عَن محمد بن عَبْد الْوَهاب بن محمد المذكور، عَن آبائه، أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَة أربع وستين [1] .
وَقَالَ سَعِيد بن عَبْد العزيز: فَضُلَ شدَادُ بْنُ أوس الأنصارَ بخصلتين:
ببيانٍ إذا نطق، وبكظم إذا غضب [2] .
وَقَالَ ابن سعد [3] : كَانَ عابدًا مجتهدًا، قيل إن أباه استشهد يَوْم أحُد، وَقَالَ غيره: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَان اعتزل شداد الفتنة وتعَبْد.
وَقَالَ فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ أَسَدِ بْنِ وَدَاعَةَ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْفِرَاشَ يَتَقَلَّبُ عَلَى فِرَاشِهِ، لَا يَأْتِيهِ النَّوْمُ، فَيَقُولُ: اللَّهمّ إِنَّ النَّارَ أَذْهَبَتْ مِنِّي النَّوْمَ، فَيَقُومُ فَيُصَلِّي حَتَّى يُصْبِحَ [4] .
نَزَلَ شدّاد بيت المقدس، وأخباره في تاريخ دمشق [5] .
شريك بن شدّاد [6] ، الحضرمي التَّنعي [7] .
أحد العشرة الذين قُتِلُوا مع حُجْر بعذراء صبرًا، في سَنَة إحدى وخمسين.
وَهُوَ من التابعين.
شيبة بن عُثْمَان [8]- خ د ق- بن أَبِي طَلْحَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى
__________
[1] المصدر نفسه 290.
[2] نفسه 291.
[3] الطبقات الكبرى 7/ 401.
[4] حلية الأولياء 1/ 264، أسد الغابة 2/ 507، تهذيب تاريخ دمشق 6/ 293.
[5] تهذيب ابن عساكر 6/ 290.
[6] انظر عن (شريك بن شدّاد) في:
المحبّر 188، وتاريخ اليعقوبي 2/ 231، وتاريخ الطبري 5/ 271 و 277، والكامل في التاريخ 3/ 483 و 486، والوافي بالوفيات 16/ 148 رقم 170.
[7] التّنعي: بكسر التاء وسكون النون وبعدها العين، نسبة إلى بني تنع، وهم بطن من همذان.. إلخ. (اللباب 1/ 224) .
[8] انظر عن (شيبة بن عثمان) في:
الطبقات الكبرى 5/ 331، والمحبّر 17، وطبقات خليفة 32، وتاريخ خليفة 198 و 226 و 251، ونسب قريش 252، وحذف من نسب قريش 45، والمعارف 70، والمنتخب من(4/237)
العَبْدري المكي الحجبي، أَبُو صفية [1] ، وَيُقَالُ أَبُو عُثْمَان.
حاجب الكعبة ابن أخت مُصْعَب بن عُمَير العَبْدري، وإليه ينسب بنو شيبة حَجَبة الكعبة.
وأَبُوه قتله عَلِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْم أُحُد، فلما كَانَ عام الفتح خرج شيبة مع النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ كافرًا إِلَى حُنين، ومن نيته اغتيال رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، ثُمَّ هداه اللَّه، ومن عَلَيْهِ بالإسلام، فأسلم، وقاتل يومئذ وثبت وَلَمْ يُوَلِّ [2] .
وَرَوَى عن: النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وَعَن أَبِي بكر، وعمر.
وعنه: ابناه مُصْعَب بن شيبة، وصفية بِنْت شيبة، وأَبُو وائل، وعكرمة، وحفيده مُسَافع بن عَبْد اللَّهِ.
تُوُفِّيَ سَنَة تسع وخمسين، وقيل سَنَة ثمان وخمسين.
__________
[ () ] ذيل المذيّل 556، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 3632، ومشاهير علماء الأمصار 31 رقم 158، والمعرفة والتاريخ 3/ 316، وجمهرة أنساب العرب 114، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 142 رقم 684، والمغازي للواقدي 787 و 909 و 910، والسير والمغازي 62، والتاريخ الكبير 4/ 241 رقم 2661، وأنساب الأشراف 1/ 53، 54 و 366، والاستيعاب 2/ 158- 160، والعقد الفريد 3/ 313، وتاريخ الطبري 3/ 75 و 5/ 136، والمعجم الكبير 7/ 356- 360 رقم 688، وتاريخ اليعقوبي 2/ 62 و 213، والجرح والتعديل 4/ 335 رقم 71470 وسيرة ابن هشام 4/ 88 و 134، وتهذيب تاريخ دمشق 6/ 349- 352، وأخبار مكة 1/ 111 و 207 و 245- 247 و 253 و 260 و 265 و 269 و 313 و 2/ 110، وشفاء الغرام (بتحقيقنا) 1/ 36 و 227 و 229 و 230 و 239 و 260، و 2/ 195 و 260، 261 و 339، وتحفة الأشراف 4/ 157 رقم 232، وتهذيب الكمال (المصوّر) 2/ 592، 593، وأسد الغابة 3/ 7، والكامل في التاريخ 1/ 453، 454 و 2/ 18 و 19 و 21 و 23 و 5/ 541، والوافي بالوفيات 16/ 201، 202 رقم 236، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 219، وصفة الصفوة 1/ 305، وسير أعلام النبلاء 3/ 12، 13 رقم 3، والعبر 1/ 64، وتجريد أسماء الصحابة 1/ 261، والكاشف 2/ 15 رقم 2341، والمعين في طبقات المحدّثين 22 رقم 757 والمغازي (من تاريخ الإسلام) 177 و 551 و 577 و 583، ومرآة الجنان 1/ 131، والبداية والنهاية 8/ 213، وتهذيب التهذيب 4/ 376 رقم 633، وتقريب التهذيب 1/ 357 رقم 120، والإصابة 2/ 161، 162 رقم 3945، والعقد الثمين 5/ 19، وخلاصة تذهيب التهذيب 142، وشذرات الذهب 1/ 65.
[1] في الأصل «أبو صنينة» والتصحيح من (الاستيعاب) .
[2] انظر: سيرة ابن هشام (بتحقيقنا) 4/ 88، وتاريخ الطبري 3/ 75، والكامل في التاريخ 2/ 263، والمغازي من تاريخ الإسلام 77/ 5.(4/238)
وحديثه في «البخاري» عن عمر [1] .
__________
[1] أخرجه البخاري في الحج 3/ 363 باب كسوة الكعبة من طريق: عبد الله بن عبد الوهاب، حدّثنا خالد بن الحارث، حدثنا سفيان، حدّثنا واصل الأحدب، عن أبي وائل قال: جلست مع شيبة على الكرسي في الكعبة، فقال: لقد جلس هذا المجلس عمر رضي الله عنه، فقال: لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها، قلت: إن صاحبيك لم يفعلا، قال: هما المرءان أقتدي بهما.
ورواه ابن ماجة (3116) بلفظ: لقد جلس عمر بن الخطاب مجلسك الّذي جلست فيه، فقال: لا أخرج حتى أقسم مال الكعبة بين فقراء المسلمين، قلت: ما أنت فاعل. قال:
لأفعلنّ، قال: ولم ذاك؟ قلت: لأن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قد رأى مكانه، وأبو بكر وهما أحوج منك إلى المال، فلم يحرّكاه، فقام كما هو، فخرج.(4/239)
[حرف الصاد]
صَعصَعَة بن صُوحان [1]- ن- بن حُجْر العَبْدي [2] الكوفي.
أحد شيعة عليّ، أمره عَلَى بعض الكراديس يَوْم صِفين.
وَكَانَ شريفًا، مطاعَا، خطيبًا، بليغًا، مفوّهًا، واجه عُثْمَان بشيء فأبعده إلى الشام.
__________
[1] انظر عن (صعصعة بن صوحان) في:
طبقات ابن سعد 6/ 221، والتاريخ الكبير 4/ 319 رقم 2979، والمعرفة والتاريخ 2/ 53 و 92 و 581 و 582، وجمهرة أنساب العرب 297، وربيع الأبرار 4/ 133 و 172، وطبقات خليفة 144، وتاريخ خليفة 171 و 195 و 374، ومروج الذهب 3/ 228 د وحياة الحيوان 5/ 588، والمعارف 2/ 4 و 624، والشعر والشعراء 621، والبدء والتاريخ 5/ 227، والزيارات 63 و 79، والفهرست 181، والصبح المنبي 1/ 255، والاستيعاب 2/ 196، وعيون الأخبار 2/ 173 و 3/ 21 و 4/ 10، والعقد الفريد 1/ 154 و 239 و 171 و 2/ 466 و 3/ 32 و 366 و 4/ 206 و 353 و 366 و 6/ 106، والأخبار الموفقيات 155، والأخبار الطوال 168، والجرح والتعديل 4/ 446 رقم 1960، وتاريخ اليعقوبي 2/ 179 و 204، وأسد الغابة 3/ 21، والكامل في التاريخ 3/ 138- 144 و 245 و 248 و 283 و 284 و 427- 429، وتهذيب الكمال (المصوّر) 2/ 607، وتهذيب تاريخ دمشق 6/ 425- 429، والكاشف 2/ 26 رقم 2415، وسير أعلام النبلاء 3/ 528، 529 رقم 734، والمغني في الضعفاء 1/ 307، وميزان الاعتدال 2/ 315، والوافي بالوفيات 16/ 309 رقم 337، والإصابة 2/ 186 رقم 4069، ومجمع الرجال لعناية الله القهبائي- 3/ 212 طبعة أصبهان 1384- 1387 هـ. وعهد الخلفاء الراشدين من (تاريخ الإسلام) 430 و 508 و 646، والتذكرة الحمدونية 2/ 64 و 325 و 489، وتهذيب التهذيب 4/ 422 رقم 728، وتقريب التهذيب 1/ 367 رقم 97، وخلاصة تذهيب التهذيب 147، ومقاتل الطالبيين 37.
[2] في الأصل «الكعبري» والتصحيح من مصادر ترجمته.(4/240)
وَرَوَى عَن عَلِيّ، وغيره.
وَرَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وأَبُو إِسْحَاق، وابن بُرَيْدة، والمنْهال بن عمرو.
وَقَالَ ابن سعد [1] هُوَ ثِقَةٌ.
وفد عَلَى مُعَاوِيَة فخطب، فَقَالَ مُعَاوِيَة: إن كنت لأبغض أن أراك خطيبًا، قَالَ: وأنا إن كنت لأبغض أن أراك خَلِيفَة [2] .
وَقَالَ ابن سعد [3] : تُوُفِّيَ في خلافة مُعَاوِيَة، وكنيته أَبُو عمر، لَهُ حكايات.
صفوان بن المعطّل [4] ، السُّلمي، الذي لَهُ ذِكْر في حديث الإفك [5] .
قَدْ مرٌ في سَنَة تسع عشرة.
وَقَالَ الْوَاقدي: تُوُفِّيَ سَنَة ستين بسُمَيْساط [6] .
صيفي بن قُشيل [7] ، أَوْ فشيل الربعي.
كوفي من شيعة عَلَى. قُتِلَ صبْرًا بعذراء مع حجر بن عديّ [8] ، وكان من رءوس أصحابه.
__________
[1] في الطبقات الكبرى 6/ 221.
[2] انظر: تهذيب تاريخ دمشق 6/ 428 بأطوال مما هنا.
[3] في الطبقات البكري 6/ 221.
[4] انظر ترجمته ومصادرها في الجزء الخاص بعهد الخلفاء الراشدين من هذا الكتاب- ص 188، 189.
[5] راجع الحاشية رقم (1) من الصفحة 189 من، عهد الخلفاء الراشدين، من هذا الكتاب، حيث أخرجنا حديث الإفك.
[6] سميساط: بضم أوّله وفتح ثانيه ثم ياء مثنّاة من تحت ساكنة. مدينة على شاطئ الفرات في طرف بلاد الروم على غربي الفرات. (معجم البلدان 3/ 258) .
[7] انظر عن (صيفي بن قشيل) في:
أنساب الأشراف ج 1 ق 4/ 251 و 253 و 262، وتاريخ اليعقوبي 2/ 231، وتاريخ الطبري 5/ 80 و 266 و 271 و 277 و 280، وتهذيب تاريخ دمشق 6/ 460، 461، والكامل في التاريخ 3/ 341 و 477 و 486، والوافي بالوفيات 16/ 343 رقم 373.
[8] أنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 262، تهذيب تاريخ دمشق 6/ 461.(4/241)
[حرف الطاء]
طارق بن عَبْد اللَّهِ المحاربي [1]- ت- لَهُ صحبة ورواية.
رَوَى عَنْهُ: رِبْعي بن حِراش [2] وأَبُو صخرة جامع بن شداد.
وله حديثان إسنادهما صحيح [3] .
__________
[1] انظر عن (طارق بن عبد الله المحاربي) في:
طبقات خليفة 49 و 130، والطبقات الكبرى 6/ 42، 43، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 109 رقم 342 و 136 رقم 617، والجرح والتعديل 4/ 485 رقم 2129، والتاريخ الكبير 4/ 352 رقم 3112، وترتيب الثقات 233 رقم 716، والثقات لابن حبان 3/ 202، ومشاهير علماء الأمصار 48 رقم 318، والاستيعاب 2/ 236، والكاشف 2/ 36 رقم 2476، وتهذيب الكمال 2/ 622، والكاشف 3/ 49، والوافي بالوفيات 16/ 380 رقم 410، والمعجم الكبير للطبراني 8/ 374- 377 رقم 751، وتحفة الأشراف 4/ 208، 209 رقم 249، وتهذيب التهذيب 5/ 4 رقم 6، وتقريب التهذيب 1/ 376 رقم 6، والإصابة 2/ 220 رقم 4227.
[2] بالحاء المهملة.
[3] أحدهما: رواه أبو داود في الصلاة (478) باب في كراهية البزاق في المسجد، قال: حدثنا هناد بن السريّ، عن أبي الأحوص، عن منصور، عن ربعي، عن طارق بن عبد الله المحاربي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا قام الرجل إلى الصلاة، أو إذا صلّى أحدكم، فلا يبزق أمامه ولا عن يمينه، ولكن عن تلقاء يساره إن كان فارغا، أو تحت قدمه اليسرى ثم ليقل به» .
وأخرجه الترمذي في الصلاة 1/ 284 عن بندار، والنسائي 1/ 154 عن عبيد الله بن سعيد، وكلاهما عن يحيى بن سعيد، وابن ماجة في الصلاة 1/ 100 عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن وكيع، كلاهما عن سفيان، عن منصور، به. وقال الترمذي: حسن صحيح. وانظر: المعجم الكبير 8/ 374 رقم 8165 و 8166 و 8167 و 168 و 8169 و 8170 و 8171 و 8172،(4/242)
وهو في عداد أهل الكوفة.
__________
[ () ] والمصنّف (2188) والسنن الكبرى 2/ 292، ومسند أحمد 6/ 396، وصحيح ابن خزيمة 876 و 877.
والآخر: أخرجه الطبراني (8173) قال: حدّثنا سعيد بن عبد الرحمن التستري، ثنا سعدان بن زيد، ثنا الهيثم بن جميل، ثنا شريك، عن منصور، عن ربعي، عن طارق بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا استجمرتم فأوتروا وإذا توضّأتم فاستنثروا» . وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 211: ورجاله موثّقون.(4/243)
[حرف العين]
عائشة أم المؤْمِنِينَ [1] بِنْت أَبِي بكر الصِدِيق، التيمية أم عَبْد اللَّهِ، فقيهة نساء الأمة.
__________
[1] انظر عن (عائشة أم المؤمنين) في:
المحبّر 54 و 80 و 89 و 90 و 92 و 94 و 95 و 98- 100 و 109 و 261 و 289 و 302 و 377 و 409 و 449 و 477، وطبقات خليفة 189 و 333، وتاريخ خليفة 65 و 67 و 80 و 175 و 176 و 180 و 182- 184 و 190 و 225 و 242 و 287، والمعارف 134 و 176 و 208 و 550، والتاريخ لابن معين 2/ 73 و 738، والمعرفة والتاريخ 3/ 268، والطبقات الكبرى 2/ 374- 378 و 8/ 58- 81، والبدء والتاريخ 5/ 11، 12، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 79 رقم 4، والفصل لابن حزم 4/ 152، والتدريب للسيوطي 2/ 217، والعقد الفريد (انظر فهرس الأعلام) 7/ 121، 122، وعيون الأخبار (انظر فهرس الأخبار) 4/ 204، 205، ونسب قريش 232 و 237 و 252 و 262 و 276 و 278 و 295، وتاريخ أبي زرعة (انظر فهرس الأعلام) 2/ 898، 99.، وأنساب الأشراف 1/ 656 (الفهرس) ، وق 3/ 10 و 40 و 1 ط و 44 وق 4 ج 1 (انظر فهرس الأعلام) 648، والزاهر للأنباري 1/ 330 و 419 و 543 و 611 و 2/ 47 و 161 و 261 و 393، 394، وسيرة ابن هشام 1/ 71 و 99 و 100 و 155 و 168 و 188 و 264 و 277 و 288 و 364 و 2/ 17 و 24، 25 و 47 و 50 و 122 و 126 و 128 و 229 و 230 و 235 و 280 و 294 و 3/ 44 و 177 و 191- و 200 و 01: 2 و 240 و 242 و 243 و 248 و 249 و 252 و 253 و 299 و 4/ 21 و 38 و 245 و 246 و 250 و 268 و 290 و 291 و 298 و 301 و 305- 307 و 313 و 315- 317، والأخبار الموفقيّات 131 و 462 و 473، والمغازي للواقدي (انظر فهرس الأعلام) 3/ 1189، وجمهرة أنساب العرب 7 و 74 و 118 و 121 و 188 و 203 و 205 و 232 و 383، والسير والمغازي 65 و 97 و 99 و 120 و 132 و 136 و 142 و 143 و 146 و 195 و 206 و 216 و 219 و 235 و 243 و 244 و 255- 257 و 263 و 269 و 270 و 272 و 295 و 297، وفتوح البلدان 23 و 49 و 54 و 106 و 443 و 548، وربيع الأبرار 4/ 24 و 43 و 84 و 123 و 160 و 187 و 188 و 204 و 269 و 274(4/244)
دخل بها النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ في شوَال بَعْدَ بدر، ولها من العمر تسع سنين.
رَوَى عنها: جَمَاعَة من الصحابة، والأسود، ومسروق، وابن المسيب، وعُرْوة، والقاسم، والشَّعْبِيُّ، ومجاهد، وعِكْرِمة، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، ومعاذة العدوية، وعمرة الأنصارية، ونافع مولى ابن عمر، وخلق كثير.
قَالَ رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ، كَفَضْلِ الثَّرِيدِ على سائر الطعام» [1] .
__________
[ () ] و 319 و 358 و 367، وثمار القلوب 256 و 294 و 297 و 349، ومقاتل الطالبيين 42 و 43 و 75 و 81، والاستيعاب 4/ 356، والأخبار الطوال 141 و 146 و 151، وترتيب الثقات 521 رقم 2103، ومسند أحمد 6/ 29، والمنتخب من ذيل المذيّل 601 و 616، وتاريخ الطبري (انظر فهرس الأعلام) 10/ 300، ومروج الذهب 3/ 110، وتاريخ اليعقوبي 2/ 53 و 84 و 87 و 153 و 170 و 175 و 180- 183 و 187 و 210 و 225 و 231 و 238 و 260، والخراج وصناعة الكتابة 256 و 415، وحلية الأولياء 2/ 43- 50 رقم 134، وصفة الصفوة 2/ 6، والجمع بين رجال الصحيحين 2/ 609، وجامع الأصول 9/ 32، وأسد الغابة 5/ 501- 504، والكامل في التاريخ (انظر فهرس الأعلام) 13/ 193، 194، وتحفة الأشراف 11/ 348- 488 رقم 903 و 12/ من أول الجزء حتى 448، وتهذيب الكمال 3/ 1689، 1690، والتذكرة الحمدونية 1/ 140 و 49 و 50 و 52 و 53 و 136 و 142 و 260 و 2/ 170 و 173 و 175 و 303، وتسمية أزواج النبي 54، والروض الأنف 2/ 366، والسمط الثمين 29، والسيرة النبويّة من (تاريخ الإسلام) انظر فهرس الأعلام 666، والمغازي (منه) انظر فهرس الأعلام) 807، وعهد الخلفاء الراشدين (761) ، وسير أعلام النبلاء 2/ 135- 201 رقم 19، وتذكرة الحفّاظ 1/ 27، والمعين في طبقات المحدّثين 30 رقم 171، والكاشف 3/ 430 رقم 97، وأمالي المرتضى 2/ 201، 202، والمستدرك 4/ 3- 14، وتلخيص المستدرك 4/ 3- 14، والزهد لابن المبارك 22 و 60 و 63 و 66 و 80 و 132 و 216 و 260 و 422 و 466، والزهد لأحمد 205- 207، والمعجم الكبير 23/ 16- 185، والكامل للمبرّد 1/ 156، ومجمع الزوائد 9/ 225، والوافي بالوفيات 16/ 596- 599 رقم 645، وبلاغات النساء وطرائف كلامهنّ وملح نوادرهنّ- لأحمد بن أبي طاهر طيفور- باعتناء محمد الألفي- طبعة مدرسة والدة عباس الأول، بالقاهرة 1326 هـ. / 1908 م- ص 3، ووفيات الأعيان 3/ 16، والبداية والنهاية 8/ 91، ومرآة الجنان 1/ 129، والإصابة 4/ 359 رقم 704، وتهذيب التهذيب 12/ 433- 436 رقم 284، والتقريب 2/ 606 رقم 2، والنكت الظراف 11/ 357 حتى آخر الجزء و 12 من أوله حتى 447، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 350- 352 رقم 752، والوفيات لابن قنفذ 36 رقم 57، والدر المنثور للسيوطي 280، ومنهاج السنة 2/ 182- 186 و 192- 198، وخلاصة تذهيب التهذيب 413، وشذرات الذهب 1/ 61، وكنز العمال 13/ 683.
[1] أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم 7/ 73 باب فضل عائشة، وفي الأطعمة، باب(4/245)
وَعَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ جِبْرِيلَ جَاءَ بِصُورَتِهَا فِي خِرْقَةٍ حَرِيرٍ خَضْرَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ فَقَالَ: «هَذِهِ زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ [1] .
وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُخْتَارِ: ثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ [2] ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟
قَالَ: «عَائِشَةُ» ، قُلْتُ: وَمِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: «أَبُوهَا» . وَهَذَا صَحِيحٌ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ [3] . وَرُوِيَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ نَحْوَهُ [4] .
وَقَالَ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ: ثَنَا مُصْعَبُ بْنُ سَلامٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سوقة، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: انْتَهَيْنَا إِلَى عَلِيٍّ، فَذَكَرَ عَائِشَةَ فَقَالَ: حَلِيلَةُ رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ.
قلت: هَذَا حديث حَسَن، فإنّ مُصْعَبًا لَا بأس بِهِ إن شاء اللَّه.
ومن عجيب مَا ورد أن أبا محمد بن حزم، مع كونه أعلم أَهْل زمانَّهُ، ذهب إِلَى أن عائشة أفضل من أبيها، وَهَذَا مما خرق بِهِ الإجماع.
قَالَ ابْنُ عُلَّيَّةَ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْعَلاءِ الْمَازِنِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِذَا مَرَّ ابْنُ عُمَرَ فَأَرْوَنِيهِ، فَلَمَّا مَرَّ قِيلَ لَهَا: هَذَا ابْنُ عُمَرَ، قَالَتْ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَنْهَانِي عَنْ مَسِيرِي؟ قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلًا قَدْ غَلَبَ عَلَيْكَ وَظَنَنْتُ أَنَّكِ لَا تُخَالِفَينِهِ- يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ- قَالَتْ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ نَهَيْتَنِي مَا خَرَجْتُ- تعني مَسِيرَهَا فِي فِتْنَةِ يَوْمِ الْجَمَلِ.
أخبرنا عَبْد الخالق بن عَبْد السلام الشافعي، أنبأ ابن قدامة سنة إحدى
__________
[ () ] الثريد، وباب ذكر الطعام. ومسلم في فضائل الصحابة (2446) باب فضل عائشة رضي الله عنها. والترمذي (3974) والطبراني 23/ 42 رقم 107- 112.
[1] في الجامع الصحيح، كتاب المناقب (3967) باب فضل عائشة رضي الله عنها.
[2] في الأصل «الهندي» .
[3] في المناقب (3973) باب فضل عائشة رضي الله عنها، وقال: هذا حديث حسن غريب من حديث إسماعيل، عن قيس.
[4] أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبي، 7/ 19 باب قول النبي «لو كنت متّخذا خليلا» ، وفي المغازي 8/ 59 باب غزوة ذات السلاسل، ومسلم في فضائل الصحابة (2384) باب من فضائل أبي بكر، والطبراني 23/ 43 رقم 113، وابن سعد 8/ 67، والحاكم 4/ 12.(4/246)
عشرة وستمائة، أنبأ محمد هُوَ ابن البُطّي، أنبأ أَحْمَد بن الْحَسَن، أنبأ أَبُو القاسم بن بشران، ثَنَا أَبُو مسعود، أنبأ أَبُو الفضل بن خُزَيْمة، ثَنَا محمد بن أَبِي العوام، ثَنَا موسى بن داود، ثَنَا أَبُو مسعود الجرّار [1] ، عَن عَلِيّ بن الأقمر قَالَ: كَانَ مسروق إذا حدث عَن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَ: حدثتني الصَّدّيقة بِنْت الصَّديق، حبيبة حبيب الله، المبرّأة من فوق سبع سماوات، فلم أكذّبها [2] .
وَقَالَ أَبُو بُرْدَة بن أَبِي موسي، عَن أبيه قَالَ: مَا أُشْكل علينا أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ حديث قط، فسألنا عَنْهُ عائشة، إِلَّا وجدنا عندها مِنْهُ عِلما [3] .
وَقَالَ مسروق: رأيت مشيخة الصحابة يسالْوَنها عَن الفرائض [4] .
وَقَالَ عطاء بن أَبِي رباح: كانت عائشة أفقه النَّاس، وأحسن النَّاس رأيًا في العامة.
وَقَالَ الزهري: لَوْ جمع علم عائشة إِلَى علم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل [5] .
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق السبيعي، عَن عمرو بن غالب: إن رجلًا نال من عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عند عمار بن ياسر فَقَالَ: أُغْرُبْ مقبوحًا منبوحًا، أتؤذي حبيبة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ.
صححه الترمذي [6] .
وَقَالَ عمّار أيضًا: هِيَ زوجته في الدنيا والآخرة.
__________
[1] في الأصل «الحراز» ، والتصويب من (اللباب 1/ 269) .
[2] أخرجه ابن سعد من طريق الشعبيّ يحدّث عن مسروق قال: كان إذا حدّث عن عائشة أمّ المؤمنين يقول: حدّثتني الصادقة بنت الصدّيق المبرّأة كذا وكذا، وقال غيره في هذا الحديث: حبيبة حبيب الله. (الطبقات 8/ 64) و (8/ 66) والطبراني 23/ 181 رقم 389.
وأبو نعيم في الحلية 2/ 44.
[3] أخرجه الترمذي (3970) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
[4] أخرجه الدارميّ 2/ 342، 343، وابن سعد 8/ 66، والحاكم 4/ 11، والطبراني 23/ 182 رقم (291) وابن سعد أيضا 2/ 375.
[5] مجمع الزوائد 9/ 243، والطبراني في المعجم الكبير 23/ 184 رقم (299) .
[6] في المناقب (3975) ، وأخرجه ابن سعد في الطبقات 8/ 65، وأبو نعيم في الحلية 2/ 44.(4/247)
قَالَ الترمذي: حَسَن صحيح [1] .
وَقَالَ عُرْوة: كَانَ النَّاس يتحرون بهداياهم يَوْم عائشة.
وَقَالَ الزُهري، عَن القاسم بن محمد: إن مُعَاوِيَة لَمَّا قدِم المدينة حاجًا، دَخَلَ عَلَى عائشة، فلم يشهد كلامهما إلا ذكوان مولى عائشة فقالت لَهُ: أمِنْتَ أن أخبئ لك رجلًا يقتلك بأخي محمد! قَالَ: صدقت، ثُمَّ إِنَّهَا وعظته وحضته عَلَى الاتباع، فلما خرج اتكأ عَلَى ذَكوان وَقَالَ: واللَّه مَا سمعت خطيبًا ليس رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ أبلغ من عائشة.
وَقَالَ سَعِيد بن عَبْد العزيز: قضى مُعَاوِيَة عَن عائشة ثمانية عشر ألف دينار.
وَقَالَ عُروة بن الزبير: بَعَثَ مُعَاوِيَة مرّة إِلَى عائشة بمائة ألف، فو الله مَا أمست حَتَّى فرَّقتها، فقالت لها مولاتها: لَوْ أشتريتِ لنا من هَذِهِ الدراهم بدرهم لحمًا! فقالت: أَلَّا قلتِ لي [2] .
وَقَالَ عُرْوة: مَا رأيت أعلم بالطب من عائشة، فَقَالَ: يَا خالة من أين تعلمتِ الطبّ؟ قالت: كنت أسمع الناس ينعت بعضهم لبعض [3] .
وَعَن عُرْوة قَالَ: مَا رأيت أعلم بالشعر منها [4] .
وقال النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: «يَا أُمَّ سَلَمَةَ لَا تُؤْذِينِي، وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ، وَأَنَا فِي لِحَافِ امرأة منكنّ غيرها» [5] .
__________
[1] في المناقب (3976) وأخرجه البخاري في الفتن 3/ 47.
[2] أخرجه أبو نعيم في الحلية 2/ 47، وابن سعد 8/ 67.
[3] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 23/ 183 رقم (295) .
[4] أخرجه الطبراني برقم (294) و (295) ، وأبو نعيم في الحلية 2/ 49، 50.
[5] أخرجه البخاري في فضائل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم 7/ 84 باب فضل عائشة، وفي الهبة، باب من أهدى إلى صاحبه وتحرّى بعض نسائه دون بعض، من طريق: حمّاد بن زيد، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائشة، وأخرجه مختصرا مسلم في فضائل الصحابة (2441) ، من طريق عبدة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، وأخرجه مطوّلا (2442) من طريق يعقوب بن(4/248)
وَقَالَ القاسم بن محمد: اشتكت عائشة، فجاء ابن عباس فَقَالَ: يَا أم المؤْمِنِينَ تقدمين عَلَى فَرَط صِدْق [1] عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وعلى أَبِي بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَلَوْ لَمْ يكن إِلَّا مَا في القرآن من البراءة لكفى بذلك شرفا [2] .
ولهذا حظ وافر من الفصاحة والبلاغة، مع مَا لها من المناقب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.
تُوفيت عَلَى الصحيح سَنَة سبع وخمسين بالمدينة. قاله هشام بن عُروة، وأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وشباب [3] .
وَقَالَ أَبُو عُبيدة، وغيره: في رمضان سَنَة ثمان.
وَقَالَ الْوَاقدي: في ليلة سابع عشر رمضان. ودُفنت بالبقيع ليلًا، فاجتمع النَّاس وحضروا، فلم تُر ليلة أكثر ناسًا منها، وصلى عليها أَبُو هريرة، ولها ستٌ وستون سَنَة، وذلك في سَنَة ثمان [4] .
ابن سعد [5] : أنبأ محمد بن عمر حدّثني ابن أَبِي سبرة عَن عُثْمَان بن أَبِي عتيق، عَن أبيه قَالَ: رأيت ليلة ماتت عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حُمل معها جريد في الخِرَق والزيت، فِيهِ نار ليلًا، ورأيت النساء بالبقيع كأَنَّهُ عيد [6] .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثَنِي ابْنُ جريج، عن نافع: شهدت أبا هريرة
__________
[ () ] إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن صالح، عن ابن شهاب، عن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عن عائشة.
[1] من هنا إلى قوله «وعلى» ساقط من الأصل، فاستدركته من صحيح البخاري، وغيره.
[2] أخرجه البخاري في المناقب 7/ 83 باب فضل عائشة، والفرط: هو المتقدّم على القوم في المسير، وفي طلب الماء.
[3] شباب: بتخفيف الموحّدة الأولى، وهو خليفة بن خياط.
وفي الأصل «شاب» .
[4] طبقات ابن سعد 8/ 76، 77، والمستدرك 4/ 6، وانظر: المعجم الكبير 23/ 29 رقم (72) .
[5] في الطبقات الكبرى 8/ 77.
[6] طبقات ابن سعد 8/ 77.(4/249)
صَلَّى عَلَى عَائِشَةَ بِالْبَقِيعِ، وَكَانَ خَلِيفَةَ مَرْوَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَقَدِ اعْتَمَرَ تِلْكَ الأَيَّامَ [1] .
وَقَالَ هشام بن عروة، عن أبيه: إِن عائشة دُفنت ليلًا [2] .
قَالَ حفص بن غياث: ثَنَا إسماعيل، عَن أَبِي إِسْحَاق قَالَ: قَالَ مسروق: لَوْلا بعض الأمر، لأقمت المناحة عَلَى أم المؤْمِنِينَ [3] .
وَعَن عَبْد اللَّهِ بن عُبَيد اللَّه قَالَ: أما أَنَّهُ لَا يحزن عليها إِلَّا من كانت أمه [4] .
وخرَّج «الْبُخَارِيُّ» [5] في تفسير «النور» من حديث ابن أَبِي مُلَيْكة: أن ابن عباس استأذن عليها وَهِيَ مغلوبة، فقالت: أخشى أن يثني عَلِيّ، فقيل ابن عمّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، ومن وجوه المسلمين، قالت: ائذنوا لَهُ، فَقَالَ: كيف تجدينك؟ قالت: بخير إن اتقيت، قَالَ: فأنت بخير إن شاء اللَّه، زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وَلَمْ يتزوج بكْرًا غيرك، ونزل عذرك من السماء، فلما جاء ابن الزبير قالت: جاء ابن عباس، وأثنى علَيّ، ووددت أني كنت نَسْيًا مَنْسِيًّا [6] .
أَبُو مُعَاوِيَة، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَأَيْتُهَا تَصَدَّقُ بِسَبْعِينَ أَلْفًا، وَأَنَّهَا لَتُرَقِّعُ [7] جَانِبَ دِرْعِهَا [8] .
أَبُو مُعَاوِيَة: ثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أُمِّ ذَرَّةَ قَالَتْ:
بَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى عَائِشَةَ بِمَالٍ فِي غَرَّارَتَيْنِ، يَكُونُ مِائَةَ أَلْفٍ، فَدَعَتْ بِطَبَقٍ،
__________
[1] طبقات ابن سعد 8/ 77.
[2] طبقات ابن سعد 8/ 77 و 78.
[3] طبقات ابن سعد 8/ 78.
[4] طبقات ابن سعد 8/ 78.
[5] في تفسير سورة النور 8/ 371، 372 باب «ولولا إذ سمعتموه قلتم..» .
[6] وأخرجه أحمد في المسند 1/ 276 و 349، وابن سعد 8/ 75، وأبو نعيم في الحلية 2/ 45، وصحّحه الحاكم 4/ 8، 9 ووافقه الذهبي في تلخيصه.
[7] في الأصل «لترفع» .
[8] حلية الأولياء.(4/250)
فَجَعَلَتْ تُقْسِمُ فِي النَّاسِ، فَلَمَّا أَمْسَتْ قَالَتْ: يَا جَارِيَةُ هَاتِي فِطْرِي، فَقَالَتْ أُمُّ ذَرَّةَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَمَا اسْتَطَعْتِ أَنْ تَشْتَرِيَ بِدِرْهَمٍ لَحْمًا مِمَّا أَنْفَقْتِ! فَقَالَتْ: لَا تُعَنِّفِينِي، لَوْ أَذْكَرْتِينِي لَفَعَلْتُ [1] .
الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ: ثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: فَخَرْتُ بِمَالِ أَبِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ أَلْفَ أَلْفَ أُوقِيَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «يَا عَائِشَةُ كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ» . أَخْرَجَهُ س [2] .
مُطَرِّفُ بْنُ طَرِيفٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: فَرَضَ عُمَرُ لأُمَّهَاتِ الْمِؤْمِنِينَ عَشْرَةَ آلافٍ، عَشْرَةَ آلافٍ، وَزَادَ عَائِشَةُ أَلْفَيْنِ، وَقَالَ:
أَنَّهَا حبيبة رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ [3] .
شُعْبة: أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَصُومُ الدَّهْرَ [4] .
حَجّاج الأعور، عَن ابن جُرَيج، عَن عطاء: كنت أتي عائشة أنا وعُبَيد بن عُمَير، وَهِيَ مجاورة في جوف ثبير، في قبة لها تركية، عليها غشاؤها، ولكن قَدْ رأيت عليها درعًا معصفرًا، وأنا صبي [5] .
ابْنُ أَبِي الزناد، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «مَا يَخْفَى عَلِيَّ حِينَ تَرْضِينَ وَحِينَ تَغْضَبِينَ، فِي الرِّضَا تَحْلِفِينَ: لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَفِي الْغَضَبِ تَحْلِفِينَ: لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ» ، فَقُلْتُ:
صدقت يا رسول الله.
__________
[1] حلية الأولياء 2/ 47، طبقات ابن سعد 8/ 67.
[2] أخرجه البخاري في النكاح 9/ 220 و 240 باب: حسن المعاشرة مع الأهل، ومسلم في فضائل الصحابة (2448) باب ذكر حديث أم زرع مطوّلا، وانظر طرق حديث أم زرع في:
المعجم الكبير للطبراني 23/ 164 رقم (265) .
[3] أخرجه ابن سعد 8/ 67، والحاكم في المستدرك 4/ 8.
[4] طبقات ابن سعد 8/ 68 و 75.
[5] طبقات ابن سعد 8/ 68.(4/251)
رواه أَبُو أسامة، عَن هشام، وفي آخره فقلت: واللَّه لَا أهجر إِلَّا اسمك [1] .
الْوَاقِدِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْحَكِيمِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ: أَطْعَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ عَائِشَةَ بِخَيْبَرَ ثَمَانِينَ وَسَقًا وَعِشْرِينَ وَسَقًا [2] .
سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ يَقُولُ:
كَانَتْ عَائِشَةُ تَلْبَسُ الأَحْمَرَيْنِ الذَّهَبَ وَالْمُعْصَفَر وَهِيَ مُحْرِمَةٌ [3] .
وَقَالَ ابن أَبِي مُلَيْكة: رأيت عليها درعًا [4] مضرَّجًا [5] .
مُعَلَّى بن أسد: ثنا المعلّى بن زياد: حدّثتنا بَكْرَةُ بِنْتُ عُقْبَةَ، أنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ جَالِسَةٌ فِي مُعَصْفَرَةٍ، فَسَأَلْتُهَا عَنِ الْحِنَّاءِ فَقَالَتْ:
شَجَرَةٌ طَيِّبَةٌ، وَمَاءٌ طَهُورٌ، وَسَأَلْتُهَا عَنِ الْحِفَافِ فَقَالَتْ لَهَا: إِنْ كَانَ لَكِ زَوْجٌ فاستطعت أن تنزعي مقلتيك، فتضعينهما أَحْسَنَ مِمَّا هُمَا فَافْعَلِي [6] .
المعلَّيان ثِقَتان.
وَعَن مُعَاذة قالت: رأيت عَلَى عائشة ملحفة صفراء [7] .
الْوَاقدي: قَالَ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رُبَّمَا رَوَتْ عَائِشَةُ الْقَصِيدَةَ ستين بيتا وأكثر [8] .
__________
[1] أخرجه البخاري في النكاح 9/ 285 باب غيرة النساء ووجدهنّ، ومسلم في فضائل الصحابة (2439: باب فضل عائشة، والنسائي من حديث علي بن مسهر، وابن سعد في الطبقات 8/ 69.
[2] طبقات ابن سعد 8/ 69، وقد بيّنه فقال: «ثمانين وسقا تمرا، وعشرين وسقا شعيرا» .
[3] طبقات ابن سعد 8/ 70 و 71 و 76.
[4] درع المرأة قميصها.
[5] طبقات ابن سعد 8/ 70 وهو ليس صبغة.
[6] طبقات ابن سعد 8/ 70، 71.
[7] طبقات ابن سعد 8/ 71.
[8] طبقات ابن سعد 8/ 72، 73.(4/252)
هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: وَدَدْتُ أَنِّي إِذَا مِتُّ كُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا [1] .
مِسْعَرٌ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ وَرَقَةً مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ [2] .
ابن أَبِي مُلَيْكة: أن ابن عباس دَخَلَ عَلَى عائشة، وَهِيَ تموت، فأثنى عليها، فقالت: دعني منك، فو الّذي نفسي بيده لَوْددت أني كنت نَسْيًا منسيًا [3] .
وَعَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَمَّنْ سَمِعَ عَائِشَةَ إذا قرأت: وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ 33: 33 [4] بَكَتْ حَتَّى تَبِلَّ خِمَارَهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا [5] .
عَبْد اللَّهِ بن الأرقم [6] ، بن عَبْد يغوث بن وهب بن عَبْد مناف بن زهرة، الزّهري الكاتب.
__________
[1] طبقات ابن سعد 8/ 74 وهو أطول مما هنا، وقد مرّ.
[2] طبقات ابن سعد 8/ 74، 75.
[3] طبقات ابن سعد 8/ 74.
[4] سورة الأحزاب- الآية 33.
[5] طبقات ابن سعد 8/ 81.
[6] انظر عن (عبد الله بن الأرقم) في:
مسند أحمد 3/ 483 و 4/ 35، وطبقات خليفة 16، وتاريخ خليفة 156 و 179، والمعارف 151، والتاريخ الكبير 5/ 32، 33 رقم 56، والمحبّر 298، والجرح والتعديل 5/ 1 رقم 4، وسيرة ابن هشام 3/ 305، والسير والمغازي 143، والبرصان والعرجان 362، والمغازي للواقدي 721، والمعرفة والتاريخ 1/ 244، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 547، 548 و 580، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 119 رقم 456، والعقد الفريد 4/ 161 و 163 و 164 و 273، وتاريخ أبي زرعة 1/ 419، والمستدرك 3/ 334، 335، وتاريخ الطبري 4/ 135 و 6/ 179، والمنتخب من ذيل المذيل 557، والاستيعاب 2/ 260- 262، والكامل في التاريخ 2/ 522، وأسد الغابة 3/ 172، وتهذيب الكمال 2/ 665، وتحفة الأشراف 4/ 271، 272 رقم 269، والوزراء والكتّاب للجهشياريّ 12 و 15 و 16 و 21، والكاشف 2/ 64 رقم 2654، وسير أعلام النبلاء 2/ 482، 483 رقم 98، والتذكرة الحمدونية 1/ 127، ونكت الهميان 178، والوافي بالوفيات 17/ 64 رقم 55، والبداية والنهاية 7/ 310، 311، والإصابة 2/ 273، 274 رقم 4525، وتهذيب التهذيب 5/ 146، 147 رقم 249، وتقريب التهذيب 1/ 401 رقم 182، ومجمع الزوائد 9/ 370، وخلاصة تذهيب التهذيب 191، وكنز العمال 13/ 448، والنكت الظراف 4/ 272.(4/253)
وَكَانَ ممّن أسلم يَوْم الفتح، وحسُن إسلامه، وكتب للنبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، ثُمَّ لأبي بكر، وعمر [1] .
ثُمَّ ولي بيت المال لعمر، وعُثْمَان مُدَيدة [2] .
وَكَانَ من فضلاء الصحابة وصُلَحائهم.
قال مالك: بلغني أَنَّهُ أجازه عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ عَلَى بيت المال بثلاثين ألف درهم، فأبى أن يقبلها [3] .
وَعَن عمرو بن دينار: أنَّهَا كانت ثلاثمائة ألف درهم، فلم يقبلها، وَقَالَ: إِنَّمَا عملت للَّه، وإِنَّمَا أجري عَلَى اللَّه [4] .
وَرُوِيَ عَن عمر أَنَّهُ قَالَ لعَبْد اللَّهِ بن الأرقم: لَوْ كانت لك سابقة مَا قدمت عليك أحدًا. وَكَانَ يقول مَا رأيت أخشى للَّه من عَبْد اللَّهِ بن الأرقم [5] .
وَرَوَى عُبَيد اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن عُتْبة، عَن أبيه قَالَ: واللَّه مَا رأيت رجلًا قطّ، أراه كَانَ أخشى من عَبْد اللَّهِ بن الأرقم.
قلت: رَوَى عَنْهُ عُرْوة، وغيره.
عَبْد الله بن أنيس الجهنيّ [6]- م 4-.
__________
[1] تاريخ خليفة 156، المستدرك 3/ 335، الاستيعاب 2/ 261.
[2] تاريخ خليفة 179 والمستدرك 3/ 335، أسد الغابة 3/ 173، الاستيعاب 2/ 261.
[3] أسد الغابة 3/ 173، الإصابة 2/ 273، الاستيعاب 2/ 262.
[4] الاستيعاب 2/ 262.
[5] الاستيعاب 2/ 262.
[6] انظر عن (عبد الله بن أنيس الجهنيّ) في:
سيرة ابن هشام 2/ 105 و 340 و 3/ 219 و 4/ 265- 267، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 90 رقم 113، والتاريخ الصغير 56، والتاريخ الكبير 5/ 14- 17 رقم 26، وأنساب الأشراف 1/ 249 و 288 و 376 و 378، والجرح والتعديل 5/ 1 رقم 1، والمحبّر 117 و 119 و 282، والسير الكبير للشيباني 1/ 266، والمعارف 280، وتاريخ خليفة 77 و 115، وطبقات خليفة 118، ومشاهير علماء الأمصار 56 رقم 381، والمعرفة والتاريخ 1/ 268، 269، وربيع الأبرار 4/ 89، وتاريخ الطبري 2/ 495- 498 و 3/ 155، 156، وتاريخ اليعقوبي 2/ 74، والمغازي للواقدي (انظر فهرس الأعلام) 3/ 1193، وجمهرة أنساب العرب 452، وحلية الأولياء 2/ 5، 6 رقم 90، والكامل في التاريخ 2/ 146، 47 و 3/ 500، والعقد 2/ 34،(4/254)
شذّ خَلِيفَة بن خياط فَقَالَ: شهد بدرًا [1] .
والمشهور أَنَّهُ شهد العَقَبة وَأُحُدًا.
قَدْ ذكرنا من أخباره في الطبقة الماضية، وبَلَغَنا أن النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ بعثه وحده سرية إِلَى خالد بن نبيح العنزي، فقتله [2] .
رَوَى عَنْهُ: جابر بن عبد الله ورحل إليه، وبسر بن سَعِيد، وضَمْرَة ابنه، وابنا كعب بن مالك: عَبْد اللَّهِ، وعَبْد الرَّحْمَنِ، وآخرون.
تُوُفِّيَ سَنَة أربعٍ وخمسين.
عَبْد اللَّهِ بْن السعدي [3]- خ م د ت-.
__________
[ () ] وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 260، 261 رقم 286، وتحفة الأشراف 4/ 273- 275 رقم 271، وتهذيب الكمال 2/ 666، والاستيعاب 2/ 258، والكاشف 2/ 65 رقم 2661، والمعين في طبقات المحدّثين 23 رقم 69، والبداية والنهاية 8/ 57، والوافي بالوفيات 17/ 76- 78 رقم 65، وأسد الغابة 3/ 119، 120، والعبر 1/ 59، 60، والإصابة 2/ 278، 279 رقم 4550، وتهذيب التهذيب 5/ 149- 151 رقم 257، والنكت الظراف 4/ 274، وتقريب التهذيب 1/ 402 و 190، وحسن المحاضرة 1/ 211 رقم 147، وشذرات الذهب 1/ 60، ومعالم الإيمان للدبّاغ 1/ 77- 79 تحقيق إبراهيم شبوح- طبعة القاهرة 1968 في جزءين.
[1] طبقات خليفة 118.
[2] سيرة ابن هشام 4/ 265، والمغازي للواقدي 2/ 531، وشرح السير الكبير 1/ 266، والمحبّر 119، وتاريخ خليفة 77، وتاريخ اليعقوبي 2/ 74، وأنساب الأشراف 1/ 376 رقم 780، وتاريخ الطبري 3/ 156، والبدء والتاريخ 4/ 222.
[3] انظر عن (عبد الله بن السعدي) في:
طبقات ابن سعد 5/ 454 و 7/ 407، ومسند أحمد 5/ 270، وجمهرة أنساب العرب 167، والمغازي للواقدي 1/ 198، والمعرفة والتاريخ 1/ 255 و 2/ 693، وأنساب الأشراف 1/ 219، والتاريخ الكبير 5/ 27، 28 رقم 47، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 113 رقم 386، وطبقات خليفة 27 و 300، والجرح والتعديل 5/ 187 رقم 870، والاستيعاب 2/ 384، وتهذيب الكمال 2/ 688، وتحفة الأشراف 6/ 401- 403 رقم 312، والكامل في التاريخ 3/ 514، وأسد الغابة 3/ 175، والوافي بالوفيات 17/ 382 رقم 312، ومرآة الجنان 1/ 129، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 270 رقم 303، والكاشف 2/ 82 رقم 2778، والإصابة 2/ 318، 319 رقم 4718، وتهذيب التهذيب 5/ 235، 236 رقم 408، وتقريب التهذيب 1/ 419 رقم 340، وشذرات الذهب 1/ 61، وخلاصة تذهيب التهذيب 199.(4/255)
اسم أبيه عمرو بن وقدان عَلَى الصحيح، أَبُو محمد القرشي العامري.
ولقُب عمرو بالسعدي لأَنَّهُ كَانَ مسترضعًا في بني سعد.
لعَبْد اللَّهِ صُحْبة ورواية، نَزَلَ الأردن.
وَرَوَى عَن عمر بن الخطاب.
رَوَى عَنْهُ: حُوَيْطب بن عَبْد الْعُزَّى، وعَبْد اللَّهِ بن مُحَيْريز، وبُسْر بن سَعِيد، وأَبُو إدريس الخوْلاني، وغيرهم.
قَالَ الْوَاقدي: تُوُفِّيَ سَنَة سبْعٍ وخمسين.
عَبْد اللَّهِ بْن حَوَالة [1]- د- الأزدي.
لَهُ صُحْبة ورواية، نَزَلَ الشَّام.
رَوَى عَنْهُ جُبَير بن نُفَير، وكثير بن مُرّة، وربيعة بن يزيد القصير، وجماعة.
كنيته أَبُو حَوَالة، وَيُقَالُ: أَبُو محمد.
قَالَ ابن سعد [2] : تُوُفِّيَ سَنَة ثمان وخمسين وله اثنتان وسبعون.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن حوالة) في:
مسند أحمد 4/ 105 و 109 و 5/ 33 و 338، والجرح والتعديل 5/ 28، 29 رقم 126، وطبقات خليفة 115 و 305، ومشاهير علماء الأمصار 51 رقم 338، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 92 رقم 135، والمستدرك 3/ 491، والتاريخ الكبير 5/ 33 رقم 57، وحلية الأولياء 2/ 3، 4 رقم 87، وتهذيب الكمال 2/ 676، وتحفة الأشراف 4/ 315 رقم 287، والاستيعاب 2/ 290، والمعرفة والتاريخ 1/ 266 و 2/ 288، 289 و 302 و 430، وتاريخ دمشق (عبد الله بن جابر- عبد الله بن زيد) 216- 220 رقم 263، وطبقات ابن سعد 7/ 414، وأسد الغابة 3/ 148، والعبر 1/ 62، والكاشف 2/ 73 رقم 2724، والوافي بالوفيات 17/ 156 رقم 141، وتلخيص المستدرك 3/ 491، وتهذيب التهذيب 5/ 194 رقم 334، وتقريب التهذيب 1/ 411 رقم 268، والإصابة 2/ 300، 301 رقم 4639، وخلاصة تذهيب التهذيب 195.
[2] في الطبقات الكبرى 7/ 414.(4/256)
عَبْد اللَّهِ بن عامر [1] ابن كُرَيز بن ربيعة بن حبيب بن عَبْد شمس القرشي، العَبْشَمي، أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ.
رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وَلَهُ حَدِيثٌ وَهُوَ: «مَنْ قُتِلَ دُونَ ماله فهو شهيد» [2] .
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن عامر) في:
طبقات ابن سعد 5/ 9 و 44- 49، والتاريخ الصغير 84، وفتوح البلدان (انظر فهرس الأعلام) 636، وجمهرة أنساب العرب 74، 75 و 311، والمحبّر 47 و 57 و 150 و 346 و 363 و 378 و 440 و 450، وأنساب الأشراف 3/ 226 و 297، و 4/ 6 و 42- 44 و 65 و 73 و 91 و 131 و 141 و 170 و 172 و 173 و 180 و 197 و 224 و 285 و 406 و 472 و 517 و 528 و 533 و 547 و 561 و 562 و 578 و 581 و 585، وتاريخ اليعقوبي 2/ 166- 168 و 170 و 176 و 215 و 217 و 219، والأخبار الطوال 139، 140 و 147 و 196 و 216- 218، وتاريخ أبي زرعة 1/ 183 و 593، والخراج وصناعة الكتابة 385 و 384 و 389 و 392- 394 و 400 و 401 و 404 و 413 و 414، والأخبار الموفقيّات 203 و 205، والمعارف 320، والبيان والتبيين 2/ 94، ونسب قريش 147، والوزراء والكتّاب 148، وتاريخ الطبري 5/ 170، والاستيعاب 2/ 359- 361، والمعرفة والتاريخ 2/ 74 و 102 و 208 و 274 و 703 و 3/ 71 و 309، وسيرة ابن هشام 3/ 190، والكامل في التاريخ (انظر فهرس الأعلام) 13/ 204، وأسد الغابة 3/ 101، ومقاتل الطالبيين 690 و 708، وتاريخ خليفة 161 و 162 و 164- 167 و 170 و 174 و 178- 180 و 184 و 204- 207 و 211 و 226، 227، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1584 و 1588 و 1589 و 1625 و 1628 و 1644 و 1690 و 1776، والزيارات 84 و 194، والتذكرة الحمدونية 2/ 98 و 108 و 268 و 309 و 352 و 353، وربيع الأبرار 3/ 189 و 702، والبصائر 3/ 1- 58 رقم 110 (البصائر والذخائر لأبي حيّان التوحيدي- تحقيق د. إبراهيم الكيلاني، دمشق 1964- 1968) ، وبهجة المجالس 1/ 75 لابن عبد البر- تحقيق محمد مرسي الخولي- طبعة دار الكتاب العربيّ بالقاهرة، ومحاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء للراغب الأصفهاني 1/ 138 طبعة بيروت، وشرح نهج البلاغة 13/ 16، والمستطرف للأبشيهي 1/ 165، والعقد الفريد 1/ 293 و 3/ 414 و 4/ 31 و 45 و 149 و 167 و 169 و 206 و 5/ 8، 9، والبدء والتاريخ 5/ 109، 110، والمستدرك 3/ 639، 640، وعيون الأخبار 2/ 41 و 257، وسير أعلام النبلاء 3/ 18- 21 رقم 6، وجامع التحصيل 259، 260 رقم 375، والعبر 1/ 30 و 31 و 764 والوافي بالوفيات 17/ 229، 230 رقم 214، والبداية والنهاية 8/ 88، وتهذيب التهذيب 5/ 272- 274 رقم 468، والإصابة 3/ 60، 61 رقم 6179، والعقد الثمين 5/ 185، وشذرات الذهب 1/ 25.
[2] أخرجه الحاكم في المستدرك 3/ 639، وابن عبد البر في الاستيعاب 2/ 360.(4/257)
رَوَى عَنْهُ: حنظلة بن قيس، وأسلم والده يَوْم الفتح، وبقي إِلَى زمن عُثْمَان، وقدِم الْبَصْرَةَ عَلَى ابنه عَبْد اللَّهِ في ولايته عليها.
وَهُوَ خال عُثْمَان بن عفان، وابن عمّة النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ.
ولي عَبْد اللَّهِ الْبَصْرَةَ وغيرها، وافتتح خراسان، وأحرم من نيسابور شكرًا للَّه، وَكَانَ سخيًا كريمًا جوادًا [1] .
وفد عَلَى مُعَاوِيَة، فزوّجه بابِنْته هند، وَكَانَ لَهُ بدمشق دار بالجُوَيْرة، تُعرف الْيَوْم ببيت ابن الحَرَسْتاني.
قَالَ الزبير بن بكار: هُوَ الذي دعا طلحة والزبير إِلَى الْبَصْرَةِ، في نوبة [2] الجمل يعني وَقَالَ: إن لي بِهَا صنائع، فشخصا معه.
وَقَالَ ابن سعد [3] : قالْوَا إِنَّهُ وُلد بَعْدَ الهجرة بأربع سنين، وحنّكه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ في عُمرة القضاء، وَهُوَ ابن ثلاث سنين، فتلمظ، وولد لَهُ ابنه عَبْد الرَّحْمَنِ، وعمره ثلاث عشرة سَنَة.
وَقَالَ غيره: هُوَ خال عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: إِنَّ عَامِرَ بْنَ كُرَيْزٍ أَتَى بِابْنِهِ إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ، فَتَفَلَ فِي فَمِهِ، فَجَعَلَ يُرَدِّدُ رِيقَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ وَيَتَلَمَّظُ، فَقَالَ: «إِنَّ ابْنَكَ هَذَا لَمُسْقَى» ، قَالَ: وَكَانَ يُقَالُ: لَوْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ قَدَحَ حَجَرًا أَمَامَهُ، يَعْنِي يَخْرُجُ الْمَاءُ مِنْهُ [4] .
قَالَ مُصْعَب بن الزبير: يُقَالُ إِنَّهُ كَانَ لَا يعالج أرضًا إِلَّا ظهر لَهُ الماء [5] .
وَقَالَ الأصمعي: أرْتُجَّ عَلَى ابن عامر بالبصرة في يوم أضحى، فمكث
__________
[1] الاستيعاب 2/ 360، وفتوح البلدان 387 طبقات ابن سعد 5/ 45.
[2] يقصد «وقعة» ويرى بعض اللغويين اليوم أن هذا الاستعمال جائز، وهو استعمال شائع في مصادر عصر المماليك.
[3] الطبقات الكبرى 5/ 44.
[4] الاستيعاب 2/ 359، نسب قريش 148.
[5] نسب قريش 148.(4/258)
ساعة، ثُمَّ قَالَ: واللَّه لَا أجمع عليكم عِيًّا ولؤمًا، من أخذ شاة من السوق، فثمنها عَلِيّ [1] .
وقد فَتَحَ اللَّه عَلَى يدي عَبْد اللَّهِ فتوحًا عظيمة، كما ذكرنا في حدود سَنَة ثلاثين [2] .
وَكَانَ سخيًا، شجاعًا، وَصُولًا لرَحمهِ، فِيهِ رفق بالرعيّة، ربما غزا، فيقع الحمل في العسكر، فينزل بنَفْسَهُ، فيصلحه [3] .
قَالَ ابن سعد [4] : لَمَّا قُتِلَ عُثْمَان حمل ابن عامر مَا في بيت مال الْبَصْرَةِ من الأموال، ثُمَّ سَارَ إِلَى مكة، فوافي بِهَا عائشة، وطلحة، والزبير، وهم يريدون الشَّام فَقَالَ: لَا، بل ائتوا الْبَصْرَةَ، فإن لي بِهَا صنائع، وَهِيَ أَرْضِ الأموال، وَفِيهَا عُدَد الرجال، فلما كَانَ من أمر وقعة الجمل مَا كَانَ، لحق بالشَّام، فنزل بدمشق، وقد قُتِلَ ولده عَبْد الرَّحْمَنِ يَوْم الجمل، وَلَمْ نسمع لعَبْد اللَّهِ بِذكْر في يَوْم صِفَّين، ثُمَّ لَمَّا بايع النَّاس مُعَاوِيَة وَلَّى عَلَى الْبَصْرَةِ بُسْر بن أرطأة، ثُمَّ عزله، فَقَالَ لَهُ ابن عامر: إن لي بِهَا ودائع، فإن لَمْ تولينَّها ذهبت، فولاه الْبَصْرَةَ ثلاث سنين.
ومات قبل مُعَاوِيَة بعام، فَقَالَ: يرحم اللَّه أبا عَبْد الرَّحْمَنِ، بمن نفاخر بَعْدَه، وبمن نباهي [5] !.
وَقَالَ أبو بكر الهُذلي: قَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْم الجمل: أتدرون من حاربت، حاربت أمجد النَّاس، وأنجد النَّاس- يعني عَبْد اللَّهِ بن عامر-، وأشجع النَّاس- يعني الزبير-، وأدهى الناس، يعني طلحة.
__________
[1] انظر: الأخبار الموفقيات- ص 205، وجمهرة خطب العرب 3/ 353 لأحمد زكي صفوت طبعة مصر الثانية، ومحاضرات الأدباء 1/ 138، وشرح نهج البلاغة 13/ 16، وبهجة المجالس 1/ 75، والبصائر 3/ 1- 58، والتذكرة الحمدونية 2/ 268.
[2] انظر: عهد الخلفاء الراشدين من هذا الكتاب- ص 329، وتاريخ خليفة 164، وتاريخ اليعقوبي 2/ 167، وتاريخ الطبري 4/ 301- 303.
[3] طبقات ابن سعد 5/ 45.
[4] الطبقات 5/ 48.
[5] طبقات ابن سعد 5/ 49.(4/259)
قَالَ خَلِيفَة [1] ومحمد بن سعد: تُوُفِّيَ سَنَة تسع وخمسين.
عَبْد اللَّهِ بن قُرْط [2]- د ن- الأزدي الثُمالي.
ولي حمص لأبي عُبَيدة، وقيل: بل وليها لمعاوية.
لَهُ صُحْبة.
رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ في فضل يَوْم النحر [3] ، وَعَن خالد بن الوليد.
وعنه: أبو عامر الهوزني عبد الله بن لحي، وسليم بن عامر الخبائريّ [4] ، وشُرَيْح بن عُبَيد، وعمرو بن قيس السكُوني، وغيرهم.
يُقَالُ: أَنَّهُ أخو عَبْد الرَّحْمَنِ بن قُرْط.
قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ زُرْعَةَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَزْدِيِّ قَالَ: جَاءَ ابْنُ قُرْطٍ الأَزْدِيُّ إِلَى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «ما اسمك» ؟
__________
[1] تاريخ خليفة 226.
[2] انظر عن (عبد الله بن قرط) في:
طبقات ابن سعد 7/ 415، وجمهرة أنساب العرب 150، وطبقات خليفة 114 و 305، وتاريخ خليفة 155، والجرح والتعديل 5/ 140 رقم 654، ومسند أحمد 4/ 350، وتهذيب الكمال 2/ 724، وتحفة الأشراف 6/ 405 رقم 314، والاستيعاب 2/ 373، والكاشف 2/ 106 رقم 2952، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 706، وتهذيب التهذيب 5/ 361 رقم 623، وتقريب التهذيب 1/ 441 رقم 549، والإصابة 2/ 358، 359 رقم 4890، وخلاصة تذهيب التهذيب 210.
[3] ولفظه عند أبي داود (1765) في مناسك الحج، باب في الهدي إذا عطب قبل أن يبلغ. من طريق: ثور، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عامر بْنِ لُحَيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إنّ أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحر، ثم يوم القرّ» . قال عيسى:
قال ثور: وهو اليوم الثاني، قال: وقرّب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدنات خمس أو ست، فطفقن يزدلفن إليه بأيّتهنّ يبدأ، فلما وجبت جنوبها قال: فتكلّم بكلمة خفيّة لم أفهمها، فقلت: ما قال؟
قال: «من شاء اقتطع» .
وأخرجه أحمد في المسند 4/ 350، والنسائي في المناسك 2/ 242 عن أبي قدامة عبيد الله بن سعيد ويعقوب بن إبراهيم، كلاهما عن يحيى بن سعيد، عن ثور بن يزيد، مختصرا.
[4] في الأصل: «الجنائري» وهو خطأ، وفي (اللباب) 1/ 418) : الخبائريّ، بفتح الخاء المعجمة والباء الموحدة.(4/260)
قَالَ: شَيْطَانٌ ابْنُ قُرْطٍ، قَالَ: «أَنْتَ عَبْدُ اللَّهِ» . وَعَن جُنادة بن مروان: أن عَبْد اللَّهِ بن قُرْط والي حمص خرج يحرس ليلة عَلَى شاطئ البحر. فلقيه فاثور الروم، فقتله بَيْنَ بلنياس ومرقية [1] .
يُقَالُ أَنَّهُ استشهد سَنَة ست وخمسين.
عَبْد اللَّهِ بن مالك [2]- ع- بن بحينة [3]- وَهِيَ أمه-، أَبُو محمد الأزدي.
لَهُ عدّة أحاديث.
نَزَلَ بطن ريم، عَلَى مرحلة من المدينة، وَكَانَ يصوم الدهر.
رَوَى عَنْهُ: حَفْصُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، والأعرج، ومحمد ابن يحيى بن حَبْان [4] .
تُوُفِّيَ في أواخر أيام معاوية.
عبد الله بن مغفّل [5] ، ابن عَبْد نهم بن عفيف المزَني، أَبُو عَبْد الرحمن،
__________
[1] من حصون ساحل الشام، بعد أنطرطوس، وبلنياس هي بلدة المرقب، (تقويم البلدان لأبي الفداء 29) .
[2] انظر عن (عبد الله بن مالك) في:
المحبّر 407، والكامل في التاريخ 4/ 44، والجرح والتعديل 5/ 150 رقم 688، والتاريخ الكبير 5/ 10، 11 رقم 17، ومشاهير علماء الأمصار 15 رقم 47، والكاشف 2/ 109 رقم 2973، والاستيعاب 2/ 326، 327، وتحفة الأشراف 6/ 475- 478 رقم 316، والمستدرك 3/ 429، 430، وتلخيص المستدرك 3/ 429، 430، ومسند أحمد 5/ 344، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 9. رقم 101، و 114 رقم 395، و 145 رقم 715، والمعرفة والتاريخ 1/ 241 و 2/ 213، 214، وأسد الغابة 3/ 250، والبداية والنهاية 8/ 99، والوافي بالوفيات 17/ 417 رقم 355، والنكت الظراف 6/ 477، وتهذيب التهذيب 5/ 381 رقم 653، وتقريب التهذيب 1/ 444 رقم 579، والإصابة 2/ 364 رقم 4918، وخلاصة تذهيب التهذيب 211.
[3] في الأصل مهملة، والتصحيح من مصادر الترجمة.
[4] بفتح الحاء المهملة وتشديد الباء الموحّدة. (تهذيب التهذيب 9/ 507) .
[5] انظر عن (عبد الله بن مغفّل) في:
طبقات ابن سعد 7/ 13، 14، والمعارف 297، ومسند أحمد 4/ 85 و 5/ 45 و 272، والتاريخ لابن معين 2/ 333، وطبقات خليفة 37 و 76، وتاريخ خليفة 146، والمعرفة والتاريخ 1/ 256، وطبقات الفقهاء للشيرازي 51، والاستيعاب 2/ 325، 326، والتاريخ(4/261)
وَيُقَالُ: أَبُو سَعِيد، وَيُقَالُ: أَبُو زياد.
صحابي مشهور، شهد بيعة الشجرة، ونزل المدينة، ثُمَّ سكن الْبَصْرَةَ [1] .
قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيُّ: كَانَ عَبْد اللَّهِ بن مغَّفل أحد العشرة الذين بعثهم إلينا عمر بن الخطاب، يفقهون النَّاس [2] .
مات والد عَبْد اللَّهِ بن مغفَّل بطريق مكة مع النَّاس، قبل فَتَحَ مكة.
وَكَانَ عَبْد الله من البكّاءين الذين نزلت فيهم لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ 9: 91 [3] وَقَالَ: إني لممّن رفع أغصانَ الشجرة يَوْم الحديبيّة عن النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ [4] .
عوف الأعرابي، عَن خُزاعي بن زياد المزَني قَالَ: أُرِيَ عَبْد اللَّهِ بن مغفَّل المزَني أن الساعة قَدْ قامت وأن النَّاس حُصروا، وَثَمَّ مكان، مَن جازه فقد نجا، وعليه عارض، فقيل لَهُ: أتريد أن تنجو وعندك مَا عندك! فاستيقظت فزعًا، قَالَ: فأيقظه أَهْله، وعنده عيبة مملَوْءة دنانير، ففرقها كلها.
__________
[ () ] الصغير 67، والتاريخ الكبير 5/ 23 رقم 36، والجرح والتعديل 5/ 149، 150 رقم 687، وصفة الصفوة 1/ 680، 681 رقم 93، والمعرفة والتاريخ 1/ 216 و 218، 219، وسيرة ابن هشام 3/ 288، والزيارات 82، والمحبّر 124 و 281، وجمهرة أنساب العرب 202، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 86 رقم 75، وتحفة الأشراف 7/ 172- 181 رقم 320، وتهذيب الكمال 2/ 745، والمستدرك 3/ 578، ومشاهير علماء الأمصار 38 رقم 221، وتاريخ الطبري 3/ 102، والمغازي للواقدي 994 و 1036، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 290، 291 رقم 334، والزاهر للأنباري 1/ 151، والكامل في التاريخ 2/ 278 و 4/ 44، وسير أعلام النبلاء 2/ 483- 485 رقم 99، والمعين في طبقات المحدّثين 24 رقم 83، والكاشف 2/ 119 رقم 3040، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 428 و 548 و 621 و 630، والوافي بالوفيات 17/ 632 رقم 535، وأسد الغابة 3/ 264، 265، ومرآة الجنان 1/ 131، والبداية والنهاية 8/ 60، والإصابة 2/ 372 رقم 4972، وتهذيب التهذيب 6/ 42 رقم 74، وتقريب التهذيب 1/ 453 رقم 661، والنكت الظراف 7/ 173 و 177- 180، وخلاصة تذهيب التهذيب 215، وشذرات الذهب 1/ 65.
[1] طبقات ابن سعد 7/ 13.
[2] أسد الغابة 3/ 399.
[3] سورة التوبة- الآية 91.
[4] انظر مسند أحمد 5/ 25 و 54، وصحيح مسلم (7858) .(4/262)
رَوَى عَنْهُ: الْحَسَن، وَمُعَاوِيَة بن قُرَّةَ، وحميد بن هلال، ومطرف بْنِ عَبْد اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، وَابْنِ بُرَيْدة، وثابت البُنَاني، وغيرهم.
وَمَا أدري هل سمع مِنْهُ ثابت أَوْ أرسل عَنْهُ.
تُوُفِّيَ سَنَة ستين، وستأتي لَهُ قصة في ترجمة عبيد اللَّه [1] بن زياد.
عَبْد اللَّهِ بْن نَوْفَلِ [2] ، بْن الْحَارِثِ بْن عَبْد الْمُطَّلِبِ بْنِ هاشم الهاشمي، أَبُو محمد، وَهُوَ أخو الحارث.
وَلِيَ القضاء بالمدينة زمن مُعَاوِيَة، فيما قيل:
وَكَانَ يشبه النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ، وَلَا يُحفظ لَهُ سماع من النبي صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ [3] .
تُوُفِّيَ في خَلافة مُعَاوِيَة [4] .
وقيل: قُتِلَ يوم الحرّة، سنة ثلاث وستين [5] .
__________
[1] في الأصل «عبد الله» .
[2] انظر عن (عبد الله بن نوفل) في:
تاريخ خليفة 228 و 2440، وطبقات ابن سعد 5/ 21، والمعرفة والتاريخ 1/ 418، والمعارف 558، وجمهرة أنساب العرب 70، والمحبّر 46، والاستيعاب 2/ 332، 333، وأنساب الأشراف 3/ 298، ومشاهير علماء الأمصار 69 رقم 472، والكامل في التاريخ 4/ 121، وأسد الغابة 3/ 269، والوافي بالوفيات 17/ 654 رقم 555، والإصابة 2/ 377 رقم 5003، وأخبار القضاة لوكيع 2/ 54، والمنتخب من ذيل المذيل 628، 629.
[3] الاستيعاب 2/ 332، 333.
[4] طبقات ابن سعد 5/ 22.
[5] الاستيعاب 2/ 332.
وروى بن سعد من طريق: عثمان بن عمر، عن أبي الغيث قال: سمعت أبا هريرة: لما ولي مروان بن الحكم المدينة لمعاوية بن أبي سفيان سنة اثنتين وأربعين في الإمرة الأولى، استقضى عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب بالمدينة، فسمعت أبا هريرة يقول:
هذا أول قاض رأيته في الإسلام.
قال محمد بن عمر: وأجمع أصحابنا على أنّ عبد الله بن نوفل بن الحارث أول من قضى بالمدينة لمروان بن الحكم، وأهل بيته ينكرون أن يكون ولي القضاء بالمدينة هو ولا أحد من بني هاشم. وقال أهل بيته: توفي في خلافة معاوية بن أبي سفيان.
قال محمد بن عمر: ونحن نقول إنّه بقي بعد معاوية دهرا، وتوفي سنة أربع وثمانين في خلافة عبد الملك بن مروان. (وانظر: المنتخب من ذيل المذيل 629) .(4/263)
عَبْد اللَّهِ بن الحارث [1]- خ 4- بن هشام بن المغيرة المخزومي، أَبُو محمد، والد أَبِي بكر الفقيه وإخوته، وأحد الذين عينهم عُثْمَان لكتابة مصاحف الأمصار.
سمع: أباه، وعمر، وعُثْمَان، وعليًا، وحَفْصَة أم المؤْمِنِينَ، وجماعة.
وعنه: ابنه أَبُو بكر، والشَّعْبِيُّ، وأَبُو قلابة الجَرْمي [2] ، وهشام بن عمرو الفَزَاري، ويحيى بن عَبْد الرَّحْمَنِ بن حاطب.
رأى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ وَلَمْ يُحفظ عَنْهُ. وأرسلته عائشة إِلَى مُعَاوِيَة يكلمه في حُجْر بن الأدبر، فوجده قَدْ قتله.
قَالَ ابن سعد قالت عائشة: لأن أكون قعدت عَن مسيري إِلَى الْبَصْرَةِ أحب إليّ من أن يكون لي عشرة من الْوَلد من النبي صَلَّى الله عليه وآله وسلم، مثل عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام.
قلت: وَكَانَ من سادة بني مخزوم بالمدينة، وَهُوَ ابن أخي أَبِي جهل، تُوُفِّيَ في أيام مُعَاوِيَة في آخرها، وتوفي أَبُوه في طاعون عَمَواس.
عَبْد الرَّحْمَنِ بن شبل [3]- د ن ق- بن عمرو الأنصاري الأوسي.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن الحارث) في: نسب قريش 111، 112 و 303 و 308، والجرح والتعديل 5/ 32 رقم 142، والتاريخ الكبير 5/ 65 رقم 161، والاستيعاب 2/ 281، وأسد الغابة 3/ 140، والوافي بالوفيات 17/ 117، رقم 104، والإصابة 3/ 58، 59 رقم 6170.
[2] الجرمي: بفتح الجيم وسكون الراء وفي آخرها ميم. هذه النسبة إلى جرم. وهي قبيلة جرم بن ريان بن عمران بن الحاف بن قضاعة.. (اللباب 1/ 273) .
[3] عن (عبد الرحمن بن شبل) انظر:
طبقات خليفة 86 و 304، والمعرفة والتاريخ 1/ 2901 و 318 و 447، والجرح والتعديل 5/ 243 رقم 1155، والاستيعاب 2/ 419، ومقدمة مسند بقيّ بن مخلد 93 رقم 148، وطبقات ابن سعد 4/ 374، 7/ 402، وتحفة الأشراف 7/ 200، 201 رقم 334، وتهذيب الكمال 2/ 793، والكاشف 2/ 149 رقم 3258، وتهذيب التهذيب 6/ 193 رقم 390، وتقريب التهذيب 1/ 483 رقم 970، والإصابة 2/ 403 رقم 5139.(4/264)
أحد كُتّاب الأنصار، كَانَ فقيهًا فاضلًا نَزَلَ حمص، وله أحاديث عَن النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو راشد الخيراني، وأَبُو سلام الأسود، وتميم بن محمود، وغيرهم.
تُوُفِّيَ زمن مُعَاوِيَة.
عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي بَكْر الصديق [1]- د ن ق- عَبْد اللَّهِ بن عُثْمَان، أَبُو محمد التيمي، وَيُقَالُ أَبُو عُثْمَان، شقيق أم المؤمنين عائشة.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن أبي بكر الصّدّيق) في:
مسند أحمد 1/ 197، وتاريخ أبي زرعة 228 و 229 و 558 و 591- 593، والأخبار الطوال 226، وطبقات خليفة 18 و 189، وتاريخ خليفة 319، وجمهرة أنساب العرب 137، والعقد الفريد 2/ 231 و 3/ 303 و 309 و 432 و 4/ 371 و 372 و 6/ 133، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 99 رقم 219، وعيون الأخبار 4/ 114، 115، وتاريخ الطبري 2/ 376 و 3/ 148 و 288 و 290 و 292 و 296 و 421 و 422 و 426 و 4/ 199 و 240 و 474 و 5/ 104 و 229 و 303 و 304 و 322، وفتوح البلدان 443، ونسب قريش 276، والبدء والتاريخ 5/ 13 و 80 و 6/ 7، والاستيعاب 2/ 399- 402، والزيارات 8.، والأخبار الموفقيات 473، والمعارف 173 و 174 و 233 و 592، والمعرفة والتاريخ 1/ 212 و 285، وأنساب الأشراف 1/ 321 و 432 و 541 و 542 و 549، ق 4 ج 1/ 100 و 144- 146 و 535 و 575 و 577، والمستدرك 3/ 473- 477، وتاريخ اليعقوبي 2/ 138 و 328، والوفيات لابن قنفذ 72 رقم 60، والمحبّر 102 و 449، وسيرة ابن هشام 1/ 153 و 155، و 2/ 280، و 3/ 300، و 4/ 246، والمغازي للواقدي 257 و 695، ومشاهير علماء الأمصار 15 رقم 45، والخراج وصناعة الكتابة 343، وترتيب الثقات للعجلي 288 رقم 933، والثقات لابن حبان 3/ 249، وأسد الغابة 3/ 466، والكامل في التاريخ 3/ 506- 508، ومرآة الجنان 1/ 126، والبداية والنهاية 8/ 88، 89، وتحفة الأشراف 7/ 194- 196 رقم 329، وتهذيب الكمال 2/ 778، والتاريخ الكبير 5/ 242 رقم 795، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 294، 295 رقم 344، ووفيات الأعيان 3/ 69، 70، والعبر 1/ 58، وسير أعلام النبلاء 2/ 471- 473 رقم 92، والكاشف 2/ 140 رقم 3193، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 40 و 49 و 120 و 296 و 307، وتهذيب التهذيب 6/ 146، 147 رقم 298، وتقريب التهذيب 1/ 474 رقم 880، والإصابة 2/ 407، 408 رقم 5151، وخلاصة تذهيب التهذيب 224، وشذرات الذهب 1/ 59، والأغاني 17/ 356.(4/265)
حضر بدرًا مشركًا، ثُمَّ أسلم قبل الفتح وهاجر، وَكَانَ أسن ولد أَبِي بكر، وَكَانَ شجاعًا راميًا، قتلَ يَوْم اليمامة سبعة.
رَوَى عن: النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وَعَن أبيه.
وعنه: ابناه عَبْد اللَّهِ، وحَفْصَة، وابن أخيه القاسم بن محمد، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي ليلي، وأَبُو عُثْمَان النهدي، وعمرو بن أوس الثقفي، وابن أَبِي مُلَيْكة، وجماعة.
وَكَانَ يتّجر إِلَى الشَّام.
قَالَ مُصْعَب الزبيري [1] : ذهب إِلَى الشَّام قبل الإسلام، فرأى هناك امرأة يُقَالُ لها ابنة الجُودي الغساني، فكان يذكرها في شعره ويهذي بِهَا.
وَقَالَ ابن سعد: إِنَّهُ أسلم في هدنة الحُدَيبية وهاجر، وأطعمه النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ بخيبر أَرْبَعِينَ وسقًا [2] ، وَكَانَ يُكَني أبا عَبْد اللَّهِ. ومات سَنَة ثلاث وخمسين.
وَقَالَ هشام بن عروة، عن أبيه، إن عبد الرَّحْمَنِ قدِم الشَّامَ، فرأى ابنة الجودي عَلَى طُنْفسَة، وحولها ولائد، فأعجبته، فَقَالَ فِيهَا:
تذكرت [3] لَيْلَى والسماوَةُ دونَها ... فما لابنةِ الْجُودِيِّ لَيْلَى وما ليا
وأنّى تعاطي قلبه [4] حارثية ... تُدَمَّنُ بُصْرى أَوْ تحُلٌ الجوابيا
فو أنّي يلاقيها [5] ؟ بلَى وَلَعَلها [6] ... إن النَّاس حَجُّوا قابِلًا أنْ تُوافيا
قَالَ: فلما بَعَثَ عمر جيشه إِلَى الشَّام قَالَ لمقدمهم: إنْ ظفرت بليلى بِنْت الجوديّ عَنوةً فادفعها إِلَى عَبْد الرَّحْمَنِ، فظفر بها، فدفعها إليه، فأعجب بِهَا، وآثرها عَلَى نسائه، حَتَّى شكونه إِلَى أخته عائشة، فقالت له: لقد
__________
[1] نسب قريش- ص 276.
[2] سيرة ابن هشام 3/ 300.
[3] كذا في الأصل وفي الأغاني 17/ 358، وفي نسب قريش: «تذكّر» .
[4] كذا في الأصل وفي الأغاني، وفي نسب قريش: ذكرها» .
[5] في نسب قريش: «تلاقيها» .
[6] في الأغاني ونسب قريش: «إذا» .(4/266)
أفرطتَ، فَقَالَ: واللَّه إني أرشف بأنيابها حَبَّ الرمان، قَالَ: فأصابها وجع سقطت لَهُ قواها، فجفاها حَتَّى شكته إِلَى عائشة، فقالت: يَا عَبْد الرَّحْمَنِ لقد أحببتَ ليلى فأفرطت، وأبغضتها فأفرطت، فإما أن تنصفها، وإما أنْ تجهزها إِلَى أَهْلها، فجهزها إِلَى أَهْلها، قَالَ: وكانت بِنْت ملك يعني من ملَوْك العرب.
قَالَ ابن أَبِي مُلَيْكة: إن عَبْد الرَّحْمَنِ تُوُفِّيَ بالصَّفاح [1] ، فحُمِل فدُفن بمكة- والصِّفاح عَلَى أميال من مكة- فقدمتٌ أخته عائشة فقالت: أين قبر أخي؟ فأتته فصلت عَلَيْهِ: رواه أيوب السختياني، عَنْهُ.
قَالَ الْوَاقدي، والمدائني، وغيرهما: تُوُفِّيَ سَنَة ثَلاثٍ.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْر: سَنَة أربع وخمسين.
وقد صحّ في الْوَضوء من «صحيح مسلم» عَن سالم سبلان [2] مولى المهري قَالَ: خرجت أنا وعَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي بكر إِلَى جنازة سعد بن أَبِي وقاص [3] .
وصحّ أن سعدًا مات سَنَة خمس وخمسين.
عبيد اللَّه بن العباس [4]- د ن- بن عَبْد المطّلب، أبو محمد.
__________
[1] بكسر أوله، وبالحاء المهملة في آخره، على وزن فعال. موضع بالروحاء. وفي كتاب الأطعمة لأبي داود هو مكان بمكة. (معجم ما استعجم 3/ 834، 835) .
[2] هو لقب له، كما في (نزهة الألباب في الألقاب للحافظ ابن حجر) .
[3] أخرجه مسلم في الطهارة، (3/ 240) باب وجوب غسل الرجلين بكمالهما.
[4] انظر عن (عبيد الله بن العباس) في:
المحبّر 17 و 107 و 146 و 292 و 453 و 455 و 456، وترتيب الثقات للعجلي 317 رقم 1058، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 312 رقم 379، وعيون الأخبار 1/ 334، وتاريخ الطبري 4/ 442، 443 و 492 و 5/ 92 و 136 و 139 و 140 و 143 و 155 و 158 و 163 و 167 و 170، والاستيعاب 2/ 429- 431، والعقد الفريد 1/ 293- 296 و 2/ 103، والمعرفة والتاريخ 3/ 322، وتاريخ اليعقوبي 2/ 179 و 198 و 214، والمراسيل 116 رقم 195، والتاريخ الصغير 48 و 73، ونسب قريش 27، وجمهرة أنساب العرب 18، 19 و 21، ومسند أحمد 1/ 214، وأنساب الأشراف 1/ 447 و 3/ 22- 24 و 36 و 55- 60(4/267)
ابن عم النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، لَهُ صُحبة ورواية، وَهُوَ أصغر من عَبْد اللَّهِ بسنة، وأمهما واحدة.
رَوَى عَنْهُ: محمد بن سيرين، وسليمان بن يَسَارٍ، وعطاء بن أَبِي رباح.
وأردفه النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ خلفه.
تُوُفِّيَ بالمدينة سَنَة ثمان وخمسين، وَكَانَ جوادًا ممدحًا، وَكَانَ يتعانى التجارة.
ولي اليمن لعلي ابن عمّه، وبعث مُعَاوِيَة بُسر بن أَبِي أرطأة عَلَى اليمن، فهرب مِنْهُ عبيد اللَّه، فأصاب بُسر لعُبَيد اللَّه وَلَدَين صغيرين، فذبحهما، ثُمَّ وفد فيما بعدُ عُبيدُ اللَّه عَلَى مُعَاوِيَة، وقد هلك بُسْر، فذكر وَلَدَيه لمعاوية، فَقَالَ: مَا عزلته إِلَّا لقتلهما.
وَكَانَ يُقَالُ بالمدينة: من أراد العلم والجمال والسخاء فلْيأتِ دار ابن عباس، أما عَبْد اللَّهِ فكان أعلم النَّاس، وأما عبيد اللَّه فكان أكرم الناس، وأما الفضل فكان أجمل النَّاس [1] .
وَرَوَى أن عُبَيد اللَّه كَانَ ينحر في كل يَوْم جَزُورًا، وكان يسمّى «تيار الفرات» [2] .
__________
[ () ] و 62 و 66 و 71 و 282، والمعارف 121، 122 و 267، وفتوح الشام للأزدي 234، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1631 و 1812 و 2125، و 2127 و 3494 و 3495، والبدء والتاريخ 5/ 8 و 108 و 217، والأغاني 16/ 205، وتهذيب الكمال 2/ 879، وتحفة الأشراف 7/ 220 رقم 344، ووفيات الأعيان 3/ 64 و 427 و 428 و 7/ 60، والكامل في التاريخ 3/ 201 و 202 و 350 و 374 و 377 و 383- 385 و 398 و 408 و 4/ 530، وجامع التحصيل 282، 283 رقم 484، والكاشف 2/ 199 رقم 3605، ومرآة الجنان 1/ 130، والبداية والنهاية 8/ 90، والتذكرة الحمدونية 2/ 282- 284 و 335، وعهد الخلفاء الراشدين من (تاريخ الإسلام) 607، وتهذيب التهذيب 7/ 19، 20 رقم 41، وتقريب التهذيب 1/ 534 رقم 1460، والإصابة 2/ 437، 438 رقم 5303، وخلاصة تذهيب التهذيب 251، وشذرات الذهب 1/ 64، والمنتخب من ذيل المذيل 536.
[1] انظر الاستيعاب 2/ 430.
[2] وصار لقبا له، كما في (نزهة الألباب في الألقاب، لابن حجر) .(4/268)
قَالَ خَلِيفَة [1] وغيره: تُوُفِّيَ سَنَة ثمان وخمسين.
وَقَالَ أَبُو عُبيد، ويعقوب بن شيبة وغيرهما: تُوُفِّيَ سَنَة سبع وثمانين، وأنا أستبَعْدَ أَنَّهُ بقي إِلَى هَذَا الْوَقت.
وقيل: إِنَّهُ مات باليمن.
عِتْبان بن مالك [2]- خ م ن ق- بن عمرو بن العَجْلان الْأَنْصَارِيّ الخزرجي.
بدري كبير القدر، أضر بأخرة، لَهُ أحاديث.
رَوَى عَنْهُ أنس، ومحمود بن الربيع، والحصين بن محمد السالمي.
وتوفي في وسط خلافة مُعَاوِيَة.
عُثْمَان بن أَبِي العاص [3]- م- الثقفي، أبو عبد الله الطائفي.
__________
[1] تاريخ خليفة 225.
[2] انظر عن (عتبان بن مالك) في:
طبقات ابن سعد 3/ 550، والاستيعاب 3/ 159، 160، والمستدرك 3/ 589، 590، ومسند أحمد 4/ 43 و 342 و 5/ 449، وطبقات خليفة 99، والمعرفة والتاريخ 1/ 355، والمعين في طبقات المحدثين 24 رقم 85، والتاريخ الصغير 74، والتاريخ الكبير 7/ 80، 81 رقم 368، والجرح والتعديل 7/ 36 رقم 192، والبرصان والعرجان 362، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 97 رقم 190، وترتيب الثقات للعجلي 326 رقم 1096، والثقات لابن حبان 3/ 318، ومشاهير علماء الأمصار 22 رقم 90، والمحبّر 83 و 298 و 304، وتهذيب الكمال 2/ 901، وتحفة الأشراف 7/ 228- 231، والكاشف 2/ 213 رقم 2713، وتهذيب التهذيب 7/ 198، وتقريب التهذيب 2/ 3 رقم 8، والإصابة 2/ 452 رقم 5396، والنكت الظراف 7/ 228- 230، وخلاصة تذهيب التهذيب 305.
[3] انظر عن (عثمان بن أبي العاص) في:
تاريخ خليفة 97 و 123 و 134 و 142 و 149 و 150 و 152 و 154 و 155 و 158 و 159 و 161 و 164، وطبقات خليفة 53 و 182 و 197، والبدء والتاريخ 5/ 103، 104، والمعرفة والتاريخ 3/ 200، 201، والتاريخ الكبير 5/ 212 رقم 2195، ومسند أحمد 4/ 21 و 216، وتاريخ الطبري 2/ 157 و 3/ 98، 99 و 318- 320 و 322 و 427 و 479 و 597 و 623 و 4/ 39 و 53 و 94 و 175 و 176 و 241 و 256 و 265 و 266، وأنساب الأشراف 1/ 366 و 529، والجرح والتعديل 6/ 163 رقم 895، والمغازي للواقدي 963 و 966 و 968 و 970، وترتيب الثقات 328 رقم 1106، والثقات لابن حبان 3/ 261، وأنساب(4/269)
أخو الحَكَم، ولهما صُحبة.
قدِم عُثْمَان عَلَى النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ في وفد ثقيف، فأسلم، واستعمله عَلَى الطائف لِما رأى من فضله وحرصه عَلَى الخير والدين، وَكَانَ أصغر الْوَفد سنًا [1] .
وأقره أَبُو بكر، ثُمَّ عمر عَلَى الطائف، ثُمَّ استعمله عمر عَلَى عُمان والبحرين، وَهُوَ الذي افتتح تَوَّجَ [2] ومصَّرها، وسكن الْبَصْرَةَ [3] .
ذكره الحَسَن الْبَصْرِيُّ قَالَ: مَا رأيت أفضل مِنْهُ.
رَوَى عن النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وقد شهدت أمه ميلاد النبي صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ.
رَوَى عَنْهُ: سَعِيد بن المسيب، ونافع بن جبير بن مطعم، ومطرّف ابنا عَبْد اللَّهِ بن الشخَّير، وموسى بن طلحة بن عُبيد اللَّه.
تُوُفِّيَ سَنَة إحدى وخمسين.
__________
[ () ] الأشراف ق 4 ج 1/ 564، والطبقات لابن سعد 5/ 508 و 7/ 40، والمعارف 268 و 555، والمعجم الكبير للطبراني 9/ 30 و 53، والمستدرك 3/ 618، والاستيعاب 3/ 91، 92، والمحبّر 65 و 127 و 460، ومشاهير علماء الأمصار 224، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 321 رقم 393، والكامل في التاريخ 1/ 459 و 2/ 284 و 374 و 421 و 449 و 489 و 508 و 533 و 3/ 55 و 3/ 21 و 40 و 41 و 77 و 94 و 100 و 471 و 4/ 44 و 5/ 82، وأسد الغابة 3/ 579، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 88 رقم 97، والبرصان والعرجان 8 و 252 و 356، وفتوح البلدان 70 و 99 و 100 و 315 و 387 و 432، والكنى والأسماء 1/ 77، والأسامي والكنى للحاكم، ورقة 407، وتحفة الأشراف 7/ 237- 242 رقم 361، وتهذيب الكمال 2/ 911، 912، وسير أعلام النبلاء 2/ 374، 375 رقم 78، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 668- 670 و 672، والمعين في طبقات المحدّثين 24 رقم 87، ودول الإسلام 1/ 38، والكاشف 2/ 220 رقم 3763، وجمهرة أنساب العرب 266، والأخبار الطوال 133 و 139، والخراج وصناعة الكتابة 217 و 386- 390 و 413، والتذكرة الحمدونية 1/ 378، وتهذيب التهذيب 7/ 128، 129 رقم 270، وتقريب التهذيب 2/ 10 رقم 78، والنكت الظراف 7/ 240، 241، والإصابة 2/ 460 رقم 5441، وخلاصة تذهيب التهذيب 260، ومجمع الزوائد 9/ 370، وشذرات الذهب 1/ 36.
[1] طبقات ابن سعد 5/ 508.
[2] توّج: بفتح التاء وتشديد الواو، وهي توّز، بالزاي، مدينة بفارس قريبة من كازرون. (معجم البلدان 2/ 56) .
[3] طبقات ابن سعد 5/ 509، الإصابة 2/ 460.(4/270)
رَوَى عَن عُثْمَان بن أَبِي العاص قَالَ: الناكح مغترِس، فلينظرْ أين يضع غرسه [1] ، فإن عِرْق السوء لَا بد أن يُنزع وَلَوْ بَعْدَ حين.
(فائدة) سَالِمُ بْنُ نُوحٍ، عَنِ الْجَرِيرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلاءِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ أَنَّهُ بَعَثَ غِلْمَانًا لَهُ تُجَّارًا، فَجَاءُوا، قَالَ: مَا جِئْتُمْ بِهِ؟ قَالُوا: جِئْنَا بِتِجَارَةٍ [2] يَرْبَحُ الدِّرْهَمَ عَشْرَةً، قَالَ: مَا هِيَ؟ قالْوَا: خَمْرٌ. قَالَ: خَمْرٌ، وَقَدْ نُهِينَا عَنْ شَرَابِهَا وَبَيْعِهَا!! فَجَعَلَ يَفْتَحُ أَفْوَاهَ الزِّقَاقِ [3] وَيَصُبُّهَا.
عديّ بن عَمِيرة الكِنْدي [4]- م د م ق- أَبُو زرارة.
وفد عَلَى النبي صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وَرَوَى عَنْهُ.
رَوَى عَنْهُ: ابنه عدي، وأخوه العرس بن عَمِيرة، وقيس بن أَبِي حازم، ورجاء بن حيّوة.
وسكن الجزيرة، وَكَانَ من وجوه كِنْدة، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
عُقْبة بن عامر [5]- ع- ابن عبس الجهنيّ، أبو حمّاد.
__________
[1] انظر: البيان والتّبيين 3/ 267، وبهجة المجالس 2/ 34، ومحاضرات الأدباء 2/ 202، والتذكرة الحمدونية، وفيه «يضع نفسه» .
[2] في الأسامي والكنى، للحاكم، ورقة 407 «جئنا بتجارة ما جئنا بمثلها قطّ، الدرهم يربح عشرة» .
[3] الزقاق: مفردها زقّ. وهو وعاء الخمر، أو الدّنان.
[4] انظر عن (عديّ بن عميرة) في:
طبقات ابن سعد 6/ 55 و 7/ 476، والجرح والتعديل 7/ 2 رقم 2، والاستيعاب 3/ 143، والتاريخ الكبير 7/ 43، 44 رقم 190، وترتيب الثقات للعجلي 330 رقم 1117، والثقات لابن حبان 3/ 317، وتاريخ الطبري 6/ 220 و 227 و 228 و 243، ومسند أحمد 4/ 191، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 97 رقم 196، وطبقات خليفة 71 و 133 و 318، والمحبّر 295، والكامل في التاريخ 4/ 399، والمعجم الكبير 17/ 106- 109، وتحفة الأشراف 7/ 285، 286 رقم 366، وتهذيب الكمال 2/ 924، 925، والكاشف 2/ 227 رقم 3818، والإصابة 2/ 470، 471 رقم 5487، وتهذيب التهذيب 7/ 169 رقم 334، وتقريب التهذيب 2/ 17 رقم 140، وخلاصة تذهيب التهذيب 264.
[5] انظر عن (عقبة بن عامر) في:(4/271)
صحابي مشهور، لَهُ رواية وفضل.
رَوَى عَنْهُ: جُبَير بن نُفَيْر، وأَبُو عُشَانة حيٌ بن يؤمن، وأبو قبيل [1] حييّ ابن هانئ المعَافِري، وبَعْجَة الجُهَني، وسَعِيد المقبُري، وعلي بن رباح، وأَبُو الخير مَرثَد اليزَني، وطائفة سواهم.
وقد ولي إمرة مصر لمعاوية، وليها بَعْدَ عُتبة بن أَبِي سفيان، ثُمَّ عزله مُعَاوِيَة، وأغزاه البحر في سَنَة سبع وَأَرْبَعِينَ، وَكَانَ يَخْضِب بالسواد.
لَهُ معرفة بالقرآن والفرائض، وَكَانَ فصيحًا شاعرًا.
قَالَ أَبُو سَعِيد بن يونس: مُصْحَفه الآن موجود بخطّه، رأيته عند علي ابن الحسين بن قُدَيد، عَلَى غير التأليف الذي في مُصْحَف عُثْمَان، وَكَانَ في آخره:
«وكتب عُقْبة بن عامر بيده» . وَلَمْ أزل أسمع شيوخنا يقولون: إنه
__________
[ () ] المحبّر 294، ومسند أحمد 4/ 143 و 201، والتاريخ لابن معين 2/ 409، وطبقات ابن سعد 4/ 343، وطبقات خليفة 121 و 192، وتاريخ خليفة 197 و 225، والتاريخ الكبير 6/ 430 رقم 2885، والجرح والتعديل 6/ 313 رقم 1741، والمعارف 279، وكتاب الولاة والقضاة 36، والمعرفة والتاريخ 2/ 499- 511، ومقدمة مسند بقيّ بن مخلد 85 رقم 62، وربيع الأبرار 4/ 196، وتاريخ الطبري 1/ 62 و 5/ 231، والخراج وصناعة الكتابة 339، وأنساب الأشراف 1/ 170، 171، وق 4 ج 1/ 51، والأخبار الطوال 196، والاستيعاب 3/ 106، والمعجم الكبير 17/ 267- 351، والمستدرك 3/ 467- 470، وجمهرة أنساب العرب 444، وتاريخ أبي زرعة 1/ 228 و 500 و 542 و 691، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 68، والأسامي والكنى للحاكم، ورقة 160، ومشاهير علماء الأمصار 55 رقم 378، وثمار القلوب 164، والزيارات 37، وأسد الغابة 4/ 53، والكامل في التاريخ 3/ 10 و 160 و 187 و 457 و 520، ووفيات الأعيان 1/ 55، وتهذيب الكمال 945، وتحفة الأشراف 7/ 302- 325 رقم 379، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 336 رقم 414، والمعين في طبقات المحدّثين 24 رقم 90، وسير أعلام النبلاء 2/ 467- 469 رقم 90، والعبر 1/ 62، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 71 و 261، والكاشف 2/ 237 رقم 3896، وتلخيص المستدرك 3/ 467، والإصابة 2/ 489 رقم 5601، وتهذيب التهذيب 7/ 242- 244 رقم 439، وتقريب التهذيب 2/ 27 رقم 242، والنكت الظراف 7/ 306- 324، والنجوم الزاهرة 1/ 126- 130، وخلاصة تذهيب التهذيب 269، وكنز العمال 13/ 495، وشذرات الذهب 1/ 64.
[1] في الأصل «أبو فتيل» والتصويب من (تهذيب التهذيب 3/ 72) .(4/272)
مُصْحَف عُقبة، لَا يشكون فِيهِ. وَكَانَ عقبة كاتبًا قارئًا، لَهُ هجرة وسابقة.
وَقَالَ عَبْد اللَّهِ: سَمِعْتُ حُيَيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ كَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَوْتًا بِالْقُرْآنِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ:
أَعْرِضْ عَلَيَّ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ سورة براءة، فبكي عمر، ثُمَّ قَالَ: مَا كنت أظن أنَّهَا نزلت.
قلت: معناه مَا كأني كنت سمعت، لحسن مَا حبَّرها عُقبةُ بتلاوته، أَوْ يكون الضمير في (نزلت) عائدًا إِلَى آيات من السورة استغربها عمر، واللَّه أعلم.
عِمْران بن حُصَين [1]- ع- ابن عبيد بن خلف، أبو نجيد الخزاعي.
__________
[1] انظر عن (عمران بن حصين) في:
مسند أحمد 4/ 426، والتاريخ لابن معين 2/ 436، وطبقات ابن سعد 4/ 287، وطبقات خليفة 6 و 10 و 187، وتاريخ خليفة 218، والتاريخ الكبير 6/ 408 رقم 2804 والجرح والتعديل 6/ 296 رقم 1641، والمغازي للواقدي 412 و 845، وأنساب الأشراف 1/ 491، وجمهرة أنساب العرب 237، وترتيب الثقات للعجلي 373 رقم 1299، والثقات لابن حبان 3/ 1/ 296، وأخبار القضاة لوكيع 1/ 291، وتاريخ الطبري 1/ 38 و 209 و 4/ 71 و 208 و 352 و 461 و 463 و 466 و 502، وفتوح البلدان 423 و 431 و 443 و 464 و 472 و 480، والمعارف 309، والمعرفة والتاريخ 1/ 691 و 2/ 52 و 244 و 3/ 195، والعقد الفريد 4/ 281 و 319، والمحبّر 89، والزاهر للأنباري 1/ 504، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 81 رقم 20، والمستدرك 3/ 470- 473، ومشاهير علماء الأمصار 37 رقم 218 رقم 218، وتاريخ أبي زرعة 1/ 555، ووفيات الأعيان 2/ 300 و 4/ 184، والكامل في التاريخ 2/ 41 و 3/ 101 و 160 و 211 و 212 و 241 و 451 و 492، وأسد الغابة 4/ 137، 138 ومرآة الجنان 1/ 125، والاستيعاب 3/ 22، وتحفة الأشراف 8/ 172- 205 رقم 417، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 58، 59، والزيارات 81، والبداية والنهاية 8/ 60، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 35، 36 رقم 28، وتهذيب الكمال 2/ 1056، والمعين في طبقات المحدّثين 25 رقم 99، والكاشف 2/ 299، 300 رقم 4329، ودول الإسلام 1/ 38، وسير أعلام النبلاء 2/ 508- 512 رقم 105، وتلخيص المستدرك 3/ 470- 473، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 443 و 562، وعهد الخلفاء الراشدين 45 و 166 و 628 و 630، والنكت الظراف 8/ 172- 204، والعبر 1/ 57، والإصابة 3/ 26، 27 رقم 6010، وتهذيب التهذيب 8/ 126، 127 رقم 220، وتقريب(4/273)
صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أسلم [1] هو وأبوه، وأبو هريرة معًا، ولعمْران أحاديث.
ولي قضاء الْبَصْرَةِ، وَكَانَ عمر بن الخطاب بعثه إليهم ليفقههم، وَكَانَ الْحَسَن الْبَصْرِيُّ يحلف مَا قدِم عليهم الْبَصْرَةَ بخير لهم من عِمْران بن حُصَين.
رَوَى عَنْهُ: الْحَسَن، ومحمد بن سيرين، ومطرف بن عَبْد اللَّهِ بن الشّخّير، وزُرَاره بن أوفى، وزَهْدَم الجَرْمي، والشَّعْبِيُّ، وأَبُو رجاء العُطاردي، وعَبْد اللَّهِ بن بُريدة، وطائفة سواهم.
قَالَ زُرارة بن أوفي: رأيت عِمْران بن حُصَين يلبس الخزّ [2] .
وَقَالَ مُطَرِّفُ بْنُ الشِّخِّيرِ: قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَينٍ: أَنَا أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَكَ بِهِ، إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ، وَلَمْ يَنْزِلْ فِيهِ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهُ، وَإِنَّهُ كَانَ يُسَلَّمُ عَلَيَّ، يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ، فَلَمَّا اكْتَوَيْتُ، أَمْسَكَ، فَلَمَّا تَرَكْتُهُ عَادَ إِلَيَّ [3] .
مُتَّفقٌ عَلَيْهِ، وَلِعمران غزوات مع النبي صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وَكَانَ ببلاد قومه ويتردد إِلَى المدينة.
أَبُو خُشَيْنة [4] حاجب بن عمر [5] ، عَن الحكم بن الأعرج، عَن عمران بن حُصَين قَالَ: مَا مسست ذَكَري بيميني منذ بايعت رَسُول الله صلى الله عليه وآله وسلم [6] .
__________
[ () ] التهذيب 2/ 82 رقم 720، ومجمع الزوائد 9/ 381، وخلاصة تذهيب التهذيب 295، وشذرات الذهب 1/ 62.
[1] «أسلم» غير موجود في الأصل، والاستدراك من (البداية والنهاية 8/ 60) .
[2] طبقات ابن سعد 4/ 291.
[3] أخرجه مسلم في الحج (167/ 1226) باب جواز التمتّع، وأحمد في المسند 4/ 427، وابن سعد في الطبقات 4/ 290.
[4] في الأصل «أبو خسعة» ، والتصويب من خلاصة التذهيب 66.
[5] كذا في الأصل وفي (تهذيب التهذيب 2/ 133) وفي (خلاصة التذهيب 66) : «عمرو) .
[6] رجاله ثقات، وهو في مسند أحمد 4/ 439، والطبقات الكبرى 4/ 287، والمستدرك 3/ 472، وكذلك في تلخيصه، ومجمع الزوائد 9/ 381.(4/274)
هشام، عَن ابن سيرين قَالَ: مَا قدِم الْبَصْرَةَ أحد يُفضلُ عَلَى عِمْران بن حُصَين [1] .
هشام الدسْتَوائي، عَن قَتَادة: بلغني أن عِمْران بن حُصَين قَالَ: وددت أني رماد تذروني [2] .
قلت: وَكَانَ ممن اعتزل الفتنة وذمّها.
قَالَ أيوب، عَن حُمَيد بن هلال، عَن أبي قَتَادة قَالَ: قَالَ لي عِمْران بن حُصَين: الزَم مسجدك. قلت: فإن دُخل عَلِيّ؟ قَالَ: الزم بيتك، قلت: فإن دُخِلَ بيتي؟ فَقَالَ: لَوْ دَخَلَ عَلِيّ رَجُلٌ يريد نفسي ومالي، لرأيت أنْ قَدْ حل لي قتاله [3] .
ثابت، عَن مُطَرَف، عَن عِمْران قَالَ: قَدِ اكتوينا، فما أفلحْنَ وَلَا أنجحْن [4] يعني المكاوي [5] .
قَتادة، عَن مطرف قَالَ: أرسل إليّ عِمْران بن حُصَين في مرضه، فَقَالَ إِنَّهُ كَانَ يسَلَّم عَلَيّ- يعني الملائكة- فإن عشتُ، فاكتم عَليّ، وإن متٌ، فحدث بِهِ إن شئت [6] .
حُمَيد بن هلال، عَن مطرف، قلت لعِمْران: مَا يمنعني من عيادتك إِلَّا مَا أرى من حالك، قَالَ: فلا تفعل، فإن أحبّه إِلَيّ أحبّه إِلَى اللَّه [7] .
قَالَ يزيد بن هارون: أنبأ إِبْرَاهِيم بن عطاء مولى عِمْران بن حصين،
__________
[1] طبقات ابن سعد 4/ 287، مجمع الزوائد 9/ 381.
[2] في العبارة اكتفاء، وهي في طبقات ابن سعد 4/ 287، وفيه «تذروني الرياح» .
[3] طبقات ابن سعد 4/ 288 ورجاله ثقات.
[4] في طبعة القدسي «أفلحنا» و «أنجحنا» ، والتصويب من طبقات ابن سعد وغيره.
[5] إسناده صحيح، أخرجه ابن سعد في الطبقات 4/ 288، 289، وأبو داود (3865) ، والترمذي (2049) وابن ماجة (3490) ، وأخرجه أحمد في المسند 4/ 427 و 446.
[6] المستدرك 3/ 472.
[7] طبقات ابن سعد 4/ 290.(4/275)
عَن أبيه: أن عِمْران قضى عَلَى رَجُل بقضية، فَقَالَ: واللَّه لقد قضيت عَلَيّ بجور، وَمَا ألْوَتَ، قَالَ: وكيف ذلك؟ قَالَ: شهد عَلِيّ بزور، قَالَ: مَا قضيت عليك، فهو في مالي، وو الله لَا أجلس مجلسي هَذَا أبدًا [1] .
وكان نقش خاتم عمران تمثال رجل، متقلدا لسيف.
شُعْبَةُ: ثَنَا فُضَيْلُ بْنُ فَضَالَةَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فِي مِطْرَفِ خَزٍّ، لَمْ نَرَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ وَلَا بَعْدَ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ» [2] .
وَقَالَ محمد بن سيرين: سَقَى بطنُ عِمْران بن حُصَين ثلاثين سَنَة، كل ذلك يُعرض عَلَيْهِ الكي فيأبى، حَتَّى كَانَ قبل موته بسنتين، فاكتوى. رواه يزيد، عَن إِبْرَاهِيم، عَنْهُ [3] .
وَقَالَ عمْران بْنُ حُدَير، عَن أَبِي مِجْلَز قَالَ: كَانَ عِمْران ينهى عَن الكيّ فابتُلي، فاكتوى، فكان يعجّ [4] .
وَقَالَ حُمَيد بن هلال، عَن مطرف: قَالَ لي عِمْران: لَمَّا اكتويت انقطع عني التسليم، قلت: أمن قِبَل رأسك كَانَ يأتيك التسليم؟ قَالَ: نعم، قلت:
سيعود، فلما كَانَ بَعْدَ ذلك قَالَ: أشعرت أن التسليم عاد إِلَى، ثُمَّ لَمْ يلبث إِلَّا يسيرًا حَتَّى مات [5] .
ابن عُلَيّة، عَن سلمة بن علقمة، عَن الْحَسَن: أن عِمْران بن حُصَين
__________
[1] طبقات ابن سعد 4/ 287.
[2] أخرجه أحمد في المسند 4/ 438، وابن سعد في الطبقات 4/ 291 و 311، والترمذي (2819) .
[3] طبقات ابن سعد 4/ 288.
[4] في طبقات ابن سعد 4/ 289: «ولقد اكتويت كيّة بنار، ما أبرأت من ألم، ولا شفت من سقم» .
[5] طبقات ابن سعد 4/ 289.(4/276)
أوصى لأمهات أولاده بوصايا وَقَالَ: أيُّما امرأة منهن صرخت عَلَيّ، فلا وصية لها.
تُوُفِّيَ عِمْرانُ سَنَة اثنتين وخمسين.
عمرو بن الأسود العَنْسي [1]- خ م د ن ق- ويسمى عُمَيْرًا، سكن داريا، وَهُوَ مخضرم أدرك الجاهلية.
وَرَوَى عَن: عمر، ومُعاذ، وابن مسعود، وجماعة.
وعنه: خالد بن مَعْدان، وزياد بن فياض، ومجاهد بن جبر، وشُرَحْبيل بن مسلم الخَوْلاني، وابنه حُكَيْم بن عُمَير، وجماعة.
وَكَانَ من عُباد التابعين وأتقيائهم، كنيته أَبُو عياض، وقيل: أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ.
قَالَ بقية، عَن صفوان بن عمرو [2] ، عَن عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ جُبير بْنِ نُفير قَالَ: حج عمرو بن الأسود، فلما انتهى إِلَى المدينة نظر إليه عَبْد اللَّهِ بن عمر قائمًا يصلي، فسأل عَنْهُ، فقيل: هَذَا رَجُلٌ من أَهْل الشَّام يُقَالُ لَهُ عمرو بن الأسود، فَقَالَ: مَا رأيت أحدًا أشبه صلاة وَلَا هَدْيًا وَلَا خشوعًا وَلَا لبسة برَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، من هَذَا الرجل.
هكذا رواه عيسى بن المنذر الحمصي، عن بقيّة.
__________
[1] انظر عن (عمرو بن الأسود) في: طبقات ابن سعد 7/ 442، وتاريخ أبي زرعة، 1/ 392، ومشاهير علماء الأمصار 113 رقم 860، وطبقات خليفة 280، والمعرفة والتاريخ 2/ 158 و 314 و 348 و 646، وترتيب الثقات للعجلي 362 رقم 1248، والثقات لابن حبان 7/ 171، والتاريخ الصغير 59 و 64، والتاريخ الكبير 6/ 315 رقم 2504، والجرح والتعديل 6/ 220، 221 رقم 1222، وأسد الغابة 4/ 84، 85، والكاشف 2/ 280 رقم 4192، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 318، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 52، وتهذيب التهذيب 8/ 4- 6 رقم 5، وتقريب التهذيب 2/ 65 رقم 535، والإصابة 2/ 523 رقم 5762، وخلاصة تذهيب التهذيب 287.
[2] في الأصل: «صفوان عن عمرو» ، والتصويب من (خلاصة التذهيب 174) .(4/277)
ورواه عَنْهُ عَبْد الْوَهاب بن نجدة، عَن أرطأة بن المنذر الحمصي، عَن بقية.
ورواه عَنْهُ عَبْد الْوَهاب بن نجدة، عَن أرطأة بن المنذر، حدثني رُزيق أَبُو عَبْد اللَّهِ الألهاني أن عمرو بن الأسود قدم المدينة، فرآه ابن عمر يصلي فقال: من سره أن ينظر إلى أشبه الناس صلاة برسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ [1] فلينظر إِلَى هَذَا. ثُمَّ بَعَثَ ابن عمر بقرًى ونفقة وعلف إليه، فقبل القِرى والعلف، وردّ النفقة.
وأما مَا رواه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْغَسَّانِيُّ، عَنْ ضَمرة بن حبيب، وحكيم بن عُمْير قالا: قَالَ عمر بن الخطاب: من سره أن ينظر إلى هدي رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، فلينظر إِلَى عمرو بن الأسود. فهَذَا منقطع.
وَعَن شرَحْبيل قَالَ: كَانَ عمرو بن الأسود يدع كثيرًا من الشبع، مخافة الأشر.
قرأت عَلَى أَحْمَد بن إِسْحَاق: أنبأ الفتح بن عَبْد السلام، أنبأ ابن الداية وأَبُو الفضل الأرموي، ومحمد بن أَحْمَد قالْوَا: أنبأ ابن المسلمة، أنبأ أَبُو الفضل الزُهْري، أنبأ جعفر الفريابي: ثنا إبراهيم بن العلاء الحمصي: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ بَحِيرِ [2] بْنِ سعيد، عن خالد بن معدان، عن عمرو بن الأسود العنسي: أنه كان إذا خرج إلى المسجد، قبض بيمينه على شماله، فسئل عن ذلك فقال: مخافة أن تنافق يدي، يعني لئلًا يخطر بِهَا في مشيته، فيكون ذلك نفاقًا.
عمرو بن حزم [3]- ن ق- بن زيد بن لَوْذان بن حارثة [4] ، أَبُو الضّحّاك-
__________
[1] اختصره في أسد الغابة 4/ 85.
[2] بكسر الحاء المهملة، وفي الأصل غير منقوط، والتصويب من تهذيب التهذيب 1/ 431.
[3] انظر عن (عمرو بن حزم) في:
طبقات خليفة 89، وفتوح البلدان 83، 84، والأخبار الطوال 112 و 265، والاستيعاب 2/ 517، والتاريخ الكبير 6/ 305 رقم 2478، والتاريخ الصغير 45، وتاريخ اليعقوبي
[4] اختلف في نسبته، كما في (أسد الغابة) .(4/278)
وقيل أَبُو محمد- الْأَنْصَارِيّ النجاري.
قَالَ ابن سعد: شهد الخندق [1] ، واستعمله النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ عَلَى نجران، وَهُوَ ابن سبع عشرة سَنَة، وبعثه أيضًا بكتاب فِيهِ فرائض إِلَى اليمن [2] .
رَوَى عَنْهُ: ابنه محمد، وحفيده أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، والنّضر بن عَبْد اللَّهِ السّلمي، وزياد الحضْرمي، وامرأته سَوْدة.
تُوُفِّيَ سَنَة ثلاث، وقيل سَنَة أربع، وقيل سَنَة إحدى وخمسين.
عمرو بن الحَمق [3] .
يُقَالُ: قُتِلَ سَنَة إحدى وخمسين.
عمرو بن عوف [4] ، بن زيد بن مُلَيْحة [5] المزَني، أَبُو عبد الله.
__________
[ () ] 2/ 176، وأنساب الأشراف 1/ 242 و 529، وق 4 ج 1/ 591، وسيرة ابن هشام 1/ 92، و 2/ 83 و 149 و 160 و 3/ 13 و 29 و 137 و 4/ 237، وتاريخ الطبري 3/ 106 و 128 و 130 و 185 و 228 و 230 و 318 و 319 و 4/ 371 و 379 و 383 و 385 و 393، والجرح والتعديل 6/ 224، 225 رقم 1247، ومشاهير علماء الأمصار 22، 23 رقم 96، والمحبّر 431، والخراج وصناعة الكتابة 275، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 105 رقم 297، وتاريخ أبي زرعة 1/ 455، والمعرفة والتاريخ 1/ 331 و 379 و 2/ 216 و 3/ 179، والكامل في التاريخ 2/ 293 و 336 و 337 و 366 و 3/ 171 و 177 و 496 و 5/ 231، وتاريخ خليفة 94 و 97 و 218، والتاريخ لابن معين 2/ 441، 442، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 26 رقم 14، وتحفة الأشراف 8/ 147- 149 رقم 403، وتهذيب الكمال 2/ 1029، 1030، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 692، وعهد الخلفاء الراشدين، منه 104 و 45 و 479، والمعين في طبقات المحدّثين 25 رقم 97، والكاشف 2/ 282 رقم 4208، وأسد الغابة 4/ 98، 99، والنكت الظراف 8/ 148، والإصابة 2/ 532 رقم 8510، وتهذيب التهذيب 8/ 20، 21 رقم 31، وتقريب التهذيب 2/ 68 رقم 562، وخلاصة تذهيب التهذيب 288.
[1] سيرة ابن هشام 3/ 29.
[2] انظر الخبر مطوّلا في سيرة ابن هشام (بتحقيقنا) 4/ 237- 239.
[3] سبقت ترجمته في الطبقة الماضية، وقد حشدت مصادر الترجمة هناك، فلتراجع.
[4] انظر عن (عمرو بن عوف المزني) في:
طبقات ابن سعد 4/ 363، ومسند أحمد 4/ 137، والتاريخ الكبير 6/ 307 رقم 2484، وتاريخ خليفة 226، والمعرفة والتاريخ 1/ 325، وتاريخ أبي زرعة 1/ 162 و 582، وتاريخ
[5] ويقال: «ملحة» بكسر الميم.(4/279)
قديم الصّحبة، وكان أحد البكّاءين في غزوة تبوك، شهد الخندق وسكن المدينة.
رَوَى كثير بن عَبْد اللَّهِ بن عمرو، عَن أبيه، عَن جده، عدّة أحاديث، وكثير وَاهِي الحديث.
تُوُفِّيَ عمرو في آخر زمن مُعَاوِيَة.
عمرو بن مُرة [1]- ت- بن عبْس الجُهَني.
لَهُ صُحْبة ورواية قليلة، وَكَانَ قوّالًا بالحقّ، وقد وفد عَلَى مُعَاوِيَة، وَكَانَ ينزل فلسطين، وَكَانَ بطلًا شجاعًا، أسلم وَهُوَ شيخ، وكان معاوية يسمّيه أسد جُهَينة.
رَوَى عَنْهُ: عيسى بن طلحة، والقاسم بن مُخَيْمَرة، وحُجْر بن مالك، وغيرهم.
وهو والد طلحة، صاحب درب طلحة بداخل باب توما بدمشق.
__________
[ () ] الطبري 2/ 567 و 4/ 69، والجرح والتعديل 6/ 242 رقم 1341، والاستيعاب 2/ 516، وجمهرة أنساب العرب 202، وأسد الغابة 4/ 124، 125، وتهذيب الكمال 2/ 1045، وتحفة الأشراف 8/ 165- 168 رقم 410، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 33 رقم 21، والنكت الظراف 8/ 167، والإصابة 3/ 9 رقم 5924، وتهذيب التهذيب 8/ 85 رقم 127، وتقريب التهذيب 2/ 75 رقم 645، وخلاصة تذهيب التهذيب 292.
[1] انظر عن (عمرو بن مرّة) في:
طبقات ابن سعد 4/ 347، والتاريخ الكبير 6/ 308 رقم 2487، والجرح والتعديل 6/ 257 رقم 1420، وتاريخ الطبري 4/ 24 و 5/ 315، وتاريخ أبي زرعة 1/ 465، 466 و 653 و 663 و 671 و 2/ 679، وأنساب الأشراف 1/ 15، 16، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 134 رقم 587، وطبقات خليفة 120 و 306، ومشاهير علماء الأمصار 52 رقم 350 (دون ترجمة) ، وربيع الأبرار 4/ 246، وجمهرة أنساب العرب 445، والمعرفة والتاريخ 1/ 333، ومسند أحمد 4/ 231، وسيرة ابن هشام 1/ 26، والتاريخ الصغير 100، و 128، وتاريخ اليعقوبي 2/ 240، والاستيعاب 2/ 519، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 499، والكامل في التاريخ 3/ 521، وأسد الغابة 4/ 130، 131، وتحفة الأشراف 8/ 171، 172 رقم 415، وتجريد أسماء الصحابة 1/ 417، والكاشف 2/ 295 رقم 4298، وتهذيب التهذيب 8/ 103، 104 رقم 164، وتقريب التهذيب 2/ 79 رقم 678، والإصابة 3/ 15 رقم 5961، وخلاصة تذهيب التهذيب 293، وتهذيب الكمال 2/ 1050.(4/280)
وبقي عمرو إِلَى أن غزا سَنَة تسع وخمسين، ولعلّه بقي بَعْدَها.
عُمَير بن جودان [1] ، العَبْدي.
بَصْرِيٌّ، أرسل عَن النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ، وبعضهم يقول: لَهُ صُحْبة.
رَوَى عَنْهُ: ابنه أشعث، ومحمد بن سيرين.
عياض [2] بن حِمار [3]- م 4- المجاشعي التميمي [4] .
لَهُ صُحْبَةٌ وَنَزَلَ الْبَصْرَةَ، وَلَمَّا وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ أَهْدَى لَهُ نَجِيبَةً فَقَالَ:
إِنَّا نُهِينَا أَنْ نَقْبَلَ زَبْدَ الْمُشْرِكِينَ، فَلَمَّا أَسْلَمَ قَبِلَهَا مِنْهُ [5] .
رَوَى عَنْهُ: العلاء بن زياد العدوي، ومطرّف، ويزيد، ابنا عبد الله بن
__________
[1] انظر عن (عمير بن جودان) في:
مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 142 رقم 687، والجرح والتعديل 375 رقم 2075، والتاريخ الكبير 6/ 536 رقم 237، والاستيعاب 2/ 493 وفيه «عمير بن حردان» وأسد الغابة 4/ 141، وتجريد أسماء الصحابة 1/ 422، والإصابة 3/ 29، 30 رقم 6025، وجامع التحصيل 304 رقم 593.
[2] انظر عن (عياض بن حمار) في:
طبقات ابن سعد 7/ 36. والتاريخ الكبير 7/ 19 رقم 86، وتاريخ أبي زرعة 2/ 685، وأنساب الأشراف 1/ 117، والمعجم الكبير 17/ 357- 366، والمحبّر 181، وطبقات خليفة 40 و 178، ومسند أحمد 4/ 161 و 266، وجمهرة أنساب العرب 231، ومشاهير علماء الأمصار 40 رقم 242، والاستيعاب 2/ 493، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 88 رقم 94، والمعارف 337، والإكمال 2/ 547، 548، وأسد الغابة 4/ 2162، والمعين في طبقات المحدّثين 25 رقم 103، والكاشف 2/ 312 رقم 4424، وتبصير المنتبه 1/ 260، والمشتبه 1/ 170، والإصابة 3/ 47 رقم 6128، وتهذيب التهذيب 8/ 200 رقم 366، وتقريب التهذيب 2/ 95 رقم 854، وخلاصة تذهيب التهذيب 301، وتحفة الأشراف 8/ 250- 252 رقم 430، وتهذيب الكمال 2/ 1076، وتهذيب الأسماء ق 1 ج 2/ 42 رقم 42، والجرح والتعديل 6/ 407 رقم 2274.
[3] في طبعة القدسي «حماد» بالدال، وهو تصحيف، والصواب ما أثبتناه، وقد تصحّف في عدّة مصادر أيضا، ولذلك قال ابن حجر- رحمه الله-: «وأبوه باسم الحيوان، وقد صحّفه بعض المتنطّعين لظنّه أنّ أحدا لا يسمّى بذلك» . (الإصابة 3/ 47) .
[4] في (أسد الغابة 4/ 164) : «كذا نسبه خليفة بن خياط، وقال أبو عبيدة: هو عياض بن حماد بن عرفجة بن ناجية» .
[5] طبقات ابن سعد 7/ 36.(4/281)
الشخير، والحَسَن الْبَصْرِيُّ.
وله حديث طويل في «صحيح مسلم» [1] .
عياض بن عمرو الأشعري [2] .
نَزَلَ الكوفة، وله صحبة إن شاء الله.
__________
[1] ولفظه بطوله في كتاب الجنة (2865) باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار، من طريق: قتادة، عن مطرّف بن عبد الله بن الشّخّير، عن عياض بن حمار المجاشعي: أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ذات يوم في خطبته: «ألا إنّ ربّي أمرني أن أعلّمكم ما جهلتم مما علّمني، يومي هذا، كل مال نحلته عبدا، حلال. وإني خلقت عبادي حنفاء كلّهم. وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم. وحرّمت عليهم ما أحللت لهم. وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا. وإنّ الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم، إلّا بقايا من أهل الكتاب. وقال: إنّما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك. وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء. تقرءوه نائما ويقظان. وإنّ الله أمرني أن أحرّق قريشا. فقلت: ربّ إذا يثلغوا رأسي، فيدعوه خبزة. قال: استخرجهم كما استخرجوك واغزهم نغزك. وأنفق فسننفق عليك. وابعث جيشا. نبعث خمسة مثله. وقاتل بمن أطاعك من عصاك. قال: وأهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدّق موفّق. ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم.
وعفيف متعفّف ذو عيال قال: وأهل النار خمسة: الضعيف الّذي لا زبر له، الذين هم فيكم تبعا لا يتبعون أهلا ولا مالا، والخائن الّذي لا يخفى له طمع، وإن دقّ إلّا خانه. ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك» . وذكر البخل أو الكذب. «والشنظير الفحّاش» ، ولم يذكر أبو غسّان في حديثه: وأنفق فسننفق عليك» . (فاجتالتهم) : أي استخفوهم فذهبوا بهم، وأزالوهم عما كانوا عليه، وجالوا معهم في الباطل، وقال شمر: اجتال الرجل الشيء ذهب به. واجتال أموالهم ساقها وذهب بها.
(إذا يثلغوا رأسي) أي يشدخوه ويشجّوه كما يشدخ الخبز، أي يكسر.
(نغزك) أي نعينك.
(لا زبر له) أي لا عقل له يزبره ويمنعه مما لا ينبغي. وقيل: هو الّذي لا مال له.
[2] انظر عن (عياض بن عمرو) في:
طبقات ابن سعد 6/ 152، والتاريخ الكبير 7/ 19، 20 رقم 87، وتاريخ اليعقوبي 2 ج 278، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 122 رقم 486، وتاريخ الطبري 4/ 39، والمراسيل لابن أبي حاتم 151 رقم 278، والجرح والتعديل 407 رقم 2276، والمعجم الكبير للطبراني 17/ 371، وأسد الغابة 4/ 164، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 42، 43 رقم 43، وتجريد أسماء الصحابة 1/ 431، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 217، والكاشف/ 313 رقم 4428، وتحفة الأشراف 8/ 252 رقم 431، وتهذيب الكمال 2/ 1076، وتهذيب التهذيب 8/ 202 رقم 373، وتقريب التهذيب 2/ 96 رقم 861، والإصابة 3/ 49 رقم 6139، والاستيعاب 3/ 129، وجامع التحصيل 306 رقم 605.(4/282)
رَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ شهد عيدًا بالأنبار فقال: ما لي أراهم لَا يقلّسون [1] كما كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ يقلّس لَهُ [2] .
وَقَالَ شُعبة، عَن سِماك، عَن عياض قَالَ: لَمَّا نزلت فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ 5: 54 [3] قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «هم قوم أبي موسى» [4] .
__________
[1] التقليس: ضرب الدف.
[2] ذكره البخاري في تاريخه 6/ 20 بلفظ «يقلصونه» (بالصاد) ، وأخرجه ابن ماجة في كتاب إقامة الصلاة والسّنّة فيها، من طريق: شريك، عن مغيرة، عن عامر، قال: شهد عياض الأشعريّ عيدا بالأنبار، فقال: ما لي لا أراكم تقلّسون كما كان يقلّس عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم» (باب 163) رقم (1302) .
[3] سورة المائدة- الآية 54.
[4] أخرجه ابن عساكر في تبيين كذب المفتري- ص 49.(4/283)
[حرف الفاء]
فاطمة بِنْت قيس الفهرية [1]- ع-.
أخت الضحاك بن قيس التي كانت تحت أَبِي عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي، فطلقها، فخطبها مُعَاوِيَة وأَبُو جهم، فنصحها النبي صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وأشار عليها بأسامة، فتزوجت بِهِ.
وَهِيَ التي تَروِيَ حديث السّكْنَى والنفقة في الطلاق والعدّة [2] .
وهي رواية حديث الجسّاسة [3] .
__________
[1] انظر عن (فاطمة بنت قيس) في:
مسند أحمد 6/ 373 و 411، والتاريخ لابن معين 2/ 739، وطبقات ابن سعد 8/ 273، وطبقات خليفة 335، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 88 رقم 89، وجمهرة أنساب العرب 178، والمعرفة والتاريخ 2/ 698 و 3/ 236، وتاريخ الطبري 4/ 234 و 239، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1356، والبدء والتاريخ 2/ 169، والمعجم الكبير للطبراني 24/ 365- 405، والمستدرك 4/ 55، وأسد الغابة 5/ 526، 527، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 353 رقم 756، وتحفة الأشراف 12/ 461- 471 رقم 906، وسير أعلام النبلاء 2/ 319 رقم 60، والمعين في طبقات المحدّثين 30 رقم 173، والكاشف 3/ 432 رقم 112، وتهذيب التهذيب 12/ 443، 444 رقم 2866، وتقريب التهذيب 2/ 609 رقم 8، والإصابة 4/ 384 رقم 851، والنكت الظراف 12/ 465- 467، وخلاصة تذهيب التهذيب 494.
[2] أخرجه مسلم في الطلاق (1480) باب: المطلّقة ثلاثا لا نفقة لها. وأبو داود في الطلاق (2284) باب في نفقة المبتوتة، والترمذي في النكاح (1125) باب: ما جاء أن لا يخطب الرجل على خطبة أخيه، وأخرجه مالك في الموطّأ 2/ 98، 99، والطبراني في المعجم الكبير 24/ 365 رقم 906 و 907.
[3] هو جزء من الحديث السابق. أخرجه البخاري (9/ 421، 422) .(4/284)
رَوَى عنها: الشَّعْبِيُّ، وأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ بن الحارث، وغيرهم.
تُوفْيت فيما أرى بَعْدَ الخمسين.
فَضَالَةُ بن عُبيد [1] ، - م 4- أَبُو محمد الْأَنْصَارِيّ.
قاضي دمشق.
كَانَ أحد من بايع بَيْعة الرضوان، ولي الغزو لمعاوية، ثُمَّ ولي لَهُ قضاء دمشق، وناب عَنْهُ بِهَا.
لَهُ عدّة أحاديث.
رَوَى عَنْهُ: عَبْد اللَّهِ بن مُحَيْريز، وحَنش الصنعاني، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن جُبير بن نُفَير، وعلاء بن رباح، والقاسم أَبُو عَبْد الرحمن، وغيرهم.
__________
[1] انظر عن (فضالة بن عبيد) في:
طبقات ابن سعد 7/ 401، والمحبّر 294، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 85 رقم 64، والمغازي للواقدي 682، وطبقات خليفة 85، وتاريخ خليفة 209 و 218 و 227، وتاريخ أبي زرعة 1/ 199 و 223 و 224 و 543 و 629 و 689، والتاريخ الصغير 63، والتاريخ الكبير 7/ 124 رقم 556، والجرح والتعديل 7/ 77 رقم 433، والمعرفة والتاريخ 1/ 341، وأخبار القضاة لوكيع 3/ 200، والمعجم الكبير للطبراني 18/ 298- 319، وتاريخ الطبري 4/ 430 و 5/ 232 و 234 و 253 و 330، وفتوح البلدان 182، وتاريخ اليعقوبي 2/ 240، ومشاهير علماء الأمصار 52 رقم 339، والمستدرك 3/ 473، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 132، 133 و 160، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1621، والاستيعاب 3/ 197، وحلية الأولياء 2/ 17 رقم 110، والزيارات 13، وتهذيب التهذيب ق 1 ج 2/ 50 رقم 53، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 87، وأسد الغابة 4/ 182، والكامل في التاريخ 3/ 191 و 458 و 461 و 472 و 496 و 4/ 11، وتحفة الأشراف 8/ 258- 263 رقم 439، وتهذيب الكمال 2/ 1095، والكاشف 2/ 327 رقم 4527، والعبر 1/ 58، وسير أعلام النبلاء 3/ 113- 117 رقم 23، والمعين في طبقات المحدثين 25 رقم 104، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 457، والوفيات لابن قنفذ 67، ودول الإسلام 1/ 39، والبداية والنهاية 8/ 78، ومرآة الجنان 1/ 136، والتذكرة الحمدونية 162، والإصابة 3/ 206، 207 رقم 6992، والنكت الظراف 8/ 259- 262، وتهذيب التهذيب 8/ 267، 268 رقم 498، وتقريب التهذيب 2/ 109 رقم 28، وخلاصة تذهيب التهذيب 262، وتاج العروس 8/ 62.(4/285)
قَالَ سَعِيد بن عَبْد العزيز: كَانَ أصغر من شهد بيعة الرضوان.
وَقَالَ علاء بن رباح: أمسكت عَلَى فَضَالَةَ بن عُبيد القرآن، حَتَّى فرغ مِنْهُ.
تُوُفِّيَ سَنَة ثلاث وخمسين. قاله المدائني.
وَقَالَ خَلِيفَة [1] : تُوُفِّيَ سَنَة تسع وخمسين.
ورد أَنَّهُ قرأ: وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً 28: 10- بالزاي [2] .
فيروز أَبُو الضَّحَّاك الدَّيَّلمي [3] ، - 4-.
قاتل الأسود العنسي، لَهُ صُحبة ورواية، وَهُوَ من أبناء الفرس الذين نزلَوْا اليمن، وفد عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ برأس الأسود- فيما بلغنا فوجده تُوُفِّيَ.
رَوَى عَنْهُ: ابناه عَبْد اللَّهِ، والضحاك.
وتوفي سنة ثلاث وخمسين.
__________
[1] تاريخ خليفة 227.
[2] بدلا من «فارغا» سورة القصص/ 10.
[3] انظر عن (فيروز الديلميّ) في:
تاريخ اليعقوبي 2/ 130 و 234، وفتوح البلدان 126، 127، وتاريخ الطبري 3/ 158 و 187 و 229، و 230 و 232- 238 و 318 و 323- 325 و 328 و 341، وطبقات ابن سعد 5/ 533، ومسند أحمد 4/ 232، وجمهرة أنساب العرب 512، والمعرفة والتاريخ 3/ 262، والتاريخ الكبير 7/ 136، 137 رقم 616، وتاريخ أبي زرعة 336 و 338، وتاريخ خليفة 117، وطبقات خليفة 7 و 286، ومقدمة مسند بقيّ بن مخلد 108 رقم 332، والجرح والتعديل 7/ 92 رقم 521، والمعارف 335، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1521، والاستيعاب 3/ 204- 208، وصبح الأعشى 5/ 26 و 46، والمعجم الكبير 18/ 328- 332، وأسد الغابة 4/ 186، والكامل في التاريخ 3/ 496، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 15، وتحفة الأشراف 8/ 271- 273، وتهذيب الكمال 2/ 1106، ومرآة الجنان 1/ 136، والوفيات لابن قنفذ 42 رقم 11، والمنتخب من ذيل المذيل 547، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 52، 53 رقم 57، والكاشف 2/ 333 رقم 4567، والمعين في طبقات المحدّثين 25 رقم 106، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 16- 19 و 30، 31، والإصابة 3/ 210، 211 رقم 7010، وتهذيب التهذيب 8/ 305 رقم 552، وتقريب التهذيب 2/ 114 رقم 81، والنكت الظراف 8/ 371، 272، وخلاصة تذهيب التهذيب 211.(4/286)
[حرف القاف]
قُثَم بن العباس [1] عمّ رَسُول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وأمه لبابة بِنْت الحارث الهلالية، وكانت أول امرأة أسلمت فيما قاله الكلبي بَعْدَ خديجة، وقد أردفه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلم خلفه [2] .
__________
[1] انظر عن (قثم بن العباس) في:
طبقات ابن سعد 4/ 6 و 7/ 367، ونسب قريش 27، والمحبّر 17 و 46 و 107، ومشاهير علماء الأمصار (9، 10 رقم 19) (61 رقم 417) ، وأنساب الأشراف 1/ 447 و 539 و 569 و 577 و 578، و 3/ 22 و 23 و 35 و 61 و 65 و 66، والمغازي للواقدي 704، وطبقات خليفة 230، وتاريخ خليفة 198 و 201، والتاريخ لابن معين 2/ 485، والجرح والتعديل 7/ 145 رقم 805، وتاريخ الطبري 2/ 466 و 3/ 211 و 213، 214 و 4/ 445 و 455 و 492 و 5/ 92 و 132 و 155، وفتوح البلدان 509، وتاريخ اليعقوبي 2/ 117 و 179 و 212 و 213 و 237، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1481 و 1631 و 2374 و 3494 و 3632، والمعارف 121، 122 و 166، والزيارات 99، والتاريخ الصغير 48 و 73، والتاريخ الكبير 7/ 194 رقم 863، وسيرة ابن هشام 4/ 313 و 315، ومقاتل الطالبيين 20، والمعجم الكبير 390 رقم 1381، والثقات لابن حبان 3/ 337، والخراج وصناعة الكتابة 406، وأسد الغابة 4/ 197، 198، والكامل في التاريخ 2/ 332 و 3/ 204 و 222 و 350 و 374 و 377 و 378 و 398 و 513، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 59 رقم 68، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 438، وعهد الخلفاء الراشدين 218، وسير أعلام النبلاء 3/ 440- 442 رقم 82، ومرآة الجنان 1/ 128، 129، والعبر 1/ 61، والاستيعاب 3/ 275- 280، والبداية والنهاية 8/ 78، والجمع بين رجال الصحيحين 2/ 327، والعقد الثمين 7/ 67، والتذكرة الحمدونية 345، ودول الإسلام 1/ 41، وتهذيب التهذيب 8/ 361، 362 رقم 641، وتقريب التهذيب 2/ 123 رقم 86، والإصابة 3/ 226، 227 رقم 7081، وخلاصة تذهيب التهذيب 271، وشذرات الذهب 1/ 61.
[2] أخرجه البخاري في التاريخ الكبير 7/ 194، وأحمد في المسند 1/ 205 من طريق روح بن(4/287)
وَكَانَ آخر من خرج من لحْد النبي صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ. قاله ابن عباس.
وَلَمَّا ولي عَلِيّ الخلافة استعمل قُثَمًا عَلَى مكة، فلم يزل عليها حَتَّى استشهد عليّ. قاله خَلِيفَة [1] .
وَقَالَ الزبير بن بكار: استعمله عَلِيّ عَلَى المدينة، ثُمَّ إن قُثَمًا سَارَ أيام مُعَاوِيَة مع سَعِيد بن عُثْمَان إِلَى سمرقند، فاستشهد بِهَا [2] .
قَالَ ابن سعد [3] : غزا قُثَم خُراسان، وعليها سَعِيد بن عُثْمَان بن عفان، فَقَالَ لَهُ: أضرِبُ لك بألف سهم؟ فَقَالَ: لَا بل خمّس، ثُمَّ اعطِ النَّاس حقوقهم، ثُمَّ اعطني بَعْدَ مَا شئتَ. وَكَانَ قُثَم ورعًا فاضلًا.
كان يشبّه بالنبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وله صُحْبة ورواية، وَلَمْ يُعقب.
قُطْبة بن مالك [4]- م ت ن ق- الثعلبي الذبياني.
صحابي معروف، نَزَلَ الْكُوفَة، وله رواية.
وعنه: ابن أخيه زياد بن علاقة.
__________
[ () ] عبادة، أخبرنا ابن جريج، أخبرني جعفر بن خالد بن سارة المخزومي، أن أباه أخبره أن عبد الله بن جعفر قال: لو رأيتني وقثما، وعبد الله بن عباس نلعب، إذ مرّ بنا النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم على دابّته، فقال: «ارفعوا هذا إليّ» فحملني أمامه. وقال لقثم: «ارفعوا هذا إليّ» ، فحمله وراءه.
[1] تاريخ خليفة 201.
[2] فتوح البلدان 509.
[3] الطبقات الكبرى 7/ 367.
[4] انظر عن (قطبة بن مالك) في:
طبقات ابن سعد 6/ 36، والتاريخ الكبير 7/ 190، 191 رقم 848، وطبقات خليفة 48 و 130، والجرح والتعديل 141 رقم 787، ومسند أحمد 4/ 322، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 100 رقم 230، والمعرفة والتاريخ 2/ 619 و 767، ومشاهير علماء الأمصار 47 رقم 302، والمعجم الكبير 19/ 17- 19، وأسد الغابة 4/ 206، 207، والاستيعاب 3/ 257، وتحفة الأشراف 9/ 283، 284 رقم 451، وتهذيب الكمال 2/ 1130، والكاشف 2/ 345 رقم 4653، والإصابة 3/ 238 رقم 7122، وتهذيب التهذيب 8/ 379، 380 رقم 673، وتقريب التهذيب 2/ 126 رقم 117.(4/288)
قيس بن سعد [1] ، - ع- بن عُبادة بن دُلَيم الْأَنْصَارِيّ الخزرجي المدني.
كَانَ من النبي صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير، لَهُ عدّة أحاديث.
رَوَى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَنِ بن أبي ليلى، وعُرْوة بن الزبير، والشعبي، وميمون بن أَبِي شبيب، وعريب بن حميد الهمدانيّ، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (قيس بن سعد) في:
طبقات ابن سعد 6/ 52، والمحبّر 155 و 184 و 233 و 292 و 305، ومشاهير علماء الأمصار 61 رقم 418، والزيارات 52 و 94، وتاريخ خليفة 197 و 201 و 227، وطبقات خليفة 97 و 140 و 292، والجرح والتعديل 7/ 99 رقم 560، والعقد الفريد 1/ 216 و 256 و 4/ 34 و 338، وتاريخ الطبري 4/ 445- 555، والمعارف 259 و 547 و 593، والبرصان والعرجان 326، والتاريخ الصغير 129، والتاريخ الكبير 7/ 141 رقم 636، وتاريخ اليعقوبي 2/ 179 و 186 و 202 و 214- 216، ومقاتل الطالبيين 61 و 62 و 65- 67 و 71، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 92 رقم 142، والمغازي للواقدي 437 و 547 و 775 و 776 و 822 و 825 و 1095، وصفة الصفوة 1/ 715- 718 رقم 106، والتاريخ لابن معين 2/ 491 رقم 2614، ومسند أحمد 3/ 421 و 6/ 6، وثمار القلوب 88، وعيون الأخبار 2/ 212 و 213 و 3/ 129، والأخبار الطوال 141 و 150 و 207 و 210 و 217 و 218، وفتوح البلدان 269، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 33 و 43 و 56 و 57 و 69، والمعرفة والتاريخ 1/ 299 و 2/ 756 و 811 و 3/ 82، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 2631 و 1678 و 1790 و 1800 و 1801 و 3484 و 3485، والفخري في الآداب السلطانية 165، 166، والبدء والتاريخ 5/ 113، ومعجم الشعراء للمرزباني 324، والأغاني 14/ 66- 86، والاستيعاب 3/ 232- 234، والخراج وصناعة الكتابة 345، وجمهرة أنساب العرب 137 و 365، وربيع الأبرار 4/ 91 و 243 و 346، والولاة والقضاة 20، وتاريخ بغداد 1/ 177، والجمع بين رجال الصحيحين 2/ 417، وجامع الأصول 9/ 101، وأسد الغابة 4/ 215، 216، والكامل في التاريخ 2/ 233 و 3/ 201 و 204 و 266 و 272 و 287 و 297 و 343 و 345 و 525 و 5/ 589، وتحفة الأشراف 8/ 285- 289 رقم 453، وتهذيب الكمال 2/ 1135، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 61، 62 رقم 75، والبداية والنهاية 8/ 99، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 518، وعهد الخلفاء الراشدين 93 و 148 و 545، والكاشف 2/ 348 رقم 4672، والمعين في طبقات المحدّثين 25 رقم 108، وسير أعلام النبلاء 3/ 102- 112 رقم 21، والتذكرة الحمدونية 2/ 102 و 229 و 267، والنكت الظراف 8/ 285 و 288، والإصابة 3/ 349 رقم 7177، وتهذيب التهذيب 8/ 395- 397 رقم 700، وتقريب التهذيب 2/ 128 رقم 142، والنجوم الزاهرة 1/ 95، وخلاصة تذهيب التهذيب 270.(4/289)
وَكَانَ ضخمًا جسيمًا طويلًا جدًا، سيدًا مُطاعًا، كثير المال، جوادًا كريمًا، يُعدّ من دُهاة العرب.
قَالَ عمرو بن دينار: كَانَ ضخمًا جسيمًا، صغير الرأس، وَكَانَ ليست لَهُ لحية، وإذا ركب الحمار خطت رجلاهُ الأرض.
رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَوْلا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يقول: «المكر والخديعة في النار» [1] لكنت من أمكر هَذِهِ الأمة. وَقَالَ مِسْعَر، عَن معَبْد بن خالد: كَانَ قيس بن سعد لَا يزال هكذا رافعًا إصبعه المسبحة، يدعو [2] .
وَقَالَ الزُهري: أخبرني ثعلبة بن أَبِي مالك: أن قيس بن سعد كَانَ صاحب لَوْاء رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ.
وَقَالَ جُوَيْرية بن أسماء: كَانَ قيس يستدين ويطعمهم، فَقَالَ أَبُو بكر وعمر: إن تركْنا هَذَا الفتي أَهْلك مال أبيه، فمشيا في النَّاس، فصلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يومًا، فقام سعد بن عبادة خلفه فَقَالَ: من يعذرني من ابن أَبِي قحافة وابن الخطاب يبخلان عَلَيَّ ابني [3] .
وَقَالَ موسى بن عُقْبة: وَقَفَتْ عَلَى قيسٍ عجوزٌ فقالت: أشكو إليك قلة الجرذان، فَقَالَ: مَا أحسن هَذِهِ الكناية، املئوا بيتها خبزًا وسمنًا وتمرًا [4] .
__________
[1] أخرجه ابن عديّ في (الكامل في ضعفاء الرجال 2/ 584) من طريق: الجرّاح بن مليح البهراني الحمصي، عن أبي رافع، عن قيس بن سعد. كما أخرجه الطبراني في (المعجم الصغير 1/ 261) من طريق: عاصم، عن زرّ بن حبيش، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلم: «من غشّنا فليس منا، والمكر [والخديعة] في النار» . قال الطبراني: لم يروه عن عاصم إلّا الهيثم بن الجهم، ولا عنه إلا ابنه عثمان. وأخرجه الحاكم في المستدرك، من حديث أنس، وإسحاق بن راهويه في المسند، من حديث أبي هريرة، انظر (فتح الباري 4/ 298) وفيه قال الحافظ ابن حجر: لا بأس به.
[2] تاريخ دمشق (مخطوط الظاهرية) 14/ 230 ب.
[3] تاريخ دمشق 14/ 228 ب.
[4] تاريخ دمشق 14/ 229 أ.(4/290)
وَقَالَ ابن سيرين: أمَّر عَلِيّ قيسَ بن سعد عَلَى مصر- زاد غيره في سَنَة ستٌ وثلاثين- وعزله سَنَة سبع، لأن أصحاب عَلِيّ شنعوا عَلَى أَنَّهُ قَدْ كاتب مُعَاوِيَة، فلما عُزل بمحمد بن أَبِي بكر، عرف قيس أن عليًا قَدْ خُدع، ثُمَّ كَانَ عَلِيٌّ بَعْد يطيع قيسًا في الأمر كله [1] .
قَالَ عُرُوة: كَانَ قيس بن سعد مع عَلِيّ في مقدمته، ومعه خمسة آلاف قَدْ حلقوا رءوسهم بَعْدَ موت عَلِيّ، فلما دَخَلَ الجيش في بيعة مُعَاوِيَة، أبى قيس أن يَدْخُلَ، وَقَالَ لأصحابه: مَا شئتم، إن شئتم جالدتُ بكم أبدًا حَتَّى يموت الأعجل، وإن شئتم أخذت لكم أمانًا، قالْوَا: خذ لنا، ففعل، فلما ارتحل نَحْوَ المدينة جعل ينحر كل يَوْم جَزُورًا [2] .
وَقَالَ أَبُو تُمَيْلة [3] يحيي بن واضح: أخبرني أَبُو عُثْمَان من ولد الحارث ابن الصِّمةٌ قَالَ: بَعَثَ قيصر إِلَى مُعَاوِيَة: ابعثْ إليَّ سراويلَ أطول رَجُلٌ من العرب، فَقَالَ لقيس بن سعد: مَا أظننا إِلَّا قَدِ احتجنا إِلَى سراويلك، فقام فتنحّى، وجاء بِهَا فألقاها، فَقَالَ: ألا ذهبتَ إِلَى منزلك ثُمَّ بعثتَ بِهَا! فَقَالَ:
أردّتُ بِهَا كي يعلم النَّاسُ أنَّهَا ... سراويلُ قَيس والْوَفودُ شُهودُ
وأن لا يقولوا غابَ قيسُ وَهَذِهِ ... سراويلُ عاديَّ نَمَتْهُ ثَمودُ
وإني من الحيٌ اليمانيٌ لسَيّدٌ ... وَمَا النَّاسُ إِلَّا سيدٌ ومَسودُ
فكِدْهم بمثْلي إن مثلي عليهمُ ... شديدٌ وخلقي في الرجال مديدُ
فأمر مُعَاوِيَة أطول رَجُلٌ في الجيش فوضعها عَلَى أنفه، قَالَ: فوقفتْ بالأرض [4] .
قَالَ الْوَاقدي وغيره: إنه توفي في آخر خلافة معاوية.
__________
[1] انظر كتاب الولاة والقضاة للكندي 21.
[2] مسند الحميدي (1244) ، والبخاري 8/ 64، وتاريخ دمشق 14/ 227 ب.
[3] بمثناة مصغرا. وفي الأصل «ثميلة» ، والتصويب من خلاصة التذهيب 429.
[4] في أسد الغابة: قال أبو عمر: خبره في السراويل عند معاوية باطل لا أصل له (4/ 216) .
وهو في تاريخ دمشق 14/ 332.(4/291)
قيس بن السكن [1] ، الأسدي الكوفي.
رَوَى عَن: عَلِيّ، وابن مسعود، وأبي ذَر، وَكَانَ ثِقَةٌ.
تُوُفِّيَ زمن مُصْعَب بن الزبير. قاله محمد بن سعد [2] ، لَهُ أحاديث.
قيس بْن عمرو [3] ، - د ت ق- وَيُقَالُ قيس بن قهد، وَيُقَالُ قيس بن عمرو بن قهد، وقيل قيس بن سهل، وقيل قيس بن عمرو بن سهل الْأَنْصَارِيّ النجاري.
لَهُ صُحبة ورواية. وَهُوَ جدٌ يحيى بن سَعِيد الْأَنْصَارِيّ الفقيه.
رَوَى عَنْهُ: ابنه سَعِيد، ومحمد بن إِبْرَاهِيم التميمي، وعطاء بن أَبِي رباح، وله أحاديث.
قَالَ الترمذي: لَمْ يسمع مِنْهُ محمد بن إبراهيم.
__________
[1] انظر عن (قيس بن السكن) في: المغازي للواقدي 164، ومشاهير علماء الأمصار 103 رقم 767، وطبقات خليفة 92 و 140، والجرح والتعديل 7/ 98 رقم 556، والتاريخ الكبير 7/ 145، 146 رقم 649، والطبقات الكبرى 6/ 176، وأسد الغابة 4/ 216، والكاشف 2/ 348 رقم 4674، وتهذيب التهذيب 8/ 397 رقم 703، وتقريب التهذيب 2/ 129 رقم 145، وخلاصة تذهيب التهذيب 317.
[2] في طبقاته 6/ 176.
[3] انظر عن (قيس بن عمرو) في:
مسند أحمد 5/ 447، وسيرة ابن هشام 2/ 167 و 171، والجرح والتعديل 7/ 101 رقم 575، والتاريخ الكبير 7/ 142 رقم 639، وجمهرة أنساب العرب 349 (قيس بن قهد) ، والمحبّر 431، 432، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 142 رقم 682، والطبقات الكبرى 3/ 495، والاستيعاب 3/ 234، 235، وأسد الغابة 4/ 222، وتحفة الأشراف 8/ 291، 292 رقم 455، وتجريد أسماء الصحابة 2/ 23، والكاشف 2/ 349 رقم 4681، والنكت الظراف 8/ 291، وتهذيب التهذيب 8/ 401 رقم 713، وتقريب التهذيب 2/ 129 رقم 154، والإصابة 3/ 255، 256 رقم 7211.(4/292)
[حرف الكاف]
كِدام بن حيان العَنَزي [1] .
أحد من قُتِلَ بعذراء مع حُجْر بن عديٌ الكِنْدي.
كعب بن عُجْرة [2] ، - ع- الْأَنْصَارِيّ المدني.
__________
[1] انظر عن (كدام بن حيان) في:
تاريخ الطبري 5/ 271 و 277، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 253 و 262، وعيون الأخبار 1/ 318، وتاريخ اليعقوبي 2/ 231، والكامل في التاريخ 3/ 483 و 486.
[2] انظر عن (كعب بن عجرة) في:
طبقات خليفة 136، وتاريخ خليفة 213 و 218، ومسند أحمد 4/ 241، ومشاهير علماء الأمصار 20 رقم 8، والمغازي للواقدي 587 و 724 و 1029، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1621، والبدء والتاريخ 5/ 129 و 216، والتاريخ الكبير 7/ 220 رقم 954، والمعرفة والتاريخ 1/ 319 و 382 و 3/ 80، وجمهرة أنساب العرب 442، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 86 رقم 69، والجرح والتعديل 7/ 160 رقم 897، والمستدرك 3/ 479، 480، والاستيعاب 3/ 291، وتاريخ الطبري 4/ 430، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 137، وسيرة ابن هشام 4/ 248، والمعجم الكبير چ 1/ 104- 163، وأسد الغابة 4/ 243، 244، والكامل في التاريخ 3/ 191 و 492، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 68 رقم 89، وتحفة الأشراف 8/ 295- 306 رقم 460، وتهذيب الكمال 2/ 1146، والجمع بين رجال الصحيحين 2/ 429، والعبر 1/ 57، والكاشف 3/ 7 رقم 4728، وسير أعلام النبلاء 3/ 52- 54 رقم 14، والمعين في طبقات المحدّثين 26 رقم 110، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 448، وعهد الخلفاء الراشدين 478، ومرآة الجنان 1/ 125، والبداية والنهاية 8/ 60، وتهذيب التهذيب 8/ 435، 436 رقم 788، وتقريب التهذيب 2/ 135 رقم 48، والإصابة 3/ 297، 298 رقم 7419، وخلاصة تذهيب التهذيب(4/293)
شهد بيعة الرضوان، وله أحاديث.
رَوَى عَنْهُ بنوه: سعد، ومحمد، وعَبْد الملك، والربيع، وأَبُو وائل، وطارق بن شهاب، وعَبْد اللَّهِ بن معقل، ومحمد بن سيرين، وأَبُو عبيدة بن عَبْد اللَّهِ بن مسعود، وجماعة.
كنيته أَبُو محمد، وقيل أَبُو عَبْد اللَّهِ، وأَبُو إِسْحَاق، وَكَانَ قَدِ استأخر إسلامه.
وَقَالَ ضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، إِنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَرَأَيْتُهُ مُتَغَيِّرًا، قُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي، مَا لِي أَرَاكَ مُتَغَيِّرًا؟ قَالَ: «مَا دَخَلَ جَوْفِي مَا يَدْخُلُ جَوْفَ ذَاتِ كَبِدٍ منذ ثلاث» . قال:
فذهبت، فَإِذَا يَهُودِيٌّ يَسْقِي، فَسَقَيْتُ لَهُ عَلَى كُلِّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، فَجَمَعْتُ تَمْرًا، فَأَتَيْتُهُ بِهِ وَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «يَا كَعْبُ أَتُحِبُّنِي» ؟ قُلْتُ: - بِأَبِي أَنْتَ- نَعَمْ، قَالَ:
«إِنَّ الْفَقْرَ أَسْرَعُ إِلَى مَنْ يُحِبُّنِي مِنَ السَّيْلِ إِلَى مَجَارِيهِ، وَإِنَّهُ سَيُصِيبُكَ بَلَاءٌ، فَأَعِدْ لَهُ تَجْفَافًا» [1] . قَالَ: فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا فَعَلَ كَعْبٌ» ، قَالُوا:
مَرِيضٌ، فَخَرَجَ يَمْشِي حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: «أَبْشِرْ يَا كَعْبُ» ، فَقَالَتْ أُمُّهُ: هَنِيئًا لَكَ الْجَنَّةُ يَا كَعْبُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ: «مَنْ هَذِهِ الْمُتَأَلِّيَةُ عَلَى اللَّهِ» ؟
قَالَ: هِيَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: مَا «يُدْريِكِ يَا أُمَّ كَعْبٍ، لَعَلَّ كَعْبًا قَالَ ما لا ينفعه، أو منع ما لا يُغْنِيهِ» [2] .
وَقَالَ مِسْعَرٌ، عَنْ ثابت بن عُبَيد قَالَ: بعثني أَبِي إِلَى كعب بن عُجْرة، فأتيت رجلًا أقطع، فأتيت أَبِي فقلت: بعثتني إِلَى رَجُل أقطع؟ فَقَالَ: إن يده قَدْ دَخَلَتِ الجنة، وسيتبعها مَا بقي من جسده، إن شاء اللَّه [3] .
قَالَ أَبُو عُبيد وجماعة: تُوُفِّيَ كعب بن عُجْرة سَنَة اثنتين وخمسين.
__________
[ () ] 273، وشذرات الذهب 1/ 58، والنكت الظراف 8/ 296- 305.
[1] التجفاف: ما يجلّل به الفرس من سلاح وآلة تقيه الجراح.
[2] تاريخ دمشق 14/ 379 أ، والترغيب والترهيب للمنذري 4/ 191، 192.
[3] تاريخ دمشق 14/ 279 ب.(4/294)
كُرْز [1] بن عَلْقَمة الخزاعي [2] .
لَهُ صُحْبة ورواية في «مُسنَد أَحْمَد» .
رَوَى عَنْهُ: عُرْوة بن الزبير، وغيره.
قَالَ ابن سعد [3] : هُوَ الذي قفا أثر النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وأبي بكر، فانتهى إِلَى باب الغار فَقَالَ: هنا انقطع الأثر، قَالَ: وَهُوَ الذي نظر إِلَى قدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَقَالَ:
هَذِهِ القدم من تلك القدم التي في المقام، يعني قدم إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السلام.
عُمّر كُرْز عمرًا طويلًا. وكتب مُعَاوِيَة إِلَى عاملة: مُرْ كُرْز بن علقمة يوقفكم عَلَى معالم الحرم، ففعل، فهي معالمه إِلَى الساعة.
كعب بن مُرّة [4] ، - 4- وقيل: مُرَّة بن كعب البهزي.
صحابي نَزَلَ الْبَصْرَةَ، ثُمَّ سكن الأردن، له أحاديث.
__________
[1] يجب أن تكون هذه الترجمة قبل سابقتها، ولكنّنا حرصنا على ترتيب الأصل، وفي الكتاب كثير من هذا.
[2] انظر عن (كرز بن علقمة) في:
طبقات ابن سعد 5/ 458، والتاريخ لابن معين 2/ 495، 496، وطبقات خليفة 107، والتاريخ الكبير 7/ 238 رقم 1022، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 102 رقم 258، والجرح والتعديل 7/ 170 رقم 967، وأنساب الأشراف 1/ 260، والمعرفة والتاريخ 2/ 702، ومسند أحمد 3/ 477، وجمهرة أنساب العرب 236، وفتوح البلدان 63، 64، والمعجم الكبير 19/ 197- 199، وأسد الغابة 4/ 237، 238، والمنتخب من ذيل المذيّل 546، والاستيعاب 3/ 310، 311، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 695، 696، والإصابة 3/ 291، 292 رقم 7397، وتعجيل المنفعة 351 رقم 908.
[3] الطبقات الكبرى 5/ 458.
[4] انظر عن (كعب بن مرّة) في:
طبقات ابن سعد 7/ 414، والجرح والتعديل 7/ 160 رقم 899، والمعارف 130، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 94 رقم 157، وطبقات خليفة 52 و 301، ومسند أحمد 4/ 234 و 321، والزيارات 19، وتحفة الأشراف 8/ 324، 325 رقم 465، وتهذيب الكمال 1148، والكاشف 3/ 8 رقم 4735، وأسد الغابة 4/ 248، 249، وتهذيب التهذيب 8/ 441 رقم 795، وتقريب التهذيب 2/ 135 رقم 55، والإصابة 3/ 302، 303 رقم 7434، وخلاصة تذهيب التهذيب 321.(4/295)
رَوَى عَنْهُ: شُرَحْبيل بن السَّمْط، وجُبَير بن نُفَير، وأَبُو الأشعث الصنعاني، وغيرهم.
تُوُفِّيَ بالأردن سَنَة سبع، أَوْ تسع وخمسين.(4/296)
[حرف الميم]
مالك بن الحُوَيْرث [1] ، - ع-، أَبُو سليمان الليثي.
قدِم عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وأقام أيامًا، ثُمَّ أذن لَهُ في الرجوع إِلَى أَهْله، ثُمَّ نَزَلَ الْبَصْرَةَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عطية مولى بني عقيل، ونصر بن عاصم الليثي، وأَبُو قلابة عَبْد اللَّهِ بن زيد.
مالك بن عَبْد اللَّهِ الخثعمي [2] ، أبو حكيم الفلسطيني، المعروف بمالك السرايا.
__________
[1] انظر عن (مالك بن الحويرث) في:
مسند أحمد 3/ 436 و 5/ 52، وطبقات ابن سعد 7/ 44، وتاريخ أبي زرعة 1/ 533 و 685، وطبقات خليفة 30 و 174، والتاريخ الكبير 7/ 301 رقم 1284، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 93 رقم 144 و 103 رقم 271، والمعرفة والتاريخ 1/ 342، والجرح والتعديل 8/ 207 رقم 908، ومشاهير علماء الأمصار 40 رقم 243، والمعجم الكبير 19/ 284- 292، والمستدرك 3/ 627، وأسد الغابة 4/ 277، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 80 رقم 103، وتحفة الأشراف 8/ 336- 340 رقم 475، وتهذيب الكمال 3/ 1298، والمعين في طبقات المحدّثين 26 رقم 115، والكاشف 3/ 100 رقم 5340، وتلخيص المستدرك 3/ 627، وتهذيب التهذيب 90/ 13، 14 رقم 13، وتقريب التهذيب 2/ 224 رقم 869، والإصابة 3/ 342، 343 رقم 7617، والنكت الظراف 8/ 336- 339، وخلاصة تذهيب الكمال 367، والاستيعاب 3/ 374، والأسامي والكنى، للحاكم، ورقة 242.
[2] انظر عن (مالك بن عبد الله الخثعميّ) في:(4/297)
يُقَالُ لَهُ صُحبة، قدِم عَلَى مُعَاوِيَة برسالة عُثْمَان، وقاد الصوائف أَرْبَعِينَ سَنَة، وكُسر- فيما بَلغَنا- عَلَى قبره أربعون لِوَاءً [1] ، وَكَانَ صوامًا قوامًا.
شتى سَنَة ستٍّ وخمسين بأرض الروم، وعاش بَعْدَ ذلك.
مجمع بن جارية [2] ، - خ د ن ق- الْأَنْصَارِيّ المدني.
لَهُ صُحبة ورواية، وَهُوَ مجمّع بن يزيد بن جارية.
وَرَوَى أيضًا عَن: خنساء بِنْت خِذام [3] .
وعنه: ابنه يعقوب، والقاسم بن محمد، وعكرمة بن سلمة.
وقرأ القرآن في صباه.
__________
[ () ] طبقات خليفة 116، والتاريخ الكبير 7/ 303 رقم 1290، وتاريخ أبي زرعة 1/ 68 و 345، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 115 رقم 407، ومسند أحمد 5/ 225، وتاريخ اليعقوبي 2/ 240 و 353، وتاريخ خليفة 208 و 225 و 235، والاستيعاب 3/ 375، وجمهرة أنساب العرب 391، والتاريخ الصغير 95، وفتوح البلدان 227، وتاريخ الطبري 5/ 227 و 229 و 309 و 322، والعقد الفريد 1/ 127، وترتيب الثقات للعجلي 418 رقم 1526، والثقات لابن حبان 5/ 385، والمعجم الكبير 19/ 296، 297، والكامل في التاريخ 3/ 501 و 515 و 5/ 576، وأسد الغابة 4/ 283، 284، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 81، 82 رقم 109، وجامع التحصيل 334 رقم 727، والتاريخ لابن معين 2/ 547 رقم 147، والإصابة 3/ 347، 348 رقم 7647، وتعجيل المنفعة 386- 388 رقم 997.
[1] لكل سنة غزاها لواء، كما في (أسد الغابة) .
[2] انظر عن (مجمّع بن جارية) في:
طبقات ابن سعد 6/ 52، والمحبّر 468، وسيرة ابن هشام 2/ 164، والمنتخب من ذيل المذيل 573، والمغازي للواقدي 617 و 657 و 1046 و 1047 و 1058 و 1059، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 97 رقم 192، وتاريخ أبي زرعة 1/ 563، والتاريخ الكبير 7/ 408، 409 رقم 1791، وطبقات خليفة 82، والمعرفة والتاريخ 1/ 355 و 389 و 487، والجرح والتعديل 8/ 295 رقم 1356، وتاريخ الطبري 3/ 111، وتاريخ خليفة 227، وتاريخ اليعقوبي 2/ 67، ومسند أحمد 3/ 420 و 4/ 226 و 390، وأنساب الأشراف 1/ 276، وق 4 ج 1/ 565، والمعجم الكبير 19/ 443- 447، والاستيعاب 3/ 414، وأسد الغابة 4/ 303، 304، وتحفة الأشراف 8/ 352، 353 رقم 486، وتهذيب الكمال 3/ 1306، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 39 و 417، وعهد الخلفاء الراشدين 400 و 643، والكاشف 3/ 107 رقم 5393، وتهذيب التهذيب 10/ 47 رقم 75، وتقريب التهذيب 2/ 230 رقم 927، والإصابة 3/ 366 رقم 7733، وخلاصة تذهيب التهذيب 369.
[3] بكسر الخاء، وفي الأصل «خدام» ، والتصويب من (خلاصة التذهيب 490) .(4/298)
قَالَ الشَّعْبِيُّ: تُوُفِّيَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وبقي عَلَى مجمّع سورتان.
وَقَالَ محمد بن إِسْحَاق: كَانَ أَبُوه جارية ممّن اتخذ مسجد الضرار، فكان مجمّع يصلي بهم فِيهِ، ثُمَّ إِنَّهُ أُخرب، فلما كَانَ زمن عمر كُلم في مجمع ليصلي بهم، فَقَالَ: أَوْ ليس بإمام المنافقين [1] ، فَقَالَ لعمر: واللَّه الذي لَا إله إِلَّا هُوَ ما علمت بشيء من أمرهم [2] ، فيقال: أَنَّهُ تركه يصلي بهم.
مِحْجَن بن الأدرع السلمي [3] .
لَهُ رِوَايَةٌ وَصُحْبَةٌ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «ارْمُوا، وَأَنَا مَعَ ابْنِ الْأَدْرَعِ» [4] .
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ، وَرَجَاءُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ الْبَاهليُّ، وَحَنْظَلَةُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَسْلَمِيُّ.
وَهُوَ الَّذِي اخْتَطَّ مَسْجِدَ الْبَصْرَةِ.
تُوُفِّيَ آخر خلافة مُعَاوِيَة.
مُحَيصة بن مسعود [5] ، - 4- بن كعب، أبو سعد، الأنصاري الخزرجي.
__________
[1] أي في «مسجد الضرار» كما في (غاية النهاية لابن الجزري 2/ 42 رقم 2660) .
[2] هكذا في (غاية النهاية) و (الإصابة) ، وفي الأصل «أمورهم» .
[3] انظر عن (محجن بن الأدرع) في:
طبقات خليفة 52 و 182، وتاريخ خليفة 129 و 227، وطبقات ابن سعد 4/ 316 و 7/ 12، ومسند أحمد 4/ 338 و 5/ 31، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 106 رقم 298، والتاريخ الكبير 8/ 4 رقم 1928، والجرح والتعديل 8/ 375، 376 رقم 1716، وأسد الغابة 4/ 305، والاستيعاب 3/ 412، وتحفة الأشراف 8/ 353 رقم 488، وتهذيب الكمال 3/ 1307، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 129، والكاشف 3/ 108 رقم 5402، وتهذيب التهذيب 10/ 54 رقم 86، وتقريب التذهيب 2/ 231 رقم 938، والإصابة 3/ 366، 367 رقم 7738، وخلاصة تذهيب التهذيب 370.
[4] أخرجه ابن سعد 7/ 12 عن الواقدي.
[5] انظر عن (محيّصة بن مسعود) في:
سيرة ابن هشام (بتحقيقنا) 3/ 19 و 20 و 297 و 302- 304، والمغازي للواقدي 192(4/299)
أخو حُوَيصة، وَيُقَالُ فيهما بتشديد الياء وتخفيفها.
شهد أُحُدًا وَمَا بَعْدَها، ومُحَيصة الأصغر منهما، وَهُوَ أسلم قبل أخيه، لَهُ أحاديث.
وعنه: حفيده حَرام بن سعد بن مُحَيصة، وابنه سعد، وبشير بن يَسَارٍ، ومحمد بن زياد الجُمَحي، وغيرهم.
مَخْرَمة بن نوفل [1] ، بن أهْيَب بن عَبْد مَنَاف بن زُهْرة الزُهْري، والد المسْوَر.
كَانَ من المؤلفة قلَوْبهم، لَهُ شرف وعقل وقعدد [2] ، كساه النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ حلة باعها بأربعين أوقية [3] ، وعُمي في خلافة عثمان.
__________
[ () ] و 218 و 515 و 551 و 684 و 695 و 706 و 707 و 713، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 113 رقم 388، والتاريخ الكبير 8/ 53، 54 رقم 2125، والمحبّر 121 و 426، والجرح والتعديل 8/ 426 رقم 1941، وجمهرة أنساب العرب 342، والكامل في التاريخ 2/ 144 و 224 و 225، وأسد الغابة 4/ 334، 335، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 85 رقم 120، وتحفة الأشراف 8/ 365، 366 رقم 500، والكاشف 3/ 111 رقم 5423، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 422، وتهذيب الكمال 3/ 1311، والاستيعاب 3/ 498- 501، والإصابة 3/ 388 رقم 7825، وتهذيب التهذيب 10/ 67 رقم 112، وتقريب التهذيب 2/ 233 رقم 964، وخلاصة تذهيب التهذيب 395، ومسند أحمد 5/ 435.
[1] انظر عن (مخرمة بن نوفل) في:
تاريخ اليعقوبي 2/ 153، وفتوح البلدان 560، وتاريخ خليفة 90 و 223، وطبقات خليفة 15، وتاريخ الطبري 2/ 427 و 438 و 3/ 52 و 90 و 4/ 209، والمحبّر 170 و 296 و 474، والتاريخ لابن معين 2/ 554، وأنساب الأشراف 1/ 102 و 288، 39/ 314 والاستيعاب 3/ 415، ومشاهير علماء الأمصار 32 رقم 165، والتاريخ الكبير 8/ 15 رقم 1982، والمعارف 313 و 329 و 430، والجرح والتعديل 8/ 362 رقم 1656، والمستدرك 3/ 489، 490، والمغازي للواقدي 28 و 44 و 200 و 812 و 838 و 842 و 855 و 946، والمنتخب من ذيل المذيّل 516، 517، وسيرة ابن هشام 2/ 249، ونسب قريش 262، وجمهرة أنساب العرب 129، وعيون الأخبار 1/ 320، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 85، 86 رقم 121، وأسد الغابة 4/ 337، 338، والكامل في التاريخ 2/ 116 و 243 و 270 و 537 و 3/ 500، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 50 و 104، وسير أعلام النبلاء 2/ 542- 544 رقم 113، وتلخيص المستدرك 3/ 489، 490، ومرآة الجنان 1/ 128، والعبر 1/ 60، والإصابة 3/ 390، 391 رقم 7840، وشذرات الذهب 1/ 60.
[2] القعدد: القريب الآباء من الجدّ الأكبر. (تاج العروس) .
[3] أخرجه البخاري في الهبة 5/ 164 باب كيف يقبض العبد والمتاع، وفي اللباس 10/ 229(4/300)
وَرَوَى أَبُو عَامِرٍ الْخَزَّازُ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدِينِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَ مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ يَسْتَأْذِنُ، فَلَمَّا سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ صَوْتَهُ قَالَ: «بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ» ، فَلَمَّا دَخَلَ بَشَّ بِهِ، فَلَمَّا خَرَجَ، قُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ، أَعَهِدْتِنِي فَحَّاشًا، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْ يُتَّقَى شَرُّهُ» [1] .
تُوُفِّيَ مخرمة- رحمة اللَّه- سَنَة أربع وخمسين، وله مائة وخمس عشرة سَنَة [2] .
مسلم بن عقيل [3] ، بن أَبِي طالب الهاشمي.
قدمه ابن عمه الحسين رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَيْنَ يديه إِلَى الكوفه، ليكشف لَهُ كيف اجتماع النَّاس عَلَى الحسين، فَدَخَلَ سرًا، ونزل عَلَى هانئ المرادي، فطلب عبيد اللَّه بن زياد أمير الْكُوفَة هانئًا، فَقَالَ: مَا حملك عَلَى أن تجير عدوي؟! قَالَ: يَا بن أخي، جاء حقٌ هو أحق من حقك، فوثب عبيد الله فضربه بعنزة شك دماغة بالحائط، ثُمَّ أحضر مسلما من داره فقتله، وذلك في آخر سنة ستين [4] .
__________
[ () ] باب القباء، ومسلم في الزكاة (1058) باب إعطاء من سأل بفحش غلظة، وأبو داود (4028) والترمذي (2818) والنسائي 8/ 205، وأحمد في المسند 4/ 228.
[1] أخرجه البخاري في الأدب 10/ 278، 279 باب لم يكن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فاحشا ولا متفاحشا، ومسلم في البر والصلة (2591) باب مداراة من يتّقى فحشه، وأبو داود (4791) والترمذي (1996) وأحمد 6/ 39 وكلهم من طريق: محمد بن المنكدر، عن عروة، عن عائشة.
وأبو عامر الخزاز هو: صالح بن رستم (أسد الغابة 5/ 126) والحديث في فتح الباري 10/ 379.
[2] المنتخب من ذيل المذيل 518.
[3] انظر عن (مسلم بن عقيل) في:
المحبّر 56 و 245 و 480 و 491، وتاريخ اليعقوبي 2/ 242، 243، والمعارف 204، والأخبار الطوال 230 و 231 و 233- 236 و 238 و 239 و 241- 243، وتاريخ الطبري 5/ 347 و 348 و 350 و 351 و 354 و 356 و 357 و 360 و 362 و 364- 366 و 368- 381 و 389 و 391 و 397 و 398 و 425 و 569 و 570، والعقد الفريد 4/ 377، 378، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1885، 1886 و 1892- 1900 و 2300، وجمهرة أنساب العرب 69 و 406، ومقاتل الطالبيين 80 و 96- 99 و 101 و 106 و 109، والكامل في التاريخ 4/ 19 و 21 و 22 و 25- 28 و 30- 36 و 42 و 43 و 48 و 62 و 93 و 5/ 428.
[4] انظر تاريخ الطبري 5/ 368- 381.(4/301)
المستورد بن شداد [1] ، - م د ت ن- بن عمرو القُرَشي الفِهْري.
لَهُ صُحبة ورواية، ولأبيه أيضًا صُحبة.
وعنه: قيس بن أَبِي حازم، وعلى بن رباح، وأَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيُّ [2] ، ووقاص بن ربيعة، وعَبْد الكريم بن الحارث.
معتب بن عوف [3] ، بن الحمراء، أَبُو عوف الخُزاعي.
حليف بني مخزوم، أحد المهاجرين إِلَى الحبشة وإلى المدينة، والحمراء هِيَ أمه، اتفقوا عَلَى أَنَّهُ شهد بدرًا، وَكَانَ يُدعي عيهامة.
قَالَ غير واحد، إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَة سبع وخمسين، والعجب أن معتَّبًا بقي إِلَى هَذَا الْوَقت، وَمَا رَوَى شيئًا.
مَعْقِلُ بن يَسَارَ المزَني [4] ، - ع-.
له صحبة ورواية، سكن البصرة، وهو ممّن بايع تحت الشجرة.
__________
[1] انظر عن (المستورد بن شدّاد) في:
مسند أحمد 4/ 228، وطبقات ابن سعد 6/ 61، وطبقات خليفة 29 و 127، والتاريخ الكبير 8/ 16 رقم 1986، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 101 رقم 247، والمعرفة والتاريخ 2/ 218 و 356 و 707، والجرح والتعديل 8/ 364 رقم 1661، ومشاهير علماء الأمصار 56 رقم 386 (مذكور دون ترجمة) ، والاستيعاب 3/ 482، والمستدرك 3/ 592، وأسد الغابة 4/ 353، 354، والكامل في التاريخ 1/ 14، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 88 رقم 127، وتلقيح فهوم أهل الأثر 371، وتحفة الأشراف 8/ 375- 378 رقم 511، وتهذيب الكمال 3/ 1370، والكاشف 3/ 119 رقم 5483، وتلخيص المستدرك 3/ 592، والنكت الظراف 8/ 375- 377، وتهذيب التهذيب 10/ 106، 107 رقم 200، وتقريب التهذيب 2/ 242 رقم 1050، والإصابة 3/ 407 رقم 7928، وخلاصة تذهيب التهذيب 374.
[2] في (اللباب 1/ 337) بضم الحاء المهملة والباء، من تابعي أهل مصر، وابن الأثير يخطّئ ابن السمعاني في تحقيقه لهذه النسبة.
[3] انظر عن (معتب بن عوف) في:
طبقات ابن سعد 3/ 264، والسير والمغازي 177 و 225، وسيرة ابن هشام (بتحقيقنا) 1/ 354 و 2/ 326، وأنساب الأشراف 1/ 211، والمغازي للواقدي 155 و 341، والمحبّر 73، والاستيعاب 3/ 461، وأسد الغابة 4/ 394، والإصابة 3/ 443 رقم 8118.
[4] انظر عن (معقل بن يسار) في:(4/302)
وَرَوَى أيضًا عَن النعمان بن مقرن.
وعنه: عِمران بن حُصَين- وَهُوَ أكبر مِنْهُ-، والحسن الْبَصْرِيُّ، وَمُعَاوِيَة ابن قُرة، وعلقمة بن عَبْد اللَّهِ المزَنيان، وغيرهم.
قَالَ محمد بن سعد: لا نعلم في الصحابة من يكني أبا عَلِيّ سواه [1] .
تُوُفِّيَ في آخر زمن مُعَاوِيَة.
مَعْمَر بن عَبْد اللَّهِ [2] ، - م د ت ق- بن نافع بن نضلة القُرشي العدوي.
__________
[ () ] مسند أحمد 5/ 25، وطبقات ابن سعد 7/ 14، وطبقات خليفة 37 و 176، وتاريخ خليفة 251، والمعارف 75 و 297، والمعرفة والتاريخ 1/ 310، والتاريخ الكبير 7/ 391 رقم 1705، والتاريخ الصغير 67 و 72، وفتوح البلدان 371 و 372 و 431 و 440 و 450 و 480، وترتيب الثقات للعجلي 434 رقم 1607، والجرح والتعديل 8/ 285 رقم 1306، وجمهرة أنساب العرب 202، ومشاهير علماء الأمصار 38 رقم 219، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1563 و 1566، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 219، والمستدرك 3/ 577، 578، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 87 رقم 88، والزيارات 82، والاستيعاب 3/ 409، 410، وأسد الغابة 4/ 398، 399، والكامل في التاريخ 3/ 19 و 20 و 101 و 221 و 4/ 44، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 106 رقم 154، والبداية والنهاية 8/ 103، وتحفة الأشراف 8/ 460- 466 رقم 534، وتهذيب الكمال 3/ 1353، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 84، وتلخيص المستدرك 3/ 577، 578، والكاشف 3/ 144 رقم 5657، والمعين في طبقات المحدّثين 26 رقم 123، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 365 و 385، وعهد الخلفاء الراشدين 225 و 240 و 628، وسير أعلام النبلاء 2/ 576 رقم 124، ومجمع الزوائد 9/ 279، والنكت الظراف 8/ 460- 466، والإصابة 3/ 447 رقم 8142، وتهذيب التهذيب 10/ 235، 236 رقم 430، وتقريب التهذيب 2/ 265 رقم 1275، وخلاصة تذهيب التهذيب 383.
[1] عبارة ابن سعد هذه ليست في (الطبقات الكبرى) وهو قال: «يكنى أبا عبد الله» (7/ 14) .
[2] انظر عن (معمر بن عبد الله) في:
المغازي للواقدي 737 و 832، ومسند أحمد 3/ 453 و 6/ 400، وطبقات خليفة 23، وسيرة ابن هشام (بتحقيقنا) 1/ 356، والجرح والتعديل 254 رقم 1158، وجمهرة أنساب العرب چ 15، وأنساب الأشراف 1/ 216، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 105 رقم 296، والتاريخ الصغير 4، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 107، 108 رقم 156، وأسد الغابة 4/ 400، 401، والاستيعاب 3/ 441، والكاشف 3/ 145 رقم 5668، وتحفة الأشراف 8/ 466، 467 رقم 535، وتهذيب الكمال 3/ 1356، والنكت الظراف 8/ 467، وتهذيب التهذيب 10/ 246 رقم 441، وتقريب التهذيب 2/ 266 رقم 1287، والإصابة 3/ 448، 449 رقم 8151، وخلاصة تذهيب التهذيب 384.(4/303)
أحد المهاجرين، وله هجرة إِلَى الحبشة، وَهُوَ الذي حلق رأس رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ في حَجة الْوَداع، وعمَّر بَعْدَه دهرًا، وحدّث عَنْهُ.
رَوَى عَنْهُ: سَعِيد بن المسيب، وبسر بن سَعِيد.
مُعَاوِيَة [1] بن حُدَيْج [2]- د ن ق- بن جفنة بن قتير [3] التّجيبي الكِنْدي، أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ، وَيُقَالُ: أَبُو نُعَيم.
__________
[1] انظر عن (معاوية بن حديج) في:
مسند أحمد 6/ 401، وطبقات ابن سعد 7/ 503، وطبقات خليفة 71 و 292، وتاريخ خليفة 168 و 192 و 207 و 210- 212، وتاريخ الطبري 3/ 397 و 486 و 4/ 352 و 385 و 552 و 5/ 95 و 99 و 100 و 103 و 104 و 229 و 240 و 312، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 109 رقم 246، وتاريخ أبي زرعة 1/ 186 و 290 و 494، وتاريخ اليعقوبي 2/ 154 و 194، والأخبار الطوال 196، والمعرفة والتاريخ 2/ 528، والعقد الفريد 1/ 136، والمحبّر 295، والتاريخ الكبير 7/ 328، 329 رقم 1407، والجرح والتعديل 8/ 377 رقم 1724، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 40 و 131 و 142 و 266، و 121 و 129 و 140 و 268- 270 و 278 و 281، والمراسيل 200، 201 رقم 367، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1726، والبيان والتبيين 2/ 108 و 174، والاشتقاق 221، والخراج وصناعة الكتابة 344 و 345 و 351 و 352، ومشاهير علماء الأمصار 56 رقم 384، والاستيعاب 3/ 406، وكتاب الولاة والقضاة 17 وما بعدها، وجمهرة أنساب العرب 429 و 435، والتاريخ لابن معين 2/ 572، والمعجم الكبير 19/ 430- 432، ووفيات الأعيان 3/ 130، والحلة السيراء 1/ 29 و 30 و 73 و 3222 و 323 و 326 و 327، والبيان المغرب 1/ 16- 19، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 101، 102 رقم 146، وأسد الغابة 4/ 383، 384، والكامل في التاريخ 2/ 451 و 3/ 92 و 160 و 352 و 355- 358 و 455 و 465 و 515 و 516 و 4/ 364، وتحفة الأشراف 8/ 425 رقم 527، وتهذيب الكمال 3/ 1343، وجامع التحصيل 348 رقم 776، والكاشف 3/ 138 رقم 5615، وسير أعلام النبلاء 3/ 37- 40 رقم 10، والعبر 1/ 57، وتاريخ دمشق 16/ 327 ب، والبداية والنهاية 8/ 60 وما بعدها، وعهدا الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 416 و 440 و 450 و 547 و 601، ودول الإسلام 1/ 38، وتهذيب التهذيب 10/ 203، 204 رقم 377، وتقريب التهذيب 2/ 258 رقم 1220، والإصابة 3/ 431 رقم 8062، والنجوم الزاهرة 1/ 151، وحسن المحاضرة 1/ 237، وخلاصة تذهيب التهذيب 381، وشذرات الذهب 1/ 58، ومآثر الإنافة للقلقشندي 1/ 115، ومجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي 372، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 78.
[2] يرد في المصادر «حديج» بالمهملة، و «خديج» بالمعجمة، والصحيح بالمهملة مصغّرا.
[3] هكذا في (الاشتقاق لابن دريد 369) . وفي أصل (سير أعلام النبلاء) «تتيرة» وقد كتب فوقها «صح» . انظر المتن والحاشية من المطبوع (ص 37) .(4/304)
أحد أمراء مُعَاوِيَة عَلَى مصر، لَهُ صُحبة ورواية، وَرَوَى أيضًا عَن عمر، وأبي ذَر.
وعنه: ابنه عَبْد الرَّحْمَنِ، وسُوَيد بن قيس التُجيبي، وعُلَيّ بن رباح، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن شِمَاسة المهْري، وآخرون.
وله عقب بمصر، وشهد اليرموك، وَكَانَ الْوَافد عَلَى عمر بفتح الإسكندرية، وذهبت عينه في غزوة النُوبة، وَكَانَ متغاليًا في عُثْمَان وفي محبته.
وَقَالَ ابن لَهِيعَة: حدثني أَبُو قبيل قَالَ: لَمَّا قُتِلَ حُجْر بن الأدبر وأصحابه، بلغ مُعَاوِيَة بن حُدَيج وَهُوَ بإفريقية، فقام في أصحابة فَقَالَ:
يَا أشقائي في الرحِم، وأصحابي وجيرتي، أنقاتل لقريش في الملْك، حَتَّى إذا استقام لهم دفعوا يقتلَوْننا، أما واللَّه لئن أدركتها ثانيًا، لأقولنّ لمن أطاعني من أَهْل اليمن، اعتزلَوْا بنا، ودعوا قريشًا يقتل بعضُها بعضًا، فأيهم غَلب اتبعناه [1] .
قَالَ ابن يونس: تُوُفِّيَ مُعَاوِيَة بمصر في سَنَة اثنتين وخمسين.
مُعَاوِيَة بن الحَكَم السّلمي [2] ، - م د ن-.
لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَهُوَ صَاحِبُ حَدِيثِ الْجَارِيَةِ السَّوْدَاءِ، الَّتِي قَالَ له النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: «أعتقها فإنّها مؤمنة» [3] .
__________
[1] تاريخ دمشق 16/ 330 ب، 331 أ.
[2] انظر عن (معاوية بن الحكم) في:
مقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 94 رقم 160، والمعرفة والتاريخ 1/ 305، والتاريخ الكبير 7/ 328 رقم 1406، والجرح والتعديل 8/ 376 رقم 1720، وطبقات خليفة 50، ومسند أحمد 3/ 442 و 5/ 447، والمعجم الكبير 19/ 396- 403، والاستيعاب 3/ 403، وأسد الغابة 4/ 384، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 102 رقم 147، وتحفة الأشراف 8/ 426، 427 رقم 528، وتهذيب الكمال 3/ 1343، والكاشف 3/ 138 رقم 5617، وتهذيب التهذيب 10/ 205 رقم 380، وتقريب التهذيب 2/ 258 رقم 1223، والإصابة 3/ 432 رقم 7064، وخلاصة تذهيب التهذيب 381.
[3] أخرجه مسلم في كتاب المساجد (33/ 537) باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان(4/305)
رَوَى عَنْهُ: عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
ووَهِم من سمّاه: عمر.
مُعَاوِيَة بن أَبِي سفيان [1] ، - ع- صخر بْن حرب بْنِ أُمَيَّةَ بْن عَبْد شَمْسِ بْن عَبْد مَناف بْن قصيّ، أبو
__________
[ () ] من إباحة، في حديث طويل، من طريق: يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم السلمي، قال: بينا أنا أصلّي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمّياه، ما شأنكم تنظرون إليّ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمّتونني، لكنّي سكتّ. فلما صلّى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، - فبأبي هو وأمّي- ما رأيت معلّما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فو الله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني. قال: «إنّ هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن» .
أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قلت: يا رسول الله، إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإنّ منّا رجالا يأتون الكهّان. قال: «فلا تأتهم» . قال: ومنّا رجال يتطيّرون. قال:
«ذاك شيء يجدونه في صدورهم، فلا يصدّنّهم (قال ابن الصّبّاح: فلا يصدّنّكم) » قال:
قلت: ومنّا رجال يخطّون. قال: «كان نبيّ من الأنبياء يخطّ، فمن وافق خطّه فذاك» . قال:
وكانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد والجوّانيّة، فاطّلعت ذات يوم فإذا الذّيب قد ذهب بشاة من غنمها، وأنا رجل من بني آدم، آسف كما يأسفون، لكنى صككتها صكّة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فعظّم ذلك عليّ، قلت: يا رسول الله: أفلا أعتقها؟ قال: «ائتني بها» ، فأتيته بها، فقال لها: «أين الله؟» . قالت: في السماء، قال: «من أنا» ؟ قالت: أنت رسول الله.
قال: أعتقها فإنّها مؤمنة» . (كهرني) : من القهر والنهر، متقاربة، أي ما قهرني ولا نهرني.
(الجوّانية) : موضع في شمال المدينة بقرب أحد.
(آسف كما يأسفون) : أغضب كما يغضبون، والأسف: الحزن والغضب.
(صككتها صكّة) : ضربتها بيد مبسوطة.
والحديث أخرجه: أحمد في المسند 5/ 447 و 448 و 448، 449، وأبو داود (918) و (919) و (3891) ، والنسائي 3/ 15، 16، وعبد الرزاق في المصنّف (9501) ، وابن أبي شيبة (8/ 33) ، والطبراني في المعجم الكبير 19/ 398 رقم (937) و (938) و (939) و (940) و (941) و (942) و (943) و (944) و (945) و (946) و (947) و (948) من طرق مختلفة.
[1] إنّ مصادر ترجمة (معاوية بن أبي سفيان) رضي الله عنه كثيرة، وأخباره مبثوثة في كتب التواريخ والأدب والسير وغيرها، وهي أكثر من أن تحصى، ولكن نكتفي بذكر بعض المصادر المتخصّصة بالرجال والحديث وغيرها:
مسند أحمد 4/ 91 و 5/ 435، وطبقات خليفة 10 و 139 و 297 وسيرة ابن هشام 1/ 156(4/306)
__________
[ () ] و 374 و 2/ 50 و 3/ 33 و 244 و 4/ 132 و 204، والتاريخ الكبير 7/ 326- 328 رقم 1405، والتاريخ الصغير 27 و 55، والجرح والتعديل 8/ 377 رقم 1723، والسير والمغازي 251، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 82 رقم 25، وفتوح الشام للأزدي 283، ومشاهير علماء الأمصار 50 رقم 326، والمعجم الكبير 19/ 304- 396، ووفيات الأعيان 2/ 66- 69 و 503- 505 و 6/ 155- 157 و 347- 350 و 355- 361 و 7/ 214- 218، وله ذكر في مواضع أخرى منه، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 79، والحلّة السيراء 2/ 323- 326، والزيارات 12، 62 و 67 و 90، والاستيعاب 3/ 395- 403، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 102- 104 رقم 149، ومرآة الجنان 1/ 131، وأسد الغابة 4/ 385- 388، وتحفة الأشراف 8/ 434- 455 رقم 530، وتهذيب الكمال 3/ 1344، والوفيات لابن قنفذ 72، 73 رقم 60، والبدء والتاريخ 6/ 5 وما بعدها، والكاشف 3/ 138، 139 رقم 5621، والمعين في طبقات المحدّثين 26 رقم 121، وسير أعلام النبلاء 3/ 119- 162 رقم 25، والنكت الظراف 8/ 437- 455، وتهذيب التهذيب 10/ 207 رقم 385، وتقريب التهذيب 2/ 259 رقم 1228، والإصابة 3/ 433- 435 رقم 8068، والطبقات الكبرى 3/ 32 و 7/ 406، ونسب قريش 124 وما بعدها، والمعارف 344 وغيرها، والمعرفة والتاريخ 1/ 305 وغيرها، وتاريخ الطبري 5/ 323 وما بعدها، ومروج الذهب 3/ 188 وما بعدها، وجمهرة أنساب العرب 112، 113 وغيرها، وتاريخ بغداد 1/ 207- 210 رقم 48، والجمع بين رجال الصحيحين 2/ 489، وطبقات فقهاء اليمن 47، وجامع الأصول 9/ 107، والكامل في التاريخ 4/ 5 وغيرها، والبداية والنهاية 8/ 20 و 117، ومجمع الزوائد 9/ 354، والعقد الثمين 7/ 227، وغاية النهاية 2/ 303 رقم 3625، والمطالب العالية 4/ 108، وتاريخ الخلفاء 194، وخلاصة تذهيب التهذيب 326، وشذرات الذهب 1/ 65، والمنتخب من تاريخ المنبجي (بتحقيقنا) 55- 76 و 80، وتاريخ مختصر الدول 109، 110، وتاريخ الأزمنة 31، وآثار البلاد 17 و 66 و 68 و 214 و 221، و 222، و 227 و 242 و 468، وأخبار الدول للقرماني 129، 130، ومآثر الإنافة للقلقشندي 1/ 109- 115، ومعجم بني أميّة للدكتور المنجد 167- 174 رقم 352، ومجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي 89 و 97 و 102 و 117 و 131 و 132 و 143 و 163 و 164 و 185 و 215 و 222 و 329 و 357 و 370 و 372 و 373، وأمالي المرتضى 1/ 275- 277 و 291- 293، وغيرها.
وانظر فهارس الأعلام في المصادر التالية:
المغازي للواقدي (3/ 1238) ، وتاريخ خليفة (585) ، والبرصان والعرجان (417) ، والزاهر للأنباري، وتاريخ أبي زرعة (2/ 1004 و 1005) ، وتاريخ اليعقوبي (2/ 331) ، والأخبار الطوال (443) ، والمعرفة والتاريخ (3/ 779) ، والعقد الفريد (7/ 152- 154) ، والمحبّر (721) ، والأخبار الموفقيات (684) ، وأنساب الأشراف (1/ 690، و 3/ 351 وق 4 ج 1/ 666، 667) ، وفتوح البلدان (662) ، وعيون الأخبار (2/ 219) ، وربيع الأبرار (4/ 550) ، والخراج وصناعة الكتابة (589) ، وثمار القلوب للثعالبي، ومقاتل الطالبيين (798) ، وجمهرة أنساب العرب (645، 646) ، وأخبار القضاة لوكيع (1/ 42 و 2/ 496 و 3/ 368) ، والمغازي (من تاريخ الإسلام) (799) ، وعهد الخلفاء الراشدين (753) ،(4/307)
عَبْد الرَّحْمَنِ القُرَشي الأموي، وأمه هند بِنْت عتبة بن رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافَ.
أسلم قبل أبيه في عُمرة القضاء، وبقي يخاف من الخروج إِلَى النبي صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، من أبيه.
رَوَى عَن: النبي صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وأبي بكر، وعمر، وأخته أم المؤْمِنِينَ أم حبيبة.
وعنه: ابن عباس، وسَعِيد بن المسيب، وأَبُو صالح السمان، والأعرج، وسَعِيد بن أَبِي سَعِيد، ومحمد بن سيرين، وهمام بن منبه، وعَبْد اللَّهِ بن عامر اليحصبي، والقاسم أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ، وشعيب بن محمد والد عمرو بن شعيب، وطائفة سواهم.
وأظهر إسلامه يَوْم الفتح.
وَكَانَ رجلًا طويلًا، أبيض، جميلًا مَهِيبًا، إذا ضحك انقلبت شفته العليا، وَكَانَ يَخْضِبُ بالصُفرة.
قَالَ أَبُو عَبْد ربّ الدمشقي: رأيت مُعَاوِيَة يصفّر لحيته كأَنَّهُا الذَّهَب [1] .
وَعَن إِبْرَاهِيم بن عَبْد اللَّهِ بن قارظ قَالَ: سمعت مُعَاوِيَة عَلَى منبر المدينة يقول: أين فقهاؤكم يَا أَهْل المدينة، سمعت رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ يَنهى عَن هَذِهِ القُصة، ثُمَّ وضعها عَلَى رأسه أَوْ خدّه، فلم أر عَلَى عروس وَلَا عَلَى غيرها أجمل منها عَلَى معاوية [2] .
__________
[ () ] والبيان المغرب 15- 23، والشعر والشعراء (2/ 809) ، والكامل في الأدب للمبرّد، ونهاية الأرب (20/ 543، 544) ، ولباب الآداب (503) ، والفرج بعد الشدّة (5/ 227) ، ونشوار المحاضرة (2/ 394 و 3/ 318 و 5/ 300) ، والتذكرة الحمدونية (1/ 486 و 2/ 511) ، ومختصر التاريخ لابن الكازروني (339) .
[1] تاريخ أبي زرعة الدمشقيّ 1/ 349 عن أبي مسهر.
[2] أخرجه أحمد في المسند 4/ 95 من طرق، عَنْ: حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أنه سمع معاوية بن أبي سفيان عام حجّ وهو على المنبر وهو يقول وتناول قصّة من شعر كانت بيد حرسيّ- أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينهى عن مثل هذه، ويقول: «إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم» ، وأخرجه مسلم من طريق قتادة، عن سعيد بن المسيّب (124) / (2127) في اللباس والزينة، باب تحريم الواصلة، أن معاوية قال ذات يوم: إنكم(4/308)
وذكر المفضّل الغلابي: أن زيد بن ثابت كان كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وَكَانَ مُعَاوِيَة كاتبه فيما بينه وبين العرب. كذا قَالَ.
وَقَدْ صَحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ أَلْعَبُ، فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وَقَالَ: «ادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ» وَكَانَ يَكْتُبُ الْوَحْيَ [1] .
وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ سَيْفٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي رُهْمٍ [2] السَّمَاعِيِّ، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ وَهُوَ يَدْعُونَا إِلَى السَّحُورِ: «هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ الْمُبَارَكِ» . ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «اللَّهمّ عَلِّمْ مُعَاوِيَةَ الْكِتَابَ وَالْحِسَابَ، وَقِهِ الْعَذَابَ» .
رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي «مُسْنَدِهِ» [3] ، وَقَدْ وَهِمَ فِيهِ قُتَيْبَةُ، وَأَسْقَطَ منه أبا رهم والعرباض.
وقيل أَبُو مُسْهِرٍ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عُمِيرَةَ الْمُزَنِيِّ- وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم-، أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: «اللَّهمّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ وَالْحِسَابَ، وَقِهِ الْعَذَابَ» [4] . هَذَا الْحَدِيثُ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، لَكِن اخْتَلَفُوا فِي صُحْبَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ صَحَابِيٌّ، رُوِيَ نَحْوَهُ مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ.
وَقَالَ مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي عَمِيرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلم يقول
__________
[ () ] قد أحدثتم زيّ سوء، وإنّ نبيّ الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الزور. وأخرجه البخاري في اللباس (10/ 314، 315) باب وصل الشعر، وأبو داود (4167) ، والترمذي (2781) ، والنسائي (8/ 144) من طريق ابن وهب، عن مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن سعيد المقبري، ومالك في الموطّأ 3/ 323، 124، وابن عساكر في تاريخ دمشق 16/ 338 ب، 339 أ، والطبراني في المعجم الكبير 19/ 320 رقم 725 و 740- 747.
[1] مسند أحمد 1/ 235 و 240 و 338.
[2] في الأصل «أبو وهم» ، والتصحيح من (تهذيب التهذيب 1/ 190) واسمه: «أحزاب بن أسيد» .
[3] ج 4/ 127، وانظر: البداية والنهاية 8/ 121.
[4] حسّنه الترمذي في المناقب (384) ، وأخرجه أحمد في المسند 4/ 216، وابن عساكر في تاريخ دمشق 16/ 343 ب.(4/309)
لِمُعَاوِيَةَ: «اللَّهمّ اجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا، وَاهْدِهِ وَاهْدِ بِهِ» . رَوَاهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو مُسْهِرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، نَحْوَهُ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنِ الذُّهْلِيِّ، عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ [1] .
وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورٍ، ثَنَا مَرْوَانُ بْنُ جَنَاحٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ اسْتَأْذَنَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي أَمْرٍ فَقَالَ: «أَشِيرُوا» ، فَقَالَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَقَالَ:
«ادْعُوا مُعَاوِيَةَ، أَحْضِرُوهُ أَمْرَكُمْ، فَإِنَّهُ قَوِيٌّ أَمِينٌ» [2] . وقد رواه عَنِ ابْنِ شُعَيْبٍ مُرْسَلًا. قلت: هَذَا من مناكير نُعَيم، وَهُوَ صاحب أوابد.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ وَحْشِيِّ بْنِ حَرْبِ بْنِ وَحْشِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَن جَدِّهِ قَالَ: أَرْدَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ خَلْفَهُ، فَقَالَ: «مَا يَلِينِي مِنْكَ» ؟ قَالَ: بَطْنِي، قَالَ: «اللَّهمّ امْلَأْهُ عِلْمًا» [3] ، زَادَ أَبُو مُسْهِرٍ: «وَحِلْمًا» . قَالَ صالح جزرة [4] : لَا تشتغل بوحشي وَلَا بأبيه.
وَقَالَ خَلِيفَة [5] : جمع عمر لمعاوية الشَّام كلّه، ثُمَّ أقره عُثْمَان.
وَعَن إسماعيل بن أمية أن عمر أفرد مُعَاوِيَة بالشَّام، ورزقه في كلٌ شهر ثمانين دينارًا. والمحفوظ أن الذي جمع الشَّام لمعاوية عُثْمَان.
وَقَالَ مسلم بن جندب، عَن أسلم مولى عمر قَالَ: قدِم علينا مُعَاوِيَة، وَهُوَ أبضّ النَّاس وأجملهم، فحج مع عمر، وَكَانَ عمر ينظر إليه، فيعجب لَهُ، ثُمَّ يضع إصبعه عَلَى متنه ويرفعها، عَن مثل الشراك. ويقول: بخٍ بخٍ، نحن
__________
[1] انظر قبله.
[2] تاريخ دمشق 16/ 344 ب، 345 أ.
[3] تاريخ دمشق 16/ 345 أ.
[4] لقّب بذلك لأنه صحّف حديثا فيه بخرزة فقال: «بجزرة» ، وقيل غير ذلك.
[5] في تاريخه 155.(4/310)
إذا خير النَّاس، أن جُمع لنا خيرُ الدنيا والآخرة، فَقَالَ مُعَاوِيَة: يَا أمير المؤْمِنِينَ سأحدثك: إنا بأرض الحمّامات والريف، فَقَالَ عمر: سأحدثك، مَا بك إِلَّا إلطافك نفسك بأطيب الطعام، وتصبّحك حَتَّى تضرب الشمسُ مَتنيك، وذوو الحاجات وراء الباب، قَالَ: فلما جئنا ذا طُوًى، أخرج مُعَاوِيَة حُلة، فلبسها، فوجد عمر منها ريحًا طيبة، فَقَالَ: يعمد أحدكم فيخرج حاجًا تفلا [1] ، حَتَّى إذا جاء أعظم بلدان اللَّه حُرْمة أخرج ثوبيه كأَنَّهُما كانا في الطيب فيلبسهما، فَقَالَ: إِنَّمَا لبستهما لأدَخَلَ فيهما عَلَى عشيرتي، واللَّه لقد بلغني أذاك ها هنا وبالشَّام، واللَّه يعلم إني لقد عرفت الحياء فِيهِ، ونزع مُعَاوِيَة الثوبين، ولبس ثوبيه اللذين أحرم فيهما [2] .
وَقَالَ أَبُو الْحَسَن المدائني: كَانَ عمر إذا نظر إِلَى مُعَاوِيَة قَالَ: هَذَا كسرى العرب [3] .
وَرَوَى ابن أَبِي ذئب، عَن المقْبُري قَالَ: تَعجبون من دَهاء هِرَقْلَ وكِسْرى، وتَدَعُون مُعَاوِيَة [4] .
وَقَالَ الزُهري: استخلف عُثْمَان، فنزع عُمَير بن سعد، وجمع الشَّام لمعاوية.
وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَا تَكْرَهُوا إِمْرَةَ مُعَاوِيَةَ، فَإِنَّكُمْ لو فقدتموه رأيتم الرءوس تندر عن كواهلها [5] .
وَرَوَى علقمة بن أَبِي علقمة، عَن أمه قالت: قدِم مُعَاوِيَة المدينة، فأرسل إِلَى عائشة: أرسلي إلي بأنبجانية رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلم وشعره، فأرسلت
__________
[1] التفل: الّذي ترك استعمال الطيب، من التفل وهي الريح الكريهة.
[2] أخرجه عبد الله بن المبارك في الزهد 202، 203 رقم 576، وابن كثير في البداية والنهاية 8/ 125، وابن حجر في الإصابة 3/ 134.
[3] البداية والنهاية 8/ 125.
[4] تاريخ دمشق 16/ 360 أ.
[5] تاريخ دمشق 16/ 360 أ. وفيه «تندر عن كواهلها كالحنظل» .(4/311)
بذلك معي أحمله، فأخذ الأنبجانية، فلبسها، وغسل الشعر بماء، فشرب مِنْهُ، وأفاض عَلَى جلده [1] .
وَرَوَى أَبُو بكر الْهُذَلِيُّ، عَن الشَّعْبِيُّ قَالَ: لَمَّا قدِم مُعَاوِيَة المدينة عام الْجَمَاعَةِ، تلقته رجال قريش فقالوا: الحمد للَّه الذي أعز نصرك وأعلى أمرك، فما رد عليهم جوابًا، حَتَّى دَخَلَ المدينة، فعلا المنبر، ثُمَّ حمد اللَّه وَقَالَ: أما بَعْدَ، فإني- واللَّه- مَا وُلِّيتُ أمركم حين وليته، إِلَّا وأنا أعلم أنكم لَا تُسَرون بولايتي، وَلَا تحبونها، وإني لعَالم بما في نفوسكم، ولكن خالستكم بسيفي هَذَا مخالسة، ولقد رُمْت نفسي عَلَى عمل ابن أَبِي قُحافة، فلم أجدها تقوم بذلك، وأردتها عَلَى عمل عمر، فكانت عَنْهُ أشد نفورًا، وحاولتها عَلَى مثل سُنيات عُثْمَان فأبتْ عَلِيّ، وأين مثل هؤلاء، هيهات أن يُدْرِك فضلَهم أحدٌ من بَعْدهم، غير أني قَدْ سلكت بها طريقا لي فِيهِ منفعة، ولكم فِيهِ مثل ذلك، ولكل فِيهِ مؤاكلة حَسَنةٌ ومشاربة جميلة مَا استقامت السيرة، وحسُنَتِ الطاعة، فإن لَمْ تجدوني خيركم، فأنا خير لكم، واللَّه لَا أحمل السيف عَلَى من لَا سيف معه، ومهما تقدم مما قَدْ علمتمونه، فقد جعلته دُبر أُذُني، وإن لَمْ تجدوني أقوم بحقكم كله، فارضوا مني ببعضه، إِنَّهَا ليست بقائبة قوبها [2] ، وإن السيل إذا جاء تترى، وإن قل أغنى، وإياكم والفتنة، فلا تهموا بِهَا، فإِنَّها تفسد المعيشة، وتكدر النعمة، وتورث الاستئصال، واستغفر اللَّه لي ولكم، ثُمَّ نَزَلَ [3] .
وَقَالَ جَنْدَلُ بْنُ وَالِقٍ [4] وَغَيْرُهُ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، ثَنَا مُجَالِدٌ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَيْتُمْ مُعَاوِيَةَ عَلَى مِنْبَرِي فَاقْتُلُوهُ» [5] .
__________
[1] تاريخ دمشق 16/ 361 ب.
[2] في النهاية: يقال قبيت البيضة فهي مقوبة: إذا خرج فرخها منها، فالقائبة: البيضة، والقوب: الفرخ.
[3] تاريخ دمشق 16/ 316 ب، البداية والنهاية 8/ 132.
[4] هو في الجرح والتعديل 2/ 535.
[5] أخرجه ابن عديّ في (الكامل في ضعفاء الرجال 6/ 2416) وتحرّف فيه «أبي الودّاك» إلى(4/312)
مجالد ضعيف.
وقد رواه النَّاس عَن: عَلِيّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، عَن، أَبِي نَضْرة، عَن أَبِي سَعِيد، فذكره.
وَيُرْوَى عَن أَبِي بكر بن أَبِي داود قَالَ: هُوَ مُعَاوِيَة بن تابُوه رأس المنافقين، حلف أن يتغوط فوق المنبر [1] .
وَقَالَ بُسْر بن سعيد، عن سعيد بن أبي وقاص قال: ما رأيت أحدا بَعْدَ عُثْمَان أقضى بحق من صاحب هَذَا الباب، يعني مُعَاوِيَة [2] .
وَقَالَ أَبُو بكر بن أَبِي مريم، عَن ثابت مولى أَبِي سفيان: أَنَّهُ سمع مُعَاوِيَة يخطب ويقول: إني لست بخيركم، وإن فيكم من هُوَ خير مني:
عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وغيرهما من الأفاضل، ولكني عسيت أن أكون أنكاكم في عدوَكم، وأنعمكم لكم ولايةً، وأحسنكم خُلُقًا [3] .
وَقَالَ همّام بن منبه: سمعت ابن عباس يقول: مَا رأيت رجلًا كان أخلَقَ للملْك من مُعَاوِيَة، كَانَ النَّاس يَرِدون مِنْهُ عَلَى أرجاء وادٍ رحَبٍ، لَمْ يكن بالضيَّق الحَصِر العُصْعُص [4] المتغضب. يعني ابن الزبير [5] .
وَقَالَ جَبَلَة بن سُحَيم، عَن ابن عمر: مَا رأيت أحدًا أسود من مُعَاوِيَة، قلت: وَلَا عمر؟ قَالَ: كَانَ عمر خيرًا مِنْهُ، وكان معاوية أسود منه [6] .
__________
[ () ] «أبي الوراك» بالراء. وهو يرويه عن: أحمد بن عامر البرقعيدي، عن بشر بن عبد الوهاب الدمشقيّ، عن محمد بن بشر، بسنده. وقال في آخره: قال بشر: فما فعلوا.
[1] اختصره المؤلّف- رحمه الله- في سير أعلام النبلاء 3/ 150، وهو حديث مظلم كاذب.
[2] تاريخ دمشق 16/ 363 أ.
[3] تاريخ دمشق 16/ 363 ب.
[4] يقال فلان ضيق العصعص أي نكد قليل الخير. والمشهور «الحصر العقص» ، والعقص:
الألوى الصعب الأخلاق تشبيها بالقرن الملتوي، كما في النهاية.
[5] أخرجه عبد الرزاق في (المصنّف) رقم (20985) بهذا الإسناد، وابن عساكر في تاريخ دمشق 16/ 366 أ، ب.
[6] تاريخ دمشق 16/ 366 أ.(4/313)
وَقَالَ أيوب، عَن أَبِي قلابة: إن كعب الأحبار قَالَ: لن يملك أحدٌ هَذِهِ الأمة مَا ملك مُعَاوِيَة.
قَالَ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ: نَبَّأَ ضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ: سَمِعْتُ أَبَا قَبِيلٍ حُيَيَّ بْنَ هَانِئٍ يُخْبِرُ عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَصَعَدَ الْمِنْبَرَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ، فَقَالَ عِنْدَ خُطْبَتِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الْمَالَ مَالُنَا، وَالْفَيْءَ فَيْئُنَا، مَنْ شِئْنَا أَعْطَيْنَا، وَمَنْ شِئْنَا مَنَعْنَا، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا كَانَتِ الْجُمْعَةُ الثَّانِيَةُ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا كَانَتِ الْجُمْعَةُ الثَّالِثَةُ قَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: كَلا، إِنَّمَا الْمَالُ مَالُنَا وَالْفَيْءُ فَيْئُنَا، مَنْ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ حَكَّمْنَاهُ إِلَى اللَّهِ بِأَسْيَافِنَا. فَنَزَلَ مُعَاوِيَةُ، فَأَرْسَلَ إِلَى الرَّجُلِ، فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ الْقَوْمُ: هَلَكَ، فَفَتَحَ مُعَاوِيَةُ الأَبْوَابَ، وَدَخَلَ النَّاسُ، فَوَجَدُوا الرَّجُلَ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا أَحْيَانِي أَحْيَاهُ اللَّهُ، سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ: «سَتَكُونُ أَئِمَّةٌ مِنْ بَعْدِي.
يَقُولُونَ فَلا يُرَدُّ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُمْ، يَتَقَاحَمُونَ فِي النَّارِ تَقَاحُمَ الْقِرَدَةِ» ، وَإِنِّي تَكَلَّمْتُ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ أَحَدٌ، فَخَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مِنْهُمْ، ثُمَّ تَكَلَّمْتُ الثَّانِيَةَ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلِيَّ أَحَدٌ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: إِنِّي مِنَ الْقَوْمِ، ثُمَّ تَكَلَّمْتُ الْجُمْعَةَ الثَّالِثَةَ، فَقَامَ هَذَا فَرَدَّ عَلَيَّ فَأَحْيَانِي أَحْيَاهُ اللَّهُ، فَرَجَوْتُ أَنْ يُخْرِجَنِيَ اللَّهُ مِنْهُمْ، فَأَعْطَاهُ وَأَجَازَهُ.
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى: ثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيرِ [1] بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ: وَفَدَ الْمِقْدَامُ بْنُ معديكرب، وَعَمْرُو بْنُ الأَسْوَدِ، وَرَجُلٌ مِنَ الأَسَدِ لَهُ صُحْبَةٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِلْمِقْدَامِ: تُوُفِّيَ الْحَسَنُ، فَاسْتَرْجَعَ، فَقَالَ:
أَتَرَاهَا مُصِيبَةً؟ قَالَ: وَلَمْ لَا، وَقَدْ وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ فِي حِجْرِهِ وَقَالَ: «هَذَا مِنِّي وَحُسَيْنٌ مِنْ عَلِيٍّ» . فَقَالَ لِلأَسَدِيِّ: مَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قَالَ: جَمْرَةٌ أُطْفِئَتْ، فَقَالَ الْمِقْدَامُ: أُنْشِدُكَ اللَّهَ هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ لِبْسِ الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ، وَعَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ وَالرُّكُوبِ عَلَيْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فو الله لقد
__________
[1] بكسر المهملة، وفي الأصل غير منقوط، والتحقيق من (تهذيب التهذيب 1/ 421) .(4/314)
رَأَيْتُ هَذَا كُلَّهُ فِي بَنِيكَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: عَرَفْتُ أَنِّي لا أَنْجُو مِنْكَ [1] .
قلت: تُوُفِّيَ كعب قبل أن يستخلف مُعَاوِيَة، وصدق كعب فيما نقله، فإنّ معاوية بقي خليفة عشرين سنة، لا ينازعه أحد الأمر في الأرض، بخلاف خلافة عَبْد الملك بن مروان، وأبي جعفر المنصور، وهارون الرشيد، وغيرهم، فإِنَّهُم كَانَ لهم مخالف، وخرج عَن أمرهم بعض الممالك.
قلت: وَكَانَ يُضرب المثل بحلم مُعَاوِيَة. وقد أفرد ابنُ أَبِي الدُّنيا، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي عاصم، تصنيفًا في حلم مُعَاوِيَة.
قَالَ ابن عون: كَانَ الرجل يقول لمعاوية: واللَّه لتستقيمن بنا يَا مُعَاوِيَة أَوْ لنقومنك، فيقول: بماذا؟ فيقولَوْن: بالخُشُب [2] ، فيقول: إذا نستقيم [3] .
وَعَن قبيصة بن جابر قَالَ: صحبت مُعَاوِيَة، فما رأيت رجلًا أثقل حلما، وَلَا أبطأ جهلًا، وَلَا أبَعْدَ أناةً مِنْهُ [4] .
وَقَالَ جَرِيرُ، عَن مغيرة قَالَ: أرسل الْحَسَن بن عَلِيّ وعَبْد اللَّهِ بن جعفر إِلَى مُعَاوِيَة يسألانَّهُ، فبعث إليهما بمائة ألف، فبلغ عليًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لهما: ألا تستحيان، رَجُلٌ نطعن فِيهِ غدوة وعشيّة، تسألانه المال! قالا: لأنك حَرَمْتَنا وجاد لنا [5] .
وَقَالَ مالك: إن مُعَاوِيَة نتف الشَّيْبَ كذا وكذا سَنَة، وَكَانَ يخرج إِلَى الصلاة ورداؤه يُحمل، فإذا دَخَلَ مُصلاه جُعل عَلَيْهِ، وذلك من الكِبْر.
وذكر غيره: أن مُعَاوِيَة أصابته اللقْوَة قبل أن يموت، وكان اطّلع في بئر عاديّة [6] .
__________
[1] أخرجه أحمد في المسند 4/ 132 من أوله حتى قوله «وحسين بن علي» ، وهو في سنن أبي داود مطوّلا (4131) في اللباس.
[2] الخشب: بالضم، وهو السيف الصقيل. مفردة: خشيب.
[3] تاريخ دمشق 16/ 368 ب.
[4] تاريخ دمشق 16/ 367 أ.
[5] تاريخ دمشق 16/ 370 ب.
[6] بئر عاديّة: قديمة، لعلّها نسبت إلى عاد وهم قوم ثمود، إذ كان العرب ينسبون كل قديم إلى عاد.(4/315)
بالأَبُواء لَمَّا حج، فأصابته لقوة، يعني بُطل نصفه [1] .
الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ قَالَ: خَطَبَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: إِنَّ مَنْ زَرَعَ قَدِ اسْتَحْصَدَ، وَقَدْ طَالَتْ إِمْرَتِي عَلَيْكُمْ، حَتَّى مَلَلْتُكُمْ وَمَلَلْتُمُونِي، وَلَا يَأْتِيكُمْ بَعْدِي خَيْرٌ مِنِّي كَمَا أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلِي خَيْرٌ مِنِّي، اللَّهمّ قَدْ أَحْبَبْتُ لِقَاءَكَ، فَأَحْبِبْ لِقَائِي [2] .
الْوَاقِدِيُّ: ثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ:
قَالَ مُعَاوِيَة لِيَزِيدَ وَهُوَ يُوصِيهِ: اتَّقِ الله، فقد وطّأت لَكَ الأَمْرَ، وَوُلِيتَ مِنْ ذَلِكَ مَا وُلِّيتَ، فإن يك خَيْرًا، فَأَنَا أَسْعَدُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، شَقِيتَ بِهِ، فَارْفِقْ بِالنَّاسِ، وَإِيَّاكَ وَجَبْهَ أَهْلِ الشَّرَفِ وَالتَّكَبُّرَ عَلَيْهِمْ. فِي كَلامٍ طَوِيلٍ، أَوْرَدَهُ ابْنُ سَعْدٍ.
وَرَوَى يَحْيَى بْنُ مَعِين، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ النَّرْسِيِّ- وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ- عَنْ رَجُلٍ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لِيَزِيدَ: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ شَيْئًا عَمِلْتُهُ فِي أَمْرِكَ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَلَّمَ يَوْمًا أَظْفَارَهُ، وَأَخَذَ مِنْ شَعْرِهِ، فَجَمَعْتُ ذَلِكَ، فَإِذَا مِتُّ فَاحْشُ بِهِ فَمِي وَأَنْفِي.
وَرَوَى عَبْد الأَعْلَى بْنُ مَيْمُونَ بْنِ مِهْران، عَن أبيه: أن مُعَاوِيَة قَالَ في مرضه: كنت أوضِّئ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ يومًا، فنزع قميصه وكسانيه، فرقعته، وخبأت قُلامة أظفاره في قارورة، فإذا متٌ فاجعلَوْا القميص عَلَى جلدي، واسحقوا تلك القُلامة واجعلَوْها في عيني، فعسى [اللَّه أن يَرحَمَني بَبَركَتِها] [3] .
حُمَيْد بن هلال، عَن أَبِي بُرْدة بن أبي موسى قال: دخلت على معاوية
__________
[1] أخرجه ابن عساكر مطوّلا في تاريخ دمشق 16/ 375 ب.
[2] أنساب الأشراف 4/ 44، الأمالي لأبي علي القالي 2/ 311، البداية والنهاية 8/ 141.
[3] ما بين الحاصرتين ليس في الأصل، استدركته من (تاريخ الطبري 5/ 327) ، والحديث في:
أنساب الأشراف 4/ 153، وتاريخ دمشق 16/ 378 ب.(4/316)
حين أصابته قُرحته فَقَالَ: هَلم ابنَ أخي، تحول فأنظر، فنظرت، فإذا هِيَ قَدْ سَرَتْ [1] .
وَعَن الشَّعْبِيُّ قَالَ: أول من خطب النَّاسَ قاعدًا معاويةُ، وذلك حين كثُر شحمُه وعظُم بطنُه.
وَعَن ابن سيرين قَالَ: أخذت معاويةَ قُرْحَةٌ، فاتخذ لُحُفًا تُلقى عَلَيْهِ، فلا يلبث أن يتأذى بِهَا، فإذا أخذت عَنْهُ، سأل أن تُرد عَلَيْهِ، فَقَالَ: قبحك اللَّه من دارٍ، مكثت فيك عشرين سَنَة أميرًا، وعشرين سَنَة خَلِيفَة، ثُمَّ صرت إِلَى مَا أرى.
وَقَالَ أَبُو عمرو بن العلاء: لَمَّا حَضَرتْ مُعَاوِيَة، الْوَفاةُ قيل لَهُ: ألا توصي؟ فَقَالَ:
هُوَ الموتُ لَا مَنْجي من الموتَ والذي ... نُحاذرُ بَعْدَ الموتِ أدهى وأفْظعُ
اللَّهمّ أقِلِ العثْرةَ، واعفُ عَن الزلة، وتجاوزْ بحِلمك عَن جهل مَن لَمْ يَرْجُ غيرَك فما وراءك مذهب.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِر: صَلَّى الضحاك بن قيس الفِهْريّ عَلَى مُعَاوِيَة، ودُفن بَيْنَ باب الجابية وباب الصغير [2] فيما بلغني.
وَقَالَ أَبُو معشر وغيره: مات مُعَاوِيَة في رجب سَنَة ستين، وقيل: إِنَّهُ عاش سبعًا وسبعين سَنَة.
ميمونة بِنْت الحارث [3]- ع- أم المؤْمِنِينَ الهلالية.
__________
[1] الطبقات الكبرى 4/ 1/ 83، أنساب الأشراف 4/ 41، تاريخ دمشق 16/ 287 ب.
[2] يقع قبره داخل مقبرة الباب الصغير من مقابر دمشق، والقبر معروف حتى الآن هناك. وقد جرى تجديده في السنوات الأخيرة. وهو قريب من قبر الحافظ ابن عساكر، رحمهما الله، وقد زرتهما في سنة 1399 هـ. / 1979 م. وقرأت الفاتحة لهما.
[3] انظر عن (ميمونة بنت الحارث) في:
طبقات ابن سعد 8/ 132، ومسند أحمد 6/ 329، وطبقات خليفة 338، وتاريخ خليفة 86 و 218، والمعارف 137 و 344، وتسمية أزواج النبي لأبي عبيدة 67، والسمط الثمين 113،(4/317)
تزوّجها رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ سَنَة سبع.
رَوَى عنها: مَوْلياها عطاء، وسليمان ابنا يَسَار، وابن أختها يزيد بن الأصم، وكُريْب مولى ابن عباس، وابن أختها عَبْد اللَّهِ بن عباس، وابن أختها عَبْد اللَّهِ بن شدّاد بن الهاد، وعُبَيد بن السباق، وجماعة.
وكانت قبل النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ عند أَبِي رُهْم بن عَبْد الْعُزَّى العامري، فتأيمت مِنْهُ، فخطبها رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، فجعلت أمرها إِلَى العباس، فزوجها مِنْهُ، وبنى بها بسرف بطريق مكة، لما رجع من عمرة القضاء [1] .
__________
[ () ] وإمتاع الأسماع 339- 341، والروض الأنف 2/ 255 و 367، والمنتخب من ذيل المذيّل 611، وجمهرة أنساب العرب 274، والمعرفة والتاريخ 1/ 216 و 224 و 396 و 416، و 421 و 452 و 463 و 494 و 509 و 510 و 2/ 441 و 698 و 701 و 727 و 3/ 8 و 319، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 84 رقم 46، والمغازي للواقدي 738 و 740 و 829 و 866 و 868 و 1101، وسيرة ابن هشام (بتحقيقنا) 4/ 8 و 9 و 291 و 294 و 296 و 300، وتاريخ الطبري 3/ 25 و 166 و 189 و 195، ومقاتل الطالبيين 20، والبدء والتاريخ 5/ 13، 14، والاستيعاب 4/ 404، والمستدرك 4/ 30، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1492 و 1516 و 1996 و 2213، 2214، وترتيب الثقات للعجلي 524، وأنساب الأشراف 1/ 414 و 429 و 444- 448 و 453 و 467 و 477 و 541 و 543 و 545 و 546 و 563 و 3/ 11 و 20 و 28، والزيارات 93، والعقد الفريد 3/ 127، والمحبّر 91 و 92 و 98 و 106 و 107 و 109 و 409، والسير والمغازي لابن إسحاق 266 و 267 و 269، وتاريخ أبي زرعة 1/ 490 و 491 و 493 و 495 و 631، وتاريخ اليعقوبي 2/ 55 و 84، والكامل في التاريخ 2/ 227 و 309 و 317 و 3/ 489 و 5/ 105، وأسد الغابة 5/ 550، 551، ووفيات الأعيان 2/ 391 و 999 و 3/ 18، والمعجم الكبير 23/ 421- 441 و 24/ 7- 29، وتحفة الأشراف 12/ 484- 498 رقم 918، وتهذيب الكمال 3/ 1697، والوفيات لابن قنفذ 37 رقم 66، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 355، 356 رقم 762، ونهاية الأرب 18/ 188- 190، وسير أعلام النبلاء 2/ 238- 245 رقم 27، والعبر 1/ 8 و 45 و 57، والكاشف 3/ 435 رقم 141، ودول الإسلام 1/ 38، والمعين في طبقات المحدّثين 30 رقم 175، والسيرة النبويّة للذهبي (من تاريخ الإسلام) 593، والمغازي 459 و 465 و 466، والمغازي لعروة 201، وصحيح البخاري (5/ 86) ، وعهد الخلفاء الراشدين 232 و 606، والنكت الظراف 12/ 484- 497، وتهذيب التهذيب 12/ 453 رقم 2899، وتقريب التهذيب 2/ 614 رقم 10، والإصابة 4/ 411- 413 رقم 1026، ومجمع الزوائد 9/ 249، وخلاصة تذهيب التهذيب 496، وكنز العمال 13/ 708، وشذرات الذهب 1/ 12 و 58، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 52.
[1] طبقات ابن سعد 8/ 122.(4/318)
وَهِيَ أخت أسماء بِنْت عُمَيْس لأمها، وأخت زينب بِنْت خُزيمة أيضًا لأمها.
رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ اسْمُ مَيْمُونَةَ بَرَّةَ، فَسَمَّاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلم ميمونة [1] .
وقيل: إنها لما ماتت صلّى عليها ابن عباس ودخل قبرها، وهي خالته.
ابْنُ عُلَيَّةَ: ثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: أَمَّرَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَسَأَلْتُ يَزِيدَ بْنَ الْأَصَمِّ عَنْ نِكَاحِ مَيْمُونَةَ، فَقَالَ: نَكَحَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ حَلَالًا بِسَرِف، وَبَنَى بِهَا حَلَالًا بِسَرِف، وَمَاتَتْ بِسَرِف، فَذَاكَ قَبْرُهَا تَحْتَ السَّقِيفَةِ [2] .
وَرَوَى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْجُبْنِ فَقَالَ: «اقْطَعْ بِالسِّكِّينِ وَسَمِّ اللَّهَ وَكُلْ» [3] .
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «الْأَخَوَاتُ الْأَرْبَعُ مَيْمُونَةُ، وَأُمُّ الْفَضْلِ، وَسَلْمَى، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، أُخْتُهُنَّ لِأُمِّهِنَّ مُؤْمِنَاتٌ» ، أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: توفيت سَنَة إحدى وستين، وَهِيَ آخر من مات من أمهات المؤْمِنِينَ.
وقال خليفة [4] : توفيت سنة إحدى وخمسين.
__________
[1] أخرجه ابن سعد في الطبقات 8/ 137 من طريق: الفضل بن دكين ومحمد بن عبد الله الأسدي، حدّثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد.
وأخرجه الحاكم في المستدرك 4/ 30 من طريق كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ اسْمُ خالتي ميمونة: برّة، فسمّاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ميمونة.
صحّحه الذهبي ووافقه في تلخيصه.
[2] طبقات ابن سعد 8/ 134 والمستدرك 4/ 31.
[3] أخرجه أحمد في المسند 1/ 234 من طريق: جابر، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلم أتى بجبنة، قال: فجعل أصحابه يضربونها بالعصيّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ضعوا السكّين واذكروا اسم الله وكلوا» .
[4] في تاريخه 218.(4/319)
وقيل إِنَّهَا ماتت أيضًا بسَرِف، ووَهِم من قَالَ: إِنَّهَا ماتت سَنَة ثلاث وستين.
ميمونة بِنْت سَعِيد [1] ، - 4- أَوْ سعد.
خادم النبي صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، لها صحبة ورواية.
رَوَى عنها: أيوب بن خالد، وزياد بن أَبِي سَوْدة، وعُثْمَان بن أَبِي سَودة، وأَبُو يزيد الضبي، وطارق بن عبد الرحمن القرشي، وغيرهم.
__________
[1] انظر عن (ميمونة بنت سعيد) في:
طبقات ابن سعد 8/ 305، ومسند أحمد 6/ 463، وأنساب الأشراف 1/ 485، وطبقات خليفة 331، والمنتخب من ذيل المذيل 621، 622، والمعجم الكبير 25/ 32- 39، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 117 رقم 435 و 127 رقم 552، وأسد الغابة 5/ 551، 552، وتهذيب الكمال 3/ 1698، وتحفة الأشراف 12/ 499 رقم 919، والكاشف 3/ 435 رقم 242، وتجريد أسماء الصحابة 2/ 306، والاستيعاب 4/ 408، والإصابة 4/ 413، 414، وتهذيب التهذيب 12/ 454 رقم 2900، وتقريب التهذيب 2/ 614، 615 رقم 11، وخلاصة تذهيب التهذيب 496.(4/320)
[حرف الهاء]
هشام بن عامر الْأَنْصَارِيّ [1] ، - م 4-.
لَهُ صُحْبة ورواية، نَزَلَ الْبَصْرَةَ، واستُشْهد أَبُوه يَوْم أُحُد.
رَوَى عَنْهُ: سعد بن هشام، ومُعَاذة العدوية، وأَبُو قَتَادة العدوي، وأَبُو الدهماء العدوي، وحُمَيد بن هلال.
هنِد بن حارثه [2] ، الأسلمي المدني، أخو أسماء.
__________
[1] انظر عن (هشام بن عامر) في:
طبقات ابن سعد 7/ 26، 27، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 98 رقم 203، والتاريخ الكبير 8/ 191 رقم 2663، والجرح والتعديل 9/ 63 رقم 246، والمعرفة والتاريخ 2/ 80 و 3/ 155، 156، وطبقات خليفة 187، وأنساب الأشراف 1/ 336، وتاريخ الطبري 4/ 71 و 263 و 352 و 463، وتاريخ أبي زرعة 1/ 555، ومسند أحمد 4/ 1، والاستيعاب 3/ 596، والكامل في التاريخ 2/ 541 و 3/ 160 و 212، وأسد الغابة 5/ 64، وتحفة الأشراف 9/ 71، 72 رقم 571، وتهذيب الكمال 3/ 1440، والمغازي من (تاريخ الإسلام) 213، والكاشف 3/ 196 رقم 6072، وتهذيب التهذيب 11/ 42 رقم 83، وتقريب التهذيب 2/ 319 رقم 86، والإصابة 3/ 605 رقم 8968، وخلاصة تذهيب التهذيب 410.
[2] انظر عن (هند بن حارثة) في:
المغازي للواقدي 799، والاستيعاب 3/ 599، 600، والجرح والتعديل 9/ 116 رقم 488، والتاريخ الكبير 8/ 238، 239 رقم 2854، وأنساب الأشراف 1/ 535، وطبقات ابن سعد 4/ 323، والمستدرك 3/ 529، 530، وأسد الغابة 5/ 70، 71، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 140 رقم 218، والإصابة 3/ 611 رقم 9905، وتعجيل المنفعة 432 رقم 1139 (هند بن جارية) .(4/321)
قَالَ الْوَاقدي: قَالَ أَبُو هريرة: مَا كنت أرى أسماء وهند إِلَّا خادمين لرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، من طول لزومهما بابه، وخدمتهما إياه [1] .
وَقَالَ غيره: كانا من أصحاب الصّفة، ولهما إخوة [2] .
توفي هند في خلافة معاوية.
__________
[1] طبقات ابن سعد 4/ 323، الاستيعاب 3/ 599.
[2] هم ثمانية إخوة: هند، أسماء، خراش (وقيل: خداش) ، ذؤيب، فضالة، حمران، سلمة، ومالك. (ابن سعد 4/ 323، ابن عبد البر 3/ 599) .(4/322)
[حرف الْوَاوِ]
وابصة بن معبد [1] ، - د ت ق- بن عتبة الأسدي، أسد خُزَيمة.
وفد عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ سَنَة تسع في عشرة من رهطه، فأسلموا ورجعوا إِلَى أرضهم، ثُمَّ نَزَلَ وابصة الجزيرة، وسكن الرقة [2] ، وله بدمشق دار.
رَوَى عن: النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وَعَن ابن مسعود، وخُرَيم بن فاتك.
وعنه: زِرّ بن حُبَيْش، والشَّعْبِيُّ، وعمرو بن ناشد، وهلال بن يساف، وابنه عمر بن وابصة، وجماعة.
وقبره بالرقة عند الجامع، وكنيته أبو سالم.
__________
[1] انظر عن (وابصة بن معبد) في:
التاريخ الكبير 8/ 187، 188 رقم 2647، والجرح والتعديل 9/ 47 رقم 203، وتاريخ أبي زرعة 2/ 686، 687، وطبقات خليفة 35 و 128 و 318، وطبقات ابن سعد 7/ 476، ومسند أحمد 4/ 227، والاستيعاب 3/ 641، والمستدرك 4/ 620، ومشاهير علماء الأمصار 53 رقم 359، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 96 رقم 179، وأسد الغابة 5/ 76، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 142 رقم 222، وتحفة الأشراف 9/ 75، 76 رقم 575، وتهذيب الكمال 3/ 1457، وتلخيص المستدرك 3/ 620، والمعين في طبقات المحدّثين 27 رقم 135، والكاشف 3/ 204 رقم 6130، والإصابة 3/ 626 رقم 9085، وتهذيب التهذيب 11/ 100، 101 رقم 173، وتقريب التهذيب 2/ 328 رقم 1، وخلاصة تذهيب التهذيب 419، والمعجم الكبير 22/ 140- 149.
[2] أسد الغابة 5/ 76.(4/323)
[حرف الياء]
يزيد بن شجرة [1] الرهاوي [2] .
و «رها» : قبيلة من مَذْحِج.
رَوَى عَنْهُ: مجاهد، وله صُحبة ورواية، وَكَانَ متألهًا متوقيًا.
وَرَوَى عَنْهُ أيضًا أَبُو الزاهرية، وأرسل عَنْهُ الزُهرْي.
وقد رَوَى هُوَ أيضًا عَن: أَبِي عُبيدة بن الجرَاح، ونزل الشَّام.
وَكَانَ مُعَاوِيَة يستعمله عَلَى الغزو، وسيّره مرّة يقيم للناس الحج [3] .
استشهد يزيد وأصحابه في غزو البحر، وقيل بالروم سنة ثمان
__________
[1] انظر عن (يزيد بن شجرة) في:
طبقات ابن سعد 7/ 446، وتاريخ خليفة 198 و 223 و 225، وطبقات خليفة 75 و 134 و 148 و 306، والتاريخ لابن معين 2/ 672، والتاريخ الكبير 8/ 316 رقم 3151، وتاريخ اليعقوبي 2/ 240، والمعارف 448، والعقد الفريد 1/ 297، 298، والمراسيل 235، 236 رقم 432، والجرح والتعديل 9/ 270، 271 رقم 1135، وأنساب الأشراف 3/ 65 وق 4 ج 1/ 335، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 2342 و 3632، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 144 رقم 706، والمستدرك 4/ 494، والاستيعاب 3/ 653، 654، وتاريخ الطبري 5/ 136 و 232 و 301 و 309 و 7/ 93، وجمهرة أنساب العرب 413، والكامل في التاريخ 3/ 377 و 380 و 458 و 503، وأسد الغابة 5/ 114، 115، وتجريد أسماء الصحابة 2/ 138، والمعجم الكبير 22/ 246، 247، وجامع التحصيل 372، 373 رقم 894، والتذكرة الحمدونية 2/ 286، 287، والإصابة 3/ 658، 659 رقم 9272.
[2] النسبة إلى «الرّها» القبيلة التي هو منها. والنسبة إلى الرّها المدينة بالضم. على ما في (اللباب 2/ 45) وفي (معجم البلدان 3/ 106) ضبط النسبتين بالضمّ.
[3] تاريخ خليفة 198.(4/324)
وخمسين، وقيل سَنَة خمسٍ وخمسين [1] .
زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كَانَ يَزِيدُ بْنُ شَجَرَةَ مِمَّنْ يُذَكِّرُنَا فَيَبْكِي، وَكَانَ يُصَدِّقُ بُكَاءَهُ بِفِعْلِهِ [2] .
وَقَالَ الأعمش، عَن مُجاهد: خَطَبَنا يزيد بن شجرة الرّهاوي، وَكَانَ مُعَاوِيَة استعمله عَلَى الجيوش [3] .
والرّهاوي قيّده عبد الغني بالفتح [4] ، فخطّأه ابن ماكولا.
يَعْلَى بن أميّة [5] ، - ع- بن أبي عبيدة التميمي المكّي.
__________
[1] تاريخ خليفة 223 و 225، المستدرك 4/ 494.
[2] في المعجم الكبير للطبراني 22/ 246 بلفظ: «كان يزيد بن شجرة ممّن يصدّق قوله فعله» ، وهو بهذا السند.
[3] راجع الخطبة في (المستدرك 4/ 494) والمعجم الكبير 22/ 246 رقم (641) و (642) من طريق: منصور، عن مجاهد، عن يزيد بن شجرة.
[4] مشتبه النسبة، لعبد الغني بن سعيد الأزدي، ورقة 18 ب. (رقم 446 حسب تحقيقنا للنسخة البريطانية) .
[5] انظر عن (يعلى بن أميّة) في:
تاريخ خليفة 123 و 179، وطبقات خليفة 45، وطبقات ابن سعد 5/ 456، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 88 رقم 98، والتاريخ لابن معين 2/ 682، وتاريخ أبي زرعة 1/ 501، والمنتخب من ذيل المذيل 554، والبرصان والعرجان 137، والمعرفة والتاريخ 1/ 308 و 337 و 400 و 2/ 160 و 205، ومقاتل الطالبيين 13، والاستيعاب 3/ 661- 664، وتاريخ الطبري 2/ 390 و 3/ 228 و 318 و 427 و 446 و 479 و 597 و 623 و 4/ 39 و 94 و 160 و 241 و 421 و 443 و 450- 452 و 454 و 507، والعقد الفريد 1/ 258 و 2/ 68 و 4/ 326، والمعارف 208، وتاريخ اليعقوبي 2/ 122 و 157 و 161 و 176 و 181، والتاريخ الكبير 8/ 414 رقم 3535، وجمهرة أنساب العرب 229، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1582 و 1628، والبدء والتاريخ 5/ 114 و 217، 218، والجرح والتعديل 9/ 301 رقم 1293، والمحبّر 67، والمغازي للواقدي 1012، والأخبار الموفقيات 500، وفتوح البلدان 119، 120، ومشاهير علماء الأمصار 32 رقم 167، وأنساب الأشراف 1/ 98، ومسند أحمد 4/ 222، والمعجم الكبير 22/ 249- 261، والمستدرك 3/ 423، 424، والكامل في التاريخ 2/ 421 و 433 و 449 و 489 و 508 و 554 و 3/ 77 و 186 و 202 و 207 و 210، وأسد الغابة 5/ 128، 129، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 165 رقم 263، وتحفة الأشراف 9/ 110- 118 رقم 594، وتهذيب الكمال 3/ 1554، والجمع بين رجال(4/325)
حليف قريش، وَهُوَ يعلي بن مُنْية بِنْت غزوان، أخت عُتْبة بن غزوان.
أسلم يَوْم الفتح، وشهد الطائف وتبوكًا، وَرَوَى عَن: النبي صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وَعَن عمر.
وعنه: بنوه محمد، وصفوان، وعُثْمَان، وأخوه عَبْد الرَّحْمَنِ، وابن أخيه صفوان بن عَبْد اللَّهِ، وعكرمة، وعَبْد اللَّهِ بن بابيه [1] ، ومجاهد، وعطاء بن أَبِي رباح، وآخرون.
قَالَ ابن سعد [2] : كَانَ يعلى يُفْتي بمكة.
وقيل: إِنَّهُ عمل لعمر عَلَى نجران، وله أخبار في السخاء.
وَقَالَ زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دينار قَالَ: كَانَ أول من ورّخ الكتب يعلى بن أمية، وَهُوَ باليمن [3] .
قلت: كَانَ قَدْ ولى صنعاء لعُثْمَان، وَكَانَ يعلى ممن شهد مع عائشة يَوْم الجمل، وأنفق أموالًا عظيمة في ذلك الجيش، فلما هُزم النَّاس هرب يعلى، وبقي إِلَى أواخر خلافة معاوية.
وقيل: قتل بصفّين مع عليّ، والله أعلم.
أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُيَيٍّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «الْبَحْرُ مِنْ جَهَنَّمَ» . فَقِيلَ لَهُ فِي ذلك، فقال: أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها 18: 29 [4] والله لا أدخله، ولا يصيبني منه
__________
[ () ] الصحيحين 2/ 586، والمعين في طبقات المحدّثين 28 رقم 140، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 145، والكاشف 3/ 257 رقم 6526، وسير أعلام النبلاء 3/ 100، 101 رقم 20، والعقد الثمين 7/ 478، وتلخيص المستدرك 3/ 423، 42، والنكت الظراف 9/ 111- 115، وتهذيب التهذيب 11/ 399، 400 رقم 772، وتقريب التهذيب 2/ 377 رقم 401، والإصابة 3/ 668 رقم 9358، وخلاصة تذهيب التهذيب 376، وأمالي اليزيدي 96، وأسماء الصحابة الرواة 281، والوسائل إلى مسامرة الأوائل 34 و 129.
[1] في الأصل مهملة، والتصويب من (تهذيب التهذيب 5/ 152) ويقال له «ابن باباه» .
[2] قول ابن سعد غير موجود في ترجمة (يعلى) .
[3] أخرجه الحاكم في المستدرك 3/ 424 وبقيّته: فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدم المدينة في شهر ربيع الأول، وإن الناس أرّخوا لأول السنة، وإنما أرّخ الناس لمقدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
[4] سورة الكهف- الآية 29.(4/326)
قَطْرَةٌ حَتَّى أُعْرَضَ عَلَى اللَّهِ [1] .
قَالَ أَبُو عاصم: حلف عَلِيّ غيبٍ، وَهُوَ ممن أعان عَلَى عَلِيّ رضي اللَّه عَنْهُ.
يعلي بن مُرة [2] ، - ت ن ق- بن وهْب الثقفي، وَيُقَالُ العامري، واسم أمه سيابة.
شهد الحُديبية وخيبر، وله أحاديث، وسكن الْعِرَاق.
رَوَى عَنْهُ: ابناه عُثْمَان، وعَبْد اللَّهِ، وعَبْد اللَّهِ بن حفص بن أَبِي عقيل الثقفي، وراشد بن سعد، وأبو البختريّ.
وأرسل عَنْهُ: المنْهال بن عُمَرو، ويونس بن خباب [3] ، وعطاء بن السّائب.
وكان فاضلا.
__________
[1] أخرجه أحمد في المسند 4/ 223 بهذا السند.
[2] انظر عن (يعلى بن مرّة) في:
طبقات ابن سعد 6/ 40، والتاريخ الكبير 8/ 414، 415 رقم 3536، والمغازي للواقدي 928، والسير والمغازي لابن إسحاق 277، والجرح والتعديل 9/ 301 رقم 1295، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 89 رقم 104، وطبقات خليفة 53 و 131 و 182، والمعجم الكبير 22/ 261- 273، والاستيعاب 3/ 664، وأسد الغابة 5/ 129، 130، والكامل في التاريخ 6/ 407، ومشاهير علماء الأمصار 45 رقم 280، ومسند أحمد 4/ 170، وتحفة الأشراف 9/ 118، 119 رقم 595، وتهذيب الكمال 3/ 1557، والكاشف 3/ 259 رقم 6535، والنكت الظراف 9/ 120، وتهذيب التهذيب 11/ 404، 405 رقم 782. وتقريب التهذيب 2/ 378 رقم 411، والإصابة 3/ 669 رقم 9361، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 54 و 88، وخلاصة تذهيب التهذيب 438.
[3] في الأصل «حباب» ، وقال في (خلاصة تذهيب التهذيب 441) بمعجمة وموحّدتين.(4/327)
[الكني]
أَبُو أرَوَى الدوسي [1] .
لَهُ صُحبة ورواية، وَكَانَ من شيعة عُثْمَان، نَزَلَ ذا الحُلَيفة [2] . وقد رَوَى عَن أَبِي بَكْر أيضًا.
وعنه: أَبُو سلمة بن عَبْد الرَّحْمَنِ، وأَبُو واقد صالح بن مُحَمَّد بن زيادة المدَنِيّ.
فرَوَى وُهَيْب، عَن أَبِي واقد، عَنْهُ قَالَ: كنت أصلي العصر مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ، ثُمَّ أتي الشجرة قبل غروب الشمس [3] .
أَبُو أيْوب الْأَنْصَارِيّ [4] ، - ع- اسمه خَالِد بن زيد بن كُليْب بن ثعلبة بن عَبْد عوف بن غنم بن مالك
__________
[1] انظر عن (أبي أروى الدّوسي) في:
طبقات ابن سعد 4/ 341 (وفيه: أبو الرّوى الدّوسي) ، ومسند أحمد 4/ 344، والتاريخ الكبير 9/ 6 رقم 34، والمعجم الكبير 22/ 369، وطبقات خليفة 115، والجرح والتعديل 9/ 335 رقم 1478، والاستيعاب 4/ 10، والمغازي للواقدي 183، وفتوح البلدان 128، وأسد الغابة 5/ 134، 135، وعهد الخلفاء الراشدين من (تاريخ الإسلام) 256، وتعجيل المنفعة 462 رقم 1217، والإصابة 4/ 5 رقم 19، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 16.
[2] طبقات ابن سعد 4/ 341.
[3] رواه البخاري في تاريخه 9/ 6، 7، والطبراني في المعجم الكبير 22/ 369 رقم (925) .
[4] انظر عن (أبي أيوب الأنصاري) في:
مسند أحمد 5/ 113، وطبقات ابن سعد 3/ 484، 485، والتاريخ لابن معين 2/ 144،(4/328)
__________
[ () ] وطبقات خليفة 89 و 303، وتاريخ خليفة 211، والمعارف 274، والتاريخ الكبير 3/ 136، 137 رقم 462، والمعرفة والتاريخ 1/ 312، والجرح والتعديل 3/ 331 رقم 1484، وسيرة ابن هشام 2/ 301، والمنتخب من ذيل المذيّل 515، وربيع الأبرار 4/ 243، والمحبّر 29، وأنساب الأشراف 3/ 53، وق 4 ج 1/ 85 و 553، والسير والمغازي 281، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 82 رقم 27، والتاريخ الصغير 24 و 65، والمغازي للواقدي 161 و 318، والاستيعاب 4/ 5- 7، وجمهرة أنساب العرب 438، وفتوح البلدان 4 و 5 و 182 و 308، ومشاهير علماء الأمصار 26 رقم 120، وتاريخ الطبري 2/ 396 و 617 و 3/ 201 و 225 و 605 و 606 و 4/ 241، و 423، و 430 و 447 و 467 و 537 و 5/ 84 و 85 و 87 و 139، و 156 و 232، وتاريخ اليعقوبي 2/ 41 و 178 و 197، والمعجم الكبير 4/ 224- 228 رقم 372، والمستدرك 3/ 457- 462، وعيون الأخبار 2/ 112، والأخبار الطوال 207 و 210، وتاريخ أبي زرعة 1/ 163 و 188 و 189 و 226 و 309 و 545 و 609، وأسد الغابة 5/ 143، 144، ومصنّف ابن أبي شيبة 13 رقم 15782، والعلل لابن المديني 68، والعلل لأحمد 1/ 165 و 332، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 15، والثقات لابن حبّان 3/ 102، وحلية الأولياء 1/ 361- 363 رقم 66، والزهد لابن المبارك 150 و 395 و 397 و 458، وتاريخ بغداد 1/ 153، 154 رقم 7، والزاهر للأنباري 2/ 35، والأسامي والكنى للحاكم، ورقة 27، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 118، وتهذيب تاريخ دمشق 5/ 39- 47، وتلقيح فهوم أهل الأثر 131، والبدء والتاريخ 5/ 117، والأخبار الموفقيّات 485، 486، والعقد الفريد 4/ 367 و 4/ 368، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1469 و 1607 و 1631 و 1720 و 1812 و 1819 و 1870 و 1871، والزيارات 56، والوفيات لابن قنفذ 63 رقم 50، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 177 رقم 282، وصفة الصفوة 1/ 468- 470 رقم 40، وتهذيب الكمال 8/ 66- 71 رقم 1612، وتحفة الأشراف 3/ 87- 110 رقم 363، ووفيات الأعيان 3/ 126، والكامل في التاريخ 2/ 109 و 3/ 3/ 77 و 187 و 191 و 215 و 343 و 345 و 346 و 383 و 398 و 459 و 592، والبداية والنهاية 8/ 58، 59، ودول الإسلام 1/ 36، وتجريد أسماء الصحابة 1/ 150، والعبر 1/ 56، وسير أعلام النبلاء 2/ 402- 413 رقم 83، والمعين في طبقات المحدّثين 28 رقم 141، والكاشف 1/ 203 رقم 1329، وتلخيص المستدرك 3/ 457- 462، والمغازي من (تاريخ الإسلام) 29 و 31 و 78، وعهد الخلفاء الراشدين 291 و 423 و 545 و 578، والنكت الظراف 3/ 98- 107، والإصابة/ 405 رقم 2153، وتهذيب التهذيب 3/ 90، 91 رقم 174، وتقريب التهذيب 1/ 213 رقم 32، ومرآة الجنان 1/ 124، والوافي بالوفيات 13/ 251، 252 رقم 307، وفتوح مصر لابن عبد الحكم 93 و 96 و 268- 270، ورجال الطوسي 18، وأنساب الأشراف 1/ 242 و 443، ورجال الكشي 39، والروض الأنف 2/ 246، وقاموس الرجال 3/ 471- 474، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 40، وحسن المحاضرة 1/ 243 رقم 296، وفتوح الشام للواقدي (انظر فهرس الأعلام) ، وخلاصة تذهيب التهذيب 100، 101، ومجمع الزوائد 9/ 323، وكنز العمال 13/ 614، وشذرات الذهب 1/ 57، والأعلام 2/ 295.(4/329)
بن النّجار، الخزرجي، النجاري، المالكي، المدَنِيّ.
شهد بدرًا والعَقَبة، وعليه نَزَلَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ لَمَّا قدِم المدينة، فبقي في داره شهرًا حَتَّى بنيت حُجَرُه ومسجده [1] .
وَكَانَ من نُجَباء الصحابة، وَرَوَى أيضًا عَن: أُبَيّ.
وعنه: مولاه أفلح، والبراء بن عازب، وسَعِيد بن المسيب، وعُرْوَة، وعطاء بن يزيد، وموسى بن طلحة، وآخرون.
رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ وَفَدَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ بِالْبَصْرَةِ، فَفَرَّغَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَهُ دَارَهُ وَقَالَ: لأَصْنَعَنَّ بِكَ مَا صَنَعْتُ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، كَمْ عَلَيْكَ مِنَ الدَّيْنِ؟
قَالَ: عِشْرُونَ أَلْفًا، فَأَعْطَاهُ أَرْبَعِينَ أَلْفًا، وَعِشْرِينَ مَمْلُوكًا وَقَالَ: لَكَ مَا فِي الْبَيْتِ كُلُّهُ [2] .
وشهد أَبُو أيوب الجمل وصِفين مع علِيّ، وَكَانَ من خاصته، وَكَانَ عَلَى مقدمته يَوْم النهروان، ثُمَّ إِنَّهُ غزا الروم مع يزيد بن مُعَاوِيَة ابتغاء مَا عند اللَّه، فتُوفي عند القسطنطينية، فدُفن هناك، وأمر يزيد بالخيل، فمرّت عَلَى قبره
__________
[1] تهذيب الكمال 8/ 66، 7 د.
[2] الحديث في معجم الطبراني 4/ 148، 149 رقم (3876) عن: محمد بن عبد الله الحضرميّ، عن أبي كريب، عن فردوس بن الأشعري، عن مسعود بن سليمان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن محمد بْن عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ ابن عباس رضي الله عنهما، أن أبا أيوب بن زيد الأنصاري الّذي كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نزل عليه حين هاجر إلى المدينة غزا أرض الروم فمرّ على معاوية رضي الله عنه فجفاه، فانطلق ثم رجع من غزوته فمرّ عليه فجفاه ولم يرفع به رأسا، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلم أنبأني أنّا سنرى بعده أثرة، فقال معاوية: فبم أمركم؟ قال: أمرنا أن نصبر. قال: فاصبروا إذا، فأتى عبد الله بن عباس بالبصرة، وقد أمّره عليّ رضي الله عنهما عليها، فقال: يا أبا أيّوب إني أريد أن أخرج لك عن مسكني كما خرجت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأمر أهله فخرجوا وأعطاه كل شيء أغلق عليه الدار، فلما كان انطلاقه، قال: حاجتك؟ قال: حاجتي عطائي، وثمانية أعبد يعملون في أرضي، وكان عطاؤه أربعة آلاف، فأضعفها له خمس مرات، فأعطاه عشرين ألفا وأربعين عبدا.
وأخرجه الحاكم في المستدرك 3/ 461، 462 وصحّحه، ووافقه الذهبي، وهو في: أسد الغابة 2/ 96، ومجمع الزوائد 9/ 323 وتهذيب الكمال 8/ 69، 70.(4/330)
حَتَّى عَفت أثره لئلًا يُنبَش، ثُمَّ إن الروم عرفوا مكان قبره، فكانوا إذا أمحلَوْا كشفوا عَن قبره فمرطوا، وقبره تجاه سور القسطنطينية [1] .
تُوُفِّيَ سَنَة إحدى وخمسين، أَوْ في آخر سَنَة خَمْسِينَ، ووَهِم من قَالَ:
تُوُفِّيَ سَنَة اثنتين وخمسين.
أَبُو بَرْزَة الأسلمي [2] ، - ع- اسمه نضلة بن عُبَيْد، صاحب رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ.
قيل: إِنَّهُ قَتَلَ ابن خطل [3] يَوْم الفتح، وَهُوَ تحت أستار الكعبة.
رَوَى عَن: النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وأبي بَكْر.
وعنه: ابنه المغيرة، وحفيدته منية [4] بنت عبيد، وأبو عثمان النهدي،
__________
[1] طبقات ابن سعد 3/ 485.
[2] انظر عن (أبي برزة الأسلمي) في:
المغازي للواقدي 859 و 875، والتاريخ الصغير 67 و 125، والتاريخ الكبير 8/ 118 رقم 2414، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 91 رقم 123، وتاريخ الطبري 3/ 60 و 4/ 111 و 5/ 390 و 465، وتاريخ أبي زرعة 1/ 477 و 644، وطبقات ابن سعد 4/ 298 و 7/ 9 و 366، وطبقات خليفة 109 و 187 و 323، والمعارف 336، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 17، والجرح والتعديل 3/ 355 رقم 1602 (في ترجمة ابنه خالد) ، و 8/ 499 رقم 2283، وسيرة ابن هشام 4/ 52، وحلية الأولياء 2/ 32، 33 رقم 130، والمعرفة والتاريخ 1/ 218 و 220 و 2/ 169 و 315 و 363، ومسند أحمد 4/ 419، وأنساب الأشراف 1/ 360، ومشاهير علماء الأمصار 38 رقم 225، وفتوح البلدان 46 و 507، والتاريخ لابن معين 2/ 606، والزيارات 79، والاستيعاب 4/ 24، وتاريخ بغداد 1/ 182، 183 رقم 21، والكامل في التاريخ 2/ 249 و 565 و 3/ 101 و 489 و 4/ 85 و 174، والجمع بين رجال الصحيحين 2/ 534، وأسد الغابة 2/ 93 و 3/ 268 و 5/ 19 و 146، 147، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 285، ووفيات الأعيان 6/ 366، والكاشف 3/ 181 رقم 5946، والمعين في طبقات المحدّثين 27 رقم 128، وتحفة الأشراف 9/ 9- 14 رقم 551، وتهذيب الكمال 3/ 1414 و 1580، والأسامي والكنى للحاكم، ورقة 91، وسير أعلام النبلاء 3/ 40- 43 رقم 11، وتهذيب التهذيب 10/ 446، 447 رقم 815، وتقريب التهذيب 2/ 303 رقم 106، والإصابة 3/ 556، 557 رقم 8716 و 4/ 19 رقم 121 (وفيه: أبو بردة) ، والنكت الظراف 9/ 11 و 14، وخلاصة تذهيب التهذيب 348.
[3] هو: عبد الله بن خطل (انظر: سيرة ابن هشام- بتحقيقنا- 4/ 52) .
[4] في الأصل «يمنية» ، والتصويب من (خلاصة تذهيب التهذيب 496) حيث قال: «منية: بنون ثم تحتانية، بنت عبيد الأسلمية» .(4/331)
والأزرق بن قيس، وأَبُو المنْهال سيار بن سلامة، وأَبُو الرضى عباد بن نسيب، وكنانة بن نعيم العدوي، وجماعة.
سكن البصرة، وتوفي غازيًا بخُراسان.
وقيل: اسمه نضلة بن عُمَرو، وقيل: ابن عائذ، وقيل ابن عَبْد اللَّهِ، وقيل: اسمه عَبْد اللَّهِ بن نضلة، وقيل: خَالِد بن نضلة.
وَكَانَ مع مُعَاوِيَة بالشَّام، وقيل: شهد صِفين مع عَلِيّ رضي اللَّه عَنْهُ.
وَعَن أَبِي برزة قَالَ: كُنَّا نقول في الجاهلية: من أكل الخمير [1] سمن، فأجْهَضْنا [2] ، القوم يَوْم خيبر عَن خبرة لهم، فجعل أحدنا يأكل في الكسْرة ثُمَّ يَمَسُّ عِطْفَةً، هَلْ سَمِن [3] ؟.
وقيل: إن أَبَا بْرزَة كَانَ يقوم الليل، وله بر ومعروف.
تُوُفِّيَ سَنَة ستين قبل مُعَاوِيَة.
وَقَالَ الحاكم: تُوُفِّيَ سَنَة أربع وستين، فاللَّه أعلم.
(فائدة) تدل عَلَى بقاء أَبِي بَرْزة بَعْدَ هَذَا الْوَقت:
قال الأنصاري: ثَنَا عوف، حدثني أَبُو المنْهال سيار بن سلامة قَالَ: لَمَّا خرج ابن زياد، ووثب ابن مروان بالشَّام، وابن الزبير بمكة، اغتَم أَبِي فَقَالَ:
انطلق معي إِلَى أَبِي بَرْزة الأسلمي، فانطلقنا إليه في داره، فإذا هُوَ قاعد في ظلّ، فقال له أبي: يا أَبَا بَرْزَة ألا ترى! فكان أول شيء تكلم بِهِ أنْ قَالَ:
إني أحتسب عند اللَّه أني أصبحت ساخطًا عَلَى أحياء قريش- وذكر الحديث [4] .
__________
[1] في (المطالب العالية) : «الخبر» .
[2] يقال: أجهضته عن مكانه، أي: أزلته.
[3] المطالب العالية لابن حجر 3/ 165.
[4] الخبر ناقص عند ابن سعد 4/ 300، وهو في حلية الأولياء 2/ 32 من طريق: الحارث بن أبي أسامة، حدّثنا هوذة بن خليفة، حدّثنا عوف الأعرابي، عن أبي المنهال.. وذكر الحديث، وبقيّته: «وأنكم معشر العرب كنتم على الحال الّذي قد علمتم من جهالتكم والقلّة(4/332)
قَالَ ابن سعد [1] : مات أَبُو بَرْزَة بَمْرو، ثُمَّ رَوَى ابن سعد أنْ أَبَا بَرْزَة وأبا بكرة كانا متآخيين.
وَقَالَ بعضهم: رَأَيْت أَبَا برزة أبيض الرأس واللحية.
أَبُو بَكْرة الثقفي [2] ، - ع- اسمه نُفَيع بن الحارث بن كلدة بن عمرو.
__________
[ () ] والذلّة والضلالة، وأنّ الله عزّ وجلّ نعشكم بالإسلام، وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم خير الأنام، حتى بلغ بكم ما ترون وأن هذه الدنيا هي التي أفسدت بينكم، وأنّ ذاك الّذي بالشام والله إن يقاتل إلا على الدنيا، وأن الّذي حولكم الذين تدعونهم قراءكم والله لن يقاتلوا إلّا على الدنيا. قال: فلما لم يدع أحدا، قال له أبي: بما تأمر إذن؟ قال: لا أرى خير الناس اليوم إلا عصابة ملبدة، خماص البطون من أموال الناس، خفاف الظهور من دمائهم» .
[1] هذا الخبر ساقط من النسخة المطبوعة من طبقات ابن سعد 4/ 300.
[2] انظر عن (أبي بكرة الثقفي) في:
طبقات ابن سعد 7/ 15، 16، والمغازي للواقدي 931، 932، والتاريخ الكبير 8/ 112، 113 رقم 2388، والتاريخ الصغير 54، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 82 رقم 32، والمعارف 288، والمحبّر 129 و 189، وتاريخ اليعقوبي 2/ 146 و 157 و 230، والمعرفة والتاريخ 1/ 214 و 2/ 151 و 720 و 776 و 3/ 72 و 169، وتاريخ أبي زرعة 1/ 477، وطبقات خليفة 54 و 140 و 183، وتاريخ خليفة 116، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 18، والجرح والتعديل 8/ 489 رقم 2239، ومسند أحمد 5/ 35، والأسامي والكنى للحاكم، ورقة 88، وترتيب الثقات للعجلي 452 رقم 1703، والثقات لابن حبان 3/ 411، وفتوح البلدان 65 و 423، ومشاهير علماء الأمصار 38 رقم 220، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1783، والتاريخ لابن معين 2/ 698، والعقد الفريد 5/ 856- 11 و 6/ 133 و 299، وأنساب الأشراف 1/ 490- 492، وق 4 ج 1/ 180 و 187 و 189 و 200 و 210- 212 و 225، والخراج وصناعة الكتابة 269، والاستيعاب 4/ 23، والجمع بين رجال الصحيحين 2/ 532، وأسد الغابة 5/ 151، والكامل في التاريخ 3/ 443، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 198 رقم 303، وتحفة الأشراف 9/ 35- 58 رقم 557، وتهذيب الكمال 3/ 1422، والعبر 1/ 58 وسير أعلام النبلاء 3/ 5- 10 رقم 1، والكاشف 3/ 184 رقم 5972، والمعين في طبقات المحدّثين 27 رقم 131، ووفيات الأعيان 2/ 300 و 400 و 6/ 347 و 356 و 358 و 362- 366، والبداية والنهاية 8/ 57، ومرآة الجنان 1/ 125، وتاريخ الإسلام (السيرة النبويّة- بتحقيقنا) 28 و 395، والمغازي 509 و 591، وعهد الخلفاء الراشدين 166 و 243، ودول الإسلام 1/ 39، والزيارات 81، والعقد الثمين 7/ 347 و 8/ 729 وتهذيب التهذيب 10/ 469، 470 رقم 846، وتقريب التهذيب 2/ 306 رقم 139، والنكت الظراف 9/ 36- 57، والإصابة 3/ 571، 572 رقم 8793، وخلاصة(4/333)
وقيل: نفيع بن مسروح.
وقيل: كَانَ عَبْدًا للحارث فاستلحقه، وَهُوَ أخو زياد بن أَبِيهِ لأمه، واسمها سُمَيَة مولاة الحارث بن كَلَدَة. وقد كَانَ تدلى يَوْم الطائف من الحصن ببكرة، وأتى إِلَى بَيْنَ يدي النَّبِيّ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فأسلم، وكُني يومئذ بأبي بكْرة.
وله أحاديث، رَوَى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَنِ، وعَبْد العزيز، ومسلم، وروّاد، وعَبْد اللَّهِ، وكبشة أولاده، والأحنف بن قيس، وأَبُو عُثْمَان النَّهدي، وربعي بن حراش [1] ، والحسن، وابن سيرين.
وسكن الْبَصْرَةَ، فعن الْحَسَن قَالَ: لَمْ ينزل الْبَصْرَةَ أفضل مِنْهُ ومن عِمران بن حُصَيْن.
وَكَانَ أَبُو بَكْرة ممن شهد عَلَى المغيرة، فحده عُمَر لعدم تكميل أربعة شهداء، وأبطل شهادته، ثُمَّ قَالَ لَهُ: تُبْ لنقبل شهادتك، فَقَالَ: لَا أشهد بَيْنَ اثنين أبدًا.
وَكَانَ أَبُو بَكْرة كثير العبادة. وَكَانَ أولاده رؤساء الْبَصْرَةِ شرفًا وعلما وولاية.
مُغِيرَةُ بْنُ مُقْسِمٍ، عَنْ شِبَاكٍ، عَنْ رَجُلٍ، أَنَّ ثَقِيفًا سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وسلم أن يردّ إليهم أَبَا بَكْرَةَ عَبْدًا، فَقَالَ: «لَا، هُوَ طَلِيقُ اللَّهِ وَطَلِيقُ رَسُولِهِ» [2] .
يزيد بن هارون: أنبأ عُيَيْنة بن عَبْد الرَّحْمَنِ، أخبرني أَبِي، أَنَّهُ رأي أَبَا بَكْرَة عَلَيْهِ مِطْرفُ خَز سُدَاهُ حرير [3] .
قَالَ خَلِيفَة [4] : تُوُفِّيَ سَنَة اثنتين وخمسين، وقال غيره: سنة إحدى وخمسين.
__________
[ () ] تذهيب التهذيب 346، وشذرات الذهب 1/ 58، والزهد لابن المبارك 252 و 428.
[1] بكسر الحاء المهملة.
[2] أخرجه أحمد في المسند 4/ 168 من طريق: يحيى بن آدم، عن مفضّل بن مهلهل، عن مغيرة، وأخرجه ابن سعد في الطبقات 7/ 15 من طريق: الفضل بن دكين، عن أبي الأحوص، عن مغيرة.
[3] طبقات ابن سعد 7/ 16.
[4] في تاريخه 218.(4/334)
أَبُو بَصْرة الغفَاري [1]- م د ن-.
اسمه حُمَيْلُ [2] بن بَصْرة، لَهُ صُحْبة ورواية، وَرَوَى عَن أَبِي ذَر أيضًا.
وعنه أَبُو هُرَيْرَةَ- وَهُوَ من طبقته-، وأَبُو تميم الجَيْشاني، وعَبْد الرَّحْمَنِ ابن شماسة، وأَبُو الخير مَرْثد اليزَني، وأَبُو الهيثم سُلَيْمَان بن عُمَرو العُتْواري [3] .
وشهد فَتَحَ مصر، وسكنها، وبها تُوُفِّيَ.
أَبُو جهم بن حذيفة [4] ، بن غانم القرشي العدوي.
__________
[1] انظر عن (أبي بصرة الغفاريّ) في:
طبقات ابن سعد 7/ 500، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 95 رقم 166، والتاريخ الصغير 63، والمغازي للواقدي 695، ومشاهير علماء الأمصار 57 رقم 395، والجرح والتعديل 2/ 517 رقم 2136، والمعجم الكبير 2/ 276- 280 رقم 213، وتحفة الأشراف 3/ 84، 85 رقم 118، وتهذيب الكمال 7/ 423، 424 رقم 1551، وطبقات خليفة 32 و 291، ومسند أحمد 6/ 7 و 396، والتاريخ الكبير 3/ 123، 124 رقم 414، والثقات لابن حبان 3/ 93، والمعرفة والتاريخ 2/ 294، والاستيعاب 1/ 405، والإكمال لابن ماكولا 2/ 126، 127، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 117، وأسد الغابة 2/ 55، والكاشف 1/ 11/ 182 رقم 270، وتهذيب التهذيب 3/ 56 رقم 98، والإصابة 4/ 21 رقم 137، وتقريب التهذيب 1/ 205 رقم 626، والنجوم الزاهرة 1/ 21، وخلاصة تذهيب التهذيب 98.
[2] في اسمه اختلاف، قال الدراوَرْديّ في روايته: حميل بفتح الحاء، وذكر ابن المديني عن بعض الغفاريّين إنه تصحيف، وذكر البخاري أنه وهم، وحميل بالضمّ، وعليه الأكثر، وصحّحه ابن المديني، وابن حبّان، وابن عبد البر، وابن ماكولا، ونقل الاتفاق عليه وغيرهم، وجميل بالجيم، قاله مالك في حديث أبي هريرة حين خرج إلى الطور، وذكر البخاري وابن حبّان أنه وهم، وقيل اسمه زيد حكاه البارودي. وقد قيل فيه: بصرة بن أبي بصرة، كأنّه قلب، والله أعلم. (تهذيب التهذيب 3/ 56) .
[3] العتواري: قال ابن الأثير في (اللباب 2/ 322) : بضمّ العين وسكون التاء وفتح الواو وبعد الألف راء، هذه النسبة إلى عتوارة، ووهم السمعاني فقال: وظنّي أنه بطن من الأزد.
[4] انظر عن (أبي جهم بن حذيفة) في:
طبقات ابن سعد 5/ 451، والتاريخ لابن معين 2/ 700، وتاريخ خليفة 227، والمحبّر 298 و 474، والاستيعاب 4/ 32، وأسد الغابة 5/ 451، وسيرة ابن هشام 1/ 172 و 199 و 3/ 273 و 4/ 134، وتاريخ الإسلام (السيرة النبويّة) 501، والمغازي 512، وعهد الخلفاء(4/335)
اسمه عُبَيْد، أسلم في الفتح، وابتنى دارًا بالمدينة، وَهُوَ صاحب الأنبجانية [1] .
تُوُفِّيَ في آخر خلافة مُعَاوِيَة.
وَيُقَالُ: اسمه عامر، أسلم يَوْم الفتح، وشهد اليرموك، وحضر يَوْم الحَكَمين بدُوَمة الجندل، واستعمله النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ عَلَى الصدقة، وَكَانَ من مشيخة قريش ونَسابهم.
والأصح أَنَّهُ بقي بَعْدَ مُعَاوِيَة. فسيُعاد.
أَبُو جهم بن الحارث [2] ، - ع- بن الصمّة الأنصاري.
__________
[ () ] الراشدين 460 و 481، وسير أعلام النبلاء 2/ 556، 557 رقم 117، والتذكرة الحمدونية 2/ 268 و 383، ووفيات الأعيان 2/ 535، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 206 رقم 314، وجمهرة أنساب العرب 5 و 156، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1607، ونسب قريش 369، والعقد الفريد 4/ 286، وعيون الأخبار 1/ 283، وأنساب الأشراف 1/ 57 وق 4 ج 1/ 21 و 55 و 67 و 551 لأ 575 و 577 و 578 و 593، والبرصان والعرجان 98، والمغازي للواقدي 513، والزهد لابن المبارك 185، وتاريخ الطبري 4/ 198 و 359 و 413 و 5/ 67، والأسامي والكنى للحاكم، ورقة 108، والإصابة 4/ 35 رقم 207، والأخبار الطوال 198.
[1] انظر الحديث عنها في: صحيح البخاري 1/ 406، 407 في الصلاة، باب إذا صلّى في ثوب له أعلام، وفي صفة الصلاة، باب الالتفات في الصلاة، وفي اللباس: باب الأكسية والخمائص. وصحيح مسلم، في المساجد (62/ 565) باب: كراهية الصلاة في ثوب له أعلام. وسنن أبي داود (914) ، وسنن النسائي 2/ 72، ومسند أحمد 6/ 37 و 199، وسنن ابن ماجة (3550) ، وهو من حديث عائشة أن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم صلّى في خميصة لها أعلام، فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما انصرف، قال: اذهبوا بخميصتي هذه، وائتوني بأنبجانية أبي جهم، فإنّها ألهتني آنفا عن صلاتي.
[2] انظر عن (أبي جهم بن الحارث) في:
مسند أحمد 4/ 169، والتاريخ الكبير 9/ 20 رقم 155، وطبقات خليفة 101، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 23، والأسامي والكنى للحاكم، ورقة 117، والاستيعاب 4/ 36، والجرح والتعديل 9/ 355 رقم 1599، وأسد الغابة 5/ 163، 164، وتحفة الأشراف 9/ 140، 141 رقم 607، وتهذيب الكمال 3/ 1594، 1595، والكاشف 3/ 284 رقم 93، وتهذيب التهذيب 12/ 61 رقم 240، وتقريب التهذيب 2/ 407 رقم 39، والإصابة 4/ 36 رقم 208، وخلاصة تذهيب التهذيب 447.
وهو: أبو جهم، وأبو جهيم، بالتصغير.(4/336)
ابن أخت أَبِي بن كعب، لَهُ صحبة ورواية.
وعنه: بسر بن سَعِيد، وعُمَير مولى ابن عَبَّاس، وعَبْد اللَّهِ بن يَسَار مولى ميمونة.
تُوُفِّيَ في أواخر زمن مُعَاوِيَة.
أم حبيبة [1] ، - ع- رملة بِنْت أَبِي سُفْيَان، قَدْ تقدمت سَنَة أربع وَأَرْبَعِينَ.
وَقَالَ أَحْمَد بن أَبِي خيثمة: تُوفيت قبل أخيها مُعَاوِيَة بعام.
أَبُو حُمَيْد الساعدي [2] ، - ع- الْأَنْصَارِيّ المدَنِيّ، اسمه عَبْد الرَّحْمَنِ، وقيل: المنذر بن سعد.
من فقهاء الصحابة.
رَوَى عَنْهُ: جَابِر بن عَبْد اللَّهِ، وعُرْوة بن الزُبير، وعمرو [3] بن سُلَيم الزرقي، وعباس بن سهل بن سعد، وخارجة بن زيد، ومحمد بن عمرو بن عطاء.
__________
[1] انظر عن (أم حبيبة- رملة) في ترجمتها التي مرّت في وفيات سنة 44 هـ. وقد حشدنا لها مصادر الترجمة، فلتراجع هناك.
[2] انظر عن (أبي حميد الساعدي) في:
مسند أحمد 5/ 423، وطبقات خليفة 98، وتاريخ خليفة 227، والمغازي للواقدي 1005 و 1038، والتاريخ لابن معين 2/ 702، والجرح والتعديل 5/ 237 رقم 1120، (عبد الرحمن بن سعد بن المنذر) ، والاستبصار 105، وتاريخ الطبري 4/ 359، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 594 و 551، والاستيعاب 4/ 42، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 215، 216 رقم 330، وأسد الغابة 5/ 174، وتحفة الأشراف 9/ 144- 151 رقم 613، وتهذيب الكمال 3/ 1599، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 89 رقم 103، والمعرفة والتاريخ 3/ 169، والكامل في التاريخ 3/ 162 و 184، ومشاهير علماء الأمصار 20 رقم 77، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 24، والأسامي والكنى للحاكم، ورقة 158، ومرآة الجنان 1/ 131، والعبر 1/ 65، والكاشف 3/ 289 رقم 126، وتاريخ الإسلام: (المغازي) 637، والسيرة النبويّة 519، وعهد الخلفاء الراشدين 480، وسير أعلام النبلاء 2/ 481 رقم 97، 80 رقم 339، وتقريب التهذيب 2/ 86، والنكت الظراف 9/ 145- 151، والإصابة 4/ 46 رقم 303، وخلاصة تذهيب التهذيب 448، وشذرات الذهب 1/ 65.
[3] في الأصل «عمر» والتصويب من (خلاصة تذهيب التهذيب 289) .(4/337)
تُوُفِّيَ سَنَة ستين، وقيل تُوُفِّيَ قبلها بقليل.
أَبُو زيد عمرو بن أخطب الْأَنْصَارِيّ [1] ، - م 4-.
جد عُرْوة بن ثابت، قَالَ: مسح رَسُول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ عَلَى رأسي ودعا لي [2] .
وَيُقَالُ: أَنَّهُ عاش مائة وعشرين سَنَة.
رَوَى عَنْهُ: علباء بن أحمر، والحسن الْبَصْرِيُّ.
وقيل لَهُ أنصاري تجوّزا، لأنه من غير ذرّيّة الأوس والخزرج، بل من ولد أخيهما عدي. وأَبُوهم هُوَ حارثه بن ثعلبة.
أم شريك [3] ، - سوى د-.
__________
[1] انظر عن (أبي زيد عمرو بن أخطب) في:
طبقات ابن سعد 7/ 28، وتاريخ الطبري 3/ 180، ومسند أحمد 5/ 77 و 340، والتاريخ لابن معين 2/ 440، وطبقات خليفة 104 و 187، والتاريخ الكبير 6/ 309 رقم 2488، والجرح والتعديل 6/ 220 رقم 1215، والمعرفة والتاريخ 1/ 331، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 32، والأسامي والكنى للحاكم، الورقة 202، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 108 رقم 326، والاستيعاب 4/ 77، 78، وأسد الغابة 5/ 204، وتحفة الأشراف 8/ 133، 134 رقم 398، وتهذيب الكمال 2/ 1027، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 372، والبداية والنهاية 8/ 324، وسير أعلام النبلاء 3/ 473، 474 رقم 100، وتاريخ الإسلام (السيرة النبويّة) 221 و 366 و 367 و 373، وعهد الخلفاء الراشدين 400، والكاشف 2/ 280 رقم 4191، وتهذيب التهذيب 8/ 4 رقم 4، وتقريب التهذيب 2/ 65 رقم 534، وفتوح البلدان 92، 93، وتاريخ أبي زرعة 1/ 207 و 559، 560، ومشاهير علماء الأمصار 40 رقم 240، والإصابة 2/ 522 رقم 57559، و 4/ 78 رقم 461، وخلاصة تذهيب التهذيب 243.
[2] أخرجه الترمذي في المناقب (3629) من طريق: محمد بن بشار، عن أبي عاصم النبيل، عن عزرة بن ثابت، عن علباء بن أحمر، حدّثنا أبو زيد بن أخطب، قال: مسح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده على وجهي ودعا لي. قال عزرة: إنه عاش مائة وعشرين سنة، وليس في رأسه إلّا شعرات بيض. وأخرجه أحمد في المسند 5/ 77 و 340 و 341، وصحّحه ابن حبّان (2273) و (2274) .
[3] انظر عن (أم شريك) في:
طبقات ابن سعد 8/ 154، ومسند أحمد 6/ 441، والتاريخ لابن معين 2/ 742، وطبقات خليفة 335، والجرح والتعديل 9/ 464 رقم 2377، والسير والمغازي لابن إسحاق 269 و 284، والبرصان والعرجان 262، والمحبّر 81 و 92 و 411، وتسمية أزواج النبي لأبي عبيدة(4/338)
هِيَ التي وهبت نَفْسَهَا للنبي صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ. مختلفٌ في اسمها ونسبها، ولها أحاديث.
رَوَى عَنْهَا: جَابِر بْنِ عَبْد اللَّهِ، وسَعِيد بْنِ الْمُسَيِّبِ، وعُرْوة، وشهر بن حَوْشَب، وغيرهم.
وَهِيَ من بني عامر بن لُؤي، وفي ذلك اضطراب.
أَبُو ضُبيس الجُهني [1] .
كَانَ يلزم، البادية، وبايع تحت الشجرة، وشهد الفتح.
تُوُفِّيَ في آخر خلافة مُعَاوِيَة. قَالَه ابن سعد.
أَبُو عياش الزرقي [2] .
قيل: عُبَيْد بن الصامت، وقيل: عبيد بن معاوية، الأنصاري
__________
[73،) ] وأنساب الأشراف 1/ 422، والمعارف 141، وتاريخ اليعقوبي 2/ 784 ومختصر التاريخ لابن الكازروني 50، والمنتخب من ذيل المذيّل 625، والبدء والتاريخ 5/ 15، والمستدرك 4/ 34، والمعجم الكبير 24/ 351، والاستيعاب 4/ 464- 467، وأسد الغابة 5/ 595 و 595، وسيرة ابن هشام 4/ 295، والكاشف 3/ 442 رقم 185، وتاريخ الإسلام (السيرة النبويّة) 598، وسير أعلام النبلاء 2/ 255، 256 رقم 33، وتهذيب الكمال 3/ 1703، وتحفة الأشراف 13/ 86- 89 رقم 938، وتهذيب التهذيب 12/ 471 رقم 2956، وتقريب التهذيب 2/ 622 رقم 48، والنكت الظراف 13/ 87- 89، والإصابة 4/ 465 و 466 رقم 1346 و 1347، وخلاصة تذهيب التهذيب 498.
[1] انظر عن (أبي ضبيس الجهنيّ) في:
طبقات ابن سعد 4/ 348، والإصابة 4/ 111 رقم 664، وأسد الغابة 5/ 231، 232.
[2] انظر عن (أبي عيّاش الزرقيّ) في:
مسند أحمد 4/ 76 و 5/ 68، والتاريخ الصغير 106، والمغازي للواقدي 341 و 498 و 541 و 542 و 574، وطبقات خليفة 100، والتاريخ لابن معين 2/ 718، وتاريخ الطبري 2/ 601، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 103 رقم 267، وتاريخ أبي زرعة 1/ 477 (زيد بن النعمان) ، ومشاهير علماء الأمصار 17 رقم 61، والاستيعاب 4/ 130، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 46 و 47، وأسد الغابة 5/ 266، وتهذيب الكمال 3/ 1635، وتحفة الأشراف 9/ 237 رقم 170، والكاشف 3/ 321 رقم 314، وتاريخ الإسلام (المغازي) 246 و 334، و (المغازي) 246 و 334، وعهد الخلفاء الراشدين 545، وتهذيب التهذيب 12/ 193 رقم 895، وتقريب التهذيب 2/ 458 رقم 220، والإصابة 4/ 142، 143 رقم 825، وخلاصة تذهيب التهذيب 456.(4/339)
الخزرجي، وَهُوَ والد النعمان بن أَبِي عياش.
رَوَى عَنْهُ: مجاهد، وأَبُو صالح السمان، وقبلهما أنس بن مالك.
وَهُوَ فارس «حلَوة» ، وحلَوة فَرس كانت لَهُ [1] ، لَهُ غزوات مع النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ.
وتوفي في زمن مُعَاوِيَة بَعْدَ الخمسين، وقيل قبلها.
أَبُو قَتَادة الْأَنْصَارِيّ السلمي [2] ، - ع- فارس النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ. اسمه عَلَى الصحيح الحارث بن ربعي، وقيل النعمان، وقيل عمرو، شهد أُحُدًا وَمَا
__________
[1] انظر عن الفرس (حلوة) في:
الحلبة في أسماء الخيل المشهورة في الجاهلية والإسلام- لمحمد بن كامل التاجي الصاحبي (من أهل القرن السابع الهجريّ) - تحقيق عبد الله الجبوري- طبعة النادي الأدبي بالرياض 1401 هـ/ 1981 م. - ص 63.
[2] انظر عن (أبي قتادة الأنصاري) في:
طبقات ابن سعد 6/ 15، ومسند أحمد 4/ 383 و 5/ 295، والتاريخ لابن معين 2/ 720، وتاريخ خليفة 99 و 105 و 201 و 223، وطبقات خليفة 139، وتاريخ أبي زرعة 1/ 477، والتاريخ الكبير 2/ 258، 259 رقم 2387، والتاريخ الصغير 221، والجرح والتعديل 3/ 74 رقم 340، وفتوح الشام للأزدي 20، والأخبار الطوال 210، والمغازي للواقدي (انظر فهرس الأعلام) 3/ 1222، 1223، والمحبّر 122 و 124 و 282، وربيع الأبرار 4/ 67، وتاريخ اليعقوبي 2/ 78 و 131، والمعرفة والتاريخ 1/ 214، 215 و 2/ 48 و 51 و 448 و 724، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 82 رقم 22، والمعجم الكبير للطبراني 3/ 270- 273 رقم 269، وتاريخ الطبري 2/ 293 و 495 و 496 و 498 و 598 و 600 و 603 و 3/ 34 و 35 و 40 و 247 و 263 و 278 و 280 و 4/ 401 و 5/ 85، وفتوح البلدان 117، والمستدرك 3/ 480، وجمهرة أنساب العرب 360، وسيرة ابن هشام 91 و 178، ومشاهير علماء الأمصار 14 رقم 39، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1631، والاستيعاب 4/ 161، 162، والكنى والأسماء 1/ 48، والاستبصار 146، وأسد الغابة 5/ 274، 275، وجامع الأصول 9/ 77، وتحفة الأشراف 9/ 240- 272 رقم 794 وصفة الصفوة 1/ 647، 648 رقم 8، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 265 رقم 410، ووفيات الأعيان 6/ 14، ومرآة الجنان 1/ 128، والبداية والنهاية 8/ 68، ودول الإسلام 1/ 40، والمعين في طبقات المحدّثين 28 رقم 149، والكاشف 3/ 325 رقم 334، والعبر 1/ 60، وسير أعلام النبلاء 2/ 449- 456 رقم 87، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 185 و 335 و 338 و 339 و 342 و 443 و 454 و 485 و 519 و 584، والسيرة النبويّة 25 و 362، وعهد الخلفاء الراشدين 602، والنكت الظراف 9/ 241- 272، والإصابة 4/ 158، 159 رقم 921، وتهذيب التهذيب 12/ 204، 205 رقم 646، وتقريب التهذيب 2/ 463 رقم 5، وخلاصة تذهيب التهذيب 457، وكنز العمال 13/ 617.(4/340)
بَعْدَها، وَكَانَ من فضلاء الصحابة.
رَوَى عَنْهُ: أنس، وسَعِيد بن المسيب، وعطاء بن يَسَار، وعَبْد اللَّهِ بن رباح الْأَنْصَارِيّ، وعلي بن رباح، وعَبْد اللَّهِ بن معَبْد الزماني [1] ، وعمرو بن سليم الزرقي، وأَبُو سلمة بن عَبْد الرَّحْمَنِ، وابنه عَبْد اللَّهِ بن أَبِي قتادة، ونافع مولاه، وآخرون.
وَقَالَ الْوَاقدي: اسم أَبِي قتادة النعمان.
وَقَالَ الهيثم بن عدي: عُمَر.
وَقَالَ ابن مَعِين [2] وَالْبُخَارِيُّ [3] وغيرهما: الحارث بن ربعي.
وَفِي حَدِيثِ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ فِي مسيرهم إعوازهم الماء، وأنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ نَعَسَ، فَدَعَمْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، فَقَالَ لَهُ النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: «حَفِظَكَ اللَّهُ بِمَا حَفِظْتَ بِهِ نَبِيَّهُ» [4] .
وَقَالَ حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، إِنَّ أَبَا قَتَادَةَ قَتَلَ مَسْعَدَةَ رَأْسَ الْمُشْرِكِينَ [5] .
وَقَالَ إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «خَيْرُ فُرْسَانِنَا أَبُو قَتَادَةَ، وَخَيْرُ رَجَّالَتِنَا سلمة بن الأكوع» [6] .
__________
[1] في الأصل «الرمّاني» والتصحيح من (اللباب 2/ 73) حيث قيّده: بكسر الزاي وتشديد الميم المفتوحة وفي آخرها نون.. نسبة إلى زمّان بن مالك بن صعب.. بطن من ربيعة.. إلخ.
[2] في التاريخ 720.
[3] في التاريخ الكبير 2/ 258.
[4] أخرجه مسلم في المساجد مطوّلا (861) باب قضاء الصلاة الفائتة، من طريق سليمان بن المغيرة، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قتادة. وأحمد في المسند 5/ 302 من طريق: محمد بن جعفر، عن شعبة، عن قتادة، والطبراني في المعجم الكبير 3 رقم (3271) من طريق عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ عبد الله بن رباح.
[5] الخبر في: سيرة ابن هشام (بتحقيقنا) 4/ 91، 92، والمغازي للواقدي 2/ 544، 545، والمعجم الصغير للطبراني 2/ 152، والمستدرك للحاكم 3/ 480، والاستيعاب 4/ 161، والمغازي للذهبي (بتحقيقنا) 584، 585.
[6] أخرجه مسلم في حديث مطوّل (1807) في غزوة ذي قرد، من طرق، عن عكرمة بن عمار،(4/341)
تُوُفِّيَ سَنَة أربع وخمسين، وقيل سَنَة اثنتين وخمسين، وشهد مع علِيّ مشاهده كلها.
أم قيس بِنْت مِحْصَن [1] ، - ع-.
أخت عُكَاشة، من المهاجرات الأُوَلِ، رضي اللَّه عَنْهَا.
رَوَى عَنْهَا: مولاها عدي بن دينار، ووابصة بن مَعَبْد، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وعَمْرة، ونافع موليا حمنة، وغيرهم.
تأخرت وفاتها.
أم كُرْز الكعبية [2] ، - ع- الخُزَاعية المكْيَة.
لها صحبة ورواية.
__________
[ () ] وأحمد في المسند 4/ 52، 53، والطبراني في المعجم الكبير 3/ رقم (3270) من طريق أبي الوليد الطيالسي، عن عكرمة بن عمّار، بهذا الإسناد، وهو حسن.
[1] انظر عن (أم قيس بنت محصن) في:
طبقات ابن سعد 8/ 242، وطبقات خليفة 336، ومسند أحمد 6/ 355، والمستدرك 4/ 68، والمعجم الكبير 25/ 177، وسيرة ابن هشام 2/ 113، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 90 رقم 117، والاستيعاب 4/ 485، 486، وأسد الغابة 5/ 609، 610، وتاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) 50، والمعارف 273، والكاشف 3/ 443 رقم 200، وتهذيب التهذيب 12/ 476 رقم 2976، وتقريب التهذيب 2/ 623 رقم 70، والإصابة 4/ 485، 486 رقم 1457، وخلاصة تذهيب التهذيب 499، وتحفة الأشراف 13/ 96- 98 رقم 946، وتهذيب الكمال 3/ 1705، والنكت الظراف 13/ 96، 97.
[2] انظر عن (أم كرز الكعبية) في:
طبقات ابن سعد 8/ 294، والمغازي للواقدي 614، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 97 رقم 188، وفتوح البلدان 328، والمعجم الكبير 25/ 164- 168، ومسند أحمد 6/ 381 و 422 و 464، والتاريخ لابن معين 2/ 742، وطبقات خليفة 404، والكاشف 3/ 443 رقم 201، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 365 رقم 776، والخراج وصناعة الكتابة 363، وأسد الغابة 5/ 611، والاستيعاب 4/ 493، وتحفة الأشراف 13/ 98- 102 رقم 947، وتهذيب الكمال 3/ 1705، والإصابة 4/ 488، 489 رقم 1467، والنكت الظراف 13/ 101، وتهذيب التهذيب 12/ 477 رقم 2977، وتقريب التهذيب 2/ 623 رقم 71، وخلاصة تذهيب التهذيب 499.(4/342)
رَوَى عَنْهَا: سماع بن ثابت، وطاووس، وعرْوة، ومجاهد، وعطاء بن أبي رباح.
وتأخّرت وفاتها.
أَبُو لبابة [1] ، - خ م د ق- بن عَبْد المنذر الْأَنْصَارِيّ المدَنِيّ.
قَدْ ذكرنا في خلافة عُثْمَان أيضًا لَهُ ترجمة [2] ، وإِنَّمَا ذَكَرْتُهُ هنا لرواية سالم بن عُبَيْد اللَّه، ونافع، وعبيد اللَّه بن أَبِي يزيد، عَنْهُ.
أَبُو محذورة [3] ، - م 4- الجمحيّ المكّي المؤذّن.
__________
[1] اسمه: بشير أو رفاعة. انظر عنه في:
مسند أحمد 3/ 430 و 452 و 453 و 502، والمغازي للواقدي. و 101 و 115 و 159 و 180 و 182 و 281 و 303 و 505- 509 و 800 و 896 و 1047 و 1072، وطبقات ابن سعد 3/ 456، 457، والتاريخ لابن معين 2/ 723، وطبقات خليفة 84، وتاريخ أبي زرعة 1/ 477، وتاريخ خليفة 96، وسيرة ابن هشام (بتحقيقنا) 2/ 255 و 330، 331 و 3/ 181، 182 و 4/ 172، وتهذيب سيرة ابن هشام 138 و 200 و 201، والمعرفة والتاريخ 2/ 703، والمعارف 154 و 325 و 597، والتاريخ الكبير 3/ 322 رقم 1092، والجرح والتعديل 3/ 491 رقم 2227، وتاريخ الطبري 1/ 113 و 2/ 478 و 481 و 485 و 583- 585 و 3/ 111، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 51، ومشاهير علماء الأمصار 17 رقم 56، وجمهرة أنساب العرب 334، والاستيعاب 4/ 168- 170، والمعجم الكبير 5/ 42 رقم 438، والمستدرك 3/ 632، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 93 رقم 145، والإكمال لابن ماكولا 4/ 167، وأسد الغابة 5/ 284، 285، وتحفة الأشراف 9/ 275- 278، رقم 653، وتهذيب الكمال 3/ 1641 و 1642، وتلخيص المستدرك 3/ 632، والكاشف 3/ 329 رقم 350، والمعين في طبقات المحدّثين 28 رقم 150، ووفيات الأعيان 1/ 190، والوافي بالوفيات 10/ 164 رقم 4638، والبداية والنهاية 7/ 223، وتهذيب التهذيب 12/ 214 رقم 990، وتقريب التهذيب 2/ 467 رقم 1، والنكت الظراف 9/ 375، 376، والإصابة 4/ 168 رقم 981، وخلاصة تذهيب التهذيب 458، وعيون الأخبار 1/ 141، وأنساب الأشراف 1/ 241 و 294.
[2] انظر الجزء الخاص بعهد الخلفاء الراشدين من هذا التاريخ بتحقيقنا- ص 361 و 668.
[3] انظر عن (أبي محذورة) في:
طبقات ابن سعد 5/ 450، وطبقات خليفة (أوس بن معير) 24 و 278، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 97 رقم 194، والمعرفة والتاريخ 2/ 23 و 3/ 85 و 356، والمحبّر 161، والمغازي للواقدي 151 (أوس بن المعير) والتاريخ لابن معين 2/ 724، والمعارف 301(4/343)
لَهُ صُحْبة ورواية، اختلفوا في اسمه وفي نسبه، وَهُوَ أوس بن معير عَلَى الصحيح. وهو من مسلمة الفتح.
روى عنه: ابنه عَبْد الملك، وزوجته، والأسود بن يزيد، وابن أَبِي مُلَيْكة، وعَبْد اللَّهِ بن مُحَيْريز الجُمَحي، وغيرهم.
وَكَانَ من أحسن النَّاس وأنداهم صوتًا. قاله الزبير بن بكار، قَالَ:
وأنشدني عمي لبعضهم:
أما وربُ الكعبةِ المستورهْ ... وَمَا تلا محمد من سوره
والنّغمات من أَبِي محذُورَهْ ... لأفعلنَّ فِعلةً مذكُورَهْ
[1] تُوُفِّيَ سَنَة تسع وخمسين، وَكَانَ مؤذن المسجد الحرام، علّمه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم الأذان [2] .
أبو مسعود الأنصاري [3] .
__________
[ () ] و 305 و 561، ومسند أحمد 3/ 408 و 6/ 401، والمستدرك 4/ 514، 515، والتاريخ الصغير 57 و 64، وتاريخ أبي زرعة 1/ 476 و 602 (سمرة بن معير) ، والاستيعاب 4/ 177- 180، وأسد الغابة 5/ 292، والمعجم الكبير 7/ 203- 211 رقم 680/ (سمرة بن معير) ، والتاريخ الكبير 4/ 177، 178 رقم 2403، والجرح والتعديل 4/ 155 رقم 680، والمعين في طبقات المحدّثين 28 رقم 151، والكاشف 3/ 331 رقم 363، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 266، 267 رقم 417، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 56، 57، والكامل في التاريخ 3/ 526، والوافي بالوفيات 9/ 451، 452 رقم 4404 و 15/ 456 رقم 613، وسيرة ابن هشام 2/ 352، وأنساب الأشراف 1/ 300، ومشاهير علماء الأمصار 31 رقم 160، وجمهرة أنساب العرب 162 وق 4 ج 1/ 211، 212، وتحفة الأشراف 9/ 285- 287 رقم 656، وتهذيب الكمال 3/ 1644، والكنى والأسماء 1/ 52، والنكت الظراف 9/ 285، والإصابة 4/ 176 رقم 1018، وتهذيب التهذيب 12/ 222 رقم 1019، وتقريب التهذيب 2/ 469 رقم 22، وخلاصة تذهيب التهذيب 459، والمنتخب من ذيل المذيل 564.
[1] الرجز في: الاستيعاب 4/ 178، والوافي بالوفيات 9/ 451.
[2] انظر: طبقات ابن سعد 5/ 450.
[3] هو أبو مسعود البدريّ. انظر عنه في:
المغازي للواقدي 295 و 331 و 724، وطبقات ابن سعد 6/ 16، وطبقات خليفة 96(4/344)
مر سَنَة أَرْبَعِينَ [1] ، وَقَالَ الْوَاقدي: مات في آخر خلافة مُعَاوِيَة بالمدينة.
أم هانئ [2] ، - ع- بِنْت أَبِي طَالِب الهاشمية، اسمها فاختة، وقيل هند.
__________
[ () ] و 136، وتاريخ خليفة 202، والمحبّر لابن حبيب 290، والتاريخ لابن معين 2/ 410، والزهد لأحمد 235، والمسند له 4/ 118- 122، و 5/ 272- 275، والتاريخ الكبير 6/ 429 رقم 2884، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 83 رقم 37، والمعرفة والتاريخ 1/ 449، 450، وتاريخ أبي زرعة 1/ 576، وأنساب الأشراف 1/ 245، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 54، وتاريخ الطبري 4/ 129 و 335 و 352 و 422 و 5/ 38 و 93، والجرح والتعديل 6/ 313 رقم 1740، والاستبصار 130، والاستيعاب 3/ 105، وجمهرة أنساب العرب 362، ومشاهير علماء الأمصار 44 رقم 270، وأمالي المرتضى 1/ 75، ولباب الآداب لابن منقذ 13 و 281، وأسد الغابة 5/ 296، 297، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 267 رقم 424، ووفيات الأعيان 2/ 479، وتهذيب الكمال 2/ 948، وتحفة الأشراف 7/ 325- 342 رقم 380، والعبر 1/ 46، والكاشف 2/ 238 رقم 3902، والمعين في طبقات المحدّثين 24 رقم 91، وسير أعلام النبلاء 2/ 493- 496 رقم 103، ومرآة الجنان 1/ 107، والنكت الظراف 7/ 326- 342، وتهذيب التهذيب 7/ 247- 249 رقم 446، وتقريب التهذيب 1/ 27 رقم 249، والإصابة 2/ 490، 491 رقم 5606، وخلاصة تذهيب التهذيب 269.
[1] انظر ترجمته في الجزء الخاص بالخلفاء الراشدين من هذا التاريخ- ص 657- 659.
[2] انظر عن (أم هانئ) في:
طبقات ابن سعد 8/ 47 و 151، وطبقات خليفة 330، ومسند أحمد 6/ 340 و 423، والمعارف 39 و 120 و 203 و 479، والجرح والتعديل 9/ 467 رقم 2383، وسيرة ابن هشام 1/ 169، و 2/ 47 و 52 و 53 و 4/ 37 و 53 و 62، والمغازي للواقدي 694 و 829 و 830 و 847 و 848 و 868 و 1099، والمحبّر لابن حبيب 64 و 97 و 396 و 406، وتاريخ اليعقوبي 1/ 240 و 2/ 26 و 59، والمعرفة والتاريخ 3/ 222، 223، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 86 رقم 70، وتاريخ الطبري 1/ 295 و 296 و 3/ 64 و 169 و 183 و 214 و 5/ 92 و 6/ 84، والمعجم الكبير 24/ 405- 439 و 25/ 136، 137، والتذكرة الحمدونية 2/ 466، وتحفة الأشراف 12/ 449- 459 رقم 904، وتهذيب الكمال 3/ 1690، وفتوح البلدان 35، والعقد الفريد 6/ 89، وأنساب الأشراف 1/ 362 و 459، وق 4 ج 1/ 31، وجمهرة أنساب العرب 14 و 141، والمستدرك 4/ 52، والاستبصار 359، والاستيعاب 4/ 503، 504، والأخبار الطوال 173، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 2/ 366 رقم 782، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1613 و 1615 و 2323، ونسب قريش 39، والمنتخب من ذيل المذيّل 619، وأسد الغابة 5/ 624، والكاشف 3/ 444 رقم 213،(4/345)
أَسْلَمَتْ عَامَ الْفَتْحِ، وَصَلَّى ابْنُ عَمِّهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهَا يَوْمَ الْفَتْحِ صَلَاةَ الضُّحَى، وَقَالَ لَهَا: «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ» ، وَكَانَتْ قَدْ أَجَارَتْ رَجُلًا [1] .
رَوَى عَنْهَا: حفيدها يحيي بن جعدة، ومولاها أَبُو صالح باذام، وكُرَيْب مولى ابن عَبَّاس، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي ليلى، وعُرْوة، ومجاهد، وعطاء، وآخرون.
لها عدة أحاديث، وتأخر موتها إِلَى بَعْدَ الخمسين، وكانت تحت هُبيرة ابن عمرو بن عائذ المخزومي، فهرب يَوْم الفتح إِلَى نجران، وولدت لَهُ:
عمرو بن هُبيرة وهانئًا، ويوسف، وجَعْدة.
قَالَ ابن إِسْحَاق: لَمَّا بلغ هُبيرة إسلام أم هانئ قَالَ أبياتًا منها:
وعاذلةٍ هبّتْ بلَيْلٍ تلَوْمُني ... وتعذلني بالليل ضَلَّ ضَلالها
وتزْعُمُ أني إنْ [2] أطعتُ عشيرتي ... سَأرْدَى وهل يُردِيني [3] إِلَّا زوالُها
[4]
فإنْ كنتِ قَدْ تابعتِ دِينَ مُحَمَّد ... وقطعتِ [5] الأرحَامَ منك حبالُها
فكُوني عَلَى أعلى سحيقٍ بهضْبةٍ ... ململمةٍ غبراءَ يبس اختلفوا بلالها
[6]
__________
[ () ] والمغازي (من تاريخ الإسلام) 555، والسيرة النبويّة 245 و 271 و 272 و 318 و 422 و 599، والمعين في طبقات المحدّثين 31 رقم 181، وسير أعلام النبلاء 2/ 311- 314 رقم 56، وتهذيب التهذيب 12/ 481 رقم 2995، وتقريب التهذيب 2/ 625 رقم 95، والإصابة 4/ 503 رقم 1533، وخلاصة تذهيب التهذيب 500، والنكت الظراف 12/ 451- 458.
[1] أخرجه البخاري في الجهاد 6/ 195، 196 باب أمان النساء وجوارهن، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها (82/ 336) باب استحباب صلاة الضحى، ومالك في الموطّأ 1/ 152 في قصر الصلاة، باب صلاة الضحى.
[2] في الاستيعاب 4/ 503 «لئن» .
[3] كذا في سيرة ابن هشام، وأسد الغابة، وفي الأصل «سأوذي وهل يؤذيني» .
[4] في السيرة «زيالها» .
[5] في السيرة، والاستيعاب «وعطّفت» .
[6] في المغازي للواقدي «يبس تلالها» . وفي الاستيعاب:(4/346)
أَبُو هُريرة الدوْسي رضي اللَّه عَنْهُ [1]- ع- ودَوْس قبيلة من الأزد، اختلفوا في اسمه، واسمه عبد شمس.
__________
[ () ] «ممنّعة لا تستطاع قلاعها» .
وانظر الأبيات من جملة أبيات في سيرة ابن هشام (بتحقيقنا) 4/ 62، 63، والمغازي للواقدي 2/ 849، والاستيعاب 4/ 503، 504، والاشتقاق لابن دريد 152، ونسب قريش 39، وأسد الغابة 5/ 624، وسير أعلام النبلاء 2/ 313.
[1] انظر عن (أبي هريرة) في:
مسند أحمد 2/ 228 و 5/ 114، وطبقات ابن سعد 2/ 362- 364 و 4/ 325- 341، وطبقات خليفة 114، وتاريخ خليفة 225 و 227، والمعارف 277 و 278 و 285، وسيرة ابن هشام 1/ 22 و 93 و 2/ 177 و 205 و 213 و 279 و 298 و 3/ 5 و 38 و 52 و 61 و 68 و 171 و 179 و 266 و 288 و 4/ 9 و 17 و 18 و 47 و 242 و 284 و 306 و 307، والمعرفة والتاريخ 1/ 486 و 3/ 160- 162، وأخبار القضاة لوكيع 1/ 111، 112، والبرصان والعرجان 31 و 79 و 137 و 171 و 177 و 284 و 308 و 340 و 358، وتاريخ الطبري (انظر فهرس الأعلام) 10/ 442، ومقدمة مسند بقيّ بن مخلد 9، رقم 1، وتاريخ اليعقوبي 2/ 153 و 157 و 161 و 199 و 238، وربيع الأبرار (انظر فهرس الأعلام) 4/ 505، والمحبّر 81 و 85، والسير والمغازي لابن إسحاق 147 و 219 و 281 و 282 و 284 و 286، والمغازي للواقدي (انظر فهرس الأعلام) 3/ 1247، وترتيب الثقات للعجلي 513 رقم 2061، وحلية الأولياء 1/ 376- 385 رقم 85، والتاريخ لابن معين 2/ 728، 729، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1213 و 1479 و 1485، والزيارات 19 و 33 و 65 و 92، والعقد الفريد (انظر فهرس الأعلام) 7/ 95، وأنساب الأشراف 1/ 136 و 272 و 383 و 412 و 420 و 421 و 428 و 432، و 3/ 4 و 301 وق 4 ج 1/ 127 و 212 و 563 و 593 و 597، وفتوح البلدان 15 و 99- 101، والخراج وصناعة الكتابة 264 و 280، والمستدرك 3/ 506- 514، والاستبصار 291، وفتوح الشام للأزدي 16، وثمار القلوب 22 و 96 و 111 و 112 و 289، والتذكرة الحمدونية 1/ 137 و 426، و 2/ 36 و 175 و 215، والكامل في التاريخ 3/ 21 و 30، وأسد الغابة 5/ 315- 317، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 270 رقم 436، ووفيات الأعيان 2/ 242 و 375 و 399 و 509 و 3/ 115 و 265 و 4/ 181 و 6/ 35 و 164 و 274، وجمهرة أنساب العرب 381، 382، ومشاهير علماء الأمصار 15 رقم 46، وتاريخ أبي زرعة (انظر فهرس الأعلام) 2/ 1024، 1025، وعيون الأخبار (انظر فهرس الأعلام) 4/ 188، والبدء والتاريخ 5/ 113، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 61، والاستيعاب 4/ 202- 210، وتحفة الأشراف 9/ 292- 505، وكامل الجزء العاشر من التحفة، و 11/ 3- 109 رقم 663، وتهذيب الكمال 3/ 1654، والوفيات لابن قنفذ 71، والزاهر للأنباري (انظر فهرس الأعلام) 2/ 628، وصفة الصفوة 1/ 685- 694 رقم 97، والزيارات 19 و 33 و 65 و 92، وآثار البلاد 71 و 108 و 377، والزهد لأحمد 221- 223، والزهد لابن المبارك (انظر فهرس الأعلام) (ح) و (ع) ، ومعرفة القراء الكبار 1/ 43، 44 رقم 8،(4/347)
وَقَالَ: كناني أَبِي بأبي هُرَيْرَةَ، لأني كنت أرعى غنمًا فوجدت أولاد هِرّ وحشي، فأخذتهم، فلما رآهم أخبرته، فَقَالَ: أنت أَبُو هِرّ.
قَالَ: وَكَانَ اسمي في الجاهلية عَبْد شمس.
وَقَالَ المحرر بن أَبِي هُرَيْرَةَ: اسم أَبِي: عُمَرو بن عَبْد غَنْم.
وساق ابن خُزَيْمة من حديث مُحَمَّد بن عُمَرو بن أَبِي سلمة، عن أبي هريرة عبد شمس، وقال: هَذِهِ دلالة واضحة أن اسمه كَانَ عَبْد شمس، فإِنَّهُ إسناد متصل، وَهُوَ أحسن إسنادًا من سُفْيَان بن حسين، عَن الزّهري، عَن المحرر، اللَّهمّ إِلَّا أن يكون كَانَ لَهُ اسمان قبل الإسلام.
وَقَالَ أَحْمَد بن حَنْبَلٍ: اسمه عَبْد شمس، وَيُقَالُ: عَبْد غَنْم، وَيُقَالُ سكين.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ [1] : اسمه عَبْد شمس، وَيُقَالُ عَبْد غَنْم، وَيُقَالُ عامر، قَالَ: وسُمي في الْإِسْلَام عَبْد اللَّهِ، وَيُقَالُ عَبْد الرَّحْمَنِ.
وقد استوعب الحافظ ابن عساكر أكثر مَا ورد في اسمه. وَكَانَ أحد الحُفْاظ المعدودين في الصحابة.
رَوَى عَنْهُ: ابن عَبَّاس، وأنس، وجابر، وسَعِيد بن المسيب، وعلي بن
__________
[ () ] والعبر 1/ 63، وسير أعلام النبلاء 2/ 578- 632 رقم 126، والكاشف 3/ 341 رقم 433، وتاريخ الإسلام (المغازي) (انظر فهرس الأعلام) 769 و (السيرة النبويّة) (انظر فهرس الأعلام) 636، و (عهد الخلفاء الراشدين) (انظر فهرس الأعلام) 720، 721، ودول الإسلام 1/ 42، والمعين في طبقات المحدّثين 28 رقم 152، وتلخيص المستدرك 3/ 506- 514، والتاريخ الكبير 6/ 132، 133 رقم 1938، وجامع الأصول 9/ 95، والجرح والتعديل 6/ 49، 50 رقم 264، والبداية والنهاية 8/ 103، ومرآة الجنان 1/ 130، ومجمع الزوائد 9/ 361، وغاية النهاية 1/ 370 رقم 1574، والنكت الظراف 9/ 296- 504 وكامل الجزء العاشر، و 11/ 7- 109، والإصابة 4/ 202- 211 رقم 1190، وتهذيب التهذيب 12/ 262- 267 رقم 1216، وتقريب التهذيب 2/ 484 رقم 14، وخلاصة تذهيب التهذيب 462، وحسن المحاضرة 1/ 250، وطبقات الحفّاظ 9، وتدريب الراويّ للسيوطي 2/ 216، وشذرات الذهب 1/ 63.
[1] الجرح والتعديل 6/ 49.(4/348)
الْحُسَيْن، وعُرْوة، والقاسم، وسالم، وعُبَيد اللَّه بن عَبْد اللَّهِ، والأعرج، وهمام بن منبه، وابن سِيرين، وحُمَيد بن عَبْد الرَّحْمَنِ الزّهري، وحُمَيْد بن عَبْد الرَّحْمَنِ الحِمْيَري، وأَبُو صالح السمان، وزُرارة بن أوفي، وسَعِيد بن أَبِي سَعِيد المَقْبُرِيّ [1] ، وأَبُوه، وسَعِيد بن مرجانة، وشهر بن حَوْشب، وأَبُو عُثْمَان النهدي، وعطاء بن أَبِي رباح، وخلق كثير.
قدِم من أَرْضِ دَوْسٍ مسلما هُوَ وأمه وقت فَتَحَ خَيْبَر.
قَالَ البخاري [2] : روى عنه ثمانمائة رَجُلٌ أَوْ أكثر.
قلت: يُرْوَى لَهُ نَحْو من خمسة آلاف حديث وثلاثمائة وسبعين حديثا، في الصحيحين، منها ثلاثمائة وخمسة وعشرون حديثًا، وانفرد الْبُخَارِيُّ أيضًا لَهُ بثلاثة وتسعين، ومسلم بمائة وتسعين [3] . وبَلغنا أَنَّهُ كَانَ رجلًا آدم، بعيد مَا بَيْنَ المنكبين، ذا ضفيرتين، أفرق الثنيتين، يَخضِب شيبته بالحُمْرة، وَلَمَّا أسلم كَانَ فقيرًا من أصحاب الصفة، ذاق جُوعًا وفاقة، ثُمَّ استعمله عُمَر وغيره، وولي إمرة المدينة في زمن مُعَاوِيَة، فمر في السوق يحمل حزمة حطب، وَهُوَ يقول: أوسِعوا الطريق للأمير.
وَقَالَ أسامة بن زيد، عَن عَبْد اللَّهِ بن رافع: قلت لأبي هُرَيْرَةَ: لَم اكتنيتَ بأبي هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: أما تَفْرُق مني! قلت: بلى واللَّه إني لأهابُك، قَالَ:
كنت أرعى غنم أَهْلِي، وكانت لي هُريرة صغيرة، فكنت أضعها في شجرة بالليل، فإذا كَانَ النهار ذهبتُ بِهَا معي، فلُقبت بِهَا، وَكَانَ من أصحاب الصفة.
أَخْرَجَهُ الترمذي [4] .
وَقَالَ المقْبُري، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قلت: يَا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أسمع منك
__________
[1] في الأصل «المقري» .
[2] التاريخ الكبير 6/ 132 وليس في ترجمته ما جاء هنا، والنص في (البداية والنهاية) .
[3] في (خلاصة التذهيب 462) : «انفرد (خ) بتسعة وسبعين، و (م) بثلاثة وتسعين» .
[4] في المناقب (3840) ، وابن سعد في الطبقات 4/ 329، وقد حسّنه الترمذي.(4/349)
أشياء فلا احفظها، فَقَالَ: «أبسط رداءك» ، فبسطته، فحدث حديثًا كثيرًا، فما نسيت شيئًا حدثني بِهِ [1] .
وَقَالَ الْوَليد بن عَبْد الرَّحْمَنِ «عَن ابن عُمَر» أَنَّهُ قَالَ لأبي هُرَيْرَةَ: أنت كنتَ ألزمنا لرَسُول اللَّهِ واحفظنا لحديثه [2] .
وَقَالَ الْأَعْرَجُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: إِنَّكُمْ تَقُولُونَ إِنِّي أُكْثِرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ، وَاللَّهُ الْمُوعِدُ، كُنْتُ رَجُلًا مِسْكِينًا أَخْدُمُ رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفَقُ بِالْأَسْوَاقِ، وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ يَشْغَلُهُمُ الْقِيَامَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ «يَوْمًا: «مَن بَسَطَ ثَوْبَهُ فَلَنْ يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ مِنِّي» ، فَبَسَطْتُ ثَوْبِي، حَتَّى قَضَى حَدِيثَهُ، ضَمَمْتُهُ إِلَيَّ فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ بَعْدُ [3] .
وَقَالَ أَبُو مَعْشَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: لَا تُكْنُونِي أَبَا هُرَيْرَةَ، كَنَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: أَبَا هِرٍّ، قَالَ لِي: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَبَا هِرٍّ» ، وَالذَّكَرُ خَيْرٌ مِنَ الْأُنْثَى [4] .
وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ: شهدت خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ.
وَقَالَ قيس بن أَبِي حازم عَنْهُ: جئت يوم خيبر بعد ما فرغوا من القتال.
وَقَالَ ابن سيرين، عَنْهُ: لقد رأيتني أصرع بين القبر والمنبر من الجوع، حَتَّى يقول النَّاس: مجنون [5] .
__________
[1] أخرجه البخاري في كتاب العلم 1/ 38 باب: حفظ العلم، والترمذي في المناقب (3923) باب: مناقب أبي هريرة رضي الله عنه. وقال: هذا حديث حسن صحيح، وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة.
[2] إسناده صحيح، أخرجه الترمذي في المناقب (3925) وحسّنه، وأحمد في المسند 2/ 3 ذكره مطوّلا.
[3] أخرجه البخاري 1/ 190 و 5/ 21 و 13/ 271، ومسلم (2294) من طريق الزهري، عن الأعرج.
[4] تاريخ دمشق (مخطوط الظاهرية) 19/ 109 ب.
[5] حلية الأولياء 1/ 378، صفة الصفوة 1/ 691.(4/350)
وتمخّط مرّة فقال: الحمد للَّه الَّذِي تمخط أَبُو هُرَيْرَةَ في الكتان، لقد رأيتني وإني لأخر من الجوع، فيجلس الرجل عَلَى صدري، فأرفع رأسي، فأقول: ليس الَّذِي ترى، إِنَّمَا هُوَ الجوع [1] .
وَقَالَ أَبُو كَثِيرٍ السُّحَيْمِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا خَلَقَ اللَّهُ مُؤْمِنًا يَسْمَعُ بِي إِلَّا أَحَبَّنِي، قلت: وما علمك بذاك؟ قَالَ: إِنَّ أُمِّيَ كَانَتْ مُشْرِكَةً، وَكُنْتُ أَدْعُوهَا إِلَى الْإِسْلَامِ، وَكَانَتْ تَأْبَى عَلَيَّ، فَدَعَوْتُهَا يَوْمًا، فَأَسْمَعَتْنِي فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مَا أَكْرَهُ، فَأَتَيْتُهُ أَبْكِي، وَسَأَلْتُهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهَا، فَقَالَ: «اللَّهمّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ» ، فَخَرَجْتُ أَعْدُو أُبَشِّرُهَا، فَأَتَيْتُ فَإِذَا الْبَابُ مُجَافٌ، وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ الْمَاءِ، وَسَمِعَتْ حِسِّي فَقَالَتْ: كَمَا أَنْتَ، ثُمَّ فَتَحَتْ، وَقَدْ لَبِسَتْ دِرْعَهَا، وَعَجَّلَتْ عَنْ خِمَارِهَا، فَقَالَتْ: أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَبْكِي مِنَ الْفَرَحِ، فَأَخْبَرْتُهُ فَقُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يُحَبِّبَنِي وَأُمِّيَ إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ:
اللَّهمّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا وَأُمَّهُ إِلَى عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ، وَحَبِّبْهُمْ إِلَيْهِمَا» . هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَظُنُّهُ فِي مُسْلِمٍ [2] .
أَيوب، عَن مُحَمَّد قَالَ: تمخط أَبُو هُرَيْرَةَ وعليه ثوب من كتان ممشق، فتمخط فِيهِ، وَقَالَ: بخٍ بخٍ، يتمخط أَبُو هُرَيْرَةَ في الكتان، لقد رأيتني أخِر فيما بَيْنَ منبر رَسُول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحجرة عائشة، يجيء الجائي يظنّ بي جنونًا [3] .
شُعْبة، عَن مُحَمَّد بن زياد قَالَ: رَأَيْت عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ كساء خزّ [4] .
وَقَالَ قتادة وغير واحد: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يلبس الخزّ.
__________
[1] أخرجه البخاري في الاعتصام 13/ 258 باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحضّ على اتفاق أهل العلم ... ، والترمذي في الزهد (2367) باب ما جاء في معيشة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وابن سعد في الطبقات 4/ 327.
[2] أقول: هو كما ظنّ المؤلّف- رحمه الله- في فضائل الصحابة (2491) ، وفي مسند أحمد 2/ 219، 220، وتاريخ دمشق 19/ 112 ب، وصفة الصفوة 1/ 687.
[3] ذكر نحوه ابن الجوزي في صفة الصفوة 1/ 691.
[4] طبقات ابن سعد 4/ 333.(4/351)
قيس بن الربيع، عَن أَبِي حُصين، عَن خَبْاب بن عُرْوة قَالَ: رَأَيْت أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَيْهِ عِمامة سوداء [1] .
إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: هَاجَرْتُ، فَأَبَقَ مِنِّي غُلَامٌ فِي الطَّرِيقِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ على النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ بَايَعْتُهُ، وَجَاءَ الْغُلَامُ، فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ هَذَا غُلَامُكَ» ، قُلْتُ: هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ، فَأَعْتَقْتُهُ [2] .
عَفَّانُ: ثَنَا سُلَيْمُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: نَشَأْتُ يَتِيمًا، وَهَاجَرْتُ مِسْكِينًا، وَكُنْتُ أَجِيرًا لِبُسْرَةَ بِنْتِ غَزَوَانَ، بِطَعَامِ بَطْنِي وَعُقْبَةَ رجلي، وكنت أخدم إذا نزلوا، وأحدو إِذَا رَكِبُوا، فَزَوَّجَنِيهَا اللَّهُ، فَالْحَمْدُ للَّه الَّذِي جَعَلَ الدِّينَ قِوَامًا، وَجَعَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ إِمَامًا [3] .
ابن سيرين، عن أبي هريرة، أكريت نفسي من ابْنَة غزوان بطعام بطني وعُقْبة رِجلي، فقالت لي: لتردن حافيًا، ولتركبن قائمًا، ثُمَّ زوجنيها اللَّه بَعْدَ [4] .
وقد دعا لِنَفْسِهِ، وأمّن النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ عَلَى دعائه.
فَقَالَ النَّسَائِيُّ: أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ صَدْرَانَ: ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْعَلَاءِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِأَبِي هُرَيْرَةَ، بَيْنَمَا أَنَا وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَفُلَانٌ ذَاتَ يَوْمٍ فِي الْمَسْجِدِ نَدْعُو وَنَذْكُرُ رَبَّنَا، إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ حَتَّى جَلَسَ إِلَيْنَا فَسَكَتْنَا، فَقَالَ: «عُودُوا للذي كنتم فيه» ، فدعوت أنا وصاحبي،
__________
[1] طبقات ابن سعد 4/ 333.
[2] أخرجه البخاري في العتق (5/ 117) باب إذا قال لعبده: هو للَّه ونوى العتق، وأحمد في المسند 2/ 286، وابن سعد في الطبقات 4/ 325، وأبو نعيم في الحلية 1/ 379، وابن الجوزي في صفة الصفوة 1/ 686.
[3] أخرجه أبو نعيم في الحلية 1/ 379، وابن عساكر في تاريخ دمشق 19/ 123 أ، وابن الجوزي في صفة الصفوة 1/ 686.
[4] انظر حلية الأولياء 1/ 380.(4/352)
فأمّن النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ عَلَى دُعَائِنَا، ثُمَّ دَعَا أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ: اللَّهمّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِثْلَ صَاحِبِي، وَأَسْأَلُكَ عِلْمًا لَا يُنْسَى، فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ: «آمِينَ» ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ نَحْنُ نَسْأَلُكَ كَذَلِكَ، فَقَالَ: «سَبقَكُمَا بِهَا الْغُلَامُ الدَّوْسِيُّ» [1] .
قَالَ الطبراني: لَا يُرْوَى إِلَّا بِهَذَا الإسناد.
وَقَالَ أَبُو نَضْرة [2] العَبْدي، عَن الطفاوي قَالَ: قرأت عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ بالمدينة ستة أشهر، فلم أر مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ رجلًا أشد تشميرًا وَلَا أقَوم عَلَى ضيفٍ مِنْهُ، فَدَخَلَت عَلَيْهِ ذات يَوْم ومعه كيس فِيهِ نوى أَوْ حصى يسبح بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ الأَصْبَحِيِّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَرَأَيْتَ هَذَا الْيَمَانِيَّ- يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ- لَهُوَ أَعْلَمُ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ مِنْكُمْ، مِنْهُ أَشْيَاءُ لَا نَسْمَعُهَا مِنْكُمْ، أَمْ يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْ؟ قَالَ: أَمَّا أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مَا لَمْ نَسْمَعْ فَلا أَشُكُّ، كُنَّا أَهْلَ بُيُوتَاتٍ وَعَمَلٍ وَغَنَمٍ، فَنَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ طَرْفي النَّهَارِ، وَكَانَ مِسْكِينًا لا مَالَ لَهُ، ضَيْفًا عَلَى بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، يَدُهُ مَعَ يَدِهِ، وَلا أَجِدُ أَحَدًا فِيهِ خَيْرٌ، يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْ [3] .
وَقَالَ مُحَمَّد بن سعد [4] : ثنا محمد بن عمر: ثنا عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن زياد بن مينا قال: كان ابن عباس، وابن عُمَر، وأَبُو سَعِيد، وأَبُو هُرَيْرَةَ، وجابر يفتون بالمدينة، ويحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من لدن توفّي
__________
[1] أخرجه الحاكم في المستدرك 3/ 508، وابن عساكر في تاريخ دمشق 19/ 115 أب.
[2] في الأصل «أبو نصرة» والتصويب من (خلاصة التذهيب 471) واسمه: المنذر بن مالك.
[3] أخرجه الترمذي (3926) وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلّا من حديث محمد بن إسحاق، وقد رواه يونس بن بكير وغيره عن محمد بن إسحاق. وصحّحه الحاكم في المستدرك 3/ 511، و 512 ووافقه الذهبي في تلخيصه، وابن عساكر في تاريخ دمشق 19/ 121 أ، وابن كثير في البداية والنهاية 8/ 109.
[4] في طبقاته 2/ 372.(4/353)
عُثْمَان إِلَى أن تُوفُوا، وهؤلاء الخمسة، إليهم صارت الفتوى.
وَقَالَ أَبُو سعد السمعاني: سمعت أَبَا القاسم المعمر المبارك بن أَحْمَد الأرحبي يقول: سمعت أَبَا القاسم يوسف بن عَلِيّ الزنجاني الفقيه: سمعتُ أَبَا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ الفيروزآباذي، سمعت أَبَا الطيب الطبري يقول:
كُنَّا في حلقة النظر بجامع المنصور، فجاء شاب خُرَاساني، فسأل عَن مسألة المصَراة [1] ، فطالب بالدليل، فاحتج المستدل بحديث أَبِي هُرَيْرَةَ الْوَارد فِيهَا [2] ، فَقَالَ الشابَ- وَكَانَ حنفيًا-: أَبُو هُرَيْرَةَ غير مقبول الحديث، فما استتمٌ كلامه حَتَّى سقطت عَلَيْهِ حيّة عظيمة من سقف الجامع، فوثب النَّاس من أجلها، وهرب الشابَ وَهِيَ تتبعه، فقيل لَهُ: تُب تُب، فغابت الحيّة، فلم يُر لها أثر [3] .
الزنجاني ممّن برع في الفقه على أبي إسحاق، توفي سنة خمسمائة.
وَقَالَ حَمَدُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ فَرُّوخٍ الْحَرِيرِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ قَالَ: تَضَيَّفَ أَبَا هُرَيْرَةَ سَبْعًا، فَكَانَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ يَعْتَقِبُونَ اللَّيْلَ أَثْلاثًا، يُصَلِّي هَذَا، ثُمَّ يُوقِظُ هَذَا هَذَا وَيُصَلِّي، فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ كَيْفَ تَصُومُ؟ قَالَ: أَصُومُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ ثَلاثًا [4] .
قَالَ الداني: عرض أَبُو هُرَيْرَةَ القرآن عَلَى أُبَيّ بن كعب قرأ عَلَيْهِ من
__________
[1] المصرّاة: هي الناقة أو البقرة أو الشاة التي يحبس البائع لبنها في ضرعها أياما ليظنّ المشتري أنها غزيرة اللبن.
[2] الحديث في الموطأ 2/ 683، 684 في البيع، باب ما ينهى عنه من المساومة والمبايعة.
وأخرجه البخاري 4/ 309، ومسلم (11/ 1515) عن: يحيى بن يحيى، عن مالك، عن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى الله عليه وآله وسلم قال: «ولا تصرّوا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك، فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، إن رضيها أمسكها، وان سخطها ردّها، وصاعا من تمر» .
[3] قال الحافظ- رحمه الله- في سير أعلام النبلاء 2/ 619: «وأبو هريرة إليه المنتهى في حفظ ما سمعه من الرسول عليه السلام وأدائه بحروفه. وقد أدّى حديث المصرّاة بألفاظ، فوجب علينا العلم به، وهو أصل برأسه» .
[4] أخرجه أبو نعيم في الحلية 1/ 382، وابن عساكر في تاريخ دمشق 19/ 122 ب، وأحمد في الزهد 221، وابن الجوزي في صفة الصفوة 1/ 692، وابن حجر في الإصابة.(4/354)
التابعين: عَبْد الرَّحْمَنِ بن هرمز.
وَقَالَ قُتَيْبَةُ بْنُ مِهْرَانَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يَحْكِي لَنَا قِرَاءَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ في: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ 81: 1 [1] يَحْزنُهَا شَبَهُ الرِّثَاءِ.
وَرَوَى عُمَر بن أَبِي زائدة، عَن أَبِي خَالِد الْوَالبي، أَنَّهُ كَانَ إذا قرأ بالليل خَفَضَ طَوْرًا ورفع طورًا، وذكر أنَّهَا قراءة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلم.
قلت: وكان أبو هريرة ممّن يجهر «ببسم اللَّه» في الصلاة [2] .
وَفِي «الْبُخَارِيِّ» مِنْ حَدِيثِ الْمَقْبُرِيِّ: مَرَّ أَبُو هُرَيْرَةَ بِقَوْمٍ، بَيْنَ أَيْدِيهِمْ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ، فَدَعُوهُ أَنْ يَأْكُلَ، فَأَبَى وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا شَبِعَ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ.
وَعَن شراحبيل أن أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يصوم الخميس والاثنين [3] .
وَقَالَ خَالِد الحذاء [4] عَن عكرمة إنّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يسبِّح كل يَوْم اثني عشر ألف تسبيحة، ويقول: أسبّح بقدر ذنبي [5] .
هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طُلَيْحَةَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لأَبِي هُرَيْرَةَ: كَيْفَ وَجَدْتَ الإِمَارَةَ؟ قَالَ: بَعَثْتَنِي وَأَنَا كَارِهٌ، وَنَزَعْتَنِي وَقَدْ أَحْبَبْتُهَا، وَأَتَاهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ قَالَ: أَظَلَمْتَ أَحَدًا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَمَا جِئْتَ به لنفسك؟ قَالَ: عِشْرِينَ أَلْفًا، قَالَ: مِنْ أَيْنَ أَصَبْتَهَا؟ قال:
__________
[1] أول سورة التكوير.
[2] الثابت عن أبي هريرة أنه لم يجهر بها، مثل أبي بكر وعمر وعثمان. انظر: مسلم (399) ، وأحمد في المسند 3/ 264، وابن خزيمة (498) ، والترمذي (246) ، والنسائي 2/ 135، والدار الدّارقطنيّ 119، وفتح الباري 2/ 188، فقد روى أحمد 4/ 85، والترمذي (244) والنسائي 2/ 135 عن ابن عبد الله بن مغفل قال: سمعني أبي وأنا أقول: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال: أي بنيّ إياك والحدث، قد صليت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومع أبي بكر ومع عمر ومع عثمان، فلم أسمع أحدا منهم يقولها، فلا تقلها، إذا أنت صلّيت فقل: الحمد للَّه رب العالمين.
[3] تاريخ دمشق 19/ 122 ب.
[4] هو: خالد بن مهران الحذّاء أبو المنازل البصري. (انظر: تهذيب التهذيب 3/ 120) .
[5] تاريخ دمشق 19/ 122 ب.(4/355)
كُنْتُ أَتَّجِرُ، قَالَ: انْظُرْ رَأْسَ مَالِكَ وَرَزْقَكَ فَخُذْهُ، وَاجْعَلِ الآخَرَ فِي بَيْتِ الْمَالِ [1] .
وَقَالَ مُحَمَّد بن سيرين: استعمل عُمَر أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى البحرين، فقدم بعشرة آلاف، فَقَالَ لَهُ عُمَر: استأثرت بهَذِهِ الأموال يَا عدو اللَّه وعدو كتابه، قَالَ: لست بَعْدَوّ اللَّه وَلَا عدوّ كتابه، ولكني عدوّ مَن عاداهما، قَالَ: فمن أَيْنَ هَذَا؟ قَالَ: خيل نتجت لي وغلة رقيق، وأعطية تتابعت عَلِيّ، فنظروا فوجدوه كما قَالَ [2] . ثُمَّ بَعْدَ ذلك دعاه عُمَر ليستعمله فأبى.
وَرَوَى مَعْمَر، عَن مُحَمَّد بن زياد قَالَ: كَانَ مُعَاوِيَة يبعث أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى المدينة، فإذا غضب عَلَيْهِ بَعَثَ مروان وعزل أَبَا هُرَيْرَةَ، فلم يلبث أن نزِع مروان وبعث أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَالَ لغلام أسود: قف عَلَى الباب، فلا تمنع أحدًا إِلَّا مروان، ففعل الغلام، وَدَخَلَ النَّاس، ومنع مروان، ثُمَّ جاء نوبة فَدَخَلَ وَقَالَ: حجبنا منك، فقال: إنّ أحقّ من لَا يُنكر هَذَا لأنت [3] .
قلت: كأَنَّهُ بدا مِنْهُ نَحْوَ هَذَا في حقّ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَقَالَ ثابت البُناني، عَن أَبِي رافع قَالَ: كَانَ مروان [4] ربما استخلف أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى المدينة، فيركب حمارًا ببردعة، وخطامه ليف، فيسير فيلقي الرجل فيقول: الطريق، قَدْ جاء الأمير. وربما أتى الصبيانَ وهم يلعبون بالليل لُعْبة الأعراب، فلا يشعرون بشيء حَتَّى يلقي نَفْسَهُ بينهم، ويضرب برجليه، فيفزع الصبيان ويفرّون [5] .
وَعَن ثعلبة بن أَبِي مالك قَالَ: أقبل أَبُو هُرَيْرَةَ في السوق يحمل حزمة حطب، وَهُوَ يومئذ خَلِيفَة لمروان، فَقَالَ: أوسِع الطريق للأمير [6] .
__________
[1] طبقات ابن سعد 4/ 335، 336.
[2] أخرجه ابن سعد في الطبقات 4/ 335، وابن كثير في البداية والنهاية 8/ 113.
[3] تاريخ دمشق 19/ 125 أ.
[4] «مروان» ساقطة من الأصل، والاستدراك من (البداية والنهاية 8/ 113) .
[5] تاريخ دمشق 19/ 125 أ.
[6] حلية الأولياء 1/ 384، تاريخ دمشق 19/ 125 أ.(4/356)
وَقَالَ سَعِيد المقْبُري: دَخَلَ مروان عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ في شكواه فَقَالَ:
شفاك اللَّه يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: اللَّهمّ إني أحب لقاءك فأحبّ لقائي قَالَ: فما بلغ مروان القطانين حَتَّى مات [1] .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اللَّهمّ لَا تُدْرِكَنِي سَنَةَ سِتِّينَ، فَتُوفِّيَ فِيهَا أَوْ قَبْلَهَا بِسَنَةٍ [2] .
قَالَ الْوَاقدي: تُوُفِّيَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَنَة تسع وخمسين، وله ثمان وسبعون سَنَة. وَهُوَ الَّذِي صَلَّى عَلَى عَائِشَةَ في رمضان سَنَة ثمان وخمسين [3] .
وَقَالَ هشام بن عُرْوة: مات أَبُو هُرَيْرَةَ وعائشة سَنَة سبع وخمسين، تابعه المدائني، وعلي بن المديني، وغيرهما [4] .
وَقَالَ أبو معشر [5] ، وحمزة، وعَبْد الرَّحْمَنِ بن مغراء، والهيثم بن عديّ، ويحيى بن بكير: تُوُفِّيَ سَنَة ثمان وخمسين.
وَقَالَ الْوَاقدي: وقبله مُحَمَّد بن إِسْحَاق، وبَعْدَه أَبُو عُبيد، وأَبُو عُمَر الضرير، ومحمد بن عَبْد اللَّهِ بن نُمَير: تُوُفِّيَ سَنَة تسع وخمسين [6] .
وقيل صَلَّى عَلَيْهِ الْوَليد بن عُتْبة بالمدينة، ثُمَّ كتب إِلَى مُعَاوِيَة بوفاته، فكتب إلي الْوَليد: ادفع إِلَى ورثته عشرة آلاف درهم، وأحسِنْ جوارهم، فإِنَّهُ كَانَ مِمن ينصر عُثْمَان، وَكَانَ معه في الدار.
وقيل: كَانَ الذين تولوا حمل سريره ولد عثمان [7] .
__________
[1] طبقات ابن سعد 4/ 339 وفيه «فما بلغ مروان وسط السوق حتى مات» ، وتاريخ دمشق 19/ 128 ى.
[2] فتح الباري 13/ 8.
[3] طبقات ابن سعد 4/ 340، 341.
[4] وهو المعتمد، كما قال ابن حجر في الإصابة.
[5] «معشر» ساقطة من الأصل، والتصحيح من (شذرات الذهب ج 1 ص 63) .
[6] قال الحافظ في الإصابة 4/ 211: والمعتمد قول هشام بن عروة.
[7] طبقات ابن سعد 4/ 340، المستدرك 3/ 508.(4/357)
أَبُو اليسر السلمي [1]- م 4- من أعيان الأنصار، اسمه كعب بن عمرو، وشهد العقبة [2] وله عشرون سَنَة، وَهُوَ الَّذِي أسر [ابن] الْعَبَّاس يَوْم بدر [3] .
رَوَى عَنْهُ: صيفيّ مولى أَبِي أيّوب الْأَنْصَارِيّ، وعْبادة بن الْوَليد الصامتي، وموسى بن طلحة بن عُبيد اللَّه، وحنظلة بن قيس الزّرقي، وغيرهم.
وَكَانَ دحداحًا قصيرًا، ذا بطن، وَهُوَ الَّذِي انتزع راية المشركين يَوْم بدر [4] ، وقد شهد صِفّين مع عَلِيّ.
وتوفي بالمدينة سَنَة خمسة وخمسين، وَقَالَ بعضهم: وهو آخر من مات من البدريين.
آخر هذه الطبقة، والحمد للَّه وحده دائمًا.
قال المؤلف، رحمه الله: فرغت منها في صفر سنة اثنتي عشرة.
__________
[1] انظر عن (أبي اليسر السلمي) في:
طبقات ابن سعد 3/ 581، وسيرة ابن هشام 2/ 105 و 287 و 351 و 352 و 3/ 285، وتاريخ أبي زرعة 1/ 476، والمعرفة والتاريخ 1/ 319، ومسند أحمد 3/ 427، والمغازي للواقدي 140 و 149 و 151 و 170 و 247 و 296 و 660 و 839 و 856، وأنساب الأشراف 1/ 144 و 147 و 298 و 300 و 302 و 321 و 358، ومشاهير علماء الأمصار 18 رقم 69، والمنتخب من ذيل المذيّل 574، وجمهرة أنساب العرب 360، وطبقات خليفة 102، وتاريخ خليفة 223، وأسد الغابة 5/ 323، والكامل في التاريخ 2/ 128، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 62، ومقدمة مسند بقي بن مخلد 96 رقم 180، والاستيعاب 4/ 219، ومقاتل الطالبيين 65، وتاريخ الطبري 2/ 463، والمعارف 155 و 327، وتحفة الأشراف 8/ 306- 308 رقم 461، وتهذيب الكمال 3/ 1147، والبداية والنهاية 8/ 78، ومرآة الجنان 1/ 128، وتاريخ الإسلام (المغازي) 117 و 125، و (السيرة النبويّة) 307، و (عهد الخلفاء الراشدين) 545 و 578 و 585، والمعين في طبقات المحدّثين 26 رقم 111، ودول الإسلام 1/ 41، وتهذيب التهذيب 8/ 437، 438 رقم 791، وتقريب التهذيب 2/ 135 رقم 51، والإصابة 4/ 221 رقم 1254، وخلاصة تذهيب التهذيب 321.
[2] سيرة ابن هشام 2/ 105.
[3] هو عبد الله بن العباس. انظر: مقاتل الطالبيين 65.
[4] سيرة ابن هشام 2/ 287.(4/358)
(بعون الله وتوفيقه تمّ تحقيق هذا الجزء من «تاريخ الإسلام» للحافظ الذهبيّ، على يد الفقير إليه تعالى، خادم العلم «عمر بن عبد السلام التدمريّ الطرابلسيّ» ، الأستاذ الدكتور، ووافق ذلك يوم الجمعة الثالث من شهر شعبان سنة 1407 هـ. الموافق الثالث من نيسان 1987، بمنزله بساحة النجمة، بمدينة طرابلس الشام، حرسها الله. والحمد للَّه ربّ العالمين) .(4/359)
[المجلد الخامس (سنة 61- 80) ]
الطَّبَقَةُ السَّابِعَةُ
[حَوَادِثُ] سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ
تُوُفِّيَ فِيهَا: جَرْهَدٌ الْأَسْلَمِيُّ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ الله عنهما، وحمزة ابن عُرْوَةَ الْأَسْلَمِيُّ، وَأُمُّ سَلَمَةَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَابِرُ بْنُ عَتِيكِ بْنِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيُّ، وخالد بن عرفطة، وعثمان بن زياد ابن أبيه أخو عبيد الله، توفي شابا وله ثلاث وثلاثون سنة، وهمام بن الحارث، وهو مخضرم.
مقتل الحسين
واستشهد مع الحسين ستة عشر رجلا من أهل بيته. وكان من قصته أَنَّهُ تَوَجَّهَ مِنْ مَكَّةَ طَالِبًا الْكُوفَةَ لِيَلِيَ الْخِلَافَةَ.
وَرَوَى ذَلِكَ ابْنُ سَعْدٍ الْكَاتِبُ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ [1] ، قَالَ بَعْدَ أن سَرَدَ عِدَّةَ أَسْطُرٍ، أَسَانِيدُ وَغَيْرُ هَؤُلَاءِ: حَدَّثَنِي فِي هذا الحديث بطائفة، فكتبت جَوَامِعَ حَدِيثِهِمْ فِي مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالُوا: لَمَّا أَخَذَ الْبَيْعَةَ مُعَاوِيَةُ لِابْنِهِ يَزِيدَ، كَانَ الْحُسَيْنُ مِمَّنْ لَمْ يُبَايِعْ، وَكَانَ أَهْلُ الْكُوفَةِ يَكْتُبُونَ إِلَى الْحُسَيْنِ يَدْعُونَهُ إِلَى الْخُرُوجِ إِلَيْهِمْ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ يَأْبَى، فَقَدِمَ منهم قوم إلى محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ، وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أن يَخْرُجَ مَعَهُمْ، فَأَبَى، وَجَاءَ الْحُسَيْنُ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا عَرَضُوا عَلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا يُرِيدُونَ أن يَأْكُلُونَا وَيَشِيطُوا [2] دِمَاءَنَا، فَأَقَامَ الْحُسَيْنُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مَهْمُومًا، يَجْمَعُ الْإِقَامَةَ مَرَّةً، وَيُرِيدُ أن يَسِيرَ إِلَيْهِمْ مَرَّةً، فَجَاءَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنِّي لَكَ نَاصِحٌ ومشفق،
__________
[1] ما رواه ابن سعد هو في القسم غير المنشور من طبقاته، وهو في تاريخ دمشق.
[2] أشاط الدم: سفكه وأراقه.(5/5)
وَقَدْ بَلَغَنِي أن قَوْمًا مِنْ شِيعَتِكُمْ كَاتِبُوكَ، فَلَا تَخْرُجْ فِإِنِّي سَمِعْتُ أَبَاكَ بِالْكُوفَةِ يَقُولُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَقَدْ مَلَلْتُهُمْ، وَأَبْغَضُونِي وَمَلُّونِي، وَمَا بَلَوْتُ مِنْهُمْ وَفَاءً، وَمَنْ فَازَ بِهِمْ، فَإِنَّمَا فَازَ بِالسَّهْمِ الْأَخْيَبِ، واللَّهِ مَا لَهُمْ ثَبَاتٌ وَلَا عَزْمٌ وَلَا صَبْرٌ عَلَى السَّيْفِ، قَالَ: وَقَدِمَ الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ [1] الْفَزَارِيُّ وَعِدَّةٌ مَعَهُ إِلَى الْحُسَيْنِ، بَعْدَ وَفَاةِ الْحَسَنِ، فَدَعُوهُ إِلَى خَلْعِ مُعَاوِيَةَ وَقَالُوا: قَدْ عَلِمْنَا رَأْيَكَ وَرَأْيَ أَخِيكَ، فَقَالَ: إِنِّي لَأَرْجُو أن يُعْطِيَ اللَّهُ أَخِي عَلَى نِيَّتِهِ، وَأَنْ يُعْطِيَنِي عَلَى نِيَّتِي فِي حُبِّي جِهَادِ الظَّالِمِينَ [2] . وَكَتَبَ مَرْوَانُ إِلَى معاوية: إنّي لست آمن أن يَكُونَ حُسَيْنُ مَرْصَدًا لِلْفِتْنَةِ، وَأَظُنُّ يَوْمَكُمْ مِنْ حُسَيْنٍ طَوِيلًا [3] .
فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْحُسَيْنِ: إِنَّ مَنْ أَعْطَى اللَّهَ تَعَالَى صَفْقَةَ يَمِينِهِ وَعَهْدَهُ لَجَدِيرٌ بِالْوَفَاءِ، وَقَدْ أُنْبِئْتُ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةَ قَدْ دَعَوْكَ إِلَى الشِّقَاقِ، وَأَهْلِ الْعِرَاقِ مَنْ قَدْ جَرَّبْتَ، قَدْ أَفْسَدُوا عَلَى أَبِيكَ وَأَخِيكَ، فَاتَّقِ اللَّهَ وَاذْكُرِ الْمِيثَاقَ، فَإِنَّكَ مَتَى تَكِدْنِي أَكِدْكَ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحُسَيْنُ: أَتَانِي كِتَابَكَ، وَأَنَا بِغَيْرِ الَّذِي بَلَغَكَ عَنِّي جَدِيرٌ، وَمَا أَرَدْتُ لَكَ مُحَارَبَةً، وَلَا عَلَيْكَ خِلَافًا، وَمَا أَظُنُّ لِي عِنْدَ اللَّهِ عُذْرًا فِي تَرْكِ جِهَادِكَ، وَمَا أَعْظَمُ فتنة أعظم مِنْ وِلَايَتِكَ هَذِهِ الْأُمَّةِ [4] . وَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنْ أَثَرْنَا بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ إِلَّا أَسَدًا [5] .
رَوَاهُ بِطُولِهِ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ جَمَاعَةٍ، وَعَنْ أَشْيَاخِهِمْ.
وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ شَيْبَةَ قَالَ: لَقِيَ الْحُسَيْنُ مُعَاوِيَةَ بِمَكَّةَ، فَأَخَذَ بِخِطَامِ رَاحِلَتِهِ، فَأَنَاخَ بِهِ، ثُمَّ سَارَّهُ طَوِيلًا وَانْصَرَفَ، فَزَجَرَ مُعَاوِيَةُ رَاحِلَتَهُ، وقَالَ لَهُ يَزِيدُ ابْنَهُ: لَا تَزَالُ رَجُلٌ قَدْ عَرَضَ لَكَ، فَأَنَاخَ بك،
__________
[1] بفتح النون والجيم والموحدة، على ما في الخلاصة 377.
[2] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 330.
[3] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 330.
[4] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 330.
[5] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 330.(5/6)
قَالَ: دَعْهُ لَعَلَّهُ يَطْلُبُهُ مِنْ غَيْرِي، فَلَا يُسَوِّغُهُ، فَيَقْتُلُهُ [1] .
مَرْوَانُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْمَدَائِنِيِّ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ، ثُمّ قَالَ: رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى الْأَوَّلِ.
قَالُوا: وَلَمَّا احْتُضِرَ مُعَاوِيَةُ أَرْسَلَ إِلَى يَزِيدَ فَأَوْصَاهُ وَقَالَ: انْظُرْ حُسَيْنَ ابْنَ فَاطِمَةَ، فَإِنَّهُ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى النَّاسِ، فَصِلْ رَحِمَهُ، وارفق بِهِ، فَإِنَّ بِكَ مِنْهُ شَيْءٍ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكْفِيكَهُ اللَّهُ بِمَنْ قَتَلَ أَبَاهُ وَخَذَلَ أَخَاهُ [2] .
وَلَمَّا بُويِعَ يَزِيدُ كَتَبَ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ أَمِيرَ الْمَدِينَةِ: أَنْ ادْعُ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ، وَابْدَأْ بِوُجُوهِ قُرَيْشٍ، وَلْيَكُنْ أوَّلَ مَنْ تَبْدَأُ بِهِ الْحُسَيْنُ، وَارْفِقْ بِهِ، فَبَعَثَ الْوَلِيدُ فِي اللَّيْلِ إِلَى الْحُسَيْنِ وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَخْبَرَهُمَا بِوَفَاةِ مُعَاوِيَةَ، وَدَعَاهُمَا إِلَى الْبَيْعَةِ، فَقَالَا: نُصْبِحُ وَنَنْظُرُ فِيمَا يَصْنَعُ النَّاسُ، وَوَثَبَا فَخَرَجَا، وأَغْلَظَ الْوَلِيدُ لِلْحُسَيْنِ، فَشَتَمَهُ الْحُسَيْنُ وَأَخَذَ بِعِمَامَتِهِ فَنَزَعَهَا، فَقَالَ الْوَلِيدُ:
إِنْ هَجَنَا بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ إِلَّا أَسَدًا، فَقِيلَ لِلْوَلِيدِ: اقْتُلْهُ، قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ لَدَمٌ مَصُونٌ [3] .
وَخَرَجَ الْحُسَيْنُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ لِوَقْتِهِمَا إِلَى مَكَّةَ، وَنَزَلَ الْحُسَيْنُ بِمَكَّةَ دَارَ الْعَبَّاسِ. وَلَزِمَ عَبْدُ اللَّهِ الْحِجْرَ، فَلَبِسَ الْمَغَافِرَ، وَجَعَلَ يُحَرِّضُ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ، وَكَانَ يَتَرَدَّدُ إِلَى الْحُسَيْنِ، وَيُشِيرُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْدُمَ الْعِرَاقَ وَيَقُولُ لَهُ: هُمْ شِيعَتُكُمْ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ لَهُ: لَا تَفْعَلْ [4] .
وَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ: فِدَاكَ أَبِي وأمّي متّعنا بنفسك ولا تسر إلى العراق، فو الله لَئِنْ قَتَلَكَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ ليتخذنا خَوَلًا أَوْ عَبِيدًا [5] .
وَقَدْ لَقِيَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بالأبواء، مُنْصَرِفِينَ مِنَ الْعُمْرَةِ، فَقَالَ لَهُمَا ابْنُ عمر: أذكّركما الله إلّا رجعتما، فدخلتما
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 330.
[2] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 330.
[3] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 330.
[4] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 331.
[5] طبقات ابن سعد 5/ 145، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 331.(5/7)
فِي صَالِحِ مَا يَدْخُلُ فِيهِ النَّاسُ، وَنَنْظُرُ، فَإِنْ أَجْمَعَ عَلَى يَزِيدَ النَّاسُ لَمْ تَشُذَّا [1] ، وَإِنِ افْتَرَقُوا عَلَيْهِ كَانَ الَّذِي تُرِيدَانِ [2] .
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِلْحُسَيْنِ: لَا تَخْرُجْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَاخْتَارَ الْآخِرَةَ، وَإِنَّكَ بُضْعَةٌ منه، ولا تنالها- عني الدُّنْيَا- فَاعْتَنَقَهُ وَبَكَى، وَوَدَّعَه، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: غَلَبَنَا حُسَيْنُ بِالْخُرُوجِ، وَلَعَمْرِي لَقَدْ رَأَى فِي أَبِيهِ وَأَخِيهِ عَبْرَةً، وَرَأَى مِنَ الْفِتْنَةِ وَخِذْلَانِ النَّاسِ لَهُمْ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَتَحَرَّكَ مَا عَاشَ [3] .
وَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا ابْنَ فَاطِمَةَ؟ قَالَ: الْعِرَاقَ وَشِيعَتِي، قَالَ: إِنِّي لَكَارِهٍ لِوْجَهِكَ هَذَا، تَخْرُجُ إِلَى قَوْمٍ قَتَلُوا أَبَاكَ وَطَعَنُوا أَخَاكَ، حَتَّى تَرَكَهُمْ سَخْطَةً وَمَلَّهُمْ، أُذَكِّرُكَ اللَّهَ [أَنْ] تُغَرِّرَ بِنَفْسِكَ [4] . الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ [5] ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: خَرَجَ الْحُسَيْنُ مِنَ الْمَدِينَةَ، فَمَرَّ بِابْنِ مُطِيعٍ وَهُوَ يَحْفِرُ بِئْرَهُ، فَقَالَ: إِلَى أَيْنَ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي! مَتِّعْنَا بِنَفْسِكَ وَلَا تَسِرْ، فَأَبِي الْحُسَيْنِ، قَالَ: إِنَّ بِئْرِي هَذِهِ رَشْحُهَا، وَهَذَا الْيَوْمُ مَا خَرَجَ إِلَيْنَا فِي الدَّلْوِ، مَاءٌ، فَلَوْ دَعَوْتَ لَنَا فِيهَا بِالْبَرَكَةِ، قَالَ: هَاتِ مِنْ مَائِهَا، فَأَتَى بِمَا فِي الدَّلْوِ فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ مَضْمَضَ، ثُمَّ رَدَّهُ فِي الْبِئْرِ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: غَلَبَنِي الْحُسَيْنُ عَلَى الْخُرُوجِ، وَقَدْ قَلْتُ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ وَالْزَمْ بَيْتَكَ، وَلَا تَخْرُجْ عَلَى إِمَامِكَ، وَكَلَّمَهُ فِي ذَلِكَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ، وغيرهما.
__________
[1] في الأصل «لم يشدوا» .
[2] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 331.
[3] تهذيب 4/ 331.
[4] في (مجمع الزوائد ج 9 ص 192) : عن ابن عباس قال: استأذنني الْحُسَيْنُ فِي الْخُرُوجِ فَقُلْتُ: لَوْلا أَنْ يُزْرَى ذلك بي أو بك لشبكت بيدي في رأسك، فكان الّذي رد عليّ أن قال:
لأَنْ أُقْتَلَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذا أَحَبُّ إليَّ من أن يستحلّ بي حرم الله ورسوله، قال: فذلك الّذي سلى نفسي عنه.
[5] بفتح الميم، كما في الخلاصة 193.(5/8)
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: لَوْ أَنَّ حُسَيْنًا لَمْ يَخْرُجْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ.
وَقَدْ كَتَبَتْ إِلَيْهِ عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ تُعَظِّمُ عَلَيْهِ مَا يُرِيدُ أَنْ يَصْنَعَ، وَتَأْمُرُهُ بِلُزُومِ الْجَمَاعَةِ، وَتُخْبِرُهُ أَنَّهُ إِنَّمَا يُسَاقُ إِلَى مَصْرَعِهِ وَتَقُولُ: أَشْهَدُ لَحَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يُقْتَلُ حُسَيْنٌ بِأَرْضِ بَابِلٍ» [1] وَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ كِتَابًا يُحَذِّرُهُ أَهْلَ الْكُوفَةِ، وَيُنَاشِدُهُ اللَّهَ أَنْ يَشْخَصَ إِلَيْهِمْ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحُسَيْنُ: إِنِّي رَأَيْتُ رُؤْيَا، وَرَأَيْتُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَنِي بِأَمْرٍ أَنَا مَاضٍ لَهُ، وَلَسْتُ بِمُخْبِرٍ أَحَدًا بِهَا حَتَّى أُلَاقِيَ عَمَلِي [2] . وَلَمْ يَقْبَلِ الْحُسَيْنُ غَدًا، وَصَمَّمَ عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى الْعِرَاقِ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ سَتُقْتَلُ غَدًا بَيْنَ نِسَائِكَ وَبَنَاتِكَ كَمَا قُتِلَ عُثْمَانُ، وَإِنِّي لَأَخَافُ أَنْ تكون الّذي يقاد به عثمان، ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 2: 156. فَقَالَ:
يَا أَبَا الْعَبَّاسِ إِنَّكَ شَيْخٌ قَدْ كَبِرْتَ، فَبَكَى ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَالَ: أقررت عَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَلَمَّا رَأَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ لَهُ: قَدْ أَتَى مَا أَحْبَبْتَ، هَذَا الْحُسَيْنُ يَخْرُجُ وَيَتْرُكُكَ وَالْحِجَازَ. ثُمَّ تَمَثَّلَ:
يَا لَكِ مِنْ قُنْبُرَةٍ [3] بِمَعْمَرِ ... خَلَا لَكِ الْجَوُّ [4] فَبِيضِي وَاصْفِرِي
وَنَقِّرِي مَا شِئْتِ أَنْ تُنَقِّرِي [5]
وَبَعَثَ الْحُسَيْنُ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَسَارَ إِلَيْهِ مَنْ خَفَّ مَعَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهُمْ تِسْعَةُ عَشَرَ رَجُلًا، وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ، وَتَبِعَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ فَأَدْرَكَ أَخَاهُ الْحُسَيْنَ بِمَكَّةَ، وَأَعْلَمَهُ أَنَّ الْخُرُوجَ لَيْسَ لَهُ بِرَأْيٍ، يَوْمَهُ هَذَا، فَأَبَى الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ، فَحَبَسَ مُحَمَّدٌ وَلَدَهُ، فَوَجَدَ عَلَيْهِ الْحُسَيْنُ وَقَالَ:
تَرْغَبُ بِوَلَدِكَ عَنْ مَوْضِعٍ أُصَابُ فِيهِ! وَبَعَثَ أَهْلُ الْعِرَاقِ إِلَى الحسين الرسل،
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 332، 333.
[2] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 333.
[3] في التاج: القبرة: طائر، الواحدة بهاء، ولا تقل قنبرة، أو لغية، وقد جاء ذلك في الرجز ...
[4] في الأصل «خلا لك البر» .
[5] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 334، تاريخ الطبري 5/ 384، الكامل في التاريخ 4/ 39، البداية والنهاية 8/ 160.(5/9)
وَالْكُتُبَ يَدْعُونَهُ إِلَيْهِمْ، فَخَرَجَ مِنْ مَكَّةَ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْعِرَاقِ، فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، فَكَتَبَ مَرْوَانُ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ أَمِيرِ الْكُوفَةِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْحُسَيْنَ قَدْ تَوَجَّهَ إِلَيْكَ، وتاللَّه مَا أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيْنَا سَلْمَةً مِنَ الْحُسَيْنِ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَفْتَحَ عَلَى الْحُسَيْنِ مَا لَا يَسُدُّهُ شَيْءٌ. وَكَتَبَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: أَمَّا بَعْدُ، تَوَجَّهَ إِلَيْكَ الْحُسَيْنُ، وَفِي مِثْلِهَا تُعْتَقُ أَوْ تُسْتَرَقُّ كَمَا تُسْتَرَقُّ الْعَبِيدُ [1] .
وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: بَلَغَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ مَسِيرُ الْحُسَيْنِ وَهُوَ بِالْبَصْرَةِ، فَخَرَجَ عَلَى بِغَالِهِ هُوَ وَاثْنَا عَشَرَ رَجُلًا حَتَّى قَدِمُوا الْكُوفَةَ، فَاعْتَقَدَ أَهْلُ الْكُوفَةِ أَنَّهُ الْحُسَيْنُ وَهُوَ مُتَلَثِّمٌ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: مَرْحَبًا بِابْنِ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَارَ الْحُسَيْنُ حَتَّى نَزَلَ نَهْرَيْ كَرْبَلَاءَ، وَبَعَثَ عُبَيْدَ اللَّهِ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ عَلَى جَيْشٍ.
قَالَ: وَبَعَثَ شِمْرَ بْنَ ذيِ الْجَوْشَنِ فَقَالَ: إِنْ قَتَلَهُ وَإِلَّا فَاقْتُلْهُ وَأَنْتَ عَلَى النَّاسِ [2] .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْحِزَامِيُّ، عَنْ أَبِيهِ: خَرَجَ الْحُسَيْنُ إِلَى الْكُوفَةِ، فَكَتَبَ يَزِيدُ إِلَى وَالِيهِ بِالْعِرَاقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ: إِنَّ حُسَيْنًا صَائِرٌ إِلَى الْكُوفَةِ، وَقَدِ ابْتُلِيَ بِهِ زَمَانُكَ مِنْ بَيْنِ الْأَزْمَانِ، وَبَلَدُكَ مِنْ بَيْنِ الْبُلْدَانِ، وَأَنْتَ مِنْ بَيْنِ الْعُمَّالِ، وَعِنْدَهَا تُعْتَقُ أَوْ تَعُودُ عَبْدًا. فَقَتَلَهُ ابْنُ زِيَادٍ وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَيْهِ [3] .
وَقَالَ الزُّبَيْرِ بْنُ الْخِرِّيتِ: سَمِعْتُ الْفَرَزْدَقَ يَقُولُ: لَقِيتُ الْحُسَيْنَ بِذَاتِ عِرْقٍ وَهُوَ يُرِيدُ الْكُوفَةَ، فَقَالَ لِي: مَا تَرَى أَهْلَ الْكُوفَةِ صَانِعِينَ؟ مَعِي حِمْلُ بَعِيرٍ مِنْ كُتُبِهِمْ؟ قُلْتُ: لَا شَيْءَ، يَخْذُلُونَكَ، لَا تَذْهَبْ إِلَيْهِمْ. فَلَمْ يُطِعْنِي [4] . وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنِي بُجَيْرٌ، مِنْ أَهْلِ الثَّعْلَبِيَّةِ، قَلْتُ لَهُ: أين كنت
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 335.
[2] سير أعلام النبلاء 3/ 300.
[3] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 335.
[4] سير أعلام النبلاء 3/ 304.(5/10)
حِينَ مَرَّ الْحُسَيْنُ؟ قَالَ: غُلَامٌ قَدْ أَيْفَعْتَ [1] ، قَالَ: كَانَ فِي قِلَّةٍ مِنَ النَّاسِ، وَكَانَ أَخِي أَسَنُّ مِنِّي، فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ، أَرَاكَ فِي قِلَّةٍ مِنَ النَّاسِ! فَقَالَ بِالسَّوْطِ، وَأَشَارَ إِلَى حَقِيبَةِ الرَّحْلِ: هَذِهِ [خَلْفِي] [2] مَمْلُوءَةٌ كُتُبًا. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَحَدَّثَنِي شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالَ: كُنْتُ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ إِلَى الْحُسَيْنِ، وَكَانُوا أَرْبَعَةَ آلَافٍ يُرِيدُونَ الدَّيْلَمَ، فَصَرَفَهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى الْحُسَيْنِ، فَلَقِيتُ حُسَيْنًا، فَرَأَيْتُهُ أَسْوَدَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، فَقُلْتُ لَهُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ، وَكَانَتْ فِيهِ غُنَّةٌ. قَالَ شِهَابٌ: فَحَدَّثْتُ بِهِ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ، فَأَعْجَبَهُ قَوْلُهُ وَكَانَتْ فِيهِ غُنَّةٌ [3] .
ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، وَغَيْرِهِ، بِإِسْنَادِهِمْ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَرْسَلَ رَجُلًا عَلَى نَاقَةٍ إِلَى الْحُسَيْنِ، يُخْبِرُهُ بِقَتْلِ مُسْلِمِ بْنِ عُقَيْلٍ، وَكَانَ قَدْ بَعَثَهُ الْحُسَيْنُ إِلَى الْكُوفَةِ كَمَا مَرَّ فِي سَنَةِ سِتِّينَ، فَقَالَ لِلْحُسَيْنِ وَلَدُهُ عَلِيٌّ الْأَكْبَرُ: يَا أَبَهِ ارْجِعْ، فَإِنَّهُمْ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَغَدْرُهُمْ، وَقِلَّةُ وَفَائِهِمْ، وَلَا لَكَ بِشَيْءٍ، فَقَالَتْ بَنُو عُقَيْلٍ: لَيْسَ هَذَا حِينَ رُجُوعٍ، وَحَرَّضُوهُ عَلَى الْمُضِيِّ.
وَقَالَ الْحُسَيْنُ لِأَصْحَابِهِ: قَدْ تَرَوْنَ مَا يَأْتِينَا، وَمَا أَرَى الْقَوْمَ إِلَّا سَيَخْذِلُونَنَا، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَلْيَرْجِعْ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَ فِيمَنْ خَرَجَ مَعَهُ مِنْ مَكَّةَ، فَكَانَتْ خَيْلُهُمُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ فَرَسًا [4] . وَأَمَّا ابْنُ زِيَادٍ فَجَمَعَ الْمُقَاتِلَةَ وَأَمَرَ لَهُمْ بِالْعَطَاءِ.
وَقَالَ يَزِيدُ الرِّشْكُ: حَدَّثَنِي مَنْ شَافَهَ الْحُسَيْنُ قَالَ: رَأَيْتُ أبنية مَضْرُوبَةً بِالْفَلَاةِ لِلْحُسَيْنِ، فَأَتَيْتُهُ، فَإِذَا شَيْخٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَالدُّمُوعُ تَسِيلُ عَلَى خدَّيْهِ، فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا بن بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ، مَا أَنْزَلَكَ هَذِهِ الْبِلَادَ والفلاة التي
__________
[1] في الأصل «أينعت» .
[2] زيادة من سير الأعلام 3/ 305.
[3] سير أعلام النبلاء 3/ 305.
[4] في (المذكر والمؤنث لابن جني) : الفرس يقع على الذكر والأنثى.(5/11)
لَيْسَ بِهَا أَحَدٌ؟ قَالَ: هَذِهِ كتب أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَيَّ، وَلَا أَرَاهُمْ إِلَّا قَاتِلِيَّ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ لَمْ يَدَعُوا للَّه حُرْمَةً إِلَّا انْتَهَكُوهَا، فَيُسَلِّطُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَنْ يُذِلُّهُمْ حَتَّى يَكُونُوا أَذَلَّ مَنْ فَرَمِ [1] الْأَمَةِ، يَعْنِي مُقَنَّعَتَهَا. قُلْتُ: نَدَبَ ابْنُ زِيَادٍ لِقِتَالِ الْحُسَيْنِ، عُمَرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ.
فَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ بِالْحُسَيْنِ أَيْقَنَ أَنَّهُمْ قَاتِلُوهُ، فَقَامَ فِي أَصْحَابِهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ نَزَلَ بِنَا مَا تَرَوْنَ، إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَغَيَّرَتْ وَتَنَكَّرَتْ، وَأَدْبَرَ مَعْرُوفُهَا، وَاسْتَمَرَّتْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إلًا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ، وَإِلَّا خَسِيسُ عَيْشٍ كَالْمَرْعَى الْوَبِيلِ، أَلَا تَرَوْنَ الْحَقَّ لَا يُعْمَلُ بِهِ، وَالْبَاطِلُ لَا يُتَنَاهَى عَنْهُ، لِيَرْغَبَ الْمُؤْمِنُ فِي لِقَاءِ اللَّهِ، وَإِنِّي لَا أَرَى الْمَوْتَ إِلَّا سَعَادَةً، وَالْحَيَاةُ مَعَ الظَّالِمِينَ إِلَّا بَرَمًا [2] . وَقَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ غَيْرِهِ، أَنَّ الْحُسَيْنَ لَمَّا أَرْهَقَهُ السِّلَاحُ قَالَ: أَلَا تَقْبَلُونَ مِنِّي مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقبل مِنَ الْمُشْرِكِينَ؟ قِيلَ: وَمَا كَانَ يَقْبَلُ مِنْهُمْ؟ قَالَ: كَانَ إِذَا جَنَحَ أَحَدُهُمْ لِلسِّلْمِ قَبِلَ مِنْهُ، قَالُوا: لَا، قَالَ: فَدَعُونِي أَرْجِعُ، قَالُوا: لَا، قَالَ: فَدَعُونِي آتِيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدَ. فَأَخَذَ لَهُ رَجُلٌ السِّلَاحَ، فَقَالَ لَهُ: أَبْشِرْ بِالنَّارِ، فَقَالَ: بِلْ إِنْ شَاءَ اللَّهِ بِرَحْمَةِ رَبِّي وَشَفَاعَةِ نَبِيِّي، قَالَ: فَقُتِلَ وَجِيءَ بِرَأْسِهِ حَتَّى وُضِعَ فِي طَسْتٍ بَيْنَ يَدَيِ ابْنِ زِيَادٍ [3] ، فَنَكَتَهُ بِقَضِيبِهِ [4] وَقَالَ: لَقَدْ كَانَ غُلَامًا صبيحا، ثم
__________
[1] في الأصل «فدم» ، والتحرير من تاريخ ابن جرير والنهاية حيث قال: هو بالتحريك ما تعالج به المرأة فرجها، وقيل: هو خرقة الحيض (انظر تاريخ الطبري 5/ 394) .
[2] في الأصل «ندما» وفي مجمع الزوائد ج 9 ص 193 «برما» أي مللا وسآمة. والخبر في المعجم الكبير للطبراني (2842) وحلية الأولياء 2/ 39، وتاريخ الطبري 5/ 403، 404.
[3] في (مجمع الزوائد ج 9 ص 196) و (اللمعات البرقية في النكت التاريخية لمحمد بن طولون ص 3) : روي من غير وجه عن عبد الملك بن عمير اللخمي الكوفي أنه قال: رأيت في هذا القصر- وأشار إلى قصر الإمارة بالكوفة- رأس الحسين بن علي رضي الله عنهما بين يدي عبيد الله بن زياد على ترس، ثم رأيت فيه رأس عبيد الله بن زياد بين يدي المختار بن عبيد على ترس، ثم رأيت رأس المختار بين يدي مصعب على ترس، ثم رأيت رَأْسَ مُصْعَبٍ بَيْنَ يَدَيْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مروان على ترس ...
[4] تاريخ الطبري 5/ 393.(5/12)
قال: أيّكم قاتله؟ فقال الرجل، فقال: مَا قَالَ لَكَ؟ فَأَعَادَ الْحَدِيثَ، فَاسْوَدَّ وَجْهُهُ [1] .
وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي «الطَّبَقَاتِ» بِأَسَانِيدِهِ، قَالُوا: وَأَخَذَ الْحُسَيْنُ طَرِيقَ الْعُذَيْبِ [2] ، حَتَّى نَزَلَ قَصْرَ أَبِي مُقَاتِلٍ [3] ، فَخَفَقَ خَفْقَةً، ثُمَّ انْتَبَهَ يَسْتَرْجِعُ وَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ فَارِسًا يُسَايِرُنَا وَيَقُولُ: الْقَوْمُ يَسِيرُونَ وَالْمَنَايَا تَسْرِي إِلَيْهِمْ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ نَعَى إِلَيْنَا أَنْفُسَنَا، ثُمَّ سَارَ فَنَزَلَ بِكَرْبَلَاءَ، فَسَارَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ كَالْمُكْرَهِ، وَاسْتَعْفَى عُبَيْدُ اللَّهِ فَلَمْ يَعْفِهِ، وَمَعَ الْحُسَيْنِ خَمْسُونَ رَجُلًا، وَتَحَوَّلَ إِلَيْهِ مِنَ الْجَيْشِ عِشْرُونَ رَجُلًا، وَكَانَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ تِسْعَةُ عَشَرَ رَجُلًا، وَقُتِلَ عَامَةُ أَصْحَابِهِ حَوْلَهُ، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَبَقِيَ عَامَةُ نَهَارِهِ لَا يَقْدُمُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَأَحَاطَتْ بِهِ الرَّجَّالَةُ، فَكَانَ يَشُدُّ عَلَيْهِمْ فَيَهْزِمُهُمْ، وَهُمْ يَتَدَافَعُونَهُ، يَكْرَهُونَ الْإِقْدَامَ عَلَيْهِ، فَصَاحَ بِهِمْ شِمْرٌ: ثَكِلَتْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ مَاذَا تَنْتَظِرُونَ بِهِ؟ فَطَعَنَهُ سِنَانُ بْنُ أَنَسٍ النَّخَعِيُّ فِي تَرْقُوَتِهِ، ثُمَّ انْتَزَعَ الرُّمْحَ وَطُعِنَ فِي بَوَانِي [4] صَدْرِهِ، فَخَرَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَرِيعًا، وَاحْتَزَّ رَأْسَهُ خَوْلِيٌّ الْأَصْبَحِيُّ، لَا رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَا رَضِيَ عَنْهُ [5] .
وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ [6] نَجِيحٌ، عَنْ بَعْضِ مَشْيَخَتِهِ، إِنَّ الْحُسَيْنَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حِينَ نَزَلُوا كَرْبَلَاءَ: مَا اسْمُ هَذِهِ الْأَرْضِ؟ قَالُوا: كَرْبَلَاءُ، قَالَ: كَرْبٌ وَبَلَاءٌ، فَبَعَثَ عُبَيْدُ اللَّهِ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ فَقَابَلَهُمْ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ: يَا عُمَرُ اخْتَرْ مِنِّي إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا تَتْرُكُنِي أَنْ أَرْجِعَ، أَوْ تُسَيِّرُنِي إِلَى يَزِيدَ فَأَضَعُ يَدِي في
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 337.
[2] العذيب: ماء بين القادسية والمغيثة.
[3] هكذا في الأصل، وفي تاريخ الطبري 5/ 407 والكامل لابن الأثير 4/ 50 «قصر بني مقاتل» .
قال ياقوت في معجم البلدان 4/ 364: «وقصر مقاتل: كان بين عين التمر والشام، وقال السكونيّ: هو قرب القطقطانة وسلام ثم الفريّات: منسوب إلى مقاتل بن حسّان بن ثعلبة بن أوس..
[4] البواني: أضلاع الصدر. وفي الأصل «ثواني» .
[5] انظر تاريخ الطبري 5/ 449 وما قبلها.
[6] في الأصل مطموسة، والتصحيح من (ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربى ص 144) .(5/13)
يَدِهِ، فَيَحْكُمُ فِي مَا أَرَى [1] ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَسَيِّرْنِي إِلَى التُّرْكِ، فَأُقَاتِلُهُمْ حَتَّى أَمُوتَ. فَأَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ بِذَلِكَ، فَهَمَّ أَنْ يُسَيِّرَهُ إِلَى يَزِيدَ، فَقَالَ لَهُ شِمْرُ بْنُ جَوْشَنٍ- كَذَا قَالَ: وَالْأَصَحُّ شِمْرُ بْنُ ذِي [2] الْجَوْشَنِ-: لَا أَيُّهَا الْأَمِيرُ، إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ عَلَى حُكْمِكَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ: وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ. وَأَبْطَأَ عُمَرُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ ابْنُ زِيَادٍ شِمْرَ الْمَذْكُورَ فَقَالَ: إِنْ تَقَدَّمَ عُمَرُ وَقَاتَلَ وَإِلَّا فَاقْتُلْهُ وَكُنْ مَكَانَهُ، وَكَانَ مَعَ عُمَرَ ثَلَاثُونَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالُوا: يَعْرِضُ عَلَيْكُمُ ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ثَلَاثَ خِصَالٍ، فَلَا تَقْبَلُونَ مِنْهَا شَيْئًا! وَتَحَوَّلُوا مَعَ الْحُسَيْنِ فَقَاتَلُوا [3] .
وَقَالَ عبّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ حُصَينٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ بَرُودٌ [4] ، وَرَمَاهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عَمْرُو بْنُ خَالِد الطُّهَوِيُّ بِسَهْمٍ، فَنَظَرْتُ إِلَى السَّهْمِ مُعَلَّقًا بِجَنْبِهِ [5] .
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قُتِلَ [6] مَعَ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سِتَّةُ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ.
وَعَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ قَالُوا: قَاتَلَ يَوْمَئِذٍ الْحُسَيْنُ، وَكَانَ بَطَلًا شُجَاعًا إِلَى أَنْ أَصَابَهُ سَهْمٌ فِي حَنَكِهِ، فَسَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ، فَنَزَلَ شِمْرٌ، وَقِيلَ غَيْرُهُ، فاحتزّ رأسه، ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 2: 156.
__________
[1] في البداية والنهاية للحافظ ابن كثير 8/ 175: قد روى أبو مخنف: حدثني عبد الرحمن بن جندب، عن عقبة بن سمعان قال: لقد صحبت الحسين من مكة إلى حين قتل، والله ما من كلمة قالها في مواطن إلا وقد سمعتها، وإنه لم يسأل أن يذهب إلى يزيد فيضع يده إلى يده، ولا أن يذهب إلى ثغر من الثغور، ولكن طلب منهم أحد أمرين: إما أن يرجع من حيث جاء وإما أن يدعوه يذهب في الأرض العريضة حتى ينظر ما يصير أمر الناس إليه. وأورد ابن جرير نحو هذا في تاريخه 5/ 414.
[2] في الأصل «دلى» ، والتصحيح من (ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربى ص 146) حيث ترجم لأبي عبد الله الحسين في صفحات.
[3] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 338.
[4] في (مجمع الزوائد) : جبة خز دكناء.
[5] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 338.
[6] في سير أعلام النبلاء 3/ 312 «أقبل مع الحسين» .(5/14)
وَرَوَى شَرِيكٌ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: قَالَتْ مَرْجَانَةُ لِابْنِهَا عُبَيْدِ اللَّهِ: يَا خَبِيثُ، قَتَلْتَ ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا تَرَى الْجَنَّةَ أَبَدًا.
وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ حُصَيْنٍ: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ قَالَ: إِنَّا لَمُسْتَنْقَعِينَ فِي الْفُرَاتِ مَعَ عُمَرَ بْنِ سعد، إذ أَتَاهُ رَجُلٌ فَسَارَّهُ، فَقَالَ: قَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ عُبَيْدَ اللَّهِ جُوَيْرَةَ بْنَ بَدْرٍ التَّمِيمِيَّ، وَأَمَرَهُ إِنْ أَنْتَ لَمْ تُقَاتِلْ أَنْ يُضْرَبَ عُنُقُكَ، قَالَ: فَوَثَبَ عَلَى فَرَسِهِ، وَدَعَا بِسِلَاحِهِ وَعَلَا فَرَسُهُ، ثُمَّ سَارَ إِلَيْهِمْ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قَتَلَهُمْ، قَالَ سَعْدٌ: وَإِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَإِنَّهُمْ لَقَرِيبُ مِائَةِ رَجُلٍ، فَفِيهِمْ مِنْ صُلْبِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَمْسَةٌ أَوْ سَبْعَةٌ، وَعَشَرَةٌ مِنَ الْهَاشِمِيِّينَ، وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، وَآخَرُ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ.
وَرَوَى أَبُو شَيْبَةَ الْعَبْسِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ الْحَارِثِ الْكِنْدِيِّ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ مَكَثْنَا أَيَّامًا سَبْعَةً، إِذَا صَلَّيْنَا الْعَصْرَ نَظَرْنَا إِلَى الشَّمْسِ عَلَى أَطْرَافِ الْحِيطَانِ، كَأَنَّهَا الْمَلَاحِفُ الْمُعَصْفَرَةُ، وَبَصَرْنَا إِلَى الْكَوَاكِبِ، يَضْرِبُ بَعْضُهَا بَعْضًا [1] .
وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرَكٍ، عَنْ جَدِّهِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ:
احْمَرَّتْ آفَاقُ السَّمَاءِ بَعْدَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، يُرَى فِيهَا كَالدَّمِ، فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ شَرِيكًا، فَقَالَ لِي: مَا أَنْتَ مِنَ الْأَسْوَدِ؟ فَقُلْتُ: هُوَ جَدِّي أَبُو أُمِّي، فَقَالَ: أَمَّا وَاللَّهِ إِنْ كَانَ لَصَدُوقَ الْحَدِيثِ.
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: تَعْلَمُ هَذِهِ الْحُمْرَةَ فِي الْأُفُقِ مِمَّ؟ هُوَ مِنْ يَوْمِ قَتْلِ الْحُسَيْنِ.
رَوَاهُ سُلَيْمَان بْنُ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْهُ.
وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ قَالَ: قُتِلَ الْحُسَيْنُ وَلِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَصَارَ الْوَرْسُ الَّذِي فِي عَسْكَرِهِمْ رَمَادًا، وَاحْمَرَّتْ آفَاقُ السَّمَاءِ، وَنَحَرُوا نَاقَةً فِي عَسْكَرِهِمْ، وَكَانُوا يَرَوْنَ فِي لَحْمِهَا النيران [2] .
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 342 وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (2839) .
[2] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 342.(5/15)
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي قَالَتْ: لَقَدْ رَأَيْتُ الْوَرْسَ عَادَ رَمَادًا، وَلَقَدْ رَأَيْتُ اللَّحْمَ كَأَنَّ فِيهِ النَّارَ حِينَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ [1] .
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنِي جَمِيلُ بْنُ مُرَّةَ قَالَ: أَصَابُوا إِبِلًا فِي عَسْكَرِ الْحُسَيْنِ يَوْمَ قُتِلَ، فَنَحَرُوهَا وَطَبَخُوهَا، فَصَارَتْ مِثْلَ الْعَلْقَمِ.
وَقَالَ قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ: ثنا أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ قَالَ: كَانَ لَنَا جَارٌ مِنْ بَلْهُجَيْمٍ، فَقَدِمَ الْكُوفَةَ فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ هَذَا الْفَاسِقَ ابْنَ الْفَاسِقِ قَتَلَهُ اللَّهُ- يَعْنِي الْحُسَيْنَ-، قَالَ أَبُو رَجَاءٍ: فَرَمَاهُ اللَّهُ بِكَوْكَبَيْنِ مِنَ السَّمَاءِ، فَطَمَسَ بَصَرُهُ، وَأَنَا رَأَيْتُهُ [2] .
وَقَالَ مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ: أوَ مَا عَرَفَ الزُّهريُّ تِلْكُمْ فِي مَجْلِسِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ؟، فَقَالَ الْوَليِدُ: تَعْلَمُ مَا فَعَلَتْ أَحْجَارُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ يَوْمَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ؟ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِنَّهُ لَمْ يُقْلَبْ حَجَرٌ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِيطٌ.
وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
أَرْسَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى ابْنِ رَأْسِ الْجَالُوتِ فَقَالَ: هَلْ كَانَ فِي قَتْلِ الْحُسَيْنِ عَلَامَةٌ؟ قَالَ: مَا كُشِفَ يَوْمَئِذٍ حَجَرٌ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِيطٌ [3] .
وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ سَالِمٍ خَالَتِي قَالَتْ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ مُطِرْنَا مَطَرًا كَالدَّمِ عَلَى الْبُيُوتِ وَالْجُدُرِ [4] .
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ جِيءَ بِرَأْسِهِ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِقَضِيبٍ عَلَى ثَنَايَاهُ وقال: إن كان
__________
[1] رواه الطبراني 3/ 128 رقم (2858) .
[2] الطبراني (2830) .
[3] الطبراني (2834) ومجمع الزوائد 9/ 196.
[4] قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية 8/ 201 و 202: ولقد بالغ الشيعة في يوم عاشوراء فوضعوا أكاذيب كثيرة. ونقل نحو ما نقله الذهبي هنا ثم قال: إلى غير ذلك من الأكاذيب في قتله فأكثرها غير صحيح، فإنه قل من نجا من أولئك الذين قتلوه من آفة وعاهة في الدنيا وأكثرهم أصابهم الجنون. وبسط المحب الطبري بعض ما أصابهم في (ذخائر العقبي) .(5/16)
لَحَسَنَ الثَّغْرِ، فَقُلْتُ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ مَوْضِعَ قَضِيبِكَ مِنْ فِيهِ [1] .
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنِصْفِ النَّهَارِ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ، وَبِيَدِهِ قَارُورَةٌ فِيهَا دَمٌ، فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا دَمُ الْحُسَيْنِ وَأَصْحَابِهِ، لَمْ أَزَلْ مُنْذُ الْيَوْمِ أَلْتَقِطُهُ، فَأُحْصِيَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَوَجَدُوهُ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ [2] . وَعَنْ سَلْمَى أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ تَبْكِي فَقَالَتْ: مَا يُبْكِيكِ؟
قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ، عَلَى رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ التُّرَابُ، فَقُلْتُ: مَا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: شَهِدْتُ قَتْلَ الْحُسَيْنِ آنِفًا.
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ [3] مِنْ حَدِيثِ أَبِي خَالِد الْأَحْمَرِ: ثنا رَزِينٍ، حَدَّثَتْنِي سَلْمَى.
قُلْتُ: رَزِينٌ هُوَ ابْنُ حَبِيبٍ، كُوفِيٌّ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارٍ: سَمِعْتُ أَمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ الْجِنَّ تَبْكِي عَلَى حُسَيْنٍ وَتَنُوحُ عَلَيْهِ [4] .
وَرُوِيَ عَنْ أمَّ سَلَمَةَ نَحْوَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ [5] .
وَرَوَى عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَنَابٍ [6] الْكَلْبِيِّ قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ كَرْبَلَاءَ، فَقُلْتُ لِرَجُلٍ مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ بِهَا: بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَسْمَعُونَ نَوْحَ الْجِنِّ، فَقَالَ: مَا تَلْقَى أَحَدًا إِلَّا أَخْبَرَكَ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ، قُلْتُ: فَأَخْبِرْنِي مَا سَمِعْتَ أَنْتَ، قال: سمعتهم يقولون:
__________
[1] الطبراني (2878) ، وأخرجه البخاري في الفضائل 7/ 75 من طريق: جرير بن حازم، عن محمد بن سيرين، والترمذي (3778) وابن حبّان (2243) .
[2] أخرجه أحمد في المسند 1/ 283، والطبراني (2822) وابن عساكر 4/ 343.
[3] في المناقب (3771) .
[4] الطبراني (2867) ومجمع الزوائد 9/ 199.
[5] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 344 من طريق سويد بن سعيد، عن عمرو بن ثابت، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أم سلمة.
[6] بالأصل مهمل، والتصويب من الخلاصة 465 وهو: يحيى بن أبي حية.(5/17)
مَسَحَ الرَّسُولُ جَبِينَهُ ... فَلَهُ بَرِيقٌ فِي الْخُدُودِ
أَبَوَاهُ مِنْ عَلْيَا قُرَيشٍ ... وَجَدُّهُ خَيْرُ الْجُدُودِ
رَوَاهُ ثَعْلَبٌ فِي أَمَالِيهِ [1] .
ثنا عُمَرُ بْنُ شَيْبَةَ [2] : ثنا عُبَيْدُ بْنُ جُنَادٍ: ثنا عَطَاءٌ، فَذَكَرَهُ.
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ: لَمَّا أُدْخِلَ ثَقْلُ الْحُسَيْنِ عَلَى يَزِيدَ وَوُضِعَ رَأْسُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ بَكَى يَزِيدُ وَقَالَ:
نُفَلِّقُ [3] هَامًا مِنْ رِجَالٍ أحبّة ... إِلَيْنَا وَهُمْ كَانُوا أَعَقَّ وَأَظْلَمَا [4]
أَمَّا وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُ أَنَا صَاحِبُكَ مَا قَتَلْتُكَ أَبَدًا. فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ:
لَيْسَ هَكَذَا، قَالَ: فكيف يا بن أُمٍّ؟ قَالَ: مَا أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ من قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها 57: 22 [5] ، وَعِنْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ أَخُو مَرْوَانَ، فَقَالَ:
لَهَامٌ بِجَنْبِ الطَّفِّ أدْنَى قَرَابَةً ... مِنَ ابْنِ زِيَادِ الْعَبْدِ ذِي النَّسَبِ [6] الْوَغْلُ
سُمَيَّةُ أَمْسَى نَسْلُهَا عَدَدَ الْحَصَى ... وَبِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ لَيْسَ لَهَا نَسْلُ
قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أبى الْحُسَيْنُ أَنْ يُسْتَأْسَرَ، فَقَاتَلُوهُ، فَقُتِلَ، وَقُتِلَ ابْنَهُ وَأَصْحَابُهُ بِالطَّفِّ، وَانْطَلَقَ بِبَنِيهِ: عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَسُكَيْنَةَ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى يزيد بن معاوية، فجعل
__________
[1] الطبراني (2865) و (2866) ، ومجمع الزوائد 9/ 199 وقال الهيثمي: وفيه من لم أعرفه، وأبو جناب مدلّس، وانظر: تهذيب تاريخ دمشق 4/ 344، والبداية والنهاية 8/ 200.
[2] في الأصل «شبيه» .
[3] في الأصل: «تعلّق» ، والتصحيح من (مجمع الزوائد- ج 9/ 193) وترجم فيه للحسين بن علي في 16 صفحة.
[4] ورد هذا البيت في تاريخ الطبري 5/ 460 على هذا النحو:
يفلّقن هاما من رجال أعزّة ... علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما
[5] سورة الحديد 22.
[6] عند الطبري 5/ 460: «الحسب» .(5/18)
سُكَيْنَةَ خَلْفَ سَرِيرِهِ، لِئَلَّا تَرَى رَأْسَ أَبِيهَا، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فِي غِلٍّ، فَضَرَبَ يَزِيدُ عَلَى ثَنِيَّتَيِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ:
نُفَلِّقُ هَامًا مِنْ أُنَاسٍ أَعِزَّةٍ ... عَلَيْنَا وَهُمْ كَانُوا أَعَقَّ وَأَظْلَمَا [1]
فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها 57: 22 [2] فَثَقُلَ عَلَى يَزِيدَ أَنْ تَمَثَّلَ بِبَيْتٍ، وَتَلَا علي آية فقال: فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ 42: 30 [3] ، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ رَآنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَغْلُوبِينَ، لَأَحَبَّ أَنْ يَحِلَّنَا مِنَ الْغُلِّ، قَالَ: صَدَقْتَ، حُلُّوهُمْ، قَالَ: وَلَوْ وَقَفْنَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بُعْدٍ لَأَحَبُّ أَنْ يُقَرِّبَنَا، قَالَ:
صَدَقْتَ، قَرُّبُوهُمْ، فَجَعَلَتْ فَاطِمَةُ وَسُكَيْنَةُ يَتَطَاوَلَانَ لِيَرِيَا رَأْسَ أَبِيهِمَا، وَجَعَلَ يَزِيدَ يَتَطَاوَلَ فِي مَجْلِسِهِ، فَيَسْتُرُهُ عَنْهُمَا، ثُمَّ أمَرَ بِهِمْ فَجُهِّزُوا، وَأَصْلَحَ آلَتَهُمْ وَأُخْرِجُوا إِلَى الْمَدِينَةِ [4] . كَثِيرُ [5] بْنُ هِشَامٍ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ قَالَ: لَمَّا أُتيَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ جَعَلَ يَنْكُتُ بِمَخْصَرَةٍ مَعَهُ سِنَّهُ وَيَقُولُ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بَلَغَ هَذَا السِّنَّ، وَإِذَا لِحْيَتُهُ وَرَأْسُهُ قَدْ نُصِلَ مِنَ الْخِضَابِ الْأَسْوَدِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، وَالْمَدِينِيِّ، عَنْ رِجَالِهِمَا، أن مُحَفَّزَ بْنَ ثَعْلَبَةَ الْعَائِذِيَّ، عَائِذَةُ [6] قُرَيْشٍ، قَدِمَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ عَلَى يَزِيدَ فَقَالَ: أتيتك يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِرَأْسِ أَحْمَقِ النَّاسِ وَأَلْأَمِهُمْ، قَالَ يَزِيدُ: مَا وَلَدَتْ أُمُّ مُحَفِّزٍ أَحْمَقَ وَأَلْأَمَ، لكن الرجل لم يقرأ كتاب الله: تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ 3: 26
__________
[1] تاريخ الطبري 5/ 460، المعجم الكبير للطبراني 3/ 124 رقم (2848) ، والكامل في التاريخ 4/ 89، 90، ومجمع الزوائد 9/ 193.
[2] سورة الحديد- الآية 22.
[3] سورة الشورى- الآية 30.
[4] انظر البدآية والنهاية 8/ 194، وهو عند الطبراني (806) .
[5] في الأصل «كبير» ، والتصويب من (تهذيب التهذيب 8/ 429) .
[6] في الأصل مهملة، والتصحيح من (اللباب 2/ 307) .(5/19)
الآية [1] .
ثم بعث يزيد برأس الحسين على عامله على المدينة، فقال: وددت أَنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ بِهِ إِلَيَّ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ، فَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ عِنْدَ قَبْرِ أُمِّهِ فَاطِمَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا [2] .
وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ سَعِيدٍ الْقَاضِي: ثنا سُلَيْمَان بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْبَهْرَانِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَيَّةَ الْكَلَاعِيَّ، سَمِعْتَ أَبَا كَرْبٍ قَالَ: كُنْتُ فِي الْقَوْمِ الَّذِينَ تَوَثَّبُوا عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ، وَكُنْتُ فِيمَنْ نَهَبَ خَزَائِنَهُمْ بِدِمَشْقَ، فَأَخَذْتُ سَفَطًا وَقُلْتُ: فِيهِ غَنَائِي، فَرَكِبْتُ فَرَسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَ يَدَيَّ، وَخَرَجْتُ مِنْ بَابِ تَوْمًا، فَفَتَحْتُهُ، فإذا بحريرة فيها رأس مكتوب عليه: «هَذَا رَأْسُ الْحُسَيْنِ» ، فَحَفَرْتُ لَهُ بِسَيْفِي وَدَفَنْتُهُ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ [3] : حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، أَنَّ يُونُسَ بْنَ حَبِيبٍ حَدَّثَهُ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ وَبَنُو أَبِيهِ، بَعَثَ ابْنُ زِيَادٍ بِرُءُوسِهِمْ إِلَى يَزِيدَ، فَسُرَّ بِقَتْلِهِمْ أَوَّلًا، ثُمَّ ندِمَ فَكَانَ يَقُولُ: وَمَا عَلَيَّ لَوِ احْتَمَلْتُ الْأَذَى وَأَنْزَلْتُ الْحُسَيْنَ مَعِي، وَحَكَّمْتُهُ فِيمَا يُرِيدُ، وَإِنْ كَانَ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ وَهَنٌ فِي سُلْطَانِي حِفْظًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرِعَايَةً لِحَقِّهِ وَقَرَابَتِهِ، لَعَنَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ- يُرِيدُ عُبَيْدَ اللَّهِ-، فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ وَاضْطَرَّهُ، وَقَدْ كَانَ سَأَلَ أَنْ يُخْلِيَ سَبِيلُهُ، وَيَرْجِعَ مِنْ حَيْثُ أَقْبَلَ، أَوْ يأتيني فَيَضَعُ يَدَهُ فِي يَدَيَّ، أَوْ يَلْحَقَ بِثَغْرٍ مِنَ الثُّغُورِ، فَأَبَى ذَلِكَ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَأَبْغَضَنِي بِقَتْلِهِ الْمُسْلِمُونَ [4] .
وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ دَخَلْنَا الْكُوفَةَ، فَلَقِيَنَا رَجُلٌ، فَدَخَلْنَا منزله، فأحلفنا، فَنِمْتُ، فَلَمْ أَسْتَيْقِظْ إِلَّا بِحِسِّ الْخَيْلِ فِي الْأَزِقَّةِ، فَحَمَلْنَا إِلَى يَزِيدَ، فَدَمَعَتْ عَيْنُهُ حِينَ رآنا، وأعطانا ما شئنا وقال: إنه
__________
[1] آل عمران/ 26.
[2] تاريخ الطبري 5/ 463.
[3] تاريخ الطبري 5/ 506 (حوادث سنة 64 هـ) .
[4] سير أعلام النبلاء 3/ 320، 321.(5/20)
سَيَكُونُ فِي قَوْمِكَ أُمُورٌ، فَلَا تَدْخُلَ مَعَهُمْ فِي شَيْءٍ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَا كَانَ، كَتَبَ مَعَ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ كِتَابًا فِيهِ أَمَانِي، فَلَمَّا فَرَغَ مُسْلِمٌ مِنَ الْحَرَّةِ بَعَثَ إِلَيَّ، فَجِئْتُهُ وَقَدْ كَتَبْتُ وَصِيَّتِي، فَرَمَى إِلَيَّ بِالْكِتَابِ، فَإِذَا فِيهِ:
اسْتَوْصِ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ خَيْرًا، وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُمْ، فِي أَمْرِهِمْ فَأَمِّنْهُ وَاعْفُ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ فَقَدْ أَصَابَ وَأَحْسَنَ [1] . وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: قُتِلَ مَعَ الْحُسَيْنِ ابْنُ عَمِّهِ مُسْلِمُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَقَدْ كَانَ فِي آخِرِ سَنَةِ سِتِّينَ، قَتَلَهُ ابْنُ زِيَادٍ صَبْرًا، وَكَانَ الْحُسَيْنُ قَدْ قَدَّمَهُ إِلَى الْكُوفَةِ، لِيُخْبِرَ مَنْ بِهَا مِنْ شِيعَتِهِ بِقُدُومِهِ، فَنَزَلَ عَلَى هَانِئِ بْنِ عُرْوَةَ الْمُرَادِيِّ، فَأَحَسَّ بِهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، فَقَتَلَ مُسْلِمًا وَهَانِئًا.
وَمِمَّنْ قُتِلَ مَعَ الْحُسَيْنِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ إِخْوَتُهُ بَنُو أَبِيهِ: جَعْفَرٌ، وَعَتِيقٌ، وَمُحَمَّدٌ، وَالْعَبَّاسُ الْأَكْبَرُ بَنُو عَلِيٍّ، وَابْنُهُ الْأَكْبَرُ عَلِيٌّ- وَهُوَ غَيْرُ عَلِيِّ زَيْنِ الْعَابِدِينَ-، وابنه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَابْنُ أَخِيهِ الْقَاسِمُ بْنُ الحسين، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَخُوهُ عَوْنٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنَا مُسْلِمٍ بْنِ عَقِيلٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ [2] .
(وَفِيهَا) : ظنّا وتخمينا، قدم على ابن الزُّبَيْرِ وَهُوَ بمَكَّةَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيُّ مِنَ الطَّائِفِ، وَكَانَ قَدْ طُرِدَ إِلَى الطَّائِفِ، وَكَانَ قَوِيُّ النَّفْسِ، شَدِيدُ الْبَأْسِ، يُظْهِرُ الْمُنَاصَحَةَ وَالدَّهَاءَ، وَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، فَيَسْمَعُونَ مِنْهُ كَلَامًا ينكرونه، فَلَمَّا مَاتَ يَزِيدَ اسْتَأْذَنَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي الْمُضِيِّ إلى الْعِرَاقِ، فَأَذِنَ لَهُ وَرَكَنَ إِلَيْهِ، وَكَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ عَلَى الْعِرَاقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ يُوصِيهِ بِهِ، فَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى ابْنُ مُطِيعٍ، ثُمَّ أَخَذَ يَعِيبُ فِي الْبَاطِنِ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَيُثْنِي عَلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَيَدْعُو إِلَيْهِ، وَيُحَرِّضُ أَهْلَ الْكُوفَةِ عَلَى ابْنِ مُطِيعٍ، وَيُكَذِّبُ وَيُنَافِقُ، فَرَاجَ أَمْرُهُ وَاسْتَغْوَى طَائِفَةً، وَصَارَ لَهُ شِيعَةٌ، إِلَى أَنْ خَافَهُ ابْنُ مُطِيعٍ، وَهَرَبَ مِنْهُ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
__________
[1] سير اعلام النبلاء 3/ 320، 321.
[2] انظر تاريخ الطبري 5/ 468، 469، وتاريخ خليفة 234.(5/21)
[حَوَادِثُ] سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ
تُوُفِّيَ فِيهَا: بُرَيْدَةُ بْنُ الْحُصَيْبِ، وَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ الْهَاشِمِيُّ، وَمَسْلَمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ الدَّارَانِيُّ الزَّاهِدُ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ النَّخَعِيُّ الْفَقِيهُ.
وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ أَمِيرُ الْعِرَاقِ عَلَى السِّنْدِ [1] الْمُنْذِرَ بْنَ الْجَارُودِ الْعَبْدِيَّ، وَلِابْنِهِ الْجَارُودِ بْنِ عَمْرٍو صُحْبَةٌ.
وَكَانَ الْمُنْذِرُ مِنْ وُجُوهِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ، قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ.
وَفِيهَا غَزَا سَلْمُ بْنُ أَحْوَرَ [2] خَوَارِزْمَ فَصَالَحُوهُ عَلَى مَالٍ، ثُمَّ عَبَرَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ، فَنَازَلَهَا، فَصَالَحُوهُ أَيْضًا.
وَفِيهَا نَقَضَ أَهْلُ كَابُلَ، وَأَخَذُوا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ زِيَادِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ أَسِيرًا، فَسَارَ أَخُوهُ يَزِيدُ فِي جَيْشٍ، فَهَجَمَ عَلَيْهِمْ، فَقَاتَلُوهُ، فَقُتِلَ يَزِيدُ، وَقُتِلَ مَعَهُ زَيْدُ بْنُ جُدْعَانَ التَّيْمِيُّ وَالِدُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، وَصِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ الْعَدَوِيُّ، وَوَلَدَاهُ [3] ، وَعَمْرُو بْنُ قُثَمَ [4] ، وَبُدَيْلُ بْنُ نُعَيْمٍ الْعَدَوِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ آدَمَ الْعَدَوِيُّ، فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ. قَالَهُ خَلِيفَةُ.
وَأَقَامَ الْمَوْسِمَ لِلنَّاسِ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أبي سفيان بن حرب [5] .
__________
[1] في تاريخ خليفة ص 236 «ثغر قندابيل» .
[2] في تاريخ خليفة بن خياط 235: «سلّم بن زياد» .
[3] في تاريخ خليفة: «وابنه» .
[4] في تاريخ خليفة: «عمرو بن قتيبة» .
[5] تاريخ خليفة 236.(5/22)
[حَوَادِثُ] سَنَةِ ثَلَاثِ وَسِتِّينَ
فِيهَا تُوُفِّيَ: رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ، وَمَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ.
وَفِيهَا وَقْعَةُ الْحَرَّةِ عَلَى بَابِ طِيبَةِ، وَاسْتُشْهِدَ فِيهَا خَلْقٌ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَفِيهَا بَعَثَ سَلْمُ بْنُ زِيَادٍ: ابْنَ أَبِيهِ طَلْحَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيَّ وَالِيًا عَلَى سِجِسْتَانَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَفْدِيَ أَخَاهُ مِنَ الْأَسْرِ، فَفَدَاهُ بِخَمْسِمِائَةِ أَلْفٍ، وَأَقْدَمَهُ عَلَى أَخِيهِ، وَأَقَامَ طَلْحَةُ بِسِجِسْتَانَ [1] .
فِيهَا غَزَا عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ مِنَ الْقَيْرَوَانِ، فَسَارَ حَتَّى أَتَى السُّوسَ الْأَقْصَى، وَغَنِمَ وَسَلَّمَ، وَرَدَّ، فَلَقِيَهُ كُسَيْلَةُ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا، فَالْتَقَيَا، فَاسْتُشْهِدَ فِي الْوَقْعَةِ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ، وَأَبُو الْمُهَاجِرِ دِينَارُ مَوْلَى الْأَنْصَارِ، وَعَامَّةُ أَصَحابِهِمَا. ثُمَّ سَارَ كُسَيْلَةُ الْكَلْبُ، فَسَارَ لِحَرْبِهِ زُهَيْرُ بْنُ قَيْسٍ الْبَلَوِيُّ خَلِيفَةُ عُقْبَةَ عَلَى الْقَيْرَوَانِ، فَقُتِلَ فِي الْوَقْعَةِ كُسَيْلَةُ، وَهُزِمَ جُنُودُهُ، وَقُتِلَتْ مِنْهُمْ مَقْتَلَةٌ كَبِيرَةٌ [2] .
قِصَّةُ الْحَرَّةِ
قَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ: سَمِعْتُ أشياخنا يَقُولُونَ: وَفَدَ إلى يَزِيدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ بْنِ الْغَسِيلِ الْأَوْسِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَلَهُ صحبة، وفد في ثمانية بنين له،
__________
[1] تاريخ خليفة 250، 251.
[2] تاريخ خليفة 251، البيان المغرب 1/ 26- 30.(5/23)
فَأَعْطَاهُ يَزِيدُ مِائَةَ أَلْفٍ، وَأَعْطَى لِكُلِّ ابْنٍ عَشَرَةَ آلَافٍ، سِوَى كِسْوَتِهِمْ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالُوا: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: أَتَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدَ رَجُلٍ وَاللَّهِ لَوْ لَمْ أَجِدْ إِلَّا بَنِيَّ هَؤُلَاءِ لَجَاهَدْتُهُ بِهِمْ، قَالُوا: إِنَّهُ قَدْ أَكْرَمَكَ وَأَعْطَاكَ، قَالَ: نَعَمْ وَمَا قَبِلْتُ ذَلِكَ مِنْهُ إِلَّا لِأَتَقَوَّى بِهِ عَلَيْهِ، ثُمَّ حَضَّ النَّاسَ فَبَايَعُوهُ [1] .
وَقَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ [2] : قَالَ أَبُو الْيَقْظَانِ: دَعُوا إِلَى الرِّضَا وَالشُّورَى، وَأَمَّرُوا عَلَى قُرَيْشٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ الْعَدَوِيَّ، وَعَلَى الْأَنْصَارِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَنْظَلَةَ، وَعَلَى قَبَائِلِ الْمُهَاجِرِينَ مَعْقِلَ بْنَ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيَّ، وَأَخْرِجُوا مَنْ بِالْمَدِينَةِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: خَلَعُوا يَزِيدَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ جَيْشًا عَلَيْهِ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ، وَأَرْسَلَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ إِلَى مِيَاهِ الطَّرِيقِ، فَصَبُّوا فِي كُلِّ مَاءٍ زِقَّ قَطْرانٍ وَغَوَّرُوهُ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ، فَمَا اسْتَقُوا بِدَلْوٍ [3] .
وَجَاءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّ يَزِيدَ لَمَّا بَلَغَهُ وُثُوبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِعَامِلِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَنَفْيِهِمْ، جَهَّزَ لِحَرْبِهِمْ مُسْلِمَ بْنَ عُقْبةَ الْمُرِّيَّ، وَهُوَ شَيْخٌ، وَكَانَتْ بِهِ النَّوْطَةُ، وَجَهَّزَ مَعَهُ جَيْشًا كَثِيفًا، فَكَلَّمَ يَزِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ عِنْدَهُ، وَقَالَ: إِنَّمَا تَقْتُلُ بِهِمْ نَفْسَكَ، فَقَالَ: أَجَلْ أَقْتُلُ بِهِمْ نَفْسِي وَأَشْقَى، وَلَكَ عِنْدِي وَاحِدَةٌ، آمُرُ مُسْلِمًا أَنْ يَتَّخِذَ الْمَدِينَةَ طَرِيقًا، فَإِنْ هُمْ لَمْ يَنْصِبُوا لَهُ الْحَرْبَ، وَتَرَكُوهُ يَمْضِي إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَيُقَاتِلُهُ، وَإِنْ مَنَعُوهُ وَحَارَبُوهُ قَاتَلَهُمْ، فَإِنْ ظَفِرَ بِهِمْ قَتَلَ مَنْ أَشْرَفَ لَهُ وَأَنْهَبَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ يَمْضِي إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ. فَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْ لَا تَعْرِضُوا لِجَيْشِهِ، فَوَرَدَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ، فَمَنَعُوهُ وَنَصَبُوا لَهُ الْحَرْبَ، وَنَالُوا مِنْ يَزِيدَ، فَأَوْقَعَ بهم وأنهبها ثلاثا، وسار إلى الزبير، فمات بالمشلل [4] ، وعهد
__________
[1] تاريخ خليفة 237، تاريخ الطبري 2/ 423، 424.
[2] تاريخ خليفة 237.
[3] تاريخ خليفة 838، تاريخ الطبري 5/ 495.
[4] المشلّل: بضمّ أوله، وفتح ثانيه، وفتح اللام وتشديدها، وهي ثنيّة مشرفة على قديد. (معجم ما استعجم 4/ 1233) .(5/24)
إِلَى حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ فِي أَوَّلِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ [1] .
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ لَيَالِي الْحَرَّةِ عَلَى ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
«مَنْ نَزَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَاتَ مُفَارِقًا لِلْجَمَاعَةِ فَإِنَّهُ يَمُوتُ مَوْتَةَ جَاهِلِيَّةٍ» [2] . وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: تَوَجَّه مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ، وَيُقَالُ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ فَارِسٍ، وَخَمْسَةَ عَشَرَ رَاجِلٍ، وَنَادَى مُنَادِي يَزِيدَ: سِيرُوا عَلَى أَخْذِ أعطياتكم، وَمَعُونَةِ أَرْبَعِينَ دِينَارًا لِكُلِّ رَجُلٍ.
وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ لِيَزِيدَ: وَجَّهَنِي أكْفِكَ، قَالَ: لَا، لَيْسَ لَهُمْ إِلَّا هَذَا، وَاللَّهِ لَا أَقْبَلُهُمْ بَعْدَ إِحْسَانِي إِلَيْهِمْ وَعَفْوِي عَنْهُمْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةً، فَقَالَ:
أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي عَشِيرَتِكَ وَأَنْصَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ: أَرَأَيْتَ إِنْ رَجَعُوا إلى طَاعَتِكَ، أَتَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: إِنْ فَعَلُوا فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ، يَا مُسْلِمُ إِذَا دَخَلْتَ الْمَدِينَةَ ولَمْ تُصَدَّ عَنْهَا، وَسَمِعُوا وَأَطَاعُوا فَلَا تَعْرِضَنَّ لِأَحدٍ، وَامْضِ إلى الْمُلْحِدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَإِنْ صَدُّوكَ عَنِ الْمَدِينَةِ فَادْعُهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ لَمْ يُجِيبُوا فَاسْتَعِنْ باللَّه وَقَاتِلْهُمْ، فَسَتَجِدُهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ مَرْضَى، وَآخِرَهُ صُبْرًا، سُيُوفُهُمْ أَبْطَحِيَّةٌ، فَإِذَا ظَهَرَتْ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ كَانَ بَنُو أُمَيَّةَ قَدْ قُتِلَ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَجَرِّدِ السَّيْفَ وَاقْتُلِ الْمُقْبِلَ وَالْمُدْبِرَ، وَأَجْهِزْ عَلَى الْجَرِيحِ وانهبها ثَلَاثًا، وَاسْتَوْصِ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَشَاوِرْ حُصَيْنَ بْنَ نُمَيْرَ، وَإِنْ حَدَثَ بِكَ حَدَثٌ، فَوَلِّهِ الْجَيْشَ.
وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ ذَكَرَ الْحَرَّةَ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا كَادَ يَنْجُو مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَلَقَدْ قُتِلَ ابْنَا زَيْنَبِ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَأَتَيْتُ بِهِمَا فَوَضَعْتُهُمَا بَيْنَ يَدَيْهَا، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ إِنَّ الْمُصِيبَةَ عَلَيَّ فِيكُمَا لَعَظِيمَةٌ، وَهِيَ فِي هَذَا- وَأَشَارَتْ إِلَى أَحَدِهِمَا- أَعْظَمُ مِنْهَا فِي هَذَا- وَأَشَارَتْ إِلَى الْآخَرَ-، لِأَنَّ هذا
__________
[1] تاريخ الطبري 5/ 498.
[2] أخرجه أحمد في المسند 3/ 70 و 83 و 93 و 97 و 123 و 33 و 154.(5/25)
بَسَطَ يَدَهُ، وَأَمَّا هَذَا فَقَعَدَ فِي بَيْتِهِ، فَدُخِلَ عَلَيْهِ فَقُتِلَ، فَأَنَا أَرْجُو بِهِ.
وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: نهب مسرف [1] بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ ثَلَاثًا، وَافْتَضَّ فِيهَا أَلْفَ عَذْرَاءَ.
قَالَ يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ خَلَّادٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَخَافَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَخَافَهُ اللَّهُ، وَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» [2] . رَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ عَطَاءٍ عَنِ السَّائِبِ، وَخَالَفَهُمْ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ عَطَاءٍ فَقَالَ: عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ: سَمِعْتُ أَشْيَاخَنَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَتَحَدَّثُونَ قَالُوا: خَرَجَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَوْمَ الْحَرَّةِ بِجُمُوعٍ كَبِيرَةٍ، وَهَيْئَةٌ لَمْ يُرَ مِثْلَهَا، فَلَمَّا رَآهُمْ أَهْلُ الشَّامِ كَرِهُوا قِتَالَهُمْ، فَأَمَرَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ بسريره، فَوُضِعَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيَهُ: قَاتِلُوا عَنِّي، أَوْ دَعُوا، فَشَدَّ النَّاسُ فِي قِتَالِهِمْ، فَسَمِعُوا التَّكْبِيرَ خَلْفَهُمْ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَأَقْحِمْ عَلَيْهِمْ بَنُو حَارِثَةَ وَهُمْ عَلَى الْحَرَّةِ، فَانْهَزَمَ النَّاسُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ مُتَسَانِدٌ إِلَى بَعْضِ بَنِيهِ يَغِطُّ نَوْمًا، فَنَبَّهَهُ ابْنُهُ، فَلَمَّا رَأَى مَا جَرَى أَمَرَ أَكْبَرَ بَنِيهِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُقَدِّمُهُمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهِمْ، ثُمَّ كَسَرَ جَفْرَ سَيْفِهِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ [3] .
وَقَالَ وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ: ثنا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قِيلَ لعبد الله ابن زَيْدٍ يَوْمَ الْحَرَّةِ: هَا ذَاكَ ابْنُ حَنْظَلَةَ يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى الْمَوْتِ، فَقَالَ: لَا أُبَايِعُ عَلَيْهِ أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [4] . إسناده صحيح.
__________
[1] هو مسلم بن عقبة، وقد سمّي «مسرف» بعد وقعة الحرّة.
[2] أخرجه أحمد في المسند 4/ 55.
[3] انظر تاريخ الطبري 5/ 489، والخبر في تاريخ خليفة 238.
[4] أخرجه البخاري في الجهاد 4/ 8 باب البيعة في الحرب أن لا يفرّوا..، وفي المغازي 5/ 65 باب غزوة الحديبيّة، ومسلم في الإمارة (81/ 1861) ، وأحمد في المسند 4/ 41 و 42.(5/26)
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَسَّانٍ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، وَثنا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ تَمِيمٍ، كُلُّ قَدْ حَدَّثَنِي، قَالُوا: لَمَّا وَثَبَ أَهْلُ الْحَرَّةِ، وَأَخْرَجُوا بَنِي أُمَيَّةَ عَنِ الْمَدِينَةِ، وَاجْتَمَعُوا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ، وَبَايَعَهُمْ عَلَى الْمَوْتِ قَالَ: يَا قَوْمُ اتَّقُوا الله، فو الله مَا خَرَجْنَا عَلَى يَزِيدَ حَتَّى خِفْنَا أَنْ نُرْمَى بِالْحِجَارَةِ مِنَ السَّمَاءِ، إِنَّهُ رَجُلٌ يَنْكِحُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَالْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ، وَيَشْرَبُ الْخَلَّ وَيَدَعُ الصَّلَاةَ، قَالَ: فَكَانَ ابْنُ حَنْظَلَةَ يَبِيتُ تِلْكَ اللَّيَالِي فِي الْمَسْجِدِ، وَمَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَشْرَبَ، يُفْطِرُ عَلَى شَرْبَةِ سَوِيقٍ وَيَصُومُ الدَّهْرَ، وما رئي رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ إِخْبَاتًا [1] ، فَلَمَّا قَرُبَ الْقَوْمُ خَطَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ أَصْحَابَهُ، وَحَرَّضَهُمْ عَلَى الْقِتَالِ، وَأَمَرَهُمْ بِالصِّدْقِ فِي اللِّقَاءِ وَقَالَ:
اللَّهمّ إِنَّا بِكَ وَاثِقُونَ، فَصَبَّحَ الْقَوْمُ الْمَدِينَةَ، فَقَاتَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةَ قِتَالًا شَدِيدًا حَتَّى كَثَّرَهُمْ [2] أَهْلُ الشَّامِ، وَدُخِلَتِ الْمَدِينَةُ مِنَ النَّوَاحِي كُلِّهَا، وَابْنُ حَنْظَلَةَ يَمْشِي بِهَا فِي عِصَابَةٍ مِنَ النَّاسِ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ لِمَوْلًى [3] لَهُ: احم لِي ظَهْرِي حَتَّى أُصَلِّي الظُّهْرَ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ لَهُ مَوْلَاهُ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ، فَعَلَامَ نُقِيمُ؟
وَلِوَاؤُهُ قَائِمٌ مَا حَوْلَهُ إِلَّا خَمْسَةٌ [4] ، فَقَالَ: وَيْحَكَ، إِنَّمَا خَرَجْنَا عَلَى أَنْ نَمُوتَ، قَالَ: وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ كَالنَّعَامِ الشَّرُودِ، وَأَهْلُ الشَّامِ يَقْتُلُونَ فِيهِمْ، فَلَمَّا هُزِمَ النَّاسُ طَرَحَ الدِّرْعَ، وَقَاتَلَهُمْ حَاسِرًا حَتَّى قَتَلُوهُ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ مَرْوَانُ وَهُوَ مَادٌّ إِصْبَعَهُ السَّبَّابَةَ، فَقَالَ: أَمَّا وَاللَّهِ لَئِنْ نَصَبْتَهَا مَيْتًا لَطَالَمَا نَصَبْتَهَا حَيًّا [5] .
وَقَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ مُمَعَّطَ اللِّحْيَةِ، فَقُلْتُ: تَعْبَثُ بِلِحْيَتِكَ! فَقَالَ: لَا، هَذَا مَا لَقِيتُ مِنْ ظَلَمَةِ أَهْلِ الشَّامِ يَوْمَ الْحَرَّةِ، دَخَلُوا عَلَيَّ زَمَنَ الْحَرَّةِ فَأَخَذُوا مَا فِي البيت، ثم دخلت عليّ طائفة، فلم يَجِدُوا فِي الْبَيْتِ شَيْئًا، فَأسِفُوا وَقَالُوا: أضْجِعُوا
__________
[1] في نسخة القدسي 2/ 356: «أحيانا» ، والتصويب من (الطبقات الكبرى 5/ 67) .
[2] في نسخة القدسي 2/ 356: «كبر» ، والتصويب من (الطبقات الكبرى) .
[3] في نسخة القدسي 2/ 356: «ولى» ، والتصويب من (الطبقات) .
[4] في (الطبقات الكبرى 5/ 67) : «ما حوله خمسة» .
[5] طبقات ابن سعد 5/ 67، 68.(5/27)
الشَّيْخَ، فَأَضْجَعُونِي، فَجَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِي خُصْلَةً.
عَنْ بَعْضِهِمْ قَالُوا: وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ وَنَهَبُوا وَأَفْسَدُوا، وَاسْتَحَلُّوا الْحُرْمَةَ.
قَالَ خَلِيفَةُ [1] : فَجَمِيعُ مَنْ أُصِيبَ مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ يَوْمَ الْحُرَّةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتَّةُ رِجَالٍ، ثُمَّ سَرَدَ أَسْمَاءَهُمْ فِي سِتِّ [2] أَوْرَاقٍ، قَالَ: وَكَانَتِ الوقعة لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ.
الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ شِبْلٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ يَوْمَ الْحَرَّةِ: هَلْ خَرَجَ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟
قَالَ: لَا، لَزِمُوا بُيُوتَهُمْ، فَلَمَّا قَدِمَ مُسْرِفٌ وَقَتَلَ النَّاسَ، سَأَلَ عَنْ أَبِي، أَحَاضِرٌ هُوَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: مَا لِي لَا أَرَاهُ! فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبِي، فَجَاءَهُ ومعه ابنا محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ، فَرَحَّبَ بِهِمْ، وَأَوْسَعَ لِأَبِي عَلَى سَرِيرِهِ وَقَالَ: كَيْفَ كُنْتَ؟ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَوْصَانِي بِكَ خَيْرًا، فَقَالَ: وَصَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحُسَيْنِ ابْنَيْ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: هُمَا ابْنَا عَمِّي، فَرَحَّبَ بِهِمَا.
قُلْتُ: فَمَنْ أُصِيبَ يَوْمَئِذٍ: أَمِيرُهُمْ عَبْدُ الله بن حنظلة، وبنوه، وعبد الله ابن زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَنْصَارِيُّ الَّذِي حَكَى وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيُّ، حَامِلُ لِوَاءِ قَوْمِهِ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَوَاسِعُ بْنُ حِبَّانَ الْأَنْصَارِيُّ، مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ، وَكَثِيرُ بْنُ أَفْلَحَ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، أَحَدُ مَنْ نَسَخَ الْمَصَاحِفَ الَّتِي سَيَّرَهَا عُثْمَانُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلَى الْأَمْصَارِ، وَأَبُوهُ أَفْلَحُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْجَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ الْعَدَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ، قُتِلَا مَعَ مَعْقِلِ الْأَشْجَعِيِّ صَبْرًا.
وَمِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ: سَعْدٌ، وَسُلَيْمَانُ، وَيَحْيَى، وَإِسْمَاعِيلُ، وَسَلِيطٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بَنُو زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ لِصُلْبِهِ. قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ.
وَمِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ نُعَيْمِ النَّحَّامُ [3] بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن أسيد
__________
[1] تاريخ خليفة 250.
[2] في الأصل «ستة» .
[3] في (نزهة الألباب في الألقاب للحافظ ابن حجر) : ضبطه الأكثر بفتح النون وتشديد الحاء، وضبطه ابن الكلبي بضم النون وتخفيف الحاء.(5/28)
الْقُرَشِيُّ [1] الْعَدَوِيُّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ [2] : كَانَ ابْنُ النَّحَّامِ أَحَدَ الرُّءُوسِ يَوْمَ الْحَرَّةِ، وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ، وَكَانَ زَوْجُ رُقَيَّةَ ابْنَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
وَقُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةَ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، وَيَزِيدُ، وَوَهْبُ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، وَيَعْقُوبُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ، وَأَبُو حَكِيمَةَ مُعَاذُ بْنُ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيُّ الْقَارِئُ، الَّذِي أَقَامَهُ عُمَرُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ التَّرَاوِيحَ، وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَرَوَى عَنْهُ سَعِيدٌ الْمَقْبُريُّ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ.
وَمِنْهُمْ عِمْرَانُ بْنُ أَبِي أُنَيْسٍ، تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُ سِتُّ سِنِينَ، وَالْفَضْلُ ابن عَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ.
قَالَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ: أَتَى مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ بَيْنَ يَدَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ ابن الْأَسْوَدِ الْأَسَدِيِّ فَقَالَ: بَايِعْ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسَنَةِ نَبِيِّهِ، فَامْتَنَعَ، فَأَمَرَ بِهِ مُسْلِمَ فَقُتِلَ [3] .
وَقَالَ: دَخَلَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ، عَلَى أَنَّهُمْ خَوَلٌ لِيَزِيدَ، يَحْكُمُ فِي أَهْلِهِمْ وَدِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ مَا شَاءَ، حَتَّى أُتِيَ بِابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، وَكَانَ صَدِيقًا لِيَزِيدَ وَصَفِيًّا لَهُ، فَقَالَ: بَلْ أُبَايِعُكَ عَلَى أَنِّي ابْنُ عَمِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، يَحْكُمُ فِي دَمِي وَأَهْلِي، فَقَالَ: اضْرِبَا عُنُقَهُ، فَوَثَبَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ مُسْلِمٌ: وَاللَّهِ لَا أَقْتُلُهُ أَبَدًا، وَقَالَ: إِنْ تَنَحَّى مَرْوَانَ، وَإِلَّا فَاقْتُلُوهُمَا مَعًا، فَتَرَكَهُ مَرْوَانُ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ [4] .
وَقُتِلَ أَيْضًا صَبْرًا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عبيد الله.
__________
[1] في الأصل «العرسي» ، والتصحيح من أسد الغابة 5/ 32.
[2] الطبقات الكبرى 5/ 170 و 171.
[3] انظر: تاريخ الطبري 5/ 492، تاريخ خليفة 239.
[4] تاريخ الطبري 5/ 493 والخبر في تاريخ خليفة 238، 239.(5/29)
وَجَاءَ أَنَّ مَعْقِلَ بْنَ سِنَانٍ، وَمُحَمَّدَ بْنَ أبي الجهم كانا في قصر العرصة، فَأَنْزَلَهُمَا مُسْلِمٌ بِالْأَمَانِ، ثُمَّ قَتَلَهُمَا، وَقَالَ لِمُحَمَّدٍ: أَنْتَ الْوَافِدُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ [1] ، فَوَصَلَكَ وَأَحْسَنَ جَائِزَتَكَ، ثُمَّ تَشَهَّدَ عَلَيْهِ بِالشُّرْبِ.
وَقِيلَ: بَلْ قَالَ لَهُ: تُبَايِعُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَنَّكَ عَبْدٌ قَنٍّ، إِنْ شَاءَ أَعْتَقَكَ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَرَقَّكَ، قَالَ: بَلْ أُبَايِعُ عَلَى أَنِّي ابْنُ عَمِّ لَئِيمٍ، فَقَالَ:
اضْرِبُوا عُنُقَهُ.
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ من حملة القرآن سبعمائة.
قلت: ولما فَعَلَ يَزِيدُ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ مَا فَعَلَ، وَقُتِلَ الْحُسَيْنُ وَإِخْوَتُهُ وَآلُهُ، وَشَرِبَ يَزِيدُ الْخَمْرَ، وَارْتَكَبَ أَشْيَاءَ مُنْكَرَةً، بَغِضَهُ النَّاسُ، وَخَرَجَ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَلَمْ يُبَارِكِ اللَّهُ فِي عُمْرِهِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ أَبُو بِلَالِ مِرْدَاسِ بْنِ أُدَيَّةَ [2] الْحَنْظَلِيُّ.
قَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: فَوَجَّهَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زياد جيشا لحربه، فيهم عبد الله ابن رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَتَلَهُ أَبُو بِلَالٍ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: وَجَّهَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ أيَضًا عَبَّادَ بْنَ أَخْضَرَ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ، فَقَاتَلُوا أَبَا بِلَالٍ فِي سَوَادِ مَيْسَانَ، ثُمَّ قُتِلَ عَبَّادُ غِيلَةً.
وَقَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيدٍ: خَرَجَ أَبُو بِلَالٍ أَحَدُ بَنِي رَبِيعَةَ بْنُ حَنَظْلَةَ فِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا، فَلَمْ يُقَاتِلْ أَحَدًا، لَمْ يَعْرِضْ لِلسَّبِيلِ، وَلَا سَأَلَ، حَتَّى نَفَذَ زَادُهُمْ وَنَفَقَاتُهُمْ، حَتَّى صَارُوا يَسْأَلُونَ، فَبَعَثَ عُبَيْدُ اللَّهِ لِقِتَالِهِمْ جَيْشًا، عَلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حِصْنٍ الثَّعْلَبِيُّ، فَهَزَمُوا أَصْحَابَهُ، ثُمَّ بَعَثَ عَلَيْهِمْ عَبَّادَ بْنُ أخضر، فقتلهم أجمعين [3] .
__________
[1] سيأتي في الجزء الخامس في ترجمة (يزيد بن معاوية) أن نَوْفَلِ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَذَكَرَ رَجُلٌ يَزِيدَ فَقَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: تَقُولُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ! وَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ عشرين سوطا.
[2] هذا ما في تاريخ الطبري 5/ 313، وفي الأصل «أذنه» .
[3] تاريخ خليفة 256.(5/30)
وَرَوَى غَسَّانُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: خَرَجَ أَبُو بِلَالٍ مِنَ الْبَصْرَةِ فِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا، فَلَمْ يُقَاتِلُوا، فَحَدَّثَنِي مَنْ كَانَ فِي قَافِلَةٍ قَالَ: جَاءُونَا يَقُودُونَ خُيُولَهُمْ، فَتَكَلَّمَ أَبُو بِلَالٍ فَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُمْ مَا كَانَ يُؤْتَى إِلَيْنَا، وَلَعَلَّنَا لَوْ صَبَرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَنَا، وَقَدْ أَصَابَتْنَا خَصَاصَةٌ، فَتَصَدَّقُوا، إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ، قَالَ: فَجَاءَهُ التُّجَّارُ بِالْبُدَرِ، فَوَضَعُوهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: لَا، إِلَّا دِرْهَمَيْنِ لِكُلِّ رَجُلٍ، فَلَعَلَّنَا لَا نَأْكُلُهَا حَتَّى نُقْتَلَ، فَأَخَذَ ثَمَانِينَ دِرْهَمًا لَهُمْ، قَالَ: فَسَارَ إِلَيْهِمْ جُنْدٌ فَقَتَلُوهُمْ [1] .
وَقَالَ عَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ: كَانَ أَبُو بِلَالٍ صَدِيقًا لِأَبِي الْعَالِيَةِ، فَلَمَّا بَلَغَ أَبَا الْعَالِيَةِ خُرُوجُهُ، أَتَاهُ فَكَلَّمَهُ فَمَا نَفَعَ.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ أَبُو بِلَالٍ يَلْبَسُ سِلَاحَهُ فِي اللَّيْلِ، وَيَرْكَبُ فَرَسَهُ، فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَيَقُولُ:
إِنِّي وَزَنْتُ الَّذِي يَبْقَى لِأَعْدِلَهُ ... مَا لَيْسَ يَبْقَى فَلَا وَاللَّهِ مَا اتَّزَنَا
خَوْفُ الْإِلَهِ وَتَقْوَى اللَّهِ أَخْرَجَنِي ... وَيَبِيعُ نَفْسِي بِمَا لَيْسَتْ لَهُ ثَمَنَا
وَخَرَجَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ فِي آخِرِ خِلَافَةِ يَزِيدَ، فَاعْتَرَضَ النَّاسُ، فَانْتَدَبَ لَهُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ مَعَ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْسٍ [2] الْعَبْشَمِيِّ الْقُرَشِيِّ، فَقُتِلَا كِلَاهُمَا.
قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي فِي جَيْشِ ابْنِ عُبَيْسٍ، فَلَقَيْنَاهُمْ بِدُولَابٍ، فَقُتِلَ مِنَّا خَمْسَةُ أُمَرَاءَ [3] .
وَقَالَ غَيْرُهُ: قُتِلَ فِي الْوَقْعَةِ قُرَّةُ بْنُ إِيَاسٍ الْمُزَنِيُّ أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَلَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ [4] .
وَقَالَ أَبُو الْيَقْظَانِ: قَتَلَ رَبِيعَةُ السَّلِيطِيُّ مسلم بن عبيس فارس أهل
__________
[1] تاريخ خليفة 256.
[2] هو مسلم بن عبيس بن كريز بن ربيعة. كما في (تاريخ الطبري 5/ 569، الكامل في التاريخ 4/ 194) .
[3] تاريخ خليفة 256 و 257.
[4] تاريخ خليفة 257.(5/31)
الْبَصْرَةِ، وَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ الْأَزْرَقِ رَأَّسَتِ الْخَوَارِجُ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَاحُوزٍ، فَسَارَ بِهِمْ إِلَى الْمَدَائِنِ [1] .
وَلَمَّا قُتِلَ مَسْعُودٌ الْمُعَنَّى غَلَبُوا عَلَى الْأَهْوَازِ وَجَبُوا الْمَالَ، وَأَتَتْهُمُ الْأَمْدَادُ مِنَ الْيَمَامَةِ وَالْبَحْرَيْنِ، وَخَرَجَ طَوَّافُ بْنُ الْمُعَلَّى السَّدُوسِيُّ فِي نَفَرٍ مِنَ الْعَرَبِ، فَخَرَجَ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَحَكَّمَ أُبَيَّ قَالَ: لَا حُكْمَ إِلَّا عِنْدَ قَصْرِ أَوْسٍ، فَرَمَاهُ النَّاسُ بِالْحِجَارَةِ، وَقَاتَلَهُ ابْنُ زِيَادٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، قُتِلَ وَتَمَزَّقَ جَمْعُهُ [2] .
__________
[1] تاريخ خليفة 256.
[2] تاريخ خليفة 259.(5/32)
[حَوَادِثُ] سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ
تُوُفِّيَ فِيهَا: رَبِيعَةُ الْجُرَشِيُّ فِي ذِي الْحِجَّةِ بِمَرْجِ رَاهِطٍ، وَشَقِيقُ بْنُ ثَوْرٍ السَّدُوسِيُّ، وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَمَعْنُ بْنُ يَزِيدَ السُّلَمِيُّ، وَابْنُهُ ثَوْرٌ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ فِي آخرها، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَالْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الأموي، والمنذر ابن الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَمُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَمَسْعُودُ بْنُ عَمْرٍو الْأَزْدِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ [1] : لَمَّا فَرَغَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمُرِّيُّ مِنَ الْحَرَّةِ، تَوَجَّهَ إِلَى مَكَّةَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ رَوْحَ بْنَ زِنْبَاعٍ الْجُذَامِيَّ، فَأَدْرَكَ مُسْلِمًا الْمَوْتُ، وَعَهِدَ بِالْأَمْرِ إِلَى حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرِ، فَقَالَ: انْظُرْ يَا بَرْذَعَةَ الْحِمَارِ، لَا تُرْعِ سَمْعَكَ قُرَيْشًا، وَلَا تَرُدَّنَّ أَهْلَ الشَّامِ عَنْ عَدُوِّهِمْ، وَلَا تُقِيمَنَّ إِلَّا ثَلَاثًا حَتَّى تُنَاجِزَ ابْنَ الزُّبَيْرِ الْفَاسِقَ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهمّ إِنِّي لَمْ أَعْمَلْ عَمَلًا قَطُّ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ قَتْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَلَا أَرْجَى عِنْدِي مِنْهُ، ثُمَّ مَاتَ، فَقَدِمَ حُصَيْنٌ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَقَدْ بَايَعَهُ أَهْلُ الْحِجَازِ، وَقَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَقَدِمَ عَلَيْهِ نَجْدَةُ بْنُ عَامِرٍ الْحَنَفِيُّ الْحَرُورِيُّ، فِي أُنَاسٍ مِنَ الْخَوَارِجِ، فَجَرَّدَ أَخَاهُ الْمُنْذِرَ لِقِتَالِ أَهْلِ الشَّامِ، وَكَانَ مِمَّنْ شَاهَدَ الْحَرَّةَ، ثُمَّ لَحِقَ بِهِ، فَقَاتَلَهُمْ سَاعَةً، ثم دعي إلى المبارزة، فضرب كلّ واحد صاحبه،
__________
[1] تاريخ الطبري 5/ 496 و 497.(5/33)
وَخَرَّ مَيِّتًا. وَقَاتَلَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَتَّى قُتِلَ، صَابَرَهُمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الْقِتَالِ إِلَى اللَّيْلِ، ثُمَّ حَاصَرُوهُ بِمَكَّةَ شَهْرَ صَفَرَ، وَرَمَوْهُ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَكَانُوا يُوقِدُونَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، فَأَقْبَلَتْ شَرَرَةٌ هَبَّتْ بِهَا الرِّيحُ، فَأَحْرَقَتِ الْأَسْتَارَ وَخَشَبَ السَّقْفِ، سَقْفُ الْكَعْبَةِ، وَاحْتُرِقَ قَرْنَا الْكَبْشِ الَّذِي فَدَى اللَّهُ به إِسْمَاعِيلَ، وكانا فِي السَّقْفِ. قَالَ: فَبَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ مَوْتُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَنَادَى بِأَهْلِ الشَّامِ: إِنَّ طَاغِيَتَكُمْ قَدْ هَلَكَ. فَغَدَوْا يُقَاتِلُونَ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لِلْحُصَيْنِ ابْنِ نُمَيْرٍ: أُدْنُ مِنِّي أُحَدِّثُكَ، فَدَنَا، فَحَدَّثَهُ، فَقَالَ: لَا نُقَاتِلُكَ، فَائْذَنْ لَنَا نَطُفْ بِالْبَيْتِ وَنَنْصَرِفْ، فَفَعَلَ.
وَذَكَرَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ، أَنَّ الْحُصَيْنَ سَأَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ مَوْعِدًا بِاللَّيْلِ، فَالْتَقَيَا بِالْأَبْطَحِ، فَقَالَ لَهُ الْحُصَيْنُ: إِنْ يَكُ هَذَا الرَّجُلُ قَدْ هَلَكَ، فَأَنْتَ أَحَقُّ النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ، هَلُمَّ نُبَايِعُكَ، ثُمَّ اخْرُجْ معي إلى الشَّامِ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ وُجُوهُ أَهْلِ الشَّامِ وَفُرْسَانُهُمْ، فو الله لَا يَخْتَلِفُ عَلَيْكَ اثْنَانِ، وَأَخَذَ الْحُصَيْنُ يُكَلِّمُهُ سِرًّا، وَابْنُ الزُّبَيْرِ يَجْهَرُ جَهْرًا، وَيَقُولُ: أَفْعَلُ، فَقَالَ الْحُصَيْنُ: كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ لَكَ رَأْيًا، أَلَا أَرَانِي أُكَلِّمُكَ سِرًّا وَتُكَلِّمُنِي جَهْرًا، وَأَدْعُوكَ إِلَى الْخِلَافَةِ وَتَعِدُنِي الْقَتْلَ! ثُمَّ قَامَ وَسَارَ بِجَيْشِهِ، وَنَدِمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَأَرْسَلَ وَرَاءَهُ يَقُولُ: لَسْتُ أَسِيرُ إِلَى الشَّامِ، إِنِّي أَكْرَهُ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ، وَلَكِنْ بَايِعُوا لِي الشَّامَ، فَإِنِّي عَادِلٌ عَلَيْكُمْ، ثُمَّ سَارَ الْحُصَيْنِ، وَقَلَّ عَلَيْهِمُ الْعَلْفُ، وَاجْتَرَأَ عَلَى جَيْشِهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَهْلُ الْحِجَازِ، وَجَعَلُوا يَتَخَطَّفُونَهُمْ وَذُلُّوا، وَسَارَ مَعَهُمْ بَنُو أُمَيَّةَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الشَّامِ [1] .
وَقَالَ غَيْرُهُ: سَارَ مُسْرِفُ بْنُ عُقْبَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ مِنَ الْمَدِينَةِ، حَتَّى إِذَا صَدَرَ عَنِ الْأَبْوَاءِ هَلَكَ، وَأَمَّرَ عَلَى جَيْشِهِ حُصَيْنَ بْنَ نُمَيْرٍ الْكِنْدِيَّ، فَقَالَ: قَدْ دَعَوْتُكَ، وَمَا أَدْرِي أَسْتَخْلِفُكَ عَلَى الْجَيْشِ، أَوْ أُقَدِّمُكَ فَأَضْرِبُ عُنُقَكَ؟، قَالَ: أصلحك اللَّهُ، سَهْمُكَ، فَارْمِ بِهِ حَيْثُ شِئْتَ، قَالَ: إِنَّكَ أَعْرَابِيٌّ جِلْفٌ جَافٌّ، وَإِنَّ قُرَيْشًا لَمْ يُمَكِّنْهُمْ رَجُلٌ قَطُّ مِنْ أُذُنِهِ إِلَّا غَلَبُوهُ على رأيه، فسر بهذا
__________
[1] تاريخ الطبري 5/ 502، 503، وانظر: الأخبار الطوال 268.(5/34)
الْجَيْشِ، فَإِذَا لَقِيتَ الْقَوْمَ فَاحْذَرْ أَنْ تُمَكِّنَهُمْ مِنْ أُذُنَيْكَ، لَا يَكُونُ إِلَّا الْوِقَافُ ثُمَّ الثِّقَافُ ثُمَّ الِانْصِرَافُ [1] .
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: جَاءَ نَعْيُ يَزِيدَ لَيْلًا، وَكَانَ أَهْلُ الشَّامِ يردّون ابن الزبير، قال ابن عون: فقمت فِي مَشْرَبةٍ لَنَا فِي دَارِ مَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، فَصِحْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: يَا أَهْلَ الشَّامِ، يَا أَهْلَ النِّفَاقِ وَالشُّؤْمِ، قَدْ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَاتَ يَزِيدُ، فَصَاحُوا وَسَبُّوا وَانْكَسَرُوا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا جَاءَ شَابٌّ فَاسْتَأْمَنَ، فَأَمَّنَّاهُ، فَجَاءَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ، وَأَشْيَاخٌ جُلُوسٌ فِي الْحِجْرِ، وَالْمِسْوَرُ يَمُوتُ فِي الْبَيْتِ، فَقَالَ الشَّابُّ: إِنَّكُمْ مَعْشَرُ قُرَيْشٍ، إِنَّمَا هَذَا الْأَمْرُ أَمْرُكُمْ، وَالسُّلْطَانُ لَكُمْ، وَإِنَّمَا خَرَجْنَا فِي طَاعَةِ رَجُلٍ مِنْكُمْ، وَقَدْ هَلَكَ، فَإِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تَأْذَنُوا لَنَا فَنَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَنَنْصَرِفُ إِلَى بِلَادِنَا، حَتَّى يَجْتَمِعُوا عَلَى رَجُلٍ. فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: لَا، وَلَا كَرَامَةَ، فَقَالَ ابْنُ صَفْوَانَ: لِمَ! بَلَى نَفْعَلُ ذَلِكَ، فَدَخَلَا عَلَى الْمِسْوَرِ فَقَالَ: وَمن أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ الله 2: 114 الْآيَةَ [2] ، قَدْ خَرَّبُوا بَيْتَ اللَّهِ، وَأَخَافُوا عُوَّادَهُ، فَأَخِفْهُمْ كَمَا أَخَافُوا عُوَّادَهُ، فَتَرَاجَعُوا، وَغُلِبَ الْمِسْوَرُ وَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ.
قُلْتُ: وَكَانَ لَهُ خَمْسَةُ أَيَّامٍ قَدْ أَصَابَهُ مِنْ حَجَرِ الْمَنْجَنِيقِ شَقَّهُ فِي خَدِّهِ فَهَشَمَ خَدُّهُ.
وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ، عَنْ جَمَاعَةٍ، أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ دَعَاهُمْ إِلَى نَفْسِهِ، فَبَايَعُوهُ، وَأَبَى عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَقَالَا: حَتَّى تَجْتَمِعَ لَكَ الْبِلَادُ وَمَا عِنْدَنَا خِلَافٌ، فَكَاشَرَهُمَا ثُمَّ غَلَظَ عَلَيْهِمَا سنة سِتَّ وَسِتِّينَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: لَمَّا بَلَغَ ابْنَ الزُّبَيْرِ مَوْتُ يَزِيدَ بَايَعُوهُ بِالْخِلَافَةِ، لَمَّا خَطَبَهُمْ وَدَعَاهُمْ إِلَى نَفْسِهِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ إِنَّمَا يَدْعُو إلى الشورى، فبايعوه في رجب. [3]
__________
[1] تاريخ خليفة 254، 255.
[2] سورة آل عمران/ 114.
[3] تاريخ خليفة 257 و 258.(5/35)
وَلَمَّا هَلَكَ يَزِيدُ بُويِعَ بَعْدَهُ ابْنُهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ، فَبَقِيَ فِي الْخِلَافَةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَقِيلَ شَهْرَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ مُتَمَرِّضًا، والضحاك بْنُ قَيْسٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَلَمَّا احْتُضِرَ قِيلَ لَهُ: أَلَا تَسْتَخْلِفُ؟ فَأَبى وَقَالَ: مَا أَصَبْتُ مِنْ حَلَاوَتِهَا، فَلَمْ أَتَحَمَّلْ مَرَارَتَهَا! وَكَانَ لَمْ يُغَيِّرْ أَحَدًا مِنْ عُمَّالِ أَبِيهِ [1] .
وَكَانَ شَابًّا صَالِحًا، أبيض جميلا وَسِيمًا، عَاشَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً [2] .
وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ [3] ، فَأَرَادَتْ بَنُو أُمَيَّةَ عُثْمَانَ هَذَا عَلَى الْخِلَافَةِ، فَامْتَنَعَ وَلَحِقَ بِخَالِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ.
وقَالَ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ لِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ عِنْدَ مَوْتِ مُعَاوِيَةَ: أَقِيمُوا أَمْرَكُمْ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْكُمْ شَامَكُمْ، فَتَكُونُ فِتْنَةً، فَكَانَ رَأْيُ مَرْوَانَ أَنْ يُرَدَّ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَيُبَايِعُهُ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ هَارِبًا مِنَ العراق، وكان عند ما بَلَغَهُ مَوْتُ يَزِيدَ خَطَبَ النَّاسَ، وَنَعَى إِلَيْهِمْ يَزِيدَ وَقَالَ: اخْتَارُوا لِأَنْفُسِكُمْ أَمِيرًا، فقَالُوا: نَخْتَارُكَ حَتَّى يَسْتَقِيمَ أَمْرُ النَّاسِ، فَوَضَعَ الدُّيُونَ وَبَذَلَ الْعَطَاءَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ سَلَمَةُ الرياحي بِنَاحِيَةِ الْبَصْرَةِ، فَدَعَا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَمَالَ النَّاسُ إِلَيْهِ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ الْأَزْدِيُّ: قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ: اخْتَارُوا لِأَنْفُسِكُمْ، قَالُوا: نَخْتَارُكَ، فَبَايَعُوهُ وَقَالُوا: أَخْرِجْ لَنَا إِخْوَانَنَا، وَكَانَ قَدْ مَلَأَ السُّجُونَ مِنَ الْخَوَارِجِ، فَقَالَ: لَا تَفْعَلُوا فَإِنَّهُمْ يُفْسِدُونَ عَلَيْكُمْ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَأَخْرَجَهُمْ، فَجَعَلُوا يُبَايِعُونَهُ، فَمَا تَتَامَّ آخِرُهُمْ حَتَّى أَغْلَظُوا لَهُ، ثُمَّ خَرَجُوا فِي نَاحِيَةِ بَنِي تَمِيمٍ [4] .
وَرَوَى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّهُمْ خَرَجُوا، فَجَعَلُوا يَمْسَحُونَ أَيْدِيَهُمْ بِجُدُرِ بَابِ الْإِمَارَةِ، وَيَقُولُونَ: هذه بيعة ابن مرجانة، واجترأ عليه
__________
[1] تاريخ خليفة 255.
[2] تاريخ دمشق (الظاهرية) 16/ 395 ب.
[3] في البداية والنهاية 8/ 237: صلى عليه أخوه خالد، وقيل عثمان بن عنبسة، وقيل الوليد بن عقبة وهو الصحيح، فإنه أوصى إليه بذلك.
[4] انظر تاريخ الطبري 5/ 505.(5/36)
النَّاسُ حَتَّى نَهَبُوا خَيْلَهُ مِنْ مَرْبَطِهِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: فَهَرَبَ بِاللَّيْلِ، فَاسْتَجَارَ بِمَسْعُودِ بْنِ عَمْرِو رَئِيسِ الْأَزْدِ، فَأَجَارَهُ.
ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ بَايَعُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ الْهَاشِمِيَّ بَبَّةَ [1] ، وَرَضُوا بِهِ أَمِيرًا عَلَيْهِمْ، وَاجْتَمَعَ الناس لتتمة الْبَيْعَةِ، فَوَثَبَتِ الْحَرُوريَّةُ عَلَى مَسْعُودِ بْنِ عَمْرٍو، فَقَتَلُوهُ، وَهَرَبَ النَّاسُ، وَتَفَاقَمَ الشَّرُّ، وَافْتَرَقَ الْجَيْشُ فرقتين، وكانوا نحوا من خَمْسِينَ أَلْفًا، وَاقْتَتَلُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَكَانَ عَلَى الْخَوَارِجِ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ.
وَقَالَ الزُّبَيْرِ بْنُ الْخِرِّيتِ، عَنْ أَبِي لَبِيدٍ، إِنَّ مَسْعُودًا جَهَّزَ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ مِائَةً مِنَ الْأَزْدِ، فَأَقْدَمُوهُ الشَّامَ.
وَرَوَى ابْنُ الْخِرِّيتِ، عَنْ أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ الْجَهْضَمِيِّ قَالَ: قَالَ ابْنُ زِيَادٍ: إِنِّي لَأَعْرِفُ سُورًا كَانَ فِي قَوْمِكَ، قَالَ الْحَارِثُ: فَوَقَفْتُ عَلَيْهِ فَأَرْدَفْتُهُ عَلَى بَغْلَتِي، وَذَلِكَ لَيْلًا، وَأَخَذَ عَلَى بَنِي سُلَيْمٍ فَقَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟
قُلْتُ: بَنُو سُلَيْمٍ، قَالَ: سَلِمْنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ مَرَرْنَا عَلَى بَنِي نَاجِيَةَ وَهُمْ جُلُوسٌ مَعَهُمُ السِّلَاحُ، فَقَالُوا: مَنْ ذَا؟ قُلْتُ: الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ، قَالُوا:
امْضِ رَاشِدًا، فَقَالَ رَجُلٌ: هَذَا وَاللَّهِ ابْنُ مَرْجَانَةَ خَلْفَهُ، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ، فَوَضَعَهُ فِي كَوْرِ عِمَامَتِهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قُلْتُ: الَّذِينَ كُنْتُ تَزْعُمُ أَنَّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ، هَؤُلَاءِ بَنُو نَاجِيَةَ، فَقَالَ: نَجَوْنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّكَ قَدْ أَحْسَنْتَ وَأَجْمَلْتَ، فَهَلْ تَصْنَعُ مَا أُشِيرَ بِهِ عَلَيْكَ، قَدْ عَرَفْتَ حَالَ مَسْعُودِ بْنِ عَمْرٍو وَشَرَفَهُ وَسِنَّهُ، وَطَاعَةَ قَوْمِهِ لَهُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَذْهَبَ بِي إِلَيْهِ، فَأَكُونُ فِي دَارِهِ، فَهِيَ أَوْسَطُ الْأَزْدِ دَارًا، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ تَصَدَّعَ عَلَيْكَ قَوْمُكَ؟ قُلْتُ:
نَعَمْ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ، فَأُشْعِرَ مَسْعُودٌ وَهُوَ جَالِسٌ يُوقِدُ لَهُ بِقَصَبٍ عَلَى لَبِنَةٍ، وَهُوَ يُعَالِجُ أَحَدَ خُفَّيْهِ بِخَلْعِهِ، فَعَرَفَنَا فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ كَانَ يَتَعَوَّذُ من طوارق السوء، فقلت له: أفتخرجه بعد ما دَخَلَ عَلَيْكَ بَيْتَكَ! فَأَمَرَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَيْتَ ابنه
__________
[1] بتشديد الموحدة، كما في (نزهة الألباب في الألقاب لابن حجر العسقلاني) .(5/37)
عَبْدِ الْغَافِرِ، وَرَكِبَ مَعِي فِي جَمَاعَةٍ مِنْ قَوْمِهِ، وَطَافَ فِي الْأَزْدِ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ زِيَادٍ قَدْ فُقِدَ، وَإِنَّا لَا نَأْمَنُ أَنْ نُلْطَخَ بِهِ، فَأَصْبَحَتِ الْأَزْدُ فِي السِّلَاحِ، وَأَصْبَحَ النَّاسُ قَدْ فَقَدُوا ابْنَ زِيَادٍ فَقَالُوا: أَيْنَ تَوَجَّهَ، مَا هُوَ إِلَّا فِي الْأَزْدِ؟
قَالَ خَلِيفَةُ [1] : قَالَ أَبُو الْيَقْظَانِ: فَسَارَ مَسْعُودٌ وَأَصْحَابُهُ يُرِيدُونَ دَارَ الْإِمَارَةِ، وَدَخَلُوا الْمَسْجِدَ، وَقَتَلُوا قَصَّارًا كَانَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، وَنَهَبُوا دَارَ امْرَأَةٍ، وَبَعَثَ الْأَحْنَفُ حِينَ عَلِمَ بذَلِكَ إِلَى بَنِي تَمِيمٍ، فَجَاءُوا، وَدَخَلَتِ الْأَسَاوِرَةُ الْمَسْجِدَ فَرَمَوْا بِالنُّشَّابِ، فيقال: فقئوا عَيْنَ أَرْبَعِينَ نَفْسًا. وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ إِلَى مَسْعُودٍ فَقَتَلَهُ، وَهَرَبَ مَالِكُ بْنُ مِسْمَعٍ، فَلَجَأَ إِلَى بَنِي عَدِيٍّ، وَانْهَزَمَ النَّاسُ.
وقال الزبير بن الخريت، عن أبي لبيد: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَدِمَ الشَّامَ، وَقَدْ بَايَعَ أَهْلُهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، مَا خَلَا أَهْلِ الْجَابِيَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، فَبَايَعَ هُوَ وَمَرْوَانُ وَبَنُو أُمَيَّةَ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، بَعْدَ مَوْتِ أَخِيهِ مُعَاوِيَةَ، فِي نِصْفِ ذِي الْقَعْدَةِ، ثُمَّ سَارُوا فَالْتَقَوْا هُمْ وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ بِمَرْجِ رَاهِطٍ، فَاقْتَتَلُوا أَيَّامًا فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَكَانَ الضَّحَّاكُ فِي سِتِّينَ أَلْفًا، وَكَانَ مَرْوَانُ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَلْفًا، فَأقَامُوا عِشْرِينَ يَوْمًا يَلْتَقُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ لِمَرْوَانَ: إِنَّ الضَّحَّاكَ فِي فُرْسَانِ قَيْسٍ، وَلَنْ تَنَالَ مِنْهُمْ مَا تُرِيدَ إِلَّا بِمَكِيدَةٍ، فَسَلْهُمُ الْمُوَادَعَةَ، وَأَعِدَّ الْخَيْلَ، فَإِذَا كَفُّوا عَنِ الْقِتَالِ فادهمهم، قَالَ: فَمَشَتْ بَيْنَهُمُ السُّفَرَاءُ حَتَّى كَفَّ الضَّحَّاكُ عَنِ الْقِتَالِ، فَشَدَّ عَلَيْهِمْ مَرْوَانُ فِي الْخَيْلِ، فَنَهَضُوا لِلْقِتَالِ مِنْ غَيْرِ تَعْبِئَةٍ، فَقُتِلَ الضَّحَّاكُ، وَقُتِلَ مَعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ فُرْسَانِ قَيْسٍ [2] . وَسَنَوْرِدُ مِنْ أَخْبَارِهِ فِي اسْمِهِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لَمَّا مَاتَ يَزِيدُ انْتَقَضَ أَهْلُ الرَّيِّ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ عَامِرُ بْنُ مَسْعُودٍ أَمِيرُ الْكُوفَةِ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَيْرِ بْنِ عُطَارِدٍ الدَّارَمِيَّ. وَكَانَ أصبهبذ [3] الريّ
__________
[1] تاريخ خليفة 258.
[2] تاريخ خليفة 259، 260.
[3] الأصبهبذ: اسم يطلق على كل من يتولّى بلاد طبرستان (انظر معجم البلدان 4/ 14 و 15) وهو أمير الأمراء، وتفسيره حافظ الجيش لأن الجيش «إصبه» و «بذ» حافظ. وهذه ثالثة(5/38)
يَوْمَئِذٍ الْفَرُّخَانُ [1] ، فَانْهَزَمَ الْفَرُّخَانُ وَالْمُشْرِكُونَ.
(وَفِيهَا) ظَهَرَتِ الخوارج الذين بمصر، ودعوا إلى عبد اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانُوا يَظُنُّونَهُ عَلَى مَذْهَبِهِمْ، وَلَحِقَ بِهِ خَلْقٌ مِنْ مِصْرَ إِلَى الْحِجَازِ، فَبَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى مِصْرَ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جَحْدَمٍ الْفِهْرِيَّ [2] ، فَوَثَبُوا عَلَى سَعِيدٍ الْأَزْدِيِّ فَاعْتَزَلَهُمْ.
وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ، فَإِنَّهُمْ بَعْدَ هُرُوبِ ابْنِ زِيَادٍ اصْطَلَحُوا عَلَى عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ الْجُمَحِيِّ، فَأَقَرَّهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ [3] (وَفِيهَا) هَدَمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْكَعْبَةَ لَمَّا احْتَرَقَتْ، وَبَنَاهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا- الْحَدِيثَ الْمَشْهُورَ-، وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ، وَمَتْنُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ، لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِكُفْرٍ لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ، وَلَأَدْخَلْتُ الْحِجْرَ فِي الْبَيْتِ، وَلَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ، بَابًا يَدْخُلُ النَّاسُ مِنْهُ، وَبَابًا يَخْرُجُونَ مِنْهُ، وَقَالَ: «إِنَّ قُرَيْشًا قَصَّرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ، فَتَرَكُوا مِنْ أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ الْحِجْرَ، وَاقْتَصَرُوا عَلَى هَذَا» ، وَقَالَ: «إِنَّ قَوْمَكِ عَمِلُوا لَهَا بَابًا عَالِيًا، لِيُدْخِلُوا مَنْ أَرَادُوا، أَوْ يَمْنَعُوا مَنْ أَرَادُوا» [4] فَبَنَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ كَبِيرًا، وَأَلْصَقَ بَابَهُ بِالْأَرْضِ، فَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَوُلِّيَ الْحَجَّاجُ عَلَى مَكَّةَ أَعَادَ الْبَيْتَ عَلَى مَا كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم، ونقض حائطه
__________
[ () ] المراتب العظيمة عند الفرس. (التنبيه والإشراف للمسعوديّ 91) .
[1] في تاريخ خليفة 261 «البرجان» .
[2] تاريخ الطبري 5/ 530 و 540.
[3] تاريخ الطبري 5/ 524
[4] أخرجه البخاري في العلم 1/ 198 1/ 198 و 199، باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشدّ منه، وفي الحج، باب فضل مكة وبنيانها، وفي الأنبياء، باب قول الله تعالى وَاتَّخَذَ الله إِبْراهِيمَ خَلِيلًا 4: 125، وفي تفسير سورة البقرة، باب قوله تعالى: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ من الْبَيْتِ 2: 127، وفي التمنّي، باب ما يجوز من اللّو.
وأخرجه مسلم في الحجّ (1333) باب نقض الكعبة وبنائها.(5/39)
مِنْ جِهَةِ الْحِجْرِ فَصَغَّرَهُ، وَأَخْرَجَ مِنْهُ الْحِجْرَ، وَأَخَذَ مَا فَضَلَ مِنَ الْحِجَارَةِ، فَدَكَّهَا فِي أَرْضِ الْبَيْتِ، فَعَلَا بَابُهُ، وَسَدَّ الْبَابَ الْغَرْبِيَّ [1] .
__________
[1] أخبار مكة 1/ 206 و 207، شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام (بتحقيقنا) - ج 1/ 342، تاريخ خليفة 261، الطبري 5/ 582.(5/40)
[حَوَادِثُ] سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ
تُوُفِّيَ فِيهَا: أُسَيْدُ بْنُ ظُهَيْرٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، وَسُلَيْمَان بْنُ صُرَدَ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ، وَمَالِكُ بْنُ هُبَيْرَةَ السُّكُونِيُّ، وَلَهُ صُحْبَةٌ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ فِي أَوَّلِ سَنَةٍ، وَقِيلَ فِي آخِرِ سَنَةِ أَرْبَعٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ الْأَعْوَرُ.
وَلَمَّا انْقَضَتْ وَقْعَةُ مَرْجِ رَاهِطٍ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ بَايَعَ أَكْثَرُ أَهْلِ الشَّامِ لِمَرْوَانَ، فَبَقِيَ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ، وَمَاتَ، وَعَهِدَ إِلَى ابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ [1] .
وَفِيهَا دَخَلَ الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ الْأَزْدِيُّ خُرَاسَانَ أَمِيرًا عَلَيْهَا مِنْ جِهَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَكَلَّمَهُ أَمِيرُهَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ فِي قِتَالِ الْأَزَارِقَةِ وَالْخَوَارِجِ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، وَأَمَدُّوهُ بِالْجُيُوشِ، فَسَارَ وَحَارَبَ الْأَزَارِقَةَ أَصْحَابَ ابْنِ الْأَزْرَقِ، وَصَابَرَهُمْ عَلَى الْقِتَالِ حَتَّى كَسَرَهُمْ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةَ آلاف وثمانمائة [2] .
__________
[1] تاريخ خليفة 259 و 261.
[2] انظر تاريخ الطبري 5/ 613 وما بعدها.(5/41)
وَفِيهَا سَارَ مَرْوَانُ بِجُيُوشِهِ إِلَى مِصْرَ، وَقَدْ كَانَ كَاتِبُهُ كُرَيْبُ بْنُ أَبْرَهَةَ، وَعَابِسُ بْنُ سَعِيدٍ قَاضِي مِصْرَ، فَحَاصَرَ جَيْشَهُ وَالِي مِصْرَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَخَنْدَقَ عَلَى الْبَلَدِ، وَخَرَجَ أَهْلُ مِصْرَ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يُسَمُّونَهُ يَوْمَ التَّرَاوِيحِ، لِأَنَّ أَهْلَ مِصْرَ كَانُوا يَنْتَابُونَ الْقِتَالَ وَيَسْتَرِيحُونَ، وَاسْتَحَرَّ الْقَتْلَ فِي الْمَعَافِرِ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ، وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ معديكرب الْكَلَاعِيُّ، أَحَدُ الْأَشْرَافِ، ثُمَّ صَالَحُوا مَرْوَانَ، فَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا بِيَدِهِ، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ، وَأَخَذُوا فِي دفن قتلاهم وفي البكاء، ثم تجهّز إلى مِصْرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَحْدَمٍ، وَأَسْرَعَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَضَرَبَ مَرْوَانُ عُنُقَ ثمانين رَجُلًا تَخَلَّفُوا عَنْ مُبَايَعَتِهِ. وَضَرَبَ عُنُقَ الْأُكَيْدِرِ [1] بْنِ حَمَامٍ اللَّخْمِيِّ سَيِّدِ لَخْمٍ وَشَيْخِهَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، وَكَانَ مَنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَذَلِكَ فِي نِصْفِ جُمَادِي الْآخِرَةِ، يَوْمَ مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَمَا قَدَرُوا يَخْرُجُونَ بِجِنَازَةِ عَبْدِ اللَّهِ، فَدَفَنُوهُ بِدَارِهِ.
وَاسْتَوْلَى مَرْوَانُ عَلَى مِصْرَ، وَأَقَامَ بِهَا شَهْرَيْنِ، ثُمَّ اسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا ابْنَهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ، وَتَرَكَ عِنْدَهُ أَخَاهُ بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ، وَمُوسَى بْنَ نُصَيْرِ وَزِيرًا، وَأَوْصَاهُ بِالْمُبَايَعَةِ فِي الْإِحْسَانِ إِلَى الْأَكَابِرِ، وَرَجَعَ إِلَى الشَّامِ [2] .
وَفِيهَا وَفَدَ الزُّهْرِيُّ عَلَى مَرْوَانَ، قَالَ عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: وَفَدْتُ عَلَى مَرْوَانَ وَأَنَا مُحْتَلِمٌ.
قُلْتُ: وَهَذَا بَعِيدٌ، وَإِنَّمَا الْمَعْرُوفُ وِفَادَتَهُ أَوَّلَ شَيْءٍ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ في أواخر إمارته [3] .
__________
[1] في كتاب: الولاة والقضاة- ص 43 «أكدر» .
[2] انظر كتاب: الولاة والقضاة 41 وما بعدها.
[3] كان ذلك في سنة 82 هـ. كما روى ابن عساكر في ترجمة الزهري التي نشرها: شكر الله بن نعمة الله القوجاني، وذلك من طريق: محمد بن الحسين، عن عبد الله، عن يعقوب، عن ابن بكير، عن الليث. - ص 12.(5/42)
(وَفِيهَا) وَجَّهَ مَرْوَانُ حُبَيْشُ بْنُ دُلْجَةَ الْقَيْنِيَّ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مُسْلِمُ بْنُ عقبة، فسار ومعه عبيد الله ابن الْحَكَمِ أَخُو مَرْوَانَ، وَأَبُو الْحَجَّاجُ يُوسُفُ الثَّقَفِيُّ، وَابْنُهُ الْحَجَّاجُ وَهُوَ شَابٌّ، فَجَهَّزَ مُتَوَلِّي الْبَصْرَةِ مِنْ جِهَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ جَيْشًا مِنَ الْبَصْرَةِ، فَالْتَقَوْا هُمْ وَحُبَيْشٌ بِالرَّبَذَةِ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ، فَقُتِلَ حُبَيْشُ بْنُ دُلْجَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ، وَأَكْثَرُ ذَلِكَ الْجَيْشِ، وَهَرَبَ مَنْ بَقِيَ، فَتَخَطَّفَتْهُمُ الْأَعْرَابُ، وَهَرَبَ الْحَجَّاجُ رِدْفَ أَبِيهِ [1] .
(وَفِيهَا) دَعَا ابْنُ الزبير إلى بيعته محمد بن الحنيفة، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَحَصَرَهُ فِي شِعْبِ بَنِي هَاشِمٍ فِي جَمَاعَةِ مِنْ بَيْتِهِ وَشِيعَتِهِ وَتَوَعَّدَهُمْ [2] .
(وفِيهَا) خَرَجَ بَنُو مَاحُوزٍ بِالْأَهْوَازِ وَفَارِسٍ، وَتَقَدَّمَ عَسْكَرُهُمْ، فَاعْتَرَضُوا أَهْلَ الْمَدَائِنِ، فَقَتَلُوهُمْ أَجْمَعِينَ، ثُمَّ سَارُوا إِلَى أَصْبَهَانَ، وَعَلَيْهَا عَتَّابُ بْنُ وَرْقَاءَ الرِّيَاحِيُّ، فَقَتَلَ ابْنُ مَاحُوزٍ، وَانْهَزَمَ الْخَوَارِجُ الَّذِينَ مَعَهُ، ثُمَّ أَمَّرُوا عَلَيْهِمْ قَطَرِيَّ بْنَ الفُجَاءَةِ [3] .
وَأَمَّا نَجْدَةُ الْحَرُورِيُّ فَإِنَّهُ قَدِمَ فِي الْعَامِ الْمَاضِي فِي جُمُوعِهِ مِنَ الْحَرُورِيَّةِ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَقَاتَلُوا مَعَهُ، فَلَمَّا ذَهَبَ أَهْلُ الشَّامِ اجْتَمَعُوا بِابْنِ الزُّبَيْرِ وَسَأَلُوهُ: مَا تَقُولُ فِي عُثْمَانَ؟ فَقَالَ: تَعَالَوُا الْعَشِيَّةَ حَتَّى أُجِيبَكُمْ، ثُمَّ هَيَّأَ أَصْحَابَهُ بِالسِّلَاحِ، فَجَاءَتِ الْخَوَارِجُ، فَقَالَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ لِأَصْحَابِهِ: قَدْ خَشِيَ الرَّجُلُ غَائِلَتَكُمْ، ثُمَّ دَنَا مِنْهُ فَقَالَ: يَا هَذَا اتَّقِ اللَّهَ، وَابْغَضِ الْجَائِرَ [4] ، وَعَادِ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الضَّلَالَةَ، وَخَالِفْ حُكْمَ الْكِتَابِ، وَإِنْ خَالَفْتَ فَأَنْتَ مِنَ الَّذِينَ اسْتَمْتَعُوا بِخِلَاقِهِمْ، وَأَذْهَبُوا طَيِّبَاتِهِمْ فِي حَيَاتِهِمُ الدنيا.
__________
[1] تاريخ الطبري 5/ 611، 612.
[2] تاريخ خليفة 262.
[3] تاريخ الطبري 5/ 613 وما بعدها.
[4] في تاريخ الطبري 5/ 565 «وأبغض الخائن المستأثر» .(5/43)
ثُمَّ تَكَلَّمَ خَطِيبُ الْقَوْمِ عَبِيدَةُ بْنُ هِلَالٍ، فَأَبْلَغَ.
ثُمَّ تَكَلَّمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ فِي آخِرِ مَقَالَتِهِ: أَنَا وَلِيُّ عُثْمَانَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، قَالُوا: فَبَرِئَ اللَّهُ مِنْكَ يَا عَدُوَّ الله، فقال: وبريء اللَّهُ مِنْكُمْ يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ، فَتَفَرَّقُوا عَلَى مِثْلِ هَذَا.
وَرَحَلُوا، فَأَقْبَلَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ الْحَنْظَلِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ [1] السَّعْدِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ إِبَاضٍ، وَحَنْظَلَةُ بْنُ بَيْهَسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَابْنُ الْمَاحُوزِ الْيَرْبُوعِيُّ، حَتَّى قَدِمُوا الْبَصْرَةَ، وَانْطَلَقَ أَبُو طَالُوتَ، وَأَبُو فُدَيْكٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَوْرٍ، وَعَطِيَّةُ الْيَشْكُرِيُّ، فَوَثَبُوا بِالْيَمَامَةِ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى نَجْدَةَ بْنِ عَامِرٍ الْحَنَفِيِّ الْحَرُورِيِّ [2] .
وَلَمَّا رَجَعَ مَرْوَانُ إِلَى دِمَشْقَ إِذَا مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ قَدِمَ فِي عَسْكَرٍ مِنَ الْحِجَازِ يَطْلُبُ فِلَسْطِينَ، فَسَرَّحَ مَرْوَانُ لِحَرْبِهِ عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ الْأَشْدَقِ، فَقَاتَلَهُ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ مُصْعَبٍ [3] .
وَوَرَدَ أَنَّ مَرْوَانَ تَزَوَّجَ بِأُمِّ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَجَعَلَهُ وَلِيَّ عَهْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ، ثُمَّ بَعْدَهُ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ، ثُمَّ لَمْ يَتِمَّ ذَلِكَ [4] .
وَفِيهَا بَايَعَ جُنْدُ خُرَاسَانَ سَلْمَ بْنَ زِيَادِ بْنِ أَبِيهِ، بَعْدَ مَوْتِ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ، وَأَحَبُّوهُ حَتَّى يُقَالُ: سَمَّوْا بِاسْمِهِ تِلْكَ السَّنَةَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ أَلْفَ مَوْلُودٍ، فَبَايَعُوهُ عَلَى أَنْ يَقُومَ بِأَمْرِهِمْ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَى خَلِيفَةٍ، ثُمَّ نَكَثُوا وَاخْتَلَفُوا، فَخَرَجَ سَلْمُ وَتَرَكَ عَلَيْهِمُ الْمُهَلَّبَ بْنَ أَبِي صُفْرَةَ، فَلَقِيَهُ بِنَيْسَابُورَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ [5] السُّلَمِيُّ فَقَالَ: مَنْ وَلَّيْتَ عَلَى خُرَاسَانَ؟ فَأَخْبَرَهُ، قَالَ: مَا وَجَدْتُ فِي مِصْرَ رَجُلًا تَسْتَعْمِلْهُ حَتَّى فَرَّقْتَ خُرَاسَانَ بين بكر بن وائل وأزد
__________
[1] في تاريخ الطبري 5/ 566 «صفار» .
[2] تاريخ الطبري 5/ 565، 566.
[3] تاريخ الطبري 5/ 540، 610.
[4] تاريخ الطبري 5/ 610، 611.
[5] في الأصل هنا وفيما يستقبلك «حازم» .(5/44)
عُمَانَ! وَقَالَ: اكْتُبْ لِي عَهْدًا عَلَى خُرَاسَانَ، فَكَتَبَ لَهُ، وَأَعْطَاهُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَقْبَلَ إِلَى مَرْوَ، فَبَلَغَ الْمُهَلَّبَ الْخَبَرُ، فَتَهَيَّأَ وَغَلَبَ ابْنَ خَازِمٍ عَلَى مَرْوَ، ثُمَّ صَارَ إِلَى سُلَيْمَان بْنِ مَرْثَدٍ، فَاقْتَتَلُوا أَيَّامًا، فَقُتِلَ سُلَيْمَانُ، ثُمَّ سَارَ ابْنُ خَازِمٍ إِلَى عَمْرِو بْنِ مرثد وهو بالطالقان [1] في سبعمائة، فبلغ عمرا، فَسَارَ إِلَيْهِ، فَالْتَقَوْا فَقُتِلَ عَمْرٌو، وَهَرَبَ أَصْحَابُهُ إِلَى هَرَاةَ، وَبِهَا أَوْسُ بْنُ ثَعْلَبَةَ، فَاجْتَمَعَ لَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَقَالُوا: نُبَايِعُكَ، عَلَى أَنْ تُشِيرَ إِلَى ابْنِ خَازِمٍ فَيُخْرِجَ مُضَرَ مِنْ خُرَاسَانَ كُلِّهَا، فَقَالَ: هَذَا بَغْيٌ، وَأَهْلُ الْبَغْيِ مَخْذُولُونَ، فَلَمْ يُطِيعُوهُ، وَسَارَ إِلَيْهِمُ ابْنُ خَازِمٍ، فَخَنْدَقُوا عَلَى هَرَاةَ، فَاقْتَتَلُوا نَحْوَ سَنَةٍ، وَشَرَعَ ابْنُ خَازِمٍ يَلِينُ لَهُمْ، فَقَالُوا: لَا، إِلَّا أَنْ تُخْرِجَ مُضَرَ مِنْ خُرَاسَانَ، وَإِمَّا أَنْ يَنْزِلُوا عَنْ كُلِّ سِلَاحٍ وَمَالٍ، فَقَالَ ابْنُ خَازِمٍ: وَجَدْتُ إِخْوَانَنَا قَطْعًا لِلرَّحِمِ، قَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّ رَبِيعَةَ لَمْ تَزَلْ غَضَابًا عَلَى رَبِّهَا مُذْ بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مُضَرَ.
ثُمَّ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْسٍ بَعْدَ الْحِصَارِ الطَّوِيلِ وَقْعَةٌ هَائِلَةٌ، أَثْخَنَ فِيهَا أَوْسٌ بِالْجَرَّاحَاتِ، وَقُتِلَتْ رَبِيعَةُ قَتْلًا ذَرِيعًا، وَهَرَبَ أَوْسٌ إِلَى سِجِسْتَانَ فَمَاتَ بِهَا، وَقُتِلَ مِنْ جُنْدِهِ يَوْمَئِذٍ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ثَمَانِيَةُ آلَافٍ، وَاسْتَخْلَفَ ابْنُ خَازِمٍ وَلَدَهُ عَلَى هَرَاةَ، وَرَجَعَ إِلَى مَرْوَ [2] .
(وَفِيهَا) سَارَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدِ الثَّقَفِيِّ فِي رَمَضَانَ مِنْ مَكَّةَ، وَمَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَمِيرًا مِنْ قِبَلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى خَرَاجِ الْكُوفَةِ، فَقَدِمَ الْمُخَتْارُ الْكُوفَةَ وَالشِّيعَةُ، قَدِ اجْتَمَعَتْ عَلَى سُلَيْمَان بْنِ صُرَدَ، فَلَيْسَ يَعْدِلُونَ بِهِ، فَجَعَلَ الْمُخْتَارُ يَدْعُوهُمْ إِلَى نَفْسِهِ، وَإِلَى الطَّلَبِ بِدَمِ الْحُسَيْنِ، فَتَقُولُ الشِّيعَةُ: هَذَا سُلَيْمَانُ شَيْخُنَا، فَأَخَذَ يَقُولُ لَهْمُ: إِنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ قِبَلِ الْمَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، فَصَارَ مَعَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الشيعة، ثم قدم على
__________
[1] الطالقان: بعد الألف لام مفتوحة وقاف، وآخره نون، بلدتان إحداهما بخراسان بين مروالروذ وبلخ. وهي أكبر مدينة بطخارستان. (المسالك والممالك للإصطخري 152 و 153، ومعجم البلدان 4/ 6) .
[2] تاريخ الطبري 5/ 546، 547.(5/45)
الْكُوفَةُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخَطْمِيُّ [1] مِنْ قِبَلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَنَبَّهُوهُ عَلَى أَمْرِ الشِّيعَةِ، وَأَنَّ نِيَّتَهُمْ أَنْ يَتُوبُوا، فَخَطَبَ النَّاسَ، وَسَبَّ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: لَيْسَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ وَلْيَخْرُجُوا ظَاهِرِينَ إِلَى قَاتِلِ الْحُسَيْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَقَدْ أَقْبَلَ إِلَيْهِمْ، وَأَنَا لَهُمْ عَلَى قِتَالِهِ ظَهِيرٌ، فَقِتَالُهُ أَوْلَى بِكُمْ، فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، فَنَقَمَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْمَقَالَةَ وَعَابَهَا، فَقَامَ إِلَيْهِ الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ فَسَبَّهُ، وَشَرَعُوا يَتَجَهَّزُونَ لِلْخُرُوجِ إِلَى مُلْتَقَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ.
وَقَدْ كَانَ سُلَيْمَان بْنُ صُرَدَ الْخُزَاعِيُّ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ الْفَزَارِيُّ- وَهُمَا مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ وَمِنْ كِبَارِ أَصْحَابِهِ- خَرَجَا فِي رَبِيعِ الْآخَرَ يَطْلُبُونَ بِدَمِ الْحُسَيْنِ بِظَاهِرِ الْكُوفَةِ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ، وَنَادَوْا: يَا لِثَارَاتِ الْحُسَيْنِ، وَتَعَبَّدُوا بِذَلِكَ، وَلَكِنْ ثَبَّطَ جَمَاعَةٌ وَقَالُوا: إِنَّ سُلَيْمَانَ لَا يَصْنَعُ شَيْئًا، إِنَّمَا يُلْقِي بِالنَّاسِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، وَلَا خِبْرَةَ لَهُ بِالْحَرْبِ، وَقَامَ سُلَيْمَانُ فِي أَصْحَابِهِ، فَحَضَّ عَلَى الْجِهَادِ وَقَالَ: مَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا فَلَا يَصَحَبْنَا، وَمَنْ أَرَادَ وَجْهَ اللَّهِ وَالثَّوَابَ فِي الْآخِرَةِ فَذَلِكَ، وَقَامَ صَخْرُ بْنُ حُذَيْفَةَ الْمُزَنِيُّ فَقَالَ: آتَاكَ اللَّهُ الرُّشْدَ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَخْرَجَتْنَا التَّوْبَةُ مِنْ ذُنُوبِنَا، وَالطَّلَبُ بِدَمِ ابْنِ بِنْتِ نَبِيِّنَا لَيْسَ مَعَنَا دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنَّمَا نُقْدِمُ عَلَى حَدِّ السُّيُوفِ.
وَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ نُفَيْلٍ الْأَزْدِيُّ فِي قَوْمِهِ، فدخل على سليمان ابن صُرَدَ فَقَالَ: إِنَّمَا خَرَجْنَا نَطْلُبُ بِدَمِ الْحُسَيْنِ، وقتلته كلهم بالكوفة، عمر ابن سَعْدٍ، وَأَشْرَافُ الْقَبَائِلِ، فَقَالُوا: لَقَدْ جَاءَ بِرَأْيٍ، وَمَا نَلْقَى إِنْ سِرْنَا إِلَى الشَّامِ إِلَّا عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: أَنَا أَرَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ، وَعَبَّأَ الْجُنُودَ وَقَالَ: لَا أَمَانَ لَهُ عِنْدِي دُونَ أَنْ يَسْتَسْلِمَ، فَأَمْضِي فِيهِ حُكْمِي، فَسِيرُوا إِلَيْهِ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ خَائِفًا، لَا يَبِيتَ إِلَّا فِي قَصْرِ الْإِمَارَةِ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخَطْمِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ فَأَتِيَا سُلَيْمَان بْنَ صُرَدَ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ أَحَبُّ أَهْلِ بَلَدِنَا إِلَيْنَا، فَلَا تَفْجَعُونَا بِأَنْفُسِكُمْ، ولا تنقصوا عددنا
__________
[1] في الأصل «الحطمي» ، والتصحيح من (اللباب في تهذيب الأنساب ج 1 ص 453) .(5/46)
بِخُرُوجِكُمْ، أَقِيمُوا مَعَنَا حَتَّى نَتَهَيَّأَ، فَإِذَا عَلِمْنَا أَنَّ عَدُوَّنَا قَدْ شَارَفَ بِلَادَنَا خَرَجْنَا كُلُّنَا فَقَاتَلْنَاهُ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: قَدْ خَرَجْنَا لِأَمْرٍ، وَلَا نَرَانَا إِلَّا شَاخِصِينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: فَأَقِيمُوا حَتَّى نَعُبِّئَ مَعَكُمْ جَيْشًا كَثِيفًا، فَقَالَ: سَأَنْظُرُ وَيَأْتِيكَ رَأْيِي.
ثُمَّ سَارَ، وَخَرَجَ مَعَهُ كُلُّ مُسْتَمِيتٍ، وَانْقَطَعَ عَنْهُ بَشَرٌ كَثِيرٌ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: مَا أَحَبَّ أَنْ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْكُمْ مَعَكُمْ، وَأَتَوْا قَبْرَ الْحُسَيْنِ فَبَكَوْا، وَقَامُوا يَوْمًا وَلَيْلَةً يُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ، وَقَالَ سُلَيْمَانُ: يَا رَبِّ إِنَّا قَدْ خَذَلْنَاهُ، فَاغْفِرْ لَنَا، وَتُبْ عَلَيْنَا.
ثُمَّ أَتَاهُمْ كِتَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ مِنَ الْكُوفَةِ يَنْشُدُهُمُ اللَّهَ وَيَقُولُ: أَنْتُمْ عَدَدٌ يَسِيرٌ، وَإِنَّ جَيْشَ الشَّامِ خَلْقٌ، فَلَمْ يَلْوُوا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَدِمُوا قَرْقِيسِيَاءَ، فَنَزَلُوا بِظَاهِرِهَا وَبِهَا زُفَرُ [1] بْنُ الْحَارِثِ الْكِلَابِيُّ قَدْ حصّنها، فأتى بابها المسيّب ابن نَجَبَةَ، فَأَخْبَرُوا بِهِ زُفَرَ [1] فَقَالَ: هَذَا وَفَارِسُ مُضَرَ الْحَمْرَاءِ كُلِّهَا، وَهُوَ نَاسِكُ دِينٍ، فَأَذِنَ لَهُ وَلَاطَفَهُ، فَقَالَ: مِمَّنْ نَتَحَصَّنُ، إِنَّا وَاللَّهِ مَا إِيَّاكُمْ نُرِيدُ، فَأَخْرِجُوا لَنَا سُوقًا، فَأَمَرَ لَهُمْ بِسُوقٍ، وَأَمَرَ لِلْمُسَيَّبِ بِفَرَسٍ، وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مِنْ عِنْدِهِ بِعَلَفٍ كَثِيرٍ، وَبَعَثَ إِلَى وُجُوهِ الْقَوْمِ بِعَشْرِ جَزَائِرَ وَعَلَفٍ وَطَعَامٍ، فَمَا احْتَاجُوا إِلَى شِرَاءِ شَيْءٍ مِنَ السُّوقِ، إِلَّا مِثْلَ سَوْطٍ أَوْ ثَوْبٍ، وَخَرَجَ فَشَيَّعَهُمْ وَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ بَعَثَ خَمْسَةَ أُمَرَاءَ قَدْ فَصَلُوا مِنَ الرّقّة: حصين بن نمير السّكونيّ، وشرحبيل ابن ذِي الْكَلَاعِ، وَأَدْهَمَ بْنَ مُحْرِزٍ الْبَاهِلِيَّ، وَرَبِيعَةَ بْنَ الْمُخَارِقِ الْغَنَوِيَّ، وَجَبَلَةَ [2] الْخَثْعَمِيَّ، فِي عَدَدٍ كَثِيرٍ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا، قَالَ زُفَرُ [1] :
فَتَدْخُلُونَ مَدِينَتَنَا، وَيَكُونُ أَمْرُنَا وَاحِدًا، وَنُقَاتِلُ مَعَكُمْ، فَقَالَ: قَدْ أَرَادَنَا أَهْلُ بَلَدِنَا عَلَى ذلك، فلم نفعل، قال: فبادروهم إلى عَيْنِ الْوَرْدَةِ، فَاجْعَلُوا الْمَدِينَةَ فِي ظُهُورِكُمْ، وَيَكُونُ الرُّسْتَاقُ والماء فِي أَيْدِيكُمْ، وَلَا تُقَاتِلُوا فِي فَضَاءٍ، فَإِنَّهُمْ أَكْثَرُ مِنْكُمْ، فَيُحِيطُونَ بِكُمْ، وَلَا تراموهم، ولا تصفّوا لهم، فإنّي
__________
[1] في الأصل «نفر» ، والتحرير من تاريخ ابن جرير 5/ 594 وغيره.
[2] في نسخة القدسي 2/ 370: «وحملة» ، والتصحيح من تاريخ لطبري.(5/47)
لَا أَرَى مَعَكُمْ رَجَّالَةً [1] وَالْقَوْمُ ذَوُو رِجَالٍ [2] وَفُرْسَانٍ، وَالْقَوْمُ كَرَادِيسُ.
قَالَ: فَعَبَّأَ سُلَيْمَان بْنُ صُرَدَ كِنَانَتَهُ، وَانْتَهَى إِلَى عَيْنِ الْوَرْدَةِ، فَنَزَلَ فِي غَرَبِيَّهَا، وَأَقَامَ خَمْسًا، فَاسْتَرَاحُوا وَأَرَاحُوا خُيُولَهُمْ، ثُمَّ قَالَ سُلَيْمَانُ: إِنْ قُتِلْتُ فَأَمِيرُكُمُ الْمُسَيَّبُ، فَإِنْ أُصِيبَ فَالْأَمِيرُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ نُفَيْلٍ، فَإِنْ قُتِلَ فَالْأَمِيرُ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ وَالٍ، فَإِنْ قُتِلَ فَالْأَمِيرُ رِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ، رَحِمَ اللَّهُ مَنْ صَدَقَ مَا عَاهَدَ اللَّهَ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَهَّزَ الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ فِي أَرْبِعِمِائَةٍ، فَانْقَضُّوا عَلَى مُقَدِّمَةِ الْقَوْمِ، وَعَلَيْهَا شُرَحْبِيلُ بْنُ ذِي الْكَلَاعِ، وَهُمُ غَارُّونَ، فَقَاتَلُوهُمْ فَهَزَمُوهُمْ، وَأَخَذُوا مِنْ خَيْلِهِمْ وَأَمْتِعَتِهِمْ وَرَدُّوا، فَبَلَغَ الْخَبَرُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ.
فَجَهَّزَ إِلَيْهِمْ الْحُصَيْنَ بْنَ نُمَيْرٍ فِي اثْنَى عَشَرَ أَلْفَا، ثُمَّ رَدَفَهُمْ بِشُرَحْبِيلَ فِي ثَمَانِيَةِ آلَافٍ، ثُمَّ أَمَدَّهُمْ مِنَ الصَّبَاحِ بِأَدْهَمَ بْنِ مُحْرِزٍ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ، وَوَقَعَ الْقِتَالُ، وَدَامَ الْحَرْبُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قِتَالًا لَمْ يُرَ مِثْلَهُ، وَقُتِلَ مِنَ الشَّامِيِّينَ خَلْقٌ كَثِيرٌ. وَقُتِلَ مِنَ التَّوَّابِينَ- وَكَذَا كَانُوا يُسَمَّوْنَ، لِأَنَّهُمْ تَابُوا إِلَى اللَّه مِنْ خِذْلَانِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَاسْتُشْهِدَ أُمَرَاؤُهُمُ الْأَرْبَعَةُ، لَمْ يُخْبِرْ رِفَاعَةُ بِمَنْ بَقِيَ وَرُدَّ إِلَى الْكُوفَةِ، وَكَانَ الْمُخْتَارُ فِي الْجَيْشِ، فَكَتَبَ إِلَى رِفَاعَةَ بْنِ شَدَّادٍ:
مَرْحَبًا بِمَنْ عَظَّمَ اللَّهُ لَهُمُ الْأَجْرَ، فَأَبْشِرُوا إِنَّ سُلَيْمَانَ قَضَى مَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكْنُ بِصَاحِبِكُمُ الَّذِي بِه تُنْصَرُونَ، إِنِّي أَنَا الْأَمِيرُ الْمَأْمُونُ، وَقَاتِلُ الْجَبَّارِينَ، فَأَعِدُّوا وَاسْتَعِدُّوا، وَكَانَ قَدْ حَبَسَهُ الْأَمِيرَانِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيُّ، فَبَقِيَ أَشْهُرًا، ثُمَّ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَشْفَعُ فِيهِ إِلَى الْأَمِيرَيْنِ، فَضَمِنَهُ جَمَاعَةٌ وَأَخْرَجُوهُ، وَحَلَّفُوهُ فَحَلَفَ لَهُمَا مُضْمِرًا لِلشَّرِّ، فَشَرَعَتِ الشِّيعَةُ تَخْتَلِفُ إِلَيْهِ وَأَمْرُهُ يُسْتَفْحَلُ [3] .
وَكَانَتِ الْكَعْبَةُ احْتَرَقَتْ فِي الْعَامِ الْمَاضِي مِنْ مجمر، علقت النار في
__________
[1] في نسخة القدسي 2/ 370: «رجال» ، والتصحيح من تاريخ (الطبري 5/ 595) .
[2] في نسخة القدسي 2/ 370 «رجالا» .
[3] الخبر في الطبري مطوّلا 5/ 593- 607.(5/48)
الْأَسْتَارِ، فَأَمَر ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي هَذَا الْعَامِ بِهَدْمِهَا إِلَى الْأَسَاسِ، وَأَنْشَأَهَا مُحْكَمَةً، وَأَدْخَلَ مِنَ الْحِجْرِ فِيهَا سِعَةَ سِتَّةِ أَذْرُعٍ، لِأَجْلِ الْحَدِيثِ الَّذِي حَدَّثَتْهُ خَالَتُهُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ، ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا نَقَضَهَا وَوَصَلُوا إِلَى الْأَسَاسِ، عَايَنُوهُ آخِذًا بَعْضَهُ بِبَعْضٍ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ، وَأَنَّ السِّتَّةَ الْأَذْرُعَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَسَاسِ، فَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ، وللَّه الْحَمْدُ، وَأَلْصَقُوا دَاخِلَهَا بِالْأَرْضِ، لَمْ يَرْفَعُوا دَاخِلَهَا، وَعَمِلُوا لَهَا بَابًا آخَرَ فِي ظَهْرِهَا، ثُمَّ سَدَّهُ الْحَجَّاجُ، فَذَلِكَ بَيِّنٌ لِلنَّاظِرِينَ، ثُمَّ قَصَّرَ تِلْكَ السِّتَّةَ الْأَذْرُعَ، فَأَخْرَجَهَا مِنَ الْبَيْتِ، وَدَكَّ تِلْكَ الْحِجَارَةَ فِي أَرْضِ الْبَيْتِ، حَتَّى عَلَا كَمَا هُوَ فِي زَمَانِنَا، زَادَهُ اللَّهُ تَعْظِيمًا [1] .
وَغَلَبَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ عَلَى خُرَاسَانَ، وَغَلَبَ مُعَاوِيَةُ الْكِلَابِيُّ عَلَى السِّنْدِ، إِلَى أَنْ قَدِمَ الْحَجَّاجُ الْبَحْرَيْنِ، وَغَلَبَ نَجْدَةُ الْحَرُورِيُّ عَلَى الْبَحْرَيْنِ وَعَلَى بَعْضِ الْيَمَنِ.
وَأَمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ فَإِنَّهُ بَعْدَ وَقْعَةِ عَيْنِ الْوَرْدَةِ مَرِضَ بِأَرْضِ الْجِزِيرَةِ، فَاحْتُبِسَ بِهَا وَبِقِتَالِ أَهْلِهَا عَنِ الْعِرَاقِ نَحْوًا مِنْ سَنَةٍ، ثُمَّ قَصَدَ الْمَوْصِلَ وَعَلَيْهَا عَامِلُ المختار كما يأتي.
__________
[1] انظر تاريخ الطبري 5/ 622.(5/49)
[حَوَادِثُ] سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّينَ
تُوُفِّيَ فِيهَا: جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا، وَهُبَيْرَةُ بْنُ يَرِيمَ [1] ، وَأَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ الْفَزَارِيُّ، وَقُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَبِيهِ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ ذِي الْكَلَاعِ، وَحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ السَّكُونِيُّ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا قُتِلُوا فِي أَوَّلِ سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ.
وَفِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ عَزَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَنِ الْكُوفَةِ، أَمِيرَهَا وَأَرْسَلَ عَلَيْهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ، فَخَرَجَ مِنَ السِّجْنِ الْمُخْتَارُ، وَقَدِ الْتَفَّ عَلَيْهِ خَلْقٌ مِنَ الشِّيعَةِ، وَقَوِيَتْ بَلِيَّتُهُ، وَضَعُفَ ابْنُ مُطِيعٍ مَعَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ تَوَثَّبَ بِالْكُوفَةِ، فَنَاوَشَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ الْقِتَالَ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ رِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ، وعبد الله بن سعد ابن قَيْسٍ، وَغَلَبَ عَلَى الْكُوفَةِ، وَهَرَبَ مِنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَجَعَلَ يَتْبَعُ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ، وَقَتَلَ عُمَرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَشِمْرَ بْنَ ذِي الْجَوْشَنِ الضَّبَابِيَّ وَجَمَاعَةً، وَافْتَرَى عَلَى اللَّهِ أَنَّهُ يَأْتِيهِ جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ، فَلِهَذَا قِيلَ لَهُ الْمُخْتَارُ الْكَذَّابُ، كَمَا قَالُوا مُسَيْلَمَةَ الْكَذَّابَ. وَلَمَّا قَوِيَتْ شَوْكَتُهُ فِي هَذَا الْعَامِ، كَتَبَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ يَحِطُّ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ، وَيَقُولُ: رأيته مداهنا لبني أُمَيَّةَ، فَلَمْ يَسَعْنِي أَنْ أَقِرَّهُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَا عَلَى طَاعَتِكَ، فَصَدَّقَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَكَتَبَ إِلَيْهِ بِوِلَايَةِ الْكُوفَةِ، فَكَفَاهُ جَيْشُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، وَأَخْرَجَ مِنْ عِنْدِهِ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الأشتر [2] ، وقد جهّزه للحرب ابن زياد في ذي الحجّة،
__________
[1] في الأصل «هبيرة بن مريم» والتصويب من تاريخ خليفة 263.
[2] في الأصل «إبراهيم بن الأسير» .(5/50)
وَشَيَّعَهُ الْمُخْتَارُ إِلَى دَيْرِ ابْنِ أُمِّ الْحَكَمِ، وَاسْتَقْبَلَ إِبْرَاهِيمُ أَصْحَابَ الْمُخْتَارِ قَدْ حَمَلُوا الْكُرْسِيَّ الَّذِي قَالَ لَهُمُ الْمُخْتَارُ: هَذَا فِيهِ سِرٌّ، وَإِنَّهُ آيَةٌ لَكُمْ كَمَا كَانَ التَّابُوتُ آيَةً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، قَالَ: وَهُمْ يَدْعُونَ حَوْلَ الْكُرْسِيِّ وَيَحُفُّونَ بِهِ، فَغَضِبَ ابْنُ الْأَشْتَرِ وَقَالَ: اللَّهمّ لَا تُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا، سُنَّةُ بني إسرائيل إذ عَكَفُوا عَلَى الْعِجْلِ [1] .
فَائِدَةٌ
وَافْتَعَلَ الْمُخْتَارُ كِتَابًا عن ابن الحنفيّة يأمره فيه بِنَصْرِ الشِّيعَةِ، فَذَهَبَ بَعْضُ الْأَشْرَافِ إِلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ: وَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ انْتَصَرَ لَنَا بِمَنْ شَاءَ، فَوَثَبَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ، وَكَانَ بَعِيدُ الصَّوْتِ، كَثِيرُ الْعَشِيرَةِ، فَخَرَجَ وَقَتَلَ إِيَاسَ بْنَ مُضَارِبٍ أَمِيرَ الشُّرْطَةِ، وَدَخَلَ عَلَى الْمُخْتَارِ، فَأَخْبَرَهُ، فَفَرِحَ وَنَادَى أَصْحَابَهُ فِي اللَّيْلِ بِشِعَارِهِمْ، وَاجْتَمَعُوا بِعَسْكَرِ الْمُخْتَارِ بِدِيرِ هِنْدٍ، وَخَرَجَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ فَنَادَى: يَا ثَارَاتِ الْحُسَيْنِ، أَلَا إِنَّ أَمِيرَ آلِ مُحَمَّدٍ قَدْ خَرَجَ [2] .
ثُمَّ الْتَقَى الْفَرِيقَانِ مِنَ الْغَدِ، فَاسْتَظْهَرَ الْمُخْتَارُ، ثُمَّ اخْتَفَى ابْنُ مُطِيعٍ، وَأَخَذَ الْمُخْتَارُ يَعْدِلُ وَيُحْسِنُ السِّيرَةَ، وَبَعَثَ فِي السِّرِّ إِلَى ابْنِ مُطِيعٍ بِمِائَةِ أَلْفٍ، وَكَانَ صَدِيقُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ: تَجَهَّزْ بِهَذِهِ وَاخْرُجْ، فَقَدْ شَعَرْتُ أَيْنَ أَنْتَ، وَوَجَدَ الْمُخْتَارُ فِي بَيْتِ الْمَالِ سَبْعَةَ آلَافٍ [3] ، فَأَنْفَقَ فِي جُنْدِهِ قُوَّاهُمْ.
قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ: حَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنِي طُفَيْلُ بْنُ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ قَالَ: كَانَ لِجَارٍ لِي زَيَّاتٍ، كُرْسِيٌّ، وَكُنْتُ قَدِ احْتَجْتُ، فَقُلْتُ لِلْمُخْتَارِ: إِنِّي كُنْتُ أَكْتُمُكَ شَيْئًا، وَقَدْ بَدَا لِي أَنْ أَذْكُرَهُ. قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قُلْتُ: كُرْسِيٌّ كَانَ أَبِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ، كَانَ يَرَى أَنَّ فِيهِ أَثَرَةً مِنْ علمٍ، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَخَّرْتَهُ إلى اليوم، قال: وكان ركبه وسخ
__________
[1] الخبر في تاريخ الطبري مطوّلا 6/ 7 وما بعدها، وتاريخ خليفة 263.
[2] تاريخ الطبري 6/ 22، 23.
[3] عند الطبري 6/ 33 «تسعة آلاف» . وانظر: الأخبار الطوال 291، 292.(5/51)
شَدِيدٌ، فَغُسِلَ وَخَرَجَ عَوَّادًا نَضَّارًا [1] ، فَجِيءَ بِهِ وَقَدْ غُشِيَ، فَأَمَرَ لِي بِاثْنَى عَشَرَ أَلْفًا، ثُمَّ دَعَا: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، فَاجْتَمَعُوا فَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ أَمْرٌ إِلَّا وَهُوَ كَائِنٌ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ التَّابُوتُ، وَإِنَّ فِينَا مِثْلَ التَّابُوتِ، اكْشِفُوا عَنْهُ، فَكَشَفُوا الْأَثْوَابَ [2] ، وَقَامَتِ السَّبَائِيَّةُ [3] فَرَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ، فَقَامَ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ يُنْكِرُ، فَضُرِبَ [4] .
فَلَمَّا قُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، وَخَبَرَهُ الْمَقْتَلَة الْآتِيَةَ، ازْدَادَ أَصْحَابُهُ بِهِ فِتْنَةً، وَتَغَالُوا فِيهِ حَتَّى تَعَاطُوا الْكُفْرَ، فَقُلْتُ: إِنَّا للَّه، وَنَدِمْتُ عَلَى مَا صَنَعْتُ، فَتَكَلَّمَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ، فَغُيِّبَ، قَالَ مَعْبَدٌ: فَلَمْ أَرَهُ بَعْدُ [5] .
قَالَ مُحَمَّدٌ بْنُ جَرِيرٍ [6] : وَوَجَّهَ الْمُخْتَارُ فِي ذِي الْحِجَّةِ ابْنَ الْأَشْتَرِ لِقِتَالِ ابن زياد، وذلك بعد فراغ الْمُخْتَارِ مِنْ قِتَالِ أَهْلِ السَّبِيعِ وَأَهْلِ الْكُنَاسَةِ الَّذِينَ خَرَجُوا عَلَى الْمُخْتَارِ، وَأَبْغَضُوهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَأَوْصَى ابْنَ الْأَشْتَرِ وَقَالَ:
هَذَا الْكُرْسِيُّ لَكُمْ آيَةٌ، فَحَمَلُوهُ عَلَى بَغْلٍ أَشْهَبَ، وَجَعَلُوا يَدْعُونَ حَوْلَهُ ويَضَجُّونَ، وَيَسْتَنْصِرُونَ بِهِ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الشَّامِ، فَلَمَّا اصْطَلَمَ أَهْلُ الشَّامِ ازْدَادَ شِيعَةُ الْمُخْتَارِ بِالْكُرْسِيِّ فِتْنَةً، فَلَمَّا رَآهُمْ كَذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ تَأَلَّمَ وَقَالَ: اللَّهمّ لَا تُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا، سُنَّةُ بَنِي إسرائيل إذ عَكَفُوا عَلَى العِجْلِ.
وَكَانَ الْمُخْتَارِ يَرْبِطُ أَصْحَابَهُ بِالْمُحَالِ وَالْكَذِبِ، وَيَتَأَلَّفُهُمْ بِمَا أَمْكَنَ، وَيَتَأَلَّفُ الشِّيعَةُ بِقَتْلِ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ.
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي مَعَ الْمُخْتَارِ مِنَ الْكُوفَةِ، فَقَالَ لَنَا:
أَبْشِرُوا، فَإِنَّ شُرْطَةَ اللَّهِ قَدْ حَسُوهُمْ بالسيوف بنصيبين أو بقرب نصّيبين،
__________
[1] في تاريخ الأمم والملوك 6/ 83 «عود نضار» .
[2] بالأصل «الأبواب» ، والتصحيح من تاريخ الطبري 4/ 83.
[3] في الأصل «السرائية» ، والتحرير مما عند ابن جرير 6/ 83.
[4] تاريخ الطبري 6/ 83.
[5] الطبري 6/ 83.
[6] تاريخ الطبري 6/ 81- 82.(5/52)
فدخلنا المدائن، فو الله إنه ليخطبنا إذ جَاءَتْهُ الْبُشْرَى بِالنَّصْرِ، فَقَالَ: أَلَمْ أُبَشِّرْكُمْ بِهَذَا؟ قَالُوا: بَلَى وَاللَّهِ.
قَالَ: يَقُولُ لِي رَجُلٌ هَمْدَانِيٌّ مِنَ الْفُرْسَانِ: أَتُؤْمِنُ الْآنَ يَا شَعْبِيُّ؟
قُلْتُ: بِمَاذَا؟ قَالَ: بِأَنَّ الْمُخْتَارَ يَعْلَمُ الْغَيْبَ، أَلَمْ يَقُلْ إِنَّهُمُ انْهَزَمُوا، قُلْتُ:
إِنَّمَا زَعَمَ أَنَّهُمْ هُزِمُوا بِنَصِيبِينَ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بِالْخَازَرِ مِنَ الْمَوْصِلِ، فَقَالَ لِي: وَاللَّهِ لَا تُؤْمِنُ حَتَّى تَرَى الْعَذَابَ الْأَلِيمَ يَا شَعْبِيَّ [1] .
وَرُوِيَ أَنَّ أَحَدَ عُمُومَةِ الْأَعْشَى كَانَ يَأْتِي مَجْلِسَ أَصْحَابِهِ، فَيَقُولُونَ: قَدْ وُضِعَ الْيَوْمَ وَحيُ مَا سَمِعَ النَّاسُ بِمِثْلِهِ، فِيهِ نَبَأُ مَا يَكُونُ مِنْ شَيْءٍ [2] .
وَعَنْ مُوسَى بْنِ عَامِرٍ قَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَصْنَعُ لَهُمْ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَوْفٍ وَيَقُولُ: إِنَّ الْمُخْتَارَ أَمَرَنِي بِهِ، وَيَتَبَرَّأُ مِنْهُ الْمُخْتَارُ [3] .
وَفِي الْمُخْتَارِ يَقُولُ سُرَاقَةُ بْنُ مِرْدَاسٍ الْبَارِقِيُّ الْأَزْدِيُّ:
كَفَرْتُ بِوَحْيِكُمُ وَجَعَلْتُ نَذْرًا ... عَلَيَّ هِجَاكُمْ [4] حَتَّى الْمَمَاتِ
أُرِي عَيْنَيَّ مَا لَمْ تُبْصِرَاهُ [5] ... كِلَانَا عَالِمٌ بِالتُرَّهَاتِ [6]
وَفِيهَا وَقَعَ بِمِصْرَ طَاعُونٌ هَلَكَ فِيهِ خَلْقٌ مِنْ أَهْلِهَا [7] .
وَفِيهَا ضَرَبَ الدَّنَانِيرَ بِمِصْرَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَهَا فِي الإسلام.
__________
[1] تاريخ الطبري 6/ 92، وانظر: الأخبار الطوال 289، 290.
[2] تاريخ الطبري 6/ 85.
[3] تاريخ الطبري 6/ 85.
[4] في تاريخ الطبري 6/ 55: «قتالكم» .
[5] كذا عند الطبري، وفي الأصل: «ما لم ترياه» .
[6] في تاريخ الطبري 4 أبيات (6/ 55) وفي الكامل 4/ 239 ثلاثة أبيات، وكذلك في الأخبار الطوال 303.
[7] تاريخ خليفة 263.(5/53)
وَفِي ذِي الْحِجَّةِ الْتَقَى عَسْكَرُ الْمُخْتَارِ، وَكَانُوا ثلاثة آلاف، وعسكر ابن زياد، فقتل قائد أَصْحَابُ ابْنِ زِيَادٍ، وَاتَّفَقَ أَنَّ قَائِدَ عَسْكَرِ الْمُخْتَارِ كَانَ مَرِيضًا فَمَاتَ مِنَ الْغَدِ، فَانْكَسَرَ بِمَوْتِهِ أَصْحَابِهِ وَتَحَيَّزُوا.(5/54)
[حَوَادِثُ] سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ
فِيهَا تُوُفِّيَ: عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، وَالْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ الْكَذَّابُ، وَعُمَرُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَزَائِدَةُ بْنُ عُمَيْرٍ الثَّقَفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ، قُتِلَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ فِي حَرْبِ الْمُخْتَارِ، وَقُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَأَمُرَاؤُهُ فِي أَوَّلِ الْعَامِ.
ذِكْرُ وَقْعَةِ الْخَازَرِ [1]
فِي الْمُحَرَّمِ، وَقِيلَ: كَانَتْ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ، بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَشْتَرِ، وَكَانَ فِي ثَمَانِيَةِ آلَافٍ مِنَ الْكُوفِيِّينَ، وَبَيْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، وَكَانَ فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا مِنَ الشَّامِيِّينَ، فَسَارَ ابْنُ الْأَشْتَرِ فِي هَذَا الْوَقْتِ مُسْرِعًا يُرِيدُ أَهْلَ الشَّامِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلُوا أَرْضِ الْعِرَاقِ، فَسَبَقَهُمْ وَدَخَلَ الْمَوْصِلَ، فَالْتَقَوْا عَلَى خَمْسَةِ فَرَاسِخَ مِنَ الْمَوْصِلِ بِالْخَازَرِ، وَكَانَ ابْنُ الْأَشْتَرِ قَدْ عَبَّأَ جَيْشَهُ، وَبَقِيَ لَا يَسِيرُ إِلَّا عَلَى تُقْيَةٍ [2] ، فَلَمَّا تَقَارَبُوا أَرْسَلَ عُمَيْرُ بْنُ الْحُبَابِ السُّلَمِيُّ إِلَى ابْنِ الْأَشْتَرِ: إِنِّي مَعَكَ.
قَالَ: وَكَانَ بِالْجِزِيرَةِ خَلْقٌ مِنْ قَيْسٍ، وَهِمْ أَهْلُ خِلَافٍ لِمَرْوَانَ، وَجُنْدُ مَرْوَانَ يَوْمَئِذٍ كَلْبٌ، وَسَيِّدُهُمُ ابْنُ بَحْدَلٍ، ثُمَّ أَتَاهُ عُمَيْرُ لَيْلًا فَبَايَعَهُ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ عَلَى مَيِسرَةِ ابْنِ زِيَادٍ، وَوَعَدَهُ أَنْ يَنْهَزِمَ بِالنَّاسِ، فَقَالَ ابْنُ الْأَشْتَرِ: مَا رأيك
__________
[1] في الأصل «الجازر» والتصحيح من الطبري وغيره.
[2] عند الطبري 6/ 86: «تعبية» .(5/55)
أُخَندِقُ عَلَى نَفْسِي؟ قَالَ: لَا تَفْعَلْ، إِنَّا للَّه، هَلْ يُرِيدُ الْقَوْمُ إِلَّا هَذِهِ، إِنْ طاولوك وما ماطلوك فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ، هُمْ أَضْعَافُكُمْ، وَلَكِنْ نَاجِزِ الْقَوْمَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ مُلِئُوا مِنْكُمْ رُعْبًا، وَإِنْ شَامُوا أَصْحَابَكَ وَقَاتَلُوهُمْ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ أَنِسُوا بِهِمْ وَاجْتَرَءُوا عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: الْآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ نَاصِحٌ لِي، وَالرَّأْيُ مَا رَأَيْتَ، وَإِنَّ صَاحِبِي بِهَذَا الرَّأْيِ أَمَدَّنِي، ثُمَّ انْصَرَفَ عُمَيْرُ، وَأتْقَنَ ابْنُ الْأَشْتَرِ أَمْرَهُ وَلَمْ يَنَمْ، وَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ بِغَلَسٍ، ثُمَّ زَحَفَ بِهِمْ حَتَّى أَشْرَفَ مِنْ تَلٍّ عَلَى الْقَوْمِ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ، وَإِذَا أُولَئِكَ لَمْ يَتَحَرَّكْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَقَامُوا عَلَى دَهَشٍ وَفَشَلٍ، وَسَاقَ ابْنُ الْأَشْتَرِ عَلَى أُمَرَائِهِ يُوصِيهِمْ وَيَقُولُ: يَا أَنْصَارَ الدِّينِ وَشِيعَةَ الْحَقِّ، هَذَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْجَانَةَ قَاتِلُ الْحُسَيْنِ، حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفُرَاتِ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ هُوَ وَأَوْلَادُهُ وَنِسَاؤُهُ، وَمَنَعَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ إِلَى بَلَدِهِ، وَمَنَعَهُ أَنْ يَأْتِيَ ابْنَ عَمِّهِ يَزِيدَ فَيُصَالِحُهُ حتى قتله، فو الله مَا عَمِلَ فِرْعَوْنُ مِثْلَهُ، وَقَدْ جَاءَكُمُ اللَّهُ بِهِ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَشْفِيَ صُدُورَكُمْ، وَيُسْفِكَ دَمَهُ عَلَى أَيْدِيكُمْ، ثُمَّ نَزَلَ تَحْتَ رَايَتِهِ، فَزَحَفَ إِلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، وَعَلَى مَيْمَنَتِهِ الْحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ عُمَيْرُ [1] بْنُ الْحُبَابِ، وَعَلَى الْخَيْلِ شُرَحْبِيلُ بْنُ ذِي الْكَلَاعِ، فَحَمَلَ الْحُصَيْنُ عَلَى مَيْسَرَةِ ابْنِ الْأَشْتَرِ فَحَطَّمَهَا، وَقَتَلَ مُقَدِّمَهَا عَلِيُّ بْنُ مَالِكٍ الْجُشَمِيُّ، فَأَخَذَ رَايَتَهُ قُرَّةُ بْنُ عَلِيٍّ، فَقُتِلَ أَيْضًا، فَانْهَزَمَتِ الْمَيِسرَةُ، وَتَحَيَّزَتْ مَعَ ابْنِ الْأَشْتَرِ، فَحَمَلَ وَجَعَلَ يَقُولُ لِصَاحِبِ رَايَتِهِ: انْغَمِسْ بِرَايَتِكَ فِيهِمْ، ثُمَّ شُدَّ ابْنَ الْأَشْتَرِ، فَلَا يَضْرِبُ بِسَيْفِهِ رَجُلًا إِلَّا صَرَعَهُ، وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَكَثُرَتِ الْقَتْلَى، فَانْهَزَمَ أَهْلُ الشَّامِ، فَقَالَ ابْنُ الْأَشْتَرِ: قَتَلْتُ رَجُلًا وَجَدْتُ مِنْهُ رَائِحَةَ الْمِسْكِ، شَرَّقَتْ يَدَاهُ وَغَرَّبَتْ رِجْلَاهُ، تَحْتَ رَايَةٍ مُنْفَرِدَةٍ عَلَى جَنْبِ النَّهْرِ، فَالْتَمَسُوهُ فَإِذَا هُوَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، قَدْ ضَرَبَهُ فَقَدَّهُ بِنِصْفَيْنِ، وَحَمَلَ شَرِيكٌ التَّغْلِبِيُّ [2] عَلَى الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ فَاعْتَنَقَا، فَقَتَلَ أَصْحَابُ شَرِيكٍ حُصَيْنًا، ثُمَّ تَبِعَهُمْ أَصْحَابُ ابْنِ الْأَشْتَرِ، فَكَانَ مَنْ غَرِقَ فِي الْخَازَرِ أَكْثَرُ مِمَّنْ قُتِلَ، ثُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْأَشْتَرِ دَخَلَ الْمَوْصِلَ، وَاسْتُعْمِلَ عَلَيْهَا وَعَلَى نَصِيبِينَ ودارا وسنجار، وبعث
__________
[1] في الأصل «عمر» والتصحيح من السياق.
[2] في الأصل «الثعلبي» .(5/56)
بِرُءُوسَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَالْحُصَيْنِ، وَشُرَحْبِيلَ بْنِ ذِي الْكَلَاعِ إِلَى الْمُخْتَارِ، فَأَرْسَلَهَا فنُصِبَتْ بِمَكَّةَ [1] .
وَمِمَّنْ قُتِلَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ: هُبَيْرَةُ بْنُ يَرِيمَ، وَمِمَّنْ قَتَلَهُ الْمُخْتَارُ حَبِيبُ بْنُ صُهْبَانَ الْأَسَدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ بِالْكُوفَةِ [2] .
وَفِيهَا وَجَّهَ الْمُخْتَارُ أَرْبَعَةَ آلَافِ فَارِسٍ، عَلَيْهِمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُدَلِيُّ [3] ، وَعُقْبَةُ بْنُ طَارِقٍ، فَكَلَّمَ الْجُدَلِيُّ [3] عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فِي مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَخْرَجُوهُ مِنَ الشِّعْبِ، وَلَمْ يَقْدِرِ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى مَنْعِهِمْ، وَأَقَامُوا فِي خِدْمَةِ مُحَمَّدٍ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ، حَتَّى قُتِلَ الْمُخْتَارُ، وَسَارَ مُحَمَّدٌ إِلَى الشَّامِ.
فَأَمَّا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَإِنَّهُ غَضَبَ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَبَعَثَ لِحَرْبِهِ أَخَاهُ مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَوَلَّاهُ جَمِيعَ الْعِرَاقِ، فَقَدِمَ مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ وَشَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ إِلَى البصرة يستنصران على المختار، فسيّر المختار إلى البصرة أحمر [4] ابن شُمَيْطٍ، وَأَبَا عَمْرَةَ كَيْسَانَ فِي جَيْشٍ مِنَ الْكُوفَةِ، حَتَّى نَزَلُوا الْمَدَارِ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ مُصْعَبُ بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَعَلَى مَيْمَنَتِهِ وَمَيْسَرَتِهِ الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ، الْأَسَدِيُّ. وَعُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التيمي، فحمل عليهم المهلّب، فألجأهم إلى القصر، حتى قتله طريف [5] وطرّف أَخَوَانِ مِنْ بَنِي حَنِيفَةِ، فِي رَمَضَانَ، وَأَتَيَا
__________
[1] تاريخ الطبري 6/ 86- 92.
[2] تاريخ خليفة 263.
[3] في الأصل «الحدلي» ، والتحرير من تاريخ ابن جرير 6/ 103 والطبقات الكبرى لابن سعد 5/ 101.
[4] في الأصل «أحمد» والتصحيح من (شذرات الذهب ج 1 ص 75 والطبري 6/ 95) .
[5] عند الطبري 6/ 108: «طرفة» . والمثبت يتفق مع تاريخ خليفة 264.(5/57)
بِرَأْسِهِ إِلَى مُصْعَبٍ، فَأَعْطَاهُمَا ثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَقُتِلَ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ سَبْعُمِائَةٍ.
وَيُقَالُ: كَانَ الْمُخْتَارُ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا، فَقُتِلَ أَكْثَرُهُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَتَلَ مُصْعَبٌ خَلْقًا بِدَارِ الْإِمَارَةِ غَدْرًا بَعْدَ أَنْ أمَّنَهُمْ، وَقَتَلَ عَمْرَةَ بِنْتَ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيُّ امْرَأَةَ الْمُخْتَارِ صَبْرًا، لِأَنَّهَا شَهِدَتْ فِي الْمُخْتَارِ أَنَّهُ عَبْدٌ صَالِحٌ [1] .
وَبَلَغَنَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ لَمَّا بَلَغَهُمْ مَجِيءُ مُصْعَبٍ تَسَرَّبُوا إِلَيْهِ إِلَى الْبَصْرَةِ، مِنْهُمْ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٌّ، وَتَحْتَهُ بَغْلَةٌ قَدْ قَطَعَ ذَنَبَهَا وَأُذُنَهَا، وَشَقَّ قِبَاءَهُ، وَهُوَ يُنَادِي: يَا غَوْثَاهْ، وَجَاءَ أَشْرَافُ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَخْبَرُوا مُصْعَبًا بِمَا جَرَى، وَبِوُثُوبِ عَبِيدُهُمْ وَغُلْمَانُهُمْ عَلَيْهِمْ مَعَ الْمُخْتَارِ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ، وَلَمْ يَكُنْ شَهِدَ وَقْعَةَ الْكُوفَةِ، بَلْ كَانَ فِي قَصْرٍ لَهُ بِقُرْبِ الْقَادِسِيَّةِ، فَأَكْرَمَهُ مصعب وأدناه لِشَرَفِهِ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ- وَكَانَ عَامِلُ فَارِسٍ- لِيَقْدُمَ، فَتَوَانَى عَنْهُ، فبعث مصعب خلفه محمد ابن الْأَشْعَثِ، فَقَالَ لَهُ الْمُهَلَّبُ: مِثْلُكَ يَأْتِي بَرِيدًا؟ قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَنَا بَرِيدُ أَحَدٍ، غَيْرَ أَنَّ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا غَلَبَنَا عَلَيْهِمْ عِبْدَاؤُنَا [2] وَمَوَالِينَا، فَأَقْبَلَ الْمُهَلَّبُ بِجُيُوشٍ وَأَمْوَالٍ عَظِيمَةٍ، وَهَيْئَةٍ لَيْسَ بِهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. وَلَمَّا انْهَزَمَ جَيْشُ الْمُخْتَارِ انْهَدَّ لِذَلِكَ، وَقَالَ لِنَجِيٍّ لَهُ: مَا مِنَ الْمَوْتِ بُدٌّ، وَحَبَّذَا مَصَارِعَ الْكِرَامِ، ثُمَّ حُصِرَ الْقَصْرُ، وَدَامَ الْحِصَارُ أَيَّامًا، ثُمَّ فِي أَوَاخِرِ الْأَمْرِ كَانَ الْمُخْتَارُ يَخْرُجُ فَيُقَاتِلُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ قِتَالًا ضَعِيفًا، ثُمَّ جَهَدُوا وَقَلَّ عَلَيْهِمُ الْقُوتُ وَالْمَاءُ، وَكَانَ نِسَاؤُهُمْ يَجِئْنَ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ خِفْيَةً، فَضَايَقَهُمْ جَيْشُ مُصْعَبٍ، وَفتَّشُوا النِّسَاءَ، فَقَالَ الْمُخْتَارُ: وَيْحَكُمُ انْزِلُوا بِنَا نُقَاتِلُ حَتَّى نُقْتَلَ كِرَامًا، وَمَا أَنَا بِآيِسٍ إِنْ صَدَقْتُمُوهُمْ أَنْ تُنْصَرُوا، فَضَعُفُوا، فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَلَا وَاللَّهِ لَا أُعْطِي بِيَدِي، فَأَمَّلَسَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ الْمَخْزُومِيُّ فَاخْتَبَأَ، وَأَرْسَلَ الْمُخْتَارُ إِلَى امْرَأَتِهِ بِنْتِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِطِيبٍ كَثِيرٍ، ثُمَّ اغْتَسَلَ وَتَحَنَّطَ وَتَطَيَّبَ، ثُمَّ خَرَجَ حَوْلَهُ تِسْعَةَ عَشَرَ رجلا، فيهم السائب بن مالك الأشعريّ
__________
[1] تاريخ الطبري 6/ 112.
[2] عند الطبري 6/ 94: «عبداننا» .(5/58)
خَلِيفَتُهُ عَلَى الْكُوفَةِ، فَقَالَ السَّائِبُ: مَا تَرَى؟ قَالَ: أَنَا أَرَى أَمِ اللَّهُ يَرَى! قَالَ:
بَلِ اللَّهُ يَرَى، وَيْحَكَ أَحْمَقُ أَنْتَ، إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ، رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ انْتَزَى عَلَى الْحِجَازِ، وَرَأَيْتُ نَجْدَةَ انْتَزَى عَلَى الْيَمَامَةِ، وَرَأَيْتُ مَرْوَانَ انْتَزَى عَلَى الشَّامِ، فَلَمْ أَكُنْ بِدُونِهِمْ، فَأَخَذْتُ هَذِهِ الْبِلَادَ، فَكُنْتُ كَأَحَدِهِمْ، إِلَّا أَنِّي طَلَبْتُ بِثَأْرِ أَهْلِ الْبَيْتِ، فَقَاتِلْ عَلَى حَسَبِكَ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ نِيَّةً، قَالَ: إنّا للَّه، وَمَا كُنْتُ أَصْنَعُ بِحَسَبِي! وَقَالَ لَهُمُ الْمُخْتَارُ: أَتُؤَمِّنُونِي؟ قَالُوا: لَا، إِلَّا عَلَى الْحُكْمِ، قَالَ: لَا أَحْكُمُكُمْ [1] فِي نَفْسِي، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ أَمْكَنَ أَهْلَ الْقَصْرِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ مُصْعَبٌ: عبّادَ بْنَ الْحُصْيَنِ، فَكَانَ يُخْرِجُهُمْ مُكَتَّفِينَ، ثُمَّ قُتِلَ سَائِرُهُمْ. فَقِيلَ: إِنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ قَالَ لِمُصْعَبٍ: الْحَمْدُ للَّه الَّذِي ابْتَلَانَا بِالْإِسَارِ، وَابْتَلَاكَ أَنْ تَعْفُوَ عَنَّا، فَهُمَا مَنْزِلَتَانِ إِحْدَاهُمَا رِضَا اللَّهِ والثانية سخطه، من عفا عَفَا اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ عَاقَبَ لَمْ يَأْمَن الْقِصَاصَ، يَا ابْنَ الزُّبَيْرِ نَحْنُ أَهْلُ قِبْلَتِكُمْ وَعَلَى مِلَّتِكُمْ، لَسْنَا تُرْكًا وَلَا دَيْلَمًا، فَإِنْ خَالَفْنَا إِخْوَانَنَا مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ [2] ، فَإِمَّا أَنْ نَكُونَ [3] أَصَبْنَا وَأَخْطَأُوا، وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَخْطَأْنَا وَأَصَابُوا. فَاقْتَتَلْنَا كَمَا اقْتَتَلَ أَهْلُ الشَّامِ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ اصْطَلَحُوا وَاجْتَمَعُوا، وَقَدْ مَلَكْتُمْ فَاسْجِحُوا، وَقَدْ قَدَرْتُمْ فَاعْفُوا، فَرَقَّ لَهُمْ مُصْعَبٌ، وَأَرَادَ أَنْ يخلّي سبيلهم، فقام عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ، فَقَالَ: تُخَلِّي سَبِيلَهُمْ! اخْتَرْنَا وَاخْتَرْهُمْ، وَوَثَبَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَمْدَانِيُّ فَقَالَ: قُتِلَ أَبِي وَخُمْسُمِائَةٍ مِنْ هَمْدَانَ وَأَشْرَافِ الْعَشِيرَةِ ثُمَّ تُخَلِّهُمْ، وَوَثَبَ كُلُّ أَهْلِ بَيْتٍ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ، فَنَادُوا: لَا تَقْتُلْنَا وَاجْعَلْنَا مُقَدِّمَتَكَ إِلَى أَهْلِ الشَّامِ غَدًا، فو الله مَا بِكَ عَنَّا غَنَاءُ، فَإِنْ ظَفِرْنَا فَلَكُمْ، وَإِنْ قُتِلْنَا لَمْ نُقْتَلْ حَتَّى نَرُقَّهُمْ لَكُمْ، فَأَبَى، فَقَالَ مُسَافِرُ بْنُ سَعِيدٍ: مَا تَقُولُ للَّه غَدًا إِذَا قَدِمْتَ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَتَلْتَ أُمَّةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ صَبْرًا، حَكَّمُوكَ فِي دِمَائِهِمْ [4] ، فَكَانَ الْحَقُّ فِي دِمَائِهِمْ أَنْ لَا تَقْتُلَ
__________
[1] في الأصل «أحكم» ، والتحرير من تاريخ ابن جرير 6/ 107.
[2] عند الطبري «مصرنا» (6/ 109) .
[3] من هنا إلى «نكون» ساقط من الأصل، فاستدركته من تاريخ الطبري 6/ 109.
[4] من هنا إلى «دمائهم» ساقط في الأصل، فاستدركته من تاريخ الطبري 6/ 110.(5/59)
نَفْسًا مُسْلِمَةً بِغَيْرِ نَفْسٍ، فَإِنْ كُنَّا قَتَلْنَا عِدَّةَ رِجَالٍ مِنْكُمْ، فَاقْتُلُوا عِدَّةً مِنَّا، وَخَلُّوا سَبِيلَ الْبَاقِي، فَلَمْ يَسْتَمِعْ لَهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِكَفِّ الْمُخْتَارِ، فَقُطِعَتْ وَسُمِّرَتْ إِلَى جَانِبِ الْمَسْجِدِ، وَبَعَثَ عُمَّالَهُ إِلَى الْبِلَادِ، وَكَتَبَ إِلَى ابْنِ الْأَشْتَرِ يَدْعُوهُ إِلَى طَاعَتِهِ وَيَقُولُ: إِنْ أَجَبْتَنِي فَلَكَ الشَّامُ وَأَعِنَّةُ الْخَيْلِ.
وَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ أَيْضًا إِلَى ابْنِ الْأَشْتَرِ: إِنْ بَايَعْتَنِي فَلَكَ الْعِرَاقُ، ثُمَّ اسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ فَتَرَدَّدُوا، ثُمَّ قَالَ: لَا أُؤْثِرُ عَلَى مِصْرِي وَعَشِيرَتِي أَحَدًا، وَسَارَ إِلَى مُصْعَبٍ [1] .
قَالَ أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدٍ قَالَ: جَاءَ مُصْعَبُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، يَعْنِي لَمَّا وَفَدَ عَلَى أَخِيهِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ:
أَيْ عَمِّ، أَسْأَلُكَ عَنْ قَوْمٍ خَلَعُوا الطَّاعَةَ وَقَاتَلُوا، حَتَّى إِذَا غُلِبُوا تَحَصَّنُوا وَسَأَلُوا الْأَمَانَ، فَأُعْطُوا، ثُمَّ قُتِلُوا بَعْدُ، قَالَ: وَكَمُ الْعَدَدُ؟ قَالَ: خَمْسَةُ آلَافٍ، قَالَ:
فَسَبّحَ ابْنُ عُمَرَ، ثُمَّ قَالَ: عَمْرَكَ اللَّهِ يَا مصعب، لو أنّ امرأ أَتَى مَاشِيَةَ لِلزُّبَيْرِ، فَذَبَحَ مِنْهَا خَمْسَةَ آلَافِ شَاةٍ فِي غَدَاةٍ، أَكُنْتَ تُعِدُّهُ مُسْرِفًا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَتَرَاهُ إِسْرَافًا فِي الْبَهَائِمِ، وَقَتَلْتَ مَنْ وَحَّدَ اللَّهَ، أَمَا كَانَ فِيهِمْ مُسْتَكْرِهٌ أَوْ جَاهِلٌ تَرْجَى تَوبَتُهُ! أَصِبْ يَا ابْنَ أَخِي مِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ مَا اسْتَطَعْتَ فِي دُنْيَاكَ [2] .
وَكَانَ الْمُخْتَارُ مُحْسِنًا إِلَى ابْنِ عُمَرَ، يَبْعَثُ إِلَيْهِ بِالْجَوَائِزِ وَالْعَطَايَا، لِأَنَّهُ كَانَ زَوْجَ أُخْتِ الْمُخْتَارِ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَكَانَ أَبُوهُمَا أَبُو عُبَيْدٍ الثَّقَفِيُّ رَجُلًا صَالِحًا، اسْتُشْهِدَ يَوْمَ جِسْرِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَالْجِسْرُ مُضَافٌ إِلَيْهِ، وَبَقِيَ وَلَدَاهُ بِالْمَدِينَةِ.
فَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أُمِّ بَكْرٍ بِنْتِ الْمِسْوَرِ [3] ، وَعْنَ رَبَاحِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالُوا: قَدِمَ أَبُو عبيد من الطائف، وندب عمر الناس
__________
[1] تاريخ الطبري 6/ 94- 111.
[2] انظر تاريخ الطبري 6/ 113.
[3] في الأصل «بنت المسعود» ، والتصحيح من الطبقات الكبرى لابن سعد 5/ 148.(5/60)
إِلَى أَرْضِ الْعِرَاقِ، فَخَرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ إِلَيْهِا فَقُتِلَ، وَبَقِيَ الْمُخْتَارُ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ غُلَامًا يُعْرَفُ بِالِانْقِطَاعِ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثُمَّ خَرَجَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَأَقَامَ بِهَا يُظْهَرُ ذِكْرَ الْحُسَيْنِ، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ، فَأَخَذَهُ وَجَلَدَهُ مِائَةً، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى الطَّائِفِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى قَامَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ [1] : كَانَتِ الشِّيعَةُ تَكْرَهُ الْمُخْتَارَ، لِمَا كَانَ مِنْهُ فِي أَمْرِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ يَوْمَ طُعِنَ، وَلَمَّا قَدِمَ مُسْلِمُ بْنُ عُقَيْلٍ الْكُوفَةَ بَيْنَ يَدَيِ الْحُسَيْنِ نَزَلَ دَارَ الْمُخْتَارِ، فَبَايَعَهُ وَنَاصَحَهُ، فَخَرَجَ ابْنُ عُقَيْلِ يَوْمَ خَرَجَ وَالْمُخْتَارُ فِي قَرْيَةٍ لَهُ، فَجَاءَهُ خَبَرُ ابْنِ عُقَيْلٍ أَنَّهُ ظَهَرَ بِالْكُوفَةِ، وَلَمْ يَكُنْ خُرُوجُهُ عَلَى مِيعَادٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِنَّمَا خَرَجَ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ هَانِئَ بْنَ عُرْوَةَ قَدْ ضُرِبَ وَحُبِسَ، فَأَقْبَلَ الْمُخْتَارُ فِي مَوَالِيهِ وَقْتَ الْمَغْرِبِ، فَلَمَّا رَأَى الْوَهْنَ نَزَلَ تَحْتَ رَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَقَالَ: إِنَّمَا جِئْتُ لِتَنْصُرَ مُسْلِمَ بْنَ عُقَيْلٍ، قَالَ:
كَلا، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ، وَضَرَبَهُ بِقَضِيبٍ شَتَرَ عَيْنَيْهِ، وَسَجَنَهُ.
ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَتَبَ فِيهِ إِلَى يَزِيدَ، لَمَّا بَكَتْ صَفِيةُ أُخْتُ الْمُخْتَارِ عَلَى زَوْجِهَا ابْنِ عُمَرَ، فَكَتَبَ: إِنَّ ابْنَ زِيَادٍ حَبَسَ الْمُخْتَارِ، وَهُوَ صِهْرِي، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ يُعَافِيَ وَيُصْلِحَ، قَالَ: فَكَتَبَ يَزِيدُ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ فَأَخْرَجَهُ، وَقَالَ: إِنْ أَقَمْتَ بِالْكُوفَةِ بَعْدَ ثَلَاثٍ بَرِئَتْ مِنْكَ الذِّمَّةُ، فَأَتَى الْحِجَازَ، وَاجْتَمَعَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَحَضَّهُ عَلَى أَنْ يُبَايِعَ النَّاسَ، فَلْمَ يَسْمَعْ مِنْهُ، فَغَابَ عَنْهُ بِالطَّائِفِ نَحْوَ سَنَةٍ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِ فَرَحَّبَ بِهِ، وَتَحَادَثًا، ثُمَّ إِنَّ الْمُخْتَارَ خَطَبَ وَقَالَ: إِنِّي جِئْتُ لِأُبَايِعَكَ عَلَى أَنْ لَا تَقْضِيَ الْأُمُورَ دُونِي، وَإِذَا ظَهَرْتَ اسْتَعَنْتَ بِي عَلَى أَفْضَلِ عَمَلِكِ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: أُبَايِعُكَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسَنَّةِ نَبِيِّهِ، فَبَايَعَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى مَا طَلَبَ، وَشَهِدَ مَعَهُ حِصَارَ حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ لَهُ، وَأَبْلَى بَلَاءً حَسَنًا، وَأَنْكَى فِي عَسْكَرِ الشام [2] .
__________
[1] تاريخ الطبري 5/ 569.
[2] تاريخ الطبري 6/ 569- 576.(5/61)
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ جَاءَتْهُ الْأَخْبَارُ أَنَّ الْكُوفَةَ كَغَنَمٍ بِلَا رَاعٍ، وَكَانَ رَأْيُ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنْ لَا يَسْتَعْمِلَهُ، فَمَضَى بِلَا أَمْرٍ إِلَى الْكُوفَةِ، وَدَخَلَهَا مُتَجَمِّلًا فِي الزِّينَةِ وَالثِّيَابِ الْفَاخِرَةِ، وَجَعَلَ كُلَّمَا مَرَّ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الشِّيعَةِ الْأَشْرَافِ قَالَ: أَبْشِرُ بِالنَّصْرِ وَالْيُسْرِ، ثُمَّ يَعِدُهُمْ أَنْ يَجْتَمِعَ بِهِمْ فِي دَارِهِ، قَالَ: ثُمَّ أَظْهَرَ لَهُمْ أَنِ الْمَهْدِيَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْوَصِيَّ، يَعْنِي ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ، بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ أَمِينًا وَوَزِيرًا وَأَمِيرًا، وَأَمَرَنِي بِقِتَالِ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ، وَالطَّلَبِ بِدِمَاءِ أَهْلِ الْبَيْتِ، فَهَوِيَتْهُ طَائِفَةٌ، ثُمَّ حَبَسَهُ مُتَوَلِّي الْكُوفَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، ثُمَّ إِنَّهُ قَوِيَتْ أَنْصَارُهُ، وَاسْتَفْحَلَ شَرُّهُ، وَأَبَادَ طَائِفَةً مِنْ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ، وَاقْتَصَّ اللَّهُ مِنَ الْظَّلَمَةِ بِالْفَجَرَةِ، ثُمَّ سَلَّطَ عَلَى الْمُخْتَارِ مُصْعَبًا، ثُمَّ سَلَّطَ على مصعب عبد الملك: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ 7: 54 [1] .
وَاسْتَعْمَلَ مُصْعَبُ عَلَى أَذْرَبَيْجَانَ وَالْجِزِيرَةِ المهلّب بن أبي صفرة الأزديّ [2] .
__________
[1] سورة الأعراف/ 54.
[2] تاريخ الطبري 6/ 116.(5/62)
[حَوَادِثُ] سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ
تُوُفِّيَ فِيهَا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ، وَأَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ [1] ، وَمَلِكُ الرُّومِ قُسْطَنْطِينُ بْنُ قُسْطَنْطِينَ، لَعَنَهُ اللَّهُ.
وَتُوُفِّيَ فِيهَا فِي قَوْلٍ: زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ.
وَفِيهَا عَزَلَ ابْنُ الزُّبْيَرِ أَخَاهُ مُصْعَبًا عَنِ الْعِرَاقِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهَا وَلَدَه حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ [2] ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ جَابِرَ بْنَ الْأَسْوَدِ الزُّهْرِيَّ، فأراد من سعيد ابن الْمُسَيِّبِ أَنْ يُبَايِعَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَامْتَنَعَ، فَضَرَبَهُ سِتِّينَ سَوْطًا [3] . كَذَا قَالَ خَلِيفَةُ [4] .
وَقَالَ الْمُسَبِّحِيُّ: عَزَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، لِكَوْنِهِ ضرب سعيد بْنَ الْمُسَيِّبِ سِتِّينَ سَوْطًا فِي بَيْعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَلَامَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى ذَلِكَ وَعَزَلَهُ.
وَفِيهَا كَانَ مَرْجِعُ الْأَزَارِقَةِ مِنْ نَوَاحِي فَارِسٍ إلى العراق، حتى قاربوا
__________
[1] تاريخ خليفة 265.
[2] تاريخ الطبري 6/ 117.
[3] في (النجوم الزاهرة 1/ 181) : «سبعين سوطا» .
[4] تاريخ خليفة 265.(5/63)
الْكُوفَةَ وَدَخَلُوا الْمَدَائِنَ، فَقَتَلُوا الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ، وَعَلَيْهِمُ الزُّبَيْرُ بْنُ الْمَاحُوزِ، وَقَدْ كَانَ قَاتَلَهُمْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ بِسَابُورَ. وَصَاحَ أَهْلُ الْكُوفَةِ بِأَمِيرِهِمُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ [1] ، الْمُلَقَّبُ بِالْقُبَاعِ [2] ، وَقَالُوا: انْهَضْ، فَهَذَا عَدُوٌّ لَيْسَتْ لَهُ تُقْيَةٌ، فَنَزَلَ بِالنُّخَيْلَةِ، فَقَامَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ فَقَالَ: قَدْ سَارَ إِلَيْنَا عَدُوٌّ يَقْتُلُ الْمَرْأَةَ وَالْمَوْلُودَ، وَيُخَرِّبُ الْبِلَادَ، فَانْهَضْ بِنَا إِلَيْهِ، فَرَحَلَ بِهِمْ، وَنَزَلَ دَيْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَأَقَامَ أَيَّامًا حَتَّى دَخَلَ شَبَثُ بْنُ رِبعِيُّ، فَكَلَّمَهُ بِنَحْوِ كَلَامِ إِبْرَاهِيمَ، فَارْتَحَلَ وَلَمْ يَكَدْ، فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ بُطْءَ سَيْرِهِ رَجَزُوا فَقَالُوا:
سَارَ بِنَا الْقُبَاعُ سَيْرًا نُكْرًا ... يَسِيرُ يَوْمًا وَيُقِيمُ شَهْرًا
فَأَتَى الصَّرَاةَ [3] ، وَقَدِ انْتَهَى إِلَيْهَا الْعَدُوُّ، فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ قَدْ سَارُوا إِلَيْهِمْ، قَطَعُوا الْجِسْرَ، فَقَالَ ابْنُ الْأَشْتَرِ لِلْحَارِثِ الْقُبَاعِ: انْدُبْ مَعِي النَّاسَ حَتَّى أَعْبُرَ إِلَى هَؤُلَاءِ الْكِلَابِ، فأجيئك برءوسهم الساعة، فقال شبث ابن رِبْعِيُّ، وَأَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ: دَعْهُمْ فَلْيَذْهَبُوا، لَا تبدءوهم بِقِتَالٍ، وَكَأَنَّهُمْ حَسَدُوا ابْنَ الْأَشْتَرِ.
قَالَ: ثُمَّ إِنَّ الْحَارِثَ عَمِلَ الْجِسْرَ، وَعَبَرَ النَّاسُ إِلَيْهِمْ فَطَارُوا حَتَّى أَتَوْا الْمَدَائِنَ، فَجَهَّزَ خَلْفَهُمْ عَسْكَرًا، فَذَهَبُوا إِلَى إِصْبَهَانَ، وَحَاصَرُوهَا شَهْرًا، حَتَّى أَجْهَدُوا أَهْلَهَا، فَدَعَاهُمْ مُتَوَلِّيهَا عَتَّابُ بْنُ وَرْقَاءَ، وَخَطَبَهُمْ وَحَضَّهُمْ عَلَى مُنَاجَزَةِ الْأَزْارِقَةِ، فَأَجَأَبُوهُ، فَجَمَعَ النَّاسَ وَعَشَّاهُمْ وَأْشَبَعَهُمْ، وَخَرَجَ بِهِمْ سَحَرًا، فَصَبَّحُوا الْأَزَارِقَةَ بَغْتَةً، وَحَمَلُوا حَتَّى وَصَلُوا إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْمَاحُوزِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ عِصَابَتِهِ، فَانْحَازَتِ الْأَزَارِقَةُ إِلَى قَطَريِّ بْنِ الْفُجَاءَةِ، فَبَايَعُوهُ بِالْخِلَافَةِ، فَرَحَلَ بِهِمْ، وَأَتَى نَاحِيَةَ كِرْمَانَ، وَجَمَعَ الْأَمْوَالَ وَالرِّجَالَ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْأَهْوَازِ، فسيّر مصعب لقتالهم، لما أكلبوا الناس،
__________
[1] في الأصل: «الحارث بن أبي ربيعة» ، وكذا في تاريخ الطبري 6/ 122.
[2] بضم أوله وتخفيف الموحدة، كما في (تاريخ الطبري 6/ 123) .
[3] بفتح الصاد، نهر ببغداد يصبّ في دجلة. (معجم البلدان 3/ 399) .(5/64)
الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ، فَالْتَقَوْا بِسُولَافَ [1] غَيْرَ مَرَّةٍ، وَدَامَ الْقِتَالُ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ [2] .
وَفِيهَا كَانَ مَقْتَلُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُرِّ، وَكَانَ صَالِحًا عَابِدًا كُوفِيًّا، فَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَقَاتَلَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا اسْتُشْهِدَ عَلِيٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، رجع إلى الْكُوفَةِ، وَخَرَجَ عَنِ الطَّاعَةِ، وَتَبِعَهُ طَائِفَةٌ، فَلَمَّا مَاتَ مُعَاوِيَةُ قَوِيَ وَصَارَ مَعَهُ سَبْعُمِائَةِ رَجُلٍ، وَعَاثَ فِي مَالِ الْخَرَاجِ بِالْمَدَائِنِ، وَأَفْسَدَ بِالسَّوَادِ فِي أَيَّامِ الْمُخْتَارِ، فَلَمَّا كَانَ مُصْعَبُ ظَفِرَ بِهِ وَسَجَنَهُ، ثُمَّ شَفَعُوا فِيهِ فَأَخْرَجُوهُ، فَعَادَ إِلَى الْفَسَادِ وَالْخُرُوجِ، فَنَدِمَ مُصْعَبُ وَوَجَّهَ عَسْكَرًا لحربه، فكسرهم، ثم في الآخر قتل [3] .
__________
[1] بضم أوله وسكون ثانيه، آخره فاء، قرية في غربي دجيل من أرض خوزستان (عربستان) .
(معجم البلدان 3/ 285) .
[2] انظر رواية الطبري 6/ 119 وما بعدها.
[3] تاريخ الطبري 6/ 128 وما بعدها.(5/65)
[حَوَادِثُ] سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ
تُوُفِّيَ فِيهَا قَبِيصَةُ بْنُ جَابِرٍ الْكُوفِيُّ، وَأَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ صَاحِبِ النَّحْوِ [1] .
وَكَانَ فِي أَوَّلِهَا طَاعُونُ الْجَارِفِ بِالْبَصْرَةِ [2] ، فَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: حَدَّثَنِي مَنْ أَدْرَكَ الْجَارِفَ قَالَ: كَانَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَمَاتَ فِيهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ نَحْوٌ مِنْ سَبْعِينَ أَلْفًا.
قَالَ خَلِيفَةُ [3] : قَالَ أَبُو الْيَقْظَانِ: مَاتَ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي طَاعُونِ الْجَارِفِ ثَمَانُونَ وَلَدًا، وَيُقَالُ: سَبْعُونَ.
وَقِيلَ: مَاتَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ أَرْبَعُونَ وَلَدًا، وَقَلَّ النَّاسُ جِدًّا بِالْبَصْرَةِ، وَعَجَزُوا عَنِ الْمَوْتَى، حَتَّى كَانَتِ الْوُحُوشُ تَدْخُلُ الْبُيُوتَ فَتُصِيبَ مِنْهُمْ.
وَمَاتَتْ أُمُّ أَمِيرِ الْبَصْرَةِ، فَلَمْ يَجِدُوا مَنْ يَحْمِلُهَا إِلَّا أَرْبَعَةٌ.
وَمَاتَ لِصَدَقَةَ بْنِ عَامِرٍ المازني فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ سَبْعَةُ بنين، فقال: اللَّهمّ إني مسلم مُسْلِمٌ، وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ خَطَبَ الْخَطِيبُ بن عامر، وليس في
__________
[1] الكامل في التاريخ 4/ 305.
[2] تاريخ خليفة 265.
[3] تاريخ خليفة 265، النجوم الزاهرة 1/ 182.(5/66)
الْمَسْجِدِ إِلَّا سَبْعَةُ أَنْفُسٍ وَامْرَأَةٌ، فَقَالَ: مَا فَعَلَتِ الْوُجُوهُ؟ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ:
تَحْتَ التُّرَابِ.
وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ عِشْرُونَ أَلْفِ عروس، وأصبح الناس في رابع يوم ولم يَبْقَ حَيًّا إِلَّا الْقَلِيلُ، فَسُبْحَانَ مَنْ بِيَدِهِ الْأَمْرُ.
وَمِمَّنْ قِيلَ إِنَّهُ تُوُفِّيَ فِيهَا: يَعْقُوبُ بْنُ بُجَيْرِ بْنُ أُسَيْدٍ، وَقَيْسُ بْنُ السَّكَنِ، وَمَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ السَّكْسَكِيُّ، وَالْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، وَحَسَّانُ بْنُ فَائِدٍ الْعَبْسِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ عَامِرٍ الوادعي، وَحُرَيْثُ بْنُ قَبِيصَةَ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ فليح قال: ركبني دين، فجلست يوما إلى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنِّي أَخَذْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، فَوَتَدْتُ فِي ظَهْرِهِ أَرْبَعَةَ أَوْتَادٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ ذَا، فَأَخْبِرْنِي مَنْ رَآهَا؟ قَالَ: أَرْسَلَنِي إِلَيْكِ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِهَا، قَالَ: يَقْتُلُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَيَخْرُجُ مِنْ صُلْبِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ يَكُونُ خَلِيفَةُ، فَرَكِبْتُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَسُرَّ بِذَلِكَ، وَأَمَرَ لِي بِخَمْسِمِائَةِ دِيَنارٍ وَثِيَابٍ.
وَفِيهَا أَعَادَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَخَاهُ مُصْعَبًا إِلَى إِمْرَةِ الْعِرَاقِ، لِضَعْفِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْأُمُورِ وَتَخْلِيطِهِ، فَقَدِمَهَا مُصْعَبٌ، فَتَجَهَّزَ وَسَارَ يُرِيدُ الشَّامَ فِي جَيْشٍ كَبِيرٍ، وَسَارَ إِلَى حَرْبِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ، فَسَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا إِلَى آخِرِ وِلَايَتِهِ، وَهَجَمَ عَلَيْهِمَا الشِّتَاءُ فَرَجَعَا [1] .
قَالَ خليفة [2] : كانا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ فِي كُلِّ عَامٍ، حَتَّى قُتِلَ مصعب، واستناب مصعب على عمله إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَشْتَرِ.
وَفِيهَا عَقَدَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ أَمِيرُ مِصْرَ لِحَسَّانٍ الْغَسَّانِيِّ عَلَى غزو
__________
[1] انظر تاريخ الطبري 6/ 140.
[2] العبارة التالية ليست واردة في (تاريخ خليفة، المطبوع- ص 265) .(5/67)
إِفْرِيقِيَّةَ، فَسَارَ إِلَيْهَا فِي عَدَدٍ كَثِيرٍ، فَافْتَتَحَ قُرْطَاجَنَّةَ [1] ، وَأَهْلُهَا إِذْ ذَاكَ رُومٌ عُبَّادُ صَلِيبٍ.
وَفِيهَا قُتِلَ نَجْدَةُ الْحَرُورِيُّ [2] ، مَالَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَقِيلَ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ فَقَتَلُوهُ.
__________
[1] المدينة القديمة التي بنيت على أنقاضها مدينة تونس العاصمة.
[2] في تاريخ الطبري 6/ 174 كان مقتل نجدة سنة 72 هـ.(5/68)
[حَوَادِثُ] سَنَةِ سَبْعِينَ
تُوُفِّيَ فِيهَا: عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَمَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ، وَبَشِيرُ بْنُ النَّضْرِ قَاضِي مِصْرَ، وَعَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ الْأَشْدَقِ، وَبِخُلْفٍ [1] الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ.
وَفِيهَا أُمُّ كُلْثُومِ بِنْتُ سَهْلِ بْنِ الْأَبْرَدِ الْأَنْصَارِيِّ، وَعُمَيْرُ بْنُ الْحُبَابِ، وَبَشِيرُ بْنُ عَقْرَبَةَ، وَيُقَالُ: بِشْرُ الْجُهَنِيُّ صَحَابِيٌّ لَهُ حَدِيثَانِ، وَأَبُو الْجَلْدِ.
وَيُقَالُ: إِنَّ طَاعُونَ الْجَارِفِ الْمَذْكُورَ كَانَ فِيهَا.
وَفِيهَا كَانَ الْوَبَاءُ بِمِصْرَ، فَهَرَبَ مِنْهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ إِلَى الشَّرْقِيَّةِ، فَنَزَلَ حُلْوَانَ وَاتَّخَذَهَا مَنْزِلًا، وَاشْتَرَاهَا مِنَ الْقِبْطِ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِيَنارٍ، وَبَنَى بِهَا دَارَ الْإِمَارَةِ وَالْجَامِعَ، وَأَنْزَلَهَا الْجُنْدَ وَالْحَرَسَ [2] .
وَفِيهَا سَارَتِ [3] الرُّومُ وَاسْتَجَاشُوا عَلَى أَهْلِ الشَّامِ، وَعَجَزَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ عَنْهُمْ، لِاشْتِغَالِهِ بِخَصْمِهِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَصَالَحَ مَلِكَ الرُّومِ، عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيْهِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ أَلْفَ دِينَارٍ [4] .
وَفِيهَا وَفَدَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَى مَكَّةَ عَلَى أَخِيهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْد اللَّهِ بِأَمْوَالٍ عَظِيمَةٍ، وَتُحَفٍ وَأَشْيَاءَ فَاخِرَةٍ [5] .
__________
[1] في الأصل: «متخلف» .
[2] كتاب الولاة والقضاة 49.
[3] هذا الخبر في تاريخ الطبري 6/ 150 وفيه «ثارت الروم» .
[4] الخبر أيضا في: تاريخ اليعقوبي 2، 269، وفتوح البلدان 1/ 189، وأنساب الأشراف 5/ 300 و 335.
[5] تاريخ الطبري 6/ 150.(5/69)
ذِكْرُ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ
[حَرْفُ الْأَلِفِ]
1- الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ [1] ، - ع- التَّمِيمِيُّ السَّعْدِيُّ.
أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ. وَرَّخَهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ [2] ، وَالْأَصَحُّ وَفَاتُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ.
2- أُسَامَةُ بْنُ شَرِيكٍ [3] ، - الذُّبْيَانِيُّ الثَّعْلَبِيُّ.
لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ.
رَوَى عَنْهُ: زِيَادَةُ بْنُ عِلَاقَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْأَقْمَرِ، وَغَيْرُهُمَا.
حَدِيثُهُ فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَعِدَادُهُ فِي الكوفيين.
__________
[1] انظر ترجمة (الأحنف بن قيس) ومصادرها في الطبقة التالية، من هذا الكتاب في وفيات سنة 72 هـ.
[2] المعرفة والتاريخ 3/ 330.
[3] انظر عن (أسامة بن شريك) في:
طبقات ابن سعد 6/ 27، والتاريخ الكبير 2/ 20 رقم 1553، والجرح والتعديل 2/ 283 رقم 1021، والاستيعاب 1/ 60، والمعرفة والتاريخ 1/ 304، ومشاهير علماء الأمصار 46 رقم 293، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 99 رقم 215، وطبقات خليفة 48 و 130، ومسند أحمد 4/ 278، وأسد الغابة 1/ 66، 67، وتهذيب الكمال 2/ 351، 352 رقم 318، وتحفة الأشراف 1/ 62، 63 رقم 10، والكاشف 1/ 57 رقم 264، والوافي بالوفيات 8/ 375 رقم 3811، وتهذيب التهذيب 1/ 210 رقم 393، وتقريب التهذيب 1/ 53 رقم 359، والإصابة 1/ 31 رقم 90، وخلاصة تذهيب التهذيب 26، والمعجم الكبير 1/ 179- 188 رقم 12.(5/71)
3- أَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ [1] ، بْنِ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ، أَبُو حَسَّانٍ، وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو هِنْدٍ.
مِنْ أَشْرَافِ الْكُوفَةِ.
رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ.
وعنه: ابنه مالك، وعلي بن ربيعة.
وله وفادة على عبد الملك بن مروان، وفيه يَقُولُ الْقُطَامِيُّ [2] :
إِذَا مَاتَ ابْنُ خَارِجَةَ بْنُ حِصْنٍ ... فَلَا مَطَرَتْ عَلَى الْأَرْضِ السَّمَاءُ
وَلَا رَجَعَ الْبَرِيدُ بِغُنْمِ جَيْشٍ ... وَلَا حَمَلَتْ عَلَى الطُّهْرِ النِّسَاءُ [3]
__________
[1] انظر عن (أسماء بن خارجة) في:
المحبّر 154، والعقد الفريد 1/ 135 و 231 و 294 و 3/ 290، ومشاهير علماء الأمصار 75 رقم 532، ومقاتل الطالبيين 99 و 108، والأخبار الطوال 236 و 303، وعيون الأخبار 1/ 226 و 2/ 112 و 3/ 56 و 139 و 169 و 265 و 4/ 87، 98، وربيع الأبرار 4/ 292، وجمهرة أنساب العرب 257، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 254 و 381 و 385، وتاريخ خليفة 264، وثمار القلوب 91، والتاريخ الكبير 2/ 55 رقم 1664، والجرح والتعديل 2/ 325 رقم 1243، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 2089، والشعر والشعراء 702، والبخلاء للجاحظ 380، 381، والأمالي للقالي 3/ 20، والفرق بين الفرق للبغدادي 34، 35، والأغاني 20/ 333- 345، والكامل في التاريخ 4/ 21- 24، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 44- 59 (وورد فيه: إسماعيل بن خارجة بن حفص بن حذيفة) !، وتاريخ الطبري 4/ 404 و 5/ 270 و 351 و 364 و 365 و 367 و 380 و 6/ 31 و 124، والتذكرة الحمدونية 2/ 71 و 97 و 115 و 303 و 373، والوافي بالوفيات 9/ 59- 61 رقم 3973، وفوات الوفيات 1/ 168، وسير أعلام النبلاء 3/ 535- 537 رقم 141، والبداية والنهاية 9/ 43، والإصابة 1/ 104 رقم 450، والنجوم الزاهرة 1/ 179، وأمالي المرتضى 2/ 207- 210،
[2] هو: عمير بن شييم، من بني تغلب. ترجمته في (الأغاني 20/ 118، خزانة الأدب 1/ 391، و 3/ 188 و 442، المؤتلف 166، معجم المرزباني 244، طبقات ابن سلام 452- 457، الشعر والشعراء 2/ 609) .
[3] البيتان ليسا في ديوان القطامي، ولا في زيادته، وهما في: طبقات الشعراء لابن سلام 539، والحماسة لابن الشجري 108، 109، والوحشيات رقم 904 وقد نسبا لعبد الله بن الزبير الأسدي، والأغاني 4/ 246، والعقد الفريد 3/ 290 وهما غير منسوبين، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 42، والوافي بالوفيات 9/ 60، وعين الأدب والسياسة 100 وهما منسوبان لعبد الله بن الزبير الأسدي، ووردا في الأغاني أيضا 19/ 133 منسوبين لعويف القوافي، وهما في التذكرة الحمدونية 2/ 115 وفيه:(5/72)
قَالَ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ قَالَ: فَاخَرَ أَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ رَجُلًا فَقَالَ: أَنَا ابْنُ الْأَشْيَاخِ الْكِرَامِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ذَاكَ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ [1]- ذبيح الله- بن إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ.
إِسْنَادُهُ ثَابِتٌ.
وَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَرْثِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَسْمَاءَ بْنِ خَارِجَةَ الْفَزَارِيُّ: أَتَيْتُ الْأَعْمَشُ، فَانْتُسِبْتُ لَهُ فَقَالَ: لَقَدْ قَسَّمَ جَدُّكَ أَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ قَسْمًا، فَنَسِيَ جَارًا لَهُ، فَاسْتَحْيَا أن يُعْطِيَهُ، وَقَدْ بَدَأَ بِآخَرَ قَبْلَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، وَصَبَّ عَلَيْهِ الْمَالَ صَبًّا، أَفَتَفْعَلُ أَنْتَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ؟.
قَالَ خَلِيفَةُ [2] : تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ.
4- أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ [3] ، - 4[ص:4] بْنِ السَّكَنِ، أُمُّ عَامِرٍ، وَيُقَالُ: أُمُّ سَلَمَةَ الْأَنْصَارِيَّةُ الْأَشْهَلِيَّةُ.
بَايَعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَتْ جُمْلَةَ أَحَادِيثَ، وقتلت بعمود خبائها يوم
__________
[ () ]
«ولا رجع البشير بخير غنم» .
رقم 227، ونسبا لعويف أيضا في التذكرة 2/ 299 رقم 287، ولباب الآداب لابن منقذ 95، وسير أعلام النبلاء 3/ 536، وفوات الوفيات 1/ 168.
[1] المعروف عن الصحابة والتابعين أن الذبيح هو إسماعيل عليه السلام وليس إسحاق.
[2] تاريخ خليفة 264.
[3] انظر عن (أسماء بنت يزيد) في: طبقات ابن سعد 8/ 319. ومسند أحمد 6/ 452، وطبقات خليفة 340، ومقدمة مسند بقي بن مخلد 83 رقم 42، والمعرفة والتاريخ 2/ 447، والعقد الفريد 3/ 223، والاستيعاب 4/ 237 وفيه «بنت زيد» ، والاستبصار 218، والمعجم الكبير 24/ 157- 186، وحلية الأولياء 2/ 76، وتحفة الأشراف 11/ 263- 268 رقم 862، وتهذيب الكمال (المصوّر) 3/ 1677، وسير أعلام النبلاء 2/ 296، 297 رقم 53، والمعين في طبقات المحدّثين 29 رقم 156، والكاشف 3/ 420 رقم 6، وتاريخ الإسلام (المغازي) 327، و (السيرة النبويّة) 475، و (عهد الخلفاء الراشدين) 409، وأسد الغابة 5/ 398، والوافي بالوفيات 9/ 54 رقم 963، ومجمع الزوائد 9/ 260، وتهذيب التهذيب 12/ 399، 400 رقم 2727، وتقريب التهذيب 2/ 589 رقم 8، والنكت الظراف 11/ 265- 267، والإصابة 4/ 234، 235 رقم 58، وخلاصة تذهيب التهذيب 488، وتاريخ دمشق (تراجم النساء) 33- 39 رقم 4.
[4] في (خلاصة تذهيب التهذيب 488) : «خ 4» .(5/73)
الْيَرْمُوكِ تِسْعَةً مِنَ الرُّومِ [1] ، وَسَكَنَتْ دِمَشْقَ.
رَوَى عَنْهَا: شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَمَوْلَاهَا مُهَاجِرٌ، وَابْنُ أَخِيهَا مَحْمُودُ بْنُ عَمْرٍو، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ.
قَالَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ: أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ هِيَ: أُمُّ سَلَمَةَ الْأَنْصَارِيَّةُ.
قُلْتُ: وَقَبْرُ أُمِّ سَلَمَةَ بِبَابِ الصَّغِيرِ، وَهِيَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ هَذِهِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهَا شَهِدَتِ الْحُدَيْبِيَةَ، وَبَايَعَتْ يَوْمَئِذٍ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ، وَأَخُوهُ عَمْرٌو، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بِنْتِ عَمِّ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَتْ: قَتَلْتُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ تِسْعَةً [2] .
5- أُسَيْدُ بْنُ ظُهَيْرٍ [3] ، - 4- بْنِ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيُّ الْأَوْسِيُّ.
ابْنُ عَمِّ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَقِيلَ ابْنُ أَخِيهِ، وَأَخُو عَبَّادِ بْنِ بَشِيرٍ لِأُمِّهِ.
شَهِدَ الْخَنْدَقَ وَغَيْرَهَا، وَأَبُوهُ عَقَبِيٌّ.
لِأُسَيْدٍ أَحَادِيثُ، رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ رَافِعٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ بْنِ خَالِدٍ، وَغَيْرُهُمْ.
عِدَادُهُ فِي أَهْلِ المدينة، وروى عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ.
6- أَفْلَحُ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ [4] ، - م-.
__________
[1] تاريخ دمشق 34.
[2] أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق 34.
[3] انظر عن (أسيد بن ظهير) في:
سيرة ابن هشام 3/ 29 و 228- 230، وطبقات ابن سعد 4/ 369، والتاريخ الكبير 2/ 47 رقم 1641، والجرح والتعديل 2/ 310 رقم 1164، والمغازي للواقدي 21 و 216، وتاريخ الطبري 2/ 477 و 505 و 601، والمعجم الكبير 1/ 209، 210 رقم 19، وجمهرة أنساب العرب 340، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 119 رقم 448، والمعارف 307، وأنساب الأشراف 1/ 242 و 288 و 316، وأسد الغابة 1/ 94، 95، والكامل في التاريخ 4/ 524، وتهذيب الكمال 3/ 255، 256 رقم 519، وتحفة الأشراف 1/ 74، 75 رقم 16، والثقات لابن حبّان 3/ 7، والإكمال 1/ 67، و (المغازي) من تاريخ الإسلام 334، والكاشف 1/ 82 رقم 439، والوافي بالوفيات 9/ 261 رقم 4181، والنكت الظراف 1/ 75، والإصابة 1/ 123 رقم 539، وتهذيب التهذيب 1/ 349 رقم 635، وتقريب التهذيب 1/ 78 رقم 589، وخلاصة تذهيب التهذيب 38، والاستيعاب 1/ 56.
[4] انظر عن (أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري) في:(5/74)
رَوَى عَنْ: أَبِي أَيُّوبَ، وَعُمَرَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.
روى عنه: محمد بن سيرين، وعبد الله بن الحارث، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ.
وثقه أحمد بن عبد الله العجلي [1] ، وقتل يوم الحرة هو وابنه كثير بن أفلح.
قال الواقدي: هو من سبي عين التمر، في خلافة أبي بكر.
قال هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، إِنَّ أَبَا أَيُّوبَ كَاتَبَ أَفْلَحَ عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَجَعَلُوا يُهَنِّئُونَهُ، فَنَدِمَ أَبُو أيوب وقال: أحبّ أن تردّ الكتاب وَتَرْجِعَ كَمَا كُنْتَ، فَجَاءَهُ بِمُكَاتَبَتِهِ، فَكَسَرَهَا، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو أَيُّوبَ: أَنْتَ حُرٌّ، وَمَا كَانَ لَكَ مِنْ مَالٍ فَهُوَ لَكَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ [2] : كَانَ ثِقَةً، يُكْنَى أَبَا كَثِيرٍ [3] .
7- إِيَاسُ بْنُ قَتَادَةَ [4] الْعَبْشَمِيُّ [5] .
ابْنُ أُخْتِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، بَصْرِيٌّ نبيل، ولي قضاء الريّ.
__________
[ () ] طبقات ابن سعد 5/ 86، 87، وطبقات خليفة 238، والتاريخ الكبير 2/ 52 رقم 1653، وترتيب الثقات للعجلي 71، 72 رقم 112، والثقات لابن حبان 4/ 58، وتاريخ الطبري 3/ 415، وتهذيب الكمال 3/ 325، 326 رقم 549، والتاريخ الصغير 65، والمغازي للواقدي 434، والجرح والتعديل 2/ 323 رقم 1231، والمعرفة والتاريخ 1/ 319، والكاشف 1/ 86 رقم 467، وتهذيب التهذيب 1/ 368، 369 رقم 671، وتقريب التهذيب 1/ 83 رقم 626، والإصابة 1/ 110 رقم 481، وخلاصة تذهيب التهذيب 40.
[1] في الأصل «البجاني» ، وانظر له: ترتيب الثقات 71، 72 رقم 112.
[2] الطبقات الكبرى 5/ 86.
[3] الكنى والأسماء للدولابي 2/ 90.
[4] انظر عن (إياس بن قتادة) في:
طبقات خليفة 195، وطبقات ابن سعد 7/ 128، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 398 و 416 و 417 و 415 و 426، والوافي بالوفيات 9/ 463 رقم 4424، وجاء في الإصابة 1/ 90 في ترجمة «إياس بن قتادة التميمي العنبري» . رقم 286: «وفي بني تميم آخر يقال له: إياس بن قتادة لكنه مجاشعي لا صحبة له ذكر المبرّد في (الكامل) أنّ الأحنف دفعه إلى الأزدي رهينة من أجل الديات التي تحمّل بها في الفتنة الواقعة بين الأزد وتميم بعد عبيد الله بن زياد سنة بضع وستين» .
[5] العبشمي: هو اختصار لنسبة «العبشمسي» أي «العبد شمسي» . انظر ابن سعد 7/ 128.(5/75)
[حرف الباء]
8- بريدة بن الحصيب [1] ، - ع- بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَسْلَمِيُّ.
نَزِيلُ الْبَصْرَةِ، أَسْلَمَ قَبْلَ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَهُ عِدَّةُ مَشَاهِدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِدَّةُ أَحَادِيثَ، سَكَنَ مَرْوَ فِي آخر عمره، وبها قبره.
__________
[1] عن (بريدة بن الحصيب) انظر:
مسند أحمد 5/ 346، وطبقات ابن سعد 4/ 241 و 7/ 365، والتاريخ لابن معين 2/ 57، وطبقات خليفة 109، وتاريخ خليفة 251، والتاريخ الكبير 2/ 141 رقم 1977، والمعارف 300، والجرح والتعديل 2/ 424 رقم 1684، وأنساب الأشراف 1/ 262 و 531، والمغازي للواقدي (انظر فهرس الأعلام) 3/ 1142، والتاريخ الصغير 72، وترتيب الثقات للعجلي 79 رقم 142، والثقات لابن حبان 3/ 29، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 82 رقم 23، وفتوح البلدان 507، والمعجم الكبير 2/ 19- 23 رقم 99، والمعرفة والتاريخ 3/ 362، والاستيعاب 2/ 173- 176، وأخبار القضاة 1/ 15، والمنتخب من ذيل المذيل 533، 534، وتاريخ اليعقوبي 2/ 79، وعيون الأخبار 1/ 215، ومشاهير علماء الأمصار 60 رقم 414، وربيع الأبرار 4/ 84، وتاريخ الطبري 1/ 15 و 3/ 11، وجمهرة أنساب العرب 240، والكامل في التاريخ 3/ 489، وأسد الغابة 1/ 175، 176، وتهذيب الكمال 4/ 53- 55 رقم 661، وتحفة الأشراف 2/ 69- 95 رقم 33، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 61، 62، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1/ ج 1/ 133 رقم 81، وسير أعلام النبلاء 2/ 469- 471 رقم 91، والعبر 1/ 66، والكاشف 1/ 99 رقم 561، والمعين في طبقات المحدّثين 19 رقم 16، والوافي بالوفيات 10/ 124، 125 رقم 4584، ومرآة الجنان 1/ 137، والإصابة 1/ 146 رقم 632، والنكت الظراف 2/ 69- 93، وتهذيب التهذيب 1/ 433، 433 رقم 797، وتقريب التهذيب 1/ 96 رقم 28، ومجمع الزوائد 9/ 398، وشذرات الذهب 1/ 70، وخلاصة تذهيب التهذيب 47.(5/76)
رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَسُلَيْمَانُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو الْمَلِيحِ بْنُ أُسَامَةَ، وَجَمَاعَةٌ.
تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ عَلَى الْأَصَحِّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ [1] : غَزَا خُرَاسَانَ زَمَنَ عُثْمَانَ.
أَنْبَأَ أَبُو النصر: ثنا شُعْبَةُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيَّ وَرَاءَ نَهْرِ بَلْخٍ وَهُوَ يَقُولُ:
لَا عَيْشَ إِلَّا طِرَادَ الْخَيْلِ بِالْخَيْلِ [2] وَقَالَ بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: شَهِدْتُ خَيْبَرَ، فَكُنْتُ فِيمَنْ شَهِدَ الثُّلْمَةَ، فَقَاتَلْتُ حَتَّى رُئِيَ مكَانِي، وَعَلَيَّ ثَوْبٌ أحمر، فما أعلم أني ركبت في الْإِسْلَامَ ذَنْبًا أَعْظَمَ عَلَيَّ مِنْهُ لِلشُّهْرَةِ [3] .
قُلْتُ: رُوِيَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ حَدِيثًا.
9- بَشِيرُ بْنُ عَقْرَبَةَ [4] ، وَيُقَالُ بِشْرُ، أَبُو الْيَمَانِ الجهنيّ.
صحابيّ له حديثان.
__________
[1] في الطبقات 7/ 8.
[2] طبقات ابن سعد 4/ 243 و 7/ 265.
[3] قال المؤلّف- رحمه الله- في (سير أعلام النبلاء 2/ 470) بعد أن ذكر الحديث:
«بلى، جهّال زماننا يعدّون اليوم مثل هذا الفعل من أعظم الجهاد، وبكلّ حال فالأعمال «بلى، جهال زماننا يعدّون اليوم مثل هذا الفعل من أعظم الجهاد، وبكلّ حال فالأعمال بالنّيّات، ولعلّ بريدة رضي الله عنه بإزرائه على نفسه، يصير له عمله ذلك طاعة وجهادا! وكذلك يقع في العمل الصالح، ربّما افتخر به الغرّ ونوّه به، فيتحوّل إلى ديوان الرياء. قال الله تعالى: وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا من عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً 25: 23 (سورة الفرقان- الآية 23) .
[4] انظر عن (بشير بن عقربة) في:
مسند أحمد 3/ 500، وطبقات خليفة 122، وطبقات ابن سعد 7/ 429، والجرح والتعديل 2/ 376 رقم 1458، والمعرفة والتاريخ 3/ 330، والمعجم الكبير 2/ 42 رقم 116، والاستيعاب 1/ 152، وأسد الغابة 1/ 197، والوافي بالوفيات 10/ 164، 165 رقم 4639.(5/77)
قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: ثنا ابْنُ الْحَارِثِ الرَّمْلِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ الْكِنَانِيِّ، عَامِلُ الرَّمْلَةِ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: شَهِدْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ لِبِشْرِ بْنِ عَقْرَبَةَ يَوْمَ قَتْلِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ: قَدِ احْتَجْتُ يَا أَبَا الْيَمَانِ إِلَى كَلَامِكَ الْيَوْمَ فَقُمْ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ قَامَ بِخُطْبَةٍ لَا يَلْتَمِسُ إِلَّا رِيَاءً وَسُمْعَةً وَقَفَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَوْقِفَ رِيَاءٍ وَسُمْعَةٍ» [1] . 10- بُشَيْرُ بْنُ النّضر [2] ، بن بَشِيرِ بْنِ عَمْرٍو.
قَاضِي مِصْرَ، تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ سَبْعِينَ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْخَوْلَانِيُّ، وَكَانَ رِزْقَهُ فِي الْعَامِ أَلْفَ دينار.
__________
[1] أخرجه أحمد في المسند 3/ 500.
[2] انظر عن (بشير بن النضر) في:
أخبار القضاة لوكيع 3/ 224، وكتاب الولاة والقضاة 313 و 314.(5/78)
[حرف التَّاءِ
11- تَمِيمُ بْنُ حَذْلَمٍ [1] ، أَبُو سَلَمَةَ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ الْمُقْرِئُ.
عَرَضَ الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ.
وَرَوَى عَنْهُ: عُثْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ.
قَالَ جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ حَذْلَمٍ قَالَ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم [2] .
__________
[1] انظر عن (تميم بن حذلم) في:
التاريخ لابن معين 2/ 67، والتاريخ الكبير 2/ 152 رقم 2020، وطبقات ابن سعد 6/ 206، وطبقات خليفة 143، والجرح والتعديل 2/ 442 رقم 1766، والمعرفة والتاريخ 2/ 547 و 549 و 590- 592 و 3/ 113 و 116، وتهذيب الكمال 4/ 328، 329 رقم 801، والإكمال لابن ماكولا 2/ 16، وتهذيب التهذيب 1/ 512 رقم 952، وتقريب التهذيب 1/ 113 رقم 10، والإصابة 1/ 187 رقم 861، وخلاصة تذهيب التهذيب 55.
[2] جاء في (تاريخ البخاري 2/ 152، 153 رقم 2021) ترجمة لتميم بن حذيم أبي حذيم، كوفي، وفي الترجمة أن تميم بن حذيم قرأ على عبد الله. وقال البخاري: قال لنا أحمد بن يونس، قال: ثنا محمد بن عبد العزيز، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: قرأ تميم بن حذيم على عبد الله فقرأ السجدة. وقال ابن طهمان، عن المغيرة، عن الزهري، عن تميم بن حذيم، قرأت على عبد الله.
هكذا أفرده البخاري، وغيره يقول إنه هو الأول اختلف في اسم أبيه، وفي كنيته. قال ابن أبي حاتم «تميم بن حذلم ... روى عن عبد الله بن مسعود، روى عنه إبراهيم النخعي، والركين، وأبو الخير ابنه» .
وفي (الثقات) لابن حبّان: «تميم بن حذلم الضبّي، كنيته أبو سلمة ... وقد قيل كنيته أبو حذلم» .
وقال ابن ماكولا في (الإكمال) : «تميم بن حذلم ... سمع أبا بكر، وعمر بن الخطاب، قرأ(5/79)
وَقَالَ هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ تَمِيمَ بْنَ حَذْلَمَ الضَّبِّيَّ قَرَأَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَلَمْ يُغَيِّرْ عَلَيْهِ إِلَّا قَوْلَهُ: وَكُلٌّ أَتَوْهُ 27: 87 [1] مَدَّهُ تَمِيمٌ، وَقَصَرَه ابنُ مَسْعُودٍ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا 12: 110 [2] قَرَأَهَا ابْنُ مَسْعُودٍ مُخَفَّفَةً.
وَقَدْ أَدْرَكَ تَمِيمَ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ.
رَوَى عَنْهُ أَيْضًا: الْعَلَاءُ بْنُ بَدْرٍ، وَالرُّكَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَابْنُهُ أبو الخير [3] ابن تميم، وغيرهم.
__________
[ () ] على عبد الله بن مسعود. روى عنه أبو الخير، وإبراهيم النخعي ... وقد يقال فيه ابن حذيم» .
وقال البخاري في «صحيحه» في أبواب سجود القرآن «باب من سجد لسجود القارئ، وقال ابن مسعود لتميم بن حذلم وهو غلام فقرأ عليه سجدة ... » .
وقال ابن حجر في (فتح الباري) : «حذلم بفتح المهملة واللام بينهما معجمة ساكنة، ولم يذكر نسخة أخرى، لكن بهامش المتن المطبوع الإشارة إلى أنه وقع في بعض النسخ «حذيم» .
«أقول» : يتبيّن مما سبق أن «تميم بن حذلم» و «تميم بن حذيم» واحد، لاتفاقهما بعدّة أمور وقواسم. والله أعلم.
[1] سورة النحل- الآية 87.
[2] سورة يوسف- الآية 110.
[3] في: الكنى والأسماء 1/ 137، والجرح والتعديل، والإكمال: «أبو الجبر» وهو خطأ، والصحيح ما أثبتناه، واسمه «عبد الرحمن» .(5/80)
[حرف الثاء]
12- ثور بن معن [1] ، بن يَزِيدَ بْنِ الْأَخْنَسِ السُّلَمِيُّ.
أَحَدُ الْأَشْرَافِ، قُتِلَ بِمَرْجِ رَاهِطٍ مَعَ الضَّحَّاكِ، وَلِأَبِيهِ [2] صُحْبَةٌ، وَقَدْ عاش بعد ثور أبوه.
__________
[1] انظر عن (ثور بن معن) في:
تاريخ الطبري 5/ 533 و 538 و 542، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1827، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 386، والكامل في التاريخ 4/ 147، والإصابة 1/ 205 رقم 974.
[2] ذكره ابن الأثير في ترجمة «ثور والد يزيد بن ثور» (1/ 251) .(5/81)
[حرف الجيم]
13- جابر بن سمرة [1]- ع- بْنِ جُنَادَةَ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ. وَيُقَالُ: أَبُو خالد السّوائيّ [2] وَقِيلَ: اسْمُ جُنَادَةَ: عَمْرٌو [3] ، وَلَهُ وَلأَبِيهِ سَمُرَةَ صحبة، نزل الكوفة.
__________
[1] الطبقات الكبرى 6/ 24، وطبقات خليفة 56 و 131 وفيه اسمه: جابر بن سمرة بن عمرو بن جنادة بن جندب بن حجير..، والتاريخ لابن معين 2/ 73، وتاريخ خليفة 273، والعلل لابن حنبل 1/ 106 و 211، والتاريخ الكبير للبخاريّ 2/ 205 رقم 2204، والتاريخ الصغير له 69، 70، والمعرفة والتاريخ 2/ 754، و 3/ 280 و 282 و 288، وتاريخ أبي زرعة 1/ 59 و 261، والجرح والتعديل 2/ 493، والثقات لابن حبّان 3/ 52، ومشاهير علماء الأمصار له 47 رقم 304، والمعارف لابن قتيبة 305 و 306، وجمهرة أنساب العرب لابن حزم 273، وأنساب الأشراف للبلاذري 1/ 163 و 188 و 390 و 393 و 394، والمعجم الكبير للطبراني 2/ 194- 257 رقم 194، والاستيعاب لابن عبد البرّ 1/ 224، 225، والجمع بين رجال الصحيحين للقيسراني 1/ 72، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 388، 389، وأسد الغابة لابن الأثير 1/ 254، وتهذيب الأسماء للنووي ج 1 ق 1/ 142، وتهذيب الكمال للمزّي 4/ 437- 440 رقم 867، وتحفة الأشراف له 2/ 146- 164 رقم 60، والعبر للذهبي 1/ 74، والكاشف 1/ 121 رقم 736، وسير أعلام النبلاء 3/ 186- 188 رقم 36، ودول الإسلام 1/ 50، والكامل في التاريخ 4/ 260، ومرآة الجنان 1/ 141، والوافي بالوفيات للصفدي 11/ 27 رقم 44، وتاريخ ابن خلدون 2/ 120، وتهذيب التهذيب لابن حجر 2/ 39، 40، وتقريب التهذيب 1/ 122 رقم 5، والإصابة 1/ 212 رقم 1018، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي 1/ 179، وخلاصة تذهيب التهذيب 50، وشذرات الذهب 1/ 74، وتاج العروس 10/ 365.
[2] السّوائي: بضمّ السين وفتح الواو وبعدها الألف وفي آخرها الياء نسبة إلى بني سواءة بن عامر بن صعصعة. (الأنساب 7/ 182) .
[3] في طبعة القدسي 3/ 2 (سنة 1368 هـ.) : «عمر» ، وهو غلط، وما أثبتناه عن مصادر الترجمة.(5/82)
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وَعَنْ: خَالِهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي أيّوب [1] .
روى عَنْهُ: تَمِيمُ بْنُ طَرَفَةَ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَجَمَاعَةٌ، وَحَدِيثُهُ فِي الْكُتُبِ كَثِيرٌ.
قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ [2] .
14- جابر بن عتيك [3] بن قَيْسٍ، وَيُقَالَ جَبْرٌ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، أَحَدُ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا.
وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ، وَلَهُ إِحْدَى وَتِسْعُونَ سَنَةً.
وَرَّخَ مَوْتَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وَخَلِيفَةُ، وَابْنُ زَبْرٍ، وَابْنُ مَنْدَهْ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَتْ مَعَهُ رَايَةُ بَنِي مُعَاوِيَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ الأَوْسِ يَوْمَ الْفَتْحِ.
وَفِي «الْمُوَطَّإِ» [4] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِر بْنِ عَتِيكٍ، عَنْ جدّه
__________
[1] أبو أيّوب: خالد بن زيد الأنصاري.
[2] اختلف في وفاته فقيل: 66 هـ. وقيل 73 وقيل 74 وقيل 76 هـ. (راجع مصادر ترجمته) .
[3] طبقات خليفة 84 و 103، والتاريخ الكبير 2/ 208، 209 رقم 2212، والجرح والتعديل 2/ 493، والثقات لابن حبّان 3/ 52، 53، والاستيعاب 1/ 223، والإكمال لابن ماكولا 2/ 13، 14، وأسد الغابة 1/ 258، 259 و 266، والكاشف للذهبي 1/ 122 رقم 742، وتهذيب الكمال 4/ 454، 455 رقم 872، وتحفة الأشراف 2/ 402- 404 رقم 63، وطبقات ابن سعد 3/ 469، والكامل في التاريخ 4/ 101، والوافي بالوفيات 11/ 28 رقم 46، وتهذيب التهذيب 3/ 43، وتقريب التهذيب 1/ 63، والإصابة 1/ 214، 215 رقم 1030، والنجوم الزاهرة 2/ 156، وتاج العروس: مادة جبر، وجمهرة أنساب العرب 335 (باسم: جبر بن عتيك) ، ومشاهير علماء الأمصار 22 رقم 89 (باسم: جبر بن عتيك بن الحارث بن قيس) ، والمعجم الكبير للطبراني 2/ 189- 193 رقم 191، والأسامي والكنى للحاكم (مخطوط) ورقة 306.
ويراجع في اسمه: حاشية للدكتور بشّار عوّاد معروف في (تهذيب الكمال 4/ 455، 456) .
[4] الموطّأ للإمام مالك 155 رقم 554 كتاب الجنائز، باب النهي عن البكاء على الميت.
والحديث أطول مما هنا: «أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب عليه، فصاح به، فلم يجبه، فاسترجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال: «غلبنا عليك يا أبا الربيع» ، فصاح النسوة وبكين، فجعل جابر يسكتهنّ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «دعهنّ، فإذا وجب فلا تبكينّ باكية» . قالوا: يا رسول الله وما الوجوب؟ قال: «إذا مات» ، فقالت ابنته: والله إن كنت لأرجو أن تكون شهيدا، فإنك كنت قد قضيت جهازك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله قد أوقع أجره على قدر نيّته، وما تعدّون الشهادة» ؟، قالوا: القتل في سبيل الله، فقال رسول الله(5/83)
لأُمِّهِ عَتِيكِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَتِيكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ يَعُودُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَابِتٍ فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ، فَاسْتَرْجَعَ.
قُلْتُ: هُوَ آخِرُ الْبَدْرِيِّينَ مَوْتًا.
15- جَرْهَدُ الأَسْلَمِيُّ [1]- د ت- الَّذِي قَالَ لَهُ النَّبِيُّ للَّه: «غَطِّ فَخْذَكَ» [2] .
__________
[ () ] صلّى الله عليه وسلّم: «الشهداء سبعة سوى القتيل في سبيل الله، والمطعون شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحرق شهيد، والّذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيدة» .
[1] الطبقات الكبرى 4/ 298، والتاريخ لابن معين 2/ 79، وطبقات خليفة 111، والنسب الكبير لابن الكلبي- مخطوطة الأسكوريال رقم 1698- ج 2 ص 310، والتاريخ الكبير للبخاريّ 2/ 248، 249 رقم 2354، ومشاهير علماء الأمصار 42 رقم 259، وأنساب الأشراف 1/ 273، وجمهرة أنساب العرب 240، والثقات لابن حبّان 3/ 62، والجرح والتعديل 2/ 539، 540، والاستيعاب 1/ 254، 255، وحلية الأولياء 1/ 337، والمعجم الكبير للطبراني 2/ 271- 273 رقم 207، وأسد الغابة لابن الأثير 1/ 277، 278، والكاشف للذهبي 1/ 126 رقم 776، وتحفة الأشراف للمزّي 2/ 419، 420 رقم 70، وتهذيب الكمال 4/ 523، 524 رقم 912، والكامل في التاريخ 4/ 43، وتهذيب التهذيب 2/ 69، والتقريب 1/ 126، 127 رقم 50، والوافي بالوفيات 11/ 69 رقم 120، والنكت الظراف 2/ 419، والإصابة 1/ 231 رقم 1131، ورياض النفوس 54، وحسن المحاضرة 1/ 186، وتاج العروس 7/ 499.
[2] الحديث في (الموطّأ) برواية القعنبي، ورواه أبو داود من طريقه، عن أبي النضر، عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد، عن أبيه، قال: كان جرهد هذا من أصحاب الصّفّة، قال:
جلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عندنا وفخذي منكشفة، فقال: «أما علمت أنّ الفخذ عورة» ؟. وأخرجه الترمذي (2795) من طريق: زرعة بن مسلم بن جرهد، عن جدّه، وأخرجه أيضا (2797) من طريق عبد الله بن جرهد الأسلمي، عن أبيه جرهد، و (2798) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي الزناد، أخبرني ابن جرهد، عن أبيه. وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
وصحّحه ابن حبّان (353) ، والحاكم في المستدرك 4/ 180 مع أن في سنده مجهولا، ولكن ضعّفه البخاري في التاريخ الكبير لاضطراب إسناده.
وللحديث شواهد تقوّيه: عن محمد بن جحش عند الإمام أحمد في المسند 5/ 290، والحاكم في المستدرك 4/ 180 من طريق إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي كثير مولى محمد بن جحش، عنه. ورجاله رجال الصحيح غير أبي كثير، فقد روى عنه جماعة ولا يعرف بجرح ولا تعديل، وعن ابن عباس عند الترمذي (2798) و (2799) والحاكم في المستدرك 4/ 181 وفي سنده يحيى القتّات، وهو ضعيف. وعن عليّ عند أبي داود (3140) وابن ماجة (1460) والحاكم 4/ 180 وإسناده ضعيف. وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير 2/ 271- 273 من عدّة طرق، وكلّها شواهد تقوّي الحديث وتصحّحه.(5/84)
رَوَى عَنْهُ ابْنَاهُ: عَبْدُ اللَّهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وحفيده زرعة.
توفّي سنة إحدى وستّين. له دار بالمدينة.
16- جَعْفَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ [1] قُتِلَ شَابًّا هُوَ وَإِخْوَتُهُ مَعَ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عنهم أجمعين.
17- جندب [2] بن عبد الله [3] ع- بن سفيان البجلي العلقي. وعلقه:
__________
[1] تاريخ الرسل والملوك للطبري 5/ 153 و 415 و 448 و 468، والأسامي والكنى 1/ 301، وطبقات ابن سعد 4/ 34، وطبقات خليفة 4، ونسب قريش 80- 82، ومسند أحمد 1/ 201 و 5/ 290، وفضائل الصحابة له 40، والعلل 1/ 184، وتاريخ خليفة 234، والتاريخ الكبير 2/ 185 رقم 2139، والتاريخ الصغير 2- 4 و 22، 23، والمعارف 120 و 137 و 163 و 203 و 205 و 211، والمعرفة والتاريخ 1/ 260 و 536 و 2/ 535 و 3/ 167 و 259، والأسماء والكنى للدولابي 2/ 77، وأخبار القضاة لوكيع 1/ 255، والجرح والتعديل 2 رقم 1960، والولاة والقضاة للكندي 23، وجمهرة أنساب العرب 14 و 41 و 65 و 68، 69 و 391، وحلية الأولياء 1/ 114- 118، والاستيعاب 1/ 210- 213، والثقات لابن حبان 3/ 49، والمحبّر لابن حبيب (راجع الفهرس) ، ومقاتل الطالبيين لأبي الفرج 83، والكامل في التاريخ 4/ 92، وتهذيب الأسماء واللغات ج 1 ق 1/ 148، 149 رقم 105، والمعجم الكبير 2/ 104- 112 رقم 176، وتلقيح فهوم أهل الأثر لابن الجوزي 174، وصفة الصفوة له 1/ 205، ومعجم البلدان (مادّة مؤتة) 5/ 220، وأسد الغابة 1/ 286- 289، وسير أعلام النبلاء 1/ 206- 217، والعبر 1/ 9، وتجريد أسماء الصحابة رقم 802، ومجمع الزوائد 9/ 271- 273، وتحفة الأشراف 2/ 437 رقم 73، والعقد الثمين 3/ 424، وتهذيب الكمال 5/ 50- 64 رقم 944، والوافي بالوفيات 11/ 90- 92 رقم 146، والإصابة 1/ 237، 238 رقم 1166، وتهذيب التهذيب 2/ 98، 99، وتقريب التهذيب 1/ 131 رقم 84، وخلاصة تذهيب التهذيب رقم 1041، ومرآة الجنان 1/ 14، وغاية الأماني 1/ 65، وشذرات الذهب 1/ 48، والوفيات لابن قنفذ 40 رقم 8، والأخبار المولقيّات 567، وترتيب الثقات للعجلي 98 رقم 213، ويعرف بجعفر الطيار ذي الجناحين، قتل سنة 41 هـ.
[2] يقال: جندب: بضم الدال، وجندب: بفتحها.
[3] الطبقات الكبرى 6/ 35، وطبقات خليفة 117 و 139 و 188، والتاريخ لابن معين 2/ 88، والعلل لابن المديني 55، ومسند أحمد 4/ 312، والعلل له 1/ 391، والتاريخ الكبير للبخاريّ 2/ 221 رقم 2266، والتاريخ الصغير له 1/ 151، والمعرفة والتاريخ للفسوي 2/ 6 و 639 و 648 و 660 و 677 و 762، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم 2/ 510 رقم 2102، والاستيعاب 1/ 256، ومشاهير علماء الأمصار 47 رقم 300، وموضح أوهام الجمع والتفريق للخطيب 2/ 22، وتاريخ بغداد له 7/ 249 رقم 3740، والجمع بين رجال الصحيحين للقيسراني 1/ 76، والكامل في التاريخ 3/ 108 و 138 و 391، وأسد الغابة(5/85)
حَيٌّ مِنْ بَجِيلَةَ، أَقَامَ بِالْبَصْرَةِ وَبِالْكُوفَةِ، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ كَثِيرَةٌ.
رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَأَنَسُ [1] بْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ [2] ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَالأَسْوَدُ بْنِ قَيْسٍ، وَآخَرُونَ.
18- جُنْدُبُ الْخَيْرِ [3] هُوَ جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ- وَيُقَالُ ابْنُ كَعْبٍ- الأَزْدِيِّ، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ.
وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: عَلِيٍّ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ.
رَوَى عَنْهُ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَتَمِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، وَحَارِثَةُ بْنُ وَهْبٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. فَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبَةٌ بالسيف» [4] .
__________
[ () ] 1/ 304، والأسامي والكنى للحاكم 1 ورقة 407 أوب، والمعجم الكبير للطبراني 2/ 158- 177 رقم 183، والأنساب للسمعاني 9/ 38، واللباب لابن الأثير 2/ 353، وتلقيح الفهوم لابن الجوزي 174، 175 و 366، وتهذيب الكمال للمزّي 5/ 137- 139 رقم 973، وتحفة الأشراف له 2/ 439- 446 رقم 76، وسير أعلام النبلاء 3/ 174، 175 رقم 30، والعبر 1/ 41، والكاشف 1/ 132 رقم 826، وتجريد أسماء الصحابة رقم 854، والوافي بالوفيات 11/ 193، 194 رقم 286، وتهذيب التهذيب 2/ 117، 118، وتقريب التهذيب 1/ 134، 135 رقم 119، والإصابة 1/ 248 رقم 1223، وخلاصة تذهيب التهذيب 55، وتاج العروس (مادّة: جدب ومكث) ، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 86.
[1] في الأصل مهملة.
[2] الجوني: بفتح الجيم وسكون الواو، نسبة إلى الجون وهو بطن من الأزد. (اللباب 1/ 254) .
[3] التاريخ الكبير 2/ 222 رقم 2268، والجرح والتعديل 2/ 511 رقم 2107، والمعجم الكبير للطبراني 2/ 177 رقم 184، والأسامي والكنى للحاكم 1 ورقة 407 أوب، وجمهرة أنساب العرب 378، والاستيعاب 1/ 258، وتلقيح فهوم أهل الأثر لابن الجوزي 175، والكامل في التاريخ لابن الأثير 3/ 106 و 144، وأسد الغابة 1/ 305، 306، والمعارف 402، وتحفة الأشراف للمزّي 2/ 446 رقم 77، وتهذيب الكمال له 5/ 141- 148 رقم 975، والكاشف للذهبي 1/ 133 رقم 828، وسير أعلام النبلاء 3/ 175- 177 رقم 31، وتجريد أسماء الصحابة رقم 856، والوافي بالوفيات 11/ 195 رقم 290، وتهذيب التهذيب 2/ 118، 119، والإصابة 1/ 250 رقم 1227، وتقريب التهذيب 1/ 135 رقم 120، وخلاصة تذهيب التهذيب 55، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 410، وتاج العروس 2/ 137.
[4] إسناده ضعيف لضعف إسماعيل بن مسلم. وقد أخرجه الترمذي في كتاب الحدود، باب ما(5/86)
وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ: كَانَ سَاحِرٌ يَلْعَبُ عِنْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، فَيَأْخُذُ سَيْفَهُ فَيَذْبَحُ نَفْسَهُ وَلا يَضُرُّهُ، فَقَامَ جُنْدُبٌ فَأَخَذَ السَّيْفَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ، ثُمَّ قَرَأَ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ 21: 3 [1] . إسناده صَحِيحٌ [2] .
وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ: إِنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ كَانَ بِالْعِرَاقِ يَلْعَبُ بَيْنَ يَدَيْهِ سَاحِرٌ، فَكَانَ يَضْرِبُ عُنُقَ الرَّجُلِ، ثُمَّ يَصِيحُ بِهِ، فَيَقُومُ، فَتَرْتَدُّ إِلَيْهِ رَأْسُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ يُحْيِي الْمَوْتَى! فَرَآهُ رَجُلٌ مِنْ صَالِحِي الْمُهَاجِرِينَ، فَاشْتَمَلَ مِنَ الْغَدِ عَلَى سَيْفهِ، فَذَهَبَ السَّاحِرُ يَلْعَبُ لُعْبَهُ ذَلِكَ، فَاخْتَرَطَ الرَّجُلُ سَيْفَهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ. وَقَالَ: إِنْ كَانَ صَادِقًا فَيُنَجِّي نَفْسَهُ، فَأَمَرَ بِهِ الْوَلِيدُ فَسَجَنَهُ، فَأُعْجِبَ السَّجَّانُ نَحْوَ الرَّجُلِ فَقَالَ: أَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَهْرُبَ؟
قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاخْرُجْ، لا يَسْأَلُنِي اللَّهُ عَنْكَ أَبَدًا [3] .
19- جَنْدَرَةُ [4] بْنُ خَيْشَنَةَ [5] أَبُو قِرْصَافَةَ الْكِنَانِيُّ، صَحَابِيٌّ نَزَلَ الشَّامَ
__________
[ () ] جاء في حدّ الساحر (1460) ، والدارقطنيّ في سننه 3/ 144، والحاكم في المستدرك 4/ 360 وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلّا من هذا الوجه، إسماعيل بن مسلم المكيّ يضعف في الحديث، والصحيح عن جندب موقوف.
وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في كتابه «الكبائر» - ص 46: الصحيح أنه من قول جندب.
وأخرجه الطبراني في ترجمة «جندب بن عبد الله بن سفيان» من رواية الحسن البصري، عن جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ الْبَجَلِيُّ.. فأخطأ بذلك. انظر المعجم الكبير 2/ 161 رقم (1665) و (1666) .
[1] سورة الأنبياء- الآية 3.
[2] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 2/ 177 رقم (1725) من طريق: محمد بن عبد الله الحضرميّ، حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدّثنا هشيم، أخبرنا خالد الحذّاء. ورواه ابن عساكر (تهذيب تاريخ دمشق 3/ 410) ، والمزّي في تهذيب الكمال 5/ 143، والمؤلّف الذهبي في سير أعلام النبلاء 3/ 175، 176، والدارقطنيّ في السنن 3/ 114 ونسبه إلى «جندب البجلي» وهو وهم.
[3] ذكره المزّي في تهذيب الكمال 5/ 143، 144، والمؤلّف في سير أعلام النبلاء 3/ 176، وابن حجر في الإصابة 1/ 250 ونسبه إلى البيهقي في دلائل النّبوّة.
[4] التاريخ الكبير 2/ 250 رقم 2358، والمعرفة والتاريخ 2/ 101 و 3/ 28 و 168، ومقدّمة
[5] خيشنة: بفتح الخاء المعجمة وبعدها ياء معجمة وبعد الشين المعجمة نون. (الإكمال 3/ 211) .(5/87)
وَاسْتَوْطَنَ عَسْقَلانَ، لَهُ أَحَادِيثُ.
رَوَى عَنْهُ: حَفِيدَتُهُ عَزَّةُ بِنْتُ عِيَاضِ بْنِ جَنْدَرَةَ، وَيَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ الْفِلَسْطِينِيُّ، وَشَدَّادٌ أَبُو عَمَّارٍ، وَزِيَادُ بْنُ سَيَّارٍ، وَعَطِيَّةُ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنَانِيَّانِ، وَزِيَادُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ [1] .
لَيْسَ لَهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ شيء [2] .
__________
[ () ] مسند بقيّ بن مخلد 134 رقم 589، والكنى والأسماء 1/ 49، والجرح والتعديل 2/ 545 رقم 2267، والمعجم الكبير للطبراني 3/ 1- 4 رقم 234، وجمهرة أنساب العرب 189، والاستيعاب 1/ 274، وتلقيح فهوم أهل الأثر 176 و 379، وأسد الغابة 1/ 307، وتجريد أسماء الصحابة 1/ 92 رقم 861، وتهذيب الكمال 5/ 149، 150 رقم 976، والمشتبه للذهبي 1/ 278، وتهذيب التهذيب 2/ 119 رقم 191، والتقريب 1/ 135 رقم 121، وخلاصة تذهيب التهذيب 1 رقم 1092 وذكره ابن حجر مرتين في الإصابة دون ترجمة.
[1] في الأصل «ربان بن الجعد» .
[2] قال المزّي: «روى له البخاري في كتاب الأدب» (تهذيب الكمال 5/ 150) .(5/88)
[حرف الْحَاءِ]
20- الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ [1] الْهَمْدَانِيُّ الأَعْوَرُ الْكُوفِيُّ أَبُو زُهَيْرٍ، صَاحِبُ عَلِيٍّ. رَوَى عن: عليّ، وابن
__________
[1] الطبقات الكبرى 6/ 168، 169، والتاريخ لابن معين 2/ 93، وتاريخ الدارميّ، رقم 233، والعلل لابن المديني 43، وطبقات خليفة 149، والعلل لابن حنبل 1/ 26 و 84 و 147، والمحبّر لابن حبيب 303، والتاريخ الكبير للبخاريّ 2/ 273 رقم 2437، والتاريخ الصغير له 1/ 149 و 155، 156 و 204، والضعفاء الصغير له 60، والبرصان والعرجان للجاحظ 363، وأحوال الرجال للجوزجانيّ 41- 43 رقم 10، وترتيب الثقات للعجلي 103 رقم 233، والضعفاء الكبير للعقيليّ 1/ 208- 210 رقم 257، والكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي 2/ 604، 605، والمعارف لابن قتيبة 210 و 587 و 624، والجامع الصحيح للترمذي 1/ 73 و 168 و 4/ 416 و 5/ 80، والمعرفة والتاريخ للفسوي 1/ 216، 217 و 2/ 534 و 557 و 617 و 624 و 3/ 117، والضعفاء والمتروكين للنسائي 281 رقم 114، وأخبار القضاة لوكيع 2/ 228، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 183، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم 3/ 78، 79 رقم 363، والمجروحين لابن حبّان 1/ 222، 223، والضعفاء والمتروكين للدارقطنيّ 75 رقم 153، وتاريخ جرجان للسهمي 514، والسابق واللاحق للخطيب 167، والأنساب للسمعاني 5/ 9، 10، واللباب لابن الأثير 1/ 410، وسير أعلام النبلاء 4/ 152- 154 رقم 54، والكاشف له 1/ 138 رقم 868، والعبر له 1/ 73، وميزان الاعتدال له 1/ 435- 437 رقم 1627، والمغني في الضعفاء له 1/ 141 رقم 1236، وطبقات الفقهاء للشيرازي 80، وتهذيب الكمال للمزّي 5/ 244- 253 رقم 1025، والوافي بالوفيات للصفدي 11/ 253، 254 رقم 371، ومرآة الجنان لليافعي 1/ 141، وغاية النهاية لابن الجزري 1/ 201 رقم 922، وتهذيب التهذيب لابن حجر 2/ 145- 147 رقم 248، وتقريب التهذيب له 1/ 74، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي 1/ 185، وخلاصة تذهيب التهذيب 18، وشذرات الذهب 1/ 73، ومعجم رجال الحديث للخوئي 4/ 190، 191 و 200، 201 و 215، ولسان الميزان 2/ 153 رقم 676، ورجال الطوسي 38 رقم 4.(5/89)
مَسْعُودٍ. وَكَانَ فَقِيهًا فَاضِلا مِنْ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ، وَلَكِنَّهُ لين الحديث.
روى عنه: الشعبي، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن مرة، وأبو إسحاق السبيعي، وغيرهم.
قال أَبُو حَاتِمٍ [1] : لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ [2] : لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ الْحَارِثُ: تَعَلَّمْتُ الْقُرْآنَ فِي سَنَتَيْنِ، وَالْوَحْيَ [3] فِي ثَلاثِ سِنِينَ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وأبو خيثمة: الحارث كذاب.
قلت: هذا محمول من الشعبي على أَنَّهُ أَرَادَ بِالْكَذِبِ الْخَطَأَ وَإلا فَلأَيِّ شَيْءٍ يَرْوِي عَنْهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّسَائِيَّ مَعَ تَعَنُّتِهِ فِي الرِّجَالِ قَدِ احْتَجَّ بِالْحَارِثِ.
وَقَالَ شُعْبَةُ: لم يسمع أبو إسحاق بن الْحَارِثِ إِلَّا أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ [4] .
وَرَوَى مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: الْحَارِثُ يَهِمُ. وقَالَ النَّسَائِيُّ [5] أَيْضًا: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ. قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: كَانَ الْحَارِثُ أفْقَهَ النَّاسِ، وَأفْرَضَ النَّاسِ، وَأَحْسَبَ النَّاسِ، تَعَلَّمَ الْفَرَائِضَ مِنْ عَلِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ:
أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْكُوفَةِ وَهُمْ يُقَدِّمُونَ خَمْسَةً، مَنْ بَدَأَ بِالْحَارِثِ الأَعْوَرِ ثَنَّى بِعُبَيْدَةَ، وَمَنْ بَدَأَ بِعُبَيْدَةَ ثَنَّى بِالْحَارِثِ، ثُمَّ عَلْقَمَةَ، ثُمَّ مَسْرُوقٍ، ثُمَّ شُرَيْحٍ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ [6] : الْحَارِثُ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ مَرَّةً: ثِقَةٌ.
21- الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو الْهُذَلِيُّ الْمَدَنِيُّ [7] وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم،
__________
[1] في الجرح والتعديل 3/ 79.
[2] في الضعفاء والمتروكين 287.
[3] قال الجوزجاني في ترجمته: «وابن عبّاس يقول: لا وحي إلّا ما بين اللوحين، وأجمع على ذلك المسلمون. وَقَدْ قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ستّة لعنهم الله، وكلّ نبيّ مجاب ... منهم الزائد في كتاب الله» . (أحوال الرجال 41) .
[4] قال الجوزجاني (ص 43) : الشائع في أهل الحديث أنّ أبا إسحاق لم يسمع منه إلّا ثلاثة أو أربعة.
[5] في الضعفاء 287.
[6] في التاريخ 2/ 93 رقم 1751.
[7] الطبقات الكبرى 5/ 59، والجرح والتعديل 3/ 82 رقم 376، والتاريخ الكبير 2/ 276 رقم 2447.(5/90)
وَحَدَّثَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. قَالَهُ ابْنُ سَعْدٍ [1] .
- الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ قَدْ ذُكِرَ.
22- حُبْشِيُّ بن جنادة [2]- د ت ق- أبو الجنوب السّلوليّ [3] ، نَزَلَ الْكُوفَةَ، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. رَوَى عَنْهُ الشَّعِبيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ. وَقَدْ بَالَغَ ابْنُ عَدِيٍّ [4] فِي الثِّقَاتِ لَهُ بِذِكْرٍ فِي الضُّعَفَاءِ، ثُمَّ طَرَّزَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ.
قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى: أَنْبَأَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حُبْشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهمّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ» - الْحَدِيثَ [5] . هَذَا
__________
[1] في طبقاته الكبرى، وقال: «وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وروى عن عمر بن الخطاب أحاديث منها كتابه إلى أبي موسى الأشعريّ في الصلاة. وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مسعود وغيره. ومات الحارث بن عمرو سنة سبعين» .
[2] الطبقات الكبرى 6/ 37، والتاريخ لابن معين 2/ 96، والعلل لابن حنبل 1/ 173، والمسند له 4/ 164، والتاريخ الكبير للبخاريّ 3/ 127، 128 رقم 427، وتاريخ الرسل والملوك للطبري 6/ 89، والمعرفة والتاريخ للفسوي 2/ 225 و 624، 625 و 632، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم 3/ 313 رقم 1395، والاستيعاب لابن عبد البرّ 1/ 391، والكامل في الضعفاء لابن عديّ 2/ 848، 849، والمعجم الكبير للطبراني 4/ 17- 20 رقم 319، والإكمال لابن ماكولا 2/ 383، وتلقيح فهوم أهل الأثر لابن الجوزي 183، وأسد الغابة لابن الأثير 1/ 366، 367، والكامل في التاريخ 4/ 263، وتحفة الأشراف للمزّي 3/ 13، 14 رقم 93، وتهذيب الكمال له 5/ 349- 351 رقم 1075، والمشتبه للذهبي 1/ 209، والكاشف له 1/ 144 رقم 910، والمغني في الضعفاء له 1/ 146 رقم 1279، وتجريد أسماء الصحابة له رقم 1091، والوافي بالوفيات 11/ 285 رقم 421، وطبقات خليفة 55 و 131، وتهذيب التهذيب لابن حجر 2/ 176 رقم 318، والتقريب له 1/ 148 رقم 102، والإصابة له 1/ 304 رقم 1558، وخلاصة تذهيب التهذيب رقم 1704، والمنتخب من ذيل المذيل 570.
[3] السّلوليّ: بفتح السين المهملة وضم اللام وسكون الواو وفي آخرها لام أخرى. نسبة إلى بني سلول، نزلوا الكوفة ولهم بها خطّة نسبت إليهم. (اللباب 2/ 131) .
[4] في الكامل في ضعفاء الرجال 2/ 849.
[5] أخرجه الترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في الحلق والتقصير (73) رقم (916) وفي الباب عن ابن عباس، وابن أمّ الحصين، وما رب، وأبي سعيد، وأبي مريم، وأبي هريرة.
وقال: هذا حديث حسن صحيح. ورواه أحمد في المسند 4/ 165 من طريق يحيى بن آدم أو ابن أبي بكير قالا: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حبشيّ بن جنادة، قال يحيى، وكان ممن شهد حجّة الوداع قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اللَّهمّ اغفر للمحلّقين» قالوا:
يا رسول الله والمقصّرين؟ قال: «اللَّهمّ اغفر للمحلّقين» . قالوا: يا رسول الله والمقصرين؟(5/91)
حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ.
وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبيِّ، عَنْ حُبْشِيٍّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، فَذَكَرَ حَدِيثًا فِي تَحْرِيمِ الْمسأَلَةِ [1] .
وَعَنْ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حُبْشِيٍّ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَةَ مَشَاهِدَ، وَشَهِدْتُ مَعَ عَلِيٍّ ثَلاثَةَ مَشَاهِدَ مَا هُنَّ بِدُونِهَا [2] .
قُلْتُ: وَلِحُبْشِيٍّ أَحَادِيثُ أُخَرَ، وَمَا أَدْرِي لأَيِّ شَيْءٍ قَالَ الْبُخَارِيُّ: إِسْنَادُهُ فِيهِ نَظَرٌ [3] .
23- حَسَّانُ بْنُ مَالِكِ [4] بْنِ بَحْدَلِ بْنِ أُنَيْفٍ الْأَمِيرُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْكَلْبِيُّ.
وَكَانَ عَلَى قُضَاعَةِ الشَّامِ يَوْمَ صِفِّينَ، وَهُوَ الَّذِي قَامَ بأمر البيعة لمروان. وذكر
__________
[ () ] قال في الثالثة: «والمقصّرين» . ورواه الطبراني في المعجم الكبير 4/ 18، 19 رقم 3510 وفيه: قال في الرابعة: «والمقصّرين» . وابن عديّ في الكامل في الضعفاء 2/ 848.
[1] الحديث رواه الترمذي في كتاب الزكاة، باب ما جاء من لا تحلّ له الصدقة (23) رقم (648) قال: حدّثنا عليّ بن سعيد الكندي، أخبرنا عبد الرحيم بن سليمان، عن مجالد، عن عامر، عن حبشيّ بن جنادة السّلوليّ. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجّة الوداع، وهو واقف بعرفة أتاه أعرابيّ فأخذ بطرف ردائه فسأله إيّاه فأعطاه وذهب، فعند ذلك حرمت المسألة، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ المسألة لا تحلّ لغنيّ ولا لذي مرّة سويّ إلّا لذي فقر مدقع أو غرم مفظع، ومن سأل الناس ليثرى به ماله كان خموشاً في وجهه يوم القيامة ورضفا يأكله من جهنّم، فمن شاء فليقلّ، ومن شاء فليكثر» . وأخرجه أحمد في المسند 4/ 165، والطبراني في المعجم الكبير 4/ 17 رقم 3504، وابن معين في التاريخ 2/ 96 رقم (73) ، وابن عديّ في الكامل 2/ 849، والمزّي في تحفة الأشراف 3/ 14 رقم 3291.
[2] الحديث رواه ابن عديّ في الكامل 2/ 848 وفيه: إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن أبي إسحاق قال: سمعت حبشيّ بن جنادة يقول: شهدت ... ما هي بدونها.
قال: فقال أبو إسحاق: صدق أبو الجنوب.. إنّها لمنها.
[3] في التاريخ الكبير 3/ 128.
[4] انظر عن حسّان بن مالك في: تاريخ الرسل والملوك للطبري 5/ 531- 533 و 535 و 537 و 542 و 610 و 6/ 141 و 143، والعقد الفريد 4/ 395، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 149 و 357 و 358 و 359 و 442 و 447، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1957 و 1961 و 1963 و 1969، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 148، 149، ونهاية الأرب 21/ 101، والكامل في التاريخ 4/ 145- 148 و 152 و 298 و 299 و 539، ومعجم البلدان 1/ 203، وسير أعلام النبلاء 3/ 537 رقم 142، والوافي بالوفيات 11/ 359 رقم 520، وتاج العروس 7/ 222.(5/92)
الْكَلْبِيُّ أَنَّهُمْ سَلَّمُوا بِالْخِلافَةِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً عَلَى حَسَّانِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ سَلَّمَهَا إِلَى مَرْوَانَ وَقَالَ:
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَّا الْخَلِيفَةُ نَفْسُهُ فَمَا نَالَهَا إِلا وَنَحْنُ شُهُودٌ [1] وَقَصْرُ حَسَّانٍ بِدِمَشْقَ وَهُوَ قَصْرُ الْبَحَادِلَةِ، ثُمَّ صَارَ يُعْرَفُ بِقَصْرِ ابْنِ أَبِي الْحَدِيدِ [2] .
24- الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ [3] ابْنِ أَبِي طَالِبٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ رَيْحَانَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن بنته فاطمة،
__________
[1] البيت في: تهذيب تاريخ دمشق 4/ 149، وسير أعلام النبلاء 3/ 537.
[2] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 148.
[3] الحسين الشهيد رضي الله عنه له ذكر في جميع كتب التاريخ التي تتناول العصر الأموي كتاريخ الطبري، وخليفة، والمسعودي، وابن الأثير، وابن كثير، وابن شاكر، والنويري، وابن خلدون، واليافعي، والسيوطي، وغيرهم. وسأكتفي بذكر بعض المصادر الحديثية أو التي تعنى بالتراجم وغيره، مثل: ثمار القلوب للثعالبي 90 و 177 و 291 و 605 و 625 و 689 و 690، وأمالي المرتضى 1/ 118 و 219 و 532، والتذكرة الحمدونية 1/ 69 و 86 و 101 و 208 و 267 و 362 و 377 و 404 و 2/ 34 و 42 و 132 و 184 و 185 و 198 و 209 و 259 و 265 و 272 و 283 و 312 و 457 و 459 و 477 و 480، وأنساب الأشراف 1/ 387، 388 و 402 و 7404 405 وق 4 ج 1 (راجع الفهرس 637) ، وترتيب الثقات 119 رقم 291، والجرح والتعديل 3/ 55 رقم 249، والتاريخ لابن معين 2/ 118، والعقد الفريد (انظر الفهرس 7/ 107) وجمهرة أنساب العرب 52، وطبقات خليفة 5 و 189 و 230، والاستيعاب 1/ 378- 122، والإرشاد في أسماء أئمة الهدى، للشيخ المفيد- طبعة طهران 1330 هـ.
ص 177، وتاريخ بغداد 1/ 241، وشرح شافية أبي فراس 132- طبعة الهند، والفخري 103، وأبصار العين في أنصار الحسين، لمحمد بن طاهر السماوي- النجف 1341 هـ.، والتاريخ الكبير 2/ 381 رقم 2846، والمسند لابن حنبل 1/ 201، 1/ 201، والمستدرك على الصحيحين 3/ 176- 180، والمعجم الكبير 3/ 98- 148 رقم 236، والمنتخب من ذيل المذيّل 548، والمحبّر (انظر فهرس الأعلام 598) ، ونسب قريش (راجع فهرس الأعلام 455) ، ورجال الطوسي 37 رقم 1 و 71- 81، وصفة الصفوة 1/ 762- 764 رقم 121، والأخبار الموفقيّات 356، والمعارف (انظر فهرس الأعلام 720) ، والمراسيل 27 رقم 43، والعلل لأحمد 1/ 143 و 234 و 319، والثقات لابن حبّان 3/ 68، وتهذيب الكمال 6/ 396- 449 رقم 1323، وتحفة الأشراف 3/ 65- 67 رقم 106، وأسد الغابة 2/ 18- 23، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 314- 346، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 162، 163 رقم 123، ومجمع الزوائد 9/ 185- 201، ومرآة الجنان 1/ 131-(5/93)
السَّعِيدُ الشَّهِيدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. اسْتُشْهِدَ بِكَرْبَلاءَ وَلَهُ سِتٌّ وَخَمْسُونَ سَنَةً. وَقَدْ حَفِظَ عَنْ جَدِّهِ، وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ أَبَوَيْهِ، وَخَالِهِ هِنْدِ بْنِ أَبِي هَالَةَ.
رَوَى عَنْهُ: أَخُوهُ الْحَسَنُ، وَابْنُهُ عَلِيٌّ، وَابْنُ ابْنِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ، وَبِنْتُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ، وَعِكْرِمَةُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْفَرَزْدَقُ هَمَّامٌ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعُقَيْلِيُّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ وَالزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ [1] : مَوْلِدُهُ فِي خَامِسِ شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ.
وَقَالَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ: كَانَ بَيْنَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ طُهْرٌ وَاحِدٌ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا وُلِدَ الْحَسَنُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرُونِي ابْنِي مَا سَمَّيْتُمُوهُ» ؟ قُلْتُ حَرْبًا. قَالَ: «بَلْ هُوَ حَسَنٌ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ» وَفِيهِ: فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: «إِنَّمَا سَمَّيْتُهُمْ بِأَسْمَاءِ وَلَدِ هَارُونَ شَبَرٍ وَشُبَيْرٍ وَمُشْبِرٍ» [2] . قُلْتُ: وَكَانَ قَدْ وَلَدَتْ فَاطِمَةُ بَعْدَهُمَا وَلَدًا فَسَمَّاهُ مُحْسِنًا وَرَوَى الأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: كُنْتُ أُحِبُّ الْحَرْبَ، فَلَمَّا وُلِدَ الْحَسَنُ هَمَمْتُ أَنْ أُسَمِّيَهُ حَرْبًا فسمَّاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَسَنَ، فَلَمَّا وُلِدَ الْحُسَيْنُ هَمَمْتُ أَنْ أُسَمِّيَهُ حَرْبًا فَسَمَّاهُ الْحُسَيْنَ، وَقَالَ:
«سَمَّيْتُ ابْنَيَّ هَذَيْنِ بِاسْمِ ابْنَيْ هَارُونَ شَبَرٍ وَشُبَيْرٍ» [3] . رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ عِيسَى التَّمِيمِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَهُوَ مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ، لَكِنَّهُ منقطع.
__________
[ () ] 137، وسير أعلام النبلاء 3/ 280- 321 رقم 48، والأغاني 14/ 163، والعبر 1/ 65، والكاشف 1/ 171 رقم 1105، والبداية والنهاية 8/ 149، والعقد الثمين 4/ 202، وغاية النهاية رقم 1114، والوافي بالوفيات 12/ 423- 429 رقم 383، وتهذيب التهذيب 2/ 345- 357 رقم 615، والتقريب 1/ 177 رقم 375، والإصابة 1/ 332، وتاريخ الخلفاء 207، وشذرات الذهب 1/ 66، وخلاصة تذهيب التهذيب 71، والنكت الظراف 3/ 66، 67، والبدء والتاريخ 6/ 10- 13.
[1] نسب قريش 24.
[2] أسد الغابة 2/ 18، ورواه الطبراني في معجمه الكبير 3/ 100 رقم 2773 و 2774 و 2775، وتهذيب الكمال 6/ 223.
[3] رواه الطبراني في المعجم الكبير 3/ 101 رقم (2777) .(5/94)
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: لَمَّا وَلَدَتْ فَاطِمَةُ حَسَنًا أَتَتْ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمَّاهُ حَسَنًا، فَلَمَّا وَلَدَتْ حُسَيْنًا أَتَتْ بِهِ فَسَمَّاهُ، وَقَالَ: «هَذَا أَسَنُّ مِنْ هَذَا» فَشَقَّ لَهُ مِنَ اسْمِهِ حُسَيْنٌ [1] . وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ هَانِئٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: الْحَسَنُ أَشْبَهُ النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا بَيْنَ الصَّدْرِ إِلَى الرَّأْسِ، وَالْحُسَيْنُ أَشْبَهُ النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ، مَا كَانَ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ [2] . وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: حَدَّثَنِي أَخِي مُوسَى، عَنْ أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَقَالَ: مَنْ أَحَبَّنِي وَأَحَبَّ هَذَيْنِ وَأَبَاهُمَا وَأُمَّهُمَا كَانَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ [3] . أَخْرَجَهُ التّرمذيّ، وعبد الله ابن أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيِّ، عَنْهُ. وَفِي الْمُسْنَدِ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي» [4] . وَقَالَ عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَانِ ابْنَايَ مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي» . لَهُ عِلَّةٌ، وَهِيَ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَرْسَلَهُ، وَأَسْقَطَ مِنْهُ عَبْدَ اللَّهِ [5] .
وَقَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ أمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَّلَ عَلِيًّا، وَحَسَنًا، وَحُسَيْنًا، وَفَاطِمَةَ، كِسَاءً، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهمّ هَؤُلاءِ أهل بيتي وخاصّتي، اللَّهمّ
__________
[1] تهذيب الكمال 6/ 224 و 399.
[2] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 316 وأخرجه الترمذي في كتاب المناقب، باب مناقب أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب والحسين بْن عَلي بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّهُ عنهما، رقم (3818) ، وقال: هذا حديث حسن غريب. وهو في تهذيب الكمال 6/ 226.
[3] تهذيب الكمال للمزّي 6/ 228 و 401.
[4] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 318، والحديث في مسند أحمد 2/ 531، والمستدرك للحاكم 3/ 171، والسنن الكبرى للبيهقي 4/ 28، وتهذيب الكمال 6/ 228، 229.
[5] أقول: مع علّته فإنّ الّذي قبله يقوّيه.(5/95)
أَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا» . لَهُ طُرُقٌ صِحَاحٌ عَنْ شَهْرٍ، وَرُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ [1] . وَقَالَ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمْ، يَعْنِي إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ 33: 33 [2] .
وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جَاءَنِي جِبْرِيلُ فَبَشَّرَنِي أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» [3] . رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَرَوَى نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ بِإِسْنَادَيْنِ جيّدين. وفي اللباب عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ [4] ، وَأَنَسٍ بِأَسَانِيدَ ضَعِيفَةٍ.
وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ مَرْدَانُبَةَ [5] ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ [6] ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» . رواه أحمد فِي مُسْنَدِهِ [7] . وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ [8] ، عَنْ سعيد بن راشد، عن يعلى بن مرة قَالَ: جَاءَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يَسْعَيَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَصَلَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الآخَرِ، فَجَعَلَ يَدَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، ثُمَّ ضمّه
__________
[1] أخرجه أحمد في المسند 6/ 298 و 304، والطبراني في المعجم الكبير 3/ 47، 48 رقم (2664) و (2665) و (2666) ، والطبري في تفسيره 22/ 67، وفي الباب عن عائشة عند مسلم (2424) ، وعن وائلة عند أحمد في المسند 4/ 107، وفي تهذيب الكمال للمزّي 6/ 229.
[2] سورة الأحزاب- الآية 33.
[3] أخرجه الترمذي المناقب رقم (3856) ، والنسائي في المناقب. والمزّي في تهذيب الكمال 6/ 229، وابن عساكر في (تهذيب تاريخ دمشق 4/ 317) ، والمؤلّف في السير 3/ 282.
[4] مهمل في الأصل.
[5] في الأصل «مردانة» ، والتصويب من الخلاصة حيث قيّده بنون مضمومة بعد الألف وموحّدة.
[6] بضمّ النّون وإسكان العين، وفي الأصل مهمل، وهو عبد الرحمن البجلي الكوفي.
[7] الجامع الصحيح للترمذي (3857) .
[8] في الأصل «خيثم» ، والتصحيح من الخلاصة حيث ضبطه بضمّ المعجمة.(5/96)
إلى (إِبِطِهِ، ثُمَّ جَاءَ الآخَرُ فَضَمَّهُ إِلَى إِبِطِهِ) [1] الأُخْرَى، ثُمَّ قَبَّلَ هَذَا، ثُمَّ قَالَ:
«إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا» . وَقَالَ: «إِنَّ الْوَلَدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ مَجْهَلَةٌ» [2] . رَوَى بَعْضَهُ مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ فَقَالَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ خَلَفٍ.
وَقَالَ كَامِلٌ أَبُو الْعَلاءِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلاةِ الْعِشَاءِ، فَكَانَ إِذَا سَجَدَ رَكِبَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَى ظَهْرِهِ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ رَفَعَ رَفْعًا رَفِيقًا، ثُمَّ إِذَا سَجَدَ عَادَا، فَلَمَّا صَلَّى قُلْتُ:
أَلا أَذْهَبُ بِهِمَا إِلَى أُمِّهِمَا؟ قَالَ: «لا» [3] فَبَرَقَتْ بَرْقَةٌ فَلَمْ يَزَالا [4] فِي ضَوْئِهَا حَتَّى دَخَلا عَلَى أُمِّهِمَا [5] . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عثمان بْن خثيم، عن سعيد بن راشد، عن يعلى بن مرة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاطِ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ [6] .
وَقَالَ حُسَيْنُ بْنِ وَاقِدٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ، فَنَزَلَ فَأَخَذَهُمَا فَوَضَعَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «صَدَقَ الله أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ 8: 28 [7] رَأَيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أَصْبِرْ ثُمَّ أَخَذَ فِي خطبته.
إسناده صحيح [8] .
__________
[1] ما بين القوسين ساقط من الأصل، والاستدراك من (ذخائر العقبي 124) .
[2] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 318.
[3] «لا» ساقطة من طبعة القدسي 3/ 7 (سنة 1368 هـ.) .
[4] في طبعة القدسي 3/ 7 «فلم تر إلا» . والتصويب من تهذيب الكمال.
[5] مسند أحمد 2/ 513، والمستدرك للحاكم 3/ 167، وتهذيب الكمال 6/ 229، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 319 بنحوه، ومجمع الزوائد للهيثمي 9/ 186، والمؤلّف في سير أعلام النبلاء 3/ 282.
[6] الجامع الصحيح 5/ 324 (3864) ، وأخرجه أحمد في المسند 4/ 172، وابن ماجة (144) ، والحاكم في المستدرك 3/ 177 ووافقه المؤلّف.
[7] سورة الأنفال- الآية 28.
[8] أخرجه الترمذي في المناقب (3863) وقال: هذا حديث حسن غريب إنما نعرفه من حديث(5/97)
وَقَالَ أَبُو شِهَابٍ مَسْرُوقٌ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ، وَعَلَى ظَهْرِهِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَهُوَ يَقُولُ: «نِعْمَ الْحَمْلُ حَمْلُكُمَا وَنِعْمَ الْعَدْلانِ أَنْتُمَا» . تَفَرَّدَ بِهِ هَذَا عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَهُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ [1] .
مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ ابن سعد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ: سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلاةٍ فَجَاءَ الْحَسَنُ أَوِ الْحُسَيْنُ- قَالَ مَهْدِيٌّ: وأكبر ظنّي أنّه الحسين- فركب عُنُقَهُ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَطَالَ السُّجُودَ بِالنَّاسِ حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ، فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ قَالُوا لَهُ، فَقَالَ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا ارْتَحَلَنِي فَكَرِهْتُ أَنْ أَعْجَلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ» [2] . مُرْسَلٌ.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: دَخَلَ الْحُسَيْنُ فَقَالَ جَابِرٌ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا، أَشْهَدُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ [3] . تَفَرَّدَ بِهِ الرَّبِيعُ، وَهُوَ صَدُوقٌ جُعْفِيٌّ.
أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا سَلْمٌ الْحَدَّاءُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَالِمِ بْن أَبِي الْجَعْدِ:
سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، «مَنْ أَحَبَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي» . إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ وَسَلْمٌ لَمْ يُضَعَّفْ وَلا يَكَادُ يُعْرَفُ، وَلَكِنْ قَدْ رَوَى مِثْلَهُ أَبُو الْجَحَّافِ، عن أبي حازم [4] .
__________
[ () ] الحسين بن واقد. وتهذيب الكمال 6/ 403، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 320.
[1] أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 182 وقال: رواه الطبراني، وفيه مسروق أبو شهاب، وهو ضعيف، ورواه العقيلي في الضعفاء الكبير 4/ 247 رقم (1842) ، وانظر: ميزان الاعتدال 4/ 97، ولسان الميزان 6/ 21، ومناقب علي لابن المغازلي 231، 232.
[2] أخرجه البيهقي بلفظ مقارب في السنن الكبرى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، وابن عساكر في (تهذيب تاريخ دمشق 4/ 320) وقال: ورواه الإمام أحمد، والمزّي في تهذيب الكمال 6/ 402.
[3] أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 187 وقال: رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح غير الربيع بن سعد وقيل ابن سعيد، وهو ثقة.
[4] حديث أبي حازم، عن أبي هريرة مرفوعا، في مسند أحمد 2/ 531، والسنن الكبرى للبيهقي(5/98)
وَقَالَ أَبُو الْجَحَّافِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ، وَفَاطِمَةَ، فَقَالَ: «أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ سَلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ» [1] . رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ [2] ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ.
وَقَالَ بقيّة، عن بحير [3] ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَسَنٌ مِنِّي وَحُسَيْنٌ مِنْ عَلِيٍّ» [4] . وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يعقوب، عن ابن أبي نعم [5] قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عن دم البعوض، فقال: ممّن أنت؟ قال: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، قَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا يَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا» . صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ [6] .
وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يَلْعَبَانِ عَلَى صَدْرِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُحِبُّهُمَا؟ قَالَ: «وَكَيْفَ لا أُحِبُّهُمَا وهما ريحانتاي من الدنيا» [7] .
__________
[ () ] 4/ 28، 29، والمستدرك للحاكم 3/ 171، ووافقه المؤلّف، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 3/ 31، وقال: رواه الطبراني في المعجم الكبير، والبزّار برقم 814، والمؤلّف في سير أعلام النبلاء 3/ 277 و 284.
[1] أخرجه ابن المغازلي في مناقب عليّ- ص 59 رقم چ.
[2] المسند 2/ 442 و 3/ 462.
[3] في طبعة القدسي 3/ 8 «بجير» . والتصحيح من تهذيب التهذيب 1/ 421 رقم 777 وهو بكسر الحاء المهملة، واسمه: بحير بن سعيد السّحولي، أبو خالد الحمصي.
[4] أخرجه أحمد في المسند 4/ 132 ولفظه: «وفد المقدام بن معديكرب وعمرو بن الأسود إلى معاوية، فقال معاوية للمقدام: أعلمت أن الحسن بن علي توفي؟ فرجع المقدام فقال له معاوية: أتراها مصيبة؟ فقال: ولم لا أراها مصيبة وَقَدْ وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حِجْرِهِ وَقَالَ:
«هَذَا مِنِّي وَحُسَيْنٌ من علي» رضي الله تعالى عنهما.
[5] في طبعة القدسي 3/ 8 «نعيم» وهو غلط، والتصحيح من سنن الترمذي.
[6] في المناقب (3859) وقال: رواه شعبة عن محمد بن أبي يعقوب. وقد روى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحو هذا.
[7] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 317.(5/99)
وَقَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ يَعْلَى الْعَامِرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسَبَاطِ، مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ حُسَيْنًا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ [1] . وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ هَذَيْنِ» [2] . وَيُرْوَى مِثْلُهُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَلْمَانَ، وَغَيْرِهِمْ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ اللَّهَبِيُّ [3] ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم موضع الجنائز، فَطَلَعَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ فَاعْتَرَكَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِيهًا حَسَنٌ خُذْ حُسَيْنًا» . فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَى حُسَيْنٍ تُؤَلِّبُهَ [4] وَحَسَنٌ أَكْبَرُ! فَقَالَ: «هَذَا جِبْرِيلُ يَقُولُ إيها حسين» [5] . ورواه الحسن بن سفيان في مسندة بِإِسْنَادٍ آخَرَ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: صَعِدْتُ الْمِنْبَرَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ: انْزِلْ عَنْ مِنْبَرِ أَبِي وَاذْهَبْ إِلَى مِنْبَرِ أَبِيكَ، فَقَالَ: إِنَّ أَبِي لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْبَرٌ، فَأَقْعَدَنِي مَعَهُ، فَلَمَّا نَزَلَ ذَهَبَ بِي إِلَى مَنْزِلِهِ، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ من علّمك هذا؟ قلت: ما عَلَّمَنِيهِ أَحَدٌ، قَالَ: أَيْ بُنَيَّ وَهَلْ أَنْبَتَ عَلَى رُءُوسِنَا الشَّعْرَ إِلا أَنْتُمْ، لَوْ جَعَلْتَ تَأْتِينَا وَتَغْشَانَا [6] . وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ: إِنَّ عُمَرَ جَعَلَ عَطَاءَ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ مِثْلَ عَطَاءِ أبيهما خمسة آلاف [7] .
__________
[1] ج 4/ 172، وحسّنه الترمذي (3864) .
[2] للحديث شواهد تقوّيه.
[3] اللهبيّ: نسبة إلى أبي لهب. بفتح اللام والهاء. (اللباب 3/ 136) .
[4] في الأصل «تواليه» .
[5] الحديث ضعيف لانقطاعه، وضعف عليّ بن أبي علي اللهبي. وقد رواه المؤلّف في (سير أعلام النبلاء 3/ 284) .
[6] أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه 1/ 141، وصحّح ابن حجر إسناده في الإصابة 1/ 333، وذكره المؤلّف في سير أعلام النبلاء 3/ 285.
[7] سير أعلام النبلاء 3/ 285.(5/100)
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: كَسَا عُمَرُ أَبْنَاءَ الصَّحَابَةِ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا يَصْلُحُ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، فَبَعَثَ إِلَى الْيَمَنِ فَأَتَى لَهُمَا بِكِسْوَةٍ، فَقَالَ: الآنَ طَابَتْ نَفْسِي [1] .
وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ نَجَبَةَ [2] قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: أَلا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِي: أَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فَصَاحِبُ لَهْوٍ، وَأَمَّا الْحَسَنُ فَصَاحِبُ جَفْنَةٍ وَخِوَانُ فَتًى مِنْ فِتْيَانِ قُرَيْشٍ لَوْ قَدِ الْتَقَتْ حَلَقَتَا الْبِطَانِ لَمْ يُغْنِ عَنْكُمْ فِي الْحَرْبِ شَيْئًا، وَأَمَّا أَنَا وَحُسَيْنٌ فَنَحْنُ مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنَّا [3] . وَيُرْوَى أَنَّ الْحَسَنَ كَانَ يَقُولُ لِلْحُسَيْنِ: أَيْ أَخِي وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي بَعْضَ شِدَّةِ قَلْبِكَ، فَيَقُولُ الْحُسَيْنُ: وَأَنَا وَاللَّهِ وَدِدْتُ أَنَّ لِي بَعْضَ بَسْطِ لِسَانِكِ [4] . وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أَنَا [5] كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ [6] قَالَ: كُنَّا فِي جِنَازَةِ امْرَأَةٍ، مَعَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، فَلَمَّا أقبلنا أعيا
__________
[1] سير أعلام النبلاء 3/ 285.
[2] نجبة: بنون وجيم وباء بحركات. وهو أحد الأشراف. (المشتبه 1/ 113) .
[3] الحديث أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 3/ 107، 108 رقم (2801) وهو أطول من هنا، وفيه: «ألا أحدّثكم عن خاصّة نفسي وأهل بيتي؟ قلنا: بلى، قال: أما حسن فصاحب جفنة وخوان وفتى من الفتيان ولو قَدِ الْتَقَتْ حَلَقَتَا الْبِطَانِ لَمْ يُغْنِ عَنْكُمْ في الحرب جبالة عصفور، وأما عبد الله بن جعفر فصاحب لهو وظلّ وباطل، ولا يغرّنكم ابنا عباس، وأما أنا وحسين فأنا منكم وأنتم منّا، والله لقد خشيت أن يدال هؤلاء القوم عليكم بصلاحهم في أرضهم وفسادكم في أرضكم وبأدائهم الأمانة وضيافتكم، وبطواعيّتهم إمامهم ومعصيتكم له واجتماعهم على باطلهم وتفرّقكم على حقّكم حتى تطول دولتهم حتى لا يدعوا الله محرّما إلّا استحلّوه، ولا يبقى مدر ولا وبر إلّا دخله ظلمهم، وحتى يكون أحدكم تابعا لهم، وحتى يكون نصرة أحدكم منهم كنصرة العبد من سيّده إذا شهد أطاعه وإذا غاب عنه سبّه، وحتى يكون أعظمكم فيها غناء أحسنكم باللَّه ظنّا، فإن أتاكم الله بعافية فأقبلوا فإن ابتليتم فاصبروا فإنّ العاقبة للمتّقين» . ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 191 وقال: رجاله ثقات.
[4] سير أعلام النبلاء 3/ 287.
[5] أنا: اختصار لكلمة «أخبرنا» .
[6] المهزّم: بتشديد الزاي المكسورة.(5/101)
الْحُسَيْنُ، فَقَعَدَ فِي الطَّرِيقِ، فَجَعَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْ قَدَمَيْهِ بِطَرفِ ثَوْبِهِ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَنْتَ تَفْعَلَ هَذَا! فقال: فو الله لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مِثْلَ مَا أَعْلَمُ لَحَمَلُوكَ عَلَى رِقَابِهِمْ [1] . وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ [2] : ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثَنَا شُرَحْبِيلُ بْنُ مُدْرَكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُجَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَارَ مَعَ عَلِيٍّ، وَكَانَ صَاحِبَ مَطْهَرَتِهِ، فَلَمَّا حَاذَى نِينَوَى وَهُوَ سَائِرٌ إِلَى صِفِّينَ فَنَادَى: اصْبِرْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بِشَطِّ الْفُرَاتِ. قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَيْنَاهُ تَفِيضَانِ فَقَالَ: «قَامَ مِنْ عِنْدِي جِبْرِيلُ فَحَدَّثَنِي أَنَّ الْحُسَيْنَ يُقْتَلُ بِشَطِّ الْفُرَاتِ وَقَالَ:
هَلْ لَكَ أَنْ أَشُمَّكَ مِنْ تُرْبَتِهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَقَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَأَعْطَانِيهَا فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ أَنْ فَاضَتَا» . وَرَوَى نَحْوَهُ ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْمَدَائِنِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الشَّعْبيِّ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ وَهُوَ بِشَطِّ الْفُرَاتِ:
صَبْرًا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ [3] . وقال عمارة بن زاذان [4] : ثنا ثابت، عن أَنَسٍ قَالَ: اسْتَأْذَنَ مَلَكُ الْقَطْرِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِ أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ: «يَا أُمَّ سَلَمَةَ احْفَظِي عَلَيْنَا الْبَابَ لا يَدْخُلُ عَلَيْنَا أَحَدٌ» ، فَبَيْنَا هِيَ عَلَى الْبَابِ إِذْ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَاقْتَحَمَ الْبَابَ وَدَخَلَ، فَجَعَلَ يَتَوَثَّبُ عَلَى ظَهْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْثِمُهُ، فَقَالَ الْمَلَكُ: أَتُحِبُّهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قَالَ: فَإِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ، إِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ الْمَكَانَ الَّذِي يُقْتَلُ فِيهِ، قَالَ: «نَعَمْ» فجاءه بسهلة [5] أو تراب أحمر [6] .
__________
[1] ذكر المؤلّف أول الحديث في (سير أعلام النبلاء 3/ 287) وهو في تهذيب تاريخ دمشق 4/ 325.
[2] ج 1/ 85، وأخرجه الطبراني في معجمه 3/ 111 رقم (2811) ، والهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 187 ونسبه إلى البزّار، وقال: رجاله ثقات، ولم ينفرد نجيّ بهذا، وقال المؤلّف: هذا غريب وله شويهد. وذكر الّذي بعده. وتهذيب الكمال 6/ 407.
[3] سير أعلام النبلاء 3/ 288.
[4] في الأصل «زادان» .
[5] السّهلة: بالكسر، رمل خشن ليس بالدقاق الناعم. (ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربى 147) .
[6] أخرجه أحمد في المسند 3/ 242 و 265، والطبراني في المعجم 3/ 112 رقم (2813)(5/102)
قَالَ ثَابِتٌ: فَكُنَّا نَقُولُ: إِنَّهَا كَرْبَلاءُ. عُمَارَةُ: صَالِحُ الْحَدِيثِ [1] ، رَوَاهُ النَّاسُ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْهُ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، ثَنَا أَبُو غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنِسَائِهِ: «لا تُبْكُوا هَذَا الصَّبِيَّ» يَعْنِي حُسَيْنًا، فَكَانَ يَوْمُ أُمِّ سَلَمَةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأُمِّ سَلَمَةَ: «لا تَدَعِي أَحَدًا يَدْخُلُ» . فَجَاءَ حُسَيْنٌ فَبَكَى، فَخَلَّتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ يَدْخُلُ، فَدَخَلَ حَتَّى جَلَسَ فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: إِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ، قَالَ: «يَقْتُلُونَهُ وَهُمْ مُؤْمِنُونَ» ! قَالَ: نَعَمْ، وأراه تربته. رواه الطَّبَرَانِيُّ [2] . وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ إِسْحَاقَ، (ح) [3] وَقَالَ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَاللَّفْظُ لَهُ: ثَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ [4] كِلاهُمَا عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اضْطَجَعَ ذَاتَ يَوْمٍ فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ خَاثِرٌ [5] ، ثُمَّ اضْطَجَعَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ خَاثِرٌ دُونَ الْمَرَّةِ الأُولَى، ثُمَّ رَقَدَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَفِي يَدِهِ تُرْبَةٌ حَمْرَاءُ، وَهُوَ يُقَلِّبُهَا، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ التُّرْبَةُ؟ قَالَ: «أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ أَنَّ الْحُسَيْنَ يُقْتَلُ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ، وَهَذِهِ تُرْبَتُهَا» [6] . وَقَالَ وَكِيعٌ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن عائشة- أو أمّ سلمة
__________
[ () ] والهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 187 ونسبه إلى أبي يعلى والبزّار، وفيه عمارة بن زاذان، وثّقه جماعة، وفيه ضعف، وبقية رجال أبي يعلى رجال الصحيح، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 328، وتهذيب الكمال 6/ 408.
[1] التاريخ لابن معين 2/ 425، والتاريخ الكبير 6/ 505، والجرح والتعديل 6/ 365، والضعفاء الكبير 3/ 315 رقم (1329) ، وميزان الاعتدال 3/ 176، وتهذيب التهذيب 7/ 416.
[2] سير أعلام النبلاء 3/ 289 وقال: إسناده حسن.
[3] (ح) : تحويلة للسند.
[4] في طبعة القدسي 3/ 11 «الرومي» ، وهو وهم. والتصويب من معجم الطبراني.
[5] خاثر: ثقيل النفس غير نشيط. (ذخائر العقبي- ص 148) .
[6] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 3/ 116 رقم (2821) من طريق جعفر بن مسافر التنّيسي، عن ابن أبي فديك، عن موسى بن يعقوب الزمعي. وتهذيب الكمال 6/ 289.
والزمعي سيّئ الحفظ، ولكنه صدوق. (تقريب التهذيب 2/ 289 رقم 1521) .(5/103)
شَكَّ عَبْدِ اللَّهِ- أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: «دَخَلَ عَلَيَّ الْبَيْتَ مَلَكٌ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ قَبْلَهَا، فَقَالَ لِي إِنَّ ابْنَكَ هَذَا حُسَيْنًا مَقْتُولٌ، وَإِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ مِنْ تُرْبَةِ الأَرْضِ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا» [1] .
رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ مِثْلَهُ، إِلا أَنَّهُ قَالَ أُمُّ سَلَمَةَ وَلَمْ يَشُكَّ. وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّاسُ.
وَرُوِيَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، وَأَبِي وَائِلٍ، كِلاهُمَا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ نَحْوَهُ.
وَرَوَى الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ شَدَّادٍ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ. وَرُوِيَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ [2] أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ جِبْرِيلُ بِتُرَابٍ مِنْ تُرَابِ الْقَرْيَةِ الَّتِي يُقْتَلُ فِيهَا الْحُسَيْنُ، وَقِيلَ لَهُ: اسْمُهَا كَرْبَلاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَرْبٌ وَبَلاءٌ» [3] . كِلا الإِسْنَادَيْنِ مُنْقَطِعٌ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ: عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَيُقْتَلَنَّ الْحُسَيْنُ قَتْلا، وَإِنِّي لأَعْرِفُ تُرْبَةَ الأَرْضِ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا، يُقْتَلُ بِقَرْيَةٍ قَرِيبٍ مِنَ النَّهْرَيْنِ [4] . وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ [5] : وَفَدَ الْحُسَيْنُ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَغَزَا الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ مَعَ يَزِيدَ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ: دَخَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَمَرَ لَهُمَا فِي وقته بمائتي ألف درهم [6] .
__________
[1] إسناده صحيح. أخرجه أحمد في المسند 6/ 294، والهيثمي في المجمع 9/ 187 عن أحمد، وقال: ورجاله رجال الصحيح. والمؤلّف في سير أعلام النبلاء 3/ 290.
[2] في الأصل «حمهان» .
[3] الحديث مرسل، والإسنادان منقطعان كما يقول المؤلّف. ويقوّيه ما أخرجه الطبراني في المعجم (2812) و (2819) و (2902) ، والهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 189، وذكره المؤلف في سير أعلام النبلاء 3/ 290.
[4] أخرجه الطبراني في المعجم 3/ 117 رقم (2824) ، والهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 190 ورجاله ثقات.
[5] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 314.
[6] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 315 وفيه «فأمر لهما في وقته بمائة ألف درهم وقال: خذاها وأنا(5/104)
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: شَهِدْتُ ابْنَ زِيَادٍ حَيْثُ أُتِيَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِقَضِيبٍ فِي يَدِهِ، فَقُلْتُ: أَمَا إِنَّهُ كَانَ أَشْبَهَهَا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [1] . رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ.
وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ [2] : رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ أَسْوَدَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ إِلا شَعَرَاتٍ فِي مُقَدَّمِ لِحْيَتِهِ [3] .
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَطَاءٍ يَقُولُ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ يَصْبُغُ بِالْوَسْمَةِ، أَمَّا هُوَ فَكَانَ ابْنَ سِتِّينَ سَنَةٍ، وَكَانَ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ شَدِيدَي السَّوَادِ [4] .
جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الْحُسَيْنُ يَتَخَتَّمُ فِي الْيَسَارِ [5] . الْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ: عَنِ السُّدِّيِّ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ وَلَهُ جُمَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تَحْتِ عِمَامَتِهِ [6] .
يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَيْزَارِ [7] بْنِ حُرَيْثٍ: رَأَيْتُ عَلَى الْحُسَيْنِ مِطْرَفًا مِنْ خَزٍّ، قَدْ خَضَبَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ [8] .
الشَّعْبِيُّ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى عَلَى الْحُسَيْنِ جُبَّةً مِنْ خَزٍّ [9] .
وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: أُصِيبَ الْحُسَيْنُ وَعَلَيْهِ جُبَّةُ خَزٍّ. إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: رأيت الحسين يخضب بالوسمة
__________
[ () ] ابن هند، ما أعطاها أحد قبلي ولا يعطيها أحد بعدي» .
[1] أخرجه الطبراني في المعجم 3/ 135 رقم (2879) من طريق: النضر بن شميل، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سيرين، عن أنس.
[2] في طبعة القدسي 3/ 11 «عبيد الله بن زياد» ، والتصويب من تقريب التهذيب 1/ 540 رقم (1522) وهو مولى آل قارظ بن شيبة، ثقة، كثير الحديث، من الرابعة، مات سنة 26 وله 86 سنة.
[3] أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 200، 201 وهو أطول من هنا. وقال: رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح.
[4] الحديث باختصار في معجم الطبراني 3/ 104 رقم (2792) .
[5] أخرجه الطبراني 3/ 106 رقم (2798) .
[6] أخرجه الطبراني 3/ 105 رقم (2796) .
[7] مهمل في الأصل.
[8] أخرج بعضه الطبراني 3/ 105 رقم (2795) وانظر رقم (2781) .
[9] أخرج نحوه الطبراني 3/ 105 رقم (2797) .(5/105)
يَتَخَتَّمُ [1] فِي شَهْرِ رَمَضَانَ [2] .
وَرَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الْحُسَيْنَ كَانَ يَخْضِبُ بِالْوَسْمَةِ.
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ [3] ، عَنْ قَيْسٍ مَوْلَى خَبَّابٍ قَالَ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ يَخْضِبُ بِالْوَسْمَةِ.
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ [3] ، عَنْ قَيْسٍ مَوْلَى خَبَّابٍ قَالَ: رَأَيْتُ الحسين يخضب بالسّواد [4] .
وقال طاووس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اسْتَشَارَنِي الْحُسَيْنُ فِي الْخُرُوجِ، فَقُلْتُ: لَوْلا أَنْ يُزْرَى بِي وَبِكَ لَنَشَبْتُ يَدِي فِي رَأْسِكَ، فَقَالَ: لأَنْ أُقْتَلَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذا أَحَبُّ إليَّ مِنْ أَنْ أَسْتَحِلَّ حُرْمَتَهَا- يَعْنِي الْحَرَمَ- فَكَانَ ذَلِكَ الَّذِي سَلَى نَفْسِي عَنْهُ [5] . وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: لَوْ أَنَّ الْحُسَيْنَ لَمْ يَخْرُجْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ [6] .
قُلْتُ: وَهَذَا كَانَ رَأْيُ ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ، وَجَمَاعَةٍ سِوَاهُمْ، وَكلَّمُوهُ فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَصْرَعِهِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْحَوَادِثِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّ الرَّأْسَ قُدِمَ بِهِ عَلَى يَزِيدَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
أَخْبَرَنِي أَبِي حَمْزَةُ بْنُ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ امْرَأَةً مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ وَأَعْقَلِهِنَّ يُقَالُ لَهَا رَيَّا [7] حَاضِنَةُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، يُقَالُ: بَلَغَتْ مِائَةَ سنة،
__________
[1] في طبعة القدسي 3/ 12 «يختم» ، وهو غلط.
[2] أخرج الطبراني بعضه برقم (2788) .
[3] مهمل في الأصل.
[4] أخرجه الطبراني (2782) وفيه: رأيت الحسن والحسين رضي الله عنهما يخضبان بالسواد.
[5] أخرجه الطبراني (2782) رقم (2859) ورجاله ثقات، وهم رجال الصحيح.
[6] سير أعلام النبلاء 3/ 296.
[7] ترجم لها ابن عساكر في تاريخ دمشق بالجزء الخاص بالنساء، وقد نشرته الصديقة الباحثة سكينة الشهابي بدمشق 1982 ص 101- 104 رقم (25) ، وهي امرأة شاعرة، عاشت إلى أن أدركت دولة بني العباس، وحكت أنّ أمّها أدركت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وسمعت من عمر بن الخطاب.. يحكي عنها حمزة بن يزيد الحضرميّ والد يحيى بن حمزة.
وفي الحديث عنها ما لم يورده المؤلّف هنا، وذكره ابن عساكر، قال: كان بنو أميّة يكرمونها، وكان هشام يكرمها، وكانت إذا جاءت إلى هشام تجيء راكبة، فكلّ من رآها من بني أميّة(5/106)
قَالَتْ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى يَزِيدَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَبْشِرْ فَقَدْ مَكَّنَكَ اللَّهُ مِنَ الْحُسَيْنِ، فَحِينَ رَآهُ خَمَّرَ وَجْهَهُ كَأَنَّهُ يَشُمُّ منه رَائِحَةٍ [1] ، قَالَ حَمْزَةُ: فَقُلْتُ لَهَا: أَقْرَعَ ثَنَايَاهُ بِقَضِيبٍ؟ قَالَتْ: إِيْ وَاللَّهِ [2] .
ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ: وَقَدْ كَانَ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِهَا أَنَّهُ رَأَى رَأْسَ الْحُسَيْنِ مَصْلُوبًا بِدِمَشْقَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ [3] ، وَحَدَّثَتْنِي رَيَّا أَنَّ الرَّأْسَ مَكَثَ فِي خَزَائِنِ السِّلاحِ حَتَّى وَلِيَ سُلَيْمَانُ الْخِلافَةَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ [4] فَجِيءَ بِهِ وَقَدْ بَقِيَ عَظْمًا أَبْيَضَ، فَجَعَلَهُ فِي سَفَطٍ وَكَفَّنَهُ وَدَفَنَهُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا دخلت الْمُسَوِّدَةَ [5] سَأَلُوا عَنْ مَوْضِعِ الرَّأْسِ فَنَبَشُوهُ وَأَخَذُوهُ، فاللَّه أَعْلَمُ مَا صُنِعَ بِهِ [6] . وَذَكَرَ الْحِكَايَةَ وَهِيَ طَوِيلَةٌ قَوِيَّةُ الإِسْنَادِ. رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنِ الْمَذْكُورِ [7] .
وَعَنْ أَبِي قَبِيلٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ احْتَزُّوا رَأْسَهُ وَقَعَدُوا فِي أَوَّلِ مَرْحَلَةِ يَشْرَبُونَ النَّبِيذَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ قَلَمٌ مِنْ حَدِيدٍ مِنْ حَائِطٍ فَكَتَبَ بِسَطْرِ دَمٍ:
أَتَرْجُو أُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَيْنًا ... شَفَاعَةَ جَدِّهِ يوم الحساب
فهربوا وتركوا الرأس [8] .
__________
[ () ] أكرمها. ويقولون: «ريّا حاضنة يزيد بن معاوية» ، فكانوا يقولون: قد بلغت من السّنّ مائة سنة وحسن وجهها وجمالها باق بنضارته، فلما كان من الأمر الّذي كان استترت في بعض منازل أهلنا، فسمعتها وهي تقول وتعيب بني أميّة مداراة لنا. (ص 101) .
[1] في تاريخ دمشق زيادة هنا: «وقال الحمد للَّه الّذي كفانا المئونة بغير مئونة. كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا الله 5: 64 (سورة المائدة- من الآية 63) ، قالت ريّا: فدنوت منه فنظرت إليه وبه ردع من حنّاء» . (ص 102) .
[2] انظر بقية الحديث في تاريخ دمشق (تراجم النساء- ص 102) .
[3] تاريخ دمشق 103.
[4] في طبعة القدسي 3/ 13 «في» ، والتصويب من تاريخ دمشق.
[5] في طبعة القدسي «المسورة» بالراء، وهو غلط. فالمسوّدة هم أتباع آل البيت والعبّاسيون الذين اتخذوا السواد شعارا لهم.
[6] الحديث في تاريخ دمشق (تراجم النساء- ص 103) .
[7] انظر سند الحديث في تاريخ دمشق (ص 101) .
[8] أخرجه الطبراني في المعجم 3/ 132، 133 رقم (2873) .(5/107)
وَسُئِلَ أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ قَبْرِ الْحُسَيْنِ، فَلَمْ يَعْلَمْ أَيْنَ هُوَ.
وَقَالَ الْجَمَاعَةُ: قُتِلَ يَوْمَ عَاشُورَاءِ، زَادَ بَعْضُهُمْ يَوْمَ السَّبْتِ [1] . قُلْتُ: فَيَكُونَ عُمْرُهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَارِيخِ مَوْلِدِهِ سِتًّا وَخَمْسِينَ سَنَةً وَخَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ قَتَّةَ [2] يَرْثِيهِ:
وَإِنَّ قَتِيلَ الطَّفِّ [3] مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... أَذَلَّ رِقَابًا مِنْ قُرَيْشٍ فَذَلَّتِ
فَإِنْ يَتَّبِعُوهُ عَائِذَ الْبَيْتِ يُصْبِحُوا ... كَعَادٍ تَعَمَّتْ عَنْ هُدَاهَا فَضَلَّتِ
مَرَرْتُ عَلَى أَبْيَاتِ آلِ مُحَمَّدٍ ... فَأَلْفَيْتُهَا أَمْثَالَهَا حِينَ حَلَّتِ
وَكَانُوا لَنَا غَنَمًا فَعَادُوا رَزِيَّةً ... لَقَدْ عَظُمَتْ تِلْكَ الرَّزَايَا وَجَلَّتِ
فَلا يُبْعِدُ اللَّهُ الدِّيَارَ وَأهْلَهَا ... وَإِنْ أَصْبَحَتْ مِنْهُمْ بِرَغْمِي تَخَلَّتِ
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الأَرْضَ أَضْحَتْ مَرِيضَةً ... لِفَقْدِ حُسَيْنٍ وَالْبِلادُ اقْشَعَرَّتِ [4]
يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: أَذَلَّ رِقَابًا، أَيْ ذَلَّلَهَا، يَعْنِي أَنَّهُمْ لا يزعمون عَنْ قَتْلِ قُرَشِيٍّ بَعْدَ الْحُسَيْنِ، وَعَائِذُ الْبَيْتِ هو عبد الله بن الزبير.
__________
[1] سير أعلام النبلاء 3/ 318.
[2] في الأصل مهمل، والتحرير من (تبصير المنتبه 3/ 1122) و (غاية النهاية 1/ 314 رقم 1385) وهو بفتح القاف ومثناة من فوق مشدّدة. ذكره البخاري في التاريخ الكبير 4/ 32 رقم (1870) ، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 4/ 136 رقم (595) ، وابن معين في التاريخ 2/ 233، والزبير بن بكار في (الأخبار الموفّقيات- ص 545) ، والطبري في تاريخه 7/ 141، والبلاذري في (أنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 147 و 148 و 376) ، وابن جني في (المبهج- ص 67) ، والفيروزآبادي في (القاموس) مادة ق ت ت، وتصحّف في (تعجيل المنفعة- ص 167 رقم (420) إلى «قنة» .
[3] الطّفّ: بالفتح والفاء المشدّدة. أرض من ضاحية الكوفة في طريق البرية فيها. (معجم البلدان 4/ 35، 36) .
[4] الأبيات بتقديم وتأخير واختلاف ببعض الألفاظ في: الاستيعاب لابن عبد البرّ 1/ 379، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 345، 346، والكامل في التاريخ 4/ 91 (وقد سقط اسم سليمان بن قتة من النسخة المطبوعة بدار صادر) ، والبداية والنهاية 8/ 211، وسير أعلام النبلاء 3/ 318، 319.
ووردت الأبيات: الأول والثالث والرابع والخامس في (حماسة أبي تمام 2/ 961، 962 بشرح المرزوقي) . وقد نسب ياقوت الحموي الأبيات إلى أبي دهبل الجمحيّ في (معجم البلدان 4/ 36) .(5/108)
25- حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ السَّكُونِيُّ [1] أَحَدُ أُمَرَاءِ الشَّامِ، وَهُوَ الَّذِي حَاصَرَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَقَدْ مَرَّ مِنْ أَخْبَارِهِ فِي الْحَوَادِثِ وَأنَّهُ قُتِلَ بِالْجِزِيرَةِ سَنَةَ بِضْعٍ وَسِتِّينَ.
26- الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيُّ [2] تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ.
27- حَمْزَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَسْلَمِيُّ [3]- م د ن- الَّذِي لَهُ صحبة ورواية.
وروى أيضا عن: أبي بكر، وَعُمَرَ.
روى عنه: عروة بن الزبير، وسليمان بن سياه، وحنظلة بن علي الأسلمي، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وابنه محمد بن حمزة.
__________
[1] انظر عن: حصين بن نمير في: تاريخ الطبري، راجع فهرس الأعلام 10/ 226) ، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 374- 376، والكامل في التاريخ (راجع فهرس الأعلام 13/ 103) ، ومروج الذهب 3/ 71 و 82 و 94 و 97، وفتوح البلدان للبلاذري- ص 54، والمحاسن والمساوئ للبيهقي 1/ 103، والمعارف 343 و 351، والعقد الفريد 4/ 390- 392، وتاريخ خليفة 249، وتهذيب التهذيب 2/ 392، والعبر 1/ 74، وميزان الاعتدال 1/ 554 رقم 2099، وتقريب التهذيب 1/ 184 رقم 427، والبداية والنهاية 8/ 224- 226، واللباب 1/ 550، والأنساب 7/ 100، وجمهرة أنساب العرب 429، والوافي بالوفيات 13/ 88، 89 رقم (82) ، وأنساب الأشراف- ق 3/ 79.
[2] مرّت ترجمته ومصادرها.
[3] انظر عن (حمزة بن عمرو) في:
طبقات ابن سعد 4 ج 315، مسند أحمد 3/ 494، طبقات خليفة 111، تاريخ خليفة 235، التاريخ الكبير 3/ 46 رقم 173، مقدّمة مسند بقي بن مخلد 98 رقم 201، الجرح والتعديل 3/ 212 رقم 928، الثقات لابن حبّان 3/ 70، مشاهير علماء الأمصار 16 رقم 51، المغازي للواقدي 584، 752، 1043، 1054، المعجم الكبير 3/ 167- 178 رقم 238، الاستيعاب 1/ 276 وفيه «حمزة بن عمر» ، المستدرك 3/ 520، الجمع بين رجال الصحيحين 1/ 106، الأسامي والكنى للحاكم، ورقة 280، تهذيب تاريخ دمشق 4/ 450- 452، الكامل في التاريخ 4/ 101، أسد الغابة 2/ 50، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 169 رقم 132، تحفة الأشراف 3/ 80- 83 رقم 116، تهذيب الكمال 7/ 333- 336 رقم 1510، مرآة الجنان 1/ 137، البداية والنهاية 8/ 213، العبر 1/ 65، الكاشف 1/ 190 رقم 1247، تجريد أسماء الصحابة 1/ 139، تلخيص المستدرك 3/ 520، الوافي بالوفيات 13/ 172 رقم 195، تهذيب التهذيب 3/ 31، 32 رقم 46، تقريب التهذيب 1/ 200 رقم 573، الإصابة 1/ 354 رقم 1827 (حمزة بن عمر) ، النكت الظراف 3/ 82، حسن المحاضرة 1/ 191 رقم 73، رياض النفوس 49 رقم 11، طبقات علماء إفريقية 14- 16، خلاصة تذهيب التهذيب 93، شذرات الذهب 1/ 69.(5/109)
وهو كان البشير إلى أبي بكر بوقعة أجنادين، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وتوفي سنة إحدى وستين، وَقَدْ أَمَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ رَجُلا صَالِحًا يَسْرُدُ الصَّوْمَ [1] .
ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ [2] .
وَقَالَ كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ الأَسْلَمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَتَفَرَّقْنَا فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ دِحْمَسَةٍ، فَأَضَاءَتْ أَصَابِعِي حَتَّى جَمَعُوا عَلَيْهَا ظَهْرَهُمْ، [وَمَا هَلَكَ مِنْهُمْ] [3] ، وَإِنَّ أَصَابِعِي لَتُنِيرُ [4] .
28- حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ [5] أَبُو الْمُثَنَّى الهلالي، شاعر مشهور إسلاميّ.
__________
[1] الأسامي والكنى للحاكم، ورقة 280.
[2] الطبقات الكبرى 4/ 315.
[3] إضافة من: التاريخ الكبير.
[4] التاريخ الكبير 3/ 46، تهذيب ابن عساكر 4/ 451، تهذيب الكمال 7/ 335، المعجم الكبير 3/ 175 رقم 2990 وفيه: «وما سقط من متاعهم» .
[5] انظر عن (حميد بن ثور) في:
الأخبار الموفقيات 162 و 381، والبرصان والعرجان 200 و 296 و 336، وطبقات الشعراء لابن سلام 192، والاقتضاب للبطليوسي 458، 459، وكنايات الجرجاني 7، والحيوان الجاحظ (انظر فهرس الأعلام) ، والأمالي للقالي 1/ 133 و 139 و 169 و 235 و 248 و 277 و 2/ 42 و 113 و 146، و 322 و 3/ 59، وذيل النوادر 78 و 86، والشعر والشعراء 1/ 306- 310 رقم 59، وعيون الأخبار 4/ 104، وأمالي المرتضى 1/ 319 و 322 و 511 و 512 و 581 و 2/ 32، و 213، والأغاني 4/ 356- 358، والمعجم الكبير للطبراني 4/ 54، 55 رقم 357، وثمار القلوب 400 رقم 637، وجمهرة أنساب العرب 274، وتهذيب ابن عساكر 4/ 459- 463، والاستيعاب 1/ 367، 368، ومعجم الأدباء 11/ 8- 13 رقم 2، وأسد الغابة 2/ 53، 54، ووفيات الأعيان 7/ 73، والتذكرة السعدية 247 رقم 153، والوافي بالوفيات 13/ 193، 194 رقم 221، وسمط اللآلي 376، وتخليص الشواهد 69 و 79 و 214، والمصون في الأدب، للعسكريّ، تحقيق عبد السلام هارون- طبعة الكويت 1960- ص 74، وشرح الشواهد للعيني 1/ 562، وشرح الألفيّة للأشموني- تحقيق محمد محيي الدين ج 1/ 222، وشرح المفصّل، لابن يعيش- طبعة مصر 1928- ج 4/ 131، والمقرّب، لابن عصفور- تحقيق أحمد عبد الستار الجواري وعبد الله الجبوري، طبعة بغداد 1971- 1972- ج 2/ 47، وهمع الهوامع، للسيوطي- مطبعة السعادة بمصر 1327 هـ.
ج 1/ 49، والدرر اللوامع، للشنقيطي- طبعة مصر 1328 هـ. - ج 1/ 21، والتصريح بمضمون التوضيح- للشيخ خالد- طبعة مصر 1344 هـ. - ج 1/ 78، والإصابة 1/ 356 رقم 1834، ومعجم الشعراء في لسان العرب 132، 133 رقم 286، وديوان حميد بن(5/110)
أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسِّنِّ، وَقَالَ الشِّعْرَ فِي أَيَّامِ عُمَرَ، وَوَفَدَ عَلَى مَرْوَانَ وَابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَكَانَ يُشَبِّبُ بِجَمَلٍ، وَهُوَ مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ الْمَذْكُورِينَ.
رَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، عَنْ أَبِيهِ، أنَّ حُمَيْدَ بْنَ ثَوْرٍ وَفَدَ عَلَى بَعْضِ بَنِي أُمَيَّةَ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ فَقَالَ:
أَتَاكَ بِيَ اللَّهُ الَّذِي فَوْقَ عَرْشِهِ [1] ... وَخَيْرٌ وَمَعْرُوفٌ عَلَيْكَ دَلِيلُ
وَمَطْوِيَّةُ الأَقْرَابِ أَمَّا نَهَارُها ... فَسَيْبٌ [2] وَأَمَّا لَيْلُهَا فَذَمِيلُ [3]
وَيَطْوِي عَلَيَّ اللَّيْلُ حِصْنَيْهِ إِنَّنِي ... لِذَاكَ إذا هاب الرجال فعول [4]
__________
[ () ] ثور- جمعه وحقّقه عبد العزيز الميمني- طبعة دار الكتب المصرية 1951.
[1] في «الأغاني» ، وتهذيب ابن عساكر، والإصابة «أتاك بي الله الّذي فوق من ترى» .
[2] هكذا في تهذيب ابن عساكر، والسيب: المشي السريع. وفي بعض النسخ: «فسبت» وهو ضرب من سير الإبل.
(انظر الأغاني 4/ 358) .
[3] الذميل: السير اللّيّن.
[4] في الأصل:
«وقطعي إليك الليل حضنه إنني ... أليق إذا هاب الجبان فحول»
وما أثبتناه عن: الأغاني. وانظر تهذيب ابن عساكر 4/ 460، ولسان العرب (مادّة قرب) .(5/111)
[حرف الذَّالِ]
29- ذَكْوَانُ مَوْلَى عَائِشَةَ [1]- ع- رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وجماعة.
وكان قارئا، فصيحا، عالما.
__________
[1] انظر عن (ذكوان مولى عائشة) في:
التاريخ الصغير 81، والتاريخ الكبير 3/ 261 رقم 896، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 264، وطبقات ابن سعد 5/ 295، وترتيب الثقات للعجلي 150 رقم 405، والثقات لابن حبّان 4/ 222، والجرح والتعديل 3/ 451 رقم 2040، 554، والأسماء والكنى للدولابي 2/ 85، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 133، وتهذيب الكمال 8/ 517، 518 رقم 1815، والكاشف 1/ 229 رقم 1503، والوافي بالوفيات 14/ 41 رقم 40، وتهذيب التهذيب 3/ 220 رقم 418، وتقريب التهذيب 1/ 238 رقم 3، وخلاصة تذهيب التهذيب 112.(5/112)
[حرف الرَّاءِ]
30- رَبِيعَةُ بْنُ عَمْرٍو [1] وَيُقَالُ: ابْنُ الْحَارِثِ الْجُرَشِيُّ، أَبُو الْغَازِ.
أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ لَهُ صُحْبَةٌ.
وَلَهُ رِوَايَةٌ عَنِ: النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ.
رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَعَلِيُّ [2] بْنُ رَبَاحٍ، وَأَبُو هِشَامٍ الْغَازُ بْنُ رَبِيعَةَ ولده.
__________
[1] انظر عن (ربيعة بن عمرو) في:
طبقات ابن سعد 7/ 438، والتاريخ لابن معين 2/ 164، وطبقات خليفة 308، والتاريخ الكبير 3/ 281 رقم 963، والمعرفة والتاريخ 2/ 318 و 384، 385، وتاريخ أبي زرعة 233- 235 و 692، والجرح والتعديل 3/ 472، 473 رقم 2116، والثقات لابن حبّان، تراجم الصحابة 3/ 130، وتراجم التابعين 65، ومشاهير علماء الأمصار 115 رقم 884، وترتيب الثقات للعجلي 159 رقم 433، وحلية الأولياء 6/ 105 رقم 341، والاستيعاب 2/ 510، 511، والمعجم الكبير 5/ 61، 62 رقم 451، والإكمال 7/ 4، والأنساب 3/ 228، وأسد الغابة 2/ 170، 171، والكاشف 1/ 328 رقم 1567، وتاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) 185، وجامع التحصيل 210 رقم 185، وتجريد أسماء الصحابة 1/ 181، والوافي بالوفيات 14/ 89، 90 رقم 111، وتهذيب التهذيب 3/ 261 رقم 495، وتقريب التهذيب 1/ 247 رقم 64، وتهذيب الكمال 9/ 137- 139 رقم 1885، والإصابة 1/ 510 رقم 2618، وخلاصة تذهيب التهذيب 116، وشذرات الذهب 1/ 72، والزيارات 12، ومرآة الجنان 1/ 140.
[2] بالتصغير، وفي الأصل «علا بن رباح» ، والتصحيح من: الاستيعاب، والإصابة، وتذكرة الحفّاظ للذهبي، ومشتبه النّسبة، له، وكان هو يقول: لا أجعل في حلّ من سمّاني عليّا.(5/113)
قَالَ أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِي: سَأَلْتُ عَنْ رَبِيعَةَ الجرشيّ- وكان فقيه النَّاسُ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ [1] .
وَقَالَ غَيْرُهُ: فُقِئَتْ عَيْنُ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ يَوْمَ صِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَقُتِلَ يَوْمَ مَرْجِ رَاهِطٍ مَعَ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ [2] .
وَقَالَ عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ، إِنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي قَصَصِهِ:
إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْخَيْرَ مِنْ أَحَدِكُمْ كَشِرَاكِ نَعْلِهِ، وَجَعَلَ الشَّرَّ مِنْهُ مُدَّ بَصَرِهِ.
31- رَبِيعَةُ بْنُ كعب [3]- م 4- أبو فراس الأسلميّ المدني، مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ.
خَدَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَزَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى بَرِيدٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، لَهُ أَحَادِيثُ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَنُعَيْمٌ الْمُجْمِرُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، وَأَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ.
تُوُفِّيَ أَيَّامَ الْحَرَّةِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَسْأَلُ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ: «أَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» [4] .
__________
[ () ] وكان بنو أُمَّية إذا سمعوا بمولودٍ اسمه عليّ قتلوه، فبلغ ذَلِكَ رباحًا فَقَالَ هُوَ «عُلَيّ» . قاله العلّامة الكوثري.
[1] الجرح والتعديل 3/ 473، وتهذيب الكمال 9/ 139، والإصابة 1/ 510.
[2] طبقات ابن سعد 7/ 438.
[3] انظر عن (ربيعة بن كعب) في:
طبقات ابن سعد 4/ 313، وتاريخ خليفة 251، وطبقات خليفة 111، ومسند أحمد 4/ 57، والمعرفة والتاريخ 2/ 466، والكنى والأسماء للدولابي 2/ 22، والجرح والتعديل 3/ 472 رقم 2111، والثقات لابن حبّان 3/ 128، والاستيعاب 1/ 506، 507، وأنساب الأشراف 1/ 273، والمعجم الكبير 5/ 50، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 95 رقم 171، وحلية الأولياء 2/ 31، 32 رقم 129، والإكمال 7/ 57، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 136، وأسد الغابة 2/ 171، 172، وتهذيب الكمال 9/ 139- 142 رقم 1886، وتحفة الأشراف 3/ 168 رقم 149، والكاشف 1/ 238 رقم 1568، وتجريد أسماء الصحابة 1/ 181، والوافي بالوفيات 14/ 88 رقم 107، وتهذيب التهذيب 3/ 262، 263 رقم 496، وتقريب التهذيب 1/ 248 رقم 65، والإصابة 1/ 511 رقم 2623، وخلاصة تذهيب التهذيب 116.
[4] أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم (1218) باب: ما يقول إذا استيقظ بالليل، من(5/114)
32- الربيع بن خثيم [1] ع إلّا د أبو يزيد [2] الثّوريّ الكوفي. مِنْ سَادَةِ التَّابِعِينَ وَفُضَلائِهِمْ.
رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ.
روى عنه: إبراهيم النخعي، والشعبي، وهلال بن يساف، وآخرون.
وكان يعد من عقلاء الرجال، توفي قبل سنة خمس وستين.
وعن أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ إِذَا دَخَلَ عَلَى أَبِي لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِذْنٌ لأَحَدٍ حَتَّى يَفْرُغَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبِهِ، فقال
__________
[ () ] طريق: معاذ بن فضالة، عن هشام الدستوائي، عن يحيى. ومسلم في الصلاة (489) باب:
فضل السجود والحثّ عليه، من طريق: الحكم بن موسى، وأبو داود في الصلاة (1320) باب: وقت قيام النبي صلّى الله عليه وسلّم. والنسائي في الافتتاح 2/ 227 باب فضل السجود. وكلاهما عن: هشام بن عمّار، عن الهقل بن زياد، عن الأوزاعي. والترمذي في الدعوات (3416) باب: ما جاء في الدعاء إذا انتبه من الليل. وابن ماجة في الحدود (2540) باب: إقامة الحدود، مختصرا من حديث شيبان، عن يحيى. والطبراني في المعجم الكبير 5/ 50 رقم (4570) .
[1] انظر عن (الربيع بن خثيم) في:
طبقات ابن سعد 6/ 182- 193، وطبقات خليفة 141، العلل لأحمد 1/ 27 و 269 رقم 917، والبيان والتبيين للجاحظ 1/ 363 و 2/ 105 و 3/ 146 و 158 و 160 و 174 و 193 و 4/ 39، وفتوح البلدان 396، وترتيب الثقات للعجلي 154- 156 رقم 419، والثقات لابن حبّان 4/ 224، وعيون الأخبار 2/ 308 و 312 و 372 و 3/ 180، والمعارف 74 و 497، وتاريخ أبي زرعة 11/ 655- 657 و 663 و 682، والكنى والأسماء للدولابي 2/ 162، والجرح والتعديل 3/ 459 رقم 2068، والعقد الفريد 1/ 275 و 2/ 424 و 3/ 150 و 171 و 179، ومشاهير علماء الأمصار 99، 100 رقم 737، وجمهرة أنساب العرب 201، وحلية الأولياء 2/ 105- 118 رقم 166، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 134، والزيارات 79، والكامل في التاريخ 4/ 122، والكاشف 1/ 235 رقم 1542، وسير أعلام النبلاء 4/ 258- 262 رقم 95، وتهذيب الكمال 9/ 70- 76 رقم 1859، وتذكرة الحفّاظ 1/ 57، والوافي بالوفيات 14/ 80 رقم 92، وغاية النهاية 1/ 283 رقم 1263، وتهذيب 1/ 244 رقم 37، وخلاصة تذهيب التهذيب 115، والبداية والنهاية 8/ 217، والتذكرة الحمدونية 1/ 208.
[2] في الأصل «أبو زيد» والتصحيح من مصادر الترجمة.(5/115)
عبد اللَّهِ: يَا أَبَا يَزِيدَ، لَوْ رَآكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَحَبَّكَ وَمَا رَأَيْتُكَ إِلا ذَكَرْتُ الْمُخْبِتِينَ [1] .
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ: كَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ إِذَا أَتَاهُ الرَّجُلُ قَالَ: اتَّقِ اللَّهَ فِيمَا عَلِمْتَ، وَمَا اسْتُؤْثِرَ بِهِ عَلَيْكَ، فَكِلْهُ إِلَى عَالِمِهِ، لأَنَا عَلَيْكُمْ فِي الْعَمْدِ أخْوَفُ مِنِّي عَلَيْكُمْ فِي الْخَطَإِ [2] .
وَعَنِ الرَّبِيعِ قَالَ: مَا لا نَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ يَضْمَحِلُّ [3] .
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ أشدّ أصحاب عبد الله ورعا [4] .
__________
[1] المخبتون: المطمئنّون، وقيل: المتواضعون الخاشعون لربهم. والخبر في: طبقات ابن سعد 6/ 182، 183، وتهذيب الكمال 9/ 72، وحلية الأولياء 2/ 106.
[2] الخبر في: حلية الأولياء 2/ 108، وطبقات ابن سعد 6/ 185، وتهذيب الكمال 9/ 72، 73، وهو أطول مما هنا.
[3] طبقات ابن سعد 6/ 186، تهذيب الكمال 9/ 72.
[4] حلية الأولياء 2/ 107، تهذيب الكمال 9/ 72.(5/116)
[حرف الزاي]
33- زيد بن أرقم [1] ع ابن زَيْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ النُّعْمَانِ، أَبُو عَمْرٍو، ويقال: أبو عامر، ويقال: أبو
__________
[1] انظر عن (زيد بن أرقم) في:
سيرة ابن هشام 3/ 237، والمغازي للواقدي 21 و 216 و 420 و 757 و 759، وطبقات ابن سعد 6/ 18، وتاريخ خليفة 264، وطبقات خليفة 94 و 136، ومسند أحمد 4/ 366، والعلل له 1/ 80 و 94 و 120 و 233 و 256 و 262 و 305 و 386، ومصنّف ابن أبي شيبة 13 رقم (15714) ، والتاريخ الكبير 3/ 385 رقم 1283، والمعارف 499، والتاريخ الصغير 93 و 153، وأنساب الأشراف 1/ 288 و 316 و 230، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 84 رقم 48، وتاريخ الطبري 1/ 42 و 2/ 310 و 605 و 607 و 3/ 38 و 158، 159 و 5/ 425 و 456، والأسامي والكنى للحاكم، ورقة 218، 219، والمعرفة والتاريخ 1/ 303، وتاريخ واسط 103 و 171 و 288، والجرح والتعديل 3/ 554 رقم 2508، والمعجم الكبير 5/ 183- 242 رقم 485، وجمهرة أنساب العرب 365، ومشاهير علماء الأمصار 47 رقم 296، والثقات لابن حبّان 3/ 139، والمعرفة والتاريخ 1/ 303، والاستيعاب 1/ 556- 558، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 143، وتهذيب ابن عساكر 5/ 439- 442، والأخبار الموفّقيات 578، والمستدرك 3/ 532، 533، ومعجم البلدان 1/ 879، وأسد الغابة 2/ 319، 320، والكامل في التاريخ 2/ 57 و 192 و 235 و 303 و 4/ 62 و 81، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 199 رقم 184، والعبر 1/ 73 و 76، وسير أعلام النبلاء 3/ 165- 168 رقم 27، والكاشف 1/ 263 رقم 1738، وتحفة الأشراف 3/ 191- 205 رقم 163، وتهذيب الكمال 10/ 9- 12 رقم 2087، وتاريخ الإسلام (المغازي) 202 و 264 و 265 و 266 و 267 و 491 و 496 و 497 و 710، و (عهد الخلفاء الراشدين) 45 و 204 و 626 و 629 و 632، وتجريد أسماء الصحابة 1/ 196، وتلخيص المستدرك 3/ 532، 533، والوافي بالوفيات 15/ 22 رقم 26، ومجمع الزوائد 9/ 381، وتهذيب(5/117)
سَعِيدٍ، وَيُقَالُ أَبُو أُنَيْسَةَ، الأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ، نَزِيلُ الْكُوفَةِ.
قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ صَدَّقَكَ يَا زَيْدُ» ، وَكَانَ قَدْ نُقِلَ إِلَيْهِ أَنَّ ابْنَ أُبَيٍّ قَالَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ: لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ 63: 8، فَتَوَقَّفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفْلِهِ، فَنَزَلَتِ الآيَةُ بِتَصْدِيقِهِ [1] .
وَقَالَ زَيْدٌ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سبع عَشْرَةَ غَزْوَةً [2] .
وَلِزَيْدٍ رِوَايَةٌ كَثِيرَةٌ، رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ- وَاسْمُهُ سَعْدُ بْنُ إِيَاسٍ- وَطَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، وَيَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ [3] التَّيْمِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ بَعْضِ قَوْمِهِ، عَنْ زَيْدِ بْن أَرْقَمَ قَالَ: كُنْتُ يَتِيمًا فِي حِجْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، فَخَرَجَ بِي مَعَهُ إِلَى مُؤْتَةَ مُرْدِفِي عَلَى حَقِيبَةِ رَحْلِهِ [4] .
وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ نَفَرًا اسْتَصْغَرَهُمْ، مِنْهُمُ ابْنُ عُمَرَ، وَأُسَامَةُ، وَالْبَرَاءُ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَجَعَلَهُمْ حَرَسًا لِلذَّرَارِي وَالنِّسَاءِ بِالْمَدِينَةِ [5] .
وَرَوى يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْدٍ قَالَ: رَمَدْتُ، فَعَادَنِي
__________
[ () ] التهذيب 3/ 394، 395 رقم 717، وتقريب التهذيب 1/ 272 رقم 156، والإصابة 1/ 560 رقم 2873، والنكت الظراف 3/ 192- 197، وخلاصة تذهيب التذهيب 126، والتذكرة الحمدونية 1/ 54، وشذرات الذهب 1/ 74، وخزانة الأدب 1/ 363، ودول الإسلام 1/ 50، والمعين في طبقات المحدثين 21 رقم 41، ومرآة الجنان 1/ 143.
[1] أخرجه البخاري في تفسير سورة المنافقين 8/ 494 و 496 و 497، ومسلم في أول صفات المنافقين (2772) ، والترمذي (3314) ، وأحمد في المسند 4/ 373، والطبراني (5050) ، وابن هشام في السيرة 3/ 237.
[2] الأسامي والكنى للحاكم، ورقة 218.
[3] في الأصل «حبان» والتصحيح من خلاصة تذهيب التهذيب.
[4] الوافي بالوفيات 15/ 22، الإصابة 1/ 560.
[5] انظر سيرة ابن هشام (بتحقيقنا) 3/ 29 وليس بين الأسماء زيد بن أرقم. والطبراني في المعجم الكبير (4962) .(5/118)
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا زَيْدُ إِنْ كَانَتْ عَيْنَكَ عَمِيَتْ لِمَا بِهَا كَيْفَ تَصْنَعُ» ؟
قُلْتُ: أَصْبِرُ وَأَحْتَسِبُ، قَالَ: «إِنْ فَعَلْتَ دَخَلْتَ الْجَنَّةَ» [1] . وَرُوِيَ نَحْوُهُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ [2] .
وَفِي «مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى» مِنْ طَرِيقِ أُنَيْسَةَ بِنْتِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، أَنَّ أَبَاهَا عَمِيَ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ.
وَقَالَ أَبُو الْمِنْهَالِ: سَأَلْتُ الْبَرَاءَ عَنِ الصَّرْفِ، فَقَالَ: سَلْ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ مِنِّي، وَأَعْلَمُ.
قَالَ خَلِيفَةُ، وَالْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ، وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُهُ:
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ.
34- زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ [3] صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ.
__________
[1] أخرجه أحمد في المسند 4/ 375، والطبراني (5052) ، وأبو داود مختصرا (3102) ، والحاكم في المستدرك 1/ 342 وصحّحه، ووافقه الذهبي في تلخيصه.
[2] أخرجه الطبراني (5126) من طريق:
أميّة بن بسطام، حدّثنا معتمر بن سليمان، حدّثتنا نباتة بنت بريد، عن حمادة، عن أنيسة بنت زيد بن أرقم، عن أبيها، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ على زيد بن أرقم يعوده من مرض كان به قال: «ليس عليك من مرضك هذا بأس، ولكن كيف بك إذا عمّرت بعدي فعميت» ؟ قال:
إذا أحتسب وأصبر. قال: «إذا تدخل الجنة بغير حساب» . قال: فعمي بعد ما مات النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ رَدَّ الله عليه بصره، ثم مات رحمه الله.
[3] انظر عن (زيد بن خالد) في:
طبقات ابن سعد 4/ 344، ومسند أحمد 4/ 114 و 5/ 192، والعلل له 1/ 80، والعلل لابن المديني 66، وطبقات خليفة 120، وتاريخ خليفة 265 و 277، والتاريخ الكبير 3/ 384، 385 رقم 1282، والمعارف 279، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 83 رقم 41، والمعرفة والتاريخ 1/ 422 و 432، 433 و 2/ 28 و 271، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 79، والجرح والتعديل 3/ 562 رقم 2540، والمغازي للواقدي 589 و 681، ومشاهير علماء الأمصار 16 رقم 54، وجمهرة أنساب العرب 445، والمعجم الكبير 5/ 259- 298 رقم 500، والاستيعاب 1/ 558، 559، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 142، والتبيين 206، وأسد الغابة 2/ 228، والكامل في التاريخ 3/ 471 و 4/ 449، والمستدرك على الصحيحين 3/ 566، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 203 رقم 188، وتحفة الأشراف 3/ 229- 244 رقم 167، وتهذيب الكمال 10/ 63، 64 رقم 2104، والزيارات 94، والكاشف(5/119)
قَالَ خَلِيفَةُ [1] : تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ.
سَيُعَادُ.
__________
[ () ] 1/ 265 رقم 1751، والعبر 1/ 76 و 89، والمعين في طبقات المحدّثين 21 رقم 43، وتاريخ الإسلام (المغازي) 435، و (عهد الخلفاء الراشدين) 411 و 426، ودول الإسلام 1/ 56، ومرآة الجنان 1/ 158، والوافي بالوفيات 15/ 41 رقم 42، وتلخيص المستدرك 3/ 566، وتهذيب التهذيب 3/ 410، 411 رقم 748، وتقريب التهذيب 1/ 274 رقم 177، والنكت الظراف 3/ 234- 243، والإصابة 1/ 565 رقم 2895، وخلاصة تذهيب التهذيب 128.
[1] في الطبقات 120.(5/120)
[حرف السِّينِ]
35- السَّائِبُ بْنُ الأَقْرَعِ [1] بْنِ جَابِرِ بْنِ سُفْيَانَ الثَّقَفِيُّ.
ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ [2] أَنَّ لَهُ صُحْبَةً، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَوَلاهُ عُمَرُ قِسْمَةَ الْغَنَائِمِ يَوْمَ نَهَاوَنْدَ، وَاسْتَخْلَفَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ عَلَى أَصْبَهَانَ [3] ، وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ بِأَصْبَهَانَ [4] ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، الثَّقَفِيُّ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَوْنٍ الثَّقَفِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَغَيْرُهُمَا.
36- سَعِيدُ بْنُ مَالِكِ [5] بْنِ بَحْدَلٍ الْكَلْبِيُّ، أَخُو حَسَّانٍ الْمَذْكُورِ.
وَلِيَ إِمْرَةَ الْجِزِيرَةِ وَقِنَّسْرِينَ لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَإِلَيْهِ يُنْسَبُ دَيْرُ ابْنِ بَحْدَلٍ
__________
[1] انظر عن (السائب بن الأقرع) في:
طبقات ابن سعد 7/ 102، ونسب قريش 333، والتاريخ الكبير 4/ 151 رقم 2288، والبرصان والعرجان 329، وتاريخ خليفة 148 و 150، والمعارف 91، والأخبار الطوال 133 و 135، وعيون الأخبار 1/ 311، وفتوح البلدان 371 و 373 و 377 و 383، والجرح والتعديل 4/ 240 رقم 1030، وتاريخ الطبري 4/ 116 و 117 و 127 و 133- 135 و 330 و 422 و 5/ 269، والاستيعاب 2/ 104، وأسد الغابة 2/ 249، والكامل في التاريخ 3/ 14- 16 و 19 و 147 و 187، وتاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) 224 و 225 و 227 و 669، والوافي بالوفيات 15/ 102 رقم 145، والإصابة 2/ 8 رقم 3056.
[2] في الأصل «الحاسي» ، وما قيّدناه عن مصادر الترجمة.
[3] تاريخ خليفة 147، 148، وفتوح البلدان 2/ 373، وتاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) 224، 225 و 227، وتاريخ الطبري 4/ 116، 117، والأخبار الطوال 133.
[4] انظر فتوح البلدان 383.
[5] انظر عن (سعيد بن مالك) في:
تهذيب تاريخ دمشق 6/ 173، 174.(5/121)
مِنْ إِقْلِيمِ بَيْتِ الْمَالِ [1] ، وَكَانَ شَرِيفًا مُطَاعًا في قومه.
37- سليمان بن صرد [2]- ع- بن الجون الخزاعي، أبو مطرّف الكوفي.
لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، مِنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ.
ورَوَى أَيْضًا عَنْ: أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ.
ورَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ، وَعَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ صالحا ديّنا، من أشراف قومه، خرج في جَمَاعَةٍ تَابُوا إِلَى اللَّهِ مِنْ خِذْلانِهِمُ الْحُسَيْنَ وَطَلَبُوا بِدَمِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وستّين، فقتل إلى
__________
[1] كذا في الأصل، وفي تهذيب تاريخ دمشق 6/ 173 «إقليم بيت الآبار» .
وبيت الآبار في: معجم البلدان 1/ 519: قرية يضاف إليها كورة من غوطة دمشق فيها عدة قرى. وليس في المعجم «بيت المال» .
[2] انظر عن (سليمان بن صرد) في:
مسند أحمد 4/ 262، و 5/ 124، والمحبّر 291، وطبقات ابن سعد 4/ 292 و 6/ 25، وطبقات خليفة 107 و 136، وتاريخ خليفة 194 و 262، والتاريخ الصغير 75، والتاريخ الكبير 4/ 1 رقم 1752، والأخبار الطوال 171 و 186 و 197 و 229، والمعرفة والتاريخ 2/ 622، وتاريخ الطبري 5/ 179 و 352 و 552- 555 و 557- 561 و 563 و 579 و 580 و 582 و 584 و 593 و 579 و 580 و 584 و 586 و 595 و 598 و 599 و 605 و 609 و 6/ 67، والكنى والأسماء للدولابي 2/ 117، والجرح والتعديل 4/ 123 رقم 536، والمنتخب من ذيل المذيّل 522، 523، و 577، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 277 و 530، ومقدمة مسند بقيّ بن مخلد 93 رقم 146، والاستيعاب 2/ 63- 65، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1976 و 1979 و 1982، ومشاهير علماء الأمصار 47 رقم 305، وجمهرة أنساب العرب 238، والمعجم الكبير 7/ 114- 117 رقم 645 والمستدرك 3/ 530، وتاريخ بغداد 1/ 200- 202 رقم 41، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 176، والتبيين في أنساب القرشيين 465، وأسد الغابة 2/ 351، والكامل في التاريخ 3/ 424 و 4/ 20 و 159- 162 و 165 و 172 و 175- 182 و 186 و 188 و 189 و 211 و 244 و 309، وتحفة الأشراف 4/ 57- 59 رقم 209، وتهذيب الكمال 11/ 454- 457 رقم 2531، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 234 رقم 232، وتجريد أسماء الصحابة 1 رقم 2488، وتاريخ الإسلام (المغازي) 304، و (عهد الخلفاء الراشدين) 541- 545 وسير أعلام النبلاء 3/ 394، 395 رقم 61، والعبر 1/ 72، ودول الإسلام 1/ 50، وتلخيص المستدرك 3/ 530، ومرآة الجنان 1/ 141، والبداية والنهاية 8/ 254، والوافي بالوفيات 15/ 392، 393 رقم 538، والعقد الثمين 4/ 607، وتهذيب التهذيب 4/ 200، 201 رقم 340، وتقريب التهذيب 1/ 326 رقم 453، والإصابة 2/ 75، 76 رقم 3457، والنكت الظراف 4/ 59، وخلاصة تذهيب التهذيب 129، وشذرات الذهب 1/ 73.(5/122)
رَحْمَةِ اللَّهِ هُوَ وَعَامَّةُ جُمُوعِهِ، وَسُمُّوا «جَيْشَ التَّوَّابِينَ» ، وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ حَوْشَبًا ذَا ظُلَيْمٍ يَوْمَ صِفِّينَ. قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ [1] ، وَقَالَ: كَانَ مِمَّنْ كَاتَبَ الْحُسَيْنَ يَسْأَلُهُ الْقُدُومَ إِلَى الْكُوفَةِ لِيُبَايِعُوهُ، فَلَمَّا عَجَزَ عَنْ نَصْرِهِ نَدِمَ.
قِيلَ عَاشَ ثَلاثًا وَتِسْعِينَ سَنَةً.
38- سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ [2] الأَزْدِيُّ، وَيُقَالُ: السَّدُوسِيُّ.
وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَوَاحِي الْبَلْقَاءِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ [3] : لَهُ صُحْبَةٌ رَوَى عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَسَعْدُ بْنُ جُبَيْرٍ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ ذَلِكَ.
قُلْتُ: وروى ابْنُ عَسَاكِرَ حَدِيثَ إِسْلامِهِ، وَقِصَّتَهُ مَعَ رِئْيِهِ من الجنّ من طريق: سعيد بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْهُ، وَأَرْسَلَهُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَإِسْنَادُ الْحَدِيثِ ضَعِيفٌ [4] .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ [5] : كَانَ يَتَكَهَّنُ وَيَقُولُ الشِّعْرَ، ثُمَّ أَسْلَمَ، وَقَدْ دَاعَبَهُ عُمَرُ يَوْمًا فَقَالَ: مَا فَعَلَتْ كَهَانَتُكَ يَا سَوَادُ؟ فَغَضِبَ وَقَالَ: مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنْ جَاهِلِيَّتِنَا وَكُفْرِنَا شَرٌّ مِنَ الْكَهَانَةِ، فَاسْتَحْيَا عُمَرُ، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ حَدِيثِهِ فِي بِدْءِ الإِسْلامِ، وَمَا أَتَاهُ بِهِ رِئْيُهُ مِنْ ظُهُورِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم.
__________
[1] في الاستيعاب 2/ 64.
[2] عن (سواد بن قارب) انظر:
التاريخ الكبير 4/ 202 رقم 2497، والجرح والتعديل 4/ 303 رقم 1316، والاستيعاب 2/ 123، 124، والمعجم الكبير 7/ 109- 112 رقم 642، وأسد الغابة 2/ 375، والوافي بالوفيات 16/ 35، 36 رقم 48، والمقاصد النحوية، للعيني، على حاشية خزانة الأدب للبغدادي، طبعة بولاق 1299- ج 2/ 114، وتاريخ الإسلام (السيرة النبويّة) 204 و 206 و 207 و 208، والإصابة 2/ 96، 97 رقم 3583.
[3] في الجرح والتعديل 4/ 303.
[4] أخرج ابن عديّ في «الكامل في الضعفاء» 2/ 628 عن الوليد بن حمّاد، عن سليمان بن عبد الرحمن، عن الحكم بن يعلى بن عطاء المحاربي، عَنْ أَبِي مَعْمَر عباد بْن عَبْد الصمد، قال:
سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ قَالَ: كُنْتُ نَائِمًا عَلَى جَبَلٍ مِنْ جِبَالِ الشَّرَاةِ، فَأَتَانِي آتٍ فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ: قُمْ يَا سَوَادُ، أَتَى رَسُولٌ مِنْ لؤيّ بن غالب، فذكر الحديث.
انظر الجزء الخاص بالسيرة النبويّة من هذا التاريخ 208.
[5] في الاستيعاب 2/ 123، وانظر: دلائل النبوّة للبيهقي 2/ 29، 30، وعيون الأثر 1/ 72، 74، والسيرة النبويّة للذهبي (بتحقيقنا) - ص 206.(5/123)
[حرف الشِّينِ]
39- شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَدْ مَرَّ.
وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ.
40- شُرَحْبِيلُ بْنُ ذِي الْكَلاعِ الْحِمْيَرِيُّ [1] مِنْ كِبَارِ أُمَرَاءِ الشَّامِ. قُتِلَ مَعَ ابْنِ زِيَادٍ.
41- شقيق بن ثور [2]- ن- أبو الفضل السّدوسي البصري، رَئِيسُ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ فِي الإِسْلامِ، وَكَانَ حَامِلُ رَايَتِهِمْ يَوْمَ الْجَمَلِ، وَشَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ.
رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ.
__________
[1] انظر عن (شرحبيل بن ذي الكلاع) في: المحبّر 491، والأخبار الطوال 295، وتاريخ خليفة 263، وتاريخ الطبري 5/ 535 و 594 و 597 و 598 و 604 و 6/ 89 و 91، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1979، و 1984، وجمهرة أنساب العرب 434، والكامل في التاريخ 4/ 149 و 180- 182 و 185 و 262 و 264، والوافي بالوفيات 16/ 130 رقم 151، والعبر 1/ 74 و 76، وشذرات الذهب 1/ 74.
[2] انظر عن (شقيق بن ثور) في:
التاريخ الكبير 4/ 246 رقم 2683، وعيون الأخبار 1/ 298، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 176 و 390 و 419، والعقد الفريد 4/ 49، وتاريخ الطبري 4/ 501 و 522 و 5/ 33 و 37 و 146، والجرح والتعديل 4/ 372 رقم 1617، ومشاهير علماء الأمصار 92 رقم 669، وجمهرة أنساب العرب 318، وتهذيب تاريخ دمشق 6/ 335، 336، وتهذيب الكمال 588، والكامل في التاريخ 3/ 236 و 4/ 174، والكاشف 2/ 13 رقم 2324، وسير أعلام النبلاء 3/ 538 رقم 143، والوافي بالوفيات 16/ 172 رقم 204، وتهذيب التهذيب 4/ 361 رقم 608، وتقريب التهذيب 1/ 354 رقم 95، وحسن المحاضرة 1/ 117، وخلاصة تذهيب التهذيب 142.(5/124)
رَوَى عَنْهُ: خَلادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّنْعَانِيُّ، وَأَبُو وَائِلٍ.
وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَقُتِلَ أَبُوهُ بِتُسْتَرَ مَعَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ.
وَقَالَ غَسَّانُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ، إِنَّ شَقِيقَ بْنَ ثَوْرٍ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: لَيْتَهُ لَمْ يَكُنْ سَيِّدَ قَوْمِهِ، كَمْ مِنْ بَاطِلٍ قَدْ حَقَّقْنَاهُ وَحَقٍّ قَدْ أَبْطَلْنَاهُ [1] .
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ ظَنًّا.
42- شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ [2] الضَّبَّابِيُّ الَّذِي احْتَزَّ رَأْسَ الْحُسَيْنِ عَلَى الْأَشْهَرِ، كَانَ مِنْ أُمَرَاءِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، وَقَعَ بِهِ أَصْحَابُ الْمُخْتَارِ فَبَيَّتُوهُ [3] ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.
قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ هَارُونَ الْكُوفِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ يُصَلِّي مَعَنَا الْفَجْرَ، ثُمَّ يَقْعُدُ حَتَّى يُصْبِحَ، ثُمَّ يُصَلِّي فَيَقُولُ: اللَّهمّ إِنَّكَ شَرِيفٌ تُحِبُّ الشَّرَفَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي شَرِيفٌ، فَاغْفِرْ لِي، فَقُلْتُ: كَيْفَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، وَقَد خَرَجْتَ إِلَى ابْنُ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأعَنْتَ عَلَى قَتْلِهِ؟ قَالَ: وَيْحَكَ، فَكَيْفَ
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 6/ 336.
[2] انظر عن (شمر بن ذي الجوشن) في:
البرصان والعرجان 82، وتاريخ خليفة 235، والأخبار الطوال 239 و 254 و 255 و 256 و 260 و 300 و 302 و 305، والمعارف 401 و 582، والأخبار الموفقيّات 167، وتاريخ الطبري 5/ 28 و 270 و 369 و 392 و 414 و 415 و 417 و 422 و 425 و 426 و 436 و 438 و 441 و 450 و 453 و 454 و 456 و 460 و 463 و 468 و 6/ 18 و 29 و 44 و 46 و 52 و 53، وجمهرة أنساب العرب 287، والعقد الفريد 4/ 379، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 255، وتهذيب تاريخ دمشق 6/ 340- 432، والكامل في التاريخ 3/ 303 و 4/ 31 و 55- 57 و 60 و 62 و 63 و 68- 71 و 76- 81 و 83 و 84 و 91 و 217 و 224 و 231 و 232 و 236 و 237، والمحبّر 301، واللباب (مادة الضبابي) ، ووفيات الأعيان 7/ 68، وميزان الاعتدال 2/ 280 رقم 3742، والوافي بالوفيات 16/ 180 رقم 211، ولسان الميزان 3/ 152 رقم 546.
[3] مهملة في الأصل. والتقييد من: النهاية في غريب الحديث حيث قال: تبييت العدوّ هو أن يقصد في الليل من غير أن يعلم فيؤخذ بغتة.(5/125)
نَصْنَعُ، إِنَّ أُمَرَاءَنَا هَؤُلاءِ أَمَرُونَا بِأمرٍ، فَلَمْ نُخَالِفْهُمْ، وَلَوْ خَالَفْنَاهُمْ كُنَّا شَرًّا مِنْ هَذِهِ الْحُمُرِ [1] .
قُلْتُ: وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ، اسْمُهُ شُرَحْبِيلُ [2] ، وَيُقَالُ: أَوْسٌ، وَيُقَالُ عُثْمَانُ الْعَامِرِيُّ الضَّبَابِيُّ، وَكُنْيَتُهُ- أَعْنِي شِمْرَ: أَبُو السَّابِغَةِ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: رَأَيْتُ قَاتِلَ الْحُسَيْنِ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ، مَا رَأَيْتُ بِالْكُوفَةِ أَحَدًا عَلَيْهِ طَيْلَسَانَ غَيْرَهُ [3] .
وَذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى يَزِيدَ مَعَ آلِ الحسين رضي الله عنه.
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 6/ 340.
[2] وسمّي ذا الجوشن لأنّ صدره كان ناتئا، كما في (اللباب في الأنساب لابن الأثير ج 2 ص 68) ، وتهذيب تاريخ دمشق 6/ 340.
[3] تهذيب تاريخ دمشق 6/ 340، 341.(5/126)
حرف الصَّادِ
43- صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ [1] أَبُو الصَّهْبَاءِ الْعَدَوِيُّ الْبَصْرِيُّ، الْعَابِدُ مِنْ سَادَةِ التَّابِعِينَ.
يُرْوَى لَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ.
رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُعَاذَةُ الْعَدَوِيَّةُ- وَهِيَ زَوْجَتُهُ-، وَثَابِتُ الْبُنَانِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، وَغَيْرُهُمْ حِكَايَاتٍ.
رَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي «الزُّهْدِ» [2] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ:
بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ صِلَةُ، يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِهِ كَذَا وَكَذَا» . حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ كما ترى [3] .
__________
[1] انظر عن (صلة بن أشيم) في:
تاريخ خليفة 236، وطبقات خليفة 192، وتاريخ الثقات للعجلي 229 رقم 703، والثقات لابن حبّان 4/ 380، وتاريخ الطبري 5/ 472، والمعرفة والتاريخ 2/ 77- 79 و 110، وطبقات ابن سعد 7/ 134- 137، وفتوح البلدان 490، والتاريخ الكبير 4/ 321 رقم 2987، والجرح والتعديل 4/ 447 رقم 1965، والكامل في التاريخ 4/ 96، 97، وحلية الأولياء 2/ 237- 243 رقم 184، وأسد الغابة 4/ 34، وسير أعلام النبلاء 3/ 497- 500 رقم 113، والوافي بالوفيات 16/ 330، 331 رقم 363، وصفة الصفوة 3/ 139، والبداية والنهاية 9/ 15، والتذكرة الحمدونية 1/ 207، والإصابة 2/ 200 رقم 4132، وطبقات الشعراني 1/ 39، وربيع الأبرار 4/ 185، والأسامي والكنى، للحاكم، ورقة 288 أ، والزهد لابن المبارك 198 رقم 565 و 295 رقم 863، والملحق بكتاب الزهد 62 رقم 216.
[2] ص 297 رقم 864.
[3] قال المؤلّف- رحمه الله في: سير أعلام النبلاء 3/ 497: هذا حديث معضل.(5/127)
جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ: كَانَ أَبُو الصَّهْبَاءِ يُصَلِّي حَتَّى مَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَأْتِيَ فِرَاشَهُ إِلا زَحْفًا [1] .
وَقَالَتْ مُعَاذَةُ: كَانَ أَصْحَابُ صِلَةَ إِذَا الْتَقَوْا عَانَقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا [2] .
وَقَالَ ثَابِتٌ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى صِلَةَ بْنِ أَشْيَمَ يَنْعِي أَخَاهُ [3] فَقَالَ لَهُ: أَدْنُ فَكُلْ، فَقَدْ نُعِيَ إِلَيَّ أَخِي مُنْذُ حِينٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّكَ مَيِّتٌ، وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ 39: 30 [4] .
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: أنبأ ثَابِتٌ أَنَّ صِلَةَ كَانَ فِي الْغَزْوِ، وَمَعَهُ ابْنٌ لَهُ، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ تَقَدَّمْ فَقَاتِلْ حَتَّى أَحْتَسِبَكَ، فَحَمَلَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ هُوَ فَقُتِلَ، فَاجْتَمَعَ النِّسَاءُ عِنْدَ امْرَأَتِهِ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ، فقالت: إن كنتنّ جئتنّ لتهنّئنني فَمَرْحَبًا بِكُنَّ، وَإِنْ كُنْتُنَّ جِئْتُنَّ لِغَيْرِ ذَلِكَ فارجعن [5] .
وفي «الزهد» [6] لابن المبارك، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ صِلَةَ بْنِ أَشْيَمَ قَالَ: خَرَجْنَا فِي بَعْضِ قُرَى نَهْرِ تِيرَى وَأَنَا عَلَى دَابَّتِي فِي زَمَنِ فُيُوضِ الْمَاءِ، فَأَنَا أَسِيرُ عَلَى مُسَنَّاةٍ فَسِرْتُ يَوْمًا لا أَجِدُ شَيْئًا آكُلُهُ فَلَقِيَنِي عِلْجٌ يَحْمِلُ عَلَى عَاتِقِهِ شَيْئًا، فَقُلْتُ: ضَعْهُ، فَوَضَعَهُ، فَإِذَا هُوَ خُبْزٌ [7] ، فَقُلْتُ: أَطْعِمْنِي، قَالَ: إنْ شِئْتَ، وَلَكِنْ فِيهِ شَحْمَ خِنْزِيرٍ، فَتَرَكْتُهُ، ثُمَّ لَقِيتُ آخَرَ يَحْمِلُ طَعَامًا فَقُلْتُ: أَطْعِمْنِي، فَقَالَ: تَزَوَّدْتُ بِهَذَا لِكَذَا وَكَذَا مِنْ يَوْمٍ، فَإِنْ أَخَذْتَ مِنْهُ شَيْئًا أَجَعْتَنِي [8] ، فَتَرَكْتُهُ ومضيت، فو الله إنّي لأسير،
__________
[ () ] والحديث المعضل: هو الّذي سقط من إسناده اثنان على التوالي.
والخبر أيضا في «حلية الأولياء» 2/ 241 من طريق ابن المبارك.
[1] طبقات ابن سعد 7/ 136.
[2] حلية الأولياء 2/ 238.
[3] في طبعة القدسي 3/ 19 «أخيه» .
[4] حلية الأولياء 2/ 238 والآية من سورة الزمر- الآية 30.
[5] طبقات ابن سعد 7/ 137، حلية الأولياء 2/ 239.
[6] ص 297 رقم 865.
[7] في «الزهد» 297 «جبن» .
[8] في «الزهد» : «أضررت بي وأجعتني» .(5/128)
إِذْ سَمِعْتُ خَلْفِي وَجْبَةً [1] كَوَجْبَةِ [2] الطَّيْرِ فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا هُوَ شَيْءٌ مَلْفُوفٌ فِي سِبٍّ [3] أَبْيَضَ- أَيْ خِمَارٍ- فَنَزَلْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ دَوْخَلَّةٌ [4] مِنْ رُطَبٍ فِي زَمَانٍ لَيْسَ فِي الأَرْضِ رُطَبَةٌ، فَأَكَلْتُ مِنْهُ، ثُمَّ لَفَفْتُ مَا بَقِيَ، وَرَكِبْتُ الْفَرَسَ وَحَمَلْتُ مَعِي نَوَاهُنَّ.
قَالَ جَرِيرٌ: فَحَدَّثَنِي أَوْفَى [5] بْنُ دَلْهَمٍ قَالَ: رَأَيْتُ ذَلِكَ السِّبَّ مَعَ امْرَأَتِهِ مَلْفُوفًا فِيهِ مُصْحَفٌ، ثُمَّ فُقِدَ بَعْدُ [6] .
قُلْتُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَى نَحْوَهُ عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَنْ نَضْلَةَ [7] .
وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: ثنا الْمُسْلِمُ بْنُ سَعِيدٍ الْوَاسِطِيُّ، أنا حَمَّادُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، قَالَ: خَرَجْنَا فِي غُزَاةٍ إِلَى كَابِلَ، وَفِي الْجَيْشِ صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ، فَنَزَلَ النَّاسُ عِنْدَ الْعَتْمَةِ، فَقُلْتُ: لأَرْمِقَنَّ عَمَلَهُ، فَصَلَّى، ثُمَّ اضْطَجَعَ، فَالْتَمَسَ غَفْلَةَ النَّاسِ، ثُمَّ وَثَبَ فَدَخَلَ غَيْضَةً، فَدَخَلْتُ فِي أَثَرِهِ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي فَافْتَتَحَ الصَّلاةَ، وَجَاءَ أَسَدٌ حَتَّى دَنَا مِنْهُ فَصَعِدْتُ فِي شَجَرَةٍ قَالَ: أَفَتَرَاهُ الْتَفَتَ إِلَيْهِ أَوِ اعْتَدَّ بِهِ حَتَّى سَجَدَ؟ فَقُلْتُ: الآنَ يَفْتَرِسُهُ فَلا شَيْءَ، فَجَلَسَ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَالَ: أَيُّهَا السَّبْعُ، اطْلُبْ رِزْقَكَ مِنْ مَكَانٍ آخَرَ، فَوَلَّى وَإِنَّ لَهُ لزئيرا، أقول: تصدّع منه الجبال، فَمَا زَالَ كَذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الصُّبْحِ جَلَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ بِمَحَامِدَ لَمْ أَسْمَعْ بِمِثْلِهَا، إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهمّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُجِيرَنِي مِنَ النَّارِ أَوْ مِثْلِي يَجْتَرِئُ أَنْ يَسْأَلَكَ الْجَنَّةَ، ثُمَّ رجع، فأصبح كأنّه بات على الحشايا وقد أصبحت وبي من
__________
[1] الوجبة: السقطة مع الهدّة أو صوت الساقط.
[2] في الزهد «كخواية» . وهو خفيف الجناح، كما في النهاية لابن الأثير.
[3] سبّ: بالكسر، شقّة كتّان رقيقة.
[4] دوخلّة: بتشديد اللام، سقيفة من خوص يوضع فيه التمر.
[5] في «الزهد» : «عوف» .
[6] الزهد 297، 298 وفي آخره: «فلا يدرون أسرق، أم ذهب، أم ما صنع به» .
[7] قال المؤلّف- رحمه الله- في: سير أعلام النبلاء 3/ 499: «فهذه كرامة ثابتة» .(5/129)
الْفَتْرَةِ شَيْءٌ اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ [1] .
رَوَى نَحْوَهَا أَبُو نُعَيْمٍ فِي «الْحِلْيَةِ» [2] بِإِسْنَادٍ لَهُ، إِلَى مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ.
وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ السَّرِيِّ [3] بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنِي الْعَلاءُ بْنُ هِلالٍ الْبَاهِلِيُّ أَنَّ رَجُلا قَالَ لِصِلَةَ: يَا أَبَا الصَّهْبَاءِ، إِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي أُعْطِيتُ شَهَادَةً، وَأُعْطِيتَ شَهَادَتَيْنِ، فَقَالَ: تُسْتَشْهَدُ، وَأُسْتَشْهَدُ أَنَا وَابْنِي، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ يَزِيدَ [4] بْنِ زِيَادٍ لَقِيَهُمُ التُّرْكُ بسِجِسْتَانَ، فَكَانَ أَوَّلُ [5] جَيْشٍ انْهَزَمَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ صِلَةُ: يَا بُنَيَّ ارْجِعْ إِلَى أُمِّكَ، فَقَالَ: يَا أَبَتِ تُرِيدُ الْخَيْرَ لِنَفْسِكَ وَتَأْمُرُنِي بِالرُّجُوعِ! ارْجِعْ أَنْتَ، قَالَ: وَأَمَّا إِذْ قُلْتَ هذا فتقدّم فَتَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى أُصِيبَ، فَرَمَى صِلَةُ عَنْ جَسَدِهِ، وَكَانَ رَجُلا رَامِيًا، حَتَّى تَفَرَّقُوا عَنْهُ، وَأَقْبَلَ حَتَّى أَقَامَ عَلَيْهِ فَدَعَا لَهُ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ [6] .
قُلْتُ: وَذَلِكَ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وستين.
__________
[1] الزهد لابن المبارك 295، 296 رقم 863.
[2] حلية الأولياء 2/ 240.
[3] في طبعة القدسي «السدي» .
[4] في طبعة القدسي «بدر» .
[5] في طبعة القدسي «الّذي» ، والتصحيح من: الأسامي والكنى للحاكم.
[6] أخرجه الحاكم في: الأسامي والكنى، الورقة 288 ورجاله ثقات.(5/130)
[حرف الضَّادِ]
44- الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ [1] الْقُرَشِيُّ الْفِهْرِيُّ، أَخُو فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وعنه، وكانت
__________
[1] انظر عن (الضّحّاك بن قيس) في:
طبقات ابن سعد 7/ 410، وطبقات خليفة 29 و 127 و 185 و 301، وتاريخ خليفة 219 و 222 و 224 و 226 و 259 و 260، والأخبار الموفقيات 509، والمعارف 68 و 292 و 353 و 412 و 576، والبرصان والعرجان 23، وتاريخ الطبري 4/ 249 و 5/ 12 و 49 و 71 و 98 و 135 و 298 و 300 و 304 و 308 و 309 و 314 و 323 و 332 و 504 و 530- 535 و 537 و 538 و 541 و 6/ 39 و 7/ 244، والتاريخ الصغير 58، والتاريخ الكبير 4/ 332 رقم 3018، والمحبّر 295، والمعرفة والتاريخ 1/ 312 و 363 و 2/ 381 و 384 و 632 و 698، ومسند أحمد 3/ 453، والجرح والتعديل 4/ 457 رقم 2019، ومشاهير علماء الأمصار 54 رقم 368، والمراسيل 94 رقم 337، والمعجم الكبير 8/ 356- 358 رقم 738، والأخبار الطوال 154 و 171 و 173 و 180 و 225 و 226، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 968 و 1827 و 1828 و 1961 و 1964 و 1968، وحذف من نسب قريش 33، ونسب قريش 447، وجمهرة أنساب العرب 178 و 197، والعقد الفريد (انظر فهرس الأعلام) 7/ 120، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 51 و 67 و 77 و 146 و 155 و 159 و 161 و 285 و 308 و 350 و 352 و 356 و 358 و 359 و 443 و 458، والمستدرك 3/ 524، 525، والاستيعاب 2/ 205، والوفيات لابن قنفذ 75، وجامع التحصيل 242 رقم 303، والكامل في التاريخ (انظر فهرس الأعلام) 13/ 181، وأسد الغابة 3/ 37، وتهذيب الكمال 617، وفتوح البلدان 383 و 384 و 437 و 461 و 499 و 502 و 503 و 504، وتحفة الأشراف 4/ 203 رقم 244، ووفيات الأعيان 1/ 116، والمعين في طبقات المحدّثين 22 رقم 63، وتلخيص المستدرك 3/ 524، 525، والكاشف 2/ 33 رقم 2458، وسير أعلام النبلاء 3/ 241- 245 رقم 46، والعبر 1/ 70، وتهذيب تاريخ دمشق 7/ 7- 12، ومرآة الجنان 1/ 140، والبداية والنهاية 8/ 241، والوافي بالوفيات 16/ 351، 352 رقم 381، والتذكرة الحمدونية(5/131)
أَكْبَرُ مِنْهُ بِعَشْرِ سِنِينَ، لَهُ صُحْبَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَرِوَايَةٌ، يُكْنَى أَبَا أُمَيَّةَ، وَيُقَالُ:
أَبَا أُنَيْسٍ، وَيُقَالُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيُقَالُ: أَبَا سَعِيدٍ.
وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: حَبِيبِ بْنِ مُسْلِمَةَ.
رَوَى عَنْهُ: مُعَاوِيَةُ- وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ-، وَالشَّعْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُوَيْدٍ الْفِهْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَعُمَيْرُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ.
وَشَهِدَ فَتْحَ دِمَشْقَ وَسَكَنَهَا، وَكَانَ عَلَى عَسْكَرِ أَهْلِ دِمَشْقَ يَوْمَ صِفِّينَ.
وَقَالَ حَجَّاجٌ الأَعْوَرُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ- وَهُوَ عَدْلُ عَلَى نَفْسِهِ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا يَزَالُ وَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى النَّاسِ» [1] . وَفِي «مُسْنَدِ أَحْمَدَ» : ثنا حَمَّادٌ، أنا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ كَتَبَ إِلَى قَيْسِ بْنِ الْهَيْثَمِ حِينَ مَاتَ يَزِيدُ: سَلامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ. فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ الدُّخَّانِ، يَمُوتُ فِيهَا قَلْبُ الرَّجُلِ كَمَا يَمُوتُ بَدَنُهُ» . وَإِنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ قَدْ مَاتَ، وَأَنْتُمْ إِخْوَانُنَا وَأَشِقَّاؤُنَا، فَلا تَسْبِقُونَا بشيءٍ حَتَّى نَخْتَارَ لأَنْفُسِنَا [2] .
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ مَعَ مُعَاوِيَةَ، فَوَلاهُ الْكُوفَةَ، قَالَ: وَهُوَ الَّذِي صَلَّى عَلَى مُعَاوِيَةَ وَقَامَ بِخِلافَتِهِ حَتَّى قَدِمَ يَزِيدُ، وَكَانَ- يَعْنِي بَعْدَ مَوْتِ يَزِيدُ- قَدْ دَعَا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَبَايَعَ لَهُ، ثُمَّ دَعَا لِنَفْسِهِ، وَفِي بيت
__________
[1] / 407، والوزراء والكتّاب للجهشياريّ 25، والعقد الثمين 5/ 48، والنكت الظراف 4/ 203، والإصابة 2/ 207 رقم 4169، وتهذيب التهذيب 4/ 448، 449 رقم 781، وتقريب التهذيب 1/ 373 رقم 15، وأمراء دمشق 44، وشذرات الذهب 1/ 72، وخلاصة تذهيب التهذيب 149، والأسامي والكنى، للحاكم، ورقة 52 ب.
[1] تهذيب تاريخ دمشق 7/ 7.
[2] أخرجه أحمد في المسند 3/ 453، وابن سعد في الطبقات 7/ 410، وابن عساكر في (تهذيب دمشق) 7/ 8، وابن الأثير في أسد الغابة 3/ 50، وإسناده ضعيف لضعف عديّ بن زيد بن جدعان.(5/132)
أُخْتِهِ اجْتَمَعَ أَهْلُ الشُّورَى، وَكَانَتْ نَبِيلَةُ [1] ، وَهِيَ رَاوِيَةُ حَدِيثِ الْجَسَّاسَةِ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: وُلِدَ الضَّحَّاكُ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَنَتَيْنِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ سَمِعَ مِنْهُ.
وَذَكَرَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا، فَغَلَطَ.
وَقَالَ خَلِيفَةُ [2] : مَاتَ زِيَادُ بْنُ أَبِيهِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَخَمْسِينَ بِالْكُوفَةِ، فَوَلاهَا مُعَاوِيَةُ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ، ثُمَّ عَزَلَهُ مِنْهَا، وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى دِمَشْقَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْكُوفَةِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أُمِّ الْحَكَمِ، وَبَقِيَ الضَّحَّاكُ عَلَى دِمَشْقَ حَتَّى هَلَكَ يَزِيدُ.
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّ الضَّحَّاكَ خَطَبَ بِالْكُوفَةِ قَاعِدًا فَقَامَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ: لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ قَطُّ، إِمَامُ قَوْمٍ مُسْلِمِينَ يَخْطُبُ قَاعِدًا [3] .
وَكَانَ الضَّحَّاكُ أَحَدَ الأَجْوَادِ، كَانَ عَلَيْهِ بُرْدٌ قِيمَتُهُ ثَلاثُمِائَةِ دِينَارٍ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ لا يَعْرِفُهُ فَسَاوَمَهُ بِهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَقَالَ: شُحٌّ بِالرَّجُلِ أَنْ يَبِيعَ عِطَافَهُ [4] ، فَخُذْهُ فَالْبَسْهُ [5] .
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: أَظْهَرَ الضَّحَّاكُ بَيْعَةَ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِدِمَشْقَ وَدَعَا لَهُ، فَسَارَ عَامَّةُ بَنِي أُمَيَّةَ وَحَشَمُهُمْ وَأَصْحَابُهُمْ حَتَّى لَحِقُوا بِالأُرْدُنِّ، وَسَارَ مَرْوَانُ وَبَنُو بَحْدَلٍ إِلَى الضَّحَّاكِ [6] .
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أنا الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ مُسْلِمَةَ بْنِ مُحَارِبٍ، عَنْ حَرْبِ بْنِ خَالِدٍ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ يَزِيدَ لَمَّا مَاتَ دَعَا النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ بِحِمْصَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَدَعَا زُفَرُ بْنُ الحارث
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 7/ 8.
[2] في تاريخه 219.
[3] تهذيب تاريخ دمشق 7/ 8، 9.
[4] سمّي عطافا لوقوعه على عطفي الرجل وهما ناحيتا عنقه. (النهاية لابن الأثير) .
[5] تهذيب تاريخ دمشق 7/ 9.
[6] انظر: تهذيب تاريخ دمشق 7/ 9.(5/133)
أَمِيرُ قِنَّسْرِينَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَدَعَا الضَّحَّاكُ [1] بدمشق إلى ابْنِ الزُّبَيْرِ سِرًّا لِمَكَانِ بَنِي أُمَيَّةَ وَبَنِي كَلْبٍ، وَبَلَغَ حَسَّانَ بْنَ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ وَهُوَ بِفِلَسْطِينَ، وَكَانَ هَوَاهُ فِي خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، فَكَتَبَ إِلَى الضَّحَّاكِ كِتَابًا يُعَظِّمُ فِيهِ حَقَّ بَنِي أُمَيَّةَ وَيَذُمُّ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَقَالَ لِلرَّسُولِ إِنْ قَرَأَ الْكِتَابَ، وَإِلا فَاقْرَأْهُ أَنْتَ عَلَى النَّاسِ، وَكَتَبَ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ يُعْلِمُهُمْ، فَلَمْ يَقْرَأِ الضَّحَّاكُ كِتَابَهُ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ اخْتِلافٌ، فَسَكَّنَهُمْ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، وَدَخَلَ الضَّحَّاكُ الدَّارَ، فَمَكَثُوا أَيَّامًا، ثُمَّ خَرَجَ الضَّحَّاكُ فَصَلَّى بِالنَّاسِ، وَذَكَرَ يَزِيدَ فَشَتَمَهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ كَلْبٍ فَضَرَبَهُ بِعَصًا، فَاقْتَتَلَ النَّاسُ بِالسُّيُوفِ، وَدَخَلَ الضَّحَّاكُ داره، وَافْتَرَقَ النَّاسُ ثَلاثَ فِرَقٍ، فِرْقَةٌ زُبَيْرِيَّةٌ، وَفِرْقَةٌ بَحْدَلِيَّةٌ هَوَاهُمْ فِي بَنِي أُمَيَّةَ، وَفِرْقَةٌ لا يُبَالُونَ، وَأَرَادُوا أَنْ يُبَايِعُوا الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَأَبَى وَهَلَكَ تِلْكَ اللَّيَالِي، فَأَرْسَلَ الضَّحَّاكُ إِلَى مَرْوَانَ، فَأَتَاهُ هُوَ وَعَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ الأَشْدَقُ، وَخَالِدٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنَا يَزِيدَ، فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: اكْتُبُوا إِلَى حَسَّانٍ حَتَّى يَنْزِلَ الْجَابِيَةَ وَنَسِيرُ إِلَيْهِ، وَنَسْتَخْلِفُ أَحَدُكُمْ، فَكَتَبُوا إِلَى حَسَّانٍ، فَأَتَى الْجَابِيَةَ، وَخَرَجَ الضَّحَّاكُ وَبَنُو أُمَيَّةَ يُرِيدُونَ الْجَابِيَةَ، فَلَمَّا اسْتَقَلَّتِ الرَّايَاتُ مُوَجَّهَةً قَالَ مَعْنُ بْنُ ثَوْرٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ أَشْرَافِ قَيْسِ لِلضَّحَّاكِ: دَعَوْتَنَا إِلَى بَيْعَةِ رَجُلٍ أَحْزَمِ النَّاسِ رَأْيًا وَفَضْلا وَبَأْسًا، فَلَمَّا أَجَبْنَاكَ خَرَجْتَ إِلَى هَذَا الأَعْرَابِيِّ تُبَايِعُ لابْنِ أَخِيهِ؟
قَالَ: فَمَا الْعَمَلُ؟ قَالُوا: تَصْرِفُ الرَّايَاتِ، وَتَنْزِلُ فَتُظْهِرُ الْبَيْعَةَ لابْنِ الزُّبَيْرِ، فَفَعَلَ وَتَبِعَهُ النَّاسُ، وَبَلَغَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَكَتَبَ الضَّحَّاكُ بِإِمْرَةِ الشَّامِ، وَنَفْيِ مَنْ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنَ الأُمَوِيِّينَ، فَكَتَبَ الضَّحَّاكُ إِلَى الأُمَرَاءِ الَّذِينَ دَعَوْا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَأَتَوْهُ، فَلَمَّا رَأَى مَرْوَانُ ذَلِكَ سَارَ يُرِيدُ ابْنَ الزُّبَيْرِ لِيُبَايِعَ لَهُ وَيَأْخُذَ الأَمَانَ لِبَنِي أُمَيَّةَ، فَلَقِيَهُمْ بِأذْرِعَاتٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مُقْبِلا مِنَ الْعِرَاقِ، فَحَدَّثُوهُ، فَقَالَ لِمَرْوَانَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أرَضِيتَ لنفسك بهذا، أتبايع لِأَبِي خُبَيْبٍ [2] وَأَنْتَ سَيِّدُ قُرَيْشٍ وَشَيْخُ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ! وَاللَّهِ لأَنْتَ أَوْلَى بِهَا مِنْهُ، قال: فما ترى؟ قال:
__________
[1] في الأصل «ابن الضحاك» .
[2] بمعجمة مضمومة.(5/134)
الرَّأْيُ أَنْ تَرْجِعَ وَتَدْعُو إِلَى نَفْسِكَ، وَأَنَا أُكْفِيكَ قُرَيْشًا وَمَوَالِيهَا، فَرَجَعَ وَنَزَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بِبَابِ الْفَرَادِيسِ، فَكَانَ يَرْكَبُ إِلَى الضَّحَّاكِ كُلَّ يَوْمٍ، فَعَرضَ لَهُ رَجُلٌ فَطَعَنَهُ بِحَرْبَةٍ فِي ظَهْرِهِ، وَعَلَيْهِ مِنْ تَحْتِ الدِّرْعِ، فَانْثَنَتِ الْحَرْبَةُ، فَرَجَعَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَأَتَاهُ الضَّحَّاكُ يَعْتَذِرُ، وَأَتَاهُ بِالرَّجُلِ فَعَفَا عَنْهُ، وَعَادَ يَرْكَبُ إِلَى الضَّحَّاكِ، فَقَالَ لَهُ يَوْمًا: يَا أَبَا أُنَيْسٍ، الْعَجَبُ لَكَ، وَأَنْتَ شَيْخُ قُرَيْشٍ، تَدْعُو لابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَنْتَ أَرْضَى عِنْدَ النَّاسِ مِنْهُ، لِأَنَّكَ لَمْ تَزَلْ مُتَمَسِّكًا بِالطَّاعَةِ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ مُشَاقٌّ مُفَارِقٌ لِلْجَمَاعَةِ! فَأَصْغِي إِلَيْهِ وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَقَالُوا: قَدْ أَخَذْتَ عُهُودَنَا وبيعتنا لرجل، ثم تدعو إلى خَلْعِهِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ أَحْدَثَ! وَامْتَنَعُوا عَلَيْهِ، فعاد إلى الدُّعَاءِ لابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ: مَنْ أَرَادَ مَا تُرِيدُ لَمْ يَنْزِلِ الْمَدَائِنَ وَالْحُصُونَ، بَلْ يَبْرُزُ وَيَجْمَعُ إِلَيْهِ الْخَيْلَ فَاخْرُجْ عَنْ دِمَشْقَ وَضُمَّ إِلَيْكَ الْأَجْنَادَ، فَخَرَجَ وَنَزَلَ الْمَرْجَ، وَبَقِيَ ابْنُ زِيَادٍ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ مَرْوَانُ وَبَنُو أُمَيَّةَ بِتَدْمُرَ، وَابْنَا يَزِيدَ بِالْجَابِيَةِ عِنْدَ حَسَّانٍ، فَكَتَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى مَرْوَانَ: ادْعُ النَّاسَ إِلَى بيعتك، ثم سر إلى الضَّحَّاكِ، فَقَدْ أَصْحَرَ لَكَ، فَبَايَعَ مَرْوَانُ بَنُو أميّة، وتزوّج بأمّ خالد ابن يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَهِيَ بِنْتُ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَاجْتَمَعَ خَلْقٌ عَلَى بَيْعَةِ مَرْوَانَ، وَخَرَجَ ابْنُ زِيَادٍ فَنَزَلَ بِطَرَفِ الْمَرْجِ، وَسَارَ إِلَيْهِ مَرْوَانُ فِي خَمْسَةِ آلافٍ، وَأَقْبَلَ مِنْ حُوَّارِينَ [1] عَبَّادُ بْنُ زِيَادٍ فِي أَلْفَيْنِ مِنْ مَوَالِيهِ، وَكَانَ بِدِمَشْقَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي النِّمْسِ [2] فَأَخْرَجَ عَامِلُ الضَّحَّاكِ مِنْهَا، وَأَمَرَ مَرْوَانُ بِسِلاحٍ وَرِجَالٍ، فَقَدِمَ إِلَى الضَّحَّاكِ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ الْكِلابِيُّ مِنْ قِنَّسْرِينَ، وَأَمَدَّهُ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ بِشُرَحْبِيلَ بْنِ ذِي الْكَلاعِ فِي أَهْلِ حِمْصَ، فَصَارَ الضَّحَّاكُ فِي ثَلاثِينَ أَلْفًا، وَمَرْوَانُ فِي ثَلاثَةَ عَشَرَ أَلْفًا أَكْثَرِهِمْ مِنْ رِجَالِهِ [3] وَلَمْ يَكُنْ فِي عَسْكَرِ مَرْوَانَ غَيْرَ ثَمَانِينَ عَتِيقًا نِصْفُهَا لِعَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ، فَأَقَامُوا بِالْمَرْجِ عِشْرِينَ يَوْمًا يَلْتَقُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ مَرْوَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، وعلى
__________
[1] في الأصل «جوار بن» .
[2] مهمل في الأصل، والتحرير من تاريخ ابن جرير 5/ 532 و 537.
[3] في سير أعلام النبلاء 3/ 244 «أكثرهم رجّالة» .(5/135)
مَيْسَرَتِهِ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ الأَشْدَقُ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: إِنَّا لا نَنَالُ مِنَ الضَّحَّاكِ إلا بِمَكِيدَةً، فَادْعُ إِلَى الْمُوَادَعَةِ، فَإِذَا أَمِنُوا فَكِرَّ عَلَيْهِمْ، فَرَاسَلَهُ مَرْوَانُ، فَأَمْسَكَ الضَّحَّاكُ وَالْقَيْسِيَّةُ عَنِ الْقِتَالِ، وَهُمْ يَطْمَعُونَ أَنَّ مَرْوَانَ يُبَايِعُ لابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَعَدَّ مَرْوَانُ أَصْحَابَهُ وَشَدَّ عَلَى الضَّحَّاكِ، فَفَزِعَ قَوْمُهُ إِلَى رَايَاتِهِمْ، وَنَادَى النَّاسُ:
يَا أَبَا أُنَيْسٍ أعَجْزًا بَعْدَ كَيْسٍ! فَقَالَ الضَّحَّاكُ: نَعَمْ أَنَا أَبُو أُنَيْسٍ عَجْزٌ لَعَمْري بَعْدَ كَيْسٍ، وَالْتَحَمَ الْحَرْبُ، وَصَبَرَ الضَّحَّاكُ، فَتَرَجَّلَ مَرْوَانُ وَقَالَ: قَبَّحَ اللَّهُ مَنْ يُوَلِّيهِمُ الْيَوْمَ ظَهْرَهُ حَتَّى يَكُونَ الأَمْرُ لِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، فَقُتِلَ الضَّحَّاكُ، وَصَبَرَتْ قَيْسُ عَلَى رَايَتِهَا يُقَاتِلُونَ عندها، فَاعْتَرَضَهَا رَجُلٌ بِسَيْفِهِ، فَكَانَ إِذَا سَقَطَتِ الرَّايَةُ تَفَرَّقَ أَهْلُهَا، ثُمَّ انْهَزَمُوا، فَنَادَى مُنَادِي مَرْوَانَ لا تَتَّبِعُوا مُوَلِّيًا [1] .
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: قُتِلَتْ قَيْسُ بِمَرْجِ رَاهِطٍ مَقْتَلَةً لَمْ يُقْتَلْ مِنْهَا قَطُّ، وَذَلِكَ في نصف ذي الحجّة سنة أربع ستين [2] .
وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ بِشْرٍ الْكَلْبِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ شَهِدَ مَقْتَلَ الضَّحَّاكِ قَالَ: مَرَّ بِنَا زَحْنَةُ [3] بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكَلْبِيُّ، لا يَطْعَنُ أَحَدًا إِلا صَرَعَهُ، إذ حَمَلَ عَلَى رَجُلٍ فَطَعَنَهُ فَصَرَعَهُ، فَأَتَيْتُهُ فِإذَا هُوَ الضَّحَّاكُ، فَاحْتَزَزْتُ رَأْسُهُ فَأَتَيْتُ بِهِ مَرْوَانَ، فَكَرِهَ قَتْلَهُ، وَقَالَ: الآنَ حِينَ كَبِرَتْ سِنِّي واقترب أجلي، أقبلت بالكتائب أضرب بعضها ببعض، وأمر لي بجائزة [4] .
__________
[1] الخبر بطوله في تهذيب تاريخ دمشق 7/ 10- 12، وانظر: تاريخ الطبري 5/ 531- 534.
[2] تاريخ الطبري 5/ 534.
[3] في الأصل «زحمة» والتصحيح من تاريخ الطبري 5/ 538 والقاموس المحيط.
[4] تاريخ الطبري 5/ 538، تهذيب تاريخ دمشق 7/ 12.(5/136)
[حرف الْعَيْنِ]
45- عَاصِمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْخَطَّابِ [1] ت م ق أبو عمر العدوي. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرَوَى عَنْ أَبِيهِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ حفص، وعبيد الله، وعروة بن الزبير.
__________
[1] عن (عاصم بن عمر) انظر:
نسب قريش 353 و 355 و 361، ومسند أحمد 3/ 478، والمحبّر 418 و 448، وطبقات ابن سعد 5/ 15، وطبقات خليفة 234، وتاريخ خليفة 267، والتاريخ الكبير 6/ 477، 478 رقم 3038، وتاريخ الثقات للعجلي 242 رقم 642، والثقات لابن حبان 5/ 223، والجرح والتعديل 6/ 346 رقم 1912، والمعارف 184 و 187 و 188، والعقد الفريد 6/ 8 و 349، والمعرفة والتاريخ 1/ 221، وأنساب الأشراف 1/ 427 و 428، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1561، فتوح البلدان 226، معجم الشعراء للمرزباني 271، ومشاهير علماء الأمصار رقم 442، والاستيعاب 3/ 136، 137، وعيون الأخبار 1/ 322، وجمهرة أنساب العرب 152 و 155 و 333، وتاريخ الطبري 2/ 642 و 4/ 99 و 6/ 566، وربيع الأبرار 4/ 285، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 255 رقم 277، ووفيات الأعيان 6/ 302، 303، والكامل في التاريخ 2/ 210 و 3/ 54 و 4/ 308 و 5/ 59 و 325 و 394، وأسد الغابة 3/ 76، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 383، وتهذيب الكمال 2/ 636، والعبر 1/ 78، وسير أعلام النبلاء 4/ 97 رقم 30، والكاشف 2/ 46 رقم 2534، وتاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) 268، والوافي بالوفيات 16/ 570، 571 رقم 604، ومرآة الجنان 1/ 271، والإصابة 3/ 56 رقم 6154، وتهذيب التهذيب 5/ 52، 53 رقم 83، وتقريب التهذيب 1/ 385 رقم 19، وخلاصة تذهيب التهذيب 183، والنجوم الزاهرة 1/ 185، وشذرات الذهب 1/ 77.(5/137)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُرْوَى عَنْهُ إِلا حَدِيثٌ وَاحِدٌ [1] .
وَأُمُّهُ هِيَ جَمِيلَةُ [2] بِنْتُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الأَقْلَحِ الأَنْصَارِيَّةُ الَّتِي كَانَ اسْمُهَا عَاصِيَةُ، فَغَيَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمَهَا، وَتَزَوَّجَتْ بَعْدَ عُمَرَ يَزِيدَ بْنَ جَارِيَةَ [3] الأَنْصَارِيَّ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ.
وَكَانَ عَاصِمٌ طَوِيلا جَسِيمًا، يُقَالُ إِنَّ ذِرَاعَهُ كَانَ ذِرَاعًا وَنَحْوًا مِنْ شِبْرٍ [4] ، وَكَانَ خَيِّرًا فَاضِلا دَيِّنًا شَاعِرًا مُفَوَّهًا فَصِيحًا، وَهُوَ جَدُّ الْخَلِيفَةِ الْعَادِلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لأُمِّهِ.
وَلَقَدْ رَثَاهُ أَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ:
فَلَيْتَ الْمَنَايَا كُنَّ خَلَّفْنَ عَاصِمًا فَعِشْنَا جَمِيعًا أَوْ ذَهَبْنَ بِنَا مَعًا [5] وَقِيلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو عَمْرِو، تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعِينَ.
46- عَامِرُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ [6] التَّمِيمِيُّ الْعَنْبَرِيُّ الْبَصْرِيُّ الزَّاهِدُ، أَبُو عَبْدِ الله، ويقال: أبو عمرو، عابد زمانه.
__________
[1] الجرح والتعديل 3/ 346.
[2] في الأصل «حملة» والتصحيح من مصادر الترجمة.
[3] في الأصل «حارثة» والتصحيح من مصادر الترجمة.
[4] الاستيعاب 3/ 137، الوافي بالوفيات 16/ 570، تهذيب الأسماء ق 1 ج 1/ 255.
[5] الاستيعاب 3/ 137، الإصابة 33/ 56، الوافي 16/ 570.
[6] انظر عن (عامر بن عبد قيس) في:
طبقات ابن سعد 7/ 103، وطبقات خليفة 459، والزهد لأحمد 218، والمعرفة والتاريخ 2/ 69، والتاريخ الكبير 6/ 447 رقم 2948، وتاريخ الثقات للعجلي 245 رقم 755، والثقات لابن حبّان 5/ 187، والجرح والتعديل 6/ 325 رقم 1808، وتاريخ الطبري 4/ 19 و 85 و 302 و 327 و 333، وجمهرة أنساب العرب 208، وعيون الأخبار 1/ 308 و 2/ 370 و 3/ 184، والمعارف 438، وحلية الأولياء 2/ 87- 95 رقم 163، والعقد الفريد 3/ 151 و 171 و 172 و 414 و 283، ومشاهير علماء الأمصار 89 رقم 647، والزهد لابن المبارك 95 و 294 و 295 و 299 و 529 و 544 والملحق 77، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 547، والبدء والتاريخ 1/ 76، وتاريخ دمشق (عاصم- عائذ) 323- 370 رقم 47، وأسد الغابة 3/ 88، والكامل في التاريخ 2/ 547 و 3/ 145 و 149، وسير أعلام النبلاء 4/ 15- 19 رقم(5/138)
رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ.
وعنه: الحسن، وابن سيرين، وأبو عبد الرحمن الحبلي [1] وغيرهم.
قال أحمد العجلي [2] : كان ثقة من كبار التابعين.
وقال أبو عبيد في (القراءات) : كان عامر بن عبد الله الذي يعرف بابن عبد قيس يقرئ الناس.
ثنا عَبَّادٌ [3] ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ عَامِرًا كَانَ يَقُولُ: مَنْ أُقْرِئُ؟
فَيَأْتِيهِ نَاسٌ، فَيُقْرِئُهُمُ الْقُرْآنَ، ثُمَّ يَقُومُ يُصَلِّي إِلَى الظُّهْرِ، ثُمَّ يُصَلِّي إِلَى الْعَصْرِ، ثُمَّ يُقْرِئُ النَّاسَ إِلَى الْمَغْرِبِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَيَأْكُلُ رَغِيفًا وَيَنَامُ نَوْمَةً خَفِيفَةً، ثُمَّ يَقُومُ لِصَلاتِهِ، ثُمَّ يَتَسَحَّرُ رَغِيفًا.
وَقَالَ بِلالُ بْنُ سَعْدٍ: إِنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ وُشِيَ بِهِ إِلَى زِيَادٍ، وَقِيلَ:
إِلَى ابْنِ عَامِرٍ، فَقَالُوا لَهُ: هَا هُنَا رَجُلٌ قِيلَ لَهُ: مَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ خَيْرًا مِنْكَ، فَسَكَتَ وَقَدْ تَرَكَ النِّسَاءَ، قَالَ فَكَتَبَ فِيهِ إِلَى عُثْمَانَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَنِ انْفِهِ إِلَى الشَّامِ عَلَى قَتَبٍ [4] ، فَلَمَّا جَاءَهُ الْكِتَابُ أَرْسَلَ إِلَى عَامِرٍ فَقَالَ: أَنْتَ قِيلَ لَكَ: مَا إِبْرَاهِيمُ خَيْرًا مِنْكَ، فَسَكَتَّ؟ فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا سُكُوتِي إِلا تَعَجُّبًا لَوَدِدْتُ إِنِّي غُبَارُ قَدَمَيْهِ، فَيَدْخُلُ بِي الْجَنَّةَ، قَالَ: وَلِمَ تَرَكْتَ النِّسَاءَ؟
قَالَ: وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُهُنَّ إِلا إِنِّي قَدْ عَلِمْتَ أَنَّهَا مَتَى تَكُونُ امْرَأَةٌ فَعَسى أن يكون
__________
[ () ] 4، والوافي بالوفيات 16/ 585، 586 رقم 624، والتذكرة الحمدونية 1/ 178 و 200، ونثر الدر 7/ 62 رقم 8، والبيان والتبيين 3/ 143، و 162، وشرح نهج البلاغة 2/ 95، والنمر والثعلب، لسهل بن هارون، تحقيق عبد القادر المهيري، تونس 1973- ص 112 رقم 69، وغاية النهاية 1/ 350 رقم 1502، والإصابة 3/ 85 رقم 6284، وخلاصة تذهيب التهذيب 185، وتهذيب التهذيب 5/ 77، ورغبة الآمل للمرصفي 2/ 37.
[1] الحبلي: بضم الحاء المهملة والباء الموحّدة، نسبة إلى بطن من المعافر. (اللباب 1/ 275) .
[2] تاريخ الثقات 245 رقم 755.
[3] في طبعة القدسي 4/ 26 «عياد» ، وهو تحريف.
[4] القتب: الرّحل الصغير على قدر سنام البعير.(5/139)
وَلَدٌ، وَمَتَى يَكُونُ وَلَدٌ تَشَعَّبَتِ الدُّنْيَا قَلْبِي، فَأَحْبَبْتُ التَّخَلِّي مِنْ ذَلِكَ، فَأَجْلاهُ عَلَى قَتَبٍ إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا قَدِمَ أَنْزَلَهُ مُعَاوِيَةُ مَعَهُ الْخَضْرَاءَ [1] ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِجَارِيَةً، وَأَمَرَهَا أَنْ تُعْلِمَهُ مَا حَالُهُ، فَكَانَ يَخْرُجُ مِنَ السَّحَرِ، فَلا تَرَاهُ إِلا بَعْدَ الْعَتْمَةِ، فَيَبْعَثُ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ بِطَعَامٍ، فَلا يَعْرِضُ لَهُ، وَيَجِيءُ مَعَهُ بِكِسْرٍ فَيَبِلُّهَا وَيَأْكُلُ مِنْهَا، ثُمَّ يَقُومُ إِلَى أَنْ يَسْمَعَ النِّدَاءَ فَيَخْرُجَ، وَلا تَرَاهُ إِلَى مِثْلِهَا، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عُثْمَانَ يَذْكُرُ حَالَهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ: أَنِ اجْعَلْهُ أَوَّلَ دَاخِلٍ وَآخِرَ خَارِجٍ، وَمُرْ لَهُ بِعَشَرَةٍ مِنَ الدَّقِيقِ وَعَشَرَةٍ مِنَ الظَّهْرِ، فَأَحْضَرَهُ وَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَرَ لَكَ بِكَذَا، قَالَ: إِنَّ عَلَيَّ شَيْطَانًا قَدْ غَلَبَنِي، فَكَيْفَ أَجْمَعُ عَلَى عَشَرَةٍ [2] .
وَكَانَتْ لَهُ بَغْلَةٌ فَرَوَى بِلالُ بْنُ سَعْدٍ عَمَّنْ رَآهُ بِأَرْضِ الرُّومِ يَرْكَبُهَا عُقْبَةُ، وَيَحْمِلُ الْمُهَاجِرُ عُقْبَةَ [3] .
قَالَ بِلالُ بْنُ سَعْدٍ: وَكَانَ إِذَا فَصَلَ [4] غَازِيًا يَتَوَسَّمُ- يَعْنِي مَنْ يُرَافِقَهُ- فَإِذَا رَأَى رِفْقَةً تُعْجِبُهُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَخْدُمَهُمْ، وأن يؤذّن، وأن ينفق عليهم طَاقَتَهُ. رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ بِطُولِهِ فِي «الزُّهْدِ» [5] .
وَقَالَ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ عَامِرٌ يَسْأَلُ رَبَّهُ أن يَنْزَعَ شَهْوَةَ النِّسَاءِ مِنْ قَلْبِهِ، فَكَانَ لا يُبَالِي إِذَا لَقِيَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَسَأَلَ رَبَّهُ أن يَمْنَعَ قَلْبَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، وَيُقَالُ: إِنَّ ذَلِكَ ذَهَبَ عَنْهُ [6] .
وَعَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ الْمُجَاشِعِيِّ قَالَ: قِيلَ لِعَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ: أَتُحَدِّثُ نَفْسَكَ فِي الصَّلاةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، أُحَدِّثُ نَفْسِي بِالْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تعالى ومنصرفي [7] .
__________
[1] هي دار الإمارة بدمشق.
[2] تاريخ دمشق (عاصم- عائذ) 332، الزهد لابن المبارك 299، 300 رقم 867.
[3] الزهد لابن المبارك 300 وعقبة: نوبة.
[4] فصل: أي خرج من منزله وبلده.
[5] ص 299، 300 رقم 867، تاريخ دمشق 333، 334.
[6] تاريخ دمشق 345، والزهد لابن المبارك 295 رقم 861.
[7] تاريخ دمشق 349.(5/140)
قَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: لَمَّا رَأَى كَعْبُ الأَحْبَارِ عَامِرًا بِالشَّامِ قَالَ: مَنْ ذَا؟ قَالُوا: عَامِرُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ، فَقَالَ كَعْبٌ: هَذَا رَاهِبُ هَذِهِ الأُمَّةِ [1] .
وَرَوَى جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ قَالَ: قِيلَ لِعَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ: إِنَّكَ تَبِيتَ خَارِجًا، أَمَا تَخَافُ الأَسَدَ! قَالَ: إِنِّي لأَسْتَحْيِ مِنْ رَبِّي أن أَخَافَ شَيْئًا دُونَهُ [2] .
وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ قَتَادَةَ.
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ: لَقِيَ رَجُلٌ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ فَقَالَ: مَا هَذَا، أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً 13: 38 [3] يَعْنِي:
وَأَنْتَ لا تَتَزَوَّجُ، فَقَالَ: أَفَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ تَعَالَى: وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ 51: 56 [4] .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الأَزْدِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ السَّائِحِ، أنبأ أَبُو وَهْبٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ كَانَ مِنْ أَفْضَلِ الْعَابِدِينَ، فَفَرَضَ عَلَى نَفْسِهِ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ رَكْعَةٍ، يَقُومُ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَلا يَزَالُ قَائِمًا إِلَى الْعَصْرِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَقَدِ انْتَفَخَتْ سَاقَاهُ فَيَقُولُ: يَا نَفْسُ إنّما خلقت للعبادة، يا أمّارة بالسّوء، فو الله لأعلمنّ بِكِ عَمَلا يَأْخُذُ الْفِرَاشُ مِنْكِ نَصِيبًا [5] .
وَهَبَطَ وَادِيًا يُقَالُ لَهُ وَادِي السِّبَاعِ، وَفِيهِ عَابِدٌ حَبَشِيٌّ، فَانْفَرَدَ يُصَلِّي فِي نَاحِيَةٍ وَالْعَابِدُ فِي نَاحِيَةٍ، أَرْبَعِينَ يَوْمًا لا يَجْتَمِعَانِ إلا فِي صَلاةِ الْفَرِيضَةِ [6] .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنِ وَاسِعٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ: إِنَّ عامرا كان
__________
[1] تاريخ دمشق 339.
[2] الزهد لابن المبارك 294، 295 رقم 860، تاريخ دمشق 347.
[3] سورة الرعد- الآية 38.
[4] سورة الذاريات- الآية 56، والخبر في: طبقات ابن سعد 7/ 106، 107.
[5] حلية الأولياء 2/ 88، 89، تاريخ دمشق 348.
[6] حلية الأولياء 2/ 89، تاريخ دمشق 348 في حديث أطول مما هنا.(5/141)
يأخذ عطاءه، فيجعله فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ، فَلا يَلْقَاهُ أَحَدٌ مِنَ الْمَسَاكِينَ إِلا أَعْطَاهُ، فِإِذَا دَخَلَ بَيْتِهِ رَمَى بِهِ إِلَيْهِمْ، فَيَعُدُّونَهَا فَيَجِدُونَهَا سَوَاءً كَمَا أُعْطِيهَا [1] .
وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ: ثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ أَنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ بَعَثَ إليه أمير البصرة: مالك لا تَزَوَّجُ النِّسَاءَ؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُهُنَّ، وَإِنِّي لدائب في الخطيئة، قال: ومالك لا تَأْكُلُ الْجُبْنَ؟ قَالَ: أَنَا بِأَرْضٍ فِيهَا مَجُوسٌ، فَمَا شَهِدَ شَاهِدَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ لَيْسَ فِيهِ مَيْتَةٌ أَكَلْتَهُ، قَالَ: وَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَأْتِيَ الأُمَرَاءَ؟ قَالَ: إِنَّ لَدَى أَبْوَابِكُمْ طُلَّابَ الْحَاجَاتِ، فَادْعُوهُمْ وَاقْضُوا حَوَائِجَهُمْ، وَدَعُوا مَنْ لا حَاجَةَ لَهُ إِلَيْكُمْ [2] .
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: حَدَّثَنِي فُلانٌ أَنَّ عَامِرًا مَرَّ فِي الرَّحَبَةِ وَإِذَا ذِمِّيٌّ، يُظْلَمُ، فَأَلْقَى رِدَاءَهُ ثُمَّ قَالَ: لا أَرَى ذِمَّةَ اللَّهِ تُخْفَرُ وَأَنَا حَيٌّ، فَاسْتَنْقَذَهُ [3] .
وَيُرْوَى أَنَّ سَبَبَ إِرْسَالِهِ إِلَى الشَّامِ كَوْنُهُ أَنْكَرَ وَخَلَّصَ هَذَا الذِّمِّيَّ، فَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: ثنا الْجُرَيْرِيُّ قَالَ: لَمَّا سُيِّرَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ قَيْسٍ شَيَّعَهُ إِخْوَانُهُ، وَكَانَ بِظَهْرِ الْمِرْبَدِ، فَقَالَ: إِنِّي دَاعٍ فأمِّنوا، قَالَ:
اللَّهمّ مَنْ وَشَى بِي وَكَذَبَ عَلَيَّ وَأَخْرَجَنِي مِنْ مِصْرِي وَفَرَّقَ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي، فَأَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَأَصِحَّ جِسْمَهُ، وَأَطِلْ عُمْرَهُ [4] .
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: بُعِثَ بِعَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ إِلَى الشَّامِ، فَقَالَ:
الْحَمْدُ للَّه الَّذِي حَشَرَنِي رَاكِبًا [5] .
وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ: إِنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ لَمَّا احْتُضِرَ جَعَلَ يَبْكِي، فَقِيلَ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَبْكِي جَزَعًا مِنَ الْمَوْتِ، وَلا حِرْصًا عَلَى الدُّنْيَا، وَلَكِنْ أَبْكِي على ظمأ الهواجر وقيام الليل [6] .
__________
[1] الزهد لابن المبارك 295 رقم 862، تاريخ دمشق 356.
[2] حلية الأولياء 2/ 90، تاريخ دمشق 334، 335.
[3] حلية الأولياء 2/ 91.
[4] حلية الأولياء 2/ 91، تاريخ دمشق 339.
[5] حلية الأولياء 2/ 91.
[6] تاريخ دمشق 368، 369.(5/142)
رَوَى ضَمْرَةُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ قَبْرَ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ [1] .
وَقِيلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ.
47- عَامِرُ بْنُ مَسْعُودٍ [2] أَبُو سَعْدٍ، وَقِيلَ: أَبُو سَعِيدٍ الزُّرَقِيُّ الْأَنْمَارِيُّ، مُختَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ.
رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ عَائِشَةَ.
وَعَنْهُ: يُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ [3] وَمَكْحُولٌ.
وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ زَوْجُ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ، سَكَنَ دِمَشْقَ.
48- عائذ بن عمرو [4]- خ م ن- بن هلال أبو هبيرة المزني، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، شَهِدَ بَيْعَةَ الْحُدَيْبِيَةِ وَنَزَلَ البصرة.
__________
[1] تاريخ دمشق 370.
[2] انظر عن (عامر بن مسعود) في:
تاريخ خليفة 261، وتاريخ دمشق (عاصم- عائذ) 452- 456 رقم 58، وأسد الغابة 5/ 209، 210، وتهذيب الكمال 3/ 1609، والوافي بالوفيات 16/ 586 رقم 625، والاستيعاب 4/ 92، والإصابة 4/ 86 رقم 515، وتهذيب التهذيب 12/ 110 رقم 509، وتقريب التهذيب 2/ 428 رقم 35.
وقيل اسمه: سعد بن عمارة، وقيل: عمارة بن سعد. وقد ذكرته أكثر المصادر بكنيته.
انظر: الجرح والتعديل 9/ 377، 378 رقم 1755.
[3] في الأصل «حلس» . والتصحيح من مصادر الترجمة.
[4] انظر عن (عائذ بن عمرو) في:
تاريخ خليفة 99 و 251، والتاريخ الكبير 7/ 58، 59 رقم 266، والجرح والتعديل 7/ 16 رقم 74، وأنساب الأشراف 1/ 488، ومشاهير علماء الأمصار 41 رقم 251، والمعرفة والتاريخ 1/ 218 و 220 و 3/ 63 و 73، وطبقات ابن سعد 7/ 20، وطبقات خليفة 84، والمعارف 298، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 99 رقم 221، ومسند أحمد 5/ 64، والاستيعاب 3/ 152، وتهذيب الكمال 2/ 648، وتحفة الأشراف 4/ 237، 238 رقم 264، والمستدرك 3/ 587، 588، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 404، وأسد الغابة 3/ 98، والكامل في التاريخ 4/ 174، والوافي بالوفيات 16/ 595 رقم 643، والكاشف 2/ 53 رقم 2581، وتهذيب التهذيب 5/ 89 رقم 144، وتقريب التهذيب 1/ 390 رقم 78، والإصابة 2/ 262 رقم 4449، وخلاصة تذهيب التهذيب 186، وتلخيص المستدرك 3/ 587، 588، والمعجم الكبير 18/ 16- 21.(5/143)
رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، وَأَبُو جَمْرَةَ الضَّبُعِيُّ، وَأَبُو شِمْرٍ الضَّبُعِيُّ، وَأَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ.
وَكَانَ مِنْ فُضَلاءِ الصَّحَابَةِ وَصَالِحِيهِمْ، وَأَوْصَى أن يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَبُو بَرْزَةَ الأَسْلَمِيُّ. وَقَدْ دَخَلَ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَوَعَظَهُ، وَقَالَ: إِنَّ الدُّعَاءَ الْحُطَمَةُ [1] .
49- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ [2] ابْنِ أَبِي عَامِرٍ عَبْدُ عَمْرِو بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيُقَالُ: أبو بكر ابن الْغَسِيلِ غَسِيلُ الْمَلائِكَةِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَيُعْرَفُ أَبُو عَامِرٍ بِالرَّاهِبِ، الأَنْصَارِيُّ الأَوْسِيُّ الْمَدَنِيُّ.
أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحِبَهُ، وَرَوَى عَنْهُ، وهو من صغار الصحابة.
__________
[1] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 18/ 18 رقم 27 من طريق: يحيى بن أبي بكير، عن شعبة، عن يونس، عن الحسن، أن عائذ بن عمرو قال لزياد.
[2] انظر عن (عبد الله بن حنظلة) في:
طبقات ابن سعد 5/ 65، والمحبّر 403 و 424، وطبقات خليفة 236، وتاريخ خليفة 237 و 238 و 245، ومسند أحمد 5/ 222، والتاريخ الكبير 5/ 68 رقم 170، والمعرفة والتاريخ 1/ 261 و 263 و 3/ 326، والأخبار الطوال 265، وعيون الأخبار 1/ 1، والعقد الفريد 4/ 388 و 389، وسيرة ابن هشام 3/ 158، وتاريخ الطبري 2/ 537 و 5/ 480 و 482 و 487 و 489 و 495، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 102 رقم 259، والجرح والتعديل 5/ 29 رقم 131، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1925، والاستيعاب 2/ 286، 287، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 320 و 324- 328 و 333 و 334 و 353، وتهذيب تاريخ دمشق 7/ 370- 374، وتاريخ دمشق (عبد الله بن جابر- عبد الله بن زيد) 199- 215 رقم 262، وجمهرة نسب قريش 4333 (وفيه اسمه: عبيد الله) ، والاستبصار 289، وتلقيح فهوم أهل الأثر 371، وأسد الغابة 3/ 147، والكامل في التاريخ 4/ 102 و 111 و 115، وتحفة الأشراف 4/ 314، 315 رقم 286، وتهذيب الكمال 676، والكاشف 2/ 73 رقم 2722، وسير أعلام النبلاء 3/ 321- 325 رقم 49، والوافي بالوفيات 17/ 155 رقم 140، والبداية والنهاية 8/ 224، وجامع التحصيل 255 رقم 350، والإصابة 2/ 299، 300 رقم 4637، وتهذيب التهذيب 5/ 193 رقم 332، وتقريب التهذيب 1/ 266، وخلاصة تذهيب التهذيب 165، وشذرات الذهب 1/ 71.(5/144)
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخَطْمِيُّ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَضَمْضَمُ [1] بْنُ جَوْسٍ [2] ، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، وَلَهُ رِوَايَةٌ عَنْ عُمَرَ، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ، وَكَانَ رَأْسُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَوْمَ الْحَرَّة.
قَالَ الْحَسَنُ بْنُ سَوَّارٍ: ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ جَوْسٍ [2] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ الرَّاهِبِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عَلَى نَاقَةٍ [3] . تَفَرَّدَ بِهِ الْحَسَنُ، وَقَدْ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُ سَبْعِ سِنِينَ [4] ، وَأُصِيبَ يَوْمَ الْحَرَّةِ [5] ، وَأُمُّهُ جَمِيلَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ، وَلَدَتْهُ بَعْدَ مَقْتَلِ أَبِيهِ.
50- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَيْثَمَةَ [6] الأَنْصَارِيُّ السَّالِمِيُّ الْخَزْرَجِيُّ. قَالَ ابن سعد: شهد أحدا وبقي إلى دَهْرِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ.
51- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زيد [7] بن عاصم بن كعب الأنصاري النّجّاري المازني
__________
[1] في الأصل «ضمضمة» .
[2] قيّدها القدسي «جوش» بالشين المعجمة.
[3] قال المؤلّف في: سير أعلام النبلاء 3/ 322 «إسناده حسن» . وفي تاريخ دمشق 200 «على ناقته» .
والحديث في: سنن الدارميّ 2/ 62، والنسائي 5/ 270، والترمذي 3/ 264، وابن ماجة 2/ 1009.
[4] تاريخ دمشق 204.
[5] كانت الحرّة في سنة 63 هـ.
[6] انظر عن (عبد الله بن خيثمة) في:
طبقات ابن سعد 3/ 627، والمغازي للواقدي 998 و 1075، والإصابة 2/ 303 رقم 4655.
[7] انظر عن (عبد الله بن زيد) في:
السير والمغازي لابن إسحاق 298، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 89 رقم 67، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 267، 268 رقم 298، والمعرفة والتاريخ 1/ 260، 261، والكامل في التاريخ 4/ 117، وأسد الغابة 3/ 167، 168، ومشاهير علماء الأمصار 19 رقم 71، وأنساب الأشراف 1/ 325، وفتوح البلدان 107، والتاريخ لابن معين 2/ 308، 309، والجرح والتعديل 5/ 57 رقم 266، والمغازي للواقدي 270 و 272 و 341، وطبقات(5/145)
الْمَدَنِيُّ، أَخُو حَبِيبٍ الَّذِي قَتَلَهُ [1] مُسَيْلَمَةُ الْكَذَّابُ، وَعَمِّ عَبَّادٍ بْنِ تَمِيمٍ، وَهُوَ الَّذِي حَكَى وُضُوءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [2] .
وَلَهُ وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ، وَقِيلَ: إِنَّهُ الَّذِي قَتَلَ مُسَيْلَمَةَ مَعَ وَحْشِيٍّ، اشْتَرَكَا فِي قَتْلِهِ، وَأَخَذَ بِثَأْرِ أَخِيهِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ أَخِيهِ عَبَّادٌ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمَسيِّبِ، وَوَاسِعُ بْنِ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمْ.
وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْحَرَّةِ.
52- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ [3]- م- بن أبي السائب صيفي بن عابد
__________
[ () ] خليفة 92، وتاريخ خليفة 110 و 248، والتاريخ الصغير 72، ومسند أحمد 4/ 38، والمستدرك 3/ 520، 521، والاستيعاب 2/ 312، وتحفة الأشراف 4/ 335- 343 رقم 294، وتهذيب الكمال 684، والاستبصار 81، وطبقات ابن سعد 5/ 531، وسير أعلام النبلاء 2/ 377، 378 رقم 80، والعبر 1/ 68، والكاشف 2/ 79 رقم 2760، وتلخيص المستدرك 3/ 520، 521، والوافي بالوفيات 17/ 184 رقم 166، وتهذيب التهذيب 5/ 223 رقم 385، وتقريب التهذيب 1/ 417 رقم 317، والإصابة 2/ 312، 313 رقم 4688، والنكت الظراف 4/ 336 و 341، وخلاصة تذهيب التهذيب 198، وشذرات الذهب 1/ 71.
[1] في الأصل «قطعه» ، والتصحيح من: الإصابة.
[2] أخرجه البخاري 1/ 251، 252، ومسلم (235) ومالك في الموطأ 1/ 18 من طريق:
عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه، عن عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري قال: قيل له:
توضّأ لنا وضوء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فدعا بإناء، فأكفأ منها على يديه، فغسلهما ثلاثا، ثم أدخل يده فاستخرجها، فمضمض واستنشق من كفّ واحدة، ففعل ذلك ثلاثا، ثم أدخل يده فاستخرجها فغسل وجهه ثلاثا. ثم أدخل يده فاستخرجها فغسل يديه إلى المرفقين، مرتين مرتين. ثم أدخل يده فاستخرجها فمسح برأسه، فأقبل بيديه وأدبر، ثم غسل رجليه إلى الكعبين. ثم قال: هكذا كان وضوء رسول الله.
[3] انظر عن (عبد الله بن السائب) في: التاريخ الصغير 66، وطبقات خليفة 20 و 277، والمحبّر 174، وطبقات ابن سعد 5/ 445، والمغازي للواقدي 1098، ومسند أحمد 3/ 410، وجمهرة أنساب العرب 143، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 100 رقم 235 و 120 رقم 466، والتاريخ الكبير 5/ 8، 9 رقم 15، والجرح والتعديل 5/ 65 رقم 301، والمعرفة والتاريخ 1/ 222 و 247 و 704 و 2/ 23 و 3/ 96، وتحفة الأشراف 4/ 346- 348 رقم 296، وتهذيب الكمال 685، والاستيعاب 2/ 380- 382، وتاريخ بغداد 9/ 460- 463 رقم 5092، وأسد الغابة 3/ 170، والكاشف 2/ 80 رقم 2767، وسير(5/146)
الْمَخْزُومِيُّ الْعَابِدِيُّ، أَبُو السَّائِبِ وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الرحمن، المكّي، قَارِئُ أَهْلِ مَكَّةَ.
لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَكَانَ أَبُو السَّائِبِ شَرِيكَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْمَبْعَثِ، وَأَسْلَمَ السَّائِبُ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَجَاءَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أمَّ النَّاسَ بِمَكَّةَ فِي رَمَضَانَ زَمَنَ عُمَرَ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمَّا فَرَغُوا مِنْ قَبْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، وَقَامَ النَّاسُ عَنْهُ، قَامَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَوَقَفَ عَلَى قَبْرِهِ، فَدَعَا لَهُ وَانْصَرَفَ [1] .
روى عَنْهُ: ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَسِبْطُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَآخَرُونَ. قَرَأَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ [2] .
وَقَرَأَ عَلَيْهِ: مُجَاهِدٌ، وَغَيْرُهُ، وَآخِرُ مِنْ رَوَى عَنْهُ الْقُرْآنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ.
تُوُفِّيَ بَعْدَ السَّبْعِينَ، وَهُوَ مِنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ. وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ.
53- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَخْبَرَةَ [3] أَبُو مَعْمرٍ الأَزْدِيُّ الْكُوفِيُّ، تَابِعِيٌّ مَشْهُورٌ، وُلِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم.
__________
[ () ] أعلام النبلاء 3/ 388- 390 رقم 59، والوافي بالوفيات 17/ 187، 188 رقم 171، ومعرفة القراء الكبار 1/ 42، 43، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 246، وغاية النهاية 1/ 419، 420 رقم 1775، ومجمع الزوائد 9/ 409، والعقد الثمين 5/ 163، والإصابة 2/ 314 رقم 4698، وتهذيب التهذيب 5/ 229 رقم 393، وتقريب التهذيب 1/ 417 رقم 324، وخلاصة تذهيب التهذيب 168.
[1] طبقات ابن سعد 5/ 445.
[2] في طبقات القراء لابن الجزري: روى القراءة عرضا عن أبيّ بن كعب وعمر بن الخطاب.
[3] انظر عن (عبد الله بن سخبرة) في:
طبقات ابن سعد 6/ 73، والتاريخ الكبير 5/ 97، 98 رقم 280، والمعرفة والتاريخ 2/ 553، 554 و 695 و 3/ 119 و 207، والجرح والتعديل 5/ 68 رقم 321، وطبقات خليفة 149، والكاشف 2/ 81 رقم 2770، والوافي بالوفيات 17/ 188 رقم 172، وتهذيب التهذيب 5/ 230، 231 رقم 397، وتقريب التهذيب 1/ 418 رقم 328، وخلاصة تذهيب التهذيب 199.(5/147)
وَرَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، والمقداد بن الأسود، وخبّاب ابن الأَرَتِّ.
رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ، وَمُجَاهِدٌ، وَعُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ التَّيْمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ.
54- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسِ [1] ابْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، الْحَبْرُ الْبَحْرُ أَبُو الْعَبَّاسِ، ابْنُ عَمِّ
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن عباس) في:
طبقات ابن سعد 2/ 365- 372، والزهد لأحمد 236، والمسند له 1/ 214، والمغازي للواقدي (انظر فهرس الأعلام) 3/ 1196، 1197، والأخبار الموفقيّات (انظر فهرس الأعلام) 673، وطبقات خليفة 3 و 126 و 189 و 284، وتاريخ خليفة (انظر فهرس الأعلام) 559، والتاريخ الصغير 69، والتاريخ الكبير 5/ 3- 5 رقم 5، والبرصان والعرجان (انظر فهرس الأعلام) 409، والمحبّر (انظر فهرس الأعلام) 658، وفتوح البلدان 15 و 24 و 32 و 89، وأنساب الأشراف 1/ 57 و 317 و 368 و 446- 448 و 517 و 545، وج 3 (انظر فهرس الأعلام) 341، وج 4 ق 1 (انظر فهرس الأعلام) 651، والأخبار الطوال (انظر فهرس الأعلام) 432، وأخبار القضاة (انظر فهرس الأعلام) 1/ 33، و 2/ 483 و 3/ 356، ومشاهير علماء الأمصار 9 رقم 17، ونسب قريش 26 و 27 و 264 و 439، والسير والمغازي لابن إسحاق (انظر فهرس الأعلام) 349، وسيرة ابن هشام (بتحقيقنا) انظر فهرس الأعلام 1/ 388 و 2/ 398 و 3/ 327 و 4/ 331، والمعرفة والتاريخ (انظر فهرس الأعلام) 3/ 641، 642، وعيون الأخبار (انظر فهرس الأعلام) 4/ 206، 207، والتاريخ لابن معين 2/ 315- 317، وتاريخ الطبري (انظر فهرس الأعلام) 10/ 309، 310، والمنتخب من ذيل المذيّل 523- 525، وتاريخ الثقات للعجلي 263- 265 رقم 834، والثقات لابن حبّان 3/ 207، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 80 رقم 5، والفصل لابن حزم 4/ 4/ 152، وثمار القلوب (انظر فهرس الأعلام) 584، وحلية الأولياء 1/ 314- 329 رقم 45، ورياض النفوس للمالكي 1/ 41 رقم 1، تحقيق حسين مؤنس- القاهرة 1951، وجمهرة أنساب العرب 18- 20 و 24 و 69 و 71 و 74 و 311 و 451، وربيع الأبرار 1/ 38 و (انظر فهرس الأعلام) 4/ 532، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 34 و 173 و 286 و 1625 و 1627 و 1652 و 1955، 1956 (وانظر فهرس الأعلام) 2/ 473، 474، والزهد لابن المبارك (انظر الفهرس) (و) ، (م) ، رقم 312، والجرح والتعديل 5/ 116 رقم 527، والمستدرك 3/ 533- 546، والاستيعاب 2/ 350- 357، وتحفة الأشراف 4/ 362 و 5/ 3- 281 رقم 302، وتهذيب الكمال 698، وتاريخ بغداد 1/ 173- 175 رقم 14، والزاهر (انظر فهرس الأعلام) 2/ 611، والزيارات 19، ووفيات الأعيان 2/ 62- 64، والجمع بين رجال الصحيحين 15/ 239، وجامع الأصول 9/ 63، وأسد الغابة 3/ 290، والكامل في التاريخ (انظر فهرس الأعلام)(5/148)
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبو الخلفاء.
__________
[ () ] 13/ 204، والمعارف 121- 123 و 196 و 209 و 267 و 282 و 589، وتاريخ العظيمي 87 و 174 و 175 و 184 و 189 و 274، ومختصر التاريخ لابن الكازروني (انظر فهرس الأعلام) 323، والحلّة السيراء 1/ 20- 24 رقم 3، وأخبار مكة (انظر فهرس الأعلام) 1/ 407 و 2/ 350، والشعر والشعراء 286 و 410 و 615 و 732، وأمالي المرتضى (انظر فهرس الأعلام) 2/ 586، وشفاء الغرام (بتحقيقنا) (انظر فهرس الأعلام) 2/ 538، 539، والبدء والتاريخ 5/ 105، 106، ومسند أبي عوانة (انظر فهرس الأعلام) 2/ 420، ولباب الآداب (انظر فهرس الأعلام) 490، وصفة الصفوة 1/ 314- 319، وطبقات الفقهاء للشيرازي 48، 49، ونكت الهميان 180- 182، والوافي بالوفيات 17/ 231- 234 رقم 215، والبداية والنهاية 8/ 295- 307، ومرآة الجنان 1/ 143، وسير أعلام النبلاء 3/ 331- 359 رقم 51، وتذكرة الحفّاظ 1/ 40، 41 رقم 18، ومعرفة القراء الكبار 1/ 45، 46 رقم 9، وطبقات علماء إفريقية وتونس 74، لأبي العرب القيرواني، تحقيق علي الشابي ونعيم حسن اليافي- تونس 1968، والعبر 1/ 76، والكاشف 2/ 90 رقم 2832، وتلخيص المستدرك 3/ 533- 546، والمعين في طبقات المحدّثين 23 رقم 77، والمغازي (من تاريخ الإسلام) انظر فهرس الأعلام 763، والسيرة النبويّة (من تاريخ الإسلام) الفهرس 631، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) الفهرس 714، 715، والوفيات لابن قنفذ 76، 77 رقم 68 و 84 رقم 87 والتذكرة الحمدونية (انظر فهرس الأعلام) 1/ 479 و 2/ 506، ودول الإسلام 1/ 51، والفائق في غريب الحديث للزمخشري- تحقيق علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم- القاهرة 1945- 1947- ج 1/ 642، 643، وشمائل الرسول لابن كثير- تحقيق مصطفى عبد الواحد- القاهرة 1967- ص 50، 51، ونثر الدرّ للآبي- تحقيق محمد علي القرني- مطبعة الهيئة المصرية العامة، القاهرة 1980، 1981- ج 1/ 404 و 405 و 408، 409 و 415 وعيون أخبار الرضا- للشيخ الصدوق- طبعة قم 1377 هـ- ج 1/ 317، ومكارم الأخلاق، للطبرسي- مصر 1303 هـ. - ص 5 و 10، والبصائر والذخائر، لأبي حيّان التوحيدي- تحقيق د. إبراهيم الكيلاني- دمشق 1964- 1968 ج 2/ 194 و 431 و 461 و 3/ 608، والحكمة الخالدة (جاويدان خرد) لمسكويه- تحقيق د. عبد الرحمن بدوي- القاهرة 1952- ص 132، ومحاضرات الأبرار لابن عربي- طبعة دار اليقظة العربية 1968- ج! / 150، 151، والبيان والتبيين 1/ 123 و 235 و 2/ 94 و 3/ 257 وأدب الدنيا والدين للماوردي- تحقيق مصطفى السقا- القاهرة 1955- ص 33 و 104، وأخبار الدولة العباسية، لمؤرّخ مجهول- تحقيق د. عبد العزيز الدوري ود.
عبد الجبار المطلبي- طبعة دار الطليعة، بيروت 1971 ص 120، والكامل للمبرّد 1/ 177 و 265 و 2/ 312، والزهرة لابن داود الأصفهاني- تحقيق د. إبراهيم السامرائي ود. نوري حمودي القيسي- بغداد 1975- ج 1/ 264، وبهجة المجالس لابن عبد البر- تحقيق محمد مرسي الخولي- طبعة دار الكتاب العربيّ، القاهرة- ج 1/ 43 و 343 و 394 و 402 و 427، و 428 و 458 والمستطرف للإبشيهي 1/ 89، و 121، ونهاية الأرب للنويري 6/ 16، وغرر الخصائص، للوطواط- طبعة بيروت 2- ص 441، وبرد الأكباد في الأعداد للثعالبي- ضمن(5/149)
وُلِدَ فِي شِعْبِ بَنِي هَاشِمٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلاثِ سِنِينَ، وَذَكَر ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ يَوْمَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَانَ قَدْ نَاهَزَ الاحْتِلامَ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي «صَحِيحِهِ» عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، وَقَدْ قَرَأْتُ «الْمُحْكَمَ» [1] ، فَتَحَقَّقَ هَذَا.
وَصَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحِكْمَةِ مرّتين [2] .
__________
[ () ] مجموعة خمس رسائل- طبعة الجوائب 1301 هـ. - ص 114، وكتاب الآداب لجعفر بن شمس الخلافة- القاهرة 1931- ص 28، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد- تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم- القاهرة 1969- 1976- ج 6/ 357، وسراج الملوك للطرطوشي- طبعة الإسكندرية 1289 هـ. - ص 203، وعين الأدب والسياسة، لابن هذيل- طبعة مصر 1302 هـ. ص 154، ومحاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء للراغب الأصبهاني- طبعة بيروت- ج 1 و 526 و 692، و 2/ 365، وكتاب ألف باء للبلوي- طبعة القاهرة 1287 هـ. - ج 1/ 19 و 22 و 25، والتمثيل والمحاضرة للثعالبي- تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو- القاهرة 1961- ص 30، وشرح مقامات الحريري للشريشي- تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم- القاهرة 1969- 1976 ج 286، 287، والصداقة والصديق، لأبي حيّان التوحيدي- تحقيق د. إبراهيم الكيلاني- دمشق 1964- ص 45، والعقد الثمين 5/ 190، وغاية النهاية 1/ 425، 426 رقم 1791، والإصابة 2/ 330- 334 رقم 4781، وتهذيب التهذيب 5/ 276- 279 رقم 474، وتقريب التهذيب 1/ 425 رقم 404، والنكت الظراف 4/ 364 و 5/ 4- 279، والمطالب العالية 4/ 114، والنجوم الزاهرة 1/ 182، وخلاصة تذهيب التهذيب 172، والتحفة اللطيفة 2/ 430، وتدريب الراويّ للسيوطي 2/ 217، وحسن المحاضرة 1/ 214، وطبقات الحفاظ 10، وطبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 332، 233، وشذرات الذهب 1/ 75، 76.
[1] أخرجه أحمد في المسند 1/ 253 و 287 و 337 و 357، والطيالسي في مسندة 2/ 148، والطبراني (10577) .
[2] أخرج البخاري في العلم (1/ 155) باب قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «اللَّهمّ علّمه الكتاب» و 7/ 78 في فضائل الصحابة، باب ذكر ابن عباس، و 13/ 208 في أول كتاب الاعتصام، والترمذي (3824) ، وابن ماجة (166) ، والطبراني (10588) ، والبلاذري في أنساب الأشراف 3/ 29 وكلهم من طريق: خالد الحذّاء، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ضمّني النبي صلّى الله عليه وسلّم 7 لي صدره وقال: «اللَّهمّ علّمه الحكمة» . وأخرجه ابن سعد في طبقاته 2/ 365 من طريق: عمرو بن دينار، عن طاووس، عن ابن عباس قال: دعاني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فمسح على ناصيتي وقال: «اللَّهمّ علّمه الحكمة وتأويل الكتاب» .(5/150)
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: نِعْمَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ.
رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيٍّ، وَأَبِيهِ الْعَبَّاسِ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَطَائِفَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.
رَوَى عَنْهُ: أَنَسٌ، وَغَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَابْنُهُ عَلِيٌّ، وَمَوَالِيهِ الْخَمْسَةُ:
كريب، وعكرمة، ومقسم، وأبو معبد نافذ [1] ، وَدَفِيفٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَطَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، وَعُرْوَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ [2] ، وَالْقَاسِمُ، وَأَبُو الشَّعْثَاءِ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَأَبُو صَالِحٍ بَاذَامُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَأَخُوهُ سَعِيدٌ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، وَالضَّحَّاكُ، وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، وَإِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ، وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ.
وَقَالَ أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَمَعْتُ الْمُحْكَمَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقُبِضَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ حِجَجٍ [3] ، قُلْتُ: وَمَا «الْمُحْكَمُ» ؟ قَالَ: «الْمُفَصَّلُ» .
خَالَفَهُ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ: فَرَوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَنَا خَتِينٌ [4] .
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ، وَأَنَا قَدْ نَاهَزْتُ الاحْتِلامَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ بمنى [5] .
__________
[1] في الأصل «ناقد» والتصحيح من: خلاصة التذهيب.
[2] في الأصل «أبو حمزة» والتصحيح من مصادره.
[3] انظر تخريج هذا الحديث قبل قليل.
[4] أخرجه الطيالسي في المسند 2/ 149، والحاكم في المستدرك 3/ 533، والطبراني (10578) ، والهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 285.
[5] أخرجه البخاري في سترة المصلّي 1/ 472 باب الإمام سترة من خلفه، وفي صفة الصلاة باب وضوء الصبيان، وفي الحج: باب حجّ الصبيان، وفي العلم. باب: متى يصحّ سماع(5/151)
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: لا خِلافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدَنَا أَنَّهُ وُلِدَ فِي الشِّعْبِ.
وَقَدْ ذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدِيثَ أَبِي بِشْرٍ الْمَذْكُورَ فَقَالَ: هَذَا عِنْدِي حَدِيثٌ وَاهٍ، وَحَدِيثُ أَبِي إِسْحَاقَ يُوَافِقُ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ.
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: غَزَا ابْنُ عَبَّاسٍ إِفْرِيقِيَّةَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، وَرَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ خَمْسَةَ عَشَرَ نَفْسًا.
وَقَالَ ابْنُ مَنْدَهْ [1] : وُلِدَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَتَيْنِ، قَالَ: وَكَانَ أَبْيَضَ طَوِيلا مشربا صفرة، جسيما، وَسِيمًا، صَبِيحًا، لَهُ وَفْرَةٌ، يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ لَنَا عَطَاءٌ: مَا رَأَيْتُ الْقَمَرَ لَيْلَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ إِلا ذَكَرْتُ وَجْهَ ابن عباس.
وقال إبراهيم بن الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ إِذَا مَرَّ فِي الطَّرِيقِ قَالَتِ النِّسَاءُ عَلَى الْحِيطَانِ: أَمَرَّ الْمِسْكُ أَمْ مَرَّ ابْنُ عَبَّاسٍ؟.
وَقَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ [2] ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَوَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلا، فَقَالَ:
«مَنْ وَضَعَ هَذَا» ؟ قَالُوا: عَبْدُ اللَّهِ، فَقَالَ: «اللَّهمّ عَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ وَفَقِّهْهُ فِي الدِّينَ» [3] . وَقَالَ وَرْقَاءُ: ثَنَا عُبْيَدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قال: وضعت
__________
[ () ] الصغير، ومسلم في الصلاة (504) باب سترة المصلّي، ومالك في الموطّأ (1/ 155) في قصر الصلاة في السفر، باب الرخصة في المرور بين يدي المصلّي، وأحمد في المسند 1/ 264، والطبري في المنتخب من ذيل المذيّل 524.
[1] في الأصل «ابن منذة» .
[2] في الأصل «خيثم» .
[3] إسناده صحيح، أخرجه أحمد في المسند 1/ 266 و 314 و 328 و 335، والفسوي في المعرفة والتاريخ 1/ 494 وابن سعد في الطبقات 2/ 365، والبلاذري في أنساب الأشراف 3/ 28، والطبراني (10587) ، والحاكم في المستدرك 3/ 534 وصحّحه، ووافقه الذهبي في تلخيصه.(5/152)
لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضُوءًا فَقَالَ: «اللَّهمّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» [1] . وَرَوَى أَبُو مَالِكٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحُسَيْنِ النَّخَعِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَأَيْتُ جِبْرِيلَ مَرَّتَيْنِ، وَدَعَا لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحِكْمَةِ مَرَّتَيْنِ [2] .
أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ زَاجٌ: ثَنَا سَعْدَانُ الْمَرْوَزِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَالِدٍ الْحَنَفِيُّ [3] ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَرْسَلَنِي أَبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْلُبُ الْإِدَامَ، وَعِنْدَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: «هُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ» ، قَالَ:
بَلَى، قَالَ: فَاسْتَوْصِ بِهِ خَيْرًا فَإِنَّهُ حَبْرُ أُمَّتِكَ، أَوْ قَالَ: حَبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ [4] . هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَعَبْدُ الْمُؤْمِنِ ثِقَةٌ، رَوَاهُ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ الْمَرْوَزِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ.
قُلْتُ: جَاءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُوَرَةِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، فَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لَنْ يَمُوتَ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى يَذْهَبَ بَصَرُهُ» ، فَكَانَ كَذَلِكَ [5] .
وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى بْنَ حُكَيْمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ: هَلُمَّ نَسْأَلُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُمُ الْيَوْمَ كَثِيرٌ، فَقَالَ: يَا عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَتَرَى النَّاسَ يَحْتَاجُونَ إِلَيْكِ، وَفِي النَّاسِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ الله من ترى! فترك الرَّجُلَ [6] وَأَقْبَلْتُ عَلَى الْمُسَألَةِ، فَإِنْ كَانَ لَيَبْلُغُنِي الْحَدِيثَ عَنِ الرَّجُلِ، فَآتِيهِ وَهُوَ قَائِلٌ فَأَتَوَسَّدُ رِدَائِي عَلَى بَابِهِ، فَتَسْفِي الرِّيحُ عَلَى التُّرَابِ فيخرج فيراني، فيقول:
__________
[1] أنساب الأشراف 3/ 37.
[2] أخرجه ابن سعد في الطبقات 2/ 365، والبلاذري في أنساب الأشراف 3/ 28، والترمذي (3823) .
[3] في الأصل «الحنيفي» .
[4] حلية الأولياء 1/ 316.
[5] أخرجه الطبراني في أطول مما هنا (10586) والهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 276.
[6] في الطبقات، والمستدرك «فتركت» ، وفي سير أعلام النبلاء 3/ 343 «فترك ذلك» وكذا في البداية والنهاية، أما في مجمع الزوائد «فركبت» وهو تحريف.(5/153)
يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ، أَلا أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيكَ؟ فَأَقُولُ: أَنَا أَحَقُّ أَنْ آتِيَكَ فَأَسْأَلُكَ، قَالَ: فَعَاشَ الرَّجُلُ حَتَّى رَآنِي وَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيَّ، فَقَالَ: هَذَا الْفَتَى أَعْقَلُ منّي [1] .
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كَانَ نَاسٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ قَدْ وَجَدُوا عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي إِدْنَائِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ دُونَهُمْ، قَالَ: وَكَانَ يَسْأَلُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا إِنِّي سَأُرِيكُمُ الْيَوْمَ مِنْهُ مَا تَعْرِفُونَ فَضْلَهُ بِهِ، فَسَأَلَهُمْ عَنْ هَذِهِ السُّوَرَةِ إِذا جاءَ نَصْرُ الله وَالْفَتْحُ 110: 1 [2] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَمْرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ إِذَا رَأَى النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا أَنْ يَحْمَدَهُ وَيَسْتَغْفِرَهُ، فَقَالَ: تَكَلَّمْ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَعْلَمَهُ مَتَّى يَمُوتُ.
قَالَ: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ في دِينِ الله أَفْواجاً 110: 1- 2 [3] فَهِيَ آيَتُكَ مِنَ الْمَوْتِ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ 110: 3 [4] .
وَقَالَ أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَأْذَنُ لِي مَعَ أَهْلِ بَدْرٍ.
وَقَالَ الْمُعَافَى بْنُ عِمَرانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنْ كُنْتُ لأَسْأَلُ عَنِ الأَمْرِ الْوَاحِدِ ثَلاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كان ابن عباس من الإسلام
__________
[1] طبقات ابن سعد 2/ 367، 368، والمعرفة والتاريخ 1/ 542، والمستدرك 3/ 538 وإسناده صحيح، وصحّحه الحاكم ووافقه الذهبي في التلخيص، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 277 وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
[2] أول سورة النصر.
[3] سورة النصر، الآيتان 1 و 2.
[4] سورة النصر، الآية 3، والحديث أخرجه بسنده البلاذري 3/ 33، وأخرجه البخاري في المغازي 8/ 99 باب منزل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، وباب مرض النبي صلّى الله عليه وسلّم ووفاته، وفي التفسير، باب قوله فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ 110: 3، وأخرجه أحمد في المسند 1/ 337، 338، والترمذي (3362) ، والطبراني (10616) و (10617) ، وابن جرير الطبري في التفسير 30/ 333، والحاكم في المستدرك 3/ 539، وأبو نعيم في الحلية 1/ 316، 317، والسيوطي في الدرّ المنثور 6/ 407.(5/154)
بِمَنْزِلٍ، وَكَانَ مِنَ الْقُرْآنِ بِمَنْزِلٍ، وَكَانَ يَقُومُ [1] عَلَى مِنْبَرِنَا هَذَا، فَيَقْرَأُ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَيُفَسِّرُهَا آيَةً آيَةً، وَكَانَ عُمَرُ إِذَا ذَكَرَهُ قَالَ: ذَاكُمْ فَتَى الْكُهُولِ، لَهُ لِسَانٌ سَئُولٌ، وَقَلْبٌ عَقُولٌ [2] .
وَقَالَ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُلُّ الْقُرْآنِ أَعْلَمُهُ إِلا الرَّقِيمَ، وَغِسْلِينَ، وَحَنَانًا [3] .
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ لابْنِ عَبَّاسٍ: لَقَدْ عَلِمْتَ عِلْمًا مَا عَلِمْنَاهُ [4] . سَنَدُهُ صَحِيحٌ.
وَعَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ قال: كَانَ عُمَرُ يَسْتَشِيرُ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي الأَمْرِ يَهُمُّهُ وَيَقُولُ: غَوَّاصٌ [5] .
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ عُمَرُ: لا يَلُومُنِي أَحَدٌ عَلَى حُبِّ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ لِي أَبِي: يَا بُنَيَّ إِنَّ عُمَرَ يُدْنِيكَ، فَاحْفَظْ عَنِّي ثَلاثًا: لا تُفْشِيَنَّ لَهُ سِرًّا، وَلا تَغْتَابَنَّ عِنْدَهُ أَحَدًا، وَلا يُجَرِّبَنَّ عَلَيْكَ كَذِبًا [6] .
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: حَرَّقَ عَلَيَّ نَاسًا ارْتَدُّوا، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ بِالنَّارِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ» وَلَقَتَلْتُهُمْ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا فَقَالَ:
وَيْحَ ابْنَ أُمِّ الْفَضْلِ، إِنَّهُ لَغَوَّاصٌ على الهنات [7] .
__________
[1] في طبعة القدسي 33 «يقدم» .
[2] أخرجه الطبراني (10620) ، وأبو نعيم في الحلية 1/ 318، والبلاذري في أنساب الأشراف 3/ 37، ونسبه الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 277 إلى الطبراني، وقال: وأبو بكر الهذلي ضعيف.
[3] زاد في: البداية والنهاية «والأواه» والحديث أخرجه الطبراني 15/ 199 من طريق عبد الرزاق.
[4] أنساب الأشراف 3/ 37.
[5] في: سير أعلام النبلاء 3/ 346: «غص غوّاص» .
[6] نسب قريش 36، أنساب الأشراف 3/ 51، المعرفة والتاريخ 1/ 533، 534، المعجم الكبير (1069) ، حلية الأولياء 1/ 318.
[7] إسناده صحيح، وهو في المعرفة والتاريخ 1/ 516، وأخرجه البخاري في الجهاد 6/ 106(5/155)
وَعَنْ سَعْدِ [1] بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْضَرَ فَهْمًا، وَلا أَلَبَّ لُبًّا، وَلا أَكْثَرَ عِلْمًا، وَلا أَوْسَعَ حِلْمًا مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ عُمَرَ يَدْعُوهُ لِلْمُعْضِلاتِ، فَلا يُجَاوِزُ قَوْلَهُ، وَإِنَّ حَوْلَهُ لأَهْلُ بَدْرٍ [2] .
وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: لَقَدْ أُعْطِيَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَهْمًا وَلَقَنًا [3] وَعِلْمًا، وَمَا كُنْتُ أَرَى عُمَرَ يُقَدِّمُ عَلَيْهِ أَحَدًا [4] .
هَذَا وَالَّذِي قَبْلَهُ مِنْ رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ.
وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَوْ أَدْرَكَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَسْنَانَنَا مَا عَشِرَهُ مِنَّا أَحَدٌ [5] .
وَفِي لَفْظٍ: مَا عَاشَرَهُ مِنَّا أَحَدٌ، وَكَذَا قَالَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وَغَيْرُهُ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ.
وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَو أَنَّ هَذَا الْغُلامَ أَدْرَكَ مَا أَدْرَكْنَا، مَا تَعَلَّقْنَا مَعَهُ بِشَيْءٍ.
قَالَ الأَعْمَشُ: وَسَمِعْتُهُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ: وَلَنِعْمَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ [6] .
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أبيه، عن بسر [7] بن سعيد، عن
__________
[ () ] باب: لا يعذّب بعذاب الله، و 12/ 237 في استتابة المرتدّين، باب حكم المرتدّ والمرتدّة، والنسائي في تحريم الدم 7/ 104، باب الحكم في المرتدّ، وأبو داود في أول الحدود (4351) ، والحاكم في المستدرك 3/ 538، والبلاذري في أنساب الأشراف 3/ 35 من طرق وألفاظ مختلفة.
[1] في طبعة القدسي 33 «سعيد» وهو غلط.
[2] طبقات ابن سعد 2/ 369.
[3] في الأصل مهملة.
[4] طبقات ابن سعد 2/ 370.
[5] إسناده صحيح، وهو في: طبقات ابن سعد 2/ 366، والمعرفة والتاريخ 1/ 495، والمستدرك 3/ 537.
[6] طبقات ابن سعد 2/ 366، المعرفة والتاريخ 1/ 495، المستدرك 3/ 537 وفيه قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي في التلخيص.
[7] في طبعة القدسي 34 «بشر» بالشين المعجمة، وهو تحريف.(5/156)
مُحَمَّدِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ، وَكَانَ عِنْدَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَامَ فَقَالَ: هَذَا يَكُونُ حَبْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ، أَرَى عَقْلا وَفَهْمًا، وَقَدْ دَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُفَقِّهَهُ فِي الدِّينِ.
وقال الواقدي: ثنا أبو بكر ابن أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ: مَوْلاكَ [1] وَاللَّهِ أَفْقَهُ مَنْ مَاتَ وَمَنْ عَاشَ.
وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتِ: ابْنُ عَبَّاسٍ أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ بِالْحَجِّ [2] .
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ مِثْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَقَدْ مَاتَ يَوْمَ مَاتَ، وَإِنَّهُ لَحَبْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ، كَانَ يُسمَّى الْبَحْرَ لِكَثْرَةِ عِلْمِهِ [3] .
وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ فَاتَ النَّاسَ بِخِصَالٍ: بِعِلْمِ مَا سُبِقَ إِلَيْهِ، وَفِقْهٍ فِيمَا احْتِيجَ إِلَيْهِ، وَحِلْمٍ وَنَسَبٍ وَنَائِلٍ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمُ بِمَا سَبَقَهُ مِنْ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا بِقَضَاءِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، مِنْهُ، وَلا أَعْلَمُ بِمَا مَضَى، وَلا أَثْقَبَ رَأْيًا فِيمَا احْتِيجَ إِلَيْهِ مِنْهُ، وَلَقَدْ كُنَّا نَحْضُرُ عِنْدَهُ، فَيُحَدِّثُنَا الْعَشِيَّةَ كُلَّهَا فِي الْمَغَازِي، وَالْعَشِيَّةَ كُلَّهَا فِي النَّسَبِ، وَالْعَشِيَّةَ كُلَّهَا فِي الشِّعْرِ.
رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ [4] ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ [5] ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْهُ.
وَعَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قُلْتُ: أَجْمَلُ النَّاسِ، وَإِذَا نَطَقَ قُلْتُ: أَفْصَحُ النَّاسِ، وَإِذَا تَحَدَّثَ قُلْتُ: أَعْلَمُ النَّاسِ [6] .
وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: مَا رَأَيْتُ فِي مَجْلِسِ ابن عباس باطلا قطّ.
__________
[1] في طبعة القدسي 34: «سمعت معاوية يقول: مات» . وهو يعتمد على: البداية والنهاية لابن كثير، وما أثبتناه عن: طبقات ابن سعد 2/ 370.
[2] طبقات ابن سعد 2/ 369، المعرفة والتاريخ 1/ 495.
[3] أنساب الأشراف 3/ 33، المستدرك 3/ 535، حلية الأولياء 1/ 316.
[4] في طبقاته 2/ 368.
[5] في الأصل «الزياد» .
[6] أنساب الأشراف 3/ 30.(5/157)
وَقَالَ صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا نَزَلَ قَامَ شَطْرَ اللَّيْلِ، وَيُرَتِّلُ الْقُرْآنَ حَرْفًا حَرْفًا، وَيُكْثِرُ فِي ذَلِكَ مِنَ النَّشِيجِ وَالنَّحِيبِ.
وَقَالَ مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ دِرْهَمٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَسْفَلَ مِنْ عَيْنَيْهِ [1] مِثْلَ الشِّرَاكِ الْبَالِي مِنَ الْبُكَاءِ [2] .
وَجَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ.
وَقَدْ وَلِيَ الْبَصْرَةَ لِعَلِيٍّ، وَشَهِدَ مَعَهُ صِفِّينَ، فَكَانَ عَلَى مَيْسَرَتِهِ، وَقَدْ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَكْرَمَهُ وَأَجَازَهُ. وَجَاءَ أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ حِلَّةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ. أَبُو جَنَابٍ [3] الْكَلْبِيُّ، عَنْ شَيْخٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ شَهِدَ الْجَمَلَ مَعَ عَلِيٍّ.
وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَقَامَ عَلِيٌّ بَعْدَ الْجَمَلِ خَمْسِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى الْكُوفَةِ، وَاسْتَخْلَفَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَى الْبَصْرَةِ، وَلَمَّا قُتِلَ عَلِيٌّ حَمَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَبْلَغًا مِنَ الْمَالِ وَلَحِقَ بِالْحِجَازِ، وَاسْتُخْلِفَ عَلَى الْبَصْرَةِ.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ رِشْدِينَ بْنِ كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يعتم [4] بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ خُرْقَانِيَّةٍ، وَيُرْخِيهَا شِبْرًا.
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا اتَّزَرَ أَرْخَى مُقَدَّمَ إِزَارِهِ، حَتَّى تَقَعَ حَاشِيَتَهُ عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ.
ابْنُ جُرَيْجٍ: أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَنْهَى عَنْ كِتَابِ الْعِلْمِ، وَأنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا أَضَلَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْكُتُبُ.
حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي الْعَطَّافِ- وَهُوَ وَاهٍ-، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: قيّدوا العلم بالكتب.
__________
[1] في الأصل «وأسفل بن عيينة» .
[2] أنساب الأشراف 3/ 38.
[3] في الأصل: «أبو خباب» .
[4] في طبعة القدسي 35 «يقيم» وهو تحريف.(5/158)
نَافِعُ بْنُ عُمَرَ: ثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّهُمْ كَلَّمُوا ابْنَ عَبَّاسٍ أَنْ يَحِجَّ بِهِمْ وَعُثْمَانَ مَحْصُورٌ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فأَخْبَرَهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَحِجَّ بِالنَّاسِ، فَحَجَّ بِالنَّاسِ، فَلَمَّا قَدِمَ وَجَدَ عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ: إنْ أَنْتَ قُمْتَ بِهَذَا الأَمْرِ الآنَ أَلْزَمَكَ النَّاسُ دَمَ عُثْمَانَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَغَيْرُهُ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ عَرَّفَ بِالْبَصْرَةِ [1] ابْنُ عَبَّاسٍ، كَانَ مَثِجًا [2] ، كَثِيرَ الْعِلْمِ، قَالَ: فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَفَسَّرَهَا آيَةً آيَةً [3] .
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا سُئِلَ عَنِ الأَمْرِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْقُرْآنِ أَوِ السُّنَّةِ أَخْبَرَ بِهِ، وَإِلا اجْتَهَدَ رَأْيَهُ [4] .
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ [5] ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَيُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ قَالا: مَا نُحْصِي مَا سَمِعْنَا ابْنَ عَبَّاسٍ يُسْأَلُ عَنِ الشَّيْءِ مِنَ الْقُرْآنِ، فَيَقُولُ: هُوَ كَذَا، أَمَا سَمِعْتَ الشَّاعِرَ يَقُولُ: كَذَا وَكَذا [6] .
أَبُو أُمَيَّةَ بْنُ يَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ صَوْمُكَ؟ قَالَ: أَصُومُ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ.
مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَلْبَسُ الْخَزَّ، وَيَكْرَهُ الْمُصْمَتَ مِنْهُ [7] .
أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ: رَأَيْتُ إزار ابن عباس إلى أنصاف ساقيه [8] .
__________
[1] كان يصعد المنبر يوم عرفة، ويجتمع أهل البصرة حوله، فيفسّر شيئا من القرآن ويذكّر الناس من بعد العصر إلى الغروب، ثم ينزل فيصلّي بهم المغرب، كما في البداية والنهاية.
[2] أي كان يصبّ الكلام صبّا.
[3] أنساب الأشراف 3/ 34، طبقات ابن سعد 2/ 367.
[4] أنساب الأشراف 3/ 32، طبقات ابن سعد 2/ 366.
[5] في طبعة القدسي 35 «الحمادان عن علي بن زيد» ، والتصويب من أنساب الأشراف.
[6] أنساب الأشراف 3/ 32 وفيه «أما سمعتم الشاعر» ، وكذا في طبقات ابن سعد 2/ 367.
[7] المصمت: الّذي جميعه إبريسم لا يخالطه قطن ولا غيره.
[8] الحديث في سير أعلام النبلاء 3/ 355 بأطول مما هنا.(5/159)
شَريِكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ طَوِيلَ الشَّعْرِ أَيَّامَ مِنًى، أَظُنَّهُ قَصَّرَ، وَرَأَيْتُ فِي إِزَارِهِ بَعْضَ الْإِسْبَالِ.
ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُصَفِّرُ، يَعْنِي لِحْيَتَهُ.
يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: اسْتَعْمَلَ عُثْمَانُ عَلَى الْحَجِّ وَهُوَ مَحْصُورٌ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَلَمَّا صَدَرَ عَنِ الْمَوْسِمِ إِلَى الْمَدِينَةِ، بَلَغَهُ وَهُوَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ قَتْلُ عُثْمَانَ، فَجَزِعَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ: يا ليتني لا أصل حتى يأتيني قَاتِلُهُ فَيَقْتُلُنِي، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى عَلِيٍّ خَرَجَ مَعَهُ إِلَى الْبَصْرَةِ، يَعْنِي فِي وَقْعَةِ الْجَمَلِ، وَلَمَّا سَارَ الْحُسَيْنُ إِلَى الْكُوفَةِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لابْنِ الزُّبَيْرِ، وَقَدْ لَقِيَهُ بِمَكَّةَ: خَلا لك والله يا بن الزُّبَيْرِ الْحِجَازُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا تَرَوْنَ إِلا أَنَّكُمْ أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ، وتكالما حتى علت أصواتهما، حَتَّى سكَّنَهُمَا رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الْحَنَفِيَّةَ قَدْ نَزَلا بِمَكَّةَ فِي أَيَّامِ فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَطَلَبَ مِنْهُمَا أَنْ يُبَايِعَاهُ، فَامْتَنَعَا وَقَالا: أَنْتَ وَشَأْنُكَ لا نَعْرِضُ لَكَ وَلا لِغَيْرِكَ.
وَعَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَلَحَّ عَلَيْهِمَا فِي الْبَيْعَةِ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَتُبَايِعَنَّ أَوْ لأَحُرِّقَنَّكُمْ بِالنَّارِ، فَبَعَثَا أَبَا الطُّفَيْلِ عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ إِلَى شِيعَتِهِمْ بِالْكُوفَةِ، فَانْتَدَبَ أَرْبَعَةَ آلافٍ، وَسَارُوا فَلَبِسُوا السِّلاحَ حَتَّى دَخَلُوا مَكَّةَ، وَكَبَّرُوا تَكْبِيرَةً سَمِعَهَا النَّاسُ، وَانْطَلَقَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنَ الْمَسْجِدِ هَارِبًا، وَيُقَالُ:
تَعَلَّقَ بِالأَسْتَارِ، وَقَالَ: أَنَا عَائِذُ اللَّهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: فَمَثُلْنَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَدْ عَمِلَ حَوْلَ دُورِهِمُ الْحَطَبَ لِيَحْرَقَهَا، فَخَرَجْنَا بِهِمْ حَتَّى نَزَلْنَا بِهِمُ الطَّائِفَ.
قُلْتُ: فَأَقَامَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ سَنَةً أَوْ سنَتَيْنِ لَمْ يُبَايِعْ أَحَدًا.
وَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ لَمَّا دُفِنَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْيَوْمُ مَاتَ رَبَّانِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ [1] .
رَوَاهُ سَالِمُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ أَبِي كُلْثُومٍ، عنه.
__________
[1] طبقات ابن سعد 2/ 368، أنساب الأشراف 3/ 54، المستدرك 3/ 543.(5/160)
وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ: لَمَّا مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ جَاءَ طَائِرٌ أَبْيَضُ فَدَخَلَ فِي أَكْفَانِهِ [1] .
وَرَوَى عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ نحوه، وزاد: فما رئي تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ. قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَلَهُ نَيِّفٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً.
رَوَى الْوَاقِدِيُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ عَاشَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً [2] .
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ شُعَيْبِ بنِ يَسَارٍ قَالَ: لَمَّا أدرج ابن عباس في كفنه دخل فيه طائر أبيض، فما رئي حَتَّى السَّاعَةِ.
عَفَّانُ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أنا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ بُجَيْرِ [بْنِ] [3] أَبِي عُبَيْدٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ مَاتَ بِالطَّائِفِ، فَلَمَّا أُخْرِجَ بِنَعْشِهِ، جَاءَ طَائِرٌ عَظِيمٌ أَبْيَضُ مِنْ قِبَلِ وَجٍّ [4] حَتَّى خَالَطَ أَكْفَانَهُ، فَلَمْ يُدْرَ أَيْنَ ذَهَبَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
55- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ [5] ابْنِ وَائِلِ بْنِ هَاشِمٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الرحمن، القرشي
__________
[1] أنساب الأشراف 3/ 54، المستدرك 3/ 543 وكانوا يرون أن الطائر هو علمه.
[2] المنتخب من ذيل المذيّل 524 و 525.
[3] ساقطة من طبعة القدسي 37.
[4] وجّ: بالفتح ثم التشديد. الوجّ هو يوم الطائف. وسمّيت وجّا بوج بن عبد الحق من العمالقة، وقيل من خزاعة. (معجم البلدان 5/ 361) .
[5] انظر عَنْ (عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ) في:
طبقات ابن سعد 2/ 373 و 4/ 261- 268 و 7/ 494، ونسب قريش 411، والمحبّر 293، والتاريخ لابن معين 2/ 322، 323، وسيرة ابن هشام (بتحقيقنا) 1/ 131، و 2/ 230 و 4/ 136 و 289، والبرصان والعرجان 37 و 154 و 286 و 344، وعيون الأخبار 2/ 95 و 3/ 21 و 23، والمعارف 286 و 287 و 592، وتاريخ خليفة 159 و 195 و 218، وطبقات خليفة 26 و 139 و 299، والتاريخ الكبير 5/ 5 رقم 6، والمعرفة والتاريخ 1/ 251، والمغازي للواقدي 203 و 313 و 850 و 1021 و 1042 و 1114، ومسند أحمد 2/ 158، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 80 رقم 9، وأنساب الأشراف 1/ 168 و 169 و 313، و 3/ 5،(5/161)
السَّهْمِيُّ مِنْ نُجَبَاءِ الصَّحَابَةِ وَعُلَمَائِهِمْ.
كَتَبَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَثِيرَ، وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ.
رَوَى عَنْهُ: حَفِيدُهُ شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةُ، وَطَاوُسٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ وَمُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَجُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَعَطَاءٌ،
__________
[ () ] وق 4 ج 1/ 60 و 63 و 95 و 126 و 127 و 493، وفتوح البلدان 65 و 165 و 166 و 249 و 264 و 267، وأخبار القضاة 3/ 223، 224، والأخبار الطوال 157 و 172 و 196، وتاريخ الطبري 1/ 76 و 142 و 262 و 401 و 2/ 332 و 333 و 501 و 3/ 86 و 92 و 188 و 4/ 109 و 144 و 270 و 357 و 558 و 560 و 563 و 5/ 41 و 166 و 181 و 229 و 335 و 387 و 476، والعقد الفريد 2/ 217 و 375 و 376 و 4/ 341، والجرح والتعديل 5/ 116 رقم 529، ومشاهير علماء الأمصار 55 رقم 377، وحلية الأولياء 1/ 283- 292 رقم 43، وتاريخ الثقات للعجلي 270 رقم 857، والثقات لابن حبّان 3/ 210، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1677 و 1705 و 1816، وجمهرة أنساب العرب 163، وثمار القلوب 88، والزيارات 51، والاستيعاب 2/ 346- 349، والمستدرك 3/ 526- 528، وطبقات الفقهاء 50، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 399، وتاريخ دمشق (مصوّرة المجمع العلمي عن نسخة موسكو) 205- 272، وصفة الصفوة 1/ 270- 273، وتلقيح فهوم أهل الأثر 363، وأسد الغابة 3/ 233- 235، والكامل في التاريخ 2/ 78 و 136 و 3/ 109 و 163 و 274 و 275 و 279 و 311 و 413 و 455 و 4/ 210، ووفيات الأعيان 3/ 265 و 7/ 215، والزاهر للأنباري 1/ 522 و 556، والحلّة السيراء لابن الأبّار 1/ 17- 20 رقم 2، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 281، 282 رقم 242، والزهد لابن المبارك 46 و 130 و 2/ 212 و 245 و 267 و 281 و 426 و 488 و 522 و 558 و 561 وانظر فهرس الأعلام أيضا (ن) ، وتهذيب الكمال 716، وتحفة الأشراف 6/ 278- 400 رقم 310، وتاريخ العظيمي 77- 179، والبدء والتاريخ 5/ 107، والمعين في طبقات المحدّثين 24، ودول الإسلام 1/ 50، وتاريخ الإسلام (المغازي) 21 و 596، و (السيرة) 545، (وعهد الخلفاء الراشدين) 57 و 367 و 385 و 406 و 479 و 578، والعبر 1/ 72، وسير أعلام النبلاء 3/ 79- 94 رقم 17، وتذكرة الحفاظ 1/ 39، وتلخيص المستدرك 3/ 526- 528، ومرآة الجنان 1/ 141، والبداية والنهاية 8/ 263، 264، والوفيات لابن قنفذ 75 رقم 65، والوافي بالوفيات 17/ 380- 382 رقم 311، ومجمع الزوائد 9/ 354، والعقد الثمين 5/ 223، وغاية النهاية 1/ 439 رقم 1835، والإصابة 2/ 351، 352 رقم 4847، وتهذيب التهذيب 5/ 327، 328 رقم 575، وتقريب التهذيب 1/ 436 رقم 502، والنكت الظراف 6/ 278- 399، والكاشف 2/ 101 رقم 2913، وحسن المحاضرة 1/ 215 رقم 161، وخلاصة تذهيب التهذيب 176، وشذرات الذهب 1/ 73، وطبقات الحفاظ 118 رقم 19، والنجوم الزاهرة 1/ 171.(5/162)
وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيُّ [1] ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَوَهْبُ بْنُ مُنَبَّهٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ.
وَأَسْلَمَ قَبْلَ أَبِيهِ، وَلَمْ يَكُنْ أَصْغَرَ مِنْ أَبِيهِ إِلا بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقِيلَ:
بِإِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً. وَكَانَ وَاسِعَ الْعِلْمِ، مُجْتَهِدًا فِي الْعِبَادَةَ، عَاقِلا يَلُومُ أَبَاهُ عَلَى الْقِيَامِ مَعَ مُعَاوِيَةَ بِأَدَبٍ وَتُؤَدَةٍ.
قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ رجُلا سَمِينًا.
وقال علي بن زيد بن جدعان [2] ، عن الْعُرْيَانِ [3] بْنِ الْهَيْثَمِ قَالَ: وَفَدْتُ مَعَ أَبِي إِلَى يَزِيدَ، فَجَاءَ رَجُلٌ طُوَالٌ، أَحْمَرُ، عَظِيمُ الْبَطْنِ، فَقُلْتُ: مَنْ ذَا؟
قِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو [4] .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «نِعْمَ أَهْلُ الْبَيْتِ: عَبْدُ اللَّهِ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَأُمُّ عَبْدِ اللَّهِ» [5] . وَرَوَى نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ مِشْرَحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَكِيمِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: جَمَعْتُ الْقُرْآنَ فَقَرَأْتُهُ كُلَّهُ فِي لَيْلَةٍ، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْرَأْهُ فِي شَهْرٍ» ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَسْتَمْتِعُ من قوّتي وشبابي، فأبى [6] .
__________
[1] مهمل في الأصل.
[2] في الأصل «جذعان» .
[3] مهمل في الأصل.
[4] طبقات ابن سعد 4/ 265 و 266 و 7/ 495، تاريخ دمشق (مصوّرة المجمع) 219.
[5] أخرجه أحمد في المسند 1/ 161 من طريق: وكيع، حدثنا نافع بن عمر، وعبد الجبار بن الورد، بهذا الإسناد، ورجاله ثقات، لكنه منقطع، لأن ابن أبي مليكة لم يدرك طلحة، وأخرجه الترمذي (3845) مختصرا، وذكره ابن عساكر 220.
[6] أخرجه البخاري في فضائل القرآن 9/ 84، ومسلم (1159/ 184) من طريق أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْرَأْ القرآن في كل شهر» قال:
قلت: إني أجد قوّة، قال: «فاقرأه في عشرين ليلة» ، قال: قلت: إني أجد قوّة، قال: «فاقرأه في سبع ولا تزد على ذلك» .(5/163)
وَقَالَ أَحْمَدُ فِي: «مُسْنَدِهِ» : ثنا قُتَيْبَةُ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ وَاهِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيِّ [1] ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ فِي أَحَدِ إِصْبَعَي سَمْنًا، وَفِي الأُخْرَى عَسَلا، وَأَنَا أَلْعَقُهُمَا، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «تَقْرَأُ الْكِتَابَيْنِ: التَّوْرَاةَ وَالْفُرْقَانَ» ، فَكَانَ يَقْرَأُهُمَا [2] . وَعَنْ شُفَيٍّ [3] ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْفَ مَثَلٍ [4] .
وَقَالَ أَبُو قَبِيلٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَكْتُبُ مَا يَقُولُ [5] .
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ: عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكْتُبُ مَا أَسْمَعُ مِنْكَ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، فَإِنِّي لا أَقُولُ إِلا حَقًّا» [6] . وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكثر حديثا منّي، إلّا ما كان من عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ، وَكُنْتُ لا أَكْتُبُ [7] .
وَقَالَ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَتَنَاوَلْتُ صَحِيفَةً تَحْتَ رَأْسِهِ، فَتَمَنَّعَ عَلَيَّ، فَقُلْتُ:
تَمْنَعُنِي شَيْئًا مِنْ كُتُبِكَ! فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الصحيفة الصادقة التي سمعتها من
__________
[1] في الأصل «الغافري» ، والتصحيح من الخلاصة.
[2] أخرجه أحمد في المسند 2/ 222، وأبو نعيم في حلية الأولياء 1/ 286، وابن عساكر في تاريخ دمشق (المصوّر) 228.
[3] بفاء، مصغّرا، هو ابن ماتع الأصبحي.
[4] تاريخ دمشق 230.
[5] تاريخ دمشق 230.
[6] أخرجه أحمد في المسند 2/ 207 و 215، والرامهرمزيّ في المحدّث الفاضل رقم (316) ، وابن عبد البر في جامع بيان العلم 89، وأبو زرعة في تاريخه 1516، والخطيب في تقييد العلم 77، وابن عساكر في تاريخ دمشق 231، 232، والحاكم في المستدرك 1/ 105، 106، والدارميّ 1/ 125، وأبو داود (3646) .
[7] أخرجه البخاري في العلم 1/ 184 باب كتابة العلم، والرامهرمزيّ في: المحدّث الفاصل، رقم 328، والخطيب في: تقييد العلم 82، وابن عساكر في تاريخ دمشق 235.(5/164)
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ليس بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَحَدٌ، فَإِذَا سَلِمَ لِي كِتَابُ اللَّهِ، وَسَلِمَتْ لِي هَذِهِ الصَّحِيفَةُ وَالْوَهْطُ، لَمْ أُبَالِ مَا ضَيَّعْتُ [1] الدُّنْيَا [2] .
الْوَهْطِ: بُسْتَانُه بِالطَّائِفِ.
وَقَالَ عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: لأَنْ أَكُونَ عَاشِرَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكُونَ عَاشِرَ عَشَرَةَ أَغْنِيَاءَ، فَإِنَّ الأَكْثَرِينَ هُمُ الأَقَلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا، يَقُولُ: يَتَصَدَّقُ يَمِينًا وَشِمَالا [3] .
وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ أَصْنَعُ الْكُحْلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَكَانَ يُطْفِئُ السِّرَاجَ ثُمَّ يَبْكِي، حَتَّى رَسِعَتْ [4] عَيْنَاهُ [5] .
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتِي فَقَالَ: «أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَكَلَّفْتَ قِيَامَ اللَّيْلِ وَصِيَامَ النَّهَارِ» ؟ قُلْتُ: إِنِّي لأَفْعَلُ. قَالَ: «إِنَّ مَنْ حَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ» ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ [6] .
وَقَالَ خَلِيفَةُ [7] : كَانَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى مَيْمَنَةِ مُعَاوِيَةَ بِصِفِّينَ، وَقَدْ وَلاهُ مُعَاوِيَةُ
__________
[1] في طبعة القدسي 38 «صنعت» .
[2] اختصره ابن سعد في الطبقات 2/ 73) و 4/ 262، وهو في تاريخ دمشق لابن عساكر 236.
[3] حلية الأولياء 1/ 288، تاريخ دمشق 241، 242.
[4] في الأصل «راسعت» ، والتصويب من تاج العروس، حديث قال: رسعت عينه: التصقت أجفانها.
[5] حلية الأولياء 1/ 290، تاريخ دمشق 243.
[6] أخرجه أحمد في المسند 2/ 200 من طريق: عبد الوهاب بن عطاء. وتمامه: «فالحسنة بعشر أمثالها، فكأنك قد صمت الدهر كله» . قلت: يا رسول الله إني أجد قوّة، وإني أحبّ أن تزيدني، فقال: «فخمسة أيام» . قلت: إني أجد قوّة. قال: «سبعة أيام» . فجعل يستزيده، ويزيده حتى بلغ النصف. وأن يصوم نصف الدهر: «إنّ لأهلك عليك حقّا، وإنّ لعبدك عليك حقّا، وإنّ لضيفك عليك حقّا» فكان بعد ما كبر وأسنّ يقول: ألا كنت قبلت رخصة النبي صلّى الله عليه وسلّم أحبّ إليّ من أهلي ومالي. ولهذا الحديث طرق مشهورة، في الصحيحين وغيرهما.
[7] في التاريخ 195.(5/165)
الْكُوفَةَ، ثُمَّ عَزَلَهُ بِالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ فِي «مُسْنَدِهِ» : ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا الْعَوَّامُ، حَدَّثَنِي أَسْوَدُ بْنُ مَسْعُودٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ خُوَيْلِدٍ قَالَ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلانِ يَخْتَصِمَانِ فِي رَأْسِ عَمَّارٍ، كُلُّ وَاحِدٍ يَقُولُ: أَنَا قَتَلْتُهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: لِيَطِبْ أَحَدُكُمَا بِهِ نَفْسًا لِصَاحِبِهِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
«تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: يَا عَمْرُو أَلا تَرُدَّ عَنَّا مَجْنُونَكَ، فَمَا بَالُكَ مَعَنَا! قَالَ: إِنَّ أَبِي شَكَانِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي «أَطِعْ أَبَاكَ مَا دَامَ حَيًّا» ، فَأَنَا مَعَكُمْ، وَلَسْتُ أُقَاتِلُ [1] . وَقَالَ ابْنُ أبي مليكة: قال ابن عمرو: ما لي ولصفّين، ما لي وَلِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، لَوَدِدْتُ أَنِّي مِتُّ قَبْلَهَا بِعِشْرِينَ سَنَةً، أَمَّا وَاللَّهِ عَلَى ذَلِكَ مَا ضَرَبْتُ بِسَيْفٍ، وَلا رَمَيْتُ بِسَهْمٍ، وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَتِ الرَّايَةُ بِيَدِهِ [2] .
وَقَالَ قَتَادَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ:
انْطَلَقْتُ فِي رَهْطٍ مِنْ نُسَّاكِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَقُلْنَا: لَوْ نَظَرْنَا رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُحَدِّثُنَا، فَدُلِلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَأَتَيْنَا مَنْزِلَهُ، فَإِذَا قَرِيبٌ مِنْ ثَلاثِمِائَةِ رَاحِلَةٍ، فَقُلْنَا: عَلَى كُلِّ هَؤُلاءِ حَجَّ عَبْدُ اللَّهِ! قَالُوا:
نَعَمْ، هُوَ وَمَوَالِيهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، فَانْطَلَقْنَا إِلَى الْبَيْتِ، فَإِذَا رَجُلٌ أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، بَيْنَ بُرْدَيْنِ قِطْريَّيْنِ، عَلَيْهِ عِمَامَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ [3] .
رَوَاهُ حُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ فَقَالَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ الْغَنَوِيِّ.
قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ، وَتُوُفِّيَ بمصر على الصحيح [4] .
__________
[1] مسند أحمد 2/ 164، وتاريخ دمشق 248.
[2] طبقات ابن سعد 4/ 266، تاريخ دمشق 257.
[3] طبقات ابن سعد 4/ 267.
[4] كتاب الولاة للكندي 645.(5/166)
وَقِيلَ: مَاتَ بِالطَّائِفِ. وَقِيلَ: مَاتَ بِمَكَّةَ. وَقِيلَ: مَاتَ بِالشَّامِ.
56- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعَدَةَ الْفَزَارِيُّ [1] وَيُقَالُ: ابْنُ مَسْعُودٍ، وَيُدْعَى صَاحِبَ الْجُيُوشِ، لِأَنَّهُ كَانَ أَمِيرًا عَلَى غَزْوِ الرُّومِ.
قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: له صحبة.
وقال الحافظ ابن عَسَاكِرَ: لَهُ رُؤْيَةٌ، وَنَزَلَ دِمَشْقَ وَبَعَثَهُ يَزِيدُ مُقَدَّمًا عَلَى جُنْدِ دِمَشْقَ فِي جُمْلَةِ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ إِلَى الْحَرَّةِ، ثُمَّ بَايَعَ مَرْوَانَ بِالْجَابِيَةِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ مَسْعَدَةَ أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهَا فِي صَلاةٍ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَقِيلَ: إِنَّ ابْنَ مَسْعَدَةَ مِنْ سَبْيِ فَزَارَةَ، وَهَبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لابْنَتِهِ فَاطِمَةَ، فَأَعْتَقَتْهُ.
وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: كَانَ ابْنُ مَسْعَدَةَ شَدِيدًا فِي قِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَجَرَحَهُ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَمَا عَادَ لِلْحَرْبِ حَتَّى انْصَرَفُوا [2] .
57- عَبْدُ الله بن يزيد [3] ع ابْنِ زَيْدِ بْنِ حِصْنٍ الأَنْصَارِيُّ الأَوْسِيُّ الْخَطْمِيُّ [4] ، أبو موسى، شهد
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن مسعدة) في:
تاريخ خليفة 209، والمغازي للواقدي 565، وأنساب الأشراف 1/ 349 وق 4 ج 1/ 308 و 338 و 342 و 351 و 352، وتاريخ الطبري 2/ 643 و 5/ 134 و 135 و 287 و 334، والكامل في التاريخ 3/ 376 و 377 و 491، وأسد الغابة 3/ 367، 368، والوافي بالوفيات 17/ 604 رقم 514، والإصابة 2/ 367، 368 رقم 4952، والتاريخ لابن معين 2/ 330، والاستيعاب 2/ 327.
[2] أنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 351.
[3] انظر عن (عبد الله بن زيد) في:
مسند أحمد 4/ 307، وطبقات ابن سعد 6/ 18، وتاريخ خليفة 125 و 259، والمعارف 422 و 450، والتاريخ الكبير 5/ 12، 13 رقم 21، والمعرفة والتاريخ 1/ 216 و 217
[4] في الأصل «الحطمي» ، والتصحيح من: اللباب 1/ 379.(5/167)
الْحُدَيْبِيَةَ وَلَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَرَوَى أَحَادِيثَ عن: النبي صلى الله عليه وسلم، وعن حُذَيْفَةَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ بِنْتِهِ عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، وَالشَّعْبِيُّ وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَآخَرُونَ.
وَكَانَ مِنْ نُبَلاءِ الصَّحَابَةِ، كَانَ الشَّعْبِيُّ كَاتِبَهُ وَشَهِدَ أَبُوهُ يَزِيدَ أُحُدًا، وَمَاتَ قَبْلَ الْفَتْحِ، وَشَهِدَ أَبُو مُوسَى مَعَ عَلِيٍّ صِفَّينَ وَالنَّهْرَوانِ، وَوَلَّى إِمْرَةَ الْكُوفَةِ لابْنِ الزُّبَيْرِ، فَاسْتَكْتَبَ الشَّعْبِيَّ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ، ثُمَّ صُرِفَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ.
مِسْعَرٌ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، وَطَيْلَسَانًا مُدبَّجًا [1] .
الْوَاقِدِيُّ: ثنا جَحَّافُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، أن الْفِيلَ لَمَّا بَرَكَ عَلَى أَبِي عُبَيْدِ يَوْمَ الْجِسْرِ فَقَتَلَهُ، هَرَبَ النَّاسُ، فَسَبَقَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخَطْمِيُّ فَقَطَعَ الْجِسْرَ وَقَالَ: قَاتِلُوا عَنْ أَمِيرِكُمْ، ثُمَّ قَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ فَأَسْرَعَ السَّيْرُ، وَأَخْبَرَ عُمَرَ خَبَرَهُمْ.
__________
[ () ] و 261 و 262 و 348، و 2/ 360، وتاريخ الثقات للعجلي 283 رقم 910، والثقات لابن حبان 3/ 225، ومشاهير علماء الأمصار 45 رقم 279، والجرح والتعديل 5/ 197 رقم 916، والتاريخ لابن معين 2/ 338، والمحبّر 379، وتاريخ الطبري 3/ 158 و 5/ 529 و 560 و 561 و 563 و 580 و 582 و 586 و 587 و 591 و 606 و 622 و 6/ 8- 10 و 34، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 353 و 400، والاستيعاب 2/ 391، والكامل في التاريخ 4/ 144 و 163 و 164 و 172 و 174 و 177- 179 و 211 و 212، وأسد الغابة 3/ 274، وتهذيب الكمال 755، وتحفة الأشراف 7/ 184- 186 رقم 323، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 107 رقم 311، والكاشف 2/ 127 رقم 3094، والوافي بالوفيات 17/ 677، 678 رقم 573، والتذكرة الحمدونية 2/ 34، والنكت الظراف 7/ 185، والإصابة 2/ 382، 383 رقم 5033، وتهذيب التهذيب 6/ 78، 79 رقم 155، وتقريب التهذيب 1/ 461 رقم 742، وخلاصة تذهيب التهذيب 185، وسير أعلام النبلاء 3/ 197، 198 رقم 40، وجامع التحصيل 265 رقم 405.
[1] المدبّج هو الّذي زيّنت أطرافه بالديباج. والخبر في فتح الباري 10/ 267 ونسبه إلى ابن أبي شيبة.(5/168)
58- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ [1] ابْنِ جَحْشِ بْنِ رَبَابٍ الأَسَدِيُّ، اسْمُ أَبِيهِ عَبْدٌ.
أَدْرَكَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَعَلِيٍّ، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ، وَغَيْرِهِمْ.
رَوَى عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَحُسَيْنُ بْنُ السَّائِبِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأَشَجِّ.
وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ سَمْحًا جَوَّادًا، وَكَانَ أَبُوهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ: قَدِمْتُ مِنْ عِنْدِ مُعَاوِيَةَ بِثِلاثِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، فَأَقَمْتُ سَنَةً، وَحَاسَبْتُ قَوَّامِي فَوَجَدْتُنِي قَدْ أَنْفَقْتُ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ، لَيْسَ بِيَدِي مِنْهَا إِلا رَقِيقٌ وَغَنَمٌ وَقُصُورٌ، فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَقِيتُ كَعْبَ الأَحْبَارِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: أَيْنَ أَنْتَ مِنَ النَّخْلِ.
قُلْتُ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَيُقَوِّي وَهْنَهُ أَنَّهُ يَقُولُ فِيهِ: فَلَقِيتُ كَعْبًا، وَكَعْبُ قَدْ مَاتَ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ، قَبْلَ أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ بِسِنِينَ.
59- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَزْهَرَ الزُّهْرِيُّ [2] ابْنُ عَمِّ عَبْدِ الرحمن بن عوف.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن أبي أحمد) في:
المحبّر 69، وأنساب الأشراف 1/ 436، وتاريخ الثقات للعجلي 249 رقم 776، والجرح والتعديل 5/ 5 رقم 24، وطبقات ابن سعد 5/ 62، وتهذيب التهذيب 5/ 143، 144 رقم 247، وتقريب التهذيب 1/ 401 رقم 180، وخلاصة تذهيب التهذيب 190.
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن أزهر) في:
التاريخ الكبير 5/ 240 رقم 792، والتاريخ الصغير 65، ومشاهير علماء الأمصار 28 رقم 140، والجرح والتعديل 5/ 208، 209 رقم 983، والمغازي للواقدي 922، وطبقات خليفة 96، ومسند أحمد 4/ 88 و 350، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 118 و 142 رقم 442 و 688، وتجريد أسماء الصحابة 1/ 343، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 324، وأخبار القضاة 1/ 21 و 121 و 122، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 294 رقم 342، والاستيعاب 2/ 406، والمعرفة والتاريخ 1/ 283، 284 و 356 و 357 و 368 و 414، والكاشف 2/ 138 رقم 3177، وتحفة الأشراف 7/ 190- 193 رقم 329، والنكت الظراف 7/ 191- 92، وتهذيب التهذيب 6/ 135، 136، وتقريب التهذيب 1/ 472 رقم 863،(5/169)
وَلَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَشَهِدَ حُنَيْنًا.
رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَعْبَدُ الْحَمِيدِ، وَطَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ.
وَأُمُّهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، وهُوَ مُقِلٌّ مِنَ الرِّوَايَةِ، لَهُ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ.
60- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأسود [1] خ د ق ابْنِ عَبْدِ يَغُوث بْنِ وَهْبٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ القرشيّ الزّهري المدني.
رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.
رَوَى عَنْهُ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ، وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ- وَهُمَا مِنْ طَبَقَتِهِ- وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ. قِيلَ: إِنَّهُ شَهِدَ فَتْحَ دِمَشْقَ، وَأنَّهُ مِمَّنْ عُيِّنَ فِي حُكُومَةِ الْحَكَمَيْنِ، فَقَالُوا: لَيْسَ لَهُ وَلا لِأَبِيهِ هِجْرَةٌ، وَكَانَ ذَا مَنْزِلَةٍ مِنْ عَائِشَةَ، وَأَبُوهُ مِمَّنْ نَزَلَ فيه إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ 15: 95 [2] .
قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ [3] : هُوَ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ.
وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ: ثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبيه
__________
[ () ] والإصابة 2/ 389، 390 رقم 5078، والمستدرك 3/ 431، وتلخيص المستدرك 3/ 431، وتهذيب الكمال 2/ 773، 774، وخلاصة تذهيب التهذيب 224، والمنتخب من ذيل المذيل 557، ونسب قريش 274.
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن الأسود) في:
المحبّر 64 و 69، وطبقات خليفة 233، وتاريخ الثقات للعجلي 288 رقم 931، والثقات لابن حبان 3/ 258 و 5/ 76، وتاريخ الطبري 4/ 363- 365 و 5/ 344، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 36 و 90 و 259 و 554، والمعرفة والتاريخ 1/ 369، 370 و 403 و 2/ 560 و 659 و 685 و 3/ 73، وتهذيب الكمال 2/ 774، 775، وتحفة الأشراف 7/ 193 رقم 327، والاستيعاب 2/ 427، والجرح والتعديل 5/ 209 رقم 987، وطبقات ابن سعد 5/ 7، والتاريخ الكبير 5/ 253، 254 رقم 816، والكاشف 2/ 139 رقم 3180، وجامع التحصيل 269 رقم 421، والإصابة 2/ 390، 391 رقم 5081، وتهذيب التهذيب 6/ 139، 140 رقم 284، وتقريب التهذيب 1/ 472 رقم 866، وخلاصة تذهيب التهذيب 224.
[2] سورة الحجر- الآية 95.
[3] في تاريخ الثقات 288.(5/170)
قَالَ: لَمَّا حُصِرَ عُثْمَانُ، اطَّلَعَ مِنْ فَوْقِ دَارِهِ، فَذَكَرَ لَهُمْ أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ [1] عَلَى الْعِرَاقِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَرَكْعَتَيْنِ أَرْكَعُهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ إِمْرَةِ الْعِرَاقِ.
61- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبِ [2] بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ بْنِ عَمْرٍو، وَأَبُو يَحْيَى اللَّخْمِيُّ.
رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْ: أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَوَالِدِهِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ يَحْيَى، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ.
وَكَانَ فَقِيهًا ثِقَةً. ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ.
62- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانِ [3] ابْنِ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو سَعْدٍ الأَنْصَارِيُّ
__________
[1] في طبعة القدسي 41 «يعقوب» .
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن حاطب) في:
طبقات خليفة 233، وتاريخ الثقات للعجلي 290 رقم 944، وتاريخ الطبري 4/ 366، والمعرفة والتاريخ 1/ 410، 411 و 3/ 329، وطبقات ابن سعد 5/ 64، والمعارف 318، والتاريخ الكبير 5/ 271 رقم 876، ومشاهير علماء الأمصار 84 رقم 609، والجرح والتعديل 5/ 222 رقم 1050، والاستيعاب 2/ 427، والكاشف 2/ 143 رقم 3211، وجامع التحصيل 269 رقم 425، والإصابة 2/ 394 رقم 5103، وتهذيب التهذيب 6/ 158، 159 رقم 321، وتقريب التهذيب 1/ 476 رقم 903، وخلاصة تذهيب التهذيب 225، وتهذيب الكمال 782.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن حسّان) في:
طبقات ابن سعد 5/ 266، والمحبّر 76 و 89 و 110، وعيون الأخبار 1/ 321 و 2/ 198 و 3/ 172، والبرصان والعرجان 69 و 156 و 276 و 350، وأنساب الأشراف 1/ 45 و 151 و 452 وق 4 ج 1/ 17 و 59 و 299، والعقد الفريد 4/ 40 و 5/ 321 و 6/ 6 و 7، والأخبار الموفقيات 223- 226 و 228 و 230- 235 و 238 و 239 و 243 و 245 و 246 و 249 و 250 و 252 و 253 و 256 و 258 و 261 و 264- 266 و 273 و 282، وسيرة ابن هشام 1/ 184 و 3/ 252 و 4/ 199، والجرح والتعديل 5/ 222 رقم 1047، والتاريخ الكبير 5/ 270 رقم 871، والمعارف 143 و 312، والمعرفة والتاريخ 1/ 235 و 2/ 462، وتاريخ الطبري 2/ 619 و 3/ 22 و 172، وطبقات خليفة 251، ونسب قريش 325، والتبيين في أنساب(5/171)
الْخَزْرَجِيُّ الْمَدَنِيُّ، الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ، ابْنُ شَاعِرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
يُقَالُ: إِنَّهُ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَهُ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِيهِ.
وَأُمُّهُ شِيرِينُ الْقِبْطِيَّةُ أُخْتُ مَارِيَةَ سَرِيَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمُّ إِبْرَاهِيمَ.
حَكَى مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لَهُ ابْنُهُ يَزِيدَ: أَلا تَرَى إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانٍ يُشَبِّبُ بِابْنَتِكَ؟ فَقَالَ: وَمَا يَقُولُ؟ قَالَ: يَقُولُ:
هِيَ زَهْرَاءُ مِثْلَ لُؤْلُؤَةِ ... الْغَوَّاصِ مِيزَتْ مِنْ جَوْهَرٍ مَكْنُونِ
فَقَالَ: صَدَقَ، قَالَ: فَإِنَّهُ يَقُولَ:
فإذا مَا نسبتها لَمْ تجدها ... فِي سناء من المكارم دون
قَالَ: صَدَقَ، قَالَ: فَإِنَّهُ يَقُولُ:
ثُمَّ خَاصَرْتُهَا إِلَى القبّة الخضراء ... راء أَمْشِي فِي مَرْمرٍ مَسْنونِ [1]
وَفِيهِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ:
فَمَنْ لِلْقَوَافِي بَعْدَ حَسَّانٍ وَابْنِهِ ... وَمَنْ لِلْمَثَانِي بعد زيد بن ثابت
__________
[ () ] القرشيّين 310، وجمهرة أنساب العرب 347، والتذكرة الحمدونية 2/ 495، والزاهر للأنباري 2/ 381، والكامل في التاريخ 2/ 199 و 226 و 5/ 117، والشعر والشعراء 225 و 226 و 394 و 529 و 543 و 583، ووفيات الأعيان 5/ 193، والكاشف 2/ 144 رقم 3218، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 280، وتخليص الشواهد 417، 418، والكتاب 1/ 475، لسيبويه- تحقيق عبد السلام هارون- طبعة دار الكاتب العربيّ 1388 هـ.، وخزانة الأدب 2/ 104، وهمع الهوامع 2/ 3، والدرر اللوامع- الشنقيطي- طبعة مصر 1328 هـ. - ج 2/ 3، وتهذيب التهذيب 6/ 162، 163 رقم 329، وتقريب التهذيب 1/ 477 رقم 912، والأغاني 21/ 269، في ترجمة هدبة، وتزيين الأسواق 319، وخلاصة تذهيب التهذيب 226، وانظر: شعر عبد الرحمن بن حسّان- تحقيق د. سامي مكي العاني- طبعة بغداد، والأغاني 15/ 106، 107 و 109- 121، والأمالي للقالي 2/ 221 و 3/ 188 و 216 والذيل 23.
[1] الأبيات في الأغاني 15/ 109.(5/172)
63- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ [1] ابْنُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، أَبُو حَرْبٍ، وَيُقَالُ: أَبُو الْحَارِثِ الأُمَوِيُّ، أَخُو مَرْوَانَ.
شَاعِرٌ مُحْسِنٌ، شَهِدَ يَوْمَ الدَّارِ مَعَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَمِنْ شِعْرِهِ:
وَأَكْرَمُ مَا تَكُونُ عَلَيَّ نَفْسِي ... إِذَا مَا قَلَّ فِي الْكُرُبَاتِ مَالِي
فَتَحْسُنُ سِيرَتِي وَيَصُونُ عِرْضِي ... وَيَجْمُلُ عِنْدَ أَهْلِ الرَّأْيِ حَالِي [2]
وَقَدْ عَاشَ إِلَى يَوْمِ مَرْجِ رَاهِطٍ، فَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيّ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ:
لَحَا اللَّهُ قَيْسًا قَيْسُ عَيْلانَ إِنَّهَا ... أَضَاعَتْ فُرُوجَ الْمُسْلِمِينَ وَوَلَّتِ
أَتَرْجِعُ كَلْبٌ قَدْ حَمَتْهَا رماحها ... وتترك قتلى راهط ما أحنت [3]
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن الحكم) في:
الأخبار الموفّقيّات 179 و 227 و 228 و 250 و 258 و 262 و 264، والأغاني 13/ 259- 269 و 111- 121، ووفيات الأعيان 6/ 359، وجمهرة أنساب العرب 87 و 110، والتذكرة الحمدونية 1/ 388، ومجالس ثعلب- تحقيق عبد السلام هارون- طبعة القاهرة 1960- ص 411، والبصائر والذخائر لأبي حيّان 7 رقم 325، ومحاضرات الأدباء للراغب 1/ 37، والمحاسن والمساوئ للبيهقي 432، وربيع الأبرار 1/ 503 و 4/ 49 و 253، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1776 و 1783 و 1962 و 1966، والحيوان 1/ 146، ونسب قريش 159، والبيان والتبيين 3/ 348، والكامل للمبرّد 109 و 224 و 225 و 444، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 107، وتاريخ الطبري 4/ 535 و 5/ 336 و 544، والعقد الفريد 2/ 469 و 3/ 61 و 83 و 4/ 492 و 493 و 5/ 281 و 321 و 322 و 6/ 34 و 125، والشعر والشعراء 1/ 394 و 73 و 197 و 600، ولباب الآداب 389- 391، والبرصان والعرجان 69 و 276 و 350، والمحبّر 305، وتخليص الشواهد 440، والمقرّب لابن عصفور 1/ 121، وشذور الذهب لابن هشام، بعناية محمد محيي الدين عبد الحميد- مصر 1365 هـ. / 1946 م. - ص 375، وشرح المفصّل، لابن يعيش- مصر 1928- ص 6/ 27، ومعجم بني أمية 8.- 90 رقم 177، وتاريخ أبي زرعة 1/ 56 و 65، وذيل الأمالي 23. (
[2] تاريخ دمشق (نسخة الظاهرية) 9/ 462 أ.
[3] تاريخ دمشق 9/ 462 أوورد هذا البيت فيه بلفظ:
وتترك قتلى راهط يا أحبّتي(5/173)
فَشَاوِلْ بِقَيْسٍ فِي الطِّعَانِ وَلا تَكُنْ ... أَخَاهَا إِذَا مَا الْمَشْرَفِيَّةُ سُلَّتِ [1]
أَلا إِنَّمَا قَيْسُ بْنُ عَيْلانَ قِلَّةٌ [2] ... إِذَا شَرِبَتْ هَذَا الْعَصِيرَ تَغَنَّتِ
64- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ [3] ن ابن نفيل بن عبد العزّى العدوي.
أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَعَمِّهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَحُسَيْنُ بْنُ الْحَارِثِ، وَأَبُو جَنَابٍ [4] الْكَلْبِيُّ.
وَوَلَّى إِمْرَةَ مَكَّةَ لِيَزِيدَ.
قَالَ الزُّبَيْرُ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِيمَا زَعَمُوا مِنْ أَطْوَلِ الرِّجَالِ وَأَتَمِّهِمْ، وَكَانَ شَبِيهًا بِأَبِيهِ، وَكَانَ عُمَرُ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ قَالَ:
أَخُوكُمْ غَيْرُ أَشْيَبَ قَدْ أَتَاكُمْ ... بِحَمْدِ اللَّهِ عَادَ لَهُ الشَّبَابُ
وَزَوَّجَهُ عُمَرُ بِابْنَتِهِ فَاطِمَةَ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ اللَّهِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ [5] : قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُ سِتُّ سِنِينَ، وَجَدُّهُ أَبُو لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ. وَتُوُفِّيَ أَيَّامَ عبد الله بن الزبير.
__________
[1] هذا البيت ليس في تاريخ دمشق.
[2] في تاريخ دمشق «نملة» .
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن زيد) في:
المحبّر 101، ونسب قريش 263، وأنساب الأشراف 1/ 428، وتاريخ خليفة 251، وطبقات خليفة 234، وفتوح البلدان 267، والتاريخ الكبير 5/ 284 رقم 920، والجرح والتعديل 5/ 233 رقم 1106، ومشاهير علماء الأمصار 21 رقم 88، والمعارف 180، والمعرفة والتاريخ 2/ 809، والاستيعاب 2/ 425، وتهذيب الكمال 2/ 789، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 34 و 132 و 133 و 318 و 325 و 498، وجمهرة أنساب العرب 151، وطبقات ابن سعد 5/ 49، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 296 رقم 348، ووفيات الأعيان 5/ 247 و 6/ 274، والكاشف 2/ 146 رقم 3238، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 59 و 268، وتهذيب التهذيب 6/ 179، 180 رقم 359، وتقريب التهذيب 1/ 480 رقم 942، وخلاصة تذهيب التهذيب 227.
[4] في الأصل «أبو خباب» .
[5] في الطبقات 5/ 50.(5/174)
وَقَالَ غَيْرُهُ: وَلاهُ يَزِيدُ مَكَّةَ سَنَةَ ثَلاثٍ وستين.
65- عبد الرحمن بن أبي عميرة [1]- ت- المزني، صَحَابِيٌّ، لَهُ أَحَادِيثُ، وَقَدْ سَكَنَ حِمْصَ وَتَاجَرَ.
رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَالْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ الْقَصِيرُ.
وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: هُوَ تَابِعِيٌّ.
66- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ [2] ابْنِ عُبَيْدِ الْمَعْرُوفُ أبوه بِزِيَادِ بْنِ أَبِيهِ عند الناس، وعند بني أميّة بزياد
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن أبي عميرة) في:
طبقات ابن سعد 7/ 417، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 110 رقم 355، والمعرفة والتاريخ 1/ 287، والتاريخ الكبير 5/ 240 رقم 791، والاستيعاب 2/ 407، وتحفة الأشراف 7/ 204 رقم 338، وتهذيب الكمال 2/ 808، وتجريد أسماء الصحابة 1/ 353، وجامع التحصيل 274 رقم 448، والكاشف 2/ 159 رقم 3324، والإصابة 2/ 414، 415 رقم 5177 وتهذيب التهذيب 6/ 243، 244 رقم 488، وتقريب التهذيب 1/ 493 رقم 1068، وخلاصة تذهيب التهذيب 234.
[2] انظر عن (عبيد الله بن زياد) في:
الأخبار الطوال 225 و 227 و 231- 235 و 237- 239 و 241 و 242 و 251 و 253 و 259 و 260 و 269 و 270 و 281- 285 و 293 و 295، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 3 چ و 84 و 108، والمحبّر 303 و 443 و 447 و 455، وتاريخ اليعقوبي 2/ 236 و 242- 245 و 257- 259 و 265 و 269، والبرصان والعرجان 70 و 82 و 285 و 279 و 363، والتاريخ لابن معين 2/ 382، ونسب قريش 40 و 58 و 127 و 128 و 196 و 244 و 245، وعيون الأخبار 1/ 41 و 45 و 147 و 163 و 165 و 168 و 229 و 337 و 2/ 44 و 258 و 3/ 275 و 4/ 19 و 36 و 97 و 98، وأنساب الأشراف 3/ 298، والعقد الفريد 1/ 117 و 148 و 149 و 191 و 234 و 2/ 175 و 399 و 477 و 3/ 60 و 4/ 83 و 87 و 163 و 207 و 379 و 381 و 382 و 396 و 397 و 403 و 404 و 410 و 411 و 5/ 7، 8، وتاريخ خليفة 21 و 184 و 219 و 222- 225 و 227 و 231 و 236 و 251 و 256 و 258 و 259 و 262 و 263، والمعارف 188 و 204 و 213 و 243 و 297 و 298 و 347 و 351 و 401 و 410 و 416 و 563 و 571 و 586 و 622، والمعرفة والتاريخ 1/ 218 و 220 و 262 و 3/ 25 و 325 و 329، وتاريخ الطبري (انظر فهرس الأعلام) 10/ 327، 328، وثمار القلوب 92 و 160 و 648، وجمهرة أنساب العرب 113 و 227 و 228 و 406، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 161 و 173 و 178- 183 و 189 و 198 و 214(5/175)
ابن أبي سفيان، فقد ذكرنا أنّ زيادا استلحقه معاوية وجعله أخاه، ولّى أَبُو حَفْصٍ عُبَيْدَ اللَّهِ إِمْرَةَ الْكُوفَةِ لِمُعَاوِيَةَ، ثُمَّ لِيَزِيدَ، ثُمَّ وَلاهُ إِمْرَةَ الْعِرَاقِ.
وَقَدْ رَوَى عَنْ: سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَغَيْرِهِ.
قَالَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ: ذَكَرُوا أن عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ كَانَ لَهُ وَقْتَ قُتِلَ الحسين ثمان وعشرون سنة.
وقال ابن مَعِينٍ [1] : هُوَ ابْنُ مَرْجَانَةَ وَهِيَ أُمَةٌ.
وَعَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى زِيَادٍ: أَنْ أَوْفِدْ عَلَيَّ ابْنَكَ عُبَيْدَ اللَّهِ، فَفَعَلَ، فَمَا سَأَلَهُ مُعَاوِيَةُ عَنْ شَيْءٍ إِلا أَنْفَذَهُ [2] لَهُ، حَتَّى سَأَلَهُ عَنِ الشِّعْرِ، فَلَمْ يَعْرِفْ مِنْهُ شَيْئًا، فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ مِنْ رِوَايَةِ الشِّعْرِ؟ قَالَ: كَرِهْتُ أَنْ أَجْمَعَ كَلامَ اللَّهِ وَكَلامَ الشَّيْطَانِ فِي صَدْرِي، فَقَالَ: أُغْرُبْ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَضَعْتُ رِجْلِي فِي الرِّكَابِ يَوْمَ صِفِّينَ مِرَارًا، مَا يَمْنَعُنِي مِنَ الْهَزِيمَةِ إِلا أَبْيَاتُ ابْنِ الإِطْنَابَةَ [3] ، حيث يقول:
__________
[ () ] و 219 و 241 و 278 و 283 و 291 و 293- 296 و 299 و 304 و 306 و 320 و 345 و 353 و 370 و 373- 405 و 409- 412 و 418- 422، وتاريخ العظيمي 182 و 184 و 185 و 187، ووفيات الأعيان 2/ 502- 504 و 3/ 165 و 6/ 344 و 345 و 347- 350 و 353 و 362 و 7/ 60 و 69، والكامل في التاريخ (انظر فهرس الأعلام) 13/ 226، 227، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 485، وفتوح البلدان 119 و 378 و 412 و 428 و 429 و 433 و 436 و 439 و 440 و 444 و 455 و 457 و 463 و 507 و 510 و 535 و 575، والخراج وصناعة الكتابة 405 و 416، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1891- 1901 و 1958- 1961 وانظر: 1779 و 1886 و 1905 و 1917 و 1920 و 1921 و 1979 و 1984- 1986 و 2015 و 2300 و 2758 و 2901، والبدء والتاريخ و 6/ 12، والزيارات 78، وربيع الأبرار 4/ 316 و 241 و 267 و 476، والهفوات النادرة 84 و 96 و 97 و 117، والتذكرة الحمدونية 1/ 406 و 424 و 2/ 34 و 243 و 268 و 393 و 472 و 479 و 480، ونثر الدر 5/ 13، والبصائر والذخائر 4/ 48 رقم 52، ومعجم بني أمية 118- 120 رقم 225، وتاريخ دمشق (نسخة الظاهرية) 10/ 328 أ- 335 ب، ومرآة الجنان 1/ 142، والبداية والنهاية 8/ 283- 287.
[1] في تاريخه 2/ 382.
[2] كذا، وفي البداية والنهاية 8/ 283 «إلّا نفذ منه» .
[3] هو: عمرو بن الإطنابة.(5/176)
أَبَتْ لِي عِفَّتِي [1] وَأَبَى بَلائِي ... وَأَخْذِي الْحَمْدَ بِالثَّمَنِ الرَّبِيحِ
وَإِعْطَائِي عَلَى الإِعْدَامِ مَالِي [2] ... وَإِقْدَامِي عَلَى الْبَطَلِ الْمُشِيحِ [3]
وَقُولِي كُلَّمَا جَشَأَتْ وَجَاشَتْ ... مكَانَكِ [4] تُحْمَدِي أَوْ تَسْتَرِيحِي [5]
وَكَتَبَ إِلَى أَبِيهِ فَرَوَّاهُ الشِّعْرَ، فَأَسْقَطَ عَلَيْهِ مِنْهُ بَعْدَ شَيْءٍ.
قَالَ أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ: وَلَّى مُعَاوِيَةُ عُبَيْدَ اللَّهِ الْبَصْرَةَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ، فَلَمَّا وَلِيَ يَزِيدُ الْخِلافَةَ ضَمَّ إِلَيْهِ الْكُوفَةَ.
وَقَالَ خَلِيفَةُ [6] : وَفِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَخَمْسِينَ وَلَّى مُعَاوِيَةُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ خُرَاسَانَ، وَفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ غَزَا عُبَيْدُ اللَّهِ خُرَاسَانَ وَقَطَعَ النَّهْرَ إِلَى بخارى على
__________
[1] في الأصل «عقبي» .
[2] في التذكرة الحمدونية:
«وإحشامي على المكروه نفسي» .
[3] في أمالي القالي، والتذكرة:
«وضربي هامة البطل المشيح» .
[4] في الأمالي: «رويدك» .
[5] الأبيات باختلاف في بعض الألفاظ، في: الكامل في الأدب للمبرّد 4/ 68، والشعر والشعراء لابن قتيبة 1/ 126، والعقد الفريد 1/ 104، وعيون الأخبار 1/ 126، وتاريخ الطبري 5/ 24، ووقعة صفّين لابن مزاحم 449، والكامل في التاريخ 4/ 68، ولباب الآداب لابن منقذ 223، 224، وديوان الحماسة للبحتري 9، وخزانة الأدب للبغدادي 1/ 423، وحلية المحاضرة في صناعة الشعر لمحمد بن الحسن الحاتمي- تحقيق د. جعفر الكتاني- بغداد 1979- ج 1/ 298، 299، وتهذيب الألفاظ لابن السّكّيت، نشره الأب لويس شيخو- بيروت 1895- ص 443، والأشباه والنظائر (حماسة الخالديين) - تحقيق- السيد محمد يوسف- القاهرة 1958- 1965- ج 1/ 18، والحيوان للجاحظ- تحقيق- عبد السلام هارون- القاهرة 1938- 1945- ج 6/ 425، والمقاصد النحوية للعيني (على هامش خزانة الأدب للبغدادي) 4/ 415، وديوان المعاني، لأبي هلال العسكري- القاهرة 1352 هـ. - ص 114، والريحان والريعان لابن خيرة الأندلسي- نسخة الفاتح بإسطنبول رقم 3909- ج 1/ 119، ونهاية الأرب 3/ 226، ومعجم الشعراء للمرزباني 9، ومجالس ثعلب- تحقيق عبد السلام هارون- القاهرة 1960- ص 83، والمجتنى لابن دريد- طبعة حيدرآباد 1362 هـ. - ص 41، وبغداد، لابن أبي طاهر طيفور- القاهرة 1949- ص 135، والتذكرة الحمدونية 2/ 66 رقم 124، والبداية والنهاية 8/ 283، 284.
[6] في تاريخه 219 و 222.(5/177)
الإِبِلِ، فَكَانَ أَوَّلُ عَرَبِيٍّ قَطَعَ النَّهْرَ، فَافْتَتَحَ رَامِينَ ونَسْفَ وَبِيكَنْدَ مِنْ عَمَلِ بُخَارَى.
وَقَالَ أَبُو عَتَّابٍ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَحْسَنَ وَجْهًا مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ.
وَنَقَلَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ أُمَّ عُبَيْدِ اللَّهِ- يَعْنِي مَرْجَانَةَ- كَانَتْ بِنْتُ بَعْضِ مُلُوكِ فَارِسٍ.
قَالَ أَبُو وَائِلٍ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ زِيَادٍ بِالْبَصْرَةِ، فَإِذَا بَيْنَ يَدَيْهِ تَلُّ مِنْ وَرَقٍ، ثَلاثَةُ آلافِ أَلْفٍ مِنْ خَرَاجِ أَصْبَهَانَ، فَقَالَ: مَا ظَنُّكَ بِرَجُلٍ يَمُوتُ وَيَدَعُ مِثْلَ هَذَا؟ فَقُلْت: فَكَيْفَ إِذَا كَانَ غُلُولٌ! قَالَ: ذَاكَ شَرٌّ عَلَى شَرٍّ.
وَرَوَى السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، أَمَّرَهُ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ، غُلامًا، سَفِيهًا، يَسْفِكُ الدِّمَاءَ سَفْكًا شَدِيدًا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ فَقَالَ: انْتَهِ عَمَّا أَرَاكَ تَصْنَعُ، فَإِنَّ شَرَّ الرِّعَاءِ الْحُطْمَةُ، قَالَ:
مَا أَنْتَ وَذَاكَ، إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ حُثَالَةِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: وَهَلْ كَانَ فِيهِمْ حُثَالَةٌ، لا أُمَّ لَكَ، بَلْ كَانُوا أَهْلَ بُيُوتَاتٍ وَشَرَفٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ إِمَامٍ وَلا وَالٍ بَاتَ لَيْلَةً غَاشًّا لِرَعِيَّتِهِ إِلا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» [1] . ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَأَتَى الْمَسْجِدَ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، وَنَحْنُ نَعْرِفُ فِي وَجْهِهِ مَا قَدْ لَقِيَ مِنْهُ، فَقُلْتُ لَهُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ أَبَا زِيَادٍ، مَا كُنْتَ تَصْنَعُ بِكَلامِ هَذَا السَّفِيهِ عَلَى رُءوسِ النَّاسِ! فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ عِنْدِي عِلْمٌ خَفِيٌّ مِنْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ لا أَمُوتَ [2] حَتَّى أَقُولَ بِهِ عَلانِيَةَ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ دَارَهُ وَسِعَتْ أَهْلَ الْمِصْرِ، حَتَّى سَمِعُوا مَقَالَتِي وَمَقَالَتَهُ، قَالَ: فَمَا لَبِثَ الشَّيْخُ أَنْ مَرِضَ، فَأَتَاهُ الْأَمِيرُ عُبَيْدُ اللَّهِ يَعُودُهُ، قَالَ: أَتَعْهَدُ إِلَيْنَا شَيْئًا نَفْعَلُ فِيهِ الَّذِي تُحِبَّ؟ قَالَ: أَسْأَلُكَ أَنْ لا تُصَلِّيَ عَلَيَّ، وَلا تقوم [3] على قبري.
__________
[1] أخرجه البخاري في الأحكام 8/ 107 باب من استرعى رعيّة فلم ينصح. ومسلم في الإيمان، (227/ 142) و (228) باب استحقاق الوالي الغاشّ لرعيّته النار، وفي الإمارة (21/ 142) باب فضيلة الإمام العادل، والدارميّ في الرقاق 77، وأحمد في المسند 5/ 25.
[2] في الأصل «أقول حتى أقول» .
[3] في الأصل «لا تقم» .(5/178)
قَالَ الْحَسَنُ: وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ رَجُلا جَبَانًا فَرَكِبَ، فَإِذَا النَّاسُ فِي السِّكَكِ، فَفَزِعَ وَقَالَ: مَا هَؤُلاءِ؟ قَالُوا: مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ، فَوَقَفَ حَتَّى مَرَّ بِسَرِيرِهِ، فَقَالَ: أَمَا إنه لَوْ كَانَ سَأَلَنَا شَيْئًا فَأَعْطَيْنَاهُ إِيَّاهُ لَسِرْنَا مَعَهُ.
لَهُ إِسْنَادٌ آخَرُ، وَإِنَّمَا الصَّحِيحُ كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ [1] أَنَّ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِ وَكَلَّمَهُ عَائِذُ بْنُ عَمْرٍو الْمُزَنِيُّ، وَلَعَلَّهُمَا وَاقِعَتَانِ، فَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: ثنا الْحَسَنُ، أَنَّ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو دَخَلَ عَلَى ابْنِ زِيَادٍ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «شَرُّ الرِّعَاءِ الْحُطْمَةُ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ» ، فَقَالَ:
اجْلِسْ، فَإِنَّمَا أَنْتَ مِنْ نُخَالَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَالَ: هَلْ هَؤُلاءِ كَانَ لَهُمْ نُخَالَةٌ! إِنَّمَا كَانَتِ النُّخَالَةُ بَعْدَهُمْ.
الْمُحَارِبيُّ: ثنا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ أَحَدَ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ عُمَرُ إِلَى الْبَصْرَةِ لِيُفَقِّهُوهُمْ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ يَعُودُهُ، فَقَالَ: اعْهَدْ إِلَيْنَا أَبَا زِيَادٍ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ كَانَ يَنْفَعُنَا بِكَ، قَالَ: هَلْ أَنْتَ فَاعِلٌ مَا آمُرُكَ بِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:
إِذَا مُتُّ لا تُصَلِّ عَلَيَّ، وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ [2] .
وَقْد ذَكَرْنَا مَقْتَلَ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ. كَذَا وَرَّخَهُ أَبُو الْيَقْظَانِ.
وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عن أبي الطفيل قال: عزلنا سبعة رءوس وَغَطَّيْنَاهَا، مِنْهَا رَأْسُ حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، فَجِئْتُ فَكَشَفْتُهَا، فَإِذَا حَيَّةٌ فِي رَأْسِ عُبَيْدِ اللَّهِ تَأْكُلُهُ.
رَوَى التِّرْمِذِيُّ نحوه، وصحّحه مِنْ حَدِيثِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: جِيءَ بِرَأْسِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَأَصْحَابِهِ، فَأَتَيْتُ وَهُمْ يَقُولُونَ:
جَاءَتْ، فَإِذَا حَيَّةٌ قد جاءت تخلّل الرءوس حتى دخلت في منخري عُبَيْدِ اللَّهِ، فَمَكَثَتْ هُنَيْهَةً، ثَمَّ خَرَجَتْ، فَذَهَبَتْ حَتَّى تَغَيَّبَتْ ثُمَّ قَالُوا: قَدْ جَاءَتْ قَدْ
__________
[1] انظر تخريج الحديث قبل قليل.
[2] سبق تخريجه.(5/179)
جَاءَتْ، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا [1] .
67- عَبْدُ [2] المطّلب بن ربيعة [3]- م ت د ن- بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ بن عبد مناف.
لَهُ صُحْبَةٌ وَحَدِيثٌ رَوَاهُ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بن الحارث بن نوفل، وروى عن عَلِيٌّ حَدِيثًا.
تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ، وَدَارَهُ بِزُقَاقِ الْهَاشِمِيِّينَ، وَكَانَ شَابًّا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَهُ أَبُوهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُوَلِّيَهُ عُمَّالَهُ، وَالْحَدِيثُ فِي «مسلم» [4] .
وفي «المسند» [5] و «الترمذيّ» قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
[1] حديث حسن صحيح أخرجه الترمذي في المناقب (3869) ، باب مناقب الحسن والحسين بن علي رضي الله عنهما.
[2] من حقّ هذه الترجمة أن تتقدّم الترجمة السابقة، حسب الترتيب الأبجدي، وأبقيناها حسب ترتيب المؤلّف- رحمه الله-.
[3] انظر عن (عبد المطّلب بن ربيعة) في:
تاريخ خليفة 251، وجمهرة أنساب العرب 71، وطبقات ابن سعد 4/ 57، وطبقات خليفة 6/ 297، والتاريخ الكبير 6/ 131، 132 رقم 1937، والجرح والتعديل 6/ 68 رقم 357، والاستيعاب 2/ 447، وأنساب الأشراف 3/ 24 و 25 و 295 و 296، والمغازي للواقدي 696، 697، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 308 رقم 371، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 329، وأسد الغابة 3/ 331، والكامل في التاريخ 4/ 110، وتهذيب الكمال 852، وتحفة الأشراف 7/ 219 رقم 343، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 99 رقم 211، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 287، والعبر 1/ 66، والكاشف 2/ 182 رقم 3484، وسير أعلام النبلاء 3/ 112، 113 رقم 22، ومرآة الجنان 1/ 137، والعقد الثمين 5/ 494، وتهذيب التهذيب 6/ 383، 384 رقم 723، والإصابة 2/ 2/ 430 رقم 5254، وتقريب التهذيب 1/ 517 رقم 1291، وخلاصة تذهيب التهذيب 269، وشذرات الذهب 1/ 70.
[4] في الزكاة (1072) باب: ترك استعمال آل النبيّ على الصدقة. وأخرجه أبو داود في الخراج (1285) باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذوي القربى، وابن سعد في الطبقات 4/ 58، 59 من طريق: الزهري، عن عبد الله بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب، عن المطّلب بن ربيعة، أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ الصدقة لا تنبغي لآل محمد إنما هي أوساخ الناس» .
[5] مسند أحمد 4/ 166.(5/180)
أبا سفيان ابن الْحَارِثِ أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَهُ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ رَبِيعَةَ، فَفَعَلَ وَسَكَنَ الشَّامَ فِي أَيَّامِ عُمَرَ.
وَقَالَ خَلِيفَةُ [1] . تُوُفِّيَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِي دَوْلَةِ يَزِيدَ.
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ.
68- عبيد الله بن علي [2] بن أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ، وَأُمُّهُ لَيْلَى بِنْتُ مَسْعُودِ بْنِ خَالِدِ التَّمِيمِيِّ، أُخْتُ نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ.
قَدِمَ عَلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَوَصَلَهُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قُتِلَ مَعَهُ فِي مُحَارَبَةِ الْمُخْتَارِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ.
69- عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ [3] ع ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ الْحَشْرَجِ بْنِ امرئ القيس بن عديّ، أبو
__________
[1] في تاريخه 251.
[2] انظر عن (عبيد الله بن علي) في:
تاريخ خليفة 234، ونسب قريش 43، 44، وطبقات ابن سعد 5/ 117، وجمهرة أنساب العرب 230، والمعارف 124 و 210 و 374 و 401، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1908 و 1990 والبدء والتاريخ 5/ 76 و 6/ 23، وتاريخ اليعقوبي 2/ 213 و 263، ومرآة الجنان 1/ 142، وتاريخ الطبري 5/ 154 و 6/ 104 و 115، والكامل في التاريخ 3/ 397 و 4/ 272 و 277.
[3] انظر عن (عديّ بن حاتم) في:
طبقات ابن سعد 6/ 22، وطبقات خليفة 463 و 904، وتاريخ خليفة 93 و 98 و 195 و 264، والبرصان والعرجان 363، والأخبار الموفقيات 409، 410، والمحبّر 126 و 156 و 233 و 241 و 261، والمعارف 313، والتاريخ الكبير 7/ 43 رقم 189، والجرح والتعديل 7/ 2 رقم 1، والسير والمغازي 287، 288، وأنساب الأشراف 1/ 522 و 528 و 530، وق 4 ج 1/ 50 و 51 و 92 و 119 و 247 و 248 و 250 و 252 و 529 و 569، وتاريخ الطبري 3/ 112- 115 و 140 و 147 و 247 و 253 و 254 و 348 و 366 و 382 و 486 و 4/ 485 و 488 و 493 و 521 و 523 و 525 و 5/ 5 و 9/ 10 و 75 و 79 و 88 و 89 و 188 و 267 و 281 و 284 و 6/ 63 و 64، والزاهر للأنباري 2/ 242، وإمتاع الأسماع للمقريزي 1/ 509، وجمهرة أنساب العرب 402، ومشاهير علماء الأمصار 44 رقم 271، وربيع الأبرار 4/ 342 و 393، وفتوح البلدان 336، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 84 رقم 51، والعقد الفريد 1/ 288 و 289 و 309 و 2/ 286 و 3/ 399 و 434 و 4/ 28 و 35 و 52 و 73 و 5/ 294 و 6/ 338، وعيون الأخبار 1/ 225 و 335 و 337 و 338، والأخبار الطوال 21 و 114 و 146(5/181)
طريف الطّائي، ويكنّى أبا واهب، وَلَدُ حَاتِمٍ الْجُودِ.
وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ، فَأَكْرَمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ سَيِّدُ قَوْمِهِ.
لَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعن عمر.
__________
[ () ] و 149 و 150 و 172 و 177 و 186 و 205، وتاريخ اليعقوبي 2/ 76 و 79 و 122 و 165 و 195 و 233، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1214 و 1517 و 1525 و 1678 و 1775 والاستيعاب 3/ 141- 143، والبدء والتاريخ 5/ 112 و 178، وسيرة ابن هشام 4/ 220 و 222 و 243، ومسند أحمد 4/ 255 و 377، وتاريخ بغداد 1/ 189- 191 رقم 29، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 398، وثمار القلوب 98 و 379، والمعرفة والتاريخ 2/ 429 و 813 و 3/ 80 و 313 و 315، ووفيات الأعيان 6/ 105، وأسد الغابة 3/ 392، والكامل في التاريخ 1/ 636 و 2/ 285 و 286 و 301 و 345- 347 و 385 و 386 و 3/ 320 و 232 و 235 و 250 و 289 و 292 و 293 و 336 و 340 و 348 و 429 و 478 و 481- 483 و 4/ 242 و 296، وتحفة الأشراف 7/ 271- 284 رقم 364، وتهذيب الكمال 2/ 925، ولباب الآداب 239 و 243 و 298 و 341، والأمالي للقالي 3/ 22 و 27 و 155، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 327، 328 رقم 398، والمغازي للواقدي 987- 989، والمعجم الكبير 17/ 68- 106، والزهد لابن المبارك 227 و 460. وأمالي المرتضى 1/ 297، 298، ومرآة الجنان 1/ 142، والعبر 1/ 74، والمعين في طبقات المحدّثين 24 رقم 8.، والكاشف 2/ 226، 227 رقم 3814، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 687، 688، والسيرة النبويّة 377، وعهد الخلفاء الراشدين 541 و 545، ودول الإسلام 1/ 51، وسير أعلام النبلاء 3/ 162- 165 رقم 26، وجامع الأصول 9/ 111، والتذكرة الحمدونية 2/ 19 و 286 و 289، وأخلاق الوزيرين لأبي حيّان التوحيدي- تحقيق محمد بن تاويت الطنجي- دمشق 1965- ص 92، وعين الأدب والسياسة لابن هذيل- طبعة مصر 1302 هـ. - ص 101، وتخليص الشواهد 490، 491، والفاخر للمفضّل بن سلمة- تحقيق عبد العليم الطحاوي- مصر 1380 هـ. - ص 230، والجمل للزجّاجي- طبعة الجزائر- الثانية- باريس 1376/ 1957- ص 131، والخصائص لابن جني- تحقيق محمد على النجّار- طبعة دار الكتب 1376 هـ. ج 1/ 294، والعمدة لابن رشيق- مصر 1344 هـ. - ج 1/ 94، وأمالي ابن الشجري- طبعة حيدرآباد 1349 هـ. - ج 1/ 102، وشرح المفصّل لابن يعيش- مصر 1928- ج 1/ 76، وشذور الذهب لابن هشام 137، وشرح شواهد العيني (على هامش خزانة- الأدب) 2/ 487، والتصريح بمضمون التوضيح- للشيخ خالد- مصر 1344 هـ. - ج 1/ 283، وهمع الهوامع 1/ 66، والدرر اللوامع 1/ 44، والنكت الظراف 7/ 272- 283، وتهذيب التهذيب 7/ 166، 167 رقم 330، وتقريب التهذيب 2/ 16 رقم 136، والإصابة 2/ 468، 469 رقم 5475، وخلاصة تذهيب التهذيب 223، وشذرات الذهب 1/ 74، والمنتخب من ذيل المذيل 548.(5/182)
رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَمُحِلُّ [1] بْنُ خَلِيفَةَ الطَّائِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَخَيْثَمَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيُّ، وَتَمِيمُ بْنُ طُرْفَةَ، وَهَمَّامُ بْنُ الْحَارِثِ، وَمُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَآخَرُونَ.
قَدِمَ الشَّامَ مَعَ خَالِدٍ مِنَ الْعِرَاقِ، ثُمَّ وَجَّهَهُ خَالِدٌ بِالأَخْمَاسِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَسَكَنَ الْكُوفَةَ مَرَّةً، ثُمَّ قَرْقِيسِيَاءَ.
وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ حُذَيْفَةَ قَالَ:
كُنْتُ أَسْأَلُ النَّاسَ عَنْ حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، وَهُوَ إِلَى جَنْبِي لا آتِيهِ، فَأَتَيْتُهُ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ بُعِثَ فَكَرِهْتُهُ أَشَدَّ مَا كَرِهْتُ شَيْئًا قَطُّ، حَتَّى كُنْتُ فِي أَقْصَى أَرْضٍ مِمَّا يَلِي الرُّومَ، فَكَرِهْتُ مَكَانِي ذَلِكَ، فَقُلْتُ: لَوْ أَتَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ، فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ، وَإنْ كَانَ صَادِقًا اتَّبَعْتُهُ فَأَقْبَلْتُ، فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ اسْتَشْرَفَنِي النَّاسُ، وَقَالُوا: جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ لِي: «يَا عَدِيُّ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: «أَلَسْتَ رُكُوسِيًّا [2] تَأْكُلُ الْمِرْبَاعَ؟» [3] ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: «فَإِنَّ ذَلِكَ لا يَحِلُّ لَكَ فِي دِينِكَ» . فَتَضَعْضَعْتُ لِذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: «يَا عَدِيُّ أسْلِمْ تَسْلَمْ، فَأَظُنُّ مِمَّا يَمْنَعُكَ أَنْ تُسْلِمَ خَصَاصَةٌ تَرَاهَا بِمَنْ حَوْلِي، وَأَنَّكَ تَرَى النَّاسَ عَلَيْنَا إِلْبًا وَاحِدًا، هَلْ أَتَيْتَ الْحِيرَةَ؟ قُلْتُ: لَمْ آتِهَا وَقَدْ عَلِمْتُ مَكَانَهَا، قَالَ: «تُوشِكُ الظَّعِينَةُ أَنْ تَرْتَحِلَ مِنَ الْحِيرَةِ بِغَيْرِ جَوَارٍ حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ، وَلَتُفْتَحَنَّ عَلَيْنَا كُنُوزُ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ» ، قُلْتُ: كِسْرى بْنُ هُرْمُزَ؟! قَالَ:
«كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، «وَلَيَفِيضَنَّ الْمَالُ حَتَّى يُهِمَّ الرَّجُلُ مَنْ يَقْبَلُ مِنْهُ مَالَه صَدَقَةً» . قَالَ عَدِيٌّ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَتَيْنِ، وَأَحْلِفُ باللَّه لَتَجِيئَنَّ الثَّالِثَةَ، يعني فيض المال [4] .
__________
[1] بضم أوّله وكسر المهملة.
[2] الركوسية: دين بين النصارى والصّابئين، كما في النهاية.
[3] أي يأخذ الربع من الغنيمة دون أصحابه.
[4] إسناده قويّ، وهو في مسند أحمد 4/ 377، 378 من طريق: محمد بن أبي عديّ، عن ابن(5/183)
وَقَالَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَغَيْرُهُ، إِنَّ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ جَاءَ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: أَمَا تَعْرِفُنِي؟ قَالَ [1] : أَعْرِفُكَ، آمَنْتَ إِذَا كَفَرُوا [2] ، وَوَفَّيْتَ إِذَا غَدَرُوا، وَأَقْبَلْتَ إِذَا أَدْبَرُوا. رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَكَانَ قَدْ أَتَى عُمَرَ يَسْأَلُهُ مِنَ الْمَالِ [3] .
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بن زيد، عن نافع مولى بن أُسَيْدٍ، عَنْ نَائِلِ مَوْلَى عُثْمَانَ قَالَ: جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ إِلَى بَابِ عُثْمَانَ وَأَنَا عَلَيْهِ، فَمَنَعْتُهُ، فَلَمَّا خَرَجَ عُثْمَانُ إِلَى الظُّهْرِ عَرَضَ لَهُ، فَلَمَّا رَآهُ عُثْمَانُ رَحَّبَ بِهِ وَانْبَسَطَ لَهُ، فَقَالَ عَدِيٌّ: انْتَهَيْتُ إِلَى بَابِكَ وَقَدْ عَمَّ إِذْنَكَ النَّاسَ، فَحَجَبَنِي هَذَا، فَالْتَفَتَ عُثْمَانُ إِلَيَّ فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ: لا تَحْجُبْهُ وَاجْعَلْهُ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ، فَلَعَمْرِي إِنَّا لَنَعْرِفُ حَقَّهُ وَفَضْلَهُ وَرَأْيَ الْخَلِيفَتَيْنِ فِيهِ وَفِي قَوْمِهِ، فَقَدْ جَاءَنَا بِالصَّدَقَةِ يَسُوقُهَا، وَالْبِلادُ كَأَنَّهَا شُعَلُ النَّارِ، مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ، فَحَمِدَهُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَا رَأَوْا مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حُدِّثْتُ عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيٍّ قَالَ: مَا دَخَلَ وَقْتُ صَلاةٍ حَتَّى أَشْتَاقَ إِلَيْهَا.
وَعَنْ عَدِيٍّ قَالَ: مَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ إِلا وَأَنَا عَلَى وُضُوءٍ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كَانَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ عَلَى طيِّئ يَوْمَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ قَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ: لا تَنْتَطِحُ فِيهَا عَنْزَانِ، فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ صِفِّينَ، فقيل له:
__________
[ () ] عون، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بن حذيفة، عن عديّ. وذكره ابن الأثير في:
أسد الغابة 4/ 8 من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن سيرين، به. وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير 17/ 69 رقم 138.
[1] زاد ابن عبد البر في الاستيعاب 3/ 141 هنا: «كيف لا أعرفك، وأول صدقة بيّضت وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صدقة طيِّئ» .
[2] زاد في الإصابة 2/ 468: «وعرفت إذ أنكروا» .
[3] تاريخ دمشق (الظاهرية) 11/ 239 أ.(5/184)
أَلَيْسَ قُلْتَ: لا تَنْتَطِحُ فِيهَا عَنْزَانِ؟ فَقَالَ: بَلَى، وَتُفْقَأُ عُيُونٌ كَثِيرَةٌ [1] .
وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَهُ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: رَأَيْتُ عَدِيًّا رَجُلا جَسِيمًا أَعْوَرَ، فَرَأَيْتُهُ يَسْجُدُ عَلَى جِدَارٍ ارْتِفَاعُهُ مِنَ الأَرْضِ ذِرَاعٌ أَوْ نَحْوُ ذِرَاعٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ: قَالُوا: وَعَاشَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ مِائَةً وَثَمَانِينَ سَنَةً، فَلَمَّا أَسَنَّ اسْتَأْذَنَ قَوْمَهُ فِي وِطَاءٍ يَجْلِسُ فِيهِ فِي نَادِيهِمْ، وَقَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يَظُنَّ أَحَدُكُمْ أَنِّي أَرَى أَنَّ لِي عَلَيْهِ فَضْلا، وَلَكِنِّي قَدْ كَبِرْتُ وَرَقَّ عَظْمِي.
وَرَوَى جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: خَرَجَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ، وَحْنَظَلَةُ الْكَاتِبُ، مِنَ الْكُوفَةِ، فَنَزَلُوا قَرْقِيسِيَاءَ وَقَالُوا: لا نُقِيمُ بِبَلَدٍ يُشْتَمُ فِيهِ عُثْمَانُ [2] .
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: تُوُفِّيَ عَدِيٌّ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ.
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ، وَلَهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً.
70- عُرْوَةُ بْنُ الْجَعْدِ [3]- ع- ويقال ابن أبي الجعد، البارقي [4]
__________
[1] تاريخ دمشق 11/ 241 ب. المعجم الكبير 17/ 70 رقم 139.
[2] تاريخ بغداد 1/ 191، تاريخ دمشق 11/ 243 أ.
[3] انظر عن (عروة بن الجعد) في:
طبقات ابن سعد 6/ 34، وطبقات خليفة 112 و 137، والتاريخ الكبير 7/ 31 رقم 137، وتاريخ الطبري 3/ 379 و 381، ومشاهير علماء الأمصار 48 رقم 316، والمعجم الكبير 17/ 154- 160، وأخبار القضاة 1/ 299 و 2/ 184 و 186 و 187 و 282، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 331 رقم 404، وتهذيب الكمال 2/ 927، والكامل في التاريخ 2/ 397 و 3/ 144، والمعرفة والتاريخ 2/ 707، وتحفة الأشراف 7/ 293- 295 رقم 371، وعيون الأخبار 1/ 153، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 95 رقم 164، والجرح والتعديل 6/ 395 رقم 2203، والكاشف 2/ 228 رقم 3827، وتهذيب التهذيب 7/ 178 رقم 348، وتقريب التهذيب 2/ 18 رقم 154، والإصابة 3/ 476 رقم 5518، وخلاصة تذهيب التهذيب 264.
[4] انظر عن البارقي في: اللباب 1/ 86.(5/185)
الأسدي، وَبَارِقٌ جَبَلٌ نَزَلَهُ قَوْمُهُ.
لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةُ ثَلاثَةِ أَحَادِيثَ.
اسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ عَلَى قَضَاءِ الْكُوفَةِ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ (قَبْلَ شُرَيْحٍ) [1] .
قَالَهُ الشَّعْبِيُّ.
رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَلَمَازَةُ بْنُ زَبَّارٍ، وَالْعَيْزَارُ بْنُ حُرَيْثٍ، وَشَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ [2] ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
وَقَدْ أَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ أُضْحِيَةً، فَاشْتَرَى لَهُ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ وَدِينَارٍ، فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكان لو اشترى التراب ريح فِيهِ [3] .
وَقَالَ شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ: رَأَيْتُ فِي دَارِ عُرْوَةَ يَعْنِي الْبَارِقِيَّ سَبْعِينَ فَرَسًا مَرْبُوطَةً.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ [4] : كَانَ عُرْوَةُ مُرَابِطًا، وَلَهُ أَفْرَاسٌ، فِيهَا فَرَسٌ أَخَذَهُ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
71- عطيّة القرظيّ [5]- 4- له صحبة ورواية قليلة.
__________
[1] الكلمتان مهملتان في الأصل.
[2] في الأصل «عروة» .
[3] أخرجه البخاري (3642) ، وأحمد في المسند 4/ 375 و 376، والحميدي في المسند (843) ، والطبراني في: المعجم الكبير 17/ 158 رقم 412.
[4] في الطبقات 6/ 34.
[5] انظر عن (عطية القرظي) في:
طبقات خليفة 123، والتاريخ الكبير 7/ 8 رقم 34، والجرح والتعديل 6/ 384 رقم 2132، والاستيعاب 3/ 146، وسيرة ابن هشام 3/ 193، وتحفة الأشراف 7/ 298 رقم 377، وتهذيب الكمال 2/ 941، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 335 رقم 412، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 116 رقم 425، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 314، وعهد الخلفاء الراشدين 388 و 433 و 470، والكاشف 2/ 235 رقم 3882، والمعجم الكبير 17/ 163- 165، وتهذيب التهذيب 7/ 229 رقم 421، وتقريب التهذيب 2/ 25 رقم 224، والإصابة 2/ 485 رقم 5579، وخلاصة تذهيب التهذيب 268، ومسند أحمد 4/ 310 و 383 و 5/ 311.(5/186)
رَوَى عَنْهُ: مُجَاهِدٌ، وَكَثِيرُ بْنُ السَّائِبِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ.
وَقَالَ: كُنْتُ مِنْ سَبْيِ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَكَانَ مَنْ أَنْبَتَ قُتِلَ، فَكُتِبْتُ فِيمَنْ لَمْ يُنْبِتْ، فَتُرِكْتُ [1] .
72- عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ [2] خ د ت ن [3] ابن عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قصيّ أبو سروعة القرشيّ النّوفليّ المكّي.
أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَرَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ.
رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَعُبَيْدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْمَكِّيُّ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَغَيْرُهُمْ.
وَهُوَ قَاتِلُ خُبَيْبٌ [4] .
وَأَمَّا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، فَإِنَّ أَبَا سًرْوَعَةَ قَدِيمُ الوفاة [5] .
__________
[1] أخرجه عبد الرزاق في المصنّف (18742) و (18743) ، وأحمد في المسند 4/ 310، والحميدي في المسند (888) و (889) ، والترمذي (1634) ، وأبو داود (4381) ، والنسائي (6/ 155) ، وابن ماجة (2541) ، والطبراني في المعجم الكبير 17/ 163 رقم 128 و 435.
[2] انظر عن (عقبة بن الحارث) في:
مسند أحمد 4/ 7 و 383، ونسب قريش 204، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 101 رقم 241 و 123 رقم 506، وتجريد أسماء الصحابة 2/ 148، وطبقات خليفة 9، ومشاهير علماء الأمصار 36 رقم 210، وجمهرة أنساب العرب 116، والمستدرك 3/ 432، وتهذيب الكمال 2/ 944، وتحفة الأشراف 7/ 299- 301 رقم 378، والتاريخ الكبير 6/ 309 رقم 2886، وطبقات ابن سعد 5/ 447، والمعرفة والتاريخ 1/ 345، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 336 رقم 413، وتاريخ الطبري 2/ 539، والجرح والتعديل 6/ 309 رقم 1722، وسيرة ابن هشام 3/ 126 و 128، والاستيعاب 3/ 107، والمعجم الكبير 17/ 351- 355، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 232 و 234، والكاشف 2/ 237 رقم 3891، والنكت الظراف 7/ 301، والإصابة 2/ 488 رقم 5592، وتهذيب التهذيب 7/ 238، 239 رقم 431، وتقريب التهذيب 2/ 26 رقم 235، وخلاصة تذهيب التهذيب 268، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 71.
[3] في الأصل «س» بدل «ن» .
[4] أي «خبيب بن عديّ» .
[5] عبارة أبي حاتم ليست في: الجرح والتعديل 6/ 309.(5/187)
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: ثنا أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُليْكَةَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ، وَحَدَّثَنِي صاحب لي، وأن لِحَدِيثِ صَاحِبِي أَحْفَظُ، قَالَ عُقْبَةُ: تَزَوَّجْتُ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ، فَدَخَلَتْ عَلَيْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْنَا جَمِيعًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْرَضَ عَنِّي، ثُمَّ قُلْتُ: إِنَّهَا كَاذِبَةٌ، قَالَ: «وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ! وَقَدْ قَالَتْ مَا قَالَتْ، دَعْهَا عَنْكَ» [1] . قُلْتُ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَرْكِ الشُّبُهَاتِ، وَفِيهِ الرُّجُوعِ مِنَ الْيَقِينِ إِلَى الظَّنِّ احْتِيَاطًا وَوَرَعًا، وَاسْتِبْرَاءً لِلْعِرْضِ وَالدِّينِ.
73- عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ [2] ابْنِ عَبْدِ قَيْسِ بْنِ لَقِيطٍ الْقُرَشِيِّ الْفِهْرِيُّ الْأَمِيرُ.
قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنِ يُونُسَ: يُقَالُ إِنَّ لَهُ صُحْبَةً، وَلَمْ يَصِحَّ، شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ وَاخْتَطَّ بِهَا، وَوَلَّى الْمَغْرِبَ لِمُعَاوِيَةَ وَيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ الَّذِي بَنَى قَيْرَوَانَ إِفْرِيقِيَّةَ وَأَنْزَلَهَا الْمُسْلِمِينَ، قَتَلَتْهُ الْبَرْبَرُ بِهَوْذَةَ مِنْ أَرْضِ الْمَغْرِبِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ، وَوَلَدُهُ بِمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ.
وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ [3] : وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَيَزِيدَ، وحكى عن معاوية، روى
__________
[1] أخرجه الطبراني 17/ 353 رقم (974) .
[2] انظر عن (عقبة بن نافع) في:
تاريخ خليفة 204- 206 و 210 و 251 و 279، والمعرفة والتاريخ 1/ 162، وجمهرة أنساب العرب 163 و 187، وفتوح البلدان 264 و 268- 271 و 274 و 280، والوفيات لابن قنفذ 59 رقم 41، والبيان المغرب 1/ 19، والاستقصاء 1/ 36، والخراج وصناعة الكتابة 344 و 345 و 347 و 352، والتاريخ الكبير 6/ 435 رقم 2901، وفتوح مصر 194 و 197، وتاريخ الطبري 5/ 240، ورياض النفوس 1/ 62، والولاة والقضاة 22 و 190، وتاريخ اليعقوبي 2/ 156 و 229، وأنساب الأشراف 1/ 397، والكامل في التاريخ 3/ 20 و 89 و 419 و 458 و 465- 467 و 4/ 105 و 107، والاستيعاب 3/ 108، وتاريخ دمشق (الظاهرية) 11/ 358 ب، وأسد الغابة 4/ 759 ومعالم الإيمان 1/ 164 و 167، وسير أعلام النبلاء 3/ 532- 534 رقم 138، والبداية والنهاية 8/ 217، والعقد الثمين 6/ 111، وحسن المحاضرة 2/ 220.
[3] تاريخ دمشق 11/ 358 ب.(5/188)
عَنْهُ قَوْلَهُ: ابْنُهُ أَبُو عُبَيْدَةَ مَرَّةً وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ، وَعَمَّارُ بْنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُهُمْ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ قَالَ: لَمَّا فَتَحَ الْمُسْلِمُونَ مِصْرَ بَعَثَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى الْقُرَى التي حولها الخيل يطئوهم، فَبَعَثَ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ، وَكَانَ نَافِعٌ أَخَا الْعَاصِ بْنَ وَائِلٍ السَّهْمِيَّ لأُمِّهِ، فَدَخَلَتْ خُيُولُهُمْ أَرْضَ النُّوبَةِ غَزَاةً غَزْوًا كَصَوَائِفِ الرُّومِ، فَلَقِيَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ النُّوبَةِ قِتَالا شَدِيدًا، رَشَقُوهُمْ بِالنَّبْلِ، فَلَقَدْ جُرِحَ عَامَّتُهُمْ، وَانْصَرَفُوا بِحَدَقٍ مُفَقَّأَةٍ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: لَمَّا وُلِّيَ مُعَاوِيَةُ وَجَّهَ عُقْبَةَ بْنَ نَافِعٍ عَلَى عَشَرَةِ آلافٍ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ، فَافْتَتَحَهَا وَاخْتَطَّ قَيْرَوَانَهَا، وَقَدْ كَانَ مَوْضِعُهُ غَيْضَةً لا تُرَامُ مِنَ السِّبَاعِ وَالْحَيَّاتِ، فَدَعَا عَلَيْهَا، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ إِلا خَرَجَ هَارِبًا بِإِذْنِ اللَّهِ، حَتَّى إِنْ كَانَتِ السِّبَاعُ وَغَيْرُهَا لَتَحْمِلُ أَوْلادَهَا، فحَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
نَادَى عُقْبَةُ: «إِنَّا نَازِلُونَ فَأَظْعِنُوا» فَخَرَجْنَ مِنْ جُحُورِهِنَّ هَوَارِبَ [1] .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو: عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ: لَمَّا افْتَتَحَ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ إِفْرِيقِيَّةَ وَقَفَ وَقَالَ: يَا أَهْلَ الوادي إنا حالون إن شاء الله، فاظعنوا، ثلاث مرات، قال: فما رأينا حجرا ولا شجرا إلا يخرج من تحته دابة، حتى هَبَطْنَ بَطْنَ الْوَادِي، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: انْزِلُوا بِاسْمِ اللَّهِ [2] .
وَعَنْ مُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ، وَغَيْرِهِ قَالُوا: كَانَ عُقْبَةُ بْنِ نَافِعٍ مُجَابُ الدَّعْوَةِ.
وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ قَالَ: قَدِمَ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ عَلَى يَزِيدَ، فَرَدَّهُ وَالِيًا عَلَى إِفْرِيقِيَّةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ، فَخَرَجَ سَرِيعًا لِحِينِهِ عَلَى أَبِي الْمُهَاجِرِ دِينَارٍ- هُوَ مَوْلَى مُسْلِمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ- فَأَوْثَقَ أَبَا الْمُهَاجِرِ فِي الحديد، ثُمَّ غَزَا إِلَى السُّوسِ الأَدْنَى، وَأَبُو الْمُهَاجِرِ مَعَهُ مُقَيَّدٌ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَدْ سَبَقَهُ أَكْثَرُ الجيش، فعرض له
__________
[1] تاريخ الطبري 5/ 240 وتاريخ دمشق 11/ 359 أ، و 360 ب.
[2] تاريخ دمشق 11/ 360 أب، ورياض النفوس 1/ 9، وطبقات علماء إفريقية 8، ومعالم الإيمان 1/ 9، ومعجم ما استعجم 3/ 1105، وحسن المحاضرة 2/ 220، 221.(5/189)
كُسَيْلَةُ فِي جَمْعٍ مِنَ الْبَرْبَرِ وَالرُّومِ، فَالْتَقَوْا، فَقُتِلَ عُقْبَةُ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو الْمُهَاجِرِ.
74- عَلْقَمَةُ بْنُ قيس [1] ع ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ، أَبُو شِبْلٍ النّخعيّ الكوفي، الْفَقِيهُ الْمَشْهُورُ، خَالُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَشَيْخُهُ، وَعَمُّ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ.
أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ، وَسَمِعَ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيًّا، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَأَبَا الدَّرْدَاءِ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبَا مُوسَى، وَحُذَيْفَةَ، وَتَفَقَّهَ بِابْنِ مَسْعُودٍ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ.
رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ النّخَعِيُّ، وَهَنِيُّ بْنُ نُوَيْرَةَ، وَأَبُو الضُّحَى مُسْلِمٌ، وعبد الرحمن بن يزيد النّخعيّ أخو
__________
[1] انظر عن (علقمة بن قيس) في:
أخبار القضاة 3/ 42، وتاريخ الطبري 1/ 115 و 343 و 2/ 419 و 575 و 583 و 587 و 592 و 593، و 4/ 305 و 306 و 309 و 323 و 520 و 5/ 32، والولاة والقضاة 24، والوفيات لابن قنفذ 95 رقم 62، وتاريخ بغداد 12/ 396- 300 رقم 6743، وحلية الأولياء 2/ 98- 102 رقم 164، وجامع التحصيل 293 رقم 534، وطبقات ابن سعد 6/ 86، والتاريخ الكبير 7/ 41 رقم 177، والجرح والتعديل 6/ 404 رقم 2258، والعقد الفريد 2/ 233 و 437 و 3/ 168، وتاريخ أبي زرعة 1/ 616 و 651 و 652 و 654 و 655 و 665 و 667، والزاهر 1/ 186 و 414، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 235 و 380 و 517 و 518 و 534 و 536 و 545، والكامل في التاريخ 3/ 132 و 134 و 138 و 307 و 4/ 101 و 392، وجمهرة أنساب العرب 416، والمعرفة والتاريخ 2/ 552، وطبقات الفقهاء 79، وتاريخ دمشق (الظاهرية) 11/ 404 ب، والمعارف 431 و 213 و 582، وتاريخ خليفة 196 و 236، وطبقات خليفة 147، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 342، 343 رقم 425، ومشاهير علماء الأمصار 100 رقم 741، والتاريخ لابن معين 2/ 415، وتاريخ الثقات للعجلي 339- 341 رقم 1161، والزيارات 79، وتهذيب الكمال 957، وتذكرة الحفاظ 1/ 45، والعبر 1/ 66، 67، ودول الإسلام 1/ 47، والكاشف 2/ 242 رقم 3930، وسير أعلام النبلاء 1/ 516 4/ 53- 61 رقم 14، ومرآة الجنان 1/ 137، والبداية والنهاية 8/ 218، وغاية النهاية 1/ 516 رقم 2135، والإصابة 3/ 110 رقم 6454، وتهذيب التهذيب 7/ 276- 278، والنجوم الزاهرة 1/ 157، والأسامي والكنى للحاكم، ورقة 377 أ، وطبقات الحفاظ 12، وخلاصة تذهيب التهذيب 271، وشذرات الذهب 1/ 70، والكنى والأسماء للدولابي 2/ 7.(5/190)
الأَسْوَدِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ [1] وَالْمُسَيَّبُ بْنُ رَافِعٍ، وَأَبُو ظَبْيَانَ. وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ: يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ، وَعُبَيْدُ بْنُ نَضْلَةَ [2] ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَغَيْرُهُمْ.
وَكَانَ فَقِيهًا إِمَامًا مُقْرِئًا، طَيِّبَ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ، ثَبَتًا حُجَّةً، وَكَانَ أَعْرَجَ [3] ، دَخَلَ دِمَشْقَ وَاجْتَمَعَ بِأَبِي الدَّرْدَاءِ بِالْجَامِعِ، وَكَانَ الأَسْوَدُ أَكْبَرَ مِنْهُ، فَإِنَّ أَبَا نُعَيْمٍ قَالَ: قَالَ الأْسَوَدُ: إِنِّي لَأذْكُرُ لَيْلَةَ بُنِيَ بِأُمِّ عَلْقَمَةَ.
وَقَالَ خَلِيفَةُ [4] وَغَيْرُهُ: إِنَّهُ شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ.
وَقَالَ مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَنَّى عَلْقَمَةَ أَبَا شِبْلٍ، وَكَانَ عَلْقَمَةُ عَقِيمًا لا يُولَدُ لَهُ [5] .
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الْفَقِيهُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ:
صَلَّيْتُ خَلْفَ عُمَرَ سَنَتَيْنِ.
وَقَالَ مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ إنّ الأسود وعلقمة كانا يُسَافِرَانَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:
كَانَ عَلْقَمَةُ يُشَبَّهُ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي هَدْيِهِ وَدَلِّهِ وَسَمْتِهِ [6] .
وَقَالَ الأَعْمَشُ: ثنا عُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَخْبَرَةَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ فَقَالَ: اذهبوا بنا إلى أَشْبَهِ النَّاسِ هَدْيًا وَدَلًا وَأَمْرًا بِعَبْدِ اللَّهِ، فَقُمْنَا مَعَهُ لَمْ نَدْرِ مَنْ هُوَ، حَتَّى دَخَلَ بِنَا عَلَى عَلْقَمَةَ [7] .
وَقَالَ دَاوُدُ الأَوْدِيُّ: قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ كأنّي
__________
[1] مهمل في الأصل، والتحرير من «الخلاصة» .
[2] في الأصل «فضلة» ، والتصحيح من طبقات القراء لابن الجزري. ويقال له «ابن نضيلة» كما في طبقات ابن سعد 6/ 117 وأسد الغابة 3/ 354.
[3] لم يذكره الجاحظ في: البرصان والعرجان.
[4] في تاريخه 196، وانظر طبقات ابن سعد 6/ 91.
[5] طبقات ابن سعد 6/ 86.
[6] طبقات ابن سعد 6/ 86.
[7] طبقات ابن سعد 6/ 86، حلية الأولياء 2/ 98.(5/191)
أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، قَالَ: كَانَ عَلْقَمَةُ أبْطَنَ [1] الْقَوْمِ بِهِ، وَكَانَ مَسْرُوقٌ قَدْ خَلَطَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ، وَكَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ أَسَدَّهُمِ اجْتِهَادًا، وَكَانَ عَبِيدَةَ يُوَازِي شُرَيْحًا فِي الْعِلْمِ وَالْقَضَاءِ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ وَيُفْتُونَ: عَلْقَمَةُ، وَمَسْرُوقٌ، وَالأَسْوَدُ، وَعَبِيدَةُ، وَالْحَارِثُ بن قيس، وعمرو بن شرحبيل.
وقال مرّة بن شراحبيل: كَانَ عَلْقَمَةُ مِنَ الرَّبَّانِيِّينَ [2] .
وَقَالَ زَائِدَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَا أَقْرَأُ شَيْئًا إِلا وَعَلْقَمَةُ يَقْرَأُ [3] .
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: سَأَلْتُ الشَّعْبِيَّ عَنْ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ، أيُّهُمَا أَفْضَلُ؟
فَقَالَ: كَانَ عَلْقَمَةُ مَعَ البطيء وَيُدْرِكُ السَّرِيعَ [4] .
وَقَالَ أَبُو قَابُوسِ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ: قُلْتُ لِأَبِي: كَيْفَ تَأْتِي عَلْقَمَةَ، وَتَدَعُ أَصْحَابَ مُحَمَّدِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: يَا بَنِي إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ كَانُوا يَسْأَلُونَهُ [5] .
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: كَانَ عَلْقَمَةُ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي خَمْسٍ، وَالأَسْوَدُ فِي سِتٍّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ فِي سَبْعٍ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِنْ كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ خُلِقُوا لِلْجَنَّةِ فَهُمْ أَهْلُ هَذَا الْبَيْتِ:
عَلْقَمَةُ، وَالأَسْوَدُ.
وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ:
قُلْنَا لِعَلْقَمَةَ: لَوْ صَلَّيْتَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ وَنَجْلِسُ مَعَكَ فَتُسْأَلُ، قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يُقَالُ هَذَا عَلْقَمَةُ، قَالُوا: لَوْ دَخَلْتَ عَلَى الأمراء فعرفوا لك شرفك، قال:
__________
[1] في طبعة القدسي 3/ 51 «أبطن انظر القوم» ، وما أثبتناه هو الصحيح. وأبطن: يقال بطن من فلان وبه إذا صار من خواصّه، واستبطن أمره إذا وقف على دخيلته، فهو أبطن.
[2] انظر حلية الأولياء 2/ 98، وطبقات ابن سعد 6/ 91.
[3] حلية الأولياء 2/ 99.
[4] طبقات ابن سعد 9/ 89.
[5] حلية الأولياء 2/ 98.(5/192)
أَخَافُ أَنْ يَنْتَقِصُوا مِنِّي أَكْثَرَ مِمَّا أَنْتَقِصُ مِنْهُمْ [1] .
وَقَالَ عَلْقَمَةُ لِأَبِي وَائِلٍ وَقَدْ دَخَلَ عَلَى ابْنِ زِيَادٍ: إِنَّكَ لَمْ تُصِبْ مِنْ دُنْيَاهُمْ شَيْئًا إلا أَصَابُوا مِنْ دِينِكَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ، مَا أَحَبَّ أَنَّ لِي مَعَ ألْفَيَّ أَلْفَيْنِ، وَإِنِّي مِنْ أَكْرَمِ الْجُنْدِ عَلَيْهِ [2) .] وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِنَّ أَبَا بُرْدَةَ كَتَبَ عَلْقَمَةَ فِي الْوَفْدِ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ عَلْقَمَةُ: امْحُنِي امْحُنِي [3] .
وَقَالَ عَلْقَمَةُ: مَا حَفِظْتُ وَأَنا شَابٌّ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ فِي قِرْطَاسٍ [4] .
قَالَ الْهَيْثَمُ: تُوُفِّيَ عَلْقَمَةُ فِي خِلافَةِ يَزِيدَ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ.
وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَخَلِيفَةُ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ.
وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ، وهو غلط.
75- عمر بن سعد [5] ن ابْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الْقُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ، أَبُو حَفْصٍ المدني نزيل الكوفة.
__________
[1] طبقات ابن سعد 6/ 88، وانظر بعضه في حلية الأولياء 2/ 100.
[2] تاريخ دمشق 11/ 412 ب.
[3] طبقات ابن سعد 6/ 89.
[4] طبقات ابن سعد 6/ 87 بلفظ «ورقة» بدل «قرطاس» .
[5] انظر عن (عمر بن سعد) في:
طبقات ابن سعد 5/ 168، وتاريخ خليفة 263 و 264، وطبقات خليفة 243، والتاريخ الكبير 6/ 158 رقم 2016، والبرصان والعرجان 82، والمعارف 243، وفتوح البلدان 345 و 349، والجرح والتعديل 6/ 111 رقم 592، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1901 و 1906 و 1938 و 1960 و 2300، ونسب قريش 264، والبدء والتاريخ 5/ 88 و 6/ 11 و 12 و 25، وتاريخ الطبري 3/ 341 و 4/ 53 و 5/ 66 و 67 و 269 و 356 و 376 و 393 و 409- 412، و 414 و 415 و 417 و 422 و 427- 429 و 434- 438 و 441 و 444 و 445 و 452 و 454 و 455 و 467 و 524 و 580 و 586 و 587 و 6/ 47 و 236 و 7/ 184 و 417، والعقد الفريد 4/ 379 و 380 و 5/ 405، وتاريخ اليعقوبي 2/ 243 و 259، وتاريخ العظيمي 170، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 109، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 35(5/193)
رَوَى عَنْ: أَبِيهِ.
وَرَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ، وَابْنُ ابْنِهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ، وَالْعَيْزَارُ بْنُ حُرَيْثٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَأَرْسَلَ عَنْهُ قَتَادَةُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ.
وَلِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ جَمَاعَةٌ إِخْوَةٌ: عَمْرُو بْنُ سَعْدٍ، أَحَدُ مِنْ قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ.
وَعُمَيْرُ بْنُ سَعْدٍ: قُتِلَ أَيْضًا يَوْمَ الْحَرَّةِ.
وَمُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَامِرُ بْنُ سَعْدٍ: مَاتَا بَعْدَ الْمِائَةِ.
وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: وَلَهُ رِوَايَةٌ.
وَإِسْمَاعِيلُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى: ذَكَرَ تَرَاجِمَهُمُ ابنُ سَعْدٍ [1] .
وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ الَّذِي قَاتَلَ الْحُسَيْنَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَشَهِدَ دُومَةَ الْجَنْدَلِ مَعَ أَبِيهِ.
وَقَالَ بُكَيْرِ بْنُ مِسْمَارٍ: سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ: كَانَ سَعْدُ فِي إبِلِهِ أَوْ غَنَمِهِ، فَأَتَاهُ ابْنُهُ عُمَرُ، فَلَمَّا لاحَ قَالَ: أَعُوذُ باللَّه مِنْ شَرِّ هَذَا الرَّاكِبِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ قَالَ: يَا أَبَتِ أَرَضِيتَ أَنْ تَكُونَ أعرابيّا في إبلك والناس يتنازعون
__________
[ () ] و 136 و 137 و 254 و 280 و 384، والأخبار الطوال 241 و 247 و 253- 256 و 259 و 298 و 300 و 301، وعيون الأخبار 3/ 185، والكامل في التاريخ 2/ 533 و 3/ 330 و 4/ 34 و 52- 57 و 59 و 60 و 64- 69 و 71- 73 و 78- 81 و 143 و 172 و 177 و 5/ 245، والمعرفة والتاريخ 3/ 330، وجمهرة أنساب العرب 129 و 365، وتهذيب الكمال 2/ 1010، والكاشف 2/ 270 رقم 4121، وتاريخ الثقات 357 رقم 1230، والعبر 1/ 73 وسير أعلام النبلاء 3/ 349، 350 رقم 123، والبداية والنهاية 8/ 273، والإصابة 3/ 172 رقم 6827، وتهذيب التهذيب 7/ 450- 452 رقم 746، وتقريب التهذيب 2/ 56 رقم 433، وخلاصة تذهيب التهذيب 283، والأسامي والكنى، للحاكم، ورقة 121 أوب، والمثلّث 2/ 155، والفائق في غريب الحديث، لجار الله الزمخشريّ- تحقيق محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم- دار إحياء الكتب العربية، القاهرة 3/ 49، والنهاية في غريب الحديث 4/ 106 والمحاسن 61، 12.
[1] في طبقاته- ج 5/ 168.(5/194)
فِي الْمُلْكِ! فَضَرَبَ صَدْرَهُ بِيَدِهِ وَقَالَ: اسْكُتْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْخَفِيَّ الْغَنِيَّ» [1] . وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ سَالِمٍ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ ابن سَعْدٍ لِلْحُسَيْنِ: إِنَّ قَوْمًا مِنَ السُّفَهَاءِ يَزْعُمُونَ إِنِّي قَاتِلُكَ، قَالَ: لَيْسُوا بِسُفَهَاءَ وَلَكِنَّهُمْ حُلَمَاءُ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَيَقَرُّ عَيْنِي [2] أَنَّكَ لا تَأْكُلُ بُرَّ الْعِرَاقِ بَعْدِي إِلا قَلِيلا. وَرَوَى هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ لِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ: كَيْفَ أَنْتَ إِذَا قُمْتَ مَقَامًا تُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَتَخْتَارُ النَّارَ. وَيُرْوَى عَنْ عُقْبَةَ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ: كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ قَدْ جَهَّزَ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ فِي أَرْبَعَةِ آلافٍ لِقِتَالِ الدَّيْلَمِ، وَكَتَبَ لَهُ عَهْدَهُ عَلَى الرَّيِّ، فَلَمَّا أَقْبَلَ الْحُسَيْنُ طَالِبًا لِلْكُوفَةِ دَعَا عُبَيْدُ اللَّهِ عُمَرًا وَقَالَ: سِرْ إِلَى الْحُسَيْنِ، قَالَ: إِنْ تُعْفِينِي، قَالَ: فَرُدَّ إِلَيْنَا عَهْدَنَا، قَالَ: فَأَمْهِلْنِي الْيَوْمَ أَنْظُرُ فِي أَمْرِي، فَانْصَرَفَ يَسْتَشِيرُ أَصْحَابَهُ، فَنَهَوْهُ [3] .
وَقَالَ أَبُو مِخْنَفٍ [4]- وَلَيْسَ بِثِقَةٍ لَكِنْ لَهُ اعْتِنَاءٌ بِالأَخْبَارِ-: حَدَّثَنِي مُجَالِدٌ، وَالصَّقْعَبُ بْنُ زُهَيْرٍ أَنَّهُمَا الْتَقَيَا مِرَارًا- الْحُسَيْنَ، وَعُمَرَ بْنَ سَعْدٍ- قَالَ: فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَطْفَأَ الثَّائِرَةَ، وَجَمَعَ الْكَلِمَةَ، وَأَصْلَحَ أَمْرَ الأُمَّةِ، فَهَذَا حُسَيْنٌ قَدْ أَعْطَانِي أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي مِنْهُ أَتَى، أَوْ أَنْ يَأْتِيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَيَضَعُ يَدَهُ فِي يَدِهِ، أَوْ أَنْ يَسِيرَ إِلَى ثَغْرٍ مِنَ الثُّغُورِ، فَيَكُونُ رَجُلا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، لَهُ مَا لَهْمُ وَعَلَيْهِ، وَفِي هَذَا لَكُمْ رِضًا، وَلِلأُمَّةِ صَلاحٌ. فَلَمَّا قَرَأَ عُبَيْدُ اللَّهِ الْكِتَابَ قَالَ: هذا كتاب ناصح
__________
[1] أخرجه مسلم في الزهد (11/ 2965) .
[2] في الأصل «بعيني» .
[3] تاريخ الطبري 5/ 409.
[4] في الأصل «أبو فخرف» ، وهو لوط بن يحيى الأخباري المشهور.(5/195)
لِأَمِيرِهِ، مُشْفِقٌ عَلَى قَوْمِهِ، نَعَمْ قَدْ قَبِلْتُ، فَقَامَ إِلَيْهِ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ فَقَالَ: أَتَقْبَلُ هَذَا مِنْهُ وَقَدْ نَزَلَ بِأَرْضِكَ وَإِلَى جَنْبِكَ: وَاللَّهِ لَئِنْ خَرَجَ مِنْ بِلادِكَ وَلَمْ يَضَعْ يَدَهُ فِي يَدِكَ لَيَكُونَنَّ أَوْلَى بِالْقُوَّةِ وَالْعِزِّ، وَلْتَكُونَنَّ أَوْلَى بِالضَّعْفِ وَالْعَجْزِ، فَلا تُعْطِهِ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ فَإِنَّهَا مِنَ الْوَهَنِ، وَلَكِنْ لِيَنْزِلْ عَلَى حُكْمِكَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، فَإِنْ عَاقَبْتَ فَأَنْتَ وَلِيَّ الْعُقُوبَةِ، وَإِنْ غَفَرْتَ كَانَ ذَلِكَ لَكَ، وَاللَّهِ لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ حُسَيْنًا وَعُمَرَ بْنَ سَعْدٍ يَجْلِسَانِ بَيْنَ الْعَسْكَرَيْنِ فَيَتَحَدَّثَانِ عَامَّةَ اللَّيْلِ، فَقَالَ لَهُ: نِعْمَ مَا رَأَيْتُ الرَّأْيَ رَأْيَكَ [1] .
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي «تَارِيخِهِ» [2] : ثنا مُوسَى بْنُ إسماعيل، ثنا سليمان بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ طُعِنَ فِي سُرَادِقِ الْحُسَيْنِ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ، فَرَأَيْتُ عُمَرَ وَوَلَدَيْهِ قَدْ ضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ، ثُمَّ عُلِّقُوا عَلَى الْخَشَبِ، ثُمَّ أُلْهِبَ فِيهِمُ النَّارُ.
وَعَنْ أَبِي جَعْفَرِ الْبَاقِرِ: إِنَّمَا أَعْطَاهُ الْمُخْتَارُ أَمَانًا بِشَرْطِ أَلا يُحْدِثُ- وَنَوَى بِالْحَدَثِ دُخُولَ الْخَلاءِ- ثُمَّ قَتَلَهُ [3] . وَقَالَ عِمْرَانُ بْنِ مِيثَمٍ [4] : أَرْسَلَ الْمُخْتَارُ إِلَى دَارِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ مَنْ قَتَلَهُ وَجَاءَهُ بِرَأْسِهِ، بَعْدَ أَنْ كَانَ أَمَّنَهُ، فَقَالَ ابْنُهُ حَفْصٌ لَمَّا رَأَى ذَلِكَ: إِنَّا للَّه وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، فَقَالَ الْمُخْتَارُ: اضْرِبْ عُنُقَهُ، ثُمَّ قَالَ: عُمَرُ بِالْحُسَيْنِ، وَحَفْصُ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَلا سَوَاءٌ [5] .
قُلْتُ: هَذَا عَلِيٌّ الأَكْبَرُ لَيْسَ هُوَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ.
قَالَ خَلِيفَةُ: وَسَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ قُتِلَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ على فراشه [6] .
__________
[1] تاريخ الطبري 5/ 414، الكامل في التاريخ 4/ 55.
[2] لم أجد قول البخاري لا في ترجمة عمر بن سعد، ولا في ترجمة الحسين بن علي.
[3] البداية والنهاية 8/ 273.
[4] في الأصل مهمل، وهو بكسر الميم وفتح الثاء.
[5] زاد ابن كثير في «البداية والنهاية» 8/ 274: «والله لو قتلت به ثلاثة أرباع قريش ما وفوا أنملة من أنامله» .
[6] هذه العبارة ليست في طبقات خليفة، ولا في تاريخه، ففي الطبقات 243 أنه قتل سنة 65، وفي التاريخ ذكر مقتله في سنتي 66 و 67 هـ.(5/196)
وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: سَنَةَ سَبْعٍ.
76- عُمَرُ بْنُ عَلِيِّ [1]- 4- بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهَذَا عُمَرُ الأَكْبَرُ قُتِلَ مَعَ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِيهِ.
رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ عَلِيٌّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَمُحَمَّدٌ، وَأَبُو زُرْعَةَ عَمْرُو بْنُ جَابِرٍ الْحَضْرَمِيُّ، وَلابْنِهِ مُحَمَّدٍ حَدِيثٌ عَنْهُ فِي السُّنَنِ.
قُتِلَ إِلَى رَحْمَةِ الله سنة سبع.
77- عمرو بن الحارث [2]- ع- بن أبي ضرار الخزاعي المصطلقي، أَخُو أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ جُوَيْرِيَةَ.
لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، نَزَلَ الْكُوفَةَ، وَرَوَى أَيْضًا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَزَوْجَتِهِ زَيْنَبَ.
رَوَى عَنْهُ: مَوْلاهُ دِينَارٌ، وَأَبُو وَائِلٍ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مسعود،
__________
[1] انظر عن (عمر بن عليّ) في:
طبقات خليفة 230، وتاريخ خليفة 264، والمعارف 204 و 210 و 217، وتاريخ الطبري 3/ 383 و 5/ 154، 155، وجمهرة أنساب العرب 42 و 66، والخراج وصناعة الكتابة 286، وتاريخ الثقات للعجلي 360 رقم 1243، وطبقات ابن سعد 5/ 117، والتاريخ الكبير 6/ 179 رقم 2096، وفتوح البلدان 131، والجرح والتعديل 6/ 124 رقم 676، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 418 و 1908 و 1909، ونسب قريش 42 و 43، والتنبيه والإشراف للمسعوديّ 259، والبدء والتاريخ 5/ 76، وتاريخ اليعقوبي 2/ 213، والأخبار الطوال 306، 307، والعقد الفريد 4/ 401، وتهذيب الكمال 2/ 1020، وتاريخ دمشق 13/ 172، وسير أعلام النبلاء 4/ 134 رقم 41، والكاشف 2/ 276 رقم 4163، والكامل في التاريخ 2/ 399 و 408 و 3/ 397، وتهذيب التهذيب 7/ 485 رقم 806، وتقريب التهذيب 2/ 61 رقم 490، وخلاصة تذهيب التهذيب 285.
[2] انظر عن (عمرو بن الحارث) في:
طبقات ابن سعد 6/ 196، والتاريخ الكبير 6/ 308 رقم 2486، والجرح والتعديل 6/ 225 رقم 1249، وطبقات خليفة 107 و 137 و 150، والمعرفة والتاريخ 2/ 621، ومسند أحمد 4/ 278، وأسد الغابة 4/ 96، 97، والمعجم الكبير 17/ 44، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 26 رقم 12، وتحفة الأشراف 8/ 141، 142 رقم 401، وتهذيب الكمال 2/ 1028، والكاشف 2/ 281 رقم 4203، وأنساب الأشراف 1/ 519، والاستيعاب 2/ 515، 516، والإصابة 2/ 530، 531 رقم 5800، وتهذيب التهذيب 8/ 14 رقم 21، وتقريب التهذيب 2/ 67 رقم 553، وخلاصة تذهيب التهذيب 287.(5/197)
وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ.
وَهُوَ صِهْرُ ابْنِ مَسْعُودٍ.
78- عمرو بن الزبير [1] ابن الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ الأَسَدِيُّ، وأمه أُمُّ خَلِدِ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيَّةِ.
سَمِعَ: أَبَاهُ وَأَخَاهُ، وَلا نَعْلَمُ لَهُ رِوَايَةً، وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَابْنِهِ، وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ خُصُومَةٌ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانٍ الْمُطَرِّفَ لِأَنَّ النَّاسَ لَمَّا اسْتَشْرَفُوا جَمَالَهُ قَالُوا: هَذَا حَسَنٌ مُطْرَّفٌ بَعْدَ عَمْرِو بْنِ الزُّبَيْرِ [2] .
وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الزُّبَيْرِ مُنْقَطِعَ الْجَمَالِ، وَكَانَ يُقَالُ: مَنْ يُكَلِّمُ عَمْرَو بْنَ الزُّبَيْرِ يَنْدَمُ، كَانَ شَدِيدَ الْعَارِضَةِ، مَنِيعَ الْحَوْزَةِ، وَكَانَ يَجْلِسُ بِالْبِلادِ وَيَطْرَحُ عَصَاهُ، فَلا يَتَخَطَّاهَا أَحَدٌ إِلا بِإِذْنِهِ، وَكَانَ قَدِ اتَّخَذَ مِنَ الرَّقِيقِ مِائَتَيْنِ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عن عمته أم بكر، وحدثني شرحبيل بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَابْنِ أَبِي الزِّنَادِ قَالُوا: كَتَبَ يَزِيدُ إِلَى عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ أَنْ يُوَجِّهَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ جُنْدًا، فسأل: من أعدى الناس له،
__________
[1] انظر عن (عمرو بن الزبير) في:
طبقات ابن سعد 5/ 185، 186، ونسب قريش 178 و 214 و 215، وتاريخ اليعقوبي 2/ 264، وجمهرة نسب قريش 344، والعقد الفريد 4/ 377، وتاريخ الطبري 4/ 460 و 5/ 330 و 343- 346، وأنساب الأشراف 3/ 112 وق 4 ج 1/ 67 و 89 و 311- 316 و 319 و 382- 384 و 7604 والكامل في التاريخ 4/ 11 و 18 و 19، والتذكرة الحمدونية 2/ 211، والأغاني 14/ 224، والعقد الثمين 6/ 383، وغرر الخصائص الواضحة، للوطواط- طبعة بيروت؟ - ص 402، وتاريخ دمشق 13/ 220 أ، والمحبر 304 و 410 و 481، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية 1940، 1941، والمعارف 222، وفتوح البلدان 14، والبرصان والعرجان 364، وجمهرة أنساب العرب 125، وسير أعلام النبلاء 3/ 472، 473 رقم 99.
[2] أنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 604 رقم 1560.(5/198)
فَقِيلَ: عَمْرُو أَخُوهُ، فَوَلاهُ شُرْطَةَ الْمَدِينَةِ، فَضَرَبَ نَاسًا مِنْ قُرْيَشٍ وَالأَنْصَارِ بِالسِّيَاطِ وَقَالَ: هَؤُلاءِ شِيعَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ تَوَجَّهَ فِي أَلْفٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ إِلَى قِتَالِ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ، فَنَزَلَ بِذِي طُوَى، فَأَتَاهُ النَّاسُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: جِئْتُ لِأَنْ يُعْطِيَ أَخِي الطَّاعَةَ لِيَزِيدَ وَيَبَرَّ قَسَمَهُ، فَإِنْ أَبَى قَاتَلْتُهُ، فَقَالَ لَهُ جُبَيْرُ بْنُ شَيْبَةَ: كَانَ غَيْرُكَ أَوْلَى بِهَذَا مِنْكَ، تَسِيرُ إِلَى حَرَمِ اللَّهِ وَأَمْنِهِ، وَإِلَى أَخِيكَ فِي سِنِّهِ وَفَضْلِهِ، تَجْعَلُهُ فِي جَامِعَةٍ! مَا أَرَى النَّاسَ يَدْعُونَكَ وَمَا تُرِيدُ، قَالَ: إِنِّي أُقَاتِلُ مَنْ حَالَ دُونَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَقْبَلَ فَنَزَلَ دَارَهُ عِنْدَ الصَّفَا، وَجَعَلَ يُرْسِلُ إِلَى أَخِيهِ، وَيُرْسِلُ إِلَيْهِ أَخُوهُ، وَكَانَ عَمْرُو يَخْرُجُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، وَعَسْكَرَهُ بِذِي طُوَى، وَابْنُ الزُّبَيْرِ أَخُوهُ مَعَهُ يُشَبِّكُ أَصَابِعَهُ وَيُكَلِّمُهُ فِي الطَّاعَةِ، وَيَلِينُ لَهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَا بَعْدَ هَذَا شَيْءٌ، إِنِّي لَسَامِعٌ مُطِيعٌ، أَنْتَ عَامِلُ يَزِيدَ، وَأَنَا أُصَلِّي خَلْفَكَ مَا عِنْدِي خِلَافٌ، فَأَمَّا أَنْ تَجْعَلَ فِي عُنُقِي جَامِعَةً، ثُمَّ أُقَادُ إِلَى الشَّامِ، فَإِنِّي نَظَرْتُ فِي ذَلِكَ، فَرَأَيْتُ لا يَحِلُّ لِي أَنْ أَحُلَّهُ بِنَفْسِي، فَرَاجِعْ صَاحِبَكَ وَاكْتُبْ إِلَيْهِ، قَالَ: لا وَاللَّهِ، مَا أَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، فَهَيَّأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ قَوْمًا وَعَقَدَ لَهُمْ لِوَاءً، وَأَخَذَ بِهِمْ مِنْ أَسْفَلِ مكة، فلم يشعر أنيس الأسلميّ إِلا بِالْقَوْمِ وَهُمْ عَلَى عَسْكَرِ عُمَرَ، فَالْتَقَوْا، فَقُتِلَ أُنَيْسٌ، وَرَكِبَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي طَائِفَةٍ إِلَى عَمْرِو، فَلَقَوْهُ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ وَالْعَسْكَرُ أَيْضًا، وَجَاءَ عُبَيْدَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَخِي أَنَا أُجِيرُكَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَجَاءَ بِهِ أَسِيرًا وَالدَّمُ يَقْطُرُ عَلَى قَدَمَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ أَجَرْتُهُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَمَّا حَقِّي فَنَعَمْ، وَأمَّا حَقُّ النَّاسِ فَلأَقْتَصَّنَّ مِنْهُ لِمَنْ آذَاهُ بِالْمَدِينَةِ، وَقَالَ: مَنْ كَانَ يَطْلُبُهُ بِشَيْءٍ فَلْيَأْتِ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَأْتِي فَيَقُولُ: قَدْ نَتَفَ شُفَارِيَ، فَيَقُولُ: قُمْ فانتف أشفاره، وجعل الرجل يقول: قَدْ نَتَفَ لِحْيَتِي، فَيَقُولُ: انْتِفْ لِحْيَتَهُ، فَكَانَ يُقِيمُهُ كُلَّ يَوْمٍ، وَيَدْعُو النَّاسَ لِلْقَصَاصِ مِنْهُ، فَقَامَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: قَدْ جَلَدَنِي مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَأَمَرَهُ فَضَرَبَهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَمَاتَ، وَأَمَرَ بِهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَصُلِبَ. رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ [1] ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ وَقَالَ: بَلْ صَحَّ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبُ، ثُمَّ مَرَّ بِهِ ابْنُ الزبير بعد إخراجه من
__________
[1] في الطبقات 5/ 185، 186.(5/199)
السِّجْنِ، فَرآهُ جَالِسًا بِفِنَاءِ مَنْزِلِهِ فَقَالَ: أَلا أَرَاهُ حَيًّا، فَأَمَرَ بِهِ فَسُحِبَ إِلَى السِّجْنِ، فَلَمْ يَبْلُغْهُ حَتَّى مَاتَ، فَأَمَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ، فَطُرِحَ فِي شِعْبِ الْخَيْفِ [1] ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الّذي صلب فيه عبد الله بعد.
79- عمرو [2] بن شرحبيل [3] سوى ق أبو ميسرة الهمدانيّ الكوفي.
رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. وَكَانَ سَيِّدًا صَالِحًا عَابِدًا، إِذَا جَاءَهُ عَطَاءٌ تَصَدَّقَ بِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو وَائِلٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ هَمْدَانيًا أَحَبَّ إِليَّ مِنْ أَنْ أَكُونَ فِي مِسْلاخِهِ [4] ، مِنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ [5] .
شَريِكٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ: مَا اشْتَمَلَتْ هَمْدَانِيَّةُ عَلَى مِثْلِ أَبِي مَيْسَرَةَ، قِيلَ: وَلا مَسْرُوقَ؟ فَقَالَ: وَلا مَسْرُوقَ [6] .
أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ، وَقِيلَ لَهُ: مَا يَحْبِسُكَ عِنْدَ الإِقَامَةِ؟ قال:
__________
[1] في الطبقات 5/ 186 «الجيف» .
[2] في الأصل «عمر» والتصحيح من مصادر ترجمته.
[3] انظر عن (عمرو بن شرحبيل) في:
طبقات ابن سعد 6/ 106- 109، وتاريخ اليعقوبي 2/ 241، والتاريخ الصغير 81، والتاريخ الكبير 6/ 341، 342 رقم 2576، وتاريخ أبي زرعة 1/ 651 و 653، والجرح والتعديل 6/ 237، 238 رقم 1320، والمعرفة والتاريخ 1/ 217 و 223- 225 و 714، وطبقات خليفة 149، وجامع التحصيل 299 رقم 571، وحلية الأولياء 4/ 141- 147 رقم 257، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 534، والكاشف 2/ 286 رقم 4236، وتهذيب الكمال 2/ 1040، وسير أعلام النبلاء 4/ 135، 136 رقم 42، وغاية النهاية 1/ 601 رقم 2453، والإصابة 3/ 114 رقم 6488، وتهذيب التهذيب 8/ 47 رقم 78، وتقريب التهذيب 2/ 72 رقم 605، وخلاصة تذهيب التهذيب 290، والكنى والأسماء للدولابي 2/ 135.
[4] مسلاخه: أي هديه وطريقته.
[5] طبقات ابن سعد 6/ 106، حلية الأولياء 4/ 142.
[6] طبقات ابن سعد 6/ 106، حلية الأولياء 4/ 142.(5/200)
إِنِّي أُوتِرُ. وَلَمَّا احْتُضِرَ أَوْصَى أَنْ لا يُؤْذَنَ بِجِنَازَتِهِ أَحَدٌ [1] ، وَكَذَلِكَ أَوْصَى عَلْقَمَةَ.
إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ فِي جِنَازَةِ أَبِي مَيْسَرَةَ آخِذًا بِقَائِمَةِ السَّرِيرِ حَتَّى أُخْرِجَ، ثُمَّ جَعَلَ يَقُولُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ أَبَا مَيْسَرَةَ [2] .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ [3] : تُوُفِّيَ فِي وِلَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ بِالْكُوفَةِ.
80- عمرو [4] بن عبسة م 4 ابْنِ عَامِرِ بْنِ خَالِدٍ، أَبُو نَجِيحٍ السُّلَمِيُّ، نزيل حِمْصَ، وَأَخُو أَبِي ذَرٍّ لأُمِّهِ، قدِم عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، فَكَانَ رَابِعَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرَجَعَ ثُمَّ هَاجَرَ فِيمَا بَعْدُ إِلَى الْمَدِينَةِ، لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيثَ.
رَوَى عَنْهُ: جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَشَدَّادٌ أَبُو عُمَارَةَ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ السِّمْطِ وَكَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ، وَمَعْدَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، وَالْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، وَحَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَضَمْرَةُ بْنُ حَبِيبٍ، وَأَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ، وَخَلْقٌ.
__________
[1] في الأصل «أحدا» .
[2] طبقات ابن سعد 6/ 109.
[3] طبقات ابن سعد 6/ 109.
[4] انظر عن (عمرو بن عبسة) في:
طبقات ابن سعد 4/ 214، و 7/ 403، والتاريخ الكبير 6/ 302، 303 رقم 2474، وطبقات خليفة 49 و 302، والتاريخ لابن معين 2/ 249، والمحبّر 237، ومشاهير علماء الأمصار 51 رقم 330، والمعارف 290، وتاريخ اليعقوبي 2/ 23، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 31، 32 رقم 19، وتاريخ أبي زرعة 1/ 608، ومروج الذهب 1465، والاستيعاب 2/ 1498- 501، وتحفة الأشراف 8/ 159- 165 رقم 409، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 87 رقم 86، والمستدرك 3/ 616، 617، وتهذيب الكمال 2/ 1040، 1041 وفيه «ابن عنبسة» وهو غلط، والمعرفة والتاريخ 1/ 327، 328 و 2/ 339، 340، وتاريخ الطبري 2/ 315 و 317 و 3/ 397 و 4/ 67، والمعين في طبقات المحدّثين 25 رقم 98، والكاشف 2/ 289 رقم 4256، ومسند أحمد 4/ 111 و 384 و 385، والكامل في التاريخ 2/ 59، 60، وأسد الغابة 4/ 130، 131، والجرح والتعديل 6/ 241 رقم 1339، والنكت الظراف 8/ 164، 165، والإصابة 3/ 5، 6 رقم 5903، وتهذيب التهذيب 8/ 69 رمق 107، وتقريب التهذيب 2/ 74 رقم 629، وخلاصة تذهيب التذهيب 291، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 90.(5/201)
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ مَسْعُودٍ- مَعَ جَلالَتِهِ- وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ.
وَلا أَعْلَمُ هَلْ مَاتَ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ أَوْ فِي خِلافَةِ يَزِيدَ، وَكَانَ أَحَدُ الأُمَرَاءِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ.
رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي سَلامٍ الدِّمَشْقِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ عَبْد اللَّهِ، سَمِعَا أَبَا أُمَامَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ: رَغِبْتُ عَنْ آلِهَةِ قَوْمِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، رَأَيْتُ أَنَّهَا آلِهَةٌ بِاطِلَةٌ لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ [1] .
81- عَمْرُو [2] بن سعيد [3] م ت ن ق ابْنِ الْعَاصِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ الأمويّ، أبو أميّة المعروف بالأشدق.
__________
[1] طبقات ابن سعد 4/ 217.
[2] من حقّ هذه الترجمة أن تتقدّم على سابقتها حسب الترتيب الأبجدي.
[3] انظر عن (عمرو بن سعيد الأشدق) في:
طبقات خليفة 11 و 298، والسير والمغازي لابن إسحاق 227، والمحبّر 104 و 304 و 377 و 378، والمغازي للواقدي 845 و 925 و 932، ونسب قريش 175- 180 و 251، وتاريخ اليعقوبي 2/ 76 و 133 و 253 و 255- 258 و 264 و 270 و 274، والمعارف 145 و 296 و 615، والمراسيل 143 رقم 262، ومشاهير علماء الأمصار 20 رقم 81، وتاريخ خليفة 97 و 120 و 130 و 229 و 231 و 233 و 235 و 454 و 256 و 266، وفتوح البلدان 40 و 135 و 142، والتاريخ الكبير 6/ 338 رقم 2570، والتاريخ الصغير 20 و 82، والجرح والتعديل 6/ 236 رقم 1308، وطبقات ابن سعد 5/ 237، 238، والبرصان والعرجان 274، 275، وجمهرة أنساب العرب 81، وأنساب الأشراف 1/ 142 و 199 و 368 و 482 و 3/ 72 و 112 وق 4 ج 1/ 6 و 38 و 94 و 98 و 131 و 134 و 135 و 148 و 153 و 154 و 159 و 286 و 299 و 301 و 304 و 307 و 309 و 311- 314 و 316 و 318 و 322 و 429 و 431- 433 و 435- 437 و 441- 451 و 454 و 455 و 463 و 470 و 571، والكامل في التاريخ 2/ 414 و 418 و 3/ 508 و 4/ 14 و 17 و 18 و 39 و 40 و 43 و 880 و 89 و 148- 151 و 154 و 189 و 190 و 252 و 257- 304 و 323 و 329 و 340 و 513 و 522 و 5/ 220 و 582، وتاريخ العظيمي 89 و 104 و 185 و 187 و 188، والعقد الفريد 1/ 79 و 2/ 189 و 4/ 23 و 46 و 132 و 168 و 370 و 376 و 377 و 394 و 397 و 407- 409، وثمار القلوب 75 و 130 و 164، وتاريخ الطبري 5/ 474- 478، وجامع التحصيل 298 رقم 565، والأخبار الموفقيات 152(5/202)
وَلِيَ الْمَدِينَةَ لِيَزِيدَ، ثُمَّ سَكَنَ دِمَشْقَ، وَكَانَ أَحَدَ الأَشْرَافِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، وَقَدْ رَامَ الْخِلافَةَ، وَغَلَبَ عَلَى دِمَشْقَ، وَادَّعَى أَنَّ مَرْوَانَ جَعَلَهُ وَلِيَّ الْعَهْدِ بَعْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ.
رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ مُوسَى، وَأُمَيَّةُ، وَسَعِيدٌ، وَخُثَيْمُ [1] بْنُ مَرْوَانَ.
وَكَانَ زَوْجَ أُخْتِ مَرْوَانَ أُمِّ الْبَنِينِ شَقِيقَةِ مَرْوَانَ.
قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَمَعَ بَنِيهِ فَقَالَ: أيُّكُمُ يَكْفُلُ دَيْنِي؟ فَسَكَتُوا، فَقَالَ: مَا لَكُمْ لا تُكَلِّمُونِ؟ فَقَالَ عَمْرُو [2] الْأَشْدَقُ، وَكَانَ عَظِيمَ الشِّدْقَيْنِ: وَكَمْ دَيْنُكَ يَا أَبَتِ؟
قَالَ: ثَلاثُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، قَالَ: فِيمَ اسْتَدَنْتَهَا؟ قَالَ: فِي كَرِيمٍ سَدَدْتُ فَاقَتَهُ وَلَئِيمٍ فَدَيْتُ عِرْضِي مِنْهُ، فَقَالَ: هِيَ عَلَيَّ [3] .
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَسُئِلَ عَنْ خُطَبَاءِ قُرْيَشٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ:
الأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ، وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَسُئِلَ عَنْ خُطَبَائِهِمْ فِي الإِسْلامِ فَقَالَ: مُعَاوِيَةُ، وَابْنُهُ، وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ، وَابْنُهُ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ.
وَفِي «مُسْنَدِ أَحْمَدَ» [4] ، مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جدعان قال:
__________
[ () ] و 561، وسيرة ابن هشام 1/ 292 و 3/ 308، والأخبار الطوال 244 و 286، ومروج الذهب 1960 و 1962 و 1970 و 1997- 1201 و 2191 و 2428 و 2429، و 3634، والمعرفة والتاريخ 3/ 326 و 330، وتاريخ أبي زرعة 1/ 72 و 74 و 217، وعيون الأخبار 2/ 171، وتاريخ دمشق 13/ 226 ب، وتهذيب الكمال 1035، وسير أعلام النبلاء 3/ 449، 450 رقم 88، والكاشف 2/ 285 رقم 4226، ومختصر التاريخ 110، ولباب الآداب 35 و 338، وتحفة الأشراف 8/ 151، 152 رقم 406، والتذكرة الحمدونية 389، وتهذيب التهذيب 8/ 37- 39 رقم 60، وتقريب التهذيب 2/ 70 رقم 589، والإصابة 3/ 175 رقم 6848، وخلاصة تذهيب التهذيب 289، والمنتخب من تاريخ المنبجي (بتحقيقنا) 76 و 77، وربيع الأبرار 4/ 166 و 214 و 231، والكنى والأسماء 1/ 113.
[1] في طبعة القدسي «خيثم» وهو تحريف.
[2] في الأصل «عمر» .
[3] انظر نسب قريش 177.
[4] ج 2/ 522.(5/203)
أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَيُرْعَفَنَّ عَلَى مِنْبَرِي جَبَّارٌ مِنْ جَبَابِرَةِ بَنِي أُمَيَّةَ» . قَالَ عَلِيٌّ فَحَدَّثَنِي مَنْ رَأَى عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ رَعِفَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ وَلاهُ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ، ثُمَّ وَلاهُ يَزِيدُ، فَبَعَثَ عَمْرُو بَعْثًا لِقِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَكَانَ عَمْرُو يَدَّعِي أَنَّ مَرْوَانَ جَعَلَ إِلَيْهِ الأَمْرَ بَعْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ نَقَضَ ذَلِكَ وَجَعَلَهُ إِلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ، فَلَمَّا شَخَصَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى حَرْبِ مُصْعَبٍ إِلَى الْعِرَاقِ، خَالَفَ عَلَيْهِ عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ، وَغَلَّقَ أَبْوَابَ دِمَشْقَ، فَرَجَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَحَاطَ بِهِ، ثُمَّ أَعْطَاهُ أَمَانًا، ثُمَّ غَدَرَ بِهِ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ فِي ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ عَمِّ عَبْدِ الْمَلِكِ:
أَعَيْنَيَّ جُودِي بِالدُّمُوعِ عَلَى عَمْرِو ... عَشِيَّةَ تُبْتَزُّ الْخِلافَةُ بِالْغَدْرِ
كَأَنَّ بَنِي مَرْوَانَ إِذْ يَقْتُلُونَهُ ... بِغَاثٍ مِنَ الطّير اجتمعن على صقر
غدرتم بعمرو يَا بَنِي خَيْطِ بَاطِلٍ ... وَأَنْتُمْ ذَوُو قُرَبَائِهِ وَذَوُو صِهْرِ
فَرُحْنَا وَرَاحَ الشَّامِتُونَ عَشِيَّةً ... كَأَنَّ عَلَى أَكْتَافِنَا فِلَقُ الصَّخْرِ
لَحَا اللَّهُ دُنْيَا يَدْخُلُ النَّارَ أَهْلُهَا ... وَتَهْتِكُ مَا دُونَ الْمَحَارِمِ مِنْ سِتْرِ [1]
وَكَانَ مَرْوَانَ يُلَقَّبُ بِخَيْطِ بَاطِلٍ [2] .
وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ [3] بِإِسْنَادٍ، أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ لَمَّا سَارَ يَؤُمُّ الْعِرَاقَ، جَلَسَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَعَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ، فَتَذَاكَرَا مِنْ أَمْرِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَسِيرِهِمَا مَعَهُ عَلَى خَدِيعَةٍ مِنْهُ لَهُمَا، فَرَجَعَ عَمْرُو إِلَى دِمَشْقَ فَدَخَلَهَا وَسُورُهَا وَثِيقٌ، فَدَعَا أَهْلَهَا إِلَى نَفْسِهِ، فَأَسْرَعُوا إِلَيْهِ، وَفَقَدَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، فَرَجَعَ بِالنَّاسِ
__________
[1] الأبيات بتقديم وتأخير، واختلاف بعض الألفاظ، بعضها في: مروج الذهب 6/ 218- 219 (طبعة باريس) ، والأخبار الطوال 295، والحيوان 6/ 315، والحماسة للبحتري، رقم 713، وأنساب الأشراف 3/ 72 و 73 وق 4 ج 1/ 449، 450، وفي سير أعلام النبلاء 3/ 450 وهي أكثر مما هنا، وتاريخ دمشق 13/ 229 ب، وأخبار الدولة العباسية 144.
[2] كان مروان بن الحكم يقال له خيط باطل لأنه كان طويلا مضطربا، قال الشاعر:
لحا الله قوما أمّروا خيط باطل ... على الناس يعطي من يشاء ويمنع
انظر: مروج الذهب 3/ 32، ولطائف المعارف للثعالبي- طبعة عيسى الحلبي 1960- ص 36، وثمار القلوب 76 رقم 103.
[3] في الطبقات 5/ 238 وهو مختصر عمّا هنا.(5/204)
إِلَى دِمَشْقَ، فَنَازَلَهَا سِتَّ عَشْرَةَ لَيْلةً حَتَّى فَتَحَهَا عَمْرُو لَهُ وَبَايَعَهُ، فَصَفَحَ عَنْهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، ثُمَّ أَجْمَعَ عَلَى قَتْلِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ يَوْمًا يَدْعُوهُ، فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ أَنَّهَا رِسَالَةُ شَرٍّ، فَزَلَفَ إِلَيْهِ فِيمَنْ مَعَهُ، لَبِسَ دِرْعًا مُتَكَفِّرًا بِهَا [1] ، ثُمَّ دَخَلَ إِلَيْهِ، فَتَحَدَّثَا سَاعَةً، وَقَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَى يَحْيَى بْنِ الْحَكَمِ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَهُ إِذَا خَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَبَا أُمَيَّةَ، مَا هَذِهِ الْغَوَائِلُ وَالزُّبَى الَّتِي تُحْفَرُ لَنَا! ثُمَّ ذَكَّرَهُ مَا كَانَ مِنْهُ، وَخَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ، وَلَمْ يُقْدِمْ عَلَيْهِ يَحْيَى، فَشَتَمَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، ثُمَّ أَقْدَمَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ.
قَالَ خَلِيفَةُ [2] : وَفِي سَنَةِ سَبْعِينَ خَلَعَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ عَبْدَ الْمَلِكِ، وَأَخْرَجَ عَامِلَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أُمِّ الْحَكَمِ عَنْ دِمَشْقَ، فَسَارَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ، ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَعَلَى أَنَّ لِعَمْرٍو مَعَ كُلِّ عَامِلٍ عَامِلًا، وَفَتَحَ دِمَشْقَ، وَدَخَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ، ثُمَّ غَدَرَ بِهِ فَقَتَلَهُ، فَحَدَّثَنِي أَبُو الْيَقْظَانِ قَالَ: قَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: يَا أَبَا أُمَيَّةَ، لَوْ أعْلَمْ أَنَّكَ تَبْقَى وَتُصْلِحُ قَرَابَتِي لَفَدَيْتُكَ وَلَوْ بِدَمِ النَّوَاظِرِ، وَلَكِنَّهُ قَلَّمَا اجْتَمَعَ فَحَلانِ فِي إِبِلٍ إِلا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: قُتِلَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ.
82- عَمْرُو الْبِكَالِيُّ [3] أَبُو عُثْمَانَ، صَحَابِيٌّ، شَهِدَ الْيَرْمُوكَ.
وَرَوَى عَنِ: النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي الأَعْوَرِ السُّلَمِيِّ، وَغَيْرِهِمَا.
__________
[1] في «أساس البلاغة» : كفّر نفسه بالسلاح وتكفّر به. وفي تاريخ الطبري 6/ 142 «لبس عمرو درعا حصينة بين قباء قوهيّ وقميص قوهي» .
[2] في تاريخه 266، وانظر ربيع الأبرار 4/ 214 (باختصار) .
[3] انظر عن (عمرو البكالي) في:
طبقات ابن سعد 7/ 421، والتاريخ الكبير 6/ 313 رقم 2498، والجرح والتعديل 6/ 270 رقم 1495، والمراسيل 141 رقم 256، وتاريخ الثقات للعجلي 372 رقم 1294، والثقات لابن حبّان 3/ 278، وجامع التحصيل 303 رقم 588، والاستيعاب 2/ 533، 534، وطبقات خليفة 123، والمعجم الكبير 17/ 43، 44، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 138 رقم 636، وتجريد أسماء الصحابة 1/ 401، وأسد الغابة 4/ 89، والإصابة 3/ 23، 24 رقم 5990.(5/205)
وَعَنْهُ: مَعْدَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، وَأَبُو تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيُّ طَرِيفٌ، وَأَبُو أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
وَأَمَّ النَّاسَ بِمَسْجِدِ دِمَشْقَ، رَوَى الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ: قَدِمْتُ الشَّامَ، فَإِذَا بِهِمْ يَطُوفُونَ بِرَجُلٍ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: هَذَا أَفْقَهُ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَذَا عَمْرُو الْبِكَالِيُّ، وَرَأَيْتُ أَصَابِعَهُ مَقْطُوعَةً، فَقِيلَ: قُطِعَتْ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ [1] .
وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: قَدِمَ عَمْرُو الْبِكَالِيُّ مِصْرَ مَعَ مَرْوَانَ، فَرَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرَةَ. وَقِيلَ: هُوَ أَخُو نَوْفٍ الْبِكَالِيِّ.
وَقَالَ أحمد العجليّ [2] : هو تابعيّ ثقة.
__________
[1] الاستيعاب 2/ 533 و 534.
[2] في تاريخ الثقات 372 رقم 1294(5/206)
[حرف القاف]
83- قباث بن أشيم [1] ت اللّيثي، صَحَابِيٌّ، شَهِدَ الْيَرْمُوكَ أَمِيرًا، وَطَالَ عُمْرُهُ.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، وَأَبُو الْحُوَيْرِثِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ [2] : إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا مُشْرِكًا، وَشَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ الْمَشَاهِدِ، وَكَانَ عَلَى مُجَنَّبَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ.
وَقَالَ دُحَيْمٌ: مَاتَ بِالشَّامِ، وَأَدْرَكَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، فَسَأَلَهُ عَنْ سِنِّهِ، فَقَالَ: أَنَا أَسَنُّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَذَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن سعيد وغيره.
__________
[1] انظر عن (قباث بن أشيم) في:
طبقات خليفة 30، والتاريخ الكبير 7/ 192، 193 رقم 856، وتاريخ خليفة 52، والجرح والتعديل 7/ 143 رقم 797، وتاريخ أبي زرعة 1/ 70، وطبقات ابن سعد 7/ 411، وتاريخ الطبري 2/ 155 و 3/ 397 و 404 و 405 و 4/ 390، والمغازي للواقدي 97، 98، والمعجم الكبير 19/ 35- 37، والكامل في التاريخ 2/ 412، وأسد الغابة 4/ 189، 190، والاستيعاب 3/ 168- 270، وفتوح الشام للأزدي 189، وتحفة الأشراف 8/ 273، 274 رقم 443، وتهذيب الكمال 2/ 1118، والمستدرك 3/ 625، وتلخيص المستدرك 3/ 625، 626، وتاريخ الإسلام (السيرة النبويّة) 23، 24، و (عهد الخلفاء الراشدين) 142، والكاشف 2/ 340 رقم 4611، وتهذيب التهذيب 8/ 342، 343 رقم 623، وتقريب التهذيب 2/ 122 رقم 69، والإصابة 3/ 221، 222 رقم 7056، وخلاصة تذهيب التهذيب 314.
[2] في الطبقات 7/ 411.(5/207)
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ يَقُولُ لِقُبَاثِ بْنِ أشْيَمَ اللَّيْثِيِّ: يَا قُبَاثُ، أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْبَرُ، وَأَنَا أَسَنُّ مِنْهُ، وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفِيلِ وَوَقَفَتْ بِي أُمِّي عَلَى رَوَثِ الْفِيلِ مُحِيلًا [1] أَعْقِلُهُ [2] .
اسْمُ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُعَاوِيَةَ.
وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنِ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ دُرَيْكٍ، عَنْ قُبَاثٍ قَالَ: انْهَزَمْتُ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَمْ يُرَ مِثْلَ هَذَا الْيَوْمِ قَطُّ، فَلَمَّا أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَسْتَأْمِنَهُ قَالَ: قُلْتُ: لَمْ أَرَ مِثْلَ أَمْرِ اللَّهِ قَطُّ فَرَّ مِنْهُ إِلا النِّسَاءَ [3] ، فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَرَمْرَمَتْ بِهِ شَفَتَايَ، وَمَا كَانَ إِلا شَيْءٌ عَرَضَ لِي فِي نَفْسِي.
84- قَبِيصَةُ بْنُ جابر [4] ن ابْنِ وَهْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ، أَبُو العلاء، من كبار التابعين.
__________
[1] في أسد الغابة: أخضر محيلا. والمحيل: المتغيّر.
[2] سبق تخريج هذا الحديث في الجزء الخاص بالسيرة النبويّة من هذا التاريخ. انظر ص 23، 24.
[3] في أسد الغابة: أنت الّذي قلت: لو خرجت نساء قريش بأكمتها ردّت محمدا وأصحابه.
قال: والّذي بعثك بالحقّ ما تحرّك به لساني ولا ترمرمت به شفتاي ...
[4] انظر عن (قبيصة بن جابر) في:
طبقات ابن سعد 6/ 145، وتاريخ خليفة 268، وطبقات خليفة 141 و 152، والتاريخ الكبير 7/ 175، 176 رقم 785، وتاريخ أبي زرعة 1/ 592، والمعرفة والتاريخ 1/ 457- 459 و 3/ 313، والجرح والتعديل 7/ 125 رقم 712، وتاريخ الثقات للعجلي 388 رقم 1376، والثقات لابن حبّان 5/ 318، وتاريخ اليعقوبي 2/ 282، ومشاهير علماء الأمصار 106 رقم 800، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 42 و 119 و 279 و 534، وتاريخ الطبري 3/ 579 و 580 و 5/ 337، والمحبّر 235 و 379، وأسد الغابة 4/ 191، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 55، 56 رقم 63، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 129 و 134 و 526، والكاشف 2/ 340 رقم 4613، وتهذيب الكمال 2/ 1119، وتهذيب التهذيب 8/ 344، 345 رقم 626، وتقريب التهذيب 2/ 122 رقم 72، وخلاصة تذهيب التهذيب 314، والكنى والأسماء للدولابي 2/ 49.(5/208)
رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَالْعُرْيَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ.
وَشَهِدَ خُطْبَةَ عُمَرَ بِالْجَابِيَةِ، وَكَانَ أَخَا مُعَاوِيَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَقَدْ وَفَدَ عَلَيْهِ، وَكَانَ كَاتِبَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِالْكُوفَةَ، وَكَانَ يُعَدُّ مِنَ الْفُصَحَاءِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ [1] : كَانَ ثِقَةً لَهُ أَحَادِيثُ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ قَبِيصَةَ قَالَ: أَلا أُخْبِرُكُمْ عَمَّنْ صَحِبْتُ؟ صَحِبْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَفْقَهَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْهُ، وَلا أَحْسَنَ مُدَارَسَةً مِنْهُ، وَصَحِبْتُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدَ اللَّهِ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْطَى لِجَزِيلٍ مِنْهُ عَنْ غَيْرِ مُسَأَلَةٍ، وَصَحِبْتُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَنْصَعَ ظَرْفًا مِنْهُ، وَصَحِبْتُ مُعَاوِيَةَ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ حُلْمًا وَلا أَبْعَدَ أَنَاةً مِنْهُ، وَصَحِبْتُ زِيَادًا، فَمَا رَأَيْتُ أَكْرَمَ جَلِيسًا مِنْهُ، وَصَحِبْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، فَلَوْ أَنَّ مَدِينَةً لَهَا أَبْوَابٌ لا يَخْرُجُ مِنْ كُلِّ بَابٍ مِنْهَا إِلا بِالْمَكْرِ لَخَرَجَ مِنْ أَبْوَابِهَا كُلِّهَا [2] .
قَالَ خَلِيفَةُ [3] : مَاتَ قَبِيصَةُ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ.
85- قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ [4] أَبُو يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ الشاعر الْمَشْهُورُ، من بادية الحجاز، وهو الّذي كان
__________
[1] في الطبقات 6/ 145.
[2] انظر: تاريخ الطبري 2/ 215، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 102 رقم 312 (وفيه: قبيصة بن ذؤيب) و 119 رقم 347، وتهذيب تاريخ دمشق 5/ 413، والبداية والنهاية 8/ 135، وسير أعلام النبلاء 3/ 21 و 49، وتهذيب التهذيب 8/ 345، والنجوم الزاهرة 1/ 64 و 72، وسراج الملوك للطرطوشي- طبعة مصر 1935- ص 127، والبصائر والذخائر لأبي حيّان 3/ 337، 338.
[3] في طبقاته 141، وفي تاريخه يذكر وفاته سنة 72 هـ.
[4] انظر عن (قيس بن ذريح) في:
الشعر والشعراء 475 وترجمته 524، 525 رقم 116، وأمالي القالي 1/ 136 و 187(5/209)
يُشَبِّبُ بِأُمِّ مَعْمَرَ لُبْنَى بِنْتِ الْحُبَابِ الْكَعْبِيَّةِ، ثُمَّ إِنَّهُ تَزَوَّجَ بِهَا، وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ أَخَا الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ.
قَالَ ثَعْلَبٌ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ، ثنا مُوسَى بْنُ عِيسَى الْجَعْفَرِيُّ:
أَخْبَرَنِي عِيسَى بْنُ أَبِي جَهْمَةَ اللَّيْثِيُّ، وَكَانَ مُسِنًّا، قَالَ: كَانَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ رَجُلا مَنًّا، وَكَانَ ظَرِيفًا شَاعِرًا، وَكَانَ يَكُونُ بِقُدَيِدٍ بِسَرِفَ وَبِوَادِي مَكَّةَ، وَخَطَبَ لُبْنَى مِنْ خُزَاعَةَ، ثُمَّ مِنْ بَنِي كَعْبٍ فَتَزَوَّجَهَا وَأُعْجِبَ بِهَا، وَبَلَغَتْ عِنْدَهُ الْغَايَةَ، ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَ أُمِّهِ وَبَيْنَهَا فَأَبْغَضَتْهَا، وَنَاشَدَتْ قَيْسًا فِي طَلاقِهَا، فَأَبَى، فَكَلَّمَتْ أَبَاهُ، فَأَمَرَهُ بِطَلاقِهَا، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَقَالَ: لا جَمَعَنِي وَإيِّاكَ سَقْفٌ أَبَدًا حَتَّى تُطَلِّقَهَا، ثُمَّ خَرَجَ فِي يَوْمٍ قَيْظٍ فقَالَ: لا أَسْتَظِلُّ حَتَّى تُطَلِّقَهَا، فَطَلَّقَهَا وَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ آخِرُ عَهْدِكَ بِي، ثُمَّ إِنَّه اشْتَدَّ عَلَيْهِ فِرَاقُهَا وَجَهِدَ وَضَمُرَ، وَلَمَّا طَلَّقَهَا أَتَاهَا رِجَالُهَا يَتَحَمَّلُونَهَا، فَسَأَلَ: مَتَى هُمْ رَاحِلُونَ؟ قَالُوا: غَدًا نَمْضِي، فَقَالَ:
وَقَالُوا غَدًا أَوْ بَعْدَ ذَاكَ ثَلاثَةٌ ... فِرَاقُ حَبِيبٍ لَمْ يَبِنْ وَهُوَ بَائِنُ
فَمَا كُنْتُ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ مَنِيَّتِي ... بِكَفِّي إِلا أَنَّ مَا حَانَ حَائِنُ [1]
ثُمَّ جَعَلَ يَأْتِي مَنْزِلَهَا وَيَبْكِي، فَلامُوهُ، فَقَالَ:
كَيْفَ السُّلُوُّ وَلا أَزَالُ أرى لها ... ربعا كحاشية اليماني المخلّق
__________
[ () ] و 2/ 75 و 76 و 176 و 219 و 314 والذيل 52، وأخبار القضاة 1/ 128 و 3/ 105، ومروج الذهب 3049- 3052، والأغاني 9/ 180- 220، والمؤتلف والمختلف للآمدي 120، والموشّح للمرزباني- طبعة السلفية بمصر 207، ووفيات الأعيان 6/ 371، 372، والمنازل والديار لابن منقذ 1/ 353 و 2/ 68 و 128 و 157 و 234، وسير أعلام النبلاء 3/ 534، 535 رقم 140، وسمط اللآلي 379 و 701 و 710، وتاريخ دمشق 14/ 221 أ، وفوات الوفيات 3/ 204- 208 رقم 400، والبداية والنهاية 8/ 313، والنجوم الزاهرة 1/ 182، والتذكرة السعدية 346- 348 و 351 و 353 و 368، والحماسة البصرية لابن أبي الفرج البصري (ت 659 هـ.) طبعة حيدرآباد 1383 هـ. - 1964 م- ج 2/ 198، وتزيين الأسواق 1/ 53 و 62، وعصر المأمون 2/ 152، ورغبة الآمل 5/ 242، ومعجم الشعراء في لسان العرب 337، 338 رقم 869، وتاريخ الأدب العربيّ 1/ 194 و 200 و 201، والمثلّث للبطليوسي 2/ 35.
[1] البيتان في الأغاني 9/ 185، وفوات الوفيات 3/ 207.(5/210)
ربعا لواضحة الجبين به فِي عِزَّةٍ ... كَالشَّمْسِ إِذ طَلَعَتْ رَخِيمَ الْمَنْطِقِ
قَدْ كُنْتُ أَعْهَدُهَا بِهِ فِي عِزَّةٍ ... وَالْعَيْشُ صَافٍ وَالْعِدَى لَمْ تَنْطِقِ
حَتَّى إِذَا هَتَفُوا وَأذَّنَ فِيهِمُ ... دَاعِي الشَّتَاتِ بِرِحْلَةٍ وَتَفَرُّقِ
خَلَتِ الدِّيَارُ فَزُرْتُهَا فَكَأَنَّنِي ... ذُو حَيَّةٍ مِنْ سِمِّهَا لَمْ يَفْرُقِ [1]
وَهُوَ الْقَائِلُ:
وَكُلُّ مُلِمَّاتِ الزَّمَانِ وَجَدْتُهَا ... سِوَى فُرْقَةِ الأَحْبَابِ هَيِّنَةَ الْخَطْبِ [2]
وَمِنْ شعره:
ولو أنّني أسطيع صَبْرًا وَسُلْوةً ... تَنَاسَيَتُ لُبْنَى غَيْرَ مَا مُضْمِرٍ حِقْدَا
وَلَكِنَّ قَلْبِي قَدْ تَقَسَّمَهُ الْهَوَى ... شَتَاتًا فَمَا أَلْفَى صَبُورًا وَلا جَلَدًا
سَلِ اللَّيْلَ عَنِّي كَيْفَ أَرْعَى نُجُومَهُ ... وَكَيْفَ أُقَاسِي الْهَمَّ مُسْتَخْلِيًا فَرْدَا
كَأَنَّ هُبُوبُ الرِّيحِ مِنْ نَحْوِ أَرْضِكُمْ ... تُثِيرُ قَنَاةَ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ النَّدَا
وَعَنْ أبي عمرو الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: خَرَجَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَامْتَدَحَهُ، فَأَدْنَاهُ وَأَمَرَ لَهُ بِخْمَسَةَ آلافِ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ وَقَالَ: كَيْفَ وَجْدُكَ بِلُبْنَى؟
قَالَ: أشدّ وجد، قال: فترضى زواجها؟ قال: ما لي فِي ذَلِكَ مِنْ حَاجَةٍ قَالَ:
فَمَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: تَأْذَنُ لِي فِي الإِلْمَامِ بِهَا، وَتَكْتُبُ إِلَى عَامِلِكَ، فَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يُفَرِّقَ الْمَوْتُ بَيْنِي وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَأَنْشَدَهُ:
أَضَوْءُ سَنَا بَرْقٍ بَدَا لَكَ لَمْعُهُ ... بِذِي الأَثْلِ مِنْ أَجْرَاعِ بثنة تَرْقُبُ
نَعَمْ إِنَّنِي صَبٌّ هُنَاكَ مُوَكَّلٌ ... بِمَنْ لَيْسَ يُدَنِّينِي وَلا يَتَقَرَّبُ
مَرِضْتُ فَجَاءُوا بِالْمُعَالِجِ وَالرُّقَى ... وَقَالُوا: بَصِيرٌ بِالدَّوَاءِ مُجَرَّبُ
فَلَمْ يُغْنِ عَنِّي مَا يَعْقِدُ طَائِلا ... وَلا مَا يُمَنِّينِي الطَّبِيبُ الْمُجَرِّبُ
وَقَالَ أُنَاسٌ وَالظُّنُونُ كَثِيرَةً ... وَأَعْلَمُ شَيْءٍ بِالْهَوَى مَنْ يُجَرِّبُ
أَلا إِنَّ فِي الْيَأْسِ الْمُفَرِّقُ رَاحَةً ... سَيُسْلِيكَ عَمَّنْ نَفْعُهُ عَنْكَ يَعْزُبُ
فَكُلُّ الَّذِي قَالُوا بَلَوْتُ فَلَمْ أَجِدْ ... لِذِي الشَّجْوِ أَشْفَى مِنْ هَوَى حِينَ يقرب
__________
[1] انظر الحكاية وأبياتا أخرى في: الأغاني 9/ 181- 185.
[2] البيت في: الأغاني 9/ 189، ومجالس ثعلب 1/ 237، وحماسة أبي تمّام بشرح التبريزي 3/ 222.(5/211)
عَلَيْهَا سَلامُ اللَّهِ مَا هَبَّتِ الصِّبَا ... وَمَا لاحَ وَهْنًا فِي دُجَى اللَّيْلِ كَوْكَبُ
فَلَسْتُ بِمُبْتَاعٍ وِصَالًا بَوَصْلِهَا ... وَلَسْتُ بِمُفْشِ سِرَّهَا حِينَ أَغْضَبُ
وَقَالَ:
يَقُولُونَ لُبْنَى فِتْنَةٌ، كُنْتَ قَبْلَهَا ... بِخَيْرٍ فَلا تَنْدَمْ عَلَيْهَا وَطَلِّقِ
فَطَاوَعْتُ أَعْدَائِي وَعَاصَيْتُ نَاصِحِيَّ ... وَأَقْرَرْتُ عَيْنَ الشَّامِتِ الْمُتَخَلِّقِ [1]
وَدِدْتُ وَبَيْتِ اللَّهِ أَنِّي عَصَيْتُهُمْ ... وَحَمَلْتُ فِي رِضْوَانِهَا كُلَّ مُوبِقِ [2] .
وَكُلِّفْتُ خَوْضَ الْبَحْرِ وَالْبَحْرُ زَاخِرٌ ... أَبِيتُ عَلَى أَثْبَاجِ مَوْجٍ مُغَرَّقِ
كَأَنِّي أَرَى النَّاسَ الْمُحِبِّينَ بَعْدَهَا ... عُصَارَةَ مَاءِ الْحَنْظَلِ الْمُتَفَلِّقِ
فَتُنْكِرُ عَيْنِي بَعْدَهَا كُلَّ مَنْظَرٍ ... وَيَكْرَهُ سَمْعِي بَعْدَهَا كُلَّ مَنْطِقِ [3]
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: هَذَا وَأَبِيكَ الْحُبُّ، وَأَذِنَ لَهُ فِي زِيَارَتِهَا، فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى امْرَأَةٍ بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهَا بُرَيْكَةُ، وَأَهْدَى لَهَا وَلِلُبْنَى هَدَايَا وَأَلْطَافًا، وَأَخْبَرَهَا بِكِتَابِ معاوية، فقالت: يا بن عَمِّ مَا تُرِيدُ إلى الشُّهْرَةِ، فَأَقَامَ أَيَّامًا، فَبَلَغَ زَوْجَ لُبْنَى قُدُومُهُ، فَمَنَعَ لُبْنَى بُرَيْكَةَ، وَأَيَسَ قَيْسٌ مِنْ لِقَائِهَا، فَبَقِيَ مُتَرَدِّدًا فِي كِتَابِ مُعَاوِيَةَ، فَرَآهُ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ يَوْمًا، فقال: يا أعرابيّ ما لي أَرَاكَ مُتَحَيِّرًا؟ قَالَ:
دَعْنِي بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ، قَالَ: أَخْبَرْنِي بِشَأْنِكَ، فَإِنِّي عَلَى مَا تُرِيدُ، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَأَخْبَرَهُ وَقَالَ: لا أَرَانِي إِلا فِي طَلَبِ مِثْلِكَ، وَانْطَلَقَ بِهِ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ لَيْلَةً يُحَدِّثُهُ وَيُنْشِدُهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ رَكِبَ فَأَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، ارْكَبْ مَعِي فِي حَاجَةٍ، فَرَكِبَ مَعَهُ، وَاسْتَنْهَضَ ثَلاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً مِنْ وُجُوهِ قُرَيْشٍ، وَلا يَدْرُونَ مَا يُرِيدُ، حَتَّى أَتَى بِهِمْ بَابَ زَوْجِ لُبْنَى، فَخَرَجَ فَإِذَا وُجُوهُ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكُمْ، مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قَالُوا:
حَاجَةٌ لابْنِ أَبِي عَتِيقٍ اسْتَعَانَ بِنَا عَلَيْكَ، فَقَالَ: اشْهَدُوا أَنَّ حُكْمَهُ جَائِزٌ عَلَيَّ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ: اشْهَدُوا أَنَّ امْرَأَتَهُ لُبْنَى مِنْهُ طَالِقٌ، فَأَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بِرْأَسِهِ ثُمَّ قَالَ: لِهَذَا جِئْتَ بِنَا! فَقَالَ: جعلت فداكم، يطلّق هذا امرأته ويتزوّج
__________
[1] المتخلّق: الّذي يتكلّف ما ليس في خلقه.
[2] في طبعة القدسي 62 «موثق» .
[3] الأبيات في: الأغاني 9/ 185.(5/212)
بِغَيْرِهَا خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمُوتَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَمَا إِذْ فَعَلَ مَا فَعَلَ فَلَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ آلافِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ: وَاللَّهِ لا أَبْرَحُ حَتَّى تَنْقُلَ مَتَاعَهَا، فَفَعَلَتْ، وَأَقَامَتْ فِي أَهْلِهَا، حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَ بِهَا قَيْسٌ، وَبَقِيَا دَهْرًا بِأَرْغَدِ عَيْشٍ، فَقَالَ قَيْسٌ:
جَزَى الرَّحْمَنُ أَفْضَلَ مَا يُجَازِي ... عَلَى الإِحْسَانِ خَيْرًا مِنْ صَدِيقِ
فَقَدْ جَرَّبْتُ إِخْوَانِي جَمِيعًا ... فَمَا ألْفَيْتُ كَابْنِ أَبِي عَتِيقِ
سَعَى فِي جَمْعِ شَمْلِي بَعْدَ صَدْعٍ ... وَرَأَيٍ حِدْتُ [1] فِيهِ عَنِ الطَّرِيقِ
وَأَطْفَأَ لَوْعَةً كَانَتْ بِقَلْبِي ... أغصَّتني حَرَارَتُهَا بِرِيقِي [2]
هَذِهِ رِوَايَةٌ.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ عَبَايَةَ قَالَ: خَرَجَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ إِلَى الْمَدِينَةِ يَبِيعُ نَاقَةً، فَاشْتَرَاهَا زَوْجُ لُبْنَى وَهُوَ لا يَعْرِفُهُ، فَقَالَ لِقَيْسٍ:
انْطَلِقْ مَعِي لِتَأْخُذَ الثَّمَنَ، فَمَضَى مَعَهُ، فَلَمَّا فَتَحَ الْبَابَ إِذَا لُبْنَى اسْتَقْبَلَتْ قَيْسًا، فَلَمَّا رَآهَا وَلَّى هَارِبًا، وَاتَّبَعَهُ الرَّجُلُ بِالثَّمَنِ، فَقَالَ: لا تَرْكَبْ لِي مَطِيَّتَيْنِ أَبَدًا، قَالَ: وَأَنْتَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: هَذِهِ لُبْنَى، فَقِفْ حَتَّى أُخَيِّرُهَا، فَإِنِ اخْتَارَتَكَ طَلَّقْتُهَا، وَظَنَّ الزَّوْجُ أَنَّ لَهُ فِي قَلْبِهَا مَوْضِعًا، فَخُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ قَيْسًا، فَطَلَّقَهَا فَمَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ [3] .
وَلَقَدْ قِيلَ لِقَيْسٍ: إِنَّ مِمَّا يُسْلِيكَ عَنْهَا ذِكْرُ مَعَايِبَهَا، فَقَالَ:
إِذَا عِبْتُهَا شَبَّهْتُهَا الْبَدْرَ طَالِعًا ... وَحَسْبُكُ مِنْ عَيْبٍ بِهَا شِبْهُ الْبَدْرِ
لَهَا كَفَلٌ يَرْتَجُّ مِنْهَا إِذَا مَشَتْ ... وَمتْنٌ كَغُصْنِ الْبَانِ مُضْطَمِرُ الْخِصْرِ [4]
وَلِقَيْسٍ:
أُرِيدُ سُلُوًّا عَنْ لبينى وذكرها ... فيأبى فؤادي المستهام المتيّم
__________
[1] في طبعة القدسي «جرت» ، وهو تحريف.
[2] الأبيات في: الأغاني 9/ 220.
[3] انظر: الأغاني 9/ 205.
[4] البيتان في الأغاني 9/ 95 والأول منهما بلفظ:
إذا ما مشت شبرا من الأرض أرجفت ... من البهر حتى ما تزيد على شبر(5/213)
إِذَا قُلْتُ أَسْلُوهَا تَعَرَّضَ ذِكْرُهَا ... وَعَاوَدَنِي مِنْ ذَاكَ مَا اللَّهُ أَعْلَمُ
صَحَا كُلُّ ذِي وِدٍّ عَلِمْتُ مَكَانُه ... سِوَايَ فَإِنِّي ذَاهِبُ الْعَقْلِ مُغْرَمُ
وَلَهُ:
هَلِ الْحُبُّ إِلا عَبْرةٌ بَعْدَ زَفْرَةٍ ... وَحِزٌ عَلَى الأَحْشَاءِ لَيْسَ لَهُ بُرْدُ
وَفَيْضُ دُمُوعِ تَسْتَهِلُّ إِذَا بَدَا ... لَنَا عَلَمٌ مِنْ أَرْضِكُمْ لَمْ يَكُنْ يَبْدُو [1]
86- قَيْسُ بْنُ السكن [2]- م ن- الأسدي الكوفي.
سَمِعَ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، وَالْأَشْعَثَ بْنَ قيس.
روى عَنْهُ: عُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَسَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ، وَالْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو، وَأَبُو إِسْحَاقَ.
قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ [3] : تُوُفِّيَ فِي زَمَنِ مُصْعَبٍ.
87- قَيْسُ الْمَجْنُونُ [4] وَمَنْ بِهِ يُقَاسُ الْمُحِبُّونَ. هُوَ قَيْسُ بْنُ الْمُلَوِّحِ بْنِ مُزَاحِمٍ. وقيل:
__________
[1] البيتان في الأغاني 9/ 196.
[2] انظر عن (قيس بن السكن) في:
طبقات ابن سعد 6/ 176، وطبقات خليفة 92 و 140، والتاريخ الكبير 7/ 145، 146 رقم 649، والجرح والتعديل 7/ 98، 99 رقم 557، ومشاهير علماء الأمصار 103 رقم 767، والكاشف 2/ 348 رقم 4674، وتهذيب التهذيب 8/ 397، 398 رقم 703، وتقريب التهذيب 2/ 129 رقم 145، وخلاصة تذهيب التهذيب 317، وتهذيب الكمال 2/ 1135.
[3] في الجرح والتعديل 7/ 98.
[4] انظر عن (قيس المجنون) في:
الشعر والشعراء 2/ 467- 477 رقم 10، والمؤتلف والمختلف 188، ومعجم الشعراء للمرزباني 476، والأغاني 2/ 1- 95، وسمط اللآلي 350، وجمهرة أنساب العرب 288، 289، والمنازل والديار 1/ 51 و 129 و 164 و 181 و 354 و 7/ 3 و 2/ 16 و 46 و 134 و 147 و 164 و 232 و 354، ولباب الآداب 410 و 411 و 413- 415، ونشوار المحاضرة 5/ 102، وسرح العيون 195، وشرح الشواهد 238، وفوات الوفيات 3/ 208- 213 رقم 401، والتذكرة السعدية 349 و 355 و 364 و 365، وسير أعلام النبلاء 4/ 5- 7 رقم 1،(5/214)
قَيْسُ بْنُ مُعَاذٍ، وَقِيلَ: اسْمُهُ الْبُحْتُرِيُّ [1] بْنُ الْجَعْدِ، وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَهُوَ مَجْنُونُ لَيْلَى بِنْتِ مَهْدِيٍّ أُمِّ مَالِكٍ الْعَامِرِيَّةِ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَقِيلَ: مِنْ بَنِي كَعْبٍ بْنِ سَعْدٍ.
سَمِعْنَا أَخْبَارَهُ فِي جُزْءٍ أَلَّفَهُ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ، وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ النَّاسِ لَيْلَى وَالْمَجْنُونَ، وَهَذَا دَفَعَ بِالصَّدْرِ، فَلَيْسَ مَنْ لا يَعْلَمُ حُجَّةً عَلَى مَنْ عَلِمَ، وَلا الْمُثْبِتُ كَالنَّافِي، فَعَنْ لَقِيطِ بْنِ بُكَيْرٍ الْمُحَارِبِيِّ: أن الْمَجْنُونَ عَلِقَ لَيْلَى عَلاقَةَ الصِّبَا، وَذَلِكَ لأنّهما كانا صَغِيرَيْنِ يَرْعَيَانِ أَغْنَامًا لِقَوْمِهِمَا، فَعَلِقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الآخَرَ، وَكَبُرَا عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا كَبُرَا حُجِبَتْ عَنْهُ، فَزَالَ عَقْلُهُ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ:
تَعَلَّقْتُ لَيْلَى وَهِيَ ذَاتُ ذُؤَابَةٍ ... وَلَمْ يَبْدُ لِلأَتْرَابِ مِنْ ثَدْيِهَا حَجْمُ
صَغِيرَيْنِ نَرْعَى الْبَهْمَ يَا لَيْتَ أَنَّنَا ... إِلَى الْيَوْمِ لَمْ نَكْبَرْ وَلَمْ تَكْبَرِ الْبَهْمُ [2]
وَذَكَرَ ابْنُ دَآبٍ [3] ، عَنْ رَبَاحِ بْنِ حَبِيبٍ الْعَامِرِيِّ قَالَ: كَانَ فِي بَنِي عَامِرٍ جَارِيَةٌ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ، لَهَا عَقْلٌ وَأَدَبٌ، يُقَالُ لَهَا لَيْلَى بِنْتُ مَهْدِيٍّ، فَبَلَغَ الْمَجْنُونَ خَبَرُهَا، وَكَانَ صَبًّا بِمُحَادَثَةِ النِّسَاءِ، فَلَبِسَ حُلَّةً ثُمَّ جَلَسَ إِلَيْهِا وَتَحَادَثَا، فَوَقَعَتْ بِقَلْبِهِ، فَظَلَّ يَوْمَهُ يُحَادِثُهَا، فَانْصَرَفَ فَبَاتَ بِأَطْوَلِ لَيْلَةٍ، ثُمَّ بَكَّرَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَزَلْ عِنْدَهَا حَتَّى أَمْسَى، وَلَمْ تَغْمُضْ لَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَيْنٌ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
نَهَارِي نَهَارُ النَّاسِ حَتَّى إِذَا بَدَا ... لِيَ اللَّيْلُ هَزّتْنِي إِلَيْكِ الْمَضَاجِعُ
__________
[ () ] والنجوم الزاهرة 1/ 170، وتزيين الأسواق 1/ 97، وثمار القلوب 111 رقم 158، وأمالي القالي 1/ 136 و 137 و 162 و 203 و 207 و 208 و 215 و 216 و 221 و 2/ 61 و 262 و 3/ 63 والذيل 47 و 118، وشذرات الذهب 1/ 277، وخزانة الأدب 2/ 170، وتاريخ الأدب العربيّ 1/ 199، ومعجم الشعراء في لسان العرب 342 رقم 878، وديوانه بتحقيق عبد الستار فرّاج، ونشوار المحاضرة 5/ 1108، وبدائع البدائه 32 رقم 109، 19.
[1] في طبعة القدسي 64 «البحتري» وهو تحريف.
[2] البيتان باختلاف بعض الألفاظ في: الديوان 238، والأغاني 2/ 11 و 12، والشعر والشعراء 2/ 468، وسير أعلام النبلاء 4/ 6.
[3] ابن دأب: بتشديد الهمزة المضمومة. هو: عِيسَى بْنُ يَزِيدَ بْنِ بَكْرِ بْنِ دَابٍ. كان عالما بأخبار العرب وأشعارهم، وشاعرا، انظر عنه في كتاب «التاج» للجاحظ 116، 117.(5/215)
أُقَضِّي نَهَارِي بِالْحَدِيثِ وَبِالْمُنَى ... وَيَجْمَعُنِي وَالْهَمُّ بِاللَّيْلِ جَامِعُ [1]
وَوَقَعَ فِي قَلْبِهَا مِثْلُ الَّذِي وَقَعَ بِقَلْبِهِ، فَجَاءَ يَوْمًا يُحَدِّثُهَا، فَجَعَلَتْ تُعْرِضُ عَنْهُ، تُرِيدُ أن تَمْتَحِنَهُ، فَجَزِعَ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، فَخَافَتْ عَلَيْهِ وَقَالَتْ:
كِلانَا مُظْهِرٌ لِلنَّاسِ بُغْضًا ... وَكُلٌّ عِنْدَ صَاحِبِهِ مَكِينُ [2]
فَسُرِّيَ عَنْهُ، وَقَالَتْ: إِنَّمَا أَرَدْتُ أن أَمْتَحِنَكَ، وَأَنَا مُعْطِيَةٌ للَّه عَهْدًا: لا جَالَسْتُ بَعْدَ الْيَوْمِ أَحَدًا سِوَاكَ، فَانْصَرَفَ وَأَنْشَأَ يَقُولُ:
أَظُنُّ هَوَاهَا تَارِكِي بِمَضَلَّةٍ ... مِنَ الأَرْضِ لا مَالٌ لَدَيَّ وَلا أَهْلُ
وَلا أَحَدٌ أُفْضِي إِلَيْهِ وَصِيَّتِي ... وَلا وَارِثٌ إِلا الْمَطِيَّةُ وَالرَّحْلُ
مَحَا حُبُّهَا حُبَّ الأُلَى كُنَّ قَبْلَهَا ... وَحلَّتْ مَكَانًا لَمْ يَكُنْ حُلَّ مِنْ قَبْلُ [3]
قُلْتُ: ثُمَّ اشْتَدَّ بَلاؤُهُ بِهَا، وَشَغَفَتْهُ حبّا، ووسوس في عقله، فذكر أبو عبيدة:
أن الْمَجْنُونَ كَانَ يَجْلِسُ فِي نَادِي قَوْمِهِ وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ، فَيُقْبِلُ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ بَاهِتَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ لا يَفْهَمُ مَا يُحَدِّثُ بِهِ، ثُمَّ يَثُوبُ إِلَيْهِ عَقْلُهُ، فَيُسْأَلُ عَنِ الْحَدِيثِ فَلا يَعْرِفُهُ، حَتَّى قَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنَّكَ لَمَخْبُولٌ، فَقَالَ:
إِنِّي لَأَجْلِسُ فِي النَّادِي أُحَدِّثُهُمْ ... فَأَسْتَفِيقُ وَقَدْ غَالَتْنِي الْغُولُ
يَهْوِي بِقَلْبِي حَدِيثُ النّفس نحوكم ... حتى يقول جليسي أَنْتَ مَخْبُولُ
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: فَتَزَايَدَ بِهِ الأَمْرُ حَتَّى فُقِدَ عَقْلُهُ، فَكَانَ لا يَقِرُّ فِي مَوْضِعٍ، وَلا يُؤْوِيهِ رَحْلٌ، وَلا يَعْلُوهُ ثَوْبٌ، إِلا مَزَّقَهُ، وَصَارَ لا يَفْهَمُ شَيْئًا مِمَّا يُكَلَّمُ بِهِ إِلا أن تُذْكَرَ لَهُ لَيْلَى فَإِذَا ذُكِرَتْ لَهُ أَتَى بِالْبَدَائِهِ.
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ قَوْمَ لَيْلَى شَكَوْا مِنْه إِلَى السُّلْطَانِ، فَأَهْدَرَ دَمَهُ، ثُمَّ إِنَّ قَوْمَهَا تَرَحَّلُوا مِنْ تِلْكَ النَّاحِيَةِ، فَأَشْرَفَ فَرَأَى دِيَارَهُمْ بَلاقِعَ، فَقَصَدَ مَنْزِلَهَا، وَأَلْصَقَ صَدْرَهُ بِهِ، وَجَعَلَ يُمَرِّغُ خدّيه على التراب ويقول:
__________
[1] الأغاني 2/ 45.
[2] الأغاني 2/ 14، و 16، و 31، الشعر والشعراء 2/ 469، فوات الوفيات 3/ 209.
[3] الأغاني 2/ 46، سير أعلام النبلاء 4/ 6.(5/216)
أَيَا حَرَجَاتِ الْحَيِّ حَيْثُ [1] ... تَحَمَّلُوا بِذِي سَلَمٍ لاجادكنّ رَبِيعُ
وَخَيْمَاتُكِ اللَّاتِي بمُنْعَرَجِ اللِّوَى ... بَلِينَ بَلَى لَمْ تَبْلَهُنَّ رُبُوعُ
نَدِمْتُ عَلَى مَا كَانَ مِنِّي نَدَامَةً ... كَمَا نَدِمَ الْمَغْبُونُ حِينَ يَبِيعُ [2]
قال ابن المرزبان: قال أبو عمرو الشَّيْبَانِيُّ: لَمَّا ظَهَرَ مِنَ الْمَجْنُونِ مَا ظَهَرَ، وَرَأَى قَوْمُهُ مَا ابْتُلِيَ بِهِ اجْتَمَعُوا إِلَى أَبِيهِ وَقَالُوا: يَا هَذَا، تَرَى مَا بِابْنِكَ، فَلَوْ خَرَجْتَ، بِهِ إِلَى مَكَّةَ فَعَاذَ بِبَيْتِ اللَّهِ، وَزَارَ قَبْرَ رَسُولِهِ، وَدَعَا اللَّهَ رَجَوْنَا أن يُعَافَى، فَخَرَجَ بِهِ أَبُوهُ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ، فَجَعَلَ يَطُوفُ بِهِ وَيَدْعُو لَهُ، وَهُوَ يَقُولُ:
دَعَا الْمُحْرِمُونَ اللَّهَ يَسْتَغْفِرُونَهُ ... بِمَكَّةَ وَهْنًا أَنْ تُحَطَّ ذُنُوبَهَا [3]
فَنَادَيْتُ أَنْ يَا رَبُّ أَوَّلُ سُؤْلَتِي [4] ... لِنَفْسِي لَيْلَى [5] ثُمَّ أَنْتَ حَسِيبُهَا
فَإِنْ أُعْطَ لَيْلَى فِي حَيَاتِي لا يَتُبْ ... إِلَى اللَّهِ خَلْقٌ تَوْبَةً لا أَتُوبُهَا [6]
حَتَّى إِذَا كَانَ بِمِنًى نَادَى مُنَادٍ مِنْ بَعْضِ تِلْكَ الْخِيَامِ: يَا لَيْلَى، فَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ حَوْلَهُ، وَنَضَحُوا عَلَى وَجْهِهِ الْمَاءَ، وَأَبُوهُ يَبْكِي، فَأَفَاقَ وَهُوَ يَقُولُ:
وَدَاعٍ دَعَا إِذْ نَحْنُ بِالْخَيْفِ مِنْ مِنًى ... فَهَيَّجَ أَطْرَافَ [7] الْفُؤَادِ وَمَا يَدْرِي
دَعا بِاسْمِ لَيْلَى غَيْرَهَا فَكَأَنَّمَا ... أَطَارَ بِلَيْلَى طَائِرًا كَانَ فِي صَدْرِي [8]
وَنَقَلَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ قَالَ: لَمَّا شَبَّبَ الْمَجْنُونُ بِلَيْلَى وَشَهَّرَ بِحُبِّهَا اجْتَمَعَ أَهْلُهَا وَمَنَعُوهُ مِنْهَا وَمِنْ زِيَارَتِهَا، وَتَوَعَّدُوهُ بِالْقَتْلِ، وَكَانَ يَأْتِي امْرَأَةً تَتَعَرَّفُ لَهُ خَبَرَهَا، فَنَهَوْا تِلْكَ الْمَرْأَةَ، وَكَانَ يَأْتِي غَفَلاتِ الْحَيِّ فِي اللَّيْلِ، فَسَارَ أَبُو ليلى
__________
[1] في الديوان: 190 «حين» .
[2] الديوان 190، الأغاني 2/ 27، سير أعلام النبلاء 4/ 6، 7.
[3] في الشعر والشعراء: «بمكة ليلا أن تمحّى ذنوبها» .
[4] في الشعر والشعراء «سالتي» .
[5] في طبعة القدسي 66 «ليلى» .
[6] الديوان 67، الشعر والشعراء 2/ 473، 474، خزانة الأدب 4/ 593، والمثلث 2/ 424، ولسان العرب 20/ 370.
[7] في الشعر والشعراء: «أحزان» . وكذا في الأغاني.
[8] الشعر والشعراء 2/ 472، الأغاني 2/ 55.(5/217)
فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ، فَشَكَوْا إِلَى مَرْوَانَ مَا يَنَالُهُمْ مِنْ قَيْسِ بْنِ الْمُلَوِّحِ، وَسَأَلُوهُ الْكِتَابَ إِلَى عَامِلِهِ عَلَيْهِمْ يَمْنَعُهُ عَنْهُمْ وَيَتَهَدَّدُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ أَهْدَرَ دَمَهُ، فَلَمَّا وَرَدَ الْكِتَابُ عَلَى عَامِلِ مَرْوَانَ، بَعَثَ إِلَى قَيْسٍ وَأَبِيهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، فَجَمَعَهُمْ وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْكِتَابَ، وَقَالَ لِقَيْسٍ: اتَّقِ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ، فَانْصَرَفَ وَهُوَ يَقُولُ:
أَلا حُجِبَتْ لَيْلَى وَآلَى أَمِيرُهَا ... عليّ يمينا جاهدا لا أزورها
وَأَوْعَدَنِي فِيهَا رِجَالٌ أَبُوهُمُ ... أَبِي وَأَبُوهَا خُشِّنَتْ [1] لِي صُدُورُهَا
عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ [2] غَيْرَ أَنِّي أُحِبُّهَا ... وَأَنَّ فُؤَادِي عِنْدَ لَيْلَى أَسِيرُهَا [3]
فَلَمَّا يَئِسَ مِنْهَا صَارَ شَبِيهًا بِالتَّائِهِ، وَأَحَبَّ الْخَلْوَةَ وَحَدِيثَ النَّفْسِ، وَجَزِعَتْ هِيَ أَيْضًا لِفِرَاقِهِ وَضَنِيَتْ [4] .
وَيُرْوَى أن أَبَا الْمَجْنُونِ قَيَّدَهُ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ لَحْمَ ذِرَاعَيْهِ وَيَضْرِبُ بِنَفْسِهِ، فَأَطْلَقَهُ، فَكَانَ يَدُورُ فِي الْفَلاةِ عُرْيَانًا.
وَلَهُ:
كَأَنَّ الْقَلْبَ لَيْلَةً قِيلَ يُغْدَى ... بِلَيْلَى الْعَامِرِيَّةِ أَوْ يُرَاحُ
قَطَاةٌ عَزَّهَا [5] شَرَكٌ فَبَاتَتْ ... تُجَاذِبُهُ وَقَدْ عَلِقَ الْجَنَاحُ [6]
وَقِيلَ: إِنَّ لَيْلَى زُوِّجَتْ، فَجَاءَ الْمَجْنُونُ إِلَى زَوْجِهَا فَقَالَ:
بِرَبِّكَ هَلْ ضَمَمْتَ إِلَيْكَ لَيْلَى ... قُبَيْلَ الصُّبْحِ أَوْ قَبَّلْتَ فَاهَا
وَهَلْ رَفَّتْ عَلَيْكَ قُرُونُ لَيْلَى [7]
فَقَالَ: اللَّهمّ إِذْ حلَّفْتُنِي فَنَعَمْ، وَكَانَ بَيْنَ يَدَيِ الزَّوْجِ نَارٌ يَصْطَلِي بها،
__________
[1] في طبعة القدسي 67 «حشيت» ، والتصحيح عن الأغاني.
[2] في الأغاني: «جرم» .
[3] في الأغاني 2/ 68 «وأنّ فؤادي رهنها وأسيرها» .
[4] القصة في: نشوار المحاضرة 5/ 108، 109، والأغاني 2/ 68، و 288، 289، وذم الهوى لابن الجوزي- طبعة مصر- ص 388، ومصارع العشاق للسراج 2/ 287.
[5] في طبعة القدسي 67 «غرها» ، والتصحيح من الأغاني. و «عزّها» : غلبها.
[6] الأغاني 2/ 48.
[7] الأغاني 2/ 24، خزانة الأدب 4/ 210 و 211 و 213.(5/218)
فَقُبِضَ الْمَجْنُونُ بِكِلْتَيْ يَدَيْهِ مِنَ الْجَمْرِ، فَلْمَ يَزَلْ حَتَّى سَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ [1] .
وَكَانَتْ لَهُ داية يَأْنَسُ بِهَا، فَكَانَتْ تَحْمِلُ إِلَيْهِ إِلَى الصَّحْرَاءِ رَغِيفًا وَكُوزًا، فَرُبَّمَا أَكَلَ وَرُبَّمَا تَرَكَهُ، حَتَّى جَاءَتْهُ يَوْمًا فَوَجَدَتْهُ مُلْقًى بَيْنَ الأَحْجَارِ مَيِّتًا، فَاحْتَمَلُوهُ إِلَى الْحَيِّ فَغَسَّلُوهُ وَدَفَنُوهُ، وَكَثُرَ بُكَاءُ النِّسَاءِ وَالشَّبَابِ عَلَيْهِ، وَاشْتَدَّ نَشِيجُهُمْ [2] .
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيُّ فِي «الْمُنْتَظِمِ» [3] : رُوِينَا أَنَّهُ كَانَ يَهِمُ فِي الْبَرِّيَّةِ مَعَ الْوَحْشِ يَأْكُلُ مِنْ بَقْلِ الأَرْضِ، وَطَالَ شَعْرُهُ، وَأَلِفَهُ الْوَحْشُ، وَسَارَ حَتَّى بَلَغَ حُدُودَ الشَّامِ، فَكَانَ إِذَا ثَابَ إِلَيْهِ عَقْلُهُ، سَأَلَ مَنْ يَمُرُّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ عَنْ نَجْدٍ، فَيُقَالُ لَهُ: أَيْنَ أَنْتَ مِنْ نَجْدٍ، أَنْتَ قَدْ شَارَفْتَ الشَّامَ، فَيَقُولُ: أَرُونِي الطَّرِيقَ، فَيَدُلُّونَهُ [4] .
وَشِعْرُ الْمَجْنُونِ كَثِيرٌ سَائِرٌ، وَهُوَ فِي الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا فِي الْحُسْنِ وَالرِّقَّةِ، وَكَانَ مُعَاصِرًا لِقَيْسِ بْنِ ذَرِيحٍ صَاحِبِ لُبْنَى، وَكَانَ في إمرة ابن الزبير، والله أعلم.
__________
[1] الأغاني 2/ 25.
[2] انظر: الأغاني 2/ 90.
[3] في القسم الّذي لم ينشر بعد.
[4] انظر: الأغاني 2/ 52.(5/219)
[حرف الْكَافِ]
88- كَثِيرُ بْنُ أَفْلَحَ [1]- ن- مَوْلَى أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، أَحَدُ كُتَّابِ الْمَصَاحِفِ الَّتِي أَرْسَلَهَا عُثْمَانُ إِلَى الأَمَصَارِ.
رَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.
روى عنه: محمد بن سيرين.
وقال النسائي: روى عنه الزهري مرسلا لم يلحقه، فإن كثيرا أصيب يوم الحرة، وروى عنه ابنه.
__________
[1] انظر عن (كثير بن أفلح) في:
طبقات ابن سعد 5/ 198، والتاريخ الصغير 65، والتاريخ الكبير 7/ 207 رقم 904، وطبقات خليفة 239 و 252، وتاريخ خليفة 250، وتاريخ الثقات 396 رقم 1405، والثقات لابن حبان 5/ 330، والمعرفة والتاريخ 1/ 418 و 641، والجرح والتعديل 7/ 149 رقم 833، ومشاهير علماء الأمصار 71 رقم 494، والكاشف 3/ 3 رقم 4697، وتهذيب التهذيب 8/ 411، 412 رقم 736، وتقريب التهذيب 2/ 131 رقم 4، وخلاصة تذهيب التهذيب 319، وتهذيب الكمال 3/ 1141.(5/220)
[حرف الميم]
89- محمد [1] بن الأشعث [2]- د ن- بن قيس بن معديكرب، أبو القاسم الكندي الكوفي، ابْنُ أُمِّ فَرْوَةَ أُخْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ لِأَبِيهِ، تَزَوَّجَ بِهَا الأَشْعَثُ فِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَائِشَةَ.
روى عنه: الشعبي، ومجاهد، وسليمان بن يسار، وابنه قيس بن محمد، وغيرهم.
__________
[1] في طبعة القدسي 68 «محمد بن محمد بن الأشعث» .
[2] انظر عن (محمد بن الأشعث) في:
طبقات ابن سعد 5/ 65، والكنى والأسماء 2/ 84، ونسب قريش 44 و 150 و 273، والأخبار الموفقيّات 195، وتاريخ خليفة 264، وطبقات خليفة 146، والتاريخ الكبير 1/ 22 رقم 16، والأخبار الطوال 223 و 236 و 239 و 240 و 247 و 298 و 306 و 387، والمعارف 401، وفتوح البلدان 220 و 412، والمعرفة والتاريخ 1/ 120، والجرح والتعديل 7/ 206 رقم 1143، ومشاهير علماء الأمصار 103 رقم 769، ومروج الذهب 1892 و 1894، 1895 و 990 و 2109 و 3445، والبيان والتبيين 4/ 76، وتاريخ الطبري (انظر فهرس الأعلام) 10/ 393، والعقد الفريد 1/ 68 و 3/ 68 والمحبّر 244 و 245 و 452 و 481، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 48 و 49 و 250 و 251 و 254 و 271 و 380، وأسد الغابة 4/ 311، والكامل في التاريخ (انظر فهرس الأعلام) 13/ 313، والكاشف 3/ 20 رقم 4803، ونثر الدر 3/ 10، وشرح نهج البلاغة 17/ 94، 95، والتذكرة الحمدونية 1/ 406 و 2/ 35، وتهذيب التهذيب 9/ 64، 65 رقم 69، وتقريب التهذيب 2/ 146 رقم 59، والإصابة 3/ 509 رقم 8502.(5/221)
ووفد على معاوية. ومولده في حدود سنة ثلاث عشرة، وكان شريفا مطاعا في قومه، قتل مع مصعب في سنة سبع وستين، فأقام ابنه مقامه.
90- محمد بن أبي بن كعب [1] أبو معاذ الأنصاري.
وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وحدث عن: أَبِيهِ، وَعُمَرَ.
رَوَى عَنْهُ: الْحَضْرَمِيُّ بْنُ لاحِقٍ، وَبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ.
وَكَانَ ثِقَةً، قُتِلَ بِالْحَرَّةِ.
91- محمد بن ثابت [2] بن قيس بن شماس الأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ.
حَنَّكَهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرِيقِهِ.
وَرَوَى عَنْ: رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِيهِ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حذيفة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبيّ بن كعب) في:
التاريخ الكبير 1/ 727 28 رقم 33، وتاريخ خليفة 248، وطبقات ابن سعد 5/ 76، والجرح والتعديل 7/ 208 رقم 1153، والاستيعاب 3/ 325، وجامع التحصيل 321 رقم 665، والمعارف 261، ومسند أحمد 5/ 139، وطبقات خليفة 236، وأسد الغابة 4/ 310، وتهذيب الكمال 1160، وتهذيب التهذيب 9/ 719 20 رقم 27، وتقريب التهذيب 2/ 142 رقم 21 (باسم محمد بن كعب) ، وخلاصة تذهيب التهذيب 325، والإصابة 3/ 471، 472 رقم 8291.
[2] انظر عن (محمد بن ثابت) في:
طبقات ابن سعد 5/ 781 وتاريخ خليفة 247 و 249، وطبقات خليفة 238، والتاريخ الكبير 1/ 51، 52 رقم 107، والمعرفة والتاريخ 2/ 127، والمغازي للواقدي 273، وجامع التحصيل 322 رقم 671، والاستيعاب 3/ 321، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 326، والمحبّر 275 و 424، والكامل في التاريخ 4/ 117، وأسد الغابة 4/ 313، والكاشف 3/ 24 رقم 4827، وتهذيب التهذيب 9/ 84 رقم 107، وتقريب التهذيب 2/ 149 رقم 88، والإصابة 3/ 473 رقم 8295، وتهذيب الكمال 1180، وخلاصة تذهيب التهذيب 329.(5/222)
رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ إِسْمَاعِيلُ، وَيُوسُفُ، وَعَاضِمُ بْنُ عَمِّهِ بْنِ قَتَادَةَ، وَأَرْسَلَ عَنْهُ الزُّهْرِيَّ.
قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةَ.
92- مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ [1] ن ابن زيد الأنصاري النّجّاري. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ: إِنَّهُ هُوَ الَّذِي كَنَّاهُ أَبَا عَبْدِ الْمَلِكِ.
رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ.
أُصِيبَ يَوْمَ الحرّة.
الواقدي، عن ملك، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ اشْتَرَى مِطْرَفَ خَزٍّ بِسَبْعِمِائَةٍ، فَكَانَ يَلْبَسُهُ [2] .
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ قَالَ: صَلَّى مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بن حزم
__________
[1] انظر عن (محمد بن عمرو بن حزم) في:
المغازي 1 و 143 و 384، والمحبّر 275، وطبقات خليفة 237، وتاريخ خليفة 237، 247، وطبقات ابن سعد 5/ 69، وأنساب الأشراف 1/ 538، والتاريخ الكبير 1/ 189 رقم 576، والمعرفة والتاريخ 1/ 379، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 326 و 334، وتاريخ خليفة 237 و 247، وطبقات خليفة 237، والمحبّر 275، والسير والمغازي 284 و 328، وسيرة ابن هشام 1/ 94 و 2/ 83 و 149 و 160 و 3/ 13 و 137، والجرح والتعديل 8/ 29 رقم 132، والكامل في التاريخ 3/ 507 و 4/ 117 و 121، وأسد الغابة 4/ 327، وجامع التحصيل 328 رقم 702، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 89 رقم 21، وتهذيب الكمال 3/ 1251، والعقد الفريد 4/ 369، والكاشف 3/ 74 رقم 63/ 5، وتاريخ الطبري 5/ 490، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 700، وتهذيب التهذيب 9/ 370، 371 رقم 610، وتقريب التهذيب 2/ 195 رقم 575، وخلاصة تذهيب التهذيب 353، والاستيعاب 3/ 353، والوثائق السياسية 178 رقم 106 أ، ب، والمحاسن والمساوئ 63، 64.
[2] طبقات ابن سعد 5/ 69.(5/223)
يَوْمَ الْحَرَّةِ وَجِرَاحُهُ تَثْعَبُ [1] دَمًا، وَمَا قُتِلَ إِلا نَظْمًا بِالرِّمَاحِ [2] .
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَصْدِقُوهُمُ الضَّرْبَ، فَإِنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ عَلَى طَمَعِ دُنْيَاهُمْ، وَأَنْتُمْ تُقَاتِلُونَ عَلَى الآخِرَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَحْمِلُ على الكتيبة مِنْهُمْ فَيَفُضَّهَا حَتَّى قُتِلَ [3] .
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: وَأَكْثَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو فِي أَهْلِ الشَّامِ الْقَتْلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ، كَانَ يَحْمِلُ عَلَى الْكُرْدُوسِ مِنْهُمْ فَيَفُضَّهُ، وَكَانَ فَارِسًا، ثُمَّ حَمَلُوا عَلَيْهِ حَتَّى نَظَّمُوهُ بِالرِّمَاحِ، فَلَمَّا وَقَعَ انْهَزَمَ النَّاسُ [4] .
93- مَالِكُ بْنُ عِيَاضٍ الْمَدَنِيُّ [5] يُعْرَفُ بِمَالِكِ الدَّارِ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَوْنٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ.
وَكَانَ خَازِنًا لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
94- مَالِكُ بْنُ هُبَيْرَةَ [6] السّكوني.
__________
[1] مهملة في الأصل.
[2] طبقات ابن سعد 5/ 70.
[3] طبقات ابن سعد 5/ 70.
[4] طبقات ابن سعد 5/ 70.
[5] انظر عن (مالك بن عياض) في:
التاريخ الكبير 7/ 304، 305 رقم 1295، والجرح والتعديل 8/ 213 رقم 944.
[6] انظر عن (مالك بن هبيرة) في:
طبقات ابن سعد 7/ 420، وتاريخ خليفة 208 و 209، وطبقات خليفة 72 و 292، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 16 و 41 و 257 و 261 و 308، وتاريخ أبي زرعة 1/ 233 و 595 و 596، وتاريخ اليعقوبي 2/ 240، والتاريخ الكبير 7/ 302، 303 رقم 1288، وتاريخ الطبري 5/ 227 و 229 و 231 و 274 و 278 و 535 و 536 و 539 و 544، والكامل في التاريخ 3/ 453 و 455 و 457 و 484 و 486 و 487 و 4/ 147 و 154، وأسد الغابة 4/ 296، والاستيعاب 3/ 377، والجرح والتعديل 8/ 217 رقم 968، والمعجم الكبير 19/ 299، وجمهرة أنساب العرب 430، ومشاهير علماء الأمصار 53 رقم 357، والأخبار الطوال 224، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 82 رقم 112، وتحفة الأشراف 8/ 348، 349(5/224)
لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةُ حَدِيثٍ وَاحِدٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْخَيْرِ مَرْثَدُ [1] بْنُ عَبْدِ اللَّهِ اليزني [2] ، وَأَبُو الأَزْهَرِ الْمُغِيرَةُ بْنُ فَرْوَةَ.
وَوَلِيَ لِمُعَاوِيَةَ حِمْصَ، وَكَانَ عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ مَرْجِ رَاهِطٍ مع مروان.
95- مالك بن يخامر السّكسكي [3]- خ 4- الحمصي، يُقَالُ لَهُ صُحْبَةٌ، وَكَانَ ثِقَةً كَبِيرَ الْقَدْرِ مُتَأَلِّهًا.
رَوَى عَنْ: مُعَاذٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.
حدث عنه: معاوية على المنبر، وجبير بن نفير، وعمير بن هانئ، ومكحول، وسليمان بن موسى، وخالد بن معدان، وآخرون.
قال أبو مسهر: أكبر أصحاب معاذ: مالك بن يخامر، كان رأس القوم.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ [4] : تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ.
قَالَ أَبُو عبيد: توفّي سنة تسع وستين.
__________
[ () ] رقم 481، وتهذيب الكمال 3/ 1300، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 108 رقم 322، ومسند أحمد 4/ 79، ومروج الذهب 1964، والكاشف 3/ 103 رقم 5362، والإصابة 3/ 357، 358 رقم 7697، وتهذيب التهذيب 10/ 24 رقم 39، وتقريب التهذيب 2/ 227 رقم 894، وخلاصة تذهيب التهذيب 368.
[1] مهمل في الأصل.
[2] مهمل في الأصل.
[3] انظر عن (مالك بن يخامر) في:
طبقات ابن سعد 7/ 441، وتاريخ أبي زرعة 1/ 499، وتاريخ الثقات 419 رقم 1531، والثقات لابن حبان 5/ 383، ومشاهير علماء الأمصار 119 رقم 918، وأنساب الأشراف 1/ 4، والمعرفة والتاريخ 2/ 297 و 312، وأسد الغابة 4/ 297، والكاشف 3/ 103 رقم 5363، وجامع التحصيل 335 رقم 733، وتهذيب التهذيب 10/ 24، 25 رقم 40، وتقريب التهذيب 2/ 227 رقم 895، والإصابة 3/ 358، 359 رقم 7701، وخلاصة تذهيب التهذيب 368، وتهذيب الكمال 1301.
[4] في تاريخ الثقات 419 رقم 1531.(5/225)
96- الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ [1] الثَّقَفِيُّ الكّذَّابُ، الَّذِي خَرَجَ بِالْكُوفَةِ، وَتَتَبَّعَ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ يقتلهم.
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَكُونُ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ» [2] فَكَانَ أَحَدُهُمَا الْمُخْتَارُ، كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَادَّعَى أَنَّ الْوَحْيَ يَأْتِيهِ، وَالآخَرُ: الْحَجَّاجُ.
قَالَ أَحْمَدُ فِي «مُسْنَدِهِ» : ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، ثنا عِيسَى بْنُ عُمَرَ، ثنا السُّدِّيُّ، عَنْ رِفَاعَةَ الْفِتْيَانِيِّ [3] قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْمُخْتَارِ، فَأَلْقَى لِي وِسَادَةً وَقَالَ: لَوْلا أَنَّ جِبْرِيلَ قَامَ عَنْ هَذِهِ لأَلْقَيْتُهَا لَكَ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَذَكَرْتُ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَمَّنَ مُؤْمِنًا عَلَى
__________
[1] انظر عن (المختار بن أبي عبيد) في:
تاريخ خليفة 262- 264 و 268، والبرصان والعرجان 14 و 81 و 134 و 230 و 312 و 326 و 363، والأخبار الطوال 205 و 231 و 288 و 293 و 295 و 297 و 299- 303 و 305- 307، والمحبّر 70 و 302 و 491، والمعارف 400، وتاريخ الطبري 5/ 569 و 6/ 7 و 38 وما بعدها و 93، ومروج الذهب 30 و 1930 و 1935- 1938 و 1942 و 1954 و 1961 و 1976 و 1984 و 1989- 1991 و 2003 و 2004 و 2015 و 2929، وفتوح البلدان 307 و 387، وتاريخ اليعقوبي 2/ 258 و 259 و 261 و 263 و 265 و 267، والأخبار الموفقيّات 531، وعيون الأخبار 1/ 103 و 201 و 203 و 2/ 207، والمعرفة والتاريخ 1/ 219 و 233 و 537 و 2/ 31 و 32 و 55، و 112 و 255 و 617 و 618 و 771 و 772 و 775 و 802، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 255 و 317 و 340 و 341 و 343 و 352 و 384 و 385 و 463 و 602، ونسب قريش 43 و 44 و 189 و 264 و 265 و 269، وجمهرة أنساب العرب 268، وثمار القلوب 85 و 90- 92، والعقد الفريد (انظر فهرس الأعلام) 7/ 149، وربيع الأبرار 4/ 335 و 393، والاستيعاب 3/ 533- 536، وأسد الغابة 4/ 336، والكامل في التاريخ 4/ 211 و 267، وتاريخ العظيمي 104 و 181 و 183، ووفيات الأعيان 3/ 71 و 165 و 4/ 172، 173، ومختصر التاريخ 86، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 137، وسير أعلام النبلاء 3/ 538- 544 رقم 144، والبداية والنهاية 8/ 289، والتذكرة الحمدونية 2/ 34 و 35 و 456، ومحاضرات الأدباء 1/ 445، والبصائر والذخائر 2/ 64، والإصابة 3/ 518، 519 رقم 8545، وشذرات الذهب 1/ 74، 75. والمثلّث للبطليوسي 2/ 155، والمختصر لأبي الفداء 1/ 194 و 195، وابن الوردي 1/ 176.
[2] أخرجه مسلم في فضائل الصحابة (2545) من حديث أسماء بنت أبي بكر. وأخرجه أحمد في المسند 2/ 26، والترمذي في الجامع الصحيح (2220) و (3944) من حديث ابن عمر، والحميدي في المسند 1/ 156، 157 رقم 326.
[3] في الأصل «القتباني» والتصحيح من: اللباب 2/ 196.(5/226)
ذِمَّةٍ فَقَتَلَهُ، فَأَنَا مِنَ الْقَاتِلِ بَرِيءٌ» [1] . مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَقْرَأَنِي الأَحْنَفُ كِتَابَ الْمُخْتَارِ إِلَيْهِ، يَزْعُمُ فِيهِ أَنَّهُ نَبِيٌّ.
قُلْتُ: قُتِلَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ مُقْبِلا غَيْرَ مُدْبِرٍ فِي هَوَى نَفْسِهِ، كَمَا قَدَّمْنَا.
97- مَرْوَانُ بن الحكم [2] خ 4 ابن أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ أبو عبد الملك القرشي
__________
[1] المسند 5/ 223، وأخرجه ابن ماجة من طريقين (2688) عن عبد الملك بن عمير، عن رفاعة بن شدّاد الفتياني قال كنت أقوم على رأس المختار، فلما تبيّنت كذابته، هممت وايم الله أن أسلّ سيفي، فأضرب عنقه، حتى ذكرت حديثا حدّثنيه عمرو بن الحمق قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «من أمّن رجلا على نفسه، فقتله، أعطي لواء الغدر يوم القيامة» . إسناده صحيح.
[2] انظر عن (مروان بن الحكم) في:
طبقات ابن سعد 5/ 35، ونسب قريش 159، 160، والمحبّر 22 و 55 و 228 و 377، وطبقات خليفة 231، وتاريخ خليفة (انظر فهرس الأعلام) 583، وتاريخ اليعقوبي 2/ 166 و 172 و 178 و 182 و 186 و 223 و 225 و 238 و 239 و 241 و 247 و 250 و 253 و 255- 257 و 264 و 269 و 305 و 310، وسيرة ابن هشام 158 و 256 و 4/ 30، والمعارف 353، والمغازي للواقدي 95 و 192 و 193 و 720، والمعرفة والتاريخ (انظر فهرس الأعلام) 3/ 769، وتاريخ أبي زرعة 1/ 191- 193 و 233- 236 و 354 و 190 و 391 و 308 و 312- 314 و 413 و 493 و 494 و 584 و 591- 593 و 595 و 614 و 645 و 2/ 692، والأخبار الموفقيّات 117 و 175 و 200 و 257 و 258 و 261 و 389 و 390 و 470 و 501- 503 و 564، والسير والمغازي 251، والتاريخ الكبير 7/ 368، 369 رقم 1579، وأنساب الأشراف 1/ 22، و 24 و 151 و 362 و 400 و 404 و 420 و 427 و 428 و 436 و 440 و 442، و 3/ 297 وق 4 ج 1/ 141- 144 و 302- 305 و 441- 443 و 557- 560 وانظر فهرس الأعلام 665، والمراسيل 198 رقم 360، والجرح والتعديل 8/ 271 رقم 1238، وعيون الأخبار 1/ 36 و 73 و 94 و 99 و 138 و 183 و 197 و 246 و 277 و 315 و 2/ 53 و 54 و 249 و 4/ 16 و 124، والأخبار الطوال 148 و 222 و 224 و 227 و 228 و 285 و 286، وفتوح البلدان 5 و 37 و 59 و 63 و 142 و 189 و 267 و 270، وتاريخ الطبري 5/ 530 وما بعدها، ومروج الذهب 1961- 1971 وانظر فهرس الأعلام 7/ 677، وجمهرة أنساب العرب 87، والبرصان والعرجان 23 و 30 و 47 و 208 و 274 و 290 و 350، والاستيعاب 3/ 425- 429، والجمع بين رجال الصحيحين 2/ 501، وتاريخ دمشق 16/ 170 أ، والكامل في(5/227)
الأموي، وَقِيلَ: أَبُو الْقَاسِمِ، وَيُقَالُ: أَبُو الْحَكَمِ. وُلِدَ بمكّة بعد ابن الزبير
__________
[ () ] التاريخ (انظر فهرس الأعلام) 13/ 338، وربيع الأبرار 4/ 176 و 209 و 242، والعقد الفريد (انظر فهرس الأعلام) 7/ 150، ومسند أحمد 4/ 322، والحلّة السيراء 1/ 28، 29 رقم 5، وأخبار مكة 2/ 225 و 239، والولاة والقضاة 42- 48 و 311 و 312، والمنتخب من تاريخ المنبجي (بتحقيقنا) 68 و 75- 77، وأخبار القضاة 1/ 113 و 114 و 116 و 118 و 120 و 127، والزاهر 1/ 188 و 2/ 380، وتهذيب الكمال 3/ 1316، وتحفة الأشراف 8/ 371- 374 رقم 509، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 87، 88 رقم 126، والتذكرة الحمدونية 1/ 424 و 2/ 43 و 44 و 149 و 309، وبلاغات النساء لابن أبي طاهر طيفور- صحّحه أحمد الألفي- طبعة القاهرة 1908- ص 129، وشرح نهج البلاغة 6/ 165، ومحاضرات الأدباء 2/ 213، وأسد الغابة 4/ 348، 349، والوفيات لابن قنفذ 76 رقم 65، والبدء والتاريخ 6/ 19، 20، ومعجم الشعراء 396، وثمار القلوب 15 و 76 و 90 و 111 و 243، وجامع التحصيل 340 رقم 748، والبداية والنهاية 8/ 239 و 257، ودول الإسلام 1/ 48، والكاشف 3/ 116 رقم 5460، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 127 و 366 و 367 و 375 و 389 و 392 و 397 و 400 و 564، وسير أعلام النبلاء 3/ 476- 479 رقم 102، وعهد الخلفاء الراشدين 326 و 430 و 432 و 452 و 453 و 459 و 460 و 481 و 485- 488 و 527 و 528، وتاريخ العظيمي 46 و 88 و 97 و 129 و 130 و 177- 179 و 182 و 183 و 187، ومختصر التاريخ 73 و 85 و 86 و 88 و 98 و 105 و 111، ووفيات الأعيان 1/ 437 و 2/ 66- 68 و 178 و 415 و 456 و 3/ 18 و 71 و 275 و 5/ 189 و 221 و 6/ 91 و 92 و 94 و 374 و 343 و 359، وتخليص الشواهد 347 و 413، والكتاب لسيبويه 1/ 349، والمقتضب للمبرّد- تحقيق محمد عبد الخالق عضيمة- مصر 1388 هـ. - ج 4/ 372، وشرح المفصّل لابن يعيش- طبعة مصر 1928- ج 2/ 101 و 110، وهمع الهوامع 2/ 143، وشرح الشواهد للعيني 2/ 355، والتصريح بمضمون التوضيح- للشيخ خالد- مصر 1344 هـ. - ج 1/ 243، وخزانة الأدب 2/ 102، وشفاء الغرام 2/ 174 و 259، والعقد الثمين 7/ 165- 168، ومرآة الجنان 1/ 141، والإصابة 3/ 477، 478 رقم 8318، والنكت الظراف 8/ 371- 374، وتهذيب التهذيب 10/ 91، 92 رقم 166، وتقريب التهذيب 2/ 238، 239 رقم 1016، ومعجم بني أميّة 158، 159 رقم 330، والنجوم الزاهرة 1/ 164- 169، وخلاصة تذهيب التهذيب 373، وشذرات الذهب 1/ 73، وخاص الخاص 86، ونهاية الأرب 21/ 96، 97، والتنبيه والإشراف 266- 270، ومختصر تاريخ الدول لابن العبري 111، ومآثر الإنافة للقلقشندي 1/ 124- 126، وفوات الوفيات 4/ 125، 126 رقم 518، والفخري لابن طباطبا 109، وتاريخ الخميس 2/ 306، وبلغة الظرفاء في ذكر تواريخ الخلفاء، لعلي بن محمد بن أبي السرور الرّوحي- طبعة القاهرة 1327 هـ. - ص 21، والفرج بعد الشدّة 4/ 389، ونشوار المحاضرة 5/ 108- 110 و 288، 289، وبدائع البدائه 192، 193، وأخبار الدول للقرماني 132، 133، وتاريخ الخلفاء للسيوطي 212، والكامل للمبرّد 2/ 154، 155 والمعجم الكبير(5/228)
بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَلَمْ يَصِحَّ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَكِنَّ لَهُ رِوَايَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَقَدْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث الْحُدَيْبِيَةِ بِطُولِهِ، وَفِيهِ إِرْسَالٌ، لكن أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ [1] .
وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.
رَوَى عَنْهُ: سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسعيد بن المسيب، وعلي بن الحسين، وعروة بْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَمُجَاهِدٌ.
وَكَانَ كَاتِبُ ابْنِ عَمِّهِ عُثْمَانَ، وَوَلَّى إِمْرَةَ الْمَدِينَةِ وَالْمَوْسِمِ لِمُعَاوِيَةَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَبَايَعُوهُ بِالْخِلافَةِ بَعْدَ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ، وَحَارَبَ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ، فَقُتِلَ الضَّحَّاكُ فِي الْمَصَافِّ، وَسَارَ إِلَى مِصْرَ، فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَعَلَى الشَّامِ، وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مُسْتَوْلِيًا عَلَى الْحِجَازِ كُلِّهِ وَخُرَاسَانَ وَغَيْرَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ [2] : تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِمَرْوَانَ ثَمَانِ سِنِينَ، وَلَمْ يَحْفَظْ عَنْهُ شَيْئًا. وَأُمُّهُ آمِنَةُ بِنْتُ عَلْقَمَةَ الْكِنَانِيَّةُ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَسْلَمَ الْحَكَمُ فِي الْفَتْحِ وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَطَرَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَ الطَّائِفَ، فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، وَمَاتَ زَمَنَ عُثْمَانَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَضَرَبَ عَلَى قَبْرِهِ فُسْطًاطًا.
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَرْوَانَ كَانَ مِنْ أَكْبَرِ الأَسْبَابِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا الدَّاخِلُ عَلَى عُثْمَانَ، لِأَنَّهُ زَوَّرَ عَلَى لِسَانِهِ كِتَابًا فِي شَأْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أبي بكر [3] .
__________
[ () ] 20/ 359، ومسند الحميدي 1/ 171 و 199 و 2/ 326 وأدب القاضي للماوردي 1/ 436 و 461 و 500، والمختصر في أخبار البشر 1/ 194، وتاريخ ابن الوردي 1/ 175، 176، والكنى والأسماء للدولابي 2/ 71، والمحاسن والمساوئ 58.
[1] في كتاب المغازي 5/ 64 باب عروة، عن مروان والمسور بن مخرمة.
[2] في الطبقات 5/ 36.
[3] راجع الجزء الخاص بعهد الخلفاء الراشدين من هذا الكتاب- ص 458، 459.(5/229)
وَقَالَ ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ: كَانَ مَرْوَانُ قَصِيرًا، أَحْمَرَ الْوَجْهِ، أَوْقَصَ الْعُنُقِ [1] ، كَبِيرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ «خَيْطَ بَاطِلٍ» [2] لِدِقَّةِ عُنُقِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ لَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ يَوْمَ الْجَمَلِ: كَانَ عَلِيٌّ يَسْأَلُ عَنْ مَرْوَانَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ لَتَسْأَلُ عَنْهُ! قَالَ: تَعْطِفُنِي عَلَيْهِ رَحِمٌ مَاسَّةٌ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ سَيِّدٌ مِنْ شَبَابِ قُرَيْشٍ [3] . وَقَالَ عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جَابِرٍ قَالَ: بَعَثَنِي زِيَادُ إِلَى مُعَاوِيَةَ فِي حَوَائِجَ، فَقُلْتُ: مَنْ تَرَى لِهَذَا الأَمْرِ مِنْ بَعْدِكَ؟ فَسَمَّى جَمَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الْقَارِئُ لِكِتَابِ اللَّهِ، الْفَقِيهُ فِي دِينِ اللَّهِ، الشَّدِيدُ في حدود الله:
مَرْوَانُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يُقَالُ: كَانَ عِنْدَ مَرْوَانَ قَضَاءٌ، وَكَانَ يَتْبِعُ قَضَاءَ عُمَرَ.
وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ: أَنَّ امْرَأَةً نَذَرَتْ أَنْ تَنْحَرَ ابْنَهَا عِنْدَ الْكَعْبَةِ، وَقَدِمَتِ الْمَدِينَةَ تَسْتَفْتِي، فَجَاءَتِ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: لا أَعْلَمُ فِي النَّذْرِ إِلا الْوَفَاءَ، قَالَتْ: أَفَأَنْحَرُ ابْنِي؟ قَالَ: قَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، فَجَاءَتِ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَمَرَ اللَّهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ، وَنَهَاكُمْ أَنْ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ نَذَرَ إِنْ تَوَافَى لَهُ عَشَرَةُ رَهْطٍ أَنْ يَنْحَرَ أَحَدَهُمْ، فَلَمَّا تَوَافَوْا أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَصَارَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ أَحَبَّهُمْ إِلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهمّ، أَهُوَ أَوْ مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ، ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَ الْمِائَةِ وَبَيْنَهُ، فَصَارَتِ الْقُرَعَةُ عَلَى الإِبِلِ، فَأَرَى أَنْ تَنْحَرِي مِائَةً مِنَ الإِبِلِ مَكَانَ ابْنِكِ، فَبَلَغَ الْحَدِيثُ مَرْوَانَ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: مَا أَرَاهُمَا أَصَابَا، إِنَّهُ لا نذر في معصية الله، فاستغفري الله
__________
[1] أي قصيره.
[2] كان مروان يقال له «خيط باطل» لأنه كان طويلا مضطربا، قال الشاعر:
لحا الله قوما أمّروا خيط باطل ... على الناس يعطي من يشاء ويمنع
انظر: لطائف المعارف 36، وثمار القلوب 76 رقم 103، ومروج الذهب 3/ 72، وراجع ترجمة: عمرو بن سعيد الأشدق قبل قليل من هذا الجزء.
[3] تاريخ دمشق 16/ 173 أ.(5/230)
تَعَالَى وَتُوبِي إِلَيْهِ، وَاعْمَلِي مَا اسْتَطَعْتِ مِنَ الْخَيْرِ، فَسُرَّ النّاسُ بِذَلِكَ وَأَعْجَبَهُمْ قَوْلُهُ، وَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ يُفْتُونَ بِأَنَّهُ لا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي شُرَحْبيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ [1] قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ حَضَرَ ابْنَ النَّبَّاعِ اللَّيْثِيَّ يَوْمَ الدار يبادر مروان فكأنّي انظر إلى قِبَائِهِ قَدْ أَدْخَلَ طَرَفَيْهِ فِي مَنْطِقَتِهِ، وَتَحْتَ الْقِبَاءِ الدِّرْعُ، فَضَرَبَ مَرْوَانُ عَلَى قَفَاهُ ضَرَبَةً قَطَعَ عِلابِيَّ [2] عُنُقِهِ، وَوَقَعَ لِوَجْهِهِ، فَأَرَادُوا أَنْ يُدَفِّفُوا عَلَيْهِ، فَقِيلَ:
أَتُبَضِّعُونَ اللَّحْمَ، فَتُرِكَ [3] .
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَذَكَرَ مروان فقال: والله لقد ضربت كَعْبُهُ، فَمَا أَحْسَبُهُ إِلا قَدْ مَاتَ، وَلَكِنَّ الْمَرْأَةَ أَحْفَظَتْنِي، قَالَتْ: مَا تَصْنَعُ بِلَحْمِهِ أَنْ تُبَضِّعَهُ، فَأَخَذَنِي الْحُفَّاظُ، فَتَرَكْتُهُ [4] .
وَقَالَ خَلِيفَةُ [5] : إِنَّ مَرْوَانَ وَلِيَ الْمَدِينَةَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ.
وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ قال: كان مروان أميرا علينا سِتَّ سِنِينَ، فَكَانَ يَسُبُّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ جُمُعَةٍ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ عُزِلَ بِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، فَبَقِيَ سَعِيدٌ سَنَتَيْنِ، فَكَانَ لا يَسُبُّهُ، ثُمَّ أُعِيدَ مَرْوَانُ، فَكَانَ يَسُبُّهُ، فَقِيلَ لِلْحَسَنِ: أَلا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ هَذَا! فَجَعَلَ لا يَرُدُّ شَيْئًا، قَالَ: وَكَانَ الْحَسَنُ يَجِيءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَدْخُلُ فِي حُجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقْعُدُ فِيهَا، فَإِذَا قُضِيَتِ الْخُطْبةُ خَرَجَ فَصَلَّى، فَلَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ حَتَّى أَهْدَاهُ لَهُ فِي بَيْتِهِ، قَالَ: فَإِنَّا لَعِنْدَهُ إِذْ قِيلَ: فُلانٌ بِالْبَابِ، قَالَ: ائْذَنْ له، فو الله إنّي
__________
[1] هو القتباني بكسر القاف وسكون التاء ... نسبة إلى قتبان، بطن من رعين نزلوا مصر، كما في (اللباب في الأنساب لابن الأثير ج 2 ص 242) .
[2] مهملة في الأصل، والتصحيح من «النهاية» حيث قال: العلابي: جمع علباء وهو عصب في العنق يأخذ إلى الكاهل وهما علباوان. انظر (جني الجنّتين في تمييز المثنيين للمحبّي ص 80) .
[3] طبقات ابن سعد 5/ 37.
[4] ابن سعد 5/ 37.
[5] في تاريخه 205.(5/231)
لأَظُّنُهُ قَدْ جَاءَ بِشَرٍّ، فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ: يَا حَسَنُ، إِنِّي جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ سُلْطَانٍ وَجِئْتُكَ بِعَزْمِهِ، قَالَ: تَكَلَّمْ، قَالَ: أَرْسَلَ مَرْوَانُ وَيْكَ بِعَلِيٍّ وَبِعَلِيٍّ وَبِعَلِيٍّ، وَيْكَ وَيْكَ وَيْكَ، وَمَا وَجَدْتُ مِثْلَكَ إِلا مِثْلَ الْبَغْلَةِ، يُقَالُ لَهَا: مَنْ أَبُوكِ، فتَقُولُ: أُمِّي الْفَرَسُ، قَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ: إِنِّي وَاللَّهِ لا أَمْحُو عَنْكَ شَيْئًا مِمَّا قلت، فَلَنْ أَسُبَّكَ، وَلَكِنَّ مَوْعِدِي وَمَوْعِدُكَ اللَّهَ، فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَجَزَاكَ اللَّهُ بِصِدْقِكَ، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فاللَّه أَشَدُّ نَقْمَةً، وَقَدْ أَكْرَمَ اللَّهُ جَدِّي أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ- أَوْ قَالَ مِثْلِي- مِثْلُ الْبَغْلَةِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْحُجْرَةِ لقي الحسين، فَقَالَ: مَا جِئْتَ بِهِ؟ قَالَ: رِسَالَةٌ. قَالَ: وَاللَّهِ لَتُخْبِرُنِي أَوْ لَآمُرَنَّ بِضَرْبِكَ، فَقَالَ: ارْجِعْ، فَرَجَعَ، فَلَمَّا رَآهُ الْحَسَنُ قَالَ: أَرْسِلْهُ، قَالَ: إِنِّي لا أَسْتَطِيعُ، قَالَ: لِمَ؟ قَالَ: إِنِّي قَدْ حَلَفْتُ، قَالَ: قَدْ لَجَّ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: أَكَلَ فُلانٌ بَظْرَ أُمِّهِ إِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ عَنِّي مَا أَقُولُ لَهُ، قُلْ لَهُ: وَيْلٌ لَكَ وَلِأَبِيكَ وَقَوْمِكَ، وَآيَةٌ بَيْنِي وَبَيْنِكَ أَنْ يَمْسِكَ مَنْكِبَيْكَ مِنْ لَعْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَقَالَ وَزَادَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي يَحْيَى قَالَ: كُنْتُ بَيْنَ الْحَسْنِ وَالْحُسَيْنِ وَمَرْوَانَ، وَالْحُسَيْنُ يُسَابُّ مَرْوَانَ، فَجَعَلَ الْحَسْنُ يَنْهَاهُ، فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنَّكُمْ أَهْلُ بَيْتٍ مَلْعُونُونَ، فغضب الحسين وقال: ويلك، قلت هذا، فو الله لقد لعن الله أباك على لسان نبيه وَأَنْتَ فِي صُلْبِهِ.
رَوَاهُ جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى النَّخَعِيِّ [1] . وَقَالَ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ كَانَا يُصَلِّيَانِ خَلْفَ مَرْوَانَ، فقيل: أما كانا يُصَلِّيَانِ إِذَا رَجَعَا إِلَى مَنَازِلِهِمَا؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ [2] . وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم:
__________
[1] تقدّم هذا الخبر في ترجمة الحكم بن مروان، وفيه زيادة: أبو يحيى مجهول. وهو في تاريخ دمشق 16/ 174 ب.
[2] تاريخ دمشق 16/ 175 أ، البداية والنهاية 8/ 358.(5/232)
«إِذَا بَلَغَ بَنُو أَبِي الْعَاصِ ثَلاثِينَ رَجُلا اتَّخَذُوا مَالَ اللَّهِ دُوَلا، وَدِينَ اللَّهِ دَغَلا، وَعِبَادَ اللَّهِ خَوَلا» [1] . سَنَدُهُ ضَعِيفٌ، وَكَانَ عَطِيَّةُ [2] مَعَ ضَعْفِهِ شِيعِيًّا غَالِيًا، لَكِنَّ الْحَدِيثُ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْهُ.
وَقَدْ رَوَى أَبُو الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا بَلَغَتْ بَنُو أُمَيَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلا اتَّخَذُوا عِبَادَ اللَّهِ خَوَلا، وَمَالَ اللَّهِ دُوَلا، وَكِتَابَ اللَّهِ دَغَلًا» . إِسْنَادُهُ مُنْقطِعٌ.
وَذَكَرَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ، أَنَّ مَرْوَانَ قَدِمَ بِبَنِي أُمَيَّةَ عَلَى حَسَّانِ بْنِ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ وهو بالجابية فقال: أتيتني بنفسك إذ أَبَيْتُ أَنْ آتِيكَ، وَاللَّهِ لَأُجَادِلَنَّ عَنْكَ فِي قبائل اليمن، أو أسلّمها إِلَيْكَ، فَبَايَعَ حَسَّانُ أَهْلِ الأُرْدُنِّ لِمَرْوَانَ، عَلَى أَنْ يُبَايِعَ مَرْوَانُ لِخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، وَلَهُ إِمْرَةُ حِمْصَ، وَلِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ إِمْرَةُ دِمَشْقَ، وَذَلِكَ فِي نِصْفِ ذِي الْقَعْدَةِ.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: بَايَعَ مَرْوَانَ أَهْلُ الأُرْدُنِّ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ، وَسَائِرُ النَّاسِ زُبَيْرِيُّونَ، ثُمَّ اقْتَتَلَ مَرْوَانُ وشيعة ابْنِ الزُّبَيْرِ يَوْمَ رَاهِطٍ فَظَفِرَ مَرْوَانُ وَغَلَبَ عَلَى الشَّامِ وَمِصْرَ، وَبَقِيَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَمَاتَ.
قَالَ اللَّيْثُ: تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَذْكُرُ مَرْوَانَ يَوْمًا، فَقَالَ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ أصبحت فِيمَا أَنَا فِيهِ مِنْ هَرْقِ الدِّمَاءِ، وَهَذَا الشَّأْنُ [3] .
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ [4] : كَانُوا يَنْقِمُونَ عَلَى عُثْمَانَ تَقْرِيبَ مَرْوَانَ وَتَصَرُّفَهُ، وَكَانَ كَاتِبَهُ، وَسَارَ مَعَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ يطلبون بدم عثمان، فقاتل يوم الجمل
__________
[1] تاريخ دمشق 16/ 176 ب.
[2] هو: عطيّة العوفيّ.
[3] تاريخ دمشق 16/ 179 أ.
[4] في الطبقات 5/ 36.(5/233)
أَشَدَّ قِتَالٍ، فَلَمَّا رَأَى الْهَزِيمَةَ رَمَى طَلْحَةَ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، وَقَدْ أَصَابَتْهُ جِرَاحٌ يَوْمَئِذٍ، وَحُمِلَ إِلَى بَيْتِ امْرَأَةٍ، فَدَاوُوهُ وَاخْتَفَى، فَأَمَّنَهُ عَلِيٌّ، فَبَايَعَهُ وَانْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَقَامَ بِهَا حَتَّى اسْتُخْلِفَ مُعَاوِيَةُ، وَقَدْ كَانَ يَوْمَ الْحَرَّةِ مَعَ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ، وَحَرَّضَهُ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ، قَالَ: وَكَانَ قَدْ أَطْمَعَ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ، وَعَقَدَ لِوَلَدَيْهِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ، فَأَخَذَ يَضَعُ مِنْهُ وَيُزْهِدُ النَّاسَ فِيهِ، وَكَانَ يَجْلِسُ مَعَهُ، فَدَخَلَ يَوْمًا فَزَبَرَهُ وَقَالَ: تَنَحَّ يَا ابْنَ رَطْبَةِ الاسْتَ، وَاللَّهِ مَالَكَ عَقْلٌ، فَأَضْمَرَتْ أُمُّهُ السُّوءَ لِمَرْوَانَ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَقَالَ:
هَلْ قَالَ لَكِ خَالِدٌ شَيْئًا؟ فَأَنْكَرَتْ، وَكَانَ قَدْ تَزَوَّجَ بِهَا، فَقَامَ، فَوَثَبَتْ هي وجواريها فعمدت إلى وِسَادَةٍ فَوَضَعَتْهَا عَلَى وَجْهِهِ، وَغَمَرَتْهُ هِيَ وَالْجَوَارِي حَتَّى مَاتَ، ثُمَّ صَرَخْنَ وَقُلْنَ: مَاتَ فَجْأَةً [1] .
وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ مَرْوَانَ: مَاتَ مَطْعُونًا بِدِمَشْقَ.
98- مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ [2]- الَّذِي يُقَالُ لَهُ: مُسْرِفُ بْنُ عُقْبَةَ- بْنِ رَبَاحِ بْنِ أسَعْدَ، أَبُو عُقْبَةَ الْمُرِّيُّ. أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَهِدَ صِفِّينَ عَلَى الرَّجَّالَةِ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ صَاحِبُ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ، وَدَارُهُ بِدِمَشْقَ مَوْضِعُ فندق الخشب الكبير قبليّ دار البطّيخ،
__________
[1] طبقات ابن سعد 5/ 42، 43.
[2] انظر عن (مسلم بن عقبة) في:
تاريخ خليفة 195 و 237- 239 و 254، 255، وتاريخ الطبري 5/ 12 و 323 و 483- 496 و 498، وأنساب الأشراف 3/ 79 وق 4 ج 1/ 146 و 175 و 299 و 308 و 322- 328 و 330- 337 و 348 و 602، والأخبار الطوال 172 و 226 و 263- 265، والمعارف 351، وتاريخ اليعقوبي 2/ 250، 251، وجمهرة أنساب العرب 119 و 157 و 249 و 254، ومروج الذهب 1923 و 1925 و 1927- 1929، والزيارات 51، ووفيات الأعيان 3/ 438 و 6/ 276، وتاريخ العظيمي 186، وعيون الأخبار 1/ 197، ومختصر التاريخ 83، والكامل في التاريخ 3/ 294 و 381 و 4/ 6 و 112- 123، والمعرفة والتاريخ 3/ 325، ونسب قريش 127 و 222 و 283 و 371 و 373 و 390، والعقد الفريد 1/ 149 و 297 و 298 و 2/ 391 و 4/ 87 و 207 و 299 و 372 و 387- 392 و 5/ 403، والتذكرة الحمدونية 2/ 272 و 286 و 287، والبصائر والذخائر 8/ 244، ونثر الدر 1/ 340، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 450، وأخبار القضاة 1/ 123، والمحبّر 303، والمحاسن والمساوئ 64- 67.(5/234)
هَلَكَ بِالْمُشَلَّلِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَهُوَ قَاصِدٌ إِلَى قِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ.
وَرَوَى الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، أَظُنُّهُ الْوَاقِدِيَّ قَالَ: قَالَ ذَكْوَانُ مَوْلَى مَرْوَانَ: شَرِبَ مُسْلِمٌ دَوَاءً بَعْدَ مَا نَهَبَ الْمَدِينَةَ، وَدَعَا بِالْغَدَاءِ، فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ: لا تَعَجَّلْ، قَالَ: وَيْحَكَ إِنَّمَا كُنْتُ أُحِبُّ الْبَقَاءَ حَتَّى أُشْفِيَ نَفْسِي مِنْ قَتَلَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ، فَقَدْ أَدْرَكْتُ مَا أَرَدْتُ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْمَوْتِ عَلَى طَهَارَتِي، فَإِنِّي لا أَشُكُّ أَنَّ اللَّهَ قَدْ طَهَّرَنِي مِنْ ذُنُوبِي بِقَتْلِ هَؤُلاءِ الأَرْجَاسِ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ خَارِجَةَ قَالَ:
خَرَجَ مُسْرِفُ بْنُ عُقْبَةَ يُرِيدُ مَكَّةَ وَتَبِعَتْهُ أُمُّ وَلَدٍ لِيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ تَسِيرُ وَرَاءَهُمْ، وَمَاتَ مُسْرِفٌ فَدُفِنَ بِثَنِيَّةِ الْمُشَلَّلِ، فَنَبَشَتْهُ ثُمَّ صَلَبَتْهُ عَلَى الْمُشَلَّلِ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: وَكَانَ قَدْ قُتِلَ مَوْلاهَا أَبَا وَلَدِهَا.
وَقِيلَ: إِنَّهَا نَبَشَتْهُ، فَوَجَدَتْ ثُعْبَانًا يَمُصُّ أَنْفَهُ، وَأنَّهَا أَحْرَقَتْهُ، فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَشَكَرَ سَعْيَهَا.
99- مَسْرُوقُ بْنُ الأْجَدَعِ [1] ع- وَاسْمُ الأَجْدَعِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ- بْنُ مَالِكِ بْنِ أُمَيَّةَ، أَبُو عَائِشَةَ الْهَمْدَانِيُّ، ثُمَّ الوادعيّ الكوفي.
__________
[1] في الأصل «الأجرع» والتصحيح من مصادر ترجمته، وهي:
الكنى والأسماء 2/ 20، وأخبار القضاة لوكيع 1/ 19 و 40 و 51- 53 و 109 و 2/ 213 و 217 و 228 و 229 و 234 و 236 و 237 و 247 و 251 و 255 و 262 و 272 و 274 و 276 و 292 و 297 و 298، والتاريخ لابن معين 560، وجمهرة أنساب العرب 394، وتاريخ أبي زرعة 1/ 329 و 494 و 647- 649 و 651- 655، وتاريخ الثقات للعجلي 426 رقم 1561، وطبقات خليفة 149، وتاريخ خليفة 176 و 228 و 251، والتاريخ الكبير 8/ 735 36 رقم 2065، والتاريخ الصغير 65، وطبقات ابن سعد 6/ 76، وتاريخ اليعقوبي 2/ 241، والمعارف 105 و 432 و 490 و 537 و 578، وتاريخ الطبري 1/ 144 و 267 و 3/ 326 و 4/ 352 و 482، وأنساب الأشراف 1/ 176 و 264 و 418 و 419 و 427 و 550(5/235)
مُخَضْرَمٌ، سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيًّا، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَمُعَاذًا، وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، وَخَبَّابَ بْنَ الأَرَتِّ، وَعَائِشَةَ، وَطَائِفَةً.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو وَائِلٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو الضُّحَى، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ، وَأبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ، وَآخَرُونَ.
وَقَدِمَ الشَّامَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَشَهِدَ الْحَكَمَيْنِ، فَقَالَ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ:
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى الْقَصِيرُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي مُوسَى أَيَّامِ الْحَكَمَيْنِ، وَفُسْطَاطِي إِلَى جَنْبِ فُسْطَاطِهِ، فَيُصْبِحُ النَّاسُ ذَاتَ يَوْمٍ قَدْ لَحِقُوا بِمُعَاوِيَةَ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو مُوسَى رَفَعَ رَفْرَفَ فُسْطَاطِهِ، فَقَالَ: يَا مَسْرُوقُ بْنَ الأَجْدَعِ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ أَبَا مُوسَى، قَالَ: إِنَّ الإِمَارَةَ مَا أُؤْتُمِرَ فِيهَا، وَإِنَّ الْمُلْكَ مَا غُلِبَ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ [1] : كَانَ مَسْرُوقٌ ثِقَةً، لَهُ أَحَادِيثُ صَالِحَةٌ، وَقَدْ رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ، وَلَمْ يرو عن عثمان شيئا.
__________
[ () ] و 552 و 555، و 3/ 30 وق 4 ج 1/ 130 و 199 و 238 و 263 و 277 و 521 و 536 و 597، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 88 رقم 7128 والزيارات 79، 80، وأسد الغابة 4/ 354، والوفيات لابن قنفذ 96 رقم 63، والكامل في التاريخ 1/ 109 و 2/ 296 و 3/ 160 و 228 و 279 و 4/ 110 و 5/ 284، والجرح والتعديل 8/ 396، 397 رقم 1820، وعيون الأخبار 1/ 61 و 2/ 199، وربيع 4/ 149 و 363، والعقد الفريد 2/ 301 و 2/ 467 و 3/ 168 و 171، والمعرفة والتاريخ (انظر فهرس الأعلام) 3/ 771، وحلية الأولياء 2/ 95- 98 رقم 163، وطبقات الفقهاء 79، وتاريخ بغداد 13/ 232- 235 رقم 7302، وتهذيب الكمال 1320، 1321، والعبر 1/ 68، وتذكرة الحفاظ 1/ 49 رقم 26، وسير أعلام النبلاء 4/ 63- 69 رقم 17، والكاشف 3/ 120 رقم 5488، ودول الإسلام 1/ 47، ومرآة الجنان 1/ 139، وغاية النهاية 2/ 294 رقم 3591، والإصابة 3/ 492، 493 رقم 8406، وتهذيب التهذيب 10/ 109- 111 رقم 205، وتقريب التهذيب 2/ 242 رقم 1055، والنجوم الزاهرة 1/ 161، وطبقات الحفاظ 14، وخلاصة تذهيب التهذيب 374، وشذرات الذهب 1/ 71، والزهد لابن المبارك 32 و 92 و 347 و 382 والملحق رقم 102، ومسند الحميدي 1/ 11، وأدب القاضي 1/ 120 و 149، وتهذيب الآثار للطبري 1/ 190.
[1] في الطبقات 6/ 84.(5/236)
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ [1] : رَأَى أَبَا بَكْرٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ [2] : رَوَى عَنْ:
أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ.
وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ: قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قُلْتُ: مَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
«الْأَجْدَعُ شَيْطَانٌ» [3] . أَنْتَ مَسْرُوقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [4] . وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: كَانَ الْأَجْدَعُ أَفْرَسَ فَارِسٍ بِالْيَمَنِ. وَابْنُهُ مَسْرُوقُ ابْنُ أُخْتِ عَمْرِو بْنِ معديكرب.
وقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ عَائِذٍ الطَّائِيُّ قَالَ: قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ: رَجُلٌ نَذَرَ أَنْ يَنْحَرَ ابْنَهُ، قَالَ: لَعَلَّكَ مِنَ الْقَيَّاسِينَ، مَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ كَانَ أطْلَبَ للعلم فِي أُفُقٍ مِنَ الآفَاقِ مِنْ مَسْرُوقٍ [5] ، قَالَ: لا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: مَا أُقَدِّمُ عَلَى مَسْرُوقٍ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ، صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، وَلَقِيَ عُمَرَ، وَعَلِيًّا، وَلَمْ يَرْوِ عَنْ عُثْمَانَ شَيْئًا [6] .
وَعَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: اخْتَلَفْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ مِنْ رَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ، مَا أَغُبُّهُ يَوْمًا.
وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا مَسْرُوقُ إِنَّكَ مِنْ وَلَدِي، وَإِنَّكَ لَمِنْ أَحَبَّهُمْ إِلَيَّ، فَهَلْ عِنْدَكَ علم بالمخدج. فذكر الحديث [7] .
__________
[1] في التاريخ الكبير 8/ 35.
[2] في الجرح والتعديل 8/ 396.
[3] أخرجه أحمد في المسند 1/ 31، وأبو داود في الأدب (4957) باب: تغيير الاسم القبيح.
[4] طبقات ابن سعد 6/ 76، تاريخ بغداد 13/ 232.
[5] حلية الأولياء 2/ 95، تاريخ بغداد 3/ 233.
[6] طبقات ابن سعد 6/ 77، تاريخ بغداد 13/ 233.
[7] هو في صحيح مسلم 155/ 1066، وتاريخ دمشق 16/ 210 أ.(5/237)
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ: سَمِعْتُ أَبَا السَّفَرِ يَقُولُ: مَا وَلَدَتْ هَمْدَانِيَّةُ مِثْلَ مَسْرُوقٍ [1] .
وَقَالَ مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقْرِئُونَ النَّاسَ وَيُعَلِّمُونَهُمُ السُّنَّةَ: عَلْقَمَةُ، وَالأَسْوَدُ، وَعُبَيْدَةُ، وَمَسْرُوقٌ، وَالْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ، وَعَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ [2] .
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبْجَرَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ مَسْرُوقٌ أَعْلَمَ بِالْفَتْوَى مِنْ شُرَيْحٍ، وَشُرَيْحٌ أَعْلَمُ مِنْهُ بِالْقَضَاءِ، وَكَانَ شُرَيْحُ يَسْتَشِيرُ مَسْرُوقًا [3] ، وَكَانَ مَسْرُوقُ لا يَسْتَشِيرُ شُرَيْحًا.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: بَقِيَ مَسْرُوقُ بَعْدَ عَلْقَمَةَ لا يُفَضِّلُ عَلَيْهِ أَحَدٌ [4] .
وَقَالَ عَاصِمٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: إِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ حِينَ قَدِمَ الْكُوفَةَ قَالَ: أَيُّ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَفْضَلُ؟ قَالُوا: مَسْرُوقٌ.
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: إِنْ كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ خُلِقُوا لِلْجَنَّةِ فَهَؤُلاءِ: الأَسْوَدُ، وَعَلْقَمَةُ، وَمَسْرُوقٌ.
وَقَالَ خَلِيفَةُ [5] : لَمْ يَزَلْ شُرَيْحٌ عَلَى قَضَاءِ الْكُوفَةِ، فَأَحْدَرَهُ مَعَهُ زِيَادٌ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَقَضَى مَسْرُوقٌ حَتَّى رَجَعَ شُريْحٌ، وَذَكَرَ أَنَّ شُرَيْحًا غَابَ سَنَةً.
وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: كَانَ مَسْرُوقٌ لا يَأْخُذُ عَلَى الْقَضَاءِ رِزْقًا [6] .
عَارِمٌ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ مُجَالِدٍ: أنّ مسروقا قال: لأن أقضي بقضيّة
__________
[1] طبقات ابن سعد 6/ 79، تاريخ الثقات 426، تاريخ بغداد 13/ 233.
[2] تاريخ بغداد 13/ 233، أخبار القضاة 2/ 228.
[3] حتى هنا في طبقات ابن سعد 6/ 82، وهو بتمامه في تاريخ بغداد 13/ 233، 234.
[4] في طبعة القدسي 76 «أحدا» . والخبر في طبقات ابن سعد 6/ 84، وتاريخ بغداد 13/ 234.
[5] في تاريخه 228.
[6] حلية الأولياء 2/ 96 وفيه «أجرا» . وفي طبقات ابن سعد 6/ 82 «جزاء» .(5/238)
فَأُوَافِقُ الْحَقَّ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ رِبَاطِ سَنَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ [1] .
وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ: لأَنْ أُفْتِيَ يَوْمًا بِعَدْلٍ وَحَقٍّ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَغْزُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ سَنَةً.
وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ ابْنِ أَخِي مَسْرُوقٍ: إِنَّ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَيْدٍ عَامِلَ الْبَصْرَةِ أَهْدَى إِلَى مَسْرُوقٍ ثَلاثِينَ أَلْفًا، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُحْتَاجٌ، فَلَمْ يَقْبَلْهَا [2] .
وَقَالَ يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَصْبَحَ مَسْرُوقٌ يَوْمًا وَلَيْسَ لِعِيَالِهِ رِزْقٌ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ قَمِيرُ فَقَالَتْ: يَا أَبَا عَائِشَةَ، إِنَّهُ مَا أَصْبَحَ لِعِيَالِكَ الْيَوْمَ رِزْقٌ، فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَيَأْتِيَنَّهُمُ اللَّهُ بِرِزْقٍ [3] .
وَقَالَ سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ: كَلَّمَ مَسْرُوقٌ زِيَادًا لِرَجُلٍ فِي حَاجَةٍ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِوَصِيفٍ، فَرَدَّهُ، وَحَلَفَ أَنْ لا يكلّم له فِي حَاجَةٍ أَبَدًا.
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: سَمِعْتُ أَشْيَاخَنَا يَقُولُونَ: انْتَهَى الزُّهْدُ إِلَى ثَمَانِيَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ: عامر بن عبد قَيْسٍ، وَهَرِمِ بْنِ حَيَّانَ، وَأُوَيْسٍ الْقَرَنِيِّ، وَأَبِي [4] مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ، وَالأَسْوَدِ، وَمَسْرُوقٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَالرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ [5] .
وَقَالَ إِسْرَائِيلُ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ مَسْرُوقًا زَوَّجَ بِنْتَهُ بِالسَّائِبِ بْنِ الأَقْرَعِ عَلَى عَشَرَةِ آلافٍ اشْتَرَطَهَا لِنَفْسِهِ، وَقَالَ: جَهِّزْ أَنْتَ امْرَأَتَكَ مِنْ عِنْدِكَ، وَجَعَلَهَا مَسْرُوقٌ فِي الْمُجَاهِدِينَ وَالْمَسَاكِينَ [6] .
وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى قال: غاب مسروق في السلسلة
__________
[1] طبقات ابن سعد 6/ 82.
[2] طبقات ابن سعد 6/ 79.
[3] طبقات ابن سعد 6/ 79.
[4] في الأصل «أبو» .
[5] مهمل في الأصل.
[6] طبقات ابن سعد 6/ 82.(5/239)
سَنَتَيْنِ [1]- يَعْنِي عَامِلا عَلَيْهَا- فَلَمَّا قَدِمَ نَظَرَ أَهْلُهُ فِي خَرْجِهِ فَأَصَابُوا فَأْسًا بِغَيْرِ عُودٍ، فَقَالُوا: غِبْتَ سَنَتَيْنِ، ثُمَّ جِئْتَنَا بِفَأْسٍ بِغَيْرِ عُودٍ! قَالَ: إِنَّا للَّه، تِلْكَ فَأْسٌ اسْتَعَرْنَاهَا، نَسِينَا نَرُدُّهَا.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: بَعَثَهُ ابْنُ زِيَادٍ إِلَى السِّلْسِلَةِ، فَانْطَلَقَ، فَمَاتَ بِهَا.
وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: وَاللَّهِ مَا عَمِلْتُ عَمَلا أَخْوَفَ عِنْدِي أَنْ يُدْخِلَنِي النَّارَ مِنْ عَمَلِكُمْ هَذَا، وَمَا بِي أَنْ أَكُونَ ظَلَمْتُ فِيهِ مُسْلِمًا وَلا مُعَاهِدًا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا، وَلَكِنَّ مَا أَدْرِي مَا هَذَا الْجَعْلُ [2] الَّذِي لَمْ يَسُنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلا أَبُو بَكْرٍ، وَلا عُمَرُ، قِيلَ: فَمَا حَمَلَكَ؟ قَالَ: لَمْ يَدَعْنِي زِيَادٌ، وَلا شُرَيْحٌ، وَلا الشَّيْطَانُ، حَتَّى دَخَلْتُ فِيهِ [3] .
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قَالَ لِي مَسْرُوقٌ: مَا بَقِيَ شَيْءٌ يُرْغَبُ فِيهِ إِلا أَنْ نُعَفِّرَ وُجُوهَنَا فِي التُّرَابِ [4] وَمَا آسَى عَلَى شَيْءٍ إِلا السُّجُودَ للَّه تَعَالَى.
وَقَالَ إِسْحَاقُ: حَجَّ مَسْرُوقٌ، فَمَا نَامَ إِلا سَاجِدًا حَتَّى رَجِعَ [5] .
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنِ امْرَأَةِ مَسْرُوقٍ قَالَتْ: مَا كَانَ مَسْرُوقٌ يُوجَدُ إِلا وَسَاقَاهُ قَدِ انْتَفَخَتا مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، وَإِنْ كُنْتُ لَأَجْلِسُ خَلْفَهُ، فَأَبْكِي رَحْمَةً لَهُ [6] .
وَرَوَاهُ أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، عَنِ امْرَأَةِ مَسْرُوقٍ.
وَقَالَ أَبُو الضُّحَى، عَنْ مسَرْوُقٍ: إِنَّهُ سُئِلَ عَنْ بَيْتِ شِعْرٍ فَقَالَ: أَكْرَهُ أن أجد في صحيفتي شعرا [7] .
__________
[1] طبقات ابن سعد 6/ 83.
[2] في الطبقات: «الحبل» .
[3] طبقات ابن سعد 6/ 83.
[4] تاريخ الثقات للعجلي 426، طبقات ابن سعد 6/ 80، حلية الأولياء 2/ 96، وتتمة الخبر في الزهد لابن المبارك 347 رقم 974.
[5] طبقات ابن سعد 6/ 79 وفيه: «إلا ساجدا على وجهه» ، الزهد لابن المبارك 347 رقم 975.
[6] طبقات ابن سعد 6/ 81، الزهد لابن المبارك 32.
[7] طبقات ابن سعد 6/ 80.(5/240)
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: شُلَّتْ يَدُ مَسْرُوقٍ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ، وَأَصَابَتْهُ آمَّةُ [1] .
وَقَالَ أَبُو الضُّحَى، عَنْ مسَرْوُقٍ، وَكَانَ رَجُلا مَأْمُومًا [2] ، فَقَالَ: مَا أَحَبَّ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِي، لَعَلَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بِي، كُنْتُ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْفِتَنِ [3] .
وَقَالَ وَكِيعٌ: لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ عَلِيٍّ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلا سَعْدٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمَةَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَمِنَ التَّابِعِينَ: مَسْرُوقٌ، وَالأَسْوَدُ، وَالرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ [4] ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ.
وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ مَسْرُوقٌ إِذَا قِيلَ لَهُ: أَبْطَأْتَ عَنْ عَلِيٍ وَعَنْ مَشَاهِدِهِ- وَلَمْ يَكْنُ شَهِدَ مَعَهُ- يَقُولُ: أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ، أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّهُ صَفَّ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ، وَأَخَذَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضِ السِّلاحِ، يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، فَنَزَلَ مَلَكٌ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فَقَالَ هَذِهِ الآيَةَ: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً 4: 29 [5] أَكَانَ ذَلِكَ حَاجِزًا لَكُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فو الله لَقَدْ نَزَلَ بِهَا مَلَكٌ كَرِيمٌ، عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ، وَإِنَّهَا لَمُحْكَمَةٌ مَا نَسَخَهَا شَيْءٌ [6] .
وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ أَبِي النُّجُودِ: ذُكِرَ أَنَّ مَسْرُوقًا أَتَى صِفَّينَ، فَوَقَفَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، ثُمَّ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ مُنَادِيًا، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ.
وَعَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: شَهِدَ مَسْرُوقٌ النَّهْروَانَ مَعَ عَلِيٍّ.
وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَامِرٍ قَالَ: مَا مَاتَ مَسْرُوقٌ حَتَّى اسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْ تَخَلُّفِهِ عَنْ عَلِيٍّ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تُوُفِّيَ مَسْرُوقٌ سَنَةَ اثنتين وستّين [7] .
__________
[1] طبقات ابن سعد 6/ 77.
[2] أي به ضربة في رأسه، كما في طبقات ابن سعد.
[3] طبقات ابن سعد 6/ 77.
[4] في الأصل «خيثم» والتصحيح من تذكرة الحفاظ للذهبي.
[5] سورة النساء- الآية 29.
[6] طبقات ابن سعد 6/ 77، 78، تاريخ دمشق 16/ 215 أ.
[7] تاريخ بغداد 13/ 235.(5/241)
وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ [1] : سَنَةَ ثَلاثٍ.
وَقَالَ أَبُو شِهَابٍ الْخَيَّاطُ: هُوَ مدفون بالسلسلة بواسط [2] .
100- مسلمة بن مخلّد [3] د ابن الصامت الأنصاري الخزرجي، أبو معن، وَيُقَالُ: أَبُو سَعِيدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَيُقَالُ أَبُو مَعْمَرٍ، لَهُ صُحَبَةٌ وَرِوَايَةٌ.
قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِي عَشْرُ سِنِينَ [4] رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ مَعَ جَلالَتِهِ، وَمَحْمُودُ بن لبيد، ومحمد
__________
[1] طبقات ابن سعد 6/ 784 تاريخ بغداد 13/ 235.
[2] طبقات ابن سعد 6/ 84.
[3] انظر عن (مسلمة بن مخلد) في:
مسند أحمد 4/ 104، وطبقات ابن سعد 7/ 504، وتاريخ اليعقوبي 2/ 148 و 188، والتاريخ الكبير 7/ 387 رقم 1682، وطبقات خليفة 98 و 292، وتاريخ خليفة 195 و 210 و 223 و 227، وفتوح البلدان 270، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 146 و 160، والمعرفة والتاريخ 2/ 494 و 506 و 510 و 529، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 147 رقم 749، وتاريخ الطبري 4/ 430 و 550 و 553 و 554 و 5/ 99 و 240، وأخبار القضاة 3/ 223، 224، والخراج وصناعة الكتابة 345، وتاريخ أبي زرعة 1/ 189 و 309 و 565، ومروج الذهب 1621، وفتوح مصر 67 و 69 و 71، والاستيعاب 3/ 463، 464، وجمهرة أنساب العرب 366، والمستدرك 3/ 495، ووفيات الأعيان 7/ 215، والمراسيل 197، 198 رقم 359، والجرح والتعديل 8/ 265، 266 رقم 1212، ومشاهير علماء الأمصار 56 رقم 394، وأسد الغابة 4/ 364، 365، والكامل في التاريخ 3/ 191 و 269 و 272 و 355 و 464- 466 و 4/ 110، وتاريخ العظيمي 180 و 185 و 186، وتحفة الأشراف 8/ 380 رقم 515، وتهذيب الكمال 3/ 1330، ومختصر التاريخ 82، وجامع التحصيل 345 رقم 766، وتجريد أسماء الصحابة 2/ 77، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 542 و 547، وسير أعلام النبلاء 3/ 424- 426 رقم 73، والعبر 1/ 66، والكاشف 3/ 128 رقم 5543، والمعين في طبقات المحدّثين 26 رقم 117، وتلخيص المستدرك 3/ 495، وتهذيب التهذيب 10/ 148، 149 رقم 282، وتقريب التهذيب 2/ 249 رقم 1129، والإصابة 3/ 418 رقم 7989، والنجوم الزاهرة 1/ 132 وما يليها، وخلاصة تذهيب التهذيب 377، وشذرات الذهب 1/ 70، والولاة والقضاة 15 و 21 و 27 و 37- 40 و 54 و 310 و 311 و 426 و 503 و 504، ومسند الحميدي 1/ 189.
[4] طبقات ابن سعد 7/ 504، تاريخ دمشق 16/ 229 ب.(5/242)
ابن سِيرِينَ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ [1] ، وَأَبُو قَبِيلٍ حُيَيُّ بْنُ هَانِئٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُمَاسَةَ، وَشَيْبَانُ بْنُ أُمَيَّةَ وَآخَرُونَ.
وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ مُعَاوِيَةَ يَوْمَ صِفِّينَ، كَانَ عَلَى أَهْلِ فِلَسْطِينَ، وَقِيلَ: لَمْ يَفِدْ عَلَى مُعَاوِيَةَ إِلا بَعْدَ انْقِضَاءِ صِفَّينَ، وَلَّى إِمْرَةَ مِصْرَ لِمُعَاوِيَةَ وَلِيَزِيدَ، وَذَكَرَ أنَّ لَهُ صُحْبَةً جَمَاعَةً مِنْهُمْ: ابْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ [2] : كَانَ الْبُخَارِيُّ كَتَبَ أَنَّ لِمَسْلَمَةَ بْنَ مَخْلَدٍ صُحْبَةً، فَغَيَّرَ أَبِي ذَلِكَ، وَقَالَ: لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُسْلِمَةَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَتُوُفِّيَ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ [3] .
وَقَالَ وَكِيعٌ، عَنْ مُوسَى بِخِلافِ ذَلِكَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْلَمَةَ فَقَالَ:
وُلِدْتُ حِينَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ.
وَرَجَعَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي ذَلِكَ إِلَى قَوْلِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، وَقَالَ: هُوَ أَقْرَبُ عَهْدًا بِالْكِتَابِ.
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: وَفِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ نُزِعَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ مِصْرَ، وَوُلِّيَ مُسْلِمَةُ، فَبَقِيَ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ مَاتَ [4] .
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: صَلَّيْتُ خَلْفَ مُسْلِمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ، فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَمَا تَرَكَ وَاوًا وَلا أَلِفًا [5] .
وَقَالَ اللَّيْثُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ [6] .
__________
[1] في الأصل «علا بن رباح» .
[2] في الجرح والتعديل 8/ 266.
[3] طبقات ابن سعد 7/ 504.
[4] الولاة والقضاة للكندي 38.
[5] الولاة والقضاة بتقديم وتأخير 39.
[6] الولاة والقضاة 40.(5/243)
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: فِي ذِي الْقَعْدَةِ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ [1] .
101- المسور بن مخرمة [2] ابن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زُهْرَةَ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلابٍ، أَبُو عَبْدِ الرحمن، ويقال: أبو عثمان الزّهريّ ابن عاتكة أخت عبد الرحمن بن عوف.
__________
[1] الولاة والقضاة- بالحاشية 40 رقم 1.
[2] انظر عن (المسور بن مخرمة) في:
نسب قريش 262 و 263، وطبقات خليفة 15، وتاريخ خليفة 177 و 255، والمحبّر 68، والتاريخ الكبير 7/ 410 رقم 1798، وتاريخ اليعقوبي 2/ 240 و 282، ومسند أحمد 4/ 322، وتاريخ أبي زرعة 1/ 190 و 309 و 417 و 418 و 499، والعقد الفريد 4/ 35 و 278 و 392 و 393 و 6/ 47 و 348، والجرح والتعديل 8/ 297 رقم 1366، وتاريخ الطبري 2/ 620 و 625 و 637 و 638 و 3/ 43 و 4/ 190 و 230 و 231 و 234 و 237 و 365 و 5/ 494 و 497 و 575، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 91 رقم 126، وجوامع السيرة 283، والزهد لابن المبارك 60 و 486، ومشاهير علماء الأمصار 21 رقم 87، وعيون الأخبار 1/ 54 و 2/ 372 و 3/ 51، وربيع الأبرار 4/ 101، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 94 رقم 134، والخراج وصناعة الكتابة 323، وتاريخ العظيمي 186، 187، والاستيعاب 3/ 416، 417، والمنتخب من ذيل المذيل 556، والمغازي للواقدي 209 و 319، والمعارف 429، والمعرفة والتاريخ 1/ 358، والمستدرك 3/ 523، 524، وجمهرة أنساب العرب 129، وأنساب الأشراف 1/ 327 و 405 وق 4/ 1/ 36 و 47 و 143 و 144 و 313 و 320 و 340 و 344 و 347- 350 و 503 و 507 و 515 و 535 و 561 و 575 و 577 و 590، وفتوح البلدان 267، والكامل في التاريخ 2/ 42 و 3/ 49 و 68 و 69 و 72 و 4/ 122 و 124 و 174، وأسد الغابة 4/ 365، 366، وتهذيب الكمال 3/ 1330، وتحفة الأشراف 8/ 380- 386 رقم 516، والجمع بين رجال الصحيحين 2/ 515، وتاريخ دمشق 16/ 251 أ، ومرآة الجنان 1/ 140، والكاشف 3/ 128 رقم 556، والمغازي من (تاريخ الإسلام) 127 و 364 و 366 و 367 و 375 و 389 و 392 و 397 و 400 و 605، وعهد الخلفاء الراشدين 44 و 75 و 238 و 280 و 290 و 296 و 303 و 394 و 450 و 451، والمعين في طبقات المحدّثين 26 رقم 118، وتلخيص المستدرك 3/ 523، 524، وسير أعلام النبلاء 3/ 390- 394 رقم 60، والعقد الثمين 7/ 197، والنكت الظراف 8/ 381- 386، وتهذيب التهذيب 10/ 151، 152 رقم 288، وتقريب التهذيب 2/ 249 رقم 1136، والإصابة 3/ 419، 420 رقم 7993، والتذكرة الحمدونية 2/ 43، وخلاصة تذهيب التهذيب 377، وشذرات الذهب 1/ 72، والمسند للحميدي 1/ 112 و 187، 188، وأدب القاضي 1/ 347 و 379 و 500 و 631، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 79.(5/244)
له صحبة ورواية، وروى أيضا عن: أبي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَخَالِهِ.
رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَعُرْوَةُ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَوَلَدَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأُمُّ بَكْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ.
وَقَدِمَ بَرِيدًا لِدِمَشْقَ مِنْ [1] عُثْمَانَ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَيَّامَ حَصْرِ عُثْمَانَ، وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فِي خِلافَتِهِ، وَكَانَ مِمَّنْ يَلْزَمُ عُمَرَ وَيَحْفَظُ عَنْهُ، وَانْحَازَ إِلَى مَكَّةَ كَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَرِهَ إِمْرَةَ يَزِيدَ، وَأَصَابَهُ حَجَرُ مَنْجَنِيقٍ لَمَّا حَاصَرَ الْحُصَيْنُ بن نمير ابن الزبير [2] .
قال الزبير بن بكار [3] : وكانت الْخَوَارِجُ تَغْشَاهُ وَتُعَظِّمُهُ وَيَنْتَحِلُونَ رَأْيَهُ، حَتَّى قُتِلَ تِلْكَ الأَيَّامَ.
وَقَالَ أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ: أَنْبَأَ عبد الله بن جعفر، عن أم بكر أَنَّ أَبَاهَا احْتَكَرَ طَعَامًا، فَرَأَى سَحَابًا مِنْ سَحَابِ الْخَرِيفِ فَكَرِهَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى السُّوقِ فَقَالَ: مَنْ جَاءَنِي وَلَّيْتُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ، فَأَتَاهُ بِالسُّوقِ فَقَالَ: أَجُنِنْتَ يَا مِسْوَرُ! قَالَ: لا وَاللَّهِ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ سَحَابًا مِنْ سَحَابِ الْخَرِيفِ، فَكَرِهْتُهُ فَكَرِهْتُ أَنْ أَرْبَحَ فِيهِ، وَأَرَدْتُ أَنْ لا أَرْبَحَ فِيهِ فَقَالَ عُمَرُ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا وَقَالَ إِسْحَاقُ الْكَوْسَجُ: قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ ثِقَةٌ، إِنَّمَا كَتَبْتُ هَذَا لِلتَّعَجُّبِ، فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى صُحْبَةِ الْمِسْوَرِ، وَأَنَّهُ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: ثنا حَيْوَةُ، ثنا عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ الْمِسْوَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ خَلا بِهِ فَقَالَ:
يَا مِسْوَرُ، مَا فَعَلَ طَعْنُكَ عَلَى الأَئِمَّةِ؟ قَالَ: دَعْنَا مِنْ هَذَا، وَأَحْسِنْ فِيمَا قَدِمْنَا لَهُ، قَالَ مُعَاوِيَةُ: وَاللَّهِ لَتُكَلِّمُنِي بِذَاتِ نَفْسِكَ بِالَّذِي تَعِيبُ عَلَيَّ، قَالَ: فَلَمْ أَتْرُكْ شَيْئًا أَعِيبُهُ عَلَيْهِ إِلا بَيَّنْتُهُ لَهُ، فَقَالَ: لا أَبْرَأُ مِنَ الذَّنْبِ، فَهَلْ تَعُدُّ لَنَا يَا مِسْوَرُ بِمَا نَلِي مِنَ الإِصْلاحِ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ، فإنّ الحسنة بعشر أمثالها، أم
__________
[1] في الأصل «مع عثمان» .
[2] نسب قريش 263.
[3] في نسب قريش 263.(5/245)
تَعُدُّ الذُّنُوبَ وَتَتْرُكُ الإِحْسَانَ! قُلْتُ: لا وَاللَّهِ مَا نَذْكُرُ إِلا مَا نَرَى مِنَ الذُّنُوبِ، فَقَالَ: فَإِنَّا نَعْتَرِفُ للَّه بِكُلِّ ذَنْبٍ أَذْنَبْنَاهُ، فَهَلْ لَكَ يَا مِسْوَرُ ذُنُوبٌ فِي خَاصَّتِكَ تَخْشَى أَنْ تَهْلِكَكَ إِنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا يَجْعَلُكَ بِرَجَاءِ المغفرة أحق منّي فو الله مَا أَلِي مِنَ الإِصْلاحِ أَكْثَرَ مِمَّا تَلِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لا أُخَيَّرُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ، بَيْنَ اللَّهِ وَغَيْرِهِ إِلا اخْتَرْتُ اللَّهَ عَلَى مَا سِوَاهُ، وَإِنِّي لَعَلَى دِينٍ يُقْبَلُ فِيهِ الْعَمَلُ، ويجزى فيه بالحسنات، ويجزى فيه بالذنوب، إِلا أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ عَنْهَا، وَإِنِّي أَحْتَسِبُ كُلَّ حَسَنَةٍ عَمِلْتُهَا بِأَضْعَافِهَا مِنَ الأَجْرِ، وَأَلِي أُمُورًا عِظَامًا مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاةِ، وَالْجِهَادِ، وَالْحُكْمِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ. قَالَ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُ قَدْ خَصَمَنِي لَمَّا ذَكَرَ ذَلِكَ. قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمْ أَسْمَعِ الْمِسْوَرَ ذَكَرَ مُعَاوِيَةَ إِلا صَلَّى عَلَيْهِ [1] .
وَعَنْ أمِّ بَكْرٍ بِنْتِ الْمِسْوَرِ أَنَّ الْمِسْوَرَ كَانَ يَصُومُ الدَّهْرَ، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ طَافَ لِكُلِّ يَوْمٍ غَابَ عَنْهَا سَبْعًا، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ [2] .
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمَّتِهِ أُمِّ بَكْرِ بِنْتِ الْمِسْوَرِ، عَنْ أَبِيهَا، أَنَّهُ وَجَدَ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ إِبْرِيقَ ذَهَبٍ عَلَيْهِ الْيَاقُوتُ وَالزَّبَرْجَدُ، فَلَمْ يَدْرِ مَا هُوَ، فَلَقِيَهُ فَارِسيٌّ فَقَالَ: آخُذُهُ بِعَشَرَةِ آلافٍ، فَعَرَفَ أَنَّهُ شَيْءٌ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَنَفَلَهُ إِيَّاهُ، وَقَالَ: لا تَبِعْهُ بِعَشَرَةَ آلافٍ، فَبَاعَهُ لَهُ سَعْدٌ بِمِائَةِ أَلْفٍ، وَدَفَعَهَا إِلَى الْمِسْوَرِ وَلَمْ يُخَمِّسْهَا [3] .
وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ قَالَ: لَحِقَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لا يَقْطَعُ أَمْرًا دُونَهُ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي شُرَحْبيِلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا دَنَا الْحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ أَخْرَجَ الْمِسْوَرُ سِلاحًا قَدْ حَمَلَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ وَدُرُوعًا، فَفَرَّقَهَا فِي مَوَالٍ لَهُ كُهُولٍ فُرُسٍ جُلُدٍ، فَدَعَانيِ، ثُمَّ قَالَ لي: يا مولى
__________
[1] تاريخ دمشق 16/ 253 أ.
[2] تاريخ دمشق 16/ 253 ب.
[3] تاريخ دمشق 16/ 254 أ.(5/246)
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِسْوَرٍ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ، قَالَ: اخْتَرْ دِرْعًا، فَاخْتَرْتُ دِرْعًا وَمَا يُصْلِحُهَا، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلامٌ حَدَثٌ، فَرَأَيْتُ أُولَئِكَ الْفُرْسَ غَضِبُوا وَقَالُوا: تُخَيِّرُهُ عَلْيَنَا! وَاللَّهِ لَوْ جَدَّ الْجِدُّ تَرَكَكَ، فَقَالَ: لَتَجِدَنَّ عِنْدَهُ حَزْمًا، فَلَمَّا كَانَ الْقِتَالُ أَحْدَقُوا بِهِ، ثُمَّ انْكَشَفُوا عَنْهُ، وَاخْتَلَطَ الناس، والمسور يَضْرِبُ بِسَيْفِهِ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ فِي الرَّعِيلِ الأَوَّلِ يَرْتَجِزُ قَدَمًا، وَمَعَهُ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ يَفْعَلانِ الأَفَاعِيلَ، إِلَى أَنْ أَحْدَقَتْ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ بِالْمِسْوَرِ، فَقَامَ دُونَهُ مَوَالِيهِ، فَذَبُّوا عنه كلّ الذّبّ، وجعل يصيح بهم، فما خَلُصَ إِلَيْهِ، وَلَقَدْ قَتَلُوا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يَوْمَئذٍ نَفَرًا.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي عبدَ اللَّهِ بْن جَعْفَر، عَنْ أمِّ بَكْرٍ، وَأَبِي عَوْنٍ قَالا: أَمَاتَ الْمِسْوَرَ حَجَرُ الْمَنْجِنيقِ، ضُرِبَ الْبَيْتُ فَانْفَلَقَ مِنْهُ فَلْقَةٌ، فَأَصَابَتْ خَدَّ الْمِسْوَرِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَمَرِضَ مِنْهَا أَيَّامًا، ثُمَّ مَاتَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ نَعْيُ يَزِيدَ [1] ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ لا يُسَمَّى بِالْخِلافَةِ، بَلِ الأَمْرُ شُورَى.
زَادَتْ أمُّ بَكْرٍ: كُنْتُ أَرَى الْعِظَامَ تُنْزَعُ مِنْ صَفْحَتِهِ، وَمَا مَكَثَ إِلا خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَمَاتَ. فَذَكَرْتُهُ لِشُرَحْبِيلَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَالَ لِي الْمِسْوَرُ: هَاتِ دِرْعِي، فَلَبِسَهَا، وَأَبِي أَنْ يَلْبَسَ الْمِغْفَرَ، قَالَ: وَتُقْبِلُ ثَلاثَةُ أَحْجَارٍ، فَيَضْرِبُ الأَوَّلُ الرُّكْنَ الَّذِي يَلِي الْحَجَرَ فَخَرَقَ الْكَعْبَةَ حَتَّى تَغَيَّبَ، ثُمَّ اتَّبَعَهُ الثَّانِي فِي مَوْضِعِهِ، ثُمَّ الثَّالِثُ فِينَا، وَتَكَسَّرَ مِنْهُ كَسْرَةٌ، فَضَرَبَتْ خَدَّ الْمِسْوَرِ وَصُدْغَهُ الأَيْسَرِ، فَهَشَّمَتْهُ هَشْمًا، فَغُشِيَ عَلَيْهِ، وَاحْتَمَلْتُهُ أَنَا وَمَوْلًى لَهُ، وَجَاءَ الْخَبَرُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَأَقْبَلَ يَعْدُو، فَكَانَ فِيمَنْ حَمَلَهُ، وَأَدْرَكَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُبيدُ بْنُ عُمَيْرٍ، فَمَكَثَ يَوْمَهُ لا يَتَكَلَّمُ، فَأَفَاقَ مِنَ اللَّيْلِ، وَعَهِدَ بِبَعْضِ مَا يُرِيدُ، وَجَعَلَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ يَقُولُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَيْفَ تَرَى فِي قِتَالِ هَؤُلاءِ؟ فَقَالَ: عَلَى ذَلِكَ قُتِلْنَا، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لا يُفَارِقُهُ بِمَرَضِهِ حَتَّى مَاتَ، فَوَلِيَ ابْنُ الزُّبَيْرِ غُسْلَهُ، وَحَمَلَهُ فِيمَنْ حَمَلَهُ إِلَى الْحَجُونِ [2] ، وَإِنَّا لَنَطِأَ بِهِ الْقَتْلَى [3] وَنَمْشِي بَيْنَ أَهْلِ الشَّامِ، فَصَلَّوْا مَعَنَا عَلَيْهِ.
__________
[1] تاريخ دمشق 16/ 254 ب، 255 أ.
[2] الحجون: جبل بأعلى مكة عند مدافن أهلها.
[3] في الأصل «وانا لنطأ به القبلي» .(5/247)
قُلْتُ: لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا يَوْمَئِذٍ بِمَوْتِ يَزِيدَ، وَكَلَّمَ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فِي أَنْ يُبَايِعَهُ بِالْخِلافَةِ، وَبَطُلَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ.
وَعَنْ أُمِّ بَكْرٍ قَالَتْ: وُلِدَ الْمِسْوَرُ بِمَكَّةَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسَنَتَيْنِ، وَبِهَا تُوُفِّيَ لِهِلَالِ رَبِيعِ الآخَرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ.
وَقَالَ الْهَيْثَمُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعِينَ، وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ.
وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ مِنْ حَجَرِ الْمَنْجَنِيقِ، فَوَهِمَ أَيْضًا، اشْتُبِهَ عَلَيْهِ بِالْحِصَارِ الأَخِيرِ. وَتَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَعَلَى الْقَوْلِ الأَوَّلِ جَمَاعَةٌ منهم: يحيى بن بكير، وأبو عبيد، وَالْفَلَّاسُ، وَغَيْرُهُمْ.
102- ت [1] الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ [2] بْنِ رَبِيعَةَ الْفَزَارِيُّ صَاحِبُ عَلِيٍّ.
سَمِعَ: عَلِيًّا، وَابْنَهُ الحسن، وحذيفة.
وروى عَنْهُ: عُتْبَةُ بْنُ أَبِي عُتْبَةَ، وَسَوَّارُ أَبُو إِدْرِيسَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ.
وَقَدِمَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ مِنَ الْعِرَاقِ، وَشَهِدَ حِصَارَ دِمَشْقَ، وَكَانَ أَحَدُ مَنْ خَرَجَ مِنَ الْكِبَارِ فِي جَيْشِ التَّوَّابِينَ الَّذِينَ خَرَجُوا يَطْلُبُونَ بِدَمِ الْحُسَيْنِ، وَقُتِلَ بِالْجِزِيرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ كَمَا ذَكَرْنَا بعد ما قاتل قتالا شديدا.
__________
[1] الرمز ساقط من الأصل، استدركته من «الخلاصة» .
[2] انظر عن (المسيّب بن نجبة) في:
طبقات ابن سعد 6/ 216، وفتوح البلدان 302 و 342، والأخبار الطوال 220، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 277 و 530، والمعرفة والتاريخ 2/ 649، والمعارف 435، ومروج الذهب 1976 و 1979، ومعجم الشعراء للمرزباني 386، والتاريخ الصغير 75، والتاريخ الكبير 7/ 407، وتاريخ خليفة 262، وتاريخ اليعقوبي 2/ 196 و 257، وجمهرة أنساب العرب 258، ومشاهير علماء الأمصار 108 رقم 819، وتاريخ الطبري 4/ 488 و 5/ 135 و 352 و 552 و 553 و 562 و 584 و 590 و 593 594 و 596- 600 و 605، والجرح والتعديل 8/ 293 رقم 1346، والكامل في التاريخ 3/ 232 و 376 و 377 و 4/ 20 و 158 و 159 و 164 و 175 و 179 و 181 و 183 و 186 و 189، والكاشف 3/ 129 رقم 5551، والإصابة 3/ 495 رقم 8423، وتهذيب التهذيب 10/ 154 رقم 293، وتقريب التهذيب 2/ 250 رقم 1141، وخلاصة تذهيب التهذيب 377.(5/248)
103- مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [1] بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، أَحَدُ الْكِبَارِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وقتل معه فِي الْحِصَارِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ.
كَانَ مُصْعَبٌ هَذَا قَدْ وُلِّيَ قَضَاءَ الْمَدِينَةَ وَشُرْطَتَهَا فِي إِمْرَةِ مَرْوَانَ عَلَيْهَا، ثُمَّ لَحِقَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ بَطَلا شُجَاعًا، لَهُ مَوَاقِفُ مَشْهُورَةٌ، قَتَلَ عِدَّةً مِنَ الشَّامِيِّينَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ، فَلَمَّا مَاتَ هُوَ وَالْمِسْوَرُ دَعَا ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى نَفْسِهِ.
104- مُعَاذُ بْنُ الْحَارِثِ [2] أَبُو حَلِيمَةَ [3] الأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ الْقَارِئُ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ سِيرِينَ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ.
قَالَتْ عَمْرَةُ: مَا كَانَ يُوقِظُنَا مِنَ اللَّيْلِ إِلا قِرَاءَةُ مُعَاذٍ الْقَارِئِ.
قُتِلَ مُعَاذٌ يَوْمَ الْحَرَّةِ.
105- مُعَاوِيَةُ بْنُ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيُّ [4]- 4- جدّ بهز بن حكيم، له صحبة
__________
[1] انظر عن (مصعب بن عبد الرحمن) في:
طبقات خليفة 232، وتاريخ خليفة 222 و 228 و 255، وطبقات ابن سعد 5/ 157، والتاريخ الكبير 7/ 350 رقم 1511، والتاريخ الصغير 65، والمعارف 237- 239، وتاريخ الطبري 5/ 345 و 497 و 575، وأخبار القضاة 1/ 118 و 120، والجرح والتعديل 8/ 303 رقم 1402، وتاريخ أبي زرعة 1/ 583، والمعرفة والتاريخ 1/ 282، ونسب قريش 219 و 220 و 267- 269 و 289 و 371 و 372 وجمهرة أنساب العرب 119، والكامل في التاريخ 4/ 19 و 68 و 71 و 124، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 391، ومشاهير علماء الأمصار 68 رقم 461، والمحبّر 228.
[2] انظر عن (معاذ بن الحارث) في:
تاريخ الطبري 3/ 459، والتاريخ الكبير 7/ 361 رقم 1558، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 100، 101 رقم 144، والمعرفة والتاريخ 1/ 314، 315، وأسد الغابة 4/ 378، والمستدرك 521، وتهذيب الكمال 3/ 1339، وتهذيب التهذيب 10/ 188، 189 رقم 349، وتقريب التهذيب 2/ 256 رقم 1193، وغاية النهاية 2/ 301، 302 رقم 3621، وخلاصة تذهيب التهذيب 380.
[3] ويقال: أبو الحارث. (غاية النهاية 301) .
[4] انظر عن (معاوية بن حيدة) في: الزهد لابن المبارك 254 و 350 والملحق به 382، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 156.
وطبقات ابن سعد 7/ 35، وطبقات خليفة 58 و 184، والتاريخ الكبير 7/ 329 رقم 1408، وتاريخ الثقات 432 رقم 1592، والثقات لابن حبان 3/ 374، وأنساب الأشراف 1/ 20، ومشاهير علماء الأمصار 42 رقم 258، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 86 رقم 77، ومسند(5/249)
وَرِوَايَةٌ، نَزَلَ الْبَصْرَةَ ثُمَّ غَزَا خُرَاسَانَ وَمَاتَ بِهَا.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ حَكِيمٌ، وَحُمَيْدٌ الْمُرِّيُّ رَجْلٌ مَجْهُولٌ.
حَدِيثُهُ فِي السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ، أَعْنِي مُعَاوِيَةَ.
106- مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ [1] ابْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الأُمَوِيُّ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيُقَالُ: أَبُو يَزِيدَ، وَيُقَالُ: أَبُو لَيْلَى. استُخْلِفَ بِعَهْدٍ مِنْ أَبِيهِ عِنْدَ مَوْتِهِ فِي رَبِيعِ الأَوَّلِ، وَكَانَ شَابًّا صَالِحًا لَمْ تَطُلْ خِلافَتُهُ، وَأُمُّهُ هِيَ أُمُّ هَاشِمٍ بِنْتُ أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ.
__________
[ () ] أحمد 5/ 4، والمعرفة والتاريخ 1/ 305 و 3/ 364، والجرح والتعديل 8/ 376 رقم 1721، والمعجم الكبير 19/ 403، والمستدرك 3/ 642، وأسد الغابة 4/ 385، وتهذيب الكمال 1343، وتهذيب الأسماء ق 1 ج 2/ 102 رقم 148، والكاشف 3/ 138 رقم 5619، وتلخيص المستدرك 3/ 642، وتحفة الأشراف 8/ 427- 433 رقم 529، والنكت الظراف 8/ 428 و 433، وتهذيب التهذيب 10/ 205، 206 رقم 382، وتقريب التهذيب 2/ 259 رقم 1225، والإصابة 3/ 432 رقم 8065، وخلاصة تذهيب التهذيب 381، ومرآة الجنان 1/ 138.
[1] انظر عن (معاوية بن يزيد) في:
نسب قريش 128، وتاريخ أبي زرعة 1/ 358، وتاريخ الطبري 5/ 499 و 500 و 503 و 536 و 545 و 546 و 610 و 6/ 180، وجمهرة أنساب العرب 178، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 157 و 290- 293 و 308 و 344 و 354- 359 و 364 و 386 و 418 و 442، ومروج الذهب 30 و 756 و 1932- 1934 و 1954 و 1958 و 1963 و 1972 و 2276 و 3114 و 3625، والتنبيه والإشراف 265، والمعارف 353، والفخري 163، وتاريخ اليعقوبي 2/ 252- 254، وتاريخ خليفة 255 و 325، والمحبّر 22 و 45 و 58 و 405، والمعرفة والتاريخ 3/ 326 و 329، وفتوح البلدان 270، والخراج وصناعة الكتابة 345 و 398، وتاريخ دمشق 16/ 395 ب، والعقد الفريد 1/ 306 و 4/ 376 و 391 و 393 و 394، وتاريخ العظيمي 46 و 88 و 97 و 187، والكامل في التاريخ 1/ 335 و 4/ 125 و 129 و 130 و 148 و 155 و 191، ونهاية الأرب 20/ 499، ومختصر تاريخ الدول 111، ومرآة الجنان 1/ 139، ودول الإسلام 1/ 47، وسير أعلام النبلاء 4/ 139 رقم 46، والعبر 1/ 69، والبداية والنهاية 8/ 237، ومختصر التاريخ 84 و 85 و 87، ومآثر الإنافة 1/ 121، 122، والنجوم الزاهرة 1/ 163، وتاريخ الخلفاء 211، وأخبار الدول 131، 132، ومعجم بني أميّة 177، 178 رقم 362، والمختصر في أخبار البشر 1/ 193، وتاريخ ابن الوردي 1/ 175.(5/250)
قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْخُطَبِيُّ [1] : رَأَيْتُ صِفَتَهُ فِي كِتَابٍ أَنَّهُ كَانَ أَبْيَضَ شَدِيدًا، كَثِيرَ الشَّعْرِ، كَبِيرَ الْعَيْنَيْنِ، أَقْنَى الأَنْفِ، جَمِيلَ الْوَجْهِ، مُدَوَّرَ الرَّأْسِ [2] .
وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: وَلِيَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى النَّاسِ، وَلَمْ يَزَلْ مَرِيضًا، وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ.
وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ يَزِيدَ اسْتَخْلَفَهُ أَبُوهُ، فَوَلِيَ شَهْرَيْنِ، فَلَمَّا احْتُضِرَ قِيلَ: لَوِ استَخْلفْتَ، فَقَالَ: كَفَلْتُهَا حَيَاتِي، فَأَتَضَمَّنُهَا بَعْدَ مَوْتِي.
وَأَبَى أَنْ يَسْتَخْلِفَ.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ، وَأَبُو حَفْصٍ الْفَلاسِ: مَلَكَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيُّ.
وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ، وَغَيْرُهُ: عَاشَ عِشْرِينَ سَنَةً. تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ.
107- مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الأَشْجَعِيُّ [3] لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَكَانَ حَامِلَ لِوَاءِ قَوْمِهِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وهو راوي
__________
[1] الخطبيّ: بضم الخاء المعجمة وفتح الطاء المهملة، نسبة إلى الخطب وإنشائها. انظر:
اللباب 1/ 379.
[2] تاريخ دمشق 16/ 397 ب.
[3] انظر عن (معقل بن سنان) في:
العقد الفريد 4/ 390، ومسند أحمد 3/ 474 و 480، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 324 و 328 و 329، وتاريخ خليفة 237 و 250، وطبقات ابن سعد 4/ 282 و 6/ 55، والتاريخ الصغير 72، والتاريخ الكبير 7/ 391 رقم 170، وعيون الأخبار 4/ 23، وجمهرة أنساب العرب 249، وتاريخ الطبري 5/ 487 و 492، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 105 رقم 293، ومشاهير علماء الأمصار 45 رقم 281، والمغازي للواقدي 799 و 820 و 896، وتاريخ العظيمي 186، والأخبار الطوال 266، والمعين في طبقات المحدّثين 26 رقم 122، والمعرفة والتاريخ 1/ 310 و 2/ 637 و 3/ 326، وأسد الغابة 4/ 397، 398، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 105 رقم 152، والمستدرك 3/ 522، وتهذيب الكمال 3/ 1353، وتحفة الأشراف 8/ 55 ط- 459 رقم 532، والكاشف 3/ 143 رقم 5653، والجرح والتعديل 8/ 284 رقم 1305، والنكت الظراف 8/ 456- 458، وتهذيب التهذيب 10/ 233 رقم 426، وتقريب التهذيب 2/ 264 رقم 1271، والإصابة 3/ 446 رقم 8136، وخلاصة تذهيب التهذيب 383.(5/251)
حَدِيثِ بَرْوَعَ [1] .
رَوَى عَنْهُ: عَلْقَمَةُ، وَمَسْرُوقٌ، وَالأَسْوَدُ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ.
وَكَانَ يَكُونُ بِالْكُوفَةِ، فَوَفَدَ عَلَى يَزِيدَ، فَرَأَى مِنْهُ قَبَائِحَ، فَسَارَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَخَلَعَ يَزِيدَ، وَكَانَ مِنْ رُءُوسِ أَهْلِ الْحَرَّةِ.
قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ: كُنْيَتَهُ أَبُو سِنَانٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو يَزِيدَ، مِنْ غَطْفَانَ، قُتِلَ صَبْرًا يَوْمَ الْحَرَّةِ، فَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَلا تِلْكُمُ الأَنْصَارُ تَبْكِي سَرَاتَهَا ... وَأَشْجَعُ تَبْكِي مَعْقِلَ بْنَ سِنَانٍ [2]
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ زِيَادٍ الأَشْجَعِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ قَدْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَمَلَ لِوَاءَ قَوْمِهِ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَكَانَ شَابًّا طَرِيًّا، وَبَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَبَعَثَهُ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ بِبَيْعَةِ يَزِيدَ، فَقَدِمَ الشَّامَ فِي وَفْدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَاجْتَمَعَ مَعْقِلُ وَمُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ فَقَالَ، وَكَانَ قَدْ آنَسَهُ وَحَادَثَهُ: إِنِّي خَرَجْتُ كُرْهًا بِبَيْعَةِ هَذَا، وَقَدْ كَانَ مِنَ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ خُرُوجِي إِلَيْهِ رَجُلٌ يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَيَنْكِحُ الْحُرُمَ، ثُمَّ نَالَ مِنْهُ وَاسْتَكْتَمَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَمَّا أَنْ أَذْكُرَ ذَلِكَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمِي هَذَا فَلا وَاللَّهِ، وَلَكِنْ للَّه عَلَيَّ عَهْدٌ وَمِيثَاقٌ إِنْ مُكِّنْتُ مِنْكَ [3] لأَضْرِبَنَّ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاكَ، فَلَمَّا قَدِمَ مُسْلِمٌ الْمَدِينَةَ وَأَوْقَعَ بهم، كان معقل يومئذ على
__________
[1] مهملة في الأصل، وهي: بروع بنت واشق، نكحت رجلا وفوضت إليه، فتوفي قبل الدخول بها، فقضى لها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بصداق نسائها. (أسد الغابة 4/ 397) . وانظر الحديث وتخريجه في: تحفة الأشراف 8/ 456، فهو عند أبي داود في النكاح، والترمذي في النكاح، والنسائي في النكاح 3/ 68، والسنن الكبرى للنسائي، وابن ماجة في النكاح.
[2] أسد الغابة 4/ 398، تهذيب التهذيب 10/ 233، وطبقات ابن سعد 4/ 283 وفيه «تنعي» مرتين بدل «تبكي» ، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 329، والإصابة 3/ 446، ووفاء ألوفا للسمهودي 93.
[3] في الأصل «منه» .(5/252)
الْمُهَاجِرِينَ، فَأُتِيَ بِهِ مَأْسُورًا، فَقَالَ: يَا مَعْقِلُ أَعَطِشْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:
أحْضِرُوا لَهُ شَرْبَةً بِبَلَّوَرٍ، فَفَعَلُوا، فَشَرِبَ، وَقَالَ: أَرُويِّتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:
أَمَّا وَاللَّهِ لا تَتَهَنَّأُ بِهَا، يَا مُفَرِّجُ قُمْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ.
وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ عَوَانَةَ، وَأَبِي زَكَرِيَّا الْعَجْلانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ: إِنَّ مُسْلِمًا لَمَّا دَعَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْبَيْعَةِ، يَعْنِي بَعْدَ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ، قَالَ: لَيْتَ شِعْرِي مَا فَعَلَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ، وَكَانَ لَهُ مُصَافِيًا، فَخَرَجَ نَاسٌ مِنْ أَشْجَعَ، فَأَصَابُوهُ فِي قَصْرِ الْعَرَصَةِ، وَيُقَالُ: فِي جَبَلِ أُحُدٍ، فَقَالُوا لَهُ: الأَمِيرُ يُسْأَلُ عَنْكَ فَارْجِعْ إِلَيْهِ، قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ بِهِ مِنْكُمْ، إِنَّهُ قَاتِلِي، قَالُوا: كَلا، فَأَقْبَلَ مَعَهُمْ، فَقَالَ لَهُ: مَرْحبًا بِأَبِي مُحَمَّدٍ، أَظُنُّكَ ظَمْآنَ [1] ، وَأَظُنُّ هَؤُلاءِ أَتْعَبُوكَ، قَالَ: أَجَلْ، قَالَ: شَوِّبُوا لَهُ عَسَلا بِثَلْجٍ، فَفَعَلُوا وَسَقَوْهُ، فَقَالَ: سَقَاكَ اللَّهُ أَيُّهَا الأَمِيرُ مِنْ شَرَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، قَالَ: لا جَرَمَ وَاللَّهِ لا تَشْرَبُ بَعْدَهَا حَتَّى تَشْرَبَ مِنْ حَمِيمِ جَهَنَّمَ، قَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ وَالرَّحِمَ، قَالَ: أَلَسْتَ قُلْتَ لِي بِطَبَرِيَّةَ وَأَنْتَ مُنْصَرِفٌ مِنْ عِنْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَقَدْ أَحْسَنَ جَائِزَتَكَ: سِرْنَا شَهْرًا وَخَسِرْنَا ظَهْرًا، نَرْجِعُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَنَخْلَعُ الْفَاسِقَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، عَاهَدْتُ اللَّهَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ لا أَلْقَاكَ فِي حَرْبٍ أَقْدِرُ عَلَيْكَ إِلا قَتَلْتُكَ، وَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ [2] .
108- معقل بن يسار [3]- ع- المزني البصري، ممّن بايع تحت الشجرة.
__________
[1] في الأصل «ظمآنا» .
[2] الخبر في: الأخبار الطوال 266، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 328، 329، وتاريخ الطبري 5/ 418- 421، والكامل 4/ 99، وطبقات ابن سعد 4/ 283.
[3] انظر عن (معقل بن يسار) في:
طبقات ابن سعد 7/ 14، وطبقات خليفة 37 و 176، وتاريخ خليفة 251، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 219، ومسند أحمد 5/ 25، وتاريخ الثقات للعجلي 434 رقم 1607، ومشاهير علماء الأمصار 38 رقم 219، والتاريخ الكبير 7/ 391 رقم 1705، والتاريخ الصغير 67 و 72، والمعارف 75 و 177 و 181 و 298 و 311 و 548، وأخبار القضاة لوكيع 1/ 36، 37، ومروج الذهب 1563 و 1566، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 87 رقم 88، وجمهرة أنساب العرب 202، والجرح والتعديل 8/ 285 رقم 1306، والاستيعاب 3/ 409، 410، والمستدرك 3/ 577، 578، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 106 رقم 254، وفتوح البلدان 371 و 372 و 431 و 440 و 450 و 480، وتحفة الأشراف 8/ 460- 466 رقم 534، وتهذيب الكمال 3/ 1353، والمعرفة والتاريخ 1/ 310 و 2/ 70(5/253)
رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعن النّعمان بن مقرن.
روى عنه: عمران بْنُ حُصَيْنٍ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَأَبُو الْمَلِيحِ بْنُ أُسَامَةَ الْهُذَلِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيَّانِ، وَغَيْرُهُمْ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ [1] : لا نَعْلَمُ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ يُكَنَّى أَبَا عَلِيٍّ سِوَاهُ.
109- مَعْنُ بْنُ يَزِيدَ [2] ابن الأَخْنَسِ بْنِ حَبِيبٍ السُّلَمِيُّ، لَهُ وَلِأَبِيهِ وَجَدِّهِ الأَخْنَسِ صُحْبَةٌ.
وَرَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا أَوْ حَدِيثَيْنِ [3] .
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ حِطَّانُ بْنُ خُفَافٍ الْجَرْمِيُّ، وَسُهَيْلُ بن ذرّاع، وغيرهما.
__________
[ () ] و 72 و 3/ 63، وأسد الغابة 4/ 398، 399، والمعين في طبقات المحدّثين 26 رقم 123، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 365 و 385، وعهد الخلفاء الراشدين 225 و 240 و 628، والكاشف 3/ 144 رقم 5657، وتهذيب التهذيب 10/ 235، 236 رقم 430، وتقريب التهذيب 2/ 265 رقم 1275، والنكت الظراف 8/ 460- 466، والإصابة 3/ 447 رقم 8142، وخلاصة تذهيب التهذيب 383.
[1] يقول خادم العلم وطالبه الفقير إليه تعالى محقّق هذا الكتاب، عمر عبد السلام تدمري الطرابلسي: لقد وهم المؤلّف- رحمه الله- بقوله: قال ابن سعد، وقد أراد: قال العجليّ، إذ أن قول ابن سعد ليس في طبقاته، وهو يكنى معقل بأبي عبد الله، (7/ 14) ، وهذا القول هو للعجلي في تاريخ الثقات 434 رقم 1607 فليراجع.
[2] انظر عن (معن بن يزيد) في:
العقد الفريد 2/ 231، ومسند أحمد 3/ 470 و 4/ 259، وطبقات خليفة 50 و 130، والأخبار الطوال 170، وتاريخ الطبري 5/ 7 و 66 و 293 و 392، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 105 رقم 291، والجرح والتعديل 8/ 276 رقم 1262، والمعجم الكبير 19/ 440- 443، وطبقات ابن سعد 6/ 36، والتاريخ الكبير 7/ 389 رقم 1694، والكامل في التاريخ 3/ 291 و 379 و 497، وأسد الغابة 4/ 401، 402، وتحفة الأشراف 8/ 468 رقم 536، وتهذيب الكمال 1358، 1359، والكاشف 3/ 147 رقم 5678، وتهذيب التهذيب 10/ 253، 254 رقم 455، وتقريب التهذيب 2/ 268 رقم 1301، وخلاصة تذهيب التهذيب 384.
[3] قال بقيّ بن مخلد: له حديثان في مسند أحمد. (المقدّمة 205 رقم 291) .(5/254)
وَكَانَ مِنْ فُرْسَانِ قَيْسٍ، شَهِدَ فَتْحَ دِمَشْقَ، وَلَهُ بِهَا دَارٌ، وَشَهِدَ صِفَّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ.
قَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ، عَنْ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: بَايَعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَأَبِي، وَجَدِّي، فَأَنْكَحَنِي، وَخَطَبَ عَلَيَّ [1] .
وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ: إِنَّ مَعْنَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ الأَخْنَسِ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، كَانَ هُوَ وَأَبُوهُ وَجَدُّهُ تَمَامُ عِدَّةِ أَصْحَابِ بَدْرٍ، وَلا أَعْلَمُ رَجُلا وَابْنَهُ وَابْنَ ابْنِهِ شَهِدُوا بَدْرًا مُسْلِمِينَ غَيْرَهُمْ [2] .
قُلْتُ: لا نَعْلَمُ لِيَزِيدَ مُتَابِعٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. وَقَدْ ذَكَرَ الْمُفَضَّلُ الْغِلابِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ لَهُمْ صُحْبَةٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: سَمِعْتُ بَكَّارَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ قَالَ:
قَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا وَلَدَتْ قُرَشَيَّةٌ لِقُرَشِيٍّ خيرا لها في دينها مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا وَلَدَتْ قُرَشَيَّةٌ لِقُرَشِيٍّ خَيْرًا لَهَا فِي دُنْيَاهَا منّي، فقال معن بن يزيد: ما وَلَدَتْ قُرَشِيَّةٌ لِقُرَشِيٍّ شَرًّا لَهَا فِي دُنْيَاهَا مِنْكَ، قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّكَ عَوَّدْتَهُمْ عَادَةً كَأَنِّي بِهِمْ قَدْ طَلَبُوهَا مِنْ غَيْرِكَ، فَكَأَنِّي بِهِمْ صَرْعَى فِي الطَّرِيقِ، قَالَ:
وَيْحَكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُكَاتِمُهَا نَفْسِي مُنْذُ كَذَا وَكَذَا [3] .
قَالَ ابْنُ سُمَيْعٍ وَغَيْرُهُ: قُتِلَ مَعْنُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الأَخْنَسِ، وَأَبُوهُ بِرَاهِطٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: بَقِيَ مَعْنٌ يَسِيرًا بَعْدَ رَاهِطٍ.
110- الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي شِهَابٍ الْمَخْزُومِيُّ [4] قَالَ يَحْيَى الذِّمَارِيُّ: قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ عَامِرٍ، وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ عَلَى الْمُغِيرَةَ بْنِ أَبِي شِهَابٍ، وَقَرَأَ الْمُغِيرَةُ عَلَى عُثْمَانَ بن عفّان.
__________
[1] أسد الغابة 4/ 402، طبقات ابن سعد 6/ 36، 37.
[2] أسد الغابة 4/ 402.
[3] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 19/ 440 رقم (1068) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 355 إسناده منقطع، ومحمد بن سلام الجمحيّ ضعيف.
[4] انظر عن (المغيرة بن أبي شهاب) في:
معرفة القراء الكبار 1/ 48، 49 رقم 11، وغاية النهاية 2/ 305، 306 رقم 3635، وتاريخ أبي زرعة 1/ 349.(5/255)
111- الْمُنْذِرُ بْنُ الْجَارُودِ الْعَبْدِيُّ [1] لِأَبِيهِ صُحْبَةٌ، وَكَانَ سَيِّدًا جَوَّادًا شَرِيفًا وَلِيَ إِصْطَخْرَ لِعَلِيٍّ، ثُمَّ وَلِيَ ثَغْرَ الْهِنْدِ مِنْ قِبَلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَمَاتَ هُنَاكَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ، وَلَهُ سِتُّونَ سَنَةٌ.
وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ.
112- الْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ [2] ابْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ، أَبُو عُثْمَانَ الأَسَدِيُّ، ابْنُ حَوَارِيِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ.
وُلِدَ فِي آخِرِ خِلافَةِ عُمَرَ، وَغَزَا القُسْطَنْطِينِيَّةَ مَعَ يَزِيدَ، وَلَمَّا اسْتُخْلِفَ يَزِيدُ وَفَدَ عَلَيْهِ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: فَحَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ عُثْمَانَ أَنَّ الْمُنْذِرَ بْنَ الزُّبَيْرِ غَاضَبَ أَخَاهُ عَبْدَ اللَّهِ، فَسَارَ إِلَى الْكُوفَةِ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَجَازَهُ بِأَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَقْطَعَهُ، فَمَاتَ مُعَاوِيَةُ قَبْلَ أَنْ يقبض المنذر الجائزة، وأوصى
__________
[1] انظر عن (المنذر بن الجارود) في:
الأخبار الطوال 231 و 232 و 305، والمعارف 339، والأخبار الموفقيات 328، وفتوح البلدان 439، والمعرفة والتاريخ 3/ 313، وتاريخ اليعقوبي 2/ 204 و 264، ومروج الذهب 1631، والشعر والشعراء 621، وشرح نهج البلاغة 4/ 230، 231، والكامل في التاريخ 4/ 18، وربيع الأبرار 4/ 197 والخراج وصناعة الكتابة 279 و 345، وعيون الأخبار 1/ 228، وأنساب الأشراف 1/ 500 وق 4 ج 1/ 30 و 375 و 376، وتاريخ خليفة 236، وتاريخ الطبري 4/ 80 و 505 و 5/ 318 و 319 و 357، والعقد الفريد 3/ 415 و 4/ 39، ووفيات الأعيان 2/ 538 و 6/ 349، والإصابة 3/ 480 رقم 8334.
[2] انظر عن (المنذر بن الزبير) في:
طبقات ابن سعد 5/ 182، وجمهرة أنساب العرب 119، وعيون الأخبار 3/ 143، ومروج الذهب 1777، ونسب قريش 236 و 244 و 245، والمعارف 221 و 223 و 246، والبدء والتاريخ 5/ 86، وتاريخ اليعقوبي 2/ 223، والكامل في التاريخ 3/ 483 و 4/ 18 و 102 و 124، والأخبار الموفقيّات 629، وفتوح البلدان 446، وأنساب الأشراف 1/ 422، وق 4 ج 1/ 254 و 311 و 319 و 320 و 338 و 339 و 342 و 343 و 350 و 383 و 384، وتاريخ الطبري 4/ 460 و 5/ 269 و 344 و 346 و 480 و 575، والمحبّر 70 و 100 و 448، والعقد الفريد 4/ 392 و 393، وثمار القلوب 294.(5/256)
مُعَاوِيَةُ أَنْ يَدْخُلَ الْمُنْذِرُ فِي قَبْرِه [1] .
وَفِي «الْمُوَطَّأِ» [2] عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا زَوَّجَتْ حَفْصَةَ بِنْتَ أَخِيهَا الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَلَمَّا قَدِمَ أَخُوهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنَ الشَّامِ قَالَ: وَمِثْلِي يُصْنَعُ بِهِ هَذَا وَيُفْتَاتُ عَلَيْهِ! فَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ الْمُنْذِرَ، فَقَالَ:
إِنَّ ذَلِكَ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا كُنْتُ لِأَرُدَّ أَمْرًا قَضَيْتِيه، فَقَرَّتْ حَفْصَةُ عِنْدَ الْمُنْذِرِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلاقًا.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ [3] : فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَقَرِيبَةُ. ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: لَمَّا وَرَدَ عَلَى يَزِيدَ خِلافُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، كَتَبَ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ أَنْ يَسْتَوْثِقَ مِنَ الْمُنْذِرِ وَيَبْعَثَ بِهِ، فَأَخْبَرَهُ بِالْكِتَابِ، وَقَالَ: اذْهَبْ وَأَنَا أَكْتُمُ الْكِتَابَ ثَلاثًا، فَخَرَجَ الْمُنْذِرُ، فَأَصْبَحَ اللَّيْلَةَ الثَّامِنَةَ بِمَكَّةَ صَبَاحًا، فَارْتَجَزَ حَادِيَهُ:
قَاسَيْنَ قَبْلَ الصُّبْحِ لَيْلا مُنْكَرَا ... حَتَّى إِذَا الصُّبْحُ انْجَلَى وَأَسْفَرَا
أَصْبَحْنَ صَرْعَى بِالْكَثِيبِ حُسَّرَا ... لَوْ يَتَكَلَّمْنَ شَكَوْنَ الْمُنْذِرَا [4]
فَسَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ صَوْتَ الْمُنْذِرِ عَلَى الصَّفَا، فَقَالَ: هَذَا أَبُو عُثْمَانَ حَاشَتْهُ الْحَرْبُ [5] إِلَيْكُمْ [6] .
فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ قَالَ: كَانَ الْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يُقَاتِلانِ أَهْلَ الشَّامِ بِالنَّهَارِ، وَيُطْعِمَانهمْ بِاللَّيْلِ.
وَقُتِلَ الْمُنْذِرُ فِي نَوْبَةِ الْحُصَيْنِ، وَلَهُ أربعون سنة.
__________
[1] نسب قريش 244.
[2] في كتاب الطلاق 378 رقم 1171 باب ما لا يبين من التمليك.
[3] قول ابن سعد ليس في ترجمة المنذر. انظر ج 5/ 182.
[4] البيت في نسب قريش:
تركن بالرمل قياما حسّرا ... لو يتكلّمن اشتكين المنذرا
[5] في نسب قريش «حاشية العرب» .
[6] نسب قريش 245.(5/257)
[حرف النُّونِ]
113- النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ [1] الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ أَبُو لَيْلَى، لَهُ صُحْبَةٌ وَوِفَادَةٌ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ. فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ قَالَ: عَاشَ النَّابِغَةُ مِائَةَ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَمَاتَ بِأَصْبَهَانَ.
وَرُوِيَ أَنَّ النَّابِغَةَ قَالَ هَذِهِ الأبيات:
__________
[1] انظر عن (النابغة الجعديّ) في:
سيرة ابن هشام 3/ 198، والشعر والشعراء 1/ 208- 214، وطبقات الشعراء لابن سلام 103- 109، ومعجم الشعراء للمرزباني 321، والموشح 64، والمحبّر 8 و 238 و 304 و 329، والمعارف 90، وأنساب الأشراف 1/ 62، و 3/ 263، وجمهرة أنساب العرب 289، وتاريخ خليفة 177، ومروج الذهب 1258 و 2066، وتاريخ الطبري 6/ 185 و 8/ 476، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 136 رقم 612، وتجريد أسماء الصحابة 2/ 100، والبرصان والعرجان 284، والعقد الفريد 2/ 52 و 96 و 97 و 5/ 271 و 6/ 8، والأمالي للقالي 1/ 71 و 89 و 155 و 157 و 173 و 2/ 2 و 8 و 178 و 238 و 247 و 251 والذيل 26، والأغاني 5/ 1- 34، وأمالي المرتضى 1/ 95 و 202 و 263- 269 و 616، وربيع الأبرار 4/ 258، والهفوات النادرة 10 و 13، وخاصّ الخاص 101، والاستيعاب 3/ 581- 593، وأسد الغابة 5/ 2- 4، والكامل في التاريخ 2/ 10 و 3/ 280 و 281، وتاريخ العظيمي 87، ووفيات الأعيان 2/ 50 و 177 و 214 و 5/ 193، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 120، 121 رقم 179، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 56، والتذكرة السعديّة 142، والمنازل والديار 1/ 133 و 166 و 2/ 100 و 318 و 319 و 321 و 322، وفحول الشعراء 103، والمعمّرين 81، وسمط اللآلي 247، والتذكرة الحمدونية 1/ 263، ورسائل الجاحظ 1/ 364 تحقيق عبد السلام هارون- القاهرة 1964 و 1979، وأدب الدنيا والدين للماوردي 249، والتذكرة الفخرية 40، وتخليص الشواهد 64 و 176 و 207 و 227 و 294 و 298 و 299 و 427، وشرح شواهد المغني 208، وخزانة الأدب 1/ 512، وهمع الهوامع 1/ 72 و 125، والدرر اللوامع 1/ 47 و 98، وشرح الأشموني 1/ 185 و 2/ 253، وشرح الشواهد للعيني 1/ 504 و 2/ 141، و 374 وأمالي ابن الشجري 1/ 282، ومعجم الشعراء في لسان العرب 417- 419 رقم 1077، وجمهرة أشعار العرب 145، وتاريخ الأدب العربيّ 1/ 232، وتاريخ آداب اللغة العربية 1/ 152، وديوان النابغة الجعديّ- جمعته ماريا نلينو، ونشره محقّقا المكتب الإسلامي ببيروت، وذكر أخبار أصبهان 1/ 73، 74، والمثلث 1/ 510 و 2/ 261 و 282 و 293 و 336 و 375.(5/258)
الْمَرْءُ يَهْوَى أَنْ يَعِيشَ ... وَطُولُ عُمْرٍ قَدْ يَضُرُّهْ
وَتَتَابُعُ الأَيَّامِ ... حَتَّى مَا يَرَى شَيْئًا يَسُرُّهْ
تَفْنَى بَشَاشَتُهُ وَيَبْقَى ... بَعْدَ حُلْوِ الْعَيْشِ مرّه [1]
ثم دخل بيته فلم يخرج حتى مات.
وَقَالَ يَعْلَى بْنُ الأَشْدَقِ، وَلَيْسَ بِثِقَةٍ: سَمِعْتُ النَّابِغَةَ يَقُولُ: أَنْشَدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
بَلَغَنَا السَّمَاءَ مَجْدُنَا وَجُدُودُنَا ... وَإِنَّا لَنَرْجُو فَوْقَ ذَلِكَ مَظْهَرَا [2]
فَقَالَ: «أَيْنَ الْمَظْهَرُ يَا أَبَا لَيْلَى» ؟ قُلْتُ: الْجَنَّةُ، قَالَ «أَجَلْ [3] إِنْ شَاءَ اللَّهُ» ، ثُمَّ قُلْتُ:
وَلا خَيْرَ فِي حِلْمٍ إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ ... بَوَادِرُ تَحْمِي صَفْوَهُ أَنْ يُكَدَّرَا
وَلا خَيْرَ فِي جَهْلٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ... حَلِيمٌ إِذَا مَا أَوْرَدَ الأَمْرَ أَصْدَرَا [4]
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ، مَرَّتَيْنِ [5] . قُلْتُ: كَانَ النَّابِغَةُ يَتَنَقَّلُ فِي الْبِلادِ وَيَمْدَحُ الْكِبَارَ، وَعُمِّرَ دَهْرًا، وَمَاتَ فِي أَيَّامِ عَبْدِ الْمَلِكِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ [6] : اسْمُهُ قَيْسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدَسِ بْنِ رَبِيعَةَ بن جعدة [7] .
__________
[1] الأبيات بتقديم وتأخير واختلاف ألفاظ في: الأمالي للقالي 2/ 8، والمرتضى 1/ 266.
[2] البيت في الأغاني 5/ 8، ولسان العرف- مادة: ظهر، والاستيعاب 3/ 583، والإصابة 3/ 539، وجمهرة أشعار العرب- طبعة بولاق، والتذكرة الفخرية 40، وديوان النابغة 68، 69، والشعر والشعراء 1/ 208 وأمالي المرتضى 1/ 266، وأخبار أصبهان 1/ 74.
[3] في الأغاني: «قل» .
[4] البيتان في: الشعر والشعرا 1/ 208، 209، سمط اللآلي 247، والأغاني 5/ 8، وشرح شواهد المغني 209، والاستيعاب 3/ 584، وأمالي المرتضى 1/ 266، والتذكرة الفخرية 41، والزاهر 1/ 274، والإصابة 3/ 539، والديوان 68، 69، وذكر أخبار أصبهان 74، وأسد الغابة 5/ 3، والتذكرة الحمدونية 1/ 263، ورسائل الجاحظ 1/ 364، وأدب الدنيا 249.
[5] قال أبو نعيم: رواه داود بن رشيد، وهاشم بن القاسم الحرّاني، وعروة العرقي، وأبو بكر الباهلي، كلهم عن يعلى بن الأشدق، وزاد داود بن رشيد: ولا خير في حلم، البيت، ولم يذكر داود عمر النابغة وسقوط أسنانه.
[6] في: طبقات الشعراء 103.
[7] وانظر الخلاف في نسبه عند المرزباني في معجم الشعراء 321.(5/259)
رُوِيَ عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزبير أنّ نابغة بني جَعْدَةَ لَمَّا أَقْحَمَتِ [1] السَّنَةُ أَتَى ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ، فَأَنْشَدَهُ فِي الْمَسْجِدِ:
حَكَيْتَ لَنَا الصِّدِّيقَ لَمَّا وَلِيتَنَا ... وَعُثْمَانَ وَالْفَارُوقَ فَارْتَاحَ مُعْدَمُ
وَسَوَّيْتَ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْحَقِّ فَاسْتَوَوْا ... فَعَادَ صَبَاحًا حَالِكُ اللَّيْلِ مُظْلِمُ [2]
فِي أَبْيَاتٍ، فَأَمَرَ لَهُ بِسَبْعِ قَلائِصَ وَرَاحِلَةِ تَمْرٍ وَبُرٍّ، وَقَالَ لَهُ: لَكَ فِي مَالِ اللَّهِ حَقَّانِ، حَقٌّ لِرُؤْيَتِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَقٌّ لِشَرِكَتِكَ أَهْلَ الإِسْلامِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ [3] .
114- نَجْدَةُ بْنُ عَامِرٍ [4] الْحَنَفِيُّ [5] الْحَرُورِيُّ، مِنْ رُءُوسِ الْخَوَارِجِ، مَالَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَتَلُوهُ بِالْجِمَارِ.
وَقِيلَ: اخْتَلَفَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ فَقَتَلُوهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ.
115- النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرِ [6] ابْنِ سَعْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ-، وَيُقَالَ: أبو محمد- الأنصاري
__________
[1] أقحمت: ألقته ورمت به.
[2] البيتان في: الاستيعاب 3/ 587 والأول في: الأغاني 5/ 28.
[3] الحديث في الاستيعاب 3/ 588.
[4] انظر عن (نجدة بن عامر) في:
تاريخ خليفة 253 و 263 و 267، وأنساب الأشراف 1/ 517، وق 4 ج 1/ 318 و 338 و 394 و 395 و 401، وتاريخ اليعقوبي 2/ 263 و 268 و 272، والأخبار الطوال 307، وتاريخ الطبري 5/ 479 و 497 و 566 و 6/ 107 و 138 و 139 و 174، ومروج الذهب 1737 و 1994 و 2190 و 2258، والفرق بين الفرق 87- 90 والفصل للشهرستاني 1/ 165- 169، ومواقف للشهرستاني 1/ 165- 169، ومواقف الإيجي 629، ومقالات الإسلاميين للأشعري 1/ 162 وما بعدها، والمواعظ والاعتبار للمقريزي 2/ 354، والعبر 1/ 74 و 77، والكامل للمبرّد 2/ 251، وثمار القلوب 90 و 485، وتاريخ العظيمي 189، والعقد الفريد 2/ 394 و 396 و 398 (وفيه: نجدة بن عاصم) ، والكامل في التاريخ 4/ 102 و 123 و 167 و 201- 206 و 345 و 362 و 487، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 125 رقم 189، وشذرات الذهب 1/ 74- 76، والمسند للحميدي 1/ 244 رقم 532.
[5] في الأصل «الجعفي» ، والتصحيح من مصادر ترجمته.
[6] انظر عن (النعمان بن بشير) في:
طبقات ابن سعد 6/ 53 و 7/ 322، ومسند أحمد 4/ 267 و 375، وتاريخ خليفة 65(5/260)
الْخَزْرَجِيُّ، ابْنُ أُخْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ.
شَهِدَ أَبُوهُ بَدْرًا. وَوُلِدَ النُّعْمَانُ سنة اثْنَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَحَفِظَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ،
__________
[ () ] و 252، وطبقات خليفة 94 و 136 و 327، والمعرفة والتاريخ 1/ 381 و 2/ 229 و 446 و 622 و 624 و 3/ 19، والأخبار الطوال 225 و 227 و 229 و 231 و 233 و 263، والعقد الفريد 3/ 66 و 4/ 136 و 259 و 300 و 382 و 394 و 396 و 5/ 321 و 322 و 6/ 29 و 118، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 83 رقم 36، والتاريخ الكبير 8/ 75 رقم 2223، والتاريخ الصغير 58 و 60، والبرصان والعرجان 21، والأخبار الموفقيات 228 و 258 و 260، وسيرة ابن هشام 3/ 170، ومشاهير علماء الأمصار 51 رقم 332، والجرح والتعديل 8/ 444 رقم 2033، والتاريخ لابن معين 2/ 606، 607، والزهد لابن المبارك 251 و 459 و 475، وتاريخ الطبري 2/ 401 و 4/ 430 و 562 و 5/ 133 و 273 و 315 و 321 و 329 و 338 و 347 و 352 و 355 و 359 و 360 و 462 و 481 و 531 و 535 و 539 و 7/ 244 و 248، وأنساب الأشراف 1/ 244 و 272 و 379 و 580 وق 4 ج 1/ 14، و 138 و 142 و 160 و 161 و 299 و 307 و 308 و 311 و 321 و 352 و 379 و 579، والمعارف 294، وعيون الأخبار 1/ 191 و 321 و 2/ 12، وتاريخ الثقات 450 رقم 1693، والثقات لابن حبّان 3/ 409، وأخبار القضاة لوكيع 2/ 410 و 3/ 42 ز 201، 202، وتاريخ اليعقوبي 2/ 188 و 195 و 234 و 253 و 255 و 256، وفتوح البلدان 156، والمغازي للواقدي 216، والمحبّر 276 و 294 و 421، ومروج الذهب 1621 و 1623 و 1885 و 1891 و 1968، والكامل في التاريخ (انظر فهرس الأعلام) 13/ 376، وأسد الغابة 5/ 32- 34، وتاريخ أبي زرعة 1/ 199 و 659، 660، والأسامي والكنى، للحاكم، ورقة 1/ 306، 307 أ، والخراج وصناعة الكتاب 297 و 356، وجمهرة أنساب العرب 364، والاستيعاب 3/ 550- 555، وتاريخ العظيمي 159 و 186 و 187، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 129 رقم 194، ووفيات الأعيان 1/ 116، وتهذيب الكمال 3/ 1414، 1415، وتحفة الأشراف 9/ 15- 32 رقم 552، والمستدرك 3/ 530، والأغاني 16/ 28- 54، والجمع بين رجال الصحيحين 2/ 531، وتاريخ دمشق 17/ 293 ب، ودول الإسلام 1/ 49، والمعين في طبقات المحدّثين 27 رقم 129، والمغازي من (تاريخ الإسلام) 496، وعهد الخلفاء الراشدين 341 و 451 و 539 و 547، والكاشف 3/ 181 رقم 5947، وسير أعلام النبلاء 3/ 411، 412 رقم 66، وتلخيص المستدرك 3/ 530، والبداية والنهاية 8/ 244، ومرآة الجنان 1/ 140، وربيع الأبرار 4/ 110، وتخليص الشواهد 431 و 433، وخزانة الأدب 1/ 461، والمزهر 2/ 481، وهمع الهوامع 1/ 148، والدرر اللوامع 1/ 130، وتهذيب التهذيب 10/ 447- 449 رقم 816، وتقريب التهذيب 2/ 303 رقم 107، والنكت الظراف 9/ 15- 29، والإصابة 3/ 559 رقم 8728، وخلاصة تذهيب التهذيب 345، وشذرات الذهب 1/ 72، وقد جمع شعره: يحيى الجبوري- بغداد 1388 هـ. / 1968 م.(5/261)
وَأَبُو سَلامِ الأَسْوَدِ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَمَوْلاهِ حَبِيبُ [1] بْنُ سَالِمٍ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَأَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
وَكَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى مُعَاوِيَةَ فَوَلاهُ الْكُوفَةَ مُدَّةً، وَوَلِيَ قَضَاءَ دِمَشْقَ [2] بَعْد فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَوَلِيَ إِمْرَةَ حِمْصَ مُدَّةً.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ [3] : وُلِدَ عَامَ الْهِجْرَةِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ لِلأَنْصَارِ.
وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ أَعْشَى هَمْدَانَ وَفَدَ عَلَى النُّعْمَانِ وَهُوَ أَمِيرُ حِمْصَ فَقَالَ لَهُ.
مَا أقَدَمَكَ؟ قَالَ: جِئْتُ لِتَصِلَنِي، وَتَحْفَظُ، قَرَابَتِي، وَتَقْضِيَ دَيْنِي، فَأَطْرَقَ ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ مَا شَيْءٌ، ثُمَّ قَالَ: هَهْ، كَأنَّهُ ذَكَرَ شَيْئًا، فَقَامَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ:
يَا أَهْلَ حِمْصَ- وَهُمْ فِي الدِّيُوانِ عِشْرُونَ أَلْفًا- هَذَا ابْنُ عَمِّكُمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ [4] وَالشَّرَفِ قَدِمَ عَلَيْكُمْ يَسْتَرْفِدُكُمْ، فَمَا تَرَوْنَ؟ قَالُوا: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمْيِرَ احْتَكَمَ لَهُ، فَأَبَى عَلَيْهِمْ، قَالُوا: فَإِنَّا قَدْ حَكَمْنَا لَهُ عَلَى أَنْفُسِنَا مِنْ كُلِّ رَجُلٍ فِي الْعَطَاءِ بِدِينَارَيْنِ دِينَارَيْنِ، فَعَجَّلَهَا [5] لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَبَضَهَا [6] .
حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: كَانَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ وَاللَّهِ مِنْ أَخْطَبَ مَنْ سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا يَتَكَلَّمُ.
وَرُوِيَ أَنَّ النُّعْمَانَ لَمَّا دَعَا أَهْلَ حِمْصَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ احْتَزُّوا رَأْسَهُ.
وَقِيلَ: قُتِلَ بِقَرْيَةِ بِيرِينَ [7] ، قَتَلَهُ خَالِدُ بْنُ خَلِيٍّ بَعْدَ وَقْعَةِ مَرْجِ رَاهِطٍ فِي آخِرِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ.
116- نَوْفَلُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الدِّيلِيُّ [8]- خ م ن- لَهُ صحبة ورواية وشهد
__________
[1] الاسم محرّف في نسخة دار الكتب.
[2] أخبار القضاة 3/ 201.
[3] في التاريخ الكبير 8/ 75.
[4] وفي نسخة الأصل «العراق» .
[5] في الأصل «فنعجلها» .
[6] سير أعلام النبلاء 3/ 412.
[7] معجم البلدان.
[8] التاريخ الكبير 8/ 108 رقم 2371، وطبقات خليفة 34، وتاريخ خليفة 60 و 251، ومسند(5/262)
الْفَتْحَ، وَغَزَا وَحَجَّ مَعَ الصِّدِّيقِ سَنَةَ تِسْعٍ.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُطِيعٍ، وَعِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وَنَزَلَ الْمَدِينَةَ فِي بَنِي الدِّيلِ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: شَهِدَ بَدْرًا مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ، وَكَانَ لَهُ ذِكْرٌ وَنِكَايَةٌ، قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ [1] .
وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ يَزِيدَ.
وَقِيلَ: عَاشَ سِتِّينَ سَنَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَسِتِّينَ فِي الإِسْلامِ [2] .
وَكَانَ سَلْمَى بْنُ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الدِّيلِيِّ جَوَّادًا مُمَدَّحًا، وَفِيهِ يَقُولُ الْجَعْفَرِيُّ:
يَسُودُ أَقْوَامٌ وَلَيْسُوا بِسَادَةٍ ... بَلِ السيّد المحمود سلمى بن نوفل [3]
__________
[ () ] أحمد 5/ 429، والمنتخب من ذيل المذيّل 535 و 565، والمغازي للواقدي 32 و 55 و 95 و 124 و 146 و 202 و 309 و 360 و 470 و 702 و 730 و 731 و 783 و 784 و 786 و 790 و 791 و 937 و 1102، والمعارف 314، 315، وأنساب الأشراف 1/ 296 و 333، وتاريخ الطبري 3/ 44 و 84 و 421، والجرح والتعديل 8/ 487، 488 رقم 2231، ومشاهير علماء الأمصار 34 رقم 191، وسيرة ابن هشام 4/ 135، والاستيعاب 3/ 538، والكامل في التاريخ 2/ 239 و 267 و 4/ 174، وأسد الغابة 5/ 47، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 134 رقم 202، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 522 و 598، والكاشف 3/ 187 رقم 6001، وتهذيب الكمال 3/ 1428، وتحفة الأشراف 9/ 61- 63 رقم 562، وتهذيب التهذيب 10/ 492 رقم 884، وتقريب التهذيب 2/ 309 رقم 178، والنكت الظراف 9/ 62، والإصابة 3/ 578 رقم 8831، وخلاصة تذهيب التهذيب 405.
[1] رواية الواقدي عند الطبري في: المنتخب من ذيل المذيّل 535 أنه توفي في خلافة يزيد بن معاوية.
[2] المنتخب من ذيل المذيّل 535.
[3] البيت في: المنتخب من ذيل المذيل 535 وفيه:
«نسوّد أقواما» .(5/263)
[حرف الْهَاءِ]
117- هُبَيْرَةُ بْنُ يَرِيمَ [1]- 4- أَبُو الْحَارِثِ الشِّبَامِيُّ [2] وَيُقَالُ: الْخَارِفِيُّ [3] الْكُوفِيُّ.
روى عَنْ: عَلِيٍّ، وَطَلْحَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ.
روى عنه: أبو إسحاق السبيعي، وأبو فاختة.
وقال الإمام أحمد: لا بَأْسَ بِحَدِيثِهِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ.
وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: ضَعِيفٌ [4] .
__________
[1] انظر عن (هبيرة بن مريم) في:
التاريخ لابن معين 2/ 615، وتاريخ الثقات للعجلي 455 رقم 1719، والثقات لابن حبّان 5/ 511، ومشاهير علماء الأمصار 107 رقم 811، وأخبار القضاة لوكيع 2/ 195 وفيه (هبيرة بن مريم) ، وتاريخ خليفة 263، وطبقات خليفة 149، والمعرفة والتاريخ 2/ 587 و 114 و 617 و 624 و 797 و 800 و 802، وطبقات ابن سعد 6/ 170، والكامل في التاريخ 4/ 280 وفيه (هبيرة بن مريم) ، والجرح والتعديل 9/ 109 رقم 458، والتاريخ الكبير 8/ 241 رقم 2860، والتاريخ الصغير 79، والأسامي والكنى للحاكم، ورقة 143 ب، وتهذيب الكمال 3/ 1435، والكاشف 3/ 193 رقم 6045، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 652، وتهذيب التهذيب 11/ 23، 24 رقم 52، وتقريب التهذيب 2/ 315 رقم 51، وخلاصة تذهيب التهذيب 413، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 1045.
[2] في طبعة القدسي 89 وفي غيره من المصادر «الشيبانيّ» ، وهو تصحيف، وما أثبتناه هو الصحيح كما في طبقات ابن سعد.
[3] في الأصل «الخارقي» والتصحيح من: اللباب 1/ 235.
[4] زاد المؤلّف- رحمه الله- في:
ميزان الاعتدال: «كان يجهز على قتلى صفّين» . وانظر: الكامل في الضعفاء لابن عديّ(5/264)
118- هَمَّامُ بْنُ قَبِيصَةَ [1] بْنِ مَسْعُودِ بْنِ عُمَيْرٍ النُّمَيْرِيُّ، أَحَدُ الأَشْرَافِ.
كَانَ مِنْ أَبْطَالِ مُعَاوِيَةَ، كَانَ عَلَى قَيْسِ دِمَشْقَ يَوْمَ صِفِّينَ، وَكَانَ لَهُ بِدِمَشْقَ دَارٌ صَارَتْ لابْنِ جَوْصَا الْمُحَدِّثِ، عِنْدَ حَمَّامِ الْجُبْنِ.
قُتِلَ يَوْمَ مَرْجِ رَاهِطٍ. وَلَهُ شِعْرٌ.
119- هِنْدُ بْنُ هِنْدِ [2] بْنِ أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيُّ، سِبْطُ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، خَدِيجَةَ رَضِيَ الله عنها.
قُتِلَ مَعَ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ.
وَقِيلَ: مَاتَ فِي الطَّاعُونِ بِالْبَصْرَةِ.
__________
[ () ] 7/ 2593، 2594، وأحوال الرجال للجوزجانيّ 46 رقم 12، والمغني في الضعفاء 2/ 708 رقم 6734.
[1] انظر عن (همّام بن قبيصة) في:
الأخبار الموفقيّات 509، والأخبار الطوال 172، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 63 و 64 و 74 و 307 و 308، وتاريخ خليفة 252، وتاريخ أبي زرعة 1/ 234 و 677 و 2/ 685، 686 و 692، وتاريخ الطبري 5/ 397 و 542، ومروج الذهب 1967، وديوان الحماسة للبحتري 309، وجمهرة أنساب العرب 279، ولباب الآداب 194، ومعجم الشعراء في لسان العرب 437 رقم 1124.
[2] انظر عن (هند بن هند) في:
أنساب الأشراف 1/ 506، وجمهرة أنساب العرب 210 و 493، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 141 (في ترجمة أبيه) رقم 219، وأسد الغابة 5/ 73، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 536، والإصابة 3/ 612 رقم 9908.(5/265)
[حرف الْوَاوِ]
120- الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ [1] ابْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبِ الأُمَوِيُّ، وَلاه عَمُّهُ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ، وَكَانَ جَوَّادًا حَلِيمًا فِيهِ دِينٌ وَخَيْرٌ.
قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: كَانَ مُعَاوِيَةُ يُوَلِّي على المدينة مرّة مروان ومرّة
__________
[1] انظر عن (الوليد بن عتبة) في:
سيرة ابن هشام 1/ 155، ونسب قريش 132، 133 و 433، والمحبّر 2 و 21 و 85 و 441، وتاريخ خليفة 224 و 225 و 228 و 229 و 232 و 233 و 235 و 254 و 255، والمعرفة والتاريخ 1/ 200 و 212 و 215 و 240 و 2/ 8 و 346 و 347 و 382 و 383 و 409 و 480 و 786 و 3/ 200، والأخبار الطوال 168 و 175 و 227 و 228، وأنساب الأشراف 1/ 421 و 432 وق 4/ ج 1/ 135 و 159 و 299- 304 و 306 و 307 و 309 و 310 و 318 و 356 و 364 و 613، وتاريخ اليعقوبي 2/ 239 و 253، وأخبار القضاة 1/ 220، وعيون الأخبار 1/ 40 و 2/ 14، وتاريخ الطبري 5/ 301 و 308 و 309 و 314 و 321 و 338- 340 و 343 و 347 و 399 و 474 و 479 و 481 و 532، ومروج الذهب 1830 و 1934 و 1941 و 3634 و 3635، والبيان والتبيين 1/ 392، والبدء والتاريخ 4/ 238 و 177 و 178، و 6/ 9، وجمهرة أنساب العرب 111، والعقد الفريد 1/ 66 و 2/ 106 و 4/ 23 و 376، وتاريخ دمشق 17/ 431 ب 433 أ، والكامل في التاريخ 2/ 42 و 125 و 3/ 503 و 514 و 520 و 525 و 4/ 14- 18 و 98 و 100 و 102 و 110 و 130 و 147 و 174، والجرح والتعديل 9/ 12 رقم 54، وسير أعلام النبلاء 3/ 534 رقم 139، والعقد الثمين 7/ 391، وشذرات الذهب 1/ 72، ومعجم بني أمية 191 رقم 392، ولباب الآداب 346، والمحاسن والمساوئ 57- 59.(5/266)
الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ، وَكَذَا وَلاهُ يَزِيدُ عَلَيْهَا مَرَّتَيْنِ، وَأَقَامَ الْمَوْسِمَ غَيْرَ مَرَّةٍ، آخِرُهَا سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَ الْوَلِيدُ رَجُلَ بَنِي عُتْبَةَ، وَكَانَ حَلِيمًا كَرِيمًا، تُوُفِّيَ مُعَاوِيَةُ فَقَدِمَ عَلَيْهِ رَسُولُ يَزِيدَ، فَأَخَذَ الْبَيْعَةَ عَلَى الْحُسَيْنِ وَابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا سِرًّا، فَقَالا: نُصْبِحُ وَيَجْتَمِعُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: إِنْ خَرَجَا مِنْ عِنْدَكَ لَمْ نَرَهُمَا، فَنَافَرَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَتَغَالَظَا حَتَّى تَوَاثَبَا، وَقَامَ الْوَلِيدُ يُحَجِّزُ بَيْنَهُمَا، فَأَخَذَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِيَدِ الْحُسَيْنِ وَقَالَ: امْضِ بِنَا، وَخَرَجَا، وَتَمَثَّلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ:
لا تَحْسبَنِّي يَا مُسَافِرُ شَحْمَةً ... تَعَجَّلَهَا مِنْ جَانِبِ الْقِدْرِ جَائِعُ
فَأَقْبَلَ مَرْوَانُ عَلَى الْوَلِيدِ يَلُومُهُ فَقَالَ: إِنِّي أَعْلَمُ مَا تُرِيدُ، مَا كُنْتُ لأَسْفِكُ دِمَاءَهُمَا، وَلا أَقْطَعُ أَرْحَامَهُمَا [1] .
وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَجَادٍ، وَغَيْرِهِمَا قَالُوا: لَمَّا مَاتَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَرَادُوا الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ عَلَى الْخِلافَةِ، فَأَبَى وَهَلَكَ تِلْكَ اللَّيَالِي.
وَقَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ: أَرَادَ أَهْلُ الشَّامِ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ عَلَى الْخِلافَةِ، فَطُعِنَ فَمَاتَ بَعْدَ مَوْتِهِ [2] .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ، وَلَمْ يَصِحَّ إِنَّهُ قَدِمَ لِلصَّلاةِ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَصَابَهُ الطَّاعُونُ فِي صَلاتِهِ عَلَيْهِ، فَلَمْ يرفع إلّا وهو ميت [3] .
__________
[1] نسب قريش 133.
[2] أي بعد موت معاوية.
[3] تاريخ دمشق 17/ 433 أ.(5/267)
[حرف الياء]
121- يزيد بن زياد [1] ابن رَبِيعَةَ بْنِ مُفَرِّغٍ الْحِمْيَريُّ الْبَصْرِيُّ الشَّاعِرُ. كَانَ أحد الشعراء الإسلاميين، وكان كثير الهجو والشرّ للنّاس.
__________
[1] انظر عن (يزيد بن زياد) في:
الأخبار الموفقيّات 179، والبرصان والعرجان 118 و 217، وفحول الشعراء 686 و 693، والشعر والشعراء 1/ 276- 280 رقم 48، وأمالي الزجّاجي 229، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 303 و 342 و 374- 377 و 399 و 403 و 614، وتاريخ الطبري 5/ 317، ومروج الذهب 1783، والأغاني 18/ 254- 298، وأمالي المرتضى 1/ 52 و 440، وجمهرة أنساب العرب 436، وتاريخ دمشق 18/ 138 ب، ولباب الآداب 135- 137 و 389، ومعجم الأدباء 20/ 43- 46 رقم 24، والكامل في التاريخ 3/ 522، ووفيات الأعيان 6/ 342- 362 رقم 821، والإكليل للهمذاني 2/ 266، والبداية والنهاية 8/ 95 و 314، وسير أعلام النبلاء 3/ 522، 523 رقم 129، وتخليص الشواهد 150 و 151، وأمالي ابن الشجري 2/ 170، والمحتسب لابن جني 2/ 94، والإنصاف لابن الأنباري- تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد- مصر 1380 هـ. - ص 717، وشذور الذهب 147، وهمع الهوامع 1/ 14، وشرح الشواهد للعيني 1/ 442 و 3/ 216 و 4/ 314، والتصريح للشيخ خالد 1/ 139 و 140 و 281 و 2/ 202، وشرح المفصل لابن يعيش 2/ 16 و 4/ 33 و 34 و 79، والتذكرة الحمدونية 2/ 114 و 115 و 157 و 297 و 298 و 446، والمستجاد من فعلات الأجواد، للتنوخي- تحقيق محمد كردعلي- دمشق 1946- ص 93- 98، وخزانة الأدب 2/ 210 و 514، والحيوان للجاحظ 1/ 146، وقد جمع شعره الدكتور داود سلوم- بغداد 1968، ولسان العرب 4/ 54 و 19/ 156، والتنبيه والإشراف للمسعوديّ 270، والعقد الفريد 4/ 404، 6/ 133، والأضداد لابن الأنباري- طبعة ليدن 1881- ص 47، والحيوان للجاحظ 1/ 67، والبدء والتاريخ 6/ 22.(5/268)
فَذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ أَرَادَ قَتْلَ ابْنِ مُفَرِّغٍ لِكَوْنِهِ هَجَا أَبَاهُ زِيَادًا ونِفَارُهُ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ، فَمَنَعَهُ مُعَاوِيَةُ مِنْ قَتْلِهِ، وَقَالَ: أَدِّبْهُ، فَسَقَاهُ مُسْهِلا، وَأَرْكَبَهُ عَلَى حِمَارٍ، وَطَوَّفَ بِهِ وَهُوَ يَسْلَحُ فِي الأَسْوَاقِ عَلَى الْحِمَارِ، فَقَالَ:
يَغْسِلُ الْمَاءُ مَا صَنَعْتَ وَشِعْرِي ... رَاسِخٌ مِنْكَ فِي الْعِظَامِ الْبَوَالِي [1]
وَقَالَ يُخَاطِبُ مُعَاوِيَةَ:
أَتَغْضَبُ أَنْ يُقَالَ أَبُوكَ حُرٌّ [2] ... وَتَرْضَى أَنْ يُقَالَ أَبُوكَ زَانِي
فَأَشْهَدُ أَنَّ رَحِمَكَ [3] مِنْ زِيَادٍ ... كَرَحِمِ الْفِيلِ مِنْ وَلَدِ الأَتَانِ [4]
مَاتَ ابْنُ مُفَرِّغٍ فِي طَاعُونِ الجارف أيام مصعب.
122- يزيد بن معاوية [5] ابن أَبِي سُفْيَان بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مناف، أبو
__________
[1] البيت، والخبر في: الأغاني 18/ 263، 264 و 267، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 375، ووفيات الأعيان 6/ 350، وخزانة الأدب 2/ 215، وديوان ابن مفرّغ 127، وسير أعلام النبلاء 3/ 522.
والبيت من قصيدة مطلعها:
دار سلمى بالخبت ذي الأطلال ... كيف نوم الأسير في الأغلال
[2] في: الموفقيّات «عفّ» ، وكذا في: الشعر والشعراء، والأغاني، ووفيات الأعيان، والمختصر لأبي الفداء، وتاريخ ابن الوردي، وأنساب الأشراف.
[3] في: الشعر والشعراء:
«فأشهد أنّ إلّك» .
[4] البيتان في: الأخبار الموفقيّات 179، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 375، والشعر والشعراء 1/ 279، والحيوان 1/ 146، والديوان 152، وينسبان إلى عبد الرحمن بن الحكم في:
مروج الذهب 3/ 17، والأغاني 18/ 265 و 271، والمختصر في أخبار البشر 1/ 185، وتاريخ ابن الوردي 1/ 168، وفي العقد الفريد نسبا لعبد الرحمن بن حسّان، وانظر:
الموشّح 273، وخزانة الأدب 2/ 518، ووفيات الأعيان 6/ 350، وبعضهم يقول إن البيتين لابن قتّة. (انظر: أنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 376) .
[5] انظر عن (يزيد بن معاوية) في:
نسب قريش 57 و 58 و 82 و 83 و 87 و 127- 129 و 133 و 150 و 155 و 178 و 222 و 239 و 244 و 245 و 263 و 268 و 282 و 283 و 313 و 327 و 332 و 360 و 371 و 373(5/269)
خَالِدٍ الأُمَوِيُّ، وَأُمُّهُ مَيْسُونَ بِنْتُ بَحْدَلٍ الْكَلْبِيَّةُ.
__________
[ () ] و 390 و 441، تاريخ اليعقوبي 2/ 220 و 221 و 229 و 239- 253 و 258 و 271 و 310، وعيون الأخبار 1/ 95 و 108 و 110 و 186 و 196 و 197 و 202 و 260 و 284 و 2/ 117 و 210 و 211 و 213 و 238 و 249 و 256 و 343 و 3/ 68 و 92 و 97 و 4/ 17، والأخبار الطوال 56 و 125 و 226 و 227 و 231 و 242 و 245 و 260- 264 و 281 و 285، والشعر والشعراء 43 و 279 و 394 و 455 و 543 و 546، وأخبار القضاة 1/ 120 و 123 و 153 و 154 و 296 و 3/ 224، والأخبار الموفقيّات 152 و 197 و 227- 229 و 346 و 509 و 564، وأنساب الأشراف 1/ 442 و 473 و 3/ 79 و 102 و 104 و 298 وق 4 ج 1/ 17 و 21 و 22 و 24 و 26 و 28 و 38 و 41 و 50 و 52 و 54 و 58- 60 و 75 و 77- 79 و 81 و 94 و 100 و 101 و 107 و 109 و 119 و 138 و 139 و 141- 144 و 146 و 156 و 160 و 161 و 224 و 284- 344 و 347 و 348 و 350 و 353- 359 و 368 و 371 و 372 و 374 و 378 و 382 و 384- 386 و 389 و 390 و 395- 397 و 401 و 402 و 410 و 418 و 419 و 441- 443 و 615، والبرصان والعرجان 65 و 70 و 82 و 123 و 206 و 274 و 330، والمعرفة والتاريخ 3/ 324- 326، والمحبّر 20- 22 و 45 و 57 و 99 و 257 و 259 و 373 و 378 و 404 و 478 و 480 و 482 و 490 و 491، وتاريخ خليفة 211 و 213 و 214 و 216- 218 و 223 و 226 و 229 و 231- 233 و 236- 239 و 251- 258 و 261 و 262، وتاريخ أبي زرعة 1/ 188 و 191 و 192 و 226 و 229 و 232 و 306 و 308 و 583 و 596 و 690، وتاريخ الطبري 5/ 302- 305 و 327- 329 و 338- 501 و 503- 507 و 558- 560 وانظر فهرس الأعلام 10/ 458، وفتوح البلدان 54 و 80 و 156 و 182 و 187 و 224 و 253 و 270، والمعارف 188 و 240 و 246 و 260 و 274 و 286 و 298 و 300 و 315 و 345 و 347 و 348 و 350- 452 و 356 و 406 و 426 و 439، والتنبيه والإشراف 262- 265، ومروج الذهب 1882- 1932، وجمهرة أنساب العرب 1137112، والولاة والقضاة 39 و 40 و 310 و 311 و 475، وأمالي القالي 1/ 160 و 161 و 2/ 41 و 71 و 3/ 180 والذيل 117، وأمالي المرتضى 1/ 275 و 277 و 286، والمحاسن والمساوئ 63، والعقد الفريد (انظر فهرس الأعلام) 7/ 164، والفرج بعد الشدّة 1/ 84 و 169 و 2/ 102 و 103 و 250 و 335 و 338 و 339 و 3/ 209 و 210 و 4/ 285 و 286 و 385 و 390، وربيع الأبرار 1/ 81 و 4/ 74 و 168، وثمار القلوب 648، والخراج وصناعة الكتابة 272 و 273 و 319 و 338 و 345 و 351 و 395 و 402 و 406، والمنتخب من تاريخ المنبجي (بتحقيقنا) 69 و 74- 77، وتاريخ العظيمي 30 و 46 و 88 و 97 و 170 و 180 و 183- 187، ولباب الآداب 40 و 90 و 108 و 338، ومختصر تاريخ الدول 110، 111، والكامل في التاريخ (انظر فهرس الأعلام) 13/ 400، ووفيات الأعيان 2/ 415 و 500 و 3/ 195 و 287 و 288 و 438 و 4/ 87 و 354 و 6/ 110 و 275 و 276 و 347- 349 و 353 و 359 و 7/ 355، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 81- 84 و 98 و 109، والمختصر في أخبار البشر 1/ 192، 193، وتاريخ دمشق 18/ 195 أ، ومنهاج السنّة 2/ 237، والعبر 1/ 69، ودول الإسلام 1/ 47، ومرآة الجنان 1/ 131- 136 و 138 و 139، والبداية والنهاية 8/ 226، وسير أعلام النبلاء 2/ 35- 40(5/270)
وَرَوَى عَنْ: أَبِيهِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ خَالِدٌ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ.
بُويِعَ بِعَهْدِ أَبِيهِ وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ أَوْ سِتٍّ وَعِشْرِينَ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ: كَانَ يَزِيدُ كَثِيرَ اللَّحْمِ، ضَخْمًا، كَثِيرَ الشِّعْرِ.
وَقَالَ أَبُو مُسْهَرٍ: حَدَّثَنِي زُهَيْرٌ الْكَلْبِيُّ قَالَ: تَزَوَّجَ مُعَاوِيَةُ مَيْسَونَ بِنْتَ بَحْدَلٍ، وَطَلَّقَهَا وَهِيَ حَامِلٌ بِيَزِيدَ، فَرَأَتْ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ قَمَرًا خَرَجَ مِنْ قِبَلِهَا، فَقَصَّتْ رُؤْيَاهَا عَلَى أُمِّهَا، فَقَالَتْ: لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ لَتَلِدِيَنَّ مَنْ يُبَايَعُ لَهُ بِالْخِلافَةِ.
وَفِي سَنَةِ خَمْسِينَ غَزَا يَزِيدُ أَرْضَ الرُّومِ وَمَعَهُ أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ [1] .
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: حَجَّ بِالنَّاسِ يَزِيدُ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ، وَسَنَةَ اثْنَتَيْنِ، وَسَنَةَ ثَلاثٍ.
وَقَالَ أَزْهَرُ السَّمَّانُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عُقْبَةَ السَّدُوسِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَصَبْتُمُ اسْمَهُ، عُمَرُ الْفَارُوقُ قَرْنٌ مِنْ حَدِيدٍ أَصَبْتُمُ اسْمَهُ، ابْنُ عَفَّانَ ذُو النُّورَيْنِ قُتِلَ مَظْلُومًا يُؤْتَى كِفْلَيْنِ مِنَ الرَّحْمَةِ، مُعَاوِيَةُ وَابْنُهُ مَلَكَا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ، وَالسَّفَّاحُ، وَسَلامٌ، وَمَنْصُورٌ، وَجَابِرٌ وَالْمَهْدِيُّ، وَالأَمِينُ، وَأَمِيرُ الْعُصَبِ [2] ، كُلُّهُمْ مِنْ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، كلّهم صالح، لا يوجد مثله [3] .
__________
[ () ] رقم 8، وتهذيب التهذيب 11/ 360، 361 رقم 295 رقم 1050، وتاريخ ابن الوردي 1/ 171- 175، والقلائد الجوهرية 262، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 75 و 243 و 313 و 513، والتذكرة الحمدونية 1/ 147 و 366 و 407 و 408 و 420 و 421 و 2/ 34 و 209 و 259 و 265 و 272، وشفاء الغرام (بتحقيقنا) 1/ 157 و 158 و 195 و 2/ 260- 264 و 266، وتاريخ الخميس 2/ 300، وتاريخ الخلفاء 205- 210، وشذرات الذهب 1/ 71، ورغبة الآمل 4/ 83 و 5/ 129، وأخبار الدول 130، 131، والبصائر والذخائر 1/ 266، والبيان والتبيين 1/ 301 و 2/ 151، ونثر الدر 5/ 12 وشرح نهج البلاغة 15/ 96، والأغاني 7/ 120، والكامل للمبرّد 2/ 168 ونهاية الأرب 3/ 205.
[1] تاريخ خليفة 211.
[2] في طبعة القدسي 91 «العضب» .
[3] الخبر منكر لأن عبد الله بن عمرو لم يدرك السّفّاح والخلفاء العباسيّين.(5/271)
رَوَى نَحْوَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ.
وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرَ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ أَحَدٌ. وَقَالَ يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَمِّهِ قَالَ:
كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو حِينَ بَعَثَهُ يَزِيدُ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لابْنِ الزُّبَيْرِ: تَعْلَمُ: إِنِّي أَجِدُ فِي الْكِتَابِ أَنَّكَ سَتُعَنَّى وتُعَنَّى وَتَدَّعِي الْخِلافَةَ وَلَسْتَ بِخَلِيفَةَ، وَإِنِّي أَجِدُ الْخَلِيفَةَ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ.
وَرَوَى زَحْرُ بْنُ حِصْنٍ، عَنْ جَدِّهِ حُمَيْدِ بْنِ مُنْهِبٍ قَالَ: زُرْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي الحسن، فَخَلَوْتُ بِهِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَا تَرَى مَا النَّاسُ فِيهِ؟ فَقَالَ لِي:
أَفْسَدَ أَمْرَ النَّاسِ اثْنَانِ: عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَوْمَ أَشَارَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بِرَفْعِ الْمَصَاحِفِ، فَحُمِلَتْ، وَقَالَ: أَيْنَ الْقُرَّاءُ، فَحَكَمَ الْخَوَارِجُ، فَلا يَزَالُ هَذَا التَّحْكِيمُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَإِنَّهُ كَانَ عَامِلَ مُعَاوِيَةَ عَلَى الْكُوفَةِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ: إِذَا قَرَأْتَ كِتَابِي هَذَا فَأَقْبِلْ مَعْزُولا، فَأَبْطَأَ عَنْهُ، فلما وَرَدَ عَلَيْهِ قَالَ: مَا أَبْطَأَ بِكَ؟ قَالَ: أَمْرٌ كُنْتُ أُوَطِّئُهُ وَأُهَيِّئُهُ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟
قَالَ: الْبَيْعَةُ لِيَزِيدَ مِنْ بَعْدِكَ، قَالَ: أَوَ فَعَلْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قال: ارجع إلى عَمَلِكَ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: وَضَعْتُ رِجْلَ مُعَاوِيَةَ فِي غَرْزِ غَيٍّ لا يَزَالُ فِيهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ الْحَسَنُ: فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَايَعَ هَؤُلاءِ لِأَبْنَائِهِمْ، وَلَوْلا ذَلِكَ لَكَانَتْ شُورَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَرَوَى هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ حَزْمٍ وَفَدَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ لَهُ: أُذَكِّرُكَ اللَّهَ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ بِمَنْ تَسْتَخْلِفُ عَلَيْهَا، فَقَالَ: نَصَحْتَ وَقُلْتُ بِرَأْيِكَ، وَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ إِلا ابْنِي وَأَبْنَاؤُهُمْ، وَابْنِي أَحَقُّ.
وقال أبو بكر بن أبي مريم، عن عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: خَطَبَ مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: اللَّهمّ إِنْ كُنْتُ إِنَّمَا عَهِدْتُ لِيَزِيدَ لَمَّا رأيت من فضله، فبلغه ما أملت وأعنه، وَإِنْ كُنْتُ إِنَّمَا حَمَلَنِي حُبُّ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، وَأنَّهُ لَيْسَ لِمَا صَنَعْتُ بِهِ أَهْلا، فَاقْبِضْهُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ السَّعِيدِيُّ: أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْخُزَاعِيُّ، عن(5/272)
أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ قَالَ: كَانَ مُعَاوِيَةُ يُعْطِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ كُلَّ عَامٍ أَلْفَ أَلْفٍ، فَلَمَّا وَفَدَ عَلَى يَزِيدَ أَعْطَاهُ أَلْفَ أَلْفٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، فأمر له بألفي ألف أُخْرَى، فَقَالَ لَهُ:
عَبْدُ اللَّهِ: وَاللَّهِ لا أَجْمَعُهُمَا لِأَحَدٍ بَعْدَكَ.
مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، ثنا عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، ثنا مُهَاجِرٌ أَبُو مَخْلَدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الْعَالِيَةِ، حَدَّثَنِي أَبُو مُسْلِمٍ قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَوَّلُ مَنْ يُبَدِّلُ سُنَّتِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يُقَالُ لَهُ يَزِيدُ» .
أَخْرَجَهُ الرُّويَانِيُّ فِي مُسْنَدِه» عَنْ بُنْدَارٍ، وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ عَوْفٍ، وَلَيْسَ فِيهِ أَبُو مُسْلِمٍ. وَفِي «مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى» : ثنا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، ثنا الْوَلِيدُ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يَزَالُ أَمْرُ أُمَّتِي قَائِمًا بِالْقِسْطِ، حَتَّى يَكُونَ أَوَّلُ مَنْ يَثْلَمُهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يُقَالَ لَهُ يَزِيدُ [1] . وَرَوَاهُ صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْغَازِ [2] ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخَشْنِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ [3] .
لَمْ يَلْقَ مَكْحُولٌ أَبَا ثَعْلَبَةَ، وَقَدْ أَدْرَكَهُ وَصَدَّقَةُ السَّمِينُ ضَعِيفٌ.
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: أَخْبَرَنِي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْحِزَامِيُّ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ سَمِعَ جُوَيْرِيَةَ تَلْعَبُ وَتُغَنِّي فِي يَزِيدَ بِقَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ:
لَسْتَ مِنَّا وَلَيْسَ خَالُكَ مِنَّا ... يا مضيع الصّلاة للشهوات [4]
__________
[1] لسان الميزان 6/ 294.
[2] في الأصل «الغار» . وهو بالزاي، الصيداوي الجرشي. انظر ترجمته ومصادرها في كتابنا:
«موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان» - ج 5/ 146- 148 رقم 1771.
[3] الحديث مرفوع ومنقطع بين أبي ثعلبة وأبي عبيدة بن الجراح، وهو لا يصح.
[4] البيت في المعارف 246.(5/273)
فَدَعَا بِهَا وَقَالَ: لا تَقُولِي «لَسْتَ مِنَّا» قُولِي «أَنْتَ مِنَّا» .
وَقَالَ صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمَّا خَلَعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَزِيدَ جَمَعَ ابْنُ عُمَرَ بَنِيهِ وَأَهْلَهُ، ثُمَّ تَشَهَّدَ وَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّا قَدْ بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الْغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ [1] فُلانٍ، وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْغَدْرِ أَلا أَنْ يَكُونَ [2] الإِشْرَاكُ باللَّه أَنْ يُبَايِعَ رَجُلٌ رَجُلا عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يَنْكُثُ» فَلا يَخْلَعَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَزِيدَ [3] .
وَزَادَ فِيهِ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ صَخْرٍ، عَنْ نَافِعٍ: فَمَشَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ وَأَصْحَابُهُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، فَأَرَادُوهُ عَلَى خَلْعِ يَزِيدَ، فَأَبَى، وَقَالَ ابْنُ مُطِيعٍ: إِنَّ يَزِيدَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، وَيَتْرُكُ الصَّلاةَ، وَيَتَعَدَّى حُكْمَ الْكِتَابِ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ مِنْهُ مَا تَذْكُرُونَ، وَقَدْ أَقَمْتُ عِنْدَهُ، فَرَأَيْتُهُ مُوَاظِبًا لِلصَّلاةِ، مُتَحَرِيًّا لِلْخَيْرِ، يَسْأَلُ عَنِ الْفِقْهِ، قَالَ: كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ تَصَنُّعًا لَكَ وَرِيَاءً [4] .
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: أَنْشَدَنِي عَمِّي لِيَزِيدَ:
آبَ [5] هَذَا الْهَمُّ فَاكْتَنَعَا ... وَأَمَرَ النَّوْمَ فَامْتَنَعَا
رَاعِيًا لِلنَّجْمِ أَرْقُبُهُ ... فَإِذَا مَا كَوْكَبٌ طَلَعَا
حَامَ حَتَّى إِنَّنِي لأَرَى ... أَنَّهُ بِالْغَوْرِ قَدْ وَقَعَا
وَلَهَا بِالْمَاطِرُونَ [6] إِذَا ... أكل النّمل الّذي جمعا
__________
[1] في الأصل «غارة» .
[2] هكذا في الأصل، وفي مسند أحمد: «الغدر أن لا يكون» .
[3] أخرجه أحمد في المسند 2/ 48 وتتمّته: «ولا يشرفن أحد منكم في هذا الأمر فيكون صلّى الله عليه وسلّم بيني وبينه» .
[4] البداية والنهاية 8/ 233.
[5] في الكامل للمبرّد «طال» .
[6] الماطرون: بكسر الطاء. موضع بالشام قرب دمشق. (معجم البلدان 5/ 42) ذكره الشاعر ابن منير الطرابلسي في شعره. انظر ديوانه من جمعنا- ص 174 طبعة دار الجيل، بيروت 1986.(5/274)
نَزْهَةٌ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ ... نَزَلَتْ مِنْ جِلَّقٍ بِيَعَا [1]
فِي قِبَابٍ وَسْطَ دَسْكَرةٍ [2] ... حَوْلَهَا الزَّيْتُونُ قَدْ يَنَعَا [3]
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ: ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غُنْيَةٍ، عَنْ نَوْفَلِ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَذَكَرَ رَجُلٌ يَزِيدَ فَقَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: تَقُولُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ! وَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ عِشْرِينَ سَوْطًا.
قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَغَيْرُهُ: مَاتَ يَزِيدُ فِي نِصْفِ رَبِيعِ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ.
123- يُوسُفُ بْنُ الْحَكَمِ الثَّقَفِيُّ [4] وَالِدُ الْحَجَّاجِ. قَدِمَ مِنَ الطَّائِفِ إِلَى الشَّامِ، وَذَهَبَ إِلَى مِصْرَ وَإِلَى الْمَدِينَةِ.
لَهُ حَدِيثٌ يَرْوِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَقِيلَ: عَنِ ابْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ.
وَكَانَ مَعَ مَرْوَانَ. وَتُوُفِّيَ سَنَةَ بِضْعٍ وستّين.
__________
[1] في الكامل للمبرّد:
«خرفة حتى إذا ريعت ... سكنت من جلّق بيعا»
وفي أنساب الأشراف:
«منزل حتى إذا ارتبعت ... سكنت من جلّق بيعا»
[2] في الكامل: «حول دسكرة» . وفي أنساب الأشراف:
«في جنان ثمّ مؤنقة» .
[3] الأبيات في: الكامل للمبرّد 1/ 384، وقال إنها تنسب أيضا للأحوص، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 288، ومعجم البلدان 5/ 42، والبداية والنهاية 8/ 234، وشرح الشواهد للعيني 1/ 149، وخزانة الأدب 3/ 278، 279، ولسان العرب 5/ 371 و 10/ 297، وتاج العروس 3/ 546.
[4] انظر عن (يوسف بن الحكم) في:
تاريخ اليعقوبي 2/ 256، وتاريخ الثقات للعجلي 485 رقم 1875، والتاريخ الكبير 8/ 376 رقم 3383، والمعرفة والتاريخ 1/ 401، وتاريخ الطبري 5/ 612، والجرح والتعديل 9/ 220 رقم 919، والمعارف 395، 396، والكامل في التاريخ 4/ 191، والكاشف 3/ 260 رقم 6547، وتهذيب الكمال 3/ 1558، وتهذيب التهذيب 11/ 410 رقم 800، وتقريب التهذيب 2/ 380 رقم 428، وخلاصة تذهيب التهذيب 438.(5/275)
[الكنى]
124- أبو الأسود الدّؤليّ [1] ع ويقال: الدّيلي [2] ، قَاضِي الْبَصْرَةِ، اسْمُهُ ظَالِمُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى الأشهر [3] .
__________
[1] انظر عن (أبي الأسود الدؤلي) في:
التاريخ لابن معين 2/ 692، والبرصان والعرجان 122 و 279، والمعرفة والتاريخ 2/ 149 و 3/ 69 و 200، وتاريخ الثقات 238 رقم 733، وطبقات خليفة 191، وتاريخ خليفة 200 و 202، وتاريخ اليعقوبي 2/ 205، والشعر والشعراء 2/ 615، 616 و 623، ومعجم الشعراء للمرزباني 240، وسرح العيون 191، وأخبار النحويين البصريين 13، وإنباه الرواة 1/ 12- 23، وسمط اللآلي 66 و 642، وطبقات الزبيدي 5، ونزهة الألباء 1- 8، ومراتب النحويين 11، والأخبار الطوال 166 و 205، وعيون الأخبار 1/ 300 و 332 و 2/ 25 و 31 و 121 و 158 و 164 و 165، و 3/ 68 و 228 و 4/ 19 و 50 و 122، والمعارف 6 د و 115 و 434 و 435 و 498 و 586، وتاريخ أبي زرعة 1/ 481، وسيرة ابن هشام 1/ 161، وأنساب الأشراف 3/ 27 وق 4 ج 1/ 26 و 35 و 109 و 194 و 214 و 231 و 390 و 400، والمحبّر 235، وطبقات ابن سعد 7/ 99، وتاريخ الطبري 4/ 461 و 462 و 466 و 5/ 76 و 79 و 93 و 136 و 141 و 150 و 155، وجمهرة أنساب العرب 185، ومروج الذهب 1738 و 1921 و 2681، والهفوات النادرة 397، والأمالي للقالي 2/ 12 و 202 والذيل 44 و 111، والعقد الفريد 1/ 239 و 2/ 214 و 485 و 490 و 3/ 49 و 4/ 346 و 349 و 354 و 6/ 185 و 193 و 195 و 196 و 199، وأمالي المرتضى 1/ 292- 294 و 384، 385، ومشاهير علماء الأمصار 94 رقم 694، وبدائع البدائه 88، والزاهر 1/ 283 و 335 و 349 و 455 و 492 و 519 و 602، وثمار القلوب 484، والفرج بعد الشدّة 4/ 46، ولباب الآداب 22 و 26 و 286 و 384 و 404 و 405، والكامل في التاريخ 3/ 211 و 338 و 386 و 395 و 398
[2] انظر حول هذه النسبة في: المثلث لابن البطليوسي 2/ 11- 13، والاقتضاب في شرح أدب الكتاب لابن البطليوسي أيضا، نشرة عبد الله البستاني- المطبعة الأدبية 1901- ص 226، وأدب الكاتب لابن قتيبة 474، والصحاح للجوهري 4/ 1700، ولسان العرب 13/ 270 (مادّة: ديل) ، واللباب 1/ 429، والاشتقاق 347، وجمهرة أنساب العرب 312، وتاج العروس 7/ 327 (مادة: دول) ، وإصلاح المنطق لابن السّكّيت 165 حيث قيّد أبا الأسود الدؤليّ مفتوحة مهموزة: وعنه في: تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري- تحقيق جماعة من الأساتذة- طبعة الهيئة المصرية- العامة للكتاب، القاهرة 1964- 1975- ج 14/ 174، وتاريخ دمشق 8/ 300 ب.
[3] راجع الخلاف حول اسمه في:
طبقات ابن سعد 7/ 99، وطبقات خليفة 191، والتاريخ الكبير 6/ 334، ومعجم الأدباء 2/ 34، واللباب 1/ 429، 430، وإنباه الرواة 1/ 3، والمزهر 2/ 263، وبغية الوعاة 2/ 22.(5/276)
رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وابن مسعود، وأبي ذرّ، وَالزُّبَيْرِ.
قال الداني: وقرأ القرآن على: عثمان، وعليّ.
قرأ عليه: ابنه أبو حرب، ونصر بن عاصم، وحمران بن أعين، ويحيى بن يعمر.
روى عنه: ابنه أبو حرب، ويحيى بن يعمر، وعبد الله بن بريدة، وعمر مولى غفرة [1] .
__________
[ () ] و 4/ 305 و 548 و 5/ 376، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 175، 176 رقم 277، ومختصر التاريخ 78، ومرآة الجنان 1/ 144، ووفيات الأعيان 2/ 535- 538، والتاريخ الكبير 6/ 334 رقم 2563، والجرح والتعديل 4/ 503 رقم 2214، والأغاني 12/ 297- 334، والفهرست 39، وتاريخ دمشق 8/ 303 أ، ومعجم الأدباء 12/ 34- 38 رقم 14، وأسد الغابة 3/ 69، وتهذيب الكمال 2/ 632 و 3/ 1580، والعبر 1/ 77، وسير أعلام النبلاء 4/ 81- 86 رقم 28، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 622، والكاشف 3/ 271 رقم 17، والأسامي والكنى، للحاكم، ورقة 39 ب، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 107، وتهذيب تاريخ دمشق 7/ 104، والبداية والنهاية 8/ 312، وغاية النهاية 1/ 345، 346 رقم 1493، وجامع التحصيل 246 رقم 316، والإصابة 2/ 241، 242 رقم 4329 و 2/ 243 رقم 4333، وتهذيب التهذيب 12/ 10، 11 رقم 52، وتقريب التهذيب 2/ 391 رقم 52، وتخليص الشواهد 92 و 360 و 489، وتهذيب اللغة 15/ 362، وهمع الهوامع 2/ 32، والدرر اللوامع 2/ 32، وديوان أبي الأسود- تحقيق عبد الكريم الدجيلي- بغداد 1372 هـ. / 1954، وخزانة الأدب 1/ 136، والتذكرة الحمدونية 2/ 281 و 82 و 313 و 315 و 328 و 329 و 336، والكامل للمبرّد 2/ 171، وفصل المقال 367، ومحاضرات الأدباء 2/ 546، وعين الأدب والسياسة 64، ونور القبس 146، والمستطرف 1/ 171، والبخلاء للخطيب البغدادي 151، والمحاسن والمساوئ 252، وحياة الحيوان للدميري 1/ 395، والشريشي 5/ 249، والنجوم الزاهرة 1/ 184، وبغية الوعاة 2/ 22، وخلاصة تذهيب التهذيب 443 والتذكرة السعدية 137 و 222، والمثلّث 2/ 12 و 285، والاشتقاق 175 و 325، ولسان العرب 13/ 270، وإصلاح المنطق لابن السّكّيت 165، وأدب الكاتب لابن قتيبة- تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد- طبعة السعادة بمصر- ص 474، والصحاح لإسماعيل الجوهري- تحقيق أحمد عبد الغفور عطار- القاهرة 1956- ج 4/ 1700 مادة (دول) ، وتحسين القبيح 51، والتمثيل والمحاضرة 442، وزهر الآداب 832.
[1] في طبعة القدسي 3/ 94 «عفرة» .(5/277)
قال أحمد العجلي [1] : ثقة، وهو أول من تكلم في النحو.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: قَاتَلَ يَوْمَ الْجَمَلِ مَعَ عَلِيٍّ، وَكَانَ مِنْ وُجُوهِ شِيعَتِهِ، وَمِنْ أَكْمَلَهُمْ رَأْيًا وَعَقْلا. وَقَدْ أَمَرَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِوَضْعِ النَّحْوِ، فَلَمَّا أَرَاهُ أَبُو الأَسْوَدِ مَا وَضَعَ قَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا النَّحْوَ الَّذِي نَحَوْتَ، وَمِنْ ثَمَّ سُمِّيَ النَّحْوُ نَحْوًا. وَقِيلَ: إِنَّ أَبَا الأَسْوَدِ أَدَّبَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ.
وَذَكَرَ ابْنُ دَأْبٍ أَنَّ أَبَا الأْسَوَدِ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بَعْدَ مَقْتَلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَأَدْنَى مَجْلِسَهُ وَأَعْظَمَ جَائِزَتَهُ.
وَمِنْ شِعْرِهِ:
وَمَا طَلَبُ الْمَعِيشَةِ بِالتَّمَنِّي ... وَلَكِنْ أَلْقِ دَلْوَكَ في الدّلاء
نجيء بِمِلْئِهَا طَوْرًا وَطَوْرًا ... تَجِيءُ بِحِمْأَةٍ [2] وَقَلِيلِ مَاءٍ [3]
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ [4] : أَبُو الأَسْوَدِ أَوَّلُ مَنْ وَضَعَ بَابَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ، وَالْمُضَافَ، وَحَرْفَ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْجَرِّ وَالْجَزْمِ، فَأَخَذَ عَنْهُ ذَلِكَ يحيى بن يعمر.
وقال أبو عبيدة ابن الْمُثَنَّى: أَخَذَ عَنْ عَلِيٍّ الْعَرَبِيَّةَ أَبُو الأَسْوَدِ، فَسَمِعَ قَارِئًا يَقْرَأُ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ 9: 3 [5] فَقَالَ: مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَمْرَ النَّاسِ قَدْ صَارَ إِلَى هَذَا، فَقَالَ لِزِيَادِ الأَمِيرِ: ابْغِنِي كَاتِبًا لَقِنًا، فَأَتَى بِهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الأَسْوَدِ: إِذَا رَأَيْتَنِي قَدْ فَتَحْتَ فَمِي بِالْحَرْفِ فَانْقُطْ نُقْطَةً أَعْلاهُ، وَإِذَا رَأَيْتَنِي ضَمَمْتُ فَمِي فَانْقُطْ نُقْطَةً بَيْنَ يَدَيِ الْحَرْفِ، وَإِنْ كَسَرْتُ فَانْقُطْ تَحْتَ الْحَرْفِ، فَإِذَا أَتْبَعْتُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ غُنَّةً فَاجْعَلْ مَكَانَ النُّقْطَةِ نُقْطَتَيْنِ. فَهِذِهِ نقط أبي الأسود [6] .
__________
[1] في تاريخ الثقات 238.
[2] الحمأة: الطين الأسود المنتن.
[3] البيتان في: الأغاني 12/ 330، ومعجم الأدباء 12/ 36 من أبيات أخرى.
[4] في طبقات الشعراء 12.
[5] أي بكسر اللام بدل ضمّها. (سورة التوبة- الآية 3) .
[6] صبح الأعشى 3/ 160.(5/278)
وَقَالَ الْمُبَرِّدُ [1] ثنا الْمَازِنِيُّ قَالَ: السَّبَبُ الَّذِي وُضِعَتْ لَهُ أَبَّوَابُ النَّحْوِ، أَنَّ ابْنَةَ أَبِي الأَسْوَدِ قَالَتْ: مَا أَشَدُّ الْحَرِّ؟ قَالَ: الْحَصْبَاءُ بِالرَّمْضَاءِ، قَالَتْ:
إِنَّمَا تَعَجَّبْتُ مِنْ شِدَّتِهِ، فَقَالَ: أوَ قَدْ لَحَنَ النّاسُ! فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ عَلِيًّا عَلَيْهِ الرُّضْوَانُ، فَأَعْطَاهُ أُصُولا بَنَى مِنْهَا، وَعَمِلَ بَعْدَهُ عَلَيْهَا. وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ نَقَطَ الْمَصَاحِفَ. وأخذ عنه النَّحْوِ عَنْبَسَةُ الْفِيلِ، وَأَخَذَ عَنْ عَنْبَسَةَ مَيْمُونٌ الأَقْرَنُ، ثُمَّ أَخَذَهُ عَنْ مَيْمُونٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْحَضْرِميُّ، وَأَخَذَهُ عَنْهُ:
عِيسَى بْنُ عُمَرَ، وَأَخَذَهُ عَنْهُ: عِيسَى الْخَلِيلُ، وَأَخَذَهُ عَنِ الْخَلِيلِ: سِيبَوَيْهِ، وَأَخَذَهُ عَنْ سِيبَوَيْهِ: سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الأَخْفَشُ.
وَقَالَ يَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ: ثنا سَعِيدُ بْنُ سَلْمٍ الْبَاهِلِيُّ: ثنا أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ فَرَأَيْتُهُ مُطْرِقًا، فَقُلْتُ فِيمَ تُفَكِّرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ بِبَلَدِكُمْ لَحْنًا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَضَعَ كِتَابًا فِي أُصُولِ الْعَرَبِيَّةِ، فَقُلْتُ: إِنْ فَعَلْتَ هَذَا أَحْيَيْتَنَا، فَأَتَيْتُهُ بَعْد أَيَّامٍ، فَأَلْقَى إِلَيَّ صَحِيفَةٍ فِيهَا: الْكَلامُ كُلُّهُ: اسْمٌ، وَفِعْلٌ، وَحَرْفٌ، فَالاسْمُ مَا أَنْبَأَ عَنِ الْمُسَمَّى، وَالْفِعْلُ مَا أَنْبَأَ عَنْ حَرَكَةِ الْمُسَمَّى، وَالْحَرْفُ مَا أَنْبَأَ عَنْ مَعْنًى لَيْسَ بِاسْمٍ وَلا فِعْلٍ. ثُمَّ قَالَ: تَتَبَّعْهُ وَزِدْ فِيهِ مَا وَقَعَ لَكَ، فَجَمَعْتُ أَشْيَاءَ، ثُمَّ عَرَضْتُهَا عَلَيْهِ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ [2] : ثنا حَيَّانُ بْنُ بِشْرٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَاصِمٍ قَالَ: جَاءَ أَبُو الأَسْوَدِ إِلَى زِيَادٍ فَقَالَ: أَرَى الْعَرَبَ قَدْ خَالَطَتِ الْعَجَمَ، فَتَغَيَّرَتْ أَلْسِنَتُهُمْ، أَفَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَصْنَعَ لِلْعَرَبِ كَلامًا يُقِيمُونَ بِهِ كَلامَهُمْ؟ قَالَ: لا، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى زِيَادٍ فَقَالَ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، تُوُفِّيَ أَبَانَا وَتَرَكَ بَنُونٌ، فَقَالَ: ادْعُ لِي أَبَا الأَسْوَدِ، فَقَالَ: ضَعْ لِلنَّاسِ الَّذِي نَهَيْتُكَ عَنْهُ أَنْ تَضَعَ لَهُمْ.
قَالَ الْجَاحِظُ [3] : أَبُو الأَسْوَدِ مُقَدَّمٌ فِي طَبَقَاتِ النَّاسِ، كَانَ معدودا في
__________
[1] قوله في: الأغاني 12/ 298، وطبقات النحويين 21.
[2] في الأصل «شيبة» .
[3] انظر: البيان والتبيين 1/ 324، والأغاني 2 پ/ 99، ومعجم الأدباء 12/ 34، وبغية الوعاة 2/ 22، وخزانة الأدب 1/ 136.(5/279)
الْفُقَهَاءِ، وَالشُّعَرَاءِ، وَالْمُحَدِّثِينَ، وَالأَشَّرَافِ، وَالْفُرْسَانِ، وَالأُمَرَاءِ، وَالزُّهَّادِ،.
وَالنُّحَاةِ، وَالْحَاضِرِي الْجَوَابِ، وَالشِّيعَةِ، وَالْبُخَلاءِ، وَالصُّلَعِ الأَشَّرَافِ.
تُوُفِّيَ فِي طَاعُونِ الْجَارِفِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ، وله خمس وثمانون سنة وقيل: قبل ذَلِكَ، وَأَخْطَأَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
125- أَبُو بَشِيرٍ الأنصاري [1]- خ م د- السَّاعِدِيُّ، وَقِيلَ: الْمَازِنِيُّ، اسْمُهُ: قَيْسٍ الأَكْبَرُ بْنُ عبيد.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ.
رَوَى عَنْهُ: عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ، وَضَمْرَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ نَافِعٍ.
لَهُ حَدِيثُ: «لا تَبْقَى فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلادَةٌ إِلا قُطِعَتْ» [2] ، وَحَدِيثَانِ آخَرَانِ. وَقَدْ جُرِحَ يَوْمَ الْحَرَّةِ جِرَاحَاتٍ.
126- أَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ [3] الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ، الَّذِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ائْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جهم،
__________
[1] انظر عن (أبي بشير الأنصاري) في:
مسند أحمد 5/ 216، وطبقات ابن سعد 6/ 236، والتاريخ الكبير 9/ 15 رقم 107، والمغازي للواقدي 235 و 244 و 877 و 1085، والجرح والتعديل 9/ 347 رقم 1555، وتاريخ خليفة 251، وطبقات خليفة 105، والاستيعاب 4/ 24، والكنى والأسماء 1/ 17، 18، وتهذيب الكمال 3/ 1580، وتحفة الأشراف 9/ 29. رقم 603، وأسد الغابة 5/ 148، والكاشف 3/ 274 رقم 37، والإصابة 4/ 20، 21 رقم 131، وتهذيب التهذيب 12/ 21، 22 رقم 109، وتقريب التهذيب 2/ 395 رقم 21، وخلاصة تذهيب التهذيب 444.
[2] أخرجه البخاري في الجهاد 4/ 18 باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل، ومسلم في اللباس (105/ 2115) باب كراهة قلادة الوتر في رقبة البعير، وأبو داود في الجهاد (2552) باب في تقليد الخيل بالأوتار، ومالك في الموطّأ، كتاب صفة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، باب ما جاء في نزع المعاليق والجرس من العين- ص 670 رقم 1700، وأحمد في المسند 5/ 216.
[3] انظر عن (أبي جهم بن حذيفة) في:
طبقات ابن سعد 5/ 451، والسيرة النبويّة 1/ 172 و 199، و 3/ 273، و 4/ 134، والبرصان والعرجان 98، وتاريخ خليفة 227، والمغازي للواقدي 513 و 633، والمحبّر 298 و 474، والزهد لابن المبارك 185، والتاريخ لابن معين 2/ 700، والأخبار الطوال 198، وعيون(5/280)
وَاذْهَبُوا بِهَذِهِ الْخَمِيصَةِ إِلَيْهِ» [1] ، وَكَانَ لَهَا أَعْلامٌ.
وَاسْمُهُ عُبَيْدٌ، وَهُوَ مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ، أُحْضِرَ فِي تَحْكِيمِ الْخَصْمَيْنِ، وَكَانَ عَالِمًا بِالنَّسَبِ، وَقَدْ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصَدِّقًا، وَكَانَ مُعَمَّرًا، بَنَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَعَهُمُ الْكَعْبَةَ، ثُمَّ بَقِيَ حَتَّى بَنَى فِيهَا مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ [2] ابْتَنَى أَبُو جَهْمٍ بِالْمَدِينَةِ دَارًا وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ أَخَافَهُ وَأَشْرَفَ عَلَيْهِ حَتَّى كَفَّ مِنْ غَرْبِ لِسَانِهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ عُمَرُ سُرَّ بِمَوْتِهِ، وَجَعَلَ يَوْمَئِذٍ يَحْتَبِشُ فِي بَيْتِهِ، يَعْنِي يَقْفِزُ عَلَى رِجْلَيْهِ.
وَقَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ: طَلَّقَنِي زَوْجِي الْبَتَّةَ، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ أَبْتَغِي النَّفَقَةَ، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ، وَعَلَيْكِ الْعِدَّةٌ، انْتَقِلِي إِلَى أُمِّ شَرِيكٍ وَلا تُفَوِّتِينِي بِنَفْسِكِ» ثُمَّ قَالَ: «أُمُّ شَرِيكٍ يَدْخُلُ عَلَيْهَا إِخْوَتُهَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، انْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» . فَلَمَّا حَلَلْتُ خَطَبَنِي مُعَاوِيَةُ وَأَبُو جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَعَائِلٌ لا شيء له، وأمّا أبو جهم فإنّه ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ، أَيْنَ أَنْتُمْ عَنْ أُسَامَةَ» ، فَكَأَنَّ أهلها كرهوا ذلك، فنكحته [3] .
__________
[ () ] الأخبار 1/ 283، وأنساب الأشراف 1/ 57، وق 4 ج 1/ 21 و 55 و 67 و 551 و 575 و 577- 578 و 593، وتاريخ الطبري 4/ 198 و 359 و 413 و 5/ 67، والعقد الفريد 4/ 286، وجمهرة أنساب العرب 5 و 156، والاستيعاب 4/ 32، 33، وأسد الغابة 5/ 162، 163، والكامل في التاريخ 2/ 206 و 3/ 53 و 162 و 180 و 330 و 4/ 45، والأسامي والكنى للحاكم، ورقة 108 ب، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 206 رقم 314، والمغازي من تاريخ الإسلام 512، وعهد الخلفاء الراشدين 460 و 481، وشفاء الغرام 1/ 567 و 1/ 9 و 11- 13 و 32 والتذكرة الحمدونية 2/ 268 و 383، وربيع الأبرار 1/ 476، 477، والمستجاد 153، وشرح نهج البلاغة 17/ 9، ومطالع البدور 1/ 16، وحياة الحيوان للدميري 1/ 395، والإصابة 4/ 35، 36 رقم 207.
[1] أخرجه البخاري في الصلاة 1/ 99 باب إذا صلّى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها، وأبو داود في اللباس (4052) باب من كره لبس الحرير.
[2] في الطبقات 5/ 451.
[3] أخرج نحوه ابن ماجة في النكاح (1869) باب لا يخطب الرجل على خطبة أخيه، وأحمد في المسند 6/ 412.(5/281)
وَقَدْ شَهِدَ أَبُو جَهْمٍ الْيَرْمُوكِ، وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ مَرَّاتٍ، وَلَمْ يَرْوِ شَيْئًا مَعَ أَنَّهُ تَأَخَّرَ.
وَحَكَى سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ أَنَّ أَبَا جَهْمِ بْنَ حُذَيْفَةَ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَقْعَدَهُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَحْنُ فِيكَ كَمَا قَالَ عَبْدُ الْمَسِيحِ:
نَمِيلُ عَلَى جَوَانِبِهِ كَأَنَّا ... نَمِيلُ إِذَا نَمِيلُ على أبينا [1] .
نقلّبه لنخبر حالتيه ... فنخبر منهما كَرَمًا وَلِينًا [2] .
فَأَعْطَاهُ مُعَاوِيَةُ مِائَةَ أَلْفٍ.
وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ قَالَ: وَفَدَ أَبُو جَهْمٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَكْرَمَهُ وَأَعْطَاهُ مِائَةَ أَلْفٍ، وَاعْتَذَرَ فَلَمْ يَرْضَ بِهَا، فَلَمَّا وَلِيَ يَزِيدُ وَفَدَ عَلَيْهِ، فَأَعْطَاهُ خَمْسِينَ أَلْفًا، فَقُلْتُ: غُلامٌ نَشَأَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ، وَمَعَ هَذَا فَابْنُ كَلْبِيَّةٍ، فَأَيُّ خَيْرٍ يُرْجَى مِنْهُ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَتَيْتُهُ وَافِدًا، فَقَالَ: إِنَّ عَلَيْنَا مُؤَنًا وَحِمَالاتٍ، وَلَمْ أَجْهَلْ حَقَّكَ، فَإِنِّي غَيْرُ مُخَيِّبِ سَفَرَكَ، هَذِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاسْتَعِنْ بِهَا، فَقُلْتُ: مَدَّ اللَّهُ فِي عُمْرِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: لَمْ تَقُلْ هَذَا لِمُعَاوِيَةَ وَابْنِهِ، وَقَدْ نِلْتَ مِنْهُمَا مِائَةً وَخَمْسِينَ أَلْفًا، قُلْتُ: نَعَمْ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قُلْتُ هَذَا، وَخِفْتُ إِنْ أَنْتَ هَلَكْتَ أَنْ لا يَلِي أَمْرَ النَّاسِ بَعْدَكَ إِلا الْخَنَازِيرُ.
127- أمَّ سَلَمَةَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ [3] هندَ بنتَ أَبِي أُمَيّة بْن المُغِيرة بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْر بْن مخزوم المخزوميّة
__________
[1] في عيون الأخبار 1/ 284:
«إذا ملنا نميل على أبينا» .
[2] البيتان لعبد المسيح في ابن عبد كلال، وهما في:
عيون الأخبار 1/ 284، وأمالي القالي 1/ 237، والعقد الفريد 1/ 52 بتقديم وتأخير.
[3] انظر عن (أمّ سلمة) في:
طبقات ابن سعد 8/ 86- 96، والتاريخ الصغير 32، والمحبّر 83 و 84 و 92 و 98- 100 و 102 و 107 و 177 و 274 و 289 و 449، والمغازي للواقدي (انظر فهرس الأعلام) 1179، وسيرة ابن هشام 1/ 21 و 185 و 354 و 360 و 2/ 20 و 110 و 138 و 3/ 314 و 4/ 291 و 292 و 296، وتاريخ اليعقوبي 2/ 84 و 180 و 197 و 245، والمعرفة والتاريخ 1/ 215 و 246 و 271 و 365 و 416 و 510 و 680 و 2/ 107 و 204 و 273 و 274، والعقد الفريد(5/282)
بِنْتُ عَمِّ أَبِي جَهْلٍ، وَبِنْتُ عَمِّ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ.
بَنَى بِهَا النَّبِيُّ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ عِنْدَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الأَسَدِ، وَهُوَ أَخُو النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الرَّضَاعَةِ.
رَوَتْ عِدَّةَ أَحَادِيثَ.
رَوَى عَنْهَا: الأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو وَائِلٍ شَقِيقٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ، وَشَهْرُ بْنُ حوشب، ومجاهد، ونافع بن
__________
[ () ] 3/ 222 و 224 و 4/ 316 و 317 و 4/ 341 و 342 و 366 و 383 و 6/ 105، ونسب قريش 329، وأنساب الأشراف (انظر فهرس الأعلام) 1/ 618 و 3/ 311، 312، و 4 ق 1/ 129 و 274 و 328 و 538 و 583 و 584، والأخبار الطوال 265، والتاريخ لابن معين 2/ 740، والزهد لابن المبارك 38 و 421 و 563، وفتوح البلدان 551 و 581، والمعارف 128 و 136 و 137 و 146، و 440 و 460 و 528، وعيون الأخبار 1/ 316، ومسند بقيّ بن مخلد 81 رقم 12، ومروج الذهب 1489، والبدء والتاريخ 4/ 200 و 5/ 11 و 14 و 6/ 6، والبرصان والعرجان 80 و 114، وجمهرة أنساب العرب 119 و 137 و 144 و 146، وربيع الأبرار 4/ 196، وطبقات خليفة 334، وتاريخ العظيمي 81 و 160 و 184، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 361، 362 رقم 769، وأخبار القضاة 1/ 31 و 45 و 149 و 252، وتاريخ أبي زرعة 1/ 431 و 491، 492 و 495، والجرح والتعديل 9/ 464 رقم 2375، وتاريخ الطبري 2/ 271 و 330 و 561 و 585 و 637 و 3/ 42 و 50 و 83 و 164 و 171 و 175 و 195 و 330 و 4/ 447 و 451 و 5/ 139، ومسند أحمد 6/ 288، والاستيعاب 4/ 454، 455، وتحفة الأشراف 13/ 3- 67 رقم 922، وتهذيب الكمال 1698، والمستدرك 4/ 16- 19، وأسد الغابة 5/ 588، 589، والكامل في التاريخ 2/ 76 و 88 و 176 و 205 و 243 و 254 و 306 و 308 و 312 و 378 و 3/ 54 و 383 و 4/ 5 و 4/ 93 و 525، ومختصر التاريخ 26 و 49 و 51 و 53، ومرآة الجنان 1/ 137، ودول الإسلام 1/ 46، والكاشف 3/ 436 رقم 146، والسيرة النبويّة (من تاريخ الإسلام) 184 و 190 و 192 و 271 و 391 و 424 و 470 و 489 و 500 و 557 و 567 و 593، والمغازي (انظر فهرس الأعلام) 805، والخلفاء الراشدون 43 و 44 و 55 و 394 و 465، وسير أعلام النبلاء 2/ 201- 210 رقم 20، والعبر 1/ 65، ومجمع الزوائد 9/ 245، والبداية والنهاية 8/ 214، والمعين في طبقات المحدّثين 30 رقم 177، ووفيات الأعيان 2/ 69 و 399 و 5/ 368 و 6/ 275، والهفوات النادرة 102 و 105، والزيارات 14، والوفيات لابن قنفذ 36 رقم 60، وذيل المذيل 71، وشفاء الغرام 1/ 307 و 310 و 2/ 118 و 119 و 133، والنكت الظراف 13/ 4- 65، والإصابة 4/ 458- 460 رقم 1309، وتهذيب التهذيب 2/ 55 ط- 457، وتقريب التهذيب 2/ 617 رقم 2، وخلاصة تذهيب التهذيب 496، وكنز العمال 13/ 699، وشذرات الذهب 1/ 69.(5/283)
جُبَيْرٍ بْنِ مُطْعِمٍ، وَنَافِعٌ مَوْلاهَا، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ.
وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ، وَطَالَ عُمْرُهَا، وَعَاشَتْ تِسْعِينَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ، وَهِيَ آخِرُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَفَاةً، وَقَدْ حَزِنَتْ عَلَى الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَبَكَتْ عَلَيْهِ، وَتُوُفِّيَتْ بَعْدَهُ بِيَسِيرٍ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُوُفِّيَتْ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ، وَهُوَ غَلَطٌ، لِأَنَّ فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» [1] أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صَفْوَانَ دَخَلَ عَلَيْهَا فِي خِلافَةِ يَزِيدَ.
وَأَبُوهَا أَبُو أُمَيَّةَ يُقَالُ: اسْمُهُ حُذَيْفَةُ وَيُلَقَّبُ بِزَادِ الرَّاكِبِ، وَكَانَ أَحَدَ الأَجْوَادِ، وَوَهِمَ مَنْ قَالَ اسْمَهَا رَمْلَةَ.
وَرَوَى عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ إن أُمَّ سَلَمَةَ أَوْصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ صَلَّى عَلَيْهَا، وَدُفِنَتْ بِالْبَقِيعِ [2] . وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ سَعِيدًا وَأَبَا هُرَيْرَةَ تُوُفِّيَا قَبْلَهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، أَنْبَأَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ سَلَمَةَ حَزِنْتُ حُزْنًا شَدِيدًا- لَمَّا ذَكَرُوا لَهَا مِنْ جَمَالِهَا- فَتَلَطَّفْتُ حَتَّى رَأَيْتُهَا وَاللَّهِ أَضْعَافَ مَا وُصِفَتْ لِي فِي الْحُسْنِ وَالْجَمَالِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِحَفْصَةَ- وَكَانَتَا يَدًا وَاحِدَةً- فَقَالَتْ: لا وَاللَّهِ إِنَّهَا الْغَيْرَةُ وَمَا هِيَ كَمَا تَقُولِينَ إِنَّهَا لَجَمِيلَةٌ، فَرَأَيْتُهَا بَعْدُ فَكَانَتْ كَمَا قَالَتْ حَفْصَةُ، ولكنّ كنت غيري [3] .
__________
[1] في الفتن وأشراط الساعة، رقم (2882) باب الخسف بالجيش الّذي يؤم البيت. من طريق عبيد الله بن القبطية، قال: دخل الحارث بن أبي ربيعة وعبد الله بن صفوان وأنا معهما على أم سلمة أم المؤمنين، فسألاها عن الجيش الّذي يخسف به، وكان ذلك في أيام ابن الزبير، فقالت: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يعوذ عائذ بالبيت، فيبعث إليه بعث، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم» ، فقلت: يا رسول الله، فكيف بمن كان كارها؟ قال: «يخسف به معهم» ، ولكنه يبعث يوم القيامة على نيّته» .
[2] طبقات ابن سعد 8/ 96.
[3] طبقات ابن سعد 8/ 94.(5/284)
قَالَ مُسْلِمُ بْنُ خَالِد الزَّنْجِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومِ قَالَتْ: لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَ لَهَا: «إِنِّي قَدْ أهديت إلى النّجاشيّ أواق مِنْ مِسْكٍ وَحُلَّةً، وَإِنِّي أَرَاهُ قَدْ مَاتَ، وَلا أَرَى الْهَدِيَّةَ إِلا سَتُرَدُّ، فَإِذَا رُدَّتْ فَهِيَ لَكِ» . قَالَتْ: فَكَانَ كَمَا قَالَ، فَأَعْطَى كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ أُوقِيَّةً مِنْ مِسْكٍ، وَأَعْطَى سَائِرَهُ أُمَّ سَلَمَةَ، وَأَعْطَاهَا الْحُلَّةَ [1] . الْقَعْنَبِيُّ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أُمَّ سَلَمَةَ أَنْ تُصَلِّيَ الصُّبْحَ بِمَكَّةَ يَوْمَ النَّحْرِ، وَكَانَ يَوْمُهَا، فَأَحَبَّ أَنْ تُوَافِيَهُ [2] .
الْوَاقِدِيُّ: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: صَلَّى أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ [3] .
قُلْتُ: هَذَا مِنْ غلط الواقديّ، أبو هريرة مات قبلها.
127 ب- أبو رهم السّماعيّ [4]- د ن ق- ويقال: السمعيّ [5] . اسمه أحزاب بن أسيد [6] ، ويقال: أسيد، ويقال: أسد، الظّهريّ، ويقال: بِكَسْرِ الظَّاءِ، وَهُوَ غَلَطٌ مِنْ أَوْلادِ السَّمَعِ- وَيُقَالُ: السَّمَعُ بِكَسْرِ السِّينِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ- بْنِ مالك بن زيد بن سهل.
__________
[1] طبقات ابن سعد 8/ 94.
[2] أخرجه أحمد في المسند 6/ 291، من طريق أبي معاوية، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة، وهو مرسل في طبقات ابن سعد 8/ 95.
[3] طبقات ابن سعد 8/ 96.
[4] انظر عن (أبي رهم السماعي) في:
طبقات ابن سعد 7/ 438 (دون ترجمة) ، وسيرة ابن هشام 2/ 140، وتاريخ الثقات 498 رقم 1951، والثقات لابن حبان 5/ 585، والمعرفة والتاريخ 2/ 345، وطبقات خليفة 293، ومشاهير علماء الأمصار 112 رقم 855، وتاريخ أبي زرعة 1/ 389، وجامع التحصيل 169 رقم 15، والمراسيل 15 رقم 15، وأسد الغابة 5/ 196، وتهذيب الكمال 1/ 280، 281 رقم 283، والتاريخ الكبير 2/ 64، 65 رقم 1700، والجرح والتعديل 2/ 348 رقم 1321، والكاشف 1/ 53 رقم 234، وتهذيب التهذيب 1/ 190 رقم 354، وتقريب التهذيب 1/ 49 رقم 324، والإصابة 4/ 75 رقم 440.
[5] السّمعيّ: بكسر السين وفتح الميم. كما في: اللباب 2/ 140.
[6] مثل أمير.(5/285)
رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا خَرَّجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، فَمَنْ قَالَ: لا صُحْبَةَ لَهُ جَعَلَ الْحَدِيثَ مُرْسَلا.
وَرَوَى عَنْ: أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَالْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ.
رَوَى عَنْهُ: الْحَارِثُ بْنُ زِيَادٍ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَأَبُو الْخَيْرِ مَرْثَدٌ الْيَزَنِيُّ، وَمَكْحُولٌ الشَّامِيُّ، وَشُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَجَمَاعَةٌ.
رَوَى لَهُ دَاوُدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
128- أَبُو الرَّبَابِ الْقُشَيْرِيُّ [1] وَاسْمُهُ مُطَرِّفُ بْنُ مَالِكٍ، بَصْرِيٌّ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَثِقَاتِهِمْ.
لَقِيَ أَبَا الدَّرْدَاءِ، وَكَعْبَ الأَحْبَارِ، وَأَبَا مُوسَى، وَشَهِدَ فَتْحَ تُسْتَرَ.
رَوَى عَنْهُ: زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى، وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ.
فَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْهُ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي الدرداء نعوده، وهو يومئذ أَمِيرٌ، وَكُنْتُ خَامِسَ خَمْسَةٍ فِي الَّذِينَ وُلُّوا قَبْضَ السُّوسِ، فَأَتَانِي رَجُلٌ بِكِتَابٍ فَقَالَ:
بِيعُونِيهِ، فإنّه كتاب الله أحسن أقرأه ولا تُحْسِنُونَ، فَنَزَعْنَا دَفَّتَيْهِ، فَاشْتَرَاهُ بِدِرْهَمَيْنِ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ خَرَجْنَا إِلَى الشَّامِ، وَصَحِبَنَا شَيْخٌ عَلَى حِمَارٍ بَيْنَ يَدَيْهِ مُصْحَفٌ يَقْرَأُهُ ويبكي، فقلت: ما أشبه هذا المصحف بمصحف شأنه كذا وكذا، فقال: إنه ذاك، قلت: فَأَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أَرْسِلْ إِلَيَّ كَعْبُ الأَحْبَارِ عَامَ أَوَّلَ فَأَتَيْتُهُ، ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَيَّ، فَهَذَا وَجْهِي إِلَيْهِ، قُلْتُ: فَأَنَا مَعَكَ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى قَدِمْنَا الشَّامَ، فَقَعَدْنَا عِنْدَ كَعْبٍ، فَجَاءَ عِشْرُونَ مِنَ الْيَهُودِ فِيهِمْ شَيْخٌ كَبِيرٌ يَرْفَعُ حَاجِبَيْهِ بِحَرِيرَةٍ فَقَالُوا: أَوْسَعُوا أَوْسَعُوا، وَرَكِبْنَا أَعْنَاقَهُمْ، فَتَكَلَّمُوا فَقَالَ كَعْبٌ: يَا نُعَيْمُ، أَتُجِيبُ هَؤُلاءِ أَوْ أُجِيبُهُمْ؟ قَالَ: دَعُونِي حَتَّى أَفْقَهَ هَؤُلاءِ مَا قَالُوا، ثُمَّ أُجِيبُهُمْ، إِنَّ هَؤُلاءِ أَثْنَوْا عَلَى أَهْلِ مِلَّتِنَا خَيْرًا، ثُمَّ قَلَبُوا أَلْسِنَتَهُمْ، فَزَعَمُوا أَنَّا بِعْنَا الآخِرَةَ بِالدُّنْيَا، هَلُمَّ فَلْنُوَاثِقْكُمْ، فَإِنْ جئتم بأهدى
__________
[1] انظر عن (أبي الرباب القشيري) في:
طبقات خليفة 197، والتاريخ الكبير 7/ 396 رقم 1729، والجرح والتعديل 8/ 312 رقم 1445 (وفيه: أبو الرئاب) .(5/286)
مِنْهُ لَتَتَّبِعُنَّا، قَالَ: فَتَوَاثَقُوا، فَقَالَ كَعْبٌ: أَرْسِلْ إِلَيَّ ذَلِكَ الْمُصْحَفَ، فَجِيءَ بِهِ، فَقَالَ: أَتَرْضَوْنَ أن يَكُونَ هَذَا بَيْنَنَا؟ قَالُوا: نَعَمْ، لا يُحْسِنْ أَحَدٌ يَكْتُبُ مِثْلَهُ الْيَوْمَ، فَدَفَعَ إِلَى شَابٍّ مِنْهُمْ، فَقَرَأَ كَأَسْرَعِ قَارِئٍ، فَلَمَّا بَلَغَ إلى مكان منه نظر إلى أصحابه كَالرَّجُلِ يُؤْذِنُ صَاحِبَهُ بِالشَّيْءِ، ثُمَّ جَمَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ بِهِ، فَنَبَذَهُ، فَقَالَ كَعْبٌ: آهِ، وَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ، فَقَرَأَ، فَأَتى عَلَى آيَةٍ مِنْهُ، فَخَرُّوا سُجَّدًا، وَبَقِيَ الشَّيْخُ يَبْكِي، فَقِيلَ: وما يبكيك؟ فقال: وما لي لا أَبْكِي، رَجُلٌ عَمِلَ فِي الضَّلالَةِ كَذَا وَكَذَا سَنَةً، وَلَمْ أَعْرِفِ الإِسْلامَ حَتَّى كَانَ الْيَوْمَ.
هَمَّامٌ: ثنا قَتَادَةُ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَصَبْنَا دَانِيَالَ بِالسُّوسِ [1] فِي بَحْرٍ مِنْ صَفَرٍ، وَكَانَ أَهْلُ السُّوسِ إذا استقروا اسْتَخْرَجُوهُ فَاسْتَسْقَوْا بِهِ، وَأَصَبْنَا مَعَهُ ريطتي كِتَّانٍ، وَسِتِّينَ جَرَّةً مَخْتُومَةً، فَفَتَحْنَا جَرَّةً، فَوَجَدْنَا فِي كُلِّ جَرَّةِ عَشْرَةَ آلافٍ، وَأَصَبْنَا مَعَهُ رَبْعَةً فِيهَا كِتَابٌ، وَكَانَ مَعَنَا أَجِيرٌ نَصْرَانِيُّ يُقَالُ لَهُ نُعَيْمٌ، فَاشْتَرَاهَا بِدِرْهَمَيْنِ.
قَالَ هَمَّامٌ: قَالَ قَتَادَةُ: وَحَدَّثَنِي أَبُو حَسَّانٍ أَنَّ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ حُرْقُوصٌ، فَأَعْطَاهُ أَبُو مُوسَى الرَّيْطَتَيْنِ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، ثُمَّ إِنَّهُ طَلَبَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الرَّيْطَتَيْنِ، فَأَبَى، فَشَقَّقَهُمَا عَمَائِمَ، فَكَتَبَ أَبُو مُوسَى فِي ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَعَا اللَّهَ أَنْ لا يَرِثَهُ إِلا الْمُسْلِمُونَ، فَصَلِّ عَلَيْهِ وَادْفِنْهُ.
قَالَ هَمَّامٌ: وثنا فَرْقَدٌ، ثنا أَبُو تَمِيمَةَ أَنَّ كِتَابَ عُمَرَ جَاءَ: أَنِ اغْسِلْهُ بِالسِّدْرِ وَمَاءِ الرَّيْحَانِ.
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ مُطَرِّفٍ قَالَ: فَبَدَا لِي أَنْ آتِيَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَبَيْنَا أَنَا فِي الطَّرِيقِ إِذَا أَنَا بِرَاكِبٍ شَبَّهْتُهُ بِذَلِكَ الْأَجِيرِ النَّصْرَانِيِّ، فَقُلْتُ: نُعَيْمٌ، قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: مَا فَعَلَتْ نَصْرَانِيَّتُكَ؟ قَالَ: تحنّفت بعدك، ثم أتينا دمشق،
__________
[1] السّوس: بضم أوله وسكون ثانيه، وسين مهملة أخرى. بلدة بخوزستان فيها قبر دانيال النبيّ، عليه السلام. قال حمزة: السوس تعريب الشوش، بنقط الشين، ومعناه: الحسن والنّزه والطيّب واللطيف. (معجم البلدان 3/ 280) .(5/287)
فَلَقِينَا كَعْبًا، فَقَالَ: إِذَا أَتَيْتُمْ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَاجْعَلُوا الصَّخْرَةَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، ثُمَّ انْطَلَقْنَا ثَلاثِينَ، حَتَّى أَتَيْنَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَقَالَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ لِكَعْبٍ:
أَلا تُعْدِينِي عَلَى أَخِيكَ يَقُومُ اللَّيْلَ وَيَصُومُ النَّهَارَ، فَجَعَلَ لَهَا مِنْ كُلِّ ثَلاثِ لَيَالٍ لَيْلَةً، ثُمَّ انْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَسَمِعَتِ الْيَهُودُ بِنُعَيْمٍ وَكَعْبٍ، فَاجْتَمَعُوا، فَقَالَ كَعْبٌ: إِنَّ هَذَا كِتَابٌ قَدِيمٌ، وَإِنَّهُ بلغتكم فاقرءوه، فَقَرَأَهُ قَارِئُهُمْ، فَأَتَى عَلَى مَكَانٍ مِنْهُ، فَضَرَبَ بِهِ الأَرْضَ، فَغَضِبَ نُعَيْمٌ، فَأَخَذَهُ وَأَمْسَكَهُ، ثم قَرَأَ قَارِئُهُمْ حَتَّى أَتَى عَلَى ذَلِكَ الْمَكَانَ وَمن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ في الْآخِرَةِ من الْخاسِرِينَ 3: 85 [1] فَأَسْلَمَ مِنْهُمُ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ حَبْرًا، وَذَلِكَ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ، فَفَرَضَ لَهُمْ مُعَاوِيَةُ وَأَعْطَاهُمْ.
قَالَ هَمَّامٌ: وَحَدَّثَنِي بِسْطَامُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، أَنَّهُمْ تَذَاكَرُوا ذَلِكَ الْكِتَابَ، فَمَرَّ بِهِمْ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ فَقَالَ: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتُمْ، إِنَّ كَعْبًا لَمَّا احْتُضِرَ قَالَ: أَلا رجل آتمنه عَلَى أَمَانَةٍ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا، فَدَفَعَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الْكِتَابَ وَقَالَ: ارْكَبِ الْبُحَيْرَةَ، فَإِذَا بَلَغْتَ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَاقْذِفْهُ، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِ كَعْبٍ فَقَالَ: هَذَا كِتَابٌ فِيهِ عِلْمٌ، وَيَمُوتُ كَعْبٌ، لا أُفَرِّطُ بِهِ، فَأَتَى كَعْبًا وَقَالَ: فَعَلْتُ مَا أَمَرْتَنِي، قَالَ: وَمَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: لَمْ أَرَ شَيْئًا، فَعَلِمَ كَذِبَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُنَاشِدُهُ وَيَطْلُبُ إِلَيْهِ حَتَّى رَدَّ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَلَمَّا أَيْقَنَ كَعْبٌ بِالْمَوْتِ قَالَ:
أَلا رَجُلٌ يُؤَدِّي أَمَانَتِي؟ قَالَ رَجُلٌ: أَنَا، فَرَكِبَ سَفِينَةً، فَلَمَّا أَتَى ذَلِكَ الْمَكَانَ ذَهَبَ لِيَقْذِفَهُ، فَانْفَرَجَ لَهُ الْبَحْرُ حَتَّى رَأَى الأَرْضَ، فَقَذَفَهُ وَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ كَعْبٌ: إِنَّهَا التَّوْرَاةُ كَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ، مَا غُيِّرَتْ وَلا بُدِّلِتْ، وَلَكِنْ خَشِيتُ أَنْ نَتَّكِلَ عَلَى مَا فِيهَا، وَلَكِنْ قُولُوا: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَلَقِّنُوهَا مَوْتَاكُمْ.
رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي تَارِيخِهِ، عَنْ هُدْبَةَ، ثنا هَمَّامٌ.
129- أَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ [2] الْعَدَوِيُّ الْكَعْبِيُّ، مِنْ عَرَبِ الحجاز، في
__________
[1] سورة آل عمران- الآية 85.
[2] انظر عن (أبي شريح الخزاعي) في:
التاريخ الصغير 82، والتاريخ الكبير 3/ 224 رقم 756، والجرح والتعديل 3/ 398 رقم(5/288)
اسْمِهِ أَقْوَالٌ، أَشْهَرُهَا خُوَيْلِدُ بْنُ عَمْرٍو.
أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَصَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، وَابْنُهُ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ بِالْمَدِينَةِ.
130- أُمُّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةُ [1] نُسَيْبَةُ، الَّتِي أَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم أن تغسّل بنته زينب [2] .
__________
[ () ] 1828، وطبقات خليفة 108 (وفيه: أبو شريح الكعبي اسمه عمرو بن خويلد) ، والمعرفة والتاريخ 1/ 398، وطبقات ابن سعد 4/ 295، ومشاهير علماء الأمصار 27 رقم 129، والمغازي للواقدي 616 و 845 و 896، ومسند أحمد 4/ 31 و 6/ 384، وسيرة ابن هشام 4/ 57، 58، والاستيعاب 4/ 101- 103، وتاريخ خليفة 265، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 91 رقم 124، وتاريخ الطبري 4/ 272 و 5/ 346، والأخبار الموفقيات 512، والأسامي والكنى، للحاكم، ورقة 274 ب، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 243 رقم 364، وأسد الغابة 5/ 225، 226، والكامل في التاريخ 3/ 105 و 4/ 18، وتحفة الأشراف 9/ 223- 226 رقم 635، والمعين في طبقات المحدّثين 28 رقم 147، والكاشف 3/ 305 رقم 210، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 556، وشفاء الغرام 2/ 190 و 191 و 247، والنكت الظراف 9/ 223، 224، والإصابة 4/ 101، 102 رقم 613، وتهذيب التهذيب 12/ 125، 126 رقم 581، وتقريب التهذيب 2/ 434 رقم 3.
[1] انظر عن (أم عطية الأنصارية) في:
المغازي للواقدي 685، والجرح والتعديل 9/ 465 رقم 2379، وطبقات ابن سعد 8/ 455، ومسند أحمد 6/ 407، وطبقات خليفة 340، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 87 رقم 81، والكامل في التاريخ 2/ 291، وأسد الغابة 5/ 603 وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 364 رقم 773، وتاريخ الطبري 3/ 124، والتاريخ لابن معين 2/ 742، والاستيعاب 4/ 471، 472، والمغازي من تاريخ الإسلام 520، والمعين في طبقات المحدّثين 30 رقم 176، والكاشف 3/ 436 رقم 145، والإصابة 4/ 476، 477 رقم 1415.
[2] أخرج ابن الأثير في أسد الغابة 5/ 603 من طريق: الترمذي، حدثنا أحمد بن منيع، أخبرنا هشيم، أخبرنا خالد ومنصور وهشام، فأما خالد وهشام فقالا عن محمد وحفصة، وقال منصور، عن محمد، عن أم عطية، قالت: توفيت إحدى بنات النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: «اغسلنها وترا ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن، واغسلنها بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور، فإذا فرغتنّ فآذنني» ، فلما فرغنا آذناه فألقى إلينا حقوه وقال:
«أشعرنها إيّاه» .(5/289)
رَوَى عَنْهَا: مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَأُخْتُهُ حَفْصَةُ، وَأُمُّ شَرَاحِيلَ، وَعَلِيُّ بْنُ الأَقْمَرِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بن عمير.
هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سبع غَزَوَاتٍ، فَكُنْتُ أَصْنَعُ لَهْمُ طَعَامَهُمْ، وَأَخْلُفُهُمْ فِي رِحَالِهِمْ، وَأُدَاوِي الْجَرْحَى، وَأَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى [1] .
وَعَنْ أُمِّ شَرَاحِيلَ مَوْلاةِ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: كَانَ عليّ رضي الله عنه يقيل عِنْدِي، فَكُنْتُ أَنْتِفُ إبْطَهُ بِوَرْسَةٍ [2] .
131- أَبُو كَبْشَةَ [3]- د ت ق- الْأَنْمَارِيُّ الْمَذْحِجِيُّ، اسْمُهُ عُمَرُ، وَقِيلَ:
عَمْرُو بْنُ سعد [4] .
له صحبة ورواية، نزل الشام.
روى عنه: ثَابِتُ بْنُ ثَوْبَانَ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيُّ سَعِيدُ بْنُ فَيْرُوزَ الطَّائِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ الْحَبْرَانِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يحيى أبو عامر الهوزني.
__________
[ () ] قال: أخرجها ها هنا أبو عمر وأخرجها الثلاثة في النون من الأسماء.
والحديث أخرجه ابن سعد في الطبقات 8/ 35 من طريق معن بن عيسى، عن مالك بن أنس، عن أيوب، عن محمد بن سيرين.
[1] طبقات ابن سعد 8/ 455.
[2] طبقات ابن سعد 8/ 456.
[3] انظر عن (أبي كبشة) في:
تاريخ اليعقوبي 2/ 87، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 96 رقم 176، والمعارف 148، وتاريخ خليفة 156، والزهد لابن المبارك 354 رقم 999، والمغازي للواقدي 24 و 153، والمعرفة والتاريخ 24/ 357 و 3/ 191، وطبقات ابن سعد 7/ 416، ومسند أحمد 4/ 230، وطبقات خليفة 73 و 306، ومشاهير علماء الأمصار 54 رقم 367، وتحفة الأشراف 9/ 273، 274 رقم 652، والتاريخ لابن معين 2/ 721، وأسد الغابة 5/ 281، 282، والاستيعاب 4/ 166، 167، والكاشف 3/ 327 رقم 341، والنكت الظراف 9/ 274، والإصابة 4/ 164 رقم 958، وتهذيب التهذيب 209 رقم 972، وتقريب التهذيب 2/ 465 رقم 5، وخلاصة تذهيب التهذيب 458.
[4] وقيل: سعد بن عمرو، وقيل عمير بن سعد.(5/290)
132- أَبُو مَالِكٍ الأَشْعَرِيُّ [1] لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. وَاسْمُهُ مختلف فيه، فقيل، كعب بن عاصم، وَقِيلَ:
عَامِرُ بْنُ الْحَارِثِ، وَقِيلَ: عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ.
رَوَى أَحَادِيثُ.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن غنم، وأم الدرداء، وربيعة الجرشي، وأبو سلام الأسود، وشهر بن حوشب، وعطاء بن يسار، وشريح بن عبيد.
وكان يكون بالشام.
قَالَ ابْنُ سُمَيْعٍ: أَبُو مَالِكٍ الأَشْعَرِيُّ، قَدِيمُ الْمَوْتِ بِالشَّامِ، اسْمُهُ كَعْبُ بْنُ عَاصِمٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ [2] : تُوُفِّيَ أَبُو مَالِكٍ فِي خِلافَةِ عُمَرَ.
وَقَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنِ ابْنِ غَنْمٍ قَالَ: طُعِنَ مُعَاذٌ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَأَبُو مَالِكٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ.
قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا رِوَايَةِ أَبِي سَلامٍ وَمَنْ بَعْدَهُ، عَنْ أَبِي مالك مرسلة منقطعة، وهذا الإرسال كثير في حديث الشاميّين.
روى صفوان بن عمرو، عَنْ شُرَيْحٍ [3] عَنْ عُبَيْدٍ، أَنَّ أَبَا مَالِكٍ الأَشْعَرِيَّ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: يَا سَامِعَ الأَشْعَرِيِّينَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
«حُلْوَةٌ الدُّنْيَا مُرَّةٌ الآخِرَةُ ومرّة الدنيا حلوة الآخرة» [4] [5] :
__________
[1] انظر عن (أبي مالك الأشعري) في:
مسند أحمد 5/ 341، وطبقات خليفة 68 و 304، وطبقات ابن سعد 4/ 358 و 7/ 400، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 89 رقم 102، والكاشف 3/ 330 رقم 357، وأسد الغابة 5/ 288، وتحفة الأشراف 9/ 280- 284 رقم 655، والتاريخ الكبير 7/ 221، 222 رقم 956، والجرح والتعديل 7/ 160 رقم 898، والنكت الظراف 9/ 280- 284، والإصابة 3/ 294 و 4/ 175، وتهذيب التهذيب 12/ 218، 219 رقم 1002، وتقريب التهذيب 2/ 134 رقم 46، وخلاصة تذهيب التهذيب 459.
[2] قول ابن سعد غير موجود في ترجمة أبي مالك الأشعري.
[3] في طبعة القدسي 3/ 102 «شريح بن عبيد» والتصويب من مسند أحمد.
[4] أخرجه أحمد في المسند 5/ 342.
[5] جاء في الأصل هنا، بخط المؤلّف: «ينبغي أن تحوّل ترجمته إلى طبقة معاذ» ، وتحته أيضا:(5/291)
133- أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ [1] الدَّارَانِيُّ الزَّاهِدُ، سَيِّدُ التَّابِعِينَ بِالشَّامِ. اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثُوَبٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَقِيلَ: ابْنُ ثَوَابٍ، وَقِيلَ: ابْنُ عُبَيْدٍ، وَقِيلَ: ابْنُ مُسْلِمٍ وَقِيلَ: اسْمُهُ يَعْقُوبُ بْنُ عَوْفٍ [2] .
قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ، وَقَدْ أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدِمَ المدينة في خلافة أبي بكر.
__________
[ () ] حوّلت إلى طبقة معاذ أخصر من هذا فليعلم. فمن أراد أن يكملها من هنا فليفعل» .
[1] انظر عن: (أبي مسلم الخولانيّ) في:
التاريخ لابن معين 2/ 725، والزهد لابن المبارك 158 و 338 و 528، والملحق به 215، وتاريخ الطبري 4/ 352، وطبقات ابن سعد 7/ 448، وطبقات خليفة 307، ومشاهير علماء الأمصار 112 رقم 856، والمعارف 439، والأخبار الموفقيّات 299، 300، والتاريخ الصغير 67 و 70، والتاريخ الكبير 5/ 58، 59 رقم 133، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 354، وتاريخ الثقات 511 رقم رقم 2043، والجرح والتعديل 5/ 20 رقم 90، وتاريخ داريا 59، وحلية الأولياء 2/ 122- 131 رقم 168، والإكمال 1/ 568، وجمهرة أنساب العرب 418 (وفيه أبو مسلم الخولانيّ عبد الله بن أيوب) وهو تصحيف، والأخبار الطوال 162، 163، والعقد الفريد 1/ 247 و 3/ 171، والمعرفة والتاريخ 2/ 308 و 382 و 384 و 478 و 772 و 3/ 199، وثمار القلوب 688، وعيون الأخبار 2/ 117، وتاريخ أبي زرعة 1/ 226 و 227 و 386 و 2/ 690، والاستيعاب 2/ 272، وتاريخ دمشق (تراجم عبادة بن أوفى- عبد الله بن ثوّب) 483- 525 رقم 206، وتهذيب تاريخ دمشق 7/ 314- 322، وأسد الغابة 3/ 395، وصفة الصفوة 4/ 179- 185 و 5/ 297، 298 وسير أعلام النبلاء 4/ 7- 14 رقم 2، وتذكرة الحفاظ 1/ 46، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 539، 540، والكاشف 3/ 333 رقم 385، والوفيات لابن قنفذ 97 رقم 63، وجامع التحصيل 252 رقم 341، وفوات الوفيات 2/ 169 رقم 217، والبداية والنهاية 8/ 146، ومرآة الجنان 1/ 138، والوافي بالوفيات 17/ 99، 100 رقم 81، وتهذيب الكمال 170 و 1654، وتهذيب التهذيب 12/ 235، 236 رقم 1068، وتقريب التهذيب 2/ 473 رقم 71، والإصابة 3/ 87 رقم 6302 و 4/ 190 رقم 1117، والتذكرة الحمدونية 1/ 195، وربيع الأبرار 1/ 398، والبيان والتبيين 3/ 127، والبصائر والذخائر 2/ 201، والعزلة لأبي سليمان الخطابي- القاهرة 1352- ص 85، والإيجاز والإعجاز 9، وطبقات الحفاظ 13، وشذرات الذهب 1/ 70.
[2] انظر الأقوال في اسمه في: تاريخ دمشق 483.(5/292)
وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ الْخَوْلانِيُّ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ [1] ، وَجُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، وَعُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ، وَعَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ، وَيُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَفِي بَعْضِ هَؤُلاءِ مِنْ رِوَايَتُهُ عَنْهُ مُرْسَلَةٌ.
قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، ثنا شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٌ قَالَ: أتى أبو مُسْلِمٌ الْخَوْلانِيُّ الْمَدِينَةَ وَقَدْ قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ [2] .
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ: ثنا شُرَحْبِيلُ أَنَّ الأَسْوَدَ تَنَبَّأَ [3] بِالْيَمَنِ، فَبَعَثَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ، فَأَتَاهُ بِنَارٍ عَظِيمَةٍ، ثُمَّ أَلْقَى أَبَا مُسْلِمٍ فِيهَا، فَلَمْ تَضُرَّهُ، فَقِيلَ لِلأَسْوَدِ:
إِنْ تَنْفِ هَذَا عَنْكَ أَفْسَدَ عليك من اتّبعك، فأمره بالرحيل، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ وَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ يُصَلِّي، فَبَصُرَ بِهِ عُمَرُ، فَقَامَ إِلَيْهِ فَقَالَ: مِمَّنِ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مِنَ الْيَمَنِ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ الَّذِي حَرَّقَهُ الْكَذَّابُ بِالنَّارِ؟ قَالَ: ذَاكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثُوبٍ، قَالَ: فَنَشَدْتُكَ باللَّه أَنْتَ هُوَ؟
قَالَ: اللَّهمّ نَعَمْ، فَاعْتَنَقَهُ عُمَرُ وَبَكَى، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصِّدِّيقِ وَقَالَ: الْحَمْدُ للَّه الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى أَرَانِي فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ مَنْ صُنِعَ بِهِ كَمَا صُنِعَ بِإِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ [4] .
رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ نَجْدَةَ، وَهُوَ ثِقَةٌ، ثنا إِسْمَاعِيلُ، فذَكَرَهُ.
وَيُرْوَى عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّ كَعْبًا رَأَى أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ قَالَ: هَذَا حَكِيمُ هَذِهِ الأمّة [5] .
__________
[1] مهمل في الأصل.
[2] تاريخ دمشق 492.
[3] في الأصل «ثنا» بدل «تنبّأ» والتصويب من أسد الغابة، والسياق.
[4] تاريخ دمشق 493.
[5] أخرجه ابن عساكر من طريق الخضر بن أبان، عن سيار بن حاتم، عن جعفر بن مالك بن دينار.(5/293)
وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهري قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَكَانَ يَتَنَاوَلُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلا أُحَدِّثُكَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ كَانَ قَدْ أُوتِيَ حِكْمَةً؟ قَالَ: مَنْ هُوَ؟ قُلْتُ: أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ، سَمِعَ أَهْلَ الشَّامِ يَنَالُونَ مِنْ عَائِشَةَ فَقَالَ: أَلا أُخْبِرُكُمْ بِمَثَلِي وَمَثَلِ أُمِّكُمْ هَذِهِ، كَمَثَلِ عَيْنَيْنِ فِي رَأْسٍ يُؤْذِيانِ صَاحِبَهُمَا، وَلا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُعَاقِبَهُمَا إِلا بالذي هو خير لهما، فَسَكَتَ [1] .
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِيهِ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةَ: عَلّقَ أَبُو مُسْلِمٍ سَوْطًا فِي مَسْجِدِهِ، وَكَانَ يَقُولُ: أَنَا أَوْلَى بِالسَّوْطِ مِنَ الْبَهَائِمِ، فَإِذَا دَخَلَتْهُ فَتَرَةٌ مَشَقَ سَاقَيْهِ سَوْطًا أَوْ سَوْطَيْنِ.
قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ: لَوْ رَأَيْتُ الْجَنَّةَ عِيَانًا وَالنَّارَ مَا كَانَ عِنْدِي مُسْتَزَادٌ [2] .
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ: إِنَّ رَجُلَيْنِ أَتِيَا أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ فِي مَنْزِلِهِ، فَلَمْ يَجِدَاهُ، فَأَتِيَا الْمَسْجِدَ فَوَجَدَاهُ يَرْكَعُ، فَانْتَظَرَا انْصِرَافَهُ، وَأَحْصَيَا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ رَكَعَ ثَلاثَمِائَةِ رَكْعَةٍ، وَالآخَرُ: أَرْبَعَمِائَةِ رَكْعَةٍ، قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ [3] .
وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةَ أن أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ سَمِعَ رَجُلا يقول: من سبق اليوم؟ فقل: أَنَا السَّابِقُ، قَالُوا: وَكَيْفَ يَا أَبَا مُسْلِمٍ؟ قَالَ: أُدْلِجْتُ مِنْ دَارِنَا [4] ، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ مَسْجِدَكُمْ [5] .
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: دَخَلَ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَهُوَ غَازٍ فِي أَرْضِ الرُّومِ، وَقَدِ احْتَفَرَ جورة في
__________
[1] تاريخ دمشق 497.
[2] تاريخ دمشق 498، وحلية الأولياء 2/ 127.
[3] حلية الأولياء 2/ 127، تاريخ دمشق 498.
[4] في تاريخ دمشق «من داريا» وفي نسخة أخرى كما هنا.
[5] تاريخ دمشق 499.(5/294)
فُسْطَاطِهِ، وَجَعَلَ فِيهَا نَطْعًا، وَأَفْرَغَ فِيهِ الْمَاءَ، وَهُوَ يَتَصَلِّقُ [1] فِيهِ، قَالُوا: مَا حَمَلَكَ عَلَى الصِّيَامِ وَأَنْتَ مُسَافِرٌ؟ قَالَ: لَوْ حَضَرَ قِتَالٌ لأَفْطَرْتُ وَلَتَهَيَّأْتُ لَهُ وَتَقَوَّيْتُ، إِنَّ الْخَيْلَ لا تَجْرِي الْغَايَاتَ وَهِيَ بُدَّنٌ، إِنَّمَا تَجْرِي وَهِيَ ضُمْرٌ، أَلا وَإِنَّ أَمَامَنَا بَاقِيَةً جَائِيَةً لَهَا نَعْمَلُ [2] .
وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ يُكْثِرُ أَنْ يُرْفَعَ صَوْتُهُ بِالتَّكْبِيرِ، حَتَّى مَعَ الصِّبْيَانِ، وَيَقُولُ: اذْكُرِ اللَّهَ حَتَّى يَرَى الْجَاهِلُ أَنَّكَ مَجْنُونٌ [3] .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ- وَأَرَاهُ مُنْقَطِعًا- أَنَّهُ كَانَ إِذَا غَزَا أَرْضَ الرُّومِ، فَمَرُّوا بِنَهْرٍ قَالَ: أَجِيزُوا بِاسْمِ اللَّهِ، وَيَمُرُّ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، فَيَمُرُّونَ بِالنَّهْرِ الْغَمْرِ، فَرُبَّمَا لَمْ يَبْلُغْ مِنَ الدَّوَابِّ إِلا الرَّاكِبُ، فَإِذَا جَازُوا قَالَ: هَلْ ذَهَبَ لَكُمْ شَيْءٌ، فَأَلْقَى بَعْضُهُمْ مِخْلَاتَهُ، فَلَمَّا جَاوَزُوا قَالَ:
مِخْلاتِي وَقَعَتْ، قَالَ: اتَّبِعْنِي، فَاتّبَعْتُهُ، فَإِذَا بِهَا مُعَلَّقَةٌ بِعُودٍ فِي النَّهْرِ، فَقَالَ:
خُذْهَا [4] .
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ: إِنَّ أَبَا مُسْلِمٍ أَتَى عَلَى دِجْلَةَ، وَهِيَ تَرْمِي بِالْخَشَبِ مِنْ مَدِّهَا، فَوَقَفَ عَلَيْهَا ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَرَ مسيرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْبَحْرِ ثُمَّ لَهَزَ دَابَّتَهُ، فَخَاضَتِ الْمَاءَ، وَتَبِعَهُ النَّاسُ حَتَّى قَطَعُوا، ثُمَّ قَالَ: فَقَدْتُمْ شَيْئًا، فَأدَعُو اللَّهَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيَّ؟ [5] . وَقَالَ عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ: ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ إِذَا استسقى سقي [6] .
__________
[1] تصلّق: تقلّب على جنبه. (لسان العرب- مادّة: صلق) . وفي النهاية في غريب الحديث لابن الأثير: تصلّق الحوت في الماء إذا ذهب وجاء.
[2] تاريخ داريا 61، تاريخ دمشق 500، حلية الأولياء 2/ 127، وانظر: الزهد لابن المبارك 528 رقم 1501.
[3] تاريخ دمشق 501.
[4] تاريخ دمشق 503.
[5] تاريخ دمشق 503.
[6] تاريخ دمشق 505.(5/295)
وَقَالَ بَقِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ: إِنَّ امْرَأَةً خَبَّبَتْ [1] عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، فَدَعَا عَلَيْهَا، فَذَهَبَ بَصَرُهَا، فَأَتَتْهُ، فَاعْتَرَفَتْ وَقَالَتْ:
إِنِّي لا أَعُودُ، فَقَالَ: اللَّهمّ إِنْ كَانَتْ صَادِقَةً فَارْدُدْ بَصَرَهَا، فَأَبْصَرَتْ [2] .
وَقَالَ ضَمْرَةُ بن ربيعة، عن بلال بن كعب قال: قَالَ الصِّبْيَانُ لِأَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَحْبِسَ عَلَيْنَا هَذَا الظَّبْيَ فَنَأْخُذُهُ، فَدَعَا اللَّهَ فَحَبَسَهُ عَلَيْهِمْ حَتَّى أَخَذُوهُ [3] .
وَرَوَى عُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ: قَالَتِ امْرَأَةُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيّ: لَيْسَ لَنَا دَقِيقٌ. فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: دِرْهَمٌ بِعْنَا بِهِ غَزْلًا، قَالَ: ابْغِنِيهِ، وَهَاتِي الْجِرَابَ، فَدَخَلَ السُّوقَ، فَأَتَاهُ سَائِلٌ وَأَلَحَّ، فَأَعْطَاهُ الدِّرْهَمَ، وَمَلأَ الْجِرَابَ مِنْ نُحَاتَةِ النَّجَّارَةِ مَعَ التُّرَابِ، وَأَتَى وَقَلْبُهُ مَرْعُوبٌ مِنْهَا، فَرَمَى الْجِرَابَ وَذَهَبَ، فَفَتَحَتْهُ، فَإِذَا بِهِ دَقِيقٌ حُوَّارَى [4] فَعَجَنَتْ وَخَبَزَتْ، فَلَمَّا ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ هَوِيٌّ [5] جَاءَ فَنَقَرَ الْبَابَ، فَلَمَّا دَخَلَ وَضَعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ خِوَانًا وَأَرْغِفَةً، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ قَالَتْ: مِنَ الدَّقِيقِ الَّذِي جِئْتَ بِهِ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ وَيَبْكِي [6] .
رَوَاهَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عُثْمَانَ.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ، وَغَيْرُهُ: ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ اسْتَبْطَأَ خَبَرَ جَيْشٍ كَانَ بِأَرْضِ الرُّومِ، فَبَيْنَا هُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، إِذْ دَخَلَ طَائِرٌ فَوَقَعَ وَقَالَ: أَنَا رَتَبَايِيلُ [7] مُسِلُّ الْحُزْنَ مِنْ صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَخْبَرَهُ خَبَرَ ذَلِكَ
__________
[1] يقال: خبّب فلان على فلان صديقه أي أفسده عليه.
[2] تاريخ دمشق 506، حلية الأولياء 2/ 129.
[3] تاريخ دمشق 507.
[4] الحوّاري: الدقيق الأبيض، وهو لباب الدقيق وأجوده وأخلصه. (لسان العرب- مادّة: حور) .
[5] الهويّ: كغنيّ، ويضمّ، من الليل ساعة. (القاموس المحيط) . وفي تاريخ دمشق:
«الهديء» .
[6] تاريخ دمشق 509.
[7] في تاريخ داريا: «أرز بابيل» .(5/296)
الْجَيْشَ، فَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: مَا جِئْتَ حَتَّى اسْتَبْطَأْتُكَ [1] .
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ يَرْتَجِزُ يَوْمَ صِفَّينَ وَيَقُولُ:
مَا عِلَّتِي مَا عِلَّتِي ... وَقَدْ لَبِسْتُ دِرْعَتِي
أَمُوتُ عَبْدَ طَاعَتِي [2]
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا هِشَامُ بْنُ الْغَازِ، حَدَّثَنِي يُونُسُ الْهَرِمُ، أن أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ قَامَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ، إِنَّمَا أَنْتَ قَبْرٌ مِنَ الْقُبُورِ، إِنْ جِئْتَ بِشَيْءٍ كَانَ لَكَ شَيْءٌ، وَإِلا فَلا شَيْءَ لَكَ، يَا مُعَاوِيَةُ، لا تَحْسَبُ أَنَّ الْخِلافَةَ جَمْعُ الْمَالِ وَتفْرِقَتُهُ، إِنَّمَا الْخِلافَةُ الْقَوْلُ بِالْحَقِّ، وَالْعَمَلُ بالْمَعْدَلَةُ، وَأَخْذُ النَّاسِ فِي ذَاتِ اللَّهِ، يَا مُعَاوِيَةُ، إِنَّا لا نُبَالِي بِكَدَرِ الأَنْهَارِ إِذَا صَفَا لَنَا رَأْسُ عَيْنِنَا، إِيَّاكَ أَنْ تَمِيلَ عَلَى قَبِيلَةٍ، فَيَذْهَبُ حَيْفُكَ بِعَدْلِكَ، ثُمَّ جَلَسَ. فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ [3] .
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: دَخَلَ أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَامَ بَيْنَ السِّمَاطَيْنِ فَقَالَ: السَّلامُ عَلْيَكَ أَيُّهَا الأَجِيرُ، فَقَالُوا:
مَهْ. قَالَ: دعوه فَهُوَ أَعْرَفُ بِمَا يَقُولُ، وَعَلَيْكَ السَّلامُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ، ثُمَّ وَعَظَهُ وَحَثَّهُ عَلَى الْعَدْلِ [4] .
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الرُّومَ لا يَزَالُ فِي الْمُقَدِّمَةِ، حَتَّى يُؤْذَنَ لِلنَّاسِ، فَإِذَا أُذِنَ لَهُمْ كَانَ فِي السَّاقَةِ، وَكَانَتِ الْوُلاةُ يُتَيَمَّنُونَ بِهِ، فَيُؤَمِّرُونَهُ عَلَى الْمُقَدِّمَاتِ [5] .
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: تُوُفِّيَ أَبُو مُسْلِمٍ بأرض الروم، وكان قد شتّى
__________
[1] تاريخ داريا 61، تاريخ دمشق 511.
[2] في تاريخ دمشق 514:
ما علّتي ما علّتي ... أموت عند طاعتي
وقد لبست درعتي
[3] تاريخ دمشق 516.
[4] انظر بقية الخبر في تاريخ دمشق 516. وحلية الأولياء 2/ 125.
[5] تاريخ دمشق 522.(5/297)
مَعَ بُسْرِ بْنِ أَبِي أَرْطَأَةَ، فَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ، فَأَتَاهُ بُسْرٍ فِي مَرَضِهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُسْلِمٍ:
اعْقُدْ لِي عَلَى مَنْ مَاتَ فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ آتِيَ بِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى لِوَائِهِمْ [1] .
وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: حُدِّثْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ [2] عَنْ بَعْضِ مَشْيَخَةِ دِمَشْقَ قَالَ: أَقْبَلْنَا مِنْ أَرْضِ الرُّومِ، فَمَرَرْنَا بِالْعُمَيْرِ، عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ مِنْ حِمْصَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، فَاطَّلَعَ الرَّاهِبُ مِنْ صَوْمَعَتِهِ فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ أَبَا مُسْلِمٍ الخولانيّ؟ قلنا: نعم. قال: إذا أتيتموه فأقرءوه السَّلامَ، فَإِنَّا نَجِدُهُ فِي الْكُتُبِ رَفِيقَ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ، أَمَّا إِنَّكُمْ لا تَجِدُونَهُ حَيًّا، فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى الْغُوطَةِ بَلَغَنَا مَوْتُهُ [3] .
قَالَ الحافظ ابن عَسَاكِرَ [4] : يَعْنِي سَمِعُوا ذَلِكَ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِأَرْضِ الرُّومِ كَمَا حَكَيْنَا.
وَقَالَ ابْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ:
قَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنَّمَا الْمُصِيبَةُ كُلُّ الْمُصِيبَةِ بِمَوْتِ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ، وَكُرَيْبِ بْنِ سَيْفٍ الأنصاري [5] .
هذا حديث حسن الإسناد، يعطي أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ تُوُفِّيَ قَبْلَ مُعَاوِيَةَ. وَقَدْ قَالَ الْمُفَضِّلُّ بْنُ غَسَّانَ: تُوُفِّيَ عَلْقَمَةُ وَأَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ [6] .
- أَبُو مَيْسَرَةَ الهمدانيّ هو عمرو بن شرحبيل، مرّ.
__________
[1] تاريخ دمشق 523.
[2] هو محمد بن شعيب بن شابور الدمشقيّ البيروتي الّذي يروي عن الإمام الأوزاعي.
[3] حلية الأولياء 2/ 128، تاريخ دمشق 524.
[4] في تاريخ دمشق 524.
[5] تاريخ أبي زرعة 1/ 227 و 2/ 690، وتاريخ داريا 63، وتاريخ دمشق 524.
[6] تاريخ دمشق 525.(5/298)
134- أَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِي [1] ع لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَشَهِدَ فنح مَكَّةَ، وَكَانَ يَكُونُ بِالْمَدِينَةِ وَبِمَكَّةَ، وَبِمَكَّةَ تُوُفِّيَ.
رَوَى عَنْهُ: عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو مُرَّةَ مولى عقيل المدنيّون.
__________
[1] انظر: (أبي واقد الليثي) في:
سيرة ابن هشام 4/ 89، والتاريخ لابن معين 2/ 731، والمعرفة والتاريخ 3/ 374، والتاريخ الكبير 2/ 258 رقم 2384، والجرح والتعديل 3/ 82، 83 رقم 379 في الحاشية رقم 4، والتاريخ الصغير 53، وجمهرة أنساب العرب 182، ومشاهير علماء الأمصار 25 رقم 111، وتاريخ خليفة 265، وطبقات خليفة 29، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 89 رقم 111، والمغازي للواقدي 453 و 820 و 890 و 896 و 990، وثمار القلوب 296، والمحبّر 237، ومسند أحمد 5/ 217، والاستيعاب 4/ 215، 266، وأسد الغابة 5/ 319، 320، وتحفة الأشراف 11/ 110- 112 رقم 664، وتهذيب الكمال 1657، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 271 رقم 438، والمعين في طبقات المحدّثين 28 رقم 153، والكاشف 3/ 343 رقم 438، والوفيات لابن قنفذ 78، والإصابة 4/ 215، 216 رقم 1211، وتهذيب التهذيب 12/ 270، 271 رقم 1235، وتقريب التهذيب 2/ 486 رقم 1، وخلاصة تذهيب التهذيب 68 و 462.(5/299)
الطَّبَقَةُ الثَّامِنَةُ
[حَوَادِثُ سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِينَ]
تُوُفِّيَ فِيهَا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيُّ.
وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ.
وَفِيهَا: خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَوْرٍ أَحَدُ بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بِالْبَحْرَيْنِ، فَوَجَّهَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى قِتَالِهِ عبد الرحمن الإسكاف، فالتقوا بجواثاء [1] فَانْهَزَمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَالنَّاسُ [2] .
وَفِيهَا: حَجَّ بِالنَّاسِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ [3] .
وَعَرَّفَ بِمِصْرَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ عَرَّفَ بِمِصْرَ [4] . يَعْنِي اجْتَمَعَ النَّاسُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَدَعَا لَهْمُ أَوْ وَعَظَهُمْ.
وَفِيهَا، أَوْ فِي الَّتِي بَعْدَهَا. قُتِلَ بَخُرَاسَانَ أَمِيرُهَا أَبُو صالح (عبد الله بن
__________
[1] جواثا: بضم الجيم. حصن لعبد القيس بالبحرين. (معجم البلدان 2/ 174) .
[2] تاريخ خليفة 267.
[3] تاريخ خليفة 267، تاريخ الطبري 6/ 166، مروج الذهب 4/ 398، الذهب المسبوك للمقريزي 25، شفاء الغرام (بتحقيقنا) ج 2/ 340، البداية والنهاية 8/ 317، تاريخ اليعقوبي 2/ 368.
[4] كتاب الولاة والقضاة للكندي- ص 50.(5/300)
خَازِم) بْنِ أَسْمَاءَ بْنِ الصَّلْتِ السُّلَمِيُّ، أَحَدُ الشُّجْعَانِ الْمَذْكُورِينَ وَالأَبْطَالِ الْمَعْدُودِينَ.
وَيُقَالُ: لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، ثَارَ بِهِ أَهْلُ خُرَاسَانَ وَقَتَلَهُ وَكِيعُ بْنُ الدَّوْرَقِيَّةَ [1] .
وَقِيلَ إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ خَازِمٍ كِتَابًا بِوِلايَةِ خُرَاسَانَ، فَمَزَّقَ كِتَابَهُ وَسَبَّ رَسُولَهُ، فَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى بُكَيْرِ بْنِ وَشَّاحٍ [2] :
إِنْ قَتَلْتَ ابْنَ خَازُمٍ فَأَنْتَ الأَمِيرُ، فَعَمِلَ عَلَى قَتْلِهِ وَتَأَمَّرَ بُكَيْرٌ عَلَى الْبِلادِ حَتَّى قَدِمَ أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ [3] .
وَكَانَ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ جَمَعَ قَارَنَ بِهَرَاةَ، وَأَقْبَلَ فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَهَرَبَ قَيْسُ بْنُ الْهَيْثَمِ وَتَرَكَ الْبِلادَ، فَقَامَ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ هَذَا، وَجَمَعَ أَرْبَعَةَ آلافٍ، وَلَقِيَ قَارِنًا فَهَزَمَ جُنُودَهُ وَقُتِلَ قَارِنٌ [4] ، وَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ بِالْفَتْحِ، فَأَقَرَّهُ ابْنُ عَامِرٍ أَمِيرُ الْعِرَاقِ عَلَى خُرَاسَانَ [5] .
قَالَ الواقدي: فيها افتتح عبد الملك قيساريّة [6] .
__________
[1] هو: وكيع بن عميرة القريعيّ. والخبر في تاريخ الطبري 6/ 177.
[2] في طبعة القدسي (ص 107) «وساج» بالسين المهملة والجيم، والتصويب من: تاريخ خليفة 295، وتاريخ الطبري 6/ 176 و 177، والبلدان لليعقوبي 299.
[3] تاريخ خليفة 294، 295، تاريخ الطبري 6/ 176، 177.
[4] تاريخ خليفة 167.
[5] تاريخ خليفة 179.
[6] تاريخ الطبري 6/ 167.(5/301)
حَوَادِثُ [سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ]
تُوُفِّيَ فِيهَا: مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ.
وَالأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ.
وَعُبَيْدَةُ السَّلْمَانِيُّ.
وَالْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ التَّيْمِيُّ.
وَقُتِلَ فِيهَا: مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ.
وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْتَرِ.
وَعِيسَى وَعُرْوَةُ وَلَدَا مُصْعَبٍ.
وَمُسْلِمُ بْنُ عَمْرٍو الْبَاهِلِيُّ.
وَكَانَ مُصْعَبُ قَدْ سَارَ كَعَادَتِهِ إِلَى الشَّامِ إِلَى قِتَالِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَاسْتِئْصَالِهِ، وَسَارَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ، فَجَرَتْ بَيْنَهُمَا وَقْعَةٌ هَائِلَةٌ بِدِيرِ الْجَاثَلِيقِ [1] ، وَمَسْكَنٍ [2] بِالْقُرْبِ مِنْ أَوَانَا [3] .
وَكَانَ قَدْ كَاتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ جَمَاعَةً مِنَ الأشراف المائلين إلى بني أميّة
__________
[1] دير الجاثليق: دير قديم البناء رحب الفناء من طسّوج مسكن قرب بغداد في غربي دجلة في عرض حربي، وهو في رأس الحدّ بين السواد وأرض تكريت. (معجم البلدان 3/ 503) .
[2] مسكن: بالفتح ثم السكون، وكسر الكاف، ونون. موضع قريب من أوانا على نهر دجيل.
(معجم البلدان 5/ 127) .
[3] أوانا: بالفتح، والنون. بليدة كثيرة البساتين والشجر نزهة، من نواحي دجيل بغداد، بينها وبين بغداد عشرة فراسخ من جهة تكريت. (معجم البلدان 1/ 274) .(5/302)
وَغَيْرِ الْمَائِلِينَ يُمَنِّيهِمْ وَيَعِدُهُمْ إِمْرَةَ الْعِرَاقِ وَإِمْرَةَ أَصْبَهَانَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَأَجَابُوهُ.
وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْتَرِ فَلَمْ يُجِبْهُ، وَأَتَى بِكِتَابِهِ مُصْعَبًا، وَفِيهِ إِنْ بَايَعَهُ وَلاهُ الْعِرَاقَ. وَقَالَ لِمُصْعَبٍ: قَدْ كَتَبَ إِلَى أَصْحَابُكَ بِمِثْلِ كِتَابِي فَأَطِعْنِي وَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ، فَقَالَ: إِذًا لا تُنَاصِحُنَا عَشَائِرُهُمْ [1] ، قَالَ: فَأَوْقِرْهُمْ حَدِيدًا وَأَسْجِنْهُمْ بِأَبْيَضِ كِسْرَى وَوَكِّلَ بِهِمْ مَنْ إِنْ غُلِبْتَ ضَرَبَ أَعَنْاقَهُمْ، وَإِنْ نُصِرْتَ مَنَنْتَ عَلَيْهِمْ، قَالَ: يَا أَبَا النُّعْمَانَ إِنِّي لَفِي شُغْلٍ عَنْ ذَلِكَ، يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَحْرٍ- يَعْنِي الأَحْنَفَ- إِنْ كَانَ لَيُحَذِّرُ غَدْرَ الْعِرَاقِ [2] .
وَقَالَ عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ السَّرِيِّ: هَمَّ أَهْلُ الْعِرَاقِ بِالْغَدْرِ بِمُصْعَبٍ، فَقَالَ قَيْسُ بْنُ الْهَيْثَمِ: وَيْحَكُمْ لا تُدْخِلُوا أَهْلَ الشَّامِ عَلَيْكُمْ، فو الله لَئِنْ تَطَعَّمُوا بِعَيْشِكُمْ لَيُصْفِيَنَّ [3] عَلَيْكُمْ مَنَازِلَكُمْ.
وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ أَشَارَ عَلَيْهِ بِقَتْلِ زِيَادِ بْنِ عَمْرٍو وَمَالِكِ بْنِ مِسْمَعٍ، فَلَمَّا الْتَقَى الْجَمْعَانِ قَلَبَ الْقَوْمُ أَتْرِسَتَهُمْ وَلَحِقُوا بِعَبْدِ الْمَلِكِ [4] .
وَقَالَ الطَّبَرِيُّ [5] : لَمَّا تَدَانَى الْجَمْعَانِ حَمَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْتَرِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ فَأَزَالَهُ عَنْ مَوْضِعِهِ، ثُمَّ هَرَبَ عَتَّابُ بْنُ وَرْقَاءَ، وَكَانَ عَلَى الْخَيْلِ مَعَ مُصْعَبٍ. وَجَعَلَ مُصْعَبُ كُلَّمَا قَالَ لِمُقَدَّمٍ مِنْ عَسْكَرِهِ: تَقَدَّمْ، لا يُطِيعُهُ.
فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ قَالَ: أُخْبِرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ أَمِيرُ خُرَاسَانَ بِمَسِيرِ مُصْعَبٍ إلى عبد الملك، فقال: أمه عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ؟ قِيلَ: لا، اسْتَعْمَلَهُ عَلَى فَارِسٍ. قَالَ: فَمَعَهُ الْمُهَلَّبُ بْنُ أبي صفرة؟
__________
[1] في: سير أعلام النبلاء 4/ 143: «إذا تغضب عشائرهم» .
[2] الخبر في: الأخبار الموفّقيّات للزبير 557، 558، والأغاني 19/ 123، 124، وأنساب الأشراف 5/ 340، 341، والأخبار الطوال 312.
[3] هكذا في الأصل، وفي تاريخ الطبري 6/ 157، أما في أنساب الأشراف 5/ 344 «ليضيّقنّ» .
[4] انظر تفاصيل الخبر في: الأخبار الموفقيات 557 وما بعدها، والأغاني 19/ 123 وما بعدها.
[5] في تاريخه 6/ 157.(5/303)
قَالُوا: لا، اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْمَوْصِلِ قَالَ: فَمَعَهُ عَبَّادُ بْنُ الْحُصَيْنِ [1] ؟ قِيلَ: لا، اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْبَصْرَةِ. فَقَالَ ابْنُ خَازِمٍ: وَأَنَا بِخُرَاسَانَ [2] .
ثُمَّ تَمَثَّلَ:
خُذِينِي وَجُرِّينِي ضِبَاعٌ [3] وَأَبْشِرِي ... بِلَحْمِ امْرِئٍ لَمْ يَشْهَدِ الْيَوْمَ نَاصِرُهُ [4]
قَالَ الطَّبَرِيُّ [5] : فَقَالَ مُصْعَبٌ لابْنِهِ عِيسَى: ارْكَبْ بِمَنْ مَعَكَ إِلَى عَمِّكَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَخْبِرْهُ بِمَا صَنَعَ أَهْلُ الْعِرَاقِ، وَدَعْنِي فَإِنِّي مَقْتُولٌ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لا أُخْبِرُ قُرَيْشًا عَنْكَ أَبَدًا، وَلَكِنِ الْحَقْ بِالْبَصْرَةِ فَهُمْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَالطَّاعَةِ، قَالَ: لا تَتَحَدَّثُ قُرَيْشٌ إِنِّي فَرَرْتُ بِمَا صَنَعَتْ رَبِيعَةُ مِنْ خِذْلانِهَا، وَلَكِنْ:
أُقَاتِلُ، فَإِنْ قُتِلْتُ فَمَا السَّيْفُ بِعَارٍ.
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ: أَرْسَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَعَ أَخِيهِ مُحَمَّدَ بْنَ مَرْوَانَ إِلَى مُصْعَبٍ: إِنِّي مُعْطِيكَ الأَمَانَ يَا ابْنَ الْعَمِّ، فَقَالَ مُصْعَبٌ: إِنَّ مِثْلِي لا يَنْصَرِفُ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْمَوْقِفِ إِلا غَالِبًا أَوْ مَغْلُوبًا [6] .
وَقِيلَ: إِنَّ مُصْعَبًا أَبَى الأَمَانَ، وَأَنَّهُمْ أَثْخَنُوهُ بِالرَّمْيِ، ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ الثَّقَفِيُّ، فَطَعَنَهُ وَقَالَ: يَا لِثَارَاتِ الْمُخْتَارِ. وَكَانَ مِمَّنْ قَاتَلَ مَعَ مُصْعَبٍ [7] .
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا تَفَرَّقَ عَنْ مُصْعَبٍ جُنْدُهُ قِيلَ لَهُ: لَوِ اعْتَصَمْتَ بِبَعْضِ الْقِلاعِ وَكَاتَبْتَ مَنْ بَعُدَ عَنْكَ كَالْمُهَلَّبِ وَفُلانٍ، فَإِذَا اجْتَمَعَ لَكَ مَنْ تَرْضَاهُ لَقِيتَ الْقَوْمَ فَقَدْ ضَعُفْتَ جِدًّا وَاخْتَلَّ
__________
[1] في الأصل «الحصن» والتصحيح من تاريخ الطبري 6/ 158، وأنساب الأشراف 5/ 345.
[2] تاريخ الطبري 6/ 158، أنساب الأشراف 5/ 345.
[3] في تاريخ الطبري «جعار» بدل «ضباع» .
[4] البيت في تاريخ الطبري 6/ 158، وأنساب الأشراف 5/ 345 و 348، وأمالي الشجري 2/ 113، والكامل في الأدب للمبرّد 3/ 5، ولسان العرب، مادّة (جعفر) ومادّة (جرر) ، والكامل في التاريخ لابن الأثير 4/ 332.
[5] في تاريخه 6/ 158.
[6] تاريخ الطبري 6/ 158، 159.
[7] تاريخ الطبري 6/ 159.(5/304)
أَصْحَابُكَ، فَلَبِسَ سِلاحَهُ وَخَرَجَ فِيمَنْ بَقِيَ مَعَهُ وَهُوَ يَتَمَثَّلُ بِشِعْرٍ طَرِيفٍ الْعَنْبَرِيِّ [1] الَّذِي كَانَ يُعَدُّ بِأَلْفِ فَارِسٍ بِخُرَاسَانَ:
عَلامَ أَقُولُ السَّيْفَ يُثْقِلُ عَاتِقيِ ... إِذَا أَنَا لَمْ أَرْكَبْ بِهِ الْمَرْكَبَ الصَّعْبَا
سَأَحْمِيكُمْ حَتَّى أَمُوتَ وَمَنْ يَمُتْ ... كَرِيمًا فَلا لَوْمًا عَلَيْهِ وَلا عَتْبَا
وَرَوَى غَسَّانُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: قَالَ ابْنُ الأَشْتَرِ لِمُصْعَبٍ: ابْعَثْ إِلَى زِيَادِ بْنِ عَمْرٍو وَمَالِكِ بْنِ مِسْمَعٍ وَوُجُوهٍ من وجوه أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يَغْدُرُوا بِكَ، فَأَبَى، فَقَالَ ابْنُ الأَشْتَرِ: فَإِنِّي أَخْرُجُ الآنَ فِي الْخَيْلِ، فَإِذَا قُتِلْتُ فَأَنْتَ أَعْلَمُ. قَالَ: فَخَرَجَ وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.
وَقَالَ الْفَسَوِيُّ [2] : قُتِلَ مَعَ مُصْعَبٍ ابْنُهُ عِيسَى، وَجُرِحَ مُسْلِمُ بْنُ عَمْرٍو الْبَاهِلِيُّ فَقَالَ: احْمِلُونِي إِلَى خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، فَحُمِلَ إِلَيْهِ، فَاسْتَأْمَنَ لَهُ.
وَوَثَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادِ بْنِ ظَبْيَانَ عَلَى مُصْعَبٍ فَقَتَلَهُ عِنْدَ دَيْرِ الْجَاثَلِيقِ، وَذَهَبَ بِرَأْسِهِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَسَجَدَ للَّه [3] .
وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ فَاتِكًا رَدِيئًا، فَكَانَ يَتَلَهّفُ وَيَقُولُ: كَيْفَ لَمْ أَقْتُلْ عَبْدَ الْمَلِكِ يَوْمَئِذٍ حِينَ سَجَدَ، فَأَكُونُ قَدْ قَتَلْتُ مَلِكَيَّ الْعَرَبِ [4] .
وَقالَ أَبُو الْيَقْظَانِ وَغَيْرُهُ: طَعَنَهُ زَائِدَةُ وَاحْتَزَّ رَأْسَهُ ابْنُ ظَبْيَانَ.
وَلابْنِ قَيْسٍ الرُّقَيَّاتِ:
لَقَدْ أَوْرَثَ الْمِصْرَيْنِ حُزْنًا [5] وَذِلَّةً ... قَتِيلٌ بِدَيْرِ الجاثليق مقيم
__________
[1] هو طريف بن تميم العنبري، كان أثقل العرب على عدوّه وطأة وأدركهم بثأر، وأيمنهم نقيبة، وأعساهم قناة لمن رام هضمه، وأقراهم لضيفه.. (انظر عنه في: تاريخ الطبري 8/ 70، ومعاهد التنصيص للعباسي 1/ 204 و 205) .
[2] في المعرفة والتاريخ 3/ 331.
[3] تاريخ الطبري 6/ 160، البداية والنهاية 8/ 321، المعرفة والتاريخ 3/ 331، والأخبار الموفقيات 560.
[4] البداية والنهاية 8/ 321، الأغاني 19/ 126، أنساب الأشراف 5/ 340، الكامل في التاريخ 4/ 328، تاريخ اليعقوبي 2/ 265.
[5] هكذا في الأصل، والبداية والنهاية. وفي ديوانه وتاريخ الطبري «خزيا» .(5/305)
فَمَا قَاتَلَتْ فِي اللَّهِ [1] بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ ... وَلا صَبَرَتْ عِنْدَ اللِّقَاءِ تَمِيمُ
وَكُلُّ ثُمَالِيِّ عِنْدَ مَقْتَلِ مُصْعَبٍ ... غَدَاةَ دَعَاهُمْ لِلْوَفَاءِ دُحَيْمُ [2]
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: إِنَّ مُصْعَبًا قَالَ يَوْمًا وَهُوَ يَسِيرُ لِعُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَخْبِرْنِي عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَيْفَ صَنَعَ حِينَ نَزَلَ بِهِ، فَأَنْشَأَ يُحَدِّثُهُ عَنْ صَبْرِهِ، وَإِبَائِهِ مَا عُرِضَ عَلَيْهِ، وَكَرَاهِيَّتِهِ أَنْ يَدْخُلَ فِي طَاعَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ حَتَّى قُتِلَ، قَالَ: فَضُرِبَ بِسَوْطِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ فَرَسِهِ وَقَالَ:
وَإِنَّ الأُلَى بِالطَّفِّ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... تَأَسَّوْا فَسَنُّوا لِلْكِرَامِ التَّأَسِّيَا [3]
قَالَ: فَعَرَفْتُ وَاللَّهِ أَنَّهُ لا يَفِرُّ، وَأنَّهُ سَيَصْبِرُ حَتَّى يُقْتَلَ [4] . قَالَ: وَالْتَقَيَا بِمَسْكِنَ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَيْلَكُمْ مَا أَصْبَهَانُ هَذِهِ؟ قِيلَ.
سُرَّةُ الْعِرَاقِ، قَالَ: قَدْ وَاللَّهِ كَتَبَ إِلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ ثَلاثِينَ مِنْ أَشْرَافِ الْعِرَاقِ، وَكُلُّهُمْ يَقُولُ: إِنْ خَبِبْتَ بِمُصْعَبٍ فَلِي أَصْبَهَانُ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: فَكَتَبَ إِلَى كُلٍّ مِنْهُمْ: أَنْ نَعَمْ، فَلَمَّا الْتَقَوْا قَالَ مُصْعَبٌ لِرَبِيعَةَ: تَقَدَّمُوا لِلْقِتَالِ. فَقَالُوا: هَذِهِ عَذْرَةٌ [5] بَيْنَ أَيْدِينَا فَقَالَ: مَا تَأْتُونَ أَنْتَنَ مِنَ الْعَذِرَةَ [6] ، يَعْنِي تَخَلُّفَكُمْ عَنِ الْقِتَالِ.
وَقَدْ كَانَتْ رَبِيعَةُ قَبْلُ مُجْمِعَةً عَلَى خِذْلانِهِ، فَأَظْهَرَتْ ذَلِكَ، فَخَذَّلَهُ النَّاسُ. وَلَمْ يَتَقَدَّمْ أَحَدٌ يُقَاتِلُ دُونَهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: الْمَرْءُ مَيِّتٌ، فَلأَنْ يَمُوتَ كَرِيمًا أَحْسَنَ بِهِ مِنْ أَنْ يَضْرَعَ إِلَى مَنْ قَدْ وَتَرَهُ، لا أستعين بربيعة أبدا
__________
[1] في تاريخ الطبري، والبداية والنهاية: «فما نصحت للَّه» .
[2] هذا البيت لم يذكره الطبري، وانظر عنده أبياتا أخر. (6/ 161) وديوان عبد الله بن قيس بن الرقيّات- ص 196، وكتاب الفتوح لابن أعثم الكوفة- ج 6/ 268، والبداية والنهاية 8/ 322، وأنساب الأشراف 5/ 342، والأخبار الطوال 313 (باختلاف في الألفاظ) ، ومروج الذهب 3/ 116،.
[3] البيت لابن قتة كما جاء في: أنساب الأشراف 5/ 339، والأغاني 19/ 129، وهو في:
الفتوح لابن أعثم 6/ 264.
[4] الأغاني 19/ 129، 130.
[5] في الأصل «هذه محدوة» والتصحيح من تاريخ الطبري.
[6] في الأصل «أبين من المحزوة» والتصحيح من تاريخ الطبري.(5/306)
وَلا بِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، مَا وَجَدْنَا لَهُمْ وَفَاءً، انْطَلِقْ يَا بُنَيَّ إِلَى عَمِّكَ فَأَخْبِرْهُ بِمَا صَنَعَ أَهْلُ الْعِرَاقِ، وَدَعْنِي. فَإِنِّي مَقْتُولٌ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لا أُخْبِرُ نِسَاءَ قُرَيْشٍ بِصَرْعَتِكَ أَبَدًا، قَالَ: فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تُقَاتِلَ فَتَقَدَّمْ حَتَّى أَحْتَسِبُكَ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وَتَقَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْتَرَ فَقَاتَلَ قِتَالا شَدِيدًا حَتَّى أَخَذَتْهُ الرِّمَاحُ فَقُتِلَ، وَمُصْعَبُ جَالِسٌ عَلَى سَرِيرٍ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ نَفَرٌ لِيَقْتُلُوهُ، فَقَاتَلَ أَشَدَّ الْقِتَالِ حَتَّى قُتِلَ، وَاحْتَزَّ ابْنُ ظَبْيَانَ رَأْسَهُ.
وَبَايَعَ أَهْلُ الْعِرَاقِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَدَخَلَهَا، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْكُوفَةِ أَخَاهُ بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ.
قِيلَ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَمَّا بَلَغَهُ مَقْتَلُ أَخِيهِ مُصْعَبٍ قَامَ فَقَالَ: الْحَمْدُ للَّه الَّذِي خَلَقَ الْخَلْقَ [1] ، ثُمَّ ذَكَرَ مَصْرَعَ أَخِيهِ فَقَالَ: أَلا إِنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ أَهْلُ الْغَدْرِ وَالنِّفَاقِ أَسْلَمُوهُ وَبَاعُوهُ، وَاللَّهِ مَا نَمُوتُ عَلَى مَضَاجِعِنَا كَمَا يَمُوتُ بَنُو أَبِي الْعَاصِ، فَمَا قُتِلَ مِنْهُمْ رَجُلٌ فِي زَحْفٍ وَلا نَمُوتُ إِلا قَعْصًا [2] بِالرِّمَاحِ، وَتَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ [3] .
وَفِيهَا خَرَجَ أَبُو فُدَيْكٍ فَغَلَبَ عَلَى الْبَحْرَيْنِ [4] .
وَقِيلَ هُوَ الَّذِي قَتَلَ نَجْدَةَ الحروري، فَسَارَ إِلَيْهِ جَيْشٌ مِنَ الْبَصْرَةِ، عَلَيْهِمْ أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ الأُمَوِيُّ أَخُو أَمِيرِهَا خَالِدٍ، فَهَزَمَهُ أَبُو فُدَيْكٍ [5] ، فَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ إِلَى خَالِدٍ يُعَنِّفَهُ لِكَوْنِهِ اسْتَعْمَلَ أُمَيَّةَ عَلَى حَرْبِ الْخَوَارِجِ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلِ الْمُهَلَّبِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَضَ إِلَيْهِمْ بِنَفْسِهِ، وَيَسْتَعِينَ بِرَأْيِ الْمُهَلَّبِ، وَلا يَعْمَلُ أَمْرًا دُونَهُ. وَكَتَبَ إِلَى بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ يَمُدَّهُ بخمسة
__________
[1] في الكامل في التاريخ 4/ 335 «الحمد للَّه الّذي له الخلق والأمر» .
[2] في الأصل «قصعا» ، والتصحيح من الطبري والكامل في التاريخ.
[3] الطبري 6/ 166، الكامل 4/ 335، عيون الأخبار 2/ 240، العقد الفريد 2/ 183، مروج الذهب 3/ 119.
[4] تاريخ الطبري 6/ 174.
[5] الطبري، تاريخ اليعقوبي 2/ 273.(5/307)
آلافٍ، عَلَيْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأشعث، فسار خالد بالناس حتّى قدم الأهواز، وَسَارَتْ إِلَيْهِ الأَزَّارِقَةُ، فَتَنَازَلَ الْجَيْشَانِ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ زَحَفَ إِلَيْهِمْ خَالِدٌ فَأَخَذُوا يَنْحَازُونَ، فَاجْتَرَأَ عَلَيْهِمُ النَّاسُ، وَكَثُرَتْ عَلَيْهِمُ الْخَيْلُ، فَوَلُّوا مُدْبِرِينَ عَلَى حَمِيَّةٍ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ، واتّبعهم داود بن قحذم أَمِيرُ الْمَيْسَرَةِ وَعَتَّابُ بْنُ وَرْقَاءَ، وَجَعَلُوا يَتَطَلَّبُونَهُمْ بِفَارِسٍ، حَتَّى هَلَكَتْ خُيُولُ الْجُنْدِ وَجَاعُوا، وَرَجَعَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ مُشَاةً [1] .
قَالَ الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ [2] : وَفِيهَا كَانَتْ وَقَعَتْ بَيْنَ ابْنِ خَازِمٍ بِخُرَاسَانَ وَبَيْنَ بَحِيرِ [3] بْنِ وَرْقَاءَ بِقُرْبِ مَرْوَ، وَقُتِلَ خَلْقٌ، وَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ فِي الْوَقْعَةِ، وَلِيَ قَتْلَهُ وَكِيعُ بْنُ عُمَيْرَةَ بْنِ الدَّوْرَقِيَّةِ.
وَيُقَالَ: اعْتَوَرَ عَلَيْهِ بَحِيرٌ، وَعَمَّارٌ الْجُشَمِيُّ، وَابْنُ الدَّوْرَقِيَّةِ وَطَعَنُوهُ فَصَرَعُوهُ، فَقِيلَ لِوَكِيعٍ: كَيْفَ قَتَلْتَهُ؟ قَالَ: غَلَبْتُهُ بِفَضْلِ الْقَنَا، وَلَمَّا صُرِعَ قَعَدْتُ عَلَى صَدْرِهِ، فَحَاوَلَ الْقِيَامَ فَلَمْ يَقْدِرْ، وَقُلْتُ: يَا ثَارَاتَ دُوَيْلَةَ- وَهُوَ أَخُو وَكِيعٍ لأُمِّهِ قُتِلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ- قَالَ: فَتَنَخَّمَ فِي وَجْهِي وَقَالَ: لَعَنَكَ اللَّهُ!، تَقْتُلُ كَبْشَ مُضَرَ بِأَخِيكَ عِلْجٍ لا يَسْوَى [4] كَفًّا من نَوَى، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ رِيقًا مِنْهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ عِنْدَ الْمَوْتِ [5] .
ثُمَّ أَقْبَلَ بُكَيْرُ بْنُ وَسَّاجٍ، فَأَرَادَ أَخْذَ رَأْسِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَازِمٍ، فَمَنَعَهُ بَحِيرٍ، فَضَرَبَهُ بُكَيْرٌ بِعَمُودٍ وَأَخَذَ الرَّأْسَ، وَقَيَّدَ بَحِيرًا، وَبَعَثَ بِالرَّأْسِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ [6] .
ثُمَّ حَكَى ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ الْخِلَافَ فِي أَنَّ ابْنَ خَازِمٍ إنّما قتل بعد
__________
[1] الخبر مطوّل في تاريخ الطبري 6/ 169- 173، والكامل في التاريخ 4/ 343، 344، ونهاية الأرب 21/ 150.
[2] ج 6/ 177.
[3] مهمل في الأصل، والتحرير من تاريخ الطبري.
[4] عند الطبري «يساوي» .
[5] تاريخ الطبري 6/ 177، الكامل في التاريخ 4/ 346.
[6] تاريخ الطبري، الكامل.(5/308)
مَقْتَلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَنَّ رَأْسَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَرَدَ عَلَى ابْنِ خَازِمٍ، فَحَلَفَ أَنْ لا يُعْطِيَ عَبْدَ الْمَلِكِ طَاعَةً أَبَدًا، وَإِنَّهُ دَعَا بِطَسْتٍ فَغَسَّلَ الرَّأْسَ وَكَفَّنَهُ وَحَنَّطَهُ، وَصَلَّى عَلَيْهِ، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى آلِ الزُّبَيْرِ بِالْمَدِينَةِ [1] .
قُلْتُ: وَلَعَلَّهُ رَأْسُ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ.
وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بَعَثَ إِلَى ابْنِ خَازِمٍ مَعَ سَوْرَةَ النُّمَيْرِيِّ: أَنَّ لَكَ خُرَاسَانَ سَبْعَ سنين على أن تبايعني، فقال للرسول: لَوْلا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنَ بَنِي سُلَيْمٍ وَبَنِي عَامِرٍ لَقَتَلْتُكَ، وَلَكِنْ كُلْ هَذِهِ الصَّحِيفَةَ، فَأَكَلَهَا [2] .
وَفِيهَا سَارَ الْحَجَّاجُ إِلَى حَرْبِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَوَّلُ قِتَالٍ كَانَ بَيْنَهُمَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ، ودام الحصار أشهرا [3] .
__________
[1] تاريخ الطبري 6/ 178، الكامل في التاريخ 4/ 346، البلدان لليعقوبي 299.
[2] تاريخ الطبري 6/ 176، الكامل في التاريخ 4/ 345.
[3] تاريخ خليفة 268، 269.(5/309)
حَوَادِثُ [سَنَةِ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ]
فِيهَا تُوُفِّيَ:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ.
وَعَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ.
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ الْمُعَلَّى الأَنْصَارِيُّ.
وَرَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ التَّيْمِيُّ.
وَعَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ.
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ.
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعِ بْنِ الأَسْوَدِ الْعَدَوِيُّ.
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ، قُتِلُوا ثَلاثَتُهُمْ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
وَفِيهَا تُوُفِّيَ: مَالِكُ بْنُ مِسْمَعٍ الرَّبَعِيُّ، وَأَوْسُ بْنُ ضَمْعَجٍ بِخُلْفٍ فِيهِ.
وَفِيهَا حَاصَرَ الْحَجَّاجُ مَكَّةَ وَبِهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ قَدْ حَصَّنَهَا، وَنَصَبَ الْحَجَّاجُ عَلَيْهَا الْمَنْجَنِيقَ.
فَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذِّمَارِيُّ: ثنا الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ بِحَدِيثٍ طَوِيلٍ مِنْهُ: وَقَاتَلَ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ ابن الزبير(5/310)
أَيَّامًا، وَأَحْرَقَ فُسْطَاطًا لَهُ نَصَبَهُ عِنْدَ الْبَيْتِ، فَطَارَ الشَّرَرُ إِلَى الْبَيْتِ، وَاحْتَرَقَ يَوْمَئِذٍ قَرْنَا الْكَبْشِ الَّذِي فَدَى بِهِ إِسْحَاقَ [1] ، إِلَى أَنْ قَالَ فِي الْحَدِيثِ: فَخَطَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ وَقَالَ: مَنْ لابْنِ الزُّبَيْرِ؟ فَقَالَ الْحَجَّاجُ: أَنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَسْكَتَهُ، ثُمَّ أَعَادَ قَوْلَهُ، فَقَالَ: أَنَا، فَعَقَدَ لَهُ عَلَى جَيْشٍ إِلَى مَكَّةَ، فَنَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ، وَرَمَى بِهِ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَلَى مَنْ مَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَجَعَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى الْحَجَرِ الأَسْوَدِ بَيْضَةً يَعْنِي خَوْذَةً تَرُدُّ عَنْهُ، فَقِيلَ لابْنِ الزُّبَيْرِ: أَلا تُكَلِّمُهُمْ فِي الصُّلْحِ، فَقَالَ: أوَ حِينَ صُلْحٍ هَذَا، وَاللَّهِ لَوْ وَجَدُوكُمْ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ لَذَبَحُوكُمْ جَمِيعًا، ثُمَّ قَالَ:
وَلَسْتُ بِمُبْتَاعِ الْحَيَاةِ بِسُبَّهٍ ... وَلا مُرْتَقٍ [2] مِنْ خَشْيَةِ الْمَوْتِ سُلَّمَا
أُنَافِسُ سَهْمًا إِنَّهُ غَيْرُ بَارِحٍ [3] ... مُلَاقِي الْمَنَايَا أَيَّ صَرْفٍ تَيَمَّمَا [4]
قَالَ: وَكَانَ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ طَائِفَةٌ مِنْ أَعَوْانِ ابْنِ الزُّبَيْرِ يَرْمُونَ عَدُوَّهُ بِالآجُرِّ، وَحَمَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَأَصَابَتْهُ آجُرَّةٌ فِي مَفْرَقِهِ فَلَقَتْ رَأْسَهُ [5] .
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: وثنا شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، وثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ بن عروة، عن أبيه قالوا: لما قتل
__________
[1] كذا في النسخ، وهو مرجوح. وقد قال المحبّي في (جنى الجنّتين- ص 50) : وأما القول بأنّ إسحاق هو الذبيح فقد استدلّ له بدلائل من الحديث والأخبار. أكثر ممكنة التأويل. وذكر أن سبب ذبح إسحاق على القول بأنه الذبيح أنّ الخليل إبراهيم قال لسارة: إن جاءني منك ولد فهو للَّه ذبيح، فجاءت بإسحاق ...
وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي، إن إسماعيل هو الراجح عند الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
(كما في جنى الجنّتين) .
[2] في (المفضّليّات 12) : «ولا مبتغ» .
[3] هذا الشطر من البيت ورد مختلفا في: «المفضّليّات، وفي تاريخ الطبري، وأنساب الأشراف 5/ 367:.
أبى لابن سلمى أنّه غير خالد.
[4] البيتان للحصين بن الحمام المرّي، في المفضليّات 12، وتاريخ الطبري 6/ 191 بتقديم البيت الثاني على الأول، وكذا في أنساب الأشراف 5/ 367، ومروج الذهب 3/ 121.
[5] تاريخ الطبري 6/ 192.(5/311)
عَبْدُ الْمَلِكِ مُصْعَبًا بَعَثَ الْحَجّاجُ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي أَلْفَيْنِ، فَنَزَلَ الطَّائِفَ، وَبَقِيَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إِلَى عَرَفَةَ، وَيَبْعَثُ ابْنُ الزُّبَيْرِ بَعْثًا فَتُهْزَمُ خَيْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَيُرَدُّ أَصْحَابُ الْحَجّاجِ إِلَى الطَّائِفِ [1] ، فَكَتَبَ الْحَجّاجُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فِي دُخُولِ الْحَرَمِ وَمُحَاصَرَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَنْ يَمُدَّهُ بِجَيْشٍ، فَأَجَابَهُ وَكَتَبَ إِلَى طَارِقِ بْنِ عَمْرٍو فَقَدِمَ عَلَى الْحَجَّاجِ فِي خَمْسَةِ آلافٍ، فَحَجَّ الْحَجَّاجُ بِالنَّاسِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ يَعْنِي، ثُمَّ صَدَرَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ وَطَارِقُ وَلَمْ يَطُوفَا بالبيت ولا قربا النساء حتى قتل ابن الزُّبَيْرِ فَطَافَا [2] .
وَحُصِرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ لَيْلَةِ هِلالِ ذِي الْقَعْدَةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ [3] وَسَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً.
وَقَدِمَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ حُبْشَانُ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَجَعَلُوا يَرْمُونَ فَلا يَقَعَ لَهُمْ مِزْرَاقٌ إلا فِي إِنْسَانٍ، فَقَتَلُوا خَلْقًا [4] .
وَكَانَ مَعَهُ أَيْضًا مِنْ خَوَارِجِ أَهْلِ مِصْرَ، فَقَاتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا، ثُمَّ ذَكَرُوا عُثْمَانَ فَتَبَرَّءُوا مِنْهُ، فَبَلَغَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَنَاكَرَهُمْ، فَانْصَرَفُوا عَنْهُ [5] . وَأَلَحَّ عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ بِالْمَنْجَنِيقِ وَبِالْقِتَالِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَحَبَسَ عَنْهُمُ الْمِيرَةَ فَجَاعُوا، وَكَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ زَمْزَمَ فَتَعْصِمُهُمْ، وَجَعَلَتِ الْحِجَارَةُ تَقَعُ فِي الْكَعْبَةِ.
وَثنا شُرَحْبِيلُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: انْظُرُوا كَيْفَ تَضْرِبُونَ بِسِيُوفِكُمْ، وَلْيَصُنِ الرَّجُلُ سَيْفَهُ كَمَا يَصُونُ وَجْهَهُ [6] ، فَإِنَّهُ قَبِيحٌ بِالرَّجُلِ أَنْ يُخْطِئَ مَضْرِبَ سَيْفِهِ، فَكُنْتَ أرمقه إذا ضرب فما يخطئ مضربا
__________
[1] أنساب الأشراف 5/ 357.
[2] تاريخ الطبري 6/ 174، 175، الكامل في التاريخ 4/ 349، 350.
[3] وفي تاريخ الطبري 6/ 187: «حصر ابن الزبير ليلة هلال ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين وقتل لسبع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، وكان حصر الحجّاج لابن الزبير ثمانية أشهر وسبع عشرة ليلة» . وهذا القول في أنساب الأشراف 5/ 368.
[4] الخبر في أنساب الأشراف 5/ 360، 361 برواية الواقدي.
[5] أنساب الأشراف 5/ 361.
[6] انظر: تاريخ الطبري 6/ 191.(5/312)
وَاحِدًا شِبْرًا مِنْ ذُبَابِ السَّيْفِ أَوْ نَحْوِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: (خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الْحَوَارِيِّ) [1] .
فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ قَامَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ فَقَاتَلَهُمْ أَشَدَّ الْقِتَالِ، وَجَعَلَ الْحَجّاجُ يَصِيحُ بِأَصْحَابِهِ: يا أهل الشام، يَا أَهْلَ الشَّامِ، اللَّهَ اللَّهَ فِي الطَّاعَةِ، فَيَشُدُّونُ الشَّدَّةَ الْوَاحِدَةَ حَتَّى يُقَالَ: قَدِ اشْتَمَلُوا عَلَيْهِ، فَيَشُدُّ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُفَرِّجَهُمْ وَيَبْلُغَ بِهِمْ بَابَ بَنِي شَيْبَةَ ثُمَّ يَكِرُّ وَيَكِرُّونَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مَعَهُ أَعْوَانٌ، فَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا حَتَّى جَاءَهُ حَجَرٌ عَائِرٌ [2] مِنْ وَرَائِهِ فَأَصَابَهُ فِي قَفَاهُ فَوَقَذَهُ [3] فَارْتَعَشَ سَاعَةً، ثُمَّ وَقَعَ لِوَجْهِهِ، ثُمَّ انْتَهَضَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ، وَابْتَدَرَهُ النَّاسُ، وَشَدَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَضَرَبَ الرَّجُلَ فَقَطَعَ رِجْلَيْهِ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى مِرْفَقِهِ الأَيْسَرِ، وَجَعَلَ يَضْرِبُهُ وَمَا يَقْدِرُ أَنْ يَنْهَضَ حَتَّى كَثَّرُوهُ، فَصَاحَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الدَّارِ: «وَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَاهْ) قَالَ: وَابْتَدَرُوهُ فَقَتَلُوهُ رَحِمَهُ اللَّهُ [4] .
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ قَالَ:
رَأَيْتُ الْمَنْجَنِيقَ يُرْمَى بِهِ، فَرَعَدَتِ السَّمَاءُ وَبَرَقَتْ، وَاشْتَدَّ الرَّعْدُ، فَأَعْظَمَ ذَلِكَ أَهْلَ الشَّامِ وَأَمْسَكُوا، فَجَاءَ الْحَجَّاجُ وَرَفَعَ الْحَجَرُ بِيَدِهِ وَرَمَى مَعَهُمْ، ثُمَّ إِنَّهُمْ جَاءَتْهُمْ صَاعِقَةٌ تَتْبَعُهَا أُخْرَى، فَقَتَلَتْ مِنْ أَصْحَابِهِ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلا، فَانْكَسَرَ أَهْلُ الشَّامِ، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: لا تُنْكِرُوا هَذِهِ فَهَذِهِ صَوَاعِقَ تِهَامَةَ، ثُمَّ جَاءَتْ صَاعِقَةٌ فَأَصَابَتْ عِدَّةً مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِنَ الْغَدِ [5] .
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَهْمِ قَالَ:
رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَوْمَ قُتِلَ وَقَدْ خَذَلَهُ مَنْ مَعَهُ خِذْلانًا شَدِيدًا، وَجَعَلُوا يخرجون
__________
[1] انظر: أنساب الأشراف 5/ 364.
[2] مصحّفة في النسخ، والتحرير من: أساس البلاغة.
[3] في الأصل وبقيّة النسخ «وقده» بالدال المهملة.
[4] أنساب الأشراف 5/ 365.
[5] الخبر في تاريخ الطبري 6/ 187، والكامل في التاريخ 4/ 351، وهو باختصار في تاريخ اليعقوبي 2/ 266.(5/313)
إِلَى الْحَجَّاجِ نَحْوٌ مِنْ عَشَرَةِ آلافٍ [1] ، وَقِيلَ: إِنَّهُ مِمَّنْ فَارَقَهُ وَلَعَلَّهُ مِنَ الْجُوعِ ابْنَاهُ حَمْزَةُ وَخُبَيْبٌ، فَخَرَجَا إِلَى الْحَجّاجِ وَطَلَبَا أَمَانًا لِأَنْفُسِهِمَا.
فَرَوَى الْوَاقِدِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ [2] ، عَنْ مُحَمَّدِ [3] بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: دَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى أُمِّهِ وَقَالَ: يَا أُمَّهْ خَذَلَنِي النَّاسُ حَتَّى وَلَدَيْ وَأَهْلِي، وَلَمْ يَبْقَ مَعِي إِلا مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ دَفْعِ أَكْثَرَ مِنْ صَبْرِ سَاعَةٍ، وَالْقَوْمُ يُعْطُونِي مَا أَرَدْتُ مِنَ الدُّنْيَا، فَمَا رَأْيُكِ؟ قَالَتْ: أَنْتَ أَعْلَمُ، إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ عَلَى حَقٍّ وَإِلَيْهِ تَدْعُو فَامْضِ لَهُ، فَقَدْ قُتِلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُكَ، وَلا تُمَكِّنْ مِنْ رَقَبَتِكَ يَتَلَعَّبُ بِهَا غِلْمَانُ بَنِي أُمَيَّةَ، وَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا أَرَدْتَ الدُّنْيَا فَبِئْسَ الْعَبْدُ أَنْتَ، أَهْلَكْتَ نَفْسَكَ وَمَنْ قُتِلَ مَعَكَ. فَقَبَّلَ رأسها وقال: هذا رأيي الَّذِي قُمْتُ بِهِ، مَا رَكَنْتُ إِلَى الدُّنْيَا، وَمَا دَعَانِي إِلَى الْخُرُوجِ إلا الْغَضَبُ للَّه، فَانْظُرِي فَإِنِّي مَقْتُولٌ، فَلا يَشْتَدُّ حُزْنُكِ، وَسَلِّمِي لِأَمْرِ اللَّهِ، فِي كَلامٍ طَوِيلٍ بَيْنَهُمَا [4] .
وَقَالَ: وَجَعَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَحْمِلُ فِيهِمْ كَأَنَّهُ أَسَدٌ فِي أَجَمَةٍ مَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَيَقُولُ:
9 لَوْ كَانَ قِرْنِي وَاحِدًا كَفَيْتُهُ [5] .
وَبَاتَ لَيْلَةَ الثُّلاثَاءِ سَابِعَ عَشْرَ جُمَادَى الأُولَى [6] وَقَد أَخَذَ عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ بِالأَبْوَابِ، فَبَاتَ يُصَلِّي عَامَّةَ اللَّيْلِ، ثُمَّ احْتَبَى بِحَمَائِلِ سَيْفِهِ فَأَغْفَى، ثُمَّ انْتَبَهَ بالفجر، فصلّى الصبح فقرأ: (ن والقلم) حَرْفًا حَرْفًا، ثُمَّ قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عليه، وأوصى بالثّبات [7] .
__________
[1] تاريخ الطبري 6/ 188.
[2] في طبعة القدسي 3/ 115 «ابن أبي الزناد» .
[3] هكذا في الأصل، وفي تاريخ الطبري «مخرمة» . انظر عنه في: تهذيب 10/ 71 رقم 121.
[4] الخبر بطوله في تاريخ الطبري 6/ 188، 189، والكامل في التاريخ 4/ 352، 353، وانظر بعضه في: أنساب الأشراف 5/ 364، وتاريخ اليعقوبي 2/ 267.
[5] الخبر في تاريخ الطبري 6/ 190، 191، وشطر البيت لدويد بن زيد. انظر: طبقات الشعراء لابن سلام 28.
[6] في نسخة دار الكتب المصرية «جمادى الآخرة» ، وكذا أثبتها القدسي- رحمه الله- في طبعته 3/ 115، وما أثبتناه عن نسخة الأصل، وهو يتّفق مع الطبري.
[7] تاريخ الطبري 6/ 191.(5/314)
ثُمَّ حَمَلَ حَتَّى بَلَغَ الْحَجُونَ، فَأُصِيبَ بِآجُرَّةٍ فِي وَجْهِهِ شَجَّتَهُ، فَقَالَ:
وَلَسْنَا عَلَى الأَعْقَابِ تَدْمَى كُلُومُنَا ... وَلَكِنْ عَلَى أَقْدَامِنَا تَقْطُرُ الدِّمَا [1]
ثُمَّ تَكَاثَرُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ، وَبُعِثَ بِرَأْسِهِ، وَرَأْسَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ، وَعُمَارَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إِلَى الشَّامِ بَعْدَ أَنْ نُصِبُوا بِالْمَدِينَةِ [2] .
وَاسْتُوسِقَ [3] الأَمْرُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْحَرَمَيْنِ الْحَجّاجَ بْنَ يُوسُفَ، فَنَقَضَ الْكَعْبَةَ الَّتِي مِنْ بِنَاءِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانَتْ تَشَعَّثَتْ مِنَ الْمَنْجَنِيقِ، وَانْفَلَقَ الْحَجَرُ الأَسْوَدُ مِنَ الْمَنْجَنِيقِ فَشَعَّبُوهُ، وَبَنَاهَا الْحَجَّاجُ عَلَى بِنَاءِ قُرَيْشٍ وَلَمْ يَنْقُضْهَا إِلا مِنْ جِهَةِ الْمِيزَابِ، وَسَدَّ الْبَابَ الَّذِي أَحْدَثَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَكَانِ [4] .
وَفِيهَا غَزَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَيْسَارِيَّةَ وَهَزَمَ الرُّومَ [5] .
وَفِيهَا سَارَ عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ فِي نَحْوِ عَشَرَةِ آلافٍ لِحَرْبِ أَبِي فُدَيْكٍ، فَالْتَقَوْا، فَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ أَخُوهُ عُمَرُ بن موسى. فانكسرت الميسرة، وأثخن
__________
[1] في أكثر النسخ «الدم» وهو وهم. والبيت للحصين بن الحمام المرّي، في ديوان الحماسة بشرح المرزوقي 1/ 192، وتاريخ الطبري 6/ 192، وقال البلاذري حين ذكر البيت إنه لخالد بن الأعلم حليف بني مخزوم وهو عقيلي، وقال بعضهم هو لأبي عزّة الجمحيّ (أنساب الأشراف 5/ 365) ، والبيت أيضا في: الأخبار الطوال 315، والكامل في التاريخ 4/ 356، ومروج الذهب 3/ 121.
[2] تاريخ الطبري 6/ 192، الكامل في التاريخ 4/ 356، 357.
[3] استوسق الأمر: اجتمع.
[4] تاريخ الطبري 6/ 195 (حوادث سنة 74 هـ.) ، الكامل في التاريخ 4/ 365، أنساب الأشراف 5/ 373، أخبار مكة 1/ 208، 209، شفاء الغرام (بتحقيقنا) 1/ 311، 312، تاريخ خليفة 271، الأخبار الطوال 316، تاريخ اليعقوبي 2/ 272، وقال اليافعي:
«وأما قول الذهبي فنقض الكعبة وأعادها إلى بنائها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فظاهره أنه نقض الكعبة كلها وليس بصحيح» . (مرآة الجنان 1/ 151) .
[5] تاريخ الطبري 6/ 194، الكامل في التاريخ 4/ 363.(5/315)
أَمِيرُهَا بِالْجِرَاحِ، وَأَخَذَهُ الْخَوَارِجُ فَأَحْرَقُوهُ، فِي الْحَالِ، ثُمَّ تَنَاخَى الْمُسْلِمُونَ وَحَمَلُوا حَتَّى اسْتَبَاحُوا عَسْكَرَ الْخَوَارِجِ، وَقُتِلَ أَبُو فُدَيْكٍ وَحَصَرُوهُمْ فِي الْمُشَقِّرِ [1] ، ثُمَّ نَزَلُوا عَلَى الْحَكَمِ فَقُتِلَ عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ مِنْهُمْ نَحْوَ سِتَّةِ آلافٍ، وَأُسِرَ ثَمَانِمِائَةٍ، وَكَانَ أَبُو فُدَيْكٍ قَدْ أَسَرَ جَارِيَةَ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَأَصَابُوهَا وَقَدْ حَبِلَتْ مِنْ أَبِي فُدَيْكٍ [2] .
وَفِيهَا عَزَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ خَالِدًا عَنِ الْبَصْرَةِ وَأَضَافَهَا إِلَى أَخِيهِ بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ [3] .
وَاسْتَعْمَلَ عَلَى خُرَاسَانَ بكير بن وشاح [4] .
__________
[1] المشقّر: بضمّ أوّله، وفتح ثانيه، وتشديد القاف. حصن بين نجران والبحرين. (معجم البلدان 5/ 134) .
[2] تاريخ الطبري 6/ 193، الكامل في التاريخ 4/ 362، نهاية الأرب 21/ 150، 151.
[3] الطبري 6/ 194.
[4] في الأصل وطبعة القدسي 3/ 116 «وساج» . والتحرير من الطبري 6/ 194 وغيره.(5/316)
حَوَادِثُ [سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ]
تُوُفِّيَ فِيهَا:
رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ.
وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ.
وَسَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ.
وَخَرَشَةُ بْنُ الْحُرِّ [1] الْكُوفِيُّ يَتِيمُ عُمَرَ.
وَعَاصِمُ بْنُ ضَمْرَةَ.
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الْهُذَلِيُّ، لَهُ رُؤْيَةٌ.
وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ الْجُمَحِيُّ.
وَمَالِكُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ الأَصْبَحِيُّ جَدُّ مَالِكٍ الإِمَامِ.
وَأَبُو جُحَيْفَةَ السُّوَائِيُّ [2] .
وَفِيهَا فِي أَوَّلِهَا قِيلَ إِنَّ ابْنَ عُمَرَ تُوُفِّيَ، وَقَدْ ذُكِرَ.
وَفِيهَا سَارَ الْحَجَّاجُ مِنْ مَكَّةَ بعد ما بَنَى الْبَيْتَ الْحَرَامِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَقَامَ بِهَا ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ يَتَعَنَّتَ [3] أَهْلَهَا، وَبَنَى بِهَا مَسْجِدًا في بني سلمة، فهو ينسب إليه [4] .
__________
[1] في نسخة دار الكتب «الحرا» والتصحيح من أسد الغابة ومصادر ترجمته الآتية في موضعها.
[2] الأخبار الطوال للدينوري 316.
[3] في تاريخ الطبري «يتعبّث» .
[4] الطبري 6/ 195.(5/317)
وَاسْتَخَفَّ فِيهَا بِبَقَايَا الصَّحَابَةِ وَخَتَمَ فِي أَعْنَاقِهِمْ [1] .
فَرَوَى الْوَاقِدِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَمَّنْ رَأَى جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ مَخْتُومًا فِي يَدِهِ، وَرَأَى أَنَسًا مَخْتُومًا فِي عُنُقِهِ، يُذِلُّهُمْ بِذَلِكَ [2] .
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ الْحَجَّاجَ أَرْسَلَ إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَنْصُرَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ؟ قَالَ: قَدْ فَعَلْتَ، قَالَ: كَذَبْتَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَخُتِمَ فِي عُنُقِهِ بِرَصَاصٍ [3] .
وَفِيهَا- ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ [4]- وَلَّى عَبْدُ الْمَلِكِ الْمُهَلَّبَ بْنَ أَبِي صُفْرَةَ حَرْبَ الأَزَارِقَةِ، فَشُقَّ ذَلِكَ عَلَى بِشْرٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَخْتَارَ مَنْ أَرَادَ مِنْ جَيْشِ الْعِرَاقِ، فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ رَامَهُرْمُزَ، فَلَقِيَ بِهَا الْخَوَارِجَ، فَخَنْدَقَ عَلَيْهِ [5] .
وَفِيهَا عَزَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بُكَيْرَ بْنَ وِشَاحٍ عَنْ خُرَاسَانَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا أُمَيَّةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، عَزَلَ بُكَيْرًا خَوْفًا مِنَ افْتِرَاقِ تَمِيمٍ بِخُرَاسَانَ، فَإِنَّهُ أَخْرَجَ ابْنَ عَمِّهِ بَحِيرًا مِنَ الْحَبْسِ، فَالْتَفَّ عَلَى بَحِيرٍ خَلْقٌ، فَخَافَ أَهْلُ خُرَاسَانَ وَكَتَبُوا إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ أَنْ يُوَلِّيَ عَلَيْهِمْ قُرَشِيًّا لا يَحْسِدُ وَلا يَتَعَصَّبُ عَلَيْهِ، فَفَعَلَ [6] .
وَكَانَ أُمَيَّةُ سَيِّدًا شَرِيفًا فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِبُكَيْرٍ وَلا لِعُمَّالِهِ، بَلْ عَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُوَلِّيَهُ شُرْطَتَهُ، فَامْتَنَعَ، فَوَلَّى بَحِيرَ بْنَ وَرْقَاءَ [7] .
وَيُقَالُ: فِيهَا كَانَ مَقْتَلُ أَبِي فُدَيْكٍ، وَقَدْ مَرَّ فِي سنة ثلاث.
__________
[1] الطبري.
[2] الطبري.
[3] الطبري.
[4] في تاريخه 6/ 195، 196.
[5] الطبري 6/ 197، الكامل في التاريخ 4/ 366.
[6] الطبري 6/ 199 وما بعدها.، الكامل 4/ 367.
[7] الطبري 6/ 201، الكامل 4/ 368.(5/318)
حَوَادِثُ [سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ]
فِيهَا تُوُفِّيَ:
الْعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ السُّلَمِيُّ.
وَأَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ.
وَكُرَيْبُ بن أبرهة الأصبحيّ أمير الاسكندرية.
وَبِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ أَمِيرُ الْعِرَاقِ.
وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ الأَوْدِيُّ فِيهَا، وَقِيلَ: فِي الَّتِي قَبْلَهَا.
وَسُلَيْمُ بْنُ عِتْرٍ التُّجِيبِيُّ قَاضِي مِصْرَ وَقَاصُّهَا.
وَفِيهَا وَفَدَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ عَلَى أَخِيهِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى مِصْرَ زِيَادَ بْنَ حُنَاطَةَ التُّجِيبِيَّ، فتُوُفِّيَ زِيَادُ فِي شَوَّالٍ، وَاسْتَخْلَفَ أَصْبَغُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ [1] .
وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَخَطَبَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [2] . وَسُيِّرَ عَلَى إِمْرَةِ الْعِرَاقِ الْحَجَّاجُ، فَسَارَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْكُوفَةِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ رَاكِبًا بَعْدَ أَنْ وَهَبَ الْبَشِيرُ ثَلاثَةَ آلافِ دِينَارٍ [3] .
__________
[1] كتاب الولاة والقضاة 51، تاريخ خليفة 271.
[2] تاريخ الطبري 6/ 209، تاريخ اليعقوبي 2/ 273، تاريخ خليفة 271، مروج الذهب 4/ 399، المعرفة والتاريخ 3/ 332، الكامل في التاريخ 4/ 391، مرآة الجنان 1/ 156، شفاء الغرام 2/ 340، البداية والنهاية 9/ 10.
[3] الطبري 6/ 202، ابن الأثير 4/ 374، العقد الفريد 4/ 119.(5/319)
قَالَ الْوَليِدُ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الْحَجَّاجُ عَامِلا لِعَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى مَكَّةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِوِلايَتِهِ عَلَى الْعِرَاقِ، قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَهُ فِي نَفَرٍ ثَمَانِيَةٍ أَوْ تِسْعَةٍ عَلَى النَّجَائِبِ، فَلَمَّا كُنَّا بِمَاءٍ قَرِيبٍ مِنَ الْكُوفَةِ نَزَلَ فَاخْتَضَبَ وَتَهَيَّأَ، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ، ثُمَّ رَاحَ مُعْتَمًّا قَدْ أَلْقَى عَذْبَةَ الْعِمَامَةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مُتَقلَّدًا سَيْفَهُ، حَتَّى نَزَلَ عِنْدَ دَارِ الإِمَارَةِ عِنْدَ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، وَقَدْ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ بِالأَذَانِ الأَوَّلِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمُ الْحَجَّاجُ وَهُمْ لا يَعْلَمُونَ، فَجَمَعَ بِهِمْ، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَجَلَسَ عَلَيْهِ فَسَكَتَ، وَقَدِ اشْرَأَبُّوا إِلَيْهِ وَجَثَوْا عَلَى الرُّكَبِ وَتَنَاوَلُوا الْحَصَى لِيَقْذِفُوهُ بِهَا، وَقَدْ كَانُوا حَصَبُوا عَامِلا قَبْلَهُ، فَخَرَجَ عليهم، فسكت سكتة أبهتهم، وَأَحَبُّوا أَنْ يَسْمَعُوا كَلامَهُ، فَكَانَ بَدْءُ كَلامِهِ أَنْ قَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، يَا أَهْلَ الشِّقَاقِ وَيَا أَهْلَ النِّفَاقِ، وَاللَّهِ إنْ كَانَ أَمْرُكُمْ لَيَهُمُّنِي قَبْلَ أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ، وَلَقَدْ كُنْتُ أَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَبْتَلِيَكُمْ بِي، فَأَجَابَ دَعْوَتِي، إِلا أَنِّي سَرَيْتَ الْبَارِحَةَ فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي، فَاتَّخَذْتُ هَذَا مكَانَهُ- وَأَشَارَ إِلَى سَيْفِهِ- فو الله لَأَجُرَّنَّهُ فِيكُمْ جَرَّ الْمَرْأَةِ ذَيْلَهَا، وَلَأفْعَلَنَّ وَلَأَفْعَلَنَّ [1] .
قَالَ يَزِيدُ: فَرَأَيْتُ الْحَصَى مُتَسَاقِطًا مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَقَالَ: قُومُوا إِلَى بَيْعتِكُمْ، فَقَامَتِ الْقَبَائِلُ قَبِيلَةً قَبِيلَةً تُبَايِعُ، فَيَقُولُ: مَنْ؟ فَتَقُولُ: بَنُو فُلانٍ، حَتَّى جَاءَتْهُ قَبِيلَةٌ فَقَالَ: مَنْ؟ قَالُوا النَّخَعُ، قَالَ: مِنْكُمْ كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ؟ قَالُوا نَعَمْ، قَالَ: فَمَا فَعَلَ؟ قَالُوا أَيُّهَا الأَمِيرُ شَيْخُ كَبِيرٌ، قَالَ: لا بَيْعَةَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرُبُونِ حَتَّى تَأْتُونِي بِهِ. قَالَ: فَأَتَوُهُ بِهِ مَنْعُوشًا فِي سَرِيرٍ حَتَّى وَضَعُوهُ إِلَى جَانِبِ الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: أَلا لَمْ يَبْقَ مِمَّنْ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ الدَّارَ غَيْرَ هَذَا، فَدَعَا بِنَطْعٍ وضربت عنقه [2] .
__________
[1] انظر خطبة الحجّاج في: تاريخ الطبري 6/ 202 وما بعدها، والعقد الفريد 4/ 115 وما بعدها، وعيون الأخبار 2/ 243 وما بعدها، والبيان والتبيين 2/ 120 وما بعدها، ومروج الذهب 3/ 133 وما بعدها، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1/ 114، ونهاية الأرب 7/ 245، والفتوح لابن أعثم 7/ 4.
وفي المصادر المذكورة اختلاف في نصّ الخطبة.
[2] في تاريخ الطبري 6/ 365 ذكر مقتل كميل بن زياد في سنة 83 هـ.، وانظر عنه في: الفتوح لابن أعثم 7/ 141- 143.(5/320)
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ: حَدَّثَنِي مَنْ شَهِدَ الْحَجَّاجَ حِينَ قَدِمَ الْعِرَاقَ، فَبَدَأَ بِالْكُوفَةِ، فَنُودِيَ: الصَّلاةُ جَامِعَةٌ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَالْحَجَّاجُ مُتَقَلِّدٌ قَوْسًا عَرَبِيَّةً وَعَلَيْهِ عِمَامَةُ خَزٍّ حَمْرَاءُ مُتَلَثِّمًا، فَقَعَدَ وَعَرَضَ الْقَوْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى امْتَلأَ الْمَسْجِدُ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَيْرٍ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَمْنَعُهُ الْعَيُّ، وَأَخَذْتُ فِي يَدِي كَفًّا مِنْ حَصًى أَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ بِهِ وَجْهَهُ، فَقَامَ فَوَضَعَ نِقَابَهُ، وَتَقَلَّدَ قَوْسَهُ، وَقَالَ:
أَنَا ابْنُ جَلا وَطَلاعُ الثَّنَايَا ... مَتَى أَضَعُ الْعِمَامَةَ تَعْرِفُونِي [1]
إني لأرى رءوسا قَدْ أينعت وحان قطافها، كأني أنظر إلى الدماء بَيْنَ الْعَمَائِمُ وَاللِّحَى [2] .
لَيْسَ بَعِشَّكِ فَادْرِجِي ... قَدْ شَمَّرَتْ عَنْ سَاقِهَا فَشَمِّرِي [3]
. هَذَا أَوَانُ الْحَرْبِ [4] فَاشْتَدِّي زِيَمْ [5] ... قَدْ لَفَّهَا اللَّيْلُ بِسَوَّاقٍ حُطَمْ [6]
لَيْسَ بِرَاعِي إِبِلٍ وَلا غَنَمْ ... وَلا بِجَزَّارٍ عَلَى ظَهْرٍ وَضَمْ [7]
__________
[1] البيت من قصيدة لسحيم بن وثيل الرياحي، رواها الأصمعيّ في: الأصمعيّات- طبعة لا يبزغ- ص 73، وهو في: تاريخ الطبري 6/ 202، وعيون الأخبار 2/ 243، والكامل في التاريخ 4/ 375، والعقد الفريد 4/ 120، و 5/ 17، والأغاني 12/ طبعة بولاق، والفتوح لابن أعثم 7/ 5.
[2] تاريخ الطبري 6/ 203 وفي العقد الفريد 4/ 120 و 5/ 18 زيادة: «بين العمائم واللّحى تترقرق» ، وانظر: مروج الذهب 3/ 134.
[3] العقد الفريد 4/ 120، وفي تاريخ الطبري 6/ 203، والكامل في التاريخ 4/ 375 «تشميرا» ، وفي البيان والتبيين 2/ 224: «فشمّرا» .
[4] في العقد الفريد، والأغاني: «الشّدّ» وكذا في البيان والتبيين.
[5] زيم: اسم فرس أو ناقة.
[6] الحطيم: الراعي الظلوم للماشية.
[7] الوضم: كل ما قطع عليه اللحم.
والبيتان من شعر رشيد بن رميض العنزي يقوله في الحطم، وهو شريح بن ضبيعة. وكان شريح غزا اليمن في جموع جمعها فغنم بعد حرب بينه وبين كندة، أسر فيها فرعان بن مهديّ بن معديكرب عمّ الأشعث بن قيس، وأخذ على طريق مفازة، فضلّ بهم دليلهم، ثم هرب منهم ومات فرعان في أيديهم عطشا، وهلك منهم ناس كثير بالعطش. وجعل الحطم يسوق بأصحابه سوقا عنيفا، حتى نجوا ووردوا الماء: فقال فيه رشيد هذا الشعر.(5/321)
قَدْ لَفَّهَا اللَّيْلُ بِعَصْلَبي [1] ... مُهَاجِرٌ لَيْسَ بِأَعْرَابِيٍّ [2]
مُهَاجِرٌ لَيْسَ بِأَعْرَابِيٍّ [2] إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَغْمِزُ غَمْزَ التِّينِ [3] ، وَلا يُقَعْقَعُ لِي بِالشِّنَانِ، وَلَقَدْ فُرِرْتُ عَنْ ذَكَاءٍ، وَفُتِّشْتُ [4] عَنْ تَجْرُبَةٍ، وَجَرَيْتُ [5] إِلَى [6] الْغَايَةِ، فَإِنَّكُمْ يَا أَهْلِ الْعِرَاقِ طَالَمَا أَوْضَعْتُمْ [7] فِي الضَّلالَةِ، وَسَلَكْتُمْ سَبِيلَ الْغُوَايَةِ [8] ، أَمَّا وَاللَّهِ لأَلْحُوَنْكُمُ الْعُودَ [9] ، وَلأَعَصِبَنَّكُمْ عَصْبَ السَّلَمَةِ [10] ، وَلأَقْرَعَنَّكُمْ قَرْعَ الْمَرْوَةِ [11] ، وَلأَضْرِبَنَّكُمْ ضَرْبَ غَرَائِبِ الإِبِلِ [12] ، أَلا إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَثَلَ كِنَانَتَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَعُجِمَ عِيدَانُهَا، فَوَجَدَنِي أَمَرَّهَا عُودًا وَأَصْلَبُهَا مَكْسَرًا، فَوَجَّهَنِي إِلَيْكُمُ، فَاسْتَقِيمُوا وَلا يَمِيلَنَّ مِنْكُمْ مَائِلٌ، وَاعْلَمُوا أَنِّي إِذَا قُلْتُ قَوْلا وَفَيْتُ بِهِ، مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَنْ بَعْثَ الْمُهَلَّبَ فَلْيَلْحَقْ بِهِ، فَإِنِّي لا أَجِدُ أَحَدًا بَعْدَ ثَلاثَةٍ إلا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِيَّايَ وَهَذِهِ الزَّرَافَاتِ، فَإِنِّي لا أَجِدُ أَحَدًا يَسِيرُ فِي زَرَافَةٍ إِلا سفكت دمه، واستحللت ماله. ثم نزل [13] .
__________
[ () ] (الأغاني 15/ 254 و 255، العقد الفريد 4/ 120، تاريخ الطبري 6/ 203، الكامل في التاريخ 4/ 375، ومروج الذهب 3/ 134 والبيان والتبيين 2/ 224، والمخصّص 5/ 22، والفتوح 7/ 6) .
[1] هذه الشطرة ساقطة من الأصل، والاستدراك من: تاريخ الطبري، والكامل.
[2] الرجز في: تاريخ الطبري 6/ 203، والكامل في التاريخ 4/ 375، ولسان العرب (مادّة:
عصيب) ، والعقد الفريد 4/ 121، ومروج الذهب 3/ 134، والبيان والتبيين 2/ 224.
[3] في تاريخ الطبري: «ما أغمز كتغماز التين» وكذا في العقد الفريد.
[4] فر الدّابّة: كشف عن أسنانها ليعرف بذلك عمرها. والذكاء: نهاية الشباب وتمام السّنّ.
[5] في طبعة القدسي 3/ 118 «وقعدت» ، وما أثبتناه عن: العقد الفريد.
[6] في الأصل وطبعة القدسي 3/ 119 «من» والتصويب من: تاريخ الطبري، والعقد الفريد، والكامل في التاريخ.
[7] أوضعتم: من الإيضاع، وهو ضرب من السير.
[8] في تاريخ الطبري، والكامل، والعقد الفريد: «وسننتم سنن الغيّ» .
[9] في طبعة القدسي «لألحينكم لي العود» ، والتصحيح من: الطبري، والكامل، وعيون الأخبار.
[10] السّلمة: شجر كثير الشوك.
[11] المروة: واحدة المرو، وهي حجارة بيض برّاقة توري النار.
[12] كانت الإبل الغريبة إذا وردت مع إبل قوم ضربت وطردت. ضربه الحجّاج مثلا في التهديد والإنذار.
[13] انظر الخطبة في: عيون الأخبار 2/ 244، وتاريخ الطبري 6/ 203، 204، والعقد الفريد(5/322)
رَوَاهُ الْمُبَرِّدُ بِنَحْوِهِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، بِإِسْنَادٍ، وَزَادَ فِيهِ: قُمْ يَا غُلامُ فَاقْرَأْ عَلَيْهِمْ كِتَابَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَرَأَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَنْ بِالْكُوفَةِ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ. فَسَكَتُوا، فَقَالَ:
اكفف يا غلام، ثم أقبل عليهم فَقَالَ: يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَلا تَرُدُّونَ عَلَيْهِ شَيْئًا، هَذَا أَدَبُ ابْنِ نِهْيَةَ [1] . أَمَّا وَاللَّهِ لَأُؤَدِّبَنَّكُمْ غَيْرَ هَذَا الأَدَبِ أَوْ لَتَسْتَقِيمُنَّ. اقْرَأْ يَا غُلامُ، فَقَرَأَ قَوْلَهُ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، فَلَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْجِدِ أَحَدٌ إلا قَالَ: وَعَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ السَّلامُ [2] .
الْعَصْلَبِيُّ: الشَّدِيدُ مِنَ الرِّجَالِ.
وَالسُّوَاقُ الْحُطَمُ: الْعَنِيفِ فِي سَوْقِهِ.
وَالوَضَمِ: كُلُّ شَيْءٍ وَقَيْتَ بِهِ اللَّحْمَ مِنَ الأَرْضِ مِنْ خِوَانٍ وَقَرْمِيَّةٍ.
وَعَجَمْتُ الْعُودَ إِذَا عَضَضْتُهُ بِأَسْنَانِكَ.
وَالزَّرَافَاتُ: الْجَمَاعَاتُ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: فَأَوَّلُ مَنْ خَرَجَ عَلَى الْحَجَّاجِ بِالْعِرَاقِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَارُودِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّاجَ نَدَبَهُمْ إِلَى اللِّحَاقِ بِالْمُهَلَّبِ، ثُمَّ خَرَجَ فَنَزَلَ رُسْتَقُبَاذَ [3] وَمَعَهُ وُجُوهُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُهَلَّبِ يَوْمَانِ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: إِنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي زَادَكُمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فِي أَعْطِيَاتِكُمْ [4] زِيَادَةُ فَاسِقٍ مُنَافِقٍ
__________
[ () ] 4/ 121، 122 و 5/ 17، 18 والكامل في التاريخ 4/ 375، 376، والبيان والتبيين 2/ 164، ومروج الذهب 3/ 134، 135، وصبح الأعشى للقلقشندي 1/ 218.
وفي المصادر اختلاف في النصّ.
[1] قال المبرّد في (الكامل في الأدب 1/ 382) : «زعم أبو العباس أنّ ابن نهية رجل كان على الشرطة بالبصرة قبل الحجّاج» . وكذا قال في مروج الذهب 3/ 136، والعقد الفريد 5/ 18.
[2] الكامل في الأدب 1/ 382، تاريخ الطبري 6/ 208، الكامل في التاريخ 4/ 377، مروج الذهب 3/ 136، الفتوح لابن أعثم 7/ 10.
[3] في طبعة القدسي 3/ 119 «رستقاباذ» والتصحيح من: معجم البلدان 3/ 43 وهي من أرض دستوا. وانظر: تاريخ الطبري 6/ 210، والكامل لابن الأثير 4/ 381.
[4] ما بين القوسين ساقط من طبعة القدسي 3/ 119 والاستدارك من تاريخ الطبري.(5/323)
لَسْتُ أُجِيزُهَا، فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَارُودِ الْعَبْدِيُّ فَقَالَ: بَلْ هِيَ زِيَادَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَكَذَّبَهُ وَتَوَعَّدَهُ، فَخَرَجَ ابْنُ الْجَارُودِ عَلَى الْحَجَّاجِ، وَتَابَعَهُ خَلْقٌ، فَاقْتَتَلُوا، فَقُتِلَ ابْنُ الْجَارُودِ فِي طَائِفَةٍ [1] مَعَهُ.
وَكَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلَى الْمُهَلَّبِ وَإِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِخْنَفٍ: أَنْ نَاهِضُوا الْخَوَارِجَ، قَالَ: فَنَاهِضُوهُمْ وَأَجْلَوْهُمْ عَنْ رَامَهُرْمُزَ، فَقَالَ الْمُهَلَّبُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِخْنَفٍ: إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُخَنْدِقَ عَلَى أَصْحَابِكَ فَافْعَلْ، وَخَنْدَقَ الْمُهَلَّبُ عَلَى نَفْسِهِ كَعَادَتِهِ، وَقَالَ أَصْحَابُ ابْنِ مِخْنَفٍ: إِنَّمَا خَنْدَقْنَا سُيُوفَنَا، فَرَجَعَ الْخَوَارِجُ لِيُبَيِّتُوا النَّاسَ، فَوَجَدُوا الْمُهَلَّبَ قَدْ أَتْقَنَ أَمْرَ أَصْحَابِهِ، فَمَالُوا نَحْوَ ابْنِ مِخْنَفٍ، فَقَاتَلُوهُ، فَانْهَزَمَ جَيْشُهُ، وَثَبَتَ هُوَ فِي طَائِفَةٍ، فَقَاتَلُوا حَتَّى قُتِلُوا، فَبَعَثَ الْحَجَّاجُ بَدَلَهُ عَتَّابَ بْنَ وَرْقَاءَ، وَتَأَسَّفُوا عَلَى ابْنِ مِخْنَفٍ، وَرَثَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ [2] .
وَقَالَ خَلِيفَةُ [3] : ثُمَّ فِي ثَالِثِ يَوْمٍ مِنْ مقدم الحجّاج الكوفة أتاه عمير بن ضابيء الْبُرْجُمِيُّ، وَهُوَ الْقَائِلُ:
هَمَمْتُ وَلَمْ أَفْعَلْ، وَكِدْتُ وَلَيْتَنِي ... تَرَكْتُ عَلَى عُثْمَانَ تَبْكِي حَلائِلُهْ
فَقَالَ الْحَجَّاجُ: أَخِّرُوهُ، أَمَّا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ [عُثْمَانُ] فَتَغْزُوهُ بِنَفْسِكَ، وَأمَّا الْخَوَارِجُ الأَزَارِقَةُ فَتَبْعَثْ بَدِيلا، وَكَانَ قَدْ أَتَاهُ بِابْنِهِ فَقَالَ: إِنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَهَذَا ابْنِي مَكَانِي، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فضربت عُنُقُهُ [4] وَاسْتَخْلَفَ الْحَجَّاجُ لَمَّا خَرَجَ عَلَى الْكُوفَةِ عروة بن المغيرة بن شعبة،
__________
[1] تاريخ الطبري 6/ 210، 211، الكامل في التاريخ 4/ 381.
[2] تاريخ الطبري 6/ 211- 213، الكامل في التاريخ 4/ 388، 389، نهاية الأرب 21/ 152، 353.
[3] يقول خادم العلم محقّق هذا الكتاب عمر عبد السلام تدمري الطرابلسيّ: لقد وهم المؤلّف- رحمه الله- هنا حيث ذكر «خليفة» وهو يريد «الطبري» ، لأن خليفة لم يذكر القول التالي في تاريخه (انظر- ص 271 وما بعدها) والقول في: تاريخ الطبري، وهو سبق قلم منه، رحمه الله، والله أعلم.
[4] تاريخ الطبري 6/ 207، الكامل في التاريخ 4/ 378، مروج الذهب 3/ 136، العقد الفريد 5/ 18، 19، الفتوح لابن أعثم 7/ 12.(5/324)
وَقَدِمَ الْبَصْرَةَ يَحُثُّ عَلَى قِتَالِ الأَزَارِقَةِ [1] .
وَفِيهَا خَرَجَ دَاوُدُ بْنُ النُّعْمَانِ الْمَازِنِيِّ بِنَوَاحِي الْبَصْرَةِ، فَوَجَّهَ الْحَجَّاجُ لِحَرْبِهِ الْحَكَمَ بْنَ أَيُّوبَ الثَّقَفِيَّ مُتَوَلِّي الْبَصْرَةِ، فَظَفِرَ بِهِ، فَقَتَلَهُ، فَقَالَ شَاعِرُهُمْ:
أَلا فَاذْكُرْنَ دَاوُدَ إِذْ بَاعَ نَفْسَهُ ... وَجَادَ بِهَا يَبْغِي الْجِنَانَ الْعَوَالِيَا [2]
وَفِيهَا غَزَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الصَّائِفَةَ [3] عِنْدَ خُرُوجِ الرُّومِ بِنَاحِيَةِ مَرْعَشٍ [4] .
وَفِيهَا خَطَبَهُمْ عَبْدُ الْمَلِكِ بِمَكَّةَ لَمَّا حَجَّ، فَحَدَّثَ أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَطَبَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بِمَكَّةَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ كَانَ مَنْ قَبْلِي مِنَ الْخُلَفَاءِ يَأْكُلُونَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَيُؤْكَلُونَ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لا أُدَاوِي أَدْوَاءَ هَذِهِ الأُمَّةِ إِلا بِالسَّيْفِ، وَلَسْتُ بِالْخَلِيفَةِ الْمُسْتَضْعَفِ- يَعْنِي عُثْمَانَ- وَلا الْخَلِيفَةِ الْمُدَاهِنِ- يَعْنِي مُعَاوِيَةَ- وَلا الْخَلِيفَةِ الْمَأْبُونِ [5]- يَعْنِي يَزِيدَ- وَإِنَّمَا نَحْتَمِلُ لَكُمْ مَا لَمْ يَكُنْ عَقْدَ رَايَةٍ. أو وثوب عَلَى مِنْبَرٍ، هَذَا عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ حَقَّهُ حَقَّهُ وَقَرَابَتَهُ قَرَابَتَهُ، قَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا، فَقُلْنَا بسيفنا هكذا، ألا فليبلّغ الشاهد الغائب [6] .
__________
[1] تاريخ الطبري 6/ 210.
[2] تاريخ خليفة 272 وفيه «فاذكروا» .
[3] الصائفة: غزوة الروم لأنهم كانوا يغزون صيفا لمكان البرد والثلج. (القاموس المحيط) .
[4] تاريخ خليفة 272، تاريخ الطبري 6/ 202، الكامل في التاريخ 4/ 374.
[5] كذا في الأصل، وفي (العقد الفريد) «المأمون» .
[6] انظر بعض الخطبة في: العقد الفريد 4/ 90، 91، وتاريخ اليعقوبي 2/ 274.(5/325)
وَفِيهَا ضَرَبَ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ عَبْدُ الْمَلِكِ، فهُوَ أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَهَا فِي الإِسْلامِ [1] .
وَحَجَّ فِيهَا عَبْدُ الْمَلِكِ وَخَطَبَ بِالْمَوْسِمِ غَيْرَ مَرَّةً، وَكَانَ مِنَ الْبُلَغَاءِ الْعُلَمَاءِ الدُّهَاةِ، قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ سِيرَةَ السُّلْطَانِ تَدُورُ مَعَ النَّاسِ، فَإِنْ ذَهَبَ الْيَوْمَ مَنْ يَسِيرُ بِسِيرَةِ عُمَرَ، وَأُغِيرَ عَلَى النَّاسِ فِي بُيُوتِهِمْ، وَقُطِعَتِ السُّبُلُ، وَتَظَالَمَ النَّاسُ، وَكَانَتِ الْفِتَنُ، فَلا بُدَّ لِلْوَالِي أَنْ يَسِيرَ كُلَّ وَقْتٍ بِمَا يُصْلِحُهُ، نَحْنُ نَعَامٌ وَاللَّهِ أَنَّا لَسْنَا عِنْدَ اللَّهِ وَلا عِنْدَ النَّاسِ كَهَيْئَةِ عُمَرَ وَلا عُثْمَانَ، وَنَرْجُو خَيْرَ مَا نَحْنُ بِإِزَائِهِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَواتِ وَالْجِهَادِ وَالْقِيَامِ للَّه بِالَّذِي يُصْلِحُ دِينَهُ، وَالشِّدَّةِ عَلَى الْمُذْنِبِ [2] ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
__________
[1] الأخبار الطوال 316، الأوائل، لأبي هلال الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري- طبعة دار الكتب العلمية 1407 هـ. / 1987.- ص 174، النقود القديمة الإسلامية، المقريزي، نشرة أنستاس الكرملي في كتاب (النقود العربية وعلم النّميّات) - ص 35- طبعة القاهرة 1939، تاريخ الطبري 6/ 256 (حوادث سنة 76 هـ.) ، والكامل في التاريخ 4/ 416، والبيان المغرب 1/ 34.
[2] في نسخة أخرى «المريب» .(5/326)
حَوَادِثُ [سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِينَ]
تُوُفِّيَ فِيهَا:
حَبَّةُ بْنُ جُوَيْنٍ الْعُرَنِيُّ.
وَزُهَيْرُ بْنُ قَيْسٍ الْبَلَوِيُّ.
وَفِيهَا، أَوْ فِي سَنَةِ خَمْسٍ تُوُفِّيَ:
سَعِيدُ بْنُ وَهْبٍ الْهَمْدَانِيُّ الْخَيْوَانِيُّ.
وَفِيهَا خَرَجَ صَالِحٌ بن مُسَرِّحٌ التَّمِيمِيُّ، وَكَانَ صَالِحًا نَاسِكًا مُخْبتًا، وَكَانَ يَكُونُ بِدَارَا وَالْمَوْصِلَ، وَلَهُ أَصَحْابٌ يُقْرِئُهُمْ وَيُفَقِّهُهُمْ وَيَقُصُّ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنَّهُ يَحِطُّ عَلَى الْخَلِيفَتَيْنِ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ كَدَأْبِ الْخَوَارِجِ، وَيَتَبَرَّأُ مِنْهُمَا وَيَقُولُ:
تَيَسَّرُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ لِجِهَادِ هَذِهِ الأَحْزَابِ الْمُتَحَزِّبَةِ، وَلِلْخُرُوجِ مِنْ دَارِ الْفَنَاءِ إِلَى دَارِ الْبَقَاءِ، وَلا تَجْزَعُوا مِنَ الْقَتْلِ فِي اللَّهِ، فَإِنَّ الْقَتْلَ أَيْسَرُ مِنَ الْمَوْتِ، وَالْمَوْتُ نَازِلٌ بِكُمْ [1] .
فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ أَتَاهُ كِتَابُ شَبِيبِ بْنِ يَزِيدَ مِنَ الْكُوفَةِ فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّكَ شَيْخُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَنْ نَعْدِلَ بِكَ أَحَدًا، وَقَدْ دَعَوْتَنِي فَاسْتَجَبْتُ لَكَ، وَإِنْ أَرَدْتَ تَأْخِيرَ ذَلِكَ أَعْلَمْتَنِي، فَإِنَّ الْآجَالَ غَادِيَةٌ وَرَائِحَةٌ، وَلا آمَنُ أَنْ تَخْتَرِمَنِي الْمَنِيَّةُ وَلَمْ أُجَاهِدِ الظَّالِمِينَ، فَيَا لَهُ غَبْنًا، وَيَا لَهُ فَضْلا مَتْرُوكًا، جَعَلَنَا اللَّهُ
__________
[1] انظر القصّة مطوّلة في: تاريخ الطبري 6/ 216- 218.(5/327)
وَإِيَّاكَ مِمَّنْ يُرِيدُ بِعَمَلِهِ اللَّهَ وَرِضْوَانَهُ [1] .
فَرَدَّ عليه الجواب يحضّه عَلَى الْمَجِيءِ، فَجَمَعَ شَبِيبٌ قَوْمَهُ، مِنْهُمْ أَخُوهُ مُصَادٌ، وَالْمُحَلَّلُ بْنُ وَائِلٍ الْيَشْكِرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ حَجَرٍ الْمُحَلِّمِيُّ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَامِرٍ الذُّهْلِيُّ، وَقَدِمَ عَلَى صَالِحٍ وَهُوَ بِدَارًا [2] ، فَتَصَمَّدُوا مِائَةً وَعشْرَةَ أَنْفُسٍ [3] ، ثُمَّ وَثَبُوا عَلَى خَيْلٍ لِمُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ فَأَخَذُوهَا، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُمْ وَأَخَافُوا الْمُسْلِمِينَ [4] .
وَفِيهَا غَزَا حَسَّانُ بْنُ النُّعْمَانِ الْغَسَّانِيُّ إِفْرِيقِيَّةَ وَقَتَلَ الْكَاهِنَةَ [5] .
وَلَمَّا خَرَجَ صَالِحُ بْنُ مُسَرِّحٍ بِالْجِزِيرَةِ [6] نُدِبَ لِحَرْبِهِ عَدِيُّ بْنُ عَدِيِّ بْنِ عُمَيْرَةَ الْكِنْدِيُّ [7] ، فَقَاتَلَهُمْ، فَهَزَمَ عَدِيًّا، فَنُدِبَ لِقِتَالِهِ خَالِدُ بْنُ جَزْءٍ [8] السُّلَمِيُّ، وَالْحَارِثُ الْعَامِرِيُّ، فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ قِتَالٍ، وَانْحَازَ صَالِحٌ إِلَى الْعِرَاقِ، فَوَجَّهَ الْحَجَّاجُ لِحَرْبِهِ عَسْكَرًا، فَاقْتَتَلُوا، ثُمَّ مَاتَ صَالِحُ بْنُ مُسَرِّحٍ مُثْخَنًا بِالْجِرَاحِ فِي جُمَادِي الآخِرَةِ، وَعَهِدَ إِلَى شَبِيبِ بْنِ يَزِيدَ، فَالْتَقَى شَبِيبٌ هُوَ وَسَوْرَةُ بْنُ الْحُرِّ [9] ، فَانْهَزَمَ سَوْرَةُ بَعْدَ قِتَالٍ شَدِيدٍ.
ثُمَّ سَارَ شَبِيبٌ فَلَقِيَ سَعِيدَ بْنَ عَمْرٍو الْكِنْدِيَّ، فَاقْتَتَلُوا، ثُمَّ انْصَرَفَ شَبِيبٌ فَهَجَمَ عَلَى الْكُوفَةِ، وَقَتَلَ بِهَا أَبَا سُلَيْمٍ مَوْلَى عنبسة بن أبي سفيان والد
__________
[1] تاريخ الطبري 6/ 218، الكامل في التاريخ 4/ 393، نهاية الأرب 21/ 161.
[2] تاريخ الطبري 6/ 219، الكامل 4/ 393، نهاية الأرب 21/ 161.
[3] وفي رواية: «مائة وعشرين» . (الطبري 6/ 220) .
[4] انظر الخبر مفصّلا في تاريخ الطبري 6/ 220- 223، والكامل في التاريخ 4/ 394- 397، ونهاية الأرب 21/ 162- 164.
[5] البيان المغرب 1/ 34.
[6] في الأصل «الحرّة» والتصحيح من: تاريخ خليفة، والطبري، وغيرهما.
[7] في الأصل «الكنيدي» وهو تحريف، والتصويب من: تاريخ خليفة، والطبري، وغيرهما.
[8] في تاريخ خليفة «خالد بن عبد الله السلمي» ، والمثبت يتفق مع الطبري.
[9] هو: سورة بن أبجر الحرّ.(5/328)
لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَقَتَلَ بِهَا عَدِيَّ بْنَ عَمْرٍو، وَأَزْهَرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْعَامِرِيَّ، ثُمَّ خَرَجَ عَنِ الْكُوفَةِ فَوَجَّهَ الْحَجَّاجُ لِحَرْبِهِ زَائِدَةَ بْنَ قُدَامَةَ الثَّقَفِيَّ ابْنَ عَمِّ الْمُخْتَارِ، فِي جَيْشٍ كَبِيرٍ، فَالْتَقَوْا بِأَسْفَلِ الْفُرَاتِ، فَهَزَمَهُمْ وَقَتَلَ زَائِدَةَ، فَوَجَّهَ الْحَجَّاجُ لِحَرْبِهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ، فَلَمْ يُقَاتِلْهُ [1] .
وَكَانَ مَعَ شَبِيبِ امْرَأَتُهُ غَزَالَةُ، وَكَانَتْ مَعْرُوفَةً بِالشَّجَاعَةِ، فَدَخَلَتْ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ تِلْكَ الليلة وَقَرَأَتْ وِرْدَهَا فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَتْ نَذَرَتْ [2] أَنْ تَصْعَدَ الْمِنْبَرَ فَصَعِدَتْ [3] .
ثُمَّ حَارَ الْحَجَّاجُ فِي أَمْرِهِ مَعَ شَبِيبٍ، فَوَجَّهَ لِقِتَالِهِ عُثْمَانَ بْنَ قَطَنٍ الْحَارِثِيَّ، فَالْتَقَوْا فِي آخِرِ الْعَامِ، فَقُتِلَ عُثْمَانُ وَانْهَزَمَ جَمْعُهُ بَعْدَ أَنْ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ مِمَّنْ مَعَهُ سِتُّمِائَةِ نَفْسٍ، مِنْهُمْ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ كِنْدَةَ، وَقُتِلَ مِنَ الأَعْيَانِ:
عَقِيلُ بْنُ شَدَّادٍ السَّلُولِيُّ، وَخَالِدُ بْنُ نَهِيكٍ الْكِنْدِيُّ، وَالأَبْرَدُ بْنُ رَبِيعَةَ الكنديّ [4] .
واستفحل أمر شبيب، وَتَزَلْزَلَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَوَقَعَ الرُّعْبُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ شَبِيبٍ، وَحَارَ الْحَجَّاجُ، فكان يقول: أعياني شبيب.
__________
[1] الخبر حتى هنا في: تاريخ خليفة 274، 275.
[2] في الأصل «وردت» ، والتصحيح من: مروج الذهب.
[3] مروج الذهب 3/ 146، 147، تاريخ خليفة 274، تاريخ الطبري 6/ 273.
[4] انظر: تاريخ الطبري 6/ 254، 255.(5/329)
حَوَادِثُ [سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ]
فِيهَا تُوُفِّيَ:
أَبُو تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكٍ بِمِصْرَ.
وَشُرَيْحُ الْقَاضِي وَفِيهِ خِلَافٌ.
وَفِيهَا سَارَ شَبِيبُ بْنُ يَزِيدَ، فَنَزَلَ الْمَدَائِنَ، فَنَدَبَ الْحَجَّاجُ لِقِتَالِهِ أَهْلَ الْكُوفَةِ كُلَّهُمْ، عَلَيْهِمْ زُهْرَةُ بْنُ حَوِيَّةَ السَّعْدِيُّ، شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ بَاشَرَ الْحُرُوبَ [1] .
وَبَعَثَ إِلَى حَرْبِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ مِنَ الشَّامِ سُفْيَانَ بن الأبرد، وَحَبِيبًا الْحَكَمِيَّ فِي سِتَّةِ آلافٍ [2] .
ثُمَّ قَدِمَ عَتَّابُ بْنُ وَرْقَاءَ عَلَى الْحَجَّاجِ مُسْتَعْفِيًا مِنْ عِشْرَةِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، فَاسْتَعْمَلَهُ الْحَجَّاجُ عَلَى الْكُوفَةِ، وَلِجَمْعِ جَمِيعِ الْجَيْشِ خَمْسِينَ أَلْفًا. [3] وَعَرَضَ شَبِيبُ بْنُ يَزِيدَ جُنْدَهُ بِالْمَدَائِنِ، فَكَانُوا أَلْفَ رَجُلٍ، فَقَالَ: يَا قَوْمُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ يَنْصُرُكُمْ وَأَنْتُمْ مِائَةٌ أَوْ مِائَتَانِ، فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ مِئُونٌ [4] .
ثُمَّ رَكِبَ، فَأَخَذُوا يَتَخَلَّفُونَ عَنْهُ ويتأخّرون، فلما التقى الجمعان تكامل
__________
[1] تاريخ خليفة 275، تاريخ الطبري 6/ 257.
[2] تاريخ خليفة 276، تاريخ الطبري 6/ 259.
[3] تاريخ الطبري 6/ 262.
[4] انظر خطبته في: تاريخ الطبري 6/ 262.(5/330)
مَعَ شَبِيبٍ سِتُّمِائَةٍ، فَحَمَلَ فِي مِائَتَيْنِ عَلَى مَيِسرَةِ النَّاسِ فَانْهَزَمُوا، وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ، وَعَتَّابُ بْنُ وَرْقَاءَ جَالِسٌ هُوَ وَزُهْرَةُ بْنُ حَوِيَّةَ عَلَى طِنْفَسَةٍ فِي الْقَلْبِ، فَقَالَ عَتَّابٌ: هَذَا يَوْمٌ كثر فيه العدد وقلّ فيه الغناء، وا لهفي عَلَى خَمْسِمِائَةٍ مِنْ رِجَالِ تَمِيمٍ [1] .
وَتَفَرَّقَ عَنْ عَتَّابٍ عَامَّةُ الْجَيْشِ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ شَبِيبٌ، فَقَاتَلَ عَتَّابٌ سَاعَةً وَقُتِلَ، وَوَطِئَتِ الْخَيْلُ زُهْرَةُ فَهَلَكَ، فَتَوَجَّعَ لَهُ شَبِيبٌ لَمَّا رَآهُ صَرِيعًا، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ: وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ لَمُنْذُ اللَّيْلَةِ لَمُتَوَجِّعٌ لِرَجُلٍ مِنَ الْكَافِرِينَ! قَالَ: إِنَّكَ لَسْتَ أَعْرَفَ بِضَلَالَتِهِمْ [2] مِنِّي، إني أعرف من قديم أمرهم ما لا تَعْرِفُ، لَوْ ثَبَتُوا عَلَيْهِ كَانُوا إِخْوَانَنَا [3] .
وَقُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ: عَمَّارُ بْنُ يَزِيدَ الْكَلْبِيُّ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ [4] .
ثُمَّ قَالَ شَبِيبٌ لِأَصْحَابِهِ: ارْفَعُوا عَنْهُمُ السَّيْفَ، وَدَعَا النَّاسَ إِلَى طَاعَتِهِ وَبَيْعَتِهِ، فَبَايَعُوهُ، ثُمَّ هَرَبُوا لَيْلا [5] .
هَذَا كُلُّهُ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ جَيْشُ الشَّامِ، فَتَوَجَّهَ شَبِيبٌ نَحْوَ الْكُوفَةِ، وَقَدْ دَخَلَهَا عَسْكَرُ الشَّامِ، فَشَدُّوا ظَهْرَ الْحَجَّاجِ وَانْتَعَشَ بِهِمْ، وَاسْتَغْنَى بِهِمْ عَنْ عَسْكَرِ الْكُوفَةِ، وَقَالَ: يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ لا أَعَزَّ اللَّهُ مَنْ أَرَادَ بِكُمُ الْعِزَّ، الْحَقُوا بِالْحِيرَةِ، فَانْزِلُوا مَعَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَلا تُقَاتِلُوا مَعَنَا [6] .
وَحَنَقَ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا مِمَّا يَزِيدُهُمْ فِيهِ بُغْضًا.
ثُمَّ إِنَّهُ وَجَّهَ الْحَارِثَ بْنَ مُعَاوِيَةَ الثَّقَفِيَّ فِي أَلْفِ فَارِسٍ فِي الْكَشْفِ، فَالْتَمَسَ شَبِيبٌ غَفْلَتَهُمْ وَالْتَقَوْا، فَحَمَلَ شَبِيبٌ عَلَى الحارث فقتله، وانهزم من معه [7] .
__________
[1] تاريخ الطبري 6/ 262 و 264، 265.
[2] في طبعة القدسي 3/ 123 «بصلاتهم» والتصويب من تاريخ الطبري.
[3] تاريخ الطبري 6/ 266.
[4] الطبري 6/ 266.
[5] الطبري 6/ 266.
[6] تاريخ الطبري 6/ 266.
[7] تاريخ الطبري 6/ 268.(5/331)
ثُمَّ جَاءَ شَبِيبٌ فَنَازَلَ الْكُوفَةَ. وَحَفِظَ النَّاسُ السِّكَكَ، وَبَنَى شَبِيبٌ مَسْجِدًا بِطَرَفِ السَّبْخَةِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبُو الْوَرْدِ مَوْلَى الْحَجَّاجِ فِي عِدَّةِ غِلْمَانٍ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ [1] .
ثُمَّ خَرَجَ طُهْمَانَ مَوْلَى الْحَجَّاجِ فِي طَائِفَةٍ، فَقَتَلَهُ شَبِيبٍ [2] .
ثُمَّ أَنَّ الْحَجَّاجَ خَرَجَ مِنْ قَصْرِ الْكُوفَةِ، فَرَكِبَ بَغْلا، وَخَرَجَ فِي جَيْشِ الشَّامِ، فَلَمَّا الْتَقَى الْجَمْعَانِ نَزَلَ الْحَجَّاجُ وَقَعَدَ عَلَى كُرْسِيٍّ، ثُمَّ نَادَى: يَا أَهْلَ الشَّامِ، أَنْتُمْ أَهْلُ السَّمَعِ وَالطَّاعَةِ وَالصَّبْرِ وَالْيَقِينِ، لا يَغْلِبَنَّ بَاطِلُ هَؤُلاءِ حَقَّكُمْ، غُضُّوا الأَبْصَارَ، وَاجْثُوا عَلَى الرَّكْبِ، وَأَشْرِعُوا [3] إِلَيْهِمْ بِالأَسِنَّةِ [4] .
وَكَانَ شَبِيبٌ فِي سِتِّمِائَةٍ، فَجَعَلَ مِائَتَيْنِ مَعَهُ كُرْدُوسًا، وَمِائَتَيْنِ مَعَ سُوَيْدِ بْنِ سُلَيْمٍ، وَمِائَتَيْنِ مَعَ الْمُحَلَّلِ بْنِ وَائِلٍ، فَحَمَلَ سُوَيْدٌ عَلَيْهِمْ، حَتَّى إِذَا غُشِيَ أَطْرَافُ الأسِنَّةِ وَثَبُوا فِي وُجُوهِهِمْ يَطْعَنُوهُمْ قُدُمًا قُدُمًا، فَانْصَرَفُوا، فَأَمَرَ الْحَجَّاجُ بِتَقْدِيمِ كُرْسِيَّةٍ، وَصَاحَ فِي أَصْحَابِهِ فحمل عليهم شبيب، فثبتوا، وطال القتال، فلما رَأَى شَبِيبٌ صَبْرَهُمْ نَادَى: يَا سُوَيْدُ احْمِلْ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ السِّكَّةِ لَعَلَّكَ تُزِيلُ أَهْلَهَا عَنْهَا، فَتَأْتِي الْحَجَّاجَ مِنْ وَرَائِهِ وَنَحْنُ مِنْ أَمَامِهِ، فَحَمَلَ سُوَيْدٌ عَلَى أَهْلِ السِّكَّةِ، فَرُمِيَ مِنْ فَوْقِ الْبُيُوتِ، فَرُدَّ [5] .
قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ: فَحَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ لَقِيطٍ الْخَارِجِيُّ قَالَ: فَقَالَ لَنَا شَبِيبٌ يَوْمَئِذٍ: يَا أَهْلَ الإِسْلامِ، إِنَّمَا شَرَيْنَا اللَّهَ، وَمَنْ شَرَى اللَّهَ [6] لَمْ يَكْثُرْ عَلَيْهِ مَا أَصَابَهُ، شَدَّةٌ كَشَدَّاتِكُمْ فِي مَوَاطِنِكُمُ الْمَعْرُوفَةِ، وَحَمَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ، فَوَثَبَ أَصْحَابُ الْحَجَّاجِ طَعْنًا وَضَرْبًا، فَنَزَلَ شَبِيبٌ وَقَوْمُهُ، فَصَعِدَ الْحَجَّاجُ عَلَى مَسْجِدِ شَبِيبٍ فِي نَحْوِ عِشْرِينَ رَجُلا وقال:
__________
[1] تاريخ الطبري 2696، تاريخ خليفة 276، الفتوح 7/ 86.
[2] الطبري 9/ 269، تاريخ خليفة 276، الفتوح 7/ 85.
[3] في نسخة دار الكتب «وأسرعوا» ، والتصحيح من نسخة حيدراباد، والطبري.
[4] الطبري 6/ 269.
[5] تاريخ الطبري 6/ 269، 270.
[6] في نسخة دار الكتب (إنما سرينا للَّه ومن سرى للَّه) وما أثبتناه عن نسخة حيدرآباد، والطبري.(5/332)
إِذَا دَنَوْا فَارْشِقُوهُمْ بِالنَّبْلِ، فَاقْتَتَلُوا عَامَّةَ النَّهَارِ أَشَدَّ قِتَالٍ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى أَقَرَّ كُلُّ فَرِيقٍ لِلْآخَرِ.
ثُمَّ إِنَّ خَالِدَ بْنَ عَتَّابِ بْنِ وَرْقَاءَ قَالَ لِلْحَجَّاجِ: ائْذَنْ لِي فِي قِتَالِهِمْ، فَإِنِّي مَوْتُورٌ وَمِمَّنْ لا يُتَّهَمُ فِي نَصِيحَةٍ، فَأَذِنَ لَهُ، فَخَرَجَ فِي عِصَابَةٍ وَدَارَ مِنْ وَرَائِهِمْ، فَقُتِلَ مُصَادًا أَخَا شَبِيبٍ، وَغَزَالَةُ أَمْرَأَةُ شَبِيبٍ، وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ فِي عَسْكَرِهِ. فَوَثَبَ شَبِيبٌ وَأَصْحَابُهُ عَلَى خُيُولِهِمْ، فَقَالَ الْحَجَّاجُ: احْمِلُوا عَلَيْهِمْ فَقَدْ أُرْعِبُوا، فَشَدُّوا عَلَيْهِمْ فَهَزَمُوهُمْ، وَتَأَخَّرَ شَبِيبٌ فِي حَامِيَةِ قَوْمِهِ [1] .
فَذَكَرَ مَنْ كَانَ مَعَهُ شَبِيبٌ أَنَّهُ جَعَلَ يَنْعَسُ وَيَخْفُقُ بِرَأْسِهِ وَخَلْفَهُ الطَّلَبُ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْتَفِتْ فَانْظُرْ مَنْ خَلْفَكَ، فَالْتَفَتَ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ ثُمَّ أَكَبَّ يَخْفِقُ، ثُمَّ قُلْتُ: إِنَّهُمْ قَدْ دَنَوْا، فَالْتَفَتَ ثُمَّ أَقْبَلَ يَخْفِقُ. وَبَعَثَ الْحَجَّاجُ إِلَى خَيْلِهِ أَنْ دَعُوهُ (فِي حَرْقِ النَّارِ) [2] ، فَتَرَكُوهُ وَرَجَعُوا [3] .
وَمَرَّ أَصْحَابُ شَبِيبٍ بِعَامِلٍ لِلْحَجَّاجِ عَلَى بَلَدٍ بِالسَّوَادِ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَتَوْا بِالْمَالِ عَلَى دَابَّةٍ فَسَبَّهُمْ شَبِيبٌ عَلَى مَجِيئِهِمْ بِالْمَالِ وَقَالَ: اشْتَغَلْتُمْ بِالدُّنْيَا، ثُمَّ رَمَى بِالْمَالِ فِي الْفُرَاتِ. ثُمَّ سَارَ بِهِمْ إِلَى الأَهْوَازِ وَبِهَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، فَخَرَجَ لِقِتَالِهِ وَسَأَلَ مُحَمَّدٌ الْمُبَارَزَةَ، فَبَارَزَهُ شَبِيبٌ وَقَتَلَهُ.
وَمَضَى إِلَى كِرْمَانَ فَأَقَامَ شَهْرَيْنِ وَرَجَعَ إِلَى الأَهْوَازِ فَنَدَبَ لَهُ الْحَجَّاجِ مُقَدَّمِي جَيْشِ الشَّامِ [4] : سُفْيَانَ بْنَ الأَبْرَدِ الْكَلْبِيَّ، وَحَبِيبَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَكَمِيَّ، فَالْتَقَوْا عَلَى جِسْرِ دُجَيْلٍ، فَاقْتَتَلُوا حَتَّى حَجَزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، ثُمَّ ذَهَبَ شَبِيبٌ، فَلَمَّا صَارَ عَلَى جِسْرِ دجيل قطع الجسر، فوقع شبيب وغرق [5] ،
__________
[1] الطبري 6/ 270، 271.
[2] الطبري 6/ 271، الفتوح لابن أعثم 7/ 89- 92.
[3] ما بين القوسين ليس في نسخة دار الكتب، وهو في نسخة حيدرآباد. وفي تاريخ الطبري «في حرق الله وناره» .
[4] تاريخ الطبري 6/ 271.
[5] الخبر في تاريخ خليفة 276، وتاريخ اليعقوبي 2/ 275، والفتوح 7/ 92.(5/333)
وَقِيلَ: نَفَرَ بِهِ فَرَسُهُ فَأَلْقَاهُ فِي الْمَاءِ وعليه الحديد، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَغَرْقًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! قال: ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ 6: 96 [1] فَأَلْقَاهُ دُجَيْلٌ إِلَى سَاحِلِهِ مَيِّتًا، فَحُمِلَ عَلَى الْبَرِيدِ إِلَى الْحَجَّاجِ، فَأَمَرَ بِهِ فَشَقَّ بَطْنَهُ وَأَخْرَجَ قَلْبَهُ، فَإِذَا هُوَ كَالْحَجَرِ، إِذَا ضَرَبَ بِهِ الأَرْضَ نَبَا عَنْهَا، فَشَقُّوهِ فَإِذَا فِي دَاخِلِهِ قَلْبٌ صَغِيرٌ [2] .
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ [3] : ثُمَّ أَنْفَقَ الْحَجَّاجُ الأَمْوَالَ، وَوَجَّهَ سفيان بن الأبرد فِي طَلَبِ الْقَوْمِ، قَالَ: وَأَقَامَ شَبِيبٌ بِكِرْمَانَ، حَتَّى إِذَا انْجَبَرَ وَاسْتَرَاشَ كَرَّ رَاجِعًا، فَيَسْتَقْبِلُهُ ابن الأبرد بِجِسْرِ دُجَيْلٍ، فَالْتَقَيَا، فَعَبَرَ شَبِيبٌ إِلَى ابْنِ الأبرد فِي ثَلاثَةِ كَرَادِيسَ، فَاقْتَتَلُوا أَكْثَرَ النَّهَارِ، وَثَبَتَ الْفَرِيقَانِ، وَكَرَّ شَبِيبٌ وَأَصْحَابُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثِينَ كَرَّةً، وَابْنُ الأَبْرَدِ ثَابِتٍ، ثُمَّ آلَ أَمْرُهُمْ إِلَى أَنِ ازْدَحَمُوا عِنْدَ الْجِسْرِ، وَاضْطَرَّ شَبِيبٌ أَصْحَابَ ابْنِ الأَبْرَدِ إِلَى الْجِسْرِ، وَنَزَلَ فِي نَحْوِ مِائَةٍ، فَتَقَاتَلُوا إِلَى اللَّيْلِ قِتَالا عَظِيمًا، ثُمَّ تَحَاجَزُوا.
وَقَالَ أَبُو مِخْنَفٍ: حَدَّثَنِي فَرْوَةُ قَالَ: مَا هُوَ إِلا أَنِ انْتَهَيْنَا إِلَى الْجِسْرِ، فَعَبَرَنَا شَبِيبٌ فِي الظُّلْمَةِ وَتَخَلَّفَ فِي آخِرِنَا فَأَقْبَلَ عَلَى فَرَسِهِ، وَكَانَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجْرَةٌ فَنَزَا فَرَسُهُ عَلَيْهَا وَهُوَ عَلَى الْجِسْرِ، فَاضْطَرَبَتِ الْمَاذَيانَةُ وَنَزَلَ حَافِرُ الْفَرَسِ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ فَنَزَلَ بِهِ فِي الْمَاءِ (فَلَمَّا سَقَطَ) [4] قال: لِيَقْضِيَ الله أَمْراً كانَ مَفْعُولًا 8: 42 [5] فَانْغَمَسَ ثُمَّ ارْتَفَعَ فَقَالَ: ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ 6: 96 [6] .
قَالَ: وَقِيلَ كَانَ مَعَهُ رِجَالٌ قَدْ أَصَابَ مِنْ عَشَائِرِهِمْ وَأَبْغَضُوهُ، فَلَمَّا تَخَلَّفَ فِي السَّاقَةِ اشْتَوَرُوا فَقَالُوا: نَقْطَعُ بِهِ الْجِسْرُ، فَفَعَلُوا، فَمَالَتِ السفن، ونفر فرسه فسقط وغرق [7] .
__________
[1] سورة الأنعام- الآية 96 والخبر في: مروج الذهب.
[2] تاريخ الطبري 6/ 280 و 282، مروج الذهب 3/ 147.
[3] ج 6/ 279، 280.
[4] ما بين القوسين ساقط من الأصل، أضفناه من: تاريخ الطبري.
[5] سورة الأنفال- الآية 42.
[6] الطبري 6/ 280.
[7] الطبري 6/ 281.(5/334)
ثُمَّ تَنَادَوْا بَيْنَهُمْ: «غَرِقَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ» فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَاسْتَخْرَجُوهُ وَعَلَيْهِ الدِّرْعُ [1] .
قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ: فَسَمِعْتُهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ شُقَّ بَطْنُهُ فَأُخْرِجَ قَلْبُهُ، فَكَانَ مُجْتَمِعًا صُلْبًا، كَأَنَّهُ صَخْرَةٌ، وَأَنَّهُ كَانَ يُضْرَبُ بِهِ الأَرْضُ فَيَثِبُ قَامَةَ الإِنْسَانِ [2] .
وَسَيَأْتِي فِي تَرْجَمَتِهِ مِنْ أَخْبَارِهِ أَيْضًا.
وَفِيهَا أَمْرُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ بِجَامِعِ مِصْرَ، فَهُدِمَ وَزَيْدُ فِيهِ مِنْ جِهَاتِهِ الأَرْبَعِ [3] .
وَأَمَرَ بِبِنَاءِ حصن الإسكندرية، وَكَانَ مَهْدُومًا مُنْذُ فَتَحَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ.
وَفِيهَا افْتَتَحَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ هِرْقَلَةَ وَهِيَ مَدِينَةٌ مَعْرُوفَةٌ دَاخِلَ بِلادِ الرُّومِ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ [4] .
وَفِيهَا وَغَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأُمَوِيُّ بِسِجِسْتَانَ، فَأُخِذَ عَلَيْهِ الطَّرِيقُ، فَأَعْطَى مَالا حَتَّى خَلَّوْا عَنْهُ، فَعَزَلَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ [5] وَوَجَّهَ مَكَانَهُ مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ بن عبيد الله.
__________
[1] الطبري 6/ 281، 282.
[2] الطبري 6/ 282.
[3] كتاب الولاة والقضاة 50.
[4] تاريخ الطبري 6/ 318، مروج الذهب 4/ 399، الكامل في التاريخ 4/ 448، تاريخ اليعقوبي 2/ 281.
[5] الخبر حتى هنا في: فتوح البلدان 491.(5/335)
حَوَادِثُ [سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ]
تُوُفِّيَ فِيهَا:
جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ.
وَزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ.
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ الأَشْعَرِيُّ.
وَأَبُو الْمِقْدَامِ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ.
وَقَالَ خَلِيفَةُ: فِيهَا أَمَّرَ الْحَجَّاجُ عَلَى سِجِسْتَانَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيَّ، فَوَجَّهَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَبَا بَرْدَعَةَ فَأَخَذَ عَلَيْهِ الْمَضِيقَ، وَقُتِلَ شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ الْحَارِثِيُّ، وَأَصَابَ الْعَسْكَرَ ضِيقٌ وَجُوعٌ شَدِيدٌ، حَتَّى هَلَكَ عَامَّتُهُمْ [1] .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: وَقَدْ قِيلَ إِنَّ هَلاكَ شَبِيبِ بْنِ يَزِيدَ كَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ. قَالَ: وَكَذَلِكَ قِيلَ فِي هَلاكِ قَطْرِيِّ بْنِ الْفُجَاءَةِ، وَعُبَيْدَةَ بْنِ هِلالٍ.
وَعَبْدِ رَبِّهِ الْكَبِيرِ، رُءُوسُ الْخَوَارِجِ [2] .
وَقَالَ خَلِيفَةُ [3] : فِيهَا وَلِيَ خُرَاسَانَ الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صفرة.
__________
[1] تاريخ خليفة 277، تاريخ الطبري 6/ 320.
[2] تاريخ الطبري 6/ 318 وانظر تاريخ خليفة 276، 277.
[3] ليس في تاريخه هذا الخبر.(5/336)
وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: فِيهَا غَزَا مُحْرِزُ بْنُ أَبِي مُحْرِزٍ أَرْضَ الرُّومِ وَفَتَحَ أَزْقَلَةَ، فَلَمَّا قَفَلَ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ شَدِيدٌ مِنْ وَرَاءِ دَرْبِ الْحَدَثِ، فَأُصِيبَ فِيهِ نَاسٌ كَثِيرٌ [1] .
وَفِيهَا قُتِلَ سُلَيْمَانُ بْنُ كَنْدِيرَ الْقُشَيْرِيُّ [2] ، قَتَلَهُ أَصْحَابُ الْحَجَّاجِ.
وَفِيهَا جَرَتْ حُرُوبٌ وَوَقَعَاتٌ بِإِفْرِيقِيَّةَ وَالْمَغْرِبِ، وَوَلِيَ فِيهَا إِمْرَةَ الْمَغْرِبِ كُلِّهِ مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ اللَّخْمِيُّ، فَسَارَ إِلَى طَنْجَةَ وَقَدِمَ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ طَارِقُ بْنُ زِيَادٍ الصَّدَفِيُّ مَوْلاهُمُ الَّذِي افْتَتَحَ الأَنْدَلُسَ، وَأَصَابَ فِيهَا الْمَائِدَةَ الَّتِي يَتَحَدَّثُ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنَّهَا مَائِدَةُ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ [3] .
وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ ابْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْوَلِيدُ [4] .
وَفِيهَا وَثَبَتِ الرُّومُ عَلَى مَلِكِهِمْ فَخَلَعَتْهُ وَقَطَعَتْ أَنْفَهُ وَنَفَتْهُ إِلَى بَعْضِ الْجَزَائِرِ [5] . قَالَهُ الْمُسَبِّحِيُّ.
وَفِيهَا فَرَغَ الْحَجَّاجُ مِنْ بِنَاءِ وَاسِطَ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا وَسَطٌ مَا بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ [6] .
وَقِيلَ: بنيت سنة ثلاث وثمانين [7] .
__________
[1] تاريخ خليفة 277.
[2] في طبعة القدسي 3/ 126 «القتيري» والتصحيح من تاريخ خليفة، ص 277.
[3] انظر: البيان المغرب 1/ 34 و 45، وتاريخ اليعقوبي 2/ 277.
[4] تاريخ خليفة 277، تاريخ الطبري 6/ 321.
[5] هو الإمبراطور «يوستنيان الثاني» المعروف بالأخرم أو الأجدع (685- 695 م.) انظر: الدولة البيزنطية للدكتور العريني- ص 147.
[6] معجم البلدان 5/ 348.
[7] معجم البلدان 5/ 349، فتوح البلدان 355.(5/337)
حَوَادِثُ [سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ]
فِيهَا تُوُفِّيَ:
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الْهُذَلِيُّ.
وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ بسِجِسْتَانَ.
وَقَطَرِيُّ بْنُ الْفُجَاءَةِ بِطَبَرِسْتَانَ، بِخُلْفٍ فِيهِ.
وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ الْحَجَّاجُ عَلَى الْبَحْرَيْنِ مُحَمَّدَ بْنَ صَعْصَعَةَ الْكِلابِيِّ، وَضَمَّ إِلَيْهِ عُمَانَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ الرَّيَّانُ النُّكْرِيُّ، فَهَرَبَ مُحَمَّدٌ وَرَكِبَ الْبَحْرَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى الْحَجَّاجِ [1] .
وَفِيهَا وَلَّى الْحَجَّاجُ هَارُونَ بْنَ ذِرَاعٍ النَّمَرِيَّ [2] ثَغْرَ الْهِنْدِ وَأَمَرَهُ بِطَلَبِ الْعِلافِيِّينَ، وَهُمَا مُحَمَّدٌ وَمُعَاوِيَةُ ابْنَا الْحَارِثِ مِنْ بَنِي سَامَةَ بْنِ لُؤَيٍّ، كَانَا قَدْ قَتَلَا عَامِلَ الْحَجَّاجِ هُنَاكَ، فَظَفِرَ هَارُونُ بِأَحَدِهِمَا فَقَتَلَهُ، وَهَرَبَ الآخَرُ [3] .
وَفِيهَا غَزَا الْوَلِيدُ ابْنُ أميرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ نَاحِيَةِ مَلَطْيَةَ، فَغَنِمَ وَسَبَى [4] .
وَقَالَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ: أَوَّلُ قَبِيلٍ غَزَاهُمْ مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ من البربر
__________
[1] تاريخ خليفة 278.
[2] في تاريخ خليفة «النميري» .
[3] تاريخ خليفة 278.
[4] تاريخ خليفة 278.(5/338)
الذين قتلوا عقبة بن نافع، فسار إليهم بِنَفْسِهِ فَقَتَلَ وَسَبَى، وَهَرَبَ مَلِكُهُمْ كُسَيْلَةُ [1] .
يُقَالُ: بَلَغَ سَبْيُهُمْ عِشْرِينَ أَلْفًا [2] .
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ [3] : وَفِيهَا أَصَابَ أَهْلَ الشَّامِ الطَّاعُونُ حَتَّى كَادُوا يَفْنَوْنَ مِنْ شِدَّتِهِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: فِيهَا كَانَ مَصْرَعُ (قَطَرِيِّ بْنِ الْفُجَاءَةِ) وَاسْمُ الْفُجَاءَةِ جَعُونَةُ- بْنُ مَازِنِ بْنِ يَزِيدَ التَّمِيمِيُّ الْمَازِنِيُّ أَبُو نَعَامَةَ، خَرَجَ فِي زَمَنِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَبَقِيَ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً يُقَاتِلُ وَيُسَلَّمُ عَلَيْهِ بِالْخِلافَةِ وَبِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَتَغَلَّبَ عَلَى بِلادِ فارس.
وَوَقَائِعَةٌ مَشْهُورَةٌ، قَدْ ذَكَرَ مِنْهَا الْمُبَرِّدُ قِطْعَةً فِي (كَامِلِهِ) [4] .
وَقَدْ سَيَّرَ الْحَجَّاجُ لِقِتَالِهِ جَيْشًا بَعْدَ جَيْشٍ وَهُوَ يَهْزِمُهُمْ.
وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ خَرَجَ فِي بَعْضِ الْحُرُوبِ عَلَى فَرَسٍ أَعْجَفَ، وَبِيَدِهِ عَمُودٌ خَشَبٌ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَكَشَفَ قَطَرِيٌّ وَجْهَهُ، فَوَلَّى الرَّجُلُ، فَقَالَ:
إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: لا يَسْتَحْيِ الإِنْسَانُ أَنْ يَفِرَّ مِنْ مِثْلِكَ [5] .
تَوَجَّهَ لِقِتَالِهِ سُفْيَانُ بْنُ الأَبْرَدِ الْكَلْبِيُّ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ وَظَفِرَ بِهِ وَقَتَلَهُ [6] .
وَقِيلَ: بَلْ عَثَرَتْ بِهِ فَرَسُهُ فَانْدَقَّتْ فَخْذُهُ، فَلِذَلِكَ ظَفِرُوا به بطبرستان، وحمل رأسه إلى الحجّاج [7] .
__________
[1] تاريخ خليفة 278، 279.
[2] تاريخ خليفة 279 وفيه: «وذلك سنة إحدى وثمانين» .
[3] ما في تاريخه 6/ 322، والكامل في التاريخ 4/ 451.
[4] الكامل في الأدب 2/ 251 وما بعدها.
[5] وفيات الأعيان 4/ 93.
[6] تاريخ الطبري 6/ 309، الأخبار الطوال 280، تاريخ اليعقوبي 2/ 276، الفتوح لابن أعثم 7/ 79، 80.
[7] تاريخ الطبري 6/ 309، وفيات الأعيان 4/ 94.(5/339)
وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي قَتَلَهُ سَوْرَةُ بْنِ الدَّارِمِيُّ [1] .
وَكَانَ قَطَرِيٌّ مَعَ شَجَاعَتِهِ الْمُفْرِطَةِ وَإِقْدَامِهِ مِنْ خُطَبَاءِ الْعَرَبِ الْمَشْهُورِينَ بِالْبَلاغَةِ وَالشِّعْرِ، وَلَهُ أَبْيَاتٌ مذكورة في الحماسة [2] ، والله أعلم.
__________
[1] الطبريّ 6/ 310، وفيات الأعيان 4/ 94.
[2] انظر: مجموعة شعر الخوارج 41- 50.(5/340)
حَوَادِثُ [سَنَةِ ثَمَانِينَ]
فِيهَا تُوُفِّيَ:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبِ.
وَأَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ.
وَأَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ الْفَقِيهُ.
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْقَارِيِّ [1] .
وَنَاعِمُ (بْنُ أُجَيْلٍ) [2] الْمِصْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَرِيرٍ الْغَافِقِيُّ.
وَجُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ.
وَجُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، بِخُلْفٍ فِيهِمَا.
وَفِيهَا صَلَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَعْبدًا الْجُهَنِيَّ عَلَى إنكاره القدر [3] . قاله سعيد بن عفير.
__________
[1] بتشديد الياء.
[2] ما بين القوسين ساقطة من نسخة دار الكتب، وما أثبتناه من نسختي: أياصوفيا، وحيدرآباد.
[3] هو أول من تكلم في القدر، سمع من يتعلّل في المعصية بالقدر، فقام بالردّ عليه بنفي كون القدر سالبا للاختيار في أفعال العباد، وهو يريد الدفاع عن شرعية التكاليف، فضاقت عبارته وقال: (لا قدر والأمر أنف) . فلما بلغ ذلك ابن عمر تبرّأ منه، فسمّي جماعة معبد (القدرية) ودام مذهبه بين دهماء الرواة من أهل البصرة قرونا. من (مقدمة الأستاذ الكوثري لكتاب تبيين كذب المفتري- ص 11) .(5/341)
وَفِيهَا تُوُفِّيَ:
سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ- قَالَهُ أَبُو نُعَيْمٍ- وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ. قَالَهُ ابْنُ مَعِينٍ.
وَشُرَيْحٌ الْقَاضِي. قَالَهُ ابْنُ نُمَيْرٍ.
وَالسَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ. قَالَهُ بَعْضُهُمْ.
وَحَسَّانُ بْنُ النُّعْمَانِ الْغَسَّانِيُّ بِالرُّومِ.
وَفِيهَا كَانَ سَيْلُ الْجُحَافِ، وَهُوَ سَيْلٌ عَظِيمٌ جَاءَ بِمَكَّةَ حَتَّى بَلَغَ الْحَجَرَ الأَسْوَدِ، فَهَلَكَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْحَجَّاجِ [1] .
قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ نَافِعٍ الْخُزَاعِيَّ قَالَ: كَانَ مِنْ قِصَّةِ الْجُحَافِ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ قَحَطُوا، ثُمَّ طَلَعَ فِي يَوْمٍ قِطْعَةُ غَيْمٍ، فَجَعَلَ الْجُحَافُ يَضْرِطُ بِهِ وَيَقُولُ: إِنْ جَاءَنَا شَيْءٌ فَمِنْ هَذَا، فَمَا بَرِحَ مِنْ مَكَانِه حَتَّى جَاءَ سَيْلٌ فَحَمَلَ الْجِمَالَ وَغَرَّقَ الْجُحَافَ [2] .
وفيها غَزَا الْبَحْرَ مِنَ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَبِي الْكَنُودِ حَتَّى بَلَغَ قُبْرُسَ.
وَفِيهَا هَلَكَ أَلْيُونُ الْمَلِكُ عَظِيمُ الرُّومِ لا رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَفِيهَا سَارَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي كَبْشَةَ فَالْتَقَى هُوَ وَالرَّيَّانِ النُّكْرِيُّ بِالْبَحْرَيْنِ، وَمَعَ الرَّيَّانِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَزْدِ تُقَاتِلُ، اسْمُهَا جَيْدَاءُ، فَقُتِلَ هُوَ وَهِيَ وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِمَا، وَصُلِبَ هو [3] .
__________
[1] تاريخ الطبري 6/ 325، الكامل في التاريخ 4/ 453، تاريخ اليعقوبي 2/ 377.
[2] انظر: أخبار مكة للأزرقي 2/ 168.
[3] تاريخ خليفة 279.(5/342)
وَفِيهَا أَوَّلُ فِتْنَةِ ابْنِ الأَشْعَثِ: وَذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّاجَ كَانَ شَدِيدُ الْبُغْضِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ الْكِنْدِيِّ، يَقُولُ: مَا رَأَيْتُهُ قَطُّ إِلا أَرَدْتُ قَتْلَهُ [1] .
ثُمَّ إِنَّهُ أَبْعَدَهُ عَنْهُ وَأَمَّرَهُ عَلَى سِجِسْتَانَ فِي هَذَا الْعَامِ بَعْدَ مَوْتِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، فَسَارَ إِلَيْهَا فَفَتَحَ فُتُوحًا، وَسَارَ يَنْهَبُ بِلادَ رُتْبِيلَ وَيَأَسُرُ وَيُخَرِّبُ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ مَعَ هَذَا كُتُبًا يَأْمُرُهُ بِالْوُغُولِ فِي تِلْكَ الْبِلادِ وَيُضْعِفُ هِمَّتَهُ وَيُعَجِّزُهُ، فَغَضِبَ ابْنُ الأَشْعَثِ وَخَطَبَ النَّاسَ، وَكَانَ مَعَهُ رُءُوسُ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَكُمْ كَتَبَ إِلَيَّ بِتَعْجِيلِ الْوُغُولِ بِكُمْ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ، وَهِيَ الْبِلادُ الَّتِي هَلَكَ فِيهَا إِخْوَانُكُمْ بِالأَمْسِ، وَإِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنْكُمْ، أَمْضِي إِذَا مَضَيْتُمْ وَآبَى إِنْ أَبَيْتُمْ، فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ فَقَالُوا: لا بَلْ تَأْبَى عَلَى عَدُوِّ اللَّهِ وَلا نَسْمَعُ لَهُ وَلا نُطِيعُ [2] .
وَقَالَ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ الْكِنَانِيُّ: إِنَّ الْحَجَّاجَ مَا يَرَى بِكُمْ إِلا مَا رَأَى الْقَائِلُ الأَوَّلُ: (احْمِلْ عَبْدَكَ عَلَى الْفَرَسِ، فَإِنْ هَلَكَ هَلَكَ، وَإِنْ نَجَا فَلَكَ) إِنَّ الْحَجَّاجَ مَا يُبَالِي، إِنْ ظَفِرْتُمْ أَكَلَ الْبِلادِ وَحَازَ الْمَالَ، وَإِنْ ظَفِرَ عَدُوُّكُمْ كُنْتُمْ أَنْتُمُ الأَعْدَاءُ الْبُغَضَاءُ، اخْلَعُوا عَدُوَّ اللَّهِ الْحَجَّاجِ وَبَايِعُوا عَبْدَ الرحمن بن محمد ابن الأَشْعَثِ، فَنَادُوا: فَعَلْنَا فَعَلْنَا، ثُمَّ أَقْبَلُوا كَالسَّيْلِ الْمُنْحَدِرِ، وَانْضَمَّ إِلَى ابْنِ الأَشْعَثِ جَيْشٌ عَظِيمٌ، فَعَجَزَ عَنْهُمُ الْحَجَّاجُ، وَاسْتَصْرَخَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَجَزِعَ لِذَلِكَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَجَهَّزَ الْعَسَاكِرَ الشَّامِيَّةَ فِي الْحَالِ [3] ، كَمَا سَيَأْتِي فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَالْحَمْدُ للَّه وحده.
__________
[1] تاريخ الطبري 6/ 327، الكامل في التاريخ 4/ 454، الأخبار الطوال 317.
[2] تاريخ الطبري 6/ 335، الكامل في التاريخ 4/ 461، 462، الفتوح 7/ 117.
[3] انظر: تاريخ خليفة 280، وتاريخ الطبري 6/ 336، والكامل في التاريخ 4/ 462، وتاريخ اليعقوبي 2/ 277، ومروج الذهب 3/ 138، والأخبار الطوال 317.(5/343)
تَرَاجِمُ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ
[حَرْفُ الأَلِفِ]
135- إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْتَرِ [1] وَاسْمُ الأَشْتَرِ مَالِكُ بْنُ الْحَارِثِ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ.
كَانَ أَبُوهُ مِنْ كِبَارِ أُمَرَاءِ عَلِيٍّ.
وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ مِنَ الأُمَرَاءِ الْمَشْهُورِينَ بِالشَّجَاعَةِ وَالرَّأْيِ، وَلَهُ شَرَفٌ وَسِيَادَةٌ، وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ يَوْمَ الْخَازَرِ [2] ، ثُمَّ كان مع مصعب ابن الزُّبَيْرِ، فَكَانَ مِنْ أَكْبَرِ أُمَرَائِهِ، وَقُتِلَ مَعَهُ سنة اثنتين وسبعين.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن الأشتر) في:
تاريخ خليفة 263، وتاريخ اليعقوبي 2/ 258 و 269، والأخبار الموفقيات 527، 529، 532، 535، 538، 557، 558، والأخبار الطوال 289 و 291 و 293 و 294 و 295 و 296 و 309 و 312 و 313، والمعارف 347 و 355 و 401 و 622، وأنساب الأشراف 5/ 150 و 185 و 186 و 222 و 223 و 224 و 227 و 229 و 230 و 231 و 235 و 247 و 251 و 265 و 267 و 276 و 284 و 292 و 293 و 299 و 313 و 331 و 332 و 336 و 346 و 350 و 351، وجمهرة أنساب العرب 415، وثمار القلوب 92، وتاريخ الطبري 6/ 15- 22 و 45- 47 و 86- 92 و 95 و 96 و 116 و 123 و 124 و 127 و 158 و 7/ 442، والعقد الفريد 2/ 408 و 4/ 403- 405 و 410 و 468، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1984 و 1985 و 1989 و 2006- 2008 و 2041، والهفوات النادرة 97، وسير أعلام النبلاء 4/ 35 رقم 7، والبداية والنهاية 8/ 323، ومرآة الجنان 1/ 148، والوافي بالوفيات 6/ 99 رقم 2528، ونهاية الأرب 21/ 41- 43 و 49 و 50 و 122، والتذكرة الحمدونية 2/ 404 و 456 و 480، والأغاني 19/ 123- 126، والفتوح لابن أعثم 6/ 94- 112 و 148- 150 و 158- 160 و 173- 182 و 261 وشذرات الذهب 1/ 74، وتاريخ العظيمي 87/ و 188 و 189، والوفيات لابن منقذ 96، والتعليقات والنوادر 2/ 269، والمحبّر 491، 492، وأخبار القضاة 3/ 42 و 50 و 55- 57 و 63 و 65 و 67 و 72 و 73 و 182. والفرج بعد الشدة 2/ 302، 103.
[2] في الأصل «الحازر» والتصحيح من الطبري وغيره.(5/344)
136- الأحنف بن قيس [1] ع ابْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَبُو بَحْرٍ التَّمِيمِيُّ الّذي يضرب به المثل في
__________
[1] انظر عن (الأحنف بن قيس) في:
فتوح البلدان 383 و 384 و 437 و 461 و 499 و 502 و 503 و 504، وطبقات ابن سعد 7/ 93، والأخبار الطوال 148 و 165 و 171 و 193 و 194 و 231 و 271 و 287 و 306، والأخبار الموفقيات 157 و 170 و 303، وربيع الأبرار 4/ 28 و 63 و 140 و 146 و 168 و 258 و 269 و 285 و 354 و 355 و 366، و 1/ 171، وثمار القلوب 4 و 85 و 89 و 92 و 162 و 341 و 358 و 377 و 432 و 668، ومرآة الجنان 1/ 145- 148، والمعارف 310 و 423 و 425 و 578 و 615 و 622، ومروج الذهب 1828 و 2481، والبدء والتاريخ 5/ 206 و 221 و 226، والعقد الفريد (راجع فهرس الأعلام) 7/ 96، والبداية والنهاية 8/ 326- 328، وتاريخ اليعقوبي 2/ 167 و 183 و 240 و 264، وتاريخ خليفة 164 و 165 و 194 و 211 و 258 و 259 و 264، والتذكرة الحمدونية 1/ 69 و 259 و 282 و 365 و 366 و 394 و 406 و 2/ 18- 20 و 23 و 27 و 28 و 99- 101 و 106 و 122 و 123 و 126 و 127 و 140 و 183 و 190 و 215 و 224 و 226 و 228 و 245، ونثر الدر 1/ 304 و 3/ 10 و 5/ 17 و 18/ 20، وبهجة المجالس 1/ 48 و 339 و 604 و 616، والإيجاز والإعجاز 15، والتمثيل والمحاضرة 422 و 434، ومحاضرات الأدباء 1/ 242 و 251، والبيان والتبيين 2/ 56 و 17/ 88 و 132 و 3/ 219 و 336 و 4/ 70، وشرح نهج البلاغة 17/ 94، 95 و 18/ 110 و 19/ 221، والبصائر 1/ 283، والخصائص 19، والكامل للمبرّد 1/ 140- 143، والريحان والريعان 1/ 63، والأغاني 23/ 478، 479، والحيوان للجاحظ 3/ 80، وأدب الدنيا 246، 247، وسراج الملوك 141- 143، ومسائل ابن أبي الدنيا 24، والشهب اللامعة 16، وعين الأدب والسياسة 124، والشريشي 2/ 242 و 4/ 271، ومختار الحكم 298، ولباب الآداب 17 و 80 و 341، وبدائع البدائه 291، ودول الإسلام 1/ 53، وتاريخ إربل 1/ 254، وأنساب الأشراف 3/ 17، و 4 ق 1/ 19 و 20 و 26 و 30 و 48 و 62 و 93 و 159 و 198 و 206 و 209 و 376 و 378 و 379 و 397 و 398 و 401 و 402 و 406 و 411 و 414 و 416 و 423- 426 و 463 و 485 و 487، و 5/ 192 و 244 و 246 و 252 و 253 و 256 و 258 و 263 و 282 و 287- 289 و 295 و 332- 334 و 336 و 337، وأمالي المرتضى 1/ 112 و 225 و 273 و 275 و 292 و 298 و 388، وأمالي القالي 1/ 59 و 60 و 231 و 232 و 241 و 269 و 2/ 20 و 41 و 167 و 227 و 228 و 306 و 3/ 14 و 27 و 118 و 186 و 212 و 215، والشعر والشعراء 2/ 539، والتذكرة السعدية 236، ومعجم الشعراء في لسان العرب 38 رقم 12، والمحبّر 254 و 303، والخراج لقدامة 374 و 400 و 402، وتاريخ العظيمي 172، وأخبار القضاة لوكيع 2/ 49 و 3/ 59. والمغازي للزهري 154، وتاريخ الطبري (انظر فهرس الأعلام) 10/ 173، وتاريخ خليفة 164 و 165 و 194 و 211 و 258 و 259 و 264، والزهد لأحمد بن حنبل 286- 289، وطبقات خليفة 195،(5/345)
الْحِلْمِ. مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَأَشْرَافِهِمْ.
اسْمُهُ الضَّحَّاكُ، وَيُقَالُ: صَخْرٌ، وَغَلَبَ عَلَيْهِ الأَحْنَفُ لاعْوِجَاجِ رِجْلَيْهِ.
وَكَانَ سَيِّدًا مُطَاعًا فِي قَوْمِهِ. أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَالْعَبَّاسِ، وَابْنِ مَسْعُودٍ.
رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ جَاوَانَ [1] ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَطَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَيْرَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، وَخُلَيْدٌ الْعَصَرِيُّ [2] .
وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ عَلِيٍّ يَوْمَ صفّين.
قال ابن سَعْدٍ [3] : كَانَ الأَحْنَفُ ثِقَةً مَأْمُونًا قَلِيلَ الْحَدِيثِ، وَكَانَ صَدِيقًا لِمُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَوَفَدَ عَلَيْهِ إِلَى الْكُوفَةِ، فُتُوُفِّيَ عِنْدَهُ.
قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ: كَانَ أَحْنَفَ الرَّجُلَيْنِ جَمِيعًا، وَلَمْ يكن له إلّا بيضة واحدة.
__________
[ () ] والزهد لابن المبارك 477 و 492، وتاريخ الثقات 57 رقم 49، وجمهرة أنساب العرب 212 و 215 و 217، وذكر أخبار أصبهان 1/ 224، والفرج بعد الشدة 3/ 209، ومقاتل الطالبيين 690 و 708، والتاريخ الكبير 2/ 50 رقم 1649، والتاريخ الصغير 80، والتاريخ لابن معين 2/ 20، والجرح والتعديل 2/ 322 رقم 1226، والثقات لابن حبّان 4/ 55، 56، والمعرفة والتاريخ 2/ 30- 32، وتاريخ أبي زرعة 591 و 639 و 669، 670، والاستيعاب 1/ 126- 134، والمستدرك 3/ 614، وأسد الغابة 1/ 55، ووفيات الأعيان 2/ 499، وتهذيب الكمال 2/ 282- 287 رقم 285، والعبر 1/ 80، والمعين في طبقات المحدّثين 32 رقم 182، والكاشف 1/ 53 رقم 236، وسير أعلام النبلاء 4/ 86- 97 رقم 29، وتهذيب التهذيب 1/ 191 رقم 356، وتقريب التهذيب 1/ 49 رقم 326، والنجوم الزاهرة 1/ 184، وخلاصة تذهيب التهذيب 44، وتهذيب تاريخ دمشق 7/ 13- 27، وشذرات الذهب 1/ 78، والأسامي والكنى (ورقة 84 أ) ، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 125، والإصابة 1/ 100، 101 رقم 429، والبرصان والعرجان 202- 204 و 206 و 207 و 263 و 343 و 351 و 363.
[1] في الأصل «حابان» ، والتصحيح من المصادر.
[2] في الأصل «العصوي» ، والتصحيح من: اللباب 2/ 140.
[3] في الطبقات 7/ 93 و 97.(5/346)
قَالَ: وَكَانَ اسْمُهُ صَخْرَ بْنَ قَيْسٍ أَحْدَ بَنِي سَعْدٍ، وَأُمُّهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَاهِلَةٍ، فَكَانَتْ تُرَقِّصُهُ وَتَقُولُ:
وَاللَّهِ لَوْلا حَنَفٌ بِرِجْلِهِ ... وَقِلَّةٌ أَخَافُهَا مِنْ نَسْلِهِ
مَا كَانَ فِي فِتْيَانِكُمْ مِنْ مِثْلِهِ
وَقَالَ الْمَرْزُبَانِيُّ: قِيلَ إِنَّ اسْمَهُ الْحَارِثُ، وَقِيلَ: حُصَيْنٌ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمِ [1] : هو افتتح مروالرّوذ، وَكَانَ الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ فِي جَيْشِهِ ذَلِكَ [2] .
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَطُوفُ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ إِذْ لَقِيَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، فَقَالَ: أَلا أُبَشِّرُكَ؟ قُلْتُ: بَلَى.
قَالَ: أَمَا تَذْكُرُ إِذْ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَوْمِكَ بَنِي سَعْدٍ أَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، فَجَعَلْتُ أُخْبِرُهُمْ وَأَعْرِضُ عَلَيْهِمْ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ يَدْعُو إِلَى خَيْرٍ، وَمَا أَسْمَعُ إِلا حَسَنًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «اللَّهمّ اغْفِرْ لِلأَحْنَفِ» . وَكَانَ الأَحْنَفُ يَقُولُ: فَمَا شَيْءٌ أَرْجَى عِنْدِي مِنْ ذَلِكَ.
رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي «مُسْنَدِهِ» [3] . وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ [4] . وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ فَاحْتَبَسَنِي عِنْدَهُ حَوْلا، فَقَالَ: يَا أَحْنَفُ، إِنِّي قَدْ بَلَوْتُكَ وَخَبِرْتُكَ فَرَأَيْتُ عَلانِيَتَكَ حَسَنَةً، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ تَكُونَ سَرِيرَتُكَ مِثْلَ عَلانِيَتِكَ، وَإِنَّا كُنَّا نَتَحَدَّثُ إِنَّمَا يُهْلِكُ هَذِهِ الأُمَّةَ كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمٍ [5] .
وَقَالَ الْعَلاءُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ أَبِي سَوِيَّةَ: ثنا العلاء بن حريز قال: حدّثني
__________
[1] في: الأسامي والكنى- مخطوط بدار الكتب المصرية، ج 1 ورقة 84 أ.
[2] قال المؤلف: الذهبي- رحمه الله-: «هذا فيه نظر. هما يصغران عن ذلك» . (سير أعلام النبلاء 4/ 87) .
[3] ج 5/ 372 وعلي بن زيد ضعيف.
[4] التاريخ الكبير 2/ 50، والحديث في: المستدرك على الصحيحين 3/ 614، وطبقات ابن سعد 7/ 93، والمعرفة والتاريخ 1/ 230، والتاريخ الصغير 80، وأسد الغابة 1/ 55.
[5] سيأتي تخريجه في الحديث التالي.(5/347)
عُمَرُ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمِّهِ عُرْوَةَ، حَدَّثَنِي الأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بِفَتْحِ تُسْتَرَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، قَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ تُسْتَرَ، وَهِيَ مِنْ أَرْضِ الْبَصْرَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ هَذَا، يَعْنِي الأَحْنَفَ، الَّذِي كَفَّ عَنَّا بَنِي مُرَّةَ حِينَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدَقَاتِهِمْ، وَقَدْ كَانُوا هَمُّوا بِنَا، قَالَ الأَحْنَفُ: فَحَبَسَنِي عُمَرُ عِنْدَهُ بِالْمَدِينَةِ سَنَةً، يَأْتِينِي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَلا يَأْتِيهِ عَنِّي إِلا مَا يُحِبُّ، فَلَمَّا كَانَ رَأْسُ السَّنَةِ دَعَانِي فَقَالَ: يَا أَحْنَفُ هَلْ تَدْرِي لِمَ حَبَسْتُكَ؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَذَّرَنَا [1] كُلَّ مُنَافِقٍ عَلِيمٍ [2] ، فَخَشِيتُ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ، فَاحْمِدِ اللَّهَ يَا أَحْنَفُ.
قُلْتُ: وَكَانَ الأَحْنَفُ فَصِيحًا مُفَوَّهًا.
قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ [3] : هُوَ بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ، وَكَانَ سَيِّدَ قَوْمِهِ، وَكَانَ أَعْوَرَ أَحْنَفَ، دَمِيمًا [4] قَصِيرًا كَوْسَجًا [5] ، لَهُ بَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ [6] ، حَبَسَهُ عُمَرُ عِنْدَهُ سَنَةً يَخْتَبِرْهُ، فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا وَاللَّهِ السَّيِّدُ.
قُلْتُ: ذَهَبَتْ عَيْنُهُ بِسَمَرْقَنْدَ. ذَكَرَهُ الْهَيْثَمُ [7] .
وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: خَطَبَ الأَحْنَفُ عِنْدَ عُمَرَ، فَأَعْجَبَهُ مَنْطِقُهُ، فَقَالَ: كُنْتَ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ مُنَافِقًا عَالِمًا، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مُؤْمِنًا، فَانْحَدِرْ إلى مصرك.
__________
[1] في الأصل «حدّثنا» وهو تحريف.
[2] أخرج أحمد في مسندة 1/ 22 و 44 حديثا من طريق: ديلم بن غزوان العبديّ، حدثنا ميمون الكردي، عن أبي عثمان النهدي، قال: اني لجالس تحت منبر عمر، وهو يخطب الناس، فقال في خطبته: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إني أخوف ما أخاف على هذه الأمة، كل منافق عليم اللسان» . سنده قويّ. والحديث في تهذيب تاريخ دمشق 7/ 13، 14.
[3] تاريخ الثقات 57 رقم 49.
[4] في تاريخ الثقات «دهما» بدل «دميما» .
[5] الكوسج: الّذي لا شعر على عارضيه.
[6] قال ابن حبّان في الثقات 4/ 56 إن الأحنف ولد ملتصق الأليتين حتى شقّ.
[7] تهذيب الكمال 2/ 286، وهو في تهذيب تاريخ دمشق 7/ 26.(5/348)
قُلْتُ: مِصْرُهُ هِيَ الْبَصْرَةُ.
وَعَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: مَا كَذَبْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ إِلا مَرَّةً، سَأَلَنِي عُمَرُ عَنْ ثَوْبٍ بِكَمْ أَخَذْتَهُ؟ فَأَسْقَطْتُ ثُلُثَيِ الثَّمَنِ [1] .
وَقَالَ خَلِيفَةُ [2] : تَوَجَّهَ ابْنُ عَامِرٍ إِلَى خُرَاسَانَ وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ الأَحْنَفُ.
وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَانَ الأَحْنَفُ يَحْمِلُ، يَعْنِي فِي قِتَالِ أَهْلِ خُرَاسَانَ، وَيَقُولُ:
إِنَّ عَلَى كُلِّ رَئِيسٍ حَقًّا ... أَنْ يَخْضِبَ الصَّعْدَةَ أَوْ يَنْدَقَّا [3]
قَالَ: وَسَارَ الأحنف إلى مروالرّوذ، وَمِنْهَا إِلَى بَلْخٍ، فَصَالَحُوهُ عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ أَلْفٍ، ثُمَّ أَتَى الأَحْنَفُ خَوَارِزْمَ، فَلَمْ يُطِقْهَا، فَرَجَعَ [4] .
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: خَرَجَ ابْنُ عَامِرٍ مِنْ خُرَاسَانَ قَدْ أَحْرَمَ مِنْ نَيْسَابُورَ بِعُمْرَةٍ، وَخَرَجَ عَلَى خُرَاسَانَ الأَحْنَفُ فَجَمَعَ أَهْلَ خُرَاسَانَ جَمْعًا كَبِيرًا، وَاجْتَمَعُوا بِمَرْوَ، فَقَاتَلَهُمُ الأَحْنَفُ وَهَزَمَهُمْ وَقَتَلَهُمْ، وَكَانَ جَمْعًا لَمْ يَجْتَمِعْ مِثْلُهُ قَطُّ.
وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: نُبِّئْتُ أَنَّ عَمْرًا ذَكَرَ بَنِي تَمِيمٍ فَذَمَّهُمْ فَقَامَ الْأَحْنَفُ فَقَالَ: إِنَّكَ ذَكَرْتَ بَنِي تَمِيمٍ فَعَمَّمْتَهُمْ بِالذَّمِّ، وَإِنَّمَا هُمْ مِنَ النَّاسِ، فِيهِمُ الصَّالِحُ وَالطَّالِحُ، فَقَالَ: صَدَقْتَ. فَقَامَ الْحُتَاتُ- وَكَانَ يُنَاوِئُهُ- فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ائْذَنْ لِي فَلأَتَكَلَّمَ، قَالَ: اجلس، فقد كفاكم سيّدكم الأحنف [5] .
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 7/ 14 وذكر ابن عساكر في ذلك حكاية.
[2] في تاريخه- ص 164 (حوادث سنة 30 هـ.) .
[3] في: تاريخ خليفة 165 وسير أعلام النبلاء 4/ 90.
«أن يخضب القناة أو تندّقا» .
وزاد الطبري في تاريخه 4/ 169:
إن لنا شيخا بها ملقّى ... سيف أبى حفص الّذي تبقّى
والمثبت يتفق مع ابن عساكر في التهذيب 7/ 17.
[4] تاريخ خليفة 165.
[5] تهذيب تاريخ دمشق 7/ 15.(5/349)
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي مُوسَى: ائْذَنْ لِلْأَحْنَفِ، وَشَاوِرْهِ، وَاسْمَعْ مِنْهُ [1] .
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: مَا رَأَيْتُ شَرِيفَ قَوْمٍ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الأَحْنَفِ [2] .
وَقَالَ خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ: كَانَ الأَحْنَفُ يَفِرُّ مِنَ الشَّرَفِ وَالشَّرَفُ يَتَّبِعُهُ [3] .
وَقَالَ وَالِدُ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ: قِيلَ لِلأَحْنَفِ: إِنَّكَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَإِنَّ الصِّيَامَ يُضْعِفُكَ قَالَ: إِنِّي أَعُدُّهُ لِسَفَرٍ طَوِيلٍ [4] .
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنِي زُرَيْقُ بْنُ رُدَيْحٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ: كَانَ الأَحْنَفُ عَامَّةَ صَلاتِهِ بِاللَّيْلِ، وَكَانَ يَضَعُ إِصْبَعَهُ عَلَى السِّرَاجِ فَيَقُولُ: حِسَّ. ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَحْنَفُ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ صَنَعْتَ كَذَا وَكَذا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا [5] .
غَيْرُهُ يَقُولُ: ابْنُ ذَرِيحٍ.
وَقَالَ أَبُو كَعْبٍ صَاحِبُ الْحَرِيرِ [6] : ثنا أَبُو الأَصْفَرِ، أَنَّ الأَحْنَفَ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، فَلَمْ يُوقِظْ غِلْمَانَهُ، وَذَهَبَ يَطْلُبُ الْمَاءَ، فَوَجَدَ ثَلْجًا، فَكَسَرَهُ واغتسل [7] .
وقال مروان الأصغر: سَمِعْتُ الأَحْنَفَ يَقُولُ: اللَّهمّ إِنْ تَغْفِرْ لِي فَأَنْتَ أَهْلٌ لِذَلِكَ. وَإِنْ تُعَذِّبْنِي فَأَنَا أَهْلٌ لِذَلِكَ.
وقَالَ جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ: قَالَ الأَحْنَفُ: ذَهَبَتْ عَيْنِي مِنْ أَرْبَعِينَ [8] سَنَةً، مَا شَكَوْتُهَا إلى أحد.
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 7/ 15.
[2] تهذيب تاريخ دمشق 7/ 15.
[3] تهذيب تاريخ دمشق 7/ 16.
[4] تهذيب تاريخ دمشق 7/ 19.
[5] المصدر نفسه.
[6] في الأصل «الجزير» ، والتحرير من تهذيب التهذيب وتقريب التهذيب.
[7] تهذيب تاريخ دمشق 7/ 19.
[8] في تهذيب تاريخ دمشق 7/ 19 «ثلاثين سنة» .(5/350)
وَيُرْوَى أَنَّهُ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: أَنْتَ الشاهر علينا سَيْفَكَ يَوْمَ صِفِّينَ وَالْمُخَذِّلُ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ! فَقَالَ: لا تُؤَنِّبْنَا بِمَا مَضَى مِنَّا، وَلا تَرُدَّ الأُمُورَ عَلَى أَدْبَارِهَا، فَإِنَّ الْقُلُوبَ الَّتِي أَبْغَضْنَاكَ بِهَا بَيْنَ جَوَانِحِنَا، وَالسُّيُوفُ الَّتِي قَاتَلْنَاكَ بِهَا عَلَى عَوَاتِقِنَا، فِي كَلامِ غَيْرِهِ، فَقِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا خَرَجَ قَالَتْ أُخْتُ مُعَاوِيَةَ: مَنْ هَذَا الَّذِي يَتَهَدَّدُ؟ قَالَ: هَذَا الَّذِي إِنْ غَضِبَ غَضِبَ لِغَضَبِهِ مِائَةُ أَلْفٍ مِنْ تَمِيمٍ، لا يَدْرُونَ فِيمَ غَضِبَ [1] .
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: ذَكَرُوا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ شَيْئًا، وَالأَحْنَفُ سَاكِتٌ: فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: يَا أَبَا بَحْرٍ، مَالَكَ لا تَتَكَلَّمُ: قَالَ: أَخْشَى اللَّهَ إِنْ كَذَبْتُ وَأَخْشَاكُمْ إِنْ صَدَقْتُ [2] .
وَعَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: عَجِبْتُ لِمَنْ يَجْرِي فِي مَجْرَى الْبَوْلِ مَرَّتَيْنِ، كَيْفَ يَتَكَبَّرُ.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: قَالَ الأَحْنَفُ: مَا أَتَيْتُ بَابَ هَؤُلاءِ إِلا أَنْ أُدْعَى، وَلا دَخَلْتُ بَيْنَ اثْنَيْنِ حَتَّى يُدْخِلانِي بَيْنَهُمَا، وَلا ذَكَرْتُ أَحَدًا بَعْدَ أَنْ يَقُومَ مِنْ عِنْدِي إِلا بِخَيْرٍ [3] .
وَعَنِ الأَحْنَفِ قَالَ: مَا نَازَعَنِي أَحَدٌ فَكَانَ فَوْقِي إِلا عَرَفْتُ لَهُ قَدْرَهُ، وَلا كَانَ دُونِي إِلا رَفَعْتُ قَدْرِي عَنْهُ، وَلا كَانَ مِثْلِي إلا تَفَضَّلْتُ عَلَيْهِ [4] .
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ الأَحْنَفُ: لَسْتُ بِحَلِيمٍ، وَلَكِنِّي أَتَحَالَمُ [5] .
وَبَلَغَنَا أَنَّ رجُلا قَالَ لِلأَحْنَفِ: لَئِنْ قُلْتَ وَاحِدَةً لَتَسْمَعَنَّ عَشْرًا، فَقَالَ لَهُ: لَكِنَّكَ لَئِنْ قُلْتَ عَشْرًا لم تسمع واحدة.
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 7/ 20.
[2] التهذيب 7/ 20.
[3] التهذيب 7/ 20.
[4] التهذيب 7/ 20.
[5] التهذيب 7/ 20.(5/351)
وَإِنَّ رَجُلا قَالَ لَهُ: بِمَ سُدْتَ قَوْمَكَ؟ قَالَ: بِتَرْكِي مِنْ أَمْرِكَ مَا لا يَعْنِينِي كَمَا عِنْدَكَ مِنْ أَمْرِي مَا لا يَعْنِيكَ [1] .
وَعَنْهُ قَالَ: مَا يَنْبَغِي لِلأَمِيرِ أَنْ يَغْضَبَ، لِأَنَّ الْغَضَبَ فِي الْقُدْرَةِ لِقَاحِ السَّيْفِ وَالنَّدَامَةِ.
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ: قَدِمَ عَلَيْنَا الأَحْنَفُ الْكُوفَةَ مَعَ مُصْعَبٍ، فَمَا رَأَيْتُ خُصْلَةً تُذَمُّ إِلا رَأَيْتُهَا فِيهِ، كَانَ ضَئِيلا، صَغِيرَ الرَّأْسِ، مُتَرَاكِبَ الأَسْنَانِ، مَائِلَ الذَّقْنِ، نَاتِئَ الْوَجْهِ، بَاخِقَ الْعَيْنَيْنِ، خَفِيفَ الْعَارِضَيْنِ، أَحْنَفَ الرِّجْلِ، فَكَانَ إِذَا تَكَلَّمَ جَلا عَنْ نَفْسِهِ [2] .
بِاخَقٌ: مُنْخَسِفُ الْعَيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيُّ: الأحْنَفُ الَّذِي يَمْشِي عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ [3] .
وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ أَنْ تُقْبَلَ كُلُّ رِجْلٍ عَلَى صَاحِبَتِهَا.
وَلِلأَحْنَفِ أَشْيَاءُ مُفِيدَةٌ أَوْرَدَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ جملة منها [4] .
وكان زياد ابن أَبِيهِ كَثِيرَ الرِّعَايَةِ لِلأَحْنَفِ، فَلَمَّا وَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ تَغَيَّرَتْ حَالُ الأَحْنَفِ عِنْدَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَصَارَ يُقَدِّمُ عَلَيْهِ مَنْ دُونَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بِأَشْرَافِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَقَالَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ: أَدْخِلْهُمْ عَلَى قَدْرِ مَرَاتِبِهِمْ، فَكَانَ فِي آخِرِهِمُ الأَحْنَفُ، فَلَمَّا رَآهُ مُعَاوِيَةُ أَكْرَمَهُ لِمَكَانِ سِيَادَتِهِ، وَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا بَحْرٍ إِلَيَّ، وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ، وَأَعْرَضَ عَنْهُمْ، فَأَخَذُوا فِي شُكْرِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَسَكَتَ الأَحْنَفُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لَهُ: لِمَ لا تَتَكَلَّمُ؟ قَالَ: إِنْ تَكَلَّمْتُ خَالَفْتُهُمْ، فَقَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ عَزَلْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ، فَلَمَّا خَرَجُوا كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَرُومُ الإِمَارَةَ، ثُمَّ أَتَوْا مُعَاوِيَةَ بَعْدَ ثَلاثٍ، وَذَكَرَ كُلُّ وَاحِدٍ شَخْصًا، وَتَنَازَعُوا، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا تَقُولُ يَا أَبَا بَحْرٍ؟ قَالَ: إِنْ وَلَّيْتَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ لَمْ تَجِدْ مَنْ يَسُدَّ مَسَدَّ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَدْ أَعَدْتُهُ، فَلَمَّا خَرَجُوا خَلا
__________
[1] التهذيب 7/ 21.
[2] تهذيب تاريخ دمشق 7/ 26.
[3] المصدر نفسه 7/ 26.
[4] أكثر هذه الترجمة نقلها المؤلّف عن ابن عساكر، رحمهما الله.(5/352)
مُعَاوِيَةُ بِعُبَيْدِ اللَّهِ وَقَالَ: كَيْفَ ضَيَّعْتَ مِثْلَ هَذَا الَّذِي عَزَلَكَ وَأَعَادَكَ وَهُوَ سَاكِتٌ؟! فَلَمَّا عَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى الْعِرَاقِ، جَعَلَ الأَحْنَفَ خَاصَّتَهُ وَصَاحِبَ سِرِّهِ [1] .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْمَعَافِرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: حَضَرْتُ جَنَازَةَ الأَحْنَفِ بِالْكُوفَةِ، فَكُنْتُ فِيمَنْ نَزَلَ قَبْرَهُ، فَلَمَّا سَوَّيْتُهُ رَأَيْتُهُ قَدْ فُسِحَ لَهُ مُدَّ بَصَرِي، فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ أَصْحَابِي، فَلَمْ يَرَوْا مَا رَأَيْتُ [2] .
رَوَاهَا ابْنُ يُونُسَ فِي «تَارِيخِ مِصْرَ» .
تُوُفِّيَ الأَحْنَفُ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ فِي قَوْلِ يَعْقُوبَ الْفَسَوِيِّ [3] .
وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ.
وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: تُوُفِّيَ فِي إِمْرَةِ مُصْعَبٍ عَلَى الْعِرَاقِ. وَلَمْ يُعَيِّنُوا سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ.
137- أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصّدّيق [4] ع أمّ عبد الله ذات النّطاقين، آخر المهاجرين والمهاجرات وفاة. وأمّها
__________
[1] وفيات الأعيان 2/ 503.
[2] تهذيب تاريخ دمشق 7/ 27.
[3] المعرفة والتاريخ 3/ 330.
[4] انظر عن (أسماء بنت أبي بكر) في:
المحبّر 22 و 54 و 100 و 404، ونسب قريش 236، وتاريخ خليفة 269، وطبقات خليفة 333، والزهد لابن المبارك 359 رقم 1016، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 85 رقم 60، والمغازي للوقدي 824 و 193 و 1094 و 1102، والمغازي للزهري 99. ومسند أحمد 6/ 344، وسيرة ابن هشام (بتحقيقنا) 34 و 35 و 42 و 2/ 126- 130، و 4/ 46، والمعارف 172 و 173 و 200 و 221، وفتوح البلدان 558، والعقد الفريد 4/ 16 و 415- 419، وتاريخ اليعقوبي 2/ 255 و 267، والسير والمغازي 116 و 143، وأنساب الأشراف 3/ 40 وج 4 ق 1/ 67 و 73 و 605 وج 5 (راجع فهرس الأعلام) 383، وثمار القلوب 294 و 300، وربيع الأبرار 4/ 38، ومروج الذهب 1519 و 634 و 1641 و 1953 و 2023 و 2024 و 2029، والبداية والنهاية 8/ 346، ومرآة الجنان 1/ 151، والمرصع 43 و 44 و 335، وطبقات ابن سعد 8/ 249- 255، وتاريخ دمشق (تراجم النساء) 3- 30، وجمهرة أنساب العرب 122 و 137، وحلية الأولياء 2/ 55- 57 رقم(5/353)
قُتَيْلَةُ [1] بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى الْعَامِرِيَّةُ.
لَهَا عِدَّةُ أَحَادِيثَ.
رَوَى عَنْهَا: عَبْدُ اللَّهِ، وَعُرْوَةُ ابْنَا الزُّبَيْرِ، وَابْنَاهُمَا عُبَادَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَمَوْلاهَا عَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ، وَتُوُفِّيَا قَبْلَهَا، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبَّادُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَأَبُو نَوْفَلٍ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي عَقْرَبٍ، ووهب بْنُ كَيْسَانَ، وَالْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ.
وَشَهِدَتِ الْيَرْمُوكَ مَعَ ابْنِهَا عَبْدِ اللَّهِ وزوجها [2] .
وهي وابنها وأبوها وجدّها صحابيّون.
رَوَى شُعْبَةُ، عَنْ مُسْلِمٍ الْقُرِّيِّ [3] قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَإِذَا هِيَ امْرَأَةٌ ضَخْمَةٌ عَمْيَاءُ، نَسْأَلُهَا عَنْ مُتْعَةِ الْحَجِّ، فَقَالَتْ: قَدْ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا [4] .
قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: كَانَتْ أَكْبَرَ مِنْ عَائِشَةَ بِعَشْرِ سِنِينَ [5] .
قُلْتُ: فَعُمْرُهَا على هذا إحدى وتسعون سنة.
__________
[ () ] 138، والاستيعاب 4/ 232- 234، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 328- 330 رقم 713، وأسد الغابة 5/ 292، وتحفة الأشراف 11/ 242- 259 رقم 860، وتهذيب الكمال 3/ 1677، 1678، والوافي بالوفيات 9/ 57، 58 رقم 3970، وتاريخ أبي زرعة 1/ 496، 497، والمعرفة والتاريخ 1/ 224 و 2/ 808، والكاشف 3/ 420، والمنتخب من ذيل المذيّل 616، والزيارات 14 و 88، والمعين في طبقات المحدّثين 29 رقم 154، وتهذيب التهذيب 12/ 3977، وتقريب التهذيب 2/ 589، والإصابة 4/ 229، 230 رقم 46، والنكت الظراف 11/ 243 و 246 و 250 و 253، والعقد الثمين 8/ 177، وخلاصة تذهيب التهذيب 488، والأخبار الطوال 264، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 64 و 86، وفوات الوفيات 2/ 171- 173 و 175، والوفيات لابن قنفذ 80، وشذرات الذهب 1/ 44.
[1] أو قيلة كما في أسد الغابة، والاستيعاب.
[2] تاريخ دمشق (تراجم النساء) ص 3.
[3] في طبعة القدسي 3/ 134 «العرني» ، وهو غلط، والتصحيح من: تهذيب التهذيب 10/ 136 و 137 وهو مسلم بن مخراق العبديّ القرّي مولى بني قرّة.
[4] أخرجه أحمد في المسند 6/ 348، وابن عساكر في تاريخ دمشق (تراجم النساء) - ص 5.
[5] تاريخ دمشق- ص 10.(5/354)
وَأَمَّا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ فَقَالَ: عَاشَتْ مِائَةَ سَنَةٍ وَلَمْ يَسْقُطْ لَهَا سِنٌّ [1] .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: كَانَتْ أَسْمَاءُ تَصَدَّعُ فَتَضَعُ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا فَتَقُولُ: بِذَنْبِي [2] وَمَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ أَكْثَرَ [3] .
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ، وَمَا لَهُ شَيْءٌ غَيْرَ فَرَسِهِ، فَكُنْتُ أَعْلِفُهُ وَأَسُوسُهُ، وَأَدُقُّ النَّوَى لِنَاضِحِهِ، وَأَعْلِفُهُ، وَأَسْتَقِي، وَأَعْجِنُ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، فَكَانَ يَخْبِزُ لِي جَارَاتٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي، وَهِيَ عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ، فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ، فَدَعَانِي فَقَالَ: «إِخْ إِخْ» [4] . لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ، وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ، فَمَضَى، فَلَمَّا أتَيْتُ أَخْبَرْتُ الزُّبَيْرَ، فَقَالَ: وَاللَّه لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ، قَالَتْ: حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ، فَكَفَتْنِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي [5] .
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: ضَرَبَ الزُّبَيْرُ أَسْمَاءَ، فَصَاحَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَقْبَلَ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: أُمَّكَ طَالِقٌ إِنْ دَخَلَتْ! قَالَ: أَتَجْعَلُ أُمِّي عُرْضَةً لِيَمِينِكَ، فَاقْتَحَمَ عَلَيْهِ وَخلَّصَهَا، فَبَانَتْ مِنْهُ [6] .
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، إنّ الزّبير طلّق أسماء، فأخذ
__________
[1] تاريخ دمشق- ص 28 من طريق: علي بن مسهر، عن هشام.
[2] في طبقات ابن سعد «بدني» بدل «بذنبي» وهو غلط على الأرجح، وما أثبتناه يتّفق مع المعنى والسياق، وتاريخ دمشق.
[3] الطبقات الكبرى 8/ 251، تاريخ دمشق- ص 14.
[4] يقال للبعير «إخ» إذا زجر ليبرك. انظر: لسان العرب، مادّة «أضخ» .
[5] الحديث في: مسند أحمد 6/ 347، وطبقات ابن سعد 8/ 251، وتاريخ دمشق- ص 15، والإصابة 4/ 229.
[6] أخرجه ابن عساكر بسنده- ص 18.
وقيل في سبب طلاقها غير ذلك. انظر: أسد الغابة.(5/355)
عُرْوَةَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ صَغِيرٌ [1] .
وَقَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: كَانَتْ أَسْمَاءُ سَخِيَّةَ النَّفْسِ [2] .
وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ قَالَتْ: قَالَتْ أَسْمَاءُ: يَا بَنَاتِي تَصَدَّقْنَ وَلا تَنْتَظِرْنَ الْفَضْلَ فَإِنَّكُنَّ إِنِ انْتَظَرَتُنَّ الْفَضْلَ لَنْ تَجِدْنَهُ، وَإِنْ تَصَدَّقْنَ لَمْ تَجِدْنَ فَقْدَهُ [3] .
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ:
سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ امْرَأَتَيْنِ قَطُّ أَجْوَدَ مِنْ عَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ، وَجُودُهُمَا يَخْتَلِفُ، أَمَّا عَائِشَةُ فَكَانَتْ تَجْمَعُ الشَّيْءَ إِلَى الشَّيْءِ، حَتَّى إِذَا اجْتَمَعَ عِنْدَهَا وَضَعَتْهُ مَوَاضِعَهُ، وَأَمَّا أَسْمَاءُ فَكَانَتْ لا تَدَّخِرُ شَيْئًا لِغَدٍ [4] .
قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: كَانَتْ أُمُّ كُلْثُومَ بِنْت عُقْبة بْن أَبِي مُعَيْط تحت الزُّبَيْرِ، وَكَانَتْ فِيهِ شِدَّةٌ عَلَى النِّسَاءِ، وَكَانَتْ لَهُ كَارِهَةً تَسْأَلَهُ الطَّلاقَ، فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً، وَقَالَ: لا تَرْجِعُ إِلَيَّ أَبَدًا [5] .
وَقَالَ أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، وَسَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ طَلَّقَهَا ثَلاثًا، يَعْنِي لِتَمَاضِرَ، فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ مِنْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، ثُمَّ قَالَ سَعْدٌ: وَكَانَ أَبُو سَلَمَةَ أُمَّهُ تُمَاضِرُ بِنْتَ الأَصْبَغِ [6] .
وَرَوَى عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ تُمَاضِرَ، حِينَ طَلَّقَهَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَكَانَ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا، ثُمَّ لَمْ ينشب أن طلّقها [7] .
__________
[1] طبقات ابن سعد 8/ 253، تاريخ دمشق- ص 18.
[2] طبقات ابن سعد 8/ 252، تاريخ دمشق 18.
[3] الطبقات 8/ 252، تاريخ دمشق 19.
[4] تاريخ دمشق- ص 20.
[5] طبقات ابن سعد 8/ 230، 231.
[6] الإصابة 4/ 255 رقم 200.
[7] الإصابة 4/ 255.(5/356)
وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ: فَرَضَ عُمَرُ أَلْفًا أَلْفًا لِلْمُهَاجِرَاتِ، مِنْهُنَّ أُمُّ عَبْدٍ، وَأَسْمَاءُ [1] .
وَقَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ: إِنَّ جَدَّتَهَا أَسْمَاءَ كَانَتْ تَمْرَضُ الْمَرْضَةَ، فَتُعْتِقُ كُلَّ مَمْلُوكٍ لَهَا [2] .
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ مِنْ أَعْبَرِ النَّاسِ لِلرُّؤْيَا، أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَخَذَتْ عَنْ أَبِيهَا [3] .
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ أُمِّهِ: أَنَّ أَسْمَاءَ كَانَتْ تَقُولُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ يُقَاتِلُ الْحَجَّاجَ: لِمَنْ كَانَتِ الدَّوْلَةُ الْيَوْمَ؟ فَيُقَالُ لَهَا: لِلْحَجَّاجِ. فَتَقُولُ: رُبَّمَا أَمَرَ الْبَاطِلُ. فَإِذَا قِيلَ لَهَا: كَانَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ، تَقُولُ: اللَّهمّ انْصُرْ أَهْلَ طَاعَتِكَ وَمِنْ غَضِبَ لَكَ [4] .
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَسْمَاءَ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ، قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ بِعشْرِ لَيَالٍ، وَإِنَّهَا لَوَجِعَةٌ، فَقَالَ لَهَا عَبْدُ اللَّهِ: كَيْفَ تَجِدِينَكِ؟
قَالَتْ: وَجِعَةٌ. قَالَ: إِنَّ فِي الْمَوْتِ لَعَافِيَةً. قَالَتْ: لَعَلَّكَ تَشْتَهِي مَوْتِي، فَلا تَفْعَلْ، وَضَحِكَتْ، وَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَشْتَهِي أَنْ أَمُوتَ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيَّ أَحَدُ طَرَفَيْكَ، إِمَّا أَنْ تُقْتَلَ فَأَحْتَسِبُكَ، وَإِمَّا أَنْ تَظْفَرَ فَتَقَرَّ عَيْنِي، وَإِيَّاكَ أَنْ تَعْرِضَ عَلَيَّ خِطَّةً لا تُوَافِقُ، فَتَقْبَلَهَا كَرَاهِيَةَ الْمَوْتِ [5] .
إِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، عَنْ عوْفٍ الأَعْرَابِيِّ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِي، أَنَّ الْحَجَّاجَ دَخَلَ عَلَى أَسْمَاءَ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَكَ أَلْحَدَ فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَإِنَّ اللَّهَ أَذَاقَهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ. قَالَتْ: كَذَبَ، كَانَ بَرًّا بِوَالِدَيْهِ، صَوَّامًا قَوَّامًا، ولكن قد
__________
[1] طبقات ابن سعد 8/ 253، تاريخ دمشق- ص 20.
[2] طبقات ابن سعد 8/ 252، تاريخ دمشق- ص 21.
[3] طبقات ابن سعد 5/ 124، تاريخ دمشق- ص 21.
[4] تاريخ دمشق- ص 22.
[5] حلية الأولياء 2/ 56، تاريخ دمشق- ص 22، 23.(5/357)
أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَيَخْرُجُ مِنْ ثَقِيفٍ كَذَّابَانِ، الْآخِرُ مِنْهُمَا شَرٌّ مِنَ الأَوَّلِ، وَهُوَ مُبِيرٌ [1] . إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا أَبُو الْمُحَيَّاةِ، عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: لَمَّا قَتَلَ الْحَجَّاجُ ابْنَ الزُّبَيْرِ دَخَلَ عَلَى أُمِّهِ أَسْمَاءَ وَقَالَ لَهَا: يَا أُمَّهْ، إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَوْصَانِي بِكِ فَهَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ؟ فَقَالَتْ: لَسْتُ لَكَ بِأُمٍّ، وَلَكِنِّي أُمُّ الْمَصْلُوبِ عَلَى رَأْسِ الْبَنِيَّةٍ [2] ، وَمَا لِي مِنْ حَاجَةٍ، وَلَكِنْ أُحَدِّثُكَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَخْرُجُ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ» فَأَمَّا الْكَذَّابُ، فَقَدْ رَأَيْنَاهُ- تَعْنِي الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ- وَأمَّا الْمُبِيرُ فَأَنْتَ: فَقَالَ لَهَا: مُبِيرُ الْمُنَافِقِينَ [3] .
أَبُو المُحَيَّاةِ هُوَ يَحْيَى بْنُ يَعْلَى التَّيْمِيُّ.
وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَنْبَأَ الأَسْوَدُ بْنِ شَيْبَانَ، عَنْ أَبِي نَوْفَلٍ، عَنْ أَبِي عَقْرَبٍ، أَنَّ الْحَجَّاجَ لَمَّا قَتَلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ صَلَبَهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى أُمِّهِ أَنْ تَأْتِيَهُ، فَأبَتْ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا لَتَأْتِيَنَّ أَوْ لَأَبْعَثَنَّ مَنْ يَسْحَبُكِ بقُرُونِكِ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ: وَاللَّهِ لا آتِيكَ حَتَّى تَبْعَثَ إِلَيَّ مَنْ يَسْحَبُنِي بِقُرُونِي. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَتَى إِلَيْهَا فَقَالَ:
كَيْفَ رَأَيْتِنِي صَنَعْتُ بِعَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَتْ: رَأَيْتُكَ أَفْسَدْتَ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ، وَأَفْسَدَ عَلَيْكَ آخِرَتَكَ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ كُنْتَ تُعَيِّرُهُ بِابْنِ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ، وَذَكَرَتِ الْحَدِيثَ، فَانْصَرَفَ وَلَمْ يُرَاجِعْهَا [4] .
وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ: ثنا ابْنُ أَبِي عَبَّادٍ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: قِيلَ لابْنِ عُمَرَ إِنَّ أَسْمَاءَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، وَذَلِكَ حِينَ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ مَصْلُوبٌ، فَمَالَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْجُثَثَ لَيْسَتْ بِشْيَءٍ، وَإِنَّمَا الأَرْوَاحُ عِنْدَ اللَّهِ، فَاتَّقِي اللَّهَ، وَعَلَيْكَ بِالصَّبْرِ. فَقَالَتْ: وَمَا يَمْنَعُنِي وَقَدْ أُهْدِيَ رَأْسُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا إِلَى بَغِيٍّ من
__________
[1] طبقات ابن سعد 8/ 254، مسند أحمد 6/ 351.
[2] في تاريخ دمشق «الثنية» .
[3] تاريخ دمشق- ص 23.
[4] تاريخ دمشق- ص 24.(5/358)
بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ [1] .
رَوَاهُ حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ الْمُبَارَكِ.
أنا مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَتْ قُتَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى عَلَى بِنْتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ- وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ طَلَّقَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ- بِهَدَايَا، زَبِيبٍ وَسَمْنٍ وَقَرَظٍ، فَأَبَتْ أَنْ تَقْبَلَ هَدِيَّتَهَا، وَأَرْسَلَتْ إِلَى عَائِشَةَ: سَلِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: لِتُدْخِلْهَا وَلْتَقْبَلْ هَدِيَّتَهَا.
وَنَزَلَتْ لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ في الدِّينِ 60: 8 [2] . الآية.
شَرِيكٌ، عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ وَهِيَ كَبِيرَةٌ عَمْيَاءُ، فَوَجَدْتُهَا تُصَلِّي، وَعِنْدَهَا إِنْسَانٌ يُلَقِّنُهَا: قُومِي اقْعُدِي افْعَلِي [3] .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: دَخَلْتُ عَلَى أَسْمَاءَ، فَقَالَتْ: بَلَغَنِي أَنَّ هَذَا صَلَبَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، اللَّهُمَّ لا تُمِتْنِي حَتَّى أُوتَى بِهِ فَأُحَنِّطَهُ وَأُكَفِّنَهُ، فَأُتِيَتْ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهَا، فَجَعَلَتْ تُحَنِّطُهُ بِيَدِهَا وَتُكَفِّنُهُ بَعْدَ مَا ذَهَبَ بَصَرُهَا [4] .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ [5] : مَاتَتْ أَسْمَاءُ بَعْدَ وَفَاةِ ابْنِهَا بِلَيَالٍ.
وَيُرْوَى عَنِ ابن أبي مليكة قال: كفّنته وصلّيت عَلَيْهِ، وَمَا أَتَتْ عَلَيْهَا جُمُعَةٌ حَتَّى مَاتَتْ [6] .
138- الأسود بن يزيد [7] ع ابْنُ قَيْسٍ النَّخَعِيُّ، الْفَقِيهُ أَبُو عَمْرٍو، وَيُقَالُ أبو عبد الرحمن، أخو
__________
[1] تاريخ دمشق- ص 27.
[2] سورة الممتحنة- الآية 60، والحديث في: طبقات ابن سعد 8/ 252.
[3] طبقات ابن سعد 8/ 252.
[4] تاريخ دمشق (تراجم النساء) ص 27.
[5] في الطبقات 8/ 255.
[6] تاريخ دمشق- ص 27.
[7] انظر عن (الأسود بن يزيد) في:
طبقات ابن سعد 6/ 70، وتاريخ الثقات 67 رقم 100، والثقات لابن حبّان 4/ 31، والتاريخ(5/359)
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَوَالِدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنُ أَخِي عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، وَخَالُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ. وَكَانَ أَسَنَّ مِنْ عَلْقَمَةَ.
رَوَى عَنْ: مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَبِلالٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، وَعَائِشَةَ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ، وَأَخُوهُ، وَابْنُ أَخِيهِ إِبْرَاهِيمُ، وَعُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ وَخَلْقٌ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ: يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ.
وَكَانَ مِنَ الْعِبَادَةِ وَالْحَجِّ عَلَى أَمْرِ كَبِيرٍ.
فَرَوَى شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَجَّ الأَسْوَدُ ثَمَانِينَ مِنْ بَيْنَ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ [1] .
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: سُئِلَ الشَّعْبِيُّ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يزيد فقال: كان صوّاما قوّاما حجّاجا [2] .
__________
[ () ] الكبير 1/ 449 رقم 1437، والتاريخ لابن معين 2/ 38، 39، وتاريخ خليفة 275، وطبقات خليفة 148، والمعارف 134 و 432 و 463 و 587، وتاريخ الطبري (انظر فهرس الأعلام) 10/ 182، وأنساب الأشراف 4/ ق 1/ 517 و 545 و 596 و 5/ 30 و 35، وأخبار القضاة 1/ 99 و 2/ 194 و 275 و 283، ومشاهير علماء الأمصار 100 رقم 742، والعقد الفريد 2/ 433 و 3/ 168 و 171، والجرح والتعديل 2/ 291، 292 رقم 1061، والكنى والأسماء للدولابي 2/ 43، وحلية الأولياء 2/ 102- 105 رقم 165، والاستيعاب 1/ 94، والمعرفة والتاريخ 2/ 553 و 555 و 558- 560، وتاريخ أبي زرعة 1/ 511 و 552 و 650- 652، وأسد الغابة 1/ 88 وتهذيب الكمال 3/ 233- 235 رقم 509، وتهذيب الأسماء واللغات ج 1 ق 1/ 122 رقم 58، وطبقات الفقهاء 79، وسير أعلام النبلاء 4/ 50- 53 رقم 13، والعبر 1/ 86، وتذكرة الحفاظ 1/ 48، والكاشف 80، 81 رقم 430، والمعين في طبقات المحدّثين 32 رقم 185، ودول الإسلام 1/ 55، ومرآة الجنان 1/ 156، والبداية والنهاية 9/ 12، ولباب الآداب 252، والوفيات لابن قنفذ 96، وغاية النهاية، رقم 796، والإصابة 1/ 106 رقم 460، وتهذيب التهذيب 1/ 342، 343 رقم 625، وتقريب التهذيب 1/ 77 رقم 579، وطبقات الحفّاظ 15، وخلاصة تذهيب التهذيب 37، وشذرات الذهب 1/ 82.
[1] طبقات ابن سعد 8/ 71، حلية الأولياء 2/ 103.
[2] حلية الأولياء 2/ 103 (باختصار) .(5/360)
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَنْدَلٍ، ثنا فُضَيْلُ بْنُ عياض، عَنْ مَيْمُونٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ الأَسْوَدُ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي رمضان في كلّ ليلتين، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ الأَسْوَدُ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي رَمَضَانَ فِي كُلِّ لَيْلَتَيْنِ: وَكَانَ يَنَامُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَكَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ فِي كُلِّ سِتِّ لَيَالٍ [1] .
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ: ثنا يَزِيدُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثدٍ قَالَ: كَانَ الأَسْوَدُ يَجْتَهِدُ فِي الْعِبَادَةِ، يَصُومُ حَتَّى يَخْضَرَّ وَيَصْفَرَّ، فَلَمَّا احْتُضِرَ بَكَى، فَقِيلَ له: ما هذا الجزع؟ فقال: ما لي لا أَجْزَعُ، وَاللَّهِ لَوْ أَتَيْتُ بِالْمَغْفِرَةِ مِنَ اللَّهِ لأَهَمَّنِي الْحَيَاءُ مِنْهُ مِمَّا قَدْ صَنَعْتُ، إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ الذَّنْبُ الصَّغِيرُ، فَيَعْفُو عَنْهُ، فَلا يَزَالُ مُسْتَحْيِيًا مِنْهُ [2] .
فِي وَفَاتِهِ أَقْوَالٌ، أَحَدُهَا سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ.
139- أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ [3] ع الْعَدَوِيُّ أَبُو زَيْدٍ، وَيُقَالُ أَبُو خَالِدٍ، مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ. وَقِيلَ:
حَبَشِيٌّ. وَقِيلَ: مِنْ سَبْيِ الْيَمَنِ. وَقَدِ اشْتَرَاهُ عُمَرُ بِمَكَّةَ لَمَّا حَجَّ بالناس سنة
__________
[1] حلية الأولياء 2/ 103.
[2] حلية الأولياء 2/ 103.
[3] انظر عن (أسلم مولى عمر) في:
طبقات ابن سعد 5/ 10، والتاريخ الكبير 2/ 23، 24 رقم 1565، والجرح والتعديل 2/ 306 رقم 1142، وتاريخ الطبري (راجع فهرس الأعلام) 10/ 179، وطبقات خليفة 235، وتاريخ خليفة 117، والتاريخ لابن معين 2/ 29، وتاريخ الثقات للعجلي 63 رقم 78، والثقات لابن حبّان 4/ 45، والأسامي والكنى للحاكم، ورقة 203 ب، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 9- 12، وأسد الغابة 1/ 77، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 117، 118 رقم 53، وتهذيب الكمال 2/ 529- 531 رقم 407، والعبر 1/ 91، وتذكرة الحفاظ 1/ 49، وسير أعلام النبلاء 4/ 98- 100 رقم 31، والمعين في طبقات المحدّثين 32 رقم 184، والكاشف 1/ 68 رقم 344، وربيع الأبرار 4/ 87، والمعارف 189، ومشاهير علماء الأمصار، رقم 519، ودول الإسلام 1/ 57، والبداية والنهاية 9/ 32، ومرآة الجنان 1/ 161، والإصابة 1/ 38 رقم 131 و 1/ 104 رقم 449، وتهذيب التهذيب 1/ 266 رقم 501، وتقريب التهذيب 1/ 64 رقم 465، وطبقات الحفاظ 16، وخلاصة تذهيب التهذيب 31، وشذرات الذهب 1/ 88.(5/361)
إِحْدَى عَشْرَةَ فِي خِلافَةِ الصِّدِّيقِ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ يَقُولُ: نحن قوم من الأشعريّين، ولكنّا لا نُنْكِرُ مِنَّةَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ [1] .
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَمُعَاذًا، وَأَبَا عُبَيْدَةَ، وَابْنَ عُمَرَ، وَكَعْبَ الأَحْبَارِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ زَيْدٌ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمُسْلِمُ بْنُ جُنْدُبٍ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ الزُّهْريُّ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَسْلَمَ قَالَ: قَدِمْنَا الْجَابِيَةَ مَعَ عُمَرَ، فَأَتَيْنَا بِالطِّلاءِ وَهُوَ مِثْلُ عَقِيدِ الرُّبِّ [2] .
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَجَّ عُمَرَ بِالنَّاسِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ، فَابْتَاعَ فِيهَا أَسْلَمَ [3] .
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ أَيْضًا: ثنا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اشْتَرَانِي عُمَرُ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَهِيَ السَّنَةُ الَّتِي قَدِمَ فِيهَا بِالأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ أَسِيرًا، فَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ فِي الْحَدِيدِ يُكَلِّمُ أَبَا بَكْرٍ، وَهُوَ يَقُولُ لَهُ: فَعَلْتَ وَفَعَلْتَ، حَتَّى كَانَ آخِرُ ذَلِكَ أَسْمَعُ الأَشْعَثَ يَقُولُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ اسْتَبْقِنِي لِحَرْبِكَ، وَزَوِّجْنِي أُخْتَكَ، فَمَنَّ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ وَزَوَّجَهُ أُخْتَهُ أُمَّ فَرْوَةَ، فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّدَ بْنَ الأَشْعَثِ [4] .
وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ: حَدَّثَنِي أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ الأَسْوَدُ الْحَبَشِيُّ:
وَاللَّهِ وَمَا أُرِيدَ عَيْبَهُ [5] .
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: يا أبا خالد، إنّي أرى
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 3/ 10، طبقات ابن سعد 5/ 11.
[2] قال المؤلّف- رحمه الله- في سير أعلام النبلاء 4/ 98: «هو الدّبس المرمّل» أي المعصود.
[3] تهذيب تاريخ دمشق 3/ 10.
[4] طبقات ابن سعد 5/ 10، تهذيب تاريخ دمشق 3/ 10.
[5] في تهذيب تاريخ دمشق 3/ 10: «لا والله ما أريد غيبة بنيه» .(5/362)
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَلْزَمُكَ لُزُومًا لا يَلْزَمُهُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ، لا يَخْرُجُ سَفَرًا إِلا وَأَنْتَ مَعَهُ، فَأَخْبِرْنِي عَنْهُ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَوْلَى الْقَوْمِ بِالظِّلِّ، وَكَانَ يُرَحِّلُ رَوَاحِلَنَا وَيُرَحِّلُ رَحْلَهُ وَحْدَهُ، وَلَقَدْ فَزِعْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ وَقَدْ رَحَّلَ رِحَالِنَا وَهُوَ يُرَحِّلُ رَحْلَهُ وَيَرْتَجِزُ:
لا يَأْخُذُ اللَّيْلُ عَلَيْكَ بِالْهَمْ ... وَالْبَسَنْ [1] لَهُ الْقَمِيصَ وَاعْتَمْ
وَكُنْ شَرِيكَ رَافِعٍ [2] وَأَسْلَمْ ... وَاخْدُمِ الْأَقْوَامَ حَتَّى تُخْدَمْ [3]
رَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أبيه.
قال أبو عبيد: تُوُفِّيَ أَسْلَمُ سَنَةَ ثَمَانِينَ [4] .
140- أُمَيْمَةُ بِنْتُ رُقَيْقَةَ [5] وَاسْمُ أَبِيهَا عَبْدُ بْنُ بِجَادٍ التَّيْمِيُّ، وَهِيَ بِنْتُ أُخْتِ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ لأُمِّهَا.
عِدَادُهَا فِي صَحَابُيَّاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.
رَوَى عَنْهَا: ابْنَتُهَا حُكَيْمَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَصَرَّحَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ بِأَنَّهُ سَمِعَ مِنْهَا، وَبِأَنَّهَا بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والحديث في «الموطّأ» [6] .
__________
[1] في الأصل وطبعة القدسي 3/ 138 وتهذيب تاريخ دمشق «البس» وما أثبتناه عن سير أعلام النبلاء.
[2] كذا في الأصل وطبعة القدسي وتهذيب تاريخ دمشق. وفي السير «نافع» .
[3] تهذيب تاريخ دمشق 3/ 10، وسير أعلام النبلاء 4/ 99، وعيون الأخبار 1/ 265.
[4] تهذيب تاريخ دمشق 3/ 12.
[5] انظر عن (أميمة بنت رقيقة) في:
طبقات ابن سعد 8/ 255، وطبقات خليفة 334، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 100 رقم 227، ومسند أحمد 6/ 356، والاستيعاب 4/ 239، 240، وتهذيب الكمال 3/ 1678، وتاريخ دمشق (تراجم النساء) 52- 60 رقم 16، والوافي بالوفيات 9/ 389 رقم 4319، ونسب قريش 229، وأسد الغابة 5/ 407، والإكمال 1/ 205، والكاشف 3/ 421 رقم 10، وتهذيب التهذيب 12/ 401 رقم 2731، والإصابة 4/ 240 رقم 97، وخلاصة تذهيب التهذيب 489.
[6] أخرجه في باب «ما جاء في البيعة» رقم 1799- ص 696 عن أميمة بنت رقيقة أنها قالت:(5/363)
141- أوس بن ضمعج [1]- م 4- الكوفي الْعَابِدُ ثِقَةٌ كَبِيرٌ مُخَضْرَمٌ.
رَوَى عَنْ: سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ الأَنْصَارِيِّ، وَعَائِشَةَ.
رَوَى عَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّدِّيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ.
تُوُفِّيَ سنة ثلاث أو أربع وسبعين [2] .
__________
[ () ] أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نسوة بايعنه على الإسلام فقلن: يا رسول الله نبايعك عَلَى أَنْ لَا نُشْرِكَ باللَّه شَيْئًا، وَلَا نَسْرِقَ، وَلَا نَزْنِيَ، وَلَا نَقْتُلَ أَوْلَادَنَا، وَلَا نَأْتِيَ بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِيهِ بَيْنَ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا، وَلَا نعصيك في معروف. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «فيما استطعتنّ وأطقتنّ» . قالت:
فقلن الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا، هلمّ نبايعك يا رسول الله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إني لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة» ، أو مثل قولي لامرأة واحدة.
والحديث أيضا في: سنن الترمذي 5/ 322، في كتاب ما جاء في بيعة النساء، وسنن النسائي 7/ 149 في كتاب بيعة النساء.
[1] انظر عن (أوس بن ضمعج) في:
طبقات ابن سعد 5/ 510، وطبقات خليفة 146، وتاريخ خليفة 273، وتاريخ الثقات 74 رقم 121، وتاريخ البخاري 2/ 17، 18 رقم 1543، والجرح والتعديل 2/ 304 رقم 1130، والثقات لابن حبان 4/ 43، والمعرفة والتاريخ 1/ 449، 450، وتهذيب الكمال 3/ 390- 392 رقم 579، وتهذيب التهذيب 1/ 383 رقم 701، وتقريب التهذيب 1/ 85، 86 رقم 655، وأسد الغابة 1/ 147، والكاشف 1/ 89 رقم 494، والوافي بالوفيات 9/ 448 رقم 4397، وخلاصة تذهيب التهذيب 41، ومشاهير علماء الأمصار، رقم 797.
[2] سيذكره المؤلّف أيضا في أهل الطبقة العاشرة.(5/364)
[حرف الباء]
142- بجالة بن عبدة التّميميّ [1]- خ د ت ن- البصريّ. كَاتِبُ جَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَمُّ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ [2] .
رَوَى عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ: جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
رَوَى عَنْهُ: الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ، وَيَعْلَى بْنُ حكيم، وطالب ابن السَّمَيْدَعِ.
وَوَفَدَ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ.
143- الْبَرَاءُ بن عازب [3] ع ابْنِ الْحَارِثِ أَبُو عُمَارَةَ الأَنْصَارِيُّ الْحَارِثِيُّ الْمَدَنِيُّ، نزيل الكوفة.
__________
[1] انظر عن (بجالة بن عبدة) في:
طبقات ابن سعد 7/ 130، وطبقات خليفة 194، والتاريخ الكبير 2/ 146 رقم 1997، وتاريخ أبي زرعة 1/ 511، والعلل لأحمد 31، والجرح والتعديل 2/ 437 رقم 1737، والثقات لابن حبّان 4/ 83، والمؤتلف لعبد الغني بن سعيد 88، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 63، وتهذيب الكمال 4/ 8، 9 رقم 637، والكاشف 1/ 149، والإصابة 1/ 170 رقم 761، وتهذيب التهذيب 1/ 417، 418 رقم 771، وتقريب التهذيب 1/ 93 رقم 3، والوافي بالوفيات 10/ 77 رقم 4513.
[2] طبقات ابن سعد 7/ 130.
[3] انظر عن (البراء بن عازب) في:
طبقات ابن سعد 4/ 364 و 6/ 17، والمثلّث لابن السيد البطليوسي 1/ 368، والمغازي للواقدي 21 و 216 و 449 و 453 و 589 و 902، والزهد لابن المبارك 430- 433 رقم(5/365)
صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَغَيْرِهِ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو جُحَيْفَةَ السُّوَائِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الخطميّ، الصّحابيّان، وَعَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، وَسَعْدُ بْنُ عَبِيدَةَ، وَأَبُو عُمَرَ زَاذَانَ [1] ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَآخَرُونَ.
وَاستُصْغِرَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَشَهِدَ غَيْرَ غزوةٌ مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [2] .
أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ: اسْتَصْغَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بدر فردّني،
__________
[1219] و 477 و 511، والتاريخ الصغير 16 و 84، والتاريخ الكبير 2/ 117 رقم 1888، والبرصان والعرجان 69 و 263، وسيرة ابن هشام (بتحقيقنا) 3/ 29 و 258، وتاريخ الثقات 79 رقم 143، والتاريخ لابن معين 2/ 55، والثقات لابن حبان 3/ 26، والجرح والتعديل 2/ 399 رقم 1566، وتاريخ الطبري (انظر فهرس الأعلام) 10/ 192، وتاريخ أبي زرعة 1/ 164 و 633 و 645، والمعرفة والتاريخ 2/ 622 و 623 و 625 و 626 و 628- 631 و 3/ 78- 81 (وانظر فهرس الأعلام) 3/ 461، وطبقات الفقهاء 52، والتاريخ لابن معين 2/ 55، وتاريخ خليفة 132 و 157 و 268، وطبقات خليفة 80 و 135 و 190، والعلل لأحمد 37 و 116 و 293 و 409، ومسند أحمد 4/ 280، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 81 رقم 14، وتاريخ واسط لبحشل 103 و 115 و 155 و 275 و 276، وفتوح البلدان 390 و 394، والخراج وصناعة الكتابة لقدامة 374، 377، وربيع الأبرار 1/ 451 و 4/ 45 و 204، والمعارف 326 و 587، ومشاهير علماء الأمصار، رقم 272، والعقد الفريد 5/ 282 و 6/ 149، وتاريخ اليعقوبي 2/ 124، والمغازي للواقدي 21 و 216 و 449 و 453 و 589 و 902، وأنساب الأشراف 4 ق 1/ 36 و 5/ 273، وأخبار القضاة 1/ 38 و 2/ 298، والمعجم الكبير للطبراني 2/ 14، والاستيعاب 1/ 55- 157، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 61، وأسد الغابة 1/ 171، 172، وتهذيب الأسماء واللغات ج 1 ق 1/ 132، 133 رقم 80، وتهذيب الكمال 4/ 34- 37 رقم 650، وتحفة الأشراف 2/ 13- 68 رقم 32، وجمهرة أنساب العرب 341، والكنى والأسماء 1/ 84، والمعين في طبقات المحدّثين 19 رقم 15، والكاشف 1/ 98 رقم 553، والبداية والنهاية 8/ 328، ومرآة الجنان 1/ 145، والوافي بالوفيات 10/ 104، 105 رقم 4560، والنكت الظراف 2/ 17- 61، والإصابة 1/ 142 رقم 618، وتهذيب التهذيب 1/ 425، 426 رقم 785، وتقريب التهذيب 1/ 94 رقم 16، وخلاصة تذهيب التهذيب 46، وشذرات الذهب 1/ 63 و 77.
[1] في الأصل «ذادان» .
[2] طبقات ابن سعد 4/ 367.(5/366)
وَغَزَوْتُ مَعَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَمَا قَدِمَ عَلَيْنَا الْمَدِينَةَ حَتَّى قَرَأْتُ سُوَرًا مِنَ الْمُفَصَّلِ [1] .
شُعْبَةُ، وَجَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي السَّفَرِ، رَأَيْتُ عَلَى البراء خاتم ذهب [2] .
وقال البراء: كنت أنا وابن عمر لدة [3] .
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ إِحْدَى وسبعين.
144- بسر بن أبي أرطاة [4] د ت ن عُمَيْرُ بْنُ عُوَيْمِرِ [5] بْنِ عِمْرَانَ، وَيُقَالُ: بُسْرُ بن أرطاة، أبو عبد الرحمن
__________
[1] طبقات ابن سعد 4/ 368.
[2] ابن سعد 4/ 368.
[3] ابن سعد 4/ 368.
[4] انظر عن (بسر بن أبي أرطاة) في:
المحبّر 293، وطبقات ابن سعد 7/ 409، والأخبار الطوال 159 و 167 و 172 و 196، والمعارف 122، وفتوح البلدان 132 و 267، وأنساب الأشراف 1/ 492، و 505 و 3/ 60 و 4 ق 1/ 31 و 189، و 190 و 529 و 5/ 40، وتاريخ اليعقوبي 2/ 156 و 197- 199 و 240، والولاة والقضاة 15 و 17 و 18 و 21 و 27، وربيع الأبرار 4/ 304، ومشاهير علماء الأمصار رقم 364، والأغاني 16/ 200 وما بعدها، ومروج الذهب 1812 و 1813، وبلاغات النساء 35، والحلّة السيراء 2/ 324 و 335، والعقد الفريد 2/ 103 و 4/ 365، والخراج وصناعة الكتابة 287 و 343 و 345، ومسند أحمد 4/ 181، والتاريخ لابن معين 2/ 58، وتاريخ خليفة 142 و 195 و 198 و 200 و 206 و 218 و 292، وطبقات خليفة 27 و 140 و 300، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 109 رقم 335، والتاريخ الكبير 2/ 123 رقم 1912، والتاريخ الصغير 48 و 61، وتاريخ أبي زرعة 226 و 376 و 690، والجرح والتعديل 2/ 422، 423 رقم 1678، والثقات لابن حبّان 3/ 36، والمعجم الكبير للطبراني 2/ 18، وطبقات علماء إفريقية لأبي العرب القيرواني 68 و 76، والاستيعاب 1/ 157- 166، وتاريخ الطبري 3/ 407 و 4/ 553 و 5/ 98 و 139 و 140 و 155 و 167- 169 و 176 و 181 و 212 و 234 و 253 و 287 و 335، والمعرفة والتاريخ 2/ 478 و 3/ 19 و 307 و 309 و 319 و 328، والمستدرك على الصحيحين 3/ 591، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 79، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 223- 228، وأسد الغابة 1/ 179، 180، وسير أعلام النبلاء 3/ 409- 411 رقم 65، وميزان الاعتدال 1/ 309 رقم 1168، والكاشف 1/ 99 رقم 565، وتهذيب الكمال 4/ 59- 69 رقم 665، ونسب قريش 439، وجمهرة أنساب العرب 170، وتاريخ بغداد 1/ 210، و 211 رقم 49، والكامل في
[5] في الأصل «عريم» .(5/367)
العامريّ القرشيّ، نَزِيلُ دِمَشْقَ.
رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَيْنِ، وَهُمَا «اللَّهمّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا» [1] . وَحَدِيثَ: «لا تُقْطَعُ الأَيْدِي فِي الْغَزْوِ» [2] . رَوَى عَنْهُ جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، وَأَيُّوبُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَأَبُو رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وُلِدَ قَبْلَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَنَتَيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ الْمِصْرِيُّ: كَانَ صَحَابِيًّا شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ، وَلَهُ بِهَا دَارٌ وَحَمَّامٌ، وَكَانَ مِنْ شِيعَةِ مُعَاوِيَةَ، وَوَلَّى الْحِجَازَ وَالْيَمنَ لَهُ، فَفَعَلَ أَفْعَالا قَبِيحَةً، وَشُوِّشَ فِي آخِرِ أَيَّامِهِ [3] .
قُلْتُ: وَكَانَ أَمِيرًا سَرِيًّا بَطَلا شُجَاعًا فَاتِكًا، سَاقَ ابْنُ عَسَاكِرَ أَخْبَارَهُ فِي
__________
[ () ] التاريخ 3/ 383، والوافي بالوفيات 10/ 129- 133 رقم 4590، ونهج البلاغة 1/ 116، والتذكرة الحمدونية 2/ 20، وتحفة الأشراف 2/ 95، 96 رقم 34، وتهذيب التهذيب 1/ 435، 436 رقم 801، وتقريب التهذيب 1/ 96 رقم 32، والإصابة 1/ 147، 148 رقم 642، والعقد الثمين 3/ 362، وخلاصة تذهيب التهذيب 47، والمنتخب من تاريخ المنبجي (بتحقيقنا) 13 و 61 و 66 و 67 و 71.
[1] أخرجه أحمد في المسند 4/ 181 من طريق: هيثم بن خارجة، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسَ، قال: سمعت أبي يحدّث عن بسر بن أرطاة القرشي، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو: «اللَّهمّ أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا، وعذاب الآخرة» . والحديث عند ابن حبّان (2424) و (2425) حيث وثّق أيوب بن ميسرة، وفي المعجم الكبير (1196) و (1198) وفي المستدرك على الصحيحين 3/ 591، والمزّي في تهذيب الكمال 4/ 60، وابن عديّ في الكامل في الضعفاء 2/ 438 من عدّة طرق.
[2] أخرجه أحمد في المسند 4/ 181 بلفظ: «نهانا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن القطع في الغزو» ، وأخرجه أبو داود في الحدود (4408) باب: في الرجل يسرق في الغزو أيقطع؟ وهو من طريق: ابن وهب، عن حيوة بن شريح، عن عياش بن عباس القتباني، عن شييم بن بيتان، ويزيد بن صبح الأصبحي، عن جنادة بن أبي أميّة، عن بسر بن أرطاة قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لا تقطع الأيدي في السفر» . وسنده صحيح. وأخرجه الترمذي (1450) في الحدود، والنسائي في السارق 8/ 91، والطبراني في المعجم الكبير (1195) ، والمناوي في فيض القدير 6/ 417، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق 3/ 223.
[3] انظر تهذيب تاريخ دمشق 3/ 223.(5/368)
تَارِيخِهِ [1] ، فَمِنْ أَخْبَثِ أَخْبَارِهِ الَّتِي مَا عَمِلَهَا الْحَجَّاجُ، عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ بُسْرًا لا صُحْبَةَ لَهُ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ مَعِينٍ: لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَبُسْرٌ صَغِيرٌ [2] .
قَالَ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ: ثنا زَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَلامَةَ، عَنْ أَبِي الزَّيَّاتِ، وَآخَرَ، سَمِعَا أَبَا ذَرٍّ يَتَعَوَّذُ مِنْ يَوْمِ الْعَوْرَةِ، قَالَ زَيْدٌ: فَقُتِلَ عُثْمَانُ، ثُمَّ أَرْسَلَ مُعَاوِيَةُ بُسْرَ بْنَ أَرْطَأةَ إِلَى الْيَمَنِ، فَسَبَى نِسَاءً مُسْلِمَاتٍ، فَأُقِمْنَ فِي السُّوقِ [3] .
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قَتَلَ بُسْرُ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَقُثَمَ وَلَدَيْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بِالْيَمَنِ [4] .
وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ دَاوُدَ بْنُ جَسْرَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ قَالَ: بَعَثَ مُعَاوِيَةُ بُسْرَ بْنَ أَبِي أَرْطَأَةَ إِلَى الْحِجَازِ وَالْيَمَنِ يَقْتُلُ مَنْ كَانَ فِي طَاعَةِ عَلِيٍّ، فَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ شَهْرًا لا يُقَالُ لَهُ: هَذَا مِمَّنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ، إِلا قَتَلَهُ [5] .
وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَلَى الْيَمَنِ، فَمَضَى بُسْرُ إِلَيْهَا فَقَتَلَ وَلَدَيْ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَقَتَلَ عَمْرَو بْنَ أَرَاكَةَ الثَّقَفِيَّ، وَقَتَلَ مِنْ هَمْدَانَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْنِ، وَقَتَلَ مِنَ الأَبْنَاءِ طَائِفَةً. وَذَلِكَ بَعْدَ قَتْلِ عَلِيٍّ، وَبَقِيَ إِلَى خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ [6] .
وَيُرْوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ بُسْرًا هَدَمَ بِالْمَدِينَةِ دُورًا كَثِيرَةً، وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَصَاحَ: يَا دِينَارُ، شَيْخٌ سَمْحٌ عَهِدْتُهُ هَا هُنَا بِالأَمْسِ، مَا فَعَلَ- يَعْنِي عُثْمَانَ- يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ لَوْلا عهد أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَرَكْتُ بِهَا مُحْتَلِمًا إِلا قتلته، ثم مضى
__________
[1] انظر التهذيب 3/ 223- 228.
[2] طبقات ابن سعد 7/ 409، والتاريخ لابن معين 2/ 58.
[3] انظر تهذيب تاريخ دمشق 3/ 226 و 227.
[4] تهذيب تاريخ دمشق 3/ 226.
[5] تهذيب تاريخ دمشق 3/ 225.
[6] تهذيب تاريخ دمشق 3/ 225.(5/369)
إِلَى الْيَمَنِ فَقَتَلَ بِهَا ابْنَيْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، صَبِيَّيْنِ مُلَيْحَيْنِ، فَهَامَتْ أُمُّهُمَا بِهِمَا [1] .
قُلْتُ: وَقَالَتْ فِيهِمَا أَبْيَاتًا سَائِرَةً، وَبَقِيَتْ تَقِفُ لِلنَّاسِ مَكْشُوفَةَ الْوَجْهِ، وَتُنْشِدُ فِي الْمَوْسِمِ، مِنْهَا:
هَا مَنْ أَحَسَّ بِابْنَيَّ اللَّذَيْنِ هُمَا ... كَالدُّرَّتَيْنِ تجلّى عنهما الصّدف [2]
145- بشر بْنُ مَرْوَانَ [3] ابْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ الْقُرَشِيُّ الأُمَوِيُّ.
كَانَ سَمْحًا جَوَّادًا مُمَدَّحًا. وَلِيَ إِمْرةَ الْعِرَاقَيْنِ لِأَخِيهِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَلَهُ دَارٌ بِدِمَشْقَ عِنْدَ عَقَبَةَ الْكَتَّانِ [4] ، وَجمَعَ لَهُ أَخُوهُ إِمْرَةَ الْعِرَاقَيْنِ.
فَعَنِ الضَّحَّاكِ الْعَتَّابِيِّ قَالَ: خَرَجَ أَيْمَنُ بْنُ خُرَيْمٍ إِلَى بِشْرِ بن مروان،
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 3/ 226.
[2] البيت من جملة أبيات في: تهذيب تاريخ دمشق 3/ 226، وتهذيب الكمال 4/ 66.
[3] انظر عن (بشر بن مروان) في:
المحبّر 443 و 445، والمعارف 354 و 355 و 458 و 571، وتاريخ اليعقوبي 2/ 258، وأنساب الأشراف 1/ 10 و 213 و 4 ق 1/ 167 و 444 و 449 و 455 و 465- 467 و 473 و 474 و 5/ (انظر فهرس الأعلام) 385، وأخبار القضاة لوكيع 1/ 302 و 3/ 185 و 279 و 397، والولاة والقضاة 47 و 60، والأخبار الطوال 310، وتاريخ خليفة 268 و 271 و 273 و 293 و 294، وتاريخ الطبري 5/ 539 و 6/ 164 و 169 و 171 و 173 و 178 و 193- 197 و 201 و 202 و 210 و 259 و 306، وجمهرة أنساب العرب 106، 107، والبرصان والعرجان 88 و 89 و 99 و 107 و 108 و 124 و 286، والمعرفة والتاريخ 2/ 245 و 368، والعقد الفريد 4/ 119 و 428 و 6/ 14، وعين الأدب والسياسة 178 و 179، والمستجاد 26- 32، والتعليقات والنوادر 2/ 208 رقم 942، ولباب الآداب 19، 20، وتاريخ العظيمي 190، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 88، والأخبار الموفقيات 510 و 526 و 529، والعبر 1/ 86، والبداية والنهاية 9/ 7، ومرآة الجنان 1/ 156، وفوات الوفيات 1/ 168 و 390 و 392، والوافي بالوفيات 10/ 152، 153 رقم 4616، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 251- 256، والنجوم الزاهرة 1/ 191، وشذرات الذهب 1/ 83، وخزانة الأدب 4/ 117، ومعجم بني أمية 18، 19 رقم 44، ومروج الذهب 2016- 2020، ودول الإسلام 1/ 55، والحلة السيراء 44، والأغاني 1/ 132 و 2/ 122 و 156 و 5/ 158.
[4] انظر عنها: البداية والنهاية 14/ 221، والدارس في تاريخ المدارس للنعيمي 2/ 237، وفي تهذيب تاريخ دمشق 3/ 251 «عقبة الصوف» .(5/370)
فَقَدِمَ فَرَأَى النَّاسَ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ بِلا اسْتِئْذَانٍ، فَقَالَ: مَنْ يُؤْذِنُ الأَمِيرَ بِنَا؟
قَالُوا: لَيْسَ عَلَيْهِ حِجَابٌ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
يُرَى بَارِزًا لِلنَّاسِ بِشْرٌ كَأَنَّهُ ... إِذَا لاحَ فِي أَثْوَابِهِ قَمَرٌ بدر
بعيد مرآة العين مارد طَرْفُهُ ... حَذَارِ الْغَوَاشِي رَجْعُ بَابِ وَلا سَتْرُ
وَلَوْ شَاءَ بِشْرُ أَغْلَقَ الْبَابَ دُونَهُ ... طَمَاطَمُ سُودٌ أَوْ صَقَالِبَةٌ حُمْرُ
وَلَكِنَّ بِشْرًا يَسَّرَ الْبَابَ لِلَّتِي ... يَكُونُ لَهُ فِي جَنْبِهَا الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ [1]
فَقَالَ: تَحْتَجِبُ الْحُرُمَ، وَأَجْزَلَ صِلَتَهُ.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: ثنا الْحَكَمُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: وَلَّى عَبْدُ الْمَلِكِ أَخَاهُ بِشْرًا عَلَى الْعِرَاقَيْنِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ حِينَ وَصَلَهُ الْخَبَرُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ قَدْ شَغَلْتَ إِحْدَى يَدَيْ، وَهِيَ الْيُسْرَى، وَبَقِيَتِ الأُخْرَى فَارِغَةٌ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِوِلايَةِ الْحِجَازِ وَالْيَمَنِ، فَمَا بَلَغَهُ الْكِتَابُ حَتَّى وَقَعَتِ الْقُرْحَةُ فِي يَمِينِهِ، فَقِيلَ لَهُ: نَقْطَعُهَا مِنْ مَفْصِلِ الْكَفِّ، فَجَزَعَ، فَمَا أَمْسَى حَتَّى بَلَغَتِ المرفق، ثم أصبح وقد بلغت الْكَتِفَ، وَأَمْسَى وَقَدْ خَالَطَتِ الْجَوْفَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي كَتَبْتُ إِلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنَا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الآخِرَةِ، قَالَ: فَجَزِعَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَأَمَرَ الشُّعَرَاءَ فَرَثَوْهُ [2] . وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ: قَالَ الْحَسَنُ: قَدِمَ عَلَيْنَا بِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ الْبَصْرَةَ وَهُوَ أَبْيَضُ بَضَّ، أَخُو خَلِيفَةٍ، وَابْنُ خَلِيفَةٍ، فَأَتَيْتُ دَارَهُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى الْحَاجِبِ قَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. قَالَ: ادْخُلْ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُطِيلَ الْحَدِيثَ وَلا تُمِلَّهُ، فَدَخَلْتُ فَإِذَا هُوَ عَلَى سَرِيرٍ عَلَيْهِ فرش قد كاد أن يغوص فيها، وَرَجُلٌ مُتَّكِئٌ عَلَى سَيْفِهِ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ، فَسلَّمْتُ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. فَأَجْلَسَنِي، ثُمَّ قَالَ: مَا تَقُولُ فِي زَكَاةِ أَمْوَالِنَا، نَدْفَعُهَا إِلَى السُّلْطَانِ أَمْ إِلَى الْفُقَرَاءِ؟ قُلْتُ:
أَيَّ ذَلِكَ فَعَلْتَ أَجْزَأَ عَنْكَ، فَتَبَسَّمَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى الَّذِي عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ: لِشَيْءٍ مَا يَسُودَ مِنْ سود، ثُمَّ عُدْتُ إِلَيْهِ مِنَ الْعَشِيِّ، وَإِذَا هُوَ قَدِ انْحَدَرَ مِنْ سَرِيرِهِ إِلَى أَسْفَلَ وَهُوَ يَتَمَلْمَلُ، وَالأَطِبَّاءُ حَوْلَهُ، ثُمَّ عُدْتُ مِنَ الْغَدِ وَالنَّاعِيَةُ
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 3/ 251.
[2] تهذيب تاريخ دمشق 3/ 255، 256.(5/371)
تَنْعَاهُ، وَالدَّوَابُّ قَدْ جَزُّوا نَوَاصِيَهَا. وَدُفِنَ فِي جَانِبِ الصَّحْرَاءِ. وَوَقَفَ الْفَرَزْدَقُ عَلَى قَبْرِهِ وَرَثَاهُ بِأَبْيَاتٍ، فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ إِلا بَكَى [1] .
قَالَ خَلِيفَةٌ [2] : مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، وَهُوَ أَوَّلُ أَمِيرٍ مَاتَ بِالْبَصْرَةِ.
تُوُفِّيَ وَعُمْرُهُ نَيِّفٌ وَأَرْبَعُونَ سنة.
__________
[1] الخبر وأبيات الفرزدق في: تهذيب تاريخ دمشق 3/ 254.
[2] في تاريخه 273.(5/372)
[حرف التَّاءِ]
146- تَوْبَةُ بْنُ الْحُمَيِّرِ [1] صَاحِبُ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةَ [2] ، أَحَدُ الْمُتَيَّمِينَ.
وَكَانَ لا يَرَى لَيْلَى إِلا مُتَبَرْقِعَةً، وَكَانَ يَشِنُّ الْغَارَةَ عَلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ، وَكَانَتْ بَيْنَ أَرْضِ بَنِي عُقَيْلٍ وَبَيْنَ مُهْرَةَ، فَكَمَنُوا لَهُ وَقَتَلُوهُ، فَرَثَتْهُ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةُ بِأَبْيَاتٍ [3] .
وَمِنْ شِعْرِه قَوْلُهُ:
فَإِنْ تَمْنَعُوا لَيْلَى وَحُسْنَ حَدِيثِهَا ... فَلَنْ تَمْنَعُوا مِنِّي البكا والقوافيا
__________
[1] انظر عن (توبة بن الحميّر) في:
الأخبار الموفقيات 501، 502، ومعجم الشعراء للمرزباني 343، والمعارف 90، والشعر والشعراء 306- 358 و 360- 362، والمؤتلف والمختلف للآمدي 68 و 93، وسمط اللآلي 119، 120، و 281- 283، والاشتقاق لابن دريد 181، والأغاني 11/ 204- 250، ومروج الذهب 2082 و 2083، وحياة الحيوان للدميري 2/ 299، وحماسة البحتري 423- 426، وحماسة أبي تمام 2/ 102، و 125، والتعليقات والنوادر 2/ 250 رقم 1032، وأشعار النساء للمرزباني 164، والتبريزي 4/ 76، وشرح شواهد المغني 70، وأمالي القالي 1/ 87 و 130 و 166 و 197 وأمالي المرتضى 126 و 363 و 2/ 57، ورغبة الآمل 5/ 215 و 221 و 8/ 177 و 179 و 184، والمنازل والديار 2/ 166، والتذكرة السعدية 303، والتذكرة الفخرية 86، وفوات الوفيات 1/ 259، 260، وخزانة الأدب 3/ 31، والوافي بالوفيات 10/ 436- 438 رقم 4929، وأسماء المغتالين 250.
[2] ستأتي ترجمتها في (حرف اللام) من هذا الجزء.
[3] انظر رثاء ليلى فيه في: الوافي بالوفيات 10/ 437.(5/373)
فَهَلا مَنَعْتُمْ إِذْ مَنَعْتُمْ كَلَامَهَا ... خَيَالا يُمْسِينَا عَلَى النَّأْيِ هَادِيَا
لَعَمْرِي لَقَدْ أَسْهَرْتِنِي يَا حَمَامَةَ ... الْعَقِيقِ وَقَدْ أَبْكَيْتِ مَنْ كَانَ بَاكِيَا
ذَكَرْتُكِ بِالْغَوْرِ التِّهَامِيِّ فَأَصْعَدَتْ ... شُجُونَ الْهَوَى حَتَّى بَلَغْنَ التَّرَاقِيَا
وَلَهُ شِعْرٌ سَائِرٌ جَيِّدٌ.
ذَكَرَ تَرْجَمَتَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ [1] تَقْرِيبًا فِي حُدُودِ سَنَةِ ستّ وسبعين.
__________
[1] في الأجزاء التي لم تنشر بعد من كتاب «المنتظم في أخبار الملوك والأمم» .(5/374)
[حرف الثاء]
147- ثابت بن الضّحّاك [1]- ع- بن خليفة، أبو زيد الأنصاريّ الأشهليّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ لَهُ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ نَحْوُهَا عِنْدَ وَفَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رَوَى عَنْهُ أَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ فِي الحلف بملّة سوى الإسلام [2] .
__________
[1] انظر عن (ثابت بن الضّحّاك) في:
المغازي للواقدي 448، ومشاهير علماء الأمصار رقم 231، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 93 رقم 449، وتاريخ أبي زرعة 2/ 685، والمعرفة والتاريخ 1/ 322، ومسند أحمد 4/ 33، والاستيعاب 1/ 197، والتاريخ الكبير 2/ 165 رقم 2074، والجرح والتعديل 2/ 453 رقم 1826، وأسد الغابة 1/ 225، والكاشف 1/ 116 رقم 695، وتهذيب الكمال 4/ 359، 360 رقم 820، والمعرفة والتاريخ 1/ 322، والثقات لابن حبّان 3/ 44، والمعجم الكبير 2/ 72، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 65، وتهذيب التهذيب 2/ 8، 9 رقم 11، وتقريب التهذيب 1/ 10، وتحفة الأشراف 2/ 119- 121 رقم 49، والإصابة 1/ 193، 194 رقم 894، وخلاصة تذهيب التهذيب 56.
وقد ذكر الدكتور بشار عوّاد معروف بين مصادر ترجمته: طبقات خليفة (78 و 99) فوهم في ذلك لأن ثابت في الطبقات غير هذا، فليراجع. (انظر تهذيب الكمال بتحقيقه- ج 4/ 359) .
[2] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 2/ 72 رقم (1325) من طريق أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك وكانت له صحبة، قال حمّاد: ولو قلت إنه مرفوع لم أبال قال: «من حلف بملّة سوى الإسلام كاذبا فهو كما قال» . وأخرجه من طريق أبي قلابة، عن ثابت، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بلفظ: «من حلف بملّة غير الإسلام كاذبا فهو كما قال، ومن قتل نفسه بشيء عذّب به في نار جهنم ولعن المؤمن كقتله، ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله» . (رقم (1326) وانظر رقم (1327) و (1329) و (1330) و (1331) و (1332) و (1333) و (1334) و (1335) و (1336) و (1337) و (1338) و (1339) .(5/375)
وَفِي الْبُخَارِيِّ: عَنْ أَبِي قِلابَةَ، أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ [1] بِإِسْنَادٍ نَازِلٍ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أن ابْنَ سَعْدٍ غَلَطَ فِي عُمْرِهِ كَمَا ترى [2] .
__________
[1] في كتاب المغازي، باب غزوة الحديبيّة وقول الله تَعَالَى لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ 48: 18- ج 5/ 66 قال: حدّثنا إسحاق، حدّثنا يحيى بن صالح، حدّثنا معاوية هو ابن سلّام، عن يحيى، عن أبي قلابة. وذكر الحديث.
[2] ترجمة (ثابت بن الضّحّاك) غير موجودة في طبقات ابن سعد المطبوع.(5/376)
[حرف الجيم]
148- جابر بن عبد الله [1] ع ابْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامِ بْنِ كَعْبِ بْنِ غُنْمِ بْنِ كعب بن سلمة الأنصاريّ
__________
[1] انظر عن (جابر بن عبد الله) في:
مسند أحمد 3/ 292، والتاريخ لابن معين 2/ 74، 75، والأخبار الموفقيات 324، 325، والأخبار الطوال 316 و 329، والطبقات لابن سعد 3/ 574، وتاريخ خليفة 73 و 365، وطبقات خليفة 102، والعلل لأحمد 1/ 7 و 113 و 133 و 291 و 292، والتاريخ الصغير 93 و 95 و 97، والتاريخ الكبير 2/ 207 رقم 2208، وتاريخ الثقات للعجلي 93 رقم 195، والثقات لابن حبّان 52، ومشاهير علماء الأمصار، رقم 25، والمعارف 162 و 307 و 557، والزاهر للأنباري 1/ 163 و 217، وعيون الأخبار 1/ 112 و 302، والمنتخب من ذيل المذيّل 527، وربيع الأبرار 1/ 247 و 4/ 28 و 202 و 204 و 339 و 374 و 437 و 465، وأنساب الأشراف (انظر فهرس الأعلام) 1/ 626 و 3/ 328 و 4 ق 1/ 349 و 551 و 556 و 5/ 151 و 155 و 188 و 189 و 356 و 357، والمحبّر 404 و 413 و 415، والسير والمغازي 278، والمغازي للواقدي (انظر فهرس الأعلام) 3/ 1148، وأخبار القضاة 1/ 34 و 60 و 2/ فهرس الأعلام 469 و 3/ 24 و 42 و 46 و 47، والمعرفة والتاريخ (انظر فهرس الأعلام) 3/ 476، وتاريخ أبي زرعة 1/ 189 و 309 و 460 و 464، والجرح والتعديل 2/ 492 رقم 2019، والمعجم الكبير للطبراني 2/ 180، والاستيعاب 1/ 219، والمستدرك على الصحيحين 3/ 564- 566، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 72، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 80 رقم 6، والفصل لابن حزم 4/ 152، وسيرة ابن هشام (انظر فهرس الأعلام) 3/ 332 و 4/ 336، وتاريخ الطبري (انظر فهرس الأعلام) 10/ 204، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 389- 394، وأسد الغابة 1/ 256- 258، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 142، 143 رقم 100، وتهذيب الكمال 4/ 443- 454 رقم 871، والكاشف 1/ 122 رقم/ 74، والمعين في طبقات المحدّثين 19 رقم/ 2، وتذكرة الحفاظ 1/ 43، وسير أعلام النبلاء 3/ 189- 194 رقم 38، وتحفة الأشراف 2/ 165- 402 رقم(5/377)
السلمي أبو عبد الله، ويقال أبو عبد الرحمن، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَنُو سَلَمَةَ بَطْنٌ مِنَ الْخَزْرَجِ.
رَوَى الْكَثِيرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ.
وَقَدْ رَوَى عَنْ أُمِّ كُلْثُومِ بِنْتِ الصِّدِّيقِ، وَهِيَ تَابِعِيَّةٌ.
رَوَى عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَطَاءٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَالشَّعْبِيُّ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، وَسَعِيدُ بْنُ مِينَا، وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ.
فَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنْتُ فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ الَّذِينَ أَمَدَّهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ وَهُوَ يُحَاصِرُ دِمَشْقَ.
قَالَ عُرْوَةُ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ شَهِدَ الْعَقَبَةَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: شَهِدَ الْعَقَبَةَ مَعَ السَّبْعِينَ، وَكَانَ أَصْغَرَهُمْ، وَأَرَادَ شُهُودَ بَدْرٍ، فَخَلَّفَهُ أَبُوهُ عَلَى أَخَوَاتِهِ، وَكُنَّ تِسْعًا، وخلّفه يوم أحد فاستشهد يومئذ، وكان أبوه عَقَبِيًّا بَدْرِيًّا مِنَ النُّقَبَاءِ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ جَابِرٍ- يَعْنِي الْجُعْفِيَّ- عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ، وَأَخْرَجَنِي خَالِي وَأَنَا لا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرْمِي الْحَجَرَ [1] .
وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: حَمَلَنِي خَالِي الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ في السبعين الذين
__________
[ () ] 62، وجامع الأصول 9/ 86، ومرآة الجنان 1/ 158، ومروج الذهب 1952 و 2030، والزيارات 94 و 215، والبداية والنهاية 9/ 22، ودول الإسلام 1/ 106، والعبر 1/ 89، وتاريخ العظيمي 191، والوفيات لابن قنفذ 51، وتدريب الراويّ للسيوطي 2/ 217، وتهذيب التهذيب 2/ 42، 43 رقم 67، والوافي بالوفيات 11/ 27، 28 رقم 45، والكامل في التاريخ 3/ 383 و 4/ 359 و 447، ونكت الهميان 132، وجمهرة أنساب العرب 359، وتقريب التهذيب 1/ 122 رقم 9، وخلاصة تذهيب التهذيب 50، وشذرات الذهب 1/ 84.
[1] المعجم الكبير 2/ 182 رقم (1741) .(5/378)
وَفَدُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَخَرَجَ إلينا ومعه العبّاس.
وذكر البخاريّ، عن عمرو، عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ شَهِدَ الْعَقَبَةَ.
وَفِي «مُسْنَدِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ» : ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنْتُ أَمْتَحُ لِأَصْحَابِي الْمَاءَ يَوْمَ بَدْرٍ [1] .
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: هَذَا وَهْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ.
قُلْتُ: صَدَقَ، فَإِنَّ زَكَرِيَّا بْنَ إِسْحَاقَ رَوَى عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمْ أَشْهَدْ بَدْرًا وَلا أُحُدًا، مَنَعَنِي أَبِي فَلَمَّا قُتِلَ لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ غَزْوَةٍ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ [2] .
ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: شَهِدْنَا بَيْعَةَ الْعَقَبَةِ سَبْعُونَ رَجُلا، فَوَالَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْعَبَّاسُ يُمْسِكُ بِيَدِهِ.
وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقْولُ: كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ» [3] وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ وَاصِلٍ: ثَنَا لَيْثُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِي: «هَلْ تَزَوَّجْتَ» ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: «بِكْرٌ أَوْ ثَيِّبٌ» ؟ قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبٌ قَالَ: «فَهَلا بِكْرًا تُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ» ؟، قُلْتُ: «يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّهَا وَإِنَّهَا، وَإِنَّمَا أَرَدْتُ لِتَقُومَ عَلَى أَخَوَاتِي، قَالَ: «أَصَبْتَ أَرْشَدَكَ اللَّهُ» [4] . وَبِهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: اسْتَغْفَرَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْبَعِيرِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً. صحّحه التّرمذي [5] .
__________
[1] التاريخ الكبير 2/ 207، المستدرك 3/ 565.
[2] رقم (1813) .
[3] أخرجه البخاري في المغازي 5/ 63، ومسلم في الإمارة (71/ 1856) .
[4] تهذيب تاريخ دمشق 3/ 390.
[5] في مناقب جابر بن عبد الله 5/ 354 رقم (3942) .(5/379)
قُلْتُ: بِغَيْرِ جَابِرٍ لَهُ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ [1] .
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَصْعَدُ ثِنَّيةَ الْمُرَارِ، فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ مَا حُطَّ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ صَعِدَهَا خَيْلُنَا خَيْلُ بَنِي الْخَزْرَجِ، وَتَتَابَعَ [2] النَّاسُ، فَقَالَ:
«كلُّكُمْ مَغْفُورٌ لَهُ إِلَّا صَاحِبَ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ [3] » ، فَقُلْنَا: تَعَالَ يَسْتَغْفِرْ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَاللَّهِ لَأَنْ أَجِدَ ضَالَّتِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِي صَاحِبُكُمْ [4] .
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَنِي لا أَعْقِلُ، فَتَوَضَّأَ وَصَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ، فَعَقَلْتُ [5] .
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: رَأَيْتُ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَلَقَةً فِي الْمَسْجِدِ يُؤْخَذُ عَنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى الْحَجَّاجِ فَمَا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: إِنَّ جَابِرًا كُفَّ بَصَرُهُ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ أبي بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا بِمِنًى، فَجَعَلْنَا نُخْبِرُ جَابِرًا بِمَا نَرَى مِنْ إِظْهَارِ قُطْفِ الْخَزِّ وَالْوَشْيِ، يَعْنِي السُّلْطَانَ وَمَا يَصْنَعُونَ، فَقَالَ: لَيْتَ سَمْعِي قَدْ ذَهَبَ كَمَا ذَهَبَ بَصَرِي حَتَّى لا أَسْمَعَ من حديثهم شيئا ولا أبصره [6] .
__________
[1] انظر عدّة روايات في: جامع الأصول 1/ 509- 517.
[2] في صحيح مسلم «تتامّ» .
[3] هو: الجدّ بن قيس المنافق.
[4] أخرجه مسلم في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم (12/ 2880) . وهو في تهذيب تاريخ دمشق 3/ 392.
[5] أخرجه البخاري في الوضوء 1/ 56، 57، وفي المرضى والطب 7/ 11، وفي الفرائض 8/ 3، والدارميّ في الوضوء، باب 56، وأحمد في المسند 3/ 298.
[6] تهذيب تاريخ دمشق 3/ 393.(5/380)
وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ جَابِرًا دَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ لَمَّا حَجَّ، فَرَحَّبَ بِهِ، فَكَلَّمَهُ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْ يَصِلَ رِحَابَهُمْ، فَلَمَّا خَرَجَ أَمَرَ لَهُ بِخَمْسَةِ آلافِ دِرْهَمٍ، فَقَبِلَهَا [1] .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ: ثَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ قَالَ: هَلَكَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَحَضَرْنَا فِي بَنِي سَلَمَةَ، فَلَمَّا خَرَجَ سَرِيرُهُ مِنْ حُجْرَتِهِ إِذَا حَسَنُ بْنُ حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بَيْنَ عَمُودَيِ السَّرِيرِ، فَأَمَرَ بِهِ الْحَجَّاجُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ، فَيَأْبَى عَلَيْهِمْ، فَسَأَلَهُ بَنُو جَابِرٍ إِلا خَرَجَ فَخَرَجَ، وَجَاءَ الْحَجَّاجُ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ حَتَّى وُضِعَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْقَبْرِ، فَإِذَا حَسَنُ بْنُ حَسَنٍ قَدْ نَزَلَ فِي الْقَبْرِ، فَأَمَرَ بِهِ الْحَجَّاجُ أَنْ يَخْرُجَ فَأَبَى، فَسَأَلَهُ بَنُو جَابِرٍ باللَّه، فَخَرَجَ، فَاقْتَحَمَ الْحَجَّاجُ الْحُفْرَةَ حَتَّى فَرَغَ مِنْهُ [2] .
هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، فَإِنَّ جَابِرًا تُوُفِّيَ وَالْحَجَّاجُ عَلَى إِمْرَةِ الْعِرَاقِ.
قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ، وَقِيلَ: إِنَّهُ عَاشَ أربعا وتسعين سنة.
149- جبير بن نفير [3] م 4 ابْنِ مَالِكِ بْنِ عَامِرٍ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحضرميّ الحمصيّ.
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 3/ 394.
[2] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 2/ 181 رقم (1738) ، والهيثمي في مجمع الزوائد 3/ 31 وقال: «أبو الحويرث وثّقه ابن حبّان وضعّفه مالك وغيره» .
[3] انظر عن (جبير بن نفير) في:
طبقات ابن سعد 7/ 440، وتاريخ خليفة 280، وطبقات خليفة 308، والتاريخ الكبير 2/ 223، 224 رقم 2275، والعلل لأحمد 1/ 364، وتاريخ الثقات 95 رقم 201، والثقات لابن حبان 4/ 111، ومشاهير علماء الأمصار، رقم 854، وأنساب الأشراف 1/ 10، وتاريخ أبي زرعة 1/ 220 و 354 و 500 و 585 و 597 و 606، والمعرفة والتاريخ 1/ 328 و 336 و 2/ 288 و 290، 298 و 303 و 307 و 312 و 313 و 348 و 426 و 430، وتاريخ الطبري 1/ 16 و 2/ 315 و 4/ 262، وحلية الأولياء 5/ 133- 138 رقم 305،(5/381)
أَدْرَكَ زَمَانَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ، وَجَمَاعَةٍ.
وَرَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو الزَّاهِرِيَّةِ حُدَيْرُ [1] بْنُ كُرَيْبٍ، وَمَكْحُولٌ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ، وَآخَرُونَ.
قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: اسْتَقْبَلْتُ الْإِسْلَامَ مِنْ أَوَّلِهِ، فَلَمْ أَزَلْ أَرَى فِي النَّاسِ صَالِحًا وَطَالِحًا [2] .
وَكَانَ جُبَيْرُ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الشَّامِ.
قَالَ بَقِيَّةُ [3] . ثنا عَلِيُّ بْنُ زُبَيْدٍ الْخَوْلانِيُّ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ سُمَيٍّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى أَبِيهِ أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ نُفَيْرٍ قَدْ نَشَرَ فِي مِصْرِي حَدِيثًا، فَقَدْ تَرَكُوا الْقُرْآنَ، قَالَ: فَبَعَثَ إِلَى جُبَيْرٍ، فَجَاءَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ كِتَابَ يَزِيدَ، فَعَرَفَ بَعْضَهُ وَأَنْكَرَ بَعْضَهُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لأَضْرِبَنَّكَ ضَرْبًا أَدَعُكَ لِمَنْ بَعْدَكَ نَكَالا، قَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ، لا تَطْغَ فِيَّ، إِنَّ الدُّنْيَا قَدِ انْكَسَرَ عِمَادُهَا، وَانْخَسَفَتْ أَوْتَادُهَا، وَأَحَبَّهَا أَصْحَابُهَا، قَالَ: فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَأَخَذَ بِيَدِ جُبَيْرٍ وَقَالَ: لَئِنْ كَانَ تَكَلَّمَ بِهِ جُبَيْرٌ لَقَدْ تَكَلَّمَ بِهِ أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَلَوْ شَاءَ جُبَيْرٌ أَنْ يُخْبِرَ أَنَّ مَا سمعه منّي لفعل [4] .
__________
[ () ] والاستيعاب 1/ 234، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 77، والجرح والتعديل 2/ 512، 513 رقم 2116، وأسد الغابة 1/ 272، وتهذيب الكمال 4/ 509- 512 رقم 905، والكاشف 1/ 125 رقم 770، والمعين في طبقات المحدّثين 32 رقم 188، وسير أعلام النبلاء 4/ 76- 78 رقم 23، ومرآة الجنان 1/ 162، والبداية والنهاية 9/ 33، ودول الإسلام 1/ 57، والولاة والقضاة 425، وفتوح البلدان 182، وتهذيب التهذيب 2/ 64، 65 رقم 103، وتقريب التهذيب 1/ 44، والإصابة 1/ 259 رقم 1274، وخلاصة تذهيب التهذيب 61، وشذرات الذهب 1/ 88، والوافي بالوفيات 11/ 59 رقم 108، وتاريخ داريا 111، والكامل في التاريخ 4/ 456، والعبر 1/ 91، وتذكرة الحفاظ 1/ 49، والنجوم الزاهرة 1/ 200.
[1] في الأصل «حديد» ، والتصحيح من الخلاصة.
[2] طبقات ابن سعد 3/ 145 و 7/ 440.
[3] مهمل في الأصل.
[4] في سير أعلام النبلاء 4/ 77 تكملة: «ولو ضربتموه، لضربكم الله بقارعة تترك دياركم(5/382)
هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، جُبَيْرٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذِكْرٌ فِي أَيَّامِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، بَلْ كَانَ شَابًّا لَمْ يُؤْخَذْ عَنْهُ بَعْدُ، وَأُخْرَى، فَيَزِيدُ كَانَ صَغِيرًا بِمَرَّةٍ فِي أَيَّامِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَلَعَلَّ بَعْضَهُ قَدْ جَرَى.
وَقَدْ رَوَى جُبَيْرٌ أَيْضًا، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ، وَأُمِّ الدَّرْدَاءِ، وَمَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ: تُوُفِّيَ جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، وَخَلِيفَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ.
150- جنادة بن أبي أميّة [1] خ الأزديّ الدّوسيّ، واسم أبيه كبير، وله صحبة.
__________
[ () ] بلاقع» .
[1] انظر عن (جنادة بن أبي أميّة) في: طبقات ابن سعد 7/ 439، ومسند أحمد 4/ 62، وطبقات خليفة 116 و 305 و 309، وتاريخ خليفة 180 و 224 و 227 و 280، ومقدمة مسند بقيّ بن مخلد 112 رقم 371، والتاريخ الكبير 2/ 232 رقم 2297، والتاريخ الصغير 72، والجرح والتعديل 2/ 515 رقم 2129، وفتوح البلدان 278 و 279، والاستيعاب 1/ 242، وتاريخ الثقات للعجلي 99 رقم 219، والثقات لابن حبّان 4/ 103، 104، ومشتبه النسبة لعبد الغني بن سعيد 208، وتاريخ الطبري 4/ 259 و 5/ 288 و 293 و 301 و 309 و 315 و 322، وجمهرة أنساب العرب 386، والمنتخب من تاريخ المنبجي (بتحقيقنا) 71، والخراج وصناعة الكتابة 351، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 8/ 50، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 409، وتاريخ اليعقوبي 2/ 240، وسنن سعيد بن منصور ق 2 مجلد 3/ 244 رقم 2647، والأنساب للسمعاني 7/ 79، والبدء والتاريخ 6/ 4، وتاريخ العظيمي 181، ومشاهير علماء الأمصار، رقم 853، وأنساب الأشراف 4 ق 1/ 63، وأسد الغابة 1/ 298، والكامل في التاريخ 4/ 280، وتهذيب الكمال 5/ 133- 135 رقم 971، والمعرفة والتاريخ 2/ 316 و 465، والمعجم الكبير للطبراني 2/ 315، وأسماء التابعين للدارقطنيّ، رقم 176، والإكمال لابن ماكولا 2/ 151، والجمع بين رجال الصحيحين ج 1 رقم 298، وتلقيح فهوم أهل الأثر 174، ومعجم البلدان 1/ 224 و 336، والكاشف 1/ 132 رقم 824، وسير أعلام النبلاء 4/ 62، 63 رقم 16، والعبر 1/ 91، والبداية والنهاية 9/ 26، والوافي بالوفيات 11/ 192 رقم 283، وتاريخ داريا (انظر فهرس الأعلام) ،(5/383)
رَوَى جُنَادَةُ عَنْ: مُعَاذٍ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَبُسْرِ بْنِ أَرْطَأَةَ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ سُلَيْمَانُ، وَبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُجَاهِدُ، وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وَالصُّنَابِحِيُّ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَأَبُو الْخَيْرِ مَرْثَدٍ الْيَزَنِيُّ، وَعَلِيُّ [1] بْنُ رَبَاحٍ، وَقَيْسُ بْنُ هَانِئٍ، وَعُبَادَةُ بْنُ نُسَيٍّ، وَآخَرُونَ.
وَوَلَّى الْبَحْرَ لِمُعَاوِيَةَ، وَشَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ، وَقَدْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، وَقِيلَ لَهُ: جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ مُجَاهِدٌ لَهُ صُحْبَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: هُوَ الَّذِي يَرْوِي عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ؟ قَالَ: هُوَ هُوَ.
وَعَدَّ ابْنُ سَعْدٍ [2] ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ [3] ، وَطَائِفَةٌ فِي تَابِعِي أَهْلِ الشَّامِ، وَهُوَ الْحَقُّ.
وَلَهُ حَدِيثٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ صَحَّ فَيَكُونُ مُرْسَلا.
قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِينَ.
وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، وَتَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ.
وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ.
151- جُهَيْمٌ الْعَنَزِيُّ [4] عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عوف، وعمّار بن
__________
[ () ] تحفة الأشراف 2/ 438 رقم 75، وتهذيب التهذيب 2/ 115، 116 رقم 184، وتقريب التهذيب 1/ 134 رقم 116، والإصابة 1/ 245، 246 رقم 1201، والنجوم الزاهرة 1/ 200، وحسن المحاضرة 1/ 188، وبغية الوعاة 1/ 488، وشذرات الذهب 1/ 88، وخلاصة تذهيب التهذيب 64، وتاج العروس 7/ 525، وأعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء للطاخي 1/ 112، والأعلام للزركلي 2/ 136، وانظر عنه في دراسة لنا بعنوان: (غزاة بحر الشام وأمراؤه في العصر الأموي في العدد 38 من مجلّة (تاريخ العرب والعالم) بيروت 1981.
[1] في الأصل «علاء» والتصحيح من مصادر الترجمة.
[2] في الطبقات 7/ 439.
[3] في تاريخ الثقات 99 رقم 219.
[4] انظر عن (جهيم العنزي) في:(5/384)
يَاسِرٍ، وَسَعْدٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو عَوْنٍ الثَّقَفِيُّ [1] ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وقيل: اسمه جهم.
__________
[ () ] التاريخ الكبير 2/ 251، 252 رقم 2364، وفيه (جهيم الفهري) ، والجرح والتعديل 2/ 540 رقم 2242.
[1] في الأصل «التنقي» .(5/385)
[حرف الْحَاءِ]
152- الْحَارِثُ بْنُ الأَزْمُعِ [1] الْعَبْدِيُّ، وَيُقَالُ الوادعي.
عن: عمر، وابن مسعود، وعمرو ابن الْعَاصِ.
وَعَنْهُ الشَّعْبِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ.
قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ.
153- الْحَارِثُ بْنُ سَعِيدٍ الْكَذَّابُ [2] الَّذِي ادَّعَى النُّبُوَّةَ بِالشَّامِ. دِمَشْقِيُّ، يُقَالُ إِنَّهُ مَوْلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ.
فَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانٍ قَالَ: كَانَ الْحَارِثُ الْكَذَّابُ دِمَشْقِيًّا، وَكَانَ مَوْلَى لِأَبِي الْجُلاسِ، وَكَانَ لَهُ أَبٌ بِالْحُولَةِ. وَكَانَ مُتَعَبِّدًا زَاهِدًا، لَوْ لَبِسَ جُبَّةً مِنْ ذَهَبٍ لَرُؤيَتْ عَلَيْهِ زُهَادَةٌ [3] ، وَكَانَ إِذَا أَخَذَ فِي التَّحْمِيدِ لَمْ يَسْمَعِ السَّامِعُونَ إِلَى كَلامِ أَحْسَنَ مِنْ كَلامِهِ، فَكَتَبَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ بِالْحُولَةِ: يَا أَبَتَاهُ أَعْجِلْ عَلَيَّ، فَقَدْ رَأَيْتَ أَشْيَاءَ أَتَخَوَّفُ أَنْ يكون الشيطان قد
__________
[1] انظر عن (الحارث بن الأزمع) في:
أنساب الأشراف 4 ق 1/ 255، وطبقات ابن سعد 6/ 119، والتاريخ الكبير 2/ 264 رقم 2404، والجرح والتعديل 3/ 69 رقم 315، والثقات لابن حبان 4/ 126، ومشاهير علماء الأمصار، رقم 783، وتاريخ الثقات للعجلي 102 رقم 229، والاستيعاب 1/ 288.
[2] انظر عن (الحارث بن سعيد الكذّاب) في:
تهذيب تاريخ دمشق 3/ 445- 448، والوافي بالوفيات 11/ 254 رقم 373، ولسان الميزان 2/ 151، 152 رقم 669، والأعلام 2/ 156.
[3] في تهذيب تاريخ دمشق 3/ 446 «لرأيتها عليه زاهدة» .(5/386)
عَرَضَ لِي، قَالَ: فَزَادَهُ أَبُوهُ غَيًّا [1] فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَقْبِلْ عَلَى مَا أُمِرْتَ بِهِ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: فِي [2] الشَّيَاطِينِ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ 26: 222 [3] وَلَسْتَ بِأَفَّاكٍ وَلا أَثِيمٍ [4] .
وَكَانَ يَجِيءُ إِلَى أَهْلِ الْمَسْجِدِ رَجُلا فَيُذَاكِرُهُمْ أَمْرَهُ، وَيَأْخُذُ عَلَيْهِمُ الْعَهدَ وَالْمِيثَاقَ إِنْ رَأَى مَا يَرْضَى قَبِلَ، وَإِلا كَتَمَ عَلَيْهِ، وَكَانَ يُرِيهُمُ الْأَعَاجِيبَ، يَأْتِي رُخَامَةً فِي الْمَسْجِدِ فَيَنْقُرُهَا بِيَدِهِ فَتُسَبِّحُ، وَيُطْعِمُهُمْ فَاكِهَةَ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ، وَيَقُولُ: اخْرُجُوا حَتَّى أُرِيَكُمُ الْمَلائِكَةَ، فَيُخْرِجُهُمْ إِلَى دَيْرِ مُرَّانَ [5] فَيُرِيهِمْ رِجَالا عَلَى خَيْلٍ. فَتَبِعَهُ بَشَرٌ، كَثِيرٌ، وَفَشَا الأَمْرُ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَثُرَ أَصْحَابُهُ، فَوَصَلَ الأَمْرُ إِلَى الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، قَالَ: فَعَرَضَ عَلَى الْقَاسِمِ وَأَخَذَ عَلَيْهِ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي نَبِيٌّ. قَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، وَلا عَهْدَ لَكَ عِنْدِي، قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ: بِئْسَ مَا صَنَعْتَ إِذْ لَمْ تَلِنْ حَتَّى تَأْخُذَهُ، الآنَ يَفِرُّ، قَالَ: وَقَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ فَدَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَأَعْلَمَهُ بِالأَمْرِ، وَطُلِبَ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَخَرَجَ عَبْدُ الْمَلِكِ فَنَزَلَ الصِّنَّبْرَةَ [6] وَاتَّهَمَ عَامَّةَ عَسْكَرِهِ بِالْحَارِثِ أَنْ يَكُونُوا يَرَوْنَ رَأْيَهُ.
وَأَتَى الْحَارِثُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ مُخْتَفِيًا، وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَخْرُجُونَ يَلْتَمِسُونَ الرِّجَالَ يُدْخِلُونَهُمْ عَلَيْهِ، وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةَ قَدْ أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَ فِي التَّحْمِيدِ، فَسَمِعَ الْبَصْرِيُّ كَلامًا حَسَنًا، ثُمَّ أَخْبَرَهُ بِأَمْرِهِ وَأَنَّهُ نَبِيٌّ، فَقَالَ: إِنَّ كَلامَكَ حَسَنٌ، وَلَكِنْ فِي هَذَا نَظَرٌ، ثُمَّ خَرَجَ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ كَلامَهُ، فَقَالَ: قَدْ وَقَعَ فِي قَلْبِي كَلامُكَ، وَقَدْ آمَنْتُ بِكَ، هَذَا الدِّينُ الْمُسْتَقِيمُ، فَأَمَرَ أَنْ لا يُحْجَبَ، فَأَقْبَلَ الْبَصْرِيُّ يَتَرَدَّدُ إليه ويعرف
__________
[1] في التهذيب «عناء» .
[2] في طبعة القدسي 3/ 147 «تنزّل الشياطين» ، والتحرير من التهذيب.
[3] سورة الشعراء، الآية 222.
[4] تهذيب تاريخ دمشق 3/ 446.
[5] دير مرّان: بضم الميم وتشديد الراء، بالقرب من دمشق. (معجم البلدان) .
[6] الصّنّبرة: بالكسر ثم الفتح والتشديد ثم سكون الباء الموحّدة وراء. موضع بالأردن بينه وبين طبرية ثلاثة أميال، كان معاوية يشتو بها.(5/387)
مَدَاخِلَهُ وَحِيَلَه [1] وَأَيْنَ يَهْرُبُ، حَتَّى اخْتَصَّ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِي، قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: إِلَى الْبَصْرَةِ أَكُونُ دَاعِيًا لَكَ بِهَا، فَأَذِنَ لَهُ، فَأَسْرَعَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ بِالصِّنَّبَرَةِ، ثُمَّ صَاحَ: النَّصِيحَةَ النَّصِيحَةَ، فَأُدْخِلَ وَأُخْلِيَ، فَقَالَ لَهُ: مَا عِنْدَكَ؟ قَالَ: الْحَارِثُ، فَلَمَّا ذكر الحارث طَرَحَ نَفْسَهُ مِنْ سَرِيرِهِ وَقَالَ: أَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَصَّ شَأْنَهُ، قَالَ: أَنْتَ صَاحِبُهُ، وَأَنْتَ أَمِيرُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَأَمِيرُ مَا هَا هُنَا، فَمُرْنِي بِمَا شِئْتَ، قَالَ: ابْعَثْ مَعِي أَقْوَامًا لا يَفْقَهُونَ الْكَلامَ، فَأَمَرَ أَرْبَعِينَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ فَرْغَانَةَ، فَقَالَ:
انْطَلِقُوا مَعَ هَذَا فَأَطِيعُوهُ، وَكَتَبَ إِلَى عَامِلِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ: إِنَّ فُلانًا أَمِيرٌ عَلَيْكَ فَأَطِعْهُ، فَلَمَّا قَدِمَ أَعْطَاهُ الْكِتَابَ فَقَالَ: مُرْنِي بِمَا شِئْتَ، فَقَالَ: اجْمَعْ لِي إِنْ قَدِرْتَ كُلَّ شَمْعَةِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَادْفَعْ كُلَّ شَمْعَةٍ إِلَى رَجُلٍ، وَرَتِّبْهُمْ عَلَى أَزِقَّةِ الْبَلَدِ، فَإِذَا قُلْتُ أَسْرِجُوا، فَأَسْرِجُوا جَمِيعًا، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ الْبَصْرِيُّ وَحْدَهُ إِلَى مَنْزِلِ الْحَارِثِ، فَأَتَى الْبَابَ، فَقَالَ لِلْحَاجِبِ: اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ، فَقَالَ: فِي هَذِهِ السَّاعَةِ مَا نُؤْذِنُ عَلَيْهِ حَتَّى نُصْبِحَ، قَالَ: أَعْلِمْهُ أَنِّي إِنَّمَا رَجَعْتُ شَوْقًا إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ أَصِلَ، فَدَخَلَ فَأَعْلَمَهُ كَلامَهُ وَأَمَرَهُ، قَالَ: فَفَتَحَ الْبَابَ، ثُمَّ صَاحَ الْبَصْرِيُّ أَسْرِجُوا، فَأُسْرِجَتِ الشُّمُوعُ حَتَّى كَأَنَّهُ النَّهارُ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ مَرَّ بِكُمْ فَاضْبِطُوهُ، وَدَخَلَ كَمَا هُوَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَعْرِفُهُ، فَنَظَرَ فَإِذَا هُوَ لا يَجِدُهُ، فَطَلَبَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: هَيْهَاتَ، تُرِيدُونَ أَنْ تَقْتُلُوا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ: فَطَلَبَهُ فِي شَقٍّ كَانَ قَدْ هيأه سَرَبًا [2] ، قَالَ:
فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي ذَلِكَ الشَّقِّ، فَإِذَا بِثَوْبِهِ، فَاجْتَرَّهُ فَأَخْرَجَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلْفَرْغَانِيِّينَ:
ارْبُطُوا، فَرَبَطُوهُ، قال: فبينا هم يسيرون به إذ قَالَ: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ من رَبِّكُمْ 40: 28 [3] . الآيَةَ. فَقَالَ أَهْلُ فَرْغَانَةَ: هَذَا كُرْآنَنَا فَهَاتِ كُرْآنَكَ [4] ، فَسَارَ بِهِ حَتَّى أَتَى بِهِ عَبْدَ الْمَلِكِ، فَأَمَرَ بِخَشَبَةٍ فَنُصِبَتْ، وَصَلَبَهُ، وَأَمَرَ رَجُلا بحربة فطعنه، فأصاب ضلعا من أضلاعه،
__________
[1] بالأصل «خيله» .
[2] بالأصل «سرابا» .
[3] سورة غافر، الآية 28.
[4] في تهذيب تاريخ دمشق: «هذه كرامتنا فهات كرامتك» .(5/388)
فَكَفَّتِ [1] الْحَرْبَةُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَصِيحُونَ: الأَنْبِيَاءُ لا يَجُوزُ فِيهِمُ السِّلاحُ.
فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَنَاوَلَ الْحَرْبَةَ وَمَشَى إِلَيْهِ فَطَعَنَهُ فَأَنْفَذَهُ.
قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: فَبَلَغَنِي أَنَّ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ دَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ: لَوْ حَضَرْتُكَ مَا أَمَرْتُكَ بِقَتْلِهِ، قَالَ: وَلِمَ! قَالَ: كَانَ بِهِ الْمُذْهبُ [2] ، فَلَوْ جَوَّعْتَهُ ذَهَبَ ذَلِكَ عَنْهُ [3] .
قَالَ الْوَلِيدُ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ سَمِعَ خَالِدَ بْنَ اللَّجْلاجِ يَقُولُ لِغَيْلانَ: وَيْحَكَ يَا غَيْلانُ، أَلَمْ نَأْخُذْكَ فِي شَبِيبَتِكَ تُرَامِي النِّسَاءَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِالتُّفَّاحِ، ثُمَّ صِرْتَ حَارِثِيًّا تَحْجُبُ امْرَأَتَهُ، وَتَزْعُمُ أَنَّهَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ صِرْتَ قَدَرِيًّا زِنْدِيقًا [4] ؟.
وَقَالَ مُوسَى بْنُ عَامِرٍ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا ابْنُ جَابِرٍ قَالَ: دَخَلَ الْقَاسِمُ بْنَ مُخَيْمِرَةَ عَلَى أَبِي إِدْرِيسَ فَقَالَ: إِنَّ حَارِثًا لَقِيَنِي فَأَخَذَ عَهْدِي لأَسْمَعَنَّ مِنْهُ، فَإِنْ قَبِلْتَهُ قَبِلْتَهُ وَإِنْ سَخِطْتَهُ كَتَمْتَ عَلَيَّ. فَزَعَمَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، قُلْتُ: إِنَّهُ أَحَدُ الدَّجَّالِينَ الَّذِينَ أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ السَّاعَةَ لا تَقُومُ حَتَّى يَخْرُجَ ثَلاثُونَ دَجَّالا، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَهُوَ أَحَدُهُمْ [5] ، فَارْفَعْ شَأْنَهُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ أَبُو إِدْرِيسَ: أَسَأْتَ، لَوْ أَدْنَيْتَهُ إِلَيْنَا حَتَّى نَأْخُذَهُ، قَالَ: وَرَفَعَ أَمْرَهُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَطَلَبَهُ وَتَغَيَّبَ، فَأَخَذَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ فَصَلَبَهُ، فَحَدَّثَنِي مِنْ سَمِعَ عُتْبَةَ الأَعْوَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْعَلاءَ بْنَ زِيَادٍ يَقُولُ: مَا غَبَطْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بِشَيْءٍ مِنْ وِلَايَتِهِ إِلا بِقَتْلِهِ حَارِثًا.
وَقَالَ ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْلَةَ قَالَ: لَمَّا ظَهَرَ الْحَارِثُ أَتَاهُ مَكْحُولٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَكَرِيَّا، وجَعَلا لَهُ الأَمَانَ، وَسَأَلاهُ عَنْ أَمْرِهِ، فَأَخْبَرَهُمَا، فَكَذَّبَاهُ وَرَدَّا عَلَيْهِ، وَقَالا: لا أَمَانَ لَكَ، ثم أتيا عبد الملك
__________
[1] في تهذيب تاريخ دمشق «فكعب الحربة» .
[2] في التهذيب: «قال إن معه شيطانا يقال له المذهب» .
[3] تهذيب تاريخ دمشق 3/ 447، 448.
[4] التهذيب 3/ 448.
[5] التهذيب (حتى هنا) 3/ 445.(5/389)
فَأَخْبَرَاهُ، قَالَ: وَهَرَبَ الْحَارِثُ حَتَّى أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَبَعَثَ فِي طَلَبِهِ حَتَّى أُتِيَ بِهِ فَقَتَلَهُ [1] .
وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ الْعُرْضِيُّ [2] : ثنا شَيْخ يُكَنَّى أَبَا الرَّبِيعِ، وَقَدْ أَدْرَكَ نَاسًا مِنَ الْقُدَمَاءِ قَالَ: لَمَّا أَخَذَ الْحَارِثُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ حُمِلَ عَلَى الْبَرِيدِ، وَجُعِلَتْ فِي عُنُقِهِ جَامِعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَأَشْرَفَ عَلَى عَقَبَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَتَلا: قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي 34: 50 [3] قَالَ: فَتَقَلْقَلَتِ الْجَامِعَةُ ثُمَّ سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ وَرَقَبَتِهِ إِلَى الْأَرْضِ، فَوَثَبَ إِلَيْهِ الْحَرَسُ فَأَعَادُوهَا، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى عَقَبَةٍ أُخْرَى قَرَأَ آيَةً أُخْرَى، فَسَقَطَتْ مِنْ رَقَبَتِهِ وَيَدِهِ، فَأَعَادُوهَا عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ حَبَسَهُ، وَأَمَرَ رِجَالا كَانُوا معه فِي السِّجْنِ مِنْ أَهْلِ الفقه والعلم أن يعطوه وَيُخُوِّفُوهُ باللَّه، وَيُعَلِّمُوهُ أَنَّ هَذَا مِنَ الشَّيْطَانِ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلُ مِنْهُمْ، فَأَمَرَ بِهِ فَصُلِبَ، وَطَعَنَهُ رَجُلٌ بِحَرْبَةٍ، فَانْثَنَتِ الْحَرْبَةُ، فَقَالَ النَّاسُ: مَا يَنْبَغِي لِمِثْلِ هَذَا أَنْ يُقْتَلَ، ثُمَّ أَتَاه حَرَسِيٌّ بِرُمْحٍ فَطَعَنَهُ بَيْنَ ضِلْعَيْنِ مِنْ أَضْلاعِهِ، ثُمَّ هَزَّهُ فَأَنْفَذَهُ، قَالَ: وَسَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ وَلا اثْنَيْنِ يَقُولُونَ: إِنَّ الَّذِي طَعَنَهُ بِالْحَرْبَةِ فَانْثَنَتْ قَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: أذَكَرْتَ اللَّهَ حِينَ طَعَنْتَهُ؟ قَالَ: نَسِيتُ، أَوْ قَالَ: لا، قَالَ:
فَاذْكُرِ اللَّهَ ثُمَّ اطْعَنَهُ، قَالَ: فَطَعَنَهُ فَأَنْفَذَهَا [4] .
قِيلَ: كَانَ ذَلِكَ سَنَةَ تِسْعٍ وسبعين.
154- الحارث بن سويد [5]- ع- التّيميّ الكوفي.
__________
[1] التهذيب 3/ 445.
[2] العرضي: بضم العين وسكون الراء وفي آخرها ضاد معجمة. نسبة إلى عرض وهي مدينة صغيرة بين الفرات ودمشق. (اللباب 2/ 132) .
[3] سورة سبإ، الآية 50.
[4] تهذيب تاريخ دمشق 3/ 448.
[5] انظر عن: الحارث بن سويد) في:
طبقات ابن سعد 6/ 167، وطبقات خليفة 141 و 144، والتاريخ لابن معين 2/ 93، والعلل لأحمد 1/ 55 و 82 و 197 و 285 و 357، والمحبّر 467، والتاريخ الكبير 2/ 269 رقم 2446، والتاريخ الصغير 76، وتاريخ الثقات للعجلي 102 رقم 231، والمعرفة والتاريخ 2/ 196 و 548 و 549 و 3/ 19، والجرح والتعديل 3/ 75 رقم 350، والثقات لابن حبّان(5/390)
رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَغَيْرِهِمْ.
وَكَانَ كَبِيرُ الْقَدْرِ، رَفِيعًا، ثِقَةً نَبِيلًا.
رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، وَعُمَارَةُ بْنِ عُمَيْرٍ، وَغَيْرُهُمَا.
كُنْيَتَهُ أَبُو عَائِشَةَ.
155- حَبَّةُ بْنُ جُوَيْنِ الْعُرَنِيُّ [1] الْكُوفِيُّ، أَبُو قُدَامَةُ.
رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ.
وعنه: مسلم الملائي، وسلمة بن كهيل، والحكم بن عتبة.
وكان من شيعة عليّ، شهد معه النهروان.
__________
[ () ] 4/ 127، 128، وتاريخ الطبري 4/ 309، ومشاهير علماء الأمصار، رقم 779، وحلية الأولياء 4/ 126، والاستيعاب 1/ 300، والجمع بين رجال الصحيحين 1 رقم 368، والكامل في التاريخ 3/ 134، وأسد الغابة 1/ 331، 332، وتهذيب الكمال 5/ 235- 237 رقم 1022، وتاريخ اليعقوبي 2/ 282، وعيون الأخبار 1/ 324، والعقد الفريد 4/ 327، والكاشف 1/ 138 رقم 865، والمعين في طبقات المحدّثين 32 رقم 189، وسير أعلام النبلاء 4/ 156 رقم 55، والعقد الثمين 4/ 16، والوافي بالوفيات 11/ 254 رقم 372، وتهذيب التهذيب 2/ 143 رقم 244، وتقريب التهذيب 1/ 141 رقم 35، والإصابة 1/ 369 رقم 1920 و 1/ 386 رقم 2038، وخلاصة تذهيب التهذيب 67.
[1] انظر عن (حبّة بن جوين) في:
طبقات ابن سعد 6/ 177، وطبقات خليفة 152، وتاريخ خليفة 279، والتاريخ الكبير 3/ 93 رقم 322، وتاريخ الثقات للعجلي 105 رقم 243، والمعارف 624، والمعرفة والتاريخ 3/ 74 و 190 و 227، وأخبار القضاة 2/ 188، وأحوال الرجال للجوزجانيّ 47 رقم 18، وتاريخ الطبري 6/ 89، وتاريخ اليعقوبي 2/ 214، والجرح والتعديل 3/ 253 رقم 1130، والضعفاء الكبير للعقيليّ 1/ 295 رقم 366، والمجروحين لابن حبّان 1/ 267، والضعفاء والمتروكين للدارقطنيّ 80 رقم 178، والكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ 2/ 835، 836، والمعجم الكبير للطبراني 4/ 8 رقم 313، وجمهرة أنساب العرب 388، وتاريخ بغداد 8/ 274- 277 رقم 4375، والإكمال 2/ 320، ومعجم البلدان 4/ 325، وأسد الغابة 1/ 367، 368، والكامل في التاريخ 3/ 310 و 4/ 418، وتهذيب الكمال 5/ 351- 354 رقم 1076، وميزان الاعتدال 1/ 450 رقم 1688، والمغني في الضعفاء 1/ 146 رقم 1282، والمشتبه في أسماء الرجال 1/ 144، وتجريد أسماء الصحابة، رقم 1094، والوافي بالوفيات 11/ 289 رقم 427، وتهذيب التهذيب 2/ 176، 177 رقم 319، وتقريب التهذيب 1/ 148 رقم 103، والنجوم الزاهرة 1/ 195، وخلاصة تذهيب التهذيب 70.(5/391)
ضعفه يحيى بن معين.
وقال النسائي: ليس بالقويّ.
قَالَ ابْن سعد: توفي سنة ست وسبعين.
وهو ضعيف له أحاديث.
156- حسان بن كريب [1] الرعيني، أبو كريب مصري، شهد فتح مصر.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ.
وَعَنْهُ: مَرْثَدُ الْيَزَنِيُّ، وَوَاهِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيُّ، وَكَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ السَّبَائِيُّ، وَآخَرُونَ.
رَوَى يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدٍ، عَنْهُ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: الْقَائِلُ الْفَاحِشَةَ وَالَّذِي سَمِعَ [2] فِي الإِثْمِ سَوَاءٌ. قَالَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ [3] ، عَنْ أَبِي مُوسَى الزَّمِنِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ يَزِيدَ.
157- حَسَّانُ بْنُ النُّعْمَانِ الْغَسَّانِيُّ [4] مِنْ أُمَرَاءِ عَرَبِ الشَّامِ، يُقَالُ إِنَّهُ ابْنُ النُّعْمَانِ بن المنذر.
روى عن عمر.
__________
[1] انظر عن (حسّان بن كريب) في:
التاريخ الكبير 3/ 31 رقم 126، والجرح والتعديل 3/ 234 رقم 1032، ومشاهير علماء الأمصار، رقم 932، والثقات لابن حبّان 4/ 164، وتهذيب الكمال 6/ 40- 42 رقم 1195، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 147، وتهذيب التهذيب 2/ 252 رقم 462، وتقريب التهذيب 1/ 162 رقم 238، وخلاصة تذهيب التهذيب 76.
[2] في تهذيب الكمال 6/ 41 «والّذي يسمع» .
[3] الحديث ليس في التاريخ.
[4] انظر عن (حسّان بن النعمان) في:
الحلّة السيراء 1/ 164 و 2/ 331، 332، وتاريخ اليعقوبي 2/ 275 و 282، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 149، 150، وسير أعلام النبلاء 4/ 140 رقم 47 و 4/ 294 رقم 112، والعبر 1/ 92، ومرآة الجنان 1/ 162، والولاة والقضاة 52، والبيان المغرب 1/ 222، والوافي بالوفيات 11/ 360 رقم 521، والنجوم الزاهرة 1/ 200، وشذرات الذهب 1/ 88، والأعلام 2/ 190، والخراج وصناعة الكتابة 346.(5/392)
وَلاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ غَزْوَ الْمَغْرِبِ فِي سَنَةِ بِضْعٍ وَسَبْعِينَ.
رَوَى عَنْهُ مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَبُو قَبِيلٍ حَيُّ بْنُ يُؤْمِنَ.
وَكَانَ غَازِيًا مُجَاهِدًا، وَكَانَ لَهُ بِدِمَشْقَ دَارٌ.
قَالَ خَلِيفَةُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ: وَجَّهَهُ مُعَاوِيَةُ إلى إفريقية، فصالحه من يليه من البربر، وَوَضَعَ عَلَيْهِمُ الْخَرَاجَ [1] .
وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ قَفَلَ حَسَّانُ مِنَ الْقَيْرَوَانِ (وَاسْتَخْلَفَ سُفْيَانَ بْنَ مَلِكٍ الثَّقَفِيَّ) [2] وَقدِمَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَرَدَّهُ عَلَى إِفْرِيقِيَّةَ، وَزَادَهُ أَطْرَابُلُسَ.
وَفِي سَنَةِ ثَمَانِينَ غَزَا حَسَّانُ بِأَهْلِ الشَّامِ الْبَحْرَ [3] .
وَقِيلَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ أَغْزَى عَبْدُ الْمَلِكِ حَسَّانَ بْنَ النُّعْمَانِ الْمَغْرِبَ، فَبَلَغَ الْقَيْرَوَانَ، فَبَعَثَتِ الْكَاهِنَةُ ابْنَهَا، فَطَلَبَ حَسَّانَ، فَهَزَمَهُ وَحَصَرَهُ حَتَّى أَكَلُوا الدَّوَابَّ، ثُمَّ حَمَلَ حسَّانُ وَالْمُسْلِمُونَ فَأَفْرَجُوا لَهُمْ، وَنَزَلَ الْعَسْكَرُ بِقُصُورِ حَسَّانٍ. وَكَتَبَ حَسَّانُ إِلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ يَسْتَمِدُّهُ، فَأَمَدَّهُ بِجَيْشٍ عَظِيمٍ، فَسَارَ إِلَى الْكَاهِنَةَ، وَجَرَتْ بَيْنَهُمْ حُرُوبٌ. ثُمَّ قُتِلَتِ الْكَاهِنَةُ وَابْنُهَا.
وَافْتَتَحَ حَسَّانُ عِدَّةَ حُصُونٍ، وَصَالَحَ أَهْلَ إِفْرِيقِيَةَ وَالْبَرْبَرَ، وَافْتَتَحَ فَاسَ، وَمَصَّرَ الْقَيْرَوَانَ [4] .
قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: تُوُفِّيَ حَسَّانُ بِأَرْضِ الرُّومِ سَنَةَ ثَمَانِينَ.
158- حَارِثَةُ بن مضرّب [5]- 4- العبديّ الكوفي.
__________
[1] تاريخ خليفة 224.
[2] ما بين القوسين ليس في تاريخ خليفة- ص 277.
[3] الخبر ليس في تاريخ خليفة- ص 279.
[4] انظر أخباره في: البيان المغرب 1/ 34- 41.
[5] انظر عن (حارثة بن مضرّب) في:
طبقات ابن سعد 6/ 86، والعلل لأحمد 1/ 81 و 85 و 215، والتاريخ الكبير 3/ 94 رقم 326، وتاريخ الثقات للعجلي 103 رقم 236، والثقات 4/ 137، والمعرفة والتاريخ 1/ 504 و 2/ 533 و 542، وأنساب الأشراف 4 ق 1/ 494 و 5/ 11، والجرح والتعديل 3/ 255 رقم 1137، وأخبار القضاة 1/ 85، وتاريخ الطبري 1/ 252 و 2/ 424 و 426 و 3/ 596، وأسد الغابة 1/ 358، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 151 رقم 109،(5/393)
عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَلْمَانَ.
وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حسن الحديث.
159- حارثة بن وهب [1]- ع- الخزاعيّ، أَخُو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لأُمِّهِ، وَأُمُّهُمَا أُمُّ كُلْثُومِ بِنْتِ جَرْوَلٍ الْخُزَاعِيَّةُ.
لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، نَزَلَ الْكُوفَةَ.
وَرَوَى أَيْضًا عَنْ حَفْصَةَ عَمَّةِ أَخِيهِ.
وَعَنْهُ: مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ رَافِعٍ.
160- حِطَّانُ بن عبد الله الرّقاشيّ [2]- م 4- البصريّ. ثقة مشهور.
__________
[ () ] وتهذيب الكمال 5/ 317، 318 رقم 1058، والكاشف 1/ 142 رقم 896، وتجريد أسماء الصحابة 1/ رقم 1062، والمغني في الضعفاء 1/ 144 رقم 1263، وميزان الاعتدال 1/ 446 رقم 1662، وتهذيب التهذيب 2/ 166، 167 رقم 297، وتقريب التهذيب 1/ 145 رقم 84، والإصابة 1/ 372 رقم 1940، وخلاصة تذهيب التهذيب 69.
[1] انظر عن (حارثة بن وهب) في:
طبقات ابن سعد 6/ 26، ومسند أحمد 4/ 306، وطبقات خليفة 108 و 137، والتاريخ الكبير 3/ 93 رقم 324، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 103 رقم 269 وص 117 رقم 426، والمعرفة والتاريخ 2/ 630 و 3/ 89، والجرح والتعديل 3/ 255 رقم 1136، ومشاهير علماء الأمصار، رقم 287، والمعجم الكبير 3/ 262- 265 رقم 267، والاستيعاب 1/ 308، والإكمال 2/ 7، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ رقم 445، وتلقيح فهوم أهل الأثر 178، وأسد الغابة 1/ 359، 360، وتهذيب الكمال 5/ 318 رقم 1059، وتجريد أسماء الصحابة 1/ 113 رقم 1066، وتحفة الأشراف 3/ 10- 12 رقم 91، والكاشف 1/ 142 رقم 897، والمشتبه في أسماء الرجال 1/ 127، والوافي بالوفيات 11/ 269 رقم 390، والعقد الثمين 4/ 40، وتهذيب التهذيب 2/ 167 رقم 298، وتقريب التهذيب 1/ 146 رقم 85، والنكت الظراف 3/ 12، والإصابة 1/ 299 رقم 1533، وخلاصة تذهيب التهذيب 69.
[2] انظر عن (حطّان بن عبد الله) في:
طبقات ابن سعد 7/ 128، وطبقات خليفة 200، وتاريخ خليفة 279، والعلل لابن المديني 57 و 70، والتاريخ الكبير 3/ 118 رقم 394، وتاريخ الثقات للعجلي 124 رقم 305، والثقات لابن حبّان 4/ 189، ومشاهير علماء الأمصار، رقم 726، والجرح والتعديل 3/ 303 رقم 1354، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 112، وتهذيب الكمال 6/ 561، 562 رقم 1384، والكاشف 1/ 177 رقم 1511، وتهذيب التهذيب 2/ 396 رقم 692،(5/394)
رَوَى عَنْ: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعُبَادَةُ.
وَعَنْهُ: أَبُو مِجْلَزٍ لاحِقٌ، وَيُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
وَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي مُوسَى [1] .
قَرَأَ عَلَيْهِ: الْحَسَنُ [2] .
وَثَّقَةُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ.
161- حُمْرَانُ بْنُ أَبَانٍ [3] ع مِنْ سَبْيِ عَيْنِ التَّمْرِ [4] .
كَانَ لِلْمُسَيَّبِ بْنِ نَجَبَةَ، فَابْتَاعَهُ مِنْهُ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَعْتَقَهُ [4] .
سَكَنَ الْبَصْرَةَ، وَحَدَّثَ عَنْ: عثمان، وابن عمر، ومعاوية.
__________
[ () ] وتقريب التهذيب 1/ 185 رقم 436، والوافي بالوفيات 13/ 95، 96 رقم 93، وغاية النهاية 1/ 253 رقم 1157، وخلاصة تذهيب التهذيب 87.
[1] أي الأشعريّ: عرضا، كما في النهاية لابن الجزري 1/ 253.
[2] انظر عن (حمران بن أبان) في: طبقات ابن سعد 5/ 283 و 7/ 148، والعلل لابن المديني 96، وتاريخ خليفة 179 و 269، وطبقات خليفة 200 و 204، والعلل لأحمد 1/ 80، والتاريخ الكبير 3/ 80 رقم 287، والمعارف 435، 436، والأخبار الطوال 112، وتاريخ اليعقوبي 2/ 169 و 173، وأنساب الأشراف 4 ق 1/ 468 و 470 و 472 و 547 و 555 و 5/ 286، وتاريخ الطبري 3/ 377 و 415 و 4/ 327 و 400 و 5/ 167 و 6/ 153 و 154 و 165 و 180، والجرح والتعديل 3/ 265 رقم 1182، والثقات لابن حبّان 4/ 179، وأسماء التابعين للدارقطنيّ، رقم 258، وجمهرة أنساب العرب 301، وأمالي القالي 2/ 182، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 114، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 438، 439، والخراج وصناعة الكتابة 356، ومعجم البلدان 1/ 644، 645 و 3/ 597 و 759 و 4/ 808، والكامل في التاريخ 2/ 395 و 3/ 145 و 414 و 4/ 307 و 336، وتهذيب الكمال 7/ 301- 306 رقم 1496، والعبر 1/ 206، وميزان الاعتدال 1/ 604 رقم 2291، وسير أعلام النبلاء 4/ 182، 183 رقم 73، والمغني في الضعفاء 1/ 191 رقم 1743، والكاشف 1/ 189 رقم 1238، والمعين في طبقات المحدّثين 32 رقم 191، والبداية والنهاية 9/ 12، وتهذيب التهذيب 3/ 24، 25 رقم 31، وتقريب التهذيب 1/ 198، رقم 559، والوافي بالوفيات 13/ 168، 169 رقم 193، والإصابة 1/ 379 رقم 1998، والوزراء والكتّاب 21، وخلاصة تذهيب التهذيب 93.
[3] عين التمر: بلدة قريبة من الأنبار غربيّ الكوفة. (معجم البلدان 4/ 176) .
[4] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 438.(5/395)
روى عَنْهُ: عُرْوَةُ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَجَامِعُ بْنُ رَاشِدٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وَبَيَانُ بْنُ بِشْرٍ، وَآخَرُونَ.
وَكَانَتْ لَهُ بِدِمَشْقَ دَارٌ.
وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَإِذَا أَخْطَأَ فَتَحَ عَلَيْهِ حُمْرَانُ [1] .
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، أَنَّ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانٍ مَدَّ رِجْلَهُ، فَابْتَدَرُه مُعَاوِيَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ لِكَيْ يغمزانه، وَكَانَ الْحَجَّاجُ قَدْ أَغْرَمَ حُمْرَانَ مِائَةَ أَلْفٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ حُمْرَانَ أَخُو مَنْ مَضَى وَعَمُّ مَنْ بَقِيَ، فَارْدُدْ عَلَيْهِ مَا أَخَذْتَ مِنْهُ، فَدَعَا بِحُمْرَانَ، فَقَالَ: كَمْ أغْرَمْنَاكَ؟ قَالَ: مِائَةُ أَلْفٍ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَيْهِ مَعَ غِلْمَانٍ، فَقَالَ: هِيَ لَكَ مَعَ الْغِلْمَانِ، وَقَسَّمَهَا حُمْرَانُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ، وَأَعْتَقَ الْغِلْمَانَ [2] .
وَإِنَّمَا أَغْرَمَهُ الْحَجَّاجُ لِأَنَّهُ كَانَ وَلِي بَعْضَ نَيْسَابُورَ [3] .
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ عُثْمَانُ يَأْذَنُ عَلَيْهِ مَوْلاهُ حُمْرَانَ [4] .
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: ثنا اللَّيْثُ أَنَّ عُثْمَانَ اشْتَكَى شَكَاةً، فَخَافَ فَأَوْصَى، وَاسْتَخْلَفَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي الْحَجِّ، وَكَانَ الَّذِي وَلِيَ كِتَابَهُ حُمْرَانُ، فاستكتمه وعوفي، وقدِم عَبْد الرَّحْمَن، فلقيه حمران فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: إِيشْ فَعَلْتَ لا بُدَّ أَنْ أُخْبِرَهُ، قَالَ: إِذًا وَاللَّهِ يُهْلِكُنِي.
فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا يَسَعُنِي فَأَتْرُكُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَأْمَنَكَ عَلَى مِثْلِهَا، وَلَكِنْ لا أَفْعَلُ حَتَّى أَسْتَأْمِنُهُ لَكَ فَأَخْبَرَهُ، فَدَعَا بِهِ عُثْمَانُ فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ جَلَدْتُكَ مِائَةً، وَإِنْ شِئْتَ
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 439.
[2] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 439.
[3] في تهذيب الكمال 7/ 305 «سابور» ، وكذلك في: الوافي بالوفيات.
[4] تهذيب الكمال 7/ 304.(5/396)
فَاخْرُجْ عَنِّي، فَاخْتَارَ الْخُرُوجَ، فَخَرَجَ إِلَى الْكُوفَةِ [1] .
وَقَالَ خَلِيفَةُ [2] . مَاتَ بَعْدَ سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ.
162- حفصة بنت عبد الرحمن [3]- م د ت ق- بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي قحافة التّيميّ.
رَوَتْ عَنْ: أَبِيهَا، وَعَمَّتِهَا عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ.
روى عَنْهَا: عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ، وَيُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَابِطٍ.
163- حَنْظَلَةُ أَبُو خَلَدَةَ [4] بَصْرِيُّ قَدِيمٌ.
رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارٍ.
وعنه: سوادة بن أبي الأسود، وجويرية بن بشير، وأبو ثمامة محمد بن مسلم.
ذكره ابن أبي حاتم، وغيره.
164- حيان بن حصين [5] أبو الهياج الأسدي والد منصور.
__________
[1] تهذيب الكمال 7/ 304.
[2] في الطبقات 204.
[3] انظر عن (حفصة بنت عبد الرحمن) في:
طبقات ابن سعد 8/ 468، 469، وتاريخ الثقات للعجلي 518 رقم 2090، والثقات لابن حبّان 4/ 194، والمعارف 174، والجمع بين رجال الصحيحين 2/ 604 رقم 2359، وتهذيب الكمال (المصوّر) 3/ 1681، وتهذيب التهذيب 12/ 410 رقم 2763، وتقريب التهذيب 2/ 594 رقم 8، والوافي بالوفيات 13/ 106 رقم 111، وخلاصة تذهيب التهذيب 490، وأعلام النساء 1/ 274.
[4] انظر عن (حنظلة) في:
التاريخ الكبير 3/ 42 رقم 161، والجرح والتعديل 3/ 240 رقم 1065، و.
[5] انظر عن (حيّان بن حصين) في:
التاريخ الكبير 3/ 53، 54 رقم 203، والجرح والتعديل 3/ 243 رقم 1081، وتاريخ الثقات للعجلي 138 رقم 354، والتاريخ لابن معين 2/ 141، والثقات لابن حبّان 4/ 170، والكنى والأسماء للدولابي 2/ 158، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 113 رقم 439، وتهذيب الكمال 7/ 471، 472 رقم 1575، وطبقات ابن سعد 6/ 223، وطبقات(5/397)
سمع: عليا، وعمارا.
وعنه: أبو وائل، وعامر الشّعبيّ [1] ، وابنه جرير.
__________
[ () ] خليفة 155، والعلل لأحمد 1/ 118، والتاريخ الصغير 97، والمعرفة والتاريخ 3/ 73، وتهذيب الكمال 7/ 471، 472 رقم 1575، وتهذيب التهذيب 3/ 67 رقم 129، وتقريب التهذيب 1/ 208 رقم 653، والوافي بالوفيات 13/ 223 رقم 264، والكاشف 1/ 197 رقم 1296، وخلاصة تذهيب التهذيب 96.
[1] مهملة في الأصل.(5/398)
[حرف الخاء]
165- خرشة بن الحرّ [1]- ع- الكوفيّ. كَانَ يَتِيمًا فِي حِجْرِ عُمَرَ، وَأُخْتُهُ سَلامَةُ لَهَا صُحْبَةٌ [2] .
يَرْوِي عَنْ: عُمَرَ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ.
وعنه: ربعي بن خراش، وأبو زرعة بن عمرو بن جرير، والمسيب بن رافع، وسليمان بن مسهر، وآخرون.
توفّي سنة أربع وسبعين.
__________
[1] خرشة: بفتحات.
[2] انظر عن: (خرشة بن الحرّ) في:
طبقات ابن سعد 6/ 147، والتاريخ لابن معين 2/ 147، وطبقات خليفة 143 و 153، وتاريخ خليفة 273، ومسند أحمد 4/ 106 و 110، والتاريخ الكبير 3/ 213، 214 رقم 726، وتاريخ الثقات للعجلي 143 رقم 379، والثقات لابن حبّان 4/ 212، ومشاهير علماء الأمصار، رقم 798، وأسماء التابعين للدار للدّارقطنيّ، رقم 290، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 133 رقم 585، والاستيعاب 1/ 439، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 127، وأسد الغابة 2/ 109، 110، وتهذيب الكمال 8/ 237، 238 رقم 1682، والعبر 1/ 84، والكاشف 1/ 212 رقم 1392، وتجريد أسماء الصحابة 1/ 158، وسير أعلام النبلاء 4/ 109 رقم 34، والوافي بالوفيات 13/ 304، 305 رقم 372، والإصابة 1/ 423 رقم 2241، وتهذيب التهذيب 3/ 138، 139 رقم 264، وتقريب التهذيب 1/ 222 رقم 115، والعبر 1/ 84، وحسن المحاضرة 1/ 194 رقم 83، وخلاصة تذهيب التهذيب 108، وقاموس الرجال 4/ 10، 11.(5/399)
[حرف الراء]
166- رافع بن خديج [1] ع ابْنِ رَافِعِ [2] بْنِ عَدِيِّ بْنِ يَزِيدَ الأَنْصَارِيُّ الخزرجيّ.
__________
[1] انظر عن (رافع بن خديج) في:
المغازي للواقدي 18 و 21 و 78 و 216 و 232 و 233 و 295 و 420 و 422 و 775 و 1035 و 1036، والمحبّر لابن حبيب 411، والتعليقات والنوادر للهجري 1 رقم 467، وتاريخ خليفة 271، وطبقات خليفة 79، ومسند أحمد 3/ 463 و 4/ 14، والعلل له 1/ 138 و 289، والتاريخ الكبير 3/ 299- 302 رقم 1024، والتاريخ الصغير 56، والمعارف 306، 307، وأنساب الأشراف 1/ 288 و 316 و 318 و 3/ 55 و 4 ق 1/ 362، وتاريخ الطبري 2/ 477 و 481 و 505 و 506 و 4/ 285 و 308 و 420، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1621، والجرح والتعديل 3/ 479 رقم 2150، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 84 رقم 44، والثقات لابن حبّان 4/ 235، ومشاهير علماء الأمصار، رقم 29، والمعجم الكبير 4/ 282- 343 رقم 421، والمستدرك على الصحيحين 3/ 561، 562، وجمهرة أنساب العرب 340، والبدء والتاريخ 6/ 212، والمعرفة والتاريخ 1/ 223 و 226 و 2/ 60 و 218 و 623 و 772 و 773 و 808، والاستيعاب 1/ 495، 491. والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 139، ومعجم البلدان 2/ 324، وأخبار القضاة 3/ 253، وأسد الغابة 2/ 151، والكامل في التاريخ 2/ 136 و 151 و 3/ 115 و 191 و 4/ 364، وتهذيب الأسماء ق 1 ج 1/ 187، وتهذيب الكمال 9/ 22- 25 رقم 1833، وتحفة الأشراف 3/ 139- 162 رقم 140، والعبر 1/ 83، وسير أعلام النبلاء 3/ 181- 183 رقم 34، وتجريد أسماء الصحابة 1/ 172، والكاشف 1/ 232 رقم 1518، والمعين في طبقات المحدّثين 21 رقم 39، والوافي بالوفيات 14/ 64 رقم 61، ومرآة الجنان 1/ 155، والبداية والنهاية 9/ 3، ومجمع الزوائد 9/ 345، ودول الإسلام 1/ 54، وتلخيص المستدرك 3/ 561، 562، وتهذيب التهذيب 3/ 229، 230 رقم 440، وتقريب التهذيب 1/ 241 رقم 10، والنكت الظراف 3/ 140- 150، والإصابة 1/ 495
[2] (ابن رافع) ساقطة من الأصل. والاستدراك من مصادر الترجمة.(5/400)
شَهِدَ أُحُدًا وَالْخَنْدَقَ، وَاستُصْغِرَ يَوْمَ بَدْرٍ.
وَيُقَالُ: أَصَابَهُ سَهْمٌ يَوْمَ أُحُدٍ فَنَزَعَهُ وَبَقِيَ النصل إِلَى أن مَاتَ. وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا أَشْهَدُ لَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» [1] . وَشَهِدَ رَافِعٌ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ، وَلَهُ عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث.
رَوَى عَنْهُ: بَشِيرُ بْنُ يَسَارٍ، وَحْنَظَلَةُ بْنُ قَيْسٍ الزُّرَقِيُّ، وَالسَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَنَافِعٌ، وَابْنُهُ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعٍ، وَحَفِيدُهُ عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ، وَآخَرُونَ.
شُعْبَةُ: عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ أَخَذَ بِعَمُودَيْ جِنَازَةِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، فَجَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيِ السَّرِيرِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْقَبْرِ، وَقَالَ: إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ [2] .
تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ [3] ، وَعَاشَ سِتًّا وَثَمَانِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَكَانَ يَتَعَانَى الْمَزَارِعَ وَيَفْلَحُهَا.
قَالَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْهَدَادِيُّ- وَهُوَ ثِقَةٌ-: ثنا بِشْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: كُنْتُ فِي جِنَازَةِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَنِسْوَةُ يَبْكِينَ وَيُوَلْوِلْنَ عَلَى رَافِعٍ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّ رَافِعًا شَيْخٌ كَبِيرٌ لا طَاقَةَ لَهُ بِعَذَابِ اللَّهِ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمَيِّتُ يُعذَّبُ ببكاء أهله عليه» [4] .
__________
[ () ] رقم 2526، والمطالب العالية 4/ 110، وخلاصة تذهيب التهذيب 97، وشذرات الذهب 1/ 82، والأخبار الطوال 196، وتاريخ العظيمي 212، والوفيات لابن قنفذ 82.
[1] أخرجه أحمد في المسند 6/ 378، والطبراني في المعجم الكبير 4/ 282. 283 رقم (4242) ، والحاكم في المستدرك 3/ 561، والهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 346.
[2] المستدرك 3/ 562.
[3] يقول خادم العلم محقّق هذا الكتاب عمر عبد السلام تدمري: لقد أثبت المؤلّف- رحمه الله- قوله هذا هنا، ولكنه نقضه في: تلخيص المستدرك 3/ 561، 562 حيث قال: «هذا لا يصح ولا يستقيم معناه لأن ابن عمر كان في التاريخ بمكة مريضا أو قد مات، والظاهر موت رافع قبل هذا فإن شعبة روى عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ قال: رأيت ابن عمر قائما بين قائمتي سرير رافع بن خديج» .
[4] أخرج الطبراني حديثا بنحوه، رقم (4244) وهو متّفق عليه.(5/401)
167- الرّبيّع بنت معوّذ [1]- ع- بن عفراء الأنصاريّة النّجّاريّة.
لَهَا صُحْبَةٌ، دَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبِيحَةَ بَنَى بِهَا.
رَوَتْ عِدَّةَ أَحَادِيثَ، وَطَالَ عُمْرُهَا.
رَوَى عَنْهَا: خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ، وَعُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَنَافِعٌ، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ، وَآخَرُونَ.
168- رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ الله [2]- خ د- بن الهدير القرشيّ التّيميّ عَمُّ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ.
رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الْمُنْكَدِرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، وَرَبِيعَةُ الرَّأْيُ، وَغَيْرُهُمْ.
وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ أَوْ بَعْدَهَا.
__________
[1] انظر عن (الرّبيّع بنت معوّذ) في:
طبقات ابن سعد 8/ 447، والمحبّر 430، ومسند أحمد 6/ 358، وطبقات خليفة 339، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 90 رقم 122، والمعرفة والتاريخ 3/ 283، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 343، 344 رقم 736، وتهذيب الكمال (المصوّرة) 3/ 1683، والمعين في طبقات المحدّثين 29 رقم 162، والكاشف 3/ 425 رقم 52، والاستيعاب 4/ 308، 309، والوافي بالوفيات 14/ 86، 87 رقم 103، والأغاني 1/ 65 في (خبر عمر بن أبي ربيعة) ، والإصابة 4/ 300، 301 رقم 415، وأسد الغابة 5/ 451، وسير أعلام النبلاء 3/ 198، 199 رقم 41، وخلاصة تذهيب التهذيب 423.
[2] انظر عن (ربيعة بن عبد الله) في:
طبقات ابن سعد 5/ 27، وطبقات خليفة 233، والتاريخ الكبير 3/ 281 رقم 965، وتاريخ الثقات 158 رقم 430، والثقات لابن حبّان 4/ 228، وأنساب الأشراف 1/ 436، والجرح والتعديل 3/ 473 رقم 2118، والاستيعاب 1/ 514، 515، ومشاهير علماء الأمصار، رقم 484، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 136، والتبيين في أنساب القرشيّين 305، وأسد الغابة 2/ 170، وتهذيب الكمال 9/ 120، 121 رقم 1879، والعبر 1/ 81، والكاشف 1/ 237 رقم 1561، وسير أعلام النبلاء 3/ 516 رقم 123، وتجريد أسماء الصحابة 1/ 180، والعقد الثمين 4/ 397، والوافي بالوفيات 14/ 95 رقم 119، وتهذيب التهذيب 3/ 257 رقم 489، والإصابة 1/ 523 رقم 2711، وتقريب التهذيب 1/ 247 رقم 58، وخلاصة تذهيب التهذيب 99، وشذرات الذهب 1/ 79، ومرآة الجنان 1/ 148.(5/402)
[حرف الزَّايِ]
169- زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ [1] بْنِ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ معاز [2] ، أَبُو الْهُذَيْلِ الْكِلابِيُّ. مِنْ أُمَرَاءِ الْعَرَبِ.
سَمِعَ: عَائِشَةَ، وَمُعَاوِيَةَ.
رَوَى عَنْهُ: ثَابِتُ بْنُ الْحَجَّاجِ، وَغَيْرُهُ.
سَكَنَ الْبَصْرَةَ، ثُمَّ الشَّامَ، وَكَانَ أَمِيرًا عَلَى أَهْلِ قِنَّسْرِينَ يَوْمَ صِفِّينَ، وَشَهِدَ يَوْمَ رَاهِطٍ مَعَ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ، وَهَرَبَ فَتَحَصَّنَ بِقَرْقِيسِيَاءَ.
وَلَهُ شِعْرٌ.
تُوُفِّيَ في خلافة عبد الملك.
__________
[1] انظر عن (زفر بن الحارث) في:
المحبّر 255، وأنساب لأشراف 4 ق 1/ 308 و 350 و 352 و 364 و 450 و 464 و 561 و 579 وج 5 (انظر فهرس الأعلام) 396، وتاريخ اليعقوبي 2/ 251 و 255 و 256 و 261، وتاريخ الطبري 4/ 505 و 526 و 527 و 533 و 5/ 531 و 535 و 539 و 541 و 543 و 593- 596 و 605 و 6/ 137 و 140، وتاريخ خليفة 195 و 254 و 260، والأخبار الطوال 172 و 185، والولاة والقضاة 42، والحلّة السيراء 1/ 110 و 2/ 349، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1967 و 1379 و 1998 و 2004، والعقد الفريد 1/ 214 و 2/ 180 و 4/ 33 و 115 و 402، والفتوح لابن أعثم الكوفي 6/ 26، والوزراء والكتّاب 35، وحماسة البحتري 41، وربيع الأبرار 1/ 338، وشرح نهج البلاغة 6/ 164، والتذكرة السعدية 2/ 51 و 443، ومحاضرات الأدباء 2/ 184، والوافي بالوفيات 14/ 199، 200 رقم 273، وتهذيب تاريخ دمشق 5/ 379، 380، وفوات الوفيات 2/ 389، والمؤتلف والمختلف للآمدي 74 و 129.
[2] بالزاي.(5/403)
170- زُهَيْرُ بْنُ قَيْسٍ [1] الْبَلَوِيُّ الْمِصْرِيُّ. شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ وَسَكَنَهَا.
وَيُقَالُ لَهُ صُحْبَةٌ.
قَتَلَتْهُ الرُّومُ بِبَرْقَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ الصَّرِيخَ أَتَاهُمْ بِمِصْرَ أن الرُّومَ نَزَلُوا عَلَى بَرْقَةَ، فَأَمَرَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ بِالنُّهُوضِ، وَكَانَ وَاجِدًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَاتَلَهُ بِنَاحِيَةِ أَيْلَةَ، إِذْ دَخَلَ مَرْوَانُ مِصْرَ، وَسَيَّرَ ابْنَهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ إِلَى مِصْرَ عَلَى طَرِيقِ أَيْلَةَ، فَخَرَجَ زُهَيْرٌ عَلَى الْبَرِيدِ مُغَاضِبًا فِي أَرْبَعِينَ رَجُلا، فَلَقِيَ الرُّومَ، فَأَرَادَ أن يَكُفَّ حَتَّى يَلْحَقَهُ النَّاسُ، فَقَالَ فَتًى مَعَهُ: جَبُنْتَ أَبَا شَدَّادٍ: فَقَالَ: قَتَلْتَنَا فَقَتَلْتَ نَفْسَكَ، ثُمَّ لاقَى الْعَدُوَّ، فَقُتِلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِينَ [2] .
لَهُ حَدِيثٌ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْهُ سُوَيْدُ بْنُ قَيْسٍ، مَجْهُولٌ.
171- زِيَادُ [3] بْنُ حُدَيْرٍ [4] أَبُو الْمُغِيرَةَ الأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ.
سَمِعَ: عَلِيًّا، وَعُمَرَ.
وَعَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ، وَحَفْصُ بْنُ حُمَيْدٍ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ [5] : ثِقَةٌ.
وَقَالَ حَفْصُ بْنُ حُمَيْدٍ: يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ الرحمن.
__________
[1] انظر عن (زهير بن قيس) في:
تاريخ خليفة 251 و 253، وفتوح البلدان 370، والولاة والقضاة 43، والحلّة السيراء 2/ 327- 331، والمعرفة والتاريخ 2/ 512، والوافي بالوفيات 14/ 226 رقم 305، وتهذيب تاريخ دمشق 5/ 396، والإصابة 1/ 555 رقم 2841.
[2] تهذيب تاريخ دمشق 5/ 396.
[3] انظر عن (زياد بن حدير) في:
طبقات ابن سعد 6/ 130، وطبقات خليفة 155، والتاريخ لابن معين 2/ 177، والعلل لأحمد 1/ 230 و 281، والتاريخ الكبير 3/ 348، 349 رقم 1180، والمعرفة والتاريخ 2/ 642، وتاريخ واسط 42، و 252، والزهد لابن المبارك 70 رقم 213، والكنى والأسماء 2/ 66، والجرح والتعديل 3/ 529 رقم 2390، والثقات لابن حبّان 4/ 251، وتهذيب الكمال 9/ 449- 451 رقم 2033، والكاشف 1/ 258 رقم 1694، وتهذيب التهذيب 3/ 361 رقم 662، وتقريب التهذيب 1/ 266 رقم 96، والإصابة 1/ 580، 581 رقم 2988، وخلاصة تذهيب التهذيب 124.
[4] مهملة في الأصل.
[5] في الجرح والتعديل 3/ 529.(5/404)