1- الحرص على إلحاق الأبناء بآبائهم الشرعيين.
فقد جاء أن امرأة هلك عنها زوجها، فاعتدت أربعة أشهر وعشراً، ثم تزوجت حين حلت، فمكثت عند زوجها أربعة أشهر ونصفاً ثم ولدت له ولداً تاماً، فجاء زوجها عمر بن الخطاب، فذكر ذلك له، فدعا عمر رضي الله عنه نسوة من نساء الجاهلية قدماء فسألهن عن ذلك، فقالت امرأة منهن: أنا أخبرك عن هذه المرأة، هلك عنها زوجها حين حملت، فهرقت الدماء، فحش1 ولدها في بطنها، فلما أصابها زوجها الذي نكحت، وأصاب الولد الماء تحرك الولد في بطنها، وكبر، فصدقها عمر رضي الله عنه، وفرق بينهما، وقال لهما: أما إنه لم يبلغني عنكما إلا خيراً، وألحق الولد بالأول2.
فقد تحرى عمر رضي الله عنه في هذه القضية المشكلة، وسأل نساء الجاهلية وذلك لما للنساء من خبرات وتجارب في مسائل الحمل والوضع.
____________________
1 حش: أي يبس. ابن منظور / لسان العرب 3/188.
2 مالك / الموطأ 2/463،464، البيهقي / السنن الكبرى 7/422،444، صحيح من طريق مالك.
قال: عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمّد بن إبراهيم بن الحارث التميمي عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عبد الله بن أبيّ أمية أن امرأة ... الأثر.(2/997)
وكان عمر رضي الله عنه يستعين في تحريه فيمن أشكل أمره من الأولاد حتى يلحقه بنسبه الصحيح بالقافة الذين يعرفون شبه الولد بأبيه.
جاء رجلان إلى عمر رضي الله عنه كلاهما يدعي ولد امرأة، فدعا عمر قائفاً فنظر إليهما، فقال القائف: لقد اشتركا فيه، فضربه عمر بالدرة وقال: وما يدريك؟ ثم دعا المرأة فقال: أخبريني خبرك، فقالت: كان هذا لأحد الرجلين يأتيها، وهي في الإبل لأهلها، فلا يفارقها حتى يظن وتظن قد استمر بها حمل، ثم انصرف عنها، فهرقت الدماء، ثم خلف هذا يعني الآخر، ولا أدري من أيهما هو، فكبر القائف، فقال عمر للغلام، والِ أيهما شئت1.
وروي أن ثلاثة من التجار، تداولوا جارية فولدت فدعا عمر القافة فألحقوا ولدها بأحدهم2.
____________________
1 رواه مالك / الموطأ 2/414، الشافعي / المسند 2/464 مختصراً، ورجال إسناده عند مالك ثقات، وهو منقطع من رواية سليمان بن يسار الهلالي، عن عمر رضي الله عنه، وهو ثقة من الثالثة، وهو عند الشافعي منقطع أيضاً من رواية يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، ثقة من الثالثة، روايته عن عمر منقطعة، وبقية رجاله ثقات، فالأثر يرتقي بطريقيه لدرجة الحسن لغيره.
2 رواه عبد الرزاق / المصنف 7/224، وفي إسناده عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، مدلس من الثالثة، ولم يصرح بالسماع، وهو منقطع من رواية عطاء ابن أبي رباح، عن عمر رضي الله عنه، وهو ثقة من الثالثة. فالأثر ضعيف.(2/998)
وقد حذر عمر رضي الله عنه أولياء الإماء الذين ينكحوهن من إطلاقهن يخرجن من غير رقابة مما يعرضهن لأيدي الفساق، ووقوعهن في الفاحشة، وتوعد من فعل ذلك بإلحاق أولاد إمائه به، سواء أقر بذلك أم لم يقر، وذلك حرصاً منه رضي الله عنه على محافظة الرجال على إمائهن وولائدهن حتى لا ينشأ منهن أبناء في المجتمع لا يعرفون آباءهم.
قال عمر رضي الله عنه: ما بال رجال يطأون ولائدهم، ثم يدعونهن يخرجن، لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا ألحقت به ولدها، فأمسكوهن بعد أو أرسلوهن1.
وروي أن عمر رضي الله عنه مر على غلمان على بئر يدلون فيها، ومعهم أمة تدلي معهم فقال: ها! لعل صاحب هذه أن يكون يصيب منها، ثم يبعثها فيما ترون، أما إنها لو جاءت بولد ألحقناه به2.
____________________
1 رواه مالك / الموطأ 2/461، الشافعي / المسند 223،224، صحيح من طريق مالك.
قال: عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد أن عمر بن الخطاب قال: ما بال رجال ... الأثر.
2 رواه سعيد بن منصور / السنن / الأعظمي 2/64، ورجال إسناده ثقات، ولكنه معضل من رواية إبراهيم التيمي عن عمر رضي الله عنه، وهو ثقة من الخامسة. فالأثر ضعيف.(2/999)
2- إنكار عمر رضي الله عنه، ومعاقبته لمن ينتسب لغير أبيه:
فقد أنكر رضي الله عنه على صهيب الرومي1 رضي الله عنه انتسابه للعرب ولسانه أعجمي، ولكن صهيباً أوضح لعمر رضي الله عنه صحة نسبه وحقيقته.
قال رضي الله عنه لصهيب: ما فيك شيء أعيبه إلا ثلاث خصال لولاهن ما قدمت عليك أحداً، وذكر عمر منها وتنتسب عربياً ولسانك أعجمي، فقال صهيب رضي الله عنه: وأما انتسابي في العرب، فإن الروم سبتني وأنا صغير2.
____________________
1 تقدمت ترجمته في ص: 147.
2 رواه ابن سعد / الطبقات 3/226،227، أحمد / المسند 6/16، المعجم الكبير 8/37،38، الحاكم/ المستدرك 4/278، البيهقي / شعب الإيمان / زغلول 6/478، وفي إسناده عند ابن سعد، وأحمد والحاكم والبيهقي عبد الله ابن محمد بن عقيل، صدوق في حديثه لين، ويقال: تغير بأخره. تق 321، وفيه حمزة بن صهيب مقبول من الثالثة، وبقية رجاله عند أحمد ثقات، وفي إسناده عند الطبري عبد الله بن مصعب بن عبد الله، قال الخطيب: ولاه الرشيد إمارة المدينة واليمن، وكان محموداً في ولايته جميل السيرة، مع جلالة قدره وعظم شرفه، وكان مالك إذا ذكره قال: المبارك، ونقل عن ابن معين أنه قال: كان ضعيف الحديث، لم يكن عنده كتاب إنما كان يحفظ، تاريخ بغداد 10/173،176، وبقية رجاله ما بين ثقة وصدوق، وسنده متصل، فالأثر حسن، وقد حسنه الحافظ الذهبي في تعليقه على الحاكم.(2/1000)
وعاقب عمر رضي الله عنه من انتسب لغير أبيه وقومه، فقد كان في زمانه مملوك يقال له كيسان، فسمى نفسه قيساً، وادعى نفسه إلى مواليه ولحق بالكوفة، فركب أبوه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: يا أمير المؤمنين ولد على فراشي ثم رغب عني، وادعى إلى مواليه، ومولاي. فقال عمر رضي الله عنه: أزيد بن ثابت، ألم تعلم أنا كنا نقرأ لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم، فقال زيد: بلى، فقال عمر: انطلق فاقرن ابنك إلى بعيرك، ثم انطلق به، فاضرب بعيرك سوطاً وابنك سوطاً1.
3- الحث على تعلم النسب لصلة الأرحام والقرابات:
قال عمر رضي الله عنه: تعلموا أنسابكم ثم صلوا أرحامكم والله ليكون بين الرجل وبين أخيه الشيء، ولو يعلم الذي بينه وبينه من داخلة الرحم لأوزعه ذلك عن انتهاكه2.
____________________
1 رواه عبد الرزاق / المصنف 9/51،52، صحيح. قال: عن معمر عن أيوب عن عديّ بن عديّ عن أبيه أو عن عمه، أن مكحولاً ... الأثر.
2 رواه البخاري / الأدب المفرد ص 39، وفي إسناده عتاب بن بشير، قال ابن حجر: صدوق يخطئ. تق 380، وقال أحمد بن حنبل: روى بآخره أحاديث منكرة، وما أرى أنها إلا من قبل خصيف، وفي روايته عنه أحاديث منكرة، وقال ابن عدي: روى عن خصيف نسخة، وفي تلك النسخة أحاديث ومتون أنكرت عليه. المزي / تهذيب الكمال 19/287، ومن حاشية بشار. وروايته هنا عن غيره، فهو يروي هنا عن إسحاق بن راشد الزهري. فالأثر حسن إن شاء الله، وقد حسنه الشيخ الألباني في صحيح الأدب المفرد ص 55.(2/1001)
4- التحذير من التفاخر بالأنساب ومعاقبة من فعل ذلك، والإنكار عليه:
بلغ عمر رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا آل بني تميم، فحرم عمر رضي الله عنه بني تميم العطاء سنة، ثم أعطاهم في رأس السنة عطاءين1، وذلك تأديباً لهذا الرجل الذي أراد إثارة العصبيات والحميات الجاهلية.
ومن الآثار المروية عن عمر رضي الله عنه الدالة بمجموعها على معاقبة عمر رضي الله عنه من اعتز وتفاخر بقومه ونسبه.
روي أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: أما بعد، فإنه بلغني أنه دعي في جندك بدعوى الجاهلية، وأنه قيل: يا آل ضبة، إن ضبة لم تجز خيراً قط، ولم تدفع سوءاً قط، فإذا جاءك كتابي هذا، فأنزل بهم عقوبة في أشعارهم وأبشارهم، لعلهم يعرفون إن لم يفقهوا2.
____________________
1 رواه عبد الرزاق / الأمالي ص 78، ابن أبي شيبة / المصنف 7/463، صحيح من طريق عبد الرزاق. قال: أنا ابن المبارك عن عاصم عن أبي عثمان، قال: بلغ عمر ... الأثر.
2 رواه عبد الرزاق / الأمالي ص 77، ابن أبي شيبة / المصنف 7/456، ومداره على عامر الشعبي روايته عن عمر منقطعة، وبقية رجاله عند عبد الرزاق ثقات. فالأثر ضعيف.(2/1002)
وروي أن رجلاً من قبيلة بلي حي من قضاعة بالشام نادى: يا آل قضاعة، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فكتب إلى عامل الشام، أن يسير ثلث قضاعة إلى مصر1.
وروي أن عمر رضي الله عنه قال: من اعتز بالقبائل فأعضوه2.
وعاب عمر رضي الله عنه على من احتقر أهل النسب الوضيع من الموالي وغيرهم وتوعده بالعقوبة.
فقد روي عن عمر رضي الله عنه ما يدل بمجموعه على ذلك.
روي أن قوماً قدموا على عامل لعمر رضي الله عنه، فأجاز العرب وترك الموالي، فكتب إليه عمر رضي الله عنه: بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم3.
____________________
1 رواه ابن عبد الحكم / فتوح مصر ص 116، وسنده متصل ورجاله ثقات سوى العباس بن طالب، قال أبو زرعة: ليس بذاك، ميزان الاعتدال 2/384، وذكره ابن حبان في الثقات 8/510.
2 أعضوه: أي أعيبوا عليه. ابن منظور / لسان العرب 9/256،257.
رواه ابن أبي شيبة /المصنف 7/456، ورجال إسناده ثقات، وهو منقطع من رواية أبي مجلز لاحق بن حميد عن عمر رضي الله عنه، وهو ثقة من كبار الثالثة. فالأثر ضعيف.
3 رواه أحمد / الزهد ص 150، ورجال إسناده ثقات، ولكنه منقطع من رواية الحسن البصري عن عمر رضي الله عنه. فالأثر ضعيف.(2/1003)
وروي أن سعد بن أبي وقاص كان بينه وبين سلمان الفارسي رضي الله عنهما شيء، فقال سعد وهم في مجلس: انتسب يا فلان، فانتسب ثم قال للآخر: انتسب، حتى بلغ سلمان، فقال: انتسب يا سلمان، فقال: ما أعرف لي أباً في الإسلام، ولكني سلمان ابن الإسلام، فنمى ذلك عمر رضي الله عنه، فقال لسعد ولقيه: انتسب يا سعد، فقال: أشهد الله يا أمير المؤمنين وكأنه قد عرف، فأبى أن يدعه حتى انتسب، ثم قال للآخر: انتسب حتى بلغ سلمان فقال: انتسب يا سلمان، فقال: أنعم الله علي بالإسلام، فأنا سلمان ابن الإسلام.
قال عمر: قد علمت قريش أن الخطاب كان أعزهم في الجاهلية، وأنا عمر ابن الإسلام أخو سلمان في الإسلام، أما والله لولا لعاقبتك عقوبة يسمع بها أهل الأمصار، أما علمت أو أما سمعت أن رجلاً انتمى إلى تسعة آباء في الجاهلية، فكان عاشرهم في النار، وانتمى رجل إلى رجل في الإسلام، وترك ما فوق ذلك، فكان معه في الجنة1.
وروي أن رجلاً استأذن على عمر رضي الله عنه فقال: استأذنوا لابن الأخيار، فقال عمر رضي الله عنه: ائذنوا له، فلما دخل قال له عمر
____________________
1 رواه عبد الرزاق / المصنف 11/438، ورجال إسناده ثقات، وهو منقطع من رواية قتادة بن دعامة عن عمر رضي الله عنه، وهو ثقة من الرابعة. فالأثر ضعيف.(2/1004)
رضي الله عنه: من أنت؟ قال: أنا فلان بن فلان بن فلان، فجعل يعد رجالاً من أشراف الجاهلية، فقال له عمر رضي الله عنه: أنت يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم؟ قال: لا، قال: ذلك ابن الأخيار، وأنت ابن الأشرار، إنما تعد علي رجالاً من أهل النار1.
وروي أن عمر رضي الله عنه خرج يمشي وإذا رجل يخطر بين يديه وهو يقول: أنا ابن بطحاء مكة كدياً فكداها2، فوقف عليه عمر رضي الله عنه فقال: إن يك لك دين فلك كرم، وإن يكن لك عقل فلك مروءة، وإن يكن لك مال، فلك شرف وإلا فأنت والحمار واحد3.
____________________
1 رواه الحاكم/ المستدرك 2/347، وفي إسناده محمد بن سنان القزاز، اتهمه أبو داود وعبد الرحمن بن خراش بالكذب، وقال أبو عبيدة: ليس عندي بثقة، وقال أبو حاتم: لا بأس به، وقال ابن حجر: ضعيف. تق 482، وهو منقطع من رواية عُلي بن رباح اللخمي عن عمر رضي الله عنه، وهو ثقة من الثالثة. فالأثر ضعيف.
2 كدي وكداء: موضعان، وقيل جبلان بمكة. ابن منظور / لسان العرب 12/50.
3 رواه ابن أبي الدنيا / الأشراف ص 211، وفي إسناده بكير بن بكر الغفاري، يروي عن أبيه لم أجد لهما ترجمة، وفيه نضلة لم أعرفه، ولعله نضلة الغفاري، قال ابن أبي حاتم حجازي له صحبة. الجرح والتعديل 8/499، وبقية رجاله ثقات.(2/1005)
المسألة الثانية: الاهتمام بالأسماء:
كان عمر رضي الله عنه حريصاً على أن تتسمى رعيته بالأسماء الحسنة والتي لا تدل على معنى مكروه أو مستقبح.
فقد غير رضي الله عنه اسم والد مسروق بن الأجدع إلى عبد الرحمن1.
وأراد رضي الله عنه أن ينهى أن يسمي ببركة، وأفلح، ويسار، ونافع، ثم تركه2.
كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن ينهى عن تلك الأسماء ثم ترك ذلك، والعلة في ذلك، ليست لمعنى سيء في الاسم، ولكن كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، فإن المرء قد يسأل فيقول: أثم بركة أو أفلح، أو يسار، فيقال: لا، إذا كان غير موجود، فينفي بذلك وجود البركة والفلاح واليسر3.
____________________
1 رواه ابن سعد / الطبقات 6/76، أحمد / المسند 1/31، ورجال إسناده عند ابن سعد ثقات، وهو منقطع من رواية محمد بن المنتشر عن عمر رضي الله عنه، وهو ثقة من الرابعة، وفي إسناده عند أحمد مجالد بن سعيد، ليس بالقوي. تق 520، وبقية رجاله ما بين ثقة وصدوق، وسنده متصل، فالأثر يرتقي بطريقيه لدرجة الحسن لغيره.
2 رواه مسلم / الصحيح / شرح النووي14/18.
3 انظر: مسلم / شرح النووي 14/117، 118.(2/1006)
ومما روي عن عمر رضي الله عنه ويدلّ على كراهيته لبعض الأسماء التي تحمل معنًى سيئاً أنه أراد أن يستعمل رجلاً، فسأله عن اسمه، واسم أبيه فقال: ظالم بن سراقة، فقال: تظلم أنت، ويسرق أبوك، ولم يستعن به1.
وروي أن عمر رضي الله عنه أتاه كتاب من دهقان يقال له: جوابابنه، فأراد عمر رضي الله عنه أن يكتب إليه فقال: ترجموا لي اسمه، فقالوا: هذا بالعربية خير الفتيان، فقال عمر: إن من الأسماء أسماءً لا ينبغي أن يسمى بها، اكتب من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى شر الفتيان2.
وروي أن عمر قال: لا تسموا الحكم ولا أبا الحكم، فإن الله هو الحكم3.
وروي أنه رضي الله عنه غير اسم كثير بن الصلت4 إلى كثير بعد أن كان اسمه قليل5.
____________________
1 أورده ابن عبد ربّه/ العقد الفريد 2/157، من غير إسناد.
2 رواه عبد الرزاق / المصنف 11/41،42، ورجال إسناده ثقات، وهو منقطع من رواية محمد بن سيرين عن عمر رضي الله عنه.
3 رواه عبد الرزاق / المصنف 11/42، وفي إسناده ليث بن أبي سليم، صدوق اختلط جداً، ولم يتميز حديثه فترك، وهو يروي عن عمر رضي الله عنه، وروايته عنه معضلة، فهو من السابعة. فالأثر ضعيف.
4 تقدمت ترجمته في ص: (804) .
5 رواه ابن سعد / الطبقات 5/14، ورجال إسناده ثقات، وهو منقطع من رواية نافع مولى ابن عمر عن عمر رضي الله عنه، وهو ثقة من الثالثة. فالأثر ضعيف.(2/1007)
وكره عمر رضي الله عنه التسمي بأسماء الأنبياء فقد يحمل هذا الاسم من ليس له أهل.
فقد جمع عمر رضي الله عنه كل غلام اسمه اسم نبي، فأدخلهم داراً وأراد أن يغير أسماءهم فشهد آباؤهم أن النبي صلى الله عليه وسلم سماهم1.
ودعا عمر رضي الله عنه ابنه عبد الرحمن ليغير كنيته، وكان يكنى أبا عيسى، فقال: يا أمير المؤمنين، والله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كنى المغيرة بن شعبة بها2.
وروي أن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه جاء إلى عمر رضي الله عنه، فاستأذن عليه، فنادى: يستأذن أبو عيسى، فقال عمر رضي الله عنه: من أبو عيسى؟ قال المغيرة بن شعبة: أنا، فقال عمر: وهل لعيسى أب؟!
____________________
1 رواه ابن سعد / الطبقات 5/69، إسحاق بن راهويه / المسند / إتحاف الخيرة المهرة للبوصيري 5/52/أ، ابن شبة / تاريخ المدينة 2/321، ومداره على أسامة بن زيد الليثي، وهو صدوق يهم، وبقية رجاله عند إسحاق ثقات، وسنده متصل، فالأثر حسن.
2 رواه أبو داود / السنن 4/291، ابن أبي خيثمة / التاريخ ص 158، ابن أبي عاصم / الآحاد والمثاني 2/60، صحيح من طريق ابن أبي عاصم.
قال: حدّثنا عبيد الله بن معاذ، ثنا أبي عن حبيب بن الشهيد عن زيد بن أسلم عن أبيه، قال: دعا عمر ... الأثر.(2/1008)
أما في كنى العرب ما تكتنون بها؟! أبو عبد الله، أبو عبد الرحمن، فقال رجل: أشهد لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم كنى بها المغيرة، فقال عمر: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر وإنا في خلج1، ما ندري ما يفعل بنا، فكناه بأبي عبد الله2.
وهذا الأثر يخالف الأثر الصحيح المتقدم وفيه أن عمر رضي الله عنه أقر تكني ابنه عبد الرحمن بأبي عيسى بعد أن أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم كنى المغيرة بها، وهذا هو الذي يظن بصحابة النبي صلى الله عليه وسلم التسليم لقول النبي صلى الله عليه وسلم إذا خالف قولهم.
__________
1 اخْتَلَجَ الشيء في صدري وتخالج: احتكأ مع شك. ابن منظور / لسان العرب 4/169.
2 رواه الحاكم / المستدرك 3/450، وفي إسناده شيخ الحاكم أحمد بن يعقوب، وشيخه أبو مسلم لم أجد لهما ترجمة، وبقية رجاله ثقات، وهو منقطع من رواية زيد بن أسلم عن عمر رضي الله عنه، وهو ثقة من الثالثة. فالأثر ضعيف.(2/1009)
المبحث الرابع: الاهتمام بالحياة المعيشية
المطلب الأول: الاهتمام بالعمل والحث على الكسب وطلب الرزق
...
المطلب الأول: الاهتمام بالعمل والحث على الكسب وطلب الرزق:
إن العمل والكسب وطلب الرزق من طرقه المشروعة، مما حث عليه ديننا القويم، وهو الذي تقوم عليه مصالح الناس، وتسير عليه دفة الحياة، وهو مصدر هام من مصادر الحياة المعيشية، فبالعمل تزدهر الحياة وترقى الأمم، وتنال عزتها، ولا تكون عالة على غيرها.
وقد حث رضي الله عنه الرعية على العمل والكسب، والاعتماد على النفس ونبذ الكسل والخمول، وبين رضي الله عنه أن ذلك لا يتعارض مع العبادة، والتقرب إلى الله عز وجل، وأداء ما أوجب، وأيضاً لا ينافي الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة.
قال رضي الله عنه: يا معشر القراء، ارفعوا رؤوسكم، ما أوضح الطريق فاستبقوا الخيرات، ولا تكونوا كلاً على المسلمين1.
وحث رضي الله عنه رعيته على الكسب، والمحافظة على مصادر الرزق وتنميتها.
قال الحارث بن لقيط النخعي2: كان الرجل منا تنتج فرسه فينحرها فيقول: أنا أعيش حتى أركب هذا؟! فجاءنا كتاب عمر: أن
____________________
1 رواه البيهقي / شعب الإيمان 3/418، وسنده متصل ورجاله ما بين ثقة وصدوق، وفيه عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، صدوق اختلط ولكن سماع طلق بن غنام الراوي عنه هنا كان قبل اختلاطه، فالأثر حسن.
2 الحارث بن لقيط النخعي، ثقة مخضرم، من الثانية. تق 147.(2/1013)
أصلحوا ما رزقكم الله، فإن في الأمر تنفساً1.
وحث عمر رضي الله عنه رعيته على العمل والكسب، وأن يتخذ المرء صنعة أو مصدر رزق له، وأن لا تكون نظرته قاصرة على يومه الذي يعيش فيه، فقد يكون لديه من المال والعطاء ما يغنيه عن العمل، ولكنه قد يفتقر، وقد ينقطع مصدر رزقه في يوم من الأيام.
قال عمر رضي الله عنه لأبي ظبيان2: كم مالك يا أبا ظبيان؟ قال: قلت: أنا في ألفين وخمسمائة، قال: فاتخذ شاءاً، فإنه يوشك أن تجيء أغيلمة من قريش يمنعون العطاء3.
____________________
1 رواه هناد / الزهد 2/655، البخاري / الأدب المفرد ص 168، وكيع / الزهد 3/785، صحيح من طريق البخاري.
قال: حدّثنا أبو نعيم، قال: حدّثنا حنش بن الحارث عن أبيه، قال: كان الرجل منا ... الأثر.
وقد صححه الشيخ الألباني في صحيح الأدب المفرد، ص 180،181.
2 أبو ظَبْيَان حصين بن جندب بن الحارث الجَنْبي، ثقة من الثانية. تق 169.
3 رواه يحيى بن معين / التاريخ /رواية الدوري، ابن أبي شيبة / المصنف 7/487،525، من طريقين، البخاري / الأدب المفرد ص 202، صحيح من طريق ابن أبي شيبة.
قال: حدّثنا أبو أسامة، قال: حدّثنا عبد الله بن الوليد عن موسى بن عبد الله ابن يزيد عن أبي ظبيان الأزدي، قال: قال عمر ... الأثر.(2/1014)
ومن الآثار المروية عن عمر رضي الله عنه والدالة بمجموعها على حث عمر رضي الله عنه على العمل، وترك مسألة الناس، والاعتماد عليهم ما روي من أن عمر رضي الله عنه لقي ناساً من أهل اليمن، فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون، فقال: بل أنتم المتواكلون، إنما المتوكل الذي يلقي حبه في الأرض ويتوكل على الله عز وجل1.
وروي أن شاباً قوياً دخل المسجد، فقال: من يعينني في سبيل الله؟ فدعا به عمر رضي الله عنه، فأتي به، فقال: من يستأجر مني هذا بعمل في أرضه؟ فقال رجل من الأنصار: أنا يا أمير المؤمنين، فقال: بكم تأجره كل شهر؟ قال: بكذا وكذا، قال: خذه فانطلق به، فعمل في أرض الرجل شهراً ثم قال عمر للرجل: ما فعل أجيرنا؟ قال: صالح يا أمير المؤمنين، قال: ايتيني به، وبما اجتمع له من الأجر، فجاء به وبصرة من دراهم، فقال عمر للشاب: خذ هذه، فإن شئت فالآن فاغز، وإن شئت فاجلس2.
____________________
1 رواه ابن أبي الدنيا / التوكل ص 61، ورجال إسناده ثقات، ولكنه منقطع من رواية معاوية بن قرة المزني عن عمر رضي الله عنه، وهو ثقة من الثالثة، فالأثر ضعيف.
2 رواه البيهقي / شعب الإيمان 3/418،419، ورجاله ثقات، وهو منقطع من رواية نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما، فالأثر ضعيف.(2/1015)
وروي أن عمر رضي الله عنه قال: فرقوا عن المنية واجعلوا الرأس رأسين1، ولاتلثوا بدار معجزة2، وأصلحوا مثاويكم3، وأخيفوا الهوام قبل أن تخيفكم، واخشوشنوا4.
وروي أنه قال: مكسبة فيها بعض الدنية خير من مسألة الناس5.
____________________
1 أي إذا اشتريتم الرقيق أو غيره من الحيوان، فلا تغالوا في الثمن واشتروا بثمن الرأس الواحد رأسين فإن مات الواحد بقي الآخر، فكأنكم قد فرقتم مالكم عن المنيّة، ابن منظور / لسان العرب 1/243.
2 لا تُلِثُّوا بدار معجزة: أي لا تقيموا بدار يعجزكم فيها الرزق والكسب، المصدر السابق 12/234.
3 أي أصلحوا بيوتكم، والهوام هي الحيات والعقارب. المصدر السابق 2/152.
4 رواه عبد الرزاق / المصنف 5/162،164، أبو عبيد / غريب الحديث 2/68، ابن أبي شيبة/ المصنف 5/304، ومداره على أبي العدبس الأشعري، منيع بن سليمان الأسدي، ذكره ابن حبان في الثقات 5/454، وقال ابن حجر: مقبول. تق 658، وبقية رجاله ما بين ثقة، وصدوق، وسنده متصل، وقد ورد الجزء من الأثر (وأصلحوا مثاويكم) عند البخاري في الأدب المفرد ص 159، بإسناد رجاله ثقات سوى محمد بن عجلان فهو صدوق مدلس من الثالثة، ولم يصرح بالسماع، فترتقي هذه الفقرة لدرجة الحسن لغيره، وقد حسنه الشيخ الألباني في صحيح الأدب المفرد ص 171.
5 رواه البلاذري /أنساب الأشراف ص 227، وفي إسناده عبد الرحمن بن عبد المؤمن الرام ذكره البخاري في التاريخ الكبير ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً 5/319، وذكره ابن حبان في الثقات 8/372، وبقية رجاله ثقات، وهو منقطع من رواية بكر بن عبد الله المزني عن عمر رضي الله عنه، وهو ثقة من الثالثة، فالأثر ضعيف.(2/1016)
وروي أن عمر رضي الله عنه كان يمشي في طريق ومعه عبد الله ابن عمر رضي الله عنه، فرأى جارية تطيش مرة، وتقوم أخرى، فقال: ها بؤس لهذه هاه، من يعرف تياه؟ فقال عبد الله: هذه إحدى بناتك، قال: بناتي؟! قال: نعم، قال: من هي؟ قال: بنت عبد الله بن عمر، قال: ويلك يا عبد الله بن عمر، أهلكتها هزلاً، قال: ما نصنع منعتنا من عندك، فنظر إليه فقال: ما عندي؟ عزك أن تكسب لبناتك كما تكسب الأقوام؟ لا والله مالك عندي إلا سهمك مع المسلمين1.
وروي أن عمر رضي الله عنه خرج إلى الجار2، فوجد حبًّا منثوراً فجعل عمر يلتقطه حتى جمع منه مدّاً أو قريباً من مد، ثم قال لرجل من الصيادين ألا أراك تصنع مثل هذا، وهذا قوت رجل من المسلمين حتى الليل، فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، لو ركبت لتنظر كيف نصطاد، فركب عمر رضي الله عنه معهم فجعلوا يصطادون، فقال عمر:
____________________
1 رواه ابن المبارك / الزهد ص 375، ابن أبي شيبة / المصنف 7/95، وهو منقطع من رواية الحسن البصري عن عمر رضي الله عنه، وبقية رجاله عند ابن أبي شيبة ثقات، فالأثر ضعيف.
2 مدينة تاريخية كانت تشبه جدة اليوم، فكان البحر الأحمر ينسب شرقيه إليها، فيقال بحر الجار، وظلت ميناء عامراً للمدينة المنورة حتى القرن السادس الهجري، وتقع على بعد عشرة أكيال شمالاً من الرايس وتسمى اليوم بالبُريكة. انظر / البلادي / على طريق الهجرة ص 209،210.(2/1017)
تا الله إن رأيت كاليوم كسباً أطيب أو قال أحل ... الأثر1.
__________
1 رواه عبد الرزاق / المصنف 1/94، ورجال إسناده ثقات، وفيه أبو يزيد المدني، قال الذهبي: ثقة، الكاشف 2/472، وقال ابن حجر: مقبول. تق 685، وبقية رجاله ثقات، وفيه إبهام بالراوي عن عمر رضي الله عنه، ففي السند عن أبي يزيد المدني، حدثني رجل من الصيادين.(2/1018)
المطلب الثاني: الاهتمام بالمصالح الشخصية، وفيه أربعة مسائل:
المسألة الأولى: الاهتمام بالأطعمة والأشربة:
لقد حرص عمر رضي الله عنه على أن تكون الأطعمة والأشربة التي يتناولها الناس مما أباحه الله عز وجل، ولا تشوبه شائبة حرام، خصوصاً بعد تفرق المسلمين في البلاد المفتوحة، من بلاد فارس والروم والتي تكثر فيها الأطعمة والأشربة المحرمة والمشبوهة.
كتب عمر رضي الله عنه إلى جنده بأذربيجان1: بلغني أنكم في أرض يخالط طعامها الميتة، ولباسها الميتة، فلا تأكلوا إلا ما كان ذكياً، ولا تلبسوا إلا ما كان ذكياً2.
وقد بين عمر رضي الله عنه لرعيته حل بعض الأطعمة التي كانت عند الكفار، وأجاز لهم تناولها وأكلها، ومن ذلك الجبن، وذبائح بعض الطوائف فقد وصف الجبن لعمر رضي الله عنه حين أصابه المسلمون من المجوس فأكلوا ولم يسألوا فقال رضي الله عنه: اذكروا اسم الله عليه، وكلوه3.
____________________
1 تقدم التعريف بها في ص (612) .
2 رواه ابن سعد / الطبقات 6/102،103. صحيح.
قال: أخبرنا الفضل بن دكين، قال: حدّثنا ابن أبي غنية عن الحكم عن زيد ابن وهب، قال: غزونا أذريبيجان ... الأثر.
3 رواه عبد الرزاق / المصنف 4/539، الجعد / المسند 1/375، ابن أبي شيبة / المصنف 5/130، صحيح من طريق ابن أبي شيبة.
قال: حدّثنا جرير عن مغيرة عن أبي وائل وإبراهيم، قالا: لما قدم ... الأثر.(2/1019)
وكتب عامل لعمر رضي الله عنه فقال: إن ناساً قبلنا يدعون السامرة يقرأون التوراة، ويسبتون السبت، لا يؤمنون بالبعث، فما يرى أمير المؤمنين في ذبائحهم؟ فكتب إليه عمر: إنهم طائفة من أهل الكتاب ذبائحهم ذبائح أهل الكتاب1.
ومن اهتمام عمر رضي الله عنه بالأطعمة إرشاده لبعض الأطعمة التي فيها المنفعة الكبيرة مع قلة مؤنتها وسهولة حصول الفقير عليها من ذلك قوله رضي الله عنه: لا تنخلوا الدقيق فإنه طعام كله2.
فبين عمر رضي الله عنه أهمية هذا الطعام، وهو نخالة الدقيق، والتي ربما كان الناس لا يُعيرونها أهمية كبيرة، وقد أثبت الطب الحديث فوائد نخالة الدقيق لصحة الجسم وقوته.
ومن ذلك قول عمر رضي الله عنه في الضب3: إن الله ينفع به
____________________
1 رواه عبد الرزاق / المصنف 4/487، ورجال إسناده ثقات سوى أبي العلاء برد بن سنان فهو صدوق، فالأثر حسن.
2 رواه ابن المبارك / الزهد ص 206، الجعد / المسند 2/130، ابن شبة / تاريخ المدينة 2/261، ومداره على مبارك بن فضالة، صدوق. تق 519، وبقية رجاله عند ابن شبة ثقات، فالأثر حسن.
3 الضَّبّ: حيوان من جنس الزواحف من رتبة العَظَاء، غليظ الجسم خشنه، وله ذنب عريض حَرِش، أعقد، يكثر في صحاري الأقطار العربية. المعجم الوسيط 1/532.(2/1020)
غير واحد، فإنما طعام عامة الرعاء منه، ولو كان عندي لطعمته1.
وروي أن عمر رضي الله عنه رأى رجلاً سميناً في عام سنة، فقال: ما طعامك؟ قال: الضباب، قال عمر: وددت أن لي في كل حجر ضب ضبين2.
وروي عن عمر رضي الله عنه التحذير من الإكثار من بعض الأطعمة لما في الإكثار منها من ضرر على الصحة.
فقد روي عن عمر رضي الله عنه التحذير من إكثار أكل اللحم، روي أنه قال لبنيه: لا تديموا أكل اللحم3.
وروي أنه قال: إياكم وكثرة اللحم، فإن له ضراوة كضراوة الخمر4.
____________________
1 رواه مسلم / الصحيح 13/102،103.
2 رواه ابن أبي شيبة / المصنف 5/124،125، ورجال إسناده ثقات سوى سعيد بن معبد الراوي عن عمر رضي الله عنه، لم أعرفه، ولعله الذي ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وقال يروي عن ابن عباس رضي الله عنهما، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، الجرح والتعديل 4/63.
3 رواه ابن أبي شيبة / المصنف 5/141، ورجال إسناده ما بين ثقة وصدوق سوى هشام بن حبيش الخزاعي الراوي عن عمر رضي الله عنه، ذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، الجرح والتعديل 9/53، وذكره ابن حبان في الثقات 5/501.
4 رواه مالك/ الموطأ 2/111، ورجال ثقات، وهو معضل من رواية يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمر رضي الله عنه، وهو ثقة من الخامسة، فالأثر ضعيف.(2/1021)
وكان عمر رضي الله عنه يحث رعيته على الزهد في الأطعمة وعدم التوسع فيها، ويذكرهم بحال نبيهم صلى الله عليه وسلم.
قال رضي الله عنه: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يجد من الدقل1 ما يملأ به بطنه2.
ومما روي عن عمر رضي الله عنه في حثه رعيته على الزهد في الأطعمة أنه دخل على ابنه عاصم وهو يأكل لحماً فقال: ما هذا؟ فقال: قرمنا إلى اللحم، فقال عمر رضي الله عنه: كفى بالمرء سرفاً أن يأكل كل ما يشتهي3.
وروي أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما مر على عمر رضي الله عنه بلحم قد اشتراه بدرهم، فقال عمر: ما هذا؟ قال: اشتريته بدرهم، قال: كلما اشتهيت شيئاً اشتريته؟! لا تكون من أهل هذه الآية {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمْ الدُّنْيَا} 4.
____________________
1 تقدم التعريف به في ص (911) .
2 صحيح. تقدم تخريجه في ص: (911) .
3 رواه ابن المبارك / الزهد ص 266، أحمد / الزهد ص 153، ومداره على الحسن البصري، ثقة من الثالثة، روايته عن عمر منقطعة، ورجاله ثقات، فالأثر ضعيف.
4 سورة الأحقاف من الآية (20) .
رواه ابن أبي شيبة / المصنف 5/140، ورجال إسناده ثقات، وفيه إبهام بشيخ الأعمش، حيث قال: عمن حدثه.(2/1022)
وروي أن عمر رضي الله عنه بلغه أن يزيد بن أبي سفيان رضي الله عنه يأكل ألوان الطعام، فقال عمر رضي الله عنه لمولاه يرفأ: إذا عملت أنه قد حضر عشاؤه فأعلمني، فلما حضر عشاؤه أعلمه، فأتى عمر، فسلم واستأذن، فأذن له، فدخل فقرب عشاؤه، فجاء بثريدة لحم، فأكل عمر معه منها، ثم قرب شواء، فبسط يزيد يده، فكف عمر، ثم قال: الله يا يزيد بن أبي سفيان، أطعام بعد طعام؟ والذي نفس عمر بيده لأن خالفتم عن سنتهم ليخالفن بكم عن طريقتهم1.
وأما اهتمام عمر رضي الله عنه بالأشربة فإنه قد حرص على إبعاد رعيته عن شرب ما حرم الله كشرب الخمر، وحذرهم من شربها، وحثهم على التحري في الأشربة مخافة الوقوع في الحرام، قال رضي الله عنه وهو يبين أنواع الأشربة التي يدخل فيها الخمر حتى لا يلتبس الأمر على الناس: إنه قد نزل تحريم الخمر، وهي من خمسة أشياء: العنب، والتمر، والحنطة، والشعير، والعسل، والخمر ما خامر العقل2.
وعاقب عمر رضي الله عنه من باع الخمر، واتجر به، فقد بلغه
____________________
1 رواه ابن المبارك / الزهد ص 203،204، وسنده متصل ورجال إسناده ما بين ثقة وصدوق، سوى يحيى الطويل، شيخ إسماعيل بن عياش، ذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، الجرح والتعديل 9/200.
2 رواه البخاري/الصحيح 3/322، مسلم/ الصحيح/ شرح النووي18/165.(2/1023)
رضي الله عنه أن رجلاً أثرى من بيع الخمر، فقال: اكسروا كل آنية له، وسيروا كل ماشية له1.
ونهى عمر رضي الله عنه رعيته عن الطعام مع من يشرب الخمر، خوفاً من التأثر به، ومشاركتهم في شربها، قال رضي الله عنه: لا يجاورنكم خنزير، ولا تأكلوا على مائدة يشرب عليها الخمر2.
وأجاز عمر رضي الله عنه شرب النبيذ3 ما لم يتخمر، وأمرهم إذا خشوا تخمره باشتداده بصب الماء عليه، قبل أن يتخمر، فإذا تخمر حرم مطلقاً4.
قال عبد الرحمن بن عثمان التيمي5 رضي الله عنه: صاحبت عمر
____________________
1 رواه ابن أبي شيبة/ المصنف4/413.صحيح.
قال: حدّثنا وكيع بن إسماعيل بن أبي خالد عن الحارث بن شبيل عن أبي عمرو الشيباني، قال: بلغ عمر ... الأثر.
2 رواه عبد الرزاق / المصنف 6/61. صحيح.
قال: عن معمر عن زيد بن رفيع عن حرام بن معاوية، قال: كتب إلينا عمر ... الأثر.
3 النَّبيذ: الماء الذي ينبذ فيه التمر أو الزبيب أو نحوهما، ما لم ينقلب إلى مسكر، فإذا صار مسكراً فهو خمر. معجم لغة الفقهاء ص 474.
4 انظر ابن حجر / فتح الباري 10/40،41.
5 عبد الرحمن بن عثمان التيمي ابن أخي طلحة، صحابي قتل مع ابن الزبير تق 346.(2/1024)
ابن الخطاب رضي الله عنه إلى مكة، فأهدى له ركب من ثقيف1 سطيحتين من نبيذ، فشرب عمر رضي الله عنه إحداهما طيبة، ثم أهدي له لبن فعدله عن شرب الأخرى حتى اشتد ما فيها، فذهب عمر رضي الله عنه يشرب منها، فوجده قد اشتد، فقال: اكسروه بالماء2.
وقد أذن عمر رضي الله عنه في شرب وتناول الطلاء3 الذي طبخ حتى ذهب ثلثاه ولم يكن مسكراً.
كتب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: أما بعد فإنها قدمت عليَّ عير من الشام تحمل شراباً غليظاً أسود كطلاء
____________________
1 ثقيف: اسمه قيس بن منبه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة، كان مواطنهم بالطائف. عمر رضا كحالة / معجم قبائل العرب 1/148.
2 رواه عبد الرزاق/ المصنف9/266، البيهقي/ السنن الكبرى8/305 صحيح من طريق البيهقي.
قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد أنبأ عبد الله بن جعفر ثنا يعقوب بن سفيان ثنا أبو اليمان، أخبرني شعيب، قال: وحدّثنا الحجاج ثنا جدي جميعاً عن الزهري، أخبرني معاذ بن عبد الرحمن التيمي أن أباه عبد الرحمن بن عثمان قال: صاحبت عمر بن الخطاب.
3 هو أن يطبخ العصير حتى يصير مثل طلاء الإبل، وهو الدبس، فإذا طبخ عصير العنب حتى تمدد أشبه طلاء الإبل، وهو على تلك الحالة لا يسكر غالباً. ابن حجر / فتح الباري 10/62-66.(2/1025)
الإبل، وإني سألتهم على كم يطبخونه، فأخبروني أنهم يطبخونه على الثلثين، ذهب ثلثاه الأخبثان، ثلث ببغيه، وثلث بريحه، فمر من قبلك يشربونه1.
وكتب رضي الله عنه: أما بعد، فاطبخوا شرابكم حتى يذهب منه نصيب الشيطان، فإن له اثنين ولكم واحد2.
____________________
1 رواه عبد الرزاق / المصنف 9/255، ابن أبي شيبة المصنف 5/92، النسائي / السنن الكبرى 3/240، صحيح من طريق النسائي.
قال: أخبرنا سويد بن نصر، قال: أنبأنا عبد الله عن سليمان التميمي عن أبي مجلز عن عامر بن عبد الله أنه قال: قرأت كتاب عمر إلى أبي موسى ... الأثر.
2 رواه النسائي / السنن الكبرى 3/240، 241، البيهقي / السنن الكبرى 8/ 301 صحيح من طريق النسائي.
قال: أخبرنا سويد بن نصر، قال: أنبأنا عبد الله عن هشام عن ابن سيرين أن عبد الله بن يزيد الخطمي قال: كتب إلينا عمر ... الأثر.(2/1026)
المسألة الثانية: الاهتمام بالألبسة.
لقد اهتم عمر رضي الله عنه بالألبسة التي ترتديها رعيته أن تكون مما أباحه الله عز وجل، وأن تكون على الصفة المشروعة، فمن الألبسة التي نهى عنها عمر رضي الله عنه رعيته:
1- لباس الكفار، ولبس الحرير:
كتب عمر رضي الله عنه إلى عتبة بن فرقد1، ومن معه من جند المسلمين بأذربيجان2: يا عتبة بن فرقد إياكم والتنعم، وزي أهل الشرك، ولبوس الحرير، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن لبوس الحرير، وقال: " إلا هكذا"، ورفع لنا إصبعيه3.
وقال سويد بن غفلة4 رضي الله عنه: كنا غزاة بالشام، فقضينا غزاتنا فقدمنا على عمر وهو بظهر المدينة يستقبلنا أو يتلقانا، فلما رآنا وعلينا الديباج5 والحرير، جعل يرمينا فرجعنا فخلعناها، ولبسنا بروداً
____________________
1 تقدمت ترجمته في ص (262) .
2 تقدم التعريف بها في ص (612) .
3 رواه البخاري / الصحيح 4/30،31، مسلم / الصحيح / شرح النووي 14/44-48، بالجزء الذي فيه النهي عن لبس الحرير فقط، وأما لفظ الأثر كاملاً فقد رواه أحمد / المسند 1/15/16، وإسناده صحيح.
4 تقدمت ترجمته في ص (442) .
5 الديباج: الثياب المتخذة من الإبريسم. ابن منظور / لسان العرب 4/278، والإبريسم: أحسن الحرير. المعجم الوسيط 1/2.(2/1027)
يمانية، ثم أتيناه فلما رآنا قال: مرحباً بالمهاجرين إن الله عز وجل لم يرض الحرير والديباج لمن كان قبلكم فيرضاه لكم1.
2- النهي عن لبس ما يدخل فيه جلود الميتة:
فقد كتب عمر رضي الله عنه إلى عماله: بلغني أنكم في أرض يخالط طعامها الميتة، ولباسها الميتة، فلا تأكلوا إلا ما كان ذكياً ولا تلبسوا إلا ما كان ذكياً2.
ورأى عمر رضي الله عنه رجلاً عليه قلنسوة بطانتها جلود الثعالب، فألقاها عن رأسه، وقال: وما يدريك لعله ليس بذكي3.
وقد حرص عمر رضي الله عنه أن تكون الألبسة على هيئة شرعية، فنهى رضي الله عنه عن إسبال الإزار للرجال.
أى رضي الله عنه على عتبة بن فرقد قميصاً طويل الكم، فدعا بشفرة ليقطعه من أطراف أصابعه، فقال عتبة: يا أمير المؤمنين، إني أستحي
____________________
1 رواه الجعد / المسند 1/426،427، ابن أبي شيبة / المصنف 6/425، البلاذري / أنساب الأشراف ص 275، صحيح من طريق الجعد.
قال: أنا شعبة أنا عبد الله بن أبي الفسر، قال: سمعت الشعبي يحدث عن سويد ابن غفلة، قال: كنا غزاة ...
2 صحيح تقدم تخريجه في ص: (1019) .
3 رواه الطحاوي / مشكل الآثار 4/265. صحيح.
قال: حدّثنا يوسف بن يزيد، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا هشيم، قال: ثنا يونس عن ابن سيرين عن أنس بن مالك أن عمر.. الأثر.(2/1028)
أن تقطع كمي أنا أقطعه، فتركه1.
ودخل شاب على عمر رضي الله عنه حينما طعن، فجعل يثني على عمر رضي الله عنه، فرأى عمر رضي الله عنه عليه إزاراً يمس الأرض، فقال له: يابن أخي ارفع إزارك، فإنه أتقى لربك، وأبقى لثوابك2.
ونهى عمر رضي الله عنه عن لبس النساء ما يصف بشرتهن، قال رضي الله عنه: لا تلبسوا نساءكم القباطي3، فإنه لا يشف يصف4.
____________________
1 رواه ابن أبي شيبة / المصنف 5/169، ابن سعد / الطبقات 6/41، أحمد / الزهد ص 154، صحيح من طريق أحمد.
قال: حدّثنا يزيد حدّثنا حماد بن سلمة عن الجريري عن أبي عثمان النهدي أن عمر.
2 رواه البخاري / الصحيح 2/297،298، ابن أبي شيبة / المصنف 5/166، وإسناد ابن أبي شيبة صحيح.
قال: حدّثنا غندر عن شبعة عن عمرو بن مرة عن إبراهيم عن ابن مسعود، قال: دخل شاب ... الأثر. ولفظه: (وأنقى لثوابك) .
3 القباطي: ثياب من كتان، بيض رقاق، كانت تنسج بمصر. المعجم الوسيط 2/711.
4 رواه عبد الرزاق / المصنف 7/51، ابن أبي شيبة / المصنف 5/164، البيهقي / السنن الكبرى 2/234،235.
وفي إسناده عند عبد الرزاق الأعمش وهو مدلس، ولم يصرح بالسماع، وهو منقطع من رواية سليمان بن مسهر عن عمر رضي الله عنه وهو ثقة من الرابعة.
وفيه عند ابن أبي شيبة انقطاع فهو من رواية أبي صالح السمان عن عمر رضي الله عنه، وهو ثقة من الثالثة، وبقية رجاله ثقات.
وفيه عند البيهقي انقطاع أيضاً، فهو من رواية عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، عن عمر رضي الله عنه، وهو ثقة من الثالثة، وبقية رجاله ثقات، فالأثر يرتقي بمجموع طرقه لدرجة الحسن لغيره.(2/1029)
وحث عمر رضي الله عنه على الزهد في اللباس، وترك زيادة الترف والنعم، وحث على لبس ما ألفه المسلمون، قال رضي الله عنه: اتزروا وارتدوا، وانتعلوا، وألقوا الخفاف، والسراويلات، وذروا التنعم وزي العجم1.
ولم يرد بذلك رضي الله عنه ترك التمتع بما أباح الله عز وجل، وحرمان النفس والتضييق عليها، بل إنه رضي الله عنه حث على إظهار
____________________
1 رواه عبد الرزاق / المصنف 1/84،85، ابن أبي شيبة / المصنف 5/171، أحمد / المسند 1/43، البلاذري / أنساب الأشراف ص 275، ابن أبي عاصم / الآحاد والمثاني 3/194، أبو يعلى / المسند 1/189، صحيح من طريقي أحمد وأبي يعلى.
قال أحمد: ثنا يزيد ثنا عاصم عن أبي عثمان النهدي أن عمر بن الخطاب ... الأثر.(2/1030)
النعمة والتوسيع على النفس، والتجمل بما أباح الله من اللباس، قال رضي الله عنه، إذا وسع الله عليكم، فأوسعوا، جمع رجل عليه ثيابه، صلى رجل في إزار ورداء وقميص في إزار، وقباء1 في تبان2، في تبان وقميص3.
المسألة الثالثة: الاهتمام بالمساكن:
حث عمر رضي الله عنه على الاهتمام بالمساكن وإصلاحها، والمحافظة على مرافقها حتى تبقى صالحة للعيش، والإقامة فيها، قال رضي الله عنه: أصلحوا مثاويكم4.
ولكنه رضي الله عنه نهى رعيته عن الإفراط في الاهتمام بالمنازل وتزيينها بما يصل لحد المباهاة والسرف والبذخ، وعاقب رضي الله عنه من فعل ذلك.
بلغه رضي الله عنه أن ابناً له ستر جدران منزله، وجللها زيادة في تزيينها وتجميلها، فقال رضي الله عنه: لئن كان ذلك لأحرقن بيته5.
____________________
1 القّبَاء: ثوب يلبس فوق الثياب أو القميص. المعجم الوسيط 2/713.
2 التبان: سراويل قصيرة إلى الركبة، أو ما فوقها، تستر العورة. المصدر السابق 1/82.
3 رواه البخاري / الصحيح 1/76،77، مالك / الموطأ 2/81،82، وغيرهما.
4 حسن لغيره، تقدم الكلام عليه في ص: (1016) . وهو جزء من الأثر "فرقوا عن المنية ... ".
5 رواه ابن أبي شيبة / المصنف 5/204، صحيح. قال: حدّثنا يعلى بن عبيد عن فضيل بن غزوان عن نافع عن ابن عمر، قال: بلغ عمر ... الأثر.(2/1031)
وروي عن عمر رضي الله عنه كراهيته لرفع بناء المساكن.
روي أن أهل الكوفة بعثوا إلى عمر رضي الله عنه يستأذنونه في البناء باللبن، فقال عمر: افعلوا، ولا يزيدن أحدكم عن ثلاثة أبيات، ولا تطاولوا في البنيان، والزموا السنة، تلزمكم السنة، وكتب ألا يرفعوا بنياناً فوق القدر، قالوا: وما القدر؟ قال: ما لا يقربكم من السرف، ولا يخرجكم من القصد1.
وروي أنه قال: لا تطيلوا بيوتكم، فإنه من شر أعمالكم2.
وروي أن الناس استأذنوا عمر في البناء بالمدر، فكتب: إني كنت أكره لهم البناء، فأما إذا فعلوه فليقلوا السمك3، ويعرضوا الجدر، ويقاربوا بين الخشب في السقوف4.
____________________
1 رواه الطبري / التاريخ 2/479، وفي إسناده شعيب بن إبراهيم فيه جهالة. ميزان الاعتدال 2/275، وفيه سيف بن عمر التميمي، ضعيف. تق 362.
2 رواه ابن سعد /الطبقات 8/486، البخاري / الأدب المفرد ص 161، البلاذري / أنساب الأشراف ص 348،349، ومداره على عبد الله الرومي لم أعرفه، يروي عن أم طلق، قال ابن حجر: لا يعرف حالها. تق 757، فالأثر ضعيف، وقد ضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الأدب المفرد ص 50.
3 السَّمْكُ: هو من أعلى البيت إلى أسفله. ابن منظور / لسان العرب 6/369.
4 رواه البلاذري / أنساب الأشراف ص 209،210، وفي إسناده مسلمة بن محارب الزيادي، ذكر ابن أبي حاتم، ولم يذكره فيه جرحاً ولا تعديلاً. الجرح والتعديل 8/266، وفيه بشير بن عبد الله بن أبي بكرة لم أجد له ترجمة.(2/1032)
المسألة الرابعة: الاهتمام بالصحة:
إن من اهتمام عمر رضي الله عنه برعيته، اهتمامه بصحتهم، وحرصه على خلوهم من الأمراض استبقاءً لهم وحرصاً على سلامة المجتمع المسلم وتمتع أفراده بالعافية التي يستطيعون معها القيام بواجباتهم، وما أراد الله منهم من العبادات، والقيام بنشر دين الله بالدعوة إلى الله، والجهاد في سبيله.
ومن الآثار الدالة على اهتمام عمر رضي الله عنه بصحة رعيته وعافيتهم وحمايتهم من انتشار الأوبئة والأمراض فيهم، وتعريضهم للهلكة، موقفه رضي الله عنه من الإقدام بجند المسلمين على طاعون عمواس الذي وقع بالشام، فإنه رضي الله عنه لما بلغ سرغ لقيه أمراء أجناد المسلمين بالشام، أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه بوقوع وباء الطاعون، فاستشار عمر رضي الله عنه أصحابه فاختلفوا، ثم أشار عليه مهاجرة الفتح بالرجوع، فمال عمر رضي الله عنه إلى قولهم، وتجهز للرجوع، ثم جاء عبد الرحمن بن عوف وشهد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا فراراً منه "، فحمد الله عمر ثم انصرف1.
____________________
1 صحيح، تقدم الكلام عليه وتخريجه في ص (610،611) .(2/1033)
ومن عناية عمر رضي الله عنه برعيته إرشاده المرضى لما فيه شفاؤهم بإذن الله إن كان عنده علم من ذلك.
جاء رجل إليه رضي الله عنه يشتكي داء النقرس1، فقال له عمر رضي الله عنه: كَذَبَتْك الظهائر2، فبرئ في العام المقبل، وما يشتكي شيئاً3.
وروي أن عمر رضي الله عنه رأى رجلاً بيده جرحاً فقال: بطه4 ولو بعظم5.
وروي أن رجلاً أتى عمر رضي الله عنه وهو ينهج6،قد ركبه
____________________
1 النَقْرِس: مرض مؤلم يحدث في مفاصل القدم، وفي إبهامها أكثر، وهو ما كان يسمى داء الملوك، المعجم الوسيط 2/946.
2 الذي في نص الرواية: كذبتك الطهايين، والذي في لسان العرب: كذبتك الظهائر أي عليك بالمشي في الظهائر، وهي جمع ظهيرة، وهي شدة الحر. ابن منظور /لسان العرب 12/54،55.
3 رواه الخلال / السنة ص 316، صحيح. قال عن مسعر عن بيان بن بشر عن قيس بن أبي حازم، قال: رأى عمر.
4 البَطُّ: شق الدمل والخراج ونحوهما.
5 رواه البلاذري / أنساب الأشراف ص 291، وفي إسناده محمد بن الخطاب ابن جبر الثقفي. قال أبو حاتم: لا أعرفه، وقال الأزدي: منكر الحديث. ميزان الاعتدال 3/537، وفيه انقطاع من رواية بكر بن عبد الله المزني عن عمر رضي الله عنه، وهو ثقة من الثالثة، فالأثر ضعيف.
6 يَنْهَج: يربو من السِمَن ويلهث. ابن منظور / لسان العرب 14/301.(2/1034)
اللحم، فقال عمر: ما هذا؟ قال: بركة الله يا أمير المؤمنين، فقال: كذبت، بل هو عذاب الله1.
وكان رضي الله عنه ربما استدعى الأطباء لمعاينة المرض للذين اشتد مرضهم وتأخر برؤهم، حرصاً منه رضي الله عنه على شفائهم واستردادهم عافيتهم.
كان معيقب الدوسي2 رضي الله عنه مصاباً بمرض الجذام3، فكان عمر رضي الله عنه يطلب له الطب من كل من سمع له بطب، حتى قدم عليه رجلان من أهل اليمن، فقال: هل عندكما من طب لهذا الرجل الصالح؟ فإن هذا الوجع قد أسرع فيه، فقالا: أما شيء يذهبه فإنا لا نقدر عليه، ولكنا سنداويه دواء يقفه فلا يزيد، قال عمر: عاقبة عظيمة أن يقف فلا يزيد، فقالا له: هل تنبت أرضك الحنظل؟ قال: نعم، قالا: فاجمع لنا منه، فأمر من جمع لهما منه مكتلين عظيمين، فعمدا إلى كل حنظلة فشقاها بثنتين، ثم أضجعا معيقباً، ثم أخد كل رجل منهما بإحدى قدميه ثم جعلا يدلكان بطون قدميه بالحنظلة، حتى إذا أمحقت أخذا أخرى، قال
____________________
1 رواه أحمد / الزهد ص 477، ابن الأعرابي / المعجم 2/45، ومداره على الحسن البصري روايته عن عمر رضي الله عنه منقطعة، وبقية رجاله عند أحمد ثقات، فالأثر ضعيف.
2 معيقب بن أبي فاطمة الدوسي، من السابقين الأولين، هاجر الهجرتين، وشهد أحداً والمشاهد، وولي بيت المال لعمر رضي الله عنهما. تق 542.
3 الجُذام: علة تتآكل منها الأعضاء، وتتساقط. المعجم الوسيط 1/73.(2/1035)
الراوي: حتى رأينا معيقباً يتنخم أخضر مراً، ثم أرسلاه، فقالا لعمر: لا يزيد وجعه بعد هذا أبداً.
قال عبد الله بن جعفر1 رضي الله عنه: فوالله ما زال معيقب متماسكاً لا يزيد وجعه حتى مات2.
وروي عن أسلم مولى عمر رضي الله عنه أنه قال: مرضت زمان عمر مرضاً شديداً، فدعا لي الطبيب، فحماني حتى كنت أمص النواة3.
وكان عمر رضي الله عنه يرشد بعض المرضى إلى ترك العلاج
____________________
1 عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي، أحد الأجواد، ولد بأرض الحبشة، وله صحبة. تق: 298.
2 رواه ابن سعد /الطبقات 4/117-118. ابن عبد البر / التمهيد 1/52-54، وسنده عند ابن سعد متصل ورجاله ثقات سوى محمد بن إسحاق فهو صدوق ومدار الأثر عليه فالأثر حسن.
قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد، قال: أمَّرني يحيى بن الحكم على جُرش فقدمتها فحدّثوني أن عبد الله بن جعفر، فقلت: يا أبا جعفر: ما حديث حدّثني به عنك أهل جرش؟ قال: فقال: كذبوا، والله ما حدّثتم هذا ولقد رأيت عمر يؤتى بالإناء فيه الماء فيعطيه معيبقباً ... الأثر.
3 رواه الحاكم / المستدرك 4/207،208، وسنده متصل ورجاله ثقات سوى مسلم بن خالد الزنجي، فهو صدوق كثير الخطأ والأوهام. تق 529. فالأثر ضعيف.(2/1036)
والصبر على المرض إن كان المرض لا خطر فيه، ويزول من غير علاج، وكان العلاج يترتب عليه بعض الضرر.
فقد جاء رجل إلى عمر رضي الله عنه يشتكي من ذات الجنب، قد دعي له رجل يكويه، فأبى إلا أن يأذن له عمر رضي الله عنه، فأخبر عمر رضي الله عنه فقال عمر رضي الله عنه: لا تقربن النار، فإن له أجلاً لن يعدوه، ولن يقصر عنه1.
ولعل من اهتمام عمر رضي الله عنه بصحة رعيته وقوتهم ونشاطهم حثه لهم على إعطاء أنفسهم حقاً من الراحة والنوم بعد عناء العمل، والكدح في طلب الرزق.
فقد كان رضي الله عنه يحث رعيته على النوم بعد العشاء، وعدم السمر والحديث بعد صلاة العشاء لأن
في السمر بعدها مضار كبيرة، ومن أكبرها النوم عن صلاة الفجر وبالأحرى عدم قيام الليل، ومنها عدم
____________________
1 رواه ابن أبي شيبة / المصنف 5/53، وسنده متصل ورجاله ما بين ثقة وصدوق، وعمرو بن علقمة بن وقاص ذكره ابن حبان في الثقات 5/174، وقال الذهبي: وثق، الكاشف 2/84، وقال ابن حجر: مقبول. تق 424، وقال المعلق على الكاشف للذهبي: صحح له الترمذي حديثه، وكذا ابن حبان، وصحح له ابن خزيمة حديثاً آخر، فلا أقل من أنه صدوق، فالأثر حسن.(2/1037)
القدرة على الاستيقاظ المبكر، للعمل وطلب الرزق، والسعي في الأرض، وغير ذلك من المضار.
قال سليمان بن ربيعة الباهلي1 رحمه الله: كان عمر يتجدب2 لنا السمر بعد العتمة3.
وكان رضي الله عنه ينُشّ4 الناس بعد العشاء بالدرة، ويقول: انصرفوا إلى بيوتكم5.
____________________
1 تقدمت ترجمته في ص 767.
2 جدب الشيء: عابه، وذمه. ابن منظور / لسان العرب 2/196.
3 العتمة: ثلث الليل الأول، بعد غيبوبة الشفق. المصدر السابق 9/41.
رواه عبد الرزاق / المصنف 1/562، ابن أبي شيبة / المصنف 2/78،79، صحيح من طريقهما.
قال عبد الرزاق عن يحيى بن العلاء عن الأعمش عن أبي وائل، قال: طلبت حذيفة ... الأثر.
وقال ابن أبي شيبة: حدّثنا عبد ة عن الأعمش عن شقيق عن سليمان بن ربيعة، قال: كان عمر ... الأثر.
4 يَنُشُّ: أي يسوق، والنش: السوق برفق. ابن منظور / لسان العرب 14/144.
5 رواه أبو عبيد / غريب الحديث 2/59، صحيح.
قال: حدّثنيه حجاج عن شعبة عن قتادة عن أبي رافع عن عمر أنه كان ... الأثر.(2/1038)
وكان عمر رضي الله عنه يحذر الناس من النوم قبل العشاء وذلك خشية النوم عن صلاة العشاء.
كتب رضي الله عنه إلى رعيته وعماله: أن لا ينام قبل صلاة العشاء فمن نام، فلا نامت عينه1.
ومن ساعات النوم الهامة والمفيدة لراحة البدن، واسترداده نشاطه النوم بعد الظهر، أو القيلولة، فكان عمر رضي الله عنه يرغب رعيته فيها.
قال السائب بن يزيد2 رضي الله عنه: ربما قعد على باب ابن مسعود رضي الله عنه رجال من قريش، فإذا فاء الفيء3، قال عمر رضي الله عنه: قوموا فما بقي فهو للشيطان، ثم لا يمر بأحد إلا أقامه.
وقال: كان عمر رضي الله عنه يمر بنا نصف النهار، أو قريباً منه، فيقول: قوموا، فقيلوا فما بقي للشيطان4.
____________________
1 رواه عبد الرزاق / المصنف 1/563، ابن أبي شيبة / المصنف 2/120، صحيح من طريق ابن أبي شيبة.
قال: حدّثنا الثقفي عن أيوب عن نافع عن أسلم، قال: كتب عمر ... الأثر.
2 تقدمت ترجمته في ص 278.
3 الفيء: ما بعد الزوال من الظل. ابن منظور / لسان العرب 10/360.
4 رواه والذي قبله البخاري / الأدب المفرد ص 424، وسنده متصل ورجاله ثقات سوى سعيد بن عبد الرحمن بن جحش، فهو صدوق، فالأثران في درجة الحسن.(2/1039)
ومما رأيت إلحاقه بمسألة الاهتمام بالصحة لعلاقته بالمرض والوفاة حث عمر رضي الله عنه من أصيب بوفاة قريب أو عزيز عليه بالصبر واحتساب الأجر على الله، وعدم الجزع والنياحة على الميت.
قال ابن عمر رضي الله عنهما: كان عمر يضرب فيه أي البكاء على الميت برفع الصوت والنوح عليه بالعصا ويرمي بالحجارة ويحثي التراب1.
وأذن عمر رضي الله عنه لأهل الميت بإظهار الحزن عليه والبكاء على فراقه من غير رفع الأصوات لأن ذلك من طبيعة البشر التي لا يستطيعون دفعها.
فلما توفي خالد بن الوليد رضي الله عنه مر عمر رضي الله عنه بنسوة من بني المغيرة، وهن يبكين خالد بن الوليد في داره، فقال رضي الله عنه: ما عليهن أن يهرقن دموعهن على أبي سليمان ما لم يكن نقعاً2 أو لقلقة3.
____________________
1 رواه البخاري / الصحيح 1/227،228.
2 النَّقْع: رفع الصوت، ونقع الصارخ بصوته تابعه وأدامه، وقيل المراد بالنقع في الأثر: أصوات الخدود إذا ضربت، وقيل هو: وضع رؤوسهن في النقع، وهو الغبار، وقيل النقع: شق الجيوب. ابن منظور / لسان العرب 14/267.
3 اللَّقْلَقة: الجلبة كأنها حكاية الأصوات إذا كثرت، فكأنه أراد الصياح والجلبة عند الموت. المصدر السابق 12/315.
رواه البخاري / الصحيح 1/224، البخاري / التاريخ الصغير 1/71، الحاكم / المستدرك 3/297، البيهقي / السنن الكبرى 4/71، وهو عند البخاري معلقاً بصيغة الجزم، وإسناده في التاريخ الصغير صحيح، وليس فيه قوله: ما لم يكن نقعاً ولا لقلقة، ورجال إسناده عند الحاكم(2/1040)
__________
ثقات سوى شيخ الحاكم محمد بن علي الصنعاني لم أجد له ترجمة، وإسناده عند البيهقي متصل ورجاله ثقات، وشيخه أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني، قال الذهبي فيه: الإمام المحدث الصالح، سير أعلام النبلاء 17/239.
وأشار الحافظ ابن حجر رحمه الله في تغليق التعليق 2/466، 467 إلى رواية أبي عبيد له في غريب الحديث، ولم أقف عليه في المطبوع، وأشار رحمه الله إلى رواية ابن سعد له فقال: قال ابن سعد: أنا وكيع بن الجراح، وأبو معاوية الضرير، وعبد الله بن نمير، قالوا: ثنا الأعمش عن شقيق، قال: لما مات خالد ابن الوليد اجتمع نسوة ... الأثر باللفظ الذي في المتن، وهذا الإسناد متصل، ورجاله ثقات. فالأثر صحيح.(2/1041)
المبحث الخامس: معاملة العبيد والإماء وأهل الذمة.
المطلب الأول: معاملة العبيد والإماء
...
المطلب الأول: معاملة العبيد والإماء، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: معاملة العبيد:
لقد حض الإسلام على العناية بالعبيد، وإعطائهم حقوقهم، والتعامل معهم باعتبارهم أناساً أسوياء يتمتعون بكامل الحقوق الإنسانية، وأن ما وقع عليهم من الرق، والعبودية أمر طارئ، قد يقع على غيرهم من البشر.
قال صلى الله عليه وسلم: في العبيد:"إخوانكم خولكم1، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم"2.
وعمر رضي الله عنه أولى العبيد العناية والرعاية والرحمة والشفقة، وأعطاهم حقوقهم، ورد عليهم ظلامتهم، وتمثل اهتمامه رضي الله عنه بهم في عدة أمور هي:
أولاً: العناية بالعبيد ومواساتهم، وإعطاؤهم حقوقهم.
قال أبو هريرة رضي الله عنه: كان عمر رضي الله عنه إذا مر بالعبد قال: يا فلان، أبشر بالأجر مرتين3.
____________________
1 خولكم: من التخويل، وهو التمليك. ابن منظور / لسان العرب 4/251.
2 رواه البخاري / الصحيح 1/15.
3 رواه البيهقي / السنن الكبرى 8/12،13، وسنده متصل ورجاله ثقات، سوى شيخ البيهقي أبي الحسين بن بشران، فهو صدوق. سير أعلام النبلاء 17/161. فالأثر حسن.(2/1045)
وقال أبو محذورة رضي الله عنه: كنت جالساً عند عمر رضي الله عنه، إذ جاء صفوان بن أمية بجفنة يحملها نفر في عباءة، فوضعها بين يدي عمر، فدعا عمر ناساً مساكين، وأرقاء من أرقاء الناس حوله، فأكلوا معه ثم قال عند ذلك: فعل الله بقوم، أو قال لحا الله1 قوماً يرغبون عن أرقائهم أن يأكلوا معهم، فقال صفوان: أما والله ما نرغب عنهم، ولكن نستأثر عليهم، لا نجد والله من الطعام الطيب ما نأكل ونطعمهم2.
وروي عن أبي رافع الصائغ رحمه الله أنه قال: مر بي عمر رضي الله عنه وأنا أصوغ، وأقرأ القرآن، فقال: يا أبا رافع، لأنت خير من عمر تؤدي حق الله، وحق مواليك3.
ومن الآثار الدالة على إنصاف عمر رضي الله عنه الرقيق، وإعطائهم حقوقهم والعناية بهم، أن رقيقاً لعبد الرحمن بن حاطب4
____________________
1 لحاه الله لحْياً أي قبحه ولعنه. ابن منظور / لسان العرب 12/258.
2 رواه البخاري / الأدب المفرد ص 80 ورجال إسناده ثقات سوى شيخ البخاري بشر بن محمد السختياني، صدوق. فالأثر حسن وقد صححه الشيخ الألباني في صحيح الأدب المفرد ص 93.
3 رواه البيهقي / شعب الإيمان / زغلول 6/386، وفي إسناده شيخ البيهقي أبو نصر بن قتادة لم أجد له ترجمة وفيه عبد الكريم بن أبي المخارق، ضعيف. تق 361، وبقية رجاله ثقات. فالأثر ضعيف.
4 عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة له رؤية، وعدوه من كبار ثقات التابعين. تق 338.(2/1046)
انتحروا ناقة رجل من مزينة، فأمر عمر رضي الله عنه أن تقطع أيديهم، ثم أرسل فردهم، ثم قال لعبد الرحمن: أما والله لولا أني أظن أنكم تستعملونهم، وتجيعونهم حتى لو أن أحدهم يجد ما حرم الله لأكله لقطعت أيديهم، ولكن الله إذ تركتهم لأغرمنك غرامة توجعك، ثم قال للمزني: كم ثمنها؟ قال: كنت أمنعها من أربعمائة، فقال عمر رضي الله عنه لعبد الرحمن: أعطه ثمانمائة1.
وروي أن رجلاً أمر غلاماً له أن يسنو على بعير له، فنام الغلام، فجاء بشعلة من نار، فألقاه في وجهه، فتردى الغلام في بئر، فلما أصبح أتى عمر رضي الله عنه، فرأى الذي في وجهه فأعتقه2.
____________________
1 رواه مالك / الموطأ 2/470، عبد الرزاق / المصنف 10/238،239، البيهقي / السنن الكبرى 8/278. صحيح من طريق عبد الرزاق.
قال: عن ابن جريج، قال: حدّثني هشام بن عروة عن عروة أن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أخبره عن أبيه، قال: توفي حاطب ... الأثر.
2 رواه البخاري / الأدب المفرد ص 68، من طريقين في الأول علي بن زيد بن جدعان، ضعيف وهو من رواية سعيد بن المسيب عن عمر رضي الله عنه، وقد اختلف في سماعه منه.
والثاني رجاله ثقات، ولكنه منقطع من رواية الحسن البصري عن عمر رضي الله عنه. فالأثر ضعيف.(2/1047)
وقال محمد بن سيرين رحمه الله: كان عمر رضي الله عنه يعدي المملوك على سيده إذا استعداه1.
وروي أن عمر رضي الله عنه كان يذهب إلى العوالي2 كل سبت، فإذا وجد عبد اً في عمل لا يطيقه وضع عنه3.
وممن أولاهم عمر رضي الله عنه رعايته وعنايته اللقطاء ومن لا يعرف لهم أب، فقد جاء أبو جميلة4 رضي الله عنه إلى عمر رضي الله عنه بمنبوذ وجده، فاتهمه عمر رضي الله عنه، ثم سأله عنه، فأثنى عليه خيراً، فقال عمر رضي الله عنه: هو حر، وولاؤه لك، ونفقته من بيت المال5.
ثانياً: الحث على إعتاق العبيد المسلمين، وفك رقابهم.
وعمل عمر رضي الله عنه على فك رقاب العبيد، وإزالة الرق
____________________
1 رواه ابن أبي شيبة / المصنف 5/467. صحيح إلى ابن سيرين، وروايته عن عمر منقطعة.
2 تقدم التعريف بها في ص: 259.
3 رواه مالك / الموطأ 2/160 بلاغاً. فالأثر ضعيف.
4 سنين أبو جميلة السُلمي، صحابي صغير. تق 257.
5 رواه عبد الرزاق / المصنف 7/449،450،452،9/14، ابن أبي شيبة / المصنف 6/295، صحيح من طريق عبد الرزاق.
قال: عن معمر عن ابن شهاب، قال: حدّثني أبو جميلة أنه وجد ... الأثر.(2/1048)
عنهم والعبودية، وحث رضي الله عنه رعيته على ذلك، وشدد عليهم فيه.
قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أعتق عمر كل من صلى من سبي العرب، فبت عتقهم، وشرط عليهم أنكم تخدمون الخليفة بعدي ثلاث سنوات1.
وكاتب سيرين والد محمد بن سيرين رحمهم الله أنس بن مالك رضي الله عنه علىعشرين ألف درهم يدفعها إليه، فيعتقه، فأتى سيرين أنساً بالعشرين ألفاً كاملة، فأبى أنس أن يقبلها إلا منجمة، ومفرقة، فأتى سيرين عمر رضي الله عنه، فشكا إليه أنساً، فكتب عمر إلى أنس أن اقبلها من الرجل، فقبلها أنس، وعتق سيرين2.
____________________
1 رواه عبد الرزاق / المصنف 8/380،381، 9/167،168. صحيح.
قال: أخبرنا ابن جريج عن أيوب بن موسى، قال: أخبرني نافع عن عبد الله ابن عمر أن عمر ... الأثر.
2 رواه البخاري / الصحيح 2/85 معلقاً، عبد الرزاق / المصنف 8/371، 372. ابن سعد / الطبقات 7/119،120، البيهقي / السنن الكبرى 10/319، وفي إسناده عند عبد الرزاق إبهام بشيخ ابن جرير، حيث قال: أخبرني مخبر، وبقية رجاله ثقات، وفيه عند ابن سعد من طريق قتادة بن دعامة، مدلس من الثالثة، ولم يصرح بالسماع، وبقية رجاله ثقات، ورواه من طريق آخر متصل ورجاله ثقات سوى علي بن سويد بن منجوف، فهو صدوق. تق 402، فالأثر صحيح لغيره بطرقه.(2/1049)
وقال عمر رضي الله عنه: إذا أدى المكاتب إلا الشطر، لم يسترق1.
أي إذا أدى شطر ما كاتب عليه سيده فقد عتق.
ثالثاً: كراهية عمر رضي الله عنه لجلب العبيد، وخاصة من بقي منهم على الكفر.
كان عمر رضي الله عنه ينهى عن الإتيان بالعبيد البالغين إلى
____________________
1 رواه عبد الرزاق / المصنف 8/410، البيهقي / السنن الكبرى 10/325، ومداره على عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، صدوق اختلط، وهو عند البيهقي من رواية سفيان الثوري عن المسعودي، وقد سمع منه قبل الاختلاط، فالأثر حسن من طريق البيهقي.
قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي ببغداد، ثنا محمّد بن عبد الله بن إبراهيم، ثنا محمّد بن سليمان بن الحارث، ثنا قبيصة بن عقبة السوائي، ثنا سفيان عن عبد الرحمن المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن عن جابر بن سمرة عن عمر بن الخطاب، قال: إذا أدى المكاتب ... الأثر.
وسماع القاسم بن عبد الرحمن من جابر بن سمرة أثبته العلائي في جامع التحصيل ص: 252، 253. فقول البيهقي رحمه الله في نهاية الأثر: "القاسم لا يثبت سماعه من جابر" فيه نظر. والله أعلم.
ومسألة عتق المكاتب إذا أدى الشطر، اختلف فيها السلف. انظر ابن حجر / فتح الباري 5/195.(2/1050)
المدينة، خصوصاً من كان منهم مقيماً على كفره، وذلك لأن البالغ أقدر من الصبي الصغير على الاطلاع على أسرار المسلمين، وكشف عوراتهم، وعلى التخطيط للنيل من الإسلام والمسلمين.
قال ابن عمر رضي الله عنهما: كان عمر رضي الله عنه، يكتب إلى أمراء الجيش: لا تجلبوا علينا من العلوج أحداً جرت عليه المواسي، فلما طعنه أبو لؤلؤة، قال: من هذا؟ قالوا: غلام المغيرة بن شعبة، قال: ألم أقل لكم لا تجلبوا علينا من العلوج1 أحداً؟ فغلبتموني2.
____________________
1 العِلْج: الرجل من كفار العجم. ابن منظور / لسان العرب 9/349.
2 رواه ابن سعد / الطبقات 3/349،350، البلاذري / أنساب الأشراف ص 273. صحيح عندهما.
قال ابن سعد: أخبرنا الفضل بن دكين، أخبرنا العُمري عن نافع عن ابن عمر عن عمر أنه كان ... الأثر.
والعمري، هو: عبيد الله بن عمر العمري، وهو ثقة تق: 373.
وليس هو عبد الله بن عمر العمري. وهو ضعيف تق: 314. حيث ورد هذا المتن عند ابن سعد بسند آخر قال: أخبرنا أحمد بن محمّد الأزرقي المكي، قال: أخبرنا مسلم بن خالد، قال: حدّثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن أسلم.
وقال البلاذري: المدائني عن حماد بن سلمة عن أيوب وعبد الله بن عمرو عن نافع عن ابن عمر.
وهو عند البلاذري بلفظ: لقد كنت أنهى أن تجلبوا إلينا منهم أحداً، ثم قال: الحمدلله الذي لم أخاصم في دمي أحداً من المسلمين.(2/1051)
المسألة الثانية: معاملة الإماء.
واهتم عمر رضي الله عنه بالإماء كاهتمامه بالعبيد، وأحسن إليهن وأعطاهن حقوقهن، ومما قضى به عمر رضي الله عنه، والذي يظهر رأفته ورحمنه، وعنايته بالإماء، عتق أمهات الأولاد بموت ساداتهن وألا يوهبن ولا يبعن.
قال ابن عمر رضي الله عنهما: قضى عمر في أمهات الأولاد1 أن لا يبعن ولا يوهبن، ولا يورثن، يستمتع بها صاحبها ما كان حياًّ، فإذا مات عتقت2.
وجاء عن عمر رضي الله عنه ما يدل على أن هذا العتق إنما تناله العفيفات المسلمات من أمهات الأولاد.
____________________
1 أم الولد: الأمة التي حملت من سيدها، وأتت بولد. معجم لغة الفقهاء ص 88.
2 رواه عبد الرزاق / المصنف 7/292، ابن حبان / الصحيح 7/265، الدارقطني / السنن 4/134، 196، الحاكم / المستدرك 2/458، البيهقي / السنن الكبرى 10/342،343. صحيح من طريق عبد الرزاق.
قال: عن عبيد الله وعبد الله ابني عمر عن نافع عن أبي عمر، قال: قضى ... الأثر.(2/1052)
قال عمر رضي الله عنه: إن أحصنت وأسلمت عتقت، وإن هي فجرت وكفرت وزنت رقت1.
ومن عناية عمر رضي الله عنه بالإماء وإنصافهن ممن ظلمهن من أسيادهن، أن أمة جاءت إليه تشكو سيدها بأنه عذبها، فأقعدها على الجمر حتى احترقت مقعدتها، فأرسل عمر إلى سيدها، فأوجعه ضرباً، وأعتق الأَمة2.
ومن الأمور التي لاحظها عمر رضي الله عنه في الإماء هو عدم تشبههن بالحرائر، فكان يعاقب من يفعل ذلك من الإماء، لأن ذلك قد
____________________
1 رواه ابن أبي شيبة / المصنف 4/411، ورجاله ثقات، ومالك بن عامر الهمداني الراوي عن عمر رضي الله عنه، قال عنه ابن معين: كوفي ثقة. ابن أبي حاتم / الجرح والتعديل 8/213. فالأثر صحيح.
2 رواه عبد الرزاق / المصنف 9/438، الخرائطي/ مساوئ الأخلاق ص 286،321، الطبراني / مجمع البحرين للهيثمي 4/288،289، الحاكم / المستدرك 8/36، ورجال إسناده عند عبد الرزاق ثقات، ولكنه منقطع من رواية أبي قلابة الجرمي عن عمر رضي الله عنه، وهو ثقة من الثالثة. تق 304.
ورجال إسناده عند الخرائطي ما بين ثقة وصدوق سوى شيخ أبي الزبير، فهو مبهم حيث قال عن شيخ من أهل مكة أنه أبصر عمر ... الأثر.
وفيه عند الطبراني والحاكم عمر بن عيسى القرشي الأسدي، قال البخاري: منكر الحديث. ميزان الاعتدال 30/216. فالأثر يرتقي بطريقيه عند عبد الرزاق والخرائطي لدرجة الحسن لغيره.(2/1053)
يوقع في الغرر والخداع بحيث تظن الأمة حرة، فتعامل معاملتها في الأحكام الشرعية، فكان رضي الله عنه ينهى الإماء أن يلبسن لبس الحرائر من الحجاب وغيره1.
__________
1 ورواه عبد الرزاق / المصنف 3/135، البيهقي / السنن الكبرى 2/226، 227، وهو عند عبد الرزاق من ثلاث طرق، الأولى رجالها ثقات، وفيها عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج مدلس من الثالثة، ولم يصرح بالسماع، ولفظها: أن عمر رأى أمة لابنه عبد الرحمن خرجت من عند ابنته حفصة، فعاقبها، ونهاها عن أن تلبسها لبس الحرائر، والثانية رجالها ثقات، وهي منقطعة من رواية عطاء بن أبي رباح عن عمر رضي الله عنه، وهو ثقة من الثالثة، ولفظها: أن عمر رضي الله عنه كان ينهى الإماء عن الجلابيب أن يتشبهن بالحرائر، وأما الطريق الثالث فرجاله ثقات، وفيه قتادة بن دعامة مدلس من الثالثة، لم يصرح بالسماع من أنس بن مالك رضي الله عنه، ولفظه: أن عمر رضي الله عنه ضرب أمة لآل أنس رآها متقنعة، فقال: إكشفي رأسك، لا تشبهين بالحرائر.
فهذه الطرق الثلاثة يرتقي ما فيها من نهي عمر رضي الله عنه الإماء عن أن يلبسن لبس الحرائر لدرجة الحسن لغيره، وإسناده عند البيهقي متصل ورجاله ما بين ثقة وصدوق. فالأثر يرتقي لدرجة الصحيح لغيره بمجموع طرقه، سوى ما فيه من ذكر الضرب فهو ضعيف.(2/1054)
المطلب الثاني: معاملة أهل الذمة1، وفيه ثلاثة مسائل:
المسألة الأولى: عناية عمر رضي الله عنه، واهتمامه بأهل الذمة.
يعتبر أهل الذمة من رعايا الدولة الإسلامية، وفئة من فئاتها، إذ أنهم يعيشون على أراضيها، وينعمون بحمايتها، مقابل جزية يدفعونها، لأنهم ليسو من المسلمين، ولكن لهم ذمة وعهداً، وقد حرص عمر رضي الله عنه على العناية بأهل الذمة وحمايتهم، وإعطائهم حقوقهم التي كفلتها لهم شريعة الإسلام، وعدم تكليفهم بما لا يطيقون والرأفة بهم.
بعث عمر رضي الله عنه حذيفة بن اليمان، وعثمان بن حنيف2 لجباية الخراج، ومسح أرض السواد، وقال لهما محذراً من تكليف أهل الذمة ما لا يطيقونه من الخراج: تخافا أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق. فقال عثمان: لو شئت لأضعفت، وقال حذيفة: لقد حملت الأرض أمراً هي له مطيقة، وما فيها كبير فضل، فجعل عمر يقول: انظر ما لديكما أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق3.
____________________
1 الذّمة: العهد والأمان، والحرمة والحق، وسمي أهل الذمة لدخولهم في عهد المسلمين وأمانهم. ابن الأثير / النهاية في غريب الحديث 2/168.
2 تقدمت ترجمته في ص: (644) .
3 رواه ابن سعد / الطبقات 3/337. صحيح.
قال: أخبرنا محمّد بن الفضيل غزوان الضبي، أخبرنا حصين بن عبد الرحمن عن عمرو بن ميمون، قال: جئت فإذا عمر ... الأثر.(2/1055)
ومن رأفة عمر رضي الله عنه بأهل الذمة وعنايته بهم، ومعرفته لحوائجهم أن أذن لهم بدخول المدينة ثلاثة أيام يتسوقون بها، ويقضون حوائجهم ولا يقيمون فوق ثلاث1.
وقد أوصى رضي الله عنه عند وفاته مَنْ بعده بالعناية بأهل الذمة، وإعطائهم حقوقهم، والرأفة بهم.
قال رضي الله عنه: وأوصي الخليفة من بعدي بذمة الله، وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم أن يوفي لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم2، ولا يكلفوا فوق طاقتهم3.
ومما روي عن عمر رضي الله عنه في الرأفة بأهل الذمة أنه مر بباب قوم وعليه سائل يسأل، شيخ كبير، ضرير البصر، فضرب عضده من خلفه، وقال: من أي أهل الكتاب أنت؟ فقال: يهودي. قال: فما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: أسأل الجزية والحاجة والسن. فأخذ عمر رضي الله عنه بيده، وذهب به إلى منزله، فرضخ له بشيء من المنزل ثم أرسل إلى خازن
____________________
1 رواه مالك / الموطأ 2/63،64، عبد الرزاق / المصنف 6/51، أبو عوانة / المسند 4/164. صحيح من طريق مالك. قال: عن نافع عن أسلم مولى عمر ابن الخطاب أن عمر ... الأثر.
2 أي يقاتل عنهم ويدافع، كما بوب الإمام البخاري رحمه الله تعالى بقوله: باب يقاتل عن أهل الذمة. الصحيح 2/178.
3 صحيح. تقدم تخريجه في ص: 595.(2/1056)
بيت المال، فقال: انظر هذا وضرباءه، فوالله ما أنصفناه أن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم1.
المسألة الثانية: دعوة أهل الذمة للإسلام.
كان عمر رضي الله عنه يدعو أهل الذمة للإسلام، ويحرص على هدايتهم وإنقاذهم من النار رحمة بهم وشفقة عليهم، ومن الآثار في ذلك:
أن أسلم مولى عمر التمس وضوءاً لعمر رضي الله عنه، فلم يجده إلا عند نصرانية فاستوهبها، وجاء به إلى عمر رضي الله عنه، فأعجبه حسنه، فقال: من أين هذا؟ فقال له: من عند هذه النصرانية، فتوضأ عمر رضي الله عنه، ثم دخل عليها، فقال: أسلمي فكشفت عن رأسها كأنه ثغامة2 بيضاء، فقالت: أبعد هذه السن3؟!
____________________
1 رواه أبو يوسف / الخراج ص: 136، قال: حدّثني عمر بن نافع عن أبي بكر. ابن زنجويه / الأموال 1/162،163، ومداره على عمر بن نافع الثقفي، كوفي ضعيف من السادسة. تق 417، فقد نص المزي على أنه هو الراوي عن أبي بكر العبسي، وأما العدوي فهو ثقة. فالأثر ضعيف.
2 الثُّغامة: نبت أبيض الثمر، والزهر يُشّبه بياض الشيب به. ابن منظور / لسان العرب 2/105.
3 رواه عبد الرزاق / المصنف 1/78، الدراقطني / السنن 1/32، البيهقي / السنن الكبرى 1/32. صحيح من طريق عبد الرزاق.
قال: عن ابن عيينة عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه التمس لعمر رضي الله عنه وضوءً ... الأثر.(2/1057)
ومما روي في شفقة عمر رضي الله عنه على أهل الكتاب لكونهم ممن يعبد الله على ضلالة، وحزنه على مشقتهم في عبادتهم مع أن مصيرهم إلى النار.
روي أنه رضي الله عنه مر بدير راهب، فناداه: يا راهب، فأشرف عليه، فجعل عمر رضي الله عنه ينظر إليه ويبكي، فقيل له: يا أمير المؤمنين، ما يبكيك، من هذا؟ قال: ذكرت قول الله عز وجل: {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً تُسْقَى مِنْ عَيْنٍءَانِيَةٍ} 1، فذلك الذي أبكاني2.
المسألة الثالثة: الشروط التي صالح عليها عمر رضي الله عنه أهل الذمة.
إن من أهم النصوص، وأشملها لبنود الصلح التي عقدها عمر رضي الله عنه مع أهل الذمة، ذلك النص الذي نقل إلينا صلح عمر رضي الله عنه مع نصارى الشام، وفيه:
أن أهل الشام كتبوا لعمر رضي الله عنه: إنكم لما قدمتم علينا، سألناكم الأمان لأنفسنا، وذرارينا، وموالينا، وأهل ملتنا، وشرطنا على
____________________
1 سورة الغاشية الآيات (2-5) .
2 ضعيف. تقدم تخريجه في ص: 330.(2/1058)
أنفسنا أن لا نحدث في مدينتنا، ولا فيما حولها ديراً، ولا كنيسة، ولا قلاية1، ولا صومعة راهب، ولا نجدد ما خرب منها، ولا نجيء ما كان من خطط المسلمين، ولا نمنع كنائسنا من أن ينزلها أحد من المسلمين في ليل أو نهار، وأن نوسع أبوابها للمارة، وابن السبيل، وأن ننزل من مر بنا ثلاثة أيام من المسلمين نطعمهم، وأن نرشدهم، ولا نؤوي في كنائسنا ولا منازلنا جاسوساً، ولا نعلم أولادنا القرآن، وأن لا نظهر شركاً، ولا ندعو إليه أحداً، وأن لا نمنع أحداً من ذوي قراباتنا الدخول في الإسلام، ولا نتشبه بهم في شيء من لباسهم في قلنسوة ولا عمامة، ولا نعلين، ولا فرق شعر، ولا نتكلم بكلامهم، ولا نكتني بكناهم، ولا نركب السروج، ولا نتقلد السيوف، ولا نتخذ شيئاً من السلاح، ولا نحمله معنا، ولا ننقش خواتيمنا بالعربية، ولا نبيع الخمور، وأن نجز مقادم رؤوسنا، وأن نلزم زيّنا حيث ما كنا، وأن نشد الزنانير على أوساطنا، وأن لا نظهر الصليب على كنائسنا، وأن لا نظهر صلبنا وكتبنا في شيءٍ من طرق المسلمين ولا أسواقهم، وأن لا نضرب بنواقيسنا في كنائسنا إلا ضرباً خفياً، وأن لا نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسنا في شيء من حضرة
____________________
1 القلاّية: من بيوت عبادة النصارى. ابن منظور / لسان العرب 11/295.(2/1059)
المسلمين، وأن لا نخرج شعانين1، ولا باعوثاً2، وأن لا نرفع أصواتنا مع موتانا، ولا نظهر النيران معهم في شيء من طرق المسلمين وأسواقهم، ولا نجاورهم بموتنا، ولا نتخذ من الرقيق ما جرى عليه سهام المسلمين، ولا نطلع عليهم في منازلهم.
قال عبد الرحمن بن غنم الأشعري3: فلما أتيت عمر بن الخطاب بهذا الكتاب زاد فيه: ولا نضرب أحداً من المسلمين. شرطنا ذلك لكم على أنفسنا وأهل ملتنا، وقبلنا الأمان، فإن نحن خالفنا عن شيء مما شرطنا لكم، وضمنا على أنفسنا، فلا ذمة لنا، وقد حل لكم ما حل لأهل المعاندة والشقاق4.
____________________
1 شعانين: الصواب سعانين، وهو عيد لهم معروف، قبل: عيدهم الكبير بأسبوع، وهو سرياني معرب. ابن الأثير / النهاية في غريب الحديث 2/369.
2 الباعوث: للنصارى كالاستسقاء للمسلمين، وهو اسم سرياني. المصدر السابق 1/139.
3 تقدمت ترجمته في ص 885.
4 رواه الطبري / التاريخ 2/449، ابن الأعرابي / المعجم 1/382،384، ابن حزم / المحلى 5/414،415، البيهقي / السنن الكبرى 9/202، ابن عساكر / تاريخ دمشق 2/178، ابن كثير/ مسند الفاروق 2/488،489، وهو عند الطبري من غير إسناد، بل قال: وعن خالد وعبادة قالا: ولم أعرف
وقال ابن كثير رحمه الله تعالى: ولهذا اشترط عليهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه تلك الشروط المعروفة في إذلالهم، وتصغيرهم، وتحقيرهم، وذلك مما رواه الأئمة الحفاظ من رواية عبد الرحمن بن غنم الأشعري، ثم ذكر الرواية التي ذكرت نصها. التفسير 2/346،347.
وقال ابن تيمية رحمه الله عن شروط صلح عمر مع نصارى الشام: وهذه الشروط أشهر شيء في كتب الفقه، والعلم وهي مجمع عليها في الجملة بين العلماء من الأئمة المتبوعين، وأصحابهم، وسائر الأئمة. اقتضاء الصراط المستقيم ص 121،122.(2/1060)
____________________
وعبادة، ومتنه مختصر، وفيه أن عمر رضي الله عنه شرط عليهم أن لا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود. وفي إسناده عند ابن الأعرابي، وابن حزم، والبيهقي، وابن كثير، يحيى بن عقبة بن العيزار. قال ابن معين: كذاب خبيث، عدو الله، وقال أبو حاتم: يفتعل الحديث، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي وغيره: ليس بثقة. ميزان الاعتدال 4/397.
وقال ابن كثير رحمه الله: وهكذا رواه الحافظ أبو محمد عبد الله بن أحمد بن زبر، قاضي دمشق، في جزء جمعه في الشروط العمرية، أي من طريق يحيى بن عقبة، ثم نقل ابن كثير عن ابن زبر أنه قال: ووجدت هذا الحديث بالشام، رواه عبد الوهاب الحوطي عن محمد بن حمير عن عبد الملك بن حميد بن أبي غنية عن السري بن مصرف، وسفيان الثوري، والوليد بن نوح عن طلحة بن مصرف عن مسروق الأجدع عن عبد الرحمن بن غنم. وهذا السند رجاله ثقات سوى محمد بن حمير فهو صدوق، ولكن لم يظهر مجالد حدثني سفيان الثوري، وطلحة بن مصرف عن مسروق عن عبد الرحمن بن غنم، وهذا السند فيه إبهام الرجل الذي وجد عنده الكتاب، وفيه مجالد بن سعيد ليس بالقوي. ثم قال ابن زبر: حدثنا محمد بن إسحاق بن راهويه، حدثني أبي، حدثنا بقية بن الوليد عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم. وهذا الإسناد فيه بقية بن الوليد مدلس من الثالثة، ولم يصرح بالسماع، وأيضاً فإن ابن زبر نفسه قال عنه الخطيب البغدادي: كان غير ثقة، وقال الذهبي: ما أتقن. سير أعلام النبلاء 15/315.
ورواه ابن عساكر بسند متصل ورجاله ما بين ثقة وصدوق، وشيخ ابن عساكر أبو الحسين عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسن بن عبد الواحد بن أبي الحديد المعدل. ذكره ابن عساكر في تاريخه وقال: خطيب دمشق.1/3 نسخة المكتبة الظاهرية - فهرسة محمد بن رزق طرهوني، وشيخه هو جده الحسن بن أحمد بن أبي الحديد، ذكره أيضاً ابن عساكر في تاريخه 4/406،407، وقال: حكم بين الناس بدمشق. وقال الذهبي: مسند دمشق. سير أعلام النبلاء 18/501. فالأثر حسن إن شاء الله.(2/1061)
وروي أن عمر رضي الله عنه اشترط على أهل الذمة إصلاح القناطير1، وإن قتل رجل من المسلمين فعليهم ديته، وضيافة المسلمين يوماً وليلة2.
____________________
1 القنطرة: الجسر، وقال الأزهري: هو أَزَجُ يبنى بالآجر، أو بالحجارة على الماء يعبر عليه. ابن منظور / لسان العرب 11/320.
2 مر في صلح عمر مع نصارى الشام أن الضيافة شرطت عليهم ثلاثة أيام، وهي الثابتة، ولو ثبتت هذه الرواية لحملت على أن ذلك راجع لمراعاة حال أهل الذمة من العسر واليسر، فأهل اليسر يضيفون ثلاثة أيام، والمعسرين يوماً وليلة.
رواه مسدد / المسند / المطالب العالية لابن حجر ق /471/ب، ورجال إسناده ثقات، وفيه قتادة بن دعامة، مدلس من الثالثة، ولم يصرح بالسماع. فالأثر ضعيف.(2/1062)
ومما لا شك فيه أن هذه الشروط التي شرطها عمر رضي الله عنه على أهل الذمة كانت مع أدائهم الجزية عن يد وهم صاغرون. قال أسلم مولى عمر رضي الله عنه: ضرب عمر رضي الله عنه الجزية، وكتب بذلك إلى أمراء الأجناد أن لا يضربوا الجزية إلا على من جرت عليه المواسي، ولا يضربوها على صبي، ولا على امرأة1، وكان عمر رضي الله عنه يختم أهل الجزية في أعناقهم2.
وممن عاملهم عمر رضي الله عنه معاملة الذميين، المجوس، فقد
____________________
1 رواه عبد الرزاق / المصنف 6/88، أبو عبيد / الأموال ص 41، ابن زنجويه / الأموال 1/151،157،158. صحيح من طريق عبد الرزاق. قال: أخبرنا معمر عن أيوب عن نافع عن أسلم مولى عمر.
2 رواه أبو عبيد / الأموال ص 57، أبو بكر بن أبي شيبة / المطالب العالية لابن حجر ق/471/ب. صحيح من طريق ابن أبي شيبة.
قال: حدّثنا عبد ة عن عبيد الله عن نافع عن أسلم مولى عمر كتب عمر ... الأثر.(2/1063)
أخذ عمر رضي الله عنه منهم الجزية بعد أن شهد عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها منهم، وأمر عمر رضي الله عنه بالتفريق بين محارم المجوس1.
ونهى عمر رضي الله عنه المجوس عن الزمزمة2.
ويظهر من شروط الصلح التي صالح عليها عمر رضي الله عنه أهل الذمة أنها نصت على إذلال الكفار، وإظهار عزة المسلمين، والعمل على توقيرهم وخدمتهم، والنصح لهم، وعدم غشهم، وخيانتهم وموالاة أعدائهم.
ونصت على التمييز بين المسلمين وأهل الذمة في الهيئة واللباس، ولم تغفل الشروط حق أهل الذمة في العيش بكل حرية في ظل الدولة الإسلامية، وأدائهم لعباداتهم في معابدهم، وممارستهم لحياتهم الاعتيادية
____________________
1 رواه البخاري / الصحيح 2/200.
2 الزمزمة: كلام خفي يقولونه عند أكلهم بصوت خفي. ابن منظور / لسان العرب 6/85.
رواه عبد الرزاق / المصنف 10/180، ابن أبي شيبة / المصنف 6/430، الدارقطني / السنن 8/247. صحيح من طريق عبد الرزاق.
قال: عن معمر وابن عيينة عن عمرو بن دينار، قال: سمعت بجالة يحدث أبا الشعثاء وعمرو بن أوس عند صفة زمزم في إمارة مصعب بن الزبير، قال: كنت كاتباً لجزء عم الأحنف بن قيس، فأتانا كتاب عمر قبل موته بسنة ... الأثر.(2/1064)
في مآكلهم ومشاربهم، ومصالحهم الشخصية، بشرط عدم إظهار وإعلان الكفر والفسق.
ومن أهم ما كفلته هذه الشروط لأهل الذمة عيشهم تحت حماية الدولة الإسلامية، وأمنهم على أنفسهم وأعراضهم، وأموالهم لا يتميز المسلمون عليهم بشيء في ذلك، ما داموا أوفياء بعهدهم وذمتهم التي صالحوا عليها المسلمين.
وكان عمر رضي الله عنه صارماً شديد الحزم مع من نكث عهده، وخان ذمته من أهل الذمة، وذلك لما يترتب على هذه الخيانة من مفاسد دينية ودنيوية، ولأن ذلك دليل على خبث نية هذا الخائن، وفساد طويته.
ولقد كان من أسباب إجلاء عمر رضي الله عنه لليهود من خيبر اعتداؤهم على عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال عمر رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عامل يهود خيبر على أموالهم، وقال: نقركم ما أقركم الله وإن عبد الله بن عمر خرج إلى ماله هناك، فعدي عليه من الليل، ففدعت1 يداه ورجلاه، وليس لنا هناك عدو غيرهم، هم عدونا
____________________
1 الفَدَعُ: زيغ بين القدم، وبين عظم الساق، وكذلك في المفاصل، وهي أن تزول المفاصل عن أماكنها. ابن منظور / لسان العرب 10/202.(2/1065)
وتهمتنا، وقد رأيت إجلاءهم1.
وروي أن رجلاً من أهل الذمة نخس بامرأة من المسلمين، ونزع خمارها وجابذها، فحال بينه وبينها عوف بن مالك2، وضرب الذمي، ثم أتى عمر رضي الله عنه، فذكر له، فدعا عمر رضي الله عنه المرأة، فسألها فصدقت عوفاً، فأمر عمر رضي الله عنه بالذمي فصلب، ثم قال: أيها الناس، اتقوا الله في ذمة محمد صلى الله عليه وسلم، فلا تظلموهم، فمن فعل منهم مثل هذا، فلا ذمة له3.
__________
1 رواه البخاري / الصحيح 2/119، كتاب الشروط باب إذا اشترط في المزارعة إذا شئت، وأبو داود / السنن 3/158. وغيرهما.
2 تقدمت ترجمته في ص:333.
3 رواه عبد الرزاق / المصنف 6/114،115، الحارث / المسند / إتحاف الخيرة المهرة 3/102، الطبراني / المعجم الكبير 18/37، البيهقي / السنن الكبرى 9/201، ومدار الأثر على عامر الشعبي روايته عن عمر رضي الله عنه منقطعة، وكذا عن عوف بن مالك كما في جامع التحصيل ص 204. وبقية رجاله عند عبد الرزاق ثقات. فالأثر ضعيف.(2/1066)
المبحث السادس: الاهتمام بالنواحي الجهادية والقتالية
المطلب الأول: التعبئة القتالية والإعداد العسكري.
...
المطلب الأول: التعبئة القتالية والإعداد العسكري.
إن قيام عمر رضي الله عنه بالتعبئة القتالية، وتهيئة الجيوش للغزو والجهاد أمر لا يحتاج إلى دليل يثبته، وقرينه تؤيده، فلولا فضل الله ثم قيامه رضي الله عنه بذلك على أكمل وجه، لما كانت تلك الفتوحات العظيمة، التي أزالت دولة الفرس، وضمت أجزاء كبيرة وهامة من دولة الروم، كبلاد الشام، ومصر إلى حظيرة الدولة الإسلامية.
ولكن المراد بالحديث عن ذلك بيان الكيفية التي أعد بها عمر رضي الله عنه جنده، وجعل منهم جنداً أوفياء، وقادة أكفاء للقيام بتلك الفتوحات الجليلة، ولبيان سياسته رضي الله عنه في إعداد القوات، وشحن الثغور، ويمكن الحديث عن ذلك في ثلاث مسائل:
المسألة الأولى: الاهتمام بالقدرة القتالية، واللياقة البدنية للجند.
فقد عمل عمر رضي الله عنه على تهيئة جنده عسكرياً، وتدريبهم على حمل السلاح واستخدامه بمهارة عالية.
كتب عمر رضي الله عنه: أن علموا غلمانكم العوم، ومقاتلتكم الرمي1.
____________________
1 رواه عبد الرزاق / المصنف 9/19، سعيد بن منصور / السنن / الأعظمي 2/172، البلاذري / أنساب الأشراف ص 281، أحمد / المسند 1/46، ابن أبي الدنيا / العيال 2/579، البيهقي / السنن الكبرى 6/214.
وفي إسناده عند عبد الرزاق عبد الكريم بن أبي المخارق ضعيف تق 361، وهو عند سعيد معضل من رواية حكيم بن حكيم الأنصاري صدوق، من الخامسة، وروايته عن عمر معضلة.
وإسناده عند ابن أبي الدنيا منقطع من رواية أبي قلابة الجرمي عن عمر رضي الله عنه، وهو ثقة من الثالثة.
ومداره عند سائر من رواه على عبد الرحمن بن عياش عن حكيم بن حكيم بن عباد، وهما صدوقان، وبقية رجاله عند أحمد ثقات وسنده متّصل. فالأثر حسن.(2/1069)
وكتب رضي الله عنه: وارموا الأغراض1.
فحث عمر رضي الله عنه على تعلم الرمي وإتقانه، لما له من أهمية بالغة في الحروب، فهو سلاح فعال في حسم المعارك، وقتل أعداد كبيرة من العدو بأقل عدد من الخسائر في الأرواح والمعدات، فربما قتل فرد واحد ماهر في استخدام هذا السلاح أعداداً من العدو، بخلاف السلاح المستخدم عند التحام الصفوف كالسيوف والخناجر وغيرها فإنه
____________________
1 الغَرض: الهدف الذي ينصب فيرمى فيه. ابن منظور / لسان العرب 10/53.
رواه البلاذري / أنساب الأشراف ص 275، أبو يعلى / المسند 1/189. صحيح من طريق أبي يعلى.
قال: حدّثنا إبراهيم بن الحجاج السامي، حدّثنا حماد بن سلمة عن عاصم الأحول عن أبي عثمان الهندي، قال: كتب عمر ... الأثر.(2/1070)
تكثر باستخدامها الخسائر بين الجانبين، والرمي قديماً بالسهام والحراب، والمنجنيقات يعادل في الأهمية استخدام الرشاشات والمدرعات والراجمات في وقتنا الحاضر.
كما حرص عمر رضي الله عنه على رفع اللياقة البدنية لجنده، وذلك بحثهم على ممارسة الألعاب الرياضية، ومنها الفروسية وركوب الخيل حيث أن الخيل كانت هي المستخدمة في القتال، والكر والفر، وأمرهم بالنزو عليها والقفز على ظهرها، وهذا لا يتأتى إلا مع رشاقة الجسم وقوته، ولياقته البدنية.
وحث عمر رضي الله عنه جنده على عدم التنعم في اللباس، ومشابهة العجم لأنه يورث الليونة والنعومة في الأجسام، فيجعلها غير قادرة على مواجهة ظروف القتال والجهاد، والتي تستلزم قدراً كبيراً من الخشونة والغلظة والبأس للجندي المقاتل.
قال عمر رضي الله عنه: اتزروا وارتدوا، وانتعلوا، والقوا الخفاف، والسراويلات، وألقوا الركب1، وانزوا على الخيل نزواً، وعليكم بالمعدية2، وراموا الأغراض، وذروا التنعم وزي العجم، وإياكم والحرير3.
____________________
1 ألقوا الرُكُب: الركاب للسّرج كالغرز للرحل. ابن منظور / لسان العرب 5/295.
2 المعَدّية: أي خشونة اللباس، ويقال: تمعددوا أي تشبهوا بعيش بني معد بن عدنان، وكانوا أهل قشف وغلظ في المعاش. المصدر السابق 13/139.
3 صحيح. تقدم تخريجه في ص: (1030) ولفظه هنا أتم.(2/1071)
وحث رضي الله عنه على تعلم السباحة والعوم، وهي رياضة هامة للجندي تزيد من رفع قوته وقدرته الجسمية.
قال رضي الله عنه: علموا غلمانكم العوم1.
المسألة الثانية: المحافظة على الجند والعناية بهم، وحمايتهم من المهالك.
وكان عمر رضي الله عنه شديد العناية بجنده، وكان قريباً منهم، متواضعاً لهم رحيماً بهم، يعرف لهم فضلهم، ومكانتهم.
قال الحارث بن لقيط النخعي2 رحمه الله: لما وجهنا عمر إلى الكوفة مشى معنا ساعة، فودعنا، ودعا لنا، ثم قعد ينفض رجليه من الغبار3.
____________________
1 حسن تقدم تخريجه في ص (1070) .
2 تقدمت ترجمته في ص: (1013) .
3 رواه ابن أبي شيبة / المصنف 6/541. صحيح.
قال: حدّثنا الفضل بن دكين، قال: ثنا حنش بن الحارث عن أبيه قال: لما وجهنا ... الأثر.(2/1072)
وقال قرظة بن كعب1 رضي الله عنه: شيعنا عمر إلى صرار2.
ومن عناية عمر رضي الله عنه بجنده وقواته ورحمته بهم، إعطاؤهم حقوقهم، وواجباتهم، وعدم حرمانهم من أهلهم وقراباتهم، فكان رضي الله عنه يعقب بين الجيوش، فيأمر الجيش الذي كان مرابطاً بالقدوم، ويبعث مكانه غيره، وذلك في كل عام3.
وكان عمر رضي الله عنه يأمر قادة جيوش المسلمين بعدم تجمير4 الجيوش.
____________________
1 تقدمت ترجمته في ص: (816) .
2 تقدم التعريف بها في ص (589) .
رواه ابن أبي شيبة / المصنف 6/541. صحيح. قال: حدّثنا ابن عيينة عن بيان عن الشعبي عن قرظة، قال: شيعنا ... الأثر.
3 رواه عبد الرزاق / المصنف 5/291،292، أبو داود / السنن 3/138، البيهقي / السنن الكبرى 9/29. صحيح من طريق أبي داود.
قال: حدّثنا موسى بن إسماعيل، ثنا إبراهيم بن سعد، ثنا ابن شهاب عن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري أن جيشاً ...
ولعل ذلك كان قبل أن يأمر عمر رضي الله عنه بأن لا تحبس الجيوش فوق ستة أشهر كما تقدم ذلك بسند حسن في ص (975) .
4 تجمير الجند: أن يحبسهم في أرض العدو، ولا يقفلهم من الثغر. ابن منظور / لسان العرب 2/351.(2/1073)
قال رضي الله عنه: ولا تجمروهم فتفتنوهم، ولا تنزلوهم الغياض1 فتضيعوهم2.
ومن عناية عمر رضي الله عنه بجنده تجنيبهم المهالك والمخاطر.
عن فضيل بن زيد الرقاشي3 قال: سرت سرية على عهد عمر رضي الله عنه على أرجلهم، فأعيا رجل منهم، فأرادوا أن يقيموا عليه، فرفض أمير السرية، فنادى يا عمراه، فمضوا وتركوه، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه، فكتب إلى أبي موسى رضي الله عنه، أن ابعث إلي بالرجل، فبعث به إليه، فأخذ قناة فجعل يضربه بها، ويقول: يقول لك
____________________
1 الغياض: جمع غيضة، وهي الشجر الملتف، لأن الجند إذا نزلوها تفرقوا، فتمكن منهم العدو. المصدر السابق 10/158.
2 رواه ابن سعد / الطبقات 3/280،281، ابن أبي شيبة / المصنف 6/461، البلاذري / أنساب الأشراف ص 182،186، الطبري / التاريخ 2/567. صحيح من طريق ابن سعد.
قال: أخبرنا عارم بن الفضل، قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن سعيد الجريري عن أبي نضرة عن الربيع بن زياد الحارثي.
والربيع بن زياد الراوي عن عمر رضي الله عنه، ذكره ابن حجر في الإصابة 1/504،505، وقال: قال أبو عمر: له صحبة، ولا أعرف له رواية، وذكره البخاري، وابن أبي حاتم، وابن حبان في التابعين.
3 فضيل بن زيد الرقاشي، ثقة، روى عن عمر رضي الله عنه. ابن أبي حاتم / الجرح والتعديل 7/72.(2/1074)
الرجل انتظرني، فتذهب وتتركه، فينادي: يا عمراه؟ فجعل يعتذر إليه، فقال عمر: والله لصلاح رجل من المسلمين أحب إلي من هلاك كذا وكذا من أهل الشرك1.
وروي عن عمر رضي الله عنه ما يدل بمجموعه على أنه كان يكره ركوب الجيش البحر خوفاً من هلاكهم.
روي أنه رضي الله عنه قال: عجبت لراكب البحر2.
وروي أنه قال رضي الله عنه: لا يسألني عن ركوب المسلمين البحر أبداً3.
____________________
1 رواه الشافعي/ المسندص 317، سعيد بن منصور/ السنن الأعظمي 2/225، 226، ابن أبي شيبة / المصنف 6/496، ابن شبة / تاريخ المدينة 3/28، 29. صحيح من طريق ابن شبة.
قال: حدّثنا زهير بن حرب، قال: حدّثنا جرير عن عاصم عن فضيل بن زيد الرقاشي.
2 رواه ابن أبي شيبة / المصنف 4/213، ورجال إسناده ما بين ثقة وصدوق، وهو منقطع من رواية الحسن البصري عن عمر رضي الله عنه.
3 رواه ابن سعد / الطبقات 3/284، ورجال إسناده ثقات وهو منقطع من رواية نافع مولى ابن عمر عن عمر رضي الله عنه. فالأثر ضعيف.(2/1075)
وروي أنه رضي الله عنه عرض عليه أن يحمل جيشاً في السفن في البحر، فقال: أحمل أمة محمد صلى الله عليه وسلم على لوح، فأغرقهم، لا والله لا أفعل1.
وروي أن عمر رضي الله عنه كتب إلى عمرو بن العاص يسأله عن ركوب البحر، فقال عمرو في جوابه لعمر: دود على عود، فإن انكسر العود، هلك الدود، فكره عمر أن يحملهم في البحر، وأمسك عن ذلك2.
وروي أن عثمان بن أبي العاص3 أخرج جيشاً في البحر، فبلغ عمر فقال: حمل ناساً ليس بينهم وبين الماء إلا الألواح، والذي نفسي بيده لئن هلكوا لآخذن عدتهم من ثقيف4.
____________________
1 رواه البلاذري / أنساب الأشراف ص 183، وفي إسناده عقبة بن عبد الله الأصم، ضعيف، وربما دلس، وهو منقطع من رواية الحسن البصري عن عمر رضي الله عنه. فالأثر ضعيف.
2 رواه ابن سعد / الطبقات 3/285، البلاذري / أنساب الأشراف ص 183، ومداره على الواقدي، وهو منقطع من رواية زيد بن أسلم العدوي عن عمر رضي الله عنه، وهو ثقة من الثالثة. فالأثر ضعيف.
3 تقدمت ترجمته في ص (679) .
4 رواه البلاذري /فتوح البلدان ص 420، الطبراني /المعجم الكبير 9/32، وهو عند البلاذري من كلام علي بن محمد بن عبد الله بن أسيف، ولم أجد له ترجمة، وفيه عند الطبراني شيخه سهل بن موسى لم أجد له ترجمة، وبقية رجاله ما بين ثقة وصدوق، وهو منقطع من رواية الحسن البصري عن عمر رضي الله عنه. فالأثر ضعيف.(2/1076)
ومن عناية عمر رضي الله عنه بالجند والاهتمام بهم تكريمهم والإشادة بأهل البلاء والفضل منهم.
قال أسلم مولى عمر رحمه الله: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى السوق، فلحقت عمر امرأة شابة، فقالت: يا أمير المؤمنين، هلك زوجي، وترك صبية صغاراً، والله ما ينضجون كراعاً1، ولا لهم زرع، ولا ضرع2، وخشيت أن تأكلهم الضبع3، وأنا بنت خفاف بن إيماء الغفاري، وقد شهد أبي الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم، فوقف معها عمر ولم يمض ثم قال: مرحباً بنسب قريب، ثم انصرف إلى بعير ظهير4 كان مربوطاً في الدار، فحمل عليه غرارتين ملأهما طعاماً، وحمل بينهما نفقة وثياباً، ثم ناولها بخطامه، ثم قال: اقتاديه، فلن يغني حتى يأتيكم الله بخير، فقال رجل: يا أمير المؤمنين، أكثرت لها، فقال عمر: ثكلتك أمك، والله إني لأرى أبا هذه وأخاها حاصرا حصناً زماناً، فافتتحاه، ثم أصبحنا نستفيء سهامنا منه5.
____________________
1 الكراع: ما دون الكعب من الشاة، ومعناه أنهم لا يكفون أنفسهم معالجة ما يأكلونه، وأنهم ليس لهم كراع فينضجونه. فتح الباري 7/446.
2 ليس لهم ضرع: أي ليس لهم ما يحلبونه. المصدر السابق.
3 تأكلهم الضبع: أي تهلكهم السنة المجدبة. المصدر السابق.
4 أي قوي الظهر، معد للحاجة. المصدر السابق.
5 رواه البخاري / الصحيح 3/43، أبو عبيد / الأموال ص 276، ابن زنجويه الأموال 2/570، البيهقي /السنن الكبرى 6/351.(2/1077)
وقسم عمر رضي الله عنه مروطاً1 بين نساء من نساء المدينة، فبقي مرط جيد، فقال له بعض من عنده: يا أمير المؤمنين، أعط هذا ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي عندك، يريدون أم كلثوم بنت علي رضي الله عنه، فقال عمر رضي الله عنه: أم سليط أحق.
وأم سليط من نساء الأنصار ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال عمر: فإنها كانت تزفر لنا القرب يوم أحد، قال أبو عبد الله: تزفر: تخيط2.
وروي أن عمر رضي الله عنه كان بين يديه مال يقسمه، فرأى رجلاً في وجهه ضربة، فقال: ما هذه الضربة؟ قال: ضربتها في غزاة كذا وكذا، فقال عمر: عدوا له ألفاً، ثم حرك المال، ثم قال: عدوا له ألفاً، حتى عدوا أربعة آلاف، فاستحيا الرجل مما يعطيه، فذهب فحرك المال، فقال: أين الرجل؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين، استحيى مما تعطيه، فذهب، فقال: لو مكث لأعطيته ما بقي بين يدي درهم، رجل ضرب في سبيل الله ضربة خفرت وجهه3.
____________________
1 المرط: كساء من خز أو صوف أو كتان، وقيل الثوب الأخضر، والمرط: كل ثوب غير مخيط. ابن منظور / لسان العرب 13/83.
2 رواه البخاري / الصحيح 2/150، أبو عبيد / الأموال ص 54.
3 رواه أحمد / فضائل الصحابة 1/262، ابن زنجويه / الأموال 2/570، ومداره على عبد الله بن عبيد بن عمير، ثقة من الثالثة، روايته عن عمر منقطعة، وبقية رجاله عند أحمد ثقات. فالأثر ضعيف.(2/1078)
وروي أن أبا موسى الأشعري كتب إلى عمر رضي الله عنه في ثمانية عشر بختياً1 أصابها، فكتب إليه عمر: أن ضعها في أشجع حي من العرب، فوضعها في بني رباح حي من بني تميم2.
ومن ذلك ما روي في تكريم عمر رضي الله عنه لعبد الله بن حذافة3 رضي الله عنه حين أسره الروم، فذهبوا به إلى ملكهم، فقالوا: هذا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقال له الطاغية: هل لك أن تتنصر وأشركك في ملكي وسلطاني؟ فقال عبد الله: لو أعطيتني جميع ما تملك، وجميع ما ملكت العرب على أن أرجع عن دين محمد صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما فعلت. قال: إذاً أقتلك، فأمر به، فصلب، وقال للرماة: ارموه قريباً من يديه، قريباً من رجليه، وهو يعرض عليه، وهو يأبى، ثم أمر به، فأنزل، ثم دعا بقدر،
____________________
1 البُخْتِّية: الأنثى من الجمال البخت، وهي جمال طوال الأعناق. ابو منظور / لسان العرب 1/328.
2 رواه ابن أبي شيبة / المصنف 6/414، ورجال إسناده ما بين ثقة وصدوق، ولكنه منقطع من رواية محمد بن سيرين عن عمر رضي الله عنه، وهو ثقة من الثالثة. فالأثر ضعيف.
3 عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سُعيد بن سهم القرشي السهمي، من قدماء المهاجرين. مات بمصر في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه. تق 300.(2/1079)
وصب فيها ماء حتى احترقت، ثم دعا بأسيرين من المسلمين، فأمر أحدهما فألقي فيها وهو يعرض عليه النصرانية، وهو يأبى، ثم أمر به أن يلقى فيها، فلما ذهب به بكى، فقيل له: إنه بكى، فظن أنه رجع، فقال: ردوه، فعرض عليه النصرانية، فأبى، قال: فما أبكاك؟ قال: أبكاني أني قلت هي نفسي نفس واحدة تلقى هذه الساعة في هذا القدر، فتذهب، فكنت أشتهي أن يكون بعدد كل شعرة في جسدي نفس تلقى هذا في الله عز وجل. قال الطاغية: هل لك أن تقبل رأسي وأخلي عنك؟ قال عبد الله: وعن جميع أساري المسلمين. قال: وعن جميع أسارى المسلمين.
قال عبد الله: فقلت في نفسي عدو من أعداء الله أقبل رأسه، ويخلي عني وعن أسارى المسلمين، لا أبالي فدنا منه، وقبل رأسه، فدفع إليه الأسارى، فقدم بهم على عمر رضي الله عنه، فأخبر عمر بخبره، فقال: حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله بن حذافة، وأنا أبدأ، فقام فقبل رأسه1.
____________________
1 رواه ابن سعد / الطبقات 4/190، أبو العرب / المحن ص 383،384، أبو نعيم / معرفة الصحابة 1/351/أ، البيهقي / شعب الإيمان 4/268،269، ابن الجوزي / المنتظم 4/320،321. ابن الأثير / أسد الغابة 3/143.
وهو عند ابن سعد من كلام الواقدي ولفظه مختصر، وفيه اختلاف، وهو: وكانت الروم قد أسرت عبد الله بن حذافة، فكتب فيه عمر بن الخطاب إلى قسطنطين فخلى عنه.
وفي إسناده عند أبي العرب شيخه يحيى بن عبد العزيز لم أجد له ترجمة، وفيه أيضاً عبد الله بن محمد من ولد عبد الله بن حذافة لم أعرفه، وهو الذي يروي قصة عبد الله بن حذافة وبقية رجاله ثقات.
وفيه عند أبي نعيم شيخ أبي نعيم، وشيخه لم أجد لهما ترجمة، وفيه عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي، قال الذهبي: أحد الضعفاء، وقال: ضعفه ابن عدي وغيره. ميزان الاعتدال 2/488، وفيه عطاء بن عجلان الحنفي. متروك، بل أطلق عليه ابن معين والفلاس وغيرهما الكذب. تق 391.
ورواه ابن الجوزي وابن الأثير من طريق أبي نعيم.
وفيه عند البيهقي ضرار بن عمرو ذكره البخاري وابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. التاريخ الكبير 4/340، الجرح والتعديل 4/265، ولعله الملطي الذي ذكر في شيوخ عبد العزيز بن مسلم القسملي، قال ابن معين: لا شيء، وقال الدولابي: فيه نظر. ميزان الاعتدال 2/328، وبقية رجال السند ثقات.(2/1080)
المسألة الثالثة: تجهيز الجيوش وشحن الثغور، وإعداد العدة.
وعمل عمر رضي الله عنه على إعداد الجيوش وتجهيزها، وشحن الثغور بها، وكان ذلك شغله الشاغل، وهمه الدائم حيث كانت الجيوش الإسلامية تقاتل عدواً شرساً يفوقها في العتاد والعدة في بلاد الفرس والروم.(2/1081)
قال عمر رضي الله عنه: إني لأجهز الجيوش وأنا في الصلاة1.
وكتب أبو عبيدة رضي الله عنه لعمر رضي الله عنه يعلمه بكثرة جمع الروم، فهمه ذلك الأمر حتى كان لا يستطيع النوم من الليل2.
وكان رضي الله عنه يحث الناس على الخروج للقتال والجهاد في سبيل الله، ويمد بهم جنود المسلمين الملتحمة مع العدو.
قال الحارث بن لقيط النخعي3 رحمه الله تعالى: قدمنا من اليمن، ونزلنا المدينة، فخرج علينا عمر، فطاف في النخع4، ونظر إليهم، فقال:
____________________
1 رواه ابن أبي شيبة / المصنف 2/186. صحيح.
قال: حدّثنا حفص عن عاصم عن أبي عثمان النهدي، قال: قال عمر: إني ... الأثر.
2 ذكره ابن كثير نقلاً عن ابن أبي الدنيا عن ابن أبي خيثمة زهير بن حرب، وسنده متصل ورجاله ثقات.
قال: ثم رواه أبي ابن أبي الدنيا عن خيثمة عن ابن مهدي عن مالك عن زيد ابن أسلم عن أبيه أن أبا عبيدة ... الأثر.
قال ابن كثير رحمه الله: هذا صحيح عنه رضي الله عنه. فالأثر صحيح. مسند الفاروق /1/184.
3 تقدمت ترجمته في ص (1013) .
4 النّخع: بطن من مذحج من القحطانية. عمر رضا كحالة / معجم قبائل العرب 3/1176.(2/1082)
يا معشر النخع إني أرى الشرف فيكم متربعاً، فعليكم بالعراق وجموع فارس، فقلنا: يا أمير المؤمنين، لا بل الشام نريد الهجرة إليها، قال: لا بل العراق، فإني قد رضيتها لكم، قال: حتى قال بعضنا: يا أمير المؤمنين، لا إكراه في الدين. قال: فلا إكراه في الدين عليكم بالعراق فيها جموع العجم. قال لقيط: ونحن ألفان وخمسمائة، فأتينا القادسية ... الأثر1.
وقال عمر رضي الله عنه لسعد بن عبيد القاري2، وكان لقي عدواً، فانهزم منهم: هل لك في الشام لعل الله يمن عليك، قال: لا إلا الذين فررت منهم، فشهد القادسية، وخطبهم، فقال: إنا لاقوا العدو إن شاء الله غداً، وإنا مستشهدون فلا تغسلوا عنا دماً، ولا نكفن إلا في ثوب كان علينا3.
____________________
وروي أن عمر رضي الله عنه كتب إلى جنده بالعراق، وهو يعد
1 رواه ابن أبي شيبة / المصنف 6/553،554. صحيح.
قال: حدّثنا الفضل بن دكين، قال: ثنا حنش بن الحارث، قال: سمعت أبي يذكر، قال: قدمنا من اليمن ... الأثر.
2 سعد بن عبيد الزهري، يكنى أبا عبيد، ثقة من الثانية، وقيل له إدراك. تق 231.
3 رواه عبد الرزاق / المصنف 3/543.صحيح.
قال: عن الثوري عن قيس بن مسلم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن سعد ابن عبيد وكان يدعى في زمن النّبيّ صلى الله عليه وسلم القاري.(2/1083)
لقتال الفرس بالقادسية، لا تدعوا في ربيعة1 أحداً، ولا مضر2، ولا حلفائهم أحداً من أهل النجدات، ولا فارساً إلا جلبتموه، فإن جاء طائعاً، وإلا حشرتموه، احملوا العرب على الجد إذا جد العجم، فلتقوا جدهم بجدكم3.
وروي أنه رضي الله عنه قال: لأضربن ملوك العجم بملوك العرب، فلم يدع رئيساً، ولا ذا رأي، ولا ذا شرف، ولا ذا سطة، ولا خطيباً، ولا شاعراً إلا رماهم به، فرماهم بوجوه الناس4.
وروي أنه ندب الناس إلى العراق، فجعلوا يتحامونه، ويتثاقلون عنه حتى هم أن يغزو بنفسه5.
____________________
1 ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، شعب عظيم، فيه قبائل عظام، وبطون وأفخاذ، ويعرف بربيعة الفرس. عمر رضا كحالة / معجم قبائل العرب 2/424.
2 مضر بن نزار بن معد بن عدنان، قبيلة عظيمة من العدنانية، وكانوا أهل الكثرة والغلبة بالحجاز، وكانت لهم رئاسة مكة، ويجمعهم فخذان عظيمان، خندف وقيس. المرجع السابق 3/1107.
3 رواه الطبري / التاريخ 2/379-398. من طريق شعيب عن سيف، فالخبر ضعيف.
4 رواه الطبري / التاريخ 2/385 بالطريق السابق.
5 رواه البلاذري / فتوح البلدان ص 153، الطبري / التاريخ 2/360،363، وهو عند البلاذري من رواية أبي مخنف لوط بن يحيى، قال الذهبي: إخباري تالف، لا يوثق به. ميزان الاعتدال 3/419، وهو عند الطبري من رواية شعيب عن سيف، فالخبر ضعيف.(2/1084)
وعمل عمر رضي الله عنه على شحن الثغور بالقوات لمواجهة أي خطر يهدد الدولة الإسلامية، ووضع الحاميات بها، فكانت كل حامية ترابط مدة من الزمان ثم تعود، وتعقبها أخرى كما تقدم ذكر ذلك1.
ومما روي عن عمر رضي الله عنه في وضع الحاميات على الثغور أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أبي عبيدة أن رتب بأنطاكية2 جماعة من المسلمين أهل نيات وحسبة، واجعلهم بها مرابطة، ولا تحبس عنهم العطاء وذلك بعد أن فتحها المسلمون3.
وروي أنه رضي الله عنه كان يبعث في كل سنة غازية من أهل
____________________
1 انظر ص: (1073) .
2 تقدم التعريف بها في ص: (735) .
3 رواه البلاذري / فتوح البلدان ص 153، وفي إسناده محمد بن سهم الأنطاكي، وشيخه أبو صالح الفراء، لم أجد لهما ترجمة، وفيه مخلد بن الحسين، لعله البصري، ذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً 8/347، وذكره ابن حبان في الثقات 9/285، وفيه إبهام من روى عنهم حيث قال: سمعت مشايخ الثغر. فالأثر ضعيف.(2/1085)
المدينة ترابط بالإسكندرية1.
واهتم عمر رضي الله عنه بالخيل والإبل وإعدادها للمقاتلة، وإمدادهم بها، وربما وهبها لهم تكريماً لهم وتشجيعاً على الجهاد في سبيل الله.
قال ربيعة بن عبد الله بن الهدير رحمه الله2: كان عمر رضي الله عنه إذا حمل على فرس أو بعير في سبيل الله قال: إذا جاوزت وادي القرى3 أو مثلها من طريق مصر، فاصنع بها ما بدا لك4.
ومما روي عن عمر رضي الله عنه في اتخاذ الخيل للمجاهدين في سبيل الله أن عمر رضي الله عنه كان له أربعة آلاف فرس على أري5
____________________
1 رواه ابن عبد الحكم / فتوح مصر ص 192، وفي إسناده ابن لهيعة، صدوق خلط بعد احتراق كتبه، وهو معضل من رواية يزيد بن أبي حبيب عن عمر رضي الله عنه، وهو ثقة من الخامسة. فالأثر ضعيف.
2 تقدمت ترجمته في ص: (303) .
3 وادي القرى: يعرف اليوم بوادي العلا، مدينة عامرة، شمال المدينة على قرابة 350كم. عاتق البلاذري / معجم المعالم الجغرافية ص 250.
4 رواه ابن أبي شيبة / المصنف 6/522. صحيح.
قال: حدّثنا أبو معاوية عن عبيد الله بن عمر عن محمّد بن المنكدر عن ربيعة ابن عبد الله بن الهدير، قال: كان عمر ... الأثر.
5 أَري: محبس الدابة، ومرابضها ومعلفها. ابن منظور / لسان العرب 1/126، 127.(2/1086)
بالكوفة موسومة على أفخاذها في سبيل الله، فإن كان في عطاء الرجل حقه، أو كان محتاجاً أعطاه الفرس، ثم قال: إن أجريته فأعييته أو ضيعته، فأنت ضامن، وإن قاتلت عليه، فأصيب أو أصبت، فليس عليك شيء1.
__________
1 رواه ابن أبي شيبة / المصنف 6/475، الطبري / التاريخ 2/482، 483، 571، وفي إسناده عند ابن أبي شيبة أبو سعيد لعله البقال. ضعيف مدلس تق 341، وهو منقطع من رواية محمد بن عبد الله الثقفي عن عمر رضي الله عنه، وهو ثقة من الرابعة، وهو عند الطبري من طريق شعيب عن سيف، ورواه من طريق آخر وفيه الواقدي. فالأثر ضعيف.(2/1087)
المطلب الثاني: أصول القتال وآدابه:
لقد جاءت عن عمر رضي الله عنه عدة نصوص تبين الأصول والآداب التي ينبغي للمجاهد والمقاتل أن يسير عليها، وأن يتحلى بها قائداً كان أو جندياً، حتى يكون مجاهداً مثالياً في دينه، وخلقه، بارعاً في قتاله، ومنازلته العدو، كما أراده الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم.
فمن المبادئ الهامة في القتال والتي عمل بها عمر رضي الله عنه مبدأ الشورى، وهو مبدأ حض عليه القرآن الكريم، والسنة، وذلك لما للشورى من أهمية بالغة في استجلاء الحقيقة، ومعرفة الصواب والحق، والبعد عن التعجل والتهور، واتخاذ القرارات الفردية العشوائية.
فقد شاور عمر رضي الله عنه الهرمزان1 في قتال الفرس، لعلمه ببلاد فارس، ومدنها وطبيعتها الجغرافية، ومراكز القوة والضعف فيها، ولأن الهرمزان كان قائداً عسكرياً ذا خبرة قتالية وعسكرية لا يستهان بها، فاستشاره عمر رضي الله عنه أيبدأ بقتال فارس أم أصبهان2 أم أذربيجان3، فقال الهرمزان: أصبهان الرأس وفارس وأذربيجان الجناحان،
____________________
1 تقدمت ترجمته في ص: 243.
2 تقد التعريف بها في ص: 611.
3 تقدم التعريف بها في ص: 612.(2/1088)
فإن قطعت أحد الجناحين، مال الرأس بالجناح الآخر، وإن قطعت الرأس وقع الجناحان، فابدأ بالرأس، فأخذ عمر رضي الله عنه بقوله، فأمر النعمان بن مقرن المزني1 رضي الله عنه بالتوجه لقتال الفرس بنهاوند2، ومعه الزبير بن العوام، وعمرو بن معدي كرب 3، وحذيفة بن اليمان، وابن عمر والأشعث بن قيس4.
ومن المبادئ الأساسية التي حض عليها عمر رضي الله عنه المجاهدين إخلاص النية لله عز وجل، وأن يبتغوا بجهادهم وجه الله، وإعلاء دينه، قال رضي الله عنه، وهو يبين أن من لم يخلص نيته لله عز وجل في جهاده، وكان غرضه دنيوياً، فإنه لن ينال ما أعده الله عز وجل للمجاهدين: وأخرى تقولونها لمن قتل في مغازيكم أو مات فلان شهيداً،
____________________
1 تقدمت ترجمته في ص: 642.
2 تقدم التعريف بها في ص: (643.
3 عمرو بن معدي كرب بن عبد الله بن عمرو الزبيدي، قال ابن ماكولا: له صحبة، ارتد يوم مات النبي r، ثم عاد إلى الإسلام، وله بلاء حسن يوم القادسية، وشهد فتوح العراق والشام. ابن حجر / الإصابة 3/18،19.
4 الأشعث بن قيس بن معدي كرب الكندي، أبو محمد، الصحابي رضي الله عنه. تق 113.
صحيح. تقدم تخريجه في ص: 612.(2/1089)
ولعله أن يكون قد أوقر عجز دابته، أو دف1 راحلته ذهباً أو ورقاً يطلب التجارة، فلا تقولوا ذاكم، ولكن قولوا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قتل في سبيل الله أو مات فهو في الجنة2.
وبين عمر رضي الله عنه أنه ينبغي للمجاهد أن تكون نيته من جهاده هو إعلاء كلمة الله عز وجل، ونصرة دينه وإذلال الكفر وأهله، وليس مجرد أن يقتل في سبيل الله، قال رضي الله عنه: لأن أموت على فراشي صابراً محتسباً أحب إلي من أن أقدم على القوم، ولا أريد إلا أن يقتلوني، أوليس الله يأتي بالشهادة؟! 3.
____________________
1 دفُّ الرحل: جانب كور البعير وهو سرجه. ابن منظور / لسان العرب 4/371.
2 رواه النسائي / السنن 6/117-119، الحاكم / المستدرك 2/109، البيهقي / السنن الكبرى 6/332، 9/168. صحيح من طريق النسائي.
قال: أخبرنا عليّ بن حجر بن إياس بن مقاتل بن مشمرخ بن خالد، قال: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب وابن عون وسلمة بن علقمة وهشام بن حسان دخل حديث بعضهم في بعض عن محمّد بن سيرين نبئت عن أبي العجفاء، وقال: الآخرون: عن محمّد بن سيرين عن أبي العجفاء، قال: قال عمر: ... الأثر. وصحّحه الشيخ الألباني في صحيح سنن النسائي 2/705.
3 رواه الفزاري / السير ص 213، عبد الرزاق / المصنف 5/262. صحيح من طريق الفزاري.
قال: عن سفيان عن واصل الأسدي، قال: سمعت المعرور بن سويد يقول: سمعت عمر بن الخطاب ... الأثر.(2/1090)
ومن المبادئ الهامة التي حرص عمر رضي الله عنه على ترسيخها في نفوس المجاهدين، أن يكون تعلقهم بالله عز وجل، واعتمادهم عليه، وأن لا يغتروا بقوتهم أو حنكة وخبرة قادتهم.
فقد كان من أسباب عزل عمر رضي الله عنه خالد بن الوليد، اغترار الناس به حتى خشي عمر رضي الله عنه أن يعتقد الناس أن النصر مقترن به، وبقيادته فتتعلق قلوبهم به دون الله عز وجل.
قال رضي الله عنه بعد أن عزل خالد بن الوليد رضي الله عنه عن قيادة جيوش المسلمين بالشام، وولى أبا عبيدة رضي الله عنه، وجاءته البشارة بنصر المسلمين، وهزيمة الروم، قال: الله أكبر رب قائل لو كان خالد بن الوليد1.
وقال رضي الله عنه: لأنزعن خالد بن الوليد والمثنى مثنى بني شيبان حتى يعلما أن الله كان ينصر عباده، وليس إياهما كان ينصر2.
وقد نبه عمر رضي الله عنه جنده، وقواته إلى أمور وأصول هامة،
____________________
1 رواه ابن أبي شيبة / المصنف 7/829، ورجال إسناده ثقات سوى هشام بن سعد صدوق له أوهام، يروي عن زيد بن أسلم، وهو من أثبت الناس فيه. فالأثر صحيح.
2 تقدم تخريجه في ص: 732.(2/1091)
لا غنى للمقاتل عن معرفتها، والعمل بها في ساحة القتال لأنها من أسباب النصر، وقهر العدو، وهي:
1- الصبر والاعتماد على الله عز وجل، وعدم اليأس من رحمة الله وقرب فرجه ونصره.
كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي عبيدة رضي الله عنه لما حصر وجنده بالشام، وأصابهم جهد شديد: سلام عليكم، أما بعد، فإنه لم تكن شدة إلا جعل الله بعدها فرجاً، ولن يغلب عسر يسرين، وكتب إليه: {يأ يُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} 1.
____________________
1 سورة آل عمران الآية (200) .
رواه مالك/ الموطأ1/379، وابن أبي شيبة/ المصنف7/8،9، وأحمد/ المسند 1/49، وابن حبان/ الصحيح7/130، 131، والحاكم/ المستدرك 2/300، 301، والمقدسي/ المختارة1/377، 378.
وسنده عند مالك منقطع من روايته عن زيد بن أسلم، وهو ثقة من الثالثة. روايته عن عمر منقطعة.
وإسناده عند ابن أبي شيبة متّصل ورجاله ثقات سوى هشام بن سعد فهو صدوق له أوهام. وهو يروي عن زيد بن أسلم، وهو من أثبت الناس فيه.
وإسناده عند أحمد كذلك متّصل، ورجاله ثقات سوى سماك بن حرب، فهو صدوق تغير بآخره فكان ربما تلقن تق: 255. ولكن رواية الثوري عنه قديمة وهي صحيحة مستقيمة وهو هنا يروي عنه. انظر: الكواكب النيرات ص: 237-240.
وراه الحاكم من طريق هشام بن سعد به مثله عند ابن أبي شيبة. ورواه المقدسي من طريق آخر. فالأثر صحيح لغيره بطرقه.(2/1092)
2- الاستبسال في الجهاد، فقد أثنى عمر رضي الله عنه على من تحلى بذلك.
قدم الرسول إلى عمر رضي الله عنه، بنعي النعمان بن مقرن المزني رضي الله عنه، فسأله عمر رضي الله عنه عن الناس. فقال: أصيب فلان وفلان آخرون لا أعرفهم. فقال عمر: لكن الله يعرفهم، فقال: يا أمير المؤمنين، ورجل شرى نفسه، فقال مدرك بن عوف1: ذلك والله خالي يا أمير المؤمنين، زعم الناس أنه ألقى بيده إلى التهلكة، فقال عمر: كذب أولئك، ولكنه ممن شرى الآخرة بالدنيا2.
3- التقوي على مجاهدة العدو.
فقد حث رضي الله عنه جنده على تقوية أبدانهم في أرض القتال
____________________
1 مدرك بن عوف البجلي الأحمسي، ذكره جعفر المستغفري وقال: له صحبة، وسبقه ابن حبان، فذكره في الصحابة، ثم ذكره في التابعين، وقال أبو عمر: مختلف في صحبته. ابن حجر / الإصابة 3/394.
2 رواه الفزاري / السير ص 208،209، ابن أبي شيبة / المصنف 4/208، الفسوي / المعرفة والتاريخ 2/230، ومداره على مدرك بن عوف المتقدم ذكره، وبقية رجاله عند ابن أبي شيبة ثقات. فالأثر صحيح.(2/1093)
حتى يتمكنوا من مقاومة العدو، ومن ذلك أمره رضي الله عنه لجنده بالإفطار في رمضان، وكانوا يحاصرون حصناً للعدو1.
ومن التوجيهات الهامة التي وجه إليها عمر رضي الله عنه قادة جيشه، عدم المغامرة وتعريض قوات المسلمين للمخاطر والمهالك، والعمل على الإقلال من الخسائر البشرية بقدر المستطاع.
ومن ذلك إعلامه رضي الله عنه بجنده وقادتهم أن تراجعهم عن مواجهة العدو في أرض المعركة وانسحابهم إلى ديار المسلمين عند إحساسهم بعدم تكافء كفة القتال، وشعورهم بالخطر المحقق، أن ذلك
____________________
1 رواه عبد الرزاق / المصنف 5/302، ابن أبي شيبة / المصنف 6/462، ورجال إسناده عند عبد الرزاق ثقات، ولكنه منقطع من رواية سعيد بن جبير عن عمر رضي الله عنه وهو ثقة من الثالثة، ولفظه: كتب عمر رضي الله عنه إلى قوم محاصرين العدو في رمضان ألا تصوموا، وفي إسناده عند ابن أبي شيبة معاوية بن هشام، صدوق له أوهام. تق 538، وفيه البراء بن قيس الراوي عن عمر رضي الله عنه، ذكره البخاري وابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. التاريخ الكبير 2/117، الجرح والتعديل 2/399، وذكره ابن حبان في الثقات 4/77، وبقية رجاله ثقات، ولفظه: عن البراء بن قيس قال: أرسلني عمر بن الخطاب إلى سلمان بن ربيعة آمره أن يفطر وهو محاصر. ففي الأثر تصريح بسماع البراء من عمر، والسند إليه حسن. فالخبر حسن إن شاء الله.(2/1094)
لا يعد فراراً من الزحف، وإنما هو من الرجوع إلى فئة، كما قال تعالى: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} 1.
فلما بلغ عمر رضي الله عنه مقتل أبي عبيد الثقفي2 رضي الله عنه قائد موقعة الجسر3، وهزيمة جيشه، قال: إن كنت له فئة لو انحاز إلي4.
ولما رجع بعض جيشه إلى المدينة قال لهم عمر رضي الله عنه: أنا فئتكم5.
____________________
1 سورة الأنفال الآية (16) .
2 أبو عبيد بن مسعود الثقفي قال ابن عبد البر: لا أعلم له رواية شيء، قتل هو وابنه جبر في صدر خلافة عمر رضي الله عنه يوم الجسر. الاستيعاب 4/271.
3 كانت موقعة الجسر في آخر شهر رمضان وأول شوال سنة ثلاثة عشر، في قس الناطف على شاطئ الفرات. خليفة بن خياط / التاريخ ص 154.
4 رواه عبد الرزاق / التفسير 1/155، ابن أبي شيبة / المصنف 6/541، ورجال إسناده عند عبد الرزاق ثقات، وهو منقطع من رواية قتادة بن دعامة عن عمر رضي الله عنه، وهو ثقة من الطبقة الرابعة، وهو عند ابن أبي شيبة رجاله ثقات، ولكنه منقطع من رواية محمد بن سيرين عن عمر رضي الله عنه. فالأثر يرتقي بطريقيه لدرجة الحسن لغيره.
5 رواه ابن أبي شيبة / المصنف 6/542،549. صحيح.
قال: حدّثنا معاذ بن معاذ، قال: ثنا التيمي عن أبي عثمان، قال: لما قتل أبو عبيد ... الأثر.(2/1095)
وأمر عمر رضي الله عنه قادة جيشه بعدم المغامرة بأنفسهم، وحذرهم من نزول الأماكن التي يمكن أن يكمن لهم فيها عدوهم، ويفرق جمعهم، وذلك كالغابات الكثيفة الشجر، والمستنقعات المائية، ونحوها، قال رضي الله عنه وهو يوصي قادة جيشه بجند المسلمين: ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم1.
ومما روي عن عمر رضي الله عنه في عدم الإقدام على المهالك، أنه قال: لا تستعملوا البراء بن مالك2 على جيش من جيوش المسلمين، فإنه مهلكة من الهَلك يقدم بهم3.
ومن المبادئ التي روي عن رضي الله عنه توجيه قادته للتحلي بها هو التريث والتعقل والتؤدة في إدارة العمليات العسكرية، ولا شك أن هذا المبدأ مبدأ في غاية الأهمية، وما ثبت عن عمر رضي الله عنه من أخذه
____________________
1 صحيح. تقدم تخريجه في ص: (1074) .
2 البراء بن مالك بن النضر الأنصاري رضي الله عنه، أخو أنس بن مالك لأبيه، وأمه، شهد أحداً وما بعدها من المشاهد مع رسول الله r. ابن عبد البر / الاستيعاب 1/237.
3 رواه ابن سعد / الطبقات 7/16، ورجاله ثقات سوى عمرو بن عاصم، فهو صدوق، وهو منقطع من رواية محمد بن سيرين عن عمر رضي الله عنه. فالأثر ضعيف.(2/1096)
بمبدأ الشورى1 في القتال يدل عليه.
فالقائد الذي يشاور أصحابه، وأهل الرأي منهم، يبعد عنه التعجل والتهور، واتخاذ القرارات الفردية، ويكون أقرب إلى الصواب والحق.
روي عنه رضي الله عنه أنه لما بعث أبا عبيد إلى العراق، بعث معه سليط بن عمرو الأنصاري2 رضي الله عنه، وقال له: لولا عجلة فيك لوليتك، ولكن الحرب زبون3 لا يصلح لها إلا الرجل المكيث4.
وقد أمر عمر رضي الله عنه قادته وجنده وأوصاهم ببعض الآداب التي ينبغي أن يتحلوا بها في تعاملهم مع عدوهم في أرض المعركة.
وهي آداب أمر بها الله عز وجل في كتابه العزيز، وعمل بها رسوله صلى الله عليه وسلم.
____________________
1 انظر ص: (1088) .
2 سليط بن قيس بن عمرو النجاري الأنصاري، شهد بدراً، وما بعدها من المشاهد كلها، وقتل يوم جسر أبي عبيد. ابن عبد البر / الاستيعاب 2/206.
3 زبون: أي تزبن الناس أي تصدمهم وتدفعهم، وقيل معناه أن بعض أهلها يدفع بعضهم بعضاً لكثرتهم. ابن منظور / لسان العرب 6/16.
4 رواه البلاذري / فتوح البلدان ص 251، الطبري / التاريخ 2/361، وهو عند البلاذري من غير إسناد حيث قال: قالوا ... ، وعند الطبري من طريق شعيب عن سيف. فالأثر ضيعف.(2/1097)
ومن تلك الآداب دعوة العدو من أهل الكتاب ومن يلحق بهم إلى الإسلام قبل القتال فإن أبوا فالجزية، فإن أبوا فالقتال.
قال رضي الله عنه وهو يوصي سلمة بن قيس الأشجعي1 رضي الله عنه أحد قادته لقتال الفرس: وإذا انتهيت إلى القوم فادعهم إلى الإسلام والجهاد، فإن قبلوا فهم منكم، فلهم مالكم، وعليهم ما عليكم، وإن أبوا فادعهم إلى الإسلام بلا جهاد، فإن قبلوا فاقبل منهم، وأعلمهم أنه لا نصيب لهم في الفيء، فإن أبوا فادعهم إلى الجزية، فإن قبلوا فضع عنهم بقدر طاقتهم، وضع فيهم جيشاً يقاتل من روائهم، وخلهم وما وضعت عليهم، فإن أبوا فقاتلهم2.
ومن آداب القتال التي حث عمر رضي الله جنده على التخلق بها أثناء القتال، عدم الغدر بالعدو بعد إعطائه الأمان، قال رضي الله عنه لجنده: ولا تغدروا3.
وقد أوضح رضي الله عنه لجنده وقادتهم أن إعطاء الأمان يكون أماناً باللفظ الدال عليه سواء كان بالعربية أم بغيرها.
قال رضي الله عنه: إذا قال الرجل للرجل: لا تخف فقد أمنه، وإذا
____________________
1 تقدمت ترجمته في ص: (264) .
2 صحيح، تقدم الكلام عليه في ص: (266) . وهو جزء من خبر سلمة حينما قدم المدينة وعمر يطعم الناس.
3 هذا جزء من خبر سلمة بن قيس المتقدم ذكره.(2/1098)
قال: مطرس، فقد أمنه، وإذا قال: لا تدحل1 فقد أمنه، فإن الله يعلم الألسنة2.
وأجاز عمر رضي الله عنه أمان العبد، وبين رضي الله عنه أنه لا فرق بين أن يؤمن العدو حر أو عبد من المسلمين، وإليك هذه القصة الدالة على ذلك، وفيها دلالة أيضاً على شدة تحري عمر رضي الله عنه العدل وترك الظلم حتى مع أعداء الإسلام، وفيها دلالة واضحة على الهدف السامي، والغاية النبيلة من الفتح الإسلامي، وهي نشر الدين وليس نهب خيرات البلاد المفتوحة، وسبي ذراريها ونسائها.
قال فضيل بن زيد الرقاشي رضي الله عنه3، وكان غزا على عهد عمر رضي الله عنه سبع غزوات: بعث عمر جيشاً، فكنت في ذلك الجيش،
____________________
1 دَحَل، قال ابن منظور: قال شمر: سمعت علي بن مصعب يقول: لا تدحل بالنبطية، أي لا تخف. لسان العرب 4/302.
2 رواه مالك/ الموطأ1/358، عبد الرزاق/ المصنف5/219، سعيد بن منصور/ السنن/ الأعظمي2/230، صحيح من طريق سعيد.
قال: نا أبو شهاب عن الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة، قال: أتانا كتاب عمر ... الأثر.
ورواه أيضاً فقال: نا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق.
3 تقدمت ترجمته في ص: (1074) .(2/1099)
فحاصرنا أهل سيراف1، فلما رأينا أنا سنفتحها من يومنا ذلك، قلنا: نرجع فنقيل ثم نخرج فنفتحها، فلما رجعنا تخلف عبد من عبيد المسلمين فراطنوه فراطنهم، فكتب لهم كتاباً في صحيفة ثم شده في سهم، فرمى به إليهم، فخرجوا، فلما رجعنا من العشي وجدناهم قد خرجوا، قلنا لهم ما لكم؟ قالوا: أمنتمونا، قلنا: ما فعلنا، إنما الذي أمنكم عبد لا يقدر على شيء، فارجعوا حتى نكتب إلى عمر بن الخطاب، فقالوا: ما نعرف عبد كم من حركم، ما نحن براجعين، إن شئتم فاقتلونا، وإن شئتم قفوا لنا.
قال: فكتبنا إلى عمر فكتب إلينا: إن عبد المسلمين من المسلمين ذمته ذمتهم، فأجاز عمر أمانه2.
____________________
1 سِيرَاف: مدينة جليلة على ساحل بحر فارس، وبين سيراف والبصرة، إذا طاب الهواء سبعة أيام، ومن سيراف إلى شيراز ستون فرسخاً. ياقوت الحموي / معجم البلدان 2/294،295. وفي المنجد سيراف: بلدة قديمة في إيران على الخليج خربتها الزلازل. الأعلام ص: (320) .
2 رواه خليفة بن خياط/ التاريخ ص: 140، سعيد بن منصور/ السنن/ الأعظمي 2/233، ابن أبي شيبة / المصنف 6/510. صحيح من طريق ابن أبي شيبة.
قال: حدّثنا عبد الرحيم بن سليمان عن عاصم الأحول عن فضيل بن زيد الرقاشي وقد كان غزا على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ... الأثر.(2/1100)
ومن تلك الآداب عدم التمثيل بالقتلى، والنهي عن قتل الصبيان والنساء والشيوخ.
قال رضي الله عنه: ولا تمثلوا، ولا تقتلوا امرأة، ولا صبياً، ولا شيخاً هِمًّا1.
ومن الآداب التي حث عمر رضي الله عنه جنده بعد فراغهم من القتال ونصرهم على عدوهم عدم الغلول من الغنيمة والأخذ منها قبل قسمتها، وأخذ كل مقاتل سهمه الذي قرره كتاب الله عز وجل وسنة نبيه2 صلى الله عليه وسلم لما في ذلك من العدوان على حق الله عز وجل ورسوله في الفيء أولاً، وعلى حقوق جند المسلمين ثانياً.
هذا ما أردت كتابته فيما يتعلق بالنواحي الجهادية، وأشير هنا إلى أني لم أتطرق لمسألة قادة عمر رضي الله عنه العسكريين، وذلك لأن كبار قادة عمر رضي الله عنه الذين أوكل إليهم مهمة قيادة جيوش المسلمين الفاتحة، كانوا هم ولاة عمر رضي الله عنه في البلاد المفتوحة، كولاة العراق، والشام، ومصر أو ولاة المناطق القريبة من مناطق الفتح كعمان والبحرين، وقد تقدم ذكرهم في مبحث الولاة.
__________
1 الهِمُّ: الشيخ الكبير البالي. ابن منظور / لسان العرب 15/138.
وهذا الأثر صحيح. تقدم تخريجه في ص 266 وهو جزء من أثر سلمة بن قيس.
2 ورد ذلك في جزء من الأثر المتقدم.(2/1101)
وفاة عمر رضي الله عنه واستشهاده.
إن الاستشهاد في سبيل الله مطلب نبيل، وغاية سامية يتطلع إليها كل مؤمن صادق الإيمان، موقن بما أعده الله عز وجل للشهداء في سبيله من عظيم الكرامات، ورفيع الدرجات في دار رضوانه، كما قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّلِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا} 1.
ولقد كان عمر رضي الله عنه يسأل الله عز وجل الشهادة في سبيله، وأن يجعل موته في بلد رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال رضي الله عنه: اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك2.
وفي رواية أنه قال: اللهم ارزقني قتلاً في سبيلك، ووفاة في بلد نبيك، فقالت حفصة رضي الله عنها: وأنى ذلك؟! فقال رضي الله عنه: إن الله يأتي بأمره أنى شاء3.
____________________
1 سورة النساء، الآية (69) .
2 رواه البخاري / الصحيح 1/323.
3 رواه ابن سعد/ الطبقات3/331، ورجاله ما بين ثقة وصدوق. فالأثر حسن.
قال: أخبرنا محمّد بن إسماعيل بن أبي فديك عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن حفصة زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنها سمعت أباها يقول ... الأثر.(2/1105)
وكان رضي الله عنه يدعو بذلك مع بشارة النبي صلى الله عليه وسلم له بحيازة هذه المرتبة العظيمة، والمنزلة الرفيعة، وذلك لحرصه الشديد على الشهادة رضي الله عنه.
قال أنس بن مالك رضي الله عنه: صعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد ومعه أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، فرجف بهم، فضربه برجله، وقال: اثبت أحد، فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيدان1.
ومكن الله عز وجل لعمر رضي الله عنه في الأرض، وفتح على يديه الفتوحات العظيمة، وانتشرت رعيته، وكبرت سنه رضي الله عنه، فأحس بدنو أجله وانقضاء أيامه، قال رضي الله عنه لما قفل من آخر حجة حجها بعد أن أناخ بالأبطح، وكوم كومة من البطحاء ثم طرح عليها رداءه، واستلقى عليها، ومد يديه إلى السماء: اللهم كبرت سني، وضعفت قوتي، فاقبضني إليك غير مفرط ولا مضيع2.
وكان يدعو فيقول: اللهم توفني مع الأبرار، ولا تخلفني في الأشرار، وألحقني بالأخيار3.
____________________
1 رواه البخاري / الصحيح 2/294،295،297.
2 حسن لغيره، تقدم الكلام عليه في ص: 580، 581.
3 رواه ابن سعد/ الطبقات3/331، البخاري/ الأدب المفرد ص: 220. صحيح من طريق البخاري.
قال: حدّثنا أبو نعيم، قال: حدّثنا عمرون بن عبد الله أبو معاوية، قال: حدّثنا مهاجر أبو الحسن عن عمرو بن ميمون عن عمر أنه كان يدعو ... الأثر.(2/1106)
ولما دنا أجله رضي الله عنه رأى رؤيا زادت من يقينه بدنو أجله.
خطب رضي الله عنه يوم الجمعة، فذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر ثم قال: إني رأيت كأن ديكاً نقرني ثلاث نقرات، وإني لا أراه إلا حضور أجلي1.
ورأى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه رؤيا أحزنته، وأولها بوفاة عمر رضي الله عنه.
قال رضي الله عنه: رأيت كأني أخذت جواداً كثيرة، فاضمحلت حتى بقيت جادة واحدة، فسلكتها حتى انتهيت إلى جبل، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقه، وإلى جنبه أبو بكر، وإذا هو يومئ إلى عمر أن تعال، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، مات والله أمير المؤمنين.
قال أنس بن مالك رضي الله عنه لأبي موسى: ألا تكتب بهذا إلى عمر؟ فقال: ما كنت لأنعي له نفسه2.
____________________
1 رواه مسلم/ الصحيح/ شرح النووي5/51-54، ابن سعد/ الطبقات 3/335-337.
2 رواه ابن سعد / الطبقات 3/332، البلاذري / أنساب الأشراف ص 335، ابن عساكر / تاريخ دمشق ص 347. صحيح من طريق ابن سعد.
قال: أخبرنا عارم بن الفضل، قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك عن أبي موسى الأشعري، قال: رأيت ... الأثر.(2/1107)
ودنت ساعة القدر المحتوم التي أصيب فيها الصحابي الجليل، والخليفة العظيم، وهو يصلي صلاة الفجر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث تقدم رضي الله عنه ليؤم الناس، فجعل رضي الله عنه يسوي الصفوف، ويقول: استووا، حتى اطمئن إلى عدم وجود الخلل، تقدم، فكبر رضي الله عنه، ودخل في الصلاة، فباغته أبو لؤلؤة المجوسي لعنه الله بيده الغادرة، وقد امتلأ صدره حقداً وغيظاً عليه رضي الله عنه فطعنه بسكين ذي طرفين، فسمعه مَن خلفه يقول: قتلني أو أكلني الكلب، وطعن أبو لؤلؤة لعنه الله وهو يحاول الهرب ثلاثة عشر رجلاً من المسلمين، فمات منهم سبعة، ثم نحر نفسه بعد أن ألقى عليه أحد المسلمين برنساً1، وظن أنه قد أخذ، فأخذ عمر رضي الله عنه بيد عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فقدمه، فصلى بهم صلاة خفيفة، فلما انصرف الناس من الصلاة، قال عمر رضي الله عنه لعبد الله بن عباس رضي الله عنه: انظر من قتلني، فجال في الناس ساعة، ثم جاء، فقال: غلام المغيرة2.
قال: الصَّنَعُ؟ قال: نعم، قال: قاتله الله، لقد أمرت به معروفاً3، ثم قال عمر: الحمد الله الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يدعي الإسلام، ثم
____________________
1 البُرْنُس: كل ثوب رأسه منه، ملتزق به. ابن منظور / لسان العرب 1/393.
2 هو ابن شعبة رضي الله عنه.
3 وجاء في رواية عند ابن سعد أن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، ضرب لغلامه أبي لؤلؤة لعنه الله عشرين ومائة درهم كل شهر، أربعة دراهم كل يوم، وكان خبيثاً إذا نظر إلى السبي الصغار، يأتي فيمسح رؤوسهم ويبكي ويقول: إن العرب أكلت كبدي، فلما قدم عمر من مكة جاء أبو لؤلؤة إلى عمر يريده، فوجده غادياً إلى السوق، وهو متكئ على يد عبد الله بن الزبير، فقال: يا أمير المؤمنين، إن سيدي المغيرة يكلفني ما لا أطيق من الضريبة. قال عمر: وكم كلفك؟ قال: أربعة دراهم كل يوم، قال: وما تعمل؟ قال: الأرحاء، وسكت عن سائر أعماله، فقال: في كم تعمل الرحى؟ فأخبره، قال: وبكم تبيعها؟ فأخبره، فقال: لقد كلفك يسيراً، انطلق فاعط مولاك ما سألك، فلما ولى قال عمر: ألا تجعل لنا رحى؟ قال: بلى، أجعل لك رحى يتحدث بها أهل الأمصار، ففزع عمر من كلمته. الطبقات الكبرى 3/347، من طريق الواقدي، ورواه من طريق آخر بإسناد حسن لكنه منقطع من رواية الزهري عن عمر بلفظ مقارب وفيه طول 3/345.(2/1108)
احتمل رضي الله عنه إلى بيته وأصاب الناس من الحزن والغم وكأنهم لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ.
فقائل يقول: لا بأس، وقال يقول: أخاف عليه، فأتى رضي الله عنه بنبيذ فشربه، فخرج من جوفه، ثم أتى بلبن فشربه، فخرج من جرحه، فعلموا أنه ميت1.
وفي رواية أن عمر رضي الله عنه قال بعد أن علم بقاتله: الحمد الله الذي لم يبتلني بأحد يحاجني بقول لا إله إلا اله، أما نهيتكم أن تجلبوا
____________________
1 رواه البخاري / الصحيح 2/299.(2/1109)
إلينا من العلوج أحداً فغصبتموني1.
ولم يمنع عمر رضي الله عنه توكله على ربه عز وجل، وإيمانه المطلق بقضائه، وقدره وغلبة ظنه بحضور أجله، لم يمنعه ذلك من أن يعرض نفسه على الأطباء لعل أن يكون عندهم دواءٌ شافٍ.
فبعد أن طعن رضي الله عنه قال: أرسلوا إلي طبيباً ينظر إلى جرحي هذا، فأرسلوا إلى طبيب من العرب، فسقى عمر نبيذاً فشبه النبيذ بالدم حين خرج من الطعنة التي تحت السرة، فدعوا طبيباً آخر من الأنصار من بني معاوية، فسقاه لبناً، فخرج اللبن من الطعنة صلداً أبيض، فقال له الطبيب: يا أمير المؤمنين اعهد، فقال عمر: صدقني أخو بني معاوية، ولو قلت غير ذلك كَذَّبتُك2.
ولم يتمالك أهل عمر رضي الله عنه وأصحابه أنفسهم، وهم ينظرون عظم مصابه، وعظم المصاب به، فجاشت أعينهم بالدمع، وارتفعت أصواتهم بالبكاء عليه فنهاهم عمر رضي الله عنه عن ذلك، ولم يمنعه ما هو فيه من البلاء والمحنة، ومعاينة الموت من إرشادهم للصواب وبيان الحق الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
____________________
1 رواه الطبراني / مجمع البحرين للهيثمي 6/253-255،ورجاله ثقات سوى مبارك بن فضالة صدوق وسند متّصل. فالسند حسن. وقد تقدم بسند صحيح في ص: 1051.
2 رواه أحمد / المسند 1/42. صحيح.
قال: ثنا يعقوب، ثنا أبي عن صالح، قال ابن شهاب فقال سالم فسمعت عبد الله بن عمر يقول: قال عمر: أرسلوا لي طبيباً ... الأثر.(2/1110)
قال أنس بن مالك رضي الله عنه: لما طعن عمر رضي الله عنه عولت1 عليه حفصة، فقال: يا حفصة، أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المعول عليه يعذب".
وعول صهيب2، فقال عمر: يا صهيب، أما علمت أن المعول عليه يعذب3.
وقبل وفاته رضي الله عنه طلب صحابة النبي صلى الله عليه وسلم منه أن يستخلف عليهم خليفة، فقالوا: ألا تستخلف؟ فقال رضي الله عنه: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني أبو بكر، وإن أترك، فقد ترك من هو خير مني رسول الله صلى الله عليه وسلم4.
ثم قال رضي الله عنه: ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، فسمى علياً وعثمان، والزبير، وطلحة، وسعداً، وعبد الرحمن، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيءٌ كهيئة التعزية له، فإن أصابت الإمارة سعداً فهو ذاك، وإلا فليستعن به أيكم ما أمر، فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة5.
____________________
1 العَويل: رفع الصوت بالبكاء، وقال شمر: الصياح والبكاء. ابن منظور / لسان العرب 9/479.
2 هو الرومي رضي الله عنه، تقدمت ترجمته في ص: (147) .
3 رواهما البخاري / الصحيح 1/223،224، مسلم / الصحيح / شرح النووي 6/228،230،231. واللفظ له.
4 صحيح. تقدم تخريجه في ص: (547) .
5 صحيح. تقدم تخريجه في ص: (635) .(2/1111)
وقال ابن عمر رضي الله عنهما: "دخل الرهط على عمر قبيل أن ينزل به عبد الرحمن بن عوف وعثمان وعليّ والزبير وسعد، فنظر إليهم فقال: إني قد نظرت لكم في أمر الناس فلم أجد عند الناس شقاقاً إلا أن يكون فيكم، فإن كان شقاق فهو فيكم، وإنما الأمر إلى ستة: إلى عبد الرحمن بن عوف وعثمان وعليّ والزبير وطلحة وسعد، وكان طلحة غائباً في أمواله بالسراة.
ثم إن قومكم إنما يؤمرون أحدكم أيها الثلاثة لعبد الرحمن وعثمان وعليّ، فإن كنت على شيء من أمر الناس يا عبد الرحمن فلا تحمل ذوي قرابتك على رقاب الناس، وإن كنت يا عثمان على شيء من أمر الناس فلا تحملن بني أبي معيط على رقاب الناس، وإن كنت على شيء من أمر الناس يا عليّ فلا تحملن بني هاشم على رقاب الناس.
ثم قال: قوموا فتشاورا فأمروا أحدكم.
قال عبد الله بن عمر: فقاموا يتشاورن فدعاني عثمان مرة أو مرتين ليدخلني في الأمر، ولا والله ما أحب أني كنت فيه، علماً أنه سيكون في أمرهم ما قال أبي، والله لقل ما رأيته يحرك شفتيه بشيء قط إلا كان حقاً.
فلما أكثر عثمان عليّ قلت له: ألا تعقلون؟ أتؤمرون وأمير المؤمنين حي؟! فوالله لكأنما أيقظت عمر من مرقد فقال عمر: أمهلوا فإن(2/1112)
حدث بيَ حدث فليصل لكم صهيب ثلاثاً، ثم أجمعوا أمركم، فمن تأمر منكم على غير مشورة من المسلمين فاضربوا عنقه1.
وروي أن عمر رضي الله عنه بعد أن رشح الستة: عثمان وعليّ وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وسعد، أوصاهم واحداً واحداً بتقوى الله إن هم ولوا الخلافة، ثم دعا صهيباً فقال: "صل بالناس ثلاثاً، ليخل هؤلاء القوم في بيت فإذا اجتمعوا على رجل فمن خالفهم فاضربوا رأسه"2.
____________________
1 رواه ابن سعد/ الطبقات، 3/344. وسنده متصل ورجاله ثقات. فالأثر صحيح.
قال: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري عن أبيه عن صالح بن كيسان، قال: ابن شهاب: أخبرني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر قال: ... الأثر.
2 رواه ابن سعد/ الطبقات 3/340، وابن شبه/ تاريخ المدينة 3/140، 141، والطبري/ التاريخ 2/580، الخلال/ السنة، ص: 278. ورجال إسناده عند ابن سعد ثقات.
قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون، قال: شهدت عمر رضي الله عنه حين طعن ... الأثر.
ورواه الخلال من طريق إسرائيل به مثله. وفيه تدليس أبي إسحاق السبيعي مدلس من الثالثة ولم يصرح بالسماع. وهو عند ابن شبه من غير إسناد. وفي إسناده عند الطبري قتادة بن دعامة مدلس ولم يصرح بالسماع. وفيه يوسف ابن يزيد عن عباس بن سهل لم أعرفهما. وفيه انقطاع يونس بن أبي إسحاق لم يرو عنه عمرو بن ميمون، وإنما روى عنه أبوه كما في رواية ابن سعد والخلال. فالأثر ضعيف.(2/1113)
وروي أن عمر رضي الله عنه قال للستة من أهل الشورى: "بايعوا لمن بايع له عبد الرحمن بن عوف، فإذا بايعتم لمن بايع له عبد الرحمن فمن أبى فاضربوا عنقه"1.
وروي أنه رضي الله عنه قال للأنصار بعد أن رشح الستة نفر من أهل الشورى: "أدخلوهم بيتاً ثلاثة أيام، فإن استقاموا وإلا فادخلوا عليهم فاضربوا أعناقهم"2.
____________________
1 رواه الطبري/ مجمع البحرين 4/302. وفي إسناده عبد الله بن زيد بن أسلم، صدوق فيه لين، تق: 304. وهو منقطع من رواية زيد بن أسلم عن عمر رضي الله عنه وهو ثقة من الثالثة، تق: 202. فالرواية ضعيفة.
2 رواه ابن سعد/ الطبقات 3/342، وابن شبة/ تاريخ المدينة 3/140، 141، والطبري/ التاريخ 2/580.
وإسناده عند ابن سعد رجاله ثقات سوى سماك بن حرب فهو صدوق تغير بآخره فكان ربما تلقن من الرابعة. يروي عن عمر رضي الله عنه وروايته عنه منقطعة.
ورواه ابن شبة من غير إسناد، ورواه الطبري من طريق ابن شبة، فقال: حدّثنا عمر بن شبة، قال: حدّثنا عليّ بن محمّد عن وكيع عن الأعمش عن إبراهيم ومحمّد بن عبد الله الأنصاري عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن شهر بن حوشب وأبي مخنف عن يوسف بن يزيد عن عباس بن سهل ومبارك بنعبيد الله بن عمر هو: العمري ثقة لم تذكر له رواية عن عمرو بن ميمون.
ويونس بن أبي إسحاق السبعي صدوق يهم قليلاً، تق: 613. ولم تذكر له رواية عن عمرو بن ميمون، وإنما الذي يروي عن عمرو هو أبوه عمرو بن أبي إسحاق السبعي. فالأثر ضعيف.(2/1114)
والذي يستنتتج من الروايات في خبر أصحاب الشورى الستة وهي رواية الصحيح الأولى أن عمر رضي الله عنه رشح للمسلمين بعده ستة نفر يختارون أحدهم خليفة.
____________________
فضالة عن عبيد الله بن عمر ويونس بن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي أن عمر لما طعن ... الأثر.
عمر بن شبة؛ هو: صاحب تاريخ المدينة، ثقة، تق: 413.
عليّ بن محمّد لعله المدائني صدوق. سير أعلام النبلاء 10/400. ونقل الذهبي في الميزان عن ابن معين توثيقه له 3/153.
وكيع هو: ابن الجراح ثقة تق: 581. الأعمش سليمان بن مهران ثقة، تق: 254. وهو مدلس من الثالثة ولم يصرح بالسماع. إبراهيم؛ لم أعرفه.
ومحمّد بن عبد الله الأنصاري هو: ابن المثنى ثقة، تق: 490.
ابن أبي عروبة؛ هو: سعيد ثقة. تق: 239. وقتادة هو ابن دعامة ثقة تق: 453. مدلس من الثالثة. ولم يصرح بالسماع.
وشهر بن حوشب صدوق كثير الإرسال والأوهام، تق: 269.
أبو مخنف لوط بن يحيى إضباري تالف لا يوثق به. ميزان الاعتدال 3/419.
يوسف بن يزيد لم أعرفه وكذلك عباس بن سهل، ومبارك بن فضالة صدوق يدلس ويسوي، تق: 519. مدلس من الثالثة ولم يصرح بالسماع.(2/1115)
وفي الرواية الثانية الصحيحة زيادة تفصيل وهو أن عمر رضي الله عنه أوصى الستة الذين رشحهم للخلافة بعده أن يتقي الله كل منهم إن اختاره المسلمون خليفة لهم ولا يحملون قرابته على رقاب الناس، وحذّرهم من الانشقاق، وأمرهم بضرب عنق من يريد أن يشقّ عصا المسلمين ويبايع بالخلافة من لم يبايعوه، أو من يتأمر من غير مشورة منهم كائناً من كان هذا الخارج والمنشق. وهذا هو الذي تدلّ عليه الرواية الثالثة.
أما الروايتان الأخيرتان، فإنهما لم تثبتا، ويبعد أن يأمر عمر رضي الله عنه الستة بمبايعة من بايعه عبد الرحمن بن عوف وهو قد جعل الأمر للمسلمين يختارون أحد الستة.
وكذلك يستحيل أن يأمر عمر رضي الله عنه الأنصار بإمهال هؤلاء النفر الستة وهم من خيرة صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ليختاروا أحدهم، فإن فعلوا وإلا ضربوا أعناقهم، وكيف يكون حال المسلمين بعد ضرب أعناق جميع من هم أهل للخلافة من التفرق والخلاف والشقاق والفتنة. والله أعلم.
ثم أوصى عمر رضي الله عنه ابنه عبد الله بسداد دينه، فقال: يا عبد الله بن عمر، انظر ما علي من الدين، فحسبوه، فوجدوه، ستة وثمانين ألفاً أو نحوه1، فقال عمر رضي الله عنه: إن وفى مال آل عمر فأده من
____________________
1 وفي رواية عند البيهقي / السنن الكبرى 6/286، أن دين عمر رضي الله عنه كان ثمانين ألفاً. وفي إسناده أحمد بن محمد بن عبد وس، قال الحاكم: كان صدوقاً، وقال الذهبي: الشيخ المسند الأمين. سير أعلام النبلاء 15/519، وفيه عثمان بن سعيد الدارمي، ذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. الجرح والتعديل 6/153، وقال الذهبي: الإمام العلامة الحافظ الناقد، شيخ تلك الديار. سير أعلام النبلاء 13/319، وبقية رجاله ثقات. فالأثر حسن. ويوفق بين هذه الرواية ورواية الصحيح بأن رواية الصحيح محتملة الزيادة والنقص حيث فيها ستة وثمانين أو نحوها، فيحمل على أنها كانت بين الثمانين والستة والثمانين. والله أعلم.(2/1116)
أموالهم، وإلا فسل في بني عدي بن كعب، فإن لم تف أموالهم، فسل في قريش، ولا تعدهم إلى غيرهم، فأد عني هذا المال1.
وأمر رضي الله عنه ابنه عبد الله أن يستأذن عائشة رضي الله عنها في أن يدفن في بيتها بجوار صاحبيه، النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه.
قال رضي الله عنه: انطلق إلى عائشة أم المؤمنين، فقل: يقرأ عليك عمر السلام، ولا تقل أمير المؤمنين، فإني لست اليوم للمؤمنين أميراً، وقل يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه، فسلم واستأذن، ثم دخل عليها، فوجدها قاعدة تبكي، فقال: يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام، ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه، فقالت: كنت أريده لنفسي، ولأوثرنّ به اليوم على نفسي. فلما أقبل عبد الله، قيل: هذا عبد الله بن عمر قد جاء، فقال: ارفعوني، فأسنده رجل إليه، فقال: ما لديك؟ قال الذي تحب يا أمير المؤمنين، أَذِنَت، قال: الحمدلله، ما كان من شيء أهم إلي من ذلك،
____________________
1 رواه البخاري / الصحيح 2/299.(2/1117)
فإذا أنا قضيت، فاحملوني ثم سلم، فقل يستأذن عمر بن الخطاب، فإن أذنت لي، فأدخلوني وإن ردتني ردوني إلى مقابر المسلمين1.
ووافت المنية عمر رضي الله عنه وانتقل إلى جوار ربه عز وجل مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
وقد رويت عدة أقوال في تاريخ وفاته رضي الله عنه، روي أنه أصيب يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة2.
وروي أنه طعن لثلاث بقين من ذي الحجة، فعاش ثلاثة أيام، وقيل سبعة3.
وروي أنه طعن يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، ودفن يوم الأحد، صبيحة هلال المحرم، فكانت خلافته عشر سنوات، وخمسة أشهر، وإحدى وعشرين ليلة4.
____________________
1 رواه البخاري / الصحيح 2/299.
2 رواه خليفة بن خياط / التاريخ ص 152، الطبري / التاريخ 2/561، الحاكم / المستدرك 3/90، وفي إسناده عند خليفة والحاكم قتادة بن دعامة مدلس من الثالثة، ولم يصرح بالسماع، وبقية رجاله عند الحاكم ثقات، وفيه عند الطبري أحمد بن ثابت الرازي، قال الذهبي: قال ابن أبي حاتم عمن حدثه: لا يشكون أنه كذاب. ميزان الاعتدال 1/86.
3 رواه خليفة بن خياط / التاريخ ص 152 من غير إسناد.
4 رواه ابن شبة / تاريخ المدينة 3/160، البلاذري/ أنساب الأشراف ص 378، الطبري / التاريخ 2/561، أبو نعيم / معرفة الصحابة 1/192، 193، كلهم نقلاً عن الواقدي.(2/1118)
وقيل إنه دفن يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة1.
وقيل إنه توفي ليلة الأربعاء لثلاث ليال بقين من ذي الحجة2.
وهذه الأقوال متفقة على أنه طعن وتوفي في الأيام الأخيرة من شهر ذي الحجة، من السنة الثالثة والعشرين.
ثم غسل رضي الله عنه وكفن3.
وروي أنه غسل ثلاثاً بماء وسدر4.
وروي أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما هو الذي ولي غسل عمر وكفنه في خمسة أثواب5.
____________________
1 رواه الطبراني / المعجم الكبير 1/70، أبو نعيم / معرفة الصحابة 1/201، وفي إسناديهما عبد الله بن صالح كاتب الليث، صدوق كثير الغلط، وفيه رشدين بن سعد، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال أبو زرعة: ضعيف، وقال الجوزقاني: عنده مناكير كثيرة، وقال النسائي: متروك، وقال الذهبي: كان صالحاً عابداً سيء الحفظ، غير معتمد. ميزان الاعتدال 2/49.
2 رواه أبو نعيم / معرفة الصحابة 1/202، ومداره على عبد العزيز بن عمران ابن أبي ثابت الأعرج. متروك. تق 358.
3 رواه مالك / الموطأ 1/367، الشافعي / المسند ص 356، عبد الرزاق / المصنف 5/275، ابن سعد / الطبقات 3/366. صحيح من طريق مالك.
قال: عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر غسل ... الأثر.
4 رواه ابن سعد / الطبقات 3/366، من طريق الواقدي. فالأثر ضعيف.
5 رواه الطبراني / المعجم الكبير 1/70، أبو نعيم / معرفة الصحابة 1/202، وإسناده عند الطبراني رجاله ثقات، ولكنه معضل من كلام يحيى بن عبد الله ابن بكير، وهو ثقة من كبار العاشرة، وهو عند أبي نعيم من طريق الواقدي. فالأثر ضعيف.(2/1119)
وروي أنه أوصى أن لا يغسل بمسك1.
وروي كذلك أنه كفن في ثلاثة أثواب2.
وروي أنه كفن في قميص وحلة3.
____________________
1 رواه ابن سعد /الطبقات 3/366، ابن أبي شيبة / المصنف 2/461، البلاذري / أنساب الأشراف ص 380،381، ومداره على حجاج بن أرطأة، صدوق كثير الخطأ والتدليس، ولم يصرح بالسماع، وفيه عبد الله بن معقل لعله ابن مقرن المزني، ثقة من كبار الثالثة. لم تذكر له رواية عن عمر رضي الله عنه. فالأثر ضعيف.
2 رواه عبد الرزاق / المصنف 3/425، ابن سعد /الطبقات 3/366، ابن أبي شيبة / المصنف 2/462، البلاذري / أنساب الأشراف ص 380، ومداره على عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب، ضعيف. تق 285، وبقية رجاله عند عبد الرزاق ثقات. فالأثر ضعيف.
3 رواه ابن سعد /الطبقات 3/366، البلاذري / أنساب الأشراف ص 380، 381، ابن المنذر / الأوسط 5/361، وفيه عند ابن سعد، والبلاذري الواقدي، وفيه عند ابن المنذر قتادة بن دعامة مدلس، ولم يصرح بالسماع، وهو منقطع من رواية الحسن البصري عن عمر. فالأثر ضعيف.(2/1120)
وصلى عليه صهيب الرومي1 رضي الله عنه في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم2.
وروي أنه صُلى عليه وهو على سريره3.
وروي أن الذي صلى عليه الزبير بن العوام رضي الله عنه، ولا يثبت ذلك4.
____________________
1 تقدمت ترجمته في ص:147.
رواه عبد الرزاق / المصنف 3/471، ابن سعد / الطبقات 3/207، البلاذري / أنساب الأشراف ص: 382،383، أبو زرعة / التاريخ 1/181،182. صحيح من طريق أبي زرعة.
قال: قال سليمان بن حرب فيما حدّثني العباس العنبري عنه، قال: حدّثنا وهيب عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن صهيباً ... الأثر.
2 رواه ابن سعد / الطبقات 3/367،368، ابن أبي شيبة / المصنف 3/44، البلاذري / أنساب الاشراف ص 382. صحيح من طريق ابن سعد.
قال: أخبرنا الفضل بن دكين، قال: أخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أن عمر صلّى ... الأثر.
3 رواه ابن شبة / تاريخ المدينة 3/157، وسنده متصل، ورجاله ثقات سوى شيخ ابن شبة الحسن بن عثمان لم أعرفه.
4 رواه عبد الرزاق / المصنف 3/471، ورجاله ثقات إلا أنه منقطع من رواية قتادة بن دعامة، وهو مدلس من رؤوس الطبقة الرابعة روايته عن عمر منقطعة. فالأثر ضعيف.(2/1121)
ثم أدخل رضي الله عنه حجرة عائشة رضي الله عنها، ودفن إلى جنب صاحبيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه، قالت عائشة رضي الله عنها: كنت أدخل بيتي الذي دفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي، فأضع ثوبي، فأقول: إنما هو زوجي وأبي، فلما دفن عمر معهم، فوالله ما دخلت إلا وأنا مشدودة على ثيابي حياءً من عمر1.
وروي أن قبره لحد2 له رضي الله عنه3.
وروي أنه رضي الله عنه جعل رأسه في قبره عند حقوي4 النبي صلى الله عليه وسلم5.
____________________
1 رواه ابن سعد/ الطبقات 2/294، 3/364، أحمد/ المسند6/202، ابن شبة/ تاريخ المدينة 3/162، الخلال / السنة ص 297. صحيح من طريق أحمد.
قال: ثنا حماد بن أسامة، قال: أنا هشام عن أبيه عن عائشة قالت: كنت ... الأثر.
2 اللَّحْد: الشق الذي يكون في جانب القبر، موضع الميت، لأنه قد أميل عن وسط إلى جانبه، وقيل الذي يحفر في عرضه. ابن منظور / لسان العرب 12/246.
3 رواه ابن أبي شيبة / المصنف 3/14، الطحاوي / مشكل الآثار 4/47، وفي إسناديهما حجاج بن أرطأة، صدوق مدلس من الثالثة، ولم يصرح بالسماع، وبقية رجاله عند ابن أبي شيبة ثقات. فالأثر ضعيف.
4 الحقو: الخصر، ومشد الإزار من الجنب، ابن منظور / لسان العرب 3/265.
5 رواه ابن سعد / الطبقات 3/209،368، ابن شبة / تاريخ المدينة 3/161، البلاذري / أنساب الأشراف ص 383،384، كلهم من طريق الواقدي.(2/1122)
وروي أن القاسم بن محمد1 رحمه الله قال لعائشة رضي الله عنها: يا أمه، اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، فكشفت عن ثلاثة قبور لا مشرفة، ولا لاطئة2 مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدماً، وأبا بكر رأسه بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم، وعمر رأسه عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم3.
____________________
1 القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي ثقة، أحد الفقهاء بالمدينة من كبار الثالثة. تق 451.
2 لاطئة: لطيئ بالأرض، ولطأ بها إذا لزق. ابن الأثير / النهاية في غريب الحديث 4/249.
3 رواه أبو داود / السنن 3/215، ابن شبة / تاريخ المدينة 3/161،162، أبو يعلى / المسند 8/53، الطبري / التاريخ 2/349، الحاكم / المستدرك 1/369،370، كلهم من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن عمرو ابن عثمان بن هانئ وعمرو بن عثمان ذكره ابن حبان في الثقات 8/478، وقال ابن حجر / مستور. تق 424.
وبقية رجاله عند أبي داود ثقات سوى محمّد بن إسماعيل بن أبي فديك فهو صدوق تق: 468.
وقد صححه الحاكم ووافقه الذهبي. وضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود ص: 326.
وقال ابن حجر عند ذكره لما رواه الآجري عن رجاء بن حيوة من قوله:: "وكان قبر أبي بكر وسط النبي صلى الله عليه وسلم، وعمر خلف أبي بكر رأسه عند وسطه. وهذا ظاهره يخالف حديث القاسم فإن أمكن الجمع، وإلاّ فحديث القاسم أصحّ". فتح الباري 3/257.(2/1123)
وروي أن عثمان بن عفان وسعيد بن زيد1 رضي الله عنهما نزلا في قبر عمر رضي الله عنه لما دفن2.
وكان عمره رضي الله عنه حين توفي ثلاثة وستين عاماً3.
ورويت أقوال أخرى في مقدار عمره رضي الله عنه وما تقدم هو الثابت.
فروي أنه توفي وعمره واحد وخمسون4، وقيل اثنان وخمسون5.
وقيل أربعة وخمسون6، وقيل خمسة
____________________
1 تقدمت ترجمته في ص: (103) .
2 رواه ابن سعد / الطبقات 3/368، البلاذري / أنساب الأشراف ص 383. ومداره على الواقدي.
3 رواه مسلم /الصحيح / شرح النووي 15/101-103، عبد الرزاق / المصنف 3/599، أحمد / المسند 4/96.
4 رواه ابن أبي شيبة / المصنف 7/16، ورجال إسناده ما بين ثقة، وصدوق، وهو منقطع من رواية قتادة بن دعامة عن عمر رضي الله عنه.
5 رواه خليفة بن خياط / التاريخ ص 153، ورجال إسناده ثقات، ولكنه منقطع من رواية قتادة بن دعامة عن عمر رضي الله عنه.
6 رواه ابن معين / التاريخ / رواية الدوري 2/427، ورجاله ثقات، وهو من رواية سعيد بن المسيب عن عمر رضي الله عنه، وكان مهتماً بأخباره.(2/1124)
وخمسون1، وقيل سبعة وخمسون2، وقيل تسعة وخمسون3، وقيل إحدى وستون4.
وقيل وهو ابن ستة وستين5، وقيل توفي وهو ابن ثلاثة وسبعين6.
____________________
1 رواه الطبراني/ المعجم الكبير 1/69. صحيح.
قال: حدّثنا عليّ بن عبد العزيز، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا جرير بن حازم عن نافع عن ابن عمر، قال: لما مات عمر ... الأثر. ورواية الصحيح مقدمة عليه.
2 ابن أبي شيبة / المصنف 7/14، الطبري / التاريخ 2/563، وفيه عند ابن أبي شيبة إبهام بشيخه حيث قال: حدثنا شيخ لنا، وهو منقطع من رواية محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ثقة من الرابعة، وهو عند الطبري من طريق الواقدي.
3 رواه أبو نعيم / معرفة الصحابة 1/196،197، وفي إسناده أبو حامد بن جبلة شيخ أبي نعيم، لم أجد له ترجمة، وهو منقطع من رواية نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة من الثالثة.
4 رواه الطبري / التاريخ 2/563، الطبراني / المعجم الكبير 1/69، وهو عند الطبري من غير إسناد، وإسناده عند الطبراني منقطع من رواية قتادة بن دعامة، ورجاله ثقات.
5 رواه ابن سعد / الطبقات 3/365، الطبري / التاريخ 2/563، ومداره على الواقدي. فالأثر ضعيف.
6 رواه الطبراني / مجمع البحرين 1/270، وفي إسناده محمد بن عبد الرحيم الديباجي شيخ الطبراني، لم أجد له ترجمة، وفيه حماد بن بحر السري، قال أبو حاتم: شيخ مجهول. الجرح والتعديل 3/133. فالأثر ضعيف.(2/1125)
ولعل سبب الاختلاف في مقدار سن عمر رضي الله عنه، راجع للاختلاف في سنة ولادته رضي الله عنه الذي تقدم ذكره1.
ولقد خيمت على مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم سحابة من الحزن والغم والكرب الشديد لفقد هذا الخليفة والقائد المظفر البار الراشد رضي الله عنه وأرضاه.
قال ابن مسعود رضي الله عنه، وهو يخطب في أهل الكوفة: أما بعد، فإن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مات، فلم نر يوماً أكثر نشيجاً من يومئذ2.
وسعى عبيد الله بن عمر3 رضي الله عنه للثأر من قاتل أبيه، فقام بقتل الهرمزان4، وجفينة النصراني، وابنة لأبي لؤلؤة المجوسي صغيرة، وذلك بعد أن سمع عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق5 رضي الله عنهما
____________________
1 انظر ص 84.
2 رواه ابن سعد / الطبقات 3/63، ورجاله ثقات سوى عاصم بن أبي النجود، فهو صدوق. فالأثر حسن.
3 عبيد الله بن عمر بن الخطاب، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحفظ له رواية ولا سماعاً. ابن عبد البر / الاستيعاب 3/132.
4 تقدمت ترجمته في ص: 243.
5 عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق شقيق عائشة رضي الله عنها، تأخر إسلامه إلى قبل الفتح وشهد اليمامة والفتوح، ومات في طريق مكة فجأة. تق 337.(2/1126)
يقول: انتهيت إلى الهرمزان وجفينة النصراني1 وأبي لؤلؤة، وهم نجي2، فبغتُّهم، فثاروا، وسقط من بينهم خنجر له رأسان، نصابه في وسطه، فقال عبد الرحمن: فانظروا، فوجدوه خنجراً على النعت الذي نعت عبد الرحمن، فخرج عبيد الله مشتملاً على السيف حتى أتى الهرمزان، فقال: اصحبني حتى تنظر إلى فرس لي، وكان الهرمزان بصيراً بالخيل، فخرج يمشي بين يديه، فعلاه عبيد الله بالسيف، فلما وجد حر السيف قال: لا إله إلا الله، فقتله، ثم أتى جفينة، وكان نصرانياً، فدعاه، فلما أشرف له علاه بالسيف، فصلب بين عينيه3، ثم أتى ابنة أبي لؤلؤة جارية صغيرة، تدعي الإسلام، فقتلها، فأظلمت المدينة يومئذ على أهلها، ثم أقبل عبيد الله بالسيف صلتاً في يده، وهو يقول: والله لا أترك في المدينة سبياً إلا قتلته، فجعلوا يقولون له: الق السيف، ويأبى، ويهابونه أن يقربوا منه، حتى أتاه عمرو بن العاص، فقال: أعطني السيف يابن أخي،
____________________
1 جفينة النصراني كان نصرانياً من أهل الحيرة ظئراً لسعد بن مالك أقدمه المدينة للصلح الذي كان بينه وبينهم، وليعلم بالمدينة الكتابة. الطبري/ التاريخ 2/587.
والظئر؛ هو: زوج المرضعة، ومنه حديث سيفٍ القين: ظئر إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم. ابن منظور/ لسان العرب 8/445.
2 انتجى القوم وتناجوا: تشاوروا. ابن منظور / لسان العرب 14/64.
3 أي ضربه على عُرضة حتى صارت الضربة كالصليب. ابن منظور / لسان العرب 7/382.(2/1127)
فأعطاه إياه، ثم ثار إليه عثمان، فأخذ برأسه فتناصيا1حتى حجز الناس بينهما، فلما ولي عثمان قال: أشيروا علي في هذا الرجل الذي فتق في الإسلام فتقاً، يعني عبيد الله ابن عمر، فأشار عليه المهاجرون أن يقتله، وقال جماعة من الناس: أيُقتل عمر أمس، وتريدون أن تتبعوه ابنه اليوم؟ أَبْعَدَ الله الهرمزان وجفينة، فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين، أعفاك الله أن يكون هذا الأمر ولك على الناس من سلطان، إنما كان هذا الأمر، ولا سلطان لك على الناس، فاصفح عنه يا أمير المؤمنين.
فتفرق الناس على خطبة عمرو، وودى عثمان رضي الله عنه الرجلين والجارية2.
والأثر السابق استدل به على مشاركة الهرمزان وجفينة النصراني في التآمر على قتل عمر رضي الله عنه. وقد أضاف إليهم البعض3 كعب الأخبار4 لإخباره عمر رضي الله عنه بيوم وفاته.
____________________
1 أي أخذ كل واحد منهما بناصية صاحبه. المصدر السابق 14/170.
2 رواه عبد الرزاق/ المصنف5/474-480، ابن سعد/ الطبقات3/355-357، 5/17/18، ابن أبي عاصم/ الآحاد والمثاني1/110، البيهقي/ السنن الكبرى 7/47، 48. صحيح من طريق عبد الرزاق.
قال: عن معمر عن الزهري فأخبرني سعيد بن المسيب أن عبد الرحمن بن أبي بكر ولم نجرب عليه كذبة قط، قال: حين قتل عمر ... الأثر.
3 انظر: علي الطنطاوي / أخبار عمر، ص: 396.
4 تقدمت ترجمته في ص: (317) .(2/1128)
فقد ورد أنّ عمر رضي الله عنه دعا أم كلثوم1 بنت عليّ بن أبي طالب وكانت تحته فوجدها تبكي فقال: ما يبكيك؟ قالت: يا أمير المؤمنين هذا اليهودي2 - تعني كعب الأخبار - يقول: إنّك على باب من أبواب جهنم. فقال عمر: ما شاء، والله إنّي لأرجوا أن يكون ربّي خلقني سعيداً ثم أرسل إلى كعب فدعاه، فلما جاءه كعب، قال: يا أمير المؤمنين لا تعجل عليّ، والذي نفسي بيده لا ينسلخ ذو الحجّة حتى تدخل الجنة، فقال عمر: أي شيء هذا، مرّة في الجنة ومرة في النّار؟ فقال: يا أمير المؤمنين، والذي نفسي بيده إنا لنجدك في كتاب الله على باب من أبواب جهنم تمنع النّاس أن يقعوا فيها فإذا مت لم يزالوا يقتحمون فيها إلى يوم القيامة3.
____________________
1 تقدمت ترجمتها في ص: (229، 244) .
2 لعلّ أم كلثوم قالت ذلك باعتبار ما كان عليه كعب من اليهودية أو لعلها لم تعلم بإسلامه.
3 رواه ابن سعد/ الطبقات 3/332، والبلاذري/ أنساب الأشراف/ الشيخان، ص: 334، 335، أبو نعيم/ حلية الأولياء 6/23.
وإسناده عند ابن سعد متّصل ورجاله ثقات. قال: أخبرنا معن بن عيسى، أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الله بن دينار عن سعد الجاري مولى عمر بن الخطاب أنّ عمر ... الأثر.
وسعد الجاري قال عنه ابن حجر: "اختلف في صحبته". الإصابة 2/112. وذكره في تعجيل المنفعة ص: 150، وذكره ابن حبان في الثّقات 4/296، وابن حاتم/ الجرح والتّعديل 4/96 باسم سعد بن يربوع الجاري.
ورواه البلاذري من طريق مالك بن أنس، ولفظه مختصر حيث إنّه فيه قول كعب لعمر فقط: إنا لنجدك في كتاب الله على باب من أبواب جهنم تمنع النّاس أن يقعوا فيها، فإذا لم يزالوا يقتحمونها إلى يوم القيامة.
وفي إسناده عند أبي نعيم شيخه إبراهيم بن عبد الله الأصبهاني. ذكره الخطيب البغدادي ولم يذكر في جرحاً ولا تعديلاً. تاريخ بغداد 6/127.(2/1129)
وفي أثر آخر أنّ كعب الأخبار قال: يا أمير المؤمنين: اعهد فإنّك ميّت في ثلاثة أيام. قال: وما يدريك؟ قال: أجده في كتاب الله عز وجل التّوراه. قال عمر: آلله إنّك لتجد عمر بن الخطاب في التّوراة؟ قال اللهم لا، ولكن أجد صفتك وحليتك، وأنّه قد فنى أجلك. وعمر لا يحسّ وجعاً ولا ألماً فلما كان من الغد جاءه كعب فقال: يا أمير المؤمنين، ذهب يوم وبقي يومان، ثم جاءه من غد الغد، فقال: ذهب يومان وبقي يوم وليلة، وهي تلك إلى صحبيحتها فلما طعن عمر دخل عليه كعب، فلما نظر إليه عمر أنشأ يقول:
____________________
وبقية رجاله ثقات. ولكنه معضل من رواية عبد الله بن أبي جعفر المصري عن كعب الأخبار، وهو ثقة من الخامسة، تق: 370. ولفظه أنّ كعباً كان يقول: إنّ عمر بن الخطاب على باب من أبواب النّار، فإذا هلك انفتح. وليس فيه أنّ الخطاب كان لعمر رضي الله عنه، أو أنّه ذكر له قرب وفاته.(2/1130)
فأوعدني كعب ثلاثاً أعدّها ولا شكّ أنّ القول ما قال لي كعب
وما بي حذر الموت إنّي لميّت ولكن حذار الذنب يتبعه الذنب1.
ففي هذه الرّواية أخبر كعب عمر أنّه يجد في التّوراة صفته وأنّ أجله قد فني.
وأخبار كعب - رحمه الله - عمر رضي الله عنه بقرب وفاته لا يدل على مشاركته في التآمر لقتل عمر رضي الله عنه، فلعله وجد ذلك في التّوراة أو فهمه من نصوصها، أو سمعه من أهل الكتاب وإقسام كعب لعمر بذلك كما في الرّواية الأولى يدل على أنّه أخذ ذلك من علم صحيح، ولو كان إخباره له بذلك لاشتراكه في مؤامرة لقتله لما جزم بذلك، فقد تفشل المؤامرة، وتحل
____________________
1 رواه ابن شبه/ تاريخ المدينة 3/107، والبلاذري/ أنساب الأشراف/ الشيخان، ص: 361، 362، والطبري/ التاريخ 2/559.
وفي إسناده عند ابن شبه والطبري عبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف، وهو المعروف بعبد العزيز بن أبي ثابت، متروك احترقت كتبه فحدث من حفظه، فاشتد غلطه. من الثّامنة تق: 358.
وفيه عند البلاذري عاصم بن عمر لم أعرفه. وعبيد الله بن عمر لعله العمري، ثقة من الطبقة الخامسة تق: 173، يوي عن كعب الأخبار ولم يدركه. فالأثر ضعيف.(2/1131)
الدائرة على المتآمرين، وينجو عمر، وأيضاً لو كان الأمر كذلك لكتم كعب ذلك عن عمر حتّى لا يثير الشّبهات حوله، وعلى أية حالٍ فإنّ عمر رضي الله عنه وهو صاحب الحدس الصادق والمعرفة التامة بالرّجال لم يفهم من كلام كعب تهديداً له بل لقد كان كعب من جلساء عمر رضي الله عنه وأصحابه وكان يطلب منه أن يخونه ويذكره حتّى يرق قلبه1.والله أعلم.
وكذلك لم يثبت اشتراك عيينة2 بن حصن في التآمر لقتل عمر رضي الله عنه كما فهمه البعض من الرواية التي فيها أنّ عيينة قال لعمر: إنّ الله جعلك فتنة على أمة محمّد، فقال: كذّب. إنّ رّبي ليعلم أنّي لم أضمر لها غير العدل والإحسان. وقال عيينة: لم أذهب هناك، ولكن يفقدون سيرتك، فيضرب بعضهم رقاب بعض، فقال: ما أنا لذلك بآمر. فقال: يا أمير المؤمنين، احترس من الأعاجم وأخرجهم من المدينة فإنّي لا آمنهم عليك3.
____________________
1 انظر ص: (317) .
2 تقدمت ترجمته في ص: (251) .
3 رواه ابن سعد/ الطبقات/ الطبقة الرابعة 2/562، وابن شبه/تاريخ المدينة 3/106، والبلاذري/ أنساب الأشراف، ص: 359، وابن عساكر/ تاريخ دمشق، ص: 348.
ومداره عند ابن سعد والمبلاذري وابن عساكر على المدائني عن عامر بن أبي محمّد يروي عن عيينة، والمدائني هو: عليّ بن محمّد المدائني شيخ البلاذري ثقة، تقدمت ترجمته في ص: (1115) .
وعامر بن أبي محمّد لم أجد له ترجمة، ورواه ابن شبه من غير إسناد. فالرواية غير ثابتة.(2/1132)
بعض الأخبار المتعلّقة بعمر رضي الله عنه بعد وفاته:
1- نعي الجنّ له رضي الله عنه:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: أذن عمر رضي الله عنه لأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم فحججن في آخر حجة حجّها عمر رضي الله عنه، قالت: فلما ارتحل عمر رضي الله عنه من الحصبة1 من آخر اللّيل أقبل رجل متلثم وقال وأنا أسمع: أين كان أمير
____________________
1 في رواية ابن سعد مكان الحصبة (المحصب) ذكر الشّيخ عبد الملك بن عبد الله ابن دهش في تحقيقه لكتاب أخبار مكة للأزرفي خمسة أقوال في تحديد مكان المحصب، ورجّح القول بأنّه ما بين شعب عمرو الذي هو الملاوي العليا الممتدة إلى جهة منى، إلى ثنية أذاخر، فيأخذ قضاء البياضية وموضع قصر السّقاف ثم يصعد في شعب أذاخر حتى يصل ربع ذاخر. 40/72، 73.
وقال البلاذري: المحصب: ما بين منى إلى المنحى، والمنحى حد المحصب من الأبطح، فمنذ أن تخرج من منى فأنت في المحصب حتى يضيق الوادي بين العيرتين فذاك المنحى.
وقال في تعريفه للأبطح: وقد سمي الشارع المار من المنحى إلى ريع الحجون (شارع الأبطح) وهو شار كثير العمائر والأسواق وعليه طريق الحاج من المسجد الحرام إلى منى. معجم المعالم الجغرافية، ص:13، 14، 282، 283.(2/1133)
المؤمنين نزل؟ فقال له قائل وأنا أسمع: هذا كان منزله فأناخ في منزل عمر، ثم رفع عقبرته1 ينغني:
عليك السّلام من أمير وباركت يد الله في ذاك الأديم الممزق
فمن يجر أو يركب جناحي نعامة ليدرك ما قدّمت بالأمس يسبق
قضيت أموراً ثم غادرت بعدها نوائح في أكمامها لم تفتق
قالت عائشة رضي الله عنها: فقلت لهم: اعلموا لي علم هذا الرجل فذهبوا فلم يروا في مناخه أحداً، فكانت عائشة رضي الله عنها تقول: إنّي لا أحسبه من الجن2.
____________________
1 عقبرة الرجل: صوته إذا غنى أو قرأ أو بكى. ابن منظور/ لسان العرب 9/314.
2 رواه ابن سعد/ الطبقات 3/333، 334، والفاكهي/ أخبار مكة 4/76، 77، ابن شبه/ تاريخ المدينة 3/91-94، وابن أبي الدنيا/ الهواتف ص: 115، والخلال/ السنة ص: 315، 316.
صحيح من طرق ابن سعد والفاكهي وابن شبه.
قال ابن شبه: حدّثنا سليمان بن داد الهاشمي، قال: أنبأنا إبراهيم بن سعد الزهري عن الزهري عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة أنّه حدّثه عن أم كلثوم بنت أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنهما أنّها أخبرته عن عائشة رضي الله عنها.
وهذا السّند رجاله ثقات، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة، قال ابن حجر عنه: مقبول تق: 91.
وفي حاشية تهذيب الكمال للمزّي بتحقيق بشار عواد: وقد ذكره ابن حبان من الثّقات. وقال مغلطاي: قال ابن خلفون: هو ثقة مشهور، وصحّح الحاكم حديثه في مستدركه. قال: وقد روى له البخاري حديثاً واحداً في كتاب الأطعمة، باب الرّطب والتّمر. قال: ولم يتابع ابن القطان فيما ذكره عن حاله (أي: قول عنه لا يعرف حاله) . قال: فهو ثقة إن شاء الله. 2/133. فالأثر صحيح.
وروى الأثر ابن سعد والفاكهي من طريق إبراهيم بن سعد به.(2/1134)
وفي رواية ابن سعد: فكنا نتحدث أنّه من الجن.
وفي الأثر السّابق دلالة على أنّ الجن تنبئت بوفاة عمر رضي الله عنه وذلك في آخر حجة حجها رضي الله عنه، ونعته الجن بالأبيات السابقة، وهذا ليس من علمهم الغيب، فقد أخبر المولى العظيم أنّ الجنّ لا يعلمون الغيب. قال تعالى: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} 1.
ولكن هذا مما يسترقه الجنّ من السّمع كما أخبر النبيّ صلى الله عليه وسلم قالت عائشة رضي الله عنها: سأل أناس النبيّ صلى الله عليه وسلم عن الكهان، فال: "إنّهم ليسوا بشيء". فقالوا: يا رسول الله فإنّهم يحدّثون بالشّيء يكون حقّاً، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "تلك الكلمة من الحقّ يخطفها الجنّيّ فَيُقَرقِرها في أذن وليه تقرقرة الدّجاجة، فيخلطون فيه أكثر من مائة كذبة"2.
____________________
1 سروة سبأ، آية: 14.
2 رواه البخاري/ الصّحيح 4/311، كتاب التّوحيد/ باب قراءة الفاجر والمنافق.(2/1135)
ومن ذلك - والله أعلم - ما رواه جبير1 بن مطعم، قال: بينما عمر واقف على جبل عرفة سمع رجلاً يصرخ يقول: يا خليفة، يا خليفة فسمعه رجل آخر وهم يعتافون2. فقال: ما لك فكّ الله لهواتك3، فأقبلت على الرّجل فصخبت عليه، فقلت: لا تسبن الرّجل، قال جبير بن مطعم: فإنّي الغد واقف مع عمر على العقبة يرميها، إذ جاءت حصاة عائرة4 فنفقت5 رأس عمر، ففصدت6 فسمعت رجلاً من الجبل
____________________
1 جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل القرشي، أسلم يوم الفتح وقيل: عام خيبر. توفي سنة تسع وخمسين بالمدينة. ابن عبد البرّ/ الاستيعاب 1/304، 305.
2 القائف: المتكهن، والعيافة: زجر الطّير والتفاول بأسمائها وأصواتها وممرّها، وهو من عادة العرب كثيراً. وهو كثير في أشعارهم، يقال: عاف يعيف عيفاً، إذا زجر وحدس وظن. ابن منظور/ لسان العرب 9/501.
3 اللَّهاةُ: لحمة حمراء في الحنَك معلقة على عَكَدَةِ اللّسان. والجمع: لَهَيات. واللَّهاة: الهنة المَطْبقة في أقصى سقف الفم، واللَّهاة من كلّ ذي حلق اللحمة المشرفة على الحلق، وقيل: هي ما بين منقطع أصل اللّسان إلى منقطع القلب من أعلى الفم. المصدر السّابق 12/349.
4 عَائِرة: أي: ضلت هدفها وضاعت ولا يعرف راميها. انظر: ابن منظور/ لسان العرب 9/493.
5 أي: جرحته وشقت جلده.
6 أي: سال الدّم منها. ابن منظور/ لسان العرب 10/270.(2/1136)
يقول: أشعرت1 وربّ الكعبة، لا تقف عمر هذا الموقف بعد العام أبداً، قال جبير بن مطعم: فإذا هو الذي صرخ فينا بالأمس، فاشتد ذلك عليّ2.
2- انكساف الشّمس يوم موته رضي الله عنه:
عن عبد الرّحمن بن يسار رحمه الله تعالى، قال: شهدت موت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فانكسفت الشّمس يومئذٍ3.
____________________
1 مراده أنّ عمر أعلم ووضع عليه مثل الشّعر والعلامة وذلك بسيلان دمه رضي الله عنه، ومراده أنّه سيقتل لأنّ العرب تقول: للملوك إذا قتلوا: أُشْعِروا. المصدر السّابق 7/135.
2 رواه ابن سعد/ الطبقات 3/333، وابن أبي شيبه/ المصنف 6/173، والبلاذري/ أنساب الأشراف، ص: 336، وابن أبي عاصم/ الأحاد والمثاني 1/102.
صحيح من طريق ابن سعد. قال: أخبرنا الفضل بن دكين، قال: أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع الأنصاري، قال: أخبرني ابن شهاب أنّ محمّد بن جبير حدّثه ... الأثر.
3 رواه الطّبراني/ المعجم الكبير 1/71/ وفي إسناده سلمة بن الفضل ضعّفه ابن راهوية، وقال البخاري في حديثه بعض المناكير، وقال ابن معين: كتبنا عنه، وليس في المغازي أتم من كتابه، وقال النّسائي: ضعيف، وقال ابن عدي: لم أجد لسلمة ما جاوز الحد في الأنكار، وقال ابن معين: كتبت عنه وليس به بأس. ميزان الاعتدال 2/192. وقال ابن حجر: قاضي الرّأي، صدوق كثير الخطأ، تق: 248. وبقية رجاله ما بين ثقة وصدوق.
قال: حدّثنا القاسم بن زكريا المطرز، ثنا يوسف بن موسى القطان، ثنا سلمة ابن الفضل عن محمّد إسحاق، حدّثني عمي عبد الرحمن بن يسار قال: شهدت ... الأثر.
وعبد الرحمن بن يسار وثّقه ابن معين، وذكره ابن حبان في الثّقات. تعجيل المنفعة، ص: 259. فالأثر حسن.(2/1137)
وليس في هذا الأثر دلالة على أنّ الشّمس كسفت لموته رضي الله عنه وتعظيماً لشأنه، وإنما ذلك تخويف منه سبحانه وتعالى لعباده. قال صلى الله عليه وسلم: "إنّ الشّمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله، فإذا رأيتموها فصلّوا"1.
3- رؤية العباس بن عبد المطلب له في منامه رضي الله عنه:
روي أنّ العباس بن عبد الملطب كان خليلاً لعمر، فلما أصيب عمر جعل يدعو الله أن يريه عمر في المنام، فرآه بعد حول هو يمسح العرق عن جبينه، فقال: ما فعلت؟ قال: هذا أوان فرغت، وإن كاد عرشي ليهد لولا أنّي لقيته رؤوفاً رحيماً2.
____________________
1 رواه البخاري/ الصحيح 1/184، باب الصّلاة في كسوف الشّمس.
2 رواه ابن سعد/الطبقات 3/375، البلاذري/ أنساب الأشراف ص:389، ابن شبه/ تاريخ المدينة 3/162،163، أبو نعيم/ حلية الأولياء 1/54، قال ابن سعد: أخبرنا المعلي بن أسد، قال: أخبرنا وهيب بن خالد عن موسى بن سالم، قال: حدّثني عبد الله بن عبيد الله بن العباس قال: كان العباس ... الأثر.
وهذا الإسناد رجاله ثقات سوى موسى بن سالم أبو جهضم فهو صدوق تق: 550. وعبد الله بن عبيد الله بن العباس ثقة من الرّابعة لم تذكر له رواية عن جدّه العباس وإنما يروي وأما الطّريق الثانية: فقد قال فيها: حدّثنا أبو بكر أحمد بن السدي، ثنا الحسن بن علوية، ثنا إسماعيل بن عيسى، ثنا هياج بن بسطام عن روح بن القاسم عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر أنّه قال: ما كان شيء أحبّ إليّ أن أعلمه من أمر عمر ... الأثر.
فالرّائي فيه هنا عبد الله بن عمر، وليس العباس أو ابنه عبد الله.
وفي هذا الإسناد إسماعيل بن عيسى العطار ضعّفه الأزدي وصحّحه غيره. ميزان الاعتدال 1/245. وفيه هياج بن بسطام التميمي البرجمي ضعيف من السّابعة تق: 576. فالسند ضعيف وكذلك متنه.(2/1138)
____________________
عن أبيه وعمّه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فالسند منقطع وهو مما يستاهل فيه.
ورواه من طريق آخر فقال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: أخبرنا أبو شهاب، قال: أخبرني يحيى بن سعيد عن محمّد بن عمارة عن ابن عباس، قال: دعوت الله ... الأثر.
وهذا السند رجاله ثقات سوى أبو شهاب عبد ربّه بن نافع الحناط، صدوق يهم، تق: 335، ومحمّد بن عمارة لم أجد له ترجمة.
والرّائي للرّؤية في هذا الطّريق هو ابن عباس وليس العباس والده كما في الطّريق الأولى.
ورواه البلاذري من طريق ابن سعد. وهو عند ابن شبه كما عند ابن سعد.
ورواه أبو نعيم من طريقين مختلفين: قال في:
الأولى: حدّثنا أبو بكر الطّلحي، ثنا الحسن بن جعفر، ثنا المنجاب بن الحارث، ثنا عليّ بن شهر عن محمّد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن، قال: قال العباس بن عبد المطلب ... الأثر.
وفي هذا الإسناد شيخ أبي نعيم أبو بكر الطّلحي وهو عبد الله بن يحيى الطّلحي لم أجد له ترجمة، والحسن بن جعفر لم أجد له ترجمة، ولعله الحسن ابن جعفر القتات فقد ذكر في تلاميذ المنجاب ولكني لم أقف على ترجمته أيضاً. وعليّ بن شهر، لعله عليّ بن مسهر فهو من شيوخ المنجاب. وهو ثقة من الثّامنة تق: 405، ومحمّد بن عمرو هو ابن علقمة اللّيثي صدوق له أوهام تق: 499، ويحيى بن عبد الرحمن هو ابن حاطب ثقة من الثّالثة تق: 593، لم تذكر له رواية عن العباس بن عبد المطلب.(2/1139)
وهذه الرّؤيا فيها منقبة لعمر رضي الله عنه في نجاته من شديد الحساب، ونيله رحمة ربّه به كيف لا، وهو من تحرى العدل بين رعيته في كلّ دقيقة وجليلة حتى شمل عدله البهائم.
4-حفظ الله تعالى لعمر بن الخطاب رضي الله عنه في قبره وعدم أكل الأرض لجسده:
ومن مناقبه رضي الله عنه وفضائله التي أظهرها الله تعالى لخلقه بعد موته، عدم أكل الأرض لجسده وبقائه غضّاً طريّاً كيوم موته.
قال عروة1 بن الزّبير رضي الله عنه: لما سقط عليهم
____________________
1 هو: عروة بن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته صفية الزّبير بن العوام بن خوليد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب الإمام عالم المدينة الفقيه، أحد الفقهاء السّبعة. حدّث عن أبيه بشيء يسير لصغره، وعن أمه أسماء بنت أبي بكر الصّدّيق، وعن خالته أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ولازمها وتفقه بها. توفي سنة ثلاث وتسعين، وله سبع وستون سنة. الذّهبي/ سير أعلام النبلاء 4/421-434.(2/1140)
الحائط1 في زمان الوليد2 بن عبد الملك أخذوا في بنائه، فبدت لهم قدم ففزعوا3 وظنوا أنّها قدم النبيّ صلى الله عليه وسلم4، فما وجدوا أحداً يعلم ذلك حتّى قال لهم عروة: لا والله ما هي قدم النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ما هي إلاّ قدم عمر رضي الله عنه5.
____________________
1 أي: حائط حجرة النّبيّ صلى الله عليه وسلم. ابن حجر/ فتح الباري 3/257.
2 الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي الدّمشقي، كانت ولايته لدولة بني أمية من عام 86 إلى 96هـ. وكان واليه على المدينة عمر بن عبد العزيز حتى عزله سنة 93هـ. انظر: الذّهبي/ سير أعلام النبلاء 4/347، ومحمّد الخضري/ تاريخ الدّولة الأموية، ص: 169.
3 قال ابن حجر: روى الآجري من طريق شعيب بن إسحاق عن هشام بن عروة قال: أخبرني أبي ... وفيه: فلما هدم بدت قدم بساق وركبة ففزع عمر ابن عبد العزيز، فأتاه عروة فقال: هذا ساق عمر وركبته فسري عنه. فتح الباري 3/257.
4 وهذا دليل على أنّ القدم التي خرجت كانت غضة طرية لم تأكلها الأرض، لأنّ الناس فزعوا وظنوا أنّها قدم النّبيّ صلى الله عليه وسلم، لأنّه صلى الله عليه وسلم أخبر أنّ الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء كما روى ذلك ابن ماجه وغيره. صحيح سنن ابن ماجه 1/273. حتى أخبرهم عروة أنّها قدم عمر رضي الله عنه. ولو لم تكن معالم القدم من عظم ولحم وجلد ظاهرة لما عرفها عروة رضي الله عنه.
5 رواه البخاري/ الصحيح 1/241، وابن سعد/ الطبقات 3/368، 369، والبلاذري/ أنساب الأشراف، ص: 384.(2/1141)
هذا آخر ما تيسّرت كتابته في هذا البحث، وأسأل الله العليّ القدير أن يجعله خالصاً لوجه الكريم، وأن ينفع به آمين.
وصلّى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.(2/1142)
الخاتمة
وفيها أهم نتائج البحث:
أولاً: النتائج المتعلقة بشخصية عمر رضي الله عنه:
1- ورد من طرق يقوي بعضها بعضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم كنّى عمر رضي الله عنه بأبي حفص.
2- لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لقب عمر رضي الله عنه بالفاروق وهو رضي الله عنه جدير بهذا اللقب.
3- ثبت بسند صحيح أن عمر رضي الله عنه هو أول من لقب بأمير المؤمنين، وأن أهل الكتاب يجدون لقبه في كتبهم.
4- الذي أرجحه والذي تدل عليه الآثار الصحيحة أن عمر رضي الله عنه ولد بعد عام الفيل بثلاثة عشر عاماً.
5- ثبت بسند حسن أن عمر رضي الله عنه كان آدم اللون أي أسمر اللون، وقد وردت صفة البياض له في خبر عند أبي نعيم بسند رجاله ثقات سوى شيخ أبي نعيم أحمد بن محمد بن حامد بن جبلة، لم أجد له ترجمة.
ولو ثبت صفة البياض لقلنا إن عمر رضي الله عنه تغير لونه بسبب إجهاده نفسه في مراقبته رعيته ومشيه في الرمضاء، وإجهاده رضي الله عنه نفسه في ذلك وقلة طعامه وشرابه.(2/1145)
6- كان عمر رضي الله عنه متصفاً بصفات خَلقية فيها معاني القوة والعزم والشدة والهيبة، فقد ثبت أنه كان طويل القامة، ضخم الجسم، قوي الجسم، أصلع الرأس، بعيدَ ما بين المناكب، جهوري الصوت، أعسر يسراً، طويل اللحية، إذا غضب فتل شاربه.
وجاء من طرق ضعيفة أنه كان يسرع في مشيته وأنه كان أروح الرجلين كثير الشعر، وكثير الشيب.
7- نشأ عمر رضي الله عنه في صغره حياة الفقر والعوز والشدة، وكان أبوه يقسو عليه، وعمل رضي الله عنه في رعي إبل والديه واشتغل رضي الله عنه في شبابه بالتجارة. ورد ذلك من طرق ثابتة.
8- ثبت أن عمر رضي الله عنه كان في جاهليته شديد التمسك بالوثنية وكان يعذب السابقين إلى الإسلام، وذكر أنه كان يتعاطى الخمر، ولم يثبت عنه أنه وأد البنات، وكان بالرغم من ذلك عنده حس ديني وتعلق بربه عز وجل.
9- لم يرد من طرق ثابتة قيام عمر رضي الله عنه بالسفارة لقريش، ولا يستبعد وقوع ذلك منه لما كان يمتلكه من صفات خَلقية وخُلقية قويّة، إضافة لمعرفته القراءة والكتابة ورفه مكانته ومنزلته بين القرشيين.(2/1146)
10- لم تثبت رواية في كيفية إسلام عمر رضي الله عنه، ولكن وردت روايات ضعيفة وهي تدل بمجموعها على أن عمر رضي الله عنه أسلم متأثراً بسماعه القرآن.
11- ثبت أن عمر رضي الله عنه أعلن إسلامه على ملأ قريش وقاموا إليه يضربونه ويضربهم، بل لقد هموا بقتله حتى حماه ودافع عنه العاص ابن وائل السهمي.
12- وردت عدة روايات ضعيفة تشير أن إسلام عمر رضي الله عنه كان بعد إسلام أربعين رجلاً وإحدى عشرة امرأة.
13- صح أن إسلام عمر رضي الله عنه كان فيه عزة للإسلام والمسلمين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا الله أن يعز الإسلام به أو بأبي جهل.
14- ثبت أن عمر رضي الله عنه هاجر إلى المدينة هو وعياش ابن أبي ربيعة وهشام بن العاص بن وائل، وأنهم اتعدوا بمكان يعرف بالتناضب، وكانوا يخشون من حبس قريش لهم، فقالوا: أينا لم يصبح بذلك المكان فقد حبس، فليمض صاحباه. ولم يثبت أنه هاجر علانية، وأنه توعد من تبعه من قريش بالقتل.
15- صح أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه هاجر مع أبيه عمر رضي الله عنه وأمه، وأن عشرين راكباً من قرابة عمر رضي الله عنه وحلفائهم لحقوا بعمر رضي الله عنه مهاجرين.
16- صح أن عمر رضي الله عنه نزل بالمدينة بالعصبة من منازل الأوس.(2/1147)
17- صح أن عمر رضي الله عنه كان قوي الإيمان بالله عز وجل وقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بقوة الإيمان وكماله، وكان رضي الله عنه شديد الحذر من الشرك وأسبابه، شديد التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم واتباعه.
وكان كثير العبادة لله عز وجل والتقرب إليه بنوافل العبادات من صلاة وصيام وإنفاق وغير ذلك.
18- ثبت أن عمر رضي الله عنه كان واسع العلم عظيم الفقه شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وشهد له بذلك كبار صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان رضي الله عنه من أصحاب الفتوى من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم.
19- ثبت أن عمر رضي الله عنه كان قوي الفراسة صادق الحدس، جيد القيافة.
20- كان عمر رضي الله عنه شديد الرقابة والملاحظة والعناية بأهل بيته وأسرته، مقيماً فيهم أوامر الله عز وجل، ونواهيه قبل إقامتها على رعيته، وكان مع ذلك عطوفاً ورحيماً بهم، كما دلت على ذلك النصوص الثابتة.
21- ورد من طريق ثابتة أن منزل عمر رضي الله عنه كان بالمدينة في منطقة عوالي المدينة، وأنه كان يتناوب هو وجار له من الأنصار النزول إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر أهل التاريخ أن عمر رضي الله عنه كانت له دار بغرب المسجد النبوي الشريف حول مسجده صلى الله عليه وسلم، وصارت بعد ذلك داراً للقضاء.(2/1148)
22- صح أن عمر رضي الله عنه عمل بالتجارة بعد قدومه المدينة وأنّه عمل بها أيضاً بعد تولِّيه خلافة المسلمين.
23- ثبت أن عمر رضي الله عنه كان زاهداً في طعامه وشرابه وأنه كان يأكل التمر بحشفه، وكان رضي الله عنه يأكل الجراد ويأكل الثفل وهو الدقيق والسويق، وربما أكل اللحم الطري.
وثبت أنه كان لا يجمع بين لونين من الطعام. وكان يشرب النبيذ.
24- ثبت أن قرابة عمر رضي الله عنه وأصحابه عرضوا عليه أن يرفق بنفسه ويأكل أطايب الطعام، فأخبرهم رضي الله عنه أنه يخشى إن فعل ذلك أن يكون ممن عجلت لهم طيباتهم وأن لا يلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر.
25- ثبت أن عمر رضي الله عنه كان زاهداً في لباسه يلبس القميص المرقع، وكان يلبس الإزار، وربما انخرق فرقعه، وكان رضي الله عنه يلبس الثوب القطني يوم الجمعة، وفي الأعياد، ولم يلبس رضي الله عنه الثياب التي خالطها الحرير.
وكان رضي الله عنه نظيفاً في ملبسه وهيئته.
26- ثبت أن بعض أصحاب عمر رضي الله عنه طلب منه رضي الله عنه أن يلبس ألين من ثيابه، فلامه عمر رضي الله عنه وعاتبه.(2/1149)
27- ثبت أن عمر رضي الله عنه كان يغتسل ويتنظف بالماء الحار، وكان يخضب رأسه ولحيته بالحناء أو بالحناء والكتم، وجاء في رواية حسنة أنه كان لا يغير شيبه ولعل ذلك كان أولاً، ثم خضب رضي الله عنه، ولم يثبت أنه خضب بالزعفران.
28- ثبت أن عمر رضي الله عنه تختم بخاتم النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يثبت تختمه بغيره.
29- ثبت أن عمر رضي الله عنه كان ينام بعد العشاء، ويضع بجواره إناء فيه ماء، فإذا استيقظ لصلاته من الليل وضع يده في ذلك الإناء ومسح وجهه، وأنه رضي الله عنه كان ينام نوم القيلولة.
30- ثبت أن عمر رضي الله عنه كان يركب البعير، وكان يعتني بدابته وينظفها ويداويها بنفسه، وركب عمر رضي الله عنه البرذون لما قدم الشام فهزه وتمايل به، فنزل عنه وعابه.
31- ثبت أن عمر رضي الله عنه كان له سيف محلى، كان ابنه عبد الله يحمله بعد مقتل أبيه رضي الله عنهما.
32- ثبت لعمر رضي الله عنه من الصفات الخُلقية أنه كان صارماً في الحق شديد الغيرة على محارم الله عز وجل، وكان رضي الله عنه رجّاعاً للحق سريع الإنابة إليه إذا تبين له، وكان يحب الذكر(2/1150)
والوعظ، ومجالس قراءة القرآن، وكان رضي الله عنه شديد الخشية لله شديد الخوف من عقابه، يحقر أعماله، ويرجو ثواب الله عز وجل، وكان رضي الله عنه رقيق القلب، سريع البكاء من خشية الله عز وجل، شديد الورع والبعد عن الحرام، زاهداً في الدنيا كثير البعد عن زخارفها، وملذاتها، وكان صابراً مصابراً جواداً كثير الإنفاق في سبيل الله، يكرم أضيافه ورعيته.
وكان رضي الله عنه شجاعاً مغواراً، وكان يمتلك شخصية مهيبة يهابه أصحابه وتهابه رعيته.
وكان متواضعاً شديد التواضع والتذلل لله عز وجل يفر من الكبر ويبغضه ويحقر نفسه ويذلها في ذات الله عز وجل، وكان مع ذلك قوي النفس بعيداً عن الخور والضعف والتماوت، وكان مرح النفس سهل الخلق يمازح أصحابه ويلاطفهم.
33- من فضائل عمر رضي الله عنه الثابتة بالأحاديث والآثار الصحيحة والحسنة محبة الله عز وجل له ونزول القرآن موافقاً لأقواله وآرائه وتبشير الله عز وجل له بالجنة.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب عمر رضي الله عنه ويجله ويوقره ويوافقه في أقواله وآرائه، وشهد له صلى الله عليه وسلم بصدق الإيمان والبراءة من النفاق وفرار(2/1151)
الشيطان منه، وبسعة علمه وصحته وفقهه، وحث على الاقتداء به والأخذ بسنته رضي الله عنه وأرضاه، وأبعد من جفاه وقلاه.
34- ثبت أن الصحابة رضوان الله عليهم عرفوا لعمر رضي الله عنه قدره ومنزلته من النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد له كبار الصحابة بالفضل مثل علي بن أبي طالب الذي توعد من انتقصه وفضله عليه بالجلد. وعبد الله بن العباس وابنه عبد الله بن عمر، وابن مسعود، وأبو طلحة الأنصاري، وحذيفة بن اليمان، وأم أيمن بركة الحبشية حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة رضي الله عنها أم المؤمنين وغيرهم رضي الله عنهم وأرضاهم.
35- كان عمر رضي الله عنه يحب النبي صلى الله عليه وسلم حباً عظيماً أشد من حبه لنفسه وأهله وماله، ويجله ويوقره ويهابه، وكان عظيم الرحمة والرأفة بالنبي صلى الله عليه وسلم يدافع عنه وينافح عن مقامه. وهذا ثابت بالآثار الصحيحة.
36- ثبت أن عمر رضي الله عنه كان له مع النبي صلى الله عليه وسلم أعمال جليلة ومواقف محمودة، فقد كان رضي الله عنه مستشاراً للنبي صلى الله عليه وسلم يأخذ صلى الله عليه وسلم برأيه ومشورته وكان خازناً للنبي صلى الله عليه وسلم وأميناً على المال، وكان رضي الله عنه من جباة الزكاة، وعمال النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة.
37- ثبت أن عمر رضي الله عنه شارك النبي صلى الله عليه وسلم في جميع مغازيه التي قاتل فيها المشركين، وكانت له فيها مواقف مشهودة.(2/1152)
38- كان عمر رضي الله عنه يوقر أبا بكر الصديق رضي الله عنه ويعرف له فضله ومنزلته ويتوعد من يفضله عليه بالعقوبة دلت على ذلك الآثار الثابتة.
39- ثبت أن عمر رضي الله عنه كانت له مشاركات ومواقف هامة وعظيمة في خلافة أبي بكر، فلقد كان له الفضل بعد الله عز وجل في مبايعة المهاجرين والأنصار أبا بكر رضي الله عنه يوم السقيفة. وكان له الفضل بعد الله عز وجل في الإشارة على أبي بكر بجمع القرآن بعد موت القراء في موقعة اليمامة.
40- ورد بأسانيد يقوي بعضها بعضاً أن عمر رضي الله عنه تخلف عن جيش أسامة بن زيد رضي الله عنه ليعاون أبا بكر الصديق رضي الله عنه في إدارة شئون الدولة الإسلامية والقضاء على فتنة الردة.
41- لم يرد من طرق ثابتة استعمال أبي بكر رضي الله عنه عمر رضي الله عنه على القضاء، ووقوع ذلك أمر ممكن.
42- لم يثبت ما ورد عن عمر رضي الله عنه من مخاصمته خالد بن الوليد رضي الله عنه لقتله مالك بن نويرة في موقعة البطاح، وتزوجه من امرأته، وما روي من إشارته على أبي بكر رضي الله عنه بعزله عن قيادة جيوش المسلمين وإقادته من مالك بن نويرة.(2/1153)
ثانياً: النتائج المتعلقة بسياسة عمر رضي الله عنه في معاملة الرعية.
43- وردت عدة أحاديث صحيحة فيها إشارة من النبي صلى الله عليه وسلم بتولي أمر المسلمين من بعده أبي بكر ثم عمر، ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يستخلف أحداً من بعده صح ذلك عنه صلى الله عليه وسلم.
44- صح أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر خلافة عمر رضي الله عنه وأثنى عليها وأشار إلى خلوها من الفتن، وإلى اتساع الدولة الإسلامية وكثرة الفتوحات فيها.
45- صح أن أبا بكر رضي الله عنه هو الذي استخلف عمر رضي الله عنه على المسلمين، وأن بعض المهاجرين لامه في استخلافه عمر لكونه فظاً غليظاً، فكيف لو استخلف على الناس، ولكن أبا بكر رضي الله عنه رد ذلك وبين أنه استخلف خير أهل الله عليهم.
46- ثبت أن الذي كتب عهد الخلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه.
47- ثبت أن عمر رضي الله عنه بايع رعيته على السمع والطاعة فيما استطاعوا، ولم يشترط على رعيته مبايعته شخصياً بل من بايع أميره فقد بايعه، وكان رضي الله عنه يحث رعيته على السمع والطاعة للخليفة والصبر على ما يلقون منه، وعدم شق عصا الطاعة عليه، ما دام قائماً بأمر الله عز وجل وبين رضي الله عنه أن صلاح الرعية واستقامتهم سبب لصلاح واليهم وحاكمهم.(2/1154)
48- صح أن عمر رضي الله عنه حث رعيته على بذل النصح له وتقويمه.
49- ثبت أن عمر رضي الله عنه كان شديد الخشية والحذر والخوف من الله عز وجل من التفريط في حقوق رعيته وواجباتها دقيقة كانت أو جليلة.
50- ثبت أن عمر رضي الله عنه كان يقوم بمراقبة رعيته وبتفقد أحوالها في المدينة بنفسه، وكان يتعرف على أحوال رعيته ويتفقد أوضاعها خارج المدينة ببعث من يقوم بهذه المهمة ويوافيه بأخبار الرعية وحاجاتها في الأمصار المختلفة، وكان يسأل من يقدم عليه من الأمصار عن أحوال المسلمين فيها، ويلبي حاجاتهم بل إنه رضي الله عنه عزم أن يأتي أمصار المسلمين بنفسه في كل عام ليقف على حوائجهم ويتعرف على أحوالهم.
51- ثبت أن عمر رضي الله عنه اهتم بجميع طبقات الرعية كبيرهم وصغيرهم شريفهم ووضيعهم، حرهم وعبدهم، ذكرهم وأنثاهم، حاضرهم وباديهم، مسلمهم وذميهم، وأعطى كل ذي حق حقه، وعرف له مكانته ومنزلته وكان رضي الله عنه يقرب أهل التقوى والصلاح والسابقة في الإسلام على غيرهم.
52- صح أن عمر رضي الله عنه كان يحب قرابة النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته ويجلهم ويوقرهم، ويحب القرب منهم، ويدني مجلسهم بل ثبت أنه(2/1155)
وكان رضي الله عنه دائم التفكير والتخطيط في إعداد الجيوش وتجهيز المقاتلين، وإمداد الثغور بالجند، وربما أقلقه ذلك الأمر حتى كان لا يستطيع النوم.
86 - وثبت أن عمر رضي الله عنه كان دائم التوجيه لجنده يرشدهم لآداب الجهاد وأصوله، فقد حثهم على الأخذ بمبدأ الشورى وحث المقاتلين على إخلاص النية لله عز وجل، والاعتماد عليه في استجلاب النصر، والصبر والثبات عند لقاء العدو، وعدم اليأس من روحه، والاستبسال في قتال العدو، والتقوى لمجاهدته بإعطاء البدن حقه من المأكل والمشرب والراحة.
وبين رضي الله عنه أن انسحاب الجيش من مواجهة العدو عند الإحساس بالخطر المحدق والهلاك المحقق لا يعد فراراً من الزحف بل هو من التحيز إلى فئة.
وحث رضي الله عنه دعوة المقاتلين من أهل الكتاب للإسلام أو الجزية أو القتال، وحث المقاتلين وقادتهم على عدم الغدر والنكث بالعهد، ونهى عن التمثيل بالقتلى، وقتل النساء والشيوخ والصبيان، والغلول من الغنيمة.(2/1156)
57- ثبت أن عمر رضي الله عنه كان يشترط في ولاته وقادته التقوى والصلاح والخبرة والحنكة السياسية، والرحمة والرأفة بالرعية، والزهد في الدنيا والرغبة عنها.
58- ثبت أن عمر رضي الله عنه كان يعزل ولاته إذا ثبت تقصيرهم في أمر الرعية، وربما عزلهم لشكوى الرعية لهم حتى ولو كانت تلك الشكوى غير عادلة، وذلك خوفاً من وقوع الخلاف والشقاق بين الولاة والرعية، وثبت أنه كان يعزل الوالي إذا بلغه عنه أمرٌ يكرهه، وربما عزل الوالي إذا اعتذر عن الولاية لعذر شرعي.
59- ثبت أن علاقة عمر رضي الله عنه بولاته كانت مبنية على السمع والطاعة له، ومساعدته ومعاونته في أعباء الخلافة، وثبت أنه كان يراقبهم ويلاحظ تعاملهم مع الرعية، وإعطاءها واجباتها وحقوقها، وكان يعاقب من ثبت تقصيره وتعديه، وكان يراقب مصادر أموالهم ويقاسمهم إياها إذا ارتاب في أمرها.
60- ثبت أن عمر رضي الله عنه أوضح أن من حقوق الولاة على الرعية السمع والطاعة لهم فيما أمر الله، وأن حقوق الرعية على الولاة إقامة العدل بينهم، ونشر العلم فيهم، وإعطاؤهم حقوقهم، والتعرف على حوائجهم، ومعالجة ذلك إن أمكن أو رفعه إلى الخليفة وعدم الترفع على الرعية والاستئثار عليهم.(2/1157)
61- ثبت أن ولاة عمر رضي الله عنه على الأمصار والمدن الإسلامية كانوا في الغالب الأكثر قادة عسكريين، قادوا الفتوح في بلاد فارس والروم.
62- صح أن عمر رضي الله عنه هو أول من اتخذ القضاة لمعاونته على أمور القضاء والنظر في القضايا المختلفة بعد أن اتسعت دولة الخلافة، وكثر رعاياها.
63- ثبت أن عمر رضي الله عنه أولى القضاء والقضاة عناية عظيمة وكان يحذر القضاة من الجور في الحكم ويحثهم على تحري العدل والحق، وثبت أنه رضي الله عنه كتب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه كتاباً في كيفية القضاء وآدابه، وحثه على العمل به، وكتب كذلك إلى شريح القاضي كتاباً مختصراً في كيفية القضاء، وكانت تلك الكتب مصدراً هاماً في آداب القاضي وكيفية القضاء للعصور اللاحقة.
64- ثبت أن عمر رضي الله عنه كان شديد الاهتمام بمصادر التشريع الكتاب والسنة وعلى سلامتها من الزيادة والتحريف والتبديل، فقد أشار على أبي بكر رضي الله عنه بجمع القرآن بعد مقتل القراء بموقعة اليمامة خشية ضياعه ونسيانه، وكان إذا سمع قراءة من أصحابه تخالف ما يقرأه وما تعارف عليه القراء منعه من ذلك حتى يتثبت من صحة تلك القراءة عن النبي صلى الله عليه وسلم.(2/1158)
67- ثبت أن عمر رضي الله عنه نهى رعيته عن مشابهة الكفار في مآكلهم ومشاربهم وملابسهم وعاداتهم وتقاليدهم، وعن محبتهم ومودتهم ومعاشرتهم.
68- ثبت أن عمر رضي الله عنه كان حريصاً على إقامة رعيته شعائر الدين في أنحاء الدولة الإسلامية إقامة صحيحة على وفق ما شرعه الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم.
فاهتم رضي الله عنه بإقامة الصلاة والتهيؤ لها، واعتنى بالأئمة والمؤذنين وبتحديد أوقات الصلاة وبالمساجد.
واهتم رضي الله عنه بالصيام وأدائه في أوقاته المشروعة، وحرص على إحياء شهر رمضان وقيامه، وجمع الناس على إمام واحد في صلاة التراويح بعد أن رآهم يصلون أوزاعاً متفرقين وكان مع ذلك يفضل صلاة آخر الليل على أوله.
واعتنى رضي الله عنه بالحج وأدائه وحث رعيته على ذلك، وثبت أنه رضي الله عنه حد ذات عرق ميقاتاً لأهل العراق.
69- ثبت أن عمر رضي الله عنه حرص على نشر العلم بين الرعية وخاصة العلم الشرعي والفقه في الدين وقراءة القرآن وتعلم العربية وقواعدها.(2/1160)
وأذن رضي الله عنه في تعلم أخبار الأمم السابقة وقصصهم وأخذ العبر منها، وكره الإكثار من تعلم الشعر والنظر فيه، والانشغال به عما سواه.
70- ثبت أنه رضي الله عنه بعث إلى أهل الأمصار خيار الصحابة وفقهاءهم لتفقيه أهل الأمصار.
71- ثبت أن عمر رضي الله عنه حث طلبة العلم والعلماء على التحلي بآداب العلم والتخلق بأخلاقه.
72- ثبت أنه رضي الله عنه حرص على الاهتمام بالفتوى والتحري فيها وعدم التسرع في إصدارها وكره اختلاف العلماء في المسائل.
73- ثبت أن عمر رضي الله عنه هو أول من وضع التاريخ الهجري.
74- ثبت أن عمر رضي الله عنه عمل على تخلق رعيته بالأخلاق الفاضلة والحسنة وكان يحثهم على ذلك، ويحذرهم من الأخلاق السيئة، وبين رضي الله عنه أن حسن الخلق من مقاييس التفاضل بين الخلق.
75- ثبت أن عمر رضي الله عنه عمل على محاربة أسباب انتشار الرذيلة والفاحشة بين الرعية، وعمل على القضاء عليها وتحذير الرعية منها.
76- ثبت أن عمر رضي الله عنه عمل على الحد من ارتكاب المعاصي واقتراف المآثم بين الرعية، وعامل العصاة بتقديم النصح لهم وأخذهم باللين والرحمة والستر عليهم حتى يرجعوا إلى الحق، ولكنه رضي الله عنه عاقب من طغى منهم وتجاوز شره إلى غيره.(2/1161)
وأقام عمر رضي الله عنه الحدود بأنواعها على من استوجبها من العصاة على القريب والبعيد، والشريف والوضيع، والذكر والأنثى.
77- ثبت أن عمر رضي الله عنه اهتم بالنواحي الاجتماعية فاعتنى بالأسرة ابتداءً من الزوجين فحرص على إفشاء النكاح بالطرق الشرعية، وحارب الأنكحة الفاسدة، وعاقب من عمل بها، وحث على نكاح المسلمات العفيفات وترك من سواهن، وحث على تيسير المهور، وعدم المغالاة فيها، وعمل رضي الله عنه على استمرار العشرة الزوجية الطيبة بين الزوجين، وحرص رضي الله عنه على استمرار العلاقة الحسنة بين الأبناء ووالديهم، وعلى تقوية أواصر الأخوة والمودة بين أفراد المجتمع.
78- ثبت أن عمر رضي الله عنه حض على الاهتمام بالأنساب واعتنى بها، وحذر رضي الله عنه بل وعاقب من تعالى بنسبه وتفاخر به واحتقر الآخرين.
وحرص رضي الله عنه على تسمي رعيته بالأسماء الحسنة.
79- ثبت أن عمر رضي الله عنه اهتم بالحياة المعيشية للرعية فحثهم على الاهتمام بالكسب والعمل على طلب الرزق من وجوهه المشروعة، وبين أن ذلك لا ينافي الزهد في الدنيا والعمل للآخرة، واعتنى عمر رضي الله عنه بالمطاعم والمشارب والملابس والمساكن والمراكب أن تكون مما أباحه الله عز وجل.(2/1162)
80- ثبت أن عمر رضي الله عنه اهتم بالنواحي الصحية لرعيته فحرص رضي الله عنه على خلوهم من الأوبئة والأمراض وعدم تعريضهم لها حفاظاً على قدراتهم البشرية، حث رضي الله عنه المرضى على تقديم الوقاية على العلاج بقدر الإمكان، وعلى تناول العلاج إن اضطروا إلى ذلك، وعمل عمر رضي الله عنه على جلب الأطباء للمرضى لمعاينتهم، وحث عمر رضي الله عنه رعيته على إعطاء أبدانهم حقها من الدعة والراحة حتى لا تكون عرضة للإعياء والمرض.
فحث على النوم بعد العشاء، وعلى نوم القيلولة.
81- ثبت أن عمر رضي الله عنه اهتم بالعبيد وأولاهم الرعاية ورفع من شأنهم وقدرهم، وأوصى بهم خيراً، وأن لا يكلفوا فوق طاقتهم، وعدم إهانتهم واحتقارهم.
وحث رضي الله عنه على إعتاق العبيد وفك رقابهم وكان يكره جلب العلوج إلى المدينة وخاصة من بقي منهم على دينه.
82- ثبت أن عمر رضي الله عنه اهتم بالإماء وأنصفهن ممن ظلمهن، وحث على إعتاقهن وقضى بعتق أمهات الأولاد إذا مات أسيادهن، وأنهن لا يوهبن ولا يبعن، وخاصة المسلمات منهن.
ونهى عمر رضي الله عنه الإماء من التشبه بالحرائر لما يترتب على ذلك من الغرر والغش.(2/1163)
83- ثبت أن عمر رضي الله عنه اعتنى بأهل الذمة وأعطاهم حقوقهم وأوصى بعدم تكليفهم فوق طاقتهم، وحرص رضي الله عنه على دعوتهم للإسلام.
84- ثبت أن عمر رضي الله عنه صالح نصارى الشام على الشروط التي عرفت بالشروط العمرية، وعامل رضي الله عنه المجوس معاملة أهل الكتاب، وكان رضي الله عنه شديد الصرامة والحزم مع من نكث عهده من الكتابيين.
85- ثبت أن عمر رضي الله عنه أولى القضايا الجهادية عناية فائقة فعمل على إعداد الجند وتهيئتهم عسكرياً فحث رضي الله عنه على تعلم الغلمان العوم والسباحة، وعلى تعلم المقاتلة الرمي وحث على تعلم رمي الأغراض، وحث على تعلم ركوب الخيل والنزو عليها، وحث على عدم التنعم في المآكل والمشارب والألبسة.
واعتنى رضي الله عنه بجنده وكان يواسيهم ويتواضع لهم ويعطيهم حقوقهم ويأمر بعدم حبس الجيوش فوق ستة أشهر.
ونهى قادته عن الإقدام بالجند على المهالك والمخاطر، والتفريط بهم وتضييعهم، وعاقب من فعل ذلك، وكان رضي الله عنه يكرم جنده ويشيد بهم، وخاصة أهل البلاء منهم.
واهتم رضي الله عنه بإعداد العدة، فأعد الخيل للمقاتلة.(2/1164)
وفاة عمر رضي الله عنه:
87- ثبت أن عمر رضي الله عنه كان يتمنى الاستشهاد في سبيل الله (والموت في بلدة رسوله صلى الله عليه وسلم، فأعطاه الله عز وجل أمنيته.
88- ثبت أن عمر رضي الله عنه رأى قبل موته كأن ديكاً نقره ثلاث نقرات، فأول ذلك بدنو أجله.
89- ثبت أن عمر رضي الله عنه طعنه أبو لؤلؤة المجوسي بعد أن كبر واستفتح صلاة الفجر بسكين ذي طرفين، وطعن معه ثلاثة عشر رجلاً مات منهم سبعة، ثم نحر نفسه بعد أن ظن أنه قد أُخذ، ولما علم عمر رضي الله عنه بقاتله قال رضي الله عنه: الحمد لله الذي لم يبتلني بأحد يحاجني بقول لا إله إلا الله وعرض عمر رضي الله عنه نفسه على الأطباء فنظروا إلى جرحه وأخبروه بأنه ميت، فقال عمر للطبيب: صدقتني، ولو قلت غير ذلك كذبتك.
ونهى عمر رضي الله عنه أهله وأصحابه من البكاء عليه.
90- ثبت أن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم طلبوا منه أن يستخلف عليهم خليفة، فلم يستخلف أحداً، ولكنه رشح لهم ستة من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو راضٍ عنهم: عثمان بن عفان، وعليّ بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيءٌ.(2/1166)
91- ثبت أن عمر رضي الله عنه أوصى ابنه عبد الله بسداد دينه وكان مقداره ستةً وثمانين ألفاً أو نحوها من ماله، فإن لم يوف فيسأل بني عدي، فإن لم تف فيسأل قريشاً، ولا يتعداهم إلى غيرهم.
92- ثبت أن عمر رضي الله عنه استأذن عائشة رضي الله عنها أن يدفن في حجرتها بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر فأذنت له.
93- ثبت أن عمر رضي الله عنه طعن وتوفي في أواخر شهر ذي الحجة من العام الثالث والعشرين من الهجرة.
94- ثبت أن عمر رضي الله عنه غسل وكفن، وصلى عليه صهيب الرومي رضي الله عنه في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وأدخل حجرة عائشة رضي الله عنها ودفن إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكان عمره رضي الله عنه يوم وفاته ثلاثة وستين عاماً.
هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.(2/1167)
مصادر ومراجع
...
فهرس المصادر والمراجع
- آثار المدينة المنورة لعبد لقدوس الأنصاري. المكتبة العلمية التجارية بالمدينة، ط/ الرابعة 1406هـ.
- الآحاد والمثاني لأبي بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الشيباني. تحقيق: باسم الجوابرة. دار الراية. الرياض. ط/الأولى. 1411هـ - 1991م.
- الآداب. لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي. تحقيق: محمد عبد القادر عطا دار الكتب العلمية. بيروت. 1406هـ.
- إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة. لأحمد بن أبي بكر بن إسماعيل الكناني البوصيري. (مخطوط) نسخة مصورة بالجامعة الإسلامية بالمدينة عن الأصل المحفوظ بالمكتبة الأزهرية بالقاهرة برقم (232، 243) .
- إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة. للإمام الحافظ أحمد بن عليّ بن محمّد بن حجر العسقلاني تحقيق الدكتور وصي الله محمّد عباس. الطبعة الأولى 1421هـ - 2001م.(2/1367)
- الأحاديث المختارة لضياء الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي الحنبلي، دراسة وتحقيق عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، الطبعة / الأولى 1410هـ مكتبة النهضة الحديثة، مكة.
- الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان لأبي حاتم محمد بن حبان البستي: بترتيب الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي. قدم له وضبط نصه: كمال يوسف الحوت / دار الكتب العلمية ط/ الأولى 1407هـ.
- أخبار القضاة محمد بن خلف بن حيان المعروف بوكيع. عالم الكتب. بيروت
-أخبار المدينة النبوية لأبي زيد عمر بن شبة النميري البصري. تحقيق الشيخ عبد الله بن أحمد الدويش. الطبعة الأولى 1411هـ. دار العليان.
- أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه لأبي عبد الله محمد بن إسحاق الفاكهي. دراسة وتحقيق: الدكتور عبد الملك بن عبد الله بن دهيش. مكة المكرمة. ط/الأولى 1407هـ. مكتبة ومطبعة النهضة الحديثية.
-أخبار مكّة وما جاء فيها من الآثار. لأبي الوليد محمّد بن عبد الله بن أحمد الأزرقي، تحقيق رشدي(2/1368)
الصالح. ط/ السابعة 1405هـ، دار الثقافة.
-الإخوان. لأبي بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا. تحقيق محمد عبد الرحمن الطوالبة، إشراف د. نجم عبد الرحمن خلف، دار الاعتصام.
- أدب الإملاء والاستملاء لأبي سعيد عبد الكريم بن محمد السمعاني. دراسة وتحقيق أحمد محمد عبد الرحمن محمود. ط / الأولى. مطبعة المحمودية.
- الأدب المفرد. لمحمد بن إسماعيل البخاري، دار البشائر الإسلامية. ط/ الثالثة / 1409هـ.
- إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل. لمحمد ناصر الدين الألباني. المكتب الإسلامي. بيروت ط/الثانية 1405هـ.
- الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم الكبير محمد بن محمد بن أحمد. تحقيق: يوسف بن محمد الدخيل. مكتبة الغرباء الأثرية. المدينة المنورة. ط/الأولى: 1414هـ.
- أسباب النّزول لأبي الحسن عليّ بن أحمد الواحدي. تحقيق السيد أحمد صقر. ط/(2/1369)
الثالثة 1407هـ. مؤسسة علوم القرآن.
- الاستيعاب في أسماء الأصحاب لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي. تحقيق علي معوض وعادل عبد الجواد. ط/ الأولى 1415هـ. دار الكتب العلمية.
- أسد الغابة لعز الدين أبي الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن الأثير الشيباني. دار إحياء التراث العربي لبنان.
- الأشراف لأبي بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا. تحقيق د. نجم عبد الرحمن خلف. ط/ الأولى. مكتبة الرشد الرياض.
- الأشربة لأحمد بن محمد بن حنبل. حققه صبحي الجاسم. مطبعة العاني. بغداد.
- الشريعة لأبي بكر محمد بن الحسين الآجري. تحقيق محمد حامد الفقي. مكتبة دار السلام. ط/ الأولى 1413هـ.
- الإصابة في تمييز الصحابة لشهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني. دار صادر. مطبعة السعادة. ط/ الأولى.(2/1370)
- أضواء على التاريخ الإسلامي. لفتحي عثمان. دار العروبة. القاهرة.
- أطلس تاريخ الإسلام. د. حسين مؤنس. الزهراء للإعلام العربي. ط/ الأولى 1407هـ.
- الاعتصام لأبي إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الشاطبي. ضبطه أحمد عبد الشافي. ط/ الثانية 1411هـ. دار الكتب العلمية.
- الأعلام لخير الدين الزركلي. دار العلم للملايين. لبنان ط/الثامنة 1989م.
- إعلام الموقعين عن رب العالمين لشمس الدين محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية. راجعه طه عبد الرؤوف. دار الجيل.
- الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ لشمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي. إخراج فرانز روزنثال. ترجمة د صالح أحمد العلي. ط/ الأولى 1407هـ. مؤسسة الرسالة.
- الأغاني لأبي الفرج على بن الحسين الأصفهاني/ إعداد مكتب. تحقيق إحياء التراث العربي. ط/ الأولى 1415هـ. وأيضاً ط/ دار الكتب المصرية ط/ الأولى 1357هـ.(2/1371)
- اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني. مطبعة المجد.
- الإكليل من أخبار اليمن وأنساب حمير لأبي محمّد الحسن بن أحمد الهمداني. تحقيق محب الدين الخطيب ط/1368هـ. الطبعة السلفية ومكتباتها - القاهرة.
- الأم. لأبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي. أشرف على تصحيحه محمد زهري النجار. دار المعرفة. لبنان.
- الأمالي للحسن بن محمد الخلال. دراسة وتحقيق مجدي فتحي السيد. ط/ الأولى 1411هـ. دار الصحابة للتراث.
- الأمالي. لعبد الرزاق بن همام الصنعاني. تحقيق مجدي السيد إبراهيم. مكتبة الساعي الرياض.
- الأمالي لأبي عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي. تحقيق د. إبراهيم القيسي. ط/ الأولى 1412هـ. دار ابن القيم. المكتبة الإسلامية.
- الإمامة والرد على الرافضة لأبي نعيم الأصبهاني. تحقيق د. علي بن محمد بن ناصر فقيهي. مكتبة(2/1372)
العلوم والحكم. ط/ الأولى 1407هـ.
- الأموال لحميد بن زنجوية. تحقيق الدكتور: شاكر ذيب فياض. ط/الأولى 1406هـ. مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية. الرياض.
- الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلاَّم الهروي. تحقيق: محمد خليل هراس. دار الكتب العلمية. ط/ الأولى 1401هـ.
- المحبر لأبي جعفر محمّد بن حبيب. دار الآفاق الجديدة. اعتنى بتصحيحه الدكتور إيلزه لبختن.
- أنساب الأشراف لأحمد بن يحيى بن جابر البلاذري. تحقيق د. إحسان صدقي العمد. مؤسسة الشراع العربي ط/ الأولى 1409هـ.
- الأوائل لأبي هلال الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري. دار الكتب العلمية ط/ الأولى 1407هـ.
- الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر. تحقيق الدكتور أبي حماد صغير(2/1373)
أحمد بن محمد حنيف. دار طيبة. ط/ الثانية 1414هـ.
- أيام العرب قبل الإسلام لأبي عبيدة معمر بن المثنى. تحقيق عادل جاسم البياتي. ط/ الأولى 1407هـ. عالم الكتب. مكتبة النهضة العربية.
- الإيمان لأبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي. تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني. نشر وتوزيع دار الأرقم ضمن مجموعة رسائل من كنوز السنة.
- الإيمان لمحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني. دراسة وتحقيق محمد بن حمدي الجابري. ط/ الأولى 1407هـ. الدار السلفية الكويت.
- البداية والنهاية لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي..تحقيق: مجموعة من الباحثين. دار الكتب العلمية. بيروت. ط / الأولى1405هـ.
- البدع والنهي عنها لمحمد بن وضاح القرطبي. تحقيق: محمد أحمد دهمان. دار البصائر ط/الثانية1400هـ.
- البحر الزخار لأبي بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق العتكي البزار. تحقيق محفوظ(2/1374)
الرحمن زين الله. مؤسسة علوم القرآن. مكتبة العلوم والحكم.
- البر والصلة لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي البغدادي ابن الجوزي. تحقيق عادل عبد الموجود وعلي معوض. ط/ الأولى 1413 هـ. مكتبة السنة.
- البر والصلة لعبد الله بن المبارك بن واضح المروزي. مطبوع مع كتاب المسند له. تحقيق د. مصطفى عثمان محمد. دار الكتب العلمية. ط/ الأولى 1411هـ.
- البعث والنشور لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي. تحقيق أحمد عامر حيدر. ط/ الأولى 1406هـ مركز الخدمات والأبحاث.
- بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث. لنور الدين علي بن سليمان بن أبي بكر الهيثمي. تحقيق الدكتور: حسين أحمد الباكري. نشر مركز خدمة السنة النبوية والسيرة بالمدينة المنورة ط/الأولىعام 1413هـ.
- البيان والتبيين لأبي عثمان بن بحر بن محبوب الجاحظ. قدم له د. علي أبو ملحم. دار مكتبة الهلال ط/ الأولى 1408هـ.
- بيوت الصحابة حول المسجد النبوي الشريف(2/1375)
لمحمد بن إلياس عبد الغني. ط/ الأولى 1407هـ مركز طيبة للطباعة.
- التاريخ لأبي بكر أحمد بن زهير بن أبي خيثمة. مخطوط، نسخة مصورة بالجامعة الإسلامية عن الأصل المحفوظ بمكتبة القرويين بالمغرب.
- تاريخ ابن خلدون المسمى: كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر. ط: 1399هـ. مؤسسة جمال للطباعة والنشر.
- تاريخ أبي زرعة الدمشقي لأبي زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي. تحقيق: شكر الله بن نعمة الله القوجاني.
- تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام لشمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي. تحقيق عبد السلام تدمري. دار الكتاب العربي. ط/ الأولى 1407هـ.
- تاريخ الأمم والملوك. لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري. دار الكتب العلمية ط/ الأولى 1407هـ.
- تاريخ بغداد لأبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي. دار الكتب العلمية – لبنان.(2/1376)
- تاريخ خليفة بن خياط لخليفة بن خياط العصفري. تحقيق د. أكرم ضياء العمري. دار طيبة الرياض. ط/ الثانية 1405هـ.
- تاريخ دمشق لأبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي. دراسة وتحقيق محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمرو. دار الفكر 1415هـ، وأيضاً الجزء الخاص بترجمة عمر بن الخطاب تحقيق سكنية الشهابي. مؤسسة الرسالة. ط/ الأولى 1414هـ. وأيضاً المخطوط نسخة المكتبة الظاهرية، فهرسة محمد بن رزق بن طرهوني.
- التاريخ الصغير. لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري. تحقيق: محمود إبراهيم زايد. دار المعرفة. لبنان.
- تاريخ الطبري = تاريخ الأمم.
- تاريخ عمر بن الخطاب لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي. قدم له وعلق عليه أسامة بن عبد الكريم الرفاعي. دار إحياء علوم الدين. دمشق.
- تاريخ فتوح الشام لمحمد بن عبد الله الأزدي. تحقيق عبد المنعم عبد الله عامر. مؤسسة سجل العرب.(2/1377)
- تاريخ قريش لحسين مؤنس. ط/ الأولى 1408هـ. الدار السعودية للنشر والتوزيع.
- التاريخ الكبير لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري. تصحيح وتعليق: عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني. دار الكتب العلمية. بيروت.
- تاريخ المدينة لعمر بن شبة = أخبار المدينة
- تاريخ معالم المدينة قديماً وحديثاً لأحمد بن ياسين الخياري. ط/الرابعة 1414هـ. مطابع مؤسسة المدينة للصحافة. دار العلم بجدة.
- تاريخ واسط لأسلم بن سهل الرزاز الواسطي بحشل. تحقيق كوركيس عواد. عالم الكتب.
- تاريخ ولاة مصر وقضاتها لأبي عمر محمد بن يوسف الكندي المصري. مؤسسة الكتب الثقافية. ط/ الأولى 1408هـ.
- التاريخ عن يحيى بن معين. ليحيى بن معين بن عون المري الغطفاني. رواية عباس بن محمد الدوري. دراسة وترتيب وتحقيق د. أحمد بن محمد نور سيف ط/ الأولى 1399هـ. مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي.(2/1378)
جامعة الملك عبد العزيز. مكة المكرمة.
- تاريخ يحيى بن معين رواية أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز = معرفة الرجال.
- تاريخ اليعقوبي أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن واضح. دار صادر.
- التبيين في أنساب القرشيين لموفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة. تحقيق وتعليق محمد نايف الديلمي. مكتبة النهضة العربية ط/ الثانية 1408هـ
- تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي لأبي العلي محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري. ضبطه وراجع أصوله عبد الرحمن بن محمد عثمان. المكتبة السلفية بالمدينة المنورة ط/ الثانية 1385هـ.
- تخريج الدلالات السمعية لعلي بن محمد بن سعود الخزاعي. تحقيق د. إحسان عباس. دار الغرب الإسلامي. ط/ الأولى 1405هـ.
- تذكرة الحفاظ لأبي عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي. دار الفكر العربي. لبنان.
- تصحيفات المحدثين(2/1379)
لأبي أحمد الحسن بن عبد الله العسكري. دراسة وتحقيق محمود أحمد ميرة ط/ الأولى. المطبعة العربية الحديثة. القاهرة.
- تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني. دار الكتاب العربي
- تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس لشهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني. تحقيق الدكتور: عبد الغفار سليمان البنداري والأستاذ: محمد أحمد عبد العزيز. دار الكتب العلمية. بيروت. ط/الأولى1405هـ.
- تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر المروزي. تحقيق: عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائي. مكتبة الدار. المدينة المنورة. ط/الأولى1406هـ.
- تغليق التعليق على صحيح البخاري لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني. دراسة وتحقيق سعيد عبد الرحمن موسى القزقي. المكتب الإسلامي. بيروت ودار عمار. الأردن ط/الأولى1405هـ.
- تفسير ابن كثير = تفسير القرآن العظيم.
- تفسير البغوي = معالم التنزيل.
- تفسير سفيان الثوري لسفيان بن سعيد الثوري. راجعه لجنة من العلماء بإشراف الناشر دار(2/1380)
الكتب العلمية. بيروت. ط/الأولى1403هـ.
- تفسير الطبري= جامع البيان.
- تفسير القرآن لعبد الرزاق بن همام الصنعاني. تحقيق د. مصطفى مسلم محمد ط/ الأولى 1410هـ. مكتبة الرشد. الرياض.
- تفسير القرآن العظيم لعماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي. دار التراث. القاهرة. مكتبة الدعوة الإسلامية.
- تقريب التهذيب لشهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي. قدم له وقابله محمد عوامة. ط/ الرابعة 1412هـ. دار الرشد ودار القلم.
- تقييد العلم لأبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي. تحقيق: يوسف العش. دار إحياء السنة النبوية. ط/الثانية عام: 1974م.
- التمهيد لمافي الموطأ من المعاني والأسانيد لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي. تحقيق: مجموعة من العلماء.
- التنكيل لعبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني. تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني(2/1381)
ومحمد عبد الرزاق حمزة. دار الكتب السلفية.
- تهذيب الآثار وتفصيل الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الآثار لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري. تخريج محمود محمد شاكر.
- تهذيب التهذيب لشهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني. ط/ الأولى 1325هـ. مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية. حيد آباد الدكن.
- تهذيب الكمال في أسماء الرجال لجمال الدين أبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي. تحقيق: بشار عواد معروف. مؤسسة الرسالة. بيروت. ط/الثانية 1403هـ.
- التواضع والخمول لأبي بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا. تحقيق محمد عبد القادر عطا. ط/ الأولى 1409هـ. دار الكتب العلمية.
- التوكل لأبي بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا. تحقيق وتعليق جاسم الفهيد الدوسري. ط/ الأولى 1404هـ. دار الأرقم. الكويت.
- الثقات لأبي حاتم محمد بن حبان البستي. طبع دائرة المعارف العثمانية. بحيدر آباد. بالهند. ط/الأولى1402هـ.(2/1382)
- جامع بيان العلم وفضله لأبي عمر يوسف بن عبد البر النمري. دار الباز للنشر والتوزيع 1398هـ. دار الكتب العلمية.
- جامع البيان في تأويل القرآن لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري. ط/ الأولى1412هـ. دار الكتب العلمية.
- جامع التحصيل في أحكام المراسيل لصلاح الدين أبي سعيد خليل العلائي. تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي. ط/ الثانية 1407هـ. عالم الكتب.
- الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع لأبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي. تحقيق د. محمود الطحان. مكتبة المعارف 1403هـ.
- الجرح والتعديل لأبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس التميمي الرازي. ط/ الأولى. دائرة المعارف العثمانية. الهند، تصوير: دار إحياء التراث العربي. بيروت.
- جزء ابن ديزيل تحقيق وتخريج: عبد الله بن محمد بن عبد الرحيم البخاري. ط/ الأولى. مكتبة البخاري.(2/1383)
- جزء الحسن بن الأشيب لأبي علي الحسن بن موسى الأشيب. تحقيق: أبي ياسر خالد بن قاسم الردادي. دار علوم الحديث. الإمارات العربية. ط/الأولى1410هـ
- جزء الحسن بن عرفة تحقيق وتعليق وتخريج عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائي. مكتبة دار الأقصى. الكويت. ط/ الأولى 1406هـ.
- جزء أبي مسهر لعبد الأعلى بن مسهر. دراسة وتحقيق مجدي فتحي السيد. دار الصحابة للتراث. ط/ الأولى 1410 هـ.
- جزء محمد بن عاصم الثقفي الأصبهانيتحقيق وتخريج: مفيد خالد عيد. دار العاصمة. الرياض. ط/ الأولى 1409هـ.
- جمهرة النسب لأبي المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي. رواية السكري عن ابن حبيب. تحقيق د. ناجي حسن ط/ الأولى 1407هـ. عالم الكتب.
- جمهرة النسب. لأبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي. تحقيق: عبد السلام هارون. دار المعارف. ط/ الرابعة.
- الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة.(2/1384)
لأبي القاسم إسماعيل بن محمد المعروف بقوام السنة الأصبهاني. تحقيق: محمد بن ربيع بن هادي عمير المدخلي. دار الراية. الرياض. ط/الأولى عام: 1411هـ.
- حذف من نسب قريش لمؤرج بن عمر السدوسي. تحقيق صلاح الدين المنجد. دار الكتاب العربي الجديد. بيروت ط/ الثانية.
- الحلم لأبي بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا. تحقيق مجدي السيد إبراهيم. مكتبة القرآن.
- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني. دار الكتب العلمية.
- الخراج لأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم. نشره قصي محب الدين الخطيب ط/ الخامسة 1396هـ. المطبعة السلفية.
- خطط البصرة ومنطقتها. للدكتور صالح أحمد العلي. مطبعة المجمع العلمي العراقي 1406هـ.
- دفاع عن الحديث النبوي والسيرة في الرد على جهالات البوطي، لمحمد بن ناصر الدين الألباني. نشر مجلة التمدن الإسلامي بدمشق.(2/1385)
طبع ضمن مجموعة رسائل.
- دلائل النبوة لأحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق أبي نعيم الأصبهاني. تحقيق د. محمد رواس قلعجي وعبد البر عباس. دار النفائس. ط/ الثانية 1406هـ.
- دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة.
- لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي. توثيق وتخريج /عبد المعطي قلعجي. دار الريان للتراث. دار الكتب العلمية. ط/ الأولى1408 هـ.
- ديوان الحطيئة/ شرح أبي سعيد السكري. دار صادر - بيروت 1401هـ.
- ديوان النابغة الذبياني. صنعه ابن السكيت. تحقيق شكري فيصل. ط/ مطابع دار الهاشم/ بيروت.
- ديوان حاتم الطائي. شرحه وقدّم له أحمد رشاد. ط/ دار الكتب العلمية بيروت. ط/ الأولى 1406هـ.
- ذم الدنيا لأبي بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا. تحقيق السيد إبراهيم. مكتبة الساعي.(2/1386)
- ذم المسكر لأبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا. حققه وعلق عليه د. نجم عبد الرحمن خلف. ط/ الأولى 1409هـ. دار الراية.
- الرقة لموفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي. حققه وعلق عليه: مسعد بن عبد الحميد السعدني. دار الكتب العلمية. ط/ الأولى 1414هـ.
- الروض الأنف في تفسير السيرة النبوية لابن هشام. لأبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن أبي الحسين السهيلي. قدم له: طه عبد الروؤف سعد. دار المعرفة.
- الروض المعطار في خبر الأقطار لمحمد بن عبد المنعم الحميري. حققه إحسان عباس. مكتبة لبنان. ط/ الثانية 1984م.
- روضة العقلاء ونزهة الفضلاء. لأبي حاتم محمد بن حبان البستي. تحقيق وتصحيح محمد حامد الفقي. مطبعة السنة المحمدية.
- الزهد لأبي بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم. تحقيق د. عبد العلي عبد الحميد. الدار السلفية. بومباي. ط/الأولى 1403هـ.(2/1387)
- الزهد لأحمد بن محمد بن حنبل الشيباني. دار الريان. ط / الأولى 1408هـ.
- الزهد لعبد الله بن المبارك المروزي. حققه حبيب الرحمن الأعظمي. دار الكتب العلمية.
- الزهد الكبير لأحمد بن الحسين البيهقي تحقيق وتخريج عامر أحمد حيدر. ط/ الأولى 1408هـ. دار الجنان ومؤسسة الكتب الثقافية.
- الزهد لوكيع بن الجراح. تحقيق وتخريج عبد الرحمن عبد الجبار الفريوائي. ط/ الأولى. مكتبة الدار بالمدينة المنورة.
- الزهد لهناد بن السري. تحقيق وتخريج عبد الرحمن عبد الجبار الفريوائي. دار الخلفاء للكتاب الإسلامي ط/ الأولى 1406هـ.
- الزهد وصفة الزاهدين لأحمد بن محمد بن زياد ابن الأعرابي. تحقيق مجدي فتحي السيد. ط/ الأولى 1408هـ. مكتبة الصحابة.
- سلسلة الأحاديث الصحيحة(2/1388)
لمحمد ناصر الدين الألباني. المكتب الإسلامي. ط/ الرابعة 1405هـ.
- سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة لمحمد ناصر الدين الألباني. مكتبة المعارف. ط/ الأولى 1408هـ.
- السنة ومكانتها في الشرع الإسلامي للدكتور مصطفى السباعي. ط/ الثالثة 1402هـ. المكتب الإسلامي.
- السنن لمحمد بن إدريس الشافعي. تحقيق وتخريج د. خليل إبراهيم ملا خاطر. مؤسسة علوم القرآن. ط/ الأولى 1409هـ.
- سنن ابن ماجه لأبي عبد الله محمد بن يزيد ابن ماجة القزويني. حققه محمد فؤاد عبد الباقي. دار الفكر.
- سنن أبي داود لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني. راجعه محمد محيي الدين عبد الحميد. دار إحياء التراث العربي.
- سنن الترمذي وهو الجامع الصحيح لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي. حققه وصححه عبد الوهاب عبد اللطيف. دار الفكر. ط/ الثانية 1398هـ.
- سنن الدارقطني.(2/1389)
لأبي الحسن علي بن عمر الدارقطني. وبذيله التعليق المغني على الدارقطني لأبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي. دار المحاسن للطباعة. عني بتصحيحه عبد الله هاشم يماني.
- سنن الدارمي لأبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل الدارمي. دار الكتب العلمية. طبع بعناية محمد أحمد دهمان. نشر دار إحياء السنة النبوية.
- سنن سعيد بن منصور لسعيد بن منصور بن شعبة الخراساني المكي. تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي. دار الكتب العلمية. ط/الأولى 1414هـ. وأيضاً بتحقيق د. سعد بن عبد الله بن عبد العزيز آل حميد. دار الصميعي. الرياض. ط/الأولى1414هـ.
- السنن الصغرى لأبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي. تخريج وتعليق د. عبد المعطي أمين قلعجي. ط/ الأولى 1410هـ. منشورات جامعة الدراسات الإسلامية. كراتشي - باكستان.
- السنن الكبرى لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي. في ذيله الجوهر النقي. دار المعرفة. لبنان. مكتبة المعارف. الرياض.
- السنن الكبرى(2/1390)
لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي. تحقيق د. عبد الغفار سليمان البنداري وسيد كسروي حسن. دار الكتب العلمية. بيروت ط/ الأولى 1411هـ.
- سنن النسائي لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي. بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي وحاشية السندي - دار الفكر ط/ الأولى 1348هـ.
- السنة. لأبي بكر أحمد بن محمد بن هارون بن يزيد الخلال. دراسة وتحقيق د. عطية الزهراني. دار الراية. الرياض. ط/الأولى1410هـ.
- السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل. تحقيق أبو هاجر محمد السعيد بسيوني زغلول - دار الكتب العلمية. ط/ الأولى 1405هـ.
- السنة لأبي بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني. ومعه ظلال الجنة في تخريج السنة. تحقيق محمد ناصر الدين الألباني. المكتب الإسلامي. بيروت ط/الثانية 1405هـ.
- السير لأبي إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري. دارسة وتحقيق د. فاروق حماده. مؤسسة الرسالة. ط/ الأولى 1408هـ(2/1391)
- سير أعلام النبلاء. لشمس الدين محمد بن أحمد الذهبي. أشرف على تحقيق الكتاب وخرج أحاديثه شعيب الأرنؤوط. مؤسسة الرسالة. بيروت ط/الرابعة1406هـ - 1986م.
- السيرة النبوية لأبي الفداء إسماعيل بن كثير. تحقيق مصطفى عبد الواحد. دار المعرفة 1403هـ.
- السيرة النبوية لأبي محمد عبد الملك بن هشام الحميري النحوي. مع شرح أبي ذر الخشني. تحقيق د. همام عبد الرحيم سعيد ومحمد عبد الله أبو صعيلك. ط/ الأولى 1409هـ. مكتبة المنار. وأيضاً بتحقيق مصطفى السقا. دار إبراهيم الأبياري، وعبد الحفيظ شلبي. دار/ الثالثة 1375هـ. مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي.
- السيرة النبوية الصّحيحة للدكتور أكرم ضياء العمري. 1412هـ. مكتبة العلوم والحكم.
- السيرة النّبويّة في ضوء المصادر الأصليّة. للدكتور مهدي رزق الله. ط/ الأولى 1412هـ. مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلاميّة.
- شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة(2/1392)
لأبي القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي. تحقيق د. أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي. ط/ الثالثة 1415هـ. دار طيبة للنشر والتوزيع. الرياض.
- شرح السنة لأبي محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي. تحقيق: شعيب الأرناؤوط. المكتب الإسلامي.
- شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين. ط/الثالثة 1405هـ. مؤسسة الرسالة. مكتبة الرشد.
- شرح معاني الأثار لأبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي. تحقيق: محمد زهري النجار. دار الكتب العلمية. بيروت. ط/الثانية 1407هـ.
- شرف أصحاب الحديث لأبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي. تحقيق الدكتور: محمد سعيد خطيب أوغلي. دار إحياء السنة النبوية، كلية الإلهيات جامعة أنقرة.
- شعب الإيمان للإمام أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي. تحقيق: أبي هاجر محمد السعيدبن بسيوني زغلول. دار الكتب العلمية. بيروت. لبنان.(2/1393)
ط/الأولى1410هـ وأيضاً بتحقيق عبد العلي بن عبد الحميد حامد باسم (الجامع لشعب الإيمان) الدار السلفية بومباي، الهند ط/ الأولى 1406هـ.
- شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام. تأليف الإمام أبي الطيب تقي الدين محمّد بن أحمد القاسي. حققه د/ عمر تدمري 1405هـ. دار الكتاب العربي.
- صحيح ابن حبان = الإحسان بترتيب.
- صحيح الأدب المفرد لمحمد ناصر الدين الألباني. ط/ الأولى 1414هـ دار الصديق الجبيل.
- صحيح البخاري لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري. طبع بمطبعة دار إحياء الكتب العربية لعيسى البابي الحلبي وأولاده.
- صحيح سنن ابن ماجه لمحمد ناصر الدين الألباني. إشراف زهير الشاويش. مكتب التربية العربي لدول الخليج. بيروت. ط/الثالثة عام: 1408هـ. المكتب الإسلامي.
- صحيح سنن أبي داود لمحمد ناصر الدين الألباني. إشراف زهير الشاويش. مكتب التربية العربي لدول الخليج. ط/ الأولى 1409هـ(2/1394)
- صحيح سنن الترمذي لمحمد ناصر الدين الألباني. إشراف زهير الشاويش. مكتب التربية لدول الخليج العربي ط/ الأولى 1408هـ.
- صحيح سنن النسائي لمحمد ناصر الدين الألباني. إشراف زهير الشاويش. مكتب التربية لدول الخليج العربي ط/ الأولى 1409هـ. المكتب الإسلامي.
- صحيح مسلم. لأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري. بحاشيته شرح محي الدين النووي. المطبعة المصرية ومكتباتها.
- صريح السنة لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري. حققه بدر بن يوسف المعتوق ط/ الأولى 1405هـ. دار الخلفاء للكتاب الإسلامي.
- الصمت وآداب اللسان لأبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا. تحقيق وتعليق د. محمد أحمد عاشور. دار الاعتصام. ط/ الثانية 1408هـ.
الضعفاء الكبير لأبي جعفر محمد بن عمرو بن موسى العقيلي. تحقيق: عبد المعطي أمين قلعجي. دار الكتب العلمية. بيروت ط/الأولى عام: 1404هـ.
- ضعيف سنن أبي داود(2/1395)
لمحمد ناصر الدين الألباني. المكتب الإسلامي. إشراف زهير الشاويش بيروت. ط/الأولى1412هـ.
- ضعيف سنن ابن ماجه لمحمد ناصر الدين الألباني. إشراف زهير الشاويش. المكتب الإسلامي. بيروت. ط/ الأولى1408هـ
- ضعيف سنن الترمذي لمحمد اصر الدين الألباني. إشراف زهير الشاويش. المكتب الإسلامي ط/ الأولى 1411هـ.
- طبقات الشعراء لأبي محمّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري. تحقيق مفيد قميحة ط/ الأولى 1401هـ. دار الكتب العلمية بيروت.
- طبقات فحول الشعراء. تأليف محمّد بن سلام الجمحي. شرح محمود بن محمّد شاكر. مطبعة المدني.
- الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد بن منيع البصري. دار صادر. بيروت. 1405هـ.
- الطبقات الكبرى - الطبقة الخامس دراسة وتحقيق د. محمد بن صامل السلمي. نشر مكتبة الصديق. الطائف ط/ الأولى 1414هـ.(2/1396)
- الطبقات الكبرى - الطبقة الرابعة تحقيق ودراسة د. عبد العزيز عبد الله السلومي. مكتبة الصديق. الطائف ط/ الأولى 1416هـ.
- الطريق إلى دمشق لأحمد عادل كمال. دار النفائس. ط/ الرابعة 1411هـ.
- الطرق الحكمية في السياسة الشرعية. تأليف ابن قيم الجوزية. تحقيق محمّد حامد الفقي. ط/ مطبعة السنة المحمّديّة 1372هـ - 1395هـ.
- الطهور لأبي عبيد القاسم بن سلام. تحقيق ودراسة صالح محمد الفهد المزيد ط/ الثانية 1414هـ. مكتبة العلوم والحكم.
- عارضة الأحوذي لابن العربي المالكي. المطبعة المصرية بالأزهر. ط/ الأولى 1350هـ.
- عبقرية عمر لعباس محمود العقاد. المكتبة العصرية. بيروت.
- العقد الفريد لأحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي. تحقيق مفيد محمد قميحة. دار الكتب العلمية ط/ الأولى 1404هـ.
- العقل وفضله واليقين(2/1397)
لأبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا. تحقيق مجدي السيد إبراهيم. مكتبة الساعي. الرياض.
- على طريق الهجرة لعاتق بن غيث البلادي. دار مكة للنشر والتوزيع.
- العلل الواردة في الأحاديث النبوية لأبي الحسن علي بن عمر الدارقطني. تحقيق: محفوظ الرحمن زين الله السلفي. دار طيبة الرياض. ط/الأولىعام 1405 هـ.
- العلم لأبي خيثمة زهير بن حرب النسائي. تحقيق محمد ناصر الدين الألباني. نشر دار الأرقم. ضمن مجموعة رسائل من كنوز السنة.
- العمدة في محاسن الشعر وآدابه. لأبي الحسن بن رشيق الأزدي. تحقيق محمّد محيي الدين عبد الحميد. دار الجيل بيروت. ط/ الخامسة 1401هـ.
- عمل اليوم والليلة لأبي بكر أحمد بن محمد بن إسحاق الدينوري المعروف بابن السني. حققه وخرج أحاديث أبو محمد عبد الرحمن كوثر البرني. دار القبلة للثقافة الإسلامية. جدة
- العواصم من القواصم في تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبي r للقاضي أبي بكر بن العربي 1405هـ. المكتبة العلمية.(2/1398)
- عون المعبود لأبي الطيب محمد شمس الحق العظيم أبادي. ضبط وتحقيق عبد الرحمن محمد عثمان. المكتبة السلفية بالمدينة. ط/ الثانية 1389هـ.
- العيال لأبي بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا. حققه وعلق عليه د. نجم عبد الرحمن خلف. ط/ الأولى 1410هـ. دار ابن القيم.
- غاية المرام بأخبار سلطنة البلد الحرام لعز الدين عبد العزيز بن عمر بن محمّد بن فهد الهاشمي القرشي. تحقيق فهيم محمّد شلوّت ط/ الأولى 1406هـ. مركز البحث التراث جامعة أم القرى.
- غريب الحديث لأبي سليمان حمد بن محمد إبراهيم الخطابي البستي. تحقيق عبد الكريم إبراهيم بن إبراهيم العزباوي. مركز البحث العلمي وإحياء التراث. جامعة أم القرى 1403هـ.
- غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي. ط/ الأولى 1406هـ. دار الكتب العلمية.
- الغيبة والنميمة لأبي بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا. حققه وعلق عليه(2/1399)
عمرو علي عمر. الدار السلفية بومباي. الهند. ط/ الأولى 1409هـ.
- فتح الباري بشرح صحيح البخاري لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني. ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي - قابله سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز. دار الفكر.
- فتح المغيث شرح ألفية الحديث لشمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي. ط/ الأول1403هـ. دار الكتب العلمية.
- فتوح البلدان لأبي الحسن أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري. راجعه رضوان محمد رضوان. دار الكتب العلمية 1403هـ.
- فتوح مصر وأخبارها لأبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم. طبعة ليدن 1920م. مكتبة المثنى. بغداد.
- الفروسية لشمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب. تحقيق مشهور ابن حسن سلمان. دار الأندلس. ط/ الأولى 1414هـ.
- فضائل الأوقات. لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي. دراسة وتحقيق عدنان عبد الرحمن مجيد القيسي. ط/الأولى 1400هـ. مكتبة المنارة - مكة.(2/1400)
- فضائل بيت المقدس لضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي. تحقيق: محمد مطيع الحافظ. دار الفكر. ط/الأولىعام 1405هـ.
- فضائل الصحابة لأبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل. حققه وخرج أحاديثه وصي الله محمد عباس. ط/ الأولى 1403هـ. جامعة أم القرى. مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي.
- فضائل الصحابة لخيثمة بن سليمان القرشي الأطرابلسي. في مجموعة من حديث خيثمة ابن سليمان. دراسة وتحقيق عمر بن عبد السلام تدمري. دار الكتاب العربي.
- فضائل الصديق لأبي طالب محمد بن علي بن الفتح الحربي العشاري. تحقيق وتخريج عمرو بن عبد المنعم. ط/ الأولى 1413هـ. دار الصحابة للتراث - طنطا.
- الفوائد. لأبي عمرو بن منده. تخريج مسعد بن عبد الحميد السعدني. ط/ الأولى 1412هـ. دار الصحابة للتراث بطنطا.
- الفوائد(2/1401)
لتمام بن محمد الرازي. حققه وخرج أحاديثه حمدي بن عبد المجيد السلفي. مكتبة الرشد. ط/ الأولى 1412هـ.
- القاموس المحيط لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي. المؤسسة العربية للطباعة والنشر. دار الجيل.
- القصاص والمذكرين لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي. حققه وعلق عليه د. محمد بن لطفي الصباغ. المكتب الإسلامي. ط/ الثانية 1409هـ.
- القضاء في عهد عمر بن الخطاب لناصر بن عقيل الطريفي. دار المدني. ط/ الأولى 1406هـ.
- الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة لشمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي. وحاشية لبرهان الدين أبو الوفاء إبراهيم بن محمد سبط بن العجمي. قدم له محمد عوامة وخرج نصوصه أحمد محمد نمر الخطيب. دار القبلة للثقافة الإسلامية ومؤسسة علوم القرآن. ط/الأولىعام 1413هـ.
- الكامل في التاريخ. لأبي الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن الأثير. راجعه مجموعة من العلماء. دار الكتاب العربي. ط/ الرابعة 1403هـ.
- الكامل في ضعفاء الرجال(2/1402)
لأبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني. دار الفكر. ط/الثانية 1405هـ.
- الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار. لأبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي. تقديم وضبط كمال يوسف الحوت. مكتبة العلوم والحكم. ط/ الأولى 1409هـ.
- كشف الأستار عن زوائد البزار على الكتب الستة للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي. تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي. مؤسسة الرسالة. ط/الثانية 1404هـ.
- الكفاية في أصول السماع والرواية. تأليف الحافظ الخطيب البغدادي. ط/ دار الكتب الحديثية.
- الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات لأبي البركات محمد بن أحمد المشهور بابن الكيال. تحقيق: عبد القيوم بن عبد رب النبي. دار المأمون للتراث. ط/الأولىعام 1401هـ.
- لسان العرب لأبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الأنصاري. مكتبة تحقيق التراث - دار إحياء التراث العربي. مؤسسة التاريخ العربي. ط/ الثالثة 1413هـ.
- لسان الميزان لشهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني. دار الكتاب(2/1403)
الإسلامي. ط/الثانية.
- المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين لمحمد بن حبان بن أحمد أبي حاتم التيمي البستي. تحقيق: محمود إبراهيم زايد. دار الوعي. ط/الأولى عام 1396هـ.
- مجمع البحرين في زوائد المعجمين لنور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي. تحقيق ودراسة عبد القدوس بن محمد نذير. مكتبة الرشد. الرياض. ط/الأولىعام 1413هـ.
- مجمع الزوائد ومنع الفوائد لنور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي. مكتبة المعارف 1406هـ.
- محاسبة النفس لأبي بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا. تحقيق مجدي السيد إبراهيم. مكتبة القرآن.
- المحلى بالآثار لأبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي. تحقيق عبد الغفار البنداري. دار الفكر.
- المحن لمحمد بن أحمد بن تميم التميمي. تحقيق يحيى وهيب الجبوري. ط/ الثانية 1408هـ. دار الغرب الإسلامي.
- مختار الصحاح(2/1404)
لمحمد بن أبي بكر عبد القادر الرازي. إخراج دائرة المعاجم في مكتبة لبنان. مكتبة لبنان 1986م. المختارة للضياء المقدسي. انظر: الأحاديث المختارة.
- مختصر منهاج السنة لعبد الله الغنيمان. مكتبة الكوثر. دار الأرقم. ط/ الثانية 1412هـ.
- المذكر والتذكير والذكر لأبي بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم. تحقيق أبي ياسر خالد بن قاسم. ط/ الأولى 1413هـ. دار المنار.
- مرويات العهد المكي. لعادل عبد الغفور. رسالة ماجستير بقسم السنة بكلّيّة الحديث. الجامعة الإٍسلاميّة، بالمدينة المنورة.
- مسائل الإمام أحمد لأبي داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق السجستاني. ط/ الثانية. الناشر. محمد أمين دمج.
- مساوئ الأخلاق ومذمومها لأبي بكر محمد بن جعفر بن سهل السامري الخرائطي. تحقيق وتخريج مصطفى أبي النصر الشلبي. ط/الأولى1412هـ. مكتبة السوادي. جدة.
- المستدرك على الصحيحين(2/1405)
لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري. وفي ذيله تلخيص المستدرك للإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي. دار الفكر 1398هـ.
- المسند لمحمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن مندة بن أدهم. تحقيق مجدي السيد إبراهيم. مكتبة القرآن. القاهرة.
- المسند لأبي عوانة يعقوب بن إسحاق الاسفرائيني. دار الكتبي.
- المسند لعبد الله بن المبارك بن واضح المروزي. حققه وعلق عليه صبحي البدري السامرائي. مكتبة المعارف. ط/ الأولى 1407.
- المسند. لأحمد بن حنبل الشيباني. المكتب الإسلامي. بيروت. ط/ الخامسة. 1405هـ.
- المسند. إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي. تحقيق: الدكتور عبد الغفور البلوشي. مكتبة الإيمان. المدينة المنورة. ط/ الأولى 1412.
- مسند ابن الجعد(2/1406)
لأبي الحسين علي بن الجعد الجوهري. تحقيق: الدكتور عبد المهدي بن عبد القادر. مكتبة الفلاح. الكويت. ط/الأولىعام 1405هـ.
- مسند أبي يعلى لأحمد بن علي بن المثنى التميمي. حققه وخرج أحاديث حسين سليم أسد. دار المأمون. ط/ الأولى 1404هـ.
- مسند البزار = البحر الزخار.
- مسند الحميدي لأبي بكر عبد الله بن الزبير الحميدي. تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي. عالم الكتب. بيروت.
- مسند الشاشي لأبي سعيد الهيثم بن كليب الشاشي. تحقيق محفوظ الرحمن زين الله السلفي. ط/ الأولى 1410هـ. نشر مكتبة العلوم والحكم بالمدينة.
- مسند الشافعي لأبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي. دار الكتب العلمية ط/ الأولى 1400هـ.
- مسند الشهاب لأبي عبد الله محمد بن سلامة القضاعي. حققه وخرج أحاديثه حمدي ابن عبد المجيد السلفي. ط/ الأولى 1405هـ. مؤسسة الرسالة.
- مسند الطيالسي(2/1407)
لأبي داود سليمان بن داود بن الجارود الفارسي البصري. مكتبة المعارف. دار المعرفة.
- مسند عمر بن الخطاب لأبي يوسف يعقوب بن شيبة بن الصلت. تحقيق كمال يوسف الحوت. ط/ الأولى 1405هـ. مؤسسة الكتب الثقافية.
- مسند الفاروق لعماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الشافعي. وثق أصوله وخرج أحاديثه د. عبد المعطي قلعجي ط/ الأولى 1411هـ.
- مشكاة المصابيح. لمحمد بن عبد الله الخطيب التبريزي. تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني. المكتب الإسلامي بيروت. ط/الثالثة1405هـ
- مشكل الآثار لأبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي. ط/ الأولى. مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية بحيدر أباد الدكن. 1333هـ.
- المشيخة لإبراهيم بن طهمان. تحقيق د. محمد طاهر مالك. دمشق. 1403هـ.
- المصاحف لأبي بكر عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني. دار الكتب العلمية. ط/ الأولى 1405هـ.(2/1408)
- المصباح المنير. تأليف أحمد بن محمد بن علي الفيُّومي. مكتبة لبنان.
- المصنف لأبي بكر بن أبي شيبة = الكتاب المصنف.
- المصنف لأبي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني. تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي. توزيع المكتب الإسلامي. بيروت. ط/الثانيةعام 1403هـ.
- المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية. (مخطوط) لشهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني. نسخة مصورة بمكتبة الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله عن الأصل المحفوظ بالمكتبة السلمانية. مكتبة مراد بخارى باستنبول برقم 83/2.
- معالم التنزيل لمحي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود البغوي. حققه محمد بن عبد الله النمر وعثمان جمعة ضميرية وسليمان الحرش. دار طيبة للنشر والتوزيع 1411هـ.
- المعجم لأبي سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن الأعرابي.تحقيق: الدكتور أحمد بن ميرين البلوشي. مكتبة الكوثر. الرياض. ط/الأولى عام 1412هـ.
- معجم البلدان(2/1409)
لشهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي. دار صادر. بيروت. 1404هـ.
- المعجم لأبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى التميمي الموصلي. حققه حسين سليم أسد الداراني وعبده علي كوشك. دار المأمون للتراث. ط/ الأولى 1410هـ.
- معجم قبائل العرب القديمة والحديثة لعمر رضا كحالة. مؤسسة الرسالة. ط/ السادسة 1412هـ.
- المعجم الكبير لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني. تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي. ط/ الثانية. مكتبة ابن تيمية. القاهرة.
- معجم لغة الفقهاء للدكتور محمد رواس قلعجي والدكتور حامد صادق قني-ب-ي. ط/ الثانية 1408هـ. دار النفائس.
- معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية لعاتق بن غيث البلادي. دار مكة للنشر والتوزيع. ط/الأولى 1402هـ.
- المعجم الوسيط لمجموعة من العلماء. ط/ الثانية. مطابع دار المعارف بمصر.
- معرفة الرجال(2/1410)
لأبي زكريا يحيى بن معين رواية أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز. تحقيق محمد كامل القصار 1405هـ.
- معرفة الصحابة لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني. تحقيق: محمد راضي بن حاج عثمان. مكتبة الدار بالمدينة، ومكتبة الحرمين بالرياض. ط/ الأولى عام1408هـ. وأيضاً النسخة المخطوطة وهي مصورة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عن الأصل المحفوظ بمكتبة أحمد الثالث بتركيا.
- المعرفة والتاريخ لأبي يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي. تحقيق: الدكتورأكرم ضياء العمري. مكتبة الدار. المدينة المنورة. ط/الأولىعام 1410هـ.
- معرفة السنن والآثار لأبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي، مصور عن المكتبة الآصفية، حيدر أباد الدكن.
- المعلقات العشر وأخبار شعرائها. جمع وتصحيح أحمد بن الأمين الشنقيطي. ط/ دار الكتب العلمية.
- المغانم المطابة في معالم طابة لمجد الدين أبي الطاهر محمّد بن يعقوب الفيروزابادي. تحقيق/ حمد الجاسر. ط/ الأولى 1389هـ. منشورات دار اليمامة.
- المغني لموفق الدين ابن قدامة. دار الفكر. ط/ الأولى 1404هـ.(2/1411)
- مقاييس نقد متون السنة. تأليف الدكتور سفر غرم الله الدميني ط/ الأولى 1404هـ.
- مكارم الأخلاق لأبي بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن ابي الدنيا. تحقيق. محمد بن عبد القادر أحمد عطا. دار الكتب العلمية ط/ الأولى 1409هـ.
- مكارم الأخلاق لأبي بكر محمد بن جعفر السامري الخرائطي. تحقيق سعاد سليمان إدريس ط/ الأولى 1411هـ. مطبعة المدني.
- المنتخب من مسند عبد بن حميد لأبي محمد عبد بن حميد. تحقيق: صبحي السامرائي ومحمود الصعيدي. مكتبة السنة. ط/ الأولى 1408هـ.
- المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي. دراسة وتحقيق محمد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا. ط/ الأولى دار الكتب العلمية 1412هـ.
- المنتقى من السنن المسندة عن رسول الله لأبي محمد عبد الله بن علي بن الجارود النيسابوري. فهرسه وعلق عليه عبد الله بن عمر البارودي. ط/ الأولى 1408هـ. مؤسسة الكتب الثقافية.(2/1412)
- المنجد في اللغة والأعلام. دار المشرق. بيروت. ط/ الثامنة والعشرون.
- المنهج الإسلامي لدراسة التاريخ للدكتور محمد رشاد خليل. دار المنار. ط/ الأولى 1404هـ.
- منهج النقد عند المحدّثين نشأته وتاريخه. تأليف د. محمّد مصطفى الأعظمي. ط/ المكتبة الكوثر. ط/ الثانية.
- الموطأ. مالك بن أنس الأصبحي. تحقيق وتعليق د. بشار عواد ومحمود محمد خليل. ط/ الثانية 1413هـ. مؤسسة الرسالة.
- ميزان الاعتدال في نقد الرجال لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي. تحقيق علي بن محمّد البجاوي. دار المعرفة. بيروت.
- نسب قريش لأبي عبد الله مصعب بن عبيد الله الزبيري. عني بنشره: إ /ليفي بروفنسال. توزيع مكتبة ابن تيمية. ط/ الثالثة. دار المعارف.
- النكت لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني. تحقيق: الدكتورربيع هادي عمير المدخلي. ط/ الأولى1404هـ. نشر المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية بالمدينة.(2/1413)
- النهاية في غريب الحديث لمجد الدين المبارك بن محمد بن الأثير الجزري. تحقيق: طاهر أحمد الزاوي ومحمود الطناحي. دار الفكر. ط/ الثانية 1399هـ.
- الورع لأحمد بن محمد بن حنبل. تحقيق د. زينب إبراهيم القاروط. دار الكتب العلمية. ط/الأولى 1403هـ.
- وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى لنور الدين علي بن أحمد السمهودي. تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد. دار إحياء التراث العربي. بيروت. ط/ الرابعة1404 هـ.(2/1414)