاق بن ثماليق [6] .
أبو عبد الله الوكيل.
كان حاذقا بكتابة السِّجِلّات وفصْل الدّعاوَى.
سمع من: نصر بن البطر، وأبي بكر الطّريثيثيّ، وجماعة.
__________
[1] لم أجده.
[2] البالسي: بفتح الباء المنقوطة بواحدة وكسر اللام والسين المهملة. هذه النسبة إلى بالس، وهي مدينة مشهورة بين الرقّة وحلب. (الأنساب 2/ 54) .
[3] انظر عن (كامل بن أحمد) في: التحبير 2/ 42 رقم 642، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 195، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 186، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 21/ 131، 132 رقم 90.
[4] وقال ابن السمعاني: شيخ عالم متودّد ... سمعت منه بدمشق، وكتبت عنه قدر ورقة من حديث القاضي يوسف بن القاسم الميانجي.
[5] وزاد: وكان خيّرا ثقة، كثير الدرس للقرآن، مواظبا على صلاة الليل، وحج مرّتين، توفي في الثانية منهما محرما قبل قضاء نسكه في السابع من ذي الحجّة سنة أربعين وخمسمائة، ودفن بمكة، ومات بعلّة البطن غريبا، فحصلت له الشهادة من وجهين.
[6] انظر عن (كثير بن سعيد) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.(36/544)
قال ابن السَّمْعانيّ: كتبتُ عنه ببغداد والحَرَمَيْن. وكان فيه ديانة وخير.
تُوُفّي فِي صَفَر.
- حرف الميم-
496- مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بن محمد [1] .
أبو بكر الباغْبَان [2] ، الأصبهانيّ، الصُّوفيّ، الصّالح، أخو أبي الخير [3] .
سمع: عبد الوهّاب بن مَنْدَهْ، وغيره.
وتوفّي ثالث عشر شوّال.
كُتُب عنه أبو سعد السَّمْعانيّ [4] ، وقال: كان من خواصّ عبد الرحمن بن مَنْدَهْ، فأكثر عنه. سمعت منه «معرفة الصّحابة» ، بسماعه من عبد الرحمن، عَنْ أبيه.
وُلِد بعد سنة ستّين، وسمع من جماعة.
497- محمد بن الحسين بن حمزة [5] .
أبو الفتح العَلَويّ، الهَرَويّ.
سمع: أبا عاصم الفُضَيْليّ.
وعنه: أبو سعد السَّمْعانيّ، وقال: مات فِي شوّال.
498- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن محمد [6] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد الباغبان) في: التحبير 2/ 75، 76 رقم 677، والأنساب 2/ 44، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 201 ب، والعبر 4/ 168، وسير أعلام النبلاء 20/ 378، 379 رقم 256، والوافي بالوفيات 2/ 111، والنجوم الزاهرة 5/ 366، وشذرات الذهب 4/ 187.
[2] الباغبان: قال ابن السمعاني: هذه النسبة إلى حفظ الباغ. وهو البستان.
[3] في التحبير 2/ 76: أخو أبي الخير، وأبي داود الأكبر منهما. ووالدهم أبو العبّاس، كان رحل بابنه أبي داود عبد الرحمن إلى خراسان، وسمّعه الكثير.
[4] وكان سماعه منه بأصبهان.
[5] انظر عن (محمد بن الحسين) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
[6] لم أجده، وإنما وجدت من اسمه مثله، وكنيته أبو بكر، وتوفي سنة 494 هـ. وهو: محمد بن عبد الله بن أبي جعفر الخشنيّ، من أهل مرسية. انظر: الصلة لابن بشكوال 2/ 563 رقم 1236، وبغية الملتمس للضبيّ 99 رقم 185.(36/545)
أبو جعفر بن أبي جعفر الخُشْنيّ، المُرْسِيّ.
تفقّه بأبيه أبي محمد بن أبي جعفر الفقيه، وأخذ العربيَّة عَنْ أبي بكر بن الجرّار.
وكان فقيها، مبرِّزًا، قائما على «المُدَوَّنة» ، متبحّرا في العلم، يلقي مسائل المدوّنة من حِفْظه.
وبه تفقّه: هارون بن يمات، وأبو بكر بن أبي حمزة.
وولي قضاء بلده عند خلع الملثمين. ثم تأمر ببلده ليمسك النّاس عَن الشّرّ. وكان يقول: لست لها بأهل.
ثمّ إنّه تجهَّز في جُمُوعه، وتوجّه إلى غَرْنَاطَة، وعمل مصَافًّا، فَقُتِلَ وانهزم جيشه في هذا العام، وسِنّه دون الأربعين.
وممّن قُتِلَ معه: أبو بكر محمد بن يوسف بن خطّاب السَّرَقُسْطيّ، النَّحْويّ الشّاعر.
499- مُحَمَّدِ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْنُ مُحَمَّدِ بْن عَبْد الرحمن بن أحمد بن الطُّفَيْل [1] .
العبْديّ، الإشبيليّ، أبو الحَسَين بن غُنَيْمة [2] ، المقرئ الأستاذ.
أخذ القراءات عَنْ أبي عبد الله السَّرَقُسْطيّ.
وروى عَنْ: أبي داود بن نجاح، وأبي عبد الله بن فَرَج، وأبي عليّ الغسّانيّ، وخازم بن محمد، وغيره.
وحجّ، وأقام بالإسكندريّة حتّى أخذ عَنْ أبي القاسم بن الفحّام [3] ، وأحمد بن الحسين بن الميمون.
واشتهر بالصّدق والإتقان. وأخذ النّاس عنه. وله أُرْجُوزة في القراءات.
ومن جملة أصحابه أبو بكر بن خير.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الرحمن العبديّ) في: غاية النهاية 2/ 166، 167 رقم 3117.
[2] في غاية النهاية: «عظيمة» .
[3] في الأصل: «اللحام» .(36/546)
توفّي في حدود سنة أربعين [1] ، رحمه الله.
500- محمد بن عليّ بن عبد المؤمن.
القاضي أبو عبد الله الرّعينيّ، الزّينبيّ، الغرناطيّ.
روى عَنْ: أبي الأَصْبَغ بن سهل، وأبي عليّ الغسّانيّ، ومحمد بن سابق.
وولي الأحكام بغَرْناطة.
روى عنه: ابنه إبراهيم، وأبو خالد بن رفاعة، وأبو عبد الله بن عبد الرّحيم.
501- محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن حسين بن حمدان [2] .
أبو الفتح الثّعلبيّ، الخشّاب، الكاتب. نزيل مرو.
أحد المشهورين بالبراعة في البلاغة والتّرسّل، وحسن الخطّ. وله شعر رائق.
قال ابن السَّمْعانيّ: لكنّه منهمك مع الشَيخوخة على الشّرْب. وكان يُضرب به المَثَل في الكذِب والمستحيلات ووضْعها.
قال فيه إبراهيم بن عثمان الغزّيّ [3] الشّاعر:
أرضاه إنْ نَحَتَ [4] الأخشابَ والدُهُ ... فلم يُطِقْه وأضْحَى ينْحت الكذِبا
إلّا أنّه كان صحيح السّماع. سمع بنَيْسابور: أبا القاسم القُشَيْريّ، والفضل بن المحبّ، وأبا صالح المؤدّب، وأبا سهل الْجُعْفيّ [5] .
وُلِد سنة سبْعٍ وخمسين وأربعمائة، ومات مسافرا بين مَرْو وسَرْخَس في ثامن عشر رجب، ودفن بمرو [6] .
__________
[1] في غاية النهاية 2/ 167: مات سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة في صفر.
[2] انظر عن (محمد بن محمد الثعلبي) في: عيون التواريخ 12/ 397، 398، ولسان الميزان 5/ 359 رقم 1177، وشذرات الذهب 4/ 126.
[3] في لسان الميزان: «العربيّ» .
[4] في لسان الميزان: «أوصاه أن ينحت» .
[5] في الأصل: «الحفصي» .
[6] عن ثلاث وثمانين سنة.
وقال ابن السمعاني: أنشدني لنفسه:(36/547)
50- مسعود بن جامع المَرَاتبيّ الضّرير [1] .
سمع: ابن طلحة النّعاليّ.
كُتُب عنه: أبو محمد بن الخشّاب في هذه السّنة. وانقطع خبره.
503- مسعود بن أبي سعد محمد بن سهل [2] .
القُولُويّ، النّيسابوريّ، وقولو: من مَحَالّ نَيْسابور [3] .
سمع: عليّ بن أحمد المدينيّ المؤدّب، وأبا بكر أحمد بن سهل السّرّاج.
وقدِم بغداد سنة أربع وتسعين وأربعمائة. وسمع بها.
قال ابن السَّمْعانيّ: كتبت عنه بنَيْسابور، وكان شيخا لَا بأس به. تُوُفّي في رمضان [4] .
504- الموفّق بن عليّ بن محمد بن ثابت [5] .
الفقيه أبو محمد الخِرَقيّ، المَرْوَزي، الثابتيّ [6] ، الشّافعيّ.
تلميذ مُحيي السُّنَّة البَغَويّ.
قال السَّمْعانيّ [7] : كان فقيها، ورعا، زاهدا، متواضعا، لم أر في أهل العِلم مثله خُلُقًا وسيرة. وكان يصوم أكثر أيّامه، ويتكلَّم.
تفقّه أيضا على والدي.
وقرأ الخلاف ببُخارَى على: أبي بكر الطَّبَريّ وتَلْمذ له. وكان يحفظ المذهب [8] .
__________
[ () ]
أراك اتخذت سواكا أراكا ... لكيما أراك وأنسى سواكا
وما هجرت السّواك إلّا لأني ... إن ذكرت السّواك قلت: سواكا
[1] لم أجده.
[2] انظر عن (مسعود بن أبي سعد) في: التحبير 2/ 306 رقم 991، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 263 ب، ومعجم البلدان 4/ 414.
[3] التحبير، معجم البلدان.
[4] وكان مولده في سنة 472 بنيسابور.
[5] انظر عن (الموفق بن علي) في: التحبير 2/ 323، 324 رقم 1025، وملخص تاريخ الإسلام 8/ 48، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 317، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 332.
[6] الثابتي: بالثاء المثلّثة. نسبة إلى ثابت وهو الجدّ.
[7] في (التحبير 2/ 323) .
[8] وزاد ابن السمعاني: وكان إذا جلس بين الخواص والعوام لا يعلم أحد أنه من العلماء، وكان(36/548)
مات في رمضان.
505- موهوب بن أحمد بن محمد بن الخَضِر بن الحَسَن بن الجواليقيّ [1] .
أبو منصور بن أبي طاهر البغداديّ، النَّحْويّ اللُّغويّ، إمام الخليفة المقتفي.
وُلِد سنة ستٍّ وستّين [2] . وأربعمائة.
__________
[ () ] يصوم أكثر أيامه، فإذا دخل من يزوره يقدّم بين يديه شيئا مما حضر ويوافقه ويأكل ولا يرى أنه كان صائما ... كتبت عنه شيئا يسيرا بخرق.
[1] انظر عن (موهوب بن أحمد الجواليقيّ) في: الأنساب 3/ 337، والمنتظم 10/ 118 رقم 171 (18/ 46، 47 رقم 4119) ، ومعجم الأدباء 19/ 205- 207، ونزهة الألبّاء لابن الأنباري 396- 398، واللباب 1/ 301، والكامل في التاريخ 11/ 106، 107، وإنباه الرواة 3/ 335- 337، ووفيات الأعيان 5/ 342- 344، والمختصر في أخبار البشر 3/ 17، وتذكرة الحفاظ 4/ 1286، والعبر 4/ 110، وسير أعلام النبلاء 20/ 89- 91 رقم 50، والإعلام بوفيات الأعلام 222، والمعين في طبقات المحدّثين 160 رقم 1726، وتاريخ ابن الوردي 2/ 45، وتلخيص ابن مكتوم 257- 259، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 236، 237 رقم 182، ومرآة الجنان 3/ 271- 273، والبداية والنهاية 12/ 220، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 204- 207، وعيون التواريخ 12/ 394- 396 (في وفيات سنة 539 هـ.) ، والنجوم الزاهرة 5/ 277، وبغية الوعاة 2/ 308، وتاريخ الخلفاء 442، وتاريخ إربل لابن المستوفي 1/ 127 و 197، والجامع الكبير لابن الأثير 51، والتذكرة الفخرية للإربلي 57، وملء العيبة للفهري 2/ 238- 240، 243، 250، وتخليص الشواهد للأنصاريّ 457، وتاريخ ابن سباط 1/ 79، وكشف الظنون 48، 741، 1577، 1586، 1739، وشذرات الذهب 4/ 127، وهدية العارفين 2/ 483، وتاريخ الأدب العربيّ لبروكلمان 5/ 163، 164، ومعجم المطبوعات 71، والأعلام 8/ 292، ومعجم المؤلفين 13/ 53، 54، وانظر: شرح أدب الكاتب للجواليقي، حيث قدّم له المرحوم مصطفى صادق الرافعي، طبعة دار الكتاب العربيّ، ببيروت. و «الجواليقيّ» : نسبة إلى عمل الجوالق وبيعها، وهي نسبة شاذّة لأن الجمع لا ينسب إليها، بل ينسب إلى آحادها إلا ما جاء شاذّا مسموعا في كلمات محفوظة مثل قولهم: رجل أنصاري، في النسبة إلى الأنصار. والجواليق جمع جوالق شاذّ لأن الياء لم تكن موجودة في مفردة، والمسموع فهي جوالق بضم الجيم، وجمعه جوالق بفتح الجيم، وهو باب مطّرد.
قالوا: رجل حلاحل، إذا كان وقورا، وجمعه حلاحل، ... وله نظائر كثيرة. وهو اسم أعجمي معرّب، والجيم والقاف لا يجتمعان في كلمة واحدة عربية البتّة. (وفيات الأعيان 5/ 344) .
[2] في الكامل: سنة خمس وستين. وفي المنتظم: ولد في ذي الحجة سنة خمس وستين.(36/549)
وسمع: أبا القاسم بن البُسْريّ، وأبا طاهر بن أبي الصَّقْر الأنباريّ، وطِراد بن محمد، وابن البَطِر، وجماعة كثيرة.
وسمع بنفسه، وكتب الكثير بخطّه.
روى عنه: ابنته خديجة، وابن السّمعانيّ، والشّريف عبيد الله بن أحمد المنصوريّ، وأبو الفرج بن الجوزيّ، ويوسف بن المبارك، وأبو اليُمْن الكِنْديّ، وآخرون.
قال ابن السّمعانيّ: إمام في اللّغة والنّحو، وهو من مفاخر بغداد.
قرأ الأدب على أبي زكريّا التَّبْريزيّ، وتَلْمَذَ له، حتّى برع فيه. وهو متديّن، ثقة، ورِع، غزير الفضْل، وافر العقل، مليح الخطّ، كثير الضَّبْط.
صنَّف التّصانيف، وانتشرت عنه، وشاع ذِكره [1] .
وقال غيره: كان حُجَّةً في نقل العربيَّة، علّامة، متفنّنا في الآداب، تخرّج به جماعة كثيرة.
وتُوُفّي في المحرَّم [2] ، قاله ابن شافع، وابن المفضّل المقدسيّ، ومحمد بن حمزة بن أبي الصَّقْر، وأبو الفَرَج بن الجوزيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وآخرون.
وأمّا ما ذكره ابن السَّمْعانيّ أنّ أبا محمد عبد الله بن محمد بن جرير القُرَشيّ كتب إليه بوفاة أبي منصور بن الجواليقيّ في نصف المحرَّم سنة تسعٍ وثلاثين، فَغَلَطٌ بيقين، واعتمد عليه القاضي ابن خَلِّكان [3] ، وما عرف له غلط.
قال ابن الجوزيّ [4] : قرأ الأدب سبْع عشرة سنة على أبي زكريّا التِّبْريزيّ، وانتهى إليه علم اللّغة فأقرأها، ودرّس العربيَّة في النّظاميَّة بعد أبي زكريّا مدَّة.
فلمّا استخلف المقتفي اختصّ بإمامته.
__________
[1] الأنساب 3/ 337.
[2] قال ابن الجوزي: توفي سحرة يوم الأحد منتصف محرّم، وحضر للصلاة عليه الأكابر كقاضي القضاة الزينبي وهو صلّى عليه، وصاحب المخزن، وجماعة أرباب الدولة والعلماء والفقهاء.
[3] انظر: وفيات الأعيان 5/ 344.
[4] في المنتظم 10/ 118 (18/ 47) .(36/550)
وكان المقتفي يقرأ عليه شيئا من الكُتُب، وكان غزير العقل، متواضعا في ملبسه ورياسته، طويل الصّمت، لَا يقول الشّيء إلّا بعد التّحقيق والفكر الطّويل. وكثيرا ما كان يقول: لَا أدري.
وكان من أهل السُّنَّة. سمعتُ منه كثيرا من الحديث وغريب الحديث.
وقرأت عليه كتابه «المُعَرَّب» وغيره من التّصانيف [1] .
وقال ابن خَلِّكان [2] : صنَّف التّصانيف المفيدة، وانتشرت عنه، مثل «شرح كتاب أدب الكاتب» [3] ، وكتاب «المعرَّب» [4] ، وتتمَّة «دُرَّة الغَواص» [5] الّتي للحريريّ [6] . وخطّه مرغوبٌ فيه.
وكان يُصلّي بالمقتفي باللَّه، فدخل عليه، وهو أوّل ما دخل، فما زاد على أن قال: السّلام على أمير المؤمنين ورحمة الله تعالى.
فقال ابن التَّلميذ النَّصْرانيّ، وكان قائما وله إدْلالُ الخدمة والطَّبّ: ما هكذا يُسَلَّم على أمير المؤمنين يا شَيخ. فلم يلتفت إليه ابن الجواليقيّ، وقال:
يا أمير المؤمنين، سلامي هو ما جاءت به السُّنَّة النَّبَويَّة. وروى الحديث ثمّ قال:
يا أمير المؤمنين، لو حلف الحالف أنّ نصرانيّا أو يهوديّا لم يصِل إلى قلبه نوعٌ من أنواع العِلم على الوجه لَمَا لَزِمَتْه كَفّارة، لأنّ الله ختم على قلوبهم، ولن يفكّ ختْمَ الله إلّا الإيمان. فقال: صَدَقْتَ، وأحسنْتَ.
وكأنّما أُلْجِم ابنُ التلميذ بحجرٍ، مع فضْله وغزارة أدبه [7] .
__________
[1] زاد ابن الجوزي: «وقطعة من اللغة» .
[2] في وفيات الأعيان 5/ 342.
[3] طبع في مصر بمكتبة القدسي سنة 1350 هـ. وقدّم له أديب العربية الطرابلسي الأصل «مصطفى صادق الرافعي» .
[4] طبع بتحقيق وشرح الأستاذ أحمد شاكر، وأصدرته دار الكتب المصرية سنة 1969 هـ.
[5] واسمه: «التكملة في لحن العامّة» . وطبع بتحقيق الأستاذ عز الدين التنوخي بمطبعة ابن زيدون بدمشق سنة 1355 هـ. ونشره المجمع العلمي العربيّ بدمشق.
[6] في الأصل: «للجريري» بالجيم.
[7] وفيات الأعيان 5/ 342، 343 وحكى ولده أبو محمد إسماعيل، وكان أنجب أولاده، كنت في حلقة والدي يوم الجمعة بعد الصلاة بجامع القصر، والناس يقرءون عليه، فوقف عليه شاب وقال: يا سيدي، قد سمعت بيتين من الشعر ولم أفهم معناهما، وأريد أن تسمعهما مني(36/551)
- حرف الياء-
506- يوسف بن عبد الواحد بن محمد بن ماهان [1] .
أبو الفتح الأصبهانيّ، الكاتب.
يروي عَنْ أصحاب الحافظ ابن مَنْدَهْ.
روى عنه: ابن عساكر، وأبو موسى المَدِينيّ، وغيرهما [2] .
تُوُفّي في أواخر ربيع الأوّل.
507- يحيى بن محمد بن عبد الرحمن بن بَقِيّ [3] .
أبو بكر الأندلسيّ، القُرْطُبيّ، الشّاعر المشهور، صاحب الموشَّحات البديعة، والمعاني الرشيقة.
ذكره العماد الكاتب وورَّخه.
__________
[ () ] وتعرّفني معناهما، فقال: قل. فأنشده:
وصل الحبيب جنان الخلد أسكنها ... وهجره النار يصليني به النارا
فالشمس بالقوس أمست وهي نازلة ... إن لم يزرني، وبالجوزاء إن زارا
قال إسماعيل: فلما سمعهما والدي قال: يا بني، هذا شيء من معرفة علم النجوم وتسييرها لا من صنعة أهل الأدب، فانصرف الشاب من غير حصول فائدة، واستحيا والدي من أن يسأل عن شيء ليس عنده منه علم، وقام، وآلى على نفسه أن لا يجلس في حلقته حتى ينظر في علم النجوم ويعرف تسيير الشمس والقمر، فنظر في ذلك، وحصّل معرفته، ثم جلس. (وفيات الأعيان 5/ 343) .
[1] انظر عن (يوسف بن عبد الواحد) في: التحبير 2/ 389، 390 رقم 1115، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 287 ب.
[2] وقال ابن السمعاني: شيخ صالح، سديد السيرة، من أهل الخير ... وعمّر حتى حدّث ...
سمعت منه كتاب «معرفة الصحابة» لأبي عبد الله بن مندة، بروايته عن شجاع، عنه. وسألته عن ولادته فقال: ولدت في الثاني من شعبان سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وكان سماعه سنة خمس وخمسين وأربعمائة، بقراءة محمد بن عبد الواحد الدقاق.
[3] انظر عن (يحيى بن محمد) في: قلائد العقيان 279، والذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، القسم الثاني، مجلّد 2/ 615- 636، وخريدة القصر (قسم شعراء المغرب والأندلس) 2/ 308، ومعجم الأدباء 20/ 21، والمطرب 198، وتكملة الصلة لابن الأبّار، رقم 2042، والمغرب في حلى المغرب 2/ 19، ووفيات الأعيان 6/ 202- 205، ومسالك الأبصار لابن فضل الله العمري (مخطوط) 11/ ورقة 280، وسير أعلام النبلاء 20/ 193، 194 رقم 125، ونفح الطيب 4/ 236- 240 وانظر فهرس الأعلام، وأزهار الرياض 2/ 208.(36/552)
وهو القائل:
يا أَفْتَكَ [1] النّاسِ لِحاظًا وأحبَّهُم [2] ... ريقا متى كان فيك [الصّابُ] [3] والعَسَلُ
في صحن خدّك وهو الشّمسُ طالِعة ... ورْدٌ يَزِيدُكَ فيه الرّاحُ والخَجَلُ
إيمانُ حُبَّك في قلبي مجدَّدة [4] ... من خدّكَ المُكْتِب أو من لحظك المُرْسِلُ [5]
إنْ كنتَ تجهل أنّي عبدُ مملكةٍ ... مُرْني بما شئت آتِية وأتبتّلُ [6]
وله:
ومشمولةٍ في الكأس تحسبُ أنّها ... سماء عقيقٍ رُصِّعَتْ بالكواكبِ [7]
بَنَتْ كعبة اللّذات في حَرَم الصِّبى ... فحجّ إليها اللَّهْوُ من كلّ جانبِ [8]
508- يرنقش الزَّكَويّ الأرمنيّ [9] الخادم.
ولي إمرة أصبهان وإمرة العراق وشِحْنَكِيّتها. وكان خادما لزكيّ الدّين التّاجر، فترقَّت به الحال إلى أن صار من كبار الدّولة.
__________
[1] وفي المصادر: «يا أقتل» .
[2] في المصادر: «ألحاظا وأطيبهم» .
[3] في الأصل بياض. والمستدرك من (قلائد العقيان، ووفيات الأعيان، وسير أعلام النبلاء) .
[4] في المصادر: «يجدّده» .
[5] في المصادر: «الكتب ... الرسل» .
[6] في المصادر: «وأمتثل» . وقبل البيت الأخير بيت:
لو اطّلعت على قلبي وجدت به ... من فعل عينيك جرحا ليس يندمل
[7] في الأصل: «بكواكب» .
[8] البيتان في الخريدة 2/ 308، ووفيات الأعيان 6/ 204، 205.
[9] انظر عن (يرنقش الزكوي) في: الكامل في التاريخ 11/ 106، وتاريخ دولة آل سلجوق 178.(36/553)
المتوفون في عشر الأربعين وخمسمائة ظنا ويقينا
- حرف الألف-
509- أحمد بن سعيد بن الإمام أبي محمد بن حزْم [1] .
اليزيديّ، مولاهم القُرطُبيّ أبو عمر، نزيل شِلْب [2] .
كان فقيها ظاهريّا كجدّه، عارفا بأصولهم، داعيا إليه، صليبا فيه، مع معرفةٍ بالنَّحْو والشِّعْر.
تُوُفّي رحمه الله بعد محنةٍ عظيمة من ضرْبه وحبْسه وأخْذ أمواله، ممّا نُسِب إليه من الثّورة على السّلطان، في حدود الأربعين.
510- أحمد بن عبد الله بن بركة بن الحسين [3] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن سعيد) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 1/ 51، وبغية الملتمس للضبيّ 182، 183 رقم 412، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي، السفر الأول، ق 1/ 121- 123 رقم 167، والوافي بالوفيات 6/ 391 رقم 2905.
[2] ناقش المراكشي نسبه وطوّل في ذلك نقلا عن ابن الأبّار وغيره.
ووصفه الضبيّ بالوزير فقال: «أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب أبو عمر الوزير والد الفقيه أبي محمد وزير الدولة العامرية، ومن أهل العلم والأدب والخير، وكان له في البلاغة يد قويّة» .
وقال في آخر ترجمته: مات الوزير أبو عمر بن حزم قريبا من الأربعمائة. (بغية الملتمس) .
واسمه في (الذيل والتكملة 1/ 121) : «أحمد بن سعيد بن علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن بن صالح بن خلف بن معدان بن سفيان ... » .
[3] انظر عن (أحمد بن عبد الله) في: المنتظم 10/ 190 رقم 277 (18/ 136 رقم 4228) ، وسير أعلام النبلاء 20/ 315 رقم 209، والوافي بالوفيات 7/ 112، والبداية والنهاية 12/ 240، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 232، 233، وشذرات الذهب 4/ 170.
وهو في (المنتظم) : «أحمد بن معالي بن بركة» ، وفي (سير أعلام النبلاء) : «أحمد بن أبي المعالي عبد الله بن بركة» .(36/554)
أبو القاسم بن ناجية [1] ، الحربيّ، الفقيه، الوسيط.
أحد الأئمَّة ببغداد.
تفقّه على أبي الخطّاب، وبرع في الفقه وناظَر، ثمّ صار حنفيا، ثمّ تحوّل شافعيّا. ثمّ ترك التّقليد وتبع الدّليل [2] .
وحدَّث عَنْ: ثابت بن بُنْدار.
روى عنه: ابن السَّمْعانيّ.
511- أحمد بن محمد بن أبي سعيد [3] .
أبو العبّاس الطّحّان، البغداديّ، المتّقي.
رجل خيّر يأكل من كسبه.
سمع: أبا الحسين بن المهتدي باللَّه.
تُوُفّي بعد الثّلاثين.
512- أحمد بن محمد بن عليّ بن أحمد [4] .
أبو اليَقْظان التَّنُوخيّ، المَعَرّيّ، الأديب. شاعر مُحسِن.
عُمِّر تسعا وتسعين سنة. وانتقل بأولاده إلى حلب حين هجم الفرنج، خذلهم الله، المعرَّةَ سنة ستٍّ وسبعين.
وقد سمع من أبي العلاء المَعَرّيّ ثلاثة قصائد. رواها عنه حفيده محمد بن مؤيِّد بن أحمد بن محمد.
__________
[1] تحرّفت إلى «باجية» (بالباء) في: الوافي بالوفيات.
[2] وقال ابن السمعاني: وقال لي: أنا اليوم متّبع الدليل، ما أقلّد أحدا، كتبت عنه. مات في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وخمسمائة، وله تسع وسبعون سنة.
وقال ابن الجوزي: سمعت درسه مدّة وكان قد انتقل إلى مذهب الشافعيّ ثم عاد إلى مذهب أحمد ووعظ. وتوفي في جمادى الأولى من هذه السنة، ودفن بمقبرة باب حرب، وكان سبب موته أنه ركب دابّة فانحنى في مضيق ليدخله، فاتّكأ بصدره إلى قربوس السرج فأثر فيه، وانضم إلى ذلك إسهال، فضعفت القوّة، وكان مدّة يومين أو ثلاثة. (المنتظم) .
«أقول» : توفي صاحب الترجمة في سنة 554 هـ. ولهذا ينبغي أن تحوّل ترجمته من هنا إلى الطبقة السادسة والخمسين.
[3] لم أجده.
[4] لم أجده.(36/555)
وتُوُفّي سنة بضْعٍ وثلاثين.
513- إبراهيم بن عبد الملك بن محمد بن إبراهيم [1] .
الشّحاذيّ، القَزْوينيّ، المقرئ، شَيخ صالح، خيِّر، مُعَمَّر.
جاور بمكَّة مدَّة، وقرأ القرآن على أبي مَعْشَر الطَّبَريّ.
وسمع ببغداد من: أبي إسحاق الشّيرازيّ الفقيه، وغيره [2] .
روى عنه ابنه، وبالإجازة أبو سعد السَّمْعانيّ [3] .
514- إسماعيل بن عبد الواحد [4] .
أبو الفخر الأصبهانيّ، التّاجر.
أكثر عَنْ أصحاب أبي نُعَيْم. ثمّ سمع من: أبي الحَسَن العلّاف ببغداد، وجماعة.
سمع منه: ابن الخشّاب، وأبو الفضل محمد بن يوسف الغَزْنَويّ.
وكان مولده في سنة تسع وستّين وأربعمائة.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن عبد الملك) في: التدوين في أخبار قزوين 2/ 114، 115.
[2] قال الرافعي القزويني: شيخ عالي الإسناد، معمّر، سمع ببغداد أبا إسحاق الشيرازي، وبقزوين أبا منصور المقوّمي «سنن ابن ماجة» ، سنة ثمانين وأربعمائة و «جامع التأويل» لابن فارس، بروايته عن ابن الغضبان، عنه، و «صحيح» محمد بن إسماعيل البخاري، من محمد بن حامد بن الحسن بن كثير سنتي تسع وثمانين وتسعين وأربعمائة، وقرأ بمكة على أبي معشر الطبري، وسمع منه الكثير من تصانيفه وغيرها. سمع بمكة أيضا سنة أربع وسبعين وأربعمائة.
وكانت أصوله صحيحة، وسماعاته واضحة، وبورك في سماعه، وروايته، حتى كثر سماع البلديين والطارقين من كل صنف عنه في تواريخ مختلفة.
وذكره ابن السمعاني في «الذيل» وقال إنه شيخ صالح جاور بمكة سنين، وكان ممن يتبرّك به وكتب لي الإجازة بجميع مسموعاته، وذكره بعض شيوخه.
عن القاضي عطاء الله بن علي بن بلكويه، وظنّي أني رأيت بخطّه، قال: سمعت الأستاذ إبراهيم الشحاذي يقول: كنت أمشي في صغري مع والدي يقصد الحمّام، فاستقبلنا شيخ طويل القامة، أسمر، متعمّم بعمامة كرباص قميصة، سواد الحبر، وفي يده محبرة، فحملني أبي إليه وقال: أجزت لولدي هذا رواية ما يصحّ عنده من مسموعاتك، فقبّلني، وقال: أجزت له ذلك، فلما جاوزنا قلت لأبي: من هذا الشيخ، فقال: أبو يعلى الخليل بن عبد الله الحافظ.
وكان الأستاذ إبراهيم يقول: بيني وبين الله تعالى أنه أجاز لي إلّا أنه لم يحصل خطّه.
[3] قال القزويني: توفي أبو إسحاق الشحاذي سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، في إحدى جماديها.
[4] لم أجده.(36/556)
- حرف الحاء-
515- الحسن بن سعيد بن أحمد بن عَمْرو بن المأمون بن عَمْرو [1] .
أبو عليّ الْجَزَريّ، الفقيه الشّافعيّ.
قدِم في صِباه بغداد، وسمع: أبا القاسم عبد العزيز بن الأنْماطيّ، وأبا القاسم البُسْريّ.
ووُلّي قضاء جزيرة ابن عمر [2] .
روى عنه: أبو المعمّر الأنصاريّ، وابن عساكر [3] .
ومولده في حدود سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. وتفقّه ببغداد.
ذكره ابن السَّمْعانيّ، وقال: توفّي في حدود سنة أربعين [4] .
516- الحَسَن بن محمد بن الحَسَن [5] .
شَيخ الرّافضة وعالمِهُم، أبو عليّ ابن شَيخ الرّافضة وعالِمهم الشَيخ أبي جعفر الطُّوسيّ. رحلت إليه طوائف الشّيعة إلى العراق، وحملوا عنه.
ذكره ابن أبي طيِّئ في «تاريخه» فقال: كان ورِعًا، عالما، متألّها، كثير الزُّهْد والورع، قائما بالتّلاوة والأَوْراد، والاشتغال، والتّصنيف.
وُلِد بمشهد عليّ عليه السّلام، وقرأ على أبيه جميع كُتُبه. حدَّثني عماد الدّين أبو جعفر محمد بن أبي القاسم الطَّبَريّ قال: كان الشّيخ أبو عليّ الطّوسيّ
__________
[1] انظر عن (الحسن بن سعيد) في: سير أعلام النبلاء 20/ 186 رقم 120، والوافي بالوفيات 12/ 27، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 60، 61.
[2] في سير أعلام النبلاء زيادة: «ثم عزل، فتحوّل إلى آمد» .
[3] وهو قال: سَأَلْتُهُ عَنْ مولده، فقال: سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.
[4] وقال يوسف بن مقلّد: سمعت منه، ومات بفنك في رمضان سنة 544 (سير أعلام النبلاء 20/ 186) .
[5] انظر عن (الحسن بن محمد الطوسي) في: معالم العلماء لابن شهرآشوب 37، وآمل الآمل 76، 77 رقم 208 و 209، وطبقات أعلام الشيعة (الثقات العيون) 66، 67، وأعيان الشيعة (الطبعة الجديدة) 5/ 244- 236، ويرد ذكره في مواضع متفرّقة من كتاب فهرست أسماء علماء الشيعة ومصنّفيهم لمنتجب الدين ابن بابويه، انظر: رقم 58، وترجمته رقم (71) ، و 79 و 98 و 155 و 205 و 210 و 215 و 223 و 234 وغيرها.(36/557)
من أعبد النّاس وأفْيَدهم تألُّهًا، لم يُرَ إلّا قارِئًا، أو مُصَلِّيًا، أو معلِّمًا، أو مشتغلا. وكان بين عينيه الركْن العتر من السّجود، وكان يسترها.
قال ابن رُطْبة: كان أبو عليّ خشِنًا في ذات الله، عظيم الخشوع والعبادة، معظَّمًا عند الخاصَّة والعامَّة.
وقال آخر: رأيت أبا عليّ رجلا قد وهب نفسه للَّه، لم يجعل لأحدٍ معه فيها نصيبا، ولا أشكّ أنّه كان من خواص الأبدال.
قلت: وكان مقيما بمشهد عليّ بالعراق.
قال العماد الطَّبَريّ: لو جازت الصّلاة على غير النّبيّ والإمام لصلّيت عليه. كان قد جمع العلم والعمل، وصدْق اللهجة. وقد زار أبو سعد السَّمْعانيّ المشهد، وسمع عليه، وأثنى عليه.
وقال أبو منصور محمد بن الحَسَن النّقّاش: كنّا نقرأ على الشَيخ أبي عليّ بن أبي جعفر، وإن كان إلّا كالبحر يتدفّق بجواهر الفوائد. وكان أروى النّاس للمَثَل، والشّاهد، وأحفظ النّاس للأُصول، وأنقلهم للمذهب، وأرواهم للحديث.
قلت: روى عَنْ: أبي الغنائم النّرسيّ، وغيره [1] .
__________
[1] قال ابن بابويه: فقيه، ثقة، عين، قرأ على والده جميع تصانيفه. (فهرست أسماء علماء الشيعة) .
وقال التقي المجلسيّ الأول: كان ثقة فقيها عارفا بالأخبار والرجال وإليه ينتهي أكثر إجازاتنا عن شيخ الطائفة.
وفي (معالم العلماء لابن شهرآشوب) : له «المرشد إلى سبيل المتعبّد» .
وفي (رياض العلماء) : الفقيه المحدّث الجليل، العلم العامل الكامل النبيل مثل والده وهو ابن الشيخ الطوسي وصاحب «الأمالي» وغيره، المعروف بأبي علي الطوسي، ويعرف أحيانا بالمفيد أيضا، وكان شريكا في الدرس مع ... الشيخ أَبِي عَبْد الله مُحَمَّد بْن هبة الله الوراق الطرابلسي عند قراءة كتاب «التبيان» على والده الشيخ الطوسي كما رأيته في إجازة للشيخ الطوسي.
(أعيان الشيعة) .
وقال ابن حجر: هو في نفسه صدوق. مات في حدود الخمسمائة. وكان متدينا كافّا عن السبّ. (لسان الميزان) .(36/558)
517- الحسن بن نصر [1] .
أبو محمد بن المعبّي، البزّاز.
حدَّث عَنْ: أبي القاسم بن البُسْريّ، والفقيه نصر المقدسيّ.
كتب عنه: ابن عساكر، وابن السَّمْعانيّ.
وكان تاجرا ببغداد.
518- حمْد [2] بن الحَسَن بن الفَرَج بن محمد [3] .
أبو الفَرَج الهَمَذَانيّ المعروف بعجيب الزّمان. ضرير، مطبوع.
ذكره ابن السَّمْعانيّ فقال: سمع: عبد الواحد عليّ بن بوغة، وعَبْدُوس بن عُبَيْد الله.
سمع منه: ابن السَّمْعانيّ بهَمَذَان [4] في سنة سبْعٍ وثلاثين.
519- حَمْد بن عبد الرحمن بن محمد بن شاتيل [5] .
القاضي أبو عليّ الأَزَجيّ، الحنبليّ.
ولي القضاء بسوقٍ الثلاثاءِ ثمّ بالمدائن.
وحدّث عن: النّعاليّ، وابن البطر، وغيرهما.
__________
[1] تقدّمت ترجمته مرّتين. برقم (193) و (324) ، فانظر التعليق عليه.
[2] في الأصل: «حميد» .
[3] انظر عن (حمد بن الحسن) في: التحبير 1/ 245 رقم 56.
[4] وقال: كتبت عنه بهمذان في النوبة الثانية منصرفي من بغداد شيئا يسيرا. وكانت ولادته في سنة ست وستين وأربعمائة على ما نظنّه ونقدّره.
[5] لم أجده.(36/559)
- حرف الزاي-
520- زيد بن سعد بن علي بن أحمد بن عليّ [1] .
الشّريف، أبو إسماعيل الحَسَنيّ، العَلَويّ، الهمذانيّ.
سمع: عَبْدُوس بن عبد الله، وأبا العلاء محمد بن طاهر.
قال ابن السَّمْعانيّ: كتبت عنه [2] ، وقال لي: وُلِدتُ سنة أربع وسبعين وأربعمائة [3] .
- حرف الشّين-
521- شُعْبة بن عبد الله بن عمر [4] .
أبو الخيْر الأصبهانيّ، الصّبّاغ، التّاجر.
سمع الكثير ورحل. وسمع: رزق الله التّميميّ بأصبهان، ونصر بن البَطِر، والنّعاليّ، ببغداد، وأبا نصر محمد بن عليّ بن ودعان المَوْصليّ.
قال ابن السَّمْعانيّ: سمعتُ منه، وكان صدوقا صحيح السّماع. ولد سنة ثمان وستّين وأربعمائة.
قلت: روى عنه أبو موسى المَدِينيّ، وقال: تُوُفّي في صَفَر سنة 33.
تجوّل بكِرْمان.
522- شُجاع بن عمر بن بدر الجوهريّ النّهاونْديّ [5] .
أبو البدر التّاجر، نزيل هَمَذَان.
حدَّث عَنْ: أبي المظفّر بن عمران الصّوفيّ.
__________
[1] انظر عن (زيد بن سعد) في: التحبير 1/ 288 رقم 219، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 107 ب.
[2] وقال: سمعت منه شيئا يسيرا في النوبة الثانية بهمذان.
[3] ورّخ ابن السمعاني وفاته في ليلة الجمعة الرابعة والعشرين من المحرم سنة أربع وخمسين وخمسمائة. (التحبير) .
أقول: لهذا ينبغي أن تحوّل هذه الترجمة من هنا وتؤخّر إلى الطبقة السادسة والخمسين.
[4] انظر عن (شعبة بن عبد الله) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
[5] انظر عن (شجاع بن عمر) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.(36/560)
روى عنه: أبو شجاع عمر البِسْطاميّ، وأجاز لأبي سعد السَّمْعانيّ، وقال:
تُوُفّي بعد سنة ثلاثين.
- حرف الصاد-
523- صالح بن هبة اللَّه بن مُحَمَّد بن عَبْد السّلام بن جفان [1] .
أبو محمد الواعظ.
بغداديّ، سافر إلى الشّام، والجزيرة، ووعظ، وظهر له القبول.
سمع: نصر بن البَطِر، وأبا الفضل محمد بن عبد السّلام.
وعنه: السَّمْعانيّ.
- حرف الطاء-
524- طاهر بن محمد بن طاهر بن محمد بن الفضل بن يعقوب بن إسحاق بن سعد بن الحَسَن بن سُفيان بن عامر [2] .
أبو نصر الشَّيْبانيّ، النَّسَائيّ، قاضي شَهْرسْتان.
- حرف الظاء-
525- ظَفَرُ بن هارون بن ظَفَر بن نصر [3] .
أبو الفتوح الرَّبْعيّ، المَوْصليّ، ثمّ الهمذانيّ [4] .
سمع: ثابت بن الحسين التّميميّ.
كتب عنه: أبو سعد بهمذان، وقال: ولد سنة ثمان وخمسين وأربعمائة [5] .
__________
[1] انظر عن (صالح بن هبة الله) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
[2] لم أجده.
[3] انظر عن (ظفر بن هارون) في: التحبير 1/ 357 رقم 302، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 49 ب.
[4] زاد في (التحبير) : «الكهباري» .
[5] وقال ابن السمعاني: شيخ معمّر مسنّ ... كتبت عنه شيئا يسيرا في النوبة (الثانية) ، وسألته عن ولادته، فقال: ولدت بهمذان بمحلّة كهبار ... ووفاته ليلة الثامن عشر من جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.
«أقول» : لهذا ينبغي أن تحوّل هذه الترجمة إلى الطبقة التالية الخامسة والخمسين.(36/561)
526- ظَفَر بن عليّ بن حمْد [1] .
أبو سعد الهَمَذَانيّ، المستوفي.
سمع الكثير، ونسخ الأجزاء.
وسمع: فند بن عبد الرحمن الشّعْرانيّ، وعبد الرحمن بن حمْد الدّونيّ، وأبا عليّ بن نبهان، وابن ينال، وهذه الطّبقة.
وجمع وخرّج. وكان مولده سنة سبعين وأربعمائة.
روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابن الجوزي.
حدَّث سنة 533 [2] .
- حرف العين-
527- عبد المغيث بن أبي عدنان [3] .
أبو تميم الأصبهانيّ.
روى عَنْ: أبي القاسم بن مَنْدَهْ، والمُطَهَّر البزانيّ، وأبي عيسى عبد الرحمن بن زياد، وابن ماجة الأَبْهريّ.
روى عنه: زاهر بن أحمد الثّقفيّ [4] .
528- عبد الملك بن أحمد بن مروان الأزديّ [5] .
__________
[1] انظر عن (ظفر بن علي) في: معجم شيوخ ابن السمعاني، ومشيخة ابن الجوزي.
[2] في الأصل: (433) وهو خطأ.
[3] انظر عن (عبد المغيث) في: التحبير 1/ 485 رقم 458 وفيه: «عبد المغيث بْن محمد بْن أحمد بْن المطهر بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن بجير بن أزهر بن بجير بن أزهر بن بجير بن سويد بن جانبه بن الأسود بن الحارث بن فهر بن رهم بن منبّه بن نكره بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس العبديّ الخطيب» ، ومعجم الشيوخ لابن السمعاني، ورقة 160 أ، وملخص تاريخ الإسلام 8/ ورقة 92 أ.
[4] وقال ابن السمعاني: من بيت الحديث وأهله، كان شيخا صالحا، ثقة صدوقا، من أهل الخير، ولّي الخطابة بقرية لاذان ... سمعت منه بأصبهان، وكانت ولادته في سنة أربع وستين وأربعمائة، وبلغني أنه توفي بأصبهان في صفر سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.
[5] انظر عن (عبد الملك بن أحمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار، رقم 1707، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي، السفر الخامس ق 1/ 11 رقم 8، وفيهما: «عبد الملك بن أحمد بن محمد» .(36/562)
الغَرناطيّ، المالكيّ، ويُعرف بابن البصير [1] .
فقيه، حافظ، بارع في الفِقْه، مشاوَرٌ، نبيل.
روى عنه: أبو خالد بن رفاعة، وأبو إسحاق الغَرْناطيّ، وناظر عليه في «المدوّنة» ، وأبو تمّام العَوْفيّ، وابن أخيه عبد الرحمن بن أحمد.
وتُوُفّي قبل الأربعين وخمسمائة.
529- عبد الصّمد بن عمر الخَرَزيّ [2] .
سمع: أبا القاسم القُشَيْريّ.
وحدَّث في سنة 33.
روى عنه: زينب الشَّعْريَّة.
530- عمر بن أحمد بن الحسين [3] .
أبو حفص الهَمَذَانيّ، الورّاق، الصُّوفيّ.
محدّث رحّال [4] .
سمع: ابن الطُّيُوريّ، والعلّاف ببغداد، وأبا بكر أحمد بن محمد بن رحموَيْه بزَنْجان، وأبا الفتح الحدَّاد بأصبهان.
وقرأ بدمشق على أبي الوحش سُبَيْع، وسكن السُّمَيْساطيَّة.
وكان صالحا.
روى عنه: ابن عساكر.
531- عيسى بن عبد الله الكُرديّ، الزّاهد [5] .
قال ابن السَّمْعانيّ: كان يسكن الموصل، وكان من أهل التّجويد
__________
[1] هكذا. وفي المصادر: «ابن التصير» .
[2] لم أجده.
[3] انظر عن (عمر بن أحمد) في: تاريخ دمشق لابن عساكر، والتحبير 1/ 515 رقم 499، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 167 ب، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 18/ 248 رقم 163، وملخص تاريخ الإسلام 8/ 15 أ.
[4] قال ابن السمعاني: شيخ صالح مكثر، له رحلة إلى بغداد وأصبهان. (التحبير) . وقال ابن عساكر: كان شيخا صالحا، يؤمّ في بعض المساجد.
[5] انظر عن (عيسى بن عبد الله) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.(36/563)
والتّوكّل. وله في قَطْع البادية والمُقام بمكَّة أحوال ومقامات.
وكان كثير المجاهدة، صبورا على الشّدائد والجوع. وكان يستر حاله.
وكان أهل المَوْصل يعتقدون فيه، ويتبرَّكون به. وكان لَا يخالطهم، وينزوي في موضعٍ خارج الموصل، وإذا اشتدّ به الجوع غطّى وجهه بخرقة ودخل فمدّ يده، فلا يُعرف، ويُعطى كِسْرة أو كِسْرتين. ولو عرفوه لأعطوه مبلغا من المال.
وكان أكثر مُقامة بالحجاز. وورد بغداد مرّات.
سمعت منه بالمدينة النّبويَّة.
تُوُفّي قرب الأربعين بطريق الحجاز بذات عِرْق.
532- عائشة بنت أبي البركات هبة الله بن المبارك السَّقَطيّ [1] .
امرأة صالحة، خيِّرة، ستّيرة.
سمّعها والدها من أبي الحَسَن بن الأخضر الأنباريّ، وغيره.
روى عنها: أبو سعد السَّمْعانيّ.
533- عَمْرو بن محمد بن بدر [2] .
أبو الحَسَن الهَمَذَانيّ، الغَرْناطيّ.
ذكره ابن الأبّار فقال: سمع «الموطّأ» من أبي عبد الله بن الطّلّاع.
وتفقّه بأبي الوليد بن رُشْد. وكان من أهل الزّهْد والصّلاح.
روى عنه: أبو جعفر بن شراحيل الهَمَذَانيّ الغَرْناطيّ، وغيره. لقيه في سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.
قلت: أبو جعفر هو أحمد بن عبد الله شَيخ لابن مَسْديّ، يأتي في سنة ستٍّ وستّمائة.
534- عيّاش [3] بن عبد الملك.
أبو بكر الأزديّ، البابريّ، ثمّ القرطبيّ.
__________
[1] انظر عن (عائشة بنت أبي البركات) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
[2] انظر عن (عمرو بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبّار.
[3] في الأصل: «عباس» ، والتصويب من: غاية النهاية 1/ 607 في ترجمة سميّه: «عيّاش بن الخلف» رقم 2481.(36/564)
من أئمّة القرّاء. أخذ عَنْ: خازم بن محمد، وأبي القاسم بن النّحّاس، وعيّاش [1] بن الخَلَف.
وروى عنهم، وعن طائفة.
وكان عبدا صالحا.
روى عنه: أبو عبد الله بن عبد الرحيم، وأبو عبد الله بن حفص، وأبو جعفر بن يحيى.
تُوُفّي في نحو الأربعين.
- حرف الميم-
535- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد [2] .
أبو سعيد [3] النَّيْسابوريّ، العَدْنيّ [4] ، نسبة إلى عمل الإبراد.
روى عَنْ: فاطمة بنت الدّقّاق، ومحمد بن إسماعيل التِّفْلِيسيّ.
روى عنه: أبو سعد، وقال: تُوُفّي بعد سنة 535 [5] .
536- محمد بن إسماعيل بن محمد.
أبو بكر العُذْريّ، السَّرَقُسطيّ بن قورس.
سمع من: عمّه عبد الله بن محمد القاضي «مُسْنَد البزّاز» ، وأجاز له طِراد الزَّيْنبيّ، وجماعة.
وشوّورِ في الأحكام. ثمّ ولي قضاء بلده.
سمع منه: أبو جعفر بن الباذش، وأبو عبيد الله النّميريّ.
__________
[1] في الأصل: «عباس» ، والتصويب من ترجمته.
[2] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: التحبير 2/ 48، 49 رقم 651، والأنساب، وتكملة إكمال الإكمال، ورقة 132 أ، وملخص تاريخ الإسلام 8/ 51 ب.
[3] في الأصل: «أبو سعد» .
[4] العدني: بفتح العين المهملة، وسكون الدال المهملة أيضا. نسبة إلى عمل الأبراد بنيسابور، وهو نوع من الثياب، وبها سكّة يقال لها سكة عدن بها قصر الإبراد. (الأنساب) التي يقال لها عدني ... سمعت منه كتاب «آداب الصحبة» لأبي عبد الرحمن السلمي، بروايته عن التفليسي، عنه، وغير ذلك. وكانت ولادته تقديرا في حدود سنة سبعين وأربعمائة.
[5] في (التحبير) : «وتوفي في سنة نيّف وثلاثين وخمسمائة» .(36/565)
وتُوُفّي بعد الثّلاثين.
537- محمد بن الحَسَن بن نديمة [1] .
أبو بكر المَرْوَزِيّ، الطّبيب.
قرأ عليه السمعاني «صحيح البخاري» بسماعه من أبي الخير بن أبي عِمران، وقال [2] : تُوُفّي سنة نيَّفٍ وثلاثين [3] .
538- محمد بن عليّ بن عطيَّة البَلنْسيّ.
كان في حدود الأربعين وخمسمائة بالأندلس.
انفرد بزمانه ببراعة خطّه الفائق على وضْع المغاربة.
539- مُحَمَّد بن عليّ بْن محمد.
القاضي أبو عبد الله الْجَيّانيّ، النَّفْريّ.
تفقّه بقُرْطُبة عند أبي الوليد بن العوّاد، وأبي الوليد بن رُشد.
وحدَّث عنهما، وعن ابن عتّاب.
وشوّوِر في الأحكام، ونوظر في «المدوَّنة» . وكان عارفا، إماما.
540- محمد بن أبي سعيد الفَرَج بن عبد الله.
السَّرَقُسْطيّ، البزّاز.
حجّ، وسمع ببغداد من: ابن خَيْرُون، وابن البَطِر، وأبي عبد الله الحُمَيْديّ.
وأقام بالإسكندريّة، فروى عنه: أبو محمد الطّحّان، وأبو عبد الله الحضْرميّ، ومخلوف بن حازة، وكان يشهد.
مات بعد الثّلاثين.
541- محمد بن محمد بن الحسين بن خميس [4] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن الحسن) في: التحبير 2/ 112، 113 رقم 726 وفيه: «محمد بن الحسن بن أبي بكر بن نديمة الصيدلاني الطبيب» ، وملخص تاريخ الإسلام 8/ 51 ب.
[2] في التحبير: كان والده من خواص جدّي المنتمين إليه، وأما أبو بكر هذا فكان شيخا مستورا يقعد في العطارين يعالج الناس يتعيّش به لأنه كان قليل ذات اليد فقيرا.
[3] وكانت ولادته في حدود سنة ستين وأربعمائة.
[4] انظر عن (محمد بن محمد) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.(36/566)
أبو البركات المَوْصِلِيّ، الفقيه.
من بيت عِلْم وتقدُّم.
حدَّث ببغداد والموصل عَنْ: أبي نصر بن طَوْق.
روى عنه: جماعة.
قال ابن السَّمْعانيّ: تُوُفّي قبل دخْلَتي إلى المَوْصِل.
قلت: فتكون وفاته بعد الثّلاثين وخمسمائة.
542- محمد بْن يوسف بْن سُلَيْمَان بْن مُحَمَّد بْن خطّاب [1] .
أبو بكر بن جزّار، القيسي، السَّرَقُسْطيّ، النَّحْويّ.
نزيل مَرْسِية.
أخذ العربيَّة عَنْ: أبي بكر بن الفَرَضيّ، وأبي محمد البَطَلْيُوسيّ.
وسمع: أبا عليّ الصَّدفيّ.
وجلس لتعليم العربيَّة، وكان بارعا فيها وفي الأدب والشِّعر.
قُتِلَ سنة أربعين، فيُحوَّل إليها.
روى عنه: أبو محمد بن عاب، وغيره [2] .
543- المبارك بن الحسين بن عبد المطلب بن نغوبا [3] .
الواسطيّ، أبو السّعادات الشّاهد.
قال ابن السَّمْعانيّ: شَيخ كبير، كثير المحفوظ، مليح المجاورة، سالم لحواسّ، رأيته بواسط، وصعِد معي إلى بغداد، وسمعت منه بأماكن.
سمع: أبا القاسم بن البُسْريّ [4] ، وأبا إسحاق الشّيرازيّ، وأبا الفتح
__________
[1] انظر عن (محمد بن يوسف) في: بغية الوعاة 1/ 278 رقم 512.
[2] وهو يعرف بابن الحصّالة، الأديب، البارع، النحويّ. كذا ذكره ابن مكتوم في تذكرته. وقال: من شعره ما كتب به إلى بعض أصحابه ليلة عرسه:
قصّرت الحال عن مرادي ... فليقبل العذر يا عمادي
وهذه لا تعدّ شيئا ... لكنّها سنّة العباد
[3] انظر عن (المبارك بن الحسن) في: معجم البلدان 5/ 295 وفي الأصل: «بغوبا» (بالباء في أوله) وهو غلط، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الأول:
ج 5/ 129 في ترجمة «نصر بن الحسن التنكتي الشاشي» .
[4] تحرّفت في (معجم البلدان) إلى: «السري» .(36/567)
نصر بن الحَسَن [1] الشّاشيّ.
وسألته عَنْ مولده، فقال في سنة خمسين وأربعمائة.
وقال: نَغُوبا [2] اسم قرية لجدّي، كان يعبر إليها كثيرا، فنسب إليها، يعني لقّب بها.
قلت: روى عنه: أبو اليمن الكنديّ الجزء الثّالث من «المخلّصيّات» ، وابن أبي الفوارس، وابن ابنه عليّ بن عليّ، وأبو الفتح المنْدائيّ.
وله ذرّية رَوَوُا الحديث [3] .
544- محمود بن حامد بن محمد [4] .
أبو المظفَّر الكاغَذِيّ، الدّهّان، البنّاء. من شيوخ أصبهان.
قال ابن السَّمْعانيّ: كان شيخا، صالحا، مكثرا من الحديث، غير أنّه كان من العبْد الرّحمانيَّة أصلا. سمع شيخه أبا القاسم عبد الرحمن بن مَنْدَهْ، وسمعت منه بأصبهان. وولد بعد السّتّين وأربعمائة.
545- محمود بن سعد بن أحمد بن محمود [5] .
أبو رجاء بن أبي الفَرَج بن أبي طاهر الثّقفيّ، الأصبهانيّ.
والد يحيى الثّقفيّ وزوج بنت الحافظ إسماعيل التّيْميّ.
قال ابن السَّمْعانيّ: كان حريصا على طلب الحديث، وقراءته، وجمْعه، وتحصيل النُّسَخ.
وَرَد بغداد وسمع بها الكثير، وحصّل «تاريخ الخطيب» ، وغيره من الكُتُب الكبار. غير أنّه ليس له معرفة بالحديث.
__________
[1] في الأصل: «نصر بن محمد» ، والتصحيح من كتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الأول) ج 5/ 128 رقم 1746.
[2] في الأصل: «بغوبا» .
[3] قال ياقوت: توفي بواسط سنة 538 أو 539.
[4] انظر عن (محمود بن حامد) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
[5] انظر عن (محمود بن سعد) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.(36/568)
سمع: ابن عمّ جدّه القاسم بن الفضل الثّقفيّ، وأبا نصر السِّمْسار، وأبا مطيع المصريّ، وأبا القاسم بن مَيْن، وابن نبهان.
أخرج له حَموُه إسماعيل الحافظ ثلاثة أجزاء، فقرأتُها عليه.
546- مسيرة الزُّغَيْميّ [1] .
أبو الخير، مولى بني المِعْوَجّ.
شَيخ، صالح، خيِّر، صُعْلُوك.
روى عَنْ: أبي نصر الزَّيْنبيّ.
كتب عنه: ابن السَّمْعانيّ ببغداد.
وروى عنه: عبد الوهّاب ابن سُكَيْنَة.
547- مورِّق بن كثير بن الحَسَن بن المجْد البالِسيّ [2] .
الفقيه، قدِم بغداد، وتفقّه على أبي بكر الشّاشي حتّى برع وصار من أعيان الشّافعية. وكان ذا معرفة تامَّة باللّغة، والأدب، ورجع إلى بالس.
وسمع: أبا نصر الزَّيْنبيّ، وأجازه «الكامل» ، [و] أبا الفوارس، وأبا بكر الطُّرَيْثيثيّ.
وقد مرّ أبو سعد السَّمْعانيّ بالبلد، وما اعتقد أنّ بها من يروي شيئا، ثمّ لمّا وصل إلى بغداد ذكروه له، فندِم على فَوَاته.
- حرف الهاء-
548- هبة الله بن أبي غالب محمد بن الحَسَن بن أحمد الباقِلّانيّ [3] .
أبو القاسم.
شَيخ صالح، من أولاد محدّثي بغداد.
كان منقطعا في بيته.
سمع: أباه، وعمّه أبا طاهر، وأبا عبد الله النّعمان، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (مسيرة الزغيمي) في: معجم الشيوخ لابن السمعاني.
وجاء في (الأنساب 6/ 289) : «مسرّة الزغيثي» ، ولعلّه تشابه أسماء، أو هو أجد أجداده.
[2] لم أجده. ولعلّه في (الذيل) لابن السمعاني.
[3] انظر عن (هبة الله بن أبي غالب) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.(36/569)
روى عنه: أبو سعد السّمعانيّ.
549- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَبِي الأصابع [1] .
أبو القاسم الحربيّ، المقرئ، الضّرير.
شيخ خيّر، صالح.
كتب عنه ابن السّمعانيّ، عَنْ عبد الواحد بن علوان الشَّيْبانيّ.
- حرف الياء-
550- يحيى بن عطّاف بن إبراهيم بن الربيع [2] .
أبو الفضل المَوْصِليّ، الزّاهد.
قال ابن السَّمْعانيّ: شَيخ، صالح، زاهد، متنسّك، كثير العبادة، دائم التّلاوة. صحِب الصّالحين، وخدمهم، وانتفع بهم.
سمع: أبا نصر محمد بن عليّ بن وَدْعان، وأبا الحَسَن عليّ بن أحمد بن يوسف الهكّاريّ.
وجاوَرَ بمكَّة مدَّةً، ثمّ قدِم المَوْصِل. وحجّ لمّا حججت أيضا، وانتفعنا.
وآخر عهدي به في شوّال سنة 535 بالمَوْصِل، وقد ناطَح الثّمانين.
551- يحيى بن عليّ بن محمد بن محمد [3] .
الأنبَاريّ، الخطيب، أبو نصر، ابن الخطيب أبي الحَسَن بن الأخضر.
شَيخ، صالح، متودّد. سمع بالأنبار من: أبيه، وأبي بكر أحمد بن عليّ الخطيب، وأبي طاهر بن أبي الصَّقْر.
قال ابن السّمعانيّ: كتبت عنه ببغداد، وبالأنبار، وأصبهان.
ولد في سنة خمس وخمسين وأربعمائة في صَفَر.
552- يحيى بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن القاسم بن المحامليّ [4] .
__________
[1] انظر عن (هبة الله بن محمد) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
[2] انظر عن (يحيى بن عطاف) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
[3] انظر عن (يحيى بن علي) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
[4] لم أجده.(36/570)
الفقيه أبو طاهر.
جاور بمكَّة أزْيَد من خمسين سنة، وكان مولده سنة ثلاثٍ وخمسين.
وقد روى عَنْ والده، عَنْ أبي الحسين بن بِشْران.
سمع منه: أبو موسى المدينيّ، وغيره بمكّة.
انتهت الطبقة الرابعة والخمسون من تاريخ الإسلام للذهبي.
(بعون الله وتوفيقه تمّ تحقيق هذه الطبقة من «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام» لمؤرّخ الإسلام الحافظ شمسُ الدين مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد بْن عثمان بن قايماز المعروف بالذهبي، المتوفى بدمشق سنة 748 هـ.، على يد طالب العلم وخادمه، الحاج، أستاذ، دكتور «أبو غازي، عمر عبد السلام تدمري» الطرابلسيّ مولدا وموطنا، الحنفيّ مذهبا، أستاذ التاريخ الإسلامي في الجامعة اللبنانية، وقد ضبط النصّ، وصوّب الأخطاء، وخرّج الأحاديث، والأشعار، ووثّق المادة، وأحال إلى المصادر، وعلّق عليه، ووضع فهارسه، وذلك قبل أذان العصر من يوم الخميس 23 من شوّال 1413 هـ. الموافق 15 من نيسان (أبريل) 1993 م. وذلك بمنزله بساحة النجمة، من ثغر طرابلس المحروسة. والله المستعان لتحقيق بقيّة أجزاء هذا السّفر الجليل، وعليه الاتكال، وله الحمد أولا وآخرا) .(36/571)
[المجلد السابع والثلاثون (سنة 541- 550) ]
[الطبقة الخامسة والخمسون]
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
سنة إحدى وأربعين وخمسمائة
[مقتل زنكي]
في ربيع الآخر وثب ثلاثة من غلمان زنكي بن آقْسُنْقُز، فقتلوه وهو يحاصر جِعْبَر، فقام بأمر المَوْصِل ابنُه غازي، وبحلب نور الدّين محمود [1] .
[احتراق قصر المسترشد]
وفيها احترق قصر المسترشد الّذي بناه في البستان، وكان فيه الخليفة، فسَلِم، وتصدّق بأموال [2] .
__________
[1] انظر عن مقتل عماد الدين زنكي في: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 284، 285، وكتاب الروضتين 1/ 117، 118، والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 55، وج 3 ق 1/ 95، 114، والتاريخ الباهر 73- 76، والكامل في التاريخ 11/ 109- 112، وزبدة الحلب 2/ 281- 285، وبغية الطلب (المصوّر) 8/ 213 أ- 214 ب، و (المطبوع من التراجم الخاصة بتاريخ السلاجقة) 267، ومفرّج الكروب لابن واصل 1/ 99- 106، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 206، وتاريخ الزمان، وله 159، والمنتظم 10/ 119 و 121 رقم 175 (18/ 48 و 51 رقم 4123) ، وآثار الأول في ترتيب الدول للعباسي 128، 129، 185، وديوان ابن منير الطرابلسي (بعنايتنا) 33، 37، 151، ووفيات الأعيان 2/ 327- 329، والمختصر في أخبار البشر 3/ 18، ونهاية الأرب 27/ 147، 148، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 114، 115، والعبر 4/ 112، ودول الإسلام 2/ 57، وسير أعلام النبلاء 20/ 189- 191 رقم 123، وتاريخ ابن الوردي 2/ 46، وعيون التواريخ 12/ 407، 408، والدرّة المضيّة 546، ومرآة الجنان 3/ 274، والجوهر الثمين 1/ 208، وتاريخ ابن خلدون 5/ 237، والوافي بالوفيات 14/ 221- 223 رقم 300، والكواكب الدرّية 119- 121، والنجوم الزاهرة 5/ 278، 279، وشذرات الذهب 4/ 128، والدارس في تاريخ المدارس 1/ 616، وأخبار الدول وآثار الأول للقرماني 279، وتاريخ ابن سباط 1/ 80، 81 (بتحقيقنا) .
[2] انظر عن احتراق قصر المسترشد في: المنتظم 10/ 118، 119 (18/ 48) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 186، 187، والبداية والنهاية 12/ 220، وعيون التواريخ 12/ 407.(37/5)
[خلاف السلطان والخليفة حول دار الضرب]
وفي رَجب قدِم السّلطان مسعود، وعمل دار ضَرْبٍ، فقبض الخليفة عَلَى الضّرّاب الّذي تسبّب في إقامة دار الضَّرب، فنفذ الشَّحنة وقبض عَلَى حاجب الخليفة، وأربعةٍ من الخواصّ، فغضب الخليفة، وغلّق الجامع والمساجد ثلاثة أيّام، ثمّ أُطلق الضّرّاب، فأطلقوا الحاجب، وسكن الأمر [1] .
[موت ابْنَة الخليفة]
ووقع حائط بالدّار عَلَى ابْنَة الخليفة، وكانت تصلح للزَواج، واشتدّ حُزنهم عليها، وجلسوا ثلاثة أيّام [2] .
[إبطالُ مَكْس حقّ البيع]
وفي ذي القعدة جلس ابن العبّاديّ الواعظ، فحضر السّلطان مسعود، فعرَّض بذِكر حقّ البيع، وما جرى عَلَى النّاس، ثمّ قَالَ: يا سلطان العالم: أنت تَهَبُ في ليلةٍ لمطربٍ بقدْر هذا الّذي يوجد من المسلمين، فاحسبني ذَلكَ المطرب، وهَبْه لي، واجعله شُكرًا للَّه بما أنعم عليك! فأشار بيده: إنّي قد فعلت، فارتفعت الضّجَّة، بالدّعاء لَهُ، ونودي في البلد بإسقاطه، وطيف بالألواح الّتي نُقِش عليها تَرْك المُكُوس في الأسواق، وبين يديها الدّبادب والبُوقات، إلى أن أمر النّاصر لدين اللَّه بقلْع الألواح، وقال: ما لنا حاجة بآثار الأعاجم [3] .
[حجّ الوزير ابن جَهِير]
وحجّ الوزير نظام الدّين بْن جَهِير.
__________
[1] انظر عن الخلاف حول دار الضرب في: المنتظم 10/ 119 (18/ 49) ، والبداية والنهاية 12/ 220، وعيون التواريخ 12/ 407، وتاريخ الخلفاء 438.
[2] انظر عن موت ابنة الخليفة في: المنتظم 10/ 119، 120 (18/ 49) ، والبداية والنهاية 12/ 221.
[3] انظر عن إبطال المكس في: المنتظم 10/ 119، 120 (18/ 49، 50) ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 188، والبداية والنهاية 12/ 221، وعيون التواريخ 12/ 407، وتاريخ الخلفاء 438، 439.(37/6)
[حَجّ المؤرّخ ابن الجوزي]
قَالَ ابن الجوزيّ: وحججت أَنَا بالزّوجة والأطفال [1] .
[ملْك الفرنج طرابلس المغرب]
وفيها، قَالَ ابن الأثير [2] : مَلَكَت الفرنج طرابُلُسَ المغرب. جهّز الملك رُجار صاحب صَقَلِّية في البحر أسطولا كبيرا، فسار يوما في ثالث المحرَّم، فخرج أهلها، ودام الحرب ثلاثة أيّام، فاتّفق أن أهلها اختلفوا، وخَلَت الأسوار، فنصبت الفرنج السّلالم، وطلعوا وأخذوا البلد بالسّيف واستباحوه، ثمّ نادوا بالأمان، فظهر من سَلِم، وعمّرتها الفرنج وحصّنوها [3] .
[مقتل زنكي]
وفيها قُتِلَ زَنْكي [4] .
[تسلّم صاحب دمشق بعلبكَّ صُلْحًا]
[وفيها] قصد صاحب دمشق بَعْلَبَكّ وحاصرها، وبها نائب زنْكيّ الأمير نجم الدّين أيّوب بْن شاذي، فسلّمها صُلْحًا لَهُ، وأقطعه خُبْزًا بدمشق، وملّكه عدَّة قرى، فانتقل إلى دمشق وسكنها [5] .
[فتوحات عبد المؤمن بالمغرب]
وفيها سار عبد المؤمن بجيوشه بعد أن افتتح فاس إلى مدينة سلا فأخذها،
__________
[1] انظر عن الحج في: المنتظم 10/ 120 (18/ 50) ، وتاريخ دولة آل سلجوق 203، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 188.
[2] في: الكامل في التاريخ 11/ 108.
[3] وانظر الخبر أيضا في: كتاب الروضتين 1/ 142، والمختصر في أخبار البشر 3/ 18، وتاريخ ابن الوردي 2/ 46، والعبر 4/ 111، وعيون التواريخ 12/ 408، والبداية والنهاية 12/ 221، ومرآة الجنان 3/ 274، وتاريخ ابن سباط 1/ 80، واتعاظ الحنفا 2/ 181.
[4] تقدّم الخبر مفصّلا قبل قليل.
[5] ذيل تاريخ دمشق 287، 288، الكامل في التاريخ 11/ 118، تاريخ الزمان لابن العبري 161، كتاب الروضتين 1/ 124، عيون التواريخ 12/ 408، والبداية والنهاية 12/ 221، تاريخ ابن خلدون 5/ 238، تاريخ ابن سباط 1/ 82.(37/7)
ووَحَّدَتْ مدينةُ سَبْتَة، فأمّنهم، ثمّ سار إلى مَرّاكُش، فنزل عَلَى جبلٍ قريبٍ منها، وبها إسحاق بن علي بن يوسف بن تاشفين، فحاصرها أحد عشر شهرا، ثمّ أخذها عَنْوةً بالسّيف في أوائل سنة اثنتين وأربعين، واستوثق لَهُ الأمرُ ونزلها.
وجاءه جماعةٌ من وجوه الأندلسيّين وهو عَلَى مَرّاكُش باذِلين لَهُ الطّاعة والبَيْعة، ومعهم مكتوبٌ كبيرٌ فيه أسماء جميع الّذين بايعوه من الأعيان. وقد شهد من حضر عَلَى من غاب. فأعجبه ذَلكَ، وشكر هجرتهم، وجهّز معهم جيشا مَعَ أَبِي حفص عُمَر بْن صالح الصّنْهاجيّ من كبار قُوّاده، فبادر إلى إشبيلية فنازلها، ثم افتتحها بالسّيف.
وذكر الْيَسَع بْن حزْم أنّ أهل مَرّاكُش مات منهم بالجوع أيّام الحصار نيِّفٌ عَلَى عشرين ومائة ألف. حدَّثنيه الدّافنُ لهم.
ولمّا أراد فتحها، داخلت جيوش الرّوم الّذين بها أمانا، فأدخلوه من باب أَغْمات، فدخلها بالسّيف، وضرب عنق إسحاق المذكور، في عدَّةٍ من القُوّاد.
قَالَ الْيَسَع: قُتِلَ ذَلكَ اليوم ممّا صحّ عندي نيِّفٌ عَلَى السّبعين ألف رَجُل [1] .
__________
[1] المختصر في أخبار البشر 3/ 19، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 195 (حوادث سنة 542 هـ) ، عيون التواريخ 12/ 408، النجوم الزاهرة 5/ 281، الدرّة المضيّة 541.(37/8)
سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة
[ولاية ابن هبيرة ديوان الزمام]
فيها ولي أبو المظفَّر يحيى بْن هُبَيْرة ديوان الزّمان [1] .
[مقتل بُزَبَة شِحنة أصبهان]
وفيها سار الأمير بُزَبَة [2] واستمال شِحْنة أصبهان، وانْضاف معه محمد شاه، فأرسل السّلطان مسعود عساكر أَذَرْبَيْجان، وكان بُزَبَة في خمسة آلاف، فالتقوا، فكسرهم بُزَبَة، واشتغل جيشة بالنَّهْب، فجاء في الحال مسعود بعد المصافّ في ألف فارس، فحمل عليهم، فتقنطر الفَرَسُ ببزبة، فوقع وجيء بِهِ إلى مسعود، فوسَّطه، وجيء برأسه فعُلِّق ببغداد [3] .
[وزارة عليّ بْن صَدَقَة]
وعُزِل أبو نصر جَهِير عَن الوزارة بأبي القاسم عليّ بْن صَدَقَة، شافهه بالولاية المقتفي، وقرأ ابن الأنباريّ كاتب الإنشاء عهده [4] .
__________
[1] الإنباء في تاريخ الخلفاء 225، المنتظم 10/ 124 (18/ 55) ، والكامل في التاريخ 11/ 123، الفخري 312- 315، مختصر التاريخ لابن الكازروني 231، تاريخ دولة آل سلجوق 203، البداية والنهاية 12/ 222.
[2] في الكامل 11/ 119 «بوزابة» ، وفي ذيل تاريخ دمشق 294 «بوزبه» ، وفي دول الإسلام 2/ 58 «بزاية» بالباء، وهو بتحريف.
[3] انظر عن مقتل بزبة في: المنتظم 10/ 120 (18/ 55) ، والكامل في التاريخ 11/ 119، وذيل تاريخ دمشق 294، 295، ودول الإسلام 2/ 58، وتاريخ دولة آل سلجوق 201، 202، وزبدة التواريخ 225.
[4] الإنباء في تاريخ الخلفاء 225، المنتظم 10/ 125 (18/ 56) ، الفخري 311، مختصر التاريخ لابن الكازروني 231، خلاصة الذهب المسبوك 276، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 195.(37/9)
[محاربة سلاركُرد لابن دُبَيْس]
وقدِم سلاركُرْد عَلَى شِحْنكيَّة بغداد، وخرج بالعسكر لحرب عليّ بْن دُبَيْس، فالتقوا، ثمّ اندفع عليّ إلى ناحية واسط، ثمّ عاد وملك الحِلَّة [1] .
[مباشرة أَبِي ألوفا قضاء بغداد]
وباشر قضاءَ بغداد أبو ألوفا يحيى بْن سعيد بْن المرخّم في الدَّسْت الكامل، عَلَى عادة القاضي الهَرَويّ.
وكان أبو ألوفا بئس الحاكم، يرتشي ويُبْطِل الحقوق [2] .
[بروز ابن المستظهر إلى ظاهر بغداد]
وفي رمضان برز إسماعيل بْن المستظهر أخو الخليفة من داره إلى ظاهر بغداد، فبقي يومين، وخرج متنكِّرًا، عَلَى رأسه شَكَّة، وبيده قَدَحٌ، عَلَى وجه التنزّه، فانزعج البلد، وخافوا أن يعود ويخرج عليهم، وخاف هُوَ أن يرجع إلى الدّار، فاختفى عند قومٍ، فأذِنوا لَهُ، فجاء أستاذ دار والحاجب وخدموه وردّوه [3] .
[فتح نو الدين أرتاح]
وفيها سار نور الدّين محمود [4] بْن زَنْكيّ صاحب حلب يومئذٍ ففتح أَرْتاح [5] ، وهي بقرب حلب، استولت عليها الفرنج، فأخذها عَنْوَةً. وأخذ ثلاثة حصون صغار للفرنج، فهابتْه الفرنج، وعرفوا أنّه كبس نطّاح مثل أبيه وأكثر [6] .
__________
[1] انظر عن محاربة سلار بن دبيس في: المنتظم 10/ 125 (18/ 56) .
[2] انظر عن مباشرة أبي الوفاء القضاء في: المنتظم 10/ 125 (18/ 56) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 187 (حوادث 541 هـ) .
[3] انظر عن بروز ابن المستظهر في: المنتظم 10/ 126 (18/ 57) .
[4] في الأصل: «نور الدين بن محمود» وهو وهم.
[5] أرتاح: بالفتح ثم السكون، وتاء فوقها نقطتان، وألف وحاء مهملة، اسم حصن منيع، كان في العواصم من أعمال حلب. (معجم البلدان 1/ 140) .
[6] الكامل في التاريخ 11/ 122، زبدة الحلب 2/ 291، المختصر في أخبار البشر 3/ 19، نهاية الأرب 27/ 153، تاريخ ابن سباط 1/ 82، 83، والروضتين 1/ 132، 133، العبر 4/ 114، دول الإسلام 2/ 58، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 195، وتاريخ ابن الوردي 2/ 47، وتاريخ ابن خلدون 5/ 238، والنجوم الزاهرة 5/ 280.(37/10)
[أخذ غازي دارا وحصاره ماردين ووفاته]
وفيها سار أخوه غازي صاحب المَوْصِل إلى ديار بَكْر، فأخذ دارا وأخربها ونهبها، ثمّ حاصر ماردين، فصالحه حسام الدّين تِمِرْتاش بْن إيلغازيّ، وزوّجه بابنته، فلم يدخل بها، ومرض ومات، فتزوّجها أخوه قَطْب الدّين [1] .
[الغلاء بإفريقية]
وفيها، وفي السّنين الخمس الّتي قبلها، وكان الغلاء المُفْرِط بإفريقيَّة، وعظُم البلاء بهم في هذا العام حتّى أكل بعضهم بعضا [2] .
[زواج نور الدين محمود]
وفيها تزوّج الملك نور الدّين بالخاتون ابْنَة الأتابك معين الدّين أُنُر، وأرسلت إليه إلى حلب.
__________
[1] الكامل في التاريخ 11/ 123، 124، 139 (حوادث 544 هـ) .
[2] الكامل في التاريخ 11/ 124، والعبر 4/ 114، مرآة الجنان 3/ 275، البداية والنهاية 12/ 222، اتعاظ الحنفا 2/ 187.(37/11)
سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة
[هزيمة الفرنج عند دمشق]
فيها جاءت من الفرنج ثلاثة ملوك إلى بيت المقدس، وصلّوا صلَاة الموت، وردّوا عَلَى عكّا، وفرّقوا في العساكر سبعمائة ألف دينار، وعزموا عَلَى قصد الإسلام. وظنّ أهل دمشق أنّهم يقصدون قلعتين بقرب دمشق، فلم يشعروا بهم في سادس ربيع الأوّل إلّا وقد صبّحوا دمشق في عشرة آلاف فارس، وستّين ألف راجل، فخرج المسلمون فقاتلوا، فكانت الرَّجّالة الّذين برزوا لقتالهم مائة وثلاثين ألفا، والخيّالة طائفة كبيرة، فقُتل في سبيل اللَّه نحو المائتين، منهم الفقيه يوسف الفنْدلاويّ [1] ، والزّاهد عبد الرحمن الحلْحُوليّ [2] . فلمّا كَانَ في اليوم الثّاني، خرجوا أيضا، واستُشْهِد جماعة، وقتلوا من الفرنج ما لا يُحصى.
فلمّا كَانَ في اليوم الخامس، ووصل غازي بْن أتابك زنْكي في عشرين ألف فارس، ووصل أخوه نور الدّين محمود إلى حماه رديف لَهُ. وكان في دمشق البكاء والتّضرُّع وفرْش الرّماد أيّاما، وأُخرِج مُصْحَفُ عثمان إلى وسط الجامع.
وضجّ النّساء والأطفال مكشّفين الرّؤوس، فأغاثهم اللَّه.
وكان مَعَ الفرنج قِسّيس ذو لحية بيضاء، فركب حمارا، وعلّق في حلقه الطِّيب، وفي يديه صليبين، وقال للفرنج: أَنَا قد وعدني المسيح أن آخذ دمشق، ولا يردّني أحد. فاجتمعوا حوله، وأقبل يريد البلد، فلمّا رآه المسلمون صدقت نيّتُهم، وحملوا عَلَيْهِ، فقتلوه، وقتلوا الحمار، وأحرقوا الصّلبان، وجاءت
__________
[1] انظر ترجمة في هذا الجزء برقم (187) ، ذيل تاريخ دمشق 298.
[2] انظر ترجمته في هذا الجزء برقم (154) ، ذيل تاريخ دمشق 298.(37/12)
النّجدة المذكورة، فهزم اللَّه الفرنج، وَقُتِلَ منهم خلْق [1] .
[رواية ابن الأثير عَن انهزام الفرنج]
قَالَ ابن الأثير: [2] سار ملك الألمان من بلاده في خلْقٍ كثير، عازما عَلَى قصد الإسلام، واجتمعت معه فرنج الشّام، وسار إلى دمشق، وفيها مجير الدين أَبَق بْن محمد بْن بُوري، وأتابكه مُعِزّ الدّين أُنُرَ [3] ، وهو الكُلّ، وكان عادلا، عاقِلًا، خيِّرًا، استنجد بأولاد زنْكيّ، ورتّب أمور البلد، وخرج بالنّاس إلى قتال الفرنج، فقويت الفرنج، وتقهقر المسلمون إلى البلد. ونزل ملك الألمان بالميدان الأخضر، وأيقن النّاس بأنّه يملك البلد، وجاءت عساكر سيف الدّين غازي، ونزلوا حمص، ففرح النّاس وأصبح معين الدّين يَقُولُ للفرنج الغرباء:
إنّ ملك الشّرق قد حضر، فإنْ رحلتم، وإلّا سلّمت دمشق إِلَيْهِ، وحينئذٍ تندمون.
وأرسل إلى فرنج الشّام يَقُولُ لهم: بأيّ عقلٍ تساعدون هَؤُلّاءِ الغرباء علينا، وأنتم تعلمون أنّهم إنّ ملكوا أخذوا ما بأيديكم من البلاد السّاحليَّة؟
وأنا إذا رَأَيْت الضَّعْفَ عَنْ حَفْظ البلد سلّمته إلى ابن زنْكي، وأنتم تعلمون أنّه إن مَلَك لا يبقى لكم معه مُقامٌ بالشّام.
فأجابوه إلى التّخلّي عَنْ ملك الألمان، وبذلَ لهم حصن بانياس،
__________
[1] انظر خبر الموقعة في: الكامل في التاريخ 11/ 129- 131، والتاريخ الباهر 88، 89، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 297- 300، والمنتظم 10/ 130، 131 (18/ 63، 64) ، وكتاب الروضتين 1/ 133- 138، والاعتبار لابن منقذ 94، 95، ومفرّج الكروب 1/ 112، وتاريخ دولة آل سلجوق 207، والمختصر في أخبار البشر 3/ 20، ونهاية الأرب 27/ 150، 151، وزبدة الحلب 2/ 292، وتاريخ الزمان لابن العبري 162، 163، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 197- 199، ودول الإسلام 2/ 58، 59، والعبر 4/ 116- 118، وتاريخ ابن الوردي 2/ 47، 48، وعيون التواريخ 12/ 416، 417، والدرّة المضيّة 549، 550، ومرآة الجنان 3/ 277، 278، والبداية والنهاية 12/ 223، 224، وتاريخ ابن خلدون 5/ 238، 239، والكواكب الدرّية 126- 128، وتاريخ ابن سباط 1/ 87، 88، وتاريخ الخلفاء 439، والإعلام والتبيين للحريري 25- 27.
[2] في الكامل 11/ 129- 131، والتاريخ الباهر 88.
[3] في الأصل بالزاي. ويرد في المصادر: «أنر» بالراء، وسيأتي في التراجم «أنر» بالراء أيضا.(37/13)
فاجتمعوا بملك الألمان، وخوّفوه من عساكر الشّرق وكثرتها، فرحل وعاد إلى بلاده، وهي وراء القسطنطينيَّة.
قلت: إنّما كَانَ أجل قدومه لزيادة القدس، فلمّا ترحّلوا سار نور الدّين محمود إلى حصن العزيمة، وهو للفرنج، فملكه. وكان في خدمته معين الدّولة أُنُر بعسكر دمشق.
[ظهور الدولة الغوريَّة]
وفيها كَانَ أول ظهور الدّولة الغوريَّة، وحشدوا وجمعوا. وكان خروجهم في سنة سبْعٍ وأربعين [1] .
[هرب رضوان وزير مصر ومقتله]
وفيها نقب الحبس رضوان [2] ، الّذي كَانَ وزير الحافظ صاحب مصر، وهرب عَلَى خيل أُعِدَّت لَهُ، وعبَر إلى الجيزة. وكان لَهُ في الحبْس تسعُ سِنين.
وقد كنّا ذكرنا أنّه هرب إلى الشّام، ثمّ قدِم مصرَ في جمْعٍ كبير، فقاتل المصريّين عَلَى باب القاهرة وهزمهم، وقتل خلْقًا منهم، ودخل البلد، فتفرَّق جَمْعُه، وحبسه الحافظ عنده في القصر، وجمع بينه وبين أهله، وبقي إلى أن بعث الجيش يأتي من الصّعيد بجموع كثيرة، وقاتل عسكر مصر عند. جامع ابن طولون فهزمهم، ودخل القاهرة، وأَرسل إلى الحافظ يطلب منه رسم الوزارة عشرين ألف دينار، فبعثها إِلَيْهِ، ففرَّقها، وطلب زيادة، فأرسل إِلَيْهِ عشرين ألف أخرى، ثمّ عشرين ألف أخرى. وأخذ النّاس منه العطاء وتفرّقوا. وهيّأ الحافظ جَمْعًا كبيرا من العبيد وبعثهم، فأحاطوا بِهِ، فقاتلهم مماليكه ساعة. وجاءته ضربةٌ فقُتل [3] . ولم يستوزر الحافظ أحدا من سنة ثلاثٍ وثلاثين إلى أن مات.
__________
[1] انظر بداية ظهور الغورية في: الكامل في التاريخ 11/ 135.
[2] هو: رضوان بن ولخشي.
[3] أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 87، النجوم الزاهرة 5/ 281.(37/14)
[ظهور الدعوة النزاريَّة بمصر]
قَالَ سِبْط الجوزيّ [1] : فيها ظهور بمصر رجلٌ من ولد نزار بْن المستنصر يطلب الخلافة، واجتمع معه خلْق، فجهّز إِلَيْهِ الحافظ العساكر، والتقوا بالصّعيد، فَقُتِلَ جماعة، ثمّ انهزم النّزاريّ، وقتل ولده [2] .
[إبطال الأذان ب «حيّ عَلَى خير العمل» بحلب]
وفيها أمر نور الدّين بإبطال «حيَّ عَلَى خير العمل» من الأذان بحلب، فعظُم ذَلكَ عَلَى الإسماعيليَّة والرَّافضة الّذين بها [3] .
[فتنة خاصّبك السلطان مسعود]
وكان السّلطان مسعود قد مكّن خاصّبَك من المملكة، فأخذ يقبض عَلَى الأمراء، فتغيّروا عَلَى مسعود وقالوا: إمّا نَحْنُ، وإمّا خاصّبك، فإنّه يحملك عَلَى قتْلنا. وساروا يطلبون بغداد، ومعهم محمد شاه ابن السّلطان محمود، فانجفل النّاس واختبطوا، وهرب الشِّحْنَة إلى تِكْريت، وقطع الجسر، وبعث المقتضي ابن العبّاديّ الواعظ رسولا إليهم، فأجابوا: نَحْنُ عبيد الخليفة وعبيد السّلطان، وما فارقناه إلّا خوفا من خاصّبَك، فإنّه قد أفنى الأمراء، فقتل عبد الرحمن بن طويرك، وعبّاسا، وبُزَبَه [4] ، وتَتَر، وصلاح الدّين، وما عَن النَّفس عِوَض. وما نَحْنُ بخوارج ولا عُصاة، وجئتنا لُنصْلح أمرنا مَعَ السّلطان.
وكانوا: ألْبُقُش، وألدكز، وقيمز [5] ، وقرقوب [6] ، وأخو طويرك [7] ، وطرنطاي،
__________
[1] في مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 199.
[2] ذيل تاريخ دمشق 302، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 199، النجوم الزاهرة 5/ 282.
[3] ذيل تاريخ دمشق 301، كتاب الروضتين 1/ 147، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 199، عيون التواريخ 12/ 418 و 474، النجوم الزاهرة 5/ 282، زبدة الحلب 2/ 293، 294.
[4] في الأصل: «يزيد» .
[5] في الأصل: «منصر» .
[6] في المنتظم: «قرقوت» ، والمثبت يتفق مع الكامل 11/ 132.
[7] في الكامل 11/ 132: «وابن طغايرك» .(37/15)
وعليّ بْن دُبَيْس [1] . ثمّ دخلوا بغداد، فمدّوا أيديهم، وأخذوا خاصّ السّلطان، وأخذوا الغلّات، فثار عليهم أهل باب الأَزَج [2] وقاتلوهم، فكتب الخليفة إلى مسعود، فأجابه: قد برِئَت ذِمَّة أمير المؤمنين من العهد الّذي بيننا، بأنّه لا يجنِّد، فيحتاط للمسلمين. فجنّد وأخرج السُّرَادقات، وخندق، وسدّ العقود، وأولئك ينهبون في أطراف بغداد، وقسّطوا الأموال عَلَى مَحَالّ الجانب الغربيّ وراحوا إلى دُجَيْل وأخذوا الحريم والبنات، وجاءوا بهنّ إلى الخِيَم.
ثمّ وقع القتال، وقاتلت العامَّة بالمقاليع، وَقُتِلَ جماعة، فطلع إليهم الواعظ الغَزْنَويّ فذمّهم وقال: لو جاء الفرنج لم يفعلوا هذا. واستنقذ منهم المواشي، وساقها إلى البلد، وقبض الخليفة عَلَى ابن صَدَقَة، وبقي الحصار أيّاما، وخرج خلق من العوامّ بالسّلام الوافر، وقاتلوا العسكر، فاستجرّهم العسكر، وانهزموا لهم، ثمّ خرج عليهم كمين فهربوا، وَقُتِلَ من العامّة نحو الخمسمائة.
ثمّ جاءت الأمراء، فرموا نفوسهم تحت التّاج وقالوا: لم يقع هذا بِعلْمنا، وإنّما فعله أَوْباشٌ لم نأمرهم. فلم يَقْبل عُذْرهم. فأقاموا إلى اللّيل وقالوا: نَحْنُ قيامٌ عَلَى رءوسنا، لا نبرح حتّى تعفي عَنْ جُرْمنا.
فجاءهم الخادم يَقُولُ: قد عفا عنكم أمير المؤمنين فأمْضوا. ثمّ سار العسكر، وذهب بعضهم إلى الحِلَّة، وبعضهم طلب بلاده [3] .
[الغلاء والجوع]
ووقع الغلاء، ومات بالجوع والعرْي أهلُ القرى، ودخلوا بغداد يستعطون [4] .
__________
[1] زاد ابن الجوزي: «وابن تتر في آخرين»
[2] باب الأزج: بالتحريك، محلّة معروفة ببغداد.
[3] انظر عن فتنة خاصّ بك في: المنتظم 10/ 131- 133 (18/ 64- 66) ، والكامل في التاريخ 11/ 132- 134، وزبدة التواريخ 225- 228، وتاريخ ابن خلدون 3/ 514- 516.
[4] انظر عن الغلاء والجوع في: المنتظم 10/ 134 (18/ 66) ، والكامل في التاريخ 11/ 137، وذيل تاريخ دمشق 302، والمختصر في أخبار البشر 3/ 20، والعبر 4/ 118، ودول الإسلام 2/ 59، وتاريخ ابن الوردي 2/ 48، وتاريخ ابن سباط 1/ 90.(37/16)
[وفاة القاضي الزينبي]
ومات قاضي القُضاة الزَّيْنَبيِّ، وقُلِّد مكانه أبو الحسن علي بْن أحمد بْن علي بْن الدّامغانيّ [1] .
[دخول ملك صقلّيّة مدينة المهديَّة]
وفيها الغلاء مستمر بإفريقية، وجلا أكثر النّاس ووجد خلْق في جزيرة صَقَلِّية، وعظُم الوباء. فاغتنم الملعون رُجار صاحب صَقَلّية هذه الشّدَّة، وجاء في مائتين وخمسين مركبا، ونزل عَلَى المَهْديَّة، فأرسل إلى صاحبها الحسين بْن عليّ بْن يحيى بْن تميم بْن باديس: إنّما جئت طالبا بثأر محمد بْن رشيد صاحب فاس، وردّه إلى فارس. وأنت فبيننا وبينك عهدٌ إلى مدَّةٍ، ونريد منك عسكرا يكون معنا.
فجمع الحَسَن الفُقهاء والكبار وشاورهم، فقالوا: نقابل عدوّنا، فإنّ بلدنا حصين.
قَالَ: أخاف أن ينزل البرَّ ويحاصرنا برّا وبحرا ويمنعنا الميرة، ولا يحلّ لي أن أُعطيه عسكرا يقاتل بِهِ المسلمين، وإنِ امتنعتُ قَالَ: نقَضْت. والرأي أن نخرج بالأهل والولد، ونترك البلد، فمن أراد أن ينزح فلْيَنْزَح.
وخرج لوقته، فخرج الخلْق عَلَى وجوههم، وبقي من احتمى بالكنائس عند أهلها، وأخذت الفرنج المهديّة بلا ضربة ولا طعنة، وفإنّا للَّه وإنّا إِلَيْهِ راجعون. فوقع النّهب نحو ساعتين، ونادوا بالأمان.
وسار الحَسَن إلى عند أمير عرب تِلْكَ النّاحية، فأكرمه. وصار الإفرنج من طرابُلُس الغرب إلى قرب تونس.
وأمّا الحَسَن، فعزم عَلَى المسير إلى مصر، ثمّ عزم عَلَى المصير إلى عبد المؤمن هُوَ وأولاده، وهو التّاسع من ملوك بني زيري. وكانت دولتهم بإفريقية مائتين وثمان سنين [2] .
__________
[1] انظر عن قضاء الدامغانيّ في: المنتظم 10/ 134 (18/ 66) ، وذيل تاريخ دمشق 303، وتاريخ دولة آل سلجوق 203.
[2] انظر خبر المهديّة في: الكامل في التاريخ 11/ 125 وما بعدها، والمختصر في أخبار البشر 3/ 19، والعبر في خبر من غبر 4/ 118، وتاريخ ابن الوردي 2/ 47، والبداية والنهاية 12/ 223، وتاريخ ابن سباط 1/ 87، واتعاظ الحنفا 2/ 188.(37/17)
سنة أربع وأربعين وخمسمائة
[ارتفاع الغلاء عَنْ بغداد]
في المحرَّم ارتفع عَن النّاس ببغداد الغلاء، وخرج أهل القرى [1] .
[مقتل صاحب أنطاكية]
وغزا نور الدّين محمود بْن زنْكي فكسر الفرنج، وقتل صاحب أنطاكية.
وكانت وقعة عظيمة، قتل فيها ألف وخمسمائة من الفرنج، وأُسِر مثلُهم، وذلّ دين الصّليب [2] .
[فتح فامية]
ثمّ افتتح نور الدّين حصن فامية، وكان عَلَى أهل حماة وحمص منه غاية الضَّرر [3] .
__________
[1] انظر عن ارتفاع الغلاء في: المنتظم 10/ 137 (18/ 71) ، والكامل في التاريخ 11/ 146.
[2] انظر عن مقتل صاحب أنطاكية في: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 304، 305، والمنتظم 10/ 137 (18/ 71) ، والكامل في التاريخ 11/ 144، والتاريخ الباهر 98، 99، وتاريخ دولة آل سلجوق 207، وزبدة الحلب 2/ 298، 299، وتاريخ مختصر الدول 207، وتاريخ الزمان 164، وكتاب الروضتين 1/ 150- 159، وديوان ابن منير الطرابلسي 642، 292، ونهاية الأرب 27/ 155، والمختصر في أخبار البشر 3/ 22، والعبر 4/ 120، 121، ودول الإسلام، 2/ 59، وعيون التواريخ 12/ 421، والدرّة المضيّة 554، وتاريخ ابن الوردي 2/ 48، 49، والبداية والنهاية 12/ 225، والكواكب الدرّية 130، وتاريخ ابن سباط 1/ 91، 92، وتاريخ ابن خلدون 5/ 240.
[3] انظر عن فتح فامية في: الكامل في التاريخ 11/ 149، (حوادث سنة 545 هـ) ، والتاريخ الباهر 100، وزبدة الحلب 2/ 301، وذيل تاريخ دمشق 305، وتاريخ الزمان 163، ونهاية الأرب 27/ 156 (حوادث سنة 545 هـ) ، والروضتين 1/ 159، 160، والمختصر في أخبار البشر 3/ 22، والعبر 4/ 121، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 202، وتاريخ ابن الوردي 2/ 50 (حوادث(37/18)
[وقوع جوسلين في الأسر]
وكان جوسلين، لعنه اللَّه، قد أَلَهبَ الخلْق بالأَذّية والغارات، وهو صاحب تلّ باشر، وإعزاز، وعينتاب [1] ، والرّاوندان، وبَهَسْنا [2] والبيرة، ومَرْعَش، وغير ذَلكَ، فسار لحربه سِلَحْدار نور الدّين، فأسره جوسلين، فدسّ نور الدّين جماعة من التُّركمان: مَن جاءني بجوسلين أعطيتُه مهما طلب. فنزلوا بأرض عَنْتاب، فأغار عليهم جوسلين، وأخذ امْرَأَةً مليحة فأعجبته، وخلا بها تحت شجرة، فكمن لَهُ التُّركمان وأخذوه أسيرا حقيرا، وأحضروه إلى نور الدّين، فأعطى الّذي أسره عشرة آلاف دينار.
وكان أسْرُه فتحا عظيما. واستولى نور الدّين عَلَى أكثر بلاده [3] .
[وزارة ابن هبيرة]
وفي ربيع الآخر استوزر الخليفة أبا المظفر بْن هُبَيْرة، ولَقَبُه: عون الدّين [2] .
[قصْدُ ألْبقش العراق وطلب السلطنة لملكشاه]
وفي رجب جمع الْبُقُش وقصد العراق، وانضمّ إليه ملك شاه بْن السّلطان محمود، وعليّ بْن دُبَيْس، وطرنْطاي، وخلْق من التُّرْكمان. فلمّا صاروا عَلَى بريدٍ من بغداد، بعثوا يطلبون أن يسلطن ملك شاه، فلم يجبهم الخليفة، وجمع
__________
[ () ] سنة 545 هـ) ، وتاريخ ابن خلدون 5/ 240، وعيون التواريخ 12/ 231، والنجوم الزاهرة 5/ 285.
[1] في الأصل: «عيزاب» ، والتصحيح من المصادر.
[2] تحرّفت إلى «بهستا» في: مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 202.
[3] انظر عن أسر جوسلين في: ذيل تاريخ دمشق 310، والكامل في التاريخ 11/ 144، والتاريخ الباهر 99، و 101، 102، وتاريخ الزمان 165، وتاريخ دولة آل سلجوق 207، وكتاب الروضتين 1/ 152 و 184، وزبدة الحلب 2/ 299، والمختصر في أخبار البشر 3/ 22، والعبر 4/ 127، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 201، وتاريخ ابن الوردي 2/ 49، 50، ونهاية الأرب 27/ 155 وفيه يسمّيه: «جوستكين» ، وتاريخ ابن سباط 1/ 92، وتاريخ ابن خلدون 5/ 241، وعيون التواريخ 12/ 421، والدرّة المضيّة 555، 556.
انظر عن وزارة ابن هبيرة في: المنتظم 10/ 137 (18/ 71) ، والمختصر في أخبار البشر 3/ 22، والعبر 4/ 121، وزبدة التواريخ 226، والبداية والنهاية 12/ 225، والجوهر الثمين(37/19)
العسكر وتهيّأ وبعث البريد إلى السّلطان مسعود يستحثّه، فلم يتحرّك، فبعث إِلَيْهِ عمّه سَنْجَر يَقُولُ لَهُ: قد أخربت البلاد في هوى [ابن] [1] البلنكريّ، فنفّذه هُوَ، والوزير، والجاوليّ، وإلّا ما يكون جوابك غيري.
فلم يلتفت لسَنْجَر، فأقبل سَنْجَر حتّى نزل الرّيّ، فعلم مسعود، فسار إِلَيْهِ جريدة، فترضّاه وعاد. ثمّ قدِم بغداد في ذي الحجَّة واطمأنّ النّاس [2] .
[الحجّ العراقيّ]
وفيها حجّ بالعراقيّين نَظَر الخادم، فمرض من الكوفة فردّ، واستعمل مكانه قَيْماز الأُرْجُوانيّ. ومات نَظَر بعد أيّام [3] .
[الزلزلة ببغداد]
وفي ذي الحجَّة جاءت زلزلة عظيمة، وماجت بغداد نحو عشْر مرّات، وتقطّع بحُلْوان جبلٌ من الزّلزلة. وهلك عالَمٌ من التُّرْكمان [4] .
[وفاة صاحب الموصل]
وفيها مات صاحب المَوْصِل سيف الدّين غازي بْن زنْكيّ، ومَلَك بعده أخوه مَوْدُود. وعاش غازي أربعا وأربعين سنة. مليح الصّورة والشَّكْل، وخلّف ولدا تُوُفّي شابّا، ولم يُعْقِب [5] .
__________
[1] / 208، ووفيات الأعيان، الترجمة رقم 245، وتاريخ ابن الوردي 2/ 168، 169، وتاريخ ابن خلدون 3/ 516، وعيون التواريخ 12/ 421.
[1] إضافة من المنتظم 10/ 138 (18/ 71) .
[2] انظر عن ألبقش في: المنتظم 10/ 137، 138 (18/ 71، 72) ، والبداية والنهاية 12/ 225، وتاريخ ابن خلدون 3/ 516.
[3] انظر عن الحج العراقي في: المنتظم 10/ 138 (18/ 72) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 200 و 201 (543 و 544 هـ) و 205، والبداية والنهاية 12/ 226.
[4] انظر عن الزلزلة في: المنتظم 10/ 138 (18/ 72) ، والكامل في التاريخ 11/ 146، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 201، والمختصر في أخبار البشر 3/ 22، وتاريخ ابن الوردي 2/ 49، والبداية والنهاية 12/ 225، والكواكب الدرّية 131، وكشف الصلصلة عن وصف الزلزلة للسيوطي 184.
[5] انظر عن وفاة صاحب الموصل في: الكامل في التاريخ 11/ 138، والتاريخ الباهر 92- 94،(37/20)
[الخلاف بين رُجار وصاحب القسطنطينية]
وفيها وقع الخُلْف بين رُجار الإفرنجيّ صاحب صَقَلِّية، وبين صاحب القُسطنطينيَّة. ودامت الحروب بينهم سِنين، فاشتغل رجار عن إفريقية [1] .
__________
[ () ] وذيل تاريخ دمشق 306، 307، وكتاب الروضتين 1/ 167- 170، ووفيات الأعيان 4/ 3، 4، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 207، وتاريخ الزمان له 165، 166، وديوان ابن منير الطرابلسي (بعنايتنا) 219، والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 55، 78، 133، 168، 222، 223، وتاريخ دولة آل سلجوق 207، ومفرّج الكروب 1/ 116، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 123، 124، والمختصر في أخبار البشر 3/ 21، ونهاية الأرب 27/ 151، والعبر 4/ 123، ودول الإسلام 2/ 60، وسير أعلام النبلاء 20/ 192، 193، رقم 124، وتاريخ ابن الوردي 2/ 48، وعيون التواريخ 12/ 435- 437، ومرآة الجنان 3/ 283، 284، والبداية والنهاية 12/ 227، والدرّة المضيّة 558، وتاريخ ابن خلدون 5/ 238- 240، والكواكب الدرّية 131، والنجوم الزاهرة 5/ 286، واللمعات البرقية في النكت التاريخية لابن طولون 12، وشذرات الذهب 4/ 139، وتاريخ ابن سباط 1/ 90.
[1] الكامل في التاريخ 11/ 145، دول الإسلام 2/ 60.(37/21)
ومن حوادث سنة أربع وأربعين وخمسمائة
[رواية ابن القلانسي عَن انتصار نور الدين عَلَى صاحب أنطاكية]
قَالَ أبو يَعْلَى التّميميّ في «تاريخه» [1] : كَانَ قد كَثُر فساد الفرنج المقيمين بعكّا، وصور، والسّواحل، بعد رحيلهم عَنْ حصار دمشق، وفساد شروط الهدنة الّتي بين أُنُرَ وبينهم. فشرعوا في العَبَث بالأعمال الدّمشقيَّة، فنهض معين الدّين أُنُر بالعسكر مُغيرًا عَلَى ضياعهم، وخيّم بحَوْران، وكاتَبَ العربَ، وشنّ الغارات عَلَى أطراف الفرنج، وأطلق أيدي التُّرْكمان في نهْب أعمال الفرنج، حتّى طلبوا تجديد الهدنة والمسامحة ببعض المقاطعة، وتردّدت الرُّسُل، ثمّ تقرَّرت الموادعة مدَّة سنتين، وتحالفوا عَلَى ذَلكَ.
ثمّ بعث أُنُر الأميرَ مجاهد الدّين بُزان بْن مامين في جيشٍ نجدة لنور الدّين عَلَى حرب صاحب أنطاكية، فكانت تِلْكَ الوقعة المشهودة الّتي انتصر فيها نور الدّين عَلَى الفرنج، وللَّه الحمد والمِنَّة. وكان جَمعه نحوا من ستَّة آلاف فارس سِوَى الأتباع، والفرنج في أربعمائة فارس، وألف راجل، فلم يَنْجُ منهم إلّا اليسير، وَقُتِلَ ملكهم البلنس [2] ، فحُمِل رأسه إلى نور الدّين. وكان هذا الكلب أحد الأبطال والفُرسان المشهورين بشدَّة البأس، عظيم الخلْقة والتّباهي في الشّرّ.
ثمّ نازل نور الدّين أنطاكية وحاصرها إلى أن ذَلّوا وسلّموها بالأمان. فرتَّب فيها مَن يحفظها، فجاءتها أمداد الفرنج، ثمّ اقتضت الحال مهادنَة من في أنطاكية وموادعتهم.
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق 304، 305.
[2] هكذا في الأصل وذيل تاريخ دمشق.(37/22)
[موت معين الدين أُنُر]
وأمّا معين الدّين أُنُرَ فإنّه مرض، وجيء بِهِ من حَوْران في مِحَفَّةٍ، ومات بدُوسنْطاريا في ربيع الآخر، ودُفن بمدرسته [1] .
[الوحشة بين مؤيّد الدين ومجير الدين]
ثمّ جَرَت واقعة عجيبة. استوحش الرئيس مؤيَّد الدّين من الملك مُجِير الدّين استيحاشا أوجب جمْعَ من أمكنه واقعة من أحداث دمشق والْجَهَلة، ورتّبهم حول داره، ودار أخيه زين الدّولة حَيْدرة للاحتماء بهم، وذلك في رجب. فنفذ مجير الدّين يطيّب نفوسهما، فما وُفِّق، بل جَدّا في الجمْع والاحتشاد من العوامّ والْجُنْد، وكسروا [السجن] وأطلقوا مَن فيه، واستنفروا جماعة من الشّواغرة [2] وغيرهم، وحصلوا في جمْعٍ كثيرٍ امتلأت بهم الطُّرُق. فاجتمعت الدّولة في القلعة بالعُدد، واخرِجت الأسلحة، وفرَقت عَلَى الجند، وعزموا عَلَى الزّحف إلى جمْع الأوباش، ثمّ تمهّلوا حقّنا للدّماء، وخوفا من نهْب البلد، وأَلَحُّوا عَلَى الرئيس وتلطّفوا إلى أن أجاب، واشترط شروطا أُجيب إلى بعضها، بحيث يكون ملازما لداره، ويكون ولده وولد أخيه في الدّيوان، ولا يركب إلى القلعة إلّا مُسْتَدْعيًا إليها.
ثمّ حدث بعد ذَلكَ عَوْد الحال إلى ما كانت عَلَيْهِ، وجمع الجمْع الكثير من الأجناد، والمقدَّمين، والفلّاحين، واتّفقوا عَلَى الزّحف إلى القلعة وحصرها، وطلب من عيَّنَه من أعدائه، فنشبت الحرب، وجُرح وَقُتِلَ جماعة. ثمّ عاد كلّ فريقٍ إلى مكانه.
ووافق ذَلكَ هروب السّلار زين الدّين إسماعيل شِحْنة البلد وأخوه إلى ناحية بَعْلَبَكّ.
ولم تزل الفتنة هائجة، والمحاربة متّصلة، إلى أن أُجيب إلى إبعاد من التمس إبعادَه من خواصّ مُجِير الدّين. ونُهبت دار السّلار وأخيه، وخلع على
__________
[1] الكامل في التاريخ 11/ 147 وستأتي ترجمته برقم (201) .
[2] الشواغرة: نسبة إلى الشاغور، بالغين المعجمة، محلّة بالباب الصغير من دمشق مشهورة وهي في ظاهر المدينة. (معجم البلدان 3/ 310) .(37/23)
الرئيس وأخيه، وحَلَف لهما مُجير الدّين، وأعاد الرئيس إلى الوزارة، بحيث لا يكون لَهُ في الأمر معترض ولا مُشارِك [1] .
[موت الحافظ لدين اللَّه وخلافة الظافر بمصر]
وأمّا مصر، فمات بها الحافظ لدين اللَّه عبد المجيد العُبَيْديّ، وأقيم بعده ابنه الظّافر إسماعيل. ووَزَرَ لَهُ أمير الجيوش ابن مصال المغربيّ، فأحسن السّيرة والسّياسة. ثمّ اضطربت الأمور واختلفت العساكر، بحيث قُتِلَ خلْقٌ منهم [2] .
[محبَّة الدمشقيّين نور الدين]
وأمّا أعمال دمشق كَحْوران، وغيرها، فعبث بها الفرنج، وأجدبت، الأرض ونزح الفلّاحون، فجاء نور الدّين بجيشه إلى بَعْلَبَكّ ليوقع بالفرنج، ففتح اللَّه بنزول غيثٍ عظيم، فعظُم الدّعاء لنور الدّين، وأحبّه أهل دمشق وقالوا: هذا ببركته وحسن سيرته [3] .
[مصالحة نور الدين ومجير الدين]
ثمّ نزل عَلَى جسر الخشب في آخر سنة أربع، وراسل مُجِير الدّين، والرئيس يَقُولُ: إنّني ما قصدتُ بنزولي هنا طلبا لمحاربتكم، وإنّما دعاني كثرة شكاية أهل حَوْران والعُرْبان. أخذت أموالهم وأولادهم، ولا ينصرهم أحد فلا
__________
[1] الخبر في: ذيل تاريخ دمشق 307، 308، وكتاب الروضتين 1/ 164، 165، وعيون التواريخ 12/ 430، 431.
[2] انظر عن وفاة الحافظ وخلافة الظافر في: ذيل تاريخ دمشق 308، والكامل في التاريخ 11/ 141، 142، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 207، والنجوم الزاهرة في حلى حضرة القاهرة 86- 89، وكتاب الروضتين 1/ 166، 167، ووفيات الأعيان 1/ 237، و 3/ 235- 237 رقم 407، والمختصر في أخبار البشر 3/ 21، ونهاية الأرب 28/ 307- 310، وتاريخ دولة آل سلجوق 207، ودول الإسلام 2/ 60، 61، والعبر 4/ 122، وتاريخ ابن الوردي 2/ 48، والدرّة المضيّة 552، ومرآة الجنان 2/ 282، والبداية والنهاية 12/ 226، والوافي بالوفيات 9/ 151 رقم 4057، ومآثر الإنافة 2/ 39، واتعاظ الحنفا 3/ 189 و 193، والمواعظ والاعتبار 1/ 357 و 2/ 167، وتاريخ الخلفاء 439، وحسن المحاضرة 2/ 16، والنجوم الزاهرة 5/ 237- 246 و 288، وشذرات الذهب 4/ 138، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 224- 226، 227، وتاريخ ابن سباط 1/ 91.
[3] ذيل تاريخ دمشق 308، 309، الروضتين 1/ 178، عيون التواريخ 12/ 431.(37/24)
يَسَعني مَعَ القُدرة عَلَى نُصْرتهم القعودُ عَنْهُمْ، مَعَ عِلْمٍ بعجزكم عَنْ حِفْظ أعمالكم والذّبّ عَنْهَا، والتّقصير الّذي دعاكم إلى الاستصراخ بالإفرنج عَلَى محاربتي، وبذلكم لهم أموالَ الضعفاء من الرَعيَّة ظُلْمًا وتَعَدِّيًا. ولا بدّ من المعونة بألف فارس يُجَرَّد مَعَ مقدَّمٍ لتخليص ثغر عسقلان وغيره.
فكان الجواب: لَيْسَ بيننا وبينك إلّا السّيف. فكثر تعجُّب نور الدّين، وأنكر هذا، وعزم عَلَى الزَّحْف إلى البلد، فجاءت أمطارٌ عظيمة منعته من ذَلكَ [1] .
ثمّ تقرَّر الصُّلْح في أوّل سنة خمسٍ وأربعين، فإنّ نور الدّين أشفق من سفْك الدّماء، فبذلوا لَهُ الطّاعة، وخطبوا لَهُ بجامع دمشق بعد الخليفة والسّلطان، وحلفوا لَهُ. فخلع نور الدّين عَلَى مجير الدّين خِلْعةً كاملة بالطَّوْق، وأعاده مكرّما، محتَرَمًا. ثمّ استدعى الرئيس إلى المخيَّم، وخلع عَلَيْهِ، وخرج إِلَيْهِ المقدَّمون، واختلطوا بِهِ، وردّ إلى حلب [2] .
[مضايقة الملك مسعود تلّ باشر]
وجاء الخبر بأنّ الملك مسعود نزل عَلَى تلّ باشِر وضايقها [3] .
[عودة الحُجّاج وما أصابهم]
ثمّ قدِم حُجّاج العراق وقد أُخِذوا، وحكوا مُصِيبةً ما نزل مثلُها بأحدٍ. وكان رَكْبًا عظيما من وجوه خُراسان وعُلمائها، وخواتين الأمراء خلْق. فأُخِذ جميع ذَلكَ، وَقُتِلَ الأكثر، وسَلِم الأقل، وهُتكَت الحُرَم، وهلك خلْقٌ بالجوع والعطش [4] .
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق 309.
[2] ذيل تاريخ دمشق 309، 310، الروضتين 1/ 178، 179، عيون التواريخ 12/ 431، 432.
[3] ذيل تاريخ دمشق 310.
[4] انظر عن عود الحجّاج في: الكامل في التاريخ 11/ 148، 149 (حوادث سنة 545 هـ) ، وذيل تاريخ دمشق 310، وكتاب الروضتين 1/ 194، والمختصر في أخبار البشر 3/ 22، والعبر 4/ 123، ودول الإسلام 2/ 61، وتاريخ دولة آل سلجوق 207، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 206، ومرآة الجنان 3/ 284 (حوادث 545 هـ) ، والبداية والنهاية 12/ 226، وعيون التواريخ 12/ 438، وتاريخ ابن الوردي 20/ 50.(37/25)
[رحيل مسعود عَنْ تلّ باشر]
وأمّا مسعود، فإنّه ترحّل عَنْ تلّ باشِر [1] .
[مصالحة مجاهد الدين لصاحب دمشق]
وتوجّه مجاهد الدّين بُزَان إلى حصن صرْخد، وهو لَهُ، لترتيب أحواله.
وعرضت لَهُ نَفْرَةٌ من صاحب دمشق ورئيسها، ثمّ طُلِب، واصطلحوا عَلَى شرط إبعاد الحافظ يوسف عَنْ دمشق، فأُبعِد، فقصد بَعْلِبَكّ، فأكرمه متولّيها عطاء [2] .
[اتصال الخلاف في مصر]
وأمّا مصر، فالأخبار واصلة بالخُلْف المستمرّ بين وزيرها ابن مصال، وبين المظفّر ابن السّلار عَلَى الأمر، فسكنت الفتنة. ثمّ ثار الْجُنْد، وجَرَت أمور، وقتل جماعة. نسأل الله العافية [3] .
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق 310، 311، تاريخ دولة آل سلجوق 207، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 206.
[2] ذيل تاريخ دمشق 311 و 321، كتاب الروضتين 1/ 194، 195.
[3] ذيل تاريخ دمشق 311 و 312.(37/26)
سنة خمس وأربعين وخمسمائة
[الأخبار بما جرى عَلَى الركْب العراقي]
جاءت الأخبار بما جرى عَلَى رَكْب العراق. طمع فيهم أمير مكَّة، واستهون بقَيْماز، وطمعت فيهم العرب، ووقفوا يطلبون رسومهم، فأشار بذلك قَيْماز، فامتنع النّاس عَلَيْهِ، ولمّا وصلوا إلى الغرابيّ خرجت عليهم العرب، فأخذوا ما لا يُحصى، حتّى أنّه أُخِذ من خاتون أخت السّلطان مسعود ما قيمته مائة ألف دينار. وذهب للتّجار أموال كثيرة. واستَعْنَتَ العربُ، وتمزَّق النّاس، وهربوا مُشاةً في البرّيَّة، فمات خلْقٌ جوعا وَعَطَشًا وَبَرْدًا، وطلى بعض النّساء أجسادهنّ بالطِّين ستْرًا للعورة. وتوصّل قَيْماز في نفرٍ قليل [1] .
[الصلح بين نور الدين ومجير الدين]
وفيها كَانَ الصُّلْح. فإنّ نور الدّين نازل دمشق وضايقها، ثمّ اتقى اللَّه في دماء الخلْق، وخرج إِلَيْهِ مُجير الدّين أَبق صاحب البلد، ووزيره الرئيس ابن الصّوفيّ، وخلع عليهما، ورحل إلى حلب والقلوب معه لِما رَأَوْا من دينه [2] .
__________
[1] انظر خبر ركب الحجّاج في: المنتظم 10/ 142، 143 (18/ 77، 78) ، وذيل تاريخ دمشق 310، والكامل في التاريخ 11/ 148، 149، والمختصر في أخبار البشر 3/ 22، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 205، وتاريخ دولة آل سلجوق 207، والعبر 4/ 123، ودول الإسلام 2/ 61، وتاريخ ابن الوردي 2/ 50، وعيون التواريخ 12/ 438، ومرآة الجنان 3/ 284، والبداية والنهاية 12/ 226، وشفاء الغرام بأخبار البلد الحرام لقاضي مكة (بتحقيقنا) 2/ 365، وتاريخ ابن سباط 1/ 92.
[2] العبر 4/ 123، دول الإسلام 2/ 61، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 206.(37/27)
[مطر الدم باليمن]
قَالَ ابن الجوزيّ: وجاء في هذه السّنة باليمن مطر كلُّه دم، وصارت الأرض مرشوشة، وبقي أثره في ثياب النّاس [1] .
[دفاع الموحّدين عَنْ قرطبة]
وفيها جهَّز عبد المؤمن بْن عليّ ثاني مرَّة جيشا من الموحّدين في اثني [2] عشر ألف فارس إلى قُرْطُبة، لأنّ الفرنج نازلوها في أربعين ألفا ثلاثة أشهر، وكادوا أن يملكوها، فكشف عَنْهَا الموحّدون، ولَطَفَ اللَّه [3] .
[مرض خاصّ بك ومعافاته]
وفيها مرض ابن البلنكريّ، وهو خاصّ بك التُّركمانيّ أتابك جيش السّلطان مسعود. فلمّا عوفي أسقط المُكُوس.
[وفاة مختص الحضرة]
ثمّ مات بعد أيّام ببغداد مختصّ الحضرة مكس البلد، وكان يبالغ في أذى الخلْق ويقول: أنا قد فرشت حصيرا في جهنّم [4] .
__________
[1] انظر عن مطر الدم في: المنتظم 10/ 143 (18/ 78) ، ودول الإسلام 2/ 61، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 206، والبداية والنهاية 12/ 228، والنجوم الزاهرة 5/ 298، والدرّة المضيّة 556 (حوادث 544 هـ) .
[2] في الأصل: «في اثنا» .
[3] انظر عن قرطبة في: الكامل في التاريخ 11/ 150، والمختصر في أخبار البشر 3/ 22، وتاريخ ابن الوردي 2/ 50، وتاريخ ابن سباط 1/ 93.
[4] انظر عن وفاة مختص الحضرة في: المنتظم 10/ 143 (18/ 78) .(37/28)
سنة ستّ وأربعين وخمسمائة
[وعْظ ابن العبّادي بجامع المنصور]
قدِم السّلطان بغداد في رمضان، وسأل الواعظ ابن العبّاديّ أن يجلس في الجامع المنصور. فقيل لَهُ: لا تفعل، فإنّ أهل الجانب الغربيّ [لا] [1] يمكّنون إلّا الحنابلة. فلم يقبل، وضمن لَهُ نقيب النُّقباء الحماية. فجلس في ذي الحجَّة يوم جمعة، وحضر أستاذ دار، والرؤساء، وخلائق، فلمّا شرع في الكلام كثُر اللَّغط والضّجّات، ثمّ أُخِذت عمائم وفُوَط، وجُذِبت السّيوف حول ابن العبَّاديّ، فثبت، وسكن النّاس. ثمّ وعظ [2] .
[أسْرُ جوسلين]
وفيها أسر نور الدّين جوسلين فارس الفرنج وبَطَلَها المشهور، وأخذ بلاده، وهي عزاز، وعينتاب، وتلّ باشر [3] .
__________
[1] ساقطة من الأصل.
[2] انظر عن ابن العبّادي في: المنتظم 10/ 145 (18/ 81) ، والبداية والنهاية 12/ 229.
[3] انظر عن أسر جوسلين في: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 310، والتاريخ الباهر 101، 102، والكامل في التاريخ 11/ 154، 155، وكتاب الروضتين 181- 184، وتاريخ مختصر الدول 207، 207، ومفرّج الكروب 1/ 123، وتاريخ دولة آل سلجوق 207، وزبدة الحلب 2/ 302، ونهاية الأرب 27/ 156، والمختصر في أخبار البشر 3/ 23، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 206، وتاريخ ابن الوردي 2/ 50، والبداية والنهاية 12/ 229، وتاريخ ابن خلدون 5/ 241، والكواكب الدرّية 136، 137، والدرّ المنتخب 219، وتاريخ ابن سباط 1/ 194.(37/29)
ومن سنة ستّ وأربعين وخمسمائة
[تحشُّد عساكر نور الدين قرب دمشق]
في عاشوراء نزل عسكر نور الدّين بعَذْرا ونواحيها، ثمّ قصد من الغد طائفةٌ منهم إلى ناحية النَّيْرَب [1] والسَّهْم، وكمنوا عند الجبل لعسكر دمشق، فلمّا خرجوا جاءهم النذير، فانهزموا إلى البلد وسَلِمُوا. وانتشرت العساكر الحلبيَّة بنواحي البلد، واستؤصلت الزُّرُوع والفاكهة من الأَوْباش، وغَلَت الأسعار.
وتأهّبوا الحفظ البلد. فجاءت رُسُل نور الدّين يَقُولُ: أَنَا أؤثر الإصلاح للرعيَّة وجهاد المشركين، فإنْ جئتم معي في عسكر دمشق وتعاضدْنا عَلَى الجهاد، فذلك المراد.
فلم يُجِيبوه بما يُرضيه، فوقعت مناوشة بين العسكرين، ولم يزحف نور الدّين رِفْقًا بالمسلمين. ولكنْ خربت الغُوطة والحواضر إلى الغاية بأيدي العساكر وأهل الفساد، وعُدِم التّبْن، وعظُم الخطْب، والأخبار متوالية بإحشاد الفرنج، واجتماعهم لإنجاد أهل البلد. فضاقت صدور أهل الدّين. ودام ذَلكَ شهرا، والجيش النُّوريّ في جمْع لا يُحصَى، وأمداده واصلة، وهو لا يأذَن [2] لأحد في التّسرُّع إلى القتال، ولكنْ جُرح خلق [3] ، [4] .
__________
[1] النّيرب: بالفتح ثم السكون، وفتح المراء، وباء موحّدة. قرية مشهور بدمشق على نصف فرسخ. (معجم البلدان 5/ 330) .
[2] في الأصل: «يؤذن» .
[3] ذيل تاريخ دمشق 312- 314، تاريخ الزمان 166، 167.
[4] هي عنجز أو مجدل عنجر المعروفة حاليا بالبقاع. وقد تحرّفت في مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 201 إلى «عين الجسر» : وكذا في عيون التواريخ 12/ 442.(37/30)
[تحالف الفرنج وعسكر دمشق]
ثمّ ترحّل بهم إلى ناحية الأعوج لقرب الفرنج، ثمّ تحوّل إلى عين الجرّ [1] بالبقاع، فاجتمعت الفرنج مَعَ عسكر دمشق، وقصدوا بُصْرَى لمنازلتها، فلم يتهيّأ لهم ذَلكَ، وانكفأ عسكر الفرنج إلى أعمالهم، وراسلوا مجير الدّين والرئيس المؤيّد يلتمسون باقي المقاطعة المبذولة لهم عَلَى ترحيل نور الدّين، وقالوا: لولا نَحْنُ ما ترحّل [2] .
[غزوة الأسطول الْمَصْرِيّ إلى سواحل الشام]
وورد الخبر بمجيء الأسطول المصريّ، إلى ثغور السّاحل في هيئة عظيمة وهم سبعون مركبا حربيَّة مشحونة بالرجال، قد أُنفِق عليها عَلَى ما قِيلَ ثلاثمائة ألف دينار. فقربوا من يافا، فقتلوا وأسروا، واستولوا عَلَى مراكب الفرنج، ثمّ قصدوا عكّا، ففعلوا مثل ذَلكَ، وقتلوا خلْقًا عظيما من حجّاج الفرنج، وقصدوا صيدا، وبيروت، وطرابُلُس، وفعلوا بهم الأفاعيل. ولولا شغل نور الدّين لأعان الأصطول. وقيل إنّه عرض عسكره، فبلغوا ثلاثين ألفا [3] .
[مصالحة نور الدين وصاحب دمشق]
ثمّ عاد نحو دمشق، وأغارت جنوده عَلَى الأعمال، واستاقوا المواشي، ونزل بدارَيّا، فنوديَ بخروج الْجُنْد والأحداث، فقَلَّ من خرج، ثمّ إنّه قرُب من البلد، ونزل بأرض القَطِيعة، ووقعت المناوشة. فجاء الخبر إلى نور الدّين بتسلّم نائبة الأمير حسن تلّ باشر بالأمان، ففرح، وضُربت في عسكره الكوسات والبُوقات بالبشارة. وتوقّف عَنْ قتال الدّمشقيّين ديانة وتحرُّجًا [2] .
وتردّدت الرسُل في الصُّلْح عَلَى اقتراحاتٍ تردّد فيها الفقيه برهان الدّين البلخيّ، وأسد الدين شيركوه، وأخوه، ثجم وقعت الأيمان من الجهتين، فرحل
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق 314، كتاب الروضتين 1/ 201، 202، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 209، 210.
[2] ذيل تاريخ دمشق 315، أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 91، نهاية الأرب 28/ 313، كتاب الروضتين 1/ 202، اتعاظ الحنفا 2/ 202.
[3] مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 210.(37/31)
إلى بُصْرَى لمضايقتها، وطلب من دمشق آلات الحصار، لأنّ واليها سرخاك [1] قد عصى، ومال إلى الفرنج، واعتضد بهم، فتألَّم نور الدّين لذلك، وجهّز عسكرا لقصده [2] .
[الوباء بدمياط]
وفيها كَانَ الوباء المُفْرِط بدِمْياط، فهلك في هذا العام والّذي قبله أربعة عشر ألفا، وخَلَت البُيُوت [3] .
[استنابة مجير الدين بدمشق]
وفي شهر رجب سار صاحب دمشق مجير الدّين أبق في خواصّة إلى حلب، فأكرمه نور الدّين، وقرَّر معه تقريرات أقرَّ بها بعد أن بذل الطّاعة والنّيابة عَنْهُ بدمشق. ورجع مسرورا [4] .
[هزيمة الفرنج أمام التركمان عند بانياس]
وفي شعبان فصدت التُّركمان بانياس، فخرجت الفرنج والتقوا، فعمل السّيف في العدوّ، وانهزم مقدَّمُهم في نفرٍ يسير [5] .
[غارة الفرنج عَلَى البقاع]
وأغارت الفرنج عَلَى قُرى البقاع، فاستباحوها. فنهض عسكر من بَعْلَبَكّ وخلْق من رجال البقاع، فلحِقوا الفرنجَ وقد حبستهم الثّلوج، فقَتلوا خلْقًا من الفرنج، واستنقذوا الغنائم [6] .
[فتح أنطرطوس]
وافتتح نور الدّين أنْطَرَطُوس في آخرها [7] .
__________
[1] في الأصل: «سرخال» باللام، والتصحيح من: الروضتين 1/ 203.
[2] ذيل تاريخ دمشق 315، 316، كتاب الروضتين 1/ 203، مرآة الزمان ج 8، ق 1/ 210.
[3] ذيل تاريخ دمشق 316، كتاب الروضتين 1/ 207.
[4] ذيل تاريخ دمشق 317، كتاب الروضتين 1/ 208، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 211.
[5] ذيل تاريخ دمشق 317.
[6] ذيل تاريخ دمشق 317، 318، مرآة الزمان ج 8، ق 1/ 211، عيون التواريخ 12/ 443.
[7] ذيل تاريخ دمشق 318 (حوادث 547 هـ) .(37/32)
سنة سبع وأربعين وخمسمائة
[فتح أنطرطوس وغيرها]
جاءت الأخبار بافتتاح أنْطَرَطُوس وقتل من بِها من الفرنج، وأُمِّن بعضُهم وافتتح نور الدّين عدَّة حصون صِغار. وظفر أهل عسقلان بفرنج غزَّة وقتلوا [1] .
[دخول نور الدين دمشق]
ومن سنة سبع وأربعين وخمسمائة، في أوّلها قدِم شيركوه رسولا من نور الدّين، فنزل بظاهر دمشق في ألف فارس، فوقع الاستيحاش منه، ولم يخرجوا لتلقِّيه. وتردّدت المراسلات، ولم يتّفق حال. ثمّ أقبل نور الدّين في جيوشه، فنزل ببيت الآبار وزحف عَلَى البلد، فوقعت مناوشة، ثمّ زحف يوما آخر، فلمّا كَانَ في عاشر صفر باكَرَ الزَّحف، وتهيَّأ لصدْق الحرب، وبرز إِلَيْهِ عسكر البلد، ووقع الطِّراد، وحملوا من الجهة الشّرقيّة من عدّة أماكن، فاندفعوا بين أيديهم، حَتَّى قربوا من سور باب كيسان والدّبّاغة، وليس عَلَى السّور آدميّ، لسوء تدبير صاحب دمشق، غير نفرٍ يسير من الأتراك لا يعوَّل عليهم، فتسرَع بعض الرَّجّالة إلى السّور، وعليه يهوديَّة، فأرسلت إِلَيْهِ حَبْلًا، فصعِد فيه، وحصل عَلَى السّور، ولم يدرِ بِهِ أحد، وتبِعه مَن تَبِعه، ونصبوا علما وصاحوا: نور الدّين يا منصور.
فامتنع الْجُنْد والرّعيّة من الممانعة محبّة في نور الدّين، وبادر بعض قطّاعي الخشب بفأسه، فكسر قفل الباب الشّرقيّ، فدخل العسكر. وفتح باب توما، ودخل الجند، وثمّ دخل نور الدّين، وسرّ الخلق.
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق 318، تاريخ الزمان 168، كتاب الروضتين 1/ 215، 216، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 213، عيون التواريخ 12/ 453.(37/33)
ولمّا أحسّ مجير الدّين بالغَلَبَة، انهزم إلى القلعة، وطلب الأمان عَلَى نفسه وماله، ثمّ خرج إلى نور الدّين، فطيَّب قلبه، وتسرّع الغوغاء إلى سوق عليّ وغيره، فنهبوا، فنودي في البلد بالأمان.
وأخرج مجير الدّين ذخائره وأمواله من القلعة إلى الأتابكيَّة دار جَدّه، ثمّ تقدَّم إِلَيْهِ بعد أيّام بالمسير إلى حمص في خواصّه، وكتب لَهُ المنشور بها [1] .
[إطلاق بُزان من الاعتقال]
وقد كَانَ مجاهد الدّين بُزَان قد أُطلق يوم الفتح من الاعتقال، وأُعيد إلى داره [2] .
[وفاة ابن الصوفي]
ووصل الرئيس مؤيَّد الدّين المسيّب ابن الصُّوفيّ إلى دمشق متمرّضا، فمات ودُفن في داره. وفرح النّاس بهلاكه [3] .
[وفاة السلطان مسعود]
وفيها جاءت الأخبار بموت السّلطان مسعود بباب هَمَذَان.
وذكر ابن هُبيْرة في «الإفصاح» قَالَ: لمّا تطاول عَلَى المقتفي أصحابُ مسعود، وأساءوا الأدب، ولم يمكن المجاهرة بالمحاربة. اتّفق الرأي عَلَى الدّعاء عَلَيْهِ شهرا، كما دعا النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رِعْل وذكْوان شهرا [4] ، فابتدأ هُوَ والخليفة سرّا، كلّ واحدٍ في موضعه يدعو سَحَرًا، من ليلة تسعٍ وعشرين من جُمادى الأولى، واستمرّ الأمر كلّ ليلةٍ، فلمّا تكمّل الشّهر، مات مسعود عَلَى سريره، لم يزد عَلَى الشّهر يوما، ولا نقص يوما، فتبارك الله ربّ العالمين [5] .
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق 327، 328 (حوادث سنة 549 هـ) ، مفرّج الكروب 1/ 123، الدرّة المضيّة 561.
[2] ذيل تاريخ دمشق 329 (حوادث سنة 549 هـ.) .
[3] انظر عن موت ابن الصوفي في: ذيل تاريخ دمشق 329 (وفيه سنة 549 هـ.) ، وكتاب الروضتين 1/ 226.
[4] أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب غزوة الرجيع 5/ 42، 43، وانظر: المغازي لعروة 181، والمغازي من تاريخ الإسلام 239.
[5] انظر وفاة السلطان مسعود في: المنتظم 10/ 151 رقم 231 (18/ 88، 89 رقم 4180) ،(37/34)
[سلطنة ملك شاه]
واتّفق العسكر على سلطنة ملك شاه، وقام بأمره خاصّ بك. ثمّ إنّ خاصّ بك قبض على ملك شاه، وطلب أخاه محمدا من خُوزسْتان، فجاءه وسلَّم إِلَيْهِ السَّلْطَنة. فلمّا استقرّ قتل خاصّبك [1] .
[هرب شحنة بغداد]
وهرب شِحنةُ بغداد لمّا سَمِعَ بموت مسعود. وأمر الخليفة: أيّ مَن تخلَّفَ من الجّنْد عَن الخدمة أُبيح دمَه [2] .
[تدريس ابن النظام]
وأمر الخليفة ابن النّظام أن يمضي إلى مدرستهم، ويدرّس بها من جهة السّلطان [3] .
__________
[ () ] والإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني 218- 222، والكامل في التاريخ 11/ 160- 163، والتاريخ الباهر 105، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 319، وكتاب الروضتين 1/ 222، وزبدة التواريخ للحسيني 228- 230، وتاريخ دولة آل سلجوق 208، 209، وتاريخ مختصر الدول 208، وتاريخ الزمان 169، ووفيات الأعيان 5/ 200- 202، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 129، والمختصر في أخبار البشر 3/ 23، 24، ونهاية الأرب 27/ 52، والعبر 4/ 128، 147، وسير أعلام النبلاء 20/ 384- 386 رقم 259، ودول الإسلام 2/ 62، وتاريخ ابن الوردي 2/ 51، وعيون التواريخ 12/ 462- 464، والبداية والنهاية 12/ 230، ومرآة الجنان 3/ 285، 286، وتاريخ ابن خلدون 5/ 45، والسلوك للمقريزي ج 1 ق 1/ 34، والكواكب الدرّية 40، ومآثر الإنافة 2/ 37، والنجوم الزاهرة 5/ 303، وتاريخ الخلفاء 439، وشذرات الذهب 4/ 145، وأخبار الدول 274، والعراضة في الحكاية السلجوقية لليزدي (طبعة ليدن 1327 هـ. / 1909 م.) ص 128، وتاريخ ابن سباط 1/ 95، والسلاجقة للدكتور أحمد كمال الدين حلمي 75.
[1] انظر عن سلطنة محمد وقتله خاصّ بك في: الكامل في التاريخ 11/ 160- 162، والتاريخ الباهر 105، وكتاب الروضتين 1/ 222، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 208، والمنتظم 10/ 147 (18/ 83، 84) ، وتاريخ دولة آل سلجوق 209- 211، وزبدة التواريخ 237- 239، وراحة الصدور 372، وجامع التواريخ لرشيد الدين ج 5/ 141- 143، والمختصر في أخبار البشر 3/ 23، 24، ونهاية الأرب 27/ 52- 54، وتاريخ ابن الوردي 2/ 51، وعيون التواريخ 12/ 462، 463، وتاريخ ابن خلدون 3/ 516 و 5/ 69، ومآثر الإنافة 2/ 37، 38، والكواكب الدرّية 140، 141، وتاريخ ابن سباط 1/ 96، والبداية والنهاية 12/ 229.
[2] انظر عن هرب الشحنة في: المنتظم 10/ 147 (18/ 84) .
[3] انظر عن تدريس ابن النظام في: المنتظم 10/ 147 (18/ 84) .(37/35)
[القبض عَلَى الحَيْص بَيْص]
وقبضوا عَلَى الحَيْص بَيص، وأخرجوه من بيته حافيا مُهانًا، وحُبس في حَبس اللُّصوص [1] .
[ضرب أَبِي النجيب وحبْسه]
ثمّ أُحضِر الشّيخ أبو النجيب إلى باب النّوبيّ، وكُشِف رأسُه، وضُرِب خمسَ دِرَر، ثمّ حُبس [2] .
[أخْذُ البديع الصوفي]
ثمّ أُخذ البديع الصُّوفيّ الواعظ صاحب أَبِي النّجيب، واتُّهم بالرَّفْض، فَشُهِّر وصُفِع [3] .
[احتفالات بغداد بالخليفة]
وبلغَ الخليفةَ أنّ في نواحي واسط تخبيطا، فسار بعسكره وراءه النّاس، وسار إلى واسط، فرتّب بها شِحنةً، ثمّ مضى إلى الحِلَّة، والكوفة، ثمّ عاد إلى بغداد مؤيَّدًا منصورا، فغُلِّقت بغداد، وزيّنت، وعملت القباب، وعمل الذَّهبيّون بباب الخان العتيق قُبَّة، عليها صورة مسعود، وخاصّ بك، وعبّاس، بحَرَكاتٍ تدور، وعُملت قباب عديدة عَلَى هذا النّموذج. وانطلق أهل بغداد في اللّعب والخبال، واللَّهْو إلى يوم عيد النَّحْر [4] .
[ظهور الغوريَّة وامتلاكهم بلْخًا وغَزْنَة]
وفيها كَانَ خروج الغُوريَّة، وحاربهم السّلطان سَنْجَر. وملكهم حسين بْن حسين ملك جبال الغور، وهي من أعمال غَزْنَة. فأوّل ما ملكوا بلْخ، فقاتل سَنْجَر، وأسره وعفا عَنْهُ وأطلقه، فسار حسين إلى غَزْنَة، وملكها بهرام شاه بن مسعود بن إبراهيم بن مسعود بن محمود بْن سُبُكْتِكِين، فانهزم من غير قتال،
__________
[1] انظر عن حبس الحيص بيص في: المنتظم 10/ 147 (18/ 84) .
[2] انظر عن ضرب أبي النجيب في: المنتظم 10/ 147 (18/ 84) ، وعيون التواريخ 12/ 453.
[3] انظر عن أخذ البديع في: المنتظم 10/ 147 (18/ 84) .
[4] انظر احتفالات بغداد في: المنتظم 10/ 148، 149 (18/ 85) .(37/36)
وتسلّم علاء الدّين حسين الغوري غَزْنَة، واستعمل عليها أخاه سيف الدّين، وردّ إلى الغور. فلمّا جاء الشّتاء قدِم بهرام، وقام معه أهل غَزْنَة، فقبض عَلَى سيف الدّين وصَلَبَه [1] .
[وفاة بهرام شاه]
ثمّ لم يلبث بهرام شاه أن مات [2] .
[تلقُّب علاء الدين بالسلطان المعظّم]
فأقاموا بعده ولده خسرو شاه، فقصده علاء الدّين حسين، فهرب منه إلى الهاوور سنة خمسين، وملك علاء الدّين غَزْنَة، ونهبها ثلاثة أيّام، وقتل جماعة وبدّع، وتلقّب بالسّلطان المعظَّم. وشال الجتْرَ فوق رأسه عَلَى عادة السّلاطين السَّلْجوقيَّة، واستعمل ابنَيْ أخيه، وهما غياث الدّين أبو الفتح محمد بْن سام، وأخوه السّلطان شهاب الدّين أبو المظفّر محمد، فأحسنا السّيرة في الرَّعية، وأحبّهما النّاس، وانتشر ذكرها، وطال عُمرهما، وملكا البلاد.
[عصيان ابني الأخ عَلَى السلطان]
وأوّل أمرهما أنّهما أظهرا عصيان عمّهما، فبعث إليهما جيشا فهزموه، فسار بنفسه إليهما والتقوا، فأسر عمّهما علاء الدّين فأحسانا إِلَيْهِ، وأجلساه عَلَى التَّخْت، ووقفا في الخدمة، فبكى وقال: هذان صبيّان فعلا ما لو قدرت عَلَيْهِ منهما لم أفعلْه. وزوَّجَ غياثَ الدّين بابنته، وفوَّض إِلَيْهِ الأمورَ من بعده، فلمّا مات استقلّ غياث الدّين بالملك.
ثمّ ملكت الغُزّ غَزْنَة خمس عشرة سنة، وعسفوا وظلموا مدَّة، ثمّ حاربهم غياث الدّين ونُصِر عليهم فافتتح البلاد، وأحسن، وعدل [3] .
وكانت الغُزّ تركمان ما وراء النّهر.
__________
[1] انظر عن ظهور الغوريّة في: الكامل في التاريخ 1/ 164- 170، والمختصر في أخبار البشر 3/ 24، ودول الإسلام 2/ 62، وتاريخ ابن سباط 1/ 97، والبداية والنهاية 12/ 229، وتاريخ ابن الوردي 2/ 51، 52.
[2] المختصر في أخبار البشر 3/ 24، 27، البداية والنهاية 12/ 229.
[3] المختصر في أخبار البشر 3/ 25، 26، دول الإسلام 2/ 62.(37/37)
[رواية ابن الأثير عَن الغُزّ]
قَالَ ابن الأثير: لمّا تملّكت الخِطَا ما وراء النَّهر، طردوا الغُزّ، فنزلوا بنواحي بلْخ عَلَى مراعيها، واسم مقدَّميهم: دينار، وبختيار، وطوطي، وأرسلان، وجقر، ومحمود، فأراد قُماج نائب سَنْجَر عَلَى بلْخ إبعادهم، فصانعوه، وبذلوا لَهُ مالا، وأقاموا عَلَى حالةٍ حسنة لا يُؤْذون ويقيمون الصّلاة، ويؤتون الزّكاة. ثمّ عاودهم قماج، وأمرهم بالترَّحُّل، فامتنعوا وتجمّعوا، فخرج قماج إليهم في عشرة آلاف، فهزموه، ونهبوا عسكره وأمواله، وأكثروا القتل في العسكر والرّعايا، وأسروا النّساء والأطفال، وقتلوا الفُقهاء، وعملوا العظائم، وخرّبوا المدارس، وانهزم قماج إلى مَرْو.
وأرسل السّلطان سَنْجَر يتهدّدهم، فاعتذروا، وبذل لَهُ مالا، فلم يُجِبْهم، وجمع عساكر من النّواحي، فاجتمع معه ما يلزمه عَلَى مائة ألف فارس، والتقاهم فهزموه، وتبِعوا عسكره قتْلًا وأسْرًا، فصارت قتلى العسكر كالتّلال.
وَقُتِلَ الأمير علاء الدّين قماج وأُسِر السّلطان وجماعة من أمرائه، فضربوا رقاب الأمراء. ونزل أمراء الغُزّ، فقبّلوا الأرض بين يدي سَنْجَر، وقالوا: نَحْنُ عبيدك، ولا نخرج عن طاعتك، مفقد علِمنا أنّك لم تُرِدْ قتالنا، وإنّما حُمِلتَ عَلَيْهِ، فأنت السّلطان، ونحن العبيد، فمضى عَلَى ذَلكَ شهران أو ثلاثة، ودخلوا معه إلى مرْو، وهي كرسيّ المُلْك، فطلبها منه بختيار إقطاعا، فقال: هذه دار المُلْك، لا ينبغي أن يكون إقطاعا لأحد. [1] فصفا لَهُ وأخذه، فلمّا رأى ذلك، ونزل عَنْ سريره، ثمّ دخل خانكاه مرْو، وتاب من الملك، واستولى الغُزّ عَلَى البلاد، وظهر من جورهم ما لم يُسمع بمثله، وولّوا عَلَى نَيْسابور واليا، فعلّق في السّوق ثلاث غرائر، وقال: أريد ملء هذه ذَهَبًا، فثار عَلَيْهِ العامَّة فقتلوه، وقَتلوا من معه، فركبت الغُزّ، ودخلوا بلد نَيْسابور، ونهبوها، وقتلوا الكبار والصّغار، وأحرقوها، وقتلوا القُضاة والعلماء في البلاد كلّها. ويتعذَّر وصْفُ ما جرى منهم عَلَى تِلْكَ البلاد، ولم يسلم منهم شيء سوى هراة ودهستان، فامتنعت بحصانتها.
__________
[1] في الكامل في التاريخ 11/ 164 وما بعدها.(37/38)
[قصَّة الغزّ برواية أخرى]
وساق بعضُهم قصَّة الغُزّ وفيها طُول.
قَالَ: وفارق السّلطان سَنْجَر جميعُ أمراء خُراسان، ووزيرهُ طاهرُ بْن فخر المُلْك بْن نظام المُلْك، ولم يبق غيرُ نَفَر يسيرٍ من خواصّه [1] ، فلمّا وصلت الأمراء إلى نَيْسابور، أحضروا سليمان شاه بْن محمد ملك شاه، فدخل نيسابور في جُمادَى الآخرة من سنة ثمانٍ وأربعين، وخطبوا لَهُ بالسَّلطنة، وساروا فوَاقعوا الغُزّ، وقتلوا منهم مقتلة. فتجمّعت الغُزّ للمصافّ، فلمّا التقى الْجَمْعان انهزم الخُراسانيّون يقصدون نَيْسابور، وتبِعَتْهم الغُزّ، ودخلوا طُوس، فاستباحوها قتْلًا وسبْيًا، وقتلوا إمامها محمد المارشكيّ، ونقيب العلويّين عليّا المُوسَويّ، وخطيبها إسماعيل بْن عبد المحسّن، وشيخ الشّيوخ محمد بْن محمد. ووصلوا إلى نَيْسابور سنة تسع وأربعين في شوّال، فلم يجدوا دونها مانعا، فنهبوها نهبا، وقتلوا أهلها، حتّى أنّه أُحْصيَ في محلّتين خمسة عشر ألف قتيل.
وكانوا يطلبون من الرجال المالَ، فإذا أعطاهم المال قتلوه. وقتلوا الفقيه محمد بْن يحيى الشّافعيّ، ورثاه جماعة من العلماء، وممّن قُتِلَ الشّيخ عبد الرحمن بْن عبد الصّمد الأكّاف الزّاهد، وأحمد بْن الحسن، والكاتب سِبْط القُشَيْريّ، وأبو البركات بْن الفُرَاويّ، والفقيه الصّبّاغ أحد المتكلّمين، وأحمد بْن محمد بْن حامد، وعبد الوهّاب المُولْقاباذيّ، والقاضي صاعد بْن عبد الملك بْن صاعد، والحسين بْن عبد الحميد الرّازيّ، وخلْق.
وأحرقوا ما بها من خزائن الكُتُب، فلم يسْلَم إلّا بعضُها، وفعلوا ما لا يفعله الكُفّار، وانحلّ أمر السّلطان بالكُلّية، فاجتمع الأمراء، وراسلوا محمود بْن محمد ابن أخت السّلطان سَنْجَر، وخطبوا لَهُ بخُراسان، وأحضروه وملّكوه، وانقادوا لَهُ في شوّال سنة تسعٍ. وساروا معه إلى الغُزّ، وهم يحاصرون هَرَاة، فَجَرت بينهم حروب في أكثرها الظَّفَر للغُزّ. وكان لسَنْجَر مملوك أي أَبَه، ولَقَبُه المؤيَّد، استولى عَلَى نَيْسابور، وطوس، ونَسَا، وأَبِيوَرْد، وأزاح الغزّ، وقتل منهم
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق 325.(37/39)
خلْقًا، وأحسن السّيرة، وعظُم شأنُه، وكُثر جَمْعُه، والتزم بحمل مالٍ إلى خاقان محمود بْن محمد بن أخت سَنْجَر.
[أخذ الفرنج عسقلان]
قَالَ ابن الأثير [1] : وفيها أخذت الفرنج عسقلان، وكانت للظّاهر باللَّه وكان الفرنج كلّ سنةٍ يقصدونها ويحضرونها المصريّون، يرسلون إليها الأسلحة والذّخائر والأموال. فلمّا قُتِلَ ابن السّلار في هذا العام اغتنم الفرنج اشتغالَ المصريّين، ونازلوها، وجدّوا في حصارها، فخرج المسلمون وقاتلوهم وطردوهم، فأيسوا مِن أخْذها، وعزموا عَلَى الرحيل عَنْهَا، فأتاهم الخبر بأنّ أهلها قد اختلفوا، وذلك لأنّهم لمّا قهروا الفرنج داخَلَهُم العجب، وادعى كلّ طائفة أنّ النُّصْرة عَلَى يده، ووقع بينهم خصامٌ عَلَى ذَلكَ، حتّى قُتِلَ بينهم رَجُل، فعظُمت الفتنة، وتفاقم الشّرّ، وتجادلوا، فقُتل بينهم جماعة، وزحفت الفرنج في الحال، فلم يكن عَلَى السّور من يمنعهم، فملكوا البلد، [2] فإنّا للَّه وإنا إليه راجعون.
__________
[1] في الكامل في التاريخ 11/ 188، 189 (حوادث سنة 548 هـ) .
[2] تاريخ الزمان 168 و 169، كتاب الروضتين 1/ 223.(37/40)
سنة ثمان وأربعين وخمسمائة
[خروج الغُزّ عَلَى السلطان سنجر]
فيها خرجت التُّرك عَلَى السّلطان سَنْجَر، وهم الغُزّ، يدينون بالإسلام في الجملة، ويفعلون فِعل التّتار. وكان بينهم ملحمة عظيمة، فكُسِر سَنْجَر، واستُبيح عسكره قتْلًا وأسْرًا، ثمّ هجمت الغُزّ نَيْسابور، فَقُتِلَ معظم من فيها من المسلمين، ثمّ ساروا إلى بلْخ، فملكوا البلد، وكانت عدّتهم فيما قِيلَ مائة ألف خرْكاه. ثمّ أسروا سَنْجَر وأحاطوا بِهِ، وذاق الذّلّ، وملكوا بلاده، وبَتّوا الخطبة باسمه وقالوا: أنت السّلطان ونحن أجنادُك، ولو أمِنَّا إليك لمكّناك من الأمر، وبقي معهم صورة بلا معنى [1] .
[محاصرة عسكر المقتفي تكريت]
وبعث المقتفي عسكرا يحاصرون، تِكْريت، فاختلفوا، وخامر ترشك المقتفويّ، واتّفق مَعَ متولّي تِكْريت، وسلكوا درْب خُراسان، ونهبوا وعاثوا، فخرج الخليفة لدفْعهم، فهربوا، فسار إلى تِكْريت، وشاهد القلعة ورجع، ثمّ برز السّرادق للانحدار إلى واسط لدفع ملك شاه، فانهزم إلى خوزستان، فنزل
__________
[1] انظر عن خروج الغزّ على السلطان سنجر في: المنتظم 10/ 152 (18/ 90) ، وذيل تاريخ دمشق 325، والكامل في التاريخ 11/ 176 وما بعدها، وزبدة التواريخ للحسيني 230- 232، وحبيب السير 2/ 511، والمختصر في أخبار البشر 3/ 26، 27، ودول الإسلام 2/ 63، والعبر 4/ 128، وتاريخ ابن الوردي 2/ 53، وعيون التواريخ 12/ 465، ومرآة الجنان 3/ 286، والبداية والنهاية 12/ 230، 231، وراحة الصدور 177- 181، وتاريخ ابن خلدون 5/ 70، 71، والكواكب الدّرية 141، 143، وتاريخ ابن سباط 1/ 98، وتاريخ الخلفاء 440.(37/41)
الخليفة بظاهر واسط أيّاما، ورجع إلى بغداد [1] .
[نجاة الوزير ابن هُبيرة من الغرق]
وسلِم يوم دخوله الوزير ابن هُبَيْرة من الغَرَق، وانفلقت السّفينة الّتي كَانَ فيها، وغاصوا في الماء، فأعطى للّذي استنقذه ثيابه، ووقّع لَهُ بذَهَبٍ كثير [2] .
[مقتل ابن السلار]
وفيها قُتِلَ العادل عليّ بْن السّلار بمصر [3] .
[تسلُّم الغوريّ هَرَاة]
وفيها حاصر الملك غياث الدّين الغُوريّ مدينة هَرَاة، وتسلّمها بالأمان، وكانت للسّلطان سَنْجَر [4] .
[إصابة شهاب الدين الغوري أمام الهند]
وفيها سار شهاب الدّين الغُوريّ أخو غياث الدّين، فافتتح مدينة من الهند، فتحزَّبت عَلَيْهِ ملوك الهند، وجاءوا في جيشٍ عرمرم، فالتقوا، فانكسر المسلمون. وجاءت شهابَ الدّين ضربةٌ في يده اليُسرى بطُلت منها، وجاءته ضربةٌ أخرى عَلَى رأسه فسقط. وحَجَزَ اللّيل بين الفريقين، والتُمس شهاب الدّين بين القتلى، فحمله أصحابه ونجوا بِهِ، فغضب عَلَى أُمرائه لكونهم انهزموا، وملأ لكلّ واحدٍ منهم مِخْلاة شعير، وحلف لئن [5] لم يأكلوا ليضربنّ
__________
[1] انظر محاصرة تكريت في: المنتظم 10/ 153 (18/ 90) ، والكامل في التاريخ 11/ 189، والعبر 4/ 129.
[2] انظر عن ابن هبيرة في: المنتظم 10/ 153 (18/ 91) .
[3] انظر عن قتل ابن السلار في: ذيل تاريخ دمشق 319، 320، ونزهة المقلتين 64، وأخبار الدول المنقطعة 104، وأخبار مصر لابن ميسّر 2/ 92، ونهاية الأرب 28/ 314، وكتاب الروضتين 1/ 226، 227، والمختصر في أخبار البشر 3/ 27، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 214، وتاريخ ابن الوردي 2/ 54، واتعاظ الحنفا 2/ 205، والنجوم الزاهرة 5/ 288، والدرّة المضيّة 553.
[4] العبر 4/ 129، دول الإسلام 2/ 63.
[5] في الأصل: «لأن» .(37/42)
أعناقهم، فأكلوا بعد الْجَهْد. ثمّ نجده أخوه بجيشٍ ثقيل، فالتقى الهندَ ونُصِر عليهم [1] .
[رواية ابن الأثير عَنْ محاربة الهنود لشهاب الدين]
قَالَ ابن الأثير [2] : عاد الهنود، وسارت ملكتهم في عددٍ يضيق عَنْهُ الفضاء، فراسلها شهاب الدّين الغوريّ بأنّه بتزوّجها، فأبت، فبعث يخادعها، وحفظ الهنود المخاضات. فأتى هنديّ إلى شهاب الدّين، فذكر أنّه يعرف مخاضة، فجهَّز جيشا عليهم حسين بْن حرملك الغوريّ الّذي صار صاحب هَرَاة بعد.
وكان شجاعا مذكورا. فسَاروا مَعَ الهنديّ، وكبسوا الهنود، ووضعوا فيهم السّيف، واشتغل الموكّلون بحفْظ المخاضات، فعبر شهاب الدّين في العسكر، وأكثروا القتل في الهنود، ولم ينج منهم إلّا من عجز المسلمون عَنْهُ. وقُتِلت ملكتهم. وتمكّن شهاب الدّين من بلاد الهند، والتزموا لَهُ بحمل الأموال وصالحوه. وأقطع مملوكه قُطْب الدّين أَيْبَك مدينة دهلي، وهي كرسيّ مملكة الهند، وجهّز جيشا، فافتتحوا مواضع ما وصل إليها مسلمٌ قبل، حتّى قاربوا لجهة الصّين [3] .
[تسلّم مجير الدين مفاتيح صرْخد]
ومن سنة ثمانٍ وأربعين، وفي صفر توجّه صاحب دمشق مُجير الدّين، ومعه مؤيَّد الدّين الوزير، فنازل بُصْرى لمخالفته وجوره عَلَى أهل النّاحية، وسلّم إِلَيْهِ مجاهد الدّين مفاتيح صَرْخَد، فأعطاه جملة. ثمّ صالحة سرخَاك نائب بُصْرَى.
[أخْذ الفرنج عسقلان]
وجاءت الأخبار بأنّ نور الدّين يجمع الجيوش للغزو، وليكشف عَنْ أهل عسقلان، فإنّ الفرنج نزلوا عليها في جمْعٍ عظيم، فتوجّه مُجير الدّين صاحب دمشق إلى خدمة نور الدّين، واجتمع بِهِ في أمر الجهاد، وساروا إلى بانياس،
__________
[1] الكامل في التاريخ 11/ 172، 173، العبر 4/ 129، دول الإسلام 2/ 63، 64.
[2] في الكامل في التاريخ 11/ 171 وما بعدها.
[3] الكامل 11/ 171، 172، دول الإسلام 2/ 64.(37/43)
فبلغهم أخُذُ عسقلان وتخاذُل أهلها واختلافهم [1] .
[الوزارة بدمشق]
وقد مرّ شرح حال الرئيس وتمكَنه من وزارة دمشق، فعرض الآن بينه وبين أخويه عزّ الدّولة وزين الدّولة مشاحنات وشرّ أفضى إلى اجتماعهما بمجير الدّين صاحب دمشق، فأنفذ يستدعي الرئيس للإصلاح بينهم، فامتنع، فآلت الحال إلى أن تمكّن زين الدّولة منه بإعانة مُجير الدّين عَلَيْهِ، فتقرّر بينهما إخراج الرئيس من دمشق، وجماعته إلى قلعة صَرْخد مَعَ مجاهد الدّين بُزان، وتقلّد زين الدّولة الوزارة. فلم يلبث إلّا أشهرا، فظلم فيها وعسف، إلى أن ضرب عنقَه مجيرُ الدّين، وردّ أمرَ الرئاسة والنّظر في البلد إلى الرئيس رضيّ الدّين أَبِي غالب بْن عبد المنعم بْن محمد بْن راشد بْن عليّ التّميميّ.
فاستبشر النّاس قاطبة.
[الغلاء بدمشق]
وكان الغلاء بدمشق شديد، بلغت الغرارة خمسة وعشرين دينارا، ومات الفقراء عَلَى الطُّرُق، فعزم نور الدّين عَلَى منازلتها، وطمع لهذه الحال في تملُّكها [2] .
[رئاسة رضيّ الدين التميمي]
وأمّا رضِيّ الدّين التّميميّ، فإنّه طُلِب إلى القلعة، وشُرف بالخِلَع
__________
[1] انظر عن أخذ الفرنج عسقلان في: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 321، 322، والاعتبار لابن منقذ 16، 17، وكتاب الروضتين 1/ 223- 225، والكامل في التاريخ 11/ 188، 189، وتاريخ مختصر الدول 208، وتاريخ الزمان 169، ومفرّج الكروب 1/ 126 (حوادث 547 هـ) ، وزبدة الحلب 2/ 303، والأعلاق الخطيرة 2/ 261، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 215، والمختصر في أخبار البشر 3/ 27، والدرّة المضيّة 548، 549 و 562، 563، ودول الإسلام 2/ 63، ومرآة الجنان 3/ 286، والبداية والنهاية 12/ 231، وتاريخ ابن الوردي 2/ 54، وتاريخ ابن سباط 1/ 98، 99، واتعاظ الحنفا 2/ 206، و 209، وقطف الأزهار من الخطط والآثار لأبي السرور (مخطوطة المكتبة الأهلية بباريس رقم 1765) ورقة 3 أ، والإعلام والتبيين للحريري 27.
[2] ذيل تاريخ دمشق 325، 326.(37/44)
المكمد، والمركوب بالسّخت، والسّيف المحلّى، والتَّرس، وركب معه الخواصّ إلى داره، وكُتِب لَهُ التّقليد، ولُقِّب بالرئيس، الأجلّ، وجيه الدّولة، شرف الرؤساء [1] .
[قتْل متولّي بعلبَكّ]
ونفذ مجير الدّين إلى بَعْلَبَكّ، فاعتقل وقيَّد متولّيها عطاء الخادم، وكان جبّارا، ظالما، غشوما، فسُرَّت بمصرعه النفوس، ونُهبت حواصله، ثمّ ضربت عنقه [2] .
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق 326 وفيه: «ولقّب بالرئيس الأجلّ، رضيّ الدين، وجيه الدولة، سديد الملك، فخر الكفاة، عزّ المعالي، شرف الرؤساء» .
[2] ذيل تاريخ دمشق 326.(37/45)
سنة تسع وأربعين وخمسمائة
[حصار تكريت]
فيها نفذ الخليفة عسكرا، فما أخذوا تِكْريت بعد حصار ومجانيق وتعب، وَقُتِلَ من الفريقين عدَّة، ثمّ رَأَى الخليفة أنّ أخْذها يطول، فرجع بعد أن نازلَها مدَّةَ أيّام. ثمّ بعد شهر عرض جيشه، فكانوا ستَّة آلاف، فجهّزهم لحصارها مَعَ الوزير ابن هبيرة، وأنفق في الجيش نحو ثلاثمائة ألف دينار، سوى الإقامة، فإنّها كانت تزيد عَلَى ألف كرّ، فوصل الخبر بأنّ مسعود بلال جاء في عسكرٍ عظيم إلى شهرابان، ونهبوا النّاس. وطلب ابن هُبيرة للخروج إليهم [1] .
[موقعة الخليفة والسلطان]
وكان مسعود بلال [2] وألْبقش قد اجتمعا بالسّلطان محمد، وحثّاه عَلَى قصْد العراق، فلم يتهيّأ لَهُ، فاستأذناه في التّقدُّم أمامه، فأذِن لهما، فجمعا خلْقًا من التُّركمان ونزلا في طريق خُراسان، فخرج الخليفة إليهما، فتنازلوا [3] ثمانية عشر يوما، وتحصّن التُّركمان بالخركاوات والمواشي. ثمّ كانت الوقعة في سلْخ رجب، فانهزمت ميسرة الخليفة وبعض القلب، كسرهم مسعود الخادم، وتُرْشك. وثبت الخليفة، وضربوا عَلَى خزائنه، وقتلوا خازنه يحيى بْن يوسف
__________
[1] انظر عن محاصرة تكريت في: المنتظم 10/ 156 (18/ 95) ، والكامل في التاريخ 11/ 194، وتاريخ الزمان 170، والمختصر في أخبار البشر 3/ 29، ودول الإسلام 2/ 64، 65، والعبر 4/ 134، 135، وعيون التواريخ 12/ 487، وتاريخ ابن الوردي 2/ 55، ومرآة الجنان 3/ 292، وتاريخ ابن سباط 1/ 100.
[2] في زبدة التواريخ 243: «مسعود البلالي» .
[3] في المنتظم 10/ 156: «فتلازموا» .(37/46)
الْجَزَريّ، فجاء منكورس [1] ، وأمير آخر، فقبّلا الأرض، وقالا: يا مولانا، ثبت علينا ساعة حتّى نحمل. فقال: لا والله إلّا معكما. ورفع الطّرحة، وجذب السّيف، ولبس الحديد هُوَ وولّى العهد وكُبّرا، وصاح الخليفة: يالَ مُضَر، كذب الشّيطان وفرّ، وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ 33: 25 [2] ثلاثة. فحمل العسكر بحملته [3] ، ووقع القتْل، حتّى سُمِع وقْع السّيوف كوقْع المطارق عَلَى السّنادين، وانهزم القوم وسُبِيَ التّركمان، وأُخِذت مواشيهم وخَيْلهم، فقيل: كانت الغنم أربعمائة ألف رأس، وبيعت كلّ ثمانين بدانق [4] .
ثمّ نُودي بردّ من سُبيَ من أولادهم، وأخذ ألْبقشُ أرسلان شاه بْن طُغْرُل، وهرب بِهِ إلى بلده، وانهزم تُرْشك، ومسعود الخادم إلى القلعة. ثمّ أغارا بعد أيّامٍ عَلَى واسط، ونهبوا ما يختصّ بالوزير ابن هبيرة فر [جع] الخليفة إلى القتال، فخرج بالعسكر، فانهزم العدوّ، فأدركهم، ونهب منهم، وعاد منصورا، فخلع عَلَيْهِ الخليفة، ولَقَّبه: سلطان العراق، ملك الجيوش. وعرض الجيش في أُبَّهَة كاملة [5] .
[زلزلة بغداد]
ولمّا كَانَ يوم الفِطْر، جاء مطرٌ، ورعدٌ، وبرق، وزُلْزِلت بغداد من شدَّة الرّعد. ووقعت صواعق، منها صاعقة في التّاج المسترشديّ [6] .
[موت ألبقش]
وجاءت الأخبار بمجيء محمد شاه، وبإيفاده إلى عسكر الموصل
__________
[1] في المنتظم: «منكوبرس» ، وكذلك في زبدة التواريخ 245.
[2] سورة الأحزاب، الآية: 25.
[3] في المنتظم: «بجملته» .
[4] في الأصل: «بداق» ، وفي المنتظم: «كل كبش بدانق» ، وكذلك في: الكامل في التاريخ 11/ 195.
[5] انظر عن الموقعة في: المنتظم 10/ 156، 157 (18/ 95- 97) ، والكامل في التاريخ 11/ 195، 196، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 229، 230، وتاريخ الزمان 170، 171، ودول الإسلام 2/ 65، وزبدة التواريخ 242، 246، ومرآة الجنان 3/ 292.
[6] انظر عن الزلزلة في: المنتظم 10/ 157 (18/ 97) .(37/47)
يستنجدهم، وإلى مسعود بلال صاحب تِكْريت يستنجد بِهِ، فأخرج الخليفة سُرَادقه، واستعرض الجيش، فزادوا عَلَى اثني عشر ألف فارس، فجاء الخبر بموت ألْبقش، فضعُف محمد شاه وبَطَل، فتسحّب جماعة من أمرائه، ولجئوا إلى الخليفة. وحصل الأمن [1] .
[التجريد إلى همذان]
ثمّ جرّد الخليفة ألفي فارس إلى جهة همذان [2] .
[ظهور دم بنواحي واسط]
وفيها حديث بنواحي واسط ظهورُ دمٍ من الأرض، لا يُعلم لَهُ سبب [3] .
[حال السلطان سنجر في الأسر]
وجاءت الأخبار أنّ السّلطان سَنْجَر تحت الأسر وتحت حكْميَّة الغُزّ، وله اسم السّلطنة، وراتبه في قدْر راتب سائسٍ من سيّاسه، وأنّه يبكي عَلَى نفسه [4] .
[دخول الغُزّ مرو]
ودخلت الغُزّ مرو وغيرها، فقتلوا خلْقًا، ونهبوا، وبدّعوا [5] .
[مقتل الظافر العُبَيديّ]
وفيها قُتِلَ بمصر خليفتُها الظّافر باللَّه العُبَيْديّ وهو شابّ، وأقاموا الفائز صبيّا صغيرا، ووهى أمر المصريّين [6] .
__________
[1] انظر عن موت ألبقش في: المنتظم 10/ 158 (18/ 97) ، والعبر 4/ 35، وزبدة التواريخ 246.
[2] انظر تجريدة همذان في: المنتظم 10/ 158 (18/ 98) .
[3] انظر عن الدم في: المنتظم 10/ 158 (18/ 98) .
[4] انظر عن أسر سنجر في: المنتظم 10/ 158، 159 (18/ 98) ، والعبر 4/ 135.
[5] دول الإسلام 2/ 65.
[6] انظر عن مقتل الظافر في: ذيل تاريخ دمشق 329، والمنتظم 10/ 158 (18/ 98) ، والاعتبار لابن منقذ 7- 9، 18، 21، 28، والكامل في التاريخ 11/ 191، 192، وتاريخ مختصر الدول 208، وتاريخ الزمان 170، وكتاب الروضتين 1/ 243، وأخبار مصر لابن ميسّر 2/ 92، 93، وأخبار الدول المنقطعة 106، والمختصر في أخبار البشر 3/ 28، ونهاية الأرب(37/48)
[ولاية نور الدين مصر]
فكتب المقتفي لأمر اللَّه عهدا لنور الدّين محمود بْن زنْكيّ، وولّاه مصر، وأمره بالمسير إليها، وكان مشغولا بحرب الفرنج، وهو لا يفتر من الجهاد، وما له إلّا أيّاما قد تملّك دمشق في صَفَر، وأخذها من صاحبها مجير الدّين أبق بْن محمد بْن بوري بْن طُغْتِكين.
[أخْذ نور الدين دمشق]
وكانت الفرنج قد ملكوا عسقلان، وطمعوا في دمشق، حتّى أنّهم استعرضوا مَن بها مِن الرّقيق، فمن أراد المُقام تركوه، ومن أراد العَوْد إلى وطنه أُخِذ قهرا من مالكه. وكان لهم عَلَى أهلها كلّ سنة قطيعة، فتجيء رُسُلُهم ويأخذون من النّاس. فراسل نور الدّين مالكها مجير الدّين واستماله، وواصَلَه بالهدايا، وأظهر لَهُ المودَّة حتّى رَكَن إِلَيْهِ، وكان يرسل إِلَيْهِ أنّ فلانا قد بعث إليَّ وكاتبني في تسلُّم دمشق فاحْذَرُه. فكان مجير الدّين يقبض عَلَى ذَلكَ الرجل، ويقطع خبره، إلى أن قبض عَلَى نائبة عطاء بْن حَفّاظ وقتله.
وكان نور الدّين لا يتمكّن مَعَ وجود عطاء من أخْذ دمشق. ثمّ كاتب نور الدّين مَن بدمشق من الأحداث، واستمالهم، ووعدهم، ومنّاهم، فوعدوه بأن يسلّموا إِلَيْهِ البلد، فلمّا وصل نور الدّين إلى دمشق بعث مجير [1] الدّين يستنجد بالفرنج، فتسلّم نور الدّين البلد من قبل أن يَقْدَمُوا، وذلك أنّ نور الدّين حاصرها، فسلّم إِلَيْهِ أهل البلد من ناحية الباب الشّرقيّ، وحصر مجير الدّين في القلعة، وبذل لَهُ إنْ سلّم القلعةَ بلدَ حمص، فنزل، فلمّا سار إلى حمص أعطاه
__________
[28] / 315، 316، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 223، والنجوم الزاهرة في حلى حضرة القاهرة 90، 92، والعبر 4/ 136، ودول الإسلام 2/ 65، وتاريخ ابن الوردي 2/ 55، والدرّة المضيّة 562، 563- 565، 566، وعيون التواريخ 12/ 480، 484، 485، ومرآة الجنان 3/ 295، والكواكب الدرّية 146، ومآثر الإنافة 2/ 39، واتعاظ الحنفا 3/ 324- 327، والنجوم الزاهرة 5/ 306- 308، وتحفة الأحباب للسخاوي 73، 311، وحسن المحاضرة 2/ 16، وتاريخ الخلفاء 440، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 228، وتاريخ ابن سباط 1/ 100.
[1] في الأصل: «نور» وهو وهم.(37/49)
عِوَضَها بالِس، فغضب ولم يرض بها، وسار إلى بغداد، فبقي بها مدَّةً، وبنى بها دارا فاخرة بقرب النّظاميَّة [1] .
[انهزام الإسماعيلية أمام الخراسانيين]
وفيها ثارت الإسماعيليَّة، واجتمعوا في سبعة آلاف مقاتل من بين فارسٍ وراجل، وقصدوا خُراسان ليملكوها عند ما ينزل بها من الغُزّ، فتجمَع لهم أمراء من جُنْد خُراسان، ووقع المصافّ، فهزم اللَّه الإسماعيليّة، وقتل رءوسهم وأعيانهم، ولم ينج منهم إلّا الأقلّ. وخَلَت قَلاعهم مِن الحُماة. ولولا أنّ عسكر خُراسان كانوا مشغولين بالغُزّ لَمَلكوا حصونهم، واستأصلوا شأفتهم [2] .
__________
[1] انظر عن ملك نور الدين دمشق في: ذيل تاريخ دمشق 327- 329، والتاريخ الباهر 106- 108، والكامل في التاريخ 11/ 197، 198، وزبدة الحلب 2/ 304، 305، والأعلاق الخطيرة 2/ 47، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 220، 221، ومفرّج الكروب لابن واصل 1/ 304 وفيه أن نور الدين أخذ دمشق سنة 547 هـ. وكذا في: الدرّة المضيّة 561 وهو غلط، وتاريخ مختصر الدول 208، والمختصر في أخبار البشر 3/ 29، وعيون التواريخ 12/ 478، 479، ونهاية الأرب 27/ 160، 161، ومرآة الجنان 3/ 295، والعبر 4/ 135، 136، ودول الإسلام 2/ 65، والبداية والنهاية 12/ 231، 232، والكواكب الدرّية 144- 146، وتاريخ ابن الوردي 2/ 55، وتاريخ ابن خلدون 5/ 241، 242، وتاريخ ابن سباط 1/ 100، 101، واتعاظ الحنفا 2/ 210.
[2] دول الإسلام 2/ 66، 67 (حوادث سنة 550 هـ) .(37/50)
سنة خمسين وخمسمائة
[دخول الغُزّ نيسابور]
من أوّلها جاءت الأخبار إلى بغداد بدخول الغُزّ التّركُمان نيْسابور، والفتْك بأهلها، فقتلوا بها نحْوًا من ثلاثين ألفا، وكان سنجر معهم، وعليه اسم السّلْطَنَة، وهو في غاية الإهانة بين الغُزّ، ولقد أراد يوما أن يركب، فلم يجد من يحمل سلاحه، فشدّه عَلَى وسَطَه، وإذا قُدّم إِلَيْهِ الطّعام خبّأ منه شيئا لوقت آخر، خوفا من انقطاعه عنه [1] .
[الواقعة بين عسكر التركماني وعسكر الخليفة]
كانت وقعة بين العسكر التُّركمانيّ وبين عسكر الخليفة، فهزموه وتبِعوه، ثمّ خرج لهم كمينٌ فهزمهم، ثمّ أذعن بطاعة الخليفة، وأطلق الأسرى [2] .
[دخول المقتفي الكوفة]
وفيها سار المقتفي إلى الكوفة، واجتاز في سوقها، ودخل جامعها [3] .
[مسير ابن رزّيك إلى القاهرة]
وفي أوّلها سار الصّالح طلائع بْن رُزّيك من الصّعيد عَلَى قصْد القاهرة للانتقام من عبّاس صاحب مصر الّذي قتل الظّافر باللَّه. فلمّا سمع مجيئه خرج
__________
[1] انظر عن دخول الغزّ نيسابور في: المنتظم 10/ 161 (18/ 101) ، والكامل في التاريخ 11/ 201، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 224، والمختصر في أخبار البشر 3/ 29، وتاريخ ابن الوردي 2/ 56، وعيون التواريخ 12/ 465، و 478، وتاريخ ابن سباط 1/ 102.
[2] انظر الوقعة في: المنتظم 10/ 161 (18/ 101) .
[3] المنتظم 10/ 161 (18/ 102) ، العبر 4/ 139، دول الإسلام 2/ 66.(37/51)
من مصر لقلَّة مَن بقي معه مِن الْجَنْد، وسار نحو الشّام بما معه من الأموال والتُّحف الّتي لا تُحصى، لأنّه كَانَ قد استولى عَلَى القصر، وتحكّم في ذخائره ونفائسه [1] .
[قتل الفرنج صاحب مصر]
فخرجت عَلَيْهِ الفرنج من عسقلان، فقاتلوه وقتلوه، واستولوا عَلَى جميع ما معه، وأسروا ابنه نصرا، وباعوه للمصريّين [2] .
[دخول ابن رُزّيك القاهرة]
وأمّا طلائع فدخل القاهرة بأعلام مسوّدة، وثياب سود في هيئة الحزْن، وعلى الرّماح شعور النّساء مقطّعة حزْنًا عَلَى الظّافر. ثمّ نبش الظّافر من دار عبّاس، ونقله إلى مقبرة آبائه [3] .
[هجوم إفرنج صقلّيّة عَلَى تِنّيس]
وجاءت مراكب الفرنج من صَقَلِّية، فأرسَوا عَلَى تِنِّيس وهجموها، فقتلوا وأسروا، وردّوا بالغنائم، وخاف أهل مصر من استيلاء الفرنج، فإنّا للَّه وإنّا إِلَيْهِ راجعون، حتّى عزم ابن رُزّيك وزيرُها عَلَى موادعة الفرنج بمالٍ يُحمل إِلَيْهِ من الخزانة، فأوكس ذلك الأمراء، وعزموا على عزله [4] .
__________
[1] أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 94 (حوادث سنة 549 هـ.) نزهة المقلتين 72، والمغرب في حلى المغرب 91، نهاية الأرب 28/ 319، العبر 4/ 139، دول الإسلام 2/ 66، اتعاظ الحنفا 215/ 217، النجوم الزاهرة 5/ 289.
[2] أخبار مصر 2/ 94، 95 (حوادث سنة 549 هـ.) كتاب الروضتين 1/ 245، 246، نزهة المقلتين 73، نهاية الأرب 28/ 319، المختصر في أخبار البشر 3/ 28، دول الإسلام 2/ 66، اتعاظ الحنفا 2/ 220، النجوم الزاهرة 5/ 289 و 297، الدرّة المضيّة 567.
[3] أخبار الدول المنقطعة 108، 109، أخبار مصر 2/ 94 (حوادث سنة 549 هـ.) ، نزهة المقلتين لابن الطويل 72، نهاية الأرب 28/ 319، 320، العبر 4/ 139، الدرّة المضيّة 568، واتعاظ الحنفا 2/ 217، 218، النجوم الزاهرة 5/ 291- 293 و 297.
[4] انظر عن مهاجمة تنّيس في: ذيل تاريخ دمشق 331، في (حوادث سنة 549 هـ.) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 223، والكامل في التاريخ 11/ 190، وكتاب الروضتين 1/ 249، والمختصر في أخبار البشر 3/ 27، ودول الإسلام 2/ 66، وتاريخ ابن الوردي 2/ 54، وعيون التواريخ 12/ 480، والدرّة المضيّة 563، وتاريخ ابن سباط 1/ 99 واتعاظ الحنفا 2/ 207.
وقد ورد في المصادر سنة 548 هـ.(37/52)
[اشتداد شوكة المقتفي]
وأمّا المقتفي لأمر اللَّه، فإنّه عظُم سلطانه، واشتدّت شوكته، واستظهر عَلَى المخالفين، وأجمع عَلَى قصْد الجهات المخالفة لأمره [1] .
[تملّك نور الدين قلاعا بنواحي قونية]
وأمّا نور الدّين، فإنّه سار بجيشه، فملك عدَّة قلاع وحصون بالسّيف وبالأمان من بلاد الروم، من نواحي قونية، وعظمت ممالكه وَبَعُدَ صَيتُه، وبعث إِلَيْهِ المقتفي تقليدا، وأمر بالمسير إلى مصر، ولُقِّب بالملك العادل [2] .
آخر الطبقة الخامسة والخمسين والحمد للَّه رب العالمين
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق 332.
[2] ذيل تاريخ دمشق 332، 333، دول الإسلام 2/ 66.(37/53)
بسم اللَّه الرَّحْمَن الرحيم رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صبرا
[تراجم رجال هذه الطبقة]
[سنه احدى وأربعين وخمسمائة]
- حرف الألف-
1- أَحْمَد بْن حامد بْن أَحْمَد بْن محمود [1] .
الثقفيّ، أبو طاهر الأصبهانيّ، حفيد الشّيخ أَبِي طاهر.
تُوُفّي في هذه السّنة. قاله عبد الرحيم الحاجّيّ.
قلت: هُوَ والد أَبِي المجد زاهر الثّقفيّ، مِن أعيان طلبة الحديث بأصبهان يلقَّب بالرفيع من بيت علم ورئاسة وجلالة، وله شِعر حَسَن، وخطّ مليح، قرأ الكثير لولده.
قَالَ ابن السّمعانيّ: لمّا قدِمتُ صادفتُه يقرأ لوالده «مُسْنَد أَبِي يَعْلَى» ، عَنْ أَبِي عبد الله الخلّال.
سَمِعَ: القاسم الثّقفيّ، وأبا مطيع.
وُلِد سنة ثمانين تقريبا.
2- أحمد بْن محمد بْن أحمد [2] .
أبو نصر الحَدِيثيّ [3] المعدّل، البغداديّ.
تفقّه عَلَى: أَبِي إسحاق الشّيرازيّ.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته. وهو في (معجم شيوخ ابن السمعاني) .
[2] انظر عن (أحمد بن محمد الحديثي) في: المنتظم 10/ 121 رقم 173 (18/ 50 رقم 4121) ، وتاريخ إربل لابن المستوفي 1/ 207- 209 رقم 106، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 49.
[3] الحديثي: بفتح الحاء وكسر الدال المهملتين وبعدهما الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفي آخرها الثاء المثلّثة. هذه النسبة إلى الحديثة، وهي بلدة على الفرات فوق هيت والأنبار، والنسبة إليها حديثي، وحدثي، وحدثاني. (الأنساب 4/ 84) .(37/54)
وكان من أوائل شهود قاضي القضاة الزَّيْنبيّ [1] .
تُوُفّي في جُمادى الآخرة. وحضره القضاة والكبار.
روى عَنْهُ: ابن السّمعانيّ، وقال: وُلِد سنة سبع وخمسين وأربعمائة.
وتُوُفّي في جُمادى الآخرة، وصلّى عَلَيْهِ ابنه أبو طالب رَوْح. ثنا عَنْ أَبِي الفضل [2] بن طوق [3] .
3- أحمد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن الإخْوة [4] .
أبو العبّاس البغداديّ، العطّار، الوكيل.
سَمِعَ: أبا القاسم بْن البُسْريّ، وأبا منصور العُكْبَريْ. وهو آخر من حدَّث بكتاب «المجتَنَى» لابن دُرَيْد، عَن العُكْبَرِيّ.
روى عَنْهُ: ابن السّمعانيّ، وقال: شيخ بهيّ، حَسَن المنظر، خيِّر، متقرِّب إلى أهل الخير، وهو أبو شيخنا عبد الرحيم، وعبد الرحمن.
تُوُفّي في خامس رمضان.
__________
[1] المنتظم.
[2] في تاريخ إربل 1/ 207 «أبو الفضائل» .
[3] وثقه ابن المستوفي، وقال: في كتاب «المعرفة العاشرة» من كتاب «معارف الأدب» إملاء أبي الحسن علي بن فضائل المجاشعي، سماعه عليه في سلخ ربيع الأول سنة خمس وسبعين وأربعمائة. وأجاز له إجازة مطلقة بخطّه في السماع، وكاتب الأسماء أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن صالح المعروف بالإربلي. توفي أبو الحسن علي بن فضائل المجاشعي في ربيع الأول سنة تسع وسبعين وأربعمائة.
وروى ابن السمعاني عن أبي نصر أحمد بن محمد الإربلي، بسنده، عن منصور الفقيه قال:
الكلب أكرم عشرة ... وهو النهاية في الخساسة
ممّن ينازع في الرئاسة ... قبل أوقات الرئاسة
وقال ابن المستوفي: وكتب إليّ محمد بن سعيد الدبيثي، فقال: أحمد بن محمد بن أحمد بن صالح الحديثي أبو نصر العدل، ولد بإربل سنة سبع وخمسين وأربعمائة، وانتقل إلى بغداد وسكنها إلى حين وفاته، وشهد بها عند قاضي القضاة أبي القاسم علي بن الحسين يوم السبت عاشر شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، وزكّاه القاضيان أبو القاسم علي بن عبد السيد بن الصباغ، وأبو العباس أحمد بن سلامة الرطبي. قال تاج الإسلام أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن السمعاني: وكان ثقة صدوقا. (تاريخ إربل 1/ 208، 209) .
[4] انظر عن (أحمد بن محمد العطار) في: سير أعلام النبلاء 2/ 160 رقم 94.(37/55)
روى عَنْهُ جماعة آخرهم أبو الفَرَج الفتح بْن عبد السّلام الكاتب. عاش ستّا وثمانين سنة.
4- إبراهيم بْن محمد بْن أحمد بْن مالك [1] .
أبو أحمد العاقوليّ [2] ، الوزّان.
شيخ من أهل باب الأَزَج لا بأس بِهِ.
سَمِعَ: عاصم بْن الحَسَن، وجماعة.
وكان مولده في سنة ثلاث وستّين وأربعمائة.
روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: تُوُفّي في جُمادى الأولى هُوَ وأخوه محمد في يوم واحد.
وروى عَنْهُ: يوسف بْن المبارك الخفّاف. وأجاز لأبي منصور بْن غُنَيْمة، وغيره.
5- إسماعيل بن أبي سعد أحمد بن محمد بْن دُوَسْت [3] .
أبو البَرَكات النّيْسَابُوريّ، الصّوفيّ. شيخ الشّيوخ ببغداد.
ولد سنة خمس [4] وستّين وأربعمائة ببغداد.
وسمع من: أَبِي القاسم عبد العزيز الأَنْماطيّ، وأبي القاسم بْن البُسْريّ، وأبي نصر الزينبي، ورزق الله التميمي، وجماعة.
قال ابن السَّمْعانيّ: كَانَ عَلَى شاكلة حميدة إلى أن طعن في السّنّ، وكان
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن محمد) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
[2] العاقولي: بفتح العين المهملة، وضم القاف وفي آخرها اللام. هذه النسبة إلى دير العاقول، وهي بلدة على خمسة عشر فرسخا من بغداد، وقد ينسب إليها ب «الدير عاقولي» أيضا.
(الأنساب 8/ 317) .
[3] انظر عن (إسماعيل بن أبي سعد) في: المنتظم 10/ 121 رقم 174 (18/ 50 رقم 4122) ، والكامل في التاريخ 11/ 118، والتقييد 210 رقم 246، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 188، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 4/ 336، 337 رقم 342، والإعلام بوفيات الأعلام 222، وسير أعلام النبلاء 20/ 160، 161، رقم 95، والعبر 4/ 111، ومرآة الجنان 3/ 274، والوافي بالوفيات 9/ 85، والنجوم الزاهرة 5/ 280، وشذرات الذهب 4/ 128، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 15.
[4] في الكامل لابن الأثير: سنة أربع وستين وأربعمائة.(37/56)
وَقورًا، مَهِيبًا، ما عرفت لَهُ هَفْوَة، قرأت عَلَيْهِ الكثير، وكنت نازلا عنده في رِباطه.
قلت: وروى عنه: ابناه عبد الرحيم وعبد اللَّطيف، وعبد الخالق بْن أسد، وأبو القاسم بْن عساكر [1] ، وسِبْطه عبد الوهّاب بْن سُكَيْنَة، وأحمد بْن الحسن العاقلويّ، وسليمان بْن محمد المَوْصِليّ، وطائفة سواهم.
توفّي في عاشر. جمادى الآخرة، وعمل له عرس على عادة الصّوفيّة، غرم عليه نحو ثلاثمائة دينار.
قَالَ ابن النّجّار: سمعتُ ابن سُكَيْنة يَقُولُ: لمّا حضَرَتْ جدّي الوفاةُ كنت حاضرا، وأولاده حوله، وهو في السّياق، فقالت لَهُ والدتي: يا سيّدي، ما تجد؟
فما قدر عَلَى النُّطْق، فكتب بيده عَلَى يدها: فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ 56: 89 [2] ثمّ مات رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ [3] .
6- إسماعيل بْن طاهر [4] .
أبو عليّ المَوْصِليّ، ثمّ البغداديّ.
سَمِعَ أَبَاهُ عَنْ أَبِي الحسن بْن مَخْلَد.
روى عنه: ابن السّمعانيّ، وابن طبرزد.
توفّي سنة إحدى وأربعين في جمادى الأولى.
7- أمين الدّولة [5] .
نائب قلعة صرخد، وقلعة بصرى، واسمه كمشتكين.
أمير جليل، كثير الحرمة. ولّاه على القلعتين الأتابك طغتكين. فامتدّت أيّامه إلى أن تُوُفّي في ربيع الآخر سنة 41. وهو واقف المدرسة الأمينيّة بدمشق.
__________
[1] مشيخة ابن عساكر، ورقة 27 أ.
[2] سورة الواقعة، الآية: 89.
[3] وقال ابن الأثير: وقام في منصبه ولده صدر الدين شيخ الشيوخ عبد الرحيم.
[4] انظر عن (إسماعيل بن طاهر) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
[5] انظر عن (أمين الدولة كمشتكين) في: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 215، 252، 255، 261، 270، 289، والكامل في التاريخ 11/ 49.(37/57)