نصفَيْن، وعلّقه في السّوق [1] ، وأغار عَلَى أمواله وخَدمه [2] ، وسار حديثًا يُسْمَرُ بِهِ، ولم يبق منهم نافخٌ نار.
قتل سنة اثنتين وتسعين.
62- إِبْرَاهِيم بْن أَبِي نَصْر بْن إِبْرَاهِيم [3] .
أبو إِسْحَاق الأصبهاني الْبُخَارِيّ، نزيل بَلْخ.
شيخ صالح، تاجر متموّل.
سمع من: منصور الكاغَديّ صاحب الهيثم بن كليب جزءين، وسمع من جماعة.
تُوُفّي ببلْخ.
حدَّثَ عَنْهُ: أبو شجاع عمر بن محمد البسطامي، وغيره.
ورّخه السّمعانيّ.
- حرف الباء-
63- بَرَكة بْن أحمد بْن عَبْد اللَّه [4] .
أبو غالب الواسطيّ البزّار.
سمع: أبا القاسم بْن بِشْران، وأحمد بْن عَبْد اللَّه بْن المَحَامليّ.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وأحمد بْن المقرئ، وهبة اللَّه بْن هلال الدّقّاق، وإسماعيل بْن الحافظ.
وتُوُفّي في ذي الحجّة وله نيِّفٌ وثمانون سنة.
وثّقه عَبْد الوهّاب.
64- بَكْر بْن نَصْر بْن أحمد [5] .
أبو محمد البخاريّ الخيّاط.
__________
[1] زاد في المنتخب: «عبرة للمعتبرين» .
[2] في المطبوع من (المنتخب) : «وحرمه» .
[3] لم أجد مصدر ترجمته. ولعلّه في (ذيل الأنساب) .
[4] انظر عن (بركة بن أحمد) في: المنتظم 9/ 110 رقم 165 (17/ 50 رقم 3686) .
[5] لم أجد مصدر ترجمته.(34/119)
شيخ صالح، سمع ببُخَارى: عُمَر بْن منصور بْن خبّ، وبالرّيّ: عَبْد الكريم بْن أحمد الوزّان، وببغداد: أبا يَعْلَى بْن الفرّاء، وهناد بْن إِبْرَاهِيم، وطائفة.
تُوُفّي ببخارى بعد هذه السنة أو فيها.
روى عَنْهُ: عثمان بْن عليّ بْن البِيكَنْديّ، وصاعد بْن عَبْد الرَّحْمَن.
- حرف الحاء-
65- الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن عليّ [1] .
العلّامة أبو عليّ ابن الشَّيْخ أَبِي جعفر الطُّوسيّ رأس الرّافضة.
وُلِد ببغداد.
وسمع من: أَبِي مُحَمَّد الخلّال، وأبي الطَّيِّب الطَّبَريّ.
وأمَّ بالمشهد بالكوفة.
روى عَنْهُ: عُمَر بْن مُحَمَّد النَّسَفيّ، وهبة اللَّه بْن السَّقَطيّ، وجماعة.
بَقِيّ إلى هذه السّنة، وكان متديّنًا قاعر النَّسَب.
66- الحُسين بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن أيوب [2] .
أبو عَبْد اللَّه العُكْبَريّ أحد الأذكياء النُّدمَاء.
وُلِد سنة ثلاث وأربعمائة.
وسمع: أحمد بْن عليّ بْن أيّوب العُكْبَريّ، وأبا الحُسين بْن بِشْران.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وعُمَر بْن ظفر، ومُحَمَّد بْن عَلِيِّ بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السلام، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عطاف.
ومات في رمضان.
وقد أجاز للسِّلَفيّ، وذكره ولم يترجمْه ولا عَرَفَه.
67- الحُسين بْن عَبْدُوس بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْدُوس [3] .
أبو عَبْد الله الهمذانيّ التّانيّ [4] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] تقدم التعريف بهذه النسبة.(34/120)
روى عَنْ: أَبِي نَصْر الكسّار، ومُحَمَّد بْن عيسى، وحمد بْن سهل، ومنصور بْن ربيعة، وجماعة.
قَالَ الحافظ شِيرُوَيْه: سَمِعْتُ منه، وكان صدوقًا.
تُوُفّي في المحرَّم، ودفن بجنب والده.
- حرف الزاي-
68- زَيْد بْن الحَسَن بْن زيد بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد [1] .
أبو مُحَمَّد بْن أميرك الحُسَينيّ الهَرَوِيّ الوضّاع الدّجّال [2] .
قَالَ السّمعانيّ: سافر إلى الشام، ومصر، والعراق، وفرّق حيَّاته وعقاربه بها، واختلق أربعين حديثًا تقشعرّ منها [3] الْجُلُود [4] . وكان يترك الجمعة فيما قِيلَ.
وأكثر شيوخه مجاهيل [5] .
__________
[1] انظر عن (زيد بن الحسن) في: الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي رقم 323 و 1/ 305 المنتخب من السياق 228 رقم 718 (من غير ترجمة) ، والمغني في الضعفاء 1/ 246 رقم 2268، وميزان الاعتدال 2/ 17 رقم 3000، والكشف الحثيث 188 رقم 301، ولسان الميزان 2/ 504- 506 رقم 2026.
[2] قال ابن الجوزي: كان وضّاعا دجّالا كذّابا. (الضعفاء والمتروكون) .
[3] في الأصل: «منه» ، والمثبت عن (لسان الميزان) .
[4] قيل وضعها في أيام طراد الزينبي.
[5] فقيل: حدّث عن جماعة من المصريين لم يلحقهم. وساق ابن السمعاني نسبه. وقال: وكان يقال له أبو محمد الموسوي، وكان وضّاعا أفّاكا دجّالا لا يعتمد على نقله، وروى المناكير عن المجاهيل منفردا بها وأكثرها من فسح خاطره. وكان جمع أربعين حديثا ما كنت رأيتها، فدخلت على الحافظ أبي نصر أحمد بن عمر المفازي فنظرت في جزء عنده بخط الموسوي فإذا بخط شيخنا: أن الأحاديث التي في هذه الأربعين بواطيل كذب لا أصل لها وضعها الكذاب الموسوي. قال: وامتنع الحسين بن عبد الملك الخلال من الرواية عنه وقال إنه كذّاب. وذكره أبو زكريا بن مندة في تاريخ أصبهان وقال: قدم أول مرة سنة 63 فكتبوا عنه، وقدم هبة الله الشيرازي فنظر في أحاديثه فكذّبه. ثم قدم الموسوي مرة أخرى فامتنع من التحديث بتلك الأحاديث، فبلغ ذلك عمّي أبا القاسم بن مندة وأمر بالرجوع عن التحديث بها.
قال: وكذّبه أبو إسماعيل الهروي، وأشار أبو القاسم إلى أنّ تلك الأحاديث المناكير في الصفات. قال: وكذّبه الحافظ أبو العلاء صاعد بن سيار الهروي وقال: لا يعتمد على روايته ولا يقبل شهادته ولا يوثق في دينه. قال عبد الجليل بن الحسن الحافظ: كان متحيّرا في دينه.
وحدّث أبو الفتيان الرؤاسي في معجمه عنه، عن الحسن بن علي بن أبي طالب الهروي، عن منصور الخالديّ بحديث منكر.(34/121)
مات في ذي القعدة بنَيْسابور [1] .
- حرف السين-
69- سعْد بْن أحمد بْن مُحَمَّد [2] القاضي أبو القاسم النَّسَويّ.
سكن دمشق [3] .
حدَّثَ عَنْ: أَبِي الحَسَن بْن صخر، وعبد الواحد بْن يوسف.
وعنه: نَصْر اللَّه المصِّيصيّ، والخضر بْن عَبْدان، وأبو العشائر مُحَمَّد بْن خليل الكُرْديّ.
وُلِد سنة عشرين وأربعمائة. وقُتِل إلى رحمة اللَّه فيما قِيلَ يوم أخذت الفرنج البيت المقدس.
70- سعْد بْن زيد بْن أَبِي نَصْر الهَرَوِيّ [4] .
عاش إلى هذه الحدود.
وحدّث عَنْ: عليّ بْن أَبِي طَالِب الخوارزمي.
- حرف الصاد-
71- صاعد بْن سهل بْن بِشْر [5] .
أبو رَوْح الإسْفَرائينيّ، ثمّ الدّمشقيّ.
سمع: أبا القاسم الحنّائيّ، وأبا بكر الخطيب، وغيرهما.
وحدّث.
__________
[1] قيل: وفاته سنة 491 أو 492.
وله قرين اسمه: زيد بن الحسن بن زيد الموسوي. وافقه في اسمه واسم أبيه وجدّه ونسبته وكنيته، ولكنه ثقة متأخّر عن ابن أميرك، فإنه مات سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة. أرّخه ابن السمعاني، ويجتمع مع ابن أميرك في: محمد بن أحمد بن القاسم. (لسان الميزان) .
[2] انظر عن (سعد بن أحمد) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 9/ 231 رقم 108، وتهذيب تاريخ دمشق 6/ 82.
[3] روى بها سنة 480 أو 481 هـ. عن أبي الحسن بن صخر.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] انظر عن (صاعد بن سهل) في: تهذيب تاريخ دمشق 6/ 262.(34/122)
سمع منه: أبو مُحَمَّد، وأبو القاسم [1] ابنا صابر.
وتُوُفّي في الكهولة فِي رَمَضَان [2] .
- حرف العين-
72- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرّزّاق بْن عَبْد اللَّه بْن الحَسَن [3] .
أبو مُحَمَّد الكَلاعيّ الدّمشقيّ.
سمع: مُحَمَّد بْن عَوْف، ورشأ بْن نظيف، والعَتِيقيّ، وطبقتهم.
قَالَ ابن عساكر: سمع منه خالي، وكان يكثر الرواية عَنْهُ لأجل خدمته بعض الْجُنْد. وثنا عَنْهُ أبو مُحَمَّد بْن صابر ووثَّقهُ [4] .
73- عَبْد الأعلى بْن عَبْد الواحد [5] .
أبو عطاء بْن أَبِي عُمَر المَلِيحيّ [6] الهَرَوِيّ.
تُوُفّي في هذه السنة في رمضانها.
روى عن: القاضي أبي عمر محمد بْن الحُسين البسْطاميّ، وإسماعيل بْن إِبْرَاهِيم المقرئ السَّرْخَسيّ، مصنف كتاب «درجات التّائبين» ، والقاضي أَبِي منصور مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الْأَزْدِيّ.
وعنه: عليّ بْن حمزة المُوسَويّ، وأبو النَّضْر عَبْد الرَّحْمَن الفاميّ، وأبو صالح ذَكْوان بْن سيّار، وابن أخته مُحَمَّد بْن المفضل بْن سيّار، وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْد الرحيم الدّارميّ، وعبد السّلام بْن مُحَمَّد المؤدّب، وأهل هَرَاة.
وعاش نحوًا من تسعين سنة، فإن مولده في ذي القعدة سنة اثنتين وأربعمائة.
__________
[1] وهو وثّقه.
[2] وكانت ولادته سنة 448 هـ.
[3] انظر عن (عبد الله بن عبد الرزاق) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 13/ 21 رقم 8.
[4] وزاد: ولد سنة 421، ولم يكن الحديث من شأنه.
[5] انظر عن (عبد الأعلى بن عبد الواحد) في: الأنساب 11/ 476.
[6] المليحي: بفتح الميم، والياء المنقوطة باثنتين من تحتها الساكنة بعد اللام وفي آخرها الحاء المهملة.(34/123)
74- عَبْد الباقي بْن يوسف بْن عليّ بْن صالح بْن عَبْد المُلْك بْن هارون [1] .
أبو تراب المراغي التَّبْرِيزيّ.
نزيل نَيْسابور.
ذكره السّمعانيّ [2] فقال: الْإِمَام، عديم النظير في فنّه [3] ، بهيّ المنظر، سُلَيْم النّفس، عاملٌ بعِلْمه، حَسَن الخُلُق، نفّاع للخَلق، فقيه النّفس، قويّ الحِفْظ. تفقّه ببغداد عَلَى القاضي أَبِي الطَّيِّب الطَّبَريّ [4] .
وسمع: أبا القاسم بْن بِشْران، وأبا عليّ بْن شاذان، وجماعة. وبأصبهان:
أبا طاهر بْن عَبْد الرحيّم، وبالرَّيّ ونيسابور.
روى عَنْهُ: عُمَر بْن عليّ بْن سهل الدّامغانيّ، وأبو عثمان العصائديّ، وزاهر الشّحّاميّ، وابنه عَبْد الخالق بْن زاهر، وآخرون.
وقرأت بخطّ أَبِي جعفر مُحَمَّد بْن أَبِي عليّ بهمذان قَالَ: سَمِعْتُ أبا بَكْر مُحَمَّد بْن أحمد البسْطاميّ وغيره يَقُولُ: كنّا عند الْإِمَام أَبِي تراب المراغيّ حين دخل عَلَيْهِ عَبْد الصَّمد، ومعه المنشور بقضاء هَمَذَان، فقام أبو تراب، وصلّى ركعتين، وأقبل علينا وقال: أَنَا بانتظار المنشور من اللَّه تعالى عَلَى يد عبده مَلَك الموت، وقدومي عَلَى الآخرة، أَنَا بهذا المنشور أَلْيَق من منشور القضاء.
ثمّ قال: قعودي في هذا المسجد ساعة عَلَى فراغ القلب، أحب إليَّ من
__________
[1] انظر عن (عبد الباقي بن يوسف) في: المنتظم 9/ 110، 111 رقم 166 (17/ 50، 51 رقم 3687) ، والسياق (المخطوط) 57 أ، ب، والمنتخب من السياق 363 رقم 1197، واللباب 3/ 190 و 306، 307، والعبر 3/ 333، وسير أعلام النبلاء 19/ 170، 171 رقم 93، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 90، ومرآة الجنان 3/ 155، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 219، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 415، والبداية والنهاية 12/ 157، والجواهر المضيّة 2/ 356، والنجوم الزاهرة 5/ 164، والطبقات السنية، رقم 1133، وشذرات الذهب 3/ 398.
[2] كذا في الأصل. والنص لعبد الغافر الفارسيّ في (المنتخب) .
[3] في المنتخب: «وقته» .
[4] زاد في (المنتخب) : «وتخرّج به واشتهر بالعراق ثم دخل نيسابور قديما في أيام الموفق وأقام عنده، فكان يتكلّم على طريقة العراق» .(34/124)
أنّ أكون ملك العراقين. ومسألة في الفقه يستفيدها منّي طالبٌ عالِم أحب إليَّ من عمل الثَّقَلْين [1] .
سألت إسماعيل الحافظ عَنْ أَبِي تراب المراغي فقال: كَانَ مفتي نَيْسابور.
أفتى سنين عَلَى مذهب الشّافعيّ، وكان حَسَن الهيئة، بهيّا، عالما [2] .
وقيل: ولد سنة إحدى [3] وأربعمائة، وتُوُفّي في رابع عشر ذي القعدة.
وقيل: عاش ثلاثًا وتسعين سنة [4] .
75- عَبْد الجليل الرّازيّ [5] .
الزّاهد القدوة.
ممّن قتل بالقدس يوم أخذها.
76- عَبْد العزيز [6] .
أخو أَبِي نَصْر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عليّ الزَّيْنَبيّ.
حدَّثَ عَنْ: أَبِي الحَسَن عليّ بْن أحمد الحمّاميّ بشيء يسير.
ويُعرف بالشريف أَبِي الهيجاء.
مات في المحرَّم.
روى عَنْهُ: ابن ظفر الغادنيّ [7] .
77- عَبْد الكريم بن أحمد بن محمد بن خشنام [8] .
__________
[1] المنتظم.
[2] وقال ابن الجوزي: سمع بالموصل، وبأصبهان، ونيسابور، ونزلها، وتشاغل بالتدريس والمناظرة والفتوى، وكان يقول: أحفظ أربعة آلاف مسألة في الخلاف، وأحفظ الكلام فيها، ويمكنني أن أناظر في جميعها. وكان يحفظ من الحكايات والأشعار والملح الكثير، وكان صبورا على الكفاف معرضا عن كسب الدنيا على طريق السلف (المنتظم) .
[3] في المنتظم: «ولد سنة ثلاث» .
[4] وفي المنتخب: له إحدى وتسعون سنة.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] لم أجد مصدر ترجمته.
[7] هكذا رسمت في الأصل، ولم أتبيّن صحّتها.
[8] في المنتخب من السياق 336 رقم 1106: «عبد الكريم بن علي بن أحمد بن محمد بن خشنام.
الخشنامي، أبو نصر الأديب» .(34/125)
أبو نَصْر الخُشْناميّ [1] .
تُوُفّي في ذي القعدة بنَيْسابور.
سمع: أبا بَكْر الحِيّريّ.
وعنه: عَبْد اللَّه بْن الفُرَاويّ، وعُمَر بْن أَحْمَد الصّفّار، وعبد الخالق بْن زاهر [2] .
78- عليّ بْن الحَسَن بْن الحُسين بْن مُحَمَّد [3] .
القاضي أبو الحُسين [4] المَوْصِليّ الأصل، الْمَصْرِيّ، الفقيه الشّافعيّ المعروف بالخِلْعيّ [5] .
ولد بمصر في أوّل سنة خمس وأربعمائة.
وسمع: أبا مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر النّحّاس، وأبا الحَسَن أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحاجّ الإشبيليّ، وأبا الحَسَن الخصيب بْن عَبْد الله بن محمد القاضي،
__________
[1] الخشنامي: بضم الخاء وسكون الشين المعجمتين وفتح النون، وفي آخرها الميم. هذه النسبة إلى بعض أجداده وهو خشنام. (الأنساب) .
[2] قال عبد الغافر الفارسيّ: سليم الجانب، من المختلفة إلى الإمام علي الواحدي. كتب تصانيفه وقرأها عليه.
سمع من أصحاب الأصمّ وما وراء النهر، وتوفي ليلة الأحد الثالث عشر من ذي القعدة سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة، وكانت له الإجازة عن أبي إسحاق الثعلبي المفسّر.
[3] انظر عن (علي بن الحسن) في: أدب الإملاء والاستملاء لابن السمعاني (طبعة دار اقرأ 1984) 123، وأخبار مصر لابن ميسّر 2/ 39، ووفيات الأعيان 3/ 317، 318، والمعين في طبقات المحدّثين 144 رقم 1572، وسير أعلام النبلاء 19/ 74- 79 رقم 42، ودول الإسلام 2/ 22، والعبر 3/ 334، وتذكرة الحفاظ 4/ 1230، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 88، 89، ومرآة الجنان 3/ 255، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 296، 297، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 479، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 276، 277 رقم 235، واتعاظ الحنفا 3/ 24، وتبصير المنتبه 2/ 550، والنجوم الزاهرة 5/ 164، وحسن المحاضرة 1/ 404، 405، وكشف الظنون 722، 1297، وشذرات الذهب 3/ 398، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 221، وتاج العروس 5/ 323، وهدية العارفين 1/ 694، والرسالة المستطرفة 91، وديوان الإسلام 2/ 232، 233 رقم 869، والأعلام 4/ 273، ومعجم المؤلفين 7/ 62.
[4] في الأصل: «أبو الحسين» .
[5] الخلعيّ: بكسر الخاء وفتح اللام وبعدها عين مهملة، هذه النسبة إلى الخلع، ونسب إليها أبو الحسن لأنه كان يبيع بمصر الخلع لأملاك مصر، فاشتهر بذلك وعرف به. (وفيات الأعيان 3/ 318) .(34/126)
وأبا سعد أحمد بن محمد الماليني، وأبا العبّاس بْن منير بْن أحمد بْن الخشّاب، وأبا مُحَمَّد إسماعيل بْن رجاء الأديب، والحَسَن بْن جعفر الكِلَليّ [1] ، وأبا عَبْد اللَّه بْن نظيف الفرّاء، وجماعة.
وكان مُسْنِد ديار مصر.
رَوَى عَنْهُ: الحَمِيدِيُّ، وَمَاتَ قَبْلَهُ بِمُدَّةٍ، فَقَالَ فِي «تَارِيخِهِ» : أَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، أَنَا ابْنُ الْحَاجِّ، أَنَا غُنْدَرٌ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبُو نُوَاسٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، مَرْفُوعًا: «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحْسِنَ باللَّه» .. [2] الْحَدِيثَ.
روى عَنْهُ: أبو عليّ بْن سكرة، وأبو الفضل بْن طاهر المَقْدِسيّ، وأبو الفتح سلطان بْن إِبْرَاهِيم الفقيه، وسليمان بْن مُحَمَّد بن أبي دَاوُد الفارسيّ، وعليّ بْن مُحَمَّد بْن سلامة الرَّوِحاني [3] ، وعبد الكريم بْن سَوَّار التِّكَكيّ [4] ، وعبد الحقّ بْن أحمد البايناسيّ الكاتب، ومُحَمَّد بْن حمزة العِرْقيّ [5] اللُّغَويّ. وبقي إلى سنة ( ... ) وخمسين [6] ، وطائفة سواهم [7] .
وآخر من حدَّثَ عَنْهُ عَبْد اللَّه بْن رفاعة السَّعْديّ خادمه.
وقال فيه ابن سُكَّرَة: فقيه لَهُ تصانيف، ولي القضاء وحكم يوما واحدا
__________
[1] في الأصل: «العكلي» . والتصحيح من: سير أعلام النبلاء 19/ 75.
[2] أخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها (81/ 2877) باب الأمر بحسن الظنّ باللَّه تعالى عند الموت، و (82/ 2877) ، وأبو داود في الجنائز (3113) باب ما يستحب من حسن الظنّ باللَّه عند الموت، وابن ماجة في الزهد (4167) باب التوكل واليقين، وأحمد في المسند 3/ 193 و 315 و 325 و 330 و 344 و 390.
[3] الروحانيّ: نسبة إلى روحا، قرية من قرى الرحبة.
[4] التككي: بكسر التاء المنقوطة من فوقها باثنتين وفتح الكاف وفي آخرها كاف أخرى. هذه النسبة إلى تكك وهي جمع تكة. (الأنساب 3/ 68) .
[5] العرقي: بكسر العين المهملة، وسكون الراء، وقاف. نسبة إلى عرقة بلدة وحصن في الشمال الشرقي من طرابلس على مسافة 18 كلم. زالت معالمها في أوائل العصر العثماني.
[6] هكذا في الأصل.
[7] ومنهم: علي بن عبد الرحمن بن عياض الصوري، وكنيته أبو طالب، ويلقّب بهجة الملك.
توفي سنة 537 هـ. (معجم السفر للسلفي- المصوّر-) ق 1/ 203، (أدب الإملاء 123) .(34/127)
واستعفى، وانزوى بالقرافة [1] . وكان مُسْنِد مصر بعد الحبّال.
وقال الفقيه أبو بَكْر بْن العربيّ: شيخ معتزل في القرافة، لَهُ عُلُوٌّ في الرّواية، وعنده فوائد. وقد حدَّثَ عَنْهُ: أبو عَبْد اللَّه الحُمَيْديّ، وكنّى عَنْهُ بالقرافيّ [2] .
وقال غيره: كَانَ يبيع الخِلَع لملوك مصر.
قَالَ ابن الأَنْماطيّ: سَمِعْتُ أبا صادق عَبْد الحقّ بْن هبة اللَّه القضاعيّ المحدث بمصر: سَمِعْتُ العالم الزّاهد أبا الحَسَن عليّ بْن إِبْرَاهِيم ابن بِنْت أَبِي سعْد يَقُولُ: كَانَ القاضي أبو الحَسَن الخِلَعيّ يحكم بين الْجِنّ، وأنّهم أبطئوا عَلَيْهِ قدر جُمعة، ثمّ أتوه وقالوا: كَانَ في بيتك شيء من هذا الأُتْرُجّ، ونحن لا ندخل مكانًا [يكون] [3] فيه.
قَالَ المحدث أبو الميمون عَبْد الوهّاب بْن وردان، فيما حكى عَنْ والده أَبِي الفضل، قَالَ: حدَّثني بعض المشايخ، عن أبي الفضل الجوهريّ ابن الواعظ قَالَ: كنت أتردّد إلى الخِلَعيّ، فقمت في ليلة مُقْمرة ظننت أنّ الفجر قد طلع، فلمّا جئت باب مسجده وجدت فَرَسًا حَسَنَة عَلَى بابه، فصعدت، فوجدت بين يديه شابًا لم أر أحسن منه، يقرأ القرآن، فجلست أسمع، إلى أن قرأ جزءًا، ثمّ قَالَ للشيخ: آجرك اللَّه. فقال لَهُ: نفعك اللَّه.
ثمّ نزل، فنزلت خلفه من علو المسجد، فلمّا استوى عَلَى الفرس طارت بِهِ، فغشي عليَّ من الرُّعْب، والقاضي يصيح بي: اصْعَدْ يا أبا الفضل.
فصعدت، فقال: هذا من مؤمني الجنّ الذين آمنوا بنصيبين، وإنّه يأتي في الأسبوع مرةً يقرأ جزءًا ويمضي [4] .
قَالَ ابن الأَنْماطيّ: قبر الخِلَعيّ بالقرافة، يُعرف بقبر قاضي الجن والإنس، ويُعرف بإجابة الدّعاء عنده.
__________
[1] القرافي: نسبة إلى القرافة، وهي المقبرة الكبرى بظاهر القاهرة بسفح المقطّم.
[2] وفيات الأعيان 3/ 317.
[3] إضافة على الأصل من: سير أعلام النبلاء 19/ 76.
[4] سير أعلام النبلاء 19/ 76.(34/128)
وسألت شجاعًا المُدْلجيّ وغيره من شيوخنا عَن الخِلَعيّ، نسبة إلى أيّ شيء؟ فما أخبرني أحدٌ شيء. وسألت السديد الرَّبَعِيّ، وكان عارفًا بأخبار المصريين وكان معدّلًا، فقال: كَانَ أَبُوهُ يُزار، وكانت أمراء المصريّين وأهل القصر يشترون الخِلَع من عنده. وكان يتصدق بثُلُث مَكْسَبه.
وذكر ابن رفاعة أَنَّهُ سمع من الحبّال، وأنّه أتى إلى الخِلَعيّ، فطرده مدّة.
وكان بينهما شيء أظن من جهة الاعتقاد.
وقال أبو الحَسَن عليّ بْن أحمد العابد: سَمِعْتُ الشَّيْخ ابن بَخِيسَاه [1] قَالَ:
ندخل عَلَى القاضي أَبِي الحَسَن الخِلَعيّ في مجلسه، فنجده في الشتاء والصَّيف وعليه قميص واحد، فسألته عَنْ ذَلِكَ، وقلت، يا سيدنا، إنّا لنُكْثِر من الثّياب في هذه الأيّام، وما يُغْني ذَلِكَ عنّا من شدّة البرد، ونراك عَلَى حالةٍ واحدة في الشّتاء والصيف لا يرتدّ عَلَى قميص واحد، فباللَّه يا سيّدي أَخْبِرْني.
فتغيرّ وجهه، ودَمَعَتْ عيناه، ثمّ قَالَ: أتكتم عليَّ ما أقول؟ قلت: نعم.
فقال: غشِيَتْني حُمّاه يومًا، فنمت في تِلْكَ الليلة، فهتف بي هاتف، فناداني باسمي، فقلت: لبيك داعيَ اللَّه. فقال: لا. قل: لَبَّيْك رَبّيَ اللَّه. مَا تجد من الألم؟.
فقلت: إلهي وسيّدي، قد أَخَذَتْ منّي الحُمّى ما قد علمت.
فقال: قد أمرتها أنّ تُقْلِع عنك.
فقلت: إلهي والبرد أيضًا.
فقال: قد أمرت البرد أيضًا أنّ يُقْلع عنك، فلا تجد ألم البرد ولا الحَرّ.
قال: فو الله ما أحسّ ما أنتم منه من الحر ولا من البرد.
قَالَ ابن الأكفانيّ: تُوُفّي بمصر في السادس والعشرين من ذي الحجّة [2] .
__________
[1] في طبقات الشافعية للسبكي «نحيساه» . وفي عيون التواريخ: «بختشاه» .
[2] وقال ابن ميسّر: توفي يوم السبت ثامن عشر ذي الحجة، وإليه نسب مسجد الخلعي بالقرافة، وبه دفن، وكان محدّثا مقريا، سمع على جماعة كثيرة، وجمع له الحافظ أبو نصر أحمد بن الحسن الشيرازي عشرين جزءا سمّاها «الخلعيات» . وكانت ولايته في محرّم سنة خمسين(34/129)
79- عليّ بْن الحُسين بْن عليّ بْن أيّوب [1] .
البغداديّ البزّاز.
كَانَ يسكن باب المراتب.
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ من خيار البغداديّين ومميَّزيهم، ومن بيت الصَّوْن، والعفاف، والنزاهة، والثّقة، والدّيانة.
سمع: أبا عليّ بن شاذان، وأبا القاسم الحرفيّ، وعبد الغفار بْن مُحَمَّد المؤدِّب، وغيرهم.
سأله أبو مُحَمَّد بْن السَّمَرْقَنْديّ عَنْ مولده فقال: سنة عشر وأربعمائة [2] .
روى عَنْهُ: إسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ، والفضل بْن ناصر، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، وأبو الفتح بْن البطّيّ، وشُهْدَة.
وآخر من حدث عَنْهُ أبو الفضل خطيب المَوْصِل.
تُوُفّي يوم عَرَفَة يوم الخميس، ودُفن ليومه.
ومولده سنة 411.
قَالَ شجاع الذُّهْليّ: صحيح السَّماع، ثقة.
وقال ابن العربيّ: ثقة عدْل.
80- عليّ بْن الفضيل بْن عبد الرّزّاق [3] .
__________
[ () ] وأربعمائة بمصر، وقبره أحد المزارات بقرب النقعة من القرافة. وولي جدّه قضاء فامية. (أخبار مصر 2/ 39) .
وورّخ المقريزي وفاته في 18 ذي الحجة أيضا. (اتعاظ الحنفا 3/ 24) .
وقال السلفي: كان أبو الحسن الخلعي إذا سمع عليه الحديث يختم مجالسه بهذا الدعاء:
اللَّهمّ ما مننت به فتمّمه، وما أنعمت به فلا تسلبه، وما سترته فلا تهتكه، وما علمته فاغفره.
وكانت ولادة الخلعي في المحرم سنة خمس وأربعمائة بمصر.
[1] انظر عن (علي بن الحسين البزّاز) في: المنتظم 9/ 111 رقم 167 (17/ 51 رقم 3688) ، والإعلام بوفيات الأعلام 203، وسير أعلام النبلاء 19/ 145، 146 رقم 75، والعبر 3/ 334، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 91، وشذرات الذهب 3/ 398.
[2] وكذا قال ابن الجوزي في (المنتظم) .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.(34/130)
القاضي أبو طاهر اليَزْديّ [1] الأصبهاني.
روى عَنْ: أبي بكر بن أبي عليّ الذّكوانيّ، والجمّال، وأبي حفص الزّعفرانيّ.
روى عنه: السّلفيّ، وقال: تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وسمعته يَقُولُ:
ولدت [سنة] سبع وأربعمائة.
81- عليّ بْن مُحَمَّد [2] .
أبو الحَسَن النَّيْسابوريّ المطرز، الزّاهد، العابد، الفقيه.
ذكره عَبْد الغافر فقال: عديم النظير في زهده، وتُوُفّي في عاشر صفر، وولد سنة سبع وتسعين وثلاثمائة.
ولم يذكر لَهُ رواية.
- حرف الغين-
82- الغضنفر بْن فارس بْن حَسَن [3] .
أبو الوحش البلْخيّ، ثمّ الدّمشقيّ البتلهيّ [4] .
سمع: ابن سلوان، وأبا القاسم السُّمَيْساطيّ.
وعنه: أبو مُحَمَّد بْن صابر.
- حرف الفاء-
83- فضلان بْن عثمان بْن مُحَمَّد بْن هُدْبَة بْن خَالِد بْن قيس بْن ثوبان، وليس هُدْبَة بهدبة بْن خَالِد بْن الأسود صاحب حمّاد بن سلمة [5] .
__________
[1] اليزدي: بفتح الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وسكون الزاي وفي آخرها الذال المهملة. نسبة إلى يزد مدينة من كور إصطخر فارس بين أصبهان وكرمان. (الأنساب 12/ 399) .
[2] انظر عن (علي بن محمد المطرّز) في: المنتخب من السياق 388 رقم 309، والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 67 أ.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] البتلهيّ: بفتح أوله وثانيه، وسكون اللام. نسبة إلى بيت لهيا. قرية مشهورة بغوطة دمشق.
(معجم البلدان 1/ 522) .
[5] لم أجد مصدر ترجمته.(34/131)
أبو أحمد القَيْسيّ الأصبهاني.
روى عَنْ: أَبِي بَكْر بْن أَبِي بَكْر بن أَبِي عليّ، وعليّ بن عبد كويه، وعبد الواحد الباطرقانيّ.
وعنه: السّلفيّ، وقال: مات في ربيع الأوَّل. وكان أَبُوهُ عثمان من طلبة الحديث.
- حرف الكاف-
84- كامل بْن ديسم بْن مجاهد [1] .
أبو الحَسَن العسقلاني، الفقيه المعروف بالمقدسيّ [2] .
سمع: مُحَمَّد بْن الحُسين بْن التّرجُمان، وأبا نَصْر مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الهارونيّ، وعليّ بْن صالح العسقلانيّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: ابنه أبو الحُسين، وإسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وغيرهما.
قتلته الفرنج يوم دخولهم القدس وهو يصلّي، رحمه اللَّه.
- حرف الميم-
85- المبارك عليّ بْن الحَسَن [3] .
أبو سعْد الْبَصْرِيّ البزّاز، ويسمّى أيضًا: عليًّا.
سمع: عَبْد المُلْك بْن بِشْران.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وغيره.
86- المبارك بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه [4] .
أبو الحُسين بن السّواديّ [5] الواسطيّ الفقيه.
__________
[1] انظر عن (كامل بن ديسم) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 21/ 132 رقم 91.
[2] قدم دمشق مرتين: في سنة 84 وسنة 485 هـ.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (المبارك بن محمد) في: سير أعلام النبلاء 19/ 212، 213 رقم 131، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 11.
[5] السّواديّ: بفتح السين المهملة. نسبة إلى السّواد. والأصل فيه: سواد العراق. (الأنساب 7/ 180) .(34/132)
نزيل نَيْسابور.
قَالَ السّمعانيّ: شيخ كبير فاضل، من أركان الفُقَهاء المكثِرين، الحافظين للمذهب والخلاف. تفقَّه بواسط، وقدم بغداد، فتفقَّه عَلَى القاضي أَبِي الطَّيِّب.
وكان قويّ المناظرة، ينقل طريقة العراقيّين.
درّس بالمدرسة الشّطبيّة بنَيْسابور، وكان متجملًّا قانعًا.
وقد سمع الحديث بواسط، والبصرة، وبغداد، ومصر. وأضرّ في آخر عمره، وسُرِقت أصوله.
سمع: أبا عليّ بْن شاذان، وأبا عَبْد اللَّه بْن نظيف.
روى عَنْهُ: طاهر بْن مهديّ الطّبريّ بمرو، وإسماعيل الحافظ بأصبهان، وشافع بْن عليّ بنَيْسابور.
وكان يُلْقي الدّرس فتُوُفّي فجأةً فِي ربيع الآخر، وله سبْعٌ وثمانون سنة.
وقال السّمعانيّ فيما انتخب لولده: إمامٌ فاضل، ومُفْتٍ مُصْلب، عديم النظير، وورِع، حَسَن السّيرة، متجمّل، قانع بقليل من التّجارة. ثنا عَنْهُ عَبْد الخالق بْن زاهر، وعُمَر الصّفّار، وجماعة.
87- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ [1] .
أَبُو بَكْر الطُّوسيّ، الصُّوفيّ المقرئ، إمام صخرة بيت المقدس.
روى عَنْ: عُمَر بْن أحمد الواسطيّ.
وعنه: أبو القاسم بْن السَّمَرْقَنْديّ.
قتلته الفرنج في شَعْبان فيمن قتلوا.
88- مُحَمَّد بْن سليمان بْن لوبا [2] .
البغداديّ.
سمع: عَبْد المُلْك بن بشران.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 21/ 291 رقم 211.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.(34/133)
89- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الحُسين بْن عُبَيْد اللَّه بْن بُرْدَة [1] .
القاضي أبو طاهر الفَزَاريّ [2] ، قاضي شيراز.
حدَّثَ بأصبهان عَنْ: أَبِي بكر محمد بن الحسن بن الليث الصفار، وجماعة.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وقال: تُوُفّي في صَفَر بشيراز.
90- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حسين [3] .
أبو سعْد ابن المؤذِّن، الشِّيرازيّ ثمّ البغداديّ.
روى عَنْ: أَبِي عليّ بْن دوما، وبِشْر بْن الفاتنيّ [4] .
روى عَنْهُ: المبارك بْن المبارك بْن السّرّاج.
وتُوُفّي في رجب.
91- مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد الواحد بن جعفر [5] .
أبو غالب ابن الصّبّاغ البغداديّ.
سمع من: أَبِي الحَسَن أحمد بن محمد الزعفراني، وأحمد بن محمد بن قفرجل، وأبي إِسْحَاق البَرْمكيّ.
وتفقّه عَلَى ابن عمه القاضي أَبِي نَصْر بْن الصّبّاغ.
روى عَنْهُ: ابنه أبو المظفّر عَبْد الواحد، وهزارست الهَرَوِيّ.
ومات في شَعْبان. وقد شهد عَنْهُ قاضي القضاة أَبِي عَبْد اللَّه الدّامغانيّ وقبله.
92- مجد المُلْك [6] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الفزاري: بفتح الفاء والزاي والراء في آخرها بعد الألف، هذه النسبة إلى فزارة وهي قبيلة.
(الأنساب 9/ 297) .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] الفاتني: بفتح الفاء وكسر التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى فاتن مولى أمير المؤمنين المطيع للَّه. (الأنساب 9/ 207) .
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] انظر عن (مجد الملك) في: الكامل في التاريخ 10/ 289- 291، والمناقب المزيدية 427، وسير أعلام النبلاء 19/ 180 رقم 100.(34/134)
أبو الفضل البلاشانيّ الوزير، واسمه أسعد بْن موسى [1] .
وَزَرَ للسلطان بَركيَارُوق.
من أولاد الكُتّاب، فيه دين وخير وقلّة ظُلْم وعدم سفْكٍ للدّماء.
عاش إحدى وخمسين سنة.
تقدّم في الدّولة الملكشاهيّة، وعظُم محلُّه، وصار يعتضد بالباطنية في مقاصده، فقيل إنّه وضع باطنيا عَلَى قتل الأمير بُرسْقُ سنة تسعين، واتهمه أولاده بذلك، ونفرت الأُمراء منه، واختلفوا عَلَى بَركيَارُوق، وصعدوا فوق تلٍّ، وهم طُغْرُلْ، وأمير آخر، وبنو برسق، وراسلوا السّلطان في أن يسلّمه إليهم، فمنعهم سنةً، ثمّ اضطرّ إلى أن يسلّمه إليهم، واستوثق منهم بالأَيْمان، عَلَى أن يحبسوه لأنّه كَانَ عزيزًا عَلَيْهِ، فلمّا توثّق منهم وبعثه إليهم لم يدعه غلمانهم أن يصل إليهم حتّى قتلوه، سامحه اللَّه.
وكان شيعيًّا قد أعدّ كَفَنَه فيه تربة وسعْفَة، فلمّا أُحضر بين يديه تفكّر وقال: ما أصنع بهذا؟ ومن يحفظه؟، واللَّه ما أبقى إلّا لقًا وطريحًا. فأنطقه اللَّه بما يصير وأحس قلبه. وكان لَهُ وردٌ باللّيل يقومه، ولا يتعاطى مُسْكِرًا، ومولاته دارّة عَلَى العلويّين.
قتلوه في ثاني عشر رمضان بطَرَف خُراسان.
93- مُحَمَّد بْن الفَرَج بْن منصور بْن إِبْرَاهِيم [2] .
أبو الغنائم الفارقيّ [3] الفقيه.
قدِم بغداد مَعَ أَبِيهِ سنة نيِّفٍ وأربعين، فسمع من: عبد العزيز الأزجيّ [4] ، وأبي إسحاق البرمكيّ،
__________
[1] في الكامل، والمناقب المزيدية: «أسعد بن محمد» ، والمثبت يتفق مع: سير أعلام النبلاء.
[2] انظر عن (محمد بن الفرج) في: الكامل في التاريخ 10/ 291.
[3] الفارقيّ: بفتح الفاء والراء المكسورة بينهما الألف وفي آخرها القاف. هذه النسبة إلى ميافارقين. (الأنساب 9/ 217) .
[4] في الأصل: «الأرجي» بالراء. والتصحيح من (الأنساب 10/ 197) وفيه: بفتح الألف والزاي وفي آخرها الجيم. هذه النسبة إلى باب الأزج وهي محلّة كبيرة ببغداد.(34/135)
وتفقّه عَلَى الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق، وبرع في المذهب، وعاد إلى ديار بَكْر، ثمّ قدِم بعد حين.
وحدَّثَ ودرس. ثمّ عاد فسكن جزيرة ابن عُمَر.
روى عَنْهُ: أبو الفتح بْن البطّيّ.
وتُوُفّي في مستهل شَعْبان سنة اثنتين وتسعين. وكان موصوفًا بالزهد والورع.
94- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْنِ عَلِيِّ [1] .
أبو بَكْر الشِّبْليّ [2] القصّار المدبّر.
شيخ مُسْنِد، من أهل باب البصرة.
سمع: أبا القاسم الحرفيّ، وأبا عليّ بن شاذان، وأبا بَكْر البَرْقانيّ.
وعنه: إسماعيل بْن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، والمبارك بن أحمد الكِنْديّ.
تُوُفّي في ثامن عشر صَفَر.
قَالَ الأَنْماطيّ: كَانَ رجلًا ثقة، خيّرًا.
95- مقرّن بْن عليّ بْن مقرّن [3] .
العلّامة أبو القاسم الأصبهاني الحنفيّ.
من أعيان المناظرين.
روى عَنْ: ابن رندة، وغيره.
حدَّثَ عَنْهُ: السِّلَفيّ، وقال: تُوُفّي في صَفَر سنة اثنتين.
96- مكّيّ بْن عَبْد السّلام بن الحسين بن القاسم [4] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الشبلي: بكسر الشين المعجمة، وسكون الباء المنقوطة بواحدة. هذه النسبة إلى قرية من قرى أسروشنة يقال لها: الشبلية. (الأنساب 7/ 281، 282) .
[3] لم أجد مصدر ترجمته. وسيعاد ثانية برقم (97) .
[4] انظر عن (مكي بن عبد السلام) في: الإكمال لابن ماكولا 4/ 226، والفقيه والمتفقه للخطيب 1/ 158 و 197، والأنساب 126، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 43/ 366، ومعجم(34/136)
أبو القاسم ابن الرُّمَيْليّ [1] ، المقدسيّ الحافظ.
قَالَ السّمعانيّ: أحد الجوّالين في الآفاق. وكان كثير النَّصَب والسَّهَر والتِّعَب، تغرّب، وطلب، وجمع. وكان ثقة، متحرِّيا، ورِعًا، ضابطًا [2] . شرع في «تاريخ بيت المقدس وفضائله» جمع فيه شيئًا وحدَّث باليسير، لأنّه قُتِل قبل الشيخوخة.
سمع بالقدس: مُحَمَّد بْن يحيى بْن سلْوان المازنيّ، وأبا عثمان بْن ورقاء، وعبد العزيز بْن أحمد النَّصِيبيّ.
وبمصر: عَبْد الباقي بْن فارس، وعبد العزيز بْن الحَسَن الضّرّاب.
وبدمشق: أبا القاسم إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الحِنّائيّ، وعليّ بْن الخضر.
وبعسقلان: أحمد بْن الحُسين الشّمّاع.
وبصور: أبا بَكْر الخطيب [3] ، وعبد الرَّحْمَن بْن عليّ الكامليّ.
وبأطْرابُلُس: الحُسين بْن أحمد.
وببغداد: أبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصَّمد بْن المأمون، وطبقتهما.
وسمع بالبصرة، والكوفة، وواسط، وتكريت، والموصل، وآمِد، وميّافارِقين.
سمع منه: هبة اللَّه الشّيرازيّ، وعمر الرّؤاسيّ.
__________
[ () ] البلدان 3/ 73، واللباب 2/ 38، والإعلام والتبيين في خروج الفرنج الملاعين 12، والمعين في طبقات المحدّثين 144، رقم 1573، وتذكرة الحفاظ 3/ 1229، والإعلام بوفيات الأعلام 203، ودول الإسلام 2/ 22، والعبر 3/ 334، وسير أعلام النبلاء 19/ 178، 179 رقم 99، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 91، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 20، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 583، ومرآة الجنان 3/ 155، وصلة الخلف بموصول السلف للروداني (نشر في مجلّة معهد المخطوطات) مجلّد 29 ق 1/ 37، والنجوم الزاهرة 5/ 164، وطبقات الحفاظ 449، والأنس الجليل 1/ 264، وشذرات الذهب 3/ 398، 399، وهدية العارفين، 2/ 471، والأعلام 8/ 215، ومعجم المؤلفين 13/ 4، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 176 رقم 1011، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 5/ 92- 94 رقم 1703.
[1] الرميلي: بضم الراء وفتح الميم وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى الرميلة، وهي من قرى الأرض المقدّسة. (الأنساب 6/ 166) .
[2] تكررت في الأصل.
[3] سمع منه الجزء الرابع من كتاب «الفقيه والمتفقه» بجامع صور في شهر جمادى الآخرة سنة 459 هـ. (1/ 158 و 197) .(34/137)
وروى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عليّ بْن مُحَمَّد المهرجانيّ بمَرْو، وأبو سعْد عمّار [1] بْن طاهر التّاجر بهمذان، وإسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ بمدينة السّلام، وجمال الإسلام، والسُّلَميّ، وحمزة بْن كَرَوَّس [2] ، وغالب بْن أحمد بدمشق.
وُلِد يوم عاشوراء سنة اثنتين وثلاثين.
قال السمعاني: أَنَا عمّار بهمذان: ثنا مكّيّ الرُّمَيْليّ ببيت المقدس، ثنا موسى بْن الحُسين: حدَّثني رَجُل كَانَ يؤذّن في مسجد الخليل عَلَيْهِ السّلام قَالَ:
كنت أُؤَذّن الأَذَان الصّحيح، حتّى جاء أمير من المصريين، فألزمني بأنْ أؤذّن الأذان الفاسد، فأذّنت كما أمرني، ونمت تِلْكَ الليلة، فرأيت كأنّي أذَّنت كما أمرني الأمير، فرأيت عَلَى باب القبة الّتي فيها قبر الخليل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلًا شيخًا قائمًا، وهو يستمع أذاني. فلمّا قلت: مُحَمَّد وعليّ خير البشر، قَالَ لي: كذبت، لعنك اللَّه. فجئت إلى رَجُل آخر غريب صالح، فقلت [3] : ما تحتشم من اللَّه تلعن رجلًا مسلمًا. فقال لي: واللَّه ما أَنَا لعنتك، إِبْرَاهِيم الخليل لعنك.
قَالَ ابن النّجّار: مكّيّ بن عَبْد السّلام الْأَنْصَارِيّ المقدسيّ من الحفاظ، رحل وحصّل، وكان مفتيا عَلَى مذهب الشّافعيّ.
سمع: أبا عَبْد اللَّه بْن سلْوان.
قَالَ المؤتمن السّاجيّ: كانت الفتاوى تجيئه من مصر، والسّاحل، ودمشق.
وقال أبو البركات السَّقَطيّ: جمعت بيني وبينه رحلةُ البصرة، وواسط. وقد عرّض نفسه ليُخْرج «تاريخ بيت المقدس» ، ولمّا أخذ الفرنج القدس، وقُبِض عَلَيْهِ أسيرًا، نُودي عَلَيْهِ في البلاد ليُفْتَدَى بألف مثقال، لمّا علموا أَنَّهُ من علماء المسلمين، فلم يَفْتَدِه أحدٌ، فقُتِل بظاهر [باب] أنطاكية، رحمه اللَّه.
وكان صدوقًا، متحريا، عالمًا، ثبتًا، كاد أنّ يكون حافظًا.
__________
[1] في الأصل: «عماد» .
[2] كروّس: بفتح الكاف والراء والواو المشدّدة، وآخره سين مهملة.
[3] في الأصل: «فقال» وهو غلط لا يستقيم مع المعنى.(34/138)
وقال مكّيّ: وُلِدت يوم عاشوراء سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة.
وقال غَيْث الأرمنازيّ: حدَّثني مُحَمَّد بْن خَلَف الرَّمْليّ قَالَ: قُتِل مكّيّ بْن عَبْد السّلام، قَتَلَتْه الإفرنج بالحجارة في ثاني عشر سنة اثنتين وتسعين عند النّزول [1] ، وكنت معهم إذ ذاك مأسورًا.
97- مقرّن بن عليّ بْن مقرّن بْن عَبْد العزيز [2] .
أبو القاسم الحنفيّ الفقيه.
أحد أعيان فقهاء إصبهان.
روى عَنْ: ابن رندة.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وقال: تُوُفّي في صَفَر.
- حرف النون-
98- نجاح بْن عليّ بْن زقاقيم [3] .
أبو القاسم البغداديّ الطّحّان.
سمع: أبا علي بن شاذان.
وعنه: إسماعيل بن السمرقندي.
__________
[1] هكذا هنا. وفي تاريخ دمشق 43/ 366 «عند بيروت» . وفي سير أعلام النبلاء 19/ 179 «عند البثرون» . والاثنان وهم، فهو قتل في بيت المقدس عند نزول الإفرنج عليها كما هو مثبت هنا.
فقد قال ابن السمعاني: «ورجح إلى بيت المقدس وسكنها إلى أن قتل بها شهيدا متقدّما محاربا غير فار وقت استيلاء الإفرنج على بيت المقدس، والله تعالى يرحمه. (الأنساب 6/ 166) .
وقال أبو الفضل محمد بن ناصر الحافظ: وحدّث ببغداد وسمع منه أبي أحاديث كتبها له بخطّه، وصنّف كتابا في تاريخ بيت المقدس، وسمع من الخطيب بالشام وببغداد، وكان فاضلا صالحا ثبتا، وعاد إلى بيت المقدس فأقام بها يدرّس الفقه على مذهب الشافعيّ ويروي الحديث إلى أن غلبت الإفرنج على بيت المقدس، فحكى لي من رآه وهو يحمل عليهم حتى يخرجهم من المسجد وقتل منهم، ثم قتل شهيدا في سنة تسعين وأربعمائة. قال ابن السمعاني: وهم في التاريخ، كان استيلاء الإفرنج على بيت المقدس سنة اثنتين وتسعين.
وروى لي عن مكي بن عبد السلام الرميلي أبو عبد الله محمد بن علي الأسفرائيني بمرو، وأبو سعد عمار بن طاهر التاجر بهمذان، ولم يحدّثنا عنه سواهما. (الأنساب 6/ 166، 167) .
[2] تقدّم برقم (95) .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.(34/139)
تُوُفّي في ربيع الآخر.
99- نَصْر بْن أحمد بْن الفتح [1] .
أبو القاسم الهَمَذانيّ المؤدِّب.
قدِم دمشق وسمع: أبا عَبْد اللَّه بْن سلْوان، ورشأ بْن نظيف، وجماعة.
قَالَ ابن عساكر: ثنا عَنْهُ محفوظ بْن الحَسَن بْن صَصَرَى، وأبو القاسم بْن عَبْدان، وعبد الرَّحْمَن الدّارانيّ.
- حرف الهاء-
100- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن علي بْن عَبْد السّميع [2] .
أبو تمام الهاشْميّ.
أحد الأشراف ببغداد.
سمع: أبا الحَسَن بْن مَخْلَد، والبزّار.
روى عَنْهُ: أبو بَكْر الْأَنْصَارِيّ، وأبو بَكْر بْن الزّاغُونيّ.
- حرف الياء-
101- يوسف بْن إِبْرَاهِيم [3] .
أبو الفتح الزّنْجانيّ الصُّوفيّ.
ممّن قُتِل بالقدس.
102- يوسف بْن عليّ [4] .
أبو الحَجّاج ابن الملجوم الْأَزْدِيّ الفاسيّ.
أحد الأعلام.
تفقّه بأبيه، وولي قضاء الجماعة لابن تاشَفين وغزا معه مرّات. وكان رأسًا في الفقه والحديث والآداب.
روى عَنْهُ: ابنه أبو موسى.
تُوُفّي في ذي الحجّة.
__________
[1] انظر عن (نصر بن أحمد) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 26/ 124 رقم 81.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.(34/140)
سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة
- حرف الألف-
103- أحمد بن الحسن بن الحسين بْن كيلان [1] .
أبو بَكْر البغداديّ المقرئ الخبّاز.
سمع: أبا القاسم الحرفيّ.
روى عَنْهُ.
104- أحمد بْن عَبْد الوهّاب [2] .
أبو منصور الشِّيرازيّ الواعظ الشّافعيّ الفقيه المغسّل، نزيل بغداد.
تفقّه عَلَى: أَبِي إِسْحَاق.
وسمع من: أحمد بْن مُحَمَّد الزَّعْفرانيّ، وأبي مُحَمَّد الجوهريّ.
سمع منه: ابن طاهر، وعبد اللَّه بْن أحمد بْن السَّمَرْقَنْديّ.
ذكره ابن الصّلاح في «طبقات الشّافعيّة» .
105- أحمد بْن سُليمان بْن خَلَف بْن سعْد بْن أيّوب بن أيّوب [3] .
الأستاذ أبو القاسم ابن القاضي أَبِي الوليد الباجيّ.
سكن سَرَقُسْطَة وغيرها.
وروى عَنْ أَبِيهِ مُعْظَم عِلْمُه، وخلفه في حلقته بعد وفاته. وأخذ عن:
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (أحمد بن سليمان) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 71 رقم 153، والوافي بالوفيات 6/ 404 رقم 2918، والديباج المذهب 40، وكشف الظنون 836، وإيضاح المكنون 1/ 550، وشجرة النور الزكية 1/ 121 رقم 342، ومعجم المؤلفين 1/ 237.(34/141)
حاتم بن محمد، وابن جيّان، ومحمد بن عتاب، ومعاوية بن محمد العقيلي، ويوسف بن الفرج.
وغلب عليه علم الأصول والنظر. وله تصانيف تدل على حذقه وتوسعه في المعارف [1] . وله كتاب «العقيدة في المذاهب السديدة» ورسالة «الاستعداد للخلاص في المعاد» . وكان غاية في الورع، معدودا في الأذكياء. توفي بجدة بعد منصرفه.
ودخل بغداد ولم يقم بها. وتحول منها إلى البحرين، وإلى اليمن، وأجاز للقاضي عياض.
وقال ابن بشكوال [2] : أَخْبَرَنَا عَنْهُ غير وأحد من شيوخنا، ووصفوه بالنّباهة والجلالة. وكان من كبار المالكيّة.
وقال القاضي عِيَاض: خَلَف أَبَاهُ في الحلقة، وكان حافظًا للخلاف والمناظرة، أديبا، ناظما، ورعا، تخلّى عَنْ تَرِكَة أَبِيهِ لقبوله جوائز السّلطان، وكانت وافرة. وخرج عَنْ جميعها، حتّى احتاج بعد ذَلِكَ رحمه اللَّه.
106- أَحْمَد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن محمود بْن علّكان [3] .
الفقيه أبو بَكْر الهَمَذانيّ الشروطيّ [4] البيّع [5] . ويُعرف بابن المحتسب.
روى عَنْ: عَبْد اللَّه بْن عبدان، وأبي عبد الله التّوثيّ [6] ، وأبي سعد بن
__________
[1] انظر: الصلة 1/ 71.
[2] في الصلة 1/ 71.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] الشروطي: بضم الشين المعجمة، والراء، وبعدهما الواو، وفي آخرها الطاء المهملة. هذه النسبة لمن يكتب الصّكاك والسّجلّات لأنها مشتملة على «الشروط» فقيل لمن يكتبها:
الشروطي. (الأنساب 7/ 321) .
[5] البيّع: بفتح الباء الموحّدة وكسر الياء المشدّدة آخر الحروف وفي آخرها العين المهملة. هذه اللفظة لمن يتولّى البياعة والتوسّط في الخانات بين البائع والمشتري من التجار للأمتعة.
(الأنساب 2/ 370) .
[6] في الأصل: «التوني» ، والتصحيح من: الأنساب 3/ 100 وفيه: التوثي: بضم التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وفي آخرها الثاء المنقوطة بثلاث، هذه النسبة إلى توث وهي قرية من قرى مرو على خمسة فراسخ منها.(34/142)
زيرك، وحمد بن المأمون، وبندار بن الحسين الزاهد، وأبي عبد الله بن خرجة النهاوندي، وغيرهم.
قال شيرويه إنه سمع منه، وإنّه كَانَ صدوقًا صالحًا، مثابرًا للمتعلّمين.
تُوُفّي في رمضان.
قلت: روى عَنْهُ شهردار بْن شِيرُوَيْه كتاب «الألقاب» لأبي بَكْر الشِّيرازيّ، وقد وقع لنا.
107- أحمد بْن مُحَمَّد بْن سميكة [1] .
البغداديّ: أحد وكلاء الخليفة.
روى عن: أبي علي بن شاذان.
روى عنه: أبو القاسم بن السّمرقنديّ، وغيره.
مات في شوال.
108- أحمد بْن محمد بْن أحمد بن يوسف بن دينار [2] .
أبو طالب الكندلاني.
وكندلان [3] من قرى إصبهان.
روى عَنْ: أبي بكر بن أبي عليّ المعدّل، وغلام محسّن، والجمّال.
روى عنه السّلفيّ، وغيره.
وقيل إنّه سمّع لنفسه في شيء [4] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (أحمد بن محمد الكندلاني) في: الأنساب 10/ 485، 486، واللباب 3/ 115.
[3] كندلان: بضم الكاف وسكون النون وضم الدال المهملة وفي آخرها النون. (الأنساب) .
[4] قال ابن السمعاني: سمع الحديث الكثير، وخلط ما لم يسمع بما سمع، وسقطت روايته.
ذكره أبو زكريا يحيى بن أبي عمرو بن مندة الحافظ في كتاب أصبهان، فقال: أبو طالب الكندلاني، حدّث عن أبي بكر بن أبي علي، وأبي عبد الله الجمّال، وغلام محسّن، وأبي علي الصيدلاني، وروى عن أبي بكر بن مردويه، ولم يسمع منه، ولم تكن الرواية والحديث من صنعته، إن أخطأ لا يعتمد على روايته إلا ما كتب عنه أهل الرواية والمعرفة. ومات في التاسع عشر من المحرّم سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة. وكان شيخنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ يقول: أبو طالب الكندلاني فيه لين.(34/143)
قَالَ السِّلَفيّ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: وُلِدت سنة اثنتين وأربعمائة. ونا [1] عَن النّقّاش.
قَالَ السّمعانيّ: نا عَنْهُ مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد المَغَازليّ.
109- أحمد بْن مُحَمَّد [2] .
أبو القاسم الأصبهاني الباغبان [3] .
والد أَبِي الخير، وأبي بَكْر.
حدَّثَ عَنْ: أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَهْ.
ومات كهْلًا [4] .
110- إِبْرَاهِيم بْن يحيى [5] .
أبو إِسْحَاق التُّجَيْبيّ الطُّلَيْطُليّ، النّقّاش. المعروف بابن الزرقالة.
كان واحد عصره في علم العدد والرصد، وعلل الأزياج. لم تخرج الأندلس أحدًا مثله، مع ثقوب الذهن والبراعة في عمل الآلات النّجوميّة. وله رصد بقرطبة.
وتوفى في ذي الحجّة.
111- إسماعيل بْن إِبْرَاهِيم بْن عُبَيْد اللَّه [6] .
أبو الفَرَج البَردِيّ [7] .
سمع: الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسْنَوَيْه.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وقال: مات في شَعْبان سنة 493.
112- أحمد بْن عَبْد الرحيم بن القاضي [8] .
__________
[1] اختصار لكلمة: «وأخبرنا» .
[2] انظر عن (أحمد بن محمد الباغبان) في: المنتظم 9/ 114 رقم 169 (17/ 55 رقم 3690) .
[3] في الأصل: «الباغيان» .
[4] قال ابن الجوزي: سمع الحديث الكثير تحت ضرّ شديد، وكان رجلا صالحا.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] لم أجد مصدر ترجمته.
[7] البردي: في الأنساب 2/ 141: «البردي» بفتح الباء وسكون الراء. و «البردي» بضم الباء وسكون الدال. ولا أدري إلى أيّهما ينسب صاحب الترجمة.
[8] تأخّرت ترجمته في الأصل بعد (ثابت بن روح رقم 115) .(34/144)
أبو نَصْر الْبُخَارِيّ الحمّال الواعظ.
سمع: أَبَاهُ، وأحمد بْن القاسم، وطاهر بْن حسين المطَّوِّعيّ.
وأملى مدّة.
وُلِد سنة أربع عشر.
حدَّثَ عَنْهُ: عثمان بْن عليّ البِيكَنْديّ، ومُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر السِّنْجيّ، وعُمَر بْن أَبِي بَكْر الصّابونيّ، وأبو رجاء مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الْبُخَارِيّ.
- حرف الباء-
113- بُرَيْدَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُرَيْدَةَ [1] .
أبو سهل الأسْلَميّ المَرْوَزِيّ.
سمع: إسماعيل بْن يَنال المحبوبيّ [2] صاحب مُحَمَّد بْن أحمد بْن محبوب ومولاه، وأبا بَكْر مُحَمَّد الحَسَن بْن عبوَيْه.
قَالَ ابن السّمعانيّ: هُوَ الشَّيْخ الصّالح بُرَيْدَةُ بْن مُحَمَّد بْن بُرَيْدَةَ بْن مُحَمَّد بْن بُرَيْدَةَ بْن أحمد بْن عَبَّاس بْن خَلَف بْن بُرْد بْن سرجس بْن عَبْد اللَّه بْن بُرَيْدَةَ بْن الخصيب، كَانَ صالحًا، جميل الأمر، فقيه أهل بيته.
تُوُفّي فِي ذي الحجة، وكان مولده فِي سنة ثمانٍ وأربعمائة، روى لنا عَنْهُ:
مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر السِّنْجيّ، وجماعة.
- حرف الثاء-
114- ثابت بْن رَوْح بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد [3] .
أبو الفتح الرَّارَانّي [4] الأصبهاني، جدّ خليل بْن أَبِي الرجاء.
سمع: أبا بَكْر بْن رنْدة، وأبا طاهر عبد الرحيم.
__________
[1] انظر عن (بريدة بن محمد) في: التحبير 1/ 217، 541.
[2] المحبوبي: بفتح الميم، وسكون الحاء المهملة، وضم الباء الموحّدة، وفي آخرها باء أخرى، بعد الواو، هذه النسبة إلى محبوب وهو اسم لجدّ المنتسب إليه. (الأنساب 11/ 159) .
[3] انظر عن (ثابت بن روح) في: الأنساب 6/ 39.
[4] في الأصل: «الرازاني» بالزاي. والتصحيح من: الأنساب، وفيه: «الراراني» : راران بالراءين المفتوحتين المنقوطتين من تحتهما بنقطة واحدة قرية من قرى أصبهان.(34/145)
روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن طاهر المَقْدِسيّ، وأبو عامر العبْدريّ [1] ، والسِّلَفيّ.
صوفي كبير.
- حرف الجيم-
115- جعفر بْن مُحَمَّد بْن الفضل [2] .
أبو طاهر الْقُرَشِيّ العَبَّادانيّ [3] الْبَصْرِيّ.
حدَّثَ عَنْ أَبِي عُمَر الهاشمي بأجزاء من «مُسْنِد» عليّ بْن إِبْرَاهِيم المادرائيّ [4] ، وشيء من إملاء أَبِي عُمَر الهاشْميّ، وغير ذَلِكَ.
روى عَنْهُ: أبو غالب مُحَمَّد بْن أَبِي الحَسَن الماوَرْدِيّ [5] ، وعلي بْن عَبْد المُلْك الواعظ، وطلحة بْن عليّ المالكيّ، وعبد اللَّه بْن عليّ الطّامَذِيّ [6] ، ومُحَمَّد بْن طاهر المَقْدِسيّ، وعبد اللَّه بن عمر بن سليخ [7] ، وآخرون.
وآخر من حدَّثَ عَنْهُ: ابن سَلِيخ.
وآخر من حدَّثَ عَنْهُ بالإجازة أبو طاهر السِّلَفيّ.
وأمّا قول أَبِي نَصْر اليُونَارتيّ [8] إنّه روى عَنْ أَبِي دَاوُد عَن الهاشْميّ، فقولٌ لا يُتَابَع عَلَيْهِ، فإنّ النّاس ازدحموا عَلَى أَبِي عليّ التُّسْتَريّ [9] ، ورحل إليه ابن
__________
[1] العبدري: بفتح العين المهملة، وسكون الباء المنقوطة بواحدة، وفتح الدال المهملة، وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى «عبد الدار» .
[2] انظر عن (جعفر بن محمد) في: الأنساب 8/ 336، والمعين في طبقات المحدّثين 144 رقم 1574، والإعلام بوفيات الأعلام 203، وسير أعلام النبلاء 19/ 41- 43 رقم 27، والعبر 3/ 336، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 98، وشذرات الذهب 3/ 399.
[3] العبّاداني: بفتح العين المهملة، وتشديد الباء المنقوطة بواحدة والدال المهملة بين الألفين، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى عبّادان، وهي بليدة بنواحي البصرة في وسط البحر.
(الأنساب 8/ 335) .
[4] المادرائي: بفتح الميم والدال المهملة بعد الألف، وبعدها الراء، هذه النسبة إلى مادرايا من أعمال البصرة. (الأنساب 11/ 64) .
[5] الماوردي: بفتح الميم والواو، وسكون الراء، وفي آخرها الدال المهملة، هذه النسبة إلى بيع الماورد وعمله. (الأنساب 11/ 104) .
[6] الطامذي: بفتح الطاء المهملة، والميم، بينهما الألف، وفي آخرها الذال المعجمة. هذه النسبة إلى طامذ، قرية من قرى أصبهان. (الأنساب 80/ 179) .
[7] سليخ: بالسين المهملة المفتوحة، وفي آخرها خاء معجمة. (المشتبه 1/ 367) .
[8] تقدّم التعريف بهذه النسبة.
[9] التّستري: بالتاء المضمومة المنقوطة من فوق بنقطتين وسكون السين المهملة وفتح التاء(34/146)
طاهر، والمؤتَمَن السّاجيّ، وعبد اللَّه بْن السَّمَرْقَنْديّ، ومُحَمَّد بْن مرزوق الزَّعْفرانيّ، وطائفة سواهم. وقد مات من سنة تسع وسبعين، فلو كَانَ العَبَّادانيّ يروي الكتاب إلى عامنا هذا، لرحل النّاس إليه أكثر ممّا رُحِل إلى التُّسْتَريّ، وأيضًا، فلا نعلم أحدًا حدَّثَ بالسُّنَن عَن العَبَّادانيّ إلّا ما قاله أبو نَصْر واثبته لأهل إصبهان، ولو كَانَ هذا معروفًا بالعراق لسمعوا «السُّنَن» عَلَى ابن سَلِيخ بالإجازة من العَبَّادانيّ، وأسمعه أهل مصر، عَلَى السِّلَفيّ، عَن العَبَّادانيّ، مَعَ أنّ الاحتمال باقٍ.
قرأتُ عَلَى عَبْد المؤمن الحافظ: أخبركم ابن روَاج، أَنَا السِّلَفيّ، كُتُب إلينا أبو طاهر جعفر بن محمد بن البصرة، وحدثني عَنْهُ شجاع الكِنَانيّ: أَنَا أبو عمر الهاشميّ، ثنا عليّ بن إسحاق، ثنا عليّ بن حرب، ثنا عبد الله [1] بن إدريس، عَن الأعمش، عَنْ شقيق قَالَ: كَانَ ابن مسعود يَقُولُ: إنّي لأُخْبَرُ بمكانكم، فما يمنعني أنّ أخرج إليكم إلّا كراهية أنّ أُمِلَّكُم. أَنّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يتخَولُّنا بالموعظة كراهية السّامة علينا [2] ، قَالَ ابن سُكَّرَة: أبو طاهر رَجُل صالح أُمّيّ.
قلت: قَالَ السِّلَفيّ في «مُعْجَم إصبهان» [3] : سَمِعْتُ يحيى بْن مُحَمَّد البَحْرانيّ يَقُولُ: تُوُفّي العَبَّادانيّ في جُمَادَى الأولى سنة ثلاثٍ. ونودي في البصرة عَلَى ابن العَبَّادانيّ الزّاهد فليحضُرْ، فلعلّه لم يتخلّف من أهل البلد إلّا القليل.
قَالَ السِّلَفيّ: كَانَ يروي عَن الهاشْميّ، وأبي الحَسَن النّجّاد. ومن مَرْوِيّاته كتاب «السُّنَن» لأبي دَاوُد، يرويه عَنْ أَبِي عُمَر الهاشْميّ. كذا قال السّلفيّ.
__________
[ () ] المعجمة أيضا بنقطتين من فوق والراء المهملة. هذه النسبة إلى تستر بلدة من كور الأهواز من بلاد خوزستان، يقولها الناس شوشتر، وبها قبر البراء بن مالك رضي الله عنه. (الأنساب 3/ 54) .
[1] في الأصل: «ثنا علي بن حرب، نا عبد الله، ثنا عبد الله» .
[2] السند صحيح. وقد أخرجه البخاري في العلم (68) ، وفي الدعوات (6411) ، ومسلم في صفات المنافقين (2821) ، والترمذي (2855) ، وأحمد في المسند 1/ 377 و 378 و 425 و 443 و 462 من عدّة طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.
[3] في الأصل: «قال السلفي في الثامن معجم أصبهان» . ولعلّ «الثامن» مقحمة، أو لعلّها: «في الجزء الثامن من معجم أصبهان» . والله أعلم.(34/147)
- حرف الحاء-
116- الحَسَن بْن تميم [1] .
أبو عليّ الْبَصْرِيّ.
سمع كتاب «الشّهاب» من القُضاعيّ.
وسمع ببغداد من ابن النَّقُّور، وبالبصرة من أَبِي عليّ التُّسْتَريّ.
روى عَنْهُ: عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد المَدِينيّ في مشيخته.
وسمع منه السِّلَفيّ بأصبهان بعض «الشّهاب» .
تُوُفّي في رجب.
117- حمزة بْن مكّيّ [2] .
أبو طاهر الخبّاز.
بغداديّ يروي عَنْ: عبد المُلْك بْن بِشْران.
وعنه: عُمَر بْن ظَفَر المَغَازليّ [3] .
تُوُفّي في رجب.
118- الحُسين بْن أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد بْن طَلْحَةَ [4] .
أبو عَبْد اللَّه النِّعَاليّ [5] .
شيخ مَعْمَر من كبار المُسْنَدين ببغداد.
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ صالحًا، إلّا أَنَّهُ ما كَانَ يُعرف شيئًا. وكان حمّاميا.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] المغازلي: بفتح الميم والغين المعجمة، وكسر الزاي بعد الألف، وفي آخرها اللام، هذه النسبة إلى المغازل وعملها. (الأنساب 11/ 416) .
[4] انظر عن (الحسين بن أحمد) في: التحبير لابن السمعاني 2/ 426، والأنساب 12/ 114، والمنتظم 9/ 115 رقم 179 (17/ 56 رقم 3692) ، واللباب 3/ 317، والمعين في طبقات المحدّثين 144 رقم 1575، والإعلام بوفيات الأعلام 203، وسير أعلام النبلاء 19/ 101- 103 رقم 57، ودول الإسلام 2/ 23، والعبر 3/ 336، والوافي بالوفيات 12/ 339، وتبصير المنتبه 1/ 166، ولسان الميزان 2/ 268، وشذرات الذهب 3/ 399، وأعيان الشيعة 25/ 165.
[5] النّعالي: بكسر النون وفتح العين المهملة وفي آخرها اللام. هذه النسبة إلى عمل النعال.
(الأنساب 12/ 113) .(34/148)
قلت: ولهذا يقال لَهُ الحافظ، لأنّه كَانَ قعّادًا لحِفْظ ثياب النّاس في الحمّام [1] .
قَالَ شجاع الذُّهْليّ: صحيح السَّماع، خالٍ من العِلْم والفَهْم. سَمِعْتُ منه. وبخطّ أَبِي عامر العَبْدَريّ قَالَ: الحُسين بن طلحة عامّيّ، أُمّيّ، رافضيّ، لا يحلّ أن يحمل عنه حرف.
وبخطّه أيضًا: كَانَ أُمّيًّا، لا يدري ما يُقرأ عَلَيْهِ. لم يكن أهلًا أنّ يؤُخْذ عَنْهُ.
وكذا نعته بعضُ شيوخ السّمعانيّ بعدم الفهم، وقال: لا أروي عَنْهُ.
سمعه جَدّه من أَبِي عُمَر بْن مَهْديّ، وأبي سعْد المالينيّ، وأبي الحسين مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه الحِنّائيّ، وأبي سهل العُكْبَريّ، وأبي القاسم بْن المنذر القاضي وهو آخر من حدَّثَ عَنْهُمْ.
قَالَ السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ جماعة ببلاد. وسألت إسماعيل الحافظ بأصبهان عَنْهُ، فقال: هُوَ من أولاد المحدثين، سمع الكثير.
وسألت أبا الفَرَج إِبْرَاهِيم بْن سليمان عَنْهُ، فقال: سَمِعْتُ منه، ولا أدري عَنْهُ. كَانَ لا يُعرف ما يُقرأ عَلَيْهِ.
وسمعت عَبْد الوهّاب الأَنْماطي يَقُولُ: دلَّنا عَلَيْهِ أبو الغنائم بْن أَبِي عثمان، فمضينا إِلَيْهِ، فقرأت عَلَيْهِ الجزء الّذي فيه اسمه وسألناه: هَلْ عندك من الأُصوُل شيء؟ فقال: كَانَ عندي شَدَّة بعتها ابن الطُيُوريّ، ما أدري إيش فيها.
فمضينا إلى ابن الطُّيُوريّ [2] ، فأخرج لنا شدة فيها سماعاته من المالينيّ وغيره، فقرأناها عَلَيْهِ.
قلت: روى عَنْهُ خلق كثير منهم: أبو الفتح بْن البطّيّ، ويحيى بْن ثابت بْن بُنْدار، وهبة اللَّه بْن الحَسَن الدّقّاق، والقاضي أبو المعالي حَسَن بْن أحمد بْن
__________
[1] لسان الميزان 2/ 268.
[2] هو المبارك بن عبد الجبّار الطيوري. وستأتي ترجمته في وفيات سنة 500 هـ. في هذا الجزء.(34/149)
مُحَمَّد بْن جعفر الكَرْخيّ، والقاضي أبو مُحَمَّد عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حمزة الثَّقْفي، وأبو القاسم هبة اللَّه بْن الفضل القطّان، ومسعود بْن عَبْد الواحد بْن الحصين، وأبو البركات سعْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حمدي البزّاز، وأبو الغمْر خُرَيْفَة، والهاطر أو المبارك بْن هبة اللَّه بْن العقاد، وأبو المظفّر مُحَمَّد بْن أحمد بْن مُحَمَّد عَبْد الوهّاب بْن الدّبّاس، والمبارك بْن المبارك السِّمْسار، وعبد اللَّه بْن منصور الموصليّ، ومحمد بن إسحاق بن الصّابيء، ومحمد بن عليّ بن محمد ابن العلّاف، وصالح بْن الرِّخْلَة [1] ، وأبو عليّ أحمد بْن مُحَمَّد الرَّحْبيّ [2] ، وتركناز [3] بنت عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الدّامغانيّ [4] ، وكمال بنت عَبْد الله بن السّمرقنديّ، وشهدة الكاتبة، ونفيسة البزّازة [5] ، وتجني [6] الوهبانية، وأحمد بْن المقرّب [7] .
ومات في صَفَر [8] .
- حرف الخاء-
119- خَلَف بْن مُحَمَّد بْن خَلَف [9] .
أبو الحزن العبدريّ [10] السّرقسطيّ.
__________
[1] الرّخلة: بكسر الراء المشدّدة وسكون الخاء وفتح اللام. (المشتبه 1/ 311) .
[2] الرّحبي: بفتح الراء وسكون الحاء المهملتين وفي آخرها الباء المنقوطة بواحدة، هذه النسبة إلى الرحبة، وهي بلدة من بلاد الجزيرة في آخر حدّ هاب على أول حدّ الشام يقال لها رحبة بن مالك بن طوق على شرط الفرات. (الأنساب 6/ 89) .
[3] في الأصل: «تركنار» براءين مهملتين. والصحيح ما أثبتناه. بالزاي آخر الحروف.
[4] الدّامغانيّ: بالدال المفتوحة المشدّدة المهملة والميم المفتوحة والغين المنقوطة. بلدة من بلاد قومس: (الأنساب 5/ 259) .
[5] في الأصل: «البزارة» براء قبل الهاء. وما أثبتناه هو الصحيح.
[6] تجنّي: بفتح التاء المثنّاة بنقطتين من فوق، والجيم، وكسر النون المشدّدة، وياء. وهي معمّرة من طبقة شهدة. توفيت سنة 575 هـ. (المشتبه 1/ 110) .
[7] في الأصل: «المقرن» .
[8] وقال ابن الجوزي: وعاش تسعين سنة، فاحتاج الناس إلى إسناده مع خلوّه من العلم، حدّثنا عنه أشياخنا. (المنتظم) .
[9] انظر عن (خلف بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 173 رقم 393.
[10] هكذا ورد في هامش الأصل من كتاب (الصلة) وفيه عبارة: «نقلته من خط بن الدباغ» . أما في متن الترجمة ورد أنه يعرف ب: القروذي.(34/150)
أجاز لَهُ جَدّه أبو الحزْم خَلَف بْن أحمد بْن هاشم [1] قاضي وشقة [2] . وسمع من خاله موسى بْن خَلَف، وولي الأحكام.
وكان فقيها صالحا.
مات في ذي الحجة عَنْ نيف وثمانين سنة. وكانت جنازته مشهودة.
توفّي جدّه سنة إحدى وعشرين [3] .
- حرف السين-
120- سعْد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد المُلْك [4] .
أبو منصور البغداديّ النَّحْويّ.
سمع الكثير، ونسخ، وحدَّثَ عَنْ: أَبِي طَالِب بْن غَيْلان، والجوهري.
روى عَنْهُ: هبة اللَّه السَّقَطيّ.
ومات في ربيع الأوَّل، وكان صحيح النَّقْل.
121- سلمان بْن أَبِي طَالِب عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الفتى [5] .
أبو عَبْد اللَّه النَّهْروانيّ [6] النَّحْويّ.
من كبار أئمّة العربيّة. صنَّف كُتُبًا في اللُّغة من ذَلِكَ كتاب «القانون» في عشرة أسفار في اللّغة، قليل المثل. وصنَّف كتابًا في تفسير القرآن، وشرح
__________
[1] في الصلة 1/ 165 رقم 369: «خلف بن أحمد بن هشام» .
[2] في الصلة: قاضي سرقسطة.
[3] لم يرد في (الصلة) تاريخ لوفاته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] انظر عن (سلمان بن أبي طالب) في: معجم الأدباء 11/ 234- 236 رقم 74، والمنتظم 9/ 115 رقم 172 (17/ 56 رقم 3693) ، وإنباه الرواة 4/ 239، 240، رقم 267، ونزهة الألباء 268، 269، ومرآة الجنان 3/ 156 وفيه «سليمان» ، والوافي بالوفيات 15/ 311- 313 رقم 435، وشذرات الذهب 3/ 399، وبغية الوعاة 1/ 595 رقم 125، وطبقات المفسرين للسيوطي 13، وكشف الظنون 163، 212، 446، 812، 1160، 1313، وروضات الجنات 322، 323، ومعجم المؤلفين 4/ 239، 240، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 234 رقم 188.
[6] النهرواني: بفتح النون وسكون الهاء وفتح الراء المهملة والواو وفي آخرها نون أخرى. هذه النسبة إلى بليدة قديمة على أربعة فراسخ من الدجلة يقال لها النهروان. (الأنساب 12/ 174) .(34/151)
«الإيضاح» لأبي عليّ الفارسيّ.
وصنَّف في عِلَل القراءات.
ونزل إصبهان، وتخرّج بِهِ أهلها.
قرأ الأدب عَلَى: أَبِي الخطّاب الجيليّ، والثمانينيّ.
وقدم بغداد بعد الثّلاثين وأربعمائة.
وله شعر جيد.
وسمع: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا الطَّيِّب الطَّبَريّ.
روى عَنْهُ: أبو زكريّا بْن مَنْدَهْ، وأبو القاسم إسماعيل الطّلْحيّ [1] ، وأبو طاهر السّلفيّ [2] .
__________
[1] الطّلحي: بفتح الطاء المهملة، وسكون اللام، وفي آخرها الحاء المهملة. هذه النسبة إلى طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه. (الأنساب 8/ 246) .
[2] ذكره ابن الأنباري باسم «سليمان» . وقال: ثقة، نشأ بالمدرسة النظامية ببغداد، ونزل بأصبهان وسكنها، وأكثر فضلائها قرءوا عليه وأخذوا عنه الأدب. وذكره أبو زكريا يحيى بن عبد الوهّاب في تاريخ أصبهان، واستوطن فيها، وكان جميل الطريقة، فاضلا، أديبا، حسن الأخلاق.
ودخل بغداد سنة ثلاثين وأربعمائة. وتشاغل بالأدب على أبي القاسم الثمانيني، وغيره. من أدباء وقته، وكان مليح الشعر، ومنه قوله:
تذلّل لمن إن تذلّلت له ... رأى ذاك الفضل لا للبله
وجانب صداقة من لم يزل ... على الأصدقاء يرى الفضل له
(نزهة الألباء 268، 269) وقال ابن النجار: قدم بغداد وقرأ بها النحو على الثمانيني، واللغة على ابن الدهان، وغيره، وبرع في النحو وكان إماما فيه وفي اللغة. وسمع الحديث من القاضي أبي الطيب الطبري، وغيره. وجال في العراق ونشر بها النحو، واستوطن أصبهان، وروى عنه السلفي. وصنّف تفسير القرآن، وكتابا في القراءات و «القانون في اللغة» عشر مجلّدات لم يصنّف مثله، وشرح «الإيضاح» لأبي علي الفارسيّ، وشرح «ديوان المتنبّي» و «الأمالي» وغير ذلك. مات في ثاني عشر من صفر سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، وقيل سنة أربع وتسعين وأربعمائة. ومن شعره:
إن خانك الدهر فكن عائذا ... بالبيض والإدلاج والعيس
ولا تكن عبد المنى إنّها ... رءوس أموال المفاليس
وقال:
تقول بنيّتي: أبتي تقنّع ... ولا تطمح إلى الأطماع تعتد
وروض باليأس نفسك فهو أحرى ... وأزمن في الورى وعليك أعود
فلو كنت الخليل وسيبويه ... أو الفرّاء أو كنت المبرّد
لما ساويت في حيّ رغيفا ... ولا تبتاع بالماء المبرّد(34/152)
وهو والد مدرّس النّظاميّة أَبِي عليّ الحُسين [1] بْن سلمان.
قَالَ السِّلَفيّ: هُوَ إمامٌ في اللُّغة. أخذ عَن ابن برهان، وطائفة.
- حرف الصاد-
122- صالح ابن الحافظ أَبِي صالح أحمد بْن عَبْد المُلْك النَّيْسابوريّ [2] .
المؤذِّن أبو الفضل.
تُوُفّي في شَعْبان.
روى اليسير، ومات في الكُهُولة [3] .
- حرف الطاء-
123- طاهر بْن الحُسين بْن عليّ بْن عَبْد المطلب بْن حَمْد [4] .
أبو المظفّر النَّسَفيّ.
قَالَ السّمعانيّ: كان من العلماء الزّهاد.
__________
[ () ] (معجم الأدباء 11، 234- 236) ومن شعره أيضا:
يا ظبية حلّت بباب الطاق ... بيني وبينك أوكد الميثاق
فو حقّ أيام. الحمى ووصالنا ... قسما بها وبنعمة الخلّاق
ما مرّ من يوم ولا من ليلة ... إلّا إليك تجدّدت أشواقي
سقيا لأيام جنى لي طيبها ... ورد الخدود ونرجس الأحداق
(الوافي بالوفيات 15/ 312) .
[1] في نزهة الألباء: «الحسن» ، ومثله في: الوافي بالوفيات. وهو توفي سنة 525 هـ. وله ابن آخر يقال له أبو الحسن علي. كان أديبا فاضلا، وكان وجيها بالري إمّا وزيرا لبعض أمراء السلجوقية أو شبيها بالوزير. مدحه أبو يعلى ابن الهبارية.
[2] انظر عن (صالح بن أبي صالح) في: المنتخب من السياق 260 رقم 840 وقد وردت ترجمته في الأصل عقب ترجمة «كامكار» الآتية برقم (139) .
[3] وقال عبد الغافر الفارسيّ: «شاب سنّي متعصّب للسّنّة، فاضل محصّل، سمّعه أبوه الكثير، ولم يفته كثير أحد من مشايخي. وأدرك أسانيد المخلدي، والخفّاف، وأصحاب السيد والأصمّيّات.
توفي عصر يوم الجمعة السابع من شعبان سنة تسع وتسعين وأربعمائة» . «أقول» : ينبغي لهذا أن تؤخّر ترجمته من هنا إلى وفيات سنة 499 هـ.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.(34/153)
سمع: الحُسين بْن عَبْد الواحد الشِّيرازيّ الحافظ، وميمون بْن عليّ النَّسَفيّ الأديب.
وُلِد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، ومات في رابع رمضان عَنْ ثمانين سنة.
- حرف العين-
124- عَبْد اللَّه بْن الحُسين بْن أَبِي منصور [1] .
الحافظ أبو مُحَمَّد الطَّبَسيّ [2] .
يوصف بالفهم والحفظ.
سمع: ابن النَّقُّور، وعبد الوهّاب بْن مسور.
وكان مشتغلًا بإخراج الصّحيح والموافقات.
مات بخُراسان.
125- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن علي بْن صابر بن عُمَر [3] .
أبو القاسم السُّلَميّ الدمشقي أخو عَبْد الرحمن. ويُعرف بابن سيده.
محدِّث مشهور، كُتُب الكثير، وسمع واستنسخ [4] .
وروى عَنْ: الحافظ عَبْد العزيز الكتّانيّ، وأبي عَبْد اللَّه بْن [أَبِي] الحديد، وأبي القاسم بْن أَبِي العلاء.
روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن مقاتل [5] .
وعاش إحدى وأربعين سنة [6] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الطّبسيّ: بفتح الطاء المهملة والباء المنقوطة بواحدة، والسين المهملة. هذه النسبة إلى طبس، وهي بلدة في برّيّة بين نيسابور وأصبهان وكرمان. (الأنساب 8/ 209) .
[3] انظر عن (عبد الله بن أحمد) في: تاريخ دمشق (عبادة بن أوفى- عبد الله بن ثوب) 333، 334 رقم 153، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 12/ 21 رقم 22، وتهذيب تاريخ دمشق 7/ 287، 288.
[4] وحدّث باليسير.
[5] وأنشد قول ابن صابر السلمي:
صبرا لحكمك أيّها الدهر ... لك أن تجور ومنّي الصبر
آليت لا أشكوك مجتهدا ... حتى يردّك من له الأمر
[6] وسئل عن مولده فقال: ولدت ليلة الثلاثاء العتمة لتسع بقين من ذي القعدة من سنة اثنتين(34/154)
126- عَبْد اللَّه بْن جَابِر بْن ياسين بْن الحُسين [1] .
أبو مُحَمَّد العسْكريّ [2] الحِنّائيّ [3] ، الفقيه الحنبليّ.
تفقّه عَلَى: القاضي أَبِي يَعْلَى، وكان خال أولاده.
وسمع: أبا عليّ بْن شاذان، وأبا القاسم بن بشران.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وابن أخيه أبو الحُسين بْن أَبِي يَعْلَى، وعُمَر بْن ظفر، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ.
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ صدوقًا. مليح المحاضرة، حَسَن الخط، بهيّ المنظر.
كَانَ يستملي للقاضي أَبِي يَعْلَى بجامع المنصور [4] .
وقال السِّلَفيّ: كَانَ من مشاهير المحدثين وثقاتهم.
وقال أبو الحُسين: تُوُفّي خالي في العشرين من شوّال. وكان مولده سنة تسع عشرة [5] .
127- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن العربيّ [6] .
أبو محمد المعافريّ الإشبيليّ.
__________
[ () ] وخمسين وأربعمائة.
[1] انظر عن (عبد الله بن جابر) في: طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 2/ 252، 253 رقم 691، وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 1/ 87، 88 رقم 36 وفيه: «الحسن» بدل «الحسين» .
[2] العسكري: بفتح العين، وسكون السين المهملتين وفتح الكاف، وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى مواضع وأشياء. فأشهرها المنسوب إلى عسكر مكرم وهي بلدة من كور الأهواز يقال لها بالعجمية الشكر (الأنساب 8/ 452) .
[3] الحنّائيّ: بكسر الحاء المهملة وفتح النون المشدّدة وفي آخرها الياء آخر الحروف. هذه النسبة إلى بيع الحنّاء، وهو نبت يخضبون به الأطراف. (الأنساب 4/ 244) .
[4] طبقات الحنابلة 2/ 252 وفيه: «علّق عنه قطعة من المذهب والخلاف، وكتب أشياء من تصانيفه» .
[5] وقال أيضا: وسمعت منه عدّة أجزاء، وكان صادق اللهجة، حسن الوجه، مليح المحاضرة، كثير القراءة للقرآن، مليح الخط، حسن الحساب.
وذكر القاضي عياض أنه سأل أبا علي بن سكّرة عنه، فقال: كان شيخا مستورا، فاضلا. وقال ابن السمعاني: وكان أبوه أبو الحسن جابر بن ياسين ثقة، من أهل السّنّة. توفي سنة 464 هـ.
(ذيل طبقات الحنابلة 1/ 88) .
[6] انظر عن (عبد الله بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 288 رقم 635، ووفيات الأعيان 4/ 297، وسير أعلام النبلاء 19/ 130، 131 رقم 68، والوفيات لابن قنفذ 262، 263 رقم 493، والوافي بالوفيات 3/ 330 في ترجمة ابنه «محمد بن عبد الله بن محمد» .(34/155)
قَالَ ابن بَشْكُوال [1] : هُوَ والد شيخنا القاضي أَبِي بَكْر بْن العربيّ. سمع ببلده من مُحَمَّد بْن أحمد بْن منظور، ومن أَبِي مُحَمَّد بْن خزرج.
وبقرطبة من مُحَمَّد بْن عتّاب.
وأجاز لَهُ أبو عُمَر بْن عَبْد البر.
ورحل مَعَ [2] ابنه سنة خمسٍ وثمانين وأربعمائة، وحجّ. وسمعا بالشّام والعراق. وكان أبو مُحَمَّد من أهل الآداب الواسعة، واللّغة، والبراعة، والذكاء، والتقدم في معرفة الخبر والشعر والافتتان بالعلوم وجمعها.
تُوُفّي بمصر في المحرَّم منصرفًا عَن المشرق [3] . وكان مولده في سنة خمس وثلاثين وأربعمائة.
وقال ابن عساكر [4] في ترجمته: أنبأني أبو بَكْر مُحَمَّد بْن طَرْخان قَالَ: قَالَ لي أبو مُحَمَّد بْن العربيّ: صَحِبْتُ الْإِمَام أبا مُحَمَّد بْن حزْم سبعة أعوام، وسمعتُ منه جُمَيْع مصنفاته سوى المجلَّد الأخير من كتاب «القصد» ، وسوى أكثر كتاب «الإيصال» .
قلت: مدح الوزير عميد الدّولة ابن جَهِير بعدّة قصائد [5] .
128- عَبْد الجليل بْن مُحَمَّد بن الحسين [6] .
__________
[1] في الصلة 1/ 288.
[2] في الأصل: «عن» ، والمثبت عن: الصلة.
[3] وقد ذكر المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في ترجمة ابنه: «محمد بن عبد الله بن محمد» أنه رجع إلى الأندلس بعد أن دفن أباه في رحلته- أظنّ ببيت المقدس-. (سير أعلام النبلاء 20/ 199) . أما ابن خلّكان فيقول إنه توفي بمصر. (وفيات الأعيان 4/ 297) .
[4] لم أجد قوله في تاريخ دمشق، ولا في تبيين كذب المفتري. ولعلّه في بعض مصنّفاته الأخرى. أو لعلّه ذكره في ترجمة ابنه محمد.
[5] وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في ترجمة ابنه أبي بكر محمد: وكان أبوه أبو محمد- أي صاحب الترجمة- من كبار أصحاب أبي محمد بن حزْم الظاهري بخلاف ابنه القاضي أبي بكر، فإنه منافر لابن حزم، محطّ عليه بنفس ثائرة. (سير أعلام النبلاء 20/ 198) .
[6] انظر عن (عبد الجليل بن محمد) في: تاريخ دمشق (عبد الله بن مسعود- عبد الحميد بن بكار) 39/ 448، 449، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 14/ 166 رقم 101.(34/156)
أبو سعْد السّاوي [1] التّاجر.
كَانَ يتاجر إلى مصر والشام، ويسمع ويكتب. وشهد عند قاضي القضاة الدّامغانيّ في سنة خمس وستّين وأربعمائة. ثمّ ارتفع شأنه، ورتب في أعمال جليلة.
سمع بمصر: القاضي أبا عَبْد اللَّه القُضاعيّ، وعبد العزيز بْن الحَسَن الضّرّاب. وبآمِد: أحمد بْن عَبْد الباقي بْن طوق المَوْصِليّ.
وبتنيس: رمضان بْن عليّ.
وبدمياط: عَبْد اللَّه بْن عبد الوهّاب.
وبدمشق: أبا القاسم الحُسين بْن مُحَمَّد الحِنّائيّ، وعبد الصَّمد بْن تميم.
وبالبصرة: أبا عليّ التُّسْتَريّ.
وببغداد: أبا الحُسين بْن المهتدي باللَّه. وخلقًا سواهم.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، ومُحَمَّد بْن البطّيّ، وشُهْدَة، وغيرهم [2] .
قَالَ شجاع الذُّهْليّ: مات في رجب.
129- عَبْد الصَّمد بْن عليّ بْن الحُسين بْن البدن [3] .
أبو القاسم الصّفّار البغداديّ.
والد الشَّيْخ عَبْد الخالق.
سمع: أبا طَالِب بْن غَيْلان.
روى عَنْهُ: ابنه، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ.
كَانَ سُنِّيًّا قويّ النَّفس، يَضرب ويُعاقب بمحلّته [4] .
__________
[1] الساوي: بفتح السين المهملة، وفي آخرها الواو بعد الألف. نسبة إلى ساوة بلدة بين الري وهمذان. (الأنساب 7/ 19) .
وفي الأصل تصحفت إلى: «البساوي» .
[2] وقال ابن عساكر: وحدّث بدمشق، فسمع منه بها طاهر الخشوعي في سنة ثمان وخمسين، وسكن بغداد، وشهد بها. (تاريخ دمشق) .
[3] انظر عن (عبد الصمد بن علي) في: المنتظم 9/ 116، 117 رقم 176 (17/ 58 رقم 3698) .
[4] في المنتظم: «المحملة» .(34/157)
130- عَبْد العزيز بْن عُمَر بْن أحمد الزَّعْفرانيّ [1] .
الأصبهاني.
روى عن: أبي بكر بن أبي عليّ.
وروى عَنْهُ: السِّلَفيّ.
تُوُفّي في صَفَر.
131- عَبْد الغفّار بْن طاهر بْن أحمد بْن جعفر بْن دوّاس [2] .
البزّار، أبو أحمد.
تُوُفّي في أواخر رمضان.
روى عَنْ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الأَرْدَسْتانيّ [3] «صحيح الْبُخَارِيّ» ، وروى عَنْ أَبِي مسعود البَجَليّ.
قَالَ شِيرُوَيْه: سَمِعْتُ منه ولم يكن التّحديث من شأنه.
132- عَبْد القاهر بْن عَبْد السّلام بْن عليّ [4] .
أبو الفضل العبّاسيّ الشّريف النُّقيب الْمَكِّيّ.
تلميذ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الحُسين الكارَزِينيّ [5] .
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ فقيه الهاشميّين. وكان من سراة النّاس، استوطن بغداد، وتصدّر للإقراء، وصار قدوة.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الأردستاني: بفتح الألف وسكون الراء وفتح الدال، وسكون السين المهملتين وفتح التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى أردستان وهي بليدة قريبة من أصبهان على طرف البرّية عند ازوارة بينهما، وهي على ثمانية عشر فرسخا من أصبهان.
وقال ابن السمعاني: ورأيت بخط والدي- رحمه الله- وكان ضبطها عن الحافظ الدقاق بكسر الألف والدال. (الأنساب 1/ 177) .
[4] انظر عن (عبد القاهر بن عبد السلام) في: المنتظم 9/ 117 رقم 178 (17/ 58 رقم 3700) ، والعبر 3/ 337، والإعلام بوفيات الأعلام 203، ومرآة الجنان 3/ 156، وشذرات الذهب 3/ 400.
[5] الكارزيني: بفتح الكاف والراء وكسر الزاي بعدها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها نون. هذه النسبة إلى كارزين، وهي من بلاد فارس بنواحيها مما يلي البحر. (الأنساب 10/ 316) .(34/158)
وكان قيّما بالقراءات، أخذها عَن الكارَزِينيّ.
وسمع من: أَبِي الحَسَن بْن صخر، وسعد الزّنْجانيّ.
قرأ عَلَيْهِ بالرّوايات: أبو مُحَمَّد سِبْط الخيّاط، وصنّف كتاب «المبهجي» في رواياته عَنْهُ.
وقرأ عَلَيْهِ أيضًا: أبو الكرم الشَّهْرَزُوريّ، ودعوان بْن عليّ.
وقرأت بخطّ أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عطّاف قَالَ: رحمة اللَّه عَلَى هذا الشريف، فلقد كَانَ عَلَى أحسن طريقةٍ سلكها الأشراف من دين مكين، وعقل رزين، قدِم من مكّة وأقام بالمدرسة النظامية، فأقرأ بها القرآن عَنْ جماعة، وحدَّث. جميل الأمر.
وقال غيره: تُوُفّي في يوم الجمعة من جُمَادَى الآخرة، وقال: وُلِدت سنة خمس وعشرين.
133- عَبْد الكريم بْن المؤمِّل بْن المحسن بْن عليّ [1] .
أبو الفضل السُّلَميّ الكفرطابيّ [2] ، ثمّ الدّمشقيّ البزار.
سمع جزءًا من عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي.
روى عَنْهُ: أبو مُحَمَّد بْن صابر، وطاهر الخشوعي، وعُمَر الدهستاني [3] ، وأبو المكارم عَبْد الوهّاب.
ووثَّقهُ ابن صابر وقال: سألته عَنْ مولده فقال: سنة عشر وأربعمائة. وتوفّي في المحرّم.
__________
[1] انظر عن (عبد الكريم بن المؤمّل) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 15/ 185 رقم 179.
[2] الكفرطابي: بفتح الكاف والفاء وسكون الراء وفتح الطاء المهملة وفي آخرها الباء الموحّدة.
هذه النسبة إلى كفر طاب وهي بلدة من بلاد الشام عند معرّة النعمان بين حلب وحماة.
(الأنساب 107/ 448) .
[3] الدّهستاني: بكسر الدال المهملة والهاء، وسكون السين المهملة وفتح التاء المنقوطة من فوقها باثنتين وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى دهستان، وهي بلدة مشهورة عند مازندران وجرجان.
(الأنساب 5/ 378، 379) .(34/159)
ووقع لنا ذَلِكَ الجزء.
134- عليّ بْن سَعِيد بْن محرز [1] .
العلّامة أبو الحَسَن العَبْدَريّ الميورقي [2] ، نزيل بغداد.
من كبار الشافعية.
سمع من: القاضيين أَبِي الطَّيِّب، والماورديّ، وأبي مُحَمَّد الجوهريّ.
وتفقّه بالشيخ أَبِي إِسْحَاق.
وصنَّف في المذهب والخلاف كتبًا. وكان ديِّنًا حَسَن الطّريقة.
روى عَنْهُ: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وسعد الخير، وعبد الخالق بْن يوسف.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة سنة ثلاثٍ [3] .
ذكره ابن النّجّار.
135- عَبْد الهادي بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد [4] .
أبو عَرُوبَة ابن شيخ الإسلام الأنصاريّ الهرويّ.
__________
[1] انظر عن (علي بن سعيد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 422، 423 رقم 906، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 298، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 277، 278 رقم 236، وهدية العارفين 1/ 694، وكشف الظنون 1499، ومعجم المؤلفين 7/ 100.
[2] الميورقي: بفتح الميم وضم الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، وراء مهملة وقاف. نسبة إلى ميورقة. وهي جزيرة شرقي الأندلسي.
[3] وقال ابن بشكوال: من أهل جزيرة ميورقة، سمع بها قديما من أبي محمد بن حزم، وأخذ عنه أيضا ابن حزم. ورحل إلى المشرق وحجّ، ودخل بغداد وترك مذهب ابن حزم وتفقّه عند أبي بكر الشاشي، وله تعليق في مذهب الشافعيّ.
وسمع من الخطيب أبي بكر بن ثابت البغدادي، وغيره. أخبرني بذلك أبو بكر بن العربيّ وذكر أنه صحبه ببغداد وأخذ عنه وأثنى عليه، وقال لي: تركته حيّا ببغداد سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، وتوفي بعد ذلك.
وذكره الأمير أبو نصر بن ماكولا وقال: صديقنا أبو الحسن الفقيه العبدري رجل من أهل الفضل والمعرفة والأدب وهو من جزيرة ميورقة. (الصلة) .
وقال السبكي: له «مختصر الكفاية» في خلافيات العلماء، وقد وقفت عليها بخطّه من بني عبد الدار ومن أهل موقة (هكذا) من بلاد الأندلس. كان رجلا عالما مفتيا عارفا باختلاف العلماء وقال أيضا: وحدّث باليسير. (طبقات الشافعية الكبرى 3/ 298) .
[4] ذكره هكذا دون ترجمة. ولم أجد مصدر ترجمته.(34/160)
136- عليّ بْن المبارك بْن عُبَيْد اللَّه [1] .
أبو القاسم الوقاياتي [2] .
مات ببغداد في شَعْبان.
روى عَنْ: أَبِي القاسم بْن بِشْران.
وكان صالحًا ضريرا فقيرا [يسكن] [3] ترب الرصافة.
137- علي بن محمد بن حسين [4] .
أبو الحسن البخاري، ويعرف بابن خذام [5] .
روى عَنْ: أَبِي الفضل منصور الكاغدي.
وقيّده أبو العلاء الفَرَضِيّ بالكسر وبدال مهملة [6] ، وقال: روى عَنْ:
منصور، وعن: جَدّه لأمّه الحُسين بْن الخضر النَّسَفيّ، وأبي نَصْر أحمد بْن مُحَمَّد بْن مُسْلِم.
وعنه: صاعد بْن مُسْلِم، وأبو جعفر الخُلْميّ [7] ، وأبو المعالي بن أبي اليسر
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الوقاياتي: بكسر الواو وفتح القاف والياء المنقوطة باثنتين من تحتها بين الألفين، وفي آخرها التاء المنقوطة باثنتين من فوقها. هذه النسبة إلى الوقاية وهي المقنعة. ويقال لمن يبيعها:
الوقاياتي. (الأنساب 12/ 282) .
[3] إضافة على الأصل يقتضيها السياق.
[4] انظر عن (علي بن محمد) في: الأنساب 56، 57، واللباب 1/ 426، والمشتبه في الرجال 1/ 146، وسير أعلام النبلاء 19/ 180، 181 رقم 101، والجواهر المضيّة 2/ 605، والطبقات السنية، رقم 1505.
[5] هكذا قيّده المؤلّف- رحمه الله- هنا، والمشتبه 1/ 146.
[6] وكذا في الأنساب 5/ 56، واللباب 1/ 426) ، أما في (الإستدراك لابن نقطة) في باب:
الجذامي والخذامي.. وأما الخذامي بكسر الخاء المعجمة والباقي مثله فهو: أبو الحسن علي بن محمد بن الحسين بن خذام الخذامي الواعظ، بخارى. حدّث عن أبي الفضل منصور بن نصر بن عبد الرحيم بن مت الكاغذي، روى عنه أبو الفتح أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر الخلمي» .
ووقع في (المشتبه) بالذال المعجمة فردّه (التوضيح) وقال: الصواب إهمالها وقبلها خاء معجمة مكسورة. (انظر تعليق العلّامة اليماني بحاشية الأنساب 5/ 57) .
[7] الخلمي: بضم الخاء المنقوطة بواحدة وسكون اللام. هذه النسبة إلى بلدة بنواحي بلخ على عشرة فراسخ منها. يقال لها خلم. وهي من بلاد العرب، نزلها الأزد وبكر وتميم وقيس. وهي(34/161)
المَرْوَزِيّ، وعُمَر بْن مُحَمَّد النَّسَفيّ الحافظ.
سمع أبو سعْد السّمعانيّ وابنه من خلْق من أصحابه [1] .
- حرف الكاف-
138- كامكار [2] بْن عَبْد الرّزّاق بْن محتاج [3] .
أبو مُحَمَّد المحتاجي المَرْوَزِيّ الأديب.
كُتُب الكثير، وعلَّم العربية، وتخرَّج بِهِ جماعة.
ورحل في الحديث.
سمع: أحمد بْن مُحَمَّد بن إبراهيم الصّدفيّ، وأردشير بن محمد الهشاميّ، وطائفة.
وعنه: مُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ، والنعمان بْن مُحَمَّد [4] ، وتميم بْن مُحَمَّد [5] ، وعتيق بْن عليّ، وعبد الكريم بْن بدر المراوزة شيوخ عَبْد الرحيم بن السّمعانيّ.
وُلِد بعد عشر وأربعمائة، ومات في عاشر رمضان سنة 93.
- حرف اللام-
139- لامعة بنت سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن سَعِيد بْن مَعْدان البقال [6] .
الأصبهانية.
سَمِعْتُ من: أبي سعيد بن حسنويه الكاتب.
__________
[ () ] مدينة صغير فيها قرى ورساتيق وشعاب. (الأنساب 5/ 164) .
[1] ذكر بعضهم في (الأنساب 5/ 57) .
[2] وردت هذه الترجمة في الأصل بعد (المظفر بن عبد الغفار) الآتية برقم (153) ، فقدّمت إلى هنا مراعاة لترتيب الحروف.
[3] انظر عن (كامكار) في: التحبير في المعجم الكبير لابن السمعاني (انظر فهرس الأعلام) 2/ 545.
[4] قال ابن السمعاني إن النعمان هذا كان في مكتب كامكار. (التحبير 2/ 348) .
[5] وهو قرأ الأدب عليه في صغره، وسمع منه الحديث. (التحبير 2/ 454) .
[6] وردت ترجمة (لامعة بنت سعيد) في الأصل بعد ترجمة «عبد الكريم بن المؤمّل» التي تقدّمت برقم (134) ، وأخّرناها هنا لمراعاة ترتيب الحروف.(34/162)
وروت كثيرًا بالإجازة من: أَبِي بَكْر الحِيّريّ، وعليّ بْن ميلة، وأبي القاسم بْن بِشْران.
أخذ عَنْهَا: أبو بَكْر الصقلي السمنطاري [1] في سنة تسع وعشرين وأربعمائة وهي شابة.
وأكثر عَنْهَا: أبو طاهر السِّلَفيّ، وقال: مات أبو بَكْر بصقلية في سنة 464 [2] قبلها بنحو ثلاثين سنة.
قلت: وقع لنا من حديثها.
- حرف الميم-
140- مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أبرويْه الأسكوراني [3] .
وأسكوران [4] من ضياع إصبهان.
قَالَ السِّلَفيّ: تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. وأنا قَالَ: أَنَا جدي منصور بْن مُحَمَّد بْن بِهْرام، أَنَا أبو الشَّيْخ، فذكر أحاديث.
141- مُحَمَّد بْن الحُسين بْن هرمية [5] .
أبو منصور.
بغداديّ من قدماء شيوخ شُهْدَة.
يروي عَنْ: البَرْقانيّ.
وروى عَنْه: عُمَر بْن ظفر المَغَازليّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ.
142- مُحَمَّد بن محمد بن الحسين ابن المحدِّث عبد الكريم بن موسى بن عيسى بن مجاهد [6] .
__________
[1] في الأصل: «السميطاري» ، والتصحيح من (معجم البلدان 3/ 253) وفيه: سمنطار: قيل هي قرية في جزيرة صقلّيّة. ومنها أبو بكر عتيق السمنطاري الرجل الصالح العابد.
[2] معجم البلدان 3/ 254، المكتبة العربية الصقلّية 113، 114.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم يذكرها ابن السمعاني، ولا ياقوت.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] انظر عن (محمد بن محمد البزدوي) في: التحبير في المعجم الكبير 1/ 407، 543، 585(34/163)
العلّامة أبو اليسر البزدوي [1] النَّسَفيّ، شيخ الحنفيّة بما وراء النهر.
قَالَ عُمَر بْن مُحَمَّد النَّسَفيّ في كتاب «القند» [2] : كَانَ إمام الأئمّة عَلَى الإطلاق، والموفود إِلَيْهِ من الآفاق. ملأ الشرق والغرب بتصانيفه في الأُصُول والفُروع.
وكان قاضي قضاة سَمَرْقَنْد. وكان يدرس في الدّار الجوزجانيّة ويُمْلي فيها الحديث.
تُوُفّي ببخارى في تاسع رجب.
قَالَ السّمعانيّ: عرف بالقاضي الصدر، ولد سنة إحدى وعشرين وأربعمائة. ثنا عَنْهُ: عثمان بْن عليّ البِيكَنْديّ، وأحمد بْن نَصْر الْبُخَارِيّ، ومُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر السّنجيّ، وعمر بن أبي الصّابونيّ، وأبو رجاء محمد بن محمد الخِرَقيّ [3] .
143- مُحَمَّد بْن سابق [4] .
أبو بَكْر الصقلي [5] .
روى عَنْ: كريمة المَرْوَزِيّة بغرناطة.
وكان خبيرًا بعلم الكلام.
روى عَنْهُ: أبو بَكْر، وعليّ بْن أحمد المقرئ.
مات بمصر في ربيع الأوّل.
__________
[ () ] و 2/ 187، 287، 288، 291، والأنساب 2/ 189، وسير أعلام النبلاء 19/ 49 رقم 30، والجواهر المضيّة 2/ 116 و 270، 271، وتاج التراجم لابن قطلوبغا 48، 49، وتاريخ الخلفاء للسيوطي 426، ومفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 2/ 185، والفوائد البهية للكنوي 188، وهدية العارفين 2/ 77، وكشف الظنون 1581، ومعجم المؤلفين 11/ 210.
[1] البزدوي: بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون الزاي وفتح الدال المهملة وفي آخرها الواو.
هذه النسبة إلى بزدة وهي قلعة حصينة على ستة فراسخ من نسف على طريق بخارا. (الأنساب 2/ 188) .
[2] اسمه: «القند في تاريخ سمرقند» .
[3] وقال في (الأنساب) : أملى ببخارى الكثير، ودرّس الفقه، وكان من فحول المناظرين.
والخرقي: بكسر الخاء المعجمة وفتح الراء وفي آخرها القاف. هذه النسبة إلى بيع الثياب والخرق. (الأنساب 5/ 91) .
[4] انظر عن (محمد بن سابق) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 604 رقم 1325.
[5] في الأصل: «الصيقلي» وهو غلط.(34/164)
144- المحسن [1] .
أبو نَصْر الفرقدي [2] الأصبهاني.
وُلِد سنة عشر وأربعمائة، وسمع في كِبَرِه من: هارون بْن مُحَمَّد الكاتب صاحب الطّرّاز.
حدَّثَ عَنْهُ السِّلَفيّ، وترجمه هكذا فيها.
145- مُحَمَّد بْن أحمد بْن الحُسين بْن الدّوانيّ [3] .
أبو طاهر الدّبّاس [4] .
شيخ بغداديّ.
حدث عن: أبي القاسم بن بشران.
روى عَنْهُ: ابن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهاب الأنماطي.
ومات في شعبان.
146- محمد بن إبراهيم بن الحسن [5] .
الزاهد أبو بكر الرازي، الفقيه الحنفي، الرجل الصّالح.
قال ولد الزكي عبد العظيم: هو الشيخ الصالح، صاحب الكرامات الظّاهرة، والدّعوات المُجابة السّائرة.
سكن الإسكندريّة، وحدّث عن: إسحاق الحبّال الحافظ.
وتوفي بالإسكندرية سنة ثلاث وتسعين.
147- مُحَمَّد بْن محمد بن جهير [6] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الفرقدي: بفتح الفاء والقاف بينهما الراء الساكنة وفي آخرها الدال المهملة. هذه النسبة إلى فرقد. (الأنساب 9/ 280) .
وفي (معجم البلدان) فرقد اسم موضع ببخارى.
وفي (لب اللباب للسيوطي 195) : فرقد: جدّ.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] الدّبّاس: بفتح الدال المهملة وتشديد الباء المنقوطة بواحدة وفي آخرها السين المهملة. هذه الحرفة لمن يعمل الدبس أو يبيعه. (الأنساب 5/ 267) .
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] انظر عن (ابن جهير الوزير) في: المنتظم 9/ 118، 119 رقم 182 (17/ 59، 60 رقم(34/165)
الوزير عميد الدّولة أبو منصور ابن الوزير فخر الدّولة.
وَزَرَ في أيّام والده، وخدم ثلاثة خُلفاء، ولمّا احتضر القائم بأمر اللَّه أوصى بِهِ ولد ولده المقتدي باللَّه. وولي الوزارة للمقتدي سنة اثنتين [1] وسبعين، فبقي فيها خمس سنين، وعُزِل بالوزير أَبِي شُجاع. ثمّ عاد إلى الوزارة عند عزْل أَبِي شجاع سنة أربعٍ وثمانين، فبقي في الوزارة تسعة أعوام [2] .
وكان خيِّرًا، كافيا، مدبّرًا، شجاعًا، نبيلًا، رئيسًا، تياهًا، مُعْجَبًا، فصيحًا، مفوّها، مترسلًا، يتقعّر في كلامه، وله هَيْبة وسكون، وكلماته معدودة، وفضائله كثيرة. وللشُّعراء فيه مدائح كثيرة.
وآخر أمره أنّ الخليفة حبسه في داره بعد أن صادره وزير السّلطان
__________
[ () ] 3704) ، وسؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي 83، والمناقب المزيدية 427، وتاريخ الفارقيّ 207، 216، 219، 224- 228، وخريدة القصر وجريدة العصر لابن العماد (قسم شعراء العراق ج 1/ 87- 93، وتلخيص مجمع الآداب ج 4 ق 2/ 949، 950، والإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني 202، وديوان صرّدر 67، والكامل في التاريخ 10/ 298، 299، والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 382، 386- 394، ووفيات الأعيان 5/ 131- 134 رقم (230) ، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 213، 214، والفخري لابن طباطبا 296، 297، وخلاصة الذهب المسبوك للإربلي 271، والعبر 3/ 337، والإعلام بوفيات الأعلام 203، وسير أعلام النبلاء 19/ 175، 176 رقم 97، والوافي بالوفيات 1/ 122 في ترجمة أبيه و 1/ 272، 273 رقم 173، والبداية والنهاية 12/ 159، والنجوم الزاهرة 5/ 165، 166، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 9، والأعلام 7/ 246.
[1] في الأصل: «لرر» ، والمثبت عن: سير أعلام النبلاء 19/ 175.
[2] قال الشيخ «شعيب الأرنئوط» في تحقيقه لكتاب (سير أعلام النبلاء 19/ 176 بالحاشية رقم 1) ما نصّه: «وقد نظم فيه الشاعر أبو منصور المعروف بصرّدرّ القصيدة المشهورة وأولها:
قد رجع الحق إلى نصابه ... وأنت من دون الورى أولى به
ما كنت إلّا السيف سلّته يد ... ثم أعادته إلى قرابه»
ثم أورد منها ثلاثة أبيات أخرى.
ويقول خادم العلم محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : هذا خطأ، فأبو منصور المعروف بصرّدر أنشد قصيدته المذكورة في أبي نصر محمد بن جهير الملقّب فخر الدولة مؤيّد الدين الموصلي عند ما عاد إلى الوزارة في شهر صفر سنة إحدى وستين وأربعمائة، أي في والد صاحب الترجمة، وليس فيه هو. (انظر: وفيات الأعيان 5/ 129، 130) .
ومن ناحية أخرى فهو يذكر بين مصادر صاحب الترجمة كتاب «الوافي بالوفيات» 1/ 122، 123، وأقول: إن المذكور في الصفحتين المذكورتين هو فخر الدولة والد صاحب الترجمة.
أما ترجمته هو فهي مفردة في الجزء نفسه برقم (153) ص 272، 273، فليصحّح.(34/166)
بركياروق، وأخذ من خمسة وعشرين ألف دينار في رمضان.
ثم أخرج من دار الخلافة، ميتا في سادس عشر شوال، وحمل إلى بيته، وغسل ودفن بتربة له، فقيل: إنه أهلك في حمام أغلق عليه.
وقيل: بل أهلك بأمراض وأوجاع مع شدة الخوف والفرق.
وكان قد اشتهر بالوفاء والعفة، وجودة الرأي، ووفور الهيبة، وكمال الرئاسة. لم يكن يعاب بأكثر من التكبر الزائد. فمن الذي كان يفرح بأن ينظر إِلَيْهِ نظرة أو يكلّمه كلمة.
قَالَ مرّة لولد الشَّيْخ أَبِي نَصْر بْن الصّبّاغ: «اشتغِلْ وتأدَّب، وإلّا كنت صبّاغًا، بغير أب» [1] .
فلمّا خرج من عنده هنَّأه من حضر بأن الوزير خاطبه بهذا.
ولمّا تغيّر المستظهر عَلَيْهِ بسعْي صاحب الدّيوان هبة اللَّه بْن المطَّلِب، وناظر الخزانة الحَسَن بْن عَبْد الواحد بْن الحصين، وصاحب ديوان الإنشاء ابن الموصلايا إلى المستظهر- وكانوا قد خافوا منه- فخرج المرسوم بحِفْظ باب العامة لأجله، فأمر زوجته بالخروج إلى الحِلّة، وهيّأ لنفسه صُنْدُوقًا يدخل فيه، ويكون من جملة صناديق زوجته، فلمّا قعد فيه أسرع الخروج منه وقال: لا يتحدّث النّاس عنّي بمثل هذا.
وكان خواصّ الخليفة أيضًا قد ملّوه وسئموه، فأُخِذ وحُبِس.
قَالَ ابن الحُصَيْن المذكور: وجدتُ عميد الدّولة قد استحال في محبسه،
__________
[1] خريدة القصر ج 1/ 92، 93 في فصل عن عميد الدولة ذكره الهمذاني في تاريخه، فقال:
«انتشر عنه الوقار والهيبة والعفّة وجودة الرأي، وخدم ثلاثة من الخلفاء، ووزر لاثنين منهم.
وكان عليه رسوم كثيرة وصلات جمّة مع استزادة الناس له. وكان نظام الملك يصفه دائما بالأوصاف العظيمة، ويشاهده بعين الكافي الشهم، ويأخذ رأيه في أهمّ الأمور، ويقدّمه على الكفاة والصدور. ولم يكن يعاب بأشدّ من الكبر الزائد، وأنّ كلماته كانت محفوظة مع ضنّه بها. ومن كلّمه بكلمة قامت عنده مقام بلوغ الأمل» ، ثم ذكر قوله لابن الصبّاغ، وفيه: «اشتغل وادأب» ، وكذا في: الوافي بالوفيات 1/ 272، والمنتظم 17/ 60 والمثبت يتفق مع (وفيات الأعيان 5/ 132) .(34/167)
واشتدّ إشفاقه، جعل يخاطبني ويقول: يا روحي ويا قُرّة عيني، وأنشد لي في عَرْض حديثه. ثمّ قَالَ: نازلت الحصون وشهدت الوقائع والحروب فاستهنت بحظّنا، وقد قنطت من النّجاة، ولا أعرفها إلّا منك. وأريد المُقام في مُقامٍ آمر فيه بسفارتك، فقد غرقت بالمصيبة.
فوعدته بأنّني أستعطف الخليفة، وخرجت، وجلست [أكتب] [1] ما أُرَقّق بِهِ قلب الخليفة عَلَيْهِ. فدخل عليَّ أبو نَصْر بْن الموصلايا، فجذب الورقة منّي، وقال: لَئن خرج، فما يبعد هلاكنا بتوصُّلِه، لأنّه يعلم أنّ القبض عَلَيْهِ كَانَ من جانبك.
فترك ابن الحُصَيْن الكتابة.
وقال ابن الحُصَيْن: آخر ما سُمع منه التَّشهُّدُ والرجوع إلى اللَّه.
وكان المستظهر باللَّه قد أقطع عميد الدّولة إقطاعًا بثلاثين ألف دينار، فعمَّره، فقال الّذين تكلّموا فيه للخليفة: إنّه قد أخرب نواحيك وعمَّر نواحيه، وأنّه وأنّه.. فقنص عَلَيْهِ.
وكان مولده في أوّل سنة خمسٍ وثلاثين. وقدِم بغدادَ مَعَ أَبِيهِ وله عشرون سنة، فسمع الحديث في الكهولة من: أَبِي نَصْر النَّرْسيّ، وعاصم بْن الحَسَن، وأبي إِسْحَاق الشِّيرازيّ، وأبي القاسم البُسْريّ.
سمع منه: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بْن عمر البخاريّ المعروف بِكَاك، وقاضي القُضاة أبو القاسم عليّ بْن الحُسين الزَّيْنَبيّ، وغيرهم.
وقد شكى إِلَيْهِ الحرّاس بأمر أرزاقهم، فكتب عَلَى رقعتهم: من باع حطبًا [2] بقُوت يومه فسَبيله أنّ يُوَفَّى، وهؤلاء قوم ضُعفاء.
وقال قاضي القُضاة أبو الحَسَن عليّ بْن الدّامغانيّ: كنّا بحضرة عميد الدّولة، فسقط من السَّقْف حيَّة عظيمة، واضطّربت بين يديه، فبعدنا، واستحالت ألوانُنا، سواه، فإنه جلس موضعه حتّى قتلها الفرّاشون.
__________
[1] إضافة على الأصل يقتضيها السياق.
[2] في الأصل: «باع حطب» .(34/168)
ومن شِعر عميد الدولة.
إلى مَتَى أنت في حِلٍّ وتَرْحال ... تبغي العُلَى والمعالي مَهْرُها غَالي؟ [1]
يا طالبَ المجدِ، دونَ المجدِ مَلْحَمةٌ [2] ... في طَيِّها خَطَرٌ بالنّفسِ والمالِ
وللّيالي صُرُوفٌ قلّ ما انْجَذَبَتْ ... إلى مُرادها في سعي ولا مال [3]
__________
[1] في الخريدة: «غال» ، والمثبت يتفق مع (الفخري) .
[2] في الأصل: «ملجمة» .
[3] في الخريدة ورد هذا الشطر هكذا:
«إلى مراد امرئ يسعى لآمال»
والأبيات في: خريدة القصر 1/ 91، والفخري 297.
وقال ابن العماد: كان ذا شهامة وصرامة، وحصافة وفصاحة، وحماسة وسماحة. له من الوقار والهيبة ما لم يعرف في غير الطود الأشمّ، والبحر الخضمّ. ورد مع فخر الدولة أبيه بغداد في أيام القائم بأمر الله سنة أربع وخمسين، وولي أبوه الوزارة، وكان بميّافارقين يخدم بني مروان، ثم كاتب أمير المؤمنين وبذل بذولا، وأخرج إليه نقيب النقباء طراد الزينبي، فقرّر معه ما أراد تقريره. ثم خرج معه كأنه مودّع له، وتمّ إلى بغداد، وتولّى وزارة القائم، وبقي فيها إلى آخر عهد القائم، ومعه ولداه أبو منصور، وأبو القاسم زعيم الرؤساء. فلقّب هذا عميد الدولة. وكان ينوب عن والده. فلما عزل أبوه في أيام المقتدي بعد ما وزر له سنين سنة إحدى وسبعين، خرج عميد الدولة إلى نظام الملك واسترضاه، وعاد إلى بغداد وتولّى الوزارة مكان أبيه.
وخرج أبوه عن السلطان ملك شاه لفتح ديار بكر ومحاربة ابن مروان في ميافارقين، وكان فتحها على يده. وبقي في وزارة المقتدي إلى أن عزل، وتولّى الوزير أبو شجاع، ثم وزر للمقتدي باللَّه بعد عزل أبي شجاع ثانيا، ووزر بعد وفاته للمستظهر باللَّه، وعزل مرة وأعيد إلى الوزارة، وعزل في سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، وعاش بعد ذلك.
وله مقطّعات حسنة، فمنها له، وأورده السمعاني في الذيل:
يقول صديق باللسان مخاتر ... كما قيل في الأمثال عنقاء مغرب
فأمّا إذا ما رمت شخصا معيّنا ... من الناس موجودا، فذلك متعب
(الخريدة ج 1/ 870- 91) و «مخاتر: مخادع» .
وقال ابن طباطبا:
كان القائم والمقتدي يرسلانه في رسائل إلى السلاطين فتنجح على يده. وكان فاضلا حصيفا، فاستحلاه نظام الملك وزير السلطان، وكان يعجب منه ويقول: وددت أني ولدت مثله. ثم زوّجه ابنته. واستوزره المقتدي وفوّض الأمور إليه. ثم عزله فشفع له نظام الملك فأعيد إلى الوزارة. فقال ابن الهبّارية الشاعر يهجو عميد الدولة:
لولا صفيّة ما استوزرت ثانية ... فاشكر حرّا صرت مولانا الوزير به
صفيّة بنت نظام الملك الوزير التي تزوّجها عميد الدولة.
ثم وقع بين عميد الدولة وبين سلاطين العجم وقعة فطلبوا من الخليفة، ثم أخرج ميتا فدفن،(34/169)
__________
[ () ] وكان يقول الشعر. (الفخري) .
وفي (وفيات الأعيان 5/ 132) :
وكان نظام الملك الوزير قد زوّجه زبيدة ابنته، وكان قد عزل عن الوزارة ثم أعيد إليها بسبب المصاهرة، وفي ذلك يقول الشريف أبو يعلى ابن الهبّارية:
قل للوزير ولا تفزعك هيبته ... وإن تعاظم واستولى لمنصبه
لولا ابنة الشيخ ما استوزرت ثانية ... فاشكر حرّا صرت مولانا الوزير به
ووجدت بخط أسامة بن منقذ: أن السابق بن أبي مهزول الشاعر المعرّي قال: دخلت العراق واجتمعت بابن الهبّارية، فقال لي في بعض الأيام: امض بنا لنخدم الوزير ابن جهير، وكان قد عزل ثم استوزر، قال السابق: فدخلت معه حتى وقفنا بين يدي الوزير، فدفع إليه رقعة صغيرة، فلما قرأها تغير وجهه ورأيت فيه الشرّ، وخرجنا من مجلسه فقلت: ما كان في الرقعة؟
فقال: خير، الساعة تضرب رقبتي ورقبتك. فأشفقت وقلقت، وقلت: أنا رجل غريب صحبتك هذه الأيام، وسعيت في هلاكي، فقال: كان ما كان. فقصدنا باب الدار لنخرج فردّنا البوّاب، فقال: أمرت بمنعكما، فقال السابق: أنا رجل غريب من أهل الشام ما يعرفني الوزير، وإنما القصد هذا، فقال البوّاب: لا تطوّل، فما إلى خروجك من سبيل، فأيقنت بالهلاك، فلما خفّ الناس من الدار خرج إليه غلام معه قرطاس فيه خمسون دينارا وقال: قد شكرنا فاشكر، فانصرفنا، ودفع لي عشرة دنانير منها، فقلت: ما كان في الرقعة؟ فأنشدني البيتين المذكورين، فآليت أن لا أصحبه بعدها.
ولعميد الدولة شعر ذكره في «الخريدة» ولكنه غير مرضيّ. وذكره ابن السمعاني في كتاب «الذيل» ، ومدحه خلق كثير من شعراء عصره، وفيه يقول صرّدر المذكور قصيدته العينية المشهورة التي أولها:
قد بان عذرك والخليط مودّع ... وحوى النفوس مع الهوادج يرفع
لك حيثما سمت الركائب لفتة ... أترى البدور بكل واد تطلع
في الظاعنين من الحمى ظبي له ... الأحشاء ومرعى والمآقي مكرع
ممنوع أطراف الجمال رقيبه ... حذرا عليه من اليون البرقع
عهد الحبائل صائدات شبهه ... فارتاع، فهو لكل حبل يقطع
لم يدر حامي سربه أنّي إذا ... حرم الكلام له لساني الأصبع
وإذا الطيوف إلى المضاجع أرسلت ... بتحية منه، فعينيّ تسمع
وعزل عميد الدولة المذكور عن الوزارة وحبس وقيّد في شهر رمضان المعظم سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة، وتوفي في شوال من السنة.
وإليه كتب أبو الكرم ابن العلّاف الشاعر قوله:
ولولا مدائحنا لم تبن ... فعال المسيء من المحسن
فهبك احتجبت عن الناظرين ... فهلّا احتجبت عن الألسن
وتوفيت زوجته بنت نظام الملك المذكور في شعبان سنة سبعين وأربعمائة، وكان تزوّجها في سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وتوفي سنة ثلاث وتسعين في حصن مقابل لتلّ بها.(34/170)
148- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد [1] .
أبو طَالِب بْن الصّبّاغ الأَزَجيّ [2] ، أخو الْإِمَام أبو نصر مصنّف «الشّامل» .
__________
[ () ] وجهير: بفتح الجيم وكسر الهاء وسكون الياء المثنّاة من تحتها وبعدها راء. وقال السمعاني:
بضم الجيم، وهو غلط. يقال: رجل جهير بيّن الجهارة، أي ذو منظر، ويقال أيضا: جهير الصوت بمعنى جهوريّ الصوت. والله تعالى أعلم بالصواب. (وفيات الأعيان 5/ 132- 134) .
وقال الصفدي:
وله ترسّل حسن، وتواقيع وجيزة، وله شعر أيضا، وكانت له رياسة وسياسة، وهو من الوزراء الممدّحين.
قال العماد الكاتب: مدحه عشرة آلاف شاعر، ويقال إنه مدح بمائة ألف بيت شعر، ومن شعرائه مسعود بن العلاء المعروف بابن الخبّاز. ومن مدحه فيه من جملة قصيدة:
مجرّب الرأي يقظان البصيرة هجّام ... العزيمة قوّام البراهين
يريك في الدّست أطرافا وهيبته ... من الصعيد إلى أقطار جيحون
للحمد سوق لديه غير كاسدة ... وللمدايح أجر غير ممنون
وآخر أمره آل إلى أن حبسه الخليفة المستظهر في داره واستصفى أمواله وأموال من يلوذ به من العمّال والنوّاب، وأخرج ميتا في شوال سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، وحمل إلى داره فغسّل فيها ودفن بالتربة الّتي استجدّها في قراح ابن رزين، ومنع أصحاب الديون التي عليه من دفنه في التربة وقالوا: هذه ملكه ولم يصحّ وقفها، ثم عجزوا عن إبطال ذلك.
وقيل إن المستظهر أدخل عميد الدولة ابن جهير حمّاما وسمّر عليه الباب إلى أن مات فيه، وأخرج للشهود ليشهدوا أنه ليس فيه أثر قتل، ليقال إنه مات حتف أنفه، ودخل في جملة الشهود أخوه الكافي، فصاح: يا أخي يا با منصور، قتلوك. وجعل يردّدها دفعات، فقيل: إن خمسمائة خادم خلعوا مداساتهم وخفافهم وصفعوه بها، فوقع ميّتا، ولم يسمع بمن مات هذه الميتة.
(الوافي بالوفيات 1/ 272، 273) .
وقال ابن الجوزي:
كان حسن التدبير، كافيا في مهمّات الخطوب، كثير الحلم، لم يعرف أنه عجل على أحد بمكروه، وقرأ الأحاديث على المشايخ، وكان كثير الصدقات، يجيز العلماء، ويثابر على صلاتهم. ولما احتضر القائم أوصى المقتدي بابن جهير، وخصّه بالذكر الجميل، فقال: يا بنيّ، قد استوزرت ابن المسلمة، وابن دارست، وغيرهما، فما رأيت مثل ابن جهير.
(المنتظم) .
وقال ابن الأثير إن عميد الدولة حين عزل أخذ من ماله خمسة وعشرون ألف دينار، وقبض عليه وعلى إخوته.. وكان عاملا، كريما، حليما، إلا أنه كان عظيم الكبر، يكاد يعدّ كلامه عدّا، وكان إذا كلّم إنسانا كلمات يسير هنّئ ذلك الرجل بكلامه.
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] في الأصل: «الأرجي» بالراء المهملة. وهو كما أثبتناه بالزاي المعجمة المفتوحة. نسبة إلى(34/171)
سمع: أبا القاسم بْن بِشْران.
روى عَنْهُ: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ.
149- مُحَمَّد بْن مأمون بْن عليّ [1] .
أبو بَكْر الأَبِيوَرْديّ المتولّي [2] .
سمع بنَيْسابور: أبا بَكْر الحِيّريّ.
روى عَنْهُ: زاهر الشّحّاميّ، وابنه، وخيّاط الصّوف، وغيرهم.
وقيل: سنة أربع [3] .
150- مُحَمَّد بْن المسلَّم بْن الحَسَن بْن هلال [4] .
أبو طاهر الْأَزْدِيّ الدّمشقيّ المعدّل.
سمع من: جَدّه لأمّه أَبِي [5] القاسم بْن أَبِي العلاء المصِّيصيّ، وغيره.
ومات كَهْلًا [6] .
روى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الحُسين الدّارانيّ.
151- المختار بْن مَعْبَد [7] .
أبو غالب الكاتب.
سمع: الجوهريّ، ومُحَمَّد بْن أحمد النَّرْسيّ، وطائفة.
روى عَنْهُ: أبو البركات، والسّقطيّ.
__________
[ () ] باب الأزج، وهي محلّة كبيرة ببغداد.
[1] انظر عن (محمد بن مأمون) في: المنتخب من السياق 66 رقم 136، وستعاد ترجمته في المتوفين سنة 494 هـ.
[2] أي متولّي مدرسة البيهقي، كما في (المنتخب) برقم (196) .
[3] قال عبد الغافر: مستور، من أبناء أهل الورع، سمع من أصحاب الأصمّ.
غسّلته امرأته ودفن ليلا بشاهنبر مخافة الظَّلَمة والأعوان، وكان في زمان الغلاء والتشويش.
[4] انظر عن (محمد بن المسلم) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 23/ 226 رقم 262 وفيه:
«بلال» بدل «هلال» .
[5] في الأصل: «أبو» وهو غلط.
[6] حدّث سنة 491 عن أبي القاسم علي بن محمد بن يحيى السلمي. وولد سنة 448 هـ.
[7] وردت ترجمته في الأصل بعد ترجمة «عَبْد اللَّه بْن الحُسين بْن أَبِي منصور الطبسي» التي تقدّمت برقم (125) ، فأخّرتها إلى هنا مراعاة لترتيب الحروف.(34/172)
وخرّج لَهُ أبو عامر العَبْدَريّ جزءًا.
تُوُفّي في ربيع الآخر عَنْ تسعٍ وسبعين سنة، وإنّما سمع وهو في عَشْر الأربعين.
152- المظفّر بْن عَبْد الغفّار [1] .
أبو الفتح البُرُوجِرْديّ [2] .
قرأ بالروايات على أبي بكر محمد بن علي الخيّاط، وأبي عليّ بن البنّاء.
وتفقّه عَلَى الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق.
قرأ عَلَيْهِ جماعة.
قَالَ ابن ناصر: قرأت عَلَيْهِ القرآن، وأثنى عَلَيْهِ.
وسمع من الجوهريّ.
سمع منه: الحسين بن خسرو البلخيّ.
مات في ثامن ذي القعدة.
- حرف النون-
153- نصر [3] بن إبراهيم بن نصر [4] .
السّلطان شمس المُلْك صاحب ما وراء النّهر.
قال السمعاني: كان من أفاضل الملوك علما ورأيا وحزما وسياسة، وكان حسن الخط، كتب مصحفا ودرس الفقه في دار الجوزجانية، وخطب على منبر سمرقند وبخارى، وتعجب الناس من فصاحته، وأملى الحديث عن الشّريف
__________
[1] وردت ترجمته في الأصل مع الترجمة التي قبله مباشرة بعد ترجمة «عَبْد اللَّه بْن الحُسين بْن أَبِي منصور الطبسي» أيضا.
[2] البروجردي: بضم الباء والراء بعدها الواو وكسر الجيم وسكون الراء وفي آخرها الدال المهملة، هذه النسبة إلى بروجرد وهي بلدة حسنة كثيرة الأشجار والأنهار من بلاد الجبل على ثمانية عشر فرسخا من همذان. (الأنساب 2/ 174) .
[3] وردت ترجمته في الأصل بعد ترجمة «أحمد بن سليمان بن خلف الباجي» رقم (105) ، فأخّرته إلى هنا باعتبار اسمه «نصر» ، وليس «تكين» كما جاء في الأصل.
[4] في الأصل: «تكين بن إبراهيم بن نصر» . والمثبت عن:
سير أعلام النبلاء 19/ 192، 193 رقم 113، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 416 رقم 1078، والأعلام 8/ 337.(34/173)
حَمْد بْن مُحَمَّد الزُّبَيْريّ، وكتب النّاس عَنْهُ.
ونجز بيده بابًا لمقصورة باب الخطابة.
تُوُفّي في شهر ذي القعدة سنة اثنتين وتسعين.
أنبئت عن أبي المظفّر ابن السّمعانيّ: أَنَا أبو المعالي مُحَمَّد بْن نَصْر المدينيّ الخطيب: ثنا الملك العالم شمْس المُلْك.. فذكر حديثًا موضوعًا في فضل أَبِي بَكْر وعُمَر.
- حرف الهاء-
154- هبة اللَّه بْن الحَسَن بْن أَبِي الغنائم [1] .
أبو مُحَمَّد البزّار.
شيخ صالح، بغداديّ.
روى عَنْ أَبِي طَالِب بْن غَيْلان أحاديث.
155- هبة اللَّه بْن عليّ [2] .
أبو تراب ابن الشُّرَيْحيّ [3] البغداديّ البزّار.
سمع: ابن دُوما النِّعَاليّ [4] .
روى عَنْهُ: أبو الحَسَن بْن حرّاز الخيّاط، والحافظ سَعْد الخَيْر.
- حرف الياء-
156- يحيى بْن عيسى بْن جَزْلَة [5] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الشّريحيّ: بضم الشين المعجمة، وفتح الراء، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفي آخرها الحاء المهملة. هذه النسبة إلى شريح وهو القاضي المعروف، أو غيره. (الأنساب 7/ 329) .
[4] في الأصل: «النغالي» وهو غلط. وقد تقدّم التعريف بنسبة النعالي.
[5] انظر عن (يحيى بن عيسى) في: المنتظم 9/ 119 رقم 184 (17/ 61 رقم 3706) ، وتاريخ الحكماء 365، 366، والكامل في التاريخ 10/ 105، 302، وعيون الأنباء في طبقات الأطباء 343، وتاريخ الزمان لابن العبري 125، ووفيات الأعيان 6/ 267، 268، رقم 812، والمختصر في أخبار البشر 2/ 212، وفيه «جذلة» (بالذال المعجمة) ، وسير أعلام النبلاء(34/174)
أبو عليّ البغداديّ، الطَّيِّب، مصنِّف «المنهاج» في الأدوية والعقاقير. كَانَ نصرانيًّا فأسلم، وصنَّف رسالة في الرّدّ عَلَى النّصارى وبيان عوار مذهبهم [1] .
وكان يقرأ الكلام عَلَى أَبِي عليّ بْن الوليد المعتزلّي، فكان يورد عليهم الحجج والدّلائل حتّى أسلم. وبرع أيضًا في الطّبّ. وصنَّف كُتُبًا للإمام المقتدي باللَّه، فمن ذَلِكَ: «تقويم الأبدان» ، وكتاب «الإشارة» [2] ، وأشياء [3] .
تُوُفّي في شَعْبان.
وكان إسلامه في سنة ستّ وستّين وأربعمائة.
ذكره ابن خلّكان [4] ، وابن النّجّار [5] .
__________
[ () ] 19/ 188 رقم 108، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 259، 260، وتاريخ ابن الوردي 2/ 11، 12، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 96، 97، والبداية والنهاية 12/ 159، والنجوم الزاهرة 5/ 166، وإيضاح المكنون 1/ 85، وهدية العارفين 2/ 519، والأعلام 8/ 161، ومعجم المؤلفين 13/ 218.
وقد أضاف الشيخ «شعيب الأرنئوط» إلى مصادر الترجمة كتاب: «تاريخ مختصر الدول» وذكر أن مؤلّفه «العبري» والصحيح «ابن العبري» . كما وهم في ذكر هذا المصدر لأن المذكور فيه هو: «يحيى بن سعيد بن ماري الطبيب النصراني صاحب المقامات الستين، وتوفي سنة 589 هـ. فبينه وبين صاحب الترجمة «ابن جزلة» ما يقرب من المائة سنة. فليحرّر.
[1] وفيات الأعيان 6/ 267.
[2] في (وفيات الأعيان) : «الإشارة في تلخيص العبارة» .
[3] ومنها: كتاب «منهاج البيان فيما يستعمله الإنسان» ، ورسالة في مدح الطب وموافقته للشرع والرّد على من طعن عليه. ورسالة كتبها إلى إليا القسّ لما أسلم.
[4] في وفيات الأعيان 1/ 267، 268.
[5] وقال ابن الجوزي: واستخدمه أبو عبد الله الدامغانيّ في كتب السّجلّات، وكان يطبّب أهل محلّته وسائر معارفه بغير أجرة، بل احتسابا، وربّما حمل إليهم الأدوية بغير عوض، ووقف كتبه قبل وفاته، وجعلها في مسجد أبي حنيفة. (المنتظم) .
ومن شعره قوله يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وشاهرا السيف قبل السيف أنذرهم ... والناس قد عكفوا جهلا على هبل
إمام معجزة قولا وتمّمه ... فعلا فأحكمه بالقول والعمل
(المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 259) .(34/175)
سنة أربع وتسعين وأربعمائة
- حرف الألف-
157- أحمد بْن عليّ بْن الفضل بْن طاهر بْن الفُرات [1] .
أبو الفضل الدّمشقيّ.
سمع: أَبَاهُ، وأبا مُحَمَّد بْن أَبِي نَصْر، ومنصور بْن رامش، وأحمد بْن مُحَمَّد العَتِيقيّ، ورشأ بْن نظيف، وأبا عَبْد اللَّه بْن سَعْدان.
قَالَ ابن عساكر: [2] ثنا عَنْهُ هبة اللَّه بْن طاوس، ونصر بْن أحمد السُّوسيّ، والحسين بْن أُشْليها [3] ، وابنه عليّ بْن الحُسين، وأحمد بْن سلامة.
قَالَ: وكان من أهل الأدب والفضل، إلّا أَنَّهُ كَانَ مُتَّهمًا برقة الدّين [4] ، رافضيًّا. وهو واقف الكُتُب الّتي في الجامع، في حلقة شيخنا أَبِي الحُسين بْن الشَّهْرَزُوريّ.
قَالَ ابن صابر: سألته عَنْ مولده فقال: بدمشق في ذي الحجة سنة إحدى عشرة وأربعمائة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي) في: تاريخ دمشق (أحمد بن عتبة- أحمد بن محمد بن المؤمّل) 52- 54 رقم 34، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 3/ 185، 186 رقم 223، وسير أعلام النبلاء 19/ 128، 129 رقم 66، والمغني في الضعفاء 1/ 48 رقم 372، وميزان الاعتدال 1/ 122 رقم 486، والعبر 3/ 339، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 106، ومرآة الجنان 3/ 156، ولسان الميزان 1/ 226 رقم 707، وشذرات الذهب 3/ 400، وتهذيب تاريخ دمشق 1/ 409، 410.
[2] في تاريخ دمشق 52.
[3] في الأصل: «أشلها» ، والتصحيح من: تاريخ دمشق.
[4] زاد في تاريخ دمشق 52: «وكان له شعر» .(34/176)
قَالَ: وهو رافضيّ، سألته عَنْ نَسَبه، فانتمى إلى الوزير ابن الفُرات [1] .
وتُوُفّي في صَفَر.
وله شِعرٌ جيّد [2] .
وقد هجاه جعفر بْن دَوّاس [3] .
قلت: آخر من روى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن الدّارانيّ شيخ كريمة. وهو راوي [4] .
158- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه [5] .
أبو إِسْحَاق العُقَيْليّ [6] الْجَزَري [7] ، المقرئ نزيل نَيْسابور.
حدَّثَ عَنْ: أَبِي الحَسَن عليّ بْن السِّمْسار.
وعن: أَبِيهِ مُحَمَّد، والحافظ أحمد بْن عليّ بْن فَنْجُوَيْه [8] الأصبهانيّ ثمّ
__________
[1] وليس هو من ولده، كما في تاريخ دمشق 53 وزاد: «ثقة في روايته» .
[2] ومنه قوله:
وقالوا: لم سلوت قضيب بان ... رشيق القدّ جلّ عن القياس؟
فقلت: سلوته وصبرت لمّا ... عسى يعسو عسوّا فهو عاسي
(عسا: كبر وأسنّ) .
[3] فقال:
ابن الفرات خيال في تبختره ... يمشي، فوا عجبا للميّت الماشي
كأنّ أثوابه من فوقه كفن ... والشيخ جاءوا به من عند نبّاش
كالغصن ماس لحاه كي يقشّره ... دهر، ولكن لعمري غصن طرّاش
(تاريخ دمشق 53)
[4] هكذا في الأصل، ووقف عن الباقي.
[5] انظر عن (إبراهيم بن محمد) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 4/ 149 رقم 148، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 289.
[6] العقيلي: بفتح العين المهملة، وكسر القاف، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، هو اسم لجدّ. (الأنساب 9/ 20) .
[7] الجزري: بفتح الجيم والزاي، وكسر الراء. هذه النسبة إلى الجزيرة، وهي إلى عدة بلاد من ديار بكر، واسم خاص لبلدة واحدة يقال لها جزيرة ابن عمر، وعدّة بلاد منها: الموصل، وسنجار، وحرّان، والرقة، ورأس العين، وآمد، وميّافارقين، وهي بلاد بين الدجلة والفرات، وإنما قيل لها الجزيرة لهذا. (الأنساب 3/ 248) .
[8] في الأصل: «منجويه» .(34/177)
النَّيْسابوريّ، والشريف ابن القاسم الزَّيْديّ الحرّانيّ، وغيرهم.
قَالَ السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ عمّي، وجماعة. وتُوُفّي في شعبان بنيسابور. وهو مقريء صالح ثقة.
قَالَ ابن عساكر: ونا عَنْهُ إسماعيل التَّيْميّ، وشافع بْن أَبِي الحَسَن [1] .
159- أحمد بْن مُحَمَّد بْن عليّ [2] .
أبو ياسر الحربيّ [3] .
سمع: أبا الحسن القزويني، وأبا محمد الخلال.
وعنه: عَبْد اللَّه بْن أحمد، وجحشَويْه، والقاضي عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد المَدِينيّ.
تُوُفّي في صَفَر.
160- أحمد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [4] .
أبو منصور الصّبّاغ.
تفقّه عَلَى: عمّه [5] أَبِي نَصْر، وأبي الطَّيِّب الطَّبَريّ، واستمع منه.
ومن: الجوهريّ.
وقد ناب في القضاء، وولي الحسبة، وله مصنّفات [6] .
__________
[1] وقال ابن عساكر: من أهل الستر والديانة.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الحربيّ: بفتح الحاء وسكون الراء المهملتين وفي آخرها الباء المعجمة بواحدة. هذه النسبة إلى محلّة معروفة بغربي بغداد. (الأنساب 4/ 99) .
[4] انظر عن (أحمد بن محمد الصباغ) في: المنتظم 9/ 125 رقم 185 (17/ 68 رقم 3707) ، والكامل في التاريخ 10/ 326، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 34، والبداية والنهاية 12/ 160 وفيه: «أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن الصباغ» ، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 268، 269 رقم 224.
[5] وقع في (المنتظم) بطبعتيه القديمة والحديثة: «وتفقه على ابن عمّه أبي نصر بن الصبّاغ» ، وهو غلط. ولم يتنبّه إليه محقّقوه، ومثله وقع في: البداية والنهاية 12/ 160.
[6] وقال ابن الجوزي: وشهد عند قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغانيّ سنة ست وستين، وكان ينوب في القضاء بربع الكرخ عن القاضي أبي محمد الدامغانيّ، وولي الحسبة بالجانب الغربي، وكان فاضلا في الفقه، وكان يصوم الدهر، ويكثر الصلاة. (المنتظم) .
وقال ابن النجار: كان فقيها فاضلا حافظا للمذهب متديّنا، يصوم الدهر، ويكثر الصلاة. وله(34/178)
روى عَنْهُ أبو الحَسَن بْن أنجل [1] .
161- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَقِيل بْن زيد [2] .
أبو إِسْحَاق الشَّهْرَزُوريّ الدّمشقيّ، الفقيه الفَرَضيّ الواعظ. خال جمال الإسلام أَبِي الحَسَن بْن المسلم الفقيه.
سمع: أبا عَبْد اللَّه بْن سلْوان، وعبد الوهّاب [3] ، وأبا القاسم الحِنّائيّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: عليّ بْن نجا بْن أسد، والخضر بْن عبدان.
ومات وقد قارب السّبعين [4] .
__________
[ () ] مصنّفات ومجموعات حسنة. وكان خطّه رديئا.
وذكر السبكي من مسائل القاضي أبي منصور أن إمامة الأقلف تكره بعد البلوغ ولا تكره قبله.
وقال أبو منصور في الفتاوى التي جمعها من كلام عمّه الشيخ أبي نصر وفيها كثير من كلامه:
إذا قال لزوجته: أنت طالق لا بدّ أن تفعلي كذا أنّه لم يجدها منصوصة.
قال أبو منصور: ورأيت شيخنا يعني أبا نصر بن الصبّاغ يفتي أنه يكون على الفور قال: وأفتى غيره بأنه يكون على التراخي.
وقال أبو منصور أيضا في هذه الفتاوى في مسألة العمياء هل لها حضانة لم أجد هذه المسألة مسطورة. وسألت شيخنا يعني ابن الصبّاغ فقال: إن كان الطفل صغيرا لها الحضانة لأنه يمكنها حفظه، وإن كان كبيرا فلا حضانة لها لتعذّر الحفظ.
قال السبكي: والأمر كما وصف من كون المسألة غير مسطورة ولم يقع البحث عنها إلّا في زمان ابن الصبّاغ فأفتى بهذا، وأفتى عبد الملك بن إبراهيم المقدسي بأنه لا حضانة لها مطلقا، وأراه الأرجح. (طبقات الشافعية الكبرى 3/ 43، 35) .
وكتب عنه القاضي أبو بكر ابن العربيّ المالكي وقال: كان ثقة، فقيها، حافظا، ذاكرا.
(طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 269) .
[1] هكذا في الأصل، ولم أجده في المصادر لصاحب الترجمة.
[2] انظر عن (إبراهيم بن محمد بن عقيل) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 4/ 423) ، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 138، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 4/ 151 رقم 153، والعبر 3/ 308، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 190، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 94 رقم 684 والوافي بالوفيات 4/ 140، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 297.
[3] هو أبو الفرج عبد الوهاب بن الحسين بن عمر بن برهان الغزّال المتوفى سنة 447 وقد سمعه بصور. (تاريخ دمشق 4/ 423) .
[4] وكان مولده سنة 395 هـ. وجاء في (طبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 94) أنه مات سنة أربع وثمانين وأربعمائة، عن نحو سبعين سنة.(34/179)
162- أسعد بْن مسعود بْن عليّ [1] .
أبو إِبْرَاهِيم العُتْبيّ. من وُلِد عُتْبة بْن غَزْوان [2] بنَيْسابور.
مُسْنِد كبير، روى عَنْ: أَبِي بَكْر الحِيّريّ، وأبي سَعِيد الصَّيْرفيّ.
روى عَنْهُ: عَبْد الخالق، والفضل، وطاهر بنو زاهر الشّحّاميّ، وعَبْد اللَّه ابن الفُرَاويّ، وآخرون.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى وله تسعون سنة [3] .
وكان كاتبًا فضعُف ولِزم بيته، وقنع باليسير [4] .
وله نظم حسن.
مات عن سبع وثمانين [5] سنة.
__________
[1] انظر عن (أسعد بن مسعود) في: الأنساب 8/ 381، والمنتظم 9/ 125 رقم 186 (17/ 68 رقم 3708) ، والمنتخب من السياق 165 رقم 400، والكامل في التاريخ 10/ 326، وسير أعلام النبلاء 19/ 158، 159 رقم 85.
وسيعيده المؤلّف- رحمه الله- في المتوفين في هذه الطبقة تقريبا، برقم (375) .
[2] وقع في الأنساب (8/ 381) : «عزوان» بالعين المهملة. والصحيح هو المثبت بالغين المعجمة.
وقد وهم محقّقو كتاب (المنتظم) في طبعته الجديدة (17/ 68 بالحاشية 2) فقالوا: «العتبي:
نسبة إلى عتبة بن أبي سفيان. وهم جماعة من أولاده» . وهذا من التسرّع، فقد قال ابن السمعاني: «أما أبو إبراهيم أسعد بن مسعود. العتبي من ولد عتبة بن غزوان» .
[3] هذا يتفق مع القول بولادته في سنة 404 هـ. كما في: الأنساب 8/ 381، والكامل في التاريخ 10/ 326.
[4] وقال ابن الجوزي: وكان في شبابه يتصرّف في الأعمال، ثم ترك العمل وتاب، وتزهّد ولزم البيت، وأملى الحديث مدّة. (المنتظم) .
وقال عبد الغافر الفارسيّ: الكاتب من أولاد النّعم، من أجداد أبي النضر العتبي. فاضل، شاعر، كاتب، تصرّف في الأعمال أيام شبابه، وخرج في خدمة عميد خراسان أبي سعيد محمد بن منصور إلى الأسفار، ولقي الأمور. وله أعقاب من جهة ابنه المعتز بن أسعد مشتغلون بالاستيفاء في الدواوين.
وهذا الشيخ سمع من أصحاب الأصمّ، والطبقة بعدهم.
وعقد له مجلس الإملاء في الحظيرة الشّحّامية في جامع المنيعي قبل الصلاة، فأملى مدّة.
(المنتخب من السياق 165) .
[5] هذا القول يتناقض مع القول السابق بأنه توفي وله تسعون سنة.(34/180)
- حرف الحاء-
163- الحَسَن بْن أحمد بْن عليّ [1] .
عَنْ: ابن شاذان، وأبي القاسم بْن بِشْران.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ، وعُمَر بْن ظفر، وسعد الخير الأندلسيّ، وشُهْدَة الكاتبة، والسلفي.
وتُوُفّي في رمضان.
- حرف السين-
164- سَعْد بْن عليّ بْن الحَسَن [2] .
أبو منصور العِجْليّ [3] الأَسَدَاباذيّ [4] ، الفقيه. نزيل هَمَذَان.
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ ثقة مُفْتيا، حَسَن المناظرة، كثير العِلْم والعمل.
سمع: أبا الطَّيِّب الطَّبَريّ، وأبا إِسْحَاق البَرْمكيّ، وبمكة: كريمة المَرْوَزِيّة، وعبد العزيز بْن بُنْدار.
روى عَنْهُ: ابنه أحمد [5] ، وإسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ، والسِّلَفيّ إذْنًا.
وقال شِيرُوَيْه: قرأت عَلَيْهِ شيئًا من الفقه، وكان حَسَن المناظرة، كثير العبادة، هيوبا [6] .
مات في ذي القعدة.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (سعد بن علي) في: التحبير 1/ 313، والمنتظم 9/ 125 رقم 187 (17/ 68 رقم 3709) ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 166، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 213، 214 رقم 833.
[3] العجليّ: بكسر العين المهملة، وسكون الجيم. هذه النسبة إلى بني عجل بن لجيم بن صعب بن علي.
[4] الأسداباذي: بفتح الألف والسين والدال المهملتين والباء المنقوطة بواحدة بين الألفين وفي آخرها الذال. هذه النسبة إلى أسداباذ وهي بليدة على منزل من همذان إذا خرجت إلى العراق. (الأنساب 1/ 224) .
[5] وكنيته: أبو علي. توفي سنة 535 هـ. (الأنساب 8/ 401) .
[6] وقال ابن الجوزي: سمع بمكة، والمدينة، والكوفة، وغيرها. (المنتظم) .(34/181)
165- سَعْد بْن مُحَمَّد بْن جعفر [1] .
أبو نَصْر الأَسَدَاباذيّ [2] ، ثمّ الحَلْوائيّ [3] .
خدم أبا طَالِب يحيى بْن عليّ الدَّسْكَريّ [4] .
وسمع: ابن مسرور الزّاهد، وأبا عثمان الصّابونيّ، وعبد الغافر الفارسيّ.
روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن سَعْد، وعبد الخالق بْن زاهر.
تُوُفّي في شَعْبان عَنْ نيِّفٍ وتسعين سنة.
- حرف الظاء-
166- ظَبْيان بْن خَلَف [5] .
أبو بَكْر المالكيّ المتكلّم.
قَالَ ابن عساكر: كَانَ متورعًا في المعيشة، مُوَسْوَسٌ في الوضوء.
سمع: مُحَمَّد بْن مكّيّ الْمَصْرِيّ، والكتّانيّ [6] .
سمع منه: غيث الأرمنازيّ، وعمر الرّؤاسيّ.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] تقدّمت هذه النسبة في الترجمة السابقة مباشرة.
[3] الحلوائي: بفتح الحاء المهملة وسكون اللام، وهذه النسبة إلى عمل الحلواء وبيعها. (الأنساب 4/ 193) .
[4] الدّسكري: بفتح الدال وسكون السين المهملتين وفتح الكاف وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى الدسكرة، وهي قريتان، إحداهما على طريق خراسان، يقال لها دسكرة الملك، وهي قرية كبيرة تنزلها القوافل. وقرية أخرى من أعمال نهر الملك ببغداد على خمسة فراسخ، يقال لها الدسكرة أيضا. (الأنساب 5/ 311، 312) .
ولم أتبيّن إلى أيّهما ينسب يحيى بن علي الدسكري.
[5] انظر عن (ظبيان بن خلف) في: معجم البلدان 1/ 237، 238، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 11/ 231 رقم 125، وتهذيب تاريخ دمشق 7/ 120.
واسمه بالكامل: ظبيان بن خلف بن نجيم- ويقال: لجيم- ابن عبد الوهاب المالكي الفقيه الإقليمي المتكلّم، من أهل الإقليم.
[6] في الأصل، ومعجم البلدان 1/ 238: «الكناني» بنون بعد الكاف، وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه (بالتاء المثنّاة من فوق) .(34/182)
- حرف العين-
167- عاصم بْن أيّوب [1] .
أبو بَكْر البَطَلْيُوسيّ [2] الأديب.
روى عَنْ: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن الغراب، وأبي عُمَر السّفاقُسِيّ [3] ، ومكّيّ بْن أَبِي طَالِب.
وكان لُغَويًّا، أديبًا، فاضلًا، خيّرًا، ثقة.
روى عَنْهُ: أبو مُحَمَّد بْن السّيّد، شيخٌ لابن بَشْكُوَال.
168- عَبْد اللَّه بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن ماهُوَيْه [4] .
أبو مُحَمَّد بْن أَبِي عليّ الطَّبَسيّ [5] الحافظ.
سمع: أبا القاسم القُشَيْريّ، وأبا الحَسَن بْن المظفّر الدّاوديّ، وأبا صالح المؤذّن، وخلقا كبيرا بخُراسان، وأبا مُحَمَّد الصَّرِيفينيّ [6] ، وابن النَّقُّور، وابن
__________
[1] انظر عن (عاصم بن أيوب) في: طبقات النحويين واللغويين 272، والصلة لابن بشكوال 2/ 451 رقم 969، والوافي بالوفيات (مخطوط) 14/ 134، وبغية الوعاة 2/ 24 رقم 1335، وهدية العارفين 1/ 435، وتاريخ الأدب العربيّ 1/ 309، ومعجم المؤلفين 6/ 51، 52.
[2] البطليوسي: بفتح الباء المنقوطة بواحدة والطاء المهملة وسكون اللام وضمّ الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وسكون الواو وفي آخرها السين المهملة. هذه النسبة إلى بطليوس وهي مدينة من مدن الأندلس من بلاد المغرب. (الأنساب 2/ 241) .
[3] السّفاقسي: بفتح السين المهملة المشدّدة، والفاء، وقاف مضمومة ثم سين مهملة. نسبة إلى مدينة سفاقس، مدينة من نواحي إفريقية جلّ غلّاتها الزيتون، وهي على ضفّة الساحل، بينها وبين المهديّة ثلاثة أيّام وبين سوسة يومان وبين قابس ثلاثة أيام، وهي على البحر ذات سور.
(معجم البلدان 3/ 223) .
[4] انظر عن (عبد الله بن الحسن الطبسي) في: المنتظم 9/ 125 رقم 188 (17/ 69 رقم 3710) ، والبداية والنهاية 12/ 160، ولسان الميزان 3/ 271، 272 رقم 1153 وقد حوّل في اسمه.
[5] الطّبسيّ: بفتح الطاء المهملة، والباء المنقوطة بواحدة، والسين المهملة. هذه النسبة إلى طبس، بين نيسابور وأصبهان وكرمان. وتحرّفت النسبة إلى «الطسي» في: لسان الميزان.
[6] الصّريفيني: بفتح الصاد المهملة، وكسر الراء، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، والفاء بين الياءين، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى «صريفين» ، قريتين: إحداهما من أعمال واسط، والأخرى صريفين بغداد. والمذكور خطيب صريفين بغداد. توفي سنة 469 هـ.
(الأنساب 8/ 58، 59) .(34/183)
البُسْريّ [1] ، وطبقتهم ببغداد.
وانتقى عَلَى الشيوخ، واستوطن مروالرّوذ. وكان رديء الكتابة.
قَالَ شِيرُوَيْه: كَانَ ثقة يُحسِن هذا الشّأن، ورِعًا، مشتغلًا بإخراج الصّحيح والموافقات، مواظبًا عَلَى ذَلِكَ [2] .
وقال المؤتَمن السّاجيّ: لم يكن يتحرَّى فيما يحدِّث بِهِ الصِّدْقَ فسقط، وعاش نيّفًا وخمسين سنة [3] .
169- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الصَّمد بْن أحمد [4] .
أبو بَكْر التُّرَابيّ [5] المَرْوَزِيّ.
صالح خيِّر.
روى عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد الشّيرنخشِيرِيّ [6] ، وغيره.
قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد المقرئ بمَرْو: أَنَا التُّرَابيّ، فذكر حديثًا.
مات بعد ربيع الأوَّل من العام [7] .
__________
[1] البسري: بضم الباء المنقوطة بواحدة وسكون السين المهملة وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى بسر بن أرطاة، وقيل ابن أبي أرطاة. (الأنساب 2/ 210) .
[2] وقال ابن الجوزي: جال الأقطار، وسمع من الشيوخ الكثير، وخرّج لهم التخاريج، وكان أحد الحفّاظ، ثقة صدوقا عارفا بالحديث، ورعا، حسن الخلق. (المنتظم) .
[3] وقال ابن النجار: كان موصوفا بالحفظ والمعرفة وسعة الرحلة. روى عنه محمد بن طرخان.
وقال الدّقّاق: جمع جزءا في مسألة الاستواء ومن يقول بالجسم والجوهر، ولو لم يجمعه لكان خيرا له.
وقال ابن السمعاني: مات في جمادى الأولى سنة أربع وتسعين وأربعمائة. وقد أثنى عليه يحيى بن مندة، وحسين الجزري.
ويقال: كان خطّه رديّا.
وقال ابن حجر: سمع الكثير وجدّ واجتهد. (لسان الميزان 3/ 271، 272) .
[4] انظر عن (عبد الله بن عبد الصمد) في: الأنساب 3/ 36 وقد طوّل في اسمه ونسبه.
[5] الترابي: بضم التاء المعجمة بنقطتين من فوق والراء المهملة المخفّفة، فهم جماعة بمرو ينتسبون بهذه النسبة يقال لهم خاك فروشان ولهم سوق ينسب إليهم، يبيعون فيه البزور والحبوب. (الأنساب 3/ 35) .
[6] في الأصل: «الشيرتحشيري» ، والتصحيح عن (الأنساب) .
[7] في الأنساب: توفي بعد سنة أربع وتسعين وأربعمائة.(34/184)
170- عَبْد الجبّار بْن سَعِيد [1] .
أبو نَصْر بْن البَحِيرِيّ [2] أَبِي عثمان.
رَجُل خيّاط خَيّر، سمّعه أَبُوهُ من: أَبِي سمعة الصَّيْرفيّ، وأبي بَكْر الحِيّرِيّ.
روى عَنْهُ: أبو البركات الفُرَاويّ [3] ، وأحمد بْن مُحَمَّد البَيِّع، وجوهر نار بنت زاهر الشّحّاميّ، وأخوها عَبْد الخالق، وآخرون.
مات في صَفَر.
171- عَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن غيلان [4] .
أبو محمد ابن الشّيخ أبي طالب البزّار.
روى عَنْ: أَبِيهِ.
قَالَ ابن ناصر: ما كَانَ يُعرف شيئًا.
مات في المحرَّم.
172- عَبْد الحميد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد [5] .
أبو القاسم العَيْداني [6] الحنفيّ. أحد الأئمّة.
سمع: مُحَمَّد بْن أَبِي الهَيْثَم التُّرَابيّ، وخاله عليّ بْن الحسين [7] الدّهقان.
خواهرزاده [8] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] البحيري: بفتح الباء الموحّدة وكسر الحاء بعدها الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى بحير وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه. (الأنساب 2/ 97) .
[3] الفراوي: بضم الفاء وتخفيف الراء.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] انظر عن (عبد الحميد بن عبد الرحمن) في: الجواهر المضيّة 2/ 365، 366 رقم 756، والطبقات السنية، رقم 1145 وسيأتي اسم أبيه على أنه «عبد الرحيم» في ترجمة ابنه محمد الآتية برقم (189) .
[6] في الأصل: «العبداني» بالباء الموحّدة، والتصحيح من الجواهر المضية.
و «العيداني» بفتح العين المهملة، وسكون الياء آخر الحروف، والدال المهملة المفتوحة، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى «عيدان» وهو بطن من حضرموت، وهو: ربيعة بن عيدان بن ربيعة ذي العرف بن وائل ذي طواف. (الأنساب 9/ 104) .
[7] في الأصل: «الحسن» ، والتصحيح من: الجواهر المضيّة 2/ 566 رقم 968.
[8] هكذا هنا، مما يعني أن الدهقان هو خواهرزاده. أما في: الجواهر المضيّة 2/ 365 فصاحب(34/185)
ولم يكن في عصره حنفيّ أطْلَبَ للحديث منه [1] .
173- عَبْد الخالق بْن مُحَمَّد بْن خَلَف [2] .
أبو تراب البغداديّ المؤدِّب، ويُعرف بابن الأبرص.
سمع: هبة اللَّه بْن الحَسَن اللّالْكائيّ، وعبد الرحمن الحرفيّ.
وعنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وأبو طاهر السّلفيّ.
ولد سنة خمس وأربعمائة، وتُوُفّي في آخر رمضان.
وقال الأَنْماطيّ: كَانَ رجلًا صالحًا، أدَّبني.
174- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن زاز بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن حُمَيْد بْن أَبِي عَبْد اللَّه النّوَيْزيّ [3] .
فقيه مَرْو، الأستاذ أبو الفَرَج السَّرْخَسيّ [4] ، الفقيه الشّافعيّ، المعروف بالزّازّ.
كَانَ أحد من يُضرب بِهِ المثل في حفظ المذهب. وكان رئيس الشافعية بمَرْو. ورحل إِلَيْهِ الأئمّة، وسارت تصانيفه. وكان ورعًا ديّنًا. تفقّه عَلَى القاضي حسين.
__________
[ () ] الترجمة عبد الحميد هو المعروف بخواهرزاده وليس خاله.
[1] وقال ابن السمعاني: كان إماما فاضلا عالما.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن أحمد) في: التحبير 1/ 167، 362 و 2/ 78، 449، 451، والمنتظم 9/ 125، 126 رقم 189 (17/ 69 رقم 3711) ، ومعجم البلدان 3/ 209، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 263، والإعلام بوفيات الأعلام 203، وسير أعلام النبلاء 19/ 154، 155 رقم 80، والعبر 3/ 339، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 106، 107، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 221، 222، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 237 رقم 604، ومرآة الجنان 3/ 156، 157، والبداية والنهاية 12/ 160، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 273 رقم 231، وكشف الظنون 163، وشذرات الذهب 3/ 400، وهدية العارفين 1/ 158، وديوان الإسلام 3/ 375 رقم 1049، ومعجم المؤلفين 5/ 121، 122.
[4] السّرخسيّ: بسكون الراء. هذه النسبة إلى بلدة قديمة من بلاد خراسان يقال لها: سرخس، وسرخس، وهو اسم رجل من الذّعّار في زمن كيكاوس سكن هذا الموضع وعمّره وأتمّ بناءه ومدينته ذو القرنين. (الأنساب 7/ 69) .(34/186)
وتُوُفّي في شهر ربيع الآخر، وله نيف وستون سنة [1] . ومصنفه الّذي سمّاه «الإملاء» انتشر في الأقطار.
وكان عديم النّظير في الفتوى، ورِعًا، ديّنًا، محتاطًا في مأكله وملبسه إلى الغاية.
وكان لا يأكل الرُّزّ لكونه لا يزرعه إلّا الْجُنْد، ويأخذون مياه النّاس غالبًا ويسقونه.
سمع: الحَسَن بْن عليّ المطَّوِّعيّ، وأبا المظفّر مُحَمَّد بْن أحمد التَّميميّ، وأبا القاسم القُشَيْريّ، وخلقًا.
روى عَنْهُ: أحمد بْن إسماعيل النَّيْسابوريّ، وأبو طاهر السِّنْجيّ، وعُمَر بْن أَبِي مطيع، وآخرون [2] .
__________
[1] ولد في سنة إحدى أو اثنتين وثلاثين وأربعمائة.
قال ابن الجوزي: ورأى رجل في المنام رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ له: قل له أبشر، فقد قرب وصولك إليّ، وأنا أنتظر قدومك. رأى ذلك ثلاث ليال، ثم جاءه فبشّره، فعاش بعد سنتين، وتوفي في هذه السنة. (المنتظم) .
[2] وصفه ابن السمعاني بأنه أحد أئمّة الإسلام. (تهذيب الأسماء) ومن يضرب به المثل في الآفاق بحفظ مذهب الشافعيّ الإمام ومعرفته وتصنيفه الّذي سمّاه «الإملاء» سارت في الأقطار مسير الشمس، ورحل إليه الأئمة والفقهاء من كل جانب وحصّلوه واعتمدوا عليه، ومن تأمّله عرف أن الرجل كان ممن لا يشقّ غباره في العلم ولا يثني عنانه في الفتوى، ومع وفور فضله وغزارة علمه كان متديّنا ورعا محتاطا في المأكول والملبوس.
وسمعت زوجته وهي حرّة بنت عبد الرحمن بن محمد بن علي السنجاني تقول إنه كان لا يأكل الأرزّ لأنه يحتاج إذا زرع إلى ماء كثير، وصاحبه قلّ أن لا يظلم غيره في سقي الماء.
وسمعتها تقول: سرق كل شيء في داري من ملبوس حتى المرط الّذي كنت أصلّي عليه، وكانت طاقية الإمام عبد الرحمن زوجي على حبل في صحن الدار لم تؤخذ، فوجد السارق، فقبض عليه بعد خمسة أشهر، وردّ علينا أكثر المسروق ولم يضع إلّا القليل، فاتفق أن الإمام عبد الرحمن سأل السارق: لم لا تأخذ الطاقية؟ فقال: أيّها الشيخ تلك الطاقية أخذتها تلك الليلة مرات، فكل مرة إذا قربت منها كانت النار تشتعل منها حتى كادت أن تحرقني، فتركتها على الحبل وخرجت.
وذكر ابن السمعاني أن شيخه أبا بكر احمد بن محمد بن إسماعيل الجرجرائي كان إذا حدّثهم عن الشيخ أبي الفرج قال: أخبرنا الإمام حبر الأمّة وفقيهها أبو الفرز الزاز.
وقال السبكي: وأبو الفرج فيما أحسب نويزي بضم النون وفتح الواو وسكون الياء آخر الحروف(34/187)
175- عَبْد الغفّار بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر [1] .
الصُّوفيّ الهَمَذانيّ أبو بَكْر الصّائغ.
أجاز للسِّلَفيّ.
رحل، وسمع من: أَبِي الحُسين بْن المهتدي باللَّه، وابن النَّقُّور، وجماعة.
قَالَ شِيرُوَيْه: سَمِعْتُ منه، وكان أحد مشايخ الصُّوفيّة، كثير العبادة، تُوُفّي في شوّال.
176- عَبْد الواحد بْن أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن بُنْدار [2] .
الْإِمَام أَبُو منصور.
خطيب هَمَذَان ومفتيها.
يروي عَنْ: ابن عيسى، وابن مأمون، وابن مسعود البجلي.
أجاز للسلفي.
مات في فرات [3] .
177- عبد الواحد بن عبد الرحمن بن زيد بن إبراهيم [4] .
الخطيب أبو القاسم النيسابوري، المعروف بالحكم.
مات بالشاش في جمادى الآخرة وله سبع وثمانون سنة.
روى عَنْ: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله الخطيب، وغيره.
__________
[ () ] في آخرها زاي. وهي فيما أحسب أيضا من قرى سرخس. وإليها ينسب عباس بن حمزة النويزي أحد الرواة عن يزيد بن هارون. وقد فات شيخنا الذهبي ذكرها في «المؤتلف والمختلف» مع اشتباهها بالبويزي بالباء، والتويزي بمثناة وزاي. وأغرب من ذلك أن شيخنا الذهبي ذكر أبا الفرج هذا فيمن توفي بعد الخمسمائة وضبط النويزي بضم النون وإسكان الواو بعدها نون مفتوحة ثم راء ساكنة ثم باء موحدة، كذا رأيت بخطه، فإن صح هذا فهي نسبة أخرى شبيهة بما ذكرنا. وأما دعواه أن الزاز توفي بعد الخمسمائة فليس كذلك وإنما توفي في شهر ربيع الآخر سنة أربع وتسعين وأربعمائة، ذكر الذهبي وفاته في موضع آخر على الصواب فيما أحسب. (طبقات الشافعية الكبرى 3/ 22) .
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] لم أقف على هذا الموضع.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.(34/188)
178- عَبْد الواحد بْن عَبْد الكريم بْن هوازن بْن عَبْد المُلْك بْن طلحة [1] .
الْإِمَام أبو سعيد [2] ابن الْإِمَام أَبِي القاسم القُشَيْريّ النَّيْسابوريّ الخطيب.
قَالَ السّمعانيّ فيه: أوحد عصره فضلًا ونفسًا وحالًا، الثاني من ذُكور أولاد أَبِي القاسم.
نشأ في العلم والعبادة، وكان قويّ الحفظ، بالغًا فيه. تخرّج في العربيّة، وضرب في الكتابة والشِّعْر بسهمٍ وافر. وأخذ في تحصيل الفوائد من أنفاس والده، وضبط حركاته وسكناته وما جرى لَهُ، وصار في آخر عُمره سيّد عشيرته [3] .
وحجّ ثانيا بعد الثّمانين [4] .
وحدَّثَ ببغداد [5] والحجاز. ثمّ عاد إلى نَيْسابور مشتغلًا العبادة، لا يفتر عَنْهَا ساعة.
سمع: عليّ بْن مُحَمَّد الطّرازيّ، وأبا نَصْر منصورًا المفسّر، وأبا سعد النّصروييّ [6] . وببغداد: أبا الطَّيِّب الطَّبَريّ، وأبا مُحَمَّد الجوهريّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الواحد بن عبد الكريم) في: الأنساب 10/ 156، والمنتخب من السياق 339، 340 رقم 1119، والتحبير 1/ 76، 474، 577، 589 و 2/ 107، 121، 455، والإعلام بوفيات الأعلام 203، والعبر 3/ 339، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 284، 285، ومرآة الجنان 3/ 157، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 248- 252 رقم 138، وشذرات الذهب 3/ 401.
[2] في الأصل: «أبو سعد» ، والتصحيح من مصادر الترجمة. وقال السبكي: أما أبو سعد بإسكان العين فذاك أخوه عبد الله، كلاهما ولد الأستاذ أبي القاسم. (طبقات الشافعية الكبرى 3/ 284) .
[3] ذيل تاريخ بغداد 1/ 248، 249.
[4] وقال ابن السمعاني فيه: شيخ نيسابور علما وزهدا وورعا وصيانة، لا بل شيخ خراسان، وهو فاضل ملء ثوبه، وورع ملء قلبه، لم أر في مشايخي أورع منه وأشد اجتهادا.
ومن شعره:
يا شاكيا فرقة شهر الصيام ... تفيض عيناه كفيض الغمام
ذلك من أوصاف من لم يزل ... حضوره الباب بنعت الدوام
دم حاضرا بالباب مستيقظا ... وكل شهر لك شهر الصيام
(وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 284 و 285) .
[5] قدم إليها حاجّا سنة 481 هـ.
[6] في الأصل: «النصروي» . والتصحيح من (الأنساب 12/ 91) بفتح النون وسكون الصاد(34/189)
ثنا عَنْهُ: ابنه هبة الرَّحْمَن، وأبو طاهر السِّنْجيّ، وأبو صالح عَبْد المُلْك ابنه الآخر، وغيرهم.
ومولده في صَفَر سنة ثمان عشرة وأربعمائة. ومات في جُمَادَى الآخرة.
وقال غيره: خطب نحو خمس عشرة سنة، فكان يُنشئ الخُطَب ولا يكرِّرها [1] .
وروى عَنْهُ أيضًا: عَبْد اللَّه بْن الفُرَاويّ [2] .
وسماعه من الطّرازيّ والمفسّر حضورًا [3] في الرابعة أو نحوها [4] .
179- عزيزيّ بْن عَبْد الملك بن منصور [5] .
__________
[ () ] المهملة والراء المضمومة وفي آخرها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى نصرويه وهو في أجداد المنتسب.
[1] زاد عبد الغافر الفارسيّ: وما تلعثم فيها حينا. وعقد لنفسه مجلس الإملاء عشيّات الجمع في المدرسة النظامية، وتكلّم على المتون يستخرج المشكلات ويستنبط المعاني والإشارات ويزينها بالحكايات والأبيات.
وكان عقد مجلسه في زمان زين الإسلام مقصورا في جواب المسائل وروايات الأخبار والاقتصار على حكايات السلف والمشايخ من غير خوض في الطريقة ودقائقها والغوص في حقائقها احتراما لأيام الإمام. (المنتخب 339) .
[2] في المنتخب: «وخرّج له أبو عبد الله الفارسيّ الفوائد فقرئت عليه سفرا وحضرا» . (340) .
[3] في الأصل: «حضور» .
[4] وقال ابن النجار: قرأت في كتاب «جواهر الكلام» لأبي منصور أحمد بن محمد بن عبد الواحد بن الصباغ بخطه، وأنبأنيه عنه عبد الوهاب الأمين، عن علي بن أحمد الخياط عنه قال: أنشدنا الأستاذ أبو سعيد عبد الواحد بن الأستاذ أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري لنفسه:
خليليّ كفّا عن عتابي فإنني ... خلعت عذارا في الهوى وعناني
تصاممت عن كل الملام لأنني ... شغلت بما قد نابني وعناني
وكتب عبد الغافر الفارسيّ قال: أنشدنا أبو سعيد القشيري لنفسه:
لعمري لئن حلّ المشيب بمفرقي ... ورثت قوى جسمي ورق عظامي
فإن غرام العشق باق بحاله ... إلى الحشر منه لا يكون فطامي
(ذيل تاريخ بغداد 1/ 251) .
[5] انظر عن (عزيزي بن عبد الملك) في: المنتظم 9/ 126 رقم 190 (17/ 69، 70 رقم 3712) ، والكامل في التاريخ 10/ 326، ووفيات الأعيان 3/ 259، 260، والإعلام بوفيات(34/190)
أبو المعالي الْجَيليّ [1] القاضي، الملقب شَيْذَلَة [2] .
ورد بغداد وسكنها، وولي قضاء باب الأَزَج مدّة.
وكان مطبوعًا، فصيحًا، كثير المحفوظ حلو النّادرة.
جمع كتابًا في «مصارع العشاق» ومصائبهم.
وَسَمِعَ من: أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عليّ الصوري، والحسين بْن مُحَمَّد الوَني الفَرَضِيّ، وجماعة.
وحدَّثَ بيسير، وكان شافعيّ المذهب.
مات في سابع صَفَر.
روى عَنْهُ: فخر النّساء شُهْدَة، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة وقال: كَانَ زاهدًا، متقلّلًا من الدّنيا، وكان شيخ الوعّاظ ومعلّمهم الوعظ بتصانيفه وتدريبه [3]
__________
[ () ] الأعلام 203، وسير أعلام النبلاء 19/ 174، 175 رقم 96، والعبر 3/ 339، 340، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 104، 105، وذيل تاريخ بغداد 2/ 254- 257 رقم 482، ومرآة الجنان 3/ 157، 158، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 287، 288، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 103، والبداية والنهاية 12/ 160، وفيه: «عزيز» ، وشذرات الذهب 3/ 401، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 3/ 284 رقم 1012، والأعلام 5/ 25، ومعجم المؤلفين 6/ 281، 282، وكشف الظنون 241، 777، 1568، وهدية العارفين 1/ 663، وتاريخ الأدب العربيّ 1/ 433.
[1] الجيلي: بكسر الجيم وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى بلاد متفرقة وراء طبرستان ويقال لها: كيل وكيلان معرّب ونسب إليها وقيل جيلي وجيلاني. (الأنساب 3/ 414) .
[2] هكذا في معظم مصادر الترجمة. أما السبكي فجوّد ضبطها على أنها «شيلد» فقال: بفتح الشين المعجمة وسكون آخر الحروف وفتح اللام والدال بعدها. (طبقات الشافعية الكبرى 3/ 287) .
وقال صاحب (تاج العروس) في لفظ (شيذلة) : إن السبكي ضبطه بالدال المهملة، مما قد يرجّح أن المطبوعة من الطبقات وقع فيها خطأ.
وقال ابن خلّكان: وشيذلة: بفتح الشين المعجمة وسكون الياء المثنّاة من تحتها وفتح الذال المعجمة واللام وبعدها هاء ساكنة، وهو لقب عليه، ولا أعرف معناه مع كثرة كشفي عنه.
(وفيات الأعيان 3/ 260) .
[3] وقال ابن الجوزي: وكان شافعيا لكنه كان يتظاهر بمذهب الأشعري. وكانت فيه حدّة وبذاءة لسان، توفي في صفر هذه السنة، ودفن في مقبرة باب أبرز مقابل تربة الشيخ أبي إسحاق، وسرّ أهل باب الأزج بوفاته. فإنه سمع يوما رجلا يقول: من وجد لنا حمارا؟ فقال: يدخل باب(34/191)
180- عليّ بْن أحمد بْن عَبْد الغفّار [1] .
أبو القاسم البَجَليّ المؤدِّب.
سمع من: أَبِي العلاء مُحَمَّد بْن عليّ الواسطيّ، وأبي طَالِب عُمَر بن إبراهيم الزّهريّ.
__________
[ () ] الأزج ويأخذ من شاء. وقال يوما بحضرة نقيب النقباء طراد: لو حلف حالف أنه لا يرى إنسانا فرأى أهل باب الأزج لم يحنث. فقال النقيب: أيّها الثالب، من عاشر قوما أربعين صباحا صار منهم. (المنتظم) .
وقال ابن خلّكان: الفقيه الشافعيّ الواعظ، كان فقيها فاضلا واعظا ماهرا، فصيح اللسان، حلو العبارة، كثير المحفوظات، صنّف في الفقه وأصول الدين والوعظ، وجمع كثيرا من أشعار العرب ... ومن كلامه: إنما قيل لموسى عليه السّلام لَنْ تَرانِي 7: 143 لأنه لما قيل له انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ 7: 143 نظر إليه، فقيل له: يا طالب النظر إلينا لم تنظر إلى سوانا؟
يا مدّعي بمقالة ... صدق المحبّة والإخاء
لو كنت تصدق في المقال ... لما نظرت إلى سوائي
فسلكت سبل محبّتي ... واخترت غيري في الصفاء
هيهات أن يحوي الفؤاد ... محبّتين على استواء
وقال: أنشدني والدي عند خروجه من بغداد للحجّ:
مددت إلى التوديع كفّا ضعيفة ... وأخرى على الرمضاء فوق فؤادي
فلا كان هذا العهد آخر عهدنا ... ولا كان ذا التوديع آخر زادي
و «عزيزي» : بفتح العين المهملة وزايين بينهما ياء مثنّاة من تحتها وهي ساكنة، وبعد الزاي الثانية ياء ثانية. (وفيات الأعيان 3/ 259، 260) .
وأنشد القاضي عزيزي قال: أنشدني ابن الحصين لنفسه:
ولما اعتنقنا للوداع وقلبها ... وقلبي يفيضان الصبابة والوجدا
بكت لؤلؤا رطبا ففاضت مدامعي ... عقيقا فصار الكلّ في نحرها عقدا
(ذيل تاريخ بغداد 2/ 256) .
وقالت شهدة بنت أحمد بن الفرج الإبري: سمعت القاضي الإمام عزيز بن عبد الملك من لفظه في سنة تسعين وأربعمائة يقول: اللَّهمّ يا واسع المغفرة، ويا باسط اليدين بالرحمة، افعل إلي ما أنت أهله، إلهي أذنبت في بعض الأوقات وآمنت بك في كل الأوقات، فكيف يغلب بعض عمري مذنبا جميع عمري مؤمنا. إلهي لو سألتني حسناتي لجعلتها لك مع شدّة حاجتي إليها وأنا عبد، فكيف لا أرجو أن تهب لي سيئاتي مع غناك عنها وأنت ربّي، فيا من أعطانا خير ما في خزائنه وهو الإيمان به قبل السؤال لا تمنعنا أوسع ما في خزائنك وهو العفو مع السؤال، إلهي حجّتي حاجتي وعدّتي فاقتي فارحمني، إلهي كيف أمتنع بالذنب من الدعاء ولا أراك تمنع مع الذنب من العطاء، فإن غفرت فخير راحم أنت، وإن عذبت فغير ظالم، أنت إلهي أسألك تذلّلا، فأعطني تفضّلا. (طبقات الشافعية الكبرى 3/ 288) .
[1] لم أجد مصدر ترجمته.(34/192)
روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وعبد الخالق الغزّال، والسِّلَفيّ، وجماعة ببغداد.
ومات في شَعْبان.
181- عليّ بْن أحمد بْن أَبِي ذكرى النّجّاد [1] .
شيخ صالح.
سمع: ابن غَيْلان.
روى عَنْهُ: عُمَر بْن ظفر، وأبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ.
182- عليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن إسماعيل بْن أَبِي الطَّيِّب أخرم [2] .
أبو الحسن المدينيّ ابن النَّيْسابوريّ، الصَّيْدلانيّ المؤذِّن الزّاهد.
وُلِد في رجب سنة خمس وأربعمائة [3] .
ذكره عَبْد الغافر فقال: [4] شيخ عابد، جليل، فاضل، من تلامذة الْإِمَام أَبِي مُحَمَّد الْجُوَينيّ.
كَانَ يسكن المدينة الداخلة في المسجد المعروف بِهِ، لزِمه سِنين مُنْزَوِيا عَن النّاس، قلّ ما يخرج ويدخل.
سمع: أبا زكريّا المُزَكيّ، والشيخ أبا عليّ عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ، وأبا
__________
[1] وردت هذه الترجمة واللتان قبلها: «عزيزي بن علي» ، و «علي بن أحمد البجلي» في الأصل بعد ترجمة «محمد بن أحمد بن إسماعيل النسفي» الآتية برقم (185) ، فقدّمتها إلى هنا مراعاة لترتيب الحروف.
ولم أجد مصدرا لصاحب الترجمة.
[2] انظر عن (علي بن أحمد المديني) في: الأنساب 516 أ، والمنتخب من السياق 387، 388 رقم 1307، والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 67 أ، والتقييد لابن نقطة 402 رقم 533، والمعين في طبقات المحدّثين 144 رقم 1576، والإعلام بوفيات الأعلام 203، وسير أعلام النبلاء 19/ 157، 158 رقم 84، والعبر 3/ 339، والنجوم الزاهرة 5/ 168، وشذرات الذهب 3/ 401.
وقد وردت هذه الترجمة في الأصل بعد ترجمة «محمد بن الحسن الذاذاني» الآتية برقم (187) فقدّمتها إلى هنا مراعاة للترتيب على المعجم.
[3] التقييد 402.
[4] في المنتخب.(34/193)
القاسم عَبْد الرَّحْمَن السّرّاج، وأبا بَكْر الحِيّريّ، وأبا سَعِيد الصَّيْرفيّ، وجماعة [1] .
روى عَنْهُ: خلق كثير. وتُوُفّي في ثامن عشر المحرَّم سنة أربعٍ وتسعين.
عقد مجلسًا [2] للإملاء، وحضره الأعيان.
روى عَنْهُ: أبو البركات الفُرَاويّ، والعبّاس العصاريّ، وعُمَر بْن الصّفّار، والفلكيّ، وعبد الخالق ابن الشّحّاميّ [3] .
183- عليّ بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن أَبِي ثابت [4] .
أبو الحَسَن الزُّهْرِيّ الأَبِيوَرْديّ [5] ، عُرِف بالأيُّوبيّ.
إمامٌ فاضل جليل.
روى عَنْ: أَبِي منصور عَبْد القاهر بْن طاهر البغداديّ، وفضل اللَّه بْن أَبِي الخير المِيهَنيّ [6] ، وأبي حسّان مُحَمَّد بْن أحمد المُزَكيّ، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن الحارث الأصبهاني، وعدة.
وكان مولده بعد الأربعمائة.
روى عنه: ابنه عَبْد القاهر بْن طاهر البغداديّ، وفضل اللَّه بْن أَبِي الخير المِيهَنيّ [6] ، وأبي حسّان مُحَمَّد بْن أحمد المُزَكيّ، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن الحارث الأصبهانيّ، وعدّة.
وكان مولده بعد الأربعمائة.
__________
[1] زاد في المنتخب: «وحفظ سير المشايخ وحكايات الأئمة» .
[2] في الأصل: «عقد مجلس» .
[3] وذكره أبو نصر اليونارتي في معجم شيوخه وأثنى عليه خيرا. (التقييد 402) .
[4] وردت هذه الترجمة في الأصل بعد ترجمة «نصر بن أحمد» الآتية برقم (199) فقدّمتها إلى هنا مراعاة لترتيب الحروف.
[5] الأبيوردي: بفتح الألف وكسر الباء الموحّدة وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفتح الواو وسكون الراء وفي آخرها الدال المهملة، هذه النسبة إلى أبيورد وهي بلدة من بلاد خراسان، وقد ينسب إليها الباوردي. (الأنساب 1/ 128) .
[6] قيّدها في الأصل بفتح الميم. وما أثبتناه عن (الأنساب 11/ 580) وفيه: «الميهني» : بكسر الميم وسكون الياء المنقوطة من تحتها بنقطتين وفتح الهاء وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى ميهنة، وهي إحدى قرى خابران ناحية بين سرخس وأبيورد.(34/194)
روى عَنْهُ: ابنه عَبْد المُلْك، وجماعة.
وتُوُفّي في هذه السنة، أو في الماضية.
- حرف الفاء-
184- الفضل بْن عَبْد الواحد بْن الفضل [1] .
أَبُو العبّاس السَّرْخَسيّ، ثمّ النَّيْسابوريّ الحنفيّ التّاجر.
سمع: أبا القاسم عبد الرحمن بن محمد السّرّاج، وأبا بَكْر الحِيرِيّ، وصاعد بْن مُحَمَّد القاضي.
وسمع بمَرْو: أبا بَكْر بْن مُحَمَّد بن عبويه الأنباريّ، وأبا غانم الكراعيّ [2] .
وببخارى: أبا سهل الكَلَاباذيّ [3] .
وتفرَّد بالرّواية في الدّنيا عَنْ أَبِي سهل بْن حَسْنَوَيْه، وأبي عليّ بن عبدان صاحبي الأصمّ.
ومولده سنة أربعمائة.
قال السمعاني: شيخ حسن السيرة، مسن، معمر، ذو نعمة وثروة. ورد بغداد مع والده في سنة عشر وأربعمائة. روى لنا عنه: عمي الحسن بن منصور، وأبو طاهر السنجي، وأبو مضر الطبري، وعبد الله بن الفراوي، وناصر بن سليمان الأنصاري، وجماعة كبيرة.
وكان صلبا في مذهب أبي حنيفة.
__________
[1] انظر عن (الفضل بن عبد الواحد) في: التحبير في المعجم الكبير لابن السمعاني 1/ 79، 218، 305، 517، 589 و 2/ 338، 399، 450، والمنتخب من السياق 411 رقم 1401، والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 75 أ. وفيه اسمه: «الفضل بْن عَبْد الْوَاحِدِ بْن أَحْمَد بْن عَبْد الصمد» ، ومعجم البلدان 2/ 420، وسير أعلام النبلاء 19/ 147، 148 رقم 76، والجواهر المضيّة 2/ 694، 695، والطبقات السنية رقم 1704.
[2] الكراعي: بضم الكاف وفتح الراء وفي آخرها العين المهملة. هذه النسبة إلى بيع الأكارع والرءوس. (الأنساب 10/ 273، 274) .
[3] الكلاباذي: بفتح الكاف والباء الموحّدة وفي آخرها الذال المعجمة. هذه النسبة إلى محلّتين، إحداهما محلّة كبيرة بأعلى البلد من بخارى يقال لها: كلاباذ. منها: أبو سهل المذكور.
والثانية محلّة بنيسابور. (الأنساب 10/ 406 و 409) .(34/195)
وقرأت بخط إسماعيل بن عبد الغافر قَالَ [1] : طلبوا من الفضل بْن عَبْد الواحد ألْفي دينار، وأخذوه وضربوه، وحملوه إلى دار القاضي صاعد، وضمِنه أبو المعالي بْن صاعد، وبقي أيّامًا في داره.
وتُوُفّي في أوائل جُمَادَى الأولى سنة أربع وتسعين، وخلّوه في التّابوت في داره أيّامًا، وما وجدوا لَهُ شيئًا، فإنّ ابنه هرب وأصحابه.
- حرف الميم-
185- مُحَمَّد بْن أحمد بْن إسماعيل بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن لُقْمان [2] .
أبو بَكْر النَّسَفيّ المقرئ، والد أَبِي حفص عُمَر، مؤرِّخ سَمَرْقَنْد.
وُلِد سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.
وسمع من: القاضي أَبِي الفوارس النَّسَفيّ، والإمام يوسف بْن مُحَمَّد المَوْدُوديّ، وأحمد بْن جعفر الكاسَنيّ، [3] وأبي بَكْر بْن إِبْرَاهِيم النُّوحيّ [4] .
ودخل بُخَارى، وسَمَرْقَنْد.
وتُوُفّي في أوّل صَفَر.
186- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الباقي بْن طَوْق [5] .
أبو الفضائل الربعي [6] الموصلي.
أحد الفُقَهاء الشّافعية.
__________
[1] قول عبد الغافر ليس في (المنتخب من السياق) . والموجود فيه: المتقن الصالح، مشهور معروف، من وجوه التجّار والأمناء. سمع حضرا وسفرا. وسمع ببخارا، ثمّ سمع من المتأخّرين، وعقد له مجلس الإملاء.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الكاسني: بفتح الكاف والسين المهملة وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى كاسن، وهي قرية من قرى نخشب. (الأنساب 10/ 321) .
[4] النّوحي: بضم النون وسكون الواو وفي آخرها الحاء. هذه النسبة إلى نوح. وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه. (الأنساب 12/ 150) .
[5] انظر عن (محمد بن أحمد الربعي) في: المنتظم 9/ 126 رقم 191 (17/ 70 رقم 3713) ، والكامل في التاريخ 10/ 326، 327، والبداية والنهاية 12/ 161.
[6] الرّبعيّ: بفتح الراء والباء المنقوطة بواحدة وفي آخرها العين المهملة. هذه النسبة إلى ربيعة بن نزار. (الأنساب 6/ 76) .(34/196)
سكن بغداد، وسمع من: أبي إسحاق من البَرْمكيّ، وأبي الطَّيِّب الطَّبَريّ، وابن غَيْلان.
وتفقَّه عَلَى أَبِي إِسْحَاق الشِّيرازيّ.
روى عَنْهُ: كثير بْن مماليق [1] ، وأبو نَصْر الحَرَشِيّ [2] الشّاهد.
تُوُفّي في صَفَر [3] .
187- مُحَمَّد بْن الحَسَن [4] .
الفقيه أبو عَبْد اللَّه الرّاذانيّ [5] . أحد العُبّاد الحنابلة.
قَالَ السّمعانيّ: [6] من الزُّهّاد والمنقطعين، والعُبّاد الورعين. مُجاب الدّعوة، صاحب كرامات.
سمع: أبا يَعْلَى الفقيه الحنبليّ، وغيره [7] .
حُكي عَنْهُ أَنَّهُ أراد أن يخرج إلى الصّلاة، فجاء ابنه إِلَيْهِ، وكان صغيرًا، فقال: أريد غزالًا ألعب بِهِ. فسكت الشَّيْخ، فالحَّ عَلَيْهِ وقال: لا بُدّ لي من غزال. فقال لَهُ: أسكت، غدًا يجيئك غزال.
__________
[1] هكذا ورد في الأصل.
[2] الحرشيّ: بفتح الحاء المهملة والراء وفي آخرها الشين المعجمة، هذه النسبة إلى بني الحريش بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن قيس، وأكثرهم نزلوا البصرة، ومنها تفرّقت إلى البلاد. وفي الأزد: الحريش بن جذيمة بن زهران بن الحجر بن عمران. (الأنساب 4/ 108) .
[3] وقال ابن الجوزي: كتب الكثير وروى عنه أشياخنا، وقال عبد الوهاب الأنماطي: كان فقيها صالحا فيه خير. (المنتظم) .
[4] انظر عن (محمد بن الحسن الراذاني) في: الأنساب 6/ 36، 37، والمنتظم 9/ 127 رقم 194 (17/ 71 رقم 3716) ، وطبقات الحنابلة 2/ 253 رقم 692، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 91- 93 رقم 41، والبداية والنهاية 12/ 161.
[5] في الأصل: «الزاذاني» بالزاي. وفي طبقات الحنابلة: «الراداني» بالدال المهملة. وفي البداية والنهاية: «المرادي» . والمثبت هو الصحيح، عن: ذيل طبقات الحنابلة، والأنساب (6/ 36) وفيه: «الراذاني» : بفتح الراء والذال المعجمة بين الألفين وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى راذان، وهي قرية من قرى بغداد.
[6] انظر الأنساب 6/ 36، 37.
[7] وقال ابن أبي يعلى: كان زاهدا ورعا، عالما بالقراءات وغيرها. (طبقات الحنابلة) .(34/197)
فجاء من الغد غزال، ووقف عَلَى باب الشَّيْخ، وجعل يضرب بقرنيه الباب، إلى أن فتحوا لَهُ ودخل، فقال الشَّيْخ: يا بُنيّ، جاءك الغزال [1] .
تُوُفّي رحمة اللَّه عَلَيْهِ في رابع عشر جُمَادَى الأولى [2] .
188- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد [3] .
أَبُو مسعود [4] السوذرجانيّ [5] . شيخ السلفي.
يروي عن: علي بن ميلة الفرضي، وغيره.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى عَنْ سِنٍّ عالية [6] .
189- مُحَمَّد بْن عَبْد الحميد بْن عَبْد الرّحيم [7] بن أحمد [8] .
__________
[1] المنتظم 9/ 127 (17/ 71) ، ذيل طبقات الحنابلة 1/ 92.
[2] وقع في (الأنساب 6/ 37) : «توفي في حدود سنة ثمانين وأربعمائة» .
وهو من مواليد سنة 426 هـ.
وذكر ابن النجار أنه حدّث باليسير. وروى عنه الحافظ أبو نصر اليونارتي في معجمه وقال:
أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد أبو عبد الله الراذاني.
وقال ابن الجوزي: كان الراذاني كثير التهجّد، ملازما للصيام.
وقال ابن السمعاني: سمعت الحسن بن حرينا الشيخ صالح باللجمة يقول: دخلت على أبي عبد الله الراذاني، واعتذرت عن تأخّري عنه، فقال: لا تعتذر، فإنّ الاجتماع مقدّر.
وذكر ابن النجار بإسناده: أنّ رجلا حلف بالطلاق أنه رآه بعرفة، ولم يكن الشيخ حجّ تلك السنة، فأخبر الشيخ بذلك فأطرق، ثم رفع رأسه، وقال: أجمعت الأمّة قاطبة على أنّ إبليس عدوّ الله يسير من المشرق إلى المغرب، في افتتان مسلم أو مسلمة، في لحظة واحدة، فلا ينكر لعبد من عبيد الله أن يمضي في طاعة الله بإذن الله في ليلة إلى مكة ويعود. ثم التفت إلى الحالف وقال: طب نفسا، فإنّ زوجتك معك حلال. (ذيل طبقات الحنابلة 1/ 92، 93) .
[3] انظر عن (محمد بن عبد الله) في: الأنساب 7/ 185، ومعجم البلدان 3/ 278، والإعلام بوفيات الأعلام 203، وسير أعلام النبلاء 19/ 194 (وفي ترجمة أخيه: أبي الفتح أحمد بن عبد الله، رقم 114) .
[4] في المطبوع من (الأنساب) : «أبو سعد» .
[5] السّوذرجانيّ: بضم السين المهملة، والذال المفتوحة المعجمة، وسكون الراء، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى سوذرجان، وهي من قرى أصبهان. (الأنساب) .
[6] وصفه ابن السمعاني بالمؤذّن، من أهل أصبهان. وقال: ولد سنة ست وتسعين وثلاثمائة.
[7] تقدّم في ترجمة أبيه «عبد الحميد» برقم (172) أن اسم جدّه هو «عبد الرحمن» .
[8] انظر عن (محمد بن عبد الحميد) في: الجواهر المضيّة 3/ 1358.(34/198)
العلّامة أبو سَعْد العيداني [1] الخراساني المروزي، الحنفي. ويُعرف بخُوَاهَرْزَادَة [2] .
كَانَ مائلًا إلى الحديث وكتابته. كبير الشّأن في مذهبه.
روى عَنْ: خاله القاضي عليّ بْن الحَسَن الدِّهْقان، والخطيب عَبْد الوهّاب الكسائي، وطائفة.
ومات بمَرْو.
ذكره ابن شيخنا قاضي الحَسَن [3] .
190- مُحَمَّد ابْن الوزير الشهيد أَبِي القاسم رئيس الرؤساء عليّ بْن الحَسَن بْن المسلمة [4] .
أبو نَصْر.
وُلِد سنة أربعين وأربعمائة، وولي الأستاذ داريّة في العراق.
وكان صدرًا محتَشِمًا مُعَظَّمًا.
مات في المحرَّم.
191- مُحَمَّد بْن عليّ بْن عُبَيْد اللَّه بْن ودعان [5] .
__________
[1] في الأصل: «العبداني» بالباء الموحّدة. والتصحيح من: الجواهر المضيّة. وقد تقدّم التعريف بهذه النسبة في ترجمة أبيه «عبد الحميد» برقم (172) .
[2] انظر التعليق على هذا في ترجمة أبيه السابقة.
[3] هكذا رسمت في الأصل.
[4] انظر عن (محمد بن الوزير بن المسلمة) في: الكامل في التاريخ 10/ 326.
[5] انظر عن (محمد بن علي الموصلي) في: المنتظم 9/ 127، 128 رقم 196 (17/ 71 رقم 3718) ، واللباب 3/ 356، والمغني في الضعفاء 2/ 618 رقم 5854، والكامل في التاريخ 10/ 327، وسير أعلام النبلاء 19/ 164- 167 رقم 90، وميزان الاعتدال 3/ 657- 659، والمغني في الضعفاء 2/ 618 رقم 5854، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 27، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 101، 102، والوافي بالوفيات 4/ 141، 142، والبداية والنهاية 12/ 161، والإعلام بتاريخ الإسلام لابن قاضي شهبة (مخطوط) (حوادث ووفيات 494 هـ.) والكشف الحثيث 394- 396 رقم 711، ولسان الميزان 5/ 305، 306 رقم 1027، وتاريخ الخميس للدياربكري 2/ 403، وكشف الظنون 1/ 60، 715، وإيضاح المكنون 1/ 431، وهدية العارفين 2/ 78، وتاريخ الأدب العربيّ لبروكلمان 1/ 435، والأعلام 7/ 163، ومعجم المؤلفين 11/ 26، 27.(34/199)
القاضي أبو نَصْر المَوْصِليّ.
قدِم بغداد في سنة ثلاثٍ وتسعين [1] قبل موته بعام، وروى «الأربعين الوَدْعَانيّة» الموضوعة الّتي سرقها عمّه أبو الفتح بْن وَدْعَان من الكذّاب زيد بْن رفاعة [2] .
سمعها منه: هبة اللَّه الشِّيرازيّ، وعُمَر الرّؤاسيّ.
وكان مولده سنة اثنتين وأربعمائة.
ومات بالموصل.
قَالَ السّمعانيّ: حدَّثَ عَنْ عمّه أبي الفتح أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن سليمان بْن وَدْعَان، وأبي الحَسَن مُحَمَّد بْن عليّ بْن بحشل [3] ، والحسين بْن مُحَمَّد الصَّيْرفيّ.
وروى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ.
وقال السِّلَفيّ: قرأتُ عَلَيْهِ «الأربعين» جَمْعَه، ثمّ تبيّن لي حين تصفّحتها تخليطٌ عظيم يدلّ عَلَى كذِبه وتركيبه الأسانيد.
وقال هُزَارسْت: سألته عَنْ مولده، فقال: ليلة نصف شَعْبان سنة إحدى وأربعمائة، أوّل سماعي سنة ثمان وأربعمائة.
وقال ابن ناصر: رأيته ولم أسمع منه لأنّه كَانَ متهمًا بالكذب، وكتابهُ في «الأربعين» سرقة من ابن رفاعة، وحذف منه الخطْبة، وركَّب عَلَى كلّ حديثٍ رجلًا [4] أو رجلين إلى شيخ زيد بْن رفاعة واضع الكتاب. وكان كذّابا، وألّف بين
__________
[1] وقع في المطبوع من (المنتظم) : «سنة ثلاث وسبعين» . والمثبت هو الصحيح كما أوضح المؤلّف الذهبي- رحمه الله-.
[2] انظر عن (زيد بن رفاعة) في: تاريخ بغداد 8/ 450، 451 رقم 4564، والموضوعات لابن الجوزي 1/ 136، والضعفاء والمتروكين 1/ 305 رقم 1321، والمغني في الضعفاء 1/ 246 رقم 2272، وميزان الاعتدال رقم 3005 د، وتاريخ الإسلام (381- 400 هـ.) ص 221، 222، والكشف الحثيث 188 رقم 302، ولسان الميزان 2/ 506.
[3] في الأصل: «نحشل» بالنون، وهو تصحيف.
[4] في الأصل: «رجل» .(34/200)
كلماتٍ قد قالها النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين كلمات من كلام لُقْمان والحُكماء، وطوَّل الأحاديث [1] .
وقال السِّلَفيّ: تُوُفّي في المحرَّم بالموصل، ولم يكن ثقة.
192- مُحَمَّد بْن أَبِي القاسم عليّ بْن المحسن بْن عليّ بْن مُحَمَّد [2] .
أبو الحُسين التّنُوخيّ البغداديّ المعدّل.
شهد عند قاضي القُضاة أَبِي عَبْد اللَّه الدامغاني فقبله [3] .
وروى عَنْ أَبِيهِ، وغيره، مقطّعات من الشّعر.
روى عنه: مفلح الدّونيّ.
__________
[1] قال السلفي: إن كان ابن ودعان خرّج على كتاب زيد كتابه بزعمه حين وقعت له أحاديث عن شيوخه فأخطأ، إذ لم يبيّن ذلك في الخطبة، وإن كان سوى ذلك، وهو الظاهر.
وعلّق ابن حجر على ذلك فقال: لا، بل المتيقّن، فأطمّ وأعمّ، إذ غير متصوّر لمثله مع نزارة روايته وقلّة طلبه أن يقع له كل حديث فيه من رواية من أورده الهاشمي، على أن الأربعين رواها عن ابن ودعان محمد الهادي بمصر، وأبو عبد الله البلخي بالعراق، ومروان بن علي الطبري بديار بكر، وإسماعيل بن محمد النيسابورىّ بالحجاز، فآخرون.
وسئل المزّي عن «الأربعين الودعانية» فأجاب بما ملخّصه: لا يصحّ منها على هذا النسق بهذه الأسانيد شيء وإنما يصحّ منها ألفاظ يسيرة بأسانيد معروفة يحتاج في تتبّعها إلى فراغ، وهي مع ذلك مسروقة سرقها ابن ودعان من زيد بن رفاعة، ويقال: زيد بن عبد الله بن مسعود بن رفاعة الهاشمي، وهو الّذي وضع «رسائل إخوان الصفا» في ما يقال. وكان جاهلا بالحديث، وسرقها منه ابن ودعان فركّب بها أسانيد. فتارة يروي عن رجل، عن شيخ ابن رفاعة، وتارة يدخل اثنين، وعامّتهم مجهولون، ومنهم من يشك في وجوده، والحاصل أنها فضيحة مفتعلة، وكذبة مؤتفكة، وإن كان الكلام يقع فيها حسنا ومواعظ بليغة، وليس لأحد أن ينسب كل مستحسن إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، لأنّ كلّما قاله الرسول حسن، وليس كل حسن قاله الرسول.
والله الموفق. (لسان الميزان 5/ 306) .
يقول خادم العلم محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : وقع في المطبوع من: (لسان الميزان) : «رسائل أحوال الضعفاء» ! وهذا غلط واضح. وانظر: الكشف الحثيث 396.
وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في: سير أعلام النبلاء 19/ 165: «وقد ذكرته في «الميزان» ، وأنه غير ثقة، ولا مأمون. وإنما أوردته هنا لشهرته» .
[2] انظر عن (محمد بن أبي القاسم) في: المنتظم 9/ 127 رقم 195 (17/ 71 رقم 3717) ، ومعجم الأدباء 14/ 113.
[3] وكان قبوله لشهادته في سنة 473 هـ. (المنتظم) .(34/201)
ومات في شوّال [1] ، وانقرض بيته [2] .
193- مُحَمَّد بْن هبة الله بن أحمد [3] .
أبو البركات ابن الحُلْوانيّ البغداديّ.
من الوُكَلاء عَلَى باب قاضي القُضاة أَبِي عَبْد اللَّه بْن الدّامغانيّ، فمن بعده.
سمع: أبا مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد الخلّال، ومُحَمَّد بْن عليّ الصُّوريّ، وجماعة.
وعنه: الحافظ ابن ناصر، وغيره.
تُوُفّي في ذي الحجّة، وقيل: في سنة ثلاثٍ.
194- مُحَمَّد بْن القاسم بْن أَبِي غُدّان [4] .
أبو الفتح الفقيه.
روى عَنْ: أَبِي إِسْحَاق القرّاب.
195- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن أبي الرعد العُكْبَريّ [5] .
أبو الحَسَن.
سمع: الحَسَن بْن شهاب العُكْبَريّ.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ.
ومات في صَفَر.
وقد أجاز للسِّلَفيّ.
196- مُحَمَّد بْن مامويه بن عليّ [6] .
__________
[1] وكان مولده سنة نيّف وأربعين وأربعمائة. (معجم الأدباء 14/ 113) في ترجمة أبيه أبي القاسم علي بن المحسّن صاحب «الفوائد العوالي المؤرّخة من الصحاح والغرائب» التي قام بتخريجها الحافظ محمد بن علي الصوري، وحقّقه خادم العلم وطالبه، محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» وصدر عن (مؤسسة الرسالة في بيروت، ودار الإيمان بطرابلس) في طبعتين.
[2] المنتظم.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] تقدّمت ترجمته في وفيات السنة السابقة 493 هـ. برقم (150) .(34/202)
أبو بَكْر المتولّي الأَبِيوَرْديّ.
كَانَ متولّي أمور مدرسة البَيْهقيّ، وكان في أسلافه من تولّى الأوقاف.
سمع: أبا بَكْر الحِيّريّ، وغيره.
روى عَنْهُ: زاهر الشّحّاميّ.
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى وغسّلته امرأته، ودُفِن ليلًا مخافة الظَّلَمة والأعوان. وكان في زمان الغلاء والتّشويش. وقد مرّ عام أوّل.
197- مُحَمَّد بْن المفرّج بْن إِبْرَاهِيم [1] .
أبو عَبْد اللَّه البَطَلْيُوسيّ المقرئ [2] .
قَالَ ابن بَشْكُوَال [3] : روى عَنْ أَبِي عَمْرو الدّانيّ فيما كَانَ يزعمُ، وذكر أنّ لَهُ رحلة إلى المشرق روى فيها عَن الأهوازيّ. وكان يكذب فيما ذكره. وتُوُفّي بالمَرِيّة [4] .
قلت: وقد روى أبو القاسم بْن عيسى القراءات، وليس هُوَ بثقة، عن عبد المنعم بن الخلوف، عَنْ أَبِيهِ، عَن ابن المفرّج هذا، وزعم أَنَّهُ قرأ عَلَى مكّيّ، وأبي عَمْرو الدّانيّ، وأبي عليّ الأهوازيّ [5] ، وأبي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن الحسين الكارزينيّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن المفرّج) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 563، 564 رقم 1237، والمغني في الضعفاء 2/ 635 رقم 5999، وميزان الاعتدال 4/ 46 رقم 8199، وغاية النهاية 2/ 265 رقم 3479، ولسان الميزان 5/ 387 رقم 1259.
[2] وهو المعروف بالربويلة. وقد ضبطه ابن الجزي. وفي حاشية الصلة: يعرف بالريوبلة.
[3] في الصلة 2/ 564.
[4] وقال الحافظ أبو عبد الله: وما علمت أحدا جمع الأخذ عن هؤلاء. (غاية النهاية) .
[5] . وجاء في حاشية الأصل من الصلة رقم (2) : ورحلته إنما كانت بعد موت الأهوازي رحمه الله، وتوفي المقرئ الجليل أبو علي الأهوازي سنة أربع وثلاثين وأربعمائة.
ونقل ابن حجر: روى عنه سليمان بن يحيى وغيره، وقرأت على ابن حبان ابن الشيخ ابن حبان أن جدّه أخبرهم قال: سألت الحافظ أبا علي ابن أبي الأحوص عن أبي بكر محمد بن المفرج البطليوسي المعروف بالربوبلة فقال: هو ثقة، وقد تكلّم فيه ابن بشكوال، وقرأته بخط ابن حبّان مضبوطا بالقلم: الرَّبَوْبَلَة بفتح الراء والموحّدة وسكون الواو وفتح الموحّدة أيضا وتخفيف اللام بعدها. (لسان الميزان 5/ 387) .
و «أقول» : هكذا ورد في اللسان: عن أبي بكر، مع أن كنيته: أبو عبد الله. كما ورد: «ابن المفرح» بالحاء المهملة، وهو خطأ. أما شهرته فقد اختلف في صحتها.(34/203)
198- منصور بْن بَكْر بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ [1] بْن مُحَمَّد بْن حِيد [2] بْن عَبْد الجبّار بْن النَّضْر [3] .
أبو أحمد بْن أَبِي منصور النَّيْسابوريّ التّاجر [4] .
سمع: جَدّه أبا بَكْر مُحَمَّد بْن عليّ صاحب الأصمّ.
وقدِم بغداد وسكنها. وسمع: أبا طالب بن غيلان، وأبا علي بْن المذهب، وعبد العزيز بْن عليّ الأَزَجيّ.
روى عَنْهُ: عُمَر بْن ظفر المَغَازليّ، وأبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وشُهْدَة، وخطيب المَوْصِل، وآخرون.
تُوُفّي في شوّال.
- حرف النون-
199- نَصْر بْن أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن البَطِر [5] .
أبو الْخَطَّاب البغداديّ البزّاز [6] المقرئ.
سمع بإفادة أخيه من: أَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن البَيِّع، وعُمَر بْن أحمد العُكْبَريّ، ومُحَمَّد بْن أحمد بْن رزقوَيْه، وأبي الحُسين بْن بشران، وأبي بكر
__________
[1] انظر عن (منصور بن بكر) في: المنتخب من السياق 441 رقم 1492، والمختصر للسياق (مخطوط) ورقة 79 ب، والإعلام بوفيات الأعلام 203، 204، وسير أعلام النبلاء 19/ 181، 182 رقم 102 وفيه قال محقّقه (بالحاشية) : لم نقف له على ترجمة في المصادر المتيسّرة لنا.
[2] في الأصل: «حيدرة» ، والمثبت عن: المنتخب.
[3] في الأصل: «النصر» بالصاد المهملة.
[4] قال عبد الغافر الفارسيّ: معروف، من بيت الحديث والعلم، لهم خطّة بنيسابور تعرف بقصر حيد. قدم علينا نيسابور في صحبة الإمام أبي إسحاق الشيرازي، والأجلّ عفيف الخاصّ رسولا من الإمام المقتدي بأمر الله، وقرأ عليهم الحديث، وعاد معهم إلى بغداد، وتوفي.
[5] انظر عن (نصر بن أحمد) في: التحبير في المعجم الكبير 2/ 204، والأنساب 9/ 133، 134، والمنتظم 9/ 129 رقم 201 (17/ 73 رقم 3723) وقد تحرّف في الطبعتين إلى:
«النظر» ! ومعجم البلدان 4/ 192، واللباب 2/ 377، والكامل في التاريخ 10/ 327، والمعين في طبقات المحدّثين 145 رقم 1577، وسير أعلام النبلاء 19/ 46- 49 رقم 29، والإعلام بوفيات الأعلام 204، ودول الإسلام 2/ 24، والعبر 3/ 340، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 240، 241، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 107، والبداية والنهاية 12/ 161 وفيه «البطران» ، وتبصير المنتبه 3/ 1002، وشذرات الذهب 3/ 402.
[6] في الأصل: «البزار» بالراء في آخره.(34/204)
المنقّيّ، ومكّيّ بْن عليّ الحريريّ، وجماعة.
وتفرّد في وقته، ورُحِل إِلَيْهِ.
روى عَنْهُ: أبو بَكْر الْأَنْصَارِيّ، وإسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، وابن ناصر، وسعد الخير الأندلسيّ، وأحمد بْن عَبْد الغني البَاجِسْرَائيّ [1] ، وأبو الفتح بْن البَطِّيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن السَّكَن، وشُهْدَة الكاتبة، وخطيب المَوْصِل أبو الفضل الطُّوسيّ، وخلْق سواهم، آخرهم موتًا [2] .
قَالَ صاحب «المرآة» [3] : جرت لَهُ حكاية، كَانَ عَلَى دواليب البقر مشرفًا عَلَى عُلُوفاتهم، فكتب إلى المستظهر باللَّه رقعة: العبد ابْن البقر المشرف عَلَى البَطَر. فلمّا رآها الخليفة ضحك. وكان ذَلِكَ تغفُّلًا منه.
قَالَ أبو عليّ بْن سُكَّرَة: شيخ مستور. أَنَا الحَسَن بْن عليّ، أَنَا أبو الفضل الهَمَذانيّ، أنا أبو طاهر السِّلَفيّ: سألتُ شُجاعًا الذُّهْليّ عَن ابن البَطَر فقال:
كَانَ قريب [4] الأمر، لَيِّنًا في الرّواية، فراجعْتُهُ في ذَلِكَ وقلت: ما عرَفْنا ممّا ذكرت شيئًا، وما قُرئ عَلَيْهِ شيء تشكّ فيه. وسماعاته كالشّمس وُضُوحًا.
فقال: هُوَ لَعَمْرِي كما ذَكَرْت، غير أنّي وجدت في بعض ما كَانَ لَهُ بِهِ نسخة سماعًا، يشهد القلب ببُطْلانه.
ولم يُحْمَلْ عَنْهُ شيءٌ من ذَلِكَ [5] .
وقال السِّلَفيّ: سألت ابن البَطَر عَنْ مولده، فقال: سنة ثمان وتسعين
__________
[1] الباجسرائي: بفتح الباء المنقوطة بواحدة وكسر الجيم وسكون السين المهملة وفتح الراء وفي آخرها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى باجسرى وهي قرية كبيرة بنواحي بغداد على عشرة فراسخ منها قريبة من بعقوبا. (الأنساب 2/ 17) .
وقد تصحّفت في الأصل إلى: «باخسرائي» بالخاء المعجمة.
[2] هكذا، ولم يذكره. أما ابن السمعاني فذكر جماعة ممن رووا عنه وقال: وجماعة كثيرة سواهم يقربون من خمسين نفسا. (الأنساب) .
[3] هو سبط ابن الجوزي.
[4] في (المستفاد 241) : «وكان مريب» .
[5] المستفاد 241.(34/205)
وثلاثمائة [1] وقد دخلت بغداد في الرّابع والعشرين من شوّال، فسَاعَةَ دخولي لم يكن لي شُغل إلّا أنّ مضيت إلى ابن البَطَر، وقد حكمت عَلَيْهِ، وكان شيخًا عِسرًا فقلت: قد وصلت من إصبهان لأجلك.
فقال: اقرأ. وجعل موضع الرّاء من اقرأ غَيْنًا [2] . فقرأتُ عَلَيْهِ وأنا مُتِكئ لأجل دمامل في موضع جلوسي. فقال: أبصِر ذا الكلب يقرأ وهو متّكئ! فاعتذرت بالدماميل، وبكيت من كلامه. وقرأت عَلَيْهِ سبعةً وعشرين حديثًا، وقمت. ثمّ تردّدتُ، وقرأت عَلَيْهِ خمسة وعشرين جزءًا، ولم يكن بذاك.
تُوُفّي ابن البَطَر في سادس عشر ربيع الأوّل [3] .
وقد أنبا بلال المغيثيّ [4] عَن ابن رَواج [5] ، عَن السِّلَفيّ، عَنْهُ، بجزء «حديث الإفك» ، للآجُرِّيّ. وروى هذا الجزء أبو الفتح بْن شاتيل [6] ، وهو غلط من بعض الطلبة وجَهْل، فإنّ أبا الفتح لم يلْحقه.
وقال السّمعانيّ: كَانَ أبو الخطّاب يسكن باب الغربة [7] عند المشرعة [8] ،
__________
[1] وقال ابن السمعاني: وكانت ولادته في سنة سبع أو ثمان وتسعين وثلاثمائة. (الأنساب 9/ 134) .
[2] في الأصل: «عينا» بالعين المهملة.
[3] وقال ابن السمعاني: كان شيخا صالحا ثقة. سمع الحديث من أصحاب المحاملي، وعمّر حتى انفرد في وقته بالرواية، ورحل إليه طلبة الحديث وتزاحموا عليه. (الأنساب 9/ 133) .
[4] في الأصل: «المغني» ، والتصحيح من (معجم شيوخ الذهبي 1/ 154 رقم 200) فهو:
بلال بن عبد الله الأمير الكبير حسام الدين أبو الخير الحبشي الخطي المغيثي الجمدار، ويعرف بالوالي. ربّى ملوكا وأولاد ملوك، وكان وافر الحرمة له أوقاف وبرّ، وفيه حبّ للرواية وعنده سفائن أجزاء عن ابن رواج وغيره. مات بعد الهزيمة في رمل مصر سنة 699 هـ.
[5] في الأصل: «ابن رواح» بالحاء المهملة، وهو غلط.
[6] في الأصل رسمت: «شاسل» .
[7] الغربة: أحد أبواب دار الخلافة ببغداد. (معجم البلدان 4/ 192) . وقال ابن السمعاني:
الغربي: بفتح الغين المعجمة والراء وفي آخرها الباء الموحّدة. هذه النسبة إلى محلّة ببغداد مما يلي الشط يقال لها: باب الغربة ملاصق دار الخلافة. (الأنساب 9/ 132، 133) .
وقد تحرّفت في (المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 240) إلى «باب الغرمة» !
[8] المشرعة: هي سبيل الماء.(34/206)
ممّا يلي البدريَّة، وعُمِّر حتّى صارت إِلَيْهِ الرِّحْلة من الأطراف، وتكاثر عَلَيْهِ الطّلبة.
وكان شيخًا صالحًا صَدُوقًا، صحيح السّماع. سمع: ابن البَيِّع، وابن رزقوَيْه، وابن بشران، وهو آخر من حدَّثَ عَنْهُمْ [1] .
- حرف الهاء-
200- هبة اللَّه بْن حمزة [2] .
أبو الجوائز العبّاسيّ.
روى عَنْ: ابن غَيْلان.
وهو ابن الكاتبة بنت الأقرع.
تُوُفّي في صَفَر.
- الكنى-
201- أبو الحَسَن [3] بْن زفر العُكْبَريّ [4] .
المقرئ الفقيه الحنبليّ.
تُوُفّي عَنْ تسعين سنة، وقيل: إنّه صام الدَّهر خمسًا وسبعين سنة [5] .
__________
[1] المنتظم 9/ 129 (17/ 73) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] وردت هذه الترجمة في الأصل بعد ترجمة «الحسن بن أحمد بن علي» برقم (163) ، وقد أخّرتها إلى هنا مراعاة للترتيب الّذي انتهجه المؤلّف- رحمه الله-.
[4] انظر عن (أبي الحسن بن زفر) في: طبقات الحنابلة 2/ 253 رقم 693، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 93 رقم 42.
[5] وقال ابن أبي يعلى: «صحب الوالد السعيد، وسمع درسه، وكان صالحا، كثير التلاوة والتلقين للقرآن ... وكانت وفاته قبل وفاة أبي عبد الله الراذاني بأيام لا أحفظ عددها» . (طبقات الحنابلة) .(34/207)
سنة خمس وتسعين وأربعمائة
- حرف الألف-
202- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن عيسى [1] .
أبو العبّاس الكِنَانيّ القُرْطُبيّ، ويُعرف بالبييرّس [2] .
روى عَنْ: مُحَمَّد بْن هشام المصحفي، وأبي مروان بْن سراج، وعيسى بْن خيرة، وخلف بْن رزق، وجماعة.
وبرع في النَّحْو واللُّغة، وصار أحد أعلام العربية، مَعَ مشاركةٍ في الحديث والفقه والأصُول، وبذ أهل زمانه في الحفظ والإتقان، مَعَ خيرٍ وانقباض، وحُسْن خُلُق، ولِينِ جانب.
203- إسماعيل بْن الحَسَن بْن علي بْن الْحَسَن بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُمَر بْن حَسَن بْن عليّ بْن عليّ ابن رَيْحَانَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحُسين رضي الله عنه [3] .
أبو الهادي العَلَويّ الأصبهاني.
كثير السّماع، نبيل.
سمع بمكّة: أبا الحَسَن بْن صخْر الْأَزْدِيّ.
وبأصبهان: أبا نُعَيْم، وأبا الحُسين بن فاذشاه.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الله) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 71، 72 رقم 155.
[2] هكذا قيّدها في الأصل، وكتب فوقها: «صح» . وفي الصلة 1/ 72: «يعرف بالببيرس» ، الباء الأولى مضمومة، والثانية مفتوحة، ثم ياء مثنّاة من تحتها، وراء مضمومة.
[3] انظر عن (إسماعيل بن الحسن) في: غاية النهاية 1/ 163 رقم 760 وفيه: «إسماعيل بن الحسن بن علي بن الحسين السيد أبو عبد الله العلويّ الحسيني المقرئ المتصدّر بأصبهان» .(34/208)
وقدم بغداد في هذه السنة ليحج، فحدث.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وغيره.
وقد قرأ بالرّوايات عَلَى أبي عَبْد اللَّه المليحي بأصبهان.
وكان ناسكًا صالحًا.
تُوُفّي في شَعْبان من أوّل السنة.
قرأ بمكّة عَلَى: عليّ الكازَرُونيّ [1] .
قَالَ السِّلَفيّ: انتقى عَلَيْهِ أحمد بْن بِشْر، وإسماعيل التَّيْميّ، وكان مفسرًا.
204- أحمد بْن مَعَدّ [2] .
أبو القاسم، الملقَّب بالمستعلي باللَّه بْن المستظهر بْن الظّاهر بن الحاكم بن العزيز بن المُعِزّ العُبَيْديّ، صاحب مصر.
ولي الأمر بعد أَبِيهِ في سنة سبع وثمانين وأربعمائة، وسنه يومئذ إحدى وعشرون سنة. وفي أيّامه وَهَتْ دولتهم، واختلّت أمورهم، وانقطعت دعوتهم من
__________
[1] الكازروني: بفتح الكاف وسكون الزاي، عند ابن السمعاني. وبفتح الزاي عند ابن الأثير في (اللباب) ، وضم الراء وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى كازرون وهي إحدى بلاد فارس.
(الأنساب 10/ 318) .
وقد وردت في الأصل: «الكارزوني» بتقديم الراء.
[2] انظر عن (أحمد بن معدّ) في: المنتظم 9/ 133 رقم 207 (17/ 78 رقم 3729) ، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 141، وأخبار مصر لابن ميسّر 2/ 40، والكامل في التاريخ 10/ 328، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 197، وأخبار الدول المنقطعة لابن ظافر 85، والإشارة إلى من نال الوزارة لابن منجب 60، ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزي 8 ق 1/ 1، 2، ووفيات الأعيان/ 178- 180 رقم 74، والمختصر في أخبار البشر 2/ 214، ونهاية الأرب 28/ 243- 245 و 273، والمغرب في حلى المغرب 82، والعبر 3/ 341، ودول الإسلام 2/ 24، ومرآة الجنان 3/ 158، والبداية والنهاية 12/ 162، وتاريخ ابن الوردي 2/ 13، والدرّة المضيّة 453، والوافي بالوفيات 8/ 183 رقم 3608، ومآثر الإنافة في معالم الخلافة 2/ 18، 250، واتعاظ الحنفا 3/ 27، 28، والمواعظ والاعتبار 1/ 356، والنجوم الزاهرة 5/ 153، 154 و 168، وحسن المحاضرة 2/ 14، وتاريخ الخلفاء 428، وبدائع الزهور لابن إياس ج 1 ق 1/ 221، وأخبار الدول للقرماني (الطبعة الجديدة بتحقيق د. أحمد حطيط ود. فهمي سعد) 2/ 244، 245، وتاريخ الأزمنة للدويهي 92، وشذرات الذهب 3/ 402.(34/209)
أكثر مدن الشّام، واستولى عليها أتراك وفرنج، فنزل الفرنج عَلَى أنطاكية، وحاصروها ثمانية أشهر، وأخذوها في سادس عشر رجب سنة إحدى وتسعين، وأخذوا المَعَرّة سنة اثنتين وتسعين، والقدس فيها أيضًا في شَعْبان.
واستولى الملاعين على كثير من مدن السّاحل.
ولم يكن للمستعلي مَعَ الأفضل أمير الجيوش حُكْم.
وفي أيّامه هرب أخوه نزار إلى الإسكندريّة، هُوَ منتسب أصحاب الدّعوة [1] بقلعة الأَلموت، فأخذ لَهُ البيعة عَلَى أهل الثّغر أفتكين، وساعده قاضي الثّغر ابن عمّار [2] ، وأقاموا عَلَى ذَلِكَ سنة، فجاء الأفضل سنة ثمان وثمانين، وحاصَر الثغر، وخرج إِلَيْهِ أفتكين، فهزمه أفتكين [3] . ونازلها ثانيا، وافتتحها عَنْوةً، فقتل جماعة، وأتى القاهرة بنزار وأفتكين [4] ، فذبح أفتكين صبرًا، وبنى المستعلي عَلَى أخيه حائطًا، فهو تحته إلى الآن.
تُوُفّي المستعلي في ثالث عشر صَفَر سنة خمسٍ وتسعين. قاله ابن خَلِّكان [5] ، وغيره.
- حرف الجيم-
205- جناح الدّولة.
صاحب حمص، مرّ في الحوادث [6] .
__________
[1] في وفيات الأعيان 1/ 179: «ونزار هو الأكبر وهو جدّ أصحاب الدعوة ... » .
[2] هو أبو القاسم علي بن أحمد بن عمّار الطرابلسي، يلقّب بجمال الدولة، وإليه ينسب وزير مصر بدر الجمالي، لأن ابن عمّار اشتراه وربّاه. انظر عنه في كتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 3/ 302- 305 رقم 1039، وكتابنا: «لبنان في العصر الفاطمي» من:
سلسلة دراسات في تاريخ الساحل الشامي- راجع سلسلة نسب بني عمّار أمراء طرابلس.
[3] أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 36، ذيل تاريخ دمشق 128، تاريخ الفارقيّ 267، أخبار الدول المنقطعة 83، 84، المغرب في حلي المغرب 81، وفيات الأعيان 1/ 179، نهاية الأرب 28/ 245، اتعاظ الحنفا 3/ 14، شذرات الذهب 3/ 402.
[4] أخبار مصر 2/ 36، 37، نهاية الأرب 28/ 245، 246، مرآة الجنان 3/ 158، الدرّة المضيّة 444، 446، 447، اتعاظ الحنفا 3/ 14، 15، شذرات الذهب 3/ 402.
[5] في وفيات الأعيان 1/ 180.
[6] انظر حوادث سنة 495 هـ.(34/210)
- حرف الحاء-
206- الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أحمد [1] .
أبو عليّ الكَرْمانيّ [2] السِّيرَجَانيّ [3] ، الصالح الصُّوفيّ.
أحد من عُني بطلب الحديث وأكثر منه ببغداد، لكنّه أفسد نفسه وادّعى ما لم يسمعه. وهو الّذي دمّر عَلَى الطُّرَيثيثيّ [4] وأَلْحَقَ اسمه في أجزاء، فعُرِفت.
وكان قد كتب عَنْ مُحَمَّد بْن الحُسين بْن الترجمان [5] بالشام.
وحدَّثَ عَنْهُ السِّلَفيّ فقال: ثنا من أصله ببغداد، وسمع من: عاصم، ورزق اللَّه. وكان صالحًا زاهدا [6] .
__________
[1] انظر عن (الحسن بن محمد الكرماني) في: الأنساب 3/ 38 و 7/ 221، والمنتظم 9/ 132 رقم 203 (17/ 77 رقم 3725) ، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 10/ 258، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 62 رقم 35، وميزان الاعتدال 1/ 521 رقم 1945، والكشف الحثيث 141 رقم 227، ولسان الميزان 2/ 254 رقم 58 أو تهذيب تاريخ دمشق 4/ 244، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 2/ 123، 124 رقم 449.
[2] الكرماني: بكسر الكاف وقيل بفتحها، وسكون الراء وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى بلدان شتى، مثل: خبيص، وجيرفت، والسّيرجان، وبردسير، يقال لجميعها كرمان، وقيل بفتح الكاف، وهو الصحيح، غير أنه اشتهر بكسر الكاف. (الأنساب 10/ 400، 401) .
[3] السّيرجاني: بكسر السين المهملة وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وسكون الراء وفتح الجيم، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى سيرجان، وهي بلدة من بلاد كرمان مما يلي فارس. (الأنساب 7/ 220) ووردت في: تاريخ دمشق، وتهذيبه: «السرجاني» من غير ياء بعد السين المهملة.
[4] الطّريثيثي: بضم الطاء المهملة، وفتح الراء، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، وبعدها التاء المثلثة بين الياءين، وفي آخرها مثلّثة أخرى. هذه النسبة إلى طريثيث، وهي ناحية كبيرة من نواحي نيسابور، بها قرى كثيرة، ويقال لها بالعجمية «ترشيز» . (الأنساب 8/ 238) .
[5] كان ترجمان سيف الدولة الحمداني صاحب حلب، وهو علي بن الترجماني الغزّي ثم العسقلاني. (الأنساب 3/ 38) .
[6] وقال ابن عساكر: سمع الحديث بدمشق وبصور من سليم الرازيّ، وأبي بكر الخطيب، وغيرهم. وكان موصوفا بالحفظ ... وكان محمد بن ناصر الحافظ يكثر الثناء على المترجم.
(تاريخ دمشق 10/ 258، التهذيب 4/ 244) .
وقال المؤلّف الذهبي في (ميزان الاعتدال 1/ 521) : اتهمه المؤتمن الساجي، وأساء عليه الثناء ابن ناصر، يقال: زوّر لنفسه وهو متأخّر.
وعلّق سبط ابن العجمي على ما ذكره الذهبي، فقال: فقوله اتّهمه يحتمل أن يكون بالكذب، ويحتمل بالوضع غير إسناد، وأنه ما يطلقون هذه العبارة إلّا على الّذي وضع. (الكشف(34/211)
207- الحُسين بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن المَرْزُبان [1] .
أبو عَبْد اللَّه الهَمَذانيّ الخطيب.
روى عَنْ: ابن حُمَيْد، وابن الصّبّاغ، ومُحَمَّد بْن يَنَال الصُّوفيّ، وابن عزو، وجماعة.
قال شيرويه: وكان صدوقا فاضلا، كثير النسخ، متدينا، عابدا.
208- الحسين بن محمد بن أبي علي الحسين [2] .
الطبري، ثم البغدادي، الفقيه الشّافعيّ.
توفّي بأصبهان.
__________
[ () ] الحثيث 141) .
وقال ابن النّجّار: كتب بخطّه كثيرا من الكُتُب والأجزاء، وروى عن الخطيب وسليم الرازيّ، وجماعة. وكان عابدا ناسكا. روى عنه السلفي، وجماعة.
وقال ابن السمعاني: سكن بغداد، ورحل إلى الشام والحجاز، وكان حريصا على طلب العلم والحديث، زاهدا، متقلّلا، غير أنه ما كان ثقة في النقل صدوقا في القول، أجمع أهل بغداد وحفّاظها على ذلك، وكان أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الباقي ابن الخاضبة الحافظ يقول:
أعرف من قطع بادية تبوك بقليل من الزاد، ولا يسمع منه شيء، وليس بشيء في الحديث، وأشار إلى أنه أبو علي السيرجاني، أكثر عن الحفاظ، مثل أبي بكر أحمد بن عليّ بن ثابت الخطيب، وخطّه على كتبه.
وابنته سعدى بنت السيرجاني. (الأنساب 7/ 221) .
وقال ابن الأنماطي: هو الّذي خرّب بيت أبي بكر بن زهير يعني الطريثيثي.
وقال ابن الخاضبة: لا يعتمد على نقله. (تحرّف في لسان الميزان إلى ابن الحافية) .
وروى عنه سعد الخير بن محمد الأنصاري ووصفه بالحفظ.
وقال ابن السمعاني: أحد من عني بجمع الحديث، ونقل بخطّه ما لا يدخل تحت الحصر، إلّا أنّه ادّعى سماع ما لم يسمعه، وأفسد سماع جماعة من الشيوخ، فحملهم إلى أن حدّثوا بما لم يسمعوا، منهم: أبو بكر الطريثيثي. ورأيت أن في عدّة أجزاء من تصانيف الخطيب، سماعه، إمّا ملحقا وإمّا مصلّحا، وكان مع ذلك له ورع وصلاح وزهد وتنسّك وصحبة للمشايخ.
وقال ابن ناصر: كان ظاهره الصلاح، والخبر منكر، ولو قنع بما رزقه الله من السماع كان أصلح، لأن الرجل ينتفع بالقليل مع الصدق. (لسان الميزان 2/ 254) .
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (الحسين بن محمد) في: الكامل في التاريخ 10/ 352، وسير أعلام النبلاء 19/ 210 رقم 128 وفيه: «أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الله الطبري، الحاجّي، البزّازي» .(34/212)
وقد درس بنظامية بغداد مرتين، إحداهما [1] استقلالا بعد الغزالي سنة تسع وثمانين [2] .
وقد تفقه علي أبي الطيب، وسمع منه، ومن: الجوهريّ.
ثمّ لازم الشَّيْخ أبا إِسْحَاق حتّى برع في الفِقْه. ثمّ استُدْعِيّ إلى إصبهان من جهة أميرها، فقدمها، وأفاد أهلها ثلاث سنين، وانتقل إلى رحمة اللَّه تعالى.
فهذا غير شيخ الحَرَم [3] .
- حرف الخاء-
209- خَالِد بْن عَبْد الواحد بْن أحمد بْن خَالِد الأصبهاني [4] .
أبو طاهر التّاجر، أخو غانم.
سمع: أبا نُعَيْم الحافظ، وببغداد: بشْرى [5] بْن الفاتنيّ، ومُحَمَّد بْن رُزْمَة، وابن غَيْلان.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وجماعة.
ولد سنة إحدى عشرة وأربعمائة. وتوجفي في شَعْبان.
210- خَلَف بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد بْن عَبَّاس بْن مُدِير [6] .
أبو القاسم الْأَزْدِيّ الخطيب بجامع قُرْطُبَة.
روى عَنْ: أَبِي عُمَر بْن عَبْد البَرّ كثيرًا، وأبي العبّاس العُذْريّ، وأبي الوليد الباجيّ، وأبي شاكر القَبْريّ، وجماعة.
__________
[1] في الأصل: «أحدهما» .
[2] الأولى في سنة 483، ثم قدم بعد أشهر عبد الوهاب بن محمد الفامي الشيرازي، فتقرّر أن أشرك بينهما في التدريس، فدرّسا مديدة، ثم صرفا بتولية الغزّالي، فلما حجّ الغزّالي سنة ثمان وثمانين، وذهب إلى الشام وطوّل الغيبة، ولي الطبري تدريس النظامية في صفر سنة تسع، ثم فارق بغداد بعد ثلاثة أعوام، وسار إلى أصبهان لودائع كانت عنده.
[3] روى عنه هبة الله بن السقطي شيئا. (سير أعلام النبلاء) .
[4] لم أجد مصدر ترجمته، وقد ذكره المؤلّف في (سير أعلام النبلاء 19/ 185) .
[5] في الأصل: «بشر» والتصحيح من (الأنساب 9/ 208) وفيه: بشرى بن مسيس الرومي الفاتني.
و «الفاتني» : بفتح الفاء وكسر التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى فاتن مولى أمير المؤمنين المطيع للَّه.
[6] انظر عن (خلف بن عبد الله) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 173 رقم 394.(34/213)
وسكن المَرِيّة، ثمّ استوطن قُرْطُبَة، وأقرأ النّاس بها، وحدَّثَ.
وكان ثقة، كثير الجمع والتفنيد. كتب بيده الكثير.
وُلِد سنة سبْعٍ وعشرين وأربعمائة، وتُوُفّي في رمضان.
- حرف السين-
211- سَعِيد [1] بْن هبة اللَّه بْن الحُسين [2] .
أبو الحَسَن البغداديّ.
شيخ الأطباء بالعراق. وكان بارعًا أيضًا في العلوم الفلسفية، مشتهرًا بها.
وخدم المقتدي باللَّه بصناعة الطّبّ. وانتهى في عصره معرفة الطّبّ إِلَيْهِ.
212- سلمان بْن حمزة بْن الخضِر السُّلَميّ الدّمشقيّ [3] .
أخو عَبْد الكريم.
سمع: أبا القاسم الحِنّائيّ، وأبا بَكْر الخطيب.
وحدَّثَ باليسير [4] .
- حرف الصاد-
213- صاعد بْن سَيَّار بْن يحيى بْن مُحَمَّد بن إدريس [5] .
__________
[1] في الأصل: «سعد» والتصحيح من مصادر ترجمته.
[2] انظر عن (سعيد بن هبة الله) في: عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة 1/ 254، 255، ووفيات الأعيان 6/ 73 (في ترجمة أمين الدولة ابن التلميذ رقم 779) و 75 رقم (303) ، وفيه «أبو الحسن هبة الله بن سعيد» ، والعبر 3/ 342، والوافي بالوفيات 15/ 268، 269 رقم 374، ومرآة الجنان 3/ 158، وكشف الظنون 77، 140، 1750، وشذرات الذهب 3/ 402، وإيضاح المكنون 2/ 283، 351، وفهرس الطب (بالمكتبة البلدية) 46، ومعجم المؤلفين 4/ 233، 234.
وهذه الترجمة وردت في الأصل بعد ترجمة «صاعد بن سيار» الآتية برقم (213) وقد قدّمتها إلى هنا مراعاة للترتيب على الحروف.
[3] انظر عن (سلمان بن حمزة) في: تهذيب تاريخ دمشق 6/ 212.
[4] قال ابن عساكر: وتولّى أوقاف المقرءين مدّة حياته.
[5] انظر عن (صاعد بن سيّار) في: التحبير في المعجم الكبير 1/ 303، 320، 484، 568 و 2/ 22، 127، 238، 275، 282، 344، والمنتخب من السياق 259 رقم 834، والتقييد لابن نقطة 300 رقم 366، والعبر 3/ 341، وسير أعلام النبلاء 19/ 182، 183(34/214)
أبو العلاء الكِنَانيّ الهَرَوِيّ قاضي القُضاة بهَرَاة.
سمع: جَدّه القاضي أبا نَصْر يحيى، وأبا سعيد محمد بن موسى الصيرفي، وعلي بن مُحَمَّد الطّرَازِيّ [1] ، والقاضي أبا العلاء صاعد بْن محمد، وأبا بشر الحسن بن أحمد المُزَكيّ، وسعيد بْن العبّاس النَّرْسيّ.
روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن طاهر، وجماعة آخرهم حفيده نَصْر بْن سيّار.
وكان صَيِّنًا، نَزِهًا، إمامًا، انقاد لتقدُّمه جُمَيْع الطّوائف، وعُمَّر، وانتخب عَلَيْهِ شيخ الإسلام مع تقدّمه.
ولد سنة خمس وأربعمائة في جُمَادَى الآخرة [2] .
من الرُّواة عَنْهُ: حفيده شهاب بْن سيّار، وعليّ بْن سهل الشّاشيّ، وعبد المعز بْن بِشْر المُزَنيّ، ومُحَمَّد بْن المفضل الدّهّان، وعبد الواسع بْن عطاء، ومسرور بْن عَبْد اللَّه الحنفيّ.
تُوُفّي في رجب سنة أربع [3] .
أخذ عَنْ: أَبِي العلاء بْن التّلميذ والد أمين الدّولة، وعن: أَبِي الفضل كتفات، وعبدان الكاتب.
__________
[ () ] رقم 103، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 115، والوافي بالوفيات 16/ 231، والنجوم الزاهرة 5/ 169، وشذرات الذهب 3/ 402.
[1] الطّرازي: بكسر الطاء المهملة، وفتح الراء، وفي آخرها الزاي بعد الألف. هذه النسبة إلى من يعمل الثياب المطرّزة أو يستعملها. (الأنساب 8/ 224) .
[2] التقييد 300.
[3] وقال عبد الغافر الفارسيّ: شيخ رفيع القدر، مشهور، من كبار مشايخ خراسان، له البيت المشهور في العلم والرئاسة والتقدّم والقضاء والمعرفة عند السلطان، وكان له مجلس النظر ومجلس الحديث، وإليه الحلّ والعقد.
دخل نيسابور مرات في أيّام الشباب، وسمع من أصحاب الأصمّ، وسمع بهراة من مشايخهم أبي عثمان القرشي وأبيه وجدّه وطبقتهم. (المنتخب) .
وقال ابن نقطة: حدّث بكتاب صحيح الإسماعيلي، عن الحسن بن محمد بن علي الباساني، عنه. (التقييد 300) .(34/215)
وصنَّف كُتُبًا كثيرة في الطّبّ وهو صغير [1] ، وكتاب «الإقناع» وهو كبير [2] ، وكتاب «التّلخيص النظامي» ، كتاب «خلْق الإنسان» ، كتاب «اليرقان» ، «مقالة في الحدود» [3] ، «مقالة في تحديد مبادئ الأقاويل الملفوظ بها» [4] .
وعليه اشتغل أمين الدّولة بْن التّلميذ النّصرانيّ [5] .
توفّي في سادس ربيع الأوّل عَنْ ثمانٍ وخمسين سنة [6] . وله عدة تلاميذ [7] .
- حرف العين-
214- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إسماعيل بن قورتس [8] .
__________
[1] هكذا في الأصل. وهو كتاب «المغني في الطّبّ» . قال ابن أبي أصيبعة، وابن خلّكان: وهو في جزء واحد.
[2] وهو أربعة أجزاء. وقد انتقدوا عليه هذه التسمية وقالوا: كان ينبغي أن يكون الأمر بالعكس، لأن «المغني» هو الّذي يغني عن غيره، فكان الكتاب الأكبر أولى بهذا الاسم، والإقناع هو الّذي تقع القناعة به، فالمختصر أولى بهذا الاسم. (وفيات الأعيان 6/ 75) .
[3] في (عيون الأنباء) : «مقالة في ذكر الحدود والفروق» .
[4] في (عيون الأنباء) و (الوافي) زيادة: «وتعديدها» .
[5] انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 6/ 69- 75 رقم 779.
[6] وكان مولده سنة 436 هـ.
[7] قيل: وكان يعالج المرضى، فأتى قاعة الممرورين بالبيمارستان، فأتته امرأة تستفتيه فيما تعالج به ولدها، فقال: ينبغي أن تلازميه بالأشياء المبرّدة المرطّبة، فهزأ به بعض من كان في القاعة من الممرورين وقال: هذه صفة تصلح أن تقولها لأحد تلاميذك ممن اشتغل بالطب من قوانينه! وأما هذه المرأة فأيّ شيء تدري ما هو من الأشياء المبرّدة المرطّبة؟ وسبيل هذه أن تذكر لها شيئا معيّنا، ولا ألومك في هذا، فقد فعلت ما هو أعجب منه! فقال: ما هو؟ قال: صنّفت كتابا مختصرا وسمّيته «المغني في الطب» ، ثم إنك صنّفت كتابا آخر بسيطا وهو على قدر أضعاف كثيرة من الأول وسمّيته «الإقناع» ، وكان الواجب أن يكون الأمر على العكس! فاعترف بذلك لمن حضره. وصنّف «المغني في الطب» للمقتدر، وله مقالات في صفة تراكيب الأدوية والمحال عليها في المغني. (عيون الأنباء، الوافي بالوفيات) .
وقال أبو محمد بن جكينا في سعيد:
حبّي سعيدا جوهر ثابت ... وحبّه لي عرض زائل
به جهاتي الستّ مشغولة ... وهو إلى غيري بها مائل
(وفيات الأعيان 6/ 73) .
[8] انظر عن (عبد الله بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 289 رقم 636، وقد تحرّف «قورتس» في الأصل إلى «قدرتش» .(34/216)
أبو مُحَمَّد السَّرَقُسطيّ.
روى عَنْ: أَبِيهِ، وأبي الوليد [1] الباجيّ.
وأجاز لَهُ أبو عُمَر [2] الطَّلَمَنْكيّ، وأبو عُمَر السّفاقُسِيّ.
وكان وقورًا مهيبًا فاضلًا، ذا نظر، عليمًا في المسائل وولي قضاء سرقسطة [3] .
تُوُفّي فِي صَفَر [4] .
215- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن ثابت [5] .
أبو القاسم الثّابتيّ [6] الخِرَقيّ [7] . من قرية خَرَق بمَرْو.
كَانَ من أئمّة الشّافعيّة الكبار، ورِعًا زاهدًا.
تفقّه بمَرْو عَلَى أبي القاسم عبد الرحمن الفورانيّ [8] ، وبمروالرّوذ عَلَى القاضي حسين.
وأخذ ببغداد عَنْ أَبِي إِسْحَاق الشِّيرازيّ. وحجّ ورجع إلى قريته، وأقبل عَلَى العبادة والزُّهْد والفتوى.
سمع: عَبْد اللَّه الشّيرتحشيريّ، وأبا عثمان الصّابونيّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: ابنه عَبْد اللَّه، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن بشّار.
__________
[1] في طبعة الدار المصرية 1966: «أبي محمد» ، والمثبت يتفق مع نسخة أوروبا.
[2] في المطبوع من الصلة: «أبو عمرو» .
[3] وقال أبو علي بن سكّرة: كان أفهم من يحضر عنده، واستقضي ببلده، وكان محمود السيرة في قضائه.
[4] وكان مولده سنة 424 هـ.
[5] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 227، 228، وذكر ابن السمعاني ابنه «عبد الله» في (الأنساب 5/ 91) .
[6] الثابتي: بفتح الثاء المنقوطة بثلاث وبعد الألف باء منقوطة بواحدة وفي آخرها التاء المنقوطة باثنتين من فوق، هذه النسبة إلى الجد. (الأنساب 3/ 122) .
[7] الخرقي: بفتح الخاء المعجمة والراء وفي آخرها القاف، هذه النسبة إلى خرق، وهي قرية على ثلاثة فراسخ من مرو. (الأنساب 5/ 90) .
[8] الفوراني: بضم الفاء وسكون الواو وفتح الراء وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى فوران وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه. (الأنساب 9/ 341) .(34/217)
تُوُفّي في ربيع الأوَّل.
216- عَبْد الصَّمد بْن موسى بْن هذيل بْن تاجيت [1] .
أبو جعفر البكريّ قاضي الجماعة بقرطبة.
روى عَنْ: أَبِيهِ، وحاتم بْن مُحَمَّد.
وناظر عند: أَبِي عُمَر بْن القطّان الفقيه.
وولي قضاء قُرْطُبَة.
وكان لَهُ حظٌّ من الفِقْه والشُّروط [2] . وكان يَؤُمّ النّاس في مسجده، ويلتزم الأذان فيه. واستمّر عَلَى ذَلِكَ مدّة قضائه.
وكان وقورًا شهمًا متصاونًا، من بيت عِلْم وجلالة. ثمّ صرف عَن القضاء ولزم بيته إلى أنّ مات في ربيع الآخر وله نحوٌ من سبعين سنة [3] .
217- عَبْد العزيز بْن الحُسين الدّمشقيّ الدّلّال [4] .
سمع: أبا عَبْد اللَّه بْن سَلْوان، وغيره.
ووثَّقهُ أبو مُحَمَّد بْن صابر.
روى عَنْهُ: عليّ بْن زيد المؤدِّب.
218- عَبْد العزيز بْن عَبْد الوهّاب بْن أَبِي غالب [5] .
أبو القاسم القَرَويّ.
روى بمكّة، أي سمع بها من: القاضي أَبِي الحَسَن بْن صخر [6] ، وأبي القاسم عَبْد العزيز بْن بُنْدار.
قَالَ ابن بَشْكُوَال: حدَّثَ عَنْهُ جماعة من شيوخنا، منهم: يحيى بن موسى
__________
[1] انظر عن (عبد الصمد بن موسى) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 376، 377 رقم 808، وفي الأصل: «ناجت» ، والمثبت عن (الصلة) .
[2] وله فيها مختصر حسن بأيدي الناس.
[3] وكان مولده سنة 433 هـ.
[4] انظر عن (عبد العزيز بن الحسين) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 15/ 133 رقم 115.
[5] انظر عن (عبد العزيز بن عبد الوهاب) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 376 رقم 806.
[6] سمع منه فوائده.(34/218)
القُرْطُبيّ، وعليّ بْن أحمد المقرئ.
وقال: كَانَ شيخًا جليلًا لَهُ روايات عالية، قدِم علينا غرناطة. وكتب إليَّ أبو عليّ الغسّانيّ يَقُولُ: إنّه قدِم عليكم رَجُل صالح عنده روايات، فخُذْ عَنْهُ ولا يفوتك [1] .
تُوُفّي في ذي القعدة.
219- عَبْد الواحد بْن عَبْد الرَّحْمَن [2] .
أبو مُحَمَّد الزُّبَيْريّ الوَرْكيّ [3] الفقيه الزّاهد.
ذكره أبو سعد السّمعانيّ وقال: عمّر مائة وعشر سِنين [4] . رحل النّاس إِلَيْهِ من الأقطار.
وروى عَنْ: عمّار، [5] وعن: إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يزداد الرّازيّ، وإسماعيل بْن الحَسَن الْبُخَارِيّ، وإِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن المُهَلّبيّ، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن سليمان الجوديّ.
روى عَنْهُ جماعة من ابن السّمعانيّ، وقال: قبره بوركي عَلَى فرسخين من بُخَارى، زرت قبره.
قلت: هذا نظر لَهُ في العالم، ولو كَانَ قد سمع بأصبهان أو نيسابور
__________
[1] في الصلة: «ولا يفوتنّك» .
[2] انظر عن (عبد الواحد بن عبد الرحمن) في: التحبير في المعجم الكبير 1/ 543 و 2/ 258، 29، والأنساب 12/ 252، 253 والمعين في طبقات المحدّثين 145 رقم 1578، والإعلام بوفيات الأعلام 204، والعبر 3/ 342، وسير أعلام النبلاء 19/ 104، 105 رقم 59، ودول الإسلام 2/ 26، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 165، ومرآة الجنان 3/ 158، 159، وشذرات الذهب 3/ 402.
[3] الوركيّ: بفتح الواو وسكون الراء وفي آخرها الكاف، هذه النسبة إلى وركة، وهي قرية على فرسخين من بخارى على طريق نسف. (الأنساب 12/ 251) .
[4] الموجود في (الأنساب 12/ 252) : «عاش مائة وثلاثين سنة» . وفي موضع آخر من الترجمة (12/ 253) قال: «ولم يكن في عصره من كان بين كتابته الإملاء وروايته مائة وعشر سنين إلّا هو» .
«أقول» : وهذا دليل أيضا على أنه عاش أكثر من مائة وعشر سنين.
[5] هو عمّار بن محمد التميمي بن مخلد بن جبير، أبو ذرّ التميمي.(34/219)
ونحوهما لأدرك إسنادًا عظيمًا. ولكنه سمع بما وراء النهر، وما إسنادهم بعال.
وقد أدرك والله إسنادا عاليا بمرة، فإن شيخه أبا ذر [1] المذكور روى عَنْ يحيى بْن صاعد. وقد ذكرنا في سنة سبع وثمانين وثلاثمائة موته [2] .
روى عَنْهُ: عثمان بْن عليّ البِيكَنْديّ، وأبو العطاء أحمد بْن أَبِي بَكْر الحمّاميّ، ومُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بْن عثمان البَزْدَويّ، وأخوه عُمَر الصّابونيّ، ومُحَمَّد بْن ناصر السَّرْخَسيّ، ومحمود بْن أَبِي القاسم الطُّوسيّ، وخلْق سواهم.
عندي جزءٌ من حديثه بعُلُوّ.
أرّخ السّمعانيّ وفاته في سنة خمس هذه، وقال: هُوَ فقيه إمام زاهد.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ التَّمِيمِيِّ: أَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَيْكَنْدِيُّ، أَنَا الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِقَرْيَةِ وَرْكِي فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمَائَةٍ: ثنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْفَارِسِيُّ إِمْلَاءً سَنَةَ سِتٍّ وثمانين وثلاثمائة. ثنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْقُرَشِيُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ عَمْرَو بْنَ الْحَمِقِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَلَه» . فَقِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ: وَمَا عَسَلُهُ؟ قَالَ: «فُتِحَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ بَيْنَ يَدَيْ مَوْتِهِ حَتَّى يُرْضِي عَنْهُ مَنْ حَوْلَهُ» [3] . 220- عثمان بْن عَبْد اللَّه [4] .
أبو عَمْرو النَّيْسابوريّ الجوهريّ، نزيل بغداد.
قَالَ: حضرت مجلس أَبِي بَكْر الحِيّريّ [5] ، وصحِبْت أبا عثمان
__________
[1] هو عمّار التميمي.
[2] انظر ترجمته في الجزء (381- 400 هـ) ص 151 من هذا الكتاب.
[3] أخرجه أحمد في المسند 5/ 224.
[4] انظر عن (عثمان بن عبد الله) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 2/ 209، 210 رقم 437.
[5] حضر مجلسه في صغره بنيسابور.(34/220)
الصّابونيّ، [1] وصحبت بصور الفقيه سُلَيْم بْن أيّوب [2] ، وبمصر أبا عَبْد اللَّه القُضاعيّ.
روى السِّلَفيّ وسأله في هذه السّنة عَنْ سِنِّه فقال: جاوزت التّسعين [3] .
221- عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَصِيدة [4] .
أبو الحَسَن البغداديّ الغزّال. أحد القرّاء الحذّاق.
قَالَ شجاع الذُّهْليّ: كَانَ آخر من يذكر أَنَّهُ قرأ القرآن عَلَى أَبِي الحَسَن الحمّاميّ.
222- عليّ بْن عَبْد الواحد بْن فاذشاه [5] .
أبو طاهر الأصبهانيّ.
سمع: أَبَا نُعَيْم، وهارون بْن مُحَمَّد.
وعنه: السِّلَفيّ.
وبقي إلى هذه [6] الحدود.
- حرف الميم-
223- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن الكامخيّ [7] .
أبو عبد الله السّاويّ [8] .
__________
[1] صحبه لما كبر.
[2] وسمعه وقد سئل عمّن له مال وافر لا يعرف كمّيّته، كيف يخرج الزكاة؟ فتوقّف ساعة، ثم قال:
يخرجها على ظنّه، ثم لا يردّ سائلا يقصده بوجه.
[3] وقال ابن النجار: سكن بغداد إلى حين وفاته، وروى بها شيئا، ذكره أبو طاهر السلفي في معجم شيوخه وذكر أنه كان ظاهر الصلاح كبير السّنّ ... وجاور بمكة سنتين.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] في الأصل: «هذا» .
[7] انظر عن (محمد بن أحمد) في: التحبير في المعجم الكبير 1/ 477، والمعين في طبقات المحدّثين 145 رقم 1579، والعبر 3/ 342، وميزان الاعتدال 3/ 467، وسير أعلام النبلاء 19/ 184، 185 رقم 105، والإعلام بوفيات الأعلام 204، وعيون التواريخ (مخطوط) (13/ 115، ولسان الميزان 5/ 63، وشذرات الذهب 3/ 403 و «الكامخي» : بفتح الميم.
[8] السّاوي: بفتح السين المهملة، وفي آخرها الواو بعد الألف. نسبة إلى ساوة: بلدة بين الري(34/221)
قَالَ أبو سَعْد إنّه محدّث مشهور، معروف بالطّلب. رحل وسمع بنفسه، وأكثر.
سمع بنَيْسابور: أبا بَكْر الحِيّريّ، وأبا سَعِيد الصَّيْرفيّ.
وببغداد: أبا القاسم هبة اللَّه اللَّالَكائيّ، وأبا بَكْر البَرْقانيّ [1] .
روى عَنْهُ: إسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ، وغيره.
وآخر من روى عَنْهُ أبو زُرْعة المَقْدِسيّ.
قلت: أخبرتنا عَائِشَة بنت المجد عيسى [2] بجزء سفيان بن عيينة، عَنْ جدّها أَبِي زُرْعة، عَنْهُ.
وتُوُفّي في هذه السنة عَلَى ظَنٍّ، أو في حدودها.
وقد حدَّثَ ب «مُسْنِد الشّافعيّ» ، من غير أصل [3] .
قَالَ ابن طاهر: سماعه فيما عداه صحيح.
وممّن روى عَنْهُ: سَعِيد بْن سَعْد اللَّه المِيهَنيّ، وأخواه راضية، وهبة اللَّه [4] .
224- مُحَمَّد بن أحمد بن عبد الواحد [5] .
__________
[ () ] وهمذان. (الأنساب 7/ 19) .
[1] البرقاني: بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون الراء المهملة وفتح القاف. هذه النسبة إلى قرية من قرى كانت بنواحي خوارزم وخربت أكثرها وصارت مزرعة. منها أبو بكر هذا. (الأنساب 2/ 156) .
[2] هي: عائشة بنت عيسى بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قدامة المقدسية الحنبلية. توفيت سنة 697 هـ. (معجم شيوخ الذهبي 414، 415 رقم 604) .
[3] زاد في (ميزان الاعتدال) : «سماعه» . وعلّق ابن حجر على ذلك فقال: وقد يرخص المتأخرون في هذا كثيرا. والشيخ شرط أن لا يذكر من المتأخّرين إلا من وضح أمره ثم أخذ يذكر هذا وأمثاله من الثقات هذا مع إخلال بخلق من أنظارهم. وقد تتبّعت كثيرا ممن يلزمه إخراجهم فألحقهم، ولا أدّعي الاستيعاب، مع أنّ كلام أبي نقله ابن السمعاني فقال في الترجمة ابن محمد بن الحسن بن محمد الكاسمي (!) أبو عبد الله من أهل ساوة. ثم نقل عن ابن طاهر قال: لما دخل أبو عبد الله الكاسمي (!) الري أرادوا أن يقرءوا عليه «مسند الشافعيّ» ، فسألته عن أصله، فقيل لي لم يكن له أصل، وإنما أمرني أن أشتري له نسخة فهو يقرأ منها. قال ابن طاهر: فامتنعت من سماعهم منه، وكان سماعه فيه غير صحيح. (لسان الميزان 5/ 63) .
[4] ورّخ ابن حجر وفاته بسنة ست وتسعين وأربعمائة. (لسان الميزان 5/ 64) .
[5] انظر عن (محمد بن أحمد الشيرازي) في: المنتظم 9/ 133 رقم 204 (17/ 77، 78 رقم 3726) .(34/222)
أبو بَكْر الشِّيرازيّ، البغداديّ، المعروف بابن الفقيرة.
رَجُل صالح من أهل النَّصْريّة، محلّة ببغداد.
سمع: أبا القاسم بْن بِشْران.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وغيره.
قَالَ عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ: كَانَ ابن الفقيرة يمضي ويخرّب قبر أَبِي بَكْر الخطيب ويقول: كَانَ كثير التحامل على أصحابنا الحنابلة. فرأيته يومًأ، فأخذت الفأس من يده، وقلت: هذا كَانَ إمامًا كبير الشأن. وتوّبته وتاب، وما رجع إلى ذَلِكَ.
تُوُفّي يوم تاسع المحرَّم.
225- مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز [1] .
أبو غالب الرّازيّ البغداديّ، المعروف بابن أخت الْجُنَيْد.
سمع: أبا القاسم بْن بِشْران.
وكان إمام جامع الرّصافة. وكان رجلًا صالحًا.
تُوُفّي في المحرَّم.
روى عَنْهُ: عُمَر بْن ظَفَر، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ السِّلَفيّ.
وقع لنا حديثه في الثّالث من البشرانيّات.
226- مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد اللَّه [2] .
أبو ياسر البغداديّ الخيّاط.
سمع: البَرْقانيّ، وأبا عليّ بْن شاذان، وابن بُكَيْر النّجّار، وأبا القاسم بْن بِشْران.
وكان رجلًا خيّرًا.
تُوُفّي في جُمَادَى.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو الفضل، خطيب المَوْصِل، وجماعة، وسعد الخير الأندلسيّ.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.(34/223)
227- مُحَمَّد بْن عَبْد الوهّاب [1] .
أبو الفرج الكوفي الخزاز. ويعرف بالشعيري.
روى ببغداد عَنْ: مُحَمَّد بْن علي بْن الحسن بْن عَبْد الرَّحْمَن العَلَويّ.
وعنه: السِّلَفيّ.
228- مُحَمَّد بْن عليّ [2] .
الْإِمَام أبو بَكْر الشّاشيّ.
قِيلَ: تُوُفّي في هذا العام، والأصحّ ما تقدَّم وهو سنة خمسٍ وثمانين.
229- مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن ثابت [3] .
الْإِمَام أبو نَصْر البَنْدنَيْجيّ [4] الشّافعيّ. فقيه الحَرَم.
كَانَ من كبار أصحاب الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق الشِّيرازيّ [5] .
وقد سمع من: أَبِي إِسْحَاق البَرْمكيّ، وأبي مُحَمَّد الجوهريّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: إسماعيل بْن مُحَمَّد الفضل الحافظ، ورفيقه أبو سَعْد أحمد بْن مُحَمَّد البغداديّ، وعبد الخالق بْن يوسف.
قَالَ السِّلَفيّ: سَمِعْتُ حُمَيْد بْن أَبِي الفتح الأصبهانيّ الشّيخ الصّالح بمكّة
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] تقدّمت ترجمته في الطبقة السابقة (481- 490 هـ) برقم (160) .
[3] انظر عن (محمد بن هبة الله) في: الأنساب 2/ 314، والمنتظم 9/ 133 رقم 206 (17/ 78 رقم 3728) ، وطبقات فقهاء اليمن 119، واللباب 1/ 180، والكامل في التاريخ 10/ 352، وسير أعلام النبلاء 19/ 196، 197 رقم 117، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 85، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 204، ونكت الهميان 277، والوافي بالوفيات 5/ 156، والبداية والنهاية 12/ 162، والعقد الثمين 2/ 381، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 280 رقم 239، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 185، وكشف الظنون 2/ 1733، وهدية العارفين 2/ 78، والأعلام 7/ 355، ومعجم المؤلفين 12/ 88.
[4] في الأصل: «البيديجي» . والتصحيح من (الأنساب 2/ 313) وفيه: «البندنيجي» : بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون النون وفتح الدال المهملة وكسر النون وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها الجيم، هذه النسبة إلى بندنيجين وهي بلدة قريبة من بغداد بينهما دون عشرين فرسخا.
[5] وقال ابن السمعاني: نزيل مكة، إمام فاضل كثير الورع والعبادة، تفقّه على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وكان أستاذه مع جلالة قدره يتبرّك به. (الأنساب 2/ 314) .(34/224)
يَقُولُ: كَانَ الفقيه أبو نَصْر البَنْدنَيْجيّ يقرأ في كلّ أسبوع ستّة آلاف مرّة قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ 112: 1 [1] ويعتمر في رمضان ثلاثين عُمْرة، وهو ضرير يؤخذ بيده.
وقال غيره: تُوُفّي بمكّة وقد جاور أربعين سنة [2] ، وعاش بضعًا وثمانين سنة. وكان مُفْتيا مدرّسًا، بارعًا، صاحب جدّ وعبادة [3] .
230- مقاتل [4] بْن مَطْكُوذ [5] بْن تمريان [6] أبو مُحَمَّد السُّوسيّ [7] المغربي الضّرير المقرئ.
قدِم دمشق، وقرأ بها عَلَى أَبِي عليّ الأهوازي.
وسمع منه، ومن: عليّ بْن مُحَمَّد بْن شجاع، وأبي عليّ أحمد بْن عبد الرحمن بْن أَبِي نَصْر.
روى عَنْهُ: حفيده نَصْر بْن أحمد، وغيره.
وقدم دمشق سنة سبع وثلاثين وأربعمائة، وعمره إحدى وعشرين سنة [8] .
__________
[1] سورة الإخلاص.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 352، وقال ابن الجوزي: ومضى إلى مكة فأقام مجاورا بها أربعين سنة متشاغلا بالعبادة والتدريس والفتيا ورواية الحديث.
[3] وقال أبو نصر أحمد بن محمد الطوسي: أنشدني أبو نصر محمد بن هبة الله البندنيجي:
عدمتك نفسي ما تملي بطالتي ... وقد مرّ إخواني وأهل مودّتي
أعاهد ربّي ثم أنقض عهده ... وأترك عزمي حين تعرض شهوتي
وزادي قليل لا أراه مبلّغي ... أللزّاد أبكي أم لطول مسافتي
(المنتظم) .
[4] انظر عن (مقاتل بن مطكوذ) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 43/ 292، 293، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 25/ 204، 205 رقم 60.
[5] هكذا في الأصل، وتاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق. وفي (الأنساب 7/ 191) : «مظكود» بالظاء المعجمة، والدال المهملة. وفي (اللباب 2/ 155) : «مصكود» بالصاد والدال المهملتين، وقال: فإن مصكود اسم مغربي. وفي (العبر 4/ 134، وسير أعلام النبلاء 20/ 248، وشذرات الذهب 4/ 151) : «مطكود» بالطاء والدال المهملتين. وذلك كلّه في ترجمة حفيده: أبي القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل.
[6] هكذا في الأصل بالنون في أوله. وفي تاريخ دمشق، والمختصر: «يمريان» .
[7] السّوسي: بضم السين المهملة، وواو ساكنة، ثم سين مهملة مكسورة، نسبة إلى سوسة مدينة بالمغرب، ومنها يسير القاصد إلى السوس الأقصى.
[8] سئل مقاتل عن مولده فقال: في ذي الحجة سنة ست عشرة وأربعمائة.(34/225)
مات في صَفَر [1] .
231- منصور بْن المؤمِّل الغزّال [2] .
الضّرير، أبو أحمد.
سمع: ابن غَيْلان.
روى عَنْهُ: أبو البركات السَّقَطيّ، والسِّلَفيّ.
قَالَ الذُّهْليّ: تُوُفّي في شَعْبان.
- حرف الياء-
232- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن الحُسين [3] .
القاضي أبو صالح الناصح. ولد قاضي قضاة نَيْسابور.
مدرّس، مُفْتٍ عَلَى مذهب أَبِي حنيفة.
ناب في القضاء مدة.
حدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وعن: أَبِي حسان المُزَكيّ، وأبي سَعْد عَبْد الرَّحْمَن بْن حَمْدان النَّصْرويّ.
وعنه: ابناه عَبْد الرَّحْمَن، وأحمد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ، وإسماعيل العصائديّ.
مات في ذي الحجّة، وله سبعون سنة [4] .
__________
[1] ووجد بخطّ أبي محمد مقاتل على ظهر جزء له، لبعضهم:
خذ كلامي محبّرا وامتحنه ... وبميزان عقل راسك زنه
طاعة الله خير ما لبس العبد ... فكن طائعا ولا تعصينه
ما هلاك النفوس إلّا المعاصي ... فتوقّ الهلاك لا تقربنه
إنّ شيئا هلاك نفسك فيه ... ينبغي أن تصون نفسك عنه
(تاريخ دمشق، المختصر) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (يحيى بن عبد الله) في: المنتخب من السياق 485، 486 رقم 1649، والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 96 ب.
[4] وكان مولده سنة 425 هـ.(34/226)
- الكنى-
233- أبو الحَسَن [1] بْن أَبِي عاصم العَبَّادي. [2] الفقيه الشّافعيّ، مصنِّف كتاب «الرقم» في المذهب.
توفّي عَنْ ثمانين سنة [3] ، وكان من كبار فقهاء المراوزة. له ذكر في «الروضة» .
__________
[1] اسمه: «أحمد» . انظر عنه في: سير أعلام النبلاء 19/ 185، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 65، ومعجم المؤلفين 1/ 257، 258.
[2] وردت هذه الترجمة في الأصل بعد ترجمة «الحسن بن محمد بن أحمد الكرماني السيرجاني» رقم (206) . وقد أخّرتها إلى هنا مراعاة للترتيب.
و «العبّادي» : بفتح العين المهملة، وتشديد الباء الموحّدة، وفي آخرها الدال المهملة. هذه النسبة إلى بعض أجداد المنتسب. (الأنساب 8/ 336) .
[3] كان مولده في سنة 415 هـ.(34/227)
سنة ست وتسعين وأربعمائة
- حرف الألف-
234- أحمد بن الحسن بن الحسين [1] .
البغداديّ البزّاز، المعروف بابن الزّرد.
شيخ صالح.
سمع: عَبْد المُلْك بْن بِشْران، ومُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن رزْمة.
وعنه: ابن ناصر، والسِّلَفيّ، وطائفة.
235- أحمد [2] بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد [3] .
أبو الفتح السُّوذَرْجانيّ [4] الأصبهاني. أخو أَبِي مسعود [5] مُحَمَّد المتوفي سنة أربع وتسعين، وعاش أحمد بعده مدة.
سمع: عليّ بْن مَيْلَة الفَرَضِيّ، وأحسَبه آخر من روى عَنْهُ، وأبا بكر بن أبي عليّ الذّكوانيّ [6] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] وردت هذه الترجمة في الأصل في المتوفّين ظنّا بعد ترجمة «أحمد بْن مُحَمَّد بْن الفضل بْن شَهْرَيار» الآتية برقم (371) ، وقدّمتها إلى هنا استجابة إلى أمر المؤلّف الذهبي- رحمه الله- فهو ذكر اسم صاحب الترجمة في وفيات هذه السنة وقال: «يحوّل إلى هنا من المتوفّين قريبا» .
[3] انظر عن (أحمد بن عبد الله) في: معجم البلدان 3/ 278، والمعين في طبقات المحدّثين 147 رقم 1602، وسير أعلام النبلاء 19/ 193، 194 رقم 114.
[4] السّوذرجاني: بضم السين المهملة، والذال المفتوحة المعجمة، وسكون الراء، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى سوذرجان، وهي من قرى أصبهان. (الأنساب 7/ 185) .
[5] في (الأنساب) : «أبو سعد» ، والمثبت من الأصل، وسير أعلام النبلاء، واللباب 2/ 153.
[6] الذّكواني: بفتح الذال المعجمة وسكون الكاف وفتح الواو بعدها الألف وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى ذكوان، وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه. والمذكور هو: أبو بكر محمد بن(34/228)
وعُمِّر تسعين سنة.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو رُشَيْد إسماعيل بْن غانم البَيِّع، ومحمود بْن أَبِي القاسم بْن حَمَكا [1] .
ثمّ ظفرِتُ بوفاته في صَفَر سنة ستٍّ وتسعين. وآخر أصحابه أبو الفتح الخِرَقيّ [2] . وكان من كبار الأُدباء والنُّحاة بأصبهان.
خرَّج لَهُ الحُفّاظ.
236- أحمد بْن عليّ بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَمْر بْن سِوار. [3] الأستاذ أبو طاهر البغداديّ، مقريء العراق، ومصنف كتاب «المستنير في القراءات العشْر» .
ولد سنة اثنتي عشرة وأربعمائة [4] .
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ ثقة أمينًا، مقرئًا فاضلًا، حَسَن الأخذ للقرآن. ختم عَلَيْهِ جماعة كتاب اللَّه، وكتب بخطّه الكثير من الحديث.
سمع: مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن رزْمة، ومُحَمَّد بن الحسين الحرّانيّ، وأبا
__________
[ () ] أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عمر. الذكوانيّ المعروف بأبي بكر بن أبي علي، من ثقات المحدّثين ومشاهيرهم بأصبهان. توفي سنة 419 هـ. (الأنساب 6/ 15) .
[1] حمكا: بفتح الحاء المهملة والميم، وكاف ألف.
[2] الخرقي: بكسر الخاء المعجمة وفتح الراء وفي آخرها القاف. نسبة إلى بيع الثياب والخرق.
[3] انظر عن (أحمد بن علي بن عبيد الله) في: المنتظم 9/ 135 رقم 208 (17/ 81 رقم 3730) وفي الطبعة الجديدة «عبد الله» ، ومعجم الأدباء 4/ 46- 48، والمعين في طبقات المحدثين 145 رقم 1550، ومعرفة القراء الكبار 1/ 448، 449 رقم 387، ودول الإسلام 2/ 26، وسير أعلام النبلاء 19/ 225- 227 رقم 139، والعبر 3/ 343، والإعلام بوفيات الأعلام 204، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 119، 120، والوافي بالوفيات 7/ 204، 205 رقم 3150، والبداية والنهاية 12/ 163، ومرآة الجنان 3/ 159، وغاية النهاية 1/ 86، وتبصير المنتبه 2/ 699، والنجوم الزاهرة 5/ 187، وشذرات الذهب 3/ 403، وتاج العروس 3/ 284، ومعجم المؤلفين 2/ 14.
وقد قيّد الدكتور بشّار عوّاد معروف «سوّار» بفتح السين المهملة وتشديد الواو. (معرفة القراء الكبار) ، وهذا غلط، والصحيح بكسر السين وتخفيف الواو كما في (المشتبه) للمؤلّف 1/ 376.
[4] وقيل: ولد سنة 416 (معجم الأدباء 4/ 46) .(34/229)
طَالِب بْن غَيْلان، والتّنُوخيّ، وجماعة.
وهو والد شيخنا هبة اللَّه بْن مُحَمَّد [1] .
ثنا عَنْهُ: أبو الفضل بْن ناصر، والخطيب مُحَمَّد بْن الخضر المُحَوَّليّ [2] ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ.
قلت: وروى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وجماعة.
قَالَ السّمعانيّ: سألتُ ابن ناصر عنه، فقال: نبيل، ثبت، متقن أنبئونا عَنْ حمّاد الحرّانيّ أَنَّهُ سمع السِّلَفيّ يَقُولُ، وذكر ابن سَوَّار: كَانَ فاضلًا عالمًا، من أعيان أهل زمانه في علم القراءات، وله كتاب فيها، سمعناه منه.
وقرأ عَلَيْهِ خلْق كثير. وكان ثقة، ثبتًا، أمينًا.
قلت: أَخْبَرَنَا بكتابه «المستنير» أبو القاسم عليّ بْن بَلبان [3] إجازةً، بسماعه من أَبِي طَالِب ابن النّبطيّ، أَنَا أبو بَكْر أحمد بْن المقرئ سماعًا، أَنَا المؤلِّف سماعًا.
وممّن [4] قرأ عَلَيْهِ القراءات العَشْر أبو عليّ بْن سُكَّرَة، وقال: هُوَ حنفيّ المذهب، ثقة، خيِّر، حبس نفسه عَلَى الإقراء والحديث [5] .
قلت: وممّن قرأ عَلَيْهِ: أبو مُحَمَّد المقرئ سِبْط الحنّاط [6] .
ومن شيوخه: أبو عليّ الشّرْمقانيّ [7] ، وعُتْبة العُثْمانيّ [8] . وأسانيده موجوده
__________
[1] في الأصل: «هبة الله ومحمد» ، والتصحيح من (معجم الأدباء) .
[2] المحوّلي: بضم الميم، وفتح الحاء المهملة، وتشديد الواو المفتوحة. هذه النسبة إلى المحوّل، وهي قرية على فرسخين من بغداد، وهي إحدى متنزّهاتها. (الأنساب 11/ 175) .
[3] في الأصل: «يلبان» ، والتصحيح من (معجم شيوخ الذهبي 363 رقم 523) وهو: علي بن بلبان بن عبد الله أبو القاسم المقدسي الكركي، توفي سنة 684 هـ.
[4] في الأصل: «ومما» .
[5] انظر: معجم الأدباء 4/ 48.
[6] هكذا في الأصل في الموضعين. وفي (سير أعلام النبلاء) : «الخياط» .
[7] الشّرمقاني: بفتح الشين المعجمة، وسكون الراء، وفتح الميم، والقاف، وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى «شرمقان» وهي بلدة قريبة من أسفراين بنواحي نيسابور، يقال لها «جرمغان» بالجيم، (الأنساب 7/ 323) .
[8] في الأصل: «العماني» .(34/230)
في صدر كتابه.
قَالَ ابن النّجّار: قرأ القرآن عَلَى: أَبِي القاسم فرج [1] بْن عُمَر الضّرير، والقاضي أَبِي العلاء الواسطيَّيْن، وأبي نَصْر بْن مسرور، وعليّ بْن طلحة، وعُتْبة بْن عَبْد المُلْك، والحَسَن بْن عليّ العطّار.
وكان إمامًا، ثقة، نبيلًا.
قرأ عَلَيْهِ: سِبْط الحنّاط [2] ، والشَّهْرَزُوريّ.
مات في رابع شَعْبان [3] .
237- إِبْرَاهِيم بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن أحمد [4] .
أبو طاهر السَّلَماسيّ [5] الواعظ.
روى عَنْ: أَبِي القاسم بْن عليّك [6] النّيسابوريّ، وغيره.
__________
[1] في الأصل: «على أبي القاسم بن فرح» .
[2] في الأصل: «الخياط» .
[3] وأنشد ابن السمعاني بإسناده إلى ابن سوار، قال: أنشدني أبو الحسن علي بن محمد السّمّار، أنشدنا أبو نصر عبد العزيز بن نباتة السعديّ لنفسه:
نعلّل بالدواء إذا مرضنا ... وهل يشفي من الموت الدواء؟
ونختار الطبيب، وهل طبيب ... يؤخّر ما يقدّمه القضاء؟
وما أنفاسنا إلّا حساب ... ولا حركاتنا إلّا فناء
وذكره أبو علي الحسين بن محمد بن فيرو الصدفي في شيوخه، يذكر نسبه، ثم قال: البغدادي الضرير المقرئ الأديب، ولعلّه أضرّ على كبر، فإنّ المحبّ بن النّجار أخبرني أنه رأى خطّه تحت الطباق متغيّرا.
وذكره أبو بكر بن العربيّ في شيوخه، فقال: واقف على اللغة، مذاكر، ثقة، فاضل. (معجم الأدباء 4/ 48) .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] السّلماسي: بفتح السين المهملة واللام والميم، وبعدها الألف، وفي آخرها سين أخرى مهملة. هذه النسبة إلى سلماس، وهي من بلاد أذربيجان على مرحلة من خوي. (الأنساب 7/ 107) .
[6] عليّك: بفتح العين المهملة، وكسر اللام وفتح الياء المثنّاة من تحتها والمشدّدة، وآخرها كاف.
قال المؤلّف: والكاف في لغة العجم هي حرف التصغير. وبعض الحفّاظ قيّده باختلاس كسرة اللام وفتح الياء وخفّف. قال ابن نقطة: وهذا عندي أصحّ، وليس في كتاب الأمير ابن ماكولا تشديد الياء، بل أهمل ذلك. وقد ضبطه المؤتمن الساجي بسكون اللام وفتح الياء.
(المشتبه في الرجال 2/ 469، 470) .(34/231)
روى عَنْهُ: هبة بْن السَّقَطيّ، وأبو عامر العَبْدَريّ، وولده الواعظ يحيى بْن إِبْرَاهِيم، وآخرون.
وكان شيخًا بهيا، فاضلًا، عظيم اللّحية.
قَالَ ابنه: كَانَ أَبِي علّامةً في عِلم الأدب، والتفسير، والحديث، ومعرفة الأسانيد والمُتُون، وأوحد عصره في عِلْم الوعظ والتّذكير. أدرك جماعة من الأئمّة، وكتب بخطّه مائة وخمسين مجلّدًا. وكان من الورع وصِدْق الحديث بمكان.
وُلِد سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، ومات بخُوَيّ [1] في جُمَادَى الآخرة.
- حرف الحاء-
238- حَمْدُ بْن مروان بْن قيصر.
أبو عُمَر الأُمَويّ، الزّاهد المعروف بابن اليُمنَالِش. من أهل المَرِيّة.
أخذ عَنْ: المُهَلَّب بْن أَبِي صُفْرة، وغيره.
قَالَ ابن بَشْكُوَال: فاق في الزُّهد والورع أهلَ وقته. وكان العمل أَمْلَك بِهِ.
ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وتُوُفّي في صَفَر.
239- الحُسين بْن الحُسين بْن عليّ بْن العبّاس.
أبو سَعْد الهاشْميّ الفانِيذيّ البغدادي.
سمع: أبا علي بن شاذان.
روى عَنْهُ: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وابن ناصر، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وآخرون.
أثنى عَلَيْهِ عَبْد الوهّاب، وذكر شجاع الذُّهْليّ أَنَّهُ تغيّر في آخر عمره.
وُلِد سنة ثمانٍ وأربعمائة، وتوفّي في شوّال.
قال السّلفيّ: نقص بآخرة.
__________
[1] خويّ: بضم الخاء المنقوطة وفتح الواو وتشديد الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، إحدى بلاد آذربيجان. والناس يفتحون الخاء ويخفّفونها. (الأنساب 5/ 213) .(34/232)
240- الحُسين بْن مُحَمَّد [1] .
أبو عبد الله الكتبي الحاكم. محدّث هراة.
توفّي عن سبْعٍ وثمانين سنة.
صنف «التاريخ» ، وسمع من: أَبِي مَعْمَر سالم بْن عَبْد اللَّه، وطبقته من أصحاب الرّفاء، وابن خميرُوَيْه.
روى عَنْهُ: أبو النَّضْر الفامي، وأهل هَرَاة، وعبد الرّشيد بْن ناصر، وعبد المُلْك بْن عَبْد اللَّه العُمَريّ، ومسعود بْن مُحَمَّد الغانميّ، وعدة.
أثنى عَلَيْهِ السّمعانيّ، وقال: يُعرف بحاكم كرّاسة، لَهُ عناية تامة بالتّواريخ. سمع: سَعِيد بْن العبّاس الْقُرَشِيّ، وأبا يعقوب القرّاب.
وُلِد سنة تسعٍ وأربعمائة، ومات في صَفَر بهَرَاة.
- حرف الخاء-
241- خازم بْن مُحَمَّد بْن خازم [2] .
أبو بَكْر المخزوميّ القرطبيّ.
ولد سنة عشر وأربعمائة، وروى عن: يونس القاضي، ومكّيّ ابن أَبِي طَالِب، وأبي مُحَمَّد الشَّنْتَجاليّ [3] ، وأبي القاسم بْن الإفليليّ، وجماعة.
قَالَ ابن بَشْكُوَال [4] : وكان قديم الطَّلب، وافر الأدب. ولم يكن بالضّابط، وكان يخلط في أسمعته [5] . وقفت لَهُ عَلَى أشياء قد اضطّرب فيها.
وكان أبو مروان بْن سراج، ومُحَمَّد بْن فَرَج الفقيه يضعّفاه.
__________
[1] انظر عن (الحسين بن محمد) في: التحبير في المعجم الكبير 1/ 484، 499، و 2/ 110، 168، والسياق لعبد الغافر (مخطوط) ورقة 11 ب، وسير أعلام النبلاء 19/ 152 رقم 78.
[2] انظر عن (خازم بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 180 رقم 412، وبغية الملتمس للضبي 291، ومعرفة القراء الكبار 1/ 445، 446 رقم 383، وغاية النهاية 1/ 269 رقم 212، ولسان الميزان 2/ 372 رقم 1538.
[3] في الأصل: «السنجاني» ، والتصحيح من. معجم البلدان 3/ 367 وفيه: شنت جالة:
بالأندلس. وفي (الصلة) : «الشنتجيالي» .
[4] في الصلة 1/ 180.
[5] هكذا في الأصل، والصلة. أما في (لسان الميزان) : «ما سمعه» .(34/233)
قُلْتُ: آخِرُ من رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خليل نزيل مَرّاكش.
قَالَ أبو الوليد بْن الدّبّاغ: كَانَ من جلة أهل الأدب، وله اعتناء بالحديث [1] .
- حرف السين-
242- سليمان بْن أَبِي القاسم نجاح [2] .
مولى أمير المؤمنين بالأندلس المؤيَّد باللَّه بْن المستنصر الأُمَويّ، الأستاذ أبو دَاوُد المقرئ.
سكن دانيَة [3] ، وَبَلَنْسِيَة.
قرأ القراءات عَلَى أَبِي عَمْرو الدّانيّ، وأكثر عَنْهُ. وهو أثبت النّاس فيه [4] .
وروى عَنْ: عمر بن عبد البر، وأبي العباس العذري، وأبي عَبْد اللَّه بْن سعدون القَرَويّ [5] ، وأبي شاكر الخطيب، وأبي الوليد الباجيّ، وغيرهم.
قرأ عَلَيْهِ خلْق كثير، وأخذوا عَنْهُ منهم: أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بن سعيد ابن غلام الفَرَس، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة، وأبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن عاصم الثَّقْفيّ، وأحمد بْن عليّ الثَّقْفيّ، وأحمد بْن عليّ بْن سَحْنُون المُرْسي، وابن أحمد بْن خلف، وجماعة، [وإبراهيم بن] [6] البكريّ
__________
[1] وقال أبو جعفر بن صابر الحافظ المالقي في تاريخه: هو ضعيف.
[2] انظر عن (سليمان بن أبي القاسم) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 203، 204 رقم 458، وبغية الملتمس للضبيّ 289، 290، رقم 778، وفهرست ابن خير 428، ومعجم الصدفي 315، والمعين في طبقات المحدّثين 145 رقم 1581، ودول الإسلام 2/ 26، وسير أعلام النبلاء 19/ 168- 170 رقم 92، ومعرفة القراء الكبار 1/ 450، 451 رقم 389، والعبر 3/ 343، 344، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 120، والوافي بالوفيات 15/ 437 رقم 588، ومرآة الجنان 3/ 159، وغاية النهاية 1/ 316، 317 رقم 1392، والنجوم الزاهرة 5/ 187، ونفح الطيب 2/ 135، 153 و 4/ 171، وشذرات الذهب 3/ 403، 404، وطبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 207، 208 رقم 199 ومعجم المؤلفين 4/ 278.
[3] في الأصل: «دانة» وهو وهم.
[4] الصلة 1/ 203.
[5] في الأصل: «الفروي» .
[6] ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل أضفته من المصادر.(34/234)
الدّانيّ، وجعفر بْن يحيى المعروف بابن غتّال [1] ، ومُحَمَّد بْن عليّ النوالشيّ [2] ، وعبد اللَّه بْن الفَرَج الزُّهَيْريّ، وأبو الحَسَن عليّ بْن هذيل، وأبو نَصْر فتح بْن خَلَف البَلَنْسِيّ، وأبو نَصْر فتح بْن أَبِي كُبَّة البَلَنْسِيّ، وأبو دَاوُد سلمان بْن يحيى القُرْطُبيّ، وآخرون.
قَالَ ابن بشكوال: [3] كان من جلّة المقرءين وفُضَلائهم وخِيارهم. عالمًا بالقراءات ورواياتها وطُرُقها، حَسَن الضِّبْط. أَخْبَرَنَا عَنْهُ جماعة ووصفوه بالعِلْم، والفضل، والدّين.
وتُوُفّي ببَلَنْسِيَة، في سادس عشر رمضان. وكان مولده في سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وأحفل النّاس بجنازته، وتزاحموا عَلَى نعشه.
قلت: وقرأت بخطّ بعض أصحاب أَبِي دَاوُد: تسمية الكُتُب الّتي صنّفها أبو دَاوُد: كتاب «البيان الجامع لعلوم القرآن» [4] ، في ثلاثمائة جزء، وكتاب «التّبيين بهجاء [5] التّنزيل» ، وفي ستٍّ مجلدات، وكتاب «الرَّجْز» المسمّى «بالاعتماد» الذي عارض بِهِ المقرئ أبا عَمْرو في «أصول القرآن وعقود الدّيانة» [6] ، عشرة أجزاء، وهو ثمانية عشر ألف بيت وأربعمائة وأربعون بيتًا، وكتاب «الجواب» [7] عَنْ قوله: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى» 2: 238 [8] ،
__________
[1] في الأصل: «عنان» ، والتصويب من: معرفة القراء 1/ 450، وغاية النهاية 1/ 316.
[2] لم أقف على هذه النسبة.
[3] في الصلة 1/ 203، 204.
[4] في سير أعلام النبلاء 19/ 169، 170: «البيان في علوم القرآن» ، والمثبت يتفق مع: معرفة القراء الكبار 1/ 451، وغاية النهاية 1/ 317.
[5] في السير، والمعرفة، وغاية النهاية: «لهجاء» .
[6] في معرفة القراء 1/ 451: «الاعتماد» الّذي عارض به شيخه أبا عمرو في أصول القراءات، و «عقود الديانة» .
هكذا ضبط الدكتور بشّار عوّاد معروف هذه العبارة، فوضع «عقود الديانة» بين هلالين صغيرين بحيث يتبادر إلى الذهن أن «العقود» كتاب منفصل عن أصول القراءات» . وفي الواقع هو كتاب واحد كما ورد في متن المؤلّف هنا، وفي سير أعلام النبلاء 19/ 170 وسمّاه: «أصول القرآن والدين» . وفي غاية النهاية 1/ 317: «كتاب الاعتماد في أصول القراءة والديانة» .
[7] سمّاه في سير أعلام النبلاء 19/ 170: «كتاب الصلاة الوسطى» .
[8] سورة البقرة، الآية 238.(34/235)
مجلَّد. وذكر تتمّه ستّة وعشرين مصنَّفًا.
- حرف العين-
243- عَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد ابن الشُّرُوطيّ [1] .
عَنْ: ابن غَيْلان.
وعنه: السِّلَفيّ.
مات فجأة في رجب.
244- عَبْد الرَّحْمَن بْن الحُسين بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم [2] .
أبو الحُسين بْن أَبِي القاسم الحِنّائيّ الدّمشقيّ.
سمع الكثير من أَبِيهِ. ومن: أَبِي عليّ الأهوازيّ، وأبي عَبْد اللَّه بْن سَلْوان، وجماعة كثيرة.
قَالَ ابن عساكر: ثنا عَنْهُ: أبو عَبْد اللَّه النَّسائيّ، وأبو الحُسين الأبّار.
وثّقه أبو مُحَمَّد بْن صابر وقال: سألته عَنْ مولده، فقال: في رجب سنة أربعين وأربعمائة.
وتُوُفّي في ذي القعدة.
قلت: روى عَنْهُ: سليمان بْن عليّ الرَّحْبيّ المُتَوَفَّى سنة تسعٍ وستّين وخمسمائة بدمشق.
245- عُبَيْد اللَّه [3] بْن طاهر بْن الحُسين.
الشَّيْخ أبو الحَسَن الرَّوَقيّ [4] سِبْط أَبِي بَكْر بْن فُورَك.
من علماء طُوس. عُمِّر دهرًا في صيانةٍ وعِلْم.
سمع: أَبَاهُ، وأبا عَبْد اللَّه بْن باكُوَيْه الشِّيرازيّ، وأبا مُحَمَّد الْجُوَينيّ [5] ، وأبا
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن الحسين) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 22/ 512.
[3] في الأصل: «عبد الله» ، والتصويب من (الإكمال 4/ 217) بالحاشية رقم (3) .
[4] الرّوقي: بفتح الراء والواو وفي آخرها القاف، هذه النسبة إلى قرية بنواحي طوس يقال لها:
روه. (الأنساب 6/ 186) .
[5] الجويني: بضم الجيم وفتح الواو وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى(34/236)
عثمان الصّابونيّ.
مات في رمضان.
قَالَ عَبْد الرحيم السّمعانيّ: روى لنا عَنْهُ: أبو حامد مُحَمَّد بْن الفضل الطّابَرَانيّ، والمُوَفَّق بْن مُحَمَّد الصّكّاك [1] ، وأبو طاهر السِّنْجيّ، وسعد بْن عُبَيْد.
عاش ثمانين سنة.
246- عليّ بْن أحمد بْن عُمَر بْن الخَلِيّ [2] .
أبو الحَسَن الكَرْخيّ البغداديّ.
سمع: أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن المَحَامليّ، وعبد المُلْك بْن بِشْران، وغيرهما.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، والمظفر بْن جَهِير، ويحيى بْن ثابت، وأبو عليّ أحمد بْن مُحَمَّد الرَّحْبيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وغيرهم.
وأحسبه قرابة الفقيه أَبِي الحَسَن مُحَمَّد بْن الخَلِيّ.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وله ثمانٍ وتسعون سنة. والخَلِيّ بفتح الخاء.
247- عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد [3] .
أبو الحَسَن [4] بْن الدُّوش [5] ، ويقال الدّشّ، الشّاطبيّ المقرئ.
__________
[ () ] جوين، وهي إلى ناحية كثيرة مشتملة على قرى مجتمعة يقال لها: كويان، فعرّب وجعل جوين. وهذه الناحية متّصلة بحدود بيهق، ولها قرى كثيرة متّصلة بعضها ببعض. (الأنساب 3/ 385) .
[1] الصّكّاك: بالصّاد المهملة المشدّدة والكاف. وهذه النسبة لمن يعمل الصّكوك أي الأختام.
[2] لم أجد مصدر ترجمته. و «الخليّ» : بفتح الخاء واللام المخفّفة. قال ابن السمعاني: هذه تشبه النسبة. وهو اسم لجدّ محمد بن خالد بن خلي الحمصي. (الأنساب 5/ 171) .
[3] انظر عن (علي بن عبد الرحمن) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 422 رقم 905، ومعرفة القراء الكبار 1/ 451، 452 رقم 390 باسم: «عبد الرحمن بن علي بن أحمد» ، والإعلام بوفيات الأعلام 204، والعبر 3/ 344، ودول الإسلام 2/ 26، وغاية النهاية 1/ 375 (بدون رقم) و 1/ 548 رقم 2239، وشذرات الذهب 3/ 404.
[4] في الإعلام بوفيات الأعلام 204 كنيته: «أبو داود» .
[5] في: الصلة 2/ 422: «ابن الروش» (بالراء) ، ومثله في: العبر 3/ 344، والمثبت يتفق مع غاية النهاية 1/ 548 وفيه جوّد ضبطها بضم الدال المهملة بعدها واو ساكنة بعدها شين معجمة ساكنة، وربّما تحذف الواو لالتقاء الساكنين. ويقال ابن أخي الدوش.(34/237)
روى القراءات عَنْ أَبِي عَمْرو الدّانيّ تلاوةً.
سمع منه، ومن: أبي عمرو بْن عَبْد البَرّ، وغيرهما.
قَالَ ابن بَشْكُوَال: [1] أقْرَأَ النّاس وأسمعهم الحديث، وكان ثقة فيما رواه، ثبتًا فيه، دَيِّنًا، فاضلًا.
تُوُفّي في رابع شَعْبان بشاطبة.
قلت: قرأ عَلَيْهِ القراءات: أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الحسن ابن غلام الفَرَس، وأبو داود سليمان بْن يحيى بْن سَعِيد القُرْطُبيّ، وإبراهيم بْن مُحَمَّد بْن خليفة النِّفْزيّ [2] الدّانيّ، وعلي بْن مُحَمَّد بْن أَبِي العَيْش الطَّرْطُوشيّ [3] ثمّ الشّاطبيّ، ومُحَمَّد بْن عليّ بْن خَلَف التُّجَيْبيّ، وآخرون. وإبراهيم من آخرهم وفاةً.
248- عليّ بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن فُورَجَة [4] .
أبو الحسن الأصبهاني التّاجر.
يروي عن: عليّ بن عبد كويه، وغيره.
توفّي يوم عاشوراء.
__________
[ () ] وقد ذكره ابن الجزري مرتين، ففي الأولى أدرجه باسم «عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن الدوش ويقال ابن أبي الدوش» . وقال: «كذا وقع في كتاب أبي عبد الله الذهبي ورأيته بخطّه فانقلب عليه، والصواب عليّ بن عبد الرحمن بن أحمد بن الدش» (1/ 375) .
ويبدو أنّ ابن الجزري صحّح اسمه اعتمادا على ما جاء هنا. وقد ذكر الدكتور بشّار عوّاد معروف في تحقيقه لكتاب «معرفة القراء» 1/ 451 بالحاشية، أنه جاء في نسخة أخرى من الكتاب رمز إليها بحرف (د) ، والنسخة المطبوعة التي حقّقها محمد سيّد جاد الحق (1969) على وجهه الصحيح الّذي ذكره ابن بشكوال وابن الجزري، فكأنّ أحدهم أصلح النسخة.
[1] في الصلة 2/ 422.
[2] في الأصل: «النقري» . وهي نسبة إلى نفزة. قال ياقوت: بالفتح ثم السكون، وزاي، مدينة بالمغرب بالأندلس. وقال السلفي: نفزة: بكسر النون، قبيلة كبيرة منها بنو عميرة وبنو ملحان المقيمون بشاطبة. (معجم البلدان 5/ 296) . وقد تحرّفت النسبة في (غاية النهاية 1/ 548) إلى «النفري» .
[3] الطّرطوشي: بالفتح ثم السكون ثم طاء مضمومة، وواو ساكنة، وشين معجمة. نسبة إلى مدينة بالأندلس تتصل بكورة بلنسية، وهي شرقيّ بلنسية وقرطبة قريبة من البحر. (معجم البلدان 4/ 30) .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.(34/238)
وروى عَنْ: أَبِي بَكْر الذّكْوانيّ، والجمّال، وجماعة.
- حرف الفاء-
249- الفَرَج بْن مُحَمَّد بْن المقرون [1] .
النّجّار.
بغداديّ، سمع: عَبْد اللَّه بْن شاهين، وأبا مُحَمَّد الخلّال.
روى عَنْهُ: هبة اللَّه السَّقَطيّ.
تُوُفّي فِي ذي القعدة.
- حرف الميم-
250- مُحَمَّد بْن عَبْد الجبّار بْن مُحَمَّد الضَّبّيّ [2] .
الفُرْسانيّ [3] الأصبهاني، أبو العلاء.
شيخ صالح مُكْثِر.
سمع: أبا بَكْر بْن أَبِي عليّ الذّكْوانيّ، وأبا القاسم الأَسْترَاباذيّ [4] .
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وَأَبُو سَعْد أَحْمَد بْن مُحَمَّد الْبَغْدَادِي، وجماعة.
تُوُفّي في ربيع الآخر. وهو من قرية فُرْسان بالضّمّ والكسر، وقد ذكره ابن نقطة فقال: حدّث عن عليّ بن عبد كويه، والجمّال.
وحدَّثَ عَنْهُ: أبو نَصْر أحمد بْن محمد طاهر الكوّاز [5] ، وإسماعيل بن
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (محمد بن عبد الجبّار) في: الأنساب 9/ 270، والإعلام بوفيات الأعلام 204، والعبر 3/ 344.
[3] الفرساني: قال ابن السمعاني: بكسر الفاء أو ضمّها، والله أعلم، وسكون الراء المهملة وبعدها السين المهملة وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى فرسان وهي قرية من قرى أصبهان.
وكنت أظنّ أنها بضم الفاء إلى أن رأيت بخط الأمير ابن ماكولا بكسر الفاء. (الأنساب 9/ 270) .
[4] في الأنساب: «الأسداباذي» .
[5] الكوّاز: بفتح الكاف والواو المشدّدة بعد الألف، وفي آخرها الزاي. هذه النسبة لمن يعمل الكيزان الخزفية. (الأنساب 10/ 491) .(34/239)
محمد بن أحمد الزّتانيّ. وكان يروي أبوه أيضًا عَنْ أَبِي بَكْر المقرئ. ومات قبل أَبِي نُعَيْم الحافظ.
251- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن كادش [1] .
أبو ياسر الحنبلي المحدِّث، أخو أبي العِزّ.
قرأ الكثير بنفسه ونَسَخَ وحصّل.
وسمع: أقضى القضاة أبا الحُسين [2] الماوَرْدِيّ، وأبا مُحَمَّد الجوهريّ، وأكثر عَنْ طراد بْن البَطَر [3] ، وطبقتهما.
وهو من شيوخ السِّلَفيّ.
وكان قارئ أهل بغداد والمستملي بها [4] . وكان يلْحن قليلًا، وله صوت جهوريّ [5] .
252- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَبْد اللَّه [6] .
أبو طاهر الكَرّانيّ [7] الأصبهاني.
سمع: ابن أَبِي عليّ الذّكْوانيّ، وغيره.
وحدَّثَ [8] .
253- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن إِبْرَاهِيم بْن جعفر [9] .
أبو بَكْر الأصبهاني ابن عزيزة الفقيه.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبيد الله) في: المنتظم 9/ 136 رقم 211 (17/ 82 رقم 3733) ، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 94 رقم 44، وشذرات الذهب 3/ 404.
[2] في الأصل: «الحسين» ، والتصحيح من مصادر ترجمته.
[3] هكذا في الأصل. وفي ذيل طبقات الحنابلة: «وقرأ بنفسه الكثير على طراد، وابن البطي» .
[4] وزاد السلفي: «على الشيوخ، ثقة، كثير السماع، ولم يكن له أنس بالعربية» .
[5] في الأصل: «جوهري» وهو خطأ، والتحرير من (ذيل طبقات الحنابلة) وفيه زيادة: «عند قراءة الحديث والاستملاء» .
[6] انظر عن (محمد بن عمر الكرّاني) في: الأنساب 10/ 377.
[7] الكرّاني: بفتح الكاف والراء مع التشديد وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى كرّان، وهي محلّة كبيرة بأصبهان. (الأنساب) .
[8] وقال أبو زكريا يحيى بن أبي عمرو بن مندة: لم يعرف شرائط الحديث.
[9] لم أجد مصدر ترجمته.(34/240)
روى عَنْ: ابن فاذشاه، وابن رَيْدَة، وأبي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الذّكْوانيّ، وعُبَيْد اللَّه بْن العتر، وأبي ذَرّ الصّالحانيّ، وجماعة.
وعنه: أبو سَعِيد مُحَمَّد بْن حامد، وأبو طاهر السِّلَفيّ.
254- مُحَمَّد بْن المُنْذِر بْن ظَبْيان بْن المُنْذِر [1] .
أبو البركات الكَرْخيّ المؤدِّب.
سمع: أبا القاسم بْن بِشْران.
وهو أحد شيوخ السِّلَفيّ في بعض أمالي ابن بِشْران.
وروى عَنْهُ أيضًا: إسماعيل السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ.
وتُوُفّي في صَفَر.
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: سَمِعْتُ ابن ناصر يَقُولُ: كَانَ كذابًا.
وقال السِّلَفيّ: هُوَ مُسْتَفاد مَعَ ظبيان.
255- معالي العابد [2] .
أحد الزُّهاد المنقطعين إلى اللَّه.
كَانَ مقيمًأ بمسجد بغداد، وتُحكى عَنْهُ كرامات ومجاهدات.
قَالَ أبو مُحَمَّد سِبْط الحنّاط: كَانَ لا ينام إلّا جالسًا، ويلبس ثوبًا واحدًا في الصيف والشّتاء، فإذا بُرْد شدّ المِئْزر عَلَى كتفه [3] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (معالي العابد) في: المنتظم 9/ 136 رقم 212 (17/ 82، 83 رقم 3734) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 87، وفيهما: «أبو المعالي الصالح» ، الكامل في التاريخ 10/ 367، والبداية والنهاية 12/ 163.
[3] وقال ابن الجوزي: سكن باب الطاق، وكان مقيما بمسجد هناك معروف به إلى اليوم. سمع واعظ ابن أبي عمامة فتاب وتزهّد.
وحدّث مسعود بن شيرازاد المقرئ قال: سمعت أبا المعالي الصالح يقول: ضاق بي الأمر في رمضان حتى أكلت فيه ربعين باقلّى، فعزمت على المضيّ إلى رجل من ذوي قرابتي أطلب منه شيئا، فنزل طائر فجلس على منكبي، وقال: يا أبا المعالي أنا الملك الفلاني لا تمض إليه نحن نأتيك به، فبكّر الرجل إليّ.
وقال أبو محمد عبد الله بن علي المقرئ: كنت يوما عنده فقيل له: قد جاء سعد الدولة شحنة بغداد، فقال: أغلقوا الباب، فجاء فطرق الباب، وقال: ها أنا قد نزلت عن دابّتي، وما أبرح(34/241)
مات في ذي الحجة.
- حرف النون-
256- نَصْر بْن عَبْد الْجَبّار بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الجبّار [1] .
أبو منصور التَّميميّ القَزْوينيّ الواعظ.
سمع: أبا يَعْلَى الخليل بْن عَبْد اللَّه الحافظ، وأبا بَكْر أحمد بْن الخضر القَزْوينيّ، وجماعة.
وببغداد: [2] أبا مُحَمَّد الجوهريّ، وابن الفتح العشّاريّ [3] .
وسمع بأماكن، وجمع لنفسه مُعْجَمه. وكان من أهل الفضل والدين. وقدم بغداد في هذه السنة، وهو آخر العهد بِهِ [4] .
وروى عَنْهُ: إسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ، والمعمر بْن البَيِّع، والسِّلَفيّ وقال: هُوَ محدِّث ابن محدّث ابن محدّث، وبيتهم بقزُّوين. كتب بني مَنْدَهْ بأصبهان، وكتب أولاد السّمعانيّ بمَرْو، وسألته عَنْ مولده فقال: في سنة خمس وعشرين وأربعمائة.
- حرف الياء-
257- يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي زيد [5] .
__________
[ () ] حتى يفتح لي، ففتح له، فدخل فجعل يوبّخه على ما هو فيه، وسعد الدولة يبكي بكاء كثيرا، فانفرد بعض أصحابه وتاب على يده. (المنتظم، مرآة الزمان) .
[1] في الأصل: «بن عبد الله بن الرحمن» ، والمثبت عن: التدوين في أخبار قزوين 4/ 161، 162.
[2] سمع بها في سنة 450 هـ.
[3] وسمع منه أحاديث خرّجها عن شيوخه، عن أبي القاسم البغوي.
[4] وجاء في (التدوين) أن الحافظ أبا سعد أحمد بن محمد البغدادي وابناه الحسن وعبد الرحيم، وعطاء بن ناصر بن محمد الهروي سمعوا من نصر بن عبد الجبّار بالمدينة في المحرّم سنة ثمان وخمسمائة.
وهذا يعني أن وفاته تأخّرت، وعليه ينبغي أن تحوّل ترجمته إلى الطبقة التالية.
[5] انظر عن (يحيى بن إبراهيم) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 670، 671 رقم 1478، وبغية الملتمس 497، 498، والإعلام بوفيات الأعلام 204، والمغني في الضعفاء 2/ 729 رقم(34/242)
أبو الحَسَن [1] اللَّوَاتيّ المُرْسِي، المعروف بابن البيّاز [2] .
روى القراءات عَنْ: مكّيّ بْن أَبِي طَالِب، وأبي عَمْرو الدّانيّ، وجماعة.
ورحل إلى المشرق.
قَالَ ابن بَشْكُوَال: [3] حجّ ولقي بمصر عَبْد الوهّاب القاضي المالكيّ، وأخذ عَنْهُ «التّلقين» من تأليفه. وأقرأ النّاس القرآن، وعُمّر وأَسَنَّ.
قلت: وسمع القراءات من عَبْد الجبار بْن أحمد الطَّرَسُوسيّ، وهو آخر من روى عَنْهُمَا.
قَالَ الحافظ أبو القاسم خَلَف بْن بَشْكُوَال: [4] أَخْبَرَنَا عَنْهُ جماعة من شيوخنا، وسمعتُ بعضهم يضعِّفه وينسبه إلى الكذب وادّعاء الرّواية عَنْ أقوامٍ لم يَلْقَهَم ولا كاتبوه. ويشبه أنّ يكون ذَلِكَ في وقت اختلاطه، لأنّه اختلط في آخر عُمره.
تُوُفّي بمرسية في ثالث المحرَّم وله تسعون سنة [5] .
قلت: روى عَنْهُ القراءات: أبو عَبْد اللَّه بْن سَعِيد الدّانيّ، وعلي بْن عَبْد اللَّه بْن ثابت الخَزْرَجيّ، وأبو دَاوُد، وسلمان بْن يحيى بْن سَعِيد المقرئ، وآخرون.
وقد وقع لنا إسناده بالقراءات عاليا للإمام عَلَم الدين القاسم الأندلسيّ، فإنه تلا بها عَلَى أَبِي جعفر الحصّار، عَنْ أَبِي عبد الله بن سعيد المذكور. [6]
__________
[ () ] 6919، وميزان الاعتدال 4/ 360 رقم 9448، ومعرفة القراء الكبار 1/ 449، 450 رقم 388، والعبر 3/ 344، ودول الإسلام 2/ 26، وغاية النهاية 2/ 364 رقم 3818، ولسان الميزان 6/ 240 رقم 845، وشذرات الذهب 3/ 404.
[1] هكذا في الأصل وغاية النهاية 2/ 364، وفي المصادر «أبو الحسين» .
[2] في الأصل: «البياذ» بالذال المعجمة. وفي العبر، ودول الإسلام «البيار» بالراء المهملة، وفي الصلة: «البيّان» ، وفي لسان الميزان: «التيار» ، والمثبت عن معرفة القراء، وغاية النهاية.
[3] في الصلة 2/ 670.
[4] في الصلة 2/ 670.
[5] وكان مولده في سنة 406 هـ.
[6] وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في (معرفة القراء الكبار 1/ 450) : «وقد وقع لنا سنده بالقراءات عاليا، وفرحنا به وقتا، ثم أوذينا فيه، وبان لنا ضعفه» .(34/243)
وقد روى «الموطّأ» عَنْ يونس بْن عَبْد اللَّه بْن مُغيث.
258- يحيى بْن منصور [1] .
أبو زكريّا الصُّوفيّ الْجَنْزيّ، والد الْإِمَام مُحَمَّد بْن يحيى الفقيه.
سكن بنَيْسابور، ونَفَقَ عَلَى نظام المُلْك، وصادِهُ بحُسْن كلامه. وسيرته قصيرة [2] .
شيخ رباطه، توفّي في رمضان بنيسابور.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن منصور) في: المنتخب من السياق 486 رقم 1650.
[2] قال عبد الغافر: مشهور معروف فاضل قارئ لكتاب الله، حسن القراءة، حافظ لمراسم الصوفية عارف بطرقهم. قدم نيسابور وخدم زين الإسلام وسمع منه، وحجّ وعاد إلى أصبهان في نوبة نظام الملك. وكان سمع بأصبهان والعراق.(34/244)
سنة سبع وتسعين وأربعمائة
- حرف الألف-
259- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن يونس [1] .
الخطيب أبو الحَسَين المَقْدِسيّ.
سمع ببلده: أبا الغنائم مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الفرّاء، وأبا عثمان بْن ورقاء، وأبا زكريّا عَبْد الرحيم الْبُخَارِيّ.
سمع منه: عَبْد الرَّحْمَن، وعبد اللَّه ابنا صابر.
وتُوُفّي بدمشق [2] .
260- أحمد بْن بُنْدار بْن إِبْرَاهِيم [3] .
أبو ياسر البقّال القطّان، أخو أَبِي المعالي ثابت.
سمع: بِشْر بْن الفاتِنيّ، وأبا عليّ بْن دُوما، وأبا طاهر مُحَمَّد بْن عليّ العلّاف، وجماعة.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأنماطي، وأبو المُعَمَّر المبارك بْن أحمد وأثنيا عَلَيْهِ، وشُهْدَة، والسِّلَفيّ، وجماعة.
ومات في رجب [4] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن إبراهيم) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 3/ 16 رقم 22.
[2] وكان ثقة.
[3] انظر عن (أحمد بن بندار) في: المنتظم 9/ 139 رقم 217 (17/ 86 رقم 3739) ، وذكر في سير أعلام النبلاء 19/ 186 دون ترجمة.
[4] وكان ثقة.(34/245)
261- أحمد بْن عليّ بْن الحُسين [1] .
أبو المعالي ابن الحدّاد البغداديّ الدّلّال المستعمل.
سمع: أبا عليّ بْن المذهب، والعشاريّ، والجوهريّ.
وعنه: أبو نَصْر النُّوربانيّ [2] ، وأبو طاهر السِّلَفيّ.
مات في ربيع الآخر ببغداد.
262- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حمزة [3] .
القاضي أبو الحَسَن الكوفيّ، الثَّقْفيّ.
سمع: أبا طاهر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن الصّبّاغ، ومُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن فدوَيْه، ومُحَمَّد بْن عليّ بْن الحَسَن العَلَويّ، وطائفة.
وتفقه على قاضي القضاة أبي عبد الله الدّامغانيّ ببغداد.
وسمع ببغداد من: البَرْمكيّ، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن حبيب الفارسي.
روى عَنْه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وأبو الحَسَن بْن الخَلِيّ الفقيه، والسِّلَفيّ.
وثّقه عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ.
وقال أَبِي النَّرْسيّ: تُوُفّي في سادس عشر رجب.
قلت: وله خمس وسبعون سنة.
263- أحمد بْن مُحَمَّد بْن بِشْرُوَيْه [4] .
الأصبهاني.
قد مرّ في سنة إحدى وتسعين.
وقال يحيى بْن مَنْدَهْ: مات في صَفَر سنة سبع.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد هذه النسبة.
[3] انظر عن (أحمد بن محمد الكوفي) في: الكامل في التاريخ 10/ 379، وذكر في سير أعلام النبلاء 19/ 186 دون ترجمة.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.(34/246)
264- أحمد بْن علي بْن الحُسين بْن زكريّا [1] .
أبو بَكْر الطُّرَيْثيثيّ، ثمّ البغداديّ الصُّوفيّ المعروف بابن زَهْراء.
قَالَ السّمعانيّ: شيخٌ لَهُ قَدَمٌ في التَّصَوُّف. رأى المشايخ وخدمهم، وكان حَسَن التّلاوة.
صحب أبا سَعْد النَّيْسابوريّ. وسمع: أَبَاهُ، وابن الحُسين القطّان، وأبا القاسم اللّالكائيّ الحافظ، وأبا القاسم الحرفيّ، وأبا الحسن بن مَخْلَد، وأبا علي بن شاذان، وجماعة.
قلت: روى عنه: أبو القاسم بن السمرقندي، وابن ناصر، وأبو الفتح بن البطي، وأبو طاهر السلفي، وطائفة آخرهم موتا أبو الفضل خطيب الموصل.
وسمع منه: الكبار: عبد الغافر الألمعي، وهبة الله الشيرازي، وعمر الرؤاسي، وابن طاهر المقدسي.
قال السمعاني: صحيح السماع في أجزاء، لكنه أفسد سماعاته بأنْ روى منها شيئًا، وادّعى أَنَّهُ سمعه من أبي الحَسَن بْن رزقويه، ولم يصح سماعه منه [2] .
وقال فيه شجاع الذُّهْليّ: مُجْمَعٌ عَلَى ضعفه، وله سماعات صحيحة خلط بها غيرها [3] .
وقال أبو القاسم بْن السَّمَرْقَنْديّ: دخلت عَلَى أحمد بْن زهراء الطُّرَيْثيثيّ وهو يقرأ عَلَيْهِ جزءٌ من حديث ابن رزقويه، فقلت: مَتَى؟ فقال: في سنة اثنتي
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي الطريثيثي) في: التحبير 1/ 371، والمنتظم 9/ 138، 139 رقم 216 (17/ 85، 86 رقم 3738) ، والكامل في التاريخ 10/ 379، وطبقات الصوفية للنووي (مخطوط) ورقة 54 أ، والمعين في طبقات المحدّثين 145 رقم 1582 وفيه: «أحمد بن الحسين» ، والإعلام بوفيات الأعلام 204، والعبر 3/ 346، وسير أعلام النبلاء 19/ 160- 162 رقم 87، وميزان الاعتدال 1/ 122، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 39، 40، ومرآة الجنان 3/ 160، والوافي بالوفيات 7/ 202، ولسان الميزان 1/ 227، 228، وشذرات الذهب 3/ 405.
[2] المنتظم 9/ 138 (17/ 86) .
[3] انظر: المنتظم.(34/247)
عشرة وأربعمائة. فقلت: وابن رزقوَيْه في هذه السنة تُوُفّي. وأخذت الجزء من يده، وقد سمعوا فيه، فضربت عَلَى التسميع، فقام وخرج من المسجد [1] .
وقال ابن ناصر: كَانَ كذابًا [2] لا يُحْتَجّ بروايته.
قلت: ولهذا كَانَ السِّلَفيّ يَقُولُ: أَنَا [3] الطّريثيثيّ من أصل سماعه.
وقال في معجمه: هذا أجلّ شيخ شاهدته ببغداد، من شيوخ الصُّوفيّة، وأكثرهم حُرْمَة وهَيْبة عند الصحابة. قد اقتدى بأبي سَعِيد بْن أَبِي الخير المِيهَنيّ فيما أظن. وأنا [3] عَنْ جماعة لم يحدثنا عَنْهُمْ سواه. ولم يقرأ عَلَيْهِ إلّا من أصول سماعه، وهي كالشّمس وُضُوحًا. وكُفّ بَصَرُه بآخره.
وكتب لَهُ أبو عليّ الكَرْمانيّ أجزاء طرية، فحدث بها اعتمادًا عَلَيْهِ، ولم يكن ممن يُعرف طرق المحدثين ودقائقهم وإلّا لكان من الثْقات الأثبات.
وذكره ابن الصّلاح في «طبقات الشّافعيّة» [4] .
وقال أبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ: مولده في شوّال سنة إحدى عشرة. وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.
قلت: قرأت بخطّ السِّلَفيّ أَنَّهُ سمع الطُّرَيْثيثيّ يَقُولُ: وُلِدتُ في شوّال سنة اثنتي عشر وأربعمائة [5] .
265- أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحُسين العُكْبَريّ [6] .
ثمّ الواسطيّ المقرئ أبو الحَسَن.
قرأ القراءات عَلَى أصحاب أَبِي عليّ بْن عَلّان.
وسمع: الحَسَن بْن موسى الغَنْدَجانيّ.
__________
[1] المنتظم.
[2] المنتظم.
[3] اختصار لكلمة: «أخبرنا» .
[4] ج 1/ 352، 353 رقم 109.
[5] المنتظم.
[6] انظر عن (أحمد بن محمد العكبريّ) في: سؤالات الحافظ السلفي 75، والمختصر المحتاج إليه للدبيثي 1/ 202.(34/248)
وقدِم بغداد فقرأ بها عَلَى: سليمان بْن أحمد السرقسطي، ورزق اللَّه التميمي.
وسمع: أبا القاسم بْن البُسْريّ.
واقرأ النّاس. وهو الّذي سمع مُحَمَّد بْن عليّ الكتّانيّ المحتسب، ولمّا مات رثاه خميس الحوزيّ.
روى عنه: الكتّانيّ المذكور.
266- أرتاش، ويقال ألْتاش، بْن السّلطان تُتُش بْن ألْب رسلان [1] .
أخو صاحب دمشق دُقَاق.
سجنه أخوه ببَعْلَبَكّ، فلمّا مات دُقاق أطلقه الأمير طُغْتِكِين وأقدمه دمشق، وأقامه في السَّلْطَنَة في هذه السّنة. ثمّ خرج سرًّا بعد ثلاثة أشهر لأمر تخيله من طُغْتِكِين، فذهب إلى بَغْدَوِين ملك الفرنج طمعًا في أنّ يكون لَهُ ناصرًا، فلم يحصل منه على أمل، فتوجّه عَلَى الرَّحْبَة إلى الشّرق، فهلك هناك.
267- إسماعيل بْن عليّ بْن حَسَن [2] .
الشَّيْخ أبو عليّ الجاجَرْميّ [3] النَّيْسابوريّ الأصمّ الزّاهد.
كَانَ حَسَن الطّريقة صالحًا واعظًا.
وُلِد سنة ستٍّ وأربعمائة، وسمع: أبا عَبْد اللَّه بْن باكُوَيْه الشِّيرازيّ، وأبا بَكْر أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحارث، وأبا سَعِيد فضل اللَّه بْن أَبِي الخَير المِيهَنيّ [4] ، وعبد القاهر بْن طاهر التَّميميّ، وأبا عثمان الصّابونيّ، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (أرتاش) في: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 145، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 5/ 78، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 4/ 232 رقم 223، والوافي بالوفيات 8/ 225، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 368.
[2] انظر عن (إسماعيل بن علي) في: المنتظم 9/ 139 رقم 219 (17/ 87 رقم 3741) ، والمنتخب من السياق 145، 146 رقم 334، ومرآة الجنان 3/ 160.
[3] الجاجرمي: بفتح الجيمين، بينهما الألف، وبعدها الراء وفي آخرها الميم. هذه النسبة إلى جاجرم، وهي بلدة بين نيسابور وجرجان. (الأنساب 3/ 153) .
[4] هكذا ضبطها في الأصل بفتح الميم. وفي (الأنساب 11/ 580) بكسر الميم، وسكون الياء المنقوطة من تحتها بنقطتين، وفتح الهاء وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى ميهنة وهي إحدى قرى خابران ناحية بين سرخس وأبيورد.(34/249)
وخرج لَهُ صالح المؤذِّن فوائد.
روى عَنْهُ: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وجماعة من شيوخ السّمعانيّ، وقال: دفن عند ابن خُزَيْمة.
وذكره عَبْد الغافر فقال: [1] شيخ ظريف، خفيف الحركة، اشتغل مدّة بنَيْسابور، وكان واعظًا بكاءً، حصل لَهُ قبول زائد [2] .
تُوُفّي في المحرَّم.
268- إسماعيل بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن [3] .
أَبُو عليّ النَّيْسابوريّ القلانسي، عُرِف بالتُّرْكيّ.
شيخ صالح، سمع من: أَبِي سَعِيد الصَّيْرفيّ.
وعنه: عُمَر بْن أحمد الصّفّار، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ، وأبو الأسعد بْن القُشَيْريّ.
مات في المحرَّم، وهو في عشر المائة.
269- إسماعيل بْن أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن عثمان [4] .
أبو الفَرَج القُومسانيّ، ثمّ الهمذانيّ، الحافظ، شيخ همذان.
__________
[1] في المنتخب 145.
[2] العبارة في (المنتخب) : دخل نيسابور قديما وتفقّه وحضر درس زين الإسلام، وسمع منه شيئا من الأصول والتفسير وخدمه مدّة، ثم ترك ذلك واشتغل بالعزلة في بعض المساجد، وسلك طريق الزهد في السكة المعروفة به وسكنها وقام بعمارتها وتعهّد أوقافها. وكان يقعد فيها للتذكير نوبا في الأسبوع، ويحضر مجلسه الأكابر، متبرّكين بدعائه.
وكان رجلا بكاء يعظ الناس ويبكي ويدعو لهم فظهر له بذلك قبول، وبقي على ذلك إلى آخر عمره.
وكان خزانة الكتب في تلك المدرسة في بدء يتعهّدها ويطالع الكتب.
والغالب على أحواله الوعظ، وأصابه في آخر العمر وقر في أذنه.
[3] انظر عن (إسماعيل بن عبد الله) في: المنتخب من السياق 150 رقم 344، والمنتظم 9/ 140 رقم 220 (17/ 87 رقم 3742) ، ومعجم البلدان 4/ 414، وسير أعلام النبلاء 19/ 155 رقم 81، والبداية والنهاية 12/ 164.
[4] انظر عن (إسماعيل بن أبي الفضل) في: المنتظم 9/ 140 رقم 220 (17/ 87 رقم 3742) ، ومعجم البلدان 4/ 414، وسير أعلام النبلاء 19/ 155 رقم 81، والبداية والنهاية 12/ 164.(34/250)
قَالَ شِيرُوَيْه: هُوَ شيخ البلد والمشار إِلَيْهِ بالصَّلاح والدّيانة.
روى عَنْ: أَبِيهِ مُحَمَّد بْن عثمان بْن أحمد بْن مَزْدِين [1] ، وجدّه عثمان، وابن هُبَيْرة، وعُمَر بْن جاباره [2] الأَبْهَريّ، وأبي الحُسين بْن المهتدي باللَّه، والصَّرِيفِينيّ، وابن النَّقُّور، وابن عزْو [3] النَّهاوَنْديّ، وهارون بْن طاهر بْن ماهلة، وطائفة.
وكان حافظًا ثقة صدوقًا، حَسَن المعرفة بالرجال والمُتُون، أمينًا مأمونًا، وحيد عصره في حفظ شرائع الإسلام وشعاره. وكان ابن ثمان وخمسين سنة.
توفّي في المحرّم، وتولَّيتُ غسْلَه.
قلت: قَالَ السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ غير واحد، وهو القائل لابن طاهر المقدسي: ثلاثة لا أحبّهم لتعصّبهم: الحاكم، وأبو نُعَيْم، والخطيب.
وذكره السِّلَفيّ ممّن أجاز لَهُ، وأنّه مشهور بالمعرفة التّامّة بالحديث.
270- أردشير بْن أَبِي منصور [4] .
الأمير أبو الحسين المروزيّ العبّاديّ [5] الواعظ.
قدم نيسابور ووعظه فأبدع وأعجب المستمعين بحُسْن إيراده، ونُكَت أنفاسه، وملاحة قصصه. وظهر لَهُ القبول عند الخاصّ والعامّ بغرابة إشاراته، ووقْع كلماته المطابقة لجلالته. وكان لَهُ سكونٌ وهَيْبة وأَناة وتُؤَدَة، وطريقة غريبة في تمهيد كلام سَنيِّ غير مسبوق عَلَى نَسَقٍ واحدٍ، مشحون بالإشارات الدّقيقة والعبارات الرّشيقة الحلوة.
__________
[1] مزدين: بفتح الميم، وسكون الزاي.
[2] في الأصل: «جابان» .
[3] هكذا هنا. وفي سير أعلام النبلاء: «غزو» بالغين المعجمة.
[4] انظر عن (أردشير بن منصور) في: الأنساب 8/ 337، والمنتظم 9/ 140 رقم 221 (17/ 87، 88 رقم 3743) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 705، وفيه: «أردشير بن منصور» ، والبداية والنهاية 12/ 164 وفيه: «أزدشير بن منصور» .
[5] العبّادي: بفتح العين المهملة، وتشديد الباء الموحّدة، وفي آخرها الدال المهملة. هذه النسبة إلى بعض أجداد المنتسب. (الأنساب 8/ 336) .
وقد قيّدها محقّق (سير أعلام النبلاء 19/ 186) : «العبادي» بضم العين وتخفيف الباء.(34/251)
خرج إلى العراق، ولقي ببغداد قَبُولًا بالغًا [1] ، ثمّ عاد إلى نَيْسابور، وأقام بها مدّة، وسُلِّم إِلَيْهِ المدرسة بباب الجامع المَنِيعيّ، فسكنها، ولم يزل قبوله في ازدياد.
وسمع الحديث في كبره، ولم يحدث. ومات كهلًا في جُمَادَى الآخرة.
قَالَ ابن النّجّار: هُوَ والد الواعظ المشهور أَبِي منصور بْن المظفّر. قدِم أبو الحُسين الأمير بغداد سنة خمسٍ وثمانين وأربعمائة ليحجّ، فحجّ وعاد ووعظ، وازدحموا، وازداد التعصب له إلى أنّ مُنِع من الجلوس فردّ إلى بلده. وكان بديع الألفاظ، حُلْو الإيراد، غريب النُّكَت.
سمع من: أَبِي الفضل بْن خَيْرُون، وغيره. وحدَّثَ بمَرْو.
قَالَ ابن السّمعانيّ: سَمِعْتُ عليّ بْن عليّ الأمين يَقُولُ: اتّفق أنّ واحدًا بِهِ عِلّة جاء إلى العَبّاديّ، فقرأ عَلَيْهِ شيئًا، فعُوفي. فمضيت معه إلى زيارة قبر أحمد، فلمّا خرجنا إذا جماعة من العُميان والزمني عَلَى الباب، فقالوا للأمير:
نسألك أنّ تقرأ علينا. فقال: لست بعيسى بْن [2] مريم، وذلك قولٌ وافق القدر.
وقيل: إنّ بعض النّاس دخل عَلَى العَبّاديّ، فقال لَهُ: قُم اغتسِل. فقام، وكان جُنُبًا.
وجاء عَنْهُ زُهْد وتعبُّدٌ، وتكلّم عَلَى الخواطر، وتاب عَلَى يده خلْق كثير.
وكان أمّارًا بالمعروف، مُرِيقًا الخُمُور، مُكَسِّرًا للملاهي، وصَلُح أهل بغداد تِلْكَ الأيام به، والله يرحمه ويغفر له [3] .
__________
[1] في سنة 486 هـ. وقيل في سنة 485 هـ. (مرآة الزمان) .
[2] في الأصل: «ابن» .
[3] وقال سبط ابن الجوزي: «وكان يخاطب بالأمير قطب الدين، قدم بغداد وهو أول قدومه في سنة 486 وقيل في سنة 85 وجلس في النظامية، وحضر أبو حامد الغزالي مجلسه، وكان الغزالي يحاضره ويجالسه ويذاكره، وامتلأ صحن المدرسة وأروقته وغرفها وسطوحها بالناس، فخرج إلى قراح ظفر فجلس به، وكان يحضر مجلسه من الرجال والنساء ثلاثون ألفا، وكان صمته أكثر من نطقه، وكانت عليه آثار الزهد ظاهرة، وكان إذا تكلّم هام الناس على وجوههم، وترك الناس المعاش، وحلق أكثر الصبيان رءوسهم، ولزموا المساجد والجماعات، وبدّدوا الخمور، وكسروا الملاهي.(34/252)
- حرف الجيم-
271- جامع بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الحميد [1] .
أبو سهل النَّيْسابوريّ.
قَالَ السّمعانيّ: ثقة، صالح. سمع على: مُحَمَّد الطّرَازِيّ.
روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن مُحَمَّد السّنجيّ، وغيره.
__________
[ () ] حكى إسماعيل بن أبي سعيد الصوفي قال: كان العبادي ينزل في رباطنا، وكان في الرباط بركة كبيرة، وكان يتوضّأ منها، فكان الناس ينقلون منها الماء بالقوارير والكيزان تبرّكا، حتى كان يظهر فيها النقصان، وظهرت له كرامات. وكان يخدمه رجل يقال له أبو منصور الأمين، قال: فقام إليه رجل ليتوب، فقال: قف مكانك ليطهّرك ماء المطر، ولم يكن في السماء قزعة من سحاب، فارتفع سحاب في الوقت وأمطر الرجل.
قال أبو منصور: قال لي العبادي يوما: يا أبا منصور، أشتهي توتا شاميّا وثلجا، فإنّ حلقي قد تغيّر، فعبرت إلى الجانب الغربي ولي فيه بساتين، فطفت واجتهدت، فلم أجد شيئا، فرجعت إليه قبيل الظهر إلى داري، وكان نازلا ببيت منها منفرد، فقلت لأصحابه: من جاء اليوم؟ قالوا:
امرأة قالت: قد غزلت غزلا، وأحبّ أن تقبل منّي ثمنه، فأخبرناه، فقال: ليس لي عادة بذلك.
فجلست تبكي، فرحمها، وقال: قولوا لها اذهبي فاشتري لنا به شيئا، فقالت: ما الّذي أشتري؟ فقال: ما يقع في نفسها، فخرجت فاشترت توتا شاميّا وثلجا وجاءت به.
قال أبو منصور: دخلت عليه يوما، فقال لي: يا أبا منصور، قد أحببت أن تعمل لي اليوم دعوة. قال: فاشتريت الدجاج، وعقدت الحلوى، وغرمت أكثر من أربعين دينارا، فجلس يفرّقه وجعل يقول: احمل إلى الرباط الفلاني كذا وكذا ولم يتناول منه شيئا.
قال: ورأى في انقباضا لأجل ذلك، فغمس إصبعه الصغرى في الحلوى. وقال: يكفي هذا، ولم يأكل من خبز بغداد، وكان معه طعام قد حمله من بلده مرو فكان يأكل منه. قال: وكنت أرصده، فكان يصلّي العشاء الآخرة ويتقلّب على فراشه طول الليل، ثم يقوم فيصلّي الفجر بذلك الوضوء.
حكى عبد الوهاب بن أبي منصور الأمين، قال والدي: دخلت على العبادي وهو يشرب مرقة، فقلت في قلبي: ليته أعطاني فضلته وقال: اشربها على تلك النّيّة، فشربتها فحفظت القرآن.
ثم إنه خرج من بغداد، وسببه أنه تكلّم في الربا وبيع القراضة بالصحيح، فأنكر ذلك، فمنع من الجلوس وأمر بالخروج من البلد، فخرج إلى مرو، وأقام بها إلى هذه السنة. (مرآة الزمان) .
وقد وصفه الذهبي بأنّه «تالف» . (سير أعلام النبلاء 19/ 186) .
[1] لم أجد مصدر ترجمته.(34/253)
- حرف الحاء-
272- الحَسَن بْن الحُسين بْن مُحَمَّد [1] .
أبو مُحَمَّد الكِلَابيّ الدّمشقيّ.
رئيس دمشق المعروف بابن الصُّوفيّ.
سمع: مُحَمَّد بْن عَوْف المُزَنيّ.
وحدَّثَ باليسير، وأصلهم من حلب [2] .
273- الحُسين بْن عَبْد المَلِك بْن مُحَمَّد بْن يوسف [3] .
أبو مُحَمَّد اليُوسُفيّ البغداديّ ابن الشَّيْخ الأَجَلّ.
سمع: ابن غَيْلان، وإِسْحَاق البَرْمكيّ، وجماعة.
وحدث.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وابن الخَلِيّ، وخميس، وجماعة. وكان ذا أموال وحشمة.
274- الحُسين بْن إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد [4] .
أَبُو عَبْد اللَّه الأصبهاني النَّطَنزِيّ [5] الأديب [6] . صاحب التّصانيف الأدبية [7] .
وله النَّظْم والنَّثْر.
سمع: أبا بَكْر بْن ريذة، وغيره.
وحدَّثَ. أظنّ أنّ السّلفيّ روى عنه.
__________
[1] انظر عن (الحسن بن الحسين) في: تهذيب تاريخ دمشق 4/ 174.
[2] سكن أبوه دمشق، وكان يقصّر ثيابه فلقّب بالصوفي. توفي سنة سبع أو ست وتسعين وأربعمائة.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (الحسين بن إبراهيم) في: الأنساب 12/ 110، 111، ومعجم البلدان 5/ 292، واللباب 3/ 315، 316، وبغية الوعاة 1/ 528 رقم 1097، وكشف الظنون 754، وفهرس المخطوطات المصوّرة 1/ 354، وتاريخ الأدب العربيّ 1/ 505، ومعجم المؤلفين 4/ 305، 306.
[5] النّطنزي: بفتح النون والطاء المهملة وسكون النون الأخرى وفي آخرها الزاي. هذه النسبة إلى نطنز، وهي بليدة بنواحي أصبهان. (الأنساب) .
[6] الملقّب بذي اللسانين.
[7] منها كتاب: «الخلاص» . (الأنساب) .(34/254)
قَالَ يحيى بْن مَنْدَهْ: [1] مات في المحرَّم [2] .
275- الحُسين بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد [3] .
أبو عَبْد اللَّه [4] بْن البُسْيريّ البُنْدار.
محدِّث بغداد وابن محدّثها، كَانَ رجلًا صالحًا.
تفرّد بالرّواية عَنْ عَبْد اللَّه السُّكّريّ [5] .
وسمع أيضًا من: أَبِي الحَسَن بْن مَخْلَد وغيره.
روى عنه: أبو عليّ بن سكّرة، وسعد الخير الْأَنْصَارِيّ، والسِّلَفيّ، وشُهْدَة، وأبو الفتح بْن شاتيل، وأبو هاشم الدّوشانيّ، وآخرون كثيرون، آخرهم ابن شاتيل.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.
ووُلِد سنة تسع أو عشر [6] .
قَالَ السِّلَفيّ: لم يرو لنا عن السّكّريّ سواه.
__________
[1] وهو قال: كان أديبا فاضلا بارعا، يلقّب بذي اللسانين. وكان من أهل السّنّة والجماعة، محبّا لهم، أنفق عمره على التعلّم والتعليم. (الأنساب 12/ 111) .
[2] قيل توفي سنة 497 وقيل 499 هـ. ولذا سيعاد برقم (333) .
ومن شعره:
العزّ مخصوص به العلماء ... ما للأنام سواهم ما شاءوا
إنّ الأكابر يحكمون على الورى ... وعلى الأكابر يحكم العلماء
وله:
أسوأ الأمّة حالا رجل ... عالم يقضي عليه جاهل
(بغية الوعاة) .
[3] انظر عن (الحسين بن علي) في: الأنساب 2/ 211، 212، والمنتظم 9/ 140 رقم 222 (17/ 88 رقم 3744) ، والكامل في التاريخ 10/ 379، واللباب 1/ 152، والمعين في طبقات المحدّثين 145 رقم 1583، والإعلام بوفيات الأعلام 204، وسير أعلام النبلاء 19/ 185، 186، رقم 106، والعبر 3/ 346، 347، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 125، وشذرات الذهب 3/ 405.
[4] وقع في الطبعة الجديدة من (المنتظم 17/ 88) أن كنيته «أبو عبيد الله» ، وهو خطأ.
[5] وقد سمع منه في سنة 414 هـ. (المنتظم) .
[6] الأنساب 2/ 212.(34/255)
قال: وروى عَنْ: ابن مَخْلَد، والبَرْقانيّ، وأبي عليّ بْن شاذان [1] .
- حرف الدال-
276- دُقَاق [2] .
شمس الملوك أبو نَصْر بْن تُتُش بْن ألْب أرسلان [3] .
ولي دمشق بعد قتل أبيه تاج الدولة، وذلك في سنة سبْعٍ وثمانين. وكان دُقاق بحلب، فراسَلَه خادمُ أَبِيهِ ونائبه بقلعة دمشق سرًا من أخيه رضوان ملك حلب، فخرج دقاق وقدم دمشق فتملكها. ثم عمل هو والأتابك طغتكين زوج أمه على خادم أبيه المذكور، واسمه ساوتكين، فقتلاه. ثمّ إنّ رضوان قدِم دمشق وحاصرها، فلم يقدر عَلَيْهِ، فرجع.
ثمّ إنّ دُقَاق عرض لَهُ مرضٌ تطاول بِهِ إلى أنّ تُوُفّي في ثامن عشر رمضان، فغلب طُغْتِكِين عَلَى دمشق، وأقام في اسم المُلْك ابن طُغْتِكِين طفلٌ لَهُ سنة. ثمّ مات الطفل بعد قليل واستقل الأتابك ظهير الدين طُغْتِكِين بمملكة دمشق وأعمالها [4] .
وقيل إنّ أمّ دُقَاق رتّبت لَهُ جاريةً فسمَّت لَهُ عنقود عنب نقبته [بإبرة] [5] فيها
__________
[1] وقال ابن السمعاني: صار من محدّثي بغداد لكبر سنّه وعلوّ سنده في عصره.
[2] انظر عن (دقاق) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 362 (وتحقيق سويم) 28، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 5/ 78 (في ترجمة «أرتاش بن تتش» ) ، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 144، وتاريخ الفارقيّ 271 (حوادث سنة 498 هـ.) ، والكامل في التاريخ 10/ 375- 377، وزبدة الحلب 2/ 150، وبغية الطلب (التراجم الخاصة بتاريخ السلاجقة) 112، 121، 138- 140، 149، 341، 342، 345- 347، 350، ووفيات الأعيان 1/ 296 و 5/ 184، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 11، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 4/ 232 في ترجمة أخيه «أرتاش» ، ونهاية الأرب 27/ 74، والمختصر في أخبار البشر 2/ 217، والعبر 3/ 347، ودول الإسلام 2/ 15، والإعلام بوفيات الأعلام 205، وسير أعلام النبلاء 19/ 186 (دون ترقيم) ، و 210- 212 رقم 129، والدرّة المضيّة 463، وتاريخ ابن الوردي 2/ 15، والإعلام والتبيين 15، ومرآة الجنان 3/ 160، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 122، والبداية والنهاية 12/ 163، 164، ومآثر الإنافة 2/ 19، والنجوم الزاهرة 5/ 189، وشذرات الذهب 3/ 405، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 46، 340، وأخبار الدول 2/ 468، 479 وانظر ما قدّمناه حول اسم «دقاق» وتعليق «ابن تغري بردي» عليه في الحوادث لسنة 497 هـ.
[3] في الأصل: «رسلان» .
[4] راجع أخباره في حوادث هذه الطبقة.
[5] إضافة على الأصل.(34/256)
خيط مسموم [1] ، ثمّ أطعمته، فندمت بعد ذَلِكَ، وتهرَّى ومات ودُفِن بخانكاه الطّواويس [2] .
- حرف الزاي-
277- زيد بْن عَلِيِّ بْن عَبْد اللَّه [3] .
أَبُو الْقَاسِم الفَسَويّ [4] الفارسي النَّحْويّ.
ذكر أنّ أبا عليّ الفارسيّ النَّحْويّ خاله، فلعلّه خال أَبِيهِ أو أمّه، وإلّا فما يُمكن أنّ يكون أبو عليّ أخا أمّه لقِدَم زمانه.
قدِم الشّام، وأخذ النّاس عَنْهُ بحلب، وسكن دمشق مدة، وأملى بها «شرح الإيضاح» لأبي عليّ، «وشرح الحماسة» ، وحدَّثَ عَنْ أَبِي الحَسَن بْن أَبِي الحديد.
سمع منه: عُمَر الدهستاني، وأبو المفضل يحيى الْقُرَشِيّ.
وكانت وفاته بأطْرَابُلُس.
وقرأ عَلَيْهِ بحلب أبو البركات عُمَر بْن إِبْرَاهِيم العلويّ الكوفيّ [5] كتاب «الإيضاح» . رواه عنه [6] .
__________
[1] في الأصل: «مسموط» .
[2] وفي وفيات الأعيان 1/ 296: «دفن في مسجد بحكر الفهّادين بظاهر دمشق الّذي على نهر بردي» .
[3] انظر عن (زيد بن علي) في: بغية الطلب لابن العديم (مصوّرة معهد المخطوطات) 7/ 124- 126، وإنباه الرواة 2/ 17 و 325، ومعجم الأدباء 11/ 176، 177، ونزهة الألبّاء 295، وبغية الوعاة 1/ 573، ومفتاح السعادة 1/ 140، وكشف الظنون 212، 691، وروضات الجنات 3/ 394، والغدير 2/ 338، وطبقات أعلام الشيعة (النابس في القرن الخامس) 83، ومعجم المؤلفين 4/ 190، وتهذيب تاريخ دمشق 6/ 25.
وقد تقدّمت ترجمته في وفيات سنة 467 هـ. برقم (209) .
[4] الفسوي: بفتح الفاء والسين. هذه النسبة إلى فسا، وهي بلدة من بلاد فارس يقال لها: بسا.
(الأنساب 9/ 305) .
[5] في سنة 455 هـ.
[6] ونقل الحافظ السلفي من كتاب غيث بن علي الصوري قال: أنشدنا أبو الحسن علي بن طاهر الأديب، أنشدني زيد بن علي:
الزم جفاك لي ولو فيه الضنا ... وارفع حديث البين عمّا بيننا(34/257)
- حرف الطاء-
278- طاهر بْن أسد بْن طاهر بْن عليّ بْن هاشم بْن نزار [1] .
أبو ياسر الطّبّاخ الأَجَمِيّ [2] الشِّيرازيّ. ثمّ البغداديّ.
وُلِد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة.
وسمع: أبا القاسم بْن بِشْران، وعبد الباقي بْن مُحَمَّد الطّحّان.
روى عَنْهُ: أبو القاسم السِّلَفيّ، وآخرون.
وقع لنا حديثه عاليا. وقد قَالَ السّمعانيّ: كَانَ يُعرف النّجوم، وكان متميزًا. سكن دار الخلافة، وكان صاحب الفنجان للصّلوات والسّاعات.
تُوُفّي في منتصف رجب.
- حرف العين-
279- عبد الله بن إسماعيل [3] .
__________
[ () ]
فسموم هجرك في هواجره الأذى ... ونسيم وصلك في أصايله المنى
ما لي إذا ما رمت عتبا رمت لي ... ذنبا جديدا من هناك ومن هنا
مثن عليك وما استفاد رغيبة ... عجبا ومعتذر إليك وما جنى
ليس التلوّن من أمارات الرّضا ... لكن إذا ملّ الحبيب تلوّنا
ما جرّ هذا الخطب غير تغرّبي ... لعن التغرّب ما أذلّ وأهونا
وقال علي بن طاهر: سمعت من شيخنا في العربية أبي القاسم الفارسيّ النحويّ غير مرّة الإنكار لصحّة أحكام المنجّمين واستخفاف عقل المصدّق بها. وكان زيد اطّلع على كلّ علم ومقالة.
وقال ابن الأكفاني: توفي زيد بن علي- على ما بلغني- في شهر ذي الحجّة سنة سبع وستين وأربعمائة بطرابلس، وكان فهما عالما بعلم اللغة والنحو. وقع إليّ كتاب بخطّ بعض العلماء الدمشقيين- وأظنّه ابن عبدان- ذكر فيه وفيات جماعة من العلماء على السنين، فذكر في سنة سبع وستين وأربعمائة وفاة زيد بطرابلس.
وذكر غيث بن علي الصوري في كتابه، قال: حدّثني أبو محمد السميسمي أن أبا القاسم زيد الفارسيّ توفي بطرابلس في شهر ذي القعدة سنة سبع وستين وأربعمائة.
وقيّد ابن عساكر وفاته في سنة 497، وقال القفطي: في هذا القول نظر، فإنه يكون قد مات قبل ذلك.
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد هذه النسبة.
[3] انظر عن (عبد الله بن إسماعيل) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 289، 290 رقم 237، وإيضاح(34/258)
أبو مُحَمَّد الإشبيليّ.
قَالَ ابن بَشْكُوَال: كَانَ من أهل العلم التّام والحفظ للحديث والفقه. كَانَ يميل في فقهه إلى النظر واتباع الحديث. وكان متقشفًا. سكن المغرب مدة، وولي قضاء أغْمات. ثمّ نقل إلى قضاء الحضرة، فتقلّدها إلى أنّ تُوُفّي. وكان مشكور السيرة، حَسَن المخاطبة، كثيرًا ما يَقُولُ لمن يحكم عَلَيْهِ: خذوا بيدي سيّدي إلى السجن.
وله تصنيفان في شرح «المدوّنة» ، «ومختصر ابن أَبِي زيد» مُلِئت عِلْمًا.
280- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن عَبْد الرَّحْمَن [1] .
أبو مُسْلِم السِّمْنانيّ [2] ، ثمّ البغداديّ ابن ابن القاضي أَبِي جعفر السِّمْنانيّ.
سمع: أبا علي بن شاذان.
روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وأبو طاهر السلفي، وجعفر بْن عَبْد اللَّه الدّامغانيّ، وآخرون.
وثّقه الأنماطيّ.
وولده سنة ستّ عشرة وأربعمائة، وتُوُفّي في تاسع عشر المحرَّم.
وقال السِّلَفيّ: كان حنفيّا أشعريّا.
__________
[ () ] المكنون 2/ 455، 456، وذكره كحّالة في (معجم المؤلّفين 6/ 35) باسم: «عَبْد الله بْن إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن خزرج اللخمي الإشبيلي» ، وذكر ولادته سنة 407 ووفاته سنة 478 هـ.
وقال: من آثاره: شرحان على المدوّنة في فروع الفقه المالكي، ومختصر رسالة ابن أبي زيدون القيرواني. وذكر مصدرين لترجمته: سير أعلام النبلاء، والصلة.
ويقول خادم العلم محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : لقد خلط الأستاذ كحّالة بين ترجمتين فاعتبرهما واحدة. فعبد الله بن إسماعيل بن محمد بن خَزْرَج اللخمي المولود سنة 407 والمتوفى 478 هـ. والمذكور في (سير أعلام النبلاء) هو غير صاحب الترجمة هنا المتوفى سنة 497 هـ. (انظر: السير 18/ 488، 489 رقم 251) فذاك صاحب «التاريخ» ، وهذا صاحب شرح المدوّنة، ومختصر ابن أبي زيد.
كما وقع الغلط في (هدية العارفين 1/ 453) فذكر ابن خزرج وقال إنه توفي سنة 497 هـ.
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن عمر) في: المنتظم 9/ 140 رقم 223 (17 رقم 3745) ، والمعين في طبقات المحدّثين 145 رقم 1584، وشذرات الذهب 3/ 406.
[2] السّمناني: بكسر السين المهملة، وفتح الميم والنون، بلدة من بلاد قومس بين الدامغان وخوار الري، يقال لها: سمنان. (الأنساب 7/ 148) .(34/259)
قلت: أخذ الكلام عَنْ جَدّه أَبِي جعفر.
281- عَبْد الرَّحْمَن بْن قاسم [1] .
أبو المطرِّف الشَّعْبِيّ المالقيّ.
قَالَ ابن بَشْكُوَال [2] : روى عَنْ: أَبِي العبّاس أحمد بْن أَبِي الربيع الإلبيريّ، وقاسم بْن مُحَمَّد المأمونيّ، وإسماعيل بْن حمزة، والقاضي يونس بْن عَبْد اللَّه إجازة، وغيرهم.
وكان ذاكرًا للمسائل، فقيهًا، مشاورًا.
سمع النّاس منه، وعُمّر وأسنّ، وشُهِر بالعِلْم والفضل.
وُلِد سنة اثنتين وأربعمائة. وتُوُفّي في عاشر رجب.
وقال فيه القاضي عِيَاض: فقيه بلدهم وكبيرهم في الفتاوى والرواية. سمع بالمرية من قاسم المأموني، وتفقّه عند [3] أَبِي الحَسَن بْن عيسى المالقيّ. وأجاز لَهُ يونس القاضي والشّنتجاليّ [4] . روى عَنْهُ شيخنا أبو عُبَيْد اللَّه بْن سليمان، وولي قضاء بلده في أيّام الصنهاجي. ثمّ عزله، وجعل سجنه داره لأشياء بَلَغَتْه عَنْهُ.
فلمّا دخل المرابطون دعاه أمير المسلمين للقضاء، فامتنع، وأشار عَلَيْهِ بأبي مروان بْن حَسْنُون، فقلده جملة القضاء، فكان أبو مروان لا يقطع أمرًا دونه.
وبينه وبين ابن الطّلّاع في الوفاة جُمعة [5] .
282- العلاء بْن حَسَن بْن وهْب بْن الموصلايا [6] .
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن القاسم) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 344 رقم 738، وسير أعلام النبلاء 19/ 227 رقم 140 وفيه: «عبد الرحيم بن قاسم الشعبي المالقي» ، ولهذا لم يعرفه محقّقه الشيخ شعيب الأرنئوط وقال في الحاشية: «لم نقف له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا» .
[2] في الصلة 2/ 344.
[3] في الأصل: «عنده» .
[4] في الأصل: «الشتجالي» .
[5] الصلة 2/ 344.
[6] انظر عن (العلاء بن حسن) في: المنتظم 9/ 141 رقم 225 (17/ 89 رقم 3747) ، وخريدة القصر جريدة العصر (قسم شعراء العراق) 1/ 123، 132، ومعجم الأدباء 12/ 196- 205(34/260)
أبو سَعْد البغدادي، الكاتب المنشئ بدار الخلافة.
أسلم، وكان نصرانيا، عَلَى يد المقتدي باللَّه. وحَسُن إسلامُه. وله الرّسائل المشهورة الرّائقة، والأشعار الفائقة. عُمِّر دهرًا، وكُفّ بَصَرُه.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
ذكره ابن خلكان [1] وقال: لَقَبُهُ أمين الدّولة.
وقال صاحب «المرآة» : [2] خدم في كتابه الإنشاء خمسًا وستين سنة، وأسلم سنة أربعٍ وثمانين. ثمّ ناب في الوزارة مرّات. وكان كريم الأخلاق، حَسَن الفعال، أفصح أهل زمانه، كَانَ ظاهر اللّسان. كَانَ يُمْلي عَلَى ابن أخته العلّامة أَبِي نَصْر الإنشاء إلى أنّ مات فجأة.
وكان الوزير عميد الدّولة ابن جَهِير يُثْني عَلَيْهِ وعلى تفهُّمه، ويقول: هما يمينًا الدّولة وأميناها [3] .
أَنْبَأَ أحمد بْن سلامة الخيّاط: أَنْبَأَنَا العماد والكاتب في «الخريدة» : [4] أنشدني عبد الرحيم ابن الأُخُوَّة البغداديّ، أنشدني أبو سَعْد بن الموصلايا لنفسه:
يا خليليَّ، خلِّياني ووجْدي ... فملام العَذول ما لَيْسَ يُجْدِي
ودعاني فقد دعاني إلى الحكم ... غَريم الغريم [5] للدَّين عندي
فعساهُ يرِقُّ إذ بملك [6] الرّقّ ... بنقدٍ [7] من وصْله أو بوعدي
__________
[ () ] (رقم 49، والكامل في التاريخ 10/ 377، 378، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 11، 12، ووفيات الأعيان 3/ 480، وسير أعلام النبلاء 19/ 198، 199 رقم 120، وتاريخ ابن الوردي 2/ 26، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 122- 125، ونكت الهميان 201، والبداية والنهاية 12/ 164، والنجوم الزاهرة 5/ 189.
[1] في وفيات الأعيان 3/ 480.
[2] أي مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي ج 8 ق 1/ 11.
[3] الخريدة 1/ 124.
[4] ج 1/ 126.
[5] في الخريدة: «غريم الغرام» .
[6] في الخريدة: «ملك» .
[7] في الأصل: «ينفذ» .(34/261)
ثمّ من ذا يُجيز عَنْهُ [1] إذا جار ... ؟ ومَن ذا عَلَى تعدّيه يُعدي [2]
قَالَ ابن الأثير: [3] كَانَ أمين الدولة أبو سَعْد بْن الموصلايا كثير الصّدقة، جميل المحضر، صالح النية. وقف أملاكه عَلَى أبواب البِرّ. ولمّا مات خُلْع عَلَى ابن أخته أَبِي نَصْر، ولقب نظام الحضرتين. وقُلَّدَ ديوان الإنشاء.
قَالَ ياقوت في «تاريخ الأدباء» [4] : خرج توقيع الخليفة بإلزام الذّمّة بلُبْس الغيار [5] ، فأسلم بعضهم وهرب طائفة. وفي ثاني يوم أسلم الرئيسان أبو سعد ابن الموصلايا صاحب ديوان الإنشاء، وابن أخته أبو نصر ابن صاحب الخبر عَلَى يد الخليفة، بحيث يَرَيَانِه ويسمعان كلامه.
ناب أبو سَعْد في الوزارة عدّة نُوَب، ورسائله وأشعاره مدوَّنة متداولة.
أخذ عَنْهُ: أبو منصور بْن الجواليقيّ، وأبو حرب الخيّاط، وعليّ بْن الحُسين بْن دينار، وآخرون.
ومن شعره:
أحَنّ إلى رَوض التّصابي وأرتاحُ ... وأَمْتَحُ [6] من حوض التّصافي وأمتاحُ
وأشتاق [7] ريمًا [8] كلّما رُمْتُ صَيْدَهُ ... تَصُدُّ يَدِي عَنْهُ سُيُوفٌ وأرماحُ
غزالٌ إذا ما لاح أو فاح نشره ... تعذّب [9] أرواح وتعذب أرواح [10]
__________
[1] في الخريدة: «يجبر منه» .
[2] وعلّق العماد الأصفهاني على هذه الأبيات بقوله: «أنا أستحلي هذا النوع من التجنيس وأستعذبه، ويحسبه زلال الماء قلبي في الرّقّة والصفاء فيشربه ويتشربه» . (الخريدة 1/ 126) .
[3] في الكامل في التاريخ 10/ 377.
[4] أي: معجم الأدباء 12/ 197.
[5] هو لبس خاصّ كوضع الزنّار، وغيره.
[6] امتح الماء: أنزعه. ومتح: أخرج الماء من البئر بالدلو.
[7] في الأصل: «وأشائل» .
[8] في معجم الأدباء: «رئما» .
[9] في الأصل: «يعذّب» .
[10] تعذب أرواح: تتعطّر.(34/262)
وتفتضح [1] الأعذار فيهم إذا بَدَوا ... ويفتضح [2] اللّاحون منهم [3] إذا لاحوا [4]
ومات بعده بسنة وأشهر ابن أخته.
283- أبو نَصْر هبة اللَّه [5] .
صاحب ديوان الإنشاء.
284- عليّ بْن الحَسَن [6] .
أبو القاسم العَلَويّ الخراساني.
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ عالمًا، ورعًا، رئيسًا. سمع عَبْد الرَّحْمَن بْن حَمْدان النَّصْرُويّيّ [7] ، وتُوُفّي بأَبِيوَرْد [8] .
285- عليّ بْن الحُسين بْن أَبِي نزار [9] .
الشَّيْخ أبو المعالي المردستيّ.
أحد الرؤساء ببغداد.
سمع في الكهولة من: أَبِي مُحَمَّد الجوهريّ.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ.
عاش تسعين سنة.
286- عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن هارون بْن عيسى بن هارون بن الجرّاح [10]
__________
[1] في معجم الأدباء، والخريدة: «فتتّضح» .
[2] في الخريدة: «وتفتضح» ، والمثبت يتفق مع: معجم الأدباء، ونكت الهميان.
[3] في المصادر: «فيهم» .
[4] معجم الأدباء 12/ 198، 199، الخريدة 1/ 127، نكت الهميان 202.
[5] انظر عن (هبة الله) في: الخريدة 1/ 132- 134، والكامل في التاريخ 10/ 397.
[6] لم أجد مصدر ترجمته.
[7] في الأصل: «النصروي» . والمثبت عن (الأنساب 12/ 91) : بفتح النون وسكون الصاد المهملة والراء المضمومة وفي آخرها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى نصرويه، وهو في أجداد المنتسب.
[8] أبيورد: بلدة من بلاد خراسان.
[9] لم أجد مصدر ترجمته.
[10] انظر عن (علي بن عبد الرحمن) في: المنتظم 9/ 140، 141 رقم 224 وفيه «هرمز» بدل(34/263)
الرئيس أبو الخطّاب الشّافعيّ، الكاتب، البغداديّ، المقرئ، النَّحْويّ.
كَانَ حَسَن الإقراء والأخذ. ختم عَلَيْهِ خلْق. وصنَّف منظومة في القراءات [1] .
سمع: أبا القاسم بْن بِشْران، ومُحَمَّد بْن عُمَر بْن بُكَيْر النّجّار، وغيرهما.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأنماطي، وعمر المَغَازليّ، والسلفي، وخطيب المَوْصِل، وجماعة.
وذكره السِّلَفيّ فقال: إمام في اللغة، وشعره في أعلى درجة، وخطه من أحسن الخطوط، والقول يتسع في فضائله، وكان يصلّي بأمير المؤمنين المستظهر باللَّه التّراويح.
وقال غيره: وُلِد سنة تسع أو عشرة وأربعمائة، وتُوُفّي في العشرين من شهر ذي الحجّة سنة سبْعٍ.
287- عيسى بْن الحافظ أَبِي ذَرّ عَبْد بْن أحمد [2] .
أبو مكتوم الْأَنْصَارِيّ الهَرَوِيّ، ثمّ السَّرَوِيّ [3] .
تزوج أبو ذَرّ في العرب في سروات بُنيّ شَبَابةُ، وسكن هناك مدّة، ووُلِد لَهُ أبو مكتوم في حدود سنة خمس عشرة وأربعمائة.
سمع من أَبِي عَبْد اللَّه الصَّنعانيّ صاحب «التقوي» جملة من «مُسْنِد عَبْد الرّزّاق» .
وسمع من أَبِيهِ «صحيح الْبُخَارِيّ» ، وكتاب «الدّعوات» لأبيه، وغير ذلك.
__________
[ () ] ( «هارون» (17/ 88 رقم 3746) ، وإنباه الرواة 2/ 289، 290، وسير أعلام النبلاء 19/ 172، 173 رقم 95، والمعين في طبقات المحدّثين 146 رقم 1586، والإعلام بوفيات الأعلام 204، والعبر 3/ 348، ومعرفة القراء الكبار 1/ 456، 457 رقم 398، وتلخيص ابن مكتوم (مخطوط) ، ورقة 142، وعيون التواريخ (مخطوط) ج 13/ 126، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 418، وغاية النهاية 1/ 548، 549، وشذرات الذهب 3/ 406، ومعجم المؤلفين 7/ 121.
[1] في المنتظم: صنّف قصيدتين في القراءات، وسمّى إحداهما بالمكملة، والأخرى بالمبعدة.
[2] انظر عن (عيسى بن أبي ذرّ) في: المعين في طبقات المحدّثين 145 رقم 1555، والإعلام بوفيات الأعلام 205، وسير أعلام النبلاء 19/ 171، 172 رقم 94، والعبر 3/ 34، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 126، ومرآة الجنان 3/ 160، وشذرات الذهب 3/ 406.
[3] السّروي: بفتح السين المهملة والراء، وقد قيل بسكون الراء أيضا. (الأنساب 7/ 75) .(34/264)
روى عَنْهُ «الصحيح» جماعة، منهم: أبو التوفيق مسعود بْن سعيد الأندلسي، وأبو عُبَيْد نعمة بْن زيادة اللَّه الغِفَارِيّ، وعليّ بْن حُمَيْد بْن عمار المكي.
وروى عَنْهُ بالإجازة أبو طاهر السِّلَفيّ.
أَخْبَرَنَا عَبْد المؤمن الحافظ قَالَ: قرأتُ على ابن رواج: أخبركم السِّلَفيّ قَالَ: قد اجتمعنا أَنَا وأبو مكتوم بن أبي ذَرّ في عرفات سنة سبْعٍ وتسعين لمّا حَجَجْت مَعَ والدي، فقال لي الْإِمَام أبو بَكْر مُحَمَّد بْن السّمعانيّ: اذهب بنا إِلَيْهِ نقرأ عليه شيئا.
فقلت: هذا الموضع موضع عبادة، فإذا دخلنا إلى مكّة نسمع عَلَيْهِ، ونجعله من شيوخ الحرم. فاستصوب ذَلِكَ.
وقد كَانَ ميمون بْن ياسين الصنهاجيّ من أمراء المرابطين رغب في السماع منه بمكّة، واستقدمه من سراة بُنيّ شَبَابةُ، واشترى منه «صحيح الْبُخَارِيّ» أصل أَبِيهِ الّذي سمعه منه بجملةٍ كبيرة، وسمعه عَلَيْهِ في عدّة أشهر، قبل وصول الحجيج. فلمّا حجّ ورجع من عرفات إلى مكّة رحل إلى السّراة مَعَ النَّفَر الأوَّل من أهل النَّفَر.
قلت: وانقطع خبره من هذا الوقت. ورواية «الصّحيح» في وقتنا من طريقه حسنة عالية. رواه جماعة عَنْ أمّ حرميّ، عَن ابن عمّار، عَنْهُ.
- حرف الميم-
288- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن النَّقُّور [1] .
أبو منصور بن أبي الحُسين البزّاز.
سمع: أَبَاهُ، وأبا إِسْحَاق البَرْمكيّ، وأبا القاسم التّنُوخيّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وابنه أبو بَكْر عَبْد اللَّه.
وقال السِّلَفيّ: لم يكن بذاك، ولكنه سمع الكثير، وكان ابنه أبو بَكْر يسمع معنا.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.(34/265)
289- محمد بن عبد الله بن محمد [1] .
أبو المفضل البغداديّ، النّاقد السِّمْسار.
سمع: ابن غَيْلان، وأبا منصور محمد بن محمد ابن السّوّاق.
وعنه: أبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ، والسلفي.
وكان شيعيًّا.
مات في المحرَّم.
290- مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد العزيز [2] .
أبو مطيع المديني، صاحب «الأمالي» المشهورة.
نسبه عَبْد الرحيم بن أبي الوفا الأصبهاني فقال: مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أحمد بْن زكريّا.
قلت: وبعد زكريّا أحمد بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن اللَّيْث بْن الضب بْن عَوْف الضَّبّيّ المجلد الناسخ المصاحف المعروف بالمصريّ.
مُسْنِد أهل إصبهان. عاش بضعًا وتسعين سنة، وتفرّد بالرّواية عَنْ جماعة.
سمع من: الحافظ أحمد بْن موسى بْن مَرْدَوَيْه ثلاث مجالس، وأبي سَعِيد مُحَمَّد بْن عليّ النّقّاش، وأبي منصور مَعْمَر بْن أحمد بْن زياد الصُّوفيّ، وعبد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَقِيل الباوَرْديّ، والحسين بْن إِبْرَاهِيم الإكماليّ، والفضل بْن عُبَيْد اللَّه، وأبي بَكْر بْن أَبِي عليّ، وأبي زُرْعة رَوْح بْن مجد الرّازيّ، والحافظ أَبِي نُعَيْم، وجماعة.
روى عَنْهُ: إسماعيل بن محمد الحافظ، وأبو طاهر السلفي، ومُحَمَّد بْن مَعْمَر اللنبانيّ، وأبو حنيفة مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الخطيبيّ، وأحمد بْن ينال التُّرْكيّ، وعبد اللَّه بْن أحمد أبو الفتح الخِرَقيّ، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ الأصبهانيّ
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (محمد بن عبد الواحد) في: المعين في طبقات المحدّثين 146 رقم 1587، والإعلام بوفيات الأعلام 205، وسير أعلام النبلاء 19/ 176، 177 رقم 98، ودول الإسلام 2/ 27، والعبر 3/ 348، 349، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 126، والوافي بالوفيات 4/ 67، وشذرات الذهب 3/ 407.(34/266)
المقرئ، وعُمَر بْن أَبِي سَعْد، وخلق من الأصبهانيين.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَرَّاءِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ قُدَامَةَ، أَنَا أَبُو حَنِيفَةَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي، أَنَا أَبُو مُطِيعٍ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى الْحَافِظُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ حُمَيْدٍ الْحُصْرِيُّ: نبا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، أَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عَامِرٍ، هُوَ الشَّعْبِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيهَا الْخَيْرُ» ، قِيلَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: «الأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ حُصَيْنٍ [1] .
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ شيخًا صالحًا مُعَمّرًا، أديبًا، فاضلًا.
291- مُحَمَّد بْن فرج [2] .
أبو عَبْد اللَّه مولى مُحَمَّد بْن يحيى، المعروف بابن الطَّلّاع القُرْطُبيّ، الفقيه المالكيّ، مفتي الأندلس ومُسْنِدها في الحديث.
وُلِد في سلخ ذي القعدة سنة أربع وأربعمائة [3] .
ذكره ابن بَشْكُوَال [4] فقال: بقيّة الشّيوخ الأكابر في وقته، وزعيم المفتين بحضرته.
روى عَنْ: يونس بْن عَبْد اللَّه القاضي، ومكّيّ بْن أبي طالب، وأبي
__________
[1] أخرجه البخاري في الجهاد (2850) باب الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وفي فرض الخمس (3119) ، ومسلم في الإمارة (99) ، وأخرج البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، والدارميّ، وأحمد. هذا الحديث من طرق عدّة.
[2] انظر عن (محمد بن فرج) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 564، 565 رقم 1239، وبغية الملتمس للضبّي 123، والمغرب في حلى المغرب 165، والمعين في طبقات المحدّثين 146 رقم 1588، والإعلام بوفيات الأعلام 205، وسير أعلام النبلاء 19/ 199- 202 رقم 121، والعبر 3/ 349، ودول الإسلام 2/ 27، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 126، ومرآة الجنان 3/ 160، والوافي بالوفيات 4/ 318، 319، والوفيات لابن قنفذ 264 رقم 498، والديباج المذهب 2/ 242، 243، وكشف الظنون 137، وشذرات الذهب 3/ 407، وإيضاح المكنون 2/ 270، وهدية العارفين 2/ 78، وشجرة النور الزكية 1/ 123، ومعجم المؤلفين 11/ 123، 124.
[3] الصلة 2/ 564.
[4] في الصلة 2/ 564.(34/267)
عَبْد اللَّه بْن عابد، وحاتم بْن مُحَمَّد، وأبي عليّ الحدّاد الأندلسيّ، وابن عَمْرو المرشانيّ، ومعاوية بْن مُحَمَّد العُقَيْليّ، وأبي عُمَر بْن القطّان.
قَالَ: وكان فقيهًا عالمًا، حافظًا للفقه، حاذقًا بالفتوى، مقدَّمًا في الشُّورَى، مقدَّمًا في عِلَل الشُّرُوط، مشاركًا في أشياء، مَعَ دِينٍ وخير وفضل، وطول صلاة، قوالًا بالحقّ وإن أُوذِيَ فيه، لا تأخذه في اللَّه لومةُ لائم، معظَّمًا عند الخاصّة، والعامّة يعرفون لَهُ حقه. ولي الصّلاة بُقْرطُبة، وكان مجودًا لكتاب اللَّه. أفتى النّاس بالجامع، وأسمع الحديث، وعمّر حتّى سمع منه الكبار والصغار، وصارت الرّحْلة إليه. ألف كتابا حسنا في أحكام النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأته عَلَى أَبِي رحمه اللَّه عَنْهُ. وتُوُفّي لثلاث عشرة ليلة خَلَت من رجب، وشهده جَمْعٌ عظيم.
وقال القاضي عِيَاض: كَانَ صالحًا قوالًا بالحق، شديدًا عَلَى أهل البِدَع، غير هَيُوبٍ للأمراء، شوور عند موت ابن القطّان، إلى أنّ دخل المرابطون فأسقطوه من الفُتْيا لتعصُّبه عليهم، فلم يُسْتَفْت إلى أنّ مات.
سمع منه عالمٌ كثير، ورحل النّاس إِلَيْهِ من كلّ قُطْر لسماع «المُوَطّأ» ولسماع «المدوَّنة» لعُلُوّة في ذَلِكَ.
وحدَّثَ عَنْهُ أبو عليّ بْن سُكَّرَة، وقال في مشيخته الّتي خرّجها لَهُ عِيَاض:
سمع يونس بْن عَبْد اللَّه بْن مغيث، وحمل عنه «الموطّأ» و «سنن النَّسَائيّ» . وكان أسند من بقي، صحيحًا، فاضلًا، عنده بَلَهٌ تامّ بأمر دُنْياه وغَفْلَة. ويؤثر عَنْهُ في ذَلِكَ طرائف. وكان شديدًا عَلَى أهل البدع، مُجانبًا لمن يخوض في غير الحديث.
وروى الْيَسَع بْن حَزْم عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ ابن الطّلّاع في بستانه، فإذا بالمعتمد بْن عَبّاد يجتاز من قصره، فرأى ابن الطّلّاع، فنزل عَنْ مركوبه، وسأل دُعاءه وتذمّم وتضرّع، ونذر وتبرَّع، فقال لَهُ: يا مُحَمَّد انتبه من غفلتك وسِنَتِك.
قلت: وآخر من روى عَنْهُ عَلَى كثرتهم: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خليل القَيْسيّ اللّبليّ نزيل مرّاكش، وبقي إلى سنة سبعين وخمسمائة.(34/268)
وقد أجاز لنا رواية «المُوَطّأ» أبو مُحَمَّد بْن هارون الطّائيّ قَالَ: ثنا القاسم أحمد بْن بَقِيّ قَالَ: ثنا مُحَمَّد بْن عَبْد الحقّ الخزرجيّ القُرْطُبيّ قَالَ: ثنا ابن الطّلّاع بإسناده.
وروى عَنْهُ: عليّ بْن حُنَيْن، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خليل كتاب «المُوَطّأ» ، وهما من شيوخ ابن دِحْيَة.
292- المؤمَّل بْن أحمد بْن المؤمَّل [1] .
أبو البركات المصِّيصيّ الدّمشقيّ.
سمع: ابن سلْوان، ورشأ بْن نظيف، والأهوازيّ.
سمع منه: أبو مُحَمَّد بْن صابر وقال: كَانَ يكذب في انتمائه إلى عثمان رضي الله عنه [2] .
- حرف الياء-
293- يزيد [3] .
مولى المعتصم باللَّه مُحَمَّد بْن مَعْن بْن صُمَادح. أبو خَالِد، من أهل المَرِية.
روى الكثير عَنْ: أَبِي العبّاس العُذْريّ.
قَالَ ابن بَشْكُوَال: روى عَنْهُ غير واحدٍ من شيوخنا، وكان معتنيا بالأثر وسماعه، ثقة في روايته. وكان مقرئًا فاضلًا.
تُوُفّي في المحرَّم.
قلت: روى عَنْهُ: أبو العبّاس بْن العريف الزّاهد، وأبو العبّاس أحمد بْن عبد الرحمن بن عاصم الثّقفيّ.
__________
[1] انظر عن (المؤمّل بن أحمد) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 26/ 28 رقم 22، ولسان الميزان 6/ 137 رقم 473.
[2] وهو ولد سنة 427 بدمشق، وحدّث في سنة 487 هـ.
[3] انظر عن (يزيد مولى المعتصم باللَّه) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 690، 691 رقم 1525.(34/269)
سنة ثمان وتسعين وأربعمائة
- حرف الألف-
294- أحمد بن الحسين بن محمد بْن إِبْرَاهِيم [1] .
أبو طَالِب الْبَصْرِيّ، ثمّ البغداديّ الكَرْخيّ الخبّاز.
شيخ عامي صحيح السَّماع.
سمع سنة إحدى وعشرين وأربعمائة من عَبْد المُلْك بْن بِشْران.
وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.
وهو من شيوخ السِّلَفيّ في البشْرانيّات.
295- أحمد بْن خَلَف بْن عَبْد المُلْك بْن غالب [2] .
أبو جعفر بْن القَلَعيّ [3] ، من أهل غَرْناطة.
روى عَنْ: حاتم بْن مُحَمَّد، وأبي عَبْد اللَّه بْن عتّاب، وجماعة.
قَالَ ابن بَشْكُوَال: كَانَ ثقة صدوقًا. أخذ النّاس عَنْهُ، وتُوُفّي في ربيع الآخر.
296- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الخطيب [4] .
أبو منصور الهاشْميّ المعروف بابن الدبخ الكوفيّ.
سمع: مُحَمَّد بْن علي بْن عَبْد الرَّحْمَن العَلَويّ، ومُحَمَّد بْن فَدُّوَيْه.
وعنه: المبارك بْن أحمد الْأَنْصَارِيّ، وأبو طاهر السّلفيّ.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (أحمد بن خلف) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 72 رقم 157.
[3] في الصلة: «القليعي» .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.(34/270)
تُوُفّي في ذي الحجّة.
297- أحمد بْن نَصْر بْن أحمد [1] .
أبو منصور الخراساني الخوجاني [2] الواعظ.
قدِم بغداد في هذا العام.
وروى عَنْ: أَبِي عثمان الصّابونيّ.
سمع منه: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وغيرهما.
298- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حَسَن [3] .
الحافظ أبو عليّ البَرَدَانيّ [4] البغداديّ.
وُلِد سنة ستّ وعشرين وأربعمائة، وأوّل سماعه في سنة ثلاثٍ وثلاثين من أَبِي طَالِب العشاريّ.
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ أحد المتميّزين في صنعة الحديث وأحد حفاظه، خرّج لنفسه وللشّيوخ، وكتب الكثير. وكان ثقة صالحًا [5] .
سمع: عَبْد العزيز بْن عليّ الأَزَجيّ، وأبا الحسن القزوينيّ، وأبا طالب بن
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الخوجاني: بضم الخاء المعجمة وفتح الجيم وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى خوجان، وهي قصبة استوا بنواحي نيسابور. (الأنساب 5/ 202) .
[3] انظر عن (أحمد بن محمد البرداني) في: الأنساب 2/ 136، والمنتظم 9/ 144 رقم 227 (17/ 92 رقم 3749) ، وسؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي 72، وطبقات الحنابلة 2/ 253 رقم 694، واللباب 1/ 135، والكامل في التاريخ 10/ 396، والمعين في طبقات المحدّثين 146 رقم 1589، والعبر 3/ 350، والإعلام بوفيات الأعلام 205، وتذكرة الحفاظ 4/ 1232، وسير أعلام النبلاء 19/ 219- 222 رقم 136، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 67، 68، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 139، والوافي بالوفيات 7/ 322، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 94، 95 رقم 45، ومرآة الجنان 3/ 160، وتبصير المنتبه 1/ 137، وشذرات الذهب 3/ 408.
[4] تحرّفت في (مرآة الجنان) إلى: «البوراني» . و «البرداني» : بفتح الباء الموحّدة والراء والدال المهملة وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى بردان وهي قرية من قرى بغداد. (الأنساب 2/ 135) .
[5] وقال ابن السمعاني في (الأنساب) : «كان حافظا ثقة صدوقا خيّرا ثبتا، طلب الحديث بنفسه، كان مكثرا حسن الخط، كان صحيح النقل والسماع، كثير الضبط» .(34/271)
غَيْلان، وأبا إِسْحَاق البَرْمكيّ، وأبا مُحَمَّد الجوهريّ، والقاضي أبا يَعْلَى، وأبا بَكْر الخطيب، وطبقتهم.
وكان حنبليا، واستملى لأبي يَعْلَى [1] .
حَدَّثَنَا عَنْهُ: إسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ.
قلت: وقد جمع مجلدًا في «المقامات النبوية» ، انتخبه السِّلَفيّ، وسمعه منه، وهو ممّا يروى اليوم بعُلُوّ بالنسبة إِلَيْهِ.
تُوُفّي في حادي وعشرين شوّال.
قَالَ السِّلَفيّ: كَانَ أبو عليّ أحفظ وأعرف من شُجاع الذُّهْليّ. وكان ثقة ثَبْتًا. لَهُ مصنَّفات.
قَالَ: وكانا حنبَليَّيْن.
قلت: وروى عَنْهُ: عليّ بْن طراد الوزير، وأحمد بْن المقرّب، وجماعة.
قرات بخط أبي عليّ: أَنْبَأَ عثمان بْن مُحَمَّد بْن دُوست العلّاف إجازةً كتبها لي سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، وفيها مات، أَنَا أبو بَكْر الشّافعيّ، فذكر حديثًا.
وقد سأله السِّلَفيّ في كرّاسٍ عَنْ جماعة من الرجال، فأجابه جواب عارفٍ محقِّق [2] .
299- أحمد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُوسَى بْن مَرْدُوَيْه بْن فُورَك بْن موسى [3] .
أبو بَكْر سِبْط الحافظ أَبِي بَكْر بْن مَرْدُوَيْه الحافظ [4] .
__________
[1] طبقات الحنابلة 2/ 253، الأنساب 2/ 136.
[2] وقال ابن الجوزي: «واستملى خلقا كثيرا، وكتب الكثير، وسمع الكثير، وأول سماعه في سنة ثلاث وثلاثين عن أبي طالب العشاري، وكان ثقة، ثبتا، صالحا» . (المنتظم) .
[3] انظر عن (أحمد بن محمد) في: التحبير 2/ 9، والعبر 3/ 350، والمعين في طبقات المحدّثين 146 رقم 1590، وسير أعلام النبلاء 19/ 207، 208 رقم 126، وتذكرة الحفاظ 4/ 1212، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 139، وطبقات الحفاظ 445، 446، وشذرات الذهب 3/ 408.
[4] جاء في الأصل: «مردويه الغيذ بمعجمة الحافظ» . ومن الواضح أنّ كلمتي «الغيذ بمعجمة»(34/272)
سمع: أبا منصور محمد بْن سلمان الوكيل، وعُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن الهَيْثَم الواعظ، وغلام محسن، والحسين بْن إِبْرَاهِيم الحمّال، وأبا بَكْر بْن أَبِي عليّ الذّكْوانيّ، وعَبْد اللَّه بْن أحمد بْن قُولُوَيْه التّاجر، وأحمد بْن إِبْرَاهِيم الثَّقْفيّ الواعظ، وجماعة.
قَالَ السِّلَفيّ: كتبنا عَنْهُ كثيرًا، وكان ثقة جليلًا، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: كُتُب الحافظ.
قلت: روى عَنْهُ: أبو رُشَيْد إسماعيل بْن غانم، وعدّة.
تُوُفّي بسُوذَرْجان، إحدى قرى إصبهان.
قَالَ يحيى بْن مَنْدَهْ: وُلِد سنة تسع وأربعمائة، وكان كثير السَّماع، واسع الرّواية.
قلت: بقي حفيده عليّ بْن عَبْد الصَّمد إلى سنة 57 يحدِّث عَن الثَّقْفيّ.
أمّا هُوَ فرأيت لَهُ «طُرُق طلب العِلم» تذكّر [1] عَلَى معرفته وحِفْظَه، لم يلحق الأخذ عَنْ جَدّه.
- حرف الباء-
300- بركياروق [2] .
__________
[ () ] مقحمتان على الأصل.
[1] في سير أعلام النبلاء 19/ 207: «يدلّ» .
[2] انظر عن (بركياروق) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 362، و (تحقيق سويم) 28، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 147، والمنتظم 9/ 144 رقم 229 (17/ 93 رقم 3751) ، والمناقب المزيدية 425، 427، 429، 431، وزبدة التواريخ للحسيني 165، وتاريخ دولة آل سلجوق 87، 88، والكامل في التاريخ 10/ 380، 381، والتاريخ الباهر 16، وتاريخ الزمان لابن العبري 127، وتاريخ مختصر الدول، له 197، 198، وتلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب لابن الفوطي ج 4 ق 4/ 819 رقم 3110 وفيه وفاته سنة 294 هـ.، ونهاية الأرب 23/ 257 و 26/ 355، 356، والمختصر في أخبار البشر 2/ 218، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 13، ووفيات الأعيان 1/ 268، 269، وبغية الطلب (التراجم الخاصة بتاريخ السلاجقة) 101، 103، 109، 116، 117، 138، 144، 338، 340، 349، والإعلام بوفيات الأعلام 205، وسير أعلام النبلاء 19/ 195، 196، ودول الإسلام 2/ 27، والعبر 3/ 349، 350، وتاريخ ابن الوردي 2/ 26، 27، وعيون التواريخ (مخطوط)(34/273)
السُّلطان أبو المظفّر رُكْن الدين ابن السّلطان الكبير ملك شاه بْن ألْب أرسلان [1] بْن دَاوُد بْن ميكائيل بْن سلْجُوق بْن دُقَاق السَّلْجوقيّ ويُلَقَّب أيضًا شهاب الدّولة 1.
تملَك بعد موت أَبِيهِ، وكان أَبُوهُ قد ملك ما لم يملكه غيره. وكان السّلطان سَنْجَر نائب أخيه رُكْن الدين عَلَى بلاد خُراسان. وكان ملازمًا للشُّرْب.
بقي في السَّلْطنة اثنتي عشرة سنة، وتُوُفّي ببرُوجِرْد في شهر ربيع الأوَّل، وقُتِل الآخر.
وأمّا أخوه سَنْجَر، فامتدّت أيّامه، وعاش إلى بعد سنة خمسين وخمسمائة.
وبَركيَارُوق بفتح الباء الموحَّدة. تمرّض بأصبهان بالسُّلّ والبواسير، فسار منا في مِحَفَّة طالبًا بغداد، فضعُف في الطريق وعجز. ولمّا احتضر خلع على ولده ملك شاه، وله نحو خمس سنين، وجعله وليَّ عهده بمشورة الأمراء، وحلفوا لَهُ، ومات- وهو ببروجرد، ودُفن بأصبهان في تربة لَهُ. وعاش خمسًا وعشرين سنة، قاسى فيها من الحروب واختلاف الأمور ما لم يُقاسه أحد، واختلفت بِهِ الأحوال ما بين انخفاض وارتفاع، فلمّا قوي أمره، وصار كبير البيت السَّلْجوقيّ أدركته المنية. وكان مَتَى خُطِب لَهُ ببغداد وقع الغلاء، ووقفت المعايش، ومع ذَلِكَ يحبّونه ويختارونه.
وكان فيه حلْم وكَرَم وعقْل وصَفْح، عفا اللَّه عَنْهُ.
- حرف الثاء-
301- ثابت بْن بُنْدار بْن إبراهيم بن بندار [2] .
__________
[ () ] 13/ 138، 139، والوافي بالوفيات 10/ 121، 122، والبداية والنهاية 12/ 164، 165، وتاريخ ابن خلدون 5/ 12، والسلوك للمقريزي ج 1 ق 1/ 34، والنجوم الزاهرة 5/ 191، وتاريخ الخلفاء 425، 426، وشذرات الذهب 3/ 407، 408، وأخبار الدول للقرماني 2/ 167، 457، 458، 467، 479.
[1] في الأصل: «رسلان» .
[2] انظر عن (ثابت بن بندار) في: التحبير 1/ 228، والمنتظم 9/ 144 رقم 230 (17/ 93 رقم 3752) ، والتقييد لابن نقطة 224 رقم 267، والكامل في التاريخ 10/ 396، والمعين في(34/274)
أبو المعالي الدِّيَنَوَريّ الأصل، البغداديّ، المقرئ البقّال.
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ صالحًا، ثقة، فاضلًا، واسع الرّواية. أقرأ القرآن، وحدَّثَ بالكثير.
سمع: أبا القاسم الحرفيّ [1] ، وأبا بكر البرقاني، وأبا علي بن شاذان، وعثمان بْن دُوَسْت، وأبا عليّ بْن دوما.
روى لنا عَنْهُ: ابنه يحيى، وابن السَّمَرْقَنْديّ، وابن ناصر، وعبد الخالق بْن أحمد اليُوسُفيّ، وجماعة كثيرة بمَرْو، وبلْخ، وبُوشَنْج.
وقرأت بخطّ والدي: ثابت ثابت.
وقال عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ: ثقة مأمون.
وقال غيره: كَانَ يُعرف بابن الحمّاميّ، ولد سنة ستّ عشرة وأربعمائة، وقرأ عَلَى: ابن الصقر الكاتب، وأبي تَغْلِب المُلْحَميّ [2] .
قرأ عَلَيْهِ سِبْط الخيّاط، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن شُنَيْف.
وروى عَنْهُ: أبو طاهر السّلفيّ، وأحمد بن المبارك المرقعاتيّ، وأحمد وعُمَر ابنا تيمان المستعمل، وشُهْدَة الكاتبة، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة.
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
وحدَّثَ عَنْهُ بالإجازة الفقيه نَصْر المَقْدِسيّ.
- حرف الحاء-
302- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عبد العزيز [3] .
__________
[ () ] طبقات المحدّثين 146 رقم 1591، والإعلام بوفيات الأعلام 205، وسير أعلام النبلاء 19/ 204، 205 رقم 124، والعبر 3/ 351، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 139، والوافي بالوفيات 10/ 471، 472، وغاية النهاية 1/ 188، وشذرات الذهب 3/ 408.
[1] الحرفي: بضم الحاء المهملة، وسكون الراء.
[2] الملحمي: بضم الميم، وسكون اللام، وفتح الحاء المهملة، وفي آخرها الميم. هذه النسبة إلى الملحم، وهي ثياب تنسج بمرو من الإبريسم قديما. (الأنساب 11/ 465) .
[3] انظر عن (الحسن بن علي الطائي) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 138، 139 رقم 317، وإنباه الرواة 1/ 317، وإيضاح المكنون 2/ 548، ومعجم المؤلفين 3/ 262.(34/275)
أبو بَكْر الطّائيّ المُرْسِي النَّحْويّ، ويُعرف بالفقيه الشّاعر لغلبة الشعر عَلَيْهِ.
روى عن: أَبِي عبد الله بن عتاب، وأبي عمر بن القطّان، وأبي محمد بن المأمونيّ، وأبي بكر ابن صاحب الأحباس، وابن أرفع رأسه.
وجالس أبا الوليد بْن ميقل. وله كتاب «المقنع في النَّحْو» .
تُوُفّي في رمضان، وله ستٍّ وثمانون سنة [1] .
303- الحُسين بْن علي بْن الحُسين [2] .
أبو عَبْد اللَّه الطَّبَريّ الفقيه. نزيل مكة ومحدّثها.
ولد سنة ثمان عشرة وأربعمائة بآمُل طَبَرِسْتان، ورحل نَيْسابور سنة تسعٍ وثلاثين [3] .
سمع «صحيح مُسْلِم» من عَبْد الغافر الفارسيّ، وسمع: عُمَر بْن مسرور، وأبا عثمان الصّابونيّ.
وسمع بمكّة «صحيح الْبُخَارِيّ» من كريمة [4] .
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ حَسَن الفتاوى، تفقّه عَلَى ناصر بْن الحُسين العُمَريّ المَرْوَزِيّ، وصار لَهُ بمكّة أولاد وأعقاب.
قلت: روى عَنْهُ: إسماعيل الحافظ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو غالب الماوَرْدِيّ [5] ، وأحمد بْن مُحَمَّد العبّاسيّ الْمَكِّيّ، ورَزِين بْن معاوية العبدريّ
__________
[1] وكان مولده في سنة 412 هـ.
[2] انظر عن (الحسين بن علي) في: تبيين كذب المفتري 287، والتقييد لابن نقطة 246 رقم 296، والمعين في طبقات المحدّثين 146 رقم 1592، والإعلام بوفيات الأعلام 205، والعبر 3/ 351، وسير أعلام النبلاء 19/ 203، 204 رقم 123، والمختصر المحتاج إليه للدبيثي 2/ 41 (في ترجمة الحسين بن علي بن صدقة) ، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 135، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 152، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 567- 569، والعقد الثمين 4/ 200- 202، ومرآة الجنان 3/ 160، 161، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 270، 271 رقم 227، وكشف الظنون 1/ 408، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 186، وشذرات الذهب 3/ 408، ومعجم المؤلفين 4/ 29، 30.
[3] التقييد 246.
[4] التقييد 246.
[5] وذكر أبو غالب الماوردي أنه سمع منه في سنة 474 هـ. (التقييد) .(34/276)
مصنِّف «جامع الأصول» ، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة، وأبو بَكْر مُحَمَّد بْن العربيّ القاضي، وأبو الحَجّاج يوسف بْن عَبْد العزيز المَيُورقيّ، ووجيه الشّحّاميّ، وخلق من المغاربة.
قَالَ ابن سكرة في مشيخته التي خرّجها عِيَاض لَهُ: هُوَ شافعي أشْعَريّ جليل.
قَالَ: وبعضهم يكنّيه بأبي عليّ، ويُدْعَى إمام الحرمين، لازم التّدريس لمذهب الشّافعيّ والتّسميع بمكّة نحْوًا من ثلاثين سنة، وكان أسند من بقي في «صحيح مُسْلِم» ، يعني بمكّة، سمعه منه عالم عظيم. وكان من أهل العلم والعبادة. وجرت بينه وبين أَبِي مُحَمَّد هياج بْن عُبَيْد الشّافعيّ وغيره من الحنابلة ممّن يَقُولُ من أصحاب الحديث بالحرف والصَّوت خُطُوب [1] .
وقال هبة اللَّه بْن الأكفانيّ: تُوُفّي بمكّة في العشر الأواخر من شَعْبان.
وقال ابن السّمعانيّ: سَمِعْتُ أَنَّهُ انتقل إلى إصبهان، فمات بها.
304- الحُسين بْن مُحَمَّد بن أحمد [2] .
__________
[1] ويعلّق اليافعي على هذا القول بقوله:
«اسمعوا هذا الكلام العجيب كيف جعل أهل السّنّة هم المخالفون لمذهب الأشعريّ، وهذا مما يدلّك على اعتقاده لمذهب الظاهرية الحشوية مع دلائل أخرى متفرقة في كتابه» . (مرآة الجنان 3/ 161) .
[2] انظر عن (الحسين بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 142- 144، ومعجم البلدان (مادّة جيّان) ، وبغية الملتمس للضّبي 265، رقم 249، والغنية 201، 204، 266، ووفيات الأعيان 2/ 180، والعبر 3/ 351، والمعين في طبقات المحدّثين 146 رقم 1593، والإعلام بوفيات الأعلام 205، وتذكرة الحفاظ 4/ 1233، وسير أعلام النبلاء 19/ 148- 151 رقم 77، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 135، 136، والوافي بالوافيات 13/ 32 رقم 30، وأزهار الرياض 3/ 149، والبداية والنهاية 12/ 165، ومرآة الجنان 3/ 161، والديباج المذهب 105 وفيه وفاته سنة 429 هـ. وهو خطأ واضح، والمعجم لابن الأبّار 79، وتكملة إكمال الإكمال للصابوني (في المقدّمة) 13، والنجوم الزاهرة 5/ 92، وطبقات الحفاظ 451، وكشف الظنون 88، 470، وفهرس الفهارس للكتاني 2/ 254، والرسالة المستطرفة 118، وشذرات الذهب 3/ 408، والأعلام 2/ 255، ومعجم المؤلفين 4/ 44، وتاريخ آداب اللغة العربية 3/ 67.(34/277)
الحافظ أبو عليّ الغسّانيّ الْجَيَّانيّ [1] . ولم يكن من جَيّان، إنّما نزلها أَبُوهُ في الفِتْية، وأصلهم من الزَّهْراء.
رئيس المحدّثين بُقْرطُبة، بل بالأندلس.
قَالَ ابن بَشْكُوَال: [2] روى عَنْ: حَكَم بْن مُحَمَّد الْجُذَاميّ، وأبي عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبي شاكر القَبْريّ عَبْد الواحد، وأبي عَبْد اللَّه بن عتاب، وحاتم بن محمد، وأبي عمر بن الحذاء، وسراج بن عبد الله القاضي، وأبي الوليد الباجيّ، وأبي العبّاس العُذْريّ، وجماعة كثيرين [3] سمع منهم وكتب عَنْهُمْ.
وكان من جهابذة المحدّثين وكبار العلماء المسندين، وعني بالحديث وضبْطه، وكان بصيرًا باللُّغة، والإعراب، والغريب، والشِّعْر، والأنساب، جمع من ذَلِكَ كلّه ما لم يجمعه أحدٌ في وقته. ورحل النّاس إليه، وعوّلوا في الرّواية عليه. وجلس لذلك بجامع قُرْطُبَة.
وسمع منه الأعلام، وأنبأ عَنْهُ غير واحد، ووصفوه بالجلالة، والحِفْظ، والنّباهة، والتّواضع، والصّيانة.
قَالَ السهيلي في «الروض» : حدَّثني أبو بَكْر بْن طاهر، عَنْ أَبِي عليّ الغساني، أنّ أبا عُمَر بْن عَبْد البَرّ قَالَ لَهُ: أمانةُ اللَّه في عُنُقِك، مَتَى عبرتَ عَلَى اسمٍ من أسماء الصّحابة لم أذْكُرُه، إلّا أَلْحَقْتَه في كتابي الّذي في الصّحابة [4] .
وقال ابن بَشْكُوَال [5] : قَالَ شيخنا أبو الحَسَن بن مغيث: كان من أكمل من رأيت عِلْمًا بالحديث، ومعرفة بطُرُقُه وحِفْظًا لرجاله. عانى كُتب اللغة، وأكْثَرَ من رواية الأشعار، وجمع من سعة الرّواية ما لم يجمعه أحد. أدركناه، وصحّح من الكُتُب ما لم يصحّحه غيرُه من الحُفّاظ. كُتُبه حجّة بالغة.
__________
[1] تحرّفت في البداية والنهاية إلى: «الخيالي» . و «الجيّاني» : بفتح الجيم وتشديد الياء المعجمة بنقطتين من تحتها وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى جيّان، وهي بلدة كبيرة من بلاد الأندلس من المغرب. (الأنساب 3/ 404) .
[2] في الصلة 1/ 142.
[3] في الأصل: «مكثرون» .
[4] اسمه: «الاستيعاب في أسماء الأصحاب» .
[5] في الصلة 1/ 143.(34/278)
جمع كتابًا في رجال الصّحيحين سمّاهُ «تقييد المُهْمَل وتمييز المُشْكَل» [1] ، وهو كتابٌ حَسَن مفيد، أخذه النّاس عَنْهُ.
قَالَ ابن بَشْكُوَال: وسمعناه عَلَى القاضي أَبِي عَبْد اللَّه بْن الحَجّاج، عَنْهُ، وتُوُفّي ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلةٍ خَلَت من شَعْبان، ومولده في المحرَّم سنة سبع وعشرين وأربعمائة.
وكان قد لزم داره قبل موته بمدة لزَمانَةٍ لِحقَتْه.
قلت: روى عَنْه: مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الحَكَم الباهليّ شيخ العُمانيّ، والسِّلَفيّ في سماع «تقييد المُهْمَل» ، ومُحَمَّد بْن أحمد بْن إِبْرَاهِيم الْجَيَّانيّ المشهور بالبغداديّ، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة، وأبو العلاء زهر بْن عَبْد المُلْك الإياديّ، وعَبْد اللَّه بْن أحمد بْن سماك الغَرْناطيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن أَبِي ليلى الْأَنْصَارِيّ الحافظ، ويوسف بْن يَبْقى النَّحْويّ، وخلْق كثير، آخرهم- فيما أرى- وفاةً: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خليل التِّنِّيسيّ مُسْنِد مُرّاكش، سمع منه «صحيح مُسْلِم» ، وتُوُفّي في سنة سبعين وخمسمائة.
- حرف السين-
305- سُقْمان، ويقال سُكْمان، بْن أُرْتُق بْن أَكْسَب التُّرْكُمانيّ [2] .
ولي هُوَ وأخوه إيل غازي إمرةَ القُدس الشَريف بعد أبيهما، فقصدهما الأفضل شاهنشاه أمير الجيوش، وأخذه منهما في شوّال سنة إحدى وتسعين، فتوّجها إلى الجزيرة، وأخذا ديار بَكْر، ثمّ تُوُفّي سُقْمان بين طرابُلُس وماردين،
__________
[1] في الأصل: «عيير الشكل» .
[2] انظر عن (سقمان بن أرتق) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 370، 1371، وتحقيق سويم 261، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 146، 147، والتاريخ الباهر 16، والكامل في التاريخ 10/ 389، 390، 412، وبغية الطلب (التراجم الخاصة بتاريخ السلاجقة) 104، 139، 140، 346، 347، والأعلاق الخطيرة لابن شدّاد ج 3 ق 2/ 533 و 555، والمختصر في أخبار البشر 2/ 219، والعبر 3/ 351، 352، وسير أعلام النبلاء 19/ 234، 235 رقم 143، وتاريخ ابن الوردي 2/ 16، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 140، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 22، 23، ومرآة الجنان 3/ 161، والوافي بالوفيات 15/ 287 رقم 406، والنجوم الزاهرة 5/ 188، وشذرات الذهب 3/ 409، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 344، وأخبار الدول 2/ 469، 470.(34/279)
هِيَ إلي اليوم لذُرِّيّته. وقد ساق صاحب «الكامل» [1] أخباره في أماكن، إلى أنّ ذكر وفاته، فحكى أن ابن عمار [2] طلبه ليكشف عنه الفرنج على مال يعطيه، وأن صاحب دمشق مرض وخاف عَلَى دمشق، فطلبه ليسلّم إِلَيْهِ البلد، فسار إلي دمشق ليملكها، ويتجهز منها لغزو الفرنج، فأخذته الخوانيق، وتُوُفّي بالقريتين، ونُقِل فدُفن بحصن كَيْفا.
قَالَ: وأمّا ملكه ماردين فإنّ صاحب المَوْصِل كَرْبُوقا قصد آمِد، فجاء سُقْمان ليكشف عَنْهَا، فالتقوا، وكان عماد الدين زنكي بْن آقسُنْقُر حينئذٍ صبيًّا مَعَ كَرْبُوقا، فظهر سُقْمان عليهم، فألقى الصَّبيَّ إلى الأرض، وصاح مماليك أَبِيهِ:
قاتِلُوا عَنْ زنكي. فصدقوا حينئذ في القتال، فانهزم سُقْمان، وأسروا ابن أخيه فسجنوه بماردين، وهي لإنسان مغني للسّلطان بَركيَارُوق، غنّاه مرّةً، فأعطاه ماردين، فمضت زوجة أُرْتُق تسأل لصاحب المَوْصِل أنّ يطلق الشاب من حبس ماردين، فأطلقه، فنزل تحت ماردين، وبقي يفكّر كيف يتملّكها. وكان الأكراد الّذين يجاورونها قد طمعوا في صاحبها المغني، وأغاروا عَلَى ضياع ماردين، فبعث ياقوتي ابن أخي سقمان، أعني الّذي كان مسجونا بها، إلى صاحبها يَقُولُ: قد صار بيننا مَوَدَّة، وأريد أنّ أُعمِّر بلدك، وأمنع الأكراد منه، وأقيم في الرُّبَض.
فأذِن لَهُ، فبقي يُغِير من بلاد خلاط إلى أطراف بغداد، وصار ينزل معه بعض أجناد القلعة، وهو يكرمهم، ويكسبون معه، إلى أنّ صار ينزل معه أكثرهم، فلمّا عادوا من الغارة أمسكهم وقيَّدهم، وساق إلى القلعة، فنادى أهاليهم: إنّ فتحتم الباب وإلّا ضربت أعناقهم. فامتنعوا، فقتل إنسانًا منهم، فسلّموا القلعة إِلَيْهِ. ثمّ جمع جمعًا، وأغار عَلَى جزيرة ابن عُمَر، فجاء صاحبها جَكَرْمِش، وكان ياقوتي قد مرض، فأصابه سهم فسقط. وجاء جَكَرْمِش، فوقف عَلَيْهِ وهو يجود بنفسه، فبكى عَلَيْهِ، فمضت امرأة أُرْتُق إلى ابنها سُقْمان، وجمعت التُرْكُمان، وطلبت بثأر ابن ابنها، وحاصر سقمان نصيبين.
__________
[1] أي ابن الأثير في الكامل في التاريخ.
[2] هو فخر الملك ابن عمّار صاحب طرابلس.(34/280)
وملك ماردين عليّ أخو ياقوتي، ودخل في طاعة صاحب المَوْصِل، وسار إلى خدمته، واستناب بها أميرًا [1] ، فعمل عَلَيْهِ سُقْمان وقال: إنّ ابن أختك يريد أن يسلّم ماردين لجكرمش، فتملكها سُقْمان [2] .
- حرف العين-
306- عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن يوسف بْن بشير [3] .
أبو مُحَمَّد المَعَافِريّ القُرْطُبيّ.
من بيت فِقْهٍ وقضاء.
روى عَنْ: حَكَم بْن مُحَمَّد، وحاتم بْن مُحَمَّد، وأبي عَبْد اللَّه بْن عتاب، وأبي عُمَر بْن الحدّاد.
وكان حَسَن الطّريقة، ذا سَمْتٍ وهَدْيٍ صالح، وله اعتناء بالعِلْم والرّواية.
سمع منه النّاس.
تُوُفّي أبو مُحَمَّد بْن بشير في المحرَّم، وله أربعٌ وثمانون سنة [4] ، ومات معه ابنه عُبَيْد اللَّه قاضي الجماعة.
307- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بْن الْجُنَيْد [5] .
الحاكم أبو نَصْر النَّيْسابوريّ الحنفيّ.
شيخ صالح.
سمع: أبا الحسن بن عليّ بن مُحَمَّد الطّرَازِيّ، وأبي سَعْد الصَّيْرفيّ.
وعنه: عَبْد اللَّه بْن الفُرَاويّ، وعُمَر بْن الصّفّار، وعبد الخالق بْن زاهر، وأبو طاهر السِّنْجيّ.
مات في شوّال في عشر التّسعين.
__________
[1] في الأصل: «أمير» .
[2] انظر الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 2/ 554، 555.
[3] انظر عن (عبد الله بن إبراهيم) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 290 رقم 638.
[4] وكان مولده سنة 414 هـ.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.(34/281)
308- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز [1] .
أبو غالب بْن الدّهّان الطّرائفيّ.
بغداديّ.
سمع: ابن غَيْلان، وغيره.
وعنه: السِّلَفيّ.
وقال شجاع الذُّهْليّ: لا بأس بِهِ.
309- عليّ بْن خَلَف بْن ذي النُّون بْن أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن هُذَيْل [2] .
أبو الحَسَن العَبْسيّ القُرْطُبيّ الإشبيليّ الأصل، المقرئ.
أحد الأعلام والزُّهّاد والأئمّة والأوتاد، أولي العِلْم والعمل.
سمع من: أَبِي مُحَمَّد بْن خَزْرَج.
ورحل فأخذ بمصر عَنْ: أَبِي العبّاس بْن نفيس تلاوة [3] ، وأبي عَبْد اللَّه القُضاعيّ كتاب «الشّهاب» ، وعليه يعوَّل النَّاس فيه.
وروى عَنْ: أَبِي مُحَمَّد بْن الوليد الأندلسيّ، والفقيه نَصْر المَقْدِسيّ.
أخذ عَنْهُ: عَبْد الجليل بْن عَبْد العزيز الأُمَويّ، وعبد اللَّه بْن موسى القُرْطُبيّ، ويحيى بْن مُحَمَّد بْن سعادة المقرئ.
قَالَ ابن بَشْكُوَال: [4] كَانَ رحمه اللَّه من جلّة المقرءين، وفضلائهم، وعُلمائهم، وخيارهم. وأقرأ النّاس بالمسجد الجامع بُقْرطُبة، وأسمعهم الحديث. وكان ثقة [5] ، شُهِر بالخير والزهد في الدنيا، والتَّقَلُّل والصّلاح والتّواضع، وشُهِرت إجابة دعوته، وعُلِمَت في غير ما قصّة [6] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (علي بن خلف) في: فهرست ابن خير 435، والصلة لابن بشكوال 2/ 423، 424 رقم 908، وبغية الملتمس 422، ومعرفة القراء الكبار 1/ 460 رقم 401، وغاية النهاية 1/ 541.
[3] في الأصل: «وتلاوة» .
[4] في الصلة 2/ 423.
[5] في الصلة: «كان ثقة فيما رواه، ضابطا لما كتبه» .
[6] وزاد: «ولم يزل طالبا للعلم» .(34/282)
تُوُفّي لثلاث [1] عشرة تبقّى من جُمَادَى الأولى، وكانت جنازته مشهودة.
ومولده في سنة سبْعٍ عشرة وأربعمائة.
310- عليّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن قُنيْن [2] .
أبو الحَسَن العبْديّ الكوفي الخزّاز [3] .
قدِم في هذه السّنة بغداد، وحدَّثَ بها عَنْ أَبِي طاهر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الصّبّاغ، سمعه في سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.
روى عَنْهُ: أبو بَكْر بْن السّمعانيّ، وأبو طاهر السِّنْجيّ.
311- عليّ بْن مُحَمَّد بْن إسماعيل العراقي [4] .
أبو الحَسَن الشّافعيّ، ويُلَقِّب بقاضي القضاة.
ولي القضاء بطُوس، وتفقه عَلَى: أَبِي مُحَمَّد الْجُوَينيّ.
وسمع: أبا حفص بْن مسرور، وأبا عثمان إسماعيل الصّابونيّ، وابن المهتدي باللَّه، وعدة.
روى عنه: أبو طاهر محمد بن محمد السِّنْجيّ.
تُوُفّي بطوس في أوّل رمضان، وله أربع وثمانون سنة.
312- عيسى بْن عَبْد اللَّه بْن القاسم [5] .
الواعظ أبو المؤيد [6] الغَزْنَويّ [7] .
كاتب، شاعر، متفنّن، متعصّب للأشعريّ.
__________
[1] في الأصل: «لسابع» .
[2] انظر عن (علي بن محمد الخزّاز) في: المشتبه في الرجال 2/ 538 وفيه بضم القاف، ثم نون.
[3] في الأصل: «الخراز» .
[4] انظر عن (علي العراقي) في: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 303.
[5] انظر عن (عيسى بن عبد الله) في: المنتظم 9/ 145 رقم 231 (17/ 93 رقم 3753) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 13، 14، والبداية والنهاية 12/ 165.
[6] في البداية والنهاية: «أبو الوليد» .
[7] الغزنوي: بفتح الغين المعجمة والزاي الساكنة المعجمة، وفي آخرها النون المفتوحة. هذه النسبة إلى غزنة، وهي بلدة أول من بلاد الهند. (الأنساب 9/ 142) .(34/283)
قدِم بغداد ووعظ وحصّل، لَهُ قبولٌ عظيم، ثمّ ذهب، فمات بأسفرايين في هذه السّنة [1] .
- حرف الفاء-
313- الفضل بْن عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بْن الفضل بْن يعقوب [2] .
أبو عَبْد اللَّه بْن أَبِي القاسم بْن الشيخ أَبِي الحُسين بْن القطّان المَتُّوثيّ [3] .
قَالَ السّمعانيّ: هُوَ والد شيخنا هبة اللَّه الشاعر. كَانَ من أولاد المحدّثين، وكان بقية بيته.
سمع: مُحَمَّد بْن عليّ بْن كردي، وأبا طَالِب بْن غَيْلان، وغيرهما.
وروى لنا عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الحافظ، ومُحَمَّد بن ناصر، وأبو طاهر السّنجيّ المروزيّ.
__________
[1] وذكره الهمذاني في (الذيل) وقال: كان الغزنوي كاتبا بين يدي عبد الحميد وزير صاحب غزنة، فترك دنيا واسعة، ثم أقبل على العلم، وطاف خراسان وأراد التخلّي والانفراد ليتخلّص من مظالم العباد. وكان حسن الصورة، فقدم بغداد حاجّا، وأقام بها بعد عوده من الحجّ سنة وشهرا، وجلس بها، وحصل له القبول التامّ، وكان مقيما برباط أبي سعد الصوفي، وكان فصيحا، فجلس بجامع القصر، وتاب على يده خلق كثير، ونصر مذهب الأشعري، وكتب عنه مدّة سنة زيادة على خمسة آلاف بيت من الشعر، وأنشدها على الكرسي، ثم سافر عن بغداد في سنة 497 ووصل إلى إسفرائين فمات بها في سنة 498.
قال: وجلس الغزنوي في دار عميد الدولة بن جهير، وكان الوزير سديد الملك أبو المعالي المفضل بن عبد الرزاق حاضرا، وهو يومئذ وزير المستظهر، فقال الغزنوي في كلامه: من شرب مرقة السلطان احترقت شفتاه ولو بعد زمان. قال الله عزّ وجلّ: وَسَكَنْتُمْ في مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ 14: 45 الآية، وأنشد:
سديد الملك سدت وخضت بحرا ... عميق الملح، فاحفظ فيه روحك
وأحي معالم الخيرات واجعل ... لسان الصدق في الدنيا فتوحك
وفي الماضين معتبرا، فاشرح ... مدوحك في السلامة أو جموحك
وقبض على الوزير بعد أيام، فعجب الناس من هذا الاتفاق، ودار عميد الدولة بنيت على الظلم. قلت: والمشهور في الوعّاظ أنّ الغزنويّ الّذي كان يعظ ببغداد هو أبو الحسن علي بن الحسين الغزنوي ووعظ بها ونصر مذهب الأشعري، فلعلّه غزنويّ آخر. (مرآة الزمان) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] المتّوثي: بفتح الميم، وضمّ التاء المثلّثة المشدّدة ثالث الحروف، وفي آخرها الثاء المثلّثة.
هذه النسبة إلى متّوث، وهي بليدة بين قرقوب وكور الأهواز. (الأنساب 11/ 125، 126) .(34/284)
قلت: وروى عَنْهُ: السِّلَفيّ. وقع لي جزء من طريقه.
ولد سنة ثمان عشرة وأربعمائة. وتُوُفّي لست بقين من ربيع الأوَّل.
314- فِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن شاذي [1] .
أبو الحُسين الشَّعْرانيّ الهَمَذانيّ.
قدم بغداد سنة تسعين حاجًّا.
وحدَّثَ، وسمع: أبا الفضل عُمَر بْن إِبْرَاهِيم الهَرَوِيّ، وعليّ بْن شُعَيْب القاضي، وأبا منصور أحمد بْن عُمَر، وأبا مسعود البَجَليّ، وأحمد بْن زَنْجَوَيه، ومنصور بْن رامِش، وعليّ بن إبراهيم سخْتام، ومُحَمَّد بْن عيسى محدِّث هَمَذَان، وأحمد بْن عَبْد الواحد بْن شاذي.
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ صالحًا، مكثرًا، صدوقًا، من أولاد المحدثين. عُمِّر حتّى انتشرت عَنْهُ الرّواية. روى لنا عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وعُمَر المَغَازليّ، وأبو طاهر السّنجيّ، وغيرهم.
ولد فيد في جمادى الأولى سنة سبع عشرة وأربعمائة، وتُوُفّي في أواخر ربيع الآخر.
قلت: وممّن روى عَنْهُ: أبو الفتوح الطّائيّ، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ.
مات بهَمَذَان [2] .
- حرف الميم-
315- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قَيْداس [3] .
أبو طاهر التّوثيّ الحطّاب، من محلّة التّوثة [4] .
__________
[1] انظر عن (فيد بن عبد الرحمن) في: التحبير 1/ 142، والمشتبه في الرجال 2/ 514.
[2] قال المؤلّف الذهبي- رحمه الله-: «وقد ذكر السلفي: فيد بن عبد الرحمن الشعراني، وأنه أجاز له من همذان، وقال: لا أعرف له من الرواة سميّا. قلت: قد سمّى ابن ماكولا: حميد بن فيد الخشّاب البغدادي، روى عن الإسماعيلي. وأبو فيد مؤرّج بن عمرو السدوسي، مات سنة 195 (المشتبه) .
[3] انظر عن (محمد بن أحمد التوثي) في: المنتظم 9/ 145 رقم 232 (17/ 94 رقم 3754) ، والمشتبه في الرجال 1/ 102.
[4] التّوثة: محلّة متّصلة بالشونيزية.(34/285)
سمع: أبا علي بن شاذان، وأبا [1] القاسم الحرفيّ.
وأجاز لَهُ أبو الحُسين بْن بِشْران.
وُلِد سنة عشر وأربعمائة.
وتُوُفّي في المحرَّم.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ.
316- مُحَمَّد بْن عَبْد السّلام بْن أحمد بْن مُحَمَّد [2] .
الشريف أبو الفضل الْأَنْصَارِيّ البزّار.
كَانَ ثقة صالحًا، من بيت حديث وخير.
سمع: أبا القاسم الحرفيّ، وأبا عليّ بن شاذان، وأبا بَكْر البَرْقانيّ، وغيرهم.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ، وشُهْدَة، وأبو المظفَّر يحيى بْن عليّ الخيميّ، وأبو طاهر السِّنْجيّ، وخطيب المَوْصِل.
ومات في ربيع الآخر، وَلَهُ أربعٌ وثمانون سنة.
317- مُحَمَّد بْن عليّ بْن الحَسَن بْن أَبِي الصَّقْر [3] .
أبو الحَسَن الواسطيّ الفقيه الشّافعيّ الكاتب.
__________
[1] في الأصل: «أبو» .
[2] انظر عن (محمد بن عبد السلام) في: التحبير 1/ 228، والعبر 3/ 351، والإعلام بوفيات الأعلام 205، ومرآة الجنان 3/ 161، وشذرات الذهب 3/ 309.
[3] انظر عن (ابن أبي الصقر) في: المنتظم 9/ 145 رقم 234 (17/ 94 رقم 3756) ، وسؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي 69، 70 رقم 35، وانظر صفحات 49 و 87 و 122، ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزي ج 8 ق 1/ 14، 15، وخريدة القصر وجريدة العصر ج 4 ق 1/ 315، ومعجم الأدباء 18/ 257- 260، والكامل في التاريخ 10/ 396، 397، ووفيات الأعيان 4/ 450- 452، والمختصر في أخبار البشر 2/ 220، وسير أعلام النبلاء 19/ 238، 239 رقم 146، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 127- 135، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 80 وفيه: «محمد بن علي بن الحسين بن علي بن عمر» ، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 140- 142، والبداية والنهاية 12/ 165، والوافي بالوفيات 4/ 142، 143، والنجوم الزاهرة 5/ 191، وكشف الظنون 818، والأعلام 7/ 163، وديوان الإسلام 3/ 213 رقم 1339، وهدية العارفين 2/ 78، ومعجم المؤلفين 7/ 317.(34/286)
أحد الشُّعراء، لَهُ ديوان في مجلد، وعاش بضعًا وثمانين سنة [1] .
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وغيره.
تفقّه عَلَى إِسْحَاق الشِّيرازيّ، وكان يتردّد ما بين واسط وبغداد.
وحدَّثَ عَنْ: عُبَيْد اللَّه بْن القطّان.
روى عَنْهُ: كثير بْن شماليق ناصر أيضًا.
ومن شِعره:
من عارضَ اللَّه في مشيئته ... فما من الدّين عنده خَبَرُ [2]
لا يقدر النّاس [3] باجتهادهم ... إلّا عَلَى ما جرى به القدر [4]
وعمل فيهم أشعارا [5] .
__________
[1] ومولده في سنة 409، ووقع في (معجم البلدان 18/ 260) : «توفي يوم الخميس رابع عشر جمادى الأولى سنة ثمان وستين وأربعمائة» . وهو خطأ. وفي المختصر في أخبار البشر 2/ 220 «كانت ولادته في نحو سنة سبع وأربعمائة» .
[2] الشطر في: معجم الأدباء:
«فما لديه من بطشه خبر»
[3] في معجم الأدباء: «الخلق» .
[4] البيتان في: معجم الأدباء 18/ 257.
[5] وقال خميس الحوزي: واسم أبي الصقر الحسن. كان يقول: أنا من ولد أبي الصقر إسماعيل بن بلبل الوزير، قدم جدّي مع القاضي يوسف بن يعقوب إلى واسط وكيلا بين يديه فتديّرها. وكان شاعرا مجيدا وكاتبا سديدا، حسن الخط والعقل والمروءة. وكان قد سمع من أبي القاسم كاتب ابن قنطر، وسمعته يقول: كان زوج خالتي. وكان قد رحل إلى بغداد ولازم الشيخ أبا إسحاق الشيرازي، وعلّق عنه كتبه كلّها، ولما وقعت الفتنة بين الحنابلة والأشعرية كان قائما فيها قاعدا، وعمل في ذلك أشعارا سمّاها «الشافعّيات» رويت عنه وهي مدوّنة في شعره، وبلغ تسعين سنة إلّا شهورا، قال لي: ولدت يوم الأحد ثالث عشر ذي القعدة من سنة تسع وأربعمائة. (سؤالات السلفي 70) وقال ابن الجوزي: ومن أشعاره اللطيفة:
من قال: لي جاه ولي حشمة ... ولي قبول عند مولانا
ولم يعد ذاك ينفع على ... صديقه لا كان من كانا
(المنتظم) والبيتان في: معجم الأدباء 18/ 258، والكامل في التاريخ 10/ 397.
وذكر ياقوت من شعره:
كلّ رزق ترجوه من مخلوق ... يعتريه ضرب من التعويق
وأنا قائل وأستغفر ... الله مقال المجاز لا التحقيق
لست أرضى من فعل إبليس شيئا ... غير ترك السجود للمخلوق(34/287)
__________
[ () ] وقال:
كلّ أمر إذا تفكّرت فيه ... أو تأمّلته رأيت ظريفا
كنت أمشي على اثنتين قويّا ... صرت أمشي على ثلاث ضعيفا
وحضر عزاء طفل وهو يرتعش من الكبر، فتغامز عليه الحاضرون يشيرون إلى موت الطفل وطول حياته مع هذه السّنّ، ففطن لهم وقال:
إذا دخل الشيخ بين الشباب ... عزاء وقد مات طفل صغير
رأيت اعتراضا على الله إذ ... توفي الصغير وعاش الكبير
فقل لابن شهر وقل لابن دهر ... وما بين ذلك: هذا المصير
وقال أيضا:
علّة سمّيت ثمانين عاما ... منعتني للأصدقاء القياما
فإذا عمّروا تمهّد عذري ... عندهم بالذي ذكرت وقاما
وقال:
ابن أبي الصّقر افتكر ... وقال في حال الكبر
والله لولا بولة ... تحرقني وقت السّحر
لما ذكرت أنّ لي ... ما بين فخذيّ ذكر
وقال:
وحرمة الودّ ما لي عندكم عوض ... لأنّني ليس لي في غيركم غرض
أشتاقكم وبودّي لو يواصلني ... لكم خيال ولكن لست أغتمض
وقد شرطت على صحب صحبتهم ... بأنّ قلبي لكم من دونهم فرضوا
ومن حديثي بكم قالوا: به مرض ... فقلت: لا زال عنّي ذلك المرض
وقال:
ولمّا إلى عشر تسعين صرت ... وما لي إليها أب قبل صارا
تيقّنت أنّي مستبدل ... بداري دارا وبالجار جارا
فتبت إلى الله ممّا مضى ... ولن يدخل الله من تاب ثارا
(معجم الأدباء) .
وقال وهو مما يكتب على فصّ عقيق:
ما كان قبل بكائي يوم بينكم ... فصبّي عقيقا ولا دمعي سجال دما
وإنما من دموعي الآن حمرته ... فانظر إلى لونه والدمع كيف هما
وجاء يوما إلى باب نظام الملك، فمنعه البوّاب، فكتب إلى نظام الملك:
للَّه درّك جنّة ... ... لكن خلف الباب منها مالكا
أنعم بتيسير الحجاب فإنّني ... لاقيت أنواع النكال هنالكا
ما لي أصادف باب دارك جفوة ... وأنا غنيّ راغب عن مالكا
فاستدعاه وقال: إذا كنت غنيّا عن مالنا فإنك غنيّ عنّا. فقال: كلانا شافعيّ المذهب، وإنما أتيتك لمذهبك لا لذهبك. وكان قد أسنّ يعتذر إلى أصدقائه حيث لم يقدر على القيام لهم، فقال هذه الأبيات:(34/288)
318- مُحَمَّد بْن فَتُّوح بْن عليّ بْن وليد [1] .
أبو عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ الطَّلْبيريّ [2] ، قاضي غرناطة.
روى عَنْ: أَبِي جعفر بْن مغيث، والطَّلَمَنْكيّ، وأبي عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبي عُمَر بن سميق، وجماعة.
وكان عالمًا بالرأي والوثائق [3] .
تُوُفّي بمالقة في صَفَر.
319- مُحَمَّد بْن محمود بْن عَبْد اللَّه بْن القاسم [4] .
أبو عَبْد اللَّه الرّشِيديّ النَّيْسابوريّ الفقيه.
خَدَم أبا عثمان الصّابونيّ، وكان تقيًّا رضِيّ الأخلاق، منفقًا عَلَى أهل العلم.
سمع ببغداد من: أَبِي طَالِب بْن غَيْلان، ويحتمل أنّه سمع من أصحاب
__________
[ () ]
علّة سمّيت ثمانين عاما ... منعتني للأصدقاء القياما
فإذا عمروا تمهّد عذري ... عندهم بالذي ذكرت قياما
وقال:
إذا ما مرّ يوم بعد يوم ... ووجهي ماؤه فيه مصون
وقوتي قرصتان إلى ثلاث ... بها ملح يكون ولا يكون
وسرّي آمن وأنا معافى ... وليس علي في الدنيا ديون
فما أشكو الزمان فإن شكوت الزّمان ... فإنّه مني جنون
(مرآة الزمان) .
ومن شعره أيضا:
يا سائلي عن حالتي ... خذ شرحها ملخّصا
قد صرت بعد قوّة ... تفضّ أفلاذ الحصى
أمشي على ثلاثة ... أجود ما فيها العصا
(وفيات الأعيان 4/ 451) .
[1] انظر عن (محمد بن فتّوح) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 565 رقم 1241.
[2] الطّلبيريّ: بفتح أوله وثانيه وكسر الباء الموحّدة ثم ياء مثنّاة من تحت ساكنة، وراء مهملة.
نسبة إلى مدينة بالأندلس من أعمال طليطلة كبيرة قديمة البناء على نهر تاجه، بضم الجيم.
(معجم البلدان 4/ 37) .
[3] وزاد ابن بشكوال: «متقدّما في علم الأحكام» .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.(34/289)
الأصمّ، فإنّه أدرَّ لهم. وأملى مجالس.
وتُوُفّي في شوّال وله سبْعٍ وثمانون سنة.
وقد سمع من أَبِي سَعْد فضل اللَّه المِيهَنيّ.
روى عَنْهُ: أبو البركات بْن الفُرَاويّ، وأبو طاهر السِّنْجيّ، وعُمَر بْن أحمد الصّفّار، وأبو نَصْر أحمد بْن عَبْد الوهّاب، وجماعة.
320- مُحَمَّد بن محمد بن محمد بن الطيب [1] .
أبو الفضل ابن الصّبّاغ البزّار.
سمع: ابن دُوَسْت العلّاف، وأبا القاسم بْن بِشْران.
وعنه: سِبْط الحناط، وابن ناصر، والسِّلَفيّ.
مات في صَفَر.
- حرف النون-
321- نَصْر اللَّه بْن أَحْمَد بْن عثمان [2] أبو عليّ الخُشْناميّ [3] النَّيْسابوريّ.
ثقة صالح. قاله أبو سَعْد السّمعانيّ [4] .
سمع: أبا عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ، وأبا بَكْر الحِيّري، وعليّ بْن أحمد بْن عَبْدان، وأبا سَعِيد الصَّيْرفيّ.
وصار مُسْنِد خُراسان. وطال عُمره، وما أراه يروي عن السّلميّ إلّا
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (نصر الله بن أحمد) في: الأنساب 5/ 131، والتحبير في المعجم الكبير (انظر فهرس الأعلام) 2/ 572، والسياق (مخطوط) ورقة 93 أ، والمنتخب من السياق 468 رقم 1596، والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 93 أ، والتقييد لابن نقطة 467، 468 رقم 629، واللباب 1/ 447، والعبر 3/ 352، وسير أعلام النبلاء 19/ 167، 168 رقم 91، والمعين في طبقات المحدّثين 146 رقم 1594، والإعلام بوفيات الأعلام 205، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 139، 140، وشذرات الذهب 3/ 409.
[3] الخشنامي: بضم الخاء وسكون الشين المعجمتين وفتح النون، وفي آخرها الميم.
[4] وزاد: «معمّر مكثر مسند ... وأدركت من أصحابه أكثر من عشرين نفسا» . (الأنساب 5/ 131) .(34/290)
حُضورًا، فإن السّمعانيّ قَالَ: وُلِد في رمضان سنة تسع وأربعمائة [1] .
قَالَ: وتُوُفّي في شَعْبان. روى لنا عَنْهُ خلق.
قلت: وقع لنا حديثه في جزء الفَلكَيّ.
وروى عَنْهُ: حفيده مسعود بْن أحمد، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ، وعبد الخالق بْن زاهر، وعُمَر بْن الصّفّار، وخلْق [2] .
322- نَصْر اللَّه بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن أحمد [3] .
أبو المكارم الوكيل، شيخ بغداد.
سمع من: القاضيَيْن: أَبِي الطَّيِّب الطَّبَريّ، وأبي يَعْلَى بْن الفُرَاويّ.
عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو الوفاء أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحُصَيْن.
تُوُفّي في المحرَّم.
- حرف الهاء-
323- هبة اللَّه بْن الحَسَن بْن عليّ [4] .
الكاتب تاج الرؤساء أبو نَصْر ابن أخت أمين الدّولة بْن المُوصلايا، وقد أسلما معًا.
لأبي نَصْر رسائل مدوّنة، وعاش سبعين سنة.
__________
[1] وأرّخ عبد الغافر ولادته بها. (المنتخب 468) وكذا ابن السمعاني في (الأنساب 5/ 131) .
[2] وقال عبد الغافر الفارسيّ: أصيل، نبيل، ثقة، مشهور، من بيت العلم والحديث.. عقد له مجلس الإملاء فأملى سنين إلى أن توفي.. وكان رجلا سديدا صالحا مشتغلا بنفسه وبالدهقنة وحضور مجالس الخير، وكان من المختصّين بشيخ الإسلام أبي عثمان الصابوني وخدمته وصحبته الأعزّة.
وقرأت من خطّهم أنّ السبب في أنّه سمّي نصر الله أنه لما قربت ولادته وكانت أمّه في الطّلق فزع أبوه إلى المصحف وتضرّع إلى الله تعالى في تسهيل ما كانت فيه أن نصر الله قريب، فولد أبو علي في الحال، فسمّوه نصر الله، وعلى الجملة كان من صالحي الرجال من أهل البيوتات.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (هبة الله بن الحسن) في: خريدة القصر (قسم شعراء العراق) ج 1/ 132- 134، ووفيات الأعيان 3/ 480 رقم (140) .(34/291)
ذكره ابن خَلَّكان: [1] أبو نَصْر بْن الموصلايا صاحب ديوان الإنشاء بدار الخلافة، قُلِّدَ الديوان بعد عمّه أَبِي سَعْد، فبقى نحو سنتين، ومات عَنْ سبعين سنة، وكان يبخل، إلّا أَنَّهُ كَانَ كثير الصدقة، ولم يُخَلِّف وارثًا [2] .
__________
[1] في وفيات الأعيان 3/ 480، وقال: كان فاضلا له معرفة بالأدب والبلاغة والخطّ الحسن، وكان ذا رسائل جيّدة، وهي مدوّنة أيضا ومشهورة.
[2] وقال العماد الأصفهاني: «ربّاه خاله، وكتب بين يديه في ديوان الإنشاء في الأيام القائميّة والمقتدية والمستظهرية. أسلم مع خاله على يد الإمام المقتدي. وكان لما أضرّ خاله، يكتب عنه ما جرت به العادة من الإنهاءات، فلما توفي خاله، ردّ ديوان الإنشاء إليه في الأيام المستظهرية، وخرج في الرسالة إلى السلاطين مرارا وعاد من الرسالة إلى بركياروق- بعد موته- إلى بغداد ... وكان لا يقاربه أحد في الإنشاء والعبارة. ولم يكتب كتابا قطّ فرجع فيه إلى مبيضة وجدت من شعره في الألغاز مقطّعات مستحسنة، فمنها قوله:
ومنكوح إذا ملكته كفّ ... وليس يكون في هذا مراء
له عين تجلّلها ضياء ... فإن كحّلت فبالميل العماء
يظلّ طليقه للوصل هونا ... وللحاشي بزورته احتماء
وقد أوضحته وأبنت عنه ... ففسّره، فقد برح الخفاء
هذا اللغز في الخاتم. وقوله:
وميتة فيها حراك إذا ... قامت على منبرها خاطبه
ساعية في غير منقوعها ... فهي إذن عاملة ناصبة
إن وطئت تحمل من وقتها ... حتى ترى مجذوبة جاذبه
تعرى من اللّبس، وفي جيدها ... قلائد تلفى بها كاسبه
تمدّ غرثاها بريّ إذا ... أضحت بروق للحيا كاذبة
هذه دالية الماء، وما دامت ملقاة فهي كالميتة، فإذا قامت على حائطها الّذي شبّهه بالمنبر صارت ذات حركة، وهي ساعية في نفع غيرها، وإذا وطئت بالأرجل تحمل من وقتها الماء، أو تحمل من يطؤها. (الخريدة) .(34/292)
سنة تسع وتسعين وأربعمائة
- حرف الألف-
324- أحمد بْن خَلَف [1] .
أبو عمر الأُمَويّ القُرْطُبيّ المؤدِّب. جوّد القرآن عَلَى أَبِي عَبْد اللَّه الطّرَفيّ المقرئ.
وسمع من حاتم بْن مُحَمَّد.
روى عَنْهُ: القاضي أبو عَبْد اللَّه بْن الحاجّ [2] .
325- أحمد بْن عَبْد المنعم بْن أحمد بْن بُنْدار [3] .
القائد أبو الفضل بْن الكُرَيْديّ.
سمع: أبا القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن الطّبيز، وأحمد بْن مُحَمَّد العَتِيقيّ، وأبا بَكْر أحمد بْن حُرَيْز السَّلَمَاسيّ، وعليّ بْن السِّمْسار.
قَالَ ابن عساكر: ثنا عَنْهُ أبو الحَسَن النّابُلسيّ، وعبد اللَّه بْن خليفة، وغالب بْن أحمد، وأبو الحَسَن بْن مهديّ الهلاليّ، وآخرون.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى بدمشق [4] .
326- أحمد بْن الفضل بْن أَبِي القاسم الأصبهاني [5] .
أبو الفضل القصّار، شيخ صالح.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن خلف) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 72، 73 رقم 158.
[2] وقال ابن بشكوال: «وكان معلّم كتّاب، وصاحب صلاة، حافظا للقرآن مع خير وانقباض» .
[3] انظر عن (أحمد بن عبد المنعم) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 3/ 159 رقم 186.
[4] وكان مولده سنة 418 هـ.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.(34/293)
سمع: أبا القاسم سِبْط بَحْرُوَيْه.
وبمكّة: سَعْد بْن عليّ، وهَيّاج بْن عَبْد الزّاهد.
تُوُفّي من البرد بطريق مكّة.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ.
327- أحمد بْن عليّ بْن عَبْد الغفّار [1] .
أبو طاهر البَيِّع البغداديّ.
روى عَنْ أَبِي تمام، عَنْ عليّ بْن مُحَمَّد الواسطيّ، وأبي الحَسَن محمد بْن أحمد بْن الحُسين السُّكّريّ.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وعبد الخالق بْن يوسف، وعُمَر بْن ظفر المَغَازليّ.
وقد سمع: أبا مُحَمَّد الخلّال، وضاع سماعه.
تُوُفّي في رمضان عَنْ نيف وثمانين سنة.
328- أحمد بْن مُحَمَّد [2] .
أبو بَكْر المَوَازِينيّ الإسكاف، شيخ بغداديّ.
سمع منه: السِّلَفيّ.
توفي في صفر.
- حرف الباء-
329- بدر [3] النشوي [4] .
أبو النجم الصوفي.
سافر الكثير، وصحب المشايخ، وسكن بغداد، وسمع بها من: أَبِي القاسم بن البسري، وأبي نصر الزّينبيّ. وحدّث.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] النّشوي: بفتح النون والشين المعجمة. هذه النسبة إلى نشا، ويقال: نشوى. وهي بلدة متّصلة بأذربيجان وأرمينية، ويقال لها: نخجوان، وهي من أعمال أرّان من بلاد أرمينية، بينها وبين تبريز ستة فراسخ. (الأنساب 12/ 86) .(34/294)
روى [عَنْهُ] [1] : السِّلَفيّ، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن حبيب بْن العامريّ، ومُحَمَّد بْن عليّ بْن فولاذ الطَّبَريّ. سمعوا منه في هذا العام.
وقال: أَنَا في عشر الثمانين.
330- بنجر بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَمُّوَيْه [2] .
أبو الوفاء الزّنْجانيّ [3] ، ثمّ الهَمَذانيّ.
قَالَ شِيرُوَيْه: كهْلٌ، سمع معنا. روى عَنْ: أَبِي الفَرَج البَجَليّ، وعبد الحميد بْن الحَسَن الفُقَاعيّ [4] ، ومُحَمَّد بْن الحُسين، وعامة مشايخنا.
مات في صَفَر، وكان صالحًا متديِّنًا صدوقًا.
- حرف الحاء-
331- الحَسَن بْن أحمد بْن عليّ بْن فتحان [5] بْن منصور بْن عَبْد اللَّه بْن دَلف ابن الأمير أَبِي دُلَف العِجْليّ ابن الشَّهْرَزُوريّ [6] .
العطّار أبو منصور، من ساكني خرابة ابن جرادة.
قرأ القرآن عَلَى: أَبِي نَصْر أحمد بْن مسرور.
وسمع من: أحمد بْن عليّ الثَّوْريّ، وأبي عليّ بْن المذهب، وطائفة.
قرأ عَلَيْهِ ولده شيخ القرّاء المبارك [7] .
__________
[1] إضافة على الأصل.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الزّنجاني: بفتح الزاي وسكون النون وفتح الجيم وفي آخرها نون. هذه النسبة إلى زنجان وهي بلدة على حدّ أذربيجان من بلاد الجبل، منها يتفرّق القوافل إلى الري وقزوين وهمذان وأصبهان. (الأنساب 6/ 306) .
[4] الفقاعي: بضم الفاء وفتح القاف وفي آخرها العين المهملة، هذه النسبة إلى بيع الفقاع وعمله. (الأنساب 9/ 322) .
[5] انظر عن (الحسن بن أحمد) في: غاية النهاية 1/ 207 رقم 952 وفيه «فتخان» بالخاء المعجمة.
[6] الشّهرزوري: بفتح الشين المعجمة، وسكون الهاء، وضم الراء والزاي، وفي آخرها راء. هذه النسبة إلى شهرزور وهي بلدة بين الموصل وزنجان، بناها زور بن الضّحّاك، فقيل «شهرزور» يعني: بلدزور. (الأنساب) .
[7] ترجمته في (الأنساب 7/ 420) وقد توفي سنة 550 هـ.(34/295)
وحدَّثَ عَنْهُ هُوَ، والسِّلَفيّ.
مات في جُمَادَى الآخرة. ذكره ابن النّجّار.
- حرف الدال-
332- دارا بن العلاء بْن أحمد [1] .
أبو الفتح الفارسيّ الكاتب البليغ، ذو النَّظْم النَّضير كاتب السّلطان ملك شاه.
سمع مَعَ نظام المُلْك من: ابن شكْرُوَيْه الأصبهاني، وطائفة.
وأخذ عَنْهُ: السِّلَفيّ، وهزارسْت.
أرّخه [ابن] [2] النّجّار.
- حرف الحاء-
333- الحُسين بْن إِبْرَاهِيم [3] .
أبو عَبْد اللَّه النَّطَنْزِيّ [4] الأصبهاني، النَّحْويّ، الملقب بذي اللّسانين.
من كبار أئمة العربية.
334- الحُسين بْن سَعْد الآمِديّ [5] .
الأديب.
حدَّثَ بأصبهان عَن ابن غَيْلان، وبها تُوُفّي.
- حرف الخاء-
335- خمارتِكِن [6] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته، وهو في الجزء المفقود من (ذيل تاريخ بغداد لابن النجار) .
[2] إضافة على الأصل.
[3] تقدّمت ترجمته برقم (274) .
[4] في الأصل: «التطيري» .
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] في الأصل: «خمارتن» ، والتصحيح من:
معجم السفر 1/ 233، 234 رقم 117 وصفحة 236 (في ترجمة: خطّاب بن مروان رقم 119) ، وتلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب لابن الفوطي 1124 رقم 1680.(34/296)
أبو منصور الجستانيّ [1] ، أمير الحاجّ.
قَالَ السِّلَفيّ: [2] قرأنا عَلَيْهِ بالمدينة النبوية [3] : أخبركم أبو مُحَمَّد الجوهريّ.
تُوُفّي بمراغة [4] في المحرَّم.
- حرف السين-
336- سهل بْن أحمد بْن عليّ [5] .
الحاكم أبو الفتح الأَرْغِيَانيّ [6] الفقيه الشّافعيّ الزّاهد، أحد الأئمة.
تفقّه على القاضي حسين، وأخذ الأصول والتّفسير عَنْ شهفور الإسْفَرائينيّ بطُوس. وأخذ عَنْ أَبِي المعالي الجوينيّ علم الكلام [7] .
__________
[1] لم أقف على هذه النسبة.
[2] في معجم السفر 1/ 233.
[3] بين القبر والمنبر، وقبل ذلك بالكوفة سنة سبع وتسعين وأربعمائة، ولم نجد له عن غير الجوهري شيئا.
[4] من مدن آذربيجان.
[5] انظر عن (سهل بن أحمد) في: الإكمال لابن ماكولا 1/ 576 بالحاشية، وذيل تاريخ نيسابور (مخطوط) 28 ب، والأنساب 1/ 186، والمنتظم 9/ 146 رقم 235 (17/ 96 رقم 3757) ، والمنتخب من السياق 247، 248 رقم 787، ومعجم البلدان 1/ 153، واللباب 1/ 33، 93، والكامل في التاريخ 10/ 415، 416، ووفيات الأعيان 2/ 152، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 169، وطبقات الشافعية الوسطى، له (مخطوط) ورقة 190 ب، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 67، والوافي بالوفيات 16/ 13، 14 رقم 17، والبداية والنهاية 12/ 166، والديباج المذهب 1/ 71، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 272 رقم 229، وروضات الجنات 325، وهدية العارفين 1/ 413، والأعلام 3/ 209، ومعجم المؤلفين 4/ 283، وديوان الإسلام 1/ 102 رقم 132.
[6] الأرغياني: بفتح الألف وسكون الراء وكسر الغين المعجمة وفتح الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها النون. (الأنساب) .
[7] وزاد عبد الغافر الفارسيّ: «وناظر في مجلسه فارتضى كلامه، وكان شريكه في الأصول الإمام إسماعيل الحكم الطوسي، ثم خرج إلى الحج ولقي المشايخ الذين أدركهم بالعراق والحجاز والجبال، وسمع منهم بعض ما كان معه من مسموعات خراسان.
ولما رجع من مكة دخل على الشيخ العارف الحسن السمناني شيخ شيخ وقته زائرا، فأشار عليه بترك المناظرة والاشتغال بالخلاف، فتركها لإشارته، ولم يناظر بعد ذلك، وترك القضاء باختياره، ولزوم الانزواء. وبنى دويرة بالناصبية للصوفية والمتفقهة من خالص ماله، وبقي(34/297)
وولى القضاء بناحيته أَرْغِيان، وهي قُرَى كثيرة من أعمال نَيْسابور. ثمّ تعبد وترك القضاء وآوى إلى الخانقاه، ووقف عليها، ولزم العبادة، وصحب الزّاهد حَسَن السِّمْنانيّ [1] .
وله فتاوى مجموعة معروفة بِهِ.
وقد سمع: أبا حفص بْن مسرور، وأبا عثمان الصّابونيّ، وهذه الطبقة فأكثر.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّنْجيّ، وغيره.
تُوُفّي في يوم النَّحْر [2] .
- حرف العين-
337- عَبْد اللَّه بْن علي بْن إِسْحَاق بْن العبّاس [3] .
أبو القاسم الطُّوسيّ، أخو نظام المُلْك [4] .
قَالَ السّمعانيّ: أحد مشايخ نَيْسابور في عصره، العفيف في نفسه، النّظيف في ملابسه ومجالسه وصلواته، المواظب عَلَى قراءته للقرآن في أكثر أحواله.
دخل نَيْسابور في طلب العلم، وسمع الحديث، وكان من أولاد الدّهاقين، لهم ضيعةٌ موروثة، وكان يتجمّل بها.
__________
[ () ] كذلك على قراءة القرآن، ودوام الصيام، وكثرة العبادة، والاحتياط في الطهارة والنظافة سنين إلى أن توفي على تيقّظ وتقى وحسن حال ودوام مشاهدة وذكر وقراءة.
[1] السّمناني: بكسر السين المهملة، وفتح الميم، والنون. وقد تقدّم التعريف بها في هذه الطبقة.
[2] وقال ابن السمعاني: الأرغياني من قرية بان، إمام فاضل حسن السيرة، وتفقّه على القاضي الحسين بن محمد المروزي وأقام عنده حتى حصّل طريقته، وذكر أنه ما علّق شيئا من المذهب إلّا على الطهارة، ودخل طوس وحصّل التفسير والأصول من شهفور الأسفرائيني، ثم دخل نيسابور وقرأ الكلام على أبي المعالي الجويني، وعاد إلى ناحيته وولي القضاء بها وحمدت سيرته في ولايته، ثم ترك القضاء وانزوى بعد أن حجّ واشتغل بالعبادة ... وأكثر من الحديث.. وكانت ولادته سنة ست وعشرين وأربعمائة. (الأنساب 1/ 186) .
[3] انظر عن (عبد الله بن علي الطوسي) في: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 206، 207، ومرآة الجنان 3/ 161.
[4] في مرآة الجنان: «أخو نظام الله وعبد الله» .(34/298)
ثمّ استمرّ بِهِ الحال إلى أن تَرَقّى أمرُ أخيه، فما غير هيئته.
سمع: أبا حسّان مُحَمَّد بْن أحمد المُزَكيّ، وأبا عثمان الصّابونيّ، وأبا حفص بْن مسرور.
سمع منه والدي. روى لنا عَنْهُ جماعة. وحدَّثَ ببغداد، ثنا عَنْهُ بها ابن السَّمَرْقَنْديّ.
وكان مولده في سنة أربع عشرة وأربعمائة، ومات في جُمَادَى الآخرة.
338- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن الخوّاص البغداديّ [1] .
أبو نَصْر الدّبّاس.
سمع: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا القاسم التّنُوخيّ.
روى عَنْهُ: المبارك بْن أحمد، والسِّلَفيّ، وغيرهما.
قَالَ السِّلَفيّ: كَانَ مشهورًا بالصلاح، وسماعه صحيح.
339- عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن أحمد [2] .
أبو مُسْلِم الشِّيرازيّ اللُّغَويّ النَّحْويّ.
لَهُ عدة مصنَّفات.
قَالَ السِّلَفيّ: كَانَ من أفراد الدّهر وأعيان العصر، متفنّنًا، نحويا، لُغَويا، فقيهًا، متكلمًا، شاعرًا. لَهُ مصنَّفات كثيرة. وكان حافظًا للتواريخ. ما رأينا في معناه مثله.
تُوُفّي في ذي الحجة وقد نيّف على التّسعين. حضرت الصّلاة عَلَيْهِ.
340- عليّ بْن الحَسَن بْن عَبْد السّلام [3] بن أبي الحزوّر [4] .
الْأَزْدِيّ الدّمشقيّ، أبو الحَسَن.
سمع: أبا الحَسَن بْن السِّمْسار، ومُحَمَّد بْن عَوْف، وأبا عثمان الصّابونيّ.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (عبد العزيز بن محمد) في: بغية الوعاة 2/ 102 رقم 1548.
[3] انظر عن (علي بن الحسن) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 17/ 217 رقم 110.
[4] الحزوّر: بفتح الحاء المهملة والزاي والواو المشدّدة، وآخره راء.(34/299)
وعنه: الخضر بْن عَبْدان، ونصر بْن أحمد السُّوسيّ.
تُوُفّي في ربيع الأوَّل [1] . وكان يقرأ عَلَى القبور.
341- عليّ بْن هبة اللَّه بْن حَسَن بْن أَبِي صادق [2] .
أبو سَعْد الحِيّريّ النَّيْسابوريّ.
حدَّثَ في آخر هذه السنة، ولا أعلم مَتَى مات.
سمع: عليّ بْن مُحَمَّد الطّرَازِيّ صاحب الأصمّ، وأبا عُمَر، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الرَّزْجاهيّ [3] ، وأبا عَبْد اللَّه بْن باكُوَيْه، ومُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم المُزَكيّ.
روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه التَّفْتازَانيّ [4] .
342- عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بن يوسف [5] .
__________
[1] مولده سنة 424، وحدّث سنة 487 هـ.
[2] انظر عن (علي بن هبة الله) في: الأنساب 3/ 65 وفيه: «أبو سعيد علي بن عبد الله بن أبي صادق الحيريّ» ، ومعجم البلدان 2/ 35 وفيه: «أبو سعيد عليّ بن عبد الله بن أبي الحَسَن بن أبي صادق الحيريّ» ، وسير أعلام النبلاء 19/ 224 (دون رقم ودون ترجمة) وفيه أيضا: «أبو سعد علي بن عبد الله بن أبي صادق الحيريّ» .
[3] الرّزجاهي: بفتح الراء وسكون الزاي وفتح الجيم وفي آخرها الهاء، هذه النسبة إلى رزجاه، وهي قرية من قرى بسطام، وهي مدينة قومس. (الأنساب 6/ 110) .
[4] في الأنساب 3/ 64: «عبيد الله بن إبراهيم التفتازاني» .
و «التفتازاني» بالتاءين المنقوطتين باثنتين من فوقهما وبينهما الفاء والزاي بين الألفين وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى تفتازان وهي قرية قريبة بنواحي نسا في الجبل. (الأنساب 3/ 64) .
[5] انظر عن (علي بن عبد الرحمن) في: صلة الصلة 80، والتكملة لكتاب الصلة، رقم 1838 و 2283، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (السفر الخامس- القسم الأول) 250- 252 رقم 502، وقد طوّل في اسمه ونسبه، فقال: «علي بن عبد الرحمن بن يوسف بن يوسف بن مروان بن يحيى بن الحسين بن أفلح بن قيس بن سعد بن الحسن بن ظريف بن علي بن الحسين بن يحيى بن سعيد بن قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم» كذا نقلت نسبه من خط غير واحد من عقبه، وأرى أن فيه تخليطا، وأنه ليس من ذريّة قيس بن سعد بن عبادة وإنما هو من ذريّة سعيد بن سعد بن عبادة. فقد ذكر أبو محمد بن حزم في «جماهر النسب» (هكذا) أن لسعيد بن سعد هذا عقبا بالأندلس بقرية يقال له قرفلان من عمل سرقسطة من قبل الحسين بن يحيى بن سعيد بن سعد بن عبادة، ولذلك أرى أن إقحام قيس بن سعيد وسعد وهم. والله أعلم.(34/300)
أبو الحَسَن الْأَنْصَارِيّ العَبّاديّ الطُّلَيْطُليّ، ويُعرف بابن اللّونقه [1] .
روى عَنْ: أَبِي المطرِّف بْن سَلَمَة، وأبي سَعِيد الورّاق، وابن عَبْد البَرّ النمري.
وكان فقيها ورعا، بصيرا بالطّبّ، أخذه عن أبي المطرف بن وافد [2] .
توفي بقرطبة في هذه السنة أو في التي قبلها.
روى [عنه] : [3] ابنه الحسن.
343- عمر بن المبارك بن عمر بن عثمان بن الخرقيّ [4] .
__________
[1] في الأصل: «اللويقة» . وقال المراكشي: وعلي المترجم به الطليطلي، خرج منها قبل تغلّب الروم عليها بيسير، وتجوّل في كثير من بلاد الأندلس وسكن طائفة منها، فنزل بطليوس ثم إشبيلية ثم قرطبة، أبو الحسن اللّونقه، وتفسيره طويل.
[2] وافد: بالفاء. انظر عنه في: طبقات الأمم لصاعد 83، 84، وعيون الأنباء 3/ 79، وكان مسدّد. العلاج وله مجرّبات في الطبّ نافعة أخذت عنه فحمد اختباره إيّاها واختياره.
[3] ساقطة من الأصل.
[4] انظر عن (عمر بن المبارك) في: المنتظم 9/ 146، 147 رقم 236 (17/ 96، 97 رقم 3758) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 17، وسير أعلام النبلاء 19/ 224 دون رقم أو ترجمة، وفيه نسبته: «الحرفي» .
وقد اختلطت ترجمة «عمر بن المبارك» بترجمة الّذي بعده «محمد بن أحمد بن علي بن عبد الرزاق الخياط» ، وذلك في الطبعتين من (المنتظم) ، وفي (مرآة الزمان) .
وأفرد المؤلّف الذهبي- رحمه الله- ترجمة لابن عبد الرزاق الخياط، لشهرته في (سير أعلام النبلاء) ، واكتفى بذكر وفاة «عمر بن المبارك» في هذه السنة دون ترجمة.
ويقول خادم العلم محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : إنّ القارئ المتصفّح لترجمة «عمر بن المبارك» لا يتنبّه إلى الخلط الحاصل في ترجمته وترجمة الّذي بعده لأول وهلة، ذلك أنه لم يذكر اسم صاحب الترجمة الثانية «محمد بن أحمد بن علي» ، لا في (المنتظم) بطبعتيه، ولا في (مرآة الزمان) . وكدت أقع في هذا الخلط لولا أنني توقفت عند تاريخ ولادة «عمر بن المبارك» ، و «محمد بن أحمد الخياط» فإذا تاريخ مولد الأول هو سنة 423، ووفاته في نصف جمادى الآخرة 499 مما يعني أنه توفي عن 77 سنة.
وإذا بالثاني ولد سنة 401 وتوفي في شهر المحرّم سنة 499 مما يعني أنه توفي عن 99 سنة.
لهذا زعم أنّ «ابن الجوزي» حين وضع كتابه جمع جذاذاته وفيها ترجمة «عمر بن المبارك» على حدة، و «محمد بن أحمد الخياط» على حدة، وحين باشر بترتيب كتابه سقط منه القسم الأكبر من ترجمة «عمر» ، واسم صاحب الترجمة الثانية «محمد بن أحمد» وبقيت ترجمته، وبهذا تداخلت الترجمتان معا في ترجمة واحدة، ثم جاء سبطه فنقل عنه دون أن يتنبّه لسقوط(34/301)
أبو الفوارس المحتسب البغدادي.
قال السمعاني: شيخ صالح دين خير. سمع أبا القاسم بْن بِشْران. ثنا عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وعُمَر المَغَازليّ، ومحمد بن محمد السّنجيّ.
__________
[ () ] اسم «محمد بن أحمد الخياط» والخلط بين الترجمتين.
ونتيجة لسقوط اسم «محمد بن أحمد الخياط» من (المنتظم) و (مرآة الزمان) برغم وجود ترجمته، فإن الشيخ «شعيب الأرنئوط» لم يذكر هذين المصدرين بين مصادر ترجمته في (سير أعلام النبلاء) انظر ج 19/ 22 بالحاشية.
ولتوضيح الخلط الحاصل أجد من الفائدة إثبات النص الوارد في (المنتظم) ثم الوارد في (مرآة الزمان) .
قال في المنتظم:
«عمر بن المبارك بن عمر، أبو الفوارس:
ولد سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة، وقرأ القرآن، وسمع الحديث من أبي القاسم بن بشران، وأبي منصور السوّاق، وأبي الحسن القزويني، وغيرهم، وأقرأ السنين الطويلة، وختم القرآن عليه ألوف من الناس. وروى الحديث الكثير، فحدّثنا عنه ابن ابنته أبو محمد المقري، وكان من كبار الصالحين الزاهدين المتعبّدين حتى إنه كان له ورد بين العشاءين يقرأ فيه سبعا من القرآن قائما وقاعدا، فلم يقطعه مع علوّ السّنّ. وتوفي ضحى نهار يوم الأربعاء سادس عشر المحرم عن سبع وسبعين ممتّعا بسمعه وبصره وعقله، وأخرج من الغد فصلّى عليه سبطه أبو محمد في جامع القصر، وحضر جنازته ما لا يحدّ من الناس، حتى إن الأشياخ ببغداد كانوا يقولون: ما رأينا جمعا قط هكذا، لا جمع ابن القزويني ولا جمع ابن الفراء، ولا جمع الشريف أبي جعفر، وهذه الجموع التي تناهت إليها الكثرة، وشغل الناس ذلك اليوم وفيما بعده عن المعاش، فلم يقدر أحد من نقاد الباعة في ذلك الأسبوع على تحصيل نقده.
وقال لي أبو محمد سبطه: دخل إليّ رجل بعد رجوعي من قبر جدّي، فقال لي: رأيت مثل هذا الجمع قطّ؟ فقلت: لا، فقال لي: ذاك من ها هنا خرج، يشير إلى المسجد ويأمرني فيه بالاجتهاد.
ورئي أبو منصور (كذا) في النوم، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي بتعليم الصبيان فاتحة الكتاب» .
وقال في (مرآة الزمان) :
«وفيها توفي عمر بن المبارك بن عمر أبو الفوارس البغدادي، ولد سنة 413 قرأ القرآن وبرع في علمه وأقرأ الناس سنين كثيرة، وختم عليه ألوف من الناس، وسمع الحديث الكثير، وكان من كبار الصالحين الزهّاد والمتعبّدين، وكان له ورد بين العشاءين يقرأ فيه سبعا دائما لم يقطعه مع علوّ السّنّ، وبلغ سبعا وتسعين سنة ممتّعا بسمعه وبصره وعقله، وكانت وفاته في المحرّم ... » .
ثم ذكر كثرة الخلق في جنازته.
وأعود هنا فأفلت إلى الاختلاف في تواريخ الولادة والوفاة والسّنّ فلتراجع. ثم للمقارنة مع الترجمة التالية.(34/302)
قلت: وروى عَنْهُ السِّلَفيّ في «البشرانيات» .
تُوُفّي في نصف جُمَادَى الآخرة.
- حرف الميم-
344- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ بْن عَبْد الرّزّاق [1] .
الشَّيْخ أبو منصور الخياط البغداديّ المقرئ الزّاهد.
قَالَ السّمعانيّ: ثقة صالح عابد، يقرئ النّاس ويلقن.
قلت: سمع: أبا القاسم بْن بِشْران، وأبا بَكْر مُحَمَّد بْن عُمَر بْن الأخضر الفقيه، وعبد الغفار بْن مُحَمَّد المؤدِّب وحدَّثَ عَنْهُ ب «مُسْنِد الحُمَيْديّ» .
وقرأ القرآن عَلَى الشَّيْخ أَبِي نَصْر بْن مسرور المقرئ.
وكان قديم المولد، فلو أَنَّهُ سمع في حدود العشر وأربعمائة، فكان يمكن أنّ يقرأ عَلَى أَبِي الحَسَن الحمّاميّ ولكنّ هذه الأشياء قسمية.
روى عَنْهُ جماعة منهم: سِبْطاه أبو عَبْد اللَّه الحُسين، والمقرئ الكبير أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّه شيخنا الكِنْديّ، وابن ناصر، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو الفضل خطيب المَوْصِل، وسعد اللَّه بْن الدّجاجي، وأحمد البَاجِسْرَائيّ.
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ لَهُ ورد بين العشائين، يقرأ فيه سبعًا من القرآن قائمًا وقاعدًا، حتّى طعن في السّنّ وكان صاحب كرامات.
قَالَ ابن ناصر: كانت لَهُ كرامات.
وقال أبو منصور بْن خَيْرُون: ما رأيت مثل يوم صُلِّيَ عليّ أَبِي منصور
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد بن علي) في: المنتظم 9/ 146، 147 رقم 236 (17/ 96، 97 رقم 3758) في ترجمة (عمر بن المبارك) ، وكذا في مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 17، وانظر ترجمته المفردة في: الكامل في التاريخ 10/ 415، وطبقات الحنابلة 2/ 254 رقم 696، والمعين في طبقات المحدّثين 147 رقم 1594، والإعلام بوفيات الأعلام 205، وسير أعلام النبلاء 19/ 222- 224 رقم 137، ودول الإسلام 2/ 28، والعبر 3/ 353، ومعرفة القراء الكبار 1/ 457- 459 رقم 399، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 95- 99 رقم 46، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 153، 154، والبداية والنهاية 12/ 166، وغاية النهاية 2/ 74، 75، وشذرات الذهب 3/ 406، 407.(34/303)
الخيّاط من كثرة الخلْق والتبرك بالجنازة.
وقال السّمعانيّ: وقد رئي بعد موته في المنام، فَقِيل لَهُ: مَا فَعَلَ اللَّه بِكَ؟ قَالَ: غُفِر لي بتعليمي الصبّيان فاتحة الكتاب.
وكان إمام مسجد ابن جَرْدَة بالحَرَم الشّريف، واعتكف فيه مدة يعلِّم العُمْيان القرآن للَّه، ويسأل لهم، وينفق عليهم.
قَالَ ابن النّجّار في «تاريخه» : إلى أنّ بلغ عدد من أقرأهم القرآن من العُميان سبعين ألفًا. قَالَ: هكذا رأيته بخط أَبِي نَصْر اليُونَارْتيّ.
قلت: هذا غلطٌ لا ريب فيه، لعلّه أراد أنّ يكتب سبعين نفسًا، فكتب سبعين ألفًا. ولا شك أنّ من ختم عليه القرآن سبعون أعمى يعزّ وقوع مثله [1] .
قَالَ السِّلَفيّ: ذكر لي المؤتمن السّاجيّ في ثاني جمعة من وفاة أَبِي منصور: اليوم ختموا عَلَى رأس قبره مائتين وإحدى وعشرين ختمة، يعني أنّهم كانوا قد قرءوا الختم قبل ذَلِكَ إلى سَورَة الإخلاص، فاجتمعوا هناك، ودعوا عقيب كل ختمة.
قَالَ السِّلَفيّ: وقال أَبِي عليّ بْن الأمير العُكْبَريّ، وكان رجلًا صالحًا:
حضرت جنازة أَبِي منصور، فلم أر أكثر خلقًا منها، فاستقبلنا يهودي، فرأى كثرة الزّحام والخلْق فقال: أشهد أنّ هذا هُوَ الحقّ، وأسلم.
تُوُفّي يوم الأربعاء سادس عشر محرَّم سنة تسعٍ [2] ، ودفن بمقبرة باب حرب [3] .
__________
[1] علّق ابن الجزريّ على قول المؤلّف بما نصّه: «لا يزال الذهبي يستبعد الممكنات ويردّ على الثقات، وهذا الرجل، أعني أبا منصور كان منتصبا للتلقين منقطعا إليه، وعمّر طويلا، ولا يخفى كيف كانت بغداد وما كان بها من العالم، فهذه دمشق أخبرني الشيخ الصالح إبراهيم الصوفي الملقّن بالجامع الأموي أنّ الذين قرءوا عليه القرآن نيف عن عشرين ألفا. (غاية النهاية 2/ 74) .
[2] ووقع في (المعين في طبقات المحدّثين 147) أن وفاته سنة 497 هـ.
[3] راجع تعليقنا على الترجمة السابقة.(34/304)
345- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن خَلَف [1] .
أبو نعيم الواسطيّ ابن الْجُمَّاريّ [2] .
روى «مُسْنِد مسدَّد» [3] ، عَنْ أحمد بْن المظفّر [4] العطّار.
روى عَنْهُ: عليّ بْن نغوبا، وهبة اللَّه بْن البوقي [5] ، وهبة اللَّه بْن الحلخت، وأبو طَالِب مُحَمَّد بْن عليّ الكتّانيّ.
وثّقه الحافظ خميس الحَوْزيّ [6] .
آخر ما حدَّثَ في هذه السنة. ولم تُؤرَّخ وفاته [7] .
346- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن يحيى [8] .
أبو البركات بْن الوكيل، الخباز [9] ، المقرئ، الشِّيرَجيّ [10] . أحد الفُضَلاء بالكَرْخ [11] .
قرأ القراءات عَلَى: أَبِي العلاء الواسطيّ، والحسن بْن الصَّقْر، وعليّ بْن طلحة الْبَصْرِيّ، ومحمد بن بكير النّجّار.
__________
[1] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي 66 رقم 28، والأنساب 3/ 290 بالحاشية، والاستدراك لابن نقطة (مخطوط) ورقة 102 ب، وسير أعلام النبلاء 19/ 245، 246 رقم 152، وتبصير المنتبه 1/ 246.
[2] الجمّاريّ: بضم الجيم وتشديد الميم وبعد الألف راء مكسورة. هكذا ضبطها ابن نقطة.
[3] هو «مسدّد بن مسرهد» المتوفى سنة 228 هـ.
[4] في الأصل: «أحمد بن أبي المظفر» ، والتحرير من: الاستدراك، والسير.
[5] البوقي: بالضم ثم واو ساكنة نسبة إلى بوقة قرية بأنطاكيّة. (توضيح المشتبه 1/ 464، 465)
[6] في سؤالات السلفي 66.
[7] وذكر الذهبي في (سير أعلام النبلاء 19/ 246) : «توفي في حدود سنة خمسمائة، فإنه حدّث في سنة تسع وتسعين وأربعمائة» .
[8] انظر عن (محمد بن عبد الله الشيرجي) في: المنتظم 9/ 147 رقم 237 (17/ 97 رقم 3759) ، ومعرفة القراء الكبار 1/ 459، 460 رقم 400، وغاية النهاية 2/ 187، 188، والنجوم الزاهرة 5/ 193، وشذرات الذهب 3/ 410.
[9] زاد في (معرفة القراء الكبار) : «الدّبّاس» .
[10] الشّيرجيّ: بكسر الشين المعجمة، وسكون الياء، وفتح الراء، وفي آخرها الجيم. هذه النسبة إلى بيع دهن الشّيرج وهو دهن السمسم. وببغداد يقال لمن يبيع الشيرج: الشيرجي والشيرجاني. (الأنساب 7/ 454) .
[11] في الأصل: «بالكرج» والتصحيح من: المنتظم، والسير.(34/305)
وتفقّه عَلَى: أَبِي الطَّيِّب الطَّبَريّ [1] .
وسمع «ديوان المتنبيّ» من عليّ بْن أيّوب.
وسمع: أبا القاسم بْن بِشْران.
قرأ عَلَيْهِ: أبو الكرم الشَّهْرَزُوريّ، والسِّلَفيّ، والسبط الحنّاط.
وروى عَنْهُ: أبو بَكْر محمد بْن منصور السّمعانيّ، وابن ناصر، والسِّلَفيّ، وأبو بَكْر عَبْد اللَّه بْن النَّقُّور.
قَالَ ابن ناصر: كَانَ رجلًا صالحًا، اتُّهِمَ بالإعتزال، ولم يكن يذكره، ولا يدعو إِلَيْهِ.
وقال أبو المُعَمَّر المبارك بْن أحمد: دخلت عَلَيْهِ مَعَ المؤتَمَن السّاجيّ في مرضه، فقال لَهُ المؤتمن: يا شيخنا، بلغنا عنك أشياء. فقال: ذَلِكَ صحيح، وأنا قد رجعت إلى الله، وتبت عن ذَلِكَ الاعتقاد.
وُلِد في رمضان سنة ستٍّ وأربعمائة [2] ، ومات في ربيع الأوَّل، وله ثلاثٌ وتسعون سنة.
347- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن الحَسَن بْن الحُسين بْن أَبِي البقاء [3] .
أبو الفَرَج الْبَصْرِيّ، قاضي القضاة بالبصرة.
كَانَ عالمًا، فهمًأ، فصيحًا، كثير المحفوظ، مهيبًا، تام المروءة، متدينًا [4] .
قدِم بغداد وسمع: الطَّبَريّ، والتنوخي، وأبا الحَسَن الماوَرْدِيّ.
وكان يقرئ كُتُب الأدب.
تُوُفّي في المحرّم بالبصرة.
__________
[1] تفقّه عليه سنين.
[2] المنتظم.
[3] انظر عن (محمد بن عبيد الله) في: المنتظم 9/ 147، 148 رقم 238 (17/ 97، 98 رقم 3760) ، والكامل في التاريخ 10/ 415 وفيه: «عبيد الله بن الحسن» دون ذكر اسمه «محمد» ، ومعجم الأدباء 18/ 234 رقم 70، والوافي بالوفيات 4/ 9، والبداية والنهاية 12/ 166، وبغية الوعاة 1/ 170 رقم 284، ومعجم المؤلفين 10/ 277.
[4] وقال ابن الجوزي: «وكان ممن يخشع قلبه عند الذكر ويبكي» .(34/306)
وقد سمع بالكوفة من: مُحَمَّد بْن علي بْن عَبْد الرَّحْمَن العَلَويّ.
وبالبصرة من: الفضل بْن مُحَمَّد القصباني [1] ، وعيسى بْن موسى الأندلسيّ، وبواسط من: أبي غالب مُحَمَّد بْن أحمد بْن بِشْران.
وأملى مجالس بجامع البصرة.
روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة الصَّدَفيّ وقال:
كَانَ من أعلم النّاس بالعربية واللّغة. وله تصانيف، ما رأيت مجلسًا أوقر من مجلسه.
وَقَالَ السِّلَفِيُّ: أَنَا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَلَفٍ، عَنِ ابْنِ رَوَاجٍ، عَنْهُ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو الْفَرَجِ قَالَ: أنبا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بِشْرٍ الْبَصْرِيُّ، أَنَا طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نا أَبُو خَلِيفَةَ، نا مُسَدَّدٌ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، نا مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ فَلَهُ وَلَاؤُهُ» . قَالَ السِّلَفيّ: كَانَ من أجلّاء القُضاة، وبنى [2] دارًا للعِلْم بالبصرة في غاية الحَسَن والزخرفة، ووقف بها اثني عشر ألف مجلَّدة، ثمّ ذهبت عند فتنة العرب والتُّرْك لمّا نُهْبت البصْرة [3] .
348- المُعَمَّر بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن إسماعيل [4] .
أبو البقاء الكوفيّ، الحبّال، الخزّاز، المعروف في بلده. بخريبة.
__________
[1] القصباني: بفتح القاف والصاد المهملة والباء الموحّدة بعدها الألف وفي آخرها النون: هذه النسبة إلى القصب وبيعه. (الأنساب 10/ 167، 168) .
[2] في الأصل: «بنا» .
[3] وقال ياقوت: «روى عن الماوردي كتبه كلّها، وكان حافظا للفقه، حسن المذاكرة، كثير القراءة، محتشما عن السلاطين، وله تصانيف حسان منها: مقدّمة في النحو، كتاب المتقعّرين.
وسمع في مرضه يقول: ما أخشى أنّ الله يحاسبني أنّني أخذت شيئا من وقف أو مال يتيم» .
(معجم الأدباء 18/ 234) .
[4] انظر عن (المعمّر بن محمد) في: التحبير 1/ 134، 576 و 2/ 360، والمعين في طبقات المحدّثين 147 رقم 1596، والعبر 3/ 354، والإعلام بوفيات الأعلام 205، وسير أعلام النبلاء 19/ 209، 210 رقم 127، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 154، ومرآة الجنان 3/ 161، والنجوم الزاهرة 5/ 193، وشذرات الذهب 3/ 410.(34/307)
روى بالكوفة وبغداد عَن الكبار.
سمع: القاضي جناح بْن نذير المُحَارِبيّ، وزيد بْن أَبِي هاشم العَلَويّ، وأبا الطَّيِّب أحمد بْن عليّ الجعفريّ.
روى عنه: عَبْد الوهّاب الأنماطي، وكثير بْن سماليق، والمبارك بْن أحمد الْأَنْصَارِيّ، وعبد الخالق اليُوسُفيّ، وابن ناصر، والسِّلَفيّ.
قَالَ السّمعانيّ: شيخ ثقة، صحيح السّماع، انتشرت عَنْهُ الرّواية، وعُمّر حتّى روى كثيرًا.
وقال: قليل السّماع، إلّا أَنَّهُ بُورك لَهُ فيما سمع. روى لنا عَنْهُ: أبو طاهر السِّنْجيّ، وأبو المعالي الحُلْوانيّ بمَرْو، وأبو القاسم إسماعيل الحافظ بأصبهان.
وقد سأله هُزَارسْت بْن عوض عَنْ مولده، فقال: سنة عَشْر وأربعمائة.
وقال أبو بَكْر بْن طُرْخان، والحسين بْن خَسْرُو: وسألناه عَنْ مولده فقال:
سنة ثلاث عشرة.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة بالكوفة.
349- مكّيّ بْن بجير بْن عَبْد اللَّه بْن مكّيّ بْن أحمد [1] .
أبو مُحَمَّد الهَمَذانيّ الشّعّار.
سمع من: شيخه أَبِي القاسم نَصْر بْن عليّ، وابن حُمَيْد، وابن أَبِي اللَّيْث، وأبي سَعْد بن الصّفّار، وأبي سَعْد بْن ممسوس، وأبي طَالِب بْن الصّبّاح، وهارون بْن ماهلة، وابن مأمون، وعامّة مشايخ هَمَذَان.
ورحل إلى بغداد، فسمع من أَبِي مُحَمَّد الجوهريّ، وأبي جعفر بْن المسلمة. وجمع كُتُبًا كثيرة في العلوم.
قَالَ شِيرُوَيْه: كُنَّا نسمع بقراءته من مشايخ البلد ومن القادمين، وكان حسن السيرة، شديدًا في السُّنّة، متعصِّبًا لأهل الأثر، مؤمنًا، متواضعًا.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.(34/308)
قلت: روى عَنْه: أبو طاهر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ: وأبو الفتوح مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الطّائيّ، وطائفة سواهم.
تُوُفّي في ثامن وعشرين جُمَادَى الآخرة.
350- مُهَارِش بْن مجلي بْن عُكَيْث [1] .
أبو الحارث مجير الدين العقيلي أمير العرب بعانة والحُدَيْثَة.
كَانَ كثير الصلاة والخير والبِرّ [2] ، يتصدّق كلّ يوم بثلاثمائة رطل خُبْز.
ولمّا خرج أرسلان البساسيريُ في سنة خمس وأربعمائة عَلَى الخليفة القائم، انحاز الخليفة، فآوى إلى مُهَارِش هذا كما تقدَّم، فكان يخدم الخليفة بنفسه تِلْكَ السّنة. ورد القائم شاكرًا لَهُ. وقد مدحه مُهَارِش بقصيدةٍ، وبعث بها إِلَيْهِ، أوّلها:
لولا الخليفة ذو الإفضال والمنن ... نجل الخلائف آل الفَرْضِ والسُّنَنِ
ما بِعْتُ قومي وهم خير الأنام ولا [3] ... أصبحت أعرف بغدادَ أو تعرفني
حاربتُ فيه ذوي القُرْبَى، وبعت به ... ما كنت أهواه من دارٍ ومن سكن [4]
ما استحق سواي مثل منزلتي ... ما دام عَدْلُكَ هذا اليوم يُنْصِفُني [5]
تُوُفّي عَنْ سِنٍّ عالية [6] .
351- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بن محمد بْن الطَّيِّب بْن سَعِيد بن الصّبّاغ [7] .
__________
[1] انظر عن (مهارش بن مجلي) في: المنتظم 9/ 148 رقم 240 (17/ 98 رقم 3762) ، والكامل في التاريخ 10/ 416، والإشارة إلى من نال الوزارة 45، ووفيات الأعيان 5/ 269 (في ترجمة المقلّد بن المسيّب) و 1/ 193 (في ذكر البساسيري) ، وسير أعلام النبلاء 19/ 224، 225 رقم 138، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 153، والبداية والنهاية 12/ 166، واتعاظ الحنفا 2/ 253، 254، والنجوم الزاهرة 5/ 193.
[2] المنتظم، الكامل في التاريخ.
[3] في سير أعلام النبلاء: «وقد» .
[4] هذا البيت لم يرو في السير.
[5] سير أعلام النبلاء 19/ 225.
[6] قال الجوزي إنه بلغ ثمانين سنة.
[7] انظر عن (محمد بن محمد بن محمد) في: المنتظم 9/ 148 رقم 239 (17/ 98 رقم 3761) .(34/309)
أبو الفضل البغداديّ البزّاز.
ولد الشَّيْخ أَبِي الحُسين.
سمع: عثمان بْن مُحَمَّد بن دوست العلاف، وعبد الملك بن بشران، وجماعة.
وعنه: ابن ناصر، وعبد الخالق اليُوسُفيّ، وأبو مُحَمَّد سِبْط الحناط، والسِّلَفيّ.
قَالَ شجاع [1] الذُّهْليّ: مات في أوّل ربيع الأوَّل سنة تسعٍ.
وأمّا أبو عامر العَبْدَريّ فقال: مات في صفر سنة ثمانٍ وتسعين كما ذكرناه.
وقال: في العشرين منه.
قلت: ومولده سنة عشرين [2] أو إحدى وعشرين وأربعمائة.
نقله ابن النّجّار.
__________
[1] في الأصل: «ابن شجاع» .
[2] بها أرّخ ابن الجوزي وفاته.(34/310)
سنة خمسمائة
- حرف الألف-
352- أحمد بن الحسين بن علي بْن عَمْروَيْه [1] .
أبو منصور النَّيْسابوريّ [2] .
سمع: أَبَاهُ، وأبا سَعِيد النَّصْرويّ، وعبد الغافر الفارسي، والكَنْجَرُوذيّ [3] .
وتوفّي في سادس شعبان وله أربعٌ وثمانون سنة.
353- أحمد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن سَعِيد [4] .
أبو الفتح الحدّاد المقرئ الأصبهاني التّاجر، سِبْط الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ.
كَانَ شيخًا جليل القدْر، ورعًا، خيِّرًا، كثير الصَّدقات. تفرّد بالإجازة من إسماعيل بْن يَنّال المحبوبيّ الّذي يروي عَن ابن محبوب «جامع التِّرْمِذيّ» .
وأجاز لَهُ أبو سَعِيد الصَّيْرفيّ، وعليّ بن مُحَمَّد الطّرَازِيّ.
وسمع: أبا سَعِيد مُحَمَّد بْن عليّ النّقّاش، وعليّ بن عبد كويه، وأحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن يَزْداد غلام محسن، وأبا سهل عُمَر بْن أحمد بْن عُمَر الفقيه، وأبا بكر
__________
[1] انظر عن (أحمد بن الحسين بن علي) في المنتخب من السياق 117 رقم 257.
[2] وقال عبد الغافر: العمروي، مستور، فقيه. ولد سنة ست عشرة وأربعمائة.
[3] في الأصل: «عبد الغافر الفارسيّ الكنجرودي» والتصحيح من (المنتخب) .
[4] انظر عن (أحمد بن محمد الحداد) في: المنتظم 9/ 151 رقم 241 (17/ 102 رقم 3763) ، والكامل في التاريخ 10/ 439، والمعين في طبقات المحدّثين 147 رقم 1597، والإعلام بوفيات الأعلام 206، وسير أعلام النبلاء 19/ 216، 217 رقم 133، ودول الإسلام 2/ 29، والعبر 3/ 355، ومعرفة القراء الكبار 1/ 455، 459 رقم 396، والوافي بالوفيات 7/ 323، وغاية النهاية 1/ 101، 102، والنجوم الزاهرة 5/ 195، وشذرات الذهب 3/ 410.(34/311)
مُحَمَّد بْن الحُسين الدّشْتيّ، وأبا سَعِيد الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حسنويه، وعبد الواحد بْن أحمد الباطرقاني، وأبا الفَرَج مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن شَهْرَيار، وطائفة كبيرة.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو الفتح عَبْد اللَّه الخرقي، وجماعة.
بأصبهان، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ [1] ، وصدقة بْن مُحَمَّد ببغداد.
وقد قرأ القراءات عَلَى: أَبِي عُمَر الخرقي، وشاكر بْن عليّ الأسْواريّ.
وبمكّة عَلَى: أَبِي عَبْد اللَّه الكارَزِينيّ، وهو آخر أصحابه وفاة، وعبد الله السّلفيّ العاصميّ إلى حم عسق 42: 1- 2.
وكان مولده في سنة ثمان وأربعمائة [2] .
وتُوُفّي فِي ذي القعدة.
354- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مظفّر [3] .
الإمام أبو المظفّر الخوافيّ [4] الفيه الشّافعيّ، عالم أهل طُوس مَعَ الغزاليّ.
كَانَ من أنظر أهل زمانه، وهو رفيق الغزالي في الاشتغال عَلَى إمام الحَرَمين.
وخواف: قرية من أعمال نيسابور.
__________
[1] قال ابن الجوزي: روى عنه شيخنا عبد الوهاب فأثنى عليه ووصفه بالخيرية والصلاح، وكان من أهل الثروة.
[2] المنتظم.
[3] انظر عن (أحمد بن محمد بن مظفّر) في: الأنساب 5/ 199، وتبيين كذب المفتري 288، والمنتخب من السياق 118 رقم 263، ومعجم البلدان 2/ 399، ووفيات الأعيان 1/ 96، 97 رقم 37، وسير أعلام النبلاء 19/ 251 (ذكره دون ترجمة) ، والعبر 3/ 355، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 55، وطبقات الشافعية الوسطى، له (مخطوط) ورقة 48 أ، ومرآة الجنان 3/ 162، والبداية والنهاية 12/ 168، والعقد الثمين 70، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 269، 270 رقم 225، وشذرات الذهب 3/ 410.
[4] الخوافي: بفتح الخاء المعجمة وفي آخرها الفاء بعد الواو والألف. هذه النسبة إلى خواف، وهي ناحية من نواحي نيسابور كثيرة القرى والخضرة، وهي متصلة بحدود الزوزن.
(الأنساب) .(34/312)
وكما رُزِق الغزاليّ السّعادة في تصانيفه، رزق الخوافي السعادة في مناظرته [1] .
تُوُفّي بطُوس [2] .
355- أحمد بن مُحَمَّد بْن أحمد بْن زَنْجَوَيه [3] .
الفقيه أبو بكر الزّنجانيّ [4] .
ولد سنة ثلاث وأربعمائة، وتُوُفّي في عشر المائة.
سمع ببغداد من: أَبِي عليّ بن شاذان، وغيره.
وسمع من: القاضي أَبِي عَبْد اللَّه الحَسَن بْن مُحَمَّد الفلاكي، وأبي طَالِب الدَّسْكَريّ [5] ، وأبي طَالِب عَبْد الله بن عمر الشّاذني، وعبد القاهر بْن طاهر البغداديّ، والحَسَن بْن عليّ بن معروف الزّنجانيّ، وجماعة.
__________
[1] وفيات الأعيان 1/ 97.
[2] وقال ابن السمعاني: «إمام مبرّز فاضل، له يد في النظر والأصول. تفقّه على أبي المعالي الجويني، وتخرّج عليه جماعة من الأئمة مثل عمر السلطان، ومحمد بن يحيى» . (الأنساب) .
وقال ابن عساكر: الإمام المشهور، انظر أهل عصره وأعرفهم بطريق الجدل في الفقه له العبارة الرشيقة المهذّبة والتضييق في المناظرة على الخصم والإرهاق إلى الانقطاع. تفقّه على الشيخ أبي إبراهيم الضرير، وكان مبارك النفس. وهذا الإمام أحمد كيّس الطبع فتخرّج به بعض التخرّج، ثم وقع بعده إلى خدمة إمام الحرمين وصحبته وبرع عنده حتى صار من أوحد تلامذته وأصحابه القدماء، وكان من جملة منادميه بالليالي والأيام بطول صحبته، ولاعتداد الإمام بمكانه، وكان معجبا به وبكلامه، ثم ترفّع عن الإعادة في درسه فكان يدرس بنفسه وتختلف إليه طائفة، توفي بطوس سنة خمسمائة، وكان حسن العقيدة، ورع النفس، ما عهد منه هنات قط كما عهد من غيره. (تبيين كذب المفتري) .
وقال ياقوت: ولي قضاء طوس ونواحيها في آخر أيامه وبقي مدة ثم عزل عنها من غير تقصير، بل قصد وحسد. (معجم البلدان) .
[3] انظر عن (أحمد بن محمد الزنجاني) في: سير أعلام النبلاء 19/ 236- 238 رقم 1450، والمعين في طبقات المحدّثين 147 رقم 1598، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 49.
[4] الزّنجاني: بفتح الزاي وسكون النون وفتح الجيم وفي آخرها نون. هذه النسبة إلى زنجان وهي بلدة على حدّ آذربيجان من بلاد الجبل. (الأنساب 6/ 306) .
[5] الدّسكريّ: بفتح الدال وسكون السين المهملتين وفتح الكاف وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى الدّسكرة، وهي قريتان، إحداهما على طريق خراسان يقال لها دسكرة الملك، وهي قرية كبيرة تنزلها القوافل. وقرية أخرى من أعمال نهر الملك ببغداد على خمسة فراسخ (الأنساب 5/ 311، 312) .(34/313)
قَالَ شِيرُوَيْه: كَانَ فقيهًا متقنًا، رحلتُ إِلَيْهِ مَعَ ابن شهردار، وسمعنا منه بزنجان.
قلت: وروي عَنْهُ: سَعِيد بْن أَبِي شكر بأصبهان، والحافظ مُحَمَّد بْن طاهر، وأبو طاهر السِّلَفيّ.
لا أعلم مَتَى تُوُفّي، لكنه حدَّثَ في العام. وكان شيخ ناحيته ومسندها ومفتيها. تفقّه بأبي الطَّيِّب الطَّبَريّ، وسمع «مُسْنِد الْإِمَام أحمد الفلاكيّ» سنة نيف وعشرين، بسماعه من القَطِيعيّ. وسمع «مُسْنِد أَبِي يَعْلَى» من أَبِي عليّ المعروفي صاحب ابن المقرئ، وسمع «غريب أَبِي عُبَيْد» ، من ابن هارون التَّغْلِبيّ، عَنْ عليّ بْن عَبْد العزيز، عَنْهُ.
وقرأ لأبي عَمْرو، عليّ ابن الصقر صاحب زيد بْن أَبِي بلال. وكان الرّحلة إِلَيْهِ، ومدار الفتيا عَلَيْهِ. ورأيت لَهُ ترجمة بخط الحافظ عَبْد الغنيّ سمعها من أَبِي طاهر السِّلَفيّ، فيها بعض ما قدَّمنا، وأنّه تلا بحرف أَبِي عَمْرو عليّ الحَسَن بْن عليّ بْن الصّقْر الكاتب. وقرأ كتاب «المرشد» عَلَى مؤلفه أَبِي يَعْلَى بْن السّرّاج.
وتلا عَلَيْهِ بما في «المرشد» من الرّوايات. وكتب بنَيْسابور «تفسير إسماعيل الضّرير» ، عَنْهُ.
وسمع من أَبِي عليّ بْن باكُوَيْه الشِّيرازيّ.
وكانت الرحلة إِلَيْهِ لفضله وعُلُوّ إسناده. سَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَفْتَى من سنة تسعٍ وعشرين. وقيل لي عَنْهُ إنّه لم يفت خطأ قطّ، وأهل بلده يبالغون في الثناء عَلَيْهِ، الخواص والعوام، ويذكرون ورعه، وقلة طمعه.
356- أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد [1] .
الشَّيْخ أبو منصور بن الذنح [2] ، الهاشميّ. الموسويّ، الكوفيّ، الخطيب.
ولد سنة 22 وأربعمائة، وحدَّثَ ببغداد عَنْ: العَلَويّ، وابن فَدَويْه.
وعنه: أبو الوفاء أحمد بن محمد بن الحصين، والسّلفيّ.
لم أجد وفاته.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] رسمت هكذا في الأصل، ولم أتبيّن صحّتها.(34/314)
357- إسماعيل بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن حِبّان [1] .
أبو عَبْد اللَّه النَسَويّ الصُّوفيّ.
من خواص أَبِي القاسم القَسْريّ.
سمع: عَمْرو بْن مسرور، وغيره.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّنْجيّ.
ومات في صَفَر.
- حرف الجيم-
358- جعفر بْن أحمد [2] .
أبو مُحَمَّد البغداديّ السّرّاج القارئ.
سمع: أبا عليّ بْن شاذان، وأبا مُحَمَّد الخلّال، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر بْن شاهين، ومُحَمَّد بْن إسماعيل بْن عُمَر بْن سُنْبُك، وأحمد بْن عليّ التّوّزيّ [3] ،
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (جعفر بن أحمد) في: الأنساب 7/ 417، 418، والمنتظم 9/ 151، 152 رقم 242 (17/ 102- 104 رقم 3764) ، ومعجم الأدباء 7/ 153- 162، والكامل في التاريخ 10/ 439، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 40/ 358، والأربعينيات لنصر الطوسي (مخطوطة الأزهر) ورقة 399، ووفيات الأعيان 1/ 357، 358، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 20، 21، والمعين في طبقات المحدّثين 147 رقم 1599، والإعلام بوفيات الأعلام 206، وسير أعلام النبلاء 19/ 228- 231 رقم 141، ودول الإسلام 2/ 29، والعبر 3/ 355، وتاريخ إربل لابن المستوفي 1/ 95، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 93- 95، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 166- 169، ومرآة الجنان 3/ 162 و 162، 163 (ذكر مرتين) ، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 45، 46، والوافي بالوفيات 11/ 92، 93، والبداية والنهاية 12/ 168 وفيه: «جعفر بن محمد» ، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 100- 103 رقم 47، ومفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 1/ 175، وصلة الخلف بموصول السلف (نشر في مجلّة معهد المخطوطات العربية) طبعة الكويت، مجلّد 29 ج 2/ 495، والنجوم الزاهرة 5/ 194، وبغية الوعاة 1/ 485، وكشف الظنون 492، 957، 1703، 1833، وشذرات الذهب 3/ 411، 412، وتاريخ الأدب العربيّ لبروكلمان 1/ 594، ومعجم المؤلفين 3/ 131، 132، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 2/ 19- 23 رقم 307، وانظر: مصارع العشّاق، له، وكتابنا: الحياة الثقافية في طرابلس الشام خلال العصور الوسطى 206، 207.
[3] التّوّزيّ: بفتح التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وتشديد الواو وفي آخرها الزاي، هذه النسبة إلى بعض بلاد فارس، وقد خفّفها الناس ويقولون: الثياب التوزية، وهو مشدّد، وهو توج (الأنساب 3/ 104) .(34/315)
وعليّ بْن عُمَر القَزْوينيّ، وابن غَيْلان، والبَرْمكيّ، والتّنُوخيّ، وأبا الفتح عَبْد الواحد بْن شيطا، وغيرهم ببغداد، والحافظ أبا نَصْر عُبَيْد اللَّه السِّجْزيّ [1] ، وأبا بَكْر مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الأَرْدَسْتانيّ [2] بمكة، وأبا القاسم الحِنّائيّ، وأبا بَكْر الخطيب بدمشق، وعبد العزيز الضراب بْن الحُسين، وجماعة بمصر.
وخرج لَهُ الحافظ أبو بَكْر الخطيب خمسة أجزاء مشهورة مَرْوِيّة.
روى عَنْهُ: ابنه ثعلب، وإسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، ومُحَمَّد بْن ناصر، ومُحَمَّد بْن البطي، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وسلمان بْن مسعود الشحام، وأبو الحَسَن بْن الخَلِيّ الفقيه، وعبد الحق بْن يوسف، وشُهْدَة الكاتبة، وأبو الفضل خطيب المَوْصِل، وخلق كثير.
وكتب بخطّه الكثير. وصنَّف كتاب «مصارع العشاق» ، وكتاب «حكم الصبيان» ، وكتاب «مناقب السودان» . ونظم الكثير في الفقه، واللّغة، والمواعظ وشعره حلو سهل في سائر فنون الشعر. وكان لَهُ اعتناء بالحديث.
انتخب السِّلَفيّ من كتبه أجزاء عديدة.
وحدَّثَ ببغداد، ودمشق، ومصر.
قَالَ شجاع الذُّهْليّ [3] . كَانَ صدوقًا، ألّف في فنون شتى.
وقال أبو عليّ الصَّدَفيّ: هُوَ شيخ فاضل، جميل، وسيم، مشهور، يفهم.
عنده لغة وقراءات. وكان الغالب عَلَيْهِ الشِّعْر. ونظم «التنبيه» لابن إِسْحَاق الشِّيرازيّ، ونظم «مناسك الحجّ» .
وذكره الفقيه أبو بَكْر بْن العربيّ، فقال: ثقة، عالم، مقريء، له أدب ظاهر، واختصاص بالخطب.
__________
[1] السّجزيّ: بكسر السين المهملة، وسكون الجيم، وفي آخرها الزاي. هذه النسبة إلى سجستان. قال ابن ماكولا: هذه النسبة على غير قياس. (الأنساب 7/ 43) .
[2] الأردستاني: بفتح الألف وسكون الراء وفتح الدال وسكون السين المهملتين وفتح التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى أردستان وهي بليدة قريبة من أصبهان على طرف البريّة عند ازورارة بينهما، وهي على ثمانية عشر فرسخا من أصبهان.
(الأنساب 1/ 177) .
[3] في الأصل: «شجاع السلفي» وهو وهم.(34/316)
وقال السِّلَفيّ: سألته عَنْ مولده، فقال: إمّا في آخر سنة سبْعٍ عشرة، وأمّا في أوّل سنة ثمان عشرة وأربعمائة ببغداد.
وقال السِّلَفيّ: وكان ممّن يفتخر برؤيته وروايته لديانته ودرايته، وله تواليف مفيدة. وفي شيوخه كثرة. وأعلاهم إسنادًا ابن شاذان.
وقال حمّاد الحرّانيّ: سُئل السِّلَفيّ عَنْ جعفر السّرّاج فقال: كَانَ عالمًا بالقراءات، والنحو، واللّغة، وله تصانيف وأشعار كثيرة. وكان ثقة، ثبتًا.
وقال ابن ناصر: كان ثقة، مأمونا، عالما، فهما، صالحًا، نَظَمَ كُتُبًا كثيرة، منها «المبتدأ» لوهب بْن منبه، وكان قديمًا يستملي عَلَى القَزْوينيّ، وأبي محمد الخلّال [1] .
__________
[1] وقال ابن الجوزي: ولد سنة ست عشرة وأربعمائة، قرأ القرآن بالقراءات وأقرأ سنين.. وسافر إلى بلاد الشام ومصر، وسمع بدمشق وطرابلس، وخرّج له الخطيب فوائد في خمسة أجزاء، وتكلّم على الأحاديث، وكان أديبا شاعرا لطيفا صدوقا ثقة، وصنّف كتبا حسانا، وشعره مطبوع، وقد نظم كتبا كثيرة شعرا، فنظم كتاب «المبتدإ» ، وكتاب «مناسك الحج» ، وكتاب «الخرقي» ، وكتاب «التنبيه» ، وغيرها، حدّثنا عنه أشياخنا، وآخر من حدّث عنه شهدة بنت الإبري. قرأت عليها كتابه المسمّى ب «مصارع العشّاق» بحق سماعها منه.
ومن أشعاره:
بان الخليط فأدمعي ... وجدا عليهم تستهلّ
وحدا بهم حادي الفراق ... عن المنازل فاستقلّوا
قل للذين ترحّلوا ... عن ناظري والقلب حلّوا
ودمي بلا جرم أتيت ... غداة بينهم استحلّوا
ما ضرّهم لو أنهلوا ... من ماء وصلهم وعلّوا
وأنشد في مدح أصحاب الحديث:
قل للذين بجهلهم ... أضحوا يعيبون المحابر
والحاملين لها من ... الأيدي بمجتمع الأساور
لولا المحابر والمقالم ... والصحائف والدفاتر
والحافظون شريعة ... المبعوث من خير العشائر
والناقلون حديثه عن ... كابر ثبت وكابر
لرأيت من شيع الضلال ... عساكرا تتلوا عساكر
كل يقول بجهله ... والله للمظلوم ناصر
سمّيتهم أهل الحديث ... أولي النّهى وأولي البصائر
حشويّة فعليكم ... لعن يزيركم المقابر(34/317)
توفّي في صفر رحمه الله.
__________
[ () ]
هم حشو جنّات النعيم ... على الأسرّة والمنابر
رفقاء أحمد كلّهم ... عن حوضه ريّان صادر
كان جعفر السّراج صحيح البدن لم يعتره في عمره مرض يذكر، فمرض أياما. (المنتظم) .
وقال ابن عساكر: قرأت بخط غيث بن علي الصوري: جعفر بن أحمد بن الحسين ذو طريقة جميلة ومحبّة للعلم والأدب، وله شعر لا بأس به، وخرّج له شيخنا الخطيب فوائد وتكلّم عنها في خمسة أجزاء، وكان يسافر إلى مصر وغيرها، وتردّد إلى صور عدّة دفعات، ثم قطن بها زمانا، وعاد إلى بغداد وأقام بها إلى أن توفي. (تاريخ دمشق) .
ووقع في (مصارع العشاق 14 و 55) أن أبا عبد الله محمد بن علي الصوري أخبر ابن السرّاج سنة 404 بقراءته عليه.
ويقول خادم العلم محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : هذا خطأ، والصحيح سنة 440، لأنّ ابن السّراج ولد سنة 416 هـ.
وقال ابن السرّاج: ولي ابتداء قصيدة كتبت بها من دمشق إلى الشيخ الفقير أبي الحسن مروان بن عثمان النحويّ الإسكندراني وهو بصور:
وحقّ مصارع أهل الهوى ... لروعة صوت غراب البين؟
وشكوى المحبّين يوم الفراق ... ما في قلوبهم من جوى
وقد لفّ أعناقهم موقف ... وقد رفع البين فيهم لوا
عشيّة أجروا عيون العيون ... بين العقيق وبين اللوى
دموعا كثرت فلو أنه ... أتاهنّ وقد مني لارتوى
لقد أتمنّى زمانا يضم ... بك الشمل وهو لقلبي هوى
وله من ابتداء قصيدة نظمها بالشام في بني أبي عقيل أمراء صور:
ألا هل لمن أضناه حبّك إفراق ... وهل للديغ البين عندك درياق
وهل لأسير سامه قتل نفسه ... هواك وقد زمّت ركابك إطلاق
أيا جارة الحيّ الذين ترحّلوا ... فللعيس وخد بالحمول واعتناق
أما تخافي الله في قتل عاشق ... هجرته حتى في الكرى وهو مشتاق
فقالت وروعات النوى تستحثّها ... ودمع مآقيها على النحر مهراق
هو البين فالبس جنّة الصبر أو فمت ... بداء الهوى قد مات قبلك عشاق
وله ابتداء قصيدة مدح بها عين الدولة ابن أبي عقيل قاضي صور:
عرّج بنا عن الحمى يمينا ... فقد تولّى الحيرة الغادونا
لم أنس يوم ذي الأراك قولها ... والبين عن قوس النوى يرمينا
تزوّد الوداع واعلم أنّنا ... كما اشتهى البين مفارقونا
والمستني والرقيب غافل ... كفّا تكاد أن تذوب لينا
أجللت فاها اللثم إلّا أنني ... قبّلت منها النحر والجبينا
تمنعنا العفّة كل ريبة ... والقلب قد جنّ بها جنونا
وقال فيه أيضا:(34/318)
- حرف الخاء-
359- خلف بن محمد [1] .
__________
[ () ]
يا هند هل وصل فيرتقب ... إن كان يحفظ في الهوى سبب
أم هل لهجرك والبعد أمد ... إنّي لأجل رضاك منقضب
أنسيت موقفنا بذي سلم ... أيام أثواب الصبا قشب
وحديثنا والدهر غافل ... عن الحوادث منه والنّوب
نمسي ونصبح في بلهنيّة ... من عيشنا ووشاتنا غيّب
لما هجرت بعثت طيف كرى ... ما زيارته لنا أرب
طيف الهنا طرف رنا ... زور الزيارة وهو بمحتجب
واصلتنا والدار بارحة ... وهجرتنا وديارنا صقب
مطلتنا حلما أو بعض هوى ... جلت فأمرك كلّه عجب
دع عنك هند فقد أغار على ... فؤادك عسكر شيبك اللجب
ناقص بمدحك ما جديدة ... يعني إذا ما أحنت السحب
ملكا يقبل عند رؤيته ... في دسته عوض اليد الصيّب
عتبوه في أشعاره كرما ... ولو أنهم عقلوا لما عتبوا
من معشر من بجميل فعلهم ... بتحمّل الأشعار والخطب
قد وردت بغداد أو طال بها ... عهدي وحرّك نحوها سبب
وهي التي أغنتك شهرتها ... عن أن تجدّدها لك الكتب
دار الملوك وكلّ ما حزبت ... فوق السماك لمجده الطنب
وطلبت مثلك يا نفيس بها رجلا ... فأعيا عبدك الطلب
فرجعت أدراجي إلى ملك ... أمواله في الجود تنتهب
في المكرمات بعض قصّته ... أبدا وفيها يذهب الذهب
هيهات تسمع في الندا عونا ... لو أنّ نازلة عليه أب
وأنشد ابن السرّاج بصور لنفسه من قصيدة:
وقد صار يبري نصول السهام ... وأولى من المنّ ما لا يمن
ليجعلها في الدواء الجريح ... ويشري بها للقتيل الكفن
ومن شعره:
وعدت بأن تزوري بعد شهر ... فزوري، قد تقضّى الشهرزوري
وشقّة بيننا نهر المعلّى ... إلى البلد المسمّى شهرزوري
(فشهر صدودك المحتوم صدق ... ولكن شهر وصلك شهرزوري
(الأنساب 7/ 418) .
توفي ليلة الأحد 11 صفر سنة 500 وقيل سنة 501 وقيل سنة 502 هـ. (انظر كتابنا: موسوعة علماء المسلمين (القسم الثاني) ج 1/ 19- 23 رقم 307) .
[1] انظر عن (خلف بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 175 رقم 397.(34/319)
أبو القاسم الْأَنْصَارِيّ القُرْطُبيّ، المعروف بابن السّرّاج.
مُكْثِر عَنْ حاتم بْن مُحَمَّد. وكان رجلًا صالحًا ورعًا، يشار إِلَيْهِ بإجابة الدّعوة، وكان النّاس يقصدونه ويتبرّكون بلقائه ودُعائه، وسمعوا منه [1] .
تُوُفّي ليلة سبْعٍ وعشرين من رمضان.
- حرف العين-
360- عَبَّاس بْن مُحَمَّد بْن أحمد البَرَدَانيّ [2] .
أبو الفضل.
سمع: مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن غَيْلان، وغيره.
تُوُفّي فِي ربيع الأوَّل.
361- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن عَبْد اللَّه [3] .
أبو الحَسَن التُّجَيْبيّ الطُّلَيْطُليّ ابن المشاط.
روى عَنْ: أحمد بْن مغيث، وجماهر بْن عَبْد الرَّحْمَن، وأبي مُحَمَّد الفارقيّ.
قَالَ ابن بَشْكُوَال: كَانَ من أهل العلم، مقدمًا في الفهم، حافظًا، ذكيا، لغويا، أديبًا، شاعرًا، متيقظًا. جمع كُتُبًا في غير ما فنّ.
أخبرني عَنْهُ أبو الحَسَن بْن مغيث، وقال: تردّد في الأحكام بناحية إشبيلية، ثمّ صُرف عَنْهَا، وقصد مالقة فسكنها، وبها تُوُفّي في سابع رمضان، وشهده جمعٌ عظيم.
362- عَبْد الْوَهاب بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوَهَّاب بن محمد [4] .
__________
[1] وقد سمع منه بعض كتب الزهد.
[2] لم أجد مصدر ترجمته. و «البرداني» : بفتح الباء الموحّدة والراء والدال المهملة وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى بردان وهي قرية من قرى بغداد. (الأنساب 2/ 135) .
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن أحمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 345 رقم 740.
[4] انظر عن (عبد الوهاب بن محمد) في: المنتظم 9/ 152، 153 رقم 244 (17/ 104 رقم 3766) ، والكامل في التاريخ 10/ 439، وسير أعلام النبلاء 19/ 248- 251 رقم 155، وميزان الاعتدال 2/ 683، 684، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 390- 399، وعيون(34/320)
الفاميّ [1] الفارسيّ، أبو مُحَمَّد، الفقيه الشّافعيّ.
قدِم بغداد سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة على تدريس النّظاميّة، وكان مدرّسها يومئذ الحُسين بْن مُحَمَّد الطَّبَريّ، فتقرر أنّ يدرس كل واحد منهما يومًا. فبقيا عَلَى ذَلِكَ سنة وعُزِلا. فأملى أبو مُحَمَّد بجامع القصر.
عَنْ: أَبِي بَكْر أحمد بْن الحَسَن بْن اللَّيْث، الشِّيرازيّ الحافظ، ومُحَمَّد بْن أحمد بْن حَمْدان بْن عبدك، وعليّ بْن بُنْدار الحنفي، وجماعة من شيراز.
قَالَ أبو عليّ بْن سُكَّرَة: قدِم عَبْد الوهّاب الفاميّ وأنا ببغداد، وخرج كافّة العلماء والقُضاة لتلقِّيه. وكان يوم قرئ منشورة يوما مشهودا. سَمِعْتُ عَلَيْهِ كثيرًا، وسمعته يَقُولُ: صنفت سبعين تأليفًا في ثمانية عشر عامًا. ولي كتاب في التفسير ضمّنْتُه مائة ألف بيت شاهدًا.
أملى بجامع القصر، وحُفِظ عَلَيْهِ تصحيفٌ شنيع. ثمّ أجْلِب عَلَيْهِ وطُولِب، ثمّ رمي بالإعتزال حتّى فر بنفسه.
وَقَالَ السَّمْعَانِيُّ: نا أَبُو الْعَلَاءِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْحَافِظُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ ثَابِتٍ الطَّرْقِيَّ [2] الْحَافِظَ يَقُولُ: سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ، أَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ الشِّيرَازِيَّ أَمْلَى بِبَغْدَادَ حَدِيثًا مَتْنُهُ: «صَلَاةٌ فِي أَثَرِ صَلَاةٍ كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ» [3] ، فَصَحَّفَ وَقَالَ: كَنَارٍ فِي عِلِّيِّينَ. وَكَانَ الْإِمَامُ محمد بن ثابت
__________
[ () ] التواريخ (مخطوط) 13/ 176، 177، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 229، 230، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 273، 274، والبداية والنهاية 12/ 168، 169، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 274، 275 رقم 233، ولسان الميزان 4/ 90، 91، رقم 170، وكشف الظنون 451، 1100، وشذرات الذهب 3/ 413، وهدية العارفين 1/ 637، والأعلام 4/ 336، ومعجم المؤلفين 6/ 229.
[1] الفاميّ: بفتح الفاء وفي آخرها الميم. هذه النسبة إلى الحرفة وهي لمن يبيع الأشياء من الفواكه اليابسة، ويقال له البقّال. (الأنساب 9/ 234) .
[2] في الأصل: «الطرفي» ، والتصحيح من: الأنساب 8/ 235 وفيه: الطّرقيّ: بفتح الطاء المهملة، وسكون الراء، وفي آخرها القاف. هذه النسبة إلى طرق وهي قرية كبيرة مثل البليدة من أصبهان، على عشرين فرسخا منها. وذكر منها: أحمد بن ثابت الطرقي، وهو توفى بعد سنة 520 هـ.
[3] الحديث حسن، أخرجه أبو داود في الصلاة (5558) باب: ما جاء في فضل المشي إلى الصلاة. وأخرجه أحمد من طريقين في مسندة 2/ 263 و 5/ 268.(34/321)
الْخُجَنْدِيُّ [1] حَاضِرًا فَقَالَ: مَا مَعْنَاهُ؟ فَقَالَ: النَّارُ فِي الْغَلَسِ يَكُونُ أَضْوَأَ.
قَالَ الطرقي: وسأله بعض أصدقائي عَنْ «جامع» أَبِي عيسى التِّرْمِذيّ: هَلْ لك بِهِ سماع؟ فقال: ما «الجامع» ، ومن أبو عيسى؟ ما سَمِعْتُ بهذا قطّ. ثمّ رأيته بعد ذلك بعده في مسموعاته.
قَالَ الطرقي: ولما أراد أن يملي بجامع القصر قلت لَهُ: لو استعنت بحافظٍ ما، ينتقي الأحاديث، ويرتبها عَلَى ما جرت بِهِ عادتهم، فقال: إنّما يفعل ذَلِكَ من قلت معرفته بالحديث، أَنَا حفظي يغنيني، وامتحنت بالاستملاء. فأول ما حدَّثَ رأيته يسقط من الإسناد رجلًا، ويبدل رجلًا برجل، ويجعل الواحد رجلين، وفضائح أعجز عَنْ ذكرها. ففي غير موضع: نا الحَسَن بْن سُفْيَان، عَنْ يزيد بْن زريع، فأمسك أهل المجلس، وأشاروا إليّ، فقلت: سقط إمّا مُحَمَّد بْن منهال، أو أميّة بْن بِسْطام. فقال: اكتبوا كما في أصلي.
وأورد: أَنَا سهل بْن بحر أَنَا سألته، فقال: إننا سالبة [2] ، وأما تبديل عَمْرو بعُمَر، وكذا جَميل بِجُمَيْل، وقال في سَعِيد بْن عَمْرو الأشعثي: سَعِيد بْن عُمَر، والأشعثيّ، فجعل واو عمرو واو العطف، فقلت: إنّما نسبه، فقال: لا. فقلت:
فمن الأشعثي؟ قَالَ: فضول منك.
وقال في الطور: الطَّوْد.
وقال السّمعانيّ: كانت لَهُ يد في المذهب. وحدَّثَ عَنْ عَبْد الواحد بْن يوسف الخرّاز، وأبي زُرْعة أحمد بْن يحيى الخطيب، والحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عثمان بْن كرامة، وجماعة من الفارسيين. روى لنا عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، والحسين بْن عَبْد المُلْك الخلّال، ومحمود بْن ماشاذة.
وقال يحيى بْن مَنْدَهْ: أبو مُحَمَّد الفاميّ أحفظ من رأيناه لمذهب الشّافعيّ.
صنف كتاب «تاريخ الفُقَهاء» ، وقال فيه: مات جدي أبو الفَرَج عَبْد الوهّاب سنة
__________
[1] الخجنديّ: بضم الخاء المعجمة وفتح الجيم وسكون النون، وفي آخرها الدال. هذه النسبة إلى خجند، وهي بلدة كبيرة كثيرة الخير على طرف سيحون من بلاد المشرق، ويقال لها بزيادة التاء خجندة أيضا. (الأنساب 5/ 52) .
[2] في الأصل: «سألته» .(34/322)
أربع عشرة وأربعمائة، وفيها وُلِدتُ.
وقال غيره: تُوُفّي في الرابع والعشرين من رمضان بشيراز.
363- عليّ بْن طاهر بْن جعفر [1] .
أبو الحَسَن الدّمشقيّ، النَّحْويّ.
سمع: أبا عَبْد اللَّه بْن سلوان، وأبا نَصْر الكَفَرْطابيّ، وعليّ بْن الخضر السُّلَميّ، وأبا القاسم الحِنّائيّ، وأبا القاسم السُّمَيْساطيّ.
روى عَنْهُ: جمال الإسلام أبو الحسن، وأبو المعالي محمد بن يحيى الْقُرَشِيّ، وجميل بْن تمام، وحفاظ [2] بْن الحَسَن، والخضر بْن هبة اللَّه بْن طاوس، وأبو المعالي بْن صابر.
قَالَ ابن عساكر: كَانَ ثقة. وكان لَهُ حلقة في الجامع وقف عندها كُتُبَه.
تُوُفّي فِي ربيع [الأوَّل] [3] .
- حرف الميم-
364-[مُحَمَّد [4] بْن الحَسَن بْن أحمد بْن الحَسَن بْن خُذَاداذا] [5] .
أبو غالب الباقلّاني [6] ، البقال، الفاميّ، البغداديّ، الشيخ الصالح المحدّث.
__________
[1] انظر عن (علي بن طاهر) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 18/ 99 رقم 2، وورد في الأصل: «ظاهر» بالظاء المعجمة، وإنباه الرواة 2/ 17، 283 رقم 462، وبغية الوعاة 2/ 170 رقم 1714.
[2] في الأصل: «حباظ» .
[3] ومولده في سنة 431 هـ. وما بين الحاصرتين من (بغية الوعاة) . وقد روى عنه: غيث بن علي الصوري.
[4] هذه الترجمة كلّها منقولة من (سير أعلام النبلاء) فهي ساقطة من أصل نسختنا.
[5] انظر عن (محمد بن الحسن) في: المنتظم 9/ 153، 154 رقم 247، (17/ 105 رقم 3769) ، والعبر 3/ 356، وسير أعلام النبلاء 19/ 235، 236 رقم 144، ودول الإسلام 2/ 29، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 195، والنجوم الزاهرة 5/ 195، وشذرات الذهب 3/ 412.
[6] في المنتظم: «الباقلّاوي» .(34/323)
سمع من أَبِي عليّ بْن شاذان، وأبي بَكْر البَرْقانيّ، وأحمد بْن عَبْد اللَّه بْن المَحَامليّ، وطائفة.
روى عَنْهُ أبو بَكْر السّمعانيّ، وإسماعيل بْن مُحَمَّد التَّيْميّ، وابن ناصر، والسلفي، وخطيب المَوْصِل، وشُهْدَة، وخلق. أثنى عَلَيْهِ عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ.
وقال ابن ناصر: كَانَ كثير البكاء من خشية اللَّه.
قلت: عاش ثمانين سنة أو أزيد، وتُوُفّي في شهر ربيع الآخر سنة خمس مائة [1] .
وهو أخو الشَّيْخ أبي طاهر أحمد بن الحسن الكَرْخيّ المذكور] .
365-[المبارك [2] بْن عَبْد الجبّار بْن أحمد بْن القاسم بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه [3] .
الشَّيْخ الأمام، المحدث، العالم المفيد، بقية النقلة المكثرين، أبو الحُسين البغداديّ، الصَّيْرفيّ ابن الطّيوريّ.
ولد سنة إحدى عشرة وأربعمائة.
سمع: أبا القاسم الحرفيّ، وأبا عليّ بن شاذان، ثم أبا الفرج
__________
[1] وقال ابن الجوزي: ولد سنة إحدى وأربعمائة. وقال: حدّثنا عنه أشياخنا، وهو من بيت الحديث، وكان شيخا صالحا كثير البكاء من خشية الله تعالى، صبورا على إسماع الحديث.
(المنتظم) .
[2] من هنا ساقط من الأصل، والمستدرك بين الحاصرتين من (سير أعلام النبلاء 19/ 213، 214) .
[3] انظر عن (المبارك بن عبد الجبّار) في: الإكمال 3/ 287، والأنساب 4/ 209، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 38/ 352- 357، والمنتظم 9/ 154 رقم 248 (17/ 105، 106 رقم 3770) ، والتقييد لابن نقطة 438، 439 رقم 583، والكامل في التاريخ 10/ 439، وصلة الخلف بموصول السلف للروداني (نشر في مجلّة معهد المخطوطات العربية) المجلد 29 ج 1/ 10 و 2/ 500، وميزان الاعتدال 3/ 431، والعبر 3/ 365، ودول الإسلام 2/ 29، والإعلام بوفيات الأعلام 206، والمعين في طبقات المحدّثين 147 رقم 1601، وسير أعلام النبلاء 19/ 213- 216 رقم 132، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد للدمياطي 223- 226، 3/ 412، والرسالة المستطرفة 69، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 3/ 170، 171 رقم 861، وانظر كتاب: الفوائد العوالي المؤرّخة من الصحاح والغرائب للتنوخي (بتحقيقنا) 32، 33 (في ترجمة محمد بن علي الصوري) ، والأعلام 6/ 151، ومعجم المؤلفين 8/ 172.(34/324)
الطّناجيريّ، وأبا محمد الخلّال، وابن غيلان، وأبا الحَسَن العَتِيقيّ، ومُحَمَّد بْن عَلَى الصُّوريّ، وعليّ بْن أحمد الغاليّ، وأبا طَالِب العُشاريّ، وعددًا كثيرًا.
وارتحل فسمع] [1] بالبصرة أبا عليّ بْن الشّاموخيّ [2] ، وغيره.
قَالَ السّمعانيّ: أكثر عَنْهُ والدي، وثنا عَنْهُ أبو طاهر السِّنْجيّ، وأبو المعالي الحَلْوانيّ بمَرْو، وإسماعيل بْن مُحَمَّد بأصبهان، وخلق يطول ذكرهم.
وكان المؤتمن السّاجيّ سيّئ الرأي فيه، وكان يرميه بالكذب ويصرح بذلك. وما رأيت أحدًا من مشايخنا الثّقات يوافقه، فإني سألت جماعة مثل عَبْد الوهّاب الأنماطي، وابن ناصر، وغيرهما، فأثنوا عَلَيْهِ ثناء حسنًا، وشهدوا لَهُ بالطلب والصدق والأمانة، وكثرة السماع.
وسمعت سلمان بْن مسعود الشحام يَقُولُ: قدِم علينا أبو الغنائم بْن النَّرْسيّ، فانقطعنا عَنْ مجلس ابن الطُّيُوريّ أيامًا، واشتغلنا بالسماع منه. فلمّا مضينا إلى ابن الطُّيُوريّ قَالَ لنا: لم انقطعتم عني هذه الأيام؟ قُلْنَا: قدِم شيخ من الكوفة كُنَّا نسمع منه. قَالَ: فانشرا عليَّ ما عنده. قُلْنَا: حدَّثَ عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن البكائي. فقال الشَّيْخ أبو الحُسين، وأخرج لنا شدة من حديث البكائي، وقال: هذا من حديثه، سماعي من أَبِي الفَرَج بْن الطَّنَاجِيريّ.
قَالَ السّمعانيّ: وأظن أنّ هذه الحكاية سمعها من الحافظ ابن ناصر.
وُلِد ابن الطّيوريّ في سنة إحدى عشرة وأربعمائة. وقد روى عَنْهُ:
السِّلَفيّ، وشُهْدَة، وعبد الحق اليُوسُفيّ، وخطيب المَوْصِل، وأبو السّعادات.
وذكره أبو عليّ بْن سُكَّرَة فقال: الشَّيْخ الصالح الثقة. كَانَ ثبتًا فهمًا، عفيفًا، متفننًا، صحب الحفاظ ودرّب معهم.
وسمعت أبا بكر ابن الخاضبة يَقُولُ: شيخنا أبو الحُسين ممّن يستشفى بحديثه.
__________
[1] حتى هنا تنتهي الإضافة على الأصل من (سير أعلام النبلاء) .
[2] في الأصل: «الشاذلوحي» . و «الشّاموخي» : بفتح الشين المعجمة، وضم الميم، وفي آخرها الخاء المعجمة. هذه النسبة إلى (شاموخ) وهي قرية بنواحي البصرة. (الأنساب 7/ 264) .(34/325)
وقال ابن ناصر في أماليه: ثنا الثبت الصدوق أبو الحُسين.
وقال السِّلَفيّ: ابن الطُّيُوريّ محدث كبير، مفيد، ورع، لم يشتغل قطّ بغير الحديث، وحصّل ما لم يحصّله أحد من التفاسير، والقراءات، وعلوم القرآن، والمسانيد، والتواريخ، والعلل، والكُتُب المصنفة، والأدبيات في الشعر.
رافق الصُّوريّ، واستفاد منه، والنخشبيّ، وطاهر النَّيْسابوريّ. وكتب عَنْهُ مسعود السِّجْزيّ، والحُمَيْديّ، وجعفر بْن الحكاك، فأكثروا عَنْهُ.
ثمّ طوّل السِّلَفيّ الثناء عَلَيْهِ.
وذكره أبو نَصْر بْن ماكولا [1] فقال: صديقنا أبو الحسين ابن الحمّاميّ مخففًا، سمع: أبا عليّ بْن شاذان، وخلْقًا كثيرًا بعده، وهو من أهل الخير والعفاف والصّلاح.
قَالَ ابن سُكَّرَة: ذكر لي شيخنا أبو الحُسين أنّ عنده نحو ألف جزءٍ بخطّ الدَّارَقُطْنيّ، أو أخبرت عَنْهُ بمثل ذَلِكَ. وأخبرني أنّ عنده لابن أَبِي الدّنيا أربعة وثمانين مصنفًا.
وقال عليّ بْن أحمد النّهروانيّ [2] : توفّي في نصف ذي القعدة [3] .
__________
[1] في الإكمال 3/ 287.
[2] النّهرواني: بفتح النون وسكون الهاء وفتح الراء المهملة والواو، وفي آخرها نون أخرى. هذه النسبة إلى بليدة قديمة على أربعة فراسخ من الدجلة يقال لها النّهروان، وقد خرب أكثرها.
(الأنساب 12/ 174) .
[3] وقال ابن الجوزي: وكان مكثرا صالحا أمينا صدوقا متيقّظا، صحيح الأصول، صيّنا ورعا، حسن السّمت، كثير الصلاة، سمع الكثير ونسخ بخطه ومتّعه الله بما سمع حتى انتشرت عنه الرواية. حدّثنا عنه أشياخنا، وكلّهم أثنوا عليه ثناء حسنا، وشهدوا له بالصدق والأمانة مثل عبد الوهاب، وابن ناصر وغيرهما. (المنتظم) .
وقال محمد بْن عليّ بْن فولاذ الطَّبَريّ: سألت أبا غالب الذهلي عن ابن الطيوري، فقال: لا أقول إلّا خيرا، اعفني عن هذا! فألححت عليه، وقلت له: رأينا سماعه- أنا والسمعاني- بكتاب الناسخ والمنسوخ لابن عبيد ملحقا على رقعة ملصقا بالكتاب، وكتاب «الفصل» لداود بن المجبر، كان سماعه إلى البلاغ بخط ابن خيرون، فأتمّ هو السماع للجميع بخطّه؟
فقال: نعم! وغير ذا؟! وذكر المجلس عن الحرفي، فقال: قطّ لم يسمع منه، وأخرجه في جزازة له بخطّه، قالوا له: فأين كان إلى الساعة؟ قال: كان قد ضاع، وجدته الآن. وقال(34/326)
366- المبارك [1] بن فاخر بن محمد بن يعقوب بْن فاخر بْن مُحَمَّد بْن يعقوب [2] .
أبو الكرم ابن الدّبّاس، النَّحْويّ.
من كبار أئمة العربية واللُّغة، لَهُ فيهما باعٌ طويل.
وُلِد سنة ثمان وأربعين وأربعمائة. وقيل: سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة [3] ، وهو أصح، والأوّل غلط.
أخذ عَنْ: أَبِي القاسم عبد الواحد بن برهان الأسديّ [4] .
__________
[ () ] الأسدي أيضا قريبا منه.
وذكره السلفي وأثنى عليه، ثم قال بعد كلام له: كتبت عنه فأكثرت، وأخرج لي في جملة ما أخرج في سنة أربع وتسعين جزءا من حديث ما روى الخطابي كان يرويه عن أبي بكر بن النمط المقرّر فنظر فيه فرأى الإلحاق، فقال لي: رأيت هذا التسميع؟ قلت: نعم، والشيخ ثقة، جلى القدر، ربّما نقله من نسخة أخرى وما ذكره ولا أحال عليه، فقال: نعم، يحتمل منه لأنه ثقة كبير. ثم رأيت بعد ذلك من هذا الخط غير جزء ابن النمط، أراني المؤتمن ومحمد بن منصور السمعاني، وكان أبو نصر محمود الأصبهاني حاضرا، فذكر أنه وقف على مثل هذا، قال: والعلّة فيه أنه صاحب كتب كثيرة تنقل من نسخة إلى نسخة أخرى ولا يذكر الطبعة، وكذا التسميع اتّكالا على ثقته، وحلف أبو نصر باللَّه أنه رأى مثل ذلك في أجزائه، ثم وجد في كتبه الأصول التي نقل منها، وأنا بعد وقفت على مثل ما ذكره أبو نصر، فاللَّه أعلم. (المستفاد من ذيل تاريخ بغداد) .
[1] هذه الترجمة وردت في الأصل بعد ترجمة (يوسف بن تاشفين) الآتية برقم (369) ، فقدّمتها إلى هنا مراعاة لترتيب الحروف.
[2] انظر عن (المبارك بن فاخر) في: نزهة الألبّاء 260 (و 281- 283) و 298، والمنتظم 9/ 154 رقم 249 (17/ 106 رقم 3771) ، ومعجم الأدباء 17/ 54- 56 رقم 20، والكامل في التاريخ 10/ 439، وإنباه الرواة 3/ 256، 257، والعبر 3/ 356، وميزان الاعتدال 3/ 431 رقم 7047، والمغني في الضعفاء 2/ 540 رقم 5163، وسير أعلام النبلاء 19/ 302، 303 رقم 192، وتخليص ابن مكتوم 241، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 195، ومرآة الجنان 3/ 162، وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة (مخطوط) ورقة 249، ولسان الميزان 5/ 11 رقم 37، والنجوم الزاهرة 5/ 195، وبغية الوعاة 2/ 272، 273، وكشف الظنون 48، 1741، وشذرات الذهب 3/ 412، ومعجم المؤلفين 8/ 172، 173.
[3] نزهة الألبّاء 282.
[4] وهو العكبريّ النحويّ المتوفى سنة 450 هـ. (نزهة الألباء 260) .
وقال ياقوت: وجدت بخط السمعاني مولده على ما تقدّم، فإن صحّ ذلك لا يصحّ أخذه النحو عن ابن برهان، لأنّ ابن برهان مات سنة ست وخمسين وأربعمائة، بل إن كان سمع منه شيئا جاز ذلك، ثم لما وردت إلى مرو نظرت في كتاب «المذيّل» للسمعاني وقد ألحق بخطّه في(34/327)
وسمع الحديث من: أَبِي الطَّيِّب الطَّبَريّ، وأبي مُحَمَّد الجوهريّ.
أخذ عَنْهُ: الشَّيْخ أبو مُحَمَّد سِبْط الحنّاط.
وروى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ، وجماعة.
وله كتاب «المعلّم» في النَّحْو، وكتاب «نحو العرف» ، وكتاب «شرح خطبة أدب الكاتب» .
وكان ابن ناصر يرميه بالكذب، ويقول: كَانَ يدَّعي سماع ما لم يسمعه [1] .
وقال أبو منصور بْن خَيْرُون: كانوا يقولون إنّه كذاب.
تُوُفّي في ذي القعدة [2] .
367- مطهر بن أحمد بن عمر بن صالح [3] .
__________
[ () ] تضاعيف السطور بخط دقيق: قرأت بخط والدي رحمه الله: سألت المبارك بن الفاخر عن مولده فقال: ولدت في سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. قلت: فإذا صحّت هذه الرواية فقد صحّ أخذه عن ابن برهان، وكان والد السمعاني قد لقي ابن الفاخر وأخذ عنه، وحكى عنه شيئا من النحو واللغة.
رأيت بخط الشيخ أَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن أحمد بن الخشّاب رحمه الله: حكى لي محمد بن محمد بن قزما الإسكافي، عن شيخنا أبي الكرم المبارك بن فاخر بن يعقوب النحويّ المعروف بابن الدبّاس أنه كان يكرم المتردّدين إليه لطلب العلم بالقيام لهم في مجلسه، وكان الشيخ أبو زكريا يحيى بن علي يأبى ذلك وينكره عليه وعلى غيره ممّن يعتمده وينشد:
قصّر بالعلم وأزرى به ... من قام في الدرس لأصحابه
قال الشيخ أبو محمد: ولعمري إنّ حرمة العلم آكد من حرمة طالبه، وإعزاز العلم أبعث لطلبه، وبحسب الصبر على مرارة طلبه تحلو ثمرة مكتسبه. وكان الشيخ أبو الكرم بن الدبّاس رحمه الله يجمع إلى هذا، التساهل في الخطاب إذا أخذ خطّه على ظهر كتاب، ويقصد بذلك اجتذاب الطلّاب، لأن النفوس تميل إلى هذا الباب. (معجم الأدباء) .
[1] المنتظم، (معجم الأدباء) .
[2] وقال ابن السمعاني: وأخبرني أبو محمد ابن بنت الشيخ أبي منصور المقرئ النحويّ أنه قرأ عليه «شرح كتاب سيبويه» للسيرافي، في مدّة آخرها مستهلّ رجب سنة أربع وخمسمائة، والله أعلم. (نزهة الألبّاء 283) .
ووقع في (معجم الأدباء 17/ 54) أنه مات سنة خمسين وخمسمائة. وهذا غلط.
[3] وردت هذه الترجمة في الأصل بعد ترجمتي (يوسف بن تاشفين) و (المبارك بن فاخر) فقدّمتها إلى هنا مراعاة للترتيب.
ولم أجد مصدرا للترجمة.(34/328)
أبو الفَرَج الهَمَذانيّ.
روى عَنْ: أَبِي طَالِب بْن الصّبّاح، وهارون بْن طاهر، وأبي الفتح بْن الضّرّاب، وابن غزْو، وعامّة مشايخ هَمَذَان الّذين أدركهم.
قَالَ شِيرُوَيْه: كَانَ صدوقًا، حَسَن السيرة، لين الجانب، فاضلًا.
مات فِي جُمَادَى الآخرة.
- حرف الْيَاءِ-
368- يَحْيَى بْن سَعِيد بْن حبيب [1] .
أبو زكريّا المُحَارِبيّ الْجَيَّانيّ.
قرأ بالسبع عَلَى: أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد الفرّاء الزّاهد.
وسمع من: مُحَمَّد بْن عتّاب الفقيه، وسراج القاضي.
وأقرأ النّاس بُقْرطُبة، ثمّ استقضي بجَيّان، وخطب بها [2] .
[قَالَ عِيَاض: شيخ صالح مسن، أندلسي، سكن فاس، وقدم سَبْتَةَ مِرارًا، وحجّ. وكان مباركًا في الأصول، مائلًا إلى النَّظَر، لكنْ لم يكن يستعمل] [3] ( ... ) [4] .
369- يوسف بن تاشفين [5] .
__________
[1] انظر عن (يحيى بن سعيد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 671، 672 رقم 1480.
[2] زاد ابن بشكوال: «ثم صرف عن ذلك واستمرّ على الخطبة» . «وتوفّي بجيّان وسط سنة خمسمائة وقد نيّف على الثمانين» .
[3] ما بين الحاصرتين كتب في هامش الأصل.
[4] في الأصل بياض.
[5] انظر عن (يوسف بن تاشفين) في:
الكامل في التاريخ 10/ 417، 418، والمعجب 162، ووفيات الأعيان 7/ 112- 130، والحلّة السيراء لابن الأبّار 1/ 193 و 2/ 51، 55، 62، 66، 70، 85، 86، 88- 90، 98- 102، 110، 114، 174، 175، 186، 205، 212، 248، 249، والعبر 3/ 356، 357، وسير أعلام النبلاء 19/ 252- 254 رقم 156، ودول الإسلام 2/ 28، 29، والإعلام بوفيات الأعلام 206، وتاريخ ابن الوردي 2/ 29، 30، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 181- 194، والحلل الموشّية 12- 60، وبغية الرواد 1/ 86، ومرآة الجنان 3/ 163- 167، والروض المعطار 288، 289، والبيان المغرب 3/ 239، 243، و 4/ 18-(34/329)
السّلطان أبو يعقوب اللُّمْتُونيّ المغربيّ البربريّ، الملقَّب بأمير المسلمين، وبأمير المرابطين، وبأمير الملثَّمين. والأوّل هُوَ الّذي استقرّ.
كَانَ أحد من ملك البلاد، ودانت بطاعته العباد، واتسعت ممالكه، وطال عُمره. وقلَّ أنّ عُمِّرَ أحدٌ من ملوك الإسلام ما عُمِّر.
هُوَ الّذي بنى مدينة مراكش [1] ، وهو الّذي أخذ الأندلس من المعتمد بْن عَبّاد وأسره.
فمن أخباره أنّ بَرّ البربر الجنوبيّ كَانَ لزَنَاتَة، فخرج عليهم من جنوبيّ المغرب من البلاد التي تتاخم أرض السودان الملثَّمون عليهم أبو بَكْر بْن عُمَر، وكان رجلًا خيِّرًا ساذجًا، فأخذت الملثَّمة البلادَ من زنَاتَة من تِلمْسان إلى البحر الأكبر. فسمع أبو بَكْر أنّ امرأةً ذهبت ناقتها في غارةٍ، فبكت وقالت: ضيَّعَنَا أبو بَكْر بدخوله إلى المغرب. فتألم واستعمل عَلَى المغرب يوسف بْن تاشَفِين هذا، ورجع أبو بَكْر إلى بلاد الجنوب [2] .
وكان ابن تاشَفِين بطلًا شجاعًا، عادلًا، اختطّ مراكش، وكان مكمنًا للّصوص مأوى الحَرَاميّة، فكان المارَون بِهِ يقول بعضُهم لبعض: مُرّاكش.
وكان بناء مدينة مُرّاكش في سنة خمس وستّين وأربعمائة، اشتراها يوسف بماله الّذي خرج بِهِ من الصحراء. وكان في موضعها غابة من الشَّجَر وقرية، فيها جماعة من البربر، فاختطهّا، وبنى بها القصور والمساكن الأنيقة. وهي في مرجٍ
__________
[ () ] 33 و 43- 47 و 111- 116، وانظر فهرس الأعلام ص 170، وشرح رقم الحلل 175، 176، 180، 181، 184- 186، وآثار الأول للعباسي 126، والدرّة المضيّة 465، وصبح الأعشى 1/ 363، ومآثر الإنافة 2/ 8، 9، 23، 24، والنجوم الزاهرة 5/ 191، 195، ونفح الطيب 4/ 354، وشذرات الذهب 3/ 412، 413، والاستقصاء 1/ 224، وأخبار الدول 2/ 405- 407، 409، 410، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 113، وتراجم إسلامية 225- 234.
[1] وقيل إن موضعها كان اسمه مراكش، معناه: امش مسرعا بلغة المصامدة. (وفيات الأعيان 7/ 124) .
[2] وفيات الأعيان 7/ 113.(34/330)
فسيح، وحولها جبال على فراسخ منها، وبالقرب منها جبل عَلَيْهِ الثلج [1] ، وهو الّذي يعدّل مِزَاجَها [2] .
وقيل: كانت لعجوز مَصْمُوديّة [3] . فأسكن مُرّاكش الخَلْق، وكثرت جيوشه وبعد صِيتُه، وخافتْه ملوك الأندلس، وكذلك خافته ملوك الفرنج لأنّها علمت أَنَّهُ ينجد الأندلسيّين عليهم.
وكان قد ظهر للملثَّمين في الحروب ضَرَبات بالسّيوف تقدّ الفارس، وطعنات تنظم الكُلَى [4] ، فكتب إِلَيْهِ المعتمد يتلطّف بِهِ، ويسأله أنّ يعرض عَنْ بلاده لمّا رأى هِمَّتَه عَلَى قصْد الأندلس، وأنّه تحت طاعته. فيقال كَانَ في الكتاب: «فإنك إنّ أعرضت عنّا نُسِبْتَ إلى كَرَمٍ، ولم تُنْسَب إلى عَجْز، وإنْ أَجَبْنا داعيك نُسِبنا إلى عقلٍ، ولم نُنْسَب إلى وهْن، وقد اخترنا لأَنْفُسِنا أجمل نسبتَيْنا [5] . وإنّ في استبقائك ذوي البيوت دوامًا [6] لأمرك وثبوت» [7] .
وأرسل لَهُ تُحَفًا وهدايا.
وكان بربريًّا لا يكاد يفهم، ففسَّرَ لَهُ كاتبه تِلْكَ الكلمات، وأحسن في المشورة عَلَيْهِ [8] ، فأجاب إلى السلم. وكتب كاتبه، عَلَى لسانه: «من يوسف بْن تاشَفِين، سلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته تحيّة من سالمكم، وسلّم إليكم، حكَّمَهُ [9] التّأييد والنَّصْر فيما حكم عليكم، وإنّكم في أوسع إباحة ممّا بأيديكم
__________
[1] في الأصل: «البلح» .
[2] وفيات الأعيان 7/ 124.
[3] وفيات الأعيان 7/ 113.
[4] في الأصل: «الكلا» . والخبر في: وفيات الأعيان 7/ 113.
[5] زاد في وفيات الأعيان: «فاختر لنفسك أكرم نسبتيك، فإنّك بالمحلّ الّذي لا يجب أن تسبق فيه إلى مكرمة» .
[6] في الوفيات: «ذوي البيوت ما شئت من دوام» .
[7] وفيات الأعيان 7/ 114.
[8] انظر: وفيات الأعيان 7/ 114.
[9] في الأصل: «حكمة» . وفي وفيات الأعيان: «وحكّمه» .(34/331)
من المُلْك، وأنتم مخصوصون منّا بأكرم إيثار [1] ، فاسْتَدِيموا وفاءنا بوفائكم [2] ، واستصلحوا إخاءنا بإصلاح إخائكم، واللَّه [وليُّ] [3] التّوفيق لنا ولكم، والسلام» [4] .
ففرح بكتابه ابن عَبّاد وملوك الأندلس، وقويت نفوسهم عَلَى دفع الفرنج، ونَوَوْا إنْ رأوا من ملك الفرنج ما يرِيُبهُم أن يستنجدوا بابن تاشَفِين. وصارت لابن تاشَفِين بفعله محبّةٌ في نفوس أهل الأندلس [5] .
ثمّ إنّ الأذفُونْش أَلحَّ عَلَى بلاد ابن عَبّاد، فقال ابن عَبّاد في نفسه: إنْ دُهِينا من مُداخله الأضداد، فأَهْوَن الأمرَيْن أمر الملثَّمين، ورعاية أولادنا جمالهم أهون من أن يَرْعَوْا خنازير الفرنج. وبقي هذا الرّأي نُصْب عينيه [6] ، فقصده الأذفونش في جيشٍ عَرَمْرَمٍ، وجفل النّاس، فطلب من ابن تاشَفِين النجدة، والجهاد. وكان ابن تاشَفِين عَلَى أتم أُهْبةٍ، فشرع في عُبور جيشه. فلمّا رأى ملوك الأندلس عبور البربر للجهاد، استعدوا أيضًا للنجدّة، وبلغ ذَلِكَ الأذفونش، فاستنفر دِينَ النَّصرانيّة، واجتمع لَهُ جنودٌ لا يُحْصِيهم إلّا الله.
ودخل مع ابن تاشفين شيء عظيمٌ من الجمال، ولم يكن أهل جزيرة الأندلس يكادون يعرفون الجمال، ولا تعوَّدتها خيلُهُم، فتجافلت منها ومن رُغائها وأصواتها.
وكان ابن تاشفين يحدق بها عسكره، ويحضرها الحروب، فتنفر خيل الفرنج عنها.
وكان الأذفونش نازلًا بالزّلّاقة [7] بالقرب من بَطَلْيُوس، فقصده حزب الله،
__________
[1] في الوفيات «وإنكم مما بأيديكم من الملك في أوسع إباحة، مخصوصون منّا بأكرم إيثار وسماحة» .
[2] في الأصل تقرأ: «يوفا بكم» .
[3] إضافة على الأصل.
[4] وفيات الأعيان 7/ 115.
[5] وفيات الأعيان 7/ 115.
[6] وفيات الأعيان 7/ 115، الروض المعطار 288، البيان المغرب 4/ 132.
[7] قال الحميريّ في «الزّلّاقة» : بطحاء الزّلّاقة من إقليم بطليوس من غرب الأندلس فيها كانت(34/332)
وقدم ابن تاشَفِين بين يديه كتابًا إلى الفرنج يدعوهم إلى الإسلام، أو الحرب، أو الجزية.
ثمّ أقبلت الجيوش، ونزلت تجاه الفرنج، فاختار ابن عَبّاد أنْ يكون هُوَ المصادم للفرنج أوّلًا، وأن يكون ابن تاشَفِين ردفًا له. ففعلوا ذلك، فخذل الفرنج، استمرّ القتل فيهم، فقيل: إنّه لم يفلت منهم إلّا الأذفونش في أقلّ من ثلاثين. وغنم المسلمون غنيمة عظيمة. وذلك في سنة تسع وسبعين وأربعمائة.
وعفّ يوسف عَن الغنائم، وآثر بها ملوك الأندلس ليتمّ لَهُ الأجر، فأحبوه وشكروا لَهُ. وكانت ملحمةً عظيمةً قَلَّ أنْ وقع في الإسلام مثلها [1] .
وجرح فيها ملك الفرنج، وجُمِعت رءوس الفرنج، فكانت كالتّلّ العظيم [2] .
__________
[ () ] الوقيعة الشهيرة للمسلمين على الطاغية عظيم الجلالقة اذفونش بن فرذلند، بحميد سعي المعتمد محمد بن عبّاد، وكان ذلك في الموفي عشرين من رجب سنة تسع وسبعين وأربعمائة. وكان السبب في ذلك فساد الصلح المنعقد بين المعتمد وبين الطاغية المذكور بسبب إفناء هذه الضريبة ما في أيدي المسلمين من كور، فإنّ المعتمد اشتغل عن أداء الضريبة في الوقت الّذي جرت عادته يؤدّيها فيه بغزو ابن صمادح صاحب المريّة واستنقاذه ما في يديه بسبب ذلك، فتأخّر لأجل ذلك أداء الإتاوة عن وقتها، فاستشاط الطاغية غضبا وتشطط فطلب بعض الحصون زيادة على الضريبة، وأمعن في التجنّي، فسأل في دخول امرأته القمطيجة إلى جامع قرطبة لتلد فيه من حمل كان بها حين أشار عليه بذلك القسّيسون والأساقفة، لمكان كنيسة كانت في الجانب الغربي منه معظّمة عندهم عمل عليها المسلمون المسجد الأعظم، وسأل أن تنزل امرأته المذكورة بالمدينة الزهراء، غربي مدينة قرطبة، تنزل بها فتختلف منها إلى الجامع المذكور حتى تكون تلك الولادة بين طيب نسيم الزهراء وفضيلة ذلك الموضع الموصوف من الجامع، وزعم أنّ الأطبّاء أشاروا عليه بالولادة في الزهراء كما أشار عليه القسّيسون بالجامع، وسفر بذلك بينهما يهوديّ كان وزيرا لابن فرذلند، فتكلّم بين يدي المعتمد ببعض ما جاء به من عند صاحبه فأيأسه ابن عبّاد من جميع ذلك، فأغلظ له اليهودي في القول وشافهه بما لم يحتمله، فأخذ ابن عبّاد محبرة كانت بين يديه، فأنزلها على رأس اليهودي فألقى دماغه في حلقه وأمر به فصلب منكوسا بقرطبة، واستفتى ابن عبّاد الفقهاء لما سكت عنه الغضب عن حكم ما فعله باليهودي، فبدره الفقيه محمد بن الطلاع بالرخصة في ذلك لتعدّي الرسول حدود الرسالة إلى ما يستوجب به القتل إذ ليس له أن يفعل ما فعل، وقال للفقهاء حين خرجوا: إنما بدرت بالفتوى خوفا أن يكسل الرجل عمّا عزم عليه من منابذة العدوّ، عسى الله أن يجعل في عزيمته للمسلمين فرجا.
[1] راجع خبر الزّلّاقة في حوادث سنة 479 هـ. في الطبقة الأسبق من هذا الكتاب.
[2] وفيات الأعيان 7/ 118.(34/333)
ثمّ عزم ابن عَبّاد عَلَى أمير المسلمين يوسف، ورام أنّ ينزل في ضيافته، فأجابه، فأنزله في قصوره عَلَى نهر إشبيلية. فرأى أماكن نزهة، كثيرة الخير والحُسْن والرّزْق. وبالغ المعتمد بْن عَبّاد وأولاده في خدمة أمير المسلمين، وكان رجلًا بربريا، قليل التّنعُّم والتّلذُّذ والرّفاهية، فرأى ما هاله من الحشمة والعرش والأطعمة الفاخرة، فأقبل خواصّه عَلَيْهِ ينبهونه عَلَى تِلْكَ الهيئة ويحسنونها، ويقولون: ينبغي أنّ تتخذ ببلادك نحو هذا. فأنكر عليهم، وكان قد دخل في الشيخوخة، وفنيت إرادته، وأدمن عَلَى عيش بلاده. ثمّ أخذ يعيب طريقة المعتمد وتنعمه المُفْرِط، وقال: مَن يتعانى هذه اللّذات لا يمكن أنّ يعدل كما ينبغي أبدًا. ومن كَانَ هذا همته في حفظ بلاده ورعيته.
ثمّ سأل يوسف: هَلْ يفعل المعتمد هذا التنعم في كلّ أوقاته؟ فقيل لَهُ:
بل كلّ زمانه عَلَى هذا.
فسكت، وأقام عنده أيّامًا، فأتى المعتمد رجلٌ عاقل ناصح، فخوّفه من غائلة ابن تاشَفِين، وأشار عَلَيْهِ بأن يقبض عَلَيْهِ، وأن لا يُطْلقه حتّى يأمر كلَّ من بالأندلس من عسكره أنّ يرجع من حيث جاء: ثمّ تتّفق أنت وملوك الأندلس عَلَى حراسة البحر من سفينة تجري لَهُ، ثمّ تتوثق منه بالأَيْمان أن لا يغدر، ثمّ تُطْلِقه، وتأخذ منه عَلَى ذَلِكَ رهائن.
فأصغى المعتمد إلى مَقَالته واستصوبها، وبقي يفكّر في انتهاز الفرصة، وكان لَهُ نُدَماء قد انهمكوا معه في الّلذّات، فقال أحدهم لهذا الرجل: ما كَانَ أمير المؤمنين، وهو إمامُ أهل المَكْرُمات ممّن يُعامل بالحَيْف ويغدر بالضَّيْف.
قَالَ: إنّما الغَدْر أَخْذُ الحقّ ممّن هُوَ لَهُ، لا دفْع المرء عَنْ نفسه.
قَالَ النّديم: بل كَظْمٌ مَعَ وفاءٍ، خيرٌ من حزْمٍ مَعَ جفاء.
ثمّ إنّ ذَلِكَ النّْاصح استدرك الأمر وتلافاه، وشكر لَهُ المعتمد، وأجازه، فبلغ الخبرُ ابن تاشَفِين، فأصبح غاديا. فقدَّم لَهُ المعتمد هدايا عظيمة، فقبِلَها وعبر إلى سَبْتَة. وبقي جُلُّ عسكره بالجزيرة يستريحون [1] .
__________
[1] وفيات الأعيان 7/ 119- 122.(34/334)
وأمّا الأذفونش، فقدم إلى بلده بأسوأ حال، فسأل عَنْ أبطاله وبَطَاركته، فوجد أكثرهم قد قتلوا، وسمع نَوْح الثُّكَالَى عليهم، فلم يأكل ولا الْتَذّ بعَيْشٍ حتّى مات غَمًّا، وخلَّف بنتًا، فتحصَّنت بطُلَيْطُلَة [1] .
ثمّ أخذ عسكرُ ابن تاشَفِين يغيرون، حتّى كسبوا من الفرنج ما تجاوز الحدّ، وبعثوا بالمغانم إلى مُرّاكش. واستأذن مقدّمهم سِير بْن أَبِي بَكْر لابن تاشَفِين في المقام بالأندلس، وأعلمه أَنَّهُ قد افتتح حصونًا، ورتّب فيها، وأنّه لا يستقيم الأمر إلّا بإقامته. فكتب إِلَيْهِ ابن تاشَفِين يأمره بإخراج ملوك الأندلس من بلادهم وإيجافهم في العدْوَة، فإن أَبَوْا عَلَيْهِ حاربهم. وليبدأ بالثغور: ولا تتعرّض للمعتمد.
فابتدأ سير بملوك بُنيّ هود يستنزلهم من قلعة روطة، وهي منيعة إلى الغاية، وماؤها [2] يُنْبُوعٌ في أعلاها، وبها من الذخائر المختلفة ما لا يوصف. فلم يقدر عليها، فرحل عَنْهَا. ثمّ جَنَّد أجنادًا عَلَى زِيّ الفرنج، وأمرهم أنّ يقصدوها كالمُغِيرين، وكمن هُوَ والعسكر، ففعلوا ذَلِكَ.
فرآهم ابن هود، فاستضعفهم، ونزل في طلبهم، فخرج عَلَيْهِ سير، فأسره وتسلَّم القلعة [3] .
ثمّ نازل بُنيّ ظاهر بشرق الأندلس، فسلموا إِلَيْهِ، ولحِقُوا بالعدْوَة.
ثمّ نازل بني صُمَادِح بالمَرِيّة، فمات ملكهم في الحصار، فسلّموا المدينة.
ثمّ نازلوا المتوكلّ عُمَر بْن الأفطس ببَطَلْيُوس، فخامر عَلَيْهِ أصحابه، فقبضوا عَلَيْهِ، ثمّ قتل صبرًا [4] .
ثمّ إنّ سير كُتُب إلى ابن تاشَفِين أَنَّهُ لم يبق بالجزيرة غير المعتمد فأمره أن
__________
[1] وفيات الأعيان 7/ 122.
[2] في الأصل: «ومائها» .
[3] وفيات الأعيان 7/ 122.
[4] وفيات الأعيان 7/ 122، 123.(34/335)
يعرض عَلَيْهِ التّحوّل إلى العدْوَة بأهله وماله، فإن أبى فنازله. فلمّا عرض عَلَيْهِ سير ذَلِكَ لم يُجِبْ، فسَار وحاصره أشْهُرًا، ثمّ دخل عَلَيْهِ البلد قهرًا، وظفر بِهِ، وبعثه إلى العدْوَة مقيَّدًا، فحُبِس بأَغْمات إلى أن مات. وتسلّم سير الجزيرة كلَّها [1] .
وقال ابن دحية أو غيره: نزل يوسف عَلَى مدينة فاس في سنة أربع وستّين وأربعمائة وحاصرها. ثمّ أخذها، فأقرّ العامّة، ونفى البربر والْجُنْد عَنْهَا، بعد أنّ حبس رءوسهم، وقتل منهم، وكان مؤثرًا لأهل العلم والدّين، كثير المَشُورَة لهم [2] .
وكان معتدل القامة، أسمر، نحيفًا، خفيف العارضيْن، دقيق الصوت، حازمًا، سائسًا. وكان يخطب لبني العبّاس. وهو أوّل من سُمّي بأمير المسلمين [3] .
وكان يحبّ العفْو والصَّفْح، وفيه خيرٌ وعدل [4] .
وقال أبو الحَجّاج يوسف البيّاسيّ في كتاب «تذكير الغافل» [5] : إنّ يوسف بْن تاشَفِين جاز البحر مرة ثالثة، وقصد قُرْطُبَة، وهي لابن عَبّاد، فوصلها سنة ثلاث وثمانين، فخرج إِلَيْهِ المعتمد بالضيافة، وجري معه عَلَى عادته [6] .
ثمّ إنّ ابن تاشَفِين أخذ غرناطة من عَبْد اللَّه بْن بلقين [7] بْن باديس، وحبسه،
__________
[1] وفيات الأعيان 7/ 123.
[2] وفيات الأعيان 7/ 124، 125.
[3] وفيات الأعيان 7/ 125.
[4] وفيات الأعيان 7/ 125، وقال ابن الأثير: «فمن ذلك أنّ ثلاثة نفر اجتمعوا، فتمنّى أحدهم ألف دينار يتّجر بها، وتمنّى الآخر عملا يعمل فيه لأمير المسلمين، وتمنّى الآخر زوجته النّفزاويّة، وكانت من أحسن النساء، ولها الحكم في بلاده، فبلغه الخبر، فأحضرهم، وأعطى متمنّي المال ألف دينار، واستعمل الآخر، وقال للذي تمنّى زوجته: يا جاهل! ما حملك على هذا الّذي لا تصل إليه؟ ثم أرسله إليها، فتركته في خيمة ثلاثة أيام تحمل إليه كل يوم طعاما واحدا، ثم أحضرته، وقالت له: ما أكلت هذه الأيام؟ قال: طعاما واحدا، فقالت: كل النساء شيء واحد. وأمرت له بمال وكسوة وأطلقته» . (الكامل في التاريخ 10/ 417، 418) .
[5] في وفيات الأعيان 7/ 127 «تذكير العاقل» .
[6] وفيات الأعيان 7/ 127، 128.
[7] في وفيات الأعيان: «بلكين» .(34/336)
فطمع ابن عَبّاد في غَرْناطة، وأن يُعطِيَه ابن تاشَفِين إيّاها، فعرض لَهُ بذلك، فأعرض عَنْهُ ابن تاشَفِين إلى مُرّاكش في رمضان من السّنة. فلمّا دخلت سنة أربع عزم عَلَى العبور إلى الأندلس لمنازلة المعتمد بْن عَبّاد، فاستعدّ لَهُ ابن عَبّاد [1] ، ونازلته البربر، فاستغاث بالأذفونش، فلم يلتفت إِلَيْهِ.
وكانت إمرة يوسف بْن تاشَفِين عند موت أَبِي بَكْر بْن عُمَر أمير المسلمين سنة اثنتين وستّين وأربعمائة. وكانت الدّولة قبلهما لزَنَاتَة، وكانت دولة «ظالمة» فاجرة.
وكان ابن تاشَفِين وعسكره فيهم يبس وديانة وجهاد، فافتتح البلاد، وأحبَّته الرّعيّة. وضيّق لِثامَه هُوَ وجماعته. فقيل: إنهم كانوا يتلثّمون في الصّحراء كعادة العرب، فلمّا تملّك ضيّق ذَلِكَ اللّثام [2] .
قَالَ عُزَيز: وممّا رأيته عيانًا أَنَّهُ كَانَ لي صديقٌ منهم بدمشق، وبيننا مودة.
فأتيتُه، فدخلت وقد غسَل عمامته، وشدّ سِرواله عَلَى رأسه، وتلثَّم بِهِ. هذا بعد أن انقضت دولتهم، وتفرّقوا في البلاد.
__________
[1] وفيات الأعيان 7/ 128.
[2] قال ابن خلّكان: وذلك سنّة لهم يتوارثونها خلفا عن سلف، وسبب ذلك على ما قيل إنّ حمير كانت تتلثّم لشدّة الحرّ والبرد، يفعله الخواصّ منهم، فكثر ذلك حتى صار يفعله عامّتهم.
وقيل: كان سببه أنّ قوما من أعدائهم كانوا يقصدون غفلتهم إذا غابوا عن بيوتهم فيطرقون الحيّ فيأخذون المال والحريم، فأشار عليهم بعض مشايخهم أن يبعثوا النساء في زي الرجال إلى ناحية ويقعدوا هم في البيوت ملثّمين في زيّ النساء، فإذا أتاهم العدو ظنّوهم النساء، فيخرجون عليهم، ففعلوا ذلك وثاروا عليهم بالسيوف فقتلوهم، فلزموا اللثام تبرّكا بما حصل لهم من الظفر بالعدوّ. (وفيات الأعيان 7/ 129) .
وقال ابن الأثير: وقيل إن سبب اللثام لهم أنّ طائفة من لمتونة خرجوا مغيرين على عدوّ لهم فخالفهم العدوّ إلى بيوتهم، ولم يكن بها إلّا المشايخ والصبيان والنساء، فلما تحقّق المشايخ أنه العدوّ أمروا النساء أن تلبس ثياب الرجال ويتلثّمن ويضيّقنه حتى لا يعرفن، ويلبسن السلاح، ففعلن ذلك، وتقدّم المشايخ والصبيان أمامهنّ واستدار النساء بالبيوت، فلما أشرف العدوّ رأى جمعا عظيما، فظنّه رجالا وقالوا: هؤلاء عند حريمهم يقاتلون عنهنّ قتال الموت، والرأي أن نسوق النعم ونمضي، فإن اتبعونا قاتلناهم خارجا عن حريمهم فبينما هم في جمع النعم من المراعي إذ أقبل رجال الحيّ، فبقي العدوّ بينهم وبين النساء، فقتلوا من العدوّ وأكثروا، وكان من قبل النساء أكثر، فمن ذلك الوقت جعلوا اللثام سنّة يلازمونه فلا يعرف الشيخ من الشاب ولا يزيلونه ليلا ولا نهارا. (الكامل في التاريخ) .(34/337)
وحكى لي ثقة أَنَّهُ رأى شيخًا من الملثَّمين بالمغرب مترديا في نهر يغسل ثيابه وهو عريان، وعورته بادية، ويده اليُمْنى يغسل بها، ويده اليُسْرى يَسْتر بها وجهه.
وقد جعل هَؤُلَاءِ اللّثام جُنَّةً، فلا يُعرف الشَّيْخ منهم من الشّاب، فلا يزيلونه ليلًا ولا نهارًا، حتّى أنّ المقتول منهم في المعركة لا يكاد يعرفه أهله، حتّى يجعلوا عَلَى وجهه لثامًا.
ولبعضهم:
قومٌ لهم دَرْكُ العلى [1] في حمير ... وإن انتموا صنهاجة فهم هموا
لما حووا إحراز كل فضيلة ... غلب الحياء عليهم، فتلثموا [2]
وتزوج ابن تاشَفِين بزينب زوجة أَبِي بَكْر بْن عُمَر، وكانت حاكمة عَلَيْهِ، وكذلك جُمَيْع الملثمين يكبرون نساءهم، وينقادون لأمرهم، وما يسمّون الرَجل منهم إلّا بأمّه.
وهنا حكاية، وهي أنّ ابن خلوف القاضي الأديب كَانَ لَهُ شِعْرٌ، فبلغ زينبَ هذه أَنَّهُ مدح حوّاء امرأة سير بْن أَبِي بَكْر، وفضَّلها عَلَى جُمَيْع النّساء بالجمال، فأمرت بعزْله عَن القضاء. فسار إلى أَغْمات، واستأذن عليها، فدخل البوّاب فأعلمها بِهِ، فقالت: يمضي إلى الّتي مَدَحها تردّه إلى القضاء.
فأبلغه، فَعَزَّ عَلَيْهِ، وبقي بالحضرة أيّامًا حتّى فنيت نَفَقَتُه، فأتى خادمها فقال: قد أردت بيع هذا المهر، فأعطني مثقالين أتزود بهما إلى أهلي، وخذه فأنت أولى.
فسرَّ الخادم وأعطاه، ودخل مسرورًا بالمهر، وأخبر السّتّ، فرقَّت لَهُ، وقالت: ائتني بِهِ. فأسرع وأدخله عليها، فقالت: تمدح حوّاء وتسرف، وزعمت أَنَّهُ لَيْسَ في النّساء أحسن منها، وما هذه منزلة القضاة. فقال في الحال:
__________
[1] في وفيات الأعيان: «علا» .
[2] وفيات الأعيان 7/ 130.(34/338)
أنت بالشمس لاحِقَهْ ... وهي بالأرض لاصقهْ
فمتى ما مَدَحْتُها ... فهي من سيرَ طالقهْ
فقالت: يا قاضي طَلّقْتَها؟!.
قَالَ: نعم، ثلاثة وثلاثة وثلاثة.
فضحكت حتّى افتضحت، وكتبت إلى يوسف يردّه إلى القضاء.
قلت: ولا رَيْب أنّ يوسف ملكٌ من الملوك، بَدَت منه هنّات وزلّات، ودخل في دهاء الملوك وغدرهم. ولمّا أخذ إشبيلية من المعتمد شنّ عسكر ابن تاشَفِين الغارة بإشبيلية، وخلّوا أهلها عَلَى برْد الدّيار، وخرج النّاس من بيوتهم يسترون عوراتهم بأيديهم، وافتُضَّت الأبكار.
وتتابعت الفتوحات لابن تاشَفِين. وكانت فُقهاء الأندلس قَالُوا لَهُ: لا تَجِبْ طاعتُك حتّى يكون لك عهد من الخليفة.
فأرسل إلى العراق قومًا من أهله بهدايا. وكتابًا، يذكر فيه ما فعل بالفرنج.
فجاءه أمر المستظهر باللَّه أحمد رسول بهديّة، وتقليد وخِلْعة، وراية.
وكان يقتدي بآراء العلماء، ويعظّم أهل الدين. ونشأ ولده عليّ في العفاف والدّين والعِلْم، فولّاه العهدَ في سنة تسعٍ وتسعين وأربعمائة.
وتُوُفّي يوسف في يوم الإثنين ثالث المحرَّم سنة خمسمائة، ورّخه ابن خلكان، وقبله عزّ الدين ابن الأثير، وغيرهما.
وعاش تسعين سنة.
قَالَ الْيَسَعُ بْن حَزْم: فمِن فضله أَنَّهُ لما أراد بناء مُرّاكش ادّعى قومٌ مَصَامِدَةٌ فيها أرضًا، فأرضاهم بمالٍ عظيم. وكان يلبس العباء، ويُؤثر الحياء، ويقصد مقاصد العز في طُرُق المعالي، ويكره السَّفساف، ويحبّ الأشرف المتعالي، ويقلّد العلماء، ويؤثر الحُكَماء، يتدبّر مَرْضَاتهم. وإذا دخل عَلَيْهِ من طَوْل ثيابه وجرّها ... [1] إِلَيْهِ وجهه، وأعرض عَنْهُ، فإن كَانَ ذا ولاية عزله. وكان كثير الصدقة عظيم البِرّ والصّلة للمساكين، رحمه اللَّه.
__________
[1] في الأصل بياض.(34/339)
370- يوسف بْن عليّ الزّنْجانيّ [1] .
أبو القاسم الشّافعيّ من كبار أصحاب أَبِي إِسْحَاق الشِّيرازيّ.
مات في صفر [2] .
__________
[1] انظر عن (يوسف بن علي) في: المنتظم 9/ 154، 155 رقم 250 (17/ 106 رقم 3772) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 22، والبداية والنهاية 12/ 169.
[2] وصفه ابن الجوزي بالفقيه، وقال: برع في الفقه، وكان من أهل الدين.(34/340)
[المتوفون تقريبًا] [1]
371- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن [2] .
أَبُو العبّاس الْأَنْصَارِيّ، الشّارقيّ الواعظ.
حجّ وسمع كريمة، وتفقّه عَلَى أَبِي إِسْحَاق الشِّيرازيّ.
ودخل العراق وفارس، وسكن سَبْتَةَ، وفاس.
وكان صالحًا، دينًا، ذاكرًا، بكاءً، واعظًا.
تُوُفّي بشرق الأندلس في نحو الخمسمائة. قاله ابن بَشْكُوَال.
372- أحمد بْن مُحَمَّد بْن الفضل بْن شَهْرَيار [3] .
أبو عليّ الأصبهاني.
سمع: أبا الفَرَج مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن شَهْرَيار، وغيره.
وكان من أبناء التسعين.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وأبو طاهر السِّنْجيّ.
مات قبل الخمسمائة بقليل.
أحمد بْن عَبْد اللَّه السُّوذَرْجانيّ [4] .
373- عَبْد الرحيم بْن مُحَمَّد بْن أحمد [5] .
أبو منصور الشّرابيّ الأصبهانيّ.
__________
[1] العنوان إضافة إلى الأصل.
[2] انظر عن (أحمد بن محمد الشارقي) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 73 رقم 159.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] وردت ترجمة «السوذرجاني» في الأصل هنا، ولكنّني حوّلتها إلى وفيات سنة 496 هـ. بناء لأمر المؤلّف، انظر رقم (235) .
[5] لم أجد مصدر ترجمته.(34/341)
توفّي قبل الخمسمائة أو بعدها.
روى عَنْ: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن اللَّيْث الصّفّار صاحب ابن خميروَيْه الهَرَوِيّ.
روى عَنْهُ: أَبُو سَعْد مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الصائغُ.
374- عَبْد الرَّحْمَن بْن إسماعيل بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد [1] .
أبو بَكْر ابن الْإِمَام أَبِي عثمان الصّابونيّ النَّيْسابوريّ.
خَلَف أَبَاهُ في حضور المجالس، وكان لَهُ قبول تامّ لأجل والده.
وكان مليح الشّمائل، متجمّلًا بهيًّا. بَقِيّ عَلَى التّصوّن قليلًا، ثمّ لعب وأخذ في الصّيد والتنزه، فقبر أمره، ثمّ أصابه في الآخر نقْرس وزَمِنَ، فباع بقية ضيعة لَهُ.
سمع: أَبَاهُ، وعمّه أبا يَعْلَى، وأبا حفص بْن مسرور.
روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن الحُسين الآمُليّ، وعَبْد اللَّه بْن الفُرَاويّ، وعُمَر بْن أَحْمَد الصَّفَّار، وآخرون.
وقد سمع «صحيح مُسْلِم» من عَبْد الغافر الفارسيّ.
روى عَنْهُ أيضًا: هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن حَسَنة، وتيمان بْن أَبِي الفوارس، وأبو رُشَيْد بْن إسماعيل بْن غانم، وَأَبُو الفتح عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الخِرَقيّ، وعدد كبير.
375- أسعد بْن مسعود بْن عليّ [2] .
أبو إِبْرَاهِيم العُتْبيّ النَّيْسابوريّ، أحد الرؤساء والعُلماء.
تأدَّب عَلَى منصور بْن عَبْد الملك الثّعالبيّ.
وسمع من: الحِيّريّ، والصَّيْرفيّ.
ومن جَدّه أَبِي نَصْر العُتْبيّ، وقال: مات جدي سنة أربع عشرة.
روى عَنْهُ: مسعود بْن أحمد الحوافيّ، وأبو طاهر السّنجيّ، وعبد الخالق الشّحّاميّ، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن إسماعيل) في: المنتخب من السياق 318 رقم 1048.
[2] تقدّمت ترجمته في المتوفين سنة 494 هـ. برقم (162) .(34/342)
تزهد بأخرة. عاش بضعًا وثمانين سنة.
376- غالب بْن عيسى بْن نعم الخَلَف [1] .
أبو تمّام الْأَنْصَارِيّ الأندلسيّ.
طوّف الشّام، والعراق، واليمن. وجاوَرَ بمكّة.
سمع: أبا مُحَمَّد الجوهريّ، وجماعة ببغداد، وأبا غالب بْن بِشْران النَّحْويّ بواسط، وأبا العلاء بْن سليمان بالمَعَرَّة، وأحمد بْن الفضل الباطرقاني بأصبهان.
سمع منه: أبو بَكْر السّمعانيّ في سنة ثمانٍ وتسعين بمكّة، وقال: كَانَ قد نيَّف عَلَى المائة وزمِن وعُمِّر.
377- المظفّر بْن الحُسين بْن إِبْرَاهِيم بْن هَرْثَمَة [2] .
أبو منصور الفارسيّ الأَرَّجانيّ [3] ، ثمّ الغَزْنَويّ.
قَالَ السّمعانيّ: شيخ، إمام، فقيه، عارف بالحديث وطُرُقه. صنف تصانيف في الحديث.
وسمع بغَزْنَة حنبل بْن أحمد بْن حنبل البَيِّع، وبالهند أبا الحَسَن مُحَمَّد بْن الحَسَن الْبَصْرِيّ، وببغداد أبا الطَّيِّب الطَّبَريّ، وأبا القاسم التّنُوخيّ، وبدمشق أبا عَبْد اللَّه بْن سلوان، وبمصر أبا الحَسَن الطّفّال، وعبد الملك بْن مسكين.
قدِم بلْخ فحدَّث بها.
روى عَنْهُ: أبو شجاع عُمَر البسْطاميّ، وأبو حفص عُمَر بْن عُمَر الأشهبيّ، وغيرهما.
وتوفّي بعد التّسعين وأربعمائة.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الأرجاني: قال ابن السمعاني: بفتح الألف وسكون الراء وفتح الجيم وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى أرجان وهي من كور الأهواز من بلاد خوزستان، ويقال لها أرغان بالغين وهي أرجان. (الأنساب 1/ 73) وتابعه ابن الأثير في (اللباب 1/ 40) .
وقال ياقوت بتشديد الراء. (معجم البلدان 1/ 142) .(34/343)
378- عَبّاد بْن الحُسين بْن غانم الطّائيّ [1] .
الوزير أبو منصور.
وَزَرَ لبعض ملوك العجم، وحدَّثَ ببغداد عَن ابن رَيْدَة الأصبهاني.
روى عَنْهُ: أبو الوفاء أحمد بْن الحُصَيْن، وأبو طاهر السِّلَفيّ.
379- إِبْرَاهِيم بْن عليّ بْن الحَسَن [2] .
أبو أحمد الْبَصْرِيّ البُجَيْرميّ.
سمع: إِبْرَاهِيم بْن طلحة بْن غسّان.
وعنه: السِّلَفيّ.
380- مُحَمَّد بْن المظفّر بن عُبَيْد اللَّه النَّهَاوَنْديّ [3] .
المعدّل.
سمع: القاضي أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الرّاوي عَن البكّائيّ.
أخذ عَنْهُ السِّلَفيّ بنهاوند.
381- مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن عليّ [4] .
أبو الفتح الأصبهاني الزّجّاج.
سمع: عليّ بن ماشذة، وأبا عليّ أحمد بْن مُحَمَّد بْن حَسَن المرزوقيّ، وأبا بَكْر بْن أَبِي عليّ، والحسين بْن أحمد بْن سَعْد الرّازيّ.
قَالَ السِّلَفيّ: لم يروِ منّا عَن المرزوقي سواه.
382- مُحَمَّد بْن إدريس بْن خَلَف [5] .
أبو تمّام القَرَتَّائي [6] البصريّ.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] انظر عن (محمد بن إدريس) في: معجم البلدان 4/ 320.
[6] القرتّائيّ: بفتح القاف والراء والتاء المشدّدة ثالث الحروف وفي آخرها الياء آخر الحروف. هذه النسبة إلى قرتّا. قال ابن السمعاني: وظنّي أنها من قرى البحر من عمان. (الأنساب 10/ 89) .(34/344)
روى عَنْ: إِبْرَاهِيم بْن طَلْحة بْن غسان.
سمع منه: السِّلَفيّ بالبصرة.
383- سَعْد بْن عليّ بْن حُمَيْد [1] .
أبو علّان المُضَريّ المَرَاغيّ.
روى عن: أحمد بن الحسين التراسي [2] .
وعنه: السلفي.
384- عليّ بْن هبة اللَّه التّرّاسيّ [3] .
عَنْ: أحمد بن الحُسين التّرّاسيّ.
وعنه: السِّلَفيّ، وغيره.
385- مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد الرّزّاق [4] .
أبو الحَسَن الأصبهاني الكاغدي.
شيخ مسن، مُسْنِد.
روى عَنْ: عليّ بْن ميلة الفَرَضِيّ.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ.
386- أحمد بْن أبي هاشم [5] .
أبو طَالِب الْقُرَشِيّ الأصبهانيّ.
__________
[ () ] وقال ياقوت: قرتّا: بالتحريك، وتشديد التاء المثنّاة من فوقها: من قرى البصرة. ينسب إليها أبو عبد اللَّه مُحَمَّد بْن خَلَف بْن مُحَمَّد بْن سليمان بن أيوب النهرديري ويعرف بالقرتّاي، سكن الصّليق من البطائح. حدّث عن أبي شجاع محمد بن فارس، والحسن بن أحمد بن أبي زيد البصريّين، كذا ضبطه الخطيب أبو بكر بخطه. وذكره السلفي بكسر أوله وثانيه، فقال:
القرتّاي، وهو أبو تمّام محمد بن إدريس بن خلف القرتّاي، حدّث عنه السلفي.
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] التّرّاسي: بفتح التاء المنقوطة بنقطتين من فوقها وتشديد الراء المهملة وفي آخرها السين المهملة أيضا، هذه النسبة إلى عمل الترسة وهي الحجفة والدرق، وبيعها. (الأنساب 3/ 37) .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.(34/345)
سمع: أبا سَعِيد مُحَمَّد بْن عليّ النّقّاش، وأبا سَعِيد الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن حَسْنَوَيْه الكاتب، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن شاذان الأعرج.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ عَنْهُمْ، وعن: أَبِي بَكْر بْن أَبِي عليّ.
387- مُحَمَّد بْن أحمد بْن سَعِيد [1] .
أبو المظفّر الأصبهاني الفاشاني [2] المعدل.
سمع: سفيان بْن مُحَمَّد بْن حَسَنْكُوَيْه، وأبا نُعَيْم.
وعنه: السِّلَفيّ.
388- لاحق بْن مُحَمَّد بْن أحمد [3] .
أبو القاسم التَّميميّ، الأصبهاني الإسكاف.
سمع: أبا عليّ أحمد بْن مُحَمَّد بْن يزداد، وأبا بَكْر بْن أَبِي عليّ، وإبراهيم بْن عليّ الخيّاط، والفضل بْن شَهْرَيار، وأبا عَبْد اللَّه الجمّال، وابن عَبْدكَويْه، وأبا حفص الزَّعْفرانيّ، وأبا نعيم.
وأجاز له أبو سعيد النقاش، وعلي بن ميلة، والقاضي أبو بكر الحيري.
روى عنه السّلفيّ فأكثر عنه، ولم يؤرّخ وفاته.
389- مُحَمَّد بْن أحمد بْن جعفر [4] .
أبو صادق الأصبهاني.
سمع: الفضل بْن عُبَيْد اللَّه بْن شَهْرَيار، وأبا بَكْر بْن أَبِي عليّ الذّكْوانيّ، وجماعة.
وعنه: السِّلَفيّ وقال: كَانَ كاتبًا مكثِرًا، من رؤساء البلد.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الفاشاني: بفتح الفاء والشين المعجمة وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى قرية من قرى مرو يقال لها فاشان، وقد يقال لها بالباء. وبهراة قرية أخرى يقال لها باشان بالباء الموحّدة.
(الأنساب 9/ 225، 226) .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.(34/346)
390- مُحَمَّد بْن الحُسين بْن مُحَمَّد [1] .
أبو إِبْرَاهِيم البالويّ [2] النَّيْسابوريّ.
صالح سديد. سمع الْإِمَام أبا إِسْحَاق الإسْفَرائينيّ، وحدَّثَ عَنْهُ بثلاثة أجزاء.
وعاش إلى سنة ثلاثٍ وتسعين.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّنْجيّ، وأبو البركات الفُرَاويّ، وعبد الخالق الشّحّاميّ.
391- مُحَمَّد بْن عبد العزيز بْن أحمد [3] .
أبو بَكْر الأصبهاني العسّال.
سمع: أبا نُعَيْم الحافظ، وسُفْيَان بْن مُحَمَّد بْن حَسَنْكُوَيْه.
وعنه: السِّلَفيّ.
392- حَمْد بْن عُمَر بْن سَهْلُوَيْه [4] .
أبو العلاء الأصبهاني الشّرابيّ.
سمع: أبا نُعَيْم الحافظ، ويوسف بْن حسين الرّازيّ.
وعنه: السِّلَفيّ.
393- أحمد بْن الحسن بْن أحمد بْن عليّ بْن الخصيب [5] .
الفقيه أبو سَعِيد الْجَرْبَاذْقانيّ [6] الخانساريّ [7] .
سمع: أبا طاهر بْن عَبْد الرّحيم الكاتب، وأحمد بن الفضل الباطرقانيّ.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] البالوي: بفتح الباء المنقوطة بواحدة واللام بعد الألف وفي آخرها ياء منقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى بالويه وهو اسم لبعض أجداد المحدّثين. (الأنساب 2/ 59) .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] الجرباذقانيّ: بفتح الجيم وسكون الراء والباء الموحّدة المفتوحة بعدها الألف وسكون الذال المعجمة والقاف المفتوحة وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى بلدتين إحداهما بين جرجان وأستراباذ، والثانية بين أصبهان والكرج. (الأنساب 3/ 218) .
[7] لم أجد هذه النسبة.(34/347)
روى عَنْهُ السِّلَفيّ جزءًا من حديثه سمعناه.
394- عَبْد اللَّه بْن يوسف [1] .
الحافظ أبو مُحَمَّد الجرجانيّ القاضي.
صنّف «فضائل الشّافعيّ» ، و «فضائل أحمد بْن حنبل» ، وغير ذَلِكَ.
وسمع الكثير.
قَالَ أبو النَّضْر الفاميّ: تُوُفّي بعد العشرين وأربعمائة [2] .
395- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَلُّويَه [3] .
أبو الفتح الأصبهاني.
سمع: أبا بَكْر الذّكْوانيّ.
وحدَّثَ في سنة اثنتين وتسعين، وهو إنّ شاء اللَّه من شيوخ السِّلَفيّ.
وآخر من روى عَنْهُ: أبو الفتح الخِرَقيّ.
396- سداد بن محمد بن أحمد بن جعفر [4] .
القاضي أبو الرجاء الخلقاني [5] الأصبهاني.
روى عن: أبي نعيم الحافظ، والهيثم بن محمد الخراط، وأبي القاسم عبد الله بن الحسن المطيعي.
قال السلفي: كان مكثرًا من الطلب والمعرفة، وتكلم فيه بغير حجّة.
روى عنه: السّلفي، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن يوسف) في: تذكرة الحفاظ 4/ 1227، وسير أعلام النبلاء 19/ 159، 160 رقم 86، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 219، والإعلان بالتوبيخ للسخاوي 367، وكشف الظنون 1100، 1105، 1839، 1840، وهدية العارفين 1/ 453، ومعجم المؤلفين 6/ 164.
[2] ورّخ المؤلّف وفاته في شهر ذي القعدة سنة تسع وثمانين وأربعمائة، وقال: عاش ثمانين عاما.
وكان ذكر أنه ولد سنة 409 هـ. (سير أعلام النبلاء 19/ 159) .
وفي طبقات الشافعية الكبرى للسبكي: ولد سنة 407 هـ. (3/ 219) .
وقال الذهبي: جمع وصنّف، وكان ذا حفظ وفهم.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] الخلقاني: بضم الخاء المعجمة وسكون اللام وفتح القاف وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى بيع الخلق من الثياب وغيرها. (الأنساب 5/ 163) .(34/348)
وآخر أصحابه أبو الفتح الخرقي.
397- محمد بن أحمد بن طاهر بن حمد [1] .
أبو غالب البغدادي [2] .
حدث في هذه السنة [3] (؟) بواسط عَنْ أَبِي القاسم التّنُوخيّ [4] بالطّوالات.
رواها عَنْهُ أبو طَالِب مُحَمَّد بْن عليّ الكتّانيّ.
398- إسماعيل بْن الحُسين بْن حمزة [5] .
السّيد أبو الحَسَن العَلَويّ الهَرَوِيّ.
رئيس محتشم، كبير الشّأن، عالي الرُّتْبة ببلده.
سمع: أبا عثمان سَعِيد بْن العبّاس الْقُرَشِيّ، وغيره.
روى عَنْهُ: عَبْد الغافر بْن إسماعيل، وذكر أنّه عاش إلى سنة نيّف وتسعين وأربعمائة، وأنّه حدَّثَ بنَيْسابور سنة أربعٍ وتسعين [6] .
399- عَبْد الملك بن الحسن بن بتنّة [7] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد بن طاهر) في: المنتظم 9/ 189 رقم 323 (17/ 151، 152 رقم 3845) (في وفيات سنة 510 هـ.) وكذا في: البداية والنهاية 12/ 180.
[2] قال ابن الجوزي: يعرف بخازن دار الكتب القديمة، ومن ساكني درب المنصور بالكرخ، سمع ابن غيلان، والتنوخي، وغيرهما. وكان سماعه صحيحا. روى عنه أشياخنا إلّا أنه كان يذهب مذهب الإمامية، وهو فقيه في مذهبهم ومفتيهم كذلك.
قال شيخنا ابن ناصر: وتوفي يوم السبت ثالث عشر شعبان، ودفن بمقابر قريش.
«أقول» : بما أنه توفي سنة 510 هـ. فينبغي أن ينقل من هنا إلى الطبقة الحادية والخمسين التالية.
[3] لم يذكر المؤلّف رحمه الله السنة التي حدّث فيها!
[4] هو القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، المتوفى 447 هـ.
[5] انظر عن (إسماعيل بن الحسين) في: المنتخب من السياق 140، 141 رقم 320.
[6] قال عبد الغافر الفارسيّ: قدم علينا من هراة سنة أربع وستين وأربعمائة، وهو من رؤساء السادة ومن المعروفين المشهورين بالحشمة الرفيعة والمروة الظاهرة والثروة وكان حين قدم نيسابور في الوفد الذين حضروا مع القاضي صاعد بن سيّار، وأبي المكارم القرشي الخطيب، وأبي قرّة الحنفي، وأبي عمرو الياس بن مضر المزكّي، والطبقة إلى حضرة السلطان الشهيد ألب أرسلان. ثم عاش هذا السيد إلى نيّف وتسعين وقد دخلت هراة منصرفي من غزنة فرأيته بها على حشمة رفيعة يحمل على المحفّة لكبر سنّه.
وقال عبد الغافر: توفي. وسكت عن تاريخ وفاته.
[7] انظر عن (عبد الملك بن الحسن) في: المشتبه في الرجال 2/ 630 وفيه: «بتنّة: بموحّدة(34/349)
أبو مُحَمَّد الْأَنْصَارِيّ.
شيخ صالح، مجاور بمكّة.
سمع: أبا القاسم عليّ بْن الحُسين بْن محمد الفسويّ، والشّيخ عبد العزيز بن بُنْدار الشِّيرازيّ.
سمع منه: أبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو بَكْر السّمعانيّ، وغيرهما بمكّة.
ذكره السِّلَفيّ في «معجمه» ، وأنّه حجّ سبْعًا وسبعين حَجَّة، وزار النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مرّة. وله في كلّْ سنة مائة عُمْرة في رجب، وشعبان، ورمضان، وعشر ذي الحجّة.
وبِتِنَّة: بكسر الباء والتّاء، ثمّ تشديد النُّون، ورأيتها مرّةً بفتْحها.
400- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي دَاوُد [1] .
أبو الحَسَن الفارسي، ثمّ الْمَصْرِيّ الورّاق، الكُتُبيّ.
شيخ فاضل.
حدَّثَ عَنْ: أَبِي عَبْد اللَّه بْن نظيف، وغيره.
وكان ذا هيئة ومعرفة.
روى عَنْهُ: أبو عليّ بْن سُكَّرَة، وأبو بَكْر بْن الفَزَاريّ، وقال: شيخ مفيد له علو.
قلت: بقي إلى حدود الخمسمائة، وأظن سمع منه الشريف الخطيب أبو الفتوح.
401- محمد بن خلف بْن قاسم الخَوْلانيّ [2] .
الإشبيلي.
أبو عَبْد اللَّه.
يروي عَنْ: ابن حَزْم، وأبي محمد بن خزرج.
__________
[ () ] ومثنّاة ونون مكسورات.
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.(34/350)
قرأ عَلَيْهِ: أبو العبّاس أحمد بْن مُحَمَّد «صحيح مسلم» في سنة أربع وتسعين وأربعمائة.
402- المطهر بْن الفضل بْن عَبْد الوهّاب بْن أحمد بْن بطَّة [1] .
أبو عليّ الأصبهاني.
وُلِد سنة ستّ وأربعمائة.
وسمع: أبا عَبْد اللَّه الجمّال، وأبا نُعَيْم، وجماعة.
وعنه: السِّلَفيّ.
403- المظفّر بْن عليّ [2] .
أبو الفتح البَنْدنَيْجيّ [3] المالحانيّ [4] .
سمع: الجوهريّ.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ. لقيَه في سنة سبْعٍ وتسعين.
404- إِبْرَاهِيم بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن أسود [5] .
أبو إِسْحَاق الغساني المريي.
من علماء أهل المَرِيّة من الأندلس.
روى عَنْ: أَبِيهِ إِبْرَاهِيم، وحاتم بْن مُحَمَّد، وأبي عُمَر بْن عبد البرّ، وأبي لأصبغ عيسى بْن مُحَمَّد، وطائفة.
وكان شديد العناية بالرّواية.
ذكره «الأَبّار» فقال: روى عَنْهُ: ابنه القاضي أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد، وعبد الرحيم بْن مُحَمَّد الخَزْرَجيّ، وأبو عَبْد اللَّه بْن إحدى عشرة.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] البندنيجي: بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون النون وفتح الدال المهملة وكسر النون وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها الجيم، هذه النسبة إلى بندنيجين وهي بلدة قريبة من بغداد بينهما دون عشرين فرسخا. (الأنساب 2/ 313) .
[4] المالحاني: بفتح الميم، واللام المكسورة، والحاء المهملة المفتوحة بين الألفين، وفي آخرها النون. هذه النسبة لمن يبيع السمك المالح، يقال له: المالحاني. (الأنساب 11/ 93) .
[5] لم أجد مصدر ترجمته.(34/351)
توفّي نحو الخمسمائة.
405- أحمد بْن نَصْر بْن أحمد [1] .
أبو العلاء الهَمَذانيّ.
روى عَنْ: ابن حُمَيْد، وابن الصّبّاح، وهارون بْن ماهلة، وأبي الفَرَج بْن عَبْد الحميد، ونصر بن عليّ الفقيه، وعدد كبير.
روى عنه: السلفي، وغيره.
وكان حافظا أديبا ناصرا للسنة عارفا بمذهب أحمد، ثقة. أملى مجالس من حفظه.
يأتي في سنة 51.
406- عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن هاشم [2] .
أبو مُحَمَّد القَيْسيّ المَرِيّيّ الفقيه، ويُعرف بحفيد هاشم.
شرح كتاب «التّفريع» لابن الجلّاب في ستّ مجلدات، وأجمع أهل المَرِيّة عَلَى تقديمه للقضاء، فقال: إنّ فعلتم فررت عَنْ أهلي وولدي، واللَّه أسألكم. فتركوه.
قرأ عَلَيْهِ [3] صِهْره الخطيب أبو عَبْد اللَّه الحمزي.
وكان موجودا في حدود الخمسمائة.
407- مُحَمَّد بْن جابار بْن عليّ [4] .
الواعظ المذكّر أبو الوفاء الهَمَذانيّ.
ممن أجاز للسِّلَفيّ سنة أربعٍ وتسعين.
ذكره شِيرُوَيْه فقال: صالح، ديّن، زاهد، صدوق، متعصّب للحنابلة جدّا.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] في الأصل: «على» .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.(34/352)
روى عَنْ: عليّ بْن حُمَيْد، وحُمَيْد بْن المأمون، وطائفة.
سَمِعْتُ منه أحاديث.
408- الحَسَن بْن الفتح بْن حمزة بْن الفتح [1] .
أبو القاسم الهَمَذانيّ الأديب.
من أولاد الوزراء والأعيان. كَانَ يرجع إلى معرفة باللّغة، والمعاني، والبيان.
قدِم بغداد سنة ثمان وتسعين وأربعمائة، فكتب عَنْهُ: هُزَارسْت الهَرَوِيّ، والحسين بْن خَسْرُو.
ذكره السّمعانيّ، ولم يذكر لَهُ وفاة.
وقال السِّلَفيّ: كَانَ من أهل الفضل والتّقدُّم في الفرائض، والتّفسير، والآداب، وله تفسير حَسَن، وشِعْرٌ فائق. علّقت عَنْهُ حكايات وشِعْر.
وقد صحب أبا إِسْحَاق الشِّيرازيّ، وتفقه عَلَيْهِ. وله:
نسيم الصَّبا إنّ هجت [2] يومًا بأرضها ... فقولي لها حالي علت عن سؤالك
فها أنا ذا إنّ كنت يومًأ تعتبي [3] ... فلم يبقَ لي إلّا حشاشة هالك [4]
قَالَ ابن الصلاح: [5] رأيت مجلدين من تفسيره من تجزئة ثلاث مجلّدات، واسمه كتاب «البديع في البيان عَنْ غوامض القرآن» فوجدته ذا عناية بالعربيّة والكلام، ضعيف الفقه.
409- الحسين بن أحمد بن أحمد [6] .
__________
[1] انظر عن (الحسن بن الفتح) في: طبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 530، 531 رقم 1233، وطبقات الشافعية لابن الصلاح (مخطوط) ورقة 46 ب، والوافي بالوفيات 12/ 200 رقم 171، وطبقات المفسّرين للسيوطي 10، وطبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 138، 139، ومعجم المؤلفين 3/ 269، ومعجم طبقات الحفّاظ والمفسّرين 136 رقم 225.
[2] في طبقات المفسّرين: «إن عجت» .
[3] في الوافي: «مغيثتي» ، وفي طبقات المفسّرين: «تعينني» .
[4] الوافي بالوفيات، طبقات المفسّرين.
[5] في طبقاته، ورقة 46 ب.
[6] لم أجد مصدر ترجمته.(34/353)
القاضي أبو عَبْد اللَّه بْن الصّفّار.
من فُقهاء هَمَذَان.
كَانَ ينوب عَن القضاة بها. وهو من رُواة الزُّهْد. أخذ عَن ابن المُذْهِب.
سمع: ابن الكسار، وبِشْر بْن الفاتنيّ، والحسن بْن دوما النِّعَاليّ، والحسين بْن عليّ الطَّنَاجِيريّ، وابن غَيْلان، وخلقًا سواهم.
كُتُب عَنْهُ: أبو شجاع شِيرُوَيْه الدَّيْلَمّي وقال: كَانَ صحيح السّماع، من الأشعرية.
وذكره ابن السّمعانيّ، ولم يذكر لَهُ وفاة.
410- عليّ بْن الحسن بْن أَبِي سهل [1] .
أبو القاسم النَّيْسابوريّ الأَدَميّ [2] السّرّاج.
شيخ مبارك، سمع: على بن محمد الطرازي، وجماعة.
وبقي إلى سنة بضع وتسعين.
روى عَنْهُ: محمد بْن محمد السّنْجيّ، وعبد الله بن الفراويّ، ومحمد بن أحمد الصّفّار، وجماعة.
انتهت الطبقة الخمسون (بعون الله وتوفيقه، أنجز تحقيق هذه الطبقة من «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام» لمؤرّخ الإسلام الحافظ شمسُ الدين مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد بْن عثمان المعروف بالذهبيّ- رحمه الله- وقام بضبط نصّها، وتصويب أخطائها، والتعليق على حوادثها ووفياتها، وتخريج أحاديثها وأشعارها، والإحالة إلى مصادرها، وتوثيق مادتها، على قدر الطاقة والإمكان، راجي عفو ربّه، طالب العلم وخادمه الحاج أستاذ دكتور عمر عبد السلام تدمري، أبو غازي، أستاذ التاريخ الإسلامي في الجامعة اللبنانية، عضو الهيئة العربية العليا لإعادة كتابة تاريخ الأمة في اتحاد المؤرّخين العرب، الطرابلسي مولدا وموطنا، الحنفيّ مذهبا، وذلك عند أذان العشاء من مساء يوم الإثنين الرابع والعشرين من شهر رجب الفرد سنة 1413 هـ. / الموافق للثامن عشر من شهر كانون الأول (يناير) 1993 م. بمنزله بساحة النجمة من ثغر طرابلس الفيحاء المحروسة، والحمد للَّه الّذي بنعمته تتمّ الصالحات) .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الأدمي: بفتح الألف والدال المهملة وفي آخرها الميم. هذه النسبة إلى من يبيع الأدم (الأنساب 1/ 161) .(34/354)
[المجلد الخامس والثلاثون (سنة 501- 520) ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الطبقة الحادية والخمسون
حوادث سنة إحدى وخمسمائة
[فتنة العميد عَلَى سيف الدّولة صَدَقة بْن مَزْيَد]
كَانَ سيف الدّولة صَدَقة قد صار ملك العرب في زمانه، وبنى مدينة الحلة وغيرها. وقبل ذَلِكَ كَانَ صاحب عمود وسيف، فعظُم شأنُه، وارتفع قدْره، وصار ملجأ لمن يستجير. وكان معينًا للسّلطان محمد عليّ حروبه مَعَ أخيه، وناصرًا لَهُ، فزاد في إقطاعه مدينة واسط، وأذِن لَهُ في أخذ البصْرة، ثمّ افتن ما بينهما العميد أبو جعفر محمد بْن الحسين البلْخيّ مَعَ ما كَانَ يفعله صَدَقة مِن إجارة مِن يلتجئ إِلَيْهِ مِن أعداء السّلطان محمد. وشغَّب العميدُ السّلطان عَليْهِ، ثمّ زاد عَليْهِ بأنْ صبغه بأنّه مِن الباطنية، ولم يكن كذلك، كَانَ شيعيّا. وسخط السّلطان عَلَى سَرْخاب بْن دُلَف صاحب ساوة، فهرب منه، فأجاره صَدَقة، فطلبه السّلطان منه، فامتنع. إلى أمور أُخر، فتوجّه السّلطان إلى العراق.
فاستشار صَدَقة أصحابه، فأشار إِليْهِ ابنه دُبَيْس بأن ينفّذه إلى السّلطان بتقادُم وتُحَف وخيل، وأشار سَعِيد بْن حُمَيْد صاحب جيش صَدَقة بالحرب، فأصغى إليه، وجمع العساكر، وبذل الأموال، فاجتمع لَهُ عشرون ألف فارس، وثلاثون ألف راجل. فأرسل إليه المستظهر ينهاه عَنِ الخروج، ويعده بأن يُصْلح أمره. وأرسل السّلطان يطلبه ويطيّب قلبه، ويأمره بالتّجهّز معه لقصد غزو الفرنج، فأجاب بأنّهم ملئوا قلب السّلطان عليّ، ولا آمن مِن سطوته [1] .
وقال صاحب جيشه: لم يبق لنا في صلح السّلطان مطمع.
__________
[1] دول الإسلام 2/ 29.(35/5)
[دخول السّلطان بغداد]
ودخل السّلطان بغداد في العشرين مِن ربيع الآخر جريدة لَا يبلغ عسكره ألفَيْ فارس، فلمّا اطمأنّ ببغداد، وتحقّق معاندة صَدَقة لَهُ بعث شِحْنة بغداد سُنْقُر البُرْسُقيّ في عسكر، فنزل عَلَى صَرْصَرْ، وبعث بريدًا يستحثّ عساكره فأسرعوا إليه.
[الحرب بين السّلطان وصدقة بْن مَزْيَد]
ثمّ نشبت الحرب بين الفريقين شيئًا فشيئًا، وتراسلوا في الصُّلح غير مُرَّة، فلم يتّفق، وجرت لهم أمور طويلة. ثمّ التقى صَدَقة والسلطان في تاسع عشر رجب، فكانت الأتراك ترمي الرَّشْقَة عشرة آلاف سهْم، فتقع في خيل العرب وأبدانهم. وبقي أصحاب صَدَقة كلمّا حملوا منعهم نهرٌ بين الفريقين مِن الوصول، ومن عَبَر إليهم لم يرجع. وتقاعدت عُبادة وخَفَاجة شفقةً عَلَى خيلها.
وبقي صَدَقة يصيح: يا آل خُزَيْمَة، يا آل ناشرة، ووعد الأكراد بكلّ جميل لَمَّا رَأَى من شجاعتهم. وَكَانَ راكبا على فرسه المهلوب، ولم يكن لأحدٍ مثله، فجُرح الفَرَس ثلاث جراحات. وكان لَهُ فرس آخر قد ركبه حاجبه أبو نصر، فلمّا رَأَى التُّرْكَ قد غشوا صَدَقة هرب عَليْهِ، فناداه صَدَقة، فلم يردّ عَليْهِ.
وحمل صَدَقة عَلَى الأتراك وضرب غلامًا منهم في وجهة بالسّيف، وجعل يفتخر ويقول: أَنَا ملك العرب، أَنَا صَدَقة. فجاءه سهْمٌ في ظهره، وأدركه بزغش [1] مملوك أشلّ، فجذبه عَنْ فَرَسه فوقع فقال: يا غلام أرفق. فضربه بالسّيف قتله، وحمل رأسه إلى السّلطان، وقُتل مِن أصحابه أكثر مِن ثلاثة آلاف فارس، وأُسِر ابنه دُبَيْس، وصاحب جيشه سعيد بن حميد [2] .
__________
[1] في الأصل: «برغش» بالراء المهملة. والتصحيح من: المنتظم 9/ 156 (17/ 108) .
[2] المنتظم 9/ 156، 157 (17/ 108، 109) ، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 363 (تحقيق سويم) 29، الإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني 207، ذيل تاريخ دمشق 159، الكامل في التاريخ 10/ 440- 448، تاريخ الفارقيّ 274، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 25، المختصر في أخبار البشر 2/ 222، 223 نهاية الأرب 26/ 364- 367، دول الإسلام 2/ 29، 30، العبر 4/ 1، تاريخ ابن الوردي 2/ 18، 19، مرآة الجنان 3/ 169، البداية والنهاية 12/ 169، تاريخ ابن خلدون 5/ 38، النجوم الزاهرة 5/ 196، شذرات الذهب 4/ 2.(35/6)
[ترجمة صَدَقة بْن منصور]
وكان صَدَقة كثير المحاسن بالجملة، محبَّبًا إلى الرعيّة، لم يتزوَّج عَلَى امرأته، ولا تَسَرَّى عليها. وكان عنده ألوف مجلّدات من الكتب النّفيسة. وكان متواضعًا محتملًا، كثير العطاء [1] .
[سفر فخر المُلْك ابن عمّار إلى بغداد]
وأمّا طرابُلُس، فلمّا طال حصارها، وقلَّت أقواتُها، وعظُمت بليّتُها ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه، منَّ الله عليهم سنة خمسمائة بميرة جاءتهم مِن البحر، فتقوَّوْا شيئًا. واستناب فخر المُلْك أبو عليّ بْن عمار عَلَى البلدان ابن عمه، وسلف المقاتلة رزق ستة أشهر. وسار منها إلى دمشق ليمضي إلى بَغْدَاد فأظهر ابن عمه العصيان، ونادى بشعار المصريّين، فبعث فخر المُلْك إلى أصحابه، فأمرهم بالقبض عَليْهِ، ففعلوا بِهِ ذَلِكَ. واستصحب فخر المُلْك معه تُحَفًا ونفائس وجواهر وحُلي [2] غريبة، فأحترمه أمير دمشق وأكرمه، ثمّ سار إلى بغداد، فدخلها في رمضان قاصدًا باب السّلطان، مستنفرًا عَلَى الفرنج، فبالغ السّلطان محمد في احترامه. وكان يوم دخوله مشهودًا. ورتَّب لَهُ الخليفة الرّواتب العظيمة. ثمّ قِدم للسّلطان التّقادم، وحادثه السّلطان في أمر قتال الفرنج، فطلب النّجدة، وضمن الإقامة بكفاية العساكر، فأجابه السّلطان. وقدّم للخليفة أيضًا، وحضر دار الخلافة وخُلع عَليْهِ. وجرّد السّلطان معه عسكرًا [3] لم يُغْنِ شيئا [4] .
__________
[1] انظر عن (صدقة بن منصور) في: المنتظم 9/ 159 رقم 255 (17/ 111 رقم 3777) ، والكامل في التاريخ 10/ 448، 449، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 25، 26، ونهاية الأرب 26/ 368، والعبر 4/ 1، 2، وتاريخ ابن الوردي 2/ 19، ومرآة الجنان 3/ 170، النجوم الزاهرة 5/ 196.
[2] في الأصل: «حلا» .
[3] في الأصل: «عسكر» .
[4] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 363 (تحقيق سويم) 29، الكامل في التاريخ 10/ 452، 453، أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 43، نهاية الأرب 28/ 265، المختصر في أخبار البشر 2/ 223، دول الإسلام 2/ 30، البداية والنهاية 12/ 169، تاريخ ابن خلدون 5/ 38، 39، وكتابنا: تاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ (طبعة ثانية) ج 1/ 425- 429.(35/7)
[دخول فخر المُلْك جبلة]
ثمّ وصل إلى دمشق في المحرَّم سنة اثنتين، وتوجّه بعسكر دمشق إلى جَبَلَة، وأطاعه أهلها [1] .
[القبض عَلَى جماعة ابن عمّار]
وأمّا أهل طرابُلُس فراسلوا المصريّين يلتمسون واليا وميرَة في البحر، فجاءهم شرف الدّولة [2] ومعه الميرة الكثيرة، فلمّا دخلها قبض عَلَى جماعة مِن أقارب ابن عمّار، وأخذ نعمهم وذخائرهم، وحمل الجميع إلى مصر في البحر [3] .
[إظهار السّلطان العدل ببغداد]
وفي شَعْبان أطلق السّلطان الضّرائب والمُكُوس ببغداد، وكثُر الدّعاء لَهُ، وشرط عَلَى وزير الخليفة العدل وحُسْن السيرة، وأن لَا يستعمل أهل الذّمّة، وعاد إلى إصبهان بعد إقامة نحو السّتّة أشهر، فأحسن فيها ما شاء. وكتب في يوم أربعمائة فقير. ومضى يومًا إلى مشهد أَبِي حنيفة، فانفرد وغلّق عَليْهِ الأبواب يصلّي ويتعبَّد، وكفّ غلمانه عَنْ ظُلْم الرّعيّة، وبالغ في ذَلِكَ [4] .
[بِناء حصن عند صور]
وفيها حاصر بغدوين ملك الفرنج صور، وبنى [5] تلقاءها حصنًا [6] ، وضيّق
__________
[1] الاعتبار لابن منقذ 96، الكامل في التاريخ 10/ 454، نهاية الأرب 28/ 267، تاريخ طرابلس 1/ 429، مرآة الزمان (مخطوط) ج 12 ق 3/ 260 ب، الأعلاق الخطيرة 2/ 111، تاريخ ابن الفرات 8/ 78.
[2] هكذا في كل المصادر ما عدا اتعاظ الحنفا 3/ 38 ففيه: «مشير الدولة» .
[3] ذيل تاريخ دمشق 161، الكامل في التاريخ 10/ 454، أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 43، نهاية الأرب 28/ 265، دول الإسلام 2/ 30، تاريخ ابن خلدون 5/ 39، اتعاظ الحنفا 3/ 38 وفيه يلقّب ابن عمّار ب «فخر الدولة» ، و 42، 43، الأعلاق الخطيرة ج 2 ق 2/ 110، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 45 (حوادث سنة 507 هـ-) ، تاريخ ابن الفرات 8/ 78، تاريخ طرابلس 1/ 430.
[4] المنتظم 9/ 155، 156 (17/ 107، 108) ، ذيل تاريخ دمشق 162، الكامل في التاريخ 10/ 454، نهاية الأرب 26/ 368.
[5] في الأصل: «بنا» .
[6] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 363 (تحقيق سويم) 29، الكامل في التاريخ(35/8)
عليهم، فبذل لَهُ متولّيها سبعة آلاف دينار، فرحل عنها [1] .
[منازلة الفرنج صيدًا]
ونازل صيدًا ونصب عليها البُرج الخشب، وقاتَلَها في المراكب. وجاء أصطول [2] ديار مصر ليكشف عَنْهَا، فقاتلهم أصطول [2] الفرنج، وظهر المسلمون، وبلغ الفرنج مسيرُ عسكر دمشق نجدةً لأهل صيدا، فتركوها ورحلوا عَنْهَا [3] .
[أسْر صاحب طبريّة]
وأغار أمير دمشق طُغتِكِين عَلَى طبريّة، فخرج ملكها جرْفاس- لعنة الله- فالتقوا، فقُتل خلْق مِن عسكره وأُسِر هُوَ، وفرح المسلمون [4] .
__________
[10] / 455 وفيه إن الحصن بني على تل المعشوقة، وقد تحرّف في المطبوع من مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 25 «تل المعسوفة» . والخبر في: أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 42، 43، ودول الإسلام 2/ 30، والإعلام والتبيين 17، واتعاظ الحنفا 3/ 38.
[1] الكامل في التاريخ 10/ 455، دول الإسلام 2/ 30، اتعاظ الحنفا 3/ 38.
[2] هكذا في الأصل، وذيل تاريخ دمشق.
[3] ذيل تاريخ دمشق 162، الكامل في التاريخ 10/ 456، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 25، دول الإسلام 2/ 30، الإعلام والتبيين 17، اتعاظ الحنفا 3/ 43.
[4] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 364 (تحقيق سويم) 29، ذيل تاريخ دمشق 161، 162، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 25، دول الإسلام 2/ 30، الإعلام والتبيين 17.(35/9)
سنة اثنتين وخمسمائة
[حصار مودود المَوْصِل]
كَانَ السّلطان قد بعث الأمير مودود إلى المَوْصِل فحاصرها مدّة، وانتزعها مِن يد جاولي سقاووا [1] . وكان جاولي قد سار في سنة خمسمائة في المحرَّم منها، قد بعثه السّلطان محمد إلى المَوْصِل والأعمال الّتي بيد جكرمِش، وكان جاولي سقاووا قبل هذا قد استولى عَلَى البلاد الّتي بخوزستان وفارس، فأقام بها سنتين، وعمَّر قلاعها، وظلم وعَسف، وقطع، وشنق، ثمّ خاف جاولي مِن السّلطان، فبعث إليه السّلطان الأمير مودود، فتحصّن جاولي، وحصره مودود ثمانية أشهر، ثمّ، نزل بالأمان ووصل إلى السّلطان فأكرمه، وأمره بالمسير لغزو الفرنج، واقطعه المَوْصِل ونواحيها [2] .
[الحرب بين جاولي وجكرمش]
وكان جكرمش لما عاد مِن عند السّلطان قد التزم بحمل المال وبالخدمة، فلما حصل ببلاده لم يف بما قَالَ، فسار جاولي إلى بغداد ثمّ إلى المَوْصِل، ونهب في طريقه البواريج بعد أن أمّن أهلها، ثمّ قصد إربل، فتجمّع جكرمش في ألْفَين، وكان جاولي في ألف، فحمل جاولي عَلَى قلب جكرمش فانهزم مِن فيه، وبقي جكرمش وحده لَا يقدر عَلَى الهزيمة، فعالج به فأسروه. ونازل
__________
[1] في الكامل في التاريخ: «سقاوو» .
[2] الكامل في التاريخ 10/ 457- 459، التاريخ الباهر 16، 17، تاريخ الفارقيّ 275، تاريخ الزمان لابن العبري 130، تاريخ مختصر الدول 199، كتاب الروضتين 1/ 68، المختصر في أخبار البشر 2/ 223، نهاية الأرب 26/ 369، العبر 4/ 3، تاريخ ابن الوردي 2/ 19، الدّرّة المضيّة 472، تاريخ ابن خلدون 5/ 39.(35/10)
جاولي المَوْصِل فحاصرها وبها زنكي بْن جكرمش، ومات جكرمش أمام الحصار عَنْ نحو ستين سنة [1] .
[تملك قلج أرسلان المَوْصِل]
وأرسل غلمان جكرمش إلى الأمير صَدَقة بْن مَزْيَد وإلى قسيم الدّولة البُرْسُقيّ وإلى صاحب الرّوم قلج أرسلان قُتُلْمِش يستدعون كُلًا منهم ليكشف عَنْهُم، ويسلّمون إِليْهِ المَوْصِل. فبادر قلج أرسلان، وخاف جاولي فترحَّل. وأمّا البُرْسُقيّ شِحنة بغداد فسار فنزل تجاه الموصل بعد رحيل جاولي بيوم، فما نزلوا إِليْهِ، فغضب ورجع، وتملّكها قلج أرسلان، وحلفوا لَهُ في رجب. وأسقط خطبة السّلطان محمد، وتألّف النّاس بالعدل وقال: مِن سعى إلى في أحدٍ قتلتُه [2] .
[منازلة جاولي الرحبة]
وأمّا جاولي فنازل الرَّحْبة يحاصرها، ثمّ افتتحها بمخامرة وأنْهبها إلى الظُّهْر. وسار في خدمته صاحبها محمد بْن سبّاق الشَّيْبانيّ [3] .
[غرق قلج بالخابور]
ثمّ سار قلج أرسلان ليحارب جاولي، فالتقوا في ذي القِعْدة فحمل قلج أرسلان بنفسه، وضرب يد صاحب العِلْم فأبانها، ووصل إلى جاولي فضربه بالسّيف، فقطع الكُزَاغَنْد [4] فقط. وحمل أصحاب جاولي عَلَى الآخرين فهزموهم، فعلم قلج أرسلان أنّه مأسور، فألقى نفسه في الخابور، وحمى نفسه مِن أصحاب جاولي، فدخل بِهِ فَرَسُه في ماءٍ غميق، فغرق، وظهر بعد أيّام، فدُفن ببعض قرى الخابور [5] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 457، 458، تاريخ مختصر الدول 198.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 426، 427، (حوادث سنة 500 هـ-.) ، تاريخ مختصر الدول 199.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 429 (حوادث سنة 500 هـ-) .
[4] الكزاغند: كلمة فارسية، وهو المعطف القصير يلبس فوق الزّرديّة. ويقابله بالفرنسية) JAQUETTE انظر دوزي. (DOZY ,SUPPLEMENTAUDICT.ARABES:
[5] الكامل في التاريخ 10/ 429، 430 (حوادث سنة 500 هـ-.) ، تاريخ مختصر الدول 199، العبر 4/ 3، مرآة الجنان 3/ 170.(35/11)
[تملُّك جاولي المَوْصِل]
وساق جاولي إلى المَوْصِل، ففتح أهلها لَهُ وتملكها، وكثُر رجاله وأمواله، ولم يحمل شيئًا مِن الأموال إلى السّلطان. فلمّا قِدم السّلطان بغداد لحرب صَدَقة جهّز عسكرًا لحرب جاولي، وتحصّن هُوَ بالموصل وعَسَف وظَلَم، وأهلك الرعيّة [1] .
[دخول مودود المَوْصِل]
ونازل العسكر الموصل في رمضان سنة إحدى وخمسمائة وافتتحوه بمعاملة مِن بعض أهله، ودخلها الأمير مودود، وأمن النّاس، وعَصَت زَوْجَة جاولي بالقلعة ثمانية أيّام، ثمّ نزلت بأموالها [2] .
[أخذ جاولي بالِس]
وأمّا جاولي فإنّه كَانَ في عسكره بنواحي نَصِيبّين. وجَرَت لَهُ أمور طويلة، وأخذ بالِس وغيرها، وفتك ونهب المسلمين [3] .
[وقعة جاولي وصاحب أنطاكية]
ثمّ فارقه الأمير زنكي بْن أقسُنْقُر، وبكتاش النّهاونْديّ، وبقي في ألف فارس، فخرج لحربه صاحب أنطاكية تنكري في ألف وخمسمائة مِن الفرنج، وستّمائة مِن عسكر حلب، فانهزم جاولي لمّا رَأَى تقلّل عسكره، وسار نحو الرحْبة، وقُتِل خلْقٌ مِن الفريقين [4] .
[صفْح السّلطان عن جاولي]
ثمّ سار جاولي إلى باب السّلطان، وهو بقرب إصبهان، فدخل وكَفَنُه تحت
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 457، 458، تاريخ الزمان 130، تاريخ مختصر الدول 199، العبر 4/ 3.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 458، 459، تاريخ مختصر الدول 199.
[3] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 364 (تحقيق سويم) 30، الكامل في التاريخ 10/ 459.
[4] الكامل في التاريخ 10/ 464، 465، تاريخ الزمان 131.(35/12)
إبْطه، فعفا عَنْهُ. وكان السّلطان محمد كثير الحلم والصَّفْح [1] .
[غزوة طغتكين إلى طبرية]
وفيها سار طُغتِكين متولّي دمشق غازيا إلى طبرية، فالتقى هُوَ وابن أخت صاحب القدس بغدوين. وكان المسلمون ألفي فارس سوى الرَّجّالة، وكانت الفرنج أربعمائة فارس وألفَيْ راجل. فأشتدّ القتال، وانهزم المسلمون فترجّل طُغتِكين، فتشجَّع العسكر وتراجعوا، وأسروا ابن أخت بغدوين، ورجعوا منصورين. وبذل في نفسه ثلاثين ألف دينار [2] ، وإطلاق خمسمائة أسير فلم يقنع منه طُغتِكين بغير الإسلام، ثمّ ذبحه بيده، وبعث بالأسرى إلى بغداد [3] .
[مهادنة طُغتِكين وبغدوين]
ثم تهادن طُغتِكين وبغدوين عَلَى وضع الحرب أربع سنين [4] .
[أخذ الفرنج عرقة]
ثمّ سار طُغتِكين لتسلُّم حصن عرقة، أطلقه لَهُ ابن عمّار لعَجْزه عَنْ حِفْظه، فقصده السّرْدانيّ بالفرنج، فتقهقر عسكر طُغتِكين ووصلوا إلى حمص كالمنهزمين، وأخذ السّرْدانيّ عِرْقة بالأمان مِن غير كُلْفة [5] .
[وزارة ابن جَهير]
وفيها عُزِل الخليفة هبة الله بْن المطّلب بأبي القاسم عليّ بْن أَبِي نصر بن جهير [6] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 466.
[2] تاريخ الزمان 131.
[3] ذيل تاريخ دمشق 161، 162، الكامل في التاريخ 10/ 467، دول الإسلام 2/ 31، العبر 4/ 3، الإعلام والتبيين 18.
[4] ذيل تاريخ دمشق 164، الكامل في التاريخ 10/ 467، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 28، العبر 4/ 3، الإعلام والتبيين 18.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 467، 468، نهاية الأرب 28/ 264، العبر 4/ 3، ذيل تاريخ دمشق 162، أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 73، تاريخ طرابلس 1/ 435.
[6] المنتظم 9/ 159 (17/ 112) ، الكامل في التاريخ 10/ 470، 471.(35/13)
[زواج المستظهر باللَّه]
وفيها تزوَّج المستظهر باللَّه بأخت السّلطان محمد عَلَى مائة ألف دينار، وعقد العقْد القاضي أبو العلاء صاعد بْن محمد النَّيْسابوريّ الحنفيّ، وقبل العقد ابن نظام المُلْك، وذلك بإصبهان [1] .
[شحنة بغداد]
وفيها وُلّي شِحْنكيّة بغداد مجاهد الدّين بهروز [2] .
[مقتل قاضي إصبهان]
وفيها قتلت الباطنّية قاضي إصبهان عُبَيْد الله بْن عليّ الخطيبيّ بَهَمَذَان، وكان يحرّض عليهم، وصار يلبس دِرْعًا تحت ثيابه حَذَرًا منهم. قتله أعجميّ يوم الجمعة في صَفَر [3] .
[مقتل قاضي نَيْسابور]
وقتلوا يوم الفِطْر أبا العلاء صاعد بْن محمد قاضي نَيْسابور وقُتِل قاتله، واستشهد كهلًا [4] .
[أخذ الفرنج قافلة مِن دمشق]
وفيها تجمّع قَفْلٌ كبير، وسار مِن دمشق طالبين مصر، فأخذتهم الفرنج [5] .
[قتل الباطنية بشيزر]
وفيها ثار جماعة مِن الباطنيّة لعنهم الله في شيزر عَلَى حين غَفْلةٍ مِن أهلها، فملكوها وأغلقوا الباب، وملكوا القلعة، وكان أصحابها أولاد مُنْقذ قد
__________
[1] المنتظم 9/ 159، 160، (17/ 112) ، الكامل في التاريخ 10/ 471، دول الإسلام 2/ 31، العبر 4/ 4، مرآة الجنان 3/ 171، البداية والنهاية 12/ 170.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 471، تاريخ ابن الوردي 2/ 19.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 471، دول الإسلام 2/ 31، العبر 4/ 4، مرآة الجنان 3/ 171، شذرات الذهب 4/ 4.
[4] الكامل في التاريخ 10/ 472، العبر 4/ 4، مرآة الجنان 3/ 171، شذرات الذهب 4/ 4.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 472.(35/14)
نزلوا يتفرّجون عَلَى عيد النَّصارى، فبادر أهل شيزر إلى الباشورة، فأصعدهم النّساء في حبالٍ مِن طاقات، ثمّ صعِد أمراء الحصْن، واقتتلوا بالسّكاكين، فخُذِل الباطنيّة في الوقت، وأَخَذَتْهُم السُّيوف، وكانوا مائةً، فلم ينْجُ منهم أحد [1] .
[مقتل الروياني شيخ الشافعية]
وفيها قتلت الباطنيّة شيخ الشّافعية أبا المحاسن عَبْد الواحد الرّويانيّ [2] .
[أخْذُ طرابلس]
وفيها عَلَى ما ذكر أبو يَعْلَى حمزة أخذت طرابلس.
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 472، المختصر في أخبار البشر 2/ 224، دول الإسلام 2/ 31، العبر 4/ 4، تاريخ ابن الوردي 2/ 19، تاريخ الخلفاء 429.
[2] انظر عن (الروياني) في: المنتظم 9/ 160 رقم 259 (17/ 113 رقم 3781) ، والكامل في التاريخ 10/ 473، والعبر 4/ 4، 5، ومرآة الجنان 3/ 171، وتاريخ الخميس 2/ 403، شذرات الذهب 4/ 4.(35/15)
سنة ثلاث وخمسمائة
[سقوط طرابُلُس بيد الفرنج]
قَالَ ابن الأثير: [1] في حادي عشر ذي الحجّة تملّك الفرنج طرابُلُس، وكانت قد صارت في حكم صاحب مصر مِن سنتين، وبها نائبه، والمدَدُ يأتي إليها، فلمّا كَانَ في شَعْبان وصل أصطول كبير مِن الفرنج في البحر، عليهم رَيْمُنْد بْن صَنْجِيل، ومراكبه مشحونة بالرجال والمِيرة، فنزل عَلَى طرابُلُس مَعَ السّرْدانيّ ابن أخت صَنْجيل الّذي قام بعد موت صَنْجيل، وهو مُنَازِلٌ لها، فوقع بينهما خُلْفٌ وقتال، فجاء تَنْكرِي [2] صاحب أنطاكية نجدةً للسّرْداني، وجاء بغدوين صاحب القدس، فأصلح بينهما، ونزلوا جميعهم عَلَى طرابُلُس، وجدُّوا في الحصار في أوّل رمضان، وعملوا أبراجًا وألْصَقوها بالسّور، فخارت قِوى أهلها وذلّوا، وزادهم ضعفًا تأخّر الأصطول المصريّ بالنَّجدة والمِيرة، وزحفت الفرنج عليها، فأخذوها عَنْوَةً، فإنّا للَّه وإنا إليه راجعون.
ونجا واليها وجماعة مِن الْجُنْد التمسوا الأمان قبل فتحها، فوصلوا إلى دمشق [3] .
__________
[1] في الكامل في التاريخ 10/ 475، 476.
[2] في الكامل: «طنكري» .
[3] انظر عن (سقوط طرابلس) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 364 (تحقيق سويم) 30، وذيل تاريخ دمشق 163، والكامل في التاريخ 10/ 475، 476، وتاريخ الزمان 132، والأعلاق الخطيرة 2/ ق 1/ 111، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 27، ونهاية الأرب 28/ 264- 267، والمختصر في أخبار البشر 2/ 224، ودول الإسلام 2/ 32، والعبر 4/ 6، وتاريخ ابن الوردي 2/ 20، والدرّة المضية 472، ومرآة الجنان 3/ 172، 173، والبداية والنهاية 12/ 171، والإعلام والتبيين 16 (حوادث 500 هـ.) ، ومآثر الإنافة 2/ 16 و 20، واتعاظ الحنفا 3/ 43، 44، والنجوم الزاهرة 5/ 179، 180، وشذرات الذهب 4/ 6، وتاريخ ابن(35/16)
[أخذ بانياس]
وسار تنْكري إلى بانياس فأخذها بالأمان [1] .
[أخذ جبلة]
ونزل بعض الفرنج عَلَى جبلة [2] وبها فخر المُلْك بْن عمّار الَّذِي كَانَ صاحب طرابُلُس، فحاصروها أيّامًا، وسلّمت بالأمان لقلّة الأقوات بها، وقصد ابن عمّار شَيْزَر، فأكرمهُ سلطان بْن عليّ بْن منقذ الكنانيّ، فاحترمه وسأله أن يقيم عنده، فسار إلى دمشق فأكرمه طُغتِكين وأقطعه الزَّبَدانيّ [3] .
وذكر سِبط الْجَوزيّ [4] : أخْذ طرابُلُس في سنة اثنتين، وذكر الخلاف فيه.
[محاصرة حصن الألموت]
وفيها سار وزير السّلطان محمد، وهو أحمد بْن نظام المُلْك فحاصر الألَمُوت، وبها الحَسَن بْن الصّبّاح، ثمّ رحل عنها لشدّة البرد [5] .
__________
[ () ] الراهب 72، 73، ومختصر التواريخ للسلامي (مخطوط) 277، وتاريخ طرابلس 1/ 438- 442.
[1] ذيل تاريخ دمشق 163، 164، الكامل في التاريخ 10/ 476، نهاية الأرب 28/ 267 وفيه «بلنياس» ، العبر 4/ 6، الإعلام والتبيين 18.
[2] في الأصل: «جبيل» وهو وهم، والصحيح ما أثبتناه، إذ كانت جبيل قد سقطت قبل طرابلس.
وبقيت جبلة وفيها ابن عمّار.
انظر: تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) 364 (تحقيق سويم) 30، وذيل تاريخ دمشق 164 وفيه «جبيل» ، وكذا في الكامل في التاريخ 10/ 476، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 28، ونهاية الأرب 28/ 267، ودول الإسلام 2/ 32 وفيه «جبيل» ، وكذا في العبر 4/ 6، وفي الدرّة المضيّة 472 «حلبا» ، والصحيح في: البداية والنهاية 12/ 171، وفي الإعلام والتبيين 18 «جبيل» ، ومثله في بغية الطلب (المخطوط) 8/ 140، تاريخ طرابلس 1/ 456.
[3] تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) 364 (تحقيق سويم) 30، الكامل في التاريخ 10/ 477، نهاية الأرب 28/ 267، 268، المختصر في أخبار البشر 2/ 223، ودول الإسلام 2/ 32، البداية والنهاية 12/ 171، الإعلام والتبيين 18، النجوم الزاهرة 5/ 180، تاريخ طرابلس 1/ 457.
[4] في مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 27.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 477، 478، زبدة التواريخ للحسيني 170 وفيه سنة 501 هـ-.، نهاية الأرب 26/ 369.(35/17)
[إقامة السّلطان ببغداد]
وفي ربيع الآخر قِدم السّلطان بغداد، فأقام بها أشهرًا [1] .
[جرح الباطنية ابن نظام المُلْك]
وفي شَعْبان ظفر باطنيّ عَلَى الوزير ابن نظام المُلْك فجرحه، فتعلّل أيّامًا وعوفي، وسُقِيَ الباطنيّ خمرًا وقُرّرَ، فأقّر جماعة بمسجد المأمونيّة، فأُخذوا وقُتِلوا [2] .
[موت صاحب آمد]
وفيها مات إبراهيم بْن ينال صاحب آمد، وكان ظَلُومًا غَشومًا، نزح كثيرًا مِن أهل آمِد عَنْهَا لجوره. وتملك بعده ابنه [3] .
[تعويق محمد بن ملك شاه عن الغزو]
وفيها عزم محمد بن ملك شاه عَلَى غزو الفرنج، وتهيأ. ثمّ عرضت لَهُ عوائق [4] .
[أخْذُ الفرنج طرسوس وحصن شَيْزر]
وفيها أخذ تَنْكري [5] صاحب أنطاكيّة طَرَسُوس، وقرَّر عَلَى شَيْزر ضريبة في السنّة وهي عشرة آلاف دينار. وتسلّم الحصن [6] .
__________
[1] المنتظم 9/ 163، (17/ 117) ، الكامل في التاريخ. پ/ 478.
[2] المنتظم 9/ 163 (17/ 117) ، الكامل في التاريخ 10/ 478، نهاية الأرب 26/ 369، البداية والنهاية 12/ 171.
[3] ذيل تاريخ دمشق 167، الكامل في التاريخ 10/ 478، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 2/ 511، معجم الأنساب والأسرات الحاكمة 2/ 211.
[4] ذيل تاريخ دمشق 165، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 31.
[5] في ذيل تاريخ دمشق: «طنكري» .
[6] ذيل تاريخ دمشق 167، تاريخ مختصر الدول 199، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 31، العبر 4/ 6، مرآة الجنان 3/ 173.(35/18)
وفي سنة أربع وخمسمائة
[سقوط بيروت]
نزل بغدوين وابن صَنْجيل عَلَى بيروت، وجاءت الفرنج الْجَنَويّة في أربعين مركبًا، وأحاطوا بها، ثمّ أخذوها بالسّيف [1] .
[سقوط صيدا]
ثمّ نازلوا صيدا في ثالث ربيع الآخر، فأخذوها في نيّفٍ وأربعين يومًا، وأمنّوا أهلها، فتحوّل خلْقٌ مِن أهلها إلى دمشق، وأقام أكثر النّاس رعية للفرنج، وقُرّر عليهم في السّنة قطيعة عشرين ألف دينار [2] .
[عصيان نائب عسقلان]
وكان نائبُ بعسقلان شمس الخلافة، فراسل بغدوين صاحب القدس وهادنه وهاداه، وخرج عَنْ طاعة صاحب مصر، فتحيّلوا للقبض عَليْهِ فعجزوا. ثمّ
__________
[1] انظر عن (سقوط بيروت) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 364 (تحقيق سويم) 30 (حوادث سنة 503 هـ-.) ، الكامل في التاريخ 10/ 475 وليس فيه من خبر عن بيروت سوى العنوان فحسب (حوادث سنة 503-.) ، تاريخ مختصر الدول 199، دول الإسلام 2/ 32، العبر 4/ 7، والدرّة المضيّة 474، ومرآة الجنان 3/ 173، والإعلام والتبيين 19، واتعاظ الحنفا 3/ 45، شذرات الذهب 4/ 7، ذيل تاريخ دمشق 167، 168، أخبار الأعيان للشدياق 2/ 506، 507، تاريخ طرابلس 1/ 458، 459.
[2] انظر عن (سقوط صيدا) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 365 (تحقيق سويم) 30، وذيل تاريخ دمشق 171 (في حوادث سنة 503 هـ) ، والكامل في التاريخ 10/ 479، ونهاية الأرب 28/ 268، 269، والمختصر في أخبار البشر 2/ 224، ودول الإسلام 2/ 32، والعبر 4/ 7، وتاريخ ابن الوردي 2/ 20، والدرّة المضيّة 474، والبداية والنهاية 12/ 172، والإعلام والتبيين 19، ومآثر الإنافة 2/ 16، واتعاظ الحنفا 3/ 45، 46، وشذرات الذهب 4/ 7، وأخبار الأعيان 2/ 507.(35/19)
إنّه أخرج الّذي عنده مِن عسكر مصر خوفًا منهم، وأحضر جماعة مِن الأرمن واستخدمهم، فمقته أهل عسقلان وقتلوه، ونهبوا داره، فسُرَّ بذلك أمير الجيوش الأفضل، وبعث إليها أميرًا [1] .
[أخْذ الفرنج حصني الأثارب وزَرْدَنا]
وفيها نازل صاحب أنطاكيّة حصن الأثارب، وهو عَلَى بريدٍ مِن حلب، فأخذوه عنْوةً [2] ، وقتل ألفَيْ رجلٍ، وأسر الباقين [3] .
ثمّ نازل حصن زَرْدَنا، وأخذه بالسّيف. وجَفَل أهل مَنْبِج، وأهل بالِسَ، فقصدت الفرنج البلدين، فلم يروا بها أنيسًا [4] .
[تعاظم البلاء]
وعظُم بلاء المسلمين، وبلغت القلوب الحَنَاجر، وأيقنوا باستيلاء الفرنج عَلَى سائر الشّام، وطلبوا الهدنة، فامتنعت الفرنج إلّا عَلَى قطيعة يأخذونها.
فصالحهم المُلْك رضوان السَّلْجوقي صاحب حلب عَلَى اثنتين وثلاثين ألف دينار، وغيرها مِن الخيل والثّياب، وصالحهم أمير صور عَلَى شيء [5] ، وكذا صاحب شَيْزر، وكذا صاحب حماه عليّ الكُرَديّ، صالحهم هذا عَلَى ألفَيْ دينار، وكانت حماه صغيرة جدّا [6] .
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق 172، الكامل في التاريخ 10/ 480، 481، دول الإسلام 2/ 32، اتعاظ الحنفا 3/ 50، 51 (في حوادث سنة 506 هـ-.) .
[2] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 364 (تحقيق سويم) 30 (حوادث 503 هـ-.) وأعاد ذكره في حوادث 504 هـ-. (بتحقيق زعرور) 365 (تحقيق سويم) 30، العبر 4/ 7.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 481، نهاية الأرب 28/ 269، المختصر في أخبار البشر 2/ 224، دول الإسلام 2/ 32، العبر 4/ 7، تاريخ ابن الوردي 2/ 20، الإعلام والتبيين 19.
[4] الكامل في التاريخ 10/ 482، نهاية الأرب 28/ 269، المختصر في أخبار البشر 2/ 224.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 482 وفيه: صالحهم على سبعة آلاف دينار، تاريخ الزمان 132، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 35، اتعاظ الحنفا 3/ 46 وفيه: «وقرر على أهل صور سبعة آلاف دينار تحمل إليه في مدّة سنة وثلاثة أشهر» .
[6] ولذا صولحت على ألفي دينار. (الكامل في التاريخ 10/ 482) ، تاريخ الزمان 132، نهاية الأرب 28/ 269، 270، المختصر في أخبار البشر 2/ 224، 225 دول الإسلام 2/ 33، تاريخ ابن الوردي 2/ 20، الإعلام والتبيين 19، 20، مآثر الإنافة 2/ 16، اتعاظ الحنفا 3/ 46، تاريخ الخلفاء 429.(35/20)
[ثورة الناس ببغداد]
وسار طائفة مِن الشّام إلى بغداد يستنفرون النّاس، واجتمع عليهم خلْق مِن الفُقهاء والمطّوّعة، واستغاثوا وكسروا منبر جامع السّلطان، فوعدهم السّلطان بالجهاد. ثمّ كثُروا وفعلوا أبلغ مِن ذَلِكَ بكثير مِن جامع القصر، وكثُر الضّجيج، وبَطَلت الجمعة، فأخذ السّلطان في أُهبة الجهاد [1] .
[وزارة المَيْبذي]
وفيها عُزِل وزير السّلطان محمد نظام المُلْك [بْن] أحمد بْن نظام المُلْك ووَزَر الخطير محمد بْن حسين الميَبْذيّ [2] .
[زواج الخليفة ببنت السّلطان]
وفي رمضان دخل الخليفة ببنت السّلطان ملك شاه، وزُيّنت بغداد وعُمِلت القِباب، وكان وقْتًا مشهودًا [3] .
[الريح السوداء بمصر]
وفيها هبّت بمصر ريح سوداء مظلمة أخذت بالأنفاس، حتّى لَا يبصر الرجل يده، ونزل عَلَى النّاس رمل، وأيقنوا بالهلاك. ثمّ تجليّ قليلًا وعاد إلى الصفّْرَة. وكان ذلك من العصر إلى بعد المغرب [4] .
__________
[1] المنتظم 9/ 165 (17/ 120) ، الكامل في التاريخ 10/ 482، 483، تاريخ الزمان 133، زبدة الحلب 2/ 158، بغية الطلب (قسم السلاجقة) 146، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 34، دول الإسلام 2/ 33، العبر 4/ 7، البداية والنهاية 12/ 172، الإعلام والتبيين 20.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 483، زبدة التواريخ 173، تاريخ دولة آل سلجوق 99.
[3] المنتظم 9/ 165، 166 (17/ 120) ، الكامل في التاريخ 10/ 483، 484، زبدة التواريخ 171، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 34، دول الإسلام 2/ 33، البداية والنهاية 12/ 172، النجوم.
الزاهرة 5/ 200.
[4] الكامل في التاريخ 10/ 484، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 35، أخبار الدول المنقطعة 90 وفيه:
«وكانت مدّة هذه الشدة منذ صلاة العصر إلى صلاة المغرب في سنة أربع وخمسين» . وهذا وهم. والصحيح: «أربع وخمسمائة» ، الدرّة المضيّة 474، 475، اتعاظ الحنفا 3/ 47، تاريخ الخلفاء 429، 430.(35/21)
[مهادنة طغتكين بغدوين]
وفيها غدر بغدوين ونازل طبريّة، وبرز طُغتِكين إلى رأس الماء، ثمّ وقعت هدنة [1] .
وفيها حَيْفٌ عَلَى المسلمين وإذلال، ولم ينجدهم لَا جيش الشّرق ولا جيش مصر، واستنصرت الفرنج بالشّام.
__________
[1] مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 35، دول الإسلام 2/ 33.(35/22)
سنة خمس وخمسمائة
[محاصرة المسلمين الرُّها]
وفيها سارت عساكر العراق والجزيرة لقتال الفرنج، فحاصروا الرُّها [1] ، ولم يقدروا عليها، واجتمعت جموع الفرنج، فلم يكن وقعة [2] .
[مسير المسلمين إلى الشام]
ثمّ سار المسلمون وقطعوا الفرات إلى الشّام ونازلوا تلّ باشِر خمسة وأربعين يومًا، ورحلوا فجاءوا إلى حلب، فأغلق في وجوههم صاحبها رضوان بابها، ومات مقدّمهم سُقْمان [3] القُطبيّ، واختلفوا ورجعوا، وما فعلوا شيئًا، إلّا أنّهم أطمعوا في المسلمين عساكر الفرنج [4] .
[حصار صور]
فتجمّعت الملاعين، وساروا مَعَ بغدوين فحاصروا صور [5] .
__________
[1] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 365 (تحقيق سويم) 30 (حوادث 504 هـ-.) ، العبر 4/ 7.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 485، 486، تاريخ مختصر الدول 199، نهاية الأرب 26/ 369، العبر 4/ 9، تاريخ ابن الوردي 2/ 20، 21، مرآة الجنان 3/ 177.
[3] في ذيل تاريخ دمشق 175: «سكمان» ، وكذا في الكامل.
[4] تاريخ حلب (بتحقيق زعرور) 365 (تحقيق سويم) 31، الكامل في التاريخ 10/ 486، زبدة الحلب 2/ 158، 159، بغية الطلب (قسم السلاجقة) 147، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 35، 36، دول الإسلام 2/ 33، العبر 4/ 9، تاريخ ابن الوردي 2/ 21، مرآة الجنان 3/ 177.
[5] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 365 (تحقيق سويم) 31 (حوادث 506 هـ-.) ، ذيل تاريخ دمشق 178، الكامل في التاريخ 10/ 488، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 38، دول الإسلام 2/ 33، العبر 4/ 9، البداية والنهاية 12/ 173، الإعلام والتبيين 20، عيون التواريخ 12/ 2، النجوم الزاهرة 5/ 180.(35/23)
قَالَ ابن الأثير [1] : عملوا عليها ثلاثة أبراج خشب، عُلوّ البرج سبعون ذراعًا، وفيه ألف رَجُل، فألصقوها بالسّور [2] .
وكان نائب المصريّين بها عزّ المُلْك [3] ، فأخذ المسلمون حِزَم حطب، وكشفت الحُماة بين أيديهم إلى أن وصلوا إلى البرج، فألقوا الحطب حوله، وأوقدوا النّار فيه، واشغلوا الفرنج عَنِ النّزول مِن البرج بالنُّشّاب، وطرشوهم بجرار ملأى عُذْرَةً في وجوههم، فخبلوهم، وتمكّنت النّار، فهلك مِن في البرج إلّا القليل. ثمّ رموا البرجين الآخرين بالنّفْط فاحترقا. وطلبوا النّجدة مِن صاحب دمشق، فسار إلى ناحية بانياس، واشتدّ الحصار [4] .
قلت: وجَرَت فصول طويلة.
[غارات طُغتِكين]
وكان تِلْكَ الأيّام يغير طُغتِكين عَلَى الفرنج وينال منهم، وأخذ لهم حصنًا في السّواد، وقتل أهله. وما أمكنه مناجزة الفرنج لكثرتهم [5] .
[إحراق المراكب بصيداء]
ثمّ جمع وسار إلى صور، فخندقوا عَلَى نفوسهم ولم يخرجوا إليه، فسار إلى صيدا وأغار عَلَى ضياعها، وأحرق نحو عشرين مركبًا عَلَى السّاحل [6] .
وبقي الحصار عَلَى صور مدة، وقاتل أهلها قتال مِن آيس مِن الحياة، فدام
__________
[1] في الكامل 10/ 488.
[2] في الأصل: «بالصور» .
[3] هو عزّ الملك أنوشتكين الأفضلي، ويقال: عزّ الملك الأعزّ.
[4] أورد العظيمي هذا الخبر باختصار في حوادث سنة 506 هـ-. وقال فيه إن أتابك طغتكين دخل صور وتسلّمها من عزّ الملك، وولّى فيها مسعود. (تاريخ حلب- بتحقيق زعرور) 365، 366، و (تحقيق سويم 31) والصحيح أن طغتكين لم يدخل صور، بل دخلها مسعود في سنة 506 هـ-.، وموقعة الأبراج كانت سنة 505 هـ-. فأدمج العظيمي السنتين في خبر واحد.
وانظر عن الموقعة في: ذيل تاريخ دمشق 178- 180، والكامل في التاريخ 10/ 488، 489، والبداية والنهاية 12/ 173، واتعاظ الحنفا 3/ 48 و 51.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 490.
[6] ذيل تاريخ دمشق 179، الكامل في التاريخ 10/ 490، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 38، النجوم الزاهرة 5/ 181.(35/24)
القتال إلى المُغَلّ، فخافت الفرنج أن يستولي طغتكين على غلّات بلادهم، وبَذَل لهم أهل صور مالًا ورحلوا عَنْهَا [1] .
[الملحمة بالأندلس]
وفيها كانت ملحمة كبيرة بالأندلس بين عليّ بْن يوسف بْن تاشفين وبين الأَذْفُونش لعنه الله، نُصر فيها المسلمون، وقتلوا وأسروا وغنموا ما لَا يعبَّر عَنْهُ.
فخاف الفرنج منها، وامتنعوا مِن قصد بلاد ابن تاشفين، وذلّ الأذفونش حينئذٍ وخاف فإنّها وقعة عظيمة أبادت شجعان الفرنج [2] .
وانصرف ابن الأذْفُونش حينئذٍ جريحًا، فهلك في الطّريق. وكان أَبُوهُ قد شاخ وارتعش.
__________
[1] الكامل 10/ 490، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 39، نهاية الأرب 28/ 270، 271، البداية والنهاية 12/ 173، النجوم الزاهرة 5/ 181- 183.
[2] الكامل 10/ 490، 491، دول الإسلام 2/ 33، 34، العبر 4/ 9، مرآة الجنان 3/ 177.(35/25)
سنة ست وخمسمائة
[موت بسيل الأرمني]
فيها مات المُلْك بسيل الأرمنيّ صاحب الدّروب، فسار تَنْكري صاحب أنطاكية الفرنجيّ ليملكها فمرض، فعاد ومات بعد أيّام. وتملّك أنطاكية بعده سَرْخالة ابن أخته [1] .
[موت قراجا صاحب حمص]
وفيها مات قراجا [2] صاحب حمص، وقام بعده ولده قرجان، وكلاهما ظالم [3] .
[قدوم القادة للجهاد في الإفرنج]
وفي أواخر السّنة، خاض الفرات صاحبُ المَوْصِل مودود بْن التونتكين، وصاحب سنجار تميرك، والأمير إياز بْن إيلغازي بنية الجهاد، فتلقّاهم صاحب دمشق طُغتِكين إلى سلمية، وكان كثير المودة بمودود [4] . وكانت الفرنج قد تابعت الغارات عَلَى حَوْران، وغلت الأسعار بدمشق، فاستنجد طُغتِكين بصديقه مودود، فبادر إليه، فاتّفق عَلَى قصْد بغدوين صاحب القدس، فساروا حتّى صاروا إلى الأردنّ، ونزل بغدوين عَلَى الصّنبرة وبينهما الشّريعة [5] .
__________
[1] الكامل 10/ 493، المختصر في أخبار البشر 2/ 226، دول الإسلام 2/ 34 وفيه: «سرخال» ، تاريخ ابن الوردي 2/ 21.
[2] في الكامل: «قراجة» .
[3] الكامل 10/ 493، المختصر في أخبار البشر 2/ 226، تاريخ ابن الوردي 2/ 21.
[4] ذيل تاريخ دمشق 178 (حوادث سنة 505 هـ-.) و 184 (حوادث سنة 506 هـ-.) و 187، بغية الطلب (قسم السلاجقة) 148.
[5] الكامل 10/ 495، 496 (حوادث 507 هـ-.) ، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 42، دول الإسلام 2/ 34.(35/26)
سنة سبع وخمسمائة
[موقعة المسلمين والفرنج عند الشريعة]
في ثالث عشر المحرَّم التقى عسكر دمشق الجزيرة وعسكر الفرنج [1] بقرب طبريّة، وصبر الفريقان، واشتدّ الحرب، وكانت وقعة مشهورة، ثمّ انكسرت الفرنج ووضع المسلمون فيهم السّيف، وأسروا خلقًا، وأُسِر ملكهم بغدوين، لكن لم يُعرف، فأخذ الَّذِي أسره سلاحه وأطلقه، فنجا جريحًا، ثمّ مات بعد أشْهُر. وغرق منهم في الشّريعة طائفة. وغنم المسلمون الغنيمة [2] .
ثمّ جاء عسكر أنطاكية وعسكر طرابُلُس، فقويت نفوس المنهزمين وعاودوا الحرب، فثبت لهم المسلمون فانجاز الملاعين إلى جَبَل، ورابط المسلمون بإزائهم يرمونهم بالنُّشّاب، فأقاموا كذلك ستّةً وعشرين يومًا [3] ، وهذا شيء لم يُسمع بمثاله قطّ، وعُدِموا الأقوات.
ثمّ سار المسلمون إلى بَيْسان، فنهبوا بلاد الفرنج وضياعهم من القدس
__________
[1] جاء في التاريخ الباهر لابن الأثير 18 أن الفرنج اجتمعوا وفيهم ملك بيت المقدس، وعكا، وصور، وغيرها.
وأقول: إن ذكر صور هنا هو وهم، إذ كانت لا تزال بيد المسلمين، وليس فيها إفرنج حتى يخرجوا لقتال المسلمين. ولم يتنبّه محقّق الكتاب إلى ذلك، فاقتضى منّا التنبيه، وليصحّح.
[2] المنتظم 9/ 175 (17/ 133) ، تاريخ دولة آل سلجوق 161، تاريخ مختصر الدول 199، المختصر في أخبار البشر 2/ 226، تاريخ ابن الوردي 2/ 21، البداية والنهاية 12/ 175، 176.
[3] التاريخ الباهر 19، تاريخ الفارقيّ 281، تاريخ الزمان 134، دول الإسلام 2/ 34، 35، العبر 4/ 12، مرآة الزمان 3/ 193 وفيه «سبعة وعشرين يوما» ، والإعلام والتبيين 21، وعيون التواريخ 12/ 21.(35/27)
إلى عكّا، ورجعوا فنزلوا بمرج الصّفّر، وسافرت عساكر المَوْصِل [1] .
[اغتيال مودود صاحب المَوْصِل]
ودخل مودود في خواصّه دمشق، وأقام عند صاحبه طُغتِكين، وأمر عساكره بالبحر في الربيع ونزل هُوَ وطغتكين يوم الجمعة في ربيع الأول للصّلاة، ومشى ويده في يد طغتكين في صحن الجامع، فوثب عَلَى مودود باطنيّ جرحه في مواضع، وقُتِل الباطنيّ وأُحرق [2] .
قَالَ أبو يَعْلَى حمزة [3] : ولمّا قُضَيت الجمعة تنفّل بعدها مودود، وعاد هُوَ والأتابك وحولهما مِن الأتراك والدَّيلم والأحداث بأنواع السّلاح مِن الصّوارم والصّمصامات والخناجر المجرَّدة ما شاكل الأَجَمَة المشتبكة، فلمّا حصلا في صحن الجامع وثب رجلٌ لَا يُؤبَه لَهُ، فقرب مِن مودود كأنّه يدعو لَهُ ويتصدَّق عَليْهِ [4] ، فقبض ببند قبائه، وضربه بخنجر أسفل سُرَّته ضربتين، هذا والسّيوف تنزل عَليْهِ. ومات مودود ليومه صائمًا. وكان فيه عدل وخير.
فقيل: إنّ الإسماعيلية قتلته.
وقيل: بل خافه طُغتِكين، فجهز عَليْهِ الباطني، وذلك بعيد.
قَالَ ابن الأثير [5] : حدَّثني والدي- رحمه الله- أنّ ملك الفرنج كتب إلى
__________
[1] الكامل 10/ 495، 496، التاريخ الباهر 19، العبر 4/ 12، الإعلام والتبيين 21.
[2] انظر عن مقتل مودود في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 366 (تحقيق سويم) 31، والكامل في التاريخ 10/ 496، 497، وذيل تاريخ دمشق 187، وتاريخ الفارقيّ 280 وفيه مقتله سنة 508 هـ-.، وتاريخ دولة آل سلجوق 161، 162، وتاريخ الزمان 134، وتاريخ مختصر الدول 199، وكتاب الروضتين 1/ 69، والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 133، وبغية الطلب (قسم السلاجقة) 150، 151، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 45 و 50، 51، والمختصر في أخبار البشر 2/ 226، ودول الإسلام 2/ 35، والعبر 4/ 12، وتاريخ ابن الوردي 2/ 22، والدرّة المضيّة 476، ومرآة الجنان 3/ 193، والبداية والنهاية 1/ 173 (حوادث 505 هـ-.) ، و 176 (حوادث 507 هـ-.) . والإعلام والتبيين 22، وعيون التواريخ 12/ 1 (حوادث 505 هـ-.) و 31 (حوادث 507 هـ-.) ، وتاريخ ابن خلدون 5/ 42، والنجوم الزاهرة 5/ 307، وشذرات الذهب 4/ 20، 21، وتاريخ الخلفاء 430.
[3] في ذيل تاريخ دمشق 187.
[4] في ذيل تاريخ دمشق: «يتصدّق منه» ، وهو الصحيح.
[5] في الكامل 10/ 497، والتاريخ الباهر 19.(35/28)
طُغتِكين أنّ ملك الفرنج كتب إلى طُغتِكين كتابًا فيه: وإنّ أمّة قتلت عميدها، يوم عيدها، في بيت معبودها، لَحَقيق عَلَى الله أن يُبيِدها.
ودُفن مودود في تربة دُقَاق بخانكاه [1] الطّواويس [2] ، ثمّ حُمِل بعد ذَلِكَ إلى بغداد، فدُفن في جوار الإمام أَبِي حنيفة، ثمّ نُقل إلى أصبهان [3] . وتسلّم صاحب سنجار حواصله وحملها إلى السّلطان محمد، فأقطع السّلطان المَوْصِل والجزيرة لأقْسُنْقُر البُرْسُقيّ، وأمره أن يتوافق هُوَ والأمير عماد الدين زنكي ابن آق سنقر، ويتشاوروا في المصلحة لنهضته وشهامته.
[نقل المصحف العثماني إلى دمشق]
وكان بطبريّة مُصْحَف. قَالَ أبو يَعْلَى القلانسيّ [4] : كَانَ قد أرسله عثمان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إلى طبريّة، فحمله أتابك طُغتِكين منها إلى جامع دمشق [5] .
[وفاة الوزير ابن جَهير]
وفيها مات الوزير أبو القاسم عليّ بْن جَهير، ووليّ وزارة الخليفة بعده ربيب الدّين أبو منصور الحسين بْن الوزير أبي شجاع [6] .
__________
[1] الخانكاه: فارسية، وهو رباط الصوفية.
[2] في الإعلام والتبيين 22: «الطواويش» بالشين المعجمة. وعلّق محقّق الكتاب الدكتور مهدي رزق الله أحمد على ذلك فقال: «لعلّه يعني الطواشية، وهو الخصيان الذين استخدموا في الحريم السلطاني، وكانت لهم حرمة وافرة كلمة نافذة» .
أقول: لقد ذهب الدكتور بعيدا. فالصحيح أن اسم الخانكاه: «الطواويس» بالسين المهملة، ويقال: «الطواويسية» . وهي بالشرف الأعلى بظاهر دمشق. انظر: الدارس في تاريخ المدارس 1/ 104 و 282 و 2/ 129، ومنادمة الأطلال 282، وهي معروفة مشهورة بمحلّة البحصة، وجدرانها الغربية إلى طريق الصالحية.
[3] الكامل 10/ 497.
[4] في ذيل تاريخ دمشق 187.
[5] فهو الّذي بمقصورة الخطابة. (دول الإسلام 2/ 35، الإعلام والتبيين 24 (حوادث سنة 522 هـ-.) ، تاريخ الخلفاء 459، 460، أخبار الدول 2/ 167) .
[6] انظر عن (وفاة الوزير ابن جهير) في: المنتظم 9/ 175 (17/ 133) ، الإنباء في تاريخ الخلفاء 207، زبدة النصرة 77، مختصر التاريخ لابن الكازروني 218، المختصر المحتاج إليه 2/ 42، 274، مجمع الآداب، رقم 643، والكامل في التاريخ 10/ 498.(35/29)
[وفاة الملك رضوان]
وفيها توفّي الملك رضوان صاحب حلب، وولي بعده ألب أرسلان الأخرس فقتل أخوين له مبارك شاه وملك شاه، وقتل رأس الباطنيّة أبا طاهر الصّائغ في جماعة مِن أعيانهم، فرحلوا عَنْ حلب، وكان لهم بها مَنْعة وشوكة قويّة.
وكان رضوان قد عمل لهم دار دعوة بحلب لقلّة دينه، وكان ظالمًا فاتكًا يقرّب الباطنيّة، ويستعين بهم، وقتل أخَويه بهرام، وأبا طَالِب، وكان غير محمود السّيرة [1] .
[ثورة الباطنية بشيزر]
وفيها، ذكر سِبط الجوزي [2] ثورة الباطنيّة بشَيْزَر، وقد مرّ لنا ذَلِكَ قبل هذه السّنة.
[مهادنة بغدوين أهل صور]
وفيها هادن بغدوين أهل صور، وأَتَتْهم النجدة والإقامات مِن مصر في البحر [3] .
__________
[1] انظر عن (وفاة الملك رضوان صاحب حلب) في: ذيل تاريخ دمشق 189، والكامل في التاريخ 10/ 499، وتاريخ الفارقيّ 278 وفيه وفاته في سنة 505 هـ-. وزبدة الحلب 2/ 164، ومرآة الزمنان ج 8 ق 1/ 46، 47، ونهاية الأرب 27/ 75، والمختصر في أخبار البشر 2/ 227، ودول الإسلام 2/ 35، والعبر 4/ 13، وتاريخ ابن الوردي 2/ 22، والدرّة المضيّة 477، ومرآة الجنان 3/ 194، والإعلام والتبيين 23، ومآثر الإنافة 2/ 20، والنجوم الزاهرة 5/ 205، وشذرات الذهب 4/ 16.
[2] في مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 45.
[3] اتعاظ الحنفا 3/ 52.(35/30)
سنة ثمان وخمسمائة
[خروج البُرْسُقيّ لحرب الفرنج]
في أوّلها قدم آق سنقر البُرْسُقيّ عَلَى مملكة المَوْصِل، وسيَّر معه السّلطان محمد ولده مسعودًا في جيشٍ كبير لحرب الفرنج. فنازل البُرْسُقيّ الرُّها في خمسة عشر ألف راكب، فحاصرها شهرين، ثمّ رحل لقلة الميرة، وعاد إلى شحنان، فقبض عَلَى إياز بْن إيلغازي، ونهب أعمال ماردِين [1] .
ثمّ تسلَّم حصن مَرْعَش مِن الفرنج صُلْحًا [2] .
[حرب صاحب ماردين والبرسقي]
وأمّا صاحب ماردين فغضب لخراب بلاده ولأسْر ولده، فنزل وحشد، ونزل معه ابن أخيه صاحب حصن كيفا رُكْن الدّولة دَاوُد بْن سُقْمان، فالتقى هُوَ والبُرْسُقيّ في أواخر السّنة، فانهزم البُرْسُقيّ وخلص أياز، ولكن خاف إيلغاز مِن السّلطان، فسار إلى دمشق، وكان صاحبها خائفًا مِن السّلطان أيضًا لأنّه نسب قتْل مودود صاحب المَوْصِل إليه، فاتّفقا عَلَى الامتناع والاعتضاد بالفرنج، فأجابهما إلى المعاونة صاحب أنطاكيّة وجاء، فاجتمعوا بِهِ على بحيرة حمص، وتحالفوا وافترقوا [3] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 501، 502، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 53، دول الإسلام 2/ 36، تاريخ ابن الوردي 2/ 22، الإعلام والتبيين 23 وفيه «البرشقي» بالشين المعجمة.
[2] الإعلام والتبيين 23.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 502، 503، المختصر في أخبار البشر 2/ 227، دول الإسلام 2/ 36، تاريخ ابن الوردي 2/ 22.(35/31)
[أسر إيلغازي وإطلاقه]
وسار إيلغازي إلى ديار بَكْر، فنزل بالرَّسْتَن ليستريح، وشرب فسكر، فتبعه صاحب حمص، فأسره ودخل بِهِ حمص، ثمّ طلب أن يصاهره ويطلقه، ويأخذ ولده إياز رهينة، فأطلقه خوفًا مِن طُغتِكين [1] .
[وفاة سلطان الهند]
وفيها مات سلطان الهند وغزنة علاء الدّولة مسعود [2] ، وجرت بعده أمور سُقْتُها في ترجمته.
[الزلزلة بالجزيرة والشام]
وفيها جاءت زلزلة مهولة بالجزيرة والشّام، هلك خلْق كثير تحت الهدْم [3] .
[وفاة الشريف بدمشق]
وفيها مات الشّريف النّسيب بدمشق [4] .
[مقتل صاحب حلب]
وفيها قُتل صاحب تاج الدّولة ألْب أرسلان بْن المُلْك رضوان بْن تُتُش، قتله غلمانه. وكان المستولي عَليْهِ الخادم لؤلؤ. وملّكوا بعده سلطان شاه أخاه بإشارة الخادم [5] .
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق 191، الكامل في التاريخ 503، عيون التواريخ 12/ 45، النجوم الزاهرة 5/ 208.
[2] انظر عن (وفاة السلطان مسعود) في: الكامل في التاريخ 10/ 504، والمختصر في أخبار البشر 2/ 228، ودول الإسلام 2/ 36، وتاريخ ابن الوردي 2/ 22، ومآثر الإنافة 2/ 22.
[3] المنتظم 9/ 180، 181 (17/ 140) ، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 366، 367 (تحقيق سويم) 32، ذيل تاريخ دمشق 191، الكامل في التاريخ 10/ 508، تاريخ الزمان 136، زبدة الحلب 2/ 173، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 52، الدرّة المضيّة 477، البداية والنهاية 1/ 178، عيون التواريخ 12/ 44، شذرات الذهب 4/ 21 و 23، كشف الصلصلة 182.
[4] هو: أبو القاسم علي بن إبراهيم بن العباس بن الحسن الحسيني. (ذيل تاريخ دمشق 191) ، والكامل في التاريخ 10/ 508، ودول الإسلام 2/ 36، النجوم الزاهرة 5/ 208.
[5] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 366 (بتحقيق سويم) 32، ذيل تاريخ دمشق 191، الكامل في التاريخ 10/ 508، زبدة الحلب 2/ 171، 172، نهاية الأرب 27/ 76، المختصر(35/32)
[هلاك بغدوين]
وفيها هلك بغدوين الفرنجيّ صاحب القدس مِن جراحة، أصابته في مصافّ طبرية [1] .
[موت صاحب مَرَاغة]
وفيها مات الأمير أحمديل صاحب مراغة، وكان شجاعًا جوادًا، إقطاعه تغلّ في العام أربعمائة ألف دينار، وعسكره خمس آلاف دينار. وثب عَليْهِ ثلاثة مِن الباطنية، فقتلوه وقُتِل [2] .
بل قُتل بعد ذَلِكَ بقليل، وكذا بغدوين تأخّر موته [3] فيحرّر ذلك.
[4]
__________
[1] في أخبار البشر 2/ 228، تاريخ ابن الوردي 2/ 23، البداية والنهاية 12/ 178، مآثر الإنافة 2/ 20.
[2] ذيل تاريخ دمشق 192، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 52، دول الإسلام 2/ 36، العبر 4/ 15، مرآة الجنان 3/ 197، الإعلام والتبيين 23، 24، مآثر الإنافة 2/ 16، اتعاظ الحنفا 3/ 53 و 56 (في حوادث سنة 511 هـ-.) ، النجوم الزاهرة 5/ 308، النجوم 4/ 21، بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 222.
[3] سيعاد خبر موته في أول سنة 510 هـ-. وذكره في هذه السنة سبط ابن الجوزي ج 8 ق 1/ 53، والمؤلف في دول الإسلام 2/ 36، والعبر 4/ 15، مرآة الجمان 3/ 197، والنجوم الزاهرة 5/ 208، شذرات الذهب 4/ 21.
[4] إلى ذي الحجة من أواخر سنة 511 هـ-. كما في: الكامل في التاريخ 10/ 543.(35/33)
سنة تسع وخمسمائة
[عصيان صاحبي ماردين ودمشق عَلَى السّلطان]
لمّا بلغ السّلطان عصيان صاحب ماردين وصاحب دمشق غضب، وبعث الجيوش لحربهما، فساروا وعليهم برسق صاحب همذان في رمضان من السّنة الماضية، وعدّوا الفُرات في آخر العام، فأخذوا حماه عَنْوَةً ونهبوها، وهي لطُغتِكين، فاستعان بالفرنج فأعانوه [1] .
[استرجاع كفر طاب مِن الفرنج]
وسار عسكر السّلطان وهم خلْقٌ كثير، فأخذوا كفرطاب مِن الفرنج واستباحوها [2] .
[خذلان المسلمين أمام الفرنج]
ثمّ ساروا إلى المَعَرَّة، فجاء صاحب أنطاكيّة في خمسمائة فارس وألْفَيْ راجل، فوقع عَلَى أثقال العساكر، وقد تقدّمتهم عَلَى العادة، فنهبوها وقتلوا السّوقيّة والغلْمان، وأقبلت العساكر متفرّقة، ولم يشعروا بشيءٍ، فكان الفرنج يقتلون كلّ مِن وصل. وأقبل بُرْسُق مُقَدَّم العساكر في مائة فارس، فرأى الحال، فصعِد تلّا هناك، والتجأ إليه النّاس وعليهم ذُلّ وانكسار، فأشار عَلَى بُرْسُق أخيه [3] بأنّنا ننزل وننجو. فنزل بهم عَلَى حميّة، وساق وراءهم الفرنج نحو
__________
[1] الكامل 10/ 509، المختصر في أخبار البشر 2/ 228، العبر 4/ 17، تاريخ ابن الوردي 2/ 23.
[2] الاعتبار لابن منقذ 73- 76، الكامل 10/ 510، المختصر في أخبار البشر 2/ 228، العبر 4/ 17، 18، تاريخ ابن الوردي 2/ 23، مرآة الجنان 3/ 198، البداية والنهاية 12/ 179.
[3] في الأصل: «أخوه» .(35/34)
فرسخ. ثمّ ردّوا، فتمّموا الغنيمة والأسْر، وأحرقوا كثيرًا مِن النّاس، واشتدّ البلاء، وتبدَّل فرح المسلمين خوفًا وحُزْنًا، لأنّهم رجوا النَّصر مِن عساكر السّلطان، فجاء ما لم يكن في الحساب، وعادت العساكر بأسوأ حال، نعوذ باللَّه مِن الخذْلان [1] .
[موت بُرْسُق وأخيه]
ومات بُرْسُق [2] ، وأخوه زنكي بعد سنة [3] قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا 33: 16 [4] .
[استرداد رفنية مِن الفرنج]
وجالت الفرنج بالشّام، وأخذوا رَفَنية، فساق إليهم طُغتِكين عَلَى غرّة، واستردّ رَفَنيَة، وأسر وقتل [5] .
[اجتماع طُغتِكين بالسلطان]
ثمّ رَأَى المصلحة أن يتلافى أمر السّلطان، فسار بنفسه إلى بغداد بتقادُم وتُحَف للسّلطان والخليفة، فرأى مِن الإكرام والتّبجيل ما لَا مَزِيد عَليْهِ، وشُرّف بالخِلَع [6] ، وكتب لَهُ السّلطان منشورًا بإمرة الشّام جميعه [7] .
وكان السّلطان هذه السّنة قد قِدم بغداد واجتمع بِهِ طُغتِكين في ذي القعدة [8] .
__________
[1] الإعتبار لابن منقذ 90- 92، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 367 (تحقيق سويم) 32، الكامل في التاريخ 10/ 510، 511، زبدة الحلب 2/ 174- 176، المختصر في أخبار البشر 2/ 228، 229، دول الإسلام 2/ 37، العبر 4/ 18، تاريخ ابن الوردي 2/ 23، مرآة الجنان 3/ 198، البداية والنهاية 12/ 179، عيون التواريخ 12/ 50.
[2] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 367 (تحقيق سويم) 32.
[3] أي سنة 510 كما في الكامل 10/ 511.
[4] سورة الأحزاب، الآية 16.
[5] الكامل 10/ 512، زبدة الحلب 2/ 177، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 56، المختصر في أخبار البشر 2/ 229، تاريخ ابن الوردي 2/ 23، ذيل تاريخ دمشق 192، تاريخ طرابلس 1/ 489.
[6] الكامل 10/ 514.
[7] دول الإسلام 2/ 37، البداية والنهاية 12/ 179.
[8] المختصر في أخبار البشر 2/ 229.(35/35)
[مصالحة بغدوين والأفضل]
قَالَ سِبْط الجوزيّ: [1] وفيها صالح بغدوين صاحب القدس الأفضل متولّي الدّيار المصرية. وكان بغدوين صاحب القدس قد سار إلى السّنجة المعروفة ممّا يلي العريش، فأخذ قافلة عظيمة جاءت مِن مصر، فهادنه الأفضل، وأمن النّاس قليلا [2] .
__________
[1] في مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 56 وفيه: «بردويل» .
[2] الخبر في: النجوم الزاهرة 5/ 209.(35/36)
سنة عشر وخمسمائة
[قتل صاحب مَرَاغة]
الأصح أنّ أحمدِيَّل صاحب مَرَاغة قُتِل في أوّل سنة عشر ببغداد بدار السّلطان، وكان جالسًا إلى جانب طُغتِكين صاحب دمشق أتاه رَجُلٌ فبكى وبيده قَصّة، وتضرَّع إليه أن يوصلها إلى السّلطان محمد، فأخذها منه، فضربه بسِكّين، فجذبه أحمديل في الحال، وبرك فوقه، فوثب باطنيّ آخر، فضرب أحمديل بسِكّين، فأخذتهما السّيوف. ووثب رفيق لهما والسّيوف تنزل عليهما، فضرب أحمديل ضربة أخرى، فَهَبروه أيضًا [1] .
[موت جاولي]
وفيها مات جاولي الَّذِي كَانَ قد حكم عَلَى المَوْصِل، ثمّ أخذها السّلطان منه، فخرج عَلَى الطّاعة. ثمّ إنّه قصد السّلطان لِعلْمه بحِلْمه، فرضي عَنْهُ.
وأقطعه بلاد فارس، فمضى إليها وحارب وُلاتها وحاصرهم، وأوطأهم ذُلًا إلى أن مات [2] .
[محاصرة ابن باديس تونس]
وفيها حاصر عليّ بْن يحيى بْن باديس مدينة تونس وضيّق عليها، فصالحه
__________
[1] انظر عن (مقتل أحمديل) في: المنتظم 9/ 185 رقم 313 (17/ 147 رقم 3835) وفي الطبعتين: «أحمد بك» ، والكامل في التاريخ 10/ 516 وهو: أحمديل بن وهسوذان، وبغية الطلب (قسم السلاجقة) 160، 161، الدرّة المضيّة 479، عيون التواريخ 12/ 64.
[2] انظر عن (جاولي) في: المنتظم 9/ 185 رقم 314 (17/ 147 رقم 3835) ، والكامل في التاريخ 10/ 516، 517، والمختصر في أخبار البشر 2/ 229، وتاريخ ابن الوردي 2/ 23.(35/37)
صاحبها أحمد بْن خُراسان عَلَى ما أراد [1] .
[فتح ابن باديس جَبَل وسْلات]
وفيها افتتح ابن باديس جَبَل وَسْلَاتِ [2] وحكم عَليْهِ. وهو جَبَل منيع كَانَ أهله يقطعون الطّريق، فظفر بهم، وقتل منهم خلقًا [3] .
[فتنة مشهد الرضا]
وفي يوم عاشوراء كانت فتنة في مشهد عليّ بْن موسى الرّضا بطُوس، خاصمَ عَلَويٌ فقيهًا، وتشاتما وخرجا، فاستعان كلٌ منهما بحزبه، فثارت فتنةٌ عظيمة هائلة، حضرها جميع أهل البلد، وأحاطوا بالمشهد وخرّبوه، وقتلوا جماعة، ووقع النَّهْب، وجرى ما لَا يوصف، ولم يُعمر المشهد إلى سنة خمس عشرة وخمسمائة [4] .
[حريق بغداد]
ووقع ببغداد حريق عظيم، ذهب للنّاس فيه جملة [5] .
[هرب ابن صَنْجيل بالبقاع]
وقال أبو يَعْلَى بْن القلانسيّ: وفي سنة عشر ورد الخبر بأنّ بدران بْن صَنْجيل صاحب طرابُلُس جمع وحشد، ونهض إلى البقاع، وكان سيف الدّين سُنْقُر البرسقي صاحب المَوْصِل قد وصل ألى دمشق لمعونة الأتابك طغتكين، فتلقاه وسُرَّ بِهِ، فاتّفقا عَلَى تبييت الفرنج، فساقًا حتى هجما عَلَى الفرنج وهم غارُّون، فوضعوا فيهم السّيف قتْلًا وأسْرًا، فقيل هلك منهم نحو ثلاثة آلاف
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 521.
[2] في الأصل: «وسلاب» ، والمثبت عن: الكامل 10/ 522.
وفي الروض المعطار 612: «واسللت: جبل عظيم طوله يومان، وبينه وبين القيروان خمسة عشر ميلا، وفيه عمارات ومياه جارية، وفيه حصون كثيرة عامرة ... » .
[3] الكامل 10/ 522.
[4] الكامل 10/ 522، 523.
[5] المنتظم 9/ 184 (17/ 145) ، الكامل في التاريخ 10/ 523، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 62، الدرّة المضيّة 479، عيون التواريخ 12/ 64.(35/38)
نفْس، وهرب ابن صَنْجيل، وغنِم المسلمون خيلهم وسلاحهم، ورجعوا. وردّ البُرْسُقيّ إلى المَوْصِل، وقد استحكمت المودّة بينه وبين طُغتِكين [1] .
[مقتل الخادم لؤلؤ]
وفيها قُتِل الخادم لؤلؤ المستولي عَلَى حلب.
وكان قد قتل ألْب أرسلان بْن رضوان، وشرع في قتل غلمان رضوان، فعلموا عَليْهِ وقتلوه [2] .
والصحيح أنّه قُتِل في السّنة الآتية.
[حج الركْب العراقي]
وفيها حج بالرَّكْب العراقيّ أمير الجيوش الحبشيّ مولي المستظهر باللَّه، ودخل مكّة بالأعلام والكئوسات والسّيوف المسلَّلة، لأنّه أراد إذلال أمير مكّة وعبيده [3] .
__________
[1] في ذيل تاريخ دمشق 197، وانظر: مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 63.
[2] انظر عن (مقتل لؤلؤ) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 367 (تحقيق سويم) 33 وفيه إن لؤلؤ الخادم خرج لزيارة صفّين فقتلته الوشاقيّة عند قلعة نادر، والخبر في: ذيل تاريخ دمشق 198، الكامل في التاريخ 10/ 531 (حوادث سنة 511 هـ-.) ، زبدة الحلب 2/ 177، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 63، ونهاية الأرب 27/ 76، والبداية والنهاية 12/ 180، والنجوم الزاهرة 5/ 211.
[3] المنتظم 9/ 184 (17/ 146) ، وفي تاريخ حلب للعظيميّ: وحجّ بالناس يمن الخادم، والمثبت يتفق مع: مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 63، وفي عيون التواريخ 12/ 64 وفيه: أمير الجيوش أبو الحسن نظر الخادم، النجوم الزاهرة 5/ 211.(35/39)
بسم الله الرحمن الرحيم
[تراجم رجال هذه الطبقة]
سنة إحدى وخمسمائة
- حرف الألف-
1- أحمد بْن الحسن بْن أحمد بن يزداد [1] .
أبو العزّ المستعملي.
روى عن: الجوهريّ، والعُشاريّ.
2- أحمد بْن الحسين بْن أحمد [2] .
أبو طاهر بْن النّقّار الحِمْيَريّ.
وُلِد بالكوفة سنة ثمان عشرة وأربعمائة، ونشأ ببغداد.
وكان يعرف القراءات ويفهمها.
قرأ عَلَى: خاله أبي طَالِب بْن النّجّار.
وقرأ الأدب عَلَى أَبِي القاسم بْن بُرهان، ثمّ انتقل إلى دمشق وإلى مصر، وسكن طرابُلُس.
وبدمشق توفّي في رمضان [3] .
__________
[1] لم أجده.
[2] انظر عن (أحمد بن الحسين بن النقار) في: معجم السفر للسلفي (مصوّر بدار الكتب المصرية) ق 1/ ورقة 138، وإنباه الرواة للقفطي 1/ 35، 36، وتكملة إكمال الإكمال للصابوني 348، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (تأليفنا) - القسم الثاني- ج 1/ 290، 291 رقم 121.
[3] يقول خادم العلم محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : هو من أسرة اشتهر أفرادها بالعلم. وقد لجأ جماعة منها إلى طرابلس في جملة من لجأ إليها من الأسر الدمشقية وأعيانها، وقد انتقلوا من دمشق إلى طرابلس إبّان حصار «أتسز بن أوق الخوارزمي» لدمشق في سنة 468 هـ-.(35/40)
3- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن سبعون [1] .
أبو بَكْر القَيْسيّ، القَيْروانيّ، ثمّ البغداديّ.
سَمِعَ: أبا الطّيّب الطَّبَريّ، وأبا [محمد] [2] الجوهريّ.
وعنه: ابنه عَبْد الله، وعمر بْن ظَفَر.
4- إبراهيم بْن مَيّاس القُشَيْريّ الدّمشقيّ [3] .
سَمِعَ: أبا عَبْد الله بْن سلوان، وأبا القاسم الحِنّائيّ، وأبا الحسين بْن المهتدي باللَّه، وغيره ببغداد.
سَمِعَ منه: الصّائن هبة الله، وغيره.
تُوُفّي في شَعْبان، وله خمس وستّون سنة [4] .
__________
[ () ] ذكره القفطي وقال: كان يحفظ القراءات السبع. وأنه عاد إلى دمشق سنة 497 هـ-. وأنشد ابنه أبو محمد، قال: أنشدني أبي لنفسه:
يا خليليّ أقصرا عن ملامي ... قلّ صبري وفلّ غرب اعترامي
وبدا الدهر كاشرا لي عن ... أنيابه باهتضام كلّ الأنام
معرضا لي خطوبه من ورائي ... إن تلفّت تارة وأمامي
ولعمري إنّ الزمان كفيل ... لبنيه بالنقض والإبرام
لا ترع إن أتتك منه سهام ... طالما عطّلت أكفّ الرامي
وقال السلفي: تأدّب عليه ابنه عبد الله، وعلّقت عنه من شعر أبيه مقطّعات:
قد زارني طيف من أهوى على حذر ... من الوشاة وداعي الصبح قد هتفا
فكدت أوقظ من حولي به فرحا ... وكاد يهتك ستر الحبّ بي شغفا
ثم انتبهت وآمالي تخيّل لي ... نيل المنى فاستحالت غبطتي أسفا
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الله بن سبعون) في: المنتظم 9/ 158 رقم 253 (17/ 110 رقم 375) .
[2] بياض في الأصل.
[3] انظر عن (إبراهيم بن ميّاس) في: المنتظم 9/ 158 رقم 251 (17/ 110 رقم 3773) ، ومعجم البلدان 5/ 228، والكامل في التاريخ 10/ 456، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 3/ 165 رقم 172، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 301.
وقد طوّل ابن عساكر نسبه إلى عامر بن صعصعة.
[4] وقال ابن عساكر: سمع وأسمع. سئل عن مولده فقال: في جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وأربعمائة.
وقال ابن الجوزي: سمع الكثير، وأكثر عن الخطيب، وكتب من تصانيفه، وورد بغداد، فسمع من ابن النّقور، وكان ثقة. (المنتظم) .(35/41)
5- إسماعيل بن عمرو بن محمد بن أحمد [1] .
أبو سَعِيد بْن أبي عَبْد الرَّحْمَن البَحيريّ، [2] النَّيْسابوريّ.
ثقة، صالح، محدّث، مِن بيت الحديث. وكان صحيح القراءة.
قَالَ السمعانيّ: سَمِعَ بإفادته خلْق، وتفقَّه عَلَى ناصر العُمَريّ.
وكان يقرأ دائمًا «صحيح مُسْلِم» للغرباء والرحّالة عَلَى أَبِي الحسين عَبْد الغافر الفارسي، وكُفّ بصره بأخرة.
سَمِعَ مِن: أَبِي بَكْر أحمد بن عليّ بْن منْجُوَيْه الحافظ، وأبي حَيّان المُزَكّيّ، وأبي العلاء صاعد بْن محمد، وعَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان النَّصْرويّ.
روى لنا عَنْهُ: إسماعيل بْن جامع بمَرْو، وواكد بْن محمد العالم بسمنان، وأبو شجاع البسْطاميّ ببخارى، وأبو القاسم الطّلْحيّ بإصبهان.
قَالَ ابن النّجّار: كَانَ نظيفًا، عفيفًا، اشتغل بالتّجارة وبُورك لَهُ فيها، وحصّل جملة.
وقال ابن السّمعانيّ: وقرأت بخطّ والدي قَالَ: سَمِعْتُ أبا سَعِيد البحيري يَقُولُ: قرأت «صحيح مُسْلِم» عَلَى عَبْد الغفّار أكثر مِن عشرين مرّة [3] . وولد سنة تسع عشرة وأربعمائة، وتوفّي في آخر السّنة بنيسابور [4] .
__________
[1] انظر عن (إسماعيل بن عمرو) في: الإكمال 1/ 465، 466، والمنتظم 9/ 158 رقم 252 (17/ 110 رقم 3774) ، والمنتخب من السياق 147- 149 رقم 339، والكامل في التاريخ 10/ 456، وتاريخ نيسابور 233، وسير أعلام النبلاء 19/ 272، 273 رقم 173، وتوضيح المشتبه 1/ 362.
[2] في (المنتظم) طبعة حيدرآباد: «النجيرمي» ، والمثبت عن الأصل والمصادر الأخرى.
[3] المنتظم، الكامل، وقال عبد الغافر الفارسيّ: «بعد أن قرأ قبله على الفقيه الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ أكثر من ثلاثين مرة» .
[4] وقال عبد الغافر: وجه بيت البحيرية في عصره ورأسهم وإليه تزكية الشهود منهم، من أهل الفضل. شدا طرفا صالحا من العربية، وتفقّه على الإمام ناصر العمري. وحضر درس زين الإسلام. وكان حسن الاعتقاد، نقيّ الجيب، بالغ الاحتياط في الطهارة وتنظيف الثياب، صائن النفس، عفيف الباطن، وله مداخلة واختصاص بيت القشيرية، نشأ مع الأئمة الكبار من الأخوال، وصاحبهم ليلا ونهارا.
وكان أبو سعيد حسن القراءة عارفا ببعض طرق الحديث، ورقّ حاله فباع ضيعة بقيت له،(35/42)
وقد أملى مجالس بنيسابور، وتوفّي ابنه محمد قبله.
6- إسماعيل بْن يحيى بْن حسين [1] .
أبو نصر الملّاح. بغداديّ.
حدَّث بشيءٍ يسير عن الجوهريّ.
وتوفّي في صَفَر.
- حرف التاء-
7- تميم بْن المعزّ بْن باديس [2] بْن المنصور بْن بُلُكيّن [3] بْن زِيري [4] بْن مَنَاد.
السّلطان أبو يحيى الحِمْيَريّ الصّنهاجيّ [5] ، ملك إفريقية بعد أبيه.
__________
[ () ] واشتغل بشيء من التجارة، واشترى بعد ذلك شيئا من الضياع، وحسن حاله، وخرج إلى مكة حاجّا وعاد على هيئة حسنة. وعقد له مجلس الإملاء بعد الصلاة في المدرسة العماديّة، ثم في الجامع المنيعي، فأملى سنين، ثم كفّ في آخر عمره، فبقي في البيت مدّة.
وكان من المكثرين المتقنين في السماع والرواية والكتابة جميعا. (المنتخب 8) .
وقال ابن الجوزي: سمع الكثير، وكان ثقة ديّنا. (المنتظم) .
[1] لم أجده.
[2] انظر عن (تميم بن المعزّ) في: الكامل في التاريخ 10/ 449- 451، والحلّة السيراء 2/ 21- 26، ووفيات الأعيان 1/ 304- 306، والبيان المغرب 1/ 288- 295، والمختصر في أخبار البشر 2/ 223، ودول الإسلام 2/ 30، والإعلام بوفيات الأعلام 206، وسير أعلام النبلاء 19/ 263، 264 رقم 164، والعبر 4/ 1، وتاريخ ابن الوردي 2/ 32، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 28، 29 (في وفيات سنة 502 هـ-.) ، ومرآة الجنان 3/ 169، والوافي بالوفيات 10/ 414- 416، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 242- 226، والبداية والنهاية 12/ 170، وأعمال الأعلام 3/ 73، وشرح رقم الحلل 128، 138، ومآثر الإنافة في معالم الخلافة 2/ 23، وتاريخ ابن خلدون 6/ 157- 159 والنجوم الزاهرة 5/ 197، 198، وشذرات الذهب 4/ 2، 3.
[3] بلكّين: بضم الباء الموحّدة واللام وتشديد الكاف المكسورة وسكون الياء المثنّاة من تحتها وبعدها نون. (وفيات الأعيان 1/ 287) .
[4] زيري: بكسر الزاي، وسكون الياء المثنّاة من تحتها، وكسر الراء، وبعدها ياء.
[5] الصّنهاجي: بضم الصاد المهملة وكسرها وسكون النون وفتح الهاء وبعد الألف جيم. هذه النسبة إلى صنهاجة، وهي قبيلة مشهورة من حمير وهي بالمغرب.
قال ابن دريد: صنهاجة بضم الصاد لا يجوز غير ذلك، وأجاز غيره الكسر. (وفيات الأعيان 1/ 266) .(35/43)
كَانَ حسن السّيرة، مُحِبًا للعلماء، قصده الشّعراء مِن النّواحي، وامتدحه الحَسَن بْن رشيق القَيْرواني، وغيره.
وكان ملكًا جليلًا، شجاعًا، مَهيبًا، فاضلًا، شاعرًا، جوادًا، ممدّحًا.
وُلِد سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، ولم يزل بالمهدية منذ ولّاه أَبُوهُ إيّاها مِن صَفَر سنة خمسٍ وأربعين إلى أن تُوُفّي أَبُوهُ بعد أشهر في شَعْبان.
ومن شِعْره:
سَلِ المطَرَ العام الَّذِي عمّ أرضكم ... أجاء بمقدار الّذي فاض مِن دمعي
إذا كنتَ مطبوعًا عَلَى الصّدّ والجفا ... فمِن أَيْنَ لي صبر فأجعلَهُ طبْعي؟
ولابن رشيق فيه، وأجاد:
أصحّ وأعلى [1] ما سِمعْناه في النَّوَى ... منَ الخَبَر المأثور مُنذ قديم
أحاديث ترويها [2] السُّيُول عَنِ الحَيَا ... عَنِ البحر عَنْ كفّ [3] الأمير تميمِ [4]
وفي أيّامه اجتاز ابن تُومَرْت بإفريقية وأظهر الإنكار عَلَى مِن خرج عَنِ الشّرع، وراح إلى مَرّاكُش.
امتدّت دولة تميم إلى هذه السّنة، وتوفّي في رجب.
__________
[1] في الحلّة السيراء 2/ 23: «أصح وأقوى» .
[2] في الحلّة: «تمليها» .
[3] في الحلّة: «عن جود» .
[4] ومن شعره أيضا:
إن نظرت مقتلي لمقتلها ... تعلم ممّا أريد نجواه
كأنّها في الفؤاد ناظرة ... تكشف أسراره وفحواه
وله:
وخمر قد شربت على وجوه ... إذا وصفت تجلّ عن القياس
خدود مثل ورد في ثغور ... كدرّ في شعور مثلا آس
وأورد له العماد الكاتب:
فكّرت في نار الجحيم وحرّها ... يا ويلتاه ولات حين مناص
فدعوت ربّي أن خير وسيلتي ... يوم المعاد شهادة الإخلاص
(وفيات الأعيان) .(35/44)
وخلّف مِن البنين أكثر مِن مائة وُلِد، ومن البنات ستّين عَلَى ما ذكره حفيده العزيز بْن شدّاد بْن تميم، وملَك بَعْده ولده يحيى وقد تكهَّل، فأحسن السّيرة في الرعية، وافتتح حصْنًا كبيرًا امتنعَ عَلَى أبيه، ولم يزل مظفَّرًا منصورًا.
- حرف الخاء-
8- الحَسَن بْن محمد بْن عَبْد العزيز [1] .
أبو عليّ التّكَكيّ [2] .
بغدادي صالح، صحيح السّماع.
سَمِعَ: أبا عليّ بْن شاذان.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وسلْمان الشّحّام، وأبو طاهر السّلَفيّ، وأبو بَكْر بْن النَّقُّور.
تُوُفّي في رمضان.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْفَرَّاءِ: أَنَا ابْنُ قُدَامَةَ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ النَّرْسِيِّ: أَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ، أَنَا عُثْمَانُ، وَهُوَ ابْنُ السَّمَّاكِ: ثَنَا مُوسَى بن سهل، ثنا إسماعيل بن عليّة، نا حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيُدْخِلُ الْعَبْدَ الْجَنَّةَ بِالأَكْلَةِ أَوِ الشَّرْبَةِ يَحْمَدُهُ عَلَيْهَا» [3] . هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ، مَعَ لِينٍ فِي مُوسَى الْوَشَّاءِ [4] .
9- حمزة بْن هبة الله بْن سلامة [5] .
__________
[1] انظر عن (الحسن بن محمد) في: الأنساب 3/ 68.
[2] التّككي: بكسر التاء المنقوطة من فوقها باثنتين وفتح الكاف وفي آخرها كاف أخرى. هذه النسبة إلى تكك وهي جمع تكّة.
[3] وأخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء (2734) باب استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب، والترمذي في الأطعمة (1876) باب في الحمد على الطعام إذا فرغ منه، وأحمد في المسند 3/ 100 و 117 وكلّهم من طريق زكريا بن أبي زائدة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أنس ابن مالك. ولفظه: «إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها. أو يشرب الشربة فيحمده عليها» .
[4] انظر عن (موسى الوشّاء) في حوادث ووفيات 261- 280 هـ-. من هذا الكتاب- ص 477، 478 رقم 624 وفيه مصادر ترجمته.
[5] انظر عن (حمزة بن هبة الله) في: تاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 270(35/45)
أبو يَعْلَى العثمانيّ، الدّمشقيّ.
روى عَنْ: عليّ بْن الخَضِر السُّلَميّ، وغيره.
سَمِعَ منه: أبو محمد بْن صابر، وغيره [1] .
- حرف الراء-
10- رَزْماشوب بْن زايار [2] .
الإمام [3] ، الأديب، أبو نصر الدَّيْلَميّ.
أرَّخه السّلَفيّ في السّنة. مات في رمضان.
وروى عَنْهُ في «جزء ابن قلبنا» ، وقال: كَانَ مِن أفراد الدّهر، ونوادر العصر. لَهُ نظْمٌ رائق، ونْثرٌ فائق، ورياسة [4] .
- حرف الصاد-
11- صَدَقة بْن منصور بْن دُبَيْس بْن عليّ بن مزيد [5] .
__________
[ () ] رقم 261، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 456.
[1] قال ابن عساكر: اعتنى بالحديث، وكانت ولادته سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.
[2] انظر عن (رزماشوب) في: معجم السفر للسلفي 1/ 261، 262 رقم 143، وفيه: «زيار» من غير ألف بعد الزاي.
[3] في (معجم السفر) : «الأمير» .
[4] قال رزماشوب: أنشدنا أبو سعد أحمد بن الحسن الدوانيقي بشيراز، قال: أنشدنا أبو حيّان التوحيدي، أنشدني أبو بكر الخوارزمي لنفسه:
أتيت لخالي في حاجة ... وكنت عليه خفيف المؤن
فأنكر معرفة لم تزل ... وأبدى مماذقة لم تكن
وقال، وجاحدني حبّه ... أبو من؟ وممّن؟ ومن؟ وابن من؟
وقال السلفي:
ومن مليح شعر رزماشوب مما أنشدنيه وقد أجاد جدّا فيه:
شكوت إليها ما ألاقي من الهوى ... فزادت، ولم تعتب ولم تتندّم
وما خفيت والله قسوة قلبها ... عليّ، ولكن أغسل الدم بالدّم
[5] انظر عن (صدقة بن منصور) في: الإنباء في تاريخ الخلفاء 207، وتاريخ الفارقيّ 274، والكامل في التاريخ 10/ 440- 449، والمنتظم 9/ 159 رقم 255 (17/ 111 رقم 3777) ، وخريدة القصر (قسم شعراء العراق) ج 4 ق 1/ 163، وتاريخ دولة آل سلجوق 80، 81، ومجمع الآداب 2124 ووفيات الأعيان 2/ 490، 491، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 15، 16، والمختصر في أخبار البشر 2/ 222، 223، ودول الإسلام 2/ 30، والعبر 4/ 1، وسير أعلام(35/46)
الأمير سيف الدّولة ابن بهاء الدّولة الأَسَديّ، النّاشريّ، [1] صاحب الحلة السيفية.
كَانَ يُقال لَهُ ملك العرب. وكان ذا بأس وسطوة. نافَرَ السّلطان محمد بن ملك شاه، وأفْضَت بينهما الحالُ إلى الحرب، فتلاقيا عند النعْمانية [2] ، فقتُل صَدَقة في المعركة يوم الجمعة سلخ جُمَادَى الآخرة وحمل رأسه إلى بَغْدَاد. وكانت وفاة أَبِيهِ سنة تسع وسبعين، ووفاة جدّه في سنة ثلاثٍ وسبعين.
- حرف العين-
12- عَبْد الرَّحْمَن بْن حمْد بْن الحَسَن بْن عبد الرَّحْمَن [3] .
أبو محمد الدُّونيّ، الصُّوفيّ، الزّاهد.
مِن بيت زُهد وعبادة، مِن قرية الدُّون، ويقال: دُونه. وهي عَلَى عشْر فراسخ مِن هَمَذَان، ممّا يلي الدّيَنَور [4] .
روى كتاب «السُّنَن» للنَّسَائيّ [5] ، عَنِ ابن الكسّار، وهو آخر مِن حدَّث بِهِ عَنْهُ.
قرأه عَليْهِ السّلَفيّ بالدُّون في سنة خمسمائة، وقال: قَالَ لي ابنه أبو سَعْد:
لوالدي خمسون سنة ما أفطر بالنّهار.
__________
[ () ] النبلاء 19/ 264، 265 رقم 165، وتاريخ ابن الوردي 2/ 18، 19، ومرآة الجنان 3/ 170، والوافي بالوفيات 16/ 296- 300 رقم 327، والبداية والنهاية 12/ 170، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 229- 233، وتاريخ ابن خلدون 5/ 38، والنجوم الزاهرة 5/ 196، وشذرات الذهب 4/ 2.
[1] الناشري: نسبة إلى ناشرة بن نصر بن سواءة بن الحارث بن سعد بن مالك بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة. (اللباب 3/ 289) .
[2] النعمانية: بلدة بين الحلّة وواسط.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن حمد) في: معجم البلدان 2/ 490، واللباب 1/ 517، ودول الإسلام 2/ 30، والإعلام بوفيات الأعلام 206، وسير أعلام النبلاء 19/ 239، 240 رقم 147، والمعين في طبقات المحدّثين 147 رقم 1604، والعبر 4/ 2، وعيون التواريخ (مخطوط) 3/ 233، ومرآة الجنان 3/ 170 وفيه «عبد الرحمن بن أحمد» ، والوافي بالوفيات 18/ 142 رقم 168، والنجوم الزاهرة 5/ 197، وشذرات الذهب 4/ 3.
[4] معجم البلدان 2/ 490.
[5] في سير أعلام النبلاء 19/ 239: «كان آخر من روى كتاب «المجتبى» من سنن النسائي» .(35/47)
وقال شِيرَوَيْه في تاريخه: كَانَ صَدُوقًا، متعبّدًا، سمعت منه «السّنن» ، و «رياضة المتعبدين» .
وقال السلفي: كان سفياني المذهب، ثقة. بلغنا أنّه توفّي في رجب.
قال: وولد سنة سبع وعشرين وأربعمائة في رمضان.
وقال غيره: سَمِعَ «السُّنَن» في شوّال سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.
وحدَّث عَنْهُ: أبو بَكْر محمد بْن منصور السّمعانيّ، وأبو العلاء الحَسَن بْن أحمد العطّار، والسّلفيّ، وأبو زُرْعة المقدسي، وَأَبُو الفتح عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الخِرَقيّ، وأَحْمَد بْن يَنال التُّرْكَ، وعبد الرّزّاق بْن إسماعيل القُومسانيّ الهَمَذانيّ، وابن عمّه المُطَهّر بْن الكريم، ومحمد بْن سليمان، وأبو الفتوح الطّائيّ، وأبو الحَسَن سعْد الخير الأندلسي، وخلْق.
وأجاز للحافظ أَبِي القاسم بْن عساكر [1] .
13- عَبْد الرَّحْمَن بْن خَلَف بْن مسعود [2] .
أبو الحَسَن الكِنانيّ القُرْطُبيّ [3] .
روى عَنْ: حَكَم بْن محمد، ومحمد بْن عَتّاب، وابن عُمَر بْن القطّان.
وكان مُعتنيا بالسَّماع الكثير، وكان يعظ ويُذكّر في مسجده. وهو ديّن، ثقة، عالم.
14- عَبْد الكريم بْن المسلّم بْن محمد بْن صَدَقة.
الشّبليّ، العطّار.
سَمِعَ: أبا القاسم الحِنَّائيّ، وعبد العزيز الكتّانيّ.
وهو دمشقيّ، قليل الرّواية.
__________
[1] وقال السلفي إنه اقتدى في التصوّف بأبيه، وأبوه اقتدى بجدّه، وهو اقتدى بحسين بن عليّ الدّوني، وهو اقتدى بمحمد بن عبد الخالق الدينَوَريّ صاحب ممشاذ الدينَوَريّ، وممشاذ بالشيخ أبي سنان، فقيل: إنّ هذا اقتدى بأبي تراب النخشبي. (سير أعلام 19/ 240) .
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن خلف) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 345 رقم 741.
[3] ويعرف بابن الزيتوني.(35/48)
- حرف الميم-
15- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مَسْعُود بْن مفرّج [1] .
أَبُو عَبْد الله الأندلُسيّ، الشّلْبيّ، الفقيه.
كَانَ مُفتي تِلْكَ النّاحية.
تفقَّه عَلَى: أَبِيهِ.
وسمع «صحيح الْبُخَارِيّ» بإشبيلية مِن أبي عَبْد الله بْن منظور. وكان بصيرًا بالفتوى، إمامًا، ثقة [2] .
تُوُفّي في ذي الحجة [3] .
16- محمد بْن سليمان بْن يحيى [4] .
أبو عَبْد الله القَيْسيّ، المقرئ.
قرأ عَلَى أصحاب عَمْرو الدّانيّ بالرّوايات.
ومات كهْلًا.
17- محمد بْن عَبْد المُلْك بْن عَبْد القاهر بْن أسد [5] .
أبو سعْد الأَسَديّ، البغداديّ، المؤدِّب.
سَمِعَ: أبا عليّ بْن شاذان، وابن بِشْران، وغيرهما.
روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وعبد الحقّ، وخطيب المَوْصِل، وجماعة.
ضعّفه ابن ناصر لأنّه كَانَ يُلْحق سماعاته مع أبيه، وكان الإلحاق بيّنا طريّا.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد بن مسعود) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 566، 567، رقم 1245.
[2] قال ابن بشكوال: ورحل إلى أبي جعفر بن رزق وتفقّه عنده بقرطبة أيضا، وكان حافظا للفقه على مذهب مالك وأصحابه، جيّد الفهم، بصيرا بالفتيا، عارفا بالشروط. وعللها وسمع الناس منه، وكانت الدراية أغلب عليه من الرواية، وكان قد شرع في تأليف الوثائق لم يكمله، وكان عالي الهمّة، عزيز النفس، فصيح اللسان، ثقة فيما رواه وقيّده.
[3] وكان مولده في صفر من سنة 440 هـ-.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] انظر عن (محمد بن عبد الملك) في: الأنساب 1/ 231، والمغني في الضعفاء 2/ 609 رقم 5781، وميزان الاعتدال 3/ 633 رقم 7897، والإعلام بوفيات الأعلام 206، والعبر 4/ 2، ومرآة الجنان 3/ 170، ولسان الميزان 5/ 267 رقم 919، وشذرات الذهب 4/ 3.(35/49)
تُوُفّي في رمضان وقد جاوز الثّمانين بيسير.
قَالَ السّمعانيّ: [1] ألْحق سماعه في أجزاء.
18- محمد بْن عبد الواحد بْن عليّ [2] .
أبو الغنائم ابن الأزرق.
سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا محمد الخلّال، وعبد العزيز بْن عليّ الأَزَجيّ.
روى عَنْهُ: عُمَر بْن عَبْد الله الحربيّ، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وجماعة.
ويُعرف بابن الشّهْرسْتانيّ.
وممّن روى عنه مسعود بْن أبي علّان شيخ أحمد بْن طَبَرْزَد.
19- محمد بْن العراقيّ بن أبي عنان القزوينيّ، الطّاووسيّ [3] .
أبو جعفر.
حدَّث في شوّال مِن السّنة بهَمَذَان، عن محمد بْن الحسين المقوّميّ بأحاديث. وكان صالحًا، قُدْوةً [4] .
20- محمد بْن عُمَر بْن قطريّ [5] .
أبو بكر [6] الزّبيديّ، الإشبيليّ.
__________
[1] في الأنساب.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (محمد بن العراقي) في: التدوين في أخبار قزوين 1/ 452، 453 وفيه وفاته سنة 420 هـ-.
[4] قال القزويني: معروف بحسن السيرة والوجاهة عند السلاطين، وكان له سعي جميل في إسقاط الضرائب والمكوس، وبورك في نسله عددا ورياسة. سمع أبا زيد الوافد بن الخليل سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة، وسمع أبا منصور المقوّمي في «جامع التأويل» لابن فارس بروايته عن أحمد بن الغضبان ... وتوفي على ما أثبت في حجر منقور مركّب في لوح قبره في شهر ربيع الآخر سنة عشرين وخمسمائة.
[5] انظر عن (محمد بن عمر) في: الغنية للقاضي عياض 76- 79 رقم 14، والصلة لابن بشكوال 2/ 567 رقم 1246، وتكملة الصلة لابن الأبّار 1/ 409 رقم 1159، وبغية الوعاة 1/ 199، والمقفّى الكبير للمقريزي (مخطوط) 3/ 186 (مطبوع) 6/ 423 رقم 2912، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثالث) ج 4/ 113 رقم 1116.
[6] في الغنية: «أبو عبد الله» .(35/50)
سَمِعَ مِن: أَبِي الوليد الباجي، وجماعة.
ورحل إلى المشرق.
وسمع مِن: أَبِي بَكْر الخطيب، وجماعة.
وكان عالمًا بالنَّحْو والأصُول.
تُوُفّي بسَبْتة [1] .
__________
[1] وقال القاضي عياض: من أهل إشبيلية من بيت الزيديين، الشهير بها في العلم والتقدّم.
استوطن أخيرا سبتة، وكان مدرّسا للنحو والعربية، وله حظ من العلم بالأصول والاعتقاد. وله سماع ورحلة، جال فيها في الحجاز، والعراق، والشام، ومصر، وصقلّيّة، وأخذ بمصر عن ابن فضال، والخشنيّ، وابن باب شاذ، وأبي عمران الصقلي، ومهدي الورّاق، ولقي بها عبد الحق بن هارون الصقلّي. وبمكة الحسين الطبري، وأبا محمد بن جماح السبتي من المجاورية بمكة، وهبة للَّه الضرير المقرئ وليس بصاحب «الناسخ والمنسوخ» ، وأبا محمد النيسابورىّ، وأبا الحسن الصقلي.
وسمع بصور من الشيخ أبي بكر الخطيب الحافظ: وسمع بالأندلس من الدلائي، وأبي الوليد الباجي، وأبي عبد الله بن سعدون القروي، وأبي الليث السمرقندي.
قال القاضي عياض:
حدّثني عن الخطيب بكتاب «المؤتنف في تكملة المؤتلف والمختلف» ، وبكتاب «الفقيه والمتفقه» من تأليفه سماعا منه.
وتوفي بسبتة سنة إحدى وخمسمائة، وكان، رحمه الله، طيّب النفس، تمزاحة، له مع علمه بالعربية مشاركة في غير ذلك من العلوم.
وأخبرنا عن الخطيب أبي بكر ابن ثابت مما أنشده لنفسه في كتابه لأبي القاسم ابن نباتة السعدي ابن عمّ أبي نصر ابن نباتة:
أعاذلتي على إتعاب نفسي ... ورعيي في السّرى روض السّهاد
إذا شام الفتى برق المعالي ... فأهون فائت طيب الرّقاد
(الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع للقاضي عياض، تحقيق السيد أحمد صقر، دار التراث بالقاهرة، والمكتبة العتيقة بتونس 1970- ص 235، 236، والتعريف بالقاضي عياض، لولده محمد، تحقيق د. محمد بنشريفة، الرباط- ص 69) .
وأخبرنا عن أبي بكر الخطيب أنه قال: قيل لبعضهم: بما أدركت العلم؟ قال: بالمصباح والجلوس إلى الصباح. وقال آخر: بالسفر والسهر والبكور في السحر. وأنشد الخطيب في ذلك لأبي محمد طاهر بن الحسين المصري:
صل السعي فيما تبتغيه مثابرا ... لعلّ الّذي استبعدت منه قريب
وعاوده إن أكدى بك السعي مرّة ... فبين السهام مخطئ ومصيب
وأخبرنا قال: حدّثنا أبو بكر الخطيب بسنده إلى محمد بن القاسم بن خلاد أنه أنشد:
العقل رأس خصاله ... والعقل يجمع كلّ خير(35/51)
21- محمد بْن محمود بْن حسن بْن محمد بْن يوسف [1] .
أبو الفَرَج ابن العلّامة أَبِي حاتم الأنصاريّ القَزْوينيّ.
مِن آمُل طَبَرِسْتان.
فقيه، دَيِّن، صالح، صاحب معاملة.
حجّ سنة سبْعٍ وتسعين، وأملى بمكّة مجلسًا. وضاع ابنٌ لَهُ قبل وصوله المدينة.
قَالَ بعضهم: فرأيناه فِي مسجد النّبيّ صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ يتمرَّغ في التّراب ويتشفَّع بالنَّبِيّ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ في لُقيّ ولده، والخَلْق حوله، فبينا هُوَ في تِلْكَ الحال إذ دخل ابنه مِن باب المسجد، فاعتنقا زمانًا.
رواها السّمعانيّ، عَنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي العبّاس ... [2] المَرْوَزِيّ، أنّه حجّ تِلْكَ السُّنَّة، ورآه يتمرَّغ في التّراب، والخلْق مجتمعون عَليْهِ، وهو يَقُولُ: يا رَسُول اللهِ جئتكم مِن بلدٍ بعيد زائرًا، وقد ضاع ابني، لا أرجع حتّى تردّ عليَّ ولدي. وردَّد هذا القول، إذ دخل ابنه، فصرخ الحاضرون.
سَمِعَ: أباه، ومنصور بْن إِسْحَاق الحافظ، وسهل بْن ربيعة، وأبا عليّ الحُسَينيّ.
روى عَنْهُ: ابن ناصر، والسّلفيّ، وابن الخلّ، وشهدة، وآخرون.
__________
[ () ]
والعقل يجلب فضله ... والعقل يدفع كلّ ضير
وأخبرنا عن الخطيب بسنده إلى الثعالبي:
لا يستخفنّ الفتى بعدوّه ... أبدا وإن كان العدوّ ضئيلا
إنّ القذى يؤذي العيون قليله ... ولربّما جرح البعوض الفيلا
(الغنية 76- 78) .
[1] انظر عن (محمد بن محمود) في: التدوين في أخبار قزوين 2/ 16، 17، والعبر 4/ 2، والإعلام بوفيات الأعلام 206، وسير أعلام النبلاء 19/ 217، 218 رقم 134، وعيون التواريخ (مخطوط) ج 13/ 233، ومرآة الجنان 3/ 107، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 301، وشذرات الذهب 4/ 3.
[2] كلمة غير واضحة في الأصل.(35/52)
تُوُفّي بآمُل في المحرَّم سنة إحدى. وكان أَبُوهُ مِن كبار الفقهاء [1] .
22- مُحَمَّد بْن هِبَة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن المأمون الهاشميّ [2] .
أبو نصر.
سَمِعَ: أبا محمد الجوهريّ.
روى عنه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ وأثنى عَليْهِ.
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل.
قَالَ ابن النّجّار: سَمِعَ أيضًا مِن: أبي عليّ بْن المُذْهب، وابن المحسن التّنُوخيّ.
وكان مِن سَرَوات بيته، صالحًا، متديّنًا.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السّلَفيّ، وعبد الحق اليُوسُفيّ.
23- منصور بْن الحسن بْن عاذل [3] .
أبو الفَرَج البَجَليّ، البَوَازيجيّ [4] .
والبَوَازيج: بين تِكْريت والموصل [5] .
قِدم بغداد، وتفقَّه بأبي إِسْحَاق الشّيرازيّ، ولازمَهَ.
وسمع مِن: ابن المهتدي باللَّه، وغيره.
روى عَنْهُ: عليّ بْن أحمد اليَزْدي، ومحمد بْن أَبِي الغنائمّ التّكْريتيّ.
وكان مِن العقلاء، الصُّلَحاء.
وُلّي قضاء البوازيج، وعاش إلى هذا العام [6] .
__________
[1] وقال الرافعي القزويني: فقيه، نبيل بنفسه، وابنه فاضل صدوق، حسن السيرة، أحسن الثناء عليه أبو محمد عبد الله بن يوسف الجرجاني في «طبقات الفقهاء الشافعيين» . وكان مولده سنة 432 هـ. (التدوين 2/ 16، 17) .
[2] مذكور في (ذيل تاريخ بغداد لابن النجار) في الجزء الّذي لم يصلنا.
[3] انظر عن (منصور بن الحسن) في: الأنساب 2/ 321، ومعجم البلدان 1/ 503، وتوضيح المشتبه 1/ 628.
[4] البوازيجي: بفتح الباء المنقوطة بواحدة، وفتح الواو، وكسر الزاي بعد الألف، وبعدها الياء الساكنة المنقوطة من تحتها بنقطتين، وفي آخرها الجيم.
[5] قال ابن السمعاني: وهي بلدة قديمة على الدجلة فوق بغداد دون سرّ من رأى.
[6] قال ابن السمعاني: كان فقيها فاضلا، حسن السيرة، مكثرا من الحديث. وأرّخ ياقوت وفاته في هذه السنة. (معجم البلدان) .(35/53)
- حرف الهاء-
24- هِبَة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حسنون [1] .
أبو طاهر [2] بْن أَبِي الحسين بْن أبي نَصْرٍ النَرْسيّ، البغداديّ، المعدّل، الشّاهد.
مِن أولاد المحدّثين.
سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وعبد المُلْك بن عمر الرّزّاز.
روى عَنْهُ: أبو المعمّر الأنصاريّ، وأبو طاهر السّنجيّ، وغيرهما.
وتوفّي فِي ربيع الآخر.
- حرف الياء-
25- يَحْيَى بْن محمد بْن بذّال [3] .
أبو نصر الحَريميّ، الطّاهريّ [4] ، وُلِد محمد.
شيخ صالح.
سَمِعَ: أبا إِسْحَاق البرمكي، والجوهري.
روى عنه: أبو المعمر الأنصاري.
توفّي في رمضان.
__________
[1] انظر عن (هبة الله بن محمد) في: الأنساب 12/ 70.
[2] في الأنساب «أبو نصر» .
[3] لم أجده.
[4] الحريمي: بفتح الحاء وكسر الراء بعدهما الياء آخر الحروف وفي آخرها الميم- نسبة إلى الحريم الطاهري محلّة كبيرة ببغداد بالجانب الغربي منها. وفيها يقول بعضهم:
قم يا نسيم إلى النسيم ... وتعلّقي بفنا الحريم
للَّه درّ كريمة ... يقتضها طرب النسيم
وعناق دجلة والصراة ... عناق معشوق حميم
(الأنساب 4/ 125) .(35/54)
سنة اثنتين وخمسمائة
- حرف الألف-
26- أبق بن عبد الرّزّاق [1] .
الأمير أبو منصور، عَضْبُ الدّولة، الَّذِي بالتّربة العَضْبيّة، خارج باب الفراديس.
أخو الأمراء الكبار، مِن خواصّ صاحب دمشق تاج الدّولة تُتُش. وهو الَّذِي مدحه ابن الخيّاط بقصيدته الطّنّانة:
سَلوا سَيْفَ أَلْحاظه المُمُتَشَقْ ... أعِنْدَ القلوبِ دَمٌ للحَدَقْ [2]
27- أحمد بْن عَبْد العزيز [3] .
الدّلّال، البغداديّ، المعروف بالخُرَّميّ.
روى عَنْ: أَبِي الحَسَن القَزْوينيّ يسيرًا.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأنْماطيّ، وعبد الله بن منصور الموصلي.
تُوُفّي في جُمادى الأولى.
28- أحمد بْن علي بن أحمد بن سعيد [4] .
الخطيب أبو حاتم النّيسابوريّ، الصّوفيّ.
__________
[1] انظر عن (أبق بن عبد الرزاق) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 364 وفيه: «أرتق» وهو غلط، و (بتحقيق سويّم) 30، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 263، وديوان ابن الخياط (انظر فهرس الأعلام) 337.
[2] انظر القصيدة في ديوان ابن الخياط 221 رقم 89.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.(35/55)
سمع: أبا عثمان الصابوني.
وحدث ببغداد.
روى عنه: سعد الخير الأنصاري، والسلفي.
حدَّث في هذه السّنة، ولا أعلمُ متى توفي. مولده سنة إحدى وعشرين.
29- أحمد بن علي بن حسين [1] .
الشّابرخواستيّ [2] ، القاضي أبو طاهر، الصالح، الزاهد، العابد.
روى عن علي بن القاسم البصري، عن أبي روق الهزاني.
روى عنه السلفي في البلد التاسع والعشرين.
توفي في هذه السنة [3] .
- حرف الباء-
30- بَدْرُ بْن خَلَف بْن يوسف [4] .
أبو نجم الفَرَكيّ، والفرك: قرية من قرى إصبهان.
سمع: أبا نصر الكسار، وغيره.
وعاش ثلاثا وثمانين سنة [5] .
روى عنه أبو طاهر السّلفيّ قطعة من ذاك الجزء المتبقّي من «سنن النسائي» .
وسمع من أبي نصر إبراهيم بن الكسّاريّ أيضا.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي) في: معجم السفر للسلفي ق 1/ 121، 122 رقم 11.
[2] الشابرخواستي: بعد الألف باء موحّدة ثم راء ساكنة، ثم خاء معجمة مضمومة، وبعد الواو ألف ثم سين مهملة ساكنة، وآخره تاء مثنّاة من فوق. ويروى بالسين في أوله. وهي ولاية بين خوزستان وأصبهان. (معجم البلدان) .
[3] وقال السفلي: أبو طاهر هذا يعرف بالقاضي الزاهد. سألته عن مولده فقال: سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة، وتوفي سنة اثنتين وخمسمائة. وكان ورعا، عفيفا، قلّ ما يتكلّم في أمور الدنيا.
وكان كثير الصلاة والصدقة، ظاهر العناية بالغرباء.
ولأبيه تصانيف، وأخوه كان قاضي البلد، ورئاستهم قديمة.
[4] انظر عن (بدر بن خلف) في: الأنساب 9/ 281، ومعجم البلدان 4/ 255 وفيه: «بدر بن دلف» .
[5] وكانت ولادته سنة 419 هـ.(35/56)
- حرف الحاء-
31- الحسين بن علي بن الحسين [1] .
أبو الفوارس ابن الخازن الكاتب، الديلمي.
روى عن: أبي محمد الجوهري.
حدَّث عَنْهُ: السّلَفيّ وقال: كَانَ أحسن النّاس خطًا.
قلت: هُوَ صاحب الخطّ الفائق، كَانَ مشتهرًا بلعب النَّرْد. وقيل إنّه نسخ خمسمائة مُصْحَف [2] ، وكتب مِن «مقامات الحريريّ» عدّة نُسَخ، ومن «الأغاني» ثلاث نُسَخ. ولم يخلّف وارثًا.
وكان يسكن بدرب حبيب ببغداد.
وله شعر جيّد، فمنه:
عَنَّتِ الدُّنيا لطالبها ... واسْتراح الزّاهد الفطِن [3]
كُلُّ مَلْكٍ نال زُخْرُفَها ... حسْبُهُ [4] ممّا حوى كَفَن
يَقْتَني مالًا ويتركُهُ، ... في كِلا الحالتين مُفْتَتَنُ [5]
أكره الدُّنيا وكيفَ بها، ... والذي تسخو بِهِ وَسَنُ
لم تدُمْ قبلي عَلَى أحدٍ، ... فلماذا الهمُّ والحَزَنُ؟
توفي فجأة في ذي الحجّة.
وقيل: تُوُفّي سنة تسع وتسعين.
وسيأتي في سنة ثمان عشرة ابن الخازن الشّاعر الكاتب.
__________
[1] انظر عن (الحسين بن علي) في: الكامل في التاريخ 10/ 415 (وفيات 499 هـ) ، و 10/ 474 وفيه «الحسن» ، والمختصر في أخبار البشر 2/ 224، وتاريخ ابن الوردي 2/ 20 وفيه «الحسن» .
[2] الكامل 10/ 415.
[3] زاد بعده في (الكامل) :
عرف الدنيا، فلم يرها ... وسواه حظّه الفتن
[4] في الكامل: «حظّه» .
[5] زاد بعده في (الكامل) :
أملي كوني على ثقة ... من لقاء مرتهن(35/57)
32- حَمْد بْن عَبْد الله بْن أحمد بْن حَنّة [1] .
أبو أحمد المعبّر، إصْبهانيّ، فقيه، مشهور.
سَمِعَ: أبا الوليد الحَسَن بْن محمد الدَّربَنْديّ، وأبا طاهر بْن عَبْد الرحيم الكاتب، وأحمد بْن محمد بْن النُّعْمان الصّائغ، ومنصور بْن الحسين سِبْط بحروَيْه، وجماعة.
وأملى عدّة مجالس.
روى عنه: أبو طاهر السلفي، وَأَبُو الفتح عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الخِرَقيّ، وآخرون [2] .
قَالَ السّلَفيّ: ذكره ابن نُقْطة فقال: خرَّج لَهُ إسماعيل بْن محمد بْن الفُضَيْل الحافظ فوائده. وكان يؤم في الجامع الأعظم ثلاث صَلَوات، ويُفتي، ويعبّر الرؤيا.
وكان مِن شيوخ الصُّوفيّة. قَالَ لي إسماعيل بْن محمد بْن الفُضَيْل:
النّزول عَنْ [ ... ] [3] أَبِي الصّلْت الطّهراني، ومحمد بْن عزيزة، وحمْد بْن حنّة، أحبّ إليّ مِن العلوّ عمّن سواهم [فهم لا] [4] يدرون ما يروون.
- حرف الزاي-
33- زيد بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْن الحُسَيْن بْن حَسَن بْن القاسم بْن محمد بْن القاسم بْن الحَسَن بْن زيد بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ [5] .
أبو هاشم الحُسَيْنيّ الهَمَذَانيّ، رئيس البلد وأميره.
روى عَنْ أَبِي سعْد جامع بْن محمد الأديب حديثًا واحدًا.
وكان هَيُوبًا، مُطاعًا، سائسًا. جمع الأموال، وظلم، وعسف. وكان يطرح
__________
[1] لم أجده.
[2] في هامش الأصل.
[3] كلمة غير واضحة في هامش الأصل.
[4] إضافة يقتضيها السياق، ومكانها بياض في الأصل.
[5] انظر عن (زيد بن الحسين) في: الكامل في التاريخ 10/ 473، 474.(35/58)
الشّيء الَّذِي يساوي درهمًا بثلاثة دراهم وأكثر. واستعبد الناسُ، وعُمّر دهرًا.
تُوُفّي فِي رجب وله ثلاث وتسعون سنة. وهو ابن بِنْت الصّاحب إسماعيل بْن عبّاد.
- حرف الصاد-
34- صاعد بْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن [1] .
أبو العلاء الْبُخَارِيّ، القاضي.
قَالَ السّمعانيّ: هُوَ مِن أهل إصبهان، الإمام المقدَّم في زمانه عَلَى أقرانه فضلًا، وعلما، وزهدا، وتواضعا.
تفقَّه عَلَى مذهب أَبِي حنيفة حتّى صار مفتي إصبهان.
سمع مِن أصحاب ابن المقرئ ولقي ببغداد ابن النَّقُّور، وبمكّة أبا عليّ الحَسَن بْن عَبْد الرَّحْمَن الشّافعيّ.
قُتِل في جامع إصبهان يوم عيد الفِطْر وله خمسٌ وخمسون سنة [2] . قتله باطِنيّ.
- حرف الطاء-
35- طاهر بْن سَعِيد بْن فضل اللَّه بْن أَبِي الخيْر [3] .
أبو الفتح الميهنيّ [4] . والد أحمد. وأبي القاسم.
__________
[1] انظر عن (صاعد بن محمد) في: المنتظم 9/ 160 رقم 257 (17) 113 رقم 3379، والكامل في التاريخ 10/ 472، ودول الإسلام 2/ 31، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 29، ومرآة الجنان 3/ 171، والجواهر المضية 2/ 267، 268 رقم 659، وكتائب أعلام الأخيار، برقم 318، والطبقات السنية، رقم 988، وشذرات الذهب 4/ 4، والفوائد البهيّة 83، 84.
[2] ومولده سنة 448 هـ-.
[3] انظر عن (طاهر بن سعيد) في: ذيل تاريخ نيسابور (مخطوط) ورقة 8 ب، والمنتخب من السياق 267، 268 رقم 781، ومعجم البلدان 5/ 247، والكامل في التاريخ 11/ 123 (في حوادث سنة 542 هـ-) ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 113، والوافي بالوفيات 16/ 400 رقم 434 (وفيه توفي سنة 542 هـ-) ، وتذكرة الصفدي (مخطوطة المتحف البريطاني) ورقة 36.
[4] هكذا في الأصل بفتح الميم. وكذا قال ياقوت. أما ابن اسمعاني فقال: بكسر الميم وسكون(35/59)
كَانَ مِن أهل الخير، ومن بيت المشيخة والتَّصُوّف. أقام ببغداد مدّة يسمع ويطلب، وسافر الكثير، ولقي الكبار.
وسمع مِن: جدّه الشَّيْخ أَبِي سَعِيد فضل الله، وخلف بْن أحمد الأبيوَرديّ، وأبي القاسم القُشَيْريّ، وأبي عليّ الحَسَن بْن غالب المقرئ البغداديّ، وأبي الغنائم بْن المأمون.
روى عَنْهُ: أبو شجاع عُمَر بْن محمد البِسْطاميّ، وغيره.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.
وكان ذا تعبّد وتألُّه وخير [1] .
- حرف العين-
36- عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم [2] .
أبو عليّ الدّيَنَوريّ، المؤذّن.
حدث عن: عَبْد الرّزّاق بْن الفُضَيْل الكَلاعيّ.
سَمِعَ منه: سهل بْن بِشْر مَعَ تقدُّمه، وأبو محمد بْن صابر.
37- عَبْد الله بْن سَعِيد بْن حَكَم [3] .
الزّاهد، أبو محمد القُرْطُبيّ، المقتليّ.
قرأ القرآن عَلَى أَبِي محمد مكّيّ بْن أَبِي طَالِب. وكان آخر مِن قرأ عَليْهِ.
وكان أحد العبّاد الزّهّاد، المتبرّك بهم.
__________
[ () ] الياء المنقوطة من تحتها بنقطتين وفتح الهاء وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى ميهنة وهي إحدى قرى خابران ناحية بين سرخس وأبيورد.
[1] وقال عبد الغافر الفارسيّ: حسن السيرة والطريقة، محبّ للعلم وأهله، عارف بالمعاملات والأحوال في التصوّف لاستعمالها.
سافر الكثير، ولقي الشيوخ، وحجّ، ولازم الإمامة على مراسم الشروع، ووظائف العبادات، وسماع الحديث، وضعف بصره في آخر أيامه.
وجمع له كتاب «الأربعين» من مشايخه، وقرئ عليه.
[2] لم أجده.
[3] انظر عن (عبد الله بن سعيد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 290، 291 رقم 639.(35/60)
38- عُبَيْد الله [1] بْن عُمَر بْن محمد بْن أَحْيَد [2] .
أبو القاسم الكُشانيّ [3] ، الخطيب.
ثقة، إمام، مشهور. أملى مدة سِنين، وطال عمره.
سَمِعَ: محمد بْن الحَسَن الباهليّ، وعليّ بْن أحمد السَّنْكَبَاثيّ [4] ، وأبا سهل عَبْد الكريم الكَلاباذيّ، وأبا نصر أحمد بْن عَبْد الله بْن الفضل، وعبد العزيز ابن أحمد الحَلْوانيّ.
قَالَ السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ إبراهيم بْن يعقوب الكُشَانيّ، وأبو العلاء آصف بْن محمد النسفيّ، وعطاء بْن مالك النّقّاش، وآخرون كثيرون بما وراء النَّهر.
ولد في حدود سنة عشر وأربعمائة.
وتوفّي في رجب.
39- عَبْد الله بْن يحيى [5] .
أبو محمد التُّجَيْبيّ، الأندلسيّ، الأُقليشيّ [6] ، ويعرف بابن الوَحْشيّ.
أخذ القراءات بطُلَيْطلَة عَنْ أَبِي عَبْد الله المَغَاميّ [7] .
وسمع مِن: خازم بْن محمد، وأبي بَكْر بْن جُمَاهر.
وكان مِن أهل المعرفة والذّكاء. واختصرَ كتاب «مُشْكل القرآن» لابن فُورَك [8] ، وولي أحكام أقليش.
__________
[1] في الأصل: «عبد الله» . وسيعاد ثانية بعد قليل برقم (45) باسم «عبيد الله» .
[2] انظر عن (عبيد الله بن عمر) في: الأنساب 10/ 433، 434.
[3] الكشاني: بضم الكاف والشين المعجمة وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى الكشانية، وهي بلدة من بلاد السغد بنواحي سمرقند على اثني عشر فرسخا منها.
[4] السّنكباثي: بفتح السين المهملة، وسكون النون، وفتح الكاف والباء المعجمة بواحدة، وفي آخرها الثاء المثلّثة. هذه النسبة إلى سنكباث وهي قرية من قرى أربنجن من سغد سمرقند.
(الأنساب 7/ 172) .
[5] انظر عن (عبد الله بن يحيى) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 291 رقم 640، ومعجم البلدان 1/ 237.
[6] الأقليشي: بضم الهمزة، وسكون الكاف، وكسر اللام، وياء ساكنة، وشين معجمة، نسبة إلى أقليش مدينة بالأندلس من أعمال شنت بريّة. قال الحميدي: أقليش بليدة من أعمال طليطلة.
[7] في معجم البلدان: «المقامي» بالقاف، وهو تحريف.
[8] وله كتاب حسن في شرح «الشهاب» يدلّ على احتفال في معرفته(35/61)
40- عَبْد الله بْن أَبِي بَكْر [1] .
أبو القاسم النَّيْسابوريّ، البزّاز، الفقيه شيخ الحنفية في عصره، ومُناظرهم، وواعظهم.
سَمِعَ مِن: أَبِي الحُسَيْن عَبْد الغافر الفارسيّ، وغيره، وأبي طاهر محمد ابن عليّ الإسماعيلي البخاريّ، الأندلسيّ، سَمِعَ منه «الشّمائل» .
قَالَ: أنبا إبراهيم بْن خَلَف، أَنَا الهيثم الشّاشيّ، ثنا التّرْمِذيّ.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.
41- عَبْد الباقي بْن محمد بْن سَعِيد بْن أصْبَع [2] .
أبو بَكْر الأنصاريّ، الحجازيّ، الأندلسيّ، ويُعرف بابن بُريال.
روى عَنْ: المنذر بْن المنذر، وهشام بْن أحمد الكِناني، وابن عم الطَّلَمَنْكيّ، والقاسم بْن فتح.
وكان نبيلًا، حافظًا، ذكيا، شاعرًا، محسنًا.
قَالَ ابن بَشْكُوال: ثنا عَنْهُ غير واحدٍ مِن شيوخنا. وتُوُفّي في شَعْبان ببَلنْسِية. وكان مولده سنة ستّ عشرة وأربعمائة.
قلت: أخذ عَنْهُ ابن العريف وله سماع أيضًا مِن أَبِي عُمَر بْن عَبْد البَرّ، عرضَ عَليْهِ القرآن.
42- عَبْد الواحد بْن إسماعيل بن أحمد بن محمد [3] .
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن أبي بكر) في: المنتخب من السياق 288 رقم 951، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي، رقم 428، والجواهر المضيّة 2/ 299، 300 رقم 696، والطبقات السنية، رقم 1051.
[2] انظر عن (عبد الباقي بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 385 رقم 827.
[3] انظر عن (عبد الواحد بن إسماعيل) في: المنتخب من السياق 340 رقم 1120، والسياق 6/ 189، 190، والأنساب 6/ 189، 190، والمنتظم 9/ 160 رقم 259 (17/ 113 رقم 3781) ، ومعجم البلدان 3/ 104، والإستدراك لابن نقطة (مخطوط) 1/ 201 أ، واللباب 2/ 44، والكامل في التاريخ 10/ 473، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 277، ووفيات الأعيان 3/ 198، 199، ودول الإسلام 2/ 31، والإعلام بوفيات الأعلام 207، وسير أعلام النبلاء 19/ 260- 262 رقم 162، والعبر 4/ 4، 5، والمعين في طبقات المحدّثين 147 رقم(35/62)
أبو المحاسن الرُّويَانيّ [1] ، الطَّبَريّ، فخر الإسلام، القاضي، أحد الأئمّة الأعلام.
لَهُ الجاه العريض، والقَبُول التّامّ في تِلْكَ الدّيار.
سَمِعَ: أبا منصور محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الطَّبَريّ، وأبا محمد عبد الله بْن جعفر الخبّازيّ، وأبا حفص بْن مسرور، وأبا بَكْر عَبْد المُلْك بْن عَبْد العزيز، وأبا عَبْد الله محمد بْن بيان الفقيه، وأبا غانم أحمد بن عليّ الكراعيّ، وعبد الصّمد بْن أَبِي نصر العاصميّ الْبُخَارِيّ، وأبا نصر أحمد بْن محمد البلْخيّ، وأبا عثمان الصّابونيّ، وجدّه أبا العبّاس أحمد بْن محمد بن أحمد الرّويانيّ، وتفقّه عليه.
وسمع بمَرْو، وغَزْنَة، وببُخارى مِن طائفة.
روى عَنْهُ: زاهر الشّحّاميّ، وأبو رشيد إسماعيل بْن غانم، وأبو الفتوح الطّائيّ، وعبد الواحد بْن يوسف، وإسماعيل بْن محمد التَّيْميّ الحافظ، وأبو طاهر السّلَفيّ، وجماعة كثيرة.
وُلِد في ذي الحجّة سنة خمس عشرة وأربعمائة، وتفقَّه ببُخارى مدّة، وبرع في المذهب، حتّى كَانَ يَقُولُ فيما بَلَغَنَا: لو احترقت كُتُب الشّافعيّ أمليتها من حفظي [2] .
__________
[1605،) ] ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 29، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 234، ومرآة الجنان 3/ 171، 172، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 193، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 565، 566، والبداية والنهاية 12/ 170، وطبقات الشافعية لابن كثير (مخطوط) 104 أ، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 294، 295 رقم 256، وتاريخ الخميس 2/ 403، والنجوم الزاهرة 5/ 197، ومفتاح السعادة 2/ 351، وكشف الظنون 1/ 226، 355، وشذرات الذهب 4/ 4، وديوان الإسلام 2/ 345، 346 رقم 1011، وهدية العارفين 1/ 634، وإيضاح المكنون 2/ 130، والأعلام 4/ 324، ومعجم المؤلفين 1/ 206، والذيل على طبقات ابن الصلاح 2/ 800، 801.
[1] الرّوياني: بضم الراء وسكون الواو وفتح الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى رويان وهي بلدة بنواحي طبرستان. (الأنساب 6/ 189) .
[2] الكامل في التاريخ 10/ 473، المنتظم.(35/63)
وله مصنفات في المذهب ما سبق إليها منها: كتاب «بحر المذهب» [1] وهو من أطول كُتُب الشّافعيّة، وكتاب «مناصيص الشّافعيّ» ، وكتاب «الكافي» ، وكتاب «حِلْية المؤمن» . وصنَّف في الأُصول والخلاف.
وكان قاضي طَبرِسْتان.
قَالَ السّلَفيّ: بَلَغَنَا أَنَّهُ أملى بآمُل، وقُتِل بعد فراغه مِن الإملاء، بسبب التّعصُّب في الدّين، في المحرَّم.
قَالَ: وكان العماد محمد بْن أَبِي سعْد صدر الرَّيّ في عصره يَقُولُ:
القاضي أبو المحاسن، شافعيّ عصره.
وقال مَعْمَر بْن الفاخر: قتل بجامع أمُل يوم الجمعة ثالث عشر المحرَّم [2] ، قَتَلَتْه الملاحدة. وكان نظام المُلْك كثير التّعظيم لَهُ.
رُويان: بلدة بنواحي طَبَرِسْتان.
43- عَبْد الواحد بْن محمد بْن عُمَر بْن هارون [3] .
الفقيه أبو عُمَر الوَلاشْجِرْدِيّ.
وولاشْجِرْد [4] مِن قرى كِنكْوَر [5] ، وهي قرية مِن هَمَذَان.
__________
[1] في (سير أعلام النبلاء 19/ 261) : وله كتاب «البحر» في المذهب.
وقال أبو عمرو بن الصلاح: «هو في البحر كثير النقل، قليل التصرّف والتزييف والترجيح» .
(تهذيب الأسماء 2/ 277) .
وقال ابن كثير: «وهو حافل، كامل، شامل للغرائب وغيرها. وفي المثل: حدّث عن البحر ولا حرج» . (البداية والنهاية 12/ 170) .
وقال السبكي: «وهو وإن كان من أوسع كتب المذهب إلّا أنه عبارة عن حاوي الماوردي مع فروع تلقّاها الروياني عن أبيه، عن جدّه، ومسائل أخر، فهو أكثر من «الحاوي» فروعا، وإن كان «الحاوي» أحسن ترتيبا، وأوضح تهذيبا» . (طبقات الشافعية الكبرى 7/ 195) .
[2] وقال عبد الغافر الفارسيّ إنه مات شهيدا في شهر رمضان سنة إحدى وخمسمائة، عن 87 سنة. (المنتخب 340) .
[3] انظر عن (عبد الواحد بن محمد) في: الأنساب 12/ 299، ومعجم البلدان 5/ 383، واللباب 3/ 377.
[4] ولاشجرد: بسكون الشين المعجمة، وكسر الجيم، وراء ساكنة، وذال مهملة. هكذا في الأصل، وقاله ياقوت، وابن الأثير. أما ابن السمعاني. فقال بالذال المعجمة.
[5] كنكور: بكسر الكاف وسكون النون، وكسر الكاف الثانية وفتح الواو، وبآخرها راء. بليدة بين(35/64)
كَانَ فقيهًا، دَيّنًا، خيّرًا.
سَمِعَ ببغداد في رحلته مِن: أَبِي الحُسَيْن بْن المهتدي باللَّه، والصّرِيفِينيّ، والخطيب.
وتُوُفّي بكِنْكَوِر [1] .
44- عُبَيد الله بْن عليّ بْن عُبَيد اللَّهِ [2] .
أبو إسماعيل الخطيبيّ [3] الفقيه، قاضي القُضاة بإصبهان.
سَمِعَ عَبْد الرّزّاق بْن شَمَة.
روى عَنْهُ السّلَفيّ: وقال: قُتِل بهَمَذَان شهيدًا، وأنا بها، في صَفَر رحمه الله. قتلته الباطنيّة [4] .
45- عُبَيْد الله بْن عُمَر بْن محمد بْن أَحْيَد [5] .
الخطيب، العالم، أبو القاسم الكُشانيّ.
ثقة، مُكْثِر، مَعْمَر، وُلِد في حدود سنة عشر وأربعمائة، وروى الكثير.
وأملى عَنْ: محمد بْن الحَسَن الباهليّ، وعليّ بْن أحمد بْن ربيع الشَّنْكباثيّ، وأبي سهل عبد الكريم الكلاباذيّ، وطائفة.
وعنه: إبراهيم بْن يعقوب الكُشانيّ، وأبو العلاء آحف بن محمد
__________
[ () ] همذان وقرميسين. (معجم البلدان 4/ 484) وقال ابن السمعاني: فأما ولاشجرذ كنكور الّذي بالجبال من العراق منها أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عمر.
[1] ومولده سنة 440 هـ-. بتبريز. ووقع في (اللباب) : مات بكنكور سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة! وهو خطأ.
[2] انظر عن (عبيد الله بن علي) في: المنتظم 9/ 160 (17/ 113 رقم 3780) ، والكامل في التاريخ 10/ 471، 472، والعبر 4/ 24 ودول الإسلام 2/ 31، ومرآة الجنان 3/ 171، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 86، 87 رقم 334، والجواهر المضية 2/ 498، 499 رقم 900، والطبقات السنية، رقم 1382، وشذرات الذهب 4/ 4.
[3] في (المنتظم) بطبعتيه: «الخطبيّ» .
[4] وقال ابن النجار: من بيت القضاء والرئاسة والخطابة والتقدّم. قدم بغداد في شهر ربيع الآخر من سنة إحدى وخمسمائة، وحدّث بها بكتاب «الأربعين» لابن المقرئ، مولده سنة 453 هـ-.
[5] تقدّمت ترجمته برقم (38) من هذه السنة.(35/65)
الخالديّ [1] ، وعطاء بْن مالك بْن أحمد النّقّاش، وأبو المعالي محمد بْن نصر المَدِينيّ، وآخرون.
مات في سادس عشر رجب عَنْ نيّفٌ وتسعين سنة.
46- عُبَيْد الله بْن محمد بْن طلحة [2] .
الدّامَغَانيّ [3] ، القاضي، ابن أخت قاضي القُضاة أَبِي عَبْد الله محمد بْن عليّ الدّامَغَانيّ.
شهد عند خاله في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، وولي قضاء ربع الكَرْخ سنة سبعين [4] .
وكان صالحًا، ورِعًا، عفيفًا.
سَمِعَ: أبا القاسم التّنُوخيّ، وعبد الكريم بْن محمد بْن المَحَامِليّ.
روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وعمر بن ظفر، وأبو طاهر السلفيّ.
وتوفّي في صَفَر.
وكان مولده بالدّامغان سنة ثلاثٍ وعشرين وأربعمائة.
47- عليّ بْن أحمد بْن عليّ بْن الإخوة [5] .
المحدّث، المفيد، أبو الحَسَن البيّع، الحريميّ [6] .
مِن كبار المحدّثين.
سَمِعَ: الخطيب، وأبا الغنائم بْن المأمون، وغيره.
انتقى عليه أبو عليّ البردانيّ.
__________
[1] في الترجمة السابقة: «النسفي» .
[2] انظر عن (عبيد الله بن محمد) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 124، 125 رقم 362، والجواهر المضية 2/ 504 رقم 906، والطبقات السنية، رقم 1387، وكنيته: «أبو محمد» .
[3] الدّامغانيّ: بالدال المفتوحة المشدّدة المهملة والميم المفتوحة والغين المنقوطة بلدة من بلاد قومس. (الأنساب 5/ 259) .
[4] وقال ابن النجار: أذن لأبي محمد بالنظر في الحكم في السابع عشر من المحرم سنة إحدى وثمانين، وأمر الشهود بحضور مجلسه والشهادة عنده وعليه فيما يثبته ويسجّله. (ذيل تاريخ بغداد) .
[5] انظر عن (علي بن أحمد) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 102، 103 رقم 595.
[6] نسبة إلى الحريم الطاهري. وقد تقدّم قبل قليل.(35/66)
وكتب عَنْهُ: أبو عامر العَبْدَريّ، وابن ناصر.
مات كهلًا [1] .
48- علي بْن الحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن عُرَيْبَة [2] .
أبو القاسم الرَّبَعيّ، البغداديّ.
تفقَّه عَلَى أقضى القُضاة، أَبِي الحَسَن المَاوَرْديّ، وأبي الطَّيّب الطَّبَريّ.
ولم يبْرع في المذهب.
ثمّ صحِب أبا عليّ بْن الوليد وغيره مِن شيوخ المعتزلة، وأخذ عَنْهُمْ.
وقد سَمِعَ: أَبَا القاسم بْن بِشْران، وأبا الحسين بْن مَخْلَد البزّار.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن منصورٍ السّمعانيّ، وعَبْد الخالق بْن أحمد اليُوسُفيّ، وأبو طاهر السّنْجيّ، وابن ناصر، وأبو طاهر السّلَفيّ، وأبو محمد بْن الخشّاب النَّحْويّ، وشُهْدَة.
قَالَ شُجاع الذُّهْليّ: كَانَ يذهب إلى الاعتزال.
وقال أبو سعْد السّمعانيّ: سَمِعْتُ أبا المَعْمَر الأنصاريّ إنْ شاء الله، أو غيره يذكر أنّه رجع عَنْ ذَلِكَ، وأشهد المؤتمن السّاجيّ وغيره عَلَى نفسه بالرجوع عَنْ رأيهم، والله أعلم.
قَالَ: وسمعت عليّ بْن أحمد اليَزْديّ يَقُولُ: قَالَ لي أبو القاسم الرَّبَعيّ:
ولدت في سنة أربع عشرة وأربعمائة.
__________
[1] قال ابن النجار: طلب الحديث بنفسه، فسمع الكثير، وكتب بخطّه، وحصّل الأصول، وكان يكتب خطّا حسنا، وله فضل ومعرفة.
قرأت بخط أبي طاهر السلفي، وقرأته على أبي الحسن بن المقدسي بمصر عنه، قال: أبو الحسن علي بن أحمد بن الإخوة كان من أهل النبل، ثقة، صدوقا.
قرأت بخط أبي علي بن البرداني قال: قال لي أبو طاهر أحمد بن علي بن عبد الغفار بن الإخوة: مولد ابني أبي (الحسين علي في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.
[2] انظر عن (علي بن الحسين) في: الإعلام بوفيات الأعلام 207، وسير أعلام النبلاء 19/ 194، 195 رقم 115، والمعين في طبقات المحدّثين 148 رقم 1606، وفيه: «علي بن الحسن» ، والمشتبه في الرجال 2/ 457، والعبر 4/ 5، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 251، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 30، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 223، 224، ومرآة الجنان 3/ 172، وتبصير المنتبه 945، والنجوم الزاهرة 5/ 119، وشذرات الذهب 4/ 4.(35/67)
تُوُفّي في ثالث وعشرين رجب [1] .
49- عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن [2] .
أبو الحَسَن السّمِنْجَانيّ [3] ، الفقيه. أحد الأئمّة.
تفقَّه ببُخارى عَلَى أَبِي سهل الأبيوردي.
وسمع مِن: محمد بْن عَبْد العزيز القَنْطَريّ، وغيره.
روى عَنْهُ: تامر بْن عليّ الصُّوفيّ، وإسماعيل بْن محمد الحافظ، والسّلَفيّ.
تُوُفّي فِي شَعْبان.
50- عليّ بْن عَبْد الوهاب بْن موسى [4] .
أبو الكرم الهاشمي، الخطيب. بغداديّ جليل.
حدَّث مجلسين عَنْ أَبِي عليّ بْن المُذْهب.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ.
51- عليّ بْن أَبِي طَالِب محمد بْن عليّ بْن عُبَيْد الله [5] .
المؤدب، أبو الحَسَن الهَمَذَانيّ، ثمّ البغداديّ.
روى عَنْ أَبِي الطَّيّب الطَّبَريّ، وأبي محمد الجوهريّ.
- حرف الميم-
52- محمد بن عبد القادر [6] .
__________
[1] ومن شعره:
إن كنت نلت من الحياة وطيبها ... مع حسن وجهك عفّة وشبابا
فاحذر لنفسك أن ترى متمنّيا ... يوم القيامة أن تكون ترابا
(مرآة الزمان) .
[2] انظر عن (علي بن عبد الرحمن) في: الأنساب 7/ 150.
[3] السّمنجاني: بكسر السين والميم، وسكون النون، والجيم. نسبة إلى سمنجان بليدة من طخارستان وراء بلخ، وهي بين بلخ وبغلان.
[4] لم أجده.
[5] لم أجده.
[6] انظر عن (محمد بن عبد القادر) في: المنتظم 9/ 161 رقم 261 (17/ 114 رقم 3783) ،(35/68)
أبو الحُسَيْن بْن السّمّاك [1] البغداديّ.
روى عَنْ: ابن غَيْلان، وغيره.
روى عَنْهُ: إسماعيل بْن محمد بن الحافظ، وأبو طاهر السّلفيّ.
وتوفّي في رجب [2] .
وكان واعظًا.
رماه ابن ناصر بالكذِب كأبيه [3] .
53- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّطيف بْن مُحَمَّد بْن ثابت بْن الحَسَن [4] .
المُهَلَّبيّ، الخُجَنْدِيّ [5] ، أبو بَكْر، صدْر الدّين، ويُعرف بصدر العراق على الإطلاق في زمانه. كذا قَالَ أبو سعْد في «الذَّيْل» .
وكان إمامًا، مناظرًا، وواعظًا، جوادًا، سَمْحًا، مَهيبًا.
كَانَ يروي الحديث، في وعْظه مِن حِفْظه. وكان السّلطان محمود يصدر عَنْ رأيه. وكان بالوزراء أشبه منه بالعلماء.
وقد درَّس ببغداد وناظر، وسمع مِن أَبِي عليّ الحدّاد.
يؤخَّر خمسين سنة.
54- محمد بْن عبد الكريم [6]
__________
[ () ] والمغني في الضعفاء 2/ 609 رقم 5774، وميزان الاعتدال 3/ 630 رقم 7882، ولسان الميزان 5/ 263 رقم 904.
[1] تحرّفت في (المغني) إلى «السمال» باللام، وكسر السين المهملة.
[2] وكان مولده في سنة 433 هـ-.
[3] وقال ابن الجوزي: «روى لنا عنه أشياخنا. وقال شيخنا أبو الفضل بن ناصر: لا تحلّ الرواية عنه لأنه كان كذّابا، ولم يكن عفيفا في دينه، وكان يكتب بخطّه سماعاته على الأجزاء، وقال:
كذلك كان أبوه، وجدّه، ولم يكن في عدالته بمرضيّ» . (المنتظم) .
وقال السلفي: هو من بيت الوعظ، وفي شيوخه كثرة، وسماعاته صحيحة. (لسان الميزان) .
[4] لم أجده.
[5] الخجنديّ: بضم الخاء المعجمة وفتح الجيم، وسكون النون، وفي آخرها الدال. هذه النسبة إلى خجند، وهي بلدة كبيرة، كثيرة الخير، على طرف سيحون من بلاد المشرق، ويقال لها بزيادة التاء: خجندة أيضا. (الأنساب 5/ 52) .
[6] انظر عن (محمد بن عبد الكريم) في: المنتظم 9/ 160، 161 رقم 260 (17/ 113 رقم(35/69)
بْن خُشَيْش [1] .
أبو سعْد [2] البغداديّ.
سمَعَ: أبا عليّ بْن شاذان، وغيره.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السّلفيّ، وشهدة، وأبو السّعادات القزّاز.
وسمع «جزء ابن عَرَفَة» مِن أَبِي مَخْلَد. وكان شيخًا صالحًا، صحيح السَّماع.
تُوُفّي في عاشر ذي القِعْدة، وله تسعٌ وثمانون سنة [3] .
55- محمد بْن يحيى بْن مُزَاحم [4] .
أبو عَبْد الله الأَشْبُونيّ [5] ، ثمّ الطُّلَيْطُليّ.
المقرئ، مصنَّف كتاب «النَّاهج» [6] في القراءات.
وقد رحل إلى مصر وأكثر السَّماع، وحمل عن القُضاعيّ وطبقته.
مات في أول السّنة.
وذكره أحمد بْن محمد بْن حرب المستملي أنّه قرأ عَليْهِ القرآن، وأنّه قرأ عَلَى أَبِي عَمْرو الدّانيّ.
56- محمد بْن يوسف بْن عَطّاف.
أبو عَبْد الله الأَزْدِيّ، قاضي المَرِيّة.
روى عَنْ: أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن مالك، وأبي عبد الله بن القزّاز،
__________
[3782] ، والإعلام بوفيات الأعلام 207، وسير أعلام النبلاء 19/ 240، 241 رقم 148، والمعين في طبقات المحدّثين 148 رقم 1607، والعبر 4/ 5، ومرآة الجنان 3/ 172، وشذرات الذهب 4/ 6.
[1] في (المعين) و (مرآة الجنان) : «حشيش» بالحاء المهملة.
[2] في (المنتظم) بطبعتيه: «أبو سعيد» .
[3] وقال ابن الجوزي: «روى عنه أشياخنا وكان ثقة خيّرا، صحيح السماع» . (المنتظم) .
[4] انظر عن (محمد بن يحيى) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 562، 563 رقم 1233، وغاية النهاية 2/ 277، 278 رقم 3530، وبغية الوعاة 1/ 114، 115، وإيضاح المكنون 2/ 617، وهدية العارفين 2/ 78، ومعجم المؤلفين 12/ 111.
[5] الأشبوني: بضم الهمزة، ثم سكون الشين المعجمة وضم الباء الموحّدة، وواو ونون. نسبة إلى أشبون مدينة بالأندلس يقال لها لشبونة وهي متصلة بشنترين قريبة من البحر المحيط.
(معجم البلدان 1/ 195) .
[6] في الأصل: «الباهج» .(35/70)
الفقيه. وغيرهما مِن علماء الأندلس.
وكان فقيهًا، مُدرّسًا، يُناظَر عَليْهِ، ويُجْتَمَعُ في علم الرّأي إِليْهِ.
أخذ عَنْهُ: أبو بَكْر بْن أسود، وعبد الرحيم بن الفرس، وأبو عَبْد الله بْن أَبِي يد، وأبو الحسن بن اللّواتيّ، وغيرهم.
تُوُفّي بالمَريّة.
57- مسعود بْن عثمان بْن خَلَف [1] .
أبو الخيار الشّْنتمَريّ.
رحل وَسَمِعَ من: أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن سلامة القضاعي.
وكان شيخا صالحا.
توفي بمرسية.
58- منصور بْن أحمد بْن الفضل بْن نصر بْن عصام [2] .
أبو القاسم المنْهاجيّ، الإسْفِزَاريّ [3] ، الفقيه الصّالح.
كَانَ ورِعًا، حَسَن السّيرة، ظهر لَهُ القبول التّامّ بالجبال ونواحيها، وبنى بهَمَذَان وغيرها خانقاهات، وكثُر عَليْهِ المريدون، وازدحَمَ، عَليْهِ النّاس، وتبرَّكوا بلقائه.
وكان قد تفقَّه بمَرْو عَلَى الإمام أَبِي المظفَّر السّمعانيّ، ولزِمه مدّة.
وسمع ببَغْشُور [4] «جامع التّرْمِذيّ» مِن أَبِي سعْد [5] محمد بْن عليّ البَغَويّ الدّبّاس.
وقُتِل فتْكًا عَلَى باب خانقاه المقرى بهمذان في شوّال [6] .
__________
[1] انظر عن (مسعود بن عثمان) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 618 رقم 1354.
[2] انظر عن (منصور بن أحمد) في: الأنساب 1/ 239، 240.
[3] الإسفزاري: بكسر الألف، وسكون السين المهملة، وكسر الفاء، وفتح الزاي، وفي آخرها الراء بعد الألف. هذه النسبة إلى إسفزار وهي مدينة بين هراة وسجستان.
[4] بغشور: بضم الشين المعجمة، وسكون الواو، وراء. بليدة بين هراة ومروالروذ. ويقال لها:
بغ أيضا. (معجم البلدان 1/ 467) .
[5] في الأنساب: «أبي سعيد» .
[6] جاء في الأنساب: قتل على باب جامع همذان فتكا في سنة نيّف عشرة وخمسمائة.(35/71)
- حرف الهاء-
59- هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيِّ بْن إبراهيم بْن سعْد الزّهريّ ابن المَوْصِليّ [1] .
أبو عَبْد الله، مِن أهل باب المراتب [2] ببغداد.
شيخ صالح، صحيح السَّماع.
سَمِعَ: عَبْد المُلْك بْن بِشْران، والحسين بْن عليّ بْن بطْحا.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَّنْماطيّ، وعبد الخالق اليُوسُفيّ، وابن ناصر، والسّلَفيّ، وخطيب المَوْصِل، وشهده، وآخرون.
وكان مولده في ربيع الأوّل سنة إحدى وعشرين وأربعمائة [3] ، وقيل في ربيع الآخر.
وتُوُفّي في شوّال.
60- هبة الله بْن محمد بْن بديع [4] .
الوزير أبو النّجْم الإصْبهانيّ.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وأبا طاهر بْن عَبْد الرحيم الكاتب، وإبراهيم سِبْط بحرُوَيْه، وغيرهم. وانتقى عَليْهِ الحافظ أحمد بْن محمد بْن شِيرَوَيْه.
روى عَنْهُ: أبو نصر اليُونَارتيّ، وأبو مسعود عَبْد الجليل كُوتاه، وأبو طاهر السّلَفيّ.
وقدم دمشق، ووَزَرَ بحلب لرضوان بْن تتش [5] .
__________
[1] انظر عن (هبة الله بن أحمد) في: المنتظم 9/ 161 رقم 262 (17/ 114 رقم 3784) ، وسير أعلام النبلاء 19/ 260 رقم 161.
[2] ولهذا يعرف بالمراتبي.
وجاء في المنتظم زيادة نسبة «البزدوي» .
[3] في المنتظم: «ولد سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة» . وزاد ابن الجوزي: «عمّر حتى انتشرت عنه الرواية» .
[4] انظر عن (هبة الله بن محمد) في: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 161، 163، وزبدة الحلب 2/ 129، 138، وتاريخ دمشق لابن عساكر، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 27/ 68 رقم 29.
[5] زبدة الحلب 2/ 129.(35/72)
ثمّ استوزره طُغتِكين أتابك مدّة، ثمّ صادره في هذا العام، وخُنِق، وأُلقيَ في جُبّ بقلعة دمشق.
وكان مولده في سنة ستٌّ وثلاثين وأربعمائة.
- حرف الياء-
61- يحيى بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن بِسطام [1] .
أبو زكريّا الشَّيْبانيّ، التّبْرِيزيّ، [2] الخطيب، اللُّغَويّ، أحد الأعلام في علم اللّسان.
رحل إلى الشّام، وقرأ اللّغة والأدب عَلَى أَبِي العلاء بْن سليمان بالمَعَرَّة، وعلى عُبَيْد الله بْن عليّ الرَّقيّ، وأبي محمد الدّهّان اللّغويّ.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن علي) في: الأنساب 3/ 21، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 46/ 345، واللباب 1/ 206، والكامل في التاريخ 10/ 473، والمنتظم 9/ 161- 163 رقم 263، (17/ 114- 116 رقم 3785) ، ودمية القصر للباخرزي 68، ومعجم الأدباء 20/ 25، ووفيات الأعيان 6/ 191- 195، ونزهة الألبّاء 270- 273، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 27/ 287، 288 رقم 160، وآثار البلاد وأخبار العباد 340، والإستدراك لابن نقطة (مخطوط) 1/ 69 ب، وإنباه الرواة، رقم 816، والمختصر في أخبار البشر 2/ 224، ومختصر دول الإسلام لابن العبري 2/ 22، وتلخيص ابن مكتوم 271، 272، والعبر 4/ 8، وسير أعلام النبلاء 19/ 269- 271 رقم 170، ودول الإسلام 2/ 31، والإعلام بوفيات الأعلام 207، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 257، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 241- 245، ومرآة الجنان 3/ 172، وتاريخ ابن الوردي 2/ 19، 20، والبداية والنهاية 12/ 171، والتاج المكلّل للقنوجي 148، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة 530، 531، والنجوم الزاهرة 5/ 197، وبغية الوعاة 2/ 338، وتاريخ الخلفاء 431، ومفتاح السعادة 1/ 117، وكشف الظنون 108، 992، وشذرات الذهب 4/ 5، والفلّاكة والمفلوكين 66، وهدية العارفين 2/ 519، وديوان الإسلام 2/ 15 رقم 581، وتاريخ الأدب العربيّ 1/ 71، ودائرة المعارف الإسلامية 4/ 567- 570، والأعلام 8/ 157، ومعجم المؤلفين 13/ 214، والبدر السافر (مخطوط) ورقة 230، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 5/ 39- 42 رقم 1340.
[2] التّبريزي: بكسر التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وسكون الباء الموحّدة وكسر الراء، وبعدها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها الزاي. هذه النسبة إلى تبريز وهي من بلاد أذربيجان. أشهر بلدة بها. (الأنساب 3/ 21) .(35/73)
وسمع بصور مِن سُلَيْم بْن أيّوب الفقيه [1] ، ومن عَبْد الكريم بْن محمد السَّيَّاريّ.
وسمع كُتُبًا عديدة أدّبته مِن أَبِي بَكْر الخطيب، ومن أَبِي ثمال، ومن ابن برهان.
وأقام بدمشق مدّة، ثمّ سكن بغداد وأقرأ بها اللُّغة.
روى عنه: أبو منصور موهوب بْن الجواليقيّ، وابن ناصر الحافظ، وسعْد الخير الأندلسيّ، وأبو طاهر السّلَفيّ، وأبو طاهر محمد بْن أَبِي بَكْر السّنْجيّ.
وقد روى عَنْهُ شيخه الخطيب في تصانيفه. وكان موثَّقًا في اللغة ونَقْلها.
تخرَّج عَليْهِ خلْق، وصنَّف «شرح الحماسة» [2] ، «وشرح ديوان المتنبّي» ، و «شرح سقط الزَّنْد» ، «وشرح السَّبْع قصائد المعلَّقات» ، وكتاب «تهذيب غريب الحديث» [3] .
وكانت لَهُ نسخة «بتهذيب اللُّغة» للأزهريّ فحمله في مِخْلاةٍ عَلَى ظهره مِن تِبْريز إلى المَعَرَّة [4] .
ودخل إلى مصر أيضًا، وأخذ عَنْ أَبِي الحَسَن طاهر بْن بابشاذ [5] ، وغيره.
__________
[1] أنشده سليم بيتين لابن فارس النحويّ بصور:
إذا كان يؤذيك حرّ المصيف ... ويبس الخريف وبرد الشتا
ويلهيك حسن زمان الربيع ... فأخذك للعلم قل لي متى؟
(تاريخ دمشق 46/ 345) .
[2] نشر بتحقيق محمد عبده عزّام، طبعة محمد علي صبيح، بالقاهرة. وللتبريزي ثلاثة شروح على الحماسة.
[3] ومن مؤلّفاته الأخرى: تفسير القرآن، وإعراب القرآن. وشرح اللمع لابن جنّي، والكافي في العروض والقوافي، وشرح المقصورة لابن دريد، وشرح المفضّليّات، وتهذيب إصلاح المنطق لابن السّكّيت، ومقدّمة في النحو، ومقاتل الفرسان. (انظر: معجم الأدباء 20/ 27، 28) .
[4] يحكى أنّ سبب رحلته إلى أبي العلاء المعرّي أنه حصلت له نسخة من كتاب «التهذيب» في اللغة للأزهري في عدّة مجلّدات لطاف، وأراد تحقيق ما فيها وأخذها عن رجل عالم باللغة، فدلّ على المعرّي، فجعل الكتاب في مخلاة وحملها على كتفه من تبريز إلى المعرّة، ولم يكن له ما يستأجر به مركوبا، فنفذ العرق من ظهره إليها فأثّر فيها البلل، وهي ببعض المكاتب الموقوفة ببغداد، وإذا رآها من لا يعرف خبرها ظنّ أنها غريقة، وليس بها سوى عرق الخطيب. (معجم الأدباء 20/ 26، 27، إنباه الرواة 2/ 515، وفيات الأعيان 6/ 1292) .
[5] بابشاذ: بسكون الباء الثانية والشين معجمة وذال معجمة. ومعناه: الفرح والسرور.(35/74)
ومن شِعْره:
خليلّي ما أحلى صُبُوحي بدجلةٍ ... وأطْيبُ منه بالصُّراة غُبُوقي
شربتُ عَلَى الماءين مِن ماء كَرْمةٍ ... فكانا كدُرّ ذائبٍ وعقيق
عَلَى قَمَري أفقٍ وأرض تَقَابلا ... فمن شائق حُلْو الهوى ومَشُوقِ
فما زلت أسقيه وأشرب رِيقَه ... وما زال يسقيني ويشرب ريقي
وقلت لبدر التّمّ: تعرفُ ذا الفتى؟ ... فقال: نعم، هذا أخي وشقيقي [1]
وممّا رواه عَنْ شيخه ابن نحرير مِن شِعْره:
يا نساء الحيّ مِن مُضَر ... إنّ سَلْمى ضَرّةُ القَمر
إنّ سلمى لَا فُجِعْتُ بها ... أسلمتْ طَرْفي إلى السَّهَر
فهي إنْ صدّتْ وإنْ وصلتْ ... مُهجتي منها عَلَى خطرِ
وبياضُ الشّعْر [2] أسكنها ... في سواد القلب والبصرِ [3]
كَانَ أبو زكريّا يُقرئ الأدب بالنّظامية.
وقال أبو منصور بْن مُحَمَّدُ بْن عَبْد المُلْك بْن خيرون: ما كانْ بَمْرضيّ الطّريقة، وذكر منه أشياء [4] .
__________
[1] وفيات الأعيان 6/ 193.
[2] في الأصل: «الثغر» .
[3] وفيات الأعيان 6/ 194.
ومن شعر الخطيب التبريزي:
فمن يسأم من الأسفار يوما ... فإنّي قد سئمت من المقام
أقمنا بالعراق على رجال ... لئام ينتمون إلى لئام
وكتب إليه العميد الفيّاض أبياتا أوّلها:
قل ليحيى بن عليّ ... والأقاويل فنون
غير أنّي لست من يكذب ... ذب فيها ويخون
أنت عين الفضل إن ودّ ... إلى الفضل عيون.
فكتب إليه التبريزي أبياتا أولها:
قل للعميد أخي العلا الفياض ... أنا قطرة من بحرك الفياض
شرّفتني ورفعت ذكري بالذي ... ألبستنيه من الثنا الفضفاض
ألبستني حلل القريض تفضّلا ... فرفلت منها في علا ورياض
(وفيات الأعيان 6/ 194- 196) .
[4] وهي أنه كان يدمن شرب الخمر، ويلبس الحرير والعمامة المذهّبة، وكان الناس يقرءون عليه(35/75)
توفّي في جمادى الآخرة لليلتين بقيتا منه.
وعاش إحدى وثمانين سنة.
وقال ابن نُقْطة: ثقة في علِمه، مخلّطًا في دينه، [لُعَبَة] [1] بلسانه.
وقيل إنّه تاب مِن ذَلِكَ [2] .
وقال ابن ناصر، عَنْ أَبِي زكريّا: التّبْريزيّ، بكسر التّاء.
62- يحيى بْن المفرّج [3] .
أبو الحُسَيْن اللَّخْميّ، المَقْدِسيّ، الفقيه، الشّافعيّ.
قاض الإسكندريّة.
تفقَّه عَلَى الفقيه نصر المقدسيّ، وحدَّث عنه.
__________
[ () ] تصانيفه وهو سكران.
قال ابن السمعاني: فذاكرت أبا الفضل محمد بن ناصر الحافظ بما ذكره ابن خيرون، فسكت وكأنه لم ينكر ذلك، ثم قال: ولكن كان ثقة في اللغة وما كان يرويه وينقله. وولّي ابن الخطيب تدريس الأدب بالنظاميّة، وخزانة الكتب بها، وانتهت إليه الرئاسة في اللغة والأدب، وسار ذكره في الآفاق، ورحل الناس إليه.
[1] في الأصل بياض. والمستدرك عن (الاستدراك لابن نقطة 1/ 69 ب) .
و «لعبة» : أبي يلعب بلسانه.
[2] وقال القزويني: كان أديبا فاضلا، كثير التصانيف. فلما بنى نظام الملك المدرسة النظامية ببغداد، جعلوا أبا زكريا خازن خزانة الكتب، فلما وصل نظام الملك إلى بغداد دخل المدرسة ليتفرّج عليها، وفي خدمته أعيان جميع البلاد ووجوهها، فقعد في المدرسة في محفل عظيم والشعراء يقومون ينشدون مدائحه والدعاة يدعون له. فقام رجل ودعا لنظام الملك وقال: هذا خير عظيم قد تمّ على يدك ما سبقك بها أحد، وكل ما فيها حسن إلا شيئا واحدا، وهو أن أبا زكريا التبريزي خازن خزانة الكتب، وأنه رجل به أبنة يدعو الصبيان إلى نفسه! فانكسر أبو زكريا انكسارا شديدا في ذلك المحفل العظيم، فلما قام نظام الملك قال لناظر المدرسة: كم معيشة أبي زكريا؟ قال: عشرة دنانير. قال: اجعلها خمسة عشر إن كان كما يقول لا تكفيه عشرة دنانير. فانكسر أبو زكريا من فضيحة ذلك المتعدّي، وكفاه ذلك كفّارة لجميع ذنوبه، ومن ذلك اليوم ما حضر شيئا من المحافل والمجامع حياء وخجالة. (آثار البلاد وأخبار العباد 340) .
[3] لم أجده.(35/76)
سنة ثلاث وخمسمائة
- حرف الألف-
63- أحمد بْن إبراهيم بْن محمد [1] .
الدّيَنَوريّ، ثمّ الدّمشقيّ.
سَمِعَ: رشأ بْن نظيف، وأبا عثمان الصّابونيّ، وجماعة.
سَمِعَ منه: أبو محمد بْن صابر.
64- أحمد بْن عليّ بْن أحمد [2] .
أبو بَكْر بْن العُلثِيّ [3] ، الحَنْبليّ، العَبْد الصّالح.
كَانَ أحد المشهورين بالصّلاح والزُّهْد، وإجابة الدّعوة. وظهر لَهُ قبولٌ زائد.
تفقَّه عَلَى القاضي أَبِي يَعْلَى، وحدَّث عَنْهُ بشيءٍ يسير.
روى عَنْهُ: عليّ بْن المبارك بْن الصُّوفيّ، وابن ناصر، وأبو طاهر محمد بْن أَبِي بكر السّنجيّ.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن إبراهيم) في: تاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 3/ 14، 15 رقم 17.
[2] انظر عن (أحمد بن علي العلثي) في: طبقات الحنابلة 2/ 255- 256 رقم 697، والمنتظم 9/ 163، 164 رقم 264 (17/ 117، 118 رقم 3786) ، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 104- 106 رقم 49، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 33، والبداية والنهاية 12/ 171، وشذرات الذهب 4/ 6.
[3] في الأصل: «العلبي» ، وكذا في شذرات الذهب.(35/77)
وكان في صباه يعمل في صنعة الجصّ والإسفيذاج، ويتنزّهُ عَنِ التّصوير [1] .
وورث مِن أَبِيهِ عقارا، فكان يبيع منه شيئا بعد شيء، ويتقوَّت بِهِ.
حجَّ في هذا العام، وتُوُفّي عشيّة عَرَفة بعَرَفَة مُحْرِمًا، فَحُمِل إلى مكّة، وطيف بِهِ، ودُفِن عند قبر الفُضَيْل بْن عياض.
وقيل: كان إذا حجّ يجيء إلى قبر الفُضَيْل، ويخطّ بعصاه، ويقول: يا ربّ هاهنا، يا ربّ هاهنا. فأتّفق أنّه مات ودُفن عنده، رحمهما الله [2] .
وروى عَنْهُ السّلَفيّ، وقال: كَانَ مِن زُهّاد بغداد، ومن القوّالين بالحقّ، والنّاهين عَنِ المنكر [3] .
65- أحمد بْن المظفَّر بْن الحُسَيْن بْن عَبْد الله بْن سوسن [4] .
أبو بكر البغداديّ، التّمّار.
__________
[1] طبقات الحنابلة 2/ 255.
وقال ابن أبي يعلى: وحكي لي أنه لما دخل إلى دار بعض السلاطين مكرها، مع جملة من الصّنّاع، أنه أدخل إلى بيت في دار تعمّر. وكان في البيت صور من الإسفيداج مجسّمة، فقيل له: تعمل في هذا البيت؟ فقال: نعم. فلما خرجوا عنه وخلا بنفسه أخذ الفأس، وعمد إلى الأداة التي تكون للصنّاع للعمل، وكسر الصّور كلّها بها. فلما جاء العرفاء ورأوا ما فعل استعظموا ذلك منه، وقيل له: كيف أقدمت على فعل هذا في دار هذا السلطان، وقد أنفق على هذه مالا؟ فقال: هذا منكر، والله أمر بكسره، والآن قد فعلت ما تعيّن عليّ من الإنكار، أو كلاما هذا معناه. فانتهى أمره إلى السلطان، وقيل له: هذا رجل صالح، مشهور بالديانة، وهو من أصحاب ابن الفرّاء. فقال: يخرج ولا يتكلّم، ولا يقال له شيء يضيق به صدره، ولا يجاء به إلى عندنا. فلما أخرج ترك عمل الجصّ، ولازم المسجد يقرئ القرآن، ويؤمّ الناس.
[2] طبقات الحنابلة 2/ 256، 257، الذيل 1/ 105.
[3] وقال ابن أبي يعلى: «وكان عفيفا لا يأخذ من أحد شيئا، ولا يطلب ولا يسأل أحدا حاجة لنفسه من أمر الدنيا، مقبلا على نفسه وشأنه، مشتغلا بعبادة ربّه، كثير الصوم والصلاة» (2/ 255) .
[4] انظر عن (أحمد بن المظفّر) في: المنتظم 9/ 164 رقم 265 (17/ 118 رقم 3687) ، والعبر 4/ 6، والإعلام بوفيات الأعلام 207، والمغني في الضعفاء 1/ 60 رقم 463، وميزان الاعتدال 1/ 157 رقم 622، وسير أعلام النبلاء 19/ 241، 242 رقم 149، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 255، ومرآة الجنان 3/ 173، ولسان الميزان 1/ 311، وشذرات الذهب 4/ 7.(35/78)
حدَّث عَنْ: أَبِي عليّ بْن شاذان، وأبي القاسم الحُرْفيّ [1] ، وأبي القاسم ابن بِشْران.
روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وابن سِلَفَهِ، وآخرون.
وكان ضعيفًا.
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ يُلحق سماعاته في الأجزاء. قاله شجاع الذُّهْليّ.
تُوُفّي في صَفَر، وله اثنتان وتسعون سنة [2] .
وقال عَبْد الوهاب الأنْماطيّ: هُوَ شيخ مقارِب [3] .
66- أَحْمَد بْن هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن المهتدي باللَّه [4] .
الخطيب، أبو تمّام ابن الغريق، الهاشميّ، البغداديّ.
سمع: جَدَّه القاضي أبا الحُسَيْن محمد بْن عليّ.
وحدَّث.
وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة. وكان مِن كبار المعدّلين.
روى عَنْهُ: السّلَفيّ.
67- إسماعيل بْن إبراهيم بْن العبّاس [5] .
أَبُو الفضل الحسيني، أخو أَبِي الْقَاسِم النسيب.
كان إماما كبير القدر، ولي قضاء دمشق وخطابتها بعد والده.
__________
[1] الحرفي: بضم الحاء المهملة وسكون الراء، وفاء. وقد تصحّفت إلى «الخرقي» في (لسان الميزان 1/ 311) .
[2] وهو ولد سنة 411 هـ-.
[3] وقال ابن الجوزي: روى عنه جماعة وحدّثنا عنه أشياخنا. قال شجاع بن فارس الذهلي: كان ضعيفا جدا، قيل له: بماذا ضعّفتموه؟ فقال: بأشياه ظهرت منه دلّت على ضعفه، منها أنه كان يلحق سماعاته في الأجزاء. (المنتظم) .
[4] لم أجده.
[5] انظر عن (إسماعيل بن إبراهيم) في: ذيل تاريخ دمشق 96، 97، 165، وتاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 4/ 339، 340 رقم 347، والوافي: بالوفيات 1/ 62، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 16.(35/79)
وسمع: أبا الحُسَيْن أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي نصر التّميميّ.
سَمِعَ منه: أبو محمد بْن صابر.
وتُوُفّي في صَفَر عَنْ ثلاثٍ وثمانين سنة [1] .
- حرف الحاء-
68- حمْد بْن الفضل بْن محمد [2] .
الإصبهانيّ، الخوّاص، أبو محمد.
تُوُفّي في ذي الحجة، وصلّى عَليْهِ القاضي أبو زُرْعة، واجتمع لجنازته خلْق كثير.
- حرف العين-
69- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن البقّال [3] .
أبو الكَرَم المقرئ، البغداديّ.
سَمِعَ: الحَسَن بْن المقتدر، وابن غَيْلان، وأبا طاهر محمد بْن عليّ العلّاف.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأنْماطيّ، وأبو بَكْر بْن النَّقُّور.
وتُوُفّي في ذي القِعْدة وله سبْعٌ وسبعون سنة.
70- عليّ بْن عليّ بن شيران [4] .
أبو القاسم الواسطيّ المقري، المجوّد للقراءات.
كَانَ حافظًا للقراءات، جيّد الأخْذ. قِدم بغداد في شعبان مِن السّنة.
وحدث عن: الحسن بن أحمد الغندجانيّ [5] .
__________
[1] مولده سنة 420 هـ-.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (علي بن علي) في: سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي 80 رقم 56، ومعرفة القراء الكبار 1/ 475، 476 رقم 418، ونكت الهميان 215، والجواهر المضيّة 2/ 584 رقم 986، وغاية النهاية 1/ 557 رقم 2279، وتبصير المنتبه 2/ 798، والطبقات السنية، رقم 1576.
[5] الغندجاني: بفتح الغين المعجمة، وسكون النون، وفتح الدال المهملة، وجيم بعدها ألف(35/80)
روى عَنْهُ: عليّ بْن أحمد اليَزْديّ [1] .
وقال سعْد الله بْن محمد الدّقّاق: كَانَ يميل إلى الاعتزال [2] .
71- عليّ بْن محمد بْن الحبيب بْن شمّاخ [3] .
أبو الحَسَن الغافقيّ.
مِن أهل مدينة غافق بالأندلس.
روى عَنْ: أبيه، والقاضي أبي عبد الله بن السّقّاط.
وكان مِن أهل المعرفة والنُّبْل والذّكاء. وُلّي قضاة بلده مدّة. وحُمِدت سيرته.
72- عُمَر بْن عبد الكريم [4]
__________
[ () ] ونون. نسبة إلى غندجان بلدة من كور الأهواز.
وفي (معجم البلدان) : بضم الغين المعجمة، وسكون النون، وكسر الدال المهملة. بليدة بأرض فارس.
[1] وقال خميس الحوزي: قد سمع معنا من أبي نعيم ابن أخي سكّرة، وأبي الحسن المغازلي، وسمع الغندجاني، وغيره، وقرأ على غلام الهرّاس العشرة، وخطّه معه بها. وهو الآن متصدّر بالجامع للإقراء، وله معرفة بفقه أبي حنيفة.
[2] قال المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في (معرفة القراء 1/ 476) : «وبقي إلى بعد العشرين وخمسمائة» .
وقال ابن الجزري: توفي سنة أربع وعشرين وخمسمائة. وكان مولده سنة إحدى وأربعين وأربعمائة. (غاية النهاية 1/ 557) .
يقول خادم العلم «عمر تدمري» .
بناء على ذلك ينبغي أن تحوّل هذه الترجمة وتؤخّر إلى الطبقة الثالثة والخمسين.
[3] انظر عن (علي بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 424 رقم 909.
[4] انظر عن (عمر بن عبد الكريم) في: الإكمال 7/ 99، والأنساب المتفقة (طبعة دار الكتب العلمية) ص 72، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 32/ 86، 87، و 9/ 355، 364 و 23/ 118 و 39/ 11، ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزي ج 8 ق 1/ 32، 33، مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 19/ 128- 130 رقم 38، والأنساب 6/ 179 و 9/ 238، والمنتظم 9/ 164 رقم 266 (17/ 118 رقم 3788) ، والمنتخب من السياق 370 رقم 1229، والتدوين في أخبار قزوين 3/ 449- 451، وذيل تاريخ نيسابور (مخطوط) ورقة 58 ب، ومعجم البلدان 2/ 492، واللباب 2/ 40 و 411، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 32- 33، والعبر 4/ 6، والمشتبه في الرجال 1/ 231، والإعلام بوفيات الأعلام 207، وسير أعلام النبلاء 19/ 317- 320 رقم 202، وتذكرة الحفاظ 4/ 1237، ومرآة الجنان 3/ 173، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ ورقة 254، والبداية والنهاية 12/ 171، 172، والوافي بالوفيات(35/81)
بْن سَعْدُوَيْه بْن وَهْمَت [1] .
أبو الفتيان الدّهسْتانيّ [2] ، الرَّوَّاسيّ [3] ، الحافظ، الرّحّال.
رحل إلى خُرَاسان، والعراق، والحجاز، والشّام، ومصر، والسّواحل.
وكأن أحد الحُفّاظ المبرّزين، حسن السّيرة، جميل الأمر. كتب ما لَا يوصف كثرةً.
وسمع: أبا عثمان الصّابونيّ، وأبا حفص بْن مسرور، وأبا الحُسَيْن عَبْد الغافر الفارسيّ، وطائفة.
وببغداد: أبا يَعْلَى بْن الفرّاء، وابن الَّنُّقور.
وبمَرْو، ومصر.
وسمع بِدِهِسْتان. أبا مسعود البَجَليّ وبه تخرَّج.
وسمع بحرّان: مُبادر بْن عليّ بْن مبادر.
روى عَنْهُ: شيخه أبو بَكْر الخطيب، وأبو حامد الغزاليّ، وأبو حفص عُمَر بْن محمد الْجُرْجانيّ، ومحمد بْن عَبْد الواحد الدّقّاق، وشيخه نصر المقدسيّ الفقيه، وهبة الله بْن الأكفانيّ، وإسماعيل بْن محمد التَّيْميّ الحافظ، ومحمد بْن أبي الحُسَيْن الجوينيّ، وآخرون، والسّلفيّ بالإجازة.
__________
[22] / 517 رقم 368، وملخص تاريخ الإسلام 7/ 54 أو 69 أ، وتبصير المنتبه 634، والنجوم الزاهرة 5/ 200، وطبقات الحفاظ 451، وشذرات الذهب 4/ 7، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 150، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 3/ 102، 103 رقم 807، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 135 رقم 1016.
[1] مهمت: بفتح الميم وسكون الهاء وفتح الميم الثانية، وتاء.
وجاء في المطبوع من (الإكمال 7/ 99) : وأبو الفتيان هو عمر بن محمد بن الحسن الدهستاني. وقال محقّقه: ومحمد بن الحسن ملحق في كتاب الأمير بغير خطه. وفي نسخة عمر بن أبي الحسن عبد الكريم بن ممّت.
وجاء في (تذكرة الحفاظ 4/ 1237) : «مهمّت» .
و «أقول» : كلّه لفظ فارسي وتركيّ لاسم «محمد» .
[2] الدّهستاني: بكسر الدال المهملة، وسكون السين، وفتح التاء. نسبة إلى دهستان، وهي بلدة مشهورة عند مازندان، وجرجان. (الأنساب 5/ 378) .
[3] الرّوّاسي: هذه النسبة بالراء المفتوحة وتشديد الواو. (الأنساب 6/ 172) وقيّدها في الأصل:
«الرؤاسي» .(35/82)
ودخل طوس في آخر عمره، وصحَّح عَليْهِ أبو حامد الغزاليّ «الصّحيحين» .
ثمّ خرجَ مِن طوس إلى مَرْو قاصدًا إلى الإمام أَبِي بَكْر السمعاني باستدعائه إيّاه، فأدركته المَنِيّة بسرخس، فتُوُفّي في ربيع الآخر كما هُوَ مؤرَّخ عَلَى بلاطة قبره.
قَالَ أبو جعفر محمد بْن أبي عليّ الهَمَذَانيّ الحافظ: ما رَأَيْت في تِلْكَ الدّيار أحفظ منه، لَا بل في الدّيار كلّها. كَانَ كَتّابًا، جوّالًا، دارَ الدّنيا لطلب الحديث. لقِيتُه بمكّة، ورأيت الشّيوخ يثُنون عَليْهِ ويُحسنون القول فيه. ثمّ لقِيتُه بجُرجان، وصار مِن إخواننا.
وقال أبو بَكْر بْن السّمعانيّ: قَالَ لي إسماعيل بْن محمد بْن الفُضَيْل بإصبهان: كَانَ عُمَر خرّيج أبي مسعود البَجَليّ. سمعته يَقُولُ: دخل أبو مسعود دِهستان، فأشترى مِن أَبِي رأسًا، ودخل المسجد يأكله. فبعثني والدي إِليْهِ، فقال لي: تعرف شيئًا؟ فقلت: لَا. فقال لوالدي: سلَّمه إليَّ فسلّمني أبي إِليْهِ، فحملني إلى نَيْسابور، وأفادني، وانتهى أمري إلى حيث انتهى [1] .
وقال خُزَيْمَة بْن عليّ المَرْوَزِيّ الأديب: سقطت أصابعُ عُمَر الرَّوَّاسيّ في الرحلة مِن البرد الشّديد.
وقال الدّقّاق في رسالته: إنّ عُمَر حدَّث بطوس «بصحيح مُسْلِم» مِن غير أصله، وهذا أقبح شيء عند المحدثين. وحدَّثني أنّ مولده بدِهستان سنة ثمانٍ وعشرين وأربعمائة. وأنّه سَمِعَ منه هبة الله بْن عبد الوارث الشّيرازيّ في سنة ستّ وخمسين وأربعمائة.
قَالَ ابن نقطة في كتابه «الاستدارك» : سَمِعْتُ غير واحدٍ مِن أهل العِلْم، أنّ أبا الفتيان سَمِعَ مِن ثلاثة آلاف وستّمائة شيخِ.
وقال الرَّوَّاسيّ: أريد أن أخرج إلى مَرْو وسرخس عَلَى الطّريق، وقد قِيلَ إنّها مقبرة العِلْم، فلا أدري كيف يكون حالي بها.
__________
[1] انظر الرواية بأطول مما هنا في (الأنساب 6/ 173) .(35/83)
قَالَ الراوي: فبَلَغَنَا أنّه تُوُفّي بها.
قَالَ ابن طاهر [1] ، وغيره: الرَّوَّاسيّ نسبة إلى بيع الرءوس.
وقال ابن ماكولا: [2] كتب الرَّوَّاسيّ عني، وكتبت عَنْهُ، ووجدته ذكيّا.
وقال السّمعانيّ: سَمِعْتُ أبا الفضل أحمد بْن محمد السّرْخَسيّ يَقُولُ: لمّا قِدم عُمَر بْن أَبِي الحَسَن الرَّوَّاسيّ سرخس روى بها وأملى. حضر مجلسه جماعة كثيرة فقال: أَنَا أكتب أسماء الجماعة عَلَى الأصل بخطّي. وسأل الجماعة وأثبت، ففي المجلس الثّاني حضرت الجماعة، فأخذ القلم وكتب أسماءهم كلّهم عَنْ ظهر قلب، بحيث ما احتاج أن يسألهم. أو كما قَالَ.
ثمّ سَمِعْتُ محمد بْن محمد بْن أحمد يَقُولُ: حضرت هذا المجلس، وكان الجمْع اثنان وسبعون نفسا [3] .
وقال عبد الغافر بْن إسماعيل [4] : عُمَر بْن أَبِي الحَسَن الرَّوَّاسيّ، مشهور، عارف بالطُّرُق. كتب الكثير، وجمع الأبواب، وصنَّف، وكان سريع الكتابة.
وكان عَلَى سيرة السَّلَف، مُقِلًا، مُعيلًا. خرج مِن نَيْسابور إلى طوس، فأنزله الغزاليّ عنده وأكرمه، وقرأ عليه «الصّحيح» ، ثمّ شرحه [5] .
__________
[1] في الأنساب المتفقة 72.
[2] في الإكمال 7/ 99: «كتبت عنه وكتب عني شيئا صالحا، ووجدته ذكيا يصلح إن تشاغل» .
[3] في سير أعلام النبلاء 19/ 319 «فقيل: كانوا سبعين نفسا» .
[4] في المنتخب من السياق 370.
[5] وقال ابن عساكر: سمع فأوسع، وكتب الكثير، وجاب الآفاق، وقدم دمشق ... وسمع بمصر، وبهمذان، ونيسابور، وحدّث بدمشق، وصور، ثم رجع إلى بلده، وحدّث بخراسان. روى عنه أبو بكر الخطيب، وأبو محمد الكتاني، ونصر بن إبراهيم الزاهد وهم من شيوخه، ومحمد بن عبد الواحد الدقاق الأصبهاني. وحدّثنا عنه أبو محمد الأكفاني، وسمع منه بدمشق. (تاريخ دمشق 19/ 128- 130) .
وقال ابن السمعاني: طاف الدنيا شرقا وغربا، وأدرك الأسانيد العالية، ورأيت معجم شيوخه في قريب من عشرين جزءا، وكانت له معرفة تامة بالحديث، وارتحل إلى العراق، والحجاز، واليمن، والشام، والسواحل، وديار مصر، وخراسان. سمع بدهستان أبا مسعود أحمد بن محمد بن عبد الله البجلي الرازيّ وعليه تخرّج في علم الحديث، وببغداد، وبمكة، وبمصر، وبصور أبا بكر أحمد بن علي بن ثابت، وبدمشق، وبشيراز، وبقزوين، وبنيسابور، وبسرخس، وطوس، ومرو، وفو، وحدّث بالكثير، وأملى، وأفاد واستفاد ... رأيت بخطّه كتاب «الترهيب(35/84)
- حرف الميم-
73- مُحَمَّد بْن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سَنْدَة [1] .
الإصبهانيّ، المطرّز، أبو سعْد، خازن الرئيس أَبِي عَبْد الله.
سَمِعَ: الحُسَيْن بْن إبراهيم الجمّال، وأبا نُعَيْم، أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه الحافظ، وأبا عليّ بْن يزداد غلام محسّن، وأبا الحَسَن بْن عَبدكَويْه، ومحمد بْن عبد الله العطّار.
كنيته أبو سعْد.
وُلِد في ربيع الأوّل سنة إحدى عشرة وأربعمائة.
روى عنه: أبو طاهر السّلفّي، وسعد الخير الأندلسيّ، وأبو طاهر محمد ابن محمد السّنْجيّ، وجماعة مِن الإصبهانيّين.
وروى عنه حضورًا الحافظ أبو موسى المَدِينيّ وقال: تُوُفّي في الثّاني
__________
[ () ] عن القراء الفسقة والتحذير عن العلماء السوء» من جمعه. (التدوين في أخبار قزوين 3/ 449- 451) .
وذكر ابن عساكر أنه أنشد أبياتا لغيره:
إنّي لما أنا فيه من منافستي ... فيما شغفت به من هذا الكتب
لقد علمت بأنّ الموت يدركني ... من قبل أن ينقضي من جمعها أربي
وليس ينفعني مما حوته يدي ... شيء من الفضّة البيضاء والذهب
ولا أؤمّل زادا للمعاد سوى ... علم عملت به وأفتي بأبي.
(تاريخ دمشق، مرآة الزمان) .
ويقول خادم العلم محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :
إنّ الدهستاني دخل أيضا: طرابلس، وصيدا، وبيروت، مع صور. فهو يروي عن: مُحَمَّد بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن أبي العيش القاضي الجمحيّ الأطرابلسي، وقد أخذ عنه بطرابلس. وروى عن أخيه عبد الرحمن بن علي بن أبي العيش المتوفى سنة 464 هـ-.
وعن الحسن بن أحمد بن الحسن الصيداوي البزّاز.
وعن الحسن بن أحمد بن عبد الله الديباجي العثماني الّذي حدّث ببيروت. وكتب عن رفيقه الحسن بن أحمد بن عبد العزيز التبريزي الفارسيّ الّذي حدّث ببيروت أيضا.
(انظر كتابنا: موسوعة علماء المسلمين ... (القسم الثالث) ج 3/ 103) .
[1] انظر عن (محمد بن أبي عبد الله) في: الإعلام بوفيات الأعلام 207، وسير أعلام النبلاء 10/ 254، 255 رقم 157، والمعين في طبقات المحدّثين 148 رقم 1608، وفيه:
«محمد بن أحمد» ، والعبر 4/ 7، ومرآة الجنان 3/ 173 وفيه: «المطرز بن محمد» ، والوافي بالوفيات 1/ 121، والنجوم الزاهرة 5/ 200، وشذرات الذهب 4/ 7.(35/85)
والعشرين من شوّال سنة ثلاثٍ، وهو أوّل من حضرت عنده للسّماع.
قَالَ السّمعانيّ: ثقة، صالح.
وقال السّلَفيّ في «معجمه» : كَانَ في الفضل عَلَى غاية من الجلالة، قرأنا عليه عن غلام محسّن، وابن مُصْعَب، وجماعة. وقرأتُ عَليْهِ القرآن، عَنْ أَبِي بَكْر بْن البقاء المقرئ صاحب أَبِي عليّ بْن حَبَش، وغيره.
خرَّج له غانم بن محمد الحافظي خمسة أجزاء، سمعناها.
74- محمد بْن عبد الحميد بْن عَبْد الرَّحْمَن [1] .
أبو بكر الْقُرَشِيّ، الزُّهْرِيّ، الْبُخَارِيّ.
كَانَ فقيهًا، صالحًا، مُسِنًا، خيّرًا. سمّعه أَبُوهُ مِن جماعة مِن المتقدّمين، وعُمَّر حتّى حدّث وأملى.
وتوفّي في رجب، وله ثمانون سنة.
75- محمد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد [2] .
أَبُو عَبْد الله الطُّلَيْطُليّ.
سَمِعَ مِن: عَبْد الرَّحْمَن بْن سَلَمَة، وقاسم بْن هلال، وأبي الوليد الباجي.
وولي خطابة فاس، ثمّ سَبْتَة.
وكان أعمى، صالحًا.
تُوُفّي خطيبًا بسَبْتَة في المحرَّم.
76- محمد بْن عَبْد العزيز بْن السّنْدِوانيّ [3] .
أَبُو طاهر البَغْدَادِيّ، شيخ صالح من أهل نهر الدّجاج.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (محمد بن علي) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 567 رقم 1247.
[3] انظر عن (محمد بن عبد العزيز) في: الأنساب 7/ 168، ومعجم البلدان 3/ 268، واللباب 2/ 148.
و «السّندواني» : بكسر السين المهملة، وسكون النون، وكسر الدال المهملة أيضا، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى السندية، وهي قرية على الفرات بنواحي بغداد، (الأنساب) .
وقال ياقوت: قرية من قرى بغداد على نهر عيسى بين بغداد وبين الأنبار، ينسب إليها سندواني، كأنّهم أرادوا الفرق بين النسبة إلى السند والسندية.(35/86)
حدَّث عَنْ: أَبِي الحَسَن القَزْوينيّ، وأبي إِسْحَاق البرمكيّ.
روى عَنْهُ: أبو طَالِب بْن خُضَيْر.
وتوفّي في ربيع الأوّل [1] .
77- المُحَسَّر بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحُسَيْن [2] .
أَبُو طاهر الإسكاف، الإصبهانيّ.
حدَّث «بالمعجم الكبير» للطّبَرانيّ عَنْ: ابن أَبِي الحُسَيْن بْن فاذشاه.
قَالَ مَعْمَر، وغيره: مات فِي ربيع الآخر.
- حرف الهاء-
78- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عليّ [3] .
أبو المعالي الكرماني، [4] ويُعرف بابن المطَّلب الوزير.
وَزَرَ للخليفة مدة.
وسمع من: أبي الحسين بن المهتدي باللَّه.
وما كأنّه حدّث.
ولد سنة أربعين [5] وأربعمائة، وتوفّي في ثاني شوّال.
وكان كاتبًا مجيدًا حاسبًا بارعًا، تفرَّد في زمانه بعلم الديوان والتَّصَرُّف.
ومدة وزارته سنتان وأربعة أشهر.
وكان ذا برّ ومعروف وجلالة.
__________
[1] ووقع في (اللباب 2/ 148) : توفي في ربيع الآخر سنة ثلاثين وخمسمائة! وهو خطأ.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (هبة الله بن محمد) في: المنتظم 9/ 165 رقم 268 (17/ 119 رقم 3790) .
[4] الكرماني: بكسر وقيل بفتحها، وسكون الراء، وفي آخرها النون. (الأنساب 10/ 400) .
[5] في الأصل: «أربعة» وهو وهم.(35/87)
سنة أربع وخمسمائة
- حرف الألف-
79- أحمد بْن أَبِي الفتح عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن القاسم [1] .
أبو العبّاس الإصبهانيّ، الخِرَقيّ [2] .
سَمِعَ: ابن رِيذة، وأبا القاسم بْن أَبِي بَكْر الذَّكْوانيّ، ومحمد بْن أحمد بْن عَبْد الرحيم الكاتب، وغيرهم.
روى عنه: ابنه أبو الفتح عَبْد الله، والحافظ أبو موسى المَدِينيّ، وجماعة.
تُوُفّي في السّابع والعشرين مِن ذي القِعْدة. نعم.
روى عَنْهُ السّلَفيّ، وجماعة مِن شيوخ ابن اللّتّيّ الّذين بالإجازة.
وخرق: موضع بإصبهان.
قَالَ السلفي: كَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ ببغداد مِن أَبِي عليّ بْن شاذان مَعَ سليمان الحافظ [3] .
80- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه [4] .
أبو المكارم بْن السُّكّري، الكاتب، البغداديّ.
سَمِعَ: الحَسَن بن المقتدر باللَّه.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن أبي الفتح) في: الأنساب 5/ 91، 92.
[2] الخرقي: بكسر الخاء المعجمة، وفتح الراء، وفي آخرها القاف. هذه النسبة إلى بيع الثياب والخرق، منهم جماعة ببغداد وأصبهان.
[3] وقال ابن السمعاني: سمعت منه بأصبهان، وقرأت عليه «الأربعين» التي جمعها أبو عبد الرحمن السلمي، بروايته عن ابن يونس، عنه.
[4] انظر عن (أحمد بن محمد السكّري) في: المنتظم 9/ 166 رقم 269 (17/ 121 رقم 3791) .(35/88)
روى عنه: عَبْد الوهّاب الأنْماطيّ، وغيره، والسّلَفيّ [1] .
81- إسماعيل بْن عَبْد الغافر بْن محمد بْن عَبْد الغافر بْن أحمد [2] .
أبو عَبْد الله ابن الشّيخ أَبِي الحُسَيْن الفارسي، ثمّ النَّيْسابوريّ.
زوج بِنْت القُشَيْريّ.
سَمِعَ في صباه مِن: أَبِي حسّان محمد بْن أحمد المُزَكّيّ، وأبا سعْد عَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان النَّصرويّ، وأحمد بن محمد بن الحارث النّحويّ، ومحمد ابن عَبْد العزيز النّيْليّ.
ورحل سنة ثلاثٍ وخمسين، وبقي يطوف عشر سنين في خوزستان وفارس. وكتب قريبًا مِن ألف جزء بخطّه.
وسمع ببغداد: عَبْد الصّمد بْن المأمون، وقبله أبا محمد الجوهريّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: عَبْد الله بْن الفَرَاويّ، وعبد الخالق بْن الشّحّاميّ، وأبو شجاع عُمَر البِسْطاميّ، وأمّ سَلَمَة، والحافظ عبد الغافر، وعمر بْن الصَّفّار، وأبو بَكْر التّفْتَازانيّ، وطائفة سواهم.
وتُوُفيّ فِي ذي القعدة.
وكان مولده في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ فاضلًا، عالمًا، لم يفتر من السّماع والتّحصيل [3] .
__________
[1] ومولده سنة 425 هـ-.
[2] انظر عن (إسماعيل بن عبد الغافر) في: المنتظم 9/ 166 رقم 270 (17/ 121 رقم 3792) وفيه: «إسماعيل بن محمد بن عبد الغافر» ، والمنتخب من السياق 149 رقم 340، والعبر 4/ 7، ومرآة الجنان 3/ 173، وسير أعلام النبلاء 19/ 262، 263 رقم 163، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 260، 261، وشذرات الذهب 4/ 7، 8.
[3] وقال عبد الغافر الفارسيّ: الزكيّ، العدل، الرضي، الثقة، شيخ مرضيّ الطريقة، نقيّ السيرة والسريرة، من بيت العدالة.
كان أسلافه المتقدّمون من رؤساء فارس ببلدة فسا. وكان أبوه ابن سبعين سنة قد يئس أن يولد له فاستبشر بذلك وسمّاه إسماعيل تأسّيا بالخليل عليه السلام إذ قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ 14: 39 [سورة إبراهيم، الآية 39] .
وأحضر مجالس الصدور والمشايخ.. (المنتخب) .(35/89)
- حرف الحاء-
82- الحُسَيْن بْن عليّ [1] .
أبو عَبْد الله بْن الحبّال، الحنبليّ، المقرئ.
سَمِعَ: أبا محمد الخلّال، والغسّانيّ.
مات في ذي القِعْدة.
83- حمزة بْن محمد بْن عليّ [2] .
أبو يَعْلَى، أخو طِراد الزَّيْنَبيّ، الهاشميّ.
تُوُفّي في رجب، في سادس عشره.
قَالَ السّلَفيّ: كَانَ أبو يعلى جليل القدر. ولد سنة سبع وأربعمائة. وروى لنا عن أَبِي العلاء الواسطيّ، وأبي محمد الخلّال. وذكر لي أنّه قرأ «الفصيح» عَلَى عليّ بْن عيسى الرَّبَعيّ.
قلت: وكذا ورّخ ابن السّمعانيّ مولده، ولو أنّ حمزة سُمّع في صغره مثل أخيه طِراد، لسَمِعَ مِن أَبِي الحُسَيْن بْن بِشْران، وهلال الحفّار، ولصار مُسْنَد الدُّنيا في عصره، وأنا أتعجّب كيف لم يسمّعوه؟ [3] .
قَالَ السّلَفيّ: قَالَ لي أبو يَعْلَى: قد سَمِعْتُ عَلَى القاضي أبا الحُسَيْن التَّوَّزيّ، وأبي الحسن بن قبيس المالكيّ. وتموَّل الوزير ابن أَبِي الرّيّان عَلَى حملي إلى أَبِي الحَسَن بْن الحمّاميّ المقرئ، فلم يتّفق ذَلِكَ، ولا سَمِعْتُ منه.
قلت: عاش سبعا وتسعين سنة.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (حمزة بن محمد) في: العبر 4/ 8، وسير أعلام النبلاء 19/ 352، 353 رقم 208، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 261، والوافي بالوفيات 13/ 184 رقم 213، والنجوم الزاهرة 5/ 202 (في المتوفين 504 هـ-.) ، وشذرات الذهب 4/ 8.
[3] وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في (سير أعلام النبلاء 19/ 325) : «وأنا أتعجّب من هذا.
كيف لم يسمع من أبي الحسين بن بِشْران، وأبي عليّ بن شاذان؟» .(35/90)
- حرف العين-
84- عَبْد الغفّار بْن عَبْد المُلْك بْن عَبْد الغفار [1] .
أبو منصور البصْريّ الأديب، مِن شيوخ هَمَذَان. ثقة صدوق.
لَهُ رحلة إلى بغداد.
سمع من: أبي الحسين ابن الَّنُّقور، وطبقته.
تُوُفّي في رجب.
وقد روى اليسير.
85- عَبْد المنعم بْن عليّ بْن أحمد بْن الغَمْر [2] .
أبو القاسم الكِلابيّ، الدّمشقيّ، الورّاق، المعروف بالمُدَيد.
سَمِعَ: أبا عَبْد الله بْن سلْوان، وأبا القاسم بْن الفُرات، وأبا عليّ الأهوازيّ، ورشأ بْن نظيف، وأبا الحُسَيْن بْن أَبِي نصر، وجماعة.
روى عَنْهُ: الصّائن هبة الله بْن عساكر، وأبو المعالي بْن صابر، وغيرهما.
وكان مولده في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة.
وأوّل سماعه بعد الأربعين.
وتوفي في ثامن ذي القِعْدة. فذكر ابن الأكفانيّ أنّه نزل في بركة حمّام حارّة فمات.
86- عَبْد الوهاب بْن هبة اللَّه بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ [3] .
أبو الفَرَج السّيِبيّ [4] ، ثمّ البغداديّ.
كَانَ يعرف النَّحْو واللُّغة، وأدّب أولاد الخليفة [5] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (عبد الوهاب بن هبة الله) في: المنتظم 9/ 167 رقم 272 (17/ 122 رقم 3794) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 37.
[4] السّيبي: بكسر السين المهملة وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها الباء المنقوطة بواحدة. هذه النسبة إلى سيب. قال ابن السمعاني: وظنّي أنها قرية بنواحي قصر ابن هبيرة. (الأنساب 7/ 215) .
[5] وقال ابن الجوزي إنّ المقتفي روى عنه الحديث. (المنتظم) .(35/91)
سَمِعَ: أبا محمد الصَّريْفينيّ.
تُوُفّي في المحرَّم، وقد جاوز الثّمانين، في طريق الحجّ، ودُفِن بالمدينة المنورة.
87- عليّ بْن الحُسَيْن بْن المبارك [1] .
أبو الحَسَن، ابن أخت المَزْرَفيّ [2] . إمام مسجد درب السّلْسلة.
كَانَ إمامًا فاضلًا، حسن الإقراء، ختم عَليْهِ خلْق.
وكان قد قرأ عَلَى: أبي بكر الخيّاط، وأبي عليّ بن البنّاء، وغيرهما.
قرأ عَليْهِ القرآن سعْد الله الدّقّاق وقال: كَانَ أوحد عصره في حُسن الأداء، والقراءة الحَسَنة، والنَّغَمة الطّيّبة. وما كَانَ لسانه يفتر عَنْ ذِكر الموت.
تُوُفّي في ربيع الآخر.
88- عليّ بن محمد بن عليّ [3] إلكيا [4] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] المزرفي: بفتح الميم وسكون الزاي، وفتح الراء، وفي آخرها الفاء. هذه النسبة إلى المزرفة، وهي قرية كبيرة بغربي بغداد على خمسة فراسخ منها. (الأنساب، معجم البلدان) .
[3] انظر عن (الكيا الهراسي) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 365، و (تحقيق سويم) 30، والمنتخب من السياق 396 رقم 1344، وتبيين كذب المفتري 288، والمنتظم 9/ 167 رقم 273 (17/ 122 رقم 3795) ، والكامل في التاريخ 10/ 484، وذيل تاريخ نيسابور (مخطوط) 1/ 72 أ، ووفيات الأعيان 3/ 286- 290، ومعجم الألقاب 2/ 791، ودول الإسلام 2/ 33، والمعين في طبقات المحدّثين 149 رقم 1610، والإعلام بوفيات الأعلام 207، وسير أعلام النبلاء 19/ 350- 352 رقم 207، وتاريخ ابن الوردي 2/ 20، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 197، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 256، 257، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 37، 38، والوافي بالوفيات 2/ 520- 522، والبداية والنهاية 12/ 172، 173، ومرآة الجنان 3/ 173- 177، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 295، 296، رقم 257، والوفيات لابن قنفذ 265 والتاج المكلّل للقنوجي 81، والنجوم الزاهرة 5/ 201، 202، وتاريخ الخلفاء 431، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 191، وكشف الظنون 423، 1056، وشذرات الذهب 4/ 8- 10، وهدية العارفين 1/ 694، وديوان الإسلام 1/ 57، 58 رقم 56، والأعلام 5/ 149، ودائرة معارف الأعلمي 22/ 313، ومعجم المؤلفين 7/ 220، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 233.
وله ذكر في: طبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح 2/ 643 في ترجمة سميّه: «علي بن محمد بن علي الطبري الآملي» رقم 243.
[4] الكيا: بكسر الهمزة وسكون اللام وكسر الكاف.(35/92)
أبو الحَسَن الهرّاسيّ، الطَّبَرِسْتانيّ، الفقيه الشّافعيّ، عماد الدين.
تفقَّه بنَيْسابور مدّةً عَلَى إمام الحرمين، وكان مليح الوجه، جهْوريّ الصّوت، فصيحًا، مطبوع الحركات، زكيّ الأخلاق.
ثمّ خرج إلى بيْهق، فأقام بها مدّة، ثمّ قِدم العراق، وولي تدريس النّظاميّة ببغداد إلى أن تُوُفّي. وحظي بالحشمة والجاه والتّجمُّل، وتخرَّج بِهِ الأصحاب.
وروى شيئًا يسيرًا عَنْ أَبِي المعالي، وغيره.
روى عنه: سعْد الخير الأنصاريّ، وعبد الله بْن محمد بْن غلّاب الأنباريّ، وأبو طاهر السّلَفيّ.
وكان يستعمل الحديث في مناظراته.
وإلْكِيا: بالعجميّ هُوَ الكبير القدْر، المُقدَّم.
تُوُفّي أوّل المحرَّم [1] .
__________
[1] قال عبد الغافر الفارسيّ: الإمام البالغ في النظر مبلغ الفحول، كان حسن الوجه، مطابق الصوت للنظر، مليح الكلام، محصّل طريقة إمام الحرمين وتخرّج به. (المنتخب 396) .
وقال ابن عساكر: وصار من وجوه الأصحاب ورءوس المعيدين في الدرس، وكان ثاني الغزالي، بل أملح وأطيب في النظر والصوت وأبين في العبارة والتقرير منه، وإن كان الغزالي أحدّ وأصوب خاطرا، وأسرع بيانا وعبارة منه، وهذا كان يعيد الدرس على جماعة حتى تخرّجوا به، وكان مواظبا على الإفادة والاستفادة، ثم اتصل بعد موت إمام الحرمين بمجد الملك في زمان بركياروق، وحظي عنده، ثم خرج إلى العراق وأقام مدّة يدرّس ببغداد في المدرسة النظامية إلى أن توفي فيها.
وقال أبو الفضل محمد بن محمد بن محمد بن عطاف الموصلي الفقيه ببغداد: شهدت دفن الكيا رحمه الله في تربة الشيخ أبي إسحاق الشيرازي رحمه الله، وحضر دفنه الشريف أبو طالب الزينبي، وقاضي القضاة أبو الحسن بن الدامغانيّ، وكان مقدّمي أصحاب أبي حنيفة رحمه الله، وكان بينه وبينهما منافسة في حال حياته، فوقف أحدهما عند رأس قبره، والآخر عند رجليه، فقال ابن الدامغانيّ متمثّلا:
وما تغني النوادب والبواكي ... وقد أصبحت مثل حديث أمس
وأنشد الزينبي متمثّلا:
عقم النساء فما يلدن شبيهه ... إنّ النساء بمثله عقم
ورثاه أبو محمد المرتدي الخطيب بقصيدة أوّلها:
قف بالديار مسائلا أطلالها ... مستعلما عن رسمها أحوالها
إن كان يعلم ما يقول معاهد ... درست وخيّمت الخطوب خلالها(35/93)
وكان مولده في سنة خمسين. وأربعمائة.
وقد رُمي إلْكِيا، رحمه الله، بأنّه يرى في المناظرة رأيَ الإسماعيلية، وليس كذلك، بل وقع الاشتباه على القائل بأنّ صاحب الأَلمُوت ابن الصّبّاح يلقَّب بإلْكِيا أيضًا. فافهم ذلك، وأمّا الهراسيّ فبريء من ذلك [1] .
__________
[ () ]
وعفا معارفها وغير رسمها ... ريح تجرّ على الثرى أذيالها
طورا وطورا عارض متهلّل ... كمدامعي لما رأت ترحالها.
(تبيين كذب المفتري 289، 290) .
وقال القزويني إن الكيا دخل ديوان الخليفة والقاضي أبو الحسن الدامغاني (في المطبوع من آثار البلاد: اللمغاني) كان حاضرا ما قام له، فشكا إلى الخليفة الناصر لدين الله، فقال الخليفة:
إذا دخل القاضي أنت أيضا لا تقم له! ففعل ذلك ونظم هذين البيتين:
حجاب وحجّاب وفرط حماقة ... ومدّ يد نحو العلى بالتكلّف
فلو كان هذا من وراء تكلّف ... لهان، ولكن من وراء التخلّف
فشكا القاضي إلى الخليفة، فأمر الكيا أن يمشي إليه ويعتذر، فقال الكيا: والله لأمشين على وجه يودّ لو كنت لم أمش! فلما وصل إلى باب دار القاضي أخبر القاضي بأن الكيا جاء إليه، فقام واستقبله وواجهه بالكلّية، قال الكيا: حفظ الله الخليفة، فإنه تارة يشرّفنا وتارة يشرف بنا! فانكسر ابن الدامغانيّ انكسارا شديدا. فلما مات الكيا وقف ابن الدامغانيّ عند دفنه وقال:
فما تغني النوادب والبواكي ... وقد أصبحت مثل حديث أمس
(آثار البلاد 405، 406) .
[1] وقال ابن الجوزي: وكان حافظا للفقه، كان يعيد الدرس في ابتدائه بمدرسة نيسابور على كل مرقاة من مراقي مسمع مرة، وكانت المراقي سبعين، وسمع الحديث، وكان فصيحا جهوريّ الصوت، ودرّس بالنظاميّة ببغداد مدة، واتّهم برأي الباطنية، فأخذ، فشهد له جماعة بالبراءة من ذلك، منهم أبو الوفاء بن عقيل. (المنتظم) .
وقال السبكي: ومن غريب ما اتفق له أنه أشيع أن الكيا باطنيّ يرى رأي الإسماعيلية، فتمت له فتنة هائلة وهو بريء من ذلك، ولكن وقع الاشتباه على الناقل، فإنّ صاحب الألموت ابن الصباح الباطني الإسماعيلي كان يلقّب بإلكيا أيضا، ثم ظهر الأمر، وفرجت كربة شيخ الإسلام رحمه الله، وعلم أنه أتي من توافق اللقبين. (طبقات الشافعية الكبير 7/ 233) .
وقال المؤلف الذهبي- رحمه الله- في سير أعلام النبلاء 19/ 352: «وصنّف كتابا في الردّ على مفردات الإمام أحمد، فلم ينصف فيه» .
وقد استفتاه الحافظ السلفي ببغداد سنة 495 هـ-. في مسألة فقهية.
كما سئل الكيا عن يزيد بن معاوية، فقال فيه بخلاف ما قال الإمام الغزالي. (انظر: وفيات الأعيان 6/ 287، 288) .
وكان في خدمته بالمدرسة النظامية أبو إسحاق إبراهيم بن عثمان الغزّي الشاعر، فرثاه بأبيات أولها:
هي الحوادث لا تبقي ولا تذر ... ما للبريّة من محتومها وزر
(تاريخ دمشق) .(35/94)
قَرَأْتُ عَلَى الْعَلَّامَةِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدَ الْمُؤْمِنِ بن خَلَفَ الْحَافِظِ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَظِيمِ بْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ الْحَافِظُ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ إِمْلَاءً، أَنَّهُ قَرَأَ مِن حِفْظِهِ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُفَضَّلِ الْحَافِظِ قَالَ: ثَنَا أَبُو طَاهِرِ بْنُ سِلَفَةِ الْحَافِظِ، ثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّبَرِيُّ إِلْكِيَا: أَنَا إِمَامُ الْحَرَمَيْن أَبُو الْمَعَالِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ: أَنَا وَالِدِي أَبُو مُحَمَّدٍ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللَّهُ عَليْه وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ» [1] . مُتَّفَقٌ عَليْهِ.
[وَمِمَّنْ يَشْتَبِهُ بِإِلْكِيَا الْهَرَّاسِيِّ مُعَاصِرُهُ الْإِمَامُ الْقَاضِي:
89- أبو الحَسَن علي بْن محمد بْن علي الطَّبَرِسْتانيّ الآمُليّ [2] .
سَمِعَ مِن الحافظ عَبْد الله بْن جعفر الخبّاز بآمُل في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، ومن أَبِي يَعْلَى الخليليّ، وأبي جعفر ابن المسلمة، وابن المأمون.
وله قصيدة رثى بها إمام الحرمين.
__________
[1] أخرجه البخاري في البيوع 3/ 17 باب: كم يجوز الخيار. حدّثنا صدقة، أخبرنا عبد الوهاب قال: سمعت يحيى قال: سمعت نافعا، عن ابن عمر رضي الله عنهما. عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: إن المتبايعين بالخيار في بيعهما ما لم يتفرّقا أو يكون البيع خيارة. وقال نافع: وكان ابن عمر إذا اشترى شيئا يعجبه فارق صاحبه.
وأخرجه في باب: البيعان بالخيار ما لم يتفرّقا (3/ 17، 18) عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، بلفظه، كما هو في المتن.
وأخرجه من طريق أبي الخليل، عن عبد الله بن الحرث، عن حكيم بن حزام.
ومن طريق سفيان، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
وأخرجه مسلم في البيوع (1531) باب ثبوت خيار المجلس للمتبايعين، بلفظ: «البيّعان كلّ واحد منهما بالخيار على صاحبه.
والنسائي في البيوع (7/ 248) باب ذكر الاختلاف على نافع في لفظ حديثه.
ومالك في الموطأ (1363) باب بيع الخيار.
وأحمد في المسند 2/ 56.
[2] انظر عن (علي بن محمد الآملي) في: طبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح 2/ 643 رقم 243، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 291، 296، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 98، وطبقات الشافعية لابن كثير (مخطوط) 105 أ.(35/95)
ذكره ابن الصّلاح في «الشافعية» ، ولم يذكر لَهُ وفاة. وكأنّه مات قبل هذا الأوان [1] ، فاللَّه أعلم.
روى عنه: قاضي آمُل ابن أخته أبو جعفر محمد بْن الحُسَيْن بْن أميركا [2]] .
- حرف الميم-
90- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ ابن الصَّنْدليّ [3] .
أبو بَكْر المقرئ البابَصْريّ.
سَمِعَ: أبا محمد الخلّال.
وحدَّث.
روى عَنْهُ: سعْد الله بْن محمد الدّقّاق.
ومات في صَفَر.
91- محمد بْن صالح بْن حمزة بْن محمد [4] .
أبو يَعْلَى ابن الهبّارّية [5] ، الهاشميّ، العبّاسيّ الشّريف البغداديّ نظام الدّين.
أحد الشّعراء المشهورين. أكثر شعره في الهجاء والسّخف.
__________
[1] قال ابن الصلاح: وقد اشترك أبو الحسن هذا، والكيا الإمام في: الاسم، والكنية، واسم الأب، والجدّ، والطبرية، وهو أسنّ من الكيا، فإنه سمع من إملاء الحافظ الجناري سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة. ومولد الكيا سنة خمسين.
[2] ما بين الحاصرتين عن هامش الأصل.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (محمد بن صالح) في: الأنساب 12/ 306، واللباب 3/ 381، وخريدة القصر (قسم شعراء العراق) 2/ 70- 140، ووفيات الأعيان 4/ 453- 457، وسير أعلام النبلاء 19/ 392 رقم 233، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 315، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 58- 62، وفيه:
«محمد بن علي» ، والوافي بالوفيات 1/ 130، ولسان الميزان 5/ 367، والنجوم الزاهرة 5/ 210، وشذرات الذهب 4/ 24- 26 وفيه وفاته سنة 509 هـ-.، وفهرس المخطوطات المصوّرة 1/ 238، ودائرة المعارف الإسلامية 1/ 291، ومعجم المؤلفين 10/ 82، والأعلام 7/ 248، وستعاد ترجمته في وفيات سنة 509 هـ-. برقم (275) .
[5] الهبّارية: بفتح الهاء والباء المشدّدة وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى هبّار، وهو اسم جدّ عبد العزيز بن علي بن هبّار الهبّاري. (الأنساب) .(35/96)
وكان ملازمًا لخدمة نظام المُلْك. وله كتاب «نتائج الفطْنة في نظمْ كليلة ودِمْنَة» . وديوان شِعْره في ثلاث مجلَّدات [1] .
وهو القائل:
رأيتُ في النّوم عرسي وهي وممسكة ... ذقني، وفي كفّها شيءٌ مِن الأَدَمِ
مِعْوجَ الشّكل مسْوَدّ بِهِ نُقَط ... لكّن أسفله في هيئة القَدَم [2]
حتّى تنبّهتُ مُحَمَّر القَذَال، فلو ... طال الرُّقادُ [3] عَلَى الشّيخ الأديب عَمِ [4]
قَالَ العماد الكاتب: [5] توفّي بكرمان سنة أربع وخمسمائة [6] .
__________
[1] وقيل: في أربع مجلّدات.
[2] زاد في (وفيات الأعيان) بيتا بعده:
تظلّ ترقعني كيما ترنّخني ... فصرت ألتذ بالإيقاع والنغم
[3] في وفيات الأعيان: «المنام» .
[4] وفيات الأعيان 4/ 455.
[5] في الخريدة 2/ 72.
[6] وهو قال: غلب على شعره الهجاء والهزل والسخف، وسبك في قالب ابن الحجّاج وسلك أسلوبه، وفاقه في الخلاعة والمجون. والنظيف من شعره في نهاية الحسن.
وحكى أبو المعالي في كتاب (زينة الدهر في فضلاء أهل العصر) أنّ ابن الهبّارية خرج من بغداد وقدم أصبهان وبها السلطان ملك شاه بن ألب أرسلان ووزيره نظام الملك، فدخل على النظام رقعتان، رقعة فيها هجوه، وفي الأخرى مدحه، فأعطاه التي فيها هجوه، فقرأها النظام وفهمهما، فإذا فيها:
لا غرو إن ملك ابن إسحاق ... وساعده القدر
وصفت له الدنيا وخصّ ... أبو المحاسن بالكدر
فالدهر كالدولاب ليس ... يدور إلّا بالبقر
فكتب النظام على رأسها: يطلق لذا القوّاد رسمه مضاعفا. وأبو المحاسن صهر نظام الملك، ويقال له أبو الغنائم، وكان بينه وبين النظام منافرة، وكان ابن الهبّارية يميل إلى أبي المحاسن، فنقم عليه نظام لهذا السبب.
وقيل إن أبا الغنائم بن دارست ويقال له أبو المحاسن تاج الملك، كان بينه وبين نظام الملك شحناء ومنافسة، كما جرت العادة بمثله بين الرؤساء، فقال أبو الغنائم لابن الهبّارية: إن هجوت نظام الملك فلك عندي كذا، وأجزل له الوعد، فقال: كيف أهجو شخصا لا أرى في بيتي شيئا إلا من نعمته؟ فقال: لا بدّ من هذا، حتى حمله على أن يسأل النظام شيئا، فصعب عليه اجابته، فسأله، فمنعه، فعمل هذه الأبيات، وهو يشير إلى المثل السائر على ألسن الناس، وهو قولهم: «أهل طوس بقر» ، فلما وصلت إليه قال: جعلني من بقر طوس، وأغضى عنه، ولم يقابله على ذلك بل زاد في إفضاله عليه، إذ استدعاه وخلع عليه، وأعطاه خمسمائة(35/97)
__________
[ () ] دينار، فكانت هذه معدودة من مكارم أخلاق نظام الملك وسعة حلمه.
وكان مع فرط إحسان نظام الملك إليه يقاسي من غلمانه وأتباعه شرّ مقاساة لما يعلمونه من بذاءة لسانه، فلما اشتدّ عليه الحال منهم كتب إلى نظام الملك:
لذ بنظام الحضرتين الرضى ... إذا بنو الدهر تحاشوك
وأجل به عن ناظريك القذى ... إذا لئام القوم أعشوك
واصبر على وحشة غلمانه ... لا بدّ للورد من الشوك
وذكر العماد أنه انفذ هذه الأبيات مع ولده إلى نقيب النقباء علي بن طراد الزينبي، ولقبه نظام الحضرتين أبو الحسن.
ويقال إن سبب غضب نظام الملك على ابن الهبّارية قوله وكتب به إليه:
أتجهل يا نظام الملك أني ... أعاود من حماك كما قدمت
وأصدر عن حياضك وهي نهب ... بأفواه السقاة وما وردت
يدلّ على فعالك سوء حالي ... وتنطق عن مثالي إن كتمت
إذا استخبرت ماذا نلت منه ... وقد عمّ الوفود ندي سكت
وما في الوافدين عليك شخص ... يمتّ من الولاء كما أمتّ
وهم دوني إذا اختبروا جميعا ... فلم بالدّون دونهم خصصت؟
ولي أصل وفضل غير خاف ... ولكن ما الفضل منك بخت
إذا ما وضعت عند بني جهير ... وعندك مع سماحتك انتهيت
فأين الفرق بينكم؟ وماذا ... ببعدي عن دياركم استندت؟
وها أنا ساكت، فإن اصطلحنا ... وإلّا خانني صبري، وقلت
فبلغ النظام، فأهدر دمه. وقال عبيد الله بن علي المعروف بابن المرستانية في (ذيل تاريخ بغداد) : لما أهدر نظام الملك دم ابن الهبارية استجار بصدر الدين محمد بن الخجنديّ، وكان يمضي في كل يوم اثنين إلى دار النظام بأصبهان ومعه الفقهاء للمناظرة، فقال لابن الهبّارية:
أدخل معنا مع جملة الفقهاء متنكّرا، فإذا عرفت المناظرة فقم في المجلس مستغفرا. ففعل. فقال ابن الخجنديّ: قال الله تعالى وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ 26: 224، وقال: إِلَّا من تابَ وَآمَنَ 19: 60، والخادم يسأل العفو عن الشريف بقبول شفاعة الفقهاء عامّة. فقال النظام: عفا الله عمّا سلف، ثم أذن له في الإنشاد. (مرآة الزمان 8/ 59) .
وقال سبط ابن الجوزي: وكان ابن الهبّارية من الفضلاء، له كتاب سمّاه «فلك المعاني» جمع فيه نتفا وطرفا. (مرآة الزمان 8/ 60) .
وقال ابن خلكان: وديوان شعره كبير يدخل في أربع مجلّدات، ومن غرائب نظمه كتاب «الصادح والباغم» نظمه على أسلوب «كليلة ودمنة» وهو أراجيز، وعدد بيوته ألفا بيت، نظمها في عشر سنين، ولقد أجاد فيه كل الإجادة، وسيّر الكتاب على يده ولده إلى الأمير أبي الحسن صدقة بن منصور بن دبيس الأسدي صاحب الحلّة، وختمه بهذه الأبيات، وهي:
هذا كتاب حسن ... تحار فيه الفطن
أنفقت فيه مدّه ... عشر سنين عدّه
منذ سمعت باسمكا ... وصنعته برسمكا(35/98)
وهبّار جدّ لأمّه.
وقيل: تُوُفّي سنة تسعٍ، فسأعيده هناك [1] .
92- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بْن أَبِي النّضر [2] .
__________
[ () ]
بيوته ألفان ... جميعها معاني
لو ظلّ كل شاعر ... وناظم وناثر
كعمر نوح التالد ... في نظم بيت واحد
من مثله لما قدر ... ما كل من قال شعر
أنفذته مع ولدي ... بل مهجتي وكبدي
وأنت عند ظنّي ... أهل لكلّ من
وقد طوى إليكا ... توكّلا عليكا
مشقّة شديدة ... وشقّة بعيده
ولو تركت جيت ... سعيا وما ونيت
إنّ الفجار والعلا ... إرثك من دون الورى
فأجزل صلته وأسنى جائزته. (وفيات الأعيان 4/ 456، 457) .
وقال ابن السمعاني: كان شاعرا مجوّدا، ولكنه كان هجّاء، خبيث اللسان.
وقد أورد له العماد شعرا كثيرا في الخريدة، وقال في ترجمته إنه وقع في يده مجلّدة مقفّاة من شعره، فأورد منها ما انتخبه (2/ 98) ، ومنه:
وإنّ ضلالي فيك أهدى من الهدى ... وإنّ سهادي فيك أحلى من الكرى
وددت، وما تغني الودادة والمنى ... لو أنّي أرى قلبا يباع فيشترى
وقوله:
ما كنت أعرف قدر أيّامي ... الّتي ذهبت ضياعا
حتى فجعت بها، ولم ... أسطع لذاهبها ارتجاعا
وله:
وجهي يرقّ عن السؤال ... ، وحالتي منه أرقّ
دقّت معاني الفضل في، ... وحرفتي منها أدقّ
وله:
ما صغت فيك المدح، لكنّني ... من حسن أوصافك أستملي
تملي سجاياك على خاطري ... فها أنا أكتب ما تملي
[1] وقال ابن السمعاني: توفي بعد سنة تسعين وأربعمائة، وتابعه ابن الأثير في اللباب. وصحّحه الصفدي فقال: توفي سنة 509 هـ-.
[2] انظر عن (محمد بن أحمد البلدي) في: الأنساب 2/ 288، 289، وسيعيده المؤلّف- رحمه الله- في وفيات السنة التالية، رقم (116) ، وقال: الأصح وفاته في هذه (يعني 505 هـ-.) فينقل إلى هناك.(35/99)
أبو بكر البلديّ [1] ، والنّسفيّ [2] ، المحدّث. منسوب إلى بلد نَسَف، يعني أنّه لَيْسَ مِن قُرى نَسَف.
حدَّث بالكُتُب الكبار «كالصّحيح» لعمر بن محمد بن بجير.
سَمِعَ مِن: جعفر بْن محمد المستغفري، وأحمد بْن عليّ المايْمَرْغِيّ، [3] وغيرهما.
قَالَ ابن السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ نحو مِن عشرين نفسًا [4] .
وقال عمر بن محمد النسفي في كتاب «القند» إنّه تُوُفّي في ثالث صَفَر سنة خمسٍ وخمسمائة، وإنّه ولد في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.
قَالَ أبو سعْد: كَانَ إمامًا فاضلًا، وعُمَّر العُمر الطّويل حتّى روى الكثير.
وسمع: أَبَاهُ أبا نصر، ومحمد بْن يعقوب السّلاميّ، وأبا مسعود أحمد بْن محمد البجلي، والحسين بْن إبراهيم القَنْطريّ.
روى لنا عَنْهُ أحمد بْن عَبْد الجبّار البلديّ، [5] والحسن بْن عَبْد الله المقرئ، ومسعود بْن عُمَر الدّلّال، وميمون بْن محمد الدّربيّ.
93- محمد بن الحسين [6] .
__________
[1] البلدي: بفتح الباء المنقوطة بواحدة واللام وفي آخرها الدال المهملة. هذه النسبة إلى موضعين. أحدهما البلد اسم بلدة تقارب الموصل يقال لها بلد الحطب. والثاني: منسوب إلى بلاد الكرج التي بناها أبو دلف وسمّاها البلد. والمترجم من هذه الثانية.
[2] النّسفي: بفتح النون والسين، وكسر الفاء، هذه النسبة إلى نسف وهي من بلاد ما وراء النهر، يقال لها نخشب. (الأنساب 12/ 80) .
[3] المايمرغي: بسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، بين الميمين المفتوحتين، وسكون الراء، وفي آخرها الغين المعجمة المكسورة. هذه النسبة إلى ما يمرغ وهي قرية كبيرة حسنة على طريق بخارى من نواحي نخشب. (الأنساب 11/ 109، 110) .
[4] زاد ابن السمعاني: ببخارى، وسمرقند، ونسف، وما يمرغ.
[5] وقال ابن السمعاني: سألت حفيده أبا نصر أحمد بن عبد الجبار بن أبي بكر بن أبي نصر البلدي عن هذه النسبة، فقال: كانت العلماء في زمان جدّي الأعلى أبي نصر أكثرهم ينسف من القرى والناحية، وكان جدّي من أهل البلد، فعرف بالبلدي، فبقي علينا هذا الاسم.
(الأنساب 2/ 389) .
[6] انظر عن (محمد بن الحسين) في: الأنساب 7/ 150.(35/100)
أبو جعفر السّمِنْجانيّ [1] . إمام مسجد راعُوم.
تفقَّه ببخارى على: أبي سهل الأبيورديّ.
وبمروالرّوذ عَلَى: القاضي حسين.
وأملى ببلْخ.
قَالَ السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ جماعة بما وراء النّهر، وخُراسان، ومات ببلْخ.
94- مُحَمَّد بْن علي بْن مُحَمَّد [2] .
أبو الحَسَن بْن الحديثي [3] ، البغداديّ، عُرِف بابن الشّدّاد.
سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان.
وعنه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، والسّلَفيّ.
95- محمد بْن عمر بْن أَبِي العصافير [4] .
الخزرجيّ، الْجَيّانيّ.
أَبُو عَبْد الله.
كَانَ فقيهًا مبُرّزًا، تفقَّه عَلَى أَبِي مروان بْن مالك بقُرْطُبَة.
ورحل فأخذ عَنْ عَبْد الحقّ بْن هارون الفقيه. وشُوور في الأحكام. وطال عُمره، وشاخ [5] .
- حرف الياء-
96- يحيى بن عليّ بن الفرج [6] .
__________
[1] السّمنجاني: بكسر السين والميم، وسكون النون، والجيم. نسبة إلى سمنجان. بليدة من طخارستان وراء بلخ، وهي بين بلخ وبغلان.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الحديثي: بفتح الحاء وكسر الدال المهملتين وبعدهما الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفي آخرها الثاء المثلّثة، هذه النسبة إلى الحديثة، وهي بلدة على الفرات فوق هيت والأنبار، والنسبة إليها حديثي وحدثي وحدثاني. (الأنساب 4/ 84) .
[4] انظر عن (محمد بن عمر) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 567 رقم 1248.
[5] وقال ابن بشكوال: وكان ذا حظّ من علم الأصول والأدب ... مولده سنة عشر وأربعمائة.
[6] انظر عن (يحيى بن علي) في: العبر 4/ 8، والإعلام بوفيات الأعلام 207، ومعرفة القراء الكبار 1/ 462 رقم 404، ومرآة الجنان 3/ 173، وغاية النهاية 2/ 375، والنجوم الزاهرة 5/ 202، وحسن المحاضرة 1/ 494، وشذرات الذهب 4/ 10.(35/101)
أبو الحسين المصريّ، والخشّاب، المقرئ، الأستاذ.
قرأ عَلَى: أَبِي العبّاس بْن نفيس، ومصنَّف «العنوان» أَبِي الطّاهر إسماعيل بْن خَلَف، ومحمد بْن أحمد القَزْوينيّ، وأبي الحُسَيْن الشّيرازيّ، وجماعة.
قرأ عَليْهِ الشّريف أبو الفُتُوح الخطيب شيخ أبي الجود، وغيره.
وتوفّي في هذه السّنة.
فأمّا:
97- عليّ بْن أحمد.
المَصّيصيّ، الأبْهريّ، الضّرير، صاحب أَبِي عليّ الأهوازيّ، فلم أظفر لَهُ بترجمة، وهو أكبر شيخ للشّريف الخطيب. تلا عليه بعد عام خمسمائة.(35/102)
سنة خمس وخمسمائة
- حرف الألف-
98- أحمد بْن الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن كوشيذ [1] .
أبو غالب الإصبهانيّ.
تُوُفّي في غرة جُمَادَى الأولى، وله ثمانون سنة.
مِن شيوخ الحافظ أبي موسى المَدِينيّ، سَمِعَ منه جميع «الكبير» [2] للطّبَرانيّ، عَنِ ابن رِيذة.
99- أحمد بْن عُمَر بْن عطية [3] .
أبو الحُسَيْن الصَّقَلّيّ [4] ، المؤدّب.
سَمِعَ: أبا القاسم السّمَيْساطيّ، وعبد العزيز الكَتَّانيّ.
وكان يؤدب في مسجد رحْبة البَصل [5] .
قَالَ الحافظ ابن عساكر: أدركته وأجاز لي [6] ، وتُوُفّي في ربيع الآخر، وهو ثقة.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] هو «المعجم الكبير» .
[3] انظر عن (أحمد بن عمر) في: تاريخ دمشق (أحمد بن عتبة- أحمد بن محمد بن المؤمّل) 7/ 77 رقم 55، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 3/ 193، 194 رقم 237، وتهذيب تاريخ دمشق 1/ 417.
[4] الصّقلّي: بفتح الصاد المهملة والقاف، وتشديد اللام.
[5] قال الشيخ عبد القادر بدران في تهذيبه لتاريخ دمشق 1/ 417 بالحاشية أن مسجد رحبة البصل كان قديما موضع جامع السنانية، فلما تولى الوزير سنان باشا ولاية الشام جدّده وجعله جامعا عظيما.
[6] عبارته في تاريخ دمشق: «أدركته، ولم يتفق لي السماع منه، وقد أجاز لي جميع حديثه» .(35/103)
سأله ابن صابر عَنْ مولده فقال: سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.
100- أصْبَغ بْن محمد بن أصْبَغ [1] .
أبو القاسم الأَزْديّ، القُرْطُبيّ، العلّامة، كبير المُفْتين بقُرْطُبَة.
روى الكثير عَنْ: حاتم بْن محمد.
وتفقَّه عَلَى أبي جعفر رزق.
وأخذ عَنْ: أَبِي مروان بن سراج، وأبي علي الغساني.
وأجاز له أبو عمرو بْن عَبْد البَرّ، وأبو عُمَر بْن الحذّاء ما رووه.
وكان مِن جِلّة العلماء وكبار الفقهاء، بارعا في المذهب، قدوة في الشّروط لَا يُجارى. وأمَّ بجامع قُرْطُبَة.
وكان مجوّدًا للقرآن، فاضلًا، متصوَّنًا، عزيز النّفس. سَمِعَ النّاس منه، وناظروا عَليْهِ [2] .
تُوُفّي في صَفَر. ووُلِد في سنة خمسٍ وأربعين.
101- إبراهيم بْن سعد بْن إبراهيم [3] .
النَّيْسابوريّ.
شيخ، صالح، دلّال.
سمع: أبا حفص بن مسرور، وأبا عثمان الصّابوني، وجماعة.
تُوُفّي فجأة.
102- إبراهيم بْن محمد [4] .
الفقيه أبو إسحاق الْجُرْجانيّ، الزّاهد، نزيل إسفراين.
ذكره عَبْد الغافر، وأنّه تُوُفّي، سنة خمسٍ تخمينا، وقال: أحد الأولياء والعُبّاد، وأرباب الفنون، المشتغلين بمراعاة الأنفاس مع الله، المعرضين عن الدّنيا، بنى دويرة بأسفرايين.
__________
[1] انظر عن (أصبغ بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 109، 110 رقم 257.
[2] وقال ابن بشكوال: ولزم داره في آخر عمره لسعاية لحقته، فحرم الناس منفعة علمه.
[3] انظر عن (إبراهيم بن سعد) في: المنتخب من السياق 127 رقم 293.
[4] انظر عن (إبراهيم بن محمد) في: المنتخب من السياق 126 رقم 287.(35/104)
إلى أن قَالَ: وكان مِن أصحاب الكرامات الظّاهرة، رحمه الله.
- حرف الباء-
103- بركات بْن الفضل بْن محمد [1] .
التَّغْلبيّ، الفارقيّ.
سَمِعَ: أبا الحُسَيْن بْن المهتدي باللَّه، وأبا الحُسَيْن بْن الَّنُّقور، وابن البَطِر، وجماعة في كهولته.
مولده بميّافارقين سنة سبع وعشرين وأربعمائة.
وتوفّي بصور.
قال ابن عساكر: ثنا عَبْدان بْن رزين، ثنا بركات الفارقيّ في سنة تسع وثمانين وأربعمائة، أَنَا ابن البطر.
- حرف التاء-
104- تَمِرتاش بْن ... كين [2] التُّرْكيّ.
روى عَنْ: أَبِي جعفر ابن المسلمة.
ذِكره شجاع الذُّهْليّ في «مُعْجَمه» .
- حرف الحاء-
105- الحَسَن بْن إسماعيل بْن حفص [3] .
أبو المعالي المصريّ.
روى عن: أَبِي القاسم بْن القطّاع.
روى عَنْهُ: أبو محمد العثمانيّ.
106- الحَسَن بْن عبد الأعلى [4] .
أبو عليّ الكَلاعيّ، السَّفَاقُسِيّ.
__________
[1] انظر عن (بركات بن الفضل) في: تاريخ دمشق، بتحقيق محمد أحمد دهمان.
[2] في الأصل بياض، ولم أقف على مصدر صاحب الترجمة.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.(35/105)
أخذ ببلده عَنْ أبي الحَسَن اللَّخْميّ.
وسمع بالأندلس من: أبي عبد الله بن سعدان، وأبي علي الغساني.
وسكن سبتة، وأريد علي قضاء الجزيرة فامتنع.
وكان فقيها، متكلما، عارفا بالهندسة والفرائض.
مات كهلا.
107- الحسن بن عبد الواحد بن أحمد بن الحصين [1] .
أبو القاسم الدّسكريّ [2] ، ويعرف بابن الفقيه، وكيل الخليفة المستظهر، وناظر المخزن.
ذهب رسولا إلى أصبهان.
وحدّث عَنْ: الصَّريْفينيّ، وابن الَّنُّقور.
روى عَنْهُ: محمد بْن عَبْد الخالق الجوهريّ، وطائفة.
- حرف الخاء-
108- خَلَف بْن سُلَيْمَان بْن خَلَف بْن مُحَمَّد بْن فتحون [3] .
أبو القاسم الأندلسيّ.
مِن أهل أوريولة.
روى عَنْ: أَبِيهِ، وابن الوليد الباجي، وطاهر بن مفوز.
وكان فقيها، أديبا، شاعرا، مفلقا. ولي قضاء شاطبة، ودانية.
روى عنه: ابنه محمد، وزياد بن محمد.
وكان يصوم الدهر. وله مصنّف في الشّروط [4] ، رحمه الله.
__________
[1] انظر عن (الحسن بن عبد الواحد) في: المنتظم 9/ 168 رقم 274 (17/ 124 رقم 3796) .
[2] الدسكري: بفتح الدال وسكون السين المهملتين وفتح الكاف وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى الدسكرة، وهي قريتان، إحداهما على طريق خراسان، يقال لها دسكرة الملك. والثانية من أعمال نهر الملك ببغداد على خمسة فراسخ. (الأنساب 5/ 311، 312) .
[3] انظر عن (خلف بن سليمان) في: معجم شيوخ الصدوقي 104 رقم 93، والغنية للقاضي عياض 81 (في ترجمة ابنه محمد بن خلف) رقم 17.
[4] وقال القاضي عياض: وله كتاب في علم الوثائق فيه غرائب من العلم. وورّخ وفاته في سنة خمس وخمسمائة. (الغنية 81) .(35/106)
- حرف السين-
109- سعد بن محمد بن المؤمل [1] .
أبو نصر النيسابوري.
سمع: أبا حفص بن مسرور.
قال يحيى بن منده: سَمِعْتُ منه، وقدِم إصبهان مرارًا.
مات في ربيع الآخر، وله إحدى وسبعون سنة.
- حرف العين-
110- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ ابن الآبنُوسيّ [2] .
أبو محمد، أخو أَبِي الحَسَن أحمد الفقيه.
كَانَ أحد وكلاء القاضي أَبِي عَبْد الله الدّامَغَانيّ، وغيره مِن القُضاة.
وكان قد اشتغل وحصّل، وسمع الحديث مِن: التّنُوخيّ، والجوهريّ، وأبي طَالِب العُشَاريّ.
وسمع «التّاريخ» مِن الخطيب.
روى عَنْهُ: محمد بْن محمد السّنْجيّ، وعبد الله الحلْوانيّ بمَرْو، وجماعة ببغداد، والسّلَفيّ.
قَالَ أبو بَكْر السّمعانيّ: سَمِعْتُ أبا محمد الآبنُوسيّ يَقُولُ: كنت لَا أسمع مُدّة مِن التّنُوخيّ لما أسمع مِن مَيْله إلى الاعتزال، ثمّ سَمِعْتُ منه حتّى صرت عنده أعز مِن كلّ أحد، وكان يسمّيني يحيى بْن مَعِين.
وُلِد سنة ثمانٍ وعشرين.
وتُوُفّي في يوم الثّلاثاء سادس عشر جمادى الأولى [3] .
__________
[1] لم أجده.
[2] انظر عن (عبد الله بن علي الآبنوسي) في: العبر 4/ 9، وسير أعلام النبلاء 19/ 277، 278 رقم 176، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 147، 148، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 270 (مطبوع) 12/ 10، ومرآة الجنان 3/ 177، والوافي بالوفيات 17/ 333، 334 رقم 294، وشذرات الذهب 4/ 10.
[3] وقال ابن ناصر: كان أبو محمد ثقة مستورا، له معرفة بالحديث.(35/107)
111- عبد المُلْك بْن محمد بْن حسين [1] .
البُزُوغابيّ [2] ، الحربيّ، أبو محمد.
روى عَنْ: أَبِي الحَسَن القَزْوينيّ.
روى عَنْهُ: محمد بْن محمد السّنْجيّ، وأبو المُعَمَّر، وغيرهما، وعبد الحقّ.
مات في المحرَّم [3] .
112- عبد الواحد بْن أحمد بْن عُمَر بْن السَّمَرْقَنْديّ [4] .
أَبُو طاهر، أخو عَبْد الله، وإسماعيل.
سَمِعَ: أبا محمد الصَّريْفينيّ، وابن الَّنُّقور.
ومات في صَفَر، ولم يَرْوِ.
113- علي بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن يعقوب [5] .
أبو الحَسَن بْن أَبِي طاهر ابن العلّاف البغداديّ.
مِن بيت الحديث والقراءة.
__________
[ () ] وقال السلفي: هو من أهل المعرفة بالحديث وقوانينه التي لا يعرفها إلّا من طال اشتغاله به.
وكان ثقة شافعيا، كتبنا عنه بانتقاء البرداني.
ومن شعره، ولم يقل غيرهما:
أصبح الناس حثالة ... كلّهم يطلب ماله
لو بقي في الناس حرّ ... ما تعاطيت الوكالة
[1] انظر عن (عبد الملك بن محمد) في: المنتظم 9/ 168 رقم 276 (17/ 124 رقم 3798) .
[2] في الأصل: «البزوغاني» بالنون. والتحرير من (الأنساب 2/ 200) وفيه: بضم الباء الموحّدة والزاي وفتح الغين المعجمة وفي آخرها الياء المنقوطة من تحتها باثنتين. هذه النسبة إلى بزوغي وهي قرية من قرى بغداد.
وقد تصحّفت في طبعة حيدرآباد من (المنتظم) إلى: «البوزغاني» ، وفي الطبعة الجديدة إلى «البوزجاني» .
[3] وقال ابن الجوزي: روى عنه من أشياخنا، وكان شيخا صالحا.
[4] لم أجده.
[5] انظر عن (علي بن محمد بن العلّاف) في: المنتظم 9/ 168 رقم 275 (17/ 124 رقم 3797) ، والعبر 4/ 9، والإعلام بوفيات الأعلام 208، وسير أعلام النبلاء 19/ 242، والمعين في طبقات المحدّثين 148 رقم 1609، ودول الإسلام 2/ 34، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 271، ومرآة الجنان 3/ 177، وشذرات الذهب 4/ 10.(35/108)
وكان أحد حجّاب الخليفة.
عُمّر حتّى رحل إِليْهِ النّاس، وكان ذا طريقةٍ جميلة وخصالٍ حميدة. وهو آخر من روى عنه الحمّاميّ. وسمع عَبْد المُلْك بْن بِشْران أيضًا.
روى عَنْهُ: ابنه أبو طاهر محمد، ومحمد بْن محمد السّنْجيّ، والسّلَفيّ، وخطيب المَوْصِل، وأبو بَكْر بْن الَّنُّقور، وخلق كثير.
وآخر مِن حدَّث عَنْهُ أبو السّعادات القزّاز.
وقال أبو بَكْر السّمعانيّ بعد أن ذكر مِن لحِق مِن أصحاب ابن بِشْران فسمّى ابن العلّاف، وقال: هُوَ أجلّ أصحابه عندي. سمعته يَقُولُ: ولدت في المحرّم سنة ستّ وأربعمائة، وسمعتُ مِن أَبِي الحُسَيْن بْن بِشْران.
وقال: وعظ والدي النّاس سبعين سنة.
تُوُفّي في الثّالث والعشرين مِن المحرَّم سنة خمسٍ. وكمّل تسعًا وتسعين سنة [1] .
- حرف الميم-
114- المبارك بْن سعيد [2] .
أبو الحسن الأسديّ، والبغدادجي، التّاجر، ويُعرف بابن الخشّاب.
سمع: القُضاعيّ، وأبا بَكْر الخطيب.
ودخل الأندلس تاجرًا، فحدَّث «بتاريخ بغداد» .
سَمِعَ منه: أبو عليّ الغسّاني، والكبار.
وسمع هُوَ مِن أَبِي مروان بْن سِراج.
قَالَ ابن بَشْكُوال: كَانَ مِن أهل الثّقة والثّروة. رجع إلى بغداد.
وقال ابن السّمعانيّ: كَانَ أحد الشُّهُود المُعدّلين.
مات في ذي القعدة.
__________
[1] وقال ابن الجوزي: وكان سماعه صحيحا ومُتِّع بسمْعه وبَصَره وجوارحه إلى أنّ تُوُفّي في هذه السنة عن ثمان وتسعين سنة. (المنتظم) .
[2] انظر عن (المبارك بن سعيد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 634 رقم 1391.(35/109)
115- المبارك بن فاخر بن محمد بن يعقوب [1] .
الأستاذ، إمام النَّحْو، أبو الكرم ابن الدّقّاق.
ولد سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة [2] ، ولازم ابن برهان الأَسَديّ.
وروى عَنْ: الجوهري، وابن المسلمة، والقاضي أبي يَعْلَى، وغيره.
أخذ عَنْهُ: ابن ناصر، والسّلَفيّ، وابن السّجْزيّ.
وصنَّف، وتصدَّر، وبرع.
تُوُفّي في ذي القِعْدة.
حطّ عليه ابن ناصر وكذّبه [3] .
__________
[1] انظر عن (المبارك بن فاخر) في: معجم الأدباء 17/ 54- 56، والمغني في الضعفاء 2/ 540 رقم 5163، وميزان الاعتدال 3/ 431 رقم 7047، ولسان الميزان 5/ 11 رقم 37، وبغية الوعاة 2/ 272، 273 رقم 1963.
[2] وقع في (لسان الميزان) : سنة إحدى وثلاثين ومائة! وهو خطأ.
[3] وقال أبو منصور بْن خَيْرُون: كانوا يقولون إنه كذّاب، واسم جدّه محمد بن يعقوب.
وذكر ابن النجار أن ابن ناصر كتب على بيت أبي الكرم بتكذيبه في معظم ما ادّعى سماعه.
وقال ياقوت: وجدت مولده كما تقدّم بخط ابن السمعاني، فإن صحّ لا يصحّ أخذه عن ابن برهان، فإنه مات سنة ست وخمسين، بل إن كان سمع منه شيئا جاز.
قال: ثم رأيت بخطّه أيضا في «المذيّل» ملحقا: قرأت بخط والدي: سألت المبارك عن مولده، فقال: سنة إحدى وثلاثين، فإن صحت هذه الرواية صحّ أخذه عن ابن برهان. وسمع الحديث من القاضي أبي الطيب الطبري، وغيره، وجرّحه الناس ورموه بالكذب والتزوير وادّعاء سماع ما لم يسمعه والتساهل إذا أخذ خطّه على كتاب، ويقصد بذلك اجتلاب الطلاب، لأن النفوس تميل إلى هذا الباب.
صنّف «المعلّم في النحو» ، و «شرح خطبة أدب الكاتب» . وكان يقوم لطلبته يكرمهم، وكان الخطيب التبريزي ينكر ذلك عليه، وينشد:
قصّر بالعلم وأزرى به ... من قام في الدرس لأصحابه
وقال ياقوت: ولد سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، ومات في ذي القعدة سنة خمسين وخمسمائة! (17/ 54) وجاء في (بغية الوعاة 2/ 273) : سنة خمسمائة! والاثنان غلط.
ومن شعره:
لا تغترر بأخي الوداد وإن صفا ... وأراك منه البشر والإقبالا
أفلا ترى المرآة عند صقالها ... تبدي لناظرها ريا ومحالا
ويسرّه منها الصفاء وقد يرى ... فيها بعينيه اليمين شمالا
وكذا الصديق يسرّ بين ضلوعه ... غشّا ينافي القول والأفعالا(35/110)
116- محمد بْن أحمد بْن أَبِي النَّضْر بْن موسى بن سعيد بن منذر بن صاحب [1] .
البَلَديّ، أبو بَكْر النَّسَفيّ.
محدّث ما وراء النَّهر.
قد ذكرناه في السّنة الماضية، والأصحّ وفاته في هذه، فينقل إلى هنا.
117- محمد بْن حَيْدَرة بْن مفوَّز بْن أَحْمَد بْن مفوَّز [2] .
أبو بَكْر المَعَافِريّ، الشّاطبيّ.
روى عَنْ: عمّه طاهر، وأبي عليّ الغسّانيّ وأكثر عَنْهُمَا.
وأخذ أيضًا عَنْ: أبي مروان بْن سراج، ومحمد بْن فرج الطلّاع.
وأجاز له أبو عمر بن الحذاء، وأبو الوليد الباجي.
وكان حافظا للحديث وعلله، عارفا برجاله، متقنا، ضابطا، عارفا، بالأدب، والشعر، والمعاني، كامل العناية بذلك [3] .
أسمع الناس بقرطبة، وخلف أبا علي شيخه في مجلسه، و [أقرأ] [4] على ابن حزم في جزء، وتصدر وعلم إلى أن توفّي سنة خمس وخمسمائة.
وكان مولده سنة ثلاثٍ وستّين، رحمه الله.
118- محمد بْن عبد الرَّحْمَن بْن سَعِيد [5] .
أبو عَبْد الله بْن المحتسب القُرْطُبيّ، المقرئ.
أخذ عَنْ: أَبِي محمد بْن أَبِي شعيب، وأبي مروان بن سراج. وكان نحويا، لغويا، علامة.
__________
[1] تقدّم في السنة السابقة، برقم (92) .
[2] انظر عن (محمد بن حيدرة) في: الغنية للقاضي عياض 81، 107، 108، والصلة لابن بشكوال 2/ 567، 568 رقم 2249.
[3] وقال القاضي عياض: حدّثني الوزير أبو العلاء ابن زهر أنّ الجيّاني حضّه على صحبة ابن المرخي أحمد بن محمد بن عبد العزيز اللخمي، وتصحيح الحديث عليه وعلى أبي بكر بن مفوّز. وقال لي: ليس من هنا إلى مكة في هذا الباب مثلهما. (الغنية 108) .
[4] بياض في الأصل، والمستدرك يقتضيه السياق.
[5] انظر عن (محمد بن عبد الرحمن) في: الغنية للقاضي عياض 89، 90 رقم 24، والصلة لابن بشكوال 2/ 568 رقم 1250.(35/111)
أخذ الناس عنه [1] .
119- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم [2] .
أَبُو سعد الإصبهاني المديني، يعرف بسرفرتج الثاني.
كان من أجلاء الكتبة.
روى عَنْ: أَبِي نُعَيْم الحافظ.
وحدَّث عَنْهُ جماعة، منهم أبو موسى المدينيّ، وهو من كبار شيوخه.
توفي في آخر يوم من السنة.
وقد حدَّث ببغداد.
وروى عَنْهُ: أبو الفتح بْن البَطّيّ، والسّلَفيّ.
وقد خدم بالشّام.
120- محمد بْن عليّ بْن محمد [3] .
شيخ الحنابلة، أبو الفتح الحلوانيّ، الزّاهد.
تُوُفّي يوم الأضحي [4] ، وشيّعه خلائق.
صحِب القاضي أبا يَعْلَى قليلًا، ثمّ بَرَع عَلَى الشّريف أَبِي جعفر.
وأفتى، ودرّس، وتعبّد، وتألّه [5] .
__________
[1] وقال القاضي عياض: أقرأ بجامع قرطبة زمانا، وأخذ عنه الناس النحو والقراءات والأدب، وخرج عن قرطبة ثم عاد إليها. سمعت عليه بقراءة غيري بعض شيء مما عنده. (الغنية 89) .
[2] لم أجده.
[3] انظر عن (محمد بن علي الحلواني) في: طبقات الحنابلة 2/ 257 رقم 698، والمنتظم 9/ 170 رقم 278، (17/ 127 رقم 3800) ، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 106 رقم 50، والأعلام 7/ 164، ومعجم المؤلفين 11/ 50.
[4] وكان مولده سنة 439 هـ-.
[5] وقال ابن شافع: كان ذا زهادة وعبادة.
وقال السلفي وروى عنه في مشيخته: كان من فقهاء الحنابلة ببغداد، وكان مشهورا بالورع الثخين، والدين المتين ... له كتاب «كفاية المبتدي» في الفقه، مجلّدة، ومصنّف آخر في الفقه أكبر منه، ومصنّف في أصول الفقه في مجلّدين، وله «مختصر العبادات» . (ذيل الطبقات 1/ 106) .(35/112)
121- محمد بْن عيسى [1] بْن حسن [2] .
القاضي أبو عَبْد الله التّميميّ، الفقيه، المالكيّ، السّبْتيّ.
أخذ عَنْ: أَبِي محمد المَسِيليّ، ولزمه مدّة.
وتفقَّه أيضًا عَلَى أَبِي عَبْد الله بْن العجوز.
وسمع بالمَريّة «صحيح الْبُخَارِيّ» عَلَى ابن المرابط.
ورحل إلى قُرْطُبَة، فأخذ عَنْ: عَبْد المُلْك بْن سِراج، وأبي عليّ الغسّانيّ، ومحمد بْن فرج.
وكان حسن السّمت، وافر العقل، ميلح المَلْبَس.
تفقَّه بِهِ أهل سَبْتَة، وكان يُسمّى: الفقيه العامل.
تفقَّه عَليْهِ: أبو محمد بْن شَبُونَة، والقاضي عِياض، وأبو بَكْر بْن صلاح.
ورحل إليه النّاس مِن النُواحي، وبَعُد صِيته، واشتهر اسمُه، ونَجَب مِن أصحابه خلْق.
وكان خيّرًا، رقيق القلب، سريع الدّمْعَة، مُؤْثرًا للطَّلَبَة.
بنى جامع سَبْتَة، وعَزَل نفسه مِن القضاء بأخرة. ثمّ ولّوه قضاء الجماعة بفاس، فلم تُعجبه الغُربة، فرجع، وتُوُفّي بسَبْتَة في جُمَادَى الآخرة.
قاله تلميذه أبو عَبْد الله محمد بْن حمادة الفقيه، وبالغ في تعظيمه حتّى قَالَ: كَانَ إمام المغرب في وقته. ولم يكن في قُطْر مِن الأقطار منذ يحيى بْن يحيى الأندلسيّ مِن حَمَل النّاس عَنْهُ أكثر منه، ولا أكثر نجابةً مِن أصحابه.
وقال عياض: [3] مولده سنة ثمان [4] وعشرين وأربعمائة [5] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن عيسى) في: ترتيب المدارك للقاضي عياض 4/ 584، والغنية، له 27- 46 رقم 1، والصلة لابن بشكوال 2/ 605 رقم 1327، وجذوة الاقتباس 252 رقم 255 و 253، 254 رقم 257، ومعجم شيوخ الصدفي 96 رقم 82، وأزهار الرياض 3/ 159، وسير أعلام النبلاء 19/ 266 رقم 166، وشجرة النور الزكية 124 رقم 358.
[2] في الصلة، وترتيب المدارك، والغنية: «حسين» .
[3] في ترتيب المدارك 4/ 584، ومثله ابن بشكوال في (الصلة 2/ 605) .
[4] وفي (الغنية 29) للقاضي عياض: مولده سنة تسع وعشرين وأربعمائة.
[5] وقال ابن بشكوال: توفي سنة ثلاث أو أربع وخمسمائة. ثم كتب إليّ القاضي أبو الفضل يذكر(35/113)
__________
[ () ] أنه توفي في صبيحة يوم السبت لسبع بقين من جمادى الأولى سنة خمس وخمسمائة. (الصلة 2/ 605) .
وقال القاضي عياض:
الفقيه القاضي أبو عبد الله محمد بن عيسى بن حسين التميمي: أجلّ شيوخ بلدنا سبتة، رحمه الله، ومقدّم فقهائهم، مولده بمدينة فاس، انتقل به أبوه إلى سبتة وهو شاب، وأصله من تاهرت، وجدّه هو المنتقل إلى فاس، فطلب العلم بسبتة على شيوخنا أبي محمد المسيلي، وغيره. ورحل إلى الأندلس ثلاث رحل، إحداها في شبيبته إلى إشبيلية، فقرأ بها الأدب على إلى بكر ابن القصيرة، والثاني إلى المريّة سنة ثمانين وأربعمائة، فأخذ عن ابن المرابط، وأجازه الدلائي، والثالثة سنة ثمان وثمانين إلى قرطبة، فسمع الجياني، وابن الطلّاع، وأبا مروان ابن سراج، والعبسيّ. وأقام بها نحو عامين، واتّسع في الأخذ، وتقلّد الشورى أخريات أيام البرغواطي قبل رحلته، فاستمرّ رأسا في المفتين إلى أخريات أيامه، وسمع أيضا من ابن سعدون، وأبي القاسم ابن الباجي، وغيرهما.
وكان كثير الكتب، حافظا، عارفا بالفقه، مليح الخط والكتابة والمحاضرة، من أعقل أهل زمانه وأفضلهم وأسمتهم، تامّ الفضل، كامل المروءة، بعيد الصيت عند الخاصّة، والعامّة، عظيم القدر. لازمته كثيرا للمناظرة في «المدوّنة» و «الموطّأ» ، وسماع المصنّفات، فقرأت وسمعت عليه بقراءة غيري كثيرا، وأجازني جميع روايته.
وولي القضاء بسبتة نحو ست سنين، واستعفى من ذلك أخيرا فأعفي، وذلك في محرّم سنة ست وتسعين، ثم التزم القضاء بمدينة فاس بعد أن سجن على إبايته من ذلك، وذلك سنة ثلاث وخمسمائة، فنهض إليها، ثم انصرف زائرا إلى سبتة، وتلدّد بها رجاء تخلّصه من الخطّة، فتوفي بها صبيحة يوم السبت لتسع بقين لجمادى الأولى سنة خمس وخمسمائة.
مولده سنة تسع وعشرين وأربعمائة.
وكان من أحسن القضاة وأنزههم وأجرأهم على الطريقة القويمة، فمضى فقيرا حميدا، واحتفل الناس لجنازته، وولعت العامّة بنعشه مسحا بالأكفّ، ولمسا بأطراف الثياب تبرّكا به، رحمة الله عليه.
فمما سمعت عليه وقرأت، ومنه ما فاتني بعضه، فأجازنيه:
- موطّأ الإمام مالك بن أنس، رواية يحيى بن يحيى الليثي.. والمسند الصحيح من آثار رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم للبخاريّ، والمسند الصحيح المختصر من السنن لمسلم، ومصنّف السنن لأبي داود، وشرح غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام، وإصلاح الغلط لابن قتيبة، وغريب الحديث لأبي سليمان البستي الخطابي، وعلوم الحديث للحاكم النيسابورىّ، والطبقات لمسلم، والضعفاء، والمتروكين للنسائي، والمدوّنة، والملخّص لمسند الموطّأ لأبي الحسن القابسي، والتقصّي لمسند الموطّأ لابن عبد البرّ، ومسند الموطّأ لأبي القاسم الجوهري، والرسالة لأبي محمد ابن أبي زيد.
(باختصار عن الغنية 27- 44) .(35/114)
122- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد [1] .
الإمام زين الدّين أبو حَامد الغزّاليّ، الطّوسيّ، الفقيه الشّافعيّ، حُجّة الإسلام.
قرأ قطعة مِن الفقه بطُوس عَلَى أحمد الرّاذكَانيّ [2] ، ثمّ قِدم نيسابور في طائفة مِن طَلَبة الفقه، فجدّ واجتهد، ولزِم إمام الحرمين أبا المعالي حتّى تخرَّج
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد الغزالي) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 365، و (تحقيق سويم) 31، وتاريخ الفارقيّ 278، وتبيين كذب المفتري 291- 306، والمنتظم 9/ 168- 170 رقم 277 (17/ 124- 127 رقم 3799) ، والمنتخب من السياق 73- 75 رقم 161، ومعجم البلدان 3/ 541، واللباب 2/ 379، والكامل في التاريخ 10/ 491، ووفيات الأعيان 4/ 216- 219، وآثار البلاد 330، 353، 377، 405، 407، 413، 417، ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزي ج 8 ق 1/ 39، 40، وتاريخ الزمان 133، والروض المعطار 400، وطبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح 1/ 249- 264 رقم 70، والمختصر لأبي الفداء 2/ 225، وسير أعلام النبلاء 19/ 322- 346 رقم 204، والإعلام بوفيات الأعلام 208، والمعين في طبقات المحدّثين 149 رقم 1611، ودول الإسلام 2/ 34، والعبر 4/ 10، وتاريخ ابن الوردي 2/ 21، ومرآة الجنان 3/ 177- 192، والوافي بالوفيات 1/ 274- 277 رقم 176، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 262- 267، (والمطبوع) 12/ 3- 7، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 6/ 191- 289، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 242- 245، والبداية والنهاية 12/ 173، 174، وطبقات فقهاء الشافعية لابن كثير (مخطوط) 105 ب- 107 أ، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 37، 38، وطبقات الأولياء لابن الملقّن 103، 104، والوفيات لابن قنفذ 266، 267، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 300، 301 رقم 261، والمقفّى الكبير للمقريزي 7/ 76- 84 رقم 3157، والنجوم الزاهرة 5/ 203، وتاريخ الخلفاء 431، والأنس الجليل 1/ 265، ومفتاح السعادة 2/ 332- 336 و 341- 343 و 347- 350 و 560- 562، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 192- 195، وكشف الظنون 12، 23، 24، 36، 82، 84، 97، 104، وشذرات الذهب 4/ 10- 13، وإتحاف السادة المتقين 1/ 6- 53، وروضات الجنات 180- 185، وإيضاح المكنون 1/ 11، 171، 298، 300، 595 و 2/ 43، 103، 370، 536، 722، وهدية العارفين 2/ 79- 81، وديوان الإسلام 3/ 376- 378 رقم 1557، وأبجد العلوم 3/ 110، والتاج المكلّل للقنوجي 388، 389، والمجدّدون في الإسلام 181- 184، وكنوز الأجداد 272- 281، والفتح المبين 2/ 8- 10، وآداب اللغة العربية 3/ 97، والأعلام 7/ 22، ومعجم المؤلفين 11/ 266- 269.
[2] الراذكاني: براء مهملة وذال معجمة مفتوحة، بينهما ألف، ثم كاف وألف ونون. نسبة إلى راذكان: بليدة بأعالي طوس. (الأنساب 6/ 37) .
وقد تصحّفت في الأصل إلى: «الراذياني» .(35/115)
عن مدّة قريبة، وصار أنْظَرَ أهل زمانه، وواحد أقرانه، وأعادً للطّلبة، وأخذ في التّصنيف والتّعليق.
وكان الإمام أبو المعالي مَعَ عُلُوّ درجته وفرْط ذكائه، لَا يطيب لَهُ تصدّيه للتّصنيف، وإن كَانَ في الظّاهر مبتهجًا بِهِ [1] .
ثمّ إنّ أبا حامد خرج إلى المعسكر، فأقبل عَليْهِ نظام المُلْك، وناظر الأقران بحضرته، فظهر اسمُه، وشاع أمره، فولّاه النّظّام تدريس مدرسته ببغداد، ورسَم لَهُ بالمصير إليها، فقدِمها، وأعجبَ الكُلّ مناظرته. وما لَقِي الرجل مثل نفسه. ثمّ أقبل عَلَى عِلم الأصول، وصنَّف فيها وفي المذهب والخلاف، وعظُمَت حشْمته ببغداد، حتى كانت تغلب حشمة الأمراء والأكابر، فانقلب الأمر مِن وجهٍ آخر، وظَهَر عَليْهِ بعد مطالعة العلوم الدّقيقة، ومُمارسة التّصانيف طريق التّزهُّد والتّألُّه فترك الحشمة، وطرح الرُّتْبة، وتزوَّد للمَعَاد، وقصد بيت الله، وحجّ، ورجع عَلَى طريق الشّام، وزار القدس، وأقام بدمشق مدّة سِنين [2] ، وصنف بها «إحياء علوم الدّين» وكتاب «الأربعين» ، و «القسطاس» ، و «محكّ النّظر» ، وغيره ذَلِكَ.
وأخذ في مجاهَدَة النَّفْس، وتغيير الأخلاق، وتهذيب الباطن، وانقلب شيطان الرُّعونة، وطلب الرئاسة والتّخلُّق بالأخلاق الذّميمة، إلى سكون النَّفْس، وكرم الأخلاق، والفراغ عَنِ الرسوم، وتَزَيّا بزيّ الصّالحين.
ثمّ عاد إلى وطنه، لازمًا بيته، مشتغلًا بالتّفكير، مُلازِمًا للوقت، فبقي عَلَى ذَلِكَ مدّة. وظهرت لَهُ التّصانيف. ولم يبدُ في أيّامه مناقضةٌ لِما كَانَ فيه، ولا اعتراضٌ لأحدٍ عَلَى مآثره، حتّى انتهت نوبة الوزارة إلى فخر المُلْك، وقد سَمِعَ وتحقَّق بمكان أَبِي حامد وكمال فضله، فحضره وسمع كلامه، فطلب منه أن لَا تبقى أنفاسه وفوائده عقيمة، لا استفادة منها ولا اقتباس من أنوارها، وألحّ عليه كلّ الإلحاح، وتشدّد في الاقتراح إلى أن أجاب إلى الخروج، وقدم نَيْسابور.
وكان اللَّيْثُ غائبًا عَنْ عرينه، والأمر خافيا في مستور قضاء الله ومكنونه. ورسم
__________
[1] انظر: طبقات ابن الصلاح 1/ 260.
[2] في طبقات ابن الصلاح 1/ 261: «قريبا من عشر سنين» .(35/116)
لَهُ بأن يُدرسّ بالمدرسة النّظامية، فلم يجد بُدًا من ذَلِكَ.
قَالَ هذا كلّه وأكثر منه عَبْد الغافر بْن إسماعيل في «تاريخه» [1] . ثمّ قَالَ:
ولقد زُرْته مِرارًا، وما كنتُ أحدُسُ في نفسي مَعَ ما عهِدْته في سالف الزّمان عَليْهِ مِن الزَّعارة [2] ، وإيحاش النّاس، والنّظر إليهم بعين الازدراء، والاستخفاف بهم كِبَرًا وخُيَلاء واغتِرارًا [3] بما رُزِق مِن البسْطة في النُّطْق، والخاطر، والعبارة، وطلب الجاه، والعُلُوّ في المنزلة أنّه صار عَلَى الضّدّ، وتصفيّ مِن تِلْكَ الكُدُورات. وكنت أظنّ أنّه متلفّعٌ بجلباب التّكلّف، متنمّس بما صار إليه، فتحقّقت بعد السَّبْرِ والتَّنقير أنّ الأمر عَلَى خلاف المظنون، وأنّ الرجل أفاق بعد الجنون.
وحكى لنا في ليالٍ كيفيّة أحواله، مِن ابتداء ما ظهر لَهُ بطريق التّألُّه، وغَلَبة الحال عليه، بعد تبحُّره في العلوم، واستطالته عَلَى الكلّ بكلامه، والاستعداد الّذي خصّه الله بِهِ في تحصيل أنواع العلوم، وتمكّنه مِن البحث والنَّظَر، حتّى تبرَّم بالاشتغال بالعلوم العَريَّة عَنِ المعاملة، وتفكَّر في العاقبة، وما ينفع في الآخرة، فابتدأ بصُحبة أبي عليّ الفارْمَذيّ [4] ، فأخذ منه استفتاح الطّريقة، وامتثل ما كَانَ يشير بِهِ عَليْهِ مِن القيام بوظائف العبادات، والإمعان في النّوافل، واستدامة الأذكار والاجتهاد والجدّ، طلبًا للنّجاة، إلى أن جاز تِلْكَ العِقاب، وتكلّف تِلْكَ المشاقّ، وما حصل عَلَى ما كَانَ يرومه.
ثمّ حكى أنّه راجع العلوم، وخاض في الفنون، وعاود الْجَدّ في العلوم الدّقيقة، والتقى بأربابها، حتّى تفتَّحت لَهُ أبوابها، وبقي مدّةً في الوقائع، وتكافؤ الآداب، وأطراف المسائل.
ثمّ حكى أنّه فُتِح عَليْهِ بابٌ مِن الخوف، بحيث شغله عن كلّ شيء،
__________
[1] انظر طبقات ابن الصلاح 1/ 260- 262، وتبيين كذب المفتري 291- 294.
[2] الزّعارة: الشراسة وسوء الخلق.
[3] في سير أعلام النبلاء 19/ 324: «واعتزازا» .
[4] الفارمذيّ: بسكون الراء وفتح الميم. نسبة إلى فارمذ. قرية من قرى طوس. وأبو علي الفارمذي هو: الفضل بن محمد بن علي، لسان خراسان وشيخها. توفي سنة 477 هـ-. وقد تقدّمت ترجمته في الطبقة الثامنة والأربعين.(35/117)
وحمله عَلَى الإعراض عمّا سواه، حتّى سهل ذَلِكَ عَليْهِ. وهكذا إلى أن ارتاض كلّ الرياضة، وظهرت لَهُ الحقائق، وصار ما كنّا نظن به ناموسا وتخلّقا، طَبْعًا وتحقُّقًا. وأنّ ذَلِكَ أثر السّعادة المُقَدَّرة لَهُ مِن الله تعالى.
ثمّ سألناه عَنْ كيفية رغبته في الخروج مِن بيته، والرجوع إلى ما دُعيَ إليه مِن أمر نَيْسابور. فقال معتذرًا: ما كنت أجوّز في ديني أن أقف عَنِ الدّعوة، ومنفعة الطّالبين، وقد خفَّ عليَّ أن أبوح بالحقّ، وأنطق بِهِ، وأدعو إِليْهِ. وكان صادقًا في ذَلِكَ [1] .
فلمّا خفّ أمر الوزير، وعلم أنّ وقوفه عَلَى ما كان فيه ظهور وحشة وخيال طلب جاهٍ وحِشْمة، ترك ذَلِكَ قبل أن يُتْرَك، وعاد إلى بيته، واتَّخَذَ في جواره مدرسة لطَلَبَة العِلْم، وخانقاه للصُّوفيّة، ووزّع أوقاته عَلَى وظائف الحاضرين، مِن ختْم القرآن، ومجالسته أصحاب القلوب، والقعود للتّدريس لطالبه، إلى أن توفّاه الله بعد مُقاساة أنواع مِن القَصْد، والمناوأة مِن الخصوم، والسّاعين بِهِ إلى الملوك، وكفاية الله إيّاه، وحِفْظه وصيانته عَنْ أن تنوشه أيدي النَّكَبَات، أو يُنتهكَ سِتْرُ دينه بشيءٍ مِن الزّلّات [2] .
وكانت خاتمة أمره إقباله على طلب حديث المصطفى صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، ومجالسة أهله، ومطالعة «الصّحيحَين» . ولو عاش لسبق الكلّ في ذَلِكَ الفنّ بيسيرٍ مِن الأيّام. ولم يتَّفق لَهُ أن يروي، ولم يُعْقِبْ إلّا البنات.
وكان لَهُ مِن الأسباب إرثًا وكسْبًا ما يقوم بكفايته، وقد عُرِضَت عليه أموال فما قَبِلَها [3] .
وممّا كَانَ يُعترض بِهِ عَليْهِ، وقوعُ خَلَلٍ مِن جهة النَّحْو يقع في أثناء كلامه، ورُوجع فيه، فأنْصف من نفسه، واعترف بأنّه ما مارسه، واكتفى بما كَانَ يحتاج إليه في كلامه، مَعَ أنّه كَانَ يؤلّف الخُطَب، ويشرح الكُتُب بالعبارة التّي يعجز الأدباء والفقهاء عن أمثالها.
__________
[1] طبقات ابن الصلاح 1/ 262، تبيين كذب المفتري 294، 295.
[2] انظر: طبقات ابن الصلاح 1/ 263، وتبيين كذب المفتري 295، 296.
[3] تبيين كذب المفتري 296.(35/118)
وممّا نُقِم عَليْهِ أيضًا ما ذَكَر مِن الألفاظ المستبشعة بالفارسيّة في كتاب «كيمياء السّعادة والعلوم» ، وشرح بعض الصُّوَر والمسائل، بحيث لَا يوافق مراسم الشّرع، وظواهر ما عَليْهِ قواعد الإسلام.
وكان الأَوْلَى بِهِ، والحقّ أحقّ ما يُقال، ترك ذَلِكَ التّصنيف، والإعراض عَنِ الشّرح لَهُ [1] ، فإنَّ العَوام ربّما لَا يُحكمون أُصول القواعد بالبراهين والحُجَج، فإذا سمعوا أشياء مِن ذَلِكَ تخيَّلوا منه ما هُوَ المُضِرّ بعقائدهم، ويَنْسِبُون ذَلِكَ إلى بيان مذهب الأوائل عَلَى أنّ المنصف اللّبيب إذا رَجَع إلى نفسه، علم أنّ أكثر ما ذكره ممّا رمز إليه إشارات الشّرع، وإنْ لم يَبُحْ بِهِ. ويوجد أمثاله في كلام مشايخ الطّريقة مرموزةً، ومصرَّحًا بها، متفرّقة. وليس لفظٌ منه إلّا وكما يُشعر أحدُ وجوهه بكلامٍ موهوم، فإنّه يُشِعر بسائر وجوهه بما يوافق عقائد أهل الملة، فلا يجب إذا حمْله إلّا عَلَى ما يوافق، ولا ينبغي أن يتعلَّق بِهِ في الرّدّ عَليْهِ متعلّق، إذا أمكنه أن يبيّن لَهُ وجهًا. وكان الأَوْلَى بِهِ أن يترك الإفصاح بذلك كما تقدم.
وقد سَمِعْتُ أنّه سمع مِن «سنن أَبِي داود» ، عَنِ القاضي أَبِي الفتح الحاكميّ الطّوسيّ.
وَسَمِعَ مِن أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أحمد الخُوَاري، مَعَ ابنيه الشّيخين: عَبْد الجبّار، وعبد الحميد، كتاب «المولد» لابن أَبِي عاصم، عَنْ أبي بَكْر أحمد بْن محمود بْن الحارث، عَنْ أَبِي الشّيخ، عَنْهُ [2] .
قلت: ما نقم عَبْد الغافر عَلَى أَبِي حامد مِن تِلْكَ الألفاظ الّتي في «كيمياء السّعادة» فلأبي حامد أمثاله في بعض تواليفه، حتّى قال فيه، أظنّه تلميذه ابن العربيّ: بلع شيخنا أبو حامد الفلاسفة، وأراد أن يتقيَّأهم فما استطاع. رَأَيْت غير واحدٍ مِن الأئمّة يقولون، إنّه ردّ عَلَى الفلاسفة في مواضع، ووافقهم عليها في بعض تواليفه، ووقع في شكوك، نسأل الله السّلامة واليقين، ولكنّه مثال حسن القصد.
__________
[1] المنتخب من السياق 74.
[2] المنتخب من السياق 74 وفيه: «وتمام الكتاب في جزءين مسموع له» .(35/119)
وللإمام أَبِي عَبْد الله محمد بْن عليّ المازريّ الصَّقَلّيّ كلام عَلَى «الإحياء» يدلّ عَلَى تبحُّره وتحقيقه، يَقُولُ فيه: وبعد فقد تكرّرتْ مكاتبتُكُم في استعلام مذهبنا في الكتاب المترجَم «بإحياء علوم الدّين» ، وذكرتم أنّ آراء النّاس فيه اختلفت، فطائفة انتصرت وتعصّبت لإشهاره، وطائفة منه حذّرت وعنه نفّرت، وطائفة لعَيْبِه أظهرت، وكُتُبه حرّقت، ولم تنفردوا أهل المغرب باستعلام ما عندي، بل كاتبني أهل المشرق مثل ذَلِكَ، فوجب عندي إبانة الحق. ولم نتقدّم إلى قراءة هذا الكتاب سوى نُبَذٍ منه. فإن [نَفَّس] [1] الله في العُمر، مَدَدْتُ في هذا الكتاب للأنفاس، وأزلت عن القلوب الالتباس. واعلموا أنّ هذا الرجل، وإن لم أكن قرأت كتابه، فقد رَأَيْت تلامذته وأصحابه، فكلٌ منهم يحكي لي نوعًا مِن حاله وطريقته، استلْوح منها مِن مذاهبه وسيرته، ما قام لي مقام العِيان، فأنا أقتصر في هذا الإملاء عَلَى ذِكر حال الرجل، وحال كتابه، وذِكر جُمِل مِن مذاهب الموحّدين، والفلاسفة، والمتصوّفة وأصحاب الإشارات. فإنّ كتابه متردّد بين هذه الطّرائق الثّلاث، لَا تعدوها، ثمّ أُتْبع ذَلِكَ بذِكر حيَل أهل مذهبٍ عَلَى أهل مذهب آخر، ثُمَّ أبين عن طرق الغرور، وأكشف عما فيه من خيال الباطل، ليُحذَر مِن الوقوع في حبائل صائده.
ثمّ أثنى المازَريّ عَلَى أَبِي حامد في الفقه، وقال: هُوَ بالفقه أعرف منه بأُصُوله، وأمّا عِلم الكلام الَّذِي هُوَ أُصول الدّين، فإنّه صنَّف فيه أيضًا، وُلّيس بالمستبحر فيها، ولقد فطنت لسبب عدم استبحاره، وذلك لأنّه قرأ علوم الفلسفة قبل استبحاره في فنّ الأُصُول، فِأكسَبَتْه قراءةُ الفلسفة جُرأةً عَلَى المعاني، وتسهُّلًا للهجوم عَلَى الحقائق، لأنّ الفلاسفة تمرّ مَعَ خواطرها، وليس لها حُكْم شَرْع يزَعُها [2] ، ولا يَخاف [3] مِن مخالفة أئمّة تتعبها [4] . وعرّفني بعض أصحابه أنّه كَانَ لَهُ عُكُوف عَلَى رسائل إخوان الصّفاء، وهي إحدى وخمسون رسالة،
__________
[1] في الأصل بياض. والمستدرك من (سير أعلام النبلاء 19/ 341) .
[2] في طبقات ابن الصلاح 1/ 256: «يردعها» .
[3] في الأصل: «يخاف» .
[4] في طبقات ابن الصلاح زيادة: «فلذلك خامرة ضرب من الإدلال على المعاني، فاسترسل فيها استرسال من لا يبالي بغيره» .(35/120)
ومصنّفها فيلسوف قد خاض في عِلْم الشّرْع والنَّقْل، فخرج ما بين العِلْمَيْن، وذكر الفلسفة، وحسّنها في قلوب أهل الشّرع بآياتٍ يتلو عندها، وأحاديث يذكرها.
ثمّ كَانَ في هذا الزّمان المتأخّر رجلٌ مِن الفلاسفة يُعرف بابن سينا، ملأ الدُّنيا تواليف في علوم الفلسفة، وهو فيها إمامٌ كبير، وقد أدّاه [1] قُوتُه في الفلسفة إلى أن حاول ردّ أُصول العقائد إلى علم الفلسفة، وتلطّف جَهْدَه حَتَّى تم لَهُ ما لم يتم لغيره. وقد رَأَيْت جملا من دواوينه، ووجدت هَذَا الغَزَالِي يعوّل عليه في أكثر ما يشير إِليْهِ مِن علوم الفلسفة [2] .
إلى أن قَالَ: وأمّا مذاهب الصُّوفيّة، فلست أدري عَلَى مِن عوَّل فيها [3] ، ولكنّي رَأَيْت فيما علّق عَنْهُ بعضُ أصحابه، أنّه ذكر كُتُب ابن سينا وما فيها، وذكر بعد ذَلِكَ كُتُب أَبِي حَيّان التّوحيديّ، وعندي أنّه عَليْهِ عوّل في مذاهب الصُّوفيّة.
وقد أُعْلِمتُ أنّ أبا حَيّان ألّف ديوانًا عظيمًا في هذا الفنّ، ولم يُنقل إلينا شيءٌ منه.
ثمّ ذكر المازَرِيّ تَوَهُّنَه أكثر ما في «الإحياء» مِن الأحاديث. وقال: عادة المتورّعين أن لَا يقولوا: قَالَ مالك، قَالَ الشّافعيّ. فيما لم يثبُت عندهم. وفي كتابه مذاهب وآراء في العمليّات هِيَ خارجة عَنْ مذاهب الأئمّة. واستحسانات عليها طلاوة، لَا تستأهل أن يُفتى بها. وإذا تأمّلتَ الكتابَ وجدتَ فيه مِن الأحاديث والفَتْوى ما قلته، فَيَستحسن أشياء مبناها عَلَى ما لَا حقيقة لَهُ، مثل قصّ الأظْفار أن تبدأ بالسَّبّابة، لأنّ لها الفضل عَلَى بقيّة الأصابع، لأنّها
__________
[1] كذا في الأصل وطبقات ابن الصلاح 1/ 257، وفي (السير 19/ 341) : «أدّته» .
[2] في طبقات ابن الصلاح زيادة: «حتى أنه في بعض الأحايين ينقل نصّ كلامه من غير تغيير، وأحيانا يغيّره بنقله إلى الشرعيّات أكثر من نقل ابن سينا، لكونه أعلم بأسرار الشرع منه، فعلى ابن سينا ومؤلّف «رسائل إخوان الصفا» عوّل الغزالي في علم الفلسفة» .
[3] قال السبكي: «لم يكن عمدته في «الإحياء» بعد معارفه وعلومه وتحقيقاته التي جمع بها شمل الكتاب ونظم بها محاسنه إلّا على كتاب قوت القلوب لأبي طالب المكّي، وكتاب الرسالة للأستاذ أبي القاسم القشيري المجمع على جلالتهما، وجلالة مصنّفيهما. وأما ابن سينا فالغزالي يكفّره، فكيف يقال: إنه يقتدي به؟» . (طبقات الشافعية الكبرى 6/ 247) .(35/121)
المُسَبّحة، ثمّ نقصّ ما يليها مِن الوسطى [1] ، لأنّها ناحية اليمين، ونختم بإبهام اليمنى. وذَكَر في ذَلِكَ أثرًا [2] .
وقال: مِن مات بعد بلوغه ولم يعلم أنّ البارئ قديم، مات مسلمًا إجماعًا. ومن تَساهلَ في حكاية الإجماع في مثل هذا الَّذِي الأقرب أن يكون فيه الإجماع يعكس ما قَالَ، الحقيق أن لَا يوثَّق بما فعل.
وقد رَأَيْت لَهُ في الجزء الأوّل أنّه ذكر أنّ في علومه هذه ما لَا يسوغ أن تُودَع في كتاب. فليت شِعْري، أحقٌ هُوَ أو باطل؟ فإنْ كَانَ باطلًا فصَدق، وإن كَانَ حقًا، وهو مُرادُه بلا شكّ، فلِمَ لَا يودَع في الكُتُب، أَلغُمَوضه ودِقّته؟ فإن كَانَ هُوَ فَهْمُه، فما المانع لأن يفهمه غيره [3] .
قَالَ الطُّرْطُوشيّ محمد بْن الوليد في رسالة لابن المظفَّر: فأمّا ما ذكرت مِن أمر الغزّاليّ، فرأيت الرجل وكلّمته، ورأيته جليلًا مِن أهل العِلْم، قد نَهَضَت بِهِ فضائلُه، واجتمع فيه العقل والفَهْم، وممارسة العلوم طول عُمره. وكان عَلَى ذَلِكَ مُعْظَم زمانه، ثمّ بدا لَهُ عَنْ طريق العالم، ودخل في غُمار العُمّال، ثمّ تصوّف، فهجر العلومَ وأهلها، ودخل في علوم الخواطر، وأرباب العقول [4] ، ووساوس الشّيطان، ثم شابَها بآراء الفلاسفة، ورموز الحلّاج، وجعل يطعن عَلَى الفقهاء والمتكلّمين. ولقد كَاد أن ينسلخ مِن الدّين. فلمّا عمل «الإحياء» عمد يتكلّم في عُلُوم الأحوال ومرامز الصُّوفيّة، وكان غير أنيسٍ بها، ولا خبير بمعرفتها، فسقط عَلَى [أمّ رأسه] [5] وشحن كتابه بالموضوعات.
__________
[1] في الأصل: «الواسطي» .
[2] قال الإمام النووي في (شرح المهذّب 1/ 345) : قال الغزالي في (الإحياء 1/ 141) : «يبدأ بمسبّحة اليمنى، ثم الوسطى، ثم البنصر، ثم الخنصر، ثم خنصر اليسرى إلى الإبهام، ثم إبهام اليمنى، وذكر فيه حديثا وكلاما في حكمته، وهذا الّذي قاله مما أنكره عليه الإمام أبو عبد الله المازري المالكي الإمام في علم الأصول والكلام والفقه، وذكر في إنكاره عليه كلاما لا يؤثر ذكره، والمقصود أن الّذي ذكره الغزالي لا بأس به إلّا في تأخير إبهام اليمنى فلا يقبل قوله فيه، بل يقدّم اليمنى بكمالها، ثم يشرع في اليسرى، وأما الحديث الّذي ذكره فباطل لا أصل له» .
[3] انظر: طبقات ابن الصلاح 1/ 255- 259.
[4] في (السير 19/ 339) : «القلوب» .
[5] في الأصل: «فسقط على الإثم» وبعدها بياض، والمستدرك من: سير أعلام النبلاء 19/ 339.(35/122)
وقال أبو عَمْرو [1] بْن الصّلاح: فصْلٌ [لبيان أشياء مهّمة] [2] أُنْكِرتْ عَلَى الغزّاليّ في مصنَّفَاته، ولم يَرْتضِها أهلُ مذهبه وغيرهم مِن الشّذوذ في تصرّفاته، منها قولُه في المنطق: [3] هُوَ مقدّمة العلوم كلّها، ومن لَا يحيط بِهِ، فلا ثقة لَهُ بمعلومه [4] أصلًا، وهذا مردودٌ، فكلّ صحيح الذّهْن مَنْطِقيّ بالطَّبْع، وكيف غفل الشّيخ أبو حامد حال مشايخه مِن الأئمّة، وما رفعوا بالمنطق رأسا [5] .
__________
[1] في الأصل: «أبو عمر» .
[2] في الأصل بياض. والمستدرك من (طبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح 1/ 252) .
[3] عند ابن الصلاح: «قوله في مقدّمة المنطق في أول «المستصفى» .
[4] عند ابن الصلاح: «بعلومه» .
[5] قال ابن الصلاح: سمعت الشيخ عماد الدين ابن يونس يحكي عن يوسف الدمشقيّ مدرّس نظامية بغداد- وكان من النّظّار المعروفين- أنه كان ينكر هذا الكلام ويقول: فأبو بكر وعمر وفلان وفلان- يعني أن أولئك السادة- عظمت حظوظهم من البلج واليقين، ولم يحيطوا بهذه المقدّمة وأشباهها.
قال ابن الصلاح: تذكّرت بهذا ما حكى صاحب كتاب «الإمتاع والمؤانسة» أنّ الوزير ابن الفرات احتفل مجلسه ببغداد بأصناف من الفضلاء من المتكلّمين وغيرهم، وفيهم الأشعري رحمة الله عليه، وفي المجلس متّى الفيلسوف النصراني، فقال الوزير: أريد أن ينتدب منكم إنسان لمناظرة متّى في قوله: إنه لا سبيل إلى معرفة الحق من الباطل، والحجّة من الشبهة، والشكّ من اليقين، إلّا بما حويناه من المنطق، واستفدناه من واضعه على مراتبه، فانتدب له أبو سعيد السيرافي، وكان فاضلا في علوم غير النحو، فكلّمه في ذلك حتى أفحمه وفضحه، وليس هذا موضع التطويل بذكره. وغير خاف استغناء العلماء والعقلاء- قبل واضع المنطق أرسطاطاليس وبعده- ومعارفهم الجمّة عن تعلّم المنطق، وإنما المنطق عندهم- بزعمهم- آلة صناعية تعصم الذهن من الخطأ، وكلّ ذي ذهن صحيح منطقيّ بالطبع، فكيف غفل الغزالي عن حال شيخه إمام الحرمين فمن قبله من كل إمام هو له مقدّم، ولمحلّه في تحقيق الحقائق رافع له ومعظّم، ثم لم يرفع أحد منهم بالمنطق رأسا، ولا بنى عليه في شيء من تصرّفاته أسّا، ولقد أتى بخلطه المنطق بأصول الفقه بدعة عظم شؤمها على المتفقّهة حتى كثر بعد ذلك فيهم المتفلسفة، والله المستعان.
وقد علّق الشيخ عبد القادر بدران على هامش أصل طبقات ابن الصلاح بقول:
«أقول: قول حجّة الإسلام: ومن لا يحيط بها، أي علما، سواء كان ذلك بالطبع أو بالتعليم، وهذا نظير قول النحويّ وصاحب علم المعاني فيمن لا فقه له في هذه العلوم، لا ثقة بما فهمه، وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما من أعلم الناس بالنحو والمعاني طبعا وسليقة، وكذلك كانت قواعد المنطق مركوزة في طباعهم ولو لم يعبّروا عنها بالقواعد المشهورة، كما أنهم ما كانوا يعبّرون عن النحو والمعاني بالعبارات المدوّنة اليوم، ألا ترى إلى قوله تعالى: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا الله لَفَسَدَتا 21: 22، وما فيه من البلاغة بحيث لو اجتمع علماء المنطق بأجمعهم لم(35/123)
قَالَ ابن الصّلاح: [1] وأمّا كتاب «المضْنوُن بِهِ عَلَى غير أهله» ، فَمَعَاذ الله أن يكون لَهُ. شاهدتُ عَلَى نسخة بخطّ القاضي كمال الدِّين محمد بْن عَبْد الله ابن الشّهْرزُوريّ أنّه موضوعٌ عَلَى الغزاليّ، وأنّه مخَتَرعٌ مِن كتاب «مقاصد الفلاسفة» ، وقد نقضه بكتاب «التّهافُت» [2] .
وقال أبو بَكْر الطُّرْطُوشيّ: شحن الغزاليّ كتابه «الإحياء» بالكذِب عَلَى رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ، فلا أعلم كتابًا عَلَى بسطة الأرض أكثر كذبا على رسول الله منه.
ثمّ شبّكه بمذاهب الفلاسفة، ومعاني رسائل إخوان الصَّفَاء وهم قومٌ يرون النُّبُوَّة اكتسابًا. فليس نبيّ في زعمهم أكثر مِن شخص فاضل، تخلَّق بمحاسن الأخلاق، وجانَبَ سفاسفها، وساس نفسه، حتّى مَلَك قيادها، فلا تغلبه شهواته، ولا يقهره سوء أخلاقه، ثمّ ساس الخلق بتلك الأخلاق. وزعموا أنّ المعجزات حيل ومخاريق [3] .
__________
[ () ] يقدروا على الإتيان بمثلها، وكثير من قواعد المنطق جار عليها، فالتحامل على حجّة الإسلام في هذه المقولة إنما هو من فرط جهالة بمقامه، على أن قوله: فلا ثقة له بعلومه أصلا، المراد به العلوم المأخوذة من الكتب التي بنيت قواعدها على قواعد المنطق لا العلوم المأخوذة من غيرها، والصحابة قد أحاطوا بهذه المقدّمة علما ذوقيّا، ولم يكن عندهم كتب أخذوا منها علومهم، بل كانت كتبهم القرآن العظيم المشتمل على جميع العلوم، وما فهموه من مشكاة نور صاحب الرسالة المعصوم، فحقّق ما أمليته لك تكن من الفائزين» . (طبقات ابن الصلاح 1/ 252، 253 بالحاشية رقم 3) .
[1] في طبقاته 263.
[2] هو: تهافت الفلاسفة. طبع عدّة طبعات، أجودها بتحقيق الدكتور سليمان دنيا، طبعة القاهرة 1955 م.
وزاد ابن الصلاح عن القاضي الشهرزوريّ: أنه نفذ في طلب هذا الكتاب إلى البلاد البعيدة، فلم يقف له على خبر.
قال ابن الصلاح: وهذه النسخة ظهرت في هذا الزمان الغريب، ولا يليق بما صحّ عندنا من فضل الرجل ودينه.
وقد نقل كتاب آخر مختصر نسب إليه، ولما بحثنا عنه تحقّقنا أنه وضع عليه، وفي آخر هذه النسخة بخطّ آخر: هذا منقول من كتاب حكاية «مقاصد الفلاسفة» حرفا بحروف، والغزالي إنما ذكره في «المقاصد» حكاية عنهم غير معتقد له، وقد نقضه بكتاب «التهافت» وهذا الكتاب فيه التصريح بقدم العالم، ونفي الصفات، وبأنه لا يعلم الجزئيات سبحانه وتعالى، والإشارة إلى إحالة حشر الأجساد بإثبات التناسخ، ولم يكن هذا معتقده. (الطبقات 1/ 263، 264) .
[3] اختصره في (سير أعلام النبلاء 19/ 334) .(35/124)
وقال الحافظ أبو القاسم بْن عساكر في ترجمته [1] : ثمّ حجّ، ودخل الشّام، وأقام بها نحوًا مِن عشر سِنين، وصنَّف، وأخذ نفسه بالمجاهدة، وكان مُقامه بدمشق في المنارة الغربيّة مِن الجامع.
وقد سَمِعَ «صحيح الْبُخَارِيّ» من أبي سهل محمد بْن عُبَيْد الله الحفْصيّ.
وقدم دمشق في سنة تسعٍ وثمانين.
قلتُ: وجالس بها الفقيه نصر المقدسيّ.
وقال القاضي شمس الدّين بْن خَلّكان: [2] إنّه لزِم إمامَ الحرمين، فلمّا تُوُفّي خرج إلى نظام المُلْك، فبالغ في إكرامه، وولّاه نظاميّة بغداد، فسا إليها في سنة اربعٍ وثمانين، وأقبل عَليْهِ أهْل العراق، وارتفع شأنه. ثمّ ترك ذَلِكَ في سنة ثمانٍ وثمانين، وتزهَّد، وحجَّ، ورجع إلى دمشق، فاشتغل بها مدّة بالزّاوية الغربيّة، ثمّ انتقل إلى بيت المقدس، وجُدَّ في العبادة، ثمّ قصد مصر، وأقام مدّة بالإسكندرية، ويقال إنّه عزم عَلَى المُضِيّ إلى الأمير يوسف بْن تاشفين سلطان مَرّاكُش، فبلغه نَعيُّه.
ثمّ أنّه عاد إلى وطنه بطُوس.
وصنَّف التّصانيف: «البسيط» ، و «الوسيط» ، و «الوجيز» ، و «الخلاصة» في الفقه، و «إحياء علوم الدّين» .
وفي الأصول: «المستصفى» ، و «المنخول» ، و «اللّباب» ، و «بداية الهداية» ، و «كيمياء السّعادة» ، و «المأخذ» ، و «التّحصين» ، و «المعتقد» ، و «إلجام العوامّ» ، و «الرّدّ على الباطنيّة» ، و «الإقتصاد في اعتقاد الأوائل» ، و «جواهر القرآن» ، و «الغاية القصوى» ، و «فضائح الإباحيّة» ، و «عود الدّور» .
وله: «المِنْجَل في عِلم الْجَدَل» ، وكتاب «تهافت الفلاسفة» ، وكتاب «محكّ النّظر» ، و «معيار العلم» ، و «المضنون به على غير أهله» .
__________
[1] قول ابن عساكر ليس في (تاريخ دمشق) و (تبيين كذب المفتري) . وقال السبكي: كذا نقل شيخنا الذهبي، ولم أجد ذلك في كلام ابن عساكر، لا في تاريخ الشام ولا في التبيين.
(طبقات الشافعية الكبرى 6/ 197) .
[2] في وفيات الأعيان 4/ 216.(35/125)
و «شرح الأسماء الحسنى» ، و «مشكاة الأنوار» ، و «المنقذ من الضّلال» ، و «حقيقة القولين» ، وغير ذلك من الكتب. وقد تصدّر للإملاء.
ولد سنة خمسين وأربعمائة.
وقال عَبْد الغافر [1] : تُوُفّي يوم الإثنين رابع عشر جُمَادَى الآخرة سنة خمس، ودُفِن بمقبرة الطّابران، وهي قصبة بلاد طوس.
وقولهم: الغزّاليّ، والعطّاريّ، والخبّازيّ، نسبة إلى الصَّنائع بلغة العجم، وإنّما ينبغي أن يقال الغزّال، والعطّار، ونحوه.
وللغزاليّ أخٌ واعظ مدرّس لَهُ القَبُول التّامّ في التّذكير واسمه:
- أبو الفتوح أحمد.
درّس بالنظاميّة ببغداد، نيابة عن أخيه لمّا ترك التّدريس، قليلًا، وبقي إلى حدود سنة عشرين وخمسمائة.
وقال ابن النّجّار في «تاريخه» : الغزّاليّ إمام الفُقهاء عَلَى الإطلاق، وربّانيّ الأمة بالاتّفاق، ومجتهد زمانه، وعين أوانه. برع في المذهب، والأُصول، والخلاف، والْجَدَل، والمنطق، وقرأ الحكمة، والفلسفة، وفهم كلامهم، وتصدّى للرّدّ عليهم. وكان شديد الذّكاء، قويّ الإدراك ذا فِطْنة ثاقبة، وغوص عَلَى المعاني، حتى قِيلَ إنّه ألّف كتابه «المنخول» ، فلمّا رآه أبو المعالي قَالَ: دَفنتني وأنا حيّ، فهلّا صبرتَ حتّى أموت، لأنّ كتابك غطّى عَلَى كتابي [2] .
ثمّ روى ابن النّجّار بسنده، أنّ والد الغزّاليّ كَانَ رجلًا مِن أرباب المِهَن يغزل الصُّوف، ويبيعه في دُكّانه بطُوس، فلمّا احتضر أوصى بولديه محمد وأحمد إلى صديقٍ لَهُ صوفيّ صالح، فعلّمهما الخطّ، وفني ما خلَّف لهما أبوهما، وتعذّر عليهما القُوت، فقال: أرى لكما أن تلجأ إلى المدرسة كأنّكما طالبَيْن للفِقْه، عسى يحصل لكما مقدار قوتكما. ففعلا ذلك.
__________
[1] في المنتخب 74، 75.
[2] المنتظم 9/ 168، 169 (17/ 125) .(35/126)
وقال أبو العبّاس أحمد الخطيبيّ: كنت يومًا في حلقة الغزّاليّ، رحمه الله، فقال: مات أَبِي، وخلّف لي ولأخي مقدارًا يسيرًا، ففني، بحيث تعذّر القُوت علينا، وصرنا إلى مدرسةٍ نطلب الفقه، لَيْسَ المراد سوى تحصيل القُوت. وكان تعلُّمنا لذلك لَا للَّه. فأبى أن يكون للَّه.
وقال أسعد المَيْهنيّ: سَمِعْتُ الغزّاليّ يَقُولُ: هاجرت إلى أَبِي نصر الإسماعيلي بجُرْجان، فأقمت إلى أن أخذت عَنْهُ «التّعليقة» [1] .
قَالَ ابن النّجّار: وقرأتُ عَلَى أبي القاسم الأَسَديّ العابد بالثّغر، عن أَبِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ الأشيريّ [2] قال: سمعت أبا محمد عبد المؤمن بن عليّ القيسيّ، سمعت أبا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن تُومرْت السُّوسيّ يَقُولُ: أبو حامد الغزّاليّ قرع الباب وفُتِح لنا.
قَالَ ابن النّجّار: بلغني أنّ أبا المعالي الْجُوَيْنيّ كَانَ يصف تلامذته يَقُولُ:
الغزّاليّ بحرٌ مُغْرِق، إلْكِيا أسدٌ مخرِق [3] ، والخَوَافي [4] نارٌ تحرق [5] .
وقال أبو محمد العثمانيّ، وغيره: سمعنا محمد بْن يحيى بْن عبد المنعم العَبْدَريّ المؤدّب يَقُولُ: رأيت بالإسكندريّة سنة خمسمائة كأن الشّمس طلعت مِن مغربها، فعبّره لي عابرٌ ببدعةٍ تَحْدُث فيهم، فبعد أيّامٍ وصل الخبر بإحراق كُتُب الغزّاليّ بالمَرِية.
وقال أبو عامر العَبْدري الحافظ: سَمِعْتُ أبا نصر أحمد بن محمد بن عبد
__________
[1] انظر: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 6/ 195.
[2] الأشيري: بفتح الهمزة، وكسر الشين، وسكون الياء. نسبة إلى أشير، حصن بالمغرب.
(اللباب) .
وهو: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن علي الأشيري الصنهاجي. توفي سنة 561 بالشام، ودفن ببعلبكّ ظاهر باب حمص شماليّ البلد، وقبره ظاهر ببعلبكّ. (وفيات الأعيان 7/ 86، شذرات الذهب 4/ 198، موسوعة علماء المسلمين- تأليفنا- القسم الثاني- ج 2/ 274 رقم 617) .
[3] في سير أعلام النبلاء 19/ 336: «أسد مطرق» .
[4] الخوافي: بفتح الخاء المعجمة والواو، وفاء نسبة إلى خواف، ناحية من نواحي نيسابور كثيرة القرى. وهو أبو المظفّر أحمد بن محمد بن المظفّر الفقيه الشافعيّ.
[5] وكان الجويني يقول في تلامذته: إذا ناظروا: التحقيق للخوافي، والحدسيات للغزالي، والبيان للكيا. (طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 6/ 2- 2) .(35/127)
القاهر الطّوسيّ يحلف باللَّه أنّه أبصر في نومه كأنّه ينظر في كُتُب الغزّاليّ، فإذا هِيَ كلّها تصاوير.
قلت: للغزّاليّ غَلَط كثير، وتناقض في تواليفه، ودخولٌ في الفلسفة، وشُكوك. ومن تأمَّل كُتُبُه العقْليّة رَأَى العجائب. وكان مزجيّ البِضاعة مِن الآثار، عَلَى سعة علومه، وجلالة قدره، وعظمته.
وقد روى عَنْهُ أبو بَكْر بْن العربيّ الإمام «صحيح الْبُخَارِيّ» ، بروايته عَنِ الحفصيّ، فيما حكى ابن الحدّاد الفاسي، ولم يكن هذا بثقة، فاللَّه أعلم [1] .
__________
[1] وقال ابن الجوزي: إن الغزالي أقام ببيت المقدس ودمشق مدّة يطوف المشاهد، وأخذ في تصنيف كتاب «الإحياء» في القدس، ثم أتمّه بدمشق إلّا أنه وضعه على مذهب الصوفية، وترك فيه قانون الفقه، مثل أنه ذكر في محو الجاه ومجاهدة النفس أن رجلا أراد محو جاهه فدخل الحمّام، فليس ثياب غيره، ثم لبس ثيابه فوقها، ثم خرج يمشي على مهل حتى لحقوه فأخذوها منه، وسمّي سارق الحمّام، وذكر مثل هذا على سبيل التعليم للمريدين قبيح، لأن الفقه يحكم بقبح هذا، فإنه متى كان للحمّام حافظ وسرق سارق قطع، ثم لا يحلّ لمسلم أن يتعرّض بأمر يأثم الناس به في حقّه، وذكر أن رجلا اشترى لحما فرأى نفسه تستحيي من حمله إلى بيته، فعلّقه في عنقه ومشى، وهذا في غاية القبح، ومثله كثير ليس هذا موضعه. وقد جمعت أغلاط الكتاب وسمّيته «إعلام الأحياء بأغلاط الإحياء» ، وأشرت إلى بعض ذلك في كتابي المسمّى «تلبيس إبليس» مثل ما ذكر في كتاب النكاح أن عائشة قالت للنّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: أنت الّذي تزعم أنك رسول الله! وهذا محال، وإنما كان سبب إعراضه فيما وضعه عن مقتضى الفقه أنه صحب الصوفية، فرأى حالتهم الغاية وقال: إني أخذت الطريقة من أبي علي الفارمذي وامتثلت ما كان يشير به من وظائف العبادات واستدامة الذكر إلى أن جرت تلك العقبات وتكلّفت تلك المشاق، وما حصّلت ما كنت أطلبه.
ثم إنه نظر في كتاب أبي طالب المكيّ وكلام المتصوّفة القدماء فاجتذبه ذلك بمرّة عمّا يوجبه الفقه. وذكر في كتاب «الإحياء» من الأحاديث الموضوعة وما لا يصح غير قليل، وسبب ذلك قلّة معرفته بالنقل، فليته عرض تلك الأحاديث على من يعرف، وإنما نقل نقل حاطب ليل.
وكان قد صنّف للمستظهر كتابا في الردّ على الباطنية، وذكر في آخر مواعظ الخلفاء فقال:
روي أن سليمان بن عبد الملك بعث إلى أبي حازم: ابعث إليّ من إفطارك، فبعث إليه نخالة مقلوّة، فبقي سليمان ثلاثة أيام لا يأكل، ثم أفطر عليها، وجامع زوجته، فجاءت بعبد العزيز، فلما بلغ ولد له عمر بن عبد العزيز. وهذا من أقبح الأشياء، لأن عمر ابن عمّ سليمان، وهو الّذي ولّاه، فقد جعله ابن ابنه، فما هذا حديث من يعرف من النقل شيئا أصلا.
وكان بعض الناس شغف بكتاب «الإحياء» فأعلمته بعيوبه، ثم كتبته له، فأسقطت ما يصلح إسقاطه، وزدت ما يصلح أن يزاد.
سمعت إسماعيل بن علي الموصلي الواعظ يحكي عن أبي منصور الرزّاز الفقيه قال: دخل أبو(35/128)
أَنَا صَبٌّ مُسْتهامُ ... وهمومٌ لي عظامُ
طال ليلي دون صحبتي ... سهرتْ عينيّ وناموا
بي غليلٌ وعليل ... وغريم وغرامُ
ففؤادي لحبيبي ... ودمي لَيْسَ حرامُ
ثمّ عِرضي لعَذُولي ... أمّة العشق كرام [1]
123- مقاتل بْن عطيّة بْن مقاتل [2] .
أبو الهَيْجا البكْريّ، الحجازي.
الأمير شبْل الدّولة. مِن أولاد أمراء العرب.
دخل خُرَاسان، وغَزْنَة لوحشةٍ وقعت بينه وبين إخوته، واختصّ بالوزير نظام المُلْك وصاهره، ثمّ عاد إلى بغداد لمّا قُتِل النّظام.
وله شِعْر جيد.
ثمّ قصد كَرْمان ليمتدح وزيرَها ناصر الدّين مُكْرَم بْن العلاء، فوفد عَليْهِ،
__________
[ () ] حامد بغداد، فقوّمنا ملبوسه ومركوبة خمسمائة دينار، فلما تزهّد وسافر وعاد إلى بغداد فقوّمنا ملبوسه خمسة عشر قيراطا.
وحدّثني بعض الفقهاء عن أنوشروان، وكان قد وزر للخليفة، أنه زار أبا حامد الغزالي، فقال له أبو حامد: زمانك محسوب عليك، وأنت كالمستأجر، فتوفّرك على ذلك أولى من زيارتي، فخرج أنوشروان وهو يقول: لا إله إلّا الله، هذا الّذي كان في أول عمره يستزيد في فضل لقب في ألقابه كان يلبس الذهب والحرير، فآل أمره إلى هذا الحال. (المنتظم) .
[1] وردت هذه الأبيات هنا في الأصل دون نسبتها إلى أحد.
وقيل إن تصانيف الغزالي وزّعت على أيام عمره، فأصاب كلّ يوم كرّاس. (آثار البلاد 413) .
ورثاه الأبيوردي:
بكى على حجّة الإسلام حين ثوى ... من كلّ حيّ عظيم القدر أشرفه
مضى وأعظم مفقود فجعت به ... من لا نظير له في الناس يخلفه
(آثار البلاد 415) .
وأنشد أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن يوسف الطرابلسي في أبي حامد الغزالي:
هذّب المذهب حبر ... أحسن الله خلاصه
«بسيط» و «وسيط» ... و «وجيز» و «خلاصه»
(طبقات الشافعية الكبرى 4/ 115) .
[2] انظر عن (مقاتل بن عطية) في: وفيات الأعيان 5/ 257- 260، وسير أعلام النبلاء 19/ 271 رقم 171، وعيون التواريخ 12/ 7- 9. ومرآة الجنان 3/ 197، 198، والنجوم الزاهرة 5/ 204.(35/129)
فوصَلَه بألفيْ دينار لمّا أنشده قصيدته:
دَعِ العِيسَ تذْرعُ عرْضَ الفلا ... إلى ابنِ العَلاءِ وإلا فلا
ثمّ إنّه دخل هَرَاة، وأحبّ بها امرأةً، وقال فيها الأشعار، ثمّ مرض، وغلبت عَليْهِ السَّوداء، وتُوُفّي في حدود هذه السّنة، في ربيع الأوّل بمرو وله ديوان [1] .
- حرف الهاء-
124- هبة اللَّه بْن عَليّ بْن الفَضْل [2] .
أبو سعْد الشّيرازيّ، الأديب.
سَمِعَ: أبا طَالِب محمد بْن محمد بْن غَيْلان.
روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عليّ زُفرة المفيد الإصبهاني، وغيره.
وتُوُفّي في صَفَر عَنْ: أربعٍ وسبعين سنة.
- حرف الياء-
125- يوسف بْن عَبْد العزيز بْن عُدَيْس [3] .
أبو الحَجّاج الأنصاريّ، الأندلسيّ.
مكثر عَنْ: أَبِي عُمَر بْن عَبْد البَرّ.
وسمع بطُلَيْطلَة من جُماهر بْن عَبْد الرَّحْمَن. وسكنها وتفقَّه بها.
وكان حافظا، ذكيّا، متقنا، ومصنّفا [4] .
__________
[1] وقال ابن خلكان: وكان من جملة الأدباء الظرفاء، وله النظم البديع الرائق، وبينه وبين العلّامة أبي القاسم الزمخشريّ مكاتبات ومداعبات، وكتب إليه قبل الاجتماع به:
هذا أديب كامل ... مثل الدراري درره
زمخشريّ فاضل ... أنجبه زمخشره
كالبحر إن لم أره ... فقد أتاني خبره
فكتب إليه الزمخشريّ:
شعره أمطره شعري شرفا ... فاعتلى منه ثياب الحسد
كيف لا يستأسد النبت إذا ... بات مسقيّا بنوء الأسد
[2] لم أجده.
[3] انظر عن (يوسف بن عبد العزيز) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 681، 682 رقم 1507.
[4] في (الصلة) : وكان من أهل العلم والمعرفة والفهم، حافظا، ذكيا، متقنا، وله كلام على(35/130)
روى عنه: أبو عامر بْن حبيب الشّاطبيّ.
توفّي في نصف شوّال.
__________
[ () ] معاني من الحديث. أخبرنا عنه أبو عامر بن حبيب الشاطبي في كتابه إلينا، وأثنى عليه. وتوفي ببلاد العدوة منتصف شهر شوال سنة خمسين وخمسمائة!!.
هكذا ورد في المطبوع، والصحيح: سنة خمس وخمسمائة.(35/131)
سنة ست وخمسمائة
- حرف الألف-
126- أحمد بْن الفَرَج بْن عُمَر [1] .
أبو نصر الدّيَنَوريّ، الإبريّ [2] ، والد شُهْدَة.
شيخ، زاهد، ثقة، خيّر.
سَمِعَ: أبا يَعْلَى بْن الفرّاء، وأبا الغنائم بْن المأمون، وجماعة.
روى عَنْهُ: بنته.
وتوفّي في جمادى الأولى مِن السّنة [3] .
127- أحمد بْن أَبِي عاصم [4] .
الصَّيْدلانيّ، الهَرَويّ. أحد المعمَّرين.
سَمِعَ: أبا يعقوب القرّاب الحافظ.
قَالَ أبو سعْد السّمعانيّ: أجاز لي مَرْويّاته في سنة ستٌّ هذه.
128- أحمد بْن محمد بْن عُمَر بْن إبراهيم [5] .
أبو منصور الكرمانيّ، ثمّ الإصبهاني، الواعظ، الزّاهد، ويُعرف بابن إدريس.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن الفرج) في: المنتظم 9/ 172 رقم 280 (17/ 129 رقم 3802) ، والكامل في التاريخ 10/ 493، 494، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 43، وتوضيح المشتبه 1/ 119.
[2] الإبري: بكسر الهمزة، وفتح الموحّدة. نسبة إلى بيع الإبر وعملها، وهي جمع إبرة.
[3] وقال ابن الأثير: «وكان حسن السيرة، متزهّدا» . (الكامل 10/ 494) .
[4] لم أجده.
[5] لم أجده.(35/132)
روى عَنْ: أَبِي طاهر بْن عَبْد الرحيم.
روى عَنْهُ: أبو موسى الحافظ وقال: تُوُفّي في تاسع صَفَر. ودُفِن عند قبر حُممة الدَّوْسيّ.
129- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن محمد ابن القارئ [1] .
أبو غالب الهَمَذَانيّ، الخفّاف، العدْل.
كَانَ شيخًا مُسِنًا، مَعْمَرا، مِن أهل الشّهادات. وُجِد سماعُه في كتب المحدّثين.
روى عَنْ: أَبِي سَعِيد بْن شُبانة، ومنصور بْن عَبْد الرَّحْمَن الحنبليّ، والحسين بن عمر النهاوندي الصوفي.
روى عنه: السلفي، وشهردار بن شيرويه.
وأظن الحافظ أبا العلاء روى عنه. وآخر من روى عنه أبو الكرم علي بن عبد الكريم.
وقد حدَّث في سنة ستٌّ هذه. ولم يذكر لَهُ شِيرَوَيْه وفاة.
130- أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحُسَيْن [2] .
الأستاذ أبو الحُسَيْن الكرمانيّ، الزّاهد، شيخ الصوفية.
ذكره عَبْد الغافر الفارسيّ فقال: أحد أولياء الله، ومن أفراد عصره مجاهدة ومُعاملة وخُلقًا ومشاهدة.
ورد نَيْسابور، وأقام عند أَبِي القاسم القُشَيْريّ، وسلك طريق الإرادة ونفذ منها. وكان أبو القاسم يعتني بِهِ.
وحصّل مِن العلوم ما يحتاج إليه مِن الأصول والفُروع، وجمع كتب أَبِي القاسم وسمعها، ثمّ غلب عَليْهِ قوة الحال، فصار مستغرقًا في الإرادة.
وكان ظريف اللّقاء، مقبول المشاهدة، رخيم الصَّوْت، ولم يزل في صحبة
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد الخفاف) في: العبر 4/ 11، ومرآة الجنان 3/ 193، وعيون التواريخ 12/ 20، وشذرات الذهب 4/ 13، 14.
[2] انظر عن (أحمد بن عبد الرحمن) في: المنتخب من السياق 116 رقم 251.(35/133)
الشَّيْخ أَبِي القاسم إلى أن تُوُفّي، فعاد إلى كَرمان، وقد طاب وقتُه مرّةً، فخرج مِن الكُتُب الّتي حصّلها، ووضعها في الوسط، فأشار عَليْهِ أبو القاسم بحِفْظ ذَلِكَ. وقال: احفظها وديعةً عندك، ولم يأذن لَهُ في بَيْعها ولا هِبتها، فكان يستصحبها، يصونُها ولا يُطالعها، ويقول: إنّها وديعة للإمام عندي. واشتغل بما كَانَ لَهُ مِن الأحوال العالية الصّافية، ثمّ بعد ما صار إلى كَرْمان، بقي شيخَ وقته، ووقع لَهُ القبول عند الملوك، والوزراء، والأكابر، واستكانوا لَهُ، وتبرَّكوا بِهِ. وما كَانَ يرغب فيهم ولا يأخذ أموالهم، بل كَانَ يجتنبهم، ويختار العُزلة والانزواء ببعض القرى.
جاء نِعيُّه إلى نيسابور في سنة أربع وسبعين وأربعمائة، ثمّ ظهر خلاف ذَلِكَ، وعاش إلى سنة ستّ وخمسمائة، فجاء نعيُّه في منتصف ربيع الأوّل.
سَمِعَ الكثير، وما روى إلّا القليل.
قلت: عاش سبعين أو ثمانين سنة.
131- أحمد بْن عليّ بْن محمد بْن عَبْدُوس [1] .
أبو حامد بْن الحذاء النَّيْسابوريّ.
ذكره عَبْد الغافر فقال: شيخ مستور مِن أقارب الحاكم الحسكانيّ.
سَمِعَ مِن: صاعد بْن محمد.
وسمع «مُسْنَد العشرة» مِن أَبِي سعْد النّصرويّ.
وسمع «فضائل الصّحابة» لأحمد بْن حنبل مِن النّصروي، بسماعه مِن أَبِي بَكْر القَطِيعيّ سنة سبْعٍ وستّين.
أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَد: نا أَبِي وقرئ عَليْهِ بدلالة الوالد عَليْهِ. واسم أَبِي سعْد عَبْد الرَّحْمَن بْن حمدان.
وُلِد أحمد في سنة ثمان عشرة، وتُوُفّي في شوّال.
روى عَنْهُ: عُمَر بْن أحمد الصَّفّار، وجماعة مِن مشيخة عَبْد الرحيم السّمعانيّ.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي) في: المنتخب من السياق 117 رقم 258.(35/134)
132- أحمد بْن عَبْد الواحد بْن محمد ابن الدّبّاس [1] .
أبو سعْد، ويُعرف بابن السّقْلاطونيّ وبابن الحريريّ.
حدَّث عَنْ: أَبِي محمد الجوهريّ.
وعنه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو طاهر السلفي.
توفي في شعبان.
133- أحمد بن أبي نصر [2] .
البغدادي، الغضاري.
سمع: الحسن بن محمد الخلال.
روى عنه: المبارك بن كامل، وأبو طالب بن خضير.
توفي في ذي الحجة، ودفن بباب حرب، رحمه الله.
134- إبراهيم بن حمزة بن ينكي بن محمد بن علي [3] .
أبو محمد الخداباذيّ [4] ، البخاريّ.
حجّ سنة خمسمائة، فسمع بالبصرة، وسمع بمكّة أبا محمد بْن بتنّة.
روى عَنْهُ ابنه حمزة ببُخارى.
تُوُفّي بالمدينة، ودُفِن بالبقيع يوم عاشوراء [5] .
__________
[1] لم أجده.
[2] لم أجده.
[3] انظر عن (إبراهيم بن حمزة) في: الأنساب 5/ 55، وفيه: «بنكي» ، ومعجم البلدان 2/ 348، وفيه كما في المتن بالياء المثنّاة، واللباب 1/ 425 وفيه أيضا: «بنكي» بالباء الموحّدة.
[4] الخداباذي: بضم الخاء المعجمة وفتح الدال المهملة والباء المنقوطة بواحدة بين الألفين وفي آخرها الذال. هذه النسبة إلى خداباذ وهي قرية من قرى بخارا على خمسة فراسخ منها على طرف البرّيّة، وهي من أمهات القرى.
[5] وقال ابن السّمعانيّ: كَانَ إماما فاضلا، صالحا، ورِعًا، عاملا بعلمه، خرج إلى الحجاز في حدود سنة خمسمائة، وركب البادي من طريق البصرة، وقطع عليهم الطريق وحصلوا بمكة، وجاور هو وابنه أبو المكارم حمزة بن إبراهيم، وخرج إلى المدينة وتوفي بها في سنة إحدى وخمسمائة.
يقول خادم العلم محقّق الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :
هكذا أرّخ ابن السمعاني وفاته، وتابعه ياقوت في (المعجم) ، وابن الأثير في اللباب. ولهذا كان ينبغي على المؤلّف الذهبي- رحمه الله- أن يقدّم هذه الترجمة إلى وفيات السنة 501 هـ-.(35/135)
135- إدريس بْن هارون بْن الحُسَيْن [1] .
أبو محمد البغداديّ، الصّائغ، المقرئ.
شيخ صالح، روى قليلًا عَنْ أَبِي الحُسَيْن بْن الَّنُّقور.
وتُوُفّي في رمضان.
روى عنه: السّلفيّ، وأبو عامر العبدريّ.
وما زال يسمع إلى أن مات.
136- إسماعيل بْن أحمد بْن محمد بْن أحمد [2] .
أبو الرجاء ابن الشَّيْخ أَبِي الفتح الحدّاد الأصبهانيّ.
روى عنه: أَبِي بَكْر بْن رِيذة، وعبد العزيز بْن أحمد بْن ماذَوْيه، وأبي طاهر بْن عَبْد الرحيم.
روى عَنْهُ: المبارك بْن المبارك السَّرَّاج، والمبارك بْن أحمد الأنصاريّ، وأبو طاهر السّلَفيّ.
سكن بغداد، ثمّ سكن مصر، وبها تُوُفّي.
137- إسماعيل بْن الحَسَن بْن عليّ بْن حمدون [3] .
أبو القاسم السَّنْجَبَسْتيّ [4] الفرائضيّ، القاضي، مُسْنَد وقته.
ولد في حدود سنة عشر وأربعمائة.
وسمع: أبا بَكْر أحمد بْن الحَسَن الحِيريّ، والصّيرفيّ، وأبا عليّ الحسن البلخيّ.
__________
[1] لم أجده.
[2] لم أجده.
[3] انظر عن (إسماعيل بن الحسن) في: الأنساب 7/ 162، والمنتخب من السياق 145 رقم 333 وفيه: «إسماعيل بن الحسين» ، ومعجم البلدان 3/ 263، واللباب 2/ 146، والمعين في طبقات المحدّثين 149 رقم 1612، والإعلام بوفيات الأعلام 208، وسير أعلام النبلاء 19/ 244 رقم 151، والعبر 4/ 11، وعيون التواريخ 12/ 20، ومرآة الجنان 3/ 193 وفيه:
«إسماعيل بن الحسين» ، وشذرات الذهب 4/ 14.
[4] تصحّفت في (المنتخب من السياق) إلى: «السنبستي» .
و «السّنجبستيّ» : بفتح السين، وسكون النون، وفتح الجيم والباء. نسبة إلى سنجبست. منزل معروف بين نيسابور وسرخس.(35/136)
وسمع منه الآباء والأبناء، وعُمّر دهرًا طويلًا، وكان ذا مروءة وحشمة.
روى عَنْهُ: محمد بْن محمد السّنْجيّ، وأبو شجاع عُمَر بْن محمد البِسْطاميّ، ومحمد بْن الحُسَيْن الواعظ بواسط، وأبو الفتوح الطّائيّ، وجماعة كثيرة.
تُوُفّي في شهر صَفَر بسَنْجَبَسْت.
وثّقه عَبْد الغافر [1] .
وسَنْجَبَسْت: عَلَى مرحلة مِن نَيْسابور.
وكان يدخل البلد ويحدّث.
- حرف الجيم-
138- جعفر الحنبليّ [2] .
المعروف بالدَّرْزِيجانيّ [3] ، الفقيه.
صاحب القاضي أَبِي يَعْلَى بْن الفرّاء.
ذكره أبو الحُسَيْن بْن الفرّاء في «طبقات أصحاب أحمد» .
__________
[1] وهو قال: مستور، فاضل، ثقة، من مشاهير مشايخ النواحي. كان يدخل البلد أحيانا ويسمع منه ثم يعود إلى سنبست (كذا) وهي على مرحلة على طريق خراسان يسمع منه كل من يجتاز بها من الصادرين والواردين، وربما كان يضيفهم.
وله بيت وأعقاب من ذوي الفضل، وكان هو في نفسه نقيّ الجيب، سليم الصدر، من الطبقة القديمة، ذا مروّة، وتجمّل، وثروة، عمّر طويلا.
وكان عنده إسناد أصحاب الأصمّ حتى سمع منه الآباء والأبناء والأحفاد.
ولحقت بركة عمره الطويل في الطاعة أخلافه حتى نالوا الدرجات السنيّة، ورزقوا من الدنيا الأسباب الهنيّة. ولقد رأيته في آخر عمره بنيسابور في دار ابنه العميد مسعود مخدوما من الأكابر لعزّ عمره، والطلبة يزدحمون على السماع منه. فقرأنا عليه جزءا من أحاديث القاضي.
(المنتخب) .
[2] انظر عن (جعفر الحنبلي) في: طبقات الحنابلة 2/ 257 رقم 699، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 110 رقم 52، وسير أعلام النبلاء 19/ 414، 415 رقم 239، وشذرات الذهب 4/ 15، 16.
[3] في الأصل: «الدرزنجاني» ، والتصويب من مصادر الترجمة. و «الدّرزيجاني» : بفتح الدال، وسكون الراء، وكسر الزاي. نسبة إلى درزيجان: قرية على ثلاثة فراسخ من بغداد.
(الأنساب) .(35/137)
وقد لقّن خلْقًا القرآن.
وكان جوادًا، مَهيبًا، ذا سطوة وجلالة. وهو جعفر بْن الحَسَن.
وبالغ في تعظيمه ابن النّجّار، وأنّه كَانَ يختم كلّ يَوْمٍ القرآن في رَكْعةٍ واحدة، وأنّه تفقَّه عَلَى أَبِي يَعْلَى [1] .
- حرف الحاء-
139- حبيبة بِنْت عَبْد العزيز بْن موسى بْن سباع [2] .
الأندلُسيّة، زَوْجَة أَبِي القاسم بْن مُدبر.
سَمِعْتُ: أبا عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبا العبّاس العُذْريّ.
وكان لها خطّ مليح ومعرفة، وفيها دين.
ووُلِدَت سنة سبْعٍ وثلاثين.
140- الحَسَن بن الحاكم أحمد بن عَبْد الرَّحْيم [3] .
الإسماعيلي أَبُو سَعِيد.
سَمِعَ من: أَبِي الحُسَيْن عَبْد الغافر، وجماعة.
وتوفّي في ذي الحجّة.
141- الحسين [4] بْن محمد بْن محمود بْن سَوْرَة [5] .
أبو سَعِيد [6] النَّيْسابوريّ، سِبْط شيخ الإسلام أبي عثمان الصّابونيّ.
ذكره عَبْد الغافر فقال: فاضل، عالم، عَهْدِناه أفضل أهل بيته. سَمِعَ مِن جدّه ومشايخ عصره، وسمع مِن الواحديّ تفسيره. وعقد مجلس الإملاء.
__________
[1] وقال ابن شافع: هو الأمّار بالمعروف، والنّهّاء عن المنكر، ذو المقامات المشهودة في ذلك، والمهيب بنور الإيمان واليقين لدى الملوك والمتصرّفين. (ذيل الطبقات 1/ 110) .
[2] لم أجدها.
[3] انظر عن (الحسن بن الحاكم أحمد) في: المنتخب من السياق 189 رقم 534.
[4] في الأصل: «الحسين» ، والتصحيح من مصادر الترجمة.
[5] انظر عن (الحسن بن محمد) في: التحبير 1/ 209 رقم 115، والسياق (مخطوط) ، الورقة 11 ب، 12 أ، والمختصر الأول للسياق (مخطوط) 42، والمنتخب من السياق 190 رقم 541.
[6] في الأصل: «أبو سعيد» ، والتصحيح من المصادر.(35/138)
تُوُفّي في شوّال في آخر الكهولة [1] .
142- حَمْد بْن إسماعيل بْن حَمْد بْن محمد [2] .
أبو الْحَسَن الْهَمَذَانيّ، المعروف بالشّيخ الزكيّ.
كَانَ صدوقًا حَجّاجًا [3] .
سَمِعَ: ابن غَيْلان، والخلّال، والطَّنَاجيريّ، وعبد العزيز بْن عليّ الأزَجيّ، وابن المُذْهِب.
روى عَنْهُ: عَبْد الخالق بْن يوسف، والسّلَفيّ.
وتُوُفّي في نصف ربيع الأوّل بالمدينة، ودُفِن بالبقيع.
روى عَنْهُ السّلَفيّ في البلد الأوّل مِن أربعينه.
143- حمْد بْن محمد بْن أحمد بْن مَنْصُور [4] .
أَبُو القاسم الإصبهانيّ، القصّاب، الصُّوفيّ، الطّويل.
144- حَمْدُ بْن محمد بْن أَبِي بَكْر [5] .
أبو شُكْر الإسكاف.
145- حمد بْن طاهر بْن أحمد [6] .
أبو الفضل الأنماطيّ، المؤذّن.
إصبهانيّ يروي عن الباطِرْقانيّ.
__________
[1] وقال ابن السمعاني: من بيت العلم والحديث، كان شيخا، صالحا، سديدا ... وكانت ولادته سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة، ووفاته بنيسابور ليلة الجمعة الخامس والعشرين من المحرّم سنة خمس عشرة وخمسمائة (التحبير) .
يقول خادم العلم «عمر تدمري» : إن صح ذلك فينبغي أن تؤخّر هذه الترجمة إلى الطبقة التالية.
[2] انظر عن (حمد بن إسماعيل) في: معجم السفر للسلفي ق 1/ 167، 168 رقم 58.
[3] قال السلفي: وكان محترما عند الخليفة المستظهر باللَّه. ويحجّ كل سنة ومعه الكعبة، ورسم أمين مكة والمدينة ومن بهما من المستحقّين، قرأت عليه بمكة والمدينة، قبل ذلك ببغداد.
[4] لم أجده.
[5] لم أجده.
[6] لم أجده.(35/139)
روى عَنْهُ: أبو موسى الْمَدِينيّ.
146- حَيْدَرة بْن أحمد بْن حُسَين [1] .
أبو تراب الأنصاريّ، الدّمشقيّ المقرئ، المعروف بالخروف.
سَمِعَ: أبا الحُسَيْن بْن مكّيّ، وأبا القاسم الحِنَّائيّ، وأبا بَكْر الخطيب.
قَالَ ابن عساكر: سمعتُ منه جزءًا مِن «تاريخ بغداد» . وكان مكثرا.
وتوفّي في ربيع الأوّل.
قلت: وهو أقدم شيخ لابن عساكر موتا.
- حرف الخاء-
147- خَلَف بْن محمد [2] .
الشَّيْخ أبو القاسم بْن الْمَرِيّيّ.
كَانَ مِن سكان الْمَرِية مِن الأندلس.
قَالَ ابن الدّبّاغ: رأيته سنة ستّ وخمسمائة.
سمع من: أَبِي العبّاس العُذريّ.
ولقي أبا عَمْرو عثمان بْن سَعِيد الدّانيّ.
وكان عنده أدب [3] .
- حرف الصاد-
148- صاعد بْن منصور بْن إسماعيل بْن صاعد [4] .
__________
[1] انظر عن (حيدرة بن أحمد) في: تاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 295 رقم 293، وتهذيب تاريخ دمشق 5/ 23، 24.
[2] انظر عن (خلف بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 175 رقم 398.
[3] قال ابن بشكوال: وكان معتنيا بالآثار، جامعًا لها، كتب بخطّة عِلْمًا كثيرًا ورواه، وكان حسن الضبط، أخذ الناس عنه بعض ما رواه. وكان شيخا أديبا، وكان يقرض الشعر وربّما أجاد.
وكان يذكر أنه لقي أبا عمرو المقرئ وأخذ عنه يسيرا.
وتوفي سنة ثمان وخمسمائة، وكان مولده في ذي الحجة سنة إحدى وعشرين وأربعمائة.
يقول خادم العلم «عمر تدمري» :
هكذا ورّخ ابن بشكوال وفاته سنة 508 هـ-. ولهذا ينبغي أن تؤخّر هذه الترجمة إلى هناك.
[4] انظر عن (صاعد بن منصور) في: المنتخب من السياق 260 رقم 838، والمنتظم 9/ 172 رقم(35/140)
أبو العلاء النَّيْسابوريّ، الخطيب، القاضي، المدرّس، قاضي القُضاة.
كَانَ إمام الحرمين يُثني عَليْهِ، وكان محبوبًا، مقبولًا، رضيّ الأخلاق، خَلَف أَبَاهُ في الخطابة، والتّدريس، والوعظ، ثمّ وُلّي قضاة خُوارَزْم [1] .
وحجّ، وأقام ببغداد مدّةً، ثم عاد إلى نَيْسابور، وعقد مجلس الإملاء.
سَمِعَ جدّه: أبا الْحَسَن، وعمّه أبا عليّ، وأباه القاضي أبا القاسم، وعمر بْن مسرور، وأبا عثمان الصّابونيّ، وعبد الغافر الفارسيّ، والحسن بن محمد الدَّربَنْديّ، وجماعة.
روى عنه: أبو عثمان إسماعيل العصائديّ، وأبو شجاع عُمَر البِسْطاميّ، وغيرهما.
تُوُفّي في رمضان [2] .
- حرف الطاء-
149- طُونة بِنْت عَبْد العزيز بْن موسى بْن طاهر [3] .
العالمة، زوجة أبي القاسم بْن مدبّر.
أخذت عَنْ أَبِي عُمَر بْن عبد الْبَرّ، وكتبت تصانيفه.
وكانت حسنة الخطّ.
عاشت سبعين سنة [4] .
__________
[281] (17/ 129 رقم 3803) ، والكامل في التاريخ 10/ 494، وذيل تاريخ نيسابور (مخطوط) 87 ب، وعيون التواريخ 12/ 13، 14 وفيه: «صاعد بن إسماعيل» ، والبداية والنهاية 12/ 175، والوافي بالوفيات 16/ 241 رقم 262، والجواهر المضية 2/ 268 رقم 660، والنجوم الزاهرة 5/ 204، والطبقات السنية، رقم 989.
[1] المنتظم.
[2] قال عبد الغافر الفارسيّ: خرّج له صالح المؤذّن (أبو المؤدّب) : «الأربعين في مناقب أبي حنيفة وأحاديثه» . (المنتخب 260) .
[3] انظر عن (طونة بنت عبد العزيز) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 696، 697 رقم 1541.
[4] وكان مولدها سنة 437 هـ-.(35/141)
- حرف العين-
150- العباس بن أحمد بن محمد [1] .
أبو الفضل الْحَسْنَويّ، النَّيْسابوريّ، الشَّقَّانيّ [2] ، الفقيه، المحدّث.
أنفق عمره في طلب الحديث، وأفاد، وكتب، وكان رقيق الحال، فقيرًا، قانعًا.
سَمِعَ: عَبْد الرحمن بن حمدان النّصرويّي، وأحمد بْن محمد بْن الحارث التّميميّ الإصبهانيّ، وأبا حسّان محمد بْن أحمد بْن جعفر، ومحمد بن إبراهيم المزكّي، وجماعة كثيرة.
وقلّ أن يوجد بنَيْسابور جزء إلّا قد سمعه.
روى عَنْهُ: محمد بْن محمد السّنْجيّ، وعمر بْن محمد البِسْطاميّ، وعبد الرحيم بْن الإخوة، وآخرون كثيرون.
وتُوُفّي في ذي الحجّة.
وكان مِن المُسْنِدِين بنَيْسابور.
وكان أَبُوهُ أبو العبّاس من الأئمّة.
وابنه أبو بَكْر محمد: يروي عَنِ القُشَيْريّ. سوف يأتي [3] .
والآخر اسمه أحمد، يأتي أيضًا [4] .
151- عَبْد الله بْن الْحَسَن بْن هلال بْن الْحَسَن [5] .
__________
[1] انظر عن (العباس بن أحمد) في: المختصر الأول للسياق (مخطوط) 73 ب، والمنتخب من السياق 402، 403 رقم 1369، والأنساب 7/ 360.
[2] الشّقّاني: بفتح الشين المعجمة، وتشديد القاف، وفي آخرها النون. قال ابن السمعاني:
وسمعت صاحبي أبا بكر محمد بن علي بن عمر البروجردي يقول: سمعت الإمام محمدا الشقاني يقول: بلدنا «شقّان» بكسر الشين، ثم قال: ثمّ جبلان، وفي كل واحد منهما شقّ يخرج منه ماء الناحية، فقيل لها: الشّقّان. والنسبة الصحيحة إليها بالكسر، واشتهر بالفتح.
[3] توفي سنة 529 هـ-. (الأنساب 7/ 361) .
[4] توفي سنة 548 هـ-. (الأنساب 7/ 361) .
[5] انظر عن (عبد الله بن الحسن) في: تاريخ دمشق (عبد الله بن جابر- عبد الله بن زيد) 181 رقم 244، ومعجم البلدان 3/ 226 وفيه: «عبد الله بن الحسين» ، ومختصر تاريخ دمشق لابن(35/142)
أبو القاسم الأزْديّ، الدّمشقيّ.
سَمِعَ: أبا عليّ الأهوازيّ، وأبا عَبْد الله بْن سَعْدان، ورشأ بن نظيف، وسحنام، وجماعةً سواهم.
وكان يسكن بقرية سَقْبا [1] ، ولم يكن الحديث مِن شأنه.
روى عَنْهُ: الصّائن هبة الله، وجماعة.
تُوُفّي في سقبا، في ذي القِعْدة، وبها دُفِن.
152- عَبْد الجبّار بْن عُبَيْد الله بْن أَبِي سَعْد محمد بْن ظوروَيْه [2] .
أبو بَكْر الإصبهانيّ، الدّلّال، الصَّفّار.
وُلِد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة.
وسمع مِن: أَبِي نُعَيْم.
روى عَنْهُ: أبو موسى الْمَدِينيّ، وغيره.
ومات في ربيع الآخر.
153- عَبْد المُلْك بْن عَبْد الله بْن أحمد بْن رضوان [3] .
أبو الحسين الْمَرَاتبيّ، مِن أهل باب المراتب.
كَانَ صالحًا، خيرًا، رئيسًا، كثير الصَّدَقة.
وكان صاحب ديوان الرسائل لأمير المؤمنين المستظهر باللَّه.
روى [[4] عن: أَبِي محمد الجوهريّ.
وعنه: أبو المعمّر الأنصاريّ.
وتوفّي في شوّال.
__________
[ () ] منظور 12/ 119 رقم 83، وتهذيب تاريخ دمشق 7/ 369.
[1] سقبا: بالفتح ثم السكون، وباء موحدة، من قرى دمشق بالغوطة.
[2] لم أجده.
[3] انظر عن (عبد الملك بن عبد الله) في: المنتظم 9/ 172 رقم 282 (17/ 129 رقم 3804) .
[4] من هنا يبدأ النقص في نسخة «أياصوفيا» ، والمستدرك ما بين الحاصرتين عن نسخة دار الكتب المصرية.(35/143)
154- علي بن عبد الملك بن محمد بن شاذان [1] .
أبو الْحَسَن الطّوسيّ، الجوهريّ، الصُّوفيّ، الزّاهد.
سَمِعَ الكثير بنفسه مِن: أَبِي حفص بْن مسرور، وأبي الحُسَيْن عَبْد الغافر، وأبي سَعْد الكنْجَرُوذيّ.
ورحل فسمع مِن: أَبِي يَعْلَى بْن الْفَراء، وابن المهتديّ باللَّه.
روى عَنْهُ: عليّ بْن الْحَسَن المقرئ، ومحمد بْن أَبِي بَكْر السّنْجيّ، وغيرهما.
قَالَ ابن السّمعانيّ: تُوُفّي بعد سنة أربع وخمسمائة، وكان مُقرئًا، صالحًا.
قلت: إنّما كتبته هنا على سبيل التّقريب، لا أنّه تُوُفّي في هذا العام.
155- عليّ بْن ناصر بْن محمد بْن الْحَسَن [2] .
أبو الفضل الْعَلَويّ المحمدّي. مِن وُلِد محمد بْن الحنفيّة.
وكان نقيب مشهد باب التّبْن. وكان يسكن الكرْخ، وله معرفة بالأنساب.
سَمِعَ: أبا محمد الجوهريّ.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو طَالِب بْن خُضَيْر، وغيرهما.
وحدَّث في هذه السّنة، ولم تؤرَّخ وفاته [3] .
- حرف الفاء-
156- الفضل بْن أحمد بن محمد بن متّويه [4] .
156- الفضل بْن أحمد بْن محمد بْن مَتُّوَيْه [4] .
أبو عمرو [5] الكاكويّيّ [6] . كان يقال لأبيه كاكو.
__________
[1] انظر عن (علي بن عبد الملك) في: التحبير 1/ 100، 566.
[2] انظر عن (علي بن ناصر) في: الأنساب 11/ 170.
[3] قال ابن السمعاني: وكانت ولادته سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، وتوفي بعد سنة ست وخمسمائة، فإن أبا بكر بن فولاذ الطيوري سمع منه في هذه السنة.
[4] انظر عن (الفضل بن أحمد) في: الأنساب 10/ 330، 331، واللباب 3/ 77.
[5] في الأصل: «أبو عمر» .
[6] الكاكويّيّ: بالألف بين الكافين المفتوحة والمضمومة، وفي آخرها الياء المنقوطة باثنتين من(35/144)
سَمِعَ مِن: عَبْد الغافر الفارسيّ، وأبي عثمان الصّابونيّ، وابن مسرور بإفادة والده.
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: أجاز لي، وحدَّثني عَنْهُ جماعة [1] .
وتُوُفّي ليلة عيد الفِطْر.
وكان مولده في سنة تسعٍ وثلاثين.
ومن الرُّواة عَنْهُ ولده، وبقي إلى سنة أربعٍ وخمسين.
وروى أَبُوهُ أحمد كاكُو عَنْ: أَبِي عَبْد الله بْن نظيف.
157- الْفَضْلُ [2] بْن محمد بْن عُبَيْد بْن محمد بْن محمد بْن مهديّ [3] .
أبو محمد القُشَيْريّ، النَّيْسابوريّ.
شيخ، ثقة، مشهور، مِن بيت العدالة والصّلاح.
كَانَ مبالغًا في الاحتياط في الشّهادات، ومن أعيان العدول.
كَانَ صوفيا، مليحًا، خيّرا.
سمع: عبد الرحمن بن حمدان النّضرويي، وعبد القاهر أبا منصور البغداديّ، وأبا حسّان المُزَكّيّ، وأبا الحُسَيْن الفارسيّ.
وحدَّث ببغداد لمّا حجّ.
روى عَنْهُ: أبو الفتح محمد بْن عَبْد السلام الكاتب، وغيره.
وُلِد سنة عشرين وأربعمائة.
وتُوُفّي في رمضان. وهو آخر عُبَيْد القُشَيْريّ، سيأتي.
158- فضل الله بْن محمد بْن أحمد بن أبي جعفر [4] .
__________
[ () ] تحتها. هذه النسبة إلى كاكويه، وهي بلسان أهل بلخ: الأخ. عرف بهذا: أحمد بن متّويه، كانوا يقولون له: كاكو أحمد، وصاحب الترجمة ينتسب إليه.
[1] وقال: شيخ صالح، حسن السيرة ... سمع منه والدي الكثير، وروى لي عنه أولاده: أبو الطيّب المطهّر، وفاطمة، وعائشة، وعمّي الإمام، ولي عنه إجازة.
[2] في الأصل: «فضيل» ، والتصحيح من مصادر ترجمته.
[3] انظر عن (الفضل بن محمد) في: المختصر الأول للسياق (مخطوط) 75 ب، والمنتخب من السياق 414، 415 رقم 1409، والعبر 4/ 11، ومرآة الجنان 3/ 193، وشذرات الذهب 4/ 14.
[4] انظر عن (فضل الله بن محمد) في: المنتخب من السياق 417 رقم 1420.(35/145)
أبو محمد بْن أَبِي الْفَضْلُ الطَّبَسيّ [1] . مِن أولاد المحدّثين.
سافر الكثير، وسمع، ونسخ.
سَمِعَ ببلده: أباه، وأباه عثمان العيّار، وأبا بَكْر الْبَيْهَقيّ، وعبيد الله بْن محمد بْن مَنْدَهْ.
وبنَيْسابور. وسمع ببغداد مِن: أَبِي الْفَضْلُ بْن خيرون.
وبالبصرة مِن: أَبِي عليّ القُشَيْريّ.
وبإصبهان مِن: إبراهيم بْن محمد القفّال.
روى عَنْهُ: عَبْد العزيز بْن محمد بن سيما، وجماعة.
وأجاز للجنيد القائنيّ في هذه السّنة.
ولم تُضبط وفاته.
- حرف الميم-
159- محمد بْن أَبِي القاسم الْفَضْلُ بْن محمد بْن عَبْد الله [2] .
أبو بَكْر الإصبهانيّ الأعسر، القِرابيّ [3] القصّار [4] .
عبدٌ صالحٌ، يقال إنّه كَانَ مِن الأبدال.
روى عَنْ: ابن رِيذَة.
روى عَنْهُ: أبو موسى في مُعْجَمه.
وتُوُفّي فِي ذي الحجّة.
160- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أيّوب بن محسّن [5] .
__________
[1] الطبسي: بفتح الطاء المهملة، والباء المنقوطة بواحدة، والسين المهملة. هذه النسبة إلى طبس وهي بلدة في برّيّة، إذا خرجت منها إلى أيّ صوب، منها سلكت وقصدت لا بدّ من ركوب البرّيّة، وهي بين نيسابور وأصبهان وكرمان. (الأنساب 8/ 209) .
[2] لم أجده.
[3] القرابي: بكسر القاف وفتح الراء وفي آخرها الباء. هذه النسبة إلى القرب. (الأنساب 10/ 88) .
[4] القصّار: بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى قصارة.
(الأنساب 10/ 163) .
[5] انظر عن (محمد القطواني) في: الأنساب 10/ 198، والمنتظم 9/ 172، 173 رقم 284(35/146)
أبو محمد القطوانيّ، السّمرقنديّ.
وقطوان: على خمسة فراسخ من سمرقند.
كَانَ إمامًا في الوعظ، لَهُ القبول [1] . التّامّ مِن الخاصّ والعامّ، سَمِعَ مِن جماعة، وحدَّث.
روى عَنْهُ جماعة مِن أهل سَمَرْقَنْد. وكان مولده في سنة أربع وأربعين وأربعمائة.
رماه فرسه فاندقّت عنقه.
وتُوُفّي مِن الغد في سادس رجب.
161- محمد بْن محمد بْن الْحَسَن بْن عَيْشُون [2] .
موفَّق المُلْك، أبو الْفَضْلُ المنجّم.
كَانَ رأسًا في صنعة التّنجيم بالعراق، وله شِعْر رقيق.
روى عنه: أبو الوفاء أحمد بْن محمد بْن الحُصَين.
فمن شِعْره:
أنت يا مغرور ميت ... فتأهّب للفِرَاق
وذَرِ الحرص على الرّز ... ق، فما أنت بباقِ
فالأماني والمنايا ... تتَجَارَى في سَباقِ
لك بالأخرى اشتغالٌ ... فتهيَّأ للتَّلاقِ
162- محمد بْن موسى بْن عَبْد الله [3] القاضي أبو عبد الله التّركيّ، البلاساغونيّ [4] ، الحنفيّ.
__________
[ () ] (17/ 130 رقم 3806) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 43، 44.
[1] إلى هنا ينتهي النقل من نسخة دار الكتب المصرية، والعودة إلى نسخة أياصوفيا.
[2] لم أجده.
[3] انظر عن (محمد بن موسى) في: الأنساب 2/ 351، 352، وتاريخ دمشق، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 183، ومعجم البلدان 1/ 476، واللباب 1/ 174، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 23/ 268، 269 رقم 289، وميزان الاعتدال 4/ 51، 52 رقم 8239، ودول الإسلام 2/ 34، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 48، والبداية والنهاية 12/ 175، والوافي بالوفيات 5/ 87، ولسان الميزان 5/ 402.
[4] البلاساغوني: بفتح الباء الموحدة والسين المهملة بين اللام ألف والألف، وضم الغين(35/147)
سَمِعَ ببغداد مِن شيخه القاضي أبي عَبْد الله الدّامَغَانيّ، ومن: أَبِي الْفَضْلُ ابن خَيْرون.
ونزل بدمشق.
روى عَنْهُ: أبو البركات الحضريّ عَبْد الحارثيّ.
وولي قضاء القدس مُدّة، فَشَكوه وعُزِل. ثمّ وُلّي قضاء دمشق [1] ، وكان قد عزم عَلَى نصْب إمام حنفيّ بجامع دمشق، مِن محبّته في مذهبه، وعيّن إمامًا، فامتنع أهل دمشق مِن الصّلاة خلفه، وصلّوا بأجمعهم في دار الْخَيْل، وهي الْقَيْساريّة الّتي قبَل المدرسة الأمينيّة.
وهو الَّذِي رتَّب الإقامة في الجامع مَثْنَى مَثْنَى [2] ، فبقي إلى أن أزيل في أيّام صلاح الدّين في سنة سبْعين.
قَالَ ابن عساكر: [3] سَمِعْتُ أبا الْحَسَن بْن قُبَيْس الفقيه يذمّه، ويذكر أنّه كَانَ يَقُولُ: لو كَانَ لي أمرٌ لأخذتُ مِن الشّافعيّة الْجِزْية.
وكان مبغِضًا للمالكيّة أيضًا.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.
163- محمود بْن يوسف بْن حسين [4] .
أبو القاسم التَّفْلِيسيّ [5] ، الشّافعيّ.
قِدم بغداد، وتفقَّه بها على الشّيخ أبي إسحاق.
__________
[ () ] المعجمة، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى بلاساغون وهي بلدة من ثغور الترك وراء نهر سيحون قريبة من كاشغر. (الأنساب 2/ 351) .
[1] ذيل تاريخ دمشق 183.
[2] تاريخ دمشق، مختصر تاريخ دمشق 23/ 269.
[3] في تاريخه، ومختصره 23/ 269.
[4] انظر عن (محمود بن يوسف) في: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 308.
[5] التّفليسي: بفتح التاء المنقوطة من فوقها باثنتين وسكون الفاء وكسر اللام وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها السين المهملة. هذه النسبة إلى تفليس وهي آخر بلدة من بلاد أذربيجان مما يلي الثغر. (الأنساب 3/ 65) .(35/148)
سَمِعَ مِن: أَبِي يَعْلَى بْن الفرّاء، وعبد الصّمد بْن المأمون، وجماعة.
ورجع إلى بلاده.
روى عنه: الطَّيّب بْن محمد الْغَضَائريّ.
وتُوُفّي في هذه السّنة أو بعدها [1] .
164- مُصْعَب بْن محمد بْن أَبِي الفُرات [2] .
أبو العرب الْقُرَشِيّ الْعَبْدَريّ، الصَّقَلّيّ، الشّاعر المشهور.
دخل الأندلس عند تغلُّب الرّوم عَلَى صَقَلّية. وحظي عند المعتمد بْن عبّاد.
وديوانه بأيدي النّاس [3] .
روى عن: أبي عمر بن عبد البر.
أخذ عَنْهُ: أبو عليّ بْن عُرَيْب «أدب الكاتب» لابن قُتَيْبة، ثمّ أنّه صار في آخر أمره إلى صاحب مَيُورقَة ناصر الدّولة، فتُوُفّي هناك.
وله:
كأن أديمَ الأرضِ كفّاكَ إنْ يَسِرْ ... بِهِ راكبٌ تَقْبض عَليْهِ الأناملا [4]
__________
[1] وقع في طبقات السبكي: قال ابن السمعاني: توفي بعد سنة خمسين وخمسمائة!
[2] انظر عن (مصعب بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 1/ 386، وخريدة القصر (قسم الأندلس) 2/ 219- 222، وعيون التواريخ 12/ 15- 19.
[3] قال ابن بسام في «الذخيرة» : بلغني عنه أنه حضر يوما مجلس المعتمد وقد أدخل إليه صلة وافرة من دنانير الفضة، فأمر له بخريطتين منها، وبين يديه تصاوير عنبر، من جملتها صورة جمل مرصّعة بنفيس الجوهر.
قال له أبو العرب معرّضا: ما يحمل هذه الدنانير أيّدك الله تعالى إلّا جمل، فتبسّم المعتمد وأمر له به، فقال أبو العرب على البديهة:
أهديتني جملا جونا شفعت به ... حملا من الفضّة البيضاء لو حملا
نتاج جودك في أعطان مكرمة ... لا قد يعرف من منع ولا عقلا
فأعجب فشأني كلّه عجب ... رفّهتني فحملت الحمل والجملا
[4] في الخريدة:
كأنّ فجاج الأرض يمناك إن يسر ... بها خائف تجمع عليه الأناملا
وفي عيون التواريخ:
كأنّ بلاد الله كفّاك إن يسر ... بها هارب تجمع عليه الأناملا(35/149)
فأين يَفِرُّ المرءُ عنكَ بجُرمِهِ ... إذا كَانَ في كفّيَكْ يَطْوِي الْمَرَاحلا [1]
165- المُعَمَّر بْن عليّ بْن المُعَمَّر بْن أبي عمامة [2] .
أبو سَعْد الْحَنْبليّ، الواعظ.
بغداديّ كبير، درّس، وأفتى، وناظَر، وحفظ الكثير مِن النّوادر والغُرَر، وانفرد بالكلام عَلَى لسان الوعظ، وانتفع الخلق بمجالسه.
وكان يُبكي الحاضرين ويُضْحِكهم، وله قَبُولٌ عظيم. وله مِن سرعة الجواب، وحدّة الخاطر، ما شاع وذاع، ووقع عَليْهِ الإجماع.
وكان يؤُمّ المقتدي باللَّه في التّراويح ويُنادِمه.
وسمع مِن: أَبِي طَالِب بْن غَيْلان، والخلّال، والأَزَجيّ، والحسن بْن المقتدر، وجماعة.
روى عَنْهُ: ابن ناصر، وأبو المُعَمَّر الأنصاري.
وُلِد في سنة تسعٍ وعشرين وأربعمائة.
وتوفّي في ربيع الأوّل. قاله ابن النّجّار [3] .
__________
[1] في الخريدة، والعيون:
وأنّي يفرّ المرء عنك بجرمه ... إذا كان يطوي في يديك المراحلا
[2] انظر عن (المعمّر بن علي) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 366، و (تحقيق سويم) 31، والمنتظم 9/ 173، 174 رقم 285 (17/ 130- 132 رقم 3807) ، والكامل في التاريخ 10/ 493، والعبر 4/ 11، وسير أعلام النبلاء 19/ 451، 452 رقم 260، وعيون التواريخ 12/ 20، والبداية والنهاية 12/ 175، ومرآة الجنان 3/ 193، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 107- 110، والنجوم الزاهرة 5/ 205، وشذرات الذهب 4/ 14، 15.
[3] وقال ابن الجوزي: «وكان يعظ وجمهور وعظه حكايات السلف. وكان له خاطر حادّ وذهن بغداديّ وتماجن، وكان يحاضر المستظهر باللَّه. قال يوما في وعظه: أهون ما عنده أن يجعل لك أبواب الوصيّ توابيت.
ولما دخل نظام الملك وزير السلطان ملك شاه إلى بغداد صلّى في جامع المهديّ الجمعة، فقام أبو سعد بن أبي عمامة، فقال: الحمد للَّه وليّ الإنعام، وصلّى الله على من هو للأنبياء ختام، وعلى آله سرج الظلام، وعلى أصحابه الغرّ الكرام، والسلام على صدر الإسلام، ورضي الإمام زيّنه الله بالتقوى وختم عمله بالحسنى، وجمع له بين خير الآخرة والدنيا. معلوم يا صدر الإسلام أنّ آحاد الرعية من الأعيان مخيّرون في القاصد والوافد إن شاءوا وصلوه، وإن شاءوا قطعوه، فأما من توشّح بولائه، وترشّح لآلائه فليس مخيّرا في القاصد والوافد، لأن من هو على(35/150)
- حرف النون-
166- ناجية بنت أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحسن بن جردة [1] .
__________
[ () ] الحقيقة أمير، فهو في الحقيقة أجير، قد باع نفسه وأخذ ثمنه، فلم يبق له من نهاره ما يتصرّف فيه على اختياره، ولا له أن يصلّي نفلا، ولا يدخل معتكفا دون التبتّل لتدبيرهم، والنظر في أمورهم، لأن ذلك فضل، وهذا فرض لازم.
وأنت يا صدر الإسلام، وإن كنت وزير الدولة، فأنت أجير الأمّة، استأجرك جلال الدولة بالأجرة الوافية لتنوب عنه في الدنيا والآخرة، فأما في الدنيا ففي مصالح المسلمين، وأما في الآخرة فلتجيب عند رب العالمين، فإنه سيقفه بين يديه ويقول له: ملّكتك البلاد، وقلّدتك أزمّة العباد، فما صنعت في إقامة البذل وإفاضة العدل؟ فلعلّه يقول: يا رب اخترت من دولتي شجاعا عاقلا حازما، وسمّيته قوام الدين نظام الملك، وها هو قائم في جملة الولاة، وبسطت يده في السوط والسيف والقلم، ومكّنته من الدينار والدرهم، فاسأله يا رب ماذا صنع في عبادك وبلادك؟ أفتحسن أن تقول في الجواب نعم، تقلّدت أمور العباد، وملكت أزمّة العباد، فبثثت النوال، وأعطيت الإفضال حتى إني اقتربت من لقائك ودنوت من تلقائك، اتخذت الأبواب، والنوّاب، والحجّاب، والحجاب ليصدّوا عني القاصد، ويردّوا عني الوافد، فاعمر قبرك، كما عمّرت قصرك، وانتهز الفرصة ما دام الدهر يقبل أمرك، فلا تعتذر، فما ثمّ من يقبل عذرك. وهذا ملك الهند وهو عابد صنم ذهب سمعه، فدخل عليه أهل مملكته يعزّونه في سمعه، فقال: ما حزني لذهاب هذه الجارحة من بدني، ولكن لصوت المظلوم كيف لا أسمعه فأغيثه. ثم قال: إن كان قد ذهب سمعي، فما ذهب بصري، فليؤمر كل ذي ظلامة أن يلبس الأحمر، حتى إذا رأيته عرفته فأنصفته.
وهذا أنوشروان، قال له رسول ملك الروم: لقد أقدرت عدوّك عليك، بتسهيل الوصول إليك.
فقال: إنما أجلس هذا المجلس لأكشف ظلامة، وأقضي حاجة، وأنت يا صدر الإسلام أحقّ بهذه المأثرة، وأولى بهذه المعدلة، وأحرى من أعد جوابا لتلك المسألة، فإن للَّه الّذي تكاد السماوات يتفطّرن منه في موقف ما فيه إلّا خاشع، أو خاضع، أو مقنع، ينخلع فيه القلب ويحكم فيه الرب، ويعظم الكرب، ويشيب الصغير، ويعزل الملك والوزير يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى 89: 23 ويَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ من خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ من سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً 3: 30، وقد استجلبت لك الدعاء، وخلّدت لك الثناء، مع براءتي من التهمة، فليس لي في الأرض ضيعة ولا قرية، ولا بيني وبين أحد حكومة، ولا بي بحمد الله فقر ولا فاقة.
فلما سمع نظام الملك هذه الموعظة بكى بكاء طويلا، وأمر له بمائة دينار، فلم يأخذها، وقال: أنا في ضيافة أمير المؤمنين، ومن يكون في ضيافته يقبح أن يأخذ عطاء غيره.
وقال له: فضّها على الفقراء.
فقال: الفقراء على بابك أكثر منهم على بابي.
ولم يأخذ شيئا. (المنتظم) .
[1] لم أجدها.(35/151)
وتُعرف بستّ السُّعود، الحاجبة.
رَوَت عَنْ: أَبِي محمد الجوهريّ.
روى عَنْهَا: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ.
وتُوُفّيت في شوّال، ودُفنت بالحربيّة.(35/152)
سنة سبع وخمسمائة
- حرف الألف-
167- أحمد بْن أحمد بْن هبة الله [1] .
أبو الفتح العِراقيّ [2] .
روى عَنْ: الأمير حسن بْن المقتدر، والحسن بْن محمد الخلّال، وأبي القاسم التّنُوخيّ.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ.
وتوفّي في شوّال وله تسع وثمانون سنة.
وقد سَمِعَ «ديوان المطرّز» منه.
وعنه أيضًا: المبارك بْن خُضَيْر، وغيره.
168- أحمد بْن عثمان بْن عليّ بْن قُرايا [3] .
أبو الْحَسَن البغداديّ البزّاز.
سَمِعَ: الحُسَيْن بْن جعفر السَّلَمَاسيّ، صاحب أَبِي حفص بْن شاهين.
روى عَنْهُ: المبارك بْن كامل، والسلفي.
169- أحمد بن أبي نصر القصاري [4] .
البغداديّ.
__________
[1] لم أجده.
[2] العراقي: بكسر العين المهملة، وفتح الراء، وفي آخرها القاف. هذه النسبة إلى «العراق» أخذ من عراق القرية، وهو الحرز المثنيّ الّذي في أسفله. والجمع العرق، وبه شبه العراق، فسمّي عراقا. (الأنساب 8/ 423) .
[3] لم أجده.
[4] لم أجده.(35/153)
سمع: أبا محمد الخلال.
مات في ذي الحجة.
170- أحمد بن علي بن بدران بن علي [1] .
أبو بكر الحلواني، البغدادي، المعروف بخالوه.
شيخ صالح، دين.
سمع الكثير بنفسه، وكتب، وخرج له الحميدي فوائد عَنْ شيوخه.
سَمِعَ: أبا بَكْر محمد بْن عليّ بْن شبانة الدّيَنَوريّ، وأبا الطَّيّب الطَّبَريّ، وأبا الْحَسَن الماورديّ، والجوهريّ.
روى عَنْهُ: أبو القاسم السَّمَرْقَنْديّ، والسّلَفيّ، وأبو طَالِب بْن خُضَيْر، وخطيبُ الْمَوْصِل أبو الْفَضْلُ، وخلْق آخرهم ابن كُلَيْب.
ذكره ابن ناصر فقال: شيخ صالح، ضعيف، لَا يُحتجّ بحديثه، ولم يكن لَهُ معرفة بالحديث [2] .
وُلِد في حدود سنة عشرين وأربعمائة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي بن بدران) في: فهرسة ما رواه عن شيوخه لابن خير 259، والمنتظم 9/ 175، رقم 286 (17/ 133 رقم 3808) ، والكامل في التاريخ 10/ 499، ومعرفة القراء الكبار 1/ 463، 464 رقم 406، والمعين في طبقات المحدّثين 149 رقم 1613، والإعلام بوفيات الأعلام 208، وسير أعلام النبلاء 19/ 380، 381 رقم 221، والمغني في الضعفاء 2/ 47 رقم 363، والعبر 4/ 12، وميزان الاعتدال 1/ 122، ومرآة الجنان 3/ 193، 194، والوافي بالوفيات 7/ 190، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 42، وطبقات الشافعية الوسطى، له (مخطوط) 31 أ، وغاية النهاية 1/ 84، ولسان الميزان 1/ 227 رقم 709، وعقد الجمان (مخطوط) 15/ ورقة 683، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 71، وكشف الظنون 1554، وشذرات الذهب 4/ 16، ومعجم المؤلفين 1/ 320.
وهو مذكور في (تذكرة الحفاظ 4/ 1441) دون ترجمة.
[2] قال الحافظ ابن حجر: «السبب الّذي ضعّفه ابن ناصر بن لا ذنب له فيه، فإنّ بعض الطلبة نقل له على كتاب «الترغيب» لابن شاهين، فحدّث به، ثم ظهر أنه باطل، فرجع عنه. حكى ذلك ابن النجار في تاريخه، ونقل كلام ابن ناصر فيه، قال: كان شيخنا ليس له معرفة بطريق الحديث، روى كتاب (الترغيب) لابن شاهين عن العشاري من نسخة طريّة مستجدّة، وهو شيخ صالح فيه ضعف لا يحتجّ بحديثه» . (لسان الميزان) .(35/154)
وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة سنة ستٌّ، وأوصى أن يُدْفن بجنْب إبراهيم الْحَرْبيّ.
وقال السّلَفيّ: كَانَ ثقة، زاهدًا.
وقال ابن النّجّار: قرأ بالرّوايات عَلَى أبي عليّ الْحَسَن بْن غالب، وعليّ بْن محمد بْن فارس الخيّاط.
وسمع الكثير وخرَّج تخريجات. وأثنى عَليْهِ الحُمَيْديّ.
قرأ عَليْهِ أبو الكرم الشّهْرَزُورِيّ.
171- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عمروس [1] .
الفقيه، أبو العبّاس المالكيّ. مِن أهل محلّه النَّصْريّة ببغداد.
كَانَ صالحًا، خيرَّا، عارفًا بمذهب مالك.
وُلِد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وأجاز لَهُ أبو عليّ بْن شاذان، وأحمد بْن الباداء.
قَالَ شجاع الذُّهْليّ: قرأتُ عَليْهِ بهذه الإجازة مِن نحو ثلاثين سنة.
وقال غيره: كَانَ أبوه إمامًا مبّرزا في مذهب مالك.
وتُوُفّي في ثالث عشر رمضان.
حدَّث عَنْهُ: المبارك بْن خُضَيْر، ونصر الله بْن القزّاز [2] .
172- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد السَّلَام بْن قَيْداس [3] .
أبو نصر.
سَمِعَ: أبا بَكْر محمد بْن عليّ الدّيَنَوريّ المقرئ، وأبا بَكْر بْن بِشْران.
روى عَنْهُ: أبو محمد بْن الخشّاب.
وتُوُفّي في هذه السّنة أو بعدها.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد المالكي) في: المنتظم 9/ 175 رقم 287 (17/ 133، 134 رقم 3809) ، وتذكرة الحفاظ 4/ 1241 وفيه: «أحمد بن محمد بن عروس» .
[2] وقال ابن الجوزي: وكان صدوقا، متيقّظا، صالحا.
[3] لم أجده.(35/155)
173- أحمد بن مُحَمَّد بن عَبْد الله [1] .
أبو منصور الصَّيْرفيّ، الْمَرَاتبيّ.
روى عن أبي الحسن القزويني يسيرا.
روى عنه: المبارك، وعبد الوهاب الصابوني.
174- إبراهيم بن عبد الواحد بن أبي ذر محمد بن إبراهيم بن علي [2] .
الصالحاني، الإصبهاني.
تُوُفّي فِي جمادي الآخرة. وهو من شيوخ أبي موسى الحافظ.
روى عَنِ ابن ريذة.
175- إسماعيل بْن الحُسَيْن بْن حمزة [3] .
أبو الْحَسَين العلويّ، الْهَرَويّ، العمريّ، من ولد عمر بن علي بن أبي طالب.
ولد سنة تسع وأربعمائة.
وسمع: سَعِيد بْن العبّاس الْقُرَشِيّ.
مات في سابع المحرَّم، وله مائة إلّا سنتين.
176- إسماعيل بْن الإمام أبي بَكْر أحمد بْن الحُسَيْن بْن عليّ بْن موسى [4] .
شيخ القُضاة أبو عليّ البيهقيّ، الخسروجرديّ.
__________
[1] لم أجده.
[2] لم أجده.
[3] لم أجده.
[4] انظر عن (إسماعيل بن أحمد) في: تاريخ نيسابور 341 وفيه: «أبو علي الخسروجردي» ، والمختار من ذيل تاريخ بغداد لابن السمعاني (مخطوط) ورقة 139، والتحبير في المعجم الكبير، له 1/ 83- 85 رقم 13، والمنتظم 9/ 175، 176 رقم 288 (17/ 134 رقم 3810) ، والتقييد لابن نقطة 207 رقم 240، والكامل في التاريخ 10/ 449، وطبقات الشافعية للنووي (مخطوط) ورقة 51 أ، 51 ب، والمختصر في أخبار البشر 2/ 227، وتذكرة الحفاظ 3/ 1133- 1135، وسير أعلام النبلاء 19/ 313، 314 رقم 200، وتاريخ ابن الوردي 2/ 22، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 44، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 200، 201، والوافي بالوفيات 9/ 84، والبداية والنهاية 12/ 176، والنجوم الزاهرة 5/ 205.(35/156)
حدَّث عَنْ أبيه، وعن: أَبِي حفص بْن مسرور، وأبي عثمان الصّابونيّ، وعبد الغافر الفارسيّ.
روى عنه: أبو القاسم بن السمرقندي، وإسماعيل بْن أَبِي سَعْد الصُّوفيّ.
وأجاز لأبي سَعْد السّمعانيّ [1] .
وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة في بَيْهق. وكان قد سافر عَنْهَا نحو ثلاثين سنة، وعاد إليها قبل وفاته بأيّام.
وسكن خُوارَزْم مدّةً، ثمّ بَلْخ وكان إمامًا، مدرّسًا، فاضلًا، عالما.
ولد سنة ثمان وعشرين وأربعمائة.
- حرف الحاء-
177- الحُسَيْن بْن عقيل بْن سِنان [2] .
الْخَفَاجيّ، الحلبيّ، المعدّل، الأصُوليّ، الشّيعيّ.
لَهُ كتاب «المُنْجي مِن الضّلال في الحرام والحلال» ، فقه، بلغ عشرين مجلّدة، ذكر فيه خلاف الفقهاء، يدلّ عَلَى تبحّره [3] .
- حرف الخاء-
178- خَيْرون بْن عبد المُلْك بْن الْحَسَن بْن خَيْرون الدّبّاس [4] .
أخو محمد.
سَمِعَ الكثير مِن: أَبِي عليّ بن المذهب، وأبي إسحاق البرمكيّ، والجوهريّ.
__________
[1] وهو قال: كان فاضلا، عالما، حسن السيرة، واعظا، مليح الوعظ، كثير المحفوظ ... أجاز لي جميع مسموعاته بلفظه بسؤال والدي إياه، وكتب بخطّه في صفر سنة سبع وخمسمائة.
(التحبير) .
[2] انظر عن (الحسين بن عقيل) في: لسان الميزان 2/ 299 رقم 1241، وأعيان الشيعة 26/ 380، 381، ومعجم المؤلفين 4/ 26، 27.
[3] وقع في لسان الميزان أنه مات سنة 557 (!) .
[4] لم أجده.(35/157)
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وغيره.
وتُوُفّي في المحرّم.
- حرف الراء-
179- رابعة بِنْت محمود بْن عَبْد الواحد [1] .
أمّ الغيث الإصبهانيّة.
سَمِعْتُ: سَعِيد بْن أبي سَعِيد العيّار، وأبا بَكْر الباطِرْقاني.
وحدَّثت ببغداد لمّا حجّت.
روى عنها: عُمَر بْن ظَفَر.
180- رضوان ابن سلطان دمشق تُتُش بْن ألْب رسلان السّلْجُوقيّ [2] .
وُلّي سلطنة حلب بعد أَبِيهِ إلى أن مات بها في هذه السّنة.
وولي بعده ابنه ألْب رسلان الأخرس، وله ستّ عشرة وكان رضوان لمّا مات أَبُوهُ بالرَّيّ في القتال.
أقيمت السّكّة والخطبة بدمشق أيّامًا لرضوان، ثمّ استقرّ عَلَى إمرة حلب ونواحيها. ومنه أخذت الفرنج أنطاكيّة سنة اثنتين وتسعين.
وقد ذكر مِن سيرته المذمومة في الحوادث.
__________
[1] لم أجدها.
[2] انظر عن (رضوان بن تتش) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 366، و (تحقيق سويم) 31، وتاريخ الفارقيّ 278، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 170، 202، والكامل في التاريخ 10 (252) و 246 و 247 و 258 و 269 و 270 و 393 و 405 و 406 و 409 و 410 و 426 و 428 و 429 و 463 و 465 و 482 و 485 و 499، وتاريخ الزمان لابن العبري 129- 130، 134، وزبدة الحلب 2/ 117- 164، وبغية الطلب (القسم الخاص بتراجم السلاجقة) 138- 151، والتاريخ الباهر 15، 17، ووفيات الأعيان 1/ 296، والمختصر في أخبار البشر 2/ 227، والعبر 4/ 13، ودول الإسلام 2/ 38، وسير أعلام النبلاء 19/ 315، 316 رقم 201، وتاريخ ابن الوردي 2/ 22، والدرّة المضيّة 477، وعيون التواريخ 12/ 41، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 46، 47، وأمراء دمشق 33 رقم 108، والوافي بالوفيات 14/ 129، 130 رقم 166، ومآثر الإنافة 2/ 19، 20، وصبح الأعشى 4/ 170، والنجوم الزاهرة 5/ 205، وتاريخ الخلفاء 430، وشذرات الذهب 4/ 16، وتهذيب تاريخ دمشق 5/ 322.(35/158)
- حرف السين-
181- سِرَاج بْن عَبْد المُلْك بْن سِرَاج بْن عَبْد الله [1] .
الإمام أبو الحُسَيْن بْن العلّامة اللُّغَويّ أَبِي مروان.
وقد مرَّ أبوه بعد الثّمانين وأربعمائة.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وأبا عَبْد الله بْن عتّاب.
وخَلَف أَبَاهُ بالأندلس في معرفة الأدب.
وكان مِن أذكياء العالم [2] .
تُوُفّي بقُرْطُبَة [3] . قاله ابن الدّبّاغ.
__________
[1] انظر عن (سراج بن عبد الملك) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 227 رقم 519، ومعجم الأدباء 11/ 181 رقم 53، وإنباه الرواة 2/ 66 رقم 286، والوافي بالوفيات 15/ 128 رقم 183، وبغية الوعاة 1/ 251.
[2] قال ابن بشكوال: كانت له عناية كاملة بكتب الآداب، واللغات، والتقييد لها، والضبط لمشكلها، مع الحفظ والإتقان لما جمعه منها. أخذ الناس عنه كثيرا، وكان حسن الخلق، كامل المروءة، من بيئة علم ونباهة وفضل وجلالة. (الصلة) .
وقال ياقوت: كان عالم الأندلس في وقته، وكان يجتمع إليه مهرة النحاة كابن الأبرش، وابن الباذش، ومن في طبقتهما يتلقّون عنه لوقوفه على دقائق النحو، ولغات العرب، وأشعارها وأخبارها.
ومن شعره:
بثّ الصنائع لا تحفل بموقعها ... في آمل شكر المعروف أو كفرا
كالغيث ليس يبالي حيثما انسكبت ... منه الغمائم تربا كان أو حجرا
(معجم الأدباء) ومن شعره أيضا:
لما تبوّأ من فؤادي منزلا ... وغدا يسلّط مقلتيه عليه
ناديته مسترحما من زفرة ... أفضت بأسرار الضمير إليه
وقفا بمنزلك الّذي تحتلّه ... يا من يخرّب بيته بيديه
(بغية الوعاة)
[3] أرّخ ابن بشكوال، وياقوت، وغيره وفاته بسنة 508 هـ-.!(35/159)
- حرف الشين-
182- شجاع بْن فارس بْن الحُسَيْن بْن فارس بْن الحُسَيْن بْن غريب بْن بشير بْن عَبْد الله بْن مُنخل بْن ثور بْن مَسْلَمة بْن سَعْنة بْن سَدُوس بْن شيبان بْن ذُهَل بْن ثعلبة [1] .
الحافظ أبو غالب الذُّهْليّ، السُهْروَرْديّ، ثمّ البغداديّ، الْحَريميّ.
قَالَ ابن السّمعانيّ: نسخ بخطّه مِن التّفسير، والحديث، والفقه، ما لم ينسخه أحدٌ مِن الورّاقين. قَالَ لي عَبْد الوهّاب الأنْماطي: دخلت عَليْهِ يومًا، فقال لي: تَوّبْني. فقلت: مِن أيّ شيء؟ قَالَ: كتبت شِعر ابن الْحَجّاج [2] بخطّي سبْعٍ مرّات [3] .
سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وعبد العزيز بْن عليّ الأَزَجيّ، والأمير أبا محمد بن المقتدر، وأبا محمد الجوهريّ، وأبا جعفر ابن المسلمة، وأبا بَكْر الخطيب، وطبقتهم، ومن بعدهم، إلى أن سمع مِن جماعة من طبقته.
روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وأبو طاهر السّلَفيّ، وعمر بْن ظَفَر، وسَلمان بن جزوان، وطائفة مِن الطّلبة.
وملكتُ بخطّه عدّة أجزاء.
__________
[1] انظر عن (شجاع بن فارس) في: الأنساب 7/ 198، والمنتظم 9/ 176 رقم 289 (17/ 134، 135 رقم 3811) ، والكامل في التاريخ 10/ 500، ووفيات الأعيان 6/ 54، والإعلام بوفيات الأعلام 208، والعبر 4/ 13، وتذكرة الحفاظ 4/ 1240، وسير أعلام النبلاء 19/ 355- 357 رقم 210، ودول الإسلام 2/ 36، والمعين في طبقات المحدّثين 149 رقم 1614، ومرآة الجنان 3/ 194، وعيون التواريخ 12/ 41، 42، والبداية والنهاية 12/ 176، والوافي بالوفيات 16/ 113، 114 رقم 125، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 129، 130، وشذرات الذهب 4/ 16.
وقارن اسمه ونسبه بما جاء في المنتظم، ففيه اختلاف، وهناك أطول.
[2] هو حسين بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن محمد بْن الحجّاج النيلي البغدادي. كان شاعر عصره، ووصف بأنه سفيه الأدباء، وأمير الفحش، كان أمّة وحده في نظم القبائح. توفي سنة 391 هـ-. (انظر ترجمته في الطبقة الأربعين من الكتاب (حوادث ووفيات 381- 400 هـ-.) - ص 252- 254 وفيها مصادر ترجمته) .
[3] المنتظم.(35/160)
قَالَ عَبْد الوهاب: قَلّ ما يوجد بلدٌ مِن بلاد الإسلام إلّا وفيه شيء بخطّ شجاع الذُّهْليّ، وكان مفيد وقته ببغداد، ثقة، سديد السّيرة. أفنى عمره في الطَّلَب. وكان قد عمل مسوَّدة «تاريخ بغداد» ذيلًا عَلَى «تاريخ» الخطيب، فغسَله في مرض موته [1] .
تُوُفّي في ثالث جُمَادَى الأولى، ووُلِد في سنة ثلاثين.
- حرف العين-
183- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن عُمَر بْن جحشوَيْه [2] .
أبو محمد الطَّوَابيقيّ [3] ، الآجُرّيّ، الحربيّ، القصّار.
شيخ صالح، سَمِعَ: أبا الْحَسَن الْقَزْوينيّ، والجوهريّ.
روى عَنْهُ: المبارك بْن خُضَيْر، ومحمد بْن جعفر بن عقيل، وغيرها.
وتوفّي في صَفَر.
184- عَبْد الله بْن مرزوق بْن عَبْد الله [4] .
الْهَرَويّ، أبو الخير الحافظ، مولى أَبِي إسماعيل عَبْد الله بْن محمد الأنصاريّ.
كَانَ أصمّ، غير أنّه تعلَّم ورُزِق فهْم الحديث. وكان حسن السّيرة. جميل الأمر، متقِنًا، متثّبتًا.
سَمِعَ: أبا إسماعيل الأنصاريّ، وغيره بهَرَاة، وأبا عَمْرو بْن مَنْدَهْ، وغيره بإصبهان، وأبا القاسم بْن البُسْري، وطبقته ببغداد، وأبا الْفَضْلُ محمد بن أحمد الحافظ بطبس.
__________
[1] وقال ابن الجوزي: وكان ثقة، مأمونا، ثبتا، فهما، وكان يورّق للناس.. وكان مفيد أهل بغداد، والمرجوع إليه في معرفة الشيوخ. (المنتظم) .
[2] لم أجده.
[3] الطوابيقي: بفتح الطاء والواو، وكسر الباء، ثم الياء الساكنة آخر الحروف، وفي آخرها القاف.
هذه النسبة إلى «الطوابيق» وهي الآجرّ الكبير الّذي يفرش في صحن الدار. (الأنساب 8/ 259) .
[4] انظر عن (عبد الله بن مرزوق) في: مختصر طبقات علماء الحديث (مخطوط) ورقة 223، وسير أعلام النبلاء 19/ 300، 301، وتذكرة الحفاظ 4/ 1246، والوافي بالوفيات 17/ 601 رقم 510، وطبقات الحفاظ 453، وشذرات الذهب 4/ 16، ومعجم الطبقات الحفاظ والمفسرين 121 رقم 1019.(35/161)
وجال في الآفاق، ثمّ سكن إصبهان.
روى عَنْهُ: حنبل الفخاريّ، وأبو العلاء أحمد بْن محمد بْن الفُضَيْل الإصبهاني، وآخرون.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة [1] .
وأكبر شيخ لَهُ أبو عُمَر الْمَلِيحيّ [2] .
185- عَبْد القادر بْن محمد [3] .
أبو محمد الصَّدَفيّ، الْقَرَويّ، المعروف بابن الحنّاط، نزيل الْمَريّة.
روى عَنْ: أَبِي بَكْر أحمد بْن محمد بْن يحيى الصَّقَلّيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد الخرقيّ، وأبي مروان عبد الملك بْن زيادة الله الطُبّيّ، سَمِعَ منه بالقيروان، ومحمد بْن الْفَرَج، سَمِعَ منه بمصر، وعبد الله بْن محمد الْقُرَشِيّ، والفقيه عَبْد الحقّ الصَّقَلّيّ، وغيرهم.
وكان صالحًا، زاهدًا، مُعْتنيا بالعلم والرّواية.
روى عَنْهُ جماعة.
وتُوُفّي في ربيع الأول عَنْ بضعٍ وثمانين سنة.
186- عَبْد الوهّاب بن أحمد بن عبيد الله بن الصحنائي [4] .
أبو غالب البغداديّ، المستعمليّ.
سَمِعَ: أبا محمد الخلّال، وعليّ بْن محمد بْن قُشَيْش، وأبا طالب بن غيلان، وأبا القاسم الأزجيّ.
__________
[1] قيل ولد سنة 441 هـ-.
[2] وقال ابن النجار: قرأ العلم، ورزق الفهم، وسمع الكثير وسافر، وكتب، وحصّل، وكان موصوفا بالحفظ والمعرفة، وحسن السيرة، وكان خطّه رديئا، ثقل سمعه بآخره.
وقال السلفي: سمعت إسماعيل بن محمد الحافظ يقول: أبو الخير الهروي حافظ للحديث متقن.
[3] انظر عن (عبد القادر بن محمد) في: الغنية للقاضي عياض 99 (في ترجمة أحمد بن سعيد بن خالد بن بشتغير اللخمي) .
[4] انظر عن (عبد الوهاب بن أحمد) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 319- 321 رقم 191. وسيعاد في وفيات سنة 509 هـ-. برقم 263.(35/162)
روى عنه: عمر بن ظفر، وأبو المعمر الأنصاريّ، وعبد الحقّ اليُوُسُفيّ، وآخرون.
تُوُفّي فِي ذي الحجة.
وكان مولده فِي سنة عشرين وأربعمائة [1] .
187- عليّ بن الحسين المِرْدُستيّ [2] .
أبو الفوارس الحاجب.
سَمِعَ: أبا محمد الجوهري.
وكان شيعيا مِن بيت حشمة.
188- عليّ بْن عليّ بْن عَبْد السّميع بْن الْحَسَن [3] .
الهاشميّ، العبّاسيّ، أبو الحارث.
سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان.
وحدَّث.
سمع منه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو طاهر السّلَفيّ.
189- علي بْن مُحَمَّد بْن علي بْن أَحْمَد بْن إسماعيل [4] .
الواعظ، أبو منصور الأنباريّ.
كَانَ يسكن دار الخلافة.
سَمِعَ الكثير، وانتشرت عَنْهُ الرّواية.
سَمِعَ: ابن غَيْلان، وأبا بَكْر بْن بِشْران، وأبا إِسْحَاق البرمكيّ، وجماعة.
وقرأ بالروايات عَلَى أَبِي عليّ الشّرمقانيّ [5] .
__________
[1] وقال الصحنائي: ورأيت أبا القاسم بن بشران وما سمعت منه.
[2] لم أجده.
[3] لم أجده.
[4] انظر عن (علي بن محمد الأنباري) في: طبقات الحنابلة 2/ 257، 258 رقم 700، والمنتظم 9/ 176 رقم 290 (17/ 135 رقم 3812) ، وسير أعلام النبلاء 19/ 281 رقم 180، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 110، 111 رقم 53، والوافي بالوفيات 22/ 87 رقم 36، والمنهج الأحمد 2/ 229، وشذرات الذهب 4/ 17، 18.
[5] في الأصل: «الشرمغاني» بالغين المعجمة، والتصحيح من المصادر.(35/163)
وتفقَّه عَلَى القاضي أبي يَعْلَى.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأنْماطيّ، وعبد الخالق اليُوسُفيّ، وأبو المُعَمَّر الأَزَجيّ، وجماعة.
تُوُفّي في ذي الحجّة، ووُلِد سنة خمسٍ وعشرين. وهو مِن علماء الحنابلة [1] .
190- عُمَر بْن أحمد بْن رزق [2] .
أبو بَكْر بْن الْفَصيح التُّجَيْبيّ، الأندلسيّ.
مِن أَهْل الْمَريّة.
روى عَنْ: أَبِي عَمْرو الدّانيّ المقرئ، وغيره.
قَالَ ابن بَشْكُوال: كَانَ ثقة فيما رواه. أخذ النّاس عَنْهُ. أخبرني بأمره يحيى بْن محمد صَاحُبنا.
- حرف الميم-
191- مالك بْن عَبْد الله [3] .
أبو الوليد العُتْبيّ، السَّهْليّ، القُرْطُبيّ، اللُّغَويّ.
مِن أئمّة الأدب.
سَمِعَ مِن: محمد بْن عتّاب، وحاتم بْن محمّد، وأبي مروان بْن حَيّان المؤرخ، وسِراج القاضي.
روى النّاس عنه كثيرا.
ومات بقرطبة [4] .
__________
[1] وقال ابن أبي يعلى: وكان أحد الشهود العدول ... وولي القضاء بربع باب الطاق، وكان يعظ في جامع المنصور وجامع القصر، ويشهد، ويحكم، وكان ينشر السّنّة في مجالسه.
[2] انظر عن (عمر بن أحمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 403 رقم 869.
[3] انظر عن (مالك بن عبد الله) في: الغنية للقاضي عياض 175 (في ترجمة علي بن أحمد بن خلف الأنصاري المعروف بابن البيذش) رقم 77، والصلة لابن بشكوال 2/ 620، 621 رقم 1364.
[4] قال ابن بشكوال: وكان من أهل المعرفة بالآداب واللغات والعربية ومعاني الشعر مع حضور الشاهد والمثل، مقدّما في ذلك على جميع أصحابه، ثقة فيما رواه، ضابطا لما كتبه، حسن(35/164)
192- محمد بْن أحمد بْن الحُسَيْن بْن عمر [1] .
الإمام أبو بَكْر الشّاشيّ [2] ، الفقيه، الشّافعيّ، مؤلّف «المستظهريّ» ، ولد بميّافارقين سنة تسع وعشرين وأربعمائة.
وتفقَّه عَلَى الإمام أبي عَبْد الله محمد بن بيان الكازرونيّ [3] .
__________
[ () ] الخط، جيّد الضبط، وكتب بخطه علما كثيرا وأتقنه وجوّده. أخذ الناس عنه. وكان يقول: لم أترك عند التميميين شيئا إلّا قرأته عليهما، يعني بذلك: الطرابلسي، والطبني.
[1] انظر عن (محمد بن أحمد الشاشي) في: تبيين كذب المفتري 306، 307، والمنتظم 9/ 179 رقم 294 (17/ 138 رقم 3817) ، والكامل في التاريخ 10/ 500، وطبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح 1/ 85- 90 رقم 3، ووفيات الأعيان 4/ 219- 221، والمختصر في أخبار البشر 2/ 227، ودول الإسلام 2/ 36، والإعلام بوفيات الأعلام 208، وسير أعلام النبلاء 19/ 393، 394 رقم 234، والعبر 4/ 13، وتذكرة الحفاظ 4/ 1241، والمعين في طبقات المحدّثين 149 رقم 1615، وتاريخ ابن الوردي 2/ 22، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 3، 4، وعيون التواريخ 12/ 24، 25، ومرآة الجنان 3/ 194، 195، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 57، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 86، 87، والبداية والنهاية 12/ 177، 178، والوافي الوفيات 2/ 73، 74، وطبقات الشافعية لابن كثير (مخطوط) ورقة 105 أ، ب، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 297- 299 رقم 259، والنجوم الزاهرة 5/ 206، وتاريخ الخلفاء 431، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 72، وأسماء الرجال، له (مخطوط) 64 ب، وكشف الظنون 401، 690، 1025، وشذرات الذهب 4/ 16، 17، وهدية العارفين 2/ 81، وديوان الإسلام 3/ 128 رقم 1262 والأعلام 5/ 316، ومعجم المؤلفين 8/ 253.
وقد أضاف السيد «محيي الدين علي نجيب» في تحقيقه لكتاب «طبقات الفقهاء الشافعية» لابن الصلاح، إلى مصادر صاحب الترجمة كتابي: «تهذيب الأسماء واللغات» للنووي 2/ 282، و «التقييد» لابن نقطة، ت (49) . (انظر ج 1 85 الحاشية) .
ويقول خادم العلم، محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :
إنّ المذكور في (تهذيب الأسماء 2/ 282 رقم 485، هو «القفّال الشاشي» واسمه: محمد بن علي بن إسماعيل، ويعرف بالقفّال الشاشي الكبير، تمييزا له عن «القفّال المروزي الصغير» .
قيل مات سنة 336 وقيل سنة 365 هـ-. وبها ورّخه المؤلّف الذهبي- رحمه الله-. انظر ترجمته ومصادرها في (حوادث ووفيات 351- 380 هـ-.) ص 345- 347.
أما المذكور في (التقييد، ت 49) فهو، «محمد بن حبّان بن أحمد بن حبّان بن معاذ بن معبد، أبو حاتم البستي» ! توفي سنة 354 هـ-. ولا علاقة له بصاحب الترجمة مطلقا.
ولا ترجمة للشاشي في (التقييد) أساسا. لذلك اقتضى التنبيه والتصحيح.
[2] الشاشي: نسبة إلى مدينة الشاش من أعمال سمرقند. أهلها كلهم شافعية.
[3] الكازروني: قال ابن السمعاني: بفتح الكاف وسكون الزاي وضم الراء وفي آخرها النون.
وقال ابن الأثير في (اللباب) : بفتح الزاي. وهي نسبة إلى كازرون إحدى بلاد فارس.(35/165)
وتفقَّه عَلَى قاضي ميَّافارقين أَبِي منصور الطّوسيّ [1] تلميذ الأستاذ أبي محمد الجوينيّ. ثمّ رحل أبو بَكْر إلى العراق، ولازم الشَّيْخ أبا إِسْحَاق، وكان مُعيد درسه. وكان يتردّد إلى أَبِي نصر بْن الصّبّاغ، فقرأ عَليْهِ «الشّامل» .
وسمع الحديث مِن الكازْرُونيّ شيخه، ومن ثابت بْن أبي القاسم الخيّاط.
وبمكّة مِن أَبِي محمد هَيّاج الحِطّينيّ [2] .
وسمع ببغداد مِن: أَبِي بَكْر الخطيب، وجماعة.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأَزَجيّ، وأبو الْحَسَن عليّ بْن أحمد الْيَزْديّ، وأبو بَكْر بْن النُّقور، وشُهْدة، والسّلَفيّ، وغيرهم.
وتفقَّه بِهِ جماعة.
قَالَ القاضي ابن خَلّكان: [3] أبو بَكْر الشّاشيّ، الفارقيّ، المعروف بالمُسْتَظهري، الملقّب فخر الإسلام. كَانَ فقيه وقته. دخل نَيْسابور صُحبة الشَّيْخ أبي إِسْحَاق، وتكلّم في مسألة بين يدي إمام الحرمين، وتعيَّن في الفِقْه ببغداد بعد أستاذه أَبِي إِسْحَاق. وانتهت إِليْهِ رئاسة الطّائفة الشّافعيّة، وصَنَّف تصانيف حَسَنَة، مِن ذَلِكَ كتاب «حلْية العلماء» [4] في المذهب ذكر فيه مذهب الشّافعيّ، ثمّ ضمّ إلى كلّ مسألةٍ اختلافَ الأئمّة فيها، وسمّاه «المستظهريّ» ، لأنّه صنَّفه للإمام المستظهر باللَّه.
وصنَّف أيضًا في الخلاف. وولي تدريس النّظاميّة ببغداد بعد شيخه، وبعد
__________
[1] هو أبو منصور محمد بن شاذان الطوسي، ولي القضاء بميافارقين سنة 435 أو 436 هـ-. وعزل سنة 449 هـ-. (انظر: تاريخ الفارقيّ 162 و 174) .
[2] الحطّيني: بكسر الحاء المهملة وتشديد الطاء المهملة أيضا، نسبة إلى حطّين قرية بين أرسوف وقيسارية، بالشام. منها هيّاج هذا، توفي سنة 472 هـ-. (الأنساب المتّفقة- طبعة دار الكتب العلمية 56 رقم 72) ، وحطّين هي التي جرت عندها الموقعة المشهورة بين صلاح الدين الأيوبي والصليبيين وانتصر عليهم واسترجع منهم بيت المقدس على إثرها. قيّض الله قائدا مثله يفكّ أسرها ويطهّرها من رجس اليهود الصهاينة.
[3] في وفيات الأعيان 4/ 219.
[4] نشرت منه مؤسّسة الرسالة، ودار الأرقم: قسم العبادات في ثلاثة أجزاء صغيرة، بتحقيق الدكتور ياسين درادكة، سنة 1980 بعنوان: «حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء» .(35/166)
ابن الصّباغ، والغزاليّ. ثمّ وليها بعد موت الكيا الهرّاسيّ سنة أربع وخمسمائة في المحرَّم. ودرّس بمدرسة تاج المُلْك وزير ملك شاه.
وتوفّي في خامس وعشرين شوّال [1] ، ودُفِن مَعَ شيخه أَبِي إِسْحَاق في قبرٍ واحد.
وقيل: دُفِن إلى جانبه.
وكان أشعريّا، أصوليّا [2] .
__________
[1] وقع في المطبوع من (تبيين كذب المفتري 307) أن وفاته سنة سبع وسبعين وخمسمائة! وهذا خطأ.
[2] وقال الشيخ أبو الحسن ابن الخلّ: كان الإمام فخر الإسلام أبو بكر الشاشي مبرّزا في علم الشرع، عارفا بالمذهب، حسن الفتيا، جيّد النظر، محقّقا مع الخصوم، يلزم المسائل الحكمية حتى يقطع خصمه، مع حسن إيراد، وكان يعنى بسؤال الكبير، ويمشّيه مع الكبار من الأئمة، ويفتي بمسألة ابن سريج وينصرها، وله فيها مصنّف.
وقال ابن الصلاح: وكان لطيفا، صالحا، ورعا، ديّنا، على سيرة السلف، وخلّف ولدين إمامين مبرّزين في المذهب والنظر: أبو المظفّر أحمد، وأبو محمد عبد الله ... وحدّث بشيء يسير، وأخذ عنه عبّاد بن سرحان- من فضلاء المغرب- كتاب «الملخّص في الجدل» ، وغيره، عن الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وكتاب «زواهر الدرر في نقض جواهر النظر» حدّثه به عن مصنّفه الإمام أبي بكر الخجنديّ.
ومن تآليفه: كتاب «الشافي في شرح الشامل» في عشرين مجلّدا، وكان قد بقي من إكماله نحو الخمس، هذا في سنة أربع وتسعين وأربعمائة، ومن تصانيفه كتاب «الترغيب في المذهب» ، وله «الشافي في شرح مختصر المزني» .
أنشد أبو سعد السمعاني، عن أبي الحسن علي بن أحمد الفقيه، قال: أنشدنا أبو بكر الشاشي في الاعتذار عن الإقلال من الزيارة:
إنّي، وإن بعدت داري لمقترب ... منكم بمحض موالاة وإخلاص
وربّ دان وإن دامت مودّته ... أدنى إلى القلب منه النازح القاصي
وقال ابن الصلاح: ومن تصانيفه «المستظهري» الكتاب المشهور في المذهب، و «المعتمد» وهو كالشرح ل «المستظهري» وهو غريب، و «العمدة» المختصر المشهور. (طبقات ابن الصلاح) وقال ابن الجوزي: صنّف ودرّس في النظامية ثم عزل، وكان ينشد:
تعلّم يا فتى والعود رطب ... وطينك ليّن والطبع قابل
فحسبك يا فتى شرفا وفخرا ... سكوت الحاضرين وأنت قائل
(المنتظم) وقال ابن خلّكان: وتولّى التدريس بالمدرسة النظامية بمدينة بغداد سنة أربع وخمسمائة إلى حين وفاته، وكان قد وليها قبله الشيخ أبو إسحاق الشيرازي، وأبو نصر ابن الصباغ صاحب(35/167)
193- محمد بْن إبراهيم بْن سَعِيد بْن نِعَم الخلفاء [1] .
أبو عَبْد الله الرُّعَيْنيّ، الأندلسيّ.
سَمِعَ بسَرَقُسْطَة مِن أَبِي الوليد الباجيّ، ورحل وحجّ.
وقرأ القراءات عَلَى أَبِي معشر الطَّبَريّ.
وكان مولده في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة.
وتوفّي بأورْيُولة. وكان ثقةً، خيارًا.
194- محمد بْن الحُسَيْن بْن وهْبان [2] .
أبو المكارم الشَّيْبانيّ.
عَنْ: القاضي الطَّبَريّ، والجوهريّ.
سَمِعَ لنفسه مِن ابن غَيْلان.
195- محمد بْن طاهر بْن عليّ بْن أحمد [3] .
__________
[ () ] «الشامل» ، وأبو سعد المتولّي صاحب «تتمة الإبانة» ، وأبو حامد الغزالي، فلما انقرضوا تولّاها هو، وحكى لي بعض المشايخ من علماء المذهب أنه يوم ذكر الدرس، وضع منديله على عينيه وبكى كثيرا، وهو جالس على السّدّة التي جرت عادة المدرّسين بالجلوس عليها، وكان ينشد:
خلت الديار فُسدْتُ غير مُسَوَّد ... ومن العناء تفرّدي بالسؤددِ
وجعل يردّد هذا البيت ويبكي، وهذا إنصاف منه واعتراف لمن تقدّمه الفضل والرجحان عليه.
وهذا البيت من جملة أبيات في «الحماسة» .
ومدحه تلميذه أبو المجد حمدان بن كثير البالسي بقصيدة يقول فيها:
يا كعبة الفضل أفتنا لم لم يجب ... شرعا على قصّادك الإحرام
ولما تضمّخ زائريك بطيب ما ... تلقيه وهو على الحجيج حرام
(وفيات الأعيان 4/ 220، 221) .
[1] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 569 رقم 1252.
[2] لم أجده.
[3] انظر عن (محمد بن طاهر) في: التحبير 1/ 82، 199 و 2/ 247- 249، 251، والأنساب 27 أ، ومعجم البلدان 1/ 158، ومعجم الأدباء 14/ 97، والتقييد لابن نقطة 68، 69 رقم 55، والمنتظم 9/ 177- 179 رقم 293 (17/ 136- 138 رقم 3815) ، ووفيات الأعيان 4/ 287، وميزان الاعتدال 3/ 587، وتذكرة الحفاظ 4/ 1242، والمعين في طبقات المحدّثين 149 رقم 1616، والإعلام بوفيات الأعلام 208، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 22/ 247 رقم 304، والعبر 4/ 14، وسير أعلام النبلاء 19/ 361- 371 رقم 213، ودول الإسلام 2/ 36، والمغني في الضعفاء 2/ 594 رقم 5643، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد(35/168)
الحافظ أبو الْفَضْلُ المقدسيّ، ويُعرف بابن الْقَيْسَرانيّ، الشَّيْبانيّ.
لَهُ الرحلة الواسعة.
سَمِعَ ببلده مِن: نصر المقدسيّ، وابن وَرْقاء، وجماعة.
ودخل بغداد سنة سبْعٍ وستّين، فسمع مِن: الصَّريْفينيّ [1] ، وابن النّقور، وطبقتهما.
وحجَّ، وجاور فسمع مِن: أَبِي عليّ الشّافعيّ، وسعْد الزَّنْجانيّ، وهَيَّاج الحِطّينيّ.
وصحِب الزَّنْجانيّ [2] ، وتخرّج بِهِ في التّصوُّف، والحديث، والسُّنَّة، ورحَلَ بإشارته إلى مِصْر، فَسَمِعَ بها مِن أَبِي إِسْحَاق الحبّال.
وبالإسكندرية مِن الحُسَيْن بْن عَبْد الرَّحْمَن الصَّفْراويّ.
وبتِنّيس مِن عليّ بْن الحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحدّاد، حدَّثه عَنْ جدّه، عَنْ أحمد بْن عيسى الوشاء، عن عيسى بن زُغْبَة، وذلك مِن أعلى ما وقع لَهُ في الرحلة المصرية.
وسمع بدمشق مِن أَبِي القاسم بْن أبي العلاء الفقيه.
__________
[31- 33،) ] ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 49، 50، ومرآة الجنان 3/ 195، 196، والوافي بالوفيات 3/ 166- 168 رقم 1133، وعيون التواريخ 12/ 25- 27، والبداية والنهاية 12/ 176، 177، وطبقات الأولياء لابن الملقّن 316- 318، وطبقات النحويين واللغويين لابن قاضي شهبة 53، ولسان الميزان 5/ 207- 210، والأنس الجليل 265، 266، وطبقات الحفاظ 452، والمقفّى الكبير 5/ 734- 742 رقم 2378، وكشف الظنون 88، 116، 180، وشذرات الذهب 4/ 18، وهدية العارفين 2/ 82، 83، وديوان الإسلام 3/ 244، 245 رقم 1381، والأعلام 6/ 171، ومعجم المؤلفين 10/ 99، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 4/ 26- 28 رقم 1019، وعلم التأريخ عند المسلمين 586، 600، 717، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 157 رقم 1018.
[1] الصريفيني: بفتح الصاد المهملة، وكسر الراء، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، والفاء بين الياءين، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى «صريفين» ، قريتين، إحداهما من أعمال واسط، والأخرى صريفين بغداد. (الأنساب 8/ 58) .
[2] الزّنجاني: بفتح الزاي وسكون النون وفتح الجيم وفي آخرها نون، هذه النسبة إلى زنجان وهي بلدة على حدّ أذربيجان من بلاد الجبل، منها يتفرّق القوافل إلى الري وقزوين وهمذان وأصبهان. (الأنساب 6/ 306) .(35/169)
وبحلب مِن الْحَسَن بْن مكّيّ الشّيرازيّ.
وبالجزيرة العمريّة من أبي أحمد عَبْد الوهّاب بْن محمد اليمنيّ، عَنْ أبي عُمَر بْن مَهْديّ.
وبالرَّحْبَة مِن الحُسين بْن سعدون.
وبصور مِن القاضي عليّ بْن محمد بْن عبد الله الهاشميّ [1] .
وبإصبهان مِن: عَبْد الوهّاب بن مندة، وإبراهيم بن محمد القفّال، وطائفة.
وبنيسابور من: الفضل بن المحبّ، وموسى بن عمران، وأبي بكر بن خلف.
وبهراة من: محمد بن أبي مسعود الفارسيّ، وكلار، وبيبى، وشيخ الإسلام.
وبجرجان من: إسماعيل بن مسعدة، والمظفّر بن حمزة البيّع.
وبآمد من قاسم بن أحمد الخيّاط الأصبهانيّ، وهو من كبار شيوخه، سمع سنة أربع وثمانين وثلاثمائة مِن محمد بْن أحمد بْن جِشْنس [2] ، صاحب ابن صاعد.
وبأَسْتِراباذ مِن: عليّ بْن عبد المُلْك الحفْصي، حدَّثه عَنْ هلال الحفّار.
وببُوشَنْج مِن: عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عفيف كُلار.
وبالبصرة مِن: عَبْد المُلْك بْن شَغَبَة.
وبالدّيَنورَ مِن: أَحْمَد بْن عِيسَى بْن عَبّاد الدّيَنَوريّ، عَنِ ابن لال الْهَمَذَانيّ.
وبالرَّيّ مِن: إسماعيل بْن عليّ الخطيب، عَنْ يحيى بْن إبراهيم المُزَكّيّ.
وبسَرْخَس مِن: محمد بْن عَبْد المُلْك المظفَّري، عَنْ أحمد بْن محمد بْن الْفَضْلُ الكرابيسيّ، عَنْ محمد بْن حَمْدَوَيْه الْمَرْوَزِيّ.
__________
[1] وسمع بصور أيضا: أبا الحسن علي بن عبد السلام الأرمنازي، وأبا الفرج غيث بن علي الأرمنازي، وهو قال: «طرابلس» بغير ألف، والمشهور بالألف. (الأنساب المتّفقة 10) .
[2] جشنس: بكسر الجيم والنون وبينهما شين معجمة ساكنة، وآخره سين مهملة. (المشتبه 1/ 265) .(35/170)
وبشيراز مِن: عليّ بْن محمد بْن عليّ الشّروطيّ، عن الحسن بن أحمد ابن محمد بْن اللَّيْثُ الحافظ إملاءً سنة إحدى وأربعمائة، ثنا ابن الْبَخْتَرِيّ [1] ببغداد.
وبقزوين مِن: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عليّ العِجْليّ الإمام، عَنْ أَبِي عُمَر بْن مهديّ، قِدم عليهم.
وبالكوفة مِن: أَبِي القاسم الحُسَيْن بْن محمد، مِن طريق ابن أبي غَرْزَة.
وبالْمَوْصل مِن: هبة الله بْن أحمد المقرئ، عَنْ محمد بْن عليّ بْن بحشَل، عَنْ محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب.
وبمرو: محمد بن الحسن المهربندقشابيّ [2] ، عن أحمد بن عبدوس النّسويّ.
وبمروالرّوذ مِن: الْحَسَن بْن محمد الفقيه، عَنِ الحِيريّ.
وبنُوقان مِن: محمد بْن سَعِيد الحاكم، عَنِ السُّلَميّ.
وبنهاوند مِن: عُمَر بْن عُبَيْد الله القاضي، عَنْ عَبْد المُلْك بْن بِشْران.
وبهَمَذَان مِن: عَبْد الواحد بْن علي الصُّوفيّ، عَنْ محمد بْن عليّ بْن حَمْدَوَيْه الطّوسيّ.
وبالمدينة النبويّة مِن: طِراد الزَّيْنَبيّ.
وبواسط مِن صَدَقة بْن محمد المتولّي.
وبساوة مِن: محمد بْن أحمد الكامِخيّ.
وبأسَدَاباذ مِن: أبي الْحَسَن عليّ بْن محمد المحلميّ، عَنِ الحِيريّ.
وبالأنبار مِن: أَبِي الْحَسَن عليّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الخطيب.
وبأسفرايين مِن: عَبْد المُلْك بْن أحمد العدْل، عَنْ عليّ بْن محمد بْن عليّ السّقّاء.
وبآمُل طَبَرِسْتان مِن: الْفَضْلُ بْن أحمد البصْريّ، عَنْ جدّه، عن أبي أحمد ابن عديّ.
__________
[1] البختري: بفتح الموحّدة، وسكون الخاء المعجمة، وفتح التاء المثنّاة، وراء.
[2] في الأصل: «المهرندقشاني» .(35/171)
وبالأهواز من: عُمَر بْن محمد بْن حَيْكان النَّيْسابوريّ، عَنِ ابن ريذة.
وببِسْطام مِن: أبي الْفَضْلُ محمد بْن عليّ السَّهْلكيّ، عَنِ الحيريّ.
وبخُسْرُوجِرْد مِن: الْحَسَن بْن أحمد الْبَيْهَقيّ، عَنِ الحيريّ.
فهذه أربعون مدينة قد سمع فيها الحديث، وسمع في البلدان أُخَر تركتُها.
روى عَنْهُ: شِيرَوَيْه الْهَمَذَانيّ، وأبو جعفر محمد بْن الْحَسَن الْهَمَذَانيّ، وأبو نصر أحمد بْن عمر الْغَازي، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ، وابن ناصر، والسّلَفيّ، وطائفة كبيرة، آخرهم موتًا محمد بْن إسماعيل الطَّرَسُوسيّ الإصبهانيّ.
قَالَ أبو القاسم بْن عساكر: سَمِعْتُ إسماعيل بْن محمد بْن الْفَضْلُ الحافظ يَقُولُ: أحفظ مِن رَأَيْت محمد بْن طاهر.
وقال يحيى بْن مَنْدَهْ في «تاريخه» : كَانَ أحد الحُفّاظ، حسن الاعتقاد، جميل الطّريقة، صدوقًا، عالمًا بالصّحيح والسّقيم، كثير التّصانيف، لازمًا للأثَر.
وقال السّلَفيّ: سَمِعْتُ ابن طاهر يَقُولُ: كتبت «صحيح الْبُخَارِيّ» «ومسلم» «وابن داود» سبْعٍ مرّات بالوراقة، وكتبت «سُنَن ابن ماجه» بالوراقة عشر مرّات، سوى التّفاريق بالرَّيّ.
وقال ابن السّمعانيّ: سَأَلت أبا الْحَسَن محمد بْن أَبِي طَالِب عَبْد المُلْك الفقيه بالْكَرَج، عَنْ محمد بْن طاهر، فقال: ما كَانَ عَلَى وجه الأرض لَهُ نظير.
وعظَّمَ أمره، ثمّ قَالَ: كَانَ داوديَّ المذهب.
قَالَ لي: اخترت مذهب داود.
فقلت: لَهُ: ولم؟
قَالَ: كذا اتّفق.
فسألته عَنْ أفضل مِن رَأَى، فقال: سعد الزنجاني، وعبد الله بن محمد الأنصاريّ.
وقال أبو مسعود الحاجّيّ: سَمِعْتُ ابْن طاهر يَقُولُ: بُلْتُ الدَّم في طلب الحديث مرَّتين. مرَّة ببغداد، ومرّة بمكّة. وذاك أنّي كنت أمشي حافيا في حرّ(35/172)
الهواجر، فلحِقَني ذَلِكَ. وما ركبتُ دابّةً قطّ في طلب الحديث. وكنتُ أحمل كُتُبي عَلَى ظهري، إلى أن استوطنت البلاد. وما سَأَلت في حال الطّلب أحدًا.
وكنت أعيش عَلَى ما يأتي مِن غير مسألة [1] .
وقال ابن السّمعانيّ يَقُولُ: سَمِعْتُ بعض المشايخ يَقُولُ: كَانَ ابن طاهر يمشي في ليلة واحدة قريبًا مِن سبعة عشر فرسخًا. وكان يمشي عَلَى الدّوام باللّيل والنّهار عشرين فرسخًا [2] .
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الأَسَدِيُّ، أَنَا ابْنُ خَلِيلٍ، أَنَا خليل بْن أَبِي الرجاء الرازانيّ، نا محمد بْن عَبْد الواحد الدّقّاق قَالَ: محمد بْن طاهر كَانَ صوفيا مَلامتّيا، سكن الرَّيّ، ثمّ هَمَذَان. لَهُ كتاب «صَفْوة الصُّوفيّة» [3] . لَهُ أدنى معرفة بالحديث في باب شيوخ الْبُخَارِيّ ومسلم، وغيرهما [4] . شاهدناه بجرجان، ونيسابور. ذكر لي عَنْهُ حديث الإباحة، أسأل الله أن يُجَنّبنا منها، وممن يَقُولُ بها من الرجال والنساء، والأخابث الكحلية من جوانية زماننا، وصوفيّة وقتنا، وأن ينقذنا مِن المعاصي كلّها، وهم قومٌ ملاعين، لهم رموز ورَطَانات، وضلالة، وخذْلان، وإباحات، إنّ قولهم عند فعل الحرام المنع شؤم، والسّراويل حجاب. وحال
__________
[1] تاريخ دمشق، مختصر تاريخ دمشق 22/ 247.
[2] وزاد ابن السمعاني: سمعت من أثق به يقول: قال عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي، ينبغي لصاحب الحديث أن يكون سريع القراءة، سريع النسخ، سريع المشي، وقد جمع هذه الخصال في هذا الشاب، وأشار إلى ابن طاهر، وكان بين يديه.
[3] في (المنتظم) و (سير أعلام النبلاء) : «صفوة التصوّف» .
وقال ابن الجوزي: وكان له حفظ الحديث ومعرفة به، وصنّف فيه إلّا أنه صنّف كتابا سمّاه «صفوة التصوّف» يضحك منه من يراه ويعجب من استشهاده على مذاهب الصوفية بالأحاديث التي لا تناسب ما يحتجّ له من نصرة الصوفية. وكان داوديّ المذهب، فمن أثنى عليه فلأجل حفظه للحديث ومعرفته به، وإلّا فالجرح أولى به.
[4] زاد المؤلّف الذهبي في (سير أعلام النبلاء 19/ 364) .
«قلت: يا ذا الرجل، أقصر، فابن طاهر أحفظ منك بكثير.
ثم قال: وذكر له عنه الإباحة.
قلت: ما تعني الإباحة؟ إن أردت بها الإباحة المطلقة، فحاشا ابن طاهر، وهو- والله- مسلم أثري، معظّم لحرمات الدين، وإن أخطأ أو شذّ، وإن عنيت إباحة خاصّة، كإباحة السماع، وإباحة النظر إلى المرد، فهذه معصية، وقول للظاهرية بإباحيّتها مرجوع» .(35/173)
المذنبين مِن شربة الخمور والظَّلَمة، يعني خير منهم.
وقال ابن ناصر: محمد بْن طاهر ممّن لَا يُحْتَجّ بِهِ. صنَّف كتابًا في جواز النَّظر إلى المُرْد [1] ، أورد فيه حكاية يحيى بْن مَعِين أنّه قَالَ: رَأَيْت جارية بمصر مليحة صلّي الله عَليْهَا.
فقيل لَهُ: تصلّي عليها؟! فقال: صلّى الله عليها وعلى كلّ مليح.
ثمّ قَالَ ابن ناصر: كَانَ يذهب مذهب الإباحة [2] . يعني في النَّظَر إلى المِلاح. وإلّا فلو كَانَ يذهب إلى إباحة مطلَقَة لكان كافرًا، والرجل مُسْلم متَّبِع للأثر، سيّئ. وإن كَانَ قد خالف في أمورٍ مثل جواز السّماع، وقد صنَّف فيه مصنّفًا ليته لَا صنّفه.
وقال ابن السّمعانيّ: سألت عَنْهُ إسماعيل الحافظ، فتوقّف، ثمّ أساء الثّناء عَليْهِ [3] . وسمعت أبا القاسم بْن عساكر يَقُولُ: جمع ابن طاهر أطراف الصّحيحين، وأبي داود، والتّرْمِذيّ، والنَّسَائيّ، وابن ماجه، وأخطأ فيه في مواضع خطأ فاحشًا. رَأَيْته يخطّ عند أَبِي العلاء العطّار.
وقال ابن ناصر: محمد بْن طاهر كَانَ لُحَنَة وكان يصحّف. قرأ: وإنّ جبينه
__________
[1] تحرّفت في (عيون التواريخ 12/ 27) إلى: «المبرد» .
[2] المنتظم.
[3] وقال ابن الجوزي: ثم انتصر له السمعاني، فقال: لعلّه قد تاب.
فوا عجبا ممّن سيرته قبيحة فيترك الذمّ لصاحبها لجواز أن يكون قد تاب، فما أبله هذا المنتصر.
ويدلّ على صحّة ما قاله ابن ناصر من أنه كان يذهب مذهب الإباحة، ما أنبأنا به أبو المعمّر المبارك بن أحمد الأنصاريّ، قال: أنشدنا أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي لنفسه:
دع التصوّف والزهد الّذي اشتغلت ... به جوارح أقوام من الناس
وعج على دير داريّا فإنّ به ... الرهبان ما بين قسّيس وشمّاس
ثم استمع رنّة الأوتار من رشأ ... مهفهف طرفه أمضى من الماس
غنّى بشعر امرئ في الناس مشتهر ... مدوّن عندهم في صدر قرطاس
لولا نسيم بذكراكم يروّحني ... لكنت محترقا من حرّ أنفاسي
قال المصنّف- رحمه الله-: فالعجب من ابن السمعاني قد روي عنه هذه القصيدة، وطعن الأكابر فيه، ثم ردّ ذلك بلا شيء! (المنتظم) .(35/174)
لَيَتَقَصَّدُ عَرَقًا. بالقاف [1] ، فقلتُ: بالفاء، فكابَرَني.
وقال السّلَفيّ: كَانَ فاضلًا يعرف، ولكنه كَانَ لُحَنَة. حكى لي المؤتمن قَالَ: كنّا بهَرَاة عند عَبْد الله الأنصاريّ، وكان ابن طاهر يقرأ ويَلْحَن، فكان الشَّيْخ يحرّك رأسه ويقول: لَا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا باللَّه.
وَقَالَ ابن طاهر: وُلِدتُ في شوّال سنة ثمانٍ وأربعين ببيت المقدس، وأوّل ما سَمِعْتُ سنة ستّين [2] . ورحلت إلى بغداد سنة سبْعٍ وستّين. ثمّ رجعت إلى بيت المقدس، فأحرمت مِن ثَمّ إلى مكّة.
وقال ابن عساكر: [3] كَانَ ابن طاهر لَهُ مصنَّفات كثيرة، إلّا أنّه كثير الوهْم، وله شِعْر حسن، مَعَ أنّه كَانَ لَا يُحسن النَّحْو. وله كتاب «المختلف والمؤتلف» [4] .
وقال ابن طاهر في «المنثور» [5] : رحلت مِن مصر إلى نَيْسابور، لأجل أَبِي القاسم الْفَضْلُ بْن المحبّ صاحب أَبِي الحُسَيْن الْخَفّاف، فلمّا دخلت عَليْهِ قرأت في أوّل مجلس جزءين مِن حديث أَبِي العبّاس السَّرَّاج فلم [أجد] [6] لذلك حلاوة، واعتقدتُ أنّي نلته بغير تعبٍ، لأنّه لم يمتنع علي، ولا طالبني بشيء، وكل حديث من الجزءين يَسْوَى رحلة.
وقال: لمّا قصدت الإسكندرية كَانَ في القافلة مِن رشد إليها رجلٌ مِن أهل الشّام، ولم أدْرِ ما قصْده في ذَلِكَ. فلمّا كانت اللّيلة الّتي كُنَّا في صبيحتها
__________
[1] يريد الحديث الّذي أخرجه البخاري، ومسلم (2333) من حديث عائشة رضي الله عنها أنّ الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشدّه عليّ فيفصم عنّي، وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثّل لي رجلا يكلّمني، فأعي ما يقول. قالت عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه وإنّ جبينه ليتفصّد عرقا.
[2] التقييد 69.
[3] في تاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق 22/ 247.
[4] زاد ابن عساكر: «فيما اتفق لفظه واختلف أصله» .
[5] تحرّف في (لسان الميزان 5/ 210) إلى «المنشور» .
[6] إضافة على الأصل يقتضيها السياق.(35/175)
ندخل الإسكندريّة رحلنا باللّيل، وكان شهر رمضان، فمشيت قُدّام القافلة، وأخذتُ في طريق غير الجادّة، فلمّا أصبح الصّبّاح، كنت عَلَى غير الطّريق بين جبال الرّمْل، فرأيتُ شيخًا في مِقْثأة، فسألته عَنِ الطّريق، فقال: تصعد هذا الرمل، وتنظر البحر وتقصده، فإنّ الطريق عَلَى شاطئ البحر. فصعدت الرمل، ووقعت في قصب الأقلام، وكنت كلّما وجدت قلما مليحا اقتلعته، إلى أن اجتمع مِن ذَلِكَ حزْمة عظيمة، وحمِيَت الشمس وأنا صائم، وكان الصَّيْف.
فتعبت، فأخذت أنتقي الجيّد، وأطرح سواه، إلى أن بقي معي ثلاثة أقلام لم أر مثلها، طول كلّ عُقْدة شِبْرين وزيادة: فقلت إنّ الْإنْسَان لَا يموت مِن حمل هذه. ووصلتُ إلى القافلة المغرب، فقام إليَّ ذَلِكَ الرجل وأكرمني. فلمّا كَانَ في بعض اللّيل رحلت القافلة، فقال لي: إنّ في هذه اللّيلة مُكس، ومعي هذه الفضّة، وعليها العُشر، فإنْ قدرت وحملتها معك، لعلّها تَسْلَم، فعلتَ في حقّي جميلًا.
فقلت: أفعل.
قَالَ: فحملتها ووصلت الإسكندرية وسلمت، ودفعتها إِليْهِ فقال: تحبّ أن تكون عندي، فإنّ المساكنة تتعذّر.
فقلت: أفعل.
فلمّا كَانَ المغرب صلّيت، ودخلت عَليْهِ، فوجدته قد أخذ الثّلاثة الأقلام، وشقّ كلّ واحدٍ منها نصفين، وشدّها شدّة واحدة، وجعلها شبه المسرَجَة وأقعد السَّرَّاج عليها. فلحِقَني مِن ذَلِكَ مِن الغمّ شيءٌ لم يمكنيّ أن آكل الطّعام معه، واعتذرت إليه، وخرجت إلى المسجد، فلمّا صلّيت التّراويح، أقمت في المسجد، فجاءني القيّم وقال: لم تجر العادة لأحدٍ أن يبيت في المسجد.
فخرجت وأغلق الباب، وجلست عَلَى باب المسجد، لا أدري إلى أَيْنَ أذهب، فبعد ساعةٍ عبر الحارس، فأبصرني، فقال لي: مِن أنت؟
فقلت: غريب مِن أهل العِلْم، وحكيت لَهُ القصّة.
فقال: قُم معي. فقمت معه، فأجلسني في مركزه، وثمَّ سراجٌ جيّد، وأخذ يطوف ويرجع إلى عندي، واغتنمت أَنَا السَّرَّاج، فأخرجت الأجزاء، وقعدت(35/176)
أكتب إلى وقت السَّحَر، فأخرج إليَّ شيئًا مِن المأكول، فقلت: لم تجر لي عادة السُّحُور.
وأقمتُ بعد هذا بالإسكندرية ثلاثة أيّام، أصوم النّهار، وأبيت عنده، واعتذر إليه وقت السَّحَر، ولا يعلم إلى أن سهَّل الله بعد ذَلِكَ وفتح.
وقال: أقمت بِتّنيس مدّةً عَلَى أبي محمد بْن الحدّاد ونُظَرائه، فضاق بي، ولم يبق معي غير درهم، وكنت في ذَلِكَ أحتاج إلى خبز، وأحتاج إلى كاغَذ، فكنت أتردّد إنْ صرفته في الخبز لم يكن لي كاغذ، وإنْ صرفتُهُ في الكاغَذْ لم يكن لي خبز، ومضى على هذا ثلاثة أيّام ولياليهنّ لم أُطْعَم فيها، فلمّا كَانَ بُكْرَةَ اليوم الرابع قلت في نفسي: لو كَانَ لي اليوم كاغَذ لم يمكن أن أكتب فيه شيئًا لما بيَ مِن الْجُوع، فجعلت الدّرهم في فمي، وخرجتُ لأشتري الخبز، فبلغته، ووقع عليّ الضَّحك، فلِقيني أبو طاهر بْن حطامة الصّائغ، المواقيتيّ بها وأنا أصحك، فقال لي، ما أضحك؟
فقلت: خير.
فألحَّ علي وأبيت، فحلف بالطّلاق لَتَصْدُقَنّي لم تضحكْ؟ فأخبرته. وأخذ بيدي، وأدخلني منزله، وتكلَّف لي ذَلِكَ اليوم أطعمة، فلمّا كَانَ وقت صلاة الظُّهر خرجت أَنَا وهو إلى الصّلاة، فاجتمع بِهِ بعض وكلاء عامل تِنّيس، فسأله عنّي، فقال: هُوَ هذا. فقال: إنّ صاحبي منذ شهر أمرني أن أوصل إِليْهِ في كلّ يوم عشرة دراهم، قيمتها ربع دينار، وسهوت عَنْهُ.
قَالَ: فأخذ منه ثلاثمائة درهم، وجاءني وقال: قد سهّل الله رزقًا لم يكن في الحساب. وأخبرني بالقصّة، فقلت: تكون عندك، ونكون عَلَى ما نَحْنُ من الاجتماع إلى وقت الخروج، فإنني وحدي. ففعل. وكان بعد ذَلِكَ يصِلُني ذَلِكَ القدر، إلى أن خرجت مِن البلد إلى الشّام.
وقال: رحلت مِن طوس إلى إصبهان لأجل حديث أبي زُرْعة الرّازيّ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِم عَنْهُ في «الصّحيح» [1] ، ذاكَرَني بِهِ بعض الرّحّالة باللّيل، فلمّا
__________
[1] انظر صحيح مسلم، كتاب الرقاق (2739) ، باب: أكثر أهل الجنّة الفقراء.(35/177)
أصبحت شددت عليَّ، وخرجت إلى إصبهان، فلم أحلُلْ عنّي حتّى دخلت عَلَى الشَّيْخ أَبِي عَمْرو، فقرأته عَليْهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْر القطّان، عَنْ أَبِي زُرْعة، ودفع إليَّ ثلاثة أرغفة وكُمّثْراتَيْن، ثمّ خرجتُ مِن عنده إلى الموضع الَّذِي نزلت فيه، وحَللْت عنّي [1] .
وقال: كنت ببغداد في أوّل الرحلة الثّانية مِن الشّام، وكنت أنزل برباط الزّوزنيّ وكان بِهِ صوفيّ يُعرف بأبي النّجم، فمضى علينا ستّة أيام لم نطْعَم فيها، فدخل عليَّ الشَّيْخ أبو عليّ المقدسيّ الفقيه، فوضع دينارًا وانصرف، فدعوتُ بأبي النّجم وقلت: قد فتح الله بهذا، أيّ شيء نعمل بِهِ؟.
فقال: تعبر ذاك الجانب، وتشتري جبزا [2] ، وشِواءً، وحلْواء، وباقِلَّى [3] أخضر، ووردًا [4] ، وخسًا [5] بالجميع، وترجع. فتركت الدّينار في وسط مجلَّدة معي وعبرت، ودخلت عَلَى بعض أصدقائنا، وتحدّثت عنده ساعة، فقال لي:
لأيّ شيءٍ عبرت؟.
فقلت له.
فقال: وأين الدّينار؟
__________
[1] وقال ابن طاهر: كنت يوما أقرأ على أبي إسحاق الحبّال جزءا، فجاءني رجل من أهل بلدي، وأسرّ إليّ كلاما قال فيه: إنّ أخاك قد وصل من الشام، وذلك بعد دخول الترك بيت المقدس، وقتل الناس بها، فأخذت في القراءة، فاختلطت عليّ السطور، ولم يمكني أقرأ، فقال أبو إسحاق: ما لك؟.
قلت: خير.
قال: لا بدّ أن تخبرني. فأخبرته.
فقال: وكم لك لم تر أخاك؟
قلت: سنين.
قال: ولم لا تذهب إليه؟
قلت: حتى أتمّ الجزء.
قال: ما أعظم حرصكم يا أهل الحديث، قد تمّ المجلس، وصلّى الله على محمد، وانصرف.
(سير أعلام النبلاء 19/ 367) .
[2] في الأصل: «خبز» .
[3] هكذا في الأصل.
[4] في الأصل: «وورد» .
[5] في الأصل: «وخس» .(35/178)
فظننت أني قد تركته في جيبي، فطلبته فلم أجده، فضاق صدري ونمت، فرأيتُ في المنام كأنّ قائلًا يَقُولُ لي: أليس قد وضعته في وسط المجلَّدة؟ فقمت مِن النّوم، وفتحت المجلَّدة، وأخذت الدّينار، واشتريت جميع ما طلب رفيقي، وحملته عَلَى رأسي، ورجعت إِليْهِ وقد أبطأتُ عليه، فلم أُخبره بشيءٍ إلى أن أكلت، ثمّ أخبرته، فضحك وقال: لو كَانَ هذا الأكل لكنت أبكي.
وقال: كنت ببغداد في سنة سبْعٍ وستّين، فلمّا كَانَ عشيّة اليوم الَّذِي بويع فيه المقتدي بأمر الله دخلنا عَلَى الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق جماعة مِن أهل الشّام، وسألناه عَنِ الْبَيْعة، كيف كانت؟ فحكى لنا ما جرى، ثمّ نظر إليَّ، وأنا يومئذٍ مختطّ، وقال: هُوَ أشبهُ النّاس بهذا. وكان مولد المقتدي في الثاني عشر مِن جمادي الأولى سنة ثمانٍ وأربعين وأربعمائة، ومولدي في سادس شوّال مِن هذه السّنة.
قَالَ أبو زُرْعة طاهر بْن محمد بْن طاهر: أنشدني أَبِي لنفسه:
لمّا رَأَيْت فتاة الحيّ قد برزَتْ ... مِن الحِطَم تَرُوم السَّعيَ في الظُّلمِ
ضوءُ النّهار بدا مِن ضوء بهجتها ... وظُلْمةُ اللّيل مِن مسْوَدّها الفحمِ
خدعتها بكلامِ يُستلَذُّ بِهِ ... وإنّما يُخْدع الأحرارُ بالكلمِ
وقال المبارك بْن كامل الخفّاف: أنشدنا ابن طاهر لنفسه:
ساروا بها كالبدر في هودجٍ ... يميس محفوفًا بأترابه
فاستعبرتْ تبكي، فعاتَبْتُها ... خوفًا مِن الواشي وأصحابه
فقلت: لَا تبكِ عَلَى هالكٍ ... بعدَكِ ما [1] يبقى عَلَى ما بِهِ
للموت أبواب، وكلّ الورى ... لا بدّ أن تدخل [2] مِن بابه
وأحسنُ الموتِ بأهل الهوى ... مِن مات مِن فُرْقة أحبابه
وله:
خلعتُ العِذارَ بلا مِنّةٍ ... عَلَى مِن خلعت عليه العذارا
__________
[1] في سير أعلام النبلاء 19/ 371: «لن» .
[2] في السير: «يدخل» .(35/179)
وأصبحت حَيْران لَا أرتجي ... جَنانًا، ولا أتّقي فيه نارًا [1]
وقال شِيرَوَيْه في «تاريخ هَمَذَان» : محمد بْن طاهر سكن هَمَذَان، وبنى بها دارًا. وكان ثقة، صدوقًا، حافظًا، عالمًا بالصّحيح والسّقيم، حسن المعرفة بالرجال والمُتُون، كثير التّصانيف، جيّد الخطّ، لازمًا للأثر، بعيدًا مِن الفُضول والتّعصُّب، خفيف الرّوح، قويّ السَّير في السَّفَر، كثير الحجّ والعُمْرة. كتب عَنْ عامّة مشايخ الوقت [2] .
__________
[1] عيون التواريخ 12/ 26.
[2] وقال ياقوت الحموي: وكان كما علمت وقّاعة في كل من انتسب إلى مذهب الشافعيّ، لأنه كان حنبليّا. (معجم الأدباء 14/ 97) في ترجمة «علي بن فضّال المجاشعي» .
وقد علّق الحافظ ابن حجر على قول ياقوت بأن ابن طاهر ما كان حنبليّا، بل هذه صفة ابن ناصر الّذي قال عنه إنه كان يذهب مذهب الإباحة، لأنه كان شافعيا ثم تحنبل وتعصّب، فلعلّ ياقوت انتقل ذهنه من ابن ناصر إلى ابن طاهر. (لسان الميزان 5/ 209) .
وقال ابن خلّكان: كان أحد الرحّالين في طلب الحديث.. وكان من المشهورين بالحفظ والمعرفة بعلوم الحديث، وله في ذلك مصنّفات ومجموعات تدلّ على غزارة علمه وجودة معرفته.
وصنّف تصانيف كثيرة، منها: «أطراف الكتب الستة» وهي: صحيح البخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، و «أطراف الغرائب» تصنيف الدارقطنيّ، وكتاب «الأنساب» في جزء لطيف، وهو الّذي ذيّله الحافظ أبو موسى الأصبهاني، وغير ذلك من الكتب.
وكانت له معرفة بعلم التصوّف وأنواعه، متفنّنا فيه، وله فيه تصنيف أيضا. وله شعر حسن، وكتب عنه غير واحد من الحفّاظ. (وفيات الأعيان 4/ 287) .
وقال ابن نقطة: صنّف كتبا في علوم الحديث، وكانت له معرفة بذلك، وكان مقيما بهمذان ويرحل إلى الحجّ في كل عام، وذكر أنه سافر إلى الحجاز ثلاثين سنة. (التقييد 69) .
وقال ابن السمعاني إن أبا المفاخر الحسن بن سيد الكاتب الرازيّ حمل إليه كتابا لابن طاهر المقدسي سمّاه «اللباب محذوف المسانيد» وذكر أنه سمعه من مصنّفه، فقرأت عليه حديثا، أو حديثين في أوله مسندا. (التحبير 1/ 199، 200) .
وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في (ميزان الاعتدال 3/ 587) : «ليس بالقويّ، فإن له أوهام كثيرة في تواليفه.
وله انحراف عن السّنّة إلى تصوّف غير مرضيّ، وهو في نفسه صدوق لم يتّهم» .
وقال الذهبي في (سير أعلام النبلاء 19/ 368) : أنبئت عن أبي جعفر الطرسوسي، عن ابن طاهر قال: لو أنّ محدّثا من سائر الفرق أراد أن يروي حديثا واحدا بإسناد إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوافقه الكلّ في عقده، لم يسلم له ذلك، وأدّى إلى انقطاع الزوائد رأسا، فكان اعتمادهم في(35/180)
قَالَ شجاع الذُّهْليّ: مات ابن طاهر عند قدومه بغداد من الحجّ يوم الجمعة في ربيع الأوّل [1] .
وقال أبو المُعَمَّر: تُوُفّي يوم الجمعة النّصف من ربيع الأوّل ببغداد [2] .
__________
[ () ] العدالة على صحّة السماع والثقة من الّذي يروى عنه، وأن يكون عاقلا متميّزا.
وعلّق الذهبي على ذلك بقوله:
العمدة في ذلك صدق المسلم الراويّ، فإن كان ذا بدعة أخذ عنه، والإعراض عنه أولى، ولا ينبغي الأخذ عن معروف بكبيرة، والله أعلم.
وقال الحافظ ابن عساكر: أنشدنا أبو الفضل محمد بن طاهر لنفسه:
إلى كم أمنّي النفس بالقرب واللقا ... بيوم إلى يوم وشهر إلى شهر
وحتّام لا أحظى بوصل أحبّتي ... وأشكو إليهم ما لقيت من الهجر
فلو كان قلبي من حديد أذابه ... فراقكم أو كان من أصلب الصخر
ولما رأيت البين يزداد والنوي ... تمثّلت بيتا قيل في سالف الدهر
متى يستريح القلب والقلب متعب ... ببين على بين وهجر على هجر
وقال ابن عساكر: سمعت أبا العلاء الحسن بن علي بن أحمد الهمذاني، يقول: ابتلي محمد بن طاهر بهوى امرأة من أهل الرستق، وكان يسكن قرية على ست فراسخ من همذان، فكان يذهب في كل يوم وليلة اثني عشر فرسخا. (تاريخ دمشق، مرآة الزمان، مختصر تاريخ دمشق) .
وقال ابن عساكر أيضا: جمع أطراف الكتب الستة، فرأيته بخطّه، وقد أخطأ فيه في مواضع خطأ فاحشا.
[1] قيل: ولما احتضر جعل يردّد هذا البيت:
وما كنتم تعرفون الجفا ... فممّن ترى قد تعلّمتم؟!
(المنتظم، مرآة الزمان) .
[2] هكذا أرّخه ابن عساكر.
وقال ابن خلّكان: توفي عند قدومه من الحج آخر حجّاته يوم الجمعة لليلتين بقيتا من شهر ربيع الأول سنة سبع وخمسمائة. وقيل توفي يوم الخميس العشرين من الشهر المذكور. (وفيات الأعيان) .
وقال ابن النجار: أنبأنا ذاكر، عن شجاع الذهلي قال: مات ابن طاهر عند قدومه من الحج من يوم الجمعة لليلتين بقيتا من شهر ربيع الأول سنة سبع وخمسمائة. قال: وقرأت في كتاب عبد الله بن أبي بكر ابن الخاضبة أنه توفي في ضحى يوم الخميس العشرين من الشهر، وله حجّات كثيرة على قدميه، وكان له معرفة بعلوم التصوّف وأنواعه، متفنّنا به، ظريفا مطبوعا، له تصانيف حسنة مفيدة في علم الحديث. (سير أعلام النبلاء 19/ 371) .
وقال ابنه أبو زرعة: أنشدنا والدي لنفسه:
يا من يدلّ بقدّه ... وبخدّه والمقلتين
ويصول بالصدغ المعقرب ... شبه لام فوق عين(35/181)
196- محمد بْن أَبِي الْعَبَّاس أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن إسحاق [1] .
الرئيس أبو المظفَّر الأُمَويّ، الْمَعَاويّ، الأبِيَوَرْدِيّ، اللُّغَويّ، الشّاعر المشهور، مِن أولاد عَنْبَسة بْنِ أَبِي سُفْيَان بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ [2] .
كَانَ أوحد عصره، وفريد دهره في معرفة اللُّغة والأنساب، وغير ذَلِكَ. وله تصانيف كثيرة مثل «تاريخ أَبِيَوردْ ونَسَا» .
وكان حَسَن السّيرة، جميل الأمر، مَنْظرانيا مِن الرجال، وكان فيه تيه
__________
[ () ]
ارحم فديتك مدنفا ... وسط الفلاة صريع بين
قتلته أسهمك التي ... من تحت قوس الحاجبين
الله ما بين الفرا ... ق وبين من أهوى وبيني
وله:
أضحى العذول يلومني في حبّهم ... فأجبته والنار حشو فؤادي
يا عاذلي لو بتّ محترق الحشا ... لعرفت كيف تفتّت الأكباد
صدّ الحبيب وغاب عن عيني الكرى ... فكأنّما كانا على ميعاد
(سير أعلام النبلاء 19/ 370، 371) .
[1] انظر عن (محمد الأبيوردي) في: الأنساب المتّفقة 134، والأنساب 10/ 496 و 11/ 386، 387، والمنتظم 9/ 176، 177 رقم 291 (17/ 135، 136 رقم 3813) ، ومعجم الأدباء 17/ 234- 266، ومعجم البلدان 1/ 86، والكامل في التاريخ 10/ 500، واللباب 3/ 230، والمحمّدون للقفطي 1/ 36، وإنباه الرواة 3/ 49، 52، وخريدة القصر (قسم العراق) 1/ 106، 107، ووفيات الأعيان 4/ 444- 449، وآثار البلاد وأخبار العباد 415، والمختصر في أخبار البشر 2/ 227، والإعلام بوفيات الأعلام 208، وسير أعلام النبلاء 29/ 283- 292 رقم 182، والعبر 4/ 14، وتذكرة الحفاظ 4/ 1241، وتاريخ ابن الوردي 2/ 37، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 29، 30، وعيون التواريخ 12/ 27- 34، ومرآة الجنان 3/ 196، والبداية والنهاية 12/ 176، وطبقات الشافعية الكبرى 6/ 81- 84، والوافي بالوفيات 2/ 91- 93، وطبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة 52، والنجوم الزاهرة 5/ 206، 207، وبغية الوعاة 1/ 40، 41، وتاريخ الخلفاء 431، وكشف الظنون 397- 345، وشذرات الذهب 4/ 18- 20، وديوان الإسلام 1/ 83، 84 رقم 95، والفلاكة والمفلوكين 66، وروضات الجنات 185، وهدية العارفين 2/ 81، 82، وأعيان الشيعة 43/ 261، 262، ومصفّى المقال لآغابزرگ 389، 390، وفهرست الخديوية 4/ 239، 240، 260، والأعلام 6/ 209، ومعجم المؤلفين 8/ 314 وانظر: ديوان الأبيوردي الّذي نشر بيروت سنة 1317 هـ-.، وقد كتب البحّاثة الشيخ محمد بهجة الأثري مقالة عنه في مجلّة الزهراء بمصر 3/ 228- 242، أوضح فيها أن ناشر الديوان أضاف إليه أكثر من عشرين قصيدة ليست من شعر الأبيوردي، بل هي من شعر أبي إسحاق الغزّي.
[2] انظر نسبه بالكامل في (معجم الأدباء 17/ 234) وقد طوّل فيه.(35/182)
وتكبُّر. وكان يفتخر بنسَبِه ويكتب: الْعَبْشَميّ الْمَعَاويّ، لا أنّه مِن وُلِد معاوية بْن أبي سُفْيان، بل مِن وُلِد معاوية بْن محمد بْن عثمان بْن عَنْبَسة بْن أَبِي سُفْيان [1] .
وله شِعْرٌ فائق، وقسَّم ديوان شِعْره إلى أقسام، منها العراقيّات، ومنها النَّجْديّات [2] ، ومنها الْوَجْديّات.
وأثنى عليه أبو زكريّا بْن مَنْدَهْ في «تاريخه» بحُسن العقيدة، وحميد الطّريقة، وكمال الفضيلة.
وقال ابن السّمعانيّ: صنَّف كتاب «المختلف» ، وكتاب «طبقات العِلْم» ، «وما اختلف وائتلف مِن أنساب العرب» [3] .
وله في اللُّغة مصنَّفات ما سُبِق إليها.
سَمِعَ: إسماعيل بْن مَسْعدة الإسماعيليّ، وأبا بَكْر بْن خلف الشّيرازيّ، ومالك بْن أحمد البانياسي، وعبد القاهر الْجُرْجانيّ النَّحْويّ.
وسمعتُ غير واحد من شيوخي يقولون: إنّه كَانَ إذا صلّي يَقُولُ: اللَّهمّ ملّكني مشارق الأرض ومغاربها [4] .
وذكره عَبْد الغافر فقال: فَخْر العرب، أبو المظفّر الأبِيَوَرْدِيّ، الكوفنيّ، الرئيس، الأديب، الكاتب، النَّسّابة، مِن مفاخر العصر، وأفاضل الدهر. لَهُ الفضائل الرّائقة، والفصول الفائقة، والتّصانيف المعجزة، والتّواليف المعجبة،
__________
[1] الأنساب 11/ 387.
[2] الأنساب 11/ 387.
[3] المنتظم.
[4] المنتظم. وقال ابن السمعاني إنه سأل أبا عليّ أحمد بن سعيد العجليّ المعروف بالبديع عن دعاء الأبيوردي: أيّ شيء هذا الدعاء؟ فكتب إليّ بهذه الأبيات:
يعيّرني أخو عجل إبائي ... على عدمي وتيهي واختيالي
ويعلم أنّني فرط لحيّ ... حموا خطط المعالي بالعوالي
فلست بحاصن إن لم أزرها ... على نهل شبا الأسل الطّوال
وإن بلغ الرجال مداي فيما ... أحاوله فلست من الرجال
قال أبو علي العجليّ: وكنت يوما متكسّرا، فأردت أن أقوم، فعضدني الأبيورديّ وعاونني على القيام، ثم قال: أمويّا يعضد عجليّا. كفى بذلك شرفا. (معجم الأدباء 17/ 237) .(35/183)
والنَّظْم الَّذِي نسخ أشعار المحدثين، ونسج فيه عَلَى منْوال الْمَعَرّي ومن فوقه مِن المفلِقين. رَأَيْته شابًا قام في درس إمام الْحَرَمَيْن مِرارًا، وأنشأ فَيه قصائد طِوالًا كبارًا، يلفظها كما يشاء زَبَدًا مِن بحر خاطره، كما نشأ ميسّر لَهُ الإنشاء، طويل النَّفَس، كثير الحِفْظ، تلتفت في أثناء كلامه إلى النّثْر والوقائع والاستنباطات الغريبة. خرج إلى العراق، وأقام مدّة يجذب فضله بطبعه، ويشتهر بين الأفاضل كمال فضله، ومتانة طبْعه حتّى ظهر أمره، وعلا قَدره، وحصل لَهُ مِن السّلطان مكانة ونعمة.
ثمّ كَانَ يرشح مِن كلامه نوعُ تشبُّث بالخلافة، ودعوةٌ إلى أتّباع فضله، ادّعاء استحقاق الإمامة. تبيض وساوس الشّيطان في رأسه وتفرّخ، ويرفع الكِبْرَ بأنفه، ويَشْمُخ [1] ، فاضطّره الحال إلى مفارقة بغداد، ورجع إلى هَمَذَان، فأقام بها يدرّس ويفيد، ويصنَّف مدّة.
ومن شِعْره:
وهَيْفاء لَا أُصغي إلى مِن يَلُومُني ... عليها، ويُغْريني أن يَعيبَها [2]
أميل بإحدى مُقْلَتَيَّ إذا بَدَتْ ... إليها، وبالأُخْرى أُراعي رقيبَها
وقد غَفَلَ الواشي فلم يدْرِ أنّني ... أخَذْتُ لعيني مِن سُلَيْمَى نصيبَها [3]
وله:
أكوكبٌ ما أرى يا سَعْد أمْ نارُ ... تشُبُّهَا سَهْلَةُ الْخَدَّين مِعْطارُ
بيضاءُ إنّ نَطَقَتْ في الحيّ أو نَظَرَتْ ... تَقَاسَمَ الشَّمْس أسماعٌ وأبصارُ
والرَّكْبُ يسيرون والظَّلْماءُ راكدةٌ ... كأنَّهُمْ في ضمير اللّيل أسرارُ
فاسْرَعُوا وطُلا الأعناقِ مائلةٌ ... حيثُ الوسائدُ للنُّوَّام أكوارُ [4]
عَنْ حمّاد الْحَرّانيّ قَالَ: سمعت السّلفيّ يقول: كان الأبيورديّ- والله-
__________
[1] وقال ابن الجوزي: كان فيه تيه وكبر زائد يخرج صاحبه إلى الحماقة.
[2] في وفيات الأعيان: «أعيبها» .
[3] ديوان الأبيوردي 2/ 193، وفيات الأعيان 4/ 446، سير أعلام النبلاء 19/ 287، الوافي بالوفيات 2/ 92، عيون التواريخ 12/ 29.
[4] سير أعلام النبلاء 19/ 287.(35/184)
مِن أهل الدّين والخير والصَّلاح والعِفّة [1] ، قَالَ لي: والله ما نمت في بيتٍ فيه كتاب الله، أو حديثُ رسول الله، احترامًا لهما أن يبدو منّي شيء لَا يجوز.
أنشدنا أبو الحُسَيْن النُّوبيّ، أَنَا جعفر، نا السّلَفيّ: أنشدنا الأبِيَوَرْدِيّ لنفسه:
وشادنٍ زارني عَلَى عَجَلٍ ... كالبدر في صَفْحة الدُّجا لَمَعَا
فلم أزلْ مُوهِنًا لحديثه [2] ... والبدْرُ يُصْغي إليّ مُسْتَمِعا
وصلْتُ خدّي بخدّه شَغَفًا ... حتى التقى الرَّوْض والغدِيرُ معًا [3]
وقال أبو زكريّا بْن مَنْدَهْ: سُئل الأديب أبو المظفَّر الأبِيَوَرْدِيّ عَنْ أحاديث الصّفات، فقال: نُقِرَّ ونَمُرّ [4] .
وقال أبو الْفَضْلُ بْن طاهر المقدسيّ: أنشدنا أبو المظفَّر الأبِيَوَرْدِيّ لنفسه:
يا مِن يُساجِلُني وُلّيس بمُدْرِكٍ ... شأوي، وأين لَهُ جلالةُ مَنْصبي
لا تَتْعَبَنّ فدُونَ ما حاوَلْتَهُ ... خَرْطُ الْقَتَادة وامتطاءِ الكواكبِ
والمجدُ يعلمُ أيُّنَا خيرٌ أبًا ... فأسالْهُ يعلم [5] أيُّ ذي حَسَبٍ أَبِي
جدّي مُعاويةُ الأَغَرّ سَمَتُ بِهِ ... جُرثُومةٌ مِن طِينها خُلِق النَّبِيّ
ورّثْتُهُ [6] شرَقًا رفعتُ مَنَاره ... فبنو أُمَيَّة يفخرون بِهِ وبي [7]
وَقِيلَ: إِنَّهُ كتب رقعة إلى الخليفة المستظهر باللَّه، وَعَلَى رأسها: المملوك المعاوي، فحك الخليفة الميم، فصار العاوي، ورد إِلَيْهِ الرقعة [8] .
__________
[1] في السير 19/ 285: «والثقة» .
[2] في السير: «أحدّثه» .
[3] السير 19/ 285.
[4] أي نعترف به ونجيزه.
[5] هكذا في الأصل هنا، وفي الأصل لسير أعلام النبلاء 19/ 287، أما في الديوان، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي: «تعلم» .
[6] في الديوان، والأنساب المتّفقة، ومعجم الأدباء، وطبقات السبكي: «وورثته» . والمثبت يتّفق مع: السير.
[7] الديوان 2/ 252، الأنساب المتّفقة 134، معجم الأدباء 17/ 262، سير أعلام النبلاء 19/ 287، 288، طبقات السبكي 6/ 83.
[8] الأنساب 11/ 387، المنتظم.(35/185)
ومن شِعْره:
تنكَّر لي دهري ولم يدر أنّني ... أعزّ وأحداث الزّمان تَهُونُ
فبات يُريني الخطْب كيف اعتداؤه ... وبِتُّ أريه الصَّبْرَ كيف يكون [1]
ومن شِعْره:
نزلنا بنُعْمان الأراكِ وللنَّدَى ... سَقيطٌ بِهِ ابتلَّتْ علينا المطارفُ
فبِتُّ أُعاني الوجْدَ والركْبُ نُوَّمُ ... وقد أخَذَتْ منّا السّرَى والتّنائفُ
وإذا خُودًا إنْ دَعاني عَلَى النَّوَى ... هواهَا أجابتْهُ الدّموعُ الذَّوارفُ
لها في مَغَاني ذَلِكَ الشّعْبِ منزلٌ ... لئنْ أنْكَرَتْه العينُ فالقلبُ عارفُ [2]
وقفتُ بِهِ والدَّمْع أكثرُهُ دَمٌ ... كأنيّ مِن جَفْني بنُعمان راعِفُ [3]
أنشدنا أبو الحُسَيْن ببَعْلَبَكّ: أنشدنا أبو الْفَضْلُ الْهَمَذَانيّ: أنشدنا السّلَفيّ: أنشدنا الأبِيَوَرْدِيّ لنفسه:
مِن رَأَى أشباحَ تِبْرٍ ... حُشيَتْ رِيقةَ نَحلهْ
فجمعناها بُذُورًا ... وقَطَعْناها أهِلَّهْ [4]
توفّي بأصبهان في ربيع الأوّل مسموما [5] .
__________
[1] المنتظم، مرآة الزمان ج 8/ 30، معجم الأدباء 17/ 246، الكامل في التاريخ 10/ 500، وفيات الأعيان 4/ 446، سير أعلام النبلاء 19/ 287، عيون التواريخ 12/ 29، الوافي بالوفيات 2/ 92، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 6/ 83، البداية والنهاية 12/ 176، النجوم الزاهرة 5/ 207.
والبيتان في ديوانه 2/ 55.
[2] إلى هنا في (سير أعلام النبلاء 19/ 287) . وقد ذكر محقّقه الشيخ شعيب الأرنئوط: إنّ هذه الأبيات لم ترد في الديوان.
أقول: بلى هي في ديوانه.
[3] في الديوان: «كأني في عيني بنعمان رافع» . (انظر المخطوط- ورقة 10 أ) ، عيون التواريخ 12/ 30.
[4] سير أعلام النبلاء 19/ 288.
[5] وقال أحمد بن سعد العجليّ: كان السلطان نازلا على باب همذان، فرأيت الأديب الأبيوردي راجعا من عندهم، فقلت له: من أين؟ فأنشأ يقول ارتجالا:
ركبت طرفي فأذرى دمعه أسفا ... عند انصرافي منهم مضمر الياس(35/186)
__________
[ () ]
وقال: حتّى م تؤذيني فإن سنحت ... حوائج لك فاركبني إلى الباس
(المنتظم) ، (الكامل في التاريخ 10/ 500) .
وقال ابن الهبّارية الشاعر في موت الأبيوردي:
قد نزلت بي نزلة صبعة ... أصبحت منها اليوم في جهد
يسيل من أنفي على شاربي ... شيء ولا عرض أبي سعد
وقال أيضا:
كأنّ في رأسي، ولا رأس لي، ... من نتنه شعر الأبيوردي
(خريدة القصر- قسم العراق- ج 2/ 87) .
وحكي أنه كان من أبيورد، ولم يعرف له هذا النسب، وأنه كان ببغداد في خدمة مؤيّد الملك ابن نظام الملك، فلما عادى مؤيّد الملك عميد الدولة بن منوجهر ألزمه أن يهجوه ففعل، فسعى عميد الدولة إلى الخليفة بأنه قد هجاك ومدح صاحب مصر، فأبيح دمه، فهرب إلى همذان واختلق هذا النسب حتى ذهب عنه ما قرف به من مدح صاحب مصر.
وسمع سنقر كفجك بخبره، فأراد أن يجعله طغرائيّ الملك أحمد، فمات أحمد، فرجع إلى أصفهان بحال سيّئة، وبقي سنين يعلّم أولاد زين الملك برسق، ثم شرح سنقر الكفجك للسلطان محمد ذلك، وأعطاه أشراف المملكة، وكان يدخل مع الخطير، وأبي إسماعيل، والمعين، وشرف الدين. (معجم الأدباء 17/ 234، 235) .
وقال العماد الأصبهاني في (خريدة القصر) :
الأبيوردي، تولّي في آخر عمره أشراف مملكة السلطان محمد بن ملك شاه، فسقوه السّمّ وهو واقف عند سرير السلطان، فخانته رجلاه، فسقط وحمل إلى منزله، فقال:
وقفنا بحيث العدل مدّ رواقه ... وخيّم في أرجائه الجود والبأس
وفوق السرير ابن الملوك محمد ... تخرّ له من فرط هيبته الناس
فخامرني ما خانني قدمي له ... وإن ردّ عيني نفرة الجأش إيناس
وذاك مقام لا نوفّيه حقّه ... إذا لم ينب فيه عن القدم الرأس
لئن عثرت رجلي فليس لمقولي ... عثار وكم زلّت أفاضل أكياس
قال العماد: وكان- رحمه الله- عفيف الذيل، غير طفيف الكيل، صائم النهار، قائم الليل، متبحّرا في الأدب، خبرا بعلم النسب.
وقال ياقوت: «وله تصانيف كثيرة منها: كتاب تاريخ أبيورد ونسا، كتاب المختلف والمؤتلف، كتاب قبسة العجلان في نسب آل أبي سفيان، كتاب نهزة الحافظ، كتاب المجتبى من المجتنى في رجال، كتاب أبي عبد الرحمن النسائي في السنن المأثورة وشرح غريبه، كتاب ما اختلف وائتلف في أنساب العرب، كتاب طبقات العلم في كل فن، كتاب كبير في الأنساب، كتاب تعلّة المشتاق إلى ساكني العراق، كتاب كوكب المتأمّل يصف فيه الخيل، كتاب تعلّة المقرور في وصف البرد والنيران وهمذان، كتاب الدرّة الثمينة، كتاب صهلة القارح، رد فيه على المعرّي وسقط الزند» .
وقال أبو الفتح محمد بن علي النطنزي: سمعت الأبيوردي يقول: كنت ببغداد عشرين سنة(35/187)
197- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد الله بْن محمد بْن الحجاج بْن مندوَيْه [1] .
أبو منصور الإصبهاني، الشُّرُوطيّ، المعدّل.
سَمِعَ: أبا نُعَيْم.
روى عَنْهُ: أبو موسى الْمَدِينيّ، وقال: تُوُفّي في الثّامن، وقيل السّادس، والعشرين مِن جُمَادَى الآخرة.
198- محمد بْن عيسى بْن محمد اللَّخْميّ [2] .
أبو بَكْر الأندلسيّ، الشّاعر، المعروف بابن اللّبّانة الدّانيّ.
كَانَ مِن جِلّة الأُدباء وفحول الشّعراء، مَعِين الطّبع، واسع الذَّرْع، عزيز الأدب، قويّ العارضة، متصرّفًا في البلاغة.
لَهُ تصانيف. لَهُ كتاب «مناقل الفتنة» ، وكتاب «نَظْم السُّلوك في وعظ الملوك» ، وكتاب «سقيط الدّرّ ولقيط الزّهر» في شِعْر ابن عبّاد، ونحو ذلك. وديوان شعره موجود.
__________
[ () ] حتى أمرّن طبعي على العربية، وبعد أنا أرتضخ لكنة. (معجم الأدباء 16/ 244) .
وقد طوّل ياقوت ترجمته، فذكر مزيدا من أخباره وأشعاره.
ووقع في المطبوع من (وفيات الأعيان 4/ 449) ، وكانت وفاة الأبيوردي المذكور بين الظهر والعصر يوم الخميس العشرين من ربيع الأول سنة سبع وخمسين وخمسمائة بأصبهان مسموما! والصواب: سنة سبع وخمسمائة.
«أقول» : ذكره ابن السمعاني مرتين، إحداهما في مادّة «الأبيوردي» ، بفتح أوله وكسر ثانيه وياء ساكنة، وفتح الواو، وسكون الراء، ودال مهملة، نسبة إلي الأبيورد، ويقال لها: أبا ورد، وباورد، وهي من بلاد خراسان بين سرخس ونسا.
والأخرى، في مادّة: «الكوفني» بضم الكاف، وسكون الواو، وفتح الفاء، وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى كوفن، وهي بليدة صغيرة على ستة فراسخ من أبيورد.
[1] لم أجده.
[2] انظر عن (محمد بن عيسى) في: تكملة الصلة 145، وقلائد العقيان 282- 290، والحلّة السيراء 2/ 35، 53، 58، 66، 68، 71، 87، 91، 173، ووفيات الأعيان 5/ 27، والعبر 4/ 15، وعيون التواريخ 12/ 34- 41، والبيان المغرب 2/ 409، ومرآة الجنان 3/ 197، والمعجب 143، وفوات الوفيات 2/ 514، والوافي بالوفيات 4/ 297، وشذرات الذهب 4/ 20، وكشف الظنون 7993 1963، وإيضاح المكنون 1/ 218 و 2/ 562، وهدية العارفين 2/ 83، ومعجم المؤلفين 11/ 108.(35/188)
أخذ عَنْهُ: أبو عَبْد الله بْن الصَّفّار.
وتُوُفّي بمَيُورقَة.
وقد سُقْتُ من شِعْره في ترجمة المعتمد بْن عبّاد. وكان مِن كبراء دولة محمد بن صمادح.
وهو القائل في صاحب مَيُورقَة مبشّر العامريّ:
وضَحتْ وقد فضحتْ ضياءَ النّيّر ... فكأنّما التحفتُ ببشِرْ مبشّر
وتبسّمتْ عَنْ جوهرٍ فحسِبْتُهُ ... ما قلّدته محامدي مِن جوهر
وتكلَّمتْ فكان طِيبُ حديثها ... متعب منه بطيب مسك وأذفر
هزّت بنَغَمة لفْظِها نفسي، كما ... هزّت بذِكراه أعالي المِنْبرِ
ولثمت فاها فاعتقدت بأنّني ... مِن كفّه سوّغت لثْم الخِنْصَر
بمعاطِف تحت الذّوائب خِلْتُها ... تحت الخوافق ما لَهُ مِن سمْهَرِي
ملك أزِرّة بُردِه ضُمّت عَلَى ... بأس الوصيّ وعزْمة الإسكندر
وهي طويلة [1] .
199- محمد بْن محمد بْن أحمد بْن محمد [2] .
الآبنُوسي، أبو غالب بن أبي الحسين.
روى عن أبيه.
__________
[1] وقال ابن الأبّار:
من بني المنذرين وهو انتساب ... زاد في فخره بنو عبّاد
فتية لم تلد سواها المعالي ... والمعالي قليلة الأولاد
(الحلّة السيراء 2/ 35) .
وكتب ابن اللبّانة إلى عزّ الدولة لما توفي أبوه المعتصم وخلع هو وسائر إخوته وقد وافاه منتجعا:
يا ذا الّذي هزّ أمداحي بحليته ... وعزّه أن يهزّ المجد والكرما
واديك لا زرع فيه كنت تبذله ... فخذ عليه لأيام المنى سلما
فوجّه إليه بما أمكنه، وكتب معه:
المجد يخجل من يفديك في زمن ... ثناه عن واجب البرّ الّذي علما
فدونك النزر من مصف مودّته ... حتى يوفيك أيام المنى السّلما
(الحلّة 2/ 91، 92) .
[2] لم أجده.(35/189)
وعنه: المُعَمَّر بْن أحمد، وأبو طاهر السّلَفيّ.
مات في شوّال، وله ثمانون سنة.
200- محمد بْن مكّيّ بْن دُوَسْت [1] .
أبو بَكْر البغداديّ.
يروي عَنْ: أَبِي محمد الجوهريّ، والقاضي أَبِي الطَّيّب.
وعنه: السّلَفيّ، وابن خُضَيْر [2] .
201- محمد بْن وهبان [3] .
أبو المكارم البغداديّ.
روى عَنْ: أَبِي الطَّيّب الطَّبَريّ، وأبي محمد الجوهريّ.
تُوُفّي في صَفَر.
روى عَنْهُ: المبارك بْن كامل.
202- المفضَّل بْن عَبْد الرّزّاق [4] .
سديد الدّين، أبو المعالي الإصبهانيّ، صاحب ديوان الحسن ببغداد.
ولد بعد الأربعين وأربعمائة.
وتفقه عَلَى: أبي بَكْر محمد بْن ثابت الخُجَنْديّ.
وولي ديوان العرض، ورأى مِن الجاه والمال ما لم يكن لعارض.
قِدم بغداد مع السّلطان بركياروق سنة أربع وتسعين وأربعمائة فأقام بها، فسفر لَهُ أبو نصر بْن الْمَوْصِلايا كاتب الإنشاء في الوزارة، وطلب، وخلع عَليْهِ خِلَع الوزارة.
وكان ابن الْمَوْصلايا يجلس إلى جانبه فيسدّه، لأنه كَانَ لَا يعرف الاصطلاح، ثمّ عُزِل بعد عشرة أشهر. وكانت حاشيته سبعين مملوكًا مِن الأتراك، فاعتُقِل بدار الخلافة سنةً، ثمّ أطلق بشفاعة بركياروق، فتوجّه إلى
__________
[1] انظر عن (محمد بن مكي) في: المنتظم 9/ 179 رقم 296 (17/ 138 رقم 3818) .
[2] وقال ابن الجوزي: ولد سنة سبع وعشرين وأربعمائة.. وكان سماعه صحيحا.
[3] لم أجده.
[4] انظر عن (المفضل بن عبد الرزاق) في: الكامل في التاريخ 10/ 329.(35/190)
المعسكر، فولّاه السّلطان الاستيفاء، ثمّ صودر، وجَرَت لَهُ أمور.
تُوُفّي في ربيع الأوّل. ورخّه أبو الْحَسَن الْهَمَذَانيّ.
203- مَلَكَةُ بنتُ دَاوُد بْن محمد [1] .
الصُّوفيّة، العالمة.
سَمِعْتُ بمصر سنة اثنتين وخمسين مِن الشّريف أحمد بْن إبراهيم بْن ميمون الحُسَينيّ. وبمكة مِن كريمة.
وسكنت مدّة بدُوَيْرة السُّمَيْساطيّ بدمشق.
سَمِعَ منها: غيث بْن عليّ، وقال: سألتها عَنْ مولدها، فذكرت انّه عَلَى ما أخبرتها أمُّها في ربيع الأوّل سنة ثلاث وأربعمائة، بناحية جَنْزة، ونشأت بتَفْلِيس.
توفيت بشوال سنة سبْعٍ، ولها مائة وخمسُ سِنين.
قَالَ ابن عساكر: أجازت لي، وحضرتُ دفْنَها بمقبرة باب الصّغير.
204- المؤتمن بْن أحمد بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عبد الله [2] .
الحافظ أبو نصر الرَّبَعيّ، الدَّيْرعَاقُوليّ، ثمّ البغداديّ، المعروف بالسّاجيّ. أحد أعلام الحديث.
حافظ كبير، متقْن، حُجّة، ثقة، واسع الرحلة، كثير الكتابة، ورع، زاهد.
__________
[1] انظر عن (ملكة بنت داود) في: تاريخ دمشق (تراجم النساء) 393 رقم 111.
[2] انظر عن (المؤتمن بن أحمد) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 43/ 497- 499، والمنتظم 9/ 179، 180 رقم 297 (17/ 138، 139 رقم 3819) ، وخريدة القصر 1/ 287، والكامل في التاريخ 10/ 500، ومختصر طبقات علماء الحديث (مخطوط) ، ورقة 223، والعبر 4/ 15، والإعلام بوفيات الأعلام 208، وسير أعلام النبلاء 19/ 308- 311 رقم 195، والمعين في طبقات المحدّثين 149 رقم 1617، ودول الإسلام 2/ 36، وتذكرة الحفاظ 4/ 1246- 1248، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 234، 235، وعيون التواريخ 12/ 43، ومرآة الجنان 3/ 197، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 313، والبداية والنهاية 12/ 7178 والإعلام بتاريخ أهل الإسلام لابن قاضي شهبة (مخطوط) حوادث 507 هـ-.، وطبقات الحفاظ 453، ولسان الميزان 6/ 109، 110، وشذرات الذهب 4/ 20، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 4/ 226، 267 رقم 1281، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 177 رقم 1020.(35/191)
سَمِعَ: أبا الحُسَيْن بْن النّقور، وعبد العزيز بْن علي الأنْماطيّ، وأبا القاسم ابن البُسْريّ، وأبا القاسم عَبْد الله بْن الخلّال، وأبا نصر الزَّيْنَبيّ، وإسماعيل بْن مَسْعَدة، وخلْقًا ببغداد.
وأبا بَكْر الخطيب بصور، وأبا عثمان بْن ورقاء ببيت المقدس، والحسن بْن مكّيّ الشّيرازيّ بحلب.
ولم أره سَمِعَ بدمشق، ولا كأنّه رآها. ودخل إلى إصبهان فسمع: أبا عَمْرو عَبْد الوهّاب بْن مَنْدَهْ، وأبا منصور بْن شكروَيْه، وطبقتهما.
وبنَيْسابور: أبا بَكْر بْن خلف.
وبهَراة: أبا إسماعيل الأنصاريّ، وأبا عامر الأزْديّ، وهؤلاء وأبا عليّ التستريّ وجماعة بالبصرة.
ثمّ سَمِعَ ببغداد ما لَا يُحْصَر، ثمّ تزهّد وانقطع.
روى عَنْهُ: سَعْد الخير الأنصاريّ، وأبو الْفَضْلُ بْن ناصر، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، ومحمد بْن محمد السّنْجيّ، وأبو طاهر السّلَفيّ، وأبو سعد البغداديّ، وأبو بَكْر بْن السّمعانيّ، ومحمد بْن عليّ بْن فولاذ، وطائفة.
قَالَ ابن عساكر: سَمِعْتُ أبا الوقت عَبْد الأوّل يَقُولُ: كَانَ الإمام عَبْد الله بْن محمد الأنصاريّ إذا رَأَى المؤتمن يَقُولُ: لَا يمكن أحد أن يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما دام هذا حيا. حدَّثني أخي أبو الحُسَيْن هبة الله قَالَ: سَأَلت السّلَفيّ، عَنِ المؤتمن السّاجيّ، فقال: حافظ متقن، لم أر أحسن قراءةً منه للحديث، تفقَّه في صباه عَلَى الشَّيْخ أبي إِسْحَاق، وكتب «الشامل» ، عَنِ ابن الصَّبّاغ بخطّه، ثمّ خرج إلى الشّام، فأقام بالقدس زمانًا. وذكر لي أنّه سَمِعَ مِن لفظ أَبِي بَكْر الخطيب حديثًا واحدًا، بصور، غير أَنَّهُ لم يكن عنده نسخة. وكتب ببغداد كتاب «الكامل» لابن عَدِيّ، عَنِ ابن مَسْعَدة الإسماعيليّ، وكتب بالبصرة السُّنَن عَنِ التُّسْتَرِيّ. وانتفعت بصُحبته ببغداد، ونُعي إليَّ وأنا بثغر سَلَمَاس، وصلّينا عَليْهِ صلاة الغائب يوم الجمعة.(35/192)
وقال أبو النَّضْر الفاميّ: [1] أقام المؤتمن بهَرَاة نحو عشر سنين، وقرأ الكثير، وكتب «الجامع» للتّرْمِذيّ ستٌّ كرّات. وكان فيه صَلَفُ نفْسِ، وقناعة، وعفّة واشتغال بما يعنيه.
وقال أبو بَكْر مُحَمَّد بْن مَنْصُور السّمعانيّ: ما رَأَيْت بالعراق من يفهم الحديث غير رجلين: المؤتمن السّاجيّ ببغداد، وإسماعيل بْن محمد التَّيْميّ بإصبهان.
وسمعت المؤتمن يَقُولُ: سَأَلت عَبْد الله بْن محمد الأنصاريّ، عَنْ أَبِي عليّ الخالديّ، فقال: كَانَ لَهُ في الكذب قصّة، ومن الحِفْظ حِصّة.
وقال السّلَفيّ: لم يكن ببغداد أحسن قراءةً للحديث منه، يعني السّاجيّ، كَانَ لَا يملّ قراءته وإن طالت. قرأ لنا عَلَى أَبِي الحُسَيْن بْن الطُّيُوريّ كتاب «الفاضل» [2] للرّامَهُرْمُزِيّ في مجلس.
وقال يحيى بْن مَنْدَهْ الحافظ: قِدم المؤتمن السّاجيّ إصبهان، وسمع مِن والدي كتاب «معرفة الصّحابة» وكتاب «التّوحيد» و «الأمالي» ، و «حديث ابن عُيَيْنَة» لجدّي، فلمّا أخذ في قراءة «غرائب شُعْبَة» بلغ إلى حديث عُمَر في لبْس الحرير فلمّا انتهى إلى آخر الحديث كَانَ الوالد في حال الانتقال إلى الآخرة، وقضى نحْبه عند انتهاء ذَلِكَ بعد عشاء الآخرة. هذا ما رأينا وشاهدنا وعَلِمْنا. ثمّ قدم أبو الْفَضْلُ محمد بْن طاهر سنة ستّ وخمسمائة، وقرأنا عَليْهِ جزءًا مِن مجموعاته، وقرأ عَليْهِ أبو نصر اليُونارتيّ جزءًا مِن الحكايات فيه. سَمِعْتُ أصحابنا بإصبهان يقولون: إنّما تَمَّم المؤتمن السّاجيّ كتاب «معرفة الصّحابة» عَلَى أَبِي عَمْرو بعد موته، وذلك أنّه كَانَ يقرأ عَليْهِ وهو في النَّزْع، ومات وهو يقرأ عَليْهِ. وكان يُصاح بِهِ: نريد أن نغسّل الشَّيْخ.
قَالَ يحيى: فلمّا سَمِعْتُ هذه الحكاية قلت: ما جرى ذلك، يجب أن
__________
[1] تحرّفت في (تذكرة الحفاظ) إلى: «أبي نصر الناهي» .
[2] اسمه بالكامل: «المحدّث الفاصل بين الراويّ والواعي» للحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزيّ القاضي المتوفى سنة 360 هـ-. وهو مطبوع بتحقيق الدكتور محمد عجاج الخطيب.(35/193)
تصلح هذا، فإنه كذِب وزور. وكتب اليُونارتيّ في الحال عَلَى حاشية النّسخة صورة الحال. وأمّا قراءة «معرفة الصّحابة» فكان قبل موت الوالد بشهرين. وكان المؤتمن والله، متورعًا، زاهدًا، صابرًا عَلَى الفقر، رحمه الله.
وقال أبو بَكْر محمد بْن فولاذ الطَّبَريّ: أنشدنا المؤتمن لنفسه.
وقالوا كُنْ لنا خَدْنًا وخِلًا ... ولا والله أفعل ما شاءوا
أُحابيهم ببعضي أو بكلّي ... وكيف وجلّهم نعَمٌ وشاءُ
وقال ابن ناصر: سَأَلت المؤتمن عَنْ مولده فقال: في صفر سنة خمس وأربعين وأربعمائة. وتوفّي في صَفَر سنة سبْعٍ. وصلّيت عَليْهِ. وكان عالمًا، فهْمًا، ثقة، مأمونًا [1] .
205- مودود بْن ألْتُونكين [2] .
سلطان الموصل.
__________
[1] وقال ابن الجوزي: وكان حافظا، عارفا بالحديث معرفة جيّدة، خصوصا المتون، وكان حسن القراءة والخط، صحيح النقل، وما زال يسمع ويستفيد إلى أن مات.
كان فيه صلف نفس وقناعة وصبر على الفقر، وصدق وأمانة وورع. حدّثنا عنه أشياخنا، وكلّهم وصفه بالثقة والورع. وقد طعن فيه محمد بن طاهر المقدسي، والمقدسي أحقّ بالطعن، وأين الثريّا من الثّرى؟ (المنتظم) .
وقال السّلَفيّ: لم يكن ببغداد أحسن قراءةً للحديث من المؤتمن الساجي، كان لا يملي قراءته وإن طالت. قال ابن محاسن البغدادي: أنبأنا ذاكر بن كامل، عن أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي، قال: ورأيت أنا من تساهله- يعني أبا نصر الساجي- أنّا كنا بنيسابور سنة ثمان وسبعين، وكنا نحضر مجلس أبي بكر أحمد بن علي بن خلف الأديب، وكان لكل واحد منا نوبة يقرأ فيها. فظهر سماع الشيخ في الجزء الثاني من تفسير سفيان بن عيينة، فقرأنا عليه.
فلما كان يوم نوبتي أخذ في قراءة الأول من التفسير. فقلت له: وجدت السماع في الأول؟.
قال: لا. قلت: فلم تقرأه؟ قال: تراه سمع الثاني ولم يسمع الأول، فذكرت ذلك للشيخ، فمنعه من القراءة. (المستفاد) .
[2] انظر عن (مودود) في: التاريخ الباهر 18، 19، وبغية الطلب (القسم الخاص بتراجم السلاجقة) 146- 148، 160، 161، 266، 354، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 50، 51، والمختصر في أخبار البشر 2/ 226، والدرّة المضيّة 476، ومختصر تاريخ الدول لابن العبري 199، وغيره.
وقد تقدّمت مصادر أخرى عن أخباره في الحوادث.(35/194)
قتل بدمشق في رمضان صائما، كما هو مذكور في الحوادث.
- حرف النون-
206- ناصر بْن أحمد بْن بكران [1] .
القاضي أبو القاسم الخُوَيّيّ [2] .
قِدم بغداد وتفقَّه عَلَى: أَبِي إِسْحَاق الشّيرازيّ.
وسمع: أبا الحُسَيْن بْن النُّقور.
وقرأ العربية وبرع فيها.
روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وقال: كتبنا عَنْهُ بخُوَيّ. وكان شيخ الأدب ببلاد أَذرْبَيْجان بلا مدافعة، وله ديوان شِعْر ومصنَّفات. وولي القضاء مدة كأبيه.
تُوُفّي في ربيع الآخر.
207- نصر بْن عَبْد الجبّار بْن منصور بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن [3] .
أَبُو منصور التّميميّ، الْقَزْوينيّ، الواعظ، المعروف بالقُراّئيّ [4] . مِن أهل قَزْوين.
كَانَ واعظًا، صالحًا، صَدُوقًا، قِدم بغداد.
وسمع: أبا محمد الجوهريّ، وأبا طَالِب العُشَاريّ.
وسمع بقَزْوين مِن: أبي يَعْلَى الخليل بْن عَبْد الله [5] الحافظ.
روى عَنْهُ: إسماعيل بْن أَبِي الْفَضْلُ النّاصحيّ، وطيّب بْن محمد الأبِيَوَرْدِيّ، وأظنّ السّلَفيّ سَمِعَ منه.
وقد حدث في سنة سبع وخمسمائة، ولا أعلم وفاته.
وقد جمع لنفسه مُعْجَمًا.
__________
[1] لم أجده.
[2] الخويّيّ: بضم الخاء المنقوطة وفتح الواو وتشديد الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى خويّ وهي إحدى بلاد أذربيجان. والناس يفتحون الخاء ويخفّفونها. (الأنساب 5/ 213) .
[3] انظر عن (نصر بن عبد الجبار) في: التدوين في أخبار قزوين 4/ 169 وفيه اسمه «نصير» .
[4] القرّائي: بضم القاف وتشديد الراء المفتوحة وفي آخرها الياء المنقوطة من تحتها باثنتين. هذه النسبة إلى القراء. (الأنساب 10/ 87) .
[5] في التدوين: سمع الخليل بن عبد الجبّار سنة سبع وثمانين وأربعمائة.(35/195)
- حرف الهاء-
208- هادي بْن إسماعيل بْن الْحَسَن بْن عليّ بْن أَبِي محمد الْحَسَن بْن علي بْن الْحَسَن بْن عليِّ بْن عُمَر بن الحسن بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب [1] .
الشّريف أبو المحاسن الْعَلَويّ، الحُسَيْني، الإصبهانيّ.
قَالَ السّمعانيّ: كان لَهُ تقدُّم ووجاهة، وصيت وشُهْرة ببلده. وَرَدَ بغداد حاجًا، فتُوُفّي بها بعد حَجّة.
روى عَنْ: أَبِي طاهر بْن عَبْد الرحيم، وأبي عثمان العيّار.
روى عَنْهُ: أبو موسى الْمَدِينيّ، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو العلاء أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْفَضْلُ الإصبهانيّ، وعبد الحقّ بْن يوسف.
تُوُفّي في ثالث عشر ربيع الأوّل، وهو أخو داعي.
وقد تقدَّم في سنة تسعين وأربعمائة وفاة سَميّه هادي بْن الْحَسَن العلويّ.
وفي سنة خمسٍ وتسعين ذُكر والده إسماعيل.
وقال السّلَفيّ في معجم إصبهان: قرأنا عَليْهِ، وعلى أبيه، وأخيه، وهذا فأحسنهم خُلُقًا، وكتابةً، وخطًا. وأنشدنا فيه أبو عَبْد الله النَّضْريّ:
لهادي بْن إسماعيل خلال أربع ... بها غدا مستوجبًا للإمامة
خطابُ ابن عَبّادٍ وخطّ ابن مُقْلَة ... وخلق ابن يعقوب وخُلُق أُمامة.
- حرف الياء-
209- يحيى بْن أحمد بْن حُسين [2] .
أبو زكريّا الْغَضَائريّ [3] ، الدّرْبَنْديّ.
سَمِعَ بمصر: أبا عَبْد الله القضاعيّ، وبمكّة: كريمة المروزيّة، وبآمد: أبا
__________
[1] انظر عن (هادي بن إسماعيل) في: المنتظم 9/ 139 رقم 3820 (17/ 180 رقم 298) .
[2] لم أجده.
[3] الغضائري: بفتح الغين والضاد المعجمتين والياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفي آخرها الراء.
هذه النسبة إلى الغضارة وهو إناء يؤكل فيه الطعام. (الأنساب 9/ 155) .(35/196)
منصور بن أحمد الإصبهانيّ، وبنَيْسابور: أبا القاسم القُشَيْريّ.
روى عَنْهُ: إسماعيل بْن الفُضَيْل بطَبَرِسْتان، وغيره.
وكان عالمًا، فاضلًا، صالحًا، ورعًا، متميزًا.
كَانَ حيا في سنة سبْعٍ.
210- يحيى بْن عَبْد الله بْن الجدّاء [1] .
أبو بَكْر الفِهْريّ، اللّبْليّ [2] ، نزيل إشبيلية.
كَانَ جامعًا لفنون مِن العِلْم، وشُوِور في الأحكام بإشبيلية.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
211- يحيى بْن عَبْد الوهّاب بْن عثمان بْن الْفَضْلُ [3] .
أبو سالم بْن المخْبزيّ، البغداديّ، ابن خال أبي الحُسَيْن بْن الطُّيُوريّ.
صالح، خير. سَمِعَ: أبا الطَّيّب الطَّبَريّ، والجوهريّ.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأنْماطيّ، والسّلَفيّ، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وغيرهم.
ومات في جمادى الأولى.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن عبد الله) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 672 وفيه: «الجد» .
[2] اللبلي: بفتح أوله، ثم السكون، ولام أخرى. نسبة إلى لبلة: قصبة كورة بالأندلس كبيرة يتصل عملها بعمل أكشونية، وهي شرق من أكشونية وغرب من قرطبة. (معجم البلدان 5/ 10) .
[3] لم أجده.(35/197)
سنة ثمان وخمسمائة
- حرف الألف-
212- أحمد بْن بَغْراج [1] .
أبو نصر البغداديّ.
سَمِعَ: أبا الْحَسَن الْقَزْوينيّ، وغيره، وأبا محمد الخلّال.
تُوُفّي يوم عاشوراء.
روى عَنْهُ: المبارك بْن كامل، وابن ناصر.
وقد قرأ بالروايات عَلَى أبي الخطّاب الصُّوفيّ، وأبي ياسر محمد بْن عليّ الحمّاميّ.
قرأ عَليْهِ يوسف بْن إبراهيم الضّرير.
وكان شيخًا صالحًا، كثير التّلاوة [2] .
تُوُفّي في المحرَّم، وهو أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن بغراج.
213- أحمد بْن الْحَسَن [3] .
المُخَلَّطِيّ [4] ، أبو العبّاس الْحَنْبليّ، الفقيه.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن بغراج) في: المنتظم 9/ 181 رقم 301 (17/ 141 رقم 2823) ، وفي الطبعتين «بعراج» بالعين المهملة، ومعرفة القراء الكبار 1/ 482 رقم 426، وغاية النهاية 1/ 118، وعقد الجمان (مخطوط) 15/ ورقة 497 وفيه: «أحمد بن عبد العزيز بن بعراج» .
وسيعيده المؤلف- رحمه الله- بعد قليل برقم (218) باسم «أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن بغراج» ونسبته هناك: «السقلاطوني» .
[2] وقال ابن الجوزي: وكان سماعه صحيحا، وكان كثير التلاوة بالقرآن. (المنتظم) .
[3] انظر عن (أحمد بن الحسن المخلطي) في: طبقات الحنابلة 2/ 258 رقم 701، والمنتظم 9/ 181 رقم 300 (17/ 140، 141 رقم 3822) ، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 112، 113 رقم 56.
[4] المخلّطيّ: بفتح اللام المشدّدة. نسبة إلى المخلّط، وهو النقل، ولعلّه كان يبيعه. (ذيل(35/198)
مِن علماء بغداد وثقاتهم.
سَمِعَ مِن: القاضي أبي يَعْلَى [1] .
214- أحمد بْن خَالِد الطّحّان [2] .
تُوُفّي في رجب ببغداد.
روى عَنْ: أبي يَعْلَى أيضًا.
215- أحمد بْن عُبَيْد الله بْن أَبِي الفتح محمد بْن أحمد [3] .
أبو غالب المُعيّر [4] ، البغداديّ، المقرئ. ابن خال أَبِي طاهر بْن سوار.
قرأ لابن عمرو على عبد الله بْن مكّيّ السّوّاق، عَنْ أَبِي الْفَرَج الشَّنَبُوذيّ.
قَالَ المبارك بْن كامل: قرأت عَليْهِ برواية أَبِي عَمْرو. وقد سَمِعَ: محمد ابن محمد بْن غَيْلان، ومحمد بْن الحُسَيْن الحرّانيّ، وأبا محمد الخلّال، وأبا الفتح الْمَحَامِليّ، وأحمد بْن عليّ التَّوَّزيّ [5] ، وجماعة.
روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وابن ناصر، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو الحُسَيْن عبد الحقّ.
وكان ثقة، مقرئا، صالحا.
وتوفّي في جمادى الأولى، وله ثمانون سنة.
__________
[ () ] طبقات الحنابلة 1/ 112) وزاد ابن الجوزي في نسبه «الدبّاس» . (المنتظم) .
[1] وقال ابن أبي يعلى: وكتب الخلاف وغيره من مصنّفات الوالد. وقرأ القرآن على ابن الصلحي، وكان ثقة صالحا. (طبقات الحنابلة 2/ 258) .
وقال ابن ناصر الحافظ: وسمعت منه. وكان رجلا صالحا من أهل القرآن والستر والصيانة، ثقة مأمونا. (الذيل 1/ 112) و (المنتظم) .
[2] لم يذكره ابن أبي يعلى في (طبقات الحنابلة) ، ولا ابن رجب في (الذيل) !
[3] انظر عن (أحمد بن عبيد الله) في: المنتظم 9/ 181 رقم 302 (17/ 141 رقم 3824) ، وسير أعلام النبلاء 19/ 313 رقم 199، وغاية النهاية 1/ 79.
[4] المعيّر: بضم الميم، وفتح العين المهملة، وتشديد الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وكسرها.
وفي آخرها الراء، هذه الصفة لمن يحفظ عيار الذهب حتى لا يخالطوا به الغشّ، ويقال له:
المعيّر، والصحيح: المعاير، ولكن اشتهر على هذا الوجه. (الأنساب 11/ 412) .
[5] التّوّزي: بفتح التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وتشديد الواو وفي آخرها الزاي. هذه النسبة إلى بعض بلاد فارس. وقد خفّفها الناس ويقولون: الثياب التّوزية. وهو مشدّد، وهو توّج.
(الأنساب 3/ 104) .(35/199)
216- أحمد بْن محمد بْن أحمد [1] .
أبو نصر البغداديّ، سِبْط الأقفاليّ، الزّاهد.
سَمِعَ: أبا محمد الجوهريّ.
وعنه: السّلَفيّ.
سقط مِن سطح فمات فِي جُمَادَى الأولى.
217- أَحْمَد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن غلبُون [2] .
أبو عَبْد الله الْخَوْلانيّ، القُرْطُبيّ، ثمّ الإشبيليّ.
روى عَنْ أبيه الحافظ أَبِي عَبْد الله الْخَوْلانيّ كثيرًا. وسمع معه مِن: أَبِي عُمَر، وعثمان بْن أحمد القشْطاليّ، وأبي عَبْد الله الأحدب، وأبي محمد الشّنْتجاليّ، وعليّ بْن حَمُّوَيْه الشّيرازيّ.
وأجاز لَهُ يونس بْن عَبْد الله القاضي، وأبو عُمَر الطَّلَمَنْكيّ، وأبو عَمْرو المرشاني الَّذِي لَهُ إجازة أَبِي بَكْر الآجُرّيّ، وأبو ذَرْ عَبْد بْن أحمد الْهَرَويّ، وأبو عِمران الفاسيّ، ومكّيّ بْن أبي طَالِب، وأبو عَمْرو الدّانيّ المقرِئان.
قَالَ ابن بَشْكُوال [3] : وكان شيخًا، فاضلًا، عفيفًا، مُنقبضًا، مِن بيت عِلْم، ودِين، وفضل. ولم يكن عنده كبير عِلْم أكثر مِن روايته عَنْ هَؤلَاءِ الْجِلّة.
وكانت عنده أيضًا أُصُول يلجأ، ويعوّل عليها [4] .
أخذ عَنْهُ جماعة مِن شيوخه وكبار أصحابنا.
قَالَ لي أبو الوليد بْن الدّبّاغ إنّ هذا وُلِد سنة ثمان عشرة وأربعمائة وتوفّي في شعبان، وله تسعون سنة.
__________
[1] لم أجده.
[2] انظر عن (أحمد بن محمد الخولانيّ) في: الإلماع 69، 73، 91، والغنية للقاضي عياض 106- 108 رقم 35، والصلة لابن بشكوال 1/ 73 رقم 160، وبغية الملتمس للضبيّ، رقم 357، وأزهار الرياض 3/ 157، ومشارق الأنوار 1/ 9، ومرآة الجنان 3/ 197 وفيه (أحمد بن غلبون) ، وعيون التواريخ 12/ 49.
[3] في الصلة 1/ 73.
[4] وقال القاضي عياض: وكان واسع الرواية، لكن لم تكن عنده كتب ولا معرفة، وإنما كان يسمع في أصول شيوخه وغيرهم الموافقة لأصول شيوخه الموثوق بها.(35/200)
وهو خال أبي الْحَسَن شُرَيْح.
وقد أجاز لابن الدّبّاغ. وسمع من خلْق منهم عليّ بْن الحُسَيْن اللُّوَاتيّ.
وقرأ عَليْهِ ابن الدّبّاغ «الموطّأ» ، بسماعه مِن عثمان بْن أحمد، والْحَرَميّ.
روى عَنْهُ كتابةً أبو ... [1] .
218- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن بَغْراج [2] .
أبو نصر السّقْلاطُونيّ.
كَانَ مولده في سنة ثلاثٍ وعشرون.
وقد ذُكِر في أوّل السّنة فنُسِب إلى أَبِيهِ.
219- إبراهيم بْن محمد بْن مكّيّ بْن سعد [3] .
الفقيه أبو إِسْحَاق السّاوي، [4] الملقَّب بشيخ المُلْك.
فاضل معروف، مشتغل بالتّجارة والدَّهْقَنَة. وكان يُعدّ مِن دُهاة الرجال.
روى عَنْ: أَبِي الحُسَيْن عَبْد الغافر، وأبي عثمان الصّابونيّ، والحاكم أبي عَبْد الرَّحْمَن الشّاذْياخيّ، [5] وغيرهم.
ومرض مدّة، وقاسي حتّى تُوُفّي في سلْخ صَفَر.
220- إسماعيل بن المبارك بن وصيف [6] .
__________
[1] بياض في الأصل. وقد قال القاضي عياض: سمع منه أعيان من الشيوخ واستجازوه وحدّثوا عنه، منهم: القاضي أبو عبد الله بن الحاج، وأبو بكر بن مفوّز، وأبو بكر بن فتحون، والقاضي أبو الحسن بن شريح ابن أخته، وأبو عبد الله مالك بن وهيب، وغير واحد. (الغنية 107) .
[2] تقدّم قبل قليل برقم (212) .
[3] انظر عن (إبراهيم بن محمد) في: المنتخب من السياق 126 رقم 286.
[4] الساوي: بفتح السين المهملة، وفي آخرها الواو بعد الألف. نسبة إلى ساوة: بلدة بين الري وهمذان. (الأنساب 7/ 19) .
[5] الشاذياخي: بفتح الشين المعجمة، والذال المعجمة الساكنة، والياء المفتوحة المنقوطة باثنتين من تحتها بين الألفين، وفي آخرها الخاء المعجمة. هذه النسبة إلى موضعين، أحدهما إلى باب نيسابور، مثل قرية متصلة بالبلد، بها دار السلطان، وشاذياخ: قرية ببلخ على أربعة فراسخ منها، والنسبة إليها: الشاذياخي أيضا. (الأنساب 7/ 241، 242) .
وقال ياقوت بكسر الذال المعجمة.
[6] انظر عن (إسماعيل بن المبارك) في: الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 112 رقم 55.(35/201)
أبو خازم [1] الْحَنْبليّ.
تفقَّه عَلَى أبي يَعْلَى بْن الفرّاء، وسمع منه.
ومن: أَبِي محمد الجوهريّ.
وتوفّي في رجب [2] .
روى عَنْهُ: المبارك بْن كامل، وبالإجازة ابن كُلَيب.
221- ألْب رسلان ابن السّلطان رضوان ابن السّلطان تُتُش بْن ألْب التُّرْكيّ [3] .
وُلّي إمارة حلب في جُمَادَى الآخرة بعد أَبِيهِ صاحب حلب وله ستٌّ عشرة سنة. وولي تدبير مملكته البابا لؤلؤ، فقتل أخويه ملك شاه ومباركًا [4] ، وقتل جماعة مِن الباطنيّة، والقرامطة، وكانت دعوتهم قد ظهرت في أيّام أَبِيهِ.
ثمّ قِدم دمشق في رمضان مِن سنة سبْعٍ، فتلقّاه طُغتِكين والأعيان، وأنزلوه في القلعة، وبالغوا في خدمته، فأقام أيّامًا، ثمّ عاد إلى حلب وفي خدمته طُغتِكين، فلمّا وصلا إلى حلب لم يَرَ منه طُغتِكين ما يحبّ، ففارقه وردّ إلى دمشق [5] .
ثمّ إنّ ألْب رسلان ساءت سيرته بحلب، وانهمك في المعاصي واغتصاب الحُرِم، وخافه البابا لؤلؤ، فقتله في ربيع الآخر سنة ثمانٍ [6] ، ونصّب في السّلطة أخًا لَهُ طفلًا عُمره ستٌّ سِنين. ثمّ قتل لؤلؤ ببالس في سنة عشر [7] .
__________
[1] هكذا بالخاء المعجمة في الأصل. وفي (الذيل) «أبو حازم» بالحاء المهملة.
[2] ومولده سنة 435 هـ-.
[3] انظر عن (ألب رسلان) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 357، 358، وذيل تاريخ دمشق 189، 191، والكامل في التاريخ 10/ 508، وتاريخ الزمان لابن العبري 52، وبغية الطلب (القسم الخاص بتراجم السلاجقة) 152- 157، وزبدة الحلب 2/ انظر فهرس الأعلام ص 351، والمختصر في أخبار البشر 2/ 228، ودول الإسلام 2/ 36، والعبر 4/ 16، وعيون التواريخ 12/ 48، 49، ومآثر الإنافة 2/ 15، 20، وشذرات الذهب 4/ 23.
وقد تقدّمت أخباره في الحوادث وفيها مصادر أخرى.
[4] هكذا، وهو اختصار «مبارك شاه» .
[5] ذيل تاريخ دمشق 189- 191.
[6] زبدة الحلب 2/ 167- 170.
[7] زبدة الحلب 2/ 177.(35/202)
- حرف الباء-
222- بغدوين [1] .
ملك الفرنج الَّذِي أخذ القدس.
هلك- لعنة الله- مِن جراح أصابته يوم مصافّ طَبريّة.
وقيل: بل تُوُفّي بعد ذَلِكَ كما هُوَ في الحوادث.
- حرف الخاء-
223- خَلَف بْن مُحَمَّد بْن خَلَف [2] .
أبو القاسم بْن الْعَربيّ، الأنصاريّ، الأندلسيّ.
مِن أهل المريّة.
روى عَنْ: أحمد بْن عُمَر العُذْريّ، وأبي بَكْر ابن صاحب الأحباس، وأبي عليّ الغسّانيّ.
وكان مَعْنيا بالآثار، جامعًا لها. كتب بخطّة عِلْمًا كثيرًا ورواه. وكان متقنًا، أديبًا، شاعرًا. يذكر أنّه لقي أبا عَمْرو الدّانيّ، وأخذ عَنْهُ قليلًا.
وكان مولده في سنة إحدى وعشرين وأربعمائة.
- حرف الدال-
224- دَعْجاء بنتُ أَبِي سهل الْفَضْلُ بْن محمد بْن عَبْد الله الإصبهانيّ الكاغدِيّ [3] .
رَوَت عَنْ جدّها أحمد بْن محمد بْن محمد بْن زْنجُوَيْه، عَنِ ابن فُورَك القبّاب.
__________
[1] انظر عن (بغدوين) في: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 192، والتاريخ الباهر 18 وفيه «بردويل» ، وبغية الطلب (القسم الخاص بتراجم السلاجقة) 14، 205، 225، 228، 233، 249، 363، 370، وزبدة الحلب 2/ انظر فهرس الأعلام، ص 352، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 52، والعبر 4/ 15، ودول الإسلام 2/ 36، وعيون التواريخ 12/ 48، ومرآة الجنان 3/ 197، ومآثر الإنافة 2/ 16.
وقد تقدّمت أخباره في الحوادث، وفيها مصادر أخرى.
[2] انظر عن (خلف بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 175 رقم 398.
[3] لم أجدها.(35/203)
روى عنها: أبو موسى الْمَدِينيّ.
225- دلال بِنْت الخطيب أبي الْفَضْلُ محمد بْن عَبْد العزيز بْن المهتدي باللَّه [1] .
سَمِعْتُ: أباها، وأبا عليّ بْن المُذْهب.
روى عَنْهَا: ابن ناصر.
أرّخها ابن النّجّار.
- حرف الراء-
226- رَيْحان [2] .
غلام أَبِي عَبْد الله بْن جَرَدة البغداديّ.
روى عَنْهُ أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، عَنْ أَبِي عليّ بْن البنّاء.
تُوُفّي في ربيع الآخر.
- حرف السين-
227- سالم بْن إِبْرَاهِيم بْن الْحَسَن [3] .
أَبُو عَبْد اللَّه الجرّار [4] ، البغداديّ، الْمَرَاتبيّ.
سَمِعَ: أبا يَعْلَى بْن الفرّاء.
وعنه: أبو المُعَمَّر.
228- سُبَيْع بْن المسلم بن عليّ بن هارون [5] .
__________
[1] انظر عن (دلال بنت الخطيب) في: المنتظم 9/ 181 رقم 303 (17/ 141 رقم 3825) .
[2] لم أجده.
[3] لم أجده.
[4] الجرّار: بفتح الجيم وتشديد الراء بعدها ألف وفي آخرها راء أخرى مهملة. هذه النسبة إلى عمل الجرار، وهي جمع جرّة يعني الختم الّذي يشرب منه. (الأنساب 3/ 216) .
[5] انظر عن (سبيع بن المسلم) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 6/ 66 و (15/ 117) ، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 192، ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزي ج 8 ق 1/ 54، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 9/ 208 رقم 100، والعبر 4/ 16، ومعرفة القراء الكبار 1/ 462، 463 رقم 405، والإعلام بوفيات الأعلام 208، ومرآة الجنان 3/ 197، وعيون التواريخ 12/ 49، وغاية النهاية 1/ 301، وعقد الجمان (مخطوط) 15/ ورقة 698، وشذرات(35/204)
المعروف بابن قيراط.
أبو الوحش الدّمشقيّ، المُقْرِئ، الضّرير.
قرأ لابن عامر عَلَى رشأ بْن نظيف، والأهوازيّ، وسمع منهما.
ومن: عَبْد الوهّاب بْن برهان بصور، وأبي القاسم السّميساطيّ، وجماعة.
وانتهت إليه الرئاسة في الدّعوة بدمشق، وصار أعلى النّاس فيها إسنادًا.
وكان يُقرئ القرآن مِن ثُلث اللّيل إلى قريب الظُّهْر. وأُقْعِد، فكان يُؤتَى بِهِ محمولًا إلى الجامع.
قال ابن عساكر: [1] سَمِعْتُ منه: وكان ثقةً. وُلِد سنة تسع عشرة وأربعمائة.
وتُوُفّي في شَعْبان سنة ثمانٍ.
229- سراج بْن عبد الملك بن سراج بن عبد الله [2] .
الوزير أبو الحُسَيْن القُرْطُبيّ.
روى عَنْ أَبِيهِ كثيرًا، وعن: محمد بْن عتّاب الفقيه.
وبرع في الآداب واللّغة، وحمل النّاس عَنْهُ الكثير.
وله شِعْر رائق.
مات في جمادي الآخرة وقد ناطح السّبعين.
وهو من بيت علم وجلالة [3] .
__________
[ () ] الذهب 4/ 23، وتهذيب تاريخ دمشق 6/ 66، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني ج 2/ 117، 118 رقم 420) .
[1] تاريخ دمشق 15/ 117.
[2] انظر عن (سراج بن عبد الملك) في: قلائد العقيان 231، وترتيب المدارك 4/ 815، والغنية للقاضي عياض 201- 205 رقم 87، والذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لابن بسام ق 1 مجلّد 2/ 821، والصلة لابن بشكوال 1/ 227 رقم 519، وخريدة القصر (قسم المغرب والأندلس) 3/ 484، ومعجم شيوخ الصدفي 305 رقم 295، وبغية الملتمس للضبي، رقم 781، وإنباه الرواة 2/ 66، وبغية الوعاة 1/ 576.
[3] ومن شعره يخاطب الراضي ابن المعتمد بن عبّاد:
بثّ الصنائع لا تحفل بموقعها ... من آمل شكر الإحسان أو كفرا
فالغيث ليس يبالي اين ما انسكبت ... منه الغمائم تربا كان أو حجرا(35/205)
230- سليمان بْن حسين [1] .
أبو مروان الأنصاريّ، الأندلسيّ.
سمع بقرطبة: أبا عبد الله محمد بْن عَتَّاب، وأبا عِمران بْن القطّان، وحاتم بْن محمد.
وبشرق الأندلس: أبا عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ، وأبا الوليد الباجيّ.
ووليّ قضاء لَارِدَة.
روى عَنْهُ: ابنه أبو الوليد يحيى، والحافظ أبو محمد القلنيّ.
وعاش أكثر مِن تسعين سنة.
231- سَعِيد بْن إبراهيم بْن أحمد [2] .
أبو الفتح الإصبهانيّ، الصَّفّار.
يروي عن: أَبِي طاهر بْن عبد الرحيم.
روى عَنْهُ: الحافظ أبو موسى.
توفّي في ذي الحجّة.
__________
[ () ] وجاء في الأصل من (الصلة) على الهامش ما نصّه، ويحتمل أنه من شعر «سراج» : ومن قوله في عليل:
قالوا به صفرة عابت محاسنه ... فقلت: ما ذاك من داء به نزلا
عيناه تطلب من ثأر بمن قتلت ... فلست تلقاه إلّا خائفا وجلا
وقال القاضي عياض في (الغنية) إنه رحل إليه إلى قرطبة سنة 507 فسمع عليه، ثم رجع إليه بعد رحلته إلى الشرق سنة 508 فوجده مريضا. ومما أخذه عنه قراءة وسماعا: كتاب «غريب الحديث» لأبي سليمان الخطابي، وكتاب «الدلائل» لأبي محمد قاسم بن ثابت السرقسطي، وكتاب «المصنّف» لأبي عبيد القاسم بن سلام، وكتاب «الأمثال» لابن سلام أيضا، وكتاب «الغريبين» لأبي عبيد الهروي.
وقال: وأنشدنا وقد نزل عليه، ونحن نسمع عليه، بعض الجلّة زائرا، وجعل عنان دابّته على سرجها:
علّمته مهما أزور أحبّتي ... دلج السّرى وكذاك فعل مخاطر
وإذا احتبى قربوسه بعنانه ... علّك اللجام إلى انصراف الزائر
[1] انظر عن (سليمان بن حسين) في: التكملة لابن الأبّار، رقم 1977، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة، السفر الرابع 63 رقم 154، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 2/ 123، 124 رقم 433.
[2] لم أجده.(35/206)
232- سَعِيد بْن محمد بن سَعِيد [1] .
أبو الْحَسَن الْجُمَحيّ، الأندلسيّ، المعروف بابن قوطة الفرجي.
من أهل مدينة الفرج.
له رحلة في القراءآت، قرأ فيها عَلَى عَبْد الباقي فارس، وغيره.
وأخذ أيضًا عَنْ: أَبِي عَمْرو الدّانيّ، وأبي الوليد الباجيّ.
وأقرأ النّاس ببلده.
وأخذ عَنْهُ غيرُ واحد.
تُوُفّي سنة ثمانٍ أو تسعٍ وخمسمائة.
- حرف العين-
233- عَبْد العزيز بْن عَبْد الله بْن محمد بْن أحمد بْن حزمون [2] .
أبو الأَصْبَغ القُرْطُبيّ.
روى عَنْ: حاتم بْن محمد، وأبي جعفر بْن رزق وناظر عَليْهِ.
وأجاز لَهُ أبو العبّاس العُذْري.
وكان إمامًا بصيرًا بالفتوى، أخذ النّاس عَنْهُ وتفقّهوا لَهُ.
وولي الإمامة بجامع قُرْطُبَة [3] .
وتُوُفّي بشعبان وله ثمانٌ وستّون سنة [4] .
234- عَبْد الله بْن الحُسَيْن بْن أحمد بْن جعفر [5] .
أبو جعفر النّوبيّ [6] ، الْهَمَذَانيّ.
شيخ صالح، مُسِنّ، هُوَ آخر من روى عَنْ أَبِي منصور محمد بن عيسى الْهَمَذَانيّ. وسمع أيضا من والده، وتوفّي والده سنة أربع وثلاثين وأربعمائة،
__________
[1] انظر عن (سعيد بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 223، 224 رقم 512.
[2] انظر عن (عبد العزيز بن عبد الله) في: الغنية للقاضي عياض 173 رقم 76، والصلة لابن بشكوال 2/ 372 رقم 797.
[3] وقال القاضي عياض: وكان قليل الرواية. لقيته بقرطبة وكان التفقّه الغالب عليه.
[4] ومولده سنة 440 هـ-.
[5] لم أجده.
[6] النوبي: بضم النون وفي آخرها الباء المنقوطة بواحدة. هذه النسبة إلى بلاد النوبة، وهو السودان. (الأنساب 12/ 149) .(35/207)
ومن: أبي حاتم أحمد بن الحسن بن خاموش الرازي، وجعفر بن محمد بن مظفر، وجماعة.
قال شيرويه الحافظ: سَمِعْتُ منه، وكان صدُوقًا، حسن السيرة، عدْلًا، مَرْضيا. تُوُفّي في السّادس والعشرين مِن رمضان.
وقال السّلَفيّ في مُعْجَمه: كَانَ مِن أعيان الْهَمَذَانيّين وشُهودهم. وكان لَهُ كتاب وأصول جيّدة. وما كتبته عَنْهُ قد أودعته بسلماس.
قلت: سَمِعَ منه: محمد بْن السّمعانيّ، ومحمد بْن محمد السّنْجيّ، والسّلَفيّ.
ومات في رمضان.
235- عثمان بْن إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْفَضْلُ [1] .
أبو عَمْرو الأَسَديّ، الفضْليّ، الْبُخَارِيّ.
كَانَ شيخًا، مَعْمَرا، صالحًا، عالمًا.
سَمِعَ: إبراهيم بْن الرّيْوَرْثُونيّ [2] ، وعليّ بْن الحُسَيْن السُّغْديّ، القاضي.
قَالَ ابن السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ جماعة كثيرة. وعاش اثنتين وثمانين سنة وكان ابنه السّيف عَبْد العزيز قاضي بُخَارى.
236- عليّ بْن أحمد بْن عليّ بْن فتحان [3] .
أبو الْحَسَن الشّهْرَزُورِيّ، البغداديّ.
شيخ كبير مُسِنّ، صالح.
سَمِعَ مجلسًا مِن إملاء أَبِي القاسم بْن بِشْران. وسمع أيضًا أبا عليّ بْن المُذْهب.
روى عنه: أبو المعمّر الأنصاريّ، والسّلفيّ، وابن الخشّاب، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (عثمان بن إبراهيم) في: الأنساب 9/ 314.
[2] الرّيورثونيّ: بكسر أوله، وسكون ثانيه، وفتح ثالثه، وسكون الراء، وثاء مثلّثة، وآخره نون.
نسبة إلى ريورثون من قرى بخارى. (معجم البلدان 3/ 115) .
[3] انظر عن (علي بن أحمد) في: المنتظم 9/ 181، 182 رقم 304 (17/ 1! 14 رقم 3826) .(35/208)
- توفّي في جمادى الآخرة، وولد سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة [1] .
237- عليّ بْن إبراهيم بْن العباس بْن الحُسَيْن بْن العبّاس بْن الْحَسَن بْن الرئيس أبي الجنّ حُسين بْن علي بْن مُحَمَّد بْن علي بْن إسماعيل بْن الصّادق جعفر بْن محمد [2] .
الشّريف، النّسيب أبو القاسم الحُسَيْني، الدّمشقيّ، الخطيب.
كَانَ صدْرا، نبيلًا، مَرْضيا، ثقة، محدّثًا، مَهيبًا، سُنّيا، ممدوحًا بكلّ لسان خرج لَهُ شيخه الخطيب عشرين جزءًا سمّعها بكاملها، وعلى أكثر تصانيف الخطيب خطّه وسماعه.
وأوّل سماعه في سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة. وكان مولده في سنة أربعٍ وعشرين.
وقرأ القرآن عَلَى أَبِي عليّ الأهوازيّ، وغيره.
وسمع: أبا الحُسَيْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن التّميميّ، ورشأ بْن نظيف، ومحمد بْن عليّ المازنيّ، وسليمان بْن أيّوب الفقيه، وأبا عَبْد الله القُضَاعيّ، وكريمة الْمَرْوَزيّة، وأبا القاسم الحِنَّائيّ، وأبا بَكْر الخطيب، وجماعة.
روى عَنْهُ: هبة الله الأكفانيّ، والْخَضِر بْن شِبْل الحارثيّ، وعبد الباقي بْن محمد التّميميّ، وعبد الله أبو المعالي بْن صابر، والصّائن، وأبو القاسم ابنا ابن عساكر، وخلق سواهم.
قَالَ ابن عساكر: [3] كَانَ ثقة مُكِثرًا، لَهُ أُصُول بخطوط الورّاقين. وكان
__________
[1] وقال ابن الجوزي: ولد سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة.. وحدّث، وكان شيخا مستورا من أهل القرآن.
[2] انظر عن (علي بن إبراهيم بن العباس) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 28/ 458، والكامل في التاريخ 10/ 508، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 54، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 14/ 294، 195 رقم 80، والعبر 4/ 16، وسير أعلام النبلاء 19/ 358- 360 رقم 212، والمعين في طبقات المحدّثين 149 رقم 1618، ودول الإسلام 2/ 36، ومرآة الجنان 3/ 197، وعيون التواريخ 12/ 49، وشذرات الذهب 4/ 21، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 3/ 10، 11 رقم 684.
[3] في تاريخ دمشق 28/ 458.(35/209)
متسننًا، وسبب تسنُّنه مؤدّبُه أبو عِمران الصَّقَلّيّ وكثْرةُ سماعه للحديث.
سَمِعَ منه شيخه عَبْد العزيز الكتّانيّ، وسمعتُ منه كثيرًا، وحكى لي أنني لما ولدت سَأَلَ أبي: ما سمَّيْتَه وكَنَّيْتَه؟ فقال: أبو القاسم عليّ. فقال: أخذت اسمي وكنيتي.
قال لي أبو القاسم السّمَيْساطيّ، أو قَالَ أبو القاسم بْن أبي العلاء، إنّه ما رَأَى أحدًا اسمه عليّ وكُنّي أبا القاسم إلّا كَانَ طويل العُمر.
وذكر أنّه صلّى عَلَى جنازةٍ، فكبّر عليها أربعًا.
قَالَ: فجاء صاحب مصر إلى أَبِيهِ يُعاتبه في ذَلِكَ، فقال لَهُ أبوه: لَا تُصَلّ بعدها عَلَى جنازة.
قلت: كَانَ صاحب مصر رافضيا.
قَالَ ابن عساكر: [1] كانت لَهُ جنازة عظيمة، ووصّى أن يُصلّي عَليْهِ أبو الْحَسَن الفقيه جمال الإسلام، وأن يُسنم قبرُهُ، وأن لَا يتولّاه أحد مِن الشّيعة.
وحضرت دفنه.
وتُوُفّي فِي الرابعِ والعشرينَ مِن ربيع الآخرِ، ودُفِن في المقبرة الفخريّة في المُصلّي، ولَقَبُه نسيب الدّولة، وإنْما خُفّف فقيل: النّسيب.
238- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن جَهير [2] .
الوزير، ابن الوزير، ابن الوزير زعيم الدّولة أبو القاسم.
وُلّي نظر ديوان الزّمام في أيّام جدّه، ووَزَرَ للمستظهر باللَّه مرّتين، تخلّلهما الوزير أبو المعالي بْن المطَّلب.
وكان عاقلًا، حليمًا، سديد الرّأي، معرقا في الوزارة.
__________
[1] في تاريخ دمشق 28/ 458.
[2] انظر عن (علي بن محمد بن محمد) في: الإنباء في تاريخ الخلفاء 207، والمنتظم 9/ 182 رقم 305 (17/ 141، 142 رقم 3827) ، والكامل في التاريخ 10/ 498، وزبدة النصرة 34، وتاريخ الزمان ج 8 ق 1/ 55، ووفيات الأعيان 5/ 134 (في آخر ترجمة أبي نصر بن جهير) ، والفخري 300، والوافي بالوفيات 22/ 134 رقم 79، والنجوم الزاهرة 5/ 308.(35/210)
مات في أوائل الشّيخوخة [1] .
- حرف الميم-
239- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد [2] .
الأستاذ أبو بَكْر بن الصّنّاع، والمقري، الملقّب بالهدهد.
مِن أهل بَلَنْسِية.
أخذ القراءات عَنْ أبي دَاوُد، وكان أنبل أصحابه.
أخذ عنه: أبو عَبْد الله بْن أبي إِسْحَاق الْمَرييّ، وأقرأ بقُرْطُبَة.
وتُوُفّي كَهْلًا.
240- محمد بْن سليمان [3] .
أبو بَكْر الْكَلاعيّ، الإشبيليّ، الكاتب المعروف بابن القصيرة.
رأس أهل البلاغة في زمانه.
أخذ عَنْ: أَبِي مروان بْن سِراج، وغيره.
وكان مِن أهل الأدب البارع، والتّفنُّن في أنواع العلوم.
وتوفّي عَنْ سِن عالية، وقد خَرِف.
241- محمد بْن عَبْد الواحد بْن الْحَسَن [4] .
أبو غالب الشَّيْبانيّ، البغداديّ، القزّاز.
قرأ القراءات عَلَى: الشّرمَغَانيّ، وأبي الفتح بْن شيطا.
وحدَّث عن: أَبِي إِسْحَاق الْبَرْمَكِيّ، وَالْجَوْهَرِيّ، والعشاري، وجماعة.
وكان مولده سنة ثلاثين وأربعمائة. نَسَخ الكثير، وسمع، وسمّع ولده أبا منصور عبد الرحمن.
__________
[1] وقال ابن الجوزي: وتدرّج في الولايات والمراتب خمسين سنة. (المنتظم) .
[2] لم أجده.
[3] انظر عن (محمد بن سليمان) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 539، وقلائد العقيان 117- 120، وبغية الملتمس للضبّي 67، وعيون التواريخ 12/ 47، 48.
[4] انظر عن (محمد بن عبد الواحد) في: معرفة القراء الكبار 1/ 464 رقم 407، وغاية النهاية 2/ 192، 193.(35/211)
وتوفي في رابع شوّال.
وكان ثقة، مقرئًا، فاضلًا، حاذقًا بالقراءات.
روى عَنْهُ: حفيده نصر الله بْن عَبْد الرَّحْمَن، وسعد الله الدّقّاق، ويحيى ابن السدنك.
242- مُحَمَّد بن عليّ بْن محمد [1] .
القاضي أبو سَعِيد الْمَرْوَزِيّ الدّهّان.
سَمِعَ: أبا غانم الكراعيّ، وابن عَبْد العزيز الْقَنْطَريّ، وجماعة.
أجاز للسّمعانيّ، وعنده «تفسير ابن راهَوَيْه» ، يرويه عَنِ الحاكم محمد بْن عَبْد العزيز الْقَنْطريّ، عَنِ الحاكم محمد بْن الحسين الحدّادي، عَنْ محمد بْن يحيى بْن خَالِد الْمَرْوَزِيّ، عَنْهُ.
وُلِد في حدود سنة ثلاثين وأربعمائة.
وقيل: مات سنة عشر [2] .
243- مُحَمَّد بْن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد العزيز بن حمدين [3] .
أبو عَبْد الله، قاضي القُضاة بقُرْطُبَة.
تفقَّه عَلَى والده.
وروى عَنْهُ، وعن: محمد بْن عتّاب، وجماعة.
وكان مِن أهل التّفنُّن في العلوم. وكان حافظًا، ذكيا، فطنًا، أديبًا، شاعرًا، لغويّا أُصُوليا. وُلّي القضاء سنة تسعين، فحُمدت سيرته.
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي المروزي) في: التحبير في المعجم الكبير 2/ 189، 190 رقم 825، ومعجم شيوخه ابن السمعاني (مخطوط) ورقة 230 أ.
[2] وقال ابن السمعاني: وكان من بيت العلم والحديث. وكان في نفسه عالما فاضلا، غير أنه كان ينسب إلى شرب الخمر في الخفية، وسمعت أبا عبد الله الحافظ الأزدي أنه تاب ورجع عن ذلك.
[3] انظر عن (محمد بن علي بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 570 رقم 1254، والغنية للقاضي عياض 46، 47 رقم 2، وفهرس ابن عطيّة 84، وخريدة القصر (قسم المغرب والأندلس) 3/ 477، وبغية الملتمس للضبيّ، رقم 230، والذخيرة لابن بسام (انظر فهرس الأعلام) ، ونظم الجمان 18، وأزهار الرياض 3/ 95.(35/212)
وتوفي في المحرّم سنة ثمان وخمسمائة.
وكان مولده سنة تسع وثلاثين وأربعمائة [1] .
244- محمد بْن المختار بْن محمد بْن عبد الواحد بْن عَبْد الله بْن المؤيّد باللَّه [2] .
أبو العزّ الهاشميّ، العبّاسيّ، المعروف بابن الخُصّ. والد الشَّيْخ أَبِي تمّام وأحمد.
نزيل خُراسان. مِن أهل الْحَرَم الطّاهري، شريف [3] ، ثقة، صالح، ديّنْ، سَمِعَ الكثير، وعُمّر حتى حمل عنه.
روى عَنْ: أَبِي الْحَسَن الْقَزْوينيّ، وأبي عليّ بْن المُذْهِب، وعبد العزيز الأَزَجيّ، والْبَرْمكيّ.
روى عَنْهُ: أبو عليّ الرحْبيّ، وأحمد بْن السَّدنك، وابن كليب.
وتوفّي في عاشر المحرّم وله ثمانون سنة.
245- ميمون بْن محمد بْن محمد بْن معتمد بْن محمد بْن محمد بْن مكحول بْن الْفَضْلُ [4] .
الإمام، الزّاهد، أبو المعين المكحوليّ، [5] النَّسَفيّ [6] رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
قَالَ عُمَر بْن محمد النَّسَفيّ في كتاب «الْقَنْد» : هو أستاذي. كَانَ بسَمَرْقَنْد
__________
[1] وقال القاضي عياض: أجلّ رجال الأندلس وزعيمها في وقته ومقدّمها جلالة ووجاهة وفهما ونباهة، مع النظر الصحيح في الفقه والأدب البارع والتقدّم في النثر والنظم. تقلّد الشورى بقرطبة لأول الدولة المرابطية، ثم ولي قضاء الجماعة بها سنة تسعين إلى أن توفي.
[2] انظر عن (محمد بن المختار) في: المنتظم 9/ 182 رقم 306 (17/ 142 رقم 3828) ، وسير أعلام النبلاء 19/ 383، 384 رقم 224.
[3] في الأصل: «شريفا» .
[4] ترجم النسفي لميمون بن محمد في كتابه «القند في تاريخ علماء سمرقند» الّذي لم يصلنا.
[5] المكحولي: بفتح الميم، وسكون الكاف، وضم الحاء المهملة. هذه النسبة إلى مكحول وهو صاحب كتاب «اللؤلؤيات في الزهد» ، وهو اسم الجدّ المنتسب إليه.
[6] النّسفي: بفتح النون والسين وكسر الفاء. هذه النسبة إلى نسف، وهي من بلاد ما وراء النهر يقال لها: نخشب.(35/213)
مدّة، وسكن بُخَارى، يغترفُ علماءُ الشّرق والغرب مِن بحاره، ويستضيئون بأنواره.
تُوُفّي في الخامس والعشرين مِن ذي الحجة، وعمره سبعون سنة.
قلت: روى عَنْهُ شيخ الإسلام محمود بْن أحمد الشاغرجيّ، وعبد الرشيد بْن أبي حنيفة الوأوالجيّ.
- حرف الهاء-
246- هبة اللَّه بْن الْحَسَن بْن محمد [1] .
الحافظ، الزّاهد، أبو الخير الأَبَرْقُوهيّ [2] .
رحل إلى إصبهان.
وسمع مِن: أَبِي طاهر بْن عَبْد الرحيم، وطبقته.
وقع لنا مِن حديثه.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السّلَفيّ، وأبو موسى الْمَدِينيّ، وأبو الفتح الخِرَقي.
وآخرون.
تُوُفّي بأبَرْقُوه في شَعْبان، وكان قد عُمّر.
قَالَ السّلَفيّ: كَانَ قاضي أبَرْقُوه، وهي بقرب يَزْد. وكان من المكثرين، من أهل الفضل، ثقة.
__________
[1] انظر عن (هبة الله بن الحسن) في: الأنساب 1/ 115، 116، ومعجم البلدان 1/ 69، 70، واللباب 1/ 24.
[2] الأبرقوهي: بفتح الألف والباء المنقوطة بواحدة وسكون الراء وضم القاف وفي آخرها الهاء.
هذه النسبة إلى أبرقوه وهي بليدة بنواحي أصبهان على عشرين فرسخا منها.(35/214)
سنة تسع وخمسمائة
- حرف الألف-
247- أحمد بْن أبي القاسم الْحَسَن بن أحمد بن محمد بن أحمد [1] .
أبو العبّاس الإصبهانيّ، المعروف بنجَّوكه.
روى عَنْ: أَبِي نُعَيْم الحافظ.
وتُوُفّي في عَشْر التّسعين.
روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ، وقال: تُوُفّي في ثامن شوّال.
248- أحمد بْن الحُسَيْن بْن أَبِي ذَرّ محمد بْن إبراهيم بْن عليّ [2] .
أبو العبّاس، الصّالْحانيّ [3] ، الواعظ.
الرجل الصّالح.
وُلِد في حدود سنة أربع وعشرين وأربعمائة.
وحدّث عَنْ جدّه أبي ذَرّ.
روى عَنْهُ: أبو موسى وقال: تُوُفّي في ربيع الآخر.
وقال غيره: في ربيع الأوّل.
249- إبراهيم بْن حمزة بن نصر [4] .
__________
[1] لم أجده.
[2] لم أجده. وقد ذكر ابن السمعاني جدّه وغيره من أبناء الأسرة.
[3] الصالحاني: بفتح الصاد المهملة وسكون اللام، وفتح الحاء المهملة، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى «صالحان» وهي محلّة كبيرة بأصبهان. (الأنساب 7/ 12) .
[4] انظر عن (إبراهيم بن حمزة) في: تاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 4/ 48 رقم 44، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 209.(35/215)
أبو طاهر الجرجرائيّ [1] ، ثمّ لدّمشقيّ، المقرئ، المعدّل.
قرأ عَلَى أَبِي بَكْر أحمد الْهَرَويّ صاحب الأهوازيّ.
وسمع: الْحَسَن بْن عليّ اللّباد، وأبا بَكْر الخطيب.
وعنه: أبو القاسم بن عساكر وقال: توفي في ربيع الأول [2] .
250- إبراهيم بْن غالب [3] .
أبو إسحاق الفقيه، الشّافعيّ، ابن الآمديّة.
مِن علماء الإسكندرية.
روى عنه: أبو محمد العثماني.
251- إسماعيل بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جعفر بْن أَبِي سَعِيد بْن مَلَّة [4] .
أبو عثمان المحتسب، الواعظ، الإصبهانيّ، صاحب المجالس الْمَرْوية.
سَمِعَ: أبا بَكْر بْن رِيذة، وأبا طاهر بْن عَبْد الرحيم، وجماعة من أصحاب ابن المقري، وغيره.
وأملى بجامع المنصور [5] .
روى عَنْهُ: ابن ناصر، وظاعن بْن محمد الخيّاط، وجماعة آخرهم موتًا عَبْد المنعم بْن كُليب.
وكان ضعيفًا.
__________
[1] الجرجرائي: بالراء الساكنة بين الجيمين المفتوحتين وراء أخرى بعدها. هذه النسبة إلى جرجرايا وهي بلدة قريبة من الدجلة بين بغداد وواسط. (الأنساب 3/ 223) .
[2] وقع في تهذيب تاريخ دمشق 2/ 209 أنه توفي سنة تسع وخمسين وخمسمائة! وهو خطأ.
[3] لم أجده.
[4] انظر عن (إسماعيل بن محمد) في: المنتظم 9/ 183 رقم 308 (17/ 143 رقم 3830) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 1/ 119 رقم 408، والكامل في التاريخ 10/ 515، والعبر 4/ 18، والإعلام بوفيات الأعلام 209، وسير أعلام النبلاء 19/ 381، 382 رقم 222، وميزان الاعتدال 1/ 248، والمغني في الضعفاء 1/ 87 رقم 710، والمعين في طبقات المحدّثين 149 رقم 1619، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 90، وعيون التواريخ 12/ 62، ومرآة الجنان 3/ 198، والبداية والنهاية 12/ 179، ولسان الميزان 1/ 434، وشذرات الذهب 4/ 22.
[5] قال ابن الجوزي: أملى بجامع المنصور ثلاثين مجلسا، وكان مستمليه شيخنا أبو الفضل بن ناصر. (المنتظم) .(35/216)
قَالَ ابن ناصر: وضع حديثًا وأملاه، وكان يخلّط.
تُوُفّي في ثاني ربيع الأوّل بإصبهان.
قلت: روايته عَنِ ابن رِيذة حضور، فإنّه قَالَ: وُلِدْتُ في رجب سنة ستٌّ وثلاثين.
قلت: ومات ابن ريذة سنة أربعين.
وقال أبو نصر اليُونَارْتيّ في «معجمه» : إسماعيل بْن ملّة كَانَ مِن الأئمّة الْمَرْضيين، يرجع في كلّ فن مِن العِلْم إلى حظً وافر.
وروى عَنْهُ السّلَفيّ فقال: هُوَ مِن المكثرين. يروي عَنْ عَبْد العزيز فاذوَيْه، وأبي القاسم عَبْد الرَّحْمَن مِن أَبِي بَكْر الذَّكْوانيّ. وكان يعظ.
وأبو يروي عَنْ عُمَر بْن أبي محمد بْن زكريّا البيّع.
- حرف الجيم-
252- جامع بْن أبي بَكْر الْحَسَن بْن عليّ [1] .
أبو الْحَسَن الفارسيّ.
سَمِعَ: أباه، وأبا حفص بْن مسرور، وجماعة.
وتوفّي في شَعْبان.
253- جامع بْن الْحَسَن بْن عليّ [2] .
أبو عليّ الْبَيْهَقيّ.
ذكر أبو عليّ السّمعانيّ أنّه حضر عَليْهِ بقراءة والده، وأنّه كَانَ مَعْمَرا.
سَمِعَ مِن: أَبِي بَكْر أحمد بْن محمد بْن الحارث الإصبهانيّ، والفضل بْن عَبْد الله الأبيورديّ.
وأنّ مولده بعد العشرين وأربعمائة.
ومات في شعبان أيضا.
__________
[1] لم أجده.
[2] انظر عن (جامع بن الحسن البيهقي) في: معجم الشيوخ لابن السمعاني.(35/217)
- حرف الحاء-
254- الْحَسَن بْن نصر بْن عُبَيْد الله بْن عُمَر بْن محمد بْن علّان [1] .
النّهَاونديّ، أبو عَبْد الله بن المُرْهَف.
فقيه فاضل، قِدم بغداد.
وسمع: أبا محمد الجوهريّ، وجماعة.
وحدَّث بإصبهان، ونهاوند.
روى عَنْهُ: مَهْديّ بْن إسماعيل الْعَلَويّ.
وتُوُفّي في المحرَّم.
255- حَمْدُ بْن نصر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن معروف [2] .
أبو العلاء الأديب، ويُعرف بالأعمش.
هَمَذَانيّ، حافظ، مُكثِر، ثقة.
سَمِعَ بهَمَذَان مِن: عُبَيْد الله بْن أبي عَبْد الله بْن مَنْدَهْ، وأبي مُسْلِم بْن غزْو النّهَاونديّ، وأبي محمد بن ماهلة.
وولد في سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: أجاز لي في ذي القِعْدة سنة تسعٍ.
قلت: روى عَنْهُ: السّلفيّ، وأبو العلاء العطّار، وجماعة.
وكان معه بصره بالحديث عارفًا بمذهب أحمد، ناصرًا للسُّنّة، وافر الحُرْمة.
أملى عدّة مجالس مِن حفظه، رحمه الله تعالى.
وكان أحد الأدباء بارعًا في فضائله. وقع لنا من روايته في السلماسية، مات سنة اثنتي عشرة. وسيُعاد فيُضمّ ما هنا إلى هناك.
__________
[1] لم أجده.
[2] انظر عن (حمد بن نصر) في: التحبير في المعجم الكبير 1/ 329، 438، 463، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ومختصر طبقات علماء الحديث (مخطوط) ورقة 223، وتذكرة الحفاظ 4/ 1250، وسير أعلام النبلاء 19/ 276، 277 رقم 175، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 141، 142، وطبقات الحفاظ 454، وشذرات الذهب 4/ 31، ومعجم طبقات الحفاظ 81 رقم 1021.(35/218)
- حرف الشين-
256- شِيرَوَيْه بْن شُهْردَار بْن شِيرَوَيْه بن فنّا خسرو بن خَسْرُكان [1] .
الحافظ، أبو شجاع الدَّيْلَميّ، الْهَمَذَانيّ، مؤرّخ هَمَذَان، ومصنف كتاب «الفِرْدوس» [2] .
سَمِعَ الكثير بنفسه، ورحل.
سَمِعَ: أبا الْفَضْلُ محمد بن عثمان القُومَسَانيّ، ويوسف بْن محمد بْن يوسف المستملي، وسُفْيان بْن الحُسَيْن بْن محمد بْن فَنْجُوَيْه الدّيَنَوريّ، وعبد الحميد بْن الْحَسَن الفقاعي الدلال، وأبا الْفَرَج علي بن مُحَمَّد بن علي الجريري الْبَجَليّ، وأحمد بْن عيسى بْن عبّاد الدّيَنَوريّ، وخلقًا سواهم.
وببغداد: أبا منصور عَبْد الباقي بن محمد العطّار، وأبا القاسم بْن البُسْريّ، وخلقًا.
وبإصبهان: أبا عَمْرو بْن مَنْدَهْ، وغيره.
وبقزوين والجبال.
قَالَ فيه يحيى بْن مَنْدَهْ: شاب كيّس، حسن الخلق والخُلُق، زكيّ القلب،
__________
[1] انظر عن (شيرويه بن شهردار) في: التدوين 3/ 85، والتقييد لابن نقطة 296 رقم 360، والتكملة لوفيات النقلة للمنذري 3/ 41 (في ترجمة حفيده) ، وطبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح 1/ 486، 487 رقم 176، والعبر 4/ 18، والمعين في طبقات المحدّثين 149 رقم 1620، وسير أعلام النبلاء 19/ 294- 295 رقم 186، والإعلام بوفيات الأعلام 209، وتذكرة الحفاظ 4/ 1259، ومختصر طبقات علماء الحديث (مخطوط) ورقة 226، وعيون التواريخ 12/ 63، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 111، 112، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 104، 105، والوافي بالوفيات 16/ 217، 218 رقم 244، ومرآة الجنان 3/ 198، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 292 رقم 253، والنجوم الزاهرة 5/ 211، وطبقات الحفاظ 457، وكشف الظنون 1254، وشذرات الذهب 4/ 23، 24، وبستان المحدّثين 61، وإيضاح المكنون 1/ 599، وديوان الإسلام 2/ 288 رقم 946، والأعلام 3/ 183، ومعجم المؤلفين 4/ 193، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 102 رقم 1028، والرسالة المستطرفة 75، وفهرس المخطوطات المصوّرة 1/ 90.
[2] اسمه بالكامل: «فردوس الأخبار بمآثر الخطاب المخرّج على كتاب الشهاب» ، حققه الشيخ فوّاز أحمد الزمرلي والسيد محمد المعتصم باللَّه البغدادي، وصدر في خمس مجلّدات عن دار الكتاب العربيّ، ببيروت 1407 هـ-. / 1987 م.، وطبع طباعة رديئة بعناية أبي هاجر السعيد بسيوني زغلول، وأصدرته دار الكتب العلمية ببيروت.(35/219)
صلْب في السُّنَّة، قليل الكلام.
روى عَنْهُ: ابنه شهردار، ومحمد بْن الْفَضْلُ الإسْفرائينيّ، ومحمد بن أبي القاسم السّاويّ، وأبو الْعَلَاءِ أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْفَضْلُ الْحَافِظُ، وآخرون.
وتُوُفّي في تاسع عشر رجب.
وهو متوسط المعرفة، وليس هُوَ بالمُتْقِن.
وُلِد سنة خمس وأربعين وأربعمائة. وكان صلْبًا في السُّنَّة.
دخل إصبهان في سنة خمس وخمسمائة، فروى عَنْهُ أبو موسى الْمَدِينيّ، وطائفة [1] .
- حرف الصاد-
257- صَدَقة بْن محمد بْن صَدَقة [2] .
أبو الْكَرَم الإسكاف.
شيخ صالح بغداديّ.
سَمِعَ: أبا يَعْلَى بْن الفرّاء، وأبا الحُسَيْن بْن المهتدي باللَّه.
روى عَنْهُ: عُمَر بْن ظَفَر.
- حرف الظاء-
258- ظَفَرُ بْن عَبْد المُلْك [3] .
الخلّال، الإصبهانيّ.
ورّخه عبد الرحيم الحاجّيّ.
تُوُفّي في ربيع الأوّل.
كأنّه أخو الحسين.
__________
[1] وقال الرافعي القزويني: أبو شجاع الهمذاني من متأخّري أهل الحديث المشهورين الموصوفين بالحفظ. كان قانعا بما رزقه الله تعالى من ربع أملاكه، سمع وجمع الكثير ورحل.
قال أبو سعد السمعاني: وتعب في الجمع، صنف كتاب «الفردوس» ، وكتاب «طبقات الهمدانيين» ، وغيرهما. وكان قد ورد قزوين، وسمع بها الأستاذ الشافعيّ بن داود المقرئ سنة ثمانين وأربعمائة، وسمع لهذا التاريخ «سنن» أبي عبد الله بن ماجة.
[2] لم أجده.
[3] لم أجده.(35/220)
- حرف العين-
259- عبد الله بن بننان [1] .
أبو محمد النَّحْويّ، نزيل إشبيلية.
روى عَنْهُ: أَبِي عَبْد الله بْن يونس الحجازيّ، وعاصم بْن أيّوب، وابن الحجاج الأعلم.
روى عَنْهُ: أبو الوليد بْن خيرة، وأبو عامر بْن ربيع الأشعريّ، وهارون بْن أبي الْغَيْث، وأبو الحسن بن فيل.
وكان حافظا لكتب الآداب، ذاكرا «للكامل» للمبرّد، و «أمالي القالي» .
علّم النّاسَ النَّحْو بقُرْطُبَة.
وكان حيا في هذه السنة. قاله ابن الأبّار.
260- عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت [2] .
أبو محمد الأُمَويّ، الأندلسيّ. خطيب شاطبة.
روى كثيرًا عَنْ: أَبِي عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ.
وعن: أَبِي العبّاس العُذْريّ.
وكان زاهدًا، ورِعًا، فاضلًا، منقبضًا.
سَمِعَ منه جماعة، ورحلوا إِليْهِ، واعتمدوا عليه.
ولد سنة ستّ وأربعين وأربعمائة.
وقال: زارنا ابن عَبْد الْبَرّ مرّةً في منزلنا، فحفظت مِن لفظه يَقُولُ:
لَيْسَ المزارُ عَلَى قدْر الودادِ، ولو ... كانا كفيّيْن كنّا لَا نَزَالُ معًا
261- عَبْد الله بْن عَبْد العزيز بْن المؤمّل [3] .
الأديب، أبو نصر الزَّيْتُونّي.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن بننان) في: الوافي بالوفيات 17/ 88 رقم 77، وبغية الوعاة 2/ 35 رقم 1367 و «بننان» : بضم الباء الموحّدة والنون الأولى، وفتح الثانية.
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد العزيز) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 346 رقم 743 وسيعاد في وفيات السنة التالية، برقم (295) .
[3] لم أجده.(35/221)
كَانَ إخباريا، علّامة.
روى عَنْ: أحمد بْن عمر النّهروانيّ، وعلي بْن محمود الزّوزَنيّ، ومحمد بْن الحُسَيْن بْن الشّبْل، وجماعة مِن الشُّعراء.
روى عنه: عبد الخالق اليوسفيّ، وعبد الرحيم ابن الإخوة، والسّلَفيّ، وآخرون.
قَالَ السّمعانيّ: ما كَانَ مَرْضِيّ السّيرة. كَانَ جماعة مِن شيوخي يسيئون الثّناء عَليْهِ.
تُوُفّي في ذي القِعْدة، وله تسعون سنة.
262- عَبْد الوهّاب بْن أحمد بْن عُبَيْد الله بْن الصَّحْنائيّ [1] .
أبو غالب المستعمل.
عَنْ: جدّه لأمّه عَبْد الوهّاب بْن أحمد الدّلّال، وابن غَيْلان، وعبد العزيز الأَزَجيّ، وعدّة.
وعنه: عُمَر المغازليّ، وآخرون.
مات في ذي الحجّة عن تسعين سنة.
263- عليّ بْن أحمد بْن سعيد [2] .
أبو الْحَسَن الْيَعْمريّ [3] ، الشّاعر، الأندلسيّ، الأديب.
أخذ بقُرْطُبَة عَنْ أَبِي مروان بْن سِراج.
وأقرأ العربيّة والأدب.
وكان كاتبًا، شاعرا، فقيها.
توفّي وهو في عشر الثّمانين [4] .
__________
[1] مرّت ترجمته في وفيات سنة 507 هـ- برقم 186.
[2] انظر عن (علي بن أحمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار، رقم 1840، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة، السفر الخامس- ص 158 رقم 319 وفيه: «علي بن أحمد بن سعد الله» .
[3] اليعمري: بفتح الياء المعجمة باثنتين من تحتها، وسكون العين المهملة، وفتح الميم، وفي آخرها الراء المهملة، وهذه النسبة إلى يعمر، وهو بطن من كنانة. (الأنساب 12/ 159) .
[4] وقال المراكشي: وقد ذكره أبو عمرو بن الإمام في كتابه «سمط الجمان وسفط الأذهان» .
واستقضي ببلده، وأقرأ العربية والأدب. ومولده سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.(35/222)
264- علي بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد [1] .
أَبُو الْحَسَن النيسابوري، الواعظ.
وأصلة من إصبهان.
سمع: أبا حفص بن مسرور، وأبا الحسين بن عبد الغافر، وغيرهما.
قال السلفي: بلغني أنه تُوفي سنة تسع وخمسمائة.
وقال ابن عساكر: أجاز لي سنة عشر.
قلت: سأعيده سنة عشر.
265- علي بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه [2] .
أبو الْحَسَن الْجُذَاميّ، الأندلسي، مِن أهل الْمَريّة، ويُعرف بالْبَرْجيّ، بفتح الباء.
أخذ القراءات عن: أبي داود، وابن الدش.
وسمع مِن أبي عليّ الغسّانيّ.
وكان مقرئًا حاذقًا، وفقيهًا، مُفْتيا، مِن أهل الخير، والصّلاح، والتّفنُّن في العِلْم.
قَالَ ابن الأبّار: دارت لَهُ مَعَ قاضي الْمَريّة مروان بْن عَبْد المُلْك قصّة غريبة في إحراق ابن حمْدين كُتُب الغزاليّ، وأوجب فيها حين استُفْتي تأديب مُحرقها، وضمّنه قيمَتَها. وتبِعه عَلَى ذَلِكَ أبو القاسم بْن ورد، وعمر بْن الفصيح.
أخذ عَنْهُ: عُمَر بْن نَمارة، والشّيخ أبو العبّاس بن العريف.
__________
[1] انظر عن (علي بن عبد الله) في: تاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 18/ 123 رقم 22 وسيعاد برقم (299) .
[2] انظر عن (علي بن محمد الجذامي) في: الأنساب 1/ 140 (بالحاشية) ، ومعجم البلدان 1/ 374، وتكملة الصلة لابن الأبّار، رقم 1841، والمعجم في أصحاب الصدفي 383، وصلة الصلة 81، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة السفر الخامس 308 رقم 604، والمشتبه في الرجال 1/ 32، والوافي بالوفيات 22/ 49، 50 رقم 11، وتبصير المنتبه 134، ونيل الابتهاج 198.(35/223)
266- عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ [1] .
أَبُو الْحَسَن الأنْدش، النَّيْسابوريّ، الشّعريّ.
وُلِد سنة خمس عشرة وأربعمائة.
وسمع: أبا العلاء صاعد بْن محمد، وابن مسرور.
قال السّمعانيّ: حضرت عليه «جزء ابن نُجَيْد» .
ومات في رمضان.
- حرف الغين-
267- غْيث بْن عليّ بن عبد السلام بْن محمد [2] .
أبو الفَرَج الصُّوري [3] ، الأَرْمَنَازيّ [4] . خطيب صور، ومحدّثها مفيدها.
__________
[1] انظر عن (علي بن محمد الأندش) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
[2] انظر عن (غيث بن علي) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 34/ 378- 380 و 2/ 233 و 7/ 389 و 23/ 350 و 29/ 102 و 31/ 483 و 34/ 314 و 35/ 540 و 39/ 13، 14 و 41/ 164، وتاريخ دمشق (بتحقيق د. صلاح الدين المنجّد) 1/ 300، و (بتحقيق محمد أحمد دهمان) 10/ 25 و 276 بالحاشية، والأنساب 1/ 189، ومعجم البلدان 1/ 158، و 37، 238، ومعجم الأدباء 13/ 258، واللباب 1/ 34، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 152، وبغية الطلب (مصوّرة معهد المخطوطات) 7/ 124، 125، والأنساب المتّفقة لابن القيسراني 10، وأدب الإملاء لابن السمعاني 154، والمشترك وضعا 88، والعبر 4/ 18، وسير أعلام النبلاء 19/ 389 رقم 230، والإعلام بوفيات الأعلام 209، ومرآة الجنان 3/ 198، والبداية والنهاية 10/ 144، وعيون التواريخ 12/ 63، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 17/ 83، 271، والعقد الثمين 1/ 472 رقم 146، ولسان الميزان 1/ 322، وشذرات الذهب 4/ 24، وفهرس مخطوطات الظاهرية (قسم الأدب) 1/ 133، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثالث) ج 3/ 132- 137 رقم 838، والأعلام 5/ 318، 319، ومعجم المؤلفين 8/ 43، ومجلّة معهد المخطوطات للدكتور المنجّد 2/ 78، وعلم التأريخ عند المسلمين 635، ومدرسة الشام التاريخية (مؤتمر ابن عساكر) للدكتور شاكر مصطفى 398 (المتن والحاشية) ، ودراسات في تاريخ الساحل الشامي (لبنان من الفتح الإسلامي حتى سقوط الدولة الأموية) - تأليفنا- ص 10، 11.
[3] تحرّفت إلى «المنصوري» في (العقد الثمين 1/ 472) .
[4] الأرمنازي: نسبة إلى أرمناز، قرية من قرى بلدة صور من بلاد ساحل الشام، قال ابن السمعاني في (الأنساب 1/ 189) : «ومن هذه القرية أبو الحسن علي بن عبد السلام الأرمنازي، من الفضلاء المشهورين والشعراء» وابنه أبو الفرج غيث ممن سمع الحديث الكثير، وجمع، وأنس به، سمع أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي الحافظ من أبي الحسن الأرمنازي بصور،(35/224)
سَمِعَ: أبا بَكْر الخطيب، وعليّ بْن عُبَيْد الله الهاشميّ، وجماعة.
وقدم دمشق، وسمع: أبا نصر بْن طلاب، وأبا الحَسَن أحمد بْن عَبْد الواحد بْن أَبِي الحديد، وجماعة.
ورحل إلى تِنّيس، فسمع بها في سنة تسعٍ وستّين مِن: رمضان بْن عليّ.
وبمصر، والإسكندرية.
وكتب الكثير، وسوَّد تاريخًا لصُور. وكان ثقة، ثْبتًا، حسن الخطّ [1] .
روى عَنْهُ: شيخه الخطيب شعرا [2] .
__________
[ () ] وروى لنا عن ابنه غيث «صاحبنا أبو القاسم علي بن هبة الله الدمشقيّ الحافظ» .
وقال ياقوت بعد أن ذكر ما قاله ابن السمعاني:
«قال عبيد الله المستجير به: لا شكّ في أرمناز التي من نواحي حلب، فإن لم يكن أبو سعد، رحمه الله، اغترّ بسماع محمد بن طاهر من أبي الحسن بصور ولم ينعم النظر، وإلّا فأرمناز قرية أخرى بصور، والله أعلم. على أنّ الحافظ أبا القاسم ذكر في ترجمة علي بن عبد السلام بن محمد بن جعفر الأرمنازي أبي الحسن، فقال: والد غيث الصوري الكاتب، أصله من أرمناز قرية من ناحية أنطاكية بالشام» . (معجم البلدان 1/ 158) .
ويرجّح خادم العلم محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» أنّ غيث بن علي من أرمناز التي بقرب صور كما قال ابن السمعاني، لأنه هو وأباه وابنته تقيّة وغيرهم من أبناء هذه الأسرة ينسبون إلى صور بساحل الشام، ولم يعرف عن أحدهم أنه نسب إلى ناحية حلب أو أنطاكية.
وقد تحرّف اسم «غيث» إلى «عنيسة» في (علم التأريخ عند المسلمين 635) وقال الدكتور صالح أحمد العلي مترجم الكتاب، بالحاشية رقم (26) : «عنيسة بن علي» المتوفى سنة 509 هـ- ... وهو غير غيث بن علي الصوري الّذي كان مدرّسا وزميلا للخطيب البغدادي.
ولا أدري لماذا أقحم اسم «عنيسة» هنا؟
وقد نقل الدكتور شاكر مصطفى هذه الحاشية في بحثه (مدرسة الشام التاريخية 398) دون تمحيص، فاعتبر «عنيسة» هو «غيث» .
راجع تعليقنا في (لبنان من الفتح الإسلامي.. ص 11 بالحاشية 1) .
[1] كتب بخطّه نسخة «تقييد العلم» للخطيب البغدادي في سنة 461 هـ-. وهي ضمن مجموع محفوظ بالمكتبة الظاهرية رقم (3792) - قسم الأدب- من 33 ورقة (من 30 إلى 62) .
(فهرس مخطوطات الأدب بالظاهرية 1/ 133) .
[2] وقال غيث: قلت للخطيب البغدادي: عظني، فقال: احذر نفسك التي هي أعدى أعدائك أن تتابعها على هواها، فذاك أعضل دائك، واستشرف الخوف من الله تعالى بخلافها، وكرّر على قلبك ذكر نعوتها وأوصافها، فإنّها لأمّارة بالسوء والفحشاء والموردة من أطاعها موارد العطب والبلاء. وأعمد في جميع أمورك إلى تحرّي الصدق، ولا تتّبع الهوى فيضلّك عن سبيل الله، وقد ضمن الله لمن خالف هواه أن يجعل جنّة الخلد قراره ومأواه.(35/225)
وسكن دمشق في الآخر، وبها تُوُفّي في صَفَر، وله ستٌّ وستون سنة [1] .
وروى عَنْهُ: أبو القاسم بن عساكر [2] ، وجماعة [3] .
__________
[ () ] ثم أنشد لنفسه:
إن كنت تبغي الرشاد محضا ... في أمر دُنياك والمَعَادِ
فخالِفِ النَّفْس فِي هواها ... إن الهوى جامع الفساد
(البداية والنهاية 10/ 144) .
وكان لدى غيث جزء من كتاب «تلخيص المتشابه» للخطيب سمعه عليه بصور سنة 461 هـ-.
(تلخيص المتشابه في الرسم- تحقيق سكينة الشهابي- ج 1/ 47) والجزء هو 13 ضمن مجموع 95، ورقة 134- 151.
[1] وكان مولده في 19 شعبان سنة 443 هـ-.
[2] وقال ابن عساكر: قدم علينا بأخرة فأقام عندنا إلى أن مات. سمعت منه، ومن جملة شعره:
عجبت وقد حان توديعنا ... وحادي الركائب في إثرها
ونار توقّد في أضلعي ... ودمع تصعّد من قعرها
فلا النار تطفئها أدمعي ... ولا الدمع ينشف من حرّها
(تاريخ دمشق 34/ 378- 380) .
ويقول خادم العلم «عمر تدمري» .
إن ابن عساكر اعتمد على كتاب «غيث» (تاريخ صور) فنقل منه كثيرا من التراجم وأودعها في (تاريخ دمشق) ، وبذلك حفظ لنا قسما كبيرا من كتاب غيث الّذي لم يتمّ، وهذا يلاحظه كل من قرأ (تاريخ دمشق) .
[3] وممن سمعه: أبو الفضل محمد بن طاهر المعروف بابن القيسراني وهو بصور: يقول:
«طرابلس من غير ألف» . (الأنساب المتّفقة 10) .
أنشده أبوه لنفسه شعرا بصور منه:
ألا إنّ خير الناس بعد محمد ... وأصحابه التابعين بإحسان
أناس أراد الله إحياء دينه ... لحفظ الّذي يروي عن الأول الثاني
(أدب الإملاء 154) .
وأنشده بصور: محمد بن علي بن محمد بن حباب الدرزي الشاعر الصوري، وقد دوّن وكتب له بخطّه منه كثيرا، وقرأ غيث منه عليه، ومن شعره:
يا طيف مالكة الفؤاد ... كيف اهتديت بغير هاد؟
(تاريخ دمشق 39/ 13) .
وأنشده أيضا قوله:
صبّ جفاه حبيبه ... وحلاله تعذيبه
(تاريخ دمشق 39/ 14) .
وسمع غيث على كثير من الشيوخ وخاصّة من كان منهم يمرّ بصور، أذكر منهم: بندار بن محمد الفارسيّ الصوفي، وملكة بنت داود بن محمد العالمة الصوفية، ومروان بن عثمان الصقلّي المغربي، وعمر بن عبد الباقي الموصلي الورّاق، ومحمد بن الحسن الأسنباذي(35/226)
- حرف القاف-
268- قوام بْن زيد بْن عيسى [1] .
الإمام أبو الفَرَج الْقُرَشِيّ، التَّيْميّ، البكْريّ، الدّمشقيّ، المُرّيّ، الفقيه الشّافعيّ.
سَمِعَ: أبا بَكْر الخطيب بدمشق، والصَّريْفينيّ، وابن الَّنُّقور ببغداد.
روى عنه: الصّائن بْن عساكر، وأخوه الحافظ، وعبد الصّمد بن سعد النّسويّ، وغيرهم.
قال الحافظ ابن عساكر: كَانَ شيخًا ثقة. حدَّث عَنْهُ الفقيه نصر الله المصّيصيّ. وتوفّي في رمضان، وحضرتُ دفنه.
قلت: عاش سبْعًا وسبعين سنة.
__________
[ () ] وعبد الرحمن بن محمد الشيرازي، وإبراهيم بن علي العتابي شيخ الصوفية بصور، وعبد الملك بن عبد السلام الأسواني، وثابت بن جعفر النهاوندي، وثابت بن أحمد البغدادي وقد كتب له خطّه بالإجازة بجميع مسموعاته في مستهلّ ربيع الأول 477، وكامل بن محمد القرشي الصوري، والحسن بن عطية الله الخطيب المعدّل، وعلي بن الحسين أبو تراب الربعي المعروف بالأمير سعيد الدولة، وهو أنشد غيثا على باب صور، وعبد الرحمن بن محمد الأبهري، وعلي بن الحسن بن طاوس الدير عاقولي، وعلي بن طاهر الأديب الّذي أنشده شعر زيد بن علي الفارسيّ النحويّ المتوفى بطرابلس سنة 467 هـ-.
الزم جفاك لي ولو فيه الضنا ... وارفع حديث البين عمّا بيننا
(بغية الطلب 7/ 124، 125) .
وقال ذاكر بن كامل الخفّاف: كتب لي أبو الفرج غيث بن علي الصوري، قال: أنشدني الشريف أبو الحسن علي بن حمزة الجعفري، قال: أنشدني أبو الحسن علي بن أحمد الأندلسي:
وسائلة لتعلم كيف حالي ... فقلت لها: بحال لا تسرّ
دفعت إلى زمان ليس فيه ... إذا فتّشت عن أهليه حرّ
(ذيل تاريخ بغداد 17/ 83) .
وحدّث عن غيث: أحمد بن الحسين بن أحمد الثغري الصوري المعروف بابن أخت الكاملي المتوفى سنة 518 هـ-. (تاريخ دمشق 34/ 314، المشترك وضعا 88) .
وانظر كتابنا: موسوعة علماء المسلمين ... (القسم الثاني) ج 3/ 135.
[1] انظر عن (قوام بن زيد) في: تاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 21/ 92 رقم 66.(35/227)
- حرف الميم-
269- محمد بن الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْحَسَنِ بْن القاسم الزَّيْنَبيّ بْن إبراهيم طباطبا بْن إسماعيل [1] .
العلويّ الإصبهانيّ.
شيخ جليل مَعْمَر.
يروي عَنْ: أبي سَعْد عبد الرحمن بن أحمد بن عمر الصفار.
روى عنه: أبو موسى المَدِينيّ.
وتُوُفّي في ثاني رمضان.
كنيته أبو العسّاف.
270- محمد بْن الخلف بْن إسماعيل [2] .
أبو عَبْد الله الصَّدّفيّ، البَلنْسيّ، المعروف بابن علْقَمَة الكاتب.
صنَّف «تاريخ بَلَنْسِيَة» ، وحمله النّاس عَنْهُ عَلَى سوء ما رصفه.
تُوُفّي في شوّال، وقد جاوز الثمانين.
271- محمد بْن أَبِي العافية [3] .
أبو عَبْد الله الإشبيليّ، النَّحْويّ، المقرئ.
إمام جامع إشبيلية.
أخذ عَنْ: أَبِي الحجاج الأعلم النَّحْويّ.
وكان بارعًا في النّحو، واللّغة. وحمل النّاس عَنْهُ. وقد قرأ بالقراءات عَلَى أَبِي عَبْد الله محمد بْن شُرَيح.
272- محمد بْن عليّ بْن الحَسَن بْن أبي المضاء محمد بن أحمد بن أبي المضاء [4] .
__________
[1] لم أجده.
[2] انظر عن (محمد بن الخلف) في: تكملة الصلة لابن الأبار 146، والوافي بالوفيات 3/ 45، ومعجم المؤلفين 9/ 283.
[3] انظر عن (محمد بن أبي العافية) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 570، 571 رقم 1257.
[4] انظر عن (محمد بن علي بن أبي المضاء) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 11/ 161(35/228)
أبو المضاء البَعْلَبَكّيّ، ويُعرف بالشّيخ الدَّيّن.
سَمِعَ: أبا بَكْر الخطيب، وعبد العزيز الكتّانيّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: الصّائن هبة الله.
وأجاز للحافظ أبي القاسم [1] .
تُوُفّي في شَعْبان وله أربعٌ وثمانون سنة. وأول سماعه سنة ستٌّ وأربعين وأربعمائة [2] .
273- محمد بْن سَعْد [3] .
الإمام أبو بَكْر [4] البغداديّ، الحَنْبليّ، الغسّال [5] ، المقرئ، الملقّب بالتّاريخ.
حدَّث عَنْ: أَبِي نصر الزَّيْنَبيّ، وعدّة.
وكان رأسًا في حفْظ القرآن، وحسن الصَّوت، خيّرا، ثقة، صالحًا. كبير القدر، محسنا إلى النّاس [6] .
__________
[ () ] و (38/ 529، 530) ، ومعجم البلدان 1/ 454، 455، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 23/ 76، 77 رقم 111، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 345، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 4/ 89، 90 رقم 1087.
[1] قال ابن عساكر: سمع منه أخي أبو الحسين وأصحابنا، وقد أجاز لي جميع حديثه. كتب إليّ أبو المضاء محمد بن علي بن أبي المضاء: أنبأنا ابن عيسى القاضي أبو علي الحسين بن علي بن محمد بن أبي المضاء البعلبكي قراءة عليه ببعلبكّ في رجب سنة 446 أنبأنا أبو علي الحسين بن أحمد بن محمد بن المبارك قراءة عليه في المسجد الجامع ببعلبكّ.
[2] قال غيث الأرمنازي: سألت أبا المضاء بدمشق عن مولده فقال: سنة خمس وعشرين وأربعمائة.
وقال أبو محمد بن صابر: سألت أبا محمد الحسين عن وفاة أبيه فقال: في ست وعشرين من شعبان سنة تسع وخمسمائة ببعلبكّ.
قال ابن صابر: ثقة. خلّف ولدين: أبا الحسين علي، وأبا محمد الحسن.
وزاد غيره: إن وفاته في جمادى الآخرة سنة تسع وخمسمائة.
(تاريخ دمشق 38/ 529، 530) .
[3] انظر عن (محمد بن سعد) في: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 113 رقم 57.
[4] في الذيل: «أبو البركات» .
[5] هكذا بالغين المعجمة. وفي (الذيل) : «العسّال» بالعين المهملة.
[6] قال ابن رجب: وكان من القرّاء المجوّدين الموصوفين بحسن الأداء، وطيب النعمة. يقصد في رمضان لسماع قراءته في صلاة التراويح من الأماكن البعيدة. وكان ديّنا، صالحا، صدوقا،(35/229)
كانت جنازته مشهودة.
عاش بِضْعًا وأربعين سنة.
274- محمد بْن كُمار بْن حسن بْن عليّ [1] .
الفقيه أبو سَعِيد الدّيَنَوريّ، ثمّ البغداديّ.
قَالَ: ولدت سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، وكانت زَوْجَة أَبِي بَكْر الخطيب تُرضِعُني، فلمّا كبرت أسمعني مِن: ابن غَيْلان، وأبي محمد الخلّال، وأبي إسحاق البرمكيّ، وأبي الحَسَن القالي، وغيرهم.
وقرأتُ القرآن عَلَى أَبِي الحَسَن القَزْوينيّ، وسمعت منه الحديث.
وقرأت «المقنع» عَلَى القاضي أبي الطَّيّب الطَّبَريّ، ثمّ علّقت تعليقة كاملة في الخلاف عَنْ أَبِي إسحاق الشّيرازيّ، وقرأت الفرائض على أبي عبد الله الوني، إلا أن كُتُبي ذهبت كلّها في النَّهْب، ولم يبق عندي منها شيء إلّا ما بقى بأيدي النّاس مِن مسموعي. ووزَنّا عشرة دنانير حتّى سمعنا «المُسْنَد» من ابن المُذْهب.
وسمعت مِن الأَزَجيّ، يعني عَبْد العزيز، كتاب «يوم وليلة» للمعْمريّ.
قلت: روى عَنْهُ: الحُسَيْن بْن خُسْرُو البلْخيّ، والسّلَفيّ، عَنِ البرمكيّ، والفالي. ثم انحدر إلى واسط، وبها مات فِي جُمَادَى الآخرة سنة تسع.
275- مُحَمَّد ابن الهبارية [2] .
هو محمد بن محمد بن صالح بن حمزة بن مُحَمَّد بن عيسى بْن مُحَمَّد بن
__________
[ () ] حدّث.
سمع منه ابن ناصر، والسلفي. قال: وكان من أحسن الناس تلاوة للقرآن، وكتب الحديث الكثير معنا وقبلنا. وهو حنبليّ المذهب. علّق الفقه عن ابن عقيل.
[1] لم أجده.
[2] انظر عن (محمد ابن الهبّاريّة) في: اللباب 3/ 284، وخريدة القصر (قسم العراق) 2/ 70، ووفيات الأعيان 4/ 453- 457، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 58- 62، والعبر 4/ 19، وسير أعلام النبلاء 19/ 392 رقم 233، وعيون التواريخ 12/ 54- 61، والوافي بالوفيات 1/ 130، ولسان الميزان 5/ 367، والنجوم الزاهرة 5/ 210، وشذرات الذهب 4/ 24- 26، وديوان الإسلام 4/ 359 رقم 2156، والأعلام 7/ 23، ومعجم المؤلفين 11/ 225.
وانظر مصادر أخرى في ترجمته التي تقدّمت في وفيات سنة 504 هـ-. برقم (91) .(35/230)
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ داود بْن عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بْنِ عَبْد اللَّه بن عباس، أبو يعلي الهاشمي، العباسي، البصري.
والهبارية هي من جداته، وهي من ذرّيّة هبار بن الأسود بن المطلب.
قرأ الأدب ببغداد، وخالط العلماء، وسمع الحديث، ومدح الوزراء والأكابر.
وله معرفة بالأنساب، وصنَّف كتاب «الصّادح والباغم والحازم والعازم» ، نظمه لسيف الدّولة صَدَقة، وضمّنه حكَمًا وأمثالًا، ونظم كليلة ودِمْنة. وله كتاب «مجانين العقلاء» ، وغير ذَلِكَ.
وله كتاب «ذِكر الذّكْر وفضل الشّعْر» .
وقد بالغ في الهجو حتّى هجا أَبَاهُ وأمّه.
وشعره كثير سائر، فمنه قصيدة شهيرة، أوّلها:
حَيّ عَلَى خير العمل ... عَلَى الغزال والغَزَل
يَقُولُ فيها:
لو كان لي بِضاعهْ ... أو في يدي صِناعهْ
ألقى بها المَجَاعَهْ ... لم أخلع الخلاعةْ
ولم أُفِقْ مِن الخذَل ... ولا درستُ مسألَهْ
ولا رحلت بعملهُ ... ولا قطعت مجهلهْ
ولا طلبت منزلهْ ... ولا تعلّمتُ الْجَدَل
ولا دخلتُ مدرسهْ ... سِباعها مفترسهْ
وجوههم معبَّسَهْ ... ما لي وتلك المَنْحَسَةْ
لولا النّفاقُ والخَبَل ... الأصفر المنقوش
شيدت بِهِ العروش ... بِهِ الفتى يعيش
وباسمه يطيش ... مولاه ما شاء فعل
يا عجبًا كلّ العَجَب ... لا أدبٌ ولا حَسَب(35/231)
ولا تُقَى ولا نَسَب ... يُغْني الفتى عَنِ الذَّهَب
سبحانه عزّ وجل ... بؤسًا لربّ المحبره
وعيشه ما أكدره ... ودرسه ودفترهْ
يا ويله ما أدْبَرَهْ ... إنّ لم تصدّقني فَسَل
اصعد إلى تِلْكَ الغُرَف ... وانظر إلى قلب الحِرفَ
وابك لفضلي والشَّرَف ... واحكم لضريّ بالسَّرَف
واضربْ بخذلاني المَثَل
وله أيضًا القصيدة الطّويلة التي أوّلها:
لو أنّ لي نَفْسًا هَربتْ [1] لِما ... أَلْقى، ولكنْ لَيْسَ لي نَفْسُ
ما لي أُقيمُ لدى زعانفةٍ ... شُمّ القُرُون أُنُوفُهم فُطْسُ
لي مأتمٌ مِن سوء فِعْلِهِمُ ... ولهم بحُسن مدائحي عُرْسُ [2]
وهجا في هذه القصيدة الوزير، والنقيب، وأرباب الدّولة بأسرهم فأطيح دمه، فاختفى مدّة، ثمّ سافر ودخل إصبهان، وانتشر ذِكره بها، وتقدَّم عند أكابرها، فعاد إلى طبْعه الأوّل، وهجا نظام المُلْك، فأهدر دمه، فاختفى، وضاقت عَليْهِ الأرض. ثمّ رمى نفسه عَلَى الإمام محمد بْن ثابت الخُجَنْديّ، فتشفّع فيه، فعفا عَنْهُ النظام، فاستأذن في مديح، فأذن لَهُ فقام، وقال قصيدته الّتي أوّلها:
بعزّة أمرك دار الفَلَك ... حنانَيْك فالخَلْقُ والأمرُ لك!
فقال النظام: كذبْتَ، ذاك هُوَ الله تعالى.
وتمّم القصيدة، ثمّ خرج إلى كَرمان وسكنها [3] ، ومدح بها، وهجا عَلَى جاري طبيعته.
وحدَّث هناك عن: أبي جعفر ابن المسلمة.
__________
[1] في الخريدة: «صبرت» .
[2] الأبيات في: زبدة النصرة 4- 66، الخريدة 2/ 81.
[3] الخريدة 2/ 71، 72.(35/232)
سمع منه: محمد بْن عَبْد الواحد الدّقّاق، ومحمد بن إبراهيم الصّيقليّ في آخر سنة ثمان وتسعين.
وروى عنه: القاضي أحمد بن محمد الأرّجانيّ، الشّاعر، حديثا عَنْ مالك البانْياسيّ.
قَالَ ابن النّجّار: فأخبرنا محمد بْن مَعْمَر الْقُرَشِيّ كتابةً، أنّ أبا غالب محمد بْن إبراهيم أخبره: أَنَا أبو يعلى محمد بن محمد بن صالح العبّاسيّ الشّاعر بكَرْمان، أَنَا أبن المسلمة سنة ستّين وأربعمائة، أَنَا أبو الفَضْلُ الزُّهْرِيّ، أنبا الفِرْيابيّ، ثنا إبراهيم بْن الحجاج، نا عَبْد الوارث، نا محمد بْن حجادة، فذكر حديثًا.
وقد روى عَنْهُ مِن شِعْره: عُمَر بْن عَبْد الله الحربيّ، وأبو الفتح محمد بْن عليّ النَّطَنْزِيّ [1] ، وأحمد بن محمد بْن حفص الكاتب، وآخرون.
ومن غُرر قصائده قولّه:
يا صاحبي هات المُدامَة هاتِها ... فصبيحة النَّيْرُوز مِن أوقاتها
كَرْميّة، كَرَميّةً، ذهبيّةً ... لهبيّةً، بِكْرًا تقوم بذاتها
رقَّت وراقت في الزّجاج فخِلْتُها ... جادت بها العشّاق مِن عَبراتها
مِن كفّ هَيْفَاء القوام كأنّما ... عصرت سلّاف الخمْر مِن وَجَناتها
السّحْر في ألحاظها، والغَنْجُ في ... ألفاظها، والدّلّ في حركاتها
أو ما ترى فصلَ الرّبيع وطِيبَه ... قد نَبّه الأرواح مِن رَقَداتها
والطَّيْرُ تصدح في الغُصون كأنمّا ... مَدَحَتْ نظامَ المُلْك في نَغَماتها
فانهض بنا وانشط لنأخُذَ فُرصةً ... مِن لذّة الأيّام قبل فَوَاتها
يا صاحِبَيْ سرّى فلا أُخفيكما ... ما أطيب الدُّنيا عَلَى عِلّاتِها
قُمْ فاسقِنيها بالكبير، ورُحْ إلى ... راحٍ تُريح النَّفْس مِن كُرُباتها
إنْ مِتُّ فخلّني وغوايتي ... إنّ الغواية حُلْوةٌ لجناتها
__________
[1] النّطنزي: بفتح النون والطاء المهملة وسكون النون الأخرى، وفي آخرها الزاي، هذه النسبة إلى نطنز، وهي بليدة بنواحي أصبهان. (الأنساب 12/ 110) .(35/233)
ولقد جريت عَلَى الصَّباية والصّبي ... وجذبت أقراني إلى غاياتها
ثمّ ارْعَوَيْتُ وما بكفّي طائل ... من لذّة الدّنيا سوى تبعاتها
وهي قصيدة طويلة.
قَالَ الأرجانيّ: سَأَلت ابن الهبّاريّة عن مولده، فقال: سنة أربع عشرة وأربعمائة.
وقال أبو المكارم يعيش بْن الفَضْلُ الكرماني الكاتب: مات بكرمان في جُمَادَى الآخرة سنة تسع وخمسمائة.
ولابن الهبّاريّة:
وإذا البيادق [1] في الدُّسْوت [2] تَفَرْزَنَتْ [3] ... فالرّأي أن يتبَيْذق الفِرْزانُ
خُذْ جُملة البَلْوَى ودعْ تفصيلها ... ما في البَريّة كلّها إنسانُ [4]
276- مغاور بْن الحَكَم [5] .
أبو الحَسَن السُّلَميّ، الشاطبي، المؤدّب.
أخذ القراءات عَنْ: أَبِي الحَسَن بْن الدّش.
وأقرأ النّاس.
أخذ عَنْهُ: ابنه محمد، وأبو عَبْد الله بْن بركة، وعبد الغنيّ بْن مكّيّ.
277- مهذّب الدولة [6] .
أمير البطائح. هُوَ أبو العبّاس أحمد بْن محمد بْن عُبَيْد بْن أبي الجبْر الكنانيّ.
أديب، فاضل، شاعر، إخباريّ، دوّن شعره.
__________
[1] البيادق، جمع بيدق، وهو الجندي الّذي يتقدّم على أصحاب الرّتب في رقعة الشطرنج.
[2] الدسوت: جمع دست، وهو صدر المجلس، ويقصد به المكان الّذي يقف فيه الوزير في رقعة الشطرنج.
[3] تفرزنت: أي تحوّلت إلى فرز، وهو الوزير في الشطرنج، والمعروف أن البيذق إذا تمكّن من الوصول إلى آخر خطوط خصمه المقابل يتحوّل إلى فرز (وزير) .
[4] البيتان في: الأنساب 12/ 306، والخريدة 2/ 72، 73، ووفيات الأعيان 4/ 455.
[5] لم أجده.
[6] انظر عن (مهذّب الدولة) في: الكامل في التاريخ 10/ 448، 449.(35/234)
وُلّي البطيحة وأعمالها. وتولّى النَّظَر بواسط وأعمالها، مضافًا إلى إمرة البطيحة.
ولم يزل آباؤه وأجداده أمراء البَطيحة.
وله شِعْر في المستظهر باللَّه.
تُوُفّي في المحرَّم.
- حرف الهاء-
278- هابيل بْن محمد بْن أحمد بْن هابيل [1] .
أبو جعفر الألْبِيريّ، الأندلسيّ.
أخذ بقُرْطُبَة عَنْ: أَبِي القاسم بْن عَبْد الوهّاب المقرئ، وأبي مروان الطّبنيّ، وأبي مروان بن سِراج.
روى عَنْهُ: أبو الحسن بن الباذش المقرئ.
وتوفّي في رمضان سنة تسعٍ، ويُحتمل أن تكون سنة سبْعٍ.
279- هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن هِبَة اللَّه بْن الرَّحْبيّ [2] .
أبو القاسم الدّبّاس.
مِن أولاد الشّيوخ.
سَمِعَ: أبا الحَسَن القَزْوينيّ، وأحمد بْن محمد الزَّعْفرانيّ، وعليّ بْن المحسّن.
روى عَنْهُ: عمر المغازليّ، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ.
280- هبة الله بْن المبارك بْن موسى بْن عليّ [3] .
__________
[1] انظر عن (هابيل بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 659 رقم 1446.
[2] لم أجده.
[3] انظر عن (هبة الله بن المبارك) في: الأنساب 7/ 92، والمنتظم 9/ 183 رقم 310 (17/ 144 رقم 3832) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 3/ 172 رقم 3584، والكامل في التاريخ 10/ 515، والعبر 4/ 19، وسير أعلام النبلاء 19/ 282، 283 رقم 181، والمغني في الضعفاء 2/ 708 رقم 6730، والإعلام بوفيات الأعلام 209، وميزان الاعتدال 4/ 292، رقم 9204، والبداية والنهاية 12/ 179 وفيه: «عبد الله بن المبارك» ، والوافي بالوفيات (مخطوط)(35/235)
أبو البركات السَّقَطيّ [1] ، المفيد.
أحد مِن عُني بهذا الشأن، وسمع ببغداد، وإصبهان، والموصل، والكوفة، والبصرة، وواسط.
وتعب وبالَغ، وكان فيه فضل ومعرفة باللُّغة.
جمع الشّيوخ، وخرّج الفوائد، وقيل إنّه ذيّل عَلَى «تاريخ» الخطيب، وما ظهر ذَلِكَ.
وله «مُعْجم» في مجلَّد، ادّعى فيه لُقيّ أُناس كأبي محمد الجوهريّ، ولم يدركه، وضعفه شُجاع الذُّهْليّ، وكذّبه ابن ناصر [2] .
روى عَنْهُ: ابنه أبو العلاء وجيه، وأبو المُعَمَّر الأزجيّ، وعبد القادر الجيليّ، وغيرهم.
وتوفّي في ربيع الأوّل، سامحه الله [3] .
__________
[27] / 130، 131، ومرآة الجنان 3/ 198، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 114، 115 رقم 58، ولسان الميزان 6/ 189، 190، رقم 675، وكشف الظنون 1735، وشذرات الذهب 4/ 26، وإيضاح المكنون 2/ 109، والأعلام 9/ 94، ومعجم المؤلفين 13/ 144.
[1] السّقطي: بفتح السين المهملة وفتح القاف، وكسر الطاء المهملة. هذه النسبة إلى بيع السّقط، وهي الأشياء الخسيسة، كالخرز، والملاعق، وخواتيم الشّبة، والحديد، وغيرها. (الأنساب) .
[2] وكان ابن ناصر يقول: أبو البركات السقطي من سقط المتاع، سمع مشايخنا بقراءته.
وقال ابن رجب: جمع لنفسه معجما لشيوخه في نحو ثمانية أجزاء ضخمة، وجمع تاريخا لبغداد ذيل به على تاريخ الخطيب، وكان مجدّا في الطلب والسماع، والبحث عن الشيوخ، وإظهار مسموعاتهم، والقراءة عليهم.
كتب عن أصحاب الدارقطنيّ، وابن شاهين، والمخلّص، وابن حبابة، والحربيّ، وطبقتهم ومن دونهم، حتى كتب عن أقرانه ومن دونه. وزاد به الشره في هذا الأمر، حتى ادّعى السماع من شيوخ لم يسمع منهم ولا يحتمل سنّة السماع منهم، كأبي محمد الجوهري وغيره.
وسئل شجاع الذهلي عن روايته عن الجوهري، فقال: ما سمعنا بهذا قطّ، وضعّفه فيه جدّا.
[3] وقال ابن السمعاني: سألت ابن ناصر عن السقطي، فقلت له: أكان ثقة؟ فقال: لا والله، حدّث بواسط عن شيوخ لم يرهم، وظهر كذبه عندهم.
وقد أثنى عليه السلفي وعدّه من أكابر الحفّاظ الذين أدركهم، وكان له نظم حسن، ومعرفة بالأدب.
قال أبو القاسم بن السمرقندي: كنا في مجلس أبي محمد رزق الله التميمي، فأنشدنا:
فما تنفع الآداب والعلم والحجى ... وصاحبها عند الكمال يموت(35/236)
281- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن علي بْن المطلب [1] .
أبو المعالي الكرمانيّ، الكاتب الوزير.
مِن رؤساء بغداد. تفرَّد في عصره بكتابه الحساب والدّيوان. ووَزَر للمستظهر سنتين ونصف، ثمّ عُزِل.
وكان فقيهًا شافعيا.
سَمِعَ: عَبْد الصّمد بْن المأمون، وطبقته.
وله معروف وصَدَقات.
روى اليسير. ولَقَبَهُ مجد الدّين.
ولد سنة 443، وكان مِن الأذكياء حسن المحاضرة.
عزل سنة اثنتين وخمسمائة.
ومات سنة تسع.
282- هشام بْن أحمد بْن سَعِيد [2] .
أبو الوليد القُرْطُبيّ، المعروف بابن العوّاد.
تلميذ أَبِي جعفر أحمد بْن رزق، وأخذ أيضا عن: أبي مروان بن سراج، ومحمد بْن فَرَج الفقيه، وأبي علي الغساني.
وكان من جلة الأئمة وأعيان المفتين بقرطبة. مقدما في الرأي والمذهب على جميع أصحابه، ذا دين وورع، وانقباض عَنِ الدّولة، وإقبال عَلَى نشر العِلْم وبثّه، واسع الخُلُق، حسن اللّقاء، مُحَبَّبًا إلى النّاس، حليمًا متواضعًا.
دُعي إلى القضاء فامتنع.
__________
[ () ]
كما مات لقمان الحكيم وغيره ... وكلّهم تحت التراب صموت
وكان هبة الله السقطي في المجلس حاضرا، فأجابه ببيتين، وأنشدناهما من لفظه لنفسه:
بل أثر يبقى له بعد موته ... وذخر له في الحشر ليس يفوت
وما يستوي المنطيق ذو العلم والحجى ... وأخرس بين الناطقين صموت
(الذيل على طبقات الحنابلة) .
[1] انظر عن (هبة الله بن محمد) في: الكامل في التاريخ 10/ 438، 444، 454، 470، 478، 535. وقد مرّت ترجمته في وفيات سنة 503. برقم (78) وفيها أنه ولد سنة أربعين وأربعمائة.
[2] انظر عن (هشام بن أحمد) في: الغنية للقاضي عياض 217- 219 رقم 93، والصلة لابن بشكوال 2/ 654 رقم 1439، وأزهار الرياض 3/ 161.(35/237)
تفقَّه بِهِ خلْق كثير نفعهم الله بِهِ.
تُوُفّي في صَفَر، وشيعّه عالم كثير، ومتولّي قرطبة.
مولده في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة [1] . وعاش سبْعًا وخمسين سنة، رحمه الله، ورضي عَنْهُ.
- حرف الياء-
283- يحيى بْن السّلطان تميم بْن المُعِزّ بْن باديس [2] .
المُلْك أبو طاهر الحِمْيَريّ، الصّنْهاجيّ صاحب إفريقية وبلادها.
تسلطن بعد أَبِيهِ، وخلع عَلَى الأمراء، ونشر العدل، وافتتح قِلاعًا لم يتمكّن أَبُوهُ مِن فتحها.
وكان كثير المطالعة لكتب الأخبار والسّيَر، شفوقًا عَلَى الرعيّة والفقراء، مقرَّبًا للعلماء، جوادًا، مُمَدَّحًا.
وفيه يَقُولُ أبو الصّلْت أُمَيَّة بْن عَبْد العزيز بْن أبي الصّلْت:
وارغب بنفسك إلّا عَنْ ندًى ووغًى ... فالمجد أجمعُ بين البأْسِ والْجُودِ
كدأْب يحيى الَّذِي أحْيَتْ مَواهبُهُ ... مَيْتَ الرَّجاء بإنجاز المواعيد
معطي الصّوارم والهيف النّواعم و ... الجرد الصُّلادِم والبُزْلِ الْجَلاميدِ
إذا بدا بسريرِ المُلْك محتبيا ... رأيت يوسف في محراب داود [3]
__________
[1] في الأصل: وخمسمائة، وهو خطأ.
[2] انظر عن (يحيى بن تميم) في: الكامل في التاريخ 10/ 512- 514، ووفيات الأعيان 6/ 211- 219، والبيان المغرب 1/ 304، والمختصر في أخبار البشر 2/ 229، والعبر 4/ 19، وسير أعلام النبلاء 19/ 412- 414 رقم 238، ومرآة الجنان 3/ 198، 199، وعيون التواريخ 12/ 51، 52، والبداية والنهاية 12/ 179، وشرح رقم الحلل 128، ومآثر الإنافة 2/ 23، وصبح الأعشى 5/ 125، وتاريخ ابن خلدون 6/ 106، وشذرات الذهب 4/ 26، والمكتبة الصقلية 280، 306، 370، 380، 382، 392، 454، 486، 505، 552، 642.
[3] الأبيات في: وفيات الأعيان 6/ 214 وفيه زيادة الأبيات التالية:
من أسرة تخذوا الماذيّ لبسهم ... واستوطنوا صهوات الضّمر القود
محسّدون على أن لا نظير لهم ... وهل رأيت عظيما غير محسود
وإن تكن جمعتكم أسرة كرمت ... فليس في كلّ عود نفحة العود(35/238)
تُوُفّي يحيى يوم الأضحي فجأة أثناء النّهار، وخلّف ثلاثين ولدًا ذَكَرًا، وقام بالمُلك بعده ابنه عليّ، فبقي ستٌّ سنين ومات، فأقاموا في المملكة ابنه الحَسَن ابن عليّ، وهو صبيّ ابنُ ثلاث عشرة سنة، فامتدت دولته إلى أن أخذت الفرنْج أَطْرابُلُسَ المغرب بالسيّف، وقتلوا أهلها في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، فخاف الحَسَن وخرج هاربًا مِن المَهدّية هُوَ وأكثرُ أهلها. ثمّ إنّه التجأ إلى السّلطان عَبْد المؤمن بْن عليّ.
وممّا تمَّ ليحيى أنّ ثلاثة غرباء كتبوا إليه أنّهم كيمائيّون، فأحضرهم ليعملوا ويتفرَّج. وكان عنده الشّريف أبو الحَسَن وقائد الجيش إبراهيم، فجذب أحدهم سكّينًا، وضرب يحيى، فلم يصنع شيئًا، ورفسه يحيى ألقاه عَلَى ظهره، ودخل المجلس وأغلقه، أمّا الثّاني، فضرب الشّريف قتله، وجذب الأمير إبراهيم السّيف وحطّ عليهم، ودخل الغلمان فقتلوا الثّلاثة، وكانوا من الباطنيّة.
__________
[ () ]
أقول للراكب المزجي مطيّته ... يطوي بها الأرض من بيد إلى بيد
لا تترك الماء عدا في مشارعه ... وتطلب الرّيّ من صمّ الجلاميد
هذي موارد يحيى غير ناضبة ... وذا الطريق إليها غير مسدود
حكّم سيوفك فيما أنت طالبه ... فللسيوف قضاء غير مردود(35/239)
سنة عشر وخمسمائة
- حرف الألف-
284- أحمد بن الحسين بن علي [1] بْن قريش [2] .
أبو العبّاس البغداديّ، البنّاء، النّسّاج، المقرئ.
سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا إسحاق البرمكيّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وأحمد بْن الطّلّاية الزّاهد، وابن ناصر، والسّلَفيّ، وفارس الحفّار.
ومات في رجب وله خمسٌ وثمانون سنة. وكان صالحًا ثقة. أجاز لابن كليب.
285- أحمد بْن عَبْد الله بْن مُظَفَّر بْن محمد بن ماجه [3] .
أبو الرجاء الإصبهانيّ.
روى عَنْ: ابن ريذَة، وغيره.
روى عَنْهُ: أبو موسى الحافظ.
286- أحمد بْن محمد بن عمر [4] .
المركزيّ أبو البركات.
شيخ مؤدّب ببغداد.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن الحسين) في: المنتظم 9/ 185 رقم 312 (17/ 146، 147 رقم 3834) .
[2] في الأصل: «قرش» .
[3] لم أجده.
[4] لم أجده.(35/240)
كَانَ يروي عَنْ: إِسْحَاق البرمكيّ.
وعنه: السّلَفيّ، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ.
مات في نصف شَعْبان.
287- أحمد بن محمد بن الحسين بْن محمد بْن سُلَيْم [1] .
أبو الفَضْلُ بْن أَبِي بَكْر بْن أبي عليّ.
مِن بيت حديث.
تُوُفّي في صَفَر.
روى عَنْهُ: أبو موسى المَدِينيّ، عَنْ عليّ بْن أحمد بْن يوسف.
288- إبراهيم بْن أحمد [2] .
أبو الفَضْلُ المخرّميّ، البغداديّ.
روى عَنْ: الصَّريْفينيّ، وابن الَّنُّقور [3] .
289- إسماعيل بْن الفَضْلُ بْن إسماعيل [4] .
أبو القاسم بْن أبي عامر التّميميّ، الْجُرْجاني.
قِدم في هذه السّنة بغداد ليحجّ، فحدّث عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعِيد العسكريّ، عَنْ أبي أحمد الغطْريفيّ.
روى عنه: المبارك بن كامل، وروح بن أحمد الحديثيّ قاضي القضاة، ويحيى بن هبة الله البزّاز، وأحمد بن سالم المقرئ، وأبو الفتح عبد الوهّاب بن الحسن الفرضيّ.
__________
[1] لم أجده.
[2] انظر عن (إبراهيم بن أحمد) في: المنتظم 9/ 185 رقم 311 (17/ 146 رقم 3833) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 64.
[3] قال ابن الجوزي: نزل إلى دجلة ليتوضّأ، فلحقه شبل الدولة، فوقع في الماء، فأخرج فحمل إلى بيته، فمات.
قال شيخنا ابن ناصر: كان رجلا صالحا، مستورا، كثير تلاوة القرآن، محافظا على الجماعات، وحضرت غسله، فرأيت النور عليه، فقبّلت بين عينيه. وتوفي ليلة الثلاثاء عاشر ربيع الآخر من هذه السنة.
[4] لم أجده.(35/241)
- حرف الحاء-
290- حبيب بن أبي مسلم محمد بن أحمد بن يحيى [1] .
الفقيه الزّاهد الكبير، أبو الطّيّب الطّهرانيّ، الأصبهاني.
روى عَنْ: أَبِي طاهر بْن عَبْد الرحيم.
وعنه: أبو موسى، وغيره.
تُوُفّي ليلة الثّلاثاء، ثاني عشر ربيع الأوّل.
وهو مِن شيوخ السّلَفيّ ومن أقاربه.
291- الحَسَن بْن أحمد بْن يحيى [2] .
أبو أحمد بْن أبي سَلَمَة الكاتب، النَّيْسابوريّ، أحد المعروفين بالفضل والشّعْر.
سَمِعَ مِن: الأمير أَبِي الفَضْلُ عُبَيْد الله بْن أحمد الميكالّي، وأبي الحُسَيْن عَبْد الغافر.
روى عَنْهُ: ولده أحمد [3] .
وتوفي في ربيع الأوّل [4] .
292- الحَسَن بْن عَبْد الكريم [5] .
أبو حرب العبّاسيّ، الإصبهانيّ، النّقيب.
سمع: أبا أحمد المكفوف.
__________
[1] لم أجده.
[2] انظر عن (الحسن بن أحمد) في: المنتخب من السياق 189 رقم 535، وعيون التواريخ 12/ 68.
[3] ومن شعره:
ولما رأيت الدهر أشرق وجهه ... وأنجز وعدا لم ير الخلف واعده
صرفت عنان القصد عن كلّ وجهة ... إلى من قلوب الآملين قواصده
أقرّ له أهل الزمان بأنّه ... بلا مرية فرد الزمان وواحده
هزبر هياج ما تكلّ نيوبه ... وبحر نوال ما تجفّ موارده
(عيون التواريخ) .
[4] وقع في (المنتخب من السياق) أنه توفي سنة عشرين وخمسمائة!
[5] لم أجده.(35/242)
كتب عَنْهُ: يحيى بْن مَنْدَهْ.
تُوُفّي في المحرَّم.
- حرف الخاء-
293- خميس بْن علي بن أحمد بْن علي بْن الحَسَن [1] .
الحافظ، أبو الكرم الواسطيّ، الحَوْزيّ [2] .
ورد بغداد، وسمع: أبا القاسم بْن البُسْري، وطبقته.
وسمع بواسط: عليّ بن محمد بن النّديم، وهبة الله بْن الجلخْت، وخلْقًا سواهم، وكتب وجمع.
روى عَنْهُ: أبو الجوائز سَعْد بن عبد الكريم، وأبو طاهر السّلَفيّ، وآخر مِن روى عَنْهُ أبو بِشْر عَبْد الله بْن عِمران الباقلّانيّ، المقرئ.
وله شِعْر جيّد، فمنه:
إذا ما تعلّق بالأشعريّ ... أُناسٌ، وقالوا: وثيق العُرى
وطائفة رأت الاعتزال ... صوابًا، وما هُوَ فيما ترى
وأخرى رَوَافضُ لَا تستحقّ ... إذا ذُكر النّاس أن تذكرا
فنحن معاشرُ أهل الحديث ... علِقْنا بأذيال خير الورى
فمن لم يكن دأبُهُ دأبنا ... فنحن وأحمد منه برا
__________
[1] انظر عن (خميس بن علي) في: الأنساب 4/ 269، ومعجم السفر للسلفي ق 1/ 232، 233 رقم 116، وخريدة القصر (قسم العراق) 4/ 269- 473، ومعجم البلدان 2/ 319، ومعجم الأدباء 11/ 81- 83، والإستدراك لابن نقطة (مخطوط) 137 ب، 138 أ، وإنباه الرواة 1/ 358، 359، والمشتبه في الرجال 1/ 190، والعبر 4/ 20، والمعين في طبقات المحدّثين 150 رقم 1621، وتذكرة الحفاظ 4/ 1262، 1263، والإعلام بوفيات الأعلام 209، وسير أعلام النبلاء 19/ 346، 347، رقم 205، وعيون التواريخ 12/ 68 د 69 وفيه: «خميس بن أحمد بن علي» ، ومرآة الجنان 3/ 199، والوافي بالوفيات 13/ 420، 421 رقم 510، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 230، وتبصير المنتبه 1/ 473، وبغية الوعاة 1/ 561، وطبقات الحفاظ 458، والمنهج الأحمد للعليمي، مجلّد، ج 1/ 322، وشذرات الذهب 4/ 27، والأعلام 2/ 314، ومعجم المؤلفين 4/ 130، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 84 رقم 1030.
[2] تحرّفت في الأصل ومرآة الجنان إلى: «الجوزي» .(35/243)
وقد سال السّلَفيّ خميسًا عَنْ أهل واسط المتأخّرين، فأجابه في جزء [1] ، وانتقى عليه جزءا سمعناه، وكان يثني عليه ويقول: كان عالما ثقة، يملي علي من حفظه [2] .
وقد ذكره ابن نقطة [3] ، فذكر معه الحسن بن إبراهيم بن سلامويه.
قال: والحوز قرية بشرقي واسط. حدَّث عَنْ عَبْد العزيز بْن عليّ الأنْماطيّ، ومحمد بن محمد العُكْبَريّ النديم.
قَالَ: وكان لَهُ معرفة بالحديث والأدب.
قَالَ: ومولده في شَعْبان سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة [4] .
ومات أيضًا في شَعْبان [5] .
- حرف الطاء-
294- طاهر بْن أحمد بْن الفَضْلُ [6] .
أبو القاسم الإصبهانيّ، الخطّاط، المعروف بالبزّاز.
تُوُفّي في شَعْبان، وله تسعون سنة.
روى عن: ابن ريذة.
__________
[1] صدر بعنوان: «سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي عن جماعة من أهل واسط» ، حقّقه السيد مطاع طرابيشي، نشره المجمع العلمي العربيّ بدمشق 1976، ثم نشره دار الفكر بدمشق 1403 هـ-. / 1983 م.
[2] قال في (معجم السفر) : وقد علّقت عنه فوائد، وسألته عن رجال من الرواة، فأجاب بما أثبتّه في جزء ضخم هو عندي. وقد أملى عليّ نسبه.
[3] في الاستدراك 138 ب، 138 أ.
[4] في المطبوع من (معجم السفر) ق 1/ 233: «سنة سبع وأربعين وأربعمائة» .
[5] ومن شعره:
تركت مقالات الكلام جميعها ... لمبتدع يدعو بهنّ إلى الردى
ولازمت أصحاب الحديث لأنهم ... دعاة إلى سبل المكارم والهدى
وهل ترك الإنسان في الدين غاية ... إذا قال: قلّدت النبيّ محمدا؟
وله أيضا:
وحرمة ما حمّلت من ثقل حبّكم ... وأشرف محلوف به حرمة الحبّ
لأنتم وإن ضنّ الزمان بفرسكم ... ألذّ إلى قلبي من البارد العذب
فلا تحسبوا أنّ المحبّ إذا نأى ... وغاب عن العينين غاب عن القلب
[6] لم أجده.(35/244)
وعنه: أبو موسى المَدِينيّ.
- حرف العين-
295- عَبْد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت [1] .
أبو محمد الأندلسيّ، ثمّ الشّاطبيّ، البلاليّ.
وبلالة مِن عمل شاطبة، ديّن، عاقل، عالم.
سَمِعَ مِن: ابن عَبْد البَرّ، وأبي العبّاس العُذْري.
وعنه: أبو الوليد يوسف بْن الدّبّاغ، وقال:، سَمِعْتُ منه كتاب الصّحابة، وكتابي التّقصيّ، وكتاب الأنباء.
وقرأت عليه «الموطّأ» و «السّيرة» . أنا بجميع ذلك، عن أبي عمير، وقال:
كَانَ بيننا وبين أَبِي عُمَر مصاهرة.
ومولده في سنة ستّ وأربعين وأربعمائة.
296- عَبْد الغفّار بْن مُحَمَّد بْن الحُسَيْن بْن علي بْن شِيرَوَيْه بْن عليّ [2] .
أبو بَكْر الشّيرُويّيّ [3] ، النَّيْسابوريّ، التّاجر.
سَمِعَ: أبا بَكْر الحِيريّ، وأبا سَعِيد الصَّيْرفيّ.
وهو آخر من روى فِي الدُّنيا عَنْهُمَا.
وروى عَنْ: أبي حسّان المُزَكّيّ، وأحمد بْن محمد بن الحارث النّحويّ، ووالده.
__________
[1] تقدّم في وفيات السنة السابقة، برقم (260) .
[2] انظر عن (عبد الغفار بن محمد) في: السياق، ورقة 57 ب، والمنتخب من السياق 364 رقم 1201، والتحبير 1/ 464- 468 رقم 434، والأنساب 3/ 307، و 7/ 466، 467، ومعجم البلدان 2/ 121، والتقييد لابن نقطة 376 رقم 484، والمعين في طبقات المحدّثين 150 رقم 1622 وفيه: عبد الغفار بن محمد 12، والإعلام بوفيات الأعلام 209، ودول الإسلام 2/ 37، والعبر 4/ 20، وسير أعلام النبلاء 19/ 246- 248 رقم 153، ومرآة الجنان 3/ 199، وعيون التواريخ 12/ 71، والنجوم الزاهرة 5/ 213، وشذرات الذهب 4/ 27.
[3] الشيرويّي: بكسر الشين المعجمة، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، وضم الراء وفي آخرها ياء أخرى. هذه النسبة إلى شيرويه، وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه. (الأنساب 7/ 466) .(35/245)
روى عنه: الحافظ أبو سعد السمعاني، وأبو الفتوح الطائي، وعبد المنعم الفراوي، وخلق كثير.
وروى عنه بالإجازة: ذاكر بن كامل الخفاف، وأبو المكارم أحمد بن محمد اللبان.
وكان مولده في ذي الحجَّة سنة أربع عشرة.
وتوفّي في ثامن عشر ذي الحجة، وقد استكمل ستا وتسعين سنة.
قال [1] السمعاني في كتاب «الأنساب» [2] : كان صالحا، عابدا، معمرا، رحل إليه من البلاد، وسمع الحيريّ، والصَّيْرفيّ، وعبد القاهر بن طاهر، ومحمد ابن إبراهيم المزكي.
وقد دخل إصبهان، وسمع بها مِن ابْن رِيذَة، وأَبِي طاهر بْن عَبْد الرحيم.
أحضرني والدي مجلسه. وكان أَبُوهُ يروي عَنِ المخلّص.
وهو فقد أجاز لمن شاء الرواية عَنْهُ. وهو مِن قرية كُونابَذ، ثمّ عُرَّبَتْ، فقيل: جُنَابَذ، بفتح الباء [3] . وهي مِن قُهِسْتان [4] مِن رساتيق نَيْسابور.
وكان صالحًا، عفيفًا، تَجَر إلى البلاد مُضاربةً بأموال النّاس، ثمّ عجز، وانقطع لتسميع الحديث. وكان مُكْثِرًا [5] .
ومن شيوخه أبو سَعِيد نصر الدّين بْن أَبِي الخير المِيهَنيّ، وأبو منصور عَبْد القاهر بْن طاهر البغداديّ.
ألْحق الأحفاد بالأجداد، وسمع منه مِن دبّ ودَرَج. وسار ذِكْرُه، ولم تتغيّر حواسّه، إلّا بصره فضعف [6] .
__________
[1] من هنا مذكور في هامش الأصل.
[2] ج 7/ 467.
[3] الأنساب 3/ 306.
[4] هكذا بكسر الهاء في الأصل، كما هو في (معجم البلدان 4/ 205) . أما في (الأنساب 10/ 264) «قوهستان» : بضم القاف والهاء، وسكون السين المهملة، وفتح التاء المنقوطة من تحتها باثنتين والنون في آخرها.
[5] السياق، المنتخب، معجم البلدان، التحبير.
[6] التحبير 1/ 465.(35/246)
ومن شيوخه: أبو عَبْد الله بْن باكُوَيْه السَّرَّاج.
قَالَ الفَضْلُ بْن عَبْد الواحد الإصبهانيّ: سَمِعْتُ الرئيس الثَّقَفيّ يَقُولُ: لَا جادنا مِن خُراسان ناصر إلّا بأبي بَكْر الشّيرُويّيّ، فإنّه أخْيَرهم وأنفعهم [1] .
قَالَ السّلَفيّ: سَمِعْتُ منه الكثير، وُلّي ثلاث سنين ونصف بقراءة أبي.
وسمّع أخي في الخامسة، فمن ذَلِكَ جزء سُفْيان، [2] وخمسة أجزاء مِن ثمانية مِن «مُسْنَد الشّافعيّ» [خمسة أجزاء مِن ثمانية أجزاء] [3] .
297- عَبْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن يونس.
أبو محمد بْن خَيْرُون الأندلسيّ، القُضاعيّ.
محدّث مُكِثر عَنِ ابن عَبْد البَرّ.
وسمع: أبا الوليد الباجيّ، وابن دلْهاث.
وكان عارفًا بالفقه، والشّعر. وُلّي قضاء قَربيطر.
روى عَنْهُ: أبو محمد بْن عَلْقَمة، ومحمد بْن محمد بْن يعيش، وعبد الوهّاب التُّجَيْبيّ، وآخرون.
298- عليّ بْن أحمد بن محمد بْن بيان [4] .
أبو القاسم بْن الرّزّاز [5] ، البغداديّ.
مُسْنَد الدُّنيا في عصره.
روى عَنْهُ خلق لا يحصون.
__________
[1] التحبير 1/ 466.
[2] أي سفيان بن عيينة.
[3] ما بين الحاصرتين من (التحبير 1/ 467) .
[4] انظر عن (علي بن أحمد) في: الأنساب 6/ 107، والمنتظم 9/ 186 رقم 316 (17/ 147، 148 رقم 3838) ، والكامل في التاريخ 10/ 523، 524 وفيه: «علي بن محمد بن أحمد» ، والتاريخ المجدّد لمدينة السلام (مخطوط) 176 أ، 177 ب، والإعلام بوفيات الأعلام 209، والعبر 4/ 21، والمعين في طبقات المحدّثين 150 رقم 1623، وسير أعلام النبلاء 19/ 257، 258 رقم 159، وتذكرة الحفاظ 4/ 1261، ودول الإسلام 2/ 37، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 181، وعيون التواريخ 12/ 71، والبداية والنهاية 12/ 180، وشذرات الذهب 4/ 27.
[5] في (المنتظم) بطبعتيه: «الوزان» .(35/247)
سمع: أبا الحسن محمد بن محمد بن محمد بْن مَخْلَد، وطلحة بْن الصَّقْر الكتّانيّ، وأبا علي بن شاذان، وأبا القاسم بن بِشْران الواعظ، وأبا القاسم الحُرْفيّ، وأبا العلاء الواسطيّ، وجماعة.
ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة [1] . وكانت إِليْهِ الرحلة مِن الأقطار. وهو آخر مِن حدَّث بنسخة ابن عَرَفَة [2] .
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: وكان يأخذ عَلَى روايتها دينارًا عَنْ كلّ واحدٍ عَلَى ما سَمِعْتُ. وأجاز لي، وحدَّثني عَنْهُ جماعة كثيرة.
سَمِعْتُ أبا بَكْر محمد بْن عَبْد الباقي يَقُولُ: كَانَ أبو القاسم بْن بيان يَقُولُ: أنتم ما تطلبون الحديث والعِلْم، أنتم تطلبون العُلُوّ، وإلّا ففي دَرْبي جماعة سمعوا منّي هذا الجزء، فاسمعوه منهم، ومن أراد أن يسمع منّي يَزِن دينارًا.
سَمِعْتُ أبا بَكْر محمد بْن عَبْد الله العطّار بمَرْو يَقُولُ: وزنت الذّهب لأبي القاسم بْن بيان، حتّى سَمِعْتُ منه جزء ابن عَرَفَة. وكذا ذكر لي محمد بْن أَبِي العبّاس بسمرقند، أنّه أعطاه دينارًا حتّى سَمِعَ منه.
قلت: روى عَنْهُ: أبو الفُتُوح الطّائيّ، والسّلَفيّ، وخطيب المَوْصِل، وأحمد بْن محمد بْن قُضاعة، وأحمد بْن محمد المنبجيّ، وأبو محمد عَبْد الله بْن الخشّاب النَّحْويّ، ومحمد بْن عَبْد الباقي ابن النَّرْسيّ، والمبارك بْن محمد بْن سكّينة، ووفاء بْن أسعد التُّركيّ، والحافظ أبو العلاء العطّار، ومحمد بْن بدر الشّيحيّ، ومحمد بْن جعفر بْن عَقيل، وأبو الفَرَج محمد بْن أحمد حفيد ابن نبهان، وأبو الفتح بْن شاتيل، وَأَحْمَد بْن المبارك بْن دُرّك، وأحمد بْن أَبِي الوفاء الصّائغ، وأبو السّعادات نصر الله القزّاز، وأبو منصور عَبْد الله بْن عَبْد السّلام، وعبد المنعم بن كليب.
__________
[1] المنتظم.
[2] قال ابن الجوزي: سمع أبا الحسن بن مخلد، وهو آخر من حدّث عنه، وحدّث عنه بجزء الحسن بن عرفة، وهو آخر من حدّث بهذا الجزء فألحق الصغار بالكبار. (المنتظم) .(35/248)
تُوُفّي في سادس شَعْبان [1] .
299- عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد [2] .
أَبُو الْحَسَن النيسابوري، الواعظ.
تُوُفّي في سلْخ المحرَّم، وله نيّف وتسعون سنة.
روى بإصبهان عَنْ: ابن حفص بْن مسرور.
وعنه: أبو موسى الحافظ، وأبو طاهر السّلفيّ، ومحمد بن حمزة الزّنجانيّ، وأبو غانم بْن زينة، وزيد بْن حمزة الطُّوسيّ.
وروى عَنْهُ بالأجازة أبو القاسم بْن عساكر.
وقد سَمِعَ: أبا عثمان الصّابونيّ، وأبا الحُسَيْن عَبْد الغافر الفارسيّ.
وبدمشق: أبا القاسم الحِنائيّ.
رَوَى عَنْهُ: الفقيه نصر المَقْدِسِيّ، قُلْتُ: وَهُوَ أكبر منه، وَأَبُو موسى.
وَذَلِكَ يدخل في السابق واللاحق.
قَالَ السّلَفيّ: أَبُو الحَسَن عَلِيِّ بْن عَبْد اللَّهِ بْن الصّبّاغ، ذكر أنّه يُعرف بنَيْسابور بالإصبهانيّ، وبإصبهان بالنَّيْسابوريّ. وكان يعقد المجلس في جامع إصبهان، ثقة.
- حرف الغين-
300- غانم بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سعيد [3] .
__________
[1] وقال ابن الأثير: «وهو آخر من حدّث عن أبي الحسن بن مخلد، وأبي القاسم بن بشران» .
وقال شجاع الذهلي: هو صحيح السماع.
وقد قال إسماعيل بن السمرقندي وغيره: سمعناه يقول: ولدت سنة اثنتي عشرة. وبخط ابن عطاف أنه سأله، فقال: كان عندي أنني ولدت سنة اثنتي عشرة، حتى وجد بخط والدي أنه سنة ثلاث عشرة.
وقال السلفي: سألته، فقال: ولدت بين العيدين سنة ثلاث عشرة. قال: ومات وأنا بدمشق، ولا يعرف في الإسلام محدّث وازاه في قدم السماع. كذا قال السلفي، وذلك منتقض بالبغوي، وبالوركي، وغيرهم. (سير أعلام النبلاء 19/ 258) .
[2] تقدّم في وفيات السنة السابقة 509 هـ-. برقم (264) .
[3] انظر عن (غانم بن أحمد) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.(35/249)
أبو سهل بْن الشَّيْخ أبو الفتح الحدّاد.
يروي عَنْ: أَبِي القاسم بْن أَبِي بَكْر الذَّكْوانيّ، والإصبهانيّين.
وعنه: أبو موسى، وجماعة.
وحدَّث ببغداد عَنْ: الذَّكْوانيّ، وأبي طاهر بْن عَبْد الرحيم، وأبي نصر الكسائيّ.
توفّي في ربيع الأوّل. وهو أخو صاحب الأموال الجزيلة أَبِي سعيد الحدّاد ووالد محمد ومحمود.
سَمِعَ أيضًا مِن أَبِي طاهر بن عبد الرحيم، وأبي الوليد الدَّربَنْديّ، وإبراهيم بن محمد الكِسائيّ، وعدّة. أجاز للسّمعانيّ.
- حرف الميم-
301- المبارك بْن الحُسَيْن بْن أحمد [1] .
الغسّال [2] أبو الخير البغداديّ، الشّافعيّ، المقرئ.
كَانَ صالحًا، ثقة، متميّزًا. قرأ القرآن عَلَى: أَبِي القاسم بْن الغُوريّ، وأبي بَكْر محمد بْن عليّ الخيّاط، وأبي عليّ الحَسَن بْن غالب المقرئ، وأبي بكر ابن الأُطْرُوش، وأبي بَكْر اللّحْيانيّ.
ورحل إلى واسط في طلب القراءات، فقرأ عَلَى أَبِي عليّ غلام الهرّاس، وتصدّر للإقراء، وقصده الطَّلَبَة.
وكان حافظا، مجوّدا، يتكلّم على معاني القرآن.
__________
[1] انظر عن (المبارك بن الحسين) في: المنتظم 9/ 190 رقم 325 (17/ 152 رقم 3847) ، وتاريخ ابن الدبيثي 1/ 274، وطبقات الحنابلة 1/ 113، والعبر 4/ 21، والإعلام بوفيات الأعلام 209، والمشتبه في الرجال 2/ 457، ومعرفة القراء الكبار 1/ 465 رقم 408، وسير أعلام النبلاء 19/ 357، 358 رقم 211، وتذكرة الحفاظ 4/ 1261، وميزان الاعتدال 3/ 430، ومرآة الجنان 3/ 200، وعيون التواريخ 12/ 71، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 113، وغاية النهاية 2/ 40، ولسان الميزان 5/ 8، وعقد الجمان (مخطوط) 15/ ورقة 712، 713، وشذرات الذهب 4/ 27.
[2] هكذا بالغين المعجمة. وفي (طبقات الحنابلة) و (مرآة الجنان) و (عيون التواريخ) : «عسال» بالعين المهملة. والمثبت هو الصحيح، وقد نصّ عليه المؤلّف في آخر الترجمة.(35/250)
وسمع الحديث مِن: أَبِي محمد الخلّال، وأبي جعفر ابن المسلمة، وأبي يَعْلَى بْن الفرّاء.
روى عنه: أبو طاهر محمد بن محمد السّنْجيّ، وعليّ بْن أحمد المحموديّ، وسعد الله بْن محمد. وآخر مِن روى عَنْهُ: عَبْد المنعم بْن كُلَيب.
وقد أجاز لابن السّمعانيّ [1] .
وكان مولده قبل الثّلاثين وأربعمائة.
وتوفّي في غُرّة جُمَادَى الأولى [2] والغَسّال بغين معجمة.
302- المبارك بن محمد بْن عليّ [3] .
أبو الفَضْلُ الهَمَذَانيّ.
سَمِعَ: أبا يَعْلَى بْن الفرّاء، وابن المسلمة.
وأجاز لَهُ أبو محمد الجوهريّ.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وغيره.
تُوُفّي في ربيع الآخر [4] .
303- محفوظ بْن أحمد بْن الحَسَن بن الحسين [5] .
__________
[1] وهو قال: كان أديبا، ماهرا، صالحا، ثقة، حسن الصوت. قرأ على أبي علي الحسن بن القاسم الواسطي غلام الهرّاس وغيره، وتصدّر للإقراء جديرا بذلك. (لسان الميزان) .
وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله-: ليّنه شيئا ابن ناصر. (سير أعلام النبلاء 19/ 358) .
وقال ابن الجوزي: وكان ثقة. (المنتظم) .
[2] ذكره ابن أبي يعلى في وفيات سنة 509 هـ-.
وقال ابن الجوزي: ولد سنة سبع وعشرين وأربعمائة. (المنتظم) .
[3] انظر عن (المبارك بن محمد) في: المنتظم 9/ 190 رقم 326 (17/ 152 رقم 3848) .
[4] قال ابن الجوزي: وكان من أهل السّنّة، وكان شيخنا ابن ناصر يثني عليه.
[5] انظر عن (محفوظ بن أحمد) في: الأنساب 10/ 461، والمنتظم 9/ 190- 193 رقم 327 (17/ 152- 155 رقم 3849) ، واللباب 3/ 107، والكامل في التاريخ 10/ 524، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 66- 68، والعبر 4/ 21، ودول الإسلام 2/ 37، والإعلام بوفيات الأعلام 209، وسير أعلام النبلاء 19/ 348- 350 رقم 206، وتذكرة الحفاظ 4/ 1261 (دون ترجمة) ، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 226- 228، وعيون التواريخ 12/ 64، ومرآة الجنان 200، والبداية والنهاية 12/ 180، وفيه: «محمود» وهو غلط، وذيل طبقات الحنابة 1/ 116- 127 رقم 60، والنجوم الزاهرة 5/ 212، وشذرات الذهب 4/ 27، 28، وكشف الظنون(35/251)
الإمام، أبو الخطّاب الكَلْوذانيّ [1] ، الأَزَجيّ، شيخ الحنابلة.
كَانَ مُفْتيا، صالحًا، ورِعًا، دينًا، وافر العقل، خبيرًا بالمذهب، مصنَّفا فيه، حسن العِشْرة والمجالسة. لَهُ شِعْر رائق.
صنَّف كتاب «الهداية» المشهور في المذهب، و «رءوس المسائل» . وتفقَّه عَلَى: أَبِي يَعْلَى.
وسمع: أبا محمد الجوهريّ، وأبا طَالِب العُشَاريّ، وأبا عليّ محمد بْن الحُسَيْن الجازريّ، حدَّث عَنْهُ بكتاب «الجليس والأنيس» [2] للمعافَى.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، والمبارك بْن خُضَيْر، وأبو الكرم بْن الغسال [3] . وتفقَّه عَليْهِ أئمّة.
وكان مولده في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة [4] .
ولأبي الخطّاب قصيدة في العقيدة يَقُولُ فيها:
قَالُوا: أَتَزْعُم أنّ عَلَى العرش استوى ... قلت: الصّواب كذاك خُبّر سيّدي
قَالُوا: فما معنى استواهُ أَبنْ لنا، ... فأجبتُهُم: هذا سؤال المعتدي [5]
قال السّمعانيّ: أنشدنا دلف بن عَبْد الله بْن التّبّان بسَمَرْقَنْد في فتوى جاءت إلى أبي الخطّاب:
__________
[2031،) ] وهدية العارفين 2/ 6، وإيضاح المكنون 1/ 130، 321، 341، 547 و 2/ 312، 313، 721، ومعجم المؤلفين 8/ 188.
[1] الكلوذاني: هكذا في الأصل، والمنتظم (بطبعتيه) ، وطبقات الحنابلة، والذيل، وغيره.
وفي الأنساب: الكلواذاني: بفتح الكاف وسكون اللام وفتح الواو والذال المعجمة بين الألفين، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى كلواذان، وهي قرية من قرى بغداد، على خمسة فراسخ منها. قال ابن السمعاني: فالنسبة إليها: كلواذاني، وكلوذاني. (الأنساب 10/ 460) .
[2] واسمه الكامل: «الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي» للمعافى بن زكريا النهرواني الجريريّ، المتوفّى سنة 390 هـ-. حقّق الدكتور محمد مرسي الخولي الجزءين الأول والثاني منه، وصدرا عن عالم الكتب ببيروت 1981 و 1983، وحقّق الجزء الثالث منه الدكتور إحسان عباس، وصدر 1407 هـ-. / 1987 م. عن عالم الكتب أيضا.
[3] في الأنساب 10/ 461: «العسّال» بالعين المهملة.
[4] الكامل في التاريخ 10/ 524، وغيره.
[5] القصيدة من 48 بيتا في (المنتظم) ، والبيتان هما 18 و 19 منها.(35/252)
قلَّ للإمام أبي الخطّاب مسألةً ... جاءت إليك، وما إلّا سواك لها: [1]
ماذا عَلَى رجلٍ رام الصّلاة، فإذ [2] ... لاحت لناظِرِهِ ذاتُ الْجَمال لَهَا؟
فكتب في الحال:
قُلْ للأديب الَّذِي وافَى بمسألةٍ: ... سَرَّتْ فؤادي لمّا أنْ أَصَخْتُ لها
إنّ الّذي فتنته عَنْ عِبادته ... خريدةٌ ذاتُ حُسْنٍ فانْثَنَى وَلها
إنْ تاب، ثمّ قضى عَنْهُ عبادته ... فرحمةُ الله تَغْشَى مِن عصى ولها [3]
تُوُفّي فِي الثالث والعشرين مِن جُمادي الآخرَة [4] .
__________
[1] في ذيل طبقات الحنابلة: «وما يرجى سواك لها» .
[2] في الذيل: «فمذ» .
[3] ذيل طبقات الحنابلة 1/ 117، 118.
[4] وقال ابن الجوزي: وسمع أبا محمد الجوهري، والعشاري، وابن مسلمة، والقاضي أبا يعلى، وتفقّه عليه، وقرأ الفرائض على الوني، وصنّف وانتفع بتصنيفه، وحدّث وأفتى ودرّس. وشهد عند قاضي القُضاة أَبِي عَبْد اللَّه الدامغاني. وكان ثقة ثبتا، غزير الفضل والعقل، وله شعر مطبوع، حدّثنا عنه أشياخنا.
وله:
ومذ كنت من أصحاب أحمد لم أزل ... أناضل عن أعراضهم وأحامي
وما صدّني عن نصرة الحقّ مطمع ... ولا كنت زنديقا حليف خصام
ولا خير في دنيا تنال بذلّة ... ولا في حياة أولعت بسقام
ومن جانب الأطماع عزّ، وإنّما ... مذلّته تطلابه لحطام.
(المنتظم) وقال ابن رجب: فمن تصانيفه: «الهداية» في الفقه، و «الخلاف الكبير» المسمى ب «الإنتصار في المسائل الكبار» و «الخلاف الصغير» المسمّى ب «رءوس المسائل» .
ونقل عن صاحب «المحرّر» أبي البركات ابن تيمية أنه كان يشير إلى أنّ ما ذكره أبو الخطّاب في «رءوس المسائل» هو ظاهر المذهب.
وله أيضا كتاب «التهذيب» في الفرائض،، و «التمهيد» في أصول الفقه، وكتاب «العبادات الخمس» ، و «مناسك الحج» ، وكانت له يد حسنة في الأدب، ويقول الشعر اللطيف، وله قصيدة، دالية في السّنّة معروفة، ومقطّعات عديدة من الشعر.
وكان حسن الأخلاق، ظريفا، مليح النادرة، سريع الجواب، حادّ الخاطر. وكان مع ذلك كامل الدين، غزير العقل، جميل السيرة، مرضيّ الفعال، محمود الطريقة.
قال أبو بكر بن النّقور: كان الكيا الهرّاسي إذا رأى الشيخ أبا الخطاب مقبلا قال: قد جاء الفقه.
وقال السلفي: أبو الخطاب من أئمة أصحاب أحمد، يفتي على مذهبه ويناظر. وكان عدلا(35/253)
304- محمد بن أحمد بن طاهر بن حمد [1] .
أبو منصور البغداديّ، الخازن [2] . أخو أَبِي غالب المُتَوفيّ سنة أربع وتسعين.
سمعا معًا مِن: أَبِي طَالِب بْن غَيْلان، وأبي القاسم بْن المحسّن التّنُوخيّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: أبو منصور بن الجواليقيّ، وابن ناصر.
وروى عَنْ هذا عَبْد المنعم بْن كُلَيْب.
وكان مِن رءوس الشّيعة وفُقَهائهم، وفيه اعتزال [3] . وقد أدّب أولاد نقيب الطّالبيّين. وعاش نيّفًا وتسعين سنة.
أخذ النَّحْو عَنِ ابن برهان، والثّمانينيّ.
تُوُفّي في شَعْبان.
305- محمد بْن الشَّيْخ أَبِي عليّ الحَسَن بْن أحمد بن البنّاء [4] .
أبو نصر الحنبليّ.
__________
[ () ] رضيّا، ثقة، عنده كتاب «الجليس والأنيس» للقاضي أبي الفرج الجريريّ، عن الجازري، عنه. وكان ينفرد به ولم يتفق لي سماعه، وندمت بعد خروجي من بغداد على فواته.
وكذلك أثنى ابن ناصر على أبي الخطاب ثناء كثيرا.
وأورد ابن رجب كثيرا من شعره في (الذيل على طبقات الحنابلة) .
[1] انظر عن (محمد بن أحمد الخازن) في: المنتظم 9/ 189 رقم 323 (17/ 151، 152 رقم 3845) ، والبداية والنهاية 12/ 180، ولسان الميزان 5/ 38 رقم 130.
[2] يعرف بخازن دار الكتب القديمة.
[3] وقال ابن الجوزي: وكان سماعه صحيحا. روى عنه أشياخنا، إلّا أنه كان يذهب مذهب الإمامية، وهو فقيه في مذهبهم، ومفتيهم، وكذلك قال شيخنا ابن ناصر. (المنتظم) .
وقال ابن السمعاني: كان سماعه صحيحا هو وابن النجار، وكان له معرفة بالأدب والفقه على مذهب الشيعة.
وقال شجاع الذهلي: كان سماعه هو وأخوه أبو غالب محمد صحيحا.
وقال السلفي: بلغني أنه كان مائلا إلى الاعتزال. وسألته عن مولده فقال: سنة ثمان عشرة وأربعمائة، وذكر أنه قرأ الأدب على ابن برهان، والثمانيني، وغيرهما. (لسان الميزان) .
[4] انظر عن (محمد بن الحسن الحنبلي) في: المنتظم 9/ 188 رقم 319 (17/ 150 رقم 3841) ، والذيل على طبقات الحنابلة 1/ 115، 116 رقم 59.(35/254)
بغداديّ مِن بيت العِلْم والرّواية.
سَمِعَ: أبا محمد الجوهريّ، وأبا بَكْر محمد بن عبد المُلْك بْن بِشْران.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وغيره.
وتُوُفّي في ربيع الأوّل وله اربعٌ وسبعون سنة [1] .
306- محمد بْن الحُسَيْن بن محمد بْن إبراهيم [2] .
الدّمشقيّ أبو طاهر الحِنَّائيّ.
مِن أهل بيت حديث، وعدالة، وسُنّة، وكان ثقة، صدوقا. سَمِعَ: أَبَاهُ أبا القاسم الحِنَّائيّ، وأبا الحُسَيْن محمد، وأبا عليّ أحمد ابنَيْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر، ومحمد بْن عبد الواحد الدّارميّ، وابن سحنام، والأهوازيّ، ورشأ بْن نظيف، ومحمد بْن عَبْد السّلام بْن سعدان، ومحمد بْن عليّ بْن سلوان، والحسن بْن عليّ بْن شواش، وطائفة سواهم.
روى عَنْهُ: الحافظان السّلَفيّ، وابن عساكر، والصّائن ابن عساكر، وأبو طاهر بْن الحِصْنيّ، والخَضِر بْن شِبْل الحارثي، والخضر بْن طاوس، والفضل بْن البانياسيّ، وأبو المعالي بْن صَابر.
وُلِد سنة ثلاثٍ وثلاثين. وأوّل سماعه في سنة تسع وثلاثين وأربعمائة.
وتوفّي في ثالث جُمَادَى الآخرة عَنْ سبْعٍ وسبعين سنة.
307- محمد بْن عَبْد المنعم بْن حسن بن أنس [3] .
السّمرقنديّ، ابن الفقيه.
__________
[1] ولد في 21 صفر 434 هـ-.
وقال ابن رجب: روى عنه أبو المعمر الأنصاري، وأبو سعد بن البغدادي، وابن ناصر، وأثنى عليه ووثّقه. وكان من أهل الدين والصدق والعلم والمعرفة، وخلف أباه في حلقته بجامع القصر وجامع المنصور.
وقال ابن الجوزي: وكان سماعه صحيحا. (المنتظم) .
[2] انظر عن (محمد بن الحسين الحنّائيّ) في: الأنساب 4/ 245، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 22/ 121 رقم 146، والإعلام بوفيات الأعلام 209، والعبر 4/ 21، 22، وسير أعلام النبلاء 19/ 436، 437 رقم 255، والمعين في طبقات المحدّثين 150 رقم 1625، وتذكرة الحفاظ 4/ 1262 (دون ترجمة) ، ومرآة الجنان 3/ 200، وشذرات الذهب 4/ 29.
[3] لم أجده.(35/255)
تفقَّه عَلَى السّيد أَبِي شجاع بْن حمزة العَلَويّ.
وسمع: أبا عُمارة بْن أحمد.
روى عنه: عمر السّلفيّ.
وتوفّي بسَمَرْقَنْد في رابع عشر رجب.
308- محمد بْن عليّ بْن ميمون بْن محمد الحافظ [1] .
أبو الغنائم النَّرْسيّ، الكوفيّ، المقرئ. ويُعرف بأبيّ. ثقة، مفيد، سَمِعَ الكثير بالكوفة، وببغداد.
وكان ينوب عَنْ خطيب الكوفة.
وسمع: محمد بْن عليّ بْن عَبْد الرحيم العلويّ، وأبا طاهر محمد بْن العطّار، ومحمد بْن إِسْحَاق بْن فَدُّوَيْه، ومحمد بْن محمد بْن خازم بْن نفّطْ، وجماعة بالكوفة، وكريمة المروزيّة، وعبد العزيز بن بُنْدار الشّيرازيّ بمكّة، وأبا الحَسَن أحمد بْن محمد الزعفراني، وأحمد بن محمد بن قفرجل، وعبد الكريم بن محمد المَحَامِليّ، وأبا الفتح بْن شيطا، وأبا بَكْر بن بشران، وأبا عبد الله بن حبيب القادسيّ، وأبا القاسم التّنُوخيّ، وأبا إِسْحَاق البرمكيّ، وأبا الطَّيّب الطَّبَريّ، وأبا منصور بْن السّوّاق ببغداد.
وقدم الشّام زائرًا بيت المقدس.
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي بن ميمون) في: المنتظم 9/ 189 رقم 322 (17/ 150، 151 رقم 3844) ، والتقييد 95، 96 رقم 102، واللباب 3/ 221، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 65، 66، والمختصر في تاريخ دمشق لابن منظور 23/ 120، 121 رقم 145، ودول الإسلام 2/ 37، والعبر 4/ 32، والإعلام بوفيات الأعلام 209، وسير أعلام النبلاء 19/ 274- 276 رقم 174، والمعين في طبقات المحدّثين 150 رقم 1626، وتذكرة الحفاظ 4/ 1260- 1262، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 28- 30، وعيون التواريخ 12/ 67، 68، ومرآة الجنان 3/ 200، والوافي بالوفيات 4/ 143، 144، والنجوم الزاهرة 5/ 212، وطبقات الحفاظ 458، وشذرات الذهب 4/ 29، وهدية العارفين 2/ 83، وديوان الإسلام 1/ 26 رقم 7، وأربع رسائل 202، ومعجم المؤلفين 11/ 66، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 4/ 108، 109، رقم 1109، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 164.
وانظر: الفوائد المنتقاة والغرائب الحسان للعلوي بتخريج الصوري، بتحقيقنا، في المقدمة.(35/256)
وسمع بالشّام، وكان يَقُولُ: ما بالكوفة أحدٌ مِن أهل الحديث والسُّنّة إلّا أُبيا [1] .
وكان مولده سنة أربع وعشرين وأربعمائة [2] .
روى عَنْهُ: أبو الفتح نصر المقدسيّ الفقيه مَعَ تقدّمه، وابن كُلَيْب إجازةً وبينهما في الموت مائة وستّ وسنين، ومحمد بْن ناصر، ومَعَالي بْن أبي بَكْر الكيّال، ومسلم بْن ثابت النّحّاس، ومحمد بْن حَيْدرة بْن عُمَر الحُسَينيّ، وخلْق كثير.
وسمع منه الحُفّاظ: أبو عَبْد الله الحُمَيْديّ، وجعفر بْن يحيى الحكّاك، وأبو بَكْر بْن الخاضبة، وأبو مسلم عُمَر بن عليّ اللّيثيّ في سنة ستّين وأربعمائة.
وجمع لنفسه مُعْجَمًا، وخرّج مجاميع حِسانًا، ونسخ الكثير.
وممّن روى عَنْهُ مِن القدماء: عَبْد المحسن بن محمد الشّيحيّ التّاجر.
وقال: أوّل سماعي للحديث سنة اثنتين وأربعين. وأوّل رحلتي سنة خمس. أدركت البرمكيّ، فسمعت منه ثلاثة أجزاء ومات.
وقد وصفه عَبْد الوهّاب الأنْماطيّ بالحِفْظ والإتقان، وقال: كانت لَهُ معرفة ثاقبة.
وقال محمد بْن عليّ بْن فولاذ الطَّبَريّ: سَمِعْتُ أبا الغنائم الحافظ يَقُولُ:
كنت أقرأ القرآن عَلَى المشايخ وأنا صبيّ، فقال النّاس: أنت أبيّ، وذلك لجودة قراءتي [3] .
قلت: قرأ على محمد بن علي بن عبد الرحمن العَلَويّ، عَنْ قراءته عَلَى أبي عَبْد الله الْجُعْفيّ. قرأ عَليْهِ أبو الكرم الشّهْرُزُوريّ لعاصم.
وروى عنه السّلفيّ أجزاء وقعت لنا.
__________
[1] المنتظم.
[2] المنتظم.
[3] انظر: المنتظم.(35/257)
وقال ابن ناصر: كَانَ حافظًا، ثقة، متقنًا، ما رأينا مثله. كَانَ يتهجّد، ويقوم اللَّيلْ [1] .
قرأ عَليْهِ أبو طاهر بْن سِلَفَة حديثًا فأنكره، وقال: لَيْسَ هذا مِن حديثي.
فسأله عَنْ ذَلِكَ، فقال: أعرف حديثي كلّه، لأنّي نظرت فيه مِرارًا، فما يخفى عليّ منه شيء.
وكان يَقْدَم كلًّ سنةٍ مِن سنة ثمانٍ وتسعين في رجب، فيبقى ببغداد إلى بعد العيد ويرجع. ونسخ بالأُجرة ليستعين عَلَى العيال.
وأوّل ما سَمِعَ سنة اثنتين وأربعين [2] .
وكان أبو عامر العَبْدَريّ يُثني عَليْهِ ويقول: خُتم هذا الشّأن بأُبيّ رحمه الله.
مرض أُبَيّ ببغداد، وحُمِل إلى الكوفة، فأدركه أجله بالحِلّة السّيفيّة.
وحُمِل إلى الكوفة مشْيا، فدُفِن بها، وذلك في شَعْبان.
ومات يوم سادس عشره [3] .
__________
[1] انظر: المنتظم.
[2] في المنتظم: وأول سماعه سنة سبع وثمانين.
[3] وقال ابن الجوزي: كتب وسافر ولقي أبا عبد الله العلويّ العلّامة، وهو مُحَمَّد بْن علي بْن الحسن بْن عَبْد الرحمن العلويّ، وكان هذا العلويّ يعرف الحديث، وكان صالحا، سمع ببيت المقدس، وحلب، ودمشق، والرملة، ثم قدم بغداد فسمع البرمكي، والجوهري، والتنوخي، والطبري، والعشاري، وغيرهم. وكان يورّق للناس بالأجرة، وقرأ القرآن بالقراءات، وأقرأ وصنّف، وكان ذا فهم ثقة، ختم به علم الحديث ببلده.
وكان يقول: توفي بالكوفة ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من الصحابة لا يتبيّن قبر أحد منهم إلّا قبر عليّ عليه السلام.
وقال: جاء جعفر بن محمد، ومحمد بن علي بن الحسين فزار الموضع من قبر أمير المؤمنين علي، ولم يكن إذا ذاك القبر، وما كان إلّا الأرض، حتى جاء محمد بن زيد الداعي وأظهر القبر.
وقال شيخنا ابن ناصر: ما رأيت مثل أبي الغنائم في ثقته وحفظه، وكان يعرف حديثه بحيث لا يمكّن أحدا أن يدخل في حديثه ما ليس منه، وكان من قوّام الليل. (المنتظم) .
وقال ابن عساكر: وكان شيخا ثقة، مأمونا، فهما للحديث، عارفا بما يحدّث، كثير تلاوة القرآن. وعاش ستا وثمانين سنة، ومتّعه الله بجوارحه إلى حين وفاته. (مختصر تاريخ دمشق) .(35/258)
309- محمد بْن عليّ بْن محمد [1] .
القصّار، الإصبهانيّ. ويعرف بمكرم.
من شيوخ بغداد.
روى عَنْ: القَزْوينيّ، وابن لؤلؤ، وأبي محمد الجوهري.
روى عنه: المبارك بن كامل، وقال: تُوُفّي في رجب.
310- مُحَمَّد بْن علي بْن مُحَمَّد بْن علي بْن خُزَيْمَة [2] .
أبو بَكْر الخُزَيْميّ، النَّسَويّ، العطّار، الفقيه، المُزَكّيّ.
سَمِعَ: جدّه محمد بْن عليّ، وأبا عامر الحَسَن بْن محمد النَّسَويّ.
أجاز لأبي سَعْد بْن السّمعانيّ، وقال: تُوُفّي في رجب، وثنا عَنْهُ عَبْد الخالق بْن زاهر [3] .
311- مُحَمَّد بْن منصور بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الجبّار [4] .
الإمام أبو بَكْر ابن العلّامة أَبِي المظفَّر التّميميّ، السّمعانيّ، المَرْوَزِيّ، الحافظ، والد الحافظ أبي سعد.
__________
[1] لم أجده.
[2] انظر عن (محمد بن علي الخزيمي) في: المنتظم 9/ 188 رقم 320 (17/ 150 رقم 3842) ، والبداية والنهاية 12/ 180.
[3] قال ابن الجوزي: سمع وحدّث، وكان تزكية الشهود إليه بنسا، وكان فقيها على مذهب الشافعيّ، ديّنا.
[4] انظر عن (محمد بن منصور) في: الأنساب 7/ 140، 141، والمنتظم 9/ 188 رقم 318 (17/ 149، 150 رقم 3840) ، والكامل في التاريخ 10/ 524، واللباب 2/ 139، وطبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح 1/ 272- 275 رقم 76، وإنباه الرواة 3/ 216، 217، ووفيات الأعيان 3/ 210، 211، والمعين في طبقات المحدّثين 150 رقم 1627، وفيه: «محمد بن مسعود» وهو خطأ، والإعلام بوفيات الأعلام 209، وسير أعلام النبلاء 19/ 371- 373 رقم 214، ودول الإسلام 2/ 38، والعبر 4/ 22، 23، وتذكرة الحفاظ 4/ 1266- 1269، وتلخيص ابن مكتوم 233، وعيون التواريخ 12/ 52، 53 (في وفيات سنة 509 هـ-.) ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 5- 11، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 31، 32، رقم 605، والبداية والنهاية 12/ 180، وطبقات الشافعية لابن كثير (مخطوط) 107 أ، ب، والوافي بالوفيات 5/ 75، ومرآة الجنان 3/ 200، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 302، 303 رقم 263، وطبقات المفسّرين للداوديّ 2/ 257- 261، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 179، 180، وشذرات الذهب 4/ 29، 30، وديوان الإسلام 3/ 38 رقم 1149، والأعلام 7/ 112، ومعجم المؤلفين 12/ 52.(35/259)
قَالَ ولده: نشأ في عبادة وتحصيل، وحظي مِن الأدب وثمرته نظْمًا ونْثرًا بأعلى المراتب، وكان متصرّفًا في الفنون بما يشاء، وبرع في الفقه والخلاف، وزاد عَلَى أقرانه بعلم الحديث، ومعرفة الرجال، والأنساب، والتّواريخ، وطرّز فضله بمجالس تذكيره الَّذِي تصدع صُمَّ الصُّخور عَنْ تحذيره، ونفق سوق تقواه عَنِ الملوك والأكابر.
وسمع: والده، وأبا الخير محمد بْن أَبِي عِمران الصَّفّار، وأبا القاسم الزاهري، وعبد الله بْن أحمد الطّاهر، وأبا الفتح عُبَيْد الله الهاشميّ.
ورحل إلى نَيْسابور فسمع: أبا عليّ نصر الله بْن أحمد الخُشْنام، وعليّ بْن أحمد المؤذّن، وعبد الواحد بْن القُشَيْريّ.
ودخل بغداد سنة سبْعٍ وتسعين، فسمع بها: ثابت بْن بُنْدار، ومحمد بْن عَبْد السّلام الأنصاريّ، وأبا سَعْد بْن خُشَيْش، وأبا الحُسين بْن الطُّيُوريّ، وطبقتهم.
وبالكوفة: أبا البقاء المُعَمَّر الحبّال، وأبا الغنائم النَّرْسي.
وبمكة، والمدينة. وأقام ببغداد مُدّة يعظ بالنّظاميّة.
وقرأ التّاريخ عَلَى أَبِي محمد الأَبَنُوسيّ، عَنِ الخطيب، ثمّ رحل إلى هَمَذَان في سنة ثمانٍ وتسعين، فسمع بها وبإصبهان مِن أَبِي بَكْر أحمد بْن محمد ابن مردويْه، وأبي الفتح أَحْمَد بْن مُحَمَّد الحدّاد، وأبي سَعْد المطرّز.
ورجع إلى مَرْو.
قَالَ: ثمّ رحل بي وبأخي سنة تسع وخمسمائة إلى نيسابور، وأسمعنا من الشّيرويّ، وغيره.
وتوفّي في صَفَر، وله ثلاثٌ وأربعون سنة، وقد أملى مائةً وأربعين مجلسًا بجامع مَرْو، كلّ مِن رآها اعترف لَهُ أنّه لم يُسبَق إليها. وكان يروي في الوعظ والحديث بأسانيده. وقد طلب مرّة للّذين يقرءون في مجلسه، فجاءه لهم ألف دينار مِن الحاضرين.
وَقِيلَ لَهُ فِي مَجْلِسِ الْوَعْظِ: مَا يُدْرِينَا أَنَّهُ يَضَعُ الْأَسَانِيدَ فِي الْحَالِ وَنَحُنْ لا(35/260)
نَدْرِي، وَكَتَبُوا لَهُ بِذَلِكَ رُقْعَةً، فَنَظَرَ فِيهَا، وَرَوَى حَدِيثَ: «مَنْ كَذِبَ عَلِيَّ مُتَعَمِّدًا» [1] .. مِنْ نَيِّفٍ وَتِسْعِينَ طَرِيقًا، ثُمَّ قَالَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَعْرِفُ فَقُولُوا لَهُ يَكْتُبْ عَشَرَةَ أَحَادِيثَ بِأَسَانِيدِهَا، وَيَخْلِطُ الْأَسَانِيدَ، وَيُسْقِطُ مِنْهَا، فَإِنْ لَمْ أُمَيِّزْهَا فَهُوَ كَمَا يَدَّعِي. فَفَعَلُوا ذَلِكَ امْتِحَانًا لَهُ، فَرَدَّ كُلَّ اسْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ. وَفِي هَذَا الْيَوْمِ طَلَبَ لِقُرَّاءِ مَجْلِسِهِ، فَأَعْطَاهُمُ النَّاسُ أَلْفَ دِينَارٍ. هَذَا مَعْنَى مَا ثَنَا [2] شَيْخُنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السِّنْجِيُّ.
وسمعت إسماعيل بْن محمد الإصبهانيّ الحافظ يَقُولُ: لو صرف والدك همّته إلى هدْم هذا الجدار لسقط.
وقال السّلَفيّ فيه- فيما سَمِعْتُ أبا العزّ البُسْتيّ ينشده عَنْهُ-:
يا سائلي عَنْ عِلم الزّمان ... وعالم العصر لدى الأعيان
__________
[1] الحديث بتمامه: «بلّغوا عني، يعني، ولو آية. وحدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج. ومن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فليتبوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» . وفي رواية أخرى: «تسمّوا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي. ومن رآني في المنام فقد رآني، فإنّ الشيطان لا يتمثّل في صورتي. ومن كذب عليّ» . وهو صحيح، متواتر، أخرجه البخاري في الجنائز (1291) ، ومسلم في المقدّمة، باب تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عن المغيرة.
وأخرجه البخاري في الأنبياء (3461) ، والترمذي في العلم (2671) ، وأحمد في المسند 2/ 271 و 202 و 214 عن عبد الله بن عمر.
وأخرجه البخاري في الأدب (6197) ، ومسلم في المقدّمة، وابن ماجة في المقدّمة، وأحمد 2/ 401 و 413 و 469 و 519 عن أبي هريرة.
وأخرجه الترمذي في العلم (2661) ، وابن ماجة في المقدّمة، عن عبد الله بن مسعود.
وأخرجه مسلم في المقدّمة، وابن ماجة في المقدّمة، والدارميّ 1/ 76، وأحمد 3/ 98 و 113 و 116 و 176 و 203 و 209 و 223 و 278 و 280 عن أنس بن مالك.
وروي عن: أبي سعيد الخدريّ، وجابر، وأبي قتادة، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس، وقيس بن سعد، وسلمة بن الأكوع، وعقبة بن عامر، وزيد بن أرقم، وخالد بن عرفطة.
ورواه خيثمة بن سليمان الأطرابلسي، عن العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي، عن أبيه، عن الأوزاعي، بسنده إلى عبد الله بن عمرو بن العاص. (تاريخ دمشق 7/ 312) .
وأخرجه ابن جميع الصيداوي في (معجم الشيوخ 111 رقم 60) ، والشهاب القضاعي في مسندة 1/ 324 رقم 547 و 548 و 549 و 550، والمعافى الجريريّ في (الجليس الصالح 1/ 170) ، وسعد بن أبي وقاص في مسندة ص 176 رقم 101.
[2] اختصار: «حدّثنا» .(35/261)
لست ترى في عالم العِيان ... كابن أَبِي المظفَّر السّمعانيّ
وله:
هُوَ المُزَنيّ كَانَ أبا الفتاوى [1] ... وفي علم الحديث التّرْمِذيّ
وجاحظُ عصْره في النَّثْر صِدقْا ... وفي وقت التّشاعر بُحْتُريّ [2]
وفي النَّحْو الخليلُ بلا خلافٍ ... وفي حِفْظ اللّغات الأصْمَعيّ
قلت: روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وأبو الفتوح الطّائيّ، وخلق من أهل مرو [3] .
__________
[1] في طبقات السبكي: «إبّان الفتاوى» .
[2] قال السبكي: وددت لو قال: «وفي الشعر الأديب البحتري» ، وسلم من لفظ التشاعر، ومن تنكير البحتري. (الطبقات 7/ 9) .
[3] قال أبو سعد ابن السمعاني في (الأنساب 7/ 140) : «وإما والدي الإمام أبو بكر مُحَمَّد بْن منصور بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الجبار السمعاني، رحمه الله، ابن أبيه، وكان والده يفتخر به، ويقول على رءوس الأشهاد في مجلس الإملاء: محمد ابني أعلم مني، وأفضل مني. تفقّه عليه، وبرع في الفقه، وقرأ الأدب على جماعة، وفاق أقرانه، وقرض الشعر المليح، وغسّله في آخر أيامه، وشرع في عدّة مصنّفات ما تمّم شيئا منها، لأنه لم يمتّع بعمر، واستأثر الله تعالى بروحه، وقد جاوز الأربعين بقليل، سافر إلى العراق والحجاز، ورحل إلى أصبهان لسماع الحديث، وأدرك الشيوخ والأساتيد العالية، وحصّل النسخ والكتب، وأملى مائة وأربعين مجلسا في الحديث من طالعها عرف أن أحدا لم يسبقه إلى مثلها» .
وقال ابن الجوزي: «وقد رأيت من إملائه، فإنه لم يقصر، وكان عالم بالحديث، والفقه، والأدب، والوعظ ... قال شعرا كثيرا ثم غسله فلم يبق إلا القليل. وكتبت إليه رقعة فيها أبيات شعر، فكتب الجواب، وقال: فأمّا الأبيات فقد أسلم شيطان شعري.
وأدركته المنيّة وهو ابن ثلاث وأربعين سنة وأشهر» . (المنتظم) .
وقال ابن الصلاح: «أملى أبو بكر مائة واثنين وأربعين إملاء يقع في مجلّدات ثلاث، لم يسبق- فيما علمناه- بمثلها، تكلّم فيها على إسناد الحديث تبيينا لما يستحقّه من وصف الصحة وغيره، وتظريفا في بعض الأحايين، وعلى رواته ببيان أحوالهم، وما يستحسن من حكاياتهم، وعلى متن الحديث بإبانة فقهه، كثير الرواية لما يشهد من الآثار والأخبار، لما بيّنه من معانيه.
أنبئونا عن أبي طاهر محمد بن أبي بكر السنجي، عنه أنه قال:
جملة القول في دخول الحمّام أنه مباح للرجال بشرط ستر العورة، وغضّ البصر، ومكروه للنساء إلا عند العذر من النفاس والمرض، وإنما كره للنساء لما بني أمرهنّ عليه من المبالغة في الستر، ولما في وضع ثيابهنّ في غير بيوت الأزواج من الهتك، ولما في خروجهن واجتماعهن من الفتنة والشرّ.
وأنشد لبعهضم:
دهتك بعلّة الحمّام نعم ... ومال بها الطريق إلى يزيد(35/262)
312- مُحَمَّد بْن مَنْصُور بْن مُحَمَّد بْن الفَضْلُ [1] .
الشَّيْخ أبو عَبْد الله الحضْرميّ، الإسكنْدرانيّ، المقرئ.
قرأ لِوَرْش عَلَى أحمد بْن نفيس.
وسمع مِن جماعة.
قرأ عَليْهِ أحمد بْن الحُطَيْئة وروى عنه «العثمانيّات» [2] .
__________
[ () ] وذكر للداخل آدابا.
وقال شيرويه في وصف أبي بكر السمعاني: كان فاضلا، حسن السيرة، بعيدا من التكلّف، صدوقا.
وذكره أبو الحسن عبد الغافر بْن إسماعيل بْن عبد الغافر الفارسيّ خطيب نيسابور في «سياق تاريخ النيسابوريين» ، فقال:
محمد بن منصور بن محمد السمعاني المروزي الإمام ابن الإمام ابن الإمام، شابّ نشأ في عبادة الله تعالى وفي التحصيل من صباه، إلى أن أرضى أباه، حظي من الأدب والعربية والنحو، وتمرّنها نظما ونثرا بأعلى المراتب، ينفث إذا خطّ بأقلامه في عقد السّحر، وينظم من معاني كلامه عقود الدرّ، متصرّفا في الفنون بما يشاء، كيف يشاء، مطبعا له على البديهة الإنشاء، ثم برع في الفقه، مستدرّا أخلاقه من أبيه، بالغا في المذهب والخلاف أقصى مراميه، وزاد على أقرانه وأهل عصره بالتبحّر في علم الحديث، ومعرفة الرجال، والأسانيد، وما يتعلّق به من الجرح والتعديل، والتحريف والتبديل، وضبط المتون الغرائب، والمشكلات من المعاني، مع الإحاطة بالتواريخ والأنساب، وطرّز أكمام فضله بمجالس تذكيره، تتصدّع صمّ الصخور عند تحذيره، وتتجمّع أشتات العظام النّخرة عند تبشيره، وتصغي آذان الحفظة لمجاري نكتة، وتختطف الملائكة لفظ إشاراته من شفته، ويخترق حجب الشداد السبع صواعد دعواته، ويطفئ أطباق الجحيم سوابق عبراته، وهو مع ذلك متخلّق بأحسن الأخلاق ...
ومن مليح شعره:
أقلي النهار إذا أضاء صباحه ... وأظلّ أنتظر الظلام الدامسا
فالصبح يشمت بي فيقبل ضاحكا ... والليل يرثي لي فيدبر عابسا
وله أيضا:
وظبي فوق طرف ظلّ يرمي ... بسهم اللحظ قلب الصبّ طرفه
يؤثر طرفه في القلب ما لا ... يؤثر في الحصى والترب طرفه
وقال في قرية «فاز» إحدى قرى طوس:
نزلنا بقعة تدعى بفاز ... فكان ألذّ من نيل المفاز
وقست إلى ثراها كل أرض ... فكانت كالحقيقة في المجاز
(طبقات السبكي) .
[1] انظر عن (محمد بن منصور) في: غاية النهاية 2/ 266 رقم 3485.
[2] في (غاية النهاية) : «العثمانيان» .(35/263)
ورّخ موته ابن المفضّل.
313- محمود بْن سعادة بْن أحمد بْن يوسف [1] .
أبو القاسم الهلاليّ [2] ، السَّلَمَاسيّ [3] .
سَمِعَ: أحمد بْن حريز السَّلَمَاسيّ، الفقيه، وأبا يَعْلَى الخليليّ، وأبا عثمان الصّابونيّ. قدم عليهم.
وهو مِن بيت رئاسة وصلاح.
روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وقال: تُوُفّي في سنة عشر، وسماعه مِن الخليليّ سنة اثنتين وعشرين. ومات وقد قارب المائة.
314- مسعود بْن حمزة [4] أبو الوفاء الحدّاد.
سَمِعَ: أبا محمد الجوهريّ.
روى عَنْهُ: المبارك بْن أحمد، وغيره.
تُوُفّي سنة إحدى عشرة [5] .
- حرف النون-
315- نصر بْن أحمد بْن إبراهيم [6] .
أبو الفتح الهَرَويّ، الحنفي، الزّاهد، العابد.
سَمِعَ: جدّه لأمّه أبا المظفَّر منصور بْن إسماعيل صاحب ابن خَمِيروَيْه، وإسحاق القرّاب، وأبا الحَسَن الدّبّاس، وجماعة.
وخرّج لَهُ شيخ الإسلام ثلاث مجلّدات. وكان أسند مِن بقي بهَرَاة وأعبدهم، رحمه الله.
أخر الطبقة الحادية والخمسين
__________
[1] لم أجده.
[2] الهلالي: بكسر الهاء، نسبة إلى بني هلال، وهي قبيلة نزلت الكوفة. (الأنساب 12/ 356) .
[3] السّلماسي: بفتح السين المهملة واللام والميم وبعدها الألف، وفي آخرها سين أخرى مهملة.
هذه النسبة إلى سلماس، وهي من بلاد أذربيجان على مرحلة من خويّ. (الأنساب 7/ 107) .
[4] لم أجده.
[5] كذا بالأصل، ولم يشر المصنف إلى ضرورة نقله إلى الطبقة التالية.
[6] لم أجده.(35/264)
(بعون الله وتوفيقه تم تحقيق هذه الطبقة الحادية والخمسين من «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام» لمؤرّخ الإسلام الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي المتوفى سنة 748 هـ-.، وقام بضبط النص، وتخريج أحاديثه، وتوثيق مادّته، والإحالة إلى مصادره، والتعليق عليه، خادم العلم وطالبه الحاج أبو غازي عمر عبد السلام تدمري، أستاذ التاريخ الإسلامي في الجامعة اللبنانية، عضو الهيئة العربية العليا لإعادة كتابة تاريخ الأمة في اتحاد المؤرخين العرب، وكان الفراغ منه عند أذان عصر يوم الجمعة الواقع في 7 ذي القعدة 1413 هـ-. الموافق 28 أيار (مايو) 1993 م. وذلك بمنزله بساحة النجمة بطرابلس المحروسة. والله الموفق) .(35/265)
تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام للحافظ المؤرّخ شمسُ الدين مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد بْن عثمان الذهبيّ المتوفى سنة 748 هـ حوادث ووفيات 511- 520 هـ تحقيق الدّكتور عمر عبد السّلام تدمري أستاذ التاريخ الإسلاميّ في الجامعة اللبنانية عضو الهيئة الاستشاريّة للمنشورات التاريخيّة في اتحاد المؤرخين العرب الناشر دار الكتاب العربيّ(35/267)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الطبقة الثانية والخمسون
حوادث سنة إحدى عشر وخمسمائة
[الزلزلة بغداد]
زُلْزِلَت بغداد يوم عَرَفَة، ووقعت دُورٌ، وحوانيت بالجانب الغربيّ [1] .
[مهاجمة الفرنج حماه]
وفيها هجمت الفرنج حماه في اللَّيلْ، وقتلوا بها مائةً وعشرين رجلًا [2] .
[رحيل العساكر عَنِ الألموت]
وفيها ترحّلت العساكر، وتركت حصار الألموت عند ما بلغها موت السّلطان محمد، بعد أن كادوا يفتحونها [3] .
[غرق سنجار بالسيل]
وفيها غرقت سنْجار. جاءها سيلٌ عرِم، وهدم سورها. وهلك خلْق كثير، حتّى أنّ السّيل أخذ باب المدينة وذهب بِهِ عدّة فراسخ، واختفى تحت التّراب الَّذِي جرّه السَّيل، ثمّ ظهر بعد سنوات.
__________
[1] المنتظم 9/ 193 (17/ 156) ، تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) 368 (سوم) 34، الكامل في التاريخ 10/ 532، وفي التاريخ الباهر 20 زلزلت إربل، ومثله في كتاب الروضتين 1/ 70، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 68، البداية والنهاية 12/ 180، عيون التواريخ 12/ 72، الكواكب الدرّية 81، النجوم الزاهرة 5/ 213، شذرات الذهب 4/ 30، تاريخ الخلفاء 432، كشف الصلصلة 182.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 532، وفيه: ما يزيد على مائة رجل، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 69، المختصر في أخبار البشر 2/ 230، الكواكب الدرّية 81.
[3] الكامل 10/ 527.(35/269)
وسلم طفلٌ في سريرٍ لَهُ، حمله السَّيل، فتعلْق السّرير بثوبه، وعاش وكبر [1] .
[مقتل لؤلؤ الخادم]
وفيها قتل قوم من الأتراك لؤلؤا الخادم صاحب حلب وهو متوجّهٌ إلى قلعة جعبر [2] .
[وفاة السلطان محمد بن ملك شاه]
والسّلطان محمد بن ملك شاه، فيها تُوُفّي أيضًا بإصبهان، وقام بالأمر بعده ابنه محمود، وله أربعَ عشرة سنة، وفرّق خزائنه في العسكر. وقيل كانت أحد عشر ألف ألف دينار عَيْنًا، وما يناسب ذَلِكَ مِن العُرُوض [3] .
[هلاك بغدوين]
وفيها هلك بغدوين صاحب القدس [4] .
__________
[1] خبر السيل بسنجار في:
تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) 368 (سويم) 33، والتاريخ الباهر 20، وكتاب الروضتين 1/ 70، والمختصر في أخبار البشر 2/ 230، ودول الإسلام 2/ 38، وتاريخ ابن الوردي 2/ 24، والدرّة المضيّة 481، ومرآة الجنان 3/ 200، والكواكب الدرّية 81، والنجوم الزاهرة 5/ 213، شذرات الذهب 4/ 31، تاريخ الخلفاء 430.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 531، وقد تقدّم خبر وفاته في السنة الماضية. انظر: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 367 (تحقيق سويم) 33، وذيل تاريخ دمشق 198، وزبدة الحلب 2/ 177، 178، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 68، والمختصر في أخبار البشر 2/ 230، وتاريخ ابن الوردي 2/ 24، وعيون التواريخ 12/ 72.
[3] انظر عن وفاة السلطان ملك شاه في: المنتظم 9/ 196 رقم 338 (17/ 159 رقم 3860) ، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 368 (تحقيق سويم) 33، الإنباء في تاريخ الخلفاء 208، ذيل تاريخ دمشق 198، 7199 والكامل في التاريخ 10/ 525- 527، والتاريخ الباهر 20، وتاريخ الفارقيّ 286 (حوادث 512 هـ-.) ، وزبدة التواريخ 171، ووفيات الأعيان 5/ 73، وتاريخ الزمان 136، وتاريخ مختصر الدول 199، وكتاب الروضتين 1/ 70، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 69، والمختصر في أخبار البشر 2/ 229، ونهاية الأرب 26/ 370، ودول الإسلام 2/ 38، والعبر 3/ 23، 24، وتاريخ ابن الوردي 2/ 24، والدرّة المضيّة 481، ومرآة الجنان 3/ 200، 202، والبداية والنهاية 12/ 180، 181، ومآثر الإنافة 2/ 15، والكواكب الدرّية 82، والنجوم الزاهرة 5/ 213 و 214، وشذرات الذهب 4/ 30، وتاريخ الخلفاء 430.
[4] تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) 368 (سويم) 33، ذيل تاريخ دمشق 199، وفي الكامل في(35/270)
[هلاك ملك القسطنطينية]
وفيها هلك ملك القُسْطنطينيّة [1] ، لعنهما الله.
__________
[ () ] التاريخ 10/ 543 في حوادث سنة (512 هـ-.) وقال: «في ذي الحجّة من سنة إحدى عشرة وخمسمائة توفي بغدوين ملك القدس» ، دول الإسلام 2/ 38، الدرّة المضيّة 480، الكواكب الدرّية 82 (حوادث 512 هـ-.) ، اتعاظ الحنفا 3/ 56، شذرات الذهب 4/ 30.
[1] ذيل تاريخ دمشق 199، الكامل في التاريخ 10/ 532.(35/271)
سنة اثنتي عشرة وخمسمائة
[حريق محلّات ببغداد]
فيها كَانَ حريقٌ كبيرٌ ببغداد، احترقت الرَّيْحَانيَّتَيْن ومسجد ابن عَبْدُون [1] .
[إعدام ابن الْجَزَريّ]
وفيها قُبض عَلَى صاحب المخزن أبي طاهر بن الْجَزَري [2] وأُعدِم. وأُخِذ مِن داره أربعمائة ألف دينار مدفونة [3] .
[وفاة وَلَدي المسترشد باللَّه]
وتُوُفّي وُلِد المسترشد باللَّه الكبير، ثمّ الصّغير بالْجُدَرِيّ، فبكى عَليْهِ المسترشد باللَّه حتّى أُغمي عَليْهِ [4] .
[مصادرة ابن كمّونة]
وقُبض عَلَى ابن كَمُّونة وصُودر، وأُخِذ منه مالٌ كثير.
[إمارة المَوْصِل]
وفيها كَانَ عَلَى إمرة المَوْصِل مسعود بن السّلطان ملك شاه، وله أربع عشرة
__________
[1] المنتظم 9/ 196 (17/ 161) وفيه: «احترقت سوق الريحانيين وسوق عبدون» ، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 369 (بتحقيق سويم) 34، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 70، الكواكب الدرّية 82، 83.
[2] الكامل 10/ 537: أبو طاهر يوسف بن أحمد الحزّيّ، وفي الكواكب الدرّية 83: «الخزري» .
[3] المنتظم 9/ 198 (17/ 163) .
[4] المنتظم 9/ 198 (17/ 163) .(35/272)
سنة، وأبو [1] بَكْر جيوش بك، ووزيره فخر المُلْك أبو عليّ بْن عمّار صاحب طرابُلُس [2] .
[الخِلْعة لابن مَزْيد]
وفيها خُلِع عَلَى دُبَيْس بْن مَزْيَد جُبَّة، وفَرْجِيّة، وطَوْقٌ، وعِمامة، وفَرَس، وسيف، ومنطقة ولواء، وحمل إِليْهِ نقيب النُّقباء نجاح، وكان يومًا مشهودًا.
[حجابة ابن طلحة]
وصُرِف عَنِ الحجابة أبو جعفر بْن الدّامَغَانيّ، وولي أبو الفتوح بْن طلحة [3] .
[شِحنكيّة بغداد]
وفيها وُلّي شِحنكيّة بغداد آق سنقر البُرْسُقيّ، وعُزِل مجاهد الدّين بهْرُوز الخادم، وتحوَّل بهروز إلى تِكْريت، وهي لَهُ. ثمّ وُلّي شِحنكيّة بغداد مَنْكُبرْس [4] ، فحاربه البُرْسُقيّ [5] .
[وفاة الخليفة المستظهر]
ومات الخليفة المستظهر بعد أيّام، وبُويع المسترشد ولدُه فنزل أبو الحَسَن عليّ بْن المستظهر في مركبٍ هُوَ وثلاثة نفر، وانحدروا إلى الحِلّة إلى عند دُبَيْس، فأكرمه وخدمه، وأهمّ ذَلِكَ المسترشد، وطلبه مِن دُبَيْس، فتلطَّف في المدافعة عنه [6] .
__________
[1] في الأصل: «وأبا» .
[2] الكامل في التاريخ 10/ 539.
[3] المنتظم 9/ 199 (17/ 164) وفيه: «أبو الفتح» و «أبو الفرج» .
[4] ويقال: «منكوبوس» .
[5] الكامل في التاريخ 10/ 534، المختصر في أخبار البشر 2/ 230، تاريخ ابن الوردي 2/ 24.
[6] انظر عن وفاة الخليفة المستظهر في: المنتظم 9/ 197، 198 (17/ 161، 162) ، وتاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 368 (وتحقيق سويم) 34، والإنباء في تاريخ الخلفاء 208، وذيل تاريخ دمشق 200، والكامل في التاريخ 10 ج 534- 536، والتاريخ الباهر 22، وتاريخ الفارقيّ 284، 285، وتاريخ دولة آل سلجوق 113، وتاريخ(35/273)
__________
[ () ] مختصر الدول 200، والفخري 300، 301، وكتاب الروضتين 71، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 73، ونهاية الأرب 23/ 260، وخلاصة الذهب المسبوك 270، 271، ومختصر التاريخ 215، والمختصر في أخبار البشر 2/ 230، ودول الإسلام 2/ 39، والعبر 4/ 26، وتاريخ ابن الوردي 2/ 24، 25، والدرّة المضيّة 482، ومرآة الجنان 3/ 203، والبداية والنهاية 12/ 182، وتاريخ الخميس 2/ 403، وعيون التواريخ 12/ 82، وتاريخ ابن خلدون 3/ 495 و 5/ 45، والكواكب الدرّية 82، والنجوم الزاهرة 5/ 215، وشذرات الذهب 4/ 33، وتاريخ الخلفاء 430، 431، والجوهر الثمين 200، وأخبار الدول 2/ 167، ومحاضرة الأبرار 1/ 85، 86، والنزهة السنية 111.(35/274)
سنة ثلاث عشرة وخمسمائة
[انفصال ابن المستظهر باللَّه عَنِ الخليفة]
وفيها انفصل عَنِ الحِلّة الأمير أبو الحَسَن بْن المستظهر باللَّه، فمضى إلى واسط، ودعى إلى نفسه، واجتمع معه جيشٌ، وملك واسط وأعمالها، وجبى الخراج. وشُقّ ذَلِكَ [عَلَى] الخليفة، فبعث ابن الأنباريّ كاتب الإنشاء إلى دُبَيْس، وعرّفه وقال: أمير المؤمنين يُعَوّل عليك.
فأجاب، وجهّز صاحب جيشه عنانَ في جَمْعٍ كبير [1] ، فلمّا سَمِعَ أبو الحَسَن ترحّل مِن واسط في عسكره ليلًا، فأضلُّوا الطّريق، وساروا ليلهم أجمع حتّى وصلوا إلى عسكر دُبَيْس [2] ، فلمّا لاح لهم العسكر انحرف أبو الحَسَن عَنِ الطّريق، فتاه مَعَ عددٍ مِن خواصّه، وذلك في تمّوز، ولم يكن معهم ماء، فأشرفوا عَلَى التلف، فأدركه نصر بْن سَعْد الكرديّ، فسقاه، وعادت نفسُه إِليْهِ، ونهب ما كَانَ معه مِن مال، وحمله إلى دُبَيْس إلى النعمانية، فأقدمه إلى بغداد وخيّم بالرَّقَّة، وبعث بِهِ إلى المسترشد بعد تسليم عشرين ألف دينار قُرّرت عَليْهِ.
وكانت أيّامه أحَدَ عشر [3] [شهرًا] [4] وشُهّر وزيرُهُ ابن زَهْمُوَيْه [5] عَلَى جَمَلٍ، ثمّ
__________
[1] في المنتظم: «كثير» .
[2] دول الإسلام 2/ 39، 40، الكواكب الدرّية 83.
[3] في الأصل: «أحد عشرا، وشهّر» . وفي المنتظم: «وكانت مدة خروجه إلى أن أعيد أحد عشر شهرا» . والخبر في: الكامل في التاريخ 10/ 537، 538.
[4] إضافة على الأصل.
[5] في الأصل «رهمويه» بالراء، وفي المنتظم: «ابن زهمونه» ، والتصحيح من الأنساب وفيه: بفتح الزاي وسكون الهاء وضم الميم. وانظر: تكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 26 (بالحاشية) ، والمختصر المحتاج إليه 1/ 154، 155 و 2/ 127، والوافي بالوفيات 5/ 153، 154، والإنباء في تاريخ الخلفاء 212، وفي الكواكب الدرّية 83: «ابن رمهويه» .(35/275)
قُتل في الحبْس [1] .
فقيل: إنّ الأمير أبا الحَسَن دخل عَلَى أخيه المسترشد، فقبَّل قدمه، فبكيا جميعًا، ثمّ قَالَ لَهُ: فَضَحْتَ نفسك، وباعوك مَعَ [2] العبيد. وأسكنه في داره الّتي كَانَ فيها وهو وليّ عهد. وردّ جواريه وأولاده، وأحسن إِليْهِ [3] . ثمّ شدّد عَليْهِ بعد ذَلِكَ.
[الخطبة بولاية العهد]
وفيها خُطِب بولاية العهد للأمير أبي جعفر منصور بْن المسترشد، وله اثنا عشر سنة [4]
[الوقعة بين السّلطان سنجر وابن أخيه]
وفي جُمَادَى الأولى كانت الوقعة بين السُّلطانين سَنْجَر ومحمود ابن أخيه وزوج ابنته. وذلك أنّ سَنْجَر لما بلغه موت أخيه السّلطان محمد دخل عَليْهِ حزْنٌ مُفْرِط، وجلس [للعزاء] عَلَى الرَّماد وصاح، وأغلق البلد أيّامًا [5] ، وعزم عَلَى قصْد العِراق ليملكه، وندِم عَلَى قتل وزيره أَبِي جعفر محمد بْن فخر المُلْك ابن نظام الملك لأمورٍ بَدتَ منه، وأخذ أمواله، وكان لَهُ مِن الجواهر والأموال ما لَا يوصف، فالذي وجدوا لَهُ مِن العَيْن ألف [6] ألف دينار. فلمّا قتله استوزر بعده شهاب الإسلام عَبْد الرّزّاق ابن أخي نظام المُلْك [7] .
ولما سَمِعَ محمود بحركة عمّه سَنْجَر نحوه راسله ولاطَفَه وقدَّم لَهُ تقادُم، فأبى إلّا القتال أو النّزول لَهُ عَنِ السَّلْطَنة. فتجهَّز محمود، وتقدّم عَلَى مقدّمة أمير
__________
[1] المنتظم 9/ 205 (17/ 171، 172) الكواكب الدرّية 83.
[2] في الكواكب الدرّية 83: «بيع» .
[3] الكامل 10/ 538، 539، زبدة التواريخ 179، 180، تاريخ ابن الوردي 2/ 25، الكواكب الدرّية 83.
[4] المنتظم 9/ 205 (17/ 172) ، الكامل في التاريخ 10/ 538، الكواكب الدرّية 84، النجوم الزاهرة 5/ 218.
[5] في الكامل 10/ 549: «وأغلق البلد سبعة أيام» ، ومثله: في: نهاية الأرب 26/ 378.
[6] في الكامل 10/ 549: «وجد له من العين ألفا ألف دينار» .
[7] ويعرف بابن الفقيه. (الكامل 10/ 549) .(35/276)
حاجب في عشرة آلاف. ووصل محمود إلى الرَّيّ فدخلها، ثمّ ضجر منها وتقدَّم منها، وجاء إلى خدمته منصور أخو دُبَيْس، وجماعة أمراء، وأصبح معه ثلاثون ألفًا، وأقبل سَنْجَر في نحو مائة ألف، وكانت الوقعة بصحراء ساوَة، وكان مَعَ سَنْجَر خمسةُ ملوك عَلَى خمسة أَسِرَّةَ وأربعون فيلًا، عليها البُرْكُصْطُوَانات [1] والرّايات [2] والزينة الباهرة، وأُلُوف مِن الباطنيّة، وأُلُوف مِن كُفّار التُّرْكَ، فلمّا التقوا هبّت ريح سوداء أظلمت الدّنيا، وأظهر في الجوّ حمرة منكرة، وآثار مزعجة، وخاف النّاس، ثمّ انكشفت الظّلمة واقتتلوا، فانكسرت ميمنة سَنْجَر، ثمّ ميسرته، وثبت هُوَ في القلب والفيل معه، وكذا بقي محمود في القلب وحده، وتفرَّق أكثر جيشه في النَّهب، فحمل سَنْجَر بالفِيلَة، فولَّت الخيل منها [3] ، فتأخّر محمود ولم ينهزم، فلم يتْبعه سَنْجَر لأنّه رَأَى مجنَّبَتَيْه قد انهزموا، وثِقْلَه يُنْهب، وكثيرٌ مِن أُمرائه قد قُتِلوا، ووزيرُه قد أُسِر، ورأى ثبات ابن أخيه، فأخذ في المخادعة فأرسل إلى ابن أخيه محمود يقول: أنت [ابن] أخي وولدي، وما أؤاخذك، إنّك محمولٌ [4] عَلَى ما صنعت، ولا أؤاخذ أصحابك، لأنّهم لم يطّلعوا عَلَى حُسْن نيتي لهم.
فقال محمود: وأنا مملوكه.
ثمّ جاء بنفسه، وسنجر قد جلس عَلَى سرير، فقبّل الأرض، فقام لَهُ سَنْجَر، واعتنقه وقبّله، وأجلسه معه، وخلع عَليْهِ خلعة عظيمة، كَانَ عَلَى سَرْج فَرَس الخِلْعَة جوهر بعشرين ألف دينار. وأكل معه، وخلع عَلَى أُمَرائه. وأفرد لَهُ إصبهان يكون حاكمًا عليها، وعلى مملكة فارس وخوزسْتان، وجعله وليّ عهده، وزوَّجه بابنته [5] .
ثمّ عاد إلى خُراسان. ثمّ جاءت رسُلُهُ بالتّقادم إلى الخليفة [6] .
__________
[1] البركصطوانات: جمع بركصطوان، لفظ فارسي معناه الكساء المزركش الّذي تكسى به الخيول والفيلة.
[2] في الكواكب الدرّية 84: «البراواب» ؟.
[3] زبدة التواريخ 182.
[4] في الكواكب الدرّية 84 تحرّفت إلى: «محمود» .
[5] العبر 4/ 28، مرآة الجنان 3/ 204، البداية والنهاية 12/ 182، الكواكب الدرّية 84، 85.
[6] المنتظم 9/ 172 (17/ 205) باختصار، الإنباء في تاريخ الخلفاء 211، الكامل في التاريخ(35/277)
[هزيمة صاحب أنطاكيّة بأرض حلب]
وفيها اجتمع عسكر طغتكين وايلغازي، وخرج صاحب أنطاكيّة [1] في عشرين ألفًا، فالتقوا في أرض حلب، فانهزم الملعون، وقُتِل مِن أصحابه خلْق، وأُسِر خلْق. ولم ينجُ إلّا الأقلّ، وفرح المؤمنون بهذه الوقعة الهائلة [2] .
وقد ذكرها أبو يَعْلَى حمزة [3] فقال: ولم يمض ساعةٌ إلّا والإفرنج عَلَى الأرض سطح واحد [4] ، فارسهم وراجلهم، بحيث لم يفلت منهم شخصٌ يُخَبر خَبَرهم، وقُتِل طاغيتُهم صاحب أنطاكيّة. ولم يتّفق مثل هذا الفتح للمسلمين [5] .
[الفتنة بين الآمر والأفضل أمير الجيوش]
وفيها وقعت الفتنة والمباينة بين الأفضل أمير الجيوش وبين الآمر، واحترز كلٌ منهما، وحرَّض الأفضل عَلَى اغتيال الآمر.
ودسّ إِليْهِ السُّمَّ مِرارًا، فلم يقدر. وجَرَت لهما أمور طويلة [6] .
[الخِلعة لابن صَدَقة]
وفيها خُلِع عَلَى أَبِي عليّ بْن صَدَقة، ولُقّب جلال الدّين [7] .
__________
[10] / 548- 553 (حوادث 513 هـ-.) ، المختصر في أخبار البشر 2/ 231، نهاية الأرب 26/ 378- 381، دول الإسلام 2/ 40، الدرّة المضيّة 484، الكواكب الدرّية 85.
[1] وهو: روجر.ROGEROFANTIOCH
[2] الإعتبار لابن منقذ 119، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 370 (وتحقيق سويم) 35، الكامل في التاريخ 10/ 544، زبدة الحلب 2/ 189، 190، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 9، المختصر في أخبار البشر 2/ 231، دول الإسلام 2/ 40، العبر 4/ 28، تاريخ ابن الوردي 2/ 25، الدرّة المضيّة 484، البداية والنهاية 12/ 180، الكواكب الدرّية 85.
[3] في ذيل تاريخ دمشق 201.
[4] في ذيل تاريخ دمشق: «سطحة واحدة» .
[5] الكامل في التاريخ 10/ 553- 555، الكواكب الدرّية 85.
[6] مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 81، العبر 4/ 28، 29، مرآة الجنان 3/ 204، النجوم الزاهرة 5/ 218.
[7] المنتظم 9/ 206 (17/ 172) ، الفخري 304.(35/278)
[هدايا السّلطان سَنْجَر للخليفة العباسي]
ووردت كُتُب مِن السّلطان سَنْجَر، فيها أقطاع للخليفة بخمسين ألف دينار وللوزير ببضعة آلاف دينار. ثمّ جاء مِن سَنْجَر هدايا، ثلاثين تختًا مِن الثّياب، وتُحَف وعشرة مماليك [1] .
[التضييق عَلَى الأمير أَبِي الحَسَن]
وفي آخر السّنة زاد التّضييق عَلَى الأمير أَبِي الحَسَن، وسُدّ عَليْهِ الباب، وكان يُنَزَّل إليه ما يصلحه مِن طاقة [2] .
[قتل منكبرس]
وفيها وُلّي مَنْكبِرسْ شِحنكيّة بغداد، وظَلَم وعَسَف، وعتَّر الرّعيّة، وضجَّ النّاس وأغلقت الأسواق إلى [3] أن قَلَعَه الله وطلبه السّلطان، وقتله صبْرًا [4] .
[شِحنكيّة بهروز]
ثمّ أعيد الخادم بهروز إلى الشحنكية [5] .
[وفاة ربيب الدّولة]
ومات فيها وزير السّلطان ربيب الدّولة [6] .
[وزارة السميرمي]
ووزر بعده الكمال السّميرميّ [7] .
__________
[1] المنتظم 9/ 206 (17/ 173) .
[2] المنتظم 9/ 207 (17/ 174) .
[3] في الأصل: «إلا» .
[4] انظر عن قتل منكبرس في: الكامل في التاريخ 10/ 556، 557، والبداية والنهاية 12/ 184، وعيون التواريخ 12/ 89.
[5] الكامل 10/ 560، المختصر في أخبار البشر 2/ 231، تاريخ ابن الوردي 2/ 25.
[6] الكامل 10/ 560، تاريخ دولة آل سلجوق 110.
[7] الكامل 10/ 560، تاريخ دولة آل سلجوق 106، و 120.(35/279)
[ظهور قبور الخليل، وإسحاق، ويعقوب عليهم السلام]
وفيها ظهر قبر إبراهيم الخليل، وقبر إِسْحَاق، ويعقوب صلّى الله عليهم وسلامه، ورآهم كثير مِن النّاس لم تَبْلُ أجسادُهم. وعندهم في المغارة قناديل مِن ذَهَب وفِضّة. قاله حمزة بْن أسد التّميميّ في «تاريخه» [1] على ما حكاه ابن الأثير [2] .
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق 202.
[2] في الكامل 10/ 560، وانظر: مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 80، والمختصر في أخبار البشر 2/ 231، والعبر 4/ 29، وتاريخ ابن الوردي 2/ 25، ومرآة الجنان 3/ 204، والبداية والنهاية 12/ 184، وتاريخ الخميس 2/ 403 (حوادث 514 هـ-.) ، الكواكب الدرّية 85، النجوم الزاهرة 5/ 218، شذرات الذهب 4/ 35.(35/280)
سنة أربع عشرة وخمسمائة
[الخطبة واللّقَب للسلطان سَنْجَر وابن أخيه]
فيها خُطب للسُّلطان سَنْجَر ولابن أخيه السّلطان محمود معًا في موضعٍ واحد، وسُميّ كلُّ واحدٍ شاهنشاه [1] .
ولُقّب سَنْجَر: «عضُد الدّولة» ولُقّب محمود: «جلال الدّولة» .
[نقْل أَبِي الفتوح مِن الحجابة]
وفي صَفَر نُقل أبو الفتوح حمزة بْن عليّ مِن الحجابة إلى وكالة الخليفة.
وإلى نظر المخزن [2] .
[تمرُّد العيّارين ببغداد]
وتمرّد العيّارون، وأخذوا زوارق منحدِرَة إلى بغداد، وفتكوا بأهل السّواد وأسرفوا، وهجموا عَلَى محلّه العتّابين، فحفظوا أبواب المحلّة ونهبوها عَنْوة، فأمر الخليفة بإخراج أتراك داريّة لقتالهم، فخرجوا وحاصروهم في الأجمة خمسة عشر يومًا.
ثمّ أنّ العيّارين نزلوا في السُّفّن، وانحدروا إلى شارع دار الرّقيق ودخلوا المحلّة، وأفلتوا منها إلى الصَّحارى. وقصد أعيانُهم دار الوزير أبي عليّ بْن صَدَقة بباب العامّة في ربيع الأوّل، وأظهروا التّوبة. وخرج فريق منهم لقطع
__________
[1] المنتظم 9/ 216 (17/ 185) ، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 370 (تحقيق سويم) 35 (حوادث 513 هـ-.) ، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 89، دول الإسلام 2/ 41، الكواكب الدرّية 86، النجوم الزاهرة 5/ 220.
[2] المنتظم 9/ 216 (17/ 185) .(35/281)
الطريق، فقتلهم أهل السّواد بأوَانا [1] ، وبعثوا برءوسهم إلى بغداد [2] .
[زواج دُبَيْس بْن صَدَقة]
وفيها ورد قاضي الكوفة أبو جعفر عَبْد الواحد بْن أحمد الثَّقَفيّ مِن جهة سيف الدّولة دُبَيْس إلى الأمير إيلغاز بْن أُرْتُق خطب منه ابنته لدُبَيْس، فزوَّجه بها، ونفَّذها في صُحْبته [3] .
[الخُلْف بين السّلطان محمود وأخيه]
وفيها وقع الخُلْفُ بين السّلطان محمود وأخيه مسعود [4] ، فتلطَّفه محمود، فلم يصلح، فانحاز البُرْسُقيّ [إلى محمود، وانهزم مسعود وعسكره] [5] ، واستولى عَلَى أموالهم. وقصد مسعود جبلًا، فأخفى نفسه، ثمّ أحضروه إلى السّلطان محمود بالأمان، واعتنقا، وبكيا طويلًا [6] .
ولمّا بلغ دُبَيْس اشتغالُ محمود أخذ في أَذية السّواد، وانجفل أهل نهر عيسى، ونهر المُلْك، وأتى غسّان صاحب جيشه، فحاصر بَعْقُوبا [7] ، وأخذها، وسبى الحُرَم والأولاد. وكان دُبَيْس يعجبه اختلاف السّلاطين فلمّا خاف مِن مجيء محمود أمر بإحراق الغلّات والأتْبان، وبعث إِليْهِ الخليفة يُنْذره، فلم ينفع. وبعث إِليْهِ السّلطان محمود يتألّفه، فلم يهتزّ لذلك، وقدم بغداد ونازلها بإزاء دار الخليفة، فوجل منه النّاس، وأخرج نقيب الطّالبيّين، وتهدّد دار
__________
[1] أوانا: بالفتح والنون. بليدة كثيرة البساتين والشجر، نزهة. من نواحي دجيل بغداد، بينها وبين بغداد عشرة فراسخ من جهة تكريت (معجم البلدان 1/ 274) .
[2] المنتظم 9/ 216، 217 (17/ 185، 186) ، عيون التواريخ 12/ 104.
[3] المنتظم 9/ 217 (17/ 186) .
[4] الخبر باختصار في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 370 (وتحقيق سويم) 35، وتاريخ دولة آل سلجوق 125.
[5] ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل، أضفته من المنتظم 9/ 217 (17/ 186) ، وانظر:
الكامل 10/ 563.
[6] الكامل 10/ 563، 564، التاريخ الباهر 23، المختصر في أخبار البشر 2/ 232، دول الإسلام 2/ 41، تاريخ ابن الوردي 2/ 26، البداية والنهاية 12/ 185، عيون التواريخ 12/ 103.
[7] في الطبعة الجديدة من المنتظم 17/ 187: «يعقوبا» وهو غلط.(35/282)
الخلافة، وقال: إنكّم استدعيتم السّلطان، فإنْ أنتم صرفتموه، وإلّا فعلت وفعلت.
فأنفذ إليه أنّه لَا يمكن ردّ السّلطان، بل نسعى في الصُّلْح. فانصرف دُبَيْس، فسمع أصوات أهل باب الأزج يَسُبَّونه، فعاد وتقدّم بالقبض عليهم، وضرب جماعة منهم بباب النّوبيّ [1] .
[خروج الخَزَر إلى بلاد الإسلام]
وفيها، قَالَ ابن الأثير: [2] خرج الكُرْج، وهم الخَزَر، إلى بلاد الإسلام.
وكانوا قديما يغيرون، فامتنعوا أيّام ملك شاه. فلمّا كَانَ في هذه السّنة خرجوا ومعهم القُفْجاق وغيرهم. فسار لحربهم دُبَيْس وإيلْغازي وجماعة في ثلاثين ألف فارس، فالتقى الْجَمْعان، فانكسر المسلمون، واصطدم المنهزمون، وتبعهم الكُفّار يقتلون ويأسرون، فقتلوا أكثرهم، وأسروا أربعة آلاف رَجُل [3] ، ونجا طُغْرُل أخو السّلطان دُبَيْس.
ونازلت الكرج تفْلِيس، وحصروها مدّة إلى سنة خمس عشرة، وأخذوها بالسَّيف [4] .
[المصافّ بين السّلطان محمود وأخيه]
وفيها في ربيع الأوّل كَانَ المَصافّ بين السّلطان محمود وأخيه المُلْك مسعود، وكان بيد مسعود أذَرْبَيْجان والموصل، وعُمره إحدى عشرة سنة. وسبب الحرب أن دُبَيْس بْن صَدَقة كَانَ يكاتب أتابك المُلْك مسعود، ويحثّه عَلَى طلب السَّلْطَنة لمسعود، وكان مَعَ مسعود قسيم الدّولة، أقسُنْقُر البرسقيّ الّذي كان
__________
[1] المنتظم 9/ 86، 187 (17/ 217، 218) ، بغية الطلب (قسم السلاجقة) 225، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 89، 90، المختصر في أخبار البشر 2/ 232، مرآة الجنان 3/ 205، عيون التواريخ 12/ 103.
[2] في الكامل في التاريخ 10/ 567.
[3] الكواكب الدرّية 85.
[4] الإنباء في تاريخ الخلفاء 213 و 214، الكامل 10/ 567، تاريخ مختصر الدول 201، 202، المختصر في أخبار البشر 2/ 232، دول الإسلام 2/ 41، العبر 4/ 31، البداية والنهاية 12/ 185، عيون التواريخ 12/ 104، الكواكب الدرّية 85، 86.(35/283)
شِحْنة بغداد قد أقطعه مَرَاغَة والرَّحْبَة، وكان معاديا لدُبَيْس، فكاتب دُبَيْس للأتابك جيوش بك يحرّضه عَلَى القبض عَلَى البُرْسُقيّ، فعرف البُرْسُقيّ، ففارقهم إلى محمود، فأكرمه ورفع محلَّه.
واتّصل أبو إسماعيل الحُسَيْن بْن عليّ الإصبهانيّ الطُّغْرائيّ مصنَّف [1] «لاميّه العَجَم» بمسعود. وكان وُلِد الطُّغْرائيّ يكتب لمسعود، فَلَمَّا وصل الطُّغْرَائِي استوزره مَسْعُود قبل أن يعزل أبا عليّ بْن عمّار الَّذِي كَانَ صاحب طرابُلُس [2] ، فحسّن أيضًا لمسعود الخروج عَلَى أخيه محمود، وخطب لمسعود بالسلطنة، ودقت لَهُ النوبة في الأوقات الخمس. فأقبل محمود، والتقوا عند عَقَبَة أَسَدَاباذ، ودام القتال طوال النّهار، وانهزم جيش مسعود، وأُسِر منهم خلْق، منهم الطُّغْرائيّ، ثمّ قُتِل بحضرة السّلطان محمود [3] ، وهرب خواصّ مسعود بِهِ إلى جبلٍ، فاختفى بِهِ وبعث يطلب الأمان، فرقّ لَهُ السّلطان محمود وأَمَّنَه.
ثمّ قوّوا نفس مسعود، وساروا بِهِ إلى المَوْصِل، فلحِق البُرْسُقيّ، وردّ به، واعتنقه أخوه وبكيا، وعدّ ذلك مِن مكارم محمود. ثمّ جاء جيوش بك وخاطر، فعفا عَنْهُ أيضًا السّلطان [4] .
[ظهور ابن تومرت بالمغرب]
وفي هذا الوقت كَانَ ظهور ابن تُومَرْت بالمغرب، كما هُوَ مذكور في ترجمته وانتشرت دعوته في جبال البربر، إلى أن صار من أمره ما صار [5] .
__________
[1] في الأصل: «مصنفا» .
[2] في الكامل 10/ 563: «سنة ثلاث عشرة وخمسمائة» وانظر: التاريخ الباهر 23، وتاريخ دولة آل سلجوق 125.
[3] التاريخ الباهر 23 وفيه قال السلطان: «قد صح عندي فساد اعتقاده ودينه» ، وفي زبدة التواريخ 192 إنه قتل ظلما.
[4] الخبر باختصار في: ذيل تاريخ دمشق 202، وهو بالتفصيل في الكامل 10/ 562- 565، والتاريخ الباهر 22، 23، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 89، 90، ووفيات الأعيان 2/ 185- 190، وتاريخ دولة آل سلجوق 125، 126، كتاب الروضتين 1/ 72، 73، دول الإسلام 2/ 41، البداية والنهاية 12/ 185.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 569، المختصر في أخبار البشر 2/ 232، دول الإسلام 2/ 42، العبر 4/ 32، تاريخ ابن الرودي 2/ 26، مرآة الجنان 3/ 205، البداية والنهاية 12/ 186، عيون(35/284)
[انهزام دُبَيْس مِن بغداد]
وفي رجب قِدم السّلطان محمود، فتلقّاه الوزير، ونثر عَليْهِ أهل باب الأزَج الدّنانير، فبعث دُبَيْس زوجته بِنْت عميد الدّولة بْن جَهير إلى السّلطان، فقدم عشرين ألف دينار، وثلاثة عشر فرسًا، فما وقع الرَّضا عَنْهُ، وطُولب بأكثر مِن هذا، فأصرّ عَلَى اللَّجاج، ولم يبذل شيئًا آخر، فمضى السّلطان إلى ناحيته، فبعث يطلب الأمان، وغالَطَ لينهزم، فلمّا بعث إِليْهِ خاتم الأمير دخل البرّيّة [1] .
[الأمر بإراقة الخمور]
وفيها أمر الخليفة بإراقة الخمور إلى سوق السّلطان، ونقْض بيوتهم [2] .
[ردّ الوزير السميرمي]
وفيها ردَّ وزير السّلطان الوزير المعروف بالسّمْيرميّ المُكُوس والضّرائب.
وكان السّلطان محمد قد أسقطها سنة إحدى وخمسمائة، ورجع السّلطان، فتلقّاه الوزير والموكب، فطلب الإفراج عَنِ الأمير أبي الحَسَن أخي المسترشد باللَّه، فبذل له ثلاثمائة ألف دينار ليسكت عَنْ هذا [3] .
[انهزام المسلمين أمام ابن رُدْمير ملك الإفرنج]
وفيها نازل ملك الفرنج ابن رُدمير مدينة قُتُنْدَة [4] فحاصرها، وهي قريبة مِن مَرْسيّة، فجاء عسكر المسلمين، فطلب المَصافّ، فانهزم المسلمون، وقُتل خلْق، منهم ابن الفّراء، وابن سُكَّرَة، واستطال ابن ردمير لعنه الله [5] .
__________
[ () ] التواريخ 12/ 104، المعجب 178، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 71، تاريخ ابن خلدون 6/ 225، الحلل الموشية 84، الاستقصاء 2/ 78.
[1] المنتظم 9/ 218 (17/ 187) ، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 370 (تحقيق سويم) 35، الكامل في التاريخ 10/ 565، بغية الطلب (قسم السلاجقة) 226.
[2] المنتظم 9/ 218 (17/ 187) .
[3] المنتظم 9/ 218 (17/ 188) ، وانظر: الكامل في التاريخ 10/ 595.
[4] قتندة: بلدة بالأندلس ثغر سرقسطة. (معجم البلدان) وفي الكامل 10/ 586: «كتندة» بالكاف.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 586، دول الإسلام 2/ 42، معجم البلدان 4/ 310.(35/285)
سنة خمس عشرة وخمسمائة
[وفاة جدّة السّلطان محمود]
فيها بلغ السّلطان محمود وفاةُ جدّته، فردّ مِن الصَّيد، وعمل عزاءها ببغداد، وتكلّم أبو سَعْد إسماعيل بْن أحمد، وأبو الفتوح أحمد الغزّاليّ الطُّوسيّان [1] .
[عُزِل ابن طراد عَنِ النقابة وإعادته]
وفيها استُدْعي عليّ بْن طِراد النّقيب الحاجب مِن الدّيوان، وقرأ عَليْهِ الوزير توقيعًا بأنْ قد استُغْني عَنْ خدمتك. فمضى ولزِم بيته. وكانت بنته متّصلة بالأمير أبي عَبْد الله بْن المستظهر، وهو المقتفي.
وفي ربيع الأوّل انحدر أبو طَالِب عليّ بْن أحمد السميرميّ وزير السّلطان متفرّجًا، فلمّا حاذى باب الأزج عبر إليه عليّ بْن طِراد وحدَّثه، فوعده، ثمّ تكلّم في حقّه، فأُعيد إلى النّقابة [2] .
[انقضاض كوكب]
وفيه انقض كوكب صارت مِن ضوئه أعمدة عند انقضاضه، وسمع عند ذَلِكَ هدّة كالزّلزلة [3] .
[خِلعَة القضاء للهروي]
وفيه خُلِع عَلَى القاضي أبي سَعْد الهَرَويّ خِلْعةُ القضاء، قلّده السّلطان
__________
[1] المنتظم 9/ 222 (17/ 192) ، الكامل في التاريخ 10/ 593.
[2] المنتظم 9/ 223 (17/ 193) .
[3] المنتظم 9/ 223 (17/ 193) ، الكامل في التاريخ 10/ 595، الكواكب الدرّية 86.(35/286)
محمود القضاء بجميع الممالك سوى العراق مُرَاعاةً لقاضي القُضاة أبي القاسم الزَّيْنَبيّ، وركب إلى داره ومعه كافّة الأمراء [1] .
[احتراق دار المملكة] وفي جُمَادَى الآخرة احترقت دار المملكة الّتي استجدّها بهروز الخادم، وكان بها السّلطان نائمًا عَلَى سطح، فنزل وهرب في سفينة، وذهب مِن الفَرْش والآلات والجواهر ما يزيد ثمنه عَلَى ألف ألف دينار، وغسّل الغسّالون التّراب، وظفروا بالذّهب والحُليّ قد تسبَّك [2] ، ولم يَسْلَم مِن الدّار ولا خَشَبَة، وأمر السّلطان ببناء دارٍ عَلَى المُسَنّاة المستحدثة [3] ، وأعرض عَنِ الدار الّتي احترقت، وقال: إنّ أَبِي لم يُمَتّع بها ولا امتدّ بقاؤه بعد انتقاله إليها. وقد ذهبت أموالنا فيها [4] .
[احتراق جامع بإصبهان]
واحترق بإصبهان جامعٌ كبير أنفِقَت عَليْهِ أموال، يقال إنّه غرم على أخشابه ألف ألف دينار [5] .
[انعقاد مجلس السّلطان]
وفي شعبان عقد مجلس، وحلف السّلطان للخليفة عَلَى المناصحة والطّاعة. ثمّ نفَّذ هديةً إلى الخليفة. وجلس الخليفة في الدّار الشّاطئيّة، وهي مِن الدُّور البديعة الّتي أنشأها المقتدي، وتمَّمها المسترشد، فجلس في قُبَّته، وعليه ثوب مُصْمت وعِمامة رصافية [6] ، وعلى كتفه البردة [7] ، وبين يديه القضيب.
__________
[1] المنتظم 9/ 223 (17/ 193) .
[2] في المنتظم: «فظفروا بالذهب والحليّ سبائك» .
[3] في المنتظم: «المستجدة» ، وهما سواء.
[4] المنتظم 9/ 223، 224 (17/ 194) ، الكامل في التاريخ 10/ 594، 595، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 96، العبر 4/ 34، مرآة الجنان 3/ 211، عيون التواريخ 12/ 120، الكواكب الدرّية 86، 87، شذرات الذهب 4/ 47.
[5] المنتظم 9/ 224 (17/ 194) ، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 97، البداية والنهاية 12/ 188، عيون التواريخ 12/ 120، الكواكب الدرّية 87.
[6] في الأصل: «وعمامة وصافنة» . والتصحيح من: المنتظم.
[7] في الأصل: «البرد» .(35/287)
ورتَّب وزيره ابن صَدَقة الأمور.
وأتى وزير السّلطان أبو طالب [1] السّميرميّ [و] [2] المستوفي وخواصّ دولتهم، ثمّ وقف ابن صَدَقة عَنْ ياسر السُّدَّة، وأبو طَالِب السُّمَيْرميّ عَنْ يمينها.
وأقبل السّلطان محمود ويده في يد أخيه مسعود، فلمّا قرُب استقبله الوزيران والكبار، وحجبوه إلى بين يدي الخليفة، فلمّا قاربوا كُشِفت السّتارة لهما، ووقف السّلطان في الموضع الَّذِي كَانَ وزيره واقفًا فيه، وأخوه إلى جانبه، فخذ ما ثلاث مرّات ووقفا، والوزير ابن صَدَقة يذكر لَهُ عَنِ الخليفة أُنْسَه بِهِ وتقرُّبه وحُسْن اعتقاده فيه.
ثمّ أمر الخليفة بإفاضة الخِلَع عَليْهِ، فحمُل إلى مجلسٍ لذلك، ثمّ وقف الوزيران بين يدي الخليفة يحضران الأمراء أميرًا أميرًا، فيخدم ويعرّف خدمته، فيقبّل الأرض وينصرف.
ثمّ عاد السّلطان وأخوه، فمثّلًا بين يدي الخليفة، وعلى محمود الخِلَع السَّبْع [3] والطَّواق، والسّواران، والتّاج، فخدما. وأمر الخليفة بكُرْسيّ، فجلس عَليْهِ السّلطان، ووعظه الخليفة وتلى عَليْهِ قوله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ 99: 7- 8 [4] وأمره بالإحسان إلى الرّعيّة، ثمّ أذن للوزير أَبِي طَالِب في تفسير ذَلِكَ عَليْهِ، ففسّره، وأعاد عَنْهُ أنّه قَالَ: وفّقني الله لقبول أوامر مولانا أمير المؤمنين، وارتسامها بالسّعادات. فلمّا فعلا قال: اقمع بهما الكُفّار والمُلْحِدين. وعَقَد لَهُ بيده لواءين حُمِلا معه، وخرج، فقُدَّم لَهُ في صحن الدّار فَرَسٌ مِن مراكب الخليفة، بمركبٍ جديد صينيّ، وقيد بين يديه أربعةُ أفراس بمراكب الذَّهَب [5] .
__________
[1] في المنتظم: «أبو الحسن» ، والمثبت يتفق مع: الكامل في التاريخ 10/ 595.
[2] زيادة من المنتظم.
[3] في الأصل: «السبع» .
[4] آخر سورة الزلزلة.
[5] المنتظم 9/ 225، 226 (17/ 195، 196) ، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 97، عيون التواريخ 12/ 121، الكواكب الدرّيّة 87.(35/288)
[الأمطار ببغداد]
وفيها كان ببغداد أمطار عظيمة متوالية، ثمّ وقع ثلْجٌ، عظيم وكبرُ حتى كَانَ عُلُوَّ ذِراع [1] .
[الثلج بالبصرة]
قال ابن الجوزيّ: [2] وقد ذكرنا في كتابنا هذا، يعني «المنتظم» ، أنّ الثّلج وقع في سنين كثيرة في أيام الرّشيد، وفي أيّام المقتدر، [والمعتمد] [3] ، وفي أيّام المطيع، والطّائع، والقادر، والقائم، وما سمع بمثل هذا الواقع في هذه السّنة، فإنّه بقي خمسة عشر يومًا ما ذاب، وهلك شجر الأتْرُجّ، [والنارنج] [4] واللّيمون، ولم يُعْهَد سقوط ثلجٍ بالبصرة إلّا في هذه السّنة [5] .
[خروج دُبَيْس إلى الحلّة ومصالحته]
ودخل دبيس الحِلّة، فأخرج أهلها، فازدحموا على المعابر، فغرق منهم نحو الخمسمائة، ودخل أخوه النّيل، فأخرج شِحْنة السّلطان منها، وأخذ ما فيها مِن الميرة، فحثّ الخليفةُ السّلطان عَلَى دُبَيْس، فندب السّلطان الأمراء لقصد دُبَيْس، فلمّا قصدوه أحرق دار أَبِيهِ، وذهب إلى النّيل، فأتى العسكر الحِلّة، فوجدوها فارغة، فقصدوه وهو بنواحي النّيل، ثمّ صالحوه. وخَلَف السّلطان [6] .
[إقطاع المَوْصِل لأقسنقر]
وفي صَفَر أقطع السّلطان أقسُنْقُر البُرْسُقيّ المَوْصِل وأعمالها، وبعثه إليها،
__________
[1] دول الإسلام 2/ 42، الكواكب الدرّية 87.
[2] في المنتظم 19/ 226 (17/ 197) .
[3] إضافة من المنتظم.
[4] إضافة من المنتظم.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 595، 596 وفيه: فقال فيه بعض الشعراء:
يا صدور الزمان ليس بوفر ... ما رأيناه في نواحي العراق
إنّما عمّ ظلمكم سائر الخلق ... ، فشابت ذوائب الآفاق
والبيتان في: مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 98، والخبر في: الكواكب الدرّية 87.
[6] المنتظم 9/ 227 (17/ 197، 198) ، بغية الطلب (قسم السلاجقة) 226، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 98.(35/289)
وأمره بجهاد الفرنج، فسار إليها في عسكر كبير، واستقرّ بها [1] .
[حُكم إيلغازي بماردين]
وكان الأمير إيلغازي بْن ارْتُق في هذه المدّة حاكمًا عَلَى ماردين وحلب، وابنه سليمان بحلب، فعزل سليمان منها لكونه أراد أن يعصي عَلَى أَبِيهِ [2] .
[إلزام الباعَةَ المكوس]
وفيها أُعيدت المُكُوس، وأُلْزمت الباعة أن يدفعوا إلى السّلطان ثُلُثي ما يأخذونه مِن الدّلالة، وفُرِض عَلَى كلّ ثوبٍ مِن السّقْلاطونيّ ثمانية قراريط. ثمّ قِيلَ للباعة: زِنوا خمسة آلاف شكرًا للسلطان، فقد أمر بإزالة المُكُوس [3] .
[مرض الوزير وشفاؤه]
ومرض وزير السّلطان، فعاده السّلطان وهنّأه بالعافية، فاحتمل واحتفل وعمل، أعني الوزير، وليمة عظيمة إلى الغاية، فيها الملاهي والأغاني، نابه عليها خمسون ألف دينار [4] .
[وفاة ابن يلدرك]
وفيها تُوُفّي عليّ بْن يلدرك التُّرْكيّ، وكان شاعرًا مترسّلًا ظريفًا، تُوُفّي في صَفَر ببغداد.
قَالَ أبو الفَرَج بْن الْجَوْزيّ [5] : نقلت مِن خطّ ابن عقيل قَالَ: حدَّثني الرئيس أبو الثّناء عليّ بْن يلدرك، وهو مِن خَبرته بالصّدْق، أنّه كان في سوق نهر
__________
[1] كتاب الروضتين 1/ 73، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 133، المختصر في أخبار البشر 2/ 235، تاريخ ابن الوردي 2/ 28، البداية والنهاية 12/ 188، عيون التواريخ 12/ 120.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 591، 592، وانظر: زبدة الحلب 2/ 200، ونهاية الأرب 27/ 76، والمختصر في أخبار البشر 2/ 235، تاريخ ابن الوردي 2/ 28.
[3] المنتظم 9/ 228 (17/ 198) .
[4] المنتظم 228 (17/ 198) .
[5] في المنتظم 9/ 229، 230 رقم 380 (17/ 200 رقم 3903) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 99، وخريدة القصر (قسم شعراء العراق) ج 3 ق 2/ 395، ومعجم الألقاب لابن الفوطي 1/ 269، والوافي بالوفيات 22/ 334، 335 رقم 238.(35/290)
المُعَلَّى، وبين يديه رَجُل عَلَى رأسه قفص زجاج، وهو مضطّرب المشْي، يظهر منه عدم المعرفة بالحَمْل، فما زلت أترقَّب سقوطه.
قَالَ: فسقط، فتكسّر الزّجّاج، فبُهت الرجل، ثمّ أخذ عند الإفاقة مِن البكاء يَقُولُ: هذا والله جميعُ بضاعتي، والله لقد أصابني بمكّة مصيبة عظيمة تُوُفّي عَلَى هذه، ما دخل عَلَى قلبي مثل هذه.
واجتمع حوله جماعة يَرْثُون لَهُ، ويبكون عَليْهِ، وقالوا: ما الَّذِي أصابك بمكّة؟
قَالَ: دخلت قُبَّة زمزم، وتجرَّدت للاغتسال، وكان في يدي دُمْلُج ثمانون مثقلًا، فخلعته واغتسلت، وأُنْسيتُه، وخرجت.
فقال رَجُل مِن الجماعة: خُذْه، لَهُ معي سنين. فدُهش النّاس مِن إسراع جَبْر مصيبته.
[منازلة ابن تاشفين قُرْطُبَة]
وفيها نازل المُلْك عليّ بْن يوسف بْن تاشفين البربريّ مدينة قُرْطُبَة وحاصرها، وأذلّ النّاس، فتذلَّلوا لَهُ، وبذلوا لَهُ أموالًا عظيمة، حتّى ترحّل عَنْهُم.
وكانوا قد خرجوا عَليْهِ لكونه بعث عَلَى نيابه قُرْطُبَة قائدًا ظالمًا، فأراد عبدٌ مِن عُبَيْده أن يُكره امرَأَة ويضطهدها علانية، فضربه النّاس، فآل الأمر إلى قتال، حتّى تسوّروا عَلَى القائد وأخرجوه، بعد أن كادوا يقتلوه. وجَرَت فتنة عظيمة.
وكان البربر في هذه السّنين غالبين عَلَى الأندلس، وفيهم قِلّة دِين.
وقبل سفر ابن تاشّفين وقف لَهُ بجامع مُرّاكُش محمد بْن تُومَرْت الفقيه، وكلّمه بكلام فجّ، فقال: أيّها الأمير، إنّك حِلْت بين بصرك وبين الحقّ، فظلمت التّقليد، وقلّدت قومًا أكلوا الدّنيا بالآخرة، وأنا أُناظرهم بين يديك، وأصقل مرآتك، حتّى تأمر بالاحتياط عَليْهِ. وأحضر لَهُ جماعة مِن أهل الأُصول والفروع.(35/291)
سنة ست عشرة وخمسمائة
[مصالحة البرسقيّ ودبيس بن صَدَقة]
فيها كلّم الخليفة الوزير أبا طَالِب السّميرميّ في أمر دُبَيْس، وأنّ في قريةٍ من بغداد خطرا، فنؤثر مقام آق سنقر البُرْسُقيّ عندنا لنُصْحه، فوافق السّلطان محمود عَلَى ذَلِكَ [1] .
ثمّ خرج في ربيع الأوّل مِن بغداد، وكانت إقامته بها سنة وسبعة أشهُرٍ ونصف. وخلع عَلَى البُرْسُقيّ، وكُلّم في شأن دُبَيْس، فتوجّه إلى صَرْصر، وتصافّ [2] العسكران، وانْجَلَت الوقعة عَنْ هزيمة البُرْسُقيّ، وكان في خمسة آلاف فارس، ودبيس في أربعة آلاف [3] ، وبأسلحة ناقصة، إلّا أنّ رَجّالته كانت كثيرة. ورأى البُرْسُقيّ في الميسرة خَلَلًا، فأمر بحطّ خيمته لتُنْصب عندهم ليشجعهم بذلك، وكان ذَلِكَ ضلّة من الرّأي، لأنهم لمّا رأوْها حُطَّت أشفقوا فانهزموا، وكان الحَرّ شديدًا، فهلكت البراذين والهمالج عطشًا، وترقّب النّاس مِن دُبَيْس الشّرَّ، فلم يفعل، وأحسن السّيرة، وراسل الخليفة وتلطّف، وتقرَّرت قواعد الصُّلح [4] .
[وزارة الزَّيْنَبيّ]
ثمّ جرت أمور، وولي عليّ بْن طِراد الزَّيْنَبيّ نيابة الوزارة، وعزل ابن صدقة، ولم يؤذ [5] .
__________
[1] المنتظم 9/ 231 (17/ 203) .
[2] في الأصل: «وتصافى» .
[3] في المنتظم: «وكان عسكر دبيس في خمسة آلاف فارس» .
[4] المنتظم 9/ 232، 233 (17/ 204، 205) .
[5] المنتظم 9/ 233، 234 (17/ 205، 206) ، الفخري 305.(35/292)
[وزارة عثمان بْن نظام المُلْك]
ثمّ قِدم قاضي القضاة أبو سعيد الهَرَويّ مِن العسكر بتُحَفٍ مِن سَنْجَر، وأنّ السّلطان محمود قد استوزر عثمان بْن نظام المُلْك [1] ، وعوَّل عثمان عَلَى أَبِي سَعْد بأن يخاطب الخليفة في أن يستوزر أخاه أحمد بْن نظام المُلْك، وأنّه لَا يستقيم لَهُ وزارة بدار الخلافة.
[نزول ابن صَدَقة حُديثة الفرات]
فتخيّر ابن صَدَقة حُدَيْثة الفرات ليكون عند سليمان بْن مُهارش. فأُخرج وخُفِر [2] ، فوقع عَليْهِ يوسف الحراميّ [3] ، وجَرَت لَهُ معه قصص [4] .
[وزارة أحمد بن النظام]
واستدعى أبو نصر أحمد بن النّظام مِن داره نقيب النُّقباء عليّ بْن طِراد، وابن طلحة، ودخل الخليفة وحده وخرج مسرورًا، وخلع عَليْهِ للوزارة [5] .
[تألُّم دُبَيْس مِن معاملة الخليفة لَهُ]
وفي رمضان بعث دُبَيْس طائفة، فنهبوا أكثر مِن [مائة] [6] ألف رأس، فأرسل إليه الخليفة يُقَبّح ما فعل، فبثّ ما في نفسه، وما يعامَل بِهِ مِن الأمور المُمضّة [7] ، منها أنّهم [ضمنوا] [8] لَهُ إهلاك عدوّه ابن صَدَقة الوزير، فأخرجوه مِن الضّيق إلى السَّعة، ومنها أنّه طلب إخراج البُرْسُقيّ مِن بغداد، فلم يفعلوا. ومنها أنّهم وعدوه في حقّ أخيه منصور أن يُطْلقُوه [9] .
وكان قد عصى عَلَى السّلطان بَركْيَارُوق وخطب لمحمد، فلمّا ولي محمد
__________
[1] انظر: تاريخ دولة آل سلجوق 108، والبداية والنهاية 12/ 190، وعيون التواريخ 12/ 130.
[2] في المنتظم 9/ 234 (17/ 206) : «وحقر» .
[3] في المنتظم: «يونس الحرمي» .
[4] المنتظم 9/ 234 (17/ 207) .
[5] المنتظم 9/ 234 (17/ 206) ، الفخري 306.
[6] إضافة من المنتظم 9/ 235 (17/ 207) .
[7] في الأصل: «الممضية» .
[8] إضافة من المنتظم.
[9] المنتظم 9/ 230 (17/ 206، 207) .(35/293)
صار لَهُ بالخطبة، جاءه عند محمد، وقرّر مَعَ أخيه أن لَا يتعرَّض لصَدَقة، وأقطعه الخليفة الأنبار، ودممًا، والفَلُّوجة، وأعطاه واسط، وأذن لَهُ في أخْذ البصرة، فصار يدلّ عَلَى السّلطان الإدلال الَّذِي لَا يحتمله، وإذا وقّع إليه زاد [1] التوقيع، وطال مُقام الرَّسُول عَلَى مواعيد لَا يُنْجزها، وأوحش أصحاب السّلطان، وعادى البُرْسُقيّ. وكان أيضًا قد أظهر سبّ الصّحابة بالحِلّة، فأخذ العميد أبو جعفر ثقة الملك فتاوى فيما [2] يجب عَلَى من سبّ، وكتب المَحَاضِر فيما يتمّ في بلاد ابن مَزْيَد مِن تَرْك الصَّلَوات، وأنّهم لَا يعتقدون الجمعة ولا الجماعات، ويتظاهرون بالمحرَّمات. فكتب الفُقهاء بأنّه يتعيَّن قتالهم.
ثمّ قصد العميد باب السّلطان وقال: إنّ حال ابن مَزْيَد قد عظُمَت، وقد قلّت فكرته في أصحابك، واستبدّ بالأموال، وأراه الفَتْوَى وقال: هذا سُرْخاب قد لجأ إِليْهِ، وهو عَلَى غاية مِن بِدْعته الّتي هِيَ مذهب الباطنيّة. وكانا قد اتّفقا عَلَى قلب الدّولة، وإظهار مذهب الباطنيّة.
[احتماء سُرْخاب بابن مَزْيَد]
وكان السّلطان قد تغيّر عَلَى سُرخاب، فهرب منه إلى الحِلّة، فتلقّاه [دُبَيْس] [3] بالإكرام، فراسله السّلطان، وطالبه بتسليم سُرخاب، فقال: لَا أسلَّم من لجأ إليَّ [4] ، وإنّ السّلطان قَصَده. فاستشار أولاده، فقال ابنه دُبَيْس: تُسلّم إليَّ مائة ألف دينار، وتأذن لي أن أنتقي ثلاثمائة فرس من الإصطبلات، وتجرّد معي ثلاثمائة فارس، فإنّي أقصد باب السّلطان، وأعتذر عنك، وأخدمه بالمال والخيل، ويقرّر معه أن لَا يتعرَّض لأرضك.
فقال غيره: الصّواب أن لَا تُصانع مِن تغيَّرت [5] فيك نيتّه. فقال: هذا الرأي. وجمع عشرين ألف فارس، وثلاثين ألف راجل، وتمّت وقعة هائلة، ثمّ قُتِل صدقة. وقد مرّ ذلك [6] .
__________
[1] في المنتظم 9/ 236 (17/ 208) : «رد» .
[2] في المنتظم: «مما» .
[3] إضافة على الأصل يقتضيها السياق.
[4] الفخري 302.
[5] في المنتظم: «تغير» .
[6] المنتظم 9/ 236، 237 (17/ 208، 209) .(35/294)
[خروج الخليفة لقتال دُبَيْس]
ونشأ دُبَيْس، ففعل القبائح، ولقي النّاس منه فنون الأذى، وطغى وبغى، فنفذّ إليه المسترشد يهدّده، فتواعد وأوعد، وأرسل، وبعث طلائعه، فانزعج أهل بغداد. فلمّا كَانَ ثالث شوّال صلب البُرْسُقيّ تسعةً، قِيلَ: إنّهم مجهّزون مِن دُبَيْس لقتْل البُرْسُقيّ، وعبر البُرْسُقيّ في ذي القِعْدة. ونصب [1] الخليفة سُرَادقة عند رقة ابن دحروج، ونصب هناك الجسر. وبعث القاضي أبا بَكْر الشّهْرَزُورِيّ إلى دُبَيْس يُنْذره. وفي الكلام: وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا 17: 15 [2] .
فاحْتدّ وغضب وجمع، فكانت فرسانه تزيد عَلَى ثمانية آلاف، ورجّالته عشرة آلاف. ونزل المسترشد باللَّه راكبًا مِن باب الغربة، ثمّ عبر في الزّبزب، وعليه القباء والعمامة، وبيده القضيب، وعلى كتفه البُرْدَة النّبويّة، وعلى رأسه طَرْحة، ومعه وزيره أحمد بْن نظام المُلْك، وقاضي القُضاة الزَّيْنَبيّ، والنّقيبان، والهاشميّون، والقُضاة، فنزل بالمخيم، وأقام بِهِ أيّامًا [3] .
[مقتل الوزير السُّمَيْرميّ]
وفيها قُتِل الوزير أبو طَالِب السُّمَيْرميّ ببغداد [4] .
[وزارة شمس المُلْك]
وولي وزارة السّلطان محمود بعده شمس المُلْك عثمان بْن نظام المُلْك، فأبطل ما جدّده السُّمَيْرميّ مِن المُكُوس [5] .
[مقتل الأمير جيوش بك]
وفي رمضان قتل السّلطان محمود الأمير جيوش بك. وكان تُركيّا مِن
__________
[1] في الأصل: «وصرن» .
[2] سورة الإسراء، الآية: 15.
[3] المنتظم 9/ 237، 238 (17/ 209، 210) ، ذيل تاريخ دمشق 206، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 101، البداية والنهاية 12/ 190.
[4] المنتظم 9/ 239، 240 رقم 390 (17/ 212، 213 رقم 3912) ، الكامل في التاريخ 10/ 601، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 107، عيون التواريخ 12/ 130، والكواكب الدرّيّة 89.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 602، تاريخ دولة آل سلجوق 108، عيون التواريخ 12/ 130.(35/295)
مماليك السّلطان محمد، وكان مَهِيبًا شجاعًا. قتله محمود خوفًا، فأمِن غائلته [1] .
[وفاة إيلغازي]
وفيها مات إيلغازي صاحب ماردين، وحلب، وميّافارقين [2] .
[إقطاع البُرْسُقيّ واسط وأعمالها]
وفيها أقطع السّلطان محمود قسيم الدّولة البرسقيّ واسطا وأعمالها، مُضافًا إلى ولاية المَوْصِل، وشِحنكيّة العراق. فسيّر إلى واسط عماد الدّين زنْكيّ بْن أقسُنْقُر [3] .
[الغزنوي الواعظ ببغداد]
وفيها وصل إلى بغداد أبو الحَسَن الغَزْنَويّ، فوعظ، وأقبلوا عَليْهِ [4] ،
[ورُود أَبِي الفتوح الإسْفرائينيّ بغداد]
ثمّ ورد بعدُ أبو الفتوح الإسْفرائينيّ، ونزل برباط أبي سَعْد، وتكلَّم بمذهب الأشْعَريّ، ثمّ سلّم إِليْهِ رباط الأرجوانيّة [5] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 603، 604، المختصر في أخبار البشر 2/ 236.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 604، تاريخ مختصر الدول 202، زبدة الحلب 2/ 206، ذيل تاريخ دمشق 208، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 54، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 102، نهاية الأرب 27/ 77، المختصر في أخبار البشر 2/ 236، دول الإسلام 2/ 43، العبر 4/ 36، تاريخ ابن الوردي 2/ 29، والدرّة المضيّة 490، النجوم الزاهرة 5/ 223، شذرات الذهب 4/ 48.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 604، 605، كتاب الروضتين 73، المختصر في أخبار البشر 2/ 236، تاريخ ابن الوردي 2/ 29.
[4] المنتظم 9/ 238 (17/ 210) ، الكامل في التاريخ 10/ 605.
[5] المنتظم 9/ 238 (17/ 210) ، الكامل في التاريخ 10/ 605.(35/296)
سنة سبع عشرة وخمسمائة
[الحرب بين المسترشد ودُبَيْس]
في أوّلها رحل المسترشد باللَّه، ثمّ نزل بقرية تعرف بالحُدَيْثة مِن نهر المُلْك، وأتاه البُرْسُقيّ وجماعة مِن الأمراء، وحلفوا عَلَى المناصحة والمبالغة في الحرب.
وقرأ محمد بْن عُمَر الأهوازيّ عَلَى المسترشد «جُزْء ابن عَرَفَة» وهو سائر [1] . ثمّ سار إلى النّيل. ورتّب البُرْسُقيّ بنفسه الجيش صفوفًا، فكانوا نحو الفرسخ عَرْضًا، وجعل بين كلّ صفين مجالًا للخيل، ووقف الخليفة في موكبه مِن ورائهم، بحيث يراهم: فرتَّب دُبَيْس عسكره صَفًا واحدًا، والرّجالة بين يدي الفُرْسان بالتّراس الكبار، ووقف في القلب، ومنّى عسكره، ووعدهم نهْبَ بغداد.
فلمّا تراءى الْجِمْعان حملت رجّالة دُبَيْس، وكان قد استصحب معه القِيان والمخانيث بالدُّفوف والزَّمْر يحرّضون عسكره، ولم يُسمع في عسكر الخليفة إلّا القرآن والذَّكر والدّعاء، فحمل عنبر الكرديّ عَلَى صفّ الخليفة، فتراجعوا وتأخّروا، ثمّ جرّد الخليفة سيفه وصعد على تلّ، فقال عسكر دُبَيْس إنْ عنبرًا [2] خامر، فلم يصدَّق. فلمّا رَأَى المهد والعَلَم والموكب قد صعدوا أيقن غدر عنبر [2] بْن أَبِي العسكر، فهرب ووقعت الهزيمة. وعَبَر دبيس الفُرات بفرسه،
__________
[1] مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 109.
[2] في المنتظم 9/ 242 (17/ 217) : «عنتر بن أبي العسكر» ، وكذا في الكامل 80/ 608، والتاريخ الباهر 26.(35/297)
وأدركته الخيل، ففاتهم [1] ، فقيل: إنّ عجوزًا هناك قَالَتْ: دُبَيْس دُبَيْر خبيث [2] .
فقال: دُبير مِن لم يجيء. وقُتِل خلْقٌ مِن رَجّالته، وأُسِر خلْق كبير. وقُتل مِن عسكر الخليفة عشرون فارسًا، وعاد منصورًا [3] .
[بناء سور بغداد]
ودخل بغداد يوم عاشوراء. وأمر بجباية الأموال ليعمل سورًا عَلَى بغداد، فجبي شيء كثير، ثمّ أعيد إليهم، فعظُم دعاؤهم لَهُ، وشرعوا في عمل السُّور في صَفَر.
وكان كلّ جمعة يعمل أهله محلّةً يخرجون بالطّبول والخيالات [4] .
[ختان أولاد الخليفة]
وعزم الخليفة عَلَى ختان [5] أولاده وأولاد إخوته، فكانوا اثنا عشر صبيا، فغلّقت بغداد، وعمل النّاس القباب، عملت خاتون قبّة باب النّوبيّ، وعلَّقت عليها مِن الدّيباج والجواهر ما أدهش الأبصار، وعملت قبّة عَلَى باب السّيّد العلويّ، عليها غرائب الحليّ والحلل، من ذَلِكَ ستران [6] مِن الدّيباج الرُّوميّ، طُول الستْر نحو عشرين ذراعًا، عَلَى الواحد اسم المتّقي للَّه، وعلى الآخر اسم المعتزّ باللَّه، وبقوا أسبوعا [7] .
__________
[1] في الأصل: «فقاتلهم» ، والتصحيح من المنتظم.
[2] هكذا في الأصل. وفي بغية الطلب (قسم السلاجقة) 237: «جئت» .
[3] المنتظم 9/ 242، 243 (17/ 216، 217) ، تاريخ العظيمي (تحقيق زعرور) 372 (تحقيق سويم) 37، الإنباء في تاريخ الخلفاء 215، 216، ذيل تاريخ دمشق 208، 209 (باختصار) ، الكامل في التاريخ 10/ 607- 610، التاريخ الباهر 25، 26، كتاب الروضتين 1/ 73، 74، وبغية الطلب (قسم السلاجقة) 227، 228 و 237، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 110، المختصر في أخبار البشر 2/ 236، دول الإسلام 2/ 42، العبر 4/ 39، تاريخ ابن الوردي 2/ 31، مرآة الجنان 3/ 221، البداية والنهاية 12/ 190، 191.
[4] في المنتظم 9/ 245 (17/ 219) : «الجنكات» ، الكامل في التاريخ 10/ 616، 617، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 110.
[5] في الأصل: «ختام» .
[6] في الأصل: «سترات» . والتصحيح من المنتظم، والسياق.
[7] المنتظم 9/ 245 (17/ 219) ، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 110، 111، دول الإسلام 2/ 42،(35/298)
[أعمال دُبَيْس المنكَرَة]
وجاء الخبر أنّ دُبَيْس ذهب إلى غَزَيَّة [1] ، فدعاهم إلى الشّقاق، فقالوا: ما عَادتُنا معاداةُ الملوك، فذهب إلى بني المنتفق [2] ، فخالفوه، وقصد البصرة، وكبس مشهد طلْحة والزُّبَيْر، فنهب ما هناك، وقتل خلقًا كثيرًا، وعزم عَلَى قطْع النَّخْل، فصالحوه عَلَى مال، وجعلوا عَلَى كلّ رأس شيئًا [3] .
[القبض عَلَى الوزير شمس المُلْك]
وفيها قبض السّلطان محمود عَلَى وزيره شمس المُلْك عثمان بْن نظام المُلْك، لأنّ سَنْجَر طلبه منه، فقال أبو نصر المستوفي لَهُ: مَتَى ذهب إلى سَنْجَر لم تأمَنْه، فاقتله وابعث برأسه. فقتله وبعث إلى الخليفة ليعزل أخاه، فانقطع في منزله، وناب في الوزارة عليّ بْن طِرَاد [4] .
[وزارة ابن صَدَقة]
ثمّ طلب الوزير ابن صَدَقة مِن الحُدَيْثَة، فأُحضر، واستوزر في ربيع الآخر [5] .
[استيلاء الأمير بَلْك عَلَى حرّان وحلب]
وفيها استولى الأمير بَلْك بْن بهرام بْن أُرْتُق عَلَى حَرّان، وسار منها فنزل عَلَى حلب، وضيّق عليها، وبها ابن عمّه بدر الدّولة سليمان بن عبد الجبّار،
__________
[ () ] البداية والنهاية 12/ 193، الكواكب الدرّية 90.
[1] غزيّة: بضم الغين، وفتح الزاي، وتشديد الياء، وقيل: بفتح الغين، وكسر الزاي، وقيل: بفتح الراء المهملة. موضع قرب فيد وبينهما مسافة يوم. (معجم البلدان 4/ 203) .
وفي الأصل: «غزنة» .
[2] في الأصل: «المتفق» ، وما أثبتناه يتفق مع: بغية الطلب (قسم السلاجقة) 228.
[3] المنتظم 9/ 245 (17/ 219، 220) ، الكامل في التاريخ 10/ 609، 610، بغية الطلب (قسم السلاجقة) 228، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 111، العبر 4/ 39، البداية والنهاية 12/ 191، شذرات الذهب 4/ 53.
[4] المنتظم 9/ 245، 246 (17/ 220) ، الكامل في التاريخ 10/ 614، تاريخ دولة آل سلجوق 108 و 132، النجوم الزاهرة 5/ 226.
[5] المنتظم 9/ 246 (17/ 220) ، الكامل في التاريخ 10/ 615.(35/299)
فسلمها إِليْهِ بالأمان، فدخلها وتزوَّج بِنْت المُلْك رضوان [1] .
[التدريس في نظاميّة بغداد]
وقدم ابن الباقَرْحِيّ ومعه كُتُب محمود وسَنْجَر بتدريس نظامية بغداد. ثمّ وصل في شَعْبان أسعد المِيهَنيّ بتدريسها، وصرف ابن الباقر حيّ [2] .
[موت ابن قُراجا صاحب حماه]
وفيها سار محمود بْن قُراجا صاحب حماه إلى حصن فامية، ونهبَ ودخلها، فأصابه سَهْم، وعاد فمرض ومات، وكان ظالمًا جائرًا، فاستولى طُغتِكين صاحب دمشق عَلَى حماه، ورتّب بها واليا وعسكرًا [3] .
[مقتل بَلْك صاحب حلب]
وفيها التقى بَلْك صاحب حلب بالفرنج، فهَزمهم وقتل منهم خلقًا، وعاد إلى مَنْبج فحاصرها وبها الأمير حسّان، فأتاه سهْمٌ غَرْب قتله [4] .
[تحوّل تمرتاش عَنْ حلب]
وتسلَّم حسام الدّين تمرتاش حلب فسكنها [5] ، رتَّب بها نوّابه، ثمّ سار إلى ماردين لأنّه رَأَى الشّام في بلاء وحروب مَعَ الفرنج مستمرّة، وكان يحبّ الرَّفاهيّة والرّاحة، فأُخذِت حلب منه [6] .
__________
[1] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 372 و 373 (بتحقيق سويم) 38 و 39، الكامل في التاريخ 10/ 611، زبدة الحلب 2/ 211، 212، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 54، المختصر في أخبار البشر 2/ 237، تاريخ ابن الوردي 2/ 31.
[2] المنتظم 9/ 246 (17/ 220) ، البداية والنهاية 12/ 193، عيون التواريخ 12/ 141.
[3] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 373 (وتحقيق سويم) 35، الكامل في التاريخ 10/ 618، المختصر في أخبار البشر 2/ 237، تاريخ ابن الوردي 2/ 31.
[4] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 374 (وتحقيق سويم) 39 (حوادث 518 هـ-.) ، الكامل في التاريخ 10/ 619 (حوادث 518 هـ-.) ، تاريخ الزمان 139، تاريخ مختصر الدول 202، زبدة الحلب 2/ 219، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 54، النجوم الزاهرة 5/ 228 (حوادث 518 هـ-.) .
[5] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 374 (وتحقيق سويم) 39 (حوادث 518 هـ-.) ، تاريخ الزمان 319 وفيه «تيمور طاش» ، زبدة الحلب 2/ 220، بغية الطلب (قسم السلاجقة) 207.
[6] الكامل في التاريخ 10/ 619 (حوادث 518 هـ-.) ، زبدة الحلب 2/ 223.(35/300)
سنة ثمان عشرة وخمسمائة
[ظهور الباطنيّة بآمد]
وردت الأخبار بأنّ الباطنيّة ظهروا بآمد وكثروا، فنفر إليهم أهل آمد، فقتلوا منهم سبعمائة رَجُل [1] .
[ردّ شِحنكيّة بغداد إلى برتقش]
ورُدَّت شِحنكيّة بغداد إلى سَعْد الدّولة برتقش [2] الزَّكَويّ، وأُمِر البُرْسُقيّ بالعَوْد إلى المَوْصِل [3] .
[تأهّب الخليفة لمواجهة ابن صدقة]
وورد الخبر بأنّ دُبَيْس بْن صَدَقة التجأ إلى المُلْك طُغْرُلْبَك أخي السّلطان محمود بعد عوده مِن الشّام، وأنّهما عَلَى قصْد بغداد، فتأهَّب الخليفة، وجمع الجيوش من كلّ ناحية [4] .
__________
[1] المنتظم 9/ 249 (17/ 224) ، الكامل في التاريخ 7/ 625، دول الإسلام 2/ 44، البداية والنهاية 12/ 194، عيون التواريخ 12/ 155، الكواكب الدريّة 90.
[2] في المنتظم: «بر نقش» ، ومثله في: الكامل في التاريخ 10/ 622، والبداية والنهاية 12/ 194.
[3] المنتظم 9/ 249 (17/ 224) ، الكامل في التاريخ 10/ 622، بغية الطلب (قسم السلاجقة) 204، البداية والنهاية 12/ 194، عيون التواريخ 12/ 155.
[4] المنتظم 9/ 249 (17/ 224) ، الكامل في التاريخ 10/ 624، 625، التاريخ الباهر 27، كتاب الروضتين 1/ 74، النجوم الزاهرة 5/ 228.(35/301)
[الوباء ببغداد والبصرة]
وجاء الوباء ببغداد وإلى البصرة في ربيع الأوّل [1] .
[زواج الخليفة]
وتزوَّج الخليفة ببنت السّلطان سَنْجَر [2] .
[قتل جماعة مِن الباطنية]
وفيها أُخِذَ جماعة مِن الباطنيّة كانوا قد قدموا في قافلة، فقَتلوا في بغداد.
قِيلَ: جاءوا لقتل الوزير ابن صَدَقة والأمير نظر. وأُخذ في الجملة ابن أيّوب قاضي عُكْبَرا ونُهِب، فقيل: كانت عنده مدارج مِن كُتُب الباطنيّة، وأُخذ آخر كَانَ يُعينهم [3] .
[القبض عَلَى أستاذ الدار]
وفيها قُبِض عَلَى ناصح الدّولة أستاذ الدّار وصودر، وقُرّرَ عَليْهِ أربعون ألف دينار [4] .
[مقتل بَلْك صاحب حلب]
وفيها التقى صاحب حلب بَلْك بن بهرام هُوَ والفرنج، فهزمهم وقتل منهم خلقًا، وعاد فحاصر مَنْبج، وهي لحسّان البَعْلَبَكّيّ، فجاءه سهمٌ غَرْبٌ قتله، وكان معه ابن عمّته تمرتاش بْن إيلغازيّ، فحمله قتيلًا إلى ظاهر حلب، وتسلّمها في ربيع الأوّل مِن السّنة، واستقرّ بها. ثمّ رتَّب بها نائبًا لَهُ، وردّ إلى ماردين لأنّه رَأَى الشّام كثيرة الحروب مَعَ الفرنج، وكان يحبّ الرّاحة، فلمّا ردّ أُخذت حلب منه [5] .
__________
[1] المنتظم 9/ 249 (17/ 224) .
[2] المنتظم 9/ 250 (17/ 224) .
[3] المنتظم 9/ 250 (17/ 225) .
[4] المنتظم 9/ 250 (17/ 225) .
[5] تقدّم الخبر بإيجاز في حوادث السنة السابقة 517 هـ. وهو في الكامل في التاريخ 10/ 619 في هذه السنة 518 هـ.، وكذا في: زبدة الحلب 2/ 219، والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 54، وبغية الطلب (قسم السلاجقة) 205، ونهاية الأرب 27/ 77، والمختصر في أخبار(35/302)
[محاصرة الإفرنج صور]
وفيها أخذت الفرنج صور، وكان بها عسكر للعُبَيْدييّن ونائبٌ إلى سنة ستّ وخمسمائة، فحاصرتها الفرنج، وخرَّبوا ضِياعها، ثمّ نَجَدَهُم صاحب دمشق طُغتِكين، وأمدَّهم بما يُصلحهم، ولم يقطع منها خطبة المصرييّن، فبعث إليه صاحب مصر يشكره ويُثْني عَليْهِ، وجهَّز لها أسطولًا [1] .
[القبض عَلَى والي صور]
واستقام أمرها عشر سنين لأمر مسعود الطّغْتكِينيّ، لكنّه كثرت الشّكاية منه، فجاء أصطول مِن مصر، ومعهم أمرٌ أن يقبضوا عَلَى مسعود، فخرج مسعود للسّلام عَلَى مقدَّم الأصطول، وطلع إلى المركب، فقبض عَليْهِ المقدّم، ونزل إلى البلد، فاستولى عَليْهِ، وبعث مسعودا إلى مصر، فأكرموه وردّوه إلى دمشق، فرضي طُغتِكين بذلك [2] .
[عودة الفرنج لمحاصرة صور وسقوطها]
وتحرّكت الفرنج، وقويت أطماعهم، فرأى المصريّون أن يردّوا أمرها إلى طُغتِكين، وراسلوه بذلك، فملكها، ورتّب بها الْجُنْد، فنازلها الفرنج، وجَدُّوا في الحصار، وقلَّت بها الأقوات. وسار طُغتِكين إلى بانياس ليرهب الفرنج، فما فكّروا فيه، واستنجد بالمصرييّن، فما نجدوه، وتمادت الأيّام، وأشرف أهلها على الهلاك، فراسل طغتكين ملك الفرنج، على أن يسلّمها إليه، ويمكّن أهلها مِن حمل ما يقدرون عَليْهِ مِن الأمتعة، فأجابه إلى ذَلِكَ، ووفى بالعهد، وتفرَّقت أهلوها في البلاد، ودخلها الفرنج في الثّالث والعشرين مِن جُمَادَى الأولى.
وكانت مِن أمنع حصون الإسلام، فإنا للَّه وإنّا إِليْهِ راجعون. ودامت في يد الفرنج إلى سنة تسعين وستّمائة [3] .
__________
[ () ] البشر 2/ 237، ودول الإسلام 2/ 44، والعبر 4/ 42، وتاريخ ابن الوردي 2/ 32، مرآة الجنان 3/ 222، البداية والنهاية 12/ 194.
[1] الكامل في التاريخ 10/ 620، نهاية الأرب 28/ 271.
[2] ذيل تاريخ دمشق 211، الكامل في التاريخ 10/ 620، 621، نهاية الأرب 28/ 271، 272، الدرّة المضيّة 490، اتعاظ الحنفا 3/ 96.
[3] انظر عن سقوط صور في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 374 (وتحقيق سويم) 39،(35/303)
[عزل البرسقي عن بغداد]
وفيها عزل عن بغداد البرسقيّ، وولي سعد الدّولة برتقش الزّكويّ، ولأنّ المسترشد نفر عَنِ البُرْسُقيّ، وطلب مِن السّلطان أن يصرفه، فأجابه [1] .
[إكرام السّلطان لعماد الدين زنكي]
وسار عماد الدّين زنكي مِن البصرة، وكانت إقطاعه، إلى خدمة السّلطان محمود، فأكرمه وردّه عَلَى إمرة البصرة [2] .
[ملك البُرْسُقيّ حلب]
وفي ذي الحجّة ملك البُرْسُقيّ مدينة حلب، وكانت الفرنج لمّا ملكوا صور طمِعوا، وقويت نُفُوسهم، ثمّ وصل إليهم دُبَيْس بْن صَدَقة، قبّحه الله، فطمَّعهم أيضًا في المسلمين، وقال: إنّ أهل حلب شيعة، ويميلون إلى، ومتى رأوْني سلّموها إلى، فأكون نائبًا لكم. فساروا معه، وحاصروا حصارًا شديدًا، فاستنجد أهلها بالبُرْسُقيّ، فسار إليها بجيوشه، فترحّل الفرنج عنها وهو يراهم، فلم يهجمهم، ودخل حلب ورتّب أمرها [3] .
__________
[ () ] وذيل تاريخ دمشق 211، والكامل في التاريخ 10/ 620- 622، وتاريخ الزمان 140، وتاريخ مختصر الدول 202، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 113، وأخبار مصر لابن ميسّر 2/ 64، ونهاية الأرب 28/ 270- 272، والمختصر في أخبار البشر 2/ 237، ودول الإسلام 2/ 44، والعبر 4/ 42، وتاريخ ابن الوردي 2/ 32، والدرّة المضيّة 495، ومرآة الجنان 3/ 222، والإعلام والتبيين 24، والكواكب الدرّية 90، والأعلاق الخطيرة 2/ 169- 171، وتاريخ سلاطين المماليك- ص 3 (ضمن أخبار فتح عكا) ، واتعاظ الحنفا 3/ 107، والنجوم الزاهرة 5/ 182، 183، والمغرب في حلى المغرب 84، وشذرات الذهب 4/ 57.
[1] تقدم هذا الخبر في أول السنة.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 622، 623، التاريخ الباهر 28.
[3] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 375 (وتحقيق سويم) 40، وقال العظيمي: «عبرت بالعسكر عند عودتي من دمشق ومدحت البرسقي بقولي:
«عصمت العواصم أن يهضم»
والخبر في: الكامل في التاريخ 10/ 623، 624، وانظر: زبدة الحلب 2/ 222، 223 و 227- 230، وبغية الطلب (قسم السلاجقة) 205، 206 و 228، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 114، والمختصر في أخبار البشر 2/ 238، وتاريخ ابن الوردي 2/ 232، والدرّة المضيّة 494.(35/304)
سنة تسع عشرة وخمسمائة
[القبض عَلَى دُبَيْس]
في صِفْر برز الخليفة إلى صحراء الشّمّاسيّة بجيوشه، ثمّ رحل فنزل الدَّسْكَرَة. وجاء دُبَيْس وطُغْرُلْبَك فدبّروا أن يكبسوا بغداد ليلا، ويحفظ دبيس المخائض، ويَنْهب طُغْرُلْبَك بغداد، فمرض طُغْرُلْبَك تِلْكَ الليلة، وجاء المطر [1] ، وزاد الماء، وضجّ النّاس بالابتهال إلى الله تعالى، وأُرْجِف عند الخليفة بأنّ دُبَيْسا دخل بغداد، فرحل مُجدّا إلى النّهروان، فلم يشعر دُبَيْس إلّا برايات الخليفة، فلمّا رآها دُهش، وقبّل الأرض، وقال: أَنَا العبد المطرود، أمّا أن يُعْفى عَنِ العبد المذنب، فلم يُجِبْه أحد، فأعاد القول والتضرُّع، فرقَ لَهُ الخليفة، وهم بالعفو عَنْهُ، فصرفه عن ذَلِكَ الوزير أَبُو علي بن صدقة، وبعث الخليفة نظر الخادم إلى بغداد بالبشارة، ونودي في البلد بأن يخرج العسكر لطلب دُبَيْس، والإسراع مَعَ الوزير ابن صَدَقة. ودخل الخليفة. وسار دُبَيْس وطُغْرُلْبَك إلى سَنْجَر مستجيرين بِهِ، هذا مِن أخيه، وهذا مِن الخليفة، فأجارهما، وليّسا [2] عَليْهِ فقالا: قد طَرَدنا الخليفة وقال: هذه البلاد لي.
فقبض سنجر على دبيس وسجنه خدمة للخليفة [3] .
[شكوى برتقش مِن الخليفة]
وفي رجب راح سَعْد الدّولة برتقش، فاجتمع بالسّلطان خاليا وأكثر
__________
[1] حتى هنا في الكواكب الدرّية 91.
[2] ليّسا عليه: احتالا عليه. وفي المنتظم: «لبسا» .
[3] المنتظم 9/ 252، 253 (17/ 228، 229) ، الكامل في التاريخ 10/ 627، 628، الفخري 302، العبر 4/ 44، مرآة الجنان 3/ 223، البداية والنهاية 12/ 194، 195.(35/305)
الشّكوى مِن الخليفة، وحقّق عنده أنّه يطلب المُلْك، وأنّه خرج مِن بيته نَوْبَتَين وكَسَر مِن قَصَده، وإن لم يفكّر في حسْم ذَلِكَ اتسع الخَرْق. وسترى حقيقة ذَلِكَ إذا دخلت بغداد. والّذي يحمله عَلَى ذَلِكَ وزيره.
وقد كاتب أمراء الأطراف، وجمع الأكراد والعرب. فحصل في نفس محمود ما دعاه إلى المجيء إلى بغداد [1] .
[رواية ابن الجوزي عَنْ قتل أقسُنْقُر]
وفيها قتلت الباطنيّة بالموصل أقسُنْقُر البُرْسُقيّ في مقصوره الجامع، فيما ذكر ابن الجوزي [2] .
والصّحيح سنة عشرين.
[كسرة الفرنج للبُرْسُقيّ]
وفيها قِدم البُرْسُقيّ فنازل كَفَرْطاب، وأخذها مِن الفرنج، ثمّ عمل مَصَافًا مَعَ الفرنج، وكانوا خلقا، فكسروه، وقتلوا نحوا الألف مِن المسلمين، وأسروا خلقًا [3] .
[هزيمة المسلمين أمام بغدوين]
وفيها جمع بغدوين الصّغير صاحب القدس وحشد، وأغار عَلَى حَوْران، فخرج لحربه طُغتِكين في خلْق كثير وتُرْكُمانٌ قدموا للجهاد، وخلْقٌ مِن أحداث دمشق، ومن المرج، والغُوطةً بالعُدَد التّامّة، فالتقوا بمرج الصُّفَّر، فحملت الملاعين عَلَى المسلمين، فهزموهم إلى عَقَبَة سحوراء، وقتلوا أكثر الرّجّالة، وما نجا إلّا مِن لَهُ فرس جواد. ورجاء طُغتِكين وقد أُسِرت أبطالُه، وما شكّ النّاس أنّ الفرنج يصبّحون البلد، فحازوا الغنائم والأسْرى ورجعوا، [4] فلا قوّة إلّا باللَّه.
__________
[1] المنتظم 9/ 253، 254 (17/ 229) .
[2] المنتظم 9/ 154 رقم 413 (17/ 230 رقم 36 39) ، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 116.
[3] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 375 (وتحقيق سويم) 40، الكامل في التاريخ 10/ 628، 629، زبدة الحلب 2/ 231، المختصر في أخبار البشر 2/ 238، تاريخ ابن الوردي 2/ 33.
[4] ذيل تاريخ دمشق 212، 213، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 116.(35/306)
[منازلة ابن رُدْمير بلاد الأندلس]
وفيها عَسْكَر اللّعين ابن رُدْمير الَّذِي استولى عَلَى شرق الأندلس في جيشٍ بأربعة آلاف فارس بفاوة مِن سَرَقُسْطَة، ثمّ عَلَى بلنسية، ثمّ مُرْسِيّة، ومرّ عَلَى جزيرة شُقَير، فنازلهم أيّامًا.
وكان عَلَى الأندلس تميم بْن يوسف بْن تاشَفين، ومُقامه بغُرْناطة، فجمع الجيوش.
والتفّ عَلَى ابن أردمير سوادٌ عظيمٌ مِن نصارى البلاد، فوطئ بلاد الإسلام يغِير ويَنْهَب. وقصده المسلمون، فالتقوا، فأصيب خلْقٌ مِن المسلمين.
وغاب ابن أردمير في بلاد الإسلام أكثر مِن سنة، ورجع بغنائم لا تحصى [1] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 631 (حوادث سنة 520 هـ.) .(35/307)
سنة عشرين وخمسمائة
[كتاب سَنْجَر إلى السّلطان محمود]
لمّا علم السّلطان محمود بقتال الخليفة لطُغْرُلْبَك فرح، وكاتب الخليفة وقال: قد علمت ما فعلت لأجلي، وأنا خادمك. وتراسلا بالأيْمان والعهود عَلَى أنّهما يَنْقَضّان عَلَى سَنْجَر، فعلم سَنْجَر، وبعث إلى محمود يَقُولُ: أنت صبيّ، والخليفة قد عزم عَلَى أن يمكر بك وبي، فإذا اتّفقتما عليَّ ففرغ مني، عاد إليك، فلا تَصْغِ إليه. وأنا فما لي ولدٌ ذَكَر، وأنت لمّا ضربْتَ معي مصَافّا فظفرت بك، لم أسئ إليك وقتلتُ مِن كَانَ سببًا لقتالنا، وأَعَدْتك إلى السَّلطنة، وجعلتك وُلّي عهدي، وزوَّجتُك ابنتي، فلمّا تُوُفّيَتْ زوَّجتُك الأخرى، فسِر إلى بغداد بالعساكر، وأمسِك الوزير ابن صَدَقة، واقتل رءوس الأكراد وخُذ آلة السَّفَر الّتي عملها، وتقول للخليفة: ما تحتاج إلى هذا، أَنَا سيفك وخادمك، فإنْ فعل وإلّا أخذته بالشّدّة، وإلّا لم يبق لي ولا لك معه أمر.
وبعث إليه رجلًا، وقال: هذا يكون وزيرك. فثنى عزمه.
[انزعاج الخليفة مِن قدوم السّلطان إلى بغداد]
فكتب صاحب الخبر إلى الخليفة بذلك، فنفَّذ الخليفة إِليْهِ سديد الدّولة ابن الأنباريّ يقول له: ينبغي أن تتأخّر في هذه السّنة لقلّة المِيرة. فقال: لَا بدّ لي مِن المجيء: وتوجّه. فلمّا سَمِعَ الخليفة نفّذ رسولًا وكتابًا إلى وزير السّلطان، يأمره بردّ السّلطان عَنِ المجيء، فأبي، وأجاب بجوابٍ ثَقُل سماعُه عَلَى الخليفة، وشرع في عمل آلة القتال، وجمع الجيش. ونوديَ ببغداد في ذي القِعْدة بعبور النّاس إلى الجانب الغربيّ، وازدحم الخلق [1] ، وبعد أيّام بدا
__________
[1] وقال ابن العمراني: وصار العامّة يغنّون في الأسواق:(35/308)
للخليفة وقال: أَنَا أُخَلّي البلد لَهُ، وأحقن دماء المسلمين، ونوديَ بالعبور إلى الجانب الشرقيّ، واشتدّت الأمطار حتّى كادت الدُّور أن تغرق. وانتقل الخليفة إلى مخيَّمة بالجانب الغربيّ تحت الرَّقَّة، فعرف السّلطان، وقُرب من بغداد، فبعث برتقش الزَّكَويّ، وأسعد الطُّغْرائيّ، فذهبا إلى الخليفة، وأدّيا رسالة السّلطان وتألُّمه مِن انزعاج الخليفة. ثمّ حشيا في آخر الرّسالة، فقال المسترشد:
أَنَا أقول لَهُ يجب أن تتأخر في هذه السّنة، ولا يقبل، ما بيني وبينه إلّا السّيف.
وقال لبرتقش، أنت كنت السبّب في مجيئه وأنت أفسَدته. وهمَّ بقتله، فمنعه الوزير وقال: هُوَ رسول. فرجعا بكتاب الخليفة وبالرسالة، فاستشاط غضبًا، وأمر بالرحيل إلى بغداد [1] .
[صلاة الخليفة بالناس يوم الأضحى]
وفي يوم الأضحي نُصِبت خيمة عظيمة، وصلّى المسترشد الخليفة بالنّاس، وكان المكبّرون خُطباء الجوامع ابن الغريق، وابن المهتدى، وابن التُرَيكيّ [2] . وصعد المنبر، ووقف وُلّي عهده الراشد باللَّه دونه، بيده سيفٌ مشهور، فقال: الله أكبر، ما سحّت الأنواء، وأشرق الضّياء، وطلعت ذُكاء، وعَلَت عَلَى الأرض السّماء، الله أكبر، ما هَمَع سحاب، ولمع سراب، وأنجح طلاب، وسُرّ قادم بإياب [3] . وذكر خطبة بليغة، ثمّ جلس، ثمّ قام فخطب وقال:
اللَّهمّ أَصْلِحْني في ذُرّيتي، وأعِنّي عَلَى ما ولّيتني، وأودِعْني شُكر نِعمتك، ووفّقْني وانصُرني. فلمّا أنهاها وتهيّأ للنزول بَدَره أبو المظفَّر محمد بْن أحمد بْن عَبْد العزيز الهاشميّ فأنشده:
عليك سلامُ الله يا خير مِن عَلا ... عَلَى مَنْبرٍ قد حفَّ أعلامه [4] النَّصْرُ
__________
[ () ]
يا جلال الدين ذا شرح يطول ... وابن الأنباري فما يرجع رسول
والقرايا كلّها صارت تلول ... تزرع الكرّ وتحصد كارتين
(الإنباء في تاريخ الخلفاء 216) .
[1] الكامل في التاريخ 10/ 635، 636، تاريخ دولة آل سلجوق 141.
[2] في الأصل: «البرمكي» .
[3] في الأصل: «وسر قادما أناب» .
[4] في الأصل: «أعلام» .(35/309)
وأفضل من أمّ الأنام وعمّهم ... بسريته الحُسْنى وكان لَهُ الأمرُ
وأفضل [1] أهل الأرض شرقًا ومَغْربًا ... ومَن جدّه مِن أجله نزل القَطْرُ
لقد شَرَّفَتْ [2] أسماعَنَا منك خُطْبةٌ ... وموعظةُ فَضْلٍ يَلين لها الصَّخْرُ
ملأتَ بها كلّ القُلُوب مَهَابة ... فقد رجَفَتْ مِن خوفٍ تخويفها مصرُ
وزُدْتَ بها عدنانَ مَجْدًا مؤثّلًا ... فأضْحَى لها بين [3] الأنام بك [4] الفخْرُ
وسُدْتَ بني العبّاس حتّى لقد غدا ... تُباهي بك السّجاد والعلم البحرُ [5]
فلله عصر أنت فيه إمامُهُ [6] ... وللَّه دينٌ أَنْتَ فيه لنا الصَّدْرُ
بقيتَ عَلَى الأيّام [7] والمُلْك كلَّمًا ... تَقَادَم عصرٌ أنت فيه أتى عصرُ
وِأصبحت بالعيد السعيد مهنّئًا ... تشرّفنا فيه صلاتُك والنَّحْر [8]
ونزل، فنَحَر البَدَنَة بيده، وكان يومًا لم يُرَ مثلُه مِن دهره. ثمّ دخل السُّرادق، ووقع البكاء عَلَى النّاس، ودعوا لَهُ بالنّصر، وجُمعت السّفُن جميعها إلى الجانب الغربيّ، وانقطع عبور النّاس بالكُلّيّة [9] .
[وصول السّلطان إلى حُلوان]
وبلغ السّلطان حُلْوان، فأرسل مِن هناك الأمير زنكيّ إلى واسط، فأزاح عَنْهَا عفيف الخادم، فلحِق بالخليفة، ولم يبق بالجانب الشرقيّ سوى الحاجب لحِفْظ دار الخلافة. وسُدّت أبوابها كلّها سوى باب النّوبي، ونزل السّلطان بالشّمّاسيّة في ثامن عشر ذي الحجّة، ونزل عسكره في دُور النّاس. وتردّدت
__________
[1] في المنتظم: «وأشرف» .
[2] في تاريخ الخلفاء: «شنفت» .
[3] في الأصل: «من» ، والتصحيح من المنتظم.
[4] في تاريخ الخلفاء: «لك» .
[5] في المنتظم: «يباهي بك السجاد والعالم الحبر» . وفي تاريخ الخلفاء: «يباهي ... والعالم» .
[6] في تاريخ الخلفاء: «إمامنا» .
[7] في المنتظم: «الإسلام» .
[8] الأبيات في المنتظم 9/ 258، 259 (17/ 235، 236) وفيه زيادة أبيات أخرى، وتاريخ الخلفاء 434، 435.
[9] العبر 4/ 45، مرآة الجنان 3/ 224، البداية والنهاية 12/ 195، عيون التواريخ 12/ 173، 174.(35/310)
الرّسُل إلى الخليفة تتلطّف بِهِ، وتطلب الصُّلْح وهو يمتنع ثمّ وقف عسكر السّلطان بالجانب الشّرْقيّ، والعامّة بالجانب الغربي يسبُّون الأتراك، ويقولون: يا باطنيّة، يا مَلاحدة. عصيتم [1] أمير المؤمنين، فعُقُودكم [2] باطلة وأنكحتكم [3] فاسدة. وتراموا بالنّشّاب [4] .
[وصول ابن رُدْمير إلى قرب قُرْطُبَة]
وفيها عاث ملك الفرنج ابن رُدْمير، لعنة الله، بالأندلس، وشقّ بلاد المسلمين جميعها، وسبي ونهب، حتى انتهى إلى قرب قُرْطُبَة، فحشد المسلمون وقصدوه، فكبسهم وقتل منهم مقتلة، ثمّ عاد نحو بلاده، وهو الَّذِي كسر المسلمين أيضًا سنة أربع عشرة وخمسمائة. ثمّ حاصر سنة ثمانٍ وعشرين مدينة أفراغة [5] ، وأهلكه الله.
[هياج الإسماعيلية بخراسان]
وفيها هاجت الإسماعيلية بخُراسان، ونُصِر عليهم عسكر سَنْجَر، وقتلوا منهم مقتلة كبيرة [6] .
[مقتل البُرْسُقيّ]
وفيها قُتِل البرسقيّ [7] .
__________
[1] في الأصل: «غضبتم» .
[2] في الأصل: «بعقودكم» .
[3] في الأصل: «وانكحتم» .
[4] الخبر بطوله في: المنتظم 9/ 254- 259 (17/ 231- 236) ، وانظر: الإنباء في تاريخ الخلفاء 216، وزبدة التواريخ 193.
[5] في الأصل: «مراغة» وهو وهم.
[6] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 376 (وتحقيق سويم) 42، الكامل في التاريخ 10/ 632.
[7] انظر عن قتل البرسقي في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 376 (وتحقيق سويم) 41، ذيل تاريخ دمشق 214، الكامل في التاريخ 10/ 633، التاريخ الباهر 31، وتاريخ مختصر الدول 202، وكتاب الروضتين 1/ 74، 75، وزبدة الحلب 2/ 234، 235، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 54، و 165 و 219، وبغية الطلب (قسم السلاجقة) 213- 215، ونهاية الأرب 234، 235، والمختصر في أخبار البشر 2/ 238، والعبر 4/ 46، وتاريخ ابن الوردي(35/311)
[تكاثر الإسماعيلية بالشام]
وفيها كثُرت الإسماعيلية بالشام، وكان النّاس والكبار يخافونهم، فرأى طاهر بْن سَعْد الدّين المَزْدقانيّ [1] مِن المصلحة أن يسلّم إلى رئيسهم بهرام حصنًا، فأعطاه طُغتِكين بانياس وتألَّم النّاس [2] .
[وقعة مرج الصُّفَّر]
وفي سنة عشرين وقعة مَرْج الصُّفَّر.
[استفحال الباطنية بحلب والشام]
وفيها استفحل أمر بهرام داعي الباطنيّة بحلب والشّام، وعظُم الخَطْب وهو عَلَى غاية الاختفاء، يغيّر الزيّ، ويطوف البلاد والقلاع، ولا يُعرف، إلى أن حصل بدمشق بتقريرٍ قرره إيلغازي بْن أُرْتُق مَعَ طُغتِكين، فأكرم اتّقاءً لشّره، وما كذب العناية بِهِ، فتبِعَه جَهَلةٌ وسُفهاء مِن العامّة وأهل البَرّ وتَحَزَّبُوا معه. ووافقه الوزير طاهر بْن سَعْد المَزْدَقانيّ، وإن لم يكن عَلَى عقيدته. وأعانه عَلَى بثّ شَرّه، وخَفَّى سرّه ليكون عونًا لَهُ.
ثمّ التمس مِن طُغتِكين حصنًا يحتمي بِهِ، فأعطاه بانياس سنة عشرين هذه، فصار إليها يجمع إليها أوباشا [3] استغواهم مُحَالةً وخداعة، فعظُمت البَليّة بهم، وتألَّم العلماء وأهل الدّين، وأحجموا عَنِ الكلام فيهم بالتّعرّض لهم، خوفًا مِن شرّهم، لأنّهم قتلوا جماعة مِن الأعيان، بحيث لَا يُنكر عليهم ملك ولا وزير [4] ، ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه.
__________
[2] / 33، والدرّة المضيّة 497.
[1] في المقفى الكبير للمقريزي 2/ 517: «أبو علي ظاهر بن سعد المزدغاني» .
[2] ذيل تاريخ دمشق 215، الكامل في التاريخ 10/ 362، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 118، 119، أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 70، الكواكب الدرّية 91، المقفى الكبير 2/ 517.
[3] في الأصل: «أوباش» .
[4] ذيل تاريخ دمشق 215، الكواكب الدرّية 91، اتعاظ الحنفا 3/ 121 (حوادث سنة 522 هـ.) .(35/312)
[تراجم وفيات]
سنة إحدى عشرة وخمسمائة
[- حرف الألف-]
1- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد [1] .
أبو جعفر بْن سُفْيان القُرْطُبيّ.
أخذ عَنْ: أَبِي جعفر أحمد بْن رزق.
وسمع الكثير مِن: حاتم بْن محمد.
وشوّور في الأحكام. ووُلّي خطابة قُرْطُبَة.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة وله أربعٌ وستّون سنة [2] .
2- أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الحق [3] .
أبو جعفر الخزرجيّ القرطبيّ المقرئ.
روى عن: أَبِي القاسم الخَزْرَجيّ، وأبي عَبْد الله الطّرفيّ المقرءين ونظرائهما.
وقرأ عَلَى الأستاذ مكّيّ بْن أَبِي طَالِب أحزابًا مِن القرآن.
وأقرأ النّاس دهرًا. وعمّر وعاش تسعين سنة [4] ، وتُوُفّي في ربيع الأوّل.
قال ابن بشكوال: جالسته وأنا صغير.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن إبراهيم) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 74، 75 رقم 163.
[2] وكان مولده سنة ست وأربعين وأربعمائة.
[3] انظر عن (أحمد بن عبد الرحمن) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 74 رقم 162، وغاية النهاية 1/ 66 رقم 287.
[4] ومولده سنة إحدى وعشرين وأربعمائة.(35/313)
3- أحمد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله [1] .
أبو الوفا بْن الخضر، الكاتب، المحدّث.
سَمِعَ الكثير بنفسه، وكتب وعلّق.
روى عَنْ: أَبِي نصر الزَّيْنَبيّ، وعاصم بْن الحَسَن فَمَن بعدهما، بحيث انّه أكثر عن أصحاب الجوهريّ.
روى عَنْهُ: الحُسَيْن بْن خسْرُو السّلَفيّ.
وله شِعر جيّد.
4- أحمد العربيّ [2] .
الرجل الصّالح.
رَأَى أبا الحَسَن القَزْوينيّ، وقرأ عَليْهِ شيئًا مِن القرآن.
ذكره أحمد بْن صالح فقال: وليّ للَّه، حزر الْجَمْعُ في جنازته بمائة ألف.
وصلّى عَليْهِ أبو الحُسَيْن بْن الفرّاء بوصيّةٍ منه. ودُفِن بقرب قبر معروف. وكان مِن المُنْطَقين المُلْهَمين، ومن بقايا العُبّاد ببغداد.
تُوُفّي في رمضان.
قَالَ المبارك بْن كامل الحمصيّ: ممّن حضره ينيف عَلَى سبعين ألفًا.
5- أسعد بْن طبيب خُراسان عَبْد الرَّحْمَن بْن علي بْن أَبِي صادق [3] .
أبو الفَضْلُ النَّيْسابوريّ الطّبيب. كَانَ أبوه جالينوس زمانه.
سَمِعَ أسعد مِن: أَبِي عثمان البَحيريّ، وأبي سَعْد الكَنْجَرُوذيّ.
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: أسمعني منه والدي حضورًا [4] .
وعاش نحوًا من ثمانين سنة [5] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (أحمد العربيّ) في: الكامل في التاريخ 10/ 532، والمنتظم 9/ 193، 194 رقم 328 (17/ 156 رقم 3850) وفيه: «أحمد القزويني» .
[3] انظر عن (أسعد بن عبد الرحمن) في: التحبير في المعجم الكبير لابن السمعاني 1/ 118، 119 رقم 43، ومعجم شيوخ ابن السمعاني (مخطوط) ورقة 49 ب.
[4] وقال: كان شيخا معمّرا ظريف اللقاء، مليح الشيبة، وكان أبوه أبو القاسم جالينوس عصره في الحذق والطب.
[5] وكانت ولادته سنة نيّف وثلاثين وأربعمائة. ووفاته في حدود سنة عشر وخمسمائة بنيسابور، إما(35/314)
[- حرف الباء-]
6- بختيار السّلار [1] .
نائب طُغتِكين عَلَى دمشق.
كَانَ ورِعًا نزهًا، دينًا حسن السّيرة، وافر الحُرْمة، أمّارًا بالمعروف نهّاءً عَنِ المنكر، كثير المحاسن.
تُوُفّي في شَعْبان، وحزن عَليْهِ النّاس، وولي شِحنكيّة دمشق بعده ابنه عُمَر السّلار.
7- بغدوين [2] .
هُوَ بردويل [3] الفرنجيّ الطّاغية الَّذِي افتتح القدس وغيرها مِن مدن الشّام.
وكان شجاعًا مهيبًا خبيثًا. وقد استفحل شرُّه، وكثُر جُنْدُه، فجمع العساكر وسار ليأخذ الدّيار المصريّة مِن بني عُبَيْد، إلى أن قارب تِنّيس، فسبح في النّيل، فانتقض عَليْهِ جرح كَانَ بِهِ، فرجع ونزل بداء الموت بالسبخة [4] المعروفة، فمات، فشقّوا بطنه، ورموا بحشوته هناك، فهي تُرْجَم إلى اليوم، وحملوه فدفنوه بالقُمامة بالقدس في ذي الحجّة سنة إحدى عشرة. وكان قد جاء القُمّص صاحب الرُّها إلى القدس زائرًا، فوصّى بغدوين لَهُ بالمُلْك مِن بعده. فبعث يطلب عقد الهدنة مَعَ طُغتِكين، فسار طُغتِكين إلى طبريّة، فنهبها وما حولها، وسار إلى عسقلان، وكاتب المصريّين، فجاءته سبعة آلاف فارس، وأقاموا بعسقلان شهرين، ولم يؤثّروا في الفرنج، ورجع طغتكين.
__________
[ () ] سنة إحدى أو اثنتي عشرة وخمسمائة. قاله ابن السمعاني.
[1] انظر عن (بختيار السلار) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 368 (وتحقيق سويم) 33، وذيل تاريخ دمشق 198، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 69، وعيون التواريخ 12/ 80.
[2] انظر عن (بغدوين) في: الكامل في التاريخ 10/ 543، وتاريخ حلب للعظيميّ (انظر فهرس الأعلام) ، وذيل تاريخ دمشق (انظر فهرس الأعلام) ، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 201 (في حوادث سنة 512 هـ-.) ، والدرّة المضيّة 480، 481.
[3] وهو.Baldwin:
[4] في الأصل: «بالصخه» .(35/315)
- حرف الحاء-
8- الحُسَيْن بْن أحمد [1] .
أبو عَبْد الله بْن الشّقّاق [2] البغداديّ.
لم يكن لَهُ نظير في الفرائض ببغداد، ولا في الحساب.
روى عَنْهُ خطيب المَوْصِل مِن شِعْره.
وعليه تفقَّه أبو حكيم الخَبْريّ [3] ، وغيره.
وممّن روى عَنْهُ: ابن ناصر، وأبو طَالِب بْن العجمي الحلبيّ، والسّلَفيّ، وقال: كان آية مِن آيات الزمان، ونادرة مِن نوادر الدهر.
قَالَ ابن النّجّار: وسمع مِن أَبِي الحُسَيْن بْن المهتدي باللَّه، وكان شقّاقًا للقرون للعشّيّ. قرأ الفرائض والحساب عَلَى الخَبْريّ، وعبد المُلْك بْن إبراهيم الهَمَذَانيّ. ومات في ذي الحجة عَنْ إحدى وسبعين سنة.
9- الحُسَيْن بْن محمد بْن الحُسَيْن [4] .
الوزير أبو منصور ابن الوزير الكبير أبي شجاع الرُّوذْراوَرِيّ، ثمّ البغداديّ.
وَزَرَ أَبُوهُ للمقتدي، ووزر هو للمستظهر سنة ثمان وخمسمائة.
ثمّ خرج إلى إصبهان، فمات بها.
ذكره ابن الدَّبِيثّي.
- حرف العين-
10- عبّاد بن محمد بن المحسّن [5] .
__________
[1] انظر عن (الحسين بن أحمد) في: المنتظم 9/ 194 رقم 329 (17/ 157 رقم 3851) وفيه:
«الحسن» ، والكامل في التاريخ 10/ 532 وفيه «الحسن» ، والمختصر المحتاج إليه لابن الدبيثي 2/ 31 رقم 606 «الحسين» ، وسير أعلام النبلاء 19/ 385، 386 رقم 227، والوافي بالوفيات 12/ 325، 326، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 73.
[2] في الأصل: «السقاق» بالسين المهملة، وفي طبقات الشافعية الكبرى للسبكي تحرّفت إلى «الشقاف» بالفاء.
[3] في المنتظم: «الطبري» . وخبر: قرية بنواحي شيراز من فارس.
[4] انظر عن (الحسين بن محمد) في: المختصر المحتاج إليه لابن الدبيثي 2/ 42 رقم 623.
[5] انظر عن (عبّاد بن محمد) في: التحبير في المعجم الكبير 1/ 511، 512 رقم 493، ومعجم(35/316)
أبو القاسم الجعفريّ الإصبهانيّ.
من بيت شرف وتقدُّم.
سَمِعَ تفسير أَبِي الشَّيْخ ابن أبي أحمد محمد بْن عليّ ابن المكفوف، عَنْ مؤلّفه.
وسمع: أبا سَعْد عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الصَّفّار، وعليّ بْن مهران.
قَالَ السّمعانيّ: أجاز لنا في ذي القِعْدة سنة عشرة [1] .
قلت: لعلّ السّلَفيّ سَمِعَ منه.
11- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن صابر بن عمر [2] .
المحدّث أبو محمد السُّلَميّ الدّمشقيّ، ويعرف بابن سَيّده.
سَمِعَ: أبا القاسم بْن أبي العلاء، وأبا عبد الله بن أبي الحديد، وأبا الفتح نصرًا المقدسيّ، وخلْقًا بعدهم.
قَالَ ابن عساكر: [3] سمعنا بقراءته الكثير [4] ، وكان ثقة متحرّزا. ولد سنة إحدى وستّين وأربعمائة.
قلت: روى عَنْهُ الحافظان: السّلَفيّ، وابن عساكر. وتوفّي في رمضان.
وهو والد أَبِي المعالي عَبْد الله.
قَالَ السّلَفيّ: كَانَ قارئ الحديث بدمشق، وكان ثقة، سيّئ الخُلُق، بخيلًا بالإفادة.
12- عَبْد الرحيم بْن يحيى بن إسماعيل [5] .
__________
[ () ] شيوخ ابن السمعاني (مخطوط) ورقة 66 ب.
[1] وزاد: كتب إليّ الإجازة، ومن جملتها كتاب «الصحيح» للبخاريّ، وكتاب التفسير لأبي الشيخ.
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن أحمد) في: تاريخ دمشق (عبد الحميد بن حبيب- عبد الرحمن بن عبد الله) 40/ 114، 115، ومشيخة ابن عساكر، ورقة 105 ب، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 14/ 200 رقم 126، والاستدارك لابن نقطة، ورقة 88 أ، وسير أعلام النبلاء 19/ 423، 424 رقم 246، وتبصير المنتبه 706.
[3] في تاريخ دمشق 114.
[4] زاد بعدها: «وسمعت منه شيئا يسيرا» .
[5] سيعاد في وفيات السنة التالية 512 هـ-. برقم (34) باسم: «عبد الرحمن بن يحيى» .(35/317)
أبو الفضائل الأُمَويّ العثمانيّ الدّيباجيّ.
روى عَنْ جدّه لأُمّه أَبِي حفص البُوصِيريّ.
وعنه: ولده أبو محمد عَبْد الله العثمانيّ.
ورّخه ابن المفضّل، وقال: تكلّم في سماعه.
13- عليّ بْن أحمد بْن كُرْز [1] .
أبو الحَسَن الأنصاريّ الغَرْناطيّ المقرئ.
روى عَنْ: أَبِي القاسم بن عبد الوهّاب المقرئ، وغانم بْن دليل، وأبي عَبْد الله بْن عتّاب، وجماعة.
وعُني بالإقراء وسماع العِلم. وكان ثقة فاضلًا [2] .
- حرف الغين-
14- غانم بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْن أيّوب بْن زياد [3] .
أبو القاسم بْن أبي نصر الإصبهانيّ البُرجيّ. وبرج قرية مِن قرى إصبهان.
سَمِعَ أبا نُعَيْم، مِن ذَلِكَ «مسند الحارث بن أبي أسامة» ، أنبا ابن خلّاد النَّصيبيّ، ولأبي نُعَيْم فَوْت معروف.
وسمع مِن ابن فاذشاه، وأجاز لَهُ: أبو عليّ بْن شاذان، وأبو القاسم بن بشران، والحسين بْن شجاع المَوْصِليّ- أجازوا لَهُ في سنة تسع عشرة وأربعمائة- والحسين بن إبراهيم الحمّال.
__________
[1] انظر عن (علي بن أحمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 424، وبغية الملتمس للضبيّ 419، 420، ومعرفة القراء الكبار 1/ 481، 482 رقم 425، وغاية النهاية 1/ 523 رقم 2162.
[2] وقال ابن الجزري: «وقع في كلام بعضهم أنه قرأ على المهدوي، وهو غلط، وقع من عبد المنعم بن الخلوف، والصواب أنه قرأ على غانم، عنه» (غاية النهاية) .
[3] انظر عن (غانم بن محمد) في: معجم الشيوخ لابن السمعاني (مخطوط) الورقة 189 ب- 190 ب، والأنساب 12/ 132، والتحبير 2/ 10- 16 رقم 612، والتقييد 421 رقم 564، ومعجم البلدان 1/ 548، 549، والعبر 4/ 24، ودول الإسلام 2/ 38، والمعين في طبقات المحدّثين 150 رقم 1627، والإعلام بوفيات الأعلام 210، وسير أعلام النبلاء 19/ 320- 322 رقم 203، وتقصير المنتبه 134، وشذرات الذهب 4/ 31، وقاموس الأعلام 2/ 1277.(35/318)
وعاش تسعين سنة أو نحوها.
روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وأبو بَكْر محمد بْن منصور السّمعانيّ، وأبو العلاء الحَسَن بْن أحمد العطّار، ومَعْمَر بْن الفاخر، وأبو طاهر محمد بن محمد السّنْجيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو سَعْد محمد بْن عَبْد الواحد الصّائغ الحفّاظ، والفضل بْن القاسم الصَّيْدلانيّ، ومسعود بْن أَبِي منصور الجمّال، ومحمد بْن عُبَيْد الله بْن الشَّيْخ أبي عليّ الحدّاد.
وآخر مِن روى عَنْهُ بالإجازة أبو المكارم اللّبّان.
قَالَ السّمعانيّ: [1] أجاز لي، وهو شيخ صالح، سديد، ثقة، مُكثر. عُمّر العُمر الطّويل، وكان مِن تلاميذ محمد الخابوطيّ.
سَمِعَ: أبا نُعَيْم، وابن فاذشاه، والفضل بْن محمد القاشانيّ، ومحمد بْن عَبْد الله بْن شَهْرَيار، وعمر بْن محمد بْن عَبْد الله بْن الهيثم، وأبا الفتح محمد بْن عَبْد الرّزّاق بْن أبي الشَّيْخ.
ومن مسموعه «مُسْنَد الطَّيَالِسيّ» ، مِن أَبِي نُعَيْم، وسمع «الحلْية» سوى أجزاء من موضعين، و «جزء محمد بن عاصم» ، و «جزء الجابريّ» .
ثم سمّى السّمعانيّ عدّة مَرْوِيّات [2] .
قَالَ أبو موسى: وفاته في سابع وعشرين ذي القِعْدة. وسأله أَبِي عَنْ مولده فقال في ذي القِعْدة سنة 417.
- حرف الميم-
15- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن عبد الله بن فاذُوَيْه [3] .
أبو الفَضْلُ ابن العجميّ الواسطيّ البزّاز.
__________
[1] في التحبير 2/ 10.
[2] انظر التحبير 2/ 11- 16.
[3] انظر عن (محمد بن أحمد العجمي) في: سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي 75 رقم 48، والمختصر المحتاج إليه 1/ 2- 4، وله سماع في تاريخ واسط لبحشل، انظر ص: 294 و 298.(35/319)
سَمِعَ: أبا الحَسَن بْن مَخْلَد، والحسن بْن أحمد الغَنْدَجانيّ [1] .
وببغداد مِن: ابن المسلمة، وابن الَّنُّقور [2] .
وروى الكثير.
روى عَنْهُ: أبو طَالِب الكتّانيّ المحتسب، وهبةِ اللَّه بْن نصرِ اللَّه بْن الْجَلَخْت، وأحمد بن سالم البرجونيّ، وعدّة.
وأملى بجامع واسط.
وثّقه أبو الكرم الحَوْزِيّ، وأثنى عَلَى فهمه [3] .
تُوُفّي بواسط في صَفَر.
16- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن باكبر [4] .
الكاتب الشّيعيّ.
تولّى في الأعمال السّلطانية.
وسمع: الحَسَن بْن عليّ الشّاموخيّ بالبصرة، وعبد السّلام بْن سالبة الصُّوفيّ بفارس، سَمِعَ منه تفسير النّقّاش، بروايته عَنْ أَبِي القاسم عليّ بْن محمد الزّيديّ الحرّانيّ، عَنْهُ.
روى عَنْه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وهبة الله بْن محمد بْن مميك الشّيرازيّ.
قَالَ ابن ناصر: حاله أشهر مِن أن يُذْكر، صاحب المظالم، لَا تحلّ الرواية عَنْهُ.
تُوُفّي في ربيع الأول عَنْ بضْعٍ وثمانين سنة [5] .
__________
[1] الغندجاني: بفتح الغين. نسبة إلى غندجان، بلدة من كور الأهواز. (الأنساب، اللباب) ، وفي (معجم البلدان) : «غندجان» بالضم ثم السكون، وكسر الدال، بليدة بأرض فارس، في مفازة قليلة الماء معطشة.
[2] ولازم أبا إسحاق وعلّق عنه كتبه.
[3] سؤالات السلفي.
[4] انظر عن (محمد بن الحسن الأشعري) في: لسان الميزان 5/ 134 رقم 446.
وفي الأصل: «باكيرا» .
[5] وقال ابن النجار: كان سيدا وفيه أدب وفضل، وكان يتشيّع. وكان مولده سنة سبع وسبعين(35/320)
17- محمد بْن سَعِيد بْن إبراهيم بْن سَعِيد بْن نَبْهَان [1] .
أبو عليّ الكاتب.
مِن أهل الكرْخ.
سَمِعَ: أبا عليّ بْن شاذان، وبشْر بْن الفاتنيّ، وابن دُوما النّعاليّ، وجدّه لأُمّه أبا الحسين الصّابيء [2] .
وطال عُمره، وأَلْحَقَ الصّغار بالكبار.
روى عنه: حفيده محمد بْن أحمد، ومحمد بْن جعفر بْن عقيل، وأبو طاهر بْن سِلفة، ودَهْبَل بْن كَارَة [3] ، وعيسى بن محمد الكَلْوَذَانيّ [4] .
وآخر من روى عنه عبد المنعم بن كليب.
ذكره ابن السّمعانيّ فقال: شيخ عالم فاضل مُسِنّ، مِن ذوي الهيئات.
وهو آخر مِن روى عَنِ ابن شاذان، وُلّي منه إجازة.
وقال ابن ناصر: كَانَ فيه تشيُّع، وكان سماعه صحيحًا. وبقي قبل موته بسنة مُلقَى عَلَى ظهره لَا يَعْقِل، مِن قرأ عَليْهِ في تلك الحال فقد أخطأ وكذب
__________
[ () ] وأربعمائة.
[1] انظر عن (محمد بن سعيد) في: المنتظم 9/ 195 رقم 335 (17/ 158 رقم 3857) ، والكامل في التاريخ 10/ 532 وفيه «محمد بن سعد» ، وخريدة القصر (قسم شعراء الشام) 2/ 308، والمحمّدون من الشعراء 2/ 485، ودول الإسلام 2/ 38، وسير أعلام النبلاء 19/ 255- 257 رقم 158، والعبر 4/ 25، والإعلام بوفيات الأعلام 210، وميزان الاعتدال 3/ 566، وعيون التواريخ 12/ 73، ومرآة الجنان 3/ 203، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 325، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 121، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 297، والوافي بالوفيات 3/ 104، والبداية والنهاية 12/ 181، ولسان الميزان 5/ 179، 180، والنجوم الزاهرة 5/ 214، وشذرات الذهب 4/ 31.
[2] قال الصفدي نقلا عن ابن النجار (الوافي 3/ 104) : «ولم يبق على وجه الأرض من يروي عن هؤلاء الأربعة غيره، فألحق الصغار بالكبار، وقصده الطلّاب من الأقطار، وحدّث كثيرا، وكان صحيح السماع» .
[3] كاره: بفتح الراء.
[4] الكلوذاني: بفتح الكاف وسكون اللام وفتح الواو والذال المعجمة بين الألفين وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى كلوذان، وهي قرية من قرى بغداد، على خمسة فراسخ منها، فالنسبة إليها: كلواذاني، وكلوذاني. (الأنساب 10/ 460) .
وقد ورد في (سير أعلام النبلاء 19/ 256) : «كلواذاني» .(35/321)
عَليْهِ، فإنّه لم يكن يفهم ولا يعقل ما يُقرأ عَليْهِ مِن أوّل سنة إحدى عشرة [1] .
وسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مولدي سنة إحدى عشرة وأربعمائة. ثمّ سمعته مرّةً أخرى يَقُولُ: سنة خمس عشرة. فقلت لَهُ ذَلِكَ، فقال: أردت أن يدفع عنيّ العَيْن، وإلّا فمولدي سنة إحدى عشرة [2] .
وقال ابن السّمعانيّ: سَمِعْتُ أبا العلاء بْن عقيل يَقُولُ: كَانَ شيخنا ابن نَبْهان إذا مكث عنده أصحاب الحديث وطوّلوا قَالَ: قوموا، فإنّ عندي مريضًا.
بقي عَلَى هذا سنين، فكانوا يقولون: مريض ابن نبهان لَا يبرأ.
تُوُفّي ابن نَبْهان ليلة الأحد السّابع عشر مِن شوّال، وقد استكمل مائة سنة.
قَالَ ابن النّجّار: وقرأ بخطّ ابن ناصر: كَانَ ابن نبهان قد بلغ ستّا وتسعين سنة، وسمعه جدّه هلال بْن المحسّن مِن ابن شاذان أوّل أمره عَلَى معاملة الظلَمَة، وكان رافضيا، وقد تغيَّر في سنة إحدى عشرة.
قَالَ: والصّحيح أنّ مولده سنة خمس عشرة، وكذلك وجد بخط الحُمَيْديّ.
وذكر ابنه، وجده بخطّ جدّه ابن الصّابيء [3] .
18- محمد بْن عليّ بْن طَالِب [4] .
أبو الفضل البغداديّ الخرقيّ الحنفيّ، ويعرف بابن زبيبا.
__________
[1] في المنتظم: «فمن سمع منه في تسع وعشر فسماعه باطل» .
[2] زاد في المنتظم: «فبلغ مائة سنة» .
[3] وقال ابن الجوزي: أنبأنا شيخنا أبو الفضل بن ناصر، قال: أنشدنا أبو علي بن نبهان لنفسه في قصيدة:
لي أجل قدّره خالقي ... نعم ورزق أتوفّاه
حتى إذا استوفيت منه الّذي ... قدّر لي لم أتعدّاه
قال حرام كنت ألقاه ... في مجلس كنت أغشاه
صار ابن نبهان إلى ربّه ... يرحمنا الله وإيّاه
(المنتظم) والأبيات في: عيون التواريخ 12/ 73، والبداية والنهاية 12/ 181.
[4] انظر عن (محمد بن علي) في: المنتظم 9/ 195، 196 رقم 337 (17/ 159 رقم 3859) وفيه «ابن أبي طالب» ، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 137، 138 رقم 62، وشذرات الذهب 4/ 31.(35/322)
حدَّث عَنْ: أَبِي عليّ بْن المُذْهب، وأبي بَكْر بْن بِشْران، وأبي حفص بْن أَبِي طالب المكّيّ، وأبي محمد الجوهريّ.
وتوفّي في شوّال [1] .
قَالَ ابن ناصر: كَانَ كثير السّماع، ولم يكن في دينه مرضيّا. كان يذهب إلى أنّ النّجوم هِيَ المدبّرة للعالم. لَا تجوز الرواية عَنْهُ [2] .
قلت: وكان بزّازًا، أجاب لابن كُلَيْب.
وروى عَنْهُ: الصّائن ابن عساكر، وأبو المُعَمَّر المبارك بْن أحمد.
19- المبارك بْن طَالِب [3] .
الإمام أبو السُّعُود الحلاويّ الحَنْبليّ صاحب الزّاهد أَبِي منصور الخيّاط.
سَمِعَ: ابن هزارمرد، وأبا عليّ بن البنّاء.
وتلا على ابن البنّاء، وعلي الخيّاط.
سَمِعَ منه: ابن ناصر، وغيره.
وكان أمّارًا بالمعروف، زاهدًا، حَسَن التّلاوة [4] .
مات في ربيع الأوّل.
- حرف النون-
20- نصر بْن أَحْمَد بْن إبراهيم بْن أسد بْن أحمد [5] .
__________
[1] وولد سنة 436 هـ-.
[2] في المنتظم عن ابن ناصر: «لم يكن بحجّة، لأنه كان على غير السمت المستقيم» .
[3] انظر عن (المبارك بن طالب) في: المنتظم 9/ 196 رقم 339 (17/ 159، 160 رقم 3861) ، والبداية والنهاية 12/ 182.
[4] وقال ابن الجوزي: «وكان نقيّ العرض، آمرا بالمعروف، وانتقل من نهر معلّى لكثرة المنكر بها، وأقام بالحربية حتى توفي» .
[5] انظر عن (نصر بن أحمد) في: التحبير في المعجم الكبير 2/ 341، 342 رقم 1053، ومعجم الشيوخ لابن السمعاني (مخطوط) الورقة 273 ب، 274 أ، والجواهر المضيّة 2/ 192، وتذكرة الحفاظ 4/ 1262 (دون ترجمة) ، وسير أعلام النبلاء 19/ 391 رقم 232، وهدية العارفين 2/ 491، ومعجم المؤلفين 13/ 87، 88 وفيه أرّخ وفاته في سنة 510 هـ-.
وقد أضاف الشيخ شعيب الأرنئوط في تحقيقه لكتاب سير أعلام النبلاء 19/ 391 إلى مصادر(35/323)
أبو الفتح الحنفيّ الهَرَويّ.
وساق السّمعانيّ نسبه إلى حنيفة بْن لُجَيْم [1] بْن صَعْب بْن عليّ بْن بَكْر بْن وائل. وقال: هُوَ مِن أهل العِلْم والسّداد والصّلاح. أفنى عمره في كتابة العِلْم.
حدَّث بالكثير، وتفرد بالرواية الكثيرة.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وجدّه أبا العبّاس إبراهيم، وجدّه لأمّه منصور بْن إسماعيل الحنفيّ، وأبا عثمان سَعِيد بْن العبّاس الْقُرَشِيّ، وإسحاق بْن أَبِي إِسْحَاق القرّاب، وعبد بْن محمد بْن عيسى، ومحمد بْن الفُضَيْل الفُضَيْلي.
وحدَّثني عَنْهُ جماعة بهَرَاة، ومَرْو، وبوسنج [2] .
وُلِد سنة تسع عشرة وأربعمائة، ومات بهَرَاة في سابع شَعْبان.
قلت: هذا كَانَ مُسْنَد تِلْكَ الدّيار في عصره. وقد مرَّ أيضًا في سنة عشر، ولكن هذا أصحّ.
- حرف الهاء-
21- هبة الله بْن المبارك بْن عَبْد الجبّار بن الطُّيُوريّ [3] .
الأخرس.
سمعّه أبوه من أبي الحسين بن الزّينبيّ.
وتوفّي رحمه الله في شوّال.
22- هبة الله بْن المبارك بْن أحمد [4] .
أبو المعالي ابن الدَّواتيّ [5] الكاتب.
__________
[ () ] صاحب الترجمة كتاب «معجم شيوخ الذهبي» (انظر الحاشية) .
ويقول خادم العلم محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : هذا وهم، فالموجودون في (معجم شيوخ الذهبي) لا علاقة لهم بصاحب الترجمة. انظر المطبوع منه، ص 627.
[1] في الأصل: «نجيم» .
[2] في التحبير 2/ 342 «فوشنج» .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (هبة الله بن المبارك الدواتي) في: المغني في الضعفاء 2/ 708 رقم 6731، وميزان الاعتدال 4/ 292 رقم 9205، ولسان الميزان 6/ 190 رقم 676.
[5] في لسان الميزان: «الدواني» بالنون.(35/324)
مِن أهل باب المراتب.
كَانَ ينسخ بالأُجرة.
سَمِعَ: ابن غَيْلان، وأبا الحُسَيْن التَّوَّزيّ [1] ، وأبا الحَسَن القَزْوينيّ، والبرمكيّ.
قَالَ ابن ناصر: لم يكن في دينه بذاك، وكان يُتَّهم بالرَّفْض والاعتزال.
وكان جَمَع نحو مائتي دينار، وهو يُظهِر الفَقْر، فأُخذت منه في الحمام وبقي متحسّرّا عليها. وترك من كان يُحسن إليه مراعاته.
أخبرني جماعة أنّه لم يُرَ في يوم جمعة قطّ في الجامع.
- حرف الياء-
23- يُمْن [2] .
أبو الخير مولى المستظهر باللَّه.
كَانَ مَهِيبًا وقورًا، سَمْحًا، جوادًا، فطِنًا، ذا رأيٍ ومعرفة، وُلّي إمرة الحاجّ، ونُفّذ رسولًا غير مرّة إلى السّلطان.
وسمع: أبا عَبْد الله النّعاليّ.
وحدَّث بإصبهان.
وكان يُلقَّب أمير الجيوش.
تُوُفّي في ربيع الآخر.
__________
[1] التّوزيّ: بفتح التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وتشديد الواو، وفي آخرها الزاي. هذه النسبة إلى بعض بلاد فارس، وقد خفّفها الناس ويقولون: الثياب التّوزيّة، وهو مشدّد، وهو توّج.
(الأنساب 3/ 104) .
[2] انظر عن (يمن) في: المنتظم 9/ 196، والكامل في التاريخ 10/ 545، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 70، وعيون التواريخ 12/ 73، والبداية والنهاية 12/ 182.(35/325)
سنة اثنتي عشرة وخمسمائة
- حرف الألف-
24- أحمد المستظهر باللَّه [1] .
أمير المؤمنين أبو العبّاس ابن المقتدي باللَّه أمير المؤمنين أبي القاسم عَبْد الله ابن الأمير محمد الذّخيرة ابن القائم بأمر الله أَبِي جعفر عَبْد الله ابن القادر باللَّه أحمد بْن إِسْحَاق بْن المقتدر باللَّه جعفر بْن المعتضد الهاشميّ العبّاسيّ.
بُويع بالخلافة بعد موت المقتدي في ثامن عشر المحرَّم سنة سبْعٍ وثمانين، وعمره ستّة عشر عامًا وشهران، فإنّه وُلِد في شوّال سنة سبعين، وصلّى بالنّاس الظُّهْر، ثمّ صلّى عَلَى والده.
وكان ميمون الطَّلْعة، حميدَ الأيّام. وَزَرَ له أبو منصور بن محمد بن جهير.
__________
[1] انظر عن (المستظهر باللَّه) في: تاريخ الفارقيّ 384، 385، والكامل في التاريخ 10/ 534- 536، وتاريخ مختصر الدول 200، وخريدة القصر وجريدة العصر (قسم شعراء العراق) 1/ 26- 29، والمنتظم 9/ 197، 198 (17/ 165 رقم 3865) ، وتاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 368 (وتحقيق سويم) 34، والإنباء في تاريخ الخلفاء 208، وذيل تاريخ دمشق 200، والتاريخ الباهر 22، وتاريخ دولة آل سلجوق 113، والفخري 300، 301، وكتاب الروضتين 71، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 73، ووفيات الأعيان 4/ 220، 445 و 5/ 71، 134، 182، 257، 288، 289، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 215، وخلاصة الذهب المسبوك 270، 271، ونهاية الأرب 23/ 260، والمختصر في أخبار البشر 2/ 230، ودول الإسلام 2/ 39، والعبر 4/ 26، والإعلام بوفيات الأعلام 210، وسير أعلام النبلاء 19/ 396- 412 رقم 236، وتاريخ ابن الوردي 2/ 24، 25، والدرّة المضيّة 482، ومرآة الجنان 3/ 203، وعيون التواريخ 12/ 82، والبداية والنهاية 12/ 182، والجوهر الثمين 200، وتاريخ ابن خلدون 3/ 495 و 5/ 45، والكواكب الدرّية 82، والنزهة السنية 111، ومحاضرة الأبرار 1/ 85، 86، وشرح رقم الحلل 108، 119، 120، والنجوم الزاهرة 5/ 215، وتاريخ الخلفاء 430، 431، وشذرات الذهب 4/ 33، وأخبار الدول 2/ 167.(35/326)
وولي القضاء لَهُ أبو بَكْر بْن المظفَّر الشّاميّ قليلًا، ومات فولي بعده القضاء أبو الحَسَن علي بْن محمد بْن علي الدّامَغَانيّ. ووَزَرَ لَهُ بعدُ عميد الدّولة أَبِي منصور سديد الدّولة أبو المعالي الأصفهانيّ، ثمّ زعيم الرُّؤساء أبو القاسم عليّ بْن عميد الدّولة بْن جَهير، ثمّ مجد الدّين أبو المعالي هبة الله بْن المطَّلب، ثمّ نظام الدّين أبو منصور الحُسَيْن بْن أَبِي شجاع الوزير.
قَالَ ابن الأثير: [1] كَانَ ليّن الجانب، كريم الأخلاق، يسارع في أعمال البَرّ، وكانت أيّامه [أيّام] [2] سرور للرّعيّة، فكأنّها مِن حُسْنها أعياد. وكان حسن الخطَّ، جيّد التّوقيعات، لَا يُقاربه فيها أحد، يدلّ عَلَى فضلٍ غزير، وعِلْمٍ واسع.
ومات بعِلّة التّراقي، وهي دُمَّل تطلع في الحَلْق.
وكان سَمْحًا جوادًا.
قَالَ ابن الجوزي: [3] كَانَ حافظًا للقرآن، مُحبًا للعلماء والصّالحين، منكرًا للظُّلم.
ومن شِعْره:
أذاب حَرُّ [4] الهوى في القلب ما جَمَدا ... لمّا [5] مددت يدي إلى رسْم الوداع يدا
وكيف أسْلُكُ نَهجَ الاصطبار وقد ... أرى طرائقَ مَهْوَى الهَوَى قِدَدا
إنْ كنتُ انقُضُ عهدَ الحبّ [في خَلَدي] [6] ... مِن بعد حبّي، فلا عاتبتكم [7] أبدا [8]
وكانت خلافته خمسًا وعشرين سنة وثلاثة أشهر وأيّامًا ولم تَصْفُ لَهُ الخلافة، بل كانت أيّامًا مضطّربة، كثيرة الحروب. وغسّله شيخ الحنابلة ابن
__________
[1] في الكامل 10/ 535 بتصرّف.
[2] إضافة من الكامل.
[3] في المنتظم.
[4] في الأصل: «إذا بحر» .
[5] في الأصل: «يوما» .
[6] في الأصل بياض، والمستدرك من الكامل.
[7] في الكامل: «من بعد هذا، فلا عاينته» .
[8] في الكامل 10/ 536 زيادة بيت قبل الأخير:
قد أخلف الوعد بدر قد شعفت به، ... من بعد ما قد وفى دهري بما وعدا(35/327)
عقيل، وصلّى عَليْهِ ابنه المسترشد باللَّه الفَضْلُ، وخلّف مِن الأولاد هذا، والمقتفي لأمر الله، ومحمدًا، وعليا، وأبا طَالِب العبّاس، وإبراهيم، وعيسى، وإسماعيل.
وتُوُفّيت بعده بقليل جدّته أرْجُوان الأرمنيّة [1] والدة المقتدي، ولا يُعَلم خليفة عاشت بعده جدّته إلّا هُوَ.
قَالَ السّلَفيّ: قَالَ لي أبو الخطّاب ابن الجرّاح: صلّيت بالمستظهر باللَّه في رمضان فقرأت: إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ 12: 81 [2] رويناها عَنِ الكِسائيّ، فلمّا سلّمتُ قَالَ:
هذه قراءة حَسَنة، فيها تنزيهُ أولاد الأنبياء عَنِ الكذِب.
وللصّارم مُرَجّا البطائحي الشّاعر فيه:
أصبحت بالمستظهر بن المقتدي ... باللَّه بْن القائم بْن القادر
مستعصمًا أرجو نوافل جُودِه ... وبأن يكون عَلَى العشيرة ناصري
فيقرّ مَعَ كَبِري قراري عنده، ... ويفوز مِن مدحي بشِعرٍ سائرِ
فوقّع المستظهر: يُخَيَّر بين الصّلات [3] والانحدار، أو المُقام والإدبار.
فاختار الانحدار.
ولمُرجّا هذا شِعْرٌ كثير، أكثره في الهجو.
تُوُفّي أمير المؤمنين إلى رضوان الله في يوم الأربعاء الثّالث والعشرين مِن شهر ربيع الآخر من هذه السّنة.
25- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن علي [4] .
أبو العبّاس بْن الزّوال الهاشميّ العبّاسيّ المأمونيّ المعدّل.
سَمِعَ: القاضي أبا يَعْلَى، وأبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصَّمد بْن المأمون، وجماعة.
__________
[1] ستأتي ترجمتها بعد قليل برقم (27) .
[2] سورة يوسف، الآية 81، وفيها «سرق» .
[3] في الأصل: «الصلاة» .
[4] انظر عن (أحمد بن محمد الهاشمي) في: المنتظم 9/ 199 رقم 341 (17/ 164 رقم 3863) .(35/328)
وقد قرأ القرآن عَلَى: محمد بْن عليّ الخيّاط، وأبي عليّ بن البنّاء.
تُوُفّي في المحرَّم عَنْ سبعين سنة [1] .
26- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد السَّلَام بْن قيداس [2] .
البغداديّ، أبو نصر المقرئ.
سَمِعَ: أبا طَالِب محمد بْن الحُسَيْن بْن بُكَيْر، وأبا طاهر بْن العلّاف، وأبا بَكْر بْن بِشْران.
وعنه: أبو محمد بْن الخشّاب، وأبو العزّ محمد بْن محمد بْن الخُراسانيّ.
وُلِد سنة أربع وثلاثين.
قلت: إنْ صحّ مولده، فروايته عَنْ أبي بَكْر حُضورًا غلط.
قَالَ أبو الحَسَن بْن الزّاغُوانيّ: تُوُفّي ابن قيداس المقرئ بالحريم في جمادى الأولى. وقد قرأ القرآن، وسمع الحديث.
27- أرجوان [3] .
وتُدعى قُرّة العين، الأرمنيّة. والدة الخليفة المقتدي، وجدّه المستظهر.
عاشت في العزّ والجاه حتّى رأت البطْنَ الرّابع مِن أولادها.
وكانت صالحة، كثيرة الصَّدَقة. حجّت مرّات ولها رِباط بمكّة، ورِباط ببغداد، ولها حشمة وهيبة ومعروف وبِرّ، رحمها الله.
عاشت إلى هذا الوقت.
- حرف الباء-
28- بَكْر بْن [4] مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الفَضْلُ بْن الحَسَن بْن أحمد بْن إبراهيم [5] .
__________
[1] وقال ابن الجوزي: «وشهد عند أبي عبد الله الدامغانيّ، وكان يسلك طريقة الزهد والتقشّف» .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (أرجوان) في: المنتظم 9/ 200 رقم 344 (17/ 165 رقم 3866) ، وسير أعلام النبلاء 19/ 412 (في آخر ترجمة المستظهر باللَّه) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 74.
[4] كتب بجانبه في هامش الأصل: «شمس الأئمة الأنصاري» .
[5] انظر عن (بكر بن محمد) في: التحبير في المعجم الكبير 1/ 136- 139 رقم 62، والأنساب(35/329)
العلّامة أبو الفَضْلُ [1] الأنصاريّ الجابريّ، مِن وُلِد جَابِر بْن عَبْد الله الْبُخَارِيّ الزَّرَنْجَريّ [2] . وزَرَنْجَر مِن قرى بُخارى الكبار. ويُعرف بشمس الأئمّة أَبِي الفَضْلُ.
كَانَ فقيه تِلْكَ الدّيار، ومفتي ما وراء النّهر. وكان يضرب بِهِ المثل في حِفْظ مذهب أبي حنيفة [3] .
قَالَ لنا أبو العلاء الفَرَضيّ: كَانَ الإمام عَلَى الإطلاق، والموفود إِليْهِ مِن الآفاق. رافق في أوّل أمره برهان الأئمّة سراج الأمّة الماضي عَبْد العزيز بن عمر ابن مازة تفقهًا معًا على شمس الأئمّة محمد بن أبي سهل السَّرْخسيّ.
وُلِد أَبِي الفَضْلُ في سنة سبع وعشرين وأربعمائة [4] . وسمع الحديث في صغره، وأدرك الكبار.
وتفقَّه أيضا على شمس الأئمّة أبي [2] محمد عَبْد العزيز بْن أحمد الحَلْوائيّ [5] ، وكان أَبُوهُ محمد يروي عَنْ إسماعيل بْن أحمد الفضائليّ، وغيره.
سَمِعَ: أباه، وأبا حفص عُمَر بْن منصور بْن خَنْب [6] ، وأبا مسعود أحمد بْن محمد البَجَليّ، وميمون بْن عليّ الميموني، وأبا سهل أحمد بن عليّ
__________
[6] / 288، والمنتظم 9/ 200، 201 رقم 345 (17/ 165، 166 رقم 3867) ، ومعجم البلدان 3/ 138، ومعجم الشيوخ لابن السمعاني (مخطوط) ، والكامل في التاريخ 10/ 545، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 74، ودول الإسلام 2/ 39، والعبر 4/ 26، 27، وسير أعلام النبلاء 19/ 415- 417 رقم 240، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ ورقة 350، ومرآة الجنان 3/ 203، والبداية والنهاية 12/ 183، والجواهر المضيّة 1/ 465- 467، ولسان الميزان 2/ 58، 59، والنجوم الزاهرة 5/ 316، 317، وكتائب أعلام الأخيار، رقم 284، والطبقات السنية، رقم 573، وكشف الظنون 1/ 164، وشذرات الذهب 4/ 33- 35، والفوائد البهية 56، ومعجم المؤلفين 3/ 74.
[1] في الجواهر المضيّة: «أبو الفضائل» .
[2] الزّرنجريّ: بفتح الزاي والراء، وسكون النون والجيم المفتوحة، وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى زرنجرى، ويقال لها: زرنكرى. (الأنساب 6/ 270) .
[3] التحبير 1/ 137.
[4] التحبير 1/ 139.
[5] الحلوائي: بفتح الحاء وسكون اللام. نسبة إلى عمل الحلوى وبيعها.
[6] خنب: بالخاء المعجمة المفتوحة، وسكون النون، والباء.(35/330)
الأبِيَوَرْدِيّ، وإبراهيم بْن عليّ الطَّبَريّ، ويوسف بْن منصور السّيّاريّ الحافظ، وأبا بَكْر محمد بْن سليمان الكاخُسْتُوائيّ [1] .
وسمع «صحيح الْبُخَارِيّ» مِن أبي سهل المذكور. أنبا أبو عليّ بْن حاجب الكُشَانيّ [2] .
وقال أبو سَعْد السّمعانيّ: وورد بغداد حاجّا قبل الخمسمائة، وتفرَّد بالرّواية عَنْ جماعة. وكتب لي بالإجازة بمسموعاته. وكان يسمّى أبا حنيفة الأصغر. سألوه عن مسألة فقال: كرّرت عليها أربعمائة مرّة. وكانت لَهُ معرفة بالأنساب والتّواريخ [3] . وثنا عَنْهُ جماعة منهم: عُمَر بْن محمد بْن ظاهر الفَرَغَانيّ، وأبو جعفر أحمد بْن محمد الحلميّ البلْخيّ، ومحمد بْن يعقوب نزيل سَرْخَس، وعبد الحليم بْن محمد الْبُخَارِيّ.
تفقَّه عَلَى شمس الأئمّة: ابنه عمر، وتوفّي ابنه عمر سنة 584، وشيخ
__________
[1] هكذا في الأصل بالسين المهملة. وفي الأنساب، واللباب، ومعجم البلدان: «الكاخشتواني» بالشين المعجمة.
قال ابن السمعاني: بضم الكاف وضم الخاء، وسكون الشيم المعجمتين وضم التاء المنقوطة من فوقها باثنتين وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى كاخشتوان، وهي قرية ببخارى. وبها رباط يقال له: رباط كاخشتوان. (الأنساب 10/ 311، 312) .
[2] الكشاني: بضم الكاف والشين المعجمة وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى كشانية، وهي بلدة من بلاد السّغد بنواحي سمرقند، على اثني عشر فرسخا منها. (الأنساب 10/ 431) .
وضبطها ياقوت بفتح الكاف ثم التخفيف وبعد الألف نون وياء خفيفة- (معجم البلدان 4/ 276) .
[3] وقال في التحبير) «وكان يحفظ الرواية بحيث إذا طلب منه المتفقّه الدرس يلقي عليه من أيّ موضع أراده، من غير مطالعة ومراجعة في الكتاب. اشتغل بسماع الحديث في صغيره، وسمع الحديث الكثير، وتفرّد بالرواية في وقته عن جماعة لم يحدّث عنهم سواه، وأملى الكثير، وكتبوا عنه ... كتب إليّ الإجازة في سنة ثمان وخمسمائة، حصّلها لي أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد الدقاق الحافظ. روى لي عنه جماعة كبيرة بخراسان وما وراء النهر.
وكانت عنده كتب حالية، ما وقعت إلينا إلا من روايته» .
وقال ابن الجوزي: «وتفرّد بالرواية عن جماعة، منهم لم يحدّث عنهم، وبرع في الفقه، فكان يضرب به المثل. وحفظ مذهب أبي حنيفة، ويقولون: هو أبو حنيفة الصغير، ومتى طلب المتفقّه منه الدرس ألقى عليه من أيّ موضع أراد من غير مطالعة ولا مراجعة لكتاب. وكان الفقهاء إذا أشكل عليهم شيء رجعوا إليه وحكموا بقوله ونقله. وسئل يوما عن مسألة فقال:
كرّرت هذه المسألة ليلة في برج من حصن بخارى أربعمائة مرة» . (المنتظم) .(35/331)
الإِسْلَام برهان الدّين عَلِيّ بْن أَبِي بَكْر الفرغانيّ، وجماعة.
وتوفّي في تاسع عشر شَعْبان.
29- الحَسَن بْن عُمَر بْن الحَسَن بْن عُمَر [1] .
أبو القاسم الهَوْزنيّ الإشبيليّ.
روى عَنْ: أبيه، وأبي محمد بْن الباجيّ، وأبي عبد الله بن منصور [2] وحجّ، وسمع بالمَهْديّة مِن: عَبْد الله بْن منصور الحضْرميّ.
وبمصر مِن: محمد بْن بركات.
وأجاز له أبو عمر بن عبد البر، وأبو محمد بْن وليد.
وكان فقيهًا مشاورًا، فاضلا، رحل النّاس إليه.
وتوفّي في ذي القعدة.
وكان مولده في سنة خمس وثلاثين وأربعمائة.
30- الحُسَيْن بن محمد بْن عليّ بْن الحَسَن [3] .
نور الهدى أبو طَالِب الهاشميّ العبّاسيّ الزَّيْنَبيّ، الفقيه الحنفيّ، رئيس الطّائفة الحنفيّة.
كَانَ إمامًا معظّمًا كبير الشّان، مكرّمًا للغرباء، بارِعًا في المذهب. ولد سنة عشرين وأربعمائة.
وسمع: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا القاسم الأزهريّ، وأبا القاسم التّنُوخيّ، والحسن بْن المقتدر.
وسمع بمكّة «الصّحيح» مِن كريمة. وتفرّد بِهِ عنها ببغداد.
__________
[1] انظر عن (الحسن بن عمر) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 139 رقم 318.
[2] في الصلة: «بن منظور» .
[3] انظر عن (الحسين بن محمد الزينبي) في: الأنساب 6/ 346، والمنتظم 9/ 201 رقم 346 (17/ 166، 167 رقم 3868) ، والكامل في التاريخ 10/ 545، 546، والتقييد لابن نقطة 250، 251 رقم 304، والإعلام بوفيات الأعلام 210، والعبر 4/ 27، وتذكرة الحفاظ 4/ 1249، والمعين في طبقات المحدّثين 150 رقم 1630، وعيون التواريخ 12/ 87، 88، والبداية والنهاية 12/ 183 وفيه: «الحسين بن محمد بن عبد الوهاب» ، والوافي بالوفيات 13/ 41، والجواهر المضيّة 2/ 133، 134، والعقد الثمين 4/ 206، 207، والنجوم الزاهرة 5/ 217، والطبقات السنية، رقم 785، وشذرات الذهب 4/ 34.(35/332)
وسمعه منه الناس.
روى عنه: عَبْد الغافر الكاشْغَريّ [1] ، ومات قبله بأربعين سنة أو أكثر، وابن أخيه عليّ بْن طِراد الوزير، والصّائن هبة الله بْن عساكر.
وسمع منه «الصّحيح» عَبْد المنعم بْن كُلَيْب.
وقد قرأ القرآن عَلَى الزّاهد أَبِي الحَسَن القَزْوينيّ.
وتفقه على قاضي القضاة أبي عبد الله الدّامَغَانيّ.
وقد مدحه الغزّي الشّاعر بقصيدة حَسَنة [2] .
تُوُفّي في صَفَر، وله اثنتان وتسعون سنة، فهو وأخوه أبو نصر محمد، وطِراد ماتوا في عَشْر المائة. وتفرّدوا في وقتهم.
ولم يزل نور الهدى مدرّس مدرسة شرف المُلْك، وترسَّل إلى ملوك الأطراف. وولي نقابة العبّاسييّن والطّالبيّين. ثمّ استعفى بعد أشهر، [3] فأُعفي، وأُحضر أخوه، طِراد مِن الكوفة، كَانَ نقيبها، فوُلّي نقابة العبّاسييّن [4] .
31- حَمْدُ بْن نصر بْن أحمد [5] .
__________
[1] الكاشغري: بفتح الكاف، وسكون الشين، وفتح الغين. نسبة إلى كاشغر بلدة من بلاد المشرق، وهي من ثغور المسلمين. (الأنساب 10/ 325) وفيه «عبد الغافر» هذا.
[2] أولها:
جفون يصحّ السقم فيها فيسقم ... ولحظ يناجيه الضمير فيفهم
معاني جمال في عبارات خلقه ... لها ترجمان صامت يتكلّم
محا الله نونات الحواجب لم تزل ... قسيّا لها دعج النواظر أسهم
وأطفأ نيران الخدود، فقل لمن ... رأى قبلها نارا يقبّلها فم
ومنها في المديح:
بنور الهدى قد صحّ معنى خطابه ... وكل بعيد من سنا النور مظلم
رحيق المعاني جلّ إنجاز لفظه ... عن الوصف حتى عنه سحبان يقحم
يجود ويخشى أن يلام كأنه ... إذا جاد من خوف الملامة مجرم
وما حرم الدنيا، ولكن قدره ... من الملك في الدنيا أجلّ وأعظم
(عيون التواريخ 12/ 87، 88) .
[3] قيل: حمل إليه هاشميّ قد جني جناية تقتضي معاقبته، فقال: ما يحتمل قلبي أن أسمع المعاقبين وما أراهم، فاستعفى، فأعفي. (المنتظم) .
[4] وقال ابن عقيل: كان نور الهدى يقول: بلغ أبي العلم إلى ما لا أبلغه من العلم. (المنتظم) .
[5] انظر عن (حمد بن نصر) في: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 141، 142 رقم 65، والتحبير 1/ 248، 249 رقم 162، وتذكرة الحفاظ 4/ 1248، 1249، وسير أعلام النبلاء(35/333)
الحافظ أبو العلاء الهَمَذَانيّ الأعمش الأديب.
أجاز لأبي سَعْد السّمعانيّ [1] ، وقال: كَانَ عارفًا بالحديث حافظًا ثقة، مكثرًا. سَمِعَ الكثير بنفسه وأملى وحدَّث.
سَمِعَ: أبا مُسْلِم بْن غزو [2] النّهاوندي، وأبا الحَسَن عُبَيْد الله بْن مَنْدَهْ، وهارون بْن ماهلة [3] الهَمَذَانيّ، وطبقتهم.
ومولده بهَمَذَان سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.
ومات في عاشر شوّال.
أَنْبَأَ أحمد بْن عَبْد الكريم، أنبا نصر بْن جَرْو، أنبا أبو طاهر السّلَفيّ:
سَمِعْتُ حَمْدُ بْن نصر الحافظ بهَمَذَان: سَمِعْتُ عليّ بْن حُمَيْد الحافظ: سَمِعْتُ طاهر بْن عَبْد الله الحافظ يَقُولُ: سَمِعْتُ حمْد بْن عُمَر الزَّجّاج الحافظ يَقُولُ: لمّا أملى صالح بْن أحمد التّميميّ الحافظ بهمذان كانت له رحى، فباعها بسبعمائة دينار، ونثرها عَلَى محابر أصحاب الحديث.
رواها أبو سَعْد السّمعانيّ، عَنْ شيخ له، عَنِ السّلَفيّ، فكأني لقِيتُه وسمعتها منه، مَعَ أنّ حَمْدُ بْن نصر، رحمه الله، قد أجاز لأبي سَعْد.
- حرف الراء-
32- رابعة بِنْت الإمام أبي حكيم عبد الله بن إبراهيم الخبري [4] .
أمّ الفضل والدة الحافظ ابن نصر.
__________
[19] / 276، 277 رقم 175، ومختصر طبقات علماء الحديث، ورقة 223، والمنهج الأحمد 2/ 213، وطبقات الحفاظ 454، وشذرات الذهب 4/ 31، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 81 رقم 1021.
[1] في سنة 509 هـ-.
[2] في الأصل: «عزو» .
[3] في الأصل: «ماطلة» .
[4] انظر عن (رابعة) في: المنتظم 9/ 201 رقم 347 (17/ 167 رقم 3869) ، ومعجم السفر للسلفي 1/ 265، 266 رقم 145، واللباب 1/ 419، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 75.
و «الخبري» : بفتح الخاء المعجمة، وسكون الباء الموحّدة، وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى خبر، وهي قرية من قرى شيراز من بلاد فارس. (اللباب 1/ 419) .(35/334)
امرَأَة صالحة، سَمِعْتُ: أباها، وأبا محمد الجوهريّ، وأبا جعفر ابن المسلمة.
روى عنهَا: ابنها، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ [1] .
وتُوُفّيت في ذي القِعْدة.
- حرف الطاء-
33- طلحة بْن أحمد بْن طلحة بْن أحمد بْن الحَسَن بْن سليمان بْن الحارث [2] .
أبو البركات الكِنْديّ العاقُوليّ، وُلِد بدَيْر العاقُوليّ [3] ، وهي عَلَى خمسة عشر فرسخ مِن بغداد.
ودخل بغداد سنة ثمانٍ وأربعين، واشتغل بالعلم.
وقرأ عَلَى القاضي أَبِي يَعْلَى كتاب «الخصال» ، وسمع منه، ومن: أَبِي محمد الجوهريّ [4] ، وأبي الحَسَن بْن حَسْنُون النَّرْسيّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: هبة الله الصائن، ومحمد بْن أَبِي القاسم بْن حمزة الشّاوي، وابن ناصر، وغيرهم. وكان من الأئمّة الصّالحين [5] .
__________
[1] سمعها السلفي بقراءته عليها ببغداد. (معجم السفر) وهو قال: وأبوها أبو حكيم الخبري كان فرضيّا مشهورا بالتقدّم في علم الفرائض.
وابنها أبو الفضل محمد بْن ناصر بْن مُحَمَّد بْن علي كان من أهل العلم والأدب. سمع منا كثيرا من الحديث على شيوخ الجانبين، ورفيقه في السماع والقراءة أبو منصور بن الجواليقيّ، وأبو منصور في الآداب أميز منه- رحمهما الله-. وكان شافعيّ المذهب، أشْعَرِيّ المعتَقَد. ثمّ انتقل إلى مذهب أحمد في الأصول والفروع، ومات على ذلك.
[2] انظر عن (طلحة بن أحمد) في: المنتظم 9/ 202 رقم 348 (17/ 167، 168 رقم 3870) ، وطبقات الحنابلة 2/ 259، 260 رقم 706، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 138- 141 رقم 63، وشذرات الذهب 4/ 34.
[3] الدير عاقولي: بفتح الدال المهملة وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وبعدها الراء ثم العين المهملة وفيها قاف بعد الألف. ويقال: دير العاقول والنسبة إليها دير عاقولي أيضا.
(الأنساب 5/ 395) .
[4] سمع منه في سنة 453 هـ-.
[5] وقال ابن الجوزي: «وقرأ الفقه على يعقوب البرزباني، وكان عارفا بالمذهب، حسن المناظرة، وكانت له حلقة بجامع القصر للمناظرة» .(35/335)
تُوُفّي في شَعْبان ببغداد، وله ثمانون سنة.
- حرف العين-
34- عَبْد الرَّحْمَن بْن يحيى بْن إسماعيل [1] .
أبو الفضائل الأُمَويّ العثمانيّ، الدّيباجيّ، والد العثمانيّين.
قال ابن المفضّل: روى عَنْ جدّه لأُمّه أَبِي حفص البُوصِيريّ.
روى عَنْهُ: ولده أبو محمد العثمانيّ.
ثمّ قَالَ ابن المفضل الحافظ: وقد تكلّم في سماعه.
مات في المحرَّم.
35- عَبْد الكريم بْن أحمد بْن قاسم بْن أبي عَجينة [2] .
الشَّيْخ أبو محمد القباريّ [3] ، المعروف بالخُلْقانيّ [4] الإسكندرانيّ، المؤذّن المُعَمَّر.
مِن شيوخ السّلَفيّ.
قَالَ فيه: كَانَ يقال إنّه ابن مائة وعشرين سنة.
أنبا عَنْ أحمد بْن إبراهيم الرّازيّ، وغيره.
وسمعت أبا عَبْد الله بْن الحطاب الرّازيّ، وجماعة يقولون: ما عندنا أكبر منه سنًا.
قَالَ أبو عَبْد الله: وقد بلغ مائة وعشرين سنة أو دُونها بقليل، وبَلَغني أنّه بقي ثلاثًا وستّين سنة لَا يأكل لحمًا إلّا لحم الصَّيد الَّذِي يصيده بنفسه، ومنه قُوتُه. ولم يأكل اللَّبَن ولا الْجُبْن هذه المدّة تورُّعًا. وكان يأكل مِن القبار المُباح، ويعبّر المنامات ويُصيب، وهو أُميّ لَا يكتب. رَأَيْته وهو حاضر الذّهن يبصر
__________
[1] تقدّم في وفيات السنة السابقة 511 هـ-. برقم (12) واسمه هناك: «عبد الرحيم بن يحيى» .
انظر عنه في: المقفّى الكبير للمقريزي 4/ 81 رقم 1451.
[2] انظر عن (عبد الكريم بن أحمد) في: معجم السفر للسلفي (مصوّر) بدار الكتب المصرية، ق 2.
[3] لم يذكر ابن السمعاني هذه النسبة.
[4] الخلقاني: بضم الخاء المعجمة وسكون اللام وفتح القاف وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى بيع الخلق من الثياب وغيرها. (الأنساب 5/ 163) .(35/336)
ويسمع، ويعبّر المنامات، ولا يتتعتع في حرف. وقد سَمِعَ عَلَى أَبِي العبّاس الرّازيّ كثيرًا.
وتوفّي في رجب، رحمه الله تعالى.
قَالَ السّلَفيّ: وقد كنت أداعبه وأقول: أنت مكبَّر، مخبّر، معبّر. فيبتسم.
وقد ذكر لي أنّه رَأَى أبا عِمران الفاسيّ لمّا قِدم الإسكندريّة حاجًا. قَالَ:
وكان مخبّر. وكان مالكيا. كَانَ مَعَ كَبِر سِنّه يقصدني إلى أن مات محمولًا كأنّه قُفّه.
36- عَبْد الكريم بْن علي بْن مُحَمَّد بْن علي بْن فُورَجَة [1] .
أبو الخير الأصبهانيّ.
ولد سنة ثمان وعشرين وأربعمائة.
وروى عَنْ: أَبِي الحُسَيْن بْن فاذشاه، وأبي طاهر بْن عَبْد الرحيم.
روى عَنْهُ: أبو موسى المَدِينيّ، وغيره.
وآخر مِن روى عَنْهُ حضورًا أبو جعفر الصَّيْدلانيّ.
تُوُفّي في ثامن عشر شوّال.
وممّا يروي «الزُّهْد» [2] لأسد [3] ، سمعه مِن ابن فاذشاه، وكتاب «ثواب الأعمال» لأبي الشَّيْخ، رواه عَنِ الفَضْلُ بْن محمد بْن سَعِيد، عَنْهُ [4] .
37- عُبَيْد بْن محمد بْن عُبَيْد [5] .
أبو العلاء القُشَيْريّ النَّيْسابوريّ التّاجر، مِن بيت عدالة ورواية.
__________
[1] انظر عن (عبد الكريم بن علي) في: التحبير 1/ 479 رقم 449، ومعجم شيوخ ابن السمعاني (مخطوط) ورقة 158 ب.
وفورجة: بضم الفاء، وفتح الراء والجيم. (المشتبه في الرجال 2/ 511) .
[2] في الأصل: «الزاهد» ، والتصحيح من التحبير.
[3] هو أسد بن موسى.
[4] وقال ابن السمعاني: شيخ سديد صالح ... وكانت ولادته في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة.
(التحبير) .
[5] انظر عن (عبيد بن محمد) في: التحبير 1/ 458، 459، والعبر 4/ 28، وسير أعلام النبلاء 19/ 293، 295 رقم 185، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 2/ 177- 179 رقم 401، وشذرات الذهب 4/ 35.(35/337)
سمع: عبد الرحمن بن حمدان النّصروييّ [1] ، وعبد القاهر بْن طاهر البغداديّ، وأبا حسّان محمد بْن أحمد المُزَكّيّ، وأبا حفص بْن مسرور.
وسافر في شبيبة إلى المغرب تاجرًا، وأقام هناك مُدَّة، وحصَّل أموالًا، ثمّ عاد إلى نَيْسابور ولزم داره.
وكان قليل المخالطة.
وحدَّث ببغداد مَعَ أخيه لمّا قِدم للحجّ، وقد مرَّ أخوه الفَضْلُ مِن سنوات.
روى عَنْهُمَا: أبو الفتح محمد بْن عَبْد السّلام. سَمِعَ منهما في سنة سبْعٍ وثمانين [2] .
وسأله اليُونارتيّ [3] عَنْ مولده فقال: في سنة سبع عشرة وأربعمائة. وذكر أنّه غاب عن نَيْسابور نيّفًا وعشرين سنة [4] .
ووصفه عَبْد الغافر في «تاريخه» [5] : بالصّدق والعدالة والعبادة، وصحّة السّماع، والإنفاق عَلَى الفقراء. وتصدّق في آخر عمره بصدقات كثيرة. وثقُل سمعه. وتُوُفّي في شَعْبان [6] .
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: [7] كان والدي أحضرني للسّماع عليه في سنة تسع وخمسمائة.
__________
[1] في ذيل تاريخ بغداد 2/ 178 «النضروي» بالضاد المعجمة، وهو تحريف، والمثبت عن (الأنساب 12/ 91) وفيه: «النصرويي: بفتح النون وسكون الصاد المهملة والراء المضمومة وفي آخرها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى نصرويه وهو في أجداد المنتسب، والمظهور بهذا الانتساب: أبو سعد عبد الرحمن بن حمدان.
[2] ذيل تاريخ بغداد 2/ 178.
[3] اليونارتيّ: بضم الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وسكون الواو وفتح النون وسكون الراء، وفي آخرها التاء المنقوطة باثنتين من فوقها، هذه النسبة إلى يونارت، وهي قرية على باب أصبهان.
(الأنساب 12/ 433، 434) وهو الحافظ أبو نصر الحسن بن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن علي بن حيّويه المقرئ. توفي في حدود سنة 530 هـ-.
[4] ذيل تاريخ بغداد 2/ 179.
[5] ذيل تاريخ نيسابور.
[6] ذيل تاريخ بغداد 2/ 179.
[7] انظر التحبير 1/ 458، 459.(35/338)
وتوفّي في ثامن عشر شَعْبان سنة 512، رحمه الله. قاله ابن النّجّار.
38- عيسى بْن شُعيب بْن إبراهيم [1] .
الزّاهد المُعَمَّر أبو عَبْد الله السّجْزيّ الصُّوفيّ. نزيل هَرَاة.
ولد بسِجِسْتان بعد سنة عشر وأربعمائة.
وسمع مِن عليّ بْن بزّيّ الحافظ، وبهَرَاة مِن عَبْد الوهّاب بْن محمد الخطّابيّ، وبغزْنَة الخليل بْن أبي يَعْلَى.
وحَمَلَ ولده أبا الوقت عَلَى كتفه مِن هَرَاة إلى بوسَنْج [2] ، فأسمعه «الصّحيح» .
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: شيخ صالح، مُسِنّ، حريص عَلَى السّماع. أجاز لي مرويّاته [3] .
مولده في سنة عشرين [4] وأربعمائة، وتوفّي بمالين هَرَاة في ثاني عشر شوّال، وله مائة وسنتان.
- حرف الميم-
39- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن [5] .
أبو عَبْد الله الأنصاريّ الطُّلَيْطُليّ، المقرئ. ويُعرف بابن فرقاش [6] . نزيل فارس.
له مصنّف في القراءات [7] .
__________
[1] انظر عن (عيسى بن شعيب) في: التحبير 1/ 611- 613 رقم 602، ومعجم الشيوخ لابن السمعاني (مخطوط) ورقة 187 ب، وعيون التواريخ 12/ 88، وسير أعلام النبلاء 19/ 389، 390 رقم 231 وسيعاد برقم (195) .
[2] في التحبير: «فوشنج» .
[3] في سنة 507 هـ.
[4] في التحبير 1/ 613: «سنة عشر» .
[5] انظر عن (محمد بن أحمد الطليطلي) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 148، 149، ومعجم المؤلّفين 8/ 274.
[6] في التكملة، ومعجم المؤلّفين: «فرقاشش» .
[7] وهو مؤلّف صغير في اختلاف القراء السبعة.(35/339)
أخذ عَنْ: المَغَاميّ، وأبي الحَسَن الألْبِيريّ.
قرأ عَليْهِ في هذا العام بغَرْنَاطة: أبو إِسْحَاق الغَرْنَاطيّ.
40- محمد بْن أحمد بْن عَوْن [1] .
أبو عَبْد الله المَعَافِريّ القُرْطُبيّ.
روى عَنْ: حاتم بن محمد، وأبي عبد الله بن عتاب.
وكان فقيهًا، إمامًا، ورِعًا، مُتَصَاونًا، كثير الكُتُب.
ومات في ذي القِعْدة [2] ، فصلّى عَليْهِ ابنه أبو بَكْر.
41- محمد بْن الحُسَيْن بْن محمد [3] .
فخر القُضاة أبو بَكْر الأرسابَنديّ [4] المَرْوَزِيّ. وأرسابَند مِن قرى مَرْو.
تفقَّه عَلَى الأستاذ أَبِي منصور السّمعانيّ.
ورحل إلى بُخارى، فتفقَّه عَلَى القاضي الزَّوْزنيّ صاحب أَبِي زيد.
وبرع حتّى صار يُضْرب بِهِ المثل في علم النَّظر [5] .
وحجّ، وسمع مِن رزق الله التّميميّ.
روى عَنْهُ: صاحباه أبو الفَضْلُ عَبْد الرَّحْمَن بْن أميرُوَيْه الكرْماني، وقاضي مَرْو محمد بن عبد الله الصّائنيّ، وغيرهما من كبار الحنفيّة.
وتوفّي ربيع الأوّل [6] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد بن عون) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 571، 572 رقم 1260.
[2] وكان مولده سنة أربعين وأربعمائة.
[3] انظر عن (محمد بن الحسين) في: الأنساب 1/ 184، والمنتظم 9/ 202 رقم 349 (17/ 168 رقم 3871) ، ومعجم البلدان 1/ 151.
[4] الأرسابندي: أرسابند: بالفتح ثم السكون، وسين مهملة وألف وباء موحّدة مفتوحة، ونون ساكنة، ودال مهملة. من قرى مرو، على فرسخين منها. (الأنساب 1/ 184) .
[5] قال ابن السمعاني: وهو إمام فاضل مناظر، انتهت إليه رئاسة أصحاب أبي حنيفة، رحمه الله، بمرو، وكان كريما سخيا، حسن الأخلاق، متواضعا. أملى وحدّث.
وقال ابن الجوزي: «نظر في الأدب، وبرع في النظر، وولي القضاء، وكان حسن الأخلاق، متواضعا جوادا، وورد بغداد فسمع بها محمد التميمي وغيره إلّا أنّه يروي عنه التحريف في الرواية، فإنه كان يقول: عندنا أنه من صنّف شيئا فقد أجاز لكل من يروي عنه ذلك» .
وقال ياقوت: وكان من أجلّاء الرجال ملكا في صورة عالم.
[6] وكتب على قبره:(35/340)
42- محمد بْن عتيق بْن أَبِي بَكْر محمد بْن أَبِي نصر [1] .
أبو عَبْد الله التّميميّ القَيْرواني الأشعريّ المتكلّم، ويُعرف بابن أَبِي كُدَيَّة [2] .
درس الأصول بالقيروان عَلَى أَبِي عَبْد الله الحُسَيْن بْن حاتم الأزْديّ صاحب ابن الباقِلّانيّ.
وسمع بمصر مِن أَبِي عبد الله القُضاعيّ.
وقدم الشّام، فأخذ عَنْهُ أبو الفتح نصر الله بْن محمد المصّيصيّ [3] . ودخل العراق، وأقرأ علم الكلام بالمدرسة النّظاميّة [4] . وكان صلْبًا في الاعتقاد.
تُوُفّي ببغداد في ذي الحجّة. وقد سَمِعَ بالأندلس مِن ابن عبد البَرّ. وقرأ بالروايات بمصر عَلَى أَبِي العبّاس بْن نفيس.
وسمع ببغداد مِن عَبْد الباقي العطّار، وصاحب المخلّص. وأقام بالشّام مدّة، ثمّ قِدم بغداد ثانيا، وأقرأ بها القرآن أيضًا.
قرأ عَليْهِ: أبو الكرم الشّهْرَزُورِيّ.
وحدَّث عَنْهُ: عَبْد الحق اليُوسُفيّ بكتاب «الشّهاب» ، فقال فيه ابن عقيل:
ذاكَرْتُهُ، فرأيته مملوءًا عِلمًا وحِفظًا.
وقال السّلَفيّ في «مُعْجَمه» : كَانَ مشارًا إليه في علم الكلام، وقال لي:
أَنَا أدرّس علم الكلام من سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة. وكان مقدّما على
__________
[ () ]
من كان معتبرا ففينا معتبر ... أو شامتا فالشامتون على الأثر
[1] انظر عن (محمد بن عتيق) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) ج 38/ 431، 432، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 23/ 45، 46 رقم 74، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 75، 76، وعيون التواريخ 12/ 85، 86، وتذكرة الحفاظ 4/ 1250، ومعرفة القراء الكبار 1/ 467، 468 رقم 411، وسير أعلام النبلاء 19/ 417، 418 رقم 241، وعيون التواريخ 12/ 85، 86، وفوات الوفيات 2/ 473، والوافي بالوفيات 4/ 79، والعسجد المسبوك، ورقة 47، وغاية النهاية 2/ 195، 196، والنجوم الزاهرة 5/ 217، وكتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 4/ 79، 80 رقم 1071.
[2] كديّة: بالكاف المضمومة، ودال مهملة مفتوحة، وتشديد الياء المنقوطة باثنتين وهاء.
[3] وذلك في مدينة صور.
[4] مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 75.(35/341)
نُظَرائه، مبجلًا عند مِن ينتحل مذهبه، مجانبًا عند مخالفيه. جَرَت بينه وبين الحنابلة فتن، وأُوذي غاية الإيذاء.
وأتي مِن شِعْر صديقه الحَسَن بْن رشيق. وقال لي إنّه قرأ أيضًا الكلام ببلده عَلَى أبي طاهر عليّ بْن محمد بْن عُرْس المَوْصِليّ صاحب ابن الباقِلّانيّ.
وأنّه سَمِعَ مِن أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد الخِرَقيّ.
قلت: عاش تسعين سنة أو جاوزها. وسأله السّلَفيّ عَنْ مسألة الاستواء، فذكر أنّ أحد الوجهين لأبي الحَسَن الأَشْعريّ أن يُحمل عَلَى ما ورد ولا يفسّر [1] .
__________
[1] زاد المؤلّف الذهبي رحمه الله في ترجمته في (سير أعلام النبلاء 19/ 418) ما يلي:
«وقال أحمد بن شافع: قال ابن ناصر وجماعة: كان أصحاب القيرواني يشهدون عليه أنه لا يصلّي ولا يغتسل من جنابة في أكثر أحواله، ويرمى بالفسق مع المرد، واشتهر بذلك، وادّعى قراءة القرآن على ابن نفيس.
قلت: هذا كلام «بهوى» .
وذكر ابن عساكر أن ابن عتيق القيرواني سمع يوما قائلا ينشد لأبي العلاء المعرّي:
ضحكنا وكان الضّحك منّا سفاهة ... وحقّ لسكان البسيطة أن يبكوا
تحطّمنا الأيام حتى كأنّنا ... زجاج ولكن لا يعاد لنا سبك
فقال ابن عتيق مجيبا:
كذبت وبيت الله حلفة صادق ... سيسبكنا بعد النّوى من له الملك
وترجع أجسامنا صحاحا سليمة ... تعارف في الفردوس ما عندنا شكّ
ووقع في (مختصر تاريخ دمشق لابن منظور) أن الّذي ردّ على أبي العلاء هو: «أبو عبد الله محمد الطائي البجّائي المتكلّم» . (23/ 45) وقد أكّد الصفدي، وابن شاكر الكتبي، وسبط ابن الجوزي أن الّذي ردّ هو القيرواني صاحب الترجمة.
وبيتا أبي العلاء في (شرح المختار من لزوميّات أبي العلاء للبطليوسي 1/ 182) .
وقد وقع في (مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 23/ 45) أن ابن عتيق القيرواني قتل سنة ثمانين وأربعمائة!! ولم يتنبّه السيد «إبراهيم صالح» محقّق الكتاب إلى هذا الخطأ الواضح، وأقول أنا خادم العلم «عمر تدمري» : إن هذا الخبر مقحم على الأصل بدليل أن تاريخ الوفاة مذكور في آخر الترجمة (23/ 46) «توفي سنة اثنتي عشرة وخمسمائة خارج الكرخ، بالجانب الغربي» .
ووقع في (عيون التواريخ 12/ 86) العبارة الآتية:
«وقال سبط الجوزي في كتاب المرآة كان يحفظ كتاب سيبويه» .
وأقول: ليس في ترجمة القيرواني عند سبط الجوزي هذه العبارة.
وقال سبط الجوزي: إن القيرواني دفن عند قبر الأشعري، وكان يزعم أنه على مذهبه، وقد قال:
كلام إلهي ثابت لا يفارقه ... وما دون ربّ العرش فاللَّه خالقه(35/342)
43- محمد بْن عيسى بْن محمد بْن بقاء [1] .
أبو عَبْد الله الأنصاريّ الأندلسيّ.
أحد القرّاء المجوّدين.
قرأ عَلَى أبي داود صاحب أَبِي عَمْرو الدّانيّ.
وأقرأ بدمشق.
قرأ عَليْهِ جماعة مِن الدّمشقيّين.
وكان فاضلًا، تاركًا للتكلُّف حَفَظَه للحكايات. يسكن في دار الحجارة [2] .
تُوُفّي في ذي القِعْدة وله ثمانية وخمسون سنة [3] .
44- محمد بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيِّ بْن حكيم [4] .
أبو عَبْد الله الباهليّ القرقويّ، الأندلسيّ، المُرّيّ.
سَمِعَ: أبا خَالِد يزيد مولى المعتصم، وأبا عَلَيّ الغسّانيّ.
وحدَّث «بتقييد المُهْمَل» لأبي عليّ بالإسكندريّة، فأخذه عَنْهُ: السّلَفيّ، وأبو محمد العثماني، وأخوه أبو الفَضْلُ العثمانيّ.
وروى عَنْهُ بالإجازة: بركات الخُشُوعيّ.
ووصفه السّلَفيّ بالحِفْظ، وقال: ثنا مِن حفظه، عن أبي بكر حازم بْن محمد الطُّلَيْطُليّ. وكان مِن أهل المعرفة بقوانين الحديث. أخذ ذَلِكَ عَنْ أَبِي عليّ الجيّانيّ، وغيره. وقد كتب عنّي.
__________
[ () ]
ومن لم يقل هذا فقد صار ملحدا ... وصار إلى قول النصارى موافقة
قالوا: وليس هذا مذهب الأشعري، وإنما قوله أول البيت (كلام إلهي ثابت لا يفارقه) مذهب الأشعري، وقوله (ما دون ربّ العرش فاللَّه خالقه) مذهب المعتزلة. (مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 76) .
[1] انظر عن (محمد بن عيسى) في: معجم البلدان 1/ 488، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 23/ 157 رقم 185، والمقفّى الكبير للمقريزي 6/ 470، 471 رقم 2982، ونفح الطيب 2/ 153 رقم 103.
[2] وقال ابن عساكر: خرج الناس إلى المصلّى للاستسقاء، فأنشد قصيدة على المنبر أوّلها:
أستغفر الله من ذنبي وإن كبّرا ... وأستقلّ له شكري وإن كثرا
[3] وكان مولده في شعبان سنة 454 هـ-. (مختصر تاريخ دمشق) .
[4] انظر عن (محمد بن محمد الباهلي) في: معجم السفر للسلفي (مصوّر بدار الكتب المصرية، ق 2) .(35/343)
قَالَ ابن الأبّار: تُوُفّي في رجب سنة اثنتي عشرة.
قَالَ السّلَفيّ: تُوُفّي في رجوعه مِن الحجّ بالبادية.
45- محمود بْن الفضل بْن محمود بْن عَبْد الواحد [1] .
أبو نصر الصَّبَّاغ الأصبهانيّ الحافظ، نزيل بغداد.
بالغ في الطّلب، وكتب بخطّه السّريع كثيرًا لنفسه ولغيره. وكان حُمَيْد الطّريقة مفيدًا لُغَويا. نسخ الكُتُب الكبار.
وقد سمع: عبد الرحمن وعبد الوهاب ابني أبي عبد الله بن منده، وأبا الفضل البزاني [2] ، وأبا بكر بن ماجه.
وحدث ببغداد بشيء يسير عَنْ عَائِشَة بِنْت الحُسَيْن الوَرْكانيّة [3] .
قَالَ شِيرَوَيْه الدَّيْلَميّ: قِدم علينا هَمَذَان سنة اثنتين وخمسمائة، وكان حافظا ثقة، يحسن هذا الشّأن، حسن السّيرة، عارفًا بالأنساب والأسماء، مفيدًا لطلبة العِلْم.
وقال غيره: تُوُفّي في جُمَادَى الأولى ببغداد، وقد سمع بها من رزق الله التّميميّ، وطراد، وطبقتهما، وخلقًا مِن أصحاب أَبِي عليّ بْن شاذان. ثمّ خلقًا مِن أصحاب ابن غَيْلان. وبالغ حتّى كتب عَنْ أصحاب الصَّريْفينيّ، وعليّ بْن البُسْريّ [4] .
روى عَنْهُ: ابن ناصر، وأبو الفتح بْن عَبْد السّلام، والمبارك بن كامل. قال
__________
[1] انظر عن (محمود بن الفضل) في: المنتظم 9/ 202، 203 رقم 351 (17/ 168 رقم 3873) ، ومختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي، ورقة 224، وسير أعلام النبلاء 19/ 374، 375 رقم 216، وتذكرة الحفاظ 4/ 1252، 1253.
[2] البزاني: بضم الباء المنقوطة بواحد، وفتح الزاي، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى بزان وهي قرية من أصبهان. (الأنساب 2/ 186، 187) .
[3] الوركانيّة: بفتح الواو وسكون الراء وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى محلّة وقرية. أما الأولى فوركان: محلّة معروفة بأصبهان وبها سوق قائمة، منها عائشة هذه.
والثانية: منسوبة إلى وركان، وهي قرية من قرى قاشان، بلدة عند قم. (الأنساب 12/ 249، 250) .
[4] البسري: بضم الباء المنقوطة بواحدة، وسكون السين المهملة، وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى بسر بن أرطاة، وقيل: ابن أبي أرطاة. (الأنساب 2/ 210) .(35/344)
السّلَفيّ: كَانَ رفيقنا محمود بْن الفَضْلُ يطلب الحديث، ويكتب العالي والنّازل، فعاتبته في كَتْبَه النّازل، فقال: والله، إذا رَأَيْت سماع هَؤلَاءِ لَا أقدر عَلَى تركه.
فرأيته بعد موته، فقلت: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِر لي بهذا. وأخرج مِن كُمّه جُزءًا [1] .
46- مروان بْن عَبْد المُلْك.
الفقيه.
وُلّي قضاء المَريّة. وجَرَت لَهُ قصّة مَعَ أبي الحَسَن البرجيّ المقرئ في إحراق كُتُب أبي حامد الغزّاليّ الّذي اتّبعه عليها أبو القاسم بن ورد وغيره.
وتوفّي بالمَرِيّة سنة اثنتي عشرة.
- حرف الياء-
47- يحيى بْن عثمان بْن الحُسَيْن بْن عثمان [2] .
أبو القاسم بْن الشّوّاء البغداديّ، البيّع، الفقيه الحَنْبليّ، تلميذ القاضي أبي يَعْلَى، كتب أكثر تواليفه.
وسمع: أبا محمد الجوهريّ، وأبا جعفر ابن المسلمة.
أجاز لابن كُلَيْب.
مات في جُمَادَى الآخرة سنة 512 [3] .
48- يحيى بْن محمد بْن حسّان [4] .
__________
[1] مختصر طبقات علماء الحديث.
وقال ابن الجوزي: «سمع الكثير وكتب، وكان حافظا ضابطا، ثقة، مفيدا لطلّاب العلم» .
[2] انظر عن (يحيى بن عثمان) في: المنتظم 9/ 203 رقم 353 (17/ 169 رقم 3875) ، وطبقات الحنابلة 2/ 258 رقم 703، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 141 رقم 64، وشذرات الذهب 4/ 35.
[3] قال ابن رجب: وكان فقيها حسنا صحيح المساع، وحدّث بشيء يسير. روى عنه أبو المعمّر الأنصاري في معجمه.
ولد في شوال سنة 442 هـ-.
وقال ابن الجوزي: وقرأ بالقراءات.
[4] انظر عن (يحيى بن محمد) في: غاية النهاية 2/ 377 رقم 3861.(35/345)
أبو محمد القَلْعيّ الأندلسيّ المقرئ، مِن قلعة أيّوب.
أخذ القراءات عَنْ أَبِي جعفر عَبْد الوهّاب بْن حَكَم، ورحل فأخذ عَنْ أَبِي عَبْد الله بْن الحدّاد الأقطع القراءات بالمهدية، وعن أبي عَبْد الله الطّرابُلُسي الأشقر.
وتصدَّر ببلده للإقراء.
أخذ عَنْهُ: أبو عَمْرو البلْخيّ.
وكان صالحًا صوّامًا.
تُوُفّي في سنة اثنتي عشرة أو نحوها.(35/346)
سنة ثلاث عشرة وخمسمائة
- حرف الألف-
49- أحمد بْن الحَسَن بْن طاهر [1] .
أبو المعالي الفتح، بغداديّ جليل.
روى عَنْ: أبي الطَّيّب الطَّبَريّ، وأبي يَعْلَى بْن الفرّاء.
قَالَ المبارك بْن كامل: تُوُفّي في رجب.
روى عَنْهُ: ابن ناصر، والمبارك بْن خضر، وعبد الحقّ اليُوسُفيّ [2] .
50- أحمد بْن محمد بْن شاكر [3] .
أبو سعيد [4] الطّرسوسيّ، ثمّ البغداديّ الخرزيّ.
شيخ مستور يبيع الخَرزَ في رَحبة الجامع.
سَمِعَ: أبا الحَسَن القَزْوينيّ، والجوهريّ، وابن غَيْلان.
وحدّث.
وتوفّي في صَفَر.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وذاكر بْن كامل.
وعاش خمسًا وتسعين سنة. وقد كان يمكنه أن يسمع مِن أَبِي عليّ بْن شاذان.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن الحسن) في: المنتظم 9/ 208 رقم 358 (17/ 174، 175 رقم 3880) .
[2] قال ابن الجوزي: وكان سماعه صحيحا.
[3] انظر عن (أحمد بن محمد بن شاكر) في: المنتظم 9/ 207، 208 رقم 357، 17/ 174 رقم 3879:
[4] في المنتظم: «أبو سعد» .(35/347)
قرأ القرآن عَلَى القَزْوينيّ أيضًا. قاله ابن النّجّار.
ويقال له: البارزيّ، وكذا يقال لبيّاع الخَرزَ والخواتم.
روى عَنْهُ السّلَفيّ وقال فيه: الموازينيّ العتّابيّ [1] .
- حرف الحاء-
51- الحُسَيْن بْن عليّ بْن داعي بْن زيد بْن عليّ [2] .
الشّهيد أبو عَبْد الله العَلَويّ الحَسَنيّ النّسّابة النَّيْسابوريّ.
سَمِعَ بإفادة أَبِيهِ أبي الحَسَن الزّاهد مِن: أَبِي حفص بْن مسرور، وأبي سعد الكنجروذيّ، وأبي الحُسَيْن عَبْد الغافر، وجماعة.
وختم بِهِ كثير مِن الأجزاء، فإنّه كَانَ مِن المكثرين في السّماع.
وتُوُفّي في المحرَّم.
وكان رحمه الله تعالى معتنيا بالأنساب ودقائقها [3] .
- حرف الخاء-
52- خُلَيْص بْن عُبَيْد الله بْن أحمد [4] .
أبو الحَسَن العَبْدَريّ البَلَنْسِيّ.
روى عَنْ: أبي عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبي الوليد الباجيّ، وجماعة.
وكتب بخطّه عِلمًا كثيرًا، ولم يكن بالضّابط لما كتب.
قَالَ ابن بَشْكُوال: [5] سَمِعْتُ بعضهم يضعّفه وينسبه إلى الكذِب.
قلت: روى عَنْهُ السّلفيّ بالإجازة.
__________
[1] وقال ابن الجوزي: «وكان صالحا» .
[2] انظر عن (الحسين بن علي) في: السياق، ورقة 12 أ، والمنتخب من السياق 204 رقم 614، والتحبير 1/ 237، 238 رقم 142.
[3] وقال ابن السمعاني: «علويّ فاضل، من بيت الشرف والسيادة، وكان يدّعي المهارة في علم الأنساب ومعرفة رسومها ودقائقها، ويزعم أنه سافر في طلبها وتحصيلها إلى البلاد، وكان يراجع فيها ويصنّف، وكان حسن السيرة ... كتب إليّ الإجازة سنة اثنتي عشرة، وكانت ولادته قبل سنة أربعين وأربعمائة» . (التحبير) .
[4] انظر عن (خليص بن عبيد الله) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 180، 181 رقم 413 وفيه:
«خليص بن عبد الله» ، والمغني في الضعفاء 1/ 213 رقم 1951، وميزان الاعتدال 1/ 665 رقم 2559، ولسان الميزان 2/ 407 رقم 1174 وفيه: «ابن عبد الله» .
[5] في الصلة.(35/348)
- حرف العين-
53- عَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد [1] .
أبو منصور البغداديّ الغزّال، والد يحيى بْن عَبْد الباقي.
شيخ صالح عابد.
سَمِعَ: أبا محمد الجوهريّ، وأبا الغنائم بْن المأمون.
روى عنه جماعة.
وتوفّي في رجب.
54- عليّ بْن عقيل بْن محمد بْن عقيل بْن عَبْد الله [2] .
الإمام أبو الوفاء البغداديّ، الظَّفَريّ [3] ، شيخ الحنابلة، وصنف التّصانيف.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (علي بن عقيل) في: مناقب الإمام أحمد 526، 527، وطبقات الحنابلة 2/ 259 رقم 705، وخريدة القصر وجريدة العصر (قسم شعراء العراق) 3/ 29- 32، والمنتظم 9/ 212- 215 رقم 360، (17/ 179- 182 رقم 3882) ، والكامل في التاريخ 10/ 561، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 83- 88، وعيون التواريخ 12/ 90، 91، ومعرفة القراء الكبار 1/ 468، 469 رقم 412، ودول الإسلام 2/ 29، والعبر 4/ 229، 230، وميزان الاعتدال 3/ 146 رقم 5892، وسير أعلام النبلاء 19/ 443- 451 رقم 259، والإعلام بوفيات الأعلام 210، والمعين في طبقات المحدّثين 150 رقم 1631 وفيه: «علي بن محمد» وهو غلط، والوافي بالوفيات 21/ 326- 328 رقم 208، ومرآة الجنان 3/ 204، والبداية والنهاية 12/ 184، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 142- 165 رقم 66، ودرء تعارض العقل والنقل لابن تيمية 8/ 60، 61، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 192- 194 رقم 147، وغاية النهاية 1/ 556، 557 رقم 2278، وتقصير المنتبه 3/ 1061، ولسان الميزان 4/ 243، 244، رقم 661، والنجوم الزاهرة 5/ 219، والمنهج الأحمد 2/ 252- 270، وطبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 417 رقم 362، ومختصر طبقات الحنابلة لابن شطّي 36- 38، وكشف الظنون 71، 1447، 1955، وشذرات الذهب 4/ 35- 40، وجلاء العينين لابن الألوسي 99، وإيضاح المكنون 1/ 85، 130، 312، 341 و 2/ 54، 299، 338، والتاج المكلل للقنوجي 194 رقم 191، وهدية العارفين 1/ 695، ومعجم المؤلفين 7/ 151، 152، والأعلام 4/ 313.
[3] الظّفري: بفتح الظاء المعجمة والفاء، وفي آخرها راء مهملة. نسبة إلى الظّفرية، محلّة بشرقيّ بغداد كبيرة، وإلى جانبها محلّة أخرى كبيرة يقال لها: قراح ظفر، وهي في قبليّ باب أبرز، والظفرية في غربيّه. قال ياقوت: أظنّهما منسوبتين إلى ظفر أحد خدم دار الخلافة. (معجم البلدان 4/ 20) .(35/349)
كَانَ يسكن الظَّفَريّة، ومسجده بها معروف.
وُلِد سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.
وسمع: أبا بَكْر محمد بْن عَبْد المُلْك بْن بِشْران، وأبا الفتح بْن شيطا المقرئ، وأبا محمد الجوهريّ، والقاضي أبا يَعْلَى، والحسن بْن غالب المقرئ، وجماعة.
روى عَنْهُ: أبو حفص المغازليّ، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، ومحمد بْن أَبِي بَكْر السّنْجيّ، والسّلفيّ، وخطيب المَوْصِل، وآخرون.
وتفقَّه عَلَى القاضي أَبِي يَعْلَى، وعلى الموجودين بعده.
وقرأ عِلم الكلام عَلَى أَبِي عليّ بن الوليد، وأبي القاسم بن التّبّان البغداديّين صاحبي القاضي أبي الحسين البصريّ [1] .
__________
[1] وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي: «إن أصحابنا كانوا ينقمون على ابن عقيل تردّده إلى ابن الوليد، وابن التبان شيخي المعتزلة، وكان يقرأ عليهما في السّر علم الكلام، ويظهر منه في بعض الأحيان نوع انحراف عن السّنّة وتأوّل لبعض الصفات، ولم يزل فيه بعض ذلك إلى أن مات، رحمه الله» . (ذيل طبقات الحنابلة 1/ 144) .
وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في (معرفة القراء 1/ 468، 469) : وأخذ علم الكلام عن أَبِي عليّ بْن الوليد، وأبي القاسم بْن التبان، ومن ثم حصل فيه شائبة تجهّم واعتزال وانحرافات.
وقال في (ميزان الاعتدال 3/ 146) : أحد الأعلام، وفرد زمانه علما ونقلا وذكاء وتفنّنا ... إلّا أنه خالف السلف، ووافق المعتزلة في عدّة بدع، نسأل الله السلامة، فإنّ كثرة التبحّر في علم الكلام ربّما أضرّ بصاحبه، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.
وقال في (سير أعلام النبلاء 19/ 444) : وأخذ علم العقليات عن شيخي الاعتزال: أبي علي بن الوليد، وأبي القاسم بن التبّان صاحبي أبي الحسين البصري، فانحرف عن السّنّة.
وقد بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية نوع الخطأ الّذي وقع فيه فقال في (درء تعارض العقل والنقل 8/ 60، 61) : ولابن عقيل أنواع من الكلام، فإنه كان من أذكياء العالم، كثير الفكر والنظر في كلام الناس، فتارة يسلك مسلك نفاة الصفات الخبرية وينكر على من يسمّيها صفات، ويقول:
إنما هي إضافات موافقة للمعتزلة، كما فعله في كتابه «ذم التشبيه وإثبات التنزيه» وغيره من كتبه، واتبعه على ذلك أبو الفرج بن الجوزي في «كف التشبيه بكف التنزيه» ، وفي كتابه «منهاج الوصول» . وتارة يثبت الصفات الخبرية ويردّ على النفاة والمعتزلة بأنواع من الأدلة الواضحات، وتارة يوجب التأويل كما فعله في كتابه «الواضح» وغيره. وتارة يحرّم التأويل ويذمّه وينهى عنه، كما فعله في كتابه «الانتصار لأصحاب الحديث» ، فيوجد في كلامه من الكلام الحسن البليغ ما هو معظّم مشكور، ومن الكلام المخالف للسّنّة والحق ما هو مذموم(35/350)
أُنبئتُ عَنْ حمّاد الحَرّانيّ قَالَ: سَمِعْتُ السّلَفيّ يَقُولُ: ما رأت عيني مثل الشَّيْخ أَبِي الوفاء بْن عقيل الفقيه. ما كَانَ أحد يقدر أن يتكلّم معه لغزارة عِلْمه، وحُسْن إيراده، وبلاغة كلامه، وقوّة حُجّته. ولقد تكلَّم يومًا مَعَ شيخنا أَبِي الحَسَن إلْكيا [1] في مسألةٍ، فقال لَهُ شيخنا: هذا لَيْسَ بمذهبك. فقال لَهُ أبو الوفاء:
أكون مثل أَبِي عليّ الْجُبّائيّ، وفلان، وفلان لَا أعلم شيئًا؟ أَنَا لي اجتهاد، حتى ما طالبني خصْمٌ بحُجةٍ، كَانَ عندي ما أدفع بِهِ عَنْ نفسي وأقوم لَهُ بحجَّتي.
فقال شيخنا: كذلك الظنّ بك.
قلت: وكان إمامًا مبرَّزًا، مناظرًا، كثير العِلْم، لَهُ يدٌ طُولي في علم الكلام. وكان يتوقّد ذكاءً. لَهُ كتاب «الفنون» [2] لم يصنَّف في الدُّنيا أكبر منه.
حدَّثني مِن رَأَى المجلّد الفلانيّ بعد الأربعمائة يحكي فيه بحوثًا شريفة ومناظرات وتواريخ ونوادر، وما قد وقع لَهُ [3] .
قَالَ رحمه الله: عَصَمني الله في شبابي بأنواع مِن العصمة، وقَصَر محبّتي عَلَى العِلْم، وما خالَطْتُ لعّابًا قطّ، ولا عاشرت إلّا أمثالي مِن طَلَبة العِلْم، وأنا في عَشْر الثّمانين، أجد مِن الحرص عَلَى العِلْم أسند ما كنت أجده وأنا ابن عشرين [4] ، وبلغت لاثنتي عشرة سنة. وأنا اليوم [5] لَا أرى نقصًا في الخاطر والفِكْر والحِفْظ، وحدَّة النَّظر بالعين لرؤية الأَهِلَّة [6] الخفيّة، إلّا أنّ القوّة ضعيفة [7] .
__________
[ () ] ومدحور ... ولابن عقيل من الكلام في ذم من خرج عن الشريعة من أهل الكلام والتصوّف ما هو معروف كما قال في «الفنون» ومن خطّه نقلت.
[1] هو الكيا الهرّاسي. بكسر الكاف.
[2] قال ابن رجب: وأكبر تصانيفه «الفنون» ، وهو كتاب كبير جدا، فيه فوائد كثيرة جليلة في الوعظ، والتفسير، والفقه، والأصلين، والنحو، واللغة، والشعر، والتاريخ، والحكايات، وفيه مناظراته ومجالسه التي وقعت له، وخواطره، ونتائج فكره قيّدها فيه. (ذيل طبقات الحنابلة) .
[3] وقال ابن الجوزي: وهذا الكتاب مائتا مجلّد، وقع لي منه نحو من مائة وخمسين مجلّدا.
وقال سبط ابن الجوزي: واختصر منه جدّي عشر مجلّدات فرّقها في تصانيفه، وقد طالعت منه في بغداد في وقف المأمونية نحوا من سبعين، وفيه حكايات ومناظرات، وغرائب وعجائب وأشعار. (مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 151) .
[4] المنتظم 9/ 214 (17/ 181) .
[5] في المنتظم: «وأنا في سنة الثمانين» .
[6] في الأصل: «لرؤية أهلة الخفية» .
[7] في المنتظم: «إلّا أن القوّة بالإضافة إلى قوّة الشبيبة والكهولة ضعيفة» .(35/351)
قَالَ ابن الجوزيّ: [1] وكان دَينًا، حافظًا للحدود. تُوُفّي لَهُ وَلَدان، فظهر منه مِن الصَّبر ما يتُعَجَّب منه. وكان كريمًا ينفق ما يجد، وما خلَّف سوى كُتُبه وثياب بدنه، وكانت بمقدار [2] .
وتُوُفّي بُكْرة الجمعة ثاني عشر جُمَادَى الأولى. وكان الْجَمْع يفوت الإحصاء.
قَالَ شيخنا ابن ناصر: حزرتهم بثلاثمائة ألف [3] .
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الْأَسَدِيُّ: أَنَا أَبُو الْبَقَاءِ يَعِيشُ، أَنْبَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَطِيبُ، أَنْبَا أَبُو الْوَفَاءِ عَلِيُّ بْنُ عَقِيلٍ الْفَقِيهُ: أَنْبَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، أَنْبَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطِيعِيُّ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، نَبَا هَوْذُ، نَبَا عَوْفٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِن صَنْعَةِ يَدَيِ التَّصَاوِيرِ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً، عَذَّبَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَنْفُخَ فيها، وليس بنافخ فيها أبدا» [4] .
__________
[1] في المنتظم 9/ 214 (17/ 181) .
[2] كذا في الأصل. وفي المنتظم بقيّة: «كفنه وقضاء دينه. وكان إذ طال عمره يفقد القرناء والإخوان» .
وقال ابن الجوزي: «فقرأت بخطه: رأينا في أوائل أعمارنا أناسا طاب العيش معهم كالدينوري والقزويني، وذكر من قد سبق اسمه في حياته، ورأيت كبار الفقهاء كأبي الطيب، وابن الصباغ، وأبي إسحاق، ورأيت إسماعيل والد المزكّي تصدّق بسبعة وعشرين ألف دينار، ورأيت من بياض التجار كابن يوسف وابن جردة وغيرهما، والنظّام الّذي سيرته بهرت العقول، وقد دخلت في عشر التسعين وفقدت من رأيت من السادات ولم يبق إلا أقوام كأنهم المسوخ صورا، فحمدت ربي إذ لم يخرجني من الدار الجامعة لأنوار المسار بل أخرجني ولم يبق مرغوب فيه فكفاني محنة التأسّف على ما يفوت، لأن التخلّف مع غير الأمثال عذاب، وإنما هوّن فقداني للسادات نظري إلى الإعادة بعين اليقين، وثقتي إلى وعد المبدئ لهم، فلكأنّي أسمع داعي البعث وقد دعا كما سمعت ناعيهم وقد نعى، حاشى المبدئ لهم على تلك الأشكال والعلوم أن يقنع لهم في الوجود بتلك الأيام اليسيرة المشوبة بأنواع الغصص وهو المالك، لا والله لا أقنع لهم إلّا بضيافة تجمعهم على مائدة تليق بكرمه، نعيم بلا ثبور، وبقاء بلا موت، واجتماع بلا فرقة، ولذّات بغير نغصة.
وحدّثني بعض الأشياخ أنه لما احتضر ابن عقيل بكى النساء، فقال: قد وقفت خمسين سنة، فدعوني أتهنّأ بلقائه» :
[3] المنتظم 9/ 215 (17/ 182) .
[4] صحيح. أخرجه الإمام أحمد في المسند 1/ 360 من طريقين عن عوف بهذا الإسناد. وأخرجه(35/352)
فَرَنَا لَهُ الرَّجُلُ وَاصْفَرَّ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنْهُ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ بُدٌّ فَعَلَيْكَ بِالشَّجَرِ وَمَا لَا رُوحَ فِيهِ.
رَأَيْت شيخنا وغيره مِن علماء السُّنَّة والأثر يحطّون عَلَى ابن عقيل لمّا تورَّط فيه مِن تأويل الجهْميّة، وتحريف النّصوص، نسأل الله السّتْر والسّلامة.
وقد تُوُفّي في سادس عشر جُمَادَى الآخرة، وقيل في جُمَادَى الأولى، فاللَّه أعلم.
وقال أبو الفَرَج بْن الْجَوْزيّ فيه [1] : فريد دهره، وإمام عصره، وكان حَسَن السّيرة والصّورة، ظاهر المحاسن.
قرأ بالروايات عَلَى أبي الفتح بْن شيطا، وأخذ النَّحْو عَنْ أَبِي القاسم بْن برهان.
وقال: [2] قرأت عَلَى القاضي أبي يَعْلَى مِن سنة سبْعٍ وأربعين إلى أن تُوُفّي [3] . وحظيت مِن قُربه بما لم يحظ بِهِ أحدٌ مِن أصحابه مَعَ حداثة سنّي.
وكان أبو الحَسَن الشّيرازيّ إمام الدُّنيا وزاهدها، وفارس المناظرة وواحدها، يعلّمني المناظرة، وانتصفت بمصنَّفاته. ثمّ ذكر جماعة مِن شيوخه.
قَالَ: [4] وكان أصحابنا الحنابلة يريدون منّي هجران جماعة مِن العلماء، وكان ذَلِكَ يحرمني عِلمًا نافعًا. وأقبل عليَّ أبو [5] منصور بْن يوسف، [6] وقدَّمني عَلَى [7] الفتاوى، وأجلسني في حلقة البرامكة بجامع المنصور لمّا مات شيخي
__________
[ () ] من طرق أخرى كل من: البخاري (2225) و (5963) في اللباس، ومسلم (1110/ 100) في اللباس والزينة، والنسائي 8/ 215.
[1] في المنتظم 9/ 212 (17/ 179) بتصرّف.
[2] في المنتظم 9/ 212 (17/ 180) .
[3] العبارة في المنتظم: «وفي الفقه أبو يعلى بن الفرّاء المملوء عقلا وزهدا وورعا، قرأت عليه حين عبرت من باب الطاق لنهب الغزّ لها سنة أربع وأربعين، ولم أخل بمجالسته وخلواته التي تتسع لحضوري والمشي معه ماشيا، وفي ركابه إلى أن توفي» .
[4] في المنتظم 9/ 213 (17/ 180) .
[5] في الأصل: «أبي» .
[6] في المنتظم زيادة بعدها: «فحظيت منه بأكثر من حظوة» .
[7] المنتظم: «في الفتاوى مع حضور من هو أسنّ منّي» .(35/353)
سنة ثمانٍ وخمسين. وقام بكلّ مئونتي وتجمُّلي [1] ، وأما أهل بيتي فأيّ بيت، أي كلّهم [2] أرباب أقلام وكتابة وأدب [3] ، وعانيت مِن الفقر والنَّسْخ بالأجرة شدّةً [4] ، مَعَ عفّة وتُقَى. ولا أزاحم فقيهًا في حلقة، ولا تطلب نفسي رُتبةً مِن رُتَب أهل العِلْم القاطعة [5] عَنِ الفائدة [6] ، وأوذيت مِن أصحابي حتّى طُلب [7] الدّم. وأوذيت في دولة النّظام بالطّلب والحبْس [8] .
وقال ابن الأثير في تاريخه: [9] كَانَ قد اشتغل بمذهب المعتزلة في حداثته عَلَى أَبِي عليّ بْن الوليد [10] ، فأراد الحنابلة قتله، فاستجار بباب المراتب عدّة سنين، ثمّ أظهر التّوبة.
قَالَ ابن الجوزيّ: [11] وتكلّم عَلَى المنبر بلسان الوعظ مدّة، فلمّا كانت سنة خمسٍ وسبعين، وجَرَت الفتنة ترك الوعظ [12] .
وذكر سِبْط ابن الجوزيّ [13] في ترجمة ابن عقيل حكايات، ثمّ قَالَ: ومنها ما حكاه ابن عقيل عَنْ نفسه، قَالَ: حججت، فالتقطت عقد لؤلؤ منظوم في خيط
__________
[1] في المنتظم زيادة: «فقمت من الحلقة أتتبّع حلق العلماء لتلقّط الفوائد» .
[2] في المنتظم: «فأما أهل بيتي فإن بيت أبي فكلهم أرباب ... » .
[3] بعدها زيادة في المنتظم: «وكان جدّي محمد بن عقيل كاتب حضرة بهاء الدولة، وهو المنشئ لرسالة عزل الطائع وتولية القادر، ووالدي انظر الناس، وأحسنهم جدلا وعلما، وبيت أمّي بيت الزهري صاحب الكلام والمدرّس على مذهب أبي حنيفة» .
[4] كلمة «شدّة» ليست في المنتظم.
[5] في المنتظم: «القاطعة لي» .
[6] في المنتظم زيادة: «وتقلّبت على الدول فما أخذتني دولة السلطان ولا عاقه عمّا اعتقد أنه الحقّ» .
[7] هكذا. وفي المنتظم: «طل» .
[8] في المنتظم زيادة: «فيا من خسرت الكلّ لأجله لا تخيّب ظنّي فيك، وعصمني الله من عنفوان الشبيبة بأنواع مِن العصمة، وقَصَر محبّتي عَلَى العِلْم وأهله، فما خالطت ملعابا. ولا عاشرت إلّا أمثالي مِن طَلَبة العِلْم» .
[9] الكامل 10/ 561.
[10] في المطبوع من الكامل: «على أبي الوليد» .
[11] في المنتظم 9/ 214 (17/ 181) .
[12] في المنتظم: «جرت فيها فتن بين الحنابلة والأشاعرة، فترك الوعظ واقتصر على التدريس، ومتّعه الله بسمعه وبصره وجميع جوارحه» .
[13] في مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 84 وما بعدها.(35/354)
أحمر، فإذا بشيخ أعمى ينشده، ويبذل لملتقطه مائة دينار. فرددْتُه عَليْهِ وقال: خُذ الدّنانير. فامتنعت.
قَالَ: وخرجت إلى الشّام، وزرت القدس، ونزلت إلى دمشق، وقصدت بغداد، وكانت أمّي باقية، فاجتزت بحلب، وأوَيت إلى مسجدٍ وأنا جائع بردان، فقدّموني فصلّيت بهم، فعشّوني، وكانت ليلة رمضان، وقالوا: إمامنا تُوُفّي مِن أيّام، ونسألك أن تصلّي بنا هذا الشّهر. ففعلت. فقالوا: لإمامنا الميت بِنْت.
فتزوَّجت بها، فأقمت معها سنة، ووُلِد لي منها وُلِد. ثمّ مرضَتْ في نفاسها، فتأمّلتها ذات يوم، وإذا خيط أحمر في عنقها، وإذا بِهِ العقْد الَّذِي لقيته بعينه.
فقلت لها: يا هذه، إنّ لهذا العقد قصّة. وحكيت لها، فبكت وقالت: أنتَ هُوَ والله، لقد كَانَ أَبِي يبكي ويقول: اللَّهمّ ارزُق بنتي مثل الَّذِي ردّ عليَّ العقد. وقد استجاب الله منه. ثمّ ماتت، فأخذت العقد والميراث، وعدت إلى بغداد [1] .
ومنها ما حكاه أيضًا عَنْ نفسه قَالَ: كَانَ عندنا بالظَّفَريّة دار [2] كلمّا سكنها ناس أصبحوا موتى. فجاء مرّة رجل مقريء، فقال: أُكْروني إيّاها.
فقالوا: قد عرفتَ حالها.
قَالَ: قد رضيت.
فبات بها وأصبح سالمًا. فعجب الجيران، وأقام بها مدّة، ثمّ انتقل، فسُئل عَنْ ذَلِكَ فقال: لمّا دخلتها صلّيت العشاء، وقرأت شيئًا، وإذا بشابٍ قد صعد مِن البئر، فسلَّم عليَّ، فبُهتُّ، فقال: لَا بأس عليك، علَّمني شيئًا مِن القرآن. فشرعت أُعلّمه. فلمّا فرغت قلت: هذه الدّار كيف حديثها؟
قَالَ: نحن قوم مِن الجنّ مسلمون نقرأ ونصلّي، وهذه الدّار ما يكتريها إلّا الفُسّاق، فيجتمعون عَلَى الخمر، فنخنقهم.
قلت: وفي اللَّيلْ أخاف منك فاجعل مجيئك في النّهار.
قَالَ: نعم. فكان يصعد مِن البئر في النّهار، ووالفته. فبينما هو قاعد
__________
[1] مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 85، 86.
[2] في الأصل: «دارا» .(35/355)
عندي يقرأ إذا بمعزّم في الدّرْب يَقُولُ: المُرْقي مِن الدّبيب ومن العين ومن الْجِنّ.
فقال: إيش هذا؟
قلت: هذا معزّم يعرف أسماء الله، يفعل ما تسمع.
فقال: اطلبه. فقمت وأدخلته، فإذا بالجنّيّ قد صار ثعبانًا في السّقْف، فضرب المعزّم المنْدَل وعَزَّم، فما زال الثّعبان يتدلّى حتّى سقط في وسط المندل. فقام ليأخذه ويدعه في الزّنبيل، فمنعته، فقال: أتمنعني مِن صَيْدي؟
فأعطيته دينارًا وأخرجته. فانتفض الثّعبان، وخرج الجّنيّ وقد ضعّف واصْفَرّ وذاب، فقلت: ما لك؟
قَالَ: قتلني هذا الرجل بهذه الأسامي، وما أظنّني أُفْلح، فأجعل بالك اللّيلة، مَتَى سَمِعْتُ مِن البئر صُراخًا فانهزم.
قَالَ: فسمعت تِلْكَ اللّيلة النَّعيّ، فانهزمت.
قَالَ ابْن عقيل: وامتنع أحد أن يسكن تِلْكَ الدّار [1] .
ولابن عقيل في الفنون، قَالَ: الأصحّ لاعتقاد العوامّ ظواهر الآي، لأنهم ما يثبتون بالإثبات. فمتى مَحَوْنا ذَلِكَ مِن قلوبهم زالت الحشْمة. فتهافُتُهم في التّشبيه أحبّ إليَّ مِن إغراقهم في التّنزيه. لأنّ التّشبيه يغمسهم في الإثبات، فيخافون ويرجعون، والتّنزيه يرمي بهم إلى التُّقَى، ولا طمع ولا مخافة في التُّقَى. ومن تدبّر الشّريعة رآها غامسة للمكلّفين في التّشبيه بالألفاظ الّتي لَا يعطي ظاهرها سواه، لقول الأعرابيّ: أو يضحك ربّنا؟ قَالَ: نعم. فلم يكْفَهر لقوله، بل تركه وما وقع لَهُ.
- حرف الكاف-
55- كتائب بْن عليّ بْن حمزة بْن الخَضِر [2] .
السُّلَميّ الدّمشقيّ الجابي، أبو البركات ابن المقصّص الحَنْبليّ.
سَمِعَ: أبا بكر الخطيب، وعبد العزيز الكتّانيّ.
__________
[1] مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 86، 87.
[2] انظر عن (كتائب بن علي) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 21/ 135 رقم 96.(35/356)
ورحل إلى بغداد وإصبهان، وسمع: مالكًا البانياسيّ، وغيره.
قَالَ السَّلَفيّ: قَالَ لي كتائب: لمّا دخلت إلى إصبهان كتب عنّي الحافظ يحيى بْن مَنْدَهْ، وكتب عنّي عُمَر الدّهستانيّ وقت قُدُومه دمشق وقال: اسمك غريب نحتاج إليه في مُعْجَم الشّيوخ.
وقال الحافظ ابن عساكر: سَمِعْتُ أبا محمد بْن الأكفانيّ يَقُولُ للحافظ أبي طاهر الإصبهانيّ: بَلَغَني أنّك سَمِعْتُ مِن ابن المقصّص؟
قَالَ: نعم، دخل إلينا في الدُّوَيْرة، وسمعنا منه.
فقال: هذا كَانَ في صِبَاه يغنّي ويأخذ الجزر عَلَى الغناء.
فاعتذر إِليْهِ أبو طاهر بأنّه ما علم بذلك.
ولد كتائب سنة أربع وأربعين وأربعمائة، وتوفّي قريبا من سنة ثلاث عشرة وخمسمائة [1] .
- حرف الميم-
56- مُحَمَّد بْن أحمد بْن الْحُسَيْن بْن محموَيْه [2] .
أبو عَبْد الله اليزديّ [3] ، أخو أَبِي الحسن.
سافر في طلب القراءات إلى البلاد [4] ، وكان طيّب الصّوت يبكّي مِن يسمعه.
وقد حدَّث عَنْ أَبِي إسحاق الشّيرازيّ.
وكان مولده في سنة خمسٍ وخمسين.
وقرأ عَلَى أصحاب الحمّاميّ، وغيره.
__________
[1] وقال ابن عساكر: رأيته مرات ولم أسمع منه، وسمع منه أبو محمد بن صابر، وابنه وكان قد صنّف رسالة ذكر فيها بعض الخلفاء وجماعة من الأئمة بسوء، فحملت إلى الرحبة، فوقف عليها فقيه من أهل الرحبة، فحملها إلى والي الرحبة وأوقفه على ما فيها، فكتب إلى طغتكين أتابك والي دمشق، فعرّفه بذلك، فقبض على ملكه، ونفاه عن دمشق.
[2] انظر عن (محمد بن أحمد) في: المنتظم 9/ 215 (17/ 183 رقم 3883) وليس فيه «بن محمويه» ، وشذرات الذهب 4/ 41.
[3] في طبعة حيدرآباد من المنتظم 9/ 215 «البردي» ، وفي الطبعة الجديدة كما هنا.
[4] في المنتظم: «البلاد البائنة، وعبر ما وراء النهر» .(35/357)
57- محمد بْن عبد الباقي بْن محمد بْن يُسْر [1] .
أبو عَبْد الله الدُّوريّ السَّمْسار.
شيخ صالح، ثقة، بغداديّ.
سَمِعَ: أبا محمد الجوهريّ، وأبا طَالِب العُشاريّ [2] ، وأبا بَكْر بْن بِشْران، وغيرهم.
ولد في سنة 435 [3] . وتوفّي في صَفَر.
روى عَنْهُ: أبو عامر العَبْدَريّ، وابن ناصر، والسَّلَفيّ، وذاكر بْن كامل، والصّائن ابن عساكر، وجماعة.
قَالَ ابن السّمعانيّ: كَانَ شيخًا صالحًا، ثقة، خيرًا.
وقال ابن نُقْطة: [4] هُوَ محمد بْن عَبْد الباقي بْن محمد بْن أَبِي البُسْر.
وآخر مِن حدَّث عَنْهُ بالإجازة عَبْد المنعم بْن كُلَيْب.
58- محمد بْن محمد بْن القاسم بْن منصور [5] .
أبو بَكْر بْن عِمران العُمرانيّ النَّسَويّ [6] النَّسَفيّ، الوزير.
ثمّ ترك الوزارة في آخر عمره. وتوفّي في ذي القِعْدة سنة ثلاث عشرة، وهو ابن ثلاثٍ وثمانين سنة.
قاله مصنَّف «القنْد» ، وحدث عَنْهُ قال: أنبا الدّهقان إبراهيم بن محمد الحاجّيّ الحليميّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الباقي) في: المنتظم 9/ 215 رقم 363 (17/ 183 رقم 3885) ، والتقييد لابن نقطة 81 رقم 75، والعبر 4/ 31، والمعين في طبقات المحدّثين 150 رقم 1632، والإعلام بوفيات الأعلام 210، وسير أعلام النبلاء 19/ 427 رقم 248، وعيون التواريخ 12/ 102، وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة 92، وشذرات الذهب 4/ 21.
[2] العشاري: بضم العين المهملة، وفتح الشين المعجمة، والراء بعد الألف. (الأنساب 8/ 459) .
[3] في المنتظم: ولد سنة أربع وثلاثين وأربعمائة.
[4] في التقييد 81.
[5] لم أجد مصدر ترجمته، وهو في كتاب «القند في تاريخ سمرقند» .
[6] النّسوي: بفتح النون والسين المهملة والواو. هذه النسبة إلى نسا. النسبة إليها النسائي. ومنهم من قال بالواو وجعل النسبة إليها: النسوي. (الأنساب 12/ 82) .(35/358)
59- المبارك بْن عليّ بْن الحُسَيْن [1] .
أبو سَعْد المخرَّميّ [2] ، الفقيه الحَنْبليّ، أحد شيوخ المذهب.
وُلّي القضاء بباب الأزج، وكان إمامًا مُفْتيا، ذكيا، كثير المحفوظ، جميل السّيرة، مليح العِشْرة.
تفقَّه عَلَى: السيف أَبِي جعفر بْن أَبِي موسى الهاشميّ، وعلى: القاضي يعقوب بْن إبراهيم الطَّبَريّ.
وسمع: القاضي أبا يَعْلَى، وأبا الحُسَيْن بْن المقتدي باللَّه، وجماعة.
وكان مولده في سنة 449 [3] . وتوفّي ليلة الجمعة ثامن عشر المحرَّم.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ.
وتفقَّه بِهِ جماعة كثيرة.
ودُفِن بجنب المَرُّوذِيّ [4] في مدرسته بباب الأزج، ثمّ شُهِرت بالشّيخ عَبْد القادر تلميذه، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ [5] .
60- المؤمَّل بْن مُحَمَّد بْن الحُسَيْن بْن علي بْن عَبْد الواحد بْن إسحاق بْن المعتمد عَلَى الله بْن المتوكّل ابن المعتصم بن الرشيد [6] .
__________
[1] انظر عن (المبارك بن علي) في: طبقات الحنابلة 2/ 258، 259 رقم 704، والمنتظم 9/ 215، 216 رقم 364 (17/ 183، 184 رقم 3886) ، والعبر 4/ 31، وسير أعلام النبلاء 19/ 428 رقم 429، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 88، 89، ومرآة الجنان 3/ 205، وعيون التواريخ 12/ 102، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 166- 171 رقم 67، والبداية والنهاية 12/ 185، وشذرات الذهب 4/ 40.
[2] المخرّمي: بكسر الراء. نسبة إلى المخرّم، محلّة بشرقيّ بغداد نزلها بعض ولد يزيد بن المخرّم فسمّيت به. (الأنساب) .
[3] في المنتظم: «ولد في رجب سنة ست وأربعين وأربعمائة» .
[4] في المنتظم: «ودفن إلى جانب أبي بكر الخلّال عند رجلي الإمام أحمد بن حنبل» .
[5] وقال ابن الجوزي: «وأفتى ودرّس، وجمع كتبا كثيرة، ولم يسبق إلى جمع مثلها، وشهد عند أبي الحسن الدامغانيّ في سنة تسع وثمانين، وناب في القضاء عن السيبي والهروي، وكان حسن السيرة، جميل الطريقة، شديد الأقضية. وبنى مدرسة بباب الأزج، ثم عزل عن القضاء في سنة إحدى عشرة، ووكّل به في الديوان على حساب وقوف الترب، فأدّى مالا» .
(المنتظم) .
[6] لم أجد مصدر ترجمته.(35/359)
أبو البقاء العبّاسيّ الواسطيّ الخطيب، ويعرف بابن المنبور.
سكن بغداد، وأمَّ بالنّظامية.
وسمع: أبا الحُسَيْن بْن الَّنُّقور.
سَمِعَ منه: الصّائن هبة الله بْن عساكر، وغيره.
- حرف الياء-
61- يوسف بْن محمد [1] .
أبو الفَضْلُ القَيْرَوانيّ، ابن النَّحْويّ.
روى عَنْ أَبِي الحَسَن اللَّخْميّ «صحيح البخاريّ» ، وعن أبي عبد الله المازريّ.
وكان عارفا بالفقه وأصول الدّين، وله تصانيف [2] . وكان لَا يرى التّقليد.
روى عَنْهُ: القاضي موسى بْن حمّاد، وغيره.
وعاش ثمانين سنة. وله رحلة إلى الأندلس.
__________
[1] انظر عن (يوسف بن محمد) في: جذوة الاقتباس 346، وكشف الظنون 1346، 1347، ونيل الابتهاج 349، وإيضاح المكنون 232، 233، وهدية العارفين 2/ 551، والوفيات لابن قنفذ 268، 269 رقم 513، والبستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان 299.
[2] له: «المنفرجة» التي مطلعها:
«اشتدّي أزمة تنفرجي» .(35/360)
سنة أربع عشرة وخمسمائة
- حرف الألف-
62- أحمد بْن إبراهيم بْن محمد بْن أَبِي ليلى [1] .
أبو القاسم المُرْسيّ.
روى عَنْ: هشام بْن أحمد بْن وضّاح المُرْسيّ، وأبي الوليد الباجيّ، وأبي العبّاسيّ العُذْريّ.
وكان فقيهًا فاضلًا، شُرُوطيا، استُقْضِي بشِلْب [2] .
ومات فجأة عَنْ 65 سنة [3] .
63- أحمد بْن الْخَطَّاب بْن حسن [4] .
أبو بَكْر البغداديّ الحَنْبليّ، ويُعرف بابن صُوفان الغسّال.
قرأ بالرّوايات عَلَى: أَبِي [عليّ] بْن البنّاء.
وسمع مِن: عَبْد الصّمد بْن المأمون، والصَّريْفينيّ.
روى عنه: ذاكر بْن كامل.
ومات رحمه الله في ذي القِعْدة. قاله ابن النّجّار [5] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن إبراهيم) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 75 رقم 164.
[2] شلب: بكسر أوله، وسكون ثانيه، وآخره باء موحّدة. قال ياقوت: هكذا سمعت جماعة من أهل الأندلس يتلفّظون بها، وقد وجدت بخطّ بعض أدبائها شلب، بفتح الشين. وهي مدينة بغربيّ الأندلس بينها وبين باجة ثلاثة أيام، وهي غربي قرطبة، وهي قاعدة ولاية أشكونية.
(معجم البلدان 3/ 357) .
[3] مولده سنة 449 هـ-.
[4] انظر عن (أحمد بن الخطّاب) في: المنتظم 9/ 219 رقم 368 (17/ 189 رقم 3890) .
[5] وقال ابن الجوزي: «وكان صالحا مستورا، يقرئ القرآن، ويؤمّ الناس» .(35/361)
64- أحمد بْن عَبْد الوهّاب بْن هبة الله بْن عَبْد الله [1] .
أبو البركات السّيبيّ [2] البغداديّ. مؤدَّب أولاد المستظهر باللَّه.
سَمِعَ: أبا محمد الصَّريْفينيّ [3] ، وأبا الحُسَيْن بْن الَّنُّقور، وأبا القاسم بْن البُسْريّ.
وكان كثير الصَّدقات والمعروف. وحدَّث، وولي نظر المخزن سنة وثمانية أشهر [4] ، وخلّف مائة ألف دينار أو نحوها، وأوصى بثُلث [5] ماله. وعاش ستًا وخمسين سنة وثلاثة أشهر.
روى عنه: الخليفة المقتفي، والمبارك بن كامل.
وتوفّي في المحرم سنة أربع عشرة.
65- أحمد بن محمد بن عليّ بن أحمد [6] .
أبو المعالي ابن البخاريّ، البزّاز. بغداديّ.
قال أبو بكر المفيد: هو ابن البُخُوريّ فجُعِل البخاريّ كما جرت عادة البغاددَة في تقليب الألفاظ. كان جدّه يبخّر النّاس يوم الجمعة بالمبخرة، وكان شيخًا مستورًا خيِّرا [7] .
سمع: أبا طالب بن غيلان، وأبا علي بن المذهب، وأبا محمد الجوهريّ.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الوهاب) في: المنتظم 9/ 219 رقم 365 (17/ 188 رقم 3887) .
والكامل في التاريخ 10/ 587، ونزهة الألبّاء لابن الأنباري 284، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 91، 92، والبداية والنهاية 12/ 187.
[2] السّيبي: بكسر السين المهملة وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفي آخرها الباء المنقوطة بواحدة. هذه النسبة إلى سيب. قرية بواحي قصر ابن هبيرة. (الأنساب 7/ 215) .
[3] الصّريفيني: بفتح الصاد المهملة، وكسر الراء، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، والفاء بين الياءين، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى صريفين: قريتين: إحداهما من أعمال واسط.
والأخرى صريفين بغداد. ومنها أبو محمد المذكور. (الأنساب 8/ 58، 59) .
[4] في المنتظم: «وكان يعلّم أولاد المستظهر، فأنس بالمسترشد، فلما صارت الخلافة إليه وقبض على ابن الخرزي ردّ إلى هذا الرجل النظر في المخزن» .
[5] في المنتظم: «بثلثي» .
[6] انظر عن (أحمد بن محمد البخاري) في: المنتظم 9/ 219 رقم 367 (17/ 188، 189 رقم 3889) .
[7] وقال ابن الجوزي: «وسماعه صحيح» .(35/362)
روى عنه: هبة الله بن عساكر، وأبو المعمَّر الأنصاريّ، وأبو منصور الدّقّاق، والسَّلفيّ، وابن أبي عصرون، وجماعة.
وتُوُفّي في جُمَادى الآخرة وله أربعٌ وثمانون سنة [1] .
66- إسماعيل بن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن [2] .
أبو القاسم المَدِينيّ.
روى عن: ابن ريذة.
وتُوُفّي في ذي القعدة فجأة في التّشهُّد الأول من صلاة العصر، وهو إمام.
روى عنه أبو موسى الحافظ. وبالإجازة ابن السّمعانيّ.
عُرِف بالكَاغَذيّ [3] .
- حرف الثاء-
67- ثابت بن سعيد بن ثابت بن قاسم بن ثابت [4] .
أبو القاسم [5] السَّرَقُسْطيّ العَوْفيّ، قاضي سَرَقُسْطَة.
من بيت فضل وجلالة وعِلم، رحمه الله.
- حرف الحاء-
68- الحَسَن بن خَلَف بن عبد الله بن بلّيمة [6] .
__________
[1] وكان مولده سنة 430 هـ-.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الكاغذي: بفتح الغين، وكسر الذال المعجمتين. هذه النسبة إلى عمل الكاغذ الّذي يكتب عليه وبيعه. (الأنساب 10/ 326) .
[4] انظر عن (ثابت بن سعيد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 122، 123 رقم 288 وفيه: «ثابت بن عبد الله بن ثابت بن سعيد بن ثابت بن قاسم بن ثابت بن حزم ... » .
[5] في الطبعة المصرية «أبو الحسن» ، والمثبت يتفق مع الطبعة الأوربية.
[6] انظر عن (الحسن بن خلف) في: عيون التواريخ 12/ 116، والعبر 4/ 32، وتذكرة الحفاظ 4/ 1254، ومعرفة القراء الكبار 1/ 469، 470 رقم 313، والإعلام بوفيات الأعلام 211، ومرآة الجنان 3/ 210، والوافي بالوفيات 11/ 430 رقم 615، وغاية النهاية 1/ 211 رقم 970، والمقفّى الكبير 3/ 362، 363، رقم 1183، وحسن المحاضرة 1/ 494، وشذرات الذهب 4/ 41.
واكتفى المؤلّف بذكره في (سير أعلام النبلاء 19/ 430) دون أن يترجم له.(35/363)
أبو عليّ القَرويّ [1] المقرئ الأستاذ. نزيل الإسكندريّة، ومصنَّف كتاب «تلخيص العبارات بلطيف الإشارات» ، في القراءات [2] .
وُلِد سنة سبْعٍ أو ثمانٍ وعشرين وأربعمائة، وعُنِي بالقراءات في صِغَره، فقرأ بالقيروان على: أبي بكر القصْريّ، والحَسَن بن عليّ الجلوليّ، وأبي العالية البندونيّ، وعثمان بن بلال العابد، وعبد الملك بن داود القسطلانيّ.
وقرأ على أبي عبد الله محمد بن سُفيان الفقيه مصنَّف كتاب «الهادي» .
ثمّ رحل إلى مصر، وقرأ بها سنة خمسٍ وأربعين على محمد بن أحمد بن عليّ القزوينيّ تلميذ طاهر بن غلبُون، وعلى: عبد الباقي بن فارس، وأبي العبّاس أحمد بن سعيد بن نفيس. وتَصَدَّرَ للإقراء والإفادة.
قرأ عليه: أبو القاسم عبد الرحمن بن عطيّة شيخ الصَّفْراويّ، وأبو العبّاس أحمد بن الحُطَيْئَة.
وتُوُفّي في ثالث عشر رجب سنة أربع عشرة.
وكان هو وابن الفحّام أسند من بقي بديار مصر، وماتا بالإسكندريّة.
69- الحُسين بْن علي بْن محمد بْن عَبْد الصّمد [3] .
__________
[ () ] و «بليمة» : بفتح أوله، وتشديد ثانيه، وسكون الياء المثنّاة من تحتها، وفتح الميم.
[1] يقال: القروي، والقيرواني.
[2] قال ابن الجزري: «وقد قرأت به ورويته سماعا من لفظ الأستاذ ابن اللبان وذكرت الخلف بينه وبين الشاطبية في كتاب الفوائد المجمعة» . (غاية النهاية) .
[3] انظر عن (الحسين بن علي الطغرائي) في: الأنساب 11/ 496، 497، ومعجم الأدباء 10/ 56- 79، واللباب 3/ 262، 263، وتاريخ إربل لابن المستوفي 1/ 66، وزبدة التواريخ 192، وتاريخ دولة آل سلجوق 97 و 105- 108 و 111، ووفيات الأعيان 2/ 185- 190، وكتاب الروضتين 1/ 29، وخريدة القصر (قسم العراق) 2/ 151، والعبر 4/ 32، ودول الإسلام 2/ 41 وفيه: «الحسن» ، والإعلام بوفيات الأعلام 211، وسير أعلام النبلاء 19/ 454، 455 رقم 262، وتاريخ ابن الوردي 2/ 49، 50، وعيون التواريخ 12/ 93- 101، والوافي بالوفيات 12/ 431- 439 رقم 387، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 92- 94، ومرآة الجنان 3/ 210، والبداية والنهاية 12/ 190، والنجوم الزاهرة 5/ 220، وحسن المحاضرة 2/ 244، ومفتاح السعادة 1/ 197، 198، وكشف الظنون 1/ 68، وشذرات الذهب 4/ 41- 43، ونزهة الجليس للموسوي 2/ 73، وديوان الإسلام لابن الغزّي 3/ 238 رقم 1373، وهدية العارفين 1/ 311، وتنقيح المقال 1/ 336، وروضات الجنات 248،(35/364)
العميد مؤيَّد الدّين، أبو إسماعيل الإصبهاني، صاحب ديوان الإنشاء، ويُعرف بالطُّغْرائيّ.
كان يتولّى الطُّغْراء، وهي العلامة الّتي تُكتَب على التّواقيع.
ولّي من قبل السّلطان محمد بن ملك شاه. ثم وُلّي الوزارة لابنه السّلطان مسعود بن محمد. وكان من أفراد الدّهر، وحامل لواء الشَّعْر. كامل الظُّرْف، لطيف المعاني.
وهو صاحب لاميّة العجم المشهورة:
أصالَةُ الرَّأْي صانَتْني عن الخطل ... وحليلة الفضْلِ زانْتني لَدَى العَطَلِ [1]
ومن شِعره في قصيدةٍ مدح بها نظام المُلْك:
إذا ما دجى ليلُ العُجاجة لم تَزَلْ ... بأيديهم حُمرٌ إلى الهند منصوبُ
عليها سُطُور الضَّرب يُعجبها الفتا ... صحائف يغشاها من النّقع تثريبُ
وله:
تمنَّيت أن ألقاك في الدّهر مرّةً ... فلم أكُ في هذا التّمنيّ بمرزوقِ
سوى ساعة التّوديع دامت فكَمْ منّي ... أنالت وما قامت بها أملًا سوقِ
فيا ليت أنّ الدهر كلّ زمانه ... وداع، ولكن لَا يكون بتفريقِ
وله:
يا قلبُ ما لَكَ والهوى من بعد ما ... طالب السُّلُوُّ وأَقْصَرَ العُشّاقُ
أوَ مَا بدا لَكَ في الإفاقَةِ والأُلَى ... نازَعْتَهُمْ كأسَ الغرامِ أفاقُوا
مرض النّسيم وصحّ والدّاء الّذي ... أشكوه [2] لَا يُرْجَى له إفْرَاقُ
وهذي [3] خُفُوقُ البَرقُ والبرق [4] الّذي ... تُطْوَى عليه أضالِعِي خفّاق [5]
__________
[ () ] وأعيان الشيعة 27/ 76- 788 والأعلام 2/ 246، ومعجم المؤلفين 4/ 36، وانظر: ديوان الطغرائي، مطبعة الجوائب، باستانبول 1300 هـ-.، وتاريخ آداب اللغة العربية 3/ 23.
[1] القصيدة في: معجم الأدباء 10/ 60- 68 في 59 بيتا، ووفيات الأعيان 2/ 185- 188، والغيث المنسجم في شرح لاميّة العجم للصفدي، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 2/ 235، وعيون التواريخ 12/ 97، 101، والوافي بالوفيات 12/ 436- 439.
[2] في وفيات الأعيان، وسير أعلام النبلاء: «تشكوه» .
[3] الوفيات، والسيرة: «وهذا» ، وفي الوافي بالوفيات: «وهدا» . (بالدال المهملة) .
[4] في سير أعلام النبلاء 19/ 455: «والقلب» ، ومثله في وفيات الأعيان، وعيون التواريخ.
[5] الأبيات في: وفيات الأعيان 2/ 188، وسير أعلام النبلاء 19/ 454، 455، وعيون التواريخ 12/ 96 وفيه: «جوانحي خفاق» ، وفي الوافي بالوفيات 12/ 435 البيتان الأخيران، وفيه البيت الأخير:
وهدا خفوق البرق والقلب الّذي ... ضمّت عليه جوانحي خفّاق
والأبيات في ديوانه- ص 110.(35/365)
وله يرثي غلامًا:
يا أرض تِيهًا فقد ملكتِ به ... أُعجوبةً من محاسن الصّورِ
إنّ قذيت مُقْلتي فلا عجب، ... فقد حثوا تُرْبَه على بَصَري
لا غرْوَ إنْ أشرقَتْ مضاجعُهُ ... فإنّها من منازل القمرِ
وذكره أبو البركات ابن المستوفي في «تاريخ إربل» [1] ، وأنّه وُلّي الوزارة بمدينة إربل مدّةً.
وذكره العماد الكاتب في كتاب «نُصْرة الفترة وعُصْرة الفطرة» ، وهو تاريخ الدّولة السّلْجُوقيّة، وذكر أنه كَانَ يُنْعَتُ بالأستاذ، وكان وزير السّلطان مَسْعُود بالمَوْصِل. وَأَنَّهُ لَمَّا جرى المصاف بين مَسْعُود وبين أخيه السُّلْطَان محمود بقرب هَمَذَان، فكانت النَّصْرة لمحمود، وانهزم مسعود، أسِر الطُّغْرائيّ، وذُبح بين يدي محمود. وذلك في ربيع الأوّل سنة أربع عشرة.
وقيل: في سنة ثلاث عشرة. وجاوز السّتّين سنة.
وقيل: قتله طُغْرُل أخو محمد بيده [2] .
__________
[1] في الجزء المفقود. وقد وردت له ثلاثة أبيات في الجزء المطبوع 1/ 66.
ونيلوفر أعناقها أبدا صفر ... كأنّ بها كرّا وليس بها سكر
إذا انفتحت أوراقها فكأنها ... وقد ظهرت ألوانها البيض والصفر
أنامل صبّاغ صبغن بنيلة ... وراحته بيضاء في وسطها تبر
[2] وفيات الأعيان 2/ 189.
وقال العماد الكاتب: وكان ذا فضل غزير، وأدب كثير. وكان في حياة الأمير العميد منشئا على سبيلي النيابة عن الطغراء. ثم تولّاه بالأصالة متصدّرا في دست العلاء. وكان مع ذلك بطيء العلم كليله، ملتات الخط عليلة. وهتف به أبو طاهر الخاتوني في نظمه، وسلط سفه الهجاء على حلمه. وأشار إلى القلم في يده وقال: كأنه وهو يجرّه برجله، مذنب يعاقبه بجرمه.
وكانت بديهته أبيّة، ورويته روية محبّية. فإذا أنشأ تروّى بطيئا وتفكّر مليّا. وغاص في بحر خاطره، ثم أتى بالمعاني البديعة والاستعارات الغربية. (تاريخ دولة آل سلجوق 105) .(35/366)
70- الحسين بن محمد [1] بن فِيرَّة [2] بن حيُّون بن سُكَّرَة.
أبو عليّ الصَّدَفيّ [3] السَّرَقُسْطيّ الأندلسيّ الحافظ.
أخذ ببلده عن: أبي الوليد الباجيّ، وغيره.
ورحل فسمع ببَلَنْسيَة من أبي العبّاس بن دِلْهاثِ، وبالمَريَّة من محمد بن سعدون القَرَويّ الفقيه.
وحجّ سنة إحدى وثمانين ودخل مصر على أبي إسحاق الحبّال، وقد منعه
__________
[ () ] وأرّخ ابن السمعاني وفاته بسنة 515 هـ-. وقال إنه: صدر العراق، وشهرة الآفاق، غزير الفضل، لطيف الطبع، أقوم أهل عصره بصنعة النظم والنثر، خدم الملوك وقرّبوه إلى أن شرف بفضله، وقتل بالري سنة خمس عشرة وخمسمائة ... ومن مليح شعره ما أنشدني أبو بكر محمد بن القاسم الإربلي إملاء بجامع الموصل، أنشدني أبو إسماعيل المنشئ لنفسه في صفة الشمعة.
ومساعد لي بالبكاء مساهر ... بالليل يؤنسني بطيب لقائه
هامي المدامع أو يصاب بعينه ... حامي الأصابع أو يموت بدائه
يحيى بما يغني به من جسمه ... فحياته مرهونة بغنائه
ساويته في لونه ونحو له ... وفضلته في بؤسه وشقائه
هب أنه مثلي يحرقه قلبه ... وسهاده جنح الدّجا وبكائه
أفوادع طول النهار مرفّه ... كمعذّب بصباحه ومسائة؟
(الأنساب 11/ 496، 497) .
[1] انظر عن (الحسين بن محمد بن فيرة) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 144- 146 رقم 330، وبغية الملتمس للضبيّ 269 رقم 655، والغنية للقاضي عياض 192- 201، وفهرسة ابن خير 477، 497، 511، ومقدّمة المعجم لابن الأبار، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 173 رقم 162، والإعلام بوفيات الأعلام 216، وسير أعلام النبلاء 19/ 376- 378 رقم 218، ودول الإسلام 2/ 42، والمعين في طبقات المحدّثين 150 رقم 1633، والعبر 4/ 32، 33، وتذكرة الحفاظ 4/ 1253- 1255، وعيون التواريخ 12/ 119، ومرآة الجنان 3/ 210، والوافي بالوفيات 13/ 43، 44 رقم 41، والديباج المذهب 10/ 230- 232، وغاية النهاية 1/ 250، 251، رقم 1138، وطبقات الحفاظ 455، وأزهار الرياض 3/ 51، وتبصير المنتبه 685، ونفح الطيب 2/ 90- 93، وشذرات الذهب 4/ 43، وشجرة النور الزكية 1/ 128، 129، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 362، والتاج المكلّل للقنوجي 288 رقم 319، وكشف الظنون 1736، والرسالة المستطرفة 165، والأعلام 2/ 255، ومعجم المؤلفين 4/ 56، ودائرة المعارف لبطرس البستاني 3/ 191، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 79 رقم 1024.
[2] فيّرة: بكسر أوله، وتشديد الراء.
[3] تحرّفت في تهذيب تاريخ دمشق إلى: «الصرمي» .(35/367)
المستنصر العُبَيْديّ الرّافضيّ من التّحديث.
قال: فأوّل ما فاتحته الكلام أجانبي على غير سؤالي، حَذرًا أنْ أكون مدسوسًا عليه، حتّى بسطته وأَعلمتُه أنّني من أهل الأندلس أريد الحج، فأجاز لي لفظا، وامتنع من غير ذلك. وأخبرني أنّ مولده سنة إحدى وتسعين، وأنّه سمع من عبد الغنيّ بن سعيد سنة سبع وأربعمائة، وأنّه تُوُفّي سنة ثمانٍ.
ورحل أبو عليّ إلى العراق، فسمع بالبصرة من: جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن الفضل العَبَّادانيّ، وعبد الملك بن شَغَبة [1] .
وبالأنبار: الخطيب أبا الحسن عليّ بن محمد بن محمد الأقطع.
وببغداد: عليّ بن الحسين بن قُريش بن الحسن صاحب ابن الصّلت الأهوازيّ، وعاصم بن الحسن الأديب، وأبا عبد الله الحُمَيْديّ، ومالك بن أحمد البانياسيّ.
وبواسط: أبا المعالي محمد بن عبد السّلام بن أُحْمُولَة [2] .
وتفقّه ببغداد على: أبي بكر الشّاشيّ، وأخذ عنه «التّعليقة الكبرى» .
وأخذ بالشّام عن الفقيه نصر المقدسيّ.
ورجع إلى بلاده في سنة تسعين بعلْمٍ كثير، وأسانيد شاهقة، واستوطن مُرْسِيّة، وجلس للإسماع بجامعها.
ورحل النّاس إليه، وكان عالمًا بالحديث وطُرُقه، عارفًا بعَلله ورجاله، بصيرًا بالجرْح والتّعديل. مليح الخطّ، جيّد الضَّبْط، كثير الكتابة، حافظًا لمصنَّفات الحديث، ذاكرًا لمتُونها وأسانيدها. وكان قائمًا على الصّحيحين [3] مع «جامع» أبي عيسى. ولّي قضاء مُرْسِيّة، ثمّ استعفى منه فأُعفيَ، وأقبل على نشر العلم وتأليفه [4] .
__________
[1] شغبة: بالشين والغين المعجمتين المفتوحتين، وباء موحّدة.
[2] أحمولة: بهمزة مضمومة في أولها.
[3] قال القاضي عياض: لقد حدّثني الفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر أن أبا علي الحافظ قال له: خذ الصحيح، فأذكر أيّ متن شئت منه، أذكر لك سنده، أو أيّ سند، أذكر لك متنه.
[4] انظر الصلة 1/ 145.(35/368)
وكان صالحًا ديَّنًا، خيّرًا، عاملًا بعلِمه، حليمًا، متواضعا.
قال ابن بشكوال [1] : هو أجلّ مَن كتبَ إلي بالإجازة.
وخرَّج له القاضي عِياض مشيخةً، فذكر في أوّلها ترجمة لأبي عليّ في أوراق، وأنّه أخذ عن مائة وستّين شيخًا، وأنّه جالَس نحو أربعين شيخًا من الصّالحين والفُضَلاء، وأنّه أُكرِه على القضاء فوليه، ثمّ اختفى حتّى أُعفي منه.
وأنّه قرأ بروايات على أبي الفضل بن خيرون، ولقالون على رزق الله التّميميّ.
وأنّ الفقيه نصر بن إبراهيم كتب عنه ثلاثة أحاديث قلت: روى عنه بدمشق: أنبا صابر، وأبو المعالي محمد بن يحيى القُرَشيّ.
وبالمغرب: القاضي عِياض، وخلْق.
وقد سمع منه عِياض «صحيح مسلم» ، حدثه به عن العُذْريّ، عن أبي العبّاس أحمد بن الحسن الرّازيّ.
استُشْهِد أبو عليّ الصَدَفيّ في وقعة قُتُنْدَة [2] بثغر الأندلس، لسِتّ بقين من ربيع الأوّل. وهو من أبناء السّتّين. وكانت هذه الوقعة على المسلمين.
وكان عَيْش أبي عليّ من كسْب بضاعة مع ثقات إخوانه [3] .
71- حمْدُ بن محمد بن أحمد بن مَنْدُوَيْه [4] .
أبو القاسم الإصبهاني القاضي.
ولد في حدود الثّلاثين.
__________
[1] في الصلة 1/ 145.
[2] قتندة: بضم أوله وثانيه، وسكون النون، وفتح الدال المهملة. بلد بالأندلس ثغر سرقسطة.
(معجم البلدان) .
[3] وقال ابن بشكوال: أخبرنا القاضي أبو علي هذا مكاتبة بخطّه، وقرأته على القاضي أبي بكر محمد بن عبد الله الناقد قالا: أنشدنا الشيخ الصالح أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي ببغداد، قال: أنشدنا أبو عبد الله محمد بن علي الصوري لنفسه:
قل لمن أنكر الحديث وأضحى ... عائبا أهله ومن يدّعيه
أبعلم تقول هذا؟ ابن لي ... أم بجهل، فالجهل خلق السّفيه
أيعاب الذين هم حفظوا الدّين ... من التّرّهات والتمويه
وإلى قولهم وما قد رووه ... راجع كلّ عالم وفقيه
[4] انظر عن (حمد بن محمد) في: التحبير 1/ 250 رقم 163، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 97 ب.(35/369)
وسمع: أبا بكر بن ريذَة.
روى عنه: السّمعانيّ بالإجازة.
ومن مسموعاته: «الفِتَن» لنُعَيم بن حمّاد، عن ابن ريذة.
مات في شعبان [1] .
- حرف الخاء-
72- خَلَف بن محمد بن عبد الله بن صَواب [2] .
أبو القاسم التُّجيْبيّ القُرْطُبيّ.
روى عن: سِراج بن عبد الله القاضي، وأبي عبد الله الطّرفيّ المقرئ، وأبي محمد بن شعيب، وأبي محمد البُسْكُلاريّ [3] وطائفة سواهم.
وكان فاضلًا ثقة قديم الطّلب، ذا عناية بلقى الشيوخ، عارفًا بالقراءات وطُرُقها. كتب بخطّه عِلْمًا كثيرًا.
قال ابن بَشْكُوال: وأجاز لي ما رواه. وسمع منه جلة أصحابنا. وعُمَّر وكُفّ بصره في آخر عمره. ولم ألقَ في شيوخنا أسنّ منه.
وُلِد في المحرَّم سنة أربعٍ وعشرين وأربعمائة.
وتُوُفّي في ثالث جُمَادى الأولى، وصلّى عليه قاضي الجماعة أبو الوليد بن رُشْد.
قلت: لعلّه قرأ على ابن شُعَيب.
- حرف العين-
73- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن نجا بن محمد بن عليّ بن شاتيل [4] .
الدّبّاس. أخو عبد الله، وعمّ عُبَيْد الله، ووالد قاضي المدائن حمد.
__________
[1] وقال ابن السمعاني: فقيه فاضل، من أهل العلم والدين، كتب إليّ الإجازة، وكانت ولادته في حدود سنة ثلاثين وأربعمائة.
[2] انظر عن (خلف بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 175، 176 رقم 399.
[3] في الأصل: «البسكلاوي» ، والمثبت عن: الصلة.
[4] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: المنتظم 9/ 220 رقم 372 (17/ ج 189، 190 رقم 3894) .(35/370)
أبو البركات الأَزجيّ.
سمع: أبا جعفر بن المسلمة، وأبا بكر محمد بن عليّ الخيّاط.
وتوفّي في ذي القعدة.
روى عنه: عبد الله بن شاتيل، وغيره [1] .
74- عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع [2] .
أبو الحسن الأندلسيّ المَريّيّ [3] ، الفقيه الأستاذ.
تلميذ أبي محمد عبد الله بن سهل.
روى عن: أبي عمر بن عبد البرّ، وأبي تمّام القطينيّ النّحويّ، وخلف بن إبراهيم المقرئ الطليطلي، وابن سهل، وغيرهم.
وأقرأ الناس بجامع المرية.
أخذ عنه: أبو عبد الله محمد بن الحسن بن غلام النرسي، وغيره.
قال ابن بشكوال [4] ، كان شيخا صالحا، مجودا للقرآن، حسن الصوت به.
وسمعت صاحبنا أبا عبد الله القطّان يُثني عليه، ويصحّح سماعه من ابن عبد البَرّ [5] .
مولده قبل الثّلاثين وأربعمائة. وتُوُفّي بالمَريّة في شعبان، وله بضعٌ وثمانون سنة.
75- عبد العزيز بن عليّ بن عمر [6] .
__________
[1] قال ابن الجوزي: «وكان مستورا من أهل القرآن والحديث، وسماعه صحيح» .
[2] انظر عن (عبد العزيز بن عبد الملك) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 373 رقم 798، وبغية الملتمس للضبيّ 386 رقم 1097، والعبر 4/ 33، وتذكرة الحفاظ 4/ 1254، ومعرفة القراء الكبار 1/ 470، 471 رقم 414، وعيون التواريخ 12/ 119، والبداية والنهاية 12/ 188، وغاية النهاية 1/ 394 رقم 1678، والنجوم الزاهرة 5/ 221، وشذرات الذهب 4/ 46.
[3] المرييّ: بفتح الميم، وكسر الراء المهملة، وتشديد الياءين. نسبة إلى مدينة المريّة.
[4] في الصلة 2/ 373.
[5] زاد ابن بشكوال: «وقد أخذ عنه بعض أصحابنا، وتكلّم بعضهم فيه، وأنكر سماعه من ابن عبد البر» . (الصلة) .
[6] انظر عن (عبد العزيز بن علي) في: المنتظم 9/ 221 رقم 374 (17/ 190 رقم 3896) ، والبداية والنهاية 12/ 188، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 95.(35/371)
الدَّيْنَورِيّ، ثم البغداديّ أبو حامد.
أحد ذوي اليَسار المعروفين بفعل الخيرات والإيثار [1] .
روى قليلًا عن: أبي محمد الجوهريّ، وابن النَّقُّور.
روى عنه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو العبّاس بن خالد.
وهو والد المحدَّث أبي بكر محمد بن عبد العزيز الدَّيْنَورِيّ، وجدّ شيخ الأَبَرْقُوهيّ مُحَمَّدُ بْنُ هِبَةَ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
روى عنه: عبد الحقّ اليُوسُفيّ.
76- عُبَيْد الله بن نصر [2] .
أبو محمد الزَّعْفرانيّ [3] . والد العلّامة أبي الحسن، والمُسْنِد أبي بكر.
كان صالحًا من أهل القرآن.
سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وجماعة.
روى عنه: ذاكر بن كامل.
وتوفّي في صفر [4] .
- حرف الميم-
77- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد [5] .
أَبُو عَبْد الله الأبيوردي [6] المقري الصُّوفِيّ، نزيل بَغْدَاد.
قرأ بالروايات على: أَبِي معشر الطَّبَرِيّ بمَكَّة.
وَسَمِعَ من: إسماعيل بن مسعدة، وغيره.
__________
[1] وقال ابن الجوزي: «كان أحد أرباب الأموال الكثيرة، وعرف بفعل الخير والإحسان إلى الفقراء، وكانت له حشمة وتقدّم عند الخليفة وجاه عند التجار» .
[2] انظر عن (عبيد الله بن نصر) في: المنتظم 9/ 220 رقم 371 (17/ 189 رقم 3893) وفيه:
«عبيد الله بن نصر بن السريّ» .
[3] في المنتظم: «الزاغوني» .
[4] وقال ابن الجوزي: «كان من حفّاظ القرآن وأهل الثقة والصيانة والصلاح، وجاوز الثمانين» .
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] الأبيوردي: بفتح الألف وكسر الباء الموحّدة وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفتح الواو وسكون الراء وفي آخرها الدال المهملة. هذه النسبة إلى أبيورد وهي بلدة من بلاد خراسان.
وقد ينسب إليها الباوردي. (الأنساب 1/ 128) .(35/372)
قرأ عليه: أبو العلاء العطّار الهَمَذَانيّ، برواية أبي عَمْرو.
وروى عنه: هو، والسَّلَفيّ، وعبد الملك بن عليّ الهَرّاسيّ، وسعد الله بن محمد المقرئ.
وتوفّي في شوّال، وله نيِّفٌ وثمانون سنة.
78- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن إسحاق [1] .
أبو الفوارس الكرْخيّ.
قيل إنّه من كرْخ البصْرة.
سمع: أبا بكر بن بِشْران، وأبا جعفر بن المسلمة.
روى عنه: المبارك بن كامل، وغيره.
وتوفّي في ربيع الآخر.
وعنه أيضًا حفيده عبد الرحمن بن محمد.
79- محمد بن عليّ بن محمد الدَّيْنَورِيّ [2] .
القصّاب المؤدّب، أبو بكر.
شاعر بليغ، كان يؤدّب بدرب الدّوابّ.
أخذوا عنه من شِعْره.
وتُوُفّي في المحرَّم.
كتبوا عنه كثيرا، وهو مشهور [3] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (محمد بن علي القصّاب) في: عيون التواريخ 12/ 115، 116، وفوات الوفيات 2/ 476، والنجوم الزاهرة 5/ 89.
[3] وقال ابن النجار: وله أشعار في الزهد والغزل، ولم يكن يعرف النحو ولا اللغة. وروى عنه عمر بن ظفر المغازلي، والمبارك بن السرّاج، وغيرهم. وأورد له ابن النجار كثيرا من ذلك:
يا غافلا يتمادى غدا عليك ينادى ... هذا الّذي لم يقدّم قبل التّرحّل زادا
هذا الّذي وعظوه وأخلف الميعادا ... فلم يكن لتماديه طائعا منقادا
وقال:
ومشمّر الأذيال في ممزوجة ... متبرّج تاجا من العقيان
بالجاشرية ظلّ يهتف مسرعا ... ويصيح من طرب إلى الندمان
يا طيب لذّة هذه دنياكم ... لو أنه أبقت على الإنسان(35/373)
80- محمد بن محمد بن عليّ [1] .
أبو الفتح الفُرَاويّ [2] الواعظ.
كان حَسَن الوعْظ، حُلْو الإيراد، مليح الإشارة.
قدِم بغداد وعقد بها مجلس الوعظ والإملاء.
وحدث عن: أبي القاسم القُشَيْريّ، وغيره.
وكانت وفاته بالرَّيّ.
قال ابن الجوزيّ [3] : لكنّه كان يروي الكثير من الموضوعات [4] .
قال: وكذلك مجالس الغزّاليّ الواعظ وابن العبّاديّ فيها العجائب المتخرّصة [5] والمعاني الّتي لَا توافق الشّريعة. وهذه المحنة تعمّ أكثر القُصّاص، بل كلّهم، لاختيارهم ما يَنْفُق على العوامّ.
وذكره ابن النّجّار [6] .
__________
[ () ]
هبّوا إلى شرب الخمور ... لصبوحكم لا للصلاة أذاني
طلعت كؤوس الراح من أيديهم ... مثل النجوم وغبن في الأبدان
[1] انظر عن (محمد بن محمد الفراوي) في: المنتظم 9/ 221، 222 رقم 375 (17/ 190، 191 رقم 3897) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 95، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 6/ 190، 191، وطبقات الفقهاء الشافعية لابن كثير (مخطوط) 111 ب، 112 أ، وطبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح 1/ 248 رقم 69، والوافي بالوفيات 1/ 127.
[2] الفراوي: بضم الفاء وفتح الراء بعدهما الألف وفي آخرها الواو. هذه النسبة إلى فراوة وهي بليدة على الثغر مما يلي خوارزم يقال لها رباط فراوة بناها أمير خراسان عبد الله بن طاهر في خلافة المأمون. (الأنساب 9/ 256) وفي المنتظم: «الخزيمي» .
[3] في المنتظم 9/ 221 (17/ 191) .
[4] عبارته في المنتظم: «ورأيت من مجالسه أشياء قد علّقت عنه فيها كلمات، ولكن أكثرها ليس بشيء، فيها أحاديث موضوعة، وهذيانات فارغة بطول ذكرها» وذكر حديثا فيه كذب فاحش.
[5] في الأصل: «المخرصة» .
[6] وقال ابن الجوزي: «احتضر الخزيمي بالريّ فأدركه حين نزعه قلق شديد، قيل له: ما هذا الانزعاج العظيم؟ فقال: الورود على الله شديد» .
وقال ابن السمعاني: هو واعظ حسن الوعظ، مليح الإيراد، حلو المنطق، خفيف الروح، لطيف العبارة، حسن الإشارة. وأنشد له:
إذا كنت ترضى بالتمنّي من التقى ... فإنّ التمنّي بابه غير مغلق
ما ينفع التحقيق بالقول في التقى ... إذا كان بالأفعال غير محقّق
(طبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح 1/ 248) .(35/374)
81- محمود [1] بْن إِسْمَاعِيل بن محمد بن محمد [2] .
أبو منصور الإصبهانيّ الصَّيْرفيّ الأشقر.
راوي «المعجم الكبير» [3] عَنْ أَبِي الحُسَيْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن فاذشاه.
وهو محمد بن أبي العلاء.
وُلِد في ربيع الآخر سنة إحدى عشرين وأربعمائة [4] .
وَسَمِعَ «المعجم» وغيره في سنة إحدى وثلاثين.
وسمع: أبا بكر محمد بن عبد الله بن شاذان الأعرج.
روى عنه: أبو القاسم إسماعيل التّيميّ في كتاب «التّرغيب» ، وأبو طاهر السّلَفيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو بكر محمد بن أحمد المهّاد، ومحمد بن إسماعيل الطّرسوسيّ، ومحمد بن أبي زيد الكرّانيّ [5] .
وآخر من روى عنه أبو جعفر الصّيدلانيّ سمع منه حضورًا.
قال السّلَفيّ: كان رجلًا صالحًا، وله اتّصال ببني مَنْدَهْ، وبإفادتهم سمع الحديث [6] .
وقال أبو موسى: تُوُفّي في ذي القعدة.
82- محمود بن مسعود بن عبد الحميد [7] .
__________
[1] في الأصل: «محمد» .
[2] انظر عن (محمود بن إسماعيل) في: التحجير 2/ 275- 277 رقم 942، ومعجم الشيوخ لابن السمعاني، ورقة 254 أ، والتقييد لابن نقطة 443 رقم 950، ومشيخة ابن عساكر، ورقة 236 ب، والعبر 4/ 34، والمعين في طبقات المحدّثين 151 رقم 1636، والإعلام بوفيات الأعلام 211، وسير أعلام النبلاء 19/ 428- 430 رقم 250، وعيون التواريخ 12/ 119، ومرآة الجنان 3/ 211، والعسجد المسبوك للخزرجي، ورقة 48، والنجوم الزاهرة 5/ 221، وشذرات الذهب 4/ 46.
[3] للحافظ الطبراني.
[4] التحبير 2/ 277.
[5] الكرّاني: بفتح الكاف والراء مع التشديد وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى كرّان. وهي محلّة كبيرة بأصبهان. (الأنساب 10/ 377) .
[6] وقال ابن السمعاني: شيخ صالح سديد معمّر، مكثر من الحديث، وسمع منه الغرباء وأهل البلد ... كتب إليّ الإجازة، وسمع منه الإمام والدي رحمه الله، وحدّثني عنه جماعة بخراسان، والعراق، والجبال.
[7] لم أجد مصدر ترجمته.(35/375)
أبو بكر الشُّعَيْبيّ [1] البُوزْجَنْديّ [2] ، وبُوزْجَنْدَة بلدة بفَرغانة.
ولد سنة أربعين وأربعمائة تقريبًا.
قَالَ ابن السّمعانيّ: كَانَ إمامًا، فاضلًا، مُفْتِيًا، متفنّنًا، مناظرًا، مبرّزًا، تفقّه على الإمام محمد بن أبي سهل السَّرْخَسيّ، وحظي من الملوك. وجاء رسولًا إلى المستظهر باللَّه من جهة الخاقان صاحب ما وراء النَّهر، وأكرم مورده.
سمع من: شيخه ابن أبي سهل، وأبي بكر محمد بن عليّ بن حيدرة الجعفريّ، والمشطّب الفَرغانيّ، وعطاء بن عليّ الأديب.
روى عنه: محمد بن عمر ابنا أبي بكر محمد بن عثمان السّنْجيّ، ومحمود بن أبي بكر الصّابونيّ، وغيرهم.
قال عمر بن محمد النسفي في كتاب «القند» : تُوُفّي قاضي القُضاة أبو بكر الشُّعَيْبيّ بسمرقند في سابع ربيع الأوّل، وحمل تابوته إلى بُخَارَى.
83- محمد بن يحيى بن عبد الله بن زكريّا [3] .
القاضي الزّاهد أبو عبد الله بن الفرّاء الأندلسيّ، قاضي المَريّة.
روى عن: أبي العبّاس العُذْريّ كثيرًا، وعن: أبي عبد الله بن المرابط، وأبي محمد بن العسّال.
وكان إمامًا، زاهدًا، صالحًا، ورِعًا، متواضعًا، قوّالًا بالحقّ، مقبلًا على الآخرة. لمّا شرعوا في جباية المعونة كتب إلى عليّ بن يوسف بن تاشفين: إنّ الله قلّدك أمر المسلمين ليَبْلُوَك فيما آتاك ممّا يُزْلِفك لديه أو يُدْنيك بين يديه.
وهذا المال الّذي يُسمّى المعونة جُبِيَ من أموال اليتامى والمساكين بالقَهْر والغصْب، وأنت المسئول عنه، والمجيب على النّقير والقطمير، والكلّ في صحيفتك.
__________
[1] الشّعيبيّ: بضم الشين المعجمة، وفتح العين المهملة، وسكون الياء، بعدها الباء المنقوطة بواحدة. هذه النسبة إلى الجد، وهو شعيب. (الأنساب 7/ 347) .
[2] لم أجد هذه النسبة.
[3] انظر عن (محمد بن يحيى) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 572 رقم 1261.(35/376)
ولعلّ بعض فُقهاء السّوء أشار عليك بهذا، واحتجّ لك بأنّ عُمَر أخذ من المسلمين معونةً جهَّز بها جيشًا، فإن عمر لم يفعل حتّى توجَّه إلى القِبْلة، وحلف أنّه ليس في بيت المال دِرهم، وإنّ تجهيز ذلك الجيش مهّم، فيلْزمك أن تفعل كعمر.
فلمّا وقف على هذا الكتاب قَالَ: صدق، هم والله أشاروا عليَّ، وما بيت المال يحتاج. ثمّ ردّ ثُلث الأموال إلى أربابها.
ولم يكن بين يدَى ابن الفرّاء شرطيّ قطّ.
استشهد ابن الفرّاء في وقعة كُتُندَة، ويقال قُتُنْدَة، رحمه الله وقد أراد ابن تاشفين مرّة مصادرته، وأن يقيّده، فدفع الله عنه بصِدْقه ودِينه.
84- المُعَمَّر بن محمد بن الحسين [1] .
أبو نصر الأنْماطيّ البيّع، بغداديّ صالح، مكثر كثير التّلاوة، مقريء، فاضل.
حدَّث «بتاريخ» الخطيب، عنه.
وسمع: أبا محمد الجوهريّ، وابن المسلمة، وأبا الحسين ابن الأبنوسيّ، وجماعة.
روى عنه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو العبّاس بن هالة، وهبة الله بن عساكر، وآخرون آخرهم ذاكر بن كامل.
كان يؤدّب الصّبيان.
وزعم الحافظ ابن ناصر أنّه كان ضعيفًا، ألْحق سماعه في جزءين من «تاريخ الخطيب» ، فقلت له: لِمَ فعلت هذا؟.
قال: لأنّي سمعت الكتاب كلّه.
تُوُفّي في شعبان، عن تسعين سنة.
قلت: لَا يؤثّر قدْح ابن ناصر فيه، فإنّ الرجل كان فيه نباهة، وما يمنع من
__________
[1] انظر عن (المعمّر بن محمد) في: ميزان الاعتدال 4/ 158 رقم 8695، ولسان الميزان 6/ 71 رقم 270.(35/377)
أنّه كان له فَوْتٌ، فأعيد له بعد كتابة الطبّقة، ثمّ ألْحق اسمه، بل الضّعيف من يروي الموضوعات، ولا يتكلّم عليها.
85- مكّيّ بن أحمد بْن محمد بْن مُظَفَّر [1] .
أبو بَكْر البغداديّ المقرئ الحنبليّ.
قرأ بالروايات على: غلام الهَرّاس، وابن موسى الخيّاط، وأبي عليّ بن البنّاء.
وكانت رحلته إلى غلام الهرّاس في سنة خمسٍ وخمسين.
قرأ عليه طائفة منهم: أحمد بن محمد بن شقيق، ومقبل بن الصَّدْر.
وحدَّث عنه: أبو طالب بن خضير.
تُوُفّي في رمضان سنة أربع عشرة.
- حرف الياء-
86- يونس بن أبي سهولة بن فَرَج [2] .
أبو الوليد الشَّنْتَجَاليّ [3] ، نزيل دانية.
لقي أشياخ طُلَيْطُلَة كأبي محمد بن عبّاس، وأبي المُطَرّف بن سَلَمَةَ.
وكان إمامًا مدرّسًا مشاوَرًا.
تحدَّث عنه: أبو عبد الله ابن برنجال، وأبو عبد الله بن سعيد بن غلام الفرس، وأبو إِسْحَاق بن خليفة.
تُوُفّي بدانية في ربيع الأوّل.
__________
[1] انظر عن (مكّي بن أحمد) في: غاية النهاية 2/ 308 رقم 3643.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الشّنتجالي: بالأندلس، وبخط الأشتري شنت جيل، بالياء. (معجم البلدان 3/ 367) .(35/378)
سنة خمس عشرة وخمسمائة
- حرف الألف-
87- أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن جَحْدَر [1] .
أبو جعفر الأنصاريّ الشّاطبيّ.
روى عن: طاهر بن مُفَوَّز، ومحمد بن سعدون القرويّ، وعلي بن عبد الرحمن المقرئ.
وكان حافظا للفقه، بصيرا بالفتوى. ثقة ضابطا. وولي القضاء بشاطبة، ثم صرف.
- حرف الحاء-
88- الْحَسَن بْن أحمد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن علي بْن مهرة [2] .
أبو علي الإصبهاني الحدادي المقرئ. مسند إصبهان في القراءات والحديث. ولد في شعبان سنة تسع عشرة وأربعمائة، فسمع الحديث في سنة أربع وعشرين وأربعمائة، وبعدها. وعاش بعد ما سمع إحدى وتسعين سنة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الرحمن) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 75، 76 رقم 166.
[2] انظر عن (الحسن بن أحمد الحدادي) في: التحبير 1/ 177- 192، رقم 97، والمنتظم 9/ 228 رقم 376 (17/ 199 رقم 3898) ، والتقييد لابن نقطة 236- 238 رقم 280، والعبر 4/ 34، وسير أعلام النبلاء 19/ 313- 307 رقم 193، والإعلام بوفيات الأعلام 211، ودول الإسلام 2/ 42، ومعرفة القراء الكبار 1/ 471، 472 رقم 415، والمعين في طبقات المحدّثين 151 رقم 1637، ومختصر طبقات علماء المحدّثين 151 رقم 1637، ومختصر طبقات علماء الحديث (مخطوط) ورقة 227، وعيون التواريخ 12/ 129، وغاية النهاية 1/ 206 رقم 946، وشذرات الذهب 4/ 47، وعقد الجمان (مخطوط) 15/ ورقة 794، والرسالة المستطرفة 26، ومعجم المؤلفين 3/ 198، والأعلام 2/ 195.(35/379)
سمع: أبا بكر محمد بن علي بن مُصْعَب، وأبا نُعَيْم أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه الحافظ، فأكثر عنه إلى الغاية، وأبا الحسين بن فاذشاه، ومحمد بن عبد الرّزّاق بن أبي الشّيخ، وهارون بن محمد الكاتب، وأبا القاسم عبد الله بن محمد العطّار المقرئ، وأبا سعد عبد الرحمن بن أحمد بن عمر الصّفّار، وعليّ بن أحمد بن مهران الصّحّاف، وأحمد بن محمد بن بزدة الملنجيّ [1] ، وأحمد بن محمد بن الأسود الشُّرُوطيّ، وأبا نصر الفضل بن محمد القاشانيّ، ومحمد بن عبد الله التّبّان، وأبا أحمد محمد بن عليّ بن سيُوَيْه [2] المكفوف، ومحمد بن عبد الله بن مهران البقّال، وأبا ذَرّ محمد بن إبراهيم الصّالْحانيّ، وأبا بكر بن ريذة، وطائفة كبيرة.
وخرّج لنفسه «مُعْجَمًا» سمعناه، أو لعلّه بتخريج ولده الحافظ عُبَيْد الله.
وقرأ بالروايات على: أبي القاسم عبد الله بن محمد العطّار مقريء إصبهان، صاحب أبي جعفر التّميميّ الصّابونيّ، ومحمد بن جعفر الّذي قرأ على جعفر بن محمد بن الطّيّار.
وقرأ على: أَبِي الْفَضْلِ عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد الرّازيّ الزّاهد، وأحمد بن الفضل الباطرقانيّ، وأحمد بن بزدة، وجماعة.
قال السّمعانيّ في (تحبيره) : [3] رحل النّاس إليه، ورأى من العزّ ما لم يره أحدٌ في عصره. وكان خيّرًا، صالحًا، مقرئًا، ثقة، صَدُوقًا. وهو أجلّ شيخ أجاز لي. وحدَّثني عنه جماعة كثيرة.
ومن مسموعه على أبي نُعَيْم: كتاب «التّوبة والاعتذار» [4] ، وكتاب «شرف الصَّبر» ، وكتاب «ذمّ الرّياء والسُّمعة» ، وكتاب «الحثّ على كسب الحلال» [5] ،
__________
[1] بزدة: بموحّدة وزاي، ودال مهملة، والملنجيّ: بكسر الميم وفتح اللام، ونون ساكنة، وجيم.
(المشتبه في الرجال 2/ 612) .
[2] سيّويه: بالسين المهملة المفتوحة، وياء مشدّدة مضمومة، وواو مفتوحة، ثم ياء وهاء. (المشتبه 1/ 390) .
[3] ج 1/ 177.
[4] في التحبير 1/ 180: «التوبة والتنصّل والاعتذار» .
[5] في التحبير: «الحث على اكتساب الحلال والذبّ عن تناول الحرام» .(35/380)
وكتاب «حفظ اللّسان» ، وكتاب «تثبيت الإمامة» ، وكتاب «رياضة الأبدان» ، وكتاب «فضل التّهجُّد» [1] ، وكتاب «الإيجاز [2] وجوامع الكَلِم» ، وكتاب «خصائص فضل عليّ» ، وكتاب «الخُطَب النّبويّة» ، وكتاب «لباس [3] السّواد» ، وكتاب «تعظيم الأولياء» ، وكتاب «السّاعين» [4] ، وكتاب «التّعبير» [5] ، وكتاب «رفع اليدين في الصّلاة» ، وكتاب «تجويز المزاح» [6] . وكتاب «الهديّة» [7] ، وكتاب «حُرْمة المساجد» ، وكتاب «فضل الجار» ، وكتاب «فضل السُّحُور» [8] ، وكتاب «الفرائض» [9] ، وكتاب «اثنتين وسبعين فرقة» [10] ، وكتاب «مدح الكرام» ، وكتاب «الجواب عن: ثمّ أورثنا الكتاب» ، وكتاب «إسماع الكليم» [11] ، وكتاب «سحنة العقلاء» [12] ، وكتاب «حديث الطَّيْر» ، وكتاب «لبْس الصُّوف» ، وكتاب «الأربعين في الأحكام» [13] و «أربعي الصُّوفيّة» [14] ، وكتاب «الاستسقاء» ، وكتاب «الخسْف» [15] ، وكتاب «الصّيام والقيام» [16] ، وكتاب «الرؤية» [17] ، وكتاب «قراءات النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ» ، وكتاب «معرفة الصّحابة» [18] ، وكتاب «علوم الحديث» [19] ، و «تاريخ أصبهان» [20] ،
__________
[1] في التحبير: «فضل التهجّد وقيام الليل» .
[2] في الأصل: «الإنجاز» .
[3] في سير أعلام النبلاء 19/ 360 «لبس» .
[4] اسمه بالكامل: «فضيلة الساعين الأبطال المنفقين على العيال» . وفي السير: «السّعاة» .
[5] «الرؤيا والتعبير» .
[6] في الأصل: «المزاج» .
[7] اسمه: «جواز قبول الهدايا» .
[8] في التحبير: «فضيلة المتسحّرين» .
[9] «الفرائض والسهام» .
[10] «الافتراق على اثنتين وسبعين فرقة» .
[11] «إبداع الحكيم لإسماع الكليم» .
[12] لم يذكر في التحبير. وفي السير 19/ 306: «العقلاء» .
[13] كشف الظنون 1/ 57.
[14] في التحبير: «الأربعين في التصوّف وهي على مذهب المحقّقين من المتصوّفة» .
[15] في التحبير: «الخسف والآيات» .
[16] في التحبير: «فضل الصيام والقيام» .
[17] في التحبير: «تثبيت الرؤية للَّه في القيامة» .
[18] كشف الظنون 2/ 1739.
[19] في التحبير: «معرفة علوم الحديث على كتاب الحاكم» .
[20] في التحبير: «أخبار أصبهان ومن حدّث بها» . وهو مطبوع بليدن 1934 باسم: «ذكر أخبار(35/381)
وكتاب «الإخوة» [1] ، وكتاب «العلم» ، وكتاب «الحلْية» [2] ، وكتاب «المتواضعين» [3] ، وكتاب «القراءة خلف الإمام» ، وكتاب «التّشهُّد» [4] ، وكتاب «حسن الظّنّ» ، وكتاب «المؤاخاة» [5] ، وكتاب «وعيد الزّناة» [6] ، وكتاب «الشُّهداء» [7] ، وكتاب القدر، وكُتُبًا غير ذلك، الجميع تأليف أبي نُعَيْم، وسماعه منه.
روى عنه: معمّر بن [الفا] خر، وأبو العلاء الحسن بن أحمد الهمدانيّ العطّار. وقرأ عليه بالرّوايات وأكثر عنه، وأبو طاهر السّلَفيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو مسعود الحاجّيّ، وأبو الفتح عبد الله الخِرَقيّ، وأبو الفضل الخطيب الموصل، وأبو سعد الصّائغ، ويحيى الثّقفيّ، والفضل بن القاسم الصَّيْدلانيّ، ومحمد بن الحسن بن الفضل الأَدَميّ، والأديب محمد بن أحمد المصلح، وعبد الرحيم بن محمد الخطيب، ومسعود بن أبي منصور الخيّاط، وخليل بن بدر الرّارانيّ [8] ، ومحمد بن إسماعيل الطَّرَسُوسيّ، وأبو المكارم اللبان، ومحمد بن أبي زيد الكراني، وأبو جعفر الصَّيْدلانيّ، وله عنه حضور كثير، ولم يسمع منه مع إمكان ذلك.
وآخر من روى عنه بالإجازة عفيفة الفارقانيّة، وعاشت بعده إحدى وتسعين سنة.
قال أبو سعد السّمعانيّ: [9] كان عالما ثقة، صدوقا، من أهل العلم
__________
[ () ] أصبهان» ، وأعيد طبعه مؤخّرا في بيروت.
[1] في التحبير: «الإخوة من أولاد المحدّثي» .
[2] وهو «حلية الأولياء وطبقات الأصفياء» ، وهو مطبوع في عشرة أجزاء.
[3] في التحبير: «منفعة المتواضعين ومثلبة المتكبّرين» .
[4] في التحبير: «التشهّد بطرقه واختلافه» .
[5] في التحبير: «مراعاة الإخوان وفضيلة مراعاة حقوق الخلّان» .
[6] في التحبير: «ذكر الوعيد في الزناة واللاطة» .
[7] في التحبير: «ذكر الشهود وأسماء الشهداء» .
[8] في سير أعلام النبلاء 19/ 305: «الراري» ، والمثبت يتفق مع: المشتبه في الرجال 1/ 296.
[9] في التحبير 1/ 177.(35/382)
والقرآن والدّين. قرأ القرآن بروايات، وعمّر العمر الطّويل، حتّى حدَّث بالكثير، ورحل النّاس إليه. كان والده يخرج إلى حانوته ليعمل في الحديد [و] يأخذ بيد الحسن، ويدفعه في مسجد أبي نُعَيْم، فأكثر عنه، حتّى صار بحيث لَا يفوته إلّا ما شاء الله.
قال ابن نُقْطَة: سمع من أبي نُعَيْم «الموطّأ» ، عن الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ القَعْنِبيّ، عن مالك.
(ح) وعن ابن خلّاد النَّصِيبيّ، عن تمتام، عن القَعْنِبيّ، عن مالك.
وسمع من أبي نُعَيْم «مُسْنَد الإمام أحمد» ، عن ابن الصّوّاف بعضه، وتمامه عن القَطِيعيّ، كلاهما عن عبد الله، عن أبيه.
وسمع منه «مسند الطّياليسيّ» ، و «مسند الحارث بن أبي أُسامة» ، ولكن لأبي نُعَيْم فوت في «مسند الحارث» ، وذلك جزءان معلومان: الثّالث عشر، والسّادس والعشرون، وكتاب «السُّنَن» لأبي مسلم رواه له عن فاروق الخطّابيّ، وبعضه عن حبيب القزّاز.
وسمع منه المستخرجين على الصحيحين، وكتاب «الحلية» ، وأشياء كثيرة، و «المعجم الأوسط» للطَّبَرانيّ، ومسانيد سُفيان الثَّوْريّ، وعوالي الأوزاعيّ، و «الجود» ، و «مسند الشّاميّين» و «السّنن المخرّجة من كتب عبد الرّزّاق» ، و «جامع عبد الرّزّاق ومغازيه» ، الكلّ سمعه من أبي نُعَيْم، أنبا الطَّبَرانيّ.
وسمع من أبي نُعَيْم كتاب «غريب الحديث» لأبي عُبَيْد، وكتاب «مقتل الحسين» ، وكتاب «الشّواهد» ، وكتاب «القضاء» بسماعه الكلّ من الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أبي عُبَيْد.
وسمع من أبي نُعَيْم «فوائد» سمّويه، وفوائد أبي عليّ بن الصّوّاف، و «مسند الطّيالسيّ» ، و «الطّبقات» لابن المدينيّ، و «تاريخ الطّالبيّين» للجعابيّ، و «جزء محمد بن عاصم» ، و «جزء ابن الفرات، و «أربعي الآجرّيّ» .
وسمع ابن ريذة «المعجم الكبير» للطّبرانيّ [1] .
__________
[1] وقال ابن الجوزي: «انتهى إليه الإقراء والحديث بأصبهان» .(35/383)
- حرف الخاء-
89- خلف بن سعيد بن خير [1] .
أبو القاسم الطّليطليّ الزّاهد، نزيل قرطبة.
كان يلقّن القرآن، وقد قرأ على: أبي عبد الله المَغَاميّ.
وأخذ أيضًا عن: عبد الصّمد بن سَعْدُون.
وكان ورعا، قانعا، متواضعا، متبرّكا به، حَسَن الأخلاق مذكور بإجابة الدّعوة. وكان ينوب في جامع قُرْطُبة.
تُوُفّي في نصف ذي القعدة. وكانت جنازته مشهورة قلّ أن سُمع بمثلها، رحمه الله تعالى.
- حرف الراء-
90- رُوزبَة بن موسى بن رُوزبَة [2] .
أبو الحسن الخُزَاعيّ الفقيه.
وُلّي القضاء بغير موضع بمصر، ثمّ استعفى من القضاء.
وكان مولده في رجب سنة عشرين وأربعمائة.
قال السّلَفيّ: روى لنا عن نصر بن عبد العزيز الشّيرازيّ، وأبي إسحاق الحبّال [3] .
وتُوُفّي في رجب.
وكان حَسَن الخَلْق والخُلُق، كثير العبادة.
__________
[1] انظر عن (خلف بن سعيد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 176 رقم 400.
[2] انظر عن (روزبه بن موسى) في: معجم السفر 1/ 255- 252 رقم 137.
[3] وقال السلفي: وذكر أنه سمع الشريف أبا إبراهيم بن حمزة العلويّ، ولم نجد له شيئا عنه، ورأيته له سماعا عن زيد بن الحسين الطحّان، وأبي العباس الرازيّ، جميعا بالإسكندرية.
وكانت عنده كتب حسنة. ومولده في رجب سنة عشرين وأربعمائة.
وحكى ابنه عبد الرحمن قال: قالت والدتي إنّ والدك ليلة بنى بي، قام وتطهّر وصلّى ركعات، ومن ذلك الوقت ما رأيته أخلّ ليلة بالصلاة في جوف الليل.(35/384)
قال ابنه: كان أبي يختم في اليوم واللّيلة، ويقوم اللّيل [1] رحمه الله.
- حرف السين-
91- سعيد بن فتح.
أبو الطّيّب الأنصاريّ الأندلسيّ القَلْعيّ المقرئ، من قلعة أيّوب.
أخذ القراءات عن: أبي داود، وابن الدس، وابن البيّاز، وأبي القاسم بن النّحّاس.
وسمع من جماعة.
وتصدَّر للإقراء بمُرْسِيّة، وعلَّم. وكان ماهرًا مجوّدًا، أديبًا، محقّقًا.
أخذ عنه: أبو عبد الله بن فَرَج المكناسيّ، وغيره.
وتُوُفّي بقُرْطُبة فِي هَذِهِ السّنة أو فِي الّتي بعدها.
- حرف الشين-
92- شاهنشاه الأفضل [2] .
أمير الجيوش أبو القاسم ابن أمير الجيوش بدر الجماليّ الأرمنيّ.
كان بدر هو الكُلّ، وكان المستنصر مقهورًا معه، وتُوُفّي سنة ثمانين. فلمّا مات قام الأفضل مقام أبيه. وقضيّته مع نزار بن المستنصر وغلامه أفْتِكين متولّي الإسكندريّة مشهورة في أخْذِهما وإحضارهما إلى القاهرة، ثمّ لم يظهر لهما خبرٌ بعد ذلك. وذلك في سنة ثمانٍ وثمانين أيضا.
__________
[1] وزاد: فحين ضعف كان يصلّي في قعود، فإذا بقي عليه قليل قام فقرأ وركع.
[2] انظر عن (الأفضل) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 371 (وتحقيق سويم) 36، والكامل في التاريخ 10/ 589- 591، وذيل تاريخ دمشق 203، 204، ونزهة المقلتين لابن الطوير 108، 112، 113، 122، 125، والإشارة إلى من نال الوزارة 57، ووفيات الأعيان 2/ 448- 451 وأخبار الدول المنقطعة 77، 81- 88، 91، 92، 98، وأخبار مصر لابن ميسّر 2/ 57، 58، والإعلام بوفيات الأعلام 211، وسير أعلام النبلاء 19/ 507- 510 رقم 294، والعبر 4/ 34، ودول الإسلام 2/ 42، 43، وتاريخ ابن الوردي 2/ 26، والمختصر في أخبار البشر 2/ 235، ومرآة الجنان 3/ 211، 212، والدرّة المضيّة 485- 487، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 104- 106، وعيون التواريخ 12/ 125- 127، والبداية والنهاية 12/ 188، 189، واتعاظ الحنفا 3/ 281، والنجوم الزاهرة 5/ 222، وشذرات الذهب 4/ 47، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 222، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 149.(35/385)
فأمّا أفْتِكين فقتل ظاهرًا، وأمّا نزار فيقال إنّ المستعلي أخاه بنى عليه حائطًا.
ونزار المذكور هو الّذي تُنْسَب إليه الإسماعيليّة أرباب قلعة الأَلَمُوت.
وكان الأفضل داهية، شهْمًا، مَهِيبًا كأبيه، فَحْل الرأي، جيّد السّياسة.
أقام في الخلافة الآمر وُلِد المستعلي بعد موت المستعلي، ودبّر دولته، وحَجَر عليه، ومنعه من شهواته، فإنّه كثير اللّعِب، فحمله ذلك على قتْله، فأوثب عليه جماعة. وكان يسكن بمصر، فلمّا ركب من داره وثبوا عليه فقتلوه في سلْخ رمضان في هذه السّنة [1] .
وخلَّف من الأموال ما لم يُسمع بمثله.
قال ابن الأثير: [2] كانت ولايته ثمانيا وعشرين سنة، وكان الإسماعيلية يكرهونه لأسبابٍ، منها تضييقه على إمامهم، وترْكه ما يجب عندهم سلوكُه معهم، وترْكه معارضة أهل السُّنّة في اعتقادهم، والنَّهْي عن معارضتهم، وإذْنه للنّاس في إظهار معتقداتهم، والمناظرة عليها.
قال: وكان حَسَن السّيرة، عادلًا. يُحكى أنّه لمّا قُتِل وظهر الظّلْم بعده اجتمع جماعة، واستغاثوا إلى الخليفة. وكان من جملة قولهم: إنّهم لعنوا الأفضل. فسألهم عن سبب لعنته، فقالوا: إنّه عَدَل وأحسن السّيرة، ففارقْنا بلادنا وأوطاننا، وقصدْنا بلاده لعدله، فقد أصابنا هذا الظُّلم، فهو كان سبب ظُلْمنا.
فأمر الخليفة بالإحسان إليهم إلى النّاس.
وقيل إنّ الآمر بأحكام الله وضع عليه من قتله، وكان قد فسد ما بينهما.
وكان أبو عبد الله البطائحيّ هو الغالب على أمر الأفضل، فأسرّ إليه الآمر أن يعمل على تلافه، ووعده بمنصبه. فلمّا قُتِل وُلّي البطائحي وزارة الآمر، ولُقّب بالمأمون، وبقي إلى سنة تسع عشرة وصلب.
__________
[1] أخبار الدول المنقطعة 88 ووقع فيه: «فقتلوه سنة خمس وعشرين وخمسمائة» ، وهذا وهم، والصحيح 515 هـ-.
[2] في الكامل 10/ 590.(35/386)
وقال سبط الجوزيّ في ترجمة الأفضل [1] ، ووضعها في سنة ستّ عشرة، وكأنّه وهِم، قال: إن الأفضل وُلِد بعكّا سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة.
قال أبو يَعْلَى بن القلانِسِيّ: [2] وكان الأفضل حَسَن الاعتقاد، سُنّيّا، حميد السّيرة مُؤْثِرًا للعدل، كريم الأخلاق، صادق الحديث. لم يأتِ الزّمان بمثله، ولا حُمِد التّدبير عند فقْده. واستولى الآمر على خزائنه، وجميع أسبابه.
وكان الأفضل جوادًا مُمَدَّحًا، مدحه جماعة، منهم قاضي مصر القاضي الرشيد أحمد بن القاسم الصَّقَلّيّ صاحب الدّيوان الشّعْر.
قال القاضي شمس الدّين [3] : قال صاحب «الدّول المنقطعة» [4] : خلّف الأفضل ستّمائة ألف ألف دينار [5] ، ومائتين وخمسين إرْدَبّ دراهم، وخمسة وسبعين ألف ثوب ديباج، وثلاثين راحلة أحقاق ذهب عراقيّ، ودواة من ذهب مجوهرة، قيمتها اثنا عشر ألف دينار، ومائة مسمار من ذهب، وزن المِسْمار مائة مِثقال [6] ، في كلّ مجلس منها عشرة، على كلّ مِسْمار منديل مشدود مذهّب، فيه بذلة بلون من الألوان، أيّما أحبّ منها لبسه [7] ، وخمسمائة صندوق كِسْوة لخاصّته [8] . وخلّف من الرقيق والخيل والبِغال والطّيب والتّجمُّل ما لم يعلم قدرَه إلّا الله، ومن الجواميس والبَقَر والغَنَم ما يستحيى من ذِكر عدده، بلغ ضمان ألْبانها في العام [9] ثلاثين ألف دينار.
وقلت: كذا قال هذا النّاقل ستّمائة ألف ألف دينار، والعهدة عليه.
وفي الجملة فإنّ الأفضل هذا تصرَّف في الممالك، وكنز الأموال، وجمع
__________
[1] في مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 104- 106.
[2] في ذيل تاريخ دمشق 203.
[3] ابن خلكان في وفيات الأعيان 2/ 451.
[4] أخبار الدول المنقطعة لابن ظافر 91، 92.
[5] في الأخبار: «ستة ألف ألف دينار» .
[6] في الأخبار: «مائة دينار» .
[7] في أخبار الدول: «لبسها. وله لعبة من العنبر قدر ثيابه، إذا نزع الثياب جيئت على اللعبة» .
(91، 92) .
[8] في أخبار الدول زيادة: «من دقّ تنّيس ودمياط» .
[9] في الأخبار: «في سنة وفاته» .(35/387)
ما لم يجمعه ملك. وكان ملكه سبْعًا وعشرين سنة.
وفي أيّامه تغلّبت الفرنج، لعنهم الله، على القدس، وأنطاكية، وعكّا، وطرابُلُس، وصور، وصيدا، وبيروت، وقَيْساريّة، وعدّة حصون سوى ذلك.
وكذا كلّ ملك نَهْمَتُه في جَمْع الأموال يبخل عن استخدام الجيوش، ويفْرط.
فلله الأمر كلُّه.
قال ابن الأثير في «كامله» [1] : وثبَ عليه ثلاثةٌ، فضربوه بالسّكاكين، فقتلوه، وحُمِل وبه رَمَق إلى داره، ونزل الآمر بأحكام الله إلى داره، وتوجّع له، فلمّا مات نقل من أمواله ما لَا يعلمه إلّا الله. وبقي الخليفة الآمر في داره أربعين يومًا أو نحوها، والكتاب بين يديه، والدّوابّ تحمل وتنقل ليلًا ونهارًا، ووجد له من الأعلاق النّفيسة، والأشياء المعدومة، ما لَا يوجد لغيره، وحبس أولاده.
93- شمس النّهار [2] بنت الحافظ أبي عليّ أحمد بن محمد البَرَدَانيّ [3] .
أمّ الفضل، زوجة أَبِي منصور عَبْد الرَّحْمَن بن زُرَيْق القزّاز.
سمّعها أبوها من: أبي جعفر ابن المسلمة، وغيره.
روى عنها: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ.
- حرف الطاء-
94- طُلْحةُ بن الحسن بن أبي ذرّ محمد بن إبراهيم الصّالحانيّ [4] .
الأديب أبو الطّيّب.
ولد سنة ستّ وعشرين وأربعمائة.
وسمع من: جدّه، وابن ريذة.
روى عنه: أبو موسى، وقال: تُوُفّي في صفر.
وأجاز لابن السّمعانيّ، وقال: فمن مسموعاته: كتاب «أخلاق النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم
__________
[1] ج 10/ 591.
[2] لم أجد مصدر ترجمتها.
[3] البرداني: بفتح الباء الموحّدة والراء والدال المهملة وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى بردان وهي قرية من قرى بغداد. (الأنساب 2/ 135) .
[4] انظر عن (طلحة بن الحسن) في: التحبير 1/ 350- 352 رقم 297، ومعجم البلدان 3/ 263، ونكت الهميان 175، والرسالة المستطرفة 44.(35/388)
وشمائله» [1] لأبي الشّيخ، يرويه عن جدّه أبي ذَرّ، عنه، وكتاب «السُّنّة» الصّغير [2] لأبي الشّيخ، عن جدّه، و «البرّ والصّلَة» لأبي الشيخ بالإسناد، وكتاب «القدر» لعليّ بن محمد الطَّنَافسيّ، وكتاب «الصَّوم» لابن أبي عاصم، عن جدّه، عن القبّاب، عنه.
- حرف العين-
95- عبد الله بن إدريس [3] .
أبو محمد السَّرَقُسْطيّ المقرئ.
كان من أهل الضَّبْط.
أخذ عن: عبد الوهاب بن حَكَم، وغيره.
وتصدَّر بجامع سبْتَة للإقراء.
وقرأ عليه: القاضي عِياض، وغيره.
96- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحسن [4] .
أبو ياسر البَرَدَانيّ، أخو أبي عليّ [5] .
شيخ صالح خيّر.
سمع: أباه، وأبا الحَسَن القَزْوينيّ، وأبا إسحاق البرمكيّ، وأبا محمد الجوهريّ، وجماعة.
روى عنه: عليّ بن طِراد، وشُعْبة بن عمر الإصبهانيّ، والصّائن هبة الله، والسّلَفيّ، وجماعة.
97- عبد الوهّاب بن حمزة [6] .
__________
[1] في الرسالة المستطرفة 44: «أخلاق النبي صلّى الله عليه وسلّم» .
[2] في التحبير 1/ 351: «السنّة الصغيرة» .
[3] انظر عن (عبد الله بن إدريس) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 292 رقم 643، وغاية النهاية 1/ 410 رقم 1743.
[4] لم أجد مصدر ترجمته، وذكر ابن السمعاني أباه محمدا في (الأنساب 2/ 136) .
[5] اسمه أحمد بن محمد البرداني. ولد سنة 426 وتوفي سنة 498 هـ-. (الأنساب 2/ 136) .
[6] انظر عن (عبد الوهاب بن حمزة) في: المنتظم 9/ 229 رقم 379 (17/ 200 رقم 3901) ، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 172 رقم 71، وشذرات الذهب 4/ 47.(35/389)
أبو سعد الحنبليّ صاحب أبي الخطّاب.
كان فقيهًا مُفْتِيا، معدّلًا.
سمع: أبا محمد الصّريفينيّ، وابن النّقّور [1] .
روى عنه: أبو حكيم إبراهيم بن دينار النّهروانيّ.
وتوفّي في شعبان.
98- عليّ بن جعفر بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن حسين بن أحمد بن محمد بن زيادة الله بن محمد بن الأغلب [2] .
الأغلبيّ أبو القاسم بن القطّاع، السّعديّ الصّقليّ [3] ، الكاتب اللّغويّ.
ولد بصقلّية في سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، وأخذ بها عن: أبي بكر محمد بن عليّ بن البرّ اللُّغَويّ، وغيره.
وبرع في النَّحْو، وصنَّف التّصانيف.
ونزح عن صَقَلّية حين أشرف الفرنج على تملّكها، وقدم مصر في حدود الخمسمائة، فبالغوا في إكرامه، وأحسنت [4] إليه الدّولة.
وله كتاب «الأفعال» [5] ، من أجْوَد الكُتُب في معناه، وكتاب «أبنية الأسماء»
__________
[1] وقال ابن الجوزي: «وتفقّه على الشيخ أبي الخطاب وأفتى، وشهد عند أبي الحسن الدامغانيّ، وكان مرضيّ الطريقة حميد السيرة، من أهل السّنّة» .
[2] انظر عن (علي بن جعفر) في: معجم الأدباء 12/ 279- 283، وإنباه الرواة 2/ 236، ووفيات الأعيان 3/ 322- 324، والمختصر في أخبار البشر 2/ 236، والعبر 4/ 35، وسير أعلام النبلاء 19/ 433- 435 رقم 253، وتاريخ ابن الوردي 2/ 31، ومرآة الجنان 3/ 212، وعيون التواريخ 12/ 121- 123، والبداية والنهاية 12/ 236، ولسان الميزان 4/ 209، وحسن المحاضرة 1/ 532، 533، وبغية الوعاة 2/ 153، 154، والنجوم الزاهرة 5/ 209 (في وفيات 509 هـ-.) ، وشذرات الذهب 4/ 45، 46،
[3] بفتح الصاد والقاف. هكذا ضبطها أبو بكر محمد بن عليّ بن البرّ اللُّغَويّ فقال: هكذا عرّبتها العرب، واسمها باللسان الرومي: «سبكه» بكسر السين وفتح الكاف، وسكون الهاء. و «كيليه» بكسر الكاف واللام وتشديد الياء وسكون الهاء، وتفسير هاتين: «التين والزيتون» (المطرب لابن دحية 59) .
[4] في الأصل: «وأحسن» .
[5] قال ابن خلّكان: «أحسن فيه كل الإحسان، وهو أجود من «الأفعال» لابن القوطية، وإن كان ذلك سبقه إليه» . (وفيات الأعيان 3/ 323) .(35/390)
جَمَعَ فيه فأوعب [1] . وله مصنَّف في العَرُوض، وكتابَ «الدّرّة الخطيرة» في المختار من شعراء الجزيرة، جزيرة صَقَلّية، وأورد فيه لمائةٍ وسبعين شاعرًا [2] ، وكتاب «لُمَح المُلَح» .
وكان نقّاد المصريّين ينسبونه إلى التّساهل في الرواية. وذلك لأنّه لمّا قدِم سألوه عن كتاب «الصَّحاح» للجوهريّ، فذكر أنّه لم يصل إلى صَقَلّية. ثمّ إنّه لمّا رأى اشتغالهم فيه ركَّب له إسنادًا، وأخذه النّاس عنه مقلّدين له [3] .
قال السّلَفيّ: سمعت عبد الواحد بن غلّاب يقول: سمعت أبا القاسم بن القَطاع يقول: لمّا خرجت من المغرب، شيّعني شيخي أبو بكر محمد بن عليّ ابن البَرّ التّميميّ اللُّغَويّ، وقال: توجَّهْ حيث أردت، فما يُرى مثلُك.
قال ياقوت الحمويّ: كان أبوه جعفر ذا طبقة عالية في اللّغة والنّحْو، وجدّه عليّ شاعر محسِن، مَدَح الحاكم، ووُلّي ديوان الخاصّة. وجدّ أبيه من الشّعراء أيضًا. وكذلك جدّهم الأعلى الحسين بن أحمد.
وكان أبو القاسم بن القَطّاع يعلّم وُلِد الأفضل أمير الجيوش، إلى أن ذكر أنّه مات سنة 514 [4] . وكان ذكيا شاعرًا، راويةً للأدب.
وله في غلام اسمه حمزة:
يا من رمى النّار، في فؤادي ... وأنْبَطَ العينَ بالبكاء
اسمُكَ تصحيفُهُ بقلبي ... وفي ثناياك بُرْءُ دائي
أردُدْ سلامي فإنّ نفسي ... لم يَبْقَ منها سوى الذّماء [5]
وله:
وشادن في لسانه عُقَدٌ ... حلَّت عُقُودي وأوهنت جلدي
__________
[1] زاد ابن خلّكان: «وفيه دلالة على كثرة اطلاعه» .
[2] 12/ 281.
[3] إنباه الرواة 2/ 236.
[4] معجم الأدباء 12/ 279، 280.
[5] الأبيات في إنباه الرواة 2/ 236 وعيون التواريخ 12/ 122، بزيادة بيت أخير:
أنهكه في الهوى التجنّي ... فصار في رقّة الهواء(35/391)
عابوه جَهْلًا بها، فقلت لهم: ... أما سمعِتم بالنَّفث في العُقدِ؟ [1]
تُوُفّي رحمه الله بمصر في صفر. وهو من وُلِد زيادة الله بن الأغلب الأمير.
99- عليّ بن زيد بن شهريار [2] .
أبو الوفاء الأصفهانيّ التّاجر المقرئ.
في جُمَادَى الأولى تُوُفّي.
سمع: أبا الحسن الدّاوديّ، وأبا عمر المَلِيحيّ، وأحمد بن الفضل الباطِرْقانيّ، وطبقتهم.
وعنه: أحمد بن مسعود بن النّاقد، ويحيى بن ثابت، والسّلَفيّ.
من كبراء أهل إصبهان وثقاتهم. له بصرٌ بالحديث.
عاش سبْعًا وسبعين سنة [3] .
- حرف الميم-
100- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن مبارك القطّان [4] .
أبو عبد الله القُرْطُبيّ.
سمع: أبا عليّ الغسّانيّ، وأبا عبد الله أحمد بن محمد الخولانيّ [5] .
وكان مختصًا بالقراءة على الشّيوخ لمعرفته وذكائه [6] ، وحُسْن قراءته [7] ، وكان الشّيوخ يعظّمونه ويكرمونه.
تُوُفّي كهلا.
101- محمد بن الحسن بن عليّ [8] .
__________
[1] عيون التواريخ 12/ 122، مرآة الجنان 3/ 213.
[2] انظر عن (علي بن زيد) في: غاية النهاية 1/ 543 رقم 2224.
[3] وقرأ عليه الحسن بن أحمد الهمذاني، رواية قتيبة عن الكسائي، وأثنى عليه.
[4] انظر عن (محمد بن أحمد القرطبي) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 573 رقم 1264.
[5] سمع منه الموطّأ.
[6] في الصلة: «ونباهته» .
[7] زاد ابن بشكوال: «وكان فاضلا ديّنا متواضعا، حسن الخط. عني بالحديث وروايته وشهر به.
وكان بارّا بأصحابه وإخوانه» .
[8] انظر عن (محمد بن الحسن الخولانيّ) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 572 رقم 1262،(35/392)
أبو عبد الله الخولانيّ الأندلسيّ المربّي، ويُعرف بالبَلَغيّ [1] . رحل، وقدِم دمشق. وحدَّث بها عن: خَلَفُ بن إبراهيم، والحسين بن بُكَيْر. وسمع من: سهل ابن بِشْر الإسْفَرَائينيّ، وأبي حامد الغزّاليّ، والشّريف النّسيب.
وكان صالحًا، مقبلًا على شأنه، قانعًا باليسير، طَلّابةً للعِلْم.
روى عنه: هبة الله بن طاوس.
وتُوُفّي بالمَرِيّة في رمضان سنة خمس عشرة، وله ثلاثٌ وسبعون سنة [2] .
102- محمد بن خليفة بن محمد بن حسين [3] .
أبو عبد الله النَّمَريّ [4] العراقيّ، الشّاعر المعروف بالسَّنْبِسيّ، [5] لأنّ أُمّه سِنْبِسِية. وأصله من هِيت [6] .
وأقام في الحِلّة عند صَدَقة بن مَزْيَد، وكان شاعره وشاعر ولده دُبَيْس.
لكن لم يحسن له دُبَيْس فتركه، وقدِم بغداد، ومدح الوزير أبا عليّ بن صَدَقة، فأجزل عطاءه. وأقام ببغداد.
وله شِعْرٌ رائق.
__________
[ () ] ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 22/ 102 رقم 114، والأنساب 2/ 292 (بالحاشية) ، والمقفّى الكبير للمقريزي 5/ 552 رقم 2073 و 5/ 555 رقم 2079.
[1] البلغي: بفتح أوله وثانيه، وغين معجمة، وياء مشدّدة. كذا ضبطه أبو بكر بن موسى. وهو بلد بالأندلس من أعمال لاردة ذات حصون عدّة. (معجم البلدان 1/ 488) .
[2] ذكره المقريزي مرتين، وأرّخ مولده في الأولى بسنة 441 هـ-. (5/ 552 رقم 2073) وفي الثانية بسنة 442 هـ-. (5/ 555 رقم 2079) وقال: كانت له عناية بمعرفة الأوقات.
[3] انظر عن (محمد بن خليفة) في: خريدة القصر (القسم العراقي) 4/ 209- 226، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 2709، والمختصر المحتاج إليه للدبيثي 1/ 259، وعيون التواريخ 12/ 123- 125، وفوات الوفيات 2/ 402، والوافي بالوفيات 3/ 48.
[4] النّمري: بفتح النون والميم وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى النّمر، وهو النّمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعميّ بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار. (الأنساب 12/ 140) وفي عيون التواريخ 12/ 123: «النميري» .
[5] السّنبسيّ: بالنون الساكنة، والباء الموحّدة المكسورة بين السينين المهملتين المكسورتين. هذه النسبة إلى سنبس، وهي قبيلة معروفة من طيّ. (الأنساب 7/ 158) .
[6] هيت: بالكسر، وآخره تاء مثنّاة. بلدة على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار ذات نخل كثير وخيرات واسعة، وهي مجاورة للبرّية. (معجم البلدان 5/ 420، 421) .(35/393)
روى عنه: السَّلَفيّ، وعبد الرحيم ابن الإخْوة، وهزارسب [1] بن عوض، وغيرهم.
وكان يُعرف بالقائد السَّنْبِسيّ.
وتُوُفّي في أول العام، وقد عمي، وجاوز التّسعين.
قال عزّ الدّين أبو القاسم بن رواحة: أنشدنا السَّلَفيّ قال: أنشدني أبو عبد الله السَّنْبِسيّ لنفسه من قصيدة:
وكم ليلةٍ قد سِرْتُها غيرَ مرّةٍ ... إليها وقد نام الغَيُور المخلفُ
فبات حَشَاها تحت رُكْبتي بطانةً ... لكَشْحي وما عينٌ من النّاس تَطْرُفُ
وما بينا إلّا النّطاقُ وحُليُّها ... وأبيضُ مسحور العِذارين أهْيفُ
فبِتُّ أُجاريها الحديثَ وأشتكي ... جَوى الحُبَّ حتّى كادتِ الشّمسُ تشرفُ
فرأيتُ ولم تحلُلْ معاقِدَ مِئْزَري ... على ريبةٍ أخْزَى بها حين أقرفُ
سوى رَشَفاتٍ من شِفاهٍ وكأنّها ... جنْي الورْد من أغصانه حين يُقْطفُ
أُبرَّدُ أنفاسي بهنَّ وأَلْتَوي ... على كَبِدي والله بالسّرِّ أعرفُ
وممّا شجاني يوم بانتْ حمُولُها ... حَمامٌ بأعلى دمْنةِ الدّار هُتّفُ
عشيّة راحوا بالنّياق فغرَّبُوا ... وأصبحتُ في آثارها أتعرّفُ
بكيت إلى أن لان من ماء أدمُعِي ... صميمُ الحصا أو كاد بالدَّمْع ينطفُ
وما الحيُّ بالحي الّذين ألِفْتُهُم ... ولا الدّار بالدّار الّتي كنت أعرفُ
103- محمد بن عبد الباقي بن جعفر بن محمد بن مجالد [2] .
أبو منصور البَجَليّ الكوفيّ الشّاهد.
سمع: الشّريف محمد بن علي بن عبد الرحمن العَلَويّ، وعبيد الله بن عليّ بن أبي قربة، ومحمد بْن عَبْد العزيز النّهْشَليّ العطّار، ومحمد بْن إِسْحَاق بن فدّويه، ودارم بن محمد، ومحمد ومحمد ابني محمد بْن عيسى بْن حازم، ومحمد بْن حمزة التّميميّ الزّيّات، وجماعة.
وخرّج له أبيّ النّرسيّ جزءا عن شيوخه.
__________
[1] في الأصل: «هزارست» ، والتصحيح من ترجمته الآتية برقم (105) .
[2] انظر عن (محمد بن عبد الباقي) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 22/ 343 رقم 406.(35/394)
وقدِم بغداد تاجرًا غير مرّة.
روى عَنْهُ: ابن ناصر، وعبد الوهّاب بْن الصّابونيّ، وأبو طَالِب بْن خُضَيْر، وغيرهم.
وثّقة أُبَيّ.
وقال يَحْيَى بْن سَعْد اللَّه بْن عَبْد الباقي البَجَليّ: تُوُفّي عمّي في السّابع والعشرين مِن ربيع الأوّل بالكوفة.
قلت: وسمع منه: السّلَفيّ، والصّائن ابن عساكر.
ذكره الحافظ ابن عساكر وقال: أجاز لي. وذكر أنّه قِدم دمشق.
104- محمد بْن عليّ بْن عُبَيْد الله [1] .
أبو بَكْر بْن الدَّنِف [2] .
بغداديّ مقريء.
سَمِعَ: عَبْد الصّمد بْن المأمون، وابن المسلمة.
وكان إمامًا صالحًا، خيرًا، حنبليا [3] .
تُوُفّي في شوّال [4] .
وقد تفقّه على أبي جعفر بن أَبِي موسى، وجلس للاشتغال مدّة.
روى عَنْهُ: ذاكر بْن كامل، وابن بَوش.
- حرف الهاء-
105- هزارسب [5] بن عوض بن حسن [6] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي الدنف) في: المنتظم 9/ 230 رقم 382 (17/ 201 رقم 3904) ، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 172، 173 رقم 72، وسير أعلام النبلاء 19/ 485، 486 رقم 282، وشذرات الذهب 4/ 47- 49.
[2] الدّنف: بفتح الدال المهملة، وكسر النون، وآخره فاء. (ذيل طبقات الحنابلة 1/ 173) .
[3] في المنتظم: «وكان من الزّهّاد الأخيار، ومن أهل السّنّة، وانتفع به خلق كثير، وحدّث بشيء يسير» .
[4] ولد سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة.
[5] في الأصل: «هزاردست» .
[6] انظر عن (هزارسب) في: المنتظم 9/ 231 رقم 386 (17/ 202 رقم 3908) ، والكامل في التاريخ 10/ 596، والإعلام بوفيات الأعلام 211، والعبر 4/ 36، وعيون التواريخ(35/395)
أبو الخير الهَرَويّ، المفيد، المحدّث، نزيل بغداد.
أحد مِن عنِي بهذا الشأن وتعبَ عَليْهِ. وكان يحرّض النّاس عَلَى السّماع، ويفيدهم ويبالغ. وحصّل أصُولًا كثيرة [1] .
وتُوُفّي قبل أوان الرّواية.
سَمِعَ: طِراد الزَّيْنَبيّ، وأحمد بْن عَبْد القادر بْن يُوسُف، وأصحاب أَبِي عليّ بْن شاذان. إلى أن سَمِعَ مِن أصحاب أَبِي الحُسَيْن بْن الَّنُّقور.
وتُوُفّي في ربيع الأوّل، وخطّه دقيق مليح.
روى عَنْهُ: عليّ بْن أحمد البزديّ، وذاكر بْن كامل.
- حرف الياء-
106- يحيى بْن صاعد بْن سيّار [2] .
الكِنانيّ، الهَرَويّ، الحنفيّ، أبو عَمْرو، قاضي قُضاة هَرَاة.
قَالَ أبو النّصر عَبْد الرَّحْمَن الفاميّ: كَانَ في العلوم بحرًا لَا يُدرك قَعْره.
عاش ثلاثًا وتسعين سنة.
__________
[12] / 129، ومرآة الجنان 3/ 213، وشذرات الذهب 4/ 48.
[1] في المنتظم: «وكان ثقة من أهل السّنّة» .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.(35/396)
سنة ست عشرة وخمسمائة
- حرف الألف-
107- أحمد بْن سَعْد بْن خَالِد [1] بْن بَشْتَغير [2] .
أبو جعفر اللَّخْميّ اللوُرْقيّ [3] .
روى عَنْ: أَبِي العبّاس العُذْريّ، وطاهر بْن هشام، وجماعة.
وأجاز لَهُ: أبو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وحاتم بْن محمد.
وكان واسع الرّواية، كثير السَّماع، عالي الإسناد.
أجاز لابن بَشْكُوال.
- حرف الجيم-
108- جامع بْن عَبْد الصّمد [4] .
أبو منصور الخلقانيّ [5] الصّوفيّ النّيسابوريّ [6] .
روى عَنْ: أَبِي الحُسَيْن عَبْد الغافر، وابن مسرور الكنجروذيّ، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن سعد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 76 رقم 167.
[2] في الأصل: «بستغير» ، والمثبت عن الصلة.
[3] اللّورقي:، بضم اللام والواو، وسكون الراء، وفي آخرها القاف. هذه النسبة إلى لورقة وهي من بلاد الأندلس من المغرب. (الأنساب 11/ 36) .
[4] انظر عن (جامع بن عبد الصمد) في: المنتخب من السياق 177 رقم 471، والتحبير 1/ 157، 158 رقم 86، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 63 أ.
[5] الخلقاني: بضم الخاء المعجمة وسكون اللام وفتح القاف وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى بيع الخلق من الثياب وغيرها. (الأنساب 5/ 163) .
[6] في المنتخب: «المعروف بجويه أو بجوبين» . وفي التحبير: «الخلقاني المقرئ الغسّال المعروف بخوش خوش» .(35/397)
وتُوُفّي في ذي القِعْدة [1] .
وكان كثير الصّلاة والصّيام، لَهُ عناية بإحياء قبور المشايخ.
سَمِعَ منه: أبو سَعْد السّمعانيّ، وغيره.
- حرف الحاء-
109- الحَسَن [2] بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن مَخْلَد [3] .
أبو عليّ الباقَرْحِيّ [4] ، ثمّ البغداديّ.
مِن أولاد المحدّثين [5] . رَجُل مستور كثير السَّماع.
ولد سنة سبع وثلاثين وأربعمائة [6] .
وسمع: أبا الحَسَن القَزْوينيّ، وأبا بَكْر بْن بَشْران، وأبا الفتح بْن شيطا، وأبا طاهر محمد بْن عليّ العلّاف، وأبا إِسْحَاق البرمكيّ، وأبا القاسم التّنُوخيّ.
روى عَنْهُ جماعه. وله مشيخة سمعناها.
روى عنه: ذاكر بْن كامل، وأبو نصر بن يوسف.
ومات في رجب.
- حرف الدال-
110- دَاوُد بْن إسماعيل بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الحُسَيْن بْن دَاوُد [7] .
السّيّد أبو جعفر ابن النّقيب أَبِي المعالي العَلَويّ النّيسابوريّ.
__________
[1] وكانت ولادته في سنة 442 هـ-.
[2] في الأصل: «الحسين» وكذا في بعض المصادر، وفي البعض الآخر: «الحسن» .
[3] انظر عن (الحسين بن محمد) في: المنتظم 9/ 238 رقم 387 (17/ 210 رقم 3909) وفيه «الحسن» ، واللباب 1/ 90، والإعلام بوفيات الأعلام 212، والعبر 4/ 36، وسير أعلام النبلاء 19/ 384، 385 رقم 226، وتذكرة الحفاظ 4/ 1256، وعيون التواريخ 12/ 140، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 104، وشذرات الذهب 4/ 48.
[4] الباقرحي: بفتح الباء والقاف وسكون الراء، وفي آخرها الحاء المهملة. هذه النسبة إلى باقرح وهي قرية من نواحي بغداد. (الأنساب 2/ 48) وتحرفت في شذرات الذهب إلى:
«الباخرحي» .
[5] قال ابن الجوزي: «فهو محدّث، وأبوه، وجدّه، وأبو جدّه، وجدّ جدّه» .
[6] المنتظم.
[7] انظر عن (داود بن مسلم) في: المنتخب من السياق 220 رقم 684.(35/398)
شيخ أهل بيته في وقته.
سَمِعَ: أبا حفص بْن مسرور، وأبا الحُسَيْن عَبْد الغافر، وأبا سَعْد الكَنْجَرُوذيّ.
تُوُفّي في سادس صَفَر، وعنده «صحيح مُسْلِم» .
- حرف السين-
111- سليمان بْن الفيّاض.
أبو الربيع الإسكندرانيّ، الشّاعر.
تلميذ أُمَيَّةَ بْن الصّلْت. قرأ عَلَيْهِ مِن الفلسفة والعلوم المهجورة شيئًا كثيرًا.
وكان مِن فُحُولِ الشُّعراء. دخل العراق، وخُراسان، والهند.
وتُوُفّي في الغُربة في حدود سنة ستّ عشرة، أو بعد ذَلِكَ بيسير.
وله يَقُولُ:
بَيْني وبَيْنَكَ ما لو شئت لم يضع ... سر إذا ذاعت الأسرارُ لم يَذِعِ
تِه احْتَمِلْ، واسْتَطِلْ أصْبِر، أعزّ أهِن ... ووَلّ أقْبِل، وَقُلْ أسْمَع، وَمُرْ أطعِ
- حرف العين-
112- عَبْد الجبّار بْن أَبِي بَكْر محمد بْن حمديس [1] .
أبو محمد الصَّقَلّيّ الشّاعر.
امتدح ملوك الأندلس بعد السّبعين وأربعمائة، واختصّ بالمعتمد بْن عبّاد، فحظي لديه لحُسْن شِعره [2] . فلمّا أُسِر المعتمد وسُجِن بأغمات قدِم عليه أبو
__________
[1] انظر عن (عبد الجبّار بن أبي بكر) في: خريدة القصر (قسم شعراء الأندلس) ق 4 ج 2/ 66- 84، وبغية الملتمس للضبيّ 536- 537 رقم 1562، وبدائع البدائه 70- 72 و 179، 180 و 310، ومسالك الأبصار (مصوّر) ج 11/ 288- 293، والمطرب لابن دحية 54- 57، ونفح الطيب 1/ 321- 327 و 2/ 417، والعرب في صقلّيّة للدكتور إحسان عباس 235- 263، وبلاغة العرب في الأندلس للدكتور أحمد ضيف 129- 148، وانظر: ديوان ابن حمديس.
وقد تحرّف في (بغية الملتمس) إلى: «حمريش» .
[2] قال الأديب المعروف بابن رزين: أخبرني عبد الجبّار بن حمديس الصّقلّي قال: أقمت بإشبيليّة لما قدمتها وافدا على المعتمد بن عباد مدّة لا يلتفت إليّ، ولا يعبأ بي، حتى قنطت لخيبتي مع(35/399)
محمد وافيًا لَهُ ومعزّيًا. وانصرف إلى إفريقيا، فامتدح ملكها يحيى بْن تميم الصّنْهاجيّ، ثمّ ابنه الحَسَن، وآخر العهد بِهِ سنة ستّ عشرة.
ومن شِعره:
حَرّك لمعناك لفظًا كي يُزانَ بِهِ ... وَقُلْ مِن الشّعْر سحْرًا أو فلا تَقُلْ
فالكحْل لَا يفتنُ الأبصار منظَرُهُ ... حتّى يصير حشْوَ الأَعْيُن النُّجْل
113- عَبْد الْجَبّار بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن أصْبَغ [1] .
أبو طَالِب الأُمَويّ المَرْوانيّ الهشاميّ القُرْطُبيّ.
روى عَنْ: محمد بْن فرج الفقيه، وأبي جعفر بْن رزق، وجماعة.
وجمع تاريخًا كبيرًا [2] . وكان أديبًا إخباريًا، شاعرًا ذكيًا.
وُلِد سنة خمسين وأربعين، وتُوُفّي في رمضان.
وقد لقي أبا عبيد البكريّ المؤرّخ، وحمل عنه.
__________
[ () ] فرط تعبي، وهممت بالنكوص على عقبي، فإنّي كذلك ليلة من الليالي في منزلي، إذا أتاني غلام، ومعه شمعة ومركوب، فقال لي: أجب السلطان. فركبت من فوري ودخلت عليه، فأجلسني على مرتبة فنك، وقال: افتح الطاق الّذي يليك، ففتحته فإذا بكور زجاج على بعد، والنار تلوح من بابه، وواقده يفتحهما تارة، ويسدّهما أخرى، ثم أدام سدّ أحدهما وفتح الآخر، فحين تأمّلتهما قال لي: ملّط:
انظرهما في الظلام قد نجما فقلت:
كما رنا في الدّجنّة الأسد فقال:
يفتح عينيه ثم يطبقها فقلت:
فعل امرئ في جفونه رمد فقال:
فابتزّه الدهر نور واحدة فقلت:
وهل نجا من صروفه أحد! فاستحسن ذلك، وأمر لي بجائزة سنيّة، وألزمني خدمته، (بدائع البدائه 179، 180) .
[1] انظر عن (عبد الجبّار بن عبد الله) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 379، 380 رقم 813، والوافي بالوفيات 18/ 35 رقم 28، وبغية الوعاة 2/ 72.
[2] سمّاه «عيون الإمامة ونواظر السياسة» .(35/400)
114- عَبْد القادر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد القادر بْن مُحَمَّد بْن يوسف [1] .
أبو طَالِب بْن أَبِي بَكْر البغداديّ.
كَانَ يسكن القرية داخل دار الخلافة.
ولد سنة نيّف [2] وثلاثين وأربعمائة، وسمع المصنّفات الكبار مِن: أَبِي عليّ بْن المُذْهب، وأبي إِسْحَاق البرمكيّ، وأبي بَكْر بْن بَشْران، وأبي محمد الجوهريّ، وجماعة.
وتفرّد في وقته بكثرة المرويّات.
روى عنه: السّلَفيّ، وأبو العلاء الهَمَذَانيّ، والصّائن ابن عساكر، وأبو طَالِب بْن خُضَيْر، وأبو محمد بْن الخشّاب، وأبو الحَسَن بْن عساكر البطائحيّ، وأبو الحسين عَبْد الحقّ، وأبو بَكْر بْن الَّنُّقور، والشّيخ عَبْد القادر الجيليّ، وأبو الحسين عَبْد الحقّ اليُوسُفيّ، وأبو منصور محمد بْن أحمد الدّقّاق، ويحيى بْن برش، وخلْق سواهم.
قَالَ السّمعانيّ: شيخ صالح، ثقة، ديّن، متحرّ في الرّواية، كثير السَّماع. انتشرت عَنْهُ الرواية في البُلدان، وحمل عَنْهُ الكثير.
وقال السّلَفيّ: تربّي أبو طَالِب عَلَى طريقة والده في الاحتياط التّامّ في الدّين مِن غير تكلُّف، وكان كامل الْفَضْلِ، حَسَن الجملة، ثقة، متحرّيًا إلى غايةٍ ما عليها مَزْيَد. قَلَّ مِن رَأَيْت مثله. وكان والده أبو بَكْر أزهد خلْق الله [3] .
وقال محمد بْن عطاف: تُوُفّي في آخر يوم الجمعة، وقيل: ليلة السّبت، ثامن عشر ذي الحجَّة، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
__________
[1] انظر عن (عبد القادر بن محمد) في: المنتظم 9/ 239 رقم 389 (17/ 211 رقم 3911) ، والكامل في التاريخ 10/ 606، والمختصر في أخبار البشر 2/ 236، والإعلام بوفيات الأعلام 212، والمعين في طبقات المحدّثين 151 رقم 1642، ودول الإسلام 2/ 43، وسير أعلام النبلاء 19/ 386، 387 رقم 228، والعبر 4/ 38، وعيون التواريخ 12/ 140، وتاريخ ابن الوردي 2/ 31، وشذرات الذهب 4/ 49، ومذكور في تذكرة الحفاظ 4/ 1256 دون ترجمة.
[2] في المنتظم: ولد سنة ست وثلاثين.
[3] وقال ابن الجوزي: «وسمع الكثير وحدّث بالكثير سنين، وكان الغاية في التحرّي واتّباع الصدق والثقة، وكان صالحا كثير التلاوة للقرآن، كثير الصلاة. وَهُوَ آخر من حدَّث عَنْ أَبِي القاسم الأزجي» . (المنتظم) .(35/401)
115- عليّ بْن أحمد بْن حرب [1] .
أبو طَالِب السُّمَيْرميّ [2] .
وزير السّلطان محمد. وسُمَيْرم: قرية مِن قرى إصبهان.
كَانَ مجاهرًا بالظُّلْم والفسْق، بنى ببغداد دارًا فظلم النّاس، وأخرب محلّه التُّوثَةِ [3] ، ونقل آلتها [4] ، فاستغاث أهلُها، فحبسهم وغرّمهم.
وهو الَّذِي أعاد المُكُوس بعد أربع عشرة [5] سنة. وكان يَقُولُ: قد فرشت حصيرًا في جهنم، وقد استحييت مِن كثرة الظُّلْم.
قَالَ هذا في اللّيلة الّتي قُتِلَ في صبيحتها. ركب في موكبٍ عظيم وحوله السّيوف المسلّلة، فمرّ بمضيق، فظهر رجلٌ مِن دكَّة فضربه، فجاءت في البغلة، فهرب، فتبِعه الأعوان والغلْمان، وبقي منفردًا، فوثب عَلَيْهِ آخر فضربه في خاصرته، وجذَبه رماه، ثمّ ضربه عدَّة جراحات ثمّ ذبحه. وَقُتِلَ ذَلِكَ الرجل فوق الوزير، وَقُتِلَ اثنان مِن أصحاب الوزير، وَقُتِلَ ثلاثة كانوا مَعَ قاتله يقاتلون الغلمان فقُتلوا. وذلك في سلخ صفر [6] .
__________
[1] انظر عن (علي بن أحمد) في: المنتظم 9/ 239، 240 رقم 390 (17/ 212، 213 رقم 3912) ، والكامل في التاريخ 10/ 601، وتاريخ دولة آل سلجوق 120، 127، 128، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 107، وفيه «علي بن حرب» ، والعبر 4/ 28، والعبر 4/ 38، وسير أعلام النبلاء 19/ 432، 433 رقم 252، وعيون التواريخ 12/ 132، 133، والبداية والنهاية 12/ 191، والكواكب الدرّية 89، وشذرات الذهب 4/ 50.
[2] السّميرمي: بضم السين المهملة، وفتح الميم، وسكون الياء المثنّاة من تحتها وبعدها راء ثم ميم. نسبة إلى سميرم بلدة بين أصبهان وشيراز. وهي آخر حدود أصبهان.
وقد تحرفّت في (مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 107) إلى: «السميرقي» .
[3] في الأصل: «النوبة» . وتوثة: بلفظ واحد التّوث، محلّة في غربي بغداد متصلة بالشونيزية مقابلة لقنطرة الشوك. (معجم البلدان 2/ 56) .
[4] في الأصل: «ونقل إليها» ، والمثبت عن: المنتظم وفيه: «ونقل آلاتها إلى عمارة داره» .
[5] في المنتظم: «بعد عشر سنين» .
[6] انظر التفاصيل في المنتظم 9/ 239، 240 (17/ 212، 213) ، وفيه: «وكانت زوجة هذا الوزير قد خرجت في بكرة اليوم الّذي قتل فيه راكبة بغلة تساوي ثلاثمائة دينار بمركب لا يعرف قيمته، وبين يديها خمس عشرة جنيبة بالمراكب الثقال المذهبة، ومعها نحو مائة جارية مزيّنات بالجواهر والذهب، وتحتهنّ الهمالج بمراكب الذهب والفضة، وبين بديهم الخدم والغلمان والنفاطون بالشموع والمشاعل، فلما استقرّت بالخيم المملوءة بالفرش والأموال والحمال جاءها(35/402)
116- عَليّ بْن مُحَمَّد بْن الحُسَيْن [1] .
أبو الحسن المَداريّ [2] ، أخو أحمد، وأبي السّعود.
بغداديّ مِن باب المراتب.
كَانَ محتشمًا متموّلًا.
سَمِعَ: أبا الحُسَيْن بْن الأَبَنُوسيّ، وأبا الحَسَن الْمَكِّيّ [3] .
وعنه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ.
مات في ذي الحجَّة.
117- عُمَر بْن الأستاذ أَبِي بَكْر محمد بْن الحُسَن الخُراسانيّ [4] .
المعروف بالحامديّ الزّاهد الصُّوفيّ، الأستاذ أبو عَبْد الرَّحْمَن.
ذكره عَبْد الغافر فقال: مِن وجوه أصحاب أبي عَبْد الله الإمام في علم القراءات.
وسمع «صحيح مُسْلِم» مِن: أَبِي الحُسَيْن عَبْد الغافر.
وسمع مِن: عُمَر بْن مسرور.
وحدث.
تُوُفّي في ثامن عشر ربيع الأوّل [5] .
- حرف الميم-
118- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي عُمَر المطهّر بْن أَبِي نزار مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن بجير [6] .
__________
[ () ] خبر قتل زوجها، فرجعت مع جواريها وهنّ حواسر حواف، فأشبه الأمر قول أبي الْعَتَاهِيَةِ:
رُحْنَ فِي الْوَشْيِ وَأَصْبَحْنَ ... عَلَيْهِنَّ الْمُسُوحُ
[1] انظر عن (علي بن محمد) في: المنتظم (في الطبعة الجديدة 17/ 214 رقم 3914) ، وترجمته ساقطة من طبعة حيدرآباد.
[2] في الأصل: «المزاري» ، والمثبت عن المنتظم.
[3] وفي المنتظم: «سمع القاضي أبا يعلى، وابن المهتدي، وابن المسلمة، وغيرهم، وحدّث عنهم، وقرأ بالقراءات، وكان سماعه صحيحا» .
[4] انظر عن (عمر بن أبي بكر محمد) في: المنتخب من السياق 370، 371 رقم 1231.
[5] وكانت وفاته عن مرض أصابه بسبب قرصة في جبهته لكثرة السجود بقي فيها مدة.
[6] انظر عن (محمد بن أحمد بن أبي عمر) في: التحبير 2/ 81- 84 رقم 686، ومعجم شيوخ(35/403)